المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌لمحة تاريخية عن بني سُلَيْم في الدولتين الأموية والعباسية وانتقالهم - موسوعة القبائل العربية - جـ ٣

[محمد سليمان الطيب]

فهرس الكتاب

‌لمحة تاريخية عن بني سُلَيْم في الدولتين الأموية والعباسية وانتقالهم للدولة الفاطمية

في عهد الدولة الأموية أهم الأحداث التي مرت ببني سُلَيْم هي عدم اعترافهم بمروان بن الحكم الأموي، وقد نشبت حروب وفتن حينئذ قتل منهم عدد كبير، وقد استقر قسم منهم بعد هذه الأحداث في غرب الجزيرة، وسمح لمائة أسرة بالرحيل إلى مصر، وبهذلك لبعض الأُسَر للرحيل إلى حمص بسوريا عام 109 هـ - 727 م، ولما أن سُلَيمًا كانت بادية وعندهم عدد كبير من الخيل الصافنات الجياد وليس في بلادهم في الحجاز إلَّا قليلًا من زرع أو تجارة أو شيء من هذا القبيل يشغلهم، فقد اشتهروا بالاعتداء على الحجاج ونهبهم، واشتركوا في حوادث سلب للتجار في طرق القوافل القادمة لبلاد الحجاز، وهاجموا المدينة المنورة ونهبوا وسلبوا منها، وأبرز حادثة سجلها التاريخ كانت في عام 230 هـ/ 884 م في عهد الدولة العباسبية، وكانت كتائب الجيش تُرسل من بغداد عاصمة بني العباس إلى المارقين من سُلَيْم لتأديبهم بالقتل والأَسر دون جدوى.

وعند ظهور القرامطة في البحرين والإحساء سارع معظم سُلَيْم وبعض هَوَازِن إلى مناصرتهم بغضًا وكرهًا للعباسيين في بغداد، وقد صاروا جنودًا وأعوانًا لأبي الطاهر وبنيه أمراء البحرين، ثم صاروا معه في عُمان وبلاد الخليج وتحالفوا وقتئذ مع (بني عُقَيْل) ابن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، ثم لما انقرض أمر القرامطة تغلَّب بنو سُلَيْم على نواحي البحرين لما أنهم على دعوة القرامطة (الشيعة)، وفي أيام بني بويه في فارس ظهر بنو الأصفر من تَغْلِب وتغلبوا علي بلاد البحرين وما حولها بدعوة العباسية، ثم تحالف بنو الأصفر مع بنِي عُقَيل علي بني سُلَيْم وطردوهم من البحرين وما حولها من المواضع، فدبَّت الفوضى والاضطراب بينهم وتشتت أمرهم لما أن القرامطة قد انتهت دعوتهم، وقد استَعْدُوا بني العباس عليهم لميلهم لهؤلاء القرامطة الذين شقوا عصا الطاعة، وكان ذلك إيذانًا بعهد الشقاء الذي عاناه بنو سُلَيْم من سكان الجزيرة العربية، وهذا كان في الربع الأخير من القرن الرابع الهجري، وتفرَّق بنو سُلَيْم بعضهم ظل في بلاد الخليج والإحساء، وبعضهم ظل في ديار سُلَيْم وهم القلة، وأما معظم بطون سُلَيْم فقد قرروا مغادرة الجزيرة العربية إلى مصر بعد أن رغَّبهم الفاطميون في ذلك، وحذا حذوهم بنو هلال بن عامر ومن تبعهم من

ص: 3

بعض البطون من هَوَازن مثل جُشَم، وعدي، وثور، وسَلُول، وعُقيل. ومن قَيْس عَيْلان قبائل مثل: طَرود (بني فهْم)، وعُدوان، وأَشْجَع، وفَزَارة، ورواحة إلى جانب بعض عَنَزة (ربْيَعة) وبعض عُقبة (جُذَام) وبعض مذحِج وهم (المْعقِل)

(1)

.

وعند قدومهم على حدود مصر التابعة للخلافة الفاطمية لم تجد هذه القبائل البادية ترحيبًا، بل كان الفاطميون أشد بأسًا من العباسيين؛ وقد وجهوا عساكرهم وهزموا تلك القبائل لما تعانيه حيتئذ من الإحباط وانخفاض الروح المعنوية، فقد وجدوا العبيديين (الفاطميين) أشد قسوة من بني العباس الهاشميين، وأخضعوا للدولة الفاطمية وأوامر الخليفة العبيدي في القاهرة والذي أمر بإسكان هؤلاء البدو المشاغبين في مصر العليا (بلاد الصعيد)، وضاق أمر البلاد منهم ففكر وزير الخليفة الفاطمي "المستنصر بالله أبو تميم" وكان اسمه أبو محمد حسن اليازوري أن يضرب عصفورين بحجر واحد، أولًا يتخلص من هؤلاء البدو الذين باتوا مشكلة مستعصية في ربوع البلاد، وثانيًا وهو الأهم أن يضرب عدوه الأول المعز بن باديس، فأوعز للخليفة الفاطمي بدفع هؤلاء إلى اقتحام بلاد تونس والمغرب الأوسط، والانتقام من ابن باديس وبني جير من قبائل صنهاجة (البربر) ومن والأهم من قبائل زناته (البربر) والذين استقلوا بحكم تونس وأغلب المغرب الأوسط (الجزائر)، وقد خلعوا بيعة الخلافة الفاطمية وخطبوا باسم العباسيين واتخذوا السواد شعارًا لهم وهو شعار الخليفة العباسي في بغداد، وفي عام 442 هـ - 1051 م استعدت قبائل هلَال ومن تَبعها باقتحام بلاد تونس الخضراء، وقد أجازهم الخليفة وأعطى لكل رجل دينَارًا وأمدهم بالإبل والزاد اللازم، ووعدهم بحكم بلاد المغرب إذا هم أفلحوا في إخضاع الخارجين على طاعته من صنهاجة وزناته، وبعد فترة وجيزة تجهَّزت بنو سُلَيْم

(2)

لدعم الهلالية بعد أن رغّبهم من سبقوهم هنالك بوفرة خيرات هذه البلاد، وقد اقتحموا في إثرهم بلاد برقة وطرابلس وجنوب تونس بعد أن فَرَضَ الخليفة الفاطمي على كل رجل بعير ودينارين، وبذلك أخذ ضعف ما دفعه سابقًا للقبائل في الموجة الأولى، وقد أباح

(1)

عن تاريخ العبر للعلَّامة ابن خلدون نقلنا أسماء تلك القبائل التي كانت مع هِلَال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هَواَزِن وقد صارت من جملة الهلالية في بلاد المغرب العربي منذ منتصف القرن الخامس الهجري.

(2)

يُسمي المؤرخون نزوح عربان سُلَيْم وهِلَال إلى بلاد المغرب عام 442 هـ "غزوة بني هلال وبني سُلَيْم الكبرى" لما أنهم دخلوا بلاد المغرب عنوة وقد حاربوا البربر المسلمين وأخضعوهم للدولة أو الخلافة العربية.

ص: 4

لهم جواز النيل، وقال لهم كما قال لبني هِلَال من قبلهم:"قد أعطيتكم المغرب ومُلك المعز بن بلكين الصنهاجي العبد الآبق فلا تفتقرون".

قلت: العبد الآبق كما يقال الولد العاق، وكتب وزير الخليفة إلى الملوك في المغرب موجهًا رسالته لهم قائلًا فيها:

"فلقد أنفذنا إليكم خيولًا فحولا وأرسلنا عليها رجالًا كهولا ليقضي الله أمرًا كان مفعولا".

وقال ابن خلدون: كانت قبائل هِلَال ومن تبعها قد دخلوا إلى إفريقيا كالجراد المنتشر لا يمرون بشيء إلا أتوا عليه، وأظهروا الفساد في الأرض ونادوا بشعار الخليفة الفاطمي، وقد حشدت لهم صنهاجة وزناته نحو ثلاثين ألفًا، وقبل القتال انحاز عرب الفتح إلى الهلالية ومن معهم من سُلَيْم وكانوا ثلاثة آلاف فارس، وقد كانت من أوائل الوقائع بين البربر وعرب هِلَال وسُلَيْم

(1)

، وكانت الدائرة والهزيمة على المعز وجيشه، وفر بنفسه ونهبت العرب مخلفه من المال والمتاع والفساطيط والرايات، وقتلوا من البربر ما لا يحصى؛ وقال ابن خلدون: إن عدد قتلى صنهاجة وحدها ثلاثة آلاف وثلاثمائة خلاف قتلى زناته، وبعد هذه الوقعة قال علي بن رزق الرياحي (بني هِلَال):

لقد زار وهنًا من أميم خيال

وأيدي المطايا بالزميل عِجال

وإن ابن باديس لأفضل مالك

لعمري ولكن ما لديه رجال

ثلاثون ألفًا منهم قد هزمتهم

ثلاثة آلاف وذاك ضلال!

ثم قال ابن خلدون:

إن العربان من هِلَال نزلوا بالقيروان وحاصروها طويلًا، وهلكت الضواحي والقرى بإفساد العرب وعبثهم، وكثر النهب واشتد الحصار وفرَّ أهل القيروان

(2)

إلى سوسة

(3)

وعمَّ العبث في البلاد، ودخلت هذه القبائل عام 445 هـ إلى تلك

(1)

ذكر الحسن بن محمد الوزان المغربي الشهير باسم ليون الأفريقي عام 960 هـ - 552 م وقال: إن بطون هِلَال وسُلَيم كانتا على غاية من القوة في الجزائر وليبيا وقتئذ، وهذا يدل على تماسك العنصر القَبَلي لهما.

(2)

،

(3)

القيروان مدينة في الشمال التونسي ليست ساحلية، وسوسة مدينة ساحلية وتقع إلى الشرق من القيروان.

ص: 5

المواطن وأحاطت زُغبَة ورياح الهلالية بالقيروان، ونزل مؤنس من آل زيري (صنهاجة) في ساحة البلد وفر منها القرابة والأعوان، فتولى العرب على قابس والقيروان، ثم ملكوا بلاد قسنطينة (الجزائر حاليًا) كلها، وغزا عامل بن أبي الغيث زناته ومغراوة واستباحهما ورجع، واقتسمت العرب بلاد إفريقية في عام 446 هـ فكان لزُغبة الهلالية طرابلس الغرب وما يليها، ورياح الهلالية باجة وما يليها (باجة في تونس)، ثم لما كثرت بطون سُلَيْم في إثر الهلالية اقتسموا البلاد ثانية؛ فكان للهلالية من تونس إلى ناحية الغرب داخل (الجزائر)، وكان لبطون سُلَيْم من جنوب تونس إلى ناحية الشرق (ليبيا)، ثم تفرقت بطونهم في إفريقيا وفَلَتَ وتصرَّم المُلك من المعز بن بادس، وتغلب عائد بن أبي الغيث على مدينة تونس وسباها، وملك أبو مسعود الرياحي أحد شيوخ هلال مدينة عنَّابة على ساحل الجزائر الشرقي مقابل الصلح مع المُعز، وقد صاهر المعز ببناته الثلاثة من أمراء العرب وهم فارس بن أبي الغيث وأخاه والفضل بن أبي علي المرداسي من رياح (الهلالية)، ثم قدم ابنه تميم بن المعز إلى المهدية في تونس عام 448 هـ، ثم بعدها بعام بعث إلى أصهاره من العرب وترحَّم بهم في القيروان، فأخبرهم المنصور بخبر أبيه فساروا إلى بلاد السودان، وقد دخلت العرب المهدية ونهبوها وقد قضوا على صنهاجة تمامًا في تونس، ثم توجهت تلك القبائل إلى حرب زناتة وصنهاجة في بلاد المغرب الأوسط (الجزائر)، وهبَّ صاحب تلمسان من أعقاب محمد بن خزر لمقاومة الهلالية فأرسل جيوشه مع وزيره أبي سعدى خليفة اليفرني الزناتي، وكانت له مع فرسان بني هلال ملاحم طويلة ومعارك دامية حتى هزمه بنو هلال وقتلوه، واضطرب أمر إفريقيا وخرب عمرانها وفسدت سابلتها، وقد قهروا صنهاجة وزناته (البربر) وأصاروهم عبيدًا وخدمًا في باجة بتونس بعد أن كانوا ملوكًا على تلك النواحي، وسوف نُفصَّل شيئًا عن فرسان بني هلال المذكورين لعهد دخولهم إفريقيا في السرد عنهم.

‌وقفة مع التاريخ

رغم وجود سلبيات في الغزوة الكبرى لعربان هِلَال وسُلَيْم لبلاد المغرب (*)

(*) من مجلة الوحدة الصادرة عن المجلس القومي للثقافة العربية بالمملكة المغربية عدد فبراير 1989 م جمادي الآخرة 1409 هـ ذكر آخر إحصاء لعدد العرب والبربر في دول المغرب عام 1989 م كالتالي:

1 -

المملكة المغربية عدد سكانها 24.400 مليون نسمة نسبة العرب 68.9% والبربر 27% وعناصر أخرى من الأفارقة والأوروبيين واليهود 4.1 % =

ص: 6

في منتصف القرن الخامس الهجري، إلا أن قدوم هذه القبائل إلى ربوع هذه البلاد الإسلامية كان ذا أثر عميق في كيان بلاد المغرب من الناحية الاجتماعية والسياسية، وقد ظل هذا التأثير مستمرا في هجرة السكان من البربر والعرب فترة طويلة، وقد أحدثت موجات قبائل سُلَيْم وهِلَال وأتباعهم من بعض بطون العرب من نجد والحجاز الانقلاب الجذري الذي غير مظهر شمال إفريقيا من حيث الاقتصاد والسلالات والسلوك الاجتماعي والنظام السياسي، وقد كانت في بلاد المغرب بعض بقايا عرب الفتح وهم خليط من قبائل قحطانية وعدنانية قبل زحف جحافل سُلَيْم وهِلَال في عام 442 هـ، وكان هؤلاء العرب يُسمُّون "المرابطين" ولكن هؤلاء ليسوا ذات أثر لما أنهم أقلية بالنسبة لقبائل البربر "سكان البلاد الأصليين"؛ ولذلك فقد غيرت غزوة بني هلال وبني سُلَيْم الكبرى شعوب المغرب تغييرًا عميقًا، وكانت أهم الأحداث التاريخية التي طرأت على هذه الشعوب منذ دخول الإسلام فيها وعلى مدى أربعة قرون ونصف قرن، وقد كان الفضل لله ثم لبطون سُلَيْم وهِلال في تثبيت دعائم العروبة في تلك البقاع، وقد اختفت أو انحصرت اللغة البربرية في كثير من تلك الجهات وانتشرت تعاليم الإسلام على المذهب السني، وهذا لأن تدفق العرب من سُلَيْم وهِلَال وأتباعهم كان أكبر بن موجات للهجرة في تاريخ الوطن العربي.

ولقد حافظ بنو هِلَال وبنو سُلَيْم على سلالتهم حتى الآن وخاصة من سكن البوادى والواحات الصحراوية، وسنبين تفصيلًا عن جميع قبائلهم، ولكن هناك

= 2 - الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد سكانها 23.500 مليون نسمة نسبة العرب 80.7 % والبربر 18.7% وعناصر أخرى 0.6 %.

3 -

الجمهورية التونسية عدد سكانها 7.600 مليون نسمة نسبة العرب 98.4% والبربر 1.6%.

4 -

الجماهيرية العربية الليبية عدد سكانها 3.8 مليون نسمة نسبة العرب 93%، والبربر 1.6%.

5 -

الجمهورية الموريتانية الإسلامية عدد سكانها 2.0 مليون نسمة نسبة العرب 83.3%، والبربر 0.8% وعناصر أخرى 19.5%.

- قلت: وتعداد هذه الأقطار في نهاية القرن العشرين عام 2000 م قد زاد بالطبع عدة ملايين لكل قطر، وأما عن النِسَب المذكورة للبربر في المغرب أقل من الحقيقة بكل تأكيد، فقبائل البربر في المملكة المغربية يشكلون أغلبية بالوقت الحاضر، وبذلك فسكان المغرب عمومًا من البربر يزيدون عن 60%.

أما عن موريتانيا فالعنصر الزنجي والبربري هو الأغلب بالوقت الحاضر والقبائل العربية تشكل أقلية بالنسبة للتعداد العام لسكان البلاد.

وعن تونس فنسبة البربر ضمن سكانها أكثر من النسبة المذكورة، وعن سكان تونس في المدن ومعظم القرى الشمالية فأغلب جذورهم من الأندلس أو من عرب الفتح المرابطين أو من الأشراف، ونسبة القبائل العربية قليلة جدًّا بالنسبة لتعداد السكان.

ص: 7

بعض بطون قد امتزجت بالبربر وكونت قبائل جديدة وسلالات جديدة، وابتلع العنصر العربي العنصر البربري، وقد صارت القبائل البربرية الآن قليلة العدد وأغلبها في الأوراس وساحل البحر الشرقي من بلاد الجزائر، ومناطق كثيرة في المملكة المغربية بها قبائل بربرية سيأتي التفصيل عنها في هذا المجلد.

‌ونلخص قول العلَّامة ابن خلدون عن بطون سُلَيْم في تونس

ففي عهد رسوخ الدولة الحفصية قام الأمير أبو زكريا بإحضار مرداس وعلَّاق من بطون عوف بن بهثة بن سُلَيْم من برقة (بليبيا) ومن نواحي السواحل في قابس (تونس) واصطنعهم لنفسه، وكانت رئاسة مرداس يومئذ في أولاد جامع وبعده لابنه يوسف وبعده لعنان بن جابر بن جامع

(1)

، وكانت رئاسة علَّاق عند دخولهم إفريقيا (عام 443 هـ) لعهد المعز الفاطمي وبنيه لرافع بن حماد وعنده راية جده التي حضر بها مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو جد بني كعب (الذين ظهروا وسادوا على سُلَيْم عدة قرون).

واستظهر السلطان ببني عوف هؤلاء على شأنه وأنزلهم بساحة القيروان وأجزل لهم الصلات والعوائد، وزاحموا الدواودة من رياح الهلالية الذين كانت لهم استطالة وصولة على بلاد تونس، وكانت "أبة"

(2)

إقطاعًا لمحمد بن مسعود بن سلطان الدواودي ثم الرياحي (هِلَال)، فأقبلت إليه مرداس من عوف (سُلَيْم) في بعض السنين للكيل من الثمار أو الحبوب، فلما رأوا نعمة الدواودة في تلولهم تلك شرهوا إليها وأجمعوا طلبها، فحاربوهم وغلبوا الدواودة وقتلوا رزق بن سلطان الدواودي واتصلت الفتنة، فلما حضر الأمير أبو زكريا لهم صادف عندهم القبول لتحريضه فاعصوصبوا جميعًا على فتنة الدواودة وتأهبوا لها، وتكررت بينهم وبين رياح الهلالية الحروب والوقائع حتى انتصر أخيرًا بنو مرداس من عوف (سُلَيْم)، وقد أزاحوا معظم رياح (هلال) عن تونس فنزحوا إلى تلول قسنطينة وبجاية وبلاد الزاب في الأوراس (الجزائر حاليًا)، فلما وضعت الحرب أوزارها بين مرداس ورياح ملك بنو عوف (سُلَيْم) بالطبع سائر ضواحي تونس وتغلبوا عليها

(1)

أسرة بنو جامع من مرداس (عرف بن بُهْثَة) من بني سُلَيْم اشتهرت فترة في قابس في البلاد التونسية وقامت بمشروعات عمرانية لم تتوان في تنفيذها تباعًا، فغدت هذه المدينة في أيام هذه الأسرة حاضرة زاهرة تضم الكثير من العمائر الضخمة والقصور المزينة بالزخارف البديعة.

(2)

بلدة لا زالت تُعرف باسمها في شمالي البلاد التونسية وتُسمى الآن "أبة كسور".

ص: 8

واصطنعهم السلطان الحفصي وأثبتهم في ديوان العطاء واختص بالولاية منهم أولاد جامع وقومه من مرداس (عوف)، فكانوا له خالصة وتم تدبيره في غلب الدواودة وسائر رياح (الهلالية) في ضواحي إفريقيا وإزعاجهم عنها إلى ضواحي الزاب وبجاية وقسنطينة، ثم لما طال بالدولة فقد اختلف حال المرداسيون في الاستقامة مع السلطان ونفر منهم فضرب بهم إخوانهم من علَّاق (عَوف)، فنشأت الفتنة وسخط عنان بن جابر شيخ مرداس من أولاد جامع مكانته من الدولة التي هبطت بقصد من السلطان، فذهب مغاضبًا عنه مع بوادي مرداس (عوف) الناجعة أو الرُحَّل في نواحي زاغر (بلاد الجزائر حاليًّا)، فخاطبه السلطان على يد أبو عبد الله بن أبي الحسن يؤنبه على فعلته في مراجعة السلطان وقال له قصيدة طويلة منها:

قد المهامة بالمهرية القود

واطو الفلاة بتصويب وتصعيد

ومنها:

سلوا دمنة بين الغضا والسواجر

هل استن فيها واكفات المواطر

فأجاب عنان بن جابر المرداسي السُّلَمي عليها قائلًا:

خليلي عوجا بين سلع وحاجر

بهوج عناجيج نواج ضوامر

ثم لحق عنان هذا بمراكش بالخليفة السعيد من بني عبد المؤمن مُحَرِّضًا له على تونس وآل أبي حفص خصومه، ثم هلك في سبيل ذلك وقُبر في سَلا (شمال الرباط). وظل حال مِرداس (عَوف) بين الطاعة والنفرة مع الدولة الحفصية بتونس حتى هلك الأمير أبو زكريا واستفحل مُلك ابنه المستنصر من بعده وعلا الكعوب من علَّاق (عَوف) بذمة قوية من السلطان، وكان شيخ الكعوب عبد الله بن شيحة، وقد كان رجلًا داهية فسعى عند السلطان الحفصي لإخراج مرْداس من تونس كي يستبد هو وعلَّاق بالحظ من السلطان، فجمع سائر بطون علَّاق وحاربوا مِرْداس إخوتهم من عَوف بن بُهثَة (بني سُلَيْم)، وغلبوهم على الأوطان وأخرجوهم عن تونس، فصاروا إلى القفر من ناحية قسنطينة (الجزائر) في بادية الأعراب أهل الفلاة ينزعون إلى الرمل ويمتارون (أي يأخذون الميرة) من أطراف التلول تحت أحكام سُلَيْم أو رياح (هلَال)، وقد اختصوا بالتغلُّب على ضواحي قسنطينة أيام مرابع الكعوب (عَلَّاق) ومصائفهم في التلول، ويخالطون الكعوب

ص: 9

على حلف ولهم على توزر ونفطة وقسطيلة

(1)

أتاوة يؤديها لهم مِرْداس لما فيها بعض مواطن لهم، وبعد ذلك أو في القرن الثامن الهجري تملكَ مرْداس هؤلاء القفار وأخذوا بالأتاوة من عمران قسنطينة (بشمال شرق الجزائر حاليا)،

أما علَّاق (عَوف) فقد استقام أمر بني كعب منهم في الرياسة على سائر عَوف بن بُهْثَة واعتزوا على سائر بطون سُلَيْم بن منصور، وظلوا على هذا الحال في الطاعة والنفرة مع الدول التي قامت في تونس عدة قرون، وقد أقطعتهم الدولة الأمصار وألقاب الجباية ومختص المُلك، وما زالوا يغالبون الدولة على الضاحية وقاسموها في جبايات الأمصار بالإقطاع ريفًا وصحراءً وتلولًا وجريدًا، وهذا بعد انتصارهم على السلطان أبو الحسن عام 749 هـ فقد خفضوا من أمر زناته واعتزوا على الدولة اعتزازًا لا كفاء له، ثم حدثت فتن بين بني كعب من عَلَّاق بسبب قتل قاسم بن مرا من الكعوب (من أولاد أبي الليل) من قِبَل محمد أبي عذبتين (من أولاد مهلهل)، وهذا لأن قاسم كان محتسبًا وقد دعا إلى إصلاح قومه من سُلَيْم بالقوة الجبرية، وقتل من عثر عليه من الأشرار وقُطَّاع الطرق واستباح بيوتهم وأموالهم ودماءهم حتى شردهم كل متشرد، وعلت كلمته في إفريقيا من بلاد تونس وطار ذكره، فحسده قومه من أشرار بني كعب وغيرهم من علَّاق فقتلوه بالاغتيال بعدما دعوه للمشاورة في بعض شئونهم معه على عادة البدو، وقد وقفوا معه بساحة حيِّهم ثم خلصوا معه نجيا وطعنه محمد أبي عذبتين (أولاد مُهَلْهَل) من الخلف فخر صريعًا، فامتعض أولاد أبو الليل وطلبوا بدمه فافترقت أحياء بني كعب من عَلَّاق (عَوف بن بُهثْةَ) بعد أن كانت جميعًا.

وقام بأمر الاحتساب والدعوة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد قاسم بن مرا ابنه رافع، وكان على مثل طريقة أبيه فلقى حتفه هو الآخر من أشرار بني حِصن من علَّاق!! عام 706 هـ (بداية القرن الثامن الهجري).

ظل رهط قاسم (أولاد أبو الليل) على الطلب بثأره من (أولاد مُهَلْهَل) فكَمنَ أولاد أبو الليل في مشاتيهم بالصحراء والقفر في جنوب تونس وقد أجمعوا الرأي على اغتيال أولاد مُهَلْهَل عن آخرهم، وقد أوقعوا بهم ولم ينج سوى طالب بن مُهَلْهَل - وكان لم يحضر مع رهطه - وعظصت الفتنة بين بني كعب من علَّاق وانقسمت عليهم بني سُلَيْم وقتئذ.

(1)

توزر ونفطة وقسطيلة قرى تقع غرب شط الجريد بجنوب تونس.

ص: 10

وهذه الفتنة كان لها أثر قوي في إضعاف شوكة علَّاق في تونس بعد أن ظلوا عدة قرون لهم الغلبة والسؤدد، وقد زادت الفتن بعد استيلاء خالد ابن أمير المؤمنين أبي العباس أحمد على تونس عام 772 هـ، فقد قُتل منصور بن حمزة من أولاد (أبو الليل) على يد ابن أخيه بعد أن حسدهُ ولكره عشيرته له لسوء ملكته عليهم، وقد سئم منهم السلطان بعد أن كشفوا عن عصيانهم له، فأعطى أولاد مُهَلْهَل الرياسة في الكعوب ورفع رتبهم وخفض من شأن أولاد (أبو الليل)، ونهض السلطان عام 780 هـ لحمل أولاد أبي الليل المتمردين على جادة الطاعة، ودارت الحرب بينهم فغلبهم السلطان وظهر بفرائسه من أولئك الرؤساء، وأصبحوا بين معتقل ومشرد واستولى على قصورهم وذخائرهم، وأبعد أولاد حمزة (من أولاد أبو الليل) وأحلافهم من حكيم من حصن من علَّاق فجاوروا تخوم بلادهم من جهة المغرب (إلى الجزائر).

قلت: وتفرقوا في الواحات والصحراء بعد عام 780 هـ وهم فيها حتى اليوم، وهكذا بدأت تضعف بطون علَّاق لما مر ذكره من الفتن والثارات بينهم، وفي مطلع القرن التاسع الهجري ترك معظم بطون علَّاق بلاد تونس وتوطنوا في المغرب الأوسط (الجزائر)، وفي الواحات الصحراوية ووديان وقرى (ليبيا الوسطى والجنوبية).

‌ما قال ابن خلدون في العبر عن بني سُلَيْم في برقة بليبيا:

قال: أشهر بطون سُلَيْم في برقة هم "هيب"

(1)

وهو ابن بهثة بن سُلَيْم، وقد أقاموا بعد دخول إخوانهم من سُلَيْم إلى أفريقيا في إقليم برقة، ومنهم بنو حميد لهم إجدابيا وجهاتها وهم عديد يرهبهم الحاج (المغربي)، وهم من شماخ الذي لهم العز في هيب لما أنهم حازوا خصب برقة الذين منه المرج، ومن هيب بنو لبيد وهم بطون كثيرة وحدثت فتن وحروب بين لبيد وشِماخ، وكان لبني عزار الرئاسة على كلتا القبيلتبن وهم المعروفون بالعزة، وجميع بطون هيب هذه قد استولت على إقليم طويل متسع خرَّبوا مدنه ولم يبق فيه ولاية إلا لمشايخهم، وفي خدمتهم بربر

(1)

هيب الصحيح كما ذكره أبو علي الهجري في التعليقات والنوادر في أواخر القرن الثالث وأول القرن الرابع الهجري هو أهيب بن عبد الله بن قنفذ بن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم.

ص: 11

ويهود يحترفون الفلاحة والتجارة حينئذ، ومعهم قوم من فزارة ورواحة

(1)

(غَطَفَان من قيس عَيْلان) وهم تحت إمرتهم لأن الغُلب لهيب في هذه البلاد.

‌ما قاله ابن خلدون في العبر عن بني سُلَيْم في طرابلس وجنوب تونس:

قال: إن أشهرهم ذباب، وهو ذباب بن مالك بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم، وذكر أن هناك خلافا في نسبه، فقيل أنه ذُباب بن ربيعة بن زِغْب الأكبر ومواطنهم ما بين قابس وطرابلس، ومنهم بطون مثل أولاد أحمد بن ذباب في غربي طرابلس وعيون رجال، وقال التجاني: إن ذباب هؤلاء فيهم:

بنو (صُهب) والنسبة إليهم صُهبي، وهو ابن جابر بن فائد بن رافع بن ذباب، والحمادية من بني حمدان بن جابر، والخرجة، والأصابعة، والنوائل، وأولاد سِنان، وأولاد وشاح وكلهم من أبناء عامر بن جابر بن فائد المذكور.

ووشاح فيهم الرئاسة ومنهم المحاميد (بنو محمود بن طوق بن بقية بن وشاح وهم في قابس ونفوسة

(2)

وما بين ذلك من الضواحي والجبال).

والرئاسة في القرن الثامن الهجري لعهد ابن خلدون في بني رحاب بن محمود لأولاد سباع بن يعقوب بن عطية بن رحاب.

والبطن الآخر الجواري مواطنهم طرابلس وما إليها في تاجورا وهزاعة وزنزور وهم بنو حميد بن جارية بن وشاح، وكانت رئاستهم في بني مرغم بن صابر بن عسكر بن علي بن مرغم، ومن وشاح بطنان آخران صغيران وهما الجواربة، والعمود، ويقال أن العمود من هلال وانضموا لذباب سُلَيْم لما جمعهم الموطن، ومن أولاد وشاح بنو حريز بن تميم بن عمر بن وشاح، ومنهم الفارس الشهير فائد بن حريز وله شعر متداول حتى عهد ابن خلدون (أواخر القرن الثامن الهجري) وكان هذا الشعر سمر الحي وفكاهة المجالس، وقيل أن فائد من المحاميد أو هو فائد بن حريز بن حربي بن محمود بن طوب بن وشاح. وكان بنو ذباب هؤلاء شيعة لقراقوش المملوكي الأرميني وزير السلطان صلاح الدين الأيوبي في

(1)

رواحة: لعل ابن خلدون قد جانبه الصواب، فقد ذكر أبو علي الهجري (القرنين الثالث والرابع الهجريين) أن رواحة من خفاف من سُلَيْم، وذكر ابن الكلبي في جمهرة إلنسب رواحة بن عصية بن خفاف بن امرئ القيس بن بهئة بن سُليم. وذكر أيضًا رواحة بن مليل بن عصية بن خُفات. فإذن هما رواحتان كلاهما من عصية. وإذا صح قول ابن خلدون أن رواحة في برقة من بطون غطفان فيكونون من عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان وهذا ما لم يوضحه ابن خلدون.

(2)

نفوسة: جبال جنوب طرابلس الغرب، وقابس في تونس.

ص: 12

مصر، ثم لابن غانية في الأندلس، وقد قَتل قراقوش ثمانين من عَلَّاق وبعض شيوخ الجواري، وقد صارخوا بني سُلَيْم ضد قراقوش حينئذ، وكانت فتنة لم تخمد حتى هلك قراقوش وابن غانية.

وقد خدموا الأمير أبي ركريا وأهل بيته، وكان السلطان أبو حفص يعتمد عليهم فغلبهم في دعوة عمارة (داعي فر إلى ذباب) فخالفوا عليه وسرح لحربهم قائده أبا عبد الله الفزاري، واستصرخوا بالأمير أبي زكريا ابن أخيه وهو والي بجاية والثغر الغربي (بساحل الجزائر)، فنهض معهم عام 687 هـ وحاربوا أهل قابس بتونس وهزموهم، ثم غلبهم الفزاري ومانعهم عن تونس ورجع الأمير أبو زكريا لثغره في بجاية، وظل حال الجواري والمحاميد في النفرة والطاعة مع الدولة إلى أن تقلَّص ظل الدولة، فاستبدوا برئاسة الضواحي واستعبدوا سائر الرعاية المعتمرة في جبالها وبسائطها، واستبد أهل الأمصار برئاسة أمصارهم بنو مكي بقابس وبنو ثابت بطرابلس، وانقسمت رئاسة أولاد وشاح فتولى الجواري طرابلس وضواحيها زنزور وغريان ومغر، وتولى المحاميد بلد قابس وبلاد نفوسة وحرب، ومن ذباب هؤلاء بطون ناجعة في القفر إلى الشرق من مواطن وشاح وهم آل سليمان بن هيب

(1)

بن رافع بن ذباب، وهم في قبلة مغر وغريان ورئاستهم في ولد نصر بن زائد بن سليمان، والبطن الآخر آل سالم بن هيب أخي سليمان وهم في مسراته إلى لبدة ومسلاتة ومنهم الأحامد والعمائم والعلاونة، ومجاورون للعزة

(2)

من عرب برقة والمشابنة من هوارة المقيمين هناك، ويجاور ذباب من جهة القبلة (ناصرة) بن خفاف بن امرئ القيس بن بُهثَة.

‌بعض أشعار من رجالات سُلَيْم في تونس (القرن الثامن الهجري)

قال خالد بن حمزة بن عمر شيخ أولاد أبو الليل من الكعوب (عَلَّاق بن عَوف بن بُهْثَة) يعاتب خصومه من أولاد مُهَلْهَل من الكعوب ويجيب شاعرهم شبل بن مِسْكيان وقد فخر خالد عليهم بقوله:

(1)

هنا ثمة خطأ من ابن خلدون فقد نسب آل سليمان إلى هيب بن رافع بن ذباب، وكذلك آل سالم ومنهم الأحامد والعمائم والعلاونة، فقد زاد هيب في سلسلة نسب سليمان وأخيه سالم، وفي مشجرة في نفس كتاب تاريخ العبر ذكر وهب بن رافع وهو الصحيح، أما هيب فهو بطن آخر من سُليم في برقة.

(2)

عزة: الرأي القائل لابن خلدون أنهم كانوا محالفين لسُلَيم مثلهم مثل عاتية من قُضاعة، وعُدوان بن عمرو من قيس، وغيرهم من القبائل القحطانية أو العدنانية التي اندرجت تحت لواء سُلَيْم أو انضوت تحت اسم الهلالية من هَوازِن. ومن أشهر العشائر التي حالفت سُلَيْم "ناصرة" وهم غير ناصرة بن خفاف، وقد وضح عنهم ابن خلدون وأيده المؤرخ الجزائري: أحمد توفيق المدني. أما عاتيه فهو ابن النَمر بن وبرة بن تغلِب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قُضَاعة (نهاية الأرب، تاج العروس).

ص: 13

يقول وذا قول المصاب الذي نشا

قوارع قيعان يعاني صعابها

يريح بها حادي المصاب إذا سعى

فنونًا من أنشاد القوافي عذابها

محيرة مختارة من نشادها

تحدى بها تام الوشا ملتهابها

مغربلة عن ناقد في غصونها

محكمة القيعان دابي ودابها

وهيض بتذكاري لها يا ذوي الندى

قوارع من شبل وهذي جوابها

أشيل جنينا من حباك طرائفًا

فراح يريح الموجعين الغنا بها

فخرت ولم تقصر ولا أنت عادم

سوى قلت في جمهورها ما أعابها

لقولك في أم المتين بن حمزة

وحامي حماها عاديًا في حرابها

أما تعلم أنه قامها بعد ما ألقى

رصاص بني يحيى وعلَّاق دابها

شهابًا من أهل الامر يا شبل خارق

وهلا ريت من جاللوغى واصطلى بها

سواها طفاها أضرمت بعد طفية

وأثنى طفاها جاسرًا لايهابها

وأضرمت بعد الطفيتين ألن صحت

لفارس إلى بيت المنى يقتدى بها

وبان لوالي الأمر في ذا أنشحابها

فصار وهي عن كبر الأسنة تهابها

كما كان هو يطلب على ذا تجنب

رجال بني كعب الذي يتقى بها

ومن شعر (علَّاق) في العتاب بين بطونهم التي بلاها الله بالثارات فيما بينها:

وليدًا تعاتبوا أنا أغنى لأنني

غنيت بمعلاق الثنا واغتصابها

علي ونا ندفع بها كع مبضع

بأسياف ننتاش العدا من رقابها

فإن كانت الأملاك بغت عرايس

علينا بأطراف القنا اختضابها

ولا بعدها الأرهاف وذبل

وزرق كالسنة الحناش انسلابها

بني عمنا وما نرتضي الذل غلمه

تسير السبايا والمطايا ركابها

وهي عالمًا بأن المنايا تنيلها

بلا شك والدنيا سريع انقلابها

ص: 14

ومن شعرهم في وصف الظعائن (العرب الرُحَّل في البوادي):

قطعنا قطوع البيد لا نخشى العدا

فتوق بحوبات مخوف جنابها

ترى العين فيها قل الشبل عرائف

وكل مهاة محتظيها ربابها

ترى أهلها غب الصباح أن يفلها

بكل حلوب الجوف ما سد بابها

لها كل يوم في الأراضي قتائل

وراء الفاجر الممزوج عفو رضابها

ومن قولهم في الأمثال الحكيمة:

وطلبك في الممنوع منك سفاهة

وصدك عمن صد عنك صواب

إذا رأيت أناسًا يغلقوا عنك بابهم

ظهور المطايا يفتح الله باب

قلت: يقصد الشاعر أن الإنسان لا يسير وراء هوى نفسه الأمارة بالسوء، ومن يطاوع هواه يكون بالطبع سفيهًا، وكما أن من لا يُقَدِّرك ولا يُوَقِّرك فافعل معه نفس الشيء، وإذا رأيت أن بعض الناس لا يرتاحون لَك فلا تَصِر ثقيلًا باردًا، بل أسرع في ركوب دابتك لعلَّ الله يرزقك ببشر غيرهم يرحبون بك ويفتحون صدرهم لك.

‌لمحة عن قبائل سُلَيْم في ليبيا

(1)

من القبائل الليبية التي لا زالت تحافظ على نسبها وموجودة حتى الوقت الحاضر في القرن العشرين الميلادي.

(1)

الكعوب: وهم من بني كعب المشهورين من علَّاق بن عوف بن بُهْثَة بن سُلَيْم، منهم: أولاد سليمان بخليج سرت، وأولاد عيسى في منطقة خليج سرت أيضًا، والجعافرة ويقيمون في أورفلة، والقواسم ويقيمون غربي سرت.

وبالإجمال يقيم الكعوب في المنطقة الممتدة من خليج سرت إلى حدود تونس ومن شاطئ البحر الأبيض المتوسط إلى أعماق الصحراء الليبية وينتشرون في ترهونة والجفرة وبني وليد وضواحي طرابلس.

(2)

العلالقة: وهم بطن من علَّاق بن عَوف بن بُهْثَة بن سُلَيْم، ويسكنون في الوقت الحاضر في أبي عجيلة.

(1)

انظر الأنساب العربية في ليبيا لمحمد عبد الرازق منَّاع، طبع في بنغازي عام 1975 م.

ص: 15

(3)

التواجير: وهم بطن من حميد بن جارية بن وشاح بن عامر بن جابر بن ذباب بن مالك من بُهْثَة بن سُلَيْم، وقد كان مسكنهم في تاجوراء ثم انتقلوا شرقًا في بنغازي ودرنة من إقليم برقة فغلب عليهم اسم البلدة التي كانوا بها فسموا التواجير نسبة إلى تاجوراء، وهي بلدة على شاطئ البحر المتوسط شرقي طرابلس.

(4)

أولاد حمد: وهم من ذباب بن مالك من بُهْثَة بن سُلَيْم، وهم يقيمون الآن في الجبل الغربي.

(5)

الأصابعة: وجدهم أبي أصبع بن حمد بن ذباب بن مالك من بُهْثَة بن سُلَيْم، ويقيمون الآن في غريان جنوبي طرابلس وفي الجبل الغربي.

(6)

أولاد جابر: وهم من جابر بن ذباب بن مالك من بُهْثَة بن سُلَيْم، ويقيمون مع الأصابعة في ديارهم السابق ذكرها.

(7)

بنو سالم: وعددهم كبير يملأون مدينة مصراته على شاطيء البحر وهم غربي طرابلس، ويسكن مع عشائر بني سالم (الكرغلية) وهم من أصل تركي وخالطوا العرب الحضر، وسالم هو ابن هيب

(1)

بن رافع بن ذباب بن مالك من بُهْثَة بن سُلَيْم.

(8)

بنو صُهْب: وهو صُهْب بن جابر بن ذباب بن مالك من بُهْثَة بن سُلَيْم، ويقيمون الآن على الحدود الليبية والتونسية المشتركة وبعضهم يحمل جنسية تونسية.

(9)

الحمادية: وهم من حمدان بن جابر بن ذباب بن مالك من بُهْثَة بن سُلَيْم، وهم إخوة بني صُهب ويقيمون أيضًا معهم في نفس الديار.

(10)

المحاميد (*): وهم من محمود بن طوب بن بقية بن وشاح بن عامر بن جابر بن ذباب بن مالك من بُهْثَة بن سُلَيْم، وقد أعقب محمود: جريرًا وراشدًا ورحابًا.

(1)

وقد تقدم التنبيه عن خطأ ابن خلدون الذين نقل عنه هنا محمد عبد الرازق منَّاع في زيادة اسم هيب في سلسلة سالم حتى ذُباب.

(*) من المجاهدين للاستعمار التركي في ليبيا غومة المحمودي من المحاميد منذ عام 1831 م حتى استشهاده عام 1858 م، وكان أبوه الشيخ خليفة بن عون بن نويِّر.

ص: 16

أما أولاد جرير وأولاد رحاب فاستوطنوا الآن الهضبة الممتدة من جبال نفوسة جنوبي طرابلس حتى حدود تونس، بينما نزح أولاد راشد إلى إقليم برقة شرق ليبيا وأقاموا بها حتى الوقت الحالي.

(11)

العمائم: وهم من أبي عمامة بن سالم بن هيب

(1)

بن رافع بن ذباب بن مالك من بُهْثَة بن سُلَيْم، وهم حاليًا في زليطن وبنغازي ومصراته وغيرها من البلاد الليبية.

(12)

التمايم: وهم من تميم بن وشاح بن عامر بن جابر بن ذباب بن مالك من بُهْثَة بن سُلَيْم، ويقيمون بالوقت الحاضر في ضواحي سرت

(2)

.

(13)

بنو مرغم: وهم بنو مرغم بن وشاح بن عامر بن جابر بن ذباب بن مالك من بُهْثَة بن سُلَيْم، ويقيمون مع إخوانهم بنو صابر بن وشاح في ترهونة وما حولها حتى الآن.

(14)

آل سليمان

(3)

: وهم من سليمان بن رافع بن ذباب بن مالك من بُهْثَة بن سُلَيْم، ويقيمون في غريان وفي الجبل الغربي ومسلاته وبعضهم انتقل إلى برقة في السنوات الأخيرة.

(15)

الزوائد: يعود أصلهم لزيد من سليمان بن رافع بن ذباب السابق ذكره، ويقيمون الآن بخليج سرت.

(قبائل بنو لبيد): ولبيد أشهر بطن من هيب من بُهْثَة بن سُلَيْم في برقة شرقي ليبيا، ومن أشهر قبائل لبيد في ليبيا حتى الآن هي:

(16)

الجواشنة (جوشن): يقيمون حاليا في برقة.

(17)

الدروع (الدريعات): يقيمون في برقة حاليا.

(18)

النوافلة: يقيمون في الوقت الحاضر في طرابلس.

(19)

الرقيعات: في الوقت الحاضر منهم في برقة ومنهم في طرابلس.

(20)

البلابيس: يقيمون الآن في برقة شرق ليبيا.

(1)

هيب هنا زائد في سلسلة النسب كما تقدم إيضاحه.

(2)

سرت مدينة ليبية في منتصف ساحل الجماهيرية العربية الليبية ويسمى باسمها خليج سرت الشهير، وتوجد بها قبائل عربية من المرابطين (عرب - الفتح) وقبائل من الأشراف.

(3)

ذكرهم المقريزي في البيان والإعراب بنو سليمان بن ذباب وقال وهم في جهة فزان وودان (ليبيا).

ص: 17

(21)

الزرازير: يقيمون في برقة، والسلوم على حدود مصر حاليا.

(22)

العلاونة: يقيمون في برقة، والسلوم على حدود مصر حاليا.

(23)

الصريرات: يقيمون في برقة بالوقت الحاضر.

(24)

السوالم: يقيمون في مصراتة وبنغازي حاليا، منهم في مصر فروع كبيرة.

(25)

السبوت: يقيمون في طرابلس وبرقة حاليا.

(26)

الزغيبات (أبو زُغْبَة): ويقيمون في بنغازي في الوقت الحاضر ومنهم في مصر فروع.

(27)

الشواعبة: يقيمون الآن في برقة، وذكرهم القلقشندي: الشراعبة.

(28)

بنو خطَّاب

(1)

: وهم حاليا في برقة.

(29)

الموالي: وهم يقيمون الآن في طرابلس.

(30)

النبِّلة: ويقيمون في ضواحي طرابلس.

(31)

الحدادة: ويقيمون في بنغازي ومصراته.

(32)

الرواشد: ويقيمون مع قومهم لبيد في برقة وخاصة في البُطنان

(2)

.

(33)

الحُوَّته: وهم بطن كبير من لبيد ويقيمون في الرحيبة والبطنان، وبعضهم في صحراء مصر الغربية، وجدهم الأول يسمى مقعي ولقبه حوت، وفروع الحوتة هي: شريصات، وعميرة، وروقة، وسنينات، ومقاعي، ومرازقة، وجرارة، ويذكر الرواة أن مرزوق الجد الأول لفخذة المرازقة قد تبنى جد عشيرة الخرم واسمه كريم ولقبه الخرم بعد أن تزوج مرزوق من أمه التي توفي زوجها بالحجاز، وقد أصبح عقب كريم (الخرم) فرع من قبيلة الحوتة، ومن الخرم هؤلاء فرعين (فخذين) هما عقيل، وأبو قفة استوطن الفخذ الأول مدينة درنة وبقي الفخذ الثاني مع الحوتة في البوادي.

(1)

بنو خطَّاب ذكرهم بعض المؤرخين مثل السنوسي الغزالي والحبوني أنهم من بني خطَّاب الأدارسة في ولاية مستغانم الجزائرية ومنهم السنوسيين وقد نزحوا إلى برقة في عهد الاحتلال الفرنسي للجزائر.

(2)

البُطْنَان منطقة بها قرى ووديان في برقة بها قبائل المرابطين وأشهرها قبيلة المنفة التي ينتمي لها البطل المجاهد الليبي عمر المختار الذي جمع قبائل البادية من المرابطين وسُلَيْم وفَزَارة وهلال وحارب الطليان وهزمهم في مواقع كثيرة منذ عام 1911 م وحتى عام 1931 م حيث قبض عليه، ثم أعدمه الاستعمار الإيطالي بكل قوة أمام الشعب الليبي.

ص: 18

ومن الحوتة فخذ الديداني في راوية ترت بالجبل الأخصر ببرقة، وهو منضم مع بطن فايد من قبيلة الحرابي من عقَّار من السعادي من سُلَيْم.

(انتهت قبائل لبيد).

(34)

الجميعات

(1)

: وهم حُلفاء لبيد ويقيمون في أورفلة وسرت مع أولاد سليمان.

(35)

أولاد سنان: وهم من سنان بن وشاح بن عامر بن جابر بن ذباب، وهم في غربي طرابلس الآن.

(36)

النوايل: وهم من نايل بن وشاح بن عامر بن جابر بن ذباب، وهم في غربي طرابلس حاليًا.

(37)

العلاونة: وهم من علي بن سالم بن وهب، بن رافع بن ذباب، وهم في طرابلس وحولها، ومنهم في السلوم المصرية.

(38)

أولاد مرزوق: وهم من مرروق بن سالم بن وهب بن رافع بن ذباب، وهم في ضواحي مصراتة.

(39)

البراهمة: وهم من إبراهيم بن سالم بن وهب بن رافع بن ذباب، وهم الآن غرب مصراتة.

(40)

بنو مُعلَّا والأحامد: وهم من سالم بن وهب، ويقيمون في زليطن والخُمس.

(1)

قلت: الجميعات من بني علي من علَّاق من عوف بن سُلَيْم، ذكرهم ابن خلدون في العبر، وسيأتي التفصيل عنهم في قبائل بني سُلَيْم في مصر.

* ذكر القلقشندي في نهاية الأرب وقلائد الجمان عن لبيد فروع أو بطون لم يذكرها الباحثون ومحققو العصر في ليبيا في العصر الحالي، وقد كانت تلك البطون حتى آخر القرن الثامن الهجري موجودة مثل: الشبلة، وقطاب، والبركات، والبشرة، والندوة، وأولاد صابر، وحرام، والعوالكة، والرعاقبة، والبواجنة، والقنائص، والموالك، وذكر الباحثون الليبيون أن الموالك موجود منهم في ليبيا في المنطقة الممتدة من شرق البطنان إلى داخل خليج السلوم وهم من ذوي الصلاح والتقوى.

وقد ذكر القلقشندي فرع القصاص من لبيد، وسنذكره في موضعه من حلفاء سُلَيْم؛ لأن محققي وباحثي العصر نسبوا القصاص هؤلاء لبني قُرة الهلالية، وقد ذكر القلقشندي في قلائد الجمان للتعريف بعربان الزمان التالي عن لبيد: أنه في عام 818 هجري أي قبل وفاة القلقشندي بثلاثة أعوام تقريبًا أن السلطان والملك المؤيد في مصر قام بإجلاء عرب البحيبرة من قبيلة زنارة (البربر) من بلادهم في تلك النواحي لتغير أدركه عليهم وقام باستدعاء عرب لبيد (سُلَيْم) من بلادهم في برقة فأقاموا في البحيرة من الديار المصرية وعمروا بها.

* * عن الجبل الأخضر في إقليم برقة شرق ليبيا قرب البحر ما بين درنة وبنغازي فهو أخضر كالزمرد طول =

ص: 19

‌قبائل السعادي في ليبيا من سُلَيْم

اتفق كل النسابين والمحققين على أن السعادي

(1)

من صلب رجل واحد هو ذئاب بن أبو الليل زعيم قبائل سُلَيْم (من بني كعب من علَّاق بن عوف بن بُهْثَة بن سُلَيْم)، ويذكر الرواة في ليبيا أن ذئاب قد تزوج سعدى بنت الزناتي خليفة كبير قادة جيش المعز من باديس، وقد نمت عشائر السعادي في ليبيا ولما تكاثرت نزح قسم كبير منها إلى مصر في أوائل القرن الثاني عشر الهجري وسوف نفصل عن ذلك.

والسعادي نسبوا إلى أمهم سعدى كعادة العرب منذ القدم، وهناك قبائل في الجاهلية قد نسبت للأم مثل مُزَيْنة - خنْدفَ - سَلُول، وكان أبناء سعدي ثلاثة هم:

(1)

برغوث.

(2)

عقَّار.

(3)

سلَّام.

وقد استوطن أبناء برغوث الجزء الغربي عن برقة الممتد من الجبل الأخضر إلى خليج سرت، بينما استقر أبناء عقَّار في ربوع الجبل الأخضر، أما أولاد سلَّامة فقد هاجروا إلى مصر منذ أربعة قرون، ولحق بهم جزء كبير عن أولاد علي (عقَّار).

فمن برغوث قبائل: جبريل، وفايد، وبرغوث الأصغر.

ومن عقَّار قبيلتي: الحرابي، وأولاد علي.

وعن سلَّام

(2)

قبائل: عون، وهنادي، والبهجة.

= العام وبه غابات كثيرة ملتفة عظيمة السرح فيفافة الدوح يسير فيها الراكب بالبعير ثلاثة أيام، ويروى عن عمرو بن العاص رضي الله عنه بعد ما فتح مصر وسار إلى برقة وطرابلس وقد فتحها ولم يعجبه مكان سوى الجبل الأخضر بشرق ليبيا (برقة) وقاله: لولا أموالي بالحجاز ما اخترت مكانًا للإقامة إلا في الجبل الأخضر!

وقد طمع الطليان في هذا الجبل وما فيه من خيرات، وأجلوا عنه قبائل العرب من سُلَيْم وهِلَال وفَزَارة والأشراف والمرابطين وأخذوا أراضيهم غصبًا وذبحوا الآلاف منهم، فنزح أغلبهم إلى الصحراء وقد نظَّموا المقاومة العنيفة ضد الاستعمار بقيادة عمر المختار شيخ المجاهدين من قبيلة المنفة من قبائل الأشراف والتي تسكن في برقة "البُطْنان"، قرب الجبل الأخضر.

(1)

قلت: لم يذكر ابن خلدون اسم السعادي من سُلَيْم في العير، وكذلك القلقشندي في نهاية الأرب حتى آخر القردة الثامن الهجري، وهذا يدل على أن السعادي لم يصبحوا عشيرة حتى أواخر القرن الثامن الهجري وجدهم الذئب أو ذئاب ابن أبو الليل من الكعوب من علّاق بن عوف نزح إلى برقة من تونس بعد تغلب الدولة الحفصية.

(2)

قلت: سلَّام فيه خلاف فقد حسب من السعادي خطأ وهو من لبيد وأقدم من حيث التكوين القَبَلي فقد ذكره القلقشندي في نهاية الأرب والمقريزي في البييان والإعراب.

ص: 20

‌التفصيل عن عشائر قبائل السعادي وأماكن ديارها

‌الجذم الأول "برغوث

":

أولًا: فرع الجبارنة من جبريل بن برغوث بن ذئاب ففيه قبائل: الجوازي - العواقير - المغاربة - المجابرة - العريبات - الجلالات.

فالجوازي من حمزة بن جبريل وسُموا بهذا الاسم تبعا لاسم أمهم جازية وفيها فخذان: منَّاع، وحشَّاد، فمن الأول الجوازي البيض ومن الثاني الجوازي الحمر، والأول أكثر عددًا من الثاني، وندكر فروع منَّاع فمنهم: الأطرش وزيدان ومعافة والصبار وأبو مشيفة وواعر وطرام وإبراهيم، وبلاد الجوازي في برقة شرق ليبيا، وقد خرج معظم أفراد قبيلة الجوازي من ديارهم في برقة على أثر نزاع مسلح مع إخوانهم الجبارنة والسلطات العثمانية الانكشارية عام 1240 هـ وهاجروا إلى صعيد مصر نواحي أسيوط وظل جزء منهم في برقة، وفي مصر تعرض الجوازي لاضطهاد الخديوية في عهد محمد سعيد باشا الذي حرض عليهم قبيلة أولاد علي والجنود الجراكسة وهاجمهم في منطقة بلاط حيث جرت معارك ضارية انتصر فيها الجوازي بقيادة عمر المصري، ورغم ذلك النصر فقد رحل الجوازي إلى بلادهم في برقة واستوطنوا مع إخوانهم هناك حتى عام 1863 م ثم اصطلحوا مع الخديوي إسماعيل وعادوا إلى مصر ثانية وكثيرًا ما استعان حكام مصر بهم في حروبهم في الشام وفلسطين والسودان.

- أما العواقير ففيهم عشيرة: مطاوع وفيها فخوذ: فركاش، وزيد، وصالح، وسويري، والعبادلة، والخفيفات، والفسيات، ومشيط.

وعشيرة إبراهيم وفيها فخوذ: اللواطي، والنمر، والطبالقة، ويحيى، وغمق، وقنفود، والفضول، والبراغثة.

وعشيرة سديدي وفيها فخوذ: سليمان، والعيار، وماضي، وهويدي، ودينال، والعمارنة، والقطارنة، ورابح، وبركات، والتواجير.

ومن العواقير عشائر أخرى مثل العشيبات - الفوارس - البدور وشهرتهم أبناء فيَّاضة وهي زوجة موسى الأبح جد العواقير، وأما العشائر السابق ذكرها فهم أبناء عقورة وهي زوجة موسى الأبح الأولى والتي تسمت باسمها القبيلة.

ص: 21

ويدخل مع العواقير عشائر القطيطات، والشبالة، والكواديك، والحدادة وعائلة نجم وهم أحفاد الولي الصالح خريبش.

ومساكن العواقير في المنطقة الممتدة من غربي المرج إلى المقرون وعبر الشريط الساحلي المحاذي.

بملاحظة أن موسى الأبح هو ابن جبريل بن برغوث بن ذئاب ابن أبو الليل.

- أما المغاربة فهم من عبد الدائم بن جبريل بن برغوث بن ذئاب ابن أبو الليل، وبلادهم حاليا في المنطقة الممتدة من شرق إجدابيا إلى غربي النوفلية، وينقسم المغاربة بن فرعين هما: الرعيضات، وأولاد شامخ.

ويضم فرع الرعيضات عدة عشائر هي: بوشيبة، وبهيج، وعليوة، ونوفل، وبالقراقع، أما فرع شامخ ففيه: نصر، وعلي، وصبح، ومنصور، والأبرش.

- أما المجابرة فهم من حمد بن جبريل بن برغوث بن ذئاب ابن أبو الليل ومنهم عشائر التالي ذكرها: حلايف، ونصيرات، وحمدان، وهويدات، وعلالقة، ورويلات، وبرانقة، وسعادات، وبعارات، وقزاوزة، ومخاترة، وضبوبة، وطوالب، وحريبات.

وقد انتقلت قبيلة المجابرة من سهول برقة إلى واحات الكُفرة خلال القرن الحادي عشر الهجري، واستوطنت هناك حيث قام أفرادها باستزراع أشجار النخيل والفواكه، واحتراف تجارة القوافل بين الواحات ومصر والسودان وغيرها من بلاد إفريقيا، وقد نشب بينهم وبين السلطان صليح حاكم واداي القتال وانتصروا عليه، ثم انتقلوا إلى مصر في عهد محمد علي باشا حيث مكثوا سبع سنوات وعادوا إلى واحات جالوا حيث يقيمون فيها حتى الآن.

- أما العريبات: فهم من عريب بن جبريل بن برغوث بن ذئاب ابن أبو الليل، ومساكنهم حتى الآن في برقة.

- أما الجلالات: فهم من جلال بن جبريل بن برغوث بن ذئاب ابن أبو الليل، ومساكنهم في بلاد برقة حتى الوقت الحاضر.

ثانيًا: فرع الفوايد وهم من فايد بن برغوث بن ذئاب ابن أبو الليل ففيه قبيلتي: الرماح، وأولاد عبد الكريم.

ص: 22

وقد هاجرت الفوايد بفرعيها إلى مصر على أثر نزاع مع الجوازي في برقة، وقد مكث الرماح في الفيوم واستوطن الباقي منهم في شمال الصعيد ومنهم فرع عبد الكريم في بني سويف والمنيا.

ثالثًا: فرع البراغيث وهم من برغوث الأصغر ابن برغوث بن ذئاب ابن أبو الليل وفيه قبيلتي: العبيد، والعرفة.

- العبيد من عبيد بن برغوث وفيهم عشائر منها: دخاخنة، وشعوة، ويتامى، وشلالفة، وحماد، وعياط، والسود، وبراجات، وبلادهم في جردس العبيد وما حولها، يحدهم من الغرب الجبارنة، ومن الجنوب الصحراء ومن الشرق والشمال الدرسة من الحرابي والبراعصة من الأشراف وسنوضح عنها.

- العرفة من عريف بن برغوث وفيهم عشائر منها: السلاطنة، والطرش وكلتا العشيرتين في مدينة المرج وضواحيها (الجبل الأخضر).

‌الجذم الثاني "سلَّام

": وهو سلَّام بن ذئاب ابن أبو الليل

(1)

.

فيه قبائل: (عون) وهو ابن سلَّام بن ذئاب بن أبو الليل، و (الهنادي) وهم من هند بن سلَّام، و (بهيج) أو البهجة وهو ابن سلَّام بن ذئاب بن أبو الليل، وهاجرت معظم هذه القبائل من ليبيا إلى مصر وسنوضح عنها.

‌الجذم الثالث "عقَّار

": وهو عقَّار بن ذئاب ابن أبو الليل وله: حرب، وعلي، والذئب. ومن عقار قبيلتي الحرابي من حرب بن عقَّار، وأولاد علي من علي بن عقَّار، أما نسل الذئب بن عقَّار وهو أبو سنينة بن الذئب فقد انضموا لأولاد علي عمهم الأكبر وصاروا ضمن قبيلة أولاد علي، وابنه الآخر فايد انضم للحرابي من قبائل عقَّار، والحرابي أكثر السعادي عددًا وقوة في ليبيا.

* (قبيلة الحرابي) وهم من حرب بن عقَّار وكان له أربعة أولاد هم عبيد وحواس وإدريس وحمد، وقد تبنى الأخير ابن أخيه فايد بن الذئب الأصغر مثلما تبنى علي ابن أخيه أبو سنينة بن الذئب الأصغر ابن عقَّار وصارت فروع الحرابي

(1)

سلَّام هنا نسبه عبد الرازق مناع خطأ إلى السعادي من ذئاب بن أبو الليل. والصحيح أن سلَّام بطن من لبيد كما ذكره القلقشندي والمقريزي والسويدي وقف تقدم التنبيه عن ذلك.

ص: 23

خمس عشائر كبيرة وهي العبيدات - الحاسة - الدرسة - أولاد حمد - فايد، بالإضافة للبراعصة.

- العبيدات هم من عبيد بن حرب بن عقَّار وهي أقوى عشائر الحرابي بل أصبحت في شكل قبيلة، وهم يقيمون في الجبل الأخضر وشرقه حتى أقصى برقة من الشرق؛ وفيهنم فخوذ كبيرة منها:

غيث، والشرايع، وشاهين، والعواكلة، وعبيد، وأبو ضاوي، وقابس، وعبد الكريم، والعدَّال، ومباركة، ومنصور، وأبو جازية، ورفاد، والأمياط، ومريم، والعلالقة، والرزنة، ومزين.

وديار الفخوذ السابقة كالتالي: أبو جازية في مرتوبة، ومنصور في عين مارة، ومريم (أولاد حبيب وأولاد منصور) في طبرق وضواحيها، ورفاد في منطقة التميمي وما حولها، وعبد الكريم ومزين في أم الرزم وأم حفين وبعضهم في القبة، ومباركة وقابس وأبو ضاوي في القبة أيضًا وفي الجبل الأخضر، وعبيد والشرايع في زاوية ترت وجنوب القبة، وغيث في بئر الجور والتفيفيح، والعواكلة وشاهين في غربي القبة.

- الحاسة وهم من حواس بن حرب بن عقَّار ومنه ثلاثة فخوذ:

شبرق (الشبارقة)، وقلبط (القلابطة)، وبخيت (البخايت)، وتستقر الحاسة بالجبل الأخضر (برقة) يحدها من الجنوب أولاد فايد، ومن الشرق العبيدات، ومن الشمال البحر المتوسط، ومن الغرب أولاد حمد والبراعصة.

- الدرسة وهم من إدريس بن حرب بن عقَّار ومنه الفخوذ التالية:

عادل، وحسين، وبوعوينه، والسريريق، والحجازات، والخشبات، وحامد، ودغار، وعبد، وشعيب، والشلماني.

ومساكن الدرسة في الجبل الأخضر يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط من طلميثة إلى الحنية تقريبًا، ومن الشرق أولاد حمد، ومن الغرب البراغيث، ومن الجنوب البراعصة.

ص: 24

- أولاد حمد وهم من حمد بن حرب بن عقَّار ومنه الفخوذ التالية:

ابلذان، وقندول، وراجح، وظافر، ومصينيع، وطلح، ونايل ثم تبنى حمد ولدا يسمى محمد برعاص بن فخر الدين من أصل مغربي، كان قادمًا من جبل أعلام القريب من مدينة طنجة (المملكة المغربية حاليا) وهي في ساحل المغرب على البحر الأبيض مواجهة لمضيق جبل طارق (طارق بن زياد فاتح الأندلس)، وقد تزوَّج حمد بن حرب بأم محمد برعاص بعد وفاة زوجها (أبي محمد) في الحجاز أثناء الحج وأضحى محمد برعاص وأمه تسمى الحاجة وريثًا شرعيا!! رغم أن التبني محرَّم ولكن أهل البادية لا يعرفون بعض أمور الدين الإسلامي، ويسكن أولاد حمد في المنطقة الوسيطة بالجبل الأخضر، يحدهم من الشمال البحر المتوسط، ومن الغرب الدرسة ومن الجنوب البراعصة ومن الشرق الحاسة، ويقطن بعضهم في شمال البيضاء، وقد انتقل بعض الرواجح (أولاد راجح) إلى الغرب واستوطنوا قصر القرابوللي القريب من مدينة طرابلس، واستوطن (أولاد نايل) بالغرب أيضًا ويسمون النوائل الآن وهم غير النوائل من ذباب المقيمين على حدود تونس مع ليبيا أو النوايل في صحراء الجزائر بولاية الجلفة.

البراعصة: وهم ضمنًا من قبيلة الحرابي وأصلهم من الأشراف الأدارسة من محمد الملقب برعاص ابن فخر الدين

(1)

وأمه تُسمى الحاجة طليحة تزوجها حمد بن حرب - كما أسلفنا - وقد أنجبت منه طلح ونايل من فروع أولاد حمد السابق ذكرها، وقد بارك الله في نسل برعاص وصاروا الآن من أشهر بطون الحرابي في ليبيا، ومنهم فرسان مغاوير شاركوا في الجهاد الليبي ضد الاستعمار الفاشستي الطلياني على ليبيا عام 1911 م حتى عام 1930 م، ومن فخوذ البراعصة طامية (منهم في الفيوم بلدة تسمى بهم في ديار مصر)، وجليد، ويونس، وزايد، والجويفي، وضياء، وحسين، ومساعيد، وعريف، ويتامى، وخزاعل. ويقطن البراعصة في الجبل الأخضر يحدها الحاسة من الشرق، وأولاد حمد من الجنوب، والدرسة من الغرب، والبحر الأبيض المتوسط من الشمال.

فايد: وهم من فايد بن الذئب بن عقَّار، تبنى فايد بعد وفاة أبيه الذئب كما أسلفنا عمه حرب بن عقَّار، وفي فايد الفخوذ التالي ذكرها: إبراهيم، وصالح،

(1)

وهو ابن يحيى بن نايل بن عبد السلام بن مشيش بن أبو بكر بن علي بوحرمة ابن أبو رواج بن عيسى بن سلام من ميزاور بن حيدرة بن علي بن محمد بن إدريس الأصغر ابن إدريس الأكبر.

ص: 25

ويونس، وسعيد، وداود، وتوطنت فخوذ فايد في زاوية الفايدية بالجبل الأخضر يحدها من الشرق العبيدات ومن الجنوب الصحراء ومن الغرب البراعصة ومن الشمال الحاسة، ويقال أن فخذًا من الحوَّتة المنتمي للديداني متفرع من فايد ويقيم الآن في جوار زاوية ترت. ويجب عدم الخلط بين قبيلة الفوايد من برغوث بن ذئاب، وبين فايد هؤلاء فهم بطن من الحرابي وشتان بين بطن وبين قبيلة فيها بطون والجميع من السعادي (عرب سُلَيْم).

(قبيلة أولاد علي)

(1)

: وهم من علي بن عقَّار بن ذئاب ابن أبو الليل، وقد استوطن علي ربوع الجبل الأخضر في برقة شرق ليبيا وتزوج من امرأة عربية من قبائل المرابطين فولدت له ولدًا أسماه علي! (أي على اسم أبيه) ثم تزوج بجارية أفريقية فولدت له ولدًا أسماه أيضًا علي!! وحتى يُميِّز الناس بين الاثنين لقَّبوا أحدهما (علي الأبيض) وهو ابن المرأة العربية ولقَّبوا الثاني (علي الأحمر) وهو ابن المرأة الإفريقية، وقد اشتهر علي الأبيض بالتقوى والورع والعبادة والانطواء على النفس، بينما برز علي الأحمر فارسًا مقدامًا من الفرسان المشاهير الذين لهم صولات وجولات في ربوع البادية بنواحي درنة شرق الجبل الأخضر في البلاد الليبية

(2)

.

ثم تبنى علي الأكبر بن عقَّار ابن أخيه (أبو سنينة) بن الذئب بن عقَّار وصار أولاده من ضمن قبيلة أولاد علي وهم يعرفون باسم السننة (السنينات)

(3)

، وقد أنجب علي الأبيض ولدًا واحدًا اسمه خروف - "اسم عجيب"!!

وتبنى علي الأبيض ابن أخته المُسمَّى (عليوة) وهو ابن رجل كان اسمه صنقر

(4)

ومنهما تعرف الآن عشائر أولاد علي الأبيض (أولاد خروف)، و (أولاد عليوة - الصناقرة)، أما علي الأحمر فمنه فخوذ أو عشائر كبيرة الآن وهي: القناشات، والعشيبات، والكميلات.

(1)

مع أولاد علي فرع يسمى "السقا" وهم منضمون لفروع علي الأبيض في الصحراء الغربية، قيل أنهم منفصلون من أولاد خروف والله أعلم.

(2)

علي الأحمر ابن علي الأكبر بن عقَّار بن ذئاب لُقِّب بعلي بو الهوجات لكثرة سطوته وحروبه في البوادي في برقة بليبيا.

(3)

ومن أشهر فروع السننة الآن في الصحراء العربية هم المحافيظ، وعروة.

(4)

ذكر الباحثون في ليبيا على رأسهم الأستاذ محمد عبد الرازق منَّاع في كتابه أنساب قبائل ليبيا أن: الصناقرة (أولاد عليوة): أصل أبيهم صنقر كان من الأندلس من الفارين من محاكم التفتيش الطاغية=

ص: 26

وقد انتقلت قبيلة أولاد علي في صحراء مصر الغربية وتسكن من السلوم حتى الإسكندرية، ولها فخوذ في الوجه البحري وشمال الصعيد وسنوضح عنهم، والسبب الرئيسي من انتقال أولاد علي من برقة شرق ليبيا إلى مصر هو النزاع المسلح الذي نشأ بينهم وبين العبيدات (الحرابي) منذ ما يزيد على ثلاثة قرون، وقد أخذت العبيدات ديار أولاد علي إخوتهم في برقة بعد رحيلهم، وكلا العنصرين كما أسلفنا من عقَّار بن ذئاب.

‌توضيح عن الدراونة

النسبة راجعة إلى مدينة درنة شرقي الجبل الأخضر على شط البحر المتوسط (إقليم برقة) شرق ليبيا، ويقيم في درنة ثلاث قبائل هي مصراتة - تاجوراء - زليطن، وكل هذه القبائل منسوبة لأسماء مدن ليبية وهناك قبائل كثيرة نزلت مصر من ليبيا نسبت إلى مدن أو بلاد ليبية أشهرها في مصر الآن قبيلة ترهونة، وترهونة بلدة أو مدينة قرب طرابلس (شرقها) من ناحية الجنوب، وكان يقيم في مدينة درنة قبل ثلاثة قرون قبيلة أولاد علي والعبيدات (الحرابي) وبعض المهاجرين العرب المسلمين الفارين من البطش الإرهابي من الإسبان في الأندلس، وبعد نهاية الحرب التي كانت قائمة بين العبيدات وأولاد علي بعد أن حسم الموقف حبيب بيك العبيدي بإرسال تجريدة عسكرية قوية لمساعدة العبيدات أقاربه ضد أولاد علي وإخراجهم من الجبل الأخضر والبُطنان، وطلب زعماء قبائل مصراتة وزليطن وتاجوراء من حبيب العُبيدي أن يسمح لرجال الحملة أو التجريدة (العثمانية)

= على العرب من قبل الإسبان والبرتغال ومن عاونهم من الإفرنجة للقضاء على الإسلام في تلك البلاد، وقد هرب صنقر بمركب إلى ليبيا، وقد غرقت وتحطمت المراكب عند سواحل برقة وتمكن الأعراب من إنقاذه، ثم تربى عند علي بن عقَّار (كان ذلك في أرائل القرن التاسع الهجري) كما يقول الرواة، وقد تزوج بابنته خديجة وعقب عليوة فتربى الطفل في كنف جده ثم تبناه خاله علي بن علي الشهير (بالأبيض)، وقد قال الرواة أن صنقر قد تعلم في أوروبا وعاد يرتدي ملابس الغرب فسمي (بوبرنيطة)!.

قلت: وقول الرواة هنا أن عليا جد القبيلة كان في أوائل القرن التاسع الهجري يؤكد أن القبيلة تكونت بعد موت ابن خلدون والقلقشندي بفترة كبيرة بدليل أن كليهما لم يذكرا اسم العادي كبطن من سُلَيْم في برقة، وقد ذكر ابن خلدون في تاريخه أن أبا الليل كان معاصرًا في منتصف القرن الثامن أو عام 74 هـ في تونس الخضراء.

ص: 27

بالإقامة الدائمة في درنة، وقد سمح أيضًا لهم بالسكن في درنة وما حولها وحتى منطقة العقبة (عقبة جوه) غربًا إلى عين بنت شرقًا ومن البحر شمالًا إلى الصحراء جنوبًا، وقد طلب هؤلاء الإخاء (الحلف) والارتباط مع من سبقهم من سكان تلك النواحي سواء كانوا من المرابطين أو عربان سُلَيْم وحلفائهم والذين هم أغلب سكان برقة، وقد انضم آل عزوز من عرب الأندلس إلى مصراتة وكذلك الخرم من الحوِّتة انضمت بالإخاء إلى مصراتة أيضًا، وتتألف قبيلة زليطن من الكاري، وصوان، وأبي سدر، وفايد، والإمام وغيرهم، أما التواجير كما أسلفنا فهم رغم نسبهم إلى مدينة تاجوراء فهم معروفون من أحفاد بني حميد وهو بطن معروف من بني سُلَيْم في غرب ليبيا قرب طرابلس، وسبق أن نوهنا عنه في تلخيص قول العلَّامة ابن خلدون عن ذباب بن مالك من سُلَيْم في نهاية القرن الثامن الهجري.

‌حلفاء بنو سْلَيْم في ليبيا

1 -

‌ بنو فَزَارة

وهو فَزَارة بن ذُبْيَان بن بغيض ين ريث بن غَطَفان

(1)

بن سعد بن قيس عيلان بن مُضرَ، وكانت مساكنهم في نجد مع قومهم من غَطَفَان. ثم انتقلوا إلى مصر في أواخر القرن الرابع الهجري مع عرب سُلَيْم، وفي مصر تفرَّق منهم عشائر في الصعيد والقليوبية، وقد رحل إلى برقة بشرق ليبيا أكثرهم وحالفوا بني سُليم هنالك، وقسم آخر كما ذكر ابن خلدون قد توغلوا مع (المَعْقِل) الذين هم من مَذْحِج القحطانية في بلاد المغرب الأقصى.

ولم يُذكر لفزارة باقٍ في الوقت الحاضر إلا في مصر وتقدم السرد عنهم في المجلد الثاني، وكذلك برقة بليبيا وقد كانوا تحت إمرة هيب من سُلَيْم وبعضهم في الأردن والعراق. وجاء في صبح الأعشى لأبي العباس أحمد القلقشندي الذي هو من نسل بني بدر زعماء فزارة في الجاهلية وصدر الإسلام وكان منهم (عيينة بن حِصْن)، فقد كان في رهطه من يسكن القليوبية بالبلدة التي نسب لها وهي

(1)

ذكر القلقشندي في نهاية الأرب مخطوط ق 174 - 1 أن هناك فرعًا من غطفان يسمى "نقراوة" وهم مع هيب من سُلَيْم في بلاد برقة من شرق ليبيا، وتلتقي فزارة مع سُلَيْم في قيس عيلان.

ص: 28

قلقشندة وكان بها فرقة من فزارة

(1)

تسمى بني مازن، وقد حصر رحمه الله حتى موته عام 821 هـ بطون قومه من فزارة في برقة وقال منهم: أولاد محمد والجماعات والدمالي والشعوب والشعفة والعقبان والمواسي والعلاوي والغشاشمة والقيوس والمساورة والمسامير والمقادمة والمواجدة والنعاسة. وفي القلائد والجمهرة زاد وذكر صُبيح والحساسنة واللواحس والمكاسرة والشبلة. وقد اندثرت بعض هذه البطون في ليبيا أو أنها قد انضوت ودخلت في قباثل أخرى من سُلَيْم أو المرابطين (عرب الفتح) أو تحضَّرت ونسيت أصولها العشائرية مثل أغلب سكان الحضر في البلاد العربية.

بيان عشائر فزارة الموجودة حتى الآن في ليبيا هي

(2)

:

1 -

المساورة: وهم في درنة.

2 -

العقيب: وهم في مدينة بنغازي، وذكرها القلقشندي العقيبات.

3 -

العواسي: في بنغازي وترهونة وفي تاجورا قرب طرابلس.

4 -

النعاسة: وهم في درنة ببرقة.

5 -

المواجدة: في برقة.

6 -

اللواحق: في برقة.

7 -

الغشاشمة: في برقة.

8 -

الشنغة: في برقة.

9 -

الشعفة: في مدينة بنغازي.

10 -

الحساسنة: في برقة.

11 -

الفحوص: في برقة.

12 -

المسامير: في الجبل الأخضر ببرقة، وقيل أنهم من الأشراف.

(1)

عُدَّت فزارة من قبائل العرب في مصر في الجيزة وبني سويف وجرجا من الصعيد المصري، في عام 1883 م ونشر في الجريدة الرسمية لقانون العربان وقتئذ عام 1906 م، وهناك عزب (قرى) باسم فزارة في البحيرة (رشيد)، وأسيوط (ديروط)، وبني سويف (ببا)، وسوهاج (طهطا).

(2)

انظر الأنساب العربية في ليبيا لمحمد عبد الرازق منَّاع.

ص: 29

13 -

المواسي: في برقة.

14 -

القيوس: في البطنان (برقة) وكذلك في مدينة السلوم المصرية.

5 -

بلاله: وقيل أنهم من أبي الليل بن مسعود

(1)

وهو بطن من سُلَيْم ودخلوا في فزارة.

وذكر محققو ليبيا أن معظم العشائر الفزارية من صُبيح

(2)

(فزارة).

‌لمحة عن قبائل فزارة في الشام والعراق

(3)

من قبائل فزارة - التي تقدم ذكرها في برقة بليبيا - امتداد في العراف والأردن وفلسطين وسوريا وإيران نلخصها كالتالي:

- المواجدة

(4)

: بطن من صبيح من فزارة الذُبْيانية من غَطَفَان، وهي الآن بالوقت الحاضر قبيلة في العراق مركزها في البصرة والعمارة والناصرية، ويناهز عددهم عشرين ألف نسمة.

- المواجدة: بطن من صبيح من فزارة أيضًا في الأردن هم فرع من المواجدة في العراق، وهاجر جدُّهم ومؤسسهم في الأردن من بادية البصرة عام 1760 م، ويسكنون الآن في جنوب الأردن في محافظة الكرك في قرى العراق والمرج ومؤتة، وسنُفصِّل عن هذه القبيلة حسب ما توافر لدينا من معلومات عنها في موضعه.

- الجماعات: بطن من صبيح من فزارة، ويسكنون مع المواجدة في الأردن خاصة في بلدة العراق، كما يسكن بعضهم في بلدة الياروت في لواء القصر في محافظة الكرك، ويسكن بعضهم أيضًا في بلدة دير علَّا في الشونة الجنوبية.

(1)

الصحيح أن يكون ابن مسعود من أبي الليل وليس العكس.

(2)

وذكر القلقشندي في نهاية الأرب مخطوط ق 132 - 1 صبيح من بطون فزارة من غطفان في برقة بليبيا.

(3)

أمدنا بهذا البحث الأستاذ الفاضل خالد بن عبد المجيد المواجدة من الأردن - عمادة البحث العلمي - بجامعة مؤتة بمدينة الكرك في المملكة الأردنية الهاشمية.

(4)

المواجدة: لهم بلدتان كبيرتان في إمارة مكة المكرمة، وذكرهم حمد الجاسر في معجم البلاد العربية السعودية، وقال: المواجدة من قرى القوز في إمارة مكه وكذلك المواجدة من قرى حليِّ في إمارة مكة المكرمة.

ص: 30

- المواسي: بطن من صبيح من فزارة، ويسكنون الآن في فلسطين، ذكرهم مصطفى مراد الدبَّاغ في كتابه "القبائل العربية وسلائلها في فلسطين"، وقد ذكر الدبَّاغ أنهم أتوا من مصر، وكان لهم سطوة في مرج ابن عامر في القرن الثامن عشر.

- الحشابكة: عشيرة من صبيح من فزارة، ذكرهم الدبَّاغ في كتابه "القبائل العربية وسلائلها في فلسطين"، ويسكنون في جبال نابلس بالضفة الغربية.

- فزارة: عشيرة ذكرها وصفي زكريا في عشائر الشام وقال عنها: تعدُّ حوالي 50 بيتًا وتسكن في الجولان من أرض سوريا.

- فزارة: عشيرة ذكرها صاحب كتاب عربستان، وتعدُّ من قبائل إيران الآن.

‌المواجدة في الأردن

جد هذه القبيلة الفزارية في بلاد الكرك بالأردن هو عبد العزيز بن محمد المواجدة، وهاجر من بادية البصرة من ديار قبيلته هناك إثر ارتكابه لجريمة قتل لقريب له، وأقام في بادئ الأمر في جنوب الأردن في منطقة الحسا بين قبيلة الحجايا الشمَّرية، وتزوَّج منهم مريم بنت ضيف الله الطحاطرة الحجايا. ثم رحل عبد العزيز بعد ذلك نحو الشمال واستقر في منطقة الظَّهْرَة المجاورة بلدة العراق بمنطقة الكرك، وأخذ عبد العزيز يتردد - لسقي إبله - على العراق لكثرة الينابيع فيها، وأثناء ذلك تعرف على الشيخ سليم الحرازنة من الخوالدة من قبيلة بني حسن العُذْريَة وتزوَّج من ابنة له، فأنجب ولدين هما: خليل واشتيوى، بعد ذلك بسنوات تزوَّج لمرة الثالثة من فتاة من عشيرة المرابحة من الملاحيم السعودية الذين يسكنون أصلًا في الشوبك، فأنجبت له عبد الكريم وأحمد وسعيد وهارون والشخيتي، الأخير قُتل قبل أن يُعقِّب في إحدى الغزوات، وبذلك تكوَّنت قبيلة المواجدة من أصل ستة أبناء أنجبهم عبد العزيز، بعد عام 1760 م، وفخوذها هي: الخليل والشتيويين وآل عبد الكريم والحْمِدِة والسعيديين والهوارين.

وكانت بعض القبائل الأردنية تهدد منطقة العراق في أواسط القرن الثامن عشر وأواخره، خاصة الحويطات وبني عطية، وتمكن المواجدة من صدهم في مصادمات دموية عنيفة، ثم استقروا بشكل نهائي في محافظة الكرك في منطقة

ص: 31

العراق الغنية بمياهها ومراعيها، واستمرت الحياة تسير بوتيرتها العادية حتى أوائل القرن العشرين حين بدأت المصادمات بين قبائل الكرك والقوات العثمانية.

‌دور المواجدة في ثورات الكرك عامي 1910 و 1911 م

بعد حملة القوات العثمانية على حوران في سوريا وبطشهم الرهيب بالثائرين هناك، ظنت السلطات العثمانية أن ما جرى في حوران سيُطبَّق في الكرك، فتحركت الحملة من سوريا (حوران) إلى الأردن (الكرك) لتأديب القبائل الثائرة ضد العثمانيين والتى ترفض أن يتحكم في أمورها أحد.

وكان العثمانيون قد أصدروا قبل ذلك قانون إحصاء النفوس وجمع السلاح من قبائل الكرك، فثارت ثائرة القبائل الكركية التي تُقدِّس السلاح وتَعد امتلاكه من أشد الأولويات، إضافة لذلك سرت الشائعات بأن قانون النفوس العثماني ما هو إلا مقدمة لتجنيد أبناء القبائل للقتال مع العثمانيين في جبهات البلقان، وتدارست القبائل الأمر واتفقت على الثورة.

قبل ذلك وفيما يخص منطقة العراق التي هي جزء مهم من محافظة الكرك، حدثت مصادمات مبكرة بين عشائر المواجدة والعثمانيين وهي كالتالي.

في عام 1907 م بدأ العثمانيون ببناء قلعة في منطقة العراق سمَّتْها دار الحكومة وضعت فيها حامية من الجنود عددهم حوالي المئة.

ثم في عام 1909 م حدثت اشتباكات بين عشائر المواجدة والقوات العثمانية المتمركزة في العراق إثر منع العثمانيين الورود على عين ماء "ترعين"، وقد قُتل في هذه الاشتباكات الشيخ الفارس محمد بن سليمان المواجدة.

وفي عام 1910 م بعد اتفاق شيوخ القبائل في الكرك على الثورة، قسَّموا الأدوار بين عشائرهم كلٌّ حسب منطقته، فكانت القسمة الكبيرة من نصيب قبيلة المواجدة، نظرًا لأن بلدة العراق هي مركز الناحية الثاني بعد سنجق الكرك، إضافة لتمركز قوات عثمانية في المنطقة.

وفي 21 من نوفمبر 1910 م يوم الإثنين، شنَّت فرسان المواجدة هجومًا صاعقًا على دار الحكومة في بلدة العراق وتمكنت من احتلاله وقتل من فيه من العثمانيين جنودًا وموظفين، وقُتل من المواجدة 14 شخصًا.

ص: 32

واستمرت الاشتباكات في كافة مناطق الكرك، وما إن جاءت بداية عام 1911 م حتى كانت القوات العثمانية قد سحقت الثورة بشكل دموي، وتفرغت السلطات العثمانية لتأديب القبائل التي شاركت في الثورة كل على حدة، وكانت الأولوية القصوى تأديب عشائر المواجدة التي قتلت أكثر من مائتي جندي وموظف في دار الحكومة بقرية العراق.

وفي 16 من يناير 1911 م هاجم طابوران من القوات العثمانية بقيادة البيكباشي (وحيد بيك) مضارب قبيلة المواجدة، وأسفر الهجوم عن مقتل 70 شهيدًا من المواجدة، وبعدها أحرق العثمانيون كل شيء بما في ذلك بيوت الشَّعر.

ويروي حرب بن مقيبل المواجدة أن العثمانيين استولوا على 103 رءوس من الخيل الأصايل (المخلديَّات) من المواجدة.

وبعد شهر واحد تمكن العثمانيون من إلقاء القبض على الشيخ مسلَّم بن موسى المواجدة وبعض الفرسان، فأُعدموا بإلقائهم من أعلى قِمَّة في قلعة الكرك!!

ومما يروى عن فظائع الأتراك العثمانيين، فقد ذكر أن الشيخ عبد الله بن جمعة المواجدة طُعن اثنتين وعشرين طعنة بالحراب قبل أن يطلقوا النار في رأسه.

وعند قيام الحكومة الفيصلية في دمشق وشرقي الأردن عام 1919 م رفضت عشائر المواجدة دفع الضرائب المترتبة عليها وأعلنوا العصيان المسلح، مما دفع الحكومة الفيصلية إلى تجريد حملة عليهم، إلَّا أن الحملة فشلت بسبب وعورة المنطقة .. وهكذا كما رأينا في هذه اللمحة دور المواجدة على ساحة الأحداث العربية في شرق الأردن، فقد أُطلق عليها "العشيرة الشهيدة" تقديرًا لتضحياتها عبر تاريخ الأردن الحديث، ولما قدمته من شهداء في سبيل عزة الوطن والعروبة، فقد بلغ تعداد الشهداء من المواجدة في ثورة الكرك 84 شهيدًا.

وفي عام 1936 م شارك المواجدة في الجهاد ضد الصهاينة في فلسطين، كما شاركوا أيضًا في ثورة عز الدين قاسم واستُشهد أحدهم وهو سلمان بن عقلة، وكذلك اشترك العديد من أبناء المواجدة في قوات الأردن ضد إسرائيل في حرب الأيام الستة عام 1967 م وما تلى ذلك من أحداث في الأردن

ويُقدَّر عدد المواجدة في الوقت الحاضر حوالي ثمانية آلاف نسمة، يسكن معظمهم في بلدة العراق بمحافظة الكرك، والبعض الآخر في المرج ومؤتة والزرقاء وعمان والمفرق.

ص: 33

ويعتمد معظم المواجدة على الرعي والزراعة والبعض منهم في الجيش والحكومة الأردنية، وهناك عدد كبير من الضباط من المواجدة في الجيش الملكي الأردني.

ومشيخة المواجدة بالوراثة وشيخهم الآن ارشيد بن عطا الله بن مسلَّم الموسي المواجدة، وهو أشهر من سابق بالخيل في الأردن.

ونخوة المواجدة "هَلَ الغبرا"، وهذه النخوة تدل على أصالة المواجدة وتمسكهم بعنصرهم الفزاري الذبياني من غَطَفَان، فداحسٌ والغبراء هما اسمان لحصان وفرسة لعبس وذبيان تسببا في حرب بني غطفان أيام الجاهلية وقصتها معروفة في التاريخ.

ووسَمْ المواجدة الفزاريون هو "المطرقين" ويجيء على شكل (=) يوضع على الأذن اليمنى للشاة والفخذ الأيمن للبعير.

2 -

‌ بنو هلال

(1)

وبنو هلال سيأتي التفصيل عن بطونهم وأغلبها الآن في بلاد الجزائر، أما في ليبيا فهم قلائل وهم حلفاء هيب من سُلَيْم منذ القرن الخامس الهجري، وكما هو معروف أن الهِلَالي والسُّلَمي أبناء عمومة من فرع واحد في قيس عيلان من مُضَر لما أن هلال من هَوَازِنْ بن منصور أخي سُلَيْم بن منصور.

‌أشهر الهلالية بليبيا في الوقت الحالي:

1 -

بنو بَعْجَة: يقيمون في بنغازي وبرقة عامة.

2 -

القصَّاص

(2)

: يقيمون في هون في الجبال جنوب سرت.

3 -

بنو قُرَّة: وهم أكثر عددًا من الفرعين السابقين.

(1)

ذكر المؤرخ دخوتي الألماني: أن هلالًا بطل خرافي ظهر في قلب نجد، وانتقل هلال إلى إفريقية ويُلصق كل ما هو خراقي. قلت: وفعلًا في السيرة الشعبية هذا واضح، وذكر ابن بليهد (بني خالد) الباحث الجغرافي السعودي الشهير في صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار: أن كثيرًا من البدو في منطقة عسير بالمملكة العربية السعودية ما زالوا يحيطون بني هلال بالخرافة وإذا استعظموا بناءً قالوا بناه بنو هلال!

(2)

توجد بلدة القصاصين في مصر في محافظة الشرقية، ولعل أن بعض هذه القبيلة نزلت في البلدة فسميت بهم، وأغلب القصاصين فلح يمارسون الزراعة في الوقت الحاضر، وفي إدفو (أسوان) يوجد نجع هلال، وفي منفلوط بأسيوط توجد بلدة تسمى بني قرة، وبلدة بني هلال في جرجا سوهاج، وعربان حسن بن سرحان وهو سلطان الهلالية في ههيا بالشرقية، ونجع عرب السلطان حسن في أبو قرقاص بالمنيا ونجوع لبني حُجير وبني عقبة وبني رفاعة وبني قُرة وبني عزيز وبني جميلة وكلها من بني هلال وخلاصة القول نؤكد أن من هلال بن عامر سلالات كبيرة في مصر أغلبها تحضر في القرى والأرياف والمدن وذاب في الشعب المصري.

ص: 34

وبنو قُرَّة كانوا في برقة بليبيا قبل غزوة بني هلال عام 442 هـ لتونس والمغرب الأوسط (الجزائر) وقد تنازعوا مع لواتة وصنهاجة من قبائل البربر، واستقروا بعد ما تصالحوا معهم ثم تصاهروا وامتزجوا بهم بعض الشيء، وكانت قُرة في الصعيد المصري وبقي منها هناك حتى الآن، وهي من أشد القبائل الهلالية بأسًا وإقدامًا وتاريخهم يشهد لهم، ولم يخضعوا للأشراف الفاطميين في أي شيء وكان تحركهم من شور ذاتهم، فقد أرسل لهم الخليفة الفاطمي جيشًا لتأديبهم وجرِّهم إلى الطاعة وكان على رأس القوة الفاطمية من مصر الفضل بن صالح، فهزمتهم بنو قُرَّة، ثم أرسل الخليفة جيشًا آخر بقيادة علي بن فلاح فتمكنوا منه ولاحقوا فلوله المنهزمة حتى أهرامات الجيزة، ولما عجز عنهم جمع عساكر من البدو من كلب (قُضَاعة) وطيئ (قحطان) وقد أرهقوهم بالغارات ولكن دون جدوى، فاستمر الكر والفر منهم علي بن الجيزة بكل جسارة، فلما يئس الخليفة وضع قوة حراسة علي بن النيل الغربي وأرسل يتودد لماضي بن مقرب زعيمهم وتصالح معه، حتى جاءت باقي هلال فلم يوافقوهم على غزو تونس ومكثوا في ليبيا، حتى جاءت بنو سُلَيْم فتقربوا إليهم وحالفوهم. ويروى أن ماضي بن مقرب أحبَّ أم محمد الشهيرة بالجازية الهلالية أخت سلطان البوادي حسن بن سرحان وتزوجها ورحل مع بعض بني قُرَّة في بني هلال إلى تونس والجزائر، وكانت الجازية تحت الشريف الهاشمي (شكر) وعقب منها محمد، وقد خدعه الهلالية وسرقوها منه ورحلوا بها إلى مصر بعد أن سحبوه معهم في رحلات الصيد بعيدًا عن ذويه، ويقال أنه طلَّقها كما ذكر في رسائله لأخيها بعد أن رفضت العودة إلى الحجاز، وكانت إلى جانب جمالها الفتان داهية من نساء العرب.

(انظر التفصيل عن قبائل بني هلال بن عامر في هذا المجلَّد).

‌لمحة مبسطة عن قبائل المرابطين في ليبيا

(1)

أجمع الباحثون في ليبيا أن أغلب المرابطين هم من ذرية عرب الفتح القادمين مع عبد الله بن أبي السرح وعُقبة بن نافع القرشي ورويفع الأنصاري وزهير بن قيس البلوي، وسبب تسميتهم بالمرابطين يعود إلى الرباط في الإسلام وهو نوع من المباني العسكرية التي يأوي إليها المجاهدون والتي انتشرت في البلاد التي دخلها الإسلام جديدًا، وكان المرابطون ينطلقون منها للذود عن العقيدة الإسلامية، ورجح المؤرخون في ليبيا أن أكثر قبائل المرابطين من بني سُلَيْم بن منصور قبل

(1)

نقلًا عن كتاب الأنساب العربية في ليبيا للأستاذ محمد عبد الرازق منّاع.

ص: 35

هجرة جحافلهم إلى ليبيا خلال القرن الحادي عشر الميلادي - الخامس الهجري، وذكر بعض الباحثين أن عدد بني سُلَيْم من المرابطين كان يناهز عشرة آلاف نفس، وكان الفرسان أيام الفتح العربي البلاد المغرب يأخذون نساءهم وأولادهم في الرباط.

وليس معنى ذلك أن المرابطين بجميع قبائلهم من سُلَيْم بن منصور العدنانية بل هناك مرابطون من قريش

(1)

ومن قُضاعة ومن قيس عَيْلان ومن القحطانية ومن عرب الأندلس الفارين إلى ليبيا بعد سقوط الدولة العربية في تلك البلاد، ونظرًا لأنَّ العصور الماضية قد انعدمت فيها القراءة والكتابة فلقد تاه تسلسل نسب قبائل المرابطين بمرور الزمن ولأن عصبيتهم أصلًا قد ذابت في الرباط والدين الإسلامي، وأما بطون سُلَيْم وهلال وفزارة فكانوا في انتقالهم لتلك البلاد الليبية وباقي أقطار المغرب ليس أصلًا لنشر الدين الإسلامي؛ لأنَّ الإسلام كان موجودًا في ربوع تلك الديار منذ أربعة قرون ونصف قرن قبل مجيئهم، وقد كانت عند القبائل البدوية النازحة من الجزيرة العربية عصبية النسب والحسب؛ لأنَّ هذا هو طبع القبائل العربية وإلا كيف تكون قبائل بدون هذا الشيء، وقد زاد تمسك وتعصب القبائل السُّلَمية والهِلَالية ومن تبعهم من فزارة غَطَفَان وجُشَم هَوَازِن وغيرهم ليس إلَّا من أجل تغلبهم على قبائل البربر سكان البلاد الأصليين وملوك تلك الأقطار وسادتها، علاوة على سيطرتهم على هؤلاء الأعراب من المرابطين في البوادي والقرى والمدن الذين دافعوا عن البلاد مئات السنين ضد غزوات الروم والقراصنة المغيرين حتى منتصف القرن الخامس الهجري، وبعد استقرار هِلَال وسُلَيْم وفَزَارة من عرب الجزيرة في بلاد المغرب شاركوا العرب المرابطين الدفَاع عن تلك البلاد ضد أطماع الطامعين، وقد كانوا قوة جديدة لتثبيت دعائم العروبة والإسلام في إفريقيا، ومما ساعدهم في بسط نفوذهم هو أنهم كانوا أكثر مراسًا لفنون الحرب والقتال لقرب عهدهم بالبداوة وتمسكهم بها، لربما أغلب هِلَال وسُلَيْم يحافظون

(1)

أشهر القرشيين في ليبيا هي تلك القبائل أو البطون من الأشراف المشهورين خلال القرن العشرين العائلة السنوسية وأصل قبيلتهم من بني خطَّاب (الخطاطبة) ومقرها في مدينة مستغانم الجزائرية قرب الحدود المغربية، وكان جد السنوسيين يسمى سعد بن عبد الله الخطاب من مشاهير عصره، والخطاطبة من نسل الأدارسة الأشراف من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد مكث محمد بن علي السنوسي في ليبيا أثناء عودته للجزائر من رحلته للحج.

ص: 36

حتى اليوم على هذا الطابع في صحاري شمال أفريقيا ويعيشون نفس الحياة التي كان يعيشها أسلافهم وأجدادهم في الجزيرة العربية.

وقال محمد عبد الرازق منَّاع: من أشهر قبائل المرابطين والأشراف في ليبيا حلفاء بني سُلَيْم

(1)

التالية:

(1)

‌ المنفة

(2)

:

ينحدر أفراد قبيلة المنفة من جدهم الأكبر مناف الولي الصالح الذي خلف ولدين هما اسميكة، وعلوم. وعقب اسميكة فخوذ هي: بريدان، ومصمود، وهود، وسباق، وبوخديجة، ومقوري، وفحاش، ودباس، وجحيش. وعقب علوم فخوذ هي الخايب، والعرابات، ورجب، ورتبوات، والعراف، والجزار.

ويقيم أفراد قبيلة المنفة في البُطنان وعلى الخصوص في دفنه شرق برقة.

(2)

‌ الشواعر:

يعود أصل الشواعر إلى جدهم محمد بن منصور الشاعر الذي قدم إلى البلاد الليبية خلال القرن الخامس عشر الميلادي من بلاد الأندلس بعد انتكاسة المسلمين في جنوب غرب أوروبا، وقد خلف المذكور أعلاه الذي نفذ بعد جهاد ضد الإفرنجة من اضطهاد الصليبيين، خلف ثمانية أولاد لكل واحد فخذ وهم: حمد، ولموش، وعمر، وعبد الملك، وعسير، وعثمان، وزايد، وشليوة، وقد أقام محمد بن منصور الشاعر في مدينة درنة وما حولها وكذلك في البطنان وصار أخلافه يعرفون بالشواعر أو الشلوية.

(3)

‌ الشهيبات:

ينحدر أفراد الشهيبات من مرعي بن جابر بن زين بن عروة من أبي سنينة بن الذئب بن عقار بن ذئاب من السعادي، وقيل أنهم ليسوا من السعادي وإنما هم

(1)

انظر الأنساب العربية في ليبيا.

(2)

قلت: ينتمي المجاهد الليبي عمر المختار لهذه القبيلة من فخذة بريدان من اسميكة، واسمه عمر المختار بن عمر بن فرحات، ووالدته السيدة عائشة بنت محارب وقد قاوم الغزاة الطليان قرابة عشرين عامًا من عام 1911 م حتى 1931 م ثم قبض عليه في إحدى المعارك وشنقه الاستعمار الفاشستي الطلياني في معسكر تجميع في السلوق ببرقة والمنفة من قبائل الأدارسة الأشراف كما أوضحنا عنهم في المجلد الثاني.

ص: 37

من نسل الصحابي الجليل عكاشة بن مِحْصن

(1)

، ومساكنهم حول الأبيار شرق بنغازي في إقليم برقة.

(4)

‌ القطعان

(2)

:

ينحدر أفراد قبيلة القطعان من الولي الصالح سيدي هاشم الذي يوجد مقامه في منطقة كمبوت، وينقسمون إلى عدة بطون أبرزها: المريرات، والمعابد، ويقيمون في البطنان ببرقة.

(5)

‌ حبون

(3)

:

يعود أصل حبون إلى جدهم الولي الصالح عبد السلام بن مشيش الذي يوجد مقامه بالساقية الحمراء جنوب المغرب، وقد خلف ابنًا أسماه حسن وعقب حسن ابنين هما عمر ويونس، وتفرعت عن الاثنين بطون وأفخاذ انتقلت خلال القرن الخامس عشر إلى الديار الليبية وأقامت بالبطنان، ويشتهر نجع حبون على الحدود المصرية الليبية.

(6)

‌ القبائل:

عشيرة ينحدر أفرادها من جدهم الأكبر قبيل الشاعر، وهو شقيق محمد منصور الشاعر جد الشواعر المتقدم ذكره، وقد قدم معه من الأندلس واستوطن البلاد الليبية وأضحي أخلافه هم ما يعرفون اليوم بالقبائل نسبة لقبيل الشاعر.

(7)

‌ التراكي

(4)

:

يعود أصل قبيلة التراكي إلى رجل تركي مسلم قدم إلى البلاد الليبية، ربما في عهد انتكاسة المسلمين في بلاد الأندلس، وقد تحالف هذا الرجل مع محمد منصور الشاعر وأضحى بمثابة ابن من أبنائه وصار أخلافه هم ما يعرفون اليوم بالتراكي وهم يقيمون غرب درنة في برقة.

(1)

قلت: عكاشة بن مِحْصن من بني غنم من بني أسد بن خُزيمة بن مدركة بن إلياس بن مُضَر بن نزار بن مَعْد بن عدنان.

(2)

قلت: القطعان هم إخوة أولاد علي من السعادي، وأكد الباحثون أن جدهم من بني سُلَيْم العدنانية مثل السعادي.

(3)

قلت: قبيلة حبون من قبائل الأدارسة الأشراف وتقدم ذكرها في المجلد الثاني.

(4)

قلت: وهم غير عشيرة التريكي الأشراف الفواتير.

ص: 38

(8)

‌ الزيادين:

ينتمي الزيادين سكان الفقهة إلى الولي الصالح المتصوف الشريف زيدان بن أحمد الذي تاه في الصحراء إلى أن اهتدى المنخفض حيث وجد واحة أقام بها، وتقع واحة الفقهة على بعد 15 كم من الهروج الأسود بودان، وسُمِّي أخلاف هذا الولي بالزيادين وهم يشتهرون بالصلاح والتقوى ويقيمون في هذه الواحة شبه المنعزلة شرق طريق سوكنة - سبها، ولكنها تشتهر بالمياه العذبة.

(9)

‌ خدَّام الزُّروق:

بطن من عشيرة عربية يقيمون في مصراتة ويُسمَّون بخدام الزُّروق، ويعود أصلهم إلى أن مجموعة من الأعراب الأشقياء من الحسون

(1)

أعلنوا التوبة على يد الولي الصالح المتصوف العالم الزُّروق الذي له مقام جليل في مصراتة، وأوقفوا أنفسهم لخدمته بعد أن حاولوا النيْل منه، وقد انضم إليهم البعض من أهل مصراتة وأصبح الجميع يعرفون بخدام الزُّروق.

(10)

‌ الموالك

(2)

:

يقيم أفراد قبيلة الموالك في المنطقة الممتدة من شرق البطنان إلى داخل خليج السلوم، وهم من ذوي الصلاح والتقوي، ويرجح بعض المؤرخين أنهم بطن من بني قرة من الهلالية القدماء في برقة قبل غزوة بنو هلال الكبرى عام 442 هـ، وثمة من يؤكد من الباحثين أن الموالك من مسلمي الأندلس الفارين من بطش محاكم التفتيش في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي.

(11)

‌ العقايل، والحساونة، والسراحنة:

أجمع معظم المؤرخين القدماء الثقات على أنَّ هذه القبائل الثلاث تنحدر من سلالة أجناد الجيوش الإسلامية ثم استوطنت هذه المنطقة.

وهناك من يرجح أنهم من سلالة بني سُلَيْم القدامى منذ الفتح، ورأي يقول أنهم نزحوا إلى هذه المنطقة قادمين خلال القرن الخامس عشر الميلادي فرارًا من بطش محاكم التفتيش الصليبية في إسبانيا، ومهما يكن الأمر فقد كانوا من الأفذاذ

(1)

قلت: يرى رأي لبعض الباحثين أن أصل الحسون من بني سُلَيْم، ورأي ينسبهم لحِمْيَر من العرب القحطانية.

(2)

قلت الموالك ذكرها القلقشندي والسويدي من لبيد من بني سُلَيْم، هو الصحيح، وسيأتي التفصيل عنها في قبائل سُلَيْم في مصر.

ص: 39

الذين ذادوا عن الحمى ورفعوا راية الإسلام خفَّاقة في هذه الربوع من البلاد الليبية.

(12)

‌ الحساونة

(1)

:

تضم هذه القبيلة عشائر: الغراف، وبوشخيبتبر، وأبو بكر، والأربد، وبوشغيلة، والخرم، وميلاد، وغراب، وحلاج.

(13)

‌ السراحنة:

تضم قبيلة السراحنة العشائر الكبيرة التالية:

زيدان، بوبقاريف، وعثمان، ودخيل، ومغوار، وبيض الله. والجدير بالذكر أن هذه القبائل الثلاث المذكورة أعلاه تقيم في الجبل الأخضر وبعضها في منطقة شرق السلوم، وأولاد وافي، وأشراف ودان، وفرجان

(2)

، وحضيرات والأخيرة بطن من مصراتة، ويقيم أفراد هذه العشائر الخمس الأخيرة في المنطقة الممتدة من خليج سرت شرقًا إلى مصراتة غربًا والجفرة وفزان جنوبًا، ويؤكد المؤرخون في ليبيا أن هذه العشائر الكبيرة هم من الأشراف ومن أحفاد المرابطين الأفذاذ الذين كانوا يرابطون على الثغور الإسلامية ضد مطامع الروم والإفرنجة والقراصنة.

(14)

‌ العلاونة

(3)

:

تضم هذه القبيلة عشائر سعيد والصائم وخطم وعثمان وزاغود ويوسف وشحات وكرير والحميِّر وسارة، ويرجح البعض أنهم للعلاونة المقيمة شرق السلوم.

(15)

‌ الفواتير:

ينتمي أفراد قبيلة الفواتير لبني هاشم (الأشراف) وهم يشتهرون بالتقوى والصلاح والورع، وقد ظهر منهم رجال منصوفة وأولياء صالحون أمثال سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري صاحب المقام المشهور في زليطن، وينحدر أفراد قبيلة الفواتير من سيدي خليفة الملقب (فيتور) ابن عبد العزيز بن عبد الله بن عمران بن أحمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد القادر بن عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله بن إدريس الأصغر ابن إدريس الأكبر ابن عبد الله الكامل ابن الحسن المثنى

(1)

قلت: لهم قرابة مع الزويَّة وجدهم من بني سُلَيْم العدنانية.

(2)

قلت: الفرجان منهم فروع علة في مصر (انظر قبائل المرابطين بمصر، المجلد الثاني).

(3)

قلت: وهم من العلاونة من آل سالم من ذباب من بني سُلَيْم.

ص: 40

ابن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وعندما تولى بنو أُميَّة زمام الأمور في بلاد العرب ونكَّلوا ببني هاشم التجا إلى مدينة فاس بالمغرب مجموعة من آل البيت فرارًا من بطش الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان من بين المهاجرين عبد الله بن عمران المعروف باسم نبيل بن عمران وكان طفلًا صغيرًا ونشأ مع أولاد سعيد هناك حتى بلغ مبلغ الرجال وتزوج وخلَّف ابنة، ولما أراد أن يزوج ابنته لابن أخيه اعترض عليه آل سعيد في محاولة لافتكاكها منه عنوة، ولم يجد نبيل مناصًا من الفرار بابته فلجأ مع مجموعة من أبناء عمه الأشراف إلى البلاد الليبية حيث نزلوا أهلًا على آل دريد أحد بطون بني هلال (هَوَازِن) بالزاوية الغربية، وهناك خلف ذرية بعضها أقام بالزاوية الغربية وبعضها انتقل إلى زليطن، ومن نبيل ولدين هما يوسف ولقبه عوسج وخليفة ولقبه فيتور، وقد أقامت ذرية يوسف (العواسج) بالزاوية الغربية وخلف سليمان وله سبعة أولاد، وقد استشهد في معركة ضد الإفرنجة القراصنة الغزاة بشواطئ طرابلس ودفن بسيدي الشعاب، وانتقل أولاد سليمان فيتور الشهيد إلى زليطن حيث أقاموا بجوار البراهمة وأولاد غيث والأحامد وخلفوا نسلًا صالحًا هم ما يعرفون اليوم بالفواتير.

(16)

‌ أولاد الشيخ:

هم من نسل الولي الصالح عبد السلام الأسمر الفيتوري وهم يقيمون في زليطن ومصراتة وبنغازي وغيرها ومنه فخوذ: عبد الرَّحمن، وعبد المؤمن، وعبد السميع، وخليفة، وعبد الله المصري، وعمران، ومحمد أبو القاسم، وسليم، وحمودة، وأبو راوي، وأبو فارس، وعبد الحليم، وفتح الله، وعبد الحميد الصغير (بوتراب).

(17)

‌ أولاد الشيخ (في برقة):

يؤكد النسابون أن أصل أولاد الشيخ في برقة يعود إلى الأشراف الفواتير، وقد أطلق على جدهم الأكبر اسم أحد الأولياء المتصوفين من بني سُلَيْم وهو شيخ جليل تبرُّكًا به وتيمُّنًا فصار يسمى بابن الشيخ وأضحي اسم ذريته تسمى (أولاد الشيخ)، وهناك رواية أخرى تقول أن أولاد الشيخ في برقة ينحدرون من ذرية عبد السلام الأسمر الفيتوري من الأشراف، وفيهم أربع عشائر هي عمر ويقيمون

ص: 41

في نواحي إجدابيا وسلوق، والحلاج ويقيمون في إجدابيا أيضًا، وفضة ويقيمون في إجدابيا، وأبو شناف

(1)

ويقيمون في ضواحي المرج.

(18)

‌ الأماجر:

عشيرة عربية تقيم بسوق الخميس بجوار الأحامد بساحل الأحامد، ويرجح أن الأماجر قد وفدوا على الديار الليبية من بلاد الأندلس أثناء محنة المسلمين هناك.

(19)

‌ المسامير

(2)

:

تنقسم قبيلة المسامير إلى أولاد سيدي نوح وأولاد سيدي مسمار، ويقيم أفراد هذه القبيلة في الجبل الأخضر يحدهم من الشمال البحر الأبيض المتوسط ومن الغرب الدرسة ومن الجنوب البخايت (حاسة من الحرابي) ومن الشرق الشبارقة (حاسة)، ويشتهر المسامير بالصلاح والتقوى.

(20)

‌ العوامة

(3)

:

عشيرة في الجبل الأخضر بإقليم برقة وبعضهم شرق السلوم وعلى الأخص في قرية الضبعة على الساحل الشمالي المصري، ومن عائلاتهم: مفتاح، والأشلم، وبورفيعة، والحدود، ومداوي، والعين، والضامنة، وبوضباع، وبومعيز، وبوجرادة، وغنوة، والضمران، والجيوب، والعقاب، وضليل.

(21)

‌ الفواخر

(4)

:

يقيم أفراد قبيلة الفواخر في المنطقة الواقعة شمال وادي الفارغ وجنوب الشلينطمية وغرب وادي المرا، ويزاولون رعي الإبل في البراري البعيدة عن الساحل ويشتهرون بالجَلَد والكرم وشدة احتمال قسوة الطبيعة، كما توجد منهم فروع أيضًا في إجدابيا والجبل الأخضر وبراك الشاطيء، ولهم فروع تقيم في الفيوم والمنيا بمصر وأخرى تقيم في تشاد ولهم تجارات هناك.

(1)

قلت: توجد عزب باسم أبو شناف قرب قها بالقليوبية، والعياط بالجيزة، وإطسا بالفيوم، وأبو حمص والدلنجات بحيرة، وكفر الشيخ في الديار المصرية.

(2)

قلت: المسامير يقول رأي أنهم من الأشراف، ورأي يؤكد أنهم من بني فزارة من غَطَفَان العدنانية.

(3)

قلت: العوامة من الأشراف الأدارسة، وتقدم السرد عنها في قبائل المرابطين في مصر.

(4)

قلت: الفواخر من الأشراف الفواتير وجدهم يونس بن يعقوب، وتقدم السرد عنها في قبائل مصر.

ص: 42

(22)

‌ سمالوس

(1)

:

ينتمي أفراد قبيلة سمالوس إلى جدهم الأكبر الولي الصالح نصر المُلَّقَب بجبار الكسر، ويوجد مقامه شرقي مدينة طرابلس وقد عقب ستة أولاد منهم عشائر: القاضي، وسلطان وأمهم من أولاد سليمان، وسليم، ومحيريز، وسيدي عزيز، وأبو حريرة، وعبد الله، وكان أخلاف القاضي هم القواضي وأخلاف سلطان هم السلاطنة، ولا علاقة لهم بالسلاطنة من البراغيث من السعادي من سُلَيْم، وأخلاف محيريز المحاريز، ولم يعقب كلّ من سيدي عزيز وأبو حريرة، أما عبد الله فقد تزوج من امرأة من ولاد بوسيف وخلف منها تسعة أولاد منهم تسعة عشائر كالتالي:

حمودة منه الحمودات، عبد الرازق ومنه بوزويل، بوكعيبيرة ومنه الحبوس، وعزيز ومنه العزازة، وعيسى ومنه الخشومات والمعرين والمنافسة.

عوينان ومنه الزواوات، وبوشوادة ومنه الشوايات، وبو نجيلة ومنه الرميلات، والضاوي ومنه الضوايات، واستوطنت هذه القبيلة جنوب الجبل الأخضر ثم رحل معظم أفرادها إلى جهة الشرق ولا يزال بعضهم يقيم في المكان الذي يسمى باسم سمالوس.

(23)

‌ الزويَّة:

بطن من الحساونة المقيمين حاليًا بوادي الآجال في فزان، ويعود أصلهم إلى حسن اللبيب وهو فخذ من بني سُلَيْم، وقد تميزت هذه القبيلة بهذه التسمية لبلدة اسمها (زوية) في فزان بالجنوب الليبي، وهذه البلدة كانت هذه القبيلة تقيم بها.

وقد انتقلت زويَّة إلى واحات الكفرة وكانم وواداي وجخرة ثم إلى برقة البيضاء، ثم تحولوا إلى الوادي الفارغ بعد نزاع مع السلطات العثمانية سنة 1307 هـ.

ويقيم الكثيرون منهم في إجدابيا وبنغازي، ويشتهر أكثرهم بممارسة تجارة القوافل التي تذرع الصحراء بين ليبيا ومصر والسودان.

وتنقسم زويَّة إلى أربعة بطون هي: سديدي، ومفتاح، وجلولات، وشواعر.

(1)

قلت ذكر في تاريخ الفيوم للنابلسي أن سمالوس بطن من بني عجلان. وهناك رأي نسبهم للأشراف، ورأي آخر ينسبهم لبني سُلَيْم.

ص: 43

(24)

‌ الزاوية

(1)

:

أجمع المحققون والنسابون في ليبيا أن هذه القبيلة ينتهي نسبها إلى الأشراف من قريش، ومنها عشائر كبيرة هي: الشيخ ويسكنون العقيلة، وبناشة ويسكنون واحة مرادة، وفكاسير، وغزالة في واحة مرادة أيضًا.

(انتهى ما ذكره محمد عبد الرازق منَّاع).

(25)

‌ المقارحة

(2)

:

من قبائل المرابطين في ليبيا وينتشرون في برقة، ويذكر بعض الباحثين في ليبيا أنهم من زغب بن مالك من بني سُلَيْم.

(26)

‌ القذاذفة:

وينتمي أفراد هذه القبيلة إلى الولي الشريف عمرو الشهير (بقذاف الدم)

(3)

، والمدفون بوادي كور من جهة غريان جنوب طرابلس، وله ضريح يزار بتلك الديار، وهو عمرو بن علي بن يحيى بن راشد بن فرقان بن حساين بن سليمان بن أبي بكر بن موسى بن عبد القوي بن عبد الرَّحمن بن إدريس بن موسى بن إسماعيل ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والجد الأول المرفوع نسبهم إليه وهو موسى بن إسماعيل ابن الإمام موسى الكاظم كان قد جاء إلى المغرب ضمن من جاءوا من آل البيت حينما تكونت دولة الأدارسة الأشراف بالمغرب العربي، التي أسسها الإمام إدريس الأكبر والذي يرجع إليه نسب قبائل الأشراف الليبية وهي: الغرارات والمزاوغة والمشاشية والفواتير وأولاد الشيخ والفواخر والبراعصة والضعيفات وشرفاء ودان وقبائل كثيرة سيأتي ذكرها.

(1)

قلت: وفي مراجع أخرى الزاوية وفروعها أولاد يحيى والصيود والتياب وأولاد عبد الله بن حسن وجدهم عبد الرَّحمن الكبير بن أحمد بن يوسف بن مفتاح سوَّاق الحجل ابن جابر بن أرخيص بن محمد الأصغر ابن عطية بن محمد الكبير بن سليمان الفيتوري والد الفواتير السبعة من الأدارسة الحسنيين والمقامة روضته في سيدي الشعاب بطرابلس الغرب، ويتواجد فروع من الزاوية في الزاوية وإجدابيا والجغبوب، وكذلك سيوة والفيوم والمنيا بمصر، ومنهم في تشاد.

(2)

ومن المقارحة فخوذ مع قبائل السعادي في الديار المصرية، وهذه القبيلة ينتمي إليها السيد عبد السلام جلود عضو مجلس الثورة الليبية عام 1969 م.

(3)

نقلًا عن سلسلة الأصول في شجرة أبناء الرسول للشريف الشيخ عبد الله الشارف قاضي مدينة الجلفة بالجزائر - مخطوط، وشجرة أنساب الشرفاء بليبيا دوَّنها الشريف سيد بن عبد اللطيف الضعيفي الفيتوري الإدريسي الحسني برابطة الأشراف - طرابلس، وعاينه محققًا السيد الشريف السباعي الإدريسي الحسني - رئيس رابطة الشرفاء بالمغرب. ونشر البحث عن القذاذفة في جريدة النسب المغربية العدد 170 والصادرة عن رابطة الشرفاء بالمغرب - الرباط بتاريخ 1/ 11/ 1995 م.

ص: 44

وأبناء سيدي قذاف الدم هم عمر، وعبد الرحيم، ومحمد يمل، وخويطر، وإبريك وتنحدر منهم السلالة الشريفة للفروع أو العشائر التالية: العمور (أولاد عمر)، والغزازلة، والقداورة، والزرق، والتوامي (القحوه)، وأولاد حرير، وأولاد بومنيار، والمجذبة، والطوالبية، والحوامد، والسواودة، والجفافلة، والقحوف، والرملة، وأولاد بو بكر، والخطرة، والطرشان، والشاوة، وأولاد ابن ناجي، وأولاد بنرقية (آل القعود)، وأولاد عبد الصمد، وأولاد غملين، وأولاد مصباح، وأولاد بريك، والحمادين ومنهم الكهيبات والقناصة والغول والزغابة والشتيوات.

ومن المعروف أن قبيلة القذاذفة يُسمُّون "بأولاد موسى" ولهم فروع كثيرة منتشرة في ليبيا تحت هذا الاسم، فأولاد موسى المقيمون بالزاوية الغربية وهم السود والشرق والحبابسة، وعائلات أخرى منتشرة كالذين ذكرهم نعوم شقير في كتابه "تاريخ سيناء صفحة 724" والذي ذكر فيه القذاذفة ضمن القبائل العربية النازحة إلى مصر، ومنهم فرع في الشرقية وعميدهم في ذلك الوقت هو الشريف أمين بدران (بيك)، والفروع الأخرى من أولاد موسى في تونس في منطقة قصر النجاجرة وقصر النعاعمة وقصر الجبليين وقصر الجديدين وقصر القبليين في شعبة السلطان أي مدينة مساكن غربي القيروان، وكانت تسمى قصور الأشراف، والفروع الأخرى في الجزائر والمغرب، ومنهم أيضًا العراقيون والصقليون والظواهر والمسفريون وأولاد حمامة، وقد برز من أشراف القبيلة قادة مجاهدون ضد الغزاة الطليان، حيث شاركوا مشاركة فعَّالة في معارك الجنوب والساحل وغريان، ومن هؤلاء القادة المجاهد الشهيد - عبد السلام بن حميد أبو منيار القذافي والذي استشهد هو وأخوه في معركة المرقب بالخمس ودُفن بذات المكان بالقرب من النصب التذكاري لهذه المعركة الشهيرة في تاريخ الجهاد العربي الليبي، ومنهم الشريف مفتاح إشكال والذي واصل جهاده حتى طرد الغزاة الطليان وتحرير أرض الوطن من دنسهم، ومنهم الشريف محمد قذاف الدم وكان رحمه الله من المجاهدين الأشاوس ضد الطليان ونزح إلى مصر ضمن القادة المجاهدين، وكان من المؤسسين للجيش العربي الليبي غربي الإسكندرية عام 1941 م والذي زحف غربًا وتم له طرد الطليان من القطر العربي الليبي، ومنهم الشريف محمد بن عبد السلام بن حميد أبو منيار القذافي، وكان مجاهدًا في كلّ المعارك بالمنطقة الوسطى بليبيا، وقد طالت به الحياة حتى توفي عام 1985 م إلَّا أنه كان عاجزًا عن

ص: 45

الحركة من جراء إصابات عديدة في أنحاء جسده وساقيه بالرصاص لاشتراكه في مواقع الجهاد ضد الغزاة الطليان.

ويقول الشريف سيد بن عبد اللطيف الضعيفى الفيتوري: وقد رأيت ذلك بأم عيني في العام 1979 م حيث كنت أقوم بواجب العزاء في وفاة الشريف مفتاح إشكال بمنطقة بوهادي بسرت حيث جمعتنا خيمة العزاء، والشريف محمد عبد السلام جميد أبو منيار دفن بمقبرة شهداء ألهاني وله سجل حافل بمركز الدراسات التاريخية للمجاهدين الليبيين، ونجله هو الزعيم المناضل معمَّر القذافي قائد ثورة الفاتح من سبتمبر العظيمة في الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية العظمى.

ومن القذاذفة أيضًا الشريف شريف بن محمد بن إبراهيم القذافي الملقَّب بـ (الشريف بوالصرية) إذ شارف الآن على التسعين عامًا، وهذا الشريف البركة جمع النسب الشريف من دفتيه فهو موسوي حسيني وأمه شريفة حسنية من ذرية إبراهيم السراري الإدريسي والموجود منهم فرقة ببلدة بني وليد بليبيا، وهذا الشريف متواضع أبدًا، لا يجلس إلَّا على الأرض ولا يغلق داره إلَّا عندما يهجع للنوم، ويتمسك بالتقاليد الأصيلة وينتقد من يشذ عنها جهارًا وهو سجل حي وموسوعة عن كلّ ما يتصل بالمعارك التي شاهدها أو شارك فيها.

ومن قبيلة القذاذفة فروع عديدة منتشرة في طبرق وبنغازي وسرت وفزان وطرابلس وغريان والزاوية الغربية، ومنهم قسم في تشاد، وكذلك منهم فروع عديدة في مصر (انظر عن القذاذفة في مصر في المجلد الثاني).

(27)

‌ الضعفا:

وتنسب إلى الشريف عثمان الضعيفي الفيتوري الإدريسي الحسني دفين روضته بعين الغزالة شرقي بلدة التميمي

(1)

.

والشريف الشيخ عثمان هو ابن محمد بن سالم بن سُلَيْم بن زيدان بن علي بن سليمان بن محمد الملقب (الصغير) ابن سليمان دفين روضته برباط الشعاب

(1)

التميمي بلدة صغيرة كان بها قصر باسم تميم بن المعز لدين الله الفاطمي أثناء سير الحملة الفاطمية نحو مصر انطلاقًا من المهدية بتونس.

وهذا البحث عن الضعفا أمدنا به الأخ الفاضل الشريف سيد عبد اللطيف الضعيفي الفيتوري من طرابلس الغرب، إلى جانب بحوث عديدة عن الأشراف في الجماهيرية العربية الليبية والآتي ذكرها.

ص: 46

بساحل طرابلس، وهو والد الفواتير السبعة المدفونين بروضة السبعة بزليطن والسبعة فواتير هم:

1 -

محمد الكبير المُلَّقب ببكرون ابن سليمان الفيتوري.

2 -

محيا بن سليمان الفيتوري ومن ذريته سيدي عبد السلام الأسمر.

3 -

محمد الصغير جد قبائل الصقوع والحجاحجة والضعفا.

4 -

عبد الله بن سليمان الفيتوري.

5 -

عبد العزيز بن سليمان الفيتوري.

6 -

عبد الواحد بن سليمان الفيتوري.

7 -

يعقوب بن سليمان الفيتوري.

هؤلاء يقال لهم الفواتير السبعة وإليهم يرجع كافة الفواتير وأولاد الشيخ والصقوع والعبادلة والضعفا والزاوية والفواخر.

والشريف سليمان والد قبائل الفواتير هو ابن سالم بن خليفة بن عمران بن أحمد بن خليفة المُلَّقب (بفيتور) ابن عبد العزيز بن عبد الله المُلَّقب (نبيل) المولود بفاس ودفين مكة ابن عمران بن أحمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد القادر بن عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله المشهور بالنّاسك وزين العابدين ابن الإمام إدريس الأصغر ابن الإمام إدريس الأكبر.

انتقل الشيخ عثمان مؤسس قبيلة الضعفا من مسقط رأسه زليطن مع فرقة من أبناء عمومته إلى قرية مؤسوس بإجدابيا في بداية القرن الحادي عشر الهجري وأسسوا زاوية مسوس على ما جرى به عادة أسلافهم، ثم انتقلوا بعدئذ بفترة وجيزة إلى البطنان بدعوة من القبائل للتبرُّك بهم وتعليم الفرائض والشرع الشريف، وكذلك التحكيم فيما ينشأ من منازعات محلية بين القبائل المقيمة بالجبل الأخضر والبطنان الممتد شرقًا حتى العقبة الكبيرة (السلوم على الحدود بين ليبيا ومصر)، وعندما استقر عثمان بن محمد ورهطه من الأشراف بعين الغزالة والمخيلي والتميمي التحق به الكثير من أبناء جنسه الفواتير المقيمين بزليطن وساحل الأحامد ووادي كعَّام والخمس، ونال عثمان الولاية الكاملة والمشيخة التامة وظهرت له كرامات وبراهين عطاءً وفضلًا من فيض الله سبحانه وتعالى، وقد أُعطي روحانية سورة الفاتحة الشريفة فكان يقرؤها على أي مصروع أو ضالٍ أو مريض فيكون الشفاء العاجل من عند الله.

ص: 47

أعقب الشريف عثمان ستة أولاد هم: حميد، وأبو بكر، وديهوم، ومحمد المُلَّقب جريبيع، وعبد الرَّحمن المُلَّقب رحومه، وعبد الله المُلَّقب إرفاد، والأخير أمه مسعودة بنت عبد المولى بن واعر شيخ قبيلة العبيدات الحرابي) من عقَّار من السعادي من بني سُلَيْم - في زمنه.

واشتهر الشريف عثمان بن محمد بالضعيفي، وصارت كنية له ومع مرور الزمن انسحبت هذه الكنية على بقية بني عمومته وصارت لقبًا واسمًا للجميع.

نزح الضعفا إلى الفيوم بمصر

(1)

ثم انتقل قسم منهم إلى بني سويف وانتشروا حتى الأهرام بالجيزة.

وسبب التسمية بالضعفا وتنطق الضعفه والضعيفات، هي أن الشريف محمد والد عثمان تزوج من ابنة القطب الولي الصالح مفتاح الصفراني من الفواتير، واسمها (ضعفه)، وقد ترجم للسيدة ضعفه في عدة كتب طبعت عدة مرات، منها فتح العليم لسيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، وكتاب نسب الفواتير من آل أبو فارس، وكتاب القطب الأنور سيدي عبد السلام الأسمر، وكتاب الإشارات لما في طرابلس من الأضرحة والمزارات، وكتاب البرموني الكبير للشيخ كريم الدين البرموني، وكتاب روضة الأزهار ومنية السادة الأبرار.

أما الذين كتبوا عن الضعفا خاصة والفواتير عامةً فمن أبرزهم أبو عبد الله العياشي صاحب الرحلة العياشية، وكذلك أحمد بن الناصر الدرعي في كتابه الرحلة الناصرية، وكذلك الشرقي الفاسي المالي في الرحلة المالية، وأيضًا كتاب آفاق في تاريخ ليبيا الحديث.

ويقيم الضعفا في ليبيا بمناطق زليطن وطبرق وطرابلس والخمس، ويقيم أولاد إرفاد ببلدة التميمي وهم غالبية سكانها وكذلك في مرتوبة ودرنة والقبة.

وقد تحوَّل قسم كبير من الضعفا من أولاد الشريف عثمان بن محمد إلى البطنان شرق ليبيا، ثم نزلوا بالديار المصرية في الفيوم وبني سويف والجيزة والبحيرة وذلك في نهاية القرن الحادي عشر الهجري.

(1)

انظر تفصيلات عن الضعفا في مصر في قبائل المرابطين والأشراف بمصر بالمجلد الثاني وقد تقدم التفصيل عنهم.

ص: 48

(28)

‌ البراعصة

(1)

:

من كبرى قبائل الأشراف في ليبيا وموطنهم الجبل الأخضر في برقة، وهم من ذرية عبد السلام بن مشيش. والجد الجامع لهم الشريف محمد المُلَّقب (برعاص) ابن فخر الدين بن يحيى بن نايل بن محمد بن أحمد المُلَّقب بالبحر الصامت ابن عمر بن عيسى بن عبد الوهاب الأكبر ابن عبد الكريم بن محمد بن عبد السلام بن مشيش بن أبو بكر بن علي بن بوحركة بن عيسى بن سلَّام المُلَّقب بالعروس ابن أحمد المُلَّقب ميزوار بن علي المُلَّقب حيدرة ابن الإمام محمد ابن الإمام إدريس الأصغر ابن الإمام إدريس الأكبر ابن عبد الله الكامل ابن الحسن المثني ابن الإمام الحسن السبط ابن الإمام والخليفة علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه.

وقد أنجب الشريف محمد واللقب برعاص أربعة أبناء ذكور هم: حسين وعبد المولى ومسعود ويحيى المُلَّقب (أبا مخلب)، والأخير ليس له عقب.

(أ) أما مسعود فمنهم عشائر كبرى وهم أبناء نايل بن عريف وفروعهم شعيب وبوشديق والأصغي وبوهقه وقريط، وأبناء الخفاجي وفروعهم خزاعل وبنو أصبع ويُسمون اليتامي، وأبناء عبد وفروعهم أولاد حسين الأطرش وأولاد موسى بن يونس، وتفرعوا إلى عائلات كبيرة منها الجويفي وعبد الرَّحمن وأولاد زايد وطاميه، ومنهم الثائر التاريخي أبو بكر حدوث إبان الاحتلال التركي، ومنهم أيضًا الثائر عمر بو جلغاب.

(ب) وأما حسين ومنهم فروع امحمد وشعوة والبجاجتة وعبد القادر، ويتفرعون إلى عائلات عديدة.

(ج) وفرع عبد المولى ومنه فروع عبد ورضوان وإدريس وبوجود. والأشراف البراعصة يقيمون بالجبل الأخضر بالبيضاء ومسَّه والسروال وقصر المسداسي والصفصاف والبويرات وزاوية النيَّان وغويط الأعرج ورأس وادي عمر وأم الشقيرة ومراوة وذروة وسلطة وأم القرامي والرحيبة وسيدي رافع بن ثابت الأنصاري وسيدي سلطان وغوط الجورة ووادي الكوف وسمالوس والسدرة

(1)

أمدنا بهذا البحث عن البراعصة الأخ الباحث سيد عبد اللطيف الفيتوري من طرابلس - ليبيا.

وانظر عن البراعصة من قبائل مصر في المجلد الثاني، وكذلك ضمن الحرابي من قبائل سُلَيْم في ليبيا وقد تقدم ذلك في هذا المجلد.

ص: 49

والثعابين، ويقيم بعض المساعيد في جنوب بنغازي ومنطقة سرت، وتتواجد عائلات من البراعصة في واحة الجغبوب وفي واحة سيوة والفيوم والمنيا بمصر، ويتواجد فريق كبير من أولاد زايد بمنطقة وأرض أولاد زايد بقصر ابن غشير جنوبي طرابلس وهم عائلات أولاد الحاج والقوادر وأولاد أحمد، وكما يقيم الحليقات البراعصة مع بني عمومتهم الأشراف المشاشية بمنطقة الشقيقة بمزده بالجبل الغربي.

اشتهر الأشراف البراعصة بالجهاد والمقاومة المستميتة، ففي فترة الاحتلال التركي اشتهر منهم الشريف أبو بكر حدوث الذي قاد المعارك الشهيرة ضد الاضطهاد التركي، الأمر الذي نتج عنه فقدان سيطرة المحتلين الأتراك على الجبل الأخضر وعدم خضوع الأشراف البراعصة لما كان يُسمى بضريبة الميري، وفي فترة الاحتلال الإيطالي شكَّل البراعصة قوة ضاربة مجاهدة سُميت تاريخيُا بـ (دوار البراعصة) واحتضنت شيخ المجاهدين الشهيد البطل عمر المختار، وذلك للتآخي التاريخي والأصل المشترك ما بين المنفة (قبيلة عمر المختار) وبين أبناء عريف بن مسعود بن برعاص (البراعصة)، ولم تستسلم قبيلة البراعصة أبدًا طيلة عشرين عامًا، وحرَّمت على الطليان الغزاة من الاستقرار بالجبل الأخضر الأشم، وبرز منهم قادة للمجاهدين الليبيين منهم حسين الجوفي وعبد السلام بودجاجات والسنوسي بو بريدان وامحمد بوحويصة وعمر العبيد وبوشديق مازق وعبد الله حفالش وعلي حسين شقلوف (شهيد يوم الجمعة)، وقد سطَّر البراعصة صفحات خالدة في تاريخ الجهاد للشعب العربي الليبي، وشملهم الإعدام والنفي والتهجير والاعتقال الجماعي في سلوق والمقرون والبريقة من قبل الغزاة الطليان، وقد قامت ثورة الفاتح العظيمة بقيادة الزعيم البطل معمَّر القذافي بالرد القوي على الطليان وطردت مستوطنيهم في (يوم الثأر) 7 أكتوبر عام 1970 م انتقامًا للشعب العربي الليبي، وتزخر كتب التاريخ بمآثر وأمجاد البراعصة.

‌الأشراف المشاشية في ليبيا

(1)

فالأشراف المشاشية بالقطر العربي الليبي وفروعهم أربعة وعشرون فرعًا، وهم مقيمون في مزدة والعوينية والشقيقة وطرابلس وسرت وفزان، إلى جانب

(1)

نقلًا عن شجرة الأشراف بليبيا عن رابطة الأشراف بطرابلس الغرب، أعدها ونقلها الشريف سيد بن عبد اللطيف الضعيفي الفيتوري من أشراف ليبيا وعضو الرابطة الوطنية للشرفاء الأدارسة في المغرب العربي.

ص: 50

فروع انتقلت إلى المنيا في مصر العربية، وجدهم هو الشريف عبد الرَّحمن المُلَّقب بالدرعي حلَّ بالقطر الليبي قادمًا من المغرب في نهاية القرن التاسع الهجري، وكان شيخًا جليلًا له كرامات ربانية كثيرة، وكان مكاشفًا نال الولاية، وقد ذخرت كتب التراجم بسيرته، منها كتب البحر الكبير وروضة الأزهار والطبقات العروسية الشاذلية والقطب الأنور سيدي عبد السلام الأسمر وغيرها الكثير.

وهو عبد الرَّحمن المُلَّقب بالدرعي ابن محمد المُلَّقب عبد الواحد بن أحمد المُلَّقب بالبحر الصامت ابن عمر بن عيسى بن عبد الوهاب المُلَّقب بالأصغر ابن محمد بن إبراهيم بن يوسف بن عبد الوهاب الأكبر ابن عبد الكريم بن محمد بن عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر بن علي بوحرمة بن أبي رواح بن عيسى بن سلَّام المُلَّقب بالعروسا ابن أحمد المُلَّقب ميزوار بن علي المُلَّقب حيدرة بن محمد ابن الإمام الأزهر إدريس ابن الإمام إدريس الأكبر مؤسس دولة الأدارسة بالمغرب ابن الإمام عبد الله الكامل المسمى المحض

(1)

إمام المدينة المنورة ابن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط ابن الإمام علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه، وقد دُفن بجبل العلم شمالي تطوان بالشمال المغربي، وكان القطب في زمانه وتلميذه الوحيد الذي تلقى عنه هو الإمام أبي الحسن علي بن عبد الجبار المُلَّقب بالشاذلي دفين حميثرة شرقي سوهاج بصعيد مصر (593 - 656 هـ) وهو صاحب الطريقة الشاذلية وأحد الأقطاب الأربعة من آل البيت النبوي، وهم: سيدي أحمد الرفاعي دفين أم عبيدة بالعراق (512 - 576 هـ)، وسيدي أحمد البدوي دفين طنطا بمصر (596 - 675 هـ)، وسيدي إبراهيم الدسوقي دفين دسوق بمصر (553 - 676 هـ)، وسيدي عبد القادر الجيلاني دفين بغداد

(2)

(471 - 561 هـ) ولعبد السلام بن مشيش من أجداد عبد الرَّحمن الدرعي ذرية كثيرة في المغرب يُلَّقَب كلّ منهم بالعَلَمي، ومن القبائل الليبية التي تعود في نسبها إليه هي: البراعصة، والحبون، والمشاشية، وأولاد أبو سيف، والمسامير، وأولاد سيدي الصيد، ولا تخلو حلقة من حلقات التصوُّف من ذكره في طول العالم الإسلامي وعرضه، وترجم له في كتب كثيرة، وله ترجمة وافية في كتاب حصة السلام بين يدي أولاد سيدي

(1)

سُمي بالمحض لأنه أول حسني من أم حسينية.

(2)

وهو المرجع لكافة الطرق الصوفية الأربعة السابق ذكرها.

ص: 51

عبد السلام، وهو كتاب في أنساب الأشراف أولاد سيدي عبد السلام بن مشيش طبع في المملكة المغربية في جزءين وهو من إعداد عبد السلام العلمي الطاهر نقيب الأشراف العَلَميين بالمغرب.

أما الأشراف المشاشية المنسوبون إلى عبد الرَّحمن الدرعي في ليبيا فهم كالتالي:

1 -

العطايات

(1)

: وجدهم محمد بن عبد الرَّحمن الدرعي والمُلَّقب بعطاء الله، وروضته بزاوية أبي ماضي بالجبل الغربي وفروع العطايات الكبرى هي: المحاربية، والشواشنة، والوكاوكة، والشعول، والشعاليل، والشيابين، والسواعدية، والفزازنة، والرحومات، والعمامرة، والحليقات، والباكير.

2 -

السويقات: وجدهم الشريف بلقاسم المُلَّقب بابي سوسن وهم: أولاد محمد، وأولاد أحمد، وأولاد الأحيمر.

3 -

البنادقة: وجدهم الشريف امحمد دفين روضته بزاوية أبي ماضي، ويُلَّقَب بأبي بندقة فصارت لقبًا لذريته من بعده، وهم: البراهمة ومنهم القائد المجاهد محمد بن حسن المشَّاي الذائع الصيت إبان مقاومة الشعب العربي الليبي للاستعمار الإيطالي، والقواوي، والكبابشة، والأقحام، والغرائبية، والحدادة، والهدايا، والمجاذيب، والقراضيب، والميشات، والبصابصة، والسبيطات، والمباريك، والباقيل، والحماودية، الحواوسة، والسبيحات، والمهاشيش.

ويشترك الأشراف البراعصة

(2)

مع الأشراف المشاشية في سلسلة النسب الشريف، حيث إن عمود نسب البراعصة يبدأ من جدهم محمد المُلَّقب (برعاص) ابن فخر الدين بن يحيى بن نايل بن محمد بن أحمد المُلَّقب بالبحر الصامت إلى آخر عمود نسب الإمام إدريس.

كما يلحق بهذا النسب الشريف قبيلة (الحبون) حيث إن جدهم عبد السلام بن حسن بن عمر بن عيسى بن عبد الوهاب الأصغر الوارد ذكره آنفًا في عمود نسب عبد الرَّحمن الدرعي.

(1)

العطايات: منهم قسم كبير في صعيد مصر وتقدم ذكرهم في المجلد الثاني.

(2)

قلت: البراعصة من القبائل المنضمة إلى الحرابي من السعادي من بني سُلَيْم.

ص: 52

ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أن قبائل الأشراف وهم أولاد أبو سيف وأولاد الصيد والمسامير بالجبل الأخضر يعود نسبهم أيضًا إلى عبد السلام بن مشيش.

وقد ظهر في المشاشية أولياء كثيرون، ولهم مع بني عمومتهم ثلاث زوايا ومنارات هي زاوية مزدة وزاوية أبو ماضي وزاوية الباقول.

وقد أنجب عبد الرَّحمن الدرعي بنتين هما السيدة عائشة وضريحها بتاورغاء ولها روضة تزار على الدوام، والسيدة سليمة المُلَّقبة بعيادة وروضتها بأرض الأشراف الفواتير بزليطن، وهي أُمٌّ لعبد السلام الأسمر الفيتوري الذي نال القطبانية والولاية الكاملة وصاحب الطريقة الأسمرية العروسية، وهو ابن سُلَيْم بن محمد بن سالم بن حميد بن عمران بن محيا بن سليمان الجد الجامع للفواتير السبعة ابن سالم بن أحمد بن خليفة بن عبد العزيز بن عبد الله المعروف بنبيل المولود بفاس ودفين مكة المكرمة ابن عمران بن أحمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد القادر بن عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله بن إدريس الأصغر ابن إدريس الأكبر.

‌شرفاء ودَّان

وهم بنو الشريف كولان بن وادٍ زين بن بدر بن أحمد بن عبد الله بن مسعود بن عيسى بن عثمان بن إسماعيل بن عبد الوهاب بن يوسف بن عمران بن يحيى بن عبد الله بن محمد ابن الإمام إدريس باني مدينة فاس ابن إدريس الأكبر ابن الإمام عبد الله الكامل ابن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط ابن الإمام علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه.

ومن ذرية الشريف كولان الأشراف الموجودون بمدينة ودَّان، وكذلك الموجودون بساحل طرابلس ويُقال لهم أشراف الملاحة نسبة لمنطقة الملاحة بتاجوراء، وكذلك الأشراف المقيمون بفندق الشريف قصر بن غشير، والأشراف المقيمون بالخُمس ويقال لهم أشراف الحمام، وكذلك أشراف مسلاته ويقال لهم أشراف وادنه و فيهم فرقة في الطرف الشرقي من الجبل الأخضر يقال لهم أولاد سيدي الشريف أبي مغاثة، وفرقة في القفرة (الكفرة) المتاخمة للحد الشرقي للبلاد الليبية.

ص: 53

والأشراف أولاد الشريف كولان صار اسم الأشراف علمًا لاسمهم بخلاف بقية قبائل الأشراف المقيمة بالقطر العربي الليبي كالفواتير والزاوية والفواخر وأولاد سيدي بوحمِّيرة وأولاد سيدي أبو عجيلة والجعافرة والعمور وأولاد سيدي الرماح وأولاد سيدي الدوكالي وأولاد سيدي بوحميدة (الحميدات) والمشاشيون العَلَميون

(1)

مثل (البراعصة والحبون وأولاد الصيد)، والمشاشية والمسامير وأولاد سيدي الوزاني وأولاد سيدي أبو عجيلة الشريف محمد حركات وأولاد سيدي الخروبي وأولاد سيدي عبد الصمد العاشق (خويلد) وأولاد سيدي القطب الشريف إبراهيم المحجوب (المحاجيب) وأولاد سيدي قذاف الدم (القذاذفة) وشرفاء المزاوغة وشرفاء الغرارات وشرفاء الفرجان والعمور والزرقان والحضيرات والطبول والزبيدات إلى آخر القبائل الليبية من الأشراف القرشيين.

‌الأشراف السقفيون (الحميدات)

وهم الأشراف الحميدات بالجميّل وصبراته بالقطر الليبي، جدهم الشريف أحمد صاحب الضريح المزار المبارك ببلدة الجميّل في الغرب من البلاد الليبية وبجواره مسجد سُمي باسمه تقام فيه الصلوات وملحق به مدرسة قرآنية لتحفيظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية، ووالد الشريف أحمد هو الشريف الولي البركة سيدي أبو خميد المُلَّقب بالسقفي، والمدفون بروضته ببلاد القواسم بغريان التي دفن فيها بعد أن نال القطبانية، وكان من أكابر المتصوفين، ومن جملة المشايخ الذين صاحبوا ولازموا القطب الشريف عبد السلام الأسمر الفيتوري الإدريسي الذي ملأت شهرته الآفاق وتناقلت أخباره الركبان في جميع الأمصار الإسلامية شرقًا وغربًا. وللقب الولي الشريف أبو حميدة السقَفَي قصة مشهورة مدوَّنة في شجرة أنسابهم، إذ إن أحد أجدادهم الأقدمين بالبلاد المغربية قد بني دارًا في ناحية الفجيج وسماها السقيفة، فصارت علمًا لهم وبها يكنون السقَفَيون، وقد ترجم للشريف أبو حميدة في عدة أسفار منها: كتاب على حياة سيدي عبد السلام الأسمر للسكندري المصري، وكتاب روضة الأزهار ومنية السادة الأبرار لكريم الدين البرموني، وكتاب تنقيح روضة الأزهار للشريف محمد بن مخلوف التونسي

(1)

نسبة إلى جبل أعلام في شمال المغرب والقريب من طنجة.

ص: 54

وكتاب البحر الكبير لصاحب البندير، وكتاب الكبريت الأحمر للشيخ الحمان المكي، وكتاب البرهان للشيخ الشريف محمد بن علي الزليطني، وكتاب مجموع كبير للشيخ سالم الحامدي، وكتاب مخطوط بغير اسم للشيخ أحمد بن علي الشريف المسلاتي دارا، وكتاب الطبقات العروسية الشاذلية ومناقب القطب الشريف سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري تأليف أحمد بن حامد بن عبد الكريم الشريف شيخ الطريقة العروسية الشاذلية بسوهاج بالقطر المصري، وكتاب القطب الأنور عبد السلام الفيتوري للشيخ أحمد بن سالم بن كريم المُلَّقب بالقطعاني.

وللولي الصالح المكاشف أبو حميدة بن عبد الرَّحمن السقفي الشهير بالبعاج رضي الله عنه أحوال وله كرامات كثيرة تروي، منها أن الحيوانات الوحشية كانت تأنس به وتجتمع عنده هي والحيوانات الأخرى الأليفة فلا يبغي بعضها على بعض!.

ومن الأشراف السقفيين الإمام الفقيه الصالح الولي أحمد بن مديَّن السقفي الشهير بالترجمان ابن شعيب الشهير بالزين المقبور بجندوبة في تونس ابن جابر، كان من أجلِّ أصحاب الشيخ عبد السلام الأسمر الفيتوري، وكان عابدًا وزاهدًا متواضعًا يحب الفقراء وكان صائم الدهر متورعًا، وقد بعثه الشيخ عبد السلام الأسمر إلى بلدة دحمان وقال له: بها دارك وقبرك وأقام بها إلى أن توفاه الله، وكانت له كرامات منها الإتيان بالأسرى الذين يأسرهم القراصنة الفرنجة من الشواطئ العربية الليبية، وقد أنجب الشريف أحمد بن أبي حميدة السقفي ثلاثة هم الشريف نصر والشريف خليفة والشريف عبد الواحد، ومن ذرية هؤلاء الثلاثة تتكون قبيلة الحميدات وهي مشهورة بالعفاف والتقوى مع طيبة المعاشرة وسمو الأخلاق والكرم الجم الذي يمتاز به آل البيت النبوي، ويقيم الأشراف الحميدات في بلدة الجميل وصرمان وصبراته والزاوية وطرابلس، وأولاد الزين وهم فرقة منهم يقيمون في بلدة قصر أولاد الحاج وعمود نسبهم الشريف كالتالي: أولاد الشريف أحمد بن أبي حميدة بن عبد الرَّحمن بن الحسين بن محمد بن علي بن شعيب (السقفي) ابن سعيد بن أحمد بن داوود بن عبَّاد بن عزوز بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله (الشهير بالنّاسك وزين العابدين) ابن الإمام إدريس الأصغر ابن إدريس الأكبر.

ص: 55

‌لمحة عن قبائل الأدارسة الأشراف في ليبيا

وهم من ذرية إدريس الأكبر المتوفي عام 177 هـ وكان قدومه من الحجاز إلى المغرب عام 172 هـ وهو مؤسس الدولة الإدريسية، وعقب إدريس الأصغر المتوفي عام 213 هـ وقد عقب الأخير 12 ذكرًا هم عبد الله وداود وحمزة وعلي وإبراهيم وعيسى والقاسم ومحمد وعمران ويحيى وعمر وأحمد.

فمن ذرية عمران قبيلة الخطاطبة العمرانيون وهم فروع الشارف والطرش والرزاقنة.

ومن ذرية حمزة أشراف المحاجيب في مصراته وصرمان.

ومن ذرية محمد أشراف أولاد كولان والبراعصة بالجبل الأخضر، والمشاشية بمزدة، والمساير وأولاد سيف.

ومن ذرية إبراهيم المزاوغة والغرارات.

ومن ذرية عيسى أولاد سيدي بوزيد.

ومن ذرية عبد الله آل بوحمِّيرة من يوسف بوعوسجة (شقيق خليفة جد الفواتير)، وكان جدهم على المُلَّقب مولى الحمارة ومنه إبراهيم وله عوسجة، ومنه أبو بكر وعقب أولاد الحاج إبراهيم والمشاعلة والريّة، ومنه عبد المؤمن وعقب اللمامنة، ومنه أحمد وعقب الرحايمية والزنابلة والعكارتة والحوامد والشكاكلة، ومنه الصالح وعقب الصوالح.

وذرية عبد الله بن إدريس هم الأكثر عددًا في القطر العربي الليبي، ومنه قبائل عديدة وفروع أخرى مديدة مثل قبائل الجعافرة والهماملة بغريان وسرت وترهونة، ومنه أيضًا قبيلة أولاد مسلَّم (قماطة) ومقرهم العربان وقصر خيار، وقبيلة أولاد بوحميدة وأولاد أحمد وهم الحميدات السقفيون ومقرهم غريان والجميل.

ومن ذرية عبد الله بن إدريس أيضًا الفواتير السبعة وهم أولاد سليمان دفين مقبرة سيدي عبد الله الشعاب بساحل طرابلس (مقابل فندق المهاري) وهو سليمان بن سالم بن خليفة المُلَّقب بفيتور بن عبد العزيز بن عبد الله المعروف بنبيل بن عمران

ص: 56

ابن أحمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد القادر بن عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله بن إدريس الأصغر ابن إدريس الأكبر رضي الله عنه.

‌التفصيل عن الأشراف (الفواتير) السبعة وفروعهم:

الجد الجامع لهم: سيدي سليمان الفيتوري دفين مقبرة سيدي الشعاب مقابل فندق المهاري بطرابلس، استشهد في رباطه المشهور (رباط سيدي سليمان بطرابلس) في صد إحدى حملات القراصنة الإفرنجية على ساحل طرابلس في منتصف القرن السابع الهجري.

أنجب سيدي سليمان سبعة أولاد واشتهروا باسم الفواتير السبعة، ولهم روضة وزاوية لتحفيظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية ببلدة زليتن، ولهم مزار سنوي كبير تلتقي فيه الطوائف الصوفية بالإضافة إلى المزار الدائم في ليلة الجمعة ويومها من كلّ أسبوع تقام فيه حلقات الذكر وتلاوة القرآن الكريم.

والفواتير السبعة هم:

1 -

محمد الكبير المُلَّقب بكرون: وتتفرع ذريته إلى عدة قبائل من ثلاثة أفرع هي كالتالي:

- من ابنه عبد الله بن محمد الكبير ويسمون بالعبادلة، ومنهم العبادلة في الوشكة وسرت وبرقة وهم العبادلة البيض والعبادلة الحمر والفروع الأخرى من أولاد عبد الله هي: القرامنة - الجبارنة - البوابي - الرجوبات - القضية - القوادر - الخواميج.

ومن ابنه محمد المُلَّقب بالأصفر ابن محمد الكبير ويسمون بالصفران قبائل أولاد مفتاح وهم قبيلة الزاوية الآن والموجودون في الشاطئ بسبها وإجدابيا وبنغازي والكفرة والجغبوب وسيوة ومطروح ومحافظة المنيا بمصر، وقد تقدم ذكرها.

ص: 57

ومن الصفران قبائل: أولاد بوفارس في زليتن وطرابلس ودرنه وغيرها من المدن الليبية، والشكيوات وأولاد سعد وأولاد سليمان والطرش والعمود والكشاشدة، وقد اشتهر من الصفران مفتاح الصفراني وابنته ضعفه، وكان مفتاح من الأولياء البارزين واشتهر باسم سيدي مفتاح الصفراني سوَّاق الحجل (الحجل نوع من الطيور) ابن جابر بن أرخيص بن محمد المُلَّقب بالأصفر ابن محمد الكبير ابن سيدي سليمان وهو الجد الجامع لكل قبائل الفواتير.

وقد أنجب مفتاح الصفراني أولادًا نذكر سلالتهم كالتالي:

يوسف بن مفتاح الصفراني منه قبيلة الزاوية الشهيرة والجد الجامع للشرفاء الزاوية هو: عبد الرَّحمن الكبير ابن أحمد بن يوسف بن مفتاح الصفراني ابن جابر بن أرخيص بن محمد الأصفر ابن عطية بن محمد الكبير ابن سليمان الجد الجامع القبائل الفواتير، وقبيلة الزاوية من فروعها أولاد يحيى والصيود والتياب وعبد الله بن حسن، ومنهم في فزان وإجدابيا والجغبوب وتشاد، وأيضًا منهم في مصر في سيوة والفيوم والمنيا.

- ومن ذرية محمد الكبير أيضًا العطايا وهم:

أ - أولاد عز الدين (العزادنة).

ب - أولاد حامد.

ج - الرحامنة - الهويديون.

وهؤلاء يقال لهم فواتير شعاب الخروب ببلدة مسلاته.

د. الصداعية - أولاد حمودة - أولاد سليمان - الزراصات.

هـ - أولاد عبد الخالق - (أولاد عبد الخالق يسمون بالخوالق كنية لهم).

و - الأذياب - أولاد رجب - الغلالبة.

ص: 58

2 -

أولاد يعقوب بن سليمان الفيتوري وهم:

أ - عثمان ومنه قبائل أولاد ابن كريم، وأولاد علي بن زايد المقيمون بالساحل والخمس ومحلة سيدي زايد ومسلاته وزليتن ومنهم عشيرة الزوايد في فزان، والزوايد ينقسمون إلى الزوائد الغربيين والزوايد الشرقيين نسبة للجهة، وجدهم علي بن زايد كان من الأولياء المعاصرين لسيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري رضي الله عنهما وقد ترجم له كتاب الإشارات هو وزوجته الصالحة المدعوة أمي مباركة.

ومن عثمان بن يعقوب بن سليمان الفيتوري قبيلة الشطرة (مفردها شويطر) والمحاجيب والجرشة واليعاقيب.

ب - أحمد بن يعقوب بن سليمان الفيتوري ومنه أولاد أحمد بن يعقوب وهم بجبل غريان، ولجدهم أحمد مزار دائم وموسم سنوي يقام في الربيع من كلّ عام، وتأتي الطوائف لزيارته في ضريحه الشريف لإقامة حلقات الذكر وتلاوة الذكر الحكيم والأوراد والصلوات وقصائد المديح لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويهتم أحفاده باستقبال الزائرين وتوفير سبل الراحة والضيافة.

ج - يونس المُلَّقب بالفاخر بن يعقوب بن سليمان الفيتوري، دفن يونس الفاخر بإجدابيا وله روضة تزار، ومن ذريته قبيلة الفواخر الذائعة الصيت الكثيرة العدد، والفواخر فرعان كبيران ويُطلق عليهم الفواخير الغربيون والفواخر الشرقيون، وقد انتشر الفواخر في الصحراء حتى وصلوا بحيرة تشاد ولهم اليد الطولى في تجارة القوافل فيما مضى وارتياد الصحراء لخبرتهم بها، ويتواجد الأشراف الفواخر في الشاطئ بسبها وفي إجدابيا وبنغازي والجبل الأخضر والبطنان والجغبوب والكفرة ومطروح والفيوم والبحيرة والمنيا بمصر، وهم من المحاربين الشجعان وظهر فيهم الأولياء وعلى رأسهم عثمان الطير دفين روضته في محروقه) بالشاطئ بفزان، وجلَّ الفواخر يتلون أوراد الطريقة المدنية الصوفية، وقد أخذوها عن الشريف محمد ظافر المدني دفين إسطنبول بتركيا.

ص: 59

3 -

محمد الصغير بن سليمان الفيتوري ذريته قسمان وهما:

أ - الحجاحجة: وهم الأسطوات، وأولاد ابن علي، وأولاد ابن سعيد، والوجاوجة، وكل قبيلة منهم تتفرع إلى عدة فروع.

ب - الصقوع: وفيهم الكثرة وقد انتشروا حتى غطوا السهل والجبل وهم:

العوادنة: ويقيمون في زليتن وسوق الجمعة بطرابلس، والبشينات ويقيمون في زليتن والخمس وطرابلس وكثرتهم في بنغازي، والرمارمة: في زليتن والقرى المحيطة بها، وأولاد بوعلي، والصقعان، وأولاد عثمان (ويكنون بالضعفا) على اسم جدتهم ضعفه بنت مفتاح الصفراني، وقد انسحب لقب الضعفا على أغلبية الصقوع حينما نزحوا من زليتن في بداية القرن الحادي عشر من الهجرة الشريفة ومكثوا فترة جنوب إجدابيا على طريق الحاجية، وأسسوا زاوية مسوس لتحفيظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية، ثم انتقلوا شرقًا حيث انتدبتهم القبائل المقيمة في الجبل الأخضر والبطنان للتبرُّك بهم وإقامة الشرع الشريف فيما ينشأ بينهم من منازعات وكذلك تعليم القرآن الكريم، وقد حطوا رحالهم في بلدة التميمي وعين الغزالة وكان شيخهم عثمان الولي الصالح، وكان يتصرف بروحانية الفاتحة الشريفة لأي أمر يريده بأمر الله سبحانه في شفاء المفلوج (الشلل) والمصروع ورد الضالة وغير ذلك، وهو عثمان بن محمد بن سالم بن سُلَيْم بن زيدان بن علي بن سليمان بن محمد الصغير ابن سليمان الجد الجامع للفواتير. وقد أنجب الشيخ عثمان ستة أولاد هم:

حميد، وأبو بكر، وعبد الرَّحمن وكنيته (أرحومه)، وديهوم، ومحمد وكنيته (جريبيع)، وعبد الله وكنيته (إرفاد) ملازمته لعثمان.

وقد انتقل أولاد عثمان المكنَّى بالضعيفي إلى الواحات، ثم إلى الفيوم وبني سويف والجيزة، ومعهم بنو عمومتهم من الصقوع والفروع الأخري، وقد بقي ببلدة التميمي الابن الأصغر المُسمَّى عبد الله المُلَّقب (إرفاد) مع أمه مسعودة بنت عبد المولى بن واعر شيخ قبيلة العبيدات من الحرابي آنذاك، ومسعودة هي أخت حبيب صاحب التجريدة المشهورة بتجريدة حبيب (167 م).

وقد ترجم للضعفا شيخ ركب المغاربة للحج (1139 - 1140 هـ) شمس الدين أبو عبد الله بن محمد الطيب الصميلي الشرقي الفاسي في كتابه المُسمَّى

ص: 60

(رحلة ابن الطيب) نُشرت منها الأجزاء الخاصة بليبيا في كتاب "آفاق ووثائق في تاريخ ليبيا الحديث" عن الدار العربية للكتاب عام 1991 م، وكذلك الرحلة الناصرية لمحمد بن ناصر الدرعي المغربي، وكذلك الرحلة المنالية والرحلة العياشية لأبي عبد الله العياشي الشهير، ونُشر ملخص لتلك الرحلات في كتاب الحاجية للدكتور علي فهمي خشيم المؤرخ العربي الليبي، وكتاب قبائل العرب في مصر الأحمد لطفي السيد، وكتاب تاريخ سيناء لنعوم شقير، وكتاب برقة أمس واليوم للشيخ الطيب الأشهب، وكتاب الأنساب العربية للقاضي الشيخ عبد السلام الحبوني قاضي محكمة مرسى مطروح الشرعية، وكتاب معجم القبائل العربية لعمر رضا كحالة، وكتاب الأنساب العربية في ليبيا لمحمد عبد الرازق مناع، وكتاب معجم السكان في ليبيا، وكتاب السكان في برقة لأوجستينو الإيطالي وغير ذلك.

وقد دُفن عثمان الضعيفي بلدة عين الغزالة شرقي التميمي على يمين الذاهب إلى مدينة طبرق.

4 -

عبد الله بن سليمان الفيتوري ومنه:

أولاد حجاج، وهم في زليتن ومدن أخرى.

أولاد عويضة.

السواعدة.

5 -

محيَّا بن سليمان الفيتوري وذريته فرعان:

المريقان والحوازم.

وهم: أولاد صابر (الصوابر)، والحوازم، وأولاد كريم، وأولاد شحات بوخيل سالم دريوه، والضواوي، والبحيحات، والحسونات، والمجِّدي، والخليفات، والعوامر، وأولاد منسية، وأولاد الحاج علي، وأولاد عبد السميع، وأولاد أبي شعالة.

وقد برز من هذا الفرع (المحيَّات) القطب الغوث سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري الذي ملأ ذكره الآفاق وتناقلت أخباره الركبان رضي الله عنه.

وهو سيدي عبد السلام المُلقَّب "بالأسمر" بن سُلَيْم بن محمد بن سالم بن

ص: 61

حميد بن عمران المعروف بالخليفة ابن محيَّا بن سليمان بن سالم بن خليفة بن عمران بن أحمد بن خليفة المُلقَّب بفيتور بن عبد العزيز بن عبد الله المُلقَّب (بنبيل) المولود بفاس ودفين مكة المكرمة ابن عمران بن أحمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد القادر بن عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله ابن الإمام إدريس الأصغر باني مدينة فاس ابن الإمام إدريس الأكبر ابن الإمام عبد الله الكامل ابن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط ابن الإمام علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - وابن سيدة نساء الجَنَّة فاطمة الزهراء البتول بنت الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وأم سيدي عبد السلام الأسمر هي سليمة المكنَّاة بعيادة وهي بنت عبد الرَّحمن المُلقَّب بالدرعي جد قبيلة المشاشية بالقطر الليبي واسمها في شجرة النسب الشريف كما يلي:

سليمة بنت عبد الرَّحمن (الدرعي) ابن محمد المُلقَّب بعبد الواحد بن أحمد المُلقَّب بالبحر الصامت ابن عمر بن عيسى بن عبد الوهاب الأصغر ابن محمد بن إبراهيم بن يوسف بن عبد الوهاب الأكبر ابن عبد الكريم بن محمد بن عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر بن علي بوحرمة بن أبي رواح عيسى بن سلَّام المُلقَّب بالعروس ابن أحمد المُلقَّب (ميزوار) ابن علي المُلقَّب (حيدرة) ابن محمد باني مدينة فاس بن إدريس الأزهر (الأصغر) ابن الإمام إدريس الدر النفيس (الأكبر) ابن عبد الله الكامل إمام المدينة المنورة والمكنى بالمحض لأنه أول حسني من أم حسينية ابن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ليث الكتائب صهر الرسول وابن عمه سيدنا علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه، وابن السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولد سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري سنة 885 هجري وانتقل إلى الرفيق الأعلى في العام 981 بعد الهجرة الشريفة.

وقد ترك من الأبناء المذكور واحدًا وعشرين ولدًا هم:

- أحمد: البكر ولا نسل له.

- عبد الرَّحمن: ومنه نسل عشيرة أولاد عبد الرَّحمن بالأشهر وأولاد الحاج.

- إبراهيم: ومنه عشيرة أولاد العمدة.

ص: 62

- محمد أبو مبارك: ومنه أولاد أبي حميدة - أولاد بعيو وهم أولاد نصر وعائلة بن سويسي وعائلة المحجوب وأبي فارس والبيرة والقوادي.

- عمران بن سيدي عبد السلام الأسمر: ومنه: اللطفاء والمزيكان وأولاد خليل والشميلات والروابع والعبس وأولاد محمد الدوماني وأولاد أبي راوي.

- عبد السميع بن سيدي عبد السلام الفيتوري، ليس له نسل.

- عبد الله بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري (المُلقَّب بالمصري)، ومنه أولاد فتح الله وأولاد طاهر (الطواهر) وأولاد أبي راوي وأولاد بوزيد وأولاد بوشناف وأولاد بو جطيلة وعائلة رنين وبو رقعة وعائلة موسى وجميعهم في المرج والأبيار وبنغازي وسلوق وهم أولاد الشيخ ببرقة مع فرق أخرى من أولاد الشيخ سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري.

- عبد المؤمن بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري ومنه عشيرة الكراكرة وعشيرة الجهران.

- فتح الله بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، لَمْ يُعقِّب.

- أبو فارس بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري ومنه العائلات والعشائر الآتية: اللطفاء، والفوارس، وابن عروس، وأبو عرقوب، وأولاد يونس، وأولاد بوعزة، والسوالم، وأولاد عبد العاطي.

- بالقاسم بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، ومنه أولاد بوفارس - أولاد البصير - أولاد بن سويسي.

- أبو راوي المُلقَّب بالشارف بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، ومنه العشائر والعائلات الآتية: البشائش - العليجات - القياد - أولاد بورقية.

- سُلَيْم بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، منه الفروع الآتية من أولاد الشيخ: الحكومات، وأولاد بن سُلَيْم، وأولاد عرفة، والعرُّسا (ابن عروس)، والعمارنة، والموامن، والأرطاب، والعثامنة.

- عبد الوهاب بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، ومنه الفروع الآتية من أولاد الشيخ: الشعابنة، وأولاد العالم، وأولاد ابن موسى، والوهاهبة.

ص: 63

- أولاد عثمان، ومنهم عبد السلام بن عثمان بن عز الدين بن عبد الوهاب ابن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري توفي عام 1229 هـ.

ذكره صاحب كتاب الإشارات لما في طرابلس من الأضرحة والمزارات وكذلك فتح العلم الذي أرخ فيه للفواتير وللشيوخ من أهل عصره.

- عبد الستار بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، لَمْ يعقب.

- حمودة بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، منه عشائر كبيرة هي: الشحوم بمصراته، والصوالح بترهونه وزاوية المحجوب بمصراته، ومن الشحوم أولاد عمران وأولاد عثمان وأولاد كارة وأولاد التريكي وأولاد حبارة وأولاد أبي طريطر وأولاد سُلَيْم.

- خليفة بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، ومنه أولاد سيدي فتح الله، وأولاد سيدي عبد النور، وكذلك عشيرة الكرارتة.

- سليمان بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، ومنه عشيرة الروابح بالساحل والخمس وزليتن.

- عبد الدايم بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، لَمْ يعقب.

- عبد الحميد بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، ومنه عشائر العواتي والحميدات والقنادة.

- عبد الحكيم بن سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، لَمْ يعقب.

6 -

عبد العزيز بن سليمان الفيتوري، لَمْ يعقب.

7 -

عبد الواحد بن سليمان الفيتوري، ومنه عشائر الرواشد والقمامنة وأولاد سيدي خليل.

وجميع أولاد سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري يكنُّون بلقب أولاد الشيخ مهما كانت الألقاب الأخرى لفروعهم وعائلاتهم سواء الموجودون في زليتن وطرابلس ومصراتة وسرت أو بنغازي أو البطنان أو الجغبوب أو النازحون إلى مصر.

ص: 64

‌مجمل لقبائل الأشراف في ليبيا

(1)

1 -

قبيلة الفواتير السبعة (أولاد سليمان).

2 -

قبيلة الزاوية.

3 -

قبيلة الفواخر.

4 -

قبيلة أولاد مسلَّم (قماطة).

5 -

قبيلة أولاد أبو حميِّرة (العواسج) في الزاوية الغربية.

6 -

قبيلة أولاد كولان (شرفاء ودان).

7 -

قبيلة أولاد موسى (القذاذفة).

8 -

قبيلة أولاد أبو حميدة السقفي (الحميدات والسعفات).

9 -

قبيلة أولاد محمد حركات (العجيلات).

10 -

قبيلة أولاد محمد أبو طبل (الطبول).

11 -

قبيلة أولاد إبراهيم بن سرار (السرارة).

12 -

قبيلة أولاد أبو زيد (البوزيديون).

13 -

قبيلة أولاد عبد الرَّحمن البشتي (الأبشات).

14 -

قبيلة أولاد الرَّماح (الرمحة).

15 -

قبيلة أولاد أحمد المرغني (المراغنة).

16 -

قبيلة أولاد محمد الفقيه (الفقها).

17 -

قبيلة أولاد السايح (سياح العلاونة).

18 -

قبيلة أولاد أبي سلامة السلامات) في غريان.

19 -

قبيلة أولاد فرج بن حمدان (الفرجان).

20 -

قبيلة أولاد القطب عبد الله الخطابي (الخطاطبة العمرانيون).

(1)

نشرت في مجلة النسب المغربية ص 6، عام 1996 م، وكتبها السيد الشريف سيد بن عبد اللطيف الضعيفي الفيتوري الإدريسي الحسني، وستترجم في كتابه سيرة الأجواد من تأليفه.

ص: 65

21 -

قبيلة أولاد عمارة الداودي (العمور) في الزاوية.

22 -

قبيلة أولاد حامد الحضري الحضيرات).

23 -

قبيلة أولاد سلَّام (الغراريون).

24 -

قبيلة أولاد عبد الواحد الدوكالي (الدواكلية) في مسلاتة.

25 -

قبيلة بنو ليث (بنو نايل وبنو أحمد والحواوصة والفاسيون والسودانية).

26 -

قبائل المشاشيون هم ذرية عبد السلام بن مشيش وهم القبائل التالية:

(أ) قبيلة أولاد الشريف عبد السلام بن حسن بن عمر المشيشي (حبون).

(ب) قبيلة أولاد الشريف فخر الدين يحيى بن نايل (البراعصة).

(جـ) قبيلة أولاد الشريف مسمار بن عبد المولى (المسامير).

(د) قبيلة أولاد الشريف محمد بن عبد النَّبِيّ الأصفر والمُلَّقب بكليم الطير وبأبي السيف، ومنه (أولاد أبي سيف).

(هـ) قبيلة أولاد الشريف الولي محمد الصيد المسعودي الصيدي اليحياوي وهو جد قبيلة (أولاد الصيد والمسعودي) في ساحل طرابلس.

27 -

قبيلة أولاد عبد الرَّحمن أبي زبيدة وهو من ذرية أولاد القطب عبد القادر الجيلاني

(1)

وهو جد قبيلة (الزبيدات) وإخوتهم قبيلة (الزرقان) في ترهونة والقرابوللي ويفرن، والجد الجامع لهم جميعًا هو الشريف عمر المُلقَّب بالجزار وإخوتهم (الكميشان).

28 -

قبيلة الزيادين وهم أبناء الشريف زيدان وسيدي أحمد وهم ينحدرون من الأشراف العلويين في المغرب.

29 -

قبيلة أولاد القطب عبد الرَّحمن المحجوب دفين زاوية المحجوب بمصراتة وهو جد قبيلة (المحاجيب) في مصراتة وصرمان بالقطر الليبي وفي قصور الساف في تونس.

(1)

وهم من الأشراف الحسنيين.

ص: 66

30 -

قبيلة أبناء الشريف الولي عامر المزوغي دفين زاوية سيدي عامر بساحل سوسة بتونس، وهو جد قبيلة المزاوغة في تونس وليبيا.

31 -

قبيلة أولاد محمد أبو صاع دفين سبيبة غربي القيروان بتونس، وهو جد قبيلة أشراف الصيعان في ليبيا وتونس، وهو شقيق الشريف سيدي سلَّام أبي غرارة جد قبيلة الغرارات، والمدفون في بلدة مارث ما بين ولاية مدنين وولاية قابس بالقطر التونسي الشقيق.

32 -

قبائل البراكنة والمقارنة والزيانية والجد الجامع لهم هو أحمد البركاني المدفون بإزاء مليانة بالقطر الجزائري وهم أبناء عمران بن إدريس الأصغر.

33 -

قبيلة بني عيسى وهم في الزاوية الغربية بليبيا، وتضم معها الأشراف العمور وهم إخوة الدواودة بالجنوب الليبي، وكذلك قبيلة الفرجان أبناء الشريف فرج بن حمدان.

34 -

قبيلة الطيارة وهم أبناء الولي عبد الكبير المُلقَّب بالطَّيار وهم موجودون بمنطقة صبوانة وصرمان بليبيا، ومنزل شاكر بتونس ووهران بالجزائر، وكذلك أولاد الشريف سليمان الطيار في الجنوب الليبي.

35 -

قبيلة الهماملة وهم أبناء الشيخ معمَّر دفين ترهونة وابن همال دفين سوت.

36 -

قبيلة الجعافرة وجدهم الشريف جعفر الذي ينحدر من ذرية أولاد عبد الله بن إدريس، ويقيمون بغريان ومنطقة العربان وطرابلس.

37 -

قبيلة أبناء الشريف الولي أبو القاسم (أبو شوشة) دفين زليطن ويكنُّون بقبيلة (خويلد) وهم من ذرية عبد الله بن إدريس.

38 -

قبيلة أولاد بدر، وجدهم الشريف محمد بن علي دفين غدامس بالقطر الليبي.

39 -

قبيلة أولاد الشريف علي الطشاني (الطشاشنة) في تاجوراء بساحل طرابلس.

40 -

قبيلة أولاد الشيخ عبد الكريم النفاتي (النفافتة).

ص: 67

41 -

قبيلة المنفة وهم أبناء الشريف مناف يقيمون بالبطنان وطبرق، وكذلك بالصحراء الغربية بالقطر المصري، ومنهم شيخ الشهداء عمر المختار الذي قاوم الاستعمار الطلياني على أرض ليبيا عشرين عامًا.

42 -

قبيلة المهاشيش بالجبل الأخضر والبطنان.

43 -

قبيلة أولاد أبو رويق ويقيمون بالجبل الأخضر.

44 -

قبيلة أبناء الوزاني بطبرق.

45 -

قبيلة أبناء قدور وهم السراغنة من ذرية القاسم بن مولاي إدريس، ويقيمون بدرنة وهم قليلو العدد، وقد استوطن جدهم درنة في منتصف القرن الثاني عشر من التاريخ الهجري.

46 -

قبيلة المعاتيق وهم زاوة والفاسي وأولاد عنان وأولاد زكريا وأولاد عون وأولاد عبَّاد، وهم متناثرون بالمنطقة الغربية من القطر الليبي.

47 -

قبيلة المخاليف وجدهم الولي الشريف عبد الله أبو جليدة دفين تطاوين بالقطر التونسي.

48 -

قبيلة المخاليف وجدهم الولي مخلوف دفين مارث بولاية قابس بالقطر التونسي ومنهم القرارضة بصرمان.

49 -

قبيلة النعميون وجدهم الشريف علي بن نعامة وهم العمامرة، وأولاد عبد النَّبِيّ الفروجات، وأولاد علي.

50 -

قبيلة النعاعسة وجدهم الولي الشريف عبد الرَّحمن النّاس ويقيمون بتاجوراء وترهونة وطرابلس.

51 -

قبيلة الشقارنة وجدهم الولي الشريف محمد أبو دبوس ويقيمون في شكشوك بغريان.

52 -

قبيلة العماريون وجدهم الولي الشريف علي العماري دفين روضته بمنطقة قصر الأخيار.

53 -

قبيلة الشيَّاب في غريان والرحيبات ويفون وفساطو وجدهم الولي الشريف محمد بن سالم المُلقَّب بأبي شيبه وأسود اللسان) دفين بلدة الجوش بليبيا.

ص: 68

54 -

قبيلة الرجبان وجدهم الولي الشريف أحمد الرجبان دفين بلدة الرجبان.

55 -

قبيلتا الشدايدة وأولاد سيدي يوسف بالزاوية والماية والطويبية وجدهم الولي الشريف محفوظ بن عباس المليلي المغربي.

56 -

قبيلتا الحوامد وأولاد الحاج وجدهم الولي الشريف محمد بن عبد الله أبي جطلة دفين روضته بقصر أولاد الحاج.

57 -

قبيلة أولاد أبو سعيدة وجدهم الولي الشريف أحمد أبي الأفران دفين الماية في ليبيا.

58 -

قبيلة نجم دفين روضته شرقي بنغازي.

59 -

قبيلتا الجعارين والجدوع وجدهم الولي الشريف يوسف الجعراني العالم الشهير، وهم بالزعفرانة ومسلاتة.

60 -

قبيلة العواسي وهم بترهونة وجدهم الولي الشريف عبد المولى بن عيسى ومنهم آل المريض المشهورون.

61 -

قبيلة الكوانين (الكنونيون) وجدهم الولي الشريف إبراهيم الشارف وهم بترهونة وأحواز طرابلس.

62 -

قبيلة أولاد مريم.

63 -

قبيلة الأرياش.

64 -

قبيلة الغناني.

65 -

قبيلة المساكين.

66 -

قبيلة المجاذبة.

67 -

قبيلة الجليدات.

ص: 69

‌قبائل البرير في ليبيا

(1)

غني عن التعريف أن سكان ليبيا من البربر القدامى يعود أصلهم إلى بني كنعان

(2)

وبني قيذار وقحطان الذي خرجوا من الجزيرة العربية والشام في فجر التاريخ.

وكلمة البربر يونانية وتعني الألثغ الذي لا يحسن لغة القوم وينطقها بلكنة أعجمية، وقد أطلق اليونانيون (الروم) إبان عهد استعمارهم قديمًا على الشعوب التي تحدهم من الجنوب في شمال إفريقيا، والشعوب التي تتاخمهم من شمال اليونان في شمال أوربا اسم البربر، ثم جاراهم أباطرة الروم وأمسى اسم البربر يكنى به سكان شمال إفريقيا، وفي فجر الإسلام جاء الفاتحون العرب وظلت التسمية مستمرة، والقبائل البربرية التي كانت تقطن ليبيا خلال الفتح الإسلامي هي:

‌لواتة

، و‌

‌زنارة

، و‌

‌هوارة

، وزناتة، ومزيغ، ونفوسة، وكتامة، وصنهاجة، والأوجلة وغيرهم.

(1)

لواته:

قبيلة بربرية كبرى كانت تقيم في برقة الفتح الإسلامي ثم اعتنقت الدين الإسلامي ثم ناصرته مناصرة إيجابية، وينحدر أصلها من لو بن زحيك بن رويغ ابن البرانس بن مزيغ بن كنعان.

(2)

زناره:

عشيرة الآن، وجدِّهم زنار بن بربر بن قيدار بن إسماعيل ابن الخليل إبراهيم عليه السلام.

(3)

هواره:

قبيلة بربرية كانت تقيم في مصراتة وضواحيها إبان الفتح الإسلامي، وينحدر أفرادها من هوار بن بربر بن قيذار، وقد اعتنق أفراد قبيلة هوارة الإسلام

(1)

نقلًا عن كتاب الأنساب العربية في ليبيا لمحمد عبد الرازق منَّاع ط 1975 م - بنغازي.

(2)

كنعان من الأقوام السامية في الشام، وفي طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب لابن رسول ص 71 - ط 2، دار الكلمة بصنعاء، ذكر أن قبائل كتامة وعهامة وزناتة ولواتة وصنهاجة من حِمْيَر من القحطانية.

ص: 70

ثم ناصروا الخوارج وقد شتت الفاطميون شملهم، فارتحل جل أفراد هذه القبيلة إلى الشرق في دلتا النيل، ولا تزال آثارها ببعض المناطق كالهواري الواقع جنوب الفويهات جنوب مدينة بنغازي، والهواري الواقع شمال واحات الكفرة.

(4)

‌ زناته:

قبيلة بربرية كبرى من أهل الوبر أي رعاة إيل، وكات تقيم في برقة ثم اعتنقت الإسلام وقد انحازت إلى المعز بن باديس الذي انشق على الفاطميين في منتصف القرن الخامس الهجري، وقد تصدَّت زناتة لعربان بني سُلَيْم وقاتلتهم قتالًا شديدًا، وكادت تتعرض في برقة للفناء من جراء ذلك، ثم اندمج من تبقى من رجالها في القبائل الأخرى.

(5)

‌ نفوسه:

يعود أصل سكان نفوسة وكبار إلى مغر بن البرانس بن مزيغ بن كنعاني وقد استوطن هذا البطن المنطقة الواقعة شمال تاورغاء إلى جنوب كبار، كما حل أيضًا بجبال نفوسة رحيك بن أوريغ بن البرانس بن مزيغ بن كنعان، وقد خلف زحيك (نفوس) وإليه تعود قبيلة نفوسة.

(1)

‌ كُتامه:

روى الطبري أن بيت ملوك التبابعة كان في سبأ الأصغر، وكان الحارث بن ذي شداد هو الرايش جد ملوك التبابعة الذين حكموا شبه جزيرة العرب أكثر من قرن، وخلف ابنه أبرهة ذو المنار ثم خلف ابنه إفريقش الذي ساق فلول البربر إلى إفريقيا من بلاد كنعان، وكان من بين هذه القبائل كتامة، ولقد استوطنت كتامة هذه الديار منذ عهود موغلة في القدم، واعتنقت الإسلام ثم ناصرت الفاطميين ضد الأغالبة

(1)

في تونس والعباسيين في العراق.

(1)

قلت: دولة الأغالبة في تونس تنتمي إلى قبيلة صنهاجة البربرية، وذكر بعض الباحثين أن الأغالبة من بني تميم العدنانية، وقد كانت تابعة للخلافة العباسية حتى قامت الدولة الفاطمية وانتهت هذه الدولة قبل غزوة عربان الهلالية والسُّلميَّة بفترة كبيرة.

ص: 71

(7)

‌ صنهاجه

(1)

:

قبيلة بربرية كبرى كانت تقيم غربي طرابلس ومعظمها في زوَّاره والجبل وحدود تونس، وهي تنحدر من النعمان بن حِمْيَر من سبأ القحطانية.

(8)

‌ زويله:

قبيلة بربرية كانت تقيم بين برقة وفزان والسودان وسُمِّيَتْ منطقة فزان باسمها، وارتحل معظم رجال هذه القبيلة مع جوهر الصقلِّي قائد الحملة الفاطمية على مصر، وناصرت الفاطميين، وقد سُمي باب عظيم من أبواب القاهرة باسمهم وهو باب زويلة وذلك عام 1902 م، وشيَّدوا على جانبه منارتين، وقد استوطن بعضهم مصر منذ ذلك الوقت وبقي بعضهم في زويلة بالجنوب الليبي.

(9)

‌ الطوارق:

هم بطن من صنهاجة وقد لعبوا دورًا رئيسيا في حد غزوات الإفرنجة على ليبيا، وكثيرًا ما هب الطوارق من أقصى الصحراء لنجدة المسلمين في الأندلس، ولا يزال الطوارق بجنوب ليبيا يحافظون على تقاليد الأسلاف الملثمين وزيِّهم لا زال للآن مثل أجدادهم القدامى، وللطوارق الصنهاجيين امتداد في جنوب الجزائر بجبال الأحجار (هوقار).

(10)

‌ مزاته:

قبيلة بربرية كانت في ودَّان إبان الفتح الإسلامي وقد اعتنقت الإسلام ثم ارتدت ثم دخلت فيه مجددًا وناصرته.

(11)

‌ هيلة والمصالين:

قبيلتان بربريتان كانتا تقيمان في المنطقة الممتدة من طرابلس - زوَّاره، ولعلهما بطنان من صنهاجة.

(1)

قلت: وصنهاجة في منطقة بجاية شمال الجزائر وتُسمَّى منطقة القبائل، وهم أكبر القبائل الصنهاجية وكان بهذه المنطقة في القرنين الرابع والخامس دولة بني حماد (انظر التفصيل عنها في هذا المجلد في السرد عن بني هلال).

ص: 72

(12)

‌ الأواجله:

يعود أصل الأواجلة إلى جويلة بن نمرود بن كوش بن كنعان، وقد استوطن هذا البطن واحات أوجلة وسيوه وغدامس وزويلة خلال فترة موغلة في أطناب التاريخ سبقت هجرة إفريقش بن قيس بن صيفي بزمن بعيد، وقد استنبت هؤلاء أشجار النخيل، وقيل أنهم كانوا أول من جلب هذه الشجرة إلى هناك وأشجار الفاكهة في الواحات المذكورة، وينقسم الأواجلة إلى أربعة بطون هي: صبوح، وحطي، وسراحنة، وزقاقنة، وتقيم هذه العشائر متفرقة في واحات أوجلة وإجدابيا وبنغازي، ويشتهرون بالورع والتقوى والارتباط بالأرض (أوجلة) منذ آلاف السنين.

يعود أصل بعض سكان القطر الليبي في البربر إلى النعمان بن حِمْيَر بن سبأ، وهم قحطانيون من اليمن

(1)

حسبما اتفق عليه معظم المؤرخين الثقات، وقد خلف النعمان المذكور قبائل كثيرة منها لمتونة، ومسوفة، وهاكسورة، وصنهاجة، ولطة، وزناتة، ومصمودة، وهيلة.

(13)

‌ تبُّو:

تعتبر قبيلة تبُّو من أقدم سكان المنطقة الصحراوية حيث ينتشر أفرادها من جبال تبيستي الواقعة في أقصى الجنوب الليبي على حدود تشاد، ومرورًا بالقطرون الواقعة على بعد 170 كم جنوب زويلة وواو الناموس والواو الكبير والكفرة وبالزبعة وغير ذلك، ويزرع أفراد التبو الصحراء طولًا وعرضًا ويقيمون في الواحات والبحيرات الزرقاء بمنطقة الواوات، حيث تكثر غابات النخيل والفاكهة والقصب، ورغم شدة ملوحة البحيرات توجد بجانبها مياه عذبة وعلى عمق قصير للغاية، وهم يعيشون على الزراعة ورعي الماشية والصيد للغزلان وأبقار الوحش والودان والطيور.

(1)

وزاد بعض المؤرخين هوَّارة وكُتامة أيضًا من حِمْيَر بن سبأ القحطاني.

ص: 73

‌تفصيلات أخرى عن قبائل سُلَيْم في ليبيا

(1)

(1)

‌ الحوَّتة

قلت: هذه القبيلة من بطون لَبيد ذكرها القلقشندي في نهاية الأرب عام 800 هـ ومن بعده السويدي في القرن الثاني عشر الهجري. وقد سلسل نسب لَبيد ابن خلدون في أواخر القرن الثامن الهجري إلى فروع هيب بن بُهْثَة، والصحيح كما ورد قبل ابن خلدون بخمسة قرون في كتاب "التعليقات والنوادر" لأبي علي هارون بن زكريا الهجري حيث ذكر لَبيد في الحجاز أواخر القرن الثالث، وأول القرن الرابع بعد الهجرة واحدهم لبدي من بني سُلَيْم، وكما ذكر صولة قائد سُلَيْم في أحداث عامي 230، 232 هـ مع حاكم المدينة ومع جيش العباسيين وهو عزيرة بن قطاب اللبدي وتقدم ذكره في المجلد الثاني.

وقد فصل الهجري تسلسل هيب وذكره (أهيب) - أوله ألف. وقال: هو ابن عبد الله بن قنفذ بن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بُهْثَة بن سُلَيْم بن منصور. ومن أهم فروع الحوَّتة من لَبيد في ليبيا كما ذكرها التليسي في معجم سكان ليبيا التالي ذكرها:

السنينات: ومن فروعهم حسين، وموسي، ومن عائلات حسين بيوت (محمود واحميدة ويحيي ومحمد)، ومن هؤلاء عدد يعيش في مصر ضمن قبيلة أولاد علي في منطقة مريوط.

الجرارة: وهم أتباع الطريقة المدنية عدا عائلة حمزة، ويتبعون منطقة طبرق وهم قسمين: أولاد عبد السميع، وأولاد بلحسن، فمن عبد السميع عائلات حمزة و منها بيوت (حمد وسليمة)، وغزالة ومنها بيوت (رزق وكباش وفتية

(1)

نقلًا عن معجم سكان ليبيا - تصنيف وإعداد المؤرخ الليبي الأستاذ خليفة محمد التليسي ط 1991 م مع التعليق والإضافات من صاحب الموسوعة.

ص: 74

وعبد الرحيم) ويقيم من غزالة جزء في مصر، كما يوجد عدد من عائلة حمزة ضمن قبيلة الفواخر الشرقيين، وأما بلحسن فمن عائلتهم أبو حليمة ومنهم بيوت (موسى والحاج علي وعمر)، ومبارك وبيوتهم حسين وفنيش، ويقيم عدد منهم بمصر، وفنيش بكامله في مصر.

الشويرف: وهو فرع صغير من الحوَّتة يقيم مع قبيلة العواقير.

الطير: وهو فرع صغير منضم إلى عائلة عويضة شعبة غيث من قبيلة العبيدات من الحرابي.

النفوفة أو النف: ومن فروعهم حفيظة، والنفوفة، وشويرف، والطير ومن الأخير عائلات سحد والأنقط وبخاطره، وتقدم أن فرع الشويرف مع العواقير، وفرع الطير مع العبيدات من الحرابي.

الشريسات: من فروع الحوَّتة المعروفة ومنهم عائلات عتيق، واعر.

المرازقه من الفروع الصغيرة للحوَّتة المنضمة إلى عائلة محمود شعبة غيث من قبيلة العبيدات، ومن بيوتهم أبو مفصيع والحوبلاء وبلخراج ومن البيتين الأخيرين مع أولاد علي.

عميرة من فروع الحوَّتة وأغلبهم بمصر صدقان أولاد علي بن عقَّار من السعادي.

العقص والوثري وهي من العائلات المنضمة إلى الطبالقة من فرع إبراهيم من قبيلة العواقير الشتور من فروع الحوَّتة.

الديداني: من الحوَّتة وهم مع فرع غيث من العبيدات، ومن فروعهم المبروك ومحمد وعلي واللطيف والأطرش وحليل والحاج والأخير منه بيوت (زويط وعطيوة ويونس ورنة) ورجع والمبروك وحكيل ورحيم والأخير منه بيوت (الكاسح وأبو خروب ومعيمد).

والأطرش من الديداني مقيم في مصر.

ص: 75

(2)

‌ الموالك

(1)

قلت: هذه القبيلة من بطون لبيد من هيب وذكرها القلقشندي في نهاية الأرب والسويدي في سبائك الذهب من هيب في بني سُلَيْم، وقد تقدم نسب هيب منهم قسم كبير في الديار المصرية.

وذكر التليسي في معجم سكان ليبيا فروعها الديار الليبية كالتالي:

تنقسم الموالك إلى فرعيت هما: فنشان، وقعميل. ويقال للفنشان:(أولاد خديجة)، ويقال للقعميل:(أولاد مبروكة).

فمن الفنشان أفخاذ سعيد والنويجي والنغيمش، ومن قعميل أفخاذ حليص وأبو بكر، ومن فروع حليص عائلات أبو عجايل وبيوتها (العكب وعبد الرحمن)، وفريد وبيوتها (هليّل ويونس ورحيل). ومن فروع أبو بكر عائلات شرفان وبيوتها (البثبث وجويدة) -، والخشن وبيوتها (حمد وميلاد) إقامتهم في مصر ومنهم بقية في برقة وتتردد على منطقتي سلوق وجردينا للحرث أو الزراعة.

(3)

‌ البركات

قلت: هذه القبيلة من بطون لبيد من هيب وذكرها القلقشندي والسويدي أيضًا.

وذكر التليسي قائلا عنها في ليبيا: قبيلة من قبائل ربع أولاد معرف بترهونة وتنقسم إلى قسمين هما: بركات الصنيم، وبركات الخثنتة أو قرزين.

والراجح أن أصل البركات في ترهونة ومصراتة يعود إلى بني لبيد من عوف من بني سُلَيْم وقد ذكرهم النسابة العربي أبو الفوز البغدادي.

وقال عن بركات مصراتة فرع الأهافي: عائلاتها السريتات والمعاتقية والمجاذبة والفقيه وقميط. وأضاف أنهم إخوة لبركات ترهونة.

(1)

ذكر بعض الباحثين خطأ أنهم من عرب الأندلس أو بني هلال، ويرى بعض المؤرخين الليبيين المتأخرين أن الموالك من الفروع القحطانية التي انضمت إلى لبيد. قلت: وهذا أمر غير مؤكد.

ص: 76

وقال عن بركات سرت: أصلها من مصر وهم إخوة للشعبيات بترهونة.

وقال عن البركات مع قبيلة العواقير: هي مع فرع سديدي وأصلها من بركات مصراتة (قصر أحمد) وقد انفصلت عن إخوتها ببنغازي منذ ما يزيد على قرنين وأقامت قرب أم زينوبة وهي ولية من نفس العائلة وبيوتها (دخيل الله وعبد الله وعبيد والحوات والمريريق ومحمد وسعيدة).

وقال عن بركات وعيني (فرع العوامر بترهونة): عائلاتها الدرابك والجبارنة وأولاد سالم.

وأضاف: وهم إخوة لبركات مصراتة، والراجح أنهم من بركات لبيد من بني عوف من بطون بني سُلَيْم، وتوجد شعبة منهم في ربع أولاد معرَّف.

(4)

‌ الزنتان

(1)

قلت: وهم من أعظم قبائل الجبل الغربي ويُنسبون إلى الحسن بن المحسن الحجازي النجدي من رجالات قبيلة عوف من قبائل بني سُلَيْم العدنانية والتي قدمت جحافلها إلى الأراضي الليبية في القرن الخامس بعد الهجرة في موجات متلاحقة بعد موجات عرب بني هلال الذين توغلوا في المغرب الأوسط (الجزائر) عقب منافسة بني سُلَيْم لهم في ليبيا وتونس في القرن السادس الهجري كما ذكر ابن خلدون في تاريخه.

وكان الحسن بن المحسن من الفرسان ومن الرجالات البارزين من بني عوف من سُلَيْم في زمانه وقيل إنه كان معاصرًا في القرن السادس أو السابع الهجري وقد أخذ طريقه مع أولاده الأربعة، كما يقول الرواة وكما هو متواتر عند كبار القبيلة إلى جبل نفوسة (الجبل الغربي) جنوب غريب مدينة طرابلس الغرب، وكان أولاده

(1)

هذه القبيلة مع بعض قبائل أخرى لم تذكر في طبعة عام 1997 م / 1418 هـ السابقة لموسوعة القبائل العربية، ويرجع السبب في عدم حصولي على مراجع من ليبيا كافية لتغطية قبائل سُلَيْم أو عمل بحوث ميدانية في معظم التراب الليبي، وقد زرت هذه القبيلة في الجبل الغربي (جبل نفوسة) عام 2000 م / 1421 هـ وأمدني عنها ببعض المعلومات الدكتور عبد الوهاب محمد الزنتاني - حفظه الله -، وهنا أقدم اعتذاري لهذه القبيلة وغيرها من بني سُلَيْم والتي لم تُذكر في الطبعة السابقة.

ص: 77

هم أبي الهول وأبي القاسم وسليمان - وقيل سليم - ومحمد، وقد استقر بهم المقام في بلدة تاغرمين وسكانها من قبائل البربر، ولما تكاثر أحفاد الحسن بن المحسن العوفي السُّلَمي تغلبوا على سكان البلدة وملكوها بشدة بأسهم كما عُرف عن بني سُلَيْم.

ثم نشرهم اللهُ، وسُميت البلدة باسم (الزنتان) فيما بعد، وهو اسم أُطلق على أبناء المحسن ومن حالفهم، أو لقبٌ عُرفوا به في أوساط السكان بالمنطقة.

ويبلغ تعداد سكان بلدة الزنتان في الجبل الغربي بالوقت الحاضر حوالي خمسة وأربعين ألف.

وقد انتشرت فروع الزنتان في مزدة والقريات وسبها وأوباري، وتمتد أراضي ومناطق سكن هذه القبيلة القوية من سهل الجفارة والجبل الغربي إلى جنوب ليبيا حتى سبها وأوباري ومرزق غربا إلى حدود سيناون ودرج.

وبطون الزنتان الرئيسية بالوقت الحاضر هي أولاد أبي الهول، وأولاد الذويب، وأولاد عيسى، والعميان، وأولاد خليفة، وأولاد بلقاسم.

وتعدُّ قبيلة الزنتان بالوقت الحاضر من أكبر القبائل الليبية عددًا ومساحة في منطقة غرب ليبيا وهي أكبر قبيلة في خط جبل نفوسة، وكان لها دورًا بارزًا في الجهاد الوطني الليبي طيلة سنوات النضال والكفاح ضد الغزاة الطليان الفاشستيين في القرن العشرين الميلادي.

وقد ذُكرت قبيلة الزنتان في أغلب كتب التاريخ الوطني بما في ذلك مؤلفات الكُتَّاب الإيطاليين أنفسهم مثل الجنرال غراتسياني الذي كان يُلقّبه الليبيون "جزار فزان" وهو قائد القوات الإيطالية الغاشمة أثناء الحملة الثانية الوحشية والمدمرة على ليبيا بتوجيه من الفاشستي اللعين موسوليني، فقد ذكر غراتسياني في كتابه (نحو فزان) تصدِّي الزنتان لقواته في الجبل الغربي بكل قوة، وقد كبَّدوا الطليان خسائر فادحه في الأرواح والمعدات وقدَّموا تضحيات عظيمة.

ص: 78

كما ذكرهم الكاتب العسكري الإيطالي بردانيللي في كتابه (القبلة)، وأيضًا ذكر قبيلة الزنتان المؤرخ الإيطالي دي غوستيني في كتابه (أهالي طرابلس الغرب).

ومن المؤرخين الليبيين الذين كتبوا عن قبيلة الزنتان الشيخ الطاهر الزاوي في كتابه (جهاد الأبطال)، والمؤرخ خليفة التليسي في كتابه (معجم معارك الجهاد في ليبيا).

ولقد أنجبت هذه القبيلة العريقة العديد من العلماء والفقهاء والكُتَاب والأدباء أمثال: الشيخ محمد، والإمام والشيخ أحمد البدوي، والفقيه محمد التركي، وغيرهم الكثير.

ومن أبطال جهاد المستعمر الإيطالي مثل الشيخ سالم بن عبد النبي الناكوع، والشيخ أحمد البدوي، والشيخ علي الشنطة، وغيرهم.

ومن الزنتان بالوقت الحاضر المئات من الذين حصلوا على الشهادات العليا وبعضهم على الدكتوراه في مجالات الطب والهندسة والاقتصاد والسياسة، ومنهم رجالات عدة في الجيش الليبي وكذلك في الأمن الوطني الليبي، والزنتان عرب تحضَّر معظمهم بالوقت الحاضر والقليل بادية في الصحراء يمارسون الرعي وقليل من الزراعة وأذكر من رجالاتهم الدكتور عبد الوهاب محمد الزنتاني والذي يُعدُّ من أبرز المهتمين بتاريخ الزنتان بصفة خاصة وبتاريخ ليبيا والأمة العربية بصفة عامة، وكان من رجال الاقتصاد والسياسة الباررين في الحكومة الليبية في أوائل ثورة الفاتح من سبتمبر وعُيِّن محافظًا لبنغازي عدة سنوات وسفيرًا لليبيا في عدة دول عربية وأجنبية، وهو الآن متقاعد يقيم بعض وقته في طرابلس ومعظم إقامته في بلدة الزنتان، وكان الدكتور عبد الوهاب من الأصدقاء المحبوبين للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر

(1)

رحمه الله.

وإتمامًا للفائدة أذكر هنا نصًّا محايدًا عن الزنتان يؤكد عراقتهم وأنهم من أقدم القبائل العربية في غرب ليبيا وجذورهم راسخة في هذا الوطن الشقيق حيث

(1)

اطلعت على العديد من الصور للدكتور عبد الوهاب مع الرئيس جمال عبد الناصر ومع أفراد أسرته وما زال يحتفظ بها حتى الآن ورغم مرور أكثر من ثلاثين عامًا على التقاطها في القاهرة فهو يعتبرها من أغلى ذكرياته الشخصية، ويصف عبد الناصر بأنه بطل عربي كان رمزًا لمصر والأمة العربية جمعاء.

ص: 79

الرحَّالة الألماني "رولفس" في رحلته عبر أفريقيا وبرنو وخليج غينيا عام 1865 - 1867 م قائلًا: "إن وادي أم الخيل الذي يجري باتجاه جنوبي شرقي يشكل حدود قائمقامية الجبل والمنطقة التي تقع جنوبه تتبع قائمقامية فزان، وتبلغ خيام كل من قبيلتي المشاشية وأولاد بوسيف ألف خيمة على الأقل وهم يتبعون كل منطقة الجبل على الرغم من أنهم ينتقلون على جانبي الحدود، إلا أنهم يعودون على الدوام إلى منطقة الجبل الغربي.

وفي الأزمنة القديمة أي قبل أن يسيطر العثمانيون على البلاد كان أهل الزنتان هم أسياد هذه المنطقة بأجمعها وحتى الآن هم وحدهُم أصحاب الحق في الأرض والعقارات.

وهكذا فإن المشاشية وأولاد بوسيف لا يرعون ولا يزرعون في هذه المنطقة إلا بعد إذن منهم، وكي يجري تفادي النزعات، فإن قائمقام أو باشا الجبل يقوم سنويا بتوزيع هذه الاراضي ويعترفون بذاتهم (أي المشاشية وأولاد بوسيف) أنهم ليسوا ملاكًا هنا بل هاجروا منذ وقت بعيد من الساقية الحمراء (جنوب المغرب الأقصى) إلى هذه المنطقة في غريب ليبيا" (انتهى).

قلت: ويظهر من سياق النص للألماني "رولفس" أن الزنتان باعتراف القبائل المجاورة أنها من القبائل العريقة والقوية في الجبل الغربي ليس في انعصور المتأخرة فحسب ولكن كان ذلك قبل أربعة قرون قبل العهد العثماني البائد، كما ذكر "رولفس" نقلًا عن سكان المنطقة، وهذا يؤكد لنا أن الزنتان تلك القبيلة العوفية السُّلَمية قد كان لها السيطرة والقوة بعد وفاة ابن خلدون بما لا يقل عن قرن ونصف قرن من الزمان تقريبًا، فقد أورد في عهده أن جبل نفوسة جنوب طرابلس لبطون ذباب بن مالك، وأشهرهم أولاد وشاح بن عامر وفيهم رئاسة ذباب، ثم ذكر انقسام وشاح إلى المحاميد والجواري وقد كانت سيطرتهم على جبل نفوسة وجنوب طرابلس، وقد تكون قوة الزنتان قد ظهرت في القرن العاشر الهجري بعد أن زاد عددهم وكبر كيانهم القَبَلي بوسط قبائل ذُباب السُّلمية التي كانت لها الغَلَبة على هذه المناطق منذ نزوح سُلَيْم من الجزيرة العربية ومرورًا بمصر إلى ليبيا في أواسط القرن الخامس الهجري، وهنا نوضح أن عدم ذكر ابن خلدون لقبيلة الزنتان

ص: 80

لأن تكوينها كقبيلة كان بعد وفاته في أوائل القرن التاسع الهجري بما لا يقل عن قرن ونصف قرن تقريبًا ولم يأت العثمانيون إلى البلاد الليبية إلا وكانت قبيلة الزنتان لها البروز في جوار قبائل أقدم من سُلَيْم مثل المحاميد والجواري وغيرها في منطقة الجبل الغربي، ثم زادت قوتهم في العهد العثماني في الصحراء الجنوبية الليبية أكثر من غيرهم كما ذكرت المصادر التاريخية العربية والأجنبية.

ونورد لمحات عما قاله التليسي عن الزنتان في معجم سكان ليبيا:

الزنتان وهم شعب من قبيلة الزنتان بمزدة وفروعها: أولاد أبي الهول، والجروة، وأولاد أبي القاسم، والغناني، والشباب، وأولاد ذؤيب، وأولاد عيسى، يقيم أولاد أبي الهول والجروة وأولاد أبي القاسم وأولاد عيسى بمزدة، ويقيم الجروة أيضًا في طبقة والطابونية، أما الغناني فيقيمون في قريتي القريات.

وقال عن حلفاء الزنتان وهم: قديرات القبلة، التياب، والعواتي، والربائع ورنزة، وأولاد سيد أبي سبيحة، وأولاد سيدي مادي، والمناخات، وأولاد أبي علاق، وأولاد مرسيط.

وقال عن أولاد أبي القاسم: وهم من عشيرة أبي الهول بالزنتان، وعائلاتها: أولاد سلطان وأولاد المجذوب وعيال العتيري وأولاد محمد وهم إخوة للشياب. وأضاف أن منهم في منظفة سيناون وهم شعبة من أولاد أبي القاسم بالزنتان لحمة أولاد سلطان.

وقال عن أولاد أبي الهول: عشيرة من الزنتان تضم الفروع التالية: أولاد أبي الهول، وأولاد أبي القاسم، والجروة، والشياب.

تنحدر على الأرجح من أولاد أبي الهول من بني علَّاق وهم من فروع عوف من بني سُلَيْم

(1)

.

(1)

ورد نص عن أبي الهول في تاريخ ابن خلدون أنه من بني علَّاق من عوف بني سُلَيْم وكان في تونس في عهد الدولة الحفصية، ولا نستطيع الجذم برابطة تربط أبا الهول في الزنتان بذلك المذكور في تاريخ ابن خلدون لأن تواتر الزنتان أن أبا الهول هو من أبناء الحسن بن المحسن مؤسس قبيلتهم كما تقدم.

ص: 81

وفي نفس الصفحة من المعجم ذكر أن أولاد أي الهول من الزنتان أيضًا عائلاتها: عيال خليفة وأولاد عمر وأولاد أحمد العمارات والطبابشة والمهابيج وأولاد عون وعيال هدية وأولاد سي خليفة.

وأضاف قائلًا: تنحدر لحمة عيال هدية من سيدي وحيدة دفين الزنتان وأولاد صبي خليفة مرابطون من سلالة سيدي خليفة وأصله من فرجان ترهونة وهو دفين الزنتان.

وقال عن الجروة: هم من عشيرة أولاد أبي الهول بالزنتان.

وقال عن أولاد خليفة: من عشيرة أولاد ذؤيب بالزنتان عائلاتها: الكمامين وأولاد عبد الدائم والشروع أو الشعبانية وأولاد أحمد والسكبة والسعداء.

وقال عن أولاد ذؤيب: عشيرة من الزنتان تضم الفروع التالية: أولاد ذؤيب وأولاد عيسى والعميان وأولاد خليفة. وهم من مقارحة الشاطئ، ويحتمل أن يكونوا من فروع زغب من بطون سُلَيْم، وجدهم هو مرعي بن غانم الأعمى دفين الزنتان.

وفي نفس الصفحة ذكر أيضًا أولاد ذؤيب من الزنتان عائلاتها: عيال محمد وعيال خليفة وعيال أحمد وعيال مسعود وعيال عبد القادر وعيال سالم والرقائقية والحبيلات، وعيال عبد الله وعيال نبيه والجناوحية؛ ويقال أن هؤلاء من سلالة سيدي ذؤيب دفين الزنتان.

وقال عن أولاد عيسى: من عشيرة ذؤيب بالزنتان وعائلاتها: عيال ضو وعيال الحاج وعيال أبي القاسم وعيال سلامة والكراكيم وعيال عمارة والعجامي والروجات والعساوي؛ ولهؤلاء بيوت بمزدة حيث ما يقرب من خمسين نسمة، وتنحدر الروجات عن زناتة بساحل طرابلس، والعساوي هم مرابطون وينحدرون من عساوي الحرابة

(1)

بنالوت.

(1)

الحرابة: قبيلة عن سُلَيْم سيأتي ذكرها.

ص: 82

وقال عن الجعافرة: عشيرة من الزنتان بمزدة وعائلاتها الحلائلية والمهارات، وهم فرع من قبيلة الجعافرة القاطنة بغريان، وتقيم هذه اللحمة بصفة مؤقتة بين مزدة ونسمة.

وقال عن الشياب: عشيرة من أبي الهول بالزنتان، عائلاتها: عيال أحمد وعيال عامر. وهم مرابطون معتبرون من الأشراف وينحدرون من قبيلة الشياب بالرحيبات (فساطو) وهم إخوة للشياب بقبيلة القصيبة بغريان.

وقال عن العميان: عشيرة من أولاد ذؤيب بالزنتان، عائلاتها: الرمامحة والنصايا والكشاكشة والجمامة وأولاد ميلاد.

وقال عن العواتي: عشيرة من الزنتان بمزدة، عائلاتها: شمامة الهوش والسواوة والأمانية. وهم من شعبة الجروة من الزنتان كانوا يسكنون قديمًا شعبة العواتي جنوبي الزرقان بيفرن حيث دفن جدهم.

وقال عن الغناني: عشيرة من أولاد أبي الهول بالزنتان، عائلاتها: عيال رحومة وأبناء أبي الطويرات والنواكيع وعيال عون والأقراج.

(5)

‌ العلالقة

قال التليسي في (معجم سكان ليبيا): العلالقة من قبائل العجيلات الكبيرة وتضم الفروع التالية:

قصر العلالقة، أولاد شرف الدين، أولاد العيسى، الخطاطبة

(1)

، المداهين، زواغة، أولاد سلطان، الغرابلية.

ويرجح تحدر قبيلة العلالقة خاصة الفروع الثلاثة الأولى من بني علَّاق من عوف من بني سُلَيْم وقال عن أولاد شرف الدين عائلاتها: أولاد عبد الرحمن وأولاد عيسى وأولاد عبيد وأولاد بركة والزراقة.

وقال عن أولاد عيسى عائلاتها: الخضر والجوامعية وأولاد يحيى وأولاد عكاشة.

(1)

قلت: لعل بلدة الخطاطبة في شرق الدلتا منسوبة لهذه العشيرة.

ص: 83

وهذه الفروع يحتمل أن تكون لها قرابة بعلالقة قبيلة أو سادان بغريان.

وقال عن الخطاطبة عائلاتها: الخطاطبة الفوقية وهم أولاد عبد العزيز والعوامر والمساعيد وأولاد الحاج وأولاد محمد وأولاد حسن. والخطاطبة الوطية وهم الهداولة وأولاد ثابت وأولاد المنتصر والقنابرة والفلالحة وريمة والشويات.

وعن وريمة إخوة لوريمة في جنزور وزوارة ولهم قسم بزرزيس بتونس.

وقال عن المداهين عائلاتها: أولاد عبد الله واللجمة وأولاد إبراهيم والأقفاف وأولاد بكرة والهواري وأولاد الفقيه والخلائف. والمداهين من سلالة عبد الرحمن المدهوني وافد كما يقال من الساقية الحمراء ودفين القبيلة.

وقال عن رواغة عائلاتها: أولاد مبارك وأولاد مسعود وأولاد الفقيه والطياش والشوايط والمخابشه والمسالمية.

وأضاف عن زواغة: على الرغم من أن الاسم معروف لإحدى شعب البربر (ضريسة جذم مادغيس) فإن هذه القبيلة تبدو مشكَّلة من عناصر مختلفة، فأولاد مبارك وأولاد مسعود ينحدرون من سيدي منصور الكواش، ولهم فروع في تونس وزرزيس والجبيبينة، وأولاد الفقيه ينحدرون من الولي سيدي عمر ابن الفقيه الوافد من الساقية الحمراء علي ما يقال ودفين دحمان.

وقال عن أولاد سلطان عائلاتها: أولاد أحمد وأولاد عبد الجليل وأولاد أبي الخير وأولاد حمودة.

ولأولاد سلطان أصل مشترك مع قبيلة الكراشوة بتونس وهم من سلالة عمر بن سلطان دفين دحمان وهو أخو سيدي علي بن سلطان جد الكراشوة، وقد ذكره كتاب (الإشارات) وقال عن الغرابلية: عائلاتها الغرابلية وبيوتها (أولاد أبي القاسم وأولاد أحمد)، والفتاحلية وبيوتها (أولاد رحومة والكياب وأولاد إبراهيم والنويرات وأولاد أبي حامد والحجاج)، والدبابشية وبيوتها (أولاد يوسف وأولاد بركة وأولاد دبابش وأولاد سليمان).

ص: 84

والغرابلية ينحدرون من سيدي راشد القاليلي دفين المنطقة، وقد ذكره سيدي عبد السلام بن عثمان والبرموني والعياشي الذي زار ضريحه، والفتاحلية ينحدرون من سيدي عطية بن قديش ولي المنطقة ودفينها، والدبابشية ينحدرون من سيدي يحيى بن دبابش من نفطة بالجريد التونسي ودفين المنطقة، وقد ذكره كتاب الإشارات.

وقال عن طنش: عائلة من العلالقة المنضمين إلى أولاد غيث من قبيلة العبيدات من الحرابي، وبيوتها (القاسي وجاد الله ومازق) منازلهم بدرنة وبعضهم في طبرق.

وقال عن قصر العلالقة: إحدى فروع قبيلة العلالقة عائلاتها الخضرة والزقرة والعبادلة والأخيرة بيوتها (القشاطوة والقوادرة والوشحة وأولاد مبارك والعمامرة وأولاد الفقيه وأولاد أبي بكر) كما ذكر أن العلالقة مع أولاد مسعود من قبيلة أولاد صقر بالزاوية الغربية هم إخوة لعلالقة العجيلات.

(6)

العمائم

كما تقدم هذه القبيلة ذكرها العلَّامة ابن خلدون من بطون أولاد سالم من ذُباب من بني سُلَيْم. قال التليسي عن العمائم أو (العمايم) كما يذكرها العوام في القطر الليبي:

‌العمائم

من بطون أولاد سالم من فروع ذباب جذم بني سُلَيْم، ويؤكد العمائم بأن لهم إخوة بتونس ومصر.

قلت: هذا قول صحيح، والعمايم قبيلة معروفة بتونس لها بلدة باسمها في شمال غريب البلاد التونسية وسيأتي ذكرها في قبائل سُلَيْم بتونس الخضراء، وكذلك قبيلة العمايم منشرة في الديار المصرية خاصة في صعيد مصر وسيأتي ذكرها في قبائل سُلَيْم في الديار المصرية.

وذكر التليسي فروعها في ليبيا وهي: أولاد يحيى والنشاونة والجديدات والقرنة وأولاد أحمد ومعظمهم في زليطن.

ص: 85

كما ذكر العمائم في فرع مطاوع بقبيلة العواقير أن أصلهم من عمائم زليطن وهم عرب أقحاح ومنازلهم بين قمينس وسيدي بن نور قصير الخيل، وسيدي المجاور، ومن عائلاتهم أولا يحيى وبيوتها (فرحات ودريقلة والشارف والشوكاني وابن شكر وابن حلاش) وفيهم عائلات أخرى مثل حمد والجديات والهوامل والأسود.

وذكر أيضًا العمائم في أولاد عوين بورشفانة (العزيزية) جنوب طرابلس وعائلاتها: الخنافسة والحوامد والعواونة وعمائم أبي سليم. وأضاف أن هؤلاء أيضًا من الفرع المعروف بهذا الاسم في زليطن من فرعُ أولاد يحيى خاصة، وتقيم عمائم أبي سلينم في منشية طرابلس.

كما قال عن أولاد أحمد بزليطن عائلاتها: الرثيمات وبيوتها (الرخصة والسنر وابن رمضان)، وأولاد أبو عبيد وبيوتها (البواصير وعبد السلام الكردش والزرائب)، والغوازي وبيوتها (المصابحة والغوازي والهجر)، وأولاد رحومة وبيوتها (الصغر والكديشات وابن يحيى وابن عمر).

وقال عن أولاد يحيى من عمايم زليطن أيضًا عائلاتها العمارات وبيوتها (العشيبات والعواشرية وابن تريكي)، وأولاد الأسوَّد وبيوتها (ابن جاب الله وابن عيسى)، وأولاد يحيى وبيوتها (الشرف وابن معتمد والحشادات). ويُعرف هؤلاء باسم العمائم الغربن ومنهم عمائم ورشفانة الذين يعرفون باسم عمائم جباله.

وقال عن الجديدات: عشيرة من العمائم بزليطن وعائلاتها: أولاد مسعود وبيوتها (الفراجنة والنواصر والبلالة والعمارات والمصادرية)، والمباركية وبيوتها (المشاري والأقياش ومبارك)، والعمور وبيوتها (الرحومات والأرباح ومنصور وسلامة والتوانسة وابن نوضة والعزازمة)، والوشاحات وبيوتها (النوافلة والسويقات والبصوص والزرقان والقزازات والأذياب).

وقال عن القرنة من العمائم في زليطن عائلاتها السهول وبيوتها (ابن معين والجحوش والهنادي وابن جديد) والجعاريد وبيوتها (الدهادهة والهروش والبسط)، والعكاكرة.

ص: 86

كما ذكر أن اللفاي ضمن (عكارة) إحدى النواحي الأربع المعروفة بضواحي طرابلس هم أصلًا من عمائم ورشفانة (العزيزية) وهم بذلك ضمن قبيلة العمائم في زليطن.

(7)

‌ المحاميد

قلت: نسب المحاميد من بطون ذُباب بن مالك من بني سُليْم، وقد ذكرهم العلَّامة ابن خلدون في تاريخ العبر ومبتدأ الخبر في أواخر القرن الثامن الهجري وديارهم كانت بالجبل الغربي وتقدم ذكر ذلك.

وقال التليسي عن المحاميد في ليبيا: المحاميد قبيلة عربية من بطون ذباب جذم بني سُلَيْم تنتشر بين المناطق الغربية الساحلية والجبل الغربي وتتألف من فريقي المحاميد الغربيين، والمحاميد الشرقيين.

أما المحاميد الغربيون فمن فروعهم أولاد المرموري والشعاليل والقويات وأصحاب المحاميد الغربيين.

وأما المحاميد الشرقيون فمن فروعهم أولاد سعيد بن صولة والقديرات وأصحاب المحاميد الشرقيين عائلاتها: زناتة وضنى ابن سلام والعليفات.

وأصحاب المحاميد الغربيين عائلاتها: اللسائنية وزناتة وأولاد نوير والنقاقزة.

وعن زناتة فهي بقايا القبيلة المشهورة (زناتة) جذم مادغيس التي لا تزال منها بقايا أخرى عديدة منشرة بطرابلس الغرب وغريان والرحيبات والنوائل بالنواحي الأربع، أما أولاد نوير فهم من أولاد شبل وجدهم هو نوير ذكره البرموني وهو في العرف العام جد جميع المحاميد

(1)

.

(1)

هنا ثمة خطأ من البرموني والذي في كتابه فيما يظهر كثيرًا من الأوهام والخطأ؛ لأن المحاميد ذكرهم كما تقدم العلَّامة ابن خلدون من بني وشاح وجدّهم محمود بن طوق بن بقية بن وشاح بن عامر بن جابر بن فاتك بن رافع بن ذباب من بني سُلَيْم العدنانية

ص: 87

وقال عن أولاد سعيد بن صولة: عائلاتها أولاد الصغير وأولاد صولة والعلايا والتياب، ويقيم قسم التياب بمزدة ووادي الشاطئ.

وقال عن أولاد شبل: وهم يقيمون في شكشوك جنوب غرب طرابلس وعائلاتهم: القواسم والحقفاء وأولاد أحمد والفواخر، وتقول الروايات المحلية أنهم من المحاميد، ولكن المؤرخ الطرابلسي النائب يضمهم إلى أولاد شبل من قبيلة رياح ومنهم أولاد نوير بالحوض (بئر الغنم).

قلت: وعلى أية حال فإذا صح أنهم من رياح فهم من بني عوف من سُليم، ويجب هنا عدم الخلط بين رياح من بني سُلَيْم في ليبيا وبين رياح في شمال تونس وفي الجزائر الذين هم من قبائل بني هلال المشهورة.

وقال عن أولاد المرموري: عشيرة من المحاميد الغربيين عائلاتها: أولاد عون وأولاد سلطان وأولاد الأعور وأولاد المنتصر، ومنهم الخبول بساحل طرابلس (في الجديدة وجامع القريو).

وقال عن أولاد منصور: قبيلة من قبائل زوارة ترجع بأصلها إلى محاميد الحوض وعائلاتها: أولاد سعيد وأولاد الحاج موسى وأولاد عبد الله وأولاد يحيى وأولاد الحاج إبراهيم.

وقال عن الشعاليل: فرع من فروع المحاميد الغربيين عائلاتها: القدايرية والعجائلية والأذياب والشهب وأولاد عافية والعتائقية، وأصلهم من قبيلة الشعاليل في تونس.

وقال عن القديرات: عشيرة من المحاميد الشرقيين، عائلاتها أولاد أحمد والعويديون والكرابيب والشراشمة والخشوب أو الخشيبات، وخشيبات القبلة أو أولاد الخادم.

وقال عن القويات: عشيرة من المحاميد الغربيين بالحوض، عائلاتها: النكاكسة وعيال أبي دبوس والقنائدية والعطايا.

كما ذكر أن بعض عائلات العين من فروع القواضي بتاورغاء من أقارب

ص: 88

المحاميد وهي عائلات سالم وحويدق والدبابة، وكذلك عائلة ابن صولة في قرية خليف من قرى الوادي الشرقي بفزان فهم من المحاميد الشرقيين (بالحوض)، وأيضًا عائلة أولاد الأسود مع الدياسير من ربع بني داود بغريان فهم من المحاميد الغربيين من أولاد الواعر خاصة، وكذلك عائلة المناخات في أولاد سباع عن قبائل الرجبان هم من بطون المحاميد (بالحوض).

قلت: وأولاد سباع هم أيضًا من المحاميد كما ذكر ابن خلدون وسيأتي ذكرهم.

(8)

‌ الجوازي

كما تقدم أن الجوازي إخوة المحاميد من وشاح من بطون ذباب من بني سُلَيْم وقد ذكرهم العلَّامة ابن خلدون في تاريخ العبر قبل ستة قرون.

قال التليسي عن الجواري في ليبيا: ينحدرون من ذباب من بني سُلَيْم، وفروعها: الحرائزة وأولاد عمارة والتبينات وأولاد حماد والحمرة والجوامعية والرباعيون وأولاد بالليل.

وأضاف قائلًا: مع احتمال أن يكون أصل أولا بالليل والحرائزة من بني علَّاق من عوف بني سُلَيْم.

وقال عن الحرائزة: عشيرة من الجواري في صرمان عائلاتها: أولاد رحومة والفراديس وأولاد اللافي والثوابت.

وقال عن التبينات: عشيرة من الجواري في صرمان عائلاتها: أولاد عامر وأولاد أحمد.

وقال عن أولاد حماد: عشيرة من الجواري في صرمان عائلاتها: المعاتيق وأولاد طويل والكفش وأولاد عطية.

وقال عن الحمرة: عشيرة من صرمان (الصابرية) عائلاتها أولاد غاف والحمرة.

ص: 89

وقال عن الجوامعية: عشيرة من الجواري في صرمان عائلاتها: الحجاج والغنائمية والجرائدية وأولاد جامع الهلبة والخرابشة وأولاد حسين بن عمر.

وقال عن الرباعيون: عشيرة من الجواري في صرمان عائلاتها: أولاد أبو راس والضواوي وأولاد حسين وأولاد ناصر.

وقال عن أولاد أبي الليل: عشيرة من الجواري في صرمان عائلاتها أولاد سعود والشغافيون وأولاد مالك والرتيمات والمسارتة والزرارقة. مع احتمال أن يكون أولاد بالليل من بني علَّاق من عوف من بني سُلَيْم وهم أقرباء للعلالقة المجاورين.

ورجح التليسي أن يكون أولاد علي في مزاوغة ترهونة من بني علي بن مرغم من الجواري من ذباب وذكر فروع أولاد علي هؤلاء وهم الفتائتية والربيعات والحبابسة والعراء والشناتربة والسودانية والروابح وأضاف أن الروابح منهم روابح عكارة (ردود الزاوية) بالوقيعات.

وقال عن أولاد الصيد: من عشائر تاجوراء المركز عائلاتها المخاتير والرواشدية وهم ينحدرون من سيدي الصيد من قبيلة الجواري من ذُباب من سُلَيْم.

وقال عن أولاد ابن موسى: من عشائر الزاوية وعائلاتها: السود والشرف والحبابسة والكردة وهم مستقرون بواحة الصابرية وأصلهم من الجواري.

وقال عن الرفيفات: وهم إحدى عشائر الأهالي بعكارة وعائلاتها: الأشياب والبساكنة والمليكات والقنابرة والوفايات وأبناء كريم، وهم من جواري صرمان.

وقال عن الطيايرة: من عشائر الجواري بصرمان عائلاتها الشهب والعمامرة، وهم ينحدرون من سيدي عبد الكبير دفين القبيلة بصرمان ويقال: إنه وافد من المغرب.

وذكر أن الجواري في الهجارسة بطرابلس هم من الجواري في صرمان من ذباب من سُلَيم.

ص: 90

وذكر أن أولاد الصيد في الهنشير بطرابلس وكذلك السويديين ينحدرون من سيدي الصيد الولي الشهير الذي ينحدر بدوره من قبيلة الجواري المتوفى عام 1640 م ودفين المسجد المعروف باسمه في الهنشير، وهو المسجد الذي يتمتع بحرمة خاصة في اللجوء إليه والاستجارة به مثل سيدي المرغني، وهم إخوة أيضًا لأولاد الصيد في تاجوراء.

(9)

‌ الختَّنة

قال التليسي: الختَّنة من فروع الجواري من بني سُلَيْم ويقيمون بالموقع المعروف باسمهم من النواحي الأربع، وتضم العشائر التالية: الخشاترة، والستوت، وأولاد حسين، وعبد رب، والعراء، وعقار.

وقال عن الخشاترة: عشيرة من الختنة فرع الأهالي، من عائلاتها أولاد عمر والحوامد والأذياب والشلافطة وأولاد سلامة والطرش والعبدة.

وقال عن الستوت: من عشائر الختنة فرع الأهالي، وعائلاتها: الستوت، وأبناء فرج.

وقال عن أولاد حسين: من عشائر الختنة فرع الأهالي، وعائلاتها: الطوافير والطبابلة والرحومات.

وقال عن أولاد زايد: من عشائر الختنة عائلاتها: القوادر وأولاد أحمد وأولاد الحاج وأولاد ميلاد والعمشات.

واللحالحة والثياب والشنائرة. وهم مرابطون معتبرون من الأشراف ويقولون أنهم وافدون من الجبل الأخضر.

وقال عن عبد رب: من عشائر الختنة عائلاتها: الأشيات والقرناء والطوائلية والطفيلات وأولاد أبي الحاج وأولاد سالم وأولاد ميمون وأولاد أبي العيد.

ص: 91

وقال عن العراء: من عشائر الختنة عائلاتها السواوقة وأولاد ابن عون والعمامشة، وقيل أن العمامشة من برقة.

وقال عن عقَّار: من عشائر الختنة، عائلاتها الحمامدة والسنينات وأولاد ميلاد والشقاقفة.

وقال عن الجوابر: من عشائر الختنة عائلاتها أولاد سيدي المبروك وأولاد سيدي نبيه وأولاد سيدي الصيد. ويقولون أن أصلهم من أولاد أبي سيف بمزدة.

وذكر أن الشلافطة في قرود الحشَّان بطرابلس أصلهم من خشاترة الرقيعات الذين هم من الختنة.

(10)

‌ المقارحة

قلت: يؤكد الباحثون أن هذه القبيلة من بطون زغب من بني سُلَيْم في ليبيا.

قال التليسي عن المقارحة في ليبيا:

المقازحة: يتألفون من العشائر التالية: الجلاغمة والبزاكيس والمشلشة والعذرة والعزمة ومقارحة القرية ولحمات الشنارات وأولاد إدريس والحطاطبة من قبيلة القرن.

ويمكن القول بأن أصلهم من بني زغب من بني سُلَيْم، أما بعض العشائر فطبقًا للمتواتر تنحدر من أولاد الذؤيب من الزنتان، ومن الشعيبات بمنطقة سرت، ومن الميامين من ورشفانة، ومن الصلاحات من غريان، ووحدات أخرى متعددة منتشرة في كل مكان وفي طرابلس.

وعن المقارحة في مزدة قال: عائلاتها الأجيار والسراحنة، وهاتان اللحمتان شعبتان من اللحمتين المعروفتين بهذا الاسم ضمن قبيلة القرن من مقارحة الشاطئ.

وعن مقارحة القرية قال: هم من فروع المقارحة وعائلاتها البواصرية وأبناء طق النار والذيابات وأبناء المقرحي.

ص: 92

وقال عن الجلاغمة: عشيرة من مقارحة وادي الشاطئ، عائلاتها ضنى عمر وضنى سالم وضنى ضو العقائلية وأولاد محمد.

وقال عن البراكيس: عشيرة من مقارحة وادي الشاطئ عائلاتها أبناء سالم والموادي وعامر والمناصير والهمدة وأبي العوافي والربيعي والفوارسية.

وذكر أن عائلات الشيخ وطاهر والمهير وماضي هم أصلًا من المقارحة بوادي الشاطئ.

وذكر أن الشنارات (المعاليل) منهم أولاد عبد الجليل وأولاد التايب هم من قبيلة القرن من مقارحة وادي الشاطئ.

وذكر أن الغدرة من فروع المقارحة بوادي الشاطئ ووادي زلاف وعائلاتها الذئابات والنكاكعة والسراتي والشناترة والمغارشية والمثانين.

وقال عن الميامين: من عشائر ورشفانة وعائلاتها الفراجنة وبيوتها القرينات وأولاد الحاج والثبات.

وذكر أن الميامين من ربع القواسم بغريات مستقرة بالقرية المعروفة باسمها وأصلها من مقارحة وادي الشاطئ مثل ميامين ورشفانة.

وذكر أن الشعيبات في سرت أصلهم من مقارحة وادي الشاطئ.

وكذلك أولاد يحيى في دوجال بمنطقة فزان من مقارحة وادي الشاطئ.

وقال عن العزمة: من عشائر المقارحة وعائلاتها المفاتيح وأولاد عبد الله والعوادنية والنجاجرة والرواشدية.

وقال عن المشلشة: عشيرة من مقارحة وادي الشاطئ عائلاتها الرمادات والعرايات ومرعي ودخيل والبطاطمة.

وذكر أن المقارحة في (قرية) أو قبيلة الصلاحات من ربع بني نصير بغريان يقولون أن أصلهم من مقارحة وادي الشاطئ.

ص: 93

وكما ذكر أيضًا أن مقارحة الطياش من قبائل الزاوية الغربية هم أصلًا من مقارحة وادي الشاطئ.

وذكر أيضًا أن عائلة الذيب في قرية خليف من قرى الوادي الشرقي بفزان هم أصلًا من المقارحة في مزدة.

وذكر أن عائلة أبي كليش من المتانين من الغدرة من مقارحة الشاطئ وتقيم في بلدة العين بفزان.

وذكر أن عائلة أبي دبوس في قبيلة عشر الرملة إحدى قبائل مصراته ينحدرون من سيدي أبي دبوس وأصله من مقارحة وادي الشاطى من عشيرة العزمة.

وذكر أن أولاد الشيخ في بلدة مسقوين في فزان هم أصلًا من مقارحة وادي الشاطئ.

وذكر أن عائلة عياد في قرية البيطان بالجفرة الشرقية هم أصلًا من مقارحة الشاطئ.

(11)

‌ معدان

قال عنهم التليسي: من قبائل مصراته، عائلاتها: أبو روين والقوادات والشرايع والجطالوة والشبابكة والقرينات والقدورات والوديات والوباري وابن موسى والأقايلة والنواحي والعريبات والدلابة والمساعيد.

وأضاف: يرجح أن يكونوا من فروع معدان في أولاد سالم من بطون ذباب من بني سُلَيْم.

وعن عائلة ابن موسى أصلهم مع عرب الجهمة الذين نزحوا إلى مصر.

وقال عن معدان أيضًا من قبائل سرت وأصلهم من معدان مصراته، ويرجح أن يكونوا فرعًا من أولاد سالم من بطون ذباب من بطون سُلَيْم، وتتألف معدان سرت من الفروع التالية: العريبات والدلابة والسوادي والمساعيد.

ص: 94

وقال عن الدلابة: فرع من قبيلة معدان بسرت وعائلاتها الجوابرية والحوافطة والزرارقة والنزيرات.

وقال عن زريق: قبيلة من قباثل مصراته المدينة عائلاتها ابن ناصر وزروق وشتوان وعامر ومخلوف والكولاص، يقولون أن أصلهم من قبيلة معدان.

وقال عن السواوي: من قبائل مصراته فرع الأهالي عائلاتها ابن مرزوق وحنيش والسواوة وهم من فروع معدان، وإخوة للسواوي بسرت، ومنهم جماعة بالخمس.

وقال عن الشهوبات: من فروع سرت وأصلهم من معدان.

وقال عن العبادلة: وهم إحدى قبائل سرت أصلهم من مصراته ويعتبرها البعض إخوة لمعدان من أولاد سالم من ذُباب، ومنهم عبادلة ترهونة، عائلاتها: أولاد علي وأولاد منصور وأولاد سلطانة والسمائعية.

وقال عن العريبات: فرع من قبيلة معدان بسرت.

وقال عن الغواري: إحدى قبائل ودَّان وهم إخوة لقبيلة معدان بمصراته.

وقال عن المساعيد: إحدى فروع قبيلة معدان بسرت.

وقال أن أولاد الحضيري في بلدة الجديد بمنطقة سبها بفزان والذين هم مرابطون من سيدي حامد الحضيرى الوافد كما يقال من المغرب والمدفون بالجديد، أما رأي ابن غلبون فهم ينحدرون من قبيلة معدان بمصراته.

(12)

‌ أولاد سليمان

قال التليسي عنهم في ليبيا: قبيلة عربية من سلالة ذُباب جذم بني سليمان وتتألف من العشائر التالية: الشريدات واللهيوات والميايسة والزكاري والجباير.

وقال عن الشريدات: إحدى عشائر أولاد سليمان عائلاتها الفطائم وتقيم بهون، والمساعيد وتتألف من عائلات ابن هيبة وأبي لعج وتقيم بزلة ومنطقة سرت، والفراجنة وتقيم بسرت، وعائلة زغراته وتقيم بوادى الشاطئ.

ص: 95

وقال عن اللهيوات: فرع من قبيلة أولاد سليمان وعائلاتها الصُّهْب وأبو الشوك والمخشخش وتقيم بودَّان وسرت وأم الأرانب، ويحتمل أن يكون الصُّهْب من سلالة صُهب بن جابر من بطون ذباب من بني سُلَيْم.

وقال عن الميايسة: فرع من قبيلة أولاد سليمان وعائلاتها العلالمة أو عائلة وحيدة، وعائلة الطويل وتقيم بهون وودَّان، وميايسة الخندق في عشيرة القواضي بتورغاء هم من الميايسة في أولاد سليمان بسكونة.

وذكر أن الزكاري في بلدة القرضة بفزان هم من زكاري أولاد سليمان.

وعن زكاري أولاد سليمان فقال من عائلاتها: القويضي وابن جابر وابن حمودة وابن سعيد في سوكنة وودَّان وعائلة ابن شبل في سوكنة أيضًا، وابن سقاط والشاعر في سبها.

وقال عن الجباير: فرع من أولاد سليمان عائلاته أولاد سيف النصر (عائلة سيف النصر أولاد غيث)، التمامة (عائلة أبو بنينة وعائلة محمد والمناصير والحواسات)، وتقيم هذه العائلات بكانم وودَّان وسرت وأم الأرانب وهون.

وفي هذا الفرع فروع وافدة من أماكن مختلفة ومنضمة إلى أولاد سليمان، ويقاله أن جد أولاد سليمان وافد من المغرب

(1)

، وتنسب إلى عائلة أولاد غيث عاظة سيف النصر المعروفة، كما توجد فروع من العمامرة بمسلاتة والقذاذفة والمغاربة بسرت وورفلة منضمة إلى الجباير من أولاد سليمان.

وقال عن عقيلة: إحدى فروع أولاد سليمان المرابطة مع قبيلة العبيدات.

وقال عن عليوة: إحدى فروع أولاد سليمان المرابطة مع فرع أبي يمامة من قبيلة العبيدات.

وقال عن فرحات: إحدى فروع أولاد سليمان المرابطة من قبيلة العبيدات بيوتها: السكران وأحمد وأبو جراد وسليمان.

(1)

قلت: هذا القول أو هذه الرواية ليست صحيحة، لأن أولاد سليمان ذكرهم ابن خلدون في تاريخه من بطون ذباب من بني سُلَيْم وهو سليمان بن رافع بن وهب بن ذباب.

ص: 96

وقال عن الفسيات: من فرع مطاوع قبيلة العواقير، ويقولون أن أصلهم من أولاد سليمان قبيلة الميايسة وجدهم هو بكار انتقل إلى أراضي البراعصة فرع حسين حيث لا يزال يعرف موقع بها باسم قصر مياس، وأنجب أحد أبنائه أبي فسية الذي ترك أرض البراعصة واستقر ضمن قبيلة العرفاء وأنجب من إحدى نساء القبيلة ولدين هما الوليان سيدي دخيل وسيدي طليل وهما جدًّا فرعي الفسيات ومنازلهم الرجمة والمعرفة ووادي الفج وتنين وحلق الرياح، ويتألف الفسيات من عائلتين هما أبو عريضة ورحيم.

وذكر أن عائلات بلدة قطة في فزان يقولون: إن أصلهم من أولاد سليمان وهم: العوينات وأولاد سالم الحجاج والبغاديد والمنانة والمضاوي والسلالمة (أبناء سلمى)، والعائلة الأخيرة (السلالمة) من أولاد أبي سيف بمزدة من فرع أولاد أبي القاسم.

كما ذكر أن عائلة زغراتة من القوائد من قبائل وادي الشاطئ هم من الشريدات من أولاد سليمان.

وقال عن الهوامل: من قبائل مصراته، وعائلاتها أولاد نصر وأولاد هيلان وأولاد ابن سلطان أو الصيعان وأولاد غور وأولاد موسى أو الهجارسة، ويرجح أن يكون الهوامل هؤلاء من هوامل أولاد سليمان من ذباب من بني سُلَيْم، ويؤكد ذلك تصريحهم بإخوتهم لعمائم رليطن الذين ينحدرون من أولاد سالم، أما عائلة سلطان فأصلها من الصيعان.

وكما ذكر أن الهوامل في زليطن هم إخوة هوامل مصراتة، ومن عائلاتهم: الفلالحة والمواجع وشرف الدين وأبي علة والقدادرة وأولاد ابن سلطان.

كما ذكر أن عائلتي ابن الوافي والغزيلي في بلدة مسقوين بفزان أصلهم من عرب أولاد سليمان.

ولقبيلة أولاد سليمان حروب مع الأتراك العثمانيين عام 1842 م (القرن التاسع عشر) وقد هاجر قسم كبير إلى كانم في إفريقيا من جراء هذه الحروب الضارية.

ص: 97

(13)

‌ الزويَّة

(1)

هذه القبيلة من فروع الحساونة كما تقدم في المجلَّد الثاني في السرد عن قبائل مصر وهم من بني سُلَيْم.

وتنتشر فروعها في مناطق الواحات الداخلية وخاصة الكُفرة وجخرة، وتوجد وحدات منها في فزان والقطيفة وإجدابيا، وكذلك في سيوة والوادي الجديد في مصر.

وفروعها سديدي والجلولات والشواغر.

وقال عن أبي مرروق: من عائلات الجلولات من قبيلة الزويَّة وبيوتها: علي والهرمة.

وقال عن أولاد عميرة: من عائلات فرع سديدي وبيوتها عفون، والأجهر (مبارك وفارة)، وأبي شوق (بالعيد والأعكر)، وأبي رهرة (جاب الله العبد وشقلوف).

وقال عن أولاد منايع: إحدى عائلات فرع سديدي وعائلاتها قادر روحه (الوكواك وأبو عمود وجديد) والقصيري (حماد وطالب وترهونة).

وقال عن الجلولات: إحدى فروع الزويَّة وأغلب إقامتها بمنطقة الكُفرة، ومن عائلاتها العوادل (عبد السيد ويعقوب)، وحبيب الله (حويج والبابة)، وأبي مرزق (علي والهرمة)، وفاخر (سليمان ومقتيف أو قبيلي).

وقال عن سديدي: أحد فروع زويَّة ويقيم بصفة غالبة في الكُفرة كما كان يعيش قسم منهم أيضًا بين القطيفة وإجدابيا في مواسم معينة من كل عام وعائلاته أولاد عميرة وأولاد منايع.

وقال عن الشواقر (الشواغر): إحدى فروع قبيلة زويَّة عائلاته: مفتاح وأبي فاطمة وعامر وأبو عزيزة وجربية.

وذكر أن عفون من الزويَّة المنضمون إلى قبيلة العواقير.

(1)

يختلط الأمر على بعض المؤرخين بين الزويّة والزاوية، والأخيرة قبيلة من الأشراف وتقدم التنويه عنها في قبائل مصر، كما توجد الزوية في وادي الشاطئ وهم مرابطون.

ص: 98

(14)

‌ الحساونة:

قبيلة من بني سُلَيم (من فرع رغب) وكما تقدم أن الزويَّة تفرعت من الحساونة

(1)

هؤلاء.

قال التليسي: من قبائل وادي الشاطئ تعتبر مثل المقارحة من بطون زغب من بني سُلَيْم.

وفروع الحساونة: أولاد يوسف والدومة وأولاد عبد الله والخلائفة، وهم إخوة للحساونة في بحيرة تشاد ويُسمون أيضًا أولاد حسن.

وقال عن أولاد يوسف: فرع من الحساونة ويقيم في تمزاوة، وعائلاته يوسف والشنينات والبلاعيد والعجاجات والماضوية والمثانين.

وقال عن الدومة: من فروع الحساونة ويقيم في تمزاوة، وعائلاته: أولاد إبراهيم والفروج والكواشير والكرائمية والسوالم والحجاج والمعاتيق (بركة) وضنى محمد.

وقال عن الخلائفة: من فروع الحساونة في وادي الشاطئ، عائلاته الحوامدية والطبيقات وأولاد علي بن محمد وضنى سالم والعزاروة والحنيشات والمكان (الغدرة).

وذكر أن الحنيشات من أولاد وافي بسرت وتاورغاء.

(15)

‌ الحسون

ذكر بعض الباحثين أن الحسون من حِمْيَر من عرب اليمن وباسمهم بويرات الحسون غريب مدينة سرت على الساحل الليبي.

ويؤكد أغلب الباحثين في ليبيا أن الحسون من ذباب من بني سُلَيْم.

(1)

يوجد جبل باسم الحساونة في شمالي سبها بإقليم فزان.

ص: 99

قال التليسي في معجم سكان ليبيا: الحسون إحدى قبائل سرت ولها أصل مشترك مع قبيلة معدان من أولاد سالم من ذُباب جذم بني سُلَيْم.

ومن أشهر فروعهم الطويلب ومنتصر ورزق الله.

(16)

‌ خُدَّام الزرُّوق

قال التليسي: من قبائل مصراته، عائلاتها أو فروعها أبو رقية والمسامطة ودخيل وعبد الحميد وعبد المولى وخليل والشريف.

والعائلات الخمس الأولى من الجسون بسرت، وتقدم ذكرهم.

وعائلة خليل من فواتير زليطن، وعائلة الشريف من الأشراف.

ويعرفون جميعًا بخُدَّام الزرُّوق نسبة إلى سيدي أحمد الزرُّوق البرنسي الصوفي المشهور، وهو من برانس المغرب ولد سنة 1442 م وتوفي بمصراته ودُفن بها سنة 1493 م.

(17)

‌ النوائل

هذه القبيلة ذكرها ابن خلدون من بطون ذباب من بني سُلَيْم في تاريخ العبر حيث قال: بنو نائل بن عامر بن جابر وإخوتهم أولاد سنان بن عامر، وأولاد وشاح بن عامر، وفي مُشجَّر ذباب ذكر جابر بن فاتك بن رافع بن ذباب.

قال التليسي: النوايل قبيلة عربية من الفرع المعروف بهذا الاسم من بطون ذُباب جذم بني سُلَيْم ومركز إقامتهم في ليبيا (العسة)، وتتكون من الفروع التالية:

المنانعة والتقاقزة والبحيرات والعكارتة والقماميز والأعراش.

ومن عائلات الأعراش (الجراجرة واليعاقيب والعبابسة والمجاذبة).

وقال عن نوائل عقبة في صرمان، عائلاتها: الطرارمة وأولاد إبراهيم والسماعة والأغوال وهم ينحدرون من عرب النوائل (قبيلة الغمازير) من زوارة، ويعتبرون مرابطين وجدهم سيدي أحمد بن جابر دفين طرابلس.

ص: 100

وقال عن المنانعة: من فروع النوائل، عشائره التقاقزة والبحيرات والعكارتة والقماميز.

وقال عن التقاقزة: من فروع المنانعة عن النوائل، وعائلاته: أولاد حرب وأولاد مسعود والعوائشية والختارشة والأرواق، كما ذكر أن التقاقزة مع أولاد الحاج من فروع الأهالي بالعلاونة من تقاقزة النوائل بزوارة.

وقال عن البحيرات: من فروع المنانعة من النوائل، عائلاته: السواري وأولاد علي والردائفة.

وقال عن العكارتة: من فروع المنانعة من النوائل، عائلاته: ذراري منصور والرقائقية واللغاتة أو ذراري الحمروني والمشامير.

وقال عن القماميز: فرع من المنانعة من النوائل، عائلاته: ذراري أبي زيد والطرارسة والأبشار السود. ومن ذراري أبي زيد ينحدر نوائل عقبة في الزاوية الغربية.

وقال عن الجراجرة: فرع من الأعراش من قبيلة النوائل، عائلاته أولاد الحاج وأولاد محمود وأولاد القشطة وأولاد عدال والسواونة والحنانشة والضيافات وأولاد علاق.

وقال عن اليعاقيب: فرع من الأعراش من قبيلة النوائل، عائلاته أولاد مرابط وأولاد الوحيشي وأولاد خليفة.

وقال عن العبابسة: فرع من الأعراش من قبيلة النوائل، عائلاته الدخائلية والرمامشة والتويجرية وأولاد محمد.

وقال عن المجاذبة: فرع من الأعراش من قبيلة النوائل، عائلاته العثامنية وذراري الكيلاني وذراري الحاج عبد الله، وأصل المجاذبة من المثاليث

(1)

في صفاقس بتونس.

(1)

المثاليث: من قبائل سُليم في تونس وسيأتي ذكرها.

ص: 101

(18)

‌ الأصابعة وأولاد سنان

قلت: قبيلة من ذُباب من سُلَيْم ذكرهم ابن خلدون وقال: هم نسبة إلى رجل ذي أصبع رائدة ولم يذكر التاجاني

(1)

في أي بطن من ذُباب ينتسبون.

والأصابعة باسمهم بلدة كبيرة في الجبل الغربي إلى الجنوب من طرابلس الغرب.

وقد أقام في هذه البلدة إخوتهم من أولاد سنان، وقد ذكرهم ابن خلدون أيضًا وقال: وهم أولاد سنان بن عامر بن جابر بن فاتك بن رافع بن ذُباب.

قال التليسي في معجم سكان ليبيا عن أولاد سنان: قبيلة عربية في الأصابعة (غريان) وفروعها الكبيرة هي: مسكة، والشفارة، وأولاد فرج، وأولاد مبارك، والجبور.

ويرجح أن يكونوا من سلالة أولاد سنان القدامى عرب من ذباب جذم بني سُلَيْم، وتعتبر عشيرة المسكة مرابطة وهي تنحدر من سيدي سحيري بن سنان دفين المنطقة، أما بقية القبائل فإن جدها المشترك هو سيدي فرج بن سنان دفين المنطقة قرب قصر الأصابعة؛ ولذا يطلق عليهم جميعًا اسم أولاد فرج.

وقال عن المسكة: عشيرة من أولاد سنان بالأصابعة غريان، عائلاتها السحاري وأولاد منة الله.

وقال عن الشفارة: عشيرة من أولاد سنان بالأصابعة، عائلاتها التمائمة والبلاوعية والحتاوشية.

وقال عن أولاد فرج: عشيرة من أولاد سنان بالأصابعة (غريان)، عائلاتها أولاد مسعود وأولاد خليفة.

وقال عن أولاد مبارك: عشيرة من أولاد سنان بالأصابعة (غريان)، عائلاتها أولاد مسلَّم وأولاد مسعود.

(1)

صاحب الرحلة المعروفة برحلة التاجاني.

ص: 102

وقال عن الجبور: عشيرة من فروع أولاد سنان من الأصابعة (غريان).

وقال عن الرابطة الشرقية: عشيرة من الروابط الأصابعة (غريان)، عائلاتها المذاكير وأولاد ماضي.

وقال عن الرابطة الغربية: عشيرة من الروابط الأصابعة، عائلاتها أولاد عزاز أو المناصير والرمشان أو الزريبة.

وقال عن الجويفلات: عشيرة من الأصابعة وتتكون من الأفخاذ التالية: البشيرات وأولاد الحاج وأولاد موسى والحوامد.

وقال عن البشيرات: هي فرع من عشيرة الجويفلات بالأصابعة، عائلاتها أولاد بنينة والضوة وأولاد سيف النصر أو القرو.

وقال عن أولاد الحاج: من عشيرة الجويفلات بالأصابعة (غريان)، عائلاتها البزازنة والعلايا وشيبون والعبادلة.

وقال عن أولاد الحاج في فسطاو أو منطقة الرجبان وتقيم بقصر الحاج، عائلاتها الوحيشي والكرعان والقمامدة والبصاصة، وهم من سلالة الحاج عبد الله أبي جطلة دفين قصر الحاج في يبوك وهو الجد الأكبر لجويفلات الأصابعة، والكرعان هم إخوة لأولاد مهلهل قبيلة أولاد سنان بالأصابعة.

وعن أولاد مهلهل قال: عشيرة صغيرة بالأصابعة (غريان) يرجح أنهم من سلالة أولاد مهلهل من بني عوف من بطون بني سُلَيْم.

وقال عن الحوامد من الجويفلات بالأصابعة، عائلاتهما أولاد أحمد والفرافرة وأولاد علي، وهم من سلالة سيدي الحاج محمد بن عبد الله أبي جطلة دفين بيبوك ولهم مع فرع عشيرة الجويفلات أصل مشترك بأولاد الحاج بالرجبان (فساطو) الذين ينتسبون إلى الجد الأكبر الحاج عبد الله وهو والد الولي المذكور وهم ينحدرون جميعًا من قبيلة الأصابعة القديمة من ذباب من بطون بني سُلَيْم.

وقال عن أولاد موسى: عشيرة من الجويفلات بالأصابعة (غريان)، عائلاتها أولاد إبراهيم وأولاد عبد الله وأولاد خليفة وأولاد صولة وضنى موسى والعوامر.

ص: 103

وقال عن أولاد إدريس: من عشائر الأصابعة (غريان) وهم حلفاء الجويفلات، عائلاتها الشطيبات والقرابي.

وقال عن أولاد يربوع: من قبائل الزاوية الغربية وهم عرب من أبناء سنان من بطون ذُباب من بني سُلَيْم وجدهم - طبقًا لرأي البرموني - هو الوجيه بن عامر السناني السُّلمي. وقد تحدث التاجاني عن أولاد سنان وزاويتهم، أما اسم يربوع أو جربوع فهو لأحد أحفاد الجد الأكبر لهذه القبيلة وعائلات أولاد يربوع: القواضي والكريمات وأولاد زاوية والعور والحواوسة والحداروة والصمائم والبواترية والأقوام. وهم من سلالة سيدي قاسم بن عبد الحميد دفين المنطقة ومن سلالته أيضًا جد أولاد ابن مريم.

(19)

‌ البلاعزة

قال التليسي: قبيلة عربية من قبائل الزاوية الغربية ويرجح أن تكون من سلالة أبي العز بن عاشر بن حميد بن جارية الذي ذكره التاجاني فهم من الجواري من ذُباب جذم بني سُلَيْم، وتتفرع إلى أولاد عيسى (أولاد الحاج وأولاد الواعر).

وقال عن أولاد عيسى: فرع من قبيلة البلاعزة بالزاوية الغربية يضم العشائر التالية:

أولاد الحاج وأولاد الواعر وأولاد أبي شيبة وأولاد حوية.

وقال عن أولاد الحاج: عشيرة من أولاد عيسى من قبيلة البلاعزة بالزاوية، عائلاتها: الشلائبية.

وقال عن أولاد الواعر: فرع من أولاد عيسى من البلاعزة بالزاوية الغربية عائلاته الحوائسية وأولاد الواعر والخضراء والزوائكية (العمامرة).

وقال عن أولاد حوية: عشيرة من أولاد عيسى من قبيلة البلاعزة بالزاوية الغربية، عائلاتها التراكي والفرارحة والقحاوشة.

ص: 104

وأولاد عبيد: فروع قبيلة البلاعزة بالزاوية الغربية، عائلاته النصائرية والمغاربة والزقاريب وأولاد ابن عون الله.

وقال عن الحراكته: فرع من أولاد عيسى من قبيلة البلاعزة بالزاوية الغربية عائلاته السود والجلائلية والحمامدة، وذكر أن البلاعزة في حارة النشاونة بطرابلس هم أصلًا من قبيلة البلاعزة بالزاوية، ومن عائلاتهم المحامصة والحواريث والشطَّار والطلامنة.

كما ذكر أن عائلة السيد في قبيلة الطيور من قبائل تاجوراء هم أصلا من قبيلة البلاعزة في الزاوية الغربية.

(20)

‌ الرقيعات

قلت: هذه القبيلة معظم فروعها من بني سُلَيْم العدنانية.

قال التليسي: إحدى قبائل النواحي الأربع وتتألف من أولاد أحمد، وأولاد مرغم، والمرازيق، والحباشي، وبنو عطية، وأولاد وشاح، والعمور، والبكاكشة. ومن ذوي الرقيعات: أولاد أبي عائشة، وسياج الحباشي مزاوغة فوليجة، وغريب السواعدية البصرة.

وقال عن أولاد مرغم من عشائر الرقيعات فرع الأهالي، عائلاتها أولاد ذياب والصوابر والعمامرة والعتامنة. وهم عرب من بني مرغم من قبيلة الجواري من بطون ذُباب جذم بني سُلَيْم.

كما ذكر أن المراغمة في قرود الملاحة بطرابلس هم من أولاد مرغم بالرقيعات في النواحي الأربع.

كما ذكر أيضًا أن المراغمة في أولاد ذياب بطرابلس هم من أولاد مرغم بالرقيعات بالنواحي الأربع.

وكذلك أولاد مرغم في العمروس بطرابلس هم من أولاد مرغم من قبيلة الرقيعات بالنواحي الأربع.

ص: 105

وقال عن أولاد أحمد: عشيرة من الرقيعات فرع الأهالي، عائلاتها أولاد حمادي وأولاد أبي قرين والقحامصة وقماطة، ويرجع أن يكون أولاد أحمد من بطون ذباب جذم بني سُلَيْم وهم إخوة للمعروفين بهذا الاسم في ترهونة (ربع أولاد مسلَّم).

وعن أولاد أحمد في ترهونة فرع من ربع أولاد مسلَّم، فرجان الداوون فمن فروعهم السدول والختاتلة المرازيق.

وعن الغتاتلة من فروع أولاد أحمد بربع أولاد مسلَّم بترهونة، فعائلاتهم ضنى خليفة والبواريد والكرماء والبرص والدلول.

وذكر أن الهجارسة في العمروص بطرابلس هم أصلًا من أولاد أحمد من الرقيعات.

وذكر أيضًا أن الخشالفة في العمروص بطرابلس هم أصلًا من أولاد مرغم من الرقيعات.

وقال عن أولاد وشاح: عشيرة من الرقيعات فرع الأهالي، عائلاتها القلاقبة والفراولة والدغيمات السعادي، وهم عرب من أولاد وشاح من بطون ذباب جذم بني سُلَيْم.

أما السعادي فهم نازحون من برقة إلى النواحي الأربع مقر قبيلة الرقيعات.

وقال عن التمائم: عشيرة من ذوي الرقيعات، عائلاتها التمائم والدرادرة والمجاريد والمعاينون وأولاد ابن مسعود، والتمائم عرب من بطون ذباب جذم بني سُلَيْم، وأصل أولاد ابن مسعود من أولاد مسعود بورشفانة.

وذكر أن الكراميس في قبيلة الفوارس بتاجوراء هم أصلًا من قدماء التمائم من ذُباب من بني سُلَيْم.

وقال عن أولاد أبي عائشة: عشيرة من ذوي الرقيعات، عائلاتها (الغربيون): أولاد الحاج، والغرابلة، وأولاد عمر بن علي العقائلية، والخضر، والطيور.

ص: 106

(والشرقيون): البراهمة، والذكور، والنصيرات، ومرابطون.

وينحدر الغربيون من سيدي أبي عائشة دفين المنطقة وهو فرجان ترهونة.

أما الشرقيون المقيمون بأرض العلاونة فينحدرون من ولي آخر يُدعى سيدي أبي عائشة أيضًا هو من الأصل نفسه ومدفون بأرض قبيلة الرخصة.

وقال عن البكاكشة: عشيرة من الرقيعات فرع الأهالي، عائلاتها المعاتيق وأولاد زيد.

وقال عن البصرة: عشيرة من الرقيعات وهم من فرجان ترهونة وجدهم هو سيدي البصير المدفون قرب سوق الجمعة (الساحل).

وقال عن بني عطية: عشيرة من الرقيعات فرع الأهالي، عائلاتها أولاد ميلاد والتوائهية والصغائرية والبرابشة والنبصاء والمحاريم والتوانسة والعراقبة والهداورة والدرادرة. وهم إخوة للمرازيق.

والعراقبة فرجان ترهونة (مرابطون)، والهدارة والدرادرة من قماطة.

وقال عن الحباشي: عشيرة من الرقيعات فرع الأهالي عائلاتها أولاد الحبيشي والعمارنة.

وذكر أن عائلة ابن فاضل في مدينة طرابلس القديمة من عشيرة تمام الرقيعات.

كما ذكر أن القنافذة في مدينة طرابلس القديمة من قبيلة الرقيعات (شرفاء المجينين).

كما ذكر أن الخشيبات من الحشان بطرابلس من عشيرة أولاد أحمد بقبيلة الرقيعات.

كما ذكر أن أولاد أبي لسين من أولاد الحاج بطرابلس هم أصلًا من عشيرة بني عطية بقبيلة الرقيعات.

وقال عن عكارة من قبائل جنزور أصلهم من عكارة ردود الزاوية بالرقيعات في النواحي الأربع، ومن عائلاتها المكحل وزيدان واللافي وأبي تله.

ص: 107

وذكر أن الحباشي في الجديَّدة بطوابلس من عشيرة الحباشي بالرقيعات.

وذكر أن البرابشة في حارة النشاونة بطوابلس هم أصلًا من بني عطية من قبيلة الرقيعات.

وذكر أيضًا أن عزيب السواعدية من ذوي الرقيعات، ويعتبرون من أتباع الولي سيدي الساعدي (قبيلة السواعدية بغريان).

وذكر أن الوحيدات في الهجارسة بطرابلس هم من أولاد مرغم من الرقيعات.

كما ذكر أن القراوي في الهنشير بطوابلس هم من أولاد مرغم من الرقيعات.

وذكر العمور: إحدى عشائر الرقيعات فرع الأهالي، عائلاتها البكاكشة والمعاتيق وأولاد أبي زيد والعمور والشراردة والكرادنة.

وذكر أن الدرادرة مع قبيلة الغار في تاجوراء هم أصلًا من الرقيعات.

وذكر أن الكشالفة من الأهالي في المنصورة بطرابلس، وكذلك عائلة الرقيعي في المنصورة بطرابلس هم أصلًا من أولاد مرغم من الرقيعات.

(21)

‌ القطعان

قلت: ذكر الباحثون في ليبيا أن هذه القبيلة من بني سُلَيْم، وتعدُّ من أكبر القبائل في ليبيا ولها امتداد في مصر خاصة في الساحل الشمالي.

وذكر التليسي في شجرة القطعان: رضوان الأقطع أعقب موسى الذي أعقب من إحدى زوجاته عبد الرحمن وسميعون، ومن زوجة أخرى مرير وغلَّاب وعزيز ويقال لهم الديرات.

أما عبد الرحمن فمنه الرحامنة، وأما سميعون فمنه فرع سُمي باسمه واعتبر من الرحامنة.

ص: 108

قال التليسي عن أصل القطعان: طبقًا لبعض الروايات الشائعة فإن القطعان يقولون بصلة دم بينهم وبين أولاد سليمان، والجميعات وهما من القبائل العربية العريقة المعروفة، وتنحدر الأولى من ذباب والثانية من عوف وكلاهما من بني سُلَيْم الذين ما يزالون يوجدون حتى اليوم بطرابلس الغرب ومصر، بل وأكثر من ذلك يؤكد القطعان أن جدهم رضوان الأقطع وابن كعب وهو جد أكبر لبعض القبائل الأخرى المقيمة بالمنطقة، وهو ما يسمح لنا بمواجهة الافتراض بأنهم من سلالة (الكعوب) وهم المشهورون في بني سُلَيْم من قبيلة عوف التي وردت الإشارة إلى وجودها ببرقة حوالي 1100 م لدى العديد من المؤرخين، وهذه القبيلة قد تحولت بعد فترة قصيرة (قرن تقريبًا) إلى الغرب (تونس) بسبب حروب قراقوش وابن غانية، وينقسم القطعان حاليا إلى فرعين كبيرين هما الرحامنة والمريرات والفرع الأخير يعيش القسم الأكبر منه في مصر بصفة دائمة.

وقال عن الرحامنة: أحد فرعي قبيلة القطعان مواقعهم أم الركبة ويقيم بعضهم أيضًا بالعقيلة الشرقية، وكانوا قديمًا يعتبرون من صدقان القبائل والعائلات التالية:

في العبيدات (عائلتي أبي مغاثة والخادم فرع غيث، وكذلك عائلة حبيب فرع شاهين)، وفي قبيلة العبيد (عائلة شعوة)، وفي قبيلة البراعصة (عائلات حدوث وجلفاف وزائد وحسين)، وفي قبيلة العواقير (عائلتي مطاوع وإبراهيم)، وفي قبيلة المغاربة (عائلة علي) وكذلك لدى أولاد سليمان الذين كانوا يلتقون بهم في رحيلهم.

وقال عن سميعون: من فروع الرحامنة وعائلات سميعون: الهمال وأبي صرع والدنيني ورخية والعقوبة وجنات والنعيمي.

وقال عن أبي خشيم: إحدى فروع الرحامنة من قبيلة القطعان ببرقة

ص: 109

عائلاتها: داود وبيوتها (رخيص وبالحسين ومحمد وأبو شويشينة)، وإدريس وبيوتها (إسرافيل وحمد) ومواقع هذا النوع في أم الركبة.

وقال عن أبي شلوع: إحدى فروع المريرات من قبيلة القطعان وبيوتهم (الحاج يونس ورحيم وأبو عائشة وجرمة مفتاح).

وذكر أن أبا ضرع من فروع الرحامنة من قبيلة القطعان.

وذكر أن أبا العقوس من فروع المريرات من قبيلة القطعان ببرقة.

وقال عن أبي عوينة: إحدى عائلات فرع الرحامنة من القطعان ببرقة بيوتها (محمود وأبو قفة)، ومواقعها أم الركبة وطبرق.

وقال عن بريدان: إحدى عائلات فرع المريرات من القطعان وبيوتها (عبد الحميد وعلي وأبو فلح وأبو ملهط والعجل والتليسي.

وذكر أن البعجة من فروع الرحامنة من القطعان.

كما ذكر أن تريتر إحدى عائلات فرع المريرات من القطعان في برقة.

وذكر أن جنات من عائلات فرع الرحامنة من القطعان.

وذكر أن جهيمت من عائلات فرع الرحامنة من القطعان ببرقة، من بيوتها (القراد والسديس).

وذكر أن الحفيان من فروع الرحامنة من القطعان ببرقة، ومن عائلاته أبي حلفاية وبيوتها (الكومي وحمد وعيسى وبريدعة ومحمد)، وعائلة إدريس وبيوتها (الفقيه وعلي والحل داود ومفتاح ويونس)، وعائلة موسى، وعائلة عمر، وعائلة خالد. وتقيم العائلات الثلاث الأخيرة بمصر بصفة دائمة، أما العائلة الأولى فتقيم بأم ركبة وطبرق.

كما ذكر الحقيق هي إحدى عائلات فرع المريرات من القطعان.

وذكر الحماد هي إحدى عائلات فرع الرحامنة من القطعان.

ص: 110

وذكر حمد هي إحدى عائلات فرع الرحامنة من القطعان، بيوتها (نطيطيح والبعجة) مواقعها أم ركبة.

كما ذكر خالد هم إحدى فروع عائلة موسى من الرحامنة من القطعان.

وقال عن خطاب: هم إحدى عائلات فرع الرحامنة من القطعان ببرقة وبيوتها (حفيظة ورحيم وشدة وحمودة وسبيق وأبو العوراء) ومواقعها أم الركبة وطبرق.

وذكر أن الخير هي عائلة من الهراميش القطعان.

وقال عن داود: عائلة من فروع الرحامنة من قبيلة القطعان بيوتها (رخيص وبالحسين ومحمد وأبو شويشينة).

وذكر أن الدنيني عائلة من فرع الرحامنة من القطعان.

وذكر أن الربيعي عائلة من الضبعان من الرحامنة من القطعان.

وذكر أن الرخمي إحدى عائلات فرع المريرات من القطعان ببرقة، وبيوتها (حسين ورمضان وعلي وسعد وعابد).

كما ذكر أن رخيص عائلة من قبيلة القطعان توجد ضمن فرع دائخة من أولاد مغيربية من شعبة طامية بقبيلة البراعصة.

وذكر أن رخية عائلة من فرع الرحامنة من القطعان في برقة.

كما ذكر أن زهيويق عائلة من فرع الرحامنة من القطعان وهي من العائلات التي تقيم في مصر.

وذكر أن السدبس عائلة من فرع الرحامنة من جهيمة خاصة.

وذكر أن صعقار من عائلات فرع المريرات قبيلة القطعان.

وذكر أن ضبَّة عائلة من القطعان تقيم مع فرع طامية من قبيلة البراعصة.

وذكر أن الضبعان عائلة من الرحامنة من قبيلة القطعان ببرقة، بيوتها (الربيعي والمياص)، ومواقعها أم الركبة وكذلك منهم جزء بمصر.

ص: 111

وذكر أن طريطير عائلة من القطعان منضمة إلى عائلة دائخة من فروع طامية بقبيلة البراعصة.

وذكر أن عبد السيد عائلة من قبيلة القطعان.

وذكر أن عبد النبي عائلة من قبيلة القطعان من فرع المريرات ويعيش قسم منها ضمن أولاد سليمان من قبيلة العبيدات، وقسم آخر في قبيلة البراعصة، وبيوتها (أبو زويق وعقوب).

وذكر أن العقوبة عائلة من فرع الرحامنة من قبيلة القطعان.

وذكر أن غمر عائلة من فرع الرحامنة من القطعان.

وذكر عياط عائلة من فرع المريرات من القطعان ببرقة.

وقال عن الفزار: عائلة من فرع المريرات من القطعان، بيوتها (حسن ورحيل وسليمان وأبو ضية وأبو ضياء وأبو غريبة وأبو ترحي وأبو هيسة.

وذكر الغليظة من عائلات فرع الرحامنة من القطعان.

وذكر الفحيميس من عائلات فرع المريرات من القطعان.

وذكر عن الفقيه من فرع المريرات من القطعان.

وذكر قبع من عائلات فرع المريرات من القطعان ببرقة.

وذكر قبول من عائلات فرع الرحامنة من القطعان بيوتها (سالم ومقادي وحمد).

وذكر القحميش من عائلات فرع المريرات من القطعان.

وذكر أن القراد عائلة من فروع جهيمة من الرحامنة من القطعان.

وذكر قلاب أو القلالبة فرع من المريرات من القطعان ببرقة، وعائلاته حمد قرب، وجرمة، وعبد النبي، والأخيرة من بيوتها (العث وأبو رويق وعقوب). ومواقع القلالبة في ديار البراعصة وفي الجنوب من بنغازي، ومنهم فئة قليلة بمصر.

ص: 112

وذكر أن القهدي فرع من فروع الرحامنة من القطعان ببرقة، وأهم عائلاتها عائلة قبول ومن بيوتها (بيت سالم وبيت مقاوي وبيت حمد).

وقال عن كاملة عائلة من فرع الرحامنة من القطعان، بيوتها (الهدل وجامد وأبو جلال والعظامي وكرار).

وذكر أن مبارك عائلة من فرع المريرات من القطعان ببرقة.

وقال عن المعيدي عائلة من فرع المريرات من القطعان، بيوتها (أبو سالم والعنتيل وفريضة وأبو ثمنة).

وقال عن موسى عائلة من فرع الرحامنة من القطعان ببرقة بيوتها (الغليظة وزهيويق) وهذه العائلة تقيم في مصر.

وذكر أن المياص عائلة من الرحامنة من القطعان منازلها أم ركبة وقسم منها في مصر.

وذكر أن النعيمي عائلة من فروع الرحامنة من القطعان منازلها بمنطقة الخليج.

وذكر أن الهمال عائلة من فرع إسماعيل من الرحامنة من القطعان.

وذكر أن يتيم عائلة من فرع المريرات من القطعان في برقة.

وذكر أن يوسف القرعة عائلة من المريرات من القطعان ببرقة.

(22)

‌ الأحامد

قلت: هذه القبيلة ذكرها ابن خلدون في تاريخه من قبائل ذباب من بني سُلَيْم في ليبيا.

قال التليسي عن الأحامد في ليبيا: هي القبيلة التي عُرف باسمها ساحل الأحامد (الخمس)، عائلاتها أولاد مرعي والأذياب والقناوات أولاد سلطان وأولاد الحاج.

ص: 113

وهم ينحدرون من أحامد ذباب جذم بني سُلَيْم ولهم أصل مشترك مع أولاد همام بالموقع نفسه.

(23)

‌ الحرابة

قال التليسي عن فروع الحرابة التالي وهم أولاد أبي الهول ومن عائلاتها: أولاب حرب وأولاد أحمد وأولاد عون. وتقيم هذه العشيرة بمرقس وبقالة وأم صفار ونتزغت وهم يشكلون قبيلة الحرابة المعروفة، وهم إخوة لأولاد محمود والحوامد وكذلك أولاد طالب بالجوش والفياصلة بالرحيبات (فساطو) وجدهم جميعًا طبقًا للروايات المتواترة (حرب بن وشاح) فرع ذباب من بطون بني سُلَيْم، وهم ذلك يكونون بطنا من بطون المحاميد، وعلى كل حال فهم إخوة لهم.

وقال عن البدارنة: هم من عشائر الحرابة وهم جزء من قبيلة نفات التي يبدو أنها كانت تسكن قديمًا بهذه المنطقة، وقد انتقلت في عهد غير محدد على وجه الدقة إلى قابس بتونس حيث لا تزال تقيم بهذه المدينة إلى الآن.

وقال عن العساوي: من عشائر الحرابة عائلاتها أولاد عيسى بن راشد والعيائطة وهو إخوة العساوي بالزنتان (قبيلة أولاد عيسى).

وقال عن القوائد: من عشائر الحرابة، بقيقيلة، عائلاتها أولاد نصر وأولاد علي وأولاد أحمد وأولاد جلال وأولاد عون وهم من سلالة قوائدة الشاطئ بفزان.

وذكر أن جريجن من عشائر الحرابة.

وذكر أن أولاد محمود من قبائل نالوت (تيقيت) لهم أصل مشترك مع الحرابة وهم رُحَّل في البوادي بمنطقة الجبل الغربي، وعائلاتهم أولاد حامد والقلوع والملاكة وأولاد رائد والخشافلة.

وذكر أن الغزايا من قبائل نالوت (عين الغزايا أو قصر الغزايا) لهم أصل

ص: 114

مشترك مع الحرابة ومن عائلاتهم ذراري منصور وذراري ضيف الله وذراري عون والبراهمة.

وكما ذكر أن الفياصلة عشيرة ضمن قبيلة الصخور بالرحيبات لهم أصل مشترك مع الحرابة بنالوت، وتقيم هذه العشيرة بالفياصلة، وعائلاتها أولاد علاق وأولاد جلال.

(24)

‌ رياح

قلت: هذه القبيلة في فزان جنوب ليبيا هم من بني سُلَيْم، خلاف ما يعتقده البعض من أبناء هذه القبيلة أنهم من رياح بني هلال فتشابه الاسم بين القبيلتين خلق الالتباس والخطأ.

ثانيًا: أن رياح هلال هم الأشهر فتجد الجيل الحاضر ينسب نفسه للقبيلة المشهورة، والحقيقة أن رياح بني هلال جميع بطونها نزحت للجزائر منذ القرن السادس الهجري كما ذكر العلَّامة ابن خلدون ولم يبق سوى أفخاذ قليلة من رياح تسكن شمال تونس وسيأتي ذكرها.

أما رياح الديار الليبية فهم من بطون خُفاف من بني سُلَيْم ذكرهم العلَّامة ابن خلدون في تاريخ العبر ومبتدأ الخبر وهم أقل كثيرًا في العدد من رياح بني هلال كما تبين من سرده.

وذكر رياح بني سُلَيْم أبو علي الهجري في التعليقات والنوادر

(1)

وكان ذلك في أواخر القرن الثالث وأول القرن الرابع بعد الهجرة أيام وجودهم في جزيرة العرب في ديار سُلَيْم وقبل نزوحهم إلى مصر ثم بلاد المغرب في القرن الخامس الهجري، حيث قال أبو علي الهجري في نسب رياح أنهم من رياح بن يقظة بن خفاف من امرئ القيس بن بُهثة بن سُلَيْم.

(1)

انظر التعليقات والنوادر، ص 1764 طبع في المملكة العربية السعودية - رتبه وحققه الشيخ العلامة حمد الجاسر رحمه الله.

ص: 115

قال التليسي في معجم سكان ليبيا عن رياح في فزان: هم إحدى قبائل سوكنة وهم من فرع رياح من بني سُلَيْم، وفروعهم: أبو راس والملامدة والمحيمدات وأبو شيبة والشلمان أو الأسوَّد، والفرعين الأخيرين ليسا من رياح.

(25)

‌ المرازيق

قلت: هذه القبيلة من قبائل ذُباب من بني سُلَيْم، وتنتشر في مصر وليبيا وتونس والجزائر وسيأتي التفصيل عنها في قبائل سُلَيْم في تونس.

وقال التليسي عن المرازيق في ليبيا: المرازيق عشيرة من فروع الأهالي بالرقيعات، عائلاتها أولاد مسعود والمجاذيب والبلانو والجعادي والعواشير والمعاتيق والرخاوات والبراهمة والعمارنة والعلالصة، وهم من مرازيق أولاد سالم من بطون ذباب جذم بني سُلَيْم، وهم إخوة لقبيلة بني عطية بالرقيعات ويحتمل أن يكونوا إخوة لمرازيق العلاونة، أما العلالصة فهم وافدون من قماطة بالجفارة.

وقال عن مرازيق أولاد أحمد بربع أولاد مسلَّم بترهونة، عائلاتهم الشعابنة واللزمة والوبرة، وأولاد أحمد عرب يُرجح أن يكونوا أيضًا من ذُباب من بني سُلَيْم وهم إخوة للمعروفين بهذا الاسم في الرقيعات النواحي الأزبع.

وقال عن مرازيق فرع الأهالي بالعلاونة، عائلاتها الدغامنة والدوالي والمراجنة والجوامع وأولاد ابن ضو، كما ذكر أن المرازيق في العمروص بطرابلس هم أصلًا من مرازيق الرقيعات.

(26)

‌ الحطمان

قال التليسي: هي من قبائل وادي الشاطئ، وعائلاتها الرغاوي وبيوتها (أولاد عبد الله والمساعيد والسوسة) وضنى ضو وبيوتها (الهماملة والمطيقات والقرجة والمساعدية والمسالجية) وهم معتبرون من بني زغب من بطون بني سُلَيْم، ولضنى ضو، فروع في الوادي الغربي (الغريفة) والمسالخية هم من مسالخية مزدة.

ص: 116

وذكر أن عائلات بلدة الغريفة في فزان هم من حطمان وادي الشاطئ وهم: ضنى ضو، وبيوتها (السلاطنة وأولاد عبد الجليل والرغاوي والعبيدات) والعبيدات من الحمام بوادي عتبة.

(27)

‌ الزغيبات

قلت: هذه قبيلة من بني سُلَيْم كلما تقدم ذكرها نقلًا عن عبد الرازق منَّاع.

قال التليسي: إحدى فروع قبيلة القبائل، ومن عائلاتها: فنيش وأبو لطعة والأعرج والقصيوي ولهمة وحتيفة وأجدة وموسى.

وسنفصل عن هذه القبيلة في مصر في فصل قبائل سُلَيْم في الديار المصرية والتي سيأتي ذكرها.

(28)

‌ المحاربية

قال التليسي: من قبائل وادي الشاطئ من فروعها أو عائلاتها: أبو زيد وضنى رحومة والشيباني وجلود ومحمد وبوترحي وأبو عزوم.

والراجح أن أصل هذه القبيلة من محارب من عرب هيب من بطون بني سُلَيْم.

(29)

الحمارنة

ذكر التليسي من قبائل سُلَيْم وهم ضمن المصابحة من فرع العوامر من ربع أولاد مسلَّم بترهونه، وأضاف أنهم من حمارنة تونس من المرابطين وهم عرب من بطون ذباب جذم بني سُلَيْم.

(30)

‌ أولاد "أبو الهول

"

ذكرهم ابن خلدون من فروع حكيم من علَّاق من بني عوف من بني سُلَيْم في تونس وكانوا حلفاء أولاد "أبو الليل" من الكعوب.

قال التليسي: إن هذه القبيلة تشكل جزءا من قبيلة الحرابة وجزءا من قبيلة الزنتان وكلاهما من سُلَيْم وتقدم ذكرهما.

ص: 117

(31)

‌ أولاد "أبو الليل

"

ذكرهم ابن خلدون في تاريخ العرب وقال: هم أهل الرياسة على الكعوب وسائر عوف في تونس، والظاهر أنهم نزحوا إلى ليبيا أواخر القرن الثامن الهجري بعد تغلب الدولة الحفصية عليهم وعلى حلفائهم من حكيم وبني علي من علَّاق من عوف.

قال التليسي: هم قبيلة من قبائل منطقة غدامس، عائلاتها أولاد بو بكر وبيوتهم (أولاد الحاج أبي القاسم وأولاد عاشور وأولاد باطار)، وأولاد جيجي وبيوتهم (أولاد زيد وأولاد عموش وأولاد مزي)، والبساطمة وبيوتهم (أولاد عون وأولاد حامد وأولاد ابن موسى) وأضاف: يحتمل أن يكونوا من القبيلة المعروفة بهذا الاسم في علَّاق فرع عوف من بني سُلَيْم ويقيم هؤلاء في ليبيا بمنطقة غدامس في شارع "أبو الليل".

(32)

‌ أولاد "أبو طالب

"

ذكرهم ابن خلدون في تاريخ العبر من فروع الكعوب وكانوا ألد أعداء لأولاد "أبو الليل" من الكعوب وينافسونهم في الرياسة على االكعوب وكان السلطان الحفصي يقدمهم نكاية في أولاد "أبو الليل" بعض الأيام كما ألمح لذلك ابن خلدون عن تاريخ بني سُلَيْم في البلاد التونسية.

قال التليسي: إن أولاد أبو طالب من فروع الصيعان بالجوش، وعائلاتهم المواجد والحرامية، وذراري محمد بن علاق والجبيهات والعلاونة.

وأضاف أن لهم أصلا مشتركا مع الحرابة والحوامد بنالوت وكذلك الفياصلة بالرحيبات (فساطو) وينحدرون من ذباب جذم بني سُلَيْم.

(33)

‌ القوائد

ذكرهم التليسي في معجم سكان ليبيا من قبائل وادي الشاطى (ونزريك) وقال: عائلاتهم العرائبية والسلاطنة والكراعات والشهب وزغراته، ويحتمل أن

ص: 118

يكونوا من بني زغب (عرب بني سُلَيْم) وهم إخوة لقوائد الحرابة بنالوت، أما زغراته فهي من الشريدات من أولاد سليمان.

قلت: ولعلهم من قائد بن جرير بن تميم بن عمرو بن وشاح من ذُباب الذين ذكرهم ابن خلدون.

(34)

‌ السَّعة (أولاد سبَّاع)

ذكرهم التليسي من قبائل منطقة الرجبان، عائلاتها القوائدة والموازين وأولاد جلال وأولاد مرسيط والمناخات، واللحمة الأخيرة من بطون المحاميد (الحوض) ويقيم القوائدة بقصر دلة، أما لحمة الموازين ولحمة أولاد جلال فتتبعان الرجبان (عشيرة أولاد ذؤيب) ويقيم أولاد مرسيط والمناخات بوادي ميمون شرقي درج وهم حلفاء الزنتان.

قلت: ولعلهم من أولاد سبَّاع بن يعقوب بن عطية بن رحاب بن محمود بن طوق بن وشاح والذين ذكرهم ابن خلدون من رؤساء المحاميد، ومساكنهم كانت بين قابس (تونس) ونفوسة (ليبيا) في القرن الثامن الهجري.

(35)

‌ عرادة (طرابلس)

قال التليسي: تنقسم عرادة إلى الأهالي: أولاد عبد الله وأولاد علي وأولاد الحاج وأولاد خليفة وأولاد قدَّاح، وأولاد "أبو حامد" والعوام وقرود عرادة وعرقوب عرادة.

والأشراف هم: الجرانات وأولاد ابن مرمية.

والمرابطون يعتبرون من الأشراف وهم أولاد ابن سعد.

والمرابطون: وهم أولاد الساعدي.

والقولوغلية: وهم الزلاليق.

وتشكل اللحمات الأربع الأولى قبيلة قديمة واحدة يرجح أن تكون منحدرة من بني عراد من بطون بني عوف جذم بني سُلَيْم.

ص: 119

قلت: وذكر ابن خلدون عراد من أولاد يعقوب من حكيم من حصن بن علَّاق بن عوف من بني سُلَيْم.

أضاف التليسي عن بقية اللحمات في عرادة بأنها وافدة من مناطق مختلفة كالتالي:

فأولاد قدَّاح وأولاد أبي حامد والعوام من غريان، وقرود عرادة وعرقوب عرادة هي عائلات وافدة من أماكن مختلفة، وأولاد ابن سعيد من سيدي سعيد المدفون بالقبيلة، وأولاد الساعدي من سواعدية غريان.

(36)

‌ أولاد بريك

قال التليسي: هم قبيلة من ربع بني نصير بغريان، عائلاتها أولاد غملين وأولاد مصباح وأولاد غنيم، ويحتمل أن يكونوا من المعروفين بهذا الاسم من بني عوف من بطون بني سُلَيْم.

(37)

‌ أولاد نماء

قال التليسي: من قبائل ساحل الأحامد، عائلاتها أولاد "أبو فاطمة" والحويجات والحصنة وابن يونس وابن يحيى وابن القائد والقشيرات وأولاد علي والربائع.

وأضاف: يرجح أنهم ينحدرون من الفرع الذي يحمل هذا الاسم في بني عوف جذم بني سُلَيْم.

(38)

‌ أولاد أحمد

قال التليسي: من فرع أولاد مسلَّم بترهونة، ومن فرجان الداوون وتتكون من العشائر التالية: السدول والختاتلة المرازيق، ويرجح أن يكونوا من بطون ذباب جذم بني سُلَيْم، وهم إخوة لأولاد أحمد في الرقيعات (النواحي الأربع).

وقال عن السدول: هم عشيرة من أولاد أحمد بربع مسلَّم بترهونة، عائلاتها العوج والحجل وضنى التواتي وضنى مجاهد والبشراء.

ص: 120

(39)

‌ أولاد زايد

قال التليسي: إن أولاد زايد في بلدة القرصة بفزان هم من سلالة سيدي رائد وهم طبقًا للروايات المحلية المتواترة من بني سُلَيْم وهو دفين القرضة.

وذكر أن البراهمية في القرضة بسبها هم من أولاد زايد.

(40)

‌ الحوامد

يرجح نسبها إلى ذُباب من سُلَيْم.

ذكر التليسي أولاد سعد من فروع الحوامد، وعائلاتها القريقات وأولاد راشد وأولاد خليفة وأولاد سباع وأولاد اللطيف والسوالم والعيبيون.

ويقيم القريفات وأولاد سباع وأولاد اللطيف في تيركت، وقسم من الفريقات وأولاد راشد وأولاد خليفة والعيوبيون بالخربة، أما السوالم فيقيمون بأم زقار بتونس.

كما ذكر الخناوسة من فروع الحوامد (بتيركت) وعائلاتها أولاد المنتصر وبيوتها (أولاد سعيد والقرامة وأولاد مهلهل وأولاد محمد، ولهم أصل مشترك مع قبيلة الحرابة).

ص: 121

‌قبائل سُلَيْم في الجزائر بالوقت الحاضر

تمهيد: ذكر المؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني في تاريخ الجزائر الصادر عام 1350 هـ / 1931 م على نفقة الشعب الجزائري قال:

ما يؤثر عن عبد الرحمن الكواكبي قوله: العرب يخالطون ولا يختلطون، فالعربي صعب الاندماج في غيره، شديد المحافظة إلى الدرجة القصوى على ذاتيته، غيور قوي الغيرة على عروبته وما تنطوي عليه من عوائد وأخلاق وسجايا، فترى القبائل العربية الكبرى في أرض الجزائر اليوم (في منتصف القرن الرابع عشر الهجري) وخصوصا المستقرة بالزاب والصحراء والهضاب العُليا أو المستقرة في عمالة وهران كبني عامر (زُغبة الهلالية) أو بني هاشم

(1)

(الأشراف) تعيش نفس العيشة التي كان عليها أسلافها وتتكلم نفس اللسان الذي كانوا يتكلمون به وتتخلق بعين الأخلاق التي كانت أخلاق السالفين، وقد حافظوا بعبارة أخرى على جميع الكليات والجزئيات التي كانت لبني هلال وبني سُلَيْم من حيث اللغة والاخلاق والعوائد والعقلية والنفسية، فالصبي العربي اليوم يمثل الصبي العربي النازح مع أبيه وأمه من الحجاز ونجد، والراعي العربي يمثل ذلك تمثيلًا صحيحًا الراعي الهلالي والسيد العربي اليوم هو نفس السيد العربي الذي كان يسود القبائل نحو بلاد المغرب، والمرأة العربية اليوم هي نفس المرأة التي تمثلها الجازية وتعرف من شهيرات بني هلال، إلى درجة أنك إذا استقر بك المقام في خيمة عربية في أي ناحية من نواحي الجزائر أمكنك أن ترى وأن تسمع نموذجًا حيا من نماذج العرب الأولين كأنهم لا يزالون يرعون السائمة بين الحجاز ونجد.

والعربي ذكي إلى درجة مفرطة فصيح طلق اللساد ولو كان أميا وكريم إلى

(1)

قبيلة بني هاشم من ذرية السبط الحسين بن علي بن أبي طالب وينتمي إليها المجاهد البطل عبد القادر الجزائري الذي قاوم الغزو الفرنسي للجزائر في عام 1830 م حتى عام 1847 م ثم نفي إلى باريس ونقل إلى دمشق مع بعض أسرته وتوفي بها رحمه الله.

ص: 122

أقصى حدود الكرم، شجاع إلى درجة الجرأة، فارس يعشق فرسه ويتغنى بذكر محاسنه، شريف النفس إلى حد التضحية بماله ومصالحه وذاته في سبيل الشرف، متمكن فيه الإسلام قوي الثقة بالله، متواكل أحيانًا إلى درجة التفريط والكسل! والعربي يختلف عن البربري في أرض الجزائر في أمرين أساسيين هما:

(1)

البربري مقتصد يفكر في غده أكثر مما يفكر في يومه، أما العربي فلا يعرف للاقتصاد معنى، إن كان غنيا فهو شديد الإسراف يعيش عيشة البذخ والعظمة إلى أن يفنى ماله، وإن كان متوسط الحال فهو ينفق عن سعة كل ما يتحصل عليه من مال فلا تلبس أن تراه في فاقة واحتياج، وأما إن كان فقيرًا فهو لا يفكر إلا في قوت يومه فإن تحصَّل على أكثر من ذلك لم يفكر في الغد أصلًا.

(2)

والبربري

(1)

حقود شديد الحقد، والعربي متسامح مفرط في المسامحة، وإن أساء مسيء إلى بربري حفظ له البربري ضغينة وحقدًا وجعل همه الانتقام من المسيء ولو اعتذر وأناب!!

وإن أساء مسيء إلى أعرابي ثم ابتسم له ومد له يده ونسي الإساءة من قلبه مد العربي فورًا يد الصداقة والأخوة بكل إخلاص وانعطاف، والعربي بطبيعة

(1)

قول المدني هنا لا يعني أن نقلل من شأن البربر المسلمين في الجزائر، فهم إخوة أعزاء لنا تربطنا بهم أواصر الدين والوطن، وقد برهن البربر منذ عام 1954 م عند اندلاع الثورة التحريرية في الجزائر أنهم أبطال حرب التحرير طوال سبع سنوات ونصف سنة من القتال الدامي في حرب مأساوية شرسة ضروس، وقد ساهم أبناء قبائل البربر من الشاوية (هوارة وزناتة) في الأوراس، وكذلك بربر (صنهاجة) في بجاية على الساحل الشرقي بكل قوة في سبيل تحرير الوطن الجزائري من براثن الاستعمار الفرنسي الذي جثم على صدر الجزائر 132 عامًا، ويا للعجب بعد أن ضاع الأندلس من العرب بمساعدة الإفرنج للإسبان يريدون أن يأكلوا قطعة غالية من وطننا العربي ويقطعوا أوصال المغرب العربي، ولكن هيهات فلقد صمم العرب في الجزائر مع إخوانهم البربر على تقديم أي ثمن للحرية، وحقًّا فقد كان باهظًا من أرواح مليون ونصف مليون من أبناء الشعب الجزائري وتدمير ثمانمائة قرية وتشريد الآف وإحراق الغابات والجبال بالطائرات، وحقا فقد نال القسط الأكبر من الضغط الاستعماري هؤلاء البربر بكل صبر وثبات، وكان الجيش الجزائري يسمي الأوراس الذي به أغلبية البربر (نيران الأوراس) تلك الجبال التي كان فيها البارود ينطلق يُدوِّي للحرية ولم يسكن إلا بخروح آخر جندي فرنسي من أرض الجزائر العربية المسلمة، وكما يقول قائل إن باب الحرية الحمراء لا يُدق إلا بأيدي مضرجة بالدماء، أو كما قال الشاعر أحمد شوقي:

وللحرية الحمراء باب

بكُل يد مُضرجة يُدَقُّ

ص: 123

الأرض التي يعيش فيها أقل صبرًا على العمل من البربري وأكثر إخلادًا إلى الراحة، ثم إن العربي يعيش أغلب الأحيان في تنقل دائم مع سائمته يرتاد لها المراعي وله مضارب الصيف ومضارب الشتاء، أما البربري فهو كما رأينا آنفًا مستقر في أرضه لا يبرحها وفقد روحه أهون عليه من فقد أرضه أو منزله، والعرب مُغرمون بحفظ القرآن وخاصة في الزوايا الكبيرة المنتشرة في الصحراء، والعرب يمثلون الآن بأرض الجزائر نحو أربعة أخماس السكان المسلمين، أما الخمس فهو يؤلف من القبائل البربرية التي حافظت على بربريتها في الجبال، واللغة الغالبة في الجزائر هي اللغة العربية، واللغة العامية العربية موجودة على نطاق كبير في الهضاب العليا والصحراء الجزائرية وأواسط وجنوب بلاد تونس، وهي أوضح لغة عربية أغلب عباراتها أو 98% منها فصيحة قرآنية ولكن تنطق بدون إعراب، بل إن العربية العامية في صحراء الجزائر هي أفصح كثيرًا وأقرب إلى لغة القرآن من العامية التي يتكلمون بها في بعض المناطق في الجزيرة العربية أو اليمن (منبع العرب)، وقد تعاملت مع بعض أعراب الحجار واليمن فكنت أرى أن أغلب العبارات العامية التي يستعملونها بعيدة عن العربية الفصحى، وقبائل العرب في صحراء تونس والجزائر ينطقون الأحرف كلها حتى الآن كما كان ينطقها رجال قريش قديمًا! (انتهى قول المدني).

‌السلميون في الجزائر

حصر المؤرخ أحمد توفيق المدني

(1)

قبائل سُلَيْم بن منصور العدنانية في بلاد الجزائر في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، أي عام 1350 هـ/ 1931 م وقسَّمهم إلى ثلاثة أقسام هي:

"ذباب بن مالك"، و"زغب بن مالك"، و"عوف بن بُهْثَة".

(1)

عن تاريخ الجزائر، طُبع على نفقة الشعب الجزائري عام 1350 هـ / 1931 (في عهد الاحتلال الفرنسي وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدلُّ على تمسك الشعب الجزانري العميق بعروبته وإسلامه حتى وهو مُكبَّل بالاحتلال لأكثر من قرن وقتئذ، كما تُعدُّ منقبة للمؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني رحمه الله.

ص: 124

(1)

قبائل ذباب: ومنهم أولاد أحمد، وبنو يزيد، وصبحة، وحمارنة، وخارجة، وأولاد وشاش

(1)

وفيهم (حريز - جواري

(2)

- محاميد)، وأولاد سليمان

(3)

، والنوائل، وأولاد سنان، وأولاد سالم وفيهم (أولاد مرزوق - علاونة - عمايم).

(ب) قبائل زغب: (لم يُفصِّل عن فروعهم في الجزائر).

(ج) قبائل عوف: منهم جذمان:

1 -

مرداس وفيه فرعان كروب ودلاج، وكروب فيه بنو علي وبنو أبو الليل، ودلاج فيه طرود.

2 -

علَّاق ومنه حصن وتفرع من حصن (بنو علي)، و (بنو حكيم).

فمن علي قبائل: بدارنة، وأولاد نامي، وأولاد صُرة، وأولاد مري، وحضرة، وأولاد أم أحمد، وأهل حُصين، ومصاوية، وحمر، وجمياط، ورجيلان، وهجر، ومقعد.

ومن حكيم قبائل: أولاد صابر، والشعانبة، ونُمير، وجوين، وزياد، وملاعب

(4)

، وأحمد، ونوة.

ومن قبائل علَّاق أيضًا ومهلهل، ورياح بن يحيا، وحبيب.

وهناك قبائل محالفة لسُلَيم في بلاد الجزائر مثل:

قُرة - عُدوان - طرود - ناصرة - عزة (شمال

(5)

، ومُحارب).

(1)

الصحيح وشاح، وذكره ابن خلدون وشاح بن عامر بطن من ذُباب من سُليم منهم بنو حميد بن جارية بن وشاح (الحواري)، وبنو حريز بن تميم بن عمرو بن وشاح، وبنو محمد بن طوب بن بقية بن وشاح (محاميد)، (انظر تاريخ العبر ج 6 ص 24، 85).

(2)

الجواري: منهم قسم انضم إلى قبيلة العوازم العامرية في السعودية والكويت، ويطلق عليهم الجوارية (انظر عنهم في المجلد الخاص من الموسوعة).

(3)

الصحيح آل سليمان وذكرهم العلامة ابن خلدون من قبائل ذباب بن مالك، أما أولاد سليمان فقد ذكرناها من قبائل ليبيا ومنها في مصر وهي من علاق بن عوف، والظاهر أن المدني بدَّل آل إلى أولاد.

(4)

ملاعب: وهم الملاعبة ومنهم مع العوازم فخذ بنفس الاسم، وفخذ آخر مع قبيلة مُطير وكلتا القبيلتين في السعودية والكويت

(5)

شمال ذكرها ابر خلدون (بالشين) والصحيح ثمال (أولها ثاء) كما ذكرتها بعض المراجع القديمة قبل ابن خلدون وذكرها بعض المؤرخين أيضًا سمال (بالسين).

ص: 125

قلت: قُرة معروف أنها هلالية وبعضها حالف سُلَيْم وبعضها انضم لهلال في خروج ماضي بن مقرب معهم عندما تزوج الجازية والباقي في برقة بليبيا - كما أسلفنا، أما عَدْوان فهم من قيس عيلان وبعضهم في حلف هلال وهي لها باقي في بلادها بالمملكة العربية السعودية حتى الآن، والطرود من فَهْم من قيس عيلان وبعضهم في حلف هلال، أما عزة وناصرة فهي قبائل من سُلَيْم منذ القرن الخامس الهجري، وقد رجح ابن خلدون نسب ناصرة لذباب بن مالك.

وشمال والصحيح (ثمال) ذكرهم ابن خلدون من هيب في برقة.

‌توضيح آخر من المدني الجزائري

ذكر أحمد توفيق المدني: أن قبيلة يزيد من ذباب بن مالك مستقرة في منطقة مدينة سور الغزلان. وعن قبيلة مرداس بن عوف فقال: إنها في نواحي مدينة قسنطينة وقرب عنابة أو ما بين المدينتين في شمالي شرق الجزائر، وذكر أن مرداس هؤلاء لم يحافظوا على أصولهم العربية القُحَّة مثل سائر قبائل سُلَيْم البادية في أرض الجزائر، وقد التحمت مرداس مع بعض عشائر البربر بالجوار والمصاهرة ولكن عنصر مرداس العربي ابتلع العنصر البربري، وقد ظهرت رغم هذا الاختلاط سمة عربية على أفراد قبيلة مرداس.

وقال المدني: إن في القسم الجنوبي من أرض الواحات الصحراوية ومركزها مدينة ورقلة تشمل هذه المنطقة مناطق رملية شاسعة تُدعى الواحدة منها العرْق وهي موطن الأعراب البادية (الشعانبة) الذين يعتنون بتربية الإبل (المهارة) ويبلغ عدد فخوذهم نحو الثلاثين ألفًا، وبعد ذلك في عمق الصحراء الجزائرية يأتي الطوارق وهم من البربر وعددهم عشرة آلاف وعليهم سلطان يسمى أمينو كال وهو مسلم الديانة وظيفته حفظ الطوارق الملثمين تحت السلطة الفرنسية (ذاك الوقت أيام الاستعمار الفرنسي لدول غرب إفريقية)، ويسمي الأعراب في الجزائر منطقة ما وراء بلاد الهُقار (الطوارق) باسم "بلاد الرعب والعطش"؛ لأن القوافل تسير وسط الرمال المحرقة نحو الثمانين كيلو مترًا في اليوم لا تجد بئرًا ترتوي منه، وتبلغ هذه المغامرة ما يناهز ثلاثمائة كيلو متر، وكثيرًا ما راحت قوافل عديدة ضحية السراب والظمأ، ثم تبدأ بلاد السودان الفرنسي (وقتئذ) وهي حاليًا دولتي النيجر ومالي.

ص: 126

‌ما ذكره الدكتور يحيى بوعزيز عن قبيلة الشعانبة وبعض قبائل الصحراء الجزائرية

(1)

ففي ص 141 أوضح في خارطة من وثائق الكتاب بيَّن فيها بعض الواحات بصحراء الجزائر، وبيَّن فيها امتداد القتال والمطاردة لثوار الجزائر من المقرانيين وأولاد سيدي الشيخ والشريف عبد الله وأبو شوشة وغيرهم في تلك المناطق التي تعتبر هي بلاد العرب من الشعانبة من سُلَيْم، وشماليهم بلاد المخادمة والسعيد عُتبة وبني ثور وحميَّان من الهلالية وبعض قبائل البربر في إقليم ميزاب.

وقد قسَّم الدكتور يحيى فروع الشعانبة - حسب أقوال العامة في الصحراء - إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول شعانبة بورزقة

(2)

في جنوب وادي متليلي ومدينة غرداية وهم يسيطرون على منطقة شاسعة من الصحراء تمتد حتى وادي لواه ووادي زرقون غربًا وجيرانهم فيه أولاد يعقوب الدواودة من رياح الهلالية.

ثم القسم الثاني إلى الشرق وهم شعانبة البوروبة

(3)

ويسيطرون على ديار شاسعة من الصحراء الجزائرية أيضًا، تقع جنوب وشرق مدينة ورقلة ووادي ميزاب، ويقع بها الكثير من الوديان التي تمتد من الغرب إلى الشرق مثل وادي سبسب ووادي الفحل ووادي زهرة ووادي تغير، وهذه الوديان من جهة الغرب تشاركهم فروع شعانبة بوررقة، كما تقع في ديار شعانبة البوروبة في مناطق العِرق الشرقي (أي كثبان الرمال) الكثير من الحواسي (الأبيار)، وهي مناهل للبوادي من رعاة الإبل والأغنام من الشعانبة، وأشهر هذه الحواسي في صحراء الجزائر الشرقية من الشمال إلى الجنوب الشرقي هي حاسي مسعود، وحاسي طرفاية، وحاسي

(1)

انظر ثورات الجزائر في القرنين التاسع عشر والعشرين - الطبعة الأولى، دار البعث للطبع والنشر - قسنطينة.

(2)

سُمي هؤلاء في القرن التاسع عثر باسم زعيمهم المشهور في الصحراء وهو بوررقة أحمد بن أحمد، وذكره الدكتور يحيى بوعزيز أن له غزوات ضد قبائل المغرب الذين قاموا بالاعتداء على بعض البوادي من الشعانبة في وادي زرقون غرب متليلي.

(3)

نسبة إلى حاسي (بئر) البوروية جنوب شرق مدينة ورقلة في قلب الصحراء الجزائرية، وبه زاوية تُسمى زاوية البور، الآن وَشيخها بواري عبد الباري بن بوشراير من الشعانبة.

ص: 127

بوروبة، وحاسي بوغل، وحاسي المجيرة، وحاسي بولوة، وحاسي القطار، وحاسي بلغازل، وحاسي المقربة، وحاسي جريبية، وحاسي بلحيران، وحاسي تامزقيدة، وحاسي المخابرة.

ومن الشمال إلى الجنوب الغربي هي: حاسي الفرجاني، وحاسي العشية، وحاسي ابن جديَّان، وحاسي قدور، وحاسي الجمل، وحاسي زميلة، وحاسي قور دعيش، وحاسي غزال، وحاسي ابن عبد القادر، وبعض هذه الحواسي تسيطر عليها فروع أخرى من الشعانبة من القسم الثالث في الجنوب - الآتي ذكرهم - كما تقع قرى في ديار شعانبة البوروبة مثل الرويسات وعجاجة والشط وحب الريش وعين البيضاء وغيرها تابعة لورقلة، وفي شمالي ورقلة تقع ديار قبيلة المخادمة في وادي النساء وتشارك بعض فخوذ الشعانبة سكن هذا الوادي مع بعض أفخاذ من قبائل أولاد نايل والعطاطشة والأرباع والحرازلية وغيرها من القبائل في الصحراء الجزائرية، والمخادمة هم فرع من عرب الهلالية من هوازن أبناء عمومة الشعانبة من عرب سُلَيْم، وتجدهم حلفاء لهم بل وتابعين لشعانبة البوروبة على مر الأزمان.

ومن أشهر بطون شعانبة البوروبة هم أولاد فرج ومنهم محمد حاود زعيمهم أيام الثورة في الصحراء على الفرنسيين - في بداية الغزو الفرنسي - كما منهم أولاد بلقاسم (القواسمة) وأولاد علي بن عبد الله وأولاد إبراهيم وأولاد زيد وأولاد معمَّر. ونزح قسم من ولاد فرج من شعانبة البور إلى الواد سوف قرب جدود تونس وهم (الشعانبة السوافة) وأشهرهم (أولاد الطيب بن عمران) ولهم شهرة واسعة لدى سكان الصحراء خاصة منطقة الواد سوف، وكانوا ألد أعداء فرنسا وظلوا ثائرين لمدة عشرين عامًا في الصحراء الجزائرية، ولهم ذكر في ثورات الجزائر، وبعد أن ضَعُفت المقاومة

(1)

في صحراء الجزائر للقوات الفرنسية هاجر

(1)

انتهت المقاومة الجزائرية للقوات الفرنسية في صحراء الجزائر رسميا 1882 م، وكان آخر المقاومة من قبائل الشعانبة وأولاد سيدي الشيخ والطوارق تحت اسم (المداقانة) وكان مركزهم عين صالح، وفي هذه السنة تم احتلال فرنسا للقطر التونسي، كما تم احتلال بريطانيا لمصر في نفس السنة أيضًا.

ص: 128

معظمهم إلى تونس الخضراء منذ عام 1868 م. ومن المعروف أن أشهر حقول البترول الجزائري تقع في حاسي مسعود والعقرب القاسي وهي من ديار شعانبة البوروبة.

أما القسم الثالث من الشعانبة فيُطلق عليهم (شعانبة المواضي)، وهم جنوب القسمين السالف ذكرهما، وبلادهم في عمق الصحراء الجزائرية متصلة بديار شعانبة البوروبة، ومن وديانهم وادي زرارة يمتد في الغرب إلى الشرق، ويقع جنوب وادي تغير ومواز له، كما يقع إلى الجنوب منه وادي الغنم، ثم وادي الجاوة وشرقه وادي خشابة الذي تصب فيه أودية زرارة والغنم والجاوة.

وفي بلاد شعانبة المواضي بعض الحسيان (الآبار) مثل حاسي ملاح وحاسي قور غزال وحاسي ابن عبد القادر وحاسي خشابة وحاسي بوسيف، إلى جانب بعض القرى الصحراوية مثل عين الطيبة وقور بوخلولة وقور ورقلة والغولية وضاية الصفصاف والمملوك، وأهم المدن الصحراوية التي تعتبر معقلهم هي المنيعة

(1)

أو كما يسميها الجغرافيون (القليعة) والتي تقع بعدها هضبة تادميت، ثم مدينة عين صالح التي يسكنها بعض الشعانبة المواضي.

ومن أشهر وأكبر فروع شعانبة المنيعة (أولاد زيد)، ومنهم أولاد الأشهب المواضي.

كما توجد فروع أخرى مثل المسعود ومعمَّر وبلقاسم والخنابيش وأولاد فرج وأولاد إبراهيم ومنهم ولاد عايشة.

ونُلخص بعض نصوص كتاب ثورات الجزائر التي ذكرت قبيلة الشعانبة من بني سُلَيْم:

ففي ثورة الشريف محمد بن عبد الله على الفرنسيين عام 1842 م حتى 1871 م في الجزائر.

(1)

المنيعة: مدينة صحراوية يسكنها قسم من عرب الشعانبة ويشاركهم بعض الطوارق والزنوج.

ص: 129

* وبعد سيطرة الشريف على ورقلة، فكَّر في السيطرة على تقرت التي تخضع لسلطنة عائلة ابن جلَّاب منذ أزمنة طويلة، فاتجه إليها وانضم إليه سلطانها السابق سليمان بن جلاب الذي كان قد عزلهُ الفرنسيون وعوضوه بابن عمه عبد القادر بن جلَّاب، كما انضم إليه أيضًا سكان متليلي يوم 12 سبتمبر 1851 م، وهاجموا جميعًا أولاد مولات بالزيبان، ثم هاجموا سليمان بن جلَّاب، وقتلوا له 85 رجلًا وأرغموه على الاعتصام في قصره، وعلى أثر هذه الحوادث غادر ابن عبد الله تقرت واتجه إلى جبال عمور لجمع المزيد من الأنصار والأتباع، وصادر أملاك عائلة شبيخ نقوسة - شمال ورقلة - واعتقل أفرادها كالشيخ بوحفص وإخوانه وسجنهم بالرويسات قرب ورقلة، وغزا بعد ذلك في شهر ديسمبر دوَّار ساعد بن سالم في أولاد نايل، وأخذ يستعد لغزو مدينة بريان الميزابية، وباقي مدن ميزاب الأخرى طالبًا منها الخضوع، وتقديم فروض الولاء والطاعة، ولكنهم رفضوا وأعلنوا استعدادهم لمحاربته، وتحدّوه إذا أراد القتال أن يتجه لمحاربة الفرنسيين أعداء البلاد، ويظهر أنه لم يكترث لهذا التحدي فاقترب من متليلي وعسكر إلى جنوبها صحبة عدد من قبائل البادية (الشعانبة) والمخادمة والأرباع، وبعد مناوشات صغيرة ومحدودة عاد أدراجه إلى وزقلة وعيَّن الشيخ الطيب بن بابيه شقيق الشيخ بوحفص رئيسًا على نقوسة.

* أورد شارل فيرو، رواية ذكر أنها كانت السبب في ثورة سي سليمان بن حمزة وأفراد عائلته من قبيلة "أولاد سيدي الشيخ"، وهي أنه حصلت في مدينة القرارة بمنطقة ميزاب مشاجرة بين الصفين الشرقي والغربي عام 1863 م، وتمكن رئيس الصف الغربي إبراهيم بن بوهون من شراء تأييد الباش أغا سليمان، ورئيس شعانبة متليلي، ومخادمة ورقلة، فشنَّ هجومًا على خصومه ونال منهم، وعرفت السلطات الفرنسية الاستعمارية الغازية أسماء المعتدين من أعوانها، فطلبت من الباش أغا سي سليمان أن يوقفهم، ولكنه تباطأ وأخذ يستعد منذ ذلك اليوم للثورة المسلحة، وأكد لأفراد عائلته بأن الفرنسيين الذين قتلوا أباه سي حمزة، وأخاه بو بكر، لا يترددون في قتله هو كذلك والتخلص منه.

ص: 130

"إعلان الجهاد وإبلاغه لسكان الصحراء الجزائرية من زعيم أولاد سيدي الشيخ" وبعد أن اتخذ سي سليمان القرار الحاسم بالثورة ضد الغزاة الفرنسيين، كلف كاتبه سي الفضيل "من قبيلة أولاد نايل" بتحرير الرسالة التالية وإبلاغها إلى كل القبائل والعروش والمقاديم والإخوان التابعين لزاوية العائلة دعاهم فيها إلى حمل السلاح للجهاد في سبيل الله والوطن، وشرح لهم فيها الأسباب التي دفعته إلى ذلك ونصها:

"الحمد لله ذي الاسم الأعظم، والصلاة والسلام على نبي الهدى، من عبد ربه سليمان ابن الشهيد حمزة بن أبي بكر - رحمهما الله - إلى كل من مقاديم الطريقة الرشيدة، وشيوخ القبائل وكبار العمائر، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد .. هذا مني إليكم باتفاق جماعتنا بشرى بإعلان الجهاد في سبيل الله على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ضد الكفار الفاسقين الفرنساويين - لعنهم الله -، الذين صالوا علينا وتعدوا وأطغوا وشرعوا في إهانة ديننا الحنيف - لا أراد الله -، بعدما فسقوا في أرضنا وأحلوا ما حرَّم الله، فها نحن رفعنا راية المحمدية وبشرنا كل مسلم بالجهاد راجين من المولى سبحانه وتعالى أن ينصرنا على الكفار المخزيين وراجين منكم ومن ناسكم جميعًا أن {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)} [الأنقال: 60]، فإياكم ثم إياكم وكونوا من القوم الذين وعدهم الله {

وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)} [البقرة]. ولن يخلف الله وعده، الجهاد ثم الجهاد، وبيوم المصانع وميدانه، والجمع اللازم قبله يخبرهم حامل البلاغ هذا وليبلغ من بلغه والسلام"، كتب بأمر خديم الدين سليمان بن حمزة يوم 22 من شهر شعبان عام 1280 هـ

(1)

.

وعلى أثر اتصال الناس بهذه الرسالة أو بالأحرى هذا المنشور، أخذوا يفدون زرافات على سي سليمان في معسكره، ومن ضمنهم أهل زوة، وأهل لغواط

(1)

الموافق 1 فبراير 1864 م

ص: 131

الكسل، وسكان هرر (وشعانبة بو رزقة)

(1)

، وحضر إليه كذلك ابن عمه الشيخ ابن الطيب زعيم فرع أولاد سيدي الشيخ الغرابة، الذي كان قد حضر من المغرب الأقصى لزيارة أقاربه، وكذلك جلول بن حمزة الذي حضر من المنيعة على رأس جماعة من الطوارق "البربر" والخنافس "أهل بو خنيفس"، وناصر ابن شهرة - الثائر على الفرنسيين في ورقلة - على رأس جماعة من سكان الأرباع والحرازلية من قومه، وقد اختار سي الأعلى نوامرات مقرا لتجمير الثوار المسلحين، استعدادًا لمعركة عوينت بوبكر يوم 8 أبريل 1864 م.

بعد أن أتم زعماء أولاد سيدي الشيخ دراستهم للموقف، واستكملوا تجمعهم في نومراك أوائل شهر مارس، اتجهوا إلى وادي زرقون يوم 7 مارس، وتوقفوا في غدير أماك الحجيج، حيث كان الباش أغا سي سليمان منكبا على جمع الأسلحة ومواد التموين، وبعد أن ترك قطعان مواشيه وخيامه في عين قوفانة، ومن أماك الحجيج التحق سي سليمان ببريزينة وجمع المزيد من المؤن والرجال المسلحين، ثم عاد إلى الغدير والتحق به هناك أولاد يعقوب الزراريون "من رياح الهلالية" الذين قدموا من جبال عمور بعد أن قتلوا القائد زيرم بن فاطمي بقصر تاجرونة، لكونه كان يعارض حركة الثورة ضد الفرنسيين وذلك يوم 19 مارس، كما التحق به عمه سي الأعلى مع عدد من المخادمة، والشعانبة الورقليين، ورغم أن الباش أغا سليمان لم يعلن الثورة بعد بصفة رسمية، إلا أن السلطات الفرنسية شرعت في اتخاذ الإجراءات والاستعدادات لمواجهة الموقف المتأزم فاتجه الضابط الفرنسي بوبريتر حاكم مدينة تيارات بقوات إلى جبال عمور،

(1)

قلت: بورزقه لقب أُطلق على شعانبة متليلي وهم أصل القبيلة الأول وينقسمون إلى جزءين هما: طريف، وتامر، ومن الأخير انفصم قسم في عهد الاحتلال الفرنسي أطلق عليه القُصَّر.

ومن فروع طريف ويقال لهم ولاد عبد القادر: العوامر وحنيش والسوايح وأولاد عمر والقمارة.

ومن فروع تامر ويقال لهم ولاد علُّوش: بوعامر وعمير وأولاد عيسى بن موسى وأولاد إبراهيم والشلق والجرودة والتوامر والبهاهزة. ومن فروع القصَّر: بني إبراهيم وأولاد الزيغم وأولاد بلقاسم وأولاد إسماعيل وبني مرزوق وأولاد مولاي سليمان.

ص: 132

ودعمت القوات الفرنسية في البيض بقوات إضافية أخرى، ووجهت قوات من مدينة الجزائر العاصمة إلى عين طاقين بجبال عمور ووضعت تحت تصرف حاكم دائرة بوغار الذي كلف بالاتصال مع بوبريتر لتنسيق العمل، ووصل إلى أفلو يوم 28 مارس.

ومع أوائل شهر أبريل كان الباش أغا سي سليمان يعسكر في غدير الحبشي باتباعه، ويقوم بمراسلة السكان مستعملًا طابع أبيه الخليفة سي حمزة حتى يؤثر عليهم، ويستميلهم إلى حركته، وعزم على مهاجمة المعارضين له في قرى: تاجرونة، وبريزينة، وقصر الحاج.

وفي صباح أبريل 1864 م وصل الضابط بوبريتر إلى هضبة عوينت بوبكر على بعد عشرين كيلو مترا إلى الشرق من مدينة البيض، ففاجاه الباش أغا سليمان بقواته من القبائل التي كانت تقدر بحوالي ثلاثة آلاف محارب، والتحم الطرفان في معركة طاحنة قتل خلالها بوبويتر الفرنسي ونال الشهادة الباش أغا سليمان، وانضم "القوم" الجزائريون الذين كانوا يعملون مع القوات الفرنسية إلى الثوار، وتعاونوا ضد الغزاة الفرنسيين حتى أبادوهم جميعًا ولم ينج إلا ثلاثة جنود فروا إلى مدينة (فرندة) قرب مدينة تيارت بعد ثلاثة أيام من الاختفاء في الغابات والشعاب، وهكذا ذهب الباش أغا سي سليمان ضحية الصدام الأول ضد الفرنسيين، ولكن نتيجة المعركة كانت مشجعة للثوار لكونهم قضوا على القائد الفرنسي وكتيبته.

* ظهور مولاي محمد، والحاج محمد الغربي

(1)

في ورقلة.

وفي خلال شهر يوليو 1864 م ظهر في ورقلة رجلان حاولا أن يستغلا الأحداث الجارية لصالحهما، ولكن لم ينجحا الأول: يُدعى مولاي محمد، وذكر فيرو بأنه ابن غير شرعي لسلطان المغرب الأقصى عبد الرحمن بن هشام، وكان يقيم في مدينة بسكرة سابقًا، وسجن هناك بسب ارتكابه لجريمة سرقة، وعندما

(1)

من قبيلة الغرابة في نواحي وهران.

ص: 133

أفرج عنه رحل إلى منطقة الجريد التونسية، وفي يوم 15 يوليو وصل إلى ورقلة، وادعى للناس بأنه شريف مبعوث من السلطان العثماني ليتزعَّم محاربة الإفرنج الصليبيين "الفرنسيين" في بلاد الجزائر العربية المسلمة.

الثاني: يُدعى محمد الغربي وكان يقيم بالجريد التونسي، وذكر فيرو بأنه تاجر للمخدرات، ووصل ورقلة يوم 29 يوليو على أمل القيام بحركة ثورة بها كذلك، ولسنا ندري ما إذا كان هناك اتصال وتعارف بين الرجلين قبل أن يقدما إلى ورقلة، ولكن حضورهما في وقت واحد، يوحي بذلك، ثم إن اتفاقهما على التعاون في محاربة الشيخ بوحفص النقوسي الذي تصدى لمحاربتهما يقوي فكرة الاتصال بينهما والاتفاق على العمل مسبقًا، وعلى أي حال فإن الشيخ بوحفص تغلَّب عليهما فانسحبا إلى الحجيرة وتقرت وبقيا بتلك المنطقة طوال شهر أغسطس، وفي يوم 10 سبتمبر تزعما عددا من رجال قبائل الشعانبة، والمخادمة، وبنوتور، واتجها إلى بريَّان الميزابية وخلال اصطدامهما بالسكان فرَّ الحاج الغربي واختفت أخباره بصورة نهائية، واعُتقل مولاي محمد، ولم يذكر فيرو نهايته بعد ذلك.

* وفي الوقت الذي كان سي الأعلى يقوم بهذه التحركات والنشاطات في الناحية الغربية، كان ثوار جنوب قسنطينة يعملون كذلك، فهاجموا يوم 30 سبتمبر 1864 م قوات الضباط دولاكروا في ثنية الريح، وأعادوا الهجوم عليها يوم 2 من أكتوبر في وادي درميل، وكانت نتيجة المعركتين قتل 13 وجرح 16 من الفرنسيين، وقتل 150، وجرح 200 من الثوار، وفي يوم 7 من أكتوبر هاجمت القوات الفرنسية قرية العاطف المقام وصادرت من سكانها 3500 جملًا، و 3000 رأس غنم، و 1000 رأس بقر، عقابًا لهم على تأييدهم للثوار واستقبالهم في منازلهم، وبسبب هذه الحوادث انسحب الثوار إلى جبل الصحري وجبال جنوب الزاغر الشرقي، ونشط ثوار (الشعانبة)، والمخادمة، وبنوتور في منطقة بسكرة، وهاجموا خصومهم والمعارضين لحركتهم قبل أن يلتحقوا بمنطقة.

ص: 134

وادي أتيل، وقام ثوار أولاد نايل بقتل عدوهم اللدود الباش أغا الشريف بللاحرش النايلي

(1)

وقريبه القائد قدور، وهو من الموالين للسلطات الفرنسية - بإيعاز من سي الأعلى - من قادة أولاد سيدي الشيخ وذلك في 13 من أكتوبر، ومن هناك اتجه الثوار إلى هضبة تادميت ومن ورائهم دائمًا قوات يوسف وليبير الفرنسية تطاردهم.

* وفي خلال عام 1875 م تعاون ثوار أولاد سيدي الشيخ مع بعض قبائل زناتة وأولاد مولة، وشنُّوا عمليات غزو مشتركة ضد سكان البدو الخاضعين للسلطات الفرنسية وهاجموا بعض بادية (الشعانبة) في وادي زرقون وقتلوا البعض منهم وسلبوا قطعان مواشيهم.

ثم بعد عدة شهور من هذه الاحداث، أغار جماعة من الثوار المتمركزين في بلدة فيقيق المغربية على حدود الجزائر وفي الواحات الجنوبية لمدينة وهران على بعض (الشعانبة) في القصيبة، واستولوا على عدد من الإبل لهم، وجرحوا عددًا منهم. فردَّ شعانبة بورزقة، وشعانبة المواضي عليهم بتعاون مع أولاد سيدي الشيخ القاطنين في ديار الشعانبة في مدينتي متليلي والمنيعة، ونظموا غارات انتقامية خلال شهرى أغسطس وسبتمبر بزعامة بوررقة سي أحمد بن أحمد في حسيان الحمر، ووادي الساورة، وإيجلي، وقصر الوقارطة، وقصر زرامنة (أو زغامنة)، وحاسي القيسية، ووادي تافيلات، وأوقلت كصديص، ووادي درعة، وآيت الكباش وكلها مناطق داخل المغرب الأقصى، وقد ثار الشعانبة من خصومهم وفتكوا بهم في عقر دارهم وغنموا أضعاف ما أُخذ منهم.

وواصل شريف وزَّان

(2)

جهوده خلال ما بقي من عام 1875 م لدى زعماء أولاد سيدي الشيخ، وسليمان بن قدور بصورة خاصة ووافق الأخير بعد تردد في الذهاب إلى السلطان المغربي لمقابلته، ووعده بألا يعود إلى أي نشاط ضد الفرنسيين وضد سيادة المملكة المغربية، وذهب للرباط عام 1876 م وقابل السلطان

(1)

كان هذا الباش أغا الشريف بللاحرش خليفة للأمير عبد القادر الجزائري، وبعد استلام الأمير للقوات الفرنسية عام 1847 م، أصبح فيما بعد موال لفرنسا.

(2)

وزان مدينة مغربية تقع في منطقة الريف شمال غرب المعرب الأقصى.

ص: 135

وجدد وعوده له بالكف عن كل نشاط ثوري في الجزائر، فعيَّن له السلطان مدينة مكناس ليقيم بها، ثم رخص له الإقامة في فاس.

- وفي ثورة ابن ناصر بن شهرة

(1)

1851 م - 1875 م:

* ففي خلال عام 1865 م رجع ابن شهرة مرة أخرى إلى ورقلة بصحبة سي الأعلى، وفي ربيع العام الموالي توجها معًا بصحبة سي الزبير وسي أحمد ولد حمزة من أولاد سيدي الشيخ رعماء الثورة وغيرهما إلى مدينتي المنيعة وعين صالح لتجنيد الناس في الثورة من توات والشعانبة والطوارق.

* وخرر كفاح ابن شهرة بالجعزائر لم يقطع صلاته بتونس وبالأحرى نفطة وتوزر بمنطقة الجريد، وكان كثير التردد إلى هناك لجمع الأنصار وتدبير الخطط وتوفير الذخائر والمؤن، ومتَّن صلاته باللاجئين الجزائريين الآخرين أمثال (أولاد الطيب الشعانبي) من الواد صاحب الشهرة الواسعة بسوف الذي هاجر إلى تونس منذ عام 1868 م، ومحمد بن بوعلاق رئيس أولاد يعقوب الذين كانوا ثائرين ومتمردين منذ عشرين عامًا، ولهم صلات متينة بزاوية نفطة الرحمانية ورئيسها مصطفى بن عزور العدو اللدود للفرنسيين منذ عام 1849 م الذي حول زاويته إلى ملجأ للاجئين الجزائريين.

وعندما اندلعت ثورة المقراني

(2)

والحداد عام 1871 م في الجزائر ضد الفرنسيين لم يتوان ابن شهرة في الانضمام إلى الثورة مع رفاقه المنفيين في تونس، وكانت جبهة عملهم بالصحراء الشرقية الجزائرية، وهو الذي مهَّد الطريق والسبل لمحيي الدين ابن الأمير عبد القادر عندما قدم إلى منطقة الحدود أوائل عام 1871 م، بينما كان أبو شوشة الثائر يقود ثوار شعانبة المواضي، وشعانبة متليلي، وشعانبة طرود، والسوَّافة.

(1)

ينتمي ابن ناصر بن شهرة بن فرحات إلى قبيلة المعامرة والحجاج من الحرازلية (أولاد حرز الله) ولد عام 1804 م بالأرباع قرب ورقلة وكان أبوه ابن شهرة وجده فرحات قائدين وشيخين بالتوالي على قبائل الأرباع، وقد ذكر زين أن أصل عائلة ابن شهرة عن الساقية الحمراء جنوب المغرب الأقصى.

(2)

المقراني عن قبيلة عياض عن الأثبج الهلالية في شمال شرق الجزائر.

ص: 136

وذكر رين أن ناصر بن شهرة نشط في كتابة الرسائل إلى معظم زعماء سكان الصحراء الشرقية يستحثهم لحمل السلاح واللحاق به وبمحيي الدين ويبشرهم بقدوم جيش عسكري من قبل السلطان العثماني لتخليص الجزائر.

- ظهور جماعة المداقنة وبداية حركة بوشوشة الثورية 1869 حتى 1874 م.

* في حوالي عام 1860 م طرد أحد رجال الطوارق من أهالي كلخلية بالهوقار بعد أن أصبح معدمًا فقيرًا فاتجه بأولاده السبعة إلى حب الريش من قرى شعانبة ورقلة واستقر هناك بين أهلها وتسلَّف بعض الإبل وأخذ يصطاد الغزلان عدة شهور لتوفير قوت أولاده، ثم اتجه إلى هضبة تيديكليت ثم إلى ضواحي المنيعة عام 1863 م وخطف من عائلة أولاد الأشهب التابعة لأولاد زيد من فروع الشعانبة المواضي بعض الجمال فطارده علي بن الأشهب رئيس العائلة بصحبه محمد حاود زعيم أولاد فرج، وقتلوه مع ستة من أولاده واستعادوا بعض جمالهم، أما الابن السابع الصغير فقد نجا ببعض الجمال واتجه بها إلى عين صالح في عمق الصحراء الجزائرية.

وفي مجاعة عام 1867 م اضطر الناس إلى أكل جذور الأعشاب والأفاعي وهاجر أهل أبو خنيفسة إلى مدينة المنيعة بحثًا عن مورد للرزق، وأغار بعض زعمائهم وهم سالم بن شراير والأخضر بن حورية والشيخ ابن زكري، على نفزاوة في منطقة الجريد بتونس خلال الصيف، وقطعوا بعد ذلك صحراء الحمادة بين وادي الشبكة ووادي النساء، ومن هناك إلى العالية وزلفانة والمنيعة وحصلت مشادات كلامية بين ابن شراير، ومعطي الله بوظفر الشعانبي وبو بكر بن عبد الكريم، فقال معطي الله لبو بكر: إنكم سُرَّاق تعتدون على من يفعل معكم الخير

(1)

، فأنتم مثل الطوارق "مداقنات"

(2)

، وبقيت هذه التسمية علمًا بعد ذلك

(1)

يقصد أن المعتدي عليهم من أهل نفزاوة عرب من جنسه (من سُلَيْم) وهم دائمًا يستقبلون الثوار من الجزائر ويعطفون عليهم، فكيف تقوم أعراب الجزائر من سُلَيْم وهلال بسرقتهم والإغارة عليهم؟!

(2)

يقصد أيضًا بوظفر الشعانبي الرجل الذي أكرمه الشعانبة وكان من الطوارق؛ ثم سرق إبلهم فقتلوه مع أولاده الستة.

ص: 137

على الجماعة التي دأبت على اختراق الصحراء لممارسة السطو والخطف حسب رأي لوشاتولي.

وكان أبو شوشة ضمن جماعة المداقنة هذه التي تأسست في تيديكلت عام 1869 م واسمه الحقيقي محمد بن التومي بن إبراهيم ويُدعى بوشوشة أي الفارس، ولد بقرية الغيشة بجبال عمور في تاريخ لا نعرفه، والمتوقع أن يكون ذلك في مطلع القرن التاسع عشر، ومارس في صغره مهنة الرعي مما جعله يتقن حياة الفروسية ويتصف بالشجاعة.

وفي عام 1863 م فرَّ بوشوشة من سجنه ببو خنيفسة واتجه إلى الحدود المغربية، ومن هناك اتجه إلى توات وأخذ يجمع حوله الأنصار والأتباع ويعد نفسه لحركة مقبلة، وفي عام 1869 م تمركز في عين صالح وأعلن نفسه كشريف، فبايعه الشعانبة المواضي وفي العام الموالي 1870 م بايعه شعانبة ورقلة فأخذت حركته تمتد وتنتشر، وادعى قارو بأن بوشوشة كان من أتباع السنوسية الأشراف المتمركزة بجغبوب شرق ليبيا، وأن نشاطه بين سكان المخادمة كان من أجل ضمهم إلى هذه الطريقة وحفزهم على مقاومة النفوذ والسيطرة الفرنسية.

* بعد أن عاد بوشوشة إلى تقرت يتنقل بينها وبين الدوسن وغيرهما من قرى المنطقة للدعوة لحركته هو وابن ناصر بن شهرة، وحاول أن ينتقم من أولاد زكري

(1)

الذين ساعدوا علي باي في أحداث تقرت فاستمال إليه ثلاث شخصيات هامة من أولاد جلال

(2)

ليساعدوه على ذلك وهم الطيب الموسمي، والباش أغا ابن محلة، ومحمد ابن الحاج معمَّر.

وفي نفس الوقت وجه ابن ناصر بن شهرة مع مجموعة من الشعانبة إلى المهاري وأولاد زربة يوم 20 يوليو على بعد 28 كيلو مترا من أولاد جلال، ليهاجموا أولاد ساسي من أولاد زكري وانتزعوا منهم قطعان مواشيهم وإبلهم،

(1)

أولاد زكري من عبد الله من العمور من الأثبج من عربان الهلالية.

(2)

أولاد جلال من يتامى من لطيف من الأثبج من عربان الهلالية.

ص: 138

ولكن أولاد ساسي تجمعوا مع أولاد حركات وأولاد زكري الأخرين من قبيلتهم وكوَّنوا قوة كبيرة بها يوم 19 أغسطس ثم اتجهوا إلى بوادي الشعانبة في الشمال قرب وادي النساء بين الهاجيرة ونقوسة وهجموا على أعدائهم واستعادوا قطعان مواشيهم ونساءهم.

على أن بوشوشة لم يسكت على هذا العمل فهجم على أولاد زكري لكنه تعرض لهزيمة كبيرة وفقد عددًا كبيرًا من أنصاره وقطعان مواشيه وجماله، وتعهد له سكان الزقم وكوينين وتازروت من أتباع ابن قانة على دفع مقادير مالية مقابل رحيله عنهم ففعل.

وقد اهتم بوشوشة بشراء الأسلحة والذخيرة التي نشطت تجارتها آنذاك في مالطة وتونس بواسطة اليهود والمالطيين والإيطاليين في مواني نابل وسوسة، ومدن الكاف وقفصة التونسية، وعندما علمت السلطات الفرنسية بالجزائر طلبت عن طريق عملاء لها من اليهود بتونس أن تأمر الجالية اليهودية بالكف عن الاتجار بالسلاح وبيعها للثوار، فامتثل زعماؤها للأمر الفرنسي وعلقوا في بيعهم منشورًا دوريا أكدوا فيه عدم وجود أية فائدة تعود على اليهود من تجارة الأسلحة والبارود، حتى السوافة بقمار والواد ودبيلة وكل أنصار صف بوعكاز

(1)

امتنعوا عن ذلك بأمر من زاوية تماسين التيجانية جنوب تقرت مما أدى إلى مشادة بين أنصار ابن قانة وأنصار بوعكاز في قمار، وقُتل فيها وجرح عدد من الطرفين كما حصلت مشاكل مماثلة في زريبة الواد سوف.

وبعد هذه الحوادث كلها غادر بوشوشة ورقلة ووصل إلى نومرات يوم 31 أغسطس على بعد 20 كيلو متر جنوب العاطف بميزاب ومعه حوالي ستمائة فارس من قبيلة المخادمة التابعة لشعانبة بوروبة وبعض قبيلة الصحارى

(2)

، وهناك حضر إليه سي الزبير ولد بوبكر ولد سيدي الشيخ مع مجموعة من شعانبة المواضي وقائد

(1)

من أشراف قبيلة الدواودة من رياح الهلالية (وسيأتي بيانهم في السرد عن قبائل الجزائر).

(2)

الصحارى قبيلة من زغبة من الهلالية.

ص: 139

الشعانبة بورزقة أحمد بن أحمد ذو السمعة الكبيرة لدى سكان الصحراء. وصاهر سي الزبير بوشوشة وزوَّجه من ابنة زينب بنت جلُّول، وتم عرس بوشوشة يوم أول سبتمبر 1871 م ودامت الأفراح أربعة أيام، وكافأ بوشوشة صهره الجديد سي الزبير فعينه أغا على ورقلة وسط زغاريد وولولة النساء وذلك في مكان ابن ناصر ابن شهرة.

وفي يوم 7 نوفمبر هاجم بوشوشة القائد بولخراس بن قانة وقبيلة السعيد عتبة وجماعتهما في كويف جلبة بين العريشة والقرارة بوادي غير، وخلال هذا الهجوم أصيب بوشوشة بجروح بالغة وقتل عدد من رفاقة وفقد معظم زمالته، وكان المقرانيون الفارون من الشمال قد حضروا المعركة معه.

وبعد هذه المعركة حُمل بوشوشة إلى حاسي القطار جنوب ورقلة للعلاج من جروحه الخطيرة، ومن هناك اتجه إلى حاسي بوروبة واستقر بها منذ 30 نوفمبر إلى أن شفي من جروحه، فعاد إلى نشاطه دون يأس من الجهاد، وألَّف يوم 17 ديسمبر خمس فرق من قواته بحاسي بوروبة: فرقة بقيادته هو وصهره سي الزبير، وفرقة من قبيلة الشعانبة، وفرقة من قبيلة المخادمة، وفرقة ابن شهرة، وأخيرًا فرقة المقرانيين الفارين من الشمال، واتجهوا جميعًا إلى حاسي قدور ومن ورائهم القوات الفرنسية تطاردهم، ومن هناك إلى حاسي تامزقيدة.

وفي يوم 2 يناير 1872 م انتزع الجنرال دولاكروا ورقلة من أنصار بوشوشة، ثم زحف على تقرت وسيطر عليها كذلك، وفي 9 يناير التحم الثوار بالقوات الفرنسية التي كانت تلاحقهم - ولعدم تكافؤ القوة والسلاح - استولى الفرنسيون على معظم زمالة بوشوشة بما فيها من الأغنام والإبل والخيام والحبوب والتمور والزرابي. والنساء والأطفال والخدم.

وقُتل في المعركة عدد كبير بينهم أحد أحفاد ناصر بن شهرة وقُبض على بعض المقرانيين وصودرت أموالهم، وعلى أثر هذه المعركة افترق شمل الثوار وبوشوشة، فاتجه هو إلى الجنوب الغربي من الصحراء الجزائرية نحو قورد عيش

ص: 140

يوم 10 من يناير، وانفصل عنه ثوار الشعانبة واتجهوا إلى عين الطيبة من ديارهم في عمق الصحراء، واتجه صهره سي الزبير إلى عين صالح، واتجه ناصر بن شهرة، والمقرانيون إلى عين الطيبة مع ثوار الشعانبة ومنها اتجهوا إلى داخل الحدود التونسية.

اتجه بوشوشة بعد نكبته إلى مزوية في عين صالح ثم الساورة واستقر في كرازاز ثم رحل إلى قورارة عام 1873 م بنصيحة من أولاد الأشهب من الشعانبة المواضي ثم إلى توات حيث ألف قافلة من الفرسان وأخذ يمارس الإغارة على خصومه في أنحاء كثيرة من صحراء الجزائر، وفي أواخر يوليو 1873 م ظهر بالمنيعة وأغار على قطعان أولاد يعقوب من الأغواط والبيض وجبال عمور، واقترب من ورقلة فتعرض له آغاها السعيد بن إدريس بملاحقته، فانسحب إلى الخنافس وواجه ابن إدريس في حاسي الناقة خلال ديسمبر، فانتزع منه رمالته وزوجته فاطمة بنت جلول التي طلبت منه أن يعيدها إلى أهلها أولاد سيدي الشيخ، ثم اتجه بوشوشة بعد نكبته الأخيرة إلى جنوب شرق عين صالح، ثم بعد مدة اتجه إلى هضبة ويدير قانت، ولما علم أن زوجته اقتيدت إلى تماسين وسُلمت إلى أعدائه التيجانيين، هاجم زاويتهم ومعه 150 فارسًا في فبراير 1874 م واستولى على 150 هودجًا عثر عليها في المراعي.

أخيرًا، التحم مع السعيد بن إدريس بتوجيه من الجنرال لييبير الذي كان يعسكر في مطماط بوادي غير، فعثر عليه يوم 19 فبراير في حاسي بوكلوة فلم يقدر عليه، وأعاد الكرَّة بقوات أخرى كبيرة وسقط بعد معارك دموية في معركة الميلوك جنوب عين صالح يوم 13 مارس وقُبض عليه ونُفذ فيه حكم الإعدام يوم 29 يونية 1875 م في معسكر الزيتون بضواحي قسنطينة شمال شرق الجزائر.

أما بقية الثوار الصامدين معه فقد تجمعوا في عين أحقان بعد المعركة النهائية واتجه الشعانبة وبعض أولاد سيدي الشيخ إلى عين صالح، بينما اتجه الطوارق إلى جبال الهقار، وبقوا هؤلاء جميعًا يواصلون نفس العمل في طول الصحراء وعرضها من الجزائر إلى السودان ومن فزان إلى توات حتى عام 1883 م تحت اسم المداقانة.

ص: 141

‌ما قاله إسماعيل العربي عن الشعانبة

(1)

أكبر قبائل الصحراء الجزائرية

قال العربي:

ينحدر قبيل الشعانبة من علَّاق، من عوف، من سُلَيْم بن منصور، من العدنانية، جاءوا إلى إفريقيا الشمالية مع الموجة الأخيرة للغزو الهلالي في أوائل القرن الرابع عشر الميلادي، وقد استقرت الجماعة الأولى للشعانبة في منطقة متليلي التي تقع على مسافة 40 كيلو مترا جنوب غرداية، وعاصمة وادي ميزاب. وبعد بضعة أجيال من استقرارهم في هذه المنطقة الصحراوية الجرداء، اشتد الضغط السَّكني على القبيل، فأخذت بطون منه تسلك طريق الهجرة إلى أصقاع أخرى تراءت لها فيها فرصا أوسع للعيش.

وكذلك هاجر بطن المواضي إلى القليعة

(2)

في القرن السادس عشر (على أرجح الروايات) واتجه بطن "بوروبة" شرقًا إلى ورقلة، بينما هاجرت بطون أخرى، عقب ثورة "بوعمامة" ضد الفرنسيين في أواخر القرن 19، إلى المناطق الشمالية الغربية في الصحراء، والجماعة الأخيرة سوف تتلقى أفواجا من المهاجرين إلى ورقلة، كما أن طوائف من المهاجرين إلى القليعة ستتجه إلى منطقة الوادي لتستقر هناك.

وقد كان من نتائج توغل الاستعمار الفرنسي في الصحراء والضغط الذي يمارسه الحكم العسكري على القبائل الصحراوية في أوائل القرن العشرين أن اتخذت هجرة الشعانبة، نصفة عامة، اتجاها جنوبيا، وكذلك نجد أن أهم عناصر الشعانبة موزعة اليوم في النصف الشمالي الغربي من الصحراء الكبرى، ولكنه على الرغم من تشتت بطون هذا القبيل وأفخاذه في رقعة جغرافية واسعة

(1)

انظر: الصحراء الكبرى وشواطئها - طبع في الجزائر عام 1983 م، الفصل السابع تحت عوان "الشعوب والقبائل الكبرى" ص 163.

(2)

وهي ما تسمى بالمنيعة وتقع إلى الجنوب من غرداية في قلب الصحراء الجزائرية.

ص: 142

وارتباط بعض عناصرها بمحالفات ومصاهرات مع القبائل الأخرى التي هاجرت إلى منطقتها

(1)

، فقد احتفظت بشعور التضامن فكانت تناصر بعضها بعضا وتتآزر في المحن والحروب.

‌ما هو عدد أفراد قبيل الشعانبة

؟

إن التقديرات المتوفرة لدينا تديمة حيث إنها ترجع إلى فترة ما قبل الحرب، وهي على كل حال، مجرد تقديرات ولا يمكن أن تعطي إلا فكرة عامة عن هذا الشعب (تمامًا مثل التقديرات التي تتناول الطوارق)، وهي تقول أن عددهم يبلغ نحو عشرين ألف نسمة

(2)

، نحو 8600 منهم يقيمون في الموطن الأصلي، متليلي

(3)

.

وقبيل الشعانبة يتكون من بطون وأفخاذ متفاوتة في القدر والشرف والسيادة طبقًا لانتساب كل منها إلى شخصية اشتهرت بالشجاعة وغير ذلك من الصفات، ولكنه يلاحظ أن شعانبة متليلي، على عكس ما قد يتبادر إلى الذهن، ليست لهم المكانة العليا، بل هم كانوا قبل مجيء الفرنسيين يدفعون إتاوة للشعانبة الرحّل في مقابل بسط الحماية عليهم.

ويبدو أن الشعانبة كانوا يشكلون نظامًا اجتماعيا هرميا متماسكا قبل أن تقوم جماعات منهم بالهجرة إلى أماكن أخرى، ولكنه بعد ذلك انفصمت عرى هذه الصلة، وأصبح كل بطن يشكل وحدة مستقلة وينضوي أفراده تحت زعامة مسترخية النظام يساعدها مجلس الشيوخ الذي يصدر القرارات في الشؤون السياسية الخارجية.

وكما تشير الأرقام السابقة، فإن شعانبة متليلي (ويسمون البرارقة) هم أكبر جماعات الشعانبة عددًا، وبعض جماعات هذا الفريق من الرحَّل الذين يتخذون

(1)

يقصد بعض فروع من زُغبة والمخادمة الهلالين وبعض الأشراف وأولاد سيدي الشيخ القرشيين.

(2)

ذكر تعدادهم المؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني عام 135 هـ / 1931 م نحو 30 ألفًا.

(3)

تقع متليلي جنوب مدينة غرداية وهي مقر ولاية غرداية التي تضم بعض المدن الصحراوية ويُطلق على "متليلي الشعانبة".

ص: 143

من متليلي قاعدة لهم. وأكبر بطون هذا الفريق هم "أولاد علُّوش" الذين يشكلون حوالي نصف القبيل، وهو بدوره ينقسم إلى سبعة أفخاذ، أهمها وأقواها جميعًا، هم أولاد تامر (التوامر) الذين يقال: إن جدهم الأعلى "تامر" هو الذي أسس متليلي. وأما أولاد عبد القادر الذين يقرب عددهم من عدد أولاد علُّوش، فينقسمون إلى خمسة أفخاذ ويتزعمهم فخذ أولاد حنش الذين يقال: إنهم ينحدرون من صلب شقيق تامر الأصغر.

وينقسم الشعانبة بصفة عامة إلى صفين، أو معسكرين متنافسين، يُسمّى أحدهما "الشارقة" وهو تقدمي منفتح، والآخر "الغرابة" وهو محافظ منغلق، وأولاد علوش ينتمون إلى الصف الأول، بينما ينتمي أولاد عبد القادر إلى الصف الثاني، في الوقت ينقسم فيه فخذ بني مرزوق إلى قسمين ينتمي أحدهما إلى الصف الشرقي والثاني إلى الصف الغربي.

والزعامة في الشعانبة وراثية مبدئيا، وهذا التقليد لا يزال معمولا به. فإن الابن الأكبر للزعيم هو الذي يتولى الرئاسة بعد أبيه، ولكنه لابد من أن توافق على هذا الترشيح "جماعة الكبار"، ومتى اتفقت الجماعة على أن أكبر أولاد الزعيم لا يصلح للرئاسة، أمكنها أن تعين مكانه أخاه الأصغر، أو حتى أحد أقاربه البعيدين في مركز الزعامة.

وزعيم القبيلة أو العشيرة إنما يقوم بدور القاضي والمفاوض والمصلح الذي يفصل في النزاعات، ولكنه قلما يقود المعركة في الحرب؛ لأن القائد العسكري يقوم بتعيينه مجلس القبيلة في وقت الحرب، وهو ينتخب للخصائص الشخصية التي يتمتع بها، مثل الشجاعة والمقدرة على التنظيم، وهو إنما يختار لعملية عسكرية واحدة، وقد يحدث أن يثبت القائد العسكري مزاياه القيادية في زمن الحرب بصورة لا نزاع فيها فتئول إليه زعامة القبيلة السياسية ويرثها ابنه من بعده، ولكن ذلك لا يقع إلا في النادر وفي حالة الاضطراب العام، أو في أوقات الشدة، حيث إن نظام القبيلة الديمقراطي لا يسمح بالجمع بين المسئوليات السياسية والمهام العسكرية.

ص: 144

والحياة الاقتصادية لدى شعانبة متليلي، تقوم على الرعي وتربية الحيوانات، ويقدر عدد الجمال التي يملكها فخذ البرارقة على وجه التقريب بنحو 5500 وعدد رؤوس الغنم بحوالي 8000، ومعظم قطعان الغنم ملك لأولاد علُّوش، وكذلك يربي الشعانبة الماعز وعددًا صغيرًا من الحمير. وإبل الشعانبة ليست من النوع الرفيع وهي أقل سرعة من إبل الطوارق، ولكنها أقوى منها على تحمل العطش والتعب، وجمل النقل عادة يستطيع حمل شحنة 240 كيلو جرام، ويقطع ما يتراوح بين 15 و 20 كيلو مترا في اليوم.

والشعانبة يقومون بجولات للبحث عن المراعي تشبه تلك التي يقوم بها الطوارق، فيما عدا أنهم يعودون إلى موطنهم الأصلي مرة في العام بانتظام، والبرازقة يتركون قطعانهم مع الرعيان ويعودون إلى متليلي في موسم جني التمر، وهو شهر سبتمبر، عادة، وفي ديسمبر أو يناير، يخرجون إلى الانتجاع بترتيب، فيخرج الأثرياء وذوو القطعان الكبيرة أولا، ويمضون في الانتجاع طوال الشتاء والربيع حتى شهر يونيو حين يضربون مخيمات ثابتة (الزريبة) يتركون فيها النساء والأطفال وبعض الرجال، بينما يستمر الباقي على حياة الانتجاع والتجوال، وفي شهر أغسطس وسبتمبر ترفع المخيمات ليعودوا إلى متليلي مرة أخرى ويختموا الدورة السنوية.

والمناطق التي ينتجع فيها الشعانبة مناطق شاسعة وتمتد من الحدود الليبية شرقًا حتى العرق الغربي الكبير غربًا، ومن وادي مزاب حتى عين صالح جنوبًا.

والخيمة العادية للشعانبة الرحل تحتوي على ما يتراوح بين 4 و 5 أشخاص و 5 أو 6 جمال ونحو 12 رأس من الغنم وعدد من الماعز وحمارين أو ثلاثة وكلبين وعددًا من طيور الدجاج، وبينما يقوم الرجال بالرعي أو البحث عن المراعي، تعني النساء بتربية الاطفال ويقمن بالأعمال المنزلية بمساعدة. خادم من السود، عادة.

ص: 145

وكذلك يقوم الشعانبة بنشاط مشهور في الصيد مستعينين بالفهد الصياد لاقتناص النعامة والغزال والأرانب، والفهد الصياد كان لا يزال موجودا بكثرة في بني مزاب ومتليلي عند دخول الفرنسيين إلى هذه المناطق، بل إن عدذا صغيرًا منها كان لا يزال يعيش في غرب الصحراء الطرابلسية حتى سنة 1938، وربما بقيت منها بقية حتى اليوم.

تملك فعظم عائلات الشعانبة الرحَّل أشجار أو بساتين النخيل، يعني بها الحراثون من السود، كما تملك منازل عند اتمك البساقين، وأحيانا في المدن أيضًا، ولكنهم قلما يشغلون تلك المنازل بأنفسهم، وإنما هم يؤجرونها أو يتركون فيها بعض الأقارب الذين لا قدرة لهم على التجوال والترحال، وأما الفقراء من شعانبة متليلي ممن لا يملكون سوى عدد صغير من الجمال والأغنام، فهم لا يرحلون إلا في شهر فبراير أو مارس ويعودون في منتصف فصل الصيف، تاركين وراءهم أفرادًا من عائلاتهم ليتولوا العناية بنخيلهم بدون مساعدة الحراثين والخماسين.

ومعظم بساتين النخيل والحدائق التي تنتج، فيما تنتجه، في متليلي البصل والجزر واللفت والطماطم، تروى بمياه تستخرج من آبار يتراوح عمق البئر منها بين 35 و 80 قدمًا.

وعندما يعود الشعانبة الرحل إلى منازلهم في متليلي في فصل الخريف يقومون ببيع منتجاتهم من الحيوانات والجلود والصوف ومنتجات الألبان وثياب الصوف، ويشترون في مقابل ذلك ما يحتاجون إليها من الحبوب والشاي والقهوة والمنتجات المستوردة مثل السكر والثياب القطنية والمصوغات

إلخ، والأسواق التي يترددون عليها للتبادل التجاري، هي غرداية وغدامس التي يشترون منها السروج والنعال وغير ذلك من المصنوعات الجلدية، وفي أوقات القحط والشدة، يضطر الرحَّل من الشعانبة إلى بيع السجاد الذي تنسجه نساؤهم للاستعمال المنزلي.

وفي العهود الغابرة كان الشعانبة يسيطرون سيطرة كاملة على تجارة القوافل التي تجري بين شواطيء الجزائر وتمبكتو والبلاد الواقعة على نهر النيجر، وقد كانت

ص: 146

المناطق الصحراوية الغربية في ذلك الوقت تنقسم إلى مجالين أساسيين للنفوذ يفصل بينهما خط يمتد على وجه التقريب بين عين صالح غربًا وغدامس شرقًا. فأما، البلاد الواقعة في شمال هذا الخط، بينه وبين الزيبان، فهي مجال نفوذ الشعانبة ومسرح نشاطهم التجاري، بينما كان الطوارق يسيطرون على النشاط التجاري في المناطق التي تمتد جنوب هذا الخط حتى السودان، وكما كان الطوارق يسيِّرون القوافل ويفرضون إتاوات على القوافل التي يُسيِّرها غيرهم في مجال نفوذهم ويلجأون إلى الغارات والنهب والسلب لتدعيم احتكارهم، كان الشعانبة يلجأون إلى نفس الطرق لفرض سلطانهم في المناطق التي يسيطرون عليها، وكما قضت منافسة التجارة بالسيارة على قوافل الطوارق ونفوذهم، حطمت السيارة لدى دخولها إلى مجال نفوذ الشعانبة على سلطانهم واحتكارهم.

ولكنه إذا كان الطوارق قد تمكنوا من المحافظة على تجارة القوافل في الملح في منطقة نفوذهم في الجنوب، فإن الشعانبة قد استطاعوا الاحتفاظ بتجارة القوافل التي تمون القصور التي تقع في الشمال الغربي للصحراء، ولاسيما فيما يتصل بالجنوب الآتية من جبال الأطلس ومن الهضاب العليا الجزائرية ومادة السكر التي تأتي من قابس التونسية.

وقد كانت قوافل الشعانبة تسير بانتظام بين مرتفعات الأطلس جنوب وهران وبلاد السودان جنوبًا، عبر جرارة وتاد كيلت وتوات غربًا، وقابس وغدامس شرقًا، فأما القوافل التي يُسيِّرونها في اتجاه الشمال وفي إتجاه الشرق، فقد كانوا يسلحونها فكانت تتمتع بالاستقلال التام في عملياتها التجارية، ولكن القوافل التي كانوا يُسيِّرونها في اتجاه الجنوب كانت تدفع إتاوات للطوارق في مقابل حماية طريقها إلى عين صالح.

وقوافل الشعانبة كان يُسيِّرها تجار محترفون من الجمالين، وقلما يسير فيها صاحب الجمل نفسه، وأكبر الجمالين سنا وأحنكهم تجارب في التجارة ومعرفة الطرق هو الذي يتولى قيادة القافلة ويكون مسؤولًا على اختيار الطريق التي

ص: 147

تسلكها والساعة التي تنهض أو تتوقف فيها أثناء السفر، وسلطته لا ينازعها منازع وتشبه السلطة التي يتمتع بها قبطان السفينة في العصور السابقة لعصرنا.

وقبل غروب الشمس تعسكر القافلة في موقع يختاره قائدها ويقوم الرجال بجمع الحطب ليشعلوا النار ويطبخوا الطعام، وبعدما يتناولون طعام العشاء يسمرون قليلًا ثم ينامون حتى الفجر فيستيقظون ويتناولون الشاي الأخضر ثم تنهض الجمال وتسير في طريقها، وعند الساعة 11 تتوقف قليلًا دون أن تنزل الأحمال من على ظهور الجمال، ليتناولوا الشاي أو الحليب ثم تمضي في طريقها.

وفي العصور القديمة كانت الغازة والسلب والنهب نشاطًا منظمًا ومربحًا، تمامًا مثل الغارات التي كان يقوم بها القراصنة في البحر، والتقاليد والطرق التي كان الشعانبة يتبعونها في الغارة للقضاء على أعدائهم من مُسيِّري القوافل التي لا تتمتع بحمايتهم، هي التي اعتمدها الفرنسيون عندما شكلوا فرقة المهارى المشهورة والتي كان من بين مهامها تعقب المهربين، ومن المعروف أن هذه الفرقة هي التي قضت على قوة الطوارق العسكرية وزعْزعت نفوذهم في جنوب الصحراء عقب المعركة التي وقعت في "تيت" في 7 مايو 1902 م، وكذلك استوعبت فرقة المهارى عددًا كبيرم من عناصر الشعانبة الذين كانت لهم خبرة بمسالك الصحراء وطرق الغارة والهجوم.

ولما استقر الأمن والهدوء بعدما بسطت فرنسا سيطرتها الاستعمارية في ظل الحكم العسكري، تحول الشعانبة عن تجارة القوافل وجني الإتاوات إلى فتح المتاجر، وقد شمل نشاطهم هذا كل المنطقة التي تمتد من جنت في الاتجاه الغربي حتى أدرار، ومن غرداية جنوبًا، حتى تمنراست، وقد قدرت إحصائيات صدرت في سنة 1937، أن فريق متليلي من الشعانبة كان يملك نسبة 80% من مجموع الدكاكين والحوانيت التي كانت توجد في جميع مراكز العمران الواقعة في الربع الجنوبي الغربي من الصحراء، وأن عدد الشعانبة الذين يملكون دكاكين في ازدياد باستمرار.

ص: 148

وقد لوحظ أن الشعانبة الذين يمارسون تجارة التجزئة، ومثلهم في ذلك مثل المزابيين، يرفضون الاستقرار في المناطق التي تقع فيها تجاراتهم، وأن العناصر الوحيدة منهم التي رضيت بالاستقرار في غير موطنها الأصلي، هم قدماء الجنود والمحاربين المتقاعدين.

قلنا: إن الشعانبة ينتمون إلى قبيلة سُلَيْم العربية، وبالتالي، فهم من حيث الأصل عرب عدنانيون، فعلى صعيد التنظيم الاجتماعي يقوم قبيل الشعانبة على أساس سيادة الأب في الأسرة التي تشكل مع غيرها من الأسر عشيرة تجمع بينها إلى جانب أواصر الدم، العادات والتقاليد والجوار أو ظروف المعيشة، أو كلا الأمرين معًا، وتتمتع بنوع من الاستقلال الذاتي، والتزاوج بين الشعانبة إنما يقع في حضن العائلة أو العشيرة، والعشيرة تحرص على بقائها معًا في الحل والترحال. والعشيرة إذا كانت تتمتع باستقلال ذاتي، فهي سرعان ما تختلط بغيرها من عشائر القبيل حينما ينادي الواجب في حالات الطوارئ وهكذا، فإن الشعانبة تمثل ما يمكن تسميته باتحاد كونفيدرالي يقوم بوظيفته عندما تدعو الحاجة فقط.

ص: 149

‌لمحة عن أشهر قبائل العرب في الجزائر وديارها "عن تاريخ الجزائر للمدني

"

ذكر المؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني القبائل العربية وأكثرها من بني هلال (هوازن العدنانية) من بطن زُغبة وبعضها من الأشراف (قريش) وقليل منها لا ينسب إلى الهلالية وهي كالتالي:

- قبائل الثعالبة

(1)

والمَعقل

(2)

في سهول متيجة.

- أولاد ماضي، ورياح، وبنو منصور، وخشنة، وموسى، وجواب، ومربع، ويزيد، وسليمان، كلها قبائل قرب مدينة سور الغزلان.

- البراز، وعطاف، وجندل، كلها قبائل في جنوب مليانة وفي سهول الشلف.

- نزليوة، وعمراوة، وعبيد، كلها قبائل حول بلاد الجرجرة البربرية.

- أولاد نائل، والصحارى، وبنو زيان، قبائل في نواحي الصحراء.

- أولاد سعيد، والمخادمة، وأولاد جلال، وفارس، وعامر، كلها قبائل في الهضاب العليا والصحراء.

- بنو عامر، والدوائر، والزمول، وهي قبائل بين وهران وتلمسان.

- الغرابة، قبيلة في نواحي وهران.

- البرجية، قبيلة في الجنوب الشرقي من وهران.

- بنو هاشم

(3)

، قبيلة غربي مدينة معسكر.

(1)

الثعالبة ليست هلالية أو سُلَمية وإنما هي من المعقل من ثعلب بن علي بن بكر بن صفير (تاريخ ابن خلدون ج 6 ص 122).

(2)

المعقل من مَذحج القحطانية وفي المملكة المغربية فروع كثيرة من المَعْقلِ.

(3)

بنو هاشم قبيلة من الأشراف من قريش، وينتمي لها الأمير المجاهد عبد القادر الجزائري.

ص: 150

- مجاهر، قبيلة بمدينة مستغانم.

- صُهيب، قبيلة قرب الأصنام.

- فليتة، قبيلة قرب الأصنام من ناحية الجنوب.

- مُحيَّا، والجعافرة، وبني مظهر، وخلافات، وأولاد خالد، وأولاد الشريف، قبائل ما بين الساحل وفرندة وسعيدة.

- أولاد فارس، قبيلة بين تيارات وسور الغزلان.

- بنو مسلَّم قبيلة في الجنوب الغربي من أولاد فارس.

- هميان، وزغُبة، قبائل ترتاد السهول والهضاب العليا بصحبة بقايا زناتة البربرية المبتلعة من العرب في الجنوب هناك.

- قبائل أولاد سيدي الشيخ، عتيدة حديثة التكوين وبها مختلف العناصر العربية والبربرية.

وذكر أحمد توفيق المدني عن القبائل الهلالية والسُّلمية التي اندمجت مع البربر بالمصاهرة والجوار وكلها بعمالة قسنطينة وهي:

(1)

بنو مرداس (سُلَيْم) قرب عنابة.

(2)

دُرَيْد (هلال) بين وادي الزناتي وتبسَّة.

(3)

كرفة (هلال) قرب عين البيضاء.

(4)

عطية (هلال) في نواحي جيجل.

(5)

أولاد ماضي (هلال) قرب برج بوعريرج.

(6)

أولاد صولة (هلال) في الزاب.

(7)

الدواودة (هلال) بين الزاب والحضنة.

ص: 151

‌أشهر قبائل الجزائر وديارها

(1)

1 -

‌ أولاد مختار:

قبيلة في المديَّة جنوب الجزائر العاصمة.

قلت: ذكرها أحمد توفيق المدني بطنا من محمد من هلال بن عامر.

2 -

‌ بنوثور

(2)

: في واحات توقرت وورقلة بشرق الجزائر.

قلت: ثور بطن من بني عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور، ذكرهم ابن خلدون في تاريخ العبر بنو ثور بن معاوية بن عبادة بن ربيعة البكاء بن عامر بن صعصعة، وأضاف: أن منهم مع عربان هلال بن عامر، ونسب ذياب بن غانم الزُّغبي إلى ثور هؤلاء، ولعل ثور إندرجوا تحت اسم بني زُغبة من هلال بن عامر.

ويرى بعض الباحثين أنهم من طرود من بني فهم من قيس عيلان.

3 -

‌ أولاد يعقوب "‌

‌الدواودة

": في وادي زرقون وفي المنطقة الواقعة بين البيض وجبال العمور في منطقة أطلس الصحراء.

4 -

الدواودة: بين الزاب والحضنة شرق الجزائر.

قلت: والدواودة من أقوى قبائل رياح من هلال بن عامر، وذكرهم ابن خلدون من بطون مرداس رياح من هلال، وذكرهم المدني أيضًا كقبيلة من بني رياح الهلالية في الجزائر.

(1)

عن كتاب ثورات الجزائر في القرنين التاسع عشر والعشرين للدكتور يحيى بوعزيز، الطبعة الأولى

14 هـ / 1980 م، والناشر دار البعث للطباعة والنشر، قسنطينة - الجزائر مع التعليق والإضافة من صاحب الموسوعة.

(2)

تنطق ثور (تور) بالتاء بدل الثاء بعدها واو ثم راء، وهذا شأن العوام في نطق الثاء (تاء) كما يقال للثعلب (تعلب)، ومن ثور بطن ظل في بلاده الأصلية بالجزيرة العربية (المملكة العربية السعودية) وهو ضمن فخوذ قبيلة سُبيع العامرية من عامر بن صعصعة، وذكر الباحثون أن مساكنهم في رنية والخرمة وهي مساكن بني عامر من هوازن، ولعل بطن ثور من قبيلة حرب الساكنين قديد شمال مكة المكرمة فرع من ثور بني عامر هؤلاء وانضموا إلى قبيلة حرب قديمًا.

ص: 152

5 -

‌ أولاد سيدي الشيخ:

في البيض والهضاب العليا وقرب حدود المغرب وفي منطقة المنيعة بصحراء الجزائر، ومنهم فروع أولاد سيدي يعقوب، وأولاد سيد الأسقم، وأولاد سيدي العربي، وأولاد عبد الكريم، وأولاد زوة، وأولاد معلة والرزاينة وهم الغرابة.

وذكر بوعزيز أن نسب أولاد سيدي الشيخ ينتهي إلى الخليفة أبي بكر الصدِّيق من قريش في المدينة المنورة، وهم الأصليون، وقد انضمت لهم عشائر أخرى.

6 -

‌ أولاد نايل (نائل)

(1)

: ذكر منهم بوعزيز فرع أولاد ساعد في وادي النساء شمال ورقلة.

قلت: وأولاد نايل من أشهر وأعظم قبائل الصحراء الجزائرية (أطلس الصحراء) وأكثرها عددًا وتنسب كما تواتر عند أبناء القبيلة إلى الأشرات الأدارسة بالمغرب الأقصى، ويذكرون أن جدهم الأول الشريف نايل بوكحيل الإدريسي سكن في صحراء المغرب (منطقة الساقية الحمراء) بعد سقوط الدولة الإدريسية وتشتت الأشراف الأدارسة، فلما ضاق به العيش نزح إلى منطقة الجلفة على مشارف الصحراء الجزائرية، وكان يُعلِّم أبناء البربر القرآن ثم تصاهر معهم وكوَّن قبيلة عظيمة حافظت على مركزها بين قبائل البربر الزناتية ومع قبائل الهلالية التي جاءت للبلاد الجزائرية في القرن الخامس الهجري، وقد امتدت فروع النوايل إلى

(1)

ويرى الشريف محمد بن منصور صاحب كتاب (قبائل المغرب) أن النوائل في الجزائر هم من نوائل بني سُلَيْم الذين ذكرهم ابن خلدون من بطون ذباب.

وذكر أحمد توفيق المدني في (تاريخ الجزائر) أن النوائل من ذباب بني سُلَيْم منهم في الجزائر وقد تقدم ذكر ذلك.

وذكر المدني في (تاريخ الجزائر) أيضًا في موضع آخر أولاد نائل هم (بني فذر) من حميص من عروة من زغبة الهلالية وذكرهم أيضًا مارك الميلي الهلالي من فرغ (بدل فذر) من حميس من عروة من زغبة، وعلى ذلك فأولاد نايل بالجزائر يكون فيهم ثلاثة أقوال، فحسب تواترهم أنهم أشراف وهذا قول فيه نظر ولا تؤكده المراجع القديمة أو الحديثة، أما عن بعض المؤرخين الحديثين فذكرون أنهم هلاليون أو سُلَميون من قيس عيلان العدنانية.

وأولاد نائل يشتهرون بالكرم في أوساط المجتمع الجزائري.

ص: 153

منطقة شاسعة من جبال أطلس الصحراوية، وسميت باسمهم جبال أولاد نايل شرق جبال عمور (من جبال أطلس)، ويُطلق عليها النوايل (جبال بوكحيل) نسبة إلى لقب جدهم الأول نايل، كما يُطلق على عشائرهم أو ما يسمى عروش من (بيت كحلة) أي ببيت الشعر رمز أصلهم الشريف، ومن أولاد نايل بادية وحاضرة، أما حاضرتهم فموزَّعون على مدن ولايات الجلفة والأغواط وبسكرة وباتنة وبوسعادة والمديَّة وبعض أحياء العاصمة الجزائرية، وأكثر المدن التي بها أغلبية منهم تقع في دائرة ولاية الجلفة وأشهرها مسعد وتقع في وادي مسعد شمالي وادي الجدي الشهير، كما أن هناك قرى أخرى لهم مثل المليليحة وعمورة مسعد والمصران، أما البوادي من النوايل فينتشرون مع قطعان الإبل والأغنام في ربوع صحراء ولاية الجلفة وغيرها من ولاية الأغواط، وتجد بيوت الشعر ذات اللون الأحمر والأبيض المميزة للنوايل منتشرة في هذه المناطق الصحراوية، وينقسم أولاد نايل إلى أربعة بطون هي: أولاد أم لخوة، وأولاد عيفا، وأولاد الأعور، وأولاد سي محمد المبارك، وتقسم بينهم مناطق الرعي في ديارهم.

فمن أولاد لخوة عروش (عشائر): سيدي سعد، وسيدي عمارة، وبوخلَّط، وسيدي ناجي، والكاكي، والأخضر، وناصر، وبن جدُّو، وطُعبة، وجاب الله، وقويسم، والشنان، والعويسات.

ومن أولاد عيفا عروش (عشائر): الزير، وعطا الله، والإباحي، وشريف، وسعد، وشرابة، والمرازقية، وعبد الله بن محمد.

ومن أولاد الأعور عروش (عشائر): عبد الرحمن، وأم وهيب، والصالح، والدباز، والنقاقزة، والمهاش، والطرش، والنعايم.

وأما محمد المبارك فيذكرون أنه عقب أحمد وعبد الله والغوني وعبد القادر وزكري وعمران وسعد ومن زكري عروش سالم بن يحيى، والغوني، ورقاد ومنه غناسة، وأولاد فاطمة، وأولاد أم الهاني، وبريك، وجيش، وكرد الواد، وبلول.

ولأولاد نايل ذكر في مساندة جيش الأمير عبد القادر الهاشمي الجزائري،

ص: 154

وقام أولاد أم لخوة النوايل بثورة ضد الفرنسيين مما تسبب في عدم تجنيد هذا البطن في الجيش الفرنسي، كما كانت جبال أولاد نايل نشيطة جدا في ثورة الجزائر التحريرية عام 1954 - 1962 م، وقدموا الكثير من المتطوعين في الجيش الثوري الجزائري، وسقط منهم عدة آلاف من الشهداء في الحروب ضد الاحتلال الفرنسي.

7 -

‌ بنو عامر:

من أكبر قبائل بني هلال في جنوب غرب وهران.

قلت: ذكرهم ابن خلدون من أكبر قبائل زُغبة الهلالية، وكذلك المدني ذكرهم من بني زُغبة في منطقة وهران، وقال: إنهم من أعظم وأشهر قبائل الجزائر بالوقت الحاضر.

8 -

‌ المخادمة:

قبيلة معروفة في المنطقة ما بين ورقلة والأغواط وتوقرت.

ذكرهم بوعزيز من رياح الهلالية، وكان زعيمهم في القرن التاسع عشر عبد الله بن خالد، ذكرهم ابن خلدون المخادمة من ولد مخدم بن مشرف من الأثبج من بني هلال بن عامر

(1)

.

9 -

‌ الحرازلية:

قبيلة في المنطقة ما بين ورقلة والأغواط.

وهم (أولاد حرز الله)، وأصولهم عرب من الساقية الحمراء

(2)

، ومنهم بطون المعامرة والحجاج، ومنهم الثائر على الغزو الفرنسي لصحراء الجزائر، ناصر ابن شهرة بن فرحات.

10 -

‌ الأرباع:

قبيلة في نفس المنطقة السابقة وجيران الحرازلية.

قلت: وأصلهم من صنهاجة كما ذكرهم المدني، وذكر الدكتور بوعزيز أن أجداد ناصر بن شهرة كانوا قوادًا ومشايخ للأرباع يدل على ارتباط وثيق بين أصول الحرازلية والأرباع، وذكر بوعزيز أولاد يعقوب الأرباع في أحواز البيضاء قرب عين طاقين بين الأغواط والبيض.

ومن فروع الأرباع "المخاليف" وهم سكان سيدي مخلوف شمال الأغواط ومنهم بدو رحَّل يظعنون حتى وادي النساء والقرارة ولاية غرداية، ومن الأرباع

(1)

انظر تاريخ العبر ج 6 - انظر بطون الأثبج.

(2)

يرجح أنهم من عربان المعقل القحطانية المندرجة مع عرب الهلالية.

ص: 155

أيضًا الحجاج، وأولاد زيان وهم سكان القصير وسيدي مخلوف وعين ماضي وبرزينا وحاسي الرمل وتجرونة.

11 -

‌ أولاد صاولة:

في الزاب ببسكرة وفي تقرت والواد سوف شرق الجزائر، ذكرهم بو عزيز من أشراف الدواودة من رياح الهلالية، والصحيح أن هذه القبيلة من مرداس بني رياح، ومنهم بو عكاز أمراء العرب في الشرق الجزائري (لقبهم شيخ العرب) قبل الغزو الفرنسي، وقد ظلوا على ذلك في عهد الاحتلال، إلا أنهم ضعفوا بسبب مناوأتهم للغزو الفرنسي، ومساندة المجاهد الأمير عبد القادر الهاشمي وقد قوَّى الفرنسيون أولاد ابن قانة

(1)

المنافس لهم، فقلَّ نفوذهم على سكان الصحراء الجزائرية في عهد الاحتلال الفرنسي.

12 -

‌ الصحارى:

قبيلة في منطقة ميزاب شرق الجزائر.

قلت: ذكرها المدني من فخوذ عروة من زُغبة من هلال بن عامر في الجزائر.

13 -

‌ أولاد خليفة:

قبيلة في الشريعة قرب تبَّسة القريبة من حدود تونس.

قلت: ذكرهم ابن خلدون في تاريخ العبر من بطون زُغبة من هلال بن عامر.

14 -

‌ العلاونة:

قرب جبل وق وفي جبل الجرف.

قلت: وأصل هذه القبيلة من ذُباب من بني سُلَيْم، وذكرهم ابن خلدون من بطون ذُباب من بني سُلَيم بن منصور، وكذلك ذكرهم المدني في تاريخ الجزائر من قبائل ذُباب من سُلَيم في الجزائر، ومنهم في ليبيا ومصر بالوقت الحاضر.

15 -

‌ أولاد ذكري:

قبيلة في وادي ريغ وتوقرت والزيبان، ذكر بو عزيز من بطونهم أولاد الساسي وأولاد حركات وأنهم من الدواودة من رياح الهلالية. قلت: ذكرهم المدني من عبد الله من العمور من الأثبج من بني هلال بن عامر.

(1)

أولاد ابن قانة مركزهم توقرت، وأصلهم من قبائل الحدرة بضواحي ميلة شمال قسنطية، وقد ولَّاهم باي قسنطينة بدلًا من عائلة بو عكاز، فسبب نزاعًا بين العائلتين مما تسبب في هزيمة الباي من الفرنسيين.

ص: 156

16 -

‌ أولاد جلال:

قبيلة في منطقة الزيبان بالشرق الجزائري.

قلت: وباسمهم بلدة بالوقت الحاضر جنوب غرب بسكرة بمنطقة الزيبان. ذكرهم المدني: من يتامى من لطيف من الأثبج من بني هلال بن عامر، مركزها الهضاب العليا والصحراء بعمالة قسنطينة.

17 -

‌ الشعانبة:

قبيلة في ولايتي ورقلة والأغواط.

قلت: والشعانبة أصلها من فروع حكيم من حِصْن من علَّاق بن عوف بن بُهثة من بني سُلَيْم بن منصور كما ذكرها المدني الجزائري (انظر عن هذه القبيلة وقد تقدم التفصيل عنها).

18 -

‌ طَرُود:

في وادي سوف (وسيأتي التفصيل عنها).

قلت: وأصلهم من بني فهم بن عمرو من قيس عيلان من مُضَر العدنانية، وذكر المدني طرود حلفاء لعرب سُلَيْم في الجزائر، وأن قسمًا من هذه القبيلة حلفاء للهلالية.

19 -

‌ المرازيق:

ومنهم أولاد زياد الشراقة والغرابة قرب غار سيدي الشيخ غرب الأبيض بالهضاب العليا.

قلت: ذكرهم ابن خلدون من ذباب من سُلَيْم، وهم أولاد مرزوق، ومنهم قبيلة كبيرة في تونس بمنطقة دوز، ومنهم في مصر أيضًا جماعة في الجيزة قرب الأهرامات.

20 -

‌ أولاد رشاش:

قرب جبل ششار في الأوراس.

قلت: ذكرهم ابن خلدون رشاش بن وشاح بن عطوة بن عطية بن كُمون بن فرج بن توبة بن عطاف بن جبير بن عطاف بن عبد الله بن دُرَيْد من الأثبج من هلال بن عامر.

21 -

‌ أولاد سرور:

في الزاب شرق الجزائر.

قلت: ولهم قرية كبيرة باسمهم حتى الآن بولاية بسكرة، وذكرهم ابن خلدون وقال: أولاد سرور بن دُرَيْد من الأثبج من هلال بن عامر.

22 -

‌ أولاد يعقوب الزراريون:

في جبال عمور بالهضاب العليا.

ص: 157

قلت: ذكرهم ابن خلدون من رياح من هلال بن عامر.

23 -

‌ حميان

(1)

: وهم الشراقة والغرابة والشفعة وجنبة على حدود الجزائر مع المغرب وداخل منطقة وجدة بالمغرب الأقصى.

وحميان زوة في منطقة الضاية بالهضاب العليا.

قلت: ذكر ابن خلدون حميان بن عُقبة من بطون بني يزيد من زُغبة الهلالية، ومنهم قسم في واحة ورقلة كانوا حلفاء للشعانبة من عهد قديم.

24 -

‌ أولاد عمور:

في الهضاب العليا.

قلت: باسمهم جبال عمور غرب الأغواط في الهضاب العليا، وذكرهم ابن خلدون من الأثبج من بني هلال، وذكرهم المدني من بطون الأثبج من هلال ابن عامر.

25 -

‌ أولاد ميمون:

في الهضاب العليا.

قلت: باسمهم جبال ميمون في الأطلس، وذكرهم ابن خلدون: ميمون من سعيد بن رياح من هلال بن عامر، وهم ولد ميمون بن يعقوب بن عريف بن يعقوب بن يوسف من رياح الهلالية.

26 -

‌ أولاد فرج:

في عين غراب وبو سعادة في الحضنة.

قلت: ذكرهم ابن خلدون قال: هم بطن يعرف بأولاد فرج بن مظفر من خراش بن حُصين بن زغبة من هلال بن عامر، وربما انتسب أولاد مظفَّر من خراش إلى بني سُلَيم، ويزعمون أن مظفَّر بن محمد الكامل جاء لبني سُلَيْم ونزل بهم، والله أعلم بحقيقة ذلك الأمر.

27 -

‌ أولاد عيسى:

في المنطقة الممتدة بين بسكرة في الزيبان بشرق الجزائر وبين بو سعادة والجلفة.

قلت: ذكرهم ابن خلدون: أولاد عيسى أرداف أولاد ميمون من رياح الهلالية، وهو عيسى بن رحاب بن يوسف، ويزعمون نسبهم إلى بني سُلَيم في أولاد القوس، والصحيح في نسبهم أنهم من رياح من هلال بن عامر.

(1)

ومنهم أولاد سيدي أحمد المجذوب.

ص: 158

‌قبائل أخرى ذكرها الدكتور بو عزيز في الجزائر

1 -

أولاد إسماعيل

منطقة ورقلة ونقوسة والأرباع.

2 -

أهل السعيد عُتبة

(1)

في كويف بين العريشة والقرارة بوادي غير، وقرية العاطف الميزابية.

3 -

بنو بوزيد

في جبال العمور بالهضاب العليا.

4 -

زنينة

في العمور بالهضاب العليا.

5 -

بنو معفة

في جبل ششار بالأوراس.

6 -

أولاد سيدي عيد بن عبيد في منطقة تبسَّة على حدود تونس.

7 -

الحدرة

(2)

في ضواحي ميلة شمال قسنطينة.

8 -

أولاد مولة

قرب حدود المغرب مع الجزائر.

9 -

أولاد الشايب

في بوغار وقرب طاقين غرب الجلفة.

10 -

الإنجاديين

على حدود المغرب وجنوب وجدة.

11 -

الجعافرة

على حدود المغرب وجنوب وجدة.

12 -

أولا طيفور

في إقلامنيه بالأغواط شمال غرب البيض بالهضاب العليا.

13 -

الدواشر

جنوب غرب وهران.

14 -

الربايع

في الواد سوف شرق الجزائر.

(1)

قبيلة ولاد سعيد عُتبة من مالك بن رياح الهلالية وهم في بسكرة وورقلة والحجيرة، وفي الأخيرة يُطلق عليهم سعيد أولاد أعمر.

(2)

من الحدرة: شيخ العرب عائلة ابن قانة، وقد منح ابن قانة (لقب شيخ العرب بتوقرت) باي قسنطية قبل غزو فرنسا للتراب الجزائري، ونافسوا بو عكاز الهلاليين.

ص: 159

15 -

المقارين

في منطقة توقرت ووادي غير، وباسمهم قرية المقارين هناك وهم من الحشاشنة.

(16)

أولاد سيدي أحمد

في جبال العمور بالهضاب العليا.

(17)

أولاد سيدي إبراهيم

في جبال العمور بالهضاب العليا.

(18)

أولاد الناصر

في جبال العمور بالهضاب العليا.

(19)

أولاد خليف

في وادي طاقين.

(20)

بني يزقن

في وادي ميزاب جنوب غرداية.

(21)

بني مطهر

في منطقة الضايا بالهضاب العليا.

(22)

أهل روسل

(1)

قرب عين تموشنت غرب الجزائر.

(23)

أولاد مولات

في جامعة بمنطقة توقرت والواد سوف.

(24)

المخاليف

(2)

في الأغواط.

(25)

أولاد عبد النور

في غرب الحضنة.

(26)

الطرافي

قرب حدود المغرب.

(27)

سلماية

(3)

منطقة توقرت ووادي ريغ.

(28)

أولاد رحمان

(4)

منطقة توقرت ووادي ريغ.

(29)

مجاربة

منطقة توقرت والواد سوف.

(30)

عرب قبلي

منطقة توقرت والواد سوف.

(1)

ينتمي إليهم الثائر على الغزو الفرنسي للجزائر (الشريف محمد بن عبد الله) من فرع سيدي أحمد بن يوسف، ولم يحدد بو عزيز إلى أي الأشراف ينتسب في قبيلة أهل روسل المذكورة.

(2)

وهم قسم من الأرباع.

(3)

،

(4)

سلماية أو سليمة هم من مجاهر بن سويد بن عامر بن مالك من زغبة الهلالية، وأما أولاد رحمان فهم من مسلَّم من عقيل من بني رياح الهلالية.

ص: 160

31 -

أولاد عمر

(1)

منطقة بسكرة وتوقرت والواد سوف.

32 -

المهارى

منطقة توقرت والواد سوف.

33 -

الوطاية

الهضاب العليا في ضاية.

34 -

الدرَّاجة البراهمة

المنطقة الغربية للجزائر خاصة في بيشار.

35 -

بودواية زوة

المنطقة الغربية للجزائر خاصة في بيشار.

36 -

أولاد سيدي عيسى

المنطقة الغربية للجزائر خاصة في بيشار.

37 -

أولاد مؤمن

المنطقة الغربية للجزائر خاصة في بيشار.

38 -

الفراريج

المنطقة الغربية للجزائر خاصة في بيشار.

39 -

الرزيقات

المنطقة الغربية للجزائر خاصة في بيشار.

40 -

المكاولة

في الفكارين.

41 -

أولاد جرير

في بيشار جنوب عين الشعيرة

42 -

دوي منية

في بيشار جنوب عين الشعيرة

43 -

بني غيل

في بيشار جنوب عين الشعيرة

44 -

أولاد ابن زيان الدرَّاجة والغرابة منطقة الهضاب العليا في ضاية والبيض.

45 -

أولاد سرور جنبة

منطقة الهضاب العليا في ضاية والبيض.

46 -

أولاد موسى

(2)

منطقة الهضاب العليا في ضاية والبيض.

47 -

أولاد بو عزة

منطقة الهضاب العليا في ضاية والبيض.

48 -

أولاد بوداية بن سلامة

منطقة الهضاب العليا في ضاية والبيض.

49 -

العمارنة

(3)

منطقة الهضاب العليا في ضاية والبيض.

(1)

أولاد عمر من مرداس من رياح الهلالية.

(2)

يرجح أن يكونوا من أولاد موسى بن يحيى الصنبري من مرداس من رياح الهلالية، وقد ذكرهم ابن خلدون في تاريخ العبر ج 6 من 32.

(3)

لعلهم هم العمارية الذين ذكرهم ابن خلدون كبطن من دوي منصور من المعقل من مَذْحِج القحطانية.

ص: 161

50 -

الكوابيس

منطقة الهضاب العليا في ضاية والبيض.

51 -

الرقيبات

مقرها في تندوف، ومنها في صحراء المغرب وموريتانيا.

52 -

الدوائر

في جنوب وهران وتلمسان.

قلت: وأضيف بعض القبائل العربية الجزائرية أيضًا مثل:

53 -

شدَّاد

في منطقة الأوراس (وهي من الهلالية)

54 -

عدي

في نواحي غرداية (وهي من جُشَم هوازن).

55 -

العطاطشة

في القرارة ولاية غرداية وغيرها من صحراء الجزائر، وهم عشائر متحالفة من الأشراف وبني هلال وأولاد نائل وغيرهم.

56 -

الزعاطشة

قبيلة في نواحي بسكرة، لها واحة باسمها وكان لهم ثورة معروفة ضد فرنسا في القرن التاسع عشر.

57 -

المحارزة

في نواحي الصحراء (ولاية الأغواط) وهي قبيلة عربية.

58 -

غسل

تقيم في غرب الجزائر العاصمة وهي من المعقل القحطانية.

وفي كتاب حياة الأمير عبد القادر الجزائري

(1)

ذكرت قبائل جزائرية كالتالي:

قبيلة أولاد نايل في الصحراء، وقبيلة فليتة في الشلف، وقبيلة بني أنجاد في منطقة تلمسان، وقبيلة أولاد سيد الشيخ أقصى الجنوب في صحراء الجزائر، وبني الزدامة بين تاقدمت ومعسكر، وقبيلة بني حسن في مشارف الصحراء،

(1)

انظر حياة الأمير عبد القادر - الدار التونسية للنشر - تأليف هنري تشرشل، تعليق وترجمة أبو القاسم سعد الله.

وفي مراجع أخرى ذكرت قبائل بني خليل والخشنة وبني موسى والزواتنة في منطقة شرق وجنوب الجزائر العاصمة، وقبائل يسر وزمور وعمراوة وقشتولة جنوب وغرب وشرق دلس وقبائل بني حمزة وبني جعد والديرة شمال وجنوب سور الغزلان وقبائل جندل وعبيد ومحيَّا والبغدادي وبني منحو قرب الساحل في أطلس التل، وقبيلة عياد قرب طاقين.

ص: 162

وقبيلة بني هيدروه في شرق المدية، وقبيلة بني سناسن على حدود الجزائر مع المغرب، وقبائل بني شقران والبرجيين واليعقوبيين وبني عامر وبني مجاهر في منطقة معسكر وجنوب وهران، وقبيلة بنو صُهيب جنوب الشلف، وقبائل بنو مختار وبنو موسى وبنو عبيد (الدوائر) والزناخرة في منطقة التيطري (أطلس الصحراء)، وقبيلة بنو عراش في عين ماضي بالأغواط، وقبيلة بنو عنتر قرب بوغار نواحي المديَّة، وقبيلة بنو عيَّاد جنوب المدية، وقبيلة بنو منصور جنوب بجاية، وقبيلة بنو هاشم الغرابة في منطقة أغريس جنوب وهران.

‌قبائل بنو سُلَيم في تونس الخضراء بالوقت الحاضر

ذكر المؤرخ التونسي محمد المرزوقي قبائل سُلَيْم بن منصور كالتالي

(1)

:

1 -

‌ المرازيق:

ومساكنهم في معتمدية دوز بولاية قابس، ولهم قرى كبيرة في هذه المنطقة الصحراوية بجنوب غرب البلاد التونسية.

ومن أهم بطون المرازيق العوينة، وأصبحت كقبيلة قائمة بذاتها عن المرازيق ولهم قرية العوينة المعروفة في دوز، وجدهم عمر المحجوب الولي الصالح، وأهم بطونهم أولاد عثمان وأكثرهم عددًا، وذكر المؤرخ محمد المرزوقي في ص 14 نبذة عن هذه القبيلة السُّلمية قائلًا عن نسبهم التالي:

يقول صاحب معجم قبائل العرب: أولاد مرزوق ينتسبون إلى سالم بن هيب

(2)

بن رافع بن ذباب بن مالك بن امرئ القيس بن بُهثة بن سُلَيم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مُضر بن نزار بن معد عدنان، وهو نقلًا عن ابن خلدون في تاريخ العبر ومبتدأ الخبر.

(1)

عن كتاب ثورة المرازيق بالجنوب الغربي التونسي 1943 م - لمحمد المرزوقي، وعلي المرزوقي من المرازيق من قبائل بني سُليم في جنوب تونس - بمنطقة دور الصحراوية.

(2)

ذكر ابن خلدون نسب أولاد سالم كالتالي.

سالم بن هب بن رافع بن ذباب بن ربيعة بن زغب بن جور بن مالك بن خفاف بن امرئ القيس ابن بهثة بن سُليم بن منصور، وهنا زيادة اسم هيب وقد نوهنا عن ذلك سابقًا، وهيب بطن آخر غير بطن ذباب.

ص: 163

ويقول ابن خلدون: كانت الرئاسة في أول المائة الثامنة للهجرة، لغلبون بن مرزوق، وهي اليوم أواخر القرن الثامن لحميد بن سنان بن عثمان بن غلبون.

ويقول الطاهر الزاوي في معجم البلدان الليبية ص 171: من أولاد سالم قبائل: الأحامد والعلاونة وأولاد مرزوق

(1)

، ولجدهم سالم أخ اسمه سليمان وهو جد أولاد سليمان ومنهم أولاد سيف النصر.

ونص ابن خلدون عن منازل أولاد مرزوق في زمنه (نهاية القرن الثامن للهجرة) كانت في البلاد الليبية بمصراته ولبدة ومسلاته، ويظهر أنهم تسربوا إلى الجهة الغربية، إذ توجد منهم الآن أحياء في جبل غريان في شكشوك وغيرها في ليبيا؛ ومن هؤلاء تسرَّبت أحياء إلى البلاد التونسية (ويرجح أن يكون في نهاية القرن الثامن الهجري كما أجمع عليه المحققون في تونس).

فالمرازيق ليسوا سكان دوز والعوينة فقط ولكنهم أحياء منتشرة على طول مساحة الشمال الإفريقي، فهناك حي كبير منهم يسكن بالجيزة من أحواز القاهرة قرب الأهرام، وعلى الطريق المؤدي من القاهرة إلى الهرم، وعند اقترابك من الأهرام تقابلك على يسارك محطة أرتال كُتب عليها بالخط العريض (محطة المرازيق)، وقد زرت المكان وقابلت بعض السكان وهم أعراب تحسب نفسك حين تكون في قريتهم أنك في العوينة أو دوز بصحراء تونس.

وهناك حي عظيم منهم في بلدة شكشوك بطرابلس الغرب، وهنا في البلاد التونسية توجد أحياء للمرازيق في نابل وفي ماطر وفي جندوبة، ولا شك أنها كلها ترجع إلى قبيلة أولاد مرزوق الأولى التي جاءت إلى تونس بعد عرب الهلاليين.

وانتشرت قبائل المرازيق في شمال إفريقيا (بلاد المغرب) وتنقلت بين جهاته، فمنها من بقي في مصر وطرابلس، ومنها من ارتحل إلى الجزائر والمغرب الأقصى ومنها من بقي بتونس، ومنها من تردد بين هذه البلاد كلها فغرَّب ثم شرَّق، ومن هذه القبائل المترددة التي لم تستقر إلا بعد زمان (مرازيق دوز بتونس) الذين طالت

(1)

وأضاف ابن خلدون في ج 6 ص 171 (العمائم) قلت: ومنهم العمايم الآن في ليبيا وتونس ومصر.

ص: 164

طالت بهم النجعة والتنقل بين جهات الجنوب التونسي وصحرائه حتى استقروا أخيرًا بدوز في أواخر القرن الثامن الهجري.

قلت: وأضيف عن المرازيق في الجزائر: فهي قبيلة معروفة في شمال غرب الجزائر في منطقة الهضاب العليا في ضاية والبيض، ومن المرازيق أولاد زياد المشهورين في غار سيدي الشيخ غرب الأبيض بالجزائر.

ونعود للمرزوقي حيث قال عن صفات قبيلته وأخلاقها:

تدلنا صفات المرازيق بتونس أنهم أعراب من الجزيرة العربية، فهم سُمر البشرة، عيونهم حادة، في وجوههم استطالة، يميلون إلى المرح والتنكيت ولكنهم سريعو الغضب والرضا، وإذا غضبوا قتلوا، وإذا رضوا سمحوا حتى بأنفسهم، كرماء إلى درجة الهوس، شجعان إلى درجة الجرأة، يكرمون المرأة، ويموتون وراء كلمة منها، ويؤذونها حتى لكأنها الحيوان! ..

هكذا في طبائعهم كثير من المتناقضات!

وقد رحَلْتُ إلى مصر عن طريق البر، واسترحت في منازل كثيرة على طول أرض طرابلس والصحراء الغربية من مصر، وسألت السكان عن كثير من العقائد والعادات الموجودة عندنا هنا في المرازيق بتونس، فوجدتها عندهم هي نفس العادات والعقائد، كالعادات المتبعة في العُرس، وفي بعض المواسم والأعياد، وكذلك بعض العقائد الخرافية هي موجودة عندهم أيضًا كالتبرُّك بتعليق كعب الأرنب والتشاؤم بنعيق الغراب، وبيوم الأربعاء .. إلخ، ومن تطبيق علمي الإتنولوجيا والمثيولوجيا اللذين يستخدمهما العلماء العصريون في مثل بحثنا هذا، يتجلى لنا أن المرازيق (أولاد مرزوق) من أعراب سُلَيم لاشك في ذلك ولا ريب، وأنهم قدموا إلى شمال إفريقيا مع أبناء عمومتهم قبائل بني هلال في منتصف القرن الخامس للهجرة من صعيد مصر، وجلبوا معهم عقائد وعادات الأعراب من الجزيرة العربية، كالتشاؤم بالغراب، والتبرك بكعب الأرنب، ومن الصعيد المصري كحفلات عاشوراء، والتبرُّك باسمي محمد وعلي فقط، دون أن يذكروا أبا بكر وعمر، وهي عادة شيعية جلبها هؤلاء الأعراب من الفاطميين في مصر.

ص: 165

وعن أخلاق المرازيق أضاف قائلا:

احتفظ المرازيق بأخلاقهم الأصلية والمكتسبة، فورثوا عن جدودهم الأوائل - بني سُلَيْم - الشجاعة والكرم وسرعة الرضا وحب القصص والشعر وألوان الأدب، وورثوا من جدودهم الأدنين حسن النية وصفاء القلب وصلاح السيرة والتمسك بالدين الإسلامي الحنيف، والابتعاد عن إذاية الغير؛ ولذلك عاشوا طوال حياتهم في هذه الجهة من تونس لم يغزوا غيرهم كما يفعل الأعراب غيرهم من قبائل سُلَيْم في جهات الصحراء، وإنما كان المرازيق يتولون الدفاع عن أنفسهم وعن جيرانهم، ولهم ذكر في هذا الصدد من أولاد يعقوب من بني سُلَيْم، ومن المرازيق رجال وأبطال احتفظ لنا الرواة بذكرهم الطيب المعطر.

وعلى ذكر حبهم للشعر، نستطيع أن نقول بلا منازع أن هذه القبيلة قد نبغ فيها كثير من الشعراء الفحول الذين عُرفوا بالبلاغة والحكمة، وجزالة اللفظ والمعنى.

وعن لهجتهم إذا رجعنا إلى لهجة المرازيق في حديثهم، تحدثك هذه اللهجة من أول وهلة أنهم عرب صرحاء، فلهجتهم من اللهجات القريبة من الفصحى، والكلام الذي يتحدثونه لا يقل فصيحُه في رأي الباحثين عن ثمانين بالمائة

(1)

خاصة إذا ارتحلوا إلى الصحراء في الربيع، فإن حديثهم يكاد يكون كله فصيحًا، وهو نفس كلام سكان الجزيرة العربية إلى درجة كبيرة.

وعن عاداتهم: احتفظ المرازيق بكثير من عادات أجدادهم الأولين حسبما نبهنا إلى ذلك في أول هذه الكلمة

(2)

كما احتفظوا بأساطيرهم، وقد نبهت إلى ثلاث أو أربع أساطير عربية كانت معروفة في العصر الجاهلي ولا تزال تُحكى كما كانت مع تغيير بسيط - نبهتُ إلى هذه الأساطير في كتابي (الأدب الشعبي في تونس).

(1)

عن قول الدكتور بوريس صاحب المؤلفات عن المرازيق، توفي سنة 1945 م.

(2)

قال المرزوقي: أنه توسع في وصف عاداتهم وتقاليدهم بما فيه الكفاية في كتاب مع البدو في حلهم وترحالهم - المطبوع في تونس.

ص: 166

‌ثورات المرازيق ضد الفرنسيين في تونس

لقد كُتب كتاب تاريخي باسم ثورة المرازيق

(1)

ومؤلفيه محمد المرزوقي، وعلي المرزوقي وقالا في ص 38: أما كرههم - أي المرازيق - للفرنسيين المستعمرين، ونزوعهم للثورة على حكمهم فأمره مشهور، وأحداثه كثيرة معروفة، من ذلك ثورة عام الاحتلال الفرنسي 1881 م للتراب التونسي، فقد أبت جماعات منهم الرضا بحكم الفرنسيين، فهاجروا إلى أماكن متفرقة وقاوموا الفرنسيين في مختلف الواجهات، فمال بعضهم إلى الالتحاق بالقبائل المهاجرة إلى الحدود الليبية، ومال البعض الآخر إلى الصحراء القبلية (جنوب شرق تونس) والتحق بعضهم بالتراب الطرابلسي، ولم ترجع هذه الجماعات إلى بلدها إلا بعد انتهاء المقاومة، ورجوع القبائل المهاجرة إلى بلدانها.

أما ثورة 1915 م المشهورة أثناء الحرب العالمية، فقد شارك فيها عدد من أبطالهم، ولمعت أسماؤهم، سواء في الواجهة الفرنسية على الحدود الجنوبية الشرقية، أو في الواجهة الإيطالية في جبل غريان مع البطل خليفة بن عسكر، وتوغل بعضهم في الدواخل، فحارب الإيطاليين في وقائع (الهاني)، و (المرقب) وغيرهما من المعارك مع المجاهدين الليبيين.

وأخيرًا ثورتهم العارمة سنة 1943 م أثناء الحرب العالمية الثانية التي بقيت قائمة حتى استقلال تونس.

العوينة فلاقة: وسكان العوينة من المرازيق كانوا مشهورين لدى الفرنسيين بأنهم (فلاقة) أي ثوار، وأطلقوا عليهم اسم (العوينة فلاقة)؛ ولهذا الوصف سبب قديم؛ لأن الانتفاضات والثورات السابقة كلها قام بها ثوار من مشيخة (العوينة)، وكان أبناء هذه القبيلة (في قرية العوينة) - في القديم - يستنكفون من العمل أعوانًا عند الفرنسيين إلى زمن قريب، فلم يشاركهم في الثورة على الاحتلال الفرنسي قديمًا إلا بعض من سكان القرى المجاورة للمرازيق كالعذارى

(1)

طبع في دار بو سلامة للنشر والتوزيع - تونس عام 1979 م (طبعة أولى).

ص: 167

والصابرية (وهي قرى باسم القبائل) وكانوا سبَّاقين إلى الثورات وحمل السلاح، واستُشهد منهم عدد من الأبطال في مختلف المناسبات، ونذكر منهم شيخهم الشهيد - علي بن لطيف الذي أعدمه الفرنسيون عام 1944 م في شهر ديسمبر، وكان والده أول شيخ للعوينة.

2 -

‌ أولاد يعقوب:

من أشهر قبائل بني سُلَيم في جنوب تونس بالوقت الحاضر ذكرهم ابن خلدون في ج 6 ص 82 قائلًا: بطن يُعرف "يعقوب" من حكيم من علَّاق بن عوف بن بهثة بن سُلَيم بن منصور، وهم بنو يعقوب بن عبد الله بن كثير بن حرقوص بن فائد، كانت إليهم رئاسة حكيم وسائر بطونهم في البلاد التونسية بمنطقة قابس.

قال المرزوقي: قبيلة أولاد يعقوب سكان (نقة) معتمدية قبلي - ولاية قابس، وكان لها فرسان مساعير، وهي من القبائل السُّلميَّة المنتمية لنزعة (يوسف) التي تنتمي لها قبيلة المرازيق، تلك النزعة المعروفة في التاريخ التونسي بـ (الحسينية) نسبة إلى حسين باي الأول، وحالف أولاد يعقوب المرازيق بحكم اشتراكهم في الانتماء إلى نزعة واحدة ليجاوروهم في منازلهم شتاءً وربيعًا في الصحراء التونسية.

والمعروف أن أولاد يعقوب من القبائل قوية الشكيمة في تلك المنطقة، اشتهروا بإغاراتهم السريعة والناجحة غالبًا على قبائل (شدَّاد)، وشدَّاد هي النزعة الثانية في تونس المناوئة لنزعة (يوسف)، ونزعة شدَّاد معروفة في التاريخ بـ (الباشية) نسبة إلى علي باشا الأول؛ لذلك عُرف أولاد يعقوب بكثرة القبائل المعادية لها حتى أطلق على فرسانهم (عقد الدم)، فاختاروا أن يتحالفوا مع المرازيق

(1)

، احتماء ببركتهم حسب الظاهر - واستنادًا إلى شدة شكيمتهم في

(1)

بقي هذا الحلف قويا حتى تصدع قبل الحماية الفرنسية على تونس، إثر إغارة على عائلتين من فريق العوينة من المرازيق كاننا منفردتين عن النجع، فاستجدنا بأولاد يعقوب فامتنعوا من إنجادهم بدعوى أنهما لم تلتحقا بالنجع، فغضب المرازيق لهذا الموقف وأنجدوا إخوانهم واسترجعوا الأرزاق المنهوبة، بعد هذه الوقعة تصدع الحلف بين المرازيق وأولاد يعقوب.

ص: 168

حماية أجوارهم في الواقع، فأولاد يعقوب كثيرو الإغارة على القبائل حتى إذا قصد عدُوٌ حيَّهم أثناء غيبة فرسانهم وجد سدًّا من الحُماة المرازيق

(1)

يقف دون رغبته.

قلت: وكان شيخ أولاد يعقوب (محمد بوعلَّاق) من الثائرين على فرنسا، وكان له وجماعته من أولاد يعقوب صلات متينة بزاوية نفطة الرحمانية ورئيسها مصطفى بن عزور العدو اللدود للفرنسيين منذ عام 1849 م.

3 -

‌ الصوابر:

قبيلة من بني سُلَيم بن منصور ذكرهم القلقشندي في نهاية الأرب

(2)

"بنو صابر" من بطون ذُباب بن مالك من بني سُلَيْم منازلهم بنواحي قابس من بلاد المغرب، كما ذكرهم ابن خلدون في ص 173 ج 6 من ذباب

(3)

.

وذكر المرزوقي قرية باسمهم في تونس تُسمى الصابرية، كما باسمهم وادي طويل الصابرية.

ويظهر أن هذه القبيلة ضعفت في البلاد التونسية، لأن المرزوقي لم يذكرها كقبيلة في تونس، ولكن المدني في تاريخ الجزائر ذكرها كقبيلة من قبائل حكيم من علَّاق بن عوف من سُلَيْم في الجزائر، والظاهر أنهم دخلوا في حكيم، ومن الصوابر قسم ظل في بلاد الحجار حتى اليوم (انظر فروع سُلَيْم في المملكة العربية السعودية).

(1)

اشتهر المرازيق بأنهم أناس مسالمون (أولاد زاوية) أي أن أجدادهم مرابطون صالحون يستنكرون الفوضى السائدة قديمًا في القبائل العربية بسبب الإغارات التي تشنها على بعضها مستهدفة قتل الأرواح ونهب الأرزاق ولكنهم مع هذا اشتهروا أيضًا بالشجاعة وشدة البأس في حماية أنفسهم وأجوارهم ومن يستنجد بهم في الشدائد، وموقفهم هذا جعل القبائل الأخرى تحترم حيادهم وتقدر صلاحهم وتخطب ودهم ومسالمتهم.

(2)

نهاية الأرب للقلقشندي مخطوط ق 131 - 2.

(3)

قال: صابر بن عسكر بن علي بن مرغم بن صابر بن عسكر بن حميد بن جارية بن وشاح بن عامر بن جابر بن فاتك بن رافع بن ذباب.

ص: 169

كما من الصوابر

(1)

فخذ كبير انضم إلى قبيلة العوازم من بني كلاب من عامر بن صعصعة من هوازن بن منصور، وما زالوا يشكلون عشيرة في العوازم حتى الآن في السعودية والكويت.

4 -

‌ بنو يزيد:

قبيلة من بني سُلَيْم بن منصور، ذكرهم ابن خلدون في تاريخ العبر ج 2 ص 85 وقال: بطن من ذُباب من سُلَيْم، كانوا يقيمون بإفريقيا الشمالية، وهم بطون أربعة: بنو صُهب بن جابر فائد بن رافع بن ذباب، وبنو حمدان بن جابر، وبنو الخرجة، وأولاد سنان بن عامر

(2)

.

ذكرهم المرزوقي من قبائل بني سُلَيْم الهامة في تونس وأكثرهم في منطقة قابس خاصة في الحامة بالوقت الحاضر.

ومن بني يزيد قبيلة في الجزائر ذكرها المدني في تاريخ الجزائر وأنها من ذُباب من بني سُلَيم في منطقة مدينة سور الغزلان.

5 -

‌ الكعوب:

قبيلة من بني سُلَيْم بن منصور، ذكرهم ابن خلدون في تاريخ العبر

(2)

، وذكرهم القلقشندي في نهاية الأرب

(3)

وما قيل عنهم: بطن كبير من بني علَّاق بن عوف بن بُهثة بن سُلَيْم بن منصور.

وهم بنو كعب بن أحمد بن ترجم بن حميد بن يحيى بن علاق، كانت مساكنهم بإفريقيا (تونس)، وكانوا رؤساء البدو من سُلَيْم بتلك الديار، وكان لهم اعتزاز على الدولة منهم أولاد أبي الليل أمراء العرب بإفريقيا.

وذكر المرزوقي (الكعوب) من قبائل سُلَيْم المعروفة بالوقت الحاضر بتونس ويتركزون بالوسط التونسي إلى جانب ولاية قابس.

(1)

انظر عن عشيرة الصوابر في قبيلة العوازم المجلد الخامس من موسوعة القبائل العربية، ويوجد فخذ باسم الصوابر ضمن بني عبد الله بن غطفان في مُطير ولعلَّهم من صوابر سُليم هؤلاء وخاصة أن قبيلة بني عبد الله قد حلَّت في بعض ديار سُليم القديمة - انظر عن مُطير في المجلد السادس.

(2)

تاريخ العبر ج 6 ص 73 ج 7 ص 273.

(3)

نهاية الأرب مخطوط (نقلًا عن تاريخ العبر).

ص: 170

ومن الكعوب قبيلة بنفس الاسم في ليبيا (انظر عنها قبائل سُلَيْم بليبيا) ومن الكعوب أولاد أبي الليل

(1)

المنسوب لهم قبائل كبيرة في برقة بليبيا وفي مصر وهم قبائل السعادي (انظر عن قبائل مصر من بني سُلَيم).

6 -

‌ الهمَّامة:

ذكرهم المرزوقي من قبائل بني سُلَيْم في تونس بالوقت الحاضر، وهي من القبائل القوية في منطقة نفطة وتوزر في جنوب غرب تونس شمال شط الجريد.

كما يوجد منهم في بلدة المكناسي بوسط تونس شمال شرق مدينة قفصة.

7 -

‌ الحمارنة:

ذكرهم المرزوقي من قبائل بني سُلَيْم في تونس بالوقت الحاضر وهم بالوسط التونسي.

ومنهم قبيلة معروفة بالجزائر ذكرها المدني

(1)

من قبائل ذُباب من بني سُلَيْم بن منصور العدنانية في القطر الجزائري.

8 -

‌ أولاد دباب:

ذكرهم المرزوقي من قبائل بني سُلَيْم في تونس بالوقت الحاضر، ومساكنهم قرب حدود ليبيا مع تونس في تطاوين وحولها، وتقع هذه الواحة في جنوب شرق الجمهورية التونسية.

قلت: والظاهر أن هذه القبيلة هي مسماة على اسم القبيلة الأم (ذُباب) من سُلَيْم، وصار ينطقها العوام (دباب) - بالدال المضمومة -.

9 -

‌ المثاليث:

ذكرهم المرزوقي من قبائل بني سُلَيْم بالوقت الحاضر، ويتركزون في وسط البلاد التونسية.

10 -

‌ أولاد سليم:

ذكرهم المرزوقي من قبائل بني سُلَيْم بالوقت الحاضر، ويتركزون في وسط البلاد التونسية.

11 -

‌ أولاد سلطان:

ذكرهم المرزوقي من قبائل بني سُلَيْم بالوقت الحاضر، ويتركزون في وسط البلاد التونسية.

(1)

ذكرهم ابن خلدون في ص 159 ج 6 من تاريخ العبر أولاد أبي الليل بن أحمد بن كعب بن علي بن يعقوب بن كعب بن أحمد بن ترجم .. إلخ

ص: 171

‌القبائل الحليفة لسُلَيْم بتونس

1 -

‌ العذارى:

قال المرزوقي عنهم العذارى أو العذارة - قبيلة يدَّعى بعضهم أنها فرع من بني عُذْرة

(1)

نزل بالشمال الإفريقي (تونس) بعد الاستقرار العربي واتخذ من معتمدية دور موطنًا له، وهذه القبيلة تسكن الآن قرى: غليسية - والصنم - وزعفران بالجنوب الغربي من دوز على مسافة بين 6 و 10 كيلو مترا منها، وهم قديمًا بدو رُحَّل يقضون أغلب فصول السنة في صحراء الجنوب مع حيواناتهم من الإبل والغنم، ويرجعون إلى قراهم المذكورة صيفًا، واشتهر هذا القبيل بالمعرفة الجيدة لمسالك الصحراء التونسية وبالشجاعة المتناهية في معامع الحروب حتى وصفهم سكان الجهة:(بزنابيل البارود)، وهم أبلغ من وصف الصحراء ومنازلها ومسالكها، والحروب ورجالها في أشعارهم.

ومن أبناء هذه القبيلة من شارك في الثورة ضد المستعمر الفرنسي، وأشهرهم علي بن بلقاسم بن عبد الرحمن جلاوط العُذري والذي التحق بالثورة في ربيع 1943 م مع قريبه المبروك جلاوط وشارك في كثير من معاركها مثل: معارك دوز، وبئر الأدنس، وطويل الصابرية ضد الجيش الفرنسي، وقد نال الشهادة مع العديد من رفاقه رحمهم الله في سبيل استقلال الوطن التونسي من براثن الاحتلال الأجنبي.

2 -

‌ طَرُود:

ذكرها المرزوقي من حلفاء قبائل سُلَيْم في تونس، ولم يذكر عن نسبها، وهي بالوقت الحاضر تجاور قبائل سُلَيْم في الوسط التونسي.

قلت: هذه القبيلة من فَهْم إحدى قبائل قيس عيلان، أي أنهم يلتقون مع بني سُلَيْم في جد واحد هو قيس عيلان ومساكنها في الواد سوف شرق الجزائر. قال القلقشندي: هم بطن من قيس عيلان كانوا بأرض نجد ثم انتقلوا إلى شمالي إفريقيا من بلاد المغرب، وكانوا يظعنون مع بني سُلَيْم أو مع رياح من بني هلال

(2)

.

(1)

وعُذرة قبيلة معروفة من قُضاعة (انظر عنها في قبائل قُضاعة) في المجلد الأول من الموسوعة.

(2)

نهاية الأرب مخطوط ق 135 - 1، وذكرهم أيضًا الزبيدي في تاج العروس ج 10 ص 244.

ص: 172

وقال ابن خلدون في تاريخ العبر

(1)

من بطون حصن بن علَّاق - طرود بن حكيم وقال: يقال إن طرودًا ليس لسُلَيم وأضاف: أن الطرود كانوا أحلافًا للدلاج من يحيى من علَّاق ثم قاطعوهم وحالفوا آل ملاعب من حكيم من علَّاق، والصحيح في طرود هؤلاء أنهم من بني فهم بن عمرو بن قيس عيلان.

وفي تاريخ الجزائر ذكر طرود المؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني وقال: إنها قبيلة حليفة لبني سُلَيم في الجزائر وبعضها انضم إلى بني هلال.

3 -

‌ الشتاوي:

هذه القبيلة العربية مجاورة وحليفة سُلَيْم في تونس، وذكرهم المرزوقي من قبائل تونس في الوقت الحاضر تحالف قبائل سُلَيْم منذ فترة طويلة وتتركز في وسط تونس، ولكنه لم يذكر نسبها.

‌لمحة عن قبائل عربية أخرى بتونس

كما أن تونس الخضراء لا تقتصر على قبائل سُلَيْم في الوسط والجنوب، ورغم أن هذه القبائل السُّلَمية بالوقت الحاضر تشكل 80% أو الغالبية العظمى من مجموع باقي العربان في القطر التونسي، إلا أن هناك عشائر وقبائل تنتمي إلى بني هلال خاصة من رياح ودُرَيد، وهي في الشمال التونسي منطقة باجة والكاف وغيرها، وذكر المرزوقي بعض القبائل العربية التي لا تُنسب إلى سُلَيْم أو هلال والراجح أنها من عرب الفتح مثل قبائل:

1 -

الغرائرة بمنطقة صبيح في ولاية قابس.

2 -

الغياليف بالحامة في ولاية قابس.

3 -

الدغاغرة في تطاوين ولاية قابس.

4 -

أولاد شهيدة في تطاوين ونفزاوة

(2)

ولاية قابس.

5 -

أولاد رحومة في بنخديش.

6 -

جلاص في ولاية القيروان.

(1)

ج 6 ص 163 من تاريخ العبر ومبتدأ الخبر.

(2)

وهم مجاورون لقبيلة ذباب من بني سُليم بن منصور.

ص: 173

7 -

الهدادجة.

8 -

الشعيلات.

9 -

القطارات.

10 -

الذويبات.

11 -

البازيات.

12 -

الشرايطة.

13 -

التامزرط.

وفي كتاب سيرة بني هلال ذكر قبائل بني سُلَيْم في تونس كالتالي

(1)

:

(1)

- الهمَّامة: قبيلة بولاية قفصة، من فروعها أولاد بالهادي وأولاد محمد والبدور والردايدية وأولاد عبد الكريم وأولاد مبارك وأولاد سيدي علي بن عون وأولاد الحاج والخدمة والظواهر والدوالي وأولاد مبروك وأولاد سيدي بوزيد والحرشان وأولاد وهيبة وأولاد معمَّر وأولاد عليم وأولاد بوعلاق وأولاد أحمد وأولاد يوسيف وأولاد بيَّة والزعافرية والعكارمة وأولاد سيدي خليفة وأولاد سيدي تليل والمليكات.

(2)

نفات: قبيلة في معتمدية الصخيرة بولاية صفاقس، ومن فروعها: عوين والسماعلة والعطيات وأولاد حامد والكرايمة.

(3)

أولاد يعقوب: قبيلة في معتمدية قبلي بولاية قابس، ومن فروعها: أولاد سباع والمهاملة وأولاد بو بكر والغياليف وأولاد ميرة والمقارحة وأولاد عزيزة والمكارشة.

(4)

المرازيق: قبيلة في معتمدية دوز بولاية قابس، ومن فروعها: أولاد

(1)

من كتاب (سيرة بني هلال) تقديم عبد الرحمن أيوب - عن أعمال الندوة العالمية الأولى حول السيرة الهلالية، الحمامات تونس 1930 م - الدار التونسية للنشر ط 1990 م، (المعهد القومي للآثار والفنون).

ص: 174

يحيى والعبيدات والعبادلة وأولاد عثمان وأولاد عبد الله وأولاد نصر وأولاد عمر وأولاد سلمى.

(5)

الصابرية: قبيلة في معتمدية دور بولاية قابس فروعها الرحامنة وشبيب.

(6)

قعود: قبيلة في ولاية قابس فروعها الجرارة وأولاد علي وأولاد نويصر.

(7)

غريب: قبيلة في ولاية قابس فروعها أولاد موسى وأولاد نويجي وأولاد بواريح.

(8)

عرب تطاوين: قبيلة في معتمدية تطاوين بولاية مدنين فروعها أولاد دباب وأولاد شهيدة وأولاد سليم والودارنة والدغاغرة.

(9)

التوازين: قبيلة في معتمدية بن قردان بولاية مدنين من فروعها قعدة.

(10)

المثاليث: قبيلة في معتمدية ترباقة وجبنيانة من ولاية صفاقس ومن فروعها أولاد نجم وأولاد سليم وأولاد مراح وأولاد بوسمير وأولاد يوسف وأولاد المبروك وأولاد الحاج والمساترية والمراعية والخشارمة.

وبعض المثاليث منتشرون في معتمديات المهدية والمنستير وجمال من ولاية سوسة وهي فروع أولاد زيد وأولاد نصر والحكايمة والرشارشة والبرادعة والسعد.

(11)

بنو يزيد: قبيلة في معتمدية الحامة بولاية قابس وفروعها: الشياب والسمايحة والحوازم والتراجمة والشعل والخرحة والأصابعة والشلاخشة والزمازمة والجماين وأولاد خليفة وأولاد ضو والحرشان وأولاد بن خود.

(12)

الحمارنة: قبيلة تفرعت من بني يزيد المتقدم ذكرها وتقيم في معتمدية مارث بولاية قابس ومن فروعها أولاد عبد اللطيف وأولاد عبيد والجلايلة والعزايزة والموامنة والكواكبية والعلاية وأولاد حديدان وأولاد محمد والعصايدة والحمايدة والعوامر.

(13)

العمايم: قبيلة في نواحي قفصة، وقد ذكرها العلَّامة ابن خلدون من ذباب بن مالك ولهذه القبيلة فروع باسمها في ليبيا ومصر.

ص: 175

‌قبائل بنو سُلَيم في مصر

1 -

‌ الصُهْب

.

وتنسب هذه القبيلة إلى صُهْب بن جابر من بطون ذُباب بن مالك من بني سُلَيْم ونزل إلى مصر معظم هذه القبيلة التي كان مقرها في منطقة غرب ليبيا.

وذكرت هذه القبيلة في حصر قبائل مصر عام 1883 م في القليوبية وجرجا في سوهاج وغيرها من الأقاليم المصرية وهم من العرب المستقرين.

وفي القليوبية يوجد قرية كبيرة مُسمَّاة باسم هذه القبيلة "كفر الصهبي" سكنها بعض عائلات هذه القبيلة، وقد تفرقت هذه القبيلة في قرى القليوبية، وبالبحث الميداني كما أخبرني أحد شيوخ القبيلة

(1)

كالتالي:

تفرعت أفخاذ الصُّهْب في القليويبة من سليمان بو بكر البحيري الصُّهْبي وهما فخذ حمد، وفخذ عبد الله.

فمن حمد عائلات أبو القاسم وعيسى، ومن فروع أبو القاسم: سليمان، ومن فروع عيسى: حمد وأبو القاسم ومحمد وعلي.

ومساكن حمد في عزبة أبو القاسم وعيسى في مركز طوخ بالقليوبية.

أما الفخذ الثاني عبد الله فهو أكبر عددا ومنه عائلة سليمان بعزبة العريضة بطوخ محافظة القليوبية، وكان لهم عزبة العبسي بكفر الصهبي أيام الإقطاع في عهد الملكية في مصر، ومن هذه العائلة علي أغا فارس مشهور أيام حكم محمد علي باشا ومُعيَّن أغا من قبل الوالي التركي على مصر (في عهد الدولة العثمانية)، وثبَّته محمد علي في الأغاوية.

ومن فخذ عبد الله أيضا عائلة الزرُّوق بقرية نمول مركز طوخ، وعائلة عبد القادر بعزبة الكبار في سندنهور مركز بنها بالقليوبية، وعائلة الفقي بميت

(1)

وهو الشيخ عدلي بحيري عبد الصمد البشير محمد عبد الله سليمان أبو بكر بحيري الصُّهبي. من الرجالات المعروفين، وهو مهندس على المعاش ومن أمناء حزب الوفد البارزين في القليوبية.

ص: 176

عاصم مركز بنها، وعائلة محمد أبو البشير بعزبة البشير مركز طوخ؛ ومن هذه العائلة أولاد عبد الله الغر في عزبة خاصة بهم جوار البشير، ومن فخذ عبد الله أيضًا عائلة أبو خزام في عزبة أبو عريضة نواحي مركز طوخ، وعائلة مرعي خليفة بعزبة تحمل اسمها بمركز طوخ أيضا بمحافظة القليوبية.

2 -

‌ أولاد سليمان

يُرجح البعض من الباحثين أن هذه القبيلة هم من ذباب بن مالك، وقد ذكرها ابن خلدون في تاريخ العبر

(1)

. وذهب بعض الباحثين في ليبيا أن أولاد سليمان من الكعوب من علَّاق من عوف، ونزل منهم جماعة كبيرة من ليبيا في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي وقطنت في الواسطى (بني سويف) وفي الغربية وفي الشرقية والقليوبية وغيرها من محافظات مصر، وعدَّت قبيلة أولاد سليمان عام 1883 م من قبائل مصر.

وذكر أحمد لطفي السيد في قبائل العرب في مصر عام 1934 م أن أولاد سليمان من القبائل الحربية، وقد نشرت الطريقة السنوسية

(2)

وفي واداي بليبيا، ومن أولاد سليمان قسم في الصحراء الغربية المصرية.

(1)

قال: ومن ذباب بنو سليمان جهة فزان وودان.

(2)

الطريقة السنوسية: قامت في ليبيا في القرن التاسع عشر الميلادي، وهي دعوة إصلاح ديني لأحوال المسلمين مثلها مثل الدعوة الوهابية في الجزيرة العربية، وقد أسس الدعوة السنوسية السيد محمد بن علي السنوسي الكبير من الأشراف، وكان رهطه يقيمون في غربي الجزائر، وبعد أن عاد من الحج ليت الله الحرام استقر في برقة بليبيا، وكان قد أقام زاوية يلقي بها دروسه وتعاليمه عام 1837 م في مكة المكرمة، وبعد استقراره في برقة أنشأ زاوية في مدينة البيضاء في الجبل الأخضر عام 1843 م على ساحل البحر الأبيض، ثم لما وجد عدم ارتياح الحكومة العثمانية لدعوته آثر الانتقال نحو الصحراء فأقام في واحة جغبوب قرب الحدود المصرية وجعلها مركزا روحيا لدعوته ونشر زوايا لدعوة السنوسية في أنحاء ليبيا، وكانت بمثابة حصون جمعت القبائل الليبية في توجيه الضربات الموجعة للاستعمار الإيطالي البغيض خلال عشرين عاما من عام 1911 حتى 1931 م، وقد تمكن أحفاد السنوسي من توحيد أقاليم ليبيا في شكل مملكة بعد خروج الطليان في نهاية الحرب العالمية الثانية وظلت ليببا تحت حكم السنوسي حتى قيام ثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969 م بقيادة العقيد معمر القذافي

ص: 177

تقول ليلى عبد اللطيف في كتاب سياسة محمد علي باشا إزاء العربان ص 19:

قبيلة أولاد سليمان وفدت على مصر من بلاد المغرب (ليبيا) ويبدو أنها هاجرت إلى مصر في أوائل القرن التاسع عشر، فقد أشير إليها في الوثائق باسم "القبيلة الجديدة"، وقد استقرت في الشرقية وبني سويف.

قلت: ومن أولاد سليمان أولاد سيف النصر المعروفين في ليبيا وفي الفيوم بمصر.

3 -

‌ الموالك

من لبيد من بني سُلَيم كما جاء في مسالك الأبصار للعمري وسبائك الذهب لأبي الفوز السويدي.

والموالك في مصر منتشرون في عدة محافظات وذكرهم حصر العربان عام 1883 م، ومن الموالك قسم كبير في الفيوم وبني سويف والبحيرة والشرقية والإسماعيلية ومطروح، بالإضافة إلى قسم من هذه القبيلة يقطن في ليبيا وقد تقدم ذكرهم.

وتنقسم الموالك إلى فخذين: نويجي، والشرقان.

ومن أشهر عائلات الموالك أبو حريرة وغريبيل وعبد السيد وطرفاية والزبدة والأشقر وعويس، ومن الموالك عائلة داود ويقيمون في عزبة إلياس تبع قرية شكشوك مركز أبشواي بمحافظة الفيوم، ومنهم شيخ البلد عويس مرعي، والمستشار طلال مرعي رئيس محكمة بني سويف، ودكتور جمال عبد الدايم، والأستاذ أحمد شعيب المالكي المحامي، والأستاذ هاني السيد عبد الستار، والأستاذ خالد عبد القوي.

ومن الموالك عائلة شنيار وهي قاطنة بقرية بريشه مركز أبشواي محافظة الفيوم، ومنهم الأستاذ فايد عوض، والأستاذ محمد حميدة المالكي، والأستاذ عبد الهادي عوض، وشيخ العرب عامر مسعود المالكي.

ص: 178

ومن الموالك عائلة اللواج وهي من كبرى عائلات الموالك وأشهرها ولا يزالون يحتفظون ببداوتهم الأصلية ويقيمون بعزبة اللواج والقاسمية بمركز إطسا بالفيوم، ومن رجالاتهم الشيخ راتب عبد الحميد اللواج، والشيخ عطية الواج، والشيخ عبد المنعم اللواج، والدكتور عبد القوي عطية اللواج، والمستشار محمد عطية اللواج مدير عام بديوان محافظة الفيوم، والأستاذ عادل عبد المنعم اللواج، وعميد شرطة عبد المنجي عبد المنعم اللواج، والأستاذ عبد الحكيم اللواج المذيع بالقناة السابعة بالتلفزيون المصري ومقدم برنامج في رحاب البادية، والأستاذ كليب عبد الباقي اللواج، والأستاذ عماد عبد الله اللواج، وممدوح عبد الله اللواج. ومن الموالك عائلة رحيل ويقيمون بعزية العيسوي تبع قرية القاسمية مركز إطسا بمحافظة الفيوم، ومنهم شيخ البلد عطية رحيل، والشيخ شكري عبد الحليم والأستاذ صلاح عطية، والمستشار أحمد شكري بوزارة العدل، والمستشار سلامة جمعة وكيل النائب العام، والأستاذ طارق محمد عبد الغني المحامي، والأستاذ ماهر رحيل.

ومن الموالك عدة عائلات كبيرة قاطنة بقرية المحمودية ونجع الموالك والبرنس بمركز إطسا محافظة الفيوم، وكذلك في سيلا مركز الفيوم وهم عائلات: النزولاي ومشاضي وسعيد ومخاطره وأبو قرن.

ومن رجالات العائلات السابقة الأستاذ ربيع النزولاي، والشيخ عبد القوي شيلابي، والأستاذ حسام شيلابي، والأستاذ الدكتور أيمن عبد القوي شيلابي بكلية زراعة الفيوم، والأستاذ أشرف عبد القوي شيلابي شيخ البلد.

ومن الموالك عائلة الأشقر بقرية المشارقة مركز إهناسيا محافظة بني سويف ومن أشهرهم العمدة عطا الأشقر، والعميد شرطة سيد مشرف.

وفي عزبة الموالك في مركز الحسنية بالشرقية أذكر العمدة يونس المالكي وابنه الأستاذ محمود يونس المالكي محام بالقاهرة.

ص: 179

وقال اللواء صلاح التايب عن الموالك:

من قبائل المرابطين

(1)

، وتنتشر هذه القبيلة في الفيوم والمنيا وبعضهم في الصحراء الغربية، ومن عائلات الموالك في الفيوم: أبو مخاطرة والزبدة في الغرق، والطباخ في أبي جندير وعزبة عبد الهادي، وبمركز مغاغة محافظة المنيا يوجد نجع يُسمى نجع الموالك.

ومن أشهر عشائر الموالك الشرقان، ومنهم عائلات في الصحراء الغربية مثل هليل والبيطي والزعتري وحليص والخشمة وكويلة وعبد السيد ومرعيط وسعيد والعنب والمسالمة وميلاد والبز ومغيب وعيسى والحرقة.

ومن الموالك عشيرة نويجي، ومنها عائلات صفافي وغشوة والضماك وسليمان وعبد الكريم وعبد الوهاب وشرشير وملاف والميعي والحول.

ومن رجالهم سعد شرشير وغيث الزعفري ورجب مسعود.

4 -

‌ العمايم

قبيلة من أولاد سالم من ذباب بن مالك من بني سُلَيْم ذكرها العلَّامة ابن خلدون في تاريخ العبر، وكانت تقطن غرب ليبيا ومنها قسم في تونس ولا زال يوجد حتى الآن منها هناك، وقد عاد من بلاد المغرب إلى مصر قسم كبير من العمايم وتوطنوا في أقاليم مصر، وقد ذكر حصر العربان في مصر عام 1883 م، 1897 م قبيلة العمايم في عدة محافظات بالوجهين البحري والقبلي.

وعلى سبيل المثال ما زالت توجد نجوع باسم العمايم في جرجا وأسيوط وطهطا ومنفلوط.

5 -

‌ العلاونة

قبيلة من أولاد سالم من ذباب بن مالك من بني سُلَيْم ذكرها العلَّامة ابن خلدون في تاريخ العبر في ليبيا وهم إخوة العمايم والمرازيق (أولاد مرزوق).

(1)

لا يمنع أن تكون قبائل من سُلَيْم تعد من المرابطين، فهناك الحوتة والموالك والجميعات وغيرها وكلها مثبوتة من قبل المؤرخين القدماء ولكن عدَّت في العصور الأخيرة ضمن قبائل المرابطين لظهور الكثير من أبناء هذه القبائل كمشايخ للزوايا الدينية.

ص: 180

كما ذكرهم المقريزي في البيان والإعراب في القرن التاسع الهجري بعد ابن خلدون من قبائل المغرب التي تنتمي لبني سُلَيم، ومنهم حتى الآن في ليبيا.

وذُكرت العلاونة كقبيلة في الديار المصرية في حصر العربان عام 1883 م ومنهم فروع في الوجهين القبلي والبحري.

وذكر العلاونة الحبوني في كتاب أنساب العرب، ومنهم عدة عائلات في الساحل الشمالي بمنطقة مطروح، ومنها عائلات خطم وسعيد والصايم والحاج عثمان وزاغود ويوسف وشحات والحاج علي لحيمر وكرير وسارة.

6 -

‌ المحاميد

قبيلة من ذباب بن مالك من سُلَيم، ذكرهم ابن خلدون في العبر، وهي الآن من أكبر قبائل المنطقة الغربية في ليبيا، ومنهم قسم قليل في صعيد مصر، وخاصة في أسيوط وسوهاج وإسنا (قنا) وجرجا (سوهاج).

7 -

‌ النوافلة

ذكرهم السويدي من بطون لبيد من سُلَيْم، ولهم نجوع بالوقت الحاضر في الأقصر وقنا بصعيد مصر.

8 -

‌ الحوَّتة

ذكرهم القلقشندي في نهاية الأرب، والسويدي في سبائك الذهب من بطون لبيد من بني سُلَيْم.

وهذه القبيلة منتشرة في ليبيا ومصر، وقد عدّت من قبائل مصر في حصر العربان عام 1883 م، 1897 م ومنها فروع كثيرة في الوجهين البحري والقبلي.

ومن هذه القبيلة أفخاذ وعشائر غزيرة في مصر ومنها الحاضرة والبادية، فأما البادية فهم صحراء مصر الغربية، وأما الحاضرة ففي قرى مصر خاصة في الفيوم والعامرية بالإسكندرية وبني سويف والشرقية وغيرها.

ص: 181

ما قاله بعض المؤرخين عن الحوَّتة.

ذكر الحبوني عن الحوتة التالي:

أطراف هذه القبيلة الكثيرة العدد في القطرين المصري والليبي، وأصلها يرجع لبني سُلَيْم وينقسمون إلى جملة أفخاذ وعشائر منهم المقاعي وهم (أولاد مقعي) الذي كان كبير قبيلة الحوتة في الزمن الماضي، ومنهم الشريصات (أولاد شريص بن مقعي)، والروقة.

أما الشريصات فمعظمهم يسكن بمركز سيدي براني والباقون بجهات وادي النيل، وعائلاتهم هارون وأبو شفشافة وبرعاص وعبد العزيز. وأولاد أبو شفشافة الخودي وهو خلف أبو كبيرة، وأولاد برعاص هو بلل ومنه عائلة الجرو، وأولاد عبد العزيز هم حميدة وعطيه ومسعود، ومن مشاهير هذه القبيلة سيدي حتوش رحمه الله، كانت له أقوال مأثورة وأشعار بها حكم ومواعظ، والشيخ وحيد رحمه الله؛ وهو والد الشيخ شعيب شيخ الشريصات بمركز سيدي براني، والشيخ قاسم هارون، والشيخ عبد الرزاق، والشيخ محجوب، والشيخ حسن البغام.

وعن عشيرة الروقة فهي تقيم بمركز سيدي براني، وعشيرة النفوفة، فمن بيوتهم احفيظه والطير، وعشيرة المرازقة، فمن عائلاتهم أبو مفيصعة ولمويلا وأبو الخراج.

كما من الحوتة أفخاذ الخرم والدعيكي وأبو جرادة وأبو نعيجة وعويان وأبو شعالة، كما ترجع عشيرة السنينات إلى الحوتة، ومن عائلاتها حسين وموسى وتربح وعبد الحفيظ ومن موسى بيوت طاهر ويونس.

ومن الحوتَّة العمدة محمود السنيني عمدة السلوم رحمه الله، وتولى بعده ابنه خليل المعروف عند كثير من رجال الحكومة في مصر وليبيا.

ومن الحوتة عشيرة عميرة، وكان جدهم الأول يُسمى عميرة، ومن عائلاتهم علي وأبو رأس وموسى ومازن الذي نتج عنه بيوت الأنقر وحنيش وشنيار والبهلول.

وأما أبو راس فمنه بيوت الميهوب وزيتون، وموسى بيوته أبو طاهر وعقيله وأبو زعاق وعليا، والأخير انقسم إلى بيوت أخرق مثل الأحول وأبو حليفة وأبو محفيظة.

ص: 182

وقد اشتهر من أفراد هذه العشيرة عبد الرازق أبو سعيدة وابنه إدريس ومصطفى وهارون وموسى وكلهم بالقطر المصري.

ومن الحوَّتة عشيرة الحداد وجدهم يسمى اصبر وكان حدادًا وينقسمون إلى عائلات مبروك وخلف الله والغويل وعمر، وقد اشتهر فيهم الشيخ بكار محمود رحمه الله.

ومن الحوَّتة عشيرة الصريحات من كبارها الشيخ مصباح الصريحي رحمه الله، وأخوه الشيخ إبراهيم والشيخ عطية شويقي وأخوه صالح.

ومن الحوَّتة عشائر الدراهيب واللحاحمة والقبيصات

(1)

والفسيات والمراخي.

ومن الحوتة الجرارة وهم في الواقع أشراف وإنما انتسبوا لهذه القبيلة؛ لأن أحد أجدادهم وهو السيد عبد الله (الحاج) مر على مقعي المذكور من الحوَّتة وسافر إلى بلاد الحجاز وتوفي رحمه الله بجدة، وقد تزوج مقعي زوجته الأرملة فولدت له ولدين وهما شريصا ورويقا، وتربى أولاد الشريف عبد الله في كنفه مع إخوتهم من الأم. وقد عثرنا على ورقة مع السيد عريقيب المأمون فيها نسب هذه القبيلة وأنه يتصل بالقطب الرباني سلطان الصالحين (السيد عبد القادر الجيلاني) - رضي الله تعالى عنه - والواقع أن حالة هذه العشيرة (الجرارات) من جهة تمسكهم بدينهم تؤكد ذلك، وبيوتهم الآن عبد السميع وحسين وعبد الرحيم، ومن مشاهير رجالهم الذين تزار أضرحتهم: سيدي عمر بريدع على خط الحدود الغربية عند النقطة المسماة بهذا الاسم والمعروفة عند جميع رجال مصلحة الحدود، وسيدي حمزة وهو تجاه مطروح وابنه سيد عكوش بجهة أوجرين مركز السلوم، وسيدي يونس أبو حراقة بمركز سيدي براني، وسيدي دخيل ومنه الآن السادة طاهر أبو عبد السيد رحمه الله، ومهدي ويونس أبو عبد السميع وصالح وعبد القادر بطون وعبد القادر كريم ومحمد وأحمد رحمه الله وطاهر والسيد عريفيب ابن السيد المأمون مثال الصلاح وحسن الخلق وكان والده - رحمه الله تعالى - من

(1)

يرجح أن القبيصات هم إخوة الحوَّتة من لبيد وقد دخلوا معهم، وقد ذكرهم ابن فضل الله العمري في مسالك الأبصار، والمقريزي في البيان الإعراب. والسويدي في سبائك الذهب باسم "القبايص".

ص: 183

الرجال المشهورين ببرقة والديار المصرية تضرب به الأمثال التي كان تحكي عنه إلى الآن، ومن مشاهيرهم بالوقت الحاضر الحاج رشيد وابنه زيد.

وقال اللواء صلاح التايب عن الحوتة في القبائل المصرية:

تعتبر هذه القبيلة من المرابطين وما زال قسم من الحوَّتة يعيش في ليبيا، وهم ينتشرون في الصحراء الغربية المصرية، ومن أفخاذهم: أبو شناف وقويدر ويونس والمناغي والكوبش وعطش، كما منهم عائلات في العامرية والإسكندرية ومطروح وبني سويف والفيوم والشرقية وكفر الشيخ، ومن رحالهم الأستاذ جابر علي من رجال الصحافة في الإسكندرية، ومن شيوخهم عيسى يعقوب، ومراجع جبريل، وحكيم حنيش، وعبد العاطي حفيظة.

وقال عن الجرارة من عشائر الحوَّتة: هناك رواية تذكر أن هذه العشيرة من الأشراف من ذرية الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ومن فخوذهم أبو حليمة والعريفي وحمزة وعبد الرحيم والغزي وحسين وعبد السميع وأبو بهرة والرقعي وحزيف والرميميح والفصلي ورحاب الله وأبو دحيوة.

ويعتبر أفراد هذه القبيلة من ذوي البركة، وهم أهل إقدام ومحل تقدير من قبائل العرب، ويتردد على زيارة مقابرهم المنتشرة في سيدي براني على ساحل البحر والسلوم بعض البدو أشهرهم من عشيرة السعدية (الأفراد)، وشيوخ القبيلة الشيخ كريم عبد ربه، والشيخ عبد الرحيم محمد حسين، والشيخ إسرافيل جويدة دخيل، والشيخ مفتاح عمر الحلَّام، والشيخ محمد الشرع أبو جلية، والشيخ قدورة أبو حليمة، والشيخ حامد عبد القادر، والشيخ علي أبو مريم. وقال عن عشيرة الروقة: عائلاتها في مصر فالح وكيلاني وحفيظ والرباكحي ومحمود، وأغلبهم في الصحراء الغربية المصرية.

وقال عن عشيرة الصريحات: يعيش أغلبهم في الصحراء الغربية مع أولاد علي، ومنهم عائلات شتيوي وشويقي وسعيد وعبيد الله ورقاعة، ومن رجالاتهم الشيخ رجب شويقي، والشيخ سليمان عطية شويقي، ويوسف زكري.

وقال عن عشيرة عميرة: تنتشر في الصحراء الغربية مع أولاد علي، ومن عائلاتها حنيش والأنقر وأبو راس وموسى وبهلول، منها رجالات أذكر عبد الله

ص: 184

قاسم رسلان عضو مجلس الشورى، وهنداوي محجوب، والشيخ قاسم الطيب، ومصطفى أبو سعدة، والعمدة حسن عبده ربه، والشيخ موسى عياد.

قلت: ومن الحوَّتة في "أبو سكين" مركز الحامول بكفر الشيخ أذكر من عائلاتهم بالبحث الميداني:

عتمان، وسعد، ويونس، وفي كوبري 7 تفتيش الحامول توجد عائلة الحباثوة، وفي أبو سكين وإيطاليا وعزبة سالم وعزبة عمران توجد عائلة هارون.

وكبير عائلة عتمان المهندس عطا الله عبد الجواد علي عتمان، وكبير عائلة سعد الشيخ عبد الدايم وحاليا يونس أبو حميد يونس سعد، وكبير عائلة يونس المهندس يونس خليفة يونس.

كما توجد قرية باسم الحوَّتة في محافظة الدقهلية، وتنشر عائلاتهم في الوجه البحري.

9 -

‌ محارب

هذه القبيلة ذكرها العلَّامة ابن خلدون في تاريخ العبر من بطون هيب من سُلَيْم في غربي مصر وبرقة بليبيا، وهي من أولى القبائل العربية النازحة من برقة إلى وادي النيل، ويقدر بعض الباحثين أن محاربا لها في مصر أكثر من ثلاثة قرون.

ما قاله بعض المؤرخين عن محارب:

قال أحمد لطفي في قبائل العرب عن محارب في مصر والتي انساح قسم منها إلى السودان:

إن هناك قسمًا من محارب انتقل إلى السودان وتكونت منهم قبيلة تُسمى بقارة محارب تقطن بين النيلين الأبيض والأزرق والجزيرة بينهما، وينتشرون في الجزيرة بين سنار وجبلي سقدي ومويه، ويتعاطون هناك تربية الحيوانات الداجنة، وقبيلة محارب تزوج منهم مهدي السودان محمد أحمد بن عبد الله من الأشراف، وفي بداية دعوته تقوى بعصبيتهم حتى آزره التعايشي وقومه من جهينة في السودان وذلك في المراحل التالية.

وقال جومار الفرنسي أحد مؤرخي الحملة الفرنسية:

كان عرب محارب جميعًا مزارعين وقد امتنعوا عن ارتداء الزي البدوي

ص: 185

(البُرنس) ولا يمكن تمييز ملابسهم عن ملابس شيوخ الفلاحين، كما أن أقلهم شأنا كان يرتدي ملابس جيدة، وكانوا يقومون بأعمال السلب والنهب يوميا، ويفضلون السكن في قرى تكاد تكون خالية، كما أنهم لا يقومون بالزراعة بأنفسهم لاحتقارهم لهذه المهنة ويسخرون من الفلاحين للقيام بمثل هذا العمل.

وأهم مواطن هذه القبيلة قرية العرين حيث يقيم شيخ القبيلة، ويتفرع عنهم عرب جبار أو الجبابرة وعرب غزالة والدرابسة فيشغلون ضواحي بني سمرج وطحا، وكل القرى التي استقر بها عرب محارب بقيرة ومهجورة ونصف مهدَّمة وتخلو من الأشجار وقد استعانوا ببعض الفلاحين القلائل لزراعة بعض أراضيهم.

وقال أيضًا جومار عن عرب المصراتة (الطحاوي)

(1)

:

هم يسمون عرب طه ويتفرعون من قبيلة محارب وقد استقروا بشمالي المنيا في قرى كبيرة واحترفوا الزراعة على النقيض من العرب الآخرين، وقليل من أولئك الذين ظلوا رجال حرب، وبذلك حصلت الأرض في قراهم على ميزة مزدوجة، فكانت تزرع على أيديهم بطريقة ممتازة وتحظى بحماية فرسانهم الشجعان ضد أعمال السلب والنهب التي قد تواجههم من القبائل الأخرى.

وقد كفوا عن الإقامة في الخيام وارتدوا زي الفلاحين الموسرين، وعاش الفلاحون في جوارهم وحماهم في ثراء ورخاء لعدالة شيوخهم وعدم احتقارهم للفلاح المصري كما كان يحدث من قبائل العربان الأخرى

(2)

.

كما ذكر محارب أميديه جوبير الفرنسي في وصف مصر وقال: منهم في المنيا بصعيد مصر، ومنهم في القرين وبلبيس في الشرقية.

وقال اللواء صلاح التايب في القبائل المصرية عن محارب:

مساكنهم في صعيد مصر، ومنهم عائلات شهيرة مثل البلهاسي وأيوب وجبر وعبد ربه، وهذه العائلات في مغاغة بالمنيا، وعائلة الشافعي بمطاي وسمالوط والمنيا.

(1)

وهم غير الطحاوي في قبيلة الهنادي الآتي ذكرها.

(2)

قلت: في هذه الفقرة تناقض في رأي جومار عن قبيلة محارب في الفقرة الأولى.

ص: 186

وقال أحمد لطفي السيد في قبائل العرب في مصر عن محارب:

من أقدم القبائل الليبية في مصر ونزلوا قبل الحملة الفرنسية بحوالي مائة عام أي لهم في مصر ما يزيد عن ثلاثة قرون حتى الوقت الحاضر، وقد توطنت في محافظة المنيا من صعيد مصر وحسبت من قبائل العرب في حصر عام 1883 م، وقد تركت محارب حياة البداوة والعيش في الخيام "بيوت الشعر" أي انتقلت من أهل الوبر إلى أهل المدر، وصارت تسكن القرى وتمارس حياة الفلاحين وتشتغل بالزراعة.

وتمتد ديار محارب من ضفة بحر يوسف اليمنى في تونة الجبل حتى البهنسا في المنيا ومركزهم الرئيسي في العرين، حيث كان يسكن شيخهم أبو زيد، وكانت تسكن أيضا في ديروط أم نخلة والحاج عبد الله في أبشادة وديروط ونحوهما، وبطون المحارب هي الجبابرة وغزيَّة والدرابسة والشوادي، وكلهم زراع يسكنون القرى، فالجبابرة في طوخ الخيل وما حولها، وغزية تقطن في ديروط أم نخلة وإلى شمالها، والدرابسة والشوادي في قرب سمرج وطحا ويوجه، وكان بعض الدرابسة يقيم في الخيام لعهد الحملة الفرنسية عام 1798/ 1801 م، أما الفروع التي تُسمى بالعزيب أو الخوينين

(1)

؛ فينزلون قرب سمالوط. ويذهب أفراد محارب إلى الواحات الصغرى البحرية ويأتون بالتجارة كي يبيعونها في أسواق الصعيد مثل أسواق دشلوط ودلجا والقوصية وصنبو.

وكانت محارب تملك عددًا لا بأس به من الخيول الأصيلة والأغنام والإبل، وقد بدأت عند مجيئها بالغارات على القرى والاحتماء بالجبل والصحراء، ولكنها قد توطنت في حضن النيل بعد فترة قصيرة وتركت الصحاري وعشق الحرية الفضفاضة، وأصبح أفراد محارب منذ عام 1930 م من أهل الزرع والضرع لا من أهل السلب والنهب والغارات، فقد ولى العهد البائد.

(1)

العزيب والخوينين هم حلفاء تابعين لمحارب أصلهم من المرابطين.

ص: 187

‌محارب بالبحث الميداني

ذكر بعض الرواة في قرية برمشا مركز العدوة بمحافظة المنيا أن محارب في المنيا أصلهم من ثلاثة رجال هم دراز، ومؤمن، ومدكور.

ومن أكبر فروع قبيلة محارب في قرية برمشا فرع القديحات واحدهم أبو قدح، وقيل أن جندهم قاسم بن علي بن سليمان بن حسن بن دهماش بن درَّاز أبو قدح المحاربي، ولقاسم المذكور أيضًا جبر ومحمد وقاسم الأصغر وعلي وبسيوني.

وأيضًا لسليمان (جد قاسم) له من الأولاد غير قاسم: عبد الله وأعقب عمر، ولسليمان أيضًا يونس، وكويز وهو مغاتة، وأبو حطب.

ولهؤلاء فروع يُطلق عليها القديحات من محارب في قرية برمشا مركز العدوة محافظة المنيا، وأهم العائلات جبر، وعمر، ومحمد، ومغاتة (كويز) وقاسم، ومن عائلة جبر القديحات العُمدية على محارب، وكان في عهد الملكية جبر قاسم، وبعده ابنه قاسم بيك قاسم في عام 1913 م وتولى بعده حماد جبر قاسم، ثم علي دياب جبر قاسم، وحاليًا قاسم علي دياب جبر وهو مدير عام بالشئون القانونية في مركز العدوة.

وذكر لي أن محمد علي باشا عيَّن عبد الله أبو قدح سنجقا في العدوة تابعا للدولة ليتولى جمع الضرائب من الأهالي في عهد محمد علي.

وأذكر من مشايخ القديحات علي جبر، وحسين محمد قاسم، وعبد الماجد حسين، وقاسم أحمد عبد الله، وأحمد علي جبر، ومحمد عبد الله قاسم، وأنور إبراهيم بسيوني، وكل السابق ذكرهم من ذرية جبر وأخيه محمد قاسم بن علي بن سليمان بن حسن بن دهماش بن درَّاز أبو قدح المحاربي.

ومن محارب أيضًا فرع المداكير وهم في زاوية برمشا مركز العدوة وشيخهم أبو زيد مصطفى أبو زيد حاليا.

ومن المداكير آل مؤمن وبرديس في المسيد مركز العدوة وعمدتهم عبد المحسن وشيخهم حاتم نعمان.

ص: 188

ومن محارب أيضًا عائلة حماد بالقايات مركز العدوة محافظة المنيا.

ومن محارب في مركز بني مزار عائلات عبد الرحيم دياب وراجح ويقطنون في معصر حجاج.

ومن محارب في مركز مطاي عائلة الشافعي ويقطنون في سيلة الشرقية، وعائلة أبو طالب ويقطنون في كوم والي (كوم العرب)، وعائلة المشيمي ويقطنون في سيلة الغربية.

ومن محارب في مركز سمالوط عائلة المصري في ساقية داقوف ومنهم إبراهيم بيك المصري بأمن الدولة في محافظة بني سويف، وعائلة بدوي، وعائلة مقرحي وهي تقيم في طرف بلدة داقوف المذكورة، ومن هذه العائلة المستشار إبراهيم لملوم عبد الوهاب مقرحي.

وفي نزلة شادي بمركز سمالوط من محارب عائلات عديدة أهمها الأزهري وحمزة ودرديري وشادي.

وفي القمادير تقطن عائلة الديوكة من محارب، وفي بني سمرج مركز سمالوط عائلة الصيفي.

وكما توجد عائلة الخوينين بالعزيب (دلقان) وقيل أن هذه العائلة ليست من قبيلة محارب وقيل: هم مرابطون، وقيل: أصلهم من أولاد علي القبيلة المعروفة من بني سُلَيْم في الساحل الشمالي لمصر ودخلت في محارب.

ومن الخوينين شريف سيد عبد الحميد شحات رئيس مباحث أمن الدولة في محافظة بني سويف.

ومن محارب أيضًا في الوجه البحري عائلات عديدة خاصة في المنوفية في قرية شنواي التابعة لمركز أشمون.

10 -

‌ الزويَّة

هذه القبيلة من فروع بني سُلَيْم وأكثرها في واحات الكفرة وإجدابيا بليبيا، ومنها عائلات قليلة في مصر، وهم ينسبون إلى حسن اللبيب ويقال لهم الحساونة.

ص: 189

11 -

‌ الزغيبات

ذكر بعض الباحثين في ليبيا أن الزغيبات بطن من لبيد من هيب من بني سُلَيْم، ونزح معظم هذه القبيلة إلى مصر قبل ثلاثة قرون واستقروا في محافظات الفيوم وقنا وأسيوط والإسكندرية والبحيرة ودخلت في العزايم فرع السناقرة من قبيلة أولاد علي من السعادي من سُلَيْم، وفرع الزغيبات علي وعطيوة وقطيفة وهليل ورحيم

(1)

.

وللزغيبات نجوع عديدة ومتفرقة، على سبيل المثال نجع الزغيبات بـ "أبو حمص" بمحافظة البحيرة، وكذلك نجوع للزغيبات في رشيد والفيوم.

وبمحافظة الفيوم يقيم معظمهم في قرية سنهور القبلية ونجع الزغيبات بمركز سنورس وقرية تطون بمركز إطسا بالفيوم، ومن رجالاتهم المستثار كمال عبد الباقي الزغبي بوزارة العدل، وأحمد صلاح عبد الباقي الزغبي بمجلس الدولة، وصلاح عبد الباقي الزغبي بالتعليم، وحسني عبد الوهاب جاب الله الزغبي؛ وله دور سياسي بارز في الفيوم.

12 -

‌ السوالم

هذه القبيلة ذكرها ابن فضل الله العمري في مسالك الأبصار من بطون لبيد من هيب من سُلَيْم، ومن بعده ذكرها المقريزي في الإعراب أيضًا من بني سُلَيْم وكذلك السويدي في سبائك الذهب ذكرهم من بطون سُلَيْم العدنانية.

ونزحت هذه القبيبة من برقة قبل ستة قرون إلى الديار المصرية ومنها قسم في ليبيا وتقدم ذكرهم، ومنها نجوع وقرى باسمها في الوجهين البحري والقبلي بمصر خاصة في شربين بالدقهلية والبحيرة والشرقية وطهطا وأبنوب وقنا، وقد تحضر معظمهم وذابوا في قرى مصر ومدنها.

وذكر السوالم كقبيلة قوية في وادي النيل ابن إياس في وقائع الدهور وأنهم في عهد المماليك كان لهم صولات وجولات في البحيرة والشرقية مع بني عطية وبني عطا وبني حرام.

(1)

انظر: رحلة الألف عام لفضل الله عطيوة.

ص: 190

وقد نال السوالم ضرر كبير من الأتراك العثمانيين الذين زحفوا على مصر عام 923 هـ حيث قُتل من السوالم رجالات وفرسان بالغدر والحيلة، وقال ابن إياس: لولا الغدر والخيانة من الأتراك ما قدر على السوالم أحد وذلك لشدتهم وقوة بأسهم.

وذكر أيضًا عن تاريخ السوالم أن استعان بهم بعض أمراء المماليك في محاربة أولاد بقر أمراء جُذام في الشرقية.

13 -

‌ الجميعات

من أشهر قبائل بني سُلَيْم، ذكرهم العلَّامة ابن خلدون من بطون بني علي من حصن من علَّاق بن عوف من بني سُلَيم كانوا في تونس ولما تغلبت الدولة الحفصية على الكعوب أمراء سُلَيْم في آخر القرن الثامن الهجري نزحوا إلى برقة ثم إلى إقليم البحيرة وظل بعضهم في الساحل الشمالي والصحراء الغربية.

ما قاله المؤرخون عن الجميعات:

قال أحمد لطفي السيد في قبائل العرب في مصر: تتفرع الجميعات من بني سُلَيْم بن منصور الوافدة من شمالي إفريقيا، واستقر بعضهم في إقليم البحيرة والفرع الآخر في بني سويف.

قلت: ومن الجميعات حسب حصر القبائل عام 1883 م، 1897 م في الإسكندرية والجيزة والغربية والمنوفية والشرقية والفيوم وبني سويف.

وقال الحبوني في أنساب قبائل العرب:

قبيلة الجميعات من القبائل المشهورة بكثرة رجالها ومالها ومتعلميها ويرجع نسبها إلى بني سُلَيْم الشهيرة في بطون كتب التاريخ.

ويجمع قبيلة الجميعات بقبيلة أولاد علي من عهد قديم زعيم الجميعات المعروف والمشهور (عبد القوي البقوشي).

ولما حصلت حروب الشام في عهد محمد علي باشا ساعدت قبائل العربان في مصر جيش محمد علي، ومنها قبيلة الجميعات وكان على رأس تجريدة يقودها حويح عبد السيد أبو دهب، وبعده أخوه عبد السيد، وبعده المصري، وبعده عمر،

ص: 191

وبعد وفاة المصري تولى أمر القبيلة سعد المصري والد طاهر المصري الذي كان عضو مجلس النواب السابق، وعمدة القبيلة وأولاده قاسم عضو مجلس الشيوخ السابق، وعبد الستار المحامي الشهير وعضو مجلس النواب السابق.

ومن مشاهير هذه القبيلة الشيخ مسعود المصري وأولاده صالح المصري وعبد الحميد المصري وأولاده عبد الله المصري وابنه السيد إبراهيم خريج جامعة أكسفورد ويقيم بمنزله العامر بمركز أبو حمص محافظة البحيرة، وشيخ العرب بريك المصري وابنه سعد بريك المصري، ومحمد عبد الجليل المصري.

ومن بيوت هذه القبيلة أصحاب "الشهرة عائلة مخيون بن فرحات بن حميدة بن كريميد بن عبد الوهاب بن مرزوق بن محمود الفقير الجميعي له مقام يزار بجهة الهوارية بمريوط، ومخيون خلف، وعبد الرحمن مخيون.

وقد أنجب ذرية تعتبر بحق فخر القبائل العربية، فيهم المستشار ومنهم مدير السكة الحديد وفيهم التقي الورع، وكبيرهم اليوم السيد عبد العزيز مخيون ويسمى رجل المروءة وقضاء الحوائج، والأستاذ عبد الله المحامي لدى المحاكم الأهلية وعضو مجلس النواب السابق، وعمر من كبار رجال البوليس، وعبد القادر مفتش بالزراعة، وأبو بكر اشتهر بالصلاح والتقوى وحسن الخُلُق، وعلي وعثمان ويونس وإدريس ومحمد وصالح.

وهذه العائلة تسكن منشأة دمسنا وفي عزبتهم المشهورة بتلك الناحية.

وتنقسم هذه القبيلة إلى الأفخاذ التالية:

(أ) الشتور.

(ب) الموسة.

(ج) القواسم.

والشتور منهم بيت عبد العال وكبيره مصادف عبد العال، وبيت حمدان وكبيريه هما جبريل حسين وزلوت، وبيت أبو سبيخة وكبيره ريزه سليمان، وبيت ماسخ وكبيره مراجع الطيب، وبيت أبو عزيزة، وبيت شقيليف، وبيت القريضي وبيت أبو بلوزة.

واشتهر من الشتور الشيخ عبد الرحمن أبو عطية وابنه النابه محمد

ص: 192

عبد الرحمن، والشيخ هنداوي مبروك عمدة القبيلة بمركز الضبعة (على ساحل مصر الشمالي) وهو من أهل النعمة والصلاح والتقوى، ومن بيت عائلة شقيليف الشيخ عبد العليم التهامي، وإخوته منهم مهيدي وحميد بالبريد وأبوهم قبلهم، ومن بيت أبو عزيزة الشيخ ميكائيل فرج الله، وأبو سيف فايز من بيت زلوط.

أما فخذ الموسة فمنه البيوت الآتية: عائلة دخيل ومنهم الرجل التقي الصالح الشيخ حليوه، والشيخ ابن بريدان.

ومن فخذ القواسم: عائلة السوطية واشتهر منهم السيد زعلوك المعروف بالعقل الراجح وحسن التدبير، وابنه محارب، وابنه الآخر هو شيخ القبيلة وهو خالد زعلوك، ومن القواسم محمود أبو ريزة.

ومن عائلة مريزيق العُمدة السابق محمد الدربالي وابنه العمدة الشيخ راغب وأخوه الشيخ فايز.

ومن كبار قبيلة الجميعات الشيخ علواني القمظ كانت مثالا للكرم والخير وابنه الشيخ عبد الحميد علواني شيخ بقسم الضبعة وإخوته منهم محيقن الدربالي وأولاده وهو رجل الخير والمعروف، وذريته من الصالحين الطيبين الطاهرين، وأيضًا من كبار قبيلة الجميعات محمد أبو قاوي.

والشبالة من الجميعات ونسبهم مأخوذ من الشيخ مفتاح عمر الشبلي رحمه الله حيث ذكر أن جد الشبالة جدهم منصور بن شبل أعقب ولدين هما خليفة وعبد الله، وعبد الله خلف منصور الذي خلف حسين ومحمود وصالح وخليل وعبد الله أبو حرق وعلي التركي وخليفة خلف عبد الرحمن وثعيلب، ومنه بيت يُسمى بيت الحصين وكذلك منه بيت محمد وبيت قنفوذ وبيت الشيخ وبيت خليطة وكلهم أولاد خليفة وإقامتهم بجهة كركورة قضاء قمينيس وإجدابيا بجهة برقة.

وقد أملى الشيخ حليو شيخ قبيلة الجميعات بمركز الضبعة التالي عن قبيلته:

قال: تنحدر قبيلة الجميعات من جدها كعب الذي عقب أربعة أولاد هم: جمعة وحمد وعيسى وموسى وقد تزوج حمد من امرأتين إحداهما اسمها نوارة

ص: 193

والثانية اسمها تكفي، وقد خلفت نوارة قاسم الذي تنتمي إليه عشيرة القواسم، وخلفت أيضًا الأشتر والذي تنتمي إليه عشيرة الشتور، وهاتين العشيرتين تتفرع منهما بيوت وعائلات كبيرة جدا وتعدادهم وفير.

وأما المرأة الثانية تكفي فقد خلفت شيبون الذي تفرعت منه عائلة أبو دهب المصري، وخلفت. حدوذ الذي تفرعت منه عائلات كثيرة، وخلفت بكار الذي تفرعت منه عائلات البكاكرة، وخلفت خلَّاف الذي تفرعت من عائلة الخلَّافة.

أما خلفة عيسى ففروعه كثيرة وهم أولاد عيسى، وكذلك موسى منه أولاد موسى.

وقال اللواء صلاح التايب في القبائل المصرية عن الجميعات:

تنقسم الجميعات إلى عدة عشائر كبيرة هي: نوح ومنه النواحة، وشهاب ومنه الشهابين، وقاسم ومنه القواسم، واشتور ومنه الشتور، وموسى ومنه أولاد موسى، وعيسى ومنه أولاد عيسى.

ولقبيلة الجميعات تاريخ طويل، وكانت تقيم مع قبيلة بني عونة وقبيلة الهنادي في البحيرة قبل مجيء أولاد علي، وقامت حروب بينها وبين الهنادي، وتغلب عليهم الهنادي في بادئ الأمر، ولكن بعد نزول أولاد علي من نواحي درنة في إقليم برقة قبل ثلاثة قرون ساعدوا الجميعات ضد الهنادي وتمكنوا من إزاحتهم نهائيا من إقليم البحيرة إلى إقليم الشرقية قبل قرنين من الزمان.

التفصيل عن عشائر الجميعات

(1)

.

- الشتور: وفيهم فخوذ القريعي وفيه عائلات صالح وبركات وسالم وسليمان وأبو ذر وقعميز وحريفصي وقنفاش وحفيظة ومسلَّم، وفخذ شقيلف وفيه عائلات أبو حليقة والتهامي والأسود وحمودة وحصا، وفخذ عظيم وفيه عائلات ماسخ وأبو سبيحة وأبو دراع والمخاضي، وفخذ غشوة وفيه عائلات

(1)

ذكر أحمد لطفي السيد أن عدد رجال الجميعات عام 1935 م بلغ ألفين وكانوا يسكنون حاجر الجبل بقرب القافلة ومنهم جماعة في الفيوم وبني سويف.

ص: 194

المبروك وحمودة وأبو عنقاد وبللوز، وفخذ السويعي وفيه عائلات أبو ونهيد والقمز، وفخذ جليد وفيه عائلات أبو سكرة وفرج وأبو خمير ودغر والسلوة ونهيد.

- النوحة: وفيهم عائلات: مخيون ومهاود والنقاط وبويز وهيبة وجليل والفقير ورسلان والطرس والرطب والمشرشر وأبو عطية وأبو مجية وأبو خطوة وأبو سديد وكيشار ومساعد وأبو راية وفرجاني والنجار وعمر والعريان وتعيلب والطويل وجلوز وكريم وصقر والقنعاوي ويونس وطريد.

- الخلافات: وفيهم عائلات: هنداوي والمصري وآدم وأبو حودة وسكران وحويل وهديحة وأبو صفية وحجاري وأبو طالب وأبو سنة والفقيه والسماك وشحيت والديب وعبيد الله وأبو حاظ وقبيضة والسمكري وعجاج وصلهبي وجلال.

- القواسم: وفيهم عائلات: مريزق والدربالي ورحيل وواعر وسيشة وقاضي وهويدة وإدريس والجلاح والعالم وزعلوك ومجاور وأبو صبيرة وقوية وعثمان وداود ومحمود وبلال وحماد وشرقية وصرحية ونصيب وحوية وأبو بعيرة وعامود وريزة وبخاطره والنجار وقطيفة وإبراهيم.

- الباكر: وفيهم عائلات: الديب وعطية وعقاب ومطورد والسلاب ومعتوق ومصباح والدكر ودهيس والزغاي والكويس والعرند ودرلات وهليل وأبو كف وشعلان.

- الموسة: وفيهم عائلات: هامل والطرب والقمل ورابح وأبو حفيظة وأبو غنيم والرقاص والحدب وأبو شيحة ومساعد والصحفاف والعيد ورجوع والنويعس وبريك والصنبر ودخيل.

- العوايسة: وفيهم عائلات غيضان وشكل وأبو مقص وسعيد والخشاب وإسماعيل وأبو شفاف ورملية ومنصور والشنور ورحيم وأبو نجيلة والقصير والعتي ومريفق وعيشة وعريان وهاشم وأبو مسولة وضبي وفلقة وحنيش وشحريز وطوبان وخفير وكبير وأبو شية.

ص: 195

ومن رجالات الجميعات المشهورين طاهر بيك المصري، وقاسم بيك المصري - رحمهما الله -، واللواء عادل المصري، والدكتور محمد قاسم المصري، والدكتور صالح عبد الزين، والعمدة محمد عطية، واللواء عمر مخيون، والدكتور نبيل مخيون، والدكتور يونس مخيون، والعمدة محمود شامخ، والعمدة راغب صقر القاسمي، والأستاذ عبد الله راغب الدربالي، واللواء إبراهيم حميدة، والعميد إبراهيم عبد الغني، وفي مطروح الشيخ عبد الزين جبريل، والعمدة حسن عبد الرحمن، والعمدة رجب هنداوي، والعمدة محمود حريمس، والعمدة مرتاح حلبو، والشيخ خالد زعلوك، وفي الفيوم عبد العزيز حميدة وسعيد الجيلاني.

وفي الجميعات الكثير من الأطباء والمهندسين والمحامين والضباط والتجار لا يتسع المقام لذكرهم.

14 -

‌ القطعان

ذكر التليسي صاحب (معجم سكان) ليبيا أن القطعان يقولون بصلة دم بينهم وبين أولاد سليمان والجميعات، وتنحدر الأولى من ذباب، والثانية من عوف وكلاهما من بني سُلَيم، ويؤكد القطعان أن جدهم هو رضوان الأقطع هو ابن كعب من عوف من بني سُلَيْم. وينقسم القطعان إلى فرعين كبيرين هما الرحامنة والمريرات وهي من كبرى القبائل الليبية ونزح قسم كبير من المريرات من القطعان إلى مصر.

وقال الحبوني عن القطعان في مصر: من عائلات قبيلة القطعان المريرات عائلة أبو سعيدة وعمدتها كريم أبو راقي ومنهم الشيخ حمزة والشيخ رشيد والشاعر المشهور الفقيه أبو بكر البوال، وأولاد كريم أبو واقي هم راضي وإدريس وحمد وسالم بالمدارس الليبية، ومنهم المشايخ عقاب أبو صالح الهاين، وعلي إبراهيم، وحمد عبد المغيث، وجدهم سيدي هاشم صاحب المقام المشهور بجهة كامبوت، ويقابله مقام جدنا عمر الحبوني رضي الله عنه، ومن عشائر القطعان عشيرة المعابدة المعروفة وعمدتها الشيخ نصيبه أبو زريبة، ومن كبار رجالاتهم

ص: 196

المشايخ عبد اللطيف محمود الزيات، وفرج عثمان، ومراجع محمد، وحسين أبو غيث، وسعد يونس، وعتمان هارون، وفضيل يادم، وعبد الرسول عبد الجليل، ومرضي عبد الجليل، وسعد صالح، وأولاد عبد أبو دومة، وعائلة الزيطاني، يادم وإسماعيل وعبد الدايم خليل، وعائلة الفزار، ومن كبارهم مطرود وميهوب وسليمان أبو علة، وعون الطايع، وعائلة أبو سرة والهمام والغليظة، ومن كبارهم عثمان أبو سرة، وميكائيل وهارون ومصادف وشطيب.

ومن مشاهير المعابدة العمدة عبد الله أبو زريبة رحمه الله، وأخوه مصيبة العمدة بالسلوم، والعمدة عبد اللطيف الزيات بمرسى مطروح، ومن كبار عائلة عبد الجليل قديمًا وحديثًا الشيخ مرضي وعبد الرسول، ومن عائلاتهم الشهيرة عائلة عبد أبو دومة، وعائلة أبو قليلة، والحاج صالح، وعائلة العنتيل.

وقال اللواء صلاح التايب عن القطعان:

هم إخوة لقبيلة أولاد علي، ويؤكد الرواة والباحثون أن القطعان من أرومة بني سُلَيْم وتنقسم هذه القبيلة إلى عدة عشائر هي:

- المريرات: وتضم عائلات: أبو سعيد والمرخامي وبريدان.

- المعابد: وتضم عائلات: عقيلة وقريضة وأبو حبية وأبو ثمة وغالب.

- الساعنة: وتضم عائلات: أبو خمس ومراجل وشياطة والمهمال وأبو صرع وتوبال والدنيني وخريط.

- الغزارة: وتضم عائلات: رحيل وضياء وحسين وعربية وحسن وسليمان.

- الرحامنة: وتضم عائلات: الديب وجويضة والغليظة وأبو طيب ويونس وأبو ترحي والسمين وأبو صالح والبلالات.

ومن رجالات القطعان العمدة مرضي عبد الجليل، والعمدة مصيع، والعمدة حسين مصادف، والشيخ أبو عجيلة سعد حامد، وفي الفيوم الشيخ عبد المولى رحيم دهيم بالشواشنة، وعبد النبي عبد المولى، وعوض لملوم، وحسين مرايف، وعبد العزيز أبو حليفة، وسليمان كيلاني.

ص: 197

‌قبائل أولاد سلَّام من بني سُلَيْم في مصر

‌تمهيد:

أولاد سلَّام بطن من لبيد من هيب

(1)

من بني سُلَيْم ذكرهم القلقشندي في نهاية الأرب في أول القرن التاسع الهجري، وذكرهم المقريزي في عام 845 هـ من بطون سُلَيْم وكانوا يقيمون ما بين برقة والعقبة الكبرى (السلوم) وقد ذكر بعض الباحثين الحديثين في ليبيا ومصر أن أولاد سلَّام من السعادي خطأ، وقد اعتمدنا على بعض مصنفات هؤلاء في طبعاتنا السابقة وأدْرجنا قبائل أولاد سلَّام ضمن فروع السعادي خطأ وتبين لنا بعد التمحيص أن أولاد سلَّام من لبيد.

وقبائل أولاد سلَّام كان نزولها من ليبيا إلى مصر على مراحل بدأ بنزول البهجة ثم عونة والأفراد ثم الهنادي.

ومما يدل على وجود عونة قبل الهنادي هو ذكرهم في إحدى فرمانات الدولة العثمانية عام 936 هـ وتوليهم إمارة الحج في مصر وتحديد مساكنهم في البحيرة من الديار المصرية.

ومما يدل على وجود الهنادي في برقة حتى عام 1065 هـ (القرن العاشر الهجري) هو ذكر العياشي المغربي في رحلته للحج عبر برقة في عام 1065 هـ وذكر حادثة نهب لبعض الجمال من قبل الهنادي في البطنان شرق برقة وقد أعادوها لقافلة الحجاج في اليوم التالي كما ذكر العياشي.

ومما تقدم يتأكد لنا أن الهنادي من (هند بن سلَّام) هي آخر قبيلة من أولاد سلَّام نزلت إلى البحيرة وكان ذلك قبل ثلاثة قرون ونصف قرن، وقد أقاموا بجوار قبيلة الجميعات وأبناء عمومتهم الآخرين من عون بن سلَّام وبهيج بن سلَّام، وقد كان لهم سيطرة كبيرة على هذه القبائل بعد انتصارهم في عدة معارك دارت رحاها

(1)

هيب كما ذكر أبو علي الهجري في التعليقات والنوادر في أواخر القرن الثالث وأول الرابع بعد الهجرة هو أهيب بن عبد الله بن قنفذ بن مالك من فروع عوف بن امرئ القيس بن بُهثة بن سُلَيْم، ولبيد بطن قديم في بني عوف ذكره الهجري أيضًا في التعليقات والنوادر، وذكره الطبرِي في تاريخ الأمم والملوك بطنا من بني عوف من سُلَيْم؛ وكان منهم عزيرة ابن قطَاب قائد بنى سُلَيْم ضد جيش العباسيين عام 232 هـ والذي كان يقوده التركي بغا الكبير ليخضد شوكة سُلَيْم في الحجاز.

ص: 198

بين الهنادي، وهذه القبائل في البحيرة ولم تنته سيطرة الهنادي إلا بعد نزوح أولاد علي من درنة في الجبل الأخضر إلى القطر المصري، حيث حالفوا الجميعات ضد الهنادي وتمكنوا من إزاحة الهنادي إلى الشرقية في عهد محمد علي باشا.

وأما‌

‌ البهجة

من بهيج بن سلَّام فقد ظل كثرهم في البحيرة والغربية، وعونة بن عون بن سلَّام ظلت حتى عهد الحملة الفرنسية في البحيرة، وقد ذكرهم لوبير الفرنسي وقال: عون تبلغ قوتها ثلاثمائة فارس وتقيم بالبحيرة في الأجزاء المتاخمة للصحراء.

يوقالت ليلى عبد اللطيف في كتابها سياسة محمد علي إزاء العربان في مصر عن الهنادي من أولاد سلَّام: إن تلك القبيلة تمثل البدو الرُّحَّل الذين لا يعرفون الزراعة أو التجارة بل يعيشون على الرعي والسلب والنهب، وكانت من أقوى قبائل العربان في البحيرة، وقد بلغ تعداد فرسانها أكثر من ثمانمائة.

وذكر عبد الله عزباوي في كتاب البدو ودورهم في الثورة العرابية أن تعداد الهنادي في نهاية القرن التاسع عشر كان 10504 نسمة.

15 -

البهجة

كما تقدم أن هذه القبيلة من أولاد سلَّام من لبيد (من بهيج بن سلَّام) وقد ذكرت البهجة في حصر عربان مصر عام 1883 م، 1897 م في عدة محافظات بالوجه البحري خاصة البحيرة والغربية والشرقية والدقهلية والمنوفية وكفر الشيخ ومنهم أيضًا بالجيزة والفيوم وبني سويف والمنيا.

ومن فروعهم في الصحراء الغربية المحافيظ والمقبع وهي فروع بدوية وقد جاورت قبائل أولاد علي والجميعات في الساحل الشمالي المصري.

وذكر الحبوني في أنساب العرب التالي عن قبيلة البهجة

(1)

:

يسكن معظم أفراد هذه القبيلة بمديريات الشرقية والغربية والدقهلية ونسبتها إلى جدهم الأكبر بهيج بن سلَّام بن لبيد المنحدر من قبيلة بني سُلَيْم.

(1)

أملى البحث السيد عمر حميدة من البهجة عام 1959 م.

ص: 199

وبهيج أولاده: (مطرود)، (بدر)، (خالد)، (محفوظ).

أما أولاد مطرود هم: محمود والهديلي، وفي محمود بيت المحاميد البهجة، وفي الهديلي بيت الهديلات. ونتج في بيت المحاميد عائلات كثيرة منهم عائلة رحيم والموجود منهم الآن أولاد أبو قاسم وهم إبراهيم وكيلاني وأولاد محمود أبو القاسم وابن مفتاح وابن عبد العاطي وأبو القاسم، وهذه العائلة يقال عنها عائلة رحيم. العائلة الثانية: عائلة عمر المقبع والموجود الآن منها ثلاث عائلات هي عائلة إبراهيم، وعائلة صقر، وعائلة سليمان.

أما عائلة إبراهيم فتنقسم إلى قسمين: عبد الله وهو خلَّف اثنين عبد الكريم ومنه عائلة عبد الكريم وهم سليمان وحمد وكعباري وأبو زيد وهو خلف سعد وقاسم وسعد خلف دفع الله وعدلان وعركي ولهم ذرية معروفة في القبيلة، وقاسم خلف عبد القادر وهو خلَّف محمد وعطية وإبراهيم ومبارك ومطلق ولهم ذرية موجودة بمركز فاقوس بالشرقية.

سليمان خلَّف حميدة وعيسى.

وصميدة خلَّف مشايخ العرب عبد السلام وعمر وعبد الحميد عبد المجيد.

ومخمد خلَّف أولاد شفيق (عمدة قبيلة البهجة) وعبد الصمد وسليمان وصميدة أستاذ محام.

وعبد السلام أولاده مشايخ العرب عبد العزيز وعبد الرحمن مأمور مركز.

والسيد عمر رجل التقوى والإصلاح نال قسطا وافرًا من التعليم الديني، ومن الذين لا يخشون في الحق لومة لائم جوَّاد كريم مصباح من مصابيح مديرية الشرقية بل والوجه البحري وقد خلف الدكتور حسين الطيب بالجيش المصري.

وأولاد الدكتور حسين مشايخ العرب خالد وعبد الحميد وعمر المختار وذلك لحب الذكتور في البطل الليبي الشهيد سيدي عمر المختار.

وعبد الحميد أولاده محمد الشهير بيحيى، وعبد السلام الشهير بالباز، وكامل وعبد المنعم.

وعبد المجيد أولاده محمد الشهير بسعيد دبلوم زراعة وموظف، ومصطفى الشهير بكمال الدين، ومحمود وصالح.

ص: 200

وحسن أولاده ثعيلب وهو خلَّف عبد النبي وهو خلَّف إبراهيم وهو خلَّف محمد وعطية.

وكعباري أولاده كريم وهو خلَّف بغيض وعبد الله وإسماعيل وعلي ولهم ذرية بمديرية القليوبية.

وصقر خلَّف عوض وهو خلَّف مبارك وسعد وصقر.

ومبارك خلَّف علي ومحمد وعبد القادر ولهم ذرية موجودة بمديرية الشرقية.

ومسعد خلَّف عوض وأحمدي ومازن ولهم ذرية بمديرية الشرقية.

وسليمان من ذرية أبو رواش وعطية ولهم ذريةا موجودة بمديرية الشرقية.

ومن بيت الطردة عائلات أبو منجود بالغربية وكبير هذا البيت الآن الشيخ محمود منجود وأولاده فضيلة الأستاذ الشيخ محمد منجود المدرس بمعهد كفر الشيخ.

أحتيته أولاده مشايخ العرب منشاوي وهو خلَّف محمد وهو خلَّف الناجي، وعيسى خلَّف محمد وحسن ومحمد خلف عبد الكريم شيخ فرقة وعبد المعطي وعبد العاطي وحسين خلَّف إسماعيل.

الهديلات وهذا البيت موجود منه أشخاص بمديرية الشرقية منهم مشايخ العرب أبو حسن وإخوته وأولاد عمومته وأولاده بجهة مركز بلبيس، وهناك عائلة رحيم وتسمي شعيب ومساكنهم بجهة الفيوم.

وبدر وهم ثلاث عائلات ومنهم موجودة بمديرية الغربية وهم عائلة الشريحي ومنهم عمدة قبيلة البهجة، وهذه العائلة تكوّن قسمًا كبيرًا بجهة بلدة كفر العرب التابعة لمركز طنطا وكان فيهم رجل مشهور بحسن السمعة والكرم وبعد النظر وهو عبد اللطيف أبو حسين والسيد محمد أبو موسى وأولاده، وهناك عائلات معروفة باسم الشطيبات وهم ذرية بدر ومن بيت بدر خالد ويسمى بيت الخوالد وهم عائلات منتشرة بمديرية الغربية والشرقية والدقهلية ومنهم ذرية سليمان وذرية أبو واعر ومنهم شيخ طنطا راتب عبد القادر أبو يوسف.

ص: 201

وعائلة محفوظ وهم عائلات كثيرة منتشرة بالغربية والشرقية والقليوبية وغيرها ومنهم عُمدة يُسمى عبد المطلب جايل بناحية الديدمون مركز فاقوس وذريتهم بهذه الجهة ويعتبر العمدة المذكور من كبار رجالات العرب المشهورين، وفيهم مشايخ العرب موسى عبد اللطيف الموظف، وعبد الله نائب العمدة، والسيد موسى حسين موسى وعلي موسى الموظفان بوزارة الزراعة، ومحمد السيد، ومشايخ العرب عبد الغني، وعبد السلام مطلق، وإبراهيم عبد الواحد وكيل قبيلة البهجة.

16 -

‌ عونة

وهذه القبيلة تنسب إلى عون بن سلَّام من لبيد وكما تقدم كانت مساكنها الأولى في البحيرة، ولما دخل العثمانيون مصر عام 923 هـ تولى أحد مشايخ قبيلة عونة إمرة الحجاج المصريين.

وقد عدَّت عونة من قبائل مصر في حصر العربان عام 1883 م، 1897 هـ ومنها في الوجه البحري فروع عديدة خاصة في الغربية والبحيرة.

قال الحبوني عن عونة من أولاد سلَّام بن لبيد من بني سُلَيْم:

- أرسل إلى الأستاذ المحترم عبد الستار طاهر المصري المحامي بالإسكندرية هذا الخطاب التالي بخصوص قبيلة عونة من أولاد سلام:

الإسكندرية في 21 - 10 - 1955 م حضرة صاحب الفضيلة الشيخ عبد السلام الحبوني - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - أرسل لك هذه الوثائق وهي الخاصة بمعلومات للشيخ السيد أبو زامل عمدة قبيلة بني عونة عن نسب قبيلته ومعها صورة فرمان تاريخي لتأخذ منها ما تجده مفيدًا نفعنا الله بعلمك واجتهادك والسلام المخلص عبد الستار المصري (والصورة المرفقة طيه هي للشيخ سيد أبو زامل) صورة ما أرسله السيد العمدة المذكور، قال الأمير حمد أبو زامل بن همام أبو سيف الفوازي اليعقوبي وكان رئيس أقاليم البحيرة سابقًا وكان له مرتبات قدرها عشرة آلاف وستة وستين ريالًا يقبضها من المال بحسب التقارير الديوانية والفرمانات السلطانية المبعوثة برزنامة مصر بعد التراضي والتوافق على ذلك وأعطوا

ص: 202

الرياسة التامة لحمد أبو زامل الهمامي شيخ المشايخ على سائر القبائل والعربان وأهل السجاجيد والمقامات والأضرحة والقرى بأقاليم البحيرة والصعيد وورث ذلك عن جده المشار إليه همام رئيس اثنين وستين قبيلة في زمنه ورتبوا له أطيانا كمعاش قدرها اثني عشر ألف فدان بجهة حراسة والكوم الأخضر وحوش عيسى بتاريخ الربط سنة 1131 هجرية كما هو ثابت بالفرمانات بالروزنامة المصرية، وكما هو ثابت بالنسب الموجود لدينا أنه من أصل أولاد همام عائلة الزوامل الموجودين الآن بالزوامل الشرقية ببلبيس وعائلة فواز بالعسيرات بالصعيد وعائلة أبو زامل الموجودين بالزنامل بمديرية الغربية تبع دسوق مركز فوة وعائلة أبو زامل بحوش عيسى وحرارة وأبو حمص وعائلة أبو زامل بمغاغة وفرع منهم انتقل في عهد حمد أبو زامل إلى حيفا بفلسطين ويعرف هناك بالزوامل، ومن الثابت في كتب التاريخ أنه كانت إمرة العربان في مصر جملة لبني عونة من فجر القرن العاشر، وأول عربي أخذ رتبة أمير اللواء من الدولة العثمانية هو أمير بني عونة، وقد كان أميرًا للحجاج المصرين سنة 936 هجرية، وقد كانت بني عونة من القوة والبأس على أشدها، كل هذا منقول من الفرمانات الرسمية.

(صورة فرمان إلى عرب البحيرة) وفيه كتب فرمان إلى عرب البحيرة وصورة هذا الفرمان العالي أمرنا الجليل الخاتان إلى قدوة القوَّاد المتشرعين نائب البحيرة زيد علمه وإلى كامل المشايخ من عربان الهنادي والأفراد والجميعات والبهجة وبني عونة عموما زيد في عشرتهم بعد وصول التوقيع الرفيع الهمايوني الحكمي نحيطكم علما أنكم أنهيتم إلى ديواننا الهمايوني أنكم من قديم الزمان منازلكم أبًا عن جد في فيافي البحيرة وفدافدها وأنكم تحت قدم الطاعة والمحافظة للرعاية والطرقات الواقعة بناحية البحيرة والتمستم من عواطف مراحم سلطتنا السنية ودولتنا الخاقانية وشعاركم في منازلكم القديمة كما كنتم في السنين الخوالي فحيث إنه جرت العادة أن قبائل العربان في الديار المصرية كل قبيلة لها منازل مخصوصة بها لا ينازعهم فيها غيرهم ومنازل البحيرة من قديم الزمان منازلكم فبحسب التماسكم مراحم من دولتنا العلية قد أقررناكم في منازلكم المذكورة كما كنتم قديمًا نازلين فيها من غير منازع لكم بالشروط التي تعاهدتم بها وقبلتموها في حضور صدرنا الأعظم وكتبتم

ص: 203

بها سندًا عليكم وهي أن توفوا لعدم التعدي وإيصال الذرية والمضر ولو مقدار ذرة لرعاية وديعة خالف الرايات للمحافظة على الطرقات وعدم إتلاف شيء من مزروعات أهل البلاد وإضاعة مواشيها وإلا تسكنوا عندكم شغبًا من اللصوص وقطاع الطريق لتنهب أموال الناس وقتل النفوس بغير حق شرعي، وقد نذرتم على أنفسكم على العسكر أنه متى اختل شرط من هذه الشروط المذكورة تقومون بدفع مائتي ألف قرش إلى خزينة مصر، فبناء على ذلك أصدرنا أمرنا بفرماننا الشريف وأمرنا العالي المنيف ليكون معلومكم أنه من قاعدة الديار المصرية كل قبيلة من العربان لها منازل تنزلها مخصوصة بها وقد أقررناكم في منازلكم القديمة في فيافي البحيرة وفدافدها بالشروط السابقة الذكر التي التزمتموها والنذور التي قبلتموها وتعهدتم بها وكنتم على أنفسكم شهداء أنه متى اختل شرط من الشروط المذكورة بعد بيان دفعكم المائتي ألف قرش يكون إخراجكم من البحيرة وبلادها وفيافيها والطلوع من حقكم فاعملوا بمضمون أمرنا الشريف كما هو مشروع وتجنبوا خلاف ما هو مذكور وموضح اعلموه واعتمدوه غاية الاعتماد، والحذر ثم الحذر من المخالفة وكتب مضمونه حجة وأمضى عليها قاضي العسكر وقيدت بالسجل ونصه كما وردت الفرمانات الشريفة من حضرة مولانا الصدر الأعظم مولانا الوزير يوسف باشا خطاب إلى سائر الحكام والمشرعين والنواب وسكان إقليم البحيرة من قبائل الأعراب، وأقطع حضرة مولانا الصدر الأعظم كل قبيلة منهم منازلهم المخصوصة بهم وعاهد رؤساءهم حضرة مولانا الصدر الأعظم المشار إليه وحضر به إلى مولانا شيخ الإسلام المومي إليه أعلاه كل من فلان وفلان وهم مشايخ عربان البحيرة المرقومون ولما تأمل فيه التمس منه الجماعة المذكورون كتابة حجة متضمنة لفحواه مؤكدة له مقوية لمعناه هذا المرسوم على الوجه المشروح مرقوم، وقيد ذلك بالسجل المحفوظ ليراجع عند الاحتياج إليه والاحتجاج به). وإلى هنا انتهى كلام العمدة المذكور.

ونحن نقول من كبار أفراد هذه القبيلة بمركز دسوق شيخ العرب محمد عبد الجليل أبو زامل، ومشايخ العرب عبد الحميد وفريج وزكي وحمد وممدوح وصلاح وخليل مأمور ضرايب، والسيد بهجت الضابط، وعبد السلام وعبد الجليل

ص: 204

ونبيل، والعائلة التي تقطن مركز أبو حمص مديرية البحيرة منهم شيخ العرب نعيم محمد أبو زامل من أعيان بلدة برسيق مركز أبو حمص وإخوته مشايخ العرب علي ومحمد، وابن أخيه السيد محمد علي، والشيخ علي وأولاد عمومته مشايخ العرب السيد عمر عمر أبو زامل عمدة القبيلة، والسيد محمود أبو زامل شيخ القبيلة، والمشايخ محمود عمر وعبد الرحمن وحسن بالزوامل بدسوق والشيخ محمد حمد عُمدة الشرفا مركز فوه، وأسرة أبو زامل ببلبيس، ومن كبار أفراد هذه القبيلة الذين يقيمون بمركز حوش عيسى مديرية البحيرة؛ الشيخ إسماعيل الجودي وأولاده وإقامتهم بعزبتهم بجهة بلدة (قافلة) مركز أبو حمص بحيرة.

17 -

‌ الهنادي

هذه القبيلة من هند بن سلَّام من لبيد من بني سُلَيْم وهي أكبر وأقوى قبائل أولاد سلَّام بل قبائل سُلَيم عامة في الديار المصرية ولها تاريخ حافل.

‌ما قاله المؤرخون عن الهنادي

ذكر الأستاذ محمد الطيب بن إدريس المؤرخ الليبي في توضيح شجرة السلالمة من أولاد سلَّام ككل وقال عن الهنادي هم من هند بن سلَّام، وهند عقب سلامة، فولد لسلامة حماد ثم ولد لحماد جابر ثم ولد لجابر عامر ثم ولد لعامر جابر، ولسلامة ولد آخر يُسمى سليمان، أما جابر بن عامر فقد ولد عليوة ومنه فرع العليوات، ومنيصير ومنه فرع المناصرة وقد انبثق عن المناصرة فخذ السلاطنة.

أما العليوات وجدهم عليوة بن جابر فمنه فخوذ كبيرة مثل حويطا ومنه العلاونة والمطاردة، ويحيى ومنه الطرش والمنفي، وأبو نجله عقب سعد وسعد عقب موسى، وموسى عقَّب أبو بكر، وأبو بكر عقَب الشافعي وبركات، وبركات منه فخوذ أبو عجيلة وغانم، أما الشافعي بن أبو بكر فله أولاد عدة نالوا شهرة وهم التالي ذكرهم:

ص: 205

- يونس وقد اشتهر في الهنادي بالصدق والصراحة والأمانة، وكان منه عائلة قوية، وعقَّب بشارة ومنه السعدي بيك عضو الجمعية التشريعية رحمه الله، وابنه محمد السعدي

(1)

عضو مجلس النواب أيام الملكية بمصر، وكان منه سعود وله يونس، ومنه عليوة وله الشافعي وجندل والمصري، وقاسم ومبدي.

- الطحاوي وقد اشتهر وذاع صيته وتزعم قبيلة الهنادي في عهد محمد علي باشا والي مصر في أوائل القرن التاسع عشر للميلاد، ومنه اشتق اسم الطحاوية على أولاد الشافعي الذين هم أكبر وأشهر فروعُ الهنادي في الشرقية وسيأتي التفصيل عنهم في موضعه.

- سليمان وكان قائد سرية الهنادي واشتهر بالفروسية في الحروب، وسرية الهنادي صحبت جيش إبراهيم باشا ابن محمد علي أثناء فتوحه لبلاد الشام وسنوضح عن بقايا هذه السرية في سوريا في موضعه.

- كما للشافعي أيضًا أولاد آخرون وهم كريم، وعامر.

وأضاف محمد الطيب بن إدريس عن قبيلة الهنادي: تنقسم إلى عدة أفخاذ وفصائل وأشهرها السلاطنة من المناصرة، والشافعية من العليوات والطحاوية من الشافعية، وكل رجل من أجداد هذه الفروع يشتهر بكثرة أولاده أو قوة نفوذه أو مركزه الاجتماعي، ويتخذ أولاده بالطبع اسمه علمًا على عائلتهم تاركين الاسم الأول لإخوته، وقد ظهرت عائلات من الهنادي تجتمع أحيانا في اسم هؤلاء المشهورين وتختلف في أحيان أخرى من حيث نسبها لأخ أو ابن أخ له والجميع يتصل بهند المنسوب له الهنادي، ونلخص فروع الهنادي كالتالي حسب شهرتها: الطحاوية، والعليوات، والمناصرة، والسلاطنة، وحويطا، والعلاونة،

(1)

ومن أبرز رجلات الهنادي الأديب بطبعه محمد السعدي وكان عضوًا لمجلس النواب، ومحمد بيك سعود من عُمد الهنادي، وشيخ العرب حين عبد السميع، والأستاذ محمد سلطان عضو مجلس محافظة الشرقية، والشيخ عبد الحميد راجح عامر، والشيخ محمد عبد المجيد سليمان عضو مجلس محافظة الشرقية.

ص: 206

والمطاردة، والطرش، والمنفي، والمباركيين، وأبو عجيلة، وغانم، والشافعية، والعواكلة، والعوامرة، والطريفات، والقطيفات (انتهى قول محمد الطيب بن إدريس).

وقال الحبوني في كتاب أنساب قبائل العرب عن قبيلة الهنادي

(1)

:

قبيلة الهنادي يسكن معظم أفرادها بمديرية الشرقية ومنها فروع أخرى تسكن فديريات الغربية والدقهلية والفيوم وسُمِّيت الهنادي نسبة إلى والدهم (هند بن سلَّام) الذي يرجع نسبه إلى قبيلة بني سُلَيْم وقد خلَّف سلَّام ثلاثة أولاد هند وإليه ترجع قبيلة الهنادي، وعون ومنه قبيلة بني عونة، وبهيج وإليه يرجع نسب قبيلة البهجة، وكانت قبيلة الهنادي تقطن جهة طرابلس الغرب ثم نزحت إلى مديرية البحيرة التي منحهالهم السلطان سليم العثماني، ثم انتقلوا إلى مديرية الشرقية.

ولا يزال رجال هذه القبيلة على النخوة العربية الأصيلة من الكرم والشجاعة والبذل وحماية الجار وإكرام الضيف.

ونكرم جارنا ما دام فينا

ونتبعه الكرامة حيث مالا

وقد تكرَّم الله سبحانه وتعالى عليهم بعد هذه الخصال الحميدة بسعة في الرزق وسعة في العيش، وإنك عندما تصل إلى ديارهم كأنك ترى نفسك في بادية نجد أو بادية برقة.

يا ضيفنا إن جئتنا

نحن الضيوف وأنت رب المنزل

وهم على هذا في الذين لا تبطرهم كثرة النعمة بل كانت سببًا في قربهم من المولى تعالى بالأعمال الصالحات في الحكم وخضوع النفس وحسن الخُلُق، يكثرون

(1)

ذكر الحبوني أن الذي أملاه عن قبيلة الهنادي عام 1959 م هو شيخ العرب نوري معاون، وقد اختاره لهذه المهمة الشيخ محمد العدي بشارة الطحاوي من كبار الهنادي في الشرقية، وكذلك شيخ العرب محمد سلطان من الهنادي المعروفين.

كما ذكر عنوان السرد عن الهنادي: "القيلة التي تحتكر الصقور وكلاب الصيد المنقضة والخيول المطهمة"

ص: 207

من تربية الخيول الأصيلة على اختلاف ألوانها وكأنهم الذين عناهم الشاعر البدوي في الأدب الشعبي بقوله:

هنادي على بوعنق مكنوز الظهر

قصير الثلاثة ضافي الجرجار

ايهذب أطراف الدين لافز أوقمر

أيبوزع طليبه في أول المشوار

ايجبهن نقيق الطبل لازم لو نقر

اصقوره في القتال يأخذن جسار

"هند أولاده": منيصير، وسلام ومنه بيت السلم، وطريف ومنه بيت الطريفات، وعليوة ومنه بيت العليوات، والفردي ومنه بيت الأفراد.

أما (أولاد عليوة) هم: حويطا، والمنفي، وأبو بكر.

وحويطا أولاده هم: مطرود ومنه بيت المطاردة في أبو صوير - بالإسماعيلية، والعلواني، ودعبس.

وأبو بكر أولاده الشافعي وبوكات، والشافعي من أولاده المشهورين "الطحاوي".

وهو أكبر إخوته ولهذا تنسب إليه كلمة الطحاوية وكانوا قبل ذلك معروفين باسم عائلة الشافعي وهو الذي كان له السيطرة في مديوية البحيرة في عهد الغُز المماليك ثم حل محله ابنه الطحاوي بالشجاعة والكلمة النافذة.

وإخوة الطحاوي هم: يونس وعامر وسليمان وكريم.

ويونس أولاده: سعود وعليوة وبشارة وجندل وقاسم وميدي وفيصل والمصري.

وسليمان أولاده: صميدة ومجَلِّي وراغب وغالب ووسلان.

وعامر وأولاده: مازن ومفازع وراجح وعصر وحنظل وبزيغ وعبد الهادي وغومة.

والطحاوي خلَّف الشرقاوي وأولاده: خدَّاش وأبو شوشة وحنظل وإبراهيم ومعتمد ونمر وخيري ومفضل.

ص: 208

وكريم أولاده عبد السلام علاق وبشير وجيلاني وعدلان وعبد الواحد.

وسعود أولاده عبد العزيز وعبد الله ومالك وهو عمدة قبيلة الهنادي.

وقد اشتهر محمد بيك سعود بتربية الصقور وكلاب الصيد وله في هذا المضمار شأن يذكر، وهذه هي الجوارح التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم بقوله وهو أصدق القائلين:

{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: 4].

وأولاده محمد وبشارة ومراد.

وعليوة أولاده: عبد الرحمن وعبد الحميد وعلي وأبو بكر.

وبشارة أولاده: السعدي ومحجوب ويونس والشافعي وصالح وعبد العزيز.

وعبد العزيز أولاده: شفيق وعبد الله وفيصل وعثمان.

وأولاد حنظل: فارس وحسن وعيسى وفياض وراتب ومحمد وعامر وسعيد.

وقاسم أولاده: محمد وعبد القادر.

وميدي أولاده: مجاور وفرج وشرقاوي وموسى ومفتاح.

وفيصل خلَّف خالد؛ وأولاد خالد: مسلَّم عبد العظيم وعبد المجيد.

والمصري أولاده: محمد وعمر وسعيد وسعداوي وحميده وعلي.

ومارن أولاده: العديس وفرجاني.

ومنازع أولاده: محمد وعبد الكريم.

ص: 209

وراجح أولاده: عون ومحمد وإسماعيل ومدغم وعقل ومعيقل ومهني وهجري وفريد ودبلان والعديس، وعبد الحميد بيك عمدة القبيلة حج بيت الله الحرام واشتهر بالصلاح والتقوى والعطف على الفقراء والمساكين، ويونس، وشيخ العرب طلب عُمدة ناحية الطحاوية وعبد السميع وعبد الجواد وكريم وعامر ومحمد الصغير ومطلق وبغيض.

ومن عائلة راجح مشايخ العرب فتح الله فريد ومحمد أخيه والصاغ عبد الرحمن راجح والأستاذ عبد القادر راجح وعبد العاطي راجح المحامي، والأستاذ ضويحي راجح المحامي والأستاذ بدران راجح المحامي.

وفهيد أولاده محمد وهو خلف أحمد.

وعمر أولاده مشهور وطلال وفوار وأبو بكر والشافعي وعبيد.

وحنظل أولاده شندي وجابر وعبد الدايم وعبد اللطيف.

والسعدي - رحمه الله تعالى - كان من رجالات العرب المعدودين وقد خلَّف أشبالًا يعتبرون بحق من خيرة أبناء العروبة وهم:

سمير والسيد محمد السعدي عضو مجلس النواب السابق وخلَّف سمير الأستاذ صالح المحامي ومحمود وعبد المنعم درس وتعلم ونال الشهادات العالية وهو من كبار الموظفين الآن بورارة الخارجية.

ومحجوب أولاده: مشايخ العرب محمد وعبد الحميد وعبد القوي وشكري عمدة منشية بشارة وحاتم.

ويونس الصغير أولاده: مشايخ العرب مختار وهارون وجابر وبشرى.

والشافعي أولاده: شيخ العرب عبد السلام وأولاده محمد وأحمد وبشير.

وسليمان أولاده: خلف حميدة وأولاده معاون ونصر وقويطه.

ومعاون أولاده: قدري ومعجل وعمر ومحمود وكريم وفهدان وعليوة وحصافي.

ص: 210

وللشافعي - مؤسس أولاد الشافعي - تاريخ يذكر بخصوص واحة قبيلة الهنادي أيام أن ذهبت إلى الواحات وقد كان بينه وبين محمد علي باشا صداقة يعرفها ابنه الطحاوي وقد ذهب إلى محمد علي وتكلم معه بإرجاع الهنادي لمديرية الشرقية بعد حصول مشقات لهذه القبيلة بسكنى الواحات وقد ثبت أن الهنادي ساعدوا في فتوح السودان والشام وحرب تركيا وقد استحقوا بعد هذه الخدمات العظيمة أن يعافيهم الوالي؛ ولهذا يقول شاعرهم يخاطب الإبل:

أيام شوخت امنيصير عوج ما اتحطى جنايا

تسطى وأنت في المبارك هنايا

وقد سبق أن قلنا أنها تسكن بجهة طرابلس الغرب، والمقصود هو برقة شرق ليبيا.

الابن الثاني لسليمان مشايخ العرب راغب وأولاده سعد وأبو زيد وإبراهيم.

وحافظ وعبد القادر وعبد الرازق.

ومجَلِّى أولاده: طاهر ومحمد وشهاب وتركي وسليمان وحمد وسعيد وعلي.

وغالب أولاده: منتصر ودرمان وعبد الجليل (كان محاربًا في حرب مصوع) ووهيدي وعبد الحميد.

ورسلان أولاده مشايخ العرب هزَّاع ووايل ومطرف ودياب وغانم وحريب وصالح وراضي وعبد الحميد ومنصور وحسين وفهد ومحمد.

وعبد المجيد أولاده: ناصر ودخيل وخليل وشهوان ومحمد.

وفرع راغب أولاده: مسعد وأبو زيد وإبراهيم وعبد القادر وحافظ.

وأولاد مسعد: مشايخ العرب زيدان رجل الهمة والمروءة بمنشية راغب وسليمان ومحمد وعبد السميع ونصر ومحمود وعبد الهادي وعبد العاطي وعيسى وناجي والشافعي وبركات.

ص: 211

وراغب أولاده: مشايخ العرب حمد وعبد الله وعبد الحكيم وعبد الرحمن وعبد الغفار وعبد المنعم.

وأبو زيد أولاده: عبد الله ومحمد وسعيد وعبد الرحمن وعبد الكريم وجبر.

وإبراهيم أولاده: محمد ومنصور وعبد الله ومحمود.

وعبد القادر أولاده: رشيد وسليمان وسعيد وعبد الله وحمد ومسلَّم.

وحافظ أولاده: عبد الحفيظ عمدة منشية راغب، وقد خلَّف عبد الكريم وآخرين.

(بيت السلم) أولاد هند بن سلَّام وهم فروع:

الداودة، والبدَّادي

(1)

، وأبو محمود، وعمدتهم الآن في فرع البدادي وهو شيخ العرب حسين عبد السميع رحمه الله في القليوبية.

(1)

قلت: عائلة البدَّادي أصلًا ليسوا من الهنادي وإنما هم من مؤسسهم عبد السميع الجالي أبو فضيلة البدادي بن شعيب الحمري من قبيلة الحُمر إخوة الجميعات من بني علي من حصن بن علَّاق بن عوف بن بُهثة بن سُلَيْم، كانوا في تونس ثم نزح معظمهم للجزائر وبعضهم نزح إلى برقة بليبيا، وقبيلة الحُمر ذكرت في حصر قبائل العربان عام 1897 م في قويسنا بالمنوفية وإطسا محافظة الفيوم وقنا، وقد انفصمت منهم عشيرة البدادي وانضمت للهنادي من لبيد من سُلَيْم قبل قرنين ونصف قرن والبَّدادي معروفون باسم الهنادي في القليوبية (مركز طوخ) ولهم عزب عديدة مجاورين لعرب قبيلة الصُّهب من ذُباب من سُلَيْم ولهم أراضي كبيرة خصبة وكان لهم دور مع أسرة محمد علي باشا، ومن البدادية عائلة مناع في بلبيس محافظة الشرقية. وقيل أن عبد السميع الجالي أبو فضيلة البدادي أعقب عبد الغفار وسلومة، فمن عبد الغفار رضوان ورسلان وعبد الحميد وفرجاني ولهم عزب باسم كل واحد منهم في القليوبية، ومن سلومة عائلة كبيرة لها عزبة كبيرة بمركز طوخ مجاورة للأخرى من أولاد عبد الغفار.

وكبير عزبة رضوان رضوان عبد الخالق رضوان، وكبير عزبة رسلان الشيخ زكريا رسلان وكبير عزبة عبد الحميد الدكتور عبد المنعم عبد الرازق، وكبير عزبة فرجاني المستشار باستئناف القاهرة الأستاذ فرجاني عبد القادر فرجاني، وكبار عزبة سلومة الشيخ سيد أبو أحمد، والشيخ راتب عبد الحليم كريم، والشيخ إبراهيم عبد الحميد كريم.

ص: 212

(الأفراد): هؤلاء في ذرية عمر الفريد بن سلَّام، وانضموا للهنادي من هند بن سلَّام، وهم منتشرون في مديريات الشرقية والدقهلية ومنهم في الساحل الشمالي وعائلاتها كالآتي:

عائلة أبو منديل: ومنهم كان العمدة عدلان زيدان منديل، وشيخ العرب عبد العزيز عبد العاطي زيدان.

عائلة جبريل: وفي عائلة جبريل الشيخ عبد الحميد نعمان عمدة منشية العاصي، وفيهم رجال مشهورون نذكر منهم مشايخ العرب راتب حسين عبد السميع، وعبد المنعم راتب وعدلي راتب خير الله عبد السميع.

عائلة العمور: وهي العائلة المشهورة من الأفراد، وهناك عائلات أخرى لم نطلع على أسمائها.

الابن الثاني لهند (امنيصير) بن جابر

(1)

:

أمنيصير خلَّف هارون وهو خلَّف ولدين علي وسلطان، أما علي فقد خلَّف مساعد المعروف به عائلة مساجمد والباقي في ذريته عبد الناصر عيسى وأولاد مساعد غيضان وإبراهيم بن موسى بن عبد القادر وسلطان، وهذا البيت الموجود منه الآن أولاد مساعد وأولاده عبد القادر وفي أولاد علي بريشه وهو خلَّف بريشه وهو خلَّف ثلاثة أولاد أحدهم موسى والثاني سليمان والثالث صالح وموسى له أربعة أولاد أحدهم عوض جد عبد الكريم مفتاح والثاني أسلومة جد عبد السلام حمد أسلومة والثالث حمد والد الشيخ صميدة وذريته محمد أبو حميدة الصغير ومحمد الكبير ومحمود وأحمد أولاد محمد الصغير هم مشايخ العرب حميدة ومحمد الكبير أولاده عبد الرحمن وحمد وموسى وأولاد حمد فايز وعوض وأولاده محمود عبد الصمد والرابع جبر وذريته موسى وناصر.

(1)

أملاه شيخ العرب محمد محمد سلطان بجهة الإسماعيلية.

ص: 213

أما سليمان فله ذرية غير معروفة، وأما صالح فله ثلاثة أولاد أحدهم بريشة جد حسين موسى والثاني أبو الزينة وله ولدان أحدهما عبد القادر والثاني سيف النصر وهؤلاء موجودون، والثالث أبو بكر وهو والد سليمان وصالح والسعداوي وأحمدي وعبد الجليل، وهذا البيت يبتدئ من علي بن هارون وهؤلاء كلهم أولاد هارون بن منيصير.

الولد الثاني ابن هارون بن منيصير وهو سلطان وله ولد واحد وهو يادم المعروف ومدفون بجهة القرية بمريوط، ويادم له ثلاثة أولاد وهم عامر وبطور ومحجوب، وعامر وأولاده علي وسلطان، وعلي أولاده محمود وسلطان والأخير خلَّف محجوب، أما محمود فله أربعة أولاد مقرب وعلي ومنيصير وحمد وأولاده مقرب عبد النبي وهو خلف محمد وعبد القوي وعبد السلام وعبد الرحمن وعبد اللطيف.

وعلي خلَّف مشايخ العرب محمد وأبو القاسم وعبد الله ومحجوب.

ومحمد خلَّف (شيخ العرب صاحب هذا الإملاء عن العشيرة) وكامل وحسين.

وأبو القاسم خلَّف محمود ومحمود خلَّف محمد محمود وخلَّف علي عمدة القبيلة وعبد الله خلَّف علي.

امنيصر خلَّف جبالي وهو خلَّف لمنيصر وسعيد ويادم وعبد الحميد وعبد المجيد.

وأولاد حمد هم عبد العزيز وحسين وأحمد ومصطفى.

وحسين خلَّف حامد ومحمود عبد العزيز خلَّف أبو القاسم ومحمد وشكري.

أما أولاد سلطان بن عامر شقيق علي الذي تقدم خلَّف بطور وهو خلَّف عبد النبي وسلطان وإبراهيم ومحمد، أولاد عبد النبي عبد الرحمن ومحمد ومحمود ولمنيصر وعبد الله.

وأولاد سلطان محمود وهو خلَّف عبد الحميد.

ص: 214

وإبراهيم خلَّف محمد وهو خلَّف عبد الله.

وبطور الكبير شقيق علي بن عامر أولاده علي وهو خلَّف عبد الحميد وله أولاد كثيرون بجهة أبو سلطان وفايد على خط قناة السويس.

ومحجوب بن يادم خلَّف محجوب وهو خلَّف محجوب وهو خلَّف مفتاح وهو خلَّف محجوب حمد ومحجوب خلَّف محمود وحامد وعبد الخالق وتركي وحمد خلَّف علي وعبد العاطي وعبد القادر بجهة فايد وأبو سلطان.

وعائلة مؤمن الذين منهم عائلة أبو حرب وعائلة البلتاجي وهم أولاد لعائلة بريشة المقيمين بمركز تلا منوفية، وكبيرهم اليوم شيخ العرب عبد القوي بريشة وإقامته ببلدة صندلا مديرية الفؤادية وفيهم مشايخ العرب.

وعائلة سعيد وعائلة الجهمي وأبو قفة الموجودون في أبو راضي ببني سويف وهو مشهورون بعائلة عربي وعائلة مرروق وغيرهم وهم جميعًا منسوبون لبيت العواطلة المضموم لبيت الطريفات المنسوبين لبيت المباركين أولاد مبارك الذي ينسب إلى هذا. ويقول شيخ العرب محمد علي سلطان أن منيصير وعليوة كان لهم أخ صغير يُسمَّى الحفيان وذريته الموجودون في "أبو حماد" مديوية الشرقية.

وسليمان أولاده: محمد وعبد الله وإبراهيم ومحمد خلَّف مشايخ العرب عوض وسليمان وعبد الله خلَّف محمد وعبد اللطيف وأبو بكر وإبراهيم خلَّف علي.

والسعداوي أولاده أبو بكر وهو خلَّف السعداوي.

وأحمدي خلَّف صالح ومسلَّم وصالح خلَّف راتب ونجيب ورياض وفتحي ومحمد وصلاح.

وصالح بن أبو بكر خلَّف علي وهو خلَّف محمد والسيد.

وعائلاتهم على العموم كثيرة ومنتشرة في معظم مراكز مديرية الشرقية وهم عائلات رسلان وراغب وعليوة وسعود وجندل وبشارة ومجلِّي وراجح وعبد المجيد ومازن وغالب .. إلخ.

ص: 215

ملخص ما قاله الجبرتي في تواريخ مصر خلال الثلاثة قرون الأخيرة عن الهنادي:

(1)

في عام 1182 هـ سيَّر علي بيك الكبير الذي صارت له السيطرة على مصر وقتئذ، سيَّر تجريدة على الشيخ سويلم بن حبيب رئيس عربان نصف سعد وعلى عرب الجزيرة، فهرب سويلم بمن معه إلى البحيرة عند عرب الهنادي فانكف الطلب عنه من الوالي.

قلت: والمسافة الزمنية بين علي بيك الكبير ومحمد علي باشا لا تتعدى أربعين عامًا، وقد تمرد علي بيك الكثير على العثمانين وكان من المماليك الأقوياء وانفرد بحكم مصر حقبة من الزمن حتى قضى عليه العثمانيون بخيانة محمد أبو الذهب قائده في مصر والشام وقتئذ.

(2)

في عام 1200 هـ ذهب مشايخ الهنادي إلى الإسكندرية مع بعض مشايخ آخرين من العرب في البحيرة، وذلك استجابة لدعوة أمير الحج ووالي جدة في الأراضي الحجازبة والمُسمَّى أحمد باشا الجداوي فألبسهم خلعًا وأعطاهم دراهم.

(3)

في عام 1203 هـ استدعى إسماعيل بيك الكبير الذي طمح اإلى السلطة الشاملة في مصر عرب البحيرة والهنادي، فحضروا بجمعهم وأخلاطهم وانتشروا في الجهة الغربية من رشيد إلى الجيزة ينهبون البلاد ويأكلون الزرع ويضربون المراكب في البحر ويقتلون الناس، وكذلك فعل العرب في البر الشرقي فتعطَّل السير في البلاد برًّا وبحرًا.

(4)

بعد خروج الفرنسيين من مصر عام 1217 هـ صدر فرمان سلطاني إلى مشايخ العرب الهنادي فيه إقرارهم في منازلهم في البحيرة وفدافدها، جريًا على ما كان عليه أمر آبائهم، استجابة لعرائض قدَّموها على شرط أن لا يعتدوا على

(**) يقول الرواة أن هناك فرقة من الهنادي في دولة السودان وكانت قد صحبت الجيش المصري في فتح السودان وضمه إلى الإمبراطورية، وقد سُمي السودان المصري في عهد الخديوي أو مملكة مصر والسودان في عهد الملكية إبان النصف الأول من القرن العشرين الميلادي.

ص: 216

أحد ولا يقطعوا الطريق، وقد أحضر كاشف البحيرة المشايخ وتلا عليهم الفرمان وأخذ منهم التعهد اللازم.

(5)

وفي عام 1217 هـ أيضًا ضاق ذرع الناس من تطويل الأمور في تحقيق ظلاماتهم من قبل الوالي والموظفين العثمانيين حتى كرهوهم وتمنوا لهم الغوائل، وعصي أهل النواحي وعربد العربان وقطعوا الطرق، وانتمى العربان القبليين إلى الأمراء المصريين

(1)

وساعدوهم على العثمانيين، ولما انحدر الأمراء إلى الوجه البحري انضم إليهم جميع قبائل الغربية والهنادي عرب البحيرة ومن معهم هناك.

(6)

في عام 1223 هـ طلب عربان الهنادي الإذن بالرجوع إلى منازلهم بالبحيرة وطرد أولاد علي الذين كانوا تغلبوا عليها حينئذ، وقد تمت المصالحة بواسطة شاهين بيك الألفي الذي سار معهم إلى ناحية دمنهور، وقد ارتحل أولاد علي إلى حوش عيسى فتبعهم شاهين بيك وحاربهم وأسر جماعة منهم واستولى على مقادير كبيرة من أموالهم فتشردوا في أنحاء الفيوم، ثم راسلوا الباشا ودفعوا له مائة ألف ريال لأجل رجوعهم إلى البحيرة وإخراج الهنادي منها فأجابهم إلى ذلك، ولكن الهنادي رفضوا وقاوموا الحكومة وقتئذ فاضطر أولاد علي إلى الارتحال من الإقليم.

(7)

في عام 1225 هـ حضر مشايخ عربان أولاد علي إلى الباشا فأكساهم وخلع عليهم وألبسهم شالات كشمير وأنعم عليهم بمئة وخمسين كيسا، وحضر مشايخ الهنادي إلى الأمراء المصريين وقد أعلنوا انضمامهم إليهم مع عربهم.

وما قاله نعوم شقير

(2)

عام 1841 م عن الهنادي:

أنه لما رجع إبراهيم باشا

(3)

من سوريا نقض عليه عرب السواركة والترابين

(1)

وهم المماليك.

(2)

عن تاريخ سيناء الصادر عام 1916 م.

(3)

إبراهيم باشا: هو ابن محمد علي مؤسس الدولة العلوية منذ عام 1805 م حتى عام 1952 م، وكان إبراهيم قائدًا حربيًا ملهمًا انتصر في معارك عديدة ضد العثمانيين، واستولى على بلاد الشام وضمها للدولة المصرية لولا تدخل الدول الأوربية التي عقدت معاهدة مع تركيا وضغطت بالتالي على حكومة محمد علي في حتمية الانسحاب من سوريا وباقي بلاد الشام عام 1842 م. ولإبراهيم باشا نصب تذكاري في ميدان العتبة في قلب العاصمة المصرية.

ص: 217

فنهبوا محطات البريد في الشيخ زويِّد وبير المزار (بشمالي سيناء)، فجرَّد عليهم عرب الهنادي من الشرقية في مصر لتأديبهم، فساروا في طريق العريش وكانوا كلما صادفوا عربيا في طريقهم جردوه من ماله، فنفرت العربان إلى الجبال، فجمع الهنادي ماشيتهم وساقوها أمامهم إلى خان يونس في فلسطين فاجتمع منه هناك شيء كثير، حتى قيل أن رأس الماعز بيع بقرشين وقتئذ.

الهنادي في الوثائق العثمانية إبان حكم محمد علي باشا:

- مُنح الشيخ عامر الطحاوي شيخ عربان الهنادي مائة فدان في وادي الطميلات

(1)

.

- أرسل مأمور القليوبية إلى الديوان الخديوي يحمل شكوى عربان الهنادي ورغبتهم في أن يزرعوا أطيان الأبعادية في سنهوة ويدفعون عن كل فدان ريالين وأذن لهم أن يزرعوها لمدة ثلاث سنوات وفي السنة الرابعة تحصل الضريبة على تلك الأطيان، وقد أبدى العربان رغبتهم في الرحيل إلى مكان آخر إذا فرضت عليهم ضريبة زائدة على ما يدفعون، فرأى مجلس المشورة أنه لا ينبغي أن تبقى هذه الأرض بورا بل ينبغي أن تُعطى لهم بأربعة ريالات دون أن يكلفوا ضريبة أخرى ويؤخذ منهم سند يقر برضاهم بذلك ويشرعون في زرعها

(2)

.

- صدر قرار مجلس ديوان خديوي إلى مأمور الشرقية بالموافقة على تأجير الأطيان التي طلبها الشيخ خميس من عربان الهنادي بالشرط الذي تقرر وهو استئجارها لمدة ثلاث سنوات بواقع سبعة ريالات في السنة، وأن يستاجرها بعد هذه المدة بالإيجار الذي تستحقه

(3)

.

(1)

معية سنية عربي، مجموعة 4، سجل 1 - أمر 248، 1250 هـ.

(2)

الوقائع المصرية عدد 184، 10 ربيع أول سنة 1246 هـ - 29 أغسطس 1830 م.

(3)

ديوان خديوي تركي، دفتر 764، وثيقة 115، من ديوان خديوي إلى حسن أفندي مأمور الشرقية، غرة محرم 1246 هـ - 22 يونية 1830 م.

ص: 218

- صدر قرار مجلس الملكية بشأن تأجير بعض الأطيان بثمانية ريالات عن كل فدان منها لكل من الشيخ أحمد الطحاوي والشيخ خميس الطحاوي من عربان الهنادي إذا تعهدا بزراعة الأرض وعدم تعديهما على الأراضي المجاورة

(1)

.

- تولى عامر الطحاوي شيخ قبيلة الهنادي الأشراف على وادي الطميلات وبلغت قيمة المساحة التي في عهدته حوالي خمسة آلاف فدان

(2)

.

كما مُنح أيضًا أطيان في قسم ميت العز

(3)

وأطيان أخرى في مديرية الشرقية

(4)

.

- وصدر أمر آخر بإعطاء شيخ العرب عامر الطحاوي مائة فدان من أصل ثلاثمائة فدان بأبعادية ميت العز بدلا من المائة فدان التي كانت بعهدته بناحية الوادي وأراد استبدالها وأن يدفع عوائد المائة فدان التي بالوادي عن سنة 1261 هـ.

- وقد نجحت سياسة منح الأراضي حيث توجد الأراضي الصالحة للزراعة، فاستقر جزء كبير من قبيلة الهنادي بمديرية المنوفية ومارست الزراعة حتى انفصلت تمامًا عن القبيلة الأم

(5)

.

(1)

ديوان خديوي تركي دفتر 779، وثيقة 158، من مأمور ديوان الخديوي إلى حسن أفندي مأمور ثلث الشرقية، 24 محرم 1246 هـ 15 يوليو 1830 م.

(2)

معية عربي، مجموعة 1، وثيقة 64، 1250 هـ.

(3)

معية سنيه: فهارس أوامر كريمة، دفتر 411، وثيقة 818.

وميت العز من القرى القديمة بمركز ميت غمر بمديرية الدقهلية.

(4)

معية عربي، دفتر 26، وثيقة 3، من سعادة عسكر باشا إلى مدير الشرقية عارف بيك، 26 شعبان 1264 هـ - 20 يوليو 1848 م.

(5)

معية سنية عربي، مجموعة 4، دفتر 3، 1276 هـ / 1860 م

ص: 219

‌لمحة عن تاريخ الهنادي:

كانت مساكن قبيلة الهنادي في بداية نزولهم من برقة في محافظة البحيرة وكان هذا في عهد الأتراك العثمانيين، وكانوا في حروب مستمرة مع قبيلة الجميعات وقبيلة أولاد علي الآتي التفصيل عنهما، وانتهت هذه الحروب في عهد محمد علي

(1)

باشا بانتصار أولاد علي والجميعات على الهنادي الذين نزحوا إلى الشرقية وبدأوا يستقرون فيها، وكان رعيم الهنادي وقتئذ يُسمى آدم سلطان من فرع المناصرة ولكن كُتَّاب الحملة الفرنسية ذكروا أن نرعيمهم قبل قرنين كان موسى أبو علي، وقد استمرت بعض المصادمات بين أولاد علي والهنادي في الشرقية قرب وادي الطميلات كما يذكر الرواة، وفي هذا الوقت كان الشافعي شيخ العليوات يعمل مع نحو مائتي عربة لمساعدة محمد علي باشا في حملته للشام، وقد نجح في أعماله هناك وبعد عودته لمصر كان آدم سلطان قد توفي فعيَّن محمد علي باشا الشافعي شيخًا على نصف القبيلة، مما أدى إلى نفور فرع المناصرة وبذلك انقسمت القبيلة إلى جهتين، قسم الشافعي بمساعدة ولده والقسم الآخر وهو المناصرة على رأسه عائلة سلطان (السلاطنة)، ولكن الطحاوي من فرع الشافعي لم يأبه لهذا التقسيم وصمم على جمع السلطة لنفسه مما أدى إلى تعصب كبار القبيلة ضده وأدى ذلك إلى اغتياله في نهاية الأمر كما يقول الرواة، وكان

(1)

ذكر في تواريخ مصر أن طوسون باشا ابن محمد علي والي مصر في بداية القرن التاسع عشر للميلاد كان متحالفًا مع عرب الهنادي. في البحيرة وقد اصطنعهم لنفسه والاستعانة بهم في حروب الشام والسودان ونجد وغيرها ثم أقطعهم أرضًا شاسعة في البحيرة، فلما تكبروا ومالوا إلى العصيان لأوامر الحكومة في دولة محمد علي وهذا لحب الأعراب البادية للعيش بحربة، أحضر طوسون باشا جماعة من بدو أولاد علي من السعادي في برقة وقد فتح لهم صدره، وأحسن عليهم بالعطايا وأغدق عليهم الأموال والسلاح حتى قريت شوكتهم في البحيرة، ثم فاجأ الهنادي العصاة على حين غرة فأوقع بهم في عدة وقعات وطاردهم حتى الشرقية بمساعدة أولاد علي، وأدى ذلك إلى تكاثر أولاد علي في البحيرة وامتدوا في الساحل الشمالي وخاصة بعد حروبهم مع العبيدات من الحرابي وطرد العبيدات لهم من برقة بعد تعاون الأتراك مع العبيدي كما سيأتي ذكره.

ص: 220

ذلك في مكان يسمى عش الشيرازي وبه كان اجتماع لكبار قبيلة الهنادي، ورغم تحذيره من الخطر إلا أنه صمم على حضور الاجتماع، وبعد اغتياله قام أخوه الأمير بالاستعانة بمحمد علي باشا فأمده ببعض قواته العسكرية، وبمساعدة هذه القوات ورجال قبيلته المؤيدين له حارب فرع المناصرة وطاردهم إلى جهة الشرق من صحراء سيناء وقتل العديد من فرسانهم وهرب الآخرون إلى جهة الشام، ثم بعد حقبة رمنية تصالح المناصرة والشافعية مما أدى إلى عودة المناصرة أو بعضهم إلى مصر، ولكنهم تجنبوا محافظة الشرقية ونزلوا في بني سويف.

وفي عام 1849 م توفي محمد علي باشا وفقد أمير الشافعي مكانته عند الوالي الذي تولى من أبنائه، وقد قام أحد المخبرين المدعو النباشي من إبلاغ الخديوي عباس أن أمير الشافعي شيخ الهنادي ورجاله قرروا الاستيلاء على البلاد وحكمها، فقرر الخديوي عباس القبض على عائلة الشافعي واعتقل اثنين من كبارهم وهم فيصل وغارب، أما الباقون ففروا إلى الشام

(1)

ثم عفا الخديوي عنهم وصرح لهم بالعودة إلى مصر فعادوا، ومن أشهر فروع الهنادي هم الطحاوية والسلاطنة والشافعي، وكان من عائلة سلطان محمد بيك أبو سلطان رحمه الله وكان ذا نفوذ في محافظة الشرقية، ومنهم محمد علي بشير الذي كان ضمن الصف الثاني من الضباط الأحرار في ثورة 1952 م في مصر وقد تولى منصب محافظ الغربية، ومنهم محمد سلطان عضو المجلس الشعبي لمحافظة الشرقية ويقطن في أبو حماد وله نشاط سياسي على مستوى المحافطة.

‌لمحه عن حروب الهنادي مع أولاد علي

كانت الهنادي آخر قبائل أولاد سلَّام (السلالمة) نزولا إلى مصر من برقة بعد البهجة وبني عونة، وقد سيطرت الهنادي على صحراء مصر الغربية ومنطقة

(1)

أثناء وجود هؤلاء في الشام (فلسطين) اشتركوا في حرب عودة وعامر وهما أخوان من قبيلة التياها، واشتركت في هذه الحرب قبائل عديدة في فلسطين وسيناء وكانت عام 1854 م، ويقال أن الخديوي عباس قد أخذ أولادهم رهائن فهاجروا إلى فلسطين، وكان بينهم فارس شجاع اسمه مطرود، كما يذكر أن الذي عفا عنهم هو الخديوي سعيد.

ص: 221

البحيرة، وكانت تعامل قبيلتي الجوابيص والجميعات معالمة سيئة، حيث إن الأخيرة كانت تشارك الهنادي في السكن بالبحيرة، وعندما وصل أولاد علي إلى الصحراء الغربية والبحيرة استقبلهم الجميعات استقبالًا كبيرًا لما أن الجميعات لهم علاقة صهر قديمة معهم، وقد اتفق أولاد علي والجميعات على محاربة الهنادي، ولما شعر كبار الهنادي بتقارب القبيلتين وبما يُدبَّر لهم في الخفاء أرسلوا في طلب كبير الجمعيات وقتئذ وكان يُدعى البقوشي وكاشفوه في هذا الأمر، ولكن البقوشي أقسم لهم بأن الجميعات مخلصين للهنادي ولا يُضمرون أي غدر أو عداء وأن مالهم ورجالهم ملك للهنادي، ولكن هذا القسُم كان خدعة من البقوشي الذي كان يستعد للحرب والقتال بمساعدة أولاد علي وبتأييد من طوسون باشا، وفعلًا دارت حروب دامية وطاحنة انتصر فيها الحليفان على الهنادي بعد مفاجأتهم بالهجوم بدون سابق إنذار، فلجأ الهنادي إلى الشرقية ونزحوا من البحيرة والصحراء الغربية لمصر ككل وتوطن أولاد علي مكانهم بجوار الجميعات.

‌الهنادي في الشام

الهنادي في سوريا والأردن الآن هم بقايا للسرية التي قامت بمساعدة جيش محمد علي، القادم من مصر لفتح بلاد الشام وضمها إلى الدولة المصرية وسلخها عن الدولة العثمانية في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وكان فرسان الهنادي الشجعان مع إبراهيم باشا ابن محمد علي والي مصر، وقد تكونت عائلة كبيرة من هؤلاء الذين فضلوا التوطُّن في سوريا والأردن، وكان قائد السرية كما أسلفنا يُسمى سليمان الشافعي ومن الهنادي فرقة في الأردن على رأسهم سعادة سالم باشا الهنداوي الذي يعد في طليعة عيون رعماء العرب في المملكة الأردنية الهاشمية، وقال وصفي زكريا في كتابه عشائر الشام: إن من الهنادي فرقة كبيرة تقطن سوريا ومساكنهم في نواحي حلب وإن هؤلاء كانوا من ضمن الفرسان البدو الذين تطوعوا مع إبراهيم باشا المصري في عام 1832 م - 1248 هـ والذي ضم الشام للدولة المصرية، وأضاف أن الهنادي يتواجدون في قرى كثيرة لقضاء العرب وقضاء المعرة وعدد بيوتهم 400 بيت.

ص: 222

مساكن قبيلة الهنادي

(1)

في الوقت الحاضر ورجالاته المشهورون:

تقطن أغلب عشائر وفخوذ وعائلات الهنادي في محافظات الشرقية والإسماعيلية وبعضهم في الغربية والمنوفية والبحيرة والفيوم والجيزة وأسيوط والمنيا والصحراء الغربية والصعيد، وأشهر عشائر الهنادي هي عشيرة الطحاوية ويقيمون في جزيرة سعود

(2)

المسماة باسم جدهم سعود الطحاوى وغيرها من بعض القرى التابعة لمركز الحسنية بمحافظة الشرقية، أشهرها جزيرة برد وجزيرة عليوة الطحاوي وعزبة سعد الطحاوي والمناجاة الكبرى والمناجاة الصغرى وعزبة المناجاة ومنشية بشارة الطحاوي ومنشية راغب الطجاوي ونجع عبد السلام الطحاوي وصان الحجر القبلية والبحرية أو الملكيين البحرية والقبلية، علاوة على مناطق عديدة في مراكز بلبيس وأبو حماد وكفر صقر وأولاد صقر، ويجاور الطحاوية عائلات من قبيلة الأخارسة والنفيعات في المراكز الثلاثة الأخيرة من محافظة الشرقية، وذكر لي الرواة أن الطحاوية يملكون حوالي 27 ألف فدان في مركز الحسنية وحده، ويملكون

(1)

ذكر الفرنسي أميديه جوبير في وصف مصر المترجم: أن من الهنادي فرقة في جرجا، ومن الطحاوية في شمالي منفلوط (أسيوط).

قلت: هناك نجع (قرية كبير) للهنادي في إسنا بقنا وعزبة للهنادي في بلبيس.

(2)

جزيرة سعود تنقسم الآن إلى القبلية والبحرية، وكانت محاطة بالمياه قديمًا وقد ردمها أجداد الطحاوية من المناطق الرملية المحيطة بها وزرعوها ثم ملكوها ويقطن بها غيرهم من بعض الفلاحين وعائلات أخرى من القبائل الأخرى مثل المعَّارة والماعيد والعيايدة، وجزيرة سعود ضانها في الاصلاح شأن جزيرة برد وجزيرة عليوة.

ومن قرى أو عزب الطحاوية التالية:

كفر هنداوي الطحاوي بسنورس الفيوم، وعزبة نمر الطحاوي في فاقوس بالشرقية، وعزبة معاون الطحاوي في فاقوس، وعزبة السعدي بيك الطحاوي في كفر صقر وفي فاقوس بالشرقية، وعزبة خداش الطحاوي بفاقوس، وعزبة صميدة الطحاوي بفاقوس، وعزبة الطحاوي بالزقازيق شرقية، وعزبة عبد المجيد الطحاوي بالزقازيق، وعزبة شعيب الطحاوي بإطسا فيوم، وعزبة مازن الطحاوي بالزقازيق، وعزبة منشية بشارة الطحاوي بالحسنية شرقية، وعزبة منشية راغب الطحاوي بالحسنية شرقية، وعزبة منشية راجح الطحاوي بالحسنية، وعزبة الطحاوي بكفر صقر وفاقوس، وعزبة راغب الطحاوي بفاقوس، وعزبة عبد السلام الطحاوي بالحسنية، وعزبة سلامة الطحاوي بالحسنية أيضًا، وعزبة نصر الطحاوي في أبي حماد شرقية، وعزبة مجلِّي الطحاوي بأبي حماد، وعزبة سعيد بندر الطحاوي في أبي حماد، وعزبة سعيد الطحاوي في أبي حماد أيضًا.

ص: 223

ما يزيد عن ثلاثين ألف فدان في المراكز الأخرى، وتعدُّ عشيرة الطحاوية من عشائر الهنادي الباررة في الزراعة لأنها تملك هذه المساحات الكبيرة من الأراضي الخصبة في الديار المصرية

(1)

.

والهنادي على رأسهم عشيرة الطحاوية كانوا بدوًا يسكنون الخيام أو بيوت الشعر منذ قرن ونصف قرن فقط، ولكنهم بعد ذلك تركوا البداوة وسكنوا القرى ومالوا للزراعة والتحضُّر في المدن، واشتهروا بتربية الخيول العربية من الصافنات الجياد ويتاجرون فيها من مدة كبيرة، ويأتيهم الأمراء والأعيان والفرسان من كل مكان لشراء الخيول

(2)

الأصيلة، ولربما جلبوا سلالات أوروبية الآن، وقد ملك العديد منهم اصطبلات لتربية هذه الخيول، واشتهر الطحاوية من الهنادي بحب الصيد بالخيول والصقور

(3)

فكانوا في غاية النزاهة والإقبال على الحياة ببساطة وراحة بال، ومن الطحاوية رجالات كثيرون نالوا قسطًا من العلم وتقلَّدوا مراكز ومناصب قيادية في الدولة المصرية منذ عهد الملكية وحتى الآن.

‌رجالات الطحاوية البارزون:

أذكر عمدة الطحاوية في جزيرة سعود قبلي بمركز الحسنية محافظة الشرقية وهو يونس زيدان، وعمدة جزيرة سعود بحري وهو النادي الطحاوي، وعمدة منشية راغب عبد الكريم عبد الحفيظ حافظ راغب الطحاوي، أما عمدة عموم عشيرة الطحاوية في محافظة الشرقية فهو الشيخ سعد عبد الله سعود الطحاوي،

(1)

ذكر في أن حوالي 50% من أراضي مركز أبو حماد يملكها أفراد من عشيرة الطحاوية، و 55 % من أراضي مركز كفر صقر يملكها الطحاوية، و 25 % من أراضي مركز بلبيس يملكها أيضًا الطحاوية علاوة على مئات الأفدنة المبعثرة والمتفرقة في نواحي التل والقصاصين وغيرها.

(2)

من أنوا الخيول عند الطحاوية: الدُّهم، والتمريات، والخرسة، والمعنقية، والخلاوية، والودنة، والنواقية، وقد اتخذت محافظة الشرقية الحصان رمزًا لها على علم المحافظة.

(3)

ومن أشهر هواة تجارة الصقور لبلاد الخليج أذكر الأخ الكريم مطلق سعيد عبد العاطي الطحاوي، وعبد الستار سليمان الطحاوي، وعارف معاون الطحاوي.

ص: 224

ومن رؤساء عائلات الطحاوية أذكر: الشيخ مطلق سعيد عبد العاطي الطحاوي وعمدة فخذة صميدة الطحاوي، وعارف معاون الطحاوي، وراتب خليل منصور الطحاوي، والشيخ عطية عليوة معاون الطحاوي، وإبراهيم عبد الله سعود الطحاوي وكان وكيلًا لوزارة المالية المصرية، وعبد الحميد عبد الستار الطحاوي، والأستاذ محمد شكري بشارة الطحاوي، وعامر محمد فرحان الطحاوي، وحسين سلامة الطحاوي، والشيخ إبراهيم دياب سلامة الطحاوي، والأستاذ منصور كريم شافعي الطحاوي، والعمدة عبد الحميد أبو راجح الطحاوي في السعادات مركز بلبيس، وغيرهم أذكر بعض الرجالات المعروفين الآتي ذكرهم:

اللواء عبد السميع كريم الطحاوي مدير أمن في ورارة الداخلية سابقًا، واللواء عبد الحميد راجح الطحاوي مدير قلم المرور بالمنطقة المركزية في السويس، واللواء عبد الخالق عبد السميع الطحاوي مساعد وزير الداخلية ومدير شرطة السياحة، والعقيد عبد الرازق عدلان الطحاوي مأمور قسم في محافظة بني سويف، والعميد يونس مجَلِّي الطحاوي في تفتيش مديرية أمن الإسماعيلية، والمقدم عياد أحمد فرج الطحاوي المفتش بمديرية أمن الشرقية، والرائد طارق عبد الحميد في مصلحة السجون بالشرقية، والرائد عبد الناصر محمد الطحاوي بالإسماعيلية، وفي القوات المسلحة المصرية من الطحاوية رجالات عدة تقلَّدوا مراكز قيادية أذكر على سبيل المثال لا الحصر اللواء دكتور عبد الله عبد اللطيف الطحاوي رئيس قسم المسالك البولية بمستشفى المعادي العسكرية، والرائد محمد حمد سلامة الطحاوي وغيرهم لم يحضرني أسماؤهم.

ومن أعضاء مجلس الشعب المصري الذي لا تخلو دورة منه إلا بوجود رجال فيه من عشيرة الطحاوية أو من الهنادي عمومًا، وأذكر من الأعضاء الحاليين الدكتو عبد الستار الطحاوي، وبشارة الطحاوي.

وفي مجلس الشورى بركات درمان الطحاوي، ومن الأعضاء السابقين

ص: 225

المشهورين في مجلس النواب أذكر سعيد بشارة الطحاوي، ومحمد بيك السعدي الطحاوي وكان لكليهما شهرة واسعة في محافظة الشرقية.

ومن الطحاوية رجال بلغوا درجات كثيرة في التعليم وتقلَّدوا وظائف هامة ولا يمكن حصرهم سواء كانوا أطباء أو مستشارين أو محامين أو مهندسين أو معلمين، وأذكر بغض كبار الأطباء مثل أحمد عبد اللطيف الطحاوي أستاذ بكلية طب الزقازيق، وأحمد حاكم سليمان أستاذ بكليةِ قسم الأورام بطب الزقازيق، والدكتور عبد الرحمن عبد اللطيف الطحاوي رئيس قسم النساء في كلية طب الزقازيق بمحافظة الشرقية.

‌ومن أشهر فروع الهنادي الآخر نذكر:

- السلاطنة

(1)

: ومساكنهم في مركز فايد محافظة الإسماعيلية قرى أبو سلطان والضباعية وعين غصين، وفي مركز الإسماعيلية ك عزبة الجبالي سلطان، وفي مركز أبو صوير بعزبة أبو سلطان وعزبة هيبة.

وفي محافظة الشرقية في مركز أبو حماد في عزبة أبو سلطان - الأسدية.

وفي محافظة الإسكندرية في العامرية في عزبة أبو سلطان.

وفي المنوفية عائلة أبو ريشة من أبي سلطان مركز ميت أبو الكوم.

وفي المنيا من أبي سلطان في ناحية مغاغة.

وفي أسيوط من أبي سلطان في ناحية منفلوط.

وفي الفيوم وبني سويف مركز أشمنت جماعة من السلاطنة.

وفي رفح فلسطين وسوريا جماعات من أبي سلطان الهنادي.

(1)

توجد عزبة السلاطنة في فاقوس بالشرقية.

وذكر أحمد لطفي السيد في كتابه قبائل العرب المطبوع عام 1935 م أن عمدة الهنادي كان غالب بن سليمان، وعبد النبي سلطان.

ص: 226

وكبير السلاطنة سابقا هو حمد باشا سلطان رحمه الله، ومن كبار السلاطنة راشد عبد العزيز حمد سلطان، وعبد الرحمن عبد العزيز حمد سلطان، وأحمد ماهر محمد محمود سلطان وكيل وزارة الزراعة سابقا، وعبد العزيز محمد عبد العزيز حمد سلطان ضابط على المعاش، والمهندس أحمد قاسم عبد العزيز حمد سلطان، وعامر محمود محجوب سلطان، والسيد محمود محجوب سلطان، وشكري عبد العزيز حمد سلطان مدير عام في شركة التعمير سابقًا، وصابر محمود محجوب سلطان المحامي، ومصطفى راغب الجبالي سلطان بهيئة قناة السويس.

ومن السلاطنة محمد محمود سلطان قائم بمصالح الملك إدريس السنوسي ملك ليبيا الأسبق، ومنهم علي محمود سلطان عمدة قبيلة الهنادي في عهد الملكية في مصر.

والسلاطنة في الإسماعيلية يجاورون المطاردة أبناء عمومتهم من الهنادي وتوجد علاقة مصاهرة.

والسلاطنة يملكون أراض زراعية ويمارسون الزراعة وتربية الحيوانات والدواجن وهم من العرب المستقرين.

- المطاردة: وهم من فروع الهنادي المشهورة ويلتقون مع أولاد الشافعي في عليوة ومع السلاطنة في جابر.

ويتركز المطاردة في قرية الوصفية بمركز أبو صوير البلد محافظة الإسماعيلية ويمتلكون أراضٍ زراعية في مركز أبو صوير ولهم عزبة كبيرة باسمهم في الوصفية ولهم مدارس تعليمية في الوصفية وأبي صوير البلد باسم شيوخهم مثل مدرسة الشيخ محمود محمد إبراهيم مطرود رحمه الله ومدرسة المهندس مجاهد محمود محمد مطرود، ومعهد دقينش أبو مطرود الديني.

ص: 227

ويهتم بعض المطاردة بتربية الخيول الأصيلة من الصافنات الجياد.

ومن عُمد المطاردة السابقين للوصفية بمركز أبو صوير البلد محافظة الإسماعيلية:

محمد إبراهيم أبو مطرود، ومحمود محمد إبراهيم أبو مطرود، ودقينش إبراهيم أبو مطرود، وسعيد دقينش إبراهيم أبو مطرود.

ومن رجالات المطاردة الحاليين أذكر كبير المطاردة بالوصفية مركز أبو صوير الشيخ الفاضل دخيل أحمد محمد إبراهيم مطرود، والمهندس مجاهد محمود محمد إبراهيم مطرود، والشيخ سعد أحمد محمد إبراهيم مطرود، والأستاذ حسن حمد أحمد محمد إبراهيم مطرود، والأستاذ عيد عبد السلام مطرود، والمهندس عبد الكريم قرضة عبد المعطي عويدات مطرود، ومحمود عبد السلام دقينش مطرود، والدكتور شامل السيد البدري محمد مطرود، والمهندس شريف السيد البدري محمود مطرود في إيطاليا، والمهندس سمير قاسم مطرود والأستاذ طلعت مجاهد مطرود، ومن المطاردة عدة محامين أشهرهم سمير علي دقينش، وسامح دخيل، وهاني سعد أحمد مطرود.

- العلوانة: جزء من العلوانة في جزيرة عليوة بمركز الحسنية بالشرقية، ومنهم جزء في محافظة الإسماعيلية.

- القطيفات: منهم في نواحي أبو حمص والدلنجات بمحافظة البحيرة، وكما منهم جزء في محافظة الفيوم.

- الطريفات: فهم يتركزون في الفيوم وبني سويف.

وذكر الرواة أن عائلة الطلخاوي في الإسكندرية والغربية من الهنادي وجاوروا أولاد علي من مدة كبيرة، وكذلك عائلة الشيمي في حوش عيسى بالبحيرة، وعائلة مكاوي في الدلنجات بحيرة هما أيضًا من الهنادي.

ومن فروع الهنادي السالفة الذكر رجالات تقلدوا مناصب في الدولة ومنهم أعيان ولكن ليس بدرجة الطحاوية، ولم تحضرني أسماؤهم.

ص: 228

وإتمامًا للفائدة نذكر بعض ما ذكره أحد الهنادي في كتاب أسماه الهادي في معرفة بني سُلَيْم والهنادي

(1)

:

قال عن هجرة الهنادي من برقة بليبيا وانتشارها في الديار المصرية:

بسبب الحروب التي نشبت بين بطون بني سُلَيْم في ليبيا انتقلت قبيلة الهنادي إلى الديار المصرية عام 1000 هـ (أي من أربعة قرون ونيف) وقطنت مديرية البحيرة ثم انتقلت إلى صعيد مصر وبقيت به حتى أقطنها محمد علي باشا في مديرية الشرقية فظلت بها حتى يوم الناس هذا.

وتنتشر قبيلة الهنادي على امتداد مصر المحروسة، ففي محافظة الشرقية أغلبهم في مركز الحسنية وأبو كبير وكفر صقر وأبو حماد وبلبيس وفاقوس ومنيا القمح.

وينتشرون في مناطق متفرقة في محافظات المنوفية والغربية وخصوصًا في كفر الزيات والسنطة، ومنهم في محافظة القليوبية في قرى كفر شكر مثل البقاشين وغيرها، وكذلك من الهنادي في محافظة البحيرة في مركز حوش عيسى وأبو حمص والدلنجات.

أما في صعيد مصر فإنهم يتواجدون في محافظة الفيوم والمنيا وبني سويف وأسيوط وخاصة مركز أبنوب، وفي الإسماعيلية يتواجدون في أبو سلطان وأبو صوير، وقد تفرعت بيوت كبيرة من الهنادي أشهرها العليوات والمناصرة اللذان تعاقبا على رئاسة ومشيخة القبيلة عبر القرون التي مضت.

وفي العليوات تفرعت بيوت أخرى أشهرها بيت أبي بكر ومطرود والعلواني والمنفي والسعداوي.

(1)

هو الأستاذ محمد بن علي بن يونس بن موسى بن علي بن بركات بن أبي بكر بن موسى بن سعد بن أبو نجلة بن عليوة بن جابر الصغير ابن عامر بن جابر الكبير ابن حماد بن سلامة بن هند بن سلَّام، من مواليد 1953 م - مدرس لغة إنجليزية بمدارس الحسنية بالرقية، ويعمل في السعودية حاليًا في مدارس منارات الرياض.

ص: 229

وقال عن دور الهنادي العظيم مع أسرة محمد علي باشا والي مصر من بداية القرن التاسع عشر الميلادي:

شارك الهنادي في جميع حروب محمد اعمي وابنه إبراهيم باشا في الشام والسودان وكان رأس القبيلة حينئذ هو الطحاوي بن الشافعي بن أبي بكر والذي كانت له الحظوة في بلاط محمد علي وابنه إبراهيم باشا لما كان يتمتع به من ثقافة عالية وفروسية وتأييد من جميع أفراد قبيلة الهنادي.

وقد شارك الطحاوي في كل حروب محمد علي باشا وبسبب شهرته وقتئذ عم اسمه على معظم عرب الهنادي في الشرقية رغم أن الطحاوي لم يُنجب إلا ولدًا واحدًا وهو الشرقاوي.

وقد قُتل الطحاوي على أيدي أبناء عمومته المناصرة وهو في طريقه إلى الاجتماع الذي عُقد لتصفية الخلافات التي دبت بين الهنادي بسبب مشيخة القبيلة وقد قُتل في مكان قريب من التل الكبير يُسمى عش الشيرازي.

ومن أشهر قادة سرايا الهنادي الذين خرجوا إلى الشام مع إبراهيم باشا (سليمان الشافعي) وهو أخو الطحاوي.

وقال عن بروز الهنادي في عدة مناسبات إبان عهد الملكية:

ففي عام 1357 هـ / 1938 م وجهت الدعوة إلى عدد من شيوخ الهنادي لحضور حفل زفاف فاروق الأول ملك مصر والسودان على الملكة فريدة وقد حضر الحفل المشايخ الشافعي أبو زيد ووالده أبو زيد أبو شوشة، ونوري معاون، وطلب راجح، وكريم راجح، وشومان راجح، وشكري محجوب، وعبد القوي محجوب، ومرشد نصر، ومنصور فرجاني، وعبد العزيز محمد، وعبد الحميد راجح، وسليمان مجلِّي، وعبد الكريم منازع.

وقد نُشرت صورة جماعية لوفد الهنادي في جريرة الأهرام.

ص: 230

وفي ربيع عام 1365 هـ / 1946 م قام الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله، بزيارة إلى مصر لأول مرة، فقام الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان بتوجيه الدعوة لمشايخ الهنادي وفرسانها ليكونوا في شرف استقبال ضيف مصر بالخاصة الملكية في بلبيس بمديرية الشرقية، واصطف فرسان الهنادي الذين ناهز عددهم الخمسمائة فارس لتحية الضيف حتى استقر الموكب أمام السرادق الذي أُعِدّ للملك عبد العزيز آل سعود حيث صافح المشايخ نوري معاون، وعليوة معاون، وعبد الحفيظ راغب، وعبد الكريم راغب، ومنصور رسلان، وعبد الجليل دهام، ومحمد جريب، ورشيد عبد القادر، وطلب مالك، وسعد عبد الله سعود، وعبد المجيد هزاع، ومحمد عبد المجيد، وعبد الحميد ترك، وشكري محجوب، وعبد السلام الشافعي، ومنصور فرجاني، ومحمد السعدي بشارة، وعبد الله عبد الكريم منازع.

وقال عن أفراح الهنادي:

من مظاهر أفراح قبيلة الهنادي كف العرب وإنشاد المواويل العربية والمجاريد، وتبدأ مظاهر الأفراح وليالي السمر قبل رفاف العروسين بحوالي شهر حيث يتوافد أبناء الهنادي على بيت العريس ويدقون له كف العرب، وينشدون المجاريد والمواويل البدوية التي تحمل في طياتها مفاخرهم بأصالتهم وعراقتهم، وقد برع في هذا المضمار المشايخ جندل محمد جندل وعبد القادر مشهور، وفي يوم الزفاف يتحرك الموكب لإحضار العروس قبل صلاة الظهر، وعند الظهر يتناول المدعوون الغذاء وينصرفون.

ومن أشعار الهنادي النبطية:

خلوا الأسية بينكو مخفية

حمَّال السوايا هو اللي مشكور

الناس العويلة باللمة ثبقى عيلة

ورؤوس القبايل بالخلاف تبور

خليكو سوية ما بينكو ضدية

والتراب باللمة شيدوه قصور

ودحي القصور ما يجيب حدادي

ودحي الحدادي ما يجيب صقور

ص: 231

وقال عن الخيول والطيور الحرة في حياة الهنادي:

تعد قبيلة الهنادي من أكبر القبائل العربية، بل هي الأعرق على الإطلاق في اقتناء وتربية الخيول العربية الأصيلة، وما زالت هناك إسطبلات عامرة في ربوع مصر تحوي الخيول العربية، وكانت قبيلة الهنادي موردًا للخيول العربية لدول العالم وعلى الأخص دول الخليج، وكان للهنادي السبق في جميع سباقات الخيول التي كانت تُقام في الديربي بإنجلترا وبيروت والسباقات المحلية، ولا تزال أسرة الطحاوية تنفرد بإمتلاكها أكثر الخيول أصالة، وتربى هذه الخيول في جزيرة سعود وجزيرة عليوة وجزيرة برد مركز الحسنية، وبني جري والقطاوية مركز أبو حماد، والجعفرية وقرية الطحاوية مركز بلبيس، وتلراك مركز كفر صقر، وهذه المراكز في محافظة الشرقية التي تتخذ الحصان رمزًا لها.

وينافس الطحاوية في هذا المجال فرع المطاردة وفرع السلاطنة في أبو صوير بمحافظة الإسماعيلية وهما من فروع الهنادي المشهورة.

كما تنفرد قبيلة الهنادي باعتنائها واقتنائها أفضل الطيور الحرة من الصقور والشواهين، وهي الهواية التي عشقها الملوك والأمراء على مر العصور، وتعتبر جزيرة سعود الطحاوي هي المركز الرئيس للصقور والشواهين والسقاوات النادرة، ويفد إلى جزيرة سعود يعض أمراء وأثرياء الخليج العربي من هواة القنص وذلك لانتقاء حاجاتهم من هذه الطيور من الطحاوية وغيرهم من بقية عرب الهنادي في هذه المنطقة المشهورة بهذا الشيء.

ومن أبناء الهنادي الذين لهم باع طويل في الصقور والشواهين والسقاوات النادرة الشيخ مطلق بوسعيد الطحاوي، والشيخ عزام ضيف الله.

ويكفي الهنادي فخرًا أن رئيس جمعية منتجي الخيول بمصر من أبنائها وهو الأستاذ إبراهيم عبد الله سعود وكيل وزارة المالية.

ص: 232

* وعن رجلات الهنادي الباررين الذين رحلوا ذكر التالي:

- السعدي بيك بشارة عضو الجمعية التشريعية عام 1923 م في العهد الملكي بمصر.

- محمد بيك السعدي بشارة عضو مجلس النواب عام 1947 م في العهد الملكي بمصر.

- محمد بيك سلطان عضو مجلس النواب في العهد الملكي في مصر.

- محمد علي بشير بركات عضو مجلس الأمة طوال الستينيات من القرن العشرين.

- دكتور عبد الستار الطحاوي مدير مستشفى الحسنية المركزي.

- السفير عبد المنعم السعدي سفير مصر في تونس وألمانيا والإكوادور.

- اللواء عبد السميع الطحاوي مدير أمن سابق.

- المهندس شكري خدَّاش وكيل وزارة الزراعة.

- محمد فهر الشرقاوي وكيل وزارة العدل لشئون المحاكم.

- شكري محجوب عمدة منشأة بشارة.

- عبد الفتاح محمد سعود الطحاوي عمدة جزيرة سعود.

- عبد الحفيظ راغب الطحاوي عمدة منشأة راغب الطحاوي.

- ثابت علي بشير بركات مدير بنك مصر في أبو كبير.

- محمود طه عبد السلام مدير بنك التنمية والائتمان في أبو كبير.

- دكتور عبد الرحمن عتمان أخصائي نساء.

- سعد عبد الله سعود آخر مشايخ الهنادي.

- عامر خليل عمدة المعابدة مركز أبنوب - أسيوط.

- مهندس بشرى يونس بشارة مدير الإدارة الزراعية بالحسنية.

- سليمان عبد الحميد عليوة من أعيان الهنادي.

ص: 233

- عبيد عسر من صقور الهنادي.

- نوري معاون من أعيان الهنادي.

- سليمان محمد إسماعيل بركات مدير مدرسة العوامرة الثانوية.

- نقيب محمد السيد السعداوي شهيد في حرب العبور عام 1973 م.

- تركي حماد رسلان ناظر بالتربية والتعليم.

- سعد السيد واصف بالضرائب العقارية.

- مهندس بركات البدري بركات كبير خبراء مصنع بنها الحربي.

- خالد يونس بركات شيخ فرقة بالهنادي.

- محمد بيك سعود شيخ عموم الهنادي.

- عبد السلام مختار بركات نائب عمدة الحسنية.

- عبد السلام الشافعي بشارة من الأعيان.

- مسلَّم فرج مبدي من الأعيان.

- منصور عبد العزيز الشرقاوي ناظر مدرسة.

- عطوة البدري السعداوي ناظر مدرسة.

- عبد الحميد أبو شوشة الطحاوي من الأعيان.

ويضاف إلى هؤلاء الرجالات الذين سبق ذكرهم في حفل رفاف الملك فاروق الأول، وأيضًا الذين سبق ذكرهم في حفل استقبال الملك عبد العزيز في بلبيس.

* وذكر من رجالات الهنادي المثقفين بالوقت الحاضر وأطلق عليهم القاعدة الذهبية للقبيلة وقال: إن هؤلاء النابغين في كل المواقع على سبيل المثال لا الحصر وهم:

- عبد العاطي عبد الله سعود الخبير الأول بوزارة العدل.

- إبراهيم عبد الله سعود وكيل وزارة المالية.

ص: 234

- عبد العاطي محمد حمد المستشار بقضايا الدولة.

- ضويحي غومة وكيل وزارة الكهرباء.

- بركات درمان عضو مجلس الشورى.

- رياض مختار يونس عضو مجلس الشعب.

* والأساتذة الجامعيون ذكر التالي:

- أستاذ دكتور مشهور جابر بركات.

- أستاذ دكتور أحمد حاكم.

- أستاذ دكتور أحمد عبد اللطيف عثمان.

- أستاذ دكتور محمود عبد الستار.

- أستاذ دكتور محمود السعداوي.

- أستاذ دكتور عطية السعداوي.

- أستاذ دكتور عبد الحكيم طايل غومة الطحاوي.

- أستاذ دكتور حاتم عبد الرحمن حاتم الطحاوي.

- أستاذ دكتور عبد الرحمن علي بشير بركات.

- أستاذ دكتور هاني محمد يونس بركات.

- أستاذ دكتور ميرال عبد الستار الطحاوي.

* ومن ضباط الشرطة ذكر التالي:

- اللواء عبد الخالق عبد السميع الطحاوي.

- العميد عبد الرازق عدلان الطحاوي.

- العميد عبد الحميد راجح.

- المقدم عبد الناصر محمد حمد.

- المقدم عياد أحمد فرج.

ص: 235

- المقدم عثمان السيد السعداوي.

- المقدم محمد عبد الونيس العلواني.

- الرائد مشهور عيسى.

- الرائد عبد الفتاح رسلان.

- الرائد طارق عبد الحميد عثمان.

- ملازم أول أيمن عبد العاطي.

- ملازم أول عبد الحميد قاسم.

* ومن الأطباء ذكر التالي:

- دكتور صبحي عبد السميع.

- دكتور أحمد عبد اللطيف عثمان.

- دكتور عبد العزيز فهر الشرقاوي.

- دكتور عبد الحميد عبد الستار الطحاوي.

- دكتور محمود محمد عثمان.

- دكتور السيد عبد الحميد صالح الطحاوي.

- دكتور حسن عبد الفتاح العلواني.

- دكتور سمير محمد حمد.

* ومن الصيادلة ذكر التالي:

- دكتور محمد جابر يونس.

- دكتور عبد العزيز محمد الشرقاوي.

- دكتور عبد الله عبد الستار.

ص: 236

* وذكر من ضباط الجيش المصري:

- لواء دكتور عبد الله حنضل.

- عميد يونس مجَلِّي.

- عقيد علي أحمد الشرقاوي.

- عقيد شهوان عبد المنعم بركات.

- عقيد سعيد سليمان بركات.

- عفيد فتحي إدريس.

- مقدم ماهر حاكم.

- نقيب ماهر منصور حمد.

- عقيد محمد حمد رسلان.

- ملازم أول جميل محمد خليل بركات.

- ملازم أول محمد علي إسماعيل بركات.

* وذكر رجالات آخرين من الهنادي وهم:

- الشيخ حسني شهاب الشرقاوي بالأزهر الشريف.

- الأستاذ ضياء رشاد الشافعي بالأزهر الشريف.

- الأستاذ عماد عبد المنعم بركات بالأزهر الشريف.

- الأستاذ خالد محمد واصف بالأرهر الشريف.

- الأستاذ طلب فرجاني موجه بالتربية والتعليم.

- الأستاذ عبد العزيز محمد حمد موجه بالتربية والتعليم.

- الأستاذ صلاح دخيل درمان غالب الطحاوي موجه بالتربية والتعليم.

- الأستاذ جابر طريف بركات بالتربية والتعليم.

- الأستاذ سليمان درمان بالتربية والتعليم.

ص: 237

- الأستاذ كمال بشرى بالتربية والتعليم.

- الأستاذ محمد عبد الحفيد بركات بالتربية والتعليم.

- الأستاذ حمدي واصف كريم بالتربية والتعليم.

- الأستاذ خالد محمد عثمان بالتربية والتعليم.

- الأستاذ عبد الإله عباس المصري بالتربية والتعليم.

- الأستاذ جابر سليمان بدران بالتربية والتعليم.

- الأستاذ سليمان فرج العلواني بالتربية والتعليم.

- الأستاذ سمير طه كريم بالتربية والتعليم.

- الأستاذ محمد علي يونس بركات بالتربية والتعليم.

- الأستاذ منصور عبد الفتاح محمد سعود بالتربية والتعليم.

- الأستاذ طلال عبد السلام رسلان بالتربية والتعليم.

- الأستاذ أحمد عبد المنعم بركات بالتربية والتعليم.

- مهندس حمدي شكري محجوب بالمقاولون العرب.

- مهندس زكي السعدي بشارة مصر للطيران.

- مهندس محمد عبد المنعم مختار بركات بوزارة الزراعة.

- مهندس محمد نجيب فايد بركات بوزارة الزراعة.

- مهندس صالح صلي يونس بركات بوزارة الزراعة.

- مهندس حمد دركان وزارة الزراعة.

- مهندس منصور بركات عبد القادر بركات بوزارة الزراعة.

- مهندس محمد خيري عبد السلام بركات بوزارة الزراعة.

- مهندس عبد المعطي زيدان بالإصلاح الزراعي.

- مهندس أحمد عبد الستار بالمقاولون العرب.

- مهندس علي عبد السميع خداش رجل أعمال.

ص: 238

- أحمد سلطان رجل أعمال.

- الأستاذ مجاور محمد العلواني بوزارة الزراعة.

- الأستاذ عيد علي العلواني بالشهر العقاري.

- الأستاذ عبد الستار عبد الونيس العلواني بالتربية والتعليم.

- الأستاذ حسين الأشقر من أعيان منيا القمح.

- الأستاذ غالب عبد العاطي الأشقر من الأعيان.

- الأستاذ كمال علي مسلم بوزارة التموين.

- الأستاذ محمود شكري محجوب بوزارة الخارجية.

- الأستاذ سامي جابر عبد السلام بشركة ويبكو.

- الأستاذ وفيق مازن بإذاعة صوت العرب.

- الأستاذ حمدي غالب مختار بجريدة الجمهورية.

- الأستاذ منصور كريم نقيب المحامين بالحسنية.

- الأستاذ محمد عبد المنعم بركات بوزارة الصحة.

- الأستاذ أحمد وحيد بشير بركات بوزارة الصحة.

- الأستاذ عبد اللطيف منصور فرجاني من الأعيان.

- الأستاذ محمد أحمد الشافعي المنفي وكيل وزارة الري.

- الأستاذ إسماعيل أحمد الشافعي المنفي بالتربية والتعليم.

- الأستاذ أحمد منصور الشرقاوي بالتربية والتعليم.

- الأستاذ سعد محمد طايل غومه بالتربية والتعليم.

- الأستاذ ناجح محمد علام غومه بالشهر العقاري.

- الأستاذ جمال سليمان محمد محجوب محامي.

- الأستاذ عبد الفتاح عبد المنعم حمد بالضرائب العقارية.

ص: 239

- محاسب عبد العاطي خدَّاش في بنك التنمية والائتمان.

- محاسب سمير سليمان بركات في قطاع البترول.

- محاسب عبد العزيز غانم في بنك الائتمان والتنمية.

- محاسب سعدي علي مسلَّم في بنك التنمية والائتمان.

- محاسب عبد السلام محمد في بنك القاهرة.

- محاسب عبد السلام رشاد الشافعي في بنك القاهرة.

- محاسب محمد بركات عبد القادر بقناة السؤيس.

- محاسب أحمد إبراهيم عبد الله سعود بالجهار المركزي للمحاسبات.

- محاسب حسين فاضل غومه بشركة دانيا.

- محاسب عصام علي عبد الله رجل أعمال.

- محاسب السيد مشهور خليل بوزارة الزراعة.

- محاسب محمود محمد خليل بوزارة الزراعة.

- محاسب رضا محمد سعد في بنك القاهرة.

- محاسب نصر حمد رسلان رجال أعمال.

- جيولوجي عبد الرحمن عبد المنعم مختار بركات بقطاع البترول.

- محمد موسى بركات رجل أعمال.

- عطية عليوة معاون رجل أعمال.

- طلال المصري رجل أعمال.

- محمد صالح الطحاوي رجل أعمال.

- عاطف بركات عليوة رجل أعمال.

- عبد المنعم الشافعي من الأعيان.

- نبيل بشرى يونس من الأعيان.

- سيد مختار بركات من الأعيان.

- سعد جميل مختار رجل أعمال.

- حمدي رشاد الشافعي بالأزهر الشريف.

ص: 240

‌السعادي "بني سُلَيْم" في مصر

تمهيد: السعادي هم أكثر قبائل العرب في مصر عددًا وقوة وينتشرون في أنحاء. القطر المصري؛ وباقيهم حتى الآن من أقوى قبائل ليبيا في إقليم برقة على الأخص وقد نزل الكثير من بطون السعادي منذ ما يزيد على ثلاثة قرون وبعضها أقل من ذلك، والسعادي كما أسلفنا في السرد عنهم في قبائل ليبيا وبإجماع الباحثين في ليبيا ومصر هم من نسل الذئب بن أبي الليل، وأمهم كانت تُسمى سعدى فنسبوا لها فتسموا سعادي، وأبو الليل رعيم بني سُلَيْم بن منصور العدنانية كان معاصرا حتى عام 740 هـ وبعدها بسنوات في بلاد تونس إبان القرن الثامن الهجري كما ذكره العلَّامة عبد الرحمن بن خلدون في تاريخ العبر ومبتدأ الخبر المؤرخ في أواخر القرن الثامن الهجري، وقد ذكر نسبه مضبوطًا فقال: إنه أبو الليل بن أحمد بن كَعْب بن علي بن يعقوب بن كعب بن أحمد بن حميد بن يحيى بن علَّاق بن عوف بن بُهْثَة بن سُلَيْم بن منصور من العدنانية، وقال: الكعوب عمومًا كانت فيهم رياسة علَّاق واستقام لهم الأمر وعلا شأنهم عند الدولة حينئذ، وقد سادوا على سائر بطون بني عوف واعتزوا علي بني سُلَيْم، وقد كان كعب يُعرف بينهم بالحاج لما أنه قضى فرضه، وكان له صحبة مع أبي سعيد العود الرطب شيخ الموحدين في مراكش وقد أفادته لعهد السلطان المستنصر في تونس جاهًا وثروة، وأقطع له السلطان أربعًا من القرى صارت لولده وهي في صافقس وبلاد الجريد جنوب تونس، كما قال عن نسل أحمد بن أبي الليل: علت رئاسة بني أحمد هؤلاء على قومهم وتألفوا ولد أخوتهم جميعا وعرفوا ما بين أحيائهم بالأعشاش

(1)

إلى هذا العهد أي عهد ابن خلدون في أواخر

** في المنيا وببا (بني سويف) توجد قرى كبيرة باسم بني أحمد وأرجِّح أنها من هيب من سُلَيْم في برقة ونزلت قديمًا لمصر، ومما يؤكد ذلك أن القلقشندي ذكرهم من بطون هيب القوية في القرن الثامن الهجري وليس لهم بقية في بلادهم الآن والظاهر أنهم نزلوا إلى الصعيد وتوطنوا بها من عدة قرون.

** في جرجا سوهاج بلدة باسم بني وشاح وأرجح أن أصلها من وشاح من سُلَيْم وهو بطن من ذباب بن مالك في لببيا، وقد نزل هؤلاء قديمًا من طرابلس إلى صعيد مصر فسميت القرية باسمهم.

(1)

الأعشاش: اسم ما زال في شرقي الجزائر قرب الواد سوف وهم بقية من أولاد أحمد الذين دخلوا إلى الجزائر في أواخر القرن الثامن الهجري بعد تغلب الدولة الحفصية على أولاد أبو الليل من الكعوب.

ص: 241

القرن الثامن للهجرة، وقال عن "أبو الليل": استبد أبو الليل بالرئاسة ثم وقع بينه وبين السلطان الحفصي بتونس وحشة فقدم على الكعوب مكانه محمد بن عبد الرحمن بن شيحة وراحمه أيامًا حتى رجع واستقام على طاعة السلطان فرجَّع له الرئاسة. والتفصيل عن تاريخ أولاد أبو الليل يطول في سرد العلَّامة ابن خلدون.

وهنا لنا وقفة، أنه يجب الإشارة لأبناء سعدى (السعادي) لم يظهر لهم ذكر في تاريخ العبر أو نهاية الأرب للقلقشندي أو حتى "قلائد الجمان" للقلقشندي الذي دوَّه عام: 82 هـ ليستدرك فيه القبائل أو البطون التي غفل عنها في "نهاية الأرب" أو "صبح الأعشى"، وهذا كله لا يدع مجالًا للشك أن قبيلة السعادي بدأت النماء في برقة من جدهم الذئب بن أبي الليل في بداية القرن التاسع الهجري بعد موت القلقشندي عام 821 هـ، والذئب كان من ضمن ذرية أولاد أبو الليل الذين بطشت بهم الدولة الحفصية في تونس في أواخر القرن الثامن الهجري، وقد تفرقت - كما هو معروف - ذرية أولا أبو الليل وغالب بنو علَّاق من تونس إلى جهات عدة في ليبيا شرقًا والجزائر غربًا بعد أن كان لهم مُلك وجاه عريض في بلاد تونس عدة مئات من السنين - ودوام الحال من المحال - وتشتت بطون علَّاق من عوف كلها بسبب بغي أولاد أبو الليل وعشيرتهم من الكعوب على الناس وتكبرهم على السلطان، فالبلية تعم كما يقال في المثل العربي، ورغم أن أبناء الذئب (السعادي) قد نشأوا في برقة في وسط أغلبية من بطون سُلَيْم الأقدم في تلك النواحي، علاوة على قبائل المرابطين وغيرهم من البربر، إلا أن ذرية الذئب خلال قرنين أو أقل قد صاروا عشيرة قوية كثيرة العدد وظهر فيها فرسان. وأبطال ذاع صيتهم وتحدث عنهم الركبان، وقد تغلبوا على المرابطين وخشيهم أبناء عمومتهم من لبيد وسائر هيب من سُلَيْم القاطنين في برقة بليبيا منذ هجرة عرب سُلَيْم بن منصور إلى تلك البلاد من الحجاز مرورًا بمصر، وكان السعادي أشد بأسًا وأكثر سطوة من أي نوع من البدو، والواضح أنهم قد ورثوا

ص: 242

النعرة القَبَلية والغطرسة وحب الرئاسة من أولاد أبي الليل أمراء بني سُلَيْم بتونس؛ حيث قال عنهم العلَّامة ابن خلدون: اشتهروا بالسطوة والعنجهية وكان لهم خُلُقًا في التكبر، وكانوا لعدة قرون أهل بأس وتسلُّط على رقاب العباد من أهل تونس ريفًا وصحراء، وقد تغلبوا على الضواحي وفرضوا الإتاوات على أهل القرى، ولم يرتح أهل البلاد إلا بعد تغلُّب السلطان الحفصي على زعمائهم في أواخر القرن الثامن الهجري، فأصبح هؤلاء بعد ذلك ما بين معتقل أو مقتول أو مشرَّد!! ولنا التوضيح أيضًا عن سعدى فقد قال بعض الباحثين أنها أم السعادي وبها تسمَّوا وكانت بنت الزناتي خليفة أو بمعنى آخر صنعوا حول هذه المرأة هالة من الأسطورة والتفخيم، وأصَحِّح وأقول: إن سعدى بنت الزناتي خليفة اليفرني المنسوب إلى قبيلة زناتة البربرية والذي ذكره ابن خلدون أنه كان قائدًا حربيا لصاحب تلمسان غرب الجزائر، وقد دفع به إلى الشرق لوقف زحف هِلَال وسُلَيْم لتوغلهم في بلاد الأوراس، بعدما تغلبوا على ضواحي تونس وأحكموا سيطرتهم على البلاد الليبية، وقد قتله أحد فرسان بني هلال المُسمَّى ذياب بن غانم الزُّغبي في نواحي بسكرة (جنوب الأوراس) شرقي الجزائر وقد أَسَروا ابنته سعدى، وقيلت رواية أن ذياب قد تزوجها ثم قتلها لميلها إلى أحد فرسان بني هلال، وكان هذا كله في منتصف القرن الخامس الهجري، هنا نؤكد أن سعدى أم السعادي في أوائل القرن التاسع الهجري كما أسلفنا والفرق حوالي 350 عامًا، مما لا يدع مجالًا للشك أن سعدى أم السعادي ليست سُعدى بنت الزناتي خليفة إطلاقًا، إلا أنه يرُجَّح أنها بنت أمير من أمراء زناتة في آخر القرن الثامن الهجري في تونس أو حتى في بلاد برقة فاختلط الأمر على الرواة وحسبوها هي سُعدى المشهورة.

ص: 243

‌التفصيل عن قبائل السعادي

‌أولًا - العقاقرة

(1)

: وهنم بنو عقَّار بن الذئب بن أبي الليل، وفيهم عدة قبائل مشهورة مثل أولاد علي والحرابي وفايد والسنينات، وقد انضم فايد إلى الحرابي وانضم السنينات إلى أولاد علي.

(أ) أولاد علي

تعتبر قبيلة أولاد علي من كبرى قبائل السعادي وأقدمها ولها تاريخ حافل. في مصر، وتنتشر في الصحراء الغربية وخاصة فيَ الساحل الشمالي الذي يبدأ من غربي الإسكندرية حتى هضبة السلّوم على الحدود المصرية مع ليبيا كما يوجد عشائر من أولاد علي في البحيرة والغربية والدقهلية والمنوفية والشرقية

(2)

وسيناء وسيوه، والمركز الرئيسي هو محافظة مطروح.

وأولاد علي يحافظون على بداوتهم وعصبيتهم حتى الوقت الحاضر، ولا أبالغ لو قلت أن هذه القبيلة هي كثر القبائل العربية عددا وأوسعها ديارًا ولها شهرة في القطر المصري، وقد نزل أولاد علي منذ ما يزيد على ثلاثة قرون إلى الصحراء الغربية والبحيرة قادمين من إقليم برقة شرق ليبيا بسبب النزاع الذي حدث مع العبيدات في ديارهم هناك قرب الجبل الأخضر ببرقة، كما سُنفصِّل عن ذلك في موضعه، وينقسم أولاد علي إلى البطون التالية:

أولاد علي الأبيض، وأولاد علي الأحمر، والسننة (السنينات)، وهناك قولان للتفريق بين الأبيض والأحمر، فالقول الأول بأن أولاد علي الأبيض سُمُّوا كذلك لأنهم يعيشون في الرمال البيضاء قرب الساجل، أما أولاد علي الأحمر سُمُّوا كذلك؛ لأنهم كانوا يعيشون في الرمال الحمراء الداخلية في عمق الصحراء.

(1)

عقّار المنسوب له العقاقرة عقب علي الأكبر وسمي كذلك؛ لأن أولاده الاثنين قد أسماهم علي أحدهم الأبيض والآخر الأحمر، وحرب ومنه الحرابي والذئب وله فايد وأبو سنينة، ولما توفي الذئب أخذ حرب فايد وضمه إليه وأخذ علي الأكبر أبو سنينة وضمه إليه.

(2)

عن رحلة الألف عام مع أولاد علي لحير الله فضل عطيوة.

ص: 244

أما الرأي الآخر وهو الراجح حسب ما أيده الباحثون الليبيون كما أسلفنا أن جد أولاد علي تزوج من امرأتين إحداهما بيضاء البشرة وهي عربية وكانت تُدعى سعدة وأبناؤها أولاد علي الأبيض، والثانية كانت تُدعى عائشة وكانت سمراء

(1)

البشرة وأصلها من البربر وأبناؤها أولاد علي الأحمر، وكان لهما أخت تُسمى خديجة قيل أنها جدة بعض عشائر قبيلة الجميعات، وفروع أولاد علي كالتالي:

‌أولاد علي الأبيض

وهم قسمان أولاد خروف، والصناقرة.

- أما أولاد خروف فيهم عشائر: أبو هندي - أولاد منور - أبو ضياء. وعشيرة أبو هندي فيها فخوذ كبيرة أهمها: الدوادي وفيه عائلات المجفون وغار وأبو قفة، وريان وفيه عائلات أبو كاشيك وأبو خشيم والجربة ومغيب ومحارب وإدريس، وأبو بهية وفيه أبو حمد والعجل والعصلحي وبريك والجرمية.

وعشيرة أولاد منور فيها فخوذ كبيرة أهمها مطير، وفيه عائلات مبارك وأبو شدة وحفيظة ورشوان وحيادة وحتيتة والماوي والكلب وباسل وشرشير والأقرع وامبيوة، والعقاري وفيه عائلات حمد ودعش وحمرة وعويضة وعبد الحميد والزيات ورزق وعبد الله ويوسف ورشوان، والحفيان وفيه عائلات السوس وفرحات وقادر والحفيان ومريز ويحيى، والموسخ وفيه عائلات أبو ريشة والعكر وجيل والهش وفميلين.

وعشيرة أبو ضياء وفيها فخوذ كبيرة أهمها الجريدات، وفيها عائلات المقرحي وأبو زور وأبو لهاد وشوشان ورضوان وخضر ومريحلة ومطراوي وحدوث وأبو صباح وختال وعرقوب والتاعب وجبير وخليف، براهوإيم (البراهمة) وفيه عائلات أبو حسن ومبارك وأبو عبيد.

* توجد قرية أولاد علي وتسمى عرب أولاد علي في شرق فاقوس.

(1)

سمراء هنا تعني أنها خمرية تضرب بالحمرة مع السمرة في لون بشرتها.

ص: 245

وأولاد خروف من أقوى بطون أولاد علي ويفخرون بأن جدهم الأكبر أبو هندي كان زعيمًا لأولاد علي ككل، وأذكر بعض رجالات أولاد خروف منهم الأستاذ عبد الباري سليمان عضو مجلس الشعب (محام)، والعمدة هنداوي الجربة، والشيخ مطير عبد الكريم عضو مجلس الشعب السابق، والعمدة سليمان سعيد الحفيان، والعمدة عبد الكريم عبد القادر، والعمدة عبد السلام عطيوة، والعمدة جاب الله صالح، والعمدة سليمان كاشيك، والعمدة سيف النصر المقرحي، والشيخ جمعة أبو أحمد، والشيخ إبراهيم طاهر، والعمدة منصور عوض رسلان، والشيخ علي مفتاح،؛ واللواء أنور صابر العقَّاري، وأنور عبد الحليم المقرحي رحمه الله، ولا يتسع المقام بذكر كبار أولاد خروف ففيهم رجالات عدة، وأنجب أولاد خروف الكثير من الرجال والشيوخ، ومنهم من نال قسطا من العلم ففيهم المحامون والمهندسون والأطباء.

- الصناقرة

(1)

ففيهم عشائر: الأفراد، والعزايم، والعجارمة، والمغاورة، والموامنة، والزعيرات، وهارون، والجاهل، وجفيلة، وأبو داو، والعجوز، وشرفاد، وطاهر، ومريق، وأبو قليلة، ودودان، وعليوة.

عشيرة الأفراد

(2)

: وهم أبناء جبريل وينصير ونعماش أبناء عامر بن حمد بن صقر، ومنها فخوذ منها: ظنين وأبو إسماعيل ومنصير ومرزوق وأبو شليف والحودي ونغماش ودحيله وهليل وزايد وجلال وكيشار وطاجون ومفتاح وهجين ووشوان والكنجي وقربيج وختال وخمد وطلب وعثمان وبريك وتاعب وبحيري والمتارحة واللهيب والفراوي والجويلي ويحيى وطاهر وصقر وقنفود وعمر والجاهل وأبو بكر والعجايز والصول وعبد العاطي.

(1)

يقال أن جدهم صقر أبو ويلة وقد تولى زعامة أولاد علي بعد أبو هندي.

(2)

من الأفراد جزء في جزيرة سعود بالشرقية والباقي مع أولا علي في الساحل الشمالي وخاصة في منطقة كنج مريوط، ويذكر الرواة أن أصلهم من الفريد بن سلَّام وقسم منهم انضموا مع أولاد عمومتهم هند بن سلام (الهنادي) وقسم آخر انضم إلى أولاد علي من السعادي.

ص: 246

وأذكر بعض رجالات الأفراد منهم العمدة عبد الفتاح صالح عطيوة، والعمدة فتحي شبل التلواني، والأستاذ الأديب خير الله فضل عطيوة

(1)

، والعمدة بسيوني العلواني، والعمدة مبروك هاشم سكران، وقد أنجبت عشيرة الأفراد العديد من الأطباء والمهندسين والمحامين والمعلمين ورجال الأعمال والتجار لا يتسع المقام لذكرهم.

عشيرة العزايم: هي كبرى عشائر الصناقرة وتنتشر على الأخص في مطروح والعامرية وكنج مريوط، وفيها فخذ عباس وفيه عائلات رضوان ومنهم فروع طلحة وواعر ومفتاح ورغيب، وعائلة قرقور ومنهم فروع الحصادي وسلام وديس والسفتي وأبو شليتة وأبو قرقور، وعائلة عبيد ومنهم زهويق والأشقر وشكم وطليم وطريدة وشميت والفحام والمجدوب، وفخذ الدجن ومنه الدجن ومنه عائلات عقيلة والحول وخير الله مصطفى وحمد وسبايل، وفخذ أبو ضيوف ومنه عائلات شوشان وغيضان والشوبكي وحميد وسكران ويونس وصميدة وأبو ضبون جوهرة والدغوش وأبو سنون.

كما يتفرع من "أبو ضيوف" عائلة أبو غزالة وفيها فروع الدرفانية ومنها سلومة وغالب وعويان والشين وحريش والسعدي ودابل.

لمحة مبسطة عن عائلات عشيرة العزايم الكبيرة.

عائلة أبو بسيسة: وفيها فروع جمعة وحمد وقدورة وأبو عزير والسملاهي والطيار وعبد الكافي والشلمية وحسن.

عائلة مطيريد: وفيها فروع هليل ومؤمن وسلام وعراف الله ويونس.

عائلة أبو حوه: وفيها فروع سعيد وآدم وخليل وواعر والول وأبو ذيب وعيد.

(1)

هو صاحب كتاب رحلة الألف عام، وقد ساعدنا هذا المؤلف في تتبع شجرة أولاد علي مضبوطة دون عناء في بحث ميداني كغيرها من القبائل.

ص: 247

عائلة أبو قرقور: وفيها فروع إدريس والزنكلوني وخير الله وعلي وسليمان.

عائلة الحصادي: وفيها فروع أبو ياسين وأبو ستيتة وسلَّام والسفتي.

عائلة أبو رجيعة: وفيها فروع عبد الرحمن وعلَّام وعمر وسعيد وجمعة ومصري ومسعود ومبروك وقاضي والمطردي.

عائلة عبيد الله: وفيها فروع رضوان وعبد الرحيم وعبد العزيز وعبد القوي وعبد القادر وعبد المولى وعبيد وخليل وعثمان وعبد الرءوف.

عائلة العبيدي: وفيها فروع زهويق والأشقر وغفيلة والفحام وطريدة وطليم وشكم.

عائلة أبو غزالة

(1)

: وفيها فروع السعدي وسلومة وعديان وغالب والشين ومراجع وسعداوي والدايل والشنديدي ورحيم.

عائلة ضيوف: وفيها فروع حميد والشويكي وعيد وشوشان وغيضان والسكران وسبايل وأبو صميد وأبو سنون وأبو جوهر والفيضل.

عائلة أبو تلات: وفيها فروع عبد المولى وحسونة وسعد ورجب.

عائلة الطلخاوي

(2)

: وفيها فروع مطاوع وإبراهيم وزيدان ومحمد وإسماعيل والسيد وعلي.

عائلة الدقن: وفيها فروع غفينة ونايف وسبايل والتهامي ومصطفى.

عائلة أبو وزيرة: وفيها فروع بريك وواعر ومسعود وكريم.

(1)

ينتمي إلى هذه العائلة المشير عبد الحليم أبو غزالة، وقد ولد في قرية قبور الأمراء والتي غيرت إلى زهور الأمراء بمركز الدلنجات محافظة البحيرة، ويذكر نسابو الضعفا الأشراف في ليبيا أن أبا غزالة من قبيلة الضعفا في الوجه البحري، والظاهر أنهم انضموا إلى أولاد علي من السعادي من سُلَيْم.

(2)

يذكر رواتهم أن أصلهم من الهنادي من أولاد سلَّام من لبيد من بني سُلَيْم.

ص: 248

عائلة القريريش: وفيها فروع هيبة وجاب الله وفتح الله وخير الله وفرج ويونس وعبد السيد وواعر.

وعائلة الزغيبات

(1)

: وفيها فروع عطيوة وقطيفة ورحيم وهليل وعلي.

وعائلة الطلاخوة، وعائلة عبد الكافي.

ومن رجالات العزايم المعروفين أذكر العمدة عوض أبو بسيسة، وفراج أبو بسيسة عضو المجلس المحلي الشعبي، والعمدة سعيد مطيريد، والشيخ صافي علي أبو رجيعة، والعمدة عباس توفيق شوشان بحوش عيسى (بحيرة)، والعمدة عبد الرازق حسن ياسين بـ "أبو المطامير"، والعمدة فرج داود زهويق بمطروح، وصالح سعد أبو تلات، وهناك العديد من الرجال من وصلوا إلى مراكز مرموقة في العلم أو تقلدوا مناصب هامة في الدولة ليس بالمقام متسع لذكرهم وكلهم ينتمون إلى عشيرة العزائم الكبيرة الفروع والمتعددة الغصون.

عشيرة طاهرة: وفيها فخوذ أبو رقيق ويتفرع منه عائلات أبو شناف ومجاور، وقنفوذ ومنه عائلات الشامخ وركري، والضويلع ومنه عائلات مؤمن ومخطور والكيوفي، وأبو مثينية وفيه عائلات جليد ورقيقة والكويس ويوسف هديلة والدرجي، ونايل ومنه عائلات صالح وحميدة وآدم، ومن كبار العشيرة

(1)

يذكر الرواة من الزغيبات أن جدهم جاء من بلاد ليبيا إلى الصحراء الغربية بمصر منذ القرن السادس في الميلادي وكان معهم إبلهم وأغنامهم على أثر قحط شديد، وقد توجه منهم فريق إلى الأقصر وأسيوط في نجع كريم، أما الفريق الأساسي فهو في الإسكندرية والبحيرة وجدهم يسمّى عبد الله الزغبي وقد أقام في العامرية. وأولاده المذكورون كونوا عائلة كبيرة ومنها رجالات عدة قد اشتهروا في عشيرة العزايم في بطن الصناقرة، وقد ظهر منهم شيوخ وقضاة وأطباء ومهندسون ومحامون ورجال أعمال وتجار ومدرسون في الجامعات، ومن فرع علي عدد كبير في أبو حمص وأدكو ورشيد ويمارسون الزراعة ويملكون أساطيل للصيد، ومن عوائد وطباع الزغيبات التعاطف والمودة فيما بينهم والترابط والتآلف، ومنهم فرع في الفيوم أيضًا، ومن الزغيبات الحاج مهنى عضو اللجنة المركزية العام لحزب الوفد قبل الثورة ونفاه الإنجليز إلى السودان بعد نشاطه السياسي الكبير وظل 15 عامًا في المنفى، ومنهم الشيخ عبد القادر أبو الحاج الزغبي وكان شيخ فرقة بعشيرة العزايم، ومنهم الشيخ علي بن عبد القادر وكان وكيلا لعشيرة العزايم ثم عُيِّن عمدة بعد وفاة أببه عام 1947 م، ومنهم العمدة جودة مطراوي علواني أبو رحيم وهو عمدة نجع الزغيبات بمركز أبو حمص بحيرة، ويؤكد الباحثون في ليبيا أن الزغيبات من لبيد من هيب من سُلَيْم.

ص: 249

الشيخ يحيى عبد اللطيف بساط، وآدم عبد الرازق وعبد الزين الجالي، وأحمد مؤمن بساط، وفتحي عبد الكريم شناف، وفتح الله حميد الجالي، وصالح عبد العال، وسالم حامد جديدة وعبد العاطي الضامر، وقنفود رحومة وسعداوي سعد رحاب الله.

عشيرة الموامنة: وفيها فخوذ قشبير وفيه عائلات أبو بكر وقاسم وهويدة وجويدة وعبد ربه، وأبو قبول وفيه عائلات درمان ومعفن وهارون وحميد، وأبو ركبة وفيه عائلات عبد الجليل وعلي وعبد القادر، وطليويح وفيه عائلات عبيدة وصالح والعرج وعامر ويونس، ومن كبارهم فايز محيقن وعوض عبد المولى ورمضان جويدة، وبدر عبد العاطي.

عشيرة المغاورة: وفيها فخوذ المهدي فيه عائلات الأطرش والأبيرش وأبو عز وجلحوب، والفقيمات وفيه عائلات عزاق وأبو جبيرة وحرداني ومغيريض والبربيع، والحاج، وفيه عائلات أبو قرين وسعيد وغنيوة وحسين وأبو سعدة وبحيري وبو سعد وأبو عزيز وأبو حش وأبو جلال.

ومن كبار عشيرة المغاورة العمدة موسى رحيل ميكائيل، والشيخ عبد الحليم فايز مغيريض، والشيخ عيد دغيم، والشيخ عبد العظيم عبد الفضيل، وصالح أبو عونية، والدكتور عبد العظيم شامخ رحيم.

عشيرة العجارمة: وفيها فخوذ وكال وفيه عائلات مهدي وبغيض ودخيل وقريقيط واللحامية، والروني وفيه عائلات الكواف وقطيش وأعزيز وكاسح والهميم، وشيلتيت وفيه عائلات جلفاف وفايد وحسين، والقرطيني وفيه عائلات هارون وجبالي وطريف وعيسى، ومن رجالهم مفتاح زهاق، وطريف القرطيني، وصابر أبو زعير، ونصير براني، وآدم علي أبو عويشة، وكريم عطية، وعياد أبو ضبيلة.

عشيرة هارون: وفيها فخوذ مثل إدريس، وجويدة، وعفيفي، وأمبيوة، وأبو سحيليق، والكاسح، وسالم، وستول، والحويلي، وأذكر من رجالهم العمدة جاب الله عبد الغفار هاشم بغيض، وصالح صافي، وسليمان جويدة وإبراهيم عطية، وإدريس مسعود، وعبد السلام صمصم.

ص: 250

عشيرة بو وداد: وفيها فخوذ راعي وسعيد وعميش وسعد وغريبيل ورحيم وزفتي والهمرجي وعزيبة والمعبوب وخليل وغريب، ومن رجال هذه العشيرة أذكر العمدة كامل مفتاح مغيب، وصالح حسين، وعوض عثمان.

عشيرة دودان: وفيها فخوذ مثل فركاش وجبريل وحمد ومحمد وحميد وحسين.

عشيرة جفيلة: وفيها فخوذ مثل غيضان وأبو قفة والأبجع وعلَّام وبغيض شقرف وأبو حوش وتعيليب.

عشيرة أبو قليلة: وفيها فخوذ مثل موسى وسعداوي وكريم ورحيم، ومن رجالهم الدكتور إبراهيم كريم، والأستاذ حامد كريم.

عشيرة عليوة: ومنها فخوذ النوام وعبد الحافظ وأبو خزيم وعنكش وعبد المجيد، وأذكر من رجالها العمدة عنترة عبد الحميد، والشيخ عبد الحميد منكش وعثمان عبد الحافظ، وعوض بريق.

عشيرة مرقيق: ومنها فخوذ منصور وعبد الكانس وعيسى ورواق وشماطة وصابر وقاسم وعيسى، وأذكر من رجالها العمدة عبد القادر عبد العال عيسى.

عشيرة شرفاد: ومنها فخوذ حارس ويونس وقاسم وسعيد وعبد الله، وأذكر من رجالهم الشيخ بشرى منصور، ورمضان رواق، وعلي عيسى.

عشيرة العجوز: ومنها فخوذ اللافي ونويجي.

عشيرة الزعيرات: ومنها فخوذ الحويل وخالد ومصباح وموسى وأبو هيثة وأذكر من رجالهم الشيخ أبو بكر المنشاوي، واللواء عبد الرحمن الزعيري، ومحمد الزعيري عضو مجلس الشعب - رحمهما الله، واللواء صالح الزعيرى في محافظة بني سويف، والمشهورين من عشيرة الزعيري مقيمين بزمنت الشرقية.

عشيرة الجاهل: ومنها فخوذ صالح وغبارة ويونس ورقيم وعياد، وأذكر منهم العمدة سبيته الجاهل، والشيخ عيسى ناسف، وجبويل الجاهل.

ص: 251

‌أولاد علي الأحمر

وينقسم أولاد علي الأحمر إلى فرعين

(1)

هما: القناشات، والعشيبات.

- القناشات وفيهم عشائر: الصمايل، وجابر، والمجدوبة. وعشيرة الصمايل فيها عائلات العاصي وعجعج وعبد الله وشلاط وباسل وخليفة وحنيش وصقر والخطيب وقريضات ومصرنا وأمنيصير وبلال وعبد النبي وأبو رقاعة وأبو عيشة وآدم وواعر ورشاش.

وعشيرة جابر وفيهم عائلات حيارة وسالم وحنيطة والمأوي والحبيب والعرجي ويظخولة ونقيش والسريريك، وعشيرة المجدوبة وفيهم عائلات ماضي ومريحي وشباطي وغبون وعبيس ومريز والطايع والأوثار والعاصي.

وأذكر من القناشات العمدة عبد السلام جويدة عيسى عضو مجلس الشورى وهو من أشهر الشخصيات في قبيلة أولاد علي، والعمدة سعيد رروق حنيش والشيخ سليمان عجعج، والعمدة عمران عبد الكريم، والعمدة عبد المولى مطراوي.

- العشيبات وفيهم عشائر وفخوذ أشهرها العنادي، ويحيى، ويوسف، وأبو قراصة، والأزرق، واللزومي، وأبو معفس، وأبو محجوبة، والبيوظ، والزغرات، ودولات، وأسيوطي، والظاهر، وموسى، وجبريل، والطاوة، والقيري، وأبو القاسم، ومصطفى، والعوجا، ولمرام، وبوغوث، وجفيلة، والعبس، وأبو ضلحة، والشويكي، وغيضان، وظلاط، وفرجاني، وكيلاني، ومنشاوي، وأبو بكر، والأقطع، وحشون، وشريف، وخضر، وعوينات، وأذكر من رجال العشيبات الشيخ إبراهيم عبد الرحمن عثمان أبو طرام عضو مجلس الشعب، والعمدة أبو قراصة عبد الرحيم، والعمدة أحمد إبراهيم أبو طرام، والشيخ يوسف سليمان الزغرات، والعمدة محمود أبو قراصة.

(1)

أضاف بعض الباحثين فرعا آخر هو الكميلات.

ص: 252

وأولاد علي الأحمر بفرعيهم العشيبات والقناشات يتمسكون بقيم أهل البادية وأخلاق سكان الصحراء؛ ولذا فهم ذو شهرة كبيرة بالكرم والشجاعة، وكان منهم العديد من المجاهدين نذكر منهم حسين العاصي رحمه الله وحميدة جبريل العاصي، وسليمان جبريل العاصي، والجاهل شدشدان، وصالح أبو زريق، وهارون بدر، وعبد السلام جويدة عيسى وهو عضو مجلس الشورى.

‌لمحة تاريخية عما قاله المؤرخون عن أولاد علي

- ذكر في وصف مصر لأميديه جوبير الفرنسي المترجم للأستاذ زهير الشايب عن أولاد على في عهد الحملة الفرنسية عام 1798 م أنهم كانوا في الجنوب الغربي لمدينة الإسكندرية، وقال أميديه: أولاد علي قبيلة قوية بنفسها وحلفائها وأن شيخها وقتئذ يسكن في قرية القتلية وبناها أجداده إلى جوار دير محروق، وأضاف جوبير أن فرسان أولاد علي حوالي ألف ومائتين.

- ذكر أحمد لطفي السيد

(1)

أن شيخ أولاد علي عام 1935 م كان يسمى علوان محمود ويقيم في البحيرة، وعمدتهم يسمى عمر بن خير الله بيك الدجن ويقيم في البحيرة أيضًا.

- في عام 1797 م ساهم فرسان من أولاد علي

(2)

مع عربان البحيرة في صد قوات نابليون بونابرت الفرنسية بالاشتراك مع المماليك والأتراك العثمانيين، ولكن لم تصمد بالطبع أمام كثافة نيران المدافع الفرنسية وقوة السلاح من أنساق عسكر الفرنسيس، فسقط مئات الفرسان من العربان من فوق صهوات الخيول التي حصدت المدافع العشرات منها وصارت لا تلوي على شيء، وهرب المماليك إلى الصعيد والشام ولجأ باقي من نجا من أولاد علي ومن معهم من القبائل البدوية إلى عمق الصحراء المصرية.

(1)

ذكر أحمد لطفي السيد في كتابه قبائل العرب أن قبيلة اللزد من قبائل البحيرة خلفاء أولاد علي كما أن قبيلة سمالوس (المرابطين) أيضًا حلفاء أولاد علي في البحيرة والفيوم.

(2)

كما ساهم أولاد علي مع الشرطة المصرية في قتال الإنجليز في ثورة 1919 م، واستشهد منهم عدة رجال.

ص: 253

ومن تواريخ الجبرتي عن أولاد علي قال:

- في عام 1219 هـ حضر إلى الباشا محمد علي والي مصر من أخبره أن طائفة من عربان أولاد علي نزلوا بناحية الأهرام بالجيزة، فركب إليهم فوجدهم قد ارتحلوا، ووجد هناك قبيلة عربية اسمها الجوابيص فنهبها.

- في عام 1225 هـ حضر مشايخ عربان أولاد علي للباشا فكساهم وخلع عليهم وألبسهم شالات كشمير، وأنعم عليهم بمئة وخمسين كيسًا، وحضر مشايخ الهنادي إلى الأمراء المصريين وانضموا إليهم.

ما ذكرته بعد الوثائق العثمانية في عهد محمد علي باشا عن قبيلة أولاد علي:

- وافق محمد علي باشا على منح حمد المقرحي شيخ أولاد علي وجماعته أرضًا لزراعتها دون تحصيل أموال عليها وذلك نظير خدماتهم

(1)

.

- منح الشيخ خير الله الدجن من مشايخ أولاد علي حوالي ستمائة فدان من أبعادية جزاير عيسى

(2)

، وراوية مسلَّم

(3)

بالبحيرة وبلغت قيمة ما مُنح من أراض في البحيرة لمشايخ أولاد علي حوالي 3655 فدانا

(4)

، وصدر أمر لهم فيما بعد بإعطائهم مقدارا من أطيان الأبعاديات عوضا عن الأطيان التي أخذت منهم لإدخالها ضمن الأراضي المخصصة لجفالك أبناء محمد علي باشا

(5)

.

- تمت الموافقة للشيخ وحيدي بن عليوة ومحمود إسماعيل من أولاد علي

(1)

معية تركي دفتر 33، وثيقة 103 من الجناب العالي إلى مصطفى أفندي وكيل الخزية - دار أنما مأمور نصف البحيرة 3 ربيع أول 1243 هـ - 14 سبتمبر 1827 م.

(2)

جزاير عيسى من أعمال البحيرة وتتبع الدلنجات.

(3)

زاوية مسلَّم اسمها حاليا الزاوية وهي من قرى البحيرة.

(4)

معية سنية أوامر كريمة مجموعة (1) سجل (1).

(5)

معية سنية تراجم ملخصات دفاتر دفتر 56، وثيقة 144، 11 صفر 1250 هـ - 19 يونية 1834 م.

ص: 254

ببناء ثلاث سواقي على ترعة المحمودية لإصلاح الأراضي البور وزراعتها وعدم دفع مال عليها لمدة ثلاث سنوات

(1)

.

‌التفصيل عن حروب أولاد علي مع القبائل الأخرى

أشهر تلك الحروب كانت كلها مع قبائل السعادي وقد أشرنا سالفًا للحروب بين أولاد علي والهنادي في السرد عن قبيلة الهنادي.

‌حروب أولاد علي والحرابي في برقة بليبيا

أولاد علي والحرابي إخوة، فعلي وحرب أبناء عقَّار بن الذئب بن أبي الليل، وقد كانت هناك خصومة كبيرة بين الطرفين منذ نشأة ونماء هاتين القبيلتين قبل ستة قرون وكان النصر دائمًا حليف أولاد علي، وقد استمر الحال على ذلك إلى أن ظهر في قبيلة الحرابي رجل من الأذكياء يُدعى حبيب بن عبد المولى العبيدي، وقد قُتل والده عبد المولى الحرباوي في أحد المعارك بين فرسان أولاد علي وفرسان الحرابي، فرأى حبيب أن ينتقم لوالده فسافر إلى طرابلس الغرب والتمس مقابلة الحاكم التركي ويُدعى محمود، وكان واليًا من قِبَل العثمانيين على طرابلس وقتئذ أي قبل ثلاثة قرون من الزمان، وقدَّم هدية ثمينة إليه وهي عبارة عن جلد رقبة نعامة مملوءة بالذهب، وقد أغرى بهذه الهدية الحاكم، وسأل حبيب عن المساعدة التي يطلبها فذكر له طلبه لمعاونته بعسكر العثمالي ضد أولاد علي، فسأله الوالي كم يطلب عدد الرجال منه؟ فرد حبيب أنه سيضع كتلة خشبية على أحد أبواب سراي الحاكم وتمر عليها الجنود ويدوسونهما بأقدامهم حتى تنكسر؛ وعندئذ يكون العدد الذي مر عليها هو المطلوب، ووافق الحاكم على ذلك وأمر جنوده بالمرور على الكتلة، فمرَّ عليها ستة آلاف جندي مُسلَّح منهم تسعمائة من الخيالة، وبهذه القوة العظيمة فاجأ حبيب أولاد علي بهجوم عنيف في جبهة الجبل الأخضر وهزمهم لعدم تكافؤ القوة، ثم تم الصلح بعد هذه المعركة واتفقا أن يكون

(1)

معية تركي دفتر 33 وثيقة 256 من الجناب العالي إلى رستم أفندى مأمور نظام نصف البحيرة 28 جماد ثاني 1243/ 16 يناير 1828 م.

ص: 255

الحد الغربي بين الطرفين هو جبل أبو حجاج السلوم على الحدود المصرية الليبية وهو الفاصل بين أملاك القبيلتين، وقال بعض الرواة أن الحد الفاصل عند رأس الملح، وبذلك استوطن أولاد علي الصحراء الغربية لمصر وتركوا ديارهم في الجبل الأخضر فاستولى عليها العبيدات ومن عاونهم من فروع الحرابي الأخرى، وكان نزول أولاد علي لصحراء مصر عام 1670 م كما يؤكد الرواة، وكان السبب الرئيسي هي تلك المعركة أو نتائجها المباشرة.

‌حرب أولاد علي والفوايد في صحراء مصر الغربية

الفوايد من السعادي وعند نزوحهم من برقة إلى صحراء مصر ضربوا خيامهم وزاحموا أولاد علي الذين سبقوهم التوطن في تلك النواحي، وقد شاهد الفوايد عشائر أخرى مهضومة مثل المرايم وهم بطن من العبيدات (الحرابي) والشاهنة والدقيات والأخيرتين من المرابطن، وقد تمكن أولاد علي من عدم تمكين الفوايد بالاستقرار في الصحراء الغربية فهاجروا إلى نواحي الفيوم والمنيا، ولكنهم بعد ذلك شنوا حربًا قوية على أولاد علي بعد استقرارهم وجمع قواهم، ولأنهم كانوا ما زالوا متأثرين من حروبهم مع الجبارنة (من السعادي)، وقد أدت هذه الحرب إلى تخليص عشائر الشاهنة والدقيات والمرايم من سيطرة أولاد علي، وكانت المعركة قرب بطومة بالصحراء الغربية، وقالت قارعة الطبل فيلوغة.

"وأضحى من جديد يسير ألا يوم بطومة مضى! "، وقد كسب الفوايد هذه المعركة بصعوبة بالغة لأنهم استخدموا فيها الأمهار أي صغرى الخيول في هذه الواقعة، وخاصة أن المسافة كانت بعيدة بين القبيلتين المتحاربتين وهناك مَثَل بدوي يقول:

"يا ويل الأمهار لو طال النهار"، وقد أساء ذلك أيضًا قارعة الطبل من قسوة الفوايد علي الخيول في رحلة الصحراء من الفيوم والمنيا حتى بطومة في صحراء مصر الغربية للقاء أولاد علي فقال:

ص: 256

المهر ما يخاطروا به

ولا يقطع بلاد بعادي

أبطل ما لقي من يسوقه

انعتها فزيعة الأعادي

خلي سم الحناشة يذوقه

أكبار ولفن في البلادي

وكان من نتائج هذه الوقعة أن انضمت عشائر المرابطين إلى الفوايد بالإخاوة بعد أن تخلصوا من سيطرة أولاد علي، وسيأتي التفصيل عنهم في السرد عن الفوايد.

أما التفصيل عن حرب أولاد علي مع الجواري سيأتي السرد عنها في موضعه (انظر السرد عن الجوازي).

‌السننة (السنينات)

وهم منضمون لأولاد علي وينسبون إلى الذيب (الذويب) بن عقَّار أخي علي بن عقَّار، وقد تكفل علي بابن أخيه أبو سنينة بعد وفاة أبيه، وتكفل حرب بن عقَّار بالولد الثاني المسمى فايد، وصار السننة ضمن أولاد علي، وفايد ضمن الحرابي، مع ملاحظة أن فرع فايد غير الفوايد من البراغيث في السعادي، وسيأتي التفصيل عنها.

‌فروع السننة:

1 -

المحافيظ: وفيه فخوذ هي الحفانة، والرويمات، والملايطة، وعثمان، وأبو شملا، والحلاج، ومريز، ورسلان، وعرعيط، والشاردة، وعقيلة، والحجل، وحميدة، وعبد الله.

2 -

العراوة: وفيه فخوذ هي الشتري، وأبو بحر، ومطاوي، وأبو وافية

(1)

، وأبو غلَّاب، وسعد الله، ودنفير، وأبو رقيبة، وأبو نجلة، وأبو هيب،

(1)

توجد قرية محمود أبو وافية في البحيرة، منشأة أبو وافية في البحيرة.

ص: 257

والزارع، وأبو جلفاف، ومقرب، والغزال، وقربو، وسلطان، وقطيش، والمصن، والزرايع، والشمفار، وخزيم، وقبيل، وخريمات.

3 -

لقطيفة: وفيه فخوذ نصر الله، وعمر، والدافي، ويحيى، وحسن، ودابيل، وأبو شناف، وأبو الشامة، وأبو جليد، وأبو قنعارة، وأبو شنينة، وأبو الفهاقي، وأبو خنانة، وجاد الله، ومؤمن، وطموش، وسخنون، وغويطات، وسويري، وأبو بريق، والأسود، وعبد الدايم.

4 -

الفجنة: وفيه فخوذ أبو رجيلة، وأبو جبران، ونويجي، والمنتحر، وأبو جود، وأبو عجورة، والأرقط، وهجيش، وشعبان، ورمضان، وسيد، وروحة، وشتيري.

5 -

الشوالحة: وفيه فخوذ أيوب، وبدرنة، وواعر، وتابل، ومارق، وكريم، وحمد الله، والوليد، وطوير، ولطيف، وسالم، وخميس.

وأذكر من رجالات السننة العمدة سليمان غنيوة، والأستاذ محمود أبو وافية عضو مجلس الشعب، والعمدة محمد حمد رسلان مشتق، وخليل السنيني عمدة السلوم، والشيخ إبراهيم محمود عضو مجلس الشورى، والعمدة يونس الصافي، والدامي عبد العزيز عضو مجلس الشعب، والعمدة عوض عبد الحميد، والعمدة محمد لطيف، والعمدة محمد طربان، وجمال أبو وافية عضو مجلس الشورى، والعمدة عبد الحميد أبو وافية، والعمدة صبري أبو وافية، والعقيد صدقي أبو وافية، والعقيد صفوت أبو وافية والعمدة رشاد عبد الحميد سعد، وحمدي أبو وافية عضو المجلس المحلي، الدكتور خالد أبو وافية، ومحمد أبو وافية مدير بنك، والمهندس صلاح أبو وافية.

وفي السننة الكثير من الأطباء والمهندسين والمحامين والمعلمين والضباط لا يتسع المقام لذكرهم جميعًا.

ص: 258

(ب) الحرابي

هم أبناء حرب بن عقَّار بن الذئب بن أبي الليل وله من الأولاد عبيد ومنه العبيدات، وهم أكبر بطون الحرابي وتعدُّ من أقوى قبائل الجبل الأخضر ببرقة في ليبيا بالوقت الحاضر، ومنهم عشائر أو فخوذ في مصر سنفصل عنها في موضعه، ولحرب حواس ومنه الحاسة، وإدريس ومنه الدرسة، وحمد ومنه أولاد حمد، وقد انضم للحرابي فايد ابن أخي حرب وأصبح ضمن القبيلة وبطنًا من بطونها، وفايد هو غير قبيلة الفوايد من البراغيث من السعادي والآتي التفصيل عنهم، كما انضم للحرابي البراعصة وأصلهم من الأدارسة الأشراف.

وبدأ نزوح بعض فخوذ من الحرابي إلى مصر في شكل جماعات متتالية صغيرة خلاف قبائل السعادي التي نزح معظمها في شكل جماعة كبيرة مجتمعة، وكان رعيم الحرابي رياض بيك الجبالي وهو من عائلة الجبالي

(1)

المعروفة في وجه بحري والفيوم الآن، وقد نزحت هذه العائلة قبل قرنين ونصف قرن تقريبًا من برقة وأقامت في البحيرة، وتصاهروا مع الدمينات من قبيلة سمالوس ثم تصاهروا مع العواكلة من الفوايد والمبقوش، وقد ولد زعيم الحرابي في مصر من امرأة في العائلة الاخيرة، وقد عيَّن الوالي محمد علي باشا الجبالي شيخًا وعمدة للحرابي في الديار المصرية ثم أعطاه لقب زعيم عربان الفيوم، فقويت الحرابي في مصر منذ هذا العهد، ومن الحرابي عائلة الجيزة في مصر، وهذه العائلة كان فيها زعامة الحرابي قبل الجبالي، ويقيم الحرابي في الفيوم، وهناك

(1)

الجبالي هنا عائلة في الحرابي وهم غير قبيلة الجبالية في جنوبي سيناء أو بعض أهل فلسطين المنسوبين لبلدة جبالية هناك فاحذر من الخلط بينهم، والجبالي الحرباوي أكثرهم في محافظة الفيوم ومنهم كان حميدة الجبالي عمدة الحرابي في الفيوم في أوائل هذا القرن، وتوجد بلدة قصر الجبالي بأبشواي منسوبة لهم، علاوة على عدة عزب تنسب إلى الجبالي، وفي جرجا يوجد نجع الجبالي، وفي المنوفية يوجد كفر الجبالي وعزب مبروك الجبالي ورياض بيك الجبالي وللأخير عزب في شبين الكوم وتلا منوفية. وفي طنطا غربية، ولمبروك عزبة في كفر الشيخ، وهناك أسر متفرقة من الجبالي في قرى بناس بقويسنا منوفية، وفي كفر الزيات وفي أبو حمص وأبو المطامير بحيرة، وفي مدينة الإسكندرية.

ص: 259

عائلات متفرقة في كفر الزيات غربية وأبو حمص وأبو المطامير بحيرة وفي قويسنا بالمنوفية وفي العامرية ومريوط ومدينة الإسكندرية ويجاورون أولاد علي هناك.

وقال الأستاذ أحمد لطفي

(1)

: إن ديار قبيلة الحرابي من السعادي تمتد من الفيوم غرب النيل في مصر حتى طرابلس الغرب في ليبيا.

قلت: وقصد لطفي السيد رحمه الله أن البلاد من صحراء ونجوع وواحات وقوى ما بين الفيوم وطرابلس لا تخلو من الحرابي، كناية عن قوة القبيلة وكثرتها في القطرين المصري والليبي.

‌التفصيل عن بطون الحرابي

- العبيدات: وينقسم العبيدات إلى عشائر العواكلة والشرايع والشاهين وغيث وعبيد وأبو ضاوي وقابس ومباركة ومنصور وأبو جازية ومزين ورقاد وعبد الكريم والأمياط ومريم، وكل عشيرة تتفرع إلى فخوذ أكبرها خمسة وعشرين فخذا وأقلها خمسة عشر فخذا، وينسب إلى العبيدات علي باشا العبيدي بن حامد بن سعيد بن سميع بن إدريس من عوكل بن عبيد، كما من العبيدات المجاهد الكبير الشهيد عوض بيك بن يحيى العبيدي، وكان قائدًا على عشائر العبيدات: كان فارسًا شجاعًا وبطلًا مغوارًا همامًا، وقد استشهد رحمه الله في معركة حامية عام 1930 م إبان ثورة عمر المختار ضد الطليان ودُفن في موضع يسمى ظهر السعدي خلَّف زاوية الجربات، وعشيرة مريم

(2)

من العبيدات مقرها بطبرق وما حولها، ثم بجوارهم من الغرب عشيرة عبد الكريم ومقرهم غرب التميمي إلى أم الرزم وبعضهم في الجبل الأخضر قرب القبة، ثم عشيرة أمزين وهي مستقرة في أم الرزم وأم حفين والخصم، وغربيهم عشائر أخرى مثل عشيرة

(1)

عن كتاب قبائل العرب في مصر 1935 م، وأضاف لطفي السيد الذي ينتمي أصلًا إلى الجوازي إحدى فروع الجبارنة من البراغيث من السعادي أن عمدة الحرابي وقتئذ كان عبد الستار الباسل، والصحيح أن الباسل من الرماح من الفوايد وكان عمدة الرماح بغرب الفيوم وسيأتي التفصيل عنه.

(2)

عشيرة مريم فيها فخذان هما: أولاد حبيب وأولاد منصور.

ص: 260

أبو جازية ومقرها في مرتوبة وما حولها، ثم عشيرة منصور وهي مستقرة في وادي عين مارة، والمسافة التي بينه وبين مدينة درنة وعين مارة تسمى قديمًا أيام الإغريق (اليونان) إراسا، ويكثر في هذه العشيرة التعليم وحفظ القرآن الكريم، ثم عشيرة مباركة ومقرها في الجبل الأخضر بنواحي القبة، ثم عشيرة قابس وهم بنواحي القبة أيضًا، ثم عشيرة أبو ضاوي ومقرهم القبة وما جاورها، ثم عشيرة أعبيد ويستقرون في أجريولة جنوب القبة، وفي غربي هذه العشائر عشيرة الشرايع وهم الآن مستقرون في الفيوم بمصر منذ أكثر من قرنين، وأراضي الشرايع باقية قد سكنتها عشيرة غيث من العبيدات، ومساكن غيث من الناحية الغربية للشرايع ومقرهم يدعى الجور وهو بئر ماء يسقى منه بالدلو ولا يصعد على وجه الأرض، وفي هذا المكان ضريح مدفون فيه رجل يُدعى أبو نجله يقال أنه جد قبيلة الحوَّتة، وكما يزيد ملك عشيرة غيث من الغرب حتى مكان يدعى عقر التفيفيح، ثم يحدهم عشيرة البناين هي وعشيرة العواكلة وعشيرة الشاهين، وتعدُّ العبيدات من أقوى قبائل برقة بليبيا حتى الآن.

‌قبائل خالطت العبيدات من الحرابي في برقة بليبيا

من القبائل العربية الليبية التي تداخلت في العبيدات بحيث تكتلت معهم ولا يمكن فصلها بأي حال من الأحوال، وقد ملكت هذه القبائل أراضين في منطقة العبيدات الشاسعة في برقة شرق القطر العربي الليبي، وهذه القبائل هي: العلالقة وأصلها من سُلَيْم، والعدَّال والرزنة وهما من المرابطين والأخيرة معظم أفرادها الآن في الفيوم، وأما العلاقة والعدَّال فقيل أنهم من العلاقة في طرابلس الغرب، ومحل إقامتهم الآن في الجبل الأخضر مجاورين لعشيرة غيث من العبيدات وتمتد ديارهم إلى علوة بوذارع، ومن العلالقة والعدَّال جماعات في الفيوم بمصر، والعلالقة ثلاثة فروع هي: رقبة ومشاريب والأزرق، أما العدَّال ففيهم فرعان هما شنار وذبح، أما الرزنة فروعها داود ونعمات.

ص: 261

ولما جلا أولاد علي عن برقة إلى صحراء مصر الغربية بعد حربهم مع العبيدي كما أسلفنا خلا الجو للعبيدات واتسعت عليهم البلاد، فصار يحدهم من الشرق بلدة السلوم على الحدود المصرية، ومن الغرب مدينة سوسة وكانت تسمى قديمًا أبو لونيا أيام الإغريق اليونان، وللعبيدات نصف هذه المدينة ويصعد حدهم مع مجرى الماء الذي في الوادي الذي فيه العين التي تسقي البلاد، وتمتد جنوبًا حتى سور القراوي، فنصف غوط الأرانب فقطارات سابق فأبيار عبد الراؤق فالعفسة. وكانت العبيدات أكبر قبيطة من حيث العدد فبلغوا مع حلفائهم عام 1348 هـ حوالي ستين ألف مسلح!!، كما تخالط العبيدات قبائل مصراتة وزليطن وتاجوراء وكانت هذه القبائل الليبية تستقر في المدن المسماة بها فنسبوا إليها، فلما نزلوا الجبل الأخضر في برقة طلبوا من حبيب العبيدي زعيم الحرابي كلها في برقة أن يمنحهم مدينة درنة يجعلونها موطنًا لهم، فأجابهم إلى طلبهم جودًا وكرمًا منه عليهم وجعل لهم حدودًا لا يجاوزها البادي نحوهم، فكان الحد من الغرب عقبة جوة ومن المشرق عين بنت وكل من الحدين يمتد أفقيا حتى الصحراء جنوبًا في منطقة برقة، إلا أن تلك القبائل اكتفت بالمدينة وما قاربها من الساحل وأرض الفتاح والضهر الحمر، ومرت سنون على هذه الحالة فانتُزع منهم الباقي فيما بعد.

وقد بقيت هذه القبائل الثلاث في مدينة درنة محتفظة بأسمائها، وكل حدث بعدهم ينضم إلى قبيلة من القبائل الثلاث ويصبح في تعدادها مثل قبيلة الخرم وأصلهم من الحوَّتة واندمجوا في قبائل مصراتة، وعائلات العكاوي والحجربي وفائد وأبو سدرة والإمام وقد اندمجوا في ازليطن، أما نسبهم فقد قال المؤرخون أن التواجير المنسوبون إلى مدينة تاجوراء كلهم ينسبون إلى بني حميد بن جارية بن وشاح بن عامر بن جابر بن فايد بن رافع بن ذباب بن مالك من بُهْثَة بن سُلَيْم

ص: 262

العدنانية، أما مسراتة

(1)

المنسوبون إلى مدينة مصراتة فأغلبهم من بني سالم بن وهب بن رافع بن ذباب بن مالك أيضًا من بني سُلَيْم، وكذلك الجرابي فهم من بني جراب بن وشاح المذكور من سُلَيْم، أما عائلة المكاوي أصلهم من مكة المكرمة من عائلة كبيرة وقد نزحوا إلى جربة ومنها إلى مدينة درنة مع من نزح من جربة

(2)

إلى تلك المدينة، وعائلة صوان فهم من قبيلة العوَّامة

(3)

، وعائلة أبي سورة وعائلة الإمام وعائلة فايد فالمشهور عن هذه العائلات أنها من الأشراف الحسنيين، ومصراتة قبيلة عزيزة النفس يتميز أفرادها بقوة الشكيمة وكثرة العدد ومشهورون الآن في مقرهم مصراتة غرب مدينة صرت وقد ذكرهم العلَّامة ابن خلدون، ونزحت منهم عشائر إلى برقة فعُمِّرت بهم مدينة درنة وبني غازى ولهم تجارات وزراعات بتلك النواحي، وهم يتصلون ببادية تلك الأصقاع فيشترون منهم الأنعام والصوف والسمن ويبيعون للبادية ما يحتاجونه من الألبسة والأغطية المصنوعة من الكتان والصوف، مما جعل تلك البلاد في رخاء وشر، وهَوَّن اتصال الحاضر بالبادي، حتى أنهم تصاهروا وتبادلت بينهم المصالح وكل ذلك يعود فضله إلى قبيلة مصراتة. وقال صاحب المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب:

إنهم ينسبون إلى سالم بن وهب بن رافع بن ذباب السُّلَمي، كما تشهد بعروبتهم وعاداتهم الاجتماعية وتقاليدهم السخية وشهامتهم الغريزية المشاهدة الآن في أفرادهم بمدينة درنة في إقليم برقة الليبي، وقد كانت هذه البلاد قبل مجيئهم خالية من العمران ولم يكن بها إلا قلة قليلة يدعون عائلة عزوز نزحوا إليها من بلاد الأندلس بعد سقوطها في يد الإسبان آخر القرن الثامن الهجري، وقد عُمِّرت بعض الشيء الذي لا يذكر حتى وفدت إليها قبائل مسراتة وزليطن وتاجوراء، ومن هذه القبائل الثلاث عُمِّرت مدينة بنغازي عاصمة برقة ويسكن في بنغازي في الوقت الحاضر قبائل عدة من السعادي ومن المرابطين وورفلة، وطائفة أخرى

(1)

مسراته القديمة ذكرها ابن خلدون أنها تجيلة من بقايا الهوارة البربر في غرب ليبيا، والمرجح أن مدينة مصراتة سميت باسمهم وسكنها فيما بعد بني سُلَيْم فنسبوا للمدينة.

(2)

جربة: جزيرة تونسية تقع إلى الشرق من القطر التونسي.

(3)

العوامة: قبيلة من الأشراف الأدارسة.

ص: 263

تُدعى الكرافلة وهم بقايا من الأتراك العثمانيين الذين حكموا البلاد الليبية عدة قرون مثل باقي البلاد العربية، ومدينة بنغازي كبر مساحة وعمرانًا الآن من مدينة درنة، ومن قبيلة مصراتة خدَّام القطب الشهير الشيخ أحمد زرُّوق وقد يشك البعض أنهم من قبيلة الحسون وينسبونهم إلى مصراتة، وذلك الشك ناشئ من حادث وقع مع الشيخ أحمد الزرُّوق ذلك أنه مر بمكان بقرب مدينة سرت، فتعرض له فعه لصوص وشرعوا في أخذ ما معه حتى خلعوا ملابسه ولم يتركوا له لباسًا يستر به عورته، فقال شخص من الذين برفقة الشيخ للصوص: قد تركتم المال الذي يخبئه الشيخ في لباسه، فهجم اللصوص على الشيخ وأرادوا نزع ملابسه كلها، فاستغاث وتضرَّع إلى الله، فظهرت معجزة وكرامة لهذا الولي؛ وذلك أن الشخص الذي باشر نزع الملابس للشيخ غرقت رجله في الأرض فصاح أمام الحاضرين يستغيث، فلما رأى اللصوص ما حلَّ بهم وعجزوا تمامًا جاءوا إلى الشيخ أحمد خاضعين، وأراد الله هدايتهم على يديه فتابوا عن قطع الطريق واستمر ذلك الشخص في خدمة الزُّروق، ولما قدم الشيخ أحمد الزُّروق إلى مصراتة قابله محمد بن سليمان أبو زقية من قبيلة مصراتة بالبشر والترحيب وأوقف نفسه على خدمته وأسس له زاوية وجعل لها وقفًا من ماله الخاص، ثم تتابع الوقف على زاوية الزُّروق من أهل الخير حتى صارت من المعاهد التي يلجأ إليها الآن طُلَّاب العلم، ولا تزال ذرية بورقية فيهم نفارة على وقف هذه الزاوية إلى عصرنا هذا، والذي يشك في أنهم ليسوا من مصراتة يقول أنهم أبناء الشخص الذي قدم على مصراتة مع الشيخ أحمد زرُّوق وهو من قبيلة الحسون، والحقيقة أن هذا الرجل مات في خدمة الشيخ ولم يعقب أولادا، وللشيخ أحمد زرُّوق فائدة يُعرف بها رخاء العام من المحل أو الجدب وهي:

انظر شوال فإن أحدًا

أو سابقيه فرخص زائد وسعه

أو رابعًا أو خميسًا فاللطيف لنا

وبين بائتين وما تبعه

ص: 264

- الحاسة: وهم البطن الثاني من الحرابي وجدهم حواس بن حرب وفيهم ثلاث عشائر كبيرة هي: شارقة، وقلابطة، وبخايت، ويستقرون جميعا في الجبل الأخضر، يحدهم من الغرب عشائر الحرابي، ومن الجنوب بطن فايد من الحرابي ومن الشرق بطن العبيدات من الحرابي أيضًا، ومن الشمال البحر المتوسط، وفي وطنهم مدينة شحات وكانت تُدعى سابقًا قرنية في زمن الإغريق، وكمالهم نصف مدينة سوسة.

- أولاد فايد: وهم البطن الثالث من الحرابي وجدهم فايد بن الذئب أخي حرب وفيهم عشائر إبراهيم، وصالح، ويونس، وسعيد، وداوود، ومقرهم في الجبل الأخضر يحدهم من الشمال بطن الحاسة ومن الشرق بطن العبيدات ومن الغرب البراعصة ومن الجنوب الصحراء، وفي موطنهم زاوية الفايدية، ومع هذا البطن عشيرة الديداني المستقرة الآن بجوار ترت من الجبل الأخضر المعروفة من قبيلة الحُوَّتة ومن لبيد من سُلَيْم، وكما يستقر في وطنهم نفر قليل، أما معظم أولاد فايد فهم الآن في الفيوم بمصر.

- أولاد حمد: وهم البطن الرابع من الحرابي وجدهم حمد بن حرب وفيهم عشائر أبلذان، وقندول، وراجح، وضافر، ومصينيع وهؤلاء الخمسة كانت أمهم واحدة. وطلح، ونايل أمهما واحدة وهي الحاجة والدة محمد برعاص رأس بطن البراعصة، وتسكن عشائر أولاد حمد في الجبل الأخضر ببرقة، ومن عشيرة الرواجح من يستقرون في قصر القرابوللي بمجافظة طرابلس الغرب، ويقال أن عدد رجالهم يربو على سبعمائة رجل ومنهم قليلون في الجبل الأخضر في برقة، كما منهم قسم في واحة سيوه المصرية، ويحد عشائر أولاد حمد من الشرق بطن الحاسة، ومن الشمال البحر المتوسط، ومن الغرب بطن الدرسة، ومن الجنوب بطن البراعصة ومقرها المكان والوسيطة.

- الدرسة: وهم البطن الخامس من الحرابي وجدهم إدريس بن حرب وفيهم عشائر عادل وفيهم رئاسة الدرسة، وحسين المُلقَّب أبو عوينة، وأسريريق،

ص: 265

والحجازات، والخشبات، وحامد، ودغار، وعبد، وشعيب، والشلماني، ومقر الدرسة الجبل الأخضر يحدها من الشرق أولاد حمد، ومن الشمال البحر المتوسط ومن الغرب البراغيث، ومن الجنوب البراعصة، وفي ملكهم مدينة طليمثة.

- البراعصة: وهم البطن السادس ضمن الحرابي وجدهم محمد برعاص وقد أوضحنا نسبه للأدارسة كما تقدم، وقد قدم أباه وأمه للحج ثم توفي أبوه فمكثت أمة في برقة وتزوجها حمد بن حرب وتربى محمد عنده وضمه لأولاده، وذكر الباحثون في ليبيا أن والد محمد برعاص كان قادمًا من جبل أعلام القريب من طنجة في مراكش وروجته تُسمى الحاجة طليحة، وينقسم البراعصة إلى عشائر كبيرة فقد كان نماء البراعصة متزامنا مع نماء باقي بطون الحرابي قبل ستة قرون من الزمان، ومن عشائرهم:

جليد، وزايد، ويونس، والبحويفي، وضياء، والحسيني، وعريف، واليتامى، والمساعيد، وخزاعل.

والبراعصة من أكبر بطون الحرابي، وتعتبر قبيلة الآن قائمة بذاتها وهم من أشهر قبائل برقة بالوقت الحاضر، ومنهم في الفيوم

(1)

. وبني سويف والغربية والمنوفية والدقهلية والشرقية وغيرها (انظر عنهم في المجلد الثاني)، وقد أنجبت قبيلة البراعصة عددًا كبيرًا من الثقفين، وكان لهم شأن كبير أثناء الحكم الملكي في ليبيا، وكانت رئاسة الوزراء غالبًا ما تكون منهم وكذا الوظائف الهامة في ليبيا، ومن أشهر عائلات البراعصة في ليبيا عائلات مازق والصيفاني وحدوث ومقرب والخضراء، والأخيرة مقيمة في مصر من مدة تقارب قرنًا ونصف القرن، وكان فيهم الزعامة على قبيلة البراعصة حتى عام 1830 م، ثم حدث قتال بينها وبين عائلة حدوث بقيادة أبو بكر حدوث وفقدت عائلة الخضراء حوالي سبعمائة من فرسانها،

(1)

أكثر عائلات البراعصة في الفيوم في منشية سكران جبريل وهي منسوبة إلى أحد شيوخهم، ومنهم في (قرى) حنا حبيب وشعلان بمركز أبشواي بالفيوم إلى جانب عائلات في مراكز سنورس وغيرها، وكما هناك حرابي غير البراعصة في شعلان وغيرها من غرب الفيوم، ويوجد نجع حسان أبو عامر من الحرابي في الصف - جيزة.

ص: 266

فطُرِدَت بواسطة حدوث من برقة إلى مصر وتولى هو زعامة قبيلة البراعصة، وقد سكنت عائلة الخضراء في مدينة سنورس بالفيوم وكان عمدتهم سليمان بيك بياض، ومن البراعصة عشيرة الخوالد في محافظة بنى سويف.

وعن حروب الحرابي

(1)

خاصة العبيدات مع أولا علي فقد أسلفنا التفصيل عن هذه الحروب في السرد عن قبيلة أولاد علي.

‌لمحات عن بعض عائلات الحرابي في الفيوم وغيرها بالديار المصرية

من أشهر العائلات أذكر عائلة بياض من البراعصة، وعائلة الهاين، وعائلة تعيلب وكبيرها سعداوي عبد الرحمن العمدة، وعائلة المرحومي من الشرايع العبيدات، وعائلة عقيلة من الشرايع في سرسنا، وعائلة أبو لطيعة في البراعصة وكبيرهم عبد التواب أبو لطيعة عمدة قصر لطيعة، وعائلة مساعد باكليب بالمقراني وكبيرهم عبد العزيز العمدة، وعائلة الرتمي، وعائلة يونس من الشرايع، وعائلة راحيل، وعائلة طوير وكبيرهم جلفاف عبد الرحمن عمدة منشاة السادات، وعائلة السعداوي وكبيرهم شيخ البلد إبراهيم السعداوي، وعائلة عويان ومنها العمدة طلبة عبد العزيز وفيها عمدة آخر يسمى محجوب مهدي، وعائلة الشيلابي وهم

(1)

تجدر الإشارة إلى توضيح أن الحرابي قبيلة ذات بأس وقوة وبها آلاف الفرسان وتعدُّ كبر قبائل السعادي على الإطلاق من حيث العدد، والحرابي لا ينامون على ضيم ويأخذون حقوقهم في التو والحال ومنهم فرسان وأبطال مغاوير، وصنعوا ملاحم أو فروسية في تاريخ ليبيا عبر القرون الماضية، وفي قسم الوثائق والمخطوطات في مكتبة بنغازي بليبيا اطلعت على خرائط تحدد مواقع وديار قبائل إقليم برقة اتضح لي أن بطون الحرابي تستحوذ على القسم الأكبر من أراضي الإقليم خلاف قبائل سُلَيْم الأخرى أو قبائل المرابطين أو قبائل فزارة أو هلال، وكما شاهدت صور، كثيرة لفرسان مغاوير من الحرابي على الأخص من العبيدات والبراعصة على صهوات الخيول ومعهم البارود يعلنون الجهاد الأكبر في صفوف متراصة ضد الطليان إبان غزوهم للأراضي العربية الليبية منذ عام 1911 م وحتى 1930 م، وكان شغلهم الشاغل وهدفهم الأسمى هو الانتقام من عساكر الطليان وتوجيه الضربات الموجعة لهم في كل مكان، وعلى رأسهم المجاهد الزعيم عمر المختار من قبيلة المنفة إحدى قبائل الأشراف في برقة، وكان هؤلاء الفرسان البدو حقا وصدقًا أبطالًا سطروا صفحات ناصعة في تاريخ الجهاد العربي ضد الاستعمار، كما أنهم رغم عدم تكافؤ الوسائط القتالية إلا أنهم كانوا يهجمون بخيولهم على العدو ولا يهابون الموت وكانت هجماتهم في أغلب الأوقات - كما يسميه العسكريون - انتحارًا بمعنى الكلمة ولكن في نظر هؤلاء الأبطال ليس انتحارًا وإنما هو إقبال على الشهادة في سبيل الله والوطن.

ص: 267

من الشرايع وكبيرهم سليمان علي الشيلابي عمدة عشيرة الشرايع في الفيوم وأغلبها في طامية، وعائلة أبو مغيِّب وكان كبيرهم سعيد عبد الحفيظ رحمه الله وعائلة مشهور ومنهم حفني عبد الرحمن عضو مجلس الشعب المصري، وعائلة الطالحي، وعائلة شغيم بالناصرية - فيوم وكبيرهم عبد الستار شغيم، وعائلة اللحامي.

وعائلات الحرابي في الغربية والبحيرة وغيرها من الوجه البحري أشهرها عائلة الجبالي وغائلة أبو جازية، وكان منهم عبد الحميد أبو جازية عضو مجلس النواب السابق وعبد العظيم بيك أبو جارية رحمه الله.

وتوجد عائلات عدة من الحرابي في العامرية غرب الإسكندرية منهم عائلات السبع وصالح وعبد العزيز وحسونة وغيرها من بعض الأسر من البراعصة، وفي مدينة الإسكندرية توجد نسبة من الأُسر أشهرها من عائلة الجبالي، وكذلك هناك أُسر في مرسى مطروح، أما في البحيرة فتوجد نسبة كبيرة من عائلات الحرابي وخاصة في أبو المطامير وأشهرها عائلة أبو مريم وأكثرهم يسكن في حوش عيسى أيضًا بحيرة وهي أكبر عائلات الحرابي في حوش عيسى، وهناك عائلات الشاهين بحوش عيسى ومنهم في الإسكندرية جزء وفي أبشواي جزء آخر وكذلك منهم فرقة في طوخ الخيل بمحافظة المنيا، وهناك عائلات مثل شباط أبو السقاف بحوش عيسى، وعائلة أبو عجوة، وعائلة فجر وهم في اليحيرة، وعائلة أبو الشقاف من الشرايع العبيدات في حوش عيسى بحيرة، وعائلة مزين بالإسكندرية، وعائلة أبو حليفة، وعائلة أبو ضاوي، وعائلة أبو خطوة في العامرية ومنهم جزء في الحمام، وعائلات أبو خاطرة، وكما يوجد في أبو المطامير بحيرة أكبر تجمع لأسر وعائلات الحرابي، وأشهرها عائلات الجبالي وعبد المولى وموسى وبسيوني وغيرهم.

ص: 268

كما توجد عائلات كثيرة من الدرسة في سيدي غازي بحيرة، وعائلات من عشيرة أرفاد في إيتاي البارود، وعائلة عبد الكريم بسحالي من العبيدات في مركز أبو حمص بحيرة، وعائلة تسمى كبيرة أيضًا في أبو حمص من الجبالي وغيرها.

‌ثانيًا - البراغيث:

والبراغيث هو الجذم الثاني في السعادي وهو برغوث الأكبر ابن الذئب بن أبي الليل وله فايد ومنه قبيلة الفوايد، وجبريل ومنه قبائل الجبارنة، وبرغوث ومنه بطنان كبيران: العرفاء وجدهم عريف بن برغوث بن برغوث الأكبر، والعبيد وجدهم عبد بن برغوث بن برغوث الأكبر، وسنُفصِّل عنها كالآتي:

(أ) الفوايد

وهم من نسل فايد بن برغوث الأكبر، وقد نزل الفوايد من برقة مع الهنادي أو عقبهم بفترة ليست كبيرة، وهذا كان منذ ثلاثة قرون أو يزيد، وكان عقيدهم أو قائدهم يونس بن مرداس المسلمي، وقد نزلوا في صحراء مصر الغربية وشاركوا مع الهنادي في حروبهم ضد أولا علي، ويقيم أغلب الفوايد في محافظة المنيا وخاصة في مغاغة وفي محافظة الفيوم وفي محافطة البحيرة، وفي حروب محمد علي باشا في السودان التحق بجيشه المسافر لفتح السودان نحو 630 محاربًا من الفوايد و 833 محاربًا من الجوازي، وكما التحق بجيشه إلى سوريا 130 من الفوايد و 204 من الجوازي حيث قاموا بأعمال حربية كبيرة

(1)

، وقد كان لقبيلة الفوايد تاريخ سياسي مُشرِّف إبان الحركة الوطنية المصرية، ولا ينكر ناكر ولا يجحد جاحد جهاد حمد باشا الباسل رحمه الله، الذي نُفي مع سعد باشا رغلول وكان حمد أحد من قام على أكتافهم الوفد المصري، وقد ساهم بأمواله للإنفاق على الحركة الوطنية وثورة عام 1919 م العارمة للشعب المصري ضد الإنجليز، وكذلك جهاد أخيه عبد الستار الباسل رحمه الله، وكذلك المصري باشا السعدي الذي كان

(1)

عن شريعة الصحراء للواء رفعت الجوهري.

ص: 269

وكيلًا للوفد المصري، وكان يتقاسم زعامة الفوايد عمَّار التايب زعيم الطيور وعمَّار كيشار من فرع عبد الكريم، وسنفصل عن ذلك في موضعه.

‌فروع الفوايد

‌أولًا - "البريقات

": وفيهم عشائر الطيور، والرقيب، وبلوة، والسحيمات.

- عشيرة الطيور: كان شيخهم عمار التايب بن محمد بن حسن بن نايل بن منصور من بزيق من فايد، وكان عمار فارسًا مقدامًا ومحاربًا عظيمًا وخاض حروبًا كبيرة انتصر فيها على قبيلة الجبراري وعلى قبيلة أولاد علي، وعند وفاته حزنت عليه جميع العربان وتألمت لفقدانه جميع القبائل في القطر المصري، وقد قُتل عمَّار التايب في إحدى المعارك بين الفوائد والجملة المنضمين للجوازي، وكان يخشاه جميع الفرسان من كافة القبائل، لدرجة أن قاتله تزيَّا في زي امرأة واستطاع أن يقترب من عمَّار وأن يُصَوِّب له النار، وقيل: ضربه بالحربة وقد قتل الحصان الذي يركبه أيضًا، وقد ثأر أخوه منصور من قبيلة الجملة وقيل أنه أسرف في القتل حتى بلغوا أربعة عشر رجلًا، ثم قال بعد قتلهم عمَّار التايب: عليكم دين وهادول سدوا في الفرس!! أي أن دم عمَّار لم ينته والقتلى وفوا فقط في حصان أخيه، وقيل أن فليوغة ضاربة أو قارعة الطبول بكت عليه ولم تبك أحدًا طول حياتها وصار مثلًا عند ذكر عمَّار التايب الفوايدي فيقال: اللِّي فيلوغة عليه بكت؛ كما قالت فيه حبق ضاربة الطبل للجوازي قبل موته وكانت عدوته قالت عندما قتل محجوب كيشار من عائدة مطيريد: انده يا طار وتول عمّار اللِّي غايب ما هو حاضر حمل البرور أن فرغ صر ثلاثة قصور عليه أن يجد خبر. ومحجوب كيشار من الفوايد وقُتل من أولاد علي، وقد أخذ عمَّار التايب بثأر عمَّار كيشار، وقالت فيلوغة

(1)

عنه: وين صهرون في الليل الرايات للتايب عمَّار، وقد أنجب عمَّار التايب محجوبا الذي أنجب مهديا وكان الأخير فارسًا عظيمًا وصورة طبق الأصل من جده عمَّار، وقال عنه شاعر بدوي:

(1)

فيلوغة امرأة من الفوايد تقرع الطبل وقت القتال لتحمِّس الرجال في حومة الوغى، وكانت من أشهر النساء في دق الطبول، وكانت تقول الكلام المنظوم عن الفرسان والأبطال، وفيلوغة تعتبر امرأة حديدية لأن حياتها كانت دائمًا في لهيب الصدام بين الرجال، ولا تسمع سوى قعقعة السيوف وطلقات البارود، ولا ترى إلا والرءوس تطير والدماء تسيل والجثث تتناثر تحت حوافر الخيول!!.

ص: 270

كل عام وانت بخير صيتك عالي

يا مهدي يا حماة الغريب الجالي

قديم بينكم تحكي على مرسومه

أنتوا جدكم حارب سعيد وقومه

أنتو حطيتوا معشه في الزمان الخالي

جدودك في عطاهم يغنوا الفقارى

وفي جفاهم يهدموا الجبالي

وقالت عنه إحدى ضاربات الطبل أثناء موقعة بينه وبين عائلة كيشار كان وقتها على عمَّار كيشار عمدة القبيلة، وقد أبلغ سلطات الأمن بأن نجع الطيور به مجموعة من حاملي الأسلحة غير المرخصة قالت:

بوكيشار ركب للنقطه ديهوم توارى دلال

توارى واندس وقال دونك يا إبراهيم الخص

جاهم أبو مازق يلهد على الأزرق وما هو

خايف من الباشات وقال ناولوني سيفي

وسلاحي قسم عيون الزغراتات

وأنجب مازق التايب وكان وكيلًا لقبيلة الفوايد، ثم أحيلت عليه عُمدية القبيلة من وزارة الداخلية بدلًا من عبد الله باشا لملوم وذلك في وزارة الوفد عام 1942 م، وأنجب المستشار منصور التايب واللواء صلاح التايب

(1)

صاحب مؤلف

(1)

بذل هذا الرجل مجهودًا عظيمًا في تواريخ السعادي من بني سُلَيْم في كتاب أسماء القبائل المصرية وقد نقلنا عنه في موسوعتنا الشاملة، والسعادي من بني سُلَيْم أنجبت في هذا القرن أحمد لطفي السيد أستاذ الجيل ومؤرخ وهو من قبيلة الجواري، وكذلك ظهر مؤرخ بعده في العهود القريبة من أولاد علي (السعادي) أيضًا وهو خير الله فضل عطيوة وهو مؤلف رحلة الألف عام، ثم اللواء صلاح التايب من الفوايد (السعادي).

ص: 271

(تاريخ القبائل المصرية)، وعائلة التايب عائلة عريقة ومعظمهم يقيم في نجعهم بمغاغة في المنيا ومن فروعها أسر كبيرة مثل مبروك، والشلابي، والجهمي.

ومن عشيرة الطيور ظهرت عائلة إبراهيم السعدي وكان منها حسب الله ومرعي وكانا من كبار الطيور، وعائلة رشدان، وعائلة دبنون بريك، وعائلة عامر الشوربجي وراضي، وعائلة حماد منها ضيف الله وحماد أبو الليل، وكما يقيم الطيور بعزبة التايب بمغاغة، وفي مركز ببا في السلطاني يقيم جزء كبير منهم، كما يقيم جزء منهم في نجع أبو بريك بمركز ببا (بني سويف) وشيخهم هناك عابد محمد خالد، وفي الفيوم يقيم الطيور في عزبة روفان تبع السعدة مركز إطسا وكبيرهم سليمان هنداوي ومحمود زكري أبو عنز ويقيم جزء في عزبة الحواري تبع مركز أبو جندير بالفيوم وكبيرهم حسين عمَّار من عائلة أبو عنز، ومنهم عائلة الأقعض في الفيوم، ومنهم في صفط راشين بمركز ببا جزء وكبيرهم جلود خالد.

- عشيرة الرقيب من البريقات: جدهم واحد هم والطيور والسحيمات وبلوة وكان يُدعى بريق، ومن شيوخهم إبراهيم مسعود وتوفيق هدهود وعايد أبو هدهود وحسين سلطان وحمدي توفيق وعبد الوهاب ضيف الله وخير الله محمد، ويقيمون بقصر الرقيب تبع برمشا بمركز العدوة ومنهم جزء في الحامدية بمركز إطسا فيوم، ومنهم محمد محمد الشين عمدة الحامدية، كما يقيم في قرية بلوة جزء منهم محمود محمد عمدة الحامدية.

- عشيرة بلوة من البرقيات: ويقطنون بعزبتهم المجاورة بقرية ملاطية بمركز مغاغة بالمنيا وعمدتهم حاليًا عبد الرحمن محمد عايد، وفي الفيوم منهم فرع بمركز إطسا، وتشتهر العشيرة بالنخوة والكرم.

- عشيرة السحيمات من البرقيات: وجدهم أقرب لعشيرة بلوة وكبيرهم ياسين عبد العزيز المقيم في عزبته تابع البرقي بمركز الفشن محافظة بني سويف، ومنهم جزء في السلطاني وهم أصهار لعشيرة بلوة.

ص: 272

‌ثانيًا - الفرع الثاني في الفوايد "عبد الكريم

":

وهم أبناء عبد الكريم بن سعد بن مرابط بن عبد الكريم من نسل فايد بن برغوث بن الذئب بن أبي الليل، ومن عبد الكريم العشائر التالية:

- عشيرة أبو نقيرة: وأغلبهم في عرب الشياط والنبورة بمركز مغاغة بالمنيا ومنهم عائلة أبو منيب وعائلة أبو تله بالشيخ مسعود مركز العدوة.

- عشيرة سعيد: ويقيمون بقريتهم بالفيوم ومنهم محمود بيك بسيوني رحمه الله، وقد تصاهر محمود بيك ديهوم مع حمد باشا الباسل - رحمة الله - من الرماح من الفوايد والآتي ذكره.

- عشيرة كيشار: وهم ممبر عشائر فرع عبد الكريم من الفوايد، ومنهم الكيلاني بيك، ومنهم عائلة العلواني المعروفة، ومنهم محمود العلواني والكيلاني بيك والديب العلواني العمدة، ومنهم عائلة النايض ومنهم في قرية مقيدم وغيرها من محافظتي المنيا وبني سويف، ومنهم عائلة السعدي الشهيرة في المنيا، وقد أنجب السعدي لملوم الذي أنجب صالح باشا لملوم رحمه الله وكان ذا سطوة ونفوذ كبيرين في محافظتي بني سويف والمنيا، وكان يشتهر بالنخوة والشهامة وقد قُتل مع أخيه عبد الرحمن لملوم عام 1938 م أثناء معركة انتخابية في مركز الفشن ببني سويف كان يساعد فيها ابن عمه سلطان بيك السعدي، وقد قتله شابان من عائلة جاد العدلي الأول يُدعى أحمد والآخر يدعى خليل واللذين قُتلا على الفور من مرافقي صالح باشا، وقد عم الحزن جميع قبائل العرب على فقدان هذا الرجل البارز، وقد قامت السلطات المصرية بعمل صلح بين عائلة جاد العدلي وعائلة السعدي. كما من الشخصيات الهامة في عائلة السعدي عبد الله باشا لملوم رحمه الله وكان عضوًا بمجلس الشيوخ، وابنه محمد المحامي عضو مجلس النواب وكان عضوًا في الهيئة الوفدية، وقد شارك مع لجنة وضع الدستور جمع من الشخصيات البارزة من عائلة السعدي عبد الرحمن بيك رحمه الله، وكان مشهورا بالخُلُق والككرم وكان عضوًا بمجلس النواب، وابنه لملوم وقد اشتهر بالجرأة

ص: 273

والإقدام، ومن أبناء لملوم: عبد المنعم رحمه الله، وكان عضوًا في مجلس النواب وكانت شقيقته متزوجة من الملك إدريس السنوسي (الملك الأسبق في ليبيا)، ومن عائلة السعدي أذكر المصري باشا السعدي وكان له تاريخ سياسي مُشرِّف أثناء الحركة الوطنية، وكان وكيلا للوفد المصري، وله عبد العظيم وكان من الشخصيات المحبوبة في مركز مغاغة بالمنيا، كما أنجب المصري باشا قاسم بيك رحمه الله، وكان عضوًا في الحزب السعدي وله تاريخ سياسي مُشرِّف، وقد أنجب طوسون وفراج من رجال الأعمال والسيد الوزير المفوض بالخارجية، ويشتهر أبناؤه بدماثة الاخلاق، ونذكر أدهم المصري الذي اشتهر بالشهامة والكرم.

كما أن من عائلة السعدي سلطان محمد عضو مجلس النواب ومن أولاده المستشار مفتاح السعدي عبد الحميد السعدي وكان عضوًا بمجلس الشعب، ومن السعدي عمَّار بيك رحمه الله، وكان شاعرًا عظيمًا ومنافسًا لأمير الشعراء أحمد شوقي وحافظ إبراهيم -، وللأسف لم تُجمع أشعاره سوى عدد قليل من قصائده ونذكر من أشعاره، فقد قال في الفخر بالعرب:

قوم إذا اقتحموا العجاج رأيتهم

شمسًا وخِلْتَ وجوههم أقمارا

إذا ما دعاهم للصريخ لملمة

بذلوا النفوسَ وفرقوا الأعمارا

ويُحكى أن صالح باشا لملوم

(1)

السعدي شاهده يومًا يحتسي الخمر، وقد حدثت مشادة بينهما فقال له عمَّار بيك السعدي:

(1)

صالح باشا كان ثريًا ثراءً فاحشًا ويملك أراضي زراعية شاسعة، وكان له جاه عريض وقد احتفظ بنفوذه بمقعد دائم في البرلمان لعائلة السعدي، وكان من كثرة شهرته أن أطلق على عرب الفوايد اسم عرب لملوم، وكان مقره بالمنيا علاوة على ماله هو وأسرة لملوم وعائلة المعدي من عزب في بني سويف، وأذكر منشأة لملوم وكانت بنواحي مغاغة ومنسوبة إلى صالح باشا لملوم من أعيان وأثرياء مركز مغاغة بالمنيا، ومنشأة عبد الله بيك لملوم أيضًا من أعيان مغاغة، وعزب صالح لملوم في الفشن ومغاغة، وعزب عبد الله لملوم في مغاغة، وعزب لملوم محرب بالفشن، وعزبة لملوم بيك المعدي في إطسا بالفيوم.

وذكر أحمد لطفي السيد أن في عام 1935 م كان يوجد عمدتان في الفوايد هما إبراهيم ديهوم وحمد مقرب علواني، وذكر أن الفوايد لهم عشائر متسعة أكثرهم في مصر الوسطى بالمنيا وبني سويف وبعض عائلاتهم في الفيوم والدقهلية والشرقية والغربية وخاصة الرماح. قلت: ويوجد عرب صفيط الفوايد في الفشن في بني سويف، ونجع عرب المهدي الأحزم من الرماح في الفشن، وعرب الفوايد في بني سويف، وعرب الشيخ شافعي من الفوايد في ببا ببني سويف، وعزبة الفوايد في شربين دقهلية، وعزبة =

ص: 274

لئن شربت دم العنقود عن سفهٍ

شربت أنت دم الإنسان طغيانا

فمن منَّا عند الناس أفضلنا

ومن كان عند الله أتقانا

ويُحكى أنه كان في مجلس خمر ولم يعجبه أحد حاضري المجلس فقال فيه:

لو علمت الخمر أن النذل شاربها

لحلف الكرم ألا يطرح العنبا

كما من فرع عبد الكريم نذكر عائلات العواكلة، وأبو قراريصة وهذه العائلات منها في المنيا وفي كسارة بالفيوم وفي نواحي بني سويف.

كما يوجد أيضًا من عبد الكريم فخذ أبو رويحية في مركز بلبيس بمحافظة الشرقية وقد انتقلوا إلى تلك الجهة من المنيا قبل قرن ونصف قرن، ومن علي أبو رويحية تكونت عائلتي بكر وفيصل، ومن أعلامهم الدكتور السيد عبد المجيد بكر محاضر بقسم الجغرافيا في كلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة بالمملكة العربية السعودية، وله إنتاج فكري من الكتب العلمية التاريخية أهمها: الملاحم الجغرافية لدروب الحج، والأقليات الإسلامية أربعة أجزاء، وأشهر المساجد في الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وطريق الهجرة وغيرها.

ثالثًا - الفرع الثالث من الفوايد "الرماح":

وهم أبناء رمح بن فايد بن برغوث بن الذئب بن أبي الليل، ويسكن معظم الرماح في محافظة الفيوم وبني سويف بمركز العدوة وفي مغاغة بالمنيا، وقد كان لزعيم الرماح حمد باشا الباسا رحمه الله تاريخ مجيد أثناء الحركة الوطنية في مصر وتعرَّض للنفي مع سعد باشا زغلول، وكان من الدعائم التي قام عليها الوفد

= نجع السريرة (الرماح) في إطسا بالفيوم، ونجع الشيخ العرب عبد الكريم مهنا في ديروط بأسيوط وهو من الفوايد، وقرية طماوي عبد الله أبو قراريصة من الفوايد في سنورس بالفيوم وقال إميديه جوبير الفرنسي في وصف مصر المترجم - أن الفوايد قبيلة عربية مقرها في بني سويف والمنيا.

ص: 275

المصري، وحمد هو ابن محمود بن باسل بن صالح بن زيدان بن منصور بن موسى التريريس بن الضريوفي بن إبراهيم بن محمد بن علي من ذرية رمح بن فايد، وكان له دور كبير في مساعدة المهاجرين من برقة بليبيا إلى مصر أثناء الاحتلال الطلياني في أوائل القرن العشرين الميلادي، وقد نظم أحد الشعراء بعد وفاته قصيدة قال فيها:

وإذا السعادي هاجروا من برقة

وتغيرت سرائهم ضراء

قصدوا لمصر ونعم مصر موئلًا

وتكبدوا قبل الوصول عناء

نزلوا على حمد البواسل بغتة

والكل يشكو خله وعاء

فحياهم فضلًا شاملًا

والبذل عادة من أراد علاء

حلف الزمان لا يأتين بمثله

أبدًا ومن جعل السماء بناء

وقد كان لحمد الباسل

(1)

أخ اسمه عبد الستار بيك وهو مثله في النخوة والكرم، وكان له أيضًا تاريخ حافل في الحركة الوطنية، وقد أنجب حمد باشا ابنه محمد وكان مشهورًا بدماثة الخُلُق، وأنجب محمد أبو بكر وهو من الشباب الوطنيين وعضوًا لمجلس الشعب المصري وأمينا للحزب الوطني.

عشائر وعائلات الرماح الشهيرة وبعض عائلات من الفوايد:

الدريون: فرع وفيه عشائر التريريس وشلوع وكليب وهارون وسكران وزيدان وعمار وميلاد وصالح الباسل ومنه مقاري ومحمود النايض.

(1)

توجد بلدة قصر الباسل وتنسب إلى حمد باشا الباسل في مركز إطسا بالفيوم وبها عدد كبير من عائلة الباسل، كما توجد عزب سالم الباسل بإطسا وسنورس بالفيوم، وعزبة عبد الستار الباسل في إطسا، وقصر أبو لطيعة الباسل وينسب إلى عبد الجواد عبد الله الباسل، ويوجد قسم من هذه العائلة العريقة في مدينة الفيوم، ينسب حمد الباسل إلى هذه العائلة الكريمة وكان أحد زعماء الحركة الوطنية المصرية، وقد تولى أخوه عبد الستار عمدية الرماح منذ بداية هذا القرن، والرماح أغلبهم في غربي الفيوم، رقد شارك حمد مع سعد باشا زغلول في نهضته ونفي معه إلى جزيرة مالطة، وقد ألَّف حمد باشا الباسل كتاب نهج البداوة، وكان يرتدي زي البدر المغربي (مثل بدو ليبيا)، وكان يجيد اللغة الإنجليزية والفرنسية وكان مؤازرًا للمجاهد الليبي عمر المختار ضد الغزو الإيطالي للأراضي الليبية، وقد سمعت أن الرئيس المصري الراحل أنور السادات كان له صداقة بعائلة الباسل عرفانًا بالجميل منه لدورها الوطني.

ص: 276

ومن شباب عائلة الباسل حاليا علي الباسل وهو العمدة الحالي، ومحمد البيومي، واللواء سليمان أبو هشيمة.

والمهندس أبو بكر الباسل عضو مجلس الشعب ورئيس لجنة الزراعة، والدكتور علي عبد القادر الباسل عميد كلية الزراعة سابقًا، والدكتور خالد الباسل في مستشفى القاهرة التخصصي، والدكتور ديهوم عبد الحميد الباسل بكلية العلوم بالفيوم وعبد العظيم عيسى الباسل صحفي بالأهرام، وسالم أحمد سالم الباسل (شاعر)، والمهندس رأفت حسين النايض باسل، واللواء شرطة وجيه الباسل على المعاش، والمهندس أنور الباسل، وضابط شرطة محمد سعد الباسل، وأحمد لملوم الباسل مدير عام بالمطاحن، وحمد صالح الباسل عمدة قصر الباسل، وخليل أحمد خليل الباسل عمدة السعدة، وعلي سالم الباسل عضو مجلس محلي بالمحافظة، ومحمود لملوم الباسل مقدم بالقوات الجوية.

- ومن الشلوع فروع عائلات أشهرها القنيِّن وهم بالفيوم ومنهم عائلة العياط في الفشن ببني سويف، وعائلة عبد الغفار ومنها في مغاغة ومنها الصحفي سيد عبد الوهاب عبد السلام رحمه الله، وأبو شملي في شنَّرا مركز الفشن، وعائلة بو سعيدة بعرب بشرى بالفشن، وعائلة بو جير الله في أقفهص تبع الفشن، وعائلة أبو فضيلة بقرية اللواجنة غرب سأقولة مركز العدوة، وعائلة عيسى في قرية علي عيسى بالغرق - فيوم، ومن عمد الدريون المعروفين علي البلتاجي وجمعة أبو بكر في المحمودية، وتوجد أيضًا في بني وركان عائلة بوسويرق وعمدتهم كان عبد القادر ضيف الله رحمه الله، أي كان عمدة لقرية بني وركان وتولى مكانه ابنه فهمي عبد القادر.

- كليب وهي أيضًا عشيرة ضمن الرماح وأكثرها في أقفهص بالفشن.

- هارون وهم عشيرة في الرماح، ومن عائلاتها أبو جليل بالفيوم ومنهم يوسف مفتاح عمدة نجع الحجر بالفيوم، ومنهم رجالات بارزون مثل سيد يوسف وكيل وزارة المالية بالزقاريق، واللواء شحاتة حامد، واللواء سعد يونس أبو جليل

ص: 277

ووالده كان مستشارًا رحمه الله والمهندس سيد عبد الغني أبو جليل بوزارة الزراعة. ومن عائلة أبو جليل أطباء ومهندسون وضباط وموظفون كبار لا يتسع المقام لذكرهم، ومن عشيرة هارون عمدة دانيال عبد الحميد عبد الرازق.

- ميلاد وهم عشيرة كبيرة من الرماح أكثرها في الفيوم الآن.

- العلَّام وهم عشيرة أيضًا ومنها يوسف عبد العزيز من رجال القضاء ومحمد بيك عبد المجيد وأسرته في الغرق بالفيوم.

ومن عائلات الرماح: العبياط، وقلدان، وعجيلة، ولاشين، وسويكر، وحتيتة، واللواج، ونعيب، وجبيلي، والساري، وزيدان وأغلبها في أبي جندير بالفيوم، والأموال ببني سويف ومركز ببا.

ونذكر عائلات أخرى معروفة من الفوايد من الفروع الأخرى غير الرماح هي عائلات: أبو نصيب وعائلة السادح في قرية جابر مركز مغاغة والفيوم، وعائلة الفلاح وهي عائلة كبيرة في مركز العدوة بمحافظة المنيا وشيخها حاتم الفلاح، وعائلة السكران، وعائلة أبو زامل، وعائلة الراعي، وعائلة أبو تله.

ومن عائلات الفوايد الكبيرة في الفيوم أذكر التالي:

عائلة الشين وعمدتهم محمود محمد أبو القاسم عمدة الحامدية، وعائلات الساري، ومشتلوف، وعفش، وعقيلة، ورقيب، وسالم، وأبو شناف في شعلان، ومؤمن في طبهار ومن مؤمن أذكر عدلي السيد بيك مؤمن، والدكتور والي خالد مؤمن، واللواء شرطة جمال خالد مؤمن، والمستشار صفوت مؤمن، والمهندس حسين أحمد مؤمن، والدكتور هاني عدلي مؤمن، والدكتور محمود توفيق مؤمن، والمستشار ممدوح خالد مؤمن، والدكتور رشاد السيد مؤمن، و المهندس يسرى عدلي مؤمن، والفوائد منها عائلات أبو سيف، ومنها العمدة أحمد أبو سيف، وأبو فجير، ونعاس، وحرفوش وهم بكرداسة، وفتيح منهم سيد فتيح العمدة.

ص: 278

ومن عائلات الفوايد في بني سويف أذكر التالي:

عائلات عمَّار، ومنيسي في تزمنت ومنها العمدة محمود منيسي، ومحمد علي ومقرها أهناسيا، ومجاور وفيها نسبة من الشباب المتعلم من الأطباء والمهندسين وغيرهم، وفراج وكان كبيرهم الحاج سيد من الأعيان رحمه الله، ومن رجالهم محمد لملوم عبد الحميد والمقدم علي وغيرهم.

ومن عائلات الفوايد في مركز العدوة محافظة المنيا أذكر التالي:

عائلات بعزاقة، ومنيسي والأخيرة لها عزبة أبو منيسي وكبيرهم صلاح أبو منيسي وهم من أولاد عبد الكريم.

‌عشائر إخوة لقبيلة الفوايد

1 -

‌ المرايم:

وأصلهم من العبيدات من الحرابي من السعادي، وقد كانت المرايم و‌

‌الشاهنة

والدقيات مضطهدين من أولاد علي في بطومة بالصحراء الغربية كما أسلفنا، ثم تمكن الفوايد من تخليصهم من سيطرة أولاد علي في معركة قالت فيها فيلوغة ضاربة الطبل للفوايد:

أضحى من جديد يسير

ألا يوم بطومة مضى

وتوزعت العشائر الثلاثة على التايب عمَّار فأخذ الشاهنة، وأخذ السعدي المرايم، وأخذ الدقيات عمَّار محجوب، وأصبحت هذه العشائر إخوة للفوايد بعد معركة بطومة بين أولاد علي والفوايد السالفة الذكر، ومن المرايم عائلات غيضان وأكثرهم في الفردوس التابع لمركز مغاغة، والجازي، واللواج، والساكر عبد المجيد، وبوشنب الغراب، وعطية يوسف بقرية بطران، وعلي عبد ربه.

2 -

الشاهنة:

وأصلهم من المرابطين وإخوة للفوايد وخاصة عشيرة الطيور، ومن عائلاتهم درمان وعويضة في بطران وعزبة سعد أبو بكر، وفي العقولة عائلات خميس

ص: 279

وقاسم جبر، وسالم جبر، وعبد الجليل، وأبو طراف، ومن الرجالات المعروفين للشاهنة أبو الذاكي بالفشن ويقيم في عزبته مع باقي أقاربه الاهنة، وسيف كيلاني بمركز مغاغة بالمنيا.

3 -

‌ الدقيات:

وأصلهم من المرابطين وهم إخوة للفوايد، ومن كبارهم منصور حمد أبو طينمة والديب حماد.

4 -

‌ العوامة:

أصلهم مرابطون من الأشراف الأدارسة في برقة، كما يذكر بعض الباحثين وهم إخوة الفوايد أيضًا مثل العشائر الثلاثة الآنفة الذكر.

‌حروب الفوايد مع قبائل السعادي

ذكرنا حرب الفوايد مع أولاد علي في بطومة بالصحراء الغربية لمصر، ونذكر حروب الفوايد مع الجبارنة والجملة والجوازي.

‌حرب الفوايد والجبارية في برقة بليبيا

الفوايد والجبارنة أشقاء فهما أبناء برغوث الأكبر ابن الذئب بن أبي الليل، وقد أنجب جبريل جد الجبارنة: قبائل الجوازي والعواقير والمغاربة والمجابرة والعريبات والجلالات، وقد كانت الفوايد هي أكبر قبائل البراغيث وأعظمها شأنًا، وهي التي كانت تسيطر على باقي قبائل البراغيث وتبسط نفوذها عليهم وتقارع قباتل السعادي الأخرى من العقاقرة (أولاد علي والحرابي)، فأوغر ذلك صدر زعماء الجبارنة من (البراغيث) إخوة الفوايد وتحالفوا ضدهم، واشتعلت نار الحرب بين الفوايد من جهة وبين قبائل الجبارنة من جهة أخرى ولم يقف بجانب الفوايد سوى بطن العرفاء من البراغيث

(1)

، وقد ساعد الجبارنة قبائل أخرى من السعادي

(1)

البراغيث هنا هم من برغوث الأصغر ابن برغوث الأكبر، والأخير يجمع كل القبائل المذكورة خلاف الأول فهو لقبيلة واحدة يلقب أحدهم برغثي.

ص: 280

وكان زعيمهم عبد النبي مطيريد كبير الجواري، وقد كان هذا الرجل مشهورًا بالفروسية وقيادة الحرب، واستطاع أن يقود التحالف وأن يهزم الفوايد التي كانت تسيطر على إقليم شحات وسلوق والفايدية في برقة بشرقي ليبيا، ومن أثر تلك الحروب نزحت قبيلة الفوايد إلى مصر وقطنت الفيوم والمنيا والغربية وغيرها قبل ثلاثة قرون.

‌حرب الفوايد مع الجوازي في مصر

عند نزول الجوازي إلى مصر قادمين من برقة أقاموا في محافظة المنيا وخاصة في مراكز سمالوط وبني مزار ومطاي، وعندما استقروا نزحوا إلى الشمال حيث ترابط قبيلة الفوايد وامتدت سيطرتهم إلى العطف وشنرَّا وهي مراعي كانت تقيم فيها الفوايد.

ونذكر هنا قول فيلوغة ضاربة الطبل حيث قالت: (ربيع شنرَّا والعطف كلوه الجوازي بجمالهم)، وتقصد هنا أن الجوازي يزاحمون الفوايد في مراعيهم وقد اقتحموها بإبلهم وأكلوها!! وقامت الحرب بين فرسان الفوايد وعقيدهم أو قائدهم عمَّار التايب، أما الجوازي فكان عقيدهم عبد النبي مطيريد، وقد انتصر الفوايد وهزموا الجوازي وأعادوهم حتى بلدة شلقام التي أصبحت للآن الحد الفاصل بين القبيلتين، وهنا قالت ضاربة الطبل: الحد بينا شلقام وإن جيتو للخرابة ناخذوكم. والخرابة هي إحدى القرى التابعة للفوايد، وقد كان لعمَّار التايب موضع تكريم من جميع عشائر الفوايد، وقالت فيلوغة في تكريمه: وين صهرون في الليل الرايات للتايب عمَّار.

‌حرب الفوايد والجملة إخوة الجوازي

هذه الحرب هي التي مات فيها عمَّار التايب عقيد الحرب وزعيم الفوايد، وكان عمَّار فارسًا مشهودًا له بحسن القيادة حيث قاد أغلب الحروب التي قامت بها قبيلة الفوايد، وعند وفاته بكت فيلوغة ضاربة الطبل ولم تكن تبكي على أحد

ص: 281

ولذلك يقال عند ذكر اسم عمَّار التايب (اللِّي عليه فيلوغة بكت)، وقد كانت الحرب بين الفوايد والجملة بسبب النزاعات على الحدود. وتزيَّا أحد رجال الجملة في زي امرأة واستطاع أن يقتل قائد المعركة للفوايد عمَّار التايب وحصانه، ولكن منصور شقيق عمَّار استطاع أن يثأر لأخيه عمَّار وقتل أربعة عشر رجلًا من الجملة وقال بعدها: هادول سدوا في الفرس وعمَّار دين عليكم؛ وقد قُتل منصور التايب هو الآخر في إحدى المعارك مع الفوايد، أما عمَّار فقد دُفن في بلدة العطف بمركز العدوة بمحافظة المنيا وله مقام كبير في هذه البلدة حتى الآن ويقوم بزيارته جميع أفراد الفوايد في المنطقة.

(ب) البراغيث

وهم من نسل برغوث الأصغر ابن برغوث الأكبر بن ابن الذئب بن أبي الليل وفيهم بطنان كبيران:

1 -

العرفاء من عريف بن برغوث.

2 -

العبيد من عبد بن برغوث.

والنسبة إلى برغوث برغثي

(1)

.

‌العرفاء

(2)

وتنقسم إلى عشائر: السلاطنة والطرش، ويستقر العرفاء بعضهم في ليبيا وبعضهم في مصر وهم الجزء الأكبر وأكثرهم في محافظة المنيا، وقد انضمت للفوايد وتصاهرت معها لدرجة يصعب فيها التفريق بينهما الآن، ويقع الجزء الأكبر من العرفاء في مركز مغاغة بالمنيا وخاصة في قرى أشنين وبني خلف وبني خالد وعزبة أبو شلش ودهروط وكفر المداور.

(1)

مثلما يقال عن المنسوب للبراعصة برعصي وهم ضمن بطون الحرابي، والبراغيث سمي بهم محل في القليوبية بمصر (عرب برغوث) وبه جماعة منهم يمارسون الفلاحة، كما توجد قرية البرغوثي في وجه بحري وفي الصعيد بنواحي العياط بالجيزة، ويوجد نجع العبيد من البراغيث في المنيا، وتوجد عزبة للعبيد من البراغيث في سنورس بالفيوم، وتوجد قرية طه برغوث في بليس بالشرقية، وعزبة العبيدات محمد صبح في دكرنس دقهلية، وعزب العبيد في قوص بقنا، ودسوق بالغربية.

(2)

ينسب للعرفاء الشهيد الوكواك، ومنهم طاهر العسيلي.

ص: 282

ومن أشهر فخوذ العرفاء يحيى وفيه العائلات التالية:

حنيش، وموسى حمد، ومنصور، وصالح ولهم نجع كرب المنيا، وأبو شلش، والسنوسي وشيخهم عطية السنوسي، والدريف، وأبو سالف.

‌العبيد

وتنقسم إلى عشائر: شعوة، والدخاخنة، واليتامي، الشلالفة، وحماد، وعياط، والسود، والبرجات، وشيخ العبيد في ليبيا يُدعى جربوع بن عبد الجليل أبو بكر، ومساكن العبيد في جرس العبيد يحدهم من الشرق البراعصة والدرسة من بطون الحرابي، ويحدهم من الغرب الجبارنة، ومن الجنوب الصحراء.

ومنهم قسم في مصر خاصة في المنيا وقوص بقنا ودكرنس بالدقهلية ودسوق بالغربية ولهم عزب باسمهم في تلك المحافظات.

‌ج - الجبارنة

وهم أبناء جبريل بن برغوث الأكبر ابن الذئب بن أبي الليل، وفيهم عدة قبائل هي: الجوازي، والعواقير، والمغاربة، والمجابنة، والعريبات، والجلالات.

‌الجوازي

وهم أكثر قبائل الجبارنة عددًا وأكثرها قوة وجسارة، وجدهم حمزة بن جبريل بن برغوث الأكبر ابن الذئب بن أبي الليل، وكانت زوجة حمزة تُسمى جازية فنسب أولادها إليها وسُموا باسم أمهم، وينقسم الجوازي إلى قسمين: الأول ويُسمى جوازي بيض، والثاني جوازي حُمر، ويقال: إن الجوازي البيض كانت خيامهم على الرمال البيضاء، والجوازي الحمر على الرمال الحمراء، ويذكر الباحثون أن خروجهم من برقة إلى مصر كان في حوالي عام 1230 هـ ـ وكان زعيمهم في برقة هو عبد النبي مطيريد، ويقال: إنه بدع الحكم على السارق بأن يدفع ثمانية أضعاف ما سرقه سواء كان المسروق من الخدم أو البقر أو الإبل، ويقال عنه أنه لما داهمه مرض الموت جمع عقلاء القبيلة وسألهم ما اسم السنة؟ قالوا هذه السنة التي مرض فيها الشيخ عبد النبي وشفاه الله، فقال لهم: لا بل اسمها السنة اللي مات

ص: 283

فيها عبد النبي!! وصدقت نبوءته وقد توفي فعلًا في هذه السنة، وقامت حرب كبيرة بين الجوازي وأبناء عمومتهم العقاقرة (أولاد علي والحرابي) وكان مع الجوازي العواقير والفوايد والمغاربة وكلهم من برغوث الأكبر إخوة لهم، وكذلك كان مع الجوازي بعض قبائل المرابطين أو سُلَيْم أو الأشراف مثل زويَّة والفواخر والشهيبات، وكان القائد للجميع عبد النبي مطيريد، وقامت المعركة في موضع يقال له كاركورة وقد كانت النساء من الجانبين خلف المحاربين وهن يشجعنهم على القتال، وكانت قارعة الطبل للعقاقرة تُسمى آمنة رو والتي تدق الطبل للبراغيث والجوازي تُسمي حبق، ولما أصيب ابن حبق في المعركة غنت آمنة فرحًا وردت عليها حَبَق لما شاهدت ابنها يتوجع من إصابته قائلة: بلا جضيض ياعيِّل انعنك فدا عبد النبي!، .. هنا توضح محبة شديدة لعقيدهم عبد النبي بن مطيريد. وفي حروب محمد علي باشا في السودان التحق بجيشه المسافر نحو 640 محاربًا من الفوايد، و 204 من الجوازي وقد قاموا بأعمال حربية مجيدة .. ومن سلالة عبد النبي مطيريد عمَّار بيك المصري وله تاريخ سياسي وحربي مجيد، ومن خلفه علي بيك المصري، والكيلاني المصري وأيضًا له أحفاد منهم الدكتور جمال مطيريد والعقيد محمود مطيريد، وكان حمود المصري بيك رحمه الله أحد شيوخ قبيلة الجوازي الذين كان لهم تاريخ مُشرف في ثورة عام 1919 م في مصر.

وتضم قبيلة الجوازي

(1)

فخوذًا كثيرة منها الأطرش، ولطيف، وأبو الجواد، وعبد السلام، وأبو غرارة، وأبو خلفابة، والمنفي، والأنقط، وسرير، والأدبك، ولوجلي، والهارجي، وباسل، وشلابي، والأدهس، وزيدان، والمنفي، والجرمة،

(1)

الجوازي: قال عنها المؤرخون على رأسهم أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد الذي ينتمي إلى هذه القبيلة العريقة من السعادي من عرب سُلَيْم العدنانية: نزل الجوازي إلى مصر من برقة قبل قرنين وهي من أقوى قبائل عرب الصعيد المصري، وتمتد منازلهم من البحيرة حتى المنيا، ودخل منهم جماعات في أسيوط وأكثرهم أو مقرهم في محافظة المنيا، ودخل منهم قسم في جيوش العربان عام 1883 م فبلغوا 42% من مجموع الجيوش مجتمعة وهذا يدل على قوة الجوازي وغناها بالرجال والفرسان والخيول الصافنات الجياد، وذكر لطفي السيد أن شيخ عموم الجوازي عام 1935 م كان فخر القبائل كيلاني عمر المصري ويقيم في المنيا.

ص: 284

وأبو عايد، وسكرف، وباغي، والأبعج، ومن شيوخ القبيلة البارزين كان حمد عبد السلام، وقد كان أيضًا عمدة القبيلة وله أولاد عدة منهم خالد ومحمد ومحجوب ومفتاح وعبد الغني، ومن شيوخهم أيضًا أذكر عبد الله عبد السلام وكان مثالًا للشهامة والكرم، وقد قال أحد البدو فيه كلامًا منظومًا: بيت عبد الله بيت مشهر جديد .. جار الطريق لذيذ السهاري بو مندرة على البحاري .. للضيف من خوف الملامة ينادي عزمه شديد بو علي وين تقصده من فعله يزيد .. طرفه كما طرف النيل في الصعيد. ولعبد الله أولاد عدة منهم عبد السلام وأبو الجود وهو خليفة لوالده في الكرم والشهامة والتمسك بالقيم والأخلاق العربية.

كما أن من شيوخ الجوازي إبراهيم عيسى رحمه الله ومفتاح الهروجي وعلي أبو شناف، ومن الجوازي الفريق صفي الدين أبو شناف، واللواء إبراهيم أبو الجود محي الديني عبد الجواد علي أبو شناف عضو مجلسى الشورى عن دائرة أبو قرقاص بمحافظة المنيا، واللواء توفيق عيسى رحمه الله أول لواء شرطة على مستوى الصعيد، وعلي محمد أبو شناف عمدة صفط الغربية، والمستشار محمد سالم يونس رحمه الله نائب رئيس محكمة النقض، وفتح الله علي أبو شناف وكيل وزارة التموين سابقًا، واللواء عبد الرحمن أبو قفة، واللواء محمود مطاريد المفتش بوزارة الداخلية، ودكتور جمال مطاريد نقيب أطباء المنيا وعبد النادي إبراهيم رئيس مجلس مدينة بني مزار، والعقيد حميدة عبد العاطي مأمور بندر كفر الشيخ، والمقدم محمود عمار رئيس مباحث المنيا، والمقدم هشام هارون بالشئون القضائية للقوات المسلحة، والرائد حمدي أبو شناف رئيس مباحث سمسطا، ودكتور أحمد عرياني أستاذ جراحة المخ والأعصاب بأسيوط، وغيرهم آخرون في سلك القضاء والنيابة والشرطة والقوات المسلحة المصرية والطب والتدريس لا يتسع المقام لذكرهم جميعًا، ويقيم أغلب الجوازي في مراكز

ص: 285

مطاي وبني مزار وسمالوط

(1)

والمنيا، ويحدهم مع قبيلة الفوايد بلدة شلقام تبع بني مزار بمحافظة المنيا، وقد صارت هذه الحدود مع الفوايد بعد الحرب التي كانت بين القبيلتين، وقالت ضاربة الطبل للفوايد: الحد بينا شلقام وإن جيتو للخرابة ناخذو، والخرابة بعد شلقام في جهة الفوايد.

‌حروب الجوازي مع العواقير

ذكر أحمد لطفي السيد: أن العواقير والجوازي من قبائل الجبارنة من السعادي كان بينهم عداء مستحكم، وكانوا يشنُّون الغارات على بعضهم البعض من مصر إلى ليبيا وبالعكس

(2)

، فمس ذهب الجوازي من مصر لقتال العواقير في برقة بليبيا ثم صالحوهم على غزو القاهرة جميعًا وضرب الخديوي سعيد وزبانيته في عقر داره، ولكن الخديوي وصله الخبر من بعض عيونه بنية هؤلاء العربان وما سوف يقبلون عليه من هذه المغامرة الجنونية، فجمع عساكر جمَّة وطاردهم حتى الصعيد، ثم جمعهم كيلاني بن عمر المصري من الجوازي وعرض عليهم غزو بلاد السودان لما وجد عندهم حب المغامرة والميل للغزو، فهي غريزة تجري في دمائهم، فجمع فرسيانًا كثيرين لاقتحام بلاد الفونج في دارفور غرب السودان من أجل كسب غنائم من ذهب وعبيد وجواري، ولكن هيهات فقد أنهكتهم الرحلة وألهبتهم الشمس المحرقة وقلة الغذاء والماء، فما إن وصلوا بكامل الإعياء حتى تلقتهم عساكر السودان فتفرق جمعهم وقُتل أكثرهم، وأسر كيلاني بن عمر بيك المصري ثم أرسله ملك الفونج هدية للخديوي سعيد مع هدايا من بلاده عظيمة تحتوي على النفيس والغالي من الأنعام والجواهر والجواري والعبيد، ولكن الخديوي سعيد باشا

(1)

سمالوط: توجد نقطة محمد عبد القادر من الجوازي الحمر في سمالوط بالمنيا، ويوجد نجع عرب خنفر خميس من الجوازي الحمر في سمالوط أيضًا، كما يوجد في بني مزار عرب يادم الكيلاني من الجوازي، وكذلك نجع عرب سلامة من الجوازي الحمر في سمالوط.

(2)

العداء هنا موروث من جدهم أبي الليل وعشيرته التي ينتمي لها من الكعوب، وانظر في تاريخ العبر عن فعالهم والثارات بينهم والحروب الدامية بين فصائلهم على أرض تونس الخضراء حتى أواخر القرن الثامن للهجرة، وقد لخصنا لمحات منه في بداية السرد عن بني سُلَيْم العدنانية في تونس.

ص: 286

رأف بحال كيلاني ورقَّ له قلبه وأعجب بجسارته وطموحه أن يغزو دولة وهو مجرد شيخ قبيلة، وأراد الخديوي أن يجعله أسير فضله، فعفا عنه وأقطعه أرضًا شاسعة في المنيا على أن لا يعود إلى الثورة والعصيان أو التمرُّد على السلطات المصرية هو وعرب الجوازي، وفعلًا وفيَّ كيلاني بالعهد للخديوي وصارت أحواله أقرب لطاعة الدولة، واستقر من حينها أمر الجواري وصاروا من العرب الموالين للدولة، ومالوا إلى الفلاحة والزراعة في الأراضي، حتى اختلفوا مع الخديوي سعيد بقيادة عمر المصري بسبب التجنيد في الجيش، وهذا ما سنُفصِّل عنه تباعًا.

‌الحرب بين الجوازي وأولاد علي

كانت هذه الحرب نتيجة للوقيعة التي كان يدبرها حاكم مصر في ذلك الوقت الخديوي سعيد بن محمد علي، فقد كانت قبائل العرب ترفض دفع الضرائب باعتبارها في نظرهم جزية، وجرَّ ذلك على تلك القبائل عداء السلطة وكثيرًا ما كان الخديوي سعيد يرسل حملاته لتأديب عرب المنيا والفيوم. ونسوق هنا ما كتبه أحد المؤرخين المشهورين وهو الأستاذ حبيب جلماتي تحت عنوان (عمر المصري والطربوش المغربي) ويقول في هذا المقال

(1)

: وكان بكر المنياوي أعرابيا من قبيلة الجواري الضاربة في إقليمي المنيا والفيوم والمشهورة بالفروسية وتربية الخيول العربية الأصيلة وتوريد الجمال (الإبل) والماشية لأهل المدن على طول مجرى النيل، وكانت مهنة بكر هي التوسط بين الموردين والمستوردين مما جعله كثير الأسفار دائم التنقل من مكان إلى مكان، وأما سكينة فأعرابية مثله تنتمي إلى قبيلة أولاد علي الكبيرة في الصحراء الغربية، وقد تزوجها بكر في إحدى رحلاته إلى برقة ووجد فيها خير رفيق في حياته وخير معين في عمله، ولم يدُر حديث الزوجين في ذلك اليوم وهما عائدان من القاهرة وقد استوى كل منهما على ظهر ناقته حول رحلة جديدة يفكران فيها أو صفقة رابحة يسعيان إليها، بل كان

(1)

عن كتاب أنساب العرب لعبد السلام الحبوني، والحبوني من قبيلة حبون إحدى قبائل الأشراف الأدارسة.

ص: 287

حديثهما في هذه المرة مُنصبًّا على موضوع لم يطرقاه من قبل وعلى أمر خطير يتوقف عليه مصير قومهما ومستقبل أسرتهما، وقال بكر بصوت عميق متهدج:

إنني أوجس خيفة يا سكينة من عواقب هذه المغامرة التي أرى قومنا مسوقين إليها بدافع الأقدار، ومما يدعو للأسف أن الحُكَّام في القاهرة لم يأخذوا بعين الاعتبار مبلغ تأصل التقاليد في نفوس العربان ومقدار تمسكهم بما توارثوه من عادات وشمائل أبا عن جد من قديم الزمان، فأقرته سكينة على رأيه وأضافت قائلة: علينا أن ننبه القوم إلى ما يُدَبَّر لهم وأن نطلُعهم على ما سمعنا ورأينا في القاهرة، وعليهم أن يَعُدُّوا للمفاجآت عُدَّتَها وأن يتخذوا للغد حيطته

وماذا رأيا في القاهرة؟ كان الحُكم قد آل إلى محمد سعيد باشا أصغر أبناء محمد علي باشا منذ عام 1854 م، وكان هو سيد البلاد الجديد ولا يتفق مع سلفه وابن أخيه عباس باشا الأول في سياسته، فهو واسع الأفق محب للإصلاح يعطف على العمال والفلاحين، ويرغب رغبة صادقة في إعادة مجد الجيش المصري إلى سالف عهده وتنظيمه على أساس وقواعد تتفق مع مقتضيات العصر، ولا يهمنا في سياق هذه القصة إلا ما تعلق بالجيش دون سواه من الشئون التي عني بها ذلك المصلح الكبير، وكان الجيش المصري قد تطرق إليه الانحلال والضعف في السنوات السابقة لعهد سعيد باشا، فعهد بعد توليته إلى زيادة عدده وأنشا معاهد لتخريج الضباط وشيد الحصون والقلاع، وواصل مد الحملة المصرية في حرب القرم بالجند والمعدات، واشترك بعد توليته الحكم بعدة سنوات في حروب المكسيك بأمريكا،، وكان أحب أوقاته إليه تلك التي كان يقضيها بين ضباطه وجنوده.

وفكر سعيد باشا في استخدام القبائل العربية الضاربة في أقاليم مصر وعلى الحدود أسوة بما قد فعل أبوه محمد علي وأخوه إبراهيم من قبل، وكانت قبيلة الجوازي النازلة في إقليمي المنيا والفيوم أول قبيلة اتجهت إليها أنظاره لتحقيق هذا الغرض، فدار بينه وبين زعيمها عمر المصري أو عمَّار المصري بلهجة أبناء البادية مفاوضات تولاها فريق من ضباط الجيش الشراكسة والأتراك، وتم الاتفاق بين

ص: 288

الحكومة وشيوخ القبائل على جميع شروط التعاون ما عدا شرطين اثنين: أن يكون التجنيد اختياريا لأبناء القبائل، وأن يظل المجندون من رجال القبائل محتفظين بزيِّهم البدوي وعلى الخصوص بطربوشهم المغربي ذي الزر الضخم الطويل!!، وشب الخلاف حول هذين الشرطين فوافق الوالي على الشرط الأول الخاص بطريقة التجنيد ولكنه رفض الشرط الثاني وأصَّر على أن يرتدي العربان المجندون زي العساكر المصريين والشراكسة والترك رغبة في توحيد الزي وعدم التفريق بين العناصر التي يتألف منها الجيش الجديد، وأصرَّ عمَّار المصري زعيم الجوازي من ناحيته على أن يحتفظ بنو قومه بزِيِّهم وطربوشهم، وانقطعت المفاوضات بين السلطة الحاكمة وبينه، وكان الضباط الشراكسة والأتراك في الجيش لا ينظرون بعين الارتياح إلى اهتمام الوالي بأمر العربان ورغبته في إرضائهم وميله إلى معاملتهم معاملة خاصة مشبعة بالعطف سالكًا في ذلك نهج أبيه وأخيه من قبله، فراحوا يوغرون صدره على المصري وجماعته من الجوازي ويضغطون عليه ليقابل مطالبهم بالعنف والشدة، فنجحوا في مساعيهم، وقرر محمد سعيد باشا تجنيد حملة قوية لتأديب عربان المنيا والفيوم لإرغامهم على الرضوخ لإرادته بلا قيد ولا شروط، وفكر الضباط أنصار العنف والشدة في استخدام فريق من العربان في محاربة الفريق الآخر فأوفدوا الرسل إلى قبيلة أولاد علي في الصحراء الغربية ونجح أولئك الرسل في إقناع بعض زعماء العشائر بالالتحاق بالحملة ومهاجمة الجوازي من الخلف، وقامت الاستعدادات في القاهرة لتشكيل القوة الضاربة لمحاربة الجواري ومن على شاكلتهم من العصاة للدولة في المنيا والفيوم، وهذا الأمر ما وصل له علم بكر وزوجته في أثناء إقامتهما بالعاصمة، وقد هالهما أن تعد العدة للبطش بقبيلتيهما وهما عن الخطة لاهيان، وأن يلاقي المُحرِّضون على القتال عونًا من قبيلة عربية أخرى تربطها بقبيلة الجواري روابط الرحم والقربى والأصل الواحد، وعاد الزوجان مسرعين إلى ديار قومهما لاطلاعهما على ما بلغ مسامعهما ووقع عليه نظرهما في القاهرة ولإنذارهم بوجود التأهب لدرء الخطر

ص: 289

الداهم عليهم، ولما وصل للجوازي الخبر من بكر وزوجته تَنَادى العربان وتصارخوا إلى القتال قبل أن تتحرك القوة للزحف عليهم في عقر دارهم من قواعدها في القاهرة والجيزة، وهرع إلى السلاح كل قادر على حمله من رجال الجوازي البواسل حتى النساء حملن السلاح، واستنجد القوم بالعشائر المجاورة فأنجدتهم بما تيسر لها من فرسان وهجانة وذخيرة وزاد، وتولى قيادة الثائرين بطلهم المغوار وزعيمهم المحنك عمَّار المصري، وقد فأجات الحملة العسكرية جموع العربان في طريق الواحات البحرية ودارت المناوشات بين الفريقين متقطعة ومتفرقة حتى اشتبكا أخيرًا في معركة عرفت بواقعة (بلاط) حيث أطبق الجيش على الثوار من كل صوب بعدما وافته إلى ذلك المكان القوة التي أنجدته بها عشائر أولاد علي، فأخذ الثوار بين أربعة نيران، وبعد قتال دام بضع سعاعات شَعَرَ عمَّار المصري بأن الدائرة عليه لا محالة وأن رجاله لن يقووا على الصمود أمام الجيش ومعهم بدو أولاد علي وخاصة أن هذا الجيش مزوَّد بالذخيرة الكبيرة علاوة على كثرة عدده، وأدرك عمَّار المصري أن استبساله هو ورجاله لن يُجْديهم نفعا، وأيقن الزعيم الشجاع أن الحظ يخونه وسيُقضى عليه هو وقومه، فلما أوشك أن يصدر أوامره إليهم بالتراجع والانطلاق في الصحراء الواسعة هربًا من المعركة .... فجاة عَلَت صرخة مدوية في إحدى جهات الميدان، وأعقبها هرج ومرج، واضطربت صفوف العساكر، وارتفعت سحب من الغبار تبتعد مع الرياح نحو الشمال، وسمع أصواتا تصيح: أولاد علي .. أولاد علي، وانقلب القتال من حال إلى حال!

إن الحرب خدعة أكثر مما هي شجاعة وإقدام، وقد عَمَد الجوازي في تلك المعركة إلى خدعة أنقذتهم من الهلاك وغيَّرت مجرى القتال في حومة الوغى وساحة الميدان، ونُفِّذت تلك الخدعة على يد بكر من الجوازي وزوجته سكينة من أولاد علي، فقد هرعت هذه المرأة البدوية بكل نخوة إلى بني قومها أولاد علي يصاحبها زوجها وصاحت بهم تقول: متى كان العربان يقاتلون العربان من أجل

ص: 290

الحكام؟ ومتى كان البدوي الحر يطعن أخاه البدوي في ظهره بدون سبب أو ثأر، بينما المهاجمون يطعنون بلا شفقة ولا رحمة في صدره، ومتى يا عربان كانت المصاهرة والرحم والقرابة في الأصل بين العشائر تؤدي إلى خيانة الدم والخروج على شيمة ونخوة البدو وتقاليدهم؟ ألا كُفُّوا عن القتال يا ولد علي ولا تلوثوا أيديكم بدم إخوتكم من الجوازي، فهذا عار يلحقكم إلى آخر الزمان، فالدم الذي تريقونه هو دمكم، والمضارب التي تهدمون رواقها هي مضاربكم، والبيوت التي تخلعون طنابها هي بيوتكم، وواصلت المرأة صراخها في صفوف فرسان أولاد علي تقول صائحة: إننا نقاتل في سبيل هذه البرانس التي تلتحفون بها، وهذه الطرابيش التي تُزينون بها رؤوسكم، إنها زي آبائكم وأجدادكم الذين هم آباء وأجداد الجواري، فما إن انتهت سكينة من قولها حتى لوى فرسان أولاد علي على الفور عنان خيولهم منسحبين من الميدان، وقد عرفوا ألَّا يليق بهم قتال إخوانهم الجوازي وأن سكينة صادقة في قولها، وفتح انسحابهم ثغرة كبيرة في جبهة الجيش، فلما رأى قائده أن جيشه انكشف ويمكن اختراقه وتمزيقه أصدر أمرًا بوقف القتال مع الجوازي والارتداد إلى الخلف، وظل عمَّار المصري ورجاله صامدين كالأسود في وسط غبار الميدان، وارتفعت وسط ضجيج العساكر وقرقعة السلاح وصهيل الخيول زغاريد البدويات الفرحات المهلَّلات، وكانت سكينة زوجة بكر في طليعة المزغردات ولكن فرحتها في ذلك اليوم لم تتم على أكمل وجه، بل شاءت الأقدار أن تُنغِّص على المرأة الباسلة تكبيرها وتهليلها، فقد سقط بكر زوجها قتيلًا في حومة الوغى بطعنة فارس شركسي، وعجزت زوجته الطبيبة المداوية عن إنقاذ حياته بالرغم مما بذلته من عناية وما تفننت فيه من سُبُل من ابتكار عقاقير بكل مهارة لوقف نزيف دمه، ولكن خانها الحظ ذلك اليوم الذي كانت فيه أشد ما تكون حاجة إليه كي تنتزع من مخالب الموت أعز إنسان عليها في الوجود. وبعد أن زغردت النساء للنصر انصرفن إلى ندب القتلى ومواساة الجرحى، وبكت سكينة البدوية زوجها وعولت منذ تلك اللحظة على الرحيل إلى قومها من أولاد علي.

ص: 291

وأَبىَ عمَّار المصري إلا أن يشيد بفضل المرأة الباسلة على مرأى ومسمع من القوم فالتفَّت العشائر حوله ورفعوا سيوفهم لتحية البدوية التي كانت العامل الأول في نصرهم. تلك قصة الطرابيش المغربية ذات الأزرار الطويلة الضخمة وتلك قصة انسحاب عشائر أولاد علي من معركة بلاط في أوائل عهد محمد سعيد باشا، وكان لهذه القصة المزدوجة حواشٍ وذيول يطول السرد فيها.

وقد رحل عمَّار المصري عن ديار القبيلة في المنيا والفيوم إلى برقة بفريق كبير من رجال القبيلة ونسائها، ونزل في باطن برقة في ليبيا حيث صاهر العشائر الضاربة في تلك الأنحاء من السعادي قومه وغيرهم، والغريب هنا في رحيل ذلك الزعيم البدوي عن دياره فإنه لم ينزح بسبب انهزامه في معركة بل سبب انتصاره فيها، فعمَّار المصري من أرومة حجازية نجدية وقد ورث ذلك من أجداده من بني سُلَيْم في الجزيرة العربية، وتقضي بأن يرحل الغالب عن البقاع التي كُتبت له فيها الغَلَبة في الحروب، ولا تزال هذه العادة حية معمول بها عند كثير من قبائل وعشائر العرب في الجزيرة العربية وسيناء والشام والصحراء الغربية لمصر وشمال إفريقيا، هذا ما فعله عمَّار المصري بعد واقعة بلاط مع السلطات ومن عاونها في مصر حينئذ.

وبقي هذا الزعيم مُقيمًا في برقة إلى عهد إسماعيل باشا الذي خَلَفَ عمه محمد سعيد باشا عام 1863 م، وكان أول عمل أقدم عليه الوالي الجديد هو إعادة الوئام والوفاق بين الجالس على العرش ورعاياه من قبائل العربان في مصر، فأوفد رسله إلى برقة لاستدعاء زعيم الجوازي ورفاقه فلبُّوا الدعوة شاكرين آمنين، وعهد إليهم إسماعيل بحراسة الحدود الغربية تاركًا لهم ما كانوا يتمسكون به من امتيازات وفي مقدمتها الاحتفاظ بزيِّهم البدوي وطربوشهم المغربي الأحمر، وكان عمَّار المصري الذي تولى من جديد زعامة قومه في عهد الخديوي إسماعيل يقول في كل مناسبة: ما كنا لصوصًا وما كنا أشرارًا وما كنا باكين، ولكن بطانة السوء أوقعوا بين الجالس على عرش مصر وبيننا، في حين أننا في كل ظرف وفي كل وقت

ص: 292

سيوفًا مرهفة ورماحًا مشرعة في خدمة مصر وإعلاء شأنها وتوطيد دعائم عرشها.

ولم يكن عمر أو عمَّار المصري مخطئًا أو مبالغًا فيما ذهب إليه، فقد سار عربان مصر مع سائر طبقات شعبها في القرى والمدن جنبًا إلى جنب في الحروب والغزوات وبذلوا مثلهم الدماء والأرواح في ربوع الشام وجبال لبنان وفي ربى وصحاري الحجاز وفي هضاب فلسطين وسهول السودان؛ حيث تضم مقبرة واحدة في بلدة شندي السودانية رفات نجل عمَّار المصري ومئات آخرين من رفاقه عربان الجوازي الشجعان الذين سقطوا في الميدان من أجل رفعة مصر ووحدة وادي النيل بين مصر والسودان، أما حادثة بلاط فإنها لم تكن فتنة من بعض العصاة من العربان للسلطات وقتئذ - كما وصفها بعض المؤرخين - ولم يكن الغرض منها السلب والنهب والخروج على السلطة الشرعية في البلاد كما ادعى البعض منهم بل الصحيح أنها كانت مظهرًا من مظاهر سياسة الدس والكيد من بطانة الحكام للعربان من هؤلاء الشراكسة والأتراك الذين أصابتهم الغيرة والحقد من البدو، لأنهم لا يساومون في كرامتهم ولا يقبلون الذل والهوان والاستكانة وهم أهل الصحراء التي هي أمامهم واسعة فضفاضة يلوذون بها يستنشقون فيها هواء الحرية وينعمون بالأمان من خسف الحكام وبطش مما له من أعوان، وقد أزال إسماعيل بحكمته وحنكته آثارها من الأذهان. وهناك بعض الرواة من يقول: إن قبيلة الجوازي لم تكن وحدها في معركة بلاط بل اشتركت ميها قبيلة الفوايد وقبيلة الهنادي وهذا؛ لأن الفوايد إخوة مع الجوازي ويجمعهم جد واحد هو برغوث الأكبر ابن الذئب، علاوة على أنهم كانوا مضطهدين من سعيد باشا لرفضهم دفع الضرائب وهي ما كان يسميها البدو الجزية وكانوا يأنفون من دفعها ويعتبرون ذلك ذُلا وهوانًا؛ لأنها ليست زكاة مال شرعي فهي في نظرهم جزية على العربان، وقد ذكر المؤرخون في مصر أن سعيد باشا كان يرسل حملاته لتأديب عربان المنيا والفيوم ولم يخص هنا الجوازي وحدهم، وهذه الأقاليم هي موطن رئيسي لقبائل

ص: 293

الفوايد والجوازي وليس للأخيرة وحدها، أما الهنادي فالبعض يقول: إنهم اشتركوا في هذه الواقعة لأخذ ثأرهم من أولاد علي الذين سبق أن هزموهم وأخرجوهم من البحيرة والصحراء الغربية إلى الشرقية، ولقد كانت شخصية عمَّار المصري في ذلك الوقت أقوى الشخصيات القَبَلية، ولذلك كان هو القائد العام للمعارك في ذلك الوقت سواء كانت معارك لقبيلة الجوازي وحدها أم معارك قد يشارك فيها قبائل أخرى من السعادي.

‌رواية أخرى في حروب الجوازي وأولاد علي

يروي

(1)

أولاد علي أن الهنادي ذهبت تشكو للخديوي سعيد مما فعله فيها أولاد علي وطردها لهم من البحيرة إلى الشرقية، فانتهز الخديوي هذه الفرصة للإيقاع بين القبائل، فأرسل رسوله إلى قبيلة الجوازي يخبرهم أنه سيعفيهم في دفع الجزية إذا هاجموا قبيلة أولاد علي وأن ينصروا الهنادي عليهم، وفي نفس الوقت طلب الخديوي من قبيلة الهنادي النزول على قبيلة الجوازي وطلب معاونتهم في حربهم ضد أولاد علي، واتفق الجواري والهنادي على حرب أولاد علي ونجحت الخطة التي رسمها سعيد باشا للوقيعة بين قبائل السعادي المصرية وفعلًا قامت الحرب في منطقة تسمى أبو الزرازير قرب الدلنجات (بحيرة) وكانت المعركة في رمضان وانهزم الجوازي والهنادي في هذه المعركة، ولما علم الخديوي سعيد بهذا النصر لأولاد علي طلب منهم التوجه إلى صعيد مصر للقبض على عمار بيك المصري زعيم الجوازي، ويقال: إن أولاد علي أخبروا الجوازي بما طلبه منهم الخديوي وأنهم ليسوا في نيتهم مواصلة القتال وإراقة الدماء بين السعادي، وفعلًا ذهب وفد من أولاد علي لمقابلة الجوازي واستقبلهم الجوازي استقبالًا حسنًا وتعهَّد أولا علي بضمان هجرة عمَّار بيك المصري زعيم الجوازي إلى برقة ليأمن مِنْ شر

(1)

عن رحلة الألف عام لأولاد علي لخير الله فضل عطيوة، وقد سمى كتابه هكذا؛ لأن عرب بني سُليم أتموا ألف سنة منذ هجرتهم من الجزيرة العربية في أواخر القرن الرابع الهجري إلى مصر ثم نزوحهم عام 442 هـ إلى بلاد المغرب العربي (شمال إفريقيا).

ص: 294

الخديوي سعيد، وبعد أن ذهب عمَّار بيك ومعه مشايخ الجوازي إلى برقة وعاش فيها سنوات توسط أولاد علي لدى الخديوي إسماعيل للعفو عن عمَّار بيك المصري ومن معه، وفعلًا عادوا بطلب من الخديوي إلى ديارهم في مصر.

‌الجملة

وهم قبيلة إخوة للجواري ويقيمون في إقليم واحد بصعيد مصر، والجملة عددهم كثير وتشتهر بحفاظها على التقاليد والأخلاق البدوية وتنتشر الآن في المنيا وسمالوط ومطاي، وهناك رأي يقول: إن الجملة فرع من الجواري واستقل عنهم من زمن بعيد، وباقيهم الآن في ليبيا انضم للعواقير.

ومن أشهر فخوذها وعشائرها أبو رزيزة والمنفي ورسلان وأبو قريوي ومحمد ومبارك وعمار والمبروك ولصيق وأبو سعيد ونايف وهارون وآدم وموسى.

ومن رجالها المعروفين: عمَّار عبد القادر وفايز راضي، وكان فيهم أيضًا رجالات أذكر عبد القادر رسلان رحمه الله ومنصور رسلان والمنفي رسلان.

‌العواقير

هم أبناء موسى الأبح

(1)

ابن جبريل بن برغوث الأكبر ابن الذئب بن أبي الليل، وينقسمون إلى عدة عشائر:

(1)

أسدية ومنهم المجاهد الكبير عبد السلام باشا الكزة، وقد هاجر إلى مصر في أثناء الحرب الإيطالية مع المجاهدين في ليبيا وأقام لدى أقاربه من السعادي في مركز مغاغة عند صالح باشا لملوم السعدي من الفوايد، ثم توفي ودفن في مصر، ومن أسدية أيضًا الشيخ أحمد الكزة ونصر الكزة الذي تولى وزارة الداخلية في ليبيا بعد عودته من المهجر في مصر.

(1)

قال بعض الرواة: إن العواقير جدهم يسمى موسى الأبح ابن جبريل وأن أمهم كانت تسمى عقورة فنسبوا لها، وقالوا أيضًا: إن العواقير والجوازي كان بينهم عداء استمر طويلًا مما حدا بالعواقير أن تمكث في برقة بليبيا خلاف قبائل السعادي الأخرى ونزل قسم قليل منهم في مصر.

ص: 295

واشتهرت عشيرة أسدية بالشهامة والكرم وكان لهم نفوذ في ليييا.

(2)

عشيرة مطاوع: ومنهم صالح بوصير السياسي الكبير رحمه الله وقد هاجر أيضًا من ليبيا إلى مصر نتيجة معارضته للحكم الملكي السنوسي للبلاد الليبية، ثم عاد إلى ليبيا بعد ثورة الفاتح من سبتمبر 1969 م، وقد تولى وزارة الخارجية في ليبيا.

(3)

عشيرة إبراهيم: وكان شيخهم عبد الحميد العيَّار والذي كان رئيسًا لمجلس الشيوخ في العهد الملكي في ليبيا، وله تاريخ سياسي عظيم في الجهاد الليبي ضد الاحتلال الإيطالي، ومن هذه العشيرة أيضًا خليل العيَّار الذي كان ضابطًا بالقوات المسلحة وقد اتهم بتدبير انقلاب ضد الحكم الملكي، ومنهم أيضًا عبد الونيس العيَّار وكان ضابطا كبيرًا للشرطة، وأثناء الهجرة كانت قبيلة الجوازي

(1)

في سمالوط والمنيا وبني مزار تستضيف أبناء قبيلة العواقير. والسواد الأعظم من العواقير في ليبيا

(2)

الآن، ولم يستقر بمصر إلا جماعات قليلة من بعض الأسر في مغاغة والعدوة بمحافظة المنيا أشهرها عائلة فياض، وقد حضروا لمصر من فترة بعد قتلهم لرجل يدعى أبو زيد من قومهم العواقير، وقالت قارعة الطبل عن جلاء أولاد فياض من ليبيا بسبب الدم مع أبي زيد:

أمضات ضيعن بوزيد

عواقير ما دارن فخر

ومن العواقير في مصر في أقفهص مركز الفشن ببني سويف عائلات بسيس أبو حوالي وعقيلة الكحلوني، ومن العواقير أيضًا في قرية سلاقوس وعزبة عبد الله بيك السعدي، وكذلك في مغاغة بالمنيا عائلة الجديد.

(1)

هنا لم يمنع العداء القديم بين الجوازي والعواقير أن ترحب الجوازي بأبناء العواقير في مصر وقت الشدة أثناء الغزو الإيطالي البغيض لأرض ليبيا العربية، ولم ينس الجوازي أنه يجمعهم مع العواقير قبل كل شيء رابطة الدم والعروبة والإسلام.

(2)

كان للعواقير في ليبيا أيام الملكية نفوذ كبير.

ص: 296

‌المجابرة

(*)

تنسب إلى حمد بن جبريل بن برغوث الأكبر ابن الذئب بن أبي الليل، وفيهم فخوذ أو عشائر: الخلايف والنصرات والحمدات والهويدات والرويلات والبرانقة والسعادات

(1)

والبعرات والقزازوة والمخاثرة والطبوية والطوالب والجريبات، وهذه القبيلة مقرها الآن في واحة جالو في ليبيا ونزل عدد قليل منهم إلى الديار المصرية.

‌العريبات

وهم قبيلة عددها قليل وجدهم عريب بن جبريل بن برغوث الأكبر وأكثرهم الآن في برقة بليبيا، ونزل عدد ضئيل منهم إلى الديار المصرية وكان منهم إبراهيم الفيل والشاعر عمر بن رنانة.

‌الجلالات

وهم قبيلة ليس عددها كبيرًا وجدهم جلال بن جبريل بن برغوث الأكبر ومنهم فروع البصير الساعدي، وعبد المجيد علي، والأصهب أبو سيفه، ونزل منهم في مصر قادمين من برقة بليبيا واستقروا في محافظة المنيا مع أبناء عمومتهم قبيلة الجوازي، وقد عُدَّت الجلالات من قبائل العرب 1883 م في مصر، وبعضهم في محافظتي المنيا وأسيوط ومنهم بعض الفخوذ في الشرقية بالوجه البحري.

وفي وثيقة عثمانية أنه تم استخدام القوة من السطات المصرية عام 1833 م لمقاومة الحركات العدائية التي قامت بها قبيلة الجلالات في بني مزار بمحافظة المنيا

(2)

.

(*) المجابرة: منهم بعض الفخوذ في مصر وقد قطنوا في جرجا، ومنهم في قرية البرانقة في ببا ببني سويف وسميت على أحد عشائرهم، وقرية البرانقة في منوف بالمنوفية.

(1)

توجد قرية السعادات في الشرقية باسمهم.

(2)

وثيقة 288 دفتر 58.

ص: 297

‌المغاربة

وهي قبيلة كبيرة وبطونها متسعة في ليبيا ومصر على حد سواء، وجدهم عبد الدايم بن برغوث الأكبر ابن الذئب بن أبي الليل، وينقسم المغاربة

(1)

إلى بطنين كبيرين: الأول - رعيضات، والثاني - أولاد شامخ.

- الرعيضات: فيهم عشائر: أبو شيبة، وبهيج، ونوفل، وعليوة، وبالقراقع.

- أولاد شامخ: فيهم عشائر: نصر، وعلي، وصبح، ومنصور، والأبرش.

وتستقر قبيلة المغاربة في برقة ومن شيوخها أبو سيف ياسين وكان وزيرًا للدفاع أيام حكم الملكية (السنوسي) وابنه أحد رجال الاقتصاد في ليبيا وهو ياسين أبو سيف وكان وكيلًا لوزارة السياحة في ليبيا، ومنصور من رجال الأعمال الناجحين، ونذكر من رجالات القبيلة أيضًا صالح باشا الأطيوش ابن كيلاني بن علي بن سليمان بن عبد القادر بن مبارك بن عبد القادر بن أبو شيبة بن عبد القادر بن سليمان بن عمرو بن أرعيض من أحفاد عبد الدايم بن جبريل، وكان صالح باشا له تاريخ سياسي مجيد أثناء الاحتلال الإيطالي الغاشم للأراضي الليبية في أوائل القرن العشرين الميلادي، وأنجب صالح باشا (السنوسي) وكان ضابطًا بالقوات المسلحة الليبية واشترك في تدبير انقلاب ضد الملك إدريس السنوسي. ومن قبيلة المغاربة عائلة الرقيعي وهي من أشهر العائلات في ليبيا ومنهم العديد من الوزراء وضباط الشرطة وضباط كبار في الجيش العربي الليبي، ومعظم هذه القبيلة الآن في ليبيا، وقد عاد معظم المغاربة إلى القطر الليبي بعد استقرارهم في مصر عدة قرون، ونذكر من قبيلة المغاربة محمد المقرِّيف رحمه الله الذي كان

(1)

يقال أُطلق عليهم مغاربة لأنهما فطنوا غرب برقة خلاف قبائل السعادي الأخرى التي تمركزت كلها في إقليم برقة.

ص: 298

عضوًا بمجلس قيادة الثورة الليبية عام 1969 م، ومن المغاربة عائلة شهيرة في ليبيا أيضًا هي عائلة حشَّاد.

‌ما قاله المؤرخون في مصر عن قبيلة المغاربة من السعادي:

ذكر المؤرخون في مصر أن المغاربة قد نزلوا إلى مصر قادمين من برقة قبل ثلاثة قرون، وقد استقروا في نواحي منفلوط بأسيوط من صعيد مصر، وكانت المغاربة قبيلة غنية بالرجال الأنجاد والخيل الصافنات الجياد، وكانت على عهد الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 م تعسكر بفرسانها في منتصف قناة العسل إلى صنبو على النيل تحفزًا للإغارة على عساكر الفرنسيس في كمائن ليلية إذا ما توغلوا في الصعيد المصري.

وقال أحمد لطفي السيد: إن قبيلة المغاربة من السعادي كان مركزهم في قرية التيتلية إلى الشمال من منفلوط وهي من ضواحيها، وكان مقر شيخهم العام وفارسهم الشهير في الديار المصرية في زمانه وهو عبد الله بن وافي، وقد كان ابن وافي صاحب وقائع كثيرة مع المماليك الغُز الأتراك الذين كانوا يظلمون أهل القرى والمدن في صعيد مصر ويأخذون الإتاوات والضرائب الباهظة منهم، فكان شيخ العرب ابن وافي المغربي يقتل كل من قابله من المماليك بمساعدة فرسان المغاربة الأشداء ويردهم على أعقابهم، فاشتهر ذكره وطار صيته في الدولة العثمانية وعند الوالي في القاهرة وعموم المماليك وتحدثت عنه طوائف الشعب المصري في الصعيد، وقد قُتل ابن وافي في إحدى غاراته على عساكر المماليك عام 1105 هـ، وقد عُرف أبناء قبيلة المغاربة في الصعيد باسم هذا الشيخ الفارس وسُموا عرب ابن وافي، وقد سكن المغاربة بعد تكاثرهم في قرى الأنصار وميرو والقوصية وصنبو، وهناك نجع للمغاربة في جرجا، وتوجد أيضًا عزبة في الفشن بالمنيا باسمهم.

وقال أميديه جوبير الفرنسي في وصف مصر عن قبيلة المغاربة:

إن عرب ابن وافي مقرهم في منفلوط من أعمال أسيوط بصعيد مصر.

ص: 299

وقال جومار الفرنسي عن المغاربة وأطلق عليها عربان أولاد وافي، وقد حصلت القبيلة على أراضي عدة قرى وزرعوها بمحاصيل العلف وكانوا يرعون فيها خيولهم ودوابهم لمدة تسعة أشهر في العام، وبالرغم من كون هذه القبيلة من القبائل المستقرة فإنهم كانوا يقومون بأعمال السلب والنهب ونشر الفوضى بين الفلاحين!!.

وقال الجبرتي عن المغاربة:

- في عام 1123 هـ كان نزاع بين محمد بيك حاكم الصعيد وإفرنج أحمد من أمراء الأجناد، وقد زحف الأول على الثاني لقتاله وكان معه جمع عظيم من عرب المغاربة، والهوارة.

- وفي عام 1123 هـ أيضًا قال أبواظ بيك في ترجمته وكان من أمراء الجند في عهده قال: إن هناك مصاولة شديدة ومطاردة عنيفة بينه وبين شيخ العرب أبي يزيد بن وافي وجماعته.

- وفي الترجمة نفسها خبر فتنة بين أمراء الجند كان محمد بيك حاكم الصعيد طرفًا فيها، فجاء لقتال خصومه ومعه سواد أعظم من العرب المغاربة ومن الهوارة، وقد قتل أبواظ في هذه الفتنة.

وبالبحث الميداني وجدت المغاربة في الفيوم والجيزة ولم أتمكن من مقابلة من هم في المنيا والبحيرة وحسب ما ذكر حصر العربان عام 1897 م وما بعده أن المغاربة متواجدون في محافظات عديدة في الوجهين البحري والقبلي.

وعن المغاربة في الفيوم فهم في قرية المشرك بمركز أبشواي ومنهم الشيخ نصر عبد السميع نصر، وعبد الحميد محمد حسين صالح عمار المُلقَّب بالقراقع، وعبد الدايم جبريل، والأستاذ محمد عبد السميع نصر، والشيخ سيد عبد السلام عبد القوي، والشيخ عبد الله صالح عبد القادر، والأستاذ صبري محجوب وتوجد عائلة من بوقراقع بعزبة شماطه تبع منشأة طنطاوي مركز سنورس بالفيوم أيضًا.

ص: 300

ومن أشهر العائلات التي منها أعلام في المغاربة بمصر عائلة غيضان منهم العمدة عبد السميع غيضان رحمه الله ومنهم السفير إبراهيم ربيع غيضان سفير مصر بالجزائر، والشيخ حسن ربيع غيضان بشركة الأملاح والمعادن، والصحفي علي غيضان بجريدة مايو، والشيخ عيسى السيد غيضان عضو مجلس الشعب السابق.

‌عشائر واحة سيوه

(*)

(1)

‌ الحدادين:

يرجح النسابون في ليبيا أن الحدادين من قبيلة ترهونة.

قلت: أرجح أنهم من بطن الحدادة وتغير إلى الحدادين، والحدادة بطن من بطون لبيد من هيب من بني سُلَيم بن منصور العدنانية، وذكر خير الله فضل عطيوة في رحلة الألف عام أن الحدادين من عرب بني سُلَيْم ومن عشائرهم المخاليف والعساكرة والمتانين

(1)

.

ويوجد في الأقصر بمحافظة قنا نجع الحدادين، وهناك جبل على الحدود المصرية الليبية يسمى الحدادين.

(2)

‌ العدادسة:

وهم من‌

‌ الحمودات

من جدهم الأكبر مسلَّم وهو من بطن المحاميد من ذباب ابن مالك من بني سُلَيْم بن منصور العدنانية، والمحاميد مقرهم في صبراتة بليبيا.

(3)

الحمودات:

وأصلهم من بني سُلَيْم كما أسلفنا، ومن عشائرهم حميدة ومسلَّم ونعمامه

(*) تقع واحة سيوه المصرية قرب الحدود الليبية شمال بحر الرمال الأعظم جنوب بلدة سيدي براني الساحلية بحوالي 35 كيلو، وكانت همزة وصل بين ليبيا ومصر أثناء الاحتلال الإيطالي في عام 1911 م وقد كان البدو يهربون منها الأسلحة والذخائر إلى المجاهدين منذ عام 1911 م حتى عام 1930 م بقيادة المجاهد الكبير عمر المختار رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وجميع شهداء العرب في ليبيا وكل بقاع ترابنا العربي الغالي الطهور.

(1)

وذكرت في بعض المراجع المنافين.

ص: 301

والعدادسة وقد انفصلوا عن الحمودات، وكبيرهم يوسف منصور رئيس المجلس المحلي لمدينة سيوه.

(4)

‌ الجواسيس:

وأصلهم كما يرجح الرواة من بني سُلَيْم، وشيخهم عليوة سعود محمد.

(5)

‌ الشرامطة:

وأصلهم كما يُرجح الرواة من بني سُلَيْم، وشيخهم عمر أحمد عتوم.

(6)

‌ الشحايم:

وأصلهم كما يذكر الرواة من العُبيدات من الحرابي من السعادي، ولهم مدة كبيرة في سيوه، ويؤكد الباحثون أنهم من بني سُلَيْم سواء كانوا سعادي أم من غيرهم من البطون الأخرى في ليبيا، والشحايم لهم فروع منها: منصور وعدولي ويحيى وطومي وقدورة، وشيخهم أحمد عمر منصور.

(7)

‌ المواوسة:

أصلهم كما يقول الرواة من الأشراف، وهم إخوة للسعادي من بني سُلَيْم ومنها فروع قرازات وحماد وحبون ورواجح.

(8)

‌ السراحنة:

يعود أصلهم إلى موسى الأبح من قبيلة العواقير من السعادي من بني سُلَيْم ولهم مدة كبيرة في سيوه.

(9)

‌ أولاد موسى:

وأصلهم من الحرابي من السعادي من بني سُلَيْم، وهناك رأي يؤكد أنهم من القذاذفة الأشراف، ويقال: إن منهم جماعة في الشرقية في الوجه البحري بمصر.

(10)

‌ الدريعات:

وهم بطن من أولاد علي من السعادي من بني سُلَيْم.

(11)

‌ القرادات:

وأصلهم من العريبات من السعادي من بني سُلَيْم.

ص: 302

(12)

‌ الظنانين:

وهم خليط من العشائر مثل العوينات (باغي)، والمشايخ، والعاصي، والحمادات، والبكور ويقال: إنها من الحجاز، أما الكشارنة فيقال: إنهم من جنوب المغرب الأقصى، وهناك عشائر أخرى مثل: السماين، وأولاد محمد بيكور صالح وهذه العشائر هي خليط من البربر والفراعنة القدماء كما ذكر خير الله فضل عطيوة، وزاد أيضًا أن هذه العشائر خالطت عشائر بني سُلَيْم، وأضاف أن هناك عشائر ضمن الظنانين مثل شريطو، وكيلاني، وجبا، وسامي، وحميد، ورحيم ومن شيوخهم أحمد سعيد كيلاني، ومحمد شعيب الدميري.

‌ما ذكره الحبوني عن قبائل سيوه

(1)

سيوه تتكون من عدة عشائر أهمها:

‌أولا: العدادسة‌

‌ الحمودات

تتكون من أربعة بيوت وهم:

(1)

الحمودات وأصلهم من ناحية طرابلس الغرب من قبيلة تسكن بضواحي طرابلس تُسمى قبيلة المحاميد، وهذا البيت مشهور ويعرف الآن بعائلة مسلَّم فكبر العائلة والدهم مسلَّم عمر.

وقد خلف أربعة أولاد هم: منصور (وفلى) وإدريس وعمر. فمن ذرية منصور الآن الشيخ علي أحمد صالح الشهير بحيدة وشقيقه عمران، ومن ذرية إدريس إدريس الأصغر، ومن ذرية عمر الشيخ عمر مسليم رحمه الله.

ومن ذرية الشيخ عمر رحمه الله سليمان عمر مسلَّم ومحمد عمر مسلَّم، ومن ذرية مسلَّم محمد مسلَّم وحسن مسلَّم والشيخ الطيب مسلَّم المدرس بمدرسة سيوه الآن.

(2)

‌ البيت الثاني الذريعات

وأصلهم من أولاد علي القاطنين بجهة العقبة الواقعة بين العامرية والسلوم بالصحراء الغربية.

(1)

أنساب العرب ط 1960 م.

ص: 303

ومن مشاهير هذا البيت علي أبو ذراع رحمه الله ومن أبنائه العمدة المرحوم سعيد صالح أبو ذراع رحمه الله والد الشيخ محمد سعيد والشيخ صالح سعيد وحفيده الآن الشيخ مشري محمد سعيد شيخ العائلة الآن وشقيقه الحاج سعيد محمد سعيد، ومن أبناء علي أبو ذراع سليمان أبو ذراع وحسن أبو ذراع.

(3)

‌ البيت الثالث أولاد شيم

وهم عائلة محمد حيدره والموجود منهم الآن عطيوة محمد أحمد حيدره وأحمد مصطفى حيدره وأحمد علي حيدره وغيرهم.

(4)

‌ البيت الرابع عائلة أبو نعمه

الموجود منهم الآن أولاد محمد بيكور صالح بما فيهم من عائلة يوسف بويش المشهورين الذين حكموا عموم الشرقيين اللغاية بنفس الواحة في زمن علي بالي، وهو موسى بويش عمدة الشرقيين في ذاك الوقت، وكان هذا البيت مشهورا بالظلم، ولقد انقرض عن آخره.

ومن قبيلة العدادسة الجواسيس ومن مشاهيرهم أولاد محمود سعود طاوية الذي اشتهر فيهم الشيخ سعود محمد طاوية الذي كان وكيلا للخديوي عباس الثاني بسيوه وكذا وكيلا عن السادة السنوسية بسيوه، ومن هذه القبيلة الشرامطة ومن مشاهيرهم الشيخ الولي صالح سلامة شامه وضريحه يزار الآن، وأولاده الآن الشيخ محمد عبد الصادق إسماعيل منصور إسماعيل منصور صالح منصور بكر بن منصور.

‌ثانيا: الظنانين وهم يتفرعون من أربعة بيوت:

(1)

‌ العوينات

ويعرفون الآن بعائلة باغي، وهذا البيت أول من جمع أشتات السيويين ووحد بينهم وأول من ألف (اللغاية الشرقيين) وأول من أسس مجلس الأجواد بسيوه.

ص: 304

(2)

‌ البيت الثاني المشايخ

وعميد هذا البيت يُسمى إبراهيم باغي، والمشهور من هذا البيت الآن الحاج رحيم عبد القادر على حرباوي وعائلة سامي.

(3)

‌ البيت الثالث عائلة عاصي الحمادات

، المشهور عنهم عائلة أبو غالية وعميدهم الشيخ حمزة أبو غالية والد العمدة عمر حمزة أبو غالية، ومن ذريتهم الآن أولاد أحمد حمزة وهم حمزة وعمر وحميدة ثم الشيخ عبد الله حميد، ومنهم الآن الشيخ حميد أحمد شيخ هذه العائلة. ومن هذا البيت أي الحمادات عائلة محمود والمشهور فيهم الآن أولاد كيلاني محمود وهم عبد السلام وإبراهيم سعيد عمران كيلاني وهما على قيد الحياة الآن.

(4)

‌ البيت الرابع العوران

، ومن هذا البيت عائلة بكور أبو علي الموجود فيهم الآن علي وحمدان بكور وعنهم عائلة شريطو وعمدتهم عبد الله دحمان وأولاده محمد ودحمان.

‌ثالثًا: الحدادين

هذه العشيرة نزحت من طرابلس الغرب أيضًا وأصلها من طرهونة من ضواحي طرابلس، وتتفرع إلى ثلاثة بيوت:

(1)

‌ المخاليف

منهم أولاد معرف وعميدهم الشيخ محمد معرف المقتول بالإسكندرية في مدة عباس الأول خديو مصر وقد تولى في مدته القضاء الشرعي يسيوه، ومن ذريته أبناء معرف وهم علي وأبو بكر وعبد الله وعبد الرحمن والشيخ أحمد معرف، فأما علي خلف معرف علي ومحمد علي، وأما أبو بكر خلف معرف وأما عبد الرحمن خلف الشيخ محمد معرف شيخ العائلة الآن وإخوته شعبان والسنوسي.

وأما الشيخ أحمد معرف فقد تولى أيضًا القضاء بسيوه بدلًا من والده محمد معرف وأبناؤه الشيخ إبراهيم معرف والشيخ محمد معرف والشيخ سنوسي معرف الموجود الآن.

وقد كان مأذونا للشرع بسيوه من قبل الحكومة المصرية وكانت قبل ذلك عرفيا.

ص: 305

ومن هذا البيت أولاد عبد الرحيم وهم أبو القاسم وعلي ومحمد، ومن هذا البيت عائلة تلكلم وأولاد محمد شابودي.

(2)

‌ العساكرة

منهم أولاد الشيخ على حمدي وهم الشيخ حمدي والشيخ إبراهيم وأولاد عثمان حمدي، ومن هذا البيت الحاج موسى علي والحاج حسين ويكى.

(3)

‌ المتانين

وهم عائلة محمد أحمد الموجود فيهم الآن أولاد أحمد درباش وهم يوسف وهارون.

‌رابعًا: البعاونة والكشارنة القاطنين بقرية أغورمي (سيوه):

‌البيت الأول الكشارنة

ومنه عائلة جيري وعميدهم جيري عبد الله وأولاده محمد جيرى وعبد النبي جيري وزبير جيري. وقد نزحوا من فاس المغربية، ومن أولادهم أحمد محمد جيري وقد خلف جيري وعلي ومحمد وحسين وعبد النبي جيري والد الشيخ مهدي عبد النبي جيري شيخ البلد الآن والشيخ أحمد عبد النبي جيري مأذون سيوه الآن ومن هذا البيت عائلة عثمان أحمد، ومن أبنائه همام عثمان وعيسى عثمان الأول خلف محمد همام وموسى همام والثاني خلف سليمان عيسى وأبو القاسم أحمد.

‌البيت الثاني: البعاونة

وهم ذرية الشيخ عوانه المرابط منهم عائلة شرف الدين الموجود منهم الآن أولاد محمد شرف الدين الأول خلف دربالي محمد والثاني خلف داخلي أبو بكر وشرف الدين أبو بكر ومن أولاد داخلي عثمان داخلي التاجر بسيوه الآن ومهم عائلة أبو بكر إبراهيم الموجود منهم الآن أولاد إبراهيم أبو بكر وعلي أبو بكر، فالأول خلف علي فريحي وعلَّام، والثاني خلف محمد وعبد النبي وموسى.

‌البيت الثالث: البعاكرة

منهم أولاد محمد أبو زهو وأصلهم نزحوا من جزيرة العرب من ضواحي مكة وعميدهم جدهم الشيخ محمود الزعيمي الولي المعروف بضريحه بناحية حطية طمكسال.

ص: 306

ومن أولاد الشيخ أبو زهو والشيخ محمود صاحبا الضريحان أمام قرية أغورمي وهما يزاران - والشيخ ناجي صاحب الضريح المشهور، ومن ذريتهم المرحوم الشيخ أحمد أبو زهو وإخوته أبو زهو ومدني.

‌البيت الرابع: السماين

، ومن هذا البيت الشيخ محمد أحمد بشبوش، ومنهم عائلة أبو ماني الموجود فيهم الآن موسى محمد أبو ماني وأبنائه ويلحق هذا البيت الشيخ صاحب ضريح تي غبار، ومن أولاد الشيخ شتا أحمد عبده شيخ الطريقة العروسية وهو والد بدوي ومحمد عبد القادر.

‌خامسًا: أولاد موسى القاطنين بجبل الغربيين بسيوه:

هذه العشيرة نزحت من ضواحي ليبيا بقرب بني غازي وأصلهم من عرب البراعصة الرواجح، ومن مشاهير هذه العائلة الشيخ أبو بكر راجح وأولادهم وهم السنوسي الأمباشي بقسم سيوه الآن، والشيخ عبد الله الذي هو شيخ العائلة الآن، وعلي ومحمد. ومن هذه العائلة عائلة حبون وعميدهم الشيخ عثمان حبون المشهور الذي قتل شنقا بميدان سيدي سليمان بسيوه وهو والد محمد عثمان حبون وباشو عثمان حبون وبني إدريس عثمان حبون، ومن هذه العائلة عائلة برني الموجود منهم يوسف بكرين برني وابن أخيه بكرين برني وابن أخيه إبراهيم بكرين.

‌سادسا السراحنة بالغربيين بسيوه:

هذه العشيرة نزحت من ليبيا أيضًا وأصلها من ضواحي برقة من عرب العواجير وعميدهم الشيخ منصور حسن والد محمد منصور وحسونة منصور المقتول في حادثة واقعة الزيادة معركة سيوه المشهورة الواقعة فيما بين الشرقيين والغربيين وأحمد منصور، فالأول خلف الشيخ عمران منصور والثاني خلف منصور حسونة منصور، والثالث خلف عمر أحمد منصور وهو والد الشيخ أحمد

ص: 307

منصور شيخ العائلة الآن، ومن هذا البيت أولاد الحاج يحيى وهم الحاج عمر وأحمد يحيى.

‌سابعا: الشحايم:

عشيرة الشحايم وهم أيضًا من ليبيا وهم من العبيدات من قبيلة الحرابي وعميدهم محمد حيدر وقد خلف أبو بكر وخليل وإبراهيم، ومنهم أولاد عبد الرحمن طومي وهم الشيخ طومي عبد الرحمن والشيخ محمد طومي والشيخ بكر بن داوود:

‌ثامنا: الجرازات:

هذه العشيرة نزحت أيضًا من ضواحي بني غازي من قبيلة العريبات وعميدهم حسن بني مادي والد مادي حسن ومنهم أحمد خالد عبد الباري وخليل حسن وأولاده الموجودون الآن محمد ونصر. ومع هذه العشائر المذكورة جدت فيهم أفراد طارئون وقد تكونت منهم عائلات بسبب المصاهرة.

هذا مجمل عن سيوه في الماضي والحاضر - وما أمكن تلخيصه أوجزناه.

‌مدى صلاحية سيوه للتوسيع الزراعي

تقع واحة سيوه إلى الجنوب الغربي من مرسى مطروح ويصلها بها طريق يبلغ طوله حوالي 300 كيلو متر، رصف منها 120 كيلو من ناحية مرسى مطروح وتم أخيرا رصف 25 كيلو من ناحية سيوه، أما باقي الطريق فهو صحراوي كثير المنحنيات غير مستوٍ

(1)

.

والواحة تنخفض عن سطح البحر بمقدار يتراوح بين 18،14 متر في حين تبلغ مناسيب الصحراء المحيط بها من 100 إلى 120 مترا فوق سطح البحر وهذا سبب تكوين الواحة حيث حملت الرياح فتات الصخور التي تأثرت بعوامل التعرية

(1)

وهذا القول عن سيوه عام 1960 م في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.

ص: 308

فرست في المنخفض مكونة طبقة من الأرض الزراعية المسامية فوق الطبقة الطفيلية والصخرية، وهذه الطبقة الزراعية هي التي تنمو فيها كافة المزروعات بسيوه من أشجار ونخيل وزيتون (انتهى).

‌بحوث أخرى تاريخية وميدانية عن السعادي

‌أولا: قبيلة فايد ضمن الحرابي

(1)

وهو فايد بن الذئب بن عقَّار ابن الذئب الأكبر بن أبي الليل، وقد انتقل معظم هذه القبيلة إلى مصر من منطقة الجبل الأخضر ببرقة.

وقد أعقب فايد بن الذئب بن عمَّار خمسة أفخاذ هم: صالح - إبراهيم - داود - يونس - سعيد.

ما قاله بعض المؤرخين والباحثين عن قبيلة فايد:

يقول السنوسي محمد الغزالي في كتابه برقة قديمًا وحديثًا صفحة 170 أن قبيلة فايد بن الذئب تنقسم إلى خمسة أفخاذ الأول صالح والثاني إبراهيم والثالث يونس والرابع داود والخامس سعيد، مقرهم في الجبل الأخضر، يحدهم من الشمال قبيلة الحاسة، ومن الشرق قبيلة العبيدات، ومن الغرب قبيلة البراعصة، ومن الجنوب الصحراء، وفي وطنهم زاوية الفايدية التي يستقر فيها نفر قليل من فايد، أما معظم القبيلة فهي تستقر بالديار المصرية. كما يقول الكاتب الإيطالي هنريكودي أوغسطيني ترجمة الكاتب الليبي خليفة محمد التليسي في كتابه معجم سكان ليبيا الجزء الثاني صفحة 175 أن قبيلة فايد هي الوحدة الصغيرة من الوحدات الخمس التي تتكون منها قبائل الحرابي لن نخلع عليها صفة القبيلة، إذ إن الأمر بشأنها يتصل بعدد صغير يقيم أغلبه في الوقت الحاضر خارج برقة، وتمتد أراضيها نحو الجنوب من أراضي الحاسة، ومن التقاليد المتوارثة أن منطقة

(1)

أمدنا بهذا البحث الأخ الصديق حمدي محمد محمد حسين غيضان صالح فايد عضو جمعية إحياء التراث بالفيوم ومن الباحثين المجتهدين في أنساب وتاريخ القبائل العربية، ومقيم في قرية فيدمين مركز سنورس بمحافظة الفيوم.

ص: 309

الحرابي مقسمة إلى أربعة أقسام وليس إلى خمسة؛ ربع للأخوين الحاسي وفايد اللذين قسماها إلى قسمين فأسند إلى الأول المنطقة الواقعة بين الفايدية إلى البحر وترك للآخر الباقي، ويتعلق الأمر بشريط ضيق محصور بين شرقي وغربي حدود قبيلتي البراعصة والعبيدات دون حدود جنوبية وأراضيهم خصبة حين يجودها الغيث ولهذا كانت منطقة يتردد عليها بصفة عادية القبائل المجاورة، وكانت قبيلة فايد في العهد العثماني تتبع مديرية البراعصة ومركزها سلنطة وهي الآن تتبع مديرية الحاسة ومركزها شحات ولم تكن تتجاوز في ذلك العهد أربعمائة نسمة كما يبدو، وفي منتصف القرن الماضي تقريبًا وبعد خلاف مع إخوتها من قبيلة العبيدات (الحرابي) أخذ أعضاؤها ينزحون إلى الفيوم بالديار المصرية وقد بقي منهم أقل من 200 نسمة عارضوا الاحتلال الإيطالي، وحين احْتُلَّ مركزهم الرئيسي وهو الفايدية في يوليو سنة 1913 م هجروا منطقتهم بصفة جماعية، ولحق قسم منهم بإخوتهم في مصر وأخذ القسم الآخر يتجه نحو الجنوب ملتحقًا بالثوار، وحين نقص عددهم بهذه الطريقة لم يبق منهم ببرقة سوى مائة شخص كما يقول انشيخ عبد السلام الحبوني في كتابه أنساب قبائل العرب أن أفخاذ فايد: أبو عيشة والزقلَّمي وأبو شغيلة وعزيز ومعظمهم بالفيوم ومنهم بجهة كفر الزيات عائلات الخربتلي ومرعيط تفرعوا من الأفخاذ التي بالفيوم أيضًا داود وإبراهيم وصالح ويونس ودينال وخضر وكل منهم ينقسم إلى عائلات، فمن إبراهيم جبر وأبو عائشة وحميدة ومعتمد وأبو الكلاب، ومن صالح غيضان والعيص والفيومي ومحمد، ومن يونس عائلات رحيل الشهيرة وعائلة جودة، ومن داود دنيال وخضر. ويمكن تقسيم قبيلة فايد إلى خمس عشائر هي: صالح، وإبراهيم، ويونس، وداود، وسعيد. ولدينال عبد الجواد وهارون وطوير والطاير وقنفود وأبو خضرة الكوهي ورحيم وآدم، ومن كبار قبيلة فايد السيد محمد أبو رحيم بالديار الليبية وهو من كبار موظفي ليبيا.

ص: 310

ويتفق في هذا التنسيب اللواء صلاح التايب ابن قبيلة الفوايد

(1)

السعادي، والأستاذ أحمد لطفي السيد ابن قبيلة الجوازي من السعادي أيضًا.

‌قبيلة فايد على امتداد مصر وليبيا

يقول الأستاذ عبد الرحمن نوح وهو من أبناء قبيلة فايد بليبيا: ومن رجال التعليم هناك أن قبيلة فايد بفروعها الخمسة إحدى قبائل الحرابي ولها تاريخها وأصالتها قديمًا وحديثًا، ومما لا شك فيه أن قبيلة فايد مرت بظروف حرب بينها وبين القبائل المجاورة من العبيدات الحرابي، وعلى أثر هذه الحروب تبعثرت وتشتت في مصر ويجب أن نذكر لكونها لها تاريخ وأصالة فتوجد منطقة الفايدية في قلب الجبل الأخضر (ليبيا) شامخة شموخ تاريخ هذه القبيلة ولها أبناء كُثُر من مشايخ ومسئولين وموظفين يتقلدون أرفع المناصب القيادية على امتداد دولتين شقيقتين هما مصر وليبيا فمن أبنائها بليبيا نذكر منهم على سبيل المثال الشيخ إرحيم منشاوي، والشيخ خليفة الفضيل الزقلَّمي، والشيخ محمد سعد، والشيخ حسن حمد القصيصيب، والشيخ سعد أبو الدارة، والعقيد حسين فرج قدافي، والأستاذ أحمد المهدي بأمانة تعليم البيضا وعضو دائم للأوقاف، والأستاذ إبراهيم جمعة منصور بجماعة قار يونس ببنغازي، والأستاذ مصطفي القدافي الفايدي بالمصرف التجاري الليبي، والأستاذ سعيد القدافي الفايدي موجه بأمانة التعليم الليبي، وعميد المصري خليفة المصري آمر كلية الهندسة العسكرية، ومقدم طه السيد إرحيم بالقوات المسلحة الليبية، ومقدم عبد الناصر مهدي سليمان بالقوات المسلحة الليبية، ومقدم محمود الكيش بالقوات المسلحة الليبية، وعقيد طاهر عبد القادر الفايدي بالقوات المسلحة الليبية، والشهيد نصر الله جوده الدامي بالقوات المسلحة الليبية، ورائد أحمد المصري نوح بالقوات المسلحة الليبية، وملازم أول أشرف عبد الرحمن نوح بالقوات المسلحة الليبية، والدكتور محجوب عطية أبو شغيلة، والدكتور سليمان الديداني.

(1)

وقد سبق التنبيه لعدم الخلط ما بين فايد والفوائد وكليهما من قبائل السعادي.

ص: 311

هذا بالإضافة إلى عائلات كثيرة من قبيلة فايد لا زالت تقطن الجبل الأخضر والفايدية نذكر منها على سبيل المثال عائلة الديداني وأبو عيشة والكاسح وعزيز والدارة وأبو شعيفة وشرف الدين.

وقد انفصلت قبيلة فايد في مصر من عُمودية العواكلة العبيدات واختارت لها عُمدة من أبنائها ويُدعى أبو خزيم بكر شماطة وأصبحت عُمودية قائمة بذاتها لعدم ارتياح عائلة فايد لعُمد ومشايخ العواكلة بالديار المصرية بالفيوم والدقهلية والبحيرة والشرقية وكفر الشيخ والجيزة.

‌التفصيل عن أفخاذ قبيلة فايد المصرية بالفيوم

‌أولًا: فخذ صالح:

هو صالح بن فايد بن الذئب بن عمَّار بن الذئب الأكبر بن بن أبي الليل، وتنقسم إلى العائلات أو البيوت التالية:

(1)

بيت غيضان بن صالح بن فايد بن الذئب بن عقَّار، وقد ذكره الحبوني في كتابه قبائل - العرب، ونلحق خلفه بسلفه؛ فمن هذا البيت حمدي محمد محمد أبو حسين غيضان صالح بن فايد بن الذئب؛ مُنسِّب قبائل البادية بجمعية إحياء التراث بالفيوم عضوية رقم (97) وباحث في بطون الأشراف بتوكيل وتفويض من السيد وكيل اللجنة الفرعية لنقابة السادة الأشراف فرع الفيوم، وعميد شرطة محمد محمد قطب أبو حسين غيضان صالح مأمور مركز الواسطى في بني سويف، والأستاذ وجيه عزت عبد ربه محمد أبو سيف غيضان صالح المحامي بمركز طامية، والأستاذ أحمد محمد قطب أبو حسين المحامي، والأستاذ رمضان محمد قطب مدير مدرسة، والمهندس مجدي السيد معوض، ورجل الأعمال نادي نزيه عبد ربه، وشيخ العرب جمال عبد ربه.

(2)

بيت هويدي بن صالح بن فايد بن الذئب بن عقَّار، ويعد هذا البيت أكثر نبلًا وعراقة ونلحق خلفه بسلفه؛ على سبيل المثال منه الأستاذ أحمد عبد الرحمن أبو بكر هويدي عضو مجلس الشعب بالحزب الوطني لمركز أبشواي

ص: 312

في محافظة الفيوم وله دور سياسي بارز وقدرة فائقة على المناقشة والحوار والمتابعة وتصحيح المسار بين الحين والآخر وله القدرة على التخطيط العلمي وطرح الحلول المناسبة وحل مشاكل المواطنين في حدود طاقاته بفكر يواكب عصر العلم والتكنولوجيا، والعمدة فرج أبو بكر عبد العزيز هويدي عمدة منشأة هويدي بالفيوم، ومهندس بترول عمر عبد الحليم هويدي ورجل الأعمال سيد عبد الحاتم هويدي، والعمدة محمد عبد الرحمن هويدي، والعمدة حسين أبو القاسم، والمهندس مهدي عبد الرازق منصور.

(3)

بيت بظيو (البظيوات) من صالح بن فايد بن الذئب، ونذكر منه على سبيل المثال، الأستاذ عادل صديق معيوف، والأستاذ أشرف صديق معيوف التعليم الثانوي، والمهندس مصطفى رياض بظيو، والمحاسب محمد صديق معيوف بظيو.

(4)

بيت الدارة المُلقَّب بالفيومي من صالح بن فايد بن الذئب، ونذكر منه الأستاذ فكر بن سيد طحاوي المحامي.

(5)

بيت كيشار اندثر.

(6)

بيت العيص اندثر.

(7)

بيت إدنين بن صالح، ونذكر منه على سبيل المثال الأستاذ عبد الستار سليمان بالجهار المركزي، والأستاذ صلاح عوض حسين المحامي والأستاذ كمال أبو سيف يونس مدرس بالتعليم الثانوي، والأستاذ عادل إبو سيف يوسف محمد لطيعة، وشيخ العرب عباس غيسوبة، ورياض محمد اللافي، والدكتور سالم عبد المجيد عبد الجليل، والأستاذ سالم عبد العزيز، ومهندس تامر علي حسين عبد الله، وشيخ العرب حسني عوض حسين.

(8)

بيت حسين بن صالح بن فايد بن الذئب بن عقَّار، ويعد أكبر بيوت فخذ صالح.

ونذكر منه على سبيل المثال: الشيخ الطيب بسيوني قاسم، والأستاذ صالح عوض محمد حرب متخصص كيميائي، وشيخ البلد عبد العليم مفتاح الشويب،

ص: 313

وحسين عبد المجيد مختار، وشيخ العرب سلطان عبد الكريم الشويب، وعبد الهادي عبد الكريم الشويب، وعيسى حسن، والدكتور حسين عبد الوهاب، والأستاذ صلاح عبد الله المحامي، ورمضان حسين عبد الحليم مدرس، وعماد محمد عبد الحافظ محمود، والدكتور رشاد جمعة الصايرم، والحاج عبد الستار عبد الوهاب عبد الونيس الشويب، والمستشار محمود عبد الحافظ محمود، والأستاذ كارم عبد التواب مدرس بالتعليم الثانوي، والأستاذ سعيد فتحي المحامي بوزارة الكهرباء والطاقة، والأستاذ هلال رجب كامل والدكتور خالد واعر أبو دربالة، والأستاذ مسعود عطية مختار. وينقسم بيت حسن إلى الفروع الآتية: منصور وعبد الجواد (الذيبة) والشويب وأبو دربالة ومختار أبو عيسى.

(9)

بيت حمد ميلاد: ومنهم عائلة الشيخ سالم، نذكر منهم شيخ العرب صلاح الدين صادق عبد اللطيف، والأستاذ طارق أنور سالم المحامي والدكتور علي صالح عبد الجواد، وشيخ العرب نور الدين رياض عبد الجواد، والأستاذ أحمد حسين عبد الجواد المحامي، كما نذكر من فخذ صالح: عائلة أبو خضرة ويقيمون بهوارة القصب بالفيوم، ومنهم العمدة محمد أبو خضرة رحمه الله، وكذلك عائلة أبو طبيق في نجوع خاصة بها في مركز طامية الفيوم، ومن الأماكن التي استقرت بها عائلات فخذ صالح من قبيلة فايد.

(أ) الفيوم في مركز سنورس قرية فيديمين. وفي مركز إطسا قرى أبو جندير والونايسة ومنشاة عبد المجيد وعزبة الشويب وأبو ديهوم والكاشف وفي مركز أبشواي قرى منشاة هويدي عزبة كيشار وعزبة مختار أبو عيسى وكفر عبود وفي مركز الفيوم قرية سيلا.

(ب) البحيرة في مركز حوش عيسى قرية كفر الواق.

(ج) الدقهلية في مركز السنبلاوين في عزبة الست سكينة عبد المجيد.

وعمدة قبيلة فايد أبو خزيم بكر شماطة رحمه الله ومشايخ فخذ

ص: 314

صالح سابقًا - ميهوب سلطان مفتاح، ورياض عبد الجواد سالم، والسيد عبد الله الجليل، ورياض عبد الجواد سالم، والسيد عبد الله عبد الجليل، ومحمد علي حسن الشويب، وجنيدي علي أبو حسين.

والأستاذ عبد الرحمن أبو بكر هويدي نائب عمدة القبيلة حاليا وعضو مجلس النواب بمديرية الفيوم.

‌ثانيًا: فخذ إبراهيم:

هو إبراهيم بن فايد بن الذئب بن عقَّار أحد الأفخاذ الخمسة التي تتكون منها قبيلة فايد إحدى قبائل الحرابي، ويقال أنه توأم لأخيه صالح وأمهما كنيزة الحاسية، وينقسم فخذ إبراهيم إلى العائلات والبيوت الآتية:

بيت جبر، وأبو عائشة، وحميدة، ومعتمد، ورواق، وسليمان المُلقَّب بالأقرع، ومنشاوي، وأبو الكلاب، وصالح، وحسن، ونوح، وكريم، وهليل، ومرعي، وشقلوف، والكاسح، ورضوان، ومعيوف، وحمودة، وطحاوي، وفيصل، وأبو الديار، وجبران، ومسعود، أبو حلفايا، والهبودي، ومناع، والغضبان، وأبو حوض.

ويعد بيت معاون أكبر بيوت فخذ إبراهيم.

وأماكن استقرار فخذ إبراهيم هي:

(أ) محافظة الفيوم: مركز أبشواي: كفر عبود وبطن هريت وطحاوي وعزبة الفلاح وعزبة حنين وعزبة البنك والصبيحي ومسوتة وبريش والخراية وزيد وعزبة حميدة صالح وظيط وقوتا والأبعدية والناموس ورواق.

وبمركز طامية: في عزبة المنصورة.

وبمركز سنورس: في عزبة عوض حميدة.

وبمركز إطسا: في الحجر والجعافرة.

ص: 315

(ب) محافظة البحيرة: في أبو المطامير.

(ج) محافظة الدقهلية: في السنبلاوين بعزبة الغضبان.

(د) محافظة الشرقية: في بيشة عامر (بيت سليمان الأقرع).

‌أبرز شخصيات فخذ إبراهيم

خميس علي خميس وكان عضوًا بارزًا بالإصلاح الزراعي، والدكتور محمود موسى علي خميس، والأستاذ أحمد خليل علي خميس وشيخ العرب حميدة عبد الجيد التاعب، وشيخ العرب فايد عيد جودة، ومصري عبد الستار، وشيخ العرب بياض جودة، والأستاذ أحمد عبد الحميد جودة، وشيخ العرب صالح عقيلة، وهليل صالح، وسيد عبد السلام، ومحمد عبد الستار، ومصري عبد الستار، وراغب محمود، وموسى محمود منشاوي، وعبد الستار عبد الكريم، وعبد الله أبو سيف، ومحمود عثمان خالد.

‌ثالثا: فخذ يونس:

هو أحد أفخاذ فايد بن الذيب بن عقَّار ومنه ثلاثة فروع هي: أبو زيد علي يونس، ومحمد يونس، وسليمان يونس، وينقسم إلى البيوت الآتية:

(1)

بيت عبد الله: ونذكر منه على سبيل المثال شيخ العرب حسين صالح يونس عضو مجلس مديرية الفيوم السابق، ومحمد صالح يونس عضو مجلس علي محافظة الفيوم، والدكتور غيث محمد صالح، والأستاذ أبو بكر حسين صالح المحامي، وسيد عبد الواحد.

(2)

بيت رحيل: ونذكر منه الحاج عبد العزيز رضوان سعد، وأسامة عبد الحفيظ رضوان، وعبد القادر عبد التواب رضوان سعد، والمستشار العسكري مصطفي محمود رضوان سعد، والأستاذ السيد عبد السيد رحيل، وعيد علي عبد الصمد عضو مجلس الشعب الأسبق بمركز إمبابة، وشيخ العرب حامد علي عبد الصمد، والأستاذ عبد السيد عيد، وشيخ العرب عطية ميهوب علي، وشيخ العرب رحيل بيومي، والدكتور أشرف رحيل بكلية زراعة الفيوم.

ص: 316

(3)

بيت أبو القاسم: ونذكر منه شيخ العرب سعيد عبد النَّبِيّ أبو القاسم، وسعد سيد مقبول.

(4)

بيت شعيتان: ونذكر منه الأستاذ سيد عيد محمد فرج المحامي ومنه بيت عبد الله وبيت محمد جبر وسعيد جبر، ويقيم الأخير بعزبة سليمان منصور بريف الواسطي، وعائلة سالم بريف منيا الصعيد.

(5)

بيت محمد سليمان وهو الفرع الثاني ليونس بن فايد، وتفرع منه البيوت الآتية:

بيت جودة، ونذكر منه الحاج مبري عبد العزيز إدريس، وعبد العزيز عبد النَّبِيّ، والأستاذ علي سعيد علي، والمهندس زكريا سعيد إبراهيم وبيت أبو حسن ونذكر منه عبد الغفار عبد السلام أيوب عضو لجنة المصالحات بالفيوم وله دور بارز وجهد مشكور في فض المنازعات وإزالة الخصومة بين البادية والحضر، وشيخ العرب عبد الصادق محمد عمار، وشماطة جبريل طلبة، والأستاذ عبد الكريم سيد حميدة، والأستاذ عقل محمد عبد الجيد وشيخ العرب عدلي لملوم عبد الجليل، وبيت إيحيا: ومنه شيخ العرب جمعة زايد، وحمد فيصل، والجدير بالذكر أن أولاد محمد سليمان يونس هم: جودة وخميس وأبو حوش وأبو حسن. ومن الأماكن التي استقرت بها عائلات وبيوت فخذ يونس:

(أ) بالفيوم: (مركز سنورس) في سنهور البحرية، ونجع رحيل، وعزبة شعيتان، وعزبة جودة، ومنشأة السادات، وسنهور القبلية وفيديمين (عزبة دكم).

(مركز أبشواي) في قرية إلياس، وقرية شعلان.

(ب) بني سويف (مركز الواسطى).

(ج) الجيزة (مركز إمبابة) في قرية ميت أبو غالب وخاصة عائلة رحيل.

ص: 317

(د) محافظة المنيا ويُلقَّبون بعائلات العمية والظيووات.

‌رابعًا: داود:

هو أحد أفخاذ فايد بن الذيب بن عقَّار. وهم أكثر أولاد فايد عددًا.

وينقسم إلى ثلاث عائلات كبيرة هي: عزيز - خضر - دينال.

1 -

عائلة عزيز: هي كبرى عائلات داود وتعد أكثر نبلًا وعراقة، وفيها سيادة قبيلة فايد وزعامتها ومنها عمدة قبيلة فايد ويُدعى أبو خزيم بكر شماطة

(1)

وخلَّف العمدة عبد العزيز أبو خزيم الذي أعقب ابنه طلبة عبد العزيز أبو خزيم.

وتتكون عائلة عزيز من البيوت الآتية:

إرجيج وشنون وخبيلة وأسجيد.

أما إرجيج فعقب البيوت الآتية:

بيت حسونة ومنه العكر، وهليل، والرغاي، والبصير، ونذكر منهم العمدة منصور علي سليمان الذي أعقب العمدة خليل علي سليمان والأستاذ فايد عبد الله عبد القوي، والعمدة محجوب مهدي عمدة منشأة طنطاوي الحالي.

وبيت محمد أبو سبب: أحد فروع عائلة عزيز.

وبيت أبو حبله: أحد فروع عائلة عزيز ومنه شيخ العرب حسين فايد، وديهوم علي دخيل.

وبيت الفاسكي: أحد فروع عائلة عزيز، ومنه شيخ العرب عبد الستار يوسف، وسيد أنور الفاسكي.

(1)

حسب أرانيك وجدول نمرة (5) من حصر العربان لعام 1914 م.

ص: 318

وبيت شماط: أحد فروع عائلة عزيز ويعد من وجهاء عائلة عزيز ومنه عمدة القبيلة العمدة أبو خزيم بكر شماطة، والأستاذ محمد كامل أبو خزيم، والطيار أسامة أبو خزيم، وشيخ العرب سيف النصر صادق أبو خزيم، وعبد المنعم عبد اللطيف غيضان، والأستاذ كمال شماطه عبد اللطيف، والأستاذ فايز عبد المجيد سيف النصر، وشيخ العرب محمد عبد السلام خريشي.

ومن أبرز شخصيات عائلة عزيز المستشار عبد الحكيم عبد الحميد عبد الحليم عمَّار الجرمة العكر وأخيه المستشار عبد العزيز بوزارة العدل، والأستاذ أحمد فرج صالح، والأستاذ عبد الله صالح عبد العزيز وشيخ العرب صالح رياض، وشيخ العرب عيد عبد الجليل سلطان، والأستاذ عبد التواب رضوان المحامي، وإدريس طرفاية بشير، وأحمد فايد عبد الله قاضي بمحكمة الجيزة، وفايد عبد الله عبد القوي رضوان العكر عضو مجلس علي، والعمدة محجوب مهدي حسين عبد الرَّحمن العكر عمدة منشأة طنطاوي بمركز سنورس.

والأماكن التي استقرت بها عائلة عزيز:

وفي الفيوم بكوم أوشيم ومنشاة طنطاوي وحرفوش، وفي الدقهلية مركز السنبلاوين بنجوع إدريس مفتاح ومحمد إدريس وصالح أبو بكر وبريك سالم ويوسف حمد وصالح عثمان، وفي الجيزة بالمنصورية والهرم ونزلة السمان.

2 -

عائلة خضر: تتكون عائلة خضر بن داود بن فايد من قسمين هما:

(أ) أولاد شاش: وهي زوجة خضر البدوية الحسناء تنسب إلى قبيلة الحوَّتة ولهذا التحقت بعض عائلات خضر بمنازل وأوطان قبيلة الحوَّتة في ليبيا ومصر.

(ب) أولاد دبكة: وهي زوجة خضر السمراء تنسب إلى البربر، وباختصار تتكون عائلة خضر من البيوت الآتية:

ص: 319

(1)

بيت بو النجايل: ونذكر منه على سبيل المثال:

الأستاذ عوض كليب سالم المحامي، وشيخ العرب عبد السلام حسين عمار، والأستاذ أبو بكر قاسم، والأستاذ سالم محمود سالم.

(2)

بيت الزقلَّمي: ونذكر منه: شيخ العرب رفعت عباس سالم، والمهندس محمد سليمان، وشيخ العرب مهدي سليمان، وخليفة عبد العزيز ويونس صالح الأسود، والفنان البدوي عبد الرافع الفايدي.

(3)

بيت المدهم: ومنه عائلات سلومة وشعيب والحاضر، المقيمين بعزبة شعيب تبع مركز سنورس فيوم، ونذكر منهم الأستاذ مصطفى راضي مدير التعليم الابتدائي، والمهندس محمد سالم بمساحة سنورس، والأستاذ صلاح سلومة وعبد الونيس محاسب بالحديد والصلب وشيخ البلد عبد الحميد محمد عبد الحفيظ، والأستاذ طلعت محمد علي عبد الباقي مدرس بليبيا، والأستاذ عاطف عبد الحفيظ على محاسب بليبيا، والأستاذ مصطفى محمد أرحيم، وفايد بو الهوايل بليبيا.

(4)

بيت رحيم: ويقيمون بمنشأة سنورس، ومنهم الأستاذ محسب إبراهيم عبد العال من رجال التعليم، والأستاذ أحمد عطوان نوح، وشيخ العرب عبد الحليم جبران، وإبراهيم محمود محمد نوح، وشيخ العرب إحديف زايد.

(5)

بيت صالح الديداني: وهم بعزبة سعد روبي الريشي تبع قصر رشوان ونذكر منهم الشيخ حمد محمود الديداني ويعد منسب بادية كما أنه من المتصوفين العارفين بالله ويكرم من نزل عليه قاصدا إياه أو غيره بالنجع، والدكتور سليمان محمد الديداني بليبيا، وسيف النصر لطفي عبد السلام.

(6)

بيت الهرباد: ونذكر منه على سبيل المثال شيخ البلد حسني عمار مفتاح، والأستاذ أحمد منصور مفتاح المحامي.

(7)

بيت حميدة منصور: ونذكر منه الأستاذ محمود محمد الجرمة، وشيخ

ص: 320

البلد عبد الستار عبد الباري، وبشر سيد عبد المولي، وأحمد جاد الله عبد العزيز.

(8)

بيت مهوس، ونذكر منه: إبراهيم حمد الجالي وسلطان سيد عبد المولي، وفوزي محمود حامد، وأنور سنوس.

(9)

بيت جحفال: ويقيم بكفر الزيات بمحافظة الغربية، ونذكر منه شيخ العرب سيف النصر محمد صالح، وشيخ العرب محمد صالح إمجاري.

(10)

بيت الخربتلي: ويقيم بكفر الزيات غربيه، ونذكر منه شيخ العرب ميهوب الخربتلي، والأستاذ خالد السيد ميهوب والمهندس أيمن السيد ميهوب الخربتلي.

وأماكن استقرار عائلة خضر:

الفيوم (مركز طامية) قصر رشوان.

مركز سنورس) منشأة سنورس، وعزبة شعيب.

3 -

عائلة دينال:

إحدى عائلات داود بن فايد بن الذيب سلالة عقَّار، وتتكون عائلة دينال في البيوت الآتية:

(1)

بيت هارون: وقد عقب مؤمن ورشوان وصالح وعقيلة والجالي وزايد وأجهيم. ونذكر منه عبد العال مؤمن سيد مؤمن، وسيد فرج محمد، ومحمد أحديف أدريس، وفايد محمد زايد، ومحارب عبد الله خليفة، وعبد ربه الساعدي، وشيخ العرب عبد السلام أبو شناف.

ويقيمون في محافظة الفيوم بمركز سنورس في عزب الشيخ ومحمود خليل وعبد الله عليوة، ومركز أبشواي في قارون.

ص: 321

(2)

بيت عبد الجواد: وقد عقب دخيل يوسف أبو شبيكة الطالحي، جرادة، العوامي (خلاف قبائل العوامة المرابطين) وتفرعت عائلة الطالحي إلى فروع كثيرة منها: عليوة ومكركر ويونس المُلَّقب بالحول وأبو شغيله.

ونذكر منهم: شيخ العرب عوض عبد الرَّحمن شحات، وسعيد صالح سعيد، والأستاذ حكيم أحمد سعيد المحامي، وشيخ العرب منصور محمد منصور، وعبد السلام محمود، وعبد الجواد محمد سعد، وسعد محمد مفتاح، والشيخ عبد الستار زيدان، والمهندس ربيع عوض حريمس، والأستاذ خالد عبد القوي العوامي، والأستاذ، محمد صالح دياب صالح، والأستاذ سالم عبد العظيم، وعبد الستار عبد الهادي عليوة، وعلي الدامي، ومبروك بريدان، وشيخ العرب نصر طلبة نصر الله.

(3)

بيت علي: وقد عقب سعيد وأبو رقاش، وهم ذرية ضئيلة ومنهم محمود عبد اللطيف، وعبد القادر عبد اللطيف، ويقيمون بعزبة أبو ناعورة بمركز سنورس بالفيوم.

(4)

بيت أطوير: وتفرع منه بيت بويري عبد اللطيف ويعد أعرق بيوت عائلة دينال وفيه المنزلة والنسب في حاضرتهم، وقد عقب بويري ثلاثة فروع هم "عوض - حسين - داود".

كما عقب عوض بن بويري ثلاثة فروع هم "محمود - محمد - حسين".

كما عقب محمود عوض ثلاثة فروع هم "الأنصاري - منصور - عبد الحميد".

ويقيمون في قرية الشيخ مركز سنورس بمحافظة الفيوم، ونذكر منهم شيخ العرب محمد الأنصاري.

ص: 322

كما عقب محمود عوض ولده منصور الذي أنجب ثلاثة فروع هم "مجاور - عبد الحميد - سيد"، ونذكر منهم على سبيل المثال الأستاذ عبد المنعم سيد منصور، وشيخ العرب محمد مجاور، وحسين عبد الحميد منصور، وشيخ العرب محمد علي عبد الحميد، وموسى عبد الرازق.

أما محمد عوض فقد أنجب "أحمدي - معيوف - شيلابي - سلطان" ونذكر منهم: مشايخ العرب أحمدي محمد عوض، وشيلابي محمد عوض، وعبد القادر أحمدي، وشيخ البادية عبد الله معيوف، وفايد عبد الله معيوف، وجوده سلطان محمد، وكليب موسى مرتجع، وعلي شيلابي.

وأما حسين عوض فقد أنجب أربعة هم "حمد - محمد - مساعد - جلفاف - طلبة"، وهم بيوت الرئاسة والعُمد المتتالية وهم أهل نخوة وكرم، وحافظين للأنساب والتراث، واقتناء أنقى سلالات الخيول العربية الأصيلة.

ونذكر منهم العمدة جلفاف عبد الرَّحمن عُمدة منشأة السادات تبع مركز سنورس، وشيخ العرب عبد الرازق حمد حسين، وشيخ العرب عبد الله إبراهيم محمد حسين، ومصباح إبراهيم محمد حسين، والمهندس عبد العليم تيسير، وشيخ العرب عبد القوي ساعد.

بيت خليل بويري: وهم بريف بني سويف مركز الواسطى (عزبة خير الله).

أما بيت أبو بكر طوير: وهم ذرية عمَّار أبو بكر، وتتمثل في عائلات الدامي والبطران وكريت والفرانجة وعامود وجنفود وسالم والشاذلي استقروا في بحيرة قارون (السعيدية وشامخ بن سعود).

منهم شيخ العرب علي كليب، والدكتور علي سيد علي سالم، ومنهم شيخ العرب عبد السميع جودة الدامي، وسليمان جودة الدامي، وعبد الله جوده الدامي.

وأماكن استقرار عائلة دينال في محافظة الفيوم: بحيرة قارون ومنشأة السادات وفيديمين والسعيدية وسنهور البحرية وعزب محمود يوسف واللاهون والشيخ ومحمود خليل وعلي عبد الكريم واللواج والسعده.

ص: 323

‌خامسًا: فخذ سعيد:

هو أحد أفخاذ فايد بن الذئب سلالة عقَّار انقرضت معظم أحفاده بالفيوم ولهم ذرية بكفر الشيخ والمنوفية حسب ما تم تدوينه بجداول نظارة الداخلية نمرة 14.

وعن قبيلة فايد المتحضرة في القرى والمدن الكبرى في مصر يصعب حصرها وأكتفي بذكر رموز فقط لهذه القبيلة، ففي محافظة المنوفية في سُبك الأحد مركز أشمون، وزرقان مركز تلا وقلتى الكبرى والصغرى فروع عديدة أذكر على سبيل المثال عميد عائلات سُبك الأحد والتي لها امتداد في إمبابة والدقي والعجوزة والمهندسين بالجيزة والمعادي وحلوان بالقاهرة والزقازيق وكفر الزقازيق؛ الأستاذ إبراهيم محمد محمد حسن علي فايد ويقيم في إمبابة محافظة الجيزة وهو من المهتمين بتجميع قبيلة فايد على مستوى القطر المصري، وكان ابن عم جده حسين فايد شيخ قبيلة معتمد بالحكومة وقتئذ في نواحي سُبك الأحد في عصر محمد علي باشا، ووالده كان محاميا وله علاقات مع عائلات قبيلة فايد في صان الحجر وبسيون بالغربية، ونزلة السمان بالهرم وأوسيم والصف بالجيزة، وكفر الحمام بالزقازيق. وشبلنجه وأكياد ودجوي بالقليوبية، وكفر الشيخ، والإسكندرية، والدقهلية، والبحيرة، وبني سويف، والفيوم، وبيشة عامر بمنيا القمح، وقد سار إبراهيم فايد على نهج أبيه رحمه الله وقام بالتعرف على أولاد فايد في نواحي عديدة، ومن المعروف أن أولاد فايد في الوجه البحري أغلبهم من فخذ سعيد.

كما أذكر من رجالات فايد في نزلة السمان بالهرم محافظة الجيزة فتحي فرج فايد أمين الحزب الوطني، وعبد الله يوسف فايد من كبار التجار في الهرم، والمستشار أسامة فؤاد فرج فايد وكيل النائب العام. وفي أكياد بدجوي محافظة القليوبية. أذكر أحمد باشا فايد، وعثمان بيك فايد - رحمهما الله، ومن الأحياء رجل الأعمال المعروف عمر محمود مصطفى فايد وابنه فايد عمر بالولايات المتحدة، والعمدة (مهندس) محمود فوزي الليثي فايد عمدة أكياد واللواء مهندس فاروق محمد فايد مدير إدارة مصنع صقر قريش، واللواء زكريا السيد فايد. ومن عائلات قلتي بالمنوفية والتي لها امتداد بالقاهرة والصعيد أذكر اللواء محمد أحمد

ص: 324

فايد رحمه الله وشقيقه سامي فايد بالشركة العربية الأمريكية للسيارات، والمهندس فايد بشركة النيل العامة للطرق والكباري، والدكتور عبد المجيد فايد.

ومن عائلات فايد بالإسكندرية أذكر السيد محمد فايد صاحب مدارس نهضة مصر رحمه الله وأولاده المحاسب أحمد فايد وسعيد فايد، وكذلك أذكر محمد فايد مدير أمن كولجيت، وهشام فايد بالمقاولين العرب، واللواء عدلي فايد مدير الإدارة العامة لمباحث محافظة الجيزة.

ومن عائلات فايد بالإسكندرية أيضًا أذكر الملياردير المعروف محمد الفايد، وابنه عماد محمد الفايد رحمه الله صاحب أشهر حادثة في بريطانيا مع ديانا الملكة السابقة لإنجلترا، وإخوانه أصحاب شركات سياحة في الإسكندرية حاليًا.

ومن عائلات فايد في محافظة الشرقية والتي لها امتداد بالقاهرة والجيزة وغيرها أذكر الدكتور محمد حسن فايد رئيس جامعة الأزهر الأسبق، ومحمد هشام فايد رحمه الله وكان عميد آل فايد في الشرقية، والدكتور هاني فايد الأستاذ بزراعة الأزهر، وعميد شرطة حمدي سليمان فايد والعميد رضا فايد، والمهندس صبري فايد رحمه الله والدكتور طاهر فايد أستاذ بطب الأزهر، والدكتور صيدلي محمد نصر فايد بشركة النيل للأدوية، والدكتور عبد السلام فايد أستاذ بتربية الأزهر، وطلعت فايد عمدة بيشة عامر بمركز منيا القمح، وفوزي فايد سكرتير عام محافظة دمياط، والأستاذ فخري فايد الكاتب الصحفي بمجلة أكتوبر، وفؤاد فايد رجل أعمال، ولواء شرطة محمد الحسيني فايد مساعد وزير الداخلية الأسبق، والأستاذ سعيد فايد وكيل أول جهاز المحاسبات سابقًا، والدكتور عصام فايد أستاذ بزراعة عين شمس، والدكتور مختار فايد، والأستاذ رابح فايد المدير بالتأمينات، والدكتور طاهر فايد أستاذ بزراعة عين شمس، والدكتور عبد الحميد بهجت فايد عميد معهد الكفاية الإنتاجية بجامعة الزقازيق، والأستاذ عزت فايد المدير العام بأكاديمية البحث العلمي، والدكتور علاء فايد النائب بطب الزقازيق.

ومن عائلات فايد في صان الحجر بالغربية أذكر بالقوات المسلحة اللواء أحمد حمدي فايد، واللواء إسماعيل فايد - رحمهما الله -، واللواء شرطة إبراهيم فايد بمديرية أمن القاهرة، كما أذكر من المحامين الأستاذ إسماعيل فايد في إمبابة بالجيزة حاليًا، والأستاذ محمد عبد المقصود بالجيزة أيضًا. من عائلات فايد في كفر الشيخ أذكر الدكتور محمد عبد الوهاب رحمه الله من علماء الأزهر.

ص: 325

‌ثانيًا: قبيلة الجوازي ضمن الجبارنة

ويرجع نسبهم كما تقدم إلى الجازية زوجة حمزة بن جبريل بن برغوث الأكبر ابن الذيب بن أبي الليل. ويلتقي في النسب مع الجوازي ضمن الجبارنة قبائل أخرى هي العواقير والمغاربة والمجابرة والعريبات والجلالات.

وكان من الجوازي عبد النَّبِيّ مطيريد (الأطرش) وهو زعيم القبيلة في برقة بليبيا، ومن سلالته ظهر عمَّار بيك المصري زعيم القبيلة بعد انتقالها إلى مصر.

ومن أحفاد هذا البيت العقيد محمود مطيريد، والدكتور جمال مطيريد.

وأيضًا كان من أحفاد المصري حمود بيك المصري رحمه الله أحد شيوخ الجوازي الذين كان لهم تاريخ مجيد في ثورة 1919 م مع الزعيم سعد زغلول.

ومن الجوازي أفخاذ عديدة في المنيا والفيوم وأسيوط منها الأطرش ومنه عائلات مطيريد، وزيدان، ومنَّاع، والهارجي، وصبار، وسرير، والأدبك، وباسل، وشلابي، والأدهس، ولطيف، وأبو الجود، وعبد الله، وعبد السلام أبو غرارة، والمنفي، والأنقط، وباغي، والأبعج، والجرمة.

ومن شيوخ القبيلة البارزين الشيخ عبد الله عبد السلام كان مثالًا للشهامة والكرم، وحمد عبد السلام، وعيسى مفتاح الهروجي.

ومن الجوازي الأستاذ أحمد لطفي السيد الذي وصل إلى مرتبة وزير في عهد الملكية بمصر وله مؤلفات عديدة وكان يلقب بأستاذ الجيل.

وأنجبت القبيلة الفريق صفي الدين أبو شناف، واللواء إبراهيم أبو الجود.

وللجوازي نجوع كثيرة في سمالوط بالمنيا، منها نجع عرب خنيفر ونجع عرب سلامة، ومنهم الشيخ حمد عبد القادر، ونجع عرب يادم الكيلاني في مركز بني مزار بالمنيا.

ص: 326

ومن شيوخهم عبد الله أبو عجيلة عمدة عربان الجوازي بصفط الغربية محافظة المنيا.

ومن فروع الجوازي في الفيوم أذكر الأطرش، والجالي، وسليمان، والجملة

(1)

، وأبو شناف، والحشيدات، وعفش، والطابوني.

ومن رجالات الجوازي بالفيوم العمدة ياسين حسن عمدة نجع المعربين تبع قرية أبو جندير بمركز إطسا وابنه الدكتور حسن ياسين حسن، والصحفي صلاح ياسين حسن، والدكتور محمود ياسين بالقصر العيني، والدكتور ياسر ياسين حسن.

ومن الشيوخ البارزين طه إبراهيم منصور فواز عبد الله الأطرش رحمه الله، ومن أحفاده الأستاذ عبد المنعم طه إبراهيم مدرس أول لغة إنجليزية وعضو بجمعية إحياء التراث بالفيوم، والأستاذ إبراهيم محمد طه إبراهيم مدرس ثانوي، ومن الشيوخ أيضًا محمد كامل الهراس، ومحمد يوسف خليل الأطرش، وحسن إبراهيم حسن.

وأحمد أبو بكر الجالي عضو مجلس علي بمحافظة الفيوم، والأستاذ عبد التواب إبراهيم ضيف موجه بالتربية والتعليم وكذلك عضو مجلس علي مركز طامية بالفيوم، الدكتور محمود محمد حسين عفش، والأستاذ سيد أبو زيد حسين عفش مدرس أول لغة إنجليزية، والأستاذ عبد الله ميهوب حسين عفش مدير القروض بمحافظة الفيوم، وشيخ العرب محمد أبو زيد حسين عفش من أعيان قرية الحميدية.

ومن أماكن استقرار قبيلة الجوازي بالفيوم بمركز إطسا في قرى المعربين والحجر والحمدية، أيضًا منهم بمركز طامية ومركز أبشواي بقرية قارون.

(1)

ويذكر اللواء صلاح التايب أن الجملة انفصمت عن الجوازي وأصبحت قبيلة وتقدم السرد عنهم، والصحيح أنهم من الجوازي وباقيهم في ليبيا مع قبيلة العواقير من الجبارنة.

ص: 327

‌بعض حروب السعادي في ليبيا

(1)

‌إجلاء الفوائد عقب حربهم مع الجبارنة

كانت قبيلة الفوائد وهي إحدى قبائل البراغيث تسكن من برقة الحمراء إلى وادي سمالوس، وكان زعيم هذه القبيلة حمدي بن مرابط من عائلة عبد الكريم الفوائد، طاغية من الطغاة الذين عرفتهم برقة فاستولى على جميع حقوق الجبارنة واستحوذ على امتيازاتهم التقليدية بين القبائل البرقاوية وكانت زعامة قبائل الجبارنة وقتذاك في شخص عبد النَّبِيّ مطيريد، وكانت مواطن الجوازي في برقة الغربية. وفي موسم الضيف يذهبون إلى واحة جالو فلا يعودون إلى برقة إلَّا من أجل الحراثة، أما العلايا وهم إحدى قبائل الجبارنة فكانت مساكنهم بالسواحل في برسس وأبي جرار والنقعة وغوط السلطان، ومن مشاهير شيوخ العلايا وقتذاك محمود الكزة وعبد الرَّحمن الأسود وهيبة نصر ومحمد بن صالح، ولكن الجبارنة - وهم الجوازي والعلايا - صفر على الشمال بالنسبة للفوائد الذين لا يرون حقًّا مشروعًا في برقة إلَّا لهم ويترك للجبارنة بفضل الفوائد ما يزيد عن حاجتهم من الماء والمرعي والمحارث فأصبح الجبارنة يعيشون تحت رحمة إخوانهم الفوائد عيشة الذل والهوان، فأصبحوا يتربصون بالفوائد وأرادوا أن يأخذوا حقهم بالسوية مع الفوائد أو يُغلب على أمرهم، وهناك يخضعون للمثل البدوي ببرقة القائل:(مغلوب ولا محايل عليه) فوحد الجبارنة صفوفهم وجمعوا أمرهم واشتبكوا مع الفوائد في حرب طاحنة ولم يكن للجبارنة معين في حربهم هذه، بينما نجد الفوائد لهم أعوان كثيرون فقد انضمت إليهم قبائل العرفا والعبيد وإن كانوا لَمْ يشتركوا في الحرب بصفة جدية إلَّا أنهم كانوا يساعدوا الفوائد بالدعاية لهم وتموينهم إذا دعت الحالة والتجسس لمصلحتهم، وتوالت معارك كثيرة في جهات متعدده فنال كلّ فريق نصيبه من الكر والفر وآخر المعارك هي التي أسفرت عن فوز

(1)

من كتاب (برقة العربية) للمؤرخ الليبي محمد الطيب بن إدريس.

ص: 328

الجبارنة فوزًا باهرًا وسببت جلاء الفوائد من برقة إلى مصر، وقد حصلت هذه المعركة في موقع الرجمة فقتل أثناءها صميدة بن حمدي مرابط زعيم الفوائد وكان القاتل صميده بن عبد النَّبِيّ مطيريد زعيم الجبارنة وتربط القاتل والمقتول روابط عائلية فأُماهما أختان شقيقتان ولا زال قبر صميدة بن حمدي معروفًا بموقع المطيمرات

(1)

وانسحب الفوائد عقب قتل ابن زعيمهم إلى موقع سمالوس، وهكذا تم النصر للجبارنة وتم إخلاء الفوائد واندحارهم بعد معارك طاحنة أظهر فيها كلّ فريق من المتحاربين قوة وشجاعة، واستمر انسحاب الفوائد إلى مصر ومعهم قسم من قبيلة العرفا الموالين لهم وبقي الجبارنة ببرقة منتصرين واستولوا على كلّ ما يملكه الفوائد من العقارات وغيرها، ثم بعد إجلاء الفوائد أخلفهم الجوازي في العتو والطغيان ضد العلايا فكان نتيجة ذلك حرب أخرى حصلت بين العلايا والجوازي نتج عنها إجلاء الجوازي أيضًا، وسنذكره في غير هذا المحل وإنما نذكر هنا أن الجوازي لما نزحوا إلى مصر حصل بينهم وبين الفوائد حرب أخرى بمصر وفي إحدى المعارك انتصر الفوائد على الجوازي فقالت ضارية طبل الفوائد وقد تذكرت إجلاء قومها من برقة عن أيدي الجوازي أغنيتها البدوية وهي:

اتلوذوا مع السيسان

اكفا في جلانا لولي

ولو شئنا أن نثبت هنا كلّ ما قيل نحو هذه الحروب من الطرفين وما قالته ضاربة طبل كلّ منهما لضاق بنا المقام ولكننا اختصرنا الكتابة فلم نتعد الإشارة اكتفاء بأسباب الحرب ونتيجته ونذكر هنا بيتين من الشعر البدوي يستدل بهما

(1)

عندما التقى الجمعان في معركة الرجمة طلب صميدة بن مرابط أن يبارز ابن خالته صميدة بن عبد النَّبِيّ وكان هذا الأخير شابًا صغيرًا فتمنع قومه عن ذلك وأبوا أن يسمحوا له بالمبارزة، فقال عبد النَّبِيّ: لابد من خروج ابني يبارز ابن خالته وما لأحد منا مدخل بينهما فخرج صميدة وطلب من ابن خالته صميدة بن حمدي أن يبدأ بعملية الضرب ففشل ثم جاء دور صميدة بن عبد النَّبِيّ فملأ بندقيته ولهد عليه ولما قرب منه فرغ بندقيته فالتهبت النار في حميدة وقتل وفي ذلك تقول (حبق):

أن فرغ اتشيط النار

اصميدة ولد عبد النَّبِيّ

ويقول الآخر:

ابعيني صميدة قرن في صميدة

وثاب الغبار وبارود داير ف السما تيار

ص: 329

القارئ على مهمته كلّ قسم من أقسام البراغيث وهم: (الجبارنة)، (والفوائد)، و (الشيابين)

(1)

.

الطبل لأولاد (جبرين)

والراي لأولاد (فايد)

والمشليه (للشبابين)

على رايجات القلايد

‌الحرب بين قبائل الجبارنة وإجلاء الجوازي

بعد أن تم إجلاء الفوائد حذا حذوهم الجوازي وأخذوا يعاملون إخوانهم (العلايا) معاملة الأقوياء الطغاة للضعفاء المساكين كأن لَمْ تكن بينهما صلة ولا رحم، وقد حرَّم الجوازي على إخوانهم (العلايا) سكنى برقة إلَّا في أطراف خلواتها التي لا تصلح للزرع ولا للمرعي وأن لا ينزل العلايا الأماكن الصالحة من برقة، وهكذا أخذ الجوازي في اضطهاد إخوانهم واستمروا بعد إجلاء الفوائد إلى سنة 1220 هـ الموافق سنة 1805 م فسئم العلايا هذه الحياة الذليلة واشمأزت نفوسهم، وقد يعقب الضغط انفجار كما هو الحال في كلّ زمان؛ فوقف العلايا موقف البطولة لأخذ حقهم المشروع والتساوي مع إخوانهم في كلّ شيء بعد أن رجعوا إلى قاعدة (يؤخذ الحق بالقوة).

ركب صالح أبو فليدة من عشيرة صبح المغاربة ذات يوم ومعه اثنان آخران على خيولهم طلبا للصيد ومع كلّ واحد من المذكورين (صقر)

(2)

فصادفتهم في طريقهم سرية من منتجع الجوازي مؤلفة من عشرة فرسان يتقدمهم الشيخ منيسي أبو ويله، وكان الجوازي - لكبريائهم - لا يرون حقًّا لغيرهم في حمل الصقر فأخذوا الطيور التي كانت مع أفراد العلايا وأزالوا ريشها نكاية لحامليها وازدراء بهم

(1)

الشيابين: نسبة لشيبون بن برغوث، وهو والد عريف الذي تنسب إليه قبيلة العرفا.

(2)

كان العرب ببرقة ولا زال الكثير منهم يستعمل أصناف الطيور من الصقر والشيهان والباز للصيد ويرون في ذلك رياضة جميلة محبوبة.

ص: 330

وهم ينظرون وألقوا بالطيور من غير ريش على الأرض وذهبوا من حيث جاءوا فاتفق أفراد العلايا أن لا يرجعوا لأهلهم حتى يأتوا بعمل ما انتقاما وأخذا بالثأر، وعند ما أرخى الليل سدوله ذهب أفراد العلايا خلسة إلى (فرس) الشيخ منيسي وهي في مربطها فقتلوها وقفلوا راجعين، وفي الصباح التالي تأكد الجوازي من أن القاتلين لفرسهم هم أصحاب (الطيور) فضرب الطبل

(1)

إشعارا بحادث حدث، وكان الشيخ عبد النَّبِيّ أبو مطيريد

(2)

زعيم عامة الجبارنة ورئيس قبائل الجوازي طريح فراشه لمرض ألم به فلما سمع صوت الطبل طلب إليه شيوخ قبائل الجوازي وسألهم عن سبب ضرب الطبل فقيل له أن فرس الشيخ منيسي قتلت البارحة في مربطها ونريد أن نقتفي أثر القاتل فأكد لهم أن قتل الفُرس لا يكون تعديا وأنه نتيجة عمل من الأعمال فاصدقوني في قولكم، أي شيء حدث منكم أو من أحدكم؟ فأخبروه بتفصيل ما حصل فتكدر وكانت هذه المرة الأولى التي يأمر فيها الشيخ عبد النَّبِيّ بمجاملة العلايا وتقديم العذر لهم وأمر قومه بأخذ بيت

(3)

وانتخاب هيئة من علية الجوازي للذهاب إلى العلايا ومصالحتهم وتقديم العذر وطلب السماح ففعل الجوازي ذلك وأكرمهم العلايا أيما إكرام وقبلوا عذرهم وتسامحوا، وهنا جاء العلايا بمكرمة تذكر وهي أنهم قدموا للجوازي فرسًا من جياد الخيل بدلا من الفُرس التي قتلت، وعاد شيوخ الجوازي إلى زعيمهم عبد النَّبِيّ فأخبروه بما جرى من الإكرام والتسامح وتقديم الفُرس فسُرَّ لذلك ظاهرا ولكن عبد النَّبِيّ الداهية لا يغرب عنه ما سيقع بسبب هذا الحادث، وقد كان بقوة

(1)

الطبل معروف عند العرب وهو آلة جوفاء تستعمل من الجلد وتضرب أثناء الحروب والإنذار بالحوادث المهمة ولها صوت عال وهي نذير الفزع، وفي العادة المتبعة تقوم بضربه امرأة من خيرًا نساء الحي.

(2)

كانوا يكنون هذا الزعيم الداهية بـ (حمار) برقة وهذه الكنية يراد بها التعظيم لا التحقير وهو من أشهر مشاهير زعماء السعادي.

(3)

من عادة العرب عندما يحصل بينهم سوء تفاهم نخشى عواقبه يحضرون بيتًا بجميع معداته وبامرأة تقوم فيه كطاهية ويؤخذ حيوان للذبح ودقيق وسمن، ويذهب مع هذا البيت أعيان القوم الذين بدروا بالإساءة إلى من أسيء إليه لتقديم العذر وينزلون عليه وبالطبع أن يقبل هو بدوره من جاءوا بالبيت ويحصل التسامح والوفاق، وفي الغالب لا يقوم بمثل هذا العمل إلَّا المستضعفون.

ص: 331

دهائه يتصور الحوادث قبل وقوعها فسكت قليلًا وهو ينقلب على فراشه من شدة الألم ثم قال لشيوخ قومه في شيء من السياسة سائلا ما اسم هذه السنة؟ وكان العرب يسمون السنين بموت عظيم أو بحادث خطير فأجابه القوم أن هذه السنة يقال عنها سنة الربيع الكبير وسنة الصابة العظيمة والسنة التي مرض فيها الشيخ عبد النَّبِيّ وعوفي إلى آخر ذلك من الفأل الحسن والمستحب للنفس، فأجابهم قائلًا: كلا لقد غلظم في اسم السنة فإنها السنة التي مات فيها عبد النَّبِيّ والتي تحارب فيها الجوازي والعلايا فانتصر العلايا وأجلوا الجوازي عن برقة، ولقد صحت نبوءة هذا الداهية ونظره الذي رآه بفكره الثاقب.

توفي الشيخ عبد النَّبِيّ كما تنبأ واستمر الجوازي في سوء تصرفهم نحو إخوانهم العلايا اعتمادا على قوتهم واستضعافا للعلايا وكان هؤلاء الأخيرون يتحملون كلّ مصيبة تأتي دفعًا للشر بالخير.

وحدث ذات مُرّة من المرات الكثيرة التي يسيء فيها الجوازي لإخوانهم أن ذهب قوم من الجوازي وأخذوا إيلا من صبح إحدى فروع المغاربة وإبلا من البراغثه إحدى قبائل السعادي، ومن القانون المتبع عند العرب ببرقة أن لكل قبيلة من القبائل العربية علامة توضع على الإبل والغنم لتميز بها كلّ قبيلة حيواناتها؛ فكانت علَّامة المغاربة يسمونها (قائم سيف وهي هكذا " [رسم] وعلامة العواقير يسمونها (مذري) وكل علَّامة من هاتين تكون رئيسية لعموم القبيلة، وهناك فوارق أخرى خصوصية لكل عائلة من القبيلة أو لكل شخص، وكان صبح من المغاربة، والبراغثة لا يضعون هذه العلَّامة الرئيسية ولم ندر ما هو السبب، فأخذ الجوازي إبل هاتين القبيلتين باعتبار أنهم لَمْ يأخذوا حيوان المغاربة والبراغئة حيث لا توجد علامتهما على هذا الحيوان المأخوذ، وعندما شرع الجوازي في وضع علاماتهم على هذه الحيوانات المأخوذة وقد قسمت بينهم مر بمنتجعهم أحد أفراد العلايا فقال البعض أفراد الجوازي أن هذه الحيوانات جد كثيرة إن وجدتم محلا يتسع لرعايتها وتنميتها، وفي كلمته هذه ما فيها لمن يتدبر فأجابه الشيخ صميدة الهاروج قائلًا:

ص: 332

إن برقة واسعة وأولاد جازية كثيرون، وكان المتكلم الأول من قبائل العلايا هو حمد بن صالح، ولما ذهب القائل وسمع شيوخ القبيلة بذلك شعروا بسوء العاقبة وتأكدوا من حصول الحرب وعلموا أنهم بفقدهم رئيسهم عبد النَّبِيّ فقدوا الكثير من السمعة والهيبة وحسن التقدير ورجعوا للقاعدة المعروفة بين العرب (فارس يعز قبيلة وقبيلة ما تعز فارس). أخذ الجوازي يتدبرون في الأمر احتياطا لما يخفيه لهم المستقبل القريب واستقر رأيهم أن يرسلوا إلى سيف النصر زعيم قبائل أولاد سليمان وأورفله والقذاذفة لما بينهم وبين هذا الزعيم من الصلات الودية يطلبونه يحضر بقومه كي يشاركهم في الغنيمة ويحارب معهم العلايا حتى يتم جلاؤهم من برقة إن لَمْ تكن إبادتهم، وبذلك سيحق لسيف النصر أن يشاركهم في ملكية برقة، وكان سيف النصر والحالة هذه طريدا للحكومة القرة مانلية وقتذاك بطرابلس، وفي الحالة هذه كان العلايا بدورهم يدرسون على بساط البحث التدابير اللازمة لحرب الجوازي فأخذوا يتذكرون ويذكرون كلّ معاملة سيئة عوملوا بها من قبل إخوانهم الجوازي ويجمعون الحيثيات التي تبرر الحرب وقد نفذ صبرهم، وفي صيف تلك السنة وصلت منتجعات سيف النصر الذي كان قد أشهر العصيان كما قلنا على حكومةٌ طرابلس ولم يعد يستطع البقاء بطرابلس فانضم إلى الجوازي.

وصلت منتجعات سيف النصر إلى برقة الغربية وأخذت أماكنها من إجدابيا إلى المقرون، وكانت منتجعات الجوازي من غرب سوق إلى موقع الآبار، أما العلايا فمنازلهم متاخمة للساحل من كركوره إلى بنغازي، وآن الأوان لإشعال نار الحرب فعمل كلّ من عنده لذلك فاصطدم العلايا بالجوازي في معارك طاحنة، أما سيف النصر وقومه لزموا الحياد تحت الستار وبقوا متحيرين وإن كانت حقيقتهم مناصرة الجوازي وقد تمكنوا من أراضي واسعة في الماء والمرعى وتجنبوا القتال مباشرة، فإما أن تكون منهم حيلة ولهم في ذلك معاذر، وإما أنهم أرادوا أن تضعف قوة الجانبين ولهم بعد ذلك كلمتهم كيف ما يتراءى لهم.

انتصر الجوازي بادئ ذي بدء وحاصروا جميع منتجعات العلايا في بنغازي حصارًا دام خمسة أشهر هلك فيها أكثر الحيوان، إذ لا ماء ولا مرعى ولا مخرج

ص: 333

من الحصار ويعرف بـ (حصار خربيش) ويقال أن رجلًا من العلايا أو بالأصح من عائلة صالح مرّ بناقته فأكلت ظرف رداءه من شدة الجوع فغضب لذلك وهاجت أعصابه وأقسم بأن لا تبقى ناقته بهذا الحصار أكثر مما بقت فإما أن يترك الحرية لناقته ترعى ويحميها وإما يُقتل في سبيلها وعلى من يتولاها بعده رعايتها فهجم العلايا على عدوهم إثر ذلك وانتصروا.

ومن بين المعارك المشهورة في تلك الحرب المعركة التي حصلت بموقع الزريريعية فمات وجرح أثناءها الكثير من الفريقين، وفي هذه المعركة انتصرت كتيبة من العلايا ومن بين فرسان هذه الكتيبة عبد ربه بن محمد قادر بوه وأخوه إبراهيم والشيخ حمد الشبلي فأخذوا رجلًا للشيخ المصري بن عبد النَّبِيّ مطيريد وأسروا زوجته ولما تحققوا من معرفتها أرادوا تخلية سبيلها فقالوا لها: خذي جميع ما تريدين من الأثاث والحيوان وارجعي إلى قومك في أمن وسلام، فأجابتهم قائلته: أني لا أذهب أبدًا فإن كان الرجل رجلًا وهو زوجي المصري حي يرزق فسيأتي وينقذني وجميع ما معي رغم أنفكم وإن كان قد قُتل فلا ضير أن أبقى بينكم ولا حاجة لي بحطام الدنيا بعده، وفعلا فقد صدقت في قولها ووصل لإنقاذها واشتبك مع فرسان العلايا في معركة قصيرة قتل أثناءها حمد الشبلي فكرَّ عبد ربه قادر بوه وأخوه إبراهيم على المصري ليقتلاه أو يُقْتَلا وكان من خيرة الفرسان المحاربين فخاطبهما: قائلما لا أريد قتلكما لأنه يؤلمني وخير لكما أن تذهبا بسلام فقد أنقذتُ رحلي وكفى.

ومن المعارك المشهورة أيضًا تلك التي حصلت بموقع المفلوقة ببنغازي وقُتل فيها من أهل مدينة بنغازي المنتصرون للعلايا ثلاثون رجلًا من بينهم رجلان اشتهرا بقوة البأس والشجاعة وهما (الكيش) و (الدنفير) وبعد هذه المعركة التي انتصر فيها العلايا وصلت الحملة التي قامت بإرسالها حكومةٌ طرابلس القرة مانليه وقتذاك، وقد اختلف في الطريق التي سلكتها هذه النجدة فقائل يقول: إنها وصلت عن طريق البحر إلى طلميثه، وآخر يقول: جاءت عن طريق البر؛ والأخير أصح؛ إذ

ص: 334

لَمْ تصل نجدتان واحدة عن طريق البحر والأخرى عن طريق البر وكانت أكثر منتجعات الجوازي بموقع الآبار، ولما وصلت هذه النجدة مع تلك الانتصارات التي أحرزها العلايا تسرب الذعر والرعب في صفوف الجوازي فانسحبوا بعد معارك طويلة أظهروا فيها من الشجاعة والإقدام ما جعلهم محل الإعجاب، واستمر الجوازي في انسحابهم والعلايا يطاردونهم إلى موقع أبو سمح، وتابع الجوازي سيرهم إلى مصر ورجع سيف النصر وقومه بخفي حُنَيْن وبدون أن يشترك في القتال مباشرة، وبقي العلايا المنتصرون في برقة فاستولوا على جميع ما يملكه إخوانهم الجوازي. وهذه آخر حرب وقعت بين الجبارنة إذا استثنينا تلك الحروب البسيطة التي وقعت بين بعض العائلات فقط لا بين القبائل ولم تسبب الجلاء لأحد ولم تقع أيضًا حرب بين أهل برقة وغيرهم مما يقولون عنه بحرب الصف إلَّا الذي حصل بين العلايا والحسون وتعرف بحرب زغبا، أو الذي حصل بين المغاربة والزاوية والأخيرة وصلت من جهات طرابلس وتسكن واحة مرادة من برقة الغربية.

ما برح أفراد قبيلة الجوازي يشنون الغارة الفينة بعد الأخرى على برقة فتارة يستأثرون بحيوانات يأخذونها وتارة يرجعون خائبين، ومن بين هذه المرات ويحتمل هي الأخيرة إذ جاء قسم من رجال الجوازي لشن الغارة على العلايا فنشبت معركة كبيرة بين الطرفين عرفت بمعركة كركورة غُلب فيها الجوازي ورجع من بقي منهم فارا. ومن بين القتلى من قبائل العلايا الشيخ رحيم شرادة العشيبي والشيخ الضبع مطرود هيبة، وكانت هناك امرأة من العلايا تزوجت من رجل في قبيلة البراعصة واستوطنت الجبل الأخضر مع زوجها، وقد مر الغزاة من الجوازي بأرض البراعصة، فقال أحد البراعصة للمرأة أن هناك غزاة قدموا من قبيلة الجوازي وتوجهوا إلى أهلك وأخشى أن ينتصروا على قومك، وبعد أيام من ذلك رجع أولئك الغزاة مدحورين فمرت فلولهم مبعثرة بمنتجعات البراعصة فقالت المرأة للبرعصي الذي كان أخبرها بمرور الغزاة منبهة إياه بما قاله:

جن جفيل يا حدوث

خيل العدو من خيلنا

ص: 335

‌واقعة زغبا

في ربيع سنة 1227 هـ (1811 م) جاء بعض البدو الرُّحَّل من سكان طرابلس وهم الحسون والفرجان والمعدان والزاوية

(1)

إلى برقة تحت رياسة زعيمهم صالح بن رزق الله الحسوني وأعوانه من الشيوخ حموده أبو صوكاية الفرجاني وابن قدوره المعداني والضبع الزواوي.

جاءت منتجعاتهم بعدتها وعددها لاتخاذ برقة موطنا لهم ولإجلاء قبايل العلايا

(2)

المستضعفة في نظرهم ولما سمع العلايا بوصول هذه المنتجعات وتعرف باسم (صف البحر) الغربي

(3)

انتقلوا إلى برقة الحمراء فنزلوا موقع (النواوير) ووصل صالح بن رزق الله إلى موقع متاخم للعلايا وبالقرب منهم فأوجس الأخيرون خيفة وأرادوا التفاهم مع صف الغرب بالتي هي أحسن فتوجهت سرية من أعيان وشيوخ العلايا ويقولون عنهم (صف الشرق) ومن بين فرسان هذه السرية الشيخ أبو شنيف الكرة الذي يعتبر أكبر شيوخ العلايا سنا وأحسنهم كياسة وتجريبًا وأكثرهم ثراء، والشيخ محمد باسل والشيخ صالح الأحول والشيخ حسن قادربوه والشيخ علي الأطيوش، وكان هذا أصغر المشايخ سنا والشيخ موسى جريو مصر والشيخ حمد اللواطي والشيخ الكاسح الكيلاني والشيخ أبو خريص الكزة وكثير غيرهم، توجه كلّ هؤلاء للتفاهم مع صف الغرب وأخذوا في التفاهم معهم تارة باتصال زعماء الفريقين وطورا بواسطة الرسل من دعاة الخير ممن لا ينتسبون لأحد الفريقين. ولكن صف الغرب قد استضعف صف الشرق وأخذت الغطرسة والكبرياء والعتو منه مأخذها وكان آخر رسول بعث به صف الشرق هو

(1)

الزاوية أو الزواوات اسم لقبيلة من القبائل الليبية ومواطنهم الهيشاوتا ورغا بقرب مصراتة. ومن تلك القبيلة سكان واحة مراده ببرقة.

(2)

العلايا سبق التعريف بهم وهم المغاربة والعواقير والعريبات أبناء جبريل من زوجته (علياء).

(3)

عرفت منتجعات الحسون والفرجان ومعدان والزاوية التابعين لزعامة الشيخ صالح بن رزق الله باسم صف الشرق نسبة لموطنهم طرابلس الواقعة غرب برقة، وكذلك العلايا عرفوا باسم صف الشرق نسبة البرقة الواقعة شرق طرابلس ويعرف صف الغرب بين القبائل الطرابلسية باسم صف البحر باعتبار أنهم من سكان السواحل كما تعرف قبائل أولًا سليمان وأرفله والقذاذفة والمقارحة وأرياح باسم صف القبلة باعتبار أنهم من سكان الجنوب.

ص: 336

الفقيه الفزاني الذي كان يُعلِّم أولاد علي الأطيوش وكان محل احترام عارفيه وهكذا فكل من كان يحفظ القرآن ويتلوه يكون محل الاحترام فأرسله صف الشرق ومعه رجلًا آخر إلى الشيخ ابن رزق الله يطلب منه باسم صف الشرق التفاهم للوصول إلى تحسين العلائق والجوار.

المقصود من طلب التفاهم هو أن يبقى صف الشرق ببرقة حتى يحصدوا زراعتهم ويستعدوا للرحيل إلى الجبل الأخضر إن لَمْ يمتزجوا مع صف الغرب بدون قتال بين الطرفين، ويطلب أيضًا صف الشرق من الآخرين أن يراعوا حرمة الزراعة ويمنعوا حيوانهم من أكلها وتخريبها، ولكن الشيخ ابن رزق الله لا يعبأ بصف الشرق المستضعف في نظره وقد أبى أن يجيب هذا الطلب المتواضع ورفض أن يسمعه، وليته وقف عند هذا الحد بل تعداه إلى ما هو أبشع وأفظع من ذلك فقد أمر بعض رجال قومه بذبح الفقيه المرسل إليه ورفيقه فذبحهما كما تذبح الشياه وحملهما على جمل وأرسل من يوصلهما مصلوبين إلى منتجعات صف الشرق كتهديد وإنذار

(1)

فاشمأز صف الشرق من هذه الفعلة النكراء وهذا التهديد المر وأراد رجاله أن يبادلوا صف الغرب بالجزاء من جنس العمل ولكن أصحاب الرأي منهم رأوا أن يتخذوا طريقًا وسطًا يضمن النجاح في المستقبل القريب بالتؤدة والصبر لا بالعجلة التي تأتي أحيانًا بالضرر، فأراد شيوخ صف الشرق أن يذهبوا بأنفسهم إلى أعدائهم رغم العمل الذي يحتم المبادلة بنوعه، وكان الشيخ أحمد اللواطي قويا شديد الانفعال عصبي المزاج ثائرا من طبعه فطلب منه إخوانه أن لا يذهب معهم تفاديًا للشر وخوفا من بادرة تبدو منه يصعب ردها فختم رأيه أن لابد من مصاحبة قومه ولما يئسوا من إقناعه على البقاء اشترطوا عليه أن لا يشترك في المفاوضة وأن يحضر كمستمع فقط فقطع على نفسه بذلك عهدا ولما وصلوا إلى منتجعات صف الغرب تباطأ الشيخ ابن رزق الله في مقابلتهم وبعد مدة زمنية

(1)

كتب شيوخ صف الغرب إلى قبائل العلايا بهذه الأغنية الآتية وأرسلوا بها مع جثمان الفقيه المذبوح:

ففيهيك اللِّي قراك

أن جيت بالطيوش تلحقه

ص: 337

قابلهم مقابلة تكلف وكانت بيده عصاة صغيرة من ذهب يداعبها بيديه وبدون أن ينبث ببنت شفة وكان ملثما وترك الكلام لأعوانه، ولما لَمْ يصل أحد الفريقين الفائدة أزال ابن رزق الله لثامه من وجه ونطق قائلًا (اسمعوا يا سعادي أن برقة ظهر حمار لا تسعنا جميعًا) يقصد بظهر حمار أنَّها ضيقة فأجابه الشيخ أحمد اللواطي قائلًا (أن كانت برقة ظهر حمار لا نركبه إلَّا نحن) وأردف كلمته باليمين المعظم عندهم وقتذاك وهو الطلاق وانفض الاجتماع في شيء من الاضطراب فركب العلايا خيولهم وذهبوا سراعًا إلى أهليهم وبقي شيوخ صف الغرب بمحلاتهم. كان ابن رزق الله قد أرسل إلى قبائل الجوازي يطلب منهم القدوم إلى برقة ليتعاون بهم على عن العلايا ويقاسم الجوازي في ملكية برقة، وقد علم العلايا بذلك فتأكدوا أن لا حيلة للبقاء ببرقة دون القتال وأنهم تحملوا الكثير من الإهانات في سبيل الوصول إلى التفاهم وهم الذين كانوا لا يتحملون أقلّ إساءة وخشوا أن تصل قبائل الجواري التي تريد الانتقام فتقوى شوكة ابن رزق الله فاتفق شيوخ قبائل العلايا على إرسال الشيخ أبو خريص الكزة إلى زعيم قبائل الحرابي وقتذاك الشيخ حدوث بن مقرب يستنجدونه فأرسل مع الشيخ أبو خريص كوكبة من الفرسان وفي طليعتها ابنيه الجالي وأبي بكر وشقيقه جلفاف

(1)

وفي هذا الأثناء وصلت سرية أخرى من قبيلة العبيد المساعدة العلايا وقد ذهب أفراد هذه القبيلة المخازن العلايا كي يأتون منها بتمر وتسمى المخازن كوف - ولعلَّها من كهوف ومفردها كاف - فلحق بهم ابن رزق الله وقتلهم عن آخرهم

(2)

.

لما رجع شيوخ صف الشرق إلى أهليهم من منتجعات ابن رزق الله أراد هذا الأخير أن يجامل العلايا ويريد بذلك إيهامهم كسبًا للوقت حتى تصل قبيلة الجوازي فوصل إلى منتجعات العلايا الذين أكرموه وبنوا له بيت الكاسح الكيلاني

(1)

يقول شاعر صف الشرق مادحًا أبا خريص لمجيئه بنجدة البراعصة:

بو خريص شيال للكيل

يشيل شيل عات الجمال

ركوه دلو لا فوق م القيد

صعيب تلها ع الرجال

(2)

يقول صف الشرق بمناسبة قتل فرسان العبيد الذين قتلهم ابن رزق الله:

سريت العبيد فداك

أتريد تمر راحت كلها

ص: 338

لينزلوه ورفاقه به ولقي من الإكرام ما لقيه بعكس معاملته لهم، وبعد تناول الطعام والراحة طلب ابن رزق الله من شيوخ العلايا فتح باب المفاوضة وكانت العادة المتبعة عند العرب أن افتتاح الجلسة وابتداء الكلام أمر صعب لا يتولاه إلَّا دهاتهم ومن بين الصفات التي يمدح بها عظيم البدو يقولون عنه (أن فلانًا فارس في الميعاد وفلان قدير في فتح الكلام) فتكلم الشيخ حسن قادر بوه ردا على الشيخ صالح بن رزق الله فأسكته هذا الأخير بتهديد قائلًا له لا يحق لك أن تتكلم ولا أطلب الكلام من مثلك فتكلم غيره وغيره ولكن أسكتهم ابن رزق الله بتوجيه كلمات عيب يصف بها المتكلم وكان غرضه أن لا يتكلم إلَّا الشيخ أبو شنيف الكزه لما يعتقده ابن رزق الله في أبي شنيف من حب المسالمه واللين ويعتبرهما ضعفا بأبي شنيف أو جبنا فيصل معه وتحت الضغط إلى ما يريد، وبعد أخذ ورد طويلين وبدون جدوى كرر الشيخ ابن رزق الله كلمته السالفة (برقة ظهر حمار لا تسعنا جميعًا) فرد عليه الشيخ حمد اللواطي صاحبه الأول بجوابه الأول وهو شاهر السلاح في وجه ابن رزق الله قائلًا (علي الطلاق لا يركب ظهر هذا الحمار إلَّا نحن ولو لَمْ تكن بين نسائنا وأولادنا وفي محلاتنا كضيف لقتلتك تأديبا لك يا وضيع الأصل) فركب ابن رزق الله وقومه وفي أنفسهم ما فيها وهناك طلب الشيخ أبو شنيف من شيوخ العلايا أن تضم جميع الحيوانات وأن لا يذهب أحد من المنتجعات والعمل بجد للدفاع عن الوطن والأهل، وأن المسألة وصلت الذروة القصوى من التعقيد فلا فائدة في علاجها دون قتال ولا أمل في الوصول إلى اتفاق. وفي هذا الأثناء وصل الشيخ أبو خريص ورفاقه من البراعصة - كما سبق ذكره - الأمر الذي زاد في اطمئنان العلايا وتشجيعهم، وبينما كان العلايا يستعدون وصل الخبر إلى الشيخ حمد اللواطي أن الشيخ صالح بن رزق الله ومعه ابنه في كوكبة من الفرسان بموقع كذا فاغتنم الشيخ حمد اللواطي هذه الفرصة وركب في سرية خصوصية بدون أن يعلم بذلك قومه وخف لمنازلة ابن رزق الله، ومن بين رفاق اللواطي محجوب دواس فالتقى بابن رزق الله وابنه (شيناه) وقتل جميع رفاقه ولما علم ابن رزق الله أن لا مفر من الموت قال للشيخ حمد اللواطي: لا تقتلني مرتين يريد بذلك أن يقتله قبل ابنه بحيث لا ينظر إلى ابنه صريعا فأجابه

ص: 339

الشيخ حمد وقد جرح أحد رفاقه الأعزاء عليه: وإن مات فلان فلا مناص من قتلك مرتين وإن نجي من جراحه فسأقتلك قتلة واحدة، وقد قتل ابن رزق الله وابنه حيث دفنا بموقع الصواكي.

كان في انتصار حمد اللواطي تفاؤلا حسنًا لصف الشرق وانتقلت منتجعات صف الغرب إلى جهات برقة الغربية وقد استولى عليهم الرعب والذعر بالرغم عن أنهم أقوياء بالنسبة إلى صف الشرق، وقد اقتفى صف الشرق أثرهم وهكذا كلما ينتقل صف الغرب من داره ينتقل صف الشرق في أثره يومًا فيوم حتى وصل الأولون إلى موقع (زغبا) وهناك اشتبك الفريقان في أول معركة رئيسية كان النصر فيها حليف صف الغرب، وانسحب صف الشرق إلى موقع أبي جدارية، والتقى الجمعان في اليوم الثاني وهو يوم الجمعة أول رمضان سنة 1227 فانتصر أيضًا صف الغرب بادي ذي بدء وانسحب صف الشرق، وهناك خشيت أم العز بنت الشيخ الكاسح الكيلاني من استمرار انسحاب قومها وهي التي كانت تضرب طبل العلايا راكبة على جملها فتزلت وأمرت ببناء بيت أبيها وأبت أن تسير فخجل قومها أن يفوتوا بيتها مبنيا للأعداء وهي فيه فكرُّوا على أعدائهم بشدة وعنف غير مبالين بمن يموت دفاعا على الكرامة، فانهزم صف الغرب بعد قتال شديد والموت في أول رجالهم وآخرهم، ولم ينج من رجال صف الغرب إلَّا أربعون فارسا فقط فروا عدوًا على خيولهم، وكانت هذه المعركة هي الفاصلة، وقتل أثناء هذه المعركة الشيخ جلفاف

(1)

مقرب والشيخ وشاح البرعصي والغول مطرود وعقيلة محمود هيبة والكثير غيرهم من رجال صف الشرق، وأخذوا يقسِّمون أموال صف الغرب من الإبل والغنم والخيل والحمير والأثاث وكانت أموال المنهزمين جد كثيرة، فصاروا يأتون إلى الحفر المنخفضة من الأرض المحاطة بالربوات العالية ويدخلون

(1)

لما حصل الحرب بين العبيدات والبراعصة قالت إحدى نساء البراعصة الأغنية الآتية تذكر العلايا بما كان من قومها:

مسلفينكم جلفاف

يا جبارنة يوم العلم

المقصود به علم زغبا.

ص: 340

بها المصنّف المراد تقسيمه من الإبل أو الغنم بدون عدد حتى تُملأ ويتركونها لمن تصح له أثناء القسمة، ولا زالت المقبرة التي تضم رفات الموتى يومذاك معروفة بموقع زغبا.

كان أعيان قبيلة الفرجان التابعة لزعامة الشيخ صالح بن رزق الله يحتفظون للعلايا بنوع من المحبة لأسباب سبقت هذه الظروف، وكان العلايا يبادلون الفرجان نفس الشعور، وفي اليوم الأول من المعركة كان الفرجان والعلايا لا يقاتلون بصورة جدية ولما انسحب العلايا إلى موقع أبي جدارية كان الفرجان من الكارين فلم يتخذوا الجد في كرهم، أما في اليوم الثاني بعد أن بنت أم العز بيتها كما سبق ذكره تقاتل الطرفان قتالا جديا وقسمت أموال الفرجان مع ما قسم من أموال صف الغرب.

فكتب شاعر الفرجان الطالب ورث بالقصيدة الآتية من الشعر الشعبي إلى أعيان العلايا معاتبًا:

أيام قبل وانتو حزامين

حزام كان لنا معاكم

إلى أن يقول:

إيش السبب يا محبين

ويش السوايا معاكم

تبدى لنا فعلكم شين

أوطاب ما لنا في جباكم

أفتناه صالح أوشيناه

وقلنا نعنهتم افداكم

وفتنا (الكيمان، والعين)

وجينا لهلكم امعاكم

أجبتو تريس التراكين

اللِّي باعنا واشتراكم

قلت: الكيمان والعين مواقعان ببرقة الغربية، فكان الشاعر يقول ألم يكف أنا تركنا لكم هذه المواقع وانسحبنا منها، ويشير في الشطر الأخير من البيت الرابع إلى المعركة الأولى التي انسحب فيها العلايا إلى أبي جدارية حيث منتجعات العلايا فكأنه يقول وصلنا معكم إلى أهليكم ولكن لَمْ نكن جادين في المعركة

ص: 341

فلولا ذلك لأخذنا أهلكم. ويقول هذا الشاعر أيضًا معاتبا قبيلة زويَّة التي عاركت، إلى جانب العلايا معاركة الأبطال:

ايش جابكم يا زويَّه

منافيخ كيف القبايل

لا النا عليكم سويَّه

ولا لكم علينا غلايل

وأنت يا قراد الحطيَّه

فيك ضايعات الحمايل

اقبيتوا كما بو (زويَّه)

مطاويح بين السلايل

(حسن) عاد المعقبيَّه

وراعي القولات قايل

له دار ف العجرميَّة

أمزرب وعدوان سايل

أخذ الشاعر يسأل ازويَّه عما جاء بهم لمعركة لَمْ تكن في صالحهم ولا هي دفاعَا عن شيء أخذ منهم، ويرى الشاعر أن مجيء زويَّة إلى هذا الميدان ما هو إلَّا تطفل مثل تطفل قبيلة القبائل في هذه المعركة.

ويظهر الشاعر في قوله أن ليس بينه وبين قبيلة ازوية ما يوجب القتال لولا التعدي الذي بدأ به، وهذا التعدي هو السعي لامتلاك برقة وطرد أهلها منها وهم من خيرًا أهل برقة فمتى أجلي العلايا يلحق الضرر بزويَّة أيضًا.

ويصف الشاعر قبيلة زويَّة بكلمة أقراد الحطية، وهي حشرة من الحشرات التي تلتصق بالإبل دائما وقد وصف بها زويَّة ويشير الشاعر إلى مروءة أسداها قومه إلى زويَّة أثناء حرب زويَّة مع الجبالية الذين جاءوا لامتلاك جخرة فقاتلهم زويَّة دون موطنهم وتغلبوا عليهم، وهنا يظهر الشاعر أن قومه انتصروا وقتذاك لزويَّه بدون مقابل، ويشير الشاعر إلى أن أموات زويَّة أثناء المعركة بين سنابك الخيل أنهم مثل "أبو زويَّة" الذي هو حشرة من الحشرات المعروفة ببرقة، ويظهر الشاعر شكره إلى حسن بن مفتاح رئيس فرع من زويَّة يقال له عائلة "مفتاح" وهذا الفرع لَمْ يشترك في المعركة لوجوده في مواطن بعيده عن المعركة وقتذاك وهي العجرمية ومزرب وعدوان وهذه المواقع معروفة ببرقة وصالحة لرعي الحيوانات.

ص: 342

وهناك منتجع من منتجعات العلايا لَمْ يشترك أيضًا في الحرب ضد صف الغرب ولم يقف إلى جانب إخوانه فأطلق عليه هذا الاسم: (نجع المرأة) ويضم هذا المنتجع عائلة مطاوع العواقير وعائلة الغمق من فرع إبراهيم العواقير، وعائلة مطرود الأسود من المغاربة، وعائلة شعيب الغزي من صبح، ولما انتصر باقي العلايا وغنموا أموال صف الغرب قال قائلهم:

لولا شكل مطرود

راه عيت

(1)

بوميز اغتنوا

وبوميز هي عائلة من الأسود من فخذ منصور المغاربة ورئيسها وقتذاك مطرود الأسود، وقد عرفت عائلة ابوميز في جميع العصور بالفقر ولذلك يقول شاعر العلايا لو أنهم يعني ابوميز حضروا المعركة لأصبحوا من الأغنياء لكثرة الغنائم يومذاك ولكن عدم توفيق رئيسهم مطرود هو الذي حرمهم من هذا الثراء.

‌الحرب بين البراعصة والعبيدات

هناك رجل من قبيلة التراكي وهي إحدى قبائل المرابطين في برقة تربطه الخئوله ببيت الزعامة في قبيلة البراعصة وبينه وبين القبيلة صلات مودة فتحول بيته إلى جوار الشيخ اللاقي أبو هرهرة تنزيل عليه وهذا الأخير من قبيلة العبيدات، وفي ذات يوم كان اللافي متغيبا عن أهله فجاء الشيخ الصيفاط أحد أعيان وشيوخ البراعصة في كوكبة من الخيل ونزل ببيت خاله التركاوي نزيل اللافي فأكرمهم وذبح لهم شاة، وبينما ينتظر الضيوف حضور الأكل وصل اللافي أبو هرهرة لبيته وسأل قائلًا إني أرى خيلًا بمنزل نزيلنا فمن أين هم؟ فقيل له أنهم شيوخ البراعصة فذهب اللافي فورًا إلى بيت نزيله وبدون أن يسلم على الضيوف أو يستجوبهم أخذ في تأنيب نزيله قائلًا: لماذا تقبل الضيوف بيتك وأنت نزيلي، ولحق تأنيبه إلى نفس الضيوف قائلًا لهم: إن هذا نزيلي ولو عملتم بالواجب لنزلتم بيتي ضيوفًا كرامًا وأنكم تعلمون أن نزيلي بمثابة جردي

(2)

لا يمكن كشفه، فأراد البراعصة أن يقنعوه ولكنه حلف يمينًا أن يذهبوا بدون أن يأكلوا هذا اللحم المهيأ لهم فركب

(1)

عيت: معناها (عائلة) وهكذا تنطق باللهجة الليبية.

(2)

جرد: عند المشارقة هي العباءة، وعند الليبيين المغاربة يُطلق عليها الجرد أو الحِرام.

ص: 343

رجال البراعصة في شيء من الغضب والسخط ومرُّوا بإبل لعائلة الخرصاني والعلالقة وكلتيهما من العبيدات وأخذوها بعد أن قتلوا ثلاثة من رعاتها وأرسلوا إلى اللافي أبو هرهرة يخبرونه بعملهم انتقاما منه

(1)

.

وكان لأحد المقتولين قريب يُدعى أبو بكر الخرصاني قد عزم على أن يقتل الشيخ سعيد أبو زوير أحد أعيان البراعصة المشهورين لأجل قتل قريبه وأن لا يرضى بدلًا من سعيد رجلًا آخر، وأخذ يتربص به الفرص خفية حتى مر ذات يوم بقرب منتجع البراعصة ودنا من بيت سعيد فرآه يوقد نارا ليتخذ منها نورًا لضيوف عنده فرماه برصاصة خر الشيخ سعيد صريعًا، فتأثر البراعصة لهذا الحادث لأنَّ قتيلهم من أعظم رجال برقة ولا يصح في رأيهم أن يُقتل لأخذ ثأر من هو أقلّ منه.

وبينما كان البراعصة يفكرون في الانتقام سمعوا أن الشيخ لطيف أبو شولاك عمدة قبيلة العبيدات ومن أشهر أعيان قبائل السعادي وقتذاك قد توجه المدينة بنغازي لقضاء مصلحة فاقتفى أثره ولدا الشيخ سعيد أبو زوير وهما بن علي والمبروك ولما وصلا إلى بنغازي أخذا في خفية يبحثان عنه حتى علمًا أنه في صباح غد سيتوجه إلى قصر الحكومة بطلب من والي بنغازي وهناك استعدا لقتل غريمهما فقربا من قصر الحكومة حتى رأياه قد نزل من القصر (هو بلدية بنغازي الآن) فدنوا منه وشعر هو بدوره أن هذان سيقتلاه فخف سيره ليدخل إلى المقهى المحاذي للقصر (مقهى برلاتو الآن) وكان يرى من العيب أن يستغيث أو يرفع رجله جريا فضرباه قبل دخوله المقهى وفرا هاربين. أراد البراعصة بعد قتلهم الشيخ لطيف أن يصطلحوا مع العبيدات فمهدوا لذلك وأحضروا الجرود والبرانيس كما جرت بذلك العادة لإهدائها إلى أهل المقتول واجتمع الكثير من مشايخ مختلف القبائل للصلح وإطفاء الفتنة قبل أن يتسع خرقها فحصل الاتفاق بادئ ذي بدء، وكان من بين

(1)

أرسل البراعصة إلى اللافي أبو هرهرة بالكلمات الآتية من الشعر الشعبي توبيخا له:

صاحب جردك يا وجاه

أخذا ثوبك الحلال أمعاه

جاكم ما غاب

أخذنياقك من ذيل (أغراب)

وحط ثلاثة هم حق عداه

ص: 344

وسطاء الصلح الشيخ نصر الشيباني عمدة قبيلة المعرفة وانتهى الأمر بالصلح، ولكن الشيخ بريدان أبو شولاك أخذ يعد العدة سرا لمهاجمة البراعصة وقتالهم رغم الصلح الواقع انتقاما لأخيه المقتول، وفي فجر يوم من الأيام هجم الشيخ بريدان منتجع البراعصة بموقع (الحوارة) قبل أن يتم الصلح الذي مهد له وحدد له موعدا فنشبت بين الفريقين معركة كبيرة أسفرت عن قتل الشيخ سليمان الجنازة، وهو من أشهر مشاهير رجال البراعصة، وقد سمع بهذا الحادث الشيخ نصر الشيباني الذي كان قد أخذ عهدًا على مشايخ العبيدات بقبول الصلح وانتهى معهم في إجراء ما يلزم إجراؤه واتفقوا على موعد يكون فيه التصافي والوئام فأخذ يسأل من حوله قائلًا: نحن أصلحنا بين البراعصة والعبيدات واجتمع شيوخ القبيلتين وتصافحوا ولم يبق بينهم شيء وحددنا موعدا لمقابلة أخرى كي يتم فيها ما لَمْ يتم سابقًا فماذا جري يا تري؟ فرد عليه الشيخ أبو فروة مفصلا بقصيدة من اللغة الشعبية يؤنبه فيها وتوالت المعارك بين الفريقين وخسر العبيدات جميع المعارك مع البراعصة إلَّا المعركة الختامية التي كانت هي الفاصلة.

قال الشيخ أبو فروة:

سلامي على نصر شيبان

نزهة أصدور السرايا

إن كان سلتني عن ابريدان

في مسارنا ف اللوايا

جرن فيه باقدار وإحسان

برانيس بلف أو هدايا

خائن أو من سر خيان

من هل العمال الردايا

لمد لنا حشو حشان

وجانا إقبال الصبايا

أو ركبنا على كلّ جنجان

لنقر عريض الشوايا

سقناهم كما ريح لمزان

اللِّي من أرياحًا قوايا

أضجن ساعت طيحت اسليمان

قطاقيض وارد ضمايا

ما مشى النادين مديان

كيف صار طيب النوايا

أو صاحب إسرافيل مابان

أيجي في احساب البقايا

ص: 345

من المعلوم أن الحكومة تهتم بالواقع؛ لأنَّها مسئولة عن الأمن العام في بلاد تحكمها، وثانيا أن البراعصة قد تعدوا تعديا شنيعًا إذ قتلوا أحد أعيان العرب داخل المدينة التي يحرسها رجال الأمن العام وعلى مرأى ومسمع منهم بقرب القصر الحكومي، أضف إلى ذلك أن الحكومة وقتذاك ما برحت تخشى قبيلة البراعصة وتحسب لها حسابات كثيرة فتسنى لها تأديب هذه القبيلة إن استطاعت، استعد خليل باشا بقوات هائلة وصحب معه الكثير من شيوخ وأعيان الحضر والبادية ومن بين من استصحبهم معه الحاج محمد كاهيه والحاج إبراهيم منينه ومصطفى عصمان (عثمان) وعبد النَّبِيّ حجر القزيري وهؤلاء من أعيان حاضرة بنغازي وكثيرا من شيوخ العواقير والمغاربة وجميع هؤلاء المشايخ كانوا من شيعة البراعصة وأنصارهم سرا وجميع الأهالي يتحيزون إلى البراعصة إلَّا قسما ضئيلًا من قبيلة الحاسا يعرف بالمربد، ونزل خليل باشا والي بنغازي بقواته ورفاقه في زاوية الفايدية واتَّصل بشيوخ البراعصة عن طريق الوسطاء وطلب منهم شروطا للصلح بدون قتال فخضعوا لها إلَّا شرطا واحدًا وهو تسليم الأسلحة التي بيدهم وتجريدهم منها فأبوا أن يذعنوا لهذا الشرط إلَّا رجلًا واحدًا من البراعصة هو الشيخ عمران بن حموده أبو بزله أحد شيوخ عشيرة المساعيد فتقدم بالطاعة لشروط الوالي، وهناك زحفت قوات خليل باشا لقهر البراعصة وإخضاعهم بالقوة فقابلها ثمانون رجلًا فقط من عشيرة طامية والتحمت المعركة بشدة وعنف استعمل في أثنائها إطلاق المدفع، فهجم حمد بن الحالي حدوث على الطبجي وقتله واستولى الرعب على الجند العثماني فانسحب مخذولا بالرغم من اشتراك جميع من أراد مجاملة الحكومة في القتال إلى جانبها وانتصر البراعصة انتصارًا باهرًا.

رجعت قوات خليل باشا بخفي حُنَيْن وبعد هذه المعركة وغيرها حصلت عدة اجتماعات بين العبيدات والبراعصة ووسطاء الخير للصلح وعندما يصل الطرفان

ص: 346

إلى اتفاق يقول الشيخ عمر جلفاف هذه الكلمة ليخرب بها الميعاد (لماذا قتلتم سعيدًا وهو يوقد نارًا للضيوف) فيتحمس رجال البراعصة وتثير ثائرتهم ويخرب الميعاد، وهكذا يقول عمر جلفاف كلمته هذه في كلّ اجتماع يراد به الصلح فاقترح الشيخ محمود الفرجاني أحد زعماء العبيدات اقتراحا وهو عندما يجتمع الطرفان للبحث في مسألة الصلح يتركوه يجيب الشيخ عمر على كلمته التي تعوَّد قولها للخراب ولم يعرف النّاس ماذا سيكون جواب الشيخ محمود الفرجاني، وعندما حصل أحد الاجتماعات من النوع التي كانت تعقد للوصول إلى الاتفاق ردد الشيخ عمر كلمته فأجابه الشيخ محمود قائلًا:(ألم تقبل ماية رجل في سعيدك) فالتفت الشيخ عمر إلى الشيخ محمود قائلًا: (من أين جاءت هذه) وبهت فلم يتكلم بعدها إلَّا بقوله لا إله إلَّا الله.

يقول شاعر البراعصة مخاطبًا خليل باشا:

ريت شلطهن فالسوق

يا خليل وتحيهن أخرى

يقصد بذلك قتل الشيخ لطيف بميدان السوق. التجأ البراعصة إلى برقة الغربية عقب معركة من المعارك فبعث إليهم العبيدات بقولهم:

البطنان والخرمة تنادي

تعالوا إن كان مانكم واللين

(1)

يا عاقلين في وطن السعادي

بقتلكم شيخ كان الكم خزين

ومن قول بريدان المنظوم عندما قتل أخوه لطيف أبو شولاك:

الطيف لاوي الكشمير أن نأخذ فيه إلَّا مدير أما موسى وإلا باكير

ويقول أحد الشعراء البدو يداعب معشوقته مستشهدا بقول عمر أبو جلفاف لأهل الميعاد:

(1)

زاللين: بلهجة البدر أي تائهين، والبطنان هي منطقة معروفة في برقة.

ص: 347

قولك امعانا يا كحيل أنظارا

كي قول بو جلفاف للسيارا

اقلال عقيده

عمر وأنت يا صابغ سواد هميده

هوا يغزوا (عيت عريف) من تحت أيدا

وأنت تحودي عن حبي بيت الجارا

ما لكم شيء نيسه

عمر وأنت يابوقرن هالب قيسه

ناو الجبل مانا لمغير بسيسه

هو هله فيه وأنا انديو ادباره

ويقول شاعر العبيدات:

عدوهن ايج في غيضهن يا لاهن

ما فيه خير بيعهن وشراهن

راكبات أطوالي

صعيبات ع الشاري ثمنهن غالي

خذن (زدم واسليمان والبهالي)

فراسين كصر ما عمر يفداهن

راكبات سلايل

ما يحملن هفوات القرون الجايل

لهن زمان منهم زامطات علايل

ما صدقن طالن نهار امعاهن

يركبن علي الفرح

هذين عيَّت واعر حربهن ما يفرح

عليك يحدرن كيف الطيور الصرح

اللِّي واحيات محاس وإن عشاهن

واتفق بعدئذ البراعصة والعبيدات وتنازل العبيدات عند ما أخذوا في القصاص عن مائة رجل قتيل في ذمة البراعصة فكانت هذه المكرمة من العبيدات لإطفاء الفتنة تذكر لهم، مع أن العبيدات كانوا هم الغالبون إذ انتصروا في المعركة الختامية وهي معركة (المزيلقة) كان العبيدات قد قرروا الانسحاب إلى جهة البطنان

ص: 348

أثناء انهزاماتهم من البراعصة وبقي بموقع (المزيلقة) منتجع خليط من جميع قبايل العبيدات وأتباعهم لعدم مقدرتهم على الرحيل فسمع بهم البراعصة وجاءوهم لإبادتهم ولكن الحظ في هذه المرة ساعد العبيدات فقد كان المحل الذي نزل به العبيدات صعب المسالك لا يمكن لأي إنسان أن يدخل إليه أو يخرج منه لصعوبة مسالكهـ وليس من السهل أن تصل إليه الخيول، وهنا حارت سرية البراعصة فلم تستطع المتقدم ولا المتأخر وأخذ أهل المنتجع يقاتلونهم حتى أبادوهم فأسفرت هذه المعركة عن انتصار العبيدات وخذلان البراعصة في هذه الواقعة الأخيرة والفاصلة وفي أثناء المعركة بين منتجع (المزيلقة) وسرية البراعصة كان هناك بمنتجع البراعصة بعض من رجال العبيدات للمفاوضة في شأن الصلح، وكان جميع رجال البراعصة قد ذهبوا (إلى المزيلقة) وكان العبيدات يسألون النساء ومن بالمنتجع بقولهم أين الرجال فيجابوا بأن الرجال ذهبوا ليسقون خيولهم، وفي هذه الحالة كانت الخيول تأتي بالأموات إلى المنتجع في صفة سرية فأدرك العبيدات ذلك وقالوا للبراعصة كان (البئر مزدحمًا). وعقب هذه المعركة المذكورة والتي كان فيها العبيدات هم أهل المقدرة تصالح الطرفان صلحًا طيبًا وتصافيا وتجدد بينهما ود وإخاء لَمْ يكن قبل، وانسحب البراعصة من أراضي العبيدات التي كانوا قد استحوذوا عليها عنوة وأبطل حكم أبو بكر حدوث على العبيدات وتضاءل نفوذه على جميع الحرابي وتنازل عن قصره بموقع القيقب إلى العبيدات، ولم يعرف السعادي الذين يحدثوننا عن حرب وقعت بين قبيلة وأخري كهذه الحرب التي وقعت بين العبيدات والبراعصة، فقد انتهت بتصافي الفريقين وبحسن العلائق وتجديد الروابط وبالمودة التي دونها كلّ المودات وبتبادل الاحترام والتقدير وحتى لما كانت الحرب بينهم فعندما توقف ساعات القتال يضيف أحدهما الآخر في أمن وسلام يتبادلون الإكرام وعندما تشتبك الحرب يذهب كلّ منهما لقومه لتجديد الحرب ولم تعرف هذه العادة عند غير العبيدات والبراعصة، أما عن المودة القائمة بينهما اليوم فحدث ولا حرج.

ص: 349

وكان بيت الرياسة في البراعصة هو مقرب، وبيت الرياسة في العبيدات هو غيث، وهذان البيتان هما اللذان صعب إقناعهما وهما دعاة الحرب، أما دعاة السلم من القبيلتين فهم الشيخ مازن بن أبي بكر حدوث، والشيخ علي الفرجاني وابنه محمود.

لا تقل مدة الحرب بين البراعصة والعبيدات عن ثلاث سنوات ومن أهم الوقائع:

معركة الجواره، ومعركة الشقاليف، ومعركة عطير، ومعركة المزيلقة.

وقد وصف الشيخ بوسيف أبو شنيف الكزة معركة اعطير في قصيدة باللغة الشعبية يخاطب بها الإبل منها قوله:

بيوم عطير ياعوج اللغاوي

عندك وين جنا بالجضور

عند النزل تميتي خلاوي

والبارود والمدفع أيثور

الباشا جا جايب لك تقاوي

كيف الطير لا راع النقور

اطمع فيك شراب القهاوي

اللِّي من اتراك واللي من حضور

وطمع فيك شراب الركاوي

(اللافي) بوهرهره بوسيور

عندك وين فزعن بلملاوي

كيف الجبح لاجاه البخور

فاتنك سطرو البارود شاوي

بطعن الحراب في وسط الظهور

أعاد ضربهم ايجي ع الكلاوي

وإلاع العمايم أو الصدور

ص: 350

التفصيل عن‌

‌ قبائل العرب في الوادي سوف

بصحراء الجزائر الشرقية

قال صاحب كتاب الصروف

(1)

في تاريخ الصحراء وسوف من القبائل العربية في بلاد أو ولاية الواد سوف وغالبها من بني سُلَيْم، وعدوان، وطرود بن فهم، وبني هلال، وهي من قيس عَيْلان من مُضَر العدنانية من العدنانية وهي كالتالي:

‌قبيلة أولاد أحمد

هذه القبيلة كانت في القديم عظيمة وصارت في هذا العهد ضئيلة العدد.

وهي إحدى القبائل المنضمة لشعب الأعشاش.

قيل: سموا أولاد أحمد نسبة إلى أحمد بن أهيب من بُهْثَة بن سُلَيْم بن منصور بن عِكْرَمة بن خَصْفَةَ بن قيس عَيْلان.

وقيل: نسبة إلى رجل يقال له حمد بن عمر بن حنظلة القريشي كان قتل ابن عمه وأتي إلى القيروان هاربا

إلخ، لكن الإخباريين ذوي التحقيق جزموا بعدم صحة ذلك، والله أعلم.

وتتركب قبيلة أولاد أحمد من سبع عمائر:

‌العميرة الأولى: السوفية:

هذه العميرة سميت بذلك؛ لأنَّها أول من دخل وادي سوف وعمَّره، فكأنه لَمْ ينسب أحد لسوف سواها، وأولهم سيدي مسطور السابق ذكره.

وكان لبعض أولاده بتان إحداهما تسمى عائشة، والأخرى فاطمة وسيأتي ما يترتب عنهما.

وتتركب هذه العميرة من عشر فصائل خمس أصليات وهي: الأولى: أولاد يوسف وفيهم بيتان من بني عدوان يقال لهم أولاد الأخضر جاءوا من قديم مع

(1)

الأستاذ إبراهيم بن محمد الساسي العوامر، وعلّق على كتابه الجيلاني بن إبراهيم من العوامر - نشر في تونس عام 1977 م.

ص: 351

طرود الذين كانوا في تندلة. الثانية: أولاد شايب. الثالثة: أولاد حفوظة. الرابعة: أولاد حفصة. الخامسة: أولاد مصباح.

وخمس ملحقات وهي: أولاد شبل بن موسى بن محمد بن مسعود بن سلطان بن زمام بن ورديفي بن داود بن مِرْدَاس بن رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هَوَازِن بن منصور بن عِكْرَمة بن خَصْفَةَ بن قيس عَيْلان.

ذكر القدماء أن الذي أتي إلى الوادي من أولاد شبل إنسان يقال له العربي، وجاء منه ابن يقال له عبد الله، ومنه ابن يقال له محمد، وجاء من هذا ابن يُسمى أحمد ومنه جاءت الذرية التي معنا الآن وهم: إبراهيم، والحاج عبد القادر، ومحمد، وهذا الأخير هو الذي مات في قمار سابقًا.

وسبب مجيء العربي المذكور إلى وادي سوف مع أنه كان بالمحاميد

(1)

غرب طرابلس أنه كان بناءً فطلب منه شيخ المحاميد أن يبني له بيتًا في منزله فرأته امرأة من قريبات الشيخ كانت بالمنزل وقيل جاريته فعلقت به واشتد كلفها وشوقها. فراودته عن نفسها وراسلته خفية فامتنع عن وصالها، فأقسمت له قائلة: إن لَمْ تأت لأقولن أنك راودتني عن نفسي!، فوعدها بالإتيان إليها ليلًا. فبلغ الخبر إلى الشيخ فأخذ سلاحه وقال: إن جاء إلى منزلي أقتله، ولم يذهب العربي إليها كما وعدها صونًا لدينه وعرضه، ولما انتقل الخبر بين النّاس قال في نفسه: إن هذا الإنسان قد تمكنت بيني وبينه العداوة وهو الرئيس فإن لَمْ يقتلني اليوم سيغري بي بعض السفهاء ليقتلني يومًا آخر، فأتي إلى أمه وأخبرها بتفصيل الواقعة وقال لها: إنني أريد الفرار من هذا المكان ثم ودعها وانصرف تاركا جميع ما عنده، ولم يزل ينتقل من محل إلى محل حتى وصل عند أبناء سيدي مسطور فنزل عليهم

(1)

المحاميد: قبيلة كبيرة في جبل نفوسة (الجبل الغربي) جنوب طرابلس ومنهم البطل غومة المحمودي الذي جاهد ضد الأتراك طويلًا، والمحاميد هؤلاء ذكرهم العلَّامة ابن خلدون من بطون ذباب بن مالك من بني سُلَيْم.

ص: 352

فأكرموه، وبعد زمن يسير زوجوه بعائشة المتقدم ذكرها، وجعل منزلًا من حطب وحلفاء وبيتا من شعر في المكان المعروف الآن بالجامع الصغير الذي بوسط السوق، ثم شرع هو وزوجته في غرس النخيل فجعلوا الغوط المسمى الآن غوط عمَّار بن صيفي.

فسبب انضمام هذه الفصيلة للسوفية هو تزويج العربي الشبلي بابنتهم عائشة كما تقدم.

الفصيلة الثانية: العلالقة، يزعم بعض العوام أن علاقا جد العلالقة كان خادمًا للعربي الشبلي المتقدم، وليس بصحيح، وإنما هو حديث خرافة. أما نسبهم فيتصل بعلَّاق بن عوف بن بُهْثَة بن سُلَيْم بن منصور بن عِكْرَمة بن خَصْفَةَ بن قيس عَيْلان. وكانت منازلهم مع بني شبل في المحاميد عرب طرابلس كما هو في ابن خلدون و "المنهل العذب".

قال القدماء: أن جد العلالقة الذين بسوف كان مع العربي الشبلي ومن أكبر محبيه وملازميه. ولما فر العربي إلى سوف التحق به وحين خالط أبناء سيدي مسطور زوجوه بفاطمة السالف ذكرها أي أخت عائشة، وخدم النخيل مع الشبلي وجعل منزله في المكان المعروف الآن برحبة اليهود غربي السوق.

فالسبب في انضمام هذه الفصيلة أيضًا للسوفية هو تزويج جد العلالقة بابنتهم فاطمة.

الفصيلة الثالثة: أولاد الجديدي وينسبون إلى سيدي محمد الجديدي الفحقي القيرواني السالمي من بني سالم بن وهب بن رافع بن ذباب بن مالك بن بُهْثَة بن سُلَيْم بن منصور

إلخ، وصاحب الزاوية الشهيرة بالقيروان كان جدهم الأول بطرابلس عند دخول العرب إلى إفريقيا، ثم انتقل إلى قرية فحقة بقرب القيروان. وتناسلت منه ذرية بها وانتقل منهم سيدي محمد الجديدي إلى القيروان فاستوطنها وجعل زاويته بها، ثم انتقل بعض أبنائه مع بعض العرب الذين قصدوا المغرب،

ص: 353

وهم المعروفون عندنا اليوم بالسلمية، ونزلوا قرب القرارة والجلفة ثم انحدروا إلى الصحراء القريبة وأتي جد الواديين الآن منهم؛ ولهذا من لا يعرفهم يحسبهم من السلمية.

وقد ورد في "المنهل العذب" عند ترجمة سيدي عبيد بن يعيش الغرياني الذي خلفه الشيخ الحديدي في مكانه على زاويته أن الشيخ الجديدي قال: إني رأيت في منامي كأنني في مقدم سفينة وعبيد الغرياني في مؤخرها، فأولت ذلك بأني أموت وهو يرثني، وقال عبيد: فقصدت الجديديين الذين في بلدة فحقة فلم نجد الشيخ محمد الجديدي فدخلت القيروان من باب تونس فوجدته خلف صبية يلعبون فأخذ بيدي ومشي بي إلى زاويته .. إلخ، وكانت وفاة الشيخ الجديدي في حدود عام 802 هـ / 1400 م.

فسبب انتساب الجديدين للسوفية هو أن جدهم حين دخل الوادي نزل على أولاد يوسف فتزوج منهم بامرأة يقال لها مسعودة وانضم لهم بذلك.

الفصيلة الرابعة: أولاد ميلود: وهم من أمغاد غدامس، أتى جدهم محمد بن أحمد بن ميلود فنزل على أولاد يوسف وتزوج منهم بامرأة يقال لها مسعودة بنت عطاء الله فانتسب لهم بذلك.

أقول: انتهت إمامة الجامع إليهم وكان جميع الأئمة الذين توارثوها بجامع السوق، أي جامع سيدي المسعود هم من أولاد مسطور، وأولاد الجديدي، وأولاد ميلود، فأولهم سيدي محمد الهادي بن مسطور، ولما مات قام بالإمامة بعده ابنه يوسف، وبعده ابنه بوغزالة وكان صاحب فهم عميق وعلم غزير وتقاليد مهمة. عثرت على تأليف له في التوحيد نظما وبعض مسائل حسابية. وبعد انتقاله، خلفه في الإمامة الحاج عطاء الله ومن بعده سيدي الجديدي وهو المقبور بجانب الجامع الغربي. ومن بعده سيدي عطاء الله الثاني وكان صاحب تحقيق في فتاوى الفقه والميراث. وعنه أخذ الكثير من المتقدمين وقد كتبت عنه مسائل مهمة في الفنين المذكورين، وحُجب بصره في آخر العهد، ودام على تلك الحال يدرس بالجامع

ص: 354

الكبير، ومن بعده قام بالإمامة أخوه سيدي محمد بن سيدي الجديدي، وبعده قام سيدي مسعود بن سيدي عطاء الله وبعده صهره زوج ابنته وهو سيدي أحمد بن محمد بن أحمد بن ميلود.

الفصيلة الخامسة: أولاد الحداد وهم أولاد العبيدي، أصلهم من أولاد سيدي عبيد الساكنين حوالي نفطة في بلاد الجريد التونسية، أتى جدهم بلقاسم الحداد من أولاد عبد الملك فريق أبي طارفة. وكان بلقاسم المذكور رجلًا تقيا ورعا فآواه يوسف أحد أبناء سيدي مسطور وزوجه بابنته مبروكة فانتسب للسوفية بذلك، وأولدها ثلاثة أبناء وهم: علي، ونصيب، وسعد. فمن الأول: عمارة والعبيدي، ومن الثاني: بلقاسم والغالي ومحمد، ومن الأخير على النقاب. فهذه الفصيلة أتت متأخرة جدًّا دعاني لتقديم ذكرها إتمام عميرة السوفية.

‌العميرة الثانية: أولاد مياسة:

قال القدماء وكذا الشيخ العدواني: إنهم أبناء المائسة بنت العش حين تزوجها أحمد بن عمر بن حنظلة. والراجح حسب ما تدل عليه المقارنات وكما جاء في تاريخ ابن خلدون أنهم من أبناء مياس بن هيكل بن ملاعب بن نمير بن حكيم بن حصن بن علاق بن عوف بن بُهْثَة بن سُلَيْم .. إلخ، وهو نسب العلالقة السابق ذكره، وهم فصائل كثيرة في الطريفاوي والوادي وعميش وليس معهم طارئ إلَّا أولاد الخزاز فإنهم من أولاد مولات الغرابة، وسيأتي نسبهم في المصاعبة إن شاء الله. وكان دخولهم إلى الوادي عقب دخول السوفية ولذا ذكرتهم إثرهم.

‌العميرة الثالثة: أولاد جاء بالله:

هم أولاد جاء بالله بن جارية بن وشاح بن عامر بن جابر بن فاتك بن رافع بن ذباب بن مالك بن بُهْثَة بن سُلَيْم وهم فرق قليلة في أولاد أحمد ومعهم بطنان أجنبيان، الأول منهما العوينيون ينسبون إلى عوينة دوز وهي قرية من قرى

ص: 355

نفزاوة ببلاد الجريد التونسية والقريبة من أرض سوف، وهم قليلون جدًّا. والثاني منهما القوايد، أصلهم من زناتة تكسبت القديمة. وهذا هو سبب تقديمي لهذه العميرة على غيرها وإلا فأولاد جاء بالله أتوا متأخرين من نفزاوة وسكنوا في أولاد أحمد.

ونسب زناتة كما تقدم إلى حِمْيَر. وأما قايد المذكور فهو ابن أبي الضحاك بن أبي يزول تافرسين بن فراديس بن ونيف

إلخ.

‌العميرة الرابعة: الأميهات:

هذه العميرة تنسب إلى محل يقال له أميهة بادي قرب نفوسة من أعمال قابس، إذ جدهم الأميمي هو الذي أتى إلى أرض سوف من هناك.

وهم اثنتا عشرة فصيلة منها خمس أصليات وهي: أولاد الطالب علي وأولاد بوغزالة، وأولاد نصر بن عون، وأولاد مزيو، والعتايبة. واثنتان مختلطتان هما: رمضين الطريفاوي (أما رمضين الوادي فهم من أولاد مياسة)، وأولاد عليه.

وخمس ملحقات: الأولى الترايعة من أولاد تريعة بن محمود. قال القدماء أن أباهم من بلدة قمار وأمهم غربية وهم من الأشراف.

الثانية: أولاد ميداني من أشراف البهيمة الذين أصلهم من نفطة كما سيأتي.

الثالثة: أولاد علي بن مبروك، أصلهم من الزاب الشرقي وينسبون لأولاد عمر أتوا في الزمن القريب وانضموا إلى الأميهات.

الرابعة: أولاد الدرَّاجي أصلهم من جبل الظاهر وعاشروا عرب سيدي عُقبة فكانوا حلفاء أولاد عمر وقد أتوا متأخرين جدًّا إلى وادي سوف، وقيل أيضًا أصلهم من الدويرات.

أقول: إن أهل الدويرات هم من بني سُلَيْم، أما أولاد الدرَّاجي فمن الأشراف، والله أعلم.

ص: 356

الخامسة الدبابشة، أتى جدهم من قرية يقال لها الدبابشة من قرى نفزاوة، ويختلط بهؤلاء أولاد صالح بن حميدة من أشراف نفطة، وأولاد حميدة الزن من أهل نفطة أيضًا.

‌العميرة الخامسة: العواشير:

يجري على ألسنة القدماء أن جد العواشير يسمى عاشورا من موالي أولاد مياسة لكن معظمهم يثبت هذا النسب وبعضهم ينفي ذلك.

وهم عشر فصائل، سبع أصليات وهي: أولاد كرمادي، وأولاد بلقاسم بن قدور، وأولاد الأطرش، وأولاد العطالة، وأولاد طليبة، وأولاد زيد، وأولاد الصغير خرخش. وثلاث ملحقات: وهي النوابلية من نابل بلدة من أعمال سوسة إيالة تونس، وأولاد مصطفى الزبيديين وسيأتي نسبهم، والكواردية أصلهم من غريب أتوا متأخرين جدًّا. وينضم لهؤلاء أولاد عبد الله الحسان النموشي وبعض من قرية قمار مثل أولاد حمودة وابن غريب.

أقول: الصحيح أن الفرق الأربع الأوليات يقال لها أولاد الحاج أحمد هو صاحب جامع أولاد أحمد الآن الذي أسسه وحرض الناس على إتمامه، وأن الفرقة الخامسة من أخلاطهم يقال لها القلالبة، ومع السادسة والسابعة أخلاط يقال لهم أولاد التومي وهم الذين كان جدهم مولى لأولاد مياسة يخدمهم ثم هرب من عندهم والتحق بوادي ريغ ثم رجع فاختلط بالمذكورين.

وهذا هو سبب ذكري لهذه العميرة عقب أولاد مياسة.

‌العميرة السادسة: أولاد عياد:

هم أولاد عياد بن منيع بن يعقوب بن عامر بن مالك بن زغب بن نصر بن زايد بن سليمان بن وهب بن رافع بن ذباب بن مالك بن بهثة بن سُلَيم .. إلخ.

وهم فرق كثيرة كانت في القديم بنواحي طرابلس وبرقة وقابس، أتت منها إلى أولاد أحمد ست فصائل، وإلى البهيمة فصيلة واحدة عظيمة، فالست هي:

ص: 357

الزرايقة ويقال لهم أيضًا أولاد الزرقي، وأولاد غربي، والأمهاوات، وأولاد مجول، وأولاد مبارك وأولاد زغدود، ثم وقعت بين أولاد مجول وغيرهم مشاحنات خرجوا من أجلها من أولاد أحمد فنزل بعضهم بالمصاعبة وبعضهم بالأعشاش وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله.

‌العميرة السابعة: السوامش:

أصل هذه العميرة من نفزاوة وينتسبون إلى سماش بن سيدي بوجويحيف النفزاوي. وبعضهم يزعم أن سيدي بوجويحيف هو جدهم لأمهم فقط لأنه لم يترك ابنا ذكرا، وسماش المذكور هو ابن ابنته وأبوه من بني سُلَيْم الذين سكنوا جبل الظاهر والدويرات وتفرق وابن واحي نفزاوة.

ومن الأخبار التي تناقلها القدماء أن سيدي بوجويحيف المذكور، وسيدي معبد الذي بقرب غدامس، وسيدي خويلد الذي بورقلة، وسيدي علي بن خزان الذي بقرية الدبيلة هم إخوة عبدوا الله جميعًا بالصحراء القبلية، ومنها تفرقوا فساق الله كل واحد إلى محله الذي هو به الآن بعد أن طوحته الطوائح زمانا.

وهذه العميرة أتت متأخرة جدًّا لكن تتميما لقبيلة أولاد أحمد قدمتها في الذكر، وهذا آخر الكلام على القبيلة المذكورة.

‌المصاعبة

الذي جرى على الألسنة في الأزمنة الأخيرة أن هذا الشعب يسمى المصاعبة واختلفوا في سبب تسميته بذلك، فالبعض يقولون لأنهم ينسبون إلى مصعب بن شباط، ولكن هذا الاسم أتى لهم متأخرًا، وهم كانوا شعبا عظيمًا قبل وجود مصعب. فيهم.

قال الشيح العدواني أن مصعب اثنان أخوان أحدهما يقال له الأعور، والآخر يقال له التاجر. أما الأعور فهو من ولد همام ابن فطاسة البدوية، وأما التاجر فهو من ولد عمر بن أبي بكر بن سعد بن لؤي بن المسعود الصحابي .. إلخ.

ص: 358

أقول: لعل هذا خطأ في النسخ أو الطبع أو سهو من المؤلف إذ كيف بعد أن كان الأعور والتاجر أخوين صار أحدهما من ولد همام والآخر من ولد عمر. وهب أن الإخوة كانت من قبل الأم فقط فكيف يشتركان في الاسم مع اضطراب نسب الثاني. فالصحيح ما أخبرني به حمد بن بوزغاية رحمه الله، وهو أن المصاعبة كان يقال لهم المصابعة بتقديم الباء على العين، وأن المصاعبة كان يقال لهم الأصابعة.

جاء في "المنهل العذب" قوله: الأصابعة نسبة إلى رجل ذي أصبع زائدة

ولم يذكر التجاني لأي بطن ينتسبون.

وورد في كتاب الشريشي الكبير قوله: ذو الأصبع هو القائلِ: غدير الحي من عدوان إلى آخر أبيات الشعر المعروفة.

ثم قال: وهو ابن قيس بن صعصعة بن طرود بن فهم بن عمرو بن، قيس عيلان

إلخ.

وشعب الأصابعة أو المصابعة أو المصاعبة ينقسم إلى أربع قبائل وهي: الشبابطة، والقرافين، والعزازلة، والشعانبة، وسأتي تفصيل الجميع إن شاء الله.

‌قبيلة الشبابطة

ينتسبون إلى شباط المتقدم ذكره. وقال القدماء أنهم من العرب الذين دخلوا وادي سوف عقب سيدي مسطور وأولاد أحمد، وفيهم بعض أهل تكسبت القديمة من زناتة.

وتنقسم قبيلة الشبابطة إلى اثنتي عشرة عميرة.

‌العميرة الأول: الشراردة:

سموا بذلك لشدة نفرتهم من الناس وشرودهم، وهم ست فصائل أصلهم من توزر في بلاد الجريد التونسية.

ص: 359

الأولى: المداخلة، الثانية: الروابح، الثالثة: أولاد قروش، الرابعة: أولاد حمة الطالب، الخامسة: أولاد عثمان، السادسة: المنانعة ويقال لهم أيضًا أولاد مناعي وكلهم دخلوا وادي سوف جملة حسب قول القدماء.

‌العميرة الثانية: أولاد بوجديد:

نسبة إلى نجدهم بوجديد الذي جعل البناء الجديد في تكسبت التي كانت بموضع غوط الدواب الآن وهو المغيبة.

وتنقسم هذه العميرة إلى ست فصائل: اثنتان أصليتان وهما: الأولى: أولاد حمانة، الثانية: أولاد البوهالي، ومع الأخيرة أولاد دهانة النموشي.

وأربع ملحقات وهي: الأولى: أولاد حمادي أصلهم من بني سُلَيْم، الثانية: أولاد صابر بن عسكر بن حميد بن هيب بن بهثة بن سلَيم بن منصور، وهم الصوابرية، وقد انتسب هؤلاء إلى أولاد بوجديد بالمصاهرة، الثالثة: المراغنية نسبة إلى سيدي مرغني الرجل الصالح المقبور الآن بمحل تعبده في صحن الماسط.

وذهب الناس في نسبهم مذاهب شتى، فمنهم من يقول أنهم من الطوارق تصاهروا مع أولاد بوجديد وحين ضاق المجال بهم نزلوا بالصحن المذكور فخدموا ضريح سيدي مرغني ونسبوا أنفسهم إليه، ومنهم من يقول أنهم من بني مرغمي بن صابر المذكور آنفا وإنما أبدلت العامة ميم الاسم بالنون فصار مرغني مثل اسم الشيح الصالح فظنوا أنهم منه.

أقول: رأيت في الجزائر كتابا بخط القلم اسمه: كتاب السلسلة الوافية والياقوتة الكافية (أو الصافية، اشتبه عني ذلك) مقتطف من الجمهرة الكبرى، وكتاب التحقيق في النسب الرقيق وكتاب الاعتبار وجواهر الاختبار. وكان على كتاب السلسلة الوافية هذا خاتمان قديمان لم تتبين لي كتابتهما منسوبا للشيخ أحمد بن أبي القاسم العشماوي، مؤلفا عام 1198 هـ/ سنة 1784 م ذكر فيه نسب

ص: 360

المراغنية بما نصه: وأما المراغنية بنو يوسف بن مخلوف فجدهم اسمه الحسن بن بلقاسم بن عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد العزيز بن عمر بن سليمان بن عيسى بن محمد بن أحمد بن علي بن عبد الله بن عيسى بن إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى

إلخ.

أقول: وبعد أن كان المراغنية في أولاد بوجديد تصاهروا مع أولاد مياسة واختلطوا بهم فصاروا الآن يذكرون في عديدهم مع أولاد أحمد.

الرابعة: العوامر أبناء سيدي عامر بن صالح بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلا بن عبد العلا بن أحمد بن محمد بن عمر بن سليمان بن أحمد بن محمد بن إدريس الأصغر ابن إدريس الأكبر ابن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى ابن الحسن السبط ابن سيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

أقول: انحصر نسل بني عامر الواديين في أحد أبنائه وهو محمد الذي قدم من نواحي سوسة بالإيالة التونسية، وتناسل من هذا ذرية كثيرة مات بعضهم من غير عقب. وبعضهم عقب وهم عمار، وإبراهيم، وأحمد، وعلي.

فمن الأول محمد الذي مات من غير عقب، وعلي ولم يعقب أيضًا، ومن الثاني محمد الساسي

(1)

فقط، ومن الثالث بلقاسم ومنه إحمد ومنه البشير المفقود الآن، ومن الأخير محمد ومنه عمر ومنه علي الذي مات من غير عقب ومحمد؛ ومن هذا محمد وعمر ومصباح، والحسين. وقد انضم العوامر لاولاد بوجديد بالمصاهرة.

(1)

أي والد مؤلف كتاب الصروف.

ص: 361

‌العميرة الثالثة: الشوايحة:

ينسبون إلى شيحة وهو محل بقرب جبل أوراس لنزولهم به زمنا عند دخول العرب أرض إفريقيا، ثم أتوا إلى وادي سوف واختلطوا بالشبابطة وتصاهروا معهم.

وهم من بني رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان لوجود ما يدل على ذلك فيهم، إذ سمعت من بعضهم دعوى القرابة امع بعض الرياحيين.

وتنقسم هذه العميرة إلى ثلاث فصائل وهي: الصوالح، والكعوب، والذرايعة، وكلهم دخلوا وادي سوف متأخرين وإنما ذكرتهم هنا تتميما لقبيلة الشبابطة.

‌العميرة الرابعة: العيايدة:

هذه العميرة تقدم نسبها في أولاد أحمد، إذ هي قطعة منهم وهم أولاد مجول، لكن الآن تصاهروا مع الشبابطة وصاروا من عديدهم.

‌العميرة الخامسة: الأبالي:

هم أولاد بالي بن فرحات بن سليمان يتصل نسبهم بالفصائل الملحقة مع العوامر المتقدم ذكرهم.

وتنقسم هذه العميرة إلى أربع فصائل، ثلاث أصليات وهي: الأبالي، وأولاد القيطة، وأولاد الدودي ومن انتمى إليهم.

وواحدة ملحقة وهي الأماطرية. أصلهم من ماطر وهي بلدة من أعمال إيالة تونس، أتوا متأخرين فانضموا لهؤلاء بالمصاهرة، وأكثرهم الآن انتقلوا إلى نفطة واستوطنوها ولم يبق بعميش منهم إلا القليل.

ص: 362

‌العميرة السادسة: الأعليات:

هم أولاد علية بن صمودة بن حمدان، أصلهم من بلدة الحضر التي بوسط نخيل توزر الآن غربا منها. ويقال أن نسبهم يتصل ببني همام

(1)

.

أقول: ويدل على ذلك قرابتهم في بني رضوان منهم خاصة خلافًا لمن يزعم أنهم من العرب الغرابة.

‌العميرة السابعة: الأمامنة:

سميت هذه العميرة بذلك؛ لأن جدهم كما قال القدماء كان غير مسلم ثم آمن وحسن إسلامه وسمي عبد الله المؤمن، وقيل أيضًا أنه كان من حلفاء بني مزروع الذين في جبل الظاهر، وكان يقال لبنيه أولاد المؤمن ثم تصرفت فيه الألسنة فصار يقال لهم الأمامنة، ولم يكن من هؤلاء أحد بالوادي بل كلهم في عميش.

‌العميرة الثامنة: المساعية:

هم أولاد المسعى بن إسماعيل بن باعلي، أصلهم من أباضية مزاب، أتى جدهم عام المجاعة الكبرى، وبلغني أنهم إلى الآن لا يسمون عليا، والعهدة في ذلك على القائل، وقد عدل جدهم عن الاعتزال حين خالط أهل سوف فصار سنيا.

‌العميرة التاسعة: الستاتة:

هذه العميرة تجمع طائفتين هما: أولاد ستو، وأولاد سيدي موسى ومن انضم إليهم.

قيل: أصلهم من أولاد مولات بن مكناسة بن ورصطيف بن يحيى بن تمصيت ابن ضري بن زيحيك بن مادغيس إلى آخر نسب البرابرة، فهم على هذا

(1)

بني همام: من قبائل بني سُليم المعروفة بتونس في الوقت الحاضر. وقد تقدم ذكرها في قبائل سُلَيم في تونس الخضراء.

ص: 363

القول من البرابرة الذين اختلطوا بعرب رحمان والسلمية المتقدم ذكرهم بنواحي وادي ريغ. لكن الصحيح أنهم من أبناء سعيد بن مالك بن رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر، الذين هم في أرض ورقلة. أتوا متأخرين إلى وادي سوف فاختلطوا بالشوايحة في القديم وبالسواكرية في الأخير، والله أعلم.

‌العميرة العاشرة الجلايصية:

هم أولاد جلاص أو صلاص أو زلاص بن حبوس بن لماية بن فاتن بن تمصيت بن ضري

إلى آخر نسب الستاتة على القول الأول، فالزلايصية من البربر الذين كانوا نازلين بنواحي القيروان وتفرق منهم أناس بقسطيلة والزاب وسوف. وقد أتوا متأخرين فتصاهروا مع الشوايحة وصاروا في عديدهم.

‌العميرة الحادية عشر: الزبدة:

سميت هذه العميرة بذلك نسبة إلى زبيد.

جاء في تاريخ ابن خلكان ما نصه: زبيد (بضم الزاي وفتح الباء الموحدة وسكون الياء المثناة وبعدها دال مهملة) اسمه منبه بن صعب بن سعد العشيرة بن مذحج.

وزاد "العقد الفريد" هو ابن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن مالك بن أدد بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر وهو سيدنا هود عليه السلام بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام.

وقال ابن خلكان: زبيد قبيلة كبيرة باليمن خرج منها خلق كثير من الصحابة رضي الله عنهم.

أقول: وحين دخلوا مع العرب إلى إفريقيا اجتمعوا في ناحية واحدة بقرية قرب المهدية، ومن هناك تفرقوا، والدليل على ذلك ما ذكره القدماء ويؤيده ما ذُكر في رحلة ابن بطوطة.

ومن هذه العميرة شعبة مع أولاد أحمد وقد تقدمت الإشارة إليهم، وسيأتي ذكر بعضهم مع الأعشاش وفي كوينين وتاغزوت.

ص: 364

ومن الزبيديين من نزلوا بنفطة ومنهم من ذهبوا إلى الزاب فاستوطنوه. والذين هم بالوادي مع شعب المصاعبة الآن ثماني فصائل وهي: العمامرة، والخوالدية، وأولاد الحاوي، وأولاد فرجاني، وأولاد القتي، وأولاد بوسنينة وأولاد القصير، والبقاقصة. وقد أتوا إلى وادي سوف منذ زمن غير بعيد.

‌العميرة الثانية عشرة: السواكرية:

هذه العميرة تنقسم إلى ثلاثة أقسام وهي: أولاد إسماعيل، وأولاد ذياب بن الساكر، وأولاد الحاج عبد الرزاق بن الساكر.

فأما الأولون فأصلهم من ملكية وهي إحدى قرى غرداية، وأما الأخيرون فقال عنهم الشيخ العدواني: إن نسب جدهم يتصل بسيدنا الزبير بن العوام وابن صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال القدماء: أتى الساكر متأخرا ونزل بتكسبت الجديدة واستوطنها وولد له ابنان، أحدهما يقال له ذياب، والآخر عبد الرحمن، ثم مات الأخير من غير عقب. وولد للأول ابنان أحدهما يسمى الساكر، والثاني عبد الرزاق (شهر بعد حجه بالحاج عبد الرزاق) وكان رجلًا صالحا، ثم انتقل الأول إلى الوادي، والثاني إلى بلدة يقال لها الخضراء قرب غمرة إحدى مداشر تقرت فوجد فيها سيدي محمد بن السايح فخدمه زمنا وبعد ذلك أشار عليه بأن يسكن هو وبنوه الغديرة التي هي محل الطيبات القبلية الآن، وقال له احمل معك ناقة فإذا وصلت إلى مكان فأشرفت الناقة على الموت فانحرها ولا تأكل منها وأسكن بمحل موتها وإن لم يقع شيء للناقة فأرجع، فلما وصل إلى ذلك المحل أي الطيبات وقع للناقة ما ذكر فسكن هناك وابتدع النخيل، وإلى اليوم توجد نخلتان طويلتان مما غرسه الحاج عبد الرزاق.

ثم بعد ذلك أمره الشيخ بالرجوع إلى الوادي فرجع وسكن مع أخيه في الشبابطة وتصاهر معهم، وجميع الرزازقة الموجودين الآن هم منه.

ص: 365

وانضم لهؤلاء أربع طوائف، اثنتان من الزاب واثنتان من الجريد. فالأوليان هما أولاد الشريف، وأولاد حميدة بن سعيد، وكل طائفة من هاتين تنسب لنفسها الشرف، وحسب قول القدماء أنهما من أولاد عمر الذين بنواحي سيدي عقبة، فهم إخوة سعيد السابق ذكرهم، وأما الأخريان فهما أولاد الداب، وأولاد العمودي وقد أتوا في الزمن القريب من نفطة.

وما كان غير مذكور هنا فهو داخل فيمن ذكر لا يخرج عنهم.

‌القرافين

هم أولاد قرفة بن أثبج بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان.

قال ابن خلدون: نزل بنو قرفة بجبل أوراس وسكنوه مللا متفرقة واتخذوه وطنا، وربما نزل بعضهم إلى تخوم الزاب، وهم بطون كثيرة، فأولهم بنو محمد بن قرفة ويعرفون بالكلبية، وأولاد شهيب بن محمد بن كليب ويعرفون بالشهب، وأولاد صبيح بن فاضل بن محمد بن كليب ويعرفون بالصبيحة، وأولاد سرحان بن فاضل ويعرفون بالسرحانية، ثم أولاد ثابت بن فاضل وهم أهل الرئاسة في قرفة، ولهم إقطاعات السلطان. وهم ثلاثة أفخاذ: أولاد مساعد، وأولاد ظافر، وأولاد قطيعة، والرئاسة أخص بأولاد مساعد بأولاد علي بن جابر بن فتاح بن مساعد بن ثابت، ثم انتشر بنو قرفة في الزاب والرمال.

أقول: إن القرافين دخلوا وادي سوف متأخرين جدا ولكن حيث كان معهم الآن بعض البطون القديمة ذكرتهم هنا لتتم بذلك الضميمة للشبابطة إذ هم معهم في الأحكام.

ص: 366

وتنقسم هذه القبيلة إلى تسع عمائر إحداها أصلية والباقيات طارئات.

‌العميرة الأولى: الشراعبة:

نسبة إلى شرعبة جدة الفطاحزة التي كانت تنمي لها مفاخر القرافين الذين بالوادي لجودها وكرمها وحسن رأيها وهي تشبه الجازية الهلالية في المتقدمين.

وتنقسم هذه العميرة إلى تسع فصائل صغار وهي: الفطاحزة، والزغايبة، والقراينة، وأولاد حقانة، والسوايح، وأولاد غمام، والهوامل، والطرايلة، والترايعة، الذين يقال لهم الشويرفات لا الذين تقدم ذكرهم في أولاد أحمد.

‌العميرة الثانية: القشاشطة:

هذه العميرة تنتسب إلى سيدي أحمد بن قشوط الرجل الصالح صاحب القبة التي بوسط جبانة (مقبرة) الأعشاش، وأصله من أبناء سيدي عبيد الشريف الذين هم في ضواحي الجريد، أتى إلى الوادي متأخرا وانضم بالمصاهرة للزغايبة ومن معهم وتفرعت عنه الذرية الموجودة الآن بوادي سوف.

‌العميرة الثالثة: أولاد نصير:

قال القدماء: كانت ورقلة مسكونة بالرومان وخصوصا المكان المسمى نقوسة فتواقعوا مع البربر وخرجوا منها وسكنها البرابرة، ثم لم تنتظم أمورهم واختلفت كلمتهم فوقع الخلل بينهم فقاتل بعضهم بعضا ودخل معهم أناس آخرون في ذلك، ولم تزل الفتن قائمة بينهم إلى أن أتتهم طائفة من الناحية القبلية يقال لها بنو نصير فأصلحوا بينهم واستراح الناس مما كانوا فيه، فصار من أجل ذلك تعطيهم كل طائفة من طوائف البربر خمس نياق في كل سنة، ثم لم يطل ذلك حتى وقع الخلاف بينهم، فخرج معظم أولاد نصير وقصدوا المغرب فاستوطن بعضهم مدينة فاس وبعضهم أرض الأندلس وآخرون أرض صنهاجة وغيرهم نواحي القرارة وسوف وهم الذين بالوادي وانتقلوا منه إلى عميش وهم به إلى الآن.

ص: 367

واختلف الناس في نسبهم، فمنهم من يقول أنهم من بني ثور الذين هم بورقلة الآن وعليه فهم من بني فهم أي طرود. ومنهم سفيان الثوري الإِمام المحدث، والليث بن سعد بن عبد الرحمن كما ورد ذلك في النخبة الأزهرية. ومنهم من يقول أنهم من بني سعيد وعُتبة ابني مالك بن رياح؛ لوجود من ينتسب من أهل الوادي إلى سعيد، وبلغني أيضًا عن بعضهم أنهم من الأشراف.

وتنقسم هذه العميرة إلى ست فصائل وهي: الوقاقدة، والعطالة، والحرايزة، وأولاد ديدة، وأولاد الجديد، وأولاد الشيخة، وجميع من كان يرجع لهؤلاء الستة

‌العميرة الرابعة: الرضوين:

نسبة إلى رضوان بن سليمان الهمامي

(1)

، أصلهم من العرب الذين هم بضواحي فريانة قرب مدينة قفصة بالإيالة التونسية. أتوا إلى وادي سوف متأخرين وتصاهروا مع أولاد نصير.

العميرة الخامسة: أولاد زايد:

أصلهم من زيود الربايع الآتي ذكرهم.

وهم ثلاث فصائل: أولاد قبوسة، والجعايدة، والعياشة، وإن كان بعض هؤلاء قد اتصل بالعزازلة كما سيأتي.

وأصلهم قديم بأرض سوف واختلاطهم بالقرافين متأخر، وقسمتهم بين العزازلة والقرافين قريبة من وقتنا هذا والله أعلم.

‌العميرة السادسة: الحمايدة:

أصلهم من محاميد طرابلس، نسبة إلى محمود بن طوب بن بقية بن وشاح بن عامر بن جابر بن فاتك بن رافع بن ذباب بن مالك بن بهثة بن سُلَيم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان.

(1)

من قبيلة بني همام من قبائل بني سُلَيم في البلاد التونسية.

ص: 368

وهم ثلاث فصائل: الحمايدة، والقعايدة، والعثمين، ومن انتمى إليهم.

‌العميرة السابعة: الجبابنة:

نسبة إلى جبنون بن حبيش النفزاوي من نفزاوة ببلاد الجريد التونسية، أتوا إلى وادي سوف مع الأعشاش فبقي البعض معهم وانتقل البعض إلى كوينين واستوطنوها، والبعض الآخر اختلط بالقرافين بالمصاهرة والانضمام ثم انتقل بعضهم إلى الجريد ومكثوا بها زمنا ومنها رجعوا إلى سوف وهم: أولاد مراد، والصوالحة، أي أولاد الصالحة بنت حمرون من نفطة ببلاد الجريد، ويتبع هؤلاء أبيات قليلة في تكسبت الآن.

‌العميرة الثامنة: مصغونة:

أصلهم من الشابية، فقد جاء في "الخلاصة النقية" أنهم أشياع الحفصيين. كانوا بالقيروان فأجلاهم أبو محمد الحسن فسكنوا البادية وسُموا الشابيين؛ لأن أصلهم من الشابية. والصبية وهي بلدة قبالة المهدية عند مكان يقال له قبودية، وهم طوائف كثيرة لا يحتاجون إلى تعريف في زمننا لشهرتهم ورفعة مكانتهم، والعرب الذين يقال لهم دريد هم تلاميذ للشابية والآن يتميزون منهم.

وهم فصيلتان في القرافين وغيرهما في العزازلة كما سيأتي ذكرهم، والذين هم بسوف: الشكايمة، وأولاد زقب، وكثير منهم لا يعرف نسبه أي أنهم لا يعرفون نسب أنفسهم، والله أعلم.

‌العميرة التاسعة: الأمايد ومن معهم:

هؤلاء ينسبهم البعض إلى جدهم المايدة فيقول لهم الأمايد، والبعض الآخر ينسبهم إلى أمهم مبروكة فيقول لهم: أولاد مبروكة وهم أولاد محمد بن صالح ابن المايدة، وأولاد عمارة بن صالح بن المايدة، والأخيرون هم المعروفون الآن باولاد نواجع، وأولاد الليدي وعمارة.

ص: 369

وأشهر من انتمى لهذه العميرة أولاد القدة، والرزازقة، والبناينة. وغير المشهور أخلاط قليلون مثل أولاد الناصر.

والجميع اختلف في نسبهم، فمنهم من يقول أن جدهم حرطاني ومنهم من ينفي ذلك. والراجح أنهم مختلفون فمنهم من كان جده حرطانيا من غدامس، ومنهم من كان من بني سُلَيم الذين دخلوا وادي سوف مع طرود، وقد ذكر لي بعض الثقات رفع نسبهم فاعتمدت في ذلك على حافظتي لكني نسيته الآن والكمال لله، وإني لآسف على ذلك.

والآن أذكر بقية المصاعبة تتميمة لهم وإن كانت بعد الأعشاش في الدخول إلى سوف.

‌العزازلة

ينتسبون إلى العزال جدهم الذي أتى من المغرب ومعه ابناه الاثنان علي وبلقاسم، وكل واحد منهما له ثلاثة أبناء.

فمن الأول: عباس، وطليبة، وبشير (بالتصغير).

ومن الثاني: عجال، وحمد، وعزيز.

ومع الجميع نساؤهم وأولادهم، فلما وصلوا إلى تماسين مات العزال هناك وأتى ابناه وأبناؤهما الستة فنزلوا بقرب تكسبت القديمة، ثم بقي بلقاسم هناك وذهب أولاده الثلاثة وأخوه علي وأولاده الثلاثة إلى تونس فنزلوا على السيدة المنوبية بقربهباب القرجاني، فمكثوا مدة ثم رجعوا إلى بلقاسم الذي بالوادي فوجدوه قد ارتحل إلى تماسين حيث مات أبوه، ولا يدرون أمات هناك أم لا.

وبعد زمن ولد ابن لعجال فسماه بلقاسم على اسم أبيه، قيل أنه هو صاحب الضريح المعروف في الجهة الشرقية الجوفية (الشمالية) من الوادي.

وغالب فروع العزازلة تنسب إلى المذكورين، وانضم إليهم كثير من غيرهم.

ص: 370

وأما عجال، وحمد، وعزيز، وعباس، وطليبة، وبشير، وعلي، فهم المقبورون بمكان واحد قرب ضواحي روحه وإلى الآن يعرفون بالعزازلة السبعة.

وتنقسم قبيلة العزازلة إلى خمس عمائر، أربع أصليات والخامسة ملحقة.

‌العميرة الأولى: أولاد عزيز:

هذه العميرة جمعت أولاد بلقاسم بن عجال على القبول بأنه عقب أولاد حمد، وأولاد عزيز، لكن اشتهر فيهم الأخيرون لكثرتهم ووجود الرئاسة فيهم ودخل الآخرون في عديدهم.

ودخلت مع هؤلاء طائفة يقال لها أولاد احميمد أصلهم من رحمان بن يزيد بن مرداس بن رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان. ومعهم طائفة أخرى من مصغونة المتقدم ذكرها وهي: أولاد الدردوري، وأولاد رواي، وأولاد الحامدية. ومعهم أيضًا طائفة أصلها من غدامس تجمع الظواهرية وأولاد كينة، وأولاد الحاج البكري. وقيل أن الآخرين هم من أولاد نصير ذكرهم مع القرافين، والله أعلم.

‌العميرة الثانية: البشايرة:

هم أولاد بشير المتقدم ذكره، وهم أقل عمائر العزازلة عددا ومعهم أبيات قليلة من نفزاوة يقال لهم النقر، كما انضمت لهم طوائف من أولاد مولات وهي: أولاد ديوب، وأولاد بورنة، وأولاد الفقيري لانهم تصاقروا معهم وإن كانوا في الجباية مع أولاد عزيز.

‌العميرة الثالثة: الطلايبة:

نسبة إلى طليبة جدهم، وهم متوسطون في العدد وانضم لهم بيتان من بني عم الشريف، وأولاد حميدة بن سعيد من أولاد عمر بن علي بن أحمد. بن عمر بن محمد بن مسعود بن سلطان بن زمام بن ورديفي بن داود بن مرداس بن رياح

ص: 371

ابن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال، ومعهم طائفة من الهمامة القيطنة وهم الشرايطة، وطائفة من صفاقص وهم الغرايسة ومنهم سيدي الحاج أحمد صاحب القبة التي مكانها قبلة البرج الآن، وطائفة من توات الحنة إخوة قوارير كوينين وهم أولاد التواتي التي كانت فيهم قيادة عرش المصاعبة سابقًا، وطائفة يقال لها الغنادرة. قال الشيح العدواني عن هؤلاء الأخيرين أنهم ينسبون لامرأة يقال لها غنديرة كانت تنصب خيمة بالصحراء فيها تمر ودقيق تطعمه للمارين وعابري السبيل فسمى مكانها إلى الآن الخيمة، وكان لها ثلاثة أبناء أحدهم وضاح، أي به وضح وهو البرص فكان يسمى الأبيرص مات قتيلا في طريق الجريد الآن وسمى الماء (البئر) الذي بقربه الأبيرص باسمه، والثاني أصلع أي عدم شعر الرأس يسمى المصيغيني مات بالعطش في الصحراء فسمي موضعه به إلى الآن، والثالث أخوهما للأم فقط وهو المسعودي وإن أباه كان من أولاد سعود نسبة لرجل شريف مغربي أتى إلى كوينين فانتمى إليه أهلها فصار يسميهم أبناءه، ثم انضم له أهل تاغزوت والزقم لرأي عنده، وصار يقال لهؤلاء جميعًا أولاد سعود. وبذلك لا يعرف علي السعودي من آية قرية من هذه القرى كان أبوه، ومات السعودي بالصحراء أيضًا فسمي مكانه به إلى اليوم.

أقول: إن كانوا أي الغنادرة ينسبون إلى السعودي فهم من إحدى فصائل كوينين أو الزقم أو تاغزوت، وإن كانوا ينسبون إلى أحد الأخوين الأولين فيقرب من الظن أنهم من مصغونة، وإن كانوا يتبرءون من هذه وينتمون لأولاد طليبة، والله أعلم بالحقيقة.

‌العميرة الرابعة: العبابسة:

ينتسبون إلى العباس السابق ذكره، وهم كثيرو العدد. وقد انضم إليهم بعض العيايشة وتصاهروا معهم وهم: الصيايفة وانضم لهؤلاء وقد من أهل نفوسة من أعمال قابس وهم المعروفون بينهم الآن بالمقاقلة، وطائفة أخرى من تامزرط وهم الزرابطة، والزكايرة، وطائفة أيضًا من غديبة إحدى قرى غريب وهم الصوالح ومعهم أنفار قليلون من ورقلة.

ص: 372

‌العميرة الخامسة: أولاد حميد:

اختلف في نسبهم لكن الذي يدل عليه انتساب البعض منهم إلى بني سُلَيْم أنهم من بني حميد بن جارية بن ذباب بن ربيعة بن رغب بن جرو بن مالك بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان.

وذكر لي بعض ذوى العلم من أشرافهم أنهم ينتسبون للأثبج، وعليه فهم أبناء حميد بن عامر بن أثبج بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوارن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان. وبحسب القول الأخير فهم هلاليون، وعامر أبو حميد المذكور هو أخو دريد لأبيه فكلاهما من أثبج ولهما إخوة آخرون منهم قرفة جد القرافين السابق ذكرهم، وياسر أبو جماعة في أولاد خليفة الذين هم في الأعشاش بالوادي، ومشرف أبو مخدم جد المخادمة الذين هم بورقلة.

ثم إن أولاد حميد حين دخلوا مع العرب استقروا بوادي سوف أولًا، وبعد زمن وقع بينهم وبين أولاد أحمد شنآن رحلوا من أجله إلى قمار واستوطنوها، وحين وقعت الهدنة بين قمار والوادي وصاروا حلفاء أتى بعض من أولاد حميد إلى موطنهم الأول فجانفوا أولاد أحمد ونزلوا مع المصاعبة وصاروا من عديدهم.

وهم ينقسمون إلى خمس فصائل، ثلاث أصليات، واثنتان ملحقتان وهم المحاسنة، والخشارمة، والكرارشة، والسود؛ لأن جدهم أسود كما قيل يُسمى أحمد انضم لهم بالخدمة وانتسب إليهم، والسعدين هم أولاد السعداني أصلهم من سيدي عبيد.

ص: 373

‌الشعانبة

هؤلاء ليسوا من الذين دخلوا وادي سوف في القديم وإنما أتى منهم في الزمن القريب جماعة من قبيلة الشعانبة في متليلي وورقلة فدعاني لتقديم ذكرهم انتساب بعضهم في الصورة للمصاعبة، وكانت جبايتهم العرشية في أول الأمر مع المصاعبة والآن انفصلوا عنهم وصاروا قسما مستقلا بنفسه، لهم قيادة خاصة منهم وجباية مستقلة دون انضمام لأحد الشعبين بالواد سوف أي الأعشاش والمصاعبة.

فبعضهم يقول أنهم من بني سُلَيم

(1)

، وسُموا بهذا الاسم حين نزلوا بإفريقيا على محل يقال له "شعنبارية"(بالعين المهملة بعد الشين المعجمة). ويذكر بعضهم أنهم من بني مزروع المعروفين بالعكارمة

(2)

.

أقول: مزروع هو ابن صالح بن ديلم بن حسن بن إبراهيم بن رومي بن الحارث بن مالك بن زغبة بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة

(1)

وهذا ما ذكره أحمد توفيق المدني في تاريخ الجزائر المؤرخ عام 1350 هـ / 1931 م والمطبوع على نفقة الشعب الجزائري في عهد الاحتلال الفرنسي حيث ذكر الشعانبة ضمن بطون علاق بن عوف من بني سُلَيْم بن منصور من قيس عيلان؛ وقد أيد إسماعيل العربي في كتاب الصحراء الكبرى وشواطئها نسب الشعانبة لعلَّاق من عوف بني سُلَيم والذي طبع عام 1983 م.

(2)

العكارمة ذكرهم المدني في تاريخ الجزائر بنو عكرمة من ديالم من مالك بن رغبة بن هلال بن عامر في القطر الجزائري. يقول صاحب الموسوعة: من الراجح أن مؤسسي قبيلة الشعانبة في متليلي جنوب غرداية من بني رياح الهلالية، فقد ذكر ابن خلدون اسم تامر بن رياح، وتامر هو جد الشعانبة وله مقام معروف في متليلي، وقد أوضح ابن خلدون أن تامر من بطن الأخضر أو خضر حيث قال تامر بن علي بن تمام بن عمار بن خضر بن عامر بن رياح، وأضاف: وقد اختصت بنو مرين بأولاد تامر ولد عامر بن صالح بن عامر بن عطية بن تامر.

وهنا يتبين لنا وجود تامر الأصغر وتامر الأكبر، وهذا منطبق على الشعانبة حيث يوجد بطن أولاد تامر ثم نرى فرع آخر من أولاد تامر اسمه تامر، ويترآى لي أن هذا هو ما ذكره ابن خلدون قبل ستة قرون والله أعلم.

وقد ذكر ابن خلدون أيضًا في تاريخه أن بنو خضر أو الأخضر من بطون رياح الذين يبعدون النجعة في الصحاري والقفار وهذا منطبق على الشعانبة أيضًا فمقرهم في قلب الصحراء الجزائرية بالوقت الحاضر .. وخلاصة القول فالمزيد أن الشعانبة قبيلة من رياح دخل معها فروع من علاق من عوف من بني سُلَيم في بداية القرن التاسع الهجري وقد شكلت بهذا التحالف تكتلا قويا في الصحراء الجزائرية.

ص: 374

ابن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهذا ما ذكره العلامة ابن خلدون عن سلسلة العكارمة ومزروع في تاريخ العبر ومبتدأ الخبر.

وقيل: إن جد الشعانبة الأول كان له كلبة سلوقية

(1)

تسمى (عانبة) فهذا حرشها على الصيد يقول لها إشا .. عانبة، ودام على ذلك زمنا طويلًا فعرف بتلك العبارة وصار يقال لاولاده "شعانبة".

وبعض منهم ينتسب للأشراف مثل أولاد إسماعيل. وبعضهم ينتسب إلى أولاد الشيخ أو للمخادمة من بني هلال .. فعلى هذا يكونون من إخوة دريد القرافين وأولاد حميد من عرب هلال.

وقد ورد في كتاب "المنهل العذب" عند تحديد طرابلس ما نصه: ويحدها غربا تونس وأرض قبائل الشعانبة التي بين طرابلس والجزائر

إلخ.

وينحصر الشعانبة الذين بوادي سوف في فصيلتين هما: العمارنية وهم أولاد الطيب بن عمران، والغدايرة

(2)

، ومعهم أبيات قليلة من آل عدوان مختلطون بهم، ولهم حي باسم الشعانبة في قرية الربَّاح بالود سوف.

وها هنا انتهى نسب المصاعبة وسأعقبه ببقية شعب الأعشاش، والله الموفق.

(1)

قلت: هذه الرواية متواترة عند بعض العامة من الشعانبة، وقيل إن فتى من هذه القبيلة: وإن عنده كلبة سلوقية أبي من نوع السلق يربطها أمام خيمته يسميها عانبة وكلما رأى قافلة تسير قرب مضارب قبيلته هش الكلبة عليها يريد التحرش بها كي يسبوه فيغير عليهم مع فرسان قومه فأطلق أهل القوافل على قبيلته قائلين كلما مروا بها ها هم البدو إخوة قائل إش عانبه احترسوا من شرورهم واطلبوا الأمان من شيوخهم وادفعوا لهم إتاوة قبل أن يقطعوا عليكم الطريق، ومع مرور الزمن سميت القبيلة شعانبة تحريفًا لكلمة "إش عانبه". والكلاب السلوقية ما زالت محمد البدو من الشعانبة حتى الوقت الحاضر.

(2)

من الغدايرة هؤلاء قسم كبير في قرية الدبداب الحدودية بين الجزائر وليبيا وهي مقابل مدينة غدامس الليبية التي تقع في مثل الحدود التونسية والجزائرية والليبية.

ص: 375

‌الربايع

الربائع جمع ربيعة، كانوا ثلاثة من نسل زيد مناة فتناسلت منهم هذه الذرية وغيرها.

جاء في "العقد الفريد": ربيعة بن مالك بن زيد مناة، وربيعة بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة، وربيعة بن مالك بن حنظلة بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة، ويقال لهم الربايع.

أقول: زيد مناة هو ابن تميم بن مرة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان إلخ، وهم أقوام كثيرون منهم فرق في الشام ومنهم في السودان كذلك حتى أنك لا تميز بين الربعي والسوداني إلا إذا عرفك بنسبه.

وجميع الذين بأرض سوف في الجزائر دخلوا إفريقيا زمن دخول العرب إليها وبعد أولاد أحمد وبعد المصاعبة بقليل خصوصا أولاد بلول فإنهم سبقوهم إلا أولاد الحجاج فإنهم أتوا متأخرين من وادي الآجال الذي بقرب فزان، وتركوا كثيرا من إخوانهم هناك وإلى الآن يعرفون بهذا الاسم.

وتشتمل هذه القبيلة على أربع عشرة فصيلة صغيرة وهي: أولاد بلول، والزيود، وأولاد حمد، وأولاد زقزاو، والرقيعات، والأفايز، والأغواث، والدوامية، والعطايرة، والحوامد، والمصابيح، وأولاد مسعود، والقطايطة، وأولاد الحجاج، ولم يبق الجميع بالوادي بل انتقل منهم أفراد إلى البهيمة ونواحيها، وفي هذا العهد الأخير لم يختلط بهم غيرهم من إخوانهم طرود بعد أن اختلطوا بهم زمنا سابقا.

ويعتقد البعض أن الأرباع الذين بنواحي الأغواط من هؤلاء الربايع وهذا غير صحيح، بل الأرباع

(1)

هم أبناء الربيع بن زياد بن الربيع بن قنان بن سلمة بن

(1)

قلت: الأرباع في ولاية الأغواط من قبائل صنهاجة القديمة والتي تعربت، حسب ما ذكر المؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني في تاريخ الجزائر.

ص: 376

المعقل بن كعب بن ربيعة بن الحرث بن كعب بن حرب بن علة بن خالد بن مالك بن أدد وهو مذحج بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن مالك بن أدد بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر .. إلى آخر ما تقدم كما في "العقد الفريد" و"الجمهرة الكبرى"، فالربايع إذن مضريون والأرباع قحطانيون.

‌أولاد جامع

ينتسبون إلى جامع بن تمون بن عبد الله (صاحب الولاية على طرابلس عام 602 هـ/ 1206 م ابن إبراهيم بن جامع المرداسي من مرداس أحد أفخاذ بني سُليم، لا مرداس بني هلال.

كانت منازلهم بنواحي طرابلس ثم انتقلوا منها إلى الناحية الجنوبية من الإيالة التونسية ومنها إلى أرض سوف وغيرها وبقي البعض منهم في جميع تلك النواحي.

قال ابن خلدون: حين انقطع دابر ابن غانية صرف عزمه إلى إخراج بني رياح من إفريقيا، فجاء بمرداس وعلاق من بني عوف من بني سُلَيم الذين بنواحي الساحل وقابس واصطنعهم، ورئاسة مرداس يومئذ في أولاد جامع، وبعده لابنه يوسف، وبعده عنان بن جابر بن جامع. ورئاسة علَّاق في الكعوب لأولاد شيحة بن يعقوب بن كعب، وكانت رئاسة علَّاق حين دخلوا إفريقيا لرافع بن حماد وعنده راية جده التي حضر بها مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو جد بني كعب، وتكررت بينهم وبين بني رياح الحروب والوقائع حتى أزاحوهم عن إفريقيا إلى مواطنهم في هذا العهد بتلول قسنطينة وبجاية إلى الزاب وما يليه، ثم وقعت النفرة بين علاق بن عوف وبين إخوتهم المرداسيين وغلبوهم على الأوطان وأخرجوهم من تونس وصاروا إلى القفر وهم اليوم من جهة بادية الأعراب أهل الفلاة وينزعون إلى الرمل وبعضهم تعمق فيه.

أقول: وهم بوادي سوف غير كثيرين، وسيأتيك في كلام ابن خلدون.

ص: 377

‌الأعشاش

قال ابن خلدون: ولما علا كعب بن علاق وسائر بطون المرداسيين كحصين، ورياح ودلاج؛ وارتفع شأنهم عند الدولة اعتزوا على سائر بني سُلَيْم بن منصور واستقرت رئاستهم في ولد يعقوب بن كعب وهم: بنو شيحة، وبنو طاهر، وبنو علي، وكان التقدم في بني شيحة بن يعقوب لعبد الله أولًا، ثم لإبراهيم أخيه، ثم لعبد الرحمن ثالثهما، وكان بنو علي يرادفونهم في الرئاسة، وكان منهم بنو كثير بن يزيد بن علي، وكان كعب هذا يعرف بينهم بالحاج لما كان قضى فرضه، وكانت له صحبة مع أبي سعيد العود الرطب شيخ الموحدين لعهد السلطان المنتصر أفادته جاها وثروة، وأقطع له السلطان أربعًا من القرى أصارها لولده كان منها بناحية صفاقس وبإفريقيا وبناحية الجريد، وكان له من الولد سبعة، أربعة لأم وهم: آجر، وماضي وعلي، ومحمد. وثلاثة لأم وهم: يزيد، وبركات، وعبد الغني. فنازع أحمد بن ترجم أولاد شيحه في رئاستهم على الكعوب واتصل بالسلطان أبي إسحاق وفعل بهم فعالا عظيمة، فلحقوا بالدعي عند ظهوره، ثم هلك أحمد واستقرت الرئاسة في ولده، وكان له من الولد جماعة، فمن عرفة إحدى نساء بني قاسم من الكعوب: أبو الليل، وأبو الفضل. ومن الحكمية

(1)

، قائد، وعبيد، ومنديل، وعبد الكريم، والسرى، وكليب، وعساكر، وعبد الملك، وعبد العزيز. وكانت الرئاسة المذكورة بعد أحمد لأبي الفضل. ثم من بعده أخوه أبو الليل. وغلبت رئاسة هؤلاء على قومهم وتآلفوا ولد إخوتهم جميعًا وعرفوا ما بين أحيائهم بالأعشاش

(2)

إلى هذا العهد

إلى آخر كلامه.

(1)

الحكمة منسوبة إلى حكيم من علَّاق من عوف بني سُلَيْم.

(2)

قلت: وهنا نص ابن خلدون واضح بأن الأعشاش من الكعوب من علاق بن عوف بن بهثة بن سلَيْم، وكانت في الكعوب زعامة بني سُليم في تونس حتى أواخر القرن الثامن الهجري.

ص: 378

أقول: ولم يذكر ابن خلدون هنا العلة التي سُموا من أجلها أعشاشا.

قد يقال: إن المتعارف بين الناس أن الإنسان إذا كثرت ذريته يسمونه عشا تشبيهًا بعش الطائر الذي يجمع فيه العيدان والريش، والجمع عشاش وأعشاش، فعلى هذا سميت هذه الطوائف الكثيرة أعشاشا، والبخاري على ألسنة العامة الآن هو ما ذكره الشيخ العدواني ومعناه هكذا: أنهم ينتسبون إلى رجل اسمه العش بن عمر بن سليمان بن محمد اليربوعي.

أقول: يربوع هو ابن حنظلة من مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرة بن أن بن طابخة إلى آخر نسب الربايع السابق.

وكان منزل العش المذكور في قرية من أعمال نفزاوة يقال لها تلمين الكبرى.

وقال الشيخ العدواني: وكان العش مباشرا بها تحت عاملها المسمى إبراهيم بن كنعان الكربي فكلفه أمير تونس بقضاء بعض المآرب لاتهامه للعامل فيها، وبعد تمامها وعده بالولاية في خطة المذكور وأرجعه بهدية عظيمة وأمره بأن يأتي بكتابة من أهل البلاد في عدم رضاهم بابن كنعان وقبولهم ولاية العش عليهم وحسن سيرته معهم، فلما أراد العش قضاء ذلك الوطر بلغ خبره العامل فأحضره واستخبره فكتمه الأمر، فلا زال يردده حتى أحس منه بالشر، فقال له: إن الأمير بعث معي بهدية لك وعريضة فيها تجديد الولاية لك فأرسل معي من يأتي لك بها. وكان منزله بعيدا عن نادي القوم، فبعث معه خادمه حارثا ليحرسه ويأتي معه بالهدية إن لم يقدر على حملها، ودخل العش منزله وشرع في جمع الأثاث والنقود وحمل ذلك على أربعين جملا وأخرجها من ناحية أخرى من الدار وذهب معها النساء وأبناؤه السبعة وهم: الفقيه، وسعد، ومرجان، وخليفة الأبتر، وجبنون، وجبر، وصفيان. وكانت لهم خيول ركبوها وساروا نحو طريق سوف إذ هي أم الهارب، وهذا كله بمسمع ومرأى من حارث موصى بكتمه. وكان للعش

ص: 379

بئر بأسفل داره جعل عليها فراشا وأجلس حارثا عليه موهما إياه أنه سيضيفه، فسقط فيها، ثم ركب العش حصانه ولحق بابنائه فوجدهم نازلين في قرية عوينة حين كان يخرج أهلها في الربيع إلى الصحراء وتبقى فارغة، ثم تأخر. خبر حارث على العامل فوجه من يتفقده فوجده في البئر فأخرجه وذهبا معا للأمير فأخبره بما وقع فوجه في إثره محلة تتألف من أربعمائة؛ فارس وزحفوا للصحراء القبلية لظنهم أنه يتوجه إلى غدامس فجالوا زمانا ولم يجدوا شيئًا فرجعوا خائبين وأنجي الله العش، فسار بمن معه حتى نزل على سيدي حسن عياد الذي بشط نفطة قبلة غربًا من نخيلها، فأمره من كان بزاويته بالذهاب إلى سوف بعد الاستخارة، ثم سار حتى نزل على سيدي محمد بن علي بن أبي ناب حيث كان بالصحراء يحفر بئرا للمارين بالقرب من شوشة البكرة التي مات فيها يهودي فصارت تسمى به وتنسب إليه وما زال سائرا حتى وصل الوادي فنزل على فريق أولاد أحمد فآووه وأكرموه وتصاهروا منه وانتموا له .. إلى آخر كلام الشيخ العدواني.

أقول: كلامه هذا وإن كان يصادف من جهة التعليل ففيه نظر من وجوه، ومن شاء الاطلاع على بقيته فليراجعه.

فسيدي حسن عياد المذكور هو تلميذ سيدي الصالح البسكري وهو تلميذ سيدي أبي مدين الغوث التلمساني وهو في زمن سيدي عبد القادر الجيلاني الذي مات عام 541 هـ/ 1147 م تقريبا، والعش على القول به جاء زمن سيدي المسعود الشابي في حدود عام 1020 هـ/ 1612 م.

وبن الأعشاش طوائف كثيرة بالمغرب الأقصى، وطائفة بشمال عين البيضاء، وبقرب وادي الزناتي، وأخرى بقرب باتنة

وطائفة بنفزاوة لكنها قليلة فلربما هي التي جاءوا منها؟

والذين ها هنا بالوادي عشر عمائر منها الأولى ومنها الملحق وسيأتيك نسب الجميع على الخلاف السابق.

ص: 380

‌العميرة الأولى: الفقهة:

بحسب ما جرى على الألسنة وتبعا للشيح العدواني أنهم أبناء الفقيه ابن العش.

وبمقتضى كلام ابن خلدون أنهم أبناء فاقا بن عاصم بن عبد العزيز بن أحمد بن شيخة بن يعقوب بن كعب بن أحمد بن ترجم بن حميد بن يحيى بن علاق بن عوف بن بهثة بن سُلَيم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان.

وهم بالواد: بنو غنباري، وساعي، وحشية، وبكيني، وسي العربي، ويلحق بهم بنو الحاقة، والصحيح في الأخيرين أنهم من أولاد سيدي عبيد ركاكة، ومع هذه العميرة أولاد عطية وهم بحسب المتعارف عند بعض الناس وتبعا للشيخ العدواني من أبناء محبوب بن رياح وبحسب ما سمعت من بعضهم أنهم من أبناء سيدي الزاير صاحب راوية القيروان ويتصل نسبهم بالإشراف والله أعلم. وبمقتضى كلام ابن خلدون أنهم أبناء عطية بن كمون بن فرج بن توبة بن مبارك بن عابر بن عطية بن دريد بن الأثبج بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر .. إلخ.

وهؤلاء هم أولاد سيدي سالم العايب صاحب الزاوية الرحمانية بالوادي. وأولاد موسى الذين فيهم قيادة الأعشاش منذ زمن طويل، وأولاد الغيلاني، والرمرام، والمقزدر، والشايب، والغزال، وأولاد نصر، والعتاتسة، والعزايزة، والتوامي وينضم إلى هؤلاء آخرون وهم: أولاد الساسي، والعيايش، وميعادي، وبو شارب، وبصة، والكرباطي، والصرايطة، وبوغزالة والهقاقة، وأولاد بوكوشة، ولم أجد عند أحد خبرا صحيحا على نسبهم بمن يتصل إلا البطنين الأخيرين فقد قيل أنهما من بيوتات الأشراف الذين بالدويرات.

‌العميرة الثانية: أولاد خليفة:

المتعارف الآن أنهم أبناء خليفة بن العش جريا وراء كلام الشيخ العدواني.

ص: 381

ومن نظر إلى كلام ابن خلدون "والمنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب" أنهم أبناء خليفة بن رشاش بن وشاح بن عطية بن كمون بن فرج

إلى آخر نسب الفقهة السابق.

وهؤلاء قليلون جدًّا إلا أن المنتسب إليهم كثير وسيأتي تفصيلهم.

والذين بسوف: أولاد الولابي، وبوظبية، وخشيبة، والأفاحمة.

‌العميرة الثالثة: أولاد حميدة:

قدمت هذه العميرة وإن كانت متأخرة الدخول إلى وادي سوف لانضمامها إلى أولاد خليفة، بل بعضهم يزعم أنها منهم وليس كذلك، وإنما أصلهم من النمامشة

(1)

، وهم: أولاد عمار بن قدور، والمانع، وأولاد مسعود، وأولاد مية، وأولاد عائشة، والفنيك، والعبيدي، وظريف، وابن سعد، والتريكي، والنفنوف، والكلتومي، والهمامي، والدغمين ومن معهم وهم الجرمين أولاد جرمون بن جرار بن عرفة بن قارس بن حسن بن محمد بن عبده بن حسين بن فرج بن يوسف بن منبا، ولم أقف على ما فوق ذلك.

وينضم إلى هؤلاء أولاد سيدي عبد الله بن أحمد، وتزعم العامة أن سيدي عبد الله المذكور هو الذي كان قبل في تكسبت، وليس كذلك بل هذا متأخر أتى من صفاقس وأخوه الآن في الزقم وكلاهما ينسب للأشراف. والصحيح في الأول أنه مات قتيلا وقُبر حذو تكسبت القديمة وهو الذي شوهد ضوء بضريحه فسمى المكان ضوَّاي روحه.

والمنتسبون الآن إلى الصفاقسي قيل أنهم ليسوا أبناء صلبه وإنما هم من خادم له فتبناه. وهو المقبور جوار ضريح الشيخ، والله أعلم.

(1)

قلت: النمامشة من قبائل البربر في الأوراس.

ص: 382

‌العميرة الرابعة: الجبيرات:

ينسبهم غالب الناس إلى جبير بن العش كما ذكر ذلك الشيخ العدواني.

أما بحسب كلام ابن خلدون السالف فيكونون أبناء جابر بن فاتك بن رافع بن ذباب بن مالك بن بهثة بن سُلَيم .. الخ، إذ هم كما في "المنهل العذب" مختلطون مع أولاد أحمد السابق ذكرهم وانحدروا معهم من برقة إلى طرابلس ثم إلى قابس ومنها إلى الصحراء الجزائرية.

أقول: إن منهم أولاد أحمد الأصليين وهم: أولاد البردي، والبريدي، وأولاد بكار، إذ ربما هم بنو بريد بن كعب بن أحمد بن ترجم إلى آخر نسب الفقهة المتقدم، والباقون هم: أولاد زريق، وأولاد الدو، وأولاد علاهم، والجبايلية، وأولاد داهم، وعموري، وعدوكة، وقماري، وقدوربية، والنيد، والأرقط، والسواسي، وصلوبة، والبلالم، والبشايرة، وجابر، وعمار بن العيد، وقيل الأخيرون غرابة.

ويلحق بهم أولاد عبد الملك، وأولاد محمد، وأولاد سليمان، وهم كثيرون، وتزعم العامة أن الملحقين جدهم يهودي أسلم وليس صحيحًا.

‌العميرة الخامسة: الكساسبة:

لم يزد الشيخ العدواني على أن كسابا من جبل أبي سعادة.

أقول: إن كسابا هذا قد مات في صفاقس، ويقال: إن نسبهُ يتصل بنسب سيدي عبد الله المتقدم ذكره، وقد ترك ثلاثة أبناء أحدهم ذهب إلى خنقة سيدي ناجي، والثاني إلى عين صالح، والثالث أتى إلى وادي سوف، وأبناؤه هم: أولاد العايب خاصة وانضم لهم بنو كساب، وعون بن محمد، وأولاد مسية، وقعيد، وأولاد عمر، وعباس، وعمارة بن بية، والمثرد، وديدة، وأولاد بوصبيع، والفريجات. كما انضم لهم أولاد جبنون وهم أصليون لأنهم حسب رأي الأكثرية

ص: 383

أولاد جبنون بن العش، وقيل أيضًا أنهم أبناء جبنون بن بركات بن كعب إلخ، وقيل ابن حبيش إلخ. وهم المخاريق، وأولاد لامة، واللامعة، وقزون.

ويسبب هؤلاء قدمت ذكر هذه العميرة وإن كانت متأخرة الدخول إلى وادي سوف، وشاع بين العامة أن الضمايدة منضمون إلى هؤلاء وهم: أولاد قمعون، وأولاد مامنية، وأولاد السخري وحسب التحقيق أنهم ملحقون بعميرة أولاد حميدة إذ نسبهم يتصل بهم.

‌العميرة السادسة: أولاد عيسى:

قال الشيخ العدواني: هم أولاد عيسى العدواني.

وقال القدماء أنهم من أولاد عيسى الذين هم بجبل نفوسة والظاهر وما بينهما.

أقول: فإن كانوا من ذلك المحل فهم أبناء عيسى بن زغب بن ناصر بن خفاف بن إمرئ قيس بن بهثة بن سُلَيم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان.

وهم: أولاد الباهي، والخلالدية، وأولاد مريقة، والأباسي، وأولاد الدروني، وأولاد ابن عيسى، وإلى الآن يزعم البعض أنهم ملحقون بأولاد حميدة ليس بصحيح، والله أعلم.

‌العميرة السابعة: العيايدة:

تقدم نسب هذه العميرة في أولاد أحمد الأولين فلا لزوم من إعادته.

وهم: أولاد العيادي، والمنصوري، ومنصور، والغقاق، وأولاد عيدة، وطعملة، وأولاد باسي، وأولاد كنيوة ومن ألحق معهم.

(تتميم):

بقي من الأولين بنو مجور منهم جماعة من أصحاب الهنشير الغربي كأولاد

ص: 384

الغلوسية، وحمد وأولاد بكر، وإبراهيم بن منصور، وبو عزيز، والحاج عمارة، وصالح بن فرحات، ومسعود بن عبد الله، ومحمد حميدة

إلخ.

‌العميرة الثامنة: الحليلات:

تنسب هذه العميرة إلى زعيمها حليلة الذي أتى من الدويرات ولم يحققوا نسبهم، وهم: أولاد الشيخ علي، وأولاد اللموشي، وأولاد فرج، وابن رقية، وابن نجمة، والجروني، والمرخي، والمساسة، وأولاد رويحة، وابن حدي، ولمي، والبهيم، وأولاد أم هاني، والميعادي، وأحمد باي وأولاد سعد بن خليفة وأخيه، والحميات ومن ألحق بهم.

‌العميرة التاسعة: الزبدة:

سبق في المصاعبة نسب هذه العميرة مرفوعًا.

وهم هنا: الحساسة، وأولاد زهمول، والهزلة، والدبابة، وأولاد بكار، العثمين، والنجار، والنفيسة، والشعباني، وبروبة، وأولاد عمار الأعور، وأولاد حمية، وأولاد شتحونة.

‌العميرة العاشرة: مصغونة:

قد تقدم الكلام عنهم في المصاعبة بأن نسبهم يتصل بنسب الشابي.

وهم هنا: أولاد محمد بن مسعود، وأولاد رجال، وأولاد محمد بن فرحات، وأولاد الحاج صالح، والكبسي، والهوامل، والقدايرة وهؤلاء كثيرون.

ص: 385

‌الفرجان

هذه القبيلة أصلها من الفقهة

(1)

وفيها أبيات للربايع وتأخرت في الدخول إلى سوف عن جميع أقاريها فلذلك اعتبرها من لا يعرفها أجنبية عنه.

وهم كما في ابن خلدون: أولاد عطوة بن عطية بن كمون بن فرج بن توبة إلى آخر نسب الفقهة.

قال القدماء: إن الذين مع الفرجان من الربايع هم معظم أولاد جار الله.

أقول: إنه أولاد جار الله المذكورين هم من دريد كما قال ابن خلدون: أولاد جار الله بن عبد الله بن دريد

إلى آخر ما تقدم.

أما نسبة الربايع لهم فمن جهة الأم فقط حسبما بلغني ممن يوثق بهم ولهذا لم أتعرض لذكرهم مع الربايع.

واشتهر أولاد جار الله بالصلاح فكانت لهم مآثر تناقلتها العوام وبنو علي المنتسبين منهم قبابا تزار إلى الآن بناحية مقبرة أولاد أحمد شرقا.

وسبب تسمية الفرجان بهذا الاسم هو كما ذكر القدماء أن جدهم كان كالمجذوب يتخيل كل شيء يؤذي فارتحل مرة إلى الصحراء وكانت كثيرة الفئران فصار يجري أمامه وعن يمينه وشماله وهو يصيح كلما مر فأر بإزائه قائلا: الفار جاني، أي الفار أتى إلي. وكثر منه ذلك وعرف به، وتداولت العامة الكلمة فتصرفوا فيها فصارت فرجان ويقال لذريته الفرجان.

وهم: أولاد هلال الذين يسمون الأهليات، والطوافقة، وأولاد بلحسن ويُلحق بهم العوينات وهم أخلاط.

وهذا آخر الكلام على الأعشاش وبهم انتهى الكلام على أهل الوادي سوف.

(1)

قلت: الصحيح عن قبيلة الفرجان من قبائل صوت في ليبيا يرجع نسبها إلى الأشراف من المرابطين ومنهم في مصر فروع كثيرة نزلت وادي النيل قبل قرنين.

ص: 386

تنبيه:

مما يلزم ذكره أن جميع الأقوام الذين تقدمت أنسابهم هم من الواديين. كانت سكناهم جميعًا داخل ما حواه الوادي في أرضه الآن، أما في عهدنا هذا فقد صارت مساكن البعض منهم بضوَّاي روحه، وسيدي بلقاسم بن عجال، ونزلة رويحة، والبليدة، والعلالقة، والمحاريق، ونزلة البق، وسيدي مرغني، والفرجان، ووأولاد تواتي، وسيدي سليمان، وسيف يونس، والعبابسة، والبياضة. وغيرها من مداشر عميش مثل النخلة، والرباح، والخبنة، والخبي، وكذلك في الأزيرق، والخبنة الأخرى، والطريفاوي، وبلالة، ووادي زيتن، وعرعير، وأم الصحوين، وشقامط، وأمية الكلبة، وسحبان، ووادي العلندي، ووادي الترك، وأولاد مبروكة، وسيدي عبد الله، والقارة، وتكسبت، وقطاي، والدريميني، وحاسي خليفة، والسويهلة، والذكار، وأما الرقيبة والدميثة فيهما من جملة قمار.

وسأذكر فيما يأتي أنساب غير الواديين، والله المعين.

‌تاغزوت

كان موضعها الأول بالغوط الغربي الشمالي من محلها الآن وبالطريق الآتي من تقرت إلى قمار، وإلى اليوم توجد به آثار الجدران ومحراب الصلاة، وضريح يزار هناك بني حوله حائط مربع له باب يفتح شرقا وجنوبا، وذلك المكان هو الذي أتاهم فيه سيدي المسعود الشابي المتقدم ذكره، وحين وقعت النفرة بينهم ارتحلوا إلى القدايم وهو المكان الموجود شرقا جوفا من مقبرتها، وهناك أيضًا وقعت بينهم مشاحنات ذهب بعض من أجلها إلى قمار وعمر سيدي مسلَّم القرية الكائنة في هذا العهد وخربت تلك وتفرق سكانها.

وأهل هذه يتركبون من أربع عمائر:

‌العميرة الأولى: القبيلة:

هذه العميرة ملفقة من عدة أفواج، وأصلهم الأول الذي بنيت عليه هو:

ص: 387

أولاد زايد أخو أحمد الذي هو جد قبيلة أولاد أحمد. أتى أبناؤه، أي أبناء زايد إلى هذه النواحي بعد أولاد أحمد؛ ولذلك يقال أنهم طروديون من قبيلة طرود.

وانضم إليهم هم أناس من تكسبت الجديدة يقال لهم الأباقيز، ذكر القدماء أن نسبهم يتصل ببني مزروع أي الغربين.

أقول: مزروع هو ابن خليفة بن مخلوف بن يوسف بن بكرة بن منهاب بن مكتوب بن منيع بن مغيب بن محمد الغريب بن حارث بن مبارك بن زغب بن ناصر بن خفاف بن قيس بن بهثة بن سُلَيْم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان.

وهناك مزروع آخر يقال له ابن صالح ذريته بإفريقيا الشرقية، ويزعم بعض الناس أن أولاد الغريب وسيدي مسلَّم من هؤلاء، وليس بصحيح إذ قد بلغني من ذوي العلم والتحقيق منهم أنهم ينسبون إلى الأشراف، وقد وجدت بعد البحث في المشجرات اسما يشبه اسم جدهم بإبدال عينه المهملة بالغين المعجمة، وإلى الله صحة ذلك.

ومع هذه العميرة: التواغزيت أبناء التاغزوتيين اللذين كانا قدما يعلِّمان الصبيان وتصاهرا مع أولاد زايد وصارا في عديدهم.

وانتسب، إليهم أناس من أولاد حمدة إخوة المختلطين بأولاد خليفة الذين هم بأعشاش الوادي يقال لهم الزعاترة، وكذلك جماعة من آل عدوان يقال لهم أولاد عمران، ومعهم طائفة من بني سُلَيْم يقال لهم الحطاطبة طوحتهم الطوائح إلى أماكن عديدة وانتسبوا إلى آخر محل انتقلوا منه إلى تاغزوت يقال له الحطيبة. ويذكر العامة أنه دخل في عديد هؤلاء جماعة من المخادمة الهلالية يقال لهم الجلالة، أي أولاد جلال بن حمرون بن مخدم .. إلخ، وقيل أنهم من النمامشة لكنهم انتسبوا للمحل الذي سكنوه أخيرا وهو الشلالة، وعليه فهم يسمون الشلالة بالشين المعجمة.

ص: 388

ومع الجميع أفراد قليلون من الزبدة أتوا من نفطة متأخرين واختلط بهم بعض الأفراد من طولقة وبوسعادة.

وسبب تسمية هذه العميرة بالقبيلة؛ لأن أهلها اجتمعوا من شعاب متعددة وحين كثروا قالوا: صرنا قبيلة كبيرة نقدر على القيام بشؤوننا. هكذا ذكر القدماء والله أعلم.

‌العميرة الثانية: العرش:

سميت بذلك؛ لأن أهلها أتوا إلى تاغزوت من طرود فأنفتهم القبيلة فتلاحقت بهم عائلات مختلطات من الوادي وكثروا فقالوا للقبيلة: قد صرنا عرشا مستقلا من غير انضمام إليكم.

الأصليون منهم هم أولاد بركات بن كعب بن علي بن يعقوب بن كعب بن ترجم بن حميد بن يحيى بن علاق بن عوف بن بهثة بن سُلَيم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان.

ويليهم الزوامل في النسب، قيل يتصل نسبهم بيعقوب بن كعب بن ترجم

إلخ.

وانضم لهؤلاء جماعة يقال لهم الكوامل، لم يذكر لي أحد منهم نسبهم بمن يتصل ولا علة تسميتهم بهذا الاسم.

ومع الجميع المعارنة، ذكر لي بعض كبارهم الثقات أن نسبهم يرتفع إلى معر بن عسكر بن حميد بن هيب بن بهثة بن سُلَيْم

إلخ، والله أعلم.

‌العميرة الثالثة: الصيايدة

.

نسبة لمحمد الصياد الذي ذكره الشيخ العدواني. وسألت كثيرا من ذوي الخبرة منهم عن نسبهم فلم يحققوا لي شيئًا منه، لكن البعض من أهل هذه العميرة معروف النسب كما سيأتي وهم: أولاد موسى بن يوسف بن حريز بن تميم بن عمرو بن وشاح بن عامر من بني سُلَيم، والباقون يقال لهم أولاد عبد الصادق.

ص: 389

وهذه العميرة كبيرة جدًّا لكن معظمها بقي في قمار بعد الرجوع إلى تاغزوت، والذين بها هم أولاد عمارة، والميداوي، وبوبة، وحمة سوده، والمبارك، والرجيل، وحمة الحاج، وحنوك، وأولاد تاتة، والدرويش، وزرود، وطراد، وبريك، وحمر، وأحمد بن صالح، والشخار، والزبري، والخزماط، والحبيري، وبو، ودهيليس، وفرحات.

‌العميرة الرابعة: أولاد رابح:

قال القدماء: إنهم ينتسبون إلى رابح بن تاغزوتي.

أقول: اختلف في نسب التاغزوتي المذكور، فقيل اسمه أحمد، وقيل اسمه زغيب (بالتصغير) وقيل عمران، ولم يذكروا اسم أبيه. ثم إنه سُلَميٌّ قطعا إذ المحل الذي أتى منه وهو تاغزوت الزاب لم يدخله في ذلك الحين سوى بني سُلَيْم، وأما بنو رياح فقد انحازوا بالجهة الغربية. وبلغني من بعض عامتهم أن نسبهم يتصل بمزروع بن صالح، ومزروع المذكور هو ابن صالح بن ديلم بن حسن بن شبابة وهو هلالي لا سُلَميٌّ ولعله اشتبه عليهم الاسم فيكونون أبناء زرعة بن صالح بن قماص بن سالم بن وهب بن رافع بن ذباب بن مالك بن بهثة بن سُليم

الخ، والله أعلم بالحقيقة.

وهم عميرة قوية انتقل معظمها إلى تاغزوت وبقي قليلها في قمار فهي بعكس الصيايدة المتقدم ذكرهم.

وهؤلاء هم: أولاد سالم، ولم يزيدوا اسم أبيه.

أقول: لعلهم ينتسبون إلى سالم بن وهب بن رافع المتقدم، ومعهم الزغابة وحسب ظني أنهم ينتسبون إلى زغب بن جرو بن مالك

إلخ.

ويتصل بهم أولاد جاء بالله، قيل: يرفع نسبهم إلى زايد بن سليمان بن وهب بن رافع بن ذباب

إلخ.

ويلحق بالجميع أولاد فروة، ولم يذكر لي أحد منهم نسبهم.

وتقدم أن مع تاغزوت أهل دشرة بوبياضة. والله أعلم بالصواب لا رب غيره.

ص: 390

‌الزقم

كانت هذه البلدة في أول الأمر عامرة بآل عدوان فقط ثم اختلطت بعد ذلك بغيرهم من القبائل، وكانت قريتين اثنتين إحداهما تُسمى الرقوبة، والأخرى تُسمى سيدي خضير فخربتا وانتقل أصحابهما إلى المكان المعروف الآن.

وأهل الزقم في هذا العهد يتألفون من خمس عمائر منها الأصليات ومنها الملحقات.

‌العميرة الأولى: بنو خضراء:

وينتسبون إلى قرية سيدي خضير المُلقَّبة بالخضراء تنويها بشأنها، واختلف في أصلهم فقيل أنهم من احمر خده فإن يكن كذلك فمن الراجح أن يلتحق نسبهم ببني رياح من بني هلال بن عامر.

وقيل أنهم من بني ازقن، ومنهم من ينفي ذلك.

وهؤلاء قليل عددهم لكن اختلط بهم كثير من النمامشة

(1)

السُّلَميين.

‌العميرة الثانية: أولاد حامد

قيل: إنهم ينتسبون إلى حامد أخي أحمد جد قبيلة أولاد أحمد فيكونون حينئذ طروديين وإخوة لأولاد أحمد أهل الوادي، والله أعلم.

وقيل نسبة إلى حامد آخر أحد أجدادهم ويذكرون أن جدهم حامدا هذا بعد أن استقر قراره بالزقم ترك ذريته بها ورجع بزوجته إلى ناحية الميتة إذ كان محبا للبادية فمات بها.

أقول: إن الذي مات بجهة الميتة هو حامد آخر أحد أجدادهم الأسافل وليس هو حامد الأول الجد الأعلى.

(1)

قلت: هنا ثمة خطأ عن النمامشة والصحيح أنها قبيلة في بلاد الأوراس قرب تبسَّة يطلق عليها الشاوية أي رعاة الغنم وأصلهم من البربر، وقد ذكرها المؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني في تاريخ الجزائر المطبوع عام 1350 هـ / 1931 م من قبائل البربر المتعربة.

ص: 391

وينقسمون الآن إلى أربع فصائل: الأولى أولاد محمد ويرتفع نسبهم إلى سليمان بن عبد الرحمن بن سالم بن يوسف بن صالح بن حامد، والثانية: أولاد نصر يتصل نسبهم حسب ذكرهم بأبناء الهامل بن صالح بن حامد المذكور، الثالثة: الشحيمات ولم يذكروا لي آباءهم وأجدادهم المتصلين بحامد، الرابعة: الأعواف وقد اختلف فيهم لمن يتتسبون والراجح، حسب قول قدمائهم أنهم إخوة بني حامد، والله أعلم.

‌العميرة الثالثة: أولاد شوية:

اختلف عامتهم في معرفة جدهم الذي انتسبوا إليه وحسب ظني أنهم ينتسبون إلى شوية أحد رجالات بني حصن بن علاق بن عوف بن بهثة بن سُلَيْم .. إلخ، فيكونون حينئذ سُلَميين، أو إلى شوية أحد المنتمين إلى بني معافى بن حمزة بن معد بن خذل بن حصين بن زغبة بن رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال

إلخ، فيكونون حينئذ هلاليين، والله أعلم بالحقيقة.

وينقسم هؤلاء لهذا العهد إلى أربع فصائل: الأولى: أولاد ونيس. والثانية: أولاد منصور، والثالثة: أولاد سالم، والرابعة: أولاد الحاج، ومعهم بيتان من العيايطة البهيميين وهما أولاد عيشة، وأولاد العروسى. والله أعلم.

‌العميرة الرابعة: الشواوي:

يذكر البعض أن سبب تسمية الأولين منهم بذلك هو ما وقع بين بعض أهل الزقم والنمامشة من مناوشات في شأن امرأة شاوية أخذها الأولون غصبا وآل أمرها إلى تزويجها بأحد الفضلاء يقال له سيدي الحاج محمد، وأعقب منها بنين انتسبوا لها لاستغراب أمرها، فصار يقال لهم أولاد الشاوية ثم الشواوي.

وهم كثيرون معروفون بهذا الاسم وانضم لهم آخرون يقال لهم بنو عاصم، أصلهم من مصاعبة الوادي ويتصل نسبهم ببني مناع الذين في شبابطة الوادي.

ومعهم أولاد حمد بن معمَّر إخوة أولاد سيدي عبد الله الذي هو في أعشاش الوادي كما سبقت الإشارة إلى ذلك، والتحق بهم قوم يقال لهم الكواكه،

ص: 392

يتصل نسبهم بدريد إذ جدهم أتى من هناك مع أهل الوادي حين أتوا من تلك الناحية، فعلى هذا يكون إتيانه متأخرا، وتصاهر مع الشواوي فصار في عديدهم، واخلط مع الجميع أبيات من النمامشة.

‌العميرة الخامسة: أولاد سعيدان:

أصلهم من أولاد حميدة الذين هم باعشاش الوادي، سكنوا الدبيلة زمنا. وحين أتى الشيخ فرحات وخرب نصفها الغربي وكانوا هناك، وانجلوا إلى الزقم واستوطنوها، وهم بها قليلون، وأكثرهم لا يعرفون آباءهم لأنهم ماتوا بالدبيلة في تلك الواقعة وقد فروا منها قبل التمييز، والله أعلم.

‌قمار

أهل هذه البلدة يتركبون من خمس عمائر وهي:

‌العميرة الأولى: أولاد عبد القادر:

ينتسبون إلى عبد القادر أحد أحفاد عبد القادر بن خليفة بن سعد بن خنفر بن مبارك بن فيصل بن سنان بن سباع بن موسى بن كمام بن علي بن خذل بن حصين بن زغبة بن رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال

إلخ.

وهم أكثر عمائر أهل قمار بيوتا، ومع هؤلاء بيوت أشراف يقال لهم أولاد سيدي التهامي.

ومعهم أفراد قليلون من آل عدوان كانوا يعرفون بأولاد صالح العدواني كما انضم إليهم أناس من بني معروف بن عطية بن كمون بن فرج بن توبة بن مبارك بن عامر بن عطية بن دريد بن الأثبج

إلخ، وعليه فهم في الأصل من أعشاش الوادي، ويوجد خلالهم أفراد يقال لهم أولاد راشد انضموا إليهم بالمصاهرة ويعسر تمييزهم منهم، ذكر لي بعض وجهائهم القدماء أنهم من جبل نفوسة الذي بقرب قابس ولم يزيدوا على ذلك.

أقول: إن أهل تلك الناحية أي نفوسة أكثرهم من أولاد جارية بن وشاح

ص: 393

الذين تقدم نسبهم في أولاد جاء بالله الذين هم بعض من أولاد أحمد فلعل هؤلاء من إخوانهم، والله أعلم.

‌العميرة الثانية: أولاد حميد:

تقدم نسب هذه العميرة وتفصيل أمرها مستوفى مع العزازلة الذين هم بعض من مصاعبة، الوادي.

وليس مع هؤلاء خُلَّط إلا ما ندر وهو لا حكم له، والله أعلم.

‌العميرة الثالثة: الصيايدة

.

مرت ترجمتهم قريبة في تاغزوت وأنهم ينقسمون إلى فصيلتين هما: أولاد موسى، وأولاد عبد الصادق، وأكثرهم هنا لم يرجع منهم إلى تاغزوت إلا القليل.

قال القدماء: ذهب من هؤلاء زمن المشاحنات جماعة إلى جبل أوراس فتصاهروا فيه ورجعوا مع أصهارهم ولكن لا يعرفون من هم أولئك الأصهار.

أقول: إنهم من شوايخة الوادي الذين هم مع شبابطة المصاعبة أو أقاربهم، وانضم إليهم من تاغزوت أناس يقال هم التوام على ما أظن أنهم من عميرة القبيلة.

وانتمى للجميع أفراد قليلون من النمامشة، والله أعلم.

‌العميرة الرابعة: أولاد رابح:

سبقت نسبة هؤلاء في تاغزوت أيضًا، وهم هنا قليلون جدًّا حتى أن بعضهم اقتصر على ذكر من انتموا إليه وهم: الهويملات، وأولاد هويمل، وابن رابح. ولم يذكروا لي فوق ذلك.

ويزعم البعض أن معهم أبياتا من حراطنة غدامس وهم ينفون ذلك. كما اختلطت بهم عائلات من أولاد زايد أهل تاغزوت، وأناس من ورقلة قيل أنهم برابرة، والله أعلم.

ص: 394

‌العميرة الخامسة: أولاد بوعافية:

ذهب النسابون في تحقيق نسب هذه العميرة مذاهب شتى، منها أنهم من بني ذيان بن ثابت بن محمد بن ينورسين بن طاع الله بن علي بن يصل بن فرقين بن القاسم، ومنها أنهم من صنهاجة بن عاميل بن زعزاع، ومنها أنهم أبناء عافية بن أبي بكر بن حمامة بن محمد بن ورزيز بن فكوس بن كرماط بن مرين، فعلى الأقوال الثلاثة هم بربريون، وآخرها أقرب من جهة التعليل.

وقيل أيضًا أنهم أبناء عافية بن داود بن مرداس بن رياح بني أبي ربيعة بن نهيك بن هلال

إلخ، وعلى هذا فهم عرب والتعليل يناسبه أيضًا، والله أعلم بالحقيقة.

ومع هؤلاء كثير من الهمامة، والنوافلة، والبلابش، والبركات، والحوتة

(1)

، وبعض السواري من البهيمة الذين سيأتي ذكرهم إن شاء الله.

وقد سبق القول أن الدميثة والرقيبة من جملة قمار.

‌البهيمة

قد علم الجميع أن البهيمة كان محلها الأول بقرب الزقم الآن غربا شمالا منها، وهو المحل الذي به الجدران والحجارة المبددة، وزاوية سيدي محمد الشريف إلى اليوم، وانتقل أهلها بعد خراب تلك إلى المحل الكائن لهذا العهد.

وأهلها الآن يتألفون من خمسة عمائر.

‌العميرة الأولى: العيايدة:

تقدم نسب هذه العميرة مع أولاد أحمد الواديين.

واختلط بهم أناس من أولاد فادع بن علي بن عمر بن رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال

إلخ، ويذكرون أن فيهم أبياتا من العرب الغرابة لا يدرون بمن يتصل نسبهم.

(1)

هذه الفروع ما عدا الهمامة من لبيد من بني سُلَيم.

ص: 395

‌العميرة الثانية: العيايطة:

ينتسبون إلى جدهم العياط، وذكر الشيخ العدواني أن سبب تسميته بذلك هو أنه كان يعيط أي يصيح على نوبة شيخه أعني ينادي بالإقبال عليه ويحرض الناس على خدمته واتباعه.

والعياط المذكور لم يخرج من الزقم بل مات فيها وهو المقبور في مقبرتها الجوفية (الشمالية) وإنما انتقل أبناؤه فقط وبقي منهم بيتان كما سبق ذكرهما في الزقم وهم: أولاد عيشة، وأولاد العروسي.

وذكر بعض العارفين بنسبهم أن جدهم المذكور يسمى أحمد العياطي؛ أصله من بني رحمن بن يزيد بن مرداس بن رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال

أتى أبوه من العرب الغرابة، فلما وصل إلى مكان بقرب جامعة حوز تقرت يقال له عياطة ولد له أحمد المذكور فنسب إلى ذلك المكان ثم انتقل منه وسكن الوادي مع أقاربه من العزازلة، وكان ذا ديانة وورع لم ترضه سيرة بعض ممن هو معهم فانتقل إلى الزقم حتى قبر بها.

أقول: وهم الآن كثيرون واختلط بهم آخرون من بني عيار الذين هم حول تونس مع دريد، وتصاهروا معهم وتسموا بهم، والبعض يسمى الجميع العيايرة، وإلى الآن يعرفون بالاسمين الاثنين المذكورين.

ومع هؤلاء أبيات من الأشراف أتى جدهم من نفطة فبحثت عن مشجرهم فلم أقف على أمر يقين، لكن سمعت من بعضهم أن نسبهم يتصل بنسب سيدي إبراهيم بن أحمد صاحب الزاوية القادرية بنفطة فالتسمت مشجرة من نجله الكريم الشيخ محمد الهاشمي الشريف صاحب الزاويتين القادريتين بعميش وتقرت فامدني به ونصه هكذا: سيدي محمد الهاشمي ابن القطب سيدي إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عطية بن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن عيسى بن أحمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن أحمد الغماوي بن عبد الوهاب بن عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر بن علي بن عيسى بن مزور بن هدى بن ضرار

ص: 396

ابن محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس بن إدرس بن عبد الله الكامل بن محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وذكر الشيخ العدواني أن جد العيايطة هو أول من عرف الاثر (الجُرّة) بسوف.

أقول: إن العياطي أتى إلى سوف فيما يقال قريبا من مقدم سيدي المسعود الشابي، ومعرفة الأثر سابقة لذلك العهد بل كانت قبل خراب تكسبت القديمة حين خرج من سورها وصيف سيدي عبد الله السابق ذكره في باب خراب تكسبت القديمة، والله أعلم.

‌العميرة الثالثة: الغوالين:

قال القدماء: كان في زمن الفتن التي وقعت بوادي ريغ وخربت بسببها وغلانة إحدى مداشر تقرت وتفرق أهل تلك البلدة أتت منهم جماعة إلى أرض سوف ونزلوا على أهل البهيمة وصاهروهم وانضموا إليهم وتسموا باسمهم، لكن بقيت عليهم نسبة أرضهم الأولى، فكانت في الأصل الوغلانيين ثم بعد تصرف الألسنة تحولت إلى كلمة الوغالين لكن العامة لا تراعي الألفاظ فادخلوا عليها القلب المكاني بتحويل الغين المعجمة إلى موضع الواو، ونقل الواو إلى موضع الغين، وهم إلى الآن غير كثيرين متميزين بالألون والأسماء، وانضم لهم أفراد من قبيلة مولات، وأبيات من طرود وأخرى من الربايع، وقيل أنه انتمى إليهم أيضًا بعض من أهل علقمة النفطيين، وبعض الدبيليين.

‌العميرة الرابعة: السواري:

قال الشيخ العدواني: هم أولاد ساري العدواني؛ ولم يزد على ذلك.

أقول: وإن لم أقف على هذا الاسم في أنساب العدوانيين السفلى فقد وجدت في العليا السيد سارية بن حصن أو الحصين أو زنيم الديلمي الصحابي وصاحب الواقعة المشهورة مع سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنهما - فقد ذكر الشيخ زكرياء في شرح قول صاحب المنفرجة:

ص: 397

وأبي حفص وكرامته

في قصة سارية الخلج

قال: إنهم قوم من العرب من عدوان ألحقهم عمر بالحارث بن مالك بن النضر بن كنانة.

وقال الشيخ السيوطي: "سموا بذلك، لأنهم اختلجوا من عدوان أي اقتطعوا منه".

وانضم مع هؤلاء حسب قول القدماء لفائف كثيرة من أولاد مولات وصاروا لا يتميزون عنهم ثم ذهب من الجميع أفراد إلى الدبيلة وآخرون إلى قمار.

كما انتسب لهم جماعة من الهمامة الرضوانيين أقارب الموجودين مع قرافين الوادي، وأناس من أفركان لا يعرفون من أية قبيلة هم.

أقول: إنهم من بني مزروع بن صالح الذين هم بتاغزوت الآن، إذ قد أتوا من هناك، والله أعلم.

‌العميرة الخامسة: الوهاهبة:

ينتسبون حسب قول قدمائهم إلى عبد الوهاب السلَّامي.

أقول: فإن كانت نسبة السلَّامي إلى أولاد سلَّام الذين هم بالهمامة الآن فهم من أولاد سلَّام بن لبيد

(1)

بن لعتة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن مالك بن زغب بن نصر بن زايد بن سليمان بن وهب بن رافع بن ذباب بن مالك بن بهثة بن سُلَيْم

إلخ، كما ورد ذلك في "المنهل العذب".

أقول: ويقرب هذا النسب لهم إذ إنهم يُعرفون الآن بالزغبيين أيضًا. ولعلهم انتسبوا إلى وهب بن ذباب الذي في سلسلتهم إذ العامة لا تضبط الأنساب وإن كان المقصود سلَّام آخر، فالله أعلم بذلك.

(1)

قلت: هنا في نسب لبيد ثمة خطأ حسب ما ذكر نقلًا عن المنهل العذب، وقد أخطأ فيه المقريزي أيضا وقبله ابن خلدون في تاريخ العبر، والصحيح ما ذكره أبو علي الهجري في التعليقات والنوادر فهو لبيد بن أهيب بن عبد الله بن قنفذ بن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم.

ص: 398

ويزعم بعضهم أنهم دخلوا أرض سوف متأخرين جدا بعد أن كانوا في برقة وانتقلوا منها إلى قمودة ومنها إلى وادي سوف فنزلوا مع الرضوين، ثم بعد حين وقعت بينهم مشاحنات انتقلوا من أجلها إلى البهيمة وهم بها إلى الآن، ويقال: إن منهم أبياتا مع أولاد حامد بالزقم.

‌كوينين

قد سبق أن المكان الذي به القرية الآن هو الذي سمي كوينين. وعليه فهي لم تنتقل من محلها وإن كان أهلها في أماكن متعددة بعد أن انتقلوا منها.

وأهلها في هذا العهد ينقسمون إلى خمس عمائر.

‌العميرة الأولى: القوارير:

قال القدماء: إن جدهم الذي ينتمون إليه كان أصل آبائه من أشراف المغرب القادريين، أتوا إلى توات فاختلطوا بأهل قورارا، ثم ولد لهم هذا المولود هناك فنسب لذلك المحل. وبعد أن كبر طوحته المقادير إلى أن نزل على رسوم القريتين اللتين كانتا في طريق تقرت بقرب سيف سلطان فسكن هناك، وبعد زمن يسير انتقل إلى موضعه الآن الذي بقرب كوينين قبل عمرانها بمدة مديدة، وأن العميرة الموجودة لهذا العهد تناسلت كلها منه إلا بيتا أو بيتين من غدامس ويعرفون من بينهم بهذه النسبة.

‌العميرة الثانية: السوفية:

أصلهم من أولاد خليفة الذين هم بأعشاش الوادي سكنوا الهنشير القديم فأتاهم رجل من نفزاوة يقال له سيدي زكري، عرف بينهم بالصلاح فأمرهم ببناء بويتات هناك واختلط بهم وتصاهر معهم فصار منهم، وأمرهم بالاحتكار في المأكل والملبس ورتب لهم عوائد لا يتجاوزونها، ونهاهم عن الخروج عن طورهم قائلا لهم: إن حافظتم عليه - أي العوائد - تكونوا أنتم السوفية وسواكم يخرج من أرضه، فحافظوا على شروطه وتم لهم دوام السكنى بسوف كما قال وصاروا يفتخرون بذلك على غيرهم.

ص: 399

وانضم لهؤلاء جماعة يقال لهم: أولاد بلحسن أصلهم من تاجرونة التي بقرب عين ماضي ويعتقدون أنهم ينسبون إلى سيدي أحمد بن يوسف شهير النسب، كما انضم لهم أناس يقال لهم الكناكنة أصلهم من الهنشير الآخر ونسبهم يتصل بأولاد زايد أهل تاغزوت.

وانتمى لهم آخرون يقال لهم أولاد عياش يتصل نسبهم بأولاد نابت الذين هم بالزاب الشرقي كما سبق تعريفهم ونسبهم.

ويقال: إني معهم أناسا من الوهاهبة البهيميين الذين مر نسبهم قريبا يقال لهم أولاد مبارك ومعهم جماعة يقال لهم الشهاونة من أولاد خليفة أيضًا لكنهم أتوا إلى كوينين متأخرين جدا، ويزعم البعض منهم أنهم أتوا إليها في عام الهمامة.

‌العميرة الثالثة: الجبيرات:

أصل الآولين من جبيرات الوادي وسميت العميرة بهم وإن كانوا متأخرين لكثرتهم.

ومعهم بنو مجور الذين سبق تأصيلهم ويقال لهم العكاكشة ويزعم بعضهم أن العكاكشة غير بني مجور.

ومعهم أيضًا الزبدة وقد مر نسبهم بالوادي وفيهم تعينت القيادة على جميع أولاد سعود وسيدي عون.

ومعهم مصغونة وقد سبق تعريفهم في المصاعبة.

ويقال: إن فيهم أبياتا من مزاريع تاغزوت الذين مر نسبهم.

وانضم لهم جماعة يقال لهم أولاد حوية لهم بيت واحد من أقاربهم في تكسبت وقد سألت القدماء منهم عن نسبهم فقيل لي أنه يتصل بفيصل بن سنان بن سباع بن موسى بن كمام بن علي بن خذل بن حصين بن زغبة

إلخ.

ص: 400

كما انضم لهم قوم يقال لهم أولاد حمزة لم أتحقق من نسبهم والقرائن تشير إلى أنهم من أحد نسبي سعيد أو عتبة ابني مالك بن رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال .. إلخ. وكثير أخبروني بأنهم أتوا من الناحية التي بها أولئك.

ومع الجميع عائلات يقال لها أولاد غنام، الله أعلم بنسبهم، وطائفة من نفطة يقال لها العثمانية ينتسبون إلى سيدي عثمان بن زايد وهو رجل صالح مقبور الآن بكوينين وعلى ضريحه قبة تزار بجبانة (مقبرة) كوينين الغربية الجوفية (الشمالية)، ويذكرون أنهم من الأشراف ولا أدري هل يقصدون بذلك شرفا نسبيا أو شرفا صوفيا فقط؛ لأنهم يعتقدون أن جميع من أشير إلى أبيه أو جده بالخير والصلاح فهو شريف بصرف النظر عن نسبه!، والله أعلم.

‌العميرة الرابعة: المناصير:

بحسب ما سمعت من الشيخ نصر أنهم ينتسبون إلى منصور أو ناصرة بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم، إذ قال لي أنهم من المناصر الذين هم بمحاميد طرابلس.

وهم قليلون بكوينين ومعهم أبيات من بني جبنون بن حنيش أهل الوادي.

‌العميرة الخامسة: القوائد:

يظن من لا يعرفهم أنهم من قوائد الوادي وليس بصحيح، إذ أولئك بربر وهؤلاء عرب بل من مشاهير العرب ولهم وقائع معروفة بسرت في إقليم طرابلس.

جاء في "المنهل العذب": القوائد أولاد قائد بن حريز بن تميم بن عمر بن وشاح بن عامر بن جابر بن فاتك بن رافع بن ذباب بن مالك بن بهثة بن سُلَيْم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان. ثم ذكر بعد ذلك أنهم كانوا بتلك المواطن مع أولاد أحمد، والله أعلم.

ص: 401

‌الدبيلة

تقدمت تسمية القرية في باب الأماكن المعروفة بسوف.

وأما سيدي علي بن خزان فأصله من المغرب أتى إلى هذه النواحي متأخرا وطاف عدة أماكن، فقيل أنه قدم إلى الوادي أولا وسكنه زمنا يسيرا ثم انتقل إلى قمار ولم تطل إقامته فيها ومنها إلى البهيمة ثم سافر إلى تونس. وقيل أنه خدم سيدي على الحطاب وقد لحق به أقاربه في المغرب فسكنوا الحلفاوين الذي هو حي من أحياء تونس.

ثم رجع سيدي علي المذكور إلى أرض سوف وسكن المكان المعروف الآن بالدبيلة الخالية شرقًا من قرية الزقم ومنها انتقل إلى البهيمة فأمره بعض الصالحين بالانتقال إلى محل الدبيلة الحالي فانتقل إليه على نحو الصورة السابق ذكرها.

وقد ولد للشيخ علي بن خزان ولدان، ابن وبنت الأول يقال له عمار، والثانية فاطمة وتلقب بالزايلة تشبيها لها بالزايلة العجماء لعدم تمييزها. تزوجت بإنسان من البهيمة ووقع بينهما نسل كثير وهم الذين يقال لهم أولاد فرج بقرية الدبيلة. وقيل أيضًا أن البنت اسمها مبروكة ولم تعقب.

أقول: إن الراجح هو الأول؛ لأن القائل بالأخير لم يذكر أولاد فرج لمن ينتسبون بعد أن سرد الذرية التي تناسلت من سيدي علي الأصل.

وولد لابنه عمار أبناء وهم: عبد الملك، وعيسى، وخليفة، وأحمد، وبلقاسم، وعلي.

فمن الأول: قدور ومنه أحمد، ثم صالح ومنه مليك.

ومن الثاني: خزان ومنه محمد والقدري وسعد ومبارك وحمد، ومبروك ثم محمد ومنه أحمد وبلقاسم.

ص: 402

ومن الثالث: عبد النور ومنه عيسى، ثم نصيب ومنه مبروك ومحمد وعلي وخليفة، وعمار، ثم أحمد غنايم ومنه محمد وعلي، ثم علي ومنه محمد والأخضر، والشريف، ثم عمارة ومنه عبد السلام، ثم مبارك ولم يعقب.

ومن الرابع: القدري ومنه علي ومحمد، ثم حامد ومنه مسعود ومهنى وأحمد ثم عمار ومنه سعد والطاهر، ثم سالم ومنه حميدة وبلقاسم، ثم سعد ولم يعقب، ثم نصر ولم يعقب، ثم أحمد ومنه محمد، ثم عيسى ولم يعقب.

ومن الخامس: قدور ومنه يوسف وبلقاسم.

ومن السادس: أحمد ومنه حامد، ثم عبد الحميد ومنه محمد، ثم مولود ومنه عبد الله وعبد الرراق وسعد، ثم عبد العزيز ومنه عبد الجواد وساري وعلي، ثم عمار ومنه عبد النور وبلقاسم وعلي وأحمد واللبي. ثم عبد الستار ومنه الأخضر، وأحمد وعمار وعلي.

فهؤلاء هم أبناء سيدي علي الخزان الأصليون، وما عداهم فليسوا منه إذ قد انضم إليهم أفراد من الوادي ومن قمار والبهيمة وكذلك من النمامشة وغيرهم.

ص: 403

‌فصل عن تاريخ قبائل قيس عيلان في الواد سوف وما صاقبها من البلاد المغاربية‌

‌ انتقال عدون إلى الجردانية

بعد أن كان بنو عدوان

(1)

مع بني هلال وسُلَيْم بنواحي الكاف والقيروان في تونس ضاقت عنهم المجالات لكثرة عددهم، وكانوا قبيلة عظيمة لا تبارى ولا تجارى، فانتقل بعضهم يرتدون الفلوات من موضع إلى آخر حتى وصلوا الجردانية فأعجبتهم فأرادوا سكناها مع من فيها من البربر فمانعوهم ووقع بين الفريقين عدة مناوشات كان النصر فيها حليف عدوان. وانجلي ساكنوها وتفرقوا أيدي سبأ في الآفاق وذلك في حدود عام 600 هـ/ سنة 1204 م

(2)

.

قال الشيخ العدواني: أتى عدوان إلى الجردانية فحاربوا الزناتية وأخرجوهم منها ونزلوا منزلهم.

وقال ابن خلدون: عدوان بطن متسع كانت منازلهم القديمة بالطائف من أرض الحجاز. ثم غلبتهم عليها ثقيف فخرجوا إلى تهامة.

وكان دمنهم عامر بن الظرب بن عمر بن عباد بن يشكر بن عدوان، حكم العرب في الجاهلية. وكان منهم أيضا أبو سيارة الذي يدفع الناس في الموسم. ومنهم بإفريقيا لهذا العهد أحياء بادية بالقفر يظعنون مع بني سُلَيْم تارة ومع رياح من هلال بن عامر أخرى.

(1)

عدوان بن عمرو بن قيس عيلان ما زال لهم بقية حول الطائف بالحجاز منبعهم الأول، ومنهم قبيلة في شمالي الأردن.

(2)

كان ذلك في عهد بدأت فيه بوادر انحطاط الدولة الموحدية التي تلاها تدهور الخلافة وسقوطها وانتهى الأمر بانقسام المغرب العربي إلى ثلاث دول: دولة بني مرين في المغرب الأقصى، ودولة بني عبد الوادي في الجزائر، ودولة بني حفص في تونس، وقد أحدث هذا الانقسام نوعا من الصراع المستمر بين هذه الدول فاستغل الإسبان هذه الفرصة لشن غاراتهم على ثغور الجزائر تمهيدا لاحتلالها فاستنجد أهل الجزائر بالأتراك لدفع خطر الاحتلال الإسباني، وبعد معارك استطاع بابا عروج أن يجلي الإسبان عن الثغور الجزائرية سنة 1516 م.

ص: 404

وفي كتاب الشريثسي الكبير جاء ما نصه: قال الأصمعي: نزلت عدوان ماء فأحصي عليه سبعون ألف غلام أغرل

(1)

سوى ما كان مختونا لكثرتهم.

وكانت الإجازة في خزاعة فغلبتهم عليها عدوان والذي كان يجيز الناس رجل يُسمى أبو سيارة، أجاز الناس على حمار له من المزدلفة إلى منى أربعين عاما، فقيل في المثل السائر: أصبح من عير أبي سيارة، وكانت إجازته أن يقول: اللهم حبب بين نسائنا، وبغض بين رعائنا، واجعل المال في سمحائنا، وأوفوا بعهدكم، وأكرموا جاركم، واقروا ضيفكم، ثم يدفع فيقول:

خلوا الطريق عن أبي سيارة

وعن مواليه بني فزارة

حتى يجيز سالما حماره

وقال ذو الإصبع العدواني أبياتا في شأنهم، أي شأن بني عدوان أستحضر الآن بيتين وهما:

ومنهم من يجيز الناس

بالسنة والفرض

ومنهم حكم يقضي

ولا ينكر ما يقضي

والحكم الذي ذكره ذو الإصبع هو عامر بن الظرب المتقدم الذكر والمشهور بذي الأعواد (الكرسي) وفيه يقول الأسود بن يعفر:

ولقد علمت لو أن علمي نافع

أي السبيل سبيل ذي الأعواد

جاء في كتاب "سرح العيون" أنه (أي ذا الأعواد) أول من قضى (حكم) في الخنثى المشكل

(2)

على الصحيح؛ وذلك أنه اختصم إليه في رجل له ما للمرأة (فرج) وما للرجل (ذكر) أيجعل رجلا أم امرأة؟ فقال لهم انصرفوا عني حتى أنظر في الأمر فما نزل بي مثله فانصرفوا، وبات ليلته ساهرًا، وكانت له جارية ترعى غنمه يقال لها سخيلة كان يقول لها إذا سرحت عنه بكرة ضحيت يا سخيلة لأنها

(1)

الأغرل: هو الصبي الذي لم يختن.

(2)

اغتنم المؤلف كعادته مناسبة الحديث عن عدوان ورجالاتهم ليقدم حكما شرعيا نادرا يتعلق بالخنثى المشكل ضمن قصة لطيفة وكان الحكم مبنيا على الاستدلال بالعلامات، ثم إنه اتخذ الحكم المذكور مطية لبسط ظاهرة محلية لها مساس كبير بمجتمع أهل الصحراء خاصة الواد سوف وهي قضية آثار الأقدام المسماة الجُرَّة كما سيأتي ذلك.

ص: 405

كانت تؤخر، وإذا راحت يقول لها: مسيت يا سخيلة، ففي تلك الليلة راحت مؤخرة ولم يقل لها شيئا، ورأت سهره وتفكيره فقالت له: ما عراك؟ (أي ما أصابك)، فقال لها: دعيني وشأني. فأعادت عليه، فقال لها: ويلك قد اختصم إليَّ في خنثى له ما للذكر وما للأنثى أيجعل في ميراثه رجلا أم امرأة فقالت له: لا أبالك أقعده يبول فإن بال من حيث يبول الرجل فهو رجل وإن بال من حيث تبول المرأة فهو امرأة. فقال لها: مسى سخيل بعدها أو ضحى، فصار هذا مثلا. ثم خرج فقضى بالذي أشارت عليه

(1)

.

أقول: وهكذا الحكم به في الشرع فإن بال من أحد السبيلين يعطى حكمه، أو بال من أحدهما أكثر من الآخر فالحكم للأكثر، أو بال من أحدهما قبل الآخر فالحكم للأسبق، أو نبتت له لحية معتادة أو خرج منه مني فيحكم له بالرجولة، أو طلع له ثدي أو خرج منه دم حيض فيحكم بأنوثته.

قال السهيلي. هذا من باب الاستدلال بالعلامات وله مثل في الشريعة قول الله تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} [يوسف: 18].

قال عبد المنعم بن الفرس: روي أن إخوة يوسف عليه السلام لما أتوا بقميص يوسف إلى أبيهم يعقوب تأمله فلم يجد فيه خرقا ولا أثر أنياب فاستدل بذلك على كذبهم وقال لهم: متى كان الذئب حليما يأكل يوسف ولا يخرق قميصه؟ إذ لا يمكن افتراس الذئب ليوسف وهو لابس القميص ويسلم القميص.

واجتمعت العلماء على أن سيدنا يعقوب عليه السلام استدل على كذبهم بصحة القميص، فاستدل الفقهاء بهذه الآية على إعمال الأمارات في مسائل كثيرة منِ الفقه. وقال الله تعالى:{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28)} [يوسف: 26 - 28].

قال ابن الفرس: هذه الآية يحتج بها من العلماء من يرى الحكم بالعلامات والأمارات فيما لا تحضره البينات.

(1)

يبدو حسب القصة أن الجارية سخيلة هي التي أوحت بالحكم المذكور فاقتنع به ذو الأعواد وقضى به.

ص: 406

أقول: ومن باب الاستدلال بالعلامات ما هو جار عندنا بسوف في معرفة الأثر (الجُرة)

(1)

إذ من الأرجل: الطويلة والقصيرة والعريضة والرقيقة والخميصة والملساء وذات التجاعيد وذات العروق البارزة وذات الشقوق والمعتدلة ومنفرجة الأصابع وملتصقتها وطويلة الأصابع وقصيرتها وزائدة الأصبع وناقصتها والحنفاء (القبحاء) والشيظاء (الطرقاء) وإلى غير ذلك من أوصافها.

وأرضنا رمال وأمرها مهمل خصوصا حال العرب الرحًّالة الساكنين حول البلاد وبعميش فإنها لولا معرفة الأثر لكثرت السرقات وتعطلت المنافع ولوجد كل مفسد مراده منها؛ ولذلك حكم الشيخ سيدي خليفة بن الحسن القماري ناظم

(1)

بما أن بصمات الأصابع (آثار الأصابع) وهي من قبيل الاستدلال بالعلامات تعتمد عليها العدالة في أحكامها وتعمل بها في تحقيقاتها، فكيف لا يصح بآثار الأقدام (الجُرَّة)؟! وقديما قال العرب في استدلالهم: البعرة تدل على البعير وآثار الأقدام تدل على المسير، وقد يقصدون بذلك أيضا الدلالة على صاحب المسير. وبين أهل الصحراء وسوف بلغ الكثير منهم مستوى كبيرا في براعة تحليل آثار الأقدام والتوصل من خلالها إلى التعرف على صاحبها جعلهم خبراء ذوى اختصاص في هذا الميدان ويطلق عليهم اسم (عرافي الجُرَّة).

ومما يدعو إلى التعجب والإعجاب أن عراف الجُرَّة علاوة على اكتشافه للمعتدي اعتمادا على شكل قدميه (جرته) قد يتوصل بفضل فراسته إلى استنتاجات أخرى مثل أوصات المعتدي: طول قامته أو إن كان أعرج أو أعور أو بدينا أو ضعيف الجسم وغير ذلك. ومثل زمن الاعتداء: ليلا أم نهارا، قبل الزوال أم بعده إلخ، وتحاشيا للإطالة هنا أكتفى بتقديم نموذج واحد في ذلك.

سألت مرة رجلا من عرافي الجُرَّة على الأدلة التي اعتمدها في الحكم بأن سرقة التمور من غوط فلان جرت ليلة البارحة لا نهار الأمس فكان بعض ما أذكره من جوابه هو:

أولا: كان على جرة السارق آثار مشي الفئران وهي غالبا لا تخرج من جحورها وتنتقل بحرية إلا أثناء الليل.

ثانيا: على الجرة آثار قطرات الندى والندى لا ينزل إلا ليلا.

ثالثا: كانت الجرة واضحة المعالم سليمة لم تصادفها ريح نهار الأمس التي لم تهدأ سوى أول الليل الماضي.

ومما يحكى عن الاستدلال بالجُرَّة أن ضابطا فرنسيا عندما عُيِّن رئيسا للإدارة بالوادي - في عهد الاستعمار - أراد أن يتأكد من صحة هذا العمل العرفي ليعتمده بدوره في أحكامه، ففي ذات ليلة خلع حذاءه وذهب منفردا مستترا إلى أحد البساتين القريبة وقطع عرجون تمر من نخلة صغيرة ثم عاد إلى منزله، وفي صباح الغد ذهب صاحب البستان إلى الإدارة يخبرها بالاعتداء على بستانه حتى تتخذ الإجراءات للكشف عن المعتدي، فأرسل الضابط من يحضر الخبير (عراف الجُرَّة) كعادة أهل البلد في مثل هذا الحادث، ولما حلل عراف الجُرَّة الآثار توصل نهائيا إلى اكتشاف صاحبها الذي هو الضابط، قيل: قد أعجب الضابط الفرنسي المذكور بفراسة الخبير واتخذه من ذلك اليوم خبيرا رسميا في هذا الميدان.

ص: 407

سيدي خليل رضي الله عنهما حكم على ابن خليل القماري حين سرق وعرف أهل الخبرة أثره، ثم إن ابن خليل ذهب إلى أشياخ الخنقة واستفتاهم في ذلك فأفتوه بعدم التعويل على الأثر.

قال الشيخ العدواني: بعد أن تمكنت عدوان من الجردانية أتاهم أقوام من النصارى كانوا في الزاب وورقلة وفيهم رهبان فبنوا بإزاء الجردانية صوامع للتعبد سموها قصورا وكانوا في ذلك الوقت ثلاثة، والصحيح، أن كل صومعة تقزت حولها قرية وهي تسمى قصرا، وطالت العشرة بين أولئك النصارى والعدوانيين.

وفي زمن قريب لحق بعض العدوانيين

(1)

الذين كانوا بالقيروان فلم يرضوا بالصلة التي بين إخوانهم والروم فأخرجوا جميع الروم وتوجه هؤلاء إلى موضع القدائم الآن الذي بقرب تاغزوت ونزلوه وكان ذلك الموضع يسمى جلهمة سمي باسم رجل صياد من زناتة الأولين مات هناك.

ثم لحق بعض العدوانيين بالروم الذي بجلهمة وبنوا جميعا قرية وأسس الروم بها صومعة

(2)

وبنى المسلمون مسجدا، فلم يطل ذلك حتى قدم عليهم جماعة من الأخلاط وجماعة من أتباع ابن أبي العافية السابق ذكره ونزلوا بجلهمة فهرب الروم الذين كانوا فيها إلى الجردانية مظهرين أن الأرض لم تساعدهم لقلة مائها فقبلهم أهل الجردانية وفرحوا بهم وأعانوهم علي بناء صوامعهم وبيوتهم. وقيل أنه اجتمع من الرهبان هناك سبعة، ثلاثة منهم جاءوا من وغلانة واثنان قدما مع أهل جلهمة وواحد من بادس، وواحد من تهودة، ثم كثر البناء في الجردانية حتى صار كل قصر راهب حوله بيوت متعددة كالقرية، والجميع تسمى قصور عدوان (أي قري عدوان) أو مداشر عدوان، وتسمى أيضا قصور الرهبان، وقصور النازية وتقدم أن القرية بأكملها تسمى قصرا.

وحيث كان بنو مرين انتقلوا من تكسبت وصحرائها بالواد سوف عام

(1)

كان توافد العدوانيين أثناء فترات متعددة وقيل أول وفد منهم بلغ سوف كان منذ بداية الفتح الإسلامي لإفريقيا في أواسط القرن السابع، ثم التحق الباقون فيما بين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين.

(2)

كان وجود الرهبان بالصحراء وسوف منذ العهد الروماني كما تقدم ذكر ذلك.

ص: 408

610 هـ/ 1214 م

(1)

، وكانت لهم ألفة وصحبة مع بعض العدوانيين الذين نزلوا بالجردانية أولا وصاروا في جلهمة وضيق عليهم بنو أبي العافية والأخلاط ففروا إلى المغرب تاركين منازلهم باختيارهم والتحقوا بهم، وعند انتقالهم قل الساكنون بجلهمة فحاربهم بنو عدوان إلى أن فروا وأخلوا القرية وإلى الآن توجد آثار بنائها، وكان ذلك في حدود 655 هـ/ سنة 1258 م.

قال ابن خلدون: بنو أبي العافية هم الذين تفرقوا في المغرب الأوسط ثم اجتمعوا في المغرب الأقصى وملكوه.

أقول: وأبو العافية الذي ينتسبون إليه هو ابن أبي باسل بن أبي الضحاك بن أبي يزول بن تافرسين أو تافركين أو تافرجين بن فراديس بن مكناس بن ورسطيف بن يحيى بن تمصيت بن ضريس بن زحيك بن مادغيس الأبتر بن بربر بن كسلوجيم بن كنعان بن حام بن نوع عليه السلام.

(1)

في هذا الظرف التاريخي كان بنو مرين قد نزحوا إلى المناطق الجنوبية الغربية بعد ما كانوا بنواحي الزاب وسوف وما والاهما وبعد أن ردهم بنو هلال نحو المغرب والتجأوا إلى المناطق الصحراوية فرارا من سلطة الموحدين، وقد سبق لبني مرين أن اشتركوا في ثورات عديدة ضدهم، وحوالي سنة 1215 م حاولوا الاستيلاء على بعض المناطق في منطقة التل حيث الزرع والمرعى فردهم الموحدون عن ذلك فرجعوا واستولوا في بضع سنين على الكثير من مدن المغرب مثل فاس والرباط ومكناس.

وتحالف بنو مرين مع سلطان تونس على محاربة كل من دولة بني عبد الوادي بتلمسان والنصارى الإسبان، وفي آخر الأمر دب الخلاف بين سلاطين بني مرين فكان منهم مؤيدين لبعث دولة موحدية من جديد ومنهم معارضون فنتج عن ذلك نشوب قتال بينهم وانفصال بعض القبائل مثل قبائل جرجرة ودخولها تحت حكم بلقاضي وانفصال أهل الزاب وانضمامهم تحت حكم الدواودة من مرداس بي رياح الهلاليين، وزال حكم الدولة نهائيا. حوالي سنة 1465 م.

ص: 409

‌انتقال طرود

(1)

إلى عقلة الطرودي

ولما ضاقت الأماكن الإفريقية بالعرب

(2)

وقويت شوكة الأثبج وخصوصا دريد منهم انتقلوا إلى صفاقس، وكانوا في عدد كثير فلم تحملهم الأرض لقلة ما بها من العيش فانتقلوا إلى قفصة.

قال الشيخ العدواني: إن طرودا كانوا حين دخلت العرب إفريقيا بنواحي طرابلس ثم في هذا الوقت قتلوا رجلا فطلبت منهم الدية فامتنعوا من إعطائها وفروا ليلا ونزلوا على قرية من عمل طرابلس على شاطئ البحر، فأرسل إليهم عاملها: إما أن تعطوا الدية أو تنتقلوا من هنا، فأبوا ولم يخرجوا ثم عاودهم، فقالوا له: إن كانت لك قوة فأت بها فلسنا خارجين. فجمع جيوشا من غدامس وفزان وغيرهما تبلغ عشرة آلاف فارس، وانضم لطرود بعض الأعراب الذين هناك، وكان رئيسهم يقال له مسروق

(3)

وتألف جيشهم من ستة آلاف فارس. والتقى الفريقان بموضع يقال له ابن فرحات، وما زال القتال بينهما من طلوع الشمس إلى غروبها، ثم افترقا وقد مات من قوم مسروق أربعمائة رجل ومن قوم عدوه ألف رجل، ثم نزل مسروق وقومه بموضع آخر يقال له جرجر بساحل البحر ومكثوا هناك ثلاثة أشهر، فسمع بهم صاحب قابس فرحب بهم وطلب منهم النزول في بلاده ولهم فيها ما يريدون فنزلوا فيها وأصلحوا شؤونهم ثم بعد مدة ذهب رجل من جماعة مسروق يقال له ضرار بن عمر يطوف في بعض السواني يقتطف العنب فنهاه صاحب السانية وزجره، فأخذ ضرار سيفه وضربه على رأسه فقتله وحمله إلى ساحل البحر ورماه، فتفقده أهله (أي صاحب السانية) فلم يجدوه، فاتهموا جماعة مسروق به فأخرجهم عامل قابس من تلك الأرض، فسار مسروق وجماعته إلى القيروان فصعب عليهم النزول هناك، فرحلوا ونزلوا على المهدية. ومكثوا فيها ثلاث سنين فسمع بخبرهم صاحب ترشيش (من أسماء تونس) فبعث إليهم ثلاثين رجلا من خواصه يرغبونهم في التقدم إلى نواحي تونس،

(1)

طرود بن فهم بن عمرو بن قيس عيلان، وبني فهم ما زال لهم بقية في بلادهم بالحجاز حول الطائف حتى الوقت الحاضر.

(2)

يعني بالعرب من قدموا إفريقا ابتداء من الحملة الهلالية.

(3)

قيل في رواية أخرى: هو مسروق بن عندله كان قد قتل ابن عمه وإثر ذلك فر بقبيلته طرود.

ص: 410

فتشاور طرود في ذلك فاختلف رأيهم، فأشار عليهم بعضهم بعدم الذهاب إليه وقال لهم: نحن قوم لا ولاية لأحد علينا ونريد اتساع المكان فلا تضيقوا علينا ما وسعه الله، فرجع قوم ترشيش من غير فائدة، ثم رجعوا لطرود مرة ثانية قائلين لهم: إن الأمير ضمن لكم جميع ما تطلبونه منه إن أتيتموه لتكونوا عونا له على بعض الثائرين، وتكونوا من المقربين عنده المحظوظين بفوائده وموائده، فذهب إليه منهم وفد مؤلف من أربعمائة رجل، فلما وصلوه قام لهم إجلالا وعظم منزلتهم وأكرمهم إكراما واسعا، فأقاموا هناك ثلاثة أيام فلما أرادوا الانصراف والرجوع لإخوانهم أعطى كل واحد منهم كسوة تليق به وقال لهم: غدا يلحق بكم بعض عمالي فيعطيكم أرضا واسعة وينزل كل قبيلة منكم على حدتها ويفرض لخيولكم المئونة ومن مات له فرس يعطيه عوضها وكونوا معي في كل حال، ويجعل لكم سوقا تجتمعون فيه كل أسبوع باسمكم، فافترقوا على هذا الأمر وأخذ عنهم البيعة.

قال القدماء: فلما رجعوا إلى أهليهم وإخوانهم أخبروهم بما كان من صاحب ترشيش فقالوا: إن هذا الرجل قد عزم على استئصالكم وقطع دابركم من الأرض؛ وذلك أنه أراد أن يجعل كل قبيلة منكم في محل وحدها لتتفرقوا وتتفرق كلمتكم ويقل عددكم فيهلككم شيئا فشيئًا.

وفي رواية أخرى أنه حين بعث لهم صاحب ترشيش ورغبهم بما تقدم يخبرهم بذلك رسله على لسانه تحيروا وتحيلوا لما يعلمونه من الصداقة بينه ويين عامل قابس وقد أضروا برعيته وتجاسروا على عامله، ثم حين رغبهم ثانيا انخدعوا وظنوا أنه بريء الساحة من ذلك الأمر، فأشار عليهم مسروق بعدم الذهاب فخالفوه وحينئذ أي حين عزموا على المسير إليه أرسل معهم ابنا له نجيبا فطنا وأوصاه بأن يحفظ ما يقوله لهم عند الانصراف ولا يحفظ ما بين ذلك ولو طالت إقامتهم عنده، فلما قدموا عليه قال لهم: مرحبا بكم أيها المنافقون (أي الخارجون عن الطاعة) ثم أكرمهم وأضافهم ثلاثة أيام، وعند الانصراف أعطاهم حللا وقال لهم: في أي محل تركتم أهليكم حين جئتم؟ فقالوا بنواحي المهدية، فقلا لهم: وهل به إلى الآن أم انتقلوا عنه إلى غيره؟ فقالوا أنهم به إلى هذا الوقت، فلما وصلوا فرحت الأعراب بسرور الأمير بهم وإكرامه إياهم وصفاء قلبه عليهم،

ص: 411

وأعاد الابن علي أبيه مسروق ما سمعه، فقال لهم مسروق: انتقلوا الآن وإن بقيتم إلى غد تصبح عندكم خيل الأمير فلا يبقى منكم أحد فإنه حاقد عليكم بسبب فعالكم السابقة مع عامله وكلامه معكم يدل على ما في صدره من أجلكم فإياكم والإقامة هنا، ثم رحل مسروق ومن أطاعه وهم الكثير وتوجهوا إلى صفاقس ثم منها إلى قفصة وقمودة، وبقي أصحاب الطمع في محلهم وبعد يومين هاجمتهم عساكر عامل ترشيش ولم يتركوا منهم إلا من أعاد الخبر.

ثم بعد حين؛ انتقل بعض طرود وهم القليلون ونزلوا بباجة ظانين أن صاحب ترشيش يقربهم لبراءتهم من المشاركة في القتل والنزاع وانتقل الباقون إلى عقلة الطرودي وبودخان والميتة وسرحوا مواشيهم بأطراف الجبل وقطنوا هناك بادين بخهيامهم من غير أن يجعلوا قرية وكان نزولهم في هذه الأرض تقريبا في حدود عام 690 هـ الموافق 1292 م.

ثم إن الذين بباجة تضرروا بالوخم وجاءهم النذير أن الأمير عاقد العزم على استئصالهم فأجمعوا على الخروج منها والذهاب إلى غيرها فأرسى رأيهم على اللحاق بإخوانهم فارتحلوا وبقي منهم بنو أبي يزيد وبنو علي بباجة شمال تونس.

وما زالوا سائرين حتى وصلوا عقلة الطرودي ونزلوا بها وصارت أماكن الجميع في نواحي فركان ونقرين وأطراف الزاب الشرقي والصحراء التي بين نفطة والجردانية.

وبقي الغيظ كامنا في صدورهم من الولاة الذين بإفريقيا بحيث كلما سمعوا بمن ينتقض عليهم أو يحاربهم إلا ويتعصبون معه ويعينونه عليهم حتى كانت ولاية الأمير خالد بن أبي زكريا الذي أساء الفعل مع الرعية، ومرت بعض القبائل التابعة له في حال مروره إلى قسنطينة في المرة الثانية والتقت بعرب طرود وتحاربوا ولما التحقوا بالأمير أخبروه بما كان من طرود، وكان مغتاظا منهم من زمن أبي عصيدة وأبي حفص، فعزم على الانتقام منهم في عودته، فلما سمعت طرود بذلك فروا إلى الصحراء القبلية ونزلوا على ماء يقال له المنقوب يبعد على نفطة بنحو يوم في الجهة الغربية. وفي حال رجوع خالد إلى تونس بعث العيون (الجواسيس) إلى منازل طرود فوجدوها كما قال شاعرهم:

ص: 412

وبلدة ليس بها أنيس

إلا اليعافير وإلا العيس

ثم بعد ذهابه رجعوا إلى منازلهم فمكثوا برهة فبلغهم أن أبا بكر بن أبي زكريا أخا الأمير خالد الذي كان خلفه بعده واليا على قسنطينة قد انتقض على أخيه خالد، وجمع جموعا من العرب يريد التوجه بها إلى تونس، فكانت طرود في مقدمتها ولما دخلوا إفريقيا أتتهم النجدات من طرابلس والنواحي القبلية، ولما سمع خالد بذلك خرج بجموعه في ظنه أنه يفتك بالقائمين عليه وبعث الطلائع تترصدهم فأخبروه بأنه لا طاقة له على الجيوش المقبلة التي سدت جميع النواحي والضواحي فلم يصدق حتى عاين ذلك بنفسه، وحاول الرجوع مختفيا ليطلب الصلح فلم يستطع واستشار أرياب دولته فشجعوه على القتال وأوهموه بضعف جانب العدو وأطمعوه فيه وحذروه من الرجوع، فحارب متمثلا بقول القائل:"مكره أخاك لا بطل"، فأول من بادر إلى لقائه طرود، وقامت الأقوام في إثرهم وقووا شوكتهم فقاوم خالد غير طويل ثم رجع منهزما يطلب النجاة لنفسه، فلحقه طرود يريدون قتله دون رعيته فسبقهم إلى أحد أبواب المدينة وأغلقه دونهم فضربه أحدهم برمحه فثقبه، وإلى الآن يقول طرود مفتخرين:"دقتنا في باب خالد"؛ يعنون الباب الذي أغلقه خالد لا بابا يُسمى بهذا الاسم، ثم إن الأمير خالدا حين حصل الأمن لنفسه خلع نفسه بنفسه وكان ذلك في حوالي عام 711 هـ الموافق 1312 م.

ثم أفضت الدولة إلى زكريا اللحياني وبنيه، وكانوا يكرمون طرودا ويرفعون منزلتهم فسكنوا باجة حيث كانت محلا لبني أبي زيد وبني علي من إخوانهم وأطالوا فيها الإقامة.

ص: 413

‌دخول بنو مرداس إلى سوف

قال الشيخ العدواني: ثم أتى إليهم (أي إلى عدوان ومن معهم وإلى زناتة الذين بتكسبت) قوم مرداس

(1)

وأقاموا معهم أربعين عامًا.

وقال صاحب المؤنس: مرداس بن رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .. إلخ.

قال القدماء: إن الذي نقلناه عن أوائلنا أن بني مرداس لم يكثروا الإقامة بسوف لقلقهم من الأحكام والضغط، وإنما حين دخلوا ألفتهم الناس ولم يأنفوا منهم وصاروا بين الزاب وتاقرارت والجردانية وتكسبت والصحراء القبلية، وتارة يذهبون إلى الجبل وتارة إلى وادي ريغ، واختلطت منهم أناس بأهل تكسبت وتصاهروا وصاروا منهم.

قال ابن خلدون: بنو مرداس

(2)

انتقلوا إلى القفر وهم اليوم به من جهة بادية الأعراب أهل الفلاة ينزعون إلى الرمل ويمتازون من أطراف التلول، وهم تحت أحكام سُلَيْم ورياح ويختصون بالتغلب على ضواحي قسنطينة أيام مرابع الكعوب، ومصائفهم بالتلول، فإذا انحدروا إلى مشاتيهم بالقفر أجفلت أحياء مرداس إلى القفر البعيد ويخالطونهم على حلف، ولهم على توزر ونفطة إتاوة يؤدونها اليهم.

(1)

جاء في المنجد صفحة 490 قوله: بنو مرداس سلالة عرب سوريين ينتمون إلى صالح بن مرداس الكلابي حاكم حلب (1023 م) منعوا الشمال السوري عن هجمات البيزنطيين والقواد الترك.

(2)

قلت: مرداس الذين يقصدهم ابن خلدون من عوف من بني سُلَيْم وهم الذين تغلبوا على الدواودية من رياح الذين أفسدوا تونس أيام الدولة الحفصية ثم ضرب بهم سلطان تونس الحفصي بأبناء عمومتهم علّاق من عوف من بني سُلَيْم فنزحوا إلى المغرب الأوسط (الجزائر) ومنهم حي في الواد سوف وباقيهم ما بين عنابة وقسنطينة، وأما مرداس رياح من بني هلال فقد فرق ابن خلدون بينهم وبين مرداس عوف من سُلَيْم وقال: يجب الحذر من الخلط بينهما وهذا ما وقع فيه صاحب كتاب الصروف بالفعل، ومرداس رياح هم الذين في بلاد الزاب وقاعدتها بسكرة ومنهم الدواودية أمراء العرب هنالك.

وأما عن مرداس الكلابيين من عامر بن صعصعة فموقعهم في حلب وقد ورثوا حكمها من الحمدانيين من تغلب بن وائل ولم يصلوا إلى بلاد المغرب مثل مرداس سُلَيْم ومرداس هلال.

ص: 414

وقال أيضًا ابن خلدون عن مرداس بني رياح من هلال وأن منهم بطون أهمها داود بن مرداس، وصنبر بن جواز بن عقيل بن مرداس، وإخوانهم مسلَّم بن عقيل. ومن أولاده عامر بن يزيد بن مرداس .. إلخ.

أقول: ومنهم الدواودة المشهورين بالكرم والشجاعة ونزاهة النفس وهم أبناء داود بن مرداس المتقدم الذكر، وبطون رياح كلها تبعا للدواودة في القوة والمناعة، ومسكنهم الزاب الغربي وقاعدته بسكرة وطولقة، ومعهم إخوانهم رحمان

(1)

من بني يزيد بن مرداس، وبالزاب الشرقي إخوتهم الخضر وهم أبناء خضر بن عامر بن يزيد بن مرداس، ومنهم سيدي عبد الرحمن الأخضري صاحب التآليف المباركة والكثيرة، وهو دفين الزاب الغربي.

وأن سيدي عبد الرحمن المذكور من ذرية العباس بن مرداس السلمي لا مرداس الرياحي كما ذكر ذلك بنفسه في شرحه على السلم.

قال القدماء: ومنهم أولاد نابت بن مرداس وأكثر مواطنهم بادس وأولاد علي، وأولاد عمر

(2)

أبناء رياح المذكور، ومن أولاد علي أولاد فادع وأولاد دهمان وأولاد صولة، ومن إخوانهم حيان (قبيلتان) بورقلة وهما سعيد وعتبة من مالك بن رياح، وغير هؤلاء كثيرون ولكن المقام لا يسعنا.

ثم بعد حين من مصاهرة زناته لبعضهم اشتدت الرابطة معهم وصاروا كاليد الواحدة على من عاداهم أو حاربهم.

وكان بين الحين والآخر يحدث خصام بين عدوان وزناته أهل تكسبت، ففي إحدى الحوادث استنصر الأخيرون بحلفائهم بني مرداس

(3)

الذي تسلطوا على بني عدوان خاصة دون من معهم من الأخلاط، فعزم بنو عدوان على الانتقال من المكان بعد ما عطلوا عيون النازية لئلا ينتفع بمائها خصومهم، قيل برمي الصخر فيها، وقيل بهدم كيفانها، ثم ارتحلوا فنزلوا بصحراء نفزاوة جنوب تونس. ولما قل

(1)

قلت: رحمان: قبيلة في وادي زيغ بالوقت الحاضر مع قبيلة سلماية وهي من رياح أيضًا.

(2)

قلت: أولاد عمر: منه جزء نزح إلى الواد سوف في القرن التاسع عشر الميلادي.

(3)

قلت: بنو مرداس: في تكسبت هم فرع من عوف بني سُلَيْم.

ص: 415

الماء بعيون النازية خرج بنو مرداس من تلك النواحي وتفرقوا في الزاب ونواحيه فسمع عدوان بخروجهم من سوف فرجعوا.

قال الشيخ الورتلاني: وأهل الرمل من بقايا الروم الذين كانوا بإفريقيا قبل الفتح وكذا أكثر أهل قسطيلة بتونس، ومنهم من العرب الذين سكنوها عند افتتاحها، ومنهم من البربر الذين دخلوها في قديم الزمان.

أقول: كلام الشيخ الورتلاني يفيدنا بأن البعض من بني عدوان قدموا إلى سوف عند الفتح وسبقوا غيرهم من العرب إليها.

وعند رجوعهم لم يتمكن بنو عدوان من البناء كتمكنهم الأول فجعلوا مساكن خشبية وأخرجوا الرهبان من مساكنهم وحلوا محلهم وأجلوهم إلى الزاب ووادي ريغ وورقلة والجريد.

ويمكن أن تكون تلك الوقائع في نحو عام 766 هـ الموافق 1365 م وذلك أن المرداسيين خرجوا من سوف حين بلغهم أيضا أن بجاية أخذت من يد بني مرين متأسفين للود القديم الذي بينهم، وكان أخذ بجاية عام 761 هـ الموافق 1360 م، وفي مدة خمس سنين ونحوها تمت تلك الأمور المتقدمة.

ص: 416

‌رجوع طرود إلى عقلة الطرودي

لما طال مكث طرود بباجة والسلوقية وتستور ونواحيها أكثر أهلها التشكي منهم وطلبوا من العمال إخراجهم من تلك البقاع التونسية.

وأفضت الولاية إلى الأمير أحمد بن محمد بن أبي أبكر فاستشار خواصه في أمرهم فاشاروا عليه بالتثقيل عليهم في المغرم لينفروا من غير مدافعة فاستصوب رأيهم وضيق عليهم ورصدهم بالعيون لئلا يقع منهم حادث.

وكانت له حروب طوع فيها الجريد والزاب وجميع بقاع إفريقيا، وفي حال رجوعه إلى تونس خشيت طرود بطشه، فتشاوروا واتفقوا على الرحيل إلى محلهم الذي كانوا به سابقا وهو عقلة الطرودي وما حولها، وما زالوا سائرين حتى نزلوا بقرب نفطة.

قال الشيخ العدواني: فدخلها (أي نفطة) رجلان منهم يسألان عن أخبارها وحالها، ثم أخبرا عن رخاء أسعارها وكثرة تمورها، فأعجبتهم

(1)

وأقاموا فيها سبعة أيام يبحثون عن سرها وعلانيتها، فقيل لهم: هذه بلاد ظلم فارحلوا أرض الله واسعة الفضاء واسكنوا حيث شئتم غيرها، ثم مرض الرجلان بالوخم فماتا ودفنا بالدحداح.

قيل: اللذان ماتا قبرهما بقرب أفركان وإلى الآن يعرف المسافرون موضعهما بجنب ربوة حمراء.

(1)

انتقل المؤلف من ضمير التثنية العائد على الرجلين (يسألان، أخيرا) إلى ضمير الجمع (فأعجبتهم، وأقاموا

إلخ) يقصد بضمير الجمع هذا قوم طرود بما فيهم الرجلان إذ الإقامة مدة سبعة أيام بنفطة كانت لجميع طرود الذين سبقهم الرجلان إلى نفطة يسألان عن أخبارها.

ص: 417

وانتقل طرود من ذلك المحل سائرين إلى أن وصلوا عقلة الطرودي، وكان ذلك في حدود عام 797 هـ/ 1395 م.

وكان استقاء طرود في المرة الأولى من وادي بودخان ومن وادي تاقرارات الذي كان يأتي إلي سوف وصار يجري في تلك النواحي خاصة وفي هذه المرة احتفروا في الموضع المُسمى الآن عقلة الطرودي سبعة آبار وفي الأخيرة منها مات رجل منهم يقال له شداد بن حارث الطرودي فسميت به، والعرب يسمون الآبار الكثيرة المتقاربة عقلة.

وكان لهم من المواشي (الإبل، والغنم، والخيل، والبغال، والحمير) شيء كثير عمَّ تلك الأرض، ولهم من الذخائر العربية والأموال والحلي والأسلحة ما لا يحصى عددها، واضطروا من أجل مواشيهم الدخول في أطراف الجبل مع كثرة برده ومطره وتارة يقصدون أهل الزاب وتارة يذهبون إلى الصحراء القبلية فيتعمقون فيها وإذا اشتد الحر يرجعون من أجل قلة الماء لهم ولمواشيهم.

‌انتقال طرود إلى الوادي سوف

قال الشيخ العدواني: بعد أن كانت طرود بعقلة الطرودي إبلهم ترعى في الميتة وأبي دخان وكانت لهم سطوة عظيمة وصيت عال وقوة فخيمة بعثوا منهم رجلين وهما عمارة بن سالم والأسود بن سارية يطوفان في الأرض لعلهما يجدان متسعا يرفع مواشيهم حيث كانت تلك الأرض لا تسعهم، فوصلا العجيلة فالتقيا ببعض الرعاة هناك من بني عدوان فسألاهم عن أرضهم وكلئهم (حشيشهم) وعيشهم فذكروا لهما خيرا، فتقدما إلى قصور عدوان فوجدوا بها أَمة اسمها شحمة وعبدا اسمه شكر وشيخا كبيرا قد عمر مائة وعشرين سنة قد علم أخبار الأولين ونبغ في الكهانة، وكانت الأَمة فوق كثيب عال من الرمل وبيديها طبل من

ص: 418

نحاس يُسمع من بعيد فإذا رأت من لا تخشاه ضربته ضربة واحدة لماذا رأت من تخافه ضربته ضربتين.

قال القدماء: إذا أتاها عدو ضربته بعنف وقوة وإذا أتاها صديق ضربته بلين ورفق، فلما وصل الرجلان إلى العجوز أنكرتهما وظنتهما أعداء فضربت الطبل بقوة فخرج قوم من بني عدوان بأسلحتهم فلما التقوا بهما رأوهما غير متأهبين للقتال فلم يقتلوهما وفرحوا بهما، قال لهما شكر؛ زوج الأَمة: إن كنتما في حاجة إلى الأكل فسآتي لكما بالخبز والماء وإن كنتما تسألان عن شيء فاقصدا الشيخ الكبير الذي بالقصر (البلد)، فذهبا إليه وسلما عليه ثم سألهما الشيخ عن قبيلتهما وما يريدان منه فأخبراه بما كان. فقال لهما الشيخ: إن قبيلتكما طرود ستملك في أرض سوف وستبقى بها أبدًا.

فقال الرجلان لبعضهما: حيث ظهر لنا هذا الخبر من الشيخ المبارك وقد أعجبتنا هذه الأرض الواسعة (أي أرض سوف) فعلينا أن نرجع إلى قومنا ونخبرهم فرجعا وأخبراهم بجميع ما رأيا وسمعا.

ثم إن بعض طرود وهم أولاد أحمد أتوا إلى محل الوادي الآن ونزلوا قرب سيدي مسطور. وفي ذلك الوقت كان سيدي مسطور قد سبق وقد أتى من المغرب ونزل بقرب أهل تكسبت فلم يأنفوا منه ثم انقطع وحده للعبادة بمحل زاويته المشهورة الآن بالوادي وكان عند قدومه جعل عريشا (زربية) من حطب وحلفاء يبعد عن تكسبت (تكسبت القديمة) بنحو ميل من الجهة الجنوبية.

والصحيح أنه أتي من القيروان كما سيذكر إن شاء الله.

ثم بعد زمن قليل تلاحقت الناس ونزلوا قرب مكان أولاد أحمد الآن. ففرح بهم سيدي مسطور غاية الفرح وأكرمهم، وكان صاحب ماشية كثيرة قل من

ص: 419

كان له مثلها في ذلك الحين، وكان وقت دخولها إلى الوادي عام 800 هـ الموافق 1398 م.

وخافهم أهل تكسبت وانتشرت طرود قطعا قطعا من محل الوادي الآن إلى سندروس ووادي العلندي ونواحي الفولية وبورقيبة، فظفروا بالحجر على وجه الأرض وأخبروا به زعماءهم معزموا علي بناء قرية هناك أو قرب محل تاغزوت الآن وهو القدائم، فأشار عليهم زعماؤهم بعدم بنائها هناك وأوصوهم بجعلها في مكان قرب تكسبت.

وفي ذلك الحين قدم أيضا من المغرب رجل صالح من أشياع العلويين (أي المتمسكين بسنتهم) يسمى عبد الله بن أحمد ومعه عبد يخدمه، فنزلا على أهل تكسبت ففرحوا بهما وأكرموهما لظنهم أن لا معرفة لهما بطرود والحال أن الرجل المذكور (أي الشيخ عبد الله) كان بنفطة وانتقل منها فمر على طرود عندما كانوا بعقلة الطرودي فأكرموه، وعرف منهم أناسا ثم ذهب من عندهم إلى المغرب فاتصل بأحلاف العلويين وتمسك بشعائرهم وانقطع للعبادة ونبذ الدنيا وراء ظهره وترك التزوج .. وبعد نحو سنتين وقعت له إحنة مع بعض المجاورين فهجرهم وأتى إلى سوف، وعند دخوله إليها لم يجد من كان قد عرفه من طرود لتفرقهم فقصد بلدة تكسبت ونزل بها ففعلوا معه ما ذكر من الإكرام، ويذكر البعض أن أهل تكسبت ألحوا عليه بالتزوج فتزوج منهم واختلط بهم وكان قلبه يميل إلى طرود ويسأل عن محبيه منهم حتى التقى بهم فأوصوه بكتم ذلك عن أهل تكسبت مخافة أن يفعلوا به شيئًا.

ثم وقع خلاف خفيف بين طرود وأهل تكسبت بسبب الماء لقلته في ذلك الوقت لأنه كان من الغدران ومن حفر في مجرى الوادي (وادي النازية).

ص: 420

قال الشيخ العدواني: بعد أن أقامت طرود في النازية نحو العشرين سنة ومات كبيرهم هناك وأوصاهم بوصايا كثيرة منها: أكرموا موتاكم فإنكم إن أهنتموهم تهانوا وإذا أردتم البقاء في سوف فانزلوا قرب تكسبت فذلك محل بلادكم إلى الأبد، وإذا أصابتكم نائبة فاستشيروا العقلاء الكبار منكم ثم إذا أشاروا عليكم فلا تخالفوهم فإنكم إن خالفتموهم بعد ذلك تهلكوا.

قال الشاعر:

لا تستشر غير ندب حازم فطن

قد استوت منه أسرار وإعلان

فللتدابير فرسان إذا ركبوا

فيها ابروا كما الحرب فرسان

وقال حسان بن ثابت الأنصاري رئيس الشعراء (شاعر النبي صلى الله عليه وسلم):

إذا كنت في حاجة مرسلا

فأرسل لبيبا ولا توصه

وإن باب أمر عليك التوى

فشاور حكيما ولا تعصه

ونص الحديث إلى أهله

فإن الأمانة في نصه

ثم قال كبير طرود في وصيته: ولا تختلفوا في شيء فإن العدو يدخلكم من جهة الاختلاف ويضركم، وأحسنوا لبني عدوان ليكونوا لكم عونا على من تعادونه

(1)

، وإذا نزلتم بالغدران فلتكن كل قبيلة منكم حول غدير، ولا تضيقوا على بعضكم في المنازل والماء وإن نضب عليكم ماء الغدران فاحتفروا في الثماد بطريق مجرى الوادي فإن الماء فيه قريب وقد يكون عذبا، وإذا لم تجدوا ذاك فاجعلوا الآبار في جميع المواضع التي تحتاجونها زمن الرحلة أو الإقامة.

(1)

قلت: لربما هو يعرف أن عدوان هم أقرب نسبًا لطرود بن فهم، فكلاهما أي فهم وعدوان ابني عمرو بن قيس عيلان وهما في ذلك مثل سُلَيْم وهوازن.

ص: 421

(تنبيه)

يزعم بعضهم أن طرودا جاءوا متأخرين إلى سوف وأن دخولهم كان في حدود عام 1000 هـ الموافق 1592 م. وهو غير صحيح بل الحق ما قلناه والصدق ما نقلناه، ففي آخر كراس من تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية ما نصه: آخر دولة بني مرين بويع الشريف على رضى من الناس واستقل بالخلافة، وعادت الخلافة في فاس إدريسية كما كانت وانقضت دولة بني مرين، وفي ثاني عشر لذي الحجة من عام 869 هـ، خرج السلطان بمحلته وذلك في خامس عشر اغست (أوت)، ونزل بالزعترية وسار إلى بلاد ريغ (وادي ريغ) وهدم سور بلد تقرت لأجل مخالفتهم لقواده، وألزمهم مالا عقوبة لهم فدفعوه له، ثم سار إلى قرب ورقلة فقدم فيها عاملا وأخذ منها ومن بلد مزاب مالا جليلا وانصرف قافلا إلى حضرية، فوفد عليه في أثناء قفوله حفيده الأمير أبو عبد الله محمد المستنصر صاحب قسنطينة وانصرف إليها، وفي أثناء قفول الخليفة من بلاد ريغ فر من المحلة محمد بن سعيد المسكيني ولحق بطرود وطلب منهم إجارته فخشوا وامتنعوا من ذلك إلا طائفة يسيرة منهم أجاروه إلى أن لحق بمحمد بن سباع بن أبي يونس شيخ الدواودة فأجاروه ومنعوه.

فهذا دليل واضح على أن طرودا كانوا بسوف في تلك الأوقات من غير شك، وفي "الخلاصة النقية"ما يؤيد تلك الحكاية وأنها وقعت في ذلك التاريخ المذكور.

‌تنازع طرود وزناته

بعد أن وقع الخلاف بين طرود وزناته تكسبت من أجل الماء تخوف الأخيرون منهم فنشط بعضهم بعضا واجتمع رأي كبارهم على تدبير مكيدة لطرود ولم يظهروا ذلك لسفهائهم مخافة التحدث وإفشاء الخبر.

ص: 422

فبعث سيدي عبد الله بن أحمد إلى طرود يخبرهم بما عزمت عليه زناته فسرى فيهم ذلك الخبر ونشط القوي الضعيف وأعان الغني الفقير لأجل القدرة على رد اعتداء زناته.

وصار قوم زناته يتطلعون الفرصة للغدر بطرود ويتجسسون على أخبارهم وعصبيتهم بعد تفرقهم في منازل متعددة، وصار يصعد منهم في الليل جماعة للحراسة فوق كثيب من الرمل يترقبون منه ما يصنع أهل طرود، فسمي ذلك المكان الرقوبة: وهو مكان غوط سيدي سالم العايب

(1)

الآن شرقا من زاويته بنحو ثلث ميل.

فلم يجد جماعة زناته منفذا لمباغتة طرود لتحصنهم بالعسس في نواحيهم واجتماع أكثر الناس قربهم، فاشتوروا على ما يصنعون واتفق رأيهم على مهاجمتهم بغتة في ثلث الليل الأخير من الناحية الغربية لقلة ساكنيها.

فأخبر سيدي عبد الله طرودا بذلك وعيَّن الزمان والمكان الذي تريد زناته الهجوم منه فأخذ طرود أسلحتهم وباتوا وقوفا ينتظرون وإذا بقوم زناته من كل حدب ينسلون فتلقاهم طرود بحزم متأهبين، وكان المكان الذي التقوا فيه هو صحن القارة قرب تكسبت الموجودة في وقتنا هذا.

(1)

سيدي سالم العايب شيخ الطريقة الرحمانية ومؤسسها بسوف، مقبور بزاوبته الشهيرة بالوادي، ومن رجالات هذه الزاوية أيضا المشهود لهم بالخير والصلاح الشيخ سيدي محمد الصالح، فقد وجدت بمكتبتنا نسخة من كتاب قديم اسمه "البحر الطافح" من تأليف والدي تعرض فيه إلى فضائل الشيخ المذكور لاسيما الناحية التصوفية، هذا وإن الزاوية الرحمانية بالوادي لها فضل يذكر فيشكر في المحافظة على القرآن الكريم وارتفاع عدد حفاظه بالمنطقة.

قيل: كان ميلاد الطريقة المذكورة حوالي سنة 1180 م الموافق 579 هـ، أما الطريقة القادرية التي أسسها الشيخ عبد القادر الجيلاني ببغداد فكانت حوالي سنة 1107 م سنة 500 هـ.

ص: 423

وكان أصحاب الرأي من كل فريق يوعظونهم وينادون بالإمساك عن القتال

(1)

والكف عن الخصام فتأخر كل فريق إلى ناحيته.

قيل: قُتل أفراد من طرود من بينهم سيدي يوسف صاحب الضريح المعلوم والمقبرة المشهورة (وجد نور على قبره بعد زمان فجعل عليه كوم من خشب كان بقربه ثم في الأزمنة الأخيرة جعلت عليه قبة ثم سقطت الأول D وجددت).

والصحيح أن سيدي يوسف المذكور لم يكن من أهل ذلك الزمن وإنما كان من المتأخرين جدا القريبين من وقتنا، فقد أخبرني شيخ كبير يقال له عل d البهلي بأنه عاين ابن سيدي يوسف في الخنقة مجذوبا انتقل بعد موت أبيه بقليل، والعلم لله.

ثم التقى طرود وزنات i مرة ثانية قصد القتال بمحل أرض القارة الآن أعني بأرض القارة الجوفية (الشمالية) لا الأرض القبلية التي بحصن الماسط شرقا منه.

وقد انحاز إلى طرود كثير من فريق عدوان وخرجوا في عدة تامة وعدد كبير، ولما رأتهم زناته على هذه الحال سر D في قلوبهم الخوف فتراجعوا منهزمين.

ورجع طرود وأنصارهم ظافرين غانمين الأسلحة والدروع والثياب عازمين على أنهم بعدما يصلحون شؤونهم يرجعون إلى قوم زناته ليخرجوهم من ديارهم ويأخذوها منهم رغما.

‌خراب تكسبت القديمة

وحيث كان القليل تابعا للكثير، وكانت القرية الجديدة التي قرب تكسبت الآن صغيرة جدا يقال أنها كقرية سيدي عبد الله الآن أو أقل لم أخصها بترجمة إذ كان خرابها معها كما سيأتي.

(1)

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قيل يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول. قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه".

ص: 424

قال القدماء: حين بلغ زناتة خبر طرود وعزمهم على تخريجهم من بلدتهم وتخريبها، عقدوا مجلسا لبعض رؤسائهم ومن جملتهم قاضيهم علي بن بركة الوصيف

(1)

وكانوا على دين الرافضة

(2)

وكذلك طرود في ذلك الوقت ولم يكن لها اكتراث بذلك القاضي ولا امتثال لأوامره وإنما جعلوه اقتداء بمن جاورهم من البلاد مثل الجريد، إذ أيقظها الله من نومها وأخرجها من ظلمتها على يد سيدي أبي علي

(3)

السني قبل سوف بكثير.

كانت نتيجة تلك الجلسة طلب الصلح من طرود وإظهار الغلبة لهم حتى يطمئنوا إليهم فإذا طال الحال وسارت الهدايا من الجهتين تتمكن زناته من خداع طرود وقتلهم بوجه آخر.

فوقع الأمر كما ذكر وأهدى الزناتيون هدايا لطرود وطلبوا منهم العفو عما سلف، قائلين لهم أنهم يؤدون قوما ذوي بأس شديد يحمونهم ويذودون عنهم وأنهم ما لازموا هذه الأرض إلا فرارا من أصحاب الظلم الذين كانوا متسلطين على الجريد واستصفوا أمواله وأذلوا رجاله وخربوا مساكنه الرفيعة.

فقبل طرود تلك الهدايا وتركوا ما كانوا عزموا عليه وسكن غيظهم وكثر

(1)

الوصيف: كلمة تطلق في الجنوب على الزنجي والجمع وصفان أي الزنوج، أصلهم من أفريقيا الغربية. كان البرابرة الأولون المعبر عنهم بالتوارق يجلبونهم من هناك ضمن قوافلهم التجارية إلى غدامس، ثم صارت قوافل سوف تأتي بهم من غدامس فيوزعون على الأسر للعمل عندها فاندمجوا في أهل سوف وتأثروا بلغتهم ودينهم وعاداتهم وتكونت منهم أسر ونمى عددهم وتتابعت أجيالهم بسوف ونواحيها إلى اليوم، ولهم بعض العادات الخاصة وأولياء من جنسهم ينتسبون إليهم، ولهم حفلة تقليدية يحيونها سنويا يطلق عليها اسم حفلة سيدي مرزوق.

(2)

أطلق اسم الرافضة على من رفضوا خلافة أبي بكر الصديق ثم خلافة عمر بن الخطاب على أن علي بن أبي طالب أحق بها في نظرهم، ومن بين الرافضة كثير عزة الشاعر المعروف.

(3)

سيدي أبو علي ولي صالح من جنس السود المتقدم ذكرهم، وقد عاش بالجريد ومات بها وله ضريح يزار قرب مدينة نفطة التونسية.

ص: 425

التردد على كل قبيلة من الأخرى، واتفقوا على أن من يذكر الوقائع القديمة التي كانت بينهم ولو تعريضا يقتل ولو كان سيد قومه وأن القبيلة التي تبدأ بالشر يتسلط عليها أصحابها وغيرهم ويخرجونها من الأرض رغما.

فدام الحال كذلك نحو السنتين حتى نسيت طرود ما فات وأقبلت على إصلاح شؤونها وكان سيدي مسطور يقول لطرود: إياكم والغفلة عن زناته فإنهم إذا تمكنوا منكم يقتلونكم وإذا لم يقدورا على ذلك يكيدونكم بمكيدة يهلكونكم بها. فلم يعبأوا بقوله ظانين أن زناته متمسكين بالعهد ويخشون من نقضه، كما أنه كان يرشدهم في أمور دينهم ودنياهم كما فعل سيدي عبد الله مع أهل تكسبت حتى تركهم واشتغل مع عبده بالتعبد في مكانهما الآن.

وكان سيدي مسطور يقول لطرود: لا تمنعوا أحدا أجنبيا أتاكم من السكنى معكم بل أكرموه وروجوه لتكثروا فتهابكم الناس، وأيضا فإن الولد الذي يأتي لكم من الأجانب يكون أشد بطشا وأشجع ممن يأتي لكم من بعضكم لحرارة الأول وبرودة الثاني كما قيل.

أقول: والمراد بالأجنبي العربي لا غيره، وقد أصاب سيدي مسطور في ذلك القول حيث إنه موافق للمعقول والمنقول

(1)

، فأما الأول فإن الإنسان إذا تزوج بابنة عمه لا يكون له فيها كبير اغتباط فيأتي ماؤه باردا فيتخلق الجنين منه فيكون غير نفاع، أما إذا تزوج بأجنبية فتكون رغبته فيها أشد وماؤه أقوى حرارة فيكون ولده كذلك، والحار يكون شجاعا والشجاع يكون سخيا.

وأما الثاني وهو المنقول، فالأمور كثيرة منها قول الشاعر:

إلا فتى لاقى العلا بهمة

ليس أبوه بابن عم أمه

ومنها ما قاله الباجوري في شرح قول كعب بن زهير المُزْني في بانت سعاد:

حرف أخوها أبوها من مهجنة

وعمها خالها قوداء شمليل

ونصه: أشار بهذا إلى كمال قوتها وصلابتها وغاية كرمها ونجابتها؛ لأن

(1)

قد أثبت الطب الحديث أيضا صحة هذا الرأي، أي أن التزوج بغير القريبة في الدم أسلم لصحة النسل.

ص: 426

البهائم إلى قراباتها أشهى منها إلى غيرها ومتى كانت الشهوة أكمل كان الولد أقوى وأنجب، فتقارب الأنساب مدح في الإبل لأنه فيها سبب للقوة والنجابة بواسطة كثرة الشهوات في القرابات بخلافه عند الآدميين فإنه سبب للضعف؛ لأن شهوة الإنسان إنما تتحرك بالنظر إلى الأمر الجديد الغريب، أما المعهود الذي دام النظر إليه فلا تتحرك الشهوة كثيرا معه ولا تثور ثورة حارة عند مخالطته، ولذلك قال بعضهم:

إن أردت الإنجاب فانكح غريبا

وإلى الأقربين لا تتوصل

فانتقاء لثمار طيب وحسنا

ثمر غصنه غريب موصل

وفي الحديث: "اغتربوا ولا تضووا" والضوى بوزن الهوى هو الضعف والهزال في الولد وذلك بتزوج القرابات، والعرب تمدح بضد ذلك. قال الشاعر:

فتى لم تلده بنت عم غريبة

فيضوي وقد يضوي سليل الأقارب

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تنكحوا القرابة القريبة فإن الولد يُخلق ضاويا" والضوى شديد النحافة.

ولا حجة في قول الشاعر:

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا

بنوهن أبناء الرجال الأباعد

لأن المراد بذلك القرابة والأولوية في الأقرباء لا المراد بذلك الفائدة التي ذكرناها كما قيل في سبب إيراد البيت وهو أن المغيرة بن شعبة الثقفي كانت له بنت جميلة خطبها منه ابن أخيه وابن أخته فقال لهما: كل منكما قريب ولا أدري لمن أزوجها منكما لتساوي رتبتكما ولكن أكتب إلى عبد الرحمن بن الحكم وأفوض له أمرها فيزوجها بمن يشاء منكما، فحملا إليه الكتاب فقرأه ثم كتب له يخبره بأن يزوجها لابن أخيه وفي ذلك الكتاب قوله: بنونا بنو أبنائنا .. إلخ.

ثم أرادت طرود بناء قرية بقرب تكسبت فمنعتهم زناته معتلين بأن الأرض ضيقة وماؤها قليل فلا ينبغي التزاحم فيها والأفضل التباعد ليجد كل واحد أرضا حول بلده ترعى فيها الحيوانات وتسرح بها الدواجن (جمع داجن هو الحيوان الذي يألف البيوت).

ص: 427

فاتفق رأي طرود على تهيئة الحجر وحرق الجبس في موضع لا يراهم فيه الزناتيون ويبنون خفية حيث أرادوا وإذا تم ذلك لا تقدر زناته على نقضه.

فحرقوا حينئذ الجبس في سندروس وأتوا بالحجر من الفولية وبنوا لزعمائهم بيوتا صغارا أي بيتا لكل واحد منهم في المكان المُسمى الآن (البلد) في حافة السوق الغربية شرقا من منازل اليهود الكائنين في هذا العهد وكان اليهود وقتئذ ما زالوا بنواحي جلهمة

(1)

، ففي ليلة واحدة أتموا سبع بيوت ولم تعلم زناته بذلك وزادوا في الليلة الثانية تسع بيوت، وقيل: كانت التسع في الليلة الأولى والسبع في الثانية. ولما فطنت زناته اغتاظوا غيظا شديدا وعزم بعضهم على هدم ذلك البناء فمنعهم كبارهم قائلين لهم: لا تفعلوا شيئا إلا بمشورة من له الرأي فيكم.

فاختاروا من قومهم عشرين رجلا ثم انتخبوا من العشرين خمسة وكانوا إذا عزموا على التكلم في أمر يبتعدون عن القرية بناحية يتيقنون قلة سالكيها وبنحو ميل أو أكثر، فأبدى كل واحد رأيه ثم قال كبيرهم: أيها الناس إن طرودا ما فعلوا هذا الأمر إلا لأنهم عزموا على إرغامنا عليه، فإن الغالب ظلوم، وقد حكى أن

(1)

كان وجود اليهود مبدئيا بشمال إفريقيا منذ القرن الأول قبل الميلاد وقد قدموا إليها إثر الغزو الروماني لفلسطين واستقر البعض بأرض الجزائر حيث سكنوا المدن والقرى بالشمال والوسط، ومن مشاهير رجال الدين عندهم شمعون بن إسحاق ومن سلالته طريف الذي شرع دينا جديدا في عهد هشام بن عبد الملك وقد سبق الكلام عنه في التعليق عن موضوع العلويين ومرورهم بسوف، ولما كان عهد الفندال بالشمال الإفريقي ومحاربتهم للأديان، فر رجال الدين المسيحي إلى المنطقة الجنوبية وتبعهم في ذلك اليهود فتوزعوا على الزاب وبسكرة وتقرت وورقلة وغرداية، وأخيرا منطقة سوف فنزلوا بقريتي جلهمة وسحبان. وبعد تأسيس مدينة الوادي وقرية قمار انتقلت إليهما بعض الجاليات اليهودية، ولليهود بسوف أماكن قديمة تنتسب إليهم مثل المكان المُسمى شوشة اليهودي وسيف اليهودي ونزلة موشى، وقد تناسلت الجاليات اليهودية بسوف مع مرور الزمن وكثر عددهم بالوادي، وكان لهم به حي خاص غربي السوق يُسمى حومة اليهود، وكان منهم ربيون وبيعة لآداء شعائر دينهم، وأغلب حرفهم صنع الحلي من فضة أو ذهب، وصنع القرداش لندف الصوف وبيع خمر النخيل وإعطاء الديون بالربى وقد امتلكوا من عملهم كثيرا من النخيل وقد قلدوا أهل سوف في لباسهم وطعامهم وأظهروا لهم توادهم واتباعهم في أفكارهم وعاداتهم بل بلغ الأمر بالبعض منهم حتى إلى الانتساب في الظاهر لطريقة من الطرق الصوفية بسوف.

ص: 428

ذئبا أتى نعجة رابضة فجلس عند فمها وهي تقطع جرتها (أي تجتر) فقال لها: أنت تمضغين وأنا لا أطيق سماع مضغك فاسكتي، قالت له: كان عليك أن تجلس في مكان غير هذا فإن الأرض واسعة والفيافي لا حِسَّ فيها، فقام الذئب من هناك وجلس عند ذنب النعجة فقالت له: تأخر عني إلى محل آخر، فقال: لا أتأخر فهذا هو الموضع الذي قسمه الله لي، وكان من عادة النعجة إذا مضغت تحرك ذنبها فسقط منه شيء من التراب على وجه الذئب فقال له: ألم تعلمي بأني قاضي الحيوانات لا أقبل من يشوه خلقتي بالتراب أو يتعدى علي بشيء، فوثب عليها وأكلها، والرأي عندي أن لا تظهروا الجزع والنفور من مجاورتهم بل أظهروا لهم البشاشة ورغبتكم في مساكنتهم غير أنكم كنتم أردتم منهم البعد قليلا وحيث لم يتيسر ذلك منهم فلا بأس بالبناء بالمحل الذي بنوا فيه، وإذا اطمأنوا لكم وطال الأمد اجعلوا لهم مكيدة.

فسمعوا كلام كبيرهم، وكان من بين جماعة مجلس الشوري سيدي عبد الله بن أحمد، فأخبر رؤساء طرود بما أرسى عليه أمر زناته وأوصاهم بكتمانه عن عامتهم لئلا يظهر الخبر.

فزاد طرود في البناء جهرا وجعلوا زرائب من الحلفاء والمرخ قائمة على خشب الأزال واشتغلوا بالأسفار إلى النواحي القريبة كالجريد والزاب ووادي ريغ خصوصا تماسين كما يسافرون إلى ورقلة وغدامس وتارة إلى السودان، أما الجهات الأخرى فقليلا ما يذهبون إليها لكثرة قطاع السابلة فيها ومرور الجيوش بها وكثرة الأهوال في ذلك الحين.

فلما طال الحال عزم الزناتيون على فعل المكيدة التي كانوا عزموا عليها سابقا واتفقوا على ضيافة قوم طرود وأن يكون ذلك في وقت العشاء لئلا تظهر المكيدة وقد فكروا في وضع السم في الطعام ليموت كل من أكل منه، قيل أنهم جلبوا

ص: 429

سم ساعة من الأندلس، فنهاهم سيدي عبداالله عن ذلك قائلا لهم: أن طرودا تركوا إذايتكم وآخوكم وأزالوا ما في صدورهم عنكم ويكرمونكم غاية الإكرام، فلم يصغوا لقوله متعللين بأن طرودا ما تركوا إذايتهم إلا حين نالوا ما أرادوا.

ثم استضاف الزناتيون طرودا فأجابوهم لذلك ظانين عدم الخديعة وأنهم ما فعلوا ذلك إلا لتمكين الروابط ناسين ما قد أخبرهم به سيدي عبد الله فاشتغل الزناتيون بطبخ الطعام من الصباح وكانت قريتهم لها سور وبهذا السور بابان وفي كل باب حرس يتفقد أحوال الداخلين والخارجين فإذا رأى الحارس ما يشك فيه يخبر أصحاب الشرطة (الحكومة) فيبدون فيه رأيهم، وكان أهل الشورى أخبروا أهل القرية بأن لا تذهب قصعة الطعام إلى طرود حتى تمر عليهم (أي على أهل الشورى ليضعوا فيها السم).

وكان سيدي عبد الله يترقب الفرصة ليذكر طرودا بصنيع زناته وليتجنبوا أكل طعامهم فأرسل عبده إليهم بإنزاله من جدار السور الغربي فوصلهم في الحين وأخبرهم بما كان.

فلما بلغ الخبر إلى طرود اشتوروا في الأمر واتفق رأيهم على أن لا يظهروا ذلك إلى الزناتيين ولكن يشيعون أنه أتاهم خبر بأن إبلهم أغار عليها العدو في الصحراء الشرقية ويظهر فتيان طرود اللحاق بها ثم يكمنون في المكان المُسمى الآن العلندوي حتى يفوت وقت الطعام ويفسد وعندئذ يرجعون.

فأكثر أهل طرود الضجيج والبكاء وأظهروا الحزن بضرب الطبل (وهو قصعة مغشاة بجلد جمل قد تجتمع حوله النساء ويضربنه بعصي قصيرة ويفعلن مثل ذلك في الأعراس والمواسم ومقدم الغزاة، وكن في الأفراح يولولن أي يزغردن وفي الحزن والتفجع يبكين ويندبن وإلى الآن يوجد ذلك في البادية الجزائرية).

فلما جنّ الليل أقبل جماعة زناته بالطعام إلى منازل طرود وجلسوا حسب وصية كبرائهم لينظروا أكل القوم، فاعتذر طرود عن الأكل متعللين بأن أكبادهم مجروحة بما حدث لإبلهم ولا يدرون أيضا ما حال أبنائهم في الموت أم في الحياة.

ص: 430

حينئذ رجع جماعة زناته بالطعام ووقع في نفوسهم من ذلك شيء ولكنهم لم يجزموا فأراقوا ذلك الطعام في حفر عميقة وردموا عليها بالتراب.

ثم من الغد قدم فتيان طرود وظهر أن أمر الإبل لم يكن منه شيء فتيقن الزناتيون بأنه أخبرهم بالمكيدة مخبر ولا يكون غير واحد من أصحاب المجلس إذ لم يطلع غيرهم على ذلك الخبر قبل إحضار الطعام حيث حذروهم من الأكل منه.

وذهبوا يطوفون حول السور عساهم يجدون أثرا فوجدوا أثر قدمي

(1)

العبد أي خادم سيدي عبد الله عندما نزل السور ذاهبا إلى طرود وراجعًا من حيث نزل. فأتوا إلى سيدي عبد الله ولاموه على فعله وتهددوه، قيل وفرقوا بينه وبين زوجته. وأخرجوه من بينهم فنزل بالمحل الذي به زاويته الآن وجعل عريشا له وعريشا لخادمه يتعبدان فيهما.

واتضحت العداوة بين طرود وزناتة وانقطعت المواصلة بينهما، وكانت امرأة من زناتة لها محبة مع رجل من طرود تختلف إليه في بعض الأحايين، فأتته يوما وأخبرته بأن جهة السور الغربية قد سقطت وأنها الآن خالية من الحرس، فأخبر قومه طرودا بذلك واجتمعوا في آخر ذلك الليل وجمعوا شتاتهم ثم هجموا على الزناتيين من جهة السور التي سقطت، وكذلك ذهب بعض من طرود إلى القرية الأخرى وهي بلاد سور وهجموا عليها، فما طلع النهار إلا تم لهم ما أرادوا وانجلى جميع من كان بالقريتين من زناته فمنهم من توجه إلى نفطة ومنهم إلى ورقلة والأكثر إلى تقرت.

وخلا الجو لطرود بعد انجلاء زناته عن الأرض فجالوا فيها من غير معترض وانتشرت أحياؤهم واتسعت مراعيهم واستتب أمنهم ولله في خلقه شؤون.

وكان ذلك في عام 818 هـ الموافق 1416 م تقريبا، أعني أن انتهاء تلك الحوادث وحصول الراحة في ذلك التاريخ لا دخولهم كما سبق لك خبره. والله أعلم.

(1)

يبدو مما ذكر أن آثار الأقدام (الجرة) كان معمولا بها لاكتشاف أصحابها منذ عهد البربر بسوف.

ص: 431

‌وفد طرود للشابي

(1)

حكى القدماء وكما قال الشيخ العدواني: كان بعض الأفراد من طرود يترددون على القيروان لمعارف لهم هناك ويأتون ببعض السلع ولا يكون ذلك إلا عند حصول الهدوء في الطرق وتكون العير التي معهم يخفرها نحو الخمسين أو الستين رجلا شاكين السلاح مخافة من قطاع السابلة. فوقعت معرفة بين الشابي ورؤساء التجار واستخبرهم عن قومهم وقوتهم ومقدار نفعهم فذكروا له فخرا كبيرا، وكان الشابي يشعر بمبادئ الشر بينه وبين الوالي حيث وقعت وحشة بينهما سابقا، ثم كثرت الشكوك والوسواس بينهما فعاد الحال إلى ما كان عليه.

وأهدى الشابي لأولئك الجماعة هدايا واتفق معهم على أنه إذا أراد القيام على الوالي وقصده بسوء يكونون عونا له عليه وإذا فعلوا يجري لرؤسائهم مرتبات ويعطي عامتهم ما يرضيهم ويخصهم بالغنائم إن كانت، ففرحوا بذلك وعادوا إلى قومهم فأخبروهم بخبر الشابي ثم بعثوا رسلا إلى الشابي يجيبونه بقبول طرود لطلبه.

أرجع الشابي الرسول إلى طرود قائلا لهم: إني على وشك القيام ولا يتخلف منكم إلا العاجز وحين سمعوا تساهموا على من يذهب ومن يبقى يحفظ الأرض ومن يكون رئيسا على كل قبيلة.

ثم تجمع منهم خمسمائة فرس وثمانمائة رجل وذهبوا، ولما وفدوا عليه وجدوه نازلا بعبيدة وهو محل قرب الكاف (شمال تونس) فاهتز لهم فرحا وسرورا ثم قام مرحبا بهم وقال لهم: يا طرود من نصرتموه انتصر ومن كسرتموه انكسر قليلكم كثير وكثيركم لاحد له.

(1)

حسب القرائن التاريخية أن وفد طرود هذا كان في عهد ولاية المسمى عرفة بن أحمد بن مخلوف الشابي، أعني في عهد الابن الثاني لأحمد مؤسس الفرقة الدينية بالقيروان وجد الشابيين، فقد ولد أحمد بن مخلوف بقرية الشابة في النصف الأول من القرن الخامس عشر، وكان شيخا صوفيا مثقفا انتقل إلى القيروان وتولى إمامة أحد مساجدها فنال شهرة واسعة وثقة كاملة، الأمر الذي جعله يحصل في تلك المناطق على جمهور كبير من الأتباع والأنصار، وبالتالي الرئاسة عليهم. وبعد أن توفي أحمد بن مخلوف سنة 1482 م، خلفه ابنه الأكبر محمد الذي لم تدم مدة رئاسته سوى قرابة الثلاث سنوات فمات، ومنه تولى الرئاسة الابن الثاني عرفة بن أحمد بن مخلوف الذي عمل جاهدا لأجل المحافظة على استقلال ولاية القيروان سياسيا من تنافس الأتراك والإسبان على الوطن بعد اضمحلال الدولة الحفصية.

ص: 432

وكان مع الشابي جنود عظيمة وخيل وإبل سدت النواحي. فآتاهم الوالي بجموع كثيرة ملفقة من العربان وتقاتلوا بذلك المكان مرات عديدة فهزموه إلى أن دخل سوسة.

وبعد أيام يسيرة أعاد الكرة على القيروان فوجد الجيوش قد أحاطت بها من كل جانب ومكان فتأخر، فرأته طلائع الشابي فأخبرته به، فأمر الشابي الأقوام باقتفاء أثره حتى يقتل أو يؤخذ أسيرا، فلحقوا به في فيافي الحاجب وتقاتل الفريقان مات فيه من كلا الفريقين خلق كثير، وآخر الحال تأخر قوم الشابي، وفي أثناء ذلك قال الطروديون لبعضهم بعضا: إن العار في انهزامكم حيث إن الرجل (أي الشابي) وثق بكم واستنجدكم من مكان بعيد للثبات والفور، فالموت دون الرجوع، وحلفوا أن لا يرجع أحد منهم إلا إذا كان ظافرا وحملوا حملة صادقة على جيوش الوالي فهزموهم ثم تتبعوا أثرهم يأخذون الغنائم والأسارى.

ولما تسامعت جنود الشابي بخبر طرود كروا راجعين فوجدوا الأمر قد فاتهم.

وحملت تلك الغنائم إلى الشابي فأعطى قسمة منها إلى طرود والقسمة الباقية إلى جيوشه ولم تقبل طرود بالقسمة فانصرفوا بغيظهم إلى سوف عازمين على عدم نصرته مرة أخرى.

ولم يذكروا لهذه الوقائع تاريخا، ولعل ذلك كان في حدود عام 942 هـ الموافق سنة 1536 م ويرجح ذلك ما في كتاب المؤنس:

"أن السلطان الحسن بن أبي عبد الله محمد بن الحسن بن محمد المسعود كان بعد سنة الأربعاء (؟) جمع عربانا وجموعا وخرج إلى القيروان لقصد افتكاكها من يد الشانبين فلما قرب منها خرج إليها أهل القيروان فانهزم هو ومن معه وأخذت أمواله ورجع مكسورا .... ".

وسنة الأربعاء في عام 941 هـ/ سنة 1535 م، كما ذكر ذلك نفس الكتاب وجاء في كتاب الخلاصة النقية في آخر ترجمة الحسن المذكور وخير الدين وهو أن الحسن خرج إلى أخذ القيروان من الشابي فهزمه فركب البحر إلى إسبانيا إلخ .. والله أعلم.

ص: 433

‌إعانة طرود للباي

(1)

بعد أن اشتدت الروابط بين طرود والباي وكثرت الهدايا من الجانبين من هنا ومن هناك صار الباي في كل مرة يلقي لهم شيئًا من حكايات الشابي رئيس القيروان ويذكرهم فيما وقع لهم مع الشابيين قديما.

أقول: الباي الذي يذكرونه هو يوسف داي ومن بعده حمودة باشا أقنة؛ لأن تاريخ تلك ألحكايات ينطبق عليهما ويُسمى الأخير محمد بن مراد. والله أعلم.

وكانت لطرود علاقات مع دُرَيْد الهلالية وكلما ذهبوا أو آبو ينزلون عليهم فيكرمونهم للعلائق القديمة التي كانت بينهم زمن دخول العرب (بني هلال وسُلَيْم)، كما أن الوالي المذكور يحرضهم على استمالة دُريْد إليه فيفعلون حتى صار بعض رؤسائهم يذهب معهم كل مرة ويرجع بفوائد جسيمة وهدايا عظيمة.

فلما أحس الباي بالتمكن أخذ من زعمائهم العهد على أنه إذا وقع بالشابي ونكل به يخرجون عن طاعته وينضمون إليه ويصيرون من قومه وأتباعه. كما أنه أخذ العهد عن طرود في الإعانة على الشابي إذا حاربهم. ورجع كل لقومه مخبرا إياهم بما كان منتظرا.

ففي زمن قريب أتى المستغيث إلى سوف فخرج غالب طرود، وبعض من غيرهم ممن لديهم علاقة أو يحمله الطمع في الإحسان أو الغنيمة لفقر وقلة احترافه يقال: خرج منهم زهاء الألف رجل ممن لا يتأخر أو يجبن عند اشتداد البأس، واضطرام نار الحرب واشتباك الملاحم.

فلما قدموا اهتزت لهم الناس وذكروهم بأحسن ذكر وأنشدت بين أيديهم وقدمت لهم أسلحة دولية وأجريت لهم نفقات يومية، وأمروا بالتنظيمات الحربية لا التقدمات الفوضوية.

فخرج لهم عبد الصمد الشابي في جنود مجندة وتحارب الفريقان أياما كان النصر في آخرها حليف حمودة باشا، وقتل من الفريقين خلق لا يحصى، قيل: إن

(1)

كانت الحادثة هذه في عهد ولاية عبد الصمد بن محمد بن عبد اللطيف بن أبي الكرم بن أحمد مخلوف الشابي، وعبد الصمد هو أحد إخوة سيدي المسعود.

ص: 434

الذين ماتوا من أهل سوف نحو المائة نفر وإلى الآن يُسمي القدماء ذلك العام عام المجزرة، ويسميه أبناء سيدي مسطور عام الطمع، يعنون أنه لولا طمعهم في الإحسان أو الغنائم لما وقع لهم مثل ذلك، لكن البعض يدّعي أن ذلك ليس من أجل الطمع بل من أجل عدم وفاء الشابيين بالعهود معهم ومعاملتهم بما يأنفون منه.

وخرجت دُرَيد عن الشابي وانضمت للباي وكذلك جميع ورغمة وما حول ذلك من العربان.

ويزعم القدماء أن هذه الواقعة كانت بعد إكرام الباي بعام واحد والصحيح خلافه. وإنما ذلك عام 1041 هـ/ الموافق سنة 1632 م، أو بعد ذلك لأن حمودة بن مراد صاحب هذه الفعال تولى في هذا العام وهو الذي لا شك فيه ألبتة.

جاء في الخلاصة النقية ما نصه: في عام 1041 هـ/ سنة 1632 م، نزل مراد باشا لابنه حمودة باشا عن سفر الأمحال ثم مات مراد في عامه وقام حمودة بمنصبه فمهد النواحي وقمع الثوار وأوقع بالشيخ عبد الصمد الشابي وانتزع دُرَيْد من يديه وهم العرب الداخلين أيام المعز بن باديس وأضافهم لرعيته ورسم منهم طائفة عظيمة في ديوان جنده وأضاف ورغمة أيضا لرعيته، وأخذ حامة قابس من أولاد سعيد بعد حصار عظيم، والكاف من بني شنوف وهم المتسببون في الحرب بين تونس والجزائر على الحدود وهو أول حرب معهم .. إلخ.

وفي هذا الوقت أتت بعض أعراب دُرَيْد مع طرود فدخل بعضهم الوادي وبعضهم بقي مع بني سُلَيْم الذين ينزلون أحيانا إلى الميتة ويصعدون إلى الجبل. أما الأولون فاختلطوا بأهل الزقم. وسيأتي تفصيل الجميع إن شاء الله.

(تنبيه)

لما كان البعض يلتبس عليه الأمر في حال من أحوال الماضين ويقص خبر زمان في زمان آخر، ألزمنا أن ننبه على ذلك إزالة للخطأ حيث كنت ملتزما به من قبل السائلين ونصيحة للقارئين.

ص: 435

فمن ذلك ما حكي أن بني هلال حين دخلوا إفريقيا (تونس) مكثوا فيها طويلا ثم انتقلوا حتى وصلوا أرض سوف فوجدوا بها الزناتية، ومن جملتهم خليفة الزناتي المشهور فتحاربوا هناك وحفر خليفة المذكور بئرا بقرب الغوط الآن تُسمى باسمه إلى هذا الوقت يقال لها احسي خليفة، ثم طرد الهلاليون الزناتيين وأجلوهم إلى وادي الزناتي ونواحيه.

ويحكى في هذا الشأن أن رجلا سأل رجلا آخر عن زناتة وبني هلال كيف كانت الفتنة بينهما وما سببها؟ فأجابه بقوله: إني كنتُ ذات يوم جالسا في خلوتي فحدثتني نفسي بزيارة الشيخ البكري في الشام، فأخذتُ عكازي وسرت في البرية حتى وصلت موضعا يقال له بن قردان

(1)

بقرب أرض طرابلس، فنظرت فإذا بخيول قد أقبلت علي فلما رأوني وعرفوني قال بعضهم لبعض: لا تؤذوه فإنه رجل صالح عليه سمات الخير تلوح، فنزلوا بساحتى وإذا بخيول أخرى تتزايد والسواد والنساء لاحقات في أثرهم، فعرضوني للأكل فامتنعت من طعامهم وأكلت من سويق عندي ونمت هناك إلى الصباح، وإذا بخيل أخرى قد خرجت من الزاوية التي بطرابلس فلما رأتهم زناتة أسرعوا نحوهم، فسألت رجلا عاقلا كان معهم عن هذه الخيل الأخرى، فقال: أولئك بنو هلال ونحن زناتة نريد القتال، قلت له: وما الحامل لكم على ذلك من غير موجب ولا سبب، قال لي: يا شيخ البركة، هؤلاء يقاتلوننا عن أرضنا من غير شيء فعلناه معهم والصائل لابد من دفعه، وكان مع بني هلال امرأة جميلة قد خطبها بنو عمها فلم تقبل منهم أحدا، وكان في قومنا رجل يقال له خليفة بن عمار ذو شجاعة وفروسية، جميل الصورة، صاحب أشعار كثيرة وكلام بليغ خرج يفتش على نياق أذهبها الغيم والريح فالتقى بتلك المرأة وكان حولها عشرون بكرًا من بنات عمها يحللن عقاصها، فتقدم إليهن خليفة وتأمل فيهن فلما رأينه قلن له: ما شأنك يا فارس، قال لهن: جئت أبحث على ضالة من الإبل والآن عثرت على خير منها فلا أذهب من هنا. قالت له تلك المرأة: إنك لا تقدر على زمام الناقة وعقالها (كناية عن شروطها) قال لها: أقدر على ذلك إن شاء الله. فإن لم تكوني تعرفينني فأنا خليفة

(1)

بن قردان: بلدة تونسية قرب الحدود الليبية.

ص: 436

الزناتي الشائع الصيت في جميع الآفاق، فقالت له: انطلق الآن وارجع غدا إلى هذه الشجرة (شجرة كانت بقربها) وكان اسم تلك المرأة الجازية الهلالية.

ثم من الغد رجع إلى ذلك المكان فوجد الجازية واقفة مع صاحباتها وجميع خُطَّابها مختفون قرب الشجرة آخذون أسيافهم بأيديهم ينتظرون قدومه، فأقبلت الجازية وسلمت على خليفة ورحبت به ودعته للنزول لتستريح فرسه فامتنع قائلا لها: لا أنزل إن ظهرها عز والنزول عنه ذل، وما من امرأة في الحسب والجمال إلا ويكثر تابعوها وعديانها وأظن أن منهم من هو وراء ظهري الآن فيلزمني الحذر لأن قلبي يحدثني بذلك، فقالت له: اعمل على حسب ما سبق إليه حديث قلبك، فما تم كلامها حتى أتت إليهما الخيل من كل جانب ومكان فتلقاهم خليفة، والجازية واقفة تقول له: إن الذين أتوك كلهم خطبوني ولم أقبل أحدا منهم وكن حازما فإن العمر أيام معدودة لا تزيد ولا تنقص والجبن عار، وعليك بلابس الأحمر فإنه ابن عمي وهو رئيسهم فإذا قتلته أو جرحته بقي العدو بلا رأس وتفرقوا، فتقدم إليه خليفة وطعنه في صدره برمحه أخرجه من ظهره فمات، ثم ما زال يخرج إليه الواحد بعد الآخر فيقتله حتى بلغ اثني عشر فارسا. ثم أخذت الجازية فرسا من خيل القتلى وذهب معها خليفة إلى بيت أبيها ونزلا بها.

وبلغ الخبر إلى الناس في ذلك الحين. وفي الغد ركب بنو هلال وهجموا على الزناتية وهم هؤلاء كما ترى .. انتهى كلامه.

أقول: قد نسبوا هذه الحوادث إلى عام 797 هـ الموافق 1395 م ولم يوجد في ذلك التاريخ بسوف من اسمه خليفة تنسب إليه تلك الوقائع، ثم إن خليفة الذي نسبت إليه الحكاية ليس هو خليفة بن عمار وإنما هو خليفة بن وروا الزناتي

(1)

(1)

ورد في كتاب "البيان المغرب" ما ملخصه:

وفي سنة 400 هـ، توفي بطرابلس بعلة أصابته وولي مكانه وروا، وأطاعته زناته، وفيها رحل أبو مناد نصير الدولة بعساكر عظيمة إلى طرابلس في طلب زناته، ودخل نصير الدولة إلى قصر فلفل وجاءت رسل وروا بن سعيد أخي فلفل رغبة في الأمان والعفو.

وفي سنة 401 هـ كان موت غرم بن زيري بن مناد بالقيروان، وفيها توفي القائد جعفر بن حبيب.

وفي سنة 402 هـ، قدم خزرون بن سعيد بن خزرون الزناتي أخيه فلفل المتقدم ذكره، وكان سبب وصوله اختلاف جرى بينه وبين أخيه وروا، فقصد إلى نصير الدولة، فقبله أحسن قبول، وكان معه نحو =

ص: 437

رئيس بني خزرون صاحب الولاية على طرابلس الغرب عام 417 هـ الموافق 1027 هـ.

ففي المنهل العذب قوله: اتصلت ولاية خليفة بن وروا وقومه من بني خزرون بطرابلس، وخاطب الخليفة بالقاهرة الظاهر بن الحكم عام 417 هـ الموافق 1027 م، فأجابه إلى ذلك وأوفد في هذه السنة أخاه حمادا على المعز بن باديس بهدية فتقبلها وكافأه عنها. واتصل ملك خليفة بن وروا وقومه من بني خزرون الزناتيين بطرابلس إلى أن وصل العرب (أي بنو هلال وبنو سُلَيْم).

وكان خليفة المذكور في الحكاية والشيخ البكري الذي ذهب يزوره الشيخ المدعي بأنه رأى حروبهم بعينيه، كان في حدود عام 1180 هـ الموافق سنة 1767 م. وهب أن خليفة غير هذا فإن المكان لا يناسبه لأنه ادعى أن ذلك كان قرب طرابلس كما تقدم في كلامه.

وأيضا فما نسبه للجازية من التحيز إلى خليفة الزناتي وإشارتها عليه بقتل بني عمها خير معقول؛ لأنها كانت من النساء الذكيات العاقلات صاحبات الادراك، وإنما اشترط أبوها أن لا يزوجها إلا من ظهرت شجاعته وقهر أقرانه فافتتنت من أجلها الرجال وتبارزوا عليها في وقائع عديدة كان الفوز فيها لذياب الزغبي الهلالي السابق خبره، وقتل خليفة الذي نازعه عليها وكذلك قتل أبا خربية ومكحولا أخوي خليفة كلما جاء ذلك في كتاب "تغريبة بني هلال" والمحل الذي وقعت به الحروب كان بنواحي تونس بعد ذلك التاريخ حين تأخر خليفة عن طرابلس وسكن بقومه تونس وما حولها كلما قيل

(1)

.

= سبعين فارسا من رناتة، فأنزلهم وأحسن إليهم ثم بعد ذلك بأيام أعطاه مدينة فخرج إليها بالبنود والطبول، وفي سنة 403 هـ، وصل إلى المهدية مركب فبه هدية جليلة من الحكم إلى نصر الدولة، فتلقاها المنصور مع أهل القيروان على قصر الماء بالبنود والطبول، ووصلت سجلات منه إلى نصير الدولة بإضافة برقة وأعمالها إليه.

وفي سنة 406 هـ في صدر المحرم، وصل عزم وفلفل أبناء حسون بن سنون وماكسن بن بلقين وعدنان بن معصم في عدة من الفرسان من عسكر حماد نخلع عيهم وأحسن إليهم، وفي هذه السنة مات وروا بن سعيد، فاختلفت كلمة الزناتيين ومالت فرقة مع خزرون ابن عمه، وأوقع الله فيهم الشتات.

(1)

قلت: ذكر ابن خلدون أن الزناتي خليفة من بني يفرن من زناتة البربرية بعث به ابن خرز صاحب تلمسان لوقف تقدم بني هلال في المغرب الأوسط ثم جرت بينه وبين بني هلال معارك دامية، وأخيرًا قتلوه ناحية بسكرة في الزاب في المغرب الأوسط (الجزائر).

ص: 438

وقد يؤيد هذا شعر خليفة المذكور الذي بالجزء الثاني عشر من كتاب "تغريبة بني هلال"، ونصه:

قال الزناتي والزناتي خليفة

تونس مدينتنا ونحن كبارها

من نسل حِمْيَر وأهل تُبَّع نسبتي

نتلو كتاب الله في أسرارها

وفي رواية أخرى:

قال الزناتي والزناتي خليفة

تونس مدينتنا ونحن كبارها

من نسل حِمْيَر وأهل تُبَّع نسبتي

نتلو كتاب الله في أمحالها

قال القدماء: ومن ذلك المحل خرج بنو هلال وبنو زناته وطافوا أكثر أنحاء إفريقيا وآخر العهد بهم كان في بحيرة نيني التي بقرب عين البيضاء بالأوراس الآن، فقتل ذياب خليفة هناك وجرح فرسه جرحا بليغا حتى صارت تئن منه، فقال لها قائدها: نيني يا البيضاء نيني، ثم ماتت في العين التي بشمال الجبل بانحراف إلى الشرق فسمي ذلك المكان: عين البيضاء، وبنيت فيه قرية تسمى بذلك المحل هي الآن آهلة عامرة.

ويؤيد ما تقدم ما هو مذكور في أول الجزء العاشر من كتاب "تغريبة بني هلال"، وما هو في كتاب "رحلة بني هلال" من أن الهلاليين وصلوا إلى وادي رشاش وانتقلوا منه إلى ما وراءه، وبعد زمن تفرقوا في الزاب وما يليه، ومنهم بالجريد عائلات، وبتقرت وبسوف مع طرود كثير ومع غيرهم أكثر في أرض الجزائر.

ص: 439

‌دخول بنو سُلَيْم إلى سوف

هم بنو سُلَيْم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن عدنان.

وكانوا بطونا كثيرة جوالة في إفريقيا من زمن دخول العرب أو بعدهم بقليل إذ الكثير منهم التحقوا بالهلاليين حين دخلوا فكان منهم في نواحي طرابلس بنو ذباب ومنهم آل سليمان وبنو وشاح والمحاميد الذين منهم غومة المحمودي الذي دخل صحراء سوف في عهد الأتراك العثمانيين، وكذلك منهم النوافلة والبركات والبلابيش والبشرة والحوَّتة وبشرقيهم البهجة والأفراد والهنادي وبغربيهم النوايل وأولاد سنان، ومنهم بداخل إفريقيا جميع الباقين.

ففي حدود عام 835 هـ الموافق 1432 م أتى جماعة من المحاميد وجماعة من النوافلة إلى ضواحي القيووان فنزلوا بغربيها.

قال القدماء: بلغنا أنه كادت تتألف منهم عصابة تشاقق الحكومة لميل الناس إليهم ووثوقهم بقوة شوكتهم وعدم لينهم فنزلوا على الدواودة مستجيرين بهم عندما بلغهم أن السلطان سيقاتلهم وأنه يقبل شفاعة الدواودة من مرداس رياح لجاههم عنده.

أقول: كان الوالي في ذلك العهد هو محمد المنتصر بن المنصور بن أبي فارس عزور أو كان أبوه المنصور لكن كلام القدماء يناسب الأول.

قال في الخلاصة النقية: "خرج من محلته أبو زكريا بن أبي عبد الله وأخوه والتفت حولهما الأعراب فوجه السلطان (محمد المنتصر) عسكرا لحفظ الحاضرة (تونس) واستدعى أخاه عثمان من قسنطينة وكان خلفه عاملا بها ورجع إلى الحاضرة وعقد لأخيه المذكور على حرب الأعراب فكانت بينهم حروب طويلة. وقدم أولاد أبو الليل منهم لقتال السلطان ونزلوا بسبخة باب خالد والسلطان على حاله من المرض يركب لقتالهم كل يوم حتى بلغهم قدوم المولى عثمان فأجفلوا ولقيهم فهزمهم ورجع ظافرا، ولما رأى الأخوان اعتلال حالهما تطارحا على شيخ الدواودة فقدم بهما شفيعا إلى الحاضرة فقبل السلطان شفاعته ثم اعتقلهما حتى هلكا .. إلخ".

ص: 440

أقول: يمكن أن الدواودة شفعوا في القادمين أيضًا.

وقال القدماء: ثم في نحو عام 838 هـ الموافق 1435 م، أجلب المحتمون بالدواودة على بعض النواحي وانضمت لهم جموع كثيرة فالتمس الوالي من الدواودة إخراجهم من أرضه فارتحلوا جميعا إلى الزاب ووادي سوف ورجع منهم البعض إلى نواحي طرابلس، وكان دخولهم إلى سوف في حدود عام 840 هـ الموافق 1137 م، فنزلوا بنواحي الحجرة الآن، ثم بعد سنتين بنو قريتين إحداهما كانت بالمكان المُسمى الهنسير غربي الحجرة، وثانيتهما بمكان جبانة (مقبرة) كوينين القبلية، وأكثرهم كان يجعل في زمن البرد حفرا عميقة كالآبار يثقبونها في جهة ويسكنونها بدل البيوت ويخزنون فيها ما يحتاجون إليه بحيث إذا مر أحد بتلك الأرض لا يرى فيها إلا قليلا من الناس وإذا حدث حادث وصاح صائح يراهم يخرجون من الأرض ويغطون وجه البسيطة، وكان البناء بذينك الموضعين قليلا يكاد لا يذكر، وسكنى الظاهرين كانت في الخيام وزرائب الحلفاء.

وكانوا يذهبون إلى طرود فيشترون منهم ما يحتاجون. واختلطوا معهم في كثير من الأشياء يتأثرون لمصاب بعضهم بعضا، فإذا حلت نائبة بأحد من بني سُلَيْم أو من معهم يذهب إليهم طرود يتوجعون معهم ويقيمون عندهم الأيام العديدة، وإذا أصاب بعض طرود شيء يفعل معهم بنو سُلَيْم مثل ذلك.

ثم طال أمد السكنى واختلط طرود وبنو سُلَيْم ومن معهم وتصاهروا وانتقل كل لمحل الآخر عند رغبته أو إرادته القرب من قريبته المتزوجة هناك وصاروا جميعا كالقبيلة الواحدة لكن غالب طرود كانوا بالوادي وغلب سُلَيْم بالهنشير ومحل مقبرة كوينين ونحوهما.

ص: 441

‌تذييل

قيل: في حدود عام 900 هـ/ سنة 1495 م، وقع طاعون عظيم بإفريقيا تفرق بسببه كثير من ساكنيها بالنواحي القاصية من جملتهم طائفة من بني مجور.

قال الشيخ العدواني: "أنهم من الهمَّامة إخوان بني سُلَيْم كانت أخبارهم متواصلة مع الذين بسوف، فأتوا إليها وسكنوا حول الهنشير

إلخ".

أقول: الصحيح أنهم من طرود تصاهروا مع الهمامة.

وإن ذلك الوباء الذي ذكر كان في ولاية أبي زكريا يحيى بن محمد المسعود بن عثمان بن أبي عبد الله محمد 800 هـ الموافق 1494 م، ولكن في أواخر السنة.

قال القدماء: فأقاموا (أي الوافدون) مع بني سُلَيْم على تلك الحالة ولكن حيث كانوا قليلي المواشي صاروا يترددون على الصحراء فكلما وجدوا جملا أوناقة لا راعي لها أخذوها واستحلّوها.

ثم استرسلت العرب من كل جهة وامتلات بهم النواحي فتضجر طرود من ذلك وقالوا: إن فتحنا هذا الباب على أنفسنا لا تجد مواشينا ما تأكله فالرأي منع جميع الوافدين سوى المارين والذاهبين إلى جهة أخرى، وتساهموا على من يذهب بقومه لسد الثغور التي يدخل منها الوافدون، فخرج سهم حامد في موضع الزقم الآن وسهم شباط في الكتف ونواحيه، وسهم حمرون بن خليفة في موضع عميش، وسفيان في الطريفاوي، وزيد في جهلمة، وسهم بني مجور في بوحمار حيث صاروا من أهل سوف.

وحصنوا تلك الأماكن بالحراسة والسلاح وصاروا يمانعون كل وارد ثم اتفقوا على رأي آخر وهم أنهم يسألون القادمين فإن كانوا ممن لهم قرابة بهم يتركونهم يدخلون ويسكنون، حيث أرادوا أو يقسمونهم على المنازل، وإن كانوا أجنبيين يمنعونهم.

وعندما تكاثر الناس جددوا القرعة على الثغور المذكورة مرات عديدة كان آخرها انتقال حامد من الزقم إلى الميتة وترك أولاده بها ومات هناك ورجعت في وجته في خبر يطول ذكره والقصد هنا الاختصار.

ص: 442

‌خروج بنو سُلَيْم من سوف

حكى لي نصر بن فطحيزة القرفاني رحمه الله

(1)

- أنه كان يجتمع كثيرا بشيخ من الربايع قد عمر فوق المائة سنة وكان كامل العقل صحيح البصر فيخبره عن أحوال سوف تفصيلا وترتيبا كأنه حضر مع جميع من دخلها، ومن جملة ذلك سأله عن سبب الشحناء التي وقعت بين مداشر شوف، فقال: إنه حين تساهمت طرود ومن معهم على سد الثغور وكان لبني سُلَيْم وبني مجور الناحية الغربية. واتفقوا كما ذكرنا سابقا على أن من كان منهم يسمحون له بالدخول ومن ليس منهم يمنعونه، ومن يخالف ذلك يطرد، فأتت جماعة من جهة الغرب ليسوا منهم فنزلوا على بني سُلَيْم وقدموا لهم بعض الهدايا كانوا أعدوها لهم من قبل.

فأوصوهم بإخفاء نسبهم وأن في يظهروا الانتساب لبني هلال الذين بالزاب ففعلوا.

وكانت طرود ترسل كل شهر رجلا أمينا يطوف ويتفقد المراكز، ففي تلك المرة عثر على أولئك الناس، فعرفهم من لغتهم فأنكروا واختلى الرجل ببعض صبيانهم فسألهم فعرف الحقيقة.

فرجع إلى طرود وأخبرهم بالأمر تكبر عليهم ذلك حيث كان صادرا بن أصهارهم بني سُلَيْم، وحيث لم يرضوا بنقض ما كانوا أبرموه طلبوا من بني سُلَيْم ومن معهم الخروج من أرض سوف، فتعلل بنو سُلَيْم بعدم القدرة في ذلك الوقت وطلبوا التأخير إلى زمن قريب فأمهلوهم.

ثم سعى بنو سُلَيْم إلى بني حامد رؤساء الثغر الشرقي وبني زايد رؤساء الثغر الجوفي وأعطوهم شيئا من المال، وكانت مصاهرتهم معهم أكثر من غيرهم، وعليهم صدق قول الشاعر لصاحبته:

هل تعلمين وراء الحب منزلة

تدنى إليك فإن الحب أقصاني

فأجابته بقولها:

اجعل شفيعك دينارا تقدمهُ

إن الدراهم تدني كل إنسان

(1)

نصر بن فطحيزة: من قبيلة القرافي الهلالية فصيلة الشراعية عميرة الفطاحزة كان من جملة القدماء والشيوخ الكبار الذين كانوا بقيد الحياة أثناء قيام المؤلف بهذا التأليف.

ص: 443

فأجابوهم لذلك بشرط ألا يقاتلوا معهم إن أفضى الأمر إلى ذلك فقبل الطالبون شرطهم.

فأتى الحامون إلى إخوانهم طرود وطلبوا منهم العفو عما حدث من بني سُلَيْم وأظهروا التعصب مع أصهارهم لكن طرودا أبوا شفاعة إخوانهم قائلين لهم: إن شاء بنو سُلَيْم البرجوع إلى مواطنهم فليكن مرة أخرى.

وارتحل بنو سُلَيْم إلى الجبل الذي بنواحي سيدي عبيد، والتحق بهم بنو حامد، وذهب بنو زائد إلى الزاب الغربي ونواحي الأغواط، ولم يبق بسوف إلا طرود ومن كان على شاكلتهم من مخالط أو مصاهر

(1)

وكان ذلك في حدود عام 912 هـ الموافق 1507 م.

ثم بعد زمن فسيح ضاقت أنفاس طرود الذين صاروا تحت الحكم بعد أن كانوا لا ولاية لأحد عليهم وخاطبوا هؤلاء في الرجوع إلى أرض سوف فأذنوا لهم فرجع كل من كان في محل إلى محله إلا بني سُلَيْم فلم يرجع إلا النزر اليسير، ورجع بنو مجور إلى منزلهم، وصاروا يبحثون عن الحفر التي كان طمها طرود سابقا علَّهم يجدون فيها بعض النقود، حكى له

(2)

أن بعضهم استغنى من ذلك ومن جملة ما وجدوه بجهة منازلهم الغربية الجوفية كانونا صغيرا وجرابا فيه كثير من الجواهر الثمينة، وحكى له أنه رأى بعيني رأسه عند أحد المسلطين على سوف سابقا جوهرتين كبيرتين وسمع من أحد الثقات الذين ببني مجور على الجراب، ما وجدوا فيه فقال: لا أقدر أن أقوم ما فيه ولكن الذي ظفر به أعطى لمن رآه كي يستره نحو المدين من الجواهر ثم باعها بألف درهم وكان لا يعرف لها قيمة.

قيل: ذهب ذلك الرجل إلى تونس ولم يعد إلى وادي سوف.

وكان رجوعهم واستقرارهم في حدود عام 936 هـ الموافق 1530 م. (انتهى).

(1)

في هذه الحادثة خرج بنو سُلَيْم من سوف وتبعهم بعض من لهم بهم صلة وثيقة من طرود لاسيما أصهارهم مثل بني حامد وغيرهم إلا أنهم سئموا فيما بعد العيش تحت سلطة الولاة بالزاب وغيره فعادوا إلى أرض سوف حوالي 1530 م.

(2)

يعني أن الشيخ الكبير من الربائع حكى لنصر بن فطحيزة رحمه الله.

ص: 444

‌بنو هلال

‌نسب القبيلة:

هلال بطن عظيم من هوازن نزح من الجزيرة العربية إلى مصر في أواخر القرن الرابع للهجرة ثم رحل إلى بلاد المغرب عام 442 هـ، وهو هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

‌ديار القبيلة:

كانت بلاد هلال مع قومهم من بني عامر وسائر هوازن في الحجاز ونجد جنوب شرق مكة المكرمة، وفي بسائط الطائف أو ما بين جبل غزاون والطائف.

ومن ديار أو أماكن سكنهم وأوديتهم ومياههم هي:

بيشة، وتَرَبة

(1)

وحرَّة بني هلال بالبريك في طرق اليمن التهامي، ووادي جلذان شرق الطائف، ومياه البقعاء.

وديار بنو هلال في الوقت الحاضر من تبقى منهم في المملكة العربية السعودية، تمتد ديرة عشائر بني هلال في السعودية من حدود ربيعة التَهَم؛ أهل حلي ومحايل إلى قرب البرك على ساحل البحر، وسوف نُفصِّل عن فروع بني هلال في فصل خاص.

‌تاريخ القبيلة

عن تاريخ القبيلة في الجاهلية فهو طويل وحافل، وقد اشتركت مع هوازن عامة في حروب الفجار

(2)

ومع بني عامر

(3)

في حروب كثيرة مع قبائل عدة، ومن أيامهم يوم الوندة في الدهناء كان لبني نَهْشل من تميم على هلال، كما اشتركوا مع هوازن يوم حُنين ضد المسلمين

(4)

.

(1)

تَرَبة: أي واد تربة بالقرب من مكة يصب في بستان ابن عامر.

(2)

الفجار: هناك حرب الفجار الأولى والثانية والثالثة وكانت بين هَوَازن وقريش، وقد شارك بعض كنانة مع قريش وبعض قيس مع هوازن في هذه الوقعات وسميت كذلك؛ لأن قبائل مضر المذكورة فجرت وقاتلت في الأشهر الحرم.

(3)

انظر عن تاريخ حروب بني عامر بن صعصعة في الجاهلية، والصحابة .. إلخ في قبيلة سُبيع والسهول (من بني عامر بن صعصعة) في المجلد السادس من الموسوعة.

(4)

كان بنو هلال حين غزوة حُنين مجرد عشيرة من بنى عامر ضمن بطون هوارن، وقال عنهم العباس بن مرادس السُّلَمى في شِعره يوم حنين:(وصرِمًا من هلال) أي الجماعة القليلة المتفرقة والمنقطعة عن الحي في البادية.

ص: 445

قال شمس الدين الذهبي

(1)

عن بني هلال في عهد الإسلام:

في عام 361 هـ: أخذت بنو هلال ركب العراق وقتلوا خلقا كثيرا.

وفي عام 399 هـ: رجع ركب العراق خوفًا من قبائل طيئ فدخلوا بغداد قبل عيد الأضحى، وأما ركب البصرة فأخذهم بنو زُغبة الهلالية.

وقال ابن خلدون: ساروا إلى مصر في عهد القرامطة في خلافة المستنصر الفاطمي وزاحمهم بنو سُلَيْم فساروا جميعًا إلى بلاد المغرب، وهلال له خمسة أولاد تفرعت منهم بطون الهلالية وهم: شعبة، وناشرة، ونهيك، وعبد مناف، وعبد الله.

وكان من عبد مناف زينب أم المؤمنين زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وهي زينب بنت خُزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد الله بن عبد مناف بن هلال، ومن عبد مناف أيضًا من عبد الله بن عبد مناف أم المؤمنين ميمونة

(2)

بنت الحارث بن حزن بن بجير بن هرم بن رويبة بن عبد الله.

ومن هلال (الأُثْبج) ومنهم سراح بجهة برقة، وعِياض بجبل القلعة المسمى لهم، و (رياح) وبلادهم بنواحي قسنطينة والزاب (الجزائر)، وعُتبة بنواحي بجاية (ساحل الجزائر)، ومنهم خلق بالمغرب الأقصى، و (زُغْبة) وهم في بلاد زناتة، و (قارع) فإنها في المغرب الأقصى مع المَعْقِل وقُرَّة وجُشم، و (بنوقرَّة) منهم أيضًا في برقة، وكانت رياستهم أيام الحاكم العبيدي الفاطمي لماضي بن مقرب، ولما بايعوا لأبي ركوة من بني أميَّة بالأندلس وقتله الحاكم سلط عليهم العرب والجيوش فأفنوهم وانتقلوا جميعًا إلى المغرب الأقصى إلا أشلاء ما زالت في برقة امتزجت بأهلها.

(1)

انظر كتاب دولة الإسلام 673 - 748 هـ ج 1، وج 2 - طبع على نفقة إدارة إحياء التراث العربي الإسلامي بدولة قطر.

(2)

ميمونة الهلالية آخر امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وهي آخر من مات من زوجاته، روت 76 حديثا للنبي صلى الله عليه وسلم وعاشت 80 عامًا، وتوفيت في سرف قرب مكة، وهو نفس المكان الذي تزوجت فيه النبي عليه الصلاة والسلام.

ص: 446

وقال ابن حزم في الجمهرة عن بني هلال بن عامر من هوازن: ولد لهلال بن عامر شعبة وناشرة ونهيك وعبد الله، فمن شعبة: بنو عبد الله بن شعبة.

ومن بني ناشرة: بنو عمر وظالم ابنا ناشرة، ومن بني نهيك: قُبيصة بن المخارق بن عبد الله بن شداد بن معاوية بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر له صحبة ورواية، وابنه قطن بن قُبيصة، وأبو جامع بن المخارق بن عبد الله بن شداد، ومن ولد عبد مناف بن هلال: مسعر بن كدام الفقيه، وأم المؤمنين زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد الله بن عبد الله مناف بن هلال بن عامر، ماتت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها، والنزال بن سبرة له صحبة، وحميد بن ثور الأرقط الشاعر، ومن بني عبد الله بن هلال بن عامر: أم المؤمنين ميمونة

(1)

بنت الحارث بن حزن بن بجير بن هرم بن رويبة بن عبد الله بن هلال، ولبابة الكبرى أم خالد بن الوليد، بنتا الحارث بن حزن رضي الله عنهما، وصفية بنت حزن أخت الحارث بن حزن عمة أم المؤمنين ميمونة وهي أم أبي سفيان بن حرب بن أمية، وعبد الله بن يزيد بن عبد الله بن الأصرم بن شعبة بن الهرم بن رويبة بن عبد الله بن هلال، وابنه عاصم بن عبد الله ولي خراسان، والسري بن شراحبيل بن الأفقم بن محجن بن أبي عمرو بن شعبة بن الهرم وعداده في الأنصار، وعمته أم جميل بنت الأفقم التي اتُّهم بها المغيرة بن شعبة الثّقَفي، وكانت تحت الحجاج بن عتيك الثقفي أي زوجة له، ومن بطون بني هلال بنو قُرَّة، وبنو بعجة الذين بين مصر وإفريقيا، وبنو رياح الذين أفسدوا إفريقيا، وبنو حرب الذين بالحجاز

(2)

(انتهى قول ابن حزم).

(1)

انظر الهامش السابق.

(2)

عن بني حرب فقد نوهنا عن الخطأ الوارد في الجمهرة في المجلد الخامس ط 2001 م/ 1421 هـ. وحرب من خَوْلان من قُضاعة القحطانية ومعها بعض العناصر العدنانية على رأسها مُزيَنة وسُلَيْم.

ص: 447

قال صاحب ذات الفروع في بني هلال:

وفي القلب من حي (هلال بن عامر)

نوازع حب لا تزول وتنهب

هم أوطأوا غربي مصر جيادهم

وهم ما هموا والدهر بالناس قُلَّب

‌يقول المؤرخون عن بني هلال وتاريخهم مع الدول في بلاد المغرب:

بدأتْ الغزوة الهلالية لعرب بني هلال من القطر المصري متوجهة إلى تونس الخضراء عام 442 هـ - 1051 م، وسارت جموعهم الحاشدة إلى برقة وفتحوا أمصارها وخرَّبوا المدينة الحمراء وأجدابية وسرت، وفي ذلك يقول ابن خلدون:"إن الرُّحَّل المشتغلين بالزراعة من بني هلال كانوا يحملون معهم الخراب أينما ذهبوا، وكانوا يغيرون على البلاد وينهبونها فأخذت الأرض الزراعية شيئًا فشيئًا، ففسدت في برقة مذاهب المعاش وانتقض العمران وأصبحت البلاد قفرًا يبابا"!

ومع ذلك فقد استقرت قبيلة بني قُرَّة في برقة أو أغلبها وامتزج أفرادها باهل برقة (ليبيا) بالمصاهرة والجوار والحلف، مما يجعل من الصعب الآن التمييز بين ذريتهم وذرية أهل البلاد الأقدم.

ولقد استقر بعض الهلاليين في تونس، ونزح أغلب بطونهم إلى الغرب في بلاد الجزائر ومراكش، سواء بسبب الضغوط من الدول التي قامت في بلاد المغرب أو بسبب النزاعات والحروب التي تندلع فيما بينهم تارة، وتارةً أخرى مع بطون بني سُلَيْم، وقد بلغ الأُثبج من هلال الزاب الشرقي وأكناف جبال أوراس واندفعوا نحو الجنوب الغربي حتى بلغوا جبال عمور الواقعة عند مشارف الصحراء في وسط البلاد الجزائرية؛ وهي ما بين الجزائر ووهران، وتقدم فوج آخر إلى الزاب الغربي وشط الحضنة والمعقل في فيافي ناحية الجزائر، ومن ثم اعتصم البربر في الجزائر من الهلالية بالجبال والواحات والصحراء واستطاع أغلبهم الاحتفاظ بلغتهم وسننهم حتى الآن، أما في الفيافي والسهول فقد امتزج العرب بالبربر بالمصاهرة فنشأ من هذا الامتزاج من بعض قبائل الهلالية أجيالًا جديدة لا تكن العداء للعنصر البربري

ص: 448

الإسلامي وتشاركه أفراحه وأحزانه، أما في مراكش فقد احتل فريق ثالث من الهلالية وأتباعهم من العرب السهول المراكشية على طول ساحل المحيط الأطلنطي من طنجة في الشمال إلى ميناء صافي في الجنوب، وفي الداخل من مدينة فاس إلى وزان، ويؤكد أكثر المؤرخين أن عدد من جاءت بهم هذه الموجات الغازية خلال القرن الخامس الهجري وحتى القرن الثامن الهجري ما بين مائتي وثلاثمائة ألف نسمة.

والراجح من الناحية التاريخة المنطقية هو أن الغزوة الهلالية لم تتم دفعة واحدة وإنما على مراحل، وإنما كانت هجرة ضخمة غير طبيعية وكان لابد لها أن تصطدم بالنظم وبالجنود وطوائف العرب الأخرى الموجودة في البلاد المغاربية قبلها وذلك على طول الطريق الذي سلكته في رحلتها، وبهذه الكيفية اتخذت سمة الغارات في فترات مختلفة متفاوتة المدد الزمنية.

وكان لبني هِلَال وبني سُلَيْم سيَّر وسيَّر عبر القرون التي أعقبت عام 442 هجري، وقد كانت بطون تلك القبائل تعمل لحسابها الخاص من حيث الاحتفاظ بأكبر قدر من المنافع والنفوذ في شتى بقاع المغرب العربي وخلال الدول التي قامت في تلك البلاد، وكانت تلك القبائل منها من يستقيم أو يوالي بعضها لدولة في تونس أو المغرب الأوسط (الجزائر) أو في المغرب الأقصى، وفيها من يعارض ويعمل لحسابه الخاص، ولذلك كانت بلاد المغرب مسرحًا كبيرًا لفصول الأحداث التي تعاقبت مجرياتها عبر مراحل زمنية طويلة امتدت قرون عديدة بالنسبة لعرب هِلَال وسُلَيْم وأتباعهم من الجزيرة العربية.

ولقد برزت قبيلة رياح الهلالية في مستهل الغزوة الكبرى واحتلت مكان الصدارة في مجرى الحوادث التي تعاقبت في تلك الحقبة الزمنية، وكانت رياح أقوى بطون بني هلال وزعيمها ذلك الحين مؤنس بن يحيى بن مرداس، وقد حاول الأمير الزيري المعز بن باديس الذي لم يدرك حقيقة عواقب غزوة الهلالية لإفريقيا (تونس) إلا بعد فوات الوقت، فقد حاول هذا الأمير أن يكسب إلى جانبه قبيلة

ص: 449

رياح عقب وقوع الغزو الهلالي فتقرَّب إليهم بالمصاهرة بأن زوَّج بناته من بعض أمرائهم، فمنحه هؤلاء المصاهرون حمايتهم، فاستطاع بمعاونتهم الفرار من القيروان عندما تحرَّج مركزه، وقد لجأ إلى ابنه تميم في المهدية (وهي شرق القيروان على شط البحر)، وقد أفادت رياح الهلالية من تقسيم ملك بن زيري إلى دولتين في عهد أبي مناد بن باديس ناصر الدولة فاستولى مقاتلوها في بداية الغزوة الهلالية على الجزء الأكبر من السهول التي غادرها البربر للبحث عن ملجأ لهم بين الجبال، ثم قامت قبيلة الأثبج الهلالية هي الأخرى بالاستيلاء على مدينة باجة في شمال القطر التونسي، وكان الخليفة الفاطمي المستنصر بالله قد أقطعهم إياها سلفًا، وعقب ذلك أقسم أهل مدينة قابس يمين الطاعة لزعيم قبيلة رياح وهو مؤنس بن يحيى. وقال ابن خلدون: إن هذا الحدث يعدُّ أول غزو حقيقي للعرب بعد رحيل الفاطميين إلى مصر من المغرب واتخاذهم القاهرة عاصمة لهم، وقد شيد محريز بن زياد أحد زعماء قبيلة رياح الهلالية حصنًا لنفسه في المعلقة بين أطلال قرطاجة، وقد أيد زعماء المعلقة الأقوياء سياسة بني زيري في المهدية وانضموا إليهم في مناهضتهم للموحدين، غير أن مقاومتهم لم تقف طويلًا ضد الحملات التي أنفذها الموحدون على تونس وكان الاضطراب يسودها، ولم تكن الغزوة الهلالية السبب الوحيد في زعزعة كيان دولة بني زيري ثم انهيار أركانها على النحو الذي آلت أو انتهت إليه دكان كانت هذه الغزوة من أقوى العناصر التي ساعدت إلى حد بعيد على هذا الانهيار السريع، فالحملات البحرية المتواصلة التي قام بها الأوروبيون على أطراف ملك الزيريين الشمالية في غير هوادة من ضمن الأسباب، وقد شملت تلك الحملات جزر صقلية وسردنيا والبليار في شرق الأندلس وكانت كلها مع العرب مثل الأندلس (إسبانيا والبرتغال)، وقد كانت تمهيدًا منظمًا للهجوم على سواحل تونس وبعض الثغور ثم احتلال مدينة المهدية في نهاية المطاف، وكانت المدينة الوحيدة التي لم تتعرض للسيطرة الهلالية، وأيضًا لا ننسى الصراع بين أفراد الأسرة الزيرية الصنهاجية وقيام دويلة زيرية في غرب البلاد التونسية، وهي دولة بني حماد في منطقة مدينة بجاية وهي ما يسمى الآن بإقليم بني حماد

ص: 450

أو منطقة القبائل الكبرى في القطر الجزائري، كل هذه العوامل مجتمعة جعلت دولة بني زيري الصنهاجية البربرية القوية التي وصل بها الأمر من القوة أن أعلنت الانفصال عن الخلافة الفاطمية في القاهرة جعلتها متداعية البنيان مسلوبة السلطان، وصارت أملاكها نهبًا بين الإفرنج والحماديين أبناء عمومتهم، والعرب الهلالية.

‌دولة بني حماد بن بلكين بن زيري بن مناد:

وقد انفصل حماد بن بلكين ابن الأمير زيري بن مناد من بني جير الصنهاجية عن طاعة ابن أخيه ابن مناد بن باديس بن المنصور بن بلكين، ثم اتفق حماد والمعز بن باديس وديًّا على اقتسام مُلك بني زيري، فخص حمادًا الجزء الغربي من الدونة وكان ذلك عام 408 هـ (1017 م)، فبادر هذا الأمير الصنهاجي إلى تأسيس دولة بني حماد في ذلك العام نفسه في ظل الخليفة المعز لدين الله. الفاطمي في مصر، وسرعان ما شمل سلطان هذه الدولة الناشئة الجزء الممتد من البحر المتوسط في الشمال إلى الزيبان في جنوب مدينة بسكرة، ومن جبال الحضنة شرقًا إلى تاهرت (تيارات) غربًا، وكل هذه البلاد في الجزائر حاليًا وكانت تسمى المغرب الأوسط، ولم تكن أيدي الهلالية قد امتدت إلى ملك بني حماد الذين كانوا على شيء من الحصافة السياسية، وشيَّد حماد لدولته قلعه منيعة بجهة برج بوعريرج في جنوب ميناء بجاية الساحلي، وقد جعل هذه القلعة حاضرة ملكه، وقد قدر بهذه القلعة أن تغدو من أشد مدن شمال إفريقيا ازدهارًا أو عمرانًا وظلت كذلك ردحًا من الزمن.

وقد كُتب على بني حماد بعد ذلك أن يخوضوا حربًا مستمرة ضد الزناتية الذين كانوا يهددون ملكهم من الغرب، وكذلك ضد بني زيري أولاد عمومتهم الذين كانوا من قبل سادة المغرب الأوسط (الجزائر)، كما كُتب عليهم أن يشنُّوا حربًا موصولة على العرب الهلالية منذ أن انتصف القرن الخامس الهجري، وقد توفي حماد عام 419 هـ (1028 م) تاركًا حكم دولته إلى أكبر أولاده وهو القائد ابن حماد، وقد تولى الحكم في نفس السنة التي توفي فيها أبوه وكان أيضًا في نفس الوقت قد أعلن المعز بن باديس من أبناء عمومته في تونس أعلن قصر الدعوة على الخليفة العباسي في بغداد والانفصال عن الخلافة الفاطمية في القاهرة، وكان

ص: 451

ذلك رسميًّا في عام 433 هـ (1041 م)، ولكن القائد بن حماد في دولته بالجزائر أو ما كانت تسمى بالمغرب الأوسط كان يعترف بسيادة الفاطميين، وقد تلقى في مقابل هذا الاعتراف لقب "شرف الدولة". وحينما اجتاح عرب بني هلال وبني سُلَيْم وأتباعهم تونس لم يداخل بني حماد أي انزعاج أو خوف؛ ولذا أعلنوا ترحيبهم بالغزوة ومهدوا الطريق للتفاهم مع رعمائها.

وبادر القائد بن حماد إلى توطيد دعائم دولته، فهاجم حمامة بن معز بن زيري بن عطية وهزمه ثم أكره ابن باديس على عقد صلح معه عام 443 هـ (1051 م)، وكان المعز بن باديس تد توصل لحصار قلعة بني حماد في ذلك الحين.

ولما خرج المعز عن طاعة الخليفة الفاطمي المستنصر بالله نهائيًّا قبيل عام 443 هـ استغل القائد بن حماد هذه الفرصة وأمر بأن تكون خطبة الجمعة باسم الخليفة الفاطمي، وبذلك أشهر استقلاله عن بني عمومته الزيريين في تونس، وحدث بعد ذلك بقليل أن وصل الغزاة الهلاليون وأتباعهم إلى الأراضي التونسية، ثم قضوا على سلطان بني زيري أصحاب القيروان في عام 445 هـ - 1053 م، ومن ثم ظن بنو حماد أن سيادتهم على المغرب الأوسط (الجزائر) قد تحققت وأنها ستظل في مأمن من صروف الدهر زمنًا طويلًا، وتوفي القائد بن حماد عام 446 هـ وتولى بعده ملك من الأسرة اسمه بلكين بن محمد بن حماد، وكان ولي العهد للقائد بن حماد وهو ابن عم المحسن وتوصل بفضل مهارته الحربية إلى إخماد فتنة أشعل نارها أخو القائد وعم المحسن (من نفس الأسرة)، وكان الملك الحمادي القائد قد بعثه على رأس جيش لهذا القتال، غير أن القائد بن حماد لم يكن مطمئنًا لبلكين، ولذا عهد إلى رعيمين من زعماء العرب هما خليفة بن مكن، وعطية الشريف بالفتك به، ولكن هذين الزعيمين بادرا إلى إبلاغ بلكين بالمؤامرة فثار وأشركهما معه في القبض على المحسن الذي قد هرب إلى القلعة وتوصل إلى قتله عام 447 هـ - 1055 م، وانتفضت مدينة بسكرة بتحريض عاملها جعفر بن أبي رمان عام 447 هـ - 1055 م فأنفذ إليه بلكين خلف بن حيدرة فقضى على الفتنة وأحضر زعماءها إلى القلعة وأعدمهم، وبعد أربعة أعوام في عام 454 هـ - 1062 م تقدم بلكين نحو المرابطين في المغرب الأقصى وردهم إلى

ص: 452

الصحراء واستولى على مدينة فاس وأخذ أعيانها رهينة لديه، وأثناء عودته خلال العام نفسه قتله ابن عمه الناصر بن علناس عند بلدة تسالة انتقامًا لأخته (تانمرت) التي قد قُتلت بأمر بلكين بعد أن اتهمها بقتل أخيه المقاتل في الجيش وكان زوجًا لها.

‌الناصر بن علناس الحمادي الصنهاجي وقتاله للهلالية:

وكان عهد الناصر بن علناس الذي دام من عام 454 إلى عام 481 هجرية (1062 - 1088 م) عهد انتصار في شتى النواحي وسُمي بالعهد الذهبي لدولة بني حماد، وقد نقل الناصر عاصمته من القلعة التي شيدها جدهم حماد بن بلكين مؤسس الدولة الحمادية إلى ميناء بجاية على شط البحر المتوسط (بالجزائر)، وقد أصبح أميرًا على قسنطينة والجزائر وعنابة ومليانة وحمزة ونكاوس، وقد أوصى بإدارة هذه النواحي إلى أبنائه وإخوانه، ثم بسط رقعة مملكته شرقًا منتهزًا فرصة الشقاق والنزاع اللذين حدثا في ذلك الحين بين قبائل الهلالية، إذ انشقت قبائل عدي والأثبج على قبائل رياح وزُغْبة وبطون عوف من سُلَيْم، انتهز الناصر هذه الفرصة فسعى لضم قبائل عدي والأثبج إلى جانبه وسرعان ما اعتُرف به سلطانًا على القيروان وسوسة وصفاقص وتونس (بلاد تونس)، وقد امتدت سيطرته على تلك النواحي ونصَّبوه حاكمًا عليهم فترة من الزمن، ولقد أفلح خلال عام 457 هـ (1064 م) في تكوين جيش من بعض القبائل الهلالية الموالية له بعد أن قدمت حشود من عدي والأثبج فروض الطاعة إليه طالبة مساندتها ضد قبائل رياح وزُغبة الهلالية، فرحب الناصر بن علناس بهم وقبل مساندتهم طمعًا في أن يستولي على بعض المدن والنواحي التابعة لتميم بن المعز بن باديس، أو بمعنى أصح تحت سيطرة فعلية لرياح وزُغبة من هلال وبني عوف من سُلَيْم، وزحف الناصر في العام نفسه وانضمت إليه جموع من قبيلة زناته البربرية والتقى بجنود رياح وزُغبة وسُلَيْم فدارت الهزيمة على جموع الناصر بن علناس في سبيطلة (جنوب غربي القيروان)، وقُتل من رجاله عدد كبير ونهبت أمواله ومضاربه وقُتل في المعارك أخوه القاسم بن علناس، ولم يستطع أن يحول دون تدمير إقليمي الزاب والحضنة (في الجزائر) على أيدي جنود قبيلتي رياح وزُغبة الهلاليتين وبني سُلَيْم وحلفائهم من (مغراوة) البربر في طرابلس الذين كان يقودهم المستنصر ابن خزرون.

ص: 453

غير أن الناصر رغم هزيمته الشنعاء لم يستسلم للهزيمة طويلًا، ففي عام (460 هـ 1067 م) أعاد الكرة مستعينًا ببني الأثبج الهلالية وحاصر مدينة الأربس وما زال على حصارها حتى تمكن من الاستيلاء عليها وقتل عاملها ابن مكراز، ثم زحف بجيشه على القيروان فدخلها منتصرًا وأقام بها بعض الوقت ثم قفل راجعًا إلى القلعة متقيًا شر هجمات وغارات العرب الهلالية والسُّلَمية المعارضين له في بلاد تونس؛ وتوغلت جيوش الناصر بعد أن تغلبت على معظم خصومه صوب الجنوب الجزائري ففتحت إقليم الزاب وعاصمته بسكرة، وواصلت زحفها حتى بلغت واحة ورقلة عند مشارف الصحراء الكبرى وذلك بعد أن اجتاحت وادي إيغاغار ووادي قيزاب في غرب ورقلة؛ ولقد جعلت هذه الانتصارات الباهرة من الناصر بن علناس حاكمًا من أقوى حكام بلاد المغرب وقتئذ، وأراد أن يزيد في رخاء رعاياه بتنمية التجارة وتوطيد دعائم الاقتصاد في بلاده فحاول ما وسعت جهوده من طاقة أن يجذب التجار الإيطاليين إلى ميناء بجاية التي كان قد شيدها قبل ذلك وبنى فيها قصر اللؤلؤ، وعمل جاهدًا على إقامة علاقات ودية مع مدن إيطاليا الساحلية لهذا الغرض، كما عمل على تقوية هذه العلاقات مع البابا جريجور السابع في روما بواسطة القس سرفندس الذي صار فيما بعد أسقف عنابة

(1)

(بؤنة القديمة) وتوفي الناصر عام 481 هـ تاركًا الحكم لولده المنصور.

‌المنصور بن الناصر ودور الهلالية معه:

فكَّر المنصور بن الناصر بن علناس الحمادي منذ أن قبض على زمام الحكم في نقل عاصمته نهائيًّا من القلعة إلى ميناء بجاية؛ لأن حلفاء أبيه من بني الأثبج الهلالية الذين صاروا حلفاءه أيضًا أصبحوا عبئًا ثقيلًا على الدولة ولا سيما بعد أن تجمعت حشود غفيرة منهم في أرجاء القلعة وحولها، ومن هنا بدأت مخاوف المنصور تزداد إذ قد يحاول هؤلاء العرب بانضمام بعض القبائل العربية الأخرى إليهم تهديد القلعة بغزواتهم المفاجئة تهديدًا خطيرًا قد يُقوِّض أركان ملكه فينهار تحت وطأة هذه الغزوات، وفي عام 483 هـ - 1090 م انتقل نهائيًّا إلى ميناء بجاية ولكنه لم يتخل كلية عن القلعة ومن ثم صارت لدولة بني حماد في عهده

(1)

عنابة: مدينة ساحلية في شرق الجزائر اسمها القديم بونة، ثم سماها العرب عنابة لكثرة أشجار العناب حولها.

ص: 454

عاصمتان يصلهما طريق مُعبَّد ومُمهَّد، وعهد المنصور يوصف بالعهد الذهبي كعهد أبيه، فقد استعاد هذا الأمير الصنهاجي مدينتي عنابة (بونة) وقسنطينة وكان الأمراء السابقون لأبيه من بني حماد قد تنازلوا عنها لبني ريري، ثم صار الناصر أميرًا عليهما ثم خرجتا عن طاعة الحماديين، وعمد بعد ذلك إلى إخضاع أهل القبائل الذين كانوا يحطُّون رحالهم بالأقاليم المحيطة بميناء بجاية، وعنى عناية خاصة بأن يدفع عن مملكته غائلة المرابطين؛ ولا سيما أن يوسف بن تاشفين مؤسس الدولة المرابطية كان في ذلك الحين قد أخضع الجزء الغربي من القطر الجزائري لحكمه ووصل في فتوحه إلى تخوم دولة بني حماد بعد أن أوقف تقدم إفرنجة الأندلس في الزلاقة عام 479 هـ - 1086 م، وتوصل إلى خلع أمراء الأندلس وأضحى سيد هذه البلاد دون منازع، وعندما استولى المرابطون على تلمسان غربي القطر الجزائري عام 474 هـ - 1081 م استخدم المنصور بن الناصر الحمادي العرب الهلالية من الأثبج في شن الغارات على جيش المرابطين (بالمغرب الأقصى) إلى أن هزمهم في جبل تسالة واستولى مرة أخرى على تلمسان عام 496 هـ - 1102 م، وقد أوقف تقدمهم وردهم إلى المغرب بعد أن كانوا قد وصلوا في رحفهم إلى مشارف مدينة الجزائر، ثم وجه المنصور حملات موفقة على البربر وكانوا قد أثاروا الفتنة في عدة أقاليم فاستطاع بإخمادها أن يعيد الأمن إلى نصابه في مملكته وأن يدخل الطمانينة على نفوس رعاياه، ولم يُقصِّر المنصور في توسيع نطاق العمران بمدينة بجاية عاصمة مملكته الثانية فزيَّنها بالبنايات الفخمة التي كان أهمها قصر النجمة، وتوفي المنصور عام 498 - 1104 م وتولى الحكم لدولة بني حماد خليفته وولي عهده العزيز.

‌عهد العزيز بن المنصور بن الناصر بن علناس الحمادي الصنهاجي

أخذت عوامل الاضمحلال تدب في كيان دولة بني حماد وبدأ سلطانها ينكمش ويضعف، ذلك أن العزيز الذي استغرق عهده الفترة الواقعة بين عامي 498 هـ - 515 هـ / 1104 م - 1121 م لم يحرز غير انتصارات مؤقتة لم تكن ذات أثر حاسم، ففي مستهل حكمه جهز أسطولًا فغزا جزيرة جربة التونسية، واستطاع من جهة أخرى أن يهزم جيوش العرب الهلالية وأن يسترد إقليمي الزاب والحضنة (بالجزائر) اللذين كان بنو هلال بمعاونة بني سُلَيْم ومغراوة طرابلس قد

ص: 455

غزوهما في عهد جده الناصر بن علناس، وحتى هذا الانتصار المؤقت لم يترك أي قوة دافعة تبقي على كيان الدولة الحمادية ولو إلى حين؛ ذلك أن خليفته يحيى بن العزيز الذي تولى الحكم بعده خلال عام 515 هـ - 1121 م سرعان ما بدد نتائج ذلك الانتصار ومحا كل ما خلفته من مكاسب حربية.

‌عهد يحيى بن العزيز الحمادي:

كان يحيى مندمجًا في الملذات مُغرمًا بالنساء محبًّا للصيد والقنص، وبسبب هذه العيوب الخُلقيَّة سرعان ما ظهر عجزه التام عن دفع الخطر الخارجي الذي كان يهدد كيان دولة بني حماد وينذر بتقويض أركانها من أساسها، ولقد كان الخطر يزداد تفاقمًا على مر الأيام، ففي عام 531 هـ - 1136 م غزا الإيطاليون من أهل ميناء جنوة ميناء بجاية عاصمة الحماديين الثانية، وعاود البربر هجماتهم على أملاك بني حماد، واستمر العرب الهلالية على غزواتهم المدمرة دون أن تصادف أية مقاومة جديةً تذكر، ثم اجتاح الموحدون

(1)

بالمغرب آخر الأمر بلاد الجزائر عام 547 هـ - 1152 م بعد استيلائهم على مراكش والأندلس، وتقدم القائد الموحدي عبد المؤمن وهزم سبعًا أخا السلطان يحيى بن العزيز وذلك في بجاية حاضرة مُلك بني حماد عندها لاذ السلطان يحيى باذيال الفرار تاركًا حاضرة ملكه، فأسرع عبد المؤمن قائد الموحدين إلى احتلالها دون أية مقاومة، وأمر جنوده بهدم القلعة المنيعة التي شيدها حماد بن بلكين مؤسس الدولة الحمادية بجهة برج بوعريرج فمحوا آثارها من الوجود، ثم شتتوا أهلها بعد أن أرغموا العرب الهلالية وأتباعهم على الفرار إثر الاشتباك معهم في معارك ضارية دامت أربعة أيام بالقرب من مدينة سطيف الواقعة في الجنوب الشرقي من بجاية، وكان ذلك عام 547 هـ - 1152 م نفسه وهو تاريخ نهاية دولة بني حماد، وقد احتمى السلطان الحمادي عقب هربه من بجاية في مدينة عنابة (بونة)، ثم فرَّ بعد إلى مدينة قسنطينة حيث سلم نفسه إلى عبد المؤمن دون أن يخوض معركة واحدة، فأخذ أسيرًا إلى مراكش ثم إلى

(1)

الموحدون: دولة أسسها عبد المؤمن الكومي من قبيلة كومة من بربر المغرب وقد قضى على نفوذ الأشراف الأدارسة وغيرهم وتوسع في بلاد المغرب والأندلس وأنشأ دولة قوية، وكان ابن تومرت هو الأب الروحي للموحدين وهو من قبيلة مصمودة البربرية وعبد المؤمن من رجاله.

ص: 456

مدينة سلا حيث مات مغمورًا عام 558 هـ - 1163 م، وقد دامت دولة بني حماد في المغرب الأوسط (الجزائر) من عام 405 هـ إلى 547 هـ - 1014 - 1152 م.

‌لمحة لمعركة سطيف بين قائد الموحدين وبني هلال:

يقول المؤخورن أن عدد رجال عبد المؤمن الكومي كان أكثر من ثلاثين ألفًا، وأن قبائل بني هلال قد حاربت جيش الموحدين بربع هذا العدد، وصمدت بكل ما لديها من قوة لدرجة أن حاربت نساء الهلالية إلى جانب الرجال، وكانت معركة دموية حامية الوطيس استمرت أربعة أيام تركض فيها الخيول وتقعقع فيها السيوف وتتناثر فيها الجثث والأشلاء وتسيل فيها الدماء الغزيرة، وكانت هذه المعركة أول هزيمة قاسية للهلالية في المغرب الأوسط، وكان من نتائجها المباشرة أن استقرت بطون عديدة منهم في المغرب الأقصى بعد أن حمل الموحدون عددًا من زعمائهم إلى تلك البلاد، ورغم هزيمتهم فكان عبد المؤمن يعاملهم بكل كرم ويحوطهم بكل رعاية لما أنه يعرف شرف نسبهم في العرب وشهرتهم في الشجاعة وقوة البأس، وقد جرَّب ذلك منهم رغم قلتهم في معركة سطيف، وقد أقطعهم عبد المؤمن قِطَعًا كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة فصاروا أغنياء لربما حتى الآن ذريتهم في مراكش من أغنى القبائل العربية في المملكة المغربية.

‌عبد المؤمن الكومي يستعطف بني هلال:

رغم هزيمة عرب بني هلال في سطيف على أرض الجزائر من عبد المؤمن الكومي زعيم دولة الموحدين بالمغرب، إلا أن عبد المؤمن بادر بإرسال كتب رقيقة إلى زعماء بني هلال الباقين في تونس والجزائر يحثهم فيها على الانضواء تحت لوائه لغزو الأندلس، والقضاء على ملوك الإفرنجة الذين تغلبوا على المسلمين هناك لتستعيد العروبة والإسلام في تلك الديار عزها ومجدها، وقد لبى نداءه جموع حاشدة من بني هلال وبعض بني سُلَيْم فكانوا لجيوش الموحدين خير عون في غزو البلاد الأندلسية، وتم فتح مدن كثيرة بها بعد أن تغلَّب عليها الإفرنج من الإسبان والبرتغال ولم تشمل الفتوح جزر البليار في شرق إسبانيا، وكان عبد المؤمن قد

ص: 457

عهد إلى والده عبد الله بولاية بجاية وكلفه بأن يواصل الغارات على جهات متفرقة من حدود إفريقيا لإضعاف قوات حكامها الدفاعية تمهيدًا لغزوها، وكان أمرها في ذلك الحين في قبضة روجير صاحب صقلية جنوب إيطاليا، وفي عام 554 هـ - 1159 م جهَّز عبد المؤمن الكومي جيشًا عدته مائتا ألف مقاتل بينهم عدد كبير من بني هلال على الأخص قبيلة رياح، وقد زحف بهذا الجيش المزوَّد بالمؤن الوفيرة والعتاد الكامل على تونس برًّا وأمر أسطوله البحري بحصار مدينة تونس بحرًّا، ولم يطل هذا الحصار إذ دانت المدينة لطاعته بعد وقت قصير فدخلها دخول الظافرين وبادر إلى حصار المهدية، وبعد سبعة أشهر استطاع فتحها ومنح الأمان لحاميتها من النصارى بشرط أن يبحروا فورًا إلى صقلية (وهي جزيرة كبيرة جنوب إيطاليا) ثم توالت انتصاراته فاستولى على صفاقس ثم قابس، واستطاع بمواهبه الحربية طرد أهل جنوة وجميع الإفرنجة ولا سيما أهل جزيرة صقلية من تونس وجميع المواني في البلاد المغاربية والتي كانوا قد احتلوها مستغلين الفوضى التي كانت تسود البلاد حينئذ، ولكن هناك بعض قبائل الهلالية قد ثاروا عليه في تونس من رياح وغيرها، فولى على فريق منهم عساكر بن سلطان وهو من الدواودية من رياح، وأرسل الباقي إلى المغرب الأقصى بصحبة زعيمهم مسعود بن سلطان شقيق عساكر الذي ظل في تونس، وقد اشتهر مسعود في مراكش بلقب (البلّط).

وأرسل عبد المؤعن الكومي فرقًا من الجيش الموحدي إلى طرابلس وبرقة، وقد تمكنت هذه القوات من إجلاء الحاميات الإفرنجية التي كانت تحتلها على السواحل الليبية، وامتد ظل الموحدين (البربر) فشمل بلاد المغرب كلها والأندلس.

‌عبد المؤمن الكومي:

هو أصلًا من بربر مدينة بجاية الساحلية (شرق الجزائر حاليا) وتعرّف على ابن تومرت مهدي الموحدين، ثم بعد موت ابن تومرت الأب الروحي للموحدين حكم هو الدولة ما بين عام 527 إلى 559 هجري، أي حوالي اثنين وثلاثين عامًا وهو المؤسس لدولة الموحدين الكبرى والتي تكونت من قبائل البربر.

ومن أشعاره لبني هلال بعد هزيمته لهم في معركة سطيف (الجزائر) يحضهم على الانضمام لجيشه لغزو بلاد الأندلس:

ص: 458

أقيموا إلى العلياء هوج الرواحل

وقودوا إلى الهيجاء جرد الصواهل

بني العم من علياء هلال بن عامر

وما جمعت من باسل وابن باسل

قوموا لنصر الدين قومة ثائر

وشدوا على الأعداء شدة صائل

تعالوا فقد شُدَّت إلى الغزو نية

عواقبها منصورة بالأوائل

هي الغزوة الغرَّاء والوعد الذي

تنجز بعد المدى المتطاول

فلا تتوانوا فالبدار غنيمة

وللمدلج الساري صفاء المناهل

والبدار هي نساء الأندلس الجميلات، وشبهها عبد المؤمن بالبدار أو البدر (القمر المنير) وجمع البدر (بدور) أو بدار، وستكون غنيمة من يأتي من بني هلال في الجهاد لاسترجاع الأندلس من الإفرنج الذين تغلبوا على أغلب بلاده.

‌الأمير علي بن إسحاق الميورقي

(1)

ومعارضته للموحدين 580 هـ - 1184 م:

اتصل علي من جزيرة ميورقة (مينورقة حاليًّا) في شرق الأندلس بأهل ميناء بجاية، وبمجرد أن استوثق من ولائهم جهز أسطولا وأبحر من جزيرته ميورقة قاصدًا بجاية على ساحل الجزائر الشرقي، وقد وجد في هذا الميناء وغيره من المناطق في شمال إفريقيا أنصارًا وحلفاء مخلصين تجمعه بهم الظروف السياسية التي كانت تسود البلاد في ذلك الحين.

فعرب بنو هلال وبنو عمومتهم من قبائل بني سُلَيْم الذين استوطنوا أقطار المغرب كانوا جميعًا يترقبون الفرصة المواتية لشق عصا الطاعة على الموحدين والمماليك الغز في مصر بزعامة قراقوش، وكانوا يواصلون العمل في بلاد المغرب لحسابهم الخاص ويبتغون النفع من مناهضة حكم الموحدين، ولتحقيق هذه الغاية لم يتوانوا في الانضمام إلى رجال الأمير علي والميورقيين معه ولاسيما بعد أن اعترف هؤلاء بالخلافة العباسية في بغداد وتسلَّم أميرهم علي الغاني من الخليفة العباسي الخلعة والأعلام العباسية السوداء.

(1)

أصلًا من بني غانية ذات السلطان والجاه في الأندلس في القرن السادس الهجري وهم من البربر من قبيلة مسوفة ولمتونة أختها في المغرب الأقصى وقبل الموحدين كان أمراؤهم من بني تاشفين، وقد لحق معظم أفراد هذه القبائل بالأمير الغاني وتمسكوا بالدعوة العباسية التي تمسك بها أجدادهم مع بني تاشفين.

ص: 459

وحينما وصل الأسطول الميورقي إلى ميناء بجاية الجزائري هبّ من بقي من أهلها من بني حماد الزيريين إلى نصرته ومعاونته على احتلال المدينة، وقد نجح علي بن إسحاق في غزو إفريقيا (تونس) بأسرها بعد ذلك بقليل ولم يترك للموحدين في أرجائها سوى مدينة المهدية، ثم بادر إلى الاستيلاء على الجزء الشرقي من الجزائر وسرعان ما شملت غزواته كل المنطقة الممتدة بين ميناء بجاية ومدينة مليانة الواقعة في الجنوب الشرقي من مدينة الجزائر وذلك في المدة من عام 580 إلى 583 هـ (1184 - 1187 م)، وكان أثناء هذه الغزوات الجريئة قد احتل مدينة الجزائر خلال عام 581 هـ، ولكنه لم يستطع الاحتفاظ بها طويلًا إذ ثار أهلها في وجهه ودانوا بالطاعة ليعقوب بن يوسف المُلقَّب بالمنصور، وكان الأمير علي بن إسحاق رجلًا مقدامًا قوي العزيمة ينتصر مرة وينهزم أخرى دون أن يتسرب اليأس إلى نفسه، فقد عبر المغرب في شتى اتجاهاته فقطعه في حروبه من ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى الصحراء حيث استولى على مدينة بسكرة وبسط سلطانه على منطقتها الشاسعة، ولقد أثارت هذه الانتصارات المتتالية غضب الخليفة الموحدي يعقوب بن يوسف المنصور فخرج لقتال الأمير علي الغاني على رأس جيش كبير عام 583 هـ - 1187 م واستولى في طريقه على مليانة ثم الجزائر، وعندما اقترب جيشه من ميناء بجاية وجد الأمير علي بن إسحاق أن حاميتها لا تقوى على قتال هذا الجيش الموحدي اللجب ففر إلى قفصه (تونس)، ثم التحم ما بقي من رجاله بجيش يعقوب المنصور عند الحامة حيث نزلت بهم الهزيمة الساحقة التي كان من أهم أسبابها انسحاب عساكر المماليك وبعض قبائل الهلالية وانضمامهم زرافات إلى جيش الموحدين، وفي هذه المعركة قُتل الأمير علي بن إسحاق الغاني، عام 584 هـ - 1188 م وخلفه في قيادة الميورقيين أخوه يحيى بن إسحاق الغاني ولم يستكن الأمير يحيى لما لحق بأخيه من هزيمة، فاستمر على قتال الموحدين تسانده العصابات العربية في تونس أشهرهم رياح من هلال وأتباعهم الخُلَّط وهم من المنْتَفق بن عامر من عُقَيْل بن كَعْب من هَوَازِن، وكانوا في عداد جُشَم بن بكر من هَوَازِن وفي الجملة مع عرب هلال من هوازن أيضًا، وسموا خُلَّط في المغرب لاشتراكهم في النسب مع جُشَم وهلال في هوازن جميعًا أو اختلاط بطونهم مع جُشَم واندماجهم معهم على وجه الخصوص.

ص: 460

وظل الأمير يحعص يناوئ جيوش الموحدين مدة طويلة، وقد استولى خلالها على الجزء الجنوبي من تونس واحتل مدينة قابس عام 592 هـ - 1195 م، وفني عهد محمد بن يعقوب المُلقَّب بالناصر لدين الله اختل مدينة تونس، وعندها صار مُلك بني غانية يمتد إلى مشارف الصحراء مرة أخرى، وقد استطاع الأمير يحيى في عام 597 هـ - 1200 م قتل المملوكي الأرمني بهاء الدين قراقوش

(1)

في مصر والتخلص منه.

غير أن محمد الناصر لدين الله لم يسكت طويلًا على انتصارات الأمير يحيى التي كادت تقضي على مُلك الموحدين في شرق الأقطار المغاربية، فبعث بحملة بحرية في عام 599 هـ - 1202 م للقضاء على نفوذ بني غانية في الأندلس فهاجم الأسطول الموحدي في مراكش جميع الجزر بما فيها ميورقة ويابسة ومنورقة وكلها معاقل بني غانية غرب الأندلس واستولى على هذه الجزر وقتل رجال ابن غانية، وقد استطاع القضاء على فتنة ابن غانية بمساعدة ابن أبي حفص في تونس عام 618 هـ.

‌نبذة عن الدولة الحفصية في تونس

(2)

:

قبعد انتهاء فتنة ابن غانية الميورقي ظهر ابن أبي حفص، وقد خفض من حدة الدواودة من رياح وبطشهم بأهل الضواحي وعمل في عزيمة وثبات على توطيد الحكم الحفصي في القطر الجزائري فأفلح في ذلك ونجح في القضاء على الحملة

(1)

قراقوش: وزير السلطان صلاح الدين الأيوبي في الدولة الأيوبية بمصر والشام، وكان مقره بمصر، وفي الأعلام للزركلي أن أصله عربي وهو قراقوش أبو سعيد بن عبد الله الأسدي.

- انظر ص 193 م 5 من الأعلام - وكان قراقوش قبل هلاكه في هذه الحقبة قد غدر ببعض رجالات علَّاق بن عوف (بني سُلَيْم) وقتل ثمانين من الكعوب، وهرب باقيهم إلى برقة واستصرخوا برياح ودبكل من حمير وترجم ودلاج وكلها بطون من عوف، وظلت عوت في عداء مع قراقوشي يشنُّون عليه الغارات على أَطراف ملكه في مصر حتى قتله الأمير الغاني، ورغم هذا لم يكن من سُلَيْم إلا القليل يؤيد هذا الأمير في تونس أو في حربه ضد الموحدين، وكان المؤيد الأول هو مسعود البِّلط الرياحي الذي هرب من مراكش بعد أن نفاه الموحدون - كما أسلفنا - وقد تزعم رياح في وقوفه وراء الميورقي من بني غانية، أما بني عوف (سُلَيْم) كلها فقد انحازت إلى الشيخ أبي محمد بن أبي حفص أمير تونس والذي أنشأ الدولة الحفصية بعد انتهاء دولة الموحدين، وقرب إليه علاق ومرداس من عوف وأخرج رياح الذين كانوا مع ابن غانية وهذا بعد هلاك هذا الأمير، وقد كانت رياح الهلالية قد أفسدت البلاد وقتئذ.

(2)

الدولة الحفصية منسوبة إلى بني عمر بن الخطاب من بني عدي بن كعب من قربى وهم بنو أبي حفص عمر بن يحيى بن محمد بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (مخطوط نهاية الأرب للقلقشندي)، والصحيح كما رجحه مؤرخو تونس أن نسب الحفصيين من قبيلة هنتاتة وهي أصلًا من بطون المصامدة في مراكش (المغرب الأقصى) وقد ألحقوا نسبهم إلى أبي حفص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تيمنًا به.

ص: 461

العسكرية الفرنسية التي وجهها على تونس الملك القديس لويس التاسع بعد عودته مهزومًا من مصر ومعه شارل صاحب أنجو فذاعت شهرة أبي حفص وعظم قدره، ثم اتخذ لنفسه لقب الخليفة أمير المؤمنين بعد أن حصل عام 657 هـ - 1249 م على وثيقة من شريف الأشراف بمكة المكرمة تجعله وريثًا للخلفاء العباسيين الذين كان التتار (المغول) قد قضوا على مُلكهم في بغداد، وقد أحاط حكمه ببطانة قوية من الموحدين كانوا دعامة الدولة والجيش كما بقي سك النقود موحدي الشكل والوزن وقتئذ، ولقد حققت إمبراطورية الحفصيين لإفريقيا تقدمًا عظيمًا جعلت من تونس الخضراء مقرًّا للحكم المتين الأركان ومركزًا سياسيًّا وثقافيًّا للقطر بأسره، فكانت هناك دواوين للجيش وبيت المال والقضاء، وشيَّد أبو عبد الله المستنصر بالله القصور والمساجد والزوايا والقناطر المعلقة والمكتبات على غرار أبيه، وكانت ذات طابع أندلسي بهيج، واجتذب إلى بلاطه العلماء والشعراء والإداريين من جميع بقاع العالم الإسلامي ولا سيما من الأندلس، وكانت بساتين قصوره على نمط بهو السباع بقصر الحمراء الشهير بإسبانيا، وإليه يرجع تشييد جنة أبي فهر على بعد كيلو متر واحد من تونس، وكما ينسب لأبي حفص تشييد مسجد باب الدرب بالمناستير وهي بلدة كان بها دير للمسيحيين واشتق اسم البلدة كلها من اسم هذا الدير؛ وفي عهده تألقت الحضارة التونسية وتأنق المعماريون في إقامة المباني، والناس في ملابسهم وأزيائهم، وفي عصر أبو عبد الله الحفصي كما كان في عصر أبيه توطدت العلاقات الودية والصلات التجارية والاقتصادية المنتظمة بين برشلونة ومرسيليا وجنوة وبيزا وكلها مدن في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وكذلك في غيرها من البلدان الأوروبية، وعقدت المعاهدات لتنظيم التجارة والملاحة وأنشئت القنصليات في تونس، وقد راجت التجارة بين شمال إفريقيا وبلدان أوروبا. وقد اجتمع حول أبي عبد الله المستنصر الحفصي عدد من الجنود المرتزقة النصارى وكان ذلك سببًا في تهديد صليبي القديس لويس قرطاجنة تهديًدا خطيرًا عام 669 هـ - 1270 م.

وفي أواخر أيام حكم أبو عبد الله المستنصر الحفصي تعاقبت الفتن والقلاقل بسبب طمع بعض الأمراء ممن تربطهم بالخليفة قرابة صحيحة أو مزعومة في الاستيلاء على العرش والسيطرة على شئون الدولة، فأضعف اضطراباتها المتواصلة

ص: 462

مركز الخليفة الحفصي، وظل هذا الضعف يستشري لدرجة أن أهل مدينة الجزائر طردوا الوالي الحفصي وأنشأوا نوعًا من الحكم الذاتي لهم دام إلى عام 676 هـ - 1277 م أي بعد وفاة المستنصر بالله بعام كامل.

ولقد كان من نتائج تلك الفتن وذلك الوهن الذي انتاب الدولة بالضعف والخور أن فشلت رغبة الأمراء الحفصيين في نشر لواء الأمن والسلام على بلاد المغرب، والسبب الأول الذي يحول دون ذلك هي مشكلة البدو المعقدة المستعصية على الحل، فقد والى بنو عوف من سُلَيْم الأمير زكريا الحفصي بعد أن أجلاهم السلطان من قابس، وقد طردوا الدواودة من رياح الهلالية ثم كانوا هم أشد بلاءً من رياح إذ فرضت أحزابهم المختلفة فيما بينها إتاوات منظمة على نواحي الريف التونسي، وتدخلوا تدخلًا مباشرًا في الخلافات التي نشبت بين الأمراء الحفصيين مما هدد كيان اليلاد التونسية إبان أواخر القرن السابع الهجري، وقد كان بنو علَّاق من عوف (سُلَيْم) يناصرون من الأمراء من يختارون وبذلك أثاروا حفيظة السكان الحضر في المدن التونسية والجزائرية الموالية للدولة الحفصية، وقد استمر حال علَّاق (سُلَيْم) في التسلط على البلاد حتى تغلَّب عليهم السلطان الحفصي أبو الحسن عام 771 هـ أي في الثلث الأخير من القرن الثامن الهجري، وفي أوائل القرن التاسع ضعف شأنهم مثل رياح الهلالية قبلهم ونزحوا إلى صحراوات ليبيا وأكثرهم في الصحراء الجزائرية، وهذا السرد ملخص (عن تاريخ بلدان المغرب العربي) طبع في الجزائر.

‌بنو هلال وما قاله العلَّامة ابن خلدون:

تمهيد: قلت: بنو هلال كان لهم طابع قصصي رائع غذى الأدب العربي بمورد خصب ما زال منهله نضَّاحًا يمد الإنتاج الفكري بعذب سلسبيله على مر الأجيال، فقصة أبي زيد الهلالي وذياب بن غانم وحروبهما البطولية مع الزناتي خليفة ما زالت تردد في أنحاء كثيرة من أقطار الوطن العربي الكبير، وذلك بعد أن ظلت مصدر وحي في الأزمان الماضية لشعراء الهلالية الذين ألَّفوا بفضل معانيها الكثيرة من الأغاني والقصص الشعري الذي حفظ لنا ابن خلدون طرائف من نفحاته، والذي ما زال الكثير منه راسخًا في أذهان سكان إفريقيا، ولأهمية هذا القصص وغزارته يقسم الرواة الشعبيون أو القاصُّون السيرة الهلالية إلى قسمين

ص: 463

ويطلقون على القسم الأول السيرة الشامية والقسم الثاني السيرة الحجازية، وهناك بعض الخرافات التي نُسجت من قِبَل الشعراء حول أسطورة الهلالية أو أنهم لم يُغْلَبوا أو أنهم حكموا بلاد تونس كلها، ولكن التاريخ الصحيح هو أنهم سيطروا لعدة سنوات على بعض المدن ثم تغلبوا على الضواحي وكانوا أعرابًا بوادي ولم تقم لهم دولة خاصة بهم وكذلك أبناء عمومتهم من بني سُلَيْم، وكما رأينا السرد التاريخي عن الدول التي قامت في بلاد المغرب بعد غزوة عرب هلَال وسُلَيْم وكيف أن هؤلاء ليسوا إلا قبائل بادية يوالون لدولة هنا مرة ويوالونَ لدولة هناك مرة أخرى، وقد كانت الحروب بينهم لا تتوقف في بقاع البلاد المغاربية وكل بطن من هِلَال أو سُلَيْم يعمل لحسابه الخاص منذ منتصف القرن الخامس الهجري، وحتى القرن العاشر الهجري وما بعد ذلك في العصر العثماني فقد كان لهم شبه استقلال ذاتي؛ والأتراك لا يحكمون سوى المدن الكبرى فقط في تونس وليبيا والجزائر، أما المغرب الأقصى فلم يستطع الأتراك العثمانيون السيطرة عليه كما هو معروف لقوة أسطول وجيش الأشراف السعديين الذين ظهروالحكم بلاد المغرب في القرون الأخيرة، أما في عهد الاستعمار الفرنسي البغيض فلقد قضى على نفوذ القبائل الهلالية والسُّلَمية والأشراف وصادر أملاكهم وأراضيهم الشاسعة، وكذلك فعل مع قبائل البربر في مختلف الأقطار بالمغرب العربي خاصة في القطر الجزائري، مما دفع تلك البوادي أن تبدأ الثورات والانتفاضات الكثيرة، وكانت يد المستعمر تبطش بها وتذبح الآلاف للإرهاب الدموي الرهيب، آخرها مذبحة قالمة وسطيف وخراطة عام 1945 م التي قُتل فيها من أبناء العرب والبربر حوالي خمسة وأربعين ألفًا في عدة أيام.

وفي عام 1954 م بدأ البدو بالثورة وكانت في البداية تقوم على كاهل قبائل العرب الشجعان ثم انخرط فيها أهل الحضر تباعًا، وقد كان البدو يستولون على أسلحة الفرنسيين ثم يحاربونهم بها، واستمر حالهم حتى تكونت جبهة وطنية تحريرية منظمة تملك أسلحة ثقيلة وقد كبدوا العدو الفرنسي آلاف الجنود من خلال حرب العصابات والكمائن في كل مكان، وكان الجيش الفرنسي ينتقم من العُزَّل في القرى والبوادي ويذبح الآلاف فصارت الخسائر فادحة في الأرواح من جراء هذه الأعمال الانتقامية، ونسي المستعمر أن القتلى هم من عرب هِلَال وسُلَيْم والأشراف وغيرهم فهل هؤلاء القوم من عرب عدنان سيسكتون على ضيم؟

ص: 464

كلا، فقد أشعلوها نارًا من تحت أقدام المستعمر الفرنسي حتى ولَّى مذعورًا ليس من الجزائر وبلاد المغرب العربي فحسب وإنما من كل إفريقيا في سنوات قلائل، والثمن هو مليون ونصف مليون شهيد من شعب الجزائر البطل قد سقطوا في ساحة الشرف والجهاد، لتشرق شمس الحرية بعد عشرات السنين من الظلم والعبودية على شعوب القارة الإفريقية حتى نهاية العقد السادس من القرن العشرين الميلادي.

‌نبذة عن فرسان بني هلال في القرن الخامس الهجري:

قال ابن خلدون في العبر: كان لبنو هلال رجالات وفرسان مذكورين أشهرهم وأشرفهم حسن بن سرحان وبدر وفضل ابنا ناهض وينسبون في دُرَيْد من الأثبج من هلال بن عامر، وماضي بن مقرب وهو من بني قُرَّة من الأثبج، والأسمر سلامة

(1)

الفارس الشهير وينسبونه في بني كثير من بطون كرفة من الأثبج، وشبان بن الأحيمر وأخوه صليصل وهم من بني عطية من كرفة من الأثبج، كما أن هناك الفارس الشهير ذياب بن غانم

(2)

، وينسب في ثور وهم من فروع ربيعة بن عامر من هوازن، وموسى بن يحيى وهو من بني صُنبر من بطون مرداس من رياح، وزيدان بن زيدان وهو من الضحاك من الأثبج، وهناك زيد العجاج بن فاضل وقد زعم البعض أن زيدًا مات بالحجاز، وأيضًا فارس بن

(1)

الأسمر سلامة الشهير بأبي زيد الهلالي وهو سلامة بن رزق بن نايل من بني كثير من كرفة من الأثبج، وأعتبره من أغربة العرب، وكلما أسلفنا أنهم ثلاثة كلهم من قيس عَيْلان من مُضَر العدنانية، وبذلك يكون الهلالي سلامة رابعهم في عهد الإسلام. وأما هم في عهد الجاهلية ويكون الثاني من هوازن؛ فالأول كان من بني سعد (هوازن) أما هو فمن هلال (هوازن)، وكانت أمه خضرة من بني جعفر الأشراف وشهرتها خضرة الشريفة، ويقول الرواة في السيرة الشعبية الهلالية في مصر أن خضرة وهي حامل في أبي زيد المسمى سلامة كانت تملأ جرة من عين ماء فرأت طائرًا ريشه أسود من الجوارح يضرب الطيور كلها عند الماء فأعجبها فطلبت من المولى أن يهبها غلامًا مثل هذا الطائر وأن يكون فارسًا لا يغلبه أحد، فلما وضعته أسود البشرة أنكره أبوه وبنو هلال من رهطه، فطردها إلى أهلها بصحبة ابنها فتربى في البادية وصار فارسًا مقدامًا لا يُشق له غبار، فلما ذاع صينه اعترت به أهله وضموه إليهم فصار من فرسانهم، وقد دخل معهم إلى تونس وله ملاحم كثيرة وفروسية في طريقهم وفي تونس، وقد صنع حوله الشعراء في مصر هالة من الخرافات والقصص الأسطورية ونسجوا الخيال الواسع الذي لم يكن له أصل في الحقيقة أو التاريخ.

(2)

ذياب بن غانم قول ابن خلدون هنا أنه من بني ثور ولكن المشهور عنه أنه من زُغْبة هو الزُّغْبي ذياب بن غانم قاتل خليفة الزناتي الذي دوَّخ الهلالية عدة سنوات وقتل العديد من فرسانهم، فتمكن منه ذياب وضربه بحربة في عينه فخرَّ صريعًا، وذكر ابن خلدون أنه قُتل في لواحي الزاب في الجزائر، أما القصص الشعبي فيذكر أنه قُتل في مدينة تونس، وطبعًا التاريخ أصح لابن خلدون.

ص: 465

أبي الغيث وعامر أخوه والفضل بن أبي علي ونسبهم أهل الأخبار في مرادس رياح، وهناك مرادس من عوف من سُلَيْم فاحذر من الخلط بينهما.

وكلذلك مليحان بن عباس وهو من حِمْيَر، وكما كان زياد بن عامر وقيل ذياب بن غانم أنه رائدهم في دخول إفريقيا (تونس) ويطلقون عليه أبا مخيبر

(1)

.

وقد ذُكر هؤلاء الفرسان في أشعار الهلالية التي قيلت منهم، وكانت الرئاسة في أول عهدهم دخول المغرب (للأُثبج) من هلَال وفروعهم زُغْبَة ورِياح وقُرَّة وعدي ومعهم بعض بطون أشجَع وفزارة منَ غَطَفان، وبطون من جُشَم وسَلُول وثَور وعُقيل من هَوَازِن وكذلك المَعْقل وهم بطن من مَذْحِج القحطانية، وبطن من عَنَزة بن أسد من ربيعة العدنانية، وعُدوان، وطَرُود من فهم وهما من قيس عَيْلَان العدنانية.

‌مُلَخَّص عن قبائل بني هِلَال

‌الخبر عن الأثبج الهلالية

قال العلامة ابن خلدون: الأُثبج كانت أوفر عددًا وأكثر بطونًا وكان التقدم لهم في جملتهم ومنهم الضحَّاك، وعياض، ومقدم، والعاصم، ولطيف، ودُرَيْد، وكرفة وغيرهم، وفي درَيد بطنين توبة، ومحنز وفيهم الرئاسة وكان في كرفة الجمع والقوة في أثبج ومواطنهم جبال أوراس (الجزائر) من شرقيه، وقد وقعت فتنة عظيمة بين بطون الألبج بعد أن قتل حسن بن سرحان من دريد، شبانة بن الأحيمر من كرفة غيلة وغدرًا، فطوت كرفة على الهائم (أي طالبت بالثأر متهيبة من سلطان البادية)، ولما غاضبت الجازية زوجها ماضي بن مقرب منِ قُرَّة ولحقت بأخيها حسن بن سرحان سلطان البوادي فمنعها منه، فاجتمعت قُرَّة وكرفة على دُرَيْد وعاونت قُرَّة وكَرْفة "عِيَاض" وظاهرتهم فأوقعوا بُدريد، وقتل أولاد شبانة بن الأحيمر السلطان حسن ين سرحان ثارًا منه بأبيهم، ثم كانت الغلب بعد ذلك لدُريد على بطون قُرَّة وكَرْفَة وعِيَاض، وكانت هذه الفتنة شديدة فافترق جمع الأثبج وجاءت دولة الموحدين وهم على ذلك التناحر وهذا الشتات، وقد كانوا في ولاء لدولة صنهاجة في بجاية، فلما ملك الموحدون إفريقيا نقلوا منهم إلى المغرب الأقصى العاصم، ومقْدم، وقُرَّة، وبعض جُشَم وذلك بعد أن هزموهم في معارك

(1)

قلت: الصحيح أن هذا اللقب على أبي زيد الهلالي لأنه هو رائدهم في دخول إفريقيا وليس ذياب بن غانم الزغبي، وقد جانب الصواب ابن خلدون في ذلك الخبر.

ص: 466

سطيف بالمغرب الأوسط (الجزائر) وقد ثبتوا في مستنقع الموت ولكن عساكر الموحدين تكاثرت عليهم من كل صوب، واعتزت رياح الهلالية على الأثبج وملكوا ضواحي قسنطينة، ورجع لهم شيخهم المنفي مسعود بن زمام من المغرب فاعتز الدواودة على الأمراء والدولة وهم من رياح، وساء أثرهم فيها وغلبوا من تبقى من الأثابج وقد نزلوا قرى الزاب (شرق الجزائر) وقعدوا عن الظعن والترحال وأوطنوا بالقرى والآطام، وبعد ظهور اللإولة الحفصية في تونس ونبذهم للدواودة ورياح وقد استجاشوا عليهم بنو سُلَيْم، ضعُفت رياح في تونس وقد اصطنع السلطان الحفصي من الأثبج (كرفة) جيشًا آخر لمطاردة رياح في المغرب الأوسط (الجزائر)، فكان هؤلاء حربًا على رياح للسلطان في الجزائر مثل بني عوف بتونس (عوف بن بُهثة ابن سُلَيْم)، وقد أقطعتهم الدولة جباية الجانب الشرقي من جبل أوراس وكثيرًا من بلاد الزاب الشرقية وبعد أن قلَّت أو اختل ريح الدولة وأخلقت حدتها وأعزت رياح مرة أخرى عليها ملكوا المجالات على من يظعن فيها، وقد نزل كرفة هؤلاء بجبل أوراس حيث إقطاعاتهم وسكنوا حُللًا متفرقة وتوطنوا به ومنهم بطون كثيرة منهم بنو محمد بن كرفة (الكلبية)، وأولاد صُهيب (الشبة)، وأولاد صبيح (الصبحة)، وأولاد سرحان بن فاضل (السرحانية)، هؤلاء هم المودعات وهم موطنون بجبل أوراس مما يلي زاب تهوادا، ثم أولاد نابت بن فاضل وهم أهل الرياسة في كرفة ولهم إقطاعات من السلطان وهم أولاد مساعد، وأولاد ظافر، وأولاد قطيفة، وأما بنو محمد والمراونة فهم جائلين في الصحاري والقفار، وأما دُريد فكانوا أعز الأثبج وأعلاهم كعبا لما كانت رئاسة الأثبج كلها فيهم؛ وكان الرئيس هو حسن بن سرحان بن وبرة، وكانت مواطنهم ما بين عنابة قسنطينة إلى طارف وصقلة وما يحاذيها من الصحراء، ومنهم بطون كثيرة: أولاد عطية، وأولاد سرور، وأولاد جار الله، وأولاد ثوبة، وكانت لهم في عموم هلال رياسة، وقال شاعرهم يمدح دُريد:

دُرَيْد ذات سراة البدو منقع

كما كل أرض منقع الماء خيارها

تحن إلى أوطان مرة ناقتي لكن معها

جملة دُرَيْد كان موارها

وهو عرب الأعراب حتى تعرَّبت

بنوف المعالي ما ينفي قصارها

وتركوا طريق النار برهة وقد

كان ما تقوى المطايا حجارها

ص: 467

وأما العَاصِم ومِقْدم والضَّحَّاك وعِيَاض منهم أولاد مشرف، ولطيف ولهم عدد وقوة بين الأَثابج، ولما انحرف العاصم ومقدم عن طاعة الموحدين وحالفوا ابن غانية الميورقي المنشق وبعد قتله بمساعدة أبي حفص نقل العاصم والمقدم هؤلاء إلى تامسنا مع جُشَم وهي في بلاد المغرب الأقصى.

أما عِيَاض من الأثبج فقد نزلت جبل القلعة (قلعة بني حماد)، وملكوا قبائله من البربر وغلبوهم على أمرهم وصاروا يتولون جبايتهم، فلما غلبتهم الدولة بمعونة رياح الهلالية صار عِياض من الاثبج هؤلاء في بلاد بني زُغْبَة، ومنهم المهاية، والزير، والمرتفع، والخراج.

أما الضحَّاك فبقي تجمعهم في الزاب بشرق الجزائر وسكنوا المدن وعجزوا عن الظعن، أما لطيف فمنهم اليتامى، وذوي أبي الخليل، وذوي مطرف، وذوي جلال، ولقمان ومنهم آل ابن مزني ولاة الزاب لعهد ابن خلدون، ومن لطيف كثير من البدو ولكنهم عجزوا عن الظعن فغلبتهم رياح الهلالية على الضواحي، وصار منهم كثير إلى المغرب فاهتضموا وسكنوا الآطام والمدن في الزاب، وما زال لهم عنجهية منذ رياستهم القديمة، ويلتحق بالأثابج أيضًا العمور وهم من هلال من ولد عمرو بن عبد مناف وهم بطنان قُرَّة وعبد الله وسكنهم في الضواحي، ومنهم فرسان وأكثرهم رجَّالة وموطنهم ما بين جبل أوراس وجبل راشد من ناحية الحضنة (أطلس التل)، أما بنو قُرَّة فهم متفرقون في القبائل والمدن وحدانا ومنهم أولاد فارس وأولاد عزيز وأولاد ماضي فموطنهم سفح جبل أوراس وحالف بعضهم بني زُغبة.

‌الخبر عن جشم من هوازن

وجُشَم

(1)

من جملة الهلالية في بلاد المغرب وهم من هَوَازِن مثل هلال، ولكن الكثرة لهلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، أما جُشَم فهو ابن بكر بن هوازن، وكان من جُشَم فخوذ في تونس وقد عارضوا الموحدين وانحرفوا مع ابن غانية الميورقي في فتنته ضد الدولة الموحدية، فما إن انتصر الخليفة

(1)

بقايا جُشَم في بلادهم ضمن قبيلة عُتيْبة من القبائل الكبيرة في المملكة العربية السعودية وأغلب بطونها من بني سعد بن بكر هَوَازِن بن منصور كما هو معروف.

ص: 468

المنصور بمساعدة ابن أبي حفص على الميورقي نقل أشياعه من الهلالية إلى المغرب الأقصى (المملكة المغربية) من بينهم جُشَم ومن خالطهم من المنْتَفَق من عُقيْل

(1)

وأسكنهم بتامسنا البسيط الأفيح وهو ما بين سلا ومراكشى في أوسط بلاد المغرب الأقصى فاستقروا هنالك، وبعد زوال دولة الموحدين غلبوا على الدولة واعتزوا لقرب عهدهم بالبداوة وأكثروا الفساد، ولما اقتحم بنومرين بلاد المغرب على الموحدين لم تكن حامية أشد بأسًا منهم هم ورياح الهلالية، وقد صمدوا للقتال في معارك ضارية مع بني مرين ثم استكانوا ومالوا إلى التحضُّر مع مرور الزمن، وصاروا من القبائل الغارمة لدفع الجباية للدولة.

وذكر ابن خلدون الخُلَّط في عداد جُشم بن بكر بن هوازن بن منصور؛ وقال: هم بنو المنتفق من عامر بن عُقيل بن كعب من عامر بن صعصعة من هوارن أيضًا.

كما ذكر أن الخُلَّط مع قبائل سفيان وبنو جابر من جُشَم منهم في بلاد المغرب الأقصى.

وأضاف ابن خلدون أن رئاسة جُشَم في بني مهلهل، والرئاسة في سفيان لأولاد جرمون، والرئاسة في جابر في ورديقة أو ورديفة.

وذكر في ص 67 من ج 6 عن ورديقة أنه يزعم كثير من الناس أن ورديقة من سدراتة من البربر وليسو من جابر بن جُشم، وقال عن سفيان: فهم حيّا حلو، بأطراف تامسنا مما يلي أسفي بالمغرب الأقصى، ومنهم الحرث والكلابية وأولاد مطاع من الحرث.

‌العاصم ومقدم من هلال بن عامر

وهي من بطون الأُثبج من هلال الذين نفاهم الموحدون إلى المغرب ونزلوا تامسنا، وكانت لهم عزة وعلياء إلا جُشَم أعز منهم لمكان الكثرة، وكان موطنهم بسيط تامسنا وقد دثروا أو تفرقوا في القبائل ببلاد المغرب الأقصى.

(1)

من عُقيل (الخُلَّط من المنتفق) سيأتي ذكرهم من قبائل المغرب، ومن المعروف أن المنتفق قبائل كبيرة حتى الوقت الحاضر في نواحي البصرة جنوب العراق، ويجاورهم إخوتهم قبائل عُبادة بن عُقَيل ومنهم الأخايل في الديار العراقية.

وذكر ابن خلدون أن تسميتهم في المغرب بالخُلَّط لأنهم اختلطوا مع جُشم من هوازن في شمالي إفريقيا.

ص: 469

‌الخبر عن رياح

(1)

من بني هلال

كانت رياح من أعز قبائل هلال وأكثرها جموعًا ورئاستهم عند دخولهم إلى إفريقيا كانت لمؤنس بن يحيى الصُنْبري من بطن مرداس بن يحيى وهناك بطون أخرى مثل عمرو، وعلي، وسعيد، وخضر، وأما الرياسة في رياح لفخذ الدواودة من مرداس وهم من داود بن مرداس بن رياح، وكان رئيس رياح لعهد دولة الموحدين هو مسعود بن سلطان ولقبه "البلِّط" لشدته وصلابته، وقد نقل الخليفة الموحدي إلى المغرب الأقصى بعض بطون رياح ومعهم البلِّط وقد أقاموا ما بين قصور كتامة إلى إزغار البسيط الفسيح، ثم فر مسعود البلط إلى تونس وجمع من بقي من قومه رياح مع أخيه عساكر؛ وذلك في عام 590 هـ ثم نزلوا على قبائل زِغْب وذباب في نواحي طرابلس وهي من (بني سُلَيْم)، وصاروا يتقلبون بينهم ثم نزعوا إلى خدمة قراقوش

(2)

الغزى (من المماليك) في مصر، ثم حضروا فتح طرابلس الغرب مع قراقوش والتي كانت تابعة لدولة الموحدين، ثم لحق بقومه مع الأمير يحيى الميورقي الشهير بابن غانية الذي انشق على الدولة الموحدية، وصار البلِّط وعموم بطون رياح جنودًا له ضد الخليفة وضد شيخ تونس ابن أبي حفص، ولكن أبي حفص بمساعدة الخليفة الموحدي استطاع أن يوقع بالأمير المنشق في بلاد الجريد جنوب تونس عام 618 هـ وقتل الأمير وعددم كبيرًا من جنوده بينهم الكثيرين من قرابة البلِّط وأبناء عمومته ومن عشيرته من (الرياحيين)، وبعدها فر البلِّط إلى المغرب الأوسط (الجزائر) ومعه رجاله وقد ذهب إلى بطون الضحَّاك ولطيف (الأثبج) فاعتزوا به وكاثروا لما أنهم كانوا خصومًا وفي فتنة شديدة مع أقاربهم من دُريد وكَرْفة بسبب مقتل حسن بن سرحان، وقد وحَّد مسعود البلِّط هذه البطون المذكورة مع رياح وصار لهم زعيمًا وتغلب على الضواحي مثل قسطيلة والقيروان ومسيدة والزاب

(3)

، وبعد وفاة البلِّط خلفهُ موسى بن محمد بن مسعود وكان له صيت في قومه واعتزار على الدولة، وجمع جموعًا لمحاربة الخليفة الحفصي المستنصر فنزل لهم الخليفة بجيش قوي عام 666 هـ وفرق جمعهم، وقد

(1)

هو رياح بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن.

(2)

قراقوش: من أمراء المماليك في مصر وأصله من إرمينيا شرق الأناضول (تركيا)، وكان جبارًا في حكمه ويُضرب به المثل للآن عندما يقصد التحكم فيقولون:"مثل حكم قراقوش".

(3)

قسطيلة والقيروان بتونس، والزاب ومسيلة في الجزائر.

ص: 470

لحق بعض كبارهم إلى الأندلس أثر هذه الواقعة، وبعد ذلك بعدة سنوات ظهر زعيم آخر من رياح اسمه شبل بن موسى واستطال على الدولة، وقد استعان هذه المرة المستنصر الحفصي ببعض أفخاذ رياح أنفسهم وهم المنشقون على شبل من أولاد عساكر، وكذلك استجاش أعوانه من بني عوف (سَلَيم) وجنود الموحدين، وفي نفس الوقت احتال على رؤساء رياح واستقدمهم لحضرة ملكه ثم تقبَّض عليهم وضرب أعناقهم جميعًا بما فيهم شبل بن موسى، ثم هاجم فرسان رياح وأتباعهم حتى بلاد الزاب في شرق الجزائر وفرَّق شملهم، وقد لحق بعض زعماء منهم وكثير من فرسانهم إلى ملوك زناتة في مدينة فاس ومدينة تلمسان، ثم زحفوا على الشرق بعد حين بمساعدة هؤلاء الملوك الموالين أصلًا لدولة الموحدين، وقد تغلَّب بنو رياح على بلاد الزاب من ورقلة وقصور ريغ وصيروها سهامًا بينهم، ثم غلبوا عامل الزاب وقتلوه وزحفوا على الأوراس وغلبوا من به من القبائل ثم تقدموا إلى التل، فجمع لهم أولاد عساكر من رياح أقاربهم المنشقين عليهم من عياض وغيرهم من الأثبج، ولكن النصر كان في جانب رياح وأولاد مسعود قادتهم، وقد سيطروا على معظم ضواحي المغرب الأوسط، ثم استمالتهم الدولة الحفصية وأقطعتهم ما بأيديهم من جبل أوراس والزاب وإقليم الحضنة، وبذلك صارت لهم إقطاعات كبيرة في الدولة الحفصية وقتئذ وتكاثروا في البلاد، وقد قسموا الضواحي سهامًا بين بطونهم وكان معهم بطن من عَنَزة بن أسد من ربيعة العدنانية، وقد كانوا مع بطن الأخضر من رياح يظعنون معهم في البوادي في المغرب الأوسط، وكذلك معهم نفاث أحد بطون جُذام.

‌الخبر عن زغبة من بني هلال

هذه القبيلة هم إخوة رياح، ذكر الكلبي: أن زغبة أبناء أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر، وكانت لهم عزة وكثرة وتغلبوا على نواحي طرابلس وقابس وقتلوا سعيد بن خزرون من ملوك مغراوة (البربر) في طرابلس حينئذ، ثم دخلوا في بلاد المغرب الأوسط (الجزائر)، ولم يزالوا بتلك الحال إلى أن غلب الموحدون على كل بلاد المغرب، وثار ابن غانية الميورقي فصاروا يدًا مع بني يادين من زناتة لحماية المغرب الأوسط (الجزائر)، وانحرفوا عن ابن غانية ولم يفعلوا مثل رباح والأثبج، وصارت بطون زُغْبة هؤلاء ما بين مسيلة وقبلة تلمسان في القفار وملك بنو يادين وزناتة عليهم التلول، ولما ملكت زناتة بلاد المغرب الأوسط ونزلوا

ص: 471

أمصاره دخل زُغْبَة إلى التلول وتغلبوا فيها ووضعوا الأتاوة على الكثير من أهلها، وقد كان لزُغْبَة عدة بطون أشهرها: بنو يزيد بن زُغْبَة وقد كان للدولة عناية بهم وأقطعتهم التلول والضواحي، وقد غلبوا على تلك المواطن من تلول حمزة والدهوس وأرض بني حسن وقد نزلوها ريفًا وصحراء، وكان للدولة استظهار بهم على جباية تلك الرعايا من صنهاجة وزواوه البربر بعد أن عجزت في اقتضائها دفعتها الدولة لبني يزيد فأحسنوا في جبايتها، وقد زادتهم الدولة عناية وتكرمة وأقطعتهم الكثير من الأوطان، وهناك بطن كبير من زُغبة آخر اسمه حُصين بن زُغبة وكانت مواطنهم إلى جهة المغرب من إخوانهم يزيد بن زُغبة، وكذلك بطن آخر يسمى مالك بن زُغبة وكان لهم أتاوات على بلد سيرات والبطمار وأمصاره وهي بجهات تلمسان غرب الجزائر، وكذلك كان بطن كبير من زُغْبَة يسمى عامر بن زُغْبة ومواطنهم في آخر مواطن زُغْبَة من المغرب الأوسط في قبلة تلمسان، وكانوا يغلبون غيرهم في تلك المواطن من بلاد حمزة والدهوس ولهم على وطن بني يزيد ضريبة من الزرع، وهناك بطن أيضًا يسمى عُروة بن زُغْبَة وكانوا أضعف بطون زُغْبَة.

‌الخبر عن المعقل من مذحج القحطانية

حسبت هذه الفئة من العرب الهلالية، وكانوا في جملتهم وهم مَعْقِل وبنو ربيعة بن الحارث بن كعب بن جلد بن مَذْحِج، وهم الآن من أقوى قبائل مراكش وتفرقوا بطونًا في بلاد المغرب الأقصى (المملكة المغربية)، وكانوا مجاورين لبطن عامر بن زُغْبَة الهلالية من قبلة تلمسان (الجزائر)، ومن بطونهم ذوي عبد الله، وذوي منصور، وذوي حسان.

وموطن ذوي منصور من تاوريت إلى بلاد درعة فيستولون على ملوية كلها إلى سجلماسة وعلى درعة وعلى ما يحاذيها من التل مثل تاري وغساسة ومكناس وفاس وبلاد تادلا، أما ذوي حسان فهم من درعة إلى البحر المحيط ونزل شيوخهم من بلد نول وينتجعون في الرمال إلى مواطن الملثمين من البربر مثل كدالة ومسوفة ولمتونة، وموطن ذوي عبد الله بين تلمسان وتواريت في التل وما يواجهها من القبلة وهم جيران بني عامر بن زُغْبَة.

وكان عرب المَعقِل في عام 443 هـ عند دخول الهلالية إلى بلاد المغرب من أضعف البطون، وقيل إن عددهم كان لا يزيد عن مائتين وقد اعترضهم بنو سُلَيْم

ص: 472

فأعجزوهم، فتحيزوا إلى بني هلال (هوارن) منذ عهد قديم، وقد نزلوا في المغرب في ملوية ورمال تافيلات وجاوروا زناتة في القفار الغربية وكثروا وأنبتوا في صحاري المغرب الأقصى فعمَّروا رماله وتغلبوا في فيافيه وحالفوا زناتة (البربر) أغلب أيامهم، وبقي منهم جمع قليل في تونس اندرجوا في جملة بني كعب من علَّاق رؤساء سُلَيْم بن منصور، وقد تقربوا إلى بني كعب حتى صاروا وزراء لهم في الاستخدام للسلطان في تونس، واستئلاف العرب في الدول التي قامت في شرق البلاد المغاربية.

ونلخص أهم ما جاء في تاريخ العبر للعلَّامة عبد الرحمن بن خلدون

(1)

قال: وكان من المعقل في قصور الصحراء مثل قصور السوس غربًا ثم توات ثم بودة ثم تامنطيت ثم واركلان ثم تاسبيبت ثم تيكوراين شرقًا، ثم كثر المعقل بمن اجتمع إليهم من القبائل من غير نسبهم فإن فيهم من فزارة وأشجع (من غطفان) أحياء كثيرة.

وفيهم "الشظة" من كرفة، "والمهاية" من عياض، وفيهم "الشعراء" من حُصين، "والصباح" من الأخضر - وكلها من بني هلال - وفيهم من بني سُلَيْم وغيرهم.

والمعقل يوجد خلاف في نسبهم، ذكرهم ابن الكلبي: هو معقل بن عليم بن جناب بن هُبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عُذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قُضاعة.

أما القول الآخر فنسبهم من بني الحرث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مَذْحِج واسمه مالك بن أد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان وهو معقل واسمه ربيعة بن كعب بن ربيعة بن كعب بن الحرث.

وأضاف ابن خلدون: إن الأنسب في نسب المعقل في بلاد المغرب أن يكونوا من الحرث الذي هو من مَذْحِج، والذي كان اسمه ربيعة وقد عدَّهُ الأخباريون في

(1)

انظر تفصيلات أخرى عن قبائل المعقل في هذا المجلد.

ص: 473

بطون هلال بن عامر الداخلين إلى شمال إفريقيا؛ لأن مواطن بني الحرث بن كعب قريب من البحرين حيث كان هؤلاء العرب الهلالية مع القرامطة قبل دخولهم إلى المغرب، ويؤيده قول ابن سعيد المغربي لما ذكر مَذْحِج وأنهم بجهات الجبال من اليمن، وذكر من بطونهم زيد ومراد، ثم قال: وبإفريقيا منهم فرقة وبرية ترتحل وتنزل، وهؤلاء الذين ذكرهم المعقل الذين هم بإفريقيا وهم فرقة من هؤلاء الذين بالمغرب الأقصى، ومن إملاء نسابتهم أن معقل جدَّهم له من الولد سحير

(1)

ومحمد فولد سحير عبيد الله وثعلب، فمن عبيد الله ذوي عبيد الله البطن الكبير منهم، ومن ثعلب الثعالب الذين كانوا ببسيط متيجة من نواحي الجزائر.

وولد محمد: مختار ومنصور وجلال وسالم وعثمان، فولد مختار بن محمد: حسَّان وشبَّانة، فمن حسَّان: ذوي حسَّان البطن المذكور أهل السوس الأقصى.

ومن شبَّانة الشبانات جيرانهم هنالك، ومنهم بطنان:

بنو ثابت ومواطنهم تحت جبل السكسيوي من جبال أدرن، وشيخهم لهذا العهد - عهد ابن خلدون - يعيش بن طلحة.

والبطن الآخر آل علي ومواطنهم في برية هنكيسة تحت جبل كزولة وشيخهم لهذا العهد - عهد ابن خلدون - حريز بن علي.

ومن جلال وسالم وعثمان الرقيطات بادية لذوي حسان ينتجعون معهم، وبنو مختار بن محمد فهم بنو حسان والشبانات والرقيطات.

منهم الجياهنة وأولاد برية في ناحية ملوية إلى مصبه في البحر مع إخوانهم ذوي منصور وعبيد الله.

ورئاسة ذوي حسان في أولاد أبي الخليل بن عمر بن عفير بن حسن بن موسى بن حامد بن سعيد بن حسان بن مختار.

والرقيطات أحلاف للشبانات، وهم أقرب لبلاد المصامدة وجبال درن وذوي حسان.

(1)

الصحيح صقيل ومنهم في الجزائر حتى الآن.

ص: 474

‌ذوي عبيد الله من المعقل

قال ابن خلدون: مواطنهم ما بين تلمسان إلى وجدة إلى مصب وادي ملوية في البحر ومنبعث وادي صا من القبلة، وتنتهي رحلتهم في القفار إلى قصور توات وتمنطيت وربما عاجوا ذات الشمال إلى تاسابيت وتوكرارين.

وبينهم وبين عامر (زُغبة) فتن وحروب موصولة، وكذلك كان لهم مع بني عبد الواد مثلها قبل السلطان والدولة فيما كانوا لبني مرين.

وكان المنبات من ذوي منصور أحلافًا لبني عبد الواد، فكان يغمراسن يوقع بهم أكثر أوقاته، وينال منهم إلى أن صبحوا بسبب الجوار واعتزت عليهم الدولة فأعطوا الصدقة والطوائل وعسكروا مع السلطان في حروبه، ولم يزل ذلك إلى أن لحق الدولة الهرم الذي يلحق مثلها، فواطنوا التلول وتملكوا وجدة وندرومة وبني يزناسن ومديونة وبني سنوس إقطاعًا من السلطان.

وهم بطنان: الهراج والخراج، فالخراج من ولد فزاح بن مطرف بن عبيد الله ورئاستهم في أولاد عبد الملك وفرج بن علي بن أبي الريش بن نهار بن عثمان بن خراج.

ولأولاد عيسى بن عبد الملك ويعقوب بن عبد الملك ويغمور بن عبد الملك إلى منصور بن يعقوب بن عبد الملك، ورجو بن منصور، وطلحة بن يعقوب وبطونهم:(الجعاونة) من جعوان بن خراج، و (الغسل) من غاسل بن خراج، و (المطارفة) من مطرف بن خراج، و (العثامنة) في عثمان بن خراج ومعهم المهاية وهم من المهاية بن عياض من هلال بن عامر، وتارة ينسبونهم إلى مهيا بن مطرف من المعقل.

والهراج هم ولد الهراج بن مهدي بن محمد بن عبيد الله، ومواطنهم في ناحية المغرب عن الخراج، فيجاورون بني منصور ولهم تاوزيزت وما إليها وخدمتهم لبني مرين ورئاستهم في ولد يعقوب من هبا بن هراج لأولاد مرين بن

ص: 475

يعقوب، وأولاد مناد بن رزق الله بن يعقوب، وأولاد فكرون بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يعقوب من ولد حريز بن يحيى الصغير بن موسى بن يوسف بن حريز.

‌الثعالبة من المعقل

قال ابن خلدون: من ولد ثعلب بن علي بن بكر بن صغير (صقيل) أخي عبيد الله بن صغير (صقيل) في سهول متيجة.

وكانت رياستهم في ولد سباع بن ثعلب بن علي بن بكر ثم في ولد يعقوب بن سباع.

‌ذوي منصور من المعقل

قال عنهم ابن خلدون: منهم في ملوية ودرعة في المغرب الأقصى.

قلت: ملوية في شمالي المغرب، ودرعة في جنوبها الشرقي.

وقال، بطونهم أولاد حسين، وأولاد أبي الحسن، والعمارنة (أولاد عمران)، والمنبات (أولاد منبا)، ويقال لهم الأحلاف.

أما أبي الحسن: نزلوا قصورًا ما بين تافيلات وتيكورارين.

وأولاد حسين: لهم العزة ورئاستهم في أولاد خالد بن جرمون بن جراد بن عرضة بن فارس بن علي بن فارس بن حسين بن منصور، وكانت أيام السلطان أبي الحسن لعلي بن غانم.

ورئاسة العمارنة في أولاد مظفَّر بن ثابت بن مخلف بن عمران، وكان شيخهم عنان بن طلحة بن مظفر وابن الزبير ثم محمد بن الزبير وأخوه موسى.

ويرادفنهم في رئاستهم أولاد عمارة بن قلان بن مخلف، فكان منهم محمد العائد، ومنهم لهذا العهد - عهد ابن خلدون - سليمان بن ناجي بن عمارة ينتجع في القفر ويكثر الغزو إلى اعتراض العير وقصور الصحراء.

ورئاسة المنبات لمحمد بن عبد بن حسين بن يوسف بن فرح بن منبا. والمنبات والعمارنة إذا اجتمعوا جميعًا يكثر أولاد حسين، وكان للمنبات كثرة لأول دولة بني مرين.

ص: 476

وموطن العثامنة تلي مواطن بني منصور ويليهم أولاد سالم ثم أولاد جلال ثم الشبانات وهم أولاد علي وأولاد بو ثابت وأولاد حسان.

وأضاف: أن ولد منصور بن محمد: حسين وأبو الحسين وعمران، ونسبًا يقال لهم جميعًا ذوي منصور وهو أحد بنونهم الثلاثة.

‌بعض أشعار الهلالية من تاريخ العبر

قال ابن خلدون من شعر الشريف شكر بن هاشم القُرشي يبكي على الجازية بنت سرحان الهلالية والتي كانت زوجة له وفارقته مع أهلها إلى بلاد المغرب وقد مات كمدًا عليها، قال الشريف (شكر):

قال الشريف بن هاشم علي

ترى كبدي حرى شكت من زفيرها

يفز للاعلام أين ما رأت خاطري

يرد غلام البدو يلوي عصيرها

وماذا شكاة الروح مما طرالها

غداة وزائع تلف الله خبيرها

يحس أن قطاع عامر ضميرها

طوى وهند جافي ذكيرها

وعادت كما خوارة في يد غاسل

على مثل شوك الطلع عقدوا يسيرها

تجاذبوها اثنين والنزع بينهم

على شوك لعة والبقايا جريرها

وباتت دموع العين ذارفات لشأنها

شِبيه دوار السواني يديرها

تدارك منها النجم حذرا وزادها

مرون يجي متراكبًا من صبيرها

يصب من القيعان من جانب الصفا

عيون ولجاز البرق في غزيرها

هاذا الغني حتى تسايبت غزوة

ناضت من بغداد حتى فقيرها

ونادى المنادي بالرحيل وشددوا

وعرج عاريها على مستعيرها

وشد لها الأدهم دياب بن غانم

على أيدين ماضي وليد مقرب ميرها

وقال لهم حسن بن سرحان غربوا

وسوقوا النجوع إن كان أنا هو غفيرها

ويركض وبيده شهامة بالتسامح

وباليمين لا يجدوا في مغيرها

ص: 477

غدرني زيان السيح من عابس

وما كان يرضى زين حِمْيَر وميرها

غدرني وهو زعمًا صديقي وصاحبي

وأنا ليه ما من درقتي ما يديرها

ورجع يقول لهم بلال بن هاشم

بحر البلاد العطش ما بخيرها

حرام على باب بغداد وأرضها

داخل ولا عائد ركيزه من نعيرها

تصدق روحي عن بلاد ابن هاشم

على الشمس أو حول الغطا من هجيرها

وباتت نيران العذارى قوارح

يلوذوا بجرجان يشدوا أسيرها

ومن أقوال الهلالية في رثاء أمير زناته أبى سعدى اليفرني المُسمى (خليفة) والذي قارعهم في أرض الزاب (بالجزائر):

ورثاء الهلالية هنا على سبيل التهكُّم أو التشفي:

تقول فتاة الحي سعدى وهاضها

لها في ظعون الباكرين عويل

أيا سائلي عن قبر الزناتي خليفة

خذ النعت مني لا تكون هبيل

تراه يعالي وادي ران وفوقه

من الربط عيساوي بناه طويل

أراه يميل النور من شارع النقا

به الواد شرقًا والراع دليل

أيا لهف كبدي على الزناتي خليفة

قد كان لأعقاب الجياد سليل

قتيل فتى الهيجا دياب بن غانم

جراحه كأفواه المزاد تسيل

أيا حائزًا مات الزناتي خليفة

لا ترحل إلا أن يريد رحيل

ألا واش رحلنا ثلاثين مرة

وعشرا وستا في الهناء قليل

ومن أشعارهم في ذكر رحلتهم إلى بلاد المغرب وغلبهم لزناته:

ص: 478

وأي جميل ضاع لي في الشريف بن هاشم

وأي رجال ضاع قبلي جميلها

لقد كنت أنا وياه في زهو بينا

عنائي بحجة ما غباني دليلها

وعدت كأني شارب من مدامة

من الخمر فهو ما قدر من يميلها

أو مثل شمطا مات فطنون كبدها

غريبًا وهي مدوحة عن قبيلها

أتاها زمان السوء حتى تدوحت

وهي بين عربًا غافلًا عن نزيلها

كذلك أنا مما لحاني من الوجى

شاكي بكبد باديتها زعيلها

وأمرت قومي بالرحيل وبكروا

وقووا وشداد الحوايا حميلها

قعدنا سبعة أيام محبوس نجعنا

والبدو ما ترفع عمود يقيلها

نظل على حداب الثنايا نوازي

يظل الجرى فوق النضا نصيلها

ومن شعر سلطان بن مظفَّر بن يحيى من الدواودة رؤساء رياح الهلالية، وكان معتقلًا في المهدية بتونس في سجن الأمير أبى زكريا بن أبي حفص أول ملوك تونس من الموحدين، قال سلطان:

يقول وفي بوح الدجا بعد وهنه

حرام على أجفان عيني منامها

يا من لقلب حالف الوجد والأسى

وروح هيامي طال ما في سقامها

حجازية بدوية عربية

عداوية ولها بعيد مرامها

مولعة بالبدو لا تألف القرى

سوى عانك الوعسا يؤي خيامها

غيات ومشتاها بها كل شتوة

ممحونة بيها صحيح غرامها

ومرباها عشب الأراضي من الحيا

بواتي من الخور الخلايا جسامها

تشوق شوق العين مما تداركت

عليها من السحب السواري غمامها

وماذا بكت بالماء وماذا تنا حطت

عيون غزاز المزن عذبا حمامها

ص: 479

كأن عروس البكر لاحت ثيابها

عليها زمن نور الأقاحي خزامها

فلاه ودهنا وأتساع ومنه

ومرعى سوى ما في مراعي نعامها

ومشروبها من مخض ألبان شولها

غنيم ومن لحم الجوازي طعامها

تفانت عن الأبواب والموقف الذي

يشيب الفتى مما يقاصي زحامها

يسقي الله ذا الواندي المشجر بالحيا

وبلا ويحيي ما بلي من رمامها

فكافأتها بالود مني وليتني

ظفرت بأيام مضت في ركامها

ليالي أقواس الصبا في سواعدي

إذا قمت لم تحظ من أيدي سهامها

وفرسي عديد تحت سرجي مشاقه

زمان الصبا سرجًا وبيدي لجامها

وكم من رواح أسهرتني ولم أرى

من الخلق أبهى من نظام ابتسامها

وكم من كاعب مرجحنة

مطرزة الأجفان باهي وشامها

وصفقت من وجدي عليها طريحة

بكفي ولم ينس جداها ذمامها

ونار بخطب الوجد توهج في الحشا

وتوهج لا يطفا من الماء ضرامها

أيا من وعدتي الوعد هذا الرمتى

فنى العمر في دار عماني ظلامها

ولكن رأيت الشمس تكسف ساعة

ويغمى عليها ثم يبدا غيامها

بنود ورايات من السعد أقبلت

إلينا بعون الله يهفو علامها

أرى في الفلا بالعين أظعان عزوتي

ورمحي على كتفي وسيري أمامها

بجرعا عتاق النوق من فوق شامس

أحب بلاد الله عندي حشامها

إلى منزل بالجعفرية للوى

مقيم بها ما لذ عندي مقامها

نلقى سراة من هلال بن عامر

يزيل الصدا والغل عن سلامها

بهم تضرب الأمثال شرقًا ومغربًا

إذا قاتلوا قومًا سريع انهزامها

عليهم ومن هو في حماهم تحية

مدى الدهر ما غني يفينا حمامها

فدع ذا ولا تأسف على سالف مضى

هذي الدنيا ما دمت لأحد دوامها

ص: 480

ومن شعر علي بن عمر من رؤساء بني عامر "أحد بطون زُغْبَة الهلالية" وهي عتاب لبني عمه المتطاولين عليه وعلى رياسته لقومه قال:

وقولوا له يابو الوفا كلح رأيكم

دخلتم بحور غامقات دهام

زواخر ما تنقاس بالعود إنما

لها سيلات على الغضا وأكام

ولا قسمتوا فيها قياسًا يدلكم

وليس البحور الطاميات تعام

وعانوا على هلكاتكم في ورودها

من الناس عدمان العقول لئام

أبا عزوة ركبوا الضلالة ولا لهم

قرار ولا دنيا لهم دوام

ألا عنا همو لو ترى كيف زايهم

مثل سراب فلاة مالهن تمام

خلوا القنا يبغون في مرقب العلا

مواضع ماهيا لهم بمقام

وحق النبي والبيت وأركانه العلي

ومن زارها في كل دهر وعام

لبر الليالي فيه إن طالت الحيا

يذوقون من خمط الكساع مدام

ولا برها تبقي البوادي عواكف

بكل رديني مطرب وحسام

وكل مسافة كالسد أياه عابر

عليها من ولاد الكرام غلام

وكل كميت يكتعص عض نابه

يظل يصارع في العنان لجام

وتحمل بنا الأرض العقيمة مدة

وتولدنا من كل ضيق كظام

بالأبطال والقود الهجان وبالقنا

لها وقت وجنات البدور زحام

أتجحدني وأنا عقيد نقودها

وفي سن رمحي للحروب علَّام

ونحن كأضراس الموافي بنجعكم

حتى يقاضوا من ديون غرام

متى كان يوم القحط يا أمير أبو علي

يلقى سعايا صابرين قدَّام

كذلك بوحمو إلى اليسر أبعثه

وخلى الجياد العاليات تسام

وخل رجالًا لا يرى الضيم جارهم

ولا يجمعوا بدهى العدو زفام

ألا يقيموها وعقد بؤسهم

وهم عذر عنه دائمًا ودوام

ص: 481

وكم ثار طعنها على البدو سابق

ما بين صحاصيح وما بين حسام

وكم ذا يجيبوا أثرها من غنيمة

حليف الثنا قشَّاع كل غيام

عليكم سلام الله من لسن فاهم

ما غنت الورقا وناح حمام

ومن شعر أبي زيد الهلالي في السيرة الشعبية وهو يُحَمِّس بني هلال على أعدائهم قال بعد مقتل أحد أبنائه:

يقول أبو زيد الهلالي سلامة

بدمع جرى فوق الخدود سيال

الآن وقت الطعن في سوق القنا

بضرب الشواكر وسيوف نصال

ألا فارجعوا ردوا الأعادي بعزمكم

بعزٍ قوي يهلك الأبطال

هاجموا القوم بالسيف وبيدوا جمعهم

وخلوا دماء الأعادي كسيل سال

ومن شعر ذياب بن غانم الزُّغْبي الهلالي بعد أن جاء من رعي وحماية الإبل لبني هلال وقد وجد الزناتي خليفة قد قتل عشرات الرجال من قومه في غيابه، فلاقاه أهل القتلى والبنات وشالوا البراقع وحدفوها إلى ذياب فطيَّب خاطرهم، وأنه سوف ينتقم من خليفة (أبى سعدى) وسيقتله، وأنشأ يقول:

قال أبو موسى دياب المفتخر

فارس الهيجاء وخيَّال الوبر

حامي الزينات سور المحصنات

مفرج الكربات في يوم العسر

زال عنكم همكم ياذا البنات

والزناتي حل في عمره قصر

وأجد الثأر من أبي سعدا حقيق

جميع قومه من حسامي تنبهر

وأخبروني يابنات بما جرى

وأعلموني بحقائق تسكر

ما لكم على القبور جالسين

وشعوركم على الأكتاف تنتشر

كم من أميرة شقت ثوب الحيا

وقبل هذا اليوم كانت تنستر

ص: 482

لمن هذا القبر يابنت الكرام

من هذا الذي من تحته انقبر

فابشروا بالثأر أنتم يابنات

في ما مضى لحدين بولادا نذكر

أنا عليهم مثل سبع كاسر

من غدٍ إليهم ياعذارى أَنحدِر

وانظروا فعل دياب يابنات

بعون من أمره علينا قد قدر

افرحوا اليوم يا بنات وابشروا

وخاطر المكسور مني ينجبر

ومن شعر الأمير حسن بن سرحان الهلالي إلى ذياب مقدرًا إياه قال:

نعم أيها الغادي على متن ضامر

كفرخ حمام في البراري فريدها

سلِّم عدى الزُّغْبي ذياب وقل له

يافارس الفرسان يوم طريدها

والله ينصرك دومًا على العدا

بحرمة خير البرايا وسيدها

وقال ذياب بن غانم الزُّغْبي مفتخرًا بنفسه علي بني هلال بعد قتله للزناتي خليفة:

هبت بوارقها وطال هواها

ولاح ما بين النجوم سناها

وعرفت ملوك الشرق والغرب

أنني مبيد رجال العرب عند رعاها

ومَلَكْتُ كل البلاد بهمتي

وأنا ابن غانم أعلى الناس جاها

طاعت لحكمي سائر العرب

وضربات سيفي بالعلا لقاها

مقال الفتى الزُغْبي ذياب بن غانم

والنار في قلبي تزيد لظاها

وقال حسن بن سرحان لأبي زيد الهلالي سلامة يواسيه في بعض الفرسان من هلال ويشد أزره قال:

يقول حسن الهلالي أبو علي

والنار في قلبي تهب وتشتعل

حركت عندي يا هلال مركبًا

وأصبحت من هذا الكلام في وجل

ص: 483

فإن احتجت لذياب بالعجل

تلقاه بخيلك مثل قطعة من جبل

وإن احتاج لك فروح له

في عسكر من فوق الخيل بالعجل

وأنتم سيروا ياسلامة فإنني

داعي لكم طول الزمان لم أزل

إن شاء اللَّهُ إله العرش ينصركم

وينجيك بلطف وبلوغ الأمل

الله يفعل ما يشاء بخلقه

ويجيب دعاء عبد فقير إذا قال

‌بقايا بني هلال في السعودية

من فروع هلال الكبيرة في السعودية والتي منازلها حول ميناء البرك على ساحل البحر الأحمر وحتى حلي ومحايل هي:

آل أم جمعة - آل مسيحر - آل خرفش (الأخرش) أهل البرك (آل عبده).

ومن الفخوذ الأخرى في جبل عفف جنوب شرق الليث وقرب حرَّة بني هلال نذكر التالي:

الغبرة - السافرة - المطرة - الجنادية - الحنشة - آل خميسة - آل ابن الشيخ - الشنتة - العكسة - آل إنحو.

‌ما قاله عمرو بن كرامة العمروي عن بقايا بني هلال في منطقة عسير بالمملكة العربية السعودية

(1)

:

نسبهم: هم بنو هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

بلادهم: كنت قد أبنت القرى التي كانت تسكنها حاضرة بني هلال في الباب الثالث، ضمن قبائل مَذْحِج بعد هجرة مَذْحِج من اليمن ومواطنهم في العصر الإسلامي.

(1)

انظر: قبائل إقليم عسير في الجاهلية والإسلام من 1500 ق: م حتى 1200 هـ، ج 1 من القسم الأول.

ص: 484

اختلف الناس في بني هلال، وذكروا لهم ثمانية بطون، كل بطن له نسب عير الذي سبقه وهي:

1 -

بنو هلال بن ربيعة بن زيد مناه من الخزرج

(1)

.

2 -

بنو هلال بن جُشَم بن النخع من مَذحِج

(2)

.

3 -

بنو هلال بن تيِّم الله بن بكر بن وائل

(3)

.

4 -

بنو هلال بن حليل بن حيشة الخزاعي

(4)

.

5 -

بنو هلال بن سعد بن مالك من تميم

(5)

.

6 -

بنو هلال بن ضبة بن الحارث بن فهر من قريش

(6)

.

7 -

بنو هلال بن عبيد بن سعد بن غني بن قيس عيلان

(7)

.

8 -

بنو هلال بن الصعب بن دهمان بن زهران

(8)

.

وأقول: أما بنو هلال بن ربيعة بن زيد مناة من الخزرج فهؤلاء لم يكن لهم أي صلة في جنوب عسير ولا حتى في جبال السراوات ابتداءً من جنوب الطائف، إلى اليمن.

وأما بنو هلال بن جُشَم من النخع من مَذْحِج فهؤلاء هم الذين جاوروا بني سلول (من هوازن) في أعالي منطقة بيشة، ثم رحلوا ودخلوا بالحلف في قبيلة يام القحطانية الكبرى سنة (320 هـ) وهو الذي اعتمده البكري

(9)

.

وأما بنو هلال بن تيم الله بن بكر بن وائل فلم أجد فيما بين يدي من المراجع من يذكرهم.

(1)

اللباب: 2/ 297.

(2)

نهاية الأرب: 443.

(3)

جمهرة أنساب العرب: 315.

(4)

الجمهرة: 237.

(5)

الجمهرة: 215.

(6)

الجمهرة: 176.

(7)

الجمهرة: 247.

(8)

الجمهرة: 334.

(9)

معجم ما استعجم.

ص: 485

وأما بنو هلال بن حليل بن حيشة الخُزاعي، فقد كانت بلادهم إلى الجنوب من عرفات في منطقة مكة المكرمة ولا تزال في عداد خُزاعة.

وأما بنو هلال بن سعد بن مالك بن تميم، فلا علم لي عنهم.

وأما بنو هلال بن ضبة بن الحارث بن فهر من قريش، فلعلَّهم الذين كانوا في أعالي وادي فاطمة قرب مكة في القرن السابع الهجري.

وأما بنو هلال بن عبيد بن سعد بن غني بن قيس عيلان فإن بلادهم كانت مما يجاور جبل حضن من الجنوب والجنوب الغربي قرب الطائف.

وأما بنو هلال بن الصعب بن زهران فإنهم لا يزالون في بلادهم مع إخوانهم قبائل زهران بن كعب من الأزد في بلاد عسير.

وأما بنو هلال أهل التغربة، والذين سبق وأن ذكرنا نسبهم وبلادهم في الجاهلية والإسلام فهم المعنيون بالبحث والكتابة في كتابنا هذا، وسوف أقوم بإذن الله بتأليف جزء عنهم لأنني قد جمعت من الآثار الطبيعية، ما يثبت كل ما سوف كتب إن شاء الله تعالى.

واستنادًا إلى ذلك فإنني قد اعتمدت أن بني هلال بن عامر من سكان جنوب عسير وذكرت ما أبنته عنهم آنفًا، وذكرت أشهر رجالهم في الإسلام من صحابة وتابعين ومحدثين وشعراء.

أما بنو هلال الذين يقطنون منطقة تهامة في ساحل البحر الأحمر، وإلى الغرب من أبها فإنهم من بقايا بني عامر بن صعصعة، وإليك بعض التفصيل عنه:

بلادهم: تقع بلاد بني عامر على ساحل البحر الأحمر وفي تقاطع خطي الطول والعرض.

حدودهم: يحدهم من الشمال: قبيلتي الصوالحة وبني دريب، ومن الجنوب: قبيلة المنجحة، ومن الشرق: بلاد رجال ألمع اليمن ومن الغرب: البحر الأحمر.

بطونهم: تنقسم قبيلة بني هلال إلى خمسة بطون رئيسية هي:

ص: 486

1 -

آل جابر.

2 -

آل مقاري.

3 -

آل علي.

4 -

آل يحيى.

5 -

آل فطرة.

وإليك أقوال من سبقونا في تدوين أخبارهم من المتأخرين:

قال محمد بن محمد اليحيا الهلالي:

"ومجرد الجزم بخلو الجزيرة من الهلاليين، أمر تعوزه الدقة، إذ إن الهلاليين ما زالوا يقطنون منطقة شاسعة في تهامة في سواحل البحر الأحمر إلى الجنوب من مكة في منطقة تعرف ببلاد بني هلال، يحدها من الشمال قبائل الصوالحة وبني دريب، ومن الجنوب المنجحة، أما الغرب فالبحر الأحمر، والشرق جبال الحجاز، والهلاليون بالوقت الحاضر بطون، منها: آل يحيا، وآل مقاري، وآل فطرة، وآل جابر، وآل علي"

(1)

.

وقال فؤاد حمزة

(2)

:

"تمتد ديرة بني هلال من حدود ربيعة التَهَم وأهل حلي ومحايل، إلى قرب البرك على ساحل البحر الأحمر، وينقسمون إلى أقسام أهمها:

- أهل البرك. - الأخرش. - آل مسحر. - آل أم جمعة.

وقال الشيخ عبد الله الحميد

(3)

:

"قبيلة بني هلال في البرك والمناطق المحيطة به: هي بقية قبائل هلال بن عامر، وهي قبيلة منها حاضرة وبادية".

وقال السير كبتن كينهام وكورن ولايس:

(تبدأ حدود قبيلة بني هلال من سبت السواكة على مسافة ثلاثة وعشرين ميلًا شرق حلي، وتمتد حتى شمال سكة الأشراف ووادي دفعة، وإلى مسافة أربعة أميال من محائل بطول: أربعة وثلاثين ميلًا، يحدها شمالًا قبيلتي الطحاحيل،

(1)

من مقال في مجلة اليمامة - عدد 623 في 27/ 1/ 1407 هـ ونقله حمد الجاسر في مجلة العرب: 11، 12 س 1407 هـ.

(2)

قلب جزيرة العرب 211.

(3)

مجلة العرب: 1/ 397.

ص: 487

وآل دريب كما تمتد حدودها من سرِّ بالقرب من محائل إلى جنوب غربي برك، وتتاخم على التوالي حدود قبائل آل موسى، وبحر بن سكينة، ومنجحة ويبلغ طول ساحل بني هلال حوالي ثمانية عشر ميلًا من شمال برك، ومن ثم تتجه حدودها إلى المناطق الداخلية من البلاد حتى سبت السواكة على طول حدود حلي) إلى قوله: أما أقسامها الرئيسية "أفخاذها" فهي:

1 -

أهل برك: ويبلغ تعدادهم إلى جانب قبائل بادية المنطقة الغربية شبعة آلاف فرد (7000) ويسكن أهل برك القرى الواقعة على طول سواحل البحر مثل: نخل البرمة، ونهود، وسبخة، وهم الفخذ الوحيد من هذه القبيلة الذي يلتزم بالقانون، وهي بلاد قليلة المزروعات، تنمو أشجار النخيل في بعض القرى ويقومون بجمع الملح وبيعة.

2 -

آل اختارش (آل الختارش) ويبلغ تعدادهم إضافة إلى قبائل (يعني أفخاذ) آل مسفر، وآل أم جمعة خمسة آلاف فرد (5000)

إلى قوله: القرى الرئيسية:

برك: وتتكون من حوالي مائة وخمسين منزلًا، وبضعة أكواخ من القش، ومحاطة بسور متهدم، أما مياهها فجيدة، وهي ميناء ذو مأوى جيد من الرياح، ويعتبر الميناء الرئيسي لأعمال الاستيراد والتصدير من وإلى المناطق الداخلية لبلاد عسير"

(1)

.

وأقول: إن بني هلال قطنوا تهامة في القرن السابع الهجري بعد أن عادت قلة منهم من الشمال الشرقي لإفريقيا (بلاد تونس).

وذلك أن الخليفة المستنصر العبيدي طلب من حاكم عسير أن يمده بخمسة آلاف مقاتل من قبائل عسير، فجهز له المطلوب وكان منهم ألف وثلاثمائة من بني هلال بن عامر برئاسة أبو زيد لحرب المعز بن باديس.

ولما عاد الهلاليون إلى عسير وجدوا أن غالبية أراضيهم قد سكنها غيرهم، بسبب أن المعهود فيمن يذهبون للجهاد والمدد من عسير، ممن سبق بني هلال ومن

(1)

قبائل عسير قبل الحرب العالمية الأولى: 37 باللغة الإنجليزية ألف سنة 1916 م.

ص: 488

معهم أنهم لا يعودون، إما لأنهم فضلوا الإقامة في البلاد التي وصلوا إليها، وإما أن أغلبهم قُتلوا في ذلك الغزو، وإما لبعدهم وطول المشقة، غير أنهم انقسموا إلى قسمين: أحدهما استوطن الساحل السوداني للبحر الأحمر وهم كثرة كاثرة، والآخر عاد إلى عسير، وهم الذين بينت أقسامهم آنفًا.

أما الذين بقوا في عسير فقد تضاءلت أعدادهم، وأصبحوا قلة ووهنت شوكتهم أمام المجاورين لهم من القبائل، التي يريد كل منهم أن يبسط يده على ما بأيدي تلك الفئة القبيلة الباقية، فما هو الحل؟

هو أن تلك الفروع الباقية في ذلك الوطن، تنضوي في قبيلة قوية لتحميها من المخاطر التي تعتريها، سواء احتفظت تلك الفروع باسمها أم تسمَّت باسم القبيلة المحالفة معها. غير أن فروع بني هلال الكبرى، لم تنضو تحت أي قبيلة في عسير، بل تركت مواقعها وهبطت تهامة واستقرت في مواقعها تلك المتقدمة، وفي نهاية القرن العاشر الهجري دخل جزء منهم وهم بنو الحارث: في تهامة بالقرن وقد بينت عنهم، انظر تهامة بالقرن، وفي هذا الشأن يقول شيخنا حمد الجاسر:

"إن القبيلة العربية حيث تغادر موطنها القديم، قد يبقى من فروعها بقية في ذلك الموطن سواء احتفظ هذا الفرع باسم القبيلة أم انضوى في قبيلة قوية استولت على موطن قبيلته التي نزحت.

ويتضح هذا جليًّا في كثير من القبائل التي لا تزال مستقرة في سراوات الحجاز وفى بلاد اليمن، بحيث إن كثيرًا منها، لم تغادر مواطنها القديمة، ويرجع هذا إلى أسباب لعلَّ من أهمها: حصانة تلك المواطن وتماسك سكانها القبيلي"

(1)

.

(1)

مجلة العرب: 11، 12 - سنة 1407 هـ.

ص: 489

‌قبائل بنو هلال في الجزائر

أكثر عرب هلال

(1)

بن عامر في القطر الجزائري بالوقت الحاضر، وقد فصل عنهم المؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني في تاريخ الجزائر عام 1350 هـ/ 1931 م والذي طُبع على نفقة الشعب الجزائري، وفصَّل عن الهلالية كالتالي:

(أ) قبائل الأُثْبَج:

فيها فروع كبيرة معروف اسمها منذ قدمت بني هلال من نجد وقد دخلت المغرب الأوسط بعد عام 443 هـ ومن الفروع التي استقرت في الجزائر: دُريد - كرفة - العمور - الضحَّاك - عياد - لطيف.

- أما دُرَيْد ففيهم بطون أشهرها: أولاد عطية، وأولاد سرور، وأولاد جار الله - وطوبة.

كل هذه قبائل كائنة في القطر الجزائري بالوقت الحاضر.

- أما كرفة ففيهم بطون أشهرها: بني محمد، والمروانية، ونابت

(2)

، والحجيلات منهم كليب، وشبيب، وصباح، وسرحان.

كل هذه قبائل كائنة في القطر الجزائري بالوقت الحاضر.

- أما العمور

(3)

ففيهم بطون أشهرها نوة، وبني قُرَّة، وعبد الله ومنهم محيا، وأولاد زكري، وأولاد فارس، وأولاد عزيز، وأولاد ماضي.

كل هذه قبائل كائنة في القطر الجزائري بالوقت الحاضر.

- أما الضحَّاك وعيَّاد فمنهم بطون: محيا، وضيفل، وبني الزبير، وخراج، وأولاد صخر، ورحمة، ومرتفع وفيهم أولاد حماس وأولاد قندوز وأولاد عبد السلام وأولاد طيلان.

(1)

يوجد فرع يسمى الأخايل في القصيم يرجح الرواة أنهم من هلال في نجد، وقد ذكرهم البتنوني في رحلته. كما توجد عائلات متحضرة كثيرة في نجد تنسب لبني هلال، وقد ذكر الأستاذ الحقيل في كنز الأنساب البعض منها. أيضا الرواجفة هي عشيرة قديمة يقال أنها من هلال وقدمت إلى الطفيلة في الأردن وسكنت قرية راجفة وهي بين الشوبك وبطراء (بتراء) وهم يلتحقون بالعبيديين بمنطقة الكرك، وجبل لبني هلال معروف بالشام وفيه قلعة هلال المشهورة.

(2)

نابت فيه فخوذ ظافر، وقطيعة.

(3)

ويوجد باسمهم جبال العمور في أطلس الصحراء بالجزائر وتقع إلى الغرب من جبال أولاد نائل.

ص: 490

وكلها قبائل كائنة في القطر الجزائري بالوقت الحاضر.

- أما لطيف فمنهم بطون: يتامى ومنه بنو جلال، وبنو خليل، وبنو مطرف.

وأولاد لقمان ومنه برَّاز، وجرير.

وكلها قبائل كائنة في القطر الجزائري بالوقت الحاضر.

(ب) قبائل جُشَم

(1)

:

ومنهم فروع: عاصم - المقدم - جوشم.

- أما جوشم فمنه خُلَّط، وجابر، وسفيان ومنه الحرث وكلابيا والأخير منه أولاد مطاع.

وكلها قبائل كائنة في القطر الجزائري بالوقت الحاضر.

قلت: جُشَم هو بن بكر بن هوازن، مثل هلال، ولكن قد غلب اسم الهلالية على جُشَم للكثرة في بلاد المغرب من هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن.

(ج) قبائل رياح:

ومنهم فروع: مرداس - علي - عامر - سعيد.

- أما مرداس فأشهر بطن هو الدواودية ومنهم:

عساكر بن سلطان، ومسعد بن سلطان وتفرع من عساكر ومسعد قبائل أولاد محمد - أولاد سبع - أولاد صولة.

والبطن الثاني سنبر، والبطن الثالث مغنَّم، والبطن الرابع عامر ومنه: موسى - محمد - جابر.

وكل هذه القبائل لها كيان في القطر الجزائري بالوقت الحاضر.

- أما علي فأشهر بطنين هما فطر، ودحمان والأخير من المناقشة.

- وأما عامر ففيه الخضر.

(1)

جُشَم توجد قبائل عديدة في المملكة المغربية منه لم تحصر منذ القرن الثامن الهجري حتى الآن؛ والخُلَّط من المنتفق من عُقيل (هوازن)، والعاصم ومقدم أغلب عشائرهم في المغرب وهم من الأُثبج من هلال.

ص: 491

- أما سعيد فأشهر بطن هو أولاد يوسف ومنه: بحور، وريوط، والمخادمة. وكل هذه قبائل لها كيان في القطر الجزائري بالوقت الحاضر.

(د) قبائل زُغْبَة:

ومنهم فروع: مالك

(1)

- يزيد - حُصين - عامر - عروة.

- أما مالك فمنه بطن سويد، وديالم، وبخيس، وعطاف.

أما سويد فمنه: أولاد ميمون، وحوطة، وصبيح، وفليته، وشبابة وفيهم حساسنة، ومجاهر وفيهم ابن رحمة، وأبو كامل، ومالك، وشفاعي، ورفيع، وهبة، وحمدان.

وأما عطاف وفيهم بنو يعقوب، وديالم وفيهم عكرمة، وزياد، وموال وفيه الدشاخنة.

وكل هذه قبائل لها كيان في القطر الجزائري بالوقت الحاضر.

- أما يزيد فمنه بطون أولاد لاحق، ومعافى، وبنو موسى، وخشنة، وحميان، ومربع، وحرز، وجواب، وسعد ومنه الزرلي، وبنو ماضي، وبنو منصور.

وكل هذه قبائل لها كيان في القطر الجزائري بالوقت الحاضر.

- أما حُصين فمنه بطون قراش، وجندل ومنه أولاد طرف، وأولاد فرج، وأولاد مسعود.

وكلها قبائل لها كيان في القطر الجزائري بالوقت الحاضر.

- أما عامر فمنه بطن الصقر ومنه: سليمان، وحجازي، وميمون، وعبد الله، وزائر، وعلي ومن عامر بطن يعقوب، ومن عامر بطن شفاعي ومنه مطرف، وشكارة ومن عامر بطن حميد ومنه أولاد سيد العبدلي، والغرابة، والحشم.

وكلها قبائل لها كيان في القطر الجزائري بالوقت الحاضر.

- أما عروة فمنه بطون التذر، وحميص. والتذر فيه الصحارى، وشريفة، والحماقنة، وأولاد خليفة، وأولاد سليمان، وبنو زيان.

(1)

من أعلام بني مالك من زُغبة (العياشي عام 1051 هـ - 1641 م).

ص: 492

وحميص فيه يقظان، وفذر (أولاد نائل)، وعبيد الله.

وذكر المدني عن قبائل عدي

(1)

العدنانية والمِعقِّل

(2)

القحطانية، ففي الوقت الحاضر موجود في القطر الجزائري من المعقل:

(أ) صقيل ومنه الثعالبة، وعبيد الله.

- أما الثعالبة ففيهم خراج، وحجاج وفيه أولاد عثمان، ومطرفة، وغوسل، وجاونة.

(ب) محمد ومنه بنو مختار، وبنو منصور.

- أما مختار ففيه بنو حسان، ورقيطات، وشبعانات وفيهم بنو علي وبنو ثابت.

- أما بنو منصور ففيه أولاد بو الحصين، وحُصين، وعمران، ومؤبت ومنه أحلاف.

* فصل المدني عن عامر من زُغْبَة الهلالية وقال:

كانت مواطن عامر بن زغْبَة في قبلة تلمسان مما يلي المعقِّل وكانت مواطنهم في آخر مواطن زُغْبَة من الجزائر وكانوا مع بني يزيد بن زُغْبَة حيًّا جميعًا وكانوا يغلبون غيرهم في مواطن حمزة والدهوس وبني حسن لميرة أقواتهم في المصيف ولهم على وطن يزيد بن رُغْبَة ضريبة من الزرع وفروعهم في القرن الثامن الهجري يعقوب، وحميد، وشافع.

وبنو عامر في الوقت الحاضر (1350 هـ/ 1931 م) من أشهر وأعظم القبائل العربية في بلاد الجزائر وكانوا ينتشرون في كل العمالة الوهرانية ثم نزحوا إلى مضاربهم الحالية واستوطنوها، وكان لهم القدح المُعلَّى في مجاهدة الأسبان مع بني زيان، وحافظوا مدة الاحتلال العثماني على كل الامتيازات والحقوق التي تخصهم، فلما جاء الاحتلال الفرنسي البغيض انضموا عن بكرة أبيهم إلى الأمير عبد القادر الجزائري وجاهدوا جهاد الأبطال حتى النهاية، ثم تركوا أوطانهم وهاجروا إلى المغرب الأقصى ولكنهم لم يلقوا قبولًا حسنًا فاضطروا إلى الرجوع زرافات ووحدانا محتمين بالدواشر الذين كانوا يحاربون إلى جانب المستعمر الفرنسي إثر الاحتلال فاستعادوا مضاربهم وقد ضعفوا كثيرًا وذهبت أعاصير السنين بأرضهم ومالهم فلم يبق لهم إلا القليل.

قلت: وكانت قبيلة عامر قبل الغزو الفرنسي عام 1830 م في نزاع مستمر مع قبيلة هاشم (الغرابة) والتي ينتمي لها الأمير عبد القادر وهي من الأشراف من قريش، ولكن بعد الغزو الفرنسي لم يكن بين العنصرين إلا إلإخاء والمحبة وقد كانت كلا القبيلتين تحارب جنبًا إلى جنب في صفوف جيش الأمير عبد القادر وكذلك في فترات الثورات المتقطعة إبان القرن التاسع عشر الميلادي، وفي عام 1954 م كانت القبيلتان قد قدمتا المزيد من الرجال والأبطال والشهداء في سبيل تحرير الجزائر.

(1)

عدي من جُشم بن بكر بن هوازن لم يفصل عنهم المدني وهم في عمق الصحراء الجزائرية بنواحي غرداية.

(2)

أكثر قبائل الِمعقِّل في المغرب في الوقت الحاضر.

ص: 493

‌الهلاليون في تونس الخضراء

ذكر المؤرخ التونسي محمد المرزوقي

(1)

في كتاب ثورة المرازيق ص 17 أن عربان الهلالية - أبناء عمومة بنِي سُلَيْم - لم يبق لهم في تونس إلا عدة أحياء بالوقت الحاضر، وينسبون إلى دُرَيْد ورياح وهم منتشرون في شمالي تونس.

قلت: ومن أعلام رياح في البلاد التونسية في القرن التاسع عشر الميلادي إبراهيم الرياحي الفلالي 1766 - 1850 م

(2)

وهو فقيه مالكي ولد في تستور ونشأ في تونس، وولي رئاسة الفتوى، وله مؤلفات عدة.

وفي كتاب سيرة بني هلال ذكر فروع الهلالية في شمالي تونس كالتالي

(3)

:

(1)

قبيلة رياح: ومن فروعها: الصميدية والدعاجة وأولاد الأمير وأولاد الحاج والخرايصية والعبادلية والحمايدية وأولاد سيدي عبد النور والمساعيد. وديارها معتمدية مجاز الباب من ولاية باجة.

(2)

قبيلة دُريد: ومن فروعها: أولاد جويّن وأولاد عرفة وأولاد مناع وبنو رزق. وديارها معتمدية مجاز الباب من ولاية باجة.

ومن دريد أيضا في ولاية الكاف وأهم فروعها: أولاد خليفة وأولاد حربي وأولاد خالد وأولاد عباس وأولاد فتوح وأولاد قاسم وأولاد ميمون وأولاد موسى.

(3)

قبيلة أولاد يعقوب: ومن فروعها: بني وائل وأولاد المهدي والشبارية.

‌الهلاليون في السودان

ذكر نعوم شقير في تاريخ السودان:

أن قبيلة الزيادية تنسب إلى أبي زيد الهلالي الفارس الشهير في منتصف القرن الخامس الهجري.

وقال: إن قبيلة الزيادية تقيم في مليط بإقليم دارفور غرب السودان ويتاجر أفرادها في الملح والنطرون، وهناك فرع كبير منها يسمى (فضل) أغلب أفراده يزرعون الأرض ومركزهم سان كرو وهي جنوب شرقي الفاشر.

(1)

ينتمي إلى المرازيق من قبائل بني سُلَيْم بن منصور في منطقة دوز بجنوب تونس.

(2)

عن الأعلام للزركلي.

(3)

كتاب سيرة بني هلال تقديم عبد الرحمن أيوب - عن أعمال الندوة العالمية الأولى حول السيرة الهلالية، الحمامات تونس 1930 م - الدار التونسية للنشر ط 1990 م (المعهد القومي للآثار والفنون).

ص: 494

‌ما ذكره الدكتور عبد المجيد عابدين عن بني هلال

(1)

ذكر عن بني هلال في مصر قائلا:

فأما بنو هلال فإنهم من هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

وكان بنو هلال أهل بلاد الصعيد كلها إلى عيذاب (أسوان)، وبإخميم منهم بنو قرَّة، وبساقية قلتة منهم بنو عمرو، وفي بني هلال عدة بطون منهم بنو رفاعة وبنو حجير وبنو عزيز، وبأصفون وإسنا بنو عقبة وبنو جميلة.

وذكر عن الحلف الهلالي قائلا:

قام هذا الحلف في فترة تزعزعت فيها القيم والأفكار إلى حد كبير، وكان لحركة القرامطة التي اتخذت مسرحها شرقي شبه جزيرة العرب، أثر في ذلك، إذ أدخلت على المجتمعات الإسلامية في ذلك الحين أفكارًا غريبة عنها، وقد انضم إلى القرامطة في شرقي الجزيرة العربية قبيلتا بني هلال وبني سُلَيْم، ولم يكن لانضمام هؤلاء البدو إلى حركة كهذه أثر يذكر في عقائدهم، اللهم إلا ما ظهروا به من رغبة في الشغب، وخضوع لإرادة غير موجهة، وكان منهم جماعة تنتشر في طريق الحج المؤدي إلى مكة لقطع الطريق والإغارة.

وحدث أن تغلب بنو الأصفر على البحرين في سنة 378 هـ باسم العباسيين وطردوا منها بني سُلَيْم الذين كانوا أعوانا للقرامطة حيححذ، ورأى الفاطميون أن يستعينوا بهؤلاء الأعراب الأشداء، فشجعوهم على الهجرة، فيقول ابن خلدون: ولما تغلَّب شيعة ابن عبيد الله المهدي على مصر والشام، وكان القرامطة قد تغلبوا على أمصار الشام فانتزعها العزيز منهم وغلبهم عليها وردهم على أعقابهم إلى قرارهم بالبحرين، ونقل أشياعهم من العرب من بني هلال وبني سُلَيْم، فأنزلهم بالصعيد وفي العدوة الشرقية من نهر النيل فأقاموا هناك.

(1)

تحقيق البيان والإعراب عما بأرض مصر في الأعراب للمقريزي مع دراسات في تاريخ العروبة في وادي النيل ط 1989 م.

ص: 495

كانت هذه الموجات أعدادا هائلة، ولعل بني سُلَيْم كانوا أكثر من الهلاليين عددًا وقد تحولوا جميعًا إلى مصر وإفريقيا حتى لم يبق لهم عدد ولا بقية ببلادهم

(1)

وامتلأت بجموعهم الجهات الشرقية من الحوف الشرقي والصحراء الشرقية حتى بلغوا الصعيد الأعلى.

ولبثوا كذلك زمنا، وانضم إليهم جماعات شتى من القيسية والسبئية مثل فزارة من القيسية، والمعقل من اليمنية، وبطون أخرى من القيسية، وصار اسم (بني هلال) علما على هذه الجماعات المتنوعة المتحالفة، ولعل السبب في هذه التسمية ما كان لهلال في ذلك الحين من نصيب في زعامة هذه الجماعات، وربما كان لسهولة الاسم ودورانه على الألسنة دخل في ذلك.

ورأى الفاطميون الفرصة سانحة لاستغلال هذه القوة الكبيرة في محاربة دولة بني باديس بالقيروان والمهدية من بلاد المغرب، وكان مؤسسها الحقيقي المعز بن باديس قد أعلن انفصاله عن الفاطميين وخلع طاعتهم، فعزم وزير الفاطميين في ذلك الوقت أبو محمد الحسن بن علي اليازوري على تسيير الجموع الهلالية وحلفائهم إلى المعز لقتاله، ولبثت هذه الجموع تملأ فضاء الجانب الشرقي من مصر عشرات من السنين وكانوا حينئذ كما وصفهم المقريزي (أهل بلاد الصعيد إلى عيذاب) وكانوا قد أحدثوا الشغب وأثاروا القلاقل في هذه المنطقة، فأذن اليازوري لهم في عام 442 هـ للعبور إلى الجانب الغربي من النيل، والانتقال إلى بلاد المغرب لملاقاة المعز بن باديس، وكانت لهم هناك أحداث مثيرة ذكرها المؤرخون.

ويهمنا في هذا المقام أن نقرر أن هذه الجموع الهلالية لم ترحل كلها إلى بلاد المغرب، فقد آثر بعضها البقاء في مصر والإقامة بالحوف الشرقي شمالا، وبالصعيد الأعلى في أقصى الجنوب ولا نعرف من الشواهد ما يدل على أنهم سكنوا أيضًا الصعيد الأدنى أو الأوسط، ولعل اختيارهم لمنطقة الصعيد الأعلى، يرجع إلى غنى هذه المنطقة في ذلك الحين، فمن المظاهر الواضحة أن الوادي الخصيب لا يتسع في الجانب الشرقي للنيل إلا عند الصعيد الأعلى.

(1)

هذا نص البيان والإعراب، قلت: وقد جانبه الصواب حيث بني سُلَيْم ما زال قسم كبير منها في بلادها في الحجاز حتى الوقت الحاضر.

ص: 496

وهذا دعاهم إلى الإقامة والاستقرار والتطور من البدو الضاربين فيما يشبه الصحراء إلى فلاحين يزرعون الأرض ويتجرون في غلاتها، وإن احتفظوا بإثارة من الفروسية، تبدو في إجادتهم ركوب الخيل، وما يشتجر من فتن وحروب، ومنها ما يقع بين أحياء القفر، أما في الحوف الشرقي فلا تزال آثارهم شاخصة إلى يومنا هذا.

وعن حروب بني هلال في الصعيد، ففي عام 749 هـ نشب نزاع بين عرك من جُهينة وبين بني هلال، وقد تدخل المماليك في هذا النزاع، ومالأوا بني هلال، وقتل عدد كبير من المماليك وأمرائهم في هذا الحادث، وكان هذا إيذانا بحرب عنيفة بين المماليك والعركيين وحلفائهم.

وأضاف عن انتقال بعض بني هلال إلى بلاد السودان قائلا:

سكن بنو هلال وحلفاؤهم صعيد مصر الأعلى منذ عهد الفاطميين كما أشرنا من قبل. وإن مجاورة هذه المنطقة لبلاد السودان هي مما يقوي الاحتمال بأن جماعات منهم قد نزحت إلى السودان في أزمان مختلفة، ولكن يبدو أن هذه الجماعات كانت قليلة متفرقة ولاسيما في شرق السودان، بحيث لم تستطع أن تحتفظ بكيانها زمنًا طويلا، فاندمج معظمها في مجموعات أخرى وصار الانتساب إليهم قليلا محدود الأثر، أما في غرب السودان، فإن التأثير السلالي يظهر بصورة أقوى وأوضح لسبب سنذكره بعد قليل.

ومع هذا فإن ذيوع سيرة الهلاليين وتردد أصداء قصة أبي زيد وتغريبة بني هلال في المجتمعات العربية في السودان شرقًا وغربًا، كان له أثر بالغ في حياة عرب السودان الاجتماعية والثقافية، والراجح أن السودان عرف الهلاليين بعد أن ذاع صيتهم على أثر الغزوات التي قاموا بها في شمالي إفريقيا واشتهار أبي زيد الهلالي في البوادي والقرى العربية، ومن هذا ندرك أن تأثير الهلاليين في السودان لم يكن وليد تغلغل النسب الهلالي وحده، بل كان كذلك نتيجة تعلُّق عرب السودان بسيرة أبي زيد الهلالي والشخصيات التي لعبت دورًا فيها، فالتأثير له جانبان، سلالي وجانب قصصي.

ومن الطريف أن معظم روايات غرب السودان، تكاد تتفق على أن الهلاليين

ص: 497

وفدوا على السودان من طريق الشرق من بلاد العرب إلى كسلا، ثم عبروا النيل الأبيض واتجهوا إلى غرب السودان، ثم واصلوا رحلتهم إلى بلاد تونس لمحاربة المغاربة.

ومن الواضح أن هذه الروايات هي "محاكاة محلية" لقصة تغريبة بني هلال، أو قل هي تحوير نسجته الروايات لتجعل السودان طريقا لتغريبة بني هلال، وعلى هذا لا نستطيع أن نعتمد على هذه الروايات من الناحية التاريخية، ومن الملاحظ أن معظم الجماعات التي تنتسب إلى الهلاليين أو إلى أبي زيد الهلالي، يعيشون الآن في غرب السودان، فإذا اتجهنا إلى الشرق وجدنا التأئير القصصي أقوى من التأثير السلالي، ولو أن الهلاليين قد دخلوا حقا بجموعهم من طريق الشرق إلى الغرب وسلكوا هذا الطريق الذي وصفته الروايات، لكان من المنتظر أن نجد لهذه الجموع بقايا في شرق السودان ينتسبون إلى بني هلال أو إلى أبي زيد، وهذا ما لا نجده إلا في القليل النادر، ومن الراجح لدينا أن الهلاليين دخلوا السودان بعد التغريبة بزمن قصير، وأنهم اتخذوا طريق وادي النيل، ثم انحرفوا غربا على امتداد وادي الملك إلى كردفان ثم دارفور، ويحدثنا المقريزي أن بني هلال كانوا من جملة عربان الصعيد الذين اشتركوا في حملة السلطان قلاوون في عام 686 هـ الموافق 1287 م على بلاد النوبة، وأن الحملة انقسمت إلى فرقتين، فرقة منها اتبعت البر الغربي من النيل، والأخرى سارت من البر الشرقي. وليس ببعيد أن يكون بنو هلال قد اتخذوا طريق البر الغربي مع الفرقة الأولى ثم استقروا في غربي السودان.

وفي غرب السودان نجد عددا من الجماعات تنتسب إلى الهلاليين أو إلى أبي زيد منهم: التنجور، والفور، والرزيقات، وهلالية البرقد، والزيادية.

وبالإضافة إلى التأثير السلالي في هذه الجماعات نجد التأثير القصصي يتمثل في رواياتهم وفي بعض الأحيان يمتزج اللونان من التأثير بحيث يصعب على الباحث أن يميز بينهما، ومع هذا فليس هناك ما يدعو إلى الشك في نسبتهم إلى الهلالية، كما صنع ماك مايكل، إذ إن اختلاط الجانبين من التأثير - أحيانا - لا يعني بحال الشك في صحة انتساب هذه الجماعات أو أصولها الأولى إلى الهلاليين جملة وتفصيلا.

ص: 498

وإلى جانب هذه الجماعات التي انتسبت إلى بني هلال أو إلى أبي زيد؛ نجد وحدات من الحلف الهلالي القديم تنتقل إلى السودان وتحمل كل وحدة منها اسمها الخاص مثل بني سُلَيْم وبني فزارة الذيبن كانوا من حلفاء هلال من البداية، وفي السودان اليوم قبيلة تعرف باسم بني سُلَيْم تنتمي إلى مجموعة البقارة وتعيش على النيل الأبيض من جهة الغرب في أرض كردفان، أما بنو فزارة فقد أطلق النسابون اسمهم على مجموعة تعيش في الجهات الشرقية والوسطى من كردفان وهي تتألف من العشائر الآتية:

دار حامد، وبني جرار، والبزعة، والشنابلة، والمعاليا، وقد عرفت هذه المجموعة باسم فزارة في القرنين الماضيين، أما اليوم فقد انتشر عقدها فصارت وحدات منفصلة كل وحدة تُسمى باسمها الخاص.

وفزارة قبيلة قيسية كان منها بطون في صعيد مصر والوجه البحري، ولا تزال قرى تحمل اسمهم في مصر، ففي الصعيد فزارة التابعة لمديرية جرجا، والفزارية التابعة لمنفلوط وغيرها.

ويبدو من دراسة المجموعة الفزارية في السودان أن لبعضها - على الأقل - صلة ببني هلال، ففي روايات دار حامد أن جدهم حامدًا حين قدم إلى غرب السودان لقي أبا زيد الهلالي فاستشاره في المكان الذي يتخذه مقاما له، فأشار عليه بسكنى بقعة معينة في كردفان. والزيادية ينتسبون إلى اليوم لأبي زيد الهلالي.

والبزعة يزعمون أنهم جاءوا أصلا من شمالي إفريقيا، ولا نعرف إن كانوا من الحلف الهلالي الذي جنح إلى المغرب أو كانوا من غيره، وبنو جرار يربطون نسبهم بالبزعة، أما التأثير القصصي للهلالية في السودان، فهو عام في الشرق والغرب، كما قلنا. ويتمثل فيه أبوزيد مغامرًا طوافًا خبيرا بمسالك السودان ومجاهله، بطلا شجاعًا يضرب به المثل فيقال:"فارس هلاله" ويتمثل به الشعراء في مدح أبطالهم، وله قصص في الحب جعلوا مسرحها في السودان، وربط رواة السودان بين أحمد سفيان مؤسس أول سلطنة إسلامية في دارفور، وبين أبي زيد، فزعموا أن أحمد هو أخو أبي زيد وأن أباهما هو الأمير رزق الذي لعب دورًا في قصة أبي زيد الهلالي، وأن رزقا هذا في بعض الروايات هو جد قبائل الرزيقات في غربي السودان وإلى جانب هذا الطابع المحلي في التأثير القصصي، نجد الرواة يعرفون القصة الشائعة في سائر الأقطار العربية، ويقصُّونها في المجالس.

ص: 499

‌ما قاله مبارك بن محمد الهلالي الميلي

(1)

عن نزوح الهلاليين إلى المغرب

جاء العرب أولا إلى المغرب فاتحين منظمين معمرين (بالمعنى اللغوي لا السياسي المستعمل اليوم) مقتصرين على سكنى المدن غير مزاحمين للبربر في أراضيهم، وتمرن البربر على عهدهم في الشؤون الدولية حتى تبوأوا المناصب العالية أيام العبيديين فلحق كثير من العرب بالمشرق، ومن بقي منهم بقي خاملا.

فالعبيديون هم الذين أخرجوا العرب من المغرب، ثم كانوا هم الذين أعادوهم إليه لما نبذ الصنهاجيون طاعتهم، لكن هؤلاء العرب جاءوا منتقمين من البربر مزاحمين لهم في أوطانهم لا في سلطانهم.

وهؤلاء العرب هم بنو سُلَيْم وبنو هلال وأحلافهم من جُشَم والخُلَّط والمعقل، وتجتمع هذه القبائل غير المعقل في منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلاق (بالعين المهملة) بن مُضَر. فسُلَيْم هو ابن منصور، يقال أنه كان في أوائل القرن الثالث للميلاد، وجُشَم هو ابن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور، وهلال هو ابن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، ويقال أنه كان أوائل القرن الخامس للميلاد، والخُلَّط من بني المنتفق بن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.

وأما المعقل فينسبون أنفسهم إلى جعفر بن أبي طالب، ونسابة بني هلال يعدونهم في بطونهم. قال ابن خلدون:"والأنسب أن يكونوا يمنيين من المعقل واسمه ربيعة إحدى بطون مَذْحِج" ا هـ.

وموطن سُلَيْم فيما بين المدينة وخيبر وتيماء، ومجال هلال في بسائط الطائف إلى جبل غزوان شرقي مكة، وجُشَم حيث هلال وبقية هوازن، وبنو المنتفق بأرض تيماء من نجد، والمعقل بالبحرين. هذه مواطنهم في الجاهلية، وبعد الإسلام حافظوا عليها مع توسعهم في غيرها.

(1)

تاريخ الجزائر في القديم والحديث - الجزء الثاني - الناشر مكتبة النهضة الجزائرية.

نُشر هذا الكتاب في الأربعينيات من القرن العشرين أيام الاحتلال الفرنسي للجزائر، ورحم الله مبارك بن محمد الهلالي الذي توفي في ريعان شبابه قبل أن يكمل الجزء الثاني، وكتابه هذا يعد دليلًا لتمسك الجزائر بعروبتها أيام الاستعمار الحالكة.

ص: 500

وفي ولاية عبد الله بن الحبحاب انتقلت طائفة من سُلَيم إلى مصر، ثم لحق بهم أحياء من هلال وأحلافهم، واشتغلوا بالفلاحة والكسب، فراشوا وكثروا. ودخل إخوانهم بالجزيرة في دعوة القرامطة سنة 316 وحارب الفاطميون القرامطة بالشام، وانتصر عليهم العزيز بن المعز، فنقل كثيرًا من سُلَيْم وهلال إلى صعيد مصر، وأمعن في نقل هلال بحيث لم يبق منهم بنجد إلا العاجز عن الحرب ونزل بنو قرة من هلال ببرقة.

كانت هذه القبائل بادية ظواعن، أشرف أعمالهم الغارة وأطيب مكاسبهم النهب، لم يتهذبوا بآداب الإسلام، ولم يقدر على إخضاعهم لا الأمويون ولا العباسيون ولا الفاطميون، فأكثروا من الفساد، وتضرر بهم العباد والبلاد.

هذه الصورة موجزة من خبر هذه القبائل قبل دخولها المغرب، وكان حظ الجزائر منهم بعد نزوحهم إلى قبيلة هلال وأحلافها، ولم يدخلها من سُلَيْم إلا القليل؛ ولهذا اقتصرنا في عنوان الباب على بني هلال.

‌نزوح الهلاليين إلى إفريقيا

كان بنو عبيد بمصر يدبرون الثورات بالمغرب كي لا يفقدوا نفوذهم منه. فساء ذلك ملوك صنهاجة وخشوا إن قطعوا دعوتهم أن يوجدوا السبيل على سلطانهم لمنافسيهم من أقربائهم ومشاقيهم من كتامة وغيرها، ولما ولي المعز بن باديس نصر أهل السنة وهم أكثر السكان وأضعف الشيعة حتى لا يستطيعوا مقاومته متى قطع دعوة بني عبيد.

وكان وزير بني عبيد المتحكم في دولتهم أبا القاسم الجرجرائي فطمع المعز في استفساده عليهم، ولكن لم ينل معه مراده، وتوفي سنة 438 هـ فخلفه اليازوري، وكان دونه شأنًا. فاستخف به المعز وخاطبه بما أحفظه، فأظلم الجو بينهما، وأعلن المعز الدعاء لبني العباس سنة 440 هـ وعجز كل من بني عبيد بمصر وشيعتهم بالمغرب عن إعادة الدعوة العبيدية بإفريقيا. فرأى اليازوري أن يرسل على المعز عرب الصعيد، فإن ظفروا به وإلا فلها ما بعدها.

وفي سنة 442 هـ أذن اليازوري لعرب الصعيد بإجازة النيل، ورغبهم في أرض المغرب وأعان من أجابه منهم ببعير ودينار، وأقطع زغبة طرابلس وقابس،

ص: 501

ورياحا القيروان وباجة، ودريدا قسنطينة، وكتب إلى المعز:"قد أنفذنا إليكم خيولا فحولا وأرسلنا عليها رجالا كهولا ليقضي الله أمرًا كان مفعولا".

نزل رعيل العرب برقة، وأعجبتهم أرضها، فكتبوا إلى إخوانهم بالصعيد يرغبونهم في اللحاق بهم، ولكن حكومة بني عبيد لم تأذن لهم هذه المرة إجازة النيل إلا بأداء دينارين لكل شخص، فأخذ القادرون على الأداء في الرحيل حتى ضاقت بهم برقة، فبقي بنو سُلَيْم بها، وتقدم بنو هلال إلى إفريقيا.

كان كل من بني عبيد وصنهاجة يجهلون نتيجة هذه الحملة، فاستكثر المعز من شراء العبيد حتى اجتمع له منهم ثلاثون ألفًا، وتقدمت رياح سنة 443 هـ لامتلاك أقطاعها، فاحسن المعز إلى أميرهم مؤنس بن يحيى وأصهر إليه وأسكنه ببعض قصوره بالقيروان، فحسنت معه نية مؤنس وعاد تشاؤم المعز بمقدمهم تفاؤلا، ففكر في اتخاذ جند منهم يتقوى بهم علي بني عمه الحماديين. وعرَّفه مؤنس عواقب دخول العرب مملكتهم، وحذره فسادهم، فأبى إلا استقدامهم، فذهب إليهم مؤنس بدعوى المعز، فقدموا ولكن بدعوى المستنصر الفاطمي وأخذوا يعيثون في الأرض فسادًا.

ساءت نية المعز مع مؤنس واتهمه بإغراء العرب على الفساد، فقبض على أخيه وأهله بالقيروان، فورم أنف مؤنس لفعلته، وجمع العرب ووضع بين أيديهم زربية قائلا: هل يستطيع أحد أن يبلغ وسطها دون أن يطأ حواشيها؟ قالوا: لا، قال كذلك القيروان لا نملكها إلا إذا ملكنا ضواحيها.

استعد المعز لحرب العرب فجمع عبيده وقومه وبقايا عرب الفتح، واستمد ابن عمه الحمادي فأمده بألف فارس، واستنفر زناته، فأتاه منهم ألف فارس، ولحق برياح زغبة وعدي، وكانت جموع المعز أضعافهم، ولكن قد قيل قديمًا:"للكثرة الرعب وللقلة النصر".

تزاحف الجمعان، فانخزل عرب الفتح إلى إخوانهم الهلاليين، وخانت زناتة وصنهاجة الحمادية، فترك المعز معسكره للعرب، وفر إلى القيروان، واستولى العرب على إفريقيا ومدنها مثل أبة والإربس وباجة، وخشي المعز على نفسه بالقيروان، فلحق في خفارة بعض أمراء العرب بالمهدية سنة 449 هـ وذاق وبال

ص: 502

سوء ظنه بمؤنس واغتراره بقوته. وتلاحق إلى الهلاليين إخوانهم بالصعيد ونجد، ودامت حركة الهجرة نحو نصف قرن، وموجتها في أتجاه نحو الغرب.

‌الهلاليون بالجزائر

تقدم الهلاليون وأحلافهم نحو الجزائر، فدخلوها من ثلاث جهات: الأولى جهة السواحل حيث تقطن كتامة ويضعف نفوذ صنهاجة أو ينعدم، تقدموا إليها من نواحي باجة، فانتشروا على ضواحي القالة وعنابة وقسنطينة إلى القل إلى جبال بابور.

وتقدم الهلاليين في هذه الناحية أسبق منه في سواها، ولم نجد خبرًا عن دفاع كتامة لهم، فإما أن يكون بنو عبيد كتبوا إليها بتأييدهم، وإما أن تكون هي التي تقربت منهم نكاية في صنهاجة.

وكلام الإدريسي عن مدن هذه الجهة يدل على حسن علائق أهلها مع العرب فالقالة كانت حالتها حسنة والعرب يمونونها بحبوبهم، وقسنطينة قال: إن أهلها مياسير، بينهم وبين العرب معاملات ومشاركة في الحرث والادخار.

الجهة الثانية جهة الهضاب ما بين الأطلسين التلي والصحراوي، حيث الحكومة الحمادية ثابتة القدم، تقدموا إليها من نواحي الإربس وانتهوا أيام الإدريسي إلى وادي الساحل وجبال البيان.

دافعتهم صنهاجة عن هذه الجهة. فغلبوها على الضواحي، وحصروها بالمدن الحصينة والقلاع المنيعة، فإن الإدريسي لما ذكر المدن الواقعة شمال أوراس ذكر أنها في حال سيئة من حصار العرب لها، قال في حصن ماوس:"حصن عامر بأهله، وكانت العرب تملك أرضه وتمنع أهله الخروج منه إلا بخفارة رجل منهم، ودار ملول شرقي طبنة على مرحلة منها، قال: "إنها مدينة عامرة بها حصن فيه مرصد مشرف على محال العرب يستطلع منه حركاتهم" ودار ملول ذكرها ياقوت بلفظ إرملول.

وذكر الطريق من بجاية إلى قلعة بني حماد وعدد منازلهم، فلما بلغ الباب قال: "وهي جبال يمر بينها الوادي المالح، وهناك مضيق وموضع مخيف ومنه إلى حصن السقائف إلى حصن الناظور إلى سوق الخميس، وبه المنزل. وهذه الأرض

ص: 503

كلها تجولها العرب وتضر بأهلها وسوق الخميس حصن بأعلى جبل وبه مياه جارية، ولا تقدر العرب عليه لمنعته، وبه من المزارع والمنافع قليل، ومنه إلى حصن مطماطة في أعلى جبل إلى سوق الإثنين وبه المنزل وهو قصر حصين. والعرب محدقة بأرضه وبه رجال يحرسونه مع سائر أهله، ومنه إلى حصن تافكلات (في غيره تافلكات) إلى تازكي (حصن صغير) إلى قصر عطية على أعلى جبل ثم إلى حصن القلعة مرحلة، وجميع هذه الحصون أهلها مع العرب في هدنة، وربما أضر بعضهم ببعض، غير أن أيدي الأجناد بها مقبوضة، وأيدي العرب مطلقة في الأضرار، وموجب ذلك أن العرب لها دية مقتولها وليس عليها دية فيمن تقتل" اهـ.

الجهة الثالثة جهة الصحراء حيث تكثر خيام زناته الخاضعة لبني حماد. تقدموا إليها من ناحية سبيبة إلى تبسَّة، وانتشروا جنوب أوراس على قرى الزاب وانتهوا أيام الموحدين إلى مزاب وجبل راشد.

دافعتهم زناته عن هذه الجهة، وكانت أملك للبأس من صنهاجة لبداوتها وتقارب ما بين حياتها وحياة العرب، فكانت بين الفريقين مواقف صعبة أكثر الهلاليون من ذكرها في أشعارهم، وقُتل في بعضها أبو سعدى خليفة اليفرني بالزاب، وهو قائد صاحب تلمسان من بني يعلى. قال ابن خلدون:"وتغلب العرب على الضواحي في كل وجه وعجزت زناته عن مدافعتهم بإفريقيا والزاب، وصار الملتحم بينهم في الضواحي بجبل راشد ومصاب" اهـ.

ولما استتب الأمر للموحدين نزعت إليهم زغبة ونزلت مع بني بادين من زناته قبلة المغرب الأوسط من مزاب إلى جبل راشد، واتحدوا على دفاع ابن غانية الميورقي. قال ابن خلدون:"وانعقد بينهم حلف على الجوار والذب عن الأوطان وحمايتها من معرة العدو في اهتبال عرتها وانتهاز الفرصة فيها، وأقامت زغبة في القفار، وبنو بادين بالتلول والضواحي" اهـ.

ولما ضعفت الدولة الموحدية المؤمنية ونشأت دولتا بني زيان وبني مرين احتاجت الدولتان إلى العرب لتعزيز سيادتهما، فدخل الهلاليون وأحلافهم شمال المغرب الأوسط من عمالة وهران.

ص: 504

وهكذا تم للعرب استيطان الجزائر بالرهبة من سيوفهم أولا وبالرغبة فيها أخيرًا، فأقطع لهم ملوك البربر الإقطاعات وأجزلوا لأمرائهم الصلات، وأضيفت إفريقيا الشمالية إلى جزيرة العرب جنسيا بعد ما تبعتها دينيا وسياسيا.

‌نتائج النزوح الهلالي

أرسل الفاطميون الهلاليين إلى المغرب انتقامًا من المعز ودولة صنهاجة الشرقية فنزحوا إليه لا حبا في نصرة الفاطميين ولا بغضا في صنهاجة، ولكن طلبًا للرزق بالتقلب في بواديه بين الصحراء والتل.

ولما دخلت رياح إفريقيا لم تبدأ بالشر حتى كان ما كان من قبض المعز على أسرة أميرها مؤنس، فحمل بسوء سياسته العرب على تنفيذ ما رسم لهم الفاطميون من تملك المناطق المعينة لهم.

كان عدد من أجاز النيل من رياح وزغبة وعدي يربو على ألف ألف نفس، المقاتلة منهم نحو خمسين ألفًا وسلاحهم سيف ورمح وقوس ودرع، وكان البربر يفوقونهم عُددًا وعَددًا ولكن تخاذلوا أمامهم فاكتسب العرب صيتًا ملأ قلوب السكان رعبًا، والرعب أهم أسباب الفوز في الحرب.

حصرت الحرب العرب في إفريقيا، ولم يزل إخوانهم يتواردون عليهم من المشرق، فضاق بهم ما احتلوه من الأوطان، ونتج عن ذلك خراب العمران وسوء حياة السكان، وأحصى عليهم الجغرافيون والمؤرخون حتى اقتلاع عود للوقود أو رفع حجر للأثافي.

بقيت الجزائر في نجوة من فساد الهلاليين حتى حالف الناصر بن علناس قبيلة الأثبج وخرج لامتلاك تونس، فأغرى به ابن عمه تميم بن المعز بقية العرب وكانت وقعة سببية سنة 457 هـ فهزم الناصر، وتبعه العرب إلى القلعة.

قال ابن خلدون: "فنازلوها وخربوا جناتها واحتطبوا عروشها وعاجوا على ما هنالك من الأمصار مثل طبنة والمسيلة، فخربوها وأزعجوا ساكنيها، وعطفوا على المنازل والقرى والضياع والمدن فتركوها قاعًا صفصفًا أقفر من بلاد الجن وأوحش من جوف العير! وغوروا المياه واحتطبوا الشجر وأظهروا في الأرض الفساد" ا هـ.

ص: 505

وفي قوله "أقفز من بلاد الجن وأوحش من جوف العير" مبالغة أجنبية عن أسلوب التاريخ، فإن الإدريسي تتبع الحملة الهلالية أحسن تتبع ووصف طبنة ومقرة والمسيلة وغيرها بالعمران.

عجزت صنهاجة الغربية أمام الهلاليين كأختها الشرقية، وغلبوا أيضا زناته بالصحراء، ونشأ عن ذلك فوضى في الوطن، فانقطعت الصلة بين المدن بإخافة السبل، وفر الفلاحون من الضواحي، فوقفت التجارة والفلاحة، وانحصرت العمارة والأمن في السواحل شمال قسنطينة حيث لا شر بين العرب والبربر.

وكان ضرر الحرب بالجزائر أقل منه بتونس وطرابلس؛ لأن الجزائر لم تكن هي المقصودة بهذه الحملة؛ ولم تطل بها مدة الحرب؛ وسواحلها حيث كتامة كانت منطقة سلم؛ ووسطها به معاقل منيعة وجبال حصينة؛ وجنوبها حيث اشتدت الحرب في صحراء ليس فيها كبير عمارة.

والمسؤول عما لحق المغرب من أضرار الحرب هي صنهاجة التي لم تحسن سياسة هؤلاء العرب وجرأتهم عليها بما كان بين دولتيها من تنافس، وقد بالغ كُتَّاب العربية في تقدير تلك الأضرار ثم حمَّلوا الهلاليين مسؤوليتها؛ ذلك لأنهم كتبوا لدول بربرية ولم يكن للهلاليين حكومة تطمعهم في إنعامها، ولبداوتهم لم يهتموا بدعاية سياسية تنشر لهم أو عليهم، واتخذ كُتَّاب الفرنسية مبالغات كُتَّاب العربية سُلَّمًا لثلب العرب، وصاروا يطرون البربر بعد ما كانوا يقذفونهم بأشنع القذائف في الدورين الروماني والبيزنطي، واقتصر في هذا الغرض على كلمة واحدة للكاتب العسكري كاريت، حيث قال:

"كان هجوم العرب الفاتحين كالإعصار يقتلع الأشجار ويهدم المنازل، وهجوم الهلاليين كالحريق الهائل الذي يذر الأشجار والمساكن رمادًا تذروه الرياح فما أبقاه الأعصار قضى عليه الحريق، وما بقي عن السياسة العربية قائما بالمغرب ذهب به الطبع العربي الهدَّام، فتمم الهلاليون أعمال التخريب التي ابتدأها الخلفاء الأولون" اهـ.

قلت: أما تجد في هذه الجملة التي هي غيض من فيض ريح مسيحية القرون الوسطى وروح الاستعمار العصري؟ لعل كاريت تصور حربا أوربية لآلاتها المدمرة

ص: 506

واستعار نتائجها لنتائج حرب سلاحها السيف والقوس، أو لعل عاطفته على هذا الوطن أمام الهجوم العربي استعمارها من إنسان كامل رأى الحملات الأوروبية على الأمم المستضعفة؛ اسمح لي أيها الكاتب أن أقول لك: لست بمؤرخ يحترمه القارئ ولا بسياسي يغر البربر فإنهم لا يرضون عن تحاملك على العرب ولا سيما الفاتحين.

البربر يعلمون أن ما نتج عن هجوم الهلاليين ليس ناشئا عن عداوة جنسية أو قسوة حربية؛ ولذلك اختلطوا بهم وأخذوا عنهم عوائد اجتماعية وأخلاقا فاضلة أضافوها إلى عوائدهم وأخلاقهم، واستعرب كثير منهم لما وجدوا في العربية ثروة لفظية وأدبا راقيا إعانة على فهبم الدين، واستبدلوا بحياتهم حياة عربية.

فكان نفوذ الهلاليين في البربر اجتماعيا لغويا جنسيا، كما كان نفوذ الفاتحين دينيا سياسيا، ويمتاز نفوذ العرب في غيرهم من الأمم بأنه غير ناشئ عن دعاية سياسية وأنه خالد خلود الراسيات لا يذهب بذهاب سلطانهم ولا توهن من قوته الدسائس الأجنبية، بل لا يكترث بها إلا اكتراث القائل:

يا ناطح الجبل العالي ليوهنه

اشفق على الرأس لا تشفق على الجبل

‌الحياة الهلالية

الهلاليون بداة ظواعن، يسكنون بيوتا يستخفونها يوم ظعنهم، ويكسبون الخيل لركوبهم والأنعام لحمل أثقالهم والتغذي بألبانها واتخاذ الملابس والأثاث من أوبارها وأصوافها وأشعارها، ينتجعون بها الصحراء شتاء والتل صيفا ويبتغون الرزق في غالب أحوالهم من القنص وتخطف الناس في السبل، ويجمعون أيام كونهم بالتل الحبوب لقوت سنتهم. قال ابن خلدون: "وربما يلحق أهل العمران أثناء ذلك معرات من أضرارهم بإفساد السابلة ورعي الزرع مخضرا والتهابه قائما وحصيدا، إلا ما أحاطته الدولة وذادت عنه الحامية في الممالك التي للسلطان عليهم فيها سبيل. اهـ

وتغلب الهلاليون على طرق القوافل، فلا يجتازها غيرهم إلا بخفارة أحدهم، فوقفت حركة البربر التجارية من هذه الناحية ولكن الهلاليين قاموا به أحسن قيام ووسعوا نطاق التجارة بين التل والصحراء.

ص: 507

ولم يحافظ على حياة الظعن من الهلاليين إلا القبائل القوية وأحلافها، أما من ضعف منهم فكانوا ينزلون المدن والقرى البربرية أو يحدثون لأنفسهم قرى بالزاب والصحراء، ويشتغلون بالفلاحة ويستبدلون بالشاء البقر.

وكانت زناته وبعض البربر على مثل هذه الحياة البدوية من قبل مجيء الهلاليين؛ لأنها حياة ناشئة عن طبيعة الوطن لا دخل للنسب فيها، ولتشابه الحياتين تأثر الهلاليون بزناته في بعض عوائدهم. قال ابن خلدون متحدثا عن العرب:

"شعارهم لبس المخيط في الغالب، ولبس العمائم تيجانا على رءوسهم، يرسلون من أطرافها عذبات يتلثم قوم منهم بفضلها، وهم عرب المشرق، وقوم يلفون منها الليت والإخدع قبل لبسها ثم يتلثمون بما تحت أذقانهم من فضلها، وهم عرب المغرب حاكوا بها عمائم زناته من أمم البربر قبلهم، كذلك لقنوا منهم في حمل السلاح اعتقال الرماح الخطية وهجروا تنكب القسي، وكان المعروف لأولهم ومن بالمشرق لهذا العهد منهم استعمال الأمرين.

"فهذه كلها شعائرهم وسماتهم، وأغلبها عليهم اتخاذ الإبل والقيام على نتاجها وطلب الانتجاع بها لارتياد مراعيها ومفاحص توليدها، بما كان معاشهم منها، فالعرب أهل هذا الشعار من أجيال الآدميين، كما أن الشاوية أهل القيام على الشاة والبقر، لما كان معاشهم فيها؛ فلهذا لا يختصون بنسب واحد بعينه إلا بالعرض؛ ولذلك كان النسب في بعضهم مجهولا عند الأكثر، وفي بعضهم خفيا عن الجمهور، وربما تكون هذه السمات والشعائر في أهل نسب آخر فيدعون باسم العرب" اهـ.

ولسان الهلاليين مضري، حافظوا عليه ببداوتهم في المفردات والتراكيب ووجوه البلاغة وأساليب الخطاب.

قال ابن خلدون:

"وفيهم الخطيب المصقع في محافلهم ومجامعهم، والشاعر المفلق على أساليب لغتهم، والذوق الصحيح والطبع السليم شاهدان بذلك، ولم يفقدوا من أحوال اللسان المدون إلا حركات الإعراب في أواخر الكلم فقط" اهـ.

ص: 508

وقد ذكر العبدري في رحلته - وهو من أهل القرن السابع الهجري - أن عرب برقة لم يزالوا يعربون أكثر أقوالهم، ويتحدثون بما يعد عند العلماء غريبا، وذكر ما سمعه من أقوالهم المعربة وألفاظهم الغريبة، وعلل ذلك بعدم اختلاطهم بالناس وقال: هم أفصح من عرب الحجاز وغيرهم.

فلعل الهلاليين إنما فسد لسانهم بالجزائر لاختلاطهم بالبربر، ويشهد لذلك أننا نرى اليوم عرب الصحراء القليلي الاختلاط بغيرهم أصح عربية وأقوم مخارج حروف، وعرب السواحل المغمورين بالبربر أفسد نطقا بالحروف وأردى لغة، ومع هذا فالهلاليون أثروا من حيث اللغة في البربر ممثر مما تأثروا بهم.

وذكر ابن خلدون أن بداة العرب شرقا وغربًا يمتازون عن أهل الحضر بأن مخرج القاف لديهم بين مخرجي الكاف والقاف الحضرية، ولم تزل هذه القاف البدوية لعهدنا، وهي مثل القاف الأعجمية التي نجدها في الأعلام البربرية والإفرنجية وغيرها، مثل بلقين وتاقرا وقسال وقوتية، وكان الأقدمون كالبكري يرسمونها جيمًا، فيقولون بلجين وتاجرا، ومن بعدهم كابن خلدون يرسمونها كافًا، فيقولون بلكين، وكُتَّاب عصرنا يرسمونها غينًا، فيقولون غسال وغوتية، وأنا أختار رسمها قافا إذ هي مثل القاف البدوية مخرجًا.

وكانت أخلاق الهلاليين هي أخلاق الجاهلية بما فيها من حسنات وسيئات كالجود والشجاعة وعزة النفس وإباية الضيم وحفظ العهد وحسن الجوار والاعتراف بالجميل والتمدح بالغارة وبغض الصنائع والحرف.

ومعارفهم هي معارف الجاهلية من عناية بالأنساب وكل ما يتصل بحياتهم البدوية، وليس لهم من الإسلام بعد الشهادتين كبير علم أو عمل، وقد تأثروا من هذه الناحية بالبربر، فنبذ القاطنون بالنواحي الخصبة حياة الغارة والفتن، وحيى فيهم الشعور الديني، وظهر منهم من دعا إلى السنة، ورابطوا في الثغور لحمايتها من النرمان، ولم يُعرف عنهم إعانة الكفار أو الاستعانة بهم حتى كانوا بنو زيان أواخر أيامهم يستعينون بعضهم على بعض لنيل الملك بالإسبان النازلين بوهران، فجروا معهم أحلافهم من عامر وزغبة القاطنين بنواحي وهران، فأصبحوا من بعد جندًا لنصارى الإسبان.

ص: 509

وللقبائل الهلالية مناطق تتقلب فيها ظعنًا وإقامة، ولكل رئيس منها يُلقَّب أميرًا أو شيخًا أو سيدًا، والغالب أن يكون معه من قبيلته رئيس تابع له يُلقَّب رديفًا، وقلما تخرج رئاسة القبيلة من بيت إلى آخر، وللرئيس صفات يمتاز بها من كبر سن ورجاحة عقل وفصاحة لسان وفضل وجود، وليس للحكومة عزله إلا أن تكون قبيلته ضعيفة.

وكثيرًا ما تكون الحروب بين الهلاليين إما بين قبيلتين متجاورتين لأسباب أهمها التنازع على وسائل الحياة ولاسيما بالصحراء، وإما بين أفراد القبيلة الواحدة لأسباب أهمها التنازع على الرئاسة، ولا يفض الخصام كالحسام، وينتج عن هذه الحروب ضعف قبيلة واستعلاء أخرى، فتضطر الضعيفة إما للجلاء إلى ناحية أخرى وإما للاحتماء بقبيلة أقوى، فتضع القبيلة الحامية على المحمية عربية أو بربرية ضريبة معلومة يسمونها خفارة، وهي آية الشرف الحربي، واليوم لم يزل لبعض القبائل على غيرها خفارة يقبضونها باسم الشرف الديني، ويحرفون لفظها إلى غفارة كما حرفوا أصل وضعها.

وقد احتاجت الحكومات البربرية إلى القبائل العربية، فقربت رؤساؤهم بالمصاهرة والمجالسة، وأقطعتهم الأراضي، واعتمدت عليهم في جباية الخراج وتجنيد الجنود، وعرف العرب أن نعمتهم تلك لا تدوم إلا بضعف الحكومة فكانوا يحدثون لها المشاكل ويدبرون عليها الثورات، ويتحدثون ضدها متى خشوا قوتها نابذين ما بينهم من تراث، وينقسمون على الحكومات متى تعددت، وقد أصبحت الحكومات الحفصية والزيانية والمرينية كل منها تعتمد على قبائل عربية سلمًا وحربًا.

ولم تكن مشاغبة الهلاليين للحكومات البربرية لطمع في الملك أو طلب للفوضى. وإنما كانت لحفظ حياتهم البدوية، وكانت القبائل البربرية تتواثب على الملك إرضاء لشهوات زعمائهم لا لاختلاف مبادٍ أو تباين غايات، ونتج عن سياسة هذين الجنسين المشتركين في الدين والوطن نتائج سيئة عادت عليهم جميعهم بالوبال.

قال ابن خلدون: "وكان في هؤلاء العرب لعهد دخولهم إفريقيا رجالات يذكرون، وكان من أشهرهم حسن بن سرحان وأخوه بدر وفضل بن ناهض؛ وهم

ص: 510

من دريد بن الأثبج، وماضي بن مقرب من قرة، وسلامة بن رزق من كرفة، وشبانة بن الأحيمر وأخوه صليصل من بني عطية من كرفة، وذياب بن غانم من بني ثور، ومؤنس بن يحيى من مرداس رياح لا مرداس سُلَيْم، وزيد بن زيدان من الضحاك، ومليحان بن عباس (وفي نسخة ثليجان بن عابس) من حِمْيَر، وزيد العجاج بن فاضل ويزعمون أنه مات بالحجاز قبيل دخول إفريقيا، وفارس بن أبي الغيث وأخوه عامر (وفي نسخة عابد) والفضل بن أبي على ينسبونهم في مرداس رياح كل هؤلاء يذكرون في أشعارهم، وكان ذياب بن غانم رائدهم في دخول إفريقيا ويسمونه لذلك أبا مخيبر، وشعوبهم لذلك العهد - كما نقلنا - هم زغبة ورياح والأثبج وقرة وكلهم من هلال بن عامر وربما ذكر فيهم بنو عدي، ولم نقف على أخبارهم، وليس لهم لهذا العهد حي معروف فلعلهم دثروا وتلاشوا وافترقوا في القبائل" اهـ.

‌الهلاليون ومواطنهم بالجزائر

العرب المستوطنون بالجزائر إنما هم الهلاليون وأحلافهم، أما سُلَيْم فإنما تقدمت منهم قبيلة عوف في أواخر القرن الثامن من تونس إلى ناحية عنابة، وأحلاف الهلاليين هم عرب المعقل وأحياء من فزارة وأشجع من بطون غطفان، وجُشَم بن معاوية بن بكر بن هوازن، وسلول بن مرة بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، وعمرة بن أسد بن ربيعة بن نزار، وفي بعض نسخ ابن خلدون عترة بالتاء بدل الميم، وثور بن معاوية بن عبادة بن ربيعة البكاء بن عامر بن صعصعة، وعدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر، وطرود بطن من فهم بن قيس عيلان.

هذا ما ذكره ابن خلدون، ولم يعتن بأخبار غير المعقل منهم، وعد باقيهم مندرجين في هلال، وفي الأثبج منهم خصوصًا، نعم طرود لم يزالوا معروفين باسمهم ودخلوا أرض سوف بعد ابن خلدون، ونقل كاريت عن ابن الرقيق أن السكاكين فيمن دخل مع الهلاليين، وسكون بطن من كندة إحدى القبائل اليمنية.

ولما أخذ ابن خلدون في شرح أحوال هؤلاء العرب قال: "ونخص منهم بالذكر من كان لهذا العهد بحية وناجعته، ونطري ذكر من انقرض منهم" اهـ.

ص: 511

ونحن نقدم الكلام في المعقل ثم نقفي ببني هلال. تحيز المعقل منذ أمد قديم إلى الهلاليين، ودخلوا معهم المغرب في عدد دون المائتين ونزلوا غربيهم وانتشروا في الصحاري، فاعتزوا وعفوا وكثروا بمن اندمج فيهم من غير نسبهم من أشجع وفزارة وبني سُلَيْم. ومن بني هلال أحياء مع المعقل أيضًا من مسلَّم وسعيد والعمور وكرفة والمهاية وحصين.

ومواطنهم تمتد من قبلة تلمسان إلى المحيط الغربي إلى سجلماسة ودرعة حيث يجاورون الملثمين، وملكوا على زناته قصور توات وتامنطيت وتيقورارين وورقلة واقتضوا منهم الضرائب.

ومن بطونهم ذوو حسان بالسوس الأقصى، وذوو منصور بين ملوية ودرعة منهم العمارنة والمنبات بطنان يعرفون بالأحلاف، ومن بطون المعقل ذوو عبيد الله بن صقيل وإخوانهم الثعالبة من ثعلب بن علي بن بكر بن صقيل.

أما ذوو عبيد الله فمواطنهم بين تلمسان ووجدة إلى مصب وادي ملوية في البحر ومنبعث وادي صا من القبلة. ويبلغون في رحلتهم إلى تيقورارين وتوات ويجاورهم شرقًا بنو عامر من هلال، وبين القبيلتين حروب.

وهم بطنان الهداج والخراج، والهداج يجاورون ذوي منصور غربًا والخراج شرقًا، والخراج منهم الجعاونة أبناء جعوان، والغسل أبناء غاسول، والمطارفة أبناء مطرف، والعثامنة أبناء عثمان، ومن العثامنة أولاد عبد الملك وفيهم رئاسة الخراج ومعهم ناجعة من المهايا، ينتسبون تارة إلى المهايا من عياض وتارة إلى مهايا بن مطرف.

وأما الثعالبة فموطنهم بمتيجة. قال ابن خلدون: "ويظهر أن نزولهم لها حين كان ذوو عبيد الله في مواطن عامر لهذا العهد، وكان بنو عامر في مواطن سويد، فكانت مواطنهم لذلك العهد متصلة بالتلول الشرقية، فدخلوا من ناحية قزول وتدرجوا إلى ضواحي المدية، ونزلوا جبل تيطري إلى أن ملك بنو توجين المدية وغلبوهم على تيطري، فنزلوا إلى متيجة" اهـ.

وذكر ابن خلدون انتساب المعقل إلى جعفر بن أبي طالب وفنده، ويظهر لي أن نسب جعفر في الثعالبة صحيح وأنه جعفر أخو عبد الله الكامل الذي ملك أبناؤه

ص: 512

متيجة في القرن الثالث، فلا يبعد أنهم بقوا هنالك بعد ذهاب ملكهم حتى نزل عليهم الثعالبة.

وأما الهلاليون فقبائل عديدة وبطون كثيرة، ولضبط الحديث عنهم نعد هلالا شعبا، ونسلك في تفصيل فروعه الترتيب اللغوي الذي نظمه من قال:

الشعب ثم قبيلة وعمارة

بطن وفخذ والفصيلة تابعة

فقبائل هلال هي الأثبج ورياح ورغبة وقرة بن عبد مناف وكلهم أبناء أبي ربيعة بن نهيك بن هلال، وعمائر الأثبج هي دريد وكرفة وعياض والضحاك ولطيف والعمور والعاصم ومقدم، والعمارتان الأخيرتان نقلهم بنو عبد المؤمن إلى المغرب الأقصى كما نقلوا قبيلة قرة، وعمائر رياح هي مرداس وسعيد وعامر وعلي، وعمائر زغبة هي: يزيد وحصين ومالك وعامر وعروة.

1 -

دريد، كانت إليهم رئاسة هلال، ومدحهم شعراؤهم، وكان منهم الحسن بن سرحان رئيس الأثبج أجمعين عند دخولهم إفريقيا، وأخته الجازية التي كانت تحت الشريف بن هاشم صاحب الحجاز، وولايته عليه من سنة 430 إلى 453 هـ ولهذا الشريف منها ابن اسمه محمد ولي الحجاز بعد أبيه، ولما أجمعوا الرحلة إلى إفريقيا تحيلوا في نقل الجازية معهم، وتزوجها بعده ماضي بن مقرب من قرة، واجتمع على حربهم من إخوانهم كرفة وقرة وعياض، وكان الظهور غالبا لدريد.

ومن بطونهم أولاد سرور وأولاد عطية وأولاد عبد الله، وأولاد عطية رئاستهم في فخذ أولاد مبارك بن حباس، ومن أفخاذ أولاد عبد الله وجار الله وتوبة، ورئاسة أولاد جار الله في فصيلة أولاد عنان بن سلَّام، ورئاسة توبة بين فصيلتي أولاد وشاح وأولاد مبارك بن عابر، وفي بعض نسخ ابن خلدون عابد بالدال بدل الراء، وهؤلاء أولاد مبارك هم فصيلتنا القاطنون بين بني تليلان وبني خطاب.

ومواطن دريد ما بين بونة وقسنطينة إلى طارف مصقلة وما يحاذيها من القفر، وطارف قرية ذكرها ياقوت، وكان أولاد مبارك بن حباس بتلة بن حلوف من ناحية قسنطينة، ثم غلبتهم عليها توبة زحفت إليهم. من طارف مصقلة فدثروا

ص: 513

وتلاشوا، ثم قعدت توبة عن الظعن واستبدلت الشاه والبقر بالإبل، وعليها للسلطان غرامة وعسكرة، وأولاد سرور وأولاد جار الله مجاورون لتوبة وعلى سننهم في الحياة، هذه حالتهم في الجزائر لعهد ابن خلدون قبل ستة قرون.

2 -

كرفة، كان لهم جمع وقوة وبطونهم كثيرة منها بنو محمد بن كرفة، والمراونة بنو كثير بن مروان بن قطن بن كرفة، وأولاد نابت بن فاضل بن محمد بن كليب، والحدلجات أربعة بطون هم بنو كليب بن عطية بن قطن يعرفون بالكلبة بالباء أو الياء نسختان لابن خلدون، وبنو شبيب بن محمد بن كليب يعرفون بالشببة، وأولاد صبيح بن فاضل يعرفون بالصبحة، والسراحنة أولاد سرحان بن فاضل، ومن أفخاذ أولاد نابت أولاد مساعد وأولاد ظافر وأولاد قطيفة، ومن فصائل أولاد مساعد أولاد علي بن جابر بن مفتاح بن مساعد، وفيهم رئاسة كرفة.

وموطن الحدلجات بأوراس مما يلي زاب تهودا، وأولاد نابت أقطعهم الحفصيون جانب أوراس الشرقي والزيبان الشرقية، وبنو محمد والمراونة تلقاء أولاد نابت ظواعن في القفار، وكرفة كانوا محالفين لصنهاجة ثم الحفصيين، ولما ضعف نفوذ الحفصيين بالزاب انقبضوا إلى جبل أوراس، وقلما يظعنون إلى تخوم الزاب.

3 -

عياض، كان لهم عدد وقوة ومن بطونهم الزبر بنو زبير وأولاد صخر وأولاد رحمة والمهاية والخراج والمرتفع، ومن أفخاذ المرتفع أولاد حناش رئاستهم في فصيلة أولاد عبد السلام، وأولاد تبان رئاستهم في فصيلة أولاد محمد بن موسى، وأولاد عبدوس أو غندوس

(1)

نسختان لابن خلدون رئاستهم في فصيلة بني صالح، ورئاسة الخراج في فخذ أولاد زائدة بن عباس، ورئاسة المهاية في فخذ أولاد ديفل.

قال ابن خلدون: "وعياض نزلوا بجبل القلعة بني حماد وغلبوا قبائله على أمرهم وصاروا يتولون جبايتهم، وطول الجبل من المشرق إلى المغرب ما بين ثنية غنية والقصاب إلى وطن بني يزيد بن زغبة، فأوله مما يلي غنية للمهاية والزبر، وبعدهم المرتفع والخراج، ويلي الخراج غربًا أولاد صخر وأولاد رحمة وهذا آخر وطن الأثابج" اهـ.

(1)

قلت: ذكرها المدني في تاريخ الجزائر (قندوز) والظاهر أن العوام حرفوا نطقها بمرور الزمن.

ص: 514

4 -

الضحَّاك، كانوا بطونًا كثيرة، وهم مفترقون على أميرين منهم هما أبو عطية وكلب بن منيع، ولأول دولة الموحدين غلب كلب أبا عطية واستقل بالرئاسة.

وكان نجعهم بالزاب، ثم تغلب عليهم الذواودة وأصاروهم في جملتهم، فعجزوا عن الظعن ونزلوا المدن.

5 -

لطيف، بطونهم كثيرة منها اليتامى وأولاد كسلان بن خليفة بن لطيف، واللقامنة أولاد لقمان بن خليفة، ومن أفخاذ اليتامى ذوو مطرف وذوو أبي الخليل وذوو جلال بن معافي، ومن أفخاذ اللقامنة أولاد جرير بن علوان بن محمد بن لقمان، وبرَّاز بن معن بن محيي.

وغلبتهم رياح والذواودة، فانتقل بعضهم إلى المغرب الأقصى ونزل فريق من برَّاز على العطاف من زغبة. وعجز الباقون عن الظعن فاتخذوا بالزاب الآطام والقرى ونزلوا مدنه مثل الدوسن وتهودة وبادس وغريبو وتنومة.

قال ابن خلدون: "ولهم عنجهية لم يفارقوها منذ أيامهم القديمة لهذا العهد، وبين المتجاورين منهم بقصور الزاب فتن متصلة، وعامل الزاب يدرأ بعضهم ببعض، ويستوفي جبايته منهم جميعًا" اهـ.

6 -

العمور، ليسوا من الأثبج وإنما هم ملحقون بهم، ويحتمل أنهم من عمرو بن عبد مناف بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال أو من عمر بن رويبة بن عبد الله بن هلال، قال ابن خلدون:"وليسوا من ولد عمر بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال" اهـ.

وهم بطنان مُرَّة وعبد الله، فمُرَّة على كثرتهم مفترقون في القبائل والمدن وحدانا، وعبد الله فخذان ماضي ومحمد، ومحمد فصيلتان عنان وعزيز، ومن عنان شكر وفارس، ومن شكر زكرير ومحيَّا.

وفي العمور فرسان وأكثرهم رجالة وليسوا في ولاء دولة ولا لهم رئاسة ولا ناجعة لافتراق كلمتهم، وبين أولاد شكر فتن متصلة، فحالف أولاد محيَّا سويد بن زغبة، وحالف أولاد زكرير بني عامر من زغبة.

ص: 515

وموطن العمور يمتد من أوراس على الحضنة والصحراء إلى جبل راشد المضاف اليوم إليهم، وليس لهم سبيل إلى التل، ونزل أولاد شكر جبل راشد، ثم استقل به أولاد محيَّا، وطردوا منه أولاد زكرير إلى جبل كسال غربيه، وهو جبل يطل على البيض، وباقي العمور بسفح أوراس إلى مواطن غمرة غربا، وهم تحت طاعة رياح.

7 -

مرداس، بطونهم كثيرة منها الذواودة أولاد ذواد، وصنبر بن عقيل بن مرداس، ومسلَّم بن عقيل، وعامر بن يزيد بن مرداس، ومن الذواودة أولاد عساكر بن سلطان وأولاد محمد بن مسعود بن سلطان وأولاد سباع بن يحيى، ومن عامر بنو موسى وجابر وبنو محمد، ومن بني محمد مشهور ومعاو وعلي المُلقَّب سودان، ومن مسلَّم رحمان وأولاد جماعة وفيهم رئاسة مسلَّم بين أولاد شكر بن حامد بن كسلان بن غيث بن رحال بن جماعة، وبين أولاد زرارة بن موسى بن قطران بن جماعة.

وكانت رئاسة رياح لمرداس في صنبر قوم مؤنس بن يحيى، ثم صارت للذواودة وكان منهم مسعود بن سلطان وأخوه عساكر، واستمرت الرئاسة في عقبهما.

8 -

سعيد، من بطونهم أولاد يوسف بن زيد، ومن أولاد يوسف أولاد عيسى بن رحاب بن يوسف، وأولاد ميمون بن يعقوب بن عريف بن يعقوب بن يوسف، ورئاسة سعيد في أولاد ميمون ويرادفهم أولاد عيسى، وسعيد أحلاف لأولاد محمد من الذواودة.

ومع سعيد لفائف من المخادمة والغيوث وهم من ولد مخدم بن مشرف بن الأثبج، ومن نفاث إحدى بطون جُذام، ومن زنارة إحدى بطون لواتة من البربر.

9 -

عامر، منهم الأخضر، رئاستهم في أولاد ثامر بن علي بن تمام بن عمار بن خضر، والأخضر ومسلَّم من مرداس أحلاف لأولاد سباع بن يحيى من الذواودة ولم يتحدث ابن خلدون عن عمارة علي.

وبطون رياح كانت تنقلب من الجريد إلى القيروان إلى الزاب إلى المسيلة إلى ورقلة، ولهم أقطاع بالحضنة ونواحي قسنطينة وبجاية.

ص: 516

10 -

يزيد، بطونهم كثيرة منها جواب وبنو كرز وبنو موسى والمرابعة بنو مربع والخشنة بن خشين وحميان وأولاد لاحق وأولاد معافى وبنو سعد بن مالك بن عبد القوي بن عبد الله بن سعيد بن محمد بن عبد الله بن مهدي بن يزيد، ومنهم من يزعم أن مهديا هو ابن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وليس بصحيح، ولبني سعد ثلاثة أفخاذ هم بنو منصور بن سعد، وبنو ماضي بن رزق بن سعد وبنو زغلي بن رزق.

ولبني يزيد محل من زغبة بالكثرة والشرف وللدول بهم لذلك عناية وهم أول من أقطعتهم الدول بالتلول والضواحي، وكانت رئاستهم لأولاد لاحق ثم لأولاد معافى ثم صارت لبني سعد واختص بها منهم بنو زغلي.

ويزيد مجاورون غربًا للأثبج ورياح، يقطنون سهل حمزة والدهوس وأرض بني حسن من صنهاجة إلى متيجة، وما يتصل بذلك ريفًا وصحراء، وهم مقيمون لا يظعن إلا قليل منهم، وينزل معهم إخوانهم عكرمة فإنه ويزيد أبناء عيسى بن زغبة، وفي بعض نسخ ابن خلدون عبس بدل عيسى، وفي أيام يغمراسن بن زيان انتقل منهم حميان إلى صحراء تلمسان، وانتقل فريق من عكرمة إلى جبال كريكرة قبلة السرسو.

11 -

حصين، لهم بطنان عظيمان جندل وخراش، ومن جندل خشعة وأولاد سعد بن خنفر بن مبارك بن فيصل، وفي بعض النسخ فضيل بن سنان بن سباع بن موسى بن كمام بن علي بن جندل، ومن أولاد سعد فصيلة بني خليفة، ومن خراش أفخاذ أولاد مسعود بن مظفر بن محمد الكامل ابن خراش، وأولاد فرج بن مظفر، وأولاد طريف بن معبد بن خراش يعرفون بالمعابدة، ومن أولاد مسعود فصيلة رحاب بن عيسى بن أبي بكر بن زمام بن مسعود، ومن أولاد فرج فصيلة بني خليفة بن عثمان بن موسى بن فرج، ومن أولاد طريف فصيلة أولاد عريف.

ورئاسة حصين مفترقة على الفصائل المذكورة، وموطنهم غربي بني يزيد إلى جبل تيطري ونواحي المدية.

12 -

مالك، بطونهم ثلاثة: بخيس والحرث وسويد، ومن الحرث أفخاذ غريب والعطاف والديالم بني ديلم، ومن غريب فصيلة بني منيع ومن منيع بنو

ص: 517

مزروع وأولاد يوسف، ومن فخذ العطاف فصيلة أولاد يعقوب، ومن الديالم فصيلتان: العكارمة أبناء عكرمة بن مزروع بن صالح بن ديلم، وأولاد إبراهيم بن رزق بن رعاية بن مزروع، ومع الديالم إخوانهم بنو زياد من إبراهيم وأولاد هلال بن حسن وبنو نوال بن حسن والدهاقنة أولاد دهقان بن حسن، فإن ديلما هو ابن حسن بن إبراهيم.

ولسويد أفخاذ منها فليتة وجوثة وصبيح وأولاد ميمون وشبابة ومجاهر، ومن شبابة الحساسنة بنو حسان، ومن مجاهر غفير وشافع ومالف وبو رحمة وبو كامل وحمدان وهبرة، ومن حمدان أولاد عيسى بن عبد القوي بن حمدان، وهبرة تزعم أنها من قوم المقداد بن الأسود الصحابي البدري، فهم من قضاعة، وقد ينتسب بعضهم إلى تجيب من بطون كندة.

وكانت مواطن مالك جنوب بني توجين المستولين على ما بين سعيدة والمدية، ثم استولت سويد على بلاد توجين ما عدا جبل وانشريس، وكان لسويد المنزلة العليا في دولتي بني زيان وبني مرين، ونزلت هبرة نواحي البطحاء بالضفة اليمنى من نهر مينة، والعطاف بسهول غربي مليانة، والديالم قبلة وانشريس، ونزلت بطن بخيس نواحي وهران.

13 -

عامر، بطونهم ثلاثة أولاد يعقوب وبنو شافع وبنو حميد، ومن شافع فخذي بني مطرف والشقارة، ولحميد أفخاذ وفصائل منها بنو عبيد بن حميد، ومنهم المحارزة بنو محرز بن حمزة بن عبيد، والعقلة بنو عقيل بن عبيد، والحجز بنو حجاز بن عبيد، ومن الحجز حجوش وحجيش، ومن حجوش حامد ورباب ومحمد، ومن محمد الولالدة بنو ولاد بن محمد.

ورئاسة عامر في بني يعقوب، وكانت عامر أحلافا لبني يزيد يظعنون بظعنهم ثم انتقلوا في عهد بني عبد الواد إلى قبلة تلمسان ولهم جبل تاسالة، ويتقلبون هنالك بين وهران والصحراء.

14 -

عروة، هم بطنان حميس والنضر، ومن حميس عبيد ويقظان وفرغ، ومن فرغ أولاد نائل، ومن يقظان أولاد عايد، ومن بطن النضر أولاد خليفة والحماقنة وشريفة والصحارى وذوو زيان وأولاد سُلَيْمان.

ص: 518

وأولاد نائل أحلاف لأولاد محيَّا من العمور، وبنو يقظان وعبيد الله أحلاف لسويد يظعنون معهم، والنضر رئاستهم في أولاد خليفة وهم منتبذون بالقفر ويصعدون إلى أطراف مواطن حصين والديالم والعطاف، والصحارى أكثرهم بجبل مشنتل المضاف اليوم إليهم.

هذه فروع هلال ومواطنهم في القرنين الثامن والتاسع، اعتمدنا في جلها على ابن خلدون مع تصحيح ما فيه من تحريف في الأعلام، ومن تلك الفروع ما تغيرت أوطانه أو اتسعت فصائله أو اندثر اسمه.

وذكر كاريت أن مرمول أحصى مقاتلة عرب الجزائر في القرن العاشر بنحو (199500) وأعتذر عن قلة هذا العدد بأن مرمول تارة يستند في إحصائه إلى اليقين وأخرى يعتمد على أقل تقدير، قال: ويمكن إحصاء المقاتلة وغيرهم من شيوخ ونساء وصبيان بنحو تسعمائة ألف ونحن لا نقفو ما ليس لنا به علم، وإنما نرى من الجدول الذي نقله عن مرمول أنه أهمل كثيرًا من القبائل العربية، فيكون ذلك الإحصاء دون الحقيقة بمراتب، وهذا جدول مرمول.

القبيلة

البطن

الموطن

المقاتلة

1 -

السكاكين

أولاد صبير

بين تلمسان ووهران

23000

2 -

بنو هلال

بنو عامر

بين تلمسان ووهران

60000

أولاد هوروا

جهة مستغانم

18000

أولاد عقبة

جهة مليانة

11500

أولاد هبرة

بين مستغانم ووهران

3000

أولاد مسلَّم

جهة المسيلة

-

رياح

الحنانشة

بين قسنطينة وبونة

20000

أولاد سعيد

بين تنس ونوميديا

18000

3 -

المعقل

أولاد حسان

الثعالبة

في متيجة ونوميذيا

44000

أولاد حسان

أولاد سعيد

بين مستغانم وشلف

2000

ص: 519

‌أحوال العرب الهلالية لعهد الحفصيين والزيانيين والمرينيين

استكان العرب بعد ثورة ابن غانية لقوة الدولة التي عرفت كيف تسوسهم، لكن الحفصيين نواب بني عبد المؤمن بتونس استقلوا عنهم وحنو إلى وطنهم، فطمعوا في فتح مراكش، ولم يقووا على تحقيق أمانيهم إلا بمعاضدة زناته، فعاضدتهم وهي تسرحسوا في ارتغاء، وكانت النتيجة سقوط الدولة المؤمنية وقيام ثلاث دول مكانها هي الحفصية والزيانية والمرينية.

لم تعترف هذه الدول بعضها ببعض بالاستقلال، فاستمرت الحروب بينهم، وربما وقعت الحرب بين الأمراء المرشحين للملك في الدولة الواحدة، وتقاربت قواتهم الحربية والسياسية فلم ينحسم النزاع.

وكان ملوك تلك الدول في حاجة إلى العرب لكن اضطربت سياستهم معهم، فإذا كانت الحرب واحتاجوا إليهم أقطعوهم الأراضي الواسعة وجباية القبائل المستضعفة ونفحوهم بالهدايا والأموال وقربوهم بالصهر والاستشارة، وإذا استغنوا عنهم بالسلم قلبوا لهم ظهر المجن وحاولوا تجريدهم من امتيازاتهم فلم يعدم العرب في الامراء المرشحين للملك والملوك الطامعين في التوسع ما يعينهم على إحداث ثورة للاحتفاظ بامتيازاتهم.

وكان العرب يحسنون الاستفادة في أمثال هذه الظروف لتقوية حريتهم وتوسيع مجالات تنقلهم في الشمال والجنوب وكانوا يفترقون حسب افتراق مصالحهم على الدول والملوك.

ونتج عن هذه السياسة ضعف الدول وفقد الأمن وقلة الإنتاج واستحكام العداوة بين القبائل وطمع إسبانيا في امتلاك المغرب، ولولا قيام الدولة التركية بأساطيلها في وجوه الدول الأوربية للحق المغرب بالأندلس أو صقلية. على أن عوامل الافتراق التي غرست في هذا الدور لم تزل تنخر جسمنا إلى اليوم.

والمسئول عن هذه النتائج السيئة هم الحفصيون الذين أسقطوا الدولة المؤمنية حامية الأندلس وآسية العرب ثم عجزوا عن حفظ المغرب وتوحيده، ثم اضطربت سياستهم مع العرب وقووا أغراضهم في الحياة البدوية بدلا من تمدينهم وتهذيبهم،

ص: 520

والعرب بداة لا غرض لهم في المُلك، فليس عليهم ضمان في هذه النتائج السياسية التي هي خاصة المُلك ولعلنا بهذا الفصل وضعنا أساس البحث للناقد البصير في قواعد ابن خلدون الاجتماعية التي وضعها على حساب العرب البداة دون الحفصيين الملوك الذين كان ريشه منهم وهواه معهم، يعرف ذلك من عرف حياته ودقق النظر في أساليب تاريخه، فأدرك الفرق بين أسلوبه في الدولة الحفصية وأسلوبه في غيرها، حتى أنه أجهد نفسه في تصحيح نسب ابن تومرت في آل البيت ونسب الحفصيين في آل عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أنه أنكر أنسابًا هي أقوى من هذين النسبين والكمال لله.

‌رياح والأثبج وسُلَيْم

كانت قبيلة عوف من سُلَيْم تجاور رياحا على حدود عمالة قسنطينة، وتبلغ ناجعتها نواحي بونة، ولها بطنان هما مرداس وعلَّاق، ومن علَّاق حصن ويحيى ومن حصن حكيم وبنو علي، ومن يحيى الكعوب، ومن الكعوب أولاد مهلهل وأولاد أبي الليل، ومن أولاد أبي الليل الأعشاش.

وكان أبو زكرياء الحفصي اصطنع عوفًا على رياح فأخرجتهم إلى عمالة قسنطينة، وجازتها الدولة على ذلك بالتضريب في بطونها، حتى لا يستبدوا عليها فكان المغلوبون من عوف ينزلون على رياح للإجلاب على الدولة، واستقرت رئاسة عوف في أولاد مهلهل وأولاد أبي الليل، وتنازعوا أمرهم بينهم وأصبح حال الدولة بينهم حال القائل؛ رضى هذي يحرك سخط هذي.

وحكيم من عوف كانوا يحالفون تارة أولاد مهلهل وأخرى أقتالهم، واشتهر من شيوخ حكيم أبو زيد بن عمر بن يعقوب وابنه خليفة ومحمد بن مسكين وخليفة ابن أخيه، وكان منهم أول القرن التاسع الشيخ المرابط أحمد بن أبي صعنونة بن عبد الله بن مسكين.

وكان بمقرة بيوت من ذباب ومرداس، أوقع بهم المستنصر سنة 651 هـ واعتقل منهم بالمهدية في تونس رحاب بن محمود وابنه في آخرين.

ص: 521

وأقطع الحفصيون كرفة من الأثبج بادس والزاب الشرقي وجباية الأوراس الشرقي؛ ليوقعوا رياحا بين نارين، فلم تفعل كرفة أكثر من المحافظة على إقطاعها، ولم يجدوا في بقية بطون الأثبج من يقدر على مقاومة رياح، وإن بقيت في بعضهم رئاسة.

قال ابن خلدون: "ورئاسة أولاد وشاح من دريد لعهدنا منقسمة بين سجيم بن كثير بن جماغة بن وشاح، وأحمد بن خليفة بن رشاش بن وشاح، ورئاسة أولاد مبارك بن عابد منقسمة أيضًا بين نجاح بن محمد بن منصور بن عبيد بن مبارك، وعبد الله بن أحمد بن عنان بن منصور" اهـ.

وكان شيخ محيَّا من العمور في القرن الثامن هو عامر بن أبي يحيى بن محيَّا حج ولقي بمصر يوسف الكوراني شيخ الصوفية، فلقن طريقه وحمل عليه قومه وعني بتأمين السبل فحارب النضر جيرانه لإفسادهم، فاغتالوه.

وفي عصره كان شيخ أولاد زعرير؛ يغمور بن موسى بن أبي زيد بن زكرير فكان يناهضه في شرفه، ولكن عامرًا تسوَّد عنه لجمعه بين مشيختي القبيلة والطريقة.

وكانت عياض من الأثبج تتولى جباية جيرانها من البربر لصاحب بجاية، وأكثر الأثبج عجزوا عن الظعن وأقاموا بالمدن، وانضوى تحت لواء رياح الضحَّاك ولطيف والعمور الشرقيون.

غلبت رياح أولا على منطقتي الهضاب والصحراء من عمالة قسنطينة إلى زاغر من عمالة الجزائر، وعنوا بالفلاحة وتربية المواشي، فأثروا وكثروا واعتزوا على الدولة الحفصية لبعدهم عن عاصمتها، وأصبحوا مأمنا لكل مسخوط من الدولة وعونًا لكل ثائر يخطب المُلك.

وكانت لهم امتيازات وإقطاعات منحهم إياها ملوك أعانوهم على تبؤ العرش أو على حمايته من ثائر عليه حتى أن الذواودة كان لهم بقسنطينة عطاء معلوم مرتب على مراتبهم، علاوة على ما بأيديهم من البلاد وما لهم من خفارات، وكانوا معفين من الضرائب وكان هذا مما يضر بمالية الدولة.

ص: 522

وكانت الحكومة إذا آنست من نفسها القوة انتقمت منهم على إعانتهم لثائر أو نقصتهم عطاءهم أو منعتهم إياه، فلم يعدموا في ملوك زناتة أو أمراء البيت الحفصي قائدا للثورة، وهكذا استمرت حياة رياح والحفصيين، واختلفت أيامهم سلمًا وحربًا، ولم تزد رياحًا الأيام إلا قوة.

وكانت بطانة الحفصيين يستعملون نفوذهم مع رياح وغيرها في مصالحهم الخاصة وحسب أهوائهم، فربما دعوا القبيلة اليوم إلى طاعة الملك ودعوها غدا إلى حربه، وهذا عبد الرحمن بن خلدون كان مع الحفصيين فدعا رياحًا لطاعتهم ثم فارقهم. فدعاها لأبي حمو الثاني سنة 769 هـ، ثم حملها على حربه ومخالفة عدوه عبد العزيز بن أبي الحسن سنة 772، ومع هذا التلاعب الذي لم يسلم منه فيلسوفنا نراه يؤنب العرب إن جرؤوا على الدولة وقتئذ.

وكانت بطون رياح تبعًا للذواودة الذين كان منهم مسعود بن سلطان وأخوه عساكر ومحمد بن مسعود، واستمرت الرئاسة في أولاد مسعود ومال عنهم أبناء عساكر للدولة سنة 666 هـ فولى المستنصر رئاستهم مهدي بن عساكر ثم ابنه ماضي ثم موسى بن ماضي، وأقطعتهم الدولة نقاوس، وحالفتهم عياض، ولكن غمرهم أولاد مسعود.

وكان محمد بن مسعود مع يحيى بن غانية وتوفي بعد وفاته، فخلفه ابنه موسى وكان عظيم الصيت معتزا على الدولة، ووفد على أبي زكرياء لما نزل بياغاية سنة 647 هـ فبايعه، وتوفي أيام المستنصر فخلفه ابنه شبل، واستطال على الدولة، وبايع أبا القاسم بن عبد الرحمن ابن الأمير عبد الواحد سنة 661 هـ وقد نزل عليه بنقاوس، وخرج إليه المستنصر سنة 664 هـ فبلغ المسيلة وأعجزه، فعاد إلى تونس، وأمر عامل بجاية أبا هلال باستئلافه.

وخرج المستنصر سنة 666 هـ فعسكر بالحضنة على ثنايا الزاب إزاء جموع رياح، وترددت الرسل بين شبل وأبي هلال، فأقنعه بحسن عاقبة الوفادة على السلطان، فقدم هو وأخوه يحيى وسباع بن يحيى بن دريد بن مسعود وطلحة بن ميمون بن دريد وحداد بن مولاهم بن خنفر بن مسعود، ودريد بن تازير شيخ أولاد نابت من كرفة، فضرب المستنصر أعناق هؤلاء الأمراء وصلب أشلاءهم

ص: 523

بزرايا قرب نقاوس حيث بايعوا ابن عمه أبا القاسم، وأجفلت رياح والعساكر أثرها تنهبها حتى قطعت وادي جدي، فرجعت العساكر، ولحق أولاد يحيى بن دريد بيغمراسن بن زيان، وبنو محمد بن مسعود بيعقوب بن عبد الحق فأكرموهم ووصلوهم بالمال والخيل والإبل والكراع.

وعادت رياح فغلبت على ورقلة ووادي ريغ، وتقدموا إلى الزاب فهزموا عامله عثمان بن محمد بن عتو، ثم قتلوه بقطاوة، وملكوا أوراس أيضا، وقتلوا موسى بن ماضي، وأخذوا الحضنة، واضطرت الدولة إلى مهادنتهم، فأقطعهم السلطان أبو إسحاق أخو المستنصر ما غلبوا عليه.

ونشأ سباع بن شبل في كفالة عمه مولاهم ابن موسى، ورئيس على قومه وأقطعته الدولة المسيلة، وتربى علي بن سباع في حجر عمه طلحة بن يحيى وصارت إليه المسيلة وبقيت في عقبه، وكانت مقرة في إقطاع أحمد بن عمر بن محمد بن مسعود، وخلف سباع بن شبل ابنه عثمان العاكر، وخلف علي بن سباع ابنه سُلَيْمان فتنازعا رئاسة قومهما، وافترق أولاد مسعود إلى فرقتين أولاد محمد وأولاد سباع بن يحيى، وافترقت عليهم رياح، فكان سعيد مع أولاد محمد، ومسلَّم والأخضر مع أولاد سباع، واقتسموا المواطن بورقلة وريغ والزاب والحضنة والتلول، فكان لأولاد سباع المسيلة وجبال عياض ومتنان ووانوغة ونواحي بجاية، ولأولاد محمد مقرة والزاب الأوسط ونواحي قسنطينة، وكانت طولقة والزاب الغربي بينهم، فتقاتلوا عليه حتى اختص به أولاد سباع، ولكن مواطن أولاد محمد أخصب وأوسع وسيادتهم أعظم وعددهم أكثر.

ثم افترقت رئاسة أولاد سباع بين علي وعثمان ابني سباع بن يحيى، وعثمان هذا هو الذي وفد سنة 701 هـ على السلطان يوسف وهو محاصر لتلمسان وحرضه على مُلك بجاية.

وخلف علي بن سباع ابنه سُلَيْمان ثم أبا سُلَيْمان عطية ويوسف ثم عثمان بن يوسف الذي أخذ بطاعة أبي عثمان المريني، ويرادف أولاد سُلَيْمان إخوتهم أولاد يحيى أخي سُلَيْمان.

وانتقلت رئاسة أولاد محمد إلى أولاد أحمد بن عمر صاحب مقرة، فتولاها

ص: 524

أبو يحيى بن أحمد إلى أن هلك أوائل المائة الثامنة، فخلفه أخوه علي، وكان أعظم أمراء رياح، وخلفه ابنه يعقوب، وطالت مدته، حتى توفي سنة 790 هـ بنقاوس ودفن ببسكرة واشتهر من أبنائه صولة ومحمد.

وكان يعقوب بن علي أعظم أمراء رياح من سبقه منهم ومن لحقه؛ له ولوع بالفلاحة والعمران، اختط قرية فرفار قرب طولقة، ونزل عليه بها ابن خلدون في وفادته على سلطان تونس سنة 780 هـ وله أملاك بطولقة ونقاوس والصحراء والتل، وله رغبة في السلم، وكثيرا ما يصلح بين أمراء الحفصيين أو بين الأمراء والرعايا، ونزل عليه الأمير أبو يحيى زكرياء لما ثار على أخيه سنة 759 هـ وأصهر إليه في ابنة أخيه سعيد، فأنكحه إياها.

وكان يعقوب قد بايع أبا الحسن المريني، وفد عليه في زحفه على تونس بأرض بني حسن قرب البرواقية، وذهب معه أخوه أبو دينار سُلَيْمان إلى المغرب حتى مات فوفد على ابنه أبي عنان وأكرمه، وطلب منه تسهيل السبيل لفتح تونس، فلما زحف إليها أبو عنان باياف يعقوب وأخوه سُلَيْمان، وخالفهما أخوهما ميمون إلى ولاء الحفصيين، ثم رأى يعقوب محاولة أبي عنان لانتزاع امتيازاتهم فنبذ طاعته سنة 758 هـ، وخالفه إليه ميمون، ورام أبو عنان إرضاء يعقوب أو القبض عليه، فلم يقدر على أكثر من تخريب قصوره بالصحراء والتل.

ثم حج يعقوب وعاد فألقى قومه في حرب مع أمير قسنطينة إبراهيم ابن السلطان أبي العباس لمحاولته نزع امتيازاتهم، فسعى في الصلح وطلب من إبراهيم إنصاف العرب فأعرض عنه فاعتزل يعقوب الحرب وتوفي فخلفه ابنه محمد وفرق عنه إبراهيم كلمة رياح وحاربه فانهزم، فلما أصحر محمد جد إبراهيم في حماية التلول عنه واضطره إلى المصيف في الزاب سنة 792 هـ ثم هجم على التل في السنة التالية، ومات الأمير إبراهيم وتفرقت جموعه فتقدم محمد بن يعقوب إلى نواحي قسنطينة ونادى بالأمان فأمنت الطرق وصلحت أحوال الرعايا وبعث إلى السلطان أبي العباس بطاعته.

وفي سنة 796 هـ ولي قسنطينة أبو بكر بن أبي العباس وعكف على لذاته وأساءت بطانته الإدارة فانقضَّت رياح على الدولة وقتلوا في بعض حروبهم معها قائد قسنطينة جا الخير سنة 833 هـ.

ص: 525

وكان كبير الذواودة سنة 838 هـ عيسى بن محمد، وكلمته مع السلطان محمد الرابع المنتصر مسموعة، ومن معاصريه سباع بن محمد ولعله أخوه وبينهما اختلاف، ومن شيوخ الذواودة في منتصف القرن التاسع الهجري أحمد بن علي، ومنهم نصر بن صولة ولا أدري أصولة هذا هو ابن يعقوب بن علي أم غيره؟

وآخر كلمة في تاريخ دولتي الموحدين للزركشي قوله: "وفي أواسط المحرم من عام 882 هـ ورد على السلطان، نصر بن صوله شيخ الذواودة طالبا للعفو فعفا عنه وانصرف إلى أهله بعد الإحسان خديما" اهـ.

‌رياح والإصلاح

كان القرن السابع الذي سقطت فيه الدولة المؤمنية مبدأ انحطاط عام، فكثر الملوك وتزاحمهم وتحاربهم، ووجدت الرعايا سبيلا إلى الفوضى والولاة سبيلا إلى الجور، وفشت المنكرات وأخيفت الطرقات.

وفي أوائل القرن الثامن الهجري ظهر من رياح ثم من رحمان رجل يُدعى سعادة كانت أمه من الصالحات ونشأ هو على العبادة والزهد وارتحل إلى المغرب فصحب أبا إسحاق التسولي شيخ الفقهاء الصالحين يومئذ وعاد إلى قومه بفقه صحيح وورع وافر ونزل طولقة، وأنذر عشيرته وبث دعوته، فأجابه خلق كثير بالزاب وريغ وكثير من البلدان، فلقبهم السنية.

ومن مشاهير مريديه من أولاد مسعود أبو يحيى بن أحمد وعطية بن سُلَيْمان وحسن بن سلامة من أولاد طلحة بن يحيى بن دريد، ومن أولاد عساكر عيسى بن يحيى بن إدريس، ومن زغبة هجرس بن علي اليزيدي ورجالات من العطاف.

استظهر سعادة بهؤلاء الأمراء وأتباعهم على تأمين السبل وتغيير المنكر وإحياء السنة، ودعا منصور بن مزني أمير الزاب إلى إعفاء الرعية من المغرم والمكس وسائر الظلامات، فهم بقتله ولكن حال دونه مريدوه، وبايعوه على إقامة السنة والموت دونه.

واعتد منصور سعادة ثائرا فاستعد لحربه واستنجد أمير بجاية خالد بن أبي زكرياء المنتخب واستمال إليه بعض رياح فمال إليه علي بن أحمد منافسة لأخيه

ص: 526

أبي يحيى، وسُلَيْمان بن علي منافسة لعطية بن سُلَيْمان وخشي سعادة من الإقامة في طولقة، فابتنى بضواحيها زاوية انتقل إليها بمريديه.

ثم زحف سعادة إلى بسكرة سنة 703 هـ وسنة 704 هـ وحاصر بها منصورا فامتنعت عليه أولًا وثانيا وانحدرت رياح إلى مشاتيها سنة 705 هـ فبقي في قل من مريديه، ومع ذلك حاصر مليلي، فصبَّحه بها منصور في جند الدولة ورياح وبعد جولة استشهد سعادة.

نعي سعادة إلى السنية بمشاتيهم، فصعدوا إلى الزاب برئاسة أبي يحيى بن أحمد وزحفوا إلى بسكرة مرارا، وقطعوا نخيلها وأحرقوا عمال الدولة بالنار فصرخ منصور في أوليائه من الذواودة فلبوه وعقد على الجند لابنه علي ومعه علي بن أحمد على رياح، وكانت المعركة بالصحراء سنة 713 هـ فقتل علي بن منصور وأسر علي بن أحمد، فأطلقه عيسى بن يحيى لمكان أخيه، وعظم أمر السنية بعد هذا الانتصار.

ثم هلك أبو يحيى وعيسى بن يحيى وكاد أمر السنية ينحل فاتفقوا على استدعاء عالم يقيم لهم أمر الدين يجمع كلمتهم فاختاروا الفقيه أبا عبد الله محمد بن الأزرق من فقهاء مقرة، أخذ على أبي الزواوي كبير شيوخ بجاية، فارتحل إليهم ونزل على حسن بن سلامة ووالاهم أبو تاشفين الأول إضعافا للحفصيين الذين كان معهم في حرب، فصار يبعث إليهم بالهدايا ويخص عالمهم ابن الأزرق بجائزة معلومة كل سنة.

وخلا وجه رياح لعلي بن أحمد بموت أخيه، فقاتل هؤلاء السنية مرارا ثم هلك حسن بن سلامة، واستدعى ابن مزني الفقيه ابن الأزرق لقضاء بسكرة ليقضي على دعوة سعادة، فأجابه، وطويت صحيفة السنية.

وبعد حين غاضب علي بن أحمد بن مزني، فأحيا هذه الدعوة، وحاصر بسكرة سنة 740 هـ وأقام عليها أشهرا، ثم عاد إلى موالاة ابن مزني، وهكذا حاولت إصلاح المجتمع رياح، فذهبت مساعيها لاختلافها أدراج الرياح، وكفى سعادة أنه أدى الواجب وفاز بالشهادة.

ص: 527

قال ابن خلدون: "وبقي من عقب سعادة في زاويته بنون وحفدة يوجب لهم ابن مزني رعاية؛ وتعرف لهم أعراب الفلاة من رياح حقا في إجارة من يجيرونه من أهل السابلة، وبقي هؤلاء الذواودة ينزع بعضهم أحيانا إلى إقامة هذه الدعوة فيأخذون بها أنفسهم غير متصفين من الدين والتعمق في الورع بما يناسبها ويقضي حقها، بل يجعلونها ذريعة لأخذ الزكاة من الرعايا ويتظاهرون بتغيير المنكر يسرون بذلك حسوا في ارتغاء فينحل أمرهم لذلك وتخفق مساعيهم ويتنازعون على ما يحصل بأيديهم ويفترقون على غير شيء" اهـ.

‌إمارة بني مزني ببسكرة

كانت قاعدة الزاب الحفصي (مقرة) من أرض الحضنة، فكانت بسكرة تابعة لها ومشيختها لبني رمان منذ سقوط الدولة الحمادية، وكان بنو مزني بقرية حياس قربها، وملكوا بها جنات النخيل والثمار بمياهها، وانتقلوا إليها، وشارك كبارهم في مجالس شوراها، فاستنكف منهم بنو رمان وتلاحوا بالكلام، وانتهى أمرهم إلى سلطان تونس فمال مع بني رمان لقدمهم، ولكن النزاع لم يفصل وأصلتوا سيوفهم، وتقاتلوا في سكك بسكرة.

وفي سنة 651 هـ دعا أبو إسحاق لنفسه مغاضبًا لأخيه المستنصر فبايعته رياح بنقاوس وزحفوا به إلى بسكرة فبايعه من مشيختها فضل بن علي بن أحمد بن الحسين بن علي بن مزني وأبى أهلها موافقته، وعزموا على قتله فخرج إلى أبي إسحاق الذي لم يتم أمره وأجاز معه إلى الأندلس حتى توفي المستنصر وعاد مع أبي إسحاق إلى تونس.

وبنو مزني ينتسبون إلى مازن بن فزارة، قال ابن خلدون:"والذي تلقيته عن نسابة الهلاليين أنهم بنو مزنة بن ديفل بن محيَّا بن جرير من فصائل لطيف، وهو الصحيح فإن أهل الزاب كلهم من أفاريق الأثبج عجزوا عن الظعن ونزلوا قراه على من كان بها قبلهم من زناته وطوالع عرب الفتح، وإنما نزعوا عن نسب الأثبج لما صاروا إليه من المغرم والوضائع" اهـ.

وفي سنة 778 هـ ملك أبو إسحاق تونس وجازى فضلا عن صحبته إياه بولاية الزاب فنزل بسكرة وخضع له بنورمان ظاهرا، وحالفوا أولاد جرير

ص: 528

وأغروهم بقتل فضل وتناول الأمر من يده وهو يومئذ بقرية ماشاش قرب بسكرة ولهم اختلاط مع أهلها بالنسب والصهر فقتلوه ظاهر البلد سنة 883 هـ وانتقلوا إلى بسكرة فنبذ لهم بنو رمان عهدهم لعامين من حلفهم، فلم تسعهم المدينة ولا قرية ماشاش لقربها فتفرقوا في وادي ريغ، واستبد بنو رمان ببسكرة وتغلبت رياح على الزاب.

وكان منصور بن فضل لما قتل أبوه بتونس فخشي بنو رمان غائلته، وسعوا به لدى السلطان أبي حفص فاعتقله إلى أن تمكن من الفرار ولحق بأوراس فنزل على أشبه من كرفة خير منزل، ثم لحق ببجاية سنة 792 هـ وأبو زكرياء بن أبي إسحاق يومئذ مستقل بها والزاب في طاعة صاحب تونس فتقرب إليه منصور واستظهر به على ولاية الزاب على أن يحول دعوته إليه كما فعل أبوه مع أبيه من قبل فسرحه سنة 793 هـ بالجنود إلى بسكرة واستبعد بنو رمان صاحبهم بتونس فوفدوا على أبي زكريا مبايعين خائفين من منصور فأمنهم وجعل أحكامهم إلى قائد عسكره وكتب إلى منصور بالعفو عنهم ففتحوا أبواب المدينة لمنصور وعسكر بجاية وبعد أن ثبتت قدم منصور في بسكرة أجلى بني رمان عنها كما أجلوا قبل أولاد جرير، وكما تدين تدان.

أعجبت حكومة بجاية بصدق طاعة منصور وحسن إدارته، فأضافت له ورقلة ووادي ريغ والحضنة وجبل أوراس، وبقيت كذلك لخلفه، فإمارة بني مزني تمتد من ورقلة جنوبًا إلى المسيلة ونقاوس شمالا، ومن الدوسن غربًا إلى باديس شرقًا، ودخلت مواطن عياض وسدويكش في هذه الإمارة أيام منصور خاصة.

ولهذه الإمارة مواصلات تجارية مع أهالي السودان وما حولها من الأوطان، ولتوسطها بين الصحراء والتل جمعت بين خواصهما: تجد فيها النخيل والزيتون والإبل والبقر، وتحسن بها تربية المواشي وفلاحة الحبوب والثمار. فكان أهلها أغنياء وأمراؤها تشبه ثروتهم ثروة الملوك.

قال العياشي المغربي في رحلته: "وبسكرة من أعظم المدن وأجمعها لمنافع كثيرة مع توفر أسباب العمران فيها، قد جمعت بين التل والصحراء ذات نخيل كثير وزرع كثيف وزيتون ناعم وكتان جيد وماء جار في نواحيها وأرجاء متعددة

ص: 529

تطحن بالماء ومزارع حناء إلى غير ذلك، وبالجملة ما رأيت في البلاد التي سلكتها شرقًا وغربًا أحسن منها ولا أحصن ولا أجمع لأسباب المعاش" اهـ.

وذكر أن عام ستين وألف بعد الهجرة كان عام وباء وأنه مات به في بسكرة نحوا من سبعين ألف نفس، وهذا يرشد إلى مبلغ عمرانها بعد بني مزني بأكثر من قرنين ونصف قاست فيها ألوانا من الشر وضروبًا من الفتن فكيف يكون عمرانها أيام سعادتها وهنائها تحت حكم بني مزني؟

أحسن بنو مزني سياسة الرعية، وعاشوا مع رياح أحسن مما عاش معهم الحفصيون حتى أن ثورة سعادة لم تشمل رياحًا أجمعين، وكان مع بني مزني علي بن أحمد ثم نافسهم لاستئثارهم بمال الجباية دونه، فثار عليهم متدثرًا بالسنية، ولكن يوسف بن منصور استمال ابنه يعقوب وابن عمه سُلَيْمان بن علي بن سباع، وأنزلهما معه بسكرة وأنكح أخته يعقوب، ثم انعقدت السلم بين يوسف بن مزني وعلي بن أحمد حوالي سنة 740 هـ فلم تنقض بعد.

وكانت بطانة أمراء الحفصيين ببجاية تحسد بني مزني على هنائهم وثروة إمارتهم، فتسعى بهم لدى الأمراء، وكان بنو مزني يطفئون تلك السعايات بتوفير الجبايه للأمراء وإتحاف بطانتهم بالهدايا، وربما لم ينجح هذا الدواء فيضطر بنو مزني إلى نصب أحد الحفصيين للمُلك ومبايعته ضد الأمير السابق أو إلى موالاة زناته أهل تلمسان وفاس.

ففي أيام أبي البقاء بن أبي زكريا فر يحيى بن خالد ابن السلطان أبي إسحاق إلى منصور بن مزني وقد فسد ما بينه وبين أبي البقاء فبايعه وأجلب به على قسنطينة، ووسوس ليحيى بعض حاشيته في منصور فعزم على نكبته إذا تم أمره وشعر به منصور فنبذه، وراجع طاعة أبي البقاء وخاب سعي يحيى، فنزل على منصور، وأقام تحب جرايته وحرسه مرصدًا للعواقب إلى أن مات سنة 721 هـ فكان ابن اللحياني كل يصانع منصورًا من أجله بالجوائز وأقطعه من أملاك السلطان بضواحي تونس أملاكًا ورثها عنوة بنوه.

ودعا منصور لأبي تاشفين الأول أيام أبي بكر أخي أبي البقاء، وترددت إليه العساكر فأعجزها، وبقي على ذلك إلى أن خلفه ابنه عبد الواحد، فلم يلبث أن

ص: 530

غاضبه عامل بجاية محمد بن أبي الحسين ابن سيد الناس فدعا لصاحب تلمسان ونازلته عساكر بجاية مرارًا من غير طائل، ثم انعقد بينهما صهر وسلم.

ووالى يوسف بن منصور أبا الحسن المريني لما ملك تلمسان، واقتصر مع الحفصيين على دفع الجباية لهم ثم تحرك أبو الحسن لفتح تونس، فوفد عليه في جموع الذواودة بأرض بني حسن وذهب إليه سنة 749 بجبايته واجتمع بقسنطينة مع عمال المغرب بجبايتهم ووفدي صاحبي السودان والأندلس بهداياهم، وبلغتهم نكبة أبي الحسن، فهم بهم القسنطينيون وأجارهم يعقوب بن علي وأنزلهم يوسف بسكرة وكفاهم مهماتهم شهورًا، وأقام على ولائه لأبي الحسن حتى هلك، وملك ابنه أبو عنان تلمسان، فبايعه وأمده في فتح قسنطينة سنة 754 هـ ودله على الطريق في اتباعه يعقوب بن علي، وأنزله بعساكره ظاهر بسكرة ثلاثا أغرب في ضيافتهم على كثرتهم بما تحدث الناس به دهرًا، وقدم إليه جبايته قناطر من الذهب، فخلع عليه أبو عنان وأجزل صلته، ثم أوفد عليه ابنه أحمد سنة 759 هـ بهدية فيها عتاق الخيل وفاره الرقيق، وتوفي أبو عنان فأتحفه خلفه بتحف ملوكية، وانقطعت الطرق بالثورات فخفره صغير بن عامر شيخ بني عامر حتى أبلغه مأمنه.

وأجلى أبو حمو الثاني أبا زيان محمد بن عثمان الثاني عن مملكته سنة 778 هـ فنزل على صاحب توزر يحيى بن يملول، واتحد يحيى وأحمد بن يوسف على استغلاله ضد الحفصيين، فراسل أحمد أبا حمو بكف أبي زيان عنه وإشغاله هو للحفصيين بالإجلاء على مملكتهم ثم طرد الحفصيون يحيى بن يملول فلحق ببسكرة ومعه أبو زيان، فأوفد أحمد بن يوسف على أبي حمو يعقوب بن علي سنة 780 هـ لاستنجاز وعده في حرب الحفصيين، ومات يحيى بن يملول وترك صبيا، فسرحه أحمد لاسترجاع توزر فلم يقدر أبو حمو على أكثر من إمداده بالمال.

وخرج سلطان تونس أبو العباس لحرب أحمد بن يوسف، فسعى يعقوب بن علي في السلم، وحمل أحمد على الطاعة، وأرسل إلى السلطان بالشفاعة، وسرحوا أبا زيان إلى قسنطينة إيذانًا بنفض أيديهم من أبي حمو، وبلغت رسل

ص: 531

أحمد بهديتهم وطاعة أبا العباس أول سنة 883 هـ وهو معسكر بساح تبسَّة فأعرض عن حربه.

ثم مرض بعدها في الطاعة، فخرج إليه سنة 886 هـ ومعه بني سُلَيْم، ومر بتبسَّة وجنوب أوراس وتهودا، وانضم إليه أولاد سباع بن شبل وانفت بقية رياح من دخول سُلَيْم مواطنها، وتناوش الفريقان القتال، وانتبذ عنهم يعقوب ساعيًا في الصلح فتم بإقلاع السلطان عن بسكرة وبذل أحمد له طاعته وجبايته.

وقويت الدولة الحفصية بضعف دولتي زناته، وقطعت عنها كل المستبدين، ولم يبق إلا بنو مزني، فخرج إليهم السلطان أبو فارس بن أبي العباس سنة 804 هـ ومكث أيامًا ببئر الكاهنة، ثم دخل بسكرة يوم السبت سابع جمادى الثانية، وولى عليها من قواده وحمل معه أحمد بن يوسف إلى تونس، فانتهت أمارة بني مزني.

وقد عاشت هذه الإمارة نحوًا من قرن ونصف تخللها بنو رمان بين فضل بن علي وابنه منصور، ولم يعرف الزاب إلى اليوم عصرًا كعصرها هناء ورغادة عيش لما كان عليه بنو مزني من حسن التدبير والإدارة، فقد أحسنوا معاملة الذواودة، فاستعانوا بهم، وعرفوا ما بالبلاط الحفصي من دسائس فوصلوا أيديهم بزناته التي لولا تطاحن دولتيها حتى ضعفتا ما سقطت هذه الإمارة في دور اكتهالها.

ومما يحسن ختم هذا الفصل به أبيات للسان الدين ابن الخطيب بعث بها أثناء رسالة لابن خلدون وهو مقيم على أحمد بن يوسف، وهي:

من أنكر غيثا منشؤه

في الأرض وليس بمخلفها

فبنان بني مزني مزن

تنهل بلطف مصرفها

مزن مذ حل ببسكرة

يومًا نطقت بمصحفها

شكرت حتى بعبارتها

وبمعناها وبأحرفها

ضحكت بأبي العباس من الأ

يام ثنايا زخرفها

وتنكرت الدنيا حتى

عرفت سنه بمعرفها

ص: 532

وهذا جدل أمراء بني مزني

الولاية

الولاية

الأمير

هجري

ميلادي

الأمير

هجري

ميلادي

فضل بن علي 678

1279 أخوه يوسف بن منصور 729

1329

ابنه منصور 693

1294 ابنه أحمد

767

1365

ابنه عبد الواحد 725

1325

النهاية

804

1402

‌رئاسة الثعالبة بمتيجة وأخبار المعقل

كان الثعالبة مستضعفين عاجزين عن الترحال، فاستقروا بالتل، وتغلبت عليهم توجين أيام كانوا بتيطري ثم مليكش وولاة الجزائر لما انتقلوا إلى متيجة أواخر القرن السابع الهجري، وأدوا المغارم لدول الحفصيين والمرينيين الذين تداولوا ملك متيجة والجزائر، وبقوا غفلًا من حلف القبائل وإقطاع الدول إلى أن نشأ فيهم سالم بن إبراهيم.

وكان رئيس الثعالبة سباع بن ثعلب بن علي ومر به ابن تومرت فأكرمه فكان إذا وفد على خلفاء الموحدين وضعوا على عمامته دينارًا عظيمًا إكرامًا له، واستمرت الرئاسة في عقبه، فكانت أولا لبني يعقوب بن سباع، ثم لبني محمد بن سباع.

ولما ملك أبو الحسن المريني تلمسان ولى عليهم أبا الحملات بن عايد بن ثابت بن محمد بن سباع، وهلك بالطاعون سنة 749 هـ فخلفه إبراهيم بن نصر بن حنيش بن أبي حميد بن ثابت، وهلك أيام أبي عنان، فخلفه ابنه سالم، واستولى على تلمسان بعد أبي عنان أبو حمو الثاني.

وفي ذي الحجة سنة 767 هـ ثار أبو زيان محمد بن عثمان الثاني على ابن عمه أبي حمو، وبايعه حصين وملك سنة 786 هـ مليانة والمدية، ووالي الجزائر يومئذ علي بن غالب من بيوتاتها، ونفر أهلها من السلطان أبي حمو فاستبد بها، وساعدت هذه الظروف سالم بن إبراهيم على وضع ذل المغرم عن عاتق قومه، فوصل يده بأبي زيان، ووسوس لأهل الجزائر أن واليهم يريد الدعاء لأبي حمو،

ص: 533

فثاروا به، وأخرجه سالم إلى حيه وعجل له بحينه واستبد بالجزائر داعيًا لأبي زيان.

وخرج أبو حمو سنة 771 هـ إلى متيجة، فأخضع الثعالبة وأخذ منهم جباية السنوات الماضية، وامتنعت عليه الجزائر ثم ملك عليه عبد العزيز سلطان مرين تلمسان سنة 772 هـ وطرد أبا زيان ووضع الثعالبة مغارم ثقيلة، ثم مات سنة 774 هـ وعاد أبو حمو إلى تلمسان وأبو زيان إلى تيطري.

وفي سنة 776 هـ سعى محمد بن عريف شيخ سويد في إطفاء هذه الفتنة، فتم الأمر بخروج أبي زيان إلى رياح وأداء أبي حمو له إتاوة سنوية، وأوفد على أبي حمو سالم بن إبراهيم وشيوخ حصين وأعيان الجزائر، فأمنهم وعادوا إلى طاعته وبقي سالم على رئاسته بالجزائر ومتيجة وعمال أبي حمو تستوفي منه الجباية، وكل ينتظر الفرصة لشفاء صدره من الآخر.

وفي سنة 778 هـ تآمر سالم ومرضى القلوب على أبي حمو، واستقدموا أبا زيان فغلب أبو حمو على الثورة وطلب سالم الأمان لنفسه على مفارقة أبي زيان فمنحه إياه، وخرج أبو زيان إلى الجريد وعاد أبو حمو إلى تلمسان مضمرًا الفتك بسالم لكثرة تلاعبه بالعهود، فلما كان فصل الشتاء وانحدرت العرب الذين يخشاهم أبو حمو إلى مشاتيهم نهض إلى متيجة، فأجفلت أمامه الثعالبة إلى رءوس الجبال، وبعث سالم أبناءه وأولياءه إلى الجزائر وتحصن هو بجبل بني خليل، ثم نزل كثير من الثعالبة إلى أبي حمو مستأمنين، وانتقل سالم إلى بني ميسرة من جبال صنهاجة وبعث أخاه ثابتًا إلى أبي حمو فاقتضى منه العهد ونزل إلى ابنه أبي تاشفين أواخر رمضان، فقبض عليه أبو حمو ولم يراع عهده ولا ذمة ابنه، واستولى على الجزائر وقفل إلى تلمسان فقتل سالما في شوال وتتبع إخوانه وقبيلتة بالقتل والسبي والنهب حتى دثروا، ثم قتل الأتراك منهم لأول استيلائهم على الجزائر مقتلة عظيمة ضاعفت ضعفهم.

وإذا لم يظهر من الثعالبة أمراء عظام فكفاهم فخرًا عبد الرحمن الثعالبي دفين الجزائر وعالم القرن التاسع الهجري، وأبو مهدي عيسى عالم القرن الحادي عشر الهجري، ولعل الشيخ عبد الرحمن من فرع محمد بن سباع ولكن الناس

ص: 534

يرفعون نسبه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه كأنهم لم يكتفوا بشرف العلم.

وقد حكى الإخباريون أن الشيخ محمد المقري التلمساني كان يحضر مجلس السلطان أبي عنان فإذا دخل مزوار الشرفاء قام به السلطان فمن دونه إلا المقري فقال له المزوار ذات يوم مالك لا تقوم لي مثل السلطان إكرامًا لجدي فأجابه أما شرفي فمحقق بالعلم الذي أبثه، وأما شرفك فمن لنا بصحته بعد مضي أكثر من سبعة قرون؟ ولو تحققناه لأقمنا هذا السلطان من مجلسه وأجلسناك مكانه!

وبقية المعقل غير الثعالبة ذوو كثرة وانتجاع، ومواطنهم بين زناته فكانوا أحلافا لهم، وأكثر انجياشهم إلى مرين، وكان المنبات من ذوي منصور أحلافًا ليغمراسن بن زيان؛ وذوو عبيد الله محاربين له، ثم خضع الخراج منهم لبني عبد الواد، إذ كانت مواطنهم في مملكتهم فأدوا لهم الخراج وعسكروا معهم.

ولما أخذت الدولة في الضعف منحت الخراج خفارة وجدة وندرومة وبني يزناسن ومديونة وبني سنوس، ثم أقطعتهم إياها، فتملكوها وتملكوا أيضًا هنين ووضعوا على المجيز منها إلى تلمسان ضريبة فصارت جباية معظم مملكة تلمسان الغربية لهم.

ولما تملك أبو الحسن المريني تلمسان استخدم ذوي عبيد الله، وانتزع منهم كثيرًا من أملاكهم بالصحراء فثار عليه شيخهم يعقوب بن يغمور بن عبد الملك من العثامنة، ولكن لم يفعل أكثر من تشرده بالصحراء وولي مكانه منصور بن يعقوب ابن عبدالملك ثم ابنه رحو، ولما عادت تلمسان لبني عبد الواد صدق يعقوب بن يغمور في ولائهم، ورأس على قومه ومات فخلفه ابنه طلحة، وكان لرحو مقامات في خدمة أبي حمو الثاني، فولَّاه رئاسة قومه، وجعل طلحة رديفه، ويظهر أن رئاسة الخراج مغمورة برئاسة عامر وسويد من زغبة. زُغْبَة

تمتد مواطن زغبة غربي مواطن رياح على جنوب عمالتي الجزائر ووهران وتقدموا مع أحلافهم بني بادين إلى التل أواخر الدولة المؤمنية، ونقل يغمراسن بن

ص: 535

زيان بني عامر من نواحي زاغز إلى جنوب تلمسان أشجاء للمعقل الذين كثر عبثهم هنالك، وتبعت حميان بني عامر، وصارت في عدادهم ثم خشي يغمراسن على دولته من زغبة فحجرهم بالصحراء وأذلهم بالمغرم والعسكرة في جنده، واستمروا على ضعفهم المالي والسياسي مدة عظمة دولة تلمسان.

وكانت بين قبائل زناته حروب خاضت زغبة غمارها توسلًا إلى دخول التل، فلما تمكن الضعف من بني عبدالواد أيام أبي حمو الثاني نزل أبو زيان ابن عمه جبل تيطري سنة 767 هـ وقام بدعوته حصين وسويد وبعض بني عامر، وكاد يتغلب على تلمسان وداعت ثورته نحو اثنتى عشرة سنة توالت فيها على أبي حمو الهزائم وتغلبت زغبة على كثير من التلول، ولم تنجل هذه الغمرة عن أبي حمو إلا بإقطاعه زغبة كل ما تغلب أعداؤه منها أو طمع فيه أولياؤه.

تقوت زغبة بهذه الإقطاعات ووضعت عنها ذل المغرم وجبت من في أراضيها من البربر وحرمت عروة لضعفها من الإقطاع، وقعدت حصين وأكثر بني يزيد عن الظعن.

ولزغبة حروب مع جيرانها فكانت بين بني يزيد والذواودة حروب وتغلبت الذواودة على الدهوس، فاستنجد بنو يزيد بعامر وهم يومئذ جنوبهم فأنجدوهم، وأخرجوا رياحًا عنهم، ففرض لهم أبو بكر بن زغلي رئيس بني يزيد على قومه ألف غرارة من الحبوب يأخذونها كل سنة وعرفت هذه الضريبة بالغرارة، وكانت حروب أيضًا بين عروة وجيرانهم من العمور ومسلَّم وسعيد؛ وبين سويد وبني عامر مع جيرانهم من المعقل وكانت فتن بين بطون زغبة المتجاورين.

وتنقلت رئاسة بني يزيد في كثير من بطونهم ثم استقرت في بني زغلي. فوليهم زيان بن زغلي ثم أخوه ديفل ثم أخوهما أبو بكر ثم ابناه ساسي فمعتوق ثم موسى بن أبي الفضل بن زغلي كان أيام أبي الحسن المريني، ثم أخوه أحمد ثم أخوهما علي ثم أبو الليل بن موسى وتوفي سنة 791 هـ فخلفه ابنه.

ومن رؤساء حصين لعهد ابن خلدون علي بن صالح بن ذياب بن مبارك بن محيَّا بن مهلهل بن شكربن عامر بن محمد بن خشعة.

ص: 536

ومن رؤساء عروة لعهده محمد بن زيان بن عسكر بن خليفة بن النظر ويرادفه سمعون بن أبي يحيى بن خليفة بن عسكر.

وأقوى بطون زغبة سويد أحلاف مرين وبنو عامر أحلاف بني عبد الواد، ويحالف سويدا محيَّا من العمور والعطاف والديالم وبنو يقظان وعبيد الله من زغبة، ويحالف بني عامر أولاد زكرير من العمور والنضر من زغبة، وموطن بني عامر تسالة وملاته إلى هيدور جبل وهران، وموطن سويد ما بين وانشريس وتلمسان عرضًا وخليج رزيو والشط الشرقي طولا، وينحدرون شتاء إلى مزاب فيمرون بأفلو وتاجموت، وموطنهم أغنى مواطن زغبة وأكثرها سكانا ومع ذلك لم يبلغ بنو عامر ولا سويد عظمة الذواودة لكثرة الفتن بالمغرب الأوسط وخلوه من إمارة كإمارة بني مزني تؤيد إخوانها من العرب ولعدم اجتماع كلمة زغبة على هذين البطنين.

وكانت سويد موالين لعبد الواد قبل تملكهم تلمسان، ورئاستهم لأولاد عيسى بن عبد القوي، وكان رئيسهم لعهد يغمراسن مهدي بن عيسى ثم ابنه يوسف وأقطعه ببلاد سيرات والبطحاء وأقطع ابن عمه عنتر بن طراد بن عيسى قرارة البطحاء ورأس بعد يوسف أخوه عمر، وأدناه يغمراسن، فربما استخلفه في خروجه للحرب على تلمسان ومملكتها الشرقية، ثم كانت بينهما فتنة هلك فيها عمر، وتأخر قومه فنزلوا خلف مواطن توجين وحالفوهم على حرب عبد الواد.

ورأس طغون سويد عثمان بن عمر وترك من الأبناء ميمونًا وسعيدًا ويحيى، فخلفه ميمون ثم تغلب عليه سعيد، فلحق ببني مرين وتوفي بسجلماسة أيام الأمير أبي على أخي السلطان أبي الحسن، ووفد سعيد بن عثمان على السلطان يوسف المريني وهو محاصر لتلمسان فأكرمه ثم أجمع قتله، ففر إلى قومه وأجلب أثناء ذلك الحصار على أطراف التلول فملك السرسو وجبل كريكرة، وعادت تلمسان لعبد الواد وأفضى أمرها إلى أبي تاشفين الأول، وكانت بينه وبين عريف بن يحيى مودة، فقربه إليه ثم سخطه فلحق ببني مرين سنة 720 هـ وانتقم منه أبو تاشفين بسجن عمه سعيد، فلم يزل مسجونًا حتى توفي حوالي سنة 737 هـ.

ص: 537

وخلف سعيد ابنه سمعون، وهلك سنة 732 هـ فخلفه أخوه عطية، وهلك بعد فتح تلمسان، فعقد أبو الحسن مكانه لونزمار بن عريف، فغضب المسعود بن سعيد ولحق ببني عامر. وأجلب على أبي الحسن بالدعي ابن هيدور، ففرق ونزمار جموعهم، ثم رقي أبو عنان ونزمار إلى مجلسه وعقد على بادية سويد لأخيه عيسى وقتله أبو حمو الثاني في زحفه إلى تلمسان وعقد مكانه على سويد لميمون بن سعيد، فدس عليه محمد وأبو بكر ابنا عريف من اغتاله، وخلفاه في رئاسة قومهما وغمسا أيديهما في ثورة أبي زيان وأطمع محمد أبا حمو في استصلاح أخيه وطالت تمنيته إياه، فاتهمه بالمراوغة وأودعه السجن سنة 770 هـ فلحق أبو بكر بأخيهما ونزمار، وحمل عبد العزيز المريني على فتح تلمسان، وبعد وفاة عبد العزيز عاد أبو حمو إلى تلمسان، واستقام معه ونزمار وحمل أخويه على مصافاته، فأقطع أبو حمو أبا بكر كلميتو ومحمدا مازونة.

وأعظم رؤساء سويد هما عريف بن يحيى بن عثمان وابنه ونزمار، فقد اتخذ أبو الحسن المريني عريفًا خليلا ووزيرًا مشيرًا وسفيرًا بينه وبين ملوك مصر وتونس وغرناطة ورفع مقامه على كل عربي في ممالكه، وهو الذي كان يغريه بفتح تلمسان، وحضر معه فتحها وفتح تونس، وكان على يمينه في موكب دخوله تونس وعاد لحرب عبد الواد لما ملكوا تلمسان، فهزموه ولم يجد السبيل للعود إلى تونس، فلحق بفاس، وأكرمه أبو عنان الثائر يومئذ على أبيه، وتوفي أيامه وكان منجبًا، فاشتهر من أبنائه ونزمار ومحمد وأبو بكر وعيسى.

وكان ونزمار أكبرهم، وعقد له أبو الحسن بعد فتح تلمسان على قبيلة بني مالك وجعل له رئاسة البدو بجميع ممالكه وأخذ الصدقات والضرائب منهم، فعكف على بابه كبراء العرب وشيوخهم ونزلوا على إشارته، ولما أوقعت مغراوة بأبي الحسن سنة 750 هـ أنجاه إلى جبل العمور، وألحقه بسجلماسة، فبعث إليه أبوه عريف بالرجوع عنه إرضاء لأبي عنان، فلما خلص الأمر لأبي عنان أقطع ونزمار قلعة تاوغزوت والسرسو كثيرا من بلاد توجين وهلك عريف فاستقدمه وأجلسه مجلس أبيه حذو أريكته.

ص: 538

وبعد موت أبي عنان كثرت الاضطرابات بالمغربين الأوسط والأقصى فنبذ ونزمار مجلس السلطان، وانتبذ بوادي ملوية، وبنى هنالك قصر مرادة وغيره وتوجهت إليه ملوك مرين وغيرهم وشيوخ العرب ورؤساء الأقطاع مستشيرين صادرين عن رأيه، وكان يحاول استئصال دولة عبد الواد وهو علة ضعفهم ومحرك الحروب والثورات عليهم، وخرب أبو حمو قصر مرادة من منتزهاته سنة 785 هـ فانتقم منه ونزمار بإدخال مرين تلمسان وتخريبهم قصور الملك بها ولم أعلم متى مات؟ ويظهر أن سويدا بعده تلاشى أمرها، ولم يبق لرؤسائهم كبير اعتبار.

وبنو عامر كانت رئاستهم في بني يعقوب ويرادفهم بنو حميد، ثم سخط عثمان بن يغمراسن بني يعقوب ورضي عن بني حميد لاستقامتهم على طاعته. فاستشاط بنو يعقوب غيرة لتقديم بني عمهم، ووصلوا أيديهم بمرين ثم حالفوا سويدا، وعظمت رئاسة بني حميد، وتعددت بطونهم، فعد منها الشيخ عبد القادر المشرفي سبعًا وستين، ولم يسلم بنو حميد بعد من الخلاف على دولة عبد الواد فكان من رؤسائهم من وصلوا أيديهم بمرين أو بالحفصيين. ثم كان بين أبناء أبي حمو الثاني نزاع شديد على الملك كان لبني عامر فيه اليد الطولى، ثم أصبحوا بعد سقوط دولة بني عبد الواد بعضهم جندًا لإسبان وهران وبعضهم رعية لهم.

وكان رئيس بني يعقوب إمرة يغمراسن وابنه داود بن هلال بن عطاف بن رداد بن كريش بن عياد بن منيع بن يعقوب، وكان أبو بكر بن أبي إسحاق الحفصي لدى عثمان بن يغمراسن، ورام امتلاك بجاية على عمه أبي حفص فمنعه، فتظاهر بالصيد، ولحق بداود بن هلال، فأمره عثمان برده عليه، فأبى وأوصله إلى عطية بن سُلَيْمان الذوادي، فتغلب على بجاية، وأقطع داود أرض كدارة من بسيط حمزة، وسخطه عثمان بن يغمراسن فلحق بالصحراء، وكان حصار يوسف بن يعقوب لتلمسان، فوفد عليه داود برسالة من أبي زكريا، فكان ليوسف في تلك الرسالة ريبة، فلما قفل من عنده بعث إثره من قتله في سيق.

وخلفه ابنه سعيد، وانجلى الحصار عن تلمسان، فرضي عنه عبد الواد لقتل مرين أباه، ثم دفعته الغيرة من مكانة بني حميد إلى الوفود على السلطان أبي ثابت

ص: 539

المريني، فرده بخفي حنين، وقتله بنو حميد أيام أبي حمو الأول، فخلفه ابنه عثمان واختلفت أيامه مع بني حميد سلما وحربًا، ثم حالف سويدا، ولحق في قومه بالمغرب احتماء بعريف بن يحيى السويدي، ثم عادوا إلى مواطنهم لما زحف أبو الحسن إلى تلمسان، فقتل بنو حميد عثمان، وخلفه رديفه هجرس بن غانم بن هلال إلى أن مات، فخلفه سُلَيْم بن داود، ثم ابنه ساسي، فلم يزل ساسي بن سُلَيْم لعبد الواد، وانتقل إلى النضر من عروة.

وكان رئيس بني حميد لعهد يغمراسن معروف بن سعيد بن رباب ثم ابنه يعقوب، وكان مع داود بن هلال في إنجاد عامر لأبي بكر بن زغلي على رياح، ثم ابنه إبراهيم، وهلك بعد مقتل سعيد بن داود، فخلفه ابنه عامر، وكان شهمًا حازمًا حسن السمعة، ووفد على أبي سعيد سلطان مرين قبل سنة 720 هـ وخطبه بنته، فأنكحه عامر إياها، ووصله السلطان بمال وفير، وقتله عثمان بن سعيد اليعقوبي غدرًا.

وخلفه ابنه صغير وفر في قومه إلى الصحراء لما ملك أبو الحسن تلمسان ونزل القليعة جنوب مزاب، ثم جاءه تائبًا، وصحبه إلى تونس وحضر معه وقعة القيروان وعادت تلمسان لعبد الواد، فأخلص لهم الطاعة، وملك أبوعنان تلمسان فأصحر كعادته، وردد الغارات على أطراف ممالك مرين، ووصل يده بأعدائهم، وبلغه خلاف يعقوب بن علي الذوادي على أبي عنان فوفد بقومه عليه، وأبو حمو الثاني يومئذ بتونس، فاتفق يعقوب وصغير على تجهيزه لطلب ملك سلفه بتلمسان، فعاد به صغير في جمع من الذواودة أبلغوهم تخوم بلادهم. ولقيتهم سويد فهزموها، واحتلوا تلمسان بعد وفاة أبي عنان ومات صغير سنة 761 هـ ودفن بالعباد، واحتفى أبو حمو بجنازته.

وخلف صغيرا أخوه خالد، ويرادفه عبد الله بن صغير، وكان أبو حمو قد قرب إليه عبد الله بن عسكر بن معرف بن يعقوب بن معروف بن سعيد فحملت الغيرة خالدًا على الخلاف، ووصل يده بعبد العزيز سلطان مرين، وحارب أبا حمو ونال منه ثم غمس يده في ثورة أبي زيان، فأخرج له أبو حمو ابنه أبا تاشفين في جموع سويد والديالم والعطاف وغيرهم، وكانت جموع خالد عظيمة لكن أبا

ص: 540

تاشفين هزمه وقتل عبد الله وملوك ابني أخيه صغير في وادي مينة سنة 777 هـ وهلك خالد على فراشه سنة 778 هـ.

وخلفه المسعود بن صغير، فكان دون عمه، وافترقت عنه الجموع وتخلى عنهم أبو زيان، وضاقت به السبل فاستأمن لأبي حمو هو وساسي بن سُلَيْم، فأمنهما وقومهما، وعزم على استئصالهم فقبض ذات يوم على المسعود وعشرة من بني عامر بن إبراهيم، وصبح أبو تاشفين أحياء بني يعقوب بسيرات، ثم اعترض فلهم ببني راشد فعظمت النكاية، ونجا ساسي إلى النضر، وشفع أبو العباس سلطان مرين بسعي ونزمار بن عريف في المسعود وجماعته، فسرحهم أبو حمو، وعادوا إلى الخلاف، وضعفت مرين عن صريخهم. فاستصرخوا صاحب تونس أبا العباس الحفصي؛ فوعدهم. ووفد عليه علي بن عمر بن إبراهيم كبير الثائرين على أبي حمو بعد ابن عمه خالد، فلم يزده على المواعيد، وهنالك خضع لأبي حمو فقدمه علي بني عامر، وكان قد استبد برئاسة عامر بعد خلاف خالد بن عامر عمه سُلَيْمان بن إبراهيم ويرادفه عبد الله بن عسكر إلى أن عزله أبو حمو بعلي ابن أخيه فلحق ببني يعقوب النازلين على أبي بكر بن عريف.

هذا ما أفادناه ابن خلدون من أخبار العرب وإننا لنأسف لإغفال من بعده هذا الشأن، فلم نجد حديثًا نصله بحديثه الا نتفا لا تجلي غامضًا وقد تكون رسائل صغيرة مبعثرة في زوايا الوطن لو جمعت لتكونت منها حلقات لهذه السلسلة، غير أننا لم نسمع بها، ولعل الله يبعث في الأمة روحًا علمية فيظهر كل ما لديه من حلقات.

‌رؤساء القبائل

كانت رئاسة البوادي بالجزائر الحفصية لشيوخ من القبائل القوية، وقد مرت أخبار العرب في بابها، وأظهر المعاصرين لهم من البربر هم مليكش وزواوة وصنهاجة وسدويكش وبنو تليلان وريغة وورقلة.

وكان مليكش مستعلين بمتيجة على الثعالبة، وهم تابعون لوالي الجزائر يستقيمون باستقامته وينحرفون بانحرافه، ورفع منزلتهم أبو زكريا يحيى الأول فعقد لشيخهم منصور سنة 640 هـ ومنحه أبهة الملوك مزاحمة ليغمراسن بن زيان،

ص: 541

ومر به العبدري سنة 689 هـ فرماه باللؤم والبخل وكل نقيصة؛ لكنه شاعر لا تؤخذ عنه الحقائق التاريخية، ولم تزل رئاسة متيجة لبني منصور حتى غلب على الجزائر أبو حمو الزياني سنة 712 هـ ففروا إلى الحفصيين، وأخذ الثعالبة بعدهم في الظهور.

وكان من زواوه بنو يراتن ذوي سيادة، ورئاستهم في بني عبد الصمد، وشاخت منهم عجوز اسمها شمسي، لها عشرة بنين عظم أمرها بهم، ونزل عليها ابن هيدور من خدام أبي عبد الرحمن بن أبي الحسن المريني مدعيًا أنه أبو عبد الرحمن وداعيًا إلى الثورة على أبيه، وأبو الحسن يومئذ بمتيجة، فسرب الأموال في بنيها وقومها، فأجارته وقامت بدعوته حتى تبين كذبه، فنبذته ولحق بالذواودة.

وكانت عمدة بجاية جنود صنهاجة، ولها إقطاعات بنواحيها ولكبرائها مكانة في الدولة، فكان يعقوب بن خلوف منهم يلقب المزوار ويستخلفه ببجاية أبو زكريا المنتخب، ومات فخلفه ابنه عبد الرحمن واستخلفه خالد الأول لما نهض إلى تونس سنة 709 هـ فثبت على ولائه له لما دعا أبو بكر بقسنطينة لنفسه، فزحف له أبو بكر وكانت بينهما معركة، وعاد أبو بكر إلى قسنطينة مفلولا، وانتهبت صنهاجة معسكره واتبعته إلى ميلة وحاصرته بقسنطينة أيامًا ثم عادت إلى بجاية.

وفي هذه المرة ظهر ابن اللحياني بطرابلس محاربًا لخالد الأول فوصل أبو بكر يده به وأوفد عليه حاجبه ابن غمر وتظاهر بنكبته، فصادر منازله وسطا بحاشيته، فعل ذلك كيدا لابن الخلوف، واستيقن ابن الخلوف اختلال أمر خالد وطمع في حجابة أبي بكر، وسفر بينهما عثمان بن سباغ الذوادي وغيره فأحكموا السلم بينهما وعهد أبو بكر بحجابته لابن الخلوف، وارتحل إلى بجاية سنة 712 هـ فلقيه ابن الخلوف بفرجيوة، ومن الليل غدر به أبو بكر، فقتله وأغذ السير إلى بجاية، فدخلها على حين غفلة، وغضب عثمان بن سباع وصنهاجة لهذه الخيانة فوصلوا أيديهم بأبي حمو الأول الزياني.

ومن زعماء صنهاجة منصور بن إبراهيم بن الحاج، ثار سنة 753 هـ على مرين المحتلين ببجاية ولكن كبار البجائيين خشوا سطوة أبي عنان فبعثوا إليه بطاعتهم وأخرجوا منصورًا وحزبه من المدينة فتفرقوا في الجهات ولحق كبراؤهم

ص: 542

بتونس، ثم كانت لصنهاجة كرة أخرى على يد أحمد ابن القاضي لما تقلص ظل الدولة الحفصية عن الجزائر وظهر بها الأتراك.

وكان بنو تليلان ممتنعين بجبلهم الممتد شمال ميلة وقسنطينة إلى أن غلب الموحدون على إفريقيا فوفد شيخهم أبو بكر على الخليفة بمراكش وتقرب إليه بفرض المغرم على جبل قومة وثبت عقبه على الولاء لدولتي الموحدين وبقوا على رئاستهم بالجبل، وعرفوا بأولاد ثابت وسمي الجبل بهم، ويظهر أن جبلهم هو المدعو اليوم سقاو، بقاف بدوية مخففة قبالة ميلة، فإن سقاو كثير المياه والثمار وبه آثار حصون مدهشة، وقد قال يحيى بن خلدون:"فتح أبو حمو الزياني ميلة آخر شوال سنة 758 هـ وأصمد قومه رابع يوم فتحها إلى جبل بني ثابت" اهـ.

ومن بني ثابت حسن بن إبراهيم بن أبي بكر بن ثابت، ولَّاه أبو بكر حجابته لما خرج إلى بجاية سنة 712 هـ وأناب بقسنطينة أخاه عبد الله، ثم عاد ابن غمر من وفادته على ابن اللحياني، فسعى بينهما لدى أبي بكر كي يخلو له وجهه فقتل عبد الله بفرجيوة سنة 713 هـ وكان أخوه حسن قد خرج لجباية الوطن، فأوعز أبو بكر بقتله إلى عبد الكريم بن منديل السدويكشي فقتله بوادي القطن، وهو واد شرقي ميلة قريب منها يصب في وادي قسنطينة.

قال ابن خلدون: وكان آخرهم رئاسة بالجبل علي؛ أدرك دولة بني مرين بإفريقيا وولي بعده ابنه عبد الرحمن ووفد على أبي عنان بفاس ولما استجد السلطان أحمد حفيد أبي بكر دولته بإفريقيا استولى عليهم ومحى أثر مشيختهم ورئاستهم وصيَّرهم في عداد جنده وحاشيته واستعمل في الجبل عماله" اهـ.

وبقية بني ثابت مساكنون اليوم لقبيلتنا أولاد مبارك، وهم قليلون يدَّعون الشرف الشرعي شأن الأسر التي فقدت الشرف الحربي.

وكانت رئاسة سدويكش في أولاد سواق ثم في بني سيلين، ومواطنهم في عمل بجاية وقريتهم بنو ورار بتخفيف الراء هي آخر ذلك العمل، وربما دعيت بني وراء أو بني ياوراء أو بني تاوريرت، وهي في آخر وطن فرجيوة غربًا بقربها أنقاض مدينة إيكجان وبمقربة من أنقاضها اليوم قرية بني عزيز، وكانت تمر بها

ص: 543

الطريق من قسنطينة إلى بجاية فذكرها أديب قسنطينة علي بن الفكون في نظم رحلته إلى مراكش بقوله:

وكم أورت ظباء بني ورار

أوار الشرق بالريق الشهي

وجمع العبدري بينها وبين ميلة، فقال في رحلته:

"ثم وصلنا إلى بني ورار ثم إلى ميلة فلم نر إلا رسومًا بحوادث الدهر محيلة، وكلاهما على شكل مدينة ليست بثمينة ولا متينة عمل البلاء فيهما وفي السكان وأدخل الجميع في خبر كان، وفي كلتيهما عين تسح وعنصر يجود ولا يشح، وبنو ورار أعمر المحلين وعينهما أغزر العينين" اهـ، واليوم بنو ورار خراب وميلة لم تزل عامرة.

وكان رئيس أولاد سواق هو علي بن علاوة بن سواق ثم أبناءه طلحة فيحيى فمنديل الذي عزله أبو بكر، وأدال من بني علاوة بني عمهم أولاد يوسف بن حمو بن سواق، فلحق بنو علاوة بجبل عياض، ثم كانت لهم كرة أيام أبي عنان. فعقد على سدويكش لمهنا بن تازير بن طلحة، ولكن قتله أولاد يوسف، فعاد بنو علاوة إلى جبل عياض، ورأس عليهم عدوان بن عبد العزيز بن زروق بن علي بن علاوة، ثم هلك وافترق بعده أمرهم، وبقيت رئاسة سدويكش لأولاد يوسف.

قال ابن خلدون: "ويرادف أولاد سواق في الرئاسة على بعض أحياء سدويكش بنوسكين، ومواطنهم جوار لواتة بجبل بابور وما إليه من نواحي بجاية، ورئاستهم في بني موسى بن ثاير، أدركنا ابنه صخر بن موسى، واختصه السلطان أبو يحيى بالرئاسة على قومه، وكان له مقامات في خدمته، ثم عرف بالوفاء مع ابنه الأمير أبي حفص، فلم يزل معه إلى أن أوقع به بنو مرين بناحية قابس، فقطعه السلطان أبوالحسن من خلاف، وهلك بعد ذلك فخلفه ابنه عبد الله، وكان له شأن في خدمة صاحب بجاية وهلك أعوام الثمانين، فخلفه ابنه محمد وهو لهذا العهد". اهـ.

يظهر أن سكين محرف سيلين، فإن الموطن لبني سيلين، وبني صخر معروفون برئاستهم، وكان لهم أيام السلطان أبي عمر عثمان تغلب على وطن

ص: 544

بجاية، وأعفوا ذكر أولاد يوسف، ففي سنة 840 هـ نازل السلطان نفسه عبد الله بن عمر بن صخر، ولم ينل منه حتى قتل غدرا سنة 843 هـ وحملت رأسه إلى السلطان، وفي سنة 846 هـ قتل محمد بن يحيى السيليني عبد المؤمن بن أحمد والي بجاية، وعظم صيت محمد بن سعيد من بني صخر من بعد، واختلفت أحواله مع السلطان بين ولاء وعداء، فنقله وأهله سنة 864 هـ إلى تونس، ثم سرحه سنة 867 هـ فأثار عليه محمد المتوكل سلطان تلمسان سنة 870 هـ وكان يدعو له من قبل. وقد انقطعت عنا أخبار شمال الجزائر الحفصية بعد المراكشي الذي انتهى إلى أيام أبي عمر عثمان. أما الجنوب فكانت به لورقلة وريغة رئاسة، وربما قطعتها الدولة فتجددت بعد حين، ولم تزل الإمارة بورقلة وتقرت حتى العصر التركي.

قال ابن خلدون ما ملخصه: "اختطت ريغة ما بين الزاب وورقلة قرى كثيرة في عدوة وادي ينحدر من الغرب إلى الشرق منها المصر الكبير والقرية المتوسطة والأطم، قد نضدت حفافيها النخيل وانساحت خلالها المياه، "وكان وادي ريغ من عمل الزاب وفي إقطاع الذواودة، فكثيرا ما يعسكر عليهم ابن مزني أو الذواودة لاقتضاء الجباية، وأكبر تلك الأمصار تقرت وهو مصر مستبحر العمران بدوي الأحوال كثير المياه والنخل، وكانت رئاسته لعبيد الله بن يوسف بن عبد الله ثم لأبنائه داوود فيوسف فمسعود ثم الحسن بن مسعود ثم ابنه أحمد شيخها اليوم، وتماسين دون تقرت في العمران والخطة، ورئاسته لبني إبراهيم من ريغة أيضًا وسائر أمصار ريغة كل مصر منها مستبد بأمره وحرب لجاره، وورقلة اختطوا المصر المعروف بهم، ودخله أبو زكريا الأول في مطاردته لابن غانية، فزاد في تمصيره، واختط مسجده العتيق ومأذنته المرتفعة ونقش في الحجارة اسمه وتاريخ وضعه، وهو باب أهل الزاب إلى السودان، ويعرف رئيسه باسم السلطان شهرة غير نكيرة بينهم، وهو اليوم أبو بكر بن موسى بن سُلَيْمان من بني أبي غبول، فخذ من بني واكير إحدى بطون بني ورقلة، ورئاستهم متصلة في عمود هذا النسب، وكان يوسف بن عبيد الله صاحب تقرت تغلب على أبي بكر أزمان حداثته" اهـ.

ص: 545

وقال الزركشي ما ملخصه: "وكان يوسف بن حسن من بيت مشيخة تقرت قد منع جبايته لأول دولة أبي عمر عثمان، فخرج إليه سنة 853 هـ وحاصره وقطع النخيل، ودافعه يوسف أيامًا حتى عجز، فدخل عليه المدينة، وقدم عليها قائدًا من قبله، وأخذ يوسف وولده وأخاه وعمه وأهله فاعتقلهم بتونس، ثم بلغه خلاف أهل تقرت، فخرج إليهم آخر سنة 869 هـ وأغرمهم مالا وهدم سور البلد، وقدم عاملا بورقلة، وأخذ منها ومن مزاب مالا جليلا، وقفل فدخل تونس في رجب سنة 870". انتهى قول مبارك الهلالي الميلي.

ص: 546

‌بعض ما قاله الدكتور إحسان عباس عن اجتياح بني همل للمغرب

(*)

قال عن خزرون بن خليفة بن وروا (429 - 430 هـ) في طرابلس الغرب:

يذهب التجاني إلى أن الوالي السابق سعيد بن خزرون قتلته زُغبة سنة 429 هـ، وقد استشكل ابن خلدون على هذا؛ لأن زُغبة لم تصل إفريقيا إلا بعد سنة 440 هـ إلا إذا كان بعض بطونها قد هاجر في تاريخ مبكر، وهذا شيء لم يرد عند أحد من المؤرخين

(1)

، وعلى الرغم من أن ابن خلدون يثير هذا الاعتراض فإنه هو نفسه يتحدث في غير موطن من كتابه عن قتل زغبة لسعيد بن خزرون

(2)

، وإذا أخذنا بهذا الرأي وجب علينا أن نجعل حكم سعيد بعد سنة 443 هـ، أو أن نفترض أن سعيدا الذي قتلته زغبة شخص غير الذي تقدم ذكره، أترى أن التجاني حين ذكر 429 هـ كان يعني 449 هـ؟ إذا صح هذا تغير تاريخنا للفترة التي حكم فيها بنو خزرون بعد سعيد.

وأيا كان المسؤول عن مقتل سعيد فإن الذي خلفهُ هو خزرون بن خليفة حفيد وروا، المتقدم الذكر، وكان أبو الحسن بن المنمر الثائر على التشيع من أكبر شخصيات طرابلس الدينية، ففتح المدينة له فدخلها وأقام فيها أشهرا، ثم لما كان شهر ربيع الأول من سنة 430 هـ وصل المنتصر بن خزرون يقود عساكر زناته، ففرَّ خزرون بن خليفة من طرابلس ودخلها المنتصر وعاقب أبا الحسن بن المنمر بمصادرة أملاكه وبنفيه من البلد ونكل بأقاربه وعذبهم

(3)

.

وقال عن المنتصر بن خزرون (430 هـ - 460 هـ) مع بني هلال:

في أيامه جدد المعز محاولاته لأخذ طرابلس فهاجمها في عام 430 هـ، فبرزت إليه زناته وهزمته، وكانت أخته أم العلو بنت باديس في الأسرى، غير أن

(*) تاريخ ليبيا منذ الفتح العربي حتى مطلع القرن التاسع الهجري - دار ليبيا للنشر والتوزيع - بنغازي ط 1967 م/ 1387 هـ.

(1)

ابن خلدون: 7: 43.

(2)

انظر مثلا: 6: 40.

(3)

رحلة التجاني: 267، وأن وفاة ابن المنمر سنة 432 هـ تحتم أن يكون خزرون قبل هذه السنة وأن يكون صاحب طرابلس حينئذ هو المنتصر، إلا أن يكون هناك اضطراب آخر في حكاية هذه الوقائع.

ص: 547

المنتصر أطلقها وردها إلى أخيها، وهاجم المعز زناته مرة أخرى، ولم تكن حاله في الهجوم الثاني خيرا من الأول، ثم عاود الهجوم ثالثة فكان النصر حليفه، وأذعنت زناته لسلطانه واتقته بالمهادنة، وهدأت الأحوال من حول المنتصر، وفي أيام المسالمة بينه وبين المعز أهدى إليه المعز هدايا كثيرة وأعطاه مائة ألف دينار دفعة واحدة

(1)

.

وفي أيامه داهمت العربان من بني هلال إفريقيا ودارت بينها وبين زناته حروب طاحنة في منطقة طرابلس، ثم وجد المنتصر أنه لا قبل له بها، فاكتفى بحكم طرابلس - البلد وحده - تاركا ما حوله كله لزغبة، ثم جاءت سُلَيْم فدفعت زغبة عن ضواحي طرابلس واستقرت فيها، ورأى المنتصر أن من مصلحته محالفة القبائل البدوية من بني عدي الهلاليين فشاركهم في غزو مملكة بني حماد وهاجم المسيلة وأشير ولكن ناصر بن حماد استطاع أن يهزمه ففر إلى أشير وتحصن فيها.

وقال عن بني قُرَّة الهلاليين في برقة:

من الواضح أن بني قُرَّة الذين كانوا يحتلون الجبل الأخضر من برقة قد شاركوا أقرباءهم من الهلاليين في الانسياح والغزو بزعامة شيخهم ماضي بن مقرب، ثم انضاف إلى جماعاتهم بنو خزرون الزناتيون رغم ما وقع من معارك بين الفريقين أول حلول القبائل منطقة طرابلس، وقد تحدثنا كيف قام المنتصر بن خزرون معهم بشن الحرب علي بني حماد ثم كيف امتدت موجة سُلَيْم من برقة حتى ولاية طرابلس ودفعت بني زغبة عن مواطنها الأولى.

وتوالت موجات الأعراب هؤلاء، إذ يحدثنا ابن عذاري أن فريقا منهم اندفع من برقة سنة 468 هـ ونزل حول القيروان.

وقال عن دخول طرابلس في طاعة الموحدين وتصدي بني هلال لهم:

يتضح لنا الانشطار الكامل في الأهداف إذا نحن عدنا قليلا في الزمن لنقارن بين نظرة أهل طرابلس إلى الموحدين ونظرة شيوخ القبائل البدوية - ومن خلفهم قبائلهم - إلى تلك الدولة الناشئة، فالطرابلسيون - مثلا - أبوا أن يقوموا

(1)

ابن عذاري 1: 426.

ص: 548

بحملة "دعاية" ضد الموحدين، ولعل الانتصارات الموحدية هي التي شجعتهم على الثورة وبعثت في نفوسهم أملا بأنهم رغم بعد الموحدين عنهم يستطيعون الركون إلى القوة المعنوية التي أخذ الموحدون يشيعونها في نفوس الناس في الشمال الإفريقي ضد سيطرة الحاكم الأجنبي، وعلى النقيض من ذلك كان موقف شيوخ هلال من الأثبج وعدي ورياح ورغبة وغيرهم - امتدادا من أرض طرابلس حتى أقصى ما بلغوه من حدود الاستيطان في المغرب - فإنهم حين وجدوا أن عبد المؤمن قد استولى على بلاد بني حماد، رأوا أن يقاتلوه ويوقفوه عند حدوده، وتشاور محرز بن زياد وجبارة بن كامل وحسن بن ثعلب وعيسى بن حسن وغيرهم من الشيوخ، واجتمع أمرهم على أن دولة الموحدين هي العدو الكبير الذي لا بد لهم من مواجهته بحزم، وتحالفوا على التعاون وأن لا يخون بعضهم بعضا، وقرروا أن يجمعوا في المعركة حريمهم وأولادهم وأموالهم لتكون الحرب استيئاسا، وكان ملك صقلية من وراء هذه الحركة يحرضهم ويستنفرهم بل إنه عرض عليهم أن يرسل لهم بعض جيشه، وكانت النهاية هي هزيمتهم أمام الموحدين في معركة سطيف بالمغرب الأوسط (الجزائر حاليا) كما ذكرت المصادر التاريخية، وقد رحَّلوا قسمًا منهم إلى المغرب الأقصى.

وقال عن استنفار الموحدين لبني هلال في غزو الأندلس:

عندما عقد أمير المؤمنين النية على غزو الأندلس سنة 566 هـ فإنه كلف ابن الطفيل بأن يستنفر العرب فكتب إليهم قصيدة مطلعها

(1)

:

أقيموا صدور الخيل نحو المغارب

غزو الأعادي واقتناء الرغائب

وفيها يقول لهم:

ألا فابعثوها همة عربية

تخف بأطراف القنا والقواضب

أفرسان قيس من هلال بن عامر

وما جمعت من طاعن ومُضارب

لكم قبة للمجد شدوا عمادها

بطاعة أمر الله من كل جانب

(1)

المصدر السابق: 88 - 90.

ص: 549

دعوناكم نبغي خلاص جميعكم

دعاء بريئا من جميع الشوائب

نريد لكم ما نبتغي ننفوسنا

ونؤثركم زلفى بأعلى المراتب

فلا تزهدوا في نيل حظكم الذي

لكم فيه فوز من جميع المطالب

بكم نصر الإسلام بدءا فنصره

عليكم - وهذا عوده - جد واجب

فلما تأخر قدومهم عليه بعث بقصيدة أخرى؛ فخف إلى مراكش منهم أعداد شاركوا في الغزو إلى الأندلس؛ وقد ظلت قبائل هلال ورياح وزغبة تدين بطاعة الموحدين، حتى إنا لنراها عام 576 هـ عندما توجه أبو يعقوب إلى قفصة والقيروان تلتف من حوله بالتأييد ويحضر إليه "جميع أشياخ العرب من قبيل رياح بالبدار والمسارعة بالطاعة".

وقال عن قراقوش وابن غانية ودور قبائل هلال وسُلَيْم معهما:

ومما يقوي ما ذهبت إليه أن أعمال قراقوش تجاوزت طرابلس بكثير قبل ذلك العام، وأن لجوءه للموحدين ثم أيضا قبل ذلك فلعل تاريخ 586 هـ - إن صح - يشير إلى احتلاله الثاني لمدينة طرابلس.

ولكن إذا كان قراقوش قد استولى على طرابلس في ذلك العام الذي ذكرته (أي 579 هـ) فماذا كان موقف ابن مطروح رئيسها؟ أعتقد أن ابن مطروح كان قد تنازل قبل ذلك بقليل عن رياسة البلد لشيخوخته، وأن هناك واليا تسلم أمر طرابلس من قبل الموحدين، ولكن المصادر لم تذكره، ولم يكن في مقدور الموحدين أن يخفوا لنجدة طرابلس بسرعة، خصوصا وأن قراقوش وحلفاءه شغلوهم بالهجوم على منطقة قابس وغيرها.

وذلك أنه في تلك الأثناء وصل إلى طرابلس مغامر آخر هو علي بن غانية الذي كان يسعى ليعيد سلطان قومه الملثمين، فوجد في قراقوش حليفا ضد الموحدين، كما استمال كافة العربان من بني سُلَيْم، واجتمع إليه من كان منحرفا عن طاعة الموحدين من قبائل هلال مثل جشم ورياح والأثبج، والتف حوله قومه لمتونة، ولم يبق مخلصا للموحدين من العربان سوى بني زغبة، وبهذه الجموع قام

ص: 550

علي بن غانية بغارات كثيرة افتتح فيها بلاد الجريد (سنة 581 هـ) وأقام الدعوة العباسية

(1)

.

كتب إليه بالطاعة وأظهر دعوة التوحيد، ذلك هو أبو زيان الذي تصفه الرسالة السابقة الموحدية بأنه زعيم من رعماء الأغزار يضاهي قراقوش في قدره ويقاسمه في أمره

(2)

؛ وهذا أمر تنفرد بذكره هذه الرسالة ولم أجده في غيرها من مصادر، ولعل أبا زيان هذا - وكنيته تدل على أنه "تأقلم" مغربيا ولم يعلن التوحيد فحسب - هو الذي خلفه قراقوش على حكم طرابلس، فلما وجد أنه يستطيع أن يعمل لحسابه الخاص استقل عن صاحبه.

ولم يكن قراقوش مخلصا في انضمامه إلى الموحدين ولكنه رأى فقدان أهله وأبنائه وضياع جهوده السابقة وخذلان صاحبه أبي زيان له وشهد كل ما بناه يتهاوى فرأى أن يرتاح قليلا وينال شيئا من الامن، ولا ندري المدة التي مكثها وهو يعيش في ظل الموحدين، غير أن انضواءه إليهم كان يعني حالة اضطرارية هي نتيجة النصر الذي أحرزه المنصور، ولم يكن خضوع قراقوش وقهر ابن غانية من ثمرات ذلك النصر فحسب، بل كان نقل العربان الضالعين معهما - ومع كل ثائر - من منطقة إفريقيا إلى المغرب الأقصى على سبيل الاحتجاز والإقامة القسرية نصرا آخر، وكان هؤلاء العربان هم جُشَم ورياح، وإذ لم يبق على ولائه للموحدين إلا قبائل زغبة، وقد أسكن المنصور قبيلة رياح ومعها زعيمها مسعود بن زمام في منطقة تدعى الهبط من أرض المغرب، وبدا قراقوش لعين الرائي حينئذ مفردا من كل نصير مسلوبا من جميع الوسائل التي يحتاجها الرجل المغامر.

ولكن هذا الغزي لم يتعود الحياة المطمئنة الوادعة؛ ولذا فإنه فر من حضرة السيد أبي زيد بن أبي حفص ومضى إلى مقره القديم، مدينة قابس، ودخلها بالحيلة واستولى عليها، وقتل جماعة من أشياخ ذباب والكعوب منهم محمود بن طوق أبو المحاميد وحميد بن جارية أبو قبيلة الجواري

(3)

، وارتكب بهذا العمل

(1)

ابن خلدون 6: 20 - 21، 192.

(2)

المصدر السابق: 198.

(3)

ابن خلدون 6

143. ويقول. إنه قتل سبعين من بني سُلَيْم بقصر العروسي، وانظر رحلة التجاني.

ص: 551

أكبر غلطة، كلفته حياته من بعد؛ لأن العرب لا ينامون على الثأر مهما يطل عليه الأمد، ولقي حليفه علي بن غانية مصرعه عام 584 هـ، فخلفه في مظاهرة قراقوش أخوه يحيى بن غانية.

ثم إنَّ قراقوش عاد إلى طرابلس فحاصرها واستولى عليها، ولعلَّ ذلك كان سنة 586 هـ أو التي بعدها، وكان يعاونه في هذا زعيم رياح: مسعود بن سلطان بن زمام، وإنما نفترض ذلك لأن ابن خلدون يحدثنا "أن مسعودا فر من بلاد الهبط في المغرب بعد أن نفاه الموحدون هناك ولحق ببلاد طرابلس ونزل على زغب وذباب من قبائل بني سُلَيْم ووصل إلى قراقوش وحضر معه فتح طرابلس حتى افتتحها"

(1)

وكان فراره في أبطال من بني رياح، عاونوا قراقوش على احتلال طرابلس.

وكانت العلاقة بين قراقوش ويحيى بن غانية قد فسدت، فما إن سمع يحيى أن قراقوش قد عاد إلى طرابلس حتى زحف إليه من منطقة الجريد، فلما عرف قراقوش بقدومه فرَّ عن طرابلس مخلفا عليها نائبا له يُدعى ياقوت الافتخار؛ والتقى يحيى بقراقوش في مكان من جهة طرابلس اسمه المحسن

(2)

فانكسر قراقوش كسرة شنيعة وتوغل في جبال طرابلس ويحيى الميورقي يتبعه، فبلغ قراقوش في هربه مدينة ودَّان واعتصم فيها.

وقام الذواودة من رياح وزعيمهم محمد بن مسعود

(3)

، واعتزموا على معاودة الحرب وتعاقدوا على الثبات والصبر وانطلقوا يتألفون الأعراب من كل ناحية حتى اجتمع إليهم من بطون سُلَيْم: ذباب وزغب والشريد وعوف، فبادرهم أبو محمد سنة 606 هـ ولقيهم بجبل نفوسة

(4)

. وفلَّ عسكر ابن غانية وأخذ ما

(1)

ابن خلدون 6: 21 والنص شديد التصحيف ولكن ما يستنتج منه يدل على أن مسعودًا لم يكن مع قراقوش في استيلائه الأول على طرابلس، وإنما كان في الفتح الثاني غير أن ابن الأثير (في أحداث سنة 568 هـ) أجمل ذعر الحوادث إجمالا (انظر 11: 256).

(2)

يقول الأستاذ طاهر الزاوي: إن وادي محسن هو وادي الهيرة من أراضي ورشفانة إلى غربي العزيزية وشمالها من جنوب طرابلس. (تاريخ الفتح: 217).

(3)

هو ابن الشيخ مسعود بن زمام الذي تقدم ذكره وخبر عفو الموحدين عنه.

(4)

ابن خلدون 6: 196.

ص: 552

معه من أسلحة وكراع غنيمة، وقتل أمير قُرَّة سماد ابن نخيل وشيخ الذواودة محمد بن مسعود وابن عمه حركات ابن الشيخ وزعيم قبيلة مغراوة وغيرهم

(1)

.

وكان بنو ذباب حلفاء ابن غانية موتورين من قراقوش؛ لأنه قتل منهم جماعة حين دخل قابس، فحفزوا ابن غانية على المسير إليه وهو مستقر بودان طلبا لثأرهم، فسار إليه ابن غانية في الذبابيين سنة 609 هـ وحصره إلى أن نفد زاده، فاستسلم مشترطا على الأعراب أن يقتلوه قبل ابنه، ففعلوا، وصلبه ابن غانية بظاهر ودَّانى

(2)

.

وقد بقيت المنازعات بين ابن غانية والموحدين في مد وجزر، وفي شعبان سنة 614 هـ زار أبو محمد عبد الواحد بن أبي حفص مدينة طرابلس، وأمر بأن يبني حول سورها فصيل أقصر منه، وقد سمي هذا الفصيل:"الستارة"

(3)

؛ ولما توفي الشيخ أبو محمد سنة 618 هـ، وكان قد هدَّأ الأحوال، وقضى على أكثر الفتن، وخلفه في ولاية إفريقيا أبو العلاء إدريس، فعاد ابن غانية يجدد محاولاته، وكان قد اتخذ ودان مركزا له بعد التخلص من قراقوش - فأرسل الموحدون جيشا لحصاره فيها، ففرَّ منها إلى الزاب، فتعقبه أبو زيد حتى نازله وهزمهُ، ولقي ابن غانية مصرعه وقضيت بذلك الفتنة التي أرقت دولة الموحدين عدة سنوات مريرة.

(1)

ابن خلدون 6: 279.

(2)

رحلة التجاني: 110.

(3)

رحلة التجاني: 240.

ص: 553

‌ما قاله الشريف محمد بن منصور عن قبائل بني هلال

(1)

‌تمهيد:

‌بداية الاستيطان العربي بالمغرب

لا أنوي أن أعيد في الصفحات التالية ما سبق لي الحديث عنه من أخبار الفتح العربي لبلاد المغرب، وإنما أبغي الحديث فيها عن بداية استقرار العرب فيه واستعراب أهله، سواء كانوا بحال جنود وموظفين يثبتون سلطة الخلافة الإسلامية في ربوعه ويديرون أموره العمومية ويؤمنون مسالكه وطرقه، أو كانوا بحال تجار ورجال أعمال يمشون في مناكبه ابتغاء المال الكثير والربح الوفير، أو كانوا بحال قبائل وعشائر استهواها ما سمعت عن سعة أرضه وخصب تربته وجمال طبيعته فشدت إليه الرحال وسارت بقضها وقضيضها تطوي الأرض إليه طيا حتى ألقت به عصا التسيار، وطاب لها بين أهله المقام والاستقرار.

ومن نافلة الكلام أن نقول أن هذا الاستقرار مضافًا إليه انتشار الإسلام بين قبائل البربر كان أعظم حادث سجلهُ تاريخ المغرب الطويل، فقد كان من نتائج الأول امتزاج سكانه الأصليين بالعناصر العربية امتزاجًا وثيقًا واصطباغهم بصبغتها وتكلمهم بلغتها واستئناسهم إلى ثقافتها ومدنيتها، وكان من نتيجة الثاني اعتناقهم من غير استثناء لعقيدة سماوية ملأت قلوبهم وشغلت عقولهم، ووجهت تفكيرهم وتصرفهم، وهو أمر لم ينجح فيه فاتحون غير العرب في قديم أو حديث.

ولقد بدأ تطلع المسلمين إلى الاستيلاء على المغرب في فجر الخلافة الباكر، إذ لم يكد عمرو بن العاص يفرغ من فتح مصر حتى بدأ يعد العدة لفتح الأقطار التي تليها غربًا، وكان قواده وجنوده يميلون إلى مواصلة الفتح ونشر كلمة الإسلام في أقطار جديدة وبين قوم آخرين غير الذين دانوا لحكمهم بوادي النيل، وزاد في حماسهم وتقوية عزائمهم ما وجدت طلائعهم الأولى التي اتصلت ببلاد المغرب في سكانها من دعة ومسالمة، وما أحرزت من مغانم ومكاسب بأقل جهد.

(1)

قبائل المغرب - ط أولي 1968 - الرباط - المملكة المغربية، ومؤلفه الشريف محمد بن منصور من المغرب الأقصى، وهو غير الشريف محمد بن منصور من أشراف الحجاز بالمملكة العربية السعودية، ألف كتاب قبائل الطائف وأشراف الحجاز.

ص: 554

وكانت القبائل البربرية التي واجهها المسلمون لأول احتكاكهم ببلاد المغرب هي لواتة ونفوسة ونفزة وهوارة التي أسلست لهم مقادتها وأطاعتهم بهولة وسارت معهم تدلهم على الطرق وتعينهم على الروم الذين انحصرت فيهم المقاومة بالمدن لأول الفتح، وأظهر بربر برقة بالخصوص منتهى الإخلاص للحكم الجديد حتى ذكر البلاذري من حديث محمد بن سعد عن الواقدي عن مسلمة بن سعيد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة: أنهم كانوا يبعثون بخراجهم إلى والي مصر من غير أن يأتيهم حاث أو مستحث، فكانوا أخصب قوم في المغرب

(1)

.

وتفيد بعض الروايات أن إخلاص بربر برقة للحكم الإسلامي لم يكن نتيجة غزو وفتح وإنما كان نتيجة إيمان واقتناع سبقا دخول العرب إلى بلاد المغرب، فقد روى الشطيبي أنهم أرسلوا رسلا منهم إلى عمرو بن العاص قبل أن يخلص من فتح مصر يعرضون عليه الدخول في الإسلام على يديه، فاستطاع عمرو أن يفهم منهم ما يريدون بواسطة ترجمان نقل إليه كلامهم، فأرسلهم إلى عمر بن الخطاب الذي رحب بهم أجمل ترحيب؛ لأن أحد الحاضرين أخبره أنهم البربر أولاد بر بن قيس عيلان

(2)

فسألهم عمر بن الخطاب عن عاداتهم وعلاماتهم فلما أخبروه بها بكى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد تنبأ بفتح بلاد لأهلها هذه الصفات، ثم حمد الله على ذلك، وبعث إلى عمرو يأمره أن يقدمهم على الجند، وأعادهم إلى بلادهم مكرمين محملين بالهدايا

(3)

.

ومثل ذلك يحكى عن صولات بن وزمار أمير مغراوة الذي هاجر إلى المدينة المنورة أو أشخص إليها عندما وقع أسيرًا بين أيدي العرب لأول الفتح فاجتمع بأمير المؤمنين عثمان بن عفان وأسلم على يديه وحَسُنَ إسلامه، فَمنّ عليه عثمان ولقاه برا وقبولا لمكانه من قومه، وعقد له على عمله فاختص صولات هذا وسائر أحياء مغراوة بولاء عثمان وأهل بيته من بني أمية، وكانوا خاصة لهم دون قريش،

(1)

فتوح البلدان ص 224.

(2)

ذكر ابن خلدون أن البربر الذين وفدوا على عمر بن الخطاب استنسبوا فذكروا أنهم من أولاد مازيغ. انظر ص 264 من هذا الجزء.

(3)

الجمان في أخبار الزمان لمحمد الشطيبي المغربي. (نسخة مخطوطة).

ص: 555

وظاهروا دعوة المروانيين بالأندلس رعيًا لهذا الولاء، كما اختصت قبائل صنهاجة بالولاء لعلي بن أبي طالب وكان لها مقامات صدق في نصرة بنيه والدفاع عن دعوتهم خلال القرون الأولى لظهور الإسلام بأرض المغرب.

وقد حار المؤرخون في تعليل خضوع بعض قبائل البربر للعرب دون حرب ومبادرتهم إلى إرسال الخراج بأنفسهم دون أن يستحثهم حاث أو يدخل بلادهم باب، فمنهم من عزا ذلك إلى خوفهم من قوة العرب التي عرفوا بها من غاراتهم الأولى ثم من الطليعة التي أرسلها عمرو إلى بلادهم بقيادة عُقبة بن نافع الفهري، ومنهم رأى ذلك الخضوع نتيجة حتمية للحكم البيزنطي الذي أنهك قواهم وصيرهم في حالة عجز كامل عن المقاومة، ولكن أحدًا من المؤرخين الأوربيين على الخصوص لَمْ يعز ذلك الخضوع إلى العدل الذي ساس به المسلمون البربر والرحمة التي وجدها هؤلاء في كنفهم الشيء الذي جعلهم يرون فيهم هداة منقذين لا غزاة طامعين.

وسار المسلمون يفتحون أرض برقة وطرابلس قرية قرية ومدينة مدينة، وانحصرت المقاومة في البيزنطيين الذين اعتصموا ببعض المراسي الساحلية والحصون الداخلية، ومال البربر إلى جانب المسلمين وقاتلوا في حفوفهم ولم يقفوا موقف المتفرج كما فعل قبط مصر أثناء اقتتال المسلمين والروم، وكان من المتوقع أن يسير الفتح بسرعة عظيمة ويصل المسلمون إلى المحيط الأطلسي في أقصر مدة لولا أن الخليفة عمر بن الخطاب منع واليه عمرو بن العاص من مواصلة الزحف على إفريقيا بدعوى أنَّها مفرقة غادرة مغدور بها، فاضطر قائد الجيش الإسلامي في الرجوع إلى مصر من البلاد التي فتحها تاركًا حبل أمرها على الغارب.

على أنَّ هذا التوقف لَمْ يطل لحسن الحظ أمده، إذ لَمْ تمر إلَّا فترة يسيرة على خلافة عثمان بن عفان حتى عزل عمرًا بعبد الله بن سعد بن أبي سرح، فبدأ والي مصر الجديد بمجرد وصوله إليها يتشوق في العودة إلى المغرب لإتمام ما بدأه سلفه من الفتح، وصار يبعث المسلمين في جرائد من الخيل فيصيبون من أطراف إفريقيا ويغنمون، ثم كتب إلى الخليفة يستأذنه في السير إليها ويستمده، ويظهر أن عثمان اهتم بالأمر اهتمامًا عظيمًا، فبدأ يستشير الصحابة ثم جمع أكابرهم فزينوا

ص: 556

له مواصلة الفتح، فاستنفر حينئذ المسلمين من جميع الجزيرة العربية لغزو إفريقيا فاستجابوا له وبدأوا يتوافدون زرافات ووحدانًا على الجرف، وهو مكان يبعد ثلاثة أيام عن المدينة، وأعان الخليفة الجيش الغازي بألف بعير من ماله الخاص يحمل عليها ضعفاء المجاهدين، وفرق السلاح وحمل على الخيل، وأمر النّاس بالأعطيات.

ومن حسن الحظ أن النصوص التاريخية حافظت لنا على أسماء كبراء الصحابة وأعداد مجاهدي القبائل الذين انضموا إلى هذا الجيش المعروف في كتب التاريخ بجيش العبادلة الاشتراك عدد من الصحابة المشهورين فيه يسمى كلّ واحد منهم بعبد الله، فهم العناصر العربية الأولى المعروفة أصولها التي دخلت إلى بلاد المغرب وكان لها في مشارفه استقرار، وفي بداية تعرب أهله أيد وآثار، فمن كان هذا الجيش يشمل عليه:

- بنو هاشم: عدة في مقدمتهم عبد الله بن عباس وعبيد الله بن عباس.

- بنو تيم: عدة في مقدمتهم عبد الله بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن طلحة.

- بنو عدي: عدة في مقدمتهم عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن زيد بن الخطاب.

- بنو أسد

(1)

: عدة في مقدمتهم عبد الله بن الزبير.

- بنو سهم: عدة في مقدمتهم عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد المطلب بن السائب بن وداعة.

- بنو أمية: عدة في مقدمتهم مروان بن الحكم وأخوه الحارث.

- بنو زهرة: عدة في مقدمتهم المسور بن مخرمة بن نوفل وعبد الرَّحمن بن الأسود بن عبد يغوث.

والفروع السابقة من قريش.

(1)

هنا أسد بطن من قريش خلاف قبيلة أسد بن خزيمة العدنانية.

ص: 557

- بنو عامر: عدة في مقدمتهم السائب بن عامر بن هشام وبشر بن أرطاة.

- بنو هذيل: عدة منهم أبو ذؤيب خويلد بن خالد الشاعر، وعبد الله بن أنس، وأبو ذر الغفاري، ومعاوية بن حديج، ورويفع بن ثابت، وأبو زمعة البلوي، وعقبة بن نافع الفهري

(1)

.

- جُهَيْنة: 6000 مجاهد.

- أسلم (خُزَاعَة): 300 مجاهد.

- مُزَيْنَة: 800 مجاهد.

- بنو سُلَيْم: 450 مجاهدًا.

- بنو الدئل، وضمرة (كِنَانة): 500 مجاهد.

- عبس وأشجع و فزارة (غَطَفَان): 700 مجاهد.

- بنو كعب

(2)

: 400 مجاهد.

وقد تضخم عدد هذا الجيش الذي فصل عن الجرف في شهر أكتوبر سنة 647 م (محرم 27 هـ) بمن انضم إليه من الجند الذي كان مقيمًا بمصر حتى بلغ 20 ألفًا ساروا جميعًا مع عبد الله بن سعد إلى إفريقيا وهزموا الروم وقتلوا قائدهم كريكوريوس (جرجير) بمكان قريب من سبيطلة، ثم حاصروا فلولهم المنهزمة بحصن الجم، لكن هذا الانتصار لَمْ يكن من عواقبه استيطان العرب في إفريقيا ولو بحال حاميات عسكرية؛ لأنَّ عبد الله بن سعد رجع إلى مصر بعد أن صالحه الروم على مال مشترطين عليه أن يرحل بمن معه من العرب، فلم يول على البلاد التي فتحها أحدًا ولم يتخذ بها قيروانًا.

(1)

هنا ثمة خطأ في الصحابة المنسوبين إلى هُذَيْل فأبي ذر الغفاري من غفار من ضمرة من كِنَانة، ورويفع بن ثابت من الأنصار، وأبوزمعة البلوي من بلِّي، وعقبة بن نافع من قريش، ومعاوية بن حديج أيضًا ليس من هذيل.

(2)

كعب: لَمْ يوضح الشريف محمد بن منصور أي كعب هذا في العرب.

ص: 558

ومن القصص الطريفة التي يوردها المؤرخون لدى كلامهم على معركة سبيطلة أن جرجير قائد جيش الروم أمر مناديًا أن ينادي في الجيش: من قتل عبد الله بن سعد فله مائة ألف دينار وأزوجه ابنتي! وكانت فتاة جميلة تجيد الرماية وركوب الخيل، فلما سمع عبد الله بن سعد النداء رد عليه بالنداء في معسكر المسلمين: إن من قتل جرجيرا من المسلمين فله ابنته ومن معها، فيقال أنَّها صارت بعد هزيمة الروم لعبد الله بن الزبير، ويقال أنَّها خرجت في سهم رجل من الأنصار، فانصرف بها قد حملها على بعير له وجعل يرتجز:

يا ابنة جرجير تلقي نحلتك

لقيت بالنحلة ثكلى أبتك

لتأخذن في الطريق عقبتك

لتسقين شر ماء قربتك

شر عجوز بالحجاز ربتك!

قالت: فما يقول هذا الكلب؟ فأخبرت بذلك، فألقت بنفسها عن البعير الذي كانت عليه فدق عنقها فماتت!.

وسواء صحت هذه القصة أم لَمْ تصح فقد أحببت ذكرها هنا لأنَّها تمثل من جهة عزة النفس عند البربر، وتسجل لنا من جهة أخرى أول شعر معروف قاله العرب وهم يفتحون بلاد المغرب.

وتوقف الفتح والاستيطان بعد الصلح ورجوع عبد الله بن سعد، ولكن البلاد المفتوحة أولًا (برقة وطرابلس) ظلت على ولائها للمسلمين حتى في سنوات الفتنة والتنازع على الخلافة بين علي ومعاوية، ولم تسجل حركات معادية ولا نقض للعهود في الأراضي التي صالح عليها الروم المسلمين في جنوب القطر التونسي ووسطه، فلما نفض المسلمون أيديهم من الخلاف بعد مقتل على وتملك معاوية، وأعيد عمرو بن العاص إلى ولاية مصر استأنف هذا الفتوح وأرسل إلى إفريقيا معاوية بن حديج على رأس جيش إسلامي يتركب من عشرة آلاف جندي فيهم عدد من كبار الصحابة والتابعين كعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن الزبير

ص: 559

ابن العوام، وعبد الملك بن مروان، ويحيى بن الحكم بن أبي العاص، وعدة من أشراف قريش ونفر كبير من جند مصر، فتغلب على جيش بيزنطي أرسل حديثًا إليها، وتقدم شمالًا حتى أفضى إلى سهل تونس، ونزل في مكان يسمى القرن اتخذه مركزًا لأعماله، بنى فيه دورًا وحفر آبارًا سميت بآبار حديج، وهو من الأسماء العربية الأولى التي دعيت بها أمكنة بأرض المغرب، وكانت الأخبار استفاضت يومئذ بين البربر عن عدل المسلمين ورحمتهم، فكانوا يرحبون بمقدمهم أجمل ترحيب، سيما وأن الجيش الإسلامي كان يضم عددًا من إخوانهم بربر مصر وبرقة الذين كانوا يتكلمون لغتهم ويطلعونهم بواسطتها على فضائل الإسلام ويزينون لهم الإيمان به ليرتفع مستواهم وينالوا خير الدنيا والآخرة.

ولما اسندت القيادة العامة إلى عُقبة بن نافع سنة 670 م (50 هـ) وسار إلى إفريقية في عشرة آلاف فارس، منهم 25 صحابيًّا أمعن النظر في سياسة الفتح وعواقبها، ورأى أن الغرض الأسمي ليس هو تحقيق النصر والاستيلاء على الغنائم ولكنه التمكين لدين الله بين سكان البلاد المفتوحة وتوطيد أركان الحكم الإسلامي فيها، غير أن ذلك لا يتأتي بغارات متقطعة، وإنما يتأتي بإقامة مستمرة في البلاد المفتوحة وإنشاء مدن إسلامية عربية بين البربر ينطلق منها الإشعاع الديني والثقافي إليهم، وتنتهي معها حالة الشك والتردد التي كانت تجعل الطائعين منهم يسلمون عند ظهور القوة العربية ويكفرون عند مغيبها، يضاف إلى ذلك أن القوات الإسلامية وقد سيطرت تقريبًا على القطر التونسي أصبحت بعيدة جدًّا عن مراكز انطلاقها ومخازن إمدادها فلم يكن بد من تأسيس مدينة إسلامية تكون مقر الإدارة والقيادة على غرار المدن التي أنشأها المسلمون بالمشرق كالبصرة والكوفة بالعراق والفسطاط بمصر، ليمكن بعد تأسيسها مواصلة الفتح والتوغل في داخلية المغرب.

وقد استشار عُقبة أصحابه في الأمر وعبر لهم عن الدوافع التي تحفزه إلى بناء هذه المدينة قائلًا لهم: (إن أفريقيا إذا دخلها إمام تحوم أهلها بالإسلام، فإذا خرج منها رجع من كان أسلم بها وارتد إلى الكفر، وأرى لكم يا معشر المسلمين أن تتخذوا بها مدينة نجعل فيها عسكرًا وتكون عز الإسلام إلى آخر الدهر) ومن الطبيعي أن يعجب أصحاب عُقبة بالفكرة ويتحمسوا لها؛ لأنهم بالإضافة إلى

ص: 560

الأسباب السياسية الإستراتيجية كانوا شديدي الشوق إلى إقامة أسرهم وحفظ متاعهم بمدينة حصينة قريبة من مجالات غزوهم، بل بلغ بهم الحماس إلى الاتفاق على أن يكون أهلها مرابطين فيها واقترحوا تقريبها من البحر ليتم لهم أجر الجهاد وأجر الرباط، ولكن عُقبة ارتأى أن يكون موقع المدينة وسطا بين الساحل والداخل حتى لا تكون عرضة لهجمات الأساطيل البيزنطية وغارات البربر، واختار بنفسه الموقع واختط فيه مدينة القيروان وأشرف على بنائها مدة أربع سنوات من 671، حتى 175 م أي من 51 حتى 55 هـ كان خلالها يغزو ويبعث السرايا، فدخل في الإسلام كثير من البربر واتسعت خطة المسلمين وقوي جنان من هناك من الجنود بمدينة القيروان واطمأنوا على المقام فثبت فيها الإسلام

(1)

.

ويظهر أن رجال الحكم في دمشق لَمْ يرضوا عن انصراف عُقبة إلى بناء القيروان رغم أن عمله كان رشيدًا واستبطأوا وصول الغنائم والأسلاب التي كانت لا تخلو من روميات وبربريات جميلات، فعزلوه بابي المهاجر دينار مولي مسلمة بن مخلد والي مصر الجديد الذي أساء معاملته، ولكنه سلك سياسته في توطين العرب بصفة دائمة بإفريقية، ويقال أنه نزل بقرية بربرية قرب القيروان تسمى تكرور أو تيكروان

(2)

فبنى فيها ومصرها وجعل منها مدينة ثانية للعرب بالمغرب، ومما يؤثر لأبي المهاجر أنه عدل عن خطة عُقبة السياسية والعسكرية التي كانت تتسم بشيء من الصرامة وجنح إلى سياسة الرفق واللين والمداراة، فاستطاع بها أن يستميل البربر ويصل في حملاته إلى تلمسان حيث اكتسب كسيلة زعيم قبائل أوربة للإسلام واتخذه حليفًا وعاد به إلى القيروان.

وبعد سبع سنوات عُزل أبو المهاجر بعدما مهد المغرب الأوسط بحسن سياسته ومهارة قيادته وكثر الاختلاط بين العرب والبربر، وبدأ الزواج المختلط يؤتي ثمرات طيبة من نوع طارق بن زياد، وأعيد عُقبة بن نافع إلى إفريقية من جديد سنة 682 م فجدد بناء القيروان وشيدها فعمرت وعظم شأنها.

ثم عزم على المسير إلى المغرب الأقصى لنشر الإسلام بين أهله نابذًا سياسة

(1)

أسد الغابة لابن الأثير 3: 184.

(2)

ذكر بعض المؤرخين أن تيكروان بربرة كلمة قيروان العربة.

ص: 561

الموادعة والمداراة التي سلكها أبو المهاجر ونجح فيها غاية النجاح، وقد نصح أبو المهاجر عُقبة بعدم المسير بنفسه والاكتفاء بتوجيه وآلٍ إلى طنجة قائلًا: (ليس بطنجة لك عدو؛ لأنَّ النّاس قد أسلموا، وهذا رئيس البلاد - يعني كسيلة - فابعث معه واليا

(1)

ولكن عُقبة أبي إلَّا أن يخرج بنفسه مضيعًا بذلك فرصة كبرى لنشر الإسلام والعروبة بسرعة ودون كبير عناء، فسار على رأس جيش قوامه 15.000 جندي مخلفًا بالقيروان حامية صغيرة تحت قيادة زهير بن قيس البلوي، فافتتح مدن الزاب وحصونه مثل باغاية والمسيلة، وكان القتال يجري مع الروم وحدهم، ويظهر أن سياسة الشدة التي سلكها عُقبة جعلت جماعات من البربر تميل إلى الروم، فإنه لَمْ يكد يصل إلى تيهرت حتى وجد نفسه أمام حلف كبير من الروم والبربر لَمْ ير المسلمون له مثيلا من قبل، ولكنه تَغْلِب عليهم جميعًا بعد جهد جهيد وتوغل في المغرب الأقصى حتى بلغ طنجة، فسارع بليان صاحب تلك النواحي إلى خطب وده، ثم ذهب عُقبة إلى وليلي وتامسنا وقطع جبال دون إلى السوس الأقصى وانتهى إلى وادي درعة وصحراء تافيلالت، ولما انقلب راجعًا وبلغ مدينة طبنة سرح الجيش إلى القيروان وبقي في جماعة من أصحابه، وهنالك انقلب عليه كسيلة الذي كان يمعن في إهانته خلال المسير مخالفا عن أمر أبي المهاجر، فحشد أهله وبني عمه واعترض عُقبة قرب قرية تهودة بالأوراس فدافع وأصحابه حتى استشهدوا سنة 683 م

(2)

، وكان لهذه الهزيمة أثرها البعيد بالنسبة لاستيطان العرب ببلاد المغرب، فقد فر من القيروان جيش مصر بقيادة حنش بن عبد الله الصنعاني لا يلوي على شيء، وانسحب بعد ذلك جماعات أخرى من الجند والعرب والموالي البربر إلى طرابلس بقيادة زهير بن قيس البلوي الذي كان يميل إلى الإقامة والقتال، ومشي كسيلة إلى القيروان فدخلها وتأمر على من بقي بها من الشيوخ والنساء والأطفال، وعاملهم معاملة طيبة؛ لأنه لَمْ يرتد عن الإسلام على ما يظهر، وتقلص بدخوله إليها النفوذ العربي في إفريقية وما وراءها من أرض المغرب.

(1)

رياض النفوس للمالكي ص 26.

(2)

قلت: ولعُقبة بن نافع الفهري مقام يُزار في جنوب بسكرة في منطقة الزيبان بالجزائر ويقال له مقام سيدي عُقبة.

ص: 562

ولم تفد الحملة التأديبية التي قام بها زهير بن قيس ضد كسيلة بعد ذلك بأربعة أعوام (688 م) وقتله فيها قرب ممش شيئًا في إعادة المد العربي إلى إفريقيا وإن ضمن بها الأمن للقيروان وأبعد عنها الأخطار، فقد اضطر في الرجوع إلى برقة لما بلغه خروج أسطول رومي كبير من صقلية وإرسائه على ساحلها، وأثناء هذا الرجوع ارتكب نفس الغلطة التي ارتكبها عُقبة قبله عند رجوعه من المغرب الأقصي، فقد سلك الطريق الساحلي مع سبعين من جنوده تاركًا معظم الجيش سائرًا في الطريق العام، ولما أبصر جنود الروم يحملون سبي المسلمين من نساء وأطفال إلى سفنهم خاض لإنقاذهم معركة غير متكافئة كان فيها حتفه، وقد نال الشهادة هو وجميع من معه.

ولا يعرف بدقة ما صارت إليه أحوال إفريقيا والمغرب في فترة الأربع سنوات التي تلت مقتل زهير، والظاهر أن القيروان بقيت إسلامية عربية لا تتعرض لأعمال عدائية من جانب الروم ولا من جانب البربر، وأن برقة استمرت كذلك يليها مولي العبد العزيز بن مروان اسمه تليد، فلما انتهت الأزمة الثانية للخلافة الإسلامية بمقتل عبد الله بن الزبير سنة 692 م اتجه نظر الخليفة عبد الملك بن مروان إلى المغرب، فجهز جيشًا كبيرًا عهد بقيادته إلى حسان بن النعمان أحد مشاهير قواد الشام كما عهد إليه بولاية المغرب، وهو أول قائد من أهل الشام يتولى الولاية والقيادة بالمغرب بعد ما كان الولاة والقادة قبله من جند مصر، فسار حسان يجر وراءه جيشًا كثيفًا لَمْ يدخل المغرب مثله من قبل، إذ بلغ جنوده 40 ألفًا، ولما بلغ طرابلس زاد عدده بمن انضم إليه من عرب إفريقيا وطرابلس، وبعد ما أصلح من شأنه وقبل الفصول عن طرابلس عين قائدين يسيران في مقدمته أحدهما عربي: محمد بن أبي بكير، والثاني مغربي: هلال بن ثوران اللواتي، ولا شك في أن انضمام عرب طرابلس إلى الجيش يدلُّ على استقرار جاليات عربية بمدنها الساحلية وقراها الداخلية، كما يدلُّ تعيين قائد من البربر على تمكن الإسلام من قلوب أهل القسم الشرقي من البلاد المغاربية وعلى المساواة التي كان يعامل بها المسلمون القادمون من الجزيرة العربية إخوانهم الذين أسلموا حديثًا على أيديهم، ومشي حسان حتى بلغ القيروان وقد أضمر في نفسه أن يطبق خطة عسكرية أساسها مقابلة أعدائه من روم وبربر كلّ على حدّة حتى يسهل عليه التغلب على

ص: 563

مقاومتهم، ثم توجه إلى قرطاجنة عاصمة إفريقيا القديمة على رأس جيشه فضرب عليها الحصار حتى اشتدت الوطأة على الروم فطلبوا الأمان ولما أوقف القتال هربوا في المراكب فلم يصب إلَّا قليلًا من ضعفائهم، وبالاستيلاء على قرطاجنة صفا له شمال تونس، ثم عاد إلى القيروان لعلاج المجروحين وإعداد العدة للمعركة الجديدة، وخلال استراحة الجيش بها انعقد حلف بين عدد من القبائل البربرية تحت زعامة امرأة بربرية من قبيلة جراوة

(1)

تسميها الروايات العربية الكاهنة تارة، ودهيا بنت ماتيت بن تيفان تارة أخرى، والظاهر أن الكلمتين معا وصفان لا اسمان، وكيفما كان الأمر فقد كانت امرأة عجيبة تختلط في أخبارها لغرابتها الحقيقة بالأسطورة، وعندما خرج إليها حسان منفذا الشطر الثاني من خطته بدأت هي في تنفيذ خطة عسكرية أخرى تتلخص في تخريب البلاد على نطاق واسع تأييسًا للعرب من المقام فيها، وهي السياسة التي تعرف اليوم بسياسة الأرض المحرقة والتي لا يحجم القادة العسكريون في العصر الحديث عن تطبيقها إذا دعاهم داع إستراتيجي إليها، فعندما اقترب حسان من حصن باغاية أمرت الكاهنة أتباعها بتخريبه حتى لا يعتصم به ويقيم به حامية عربية، ثم التقى الجيشان على عدوتي وادي نيني أحد روافد وادي مسكيانة

(2)

فانهزم حسان هزيمة منكرة وترك في ميدان القتال عددًا كبيرًا من شباب العرب وثمانين أسيرًا فسمي الوادي وادي البلاء أو وادي العذارى تذكيرًا بالنكبة التي حلت بالمسلمين فيه.

وانسحب حسان إلى ما وراء طرابلس حتى بلغ إلى موضع قرب مدينة تاورغة يبعد 250 كم عن طرابلس إلى الشرق فأقام على آبار به سميت منذ ذلك العهد بآبار حسان ورمم بعض حصونه القديمة وبني حصونًا جديدة، أما الكاهنة فيظهر أنَّها لَمْ تكن تحقد على المسلمين لأنَّها أطلقت أسراهم واستبقت منهم يزيد بن خالد

(3)

الذي أعجبها جماله وشجاعته ورجاحة عقله فتبنته حسب التقاليد البربرية وجعلته مستشارًا لها، ثم درست موقفها من العرب وعلمت أنهم لابد

(1)

قبيلة جراوة من قبائل زناته.

(2)

مسكيانه مدينة جزائرية شمال شرق الأوراس.

(3)

قيل أنه من قبيلة عبس المشهورة من غَطَفَان.

ص: 564

عائدون بعد حين كما فعلوا بعد الهزائم السابقة التي حلت بهم، فقالت لمجلس شوراها: (أن العرب إنما يطلبون من إفريقيا المدائن والذهب والفضة، ونحن إنما نريد منها المزارع والمراعي فلا نرعى لكم إلَّا خراب إفريقيا كلها حتى ييأس منها العرب فلا يكون لهم رجوع إليها إلى آخر الدهر

(1)

فقام أتباعها يعذقون الشجر وينفون العمران، وكانت إفريقيا كما يحدث التاريخ ظلا واحدًا من طرابلس إلى طنجة، وقرى متصلة ومدائن منتظمة حتى لَمْ يكن في أقاليم الدنيا أكثر خيرات ولا أوصل بركات ولا أكثر مدائن وحصونا من إقليم إفريقيا والمغرب، مسيرة ألفي ميل، فخربت الكاهنة ذلك كله

(2)

، وقد أسفر هذا التخريب عن نتيجة عكسية فإن الذين أيسوا من المقام في البلاد كانوا هم الروم الذين ركب أكثرهم السفن ورحل عنها للاستقرار الدائم في حقلية وإسبانيا وإيطاليا، أما العرب الذين كان قائدهم حسان يطلع على ما يجري فيها بواسطة خالد بن يزيد مُتبنى الكاهنة ومستشارها فإنهم عادوا إليها سنة 698 م مع جماعة من البربر البتر فاستقبلهم من بقي بها من الروم بحفاوة، وخرجوا إليهم مستغيثين مما نزل بهم من الكاهنة، ولم يقصر البربر كذلك في الاحتفال بعودة العرب والترحيب وتحيزوا إليهم بشكل إيجابي وأمدوهم بالرجال والأموال، ولما قرب حسان من جبل أوراس حيث كانت تقيم الكاهنة انضم إليه ولداها بإشارة منها على ما يذكر، ثم دارت المعركة الفاصلة التي قتلت فيها الكاهنة وانخضدت شوكة المقاومة الأخيرة ضد المسلمين فتمهد الطريق الاستيطان العرب بصفة دائمة ببلاد المغرب، وحسن إسلام البربر بعد أن ارتدوا ثلاث عشرة مُرّة!!

ويعتبر حسان بن النعمان الفاتح الحقيقي للمغرب وأول منظم للحكومة الإسلامية فيه، فهو لَمْ يكتف بخضد شركة المقاومين وإقناعهم بعدم جدوى المقاومة والحرب في حد المسلمين عما جاءوا إلى المغرب لأجله وهو نشر دين الله وإعلاء كلمته بين سكانه، وإنما اهتم بعد أن تم له النصر العسكري بشؤون الإدارة والعمران الشيء الذي استقامت معه الحياة في بلاد عاشت سنين طويلة في فوضى واضطراب لا مثيل لهما، فهو الذي أسس مدينة تونس وأنشا بها مرسى جلب له

(1)

البيان المغرب لابن عذاري ص 36 ط بيروت.

(2)

البيان المغرب ص 36.

ص: 565

من مصر ألف قبطي بنسائهم وأولادهم وكلفهم بصناعة سفن الجهاد وعمارتها، والتفت إلى القيروان عاصمة الولاية الإسلامية الجديدة فجدد مسجدها، كما أنه أول من (دون الدواوين وصالح على الخراج وكتبه على عجم إفريقيا وعلى من أقام معهم على دين النصرانية

(1)

، واستالف البربر بأن جنَّد منهم 12.000، جندي عقد عليهم لابني الكاهنة، كلّ واحد منهما على ستة آلاف فارس، وأخرجهم مع العرب لتمهيد البلاد وقتال الكافرين، ولم يكتف بذلك، وبإعطائهم حقهم من الغنائم، بل رتب لهم أيضًا أعطيات تصرف لهم من بيت المال وأقرهم على ما بأيديهم من الأرض التي اعتبرها فتحت صلحًا لا عنوة، وقسم المغرب خططًا لهم، أي أنه اختص كلّ قبيلة بخطة تتصرف فيها وتؤدي مالها وتكون مسؤولة عنها، وباختصار لَمْ تشهد بلاد المغرب واليا حكيمًا ولا قائدًا رحيمًا بعد أبي المهاجر عرف كيف يستميل البربر، ويستألفهم بحسن سلوكه إلَّا حسان بن النعمان الذي سوى التسوية كلها بين العربي والبربري ولم يعتبر أحدهما غالبًا حاكمًا والآخر مغلوبا محكومًا.

ومن الطبيعي أن تبقى في هذه الأزمنة المبكرة جماعات من البربر غير مسلمة خاصة في المناطق الجبلية بالمغربين الأوسط والأقصي، وأن يكون إسلام من أسلم من البربر سطحيا في معظم الحالات لانعدام لغة مشتركة للفهم والتفاهم، فلا العرب كانوا قادرين على إفهام البربر حقيقة الدين لجهلهم اللغة البربرية، ولا البربر كانوا يستطيعون فهم تلك الحقيقة من العرب لعدم معرفتهم اللغة العربية، أما الأمر الأول وهو إسلام من لَمْ يسلم من البربر فقد عالجه الولاة الذين جاءوا بعد حسان بن النعمان، من موسى بن نصير إلى الشريف إدريس بن عبد الله الكامل وابنه إدريس الثاني اللذين تم على أيديهما إسلام بربر المغرب الأقصي، وأما المشكل الثاني فقد عالجهة الخلفاء والولاة بانتخاب جماعة من فقهاء التابعين وانتدابهم لتعليم البربر القرآن وتفقيههم في الدين، وأول من فعل ذلك عُقبة بن نافع الذي ترك بين البربر جماعة من الفقهاء يعلمون البربر أحكام دينهم منهم صاحبه شاكر الذي ينسب إليه الرباط المشهور، ثم موسى بن نصير متمم فتح

(1)

البيان المغرب ص 38.

ص: 566

الأندلس الذي انتدب عددًا من الفقهاء لتعليم البربر، ومن الخلفاء عمر بن عبد العزيز الأموي الذي أرسل مع واليه إسماعيل بن عبيد الله المخزومي عشرة من فقهاء التابعين انبثوا بين البربر يعلمونهم أصول الدين ويبصرونهم بأحكامه، ويلقنونهم مبادئ اللغة العربية التي لا يمكن فهم القرآن والسنة حق الفهم إلَّا عن طريقها، وقد أخذ عن هؤلاء التابعين جماعة من أهل البلاد كانوا يقصدونهم للتعلم عليهم بالقيروان وغيرها ثم يعودون إلى قبائلهم فيولون القضاء وغيره من الوظائف والخطط الدينية، وقد ذكرهم المالكي في رياض النفوس

(1)

.

ومما لا ريب فيه أن جميع العوامل كانت متوافرة لإسلام البربر كافة وتعربهم بسرعة وقيامهم بأكبر الأدوار في نشر الدين خارج بلادهم منذ انتصار حسان بن النعمان على الكاهنة وخلال مدة ولايته التي سلك فيها أفضل السياسات الاستئلاف البربر وإمالتهم إلى جانب الإسلام والعروبة، يدلك على ذلك أن الجيش الإسلامي الأول الذي دخل الأندلس كان يقوده قائد من أهل البلاد طارق بن زياد، وأن معظم جنوده كانوا بربرًا (12.000) ولم يكن فيه من العرب إلَّا ثلاثمائة أو أقلّ، وقد كان النصر السريع الذي أحرزه جيش طارق حافزًا لمن تخلف من البربر المسلمين على عبور البحر والاشتراك في الحرب والمساهمة في الغنم الوفير، كما أن غلبة الروح الديني على الفتح واختلاط الجنود العرب الذين جاءوا بعد مع موسى بن نصير بالجنود من البربر وتآخيهم في ساحات القتال وإقامة مراكز على طول الطريق بين القيروان وطنجة وسبتة لاستراحة الجند وخزن الميرة أدت كلها إلى تثبيت إسلام البربر وإظهارهم على العربية، ومنذ تم الفتح أخذ العرب يفدون بكثرة على الأندلس للحرب والسكني مارين ببلاد المغرب مختلطين بأهلها، فازداد كلّ فريق معرفة بالفريق الآخر، ولم يعد العربي في المغرب غريب الوجه واليد واللسان.

ولو بقيت الأمور تسير على ما كانت عليه أيام حسان ليست حركة الاستيطان العربي واستعراب البربر بخطى سريعة، ولكان من الممكن تعرب المغاربة قبل تعرب المصريين رغم قربهم من الجزيرة العربية، ولكن حدثت بالمشرق والمغرب

(1)

رياض النفوس ص 62.

ص: 567

في آن واحد أحداث كان من عواقبها تضاؤل عدد المهاجرين العرب إلى المغرب وظهور مذاهب دينية انتهت بانفصاله عن خلافة المشرق سياسيا مع بقائه مستمسكًا بالدين الجديد.

أما أحداث المشرق فكانت تتمثل في الخلافات المذهبية التي قامت بين الشيعة والخوارج، والخلافات السلالية التي قامت بين القيسية واليمنية، والخلافات السياسية التي قامت بين العلويين والأمويين ثم بين هؤلاء وبني العباس، وما نشأ عنها من انصراف الخلفاء عن التفكير في المغرب وقلة الاهتمام بأموره.

وأما أحداث المغرب فكانت تتمثل في هذا اللون الجديد من السياسة الذي أراد الولاة بعد حسان أن يطبقوه فيه جهلًا وغرورًا وترضية لرجالات الدولة بدمشق وبغداد الذين لَمْ تكن مطامعهم تقف عند حد، وضد جميع الأسس التي يقوم عليها الدين الإسلامي من عدل ومساواة ورفق بالنّاس واحترام لأنفسهم وأموالهم وصيانة لحريتهم وكرامتهم.

فقد أمعن موسى بن نصير في جمع السبي من ذكور وإناث، حتى صار عبيده وإماؤه من البربر والروم يعدون بعشرات الآلاف، وقد اندهش الخليفة الوليد بن عبد الملك الأموي لما أخبره موسى أن سبي سكوما - مدينة قبيلة أوربة - وحدها بلغ مائة ألف، فكتب إليه:(ويحك، أظنها إحدى كذباتك! فإن كنت صادقًا فهذا حشر الأمم)!

ولم يقف عسف الولاة عند حد السبي وتوجيه الفتيات الجميلات بالمئات إلى الخلفاء والأمراء والوزراء بالمشرق بل تجاوزه إلى إهانة النّاس ومعاملتهم بما يكرهون، فقد بدا ليزيد بن مسلم لما قدم واليًا على أفريقيا سنة 722 م الموافق 103 هـ أن يسم حراسه من البربر بميسم الذل، فقام على المنبر خطيبًا وقال: (إني رأيت أن اسم حرسي في أيديهم كما تصنع ملوك الروم بحرسها، فأرسم في يمين الرجل اسمه، وفي يساره حرسي ليُعرفوا بذلك من بين سائر النّاس، فإذا وقفوا على أحد أسرع لما أمرت به، ولكن هذا الوالي الذي وصفه المؤرخون بأنه كان ظلومًا غشومًا كان أيضًا جهولًا بنفسية البربر وما صار لهم من اعتزاز بالدين الجديد، فلم يكد حرسه يعلمون بنيته حتى استاءوا مما عزم عليه وقالوا: (جعلنا

ص: 568

بمنزلة النصاري) فلما خرج من داره لصلاة المغرب قتله في مصلاه حارس منهم يُسمى حريز، أما عمر بن عبد الله المرادي عامل طنجة من قبل عبيد الله بن الحبحاب فقد أداه الغرور إلى التفكير في تخميس البربر زعمًا منه أنهم فيء للمسلمين، فكان فعله سببا في حدوث ثورة عارمة ما زالت تعظم وتنمو حتى أدت بالمغرب إلى الاستقلال عن حكم الشرقيين.

والحق أن الولاة لَمْ يكونوا دائما صادرين فيما يرتكبون من الظلم والعسف في غريزة شخصية، وإنما كانوا يدفعون في كثير من الأحيان إلى العنف دفعًا من رؤسائهم بالمشرق، فقد كان هؤلاء يستحبون طرائف المغرب ويطلبونها من عمالهم بإفريقيا فيبعثون لهم البربريات السنيات، فلما أفضى الأمر إلى ابن الحبحاب مناهم بالكثير، وتكلف لهم أو كلفوه أكثر مما كان، فاضطر إلى التعسف وسوء السيرة كما يقول ابن عذاري

(1)

.

ومن أمثلة الولاة وجورهم التي ذكرها ابن خلدون أن الرؤساء بالمشرق كانوا يطلبون من ولاة المغرب إتحافهم بأفرية عسلية الألوان فكان هؤلاء يتغالون في جمع ذلك من ماشية البربر، حتى كانت الصرمة من الغنم تستهلك بالذبح لاتخاذ الجلود العسلية من سخالها ولا يوجد فيها مع ذلك إلَّا الواحد وما قرب منه، فكثر عبثهم بذلك في أموال البربر وجورهم عليهم

(2)

.

والحق أيضًا أن البربر كظموا غيظهم وصبروا طويلًا على الظلم احترامًا لهؤلاء الذين هدوهم إلى الدين وإبقاء على رابطة الخلافة التي تجمع بينهم وبين سائر المسلمين، وقد بلغت بهم الثقة بالخلفاء إلى الدرجة التي كانوا يقولون معها لا نخالف الأئمة بما تجني العمال، وإلى أنهم أرسلوا وفدا من عشرين رجلًا برئاسة ميسرة المدغري ليبلغ إلى الخليفة هشام شكواهم التي كانت تتلخص في عدول الولاة والقواد عن تطبيق مبدأ المساواة بين العرب والبربر، فقد صار القائد إذا غزا جهة أو حاصر مدينة قدم الجند البربري وأخر الجند العربي، وإذا استولى الجيش على غنيمة حرم البربر حقهم فيها بدعوى أن ذلك أخلص لجهادهم! فكان الوفد

(1)

البيان المغرب ص 56.

(2)

تاريخ ابن خلدون 6: 240.

ص: 569

يريد أن يعرف أعن رأي أمير المؤمنين ذلك أم لا؟ ولكن بطانة السوء التي لَمْ يكن يرضيها اجتماع الخليفة بالوفد حالت بينهم وبين لقائه، فرجع إلى بلده غضبان أسفًا، وصدق البربر بعدها ما كان يقوله لهم العرب المناوئون لحكم بني أمية من أن الولاة والقادة إنما يعملون بأمر الخلفاء، فكان ذلك سببًا في ظهور المذهب الخارجي بالمغرب وثورة ميسرة المدغري المعروف بالفقير

(1)

.

على أنَّ ثورة البربر هذه المرة (740 م) لَمْ تكن تعني ثورتهم على الإسلام ولا على العرب رغم حداثة عهدهم بهما، بل كانت ثورة على السلطة الجائرة فقط، فقد بقوا مستمسكين بالدين كأشد ما يكون الاستمساك، واستمروا على ثقتهم بالعرب المقيمين ببلادهم، إذ على أيديهم تعلموا المذهب الخارجي، وبتشنيعهم علي بني أمية شقوا عصا الطاعة على الخلافة، ولم يثبت أن البربر اضطهدوا العرب خلال هذه الثورة وإنما وثبوا فقط على الحاميات العسكرية التي استمرت على ولائها للخلفاء، ومع أن البربر حققوا انتصارات باهرة على القوات العربية فإن السلطة الخلافية بالمشرق سربت لمحاربتهم الجيوش تلو الجيوش، فكان عدد العرب يتضخم بذلك في الغرب بالتدريج والبلاد تصطبغ بصبغتهم شيئًا فشيئًا، ويكفي أن نعرف أن الجيش الأول الذي وصل لقمع الثورة بقيادة كلثوم بن عياض القشيري

(2)

في يوليو سنة 741 م (رمضان 123 هـ) كان يشتمل على سبعين ألف مقاتل، وأن الجيش الثاني الذي أرسل في السنة التالية (فبراير 742 م) كان يشتمل على 30 ألفًا لَمْ يلبثوا أن عززوا بعشرين ألفًا آخرين، وقد أمكن بوصول هذه القوات أن تستعرب مدن بأسرها في وقت مبكر كتلمسان وسبتة وطنجة وأصيلة، علاوة على المدن التي سبقت إلى التعرب مثل طرابلس والقيروان وتونس وبلدان قسطيلة (شط الجريد) والزاب.

(1)

ويلقبه خصومة بالحقير.

(2)

القشيري: منسوب إلى بني قشير من عامر بن صعصعة بن بكر بن هَوَازِن بن منصور من قيس عَيْلان بن مُضَر بن نزار بن مَعْد بن عدنان.

ص: 570

والجدير بالذكر أن دعاية قوية مصدرها عرب القيروان على ما يظهر انتشرت بين المسلمين مرغبة إياهم في سكني إفريقيا والمغرب مبينة ما أعد من الأجر والثواب لمن يرابط فيهما، ولم تبق مدينة من مدن المغرب الشهيرة إلَّا نسبت إلى الرسول أحاديث في بيان فضلها وفضل ساكنيها، بل نسب إلى الرسول حديث يذكر أن طائفة من أمته عليه الصلاة والسلام لا يزالون ظاهرين على الحق بالمغرب لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة، وعلى العكس من ذلك اختلفت أحاديث وآثار في ذم البربر والتنقيص من شأنهم شبيهة بالأحاديث والآثار التي اختلقت بالمشرق اختلاقا للحط من قدر الفُرس، أما الشعر فقد استعمل أيضًا من بعض العنصريين العرب بالمغرب والأندلس في هذا الغرض الخسيس وإن كان بعض أبياته لا يخلو من طرافة ودعابة كقول من قال:

رأيت آدم في نومي فقلت له

أبا البرية إن النّاس قد حكموا

أن البرابر نسل منك قال إذن

حواء طالق إن كان الذي زعموا

وقد كان لهذا الاستعلاء الذي يتنافي مع الدين القويم والعقل السليم رد فعل عنيف بعد ذلك لدى مستعربة البربر فنظموا الأشعار وكتبوا الرسائل وألفوا الكتب التي تعيب التفاخر بالأنساب وتبين أن النّاس في حكم الشرع والعقل سواء لا يتفاضلون إلَّا بصالح الأعمال مما يعرف تفاصيله المتخصصون في الآداب العربية بالمغرب.

وباختصار، فإن الحركات التي كانت تتهيأ بالمشرق للإطاحة بحكم بني أمية تهيئ مثيلها بالمغرب وسبقها إلى الظهور في نهاية منتصف القرن الثامن الميلادي الإعلان استقلاله عنها، فلم تكد الخلافة الأموية تلفظ أنفاسها حتى ظهرت الدول الوطنية المغربية: دولة بني صالح بنكور، ودولة بني مدرار بسجلماسة، ودولة بني رستم بتيهرت، ثم دولة بني مروان بالأندلس، ودولة الأدارسة بفاس، ودولة الأغالبة بالقيروان، ولم تفد الجهود السياسية والعسكرية التي بذلها بنو العباس شيئًا في إبقاء الولايات المغربية تابعة للخلافة كما كانت منذ الفتح الإسلامي الأول.

ص: 571

وقد استطاعت الدول الجديدة أن تثبت الأمن وتفرض السلطة، وعملت من الساعات الأولى على تنظيم الحكومة والإدارة فعُيِّن الوزراء والحجاب وأنشئت الدواوين وعُبِّئت الجيوش وضربت السكة، وأرسل العمال والقضاة والجباة إلى المدن والقرى ورُتبت المسالح بالحدود والثغور، وكان التنظيم يبني على أسس عربية صرفة ويعتمد فيه تقليد نظام الخلافة في بغداد حتى لدى الدول البربرية الصرفة المنعزلة في الصحراء والبعيدة عن مجالات العرب كدولة بني مدرار بسجلماسة، وقد أغرى قيام هذه الدول أنصارها الدينيين والسياسيين على الهجرة إليها من البلاد العربية، فهاجر أنصار بني أمية زرافات ووحدانا إلى الأندلس، وهاجر الشيعة إلى فاس للإقامة في كنف الأدارسة، وهاجر الخوارج إلى سجلماسة وتيهرت، واستمر الذاهب والآيب ما بين بغداد والقيروان نظرًا للصلات الوثيقة التي كانت تربط إمارة بني الأغلب بخلافة بني العباس، وكان المهاجرون إلى البلاد المغربية من طبقات ممتازة تنتمي في الغالب إلى عالم الجيش والإدارة والمال أو إلى دنيا العلم والفقه والأدب، وكذلك صار لكل خليفة أو سلطان أو أمير شعراء ينظمون مفاخره، وكُتَّاب يُعبِّرون عن أغراضه، ومعلمون يُعلِّمون أمراء بيته، وعلماء يحتجوُّن بالدين لتثبيت سلطانه، وفقهاء يعظون بحضرته، ومؤلفون يكتبون أيامه ووقائعه، وأقبل أهل البلاد الأصليون (البلديون) يكرعون من مناهل العلم الصافية وحياض الأدب والثقافة الثرة، تارة يكتفون بمن كان بين ظهرانيهم من العلماء والفقهاء المهاجرين، وتارة يسافرون لطلب العلم بمراكزه الكبيرة بالحرمين ومصر والشام والعراق فيعودون مملوئي الوطاب علمًا وأدبًا وحكمة، وكان الحجّ إلى بيت الله الحرام من أقوى الأسباب في اتصالهم بأئمة الفقه والأدب بأقطار الشرق وتقوية الصلات العلمية بينها وبين أقطارهم المغربية، وبالجملة فإن القرن الثاني الهجري لَمْ يكد ينصرم حتى كانت مدن الغرب الإسلامي القيروان وطبنة وتلمسَان وتيهرت وسجلماسة وسبتة وفاس وقرطبة وطليطلة وباجة وطرطوشة تنافس مدن الشرق الإسلامي كالفسطاط والقدس ودمشق والحرمين والبصرة والكوفة وبغداد علمًا وأدبًا وعمرانًا وحضارة، وحتى أخذت البلاد المغربية تسير بخطى ثابتة في طريق الاستعراب دون تعثر أو نكوص.

ص: 572

‌الزحف الثاني الكبير

(1)

مضت السنون تتلوها السنون على انتشار الإسلام بالمغرب ودخول العرب إليه واستقرار جماعات كثيرة العدد منهم به، ولم يكن مر السنين وقيام الإمارات والممالك العربية والبربرية إلَّا ليزيد الإسلام قوة والعربية تمكينًا، فإن البربر منذ أسلموا حسن إسلامهم ولم تكن الفتن والثورات التي قاموا بها بالمغرب والأندلس منذ بداية القرن الثاني الهجري إلَّا احتجاجًا على الظلم واستنكارًا لعبث الولاة.

وكان انتظام المغرب والأندلس في سلك المملكة الإسلامية وما شاع في الشرق جمال طبيعتهما ووفرة خيراتهما وحسن نسائهما سببًا قويًّا في هجرة عدد من قبائل الجزيرة العربية وبادية الشام وما بين النهرين إليهما برسم الجهاد أولًا والاستقرار ثانيًا، كما كان بعدهما عن مقر الخلافة مغريًا لعدد كبير من المضطهدين السياسيين والدينيين باللجوء إليهما ونشر العقائد والمذاهب التي عجزوا عن نشرها بمواطنهم الأصلية بين أهلهما، وكذلك احتضنت الشعوب المغاربية المذهب الخارجي، وآوت إدريس بن عبد الله الكامل وأخذت بضبع المروانيين بعد ما قضي العباسيون على بني أمية، ومع أن دخول هذه الشخصيات والمذاهب إلى المغرب أحدث فيه كثيرًا من الهيجان والاضطراب فإنه كان أيضًا من العوامل القوية في شيوع اللغة العربية والإقبال على تعلمها ورواج الآراء المذهبية وانشغال العقول بها إلى أن استقرت الحالة بظهور مذهب أهل السنة على ما عداه من المذاهب، واقتداء النّاس في العقائد بأبي الحسن الأشعري وفي الفروع بمذهب مالك بن أنس إمام دار الهجرة، باستثناء فئات قليلة من أعوان الدولة العبيدية الرسميين وشيعتها الكتاميين بإفريقيا.

على أنَّ مصير هذه الفئات الشيعية الإفريقية كان رهنًا بحلول الظروف المناسبة؛ لأنَّ الشعب هناك كان سني الاعتقاد، لا يؤمن بنسب العبيديين الفاطميين ولا يقبل ترهاتهم التي ذرت قرونها بالمغرب ثم وجدت في مصر بعد انتقالهم إليها مرتعًا خصبًا، وقد كانوا لا تسنح لهم فرصة إلَّا اهتبلوها للقضاء عليهم وحسم مادتهم، ففي سنة 1017 م الموافق 407 هـ ثار أهل القيروان بجماعة من الشيعة

(1)

يقصد دخول قبائل العرب من بني هلال وبني سُلَيْم وأتباعهم لبلاد المغرب في القرن الخامس الهجري.

ص: 573

كانوا يسكنون درب المعلى منها فقتلوهم ونهبوا دورهم وأمتعتهم ثم امتدت الثورة عليهم إلى البلدان فقتلوا حيثما ثقفوا، وقتل أيضًا من لَمْ يعرف مذهبه بالشبهة لهم، ولم ينج من نقمة العامة حتى جماعاتهم التي خرجت بنسائها وأطفالها تريد الهجرة إلى صقلية وجهات أخرى أكثر أمنا.

وفي الوقت نفسه كانت ظروف أخرى تهيأ في الخفاء للقضاء على المذهب الشيعي في المغرب وإحداث القطيعة التامة بين بني عبيد المستخلفين بالقاهرة وبني باديس الصنهاجيين المتآمرين باسمهم بإفريقيا، وقد نجح في خلق تلك الظروف واحد من أروع الوزراء وأقوم الفقهاء هو الفقيه علي بن أبي الرجال معلم المعز بن باديس الصنهاجي الذي تولى الإمارة سنة 1016 م الموافق 406 هـ وهو ابن ثمانية أعوام، فلم يزل هذا الفقيه يُقبِّح له المذهب الشيعي وينقص له قدر بني عبيد ويحبب إليه مذهب أهل السنة والجماعة ويزين له مذهب الإمام مالك بن أنس إلى أن اقتنع وأصبح يكره المذهب الشيعي ويمقت بني عبيد من غير أن يعلم الشيعة ولا أهل القيروان بذلك، حتى بدرت منه بادرة سنة 1026 م الموافق 417 هـ انفضح بها معتقده وانكشفت سريرته، فقد خرج في بعض الأعياد إلى المصلي في زينته وحشوده، فكبا به فرسه، فذكر اسم الخليفتين أبي بكر وعمر متبركا، فسمعه الشيعة الذين كانوا في عسكره فمالوا إليه ليقتلوه ولكن عبيده ورجاله ومن كان يكتم المذهب السني من أهل القيروان أنقذوه ومالوا على الشيعة ميلة واحدة فوضعوا السيوف في أعناقهم وقتلوا منهم ثلاثة آلاف حتى سُمي الموضع الذي قتلوا فيه بركة الدم، ثم صاح فيهم صائح الموت فقتلوا بجهات كثيرة من إفريقيا، فأعلن النّاس حينئذ بالمعتقد الحق، ونادوا بشعار الإيمان، وحذفوا من أذان الصلاة جملة (حي على خير العمل) فأغضى الخليفة الظاهر وابنه المستنصر بعده عن ذلك، واعتذر المعز بالعامة فقبل عذره.

ومن أن الملوك الفاطميين كانوا لا يفتأون يخلعون على المعز بن باديس ألقاب الشرف والمجد كتلقيبه بشرف الدولة وعضدها تأليفا لقلبه، ويرسلون إليه الهدايا النفيسة وسجلات التشريف التي لَمْ ينلها أحد غيره فإن المعز كان يحذرهم ويخشى بطشهم، سيما بعد ما رأى كيف فعل أحد خلفائهم الظاهر لإعزاز دين

ص: 574

الله بأحد أمراء البربر حسن بن علي بن دواس الكتامي المُلقَّب بسيف الدولة وذي المجدين سنة 1023 م الموافق 414 هـ، فقد أمر بإحضاره إلى القصر فدخله ولم يكن يدخله من قبل حذرا على نفسه، فأخرج من ساعته مقتولا، وأقام ثلاثة أيام ينادي عليه المنادي: هذا جزاء من غدر مواليه، ثم دفع إلى عبيده فدفنوه.

ويظهر أن المعز بن باديس الذي كان يتمتع بدهاء كبير وحيلة واسعة فكر في التآمر على الفاطميين للإطاحة بحكمهم وإراحة المغاربة وسائر المسلمين من جورهم ومخرقتهم، ورأى أن ذلك أجدى عليه من الثورة السافرة عليهم وأحرى أن يبلغه إلى مقاصده وغاياته، فأخذ يكاتب الوزير أحمد بن علي الجرجرائي وزير الظاهر العبيدي مستميلا ومعرضا بالتحزب معه عليهم، يفعل ذلك رمزا وتعريضا لعله يرى منه قبولا له فيجد معه في السعي عليهم، وكتب مُرّة إلى الجرجرائي بخطه قطعة تمثل فيها بقول القائل:

وفيك صاحبت قوما لا خلاق لهم

لولاك ما كنت أدري أنهم خلقوا

يشير إلى الفاطميين ويزعم أنه إنما أبقى عليهم بعض الإبقاء لأجل حبه فيه، فلما وقف عليها الجرجرائي قال: ألا تعجبون من هذا الأمير، صبي مغربي بربري يريد أن يخدع شيخًا بغداديا عربيا، واتهمه بأنه إنما يكاتبه ليوقع بين الخليفة ووزيره إن عثر على هذه الرموز.

وكان الجرجرائي هذا أحد رجال الدولة الفاطمية سياسة ودهاء وثقوب ذهن واستنارة بصيرة، وقد استوزره الظاهر الفاطمي ثم ابنه المستنصر، ومن عجيب أخباره أن الظاهر غضب عليه فأمر بقطع يديه لأمر استوجب القطع فقطعتا معا، فخرج من فوره وجلس بالديوان الخدمته على عادته وقال: إن أمير المؤمنين لَمْ يعزلني، وإنما عاقبني بجنايتي، فلما بلغ الظاهر ذلك استعظمه وشرف لديه، وأقره في عمله ثم رفعه إلى رتبة الوزارة بعدما كان في الدواوين، وكان كثير المصادرة الأموال الولاة وأمتعتهم وربما صرح لهم بقوله: أبيتم إلَّا الخيانة، فقال فيه محمد بن عبد الله الأنصاري الشاعر:

أغمد لسانك والتزم

طرق السلامة والصيانه

ص: 575

كم ذا تقول أبيتم

إلَّا الجناية والخيانه

أتراهم قطعوا يديك

على النزاهة والأمانه

وقد استبد بالدولة سنة (1023 م - 414 هـ) بعد وفاة ست الملك انتهضته إلى أن توفي سنة (1044 م - 436 هـ) فولي الوزارة بعده الحسن بن علي اليازوري فخاطبه الولاة من كلّ الآفاق ولم يولوه، فأنف من ذلك وعظم عليه، وساءت العلائق بينه وبين ثمال بن صالح الكلابي صاحب حلب والمعز بن باديس صاحب إفريقيا اللذين كانا يحقدان عليه أشد الحقد، وأدى الأمر إلى أن حلف المعز بن باديس ليخلعن طاعة الفاطميين ويحولن الدعوة إلى بني العباس، فأرسل بيعته إلى أبي جعفر عبد الله القائم بأمر الله العباسي ببغداد سنة (1048 م - 440 هـ)

(1)

وأمر بالدعاء له والرضا عن الخلفاء الأربعة والعباس وبقية العشرة ولعن بني عبيد فوق المنابر، فابتهج النّاس أيما ابتهاج بهذا التحول، وعادوا إلى أداة صلاة الجمعة بعد ما قطعوها دهرا فرارا من دعوة العبيديين حتى كان الرجل إذا بلغ إلى المسجد قال سرا: اللهم اشهد ثم ينصرف فيصلي الجمعة ظهرًا، ثم بدل السكة سنة (1049 م - شعبان 441 هـ) وسبك ما كان في بيت المال من الدنانير والدراهم التي عليها أسماء بني عبيد ومنع رواجها وقطع أسماءهم من الرايات والبنود ونشر الرايات السود وهدم دار الإسماعيلية، وفي سنة (1051 م - جمادي الثانية 443 هـ) جمع الخياطين وأخرج لهم شق الكتان من فندقه وأمرهم أن يصبغوها بالسواد ثم فصلوها ثيابا وكسا الفقهاء والقضاة والمؤذنين بها وخرج بهم في موكب حافل إلى الجامع الكبير بالقيروان فأدوا فيه صلاة الجمعة وقد لبسوا شعار بني العباس.

ولم تكن تصرفات المعز بن باديس لتخفى على الفاطميين خطورتها خصوصًا بعد أن انضم الأمير جبارة بن مختار سنة (1061 م - 443 هـ) إليه وكتب إليه بالسمع والطاعة وأخبره أنه وأهل برقة أزالوا المنابر التي كان يُدعى عليها للعبيديين وأحرقوا راياتهم وتبرأوا منهم ولعنوهم في مساجدهم ودعوا للقائم بأمر الله العباسي، ولكنهم لَمْ يكونوا يقدرون على توجيه جيش إلى إفريقيا لخضد شوكته

(1)

ذكر ابن خلدون في التاريخ أن قطع المعز لدعوة بني عبيد وبيعته للعباسيين كان سنة 437 هـ.

ص: 576

وإعادته إلى طاعتهم أو تنحيته، وبقي صنائع الدولة وأولياء الدعوة من كتامة واجمين مرتبكين حتى خطرت للوزير اليازوري فكرة اعتقد أنه يستطيع بتنفيذها من المعز دون أن يجيش له جيشا أو يتحمل فيه نصبا، وهي فكرة خطرت لسلفه الجرجرائي من قبل وعاجله الموت قبل إخراجها إلى حيز العمل، فقد كانت بطون من قبيلة بني هلال العربية من أثبج وجشم ورياح ورغبة وعدي تقيم بصعيد مصر قد عم الدولة ضررهم، وأحرق البلاد شررهم، فرأى اليازوري أن يغريهم ببني باديس الصنهاجيين ويدفعهم لمحاربتهم نصرة للمذهب الشيعي ودفاعا عن الدولة، فإن ظفروا بالمعز وصنهاجة كانوا أولياءها وعمالها بإفريقيا وسائر المغرب، وإن كانت الدبرة عليهم قوَّم اعوجاج صنهاجة بوسيلة أخرى.

والواقع أن اليازوري كان يستهدف من وراء توجيه العرب إلى المغرب هدفين اثنين: أحدهما ظاهر هو الانتقام من صنهاجة، والثاني خفي هو التخلص من هؤلاء الأعراب الذين كانت إقامتهم بصعيد مصر تسبب للدولة الفاطمية كثيرًا من المتاعب، وتجعل السكان معرضين لعدوانهم باستمرار.

ولم يضع اليازوري وقته متدبرا ولا مترددا لعلمه أن الدولة ستفوز بإحدى الحسنيين إن لَمْ تفز بهما معا، فإما أن ينتصر الأعراب على صنهاجة ويعودوا إلى مصر منتصرين فيكونون قد انتقموا للدولة من خصومها، وإما أن تهزمهم صنهاجة فيهيم من نجا منهم من القتل على وجهه بصحاري المغرب وبرقة فتلين قناتهم ويزول عن الدولة خطرهم، وإما أن ينتصروا ويطيب لهم المقام بالمغرب وحينئذ تكون الدولة قد ظفرت بالأعداء البعيدين وتخلصت من عناصر الفتنة القريبين. ففي سنة (1049 م - 441 هـ) استقدم اليازوري مشايخ العرب وأمراءهم وألان لهم القول وأجزل العطاء وأعرب لهم عن رغبته في توليتهم أعمال إفريقيا، ثم استنفر القبائل العربية لعبور النيل وكانوا ممنوعين منه وأعطى لكل واحد منهم بعيرًا ودينارا وقال لهم: قد أعطيتكم المغرب وملك المعز بن باديس فلا تفتقرون، ولم يرسم لهم خطة للعمل لعلمه أنهم لا يحتاجون إلى وصية، وكتب إلى أهل إفريقيا يقول: أما بعد فقد أنفذنا إليكم خيولًا فحولا، وأرسلنا عليها رجالًا كهـھولا، ليقضي الله أمرا كان مفعولًا" فجاز العرب النيل أفواجا وساروا إلى برقة فنزلوا بها

ص: 577

وفتحوا واستباحوها وكتبوا لمن بقي من إخوانهم بشرني النيل يرغبونهم في عبوره واللحاق بهم، فأجازوا بعدما أعطوا دينارين لكل رأس وأخذ منهم أضعاف ما أخذوه، ولما لحقوا بإخوانهم تقارعوا على البلاد، فكان شرقها من حظ سُلَيْم، وغربها من حظ بني هلال، فأقامت قبيلة هيب من سُلَيْم وأحلافها من رواحة وناصرة وعمرة بأرض برقة، وسارت قبائل بني هلال من رياح، والأثبج، ورغبة بعد ذلك إلى إفريقيا والمغرب.

ولا يُعرف بالتدقيق عدد الأعراب الذين عبروا النيل بقصد الدخول إلى المغرب وتنفيذ السياسة الفاطمية فيه، ويظهر أنهم لَمْ يعبروه جميعًا وأن عشائر كثيرة منهم قررت البقاء بأرض مصر واستمرت مقيمة بها بعد ذلك بقرون، ولكن الذين ساروا إلى المغرب منهم كانوا من قوة الأبدان والتمرس بالضراب والطعان والاستهانة بالموت والشره إلى النهب والسلب بحيث كان وقوف أهل برقة في وجههم أمرا مستحيلا، فلذلك استسلموا له بعد ما رأوهم ينسفون عمرانهم ويخربون مدنهم كأجدابيا وسرت وأسمرا والمدينة الحمراء، ويوسعون لهم في الأرض التي تسعهم جميعًا صابرين على ما يتعرضون له يوميا من ظلم وعسف وإرهاق.

ولقد كان من الممكن أن يقف الأمر عند هذا الحد، ويكتفي الأعراب بالمقام في برقة ويقنع الفاطميون منهم بذلك، تخلصا من الأضرار التي كانوا يلحقونها بفلاحي مصر وإمعانا لامتداد التمرد إلى شرق حدود برقة لولا أن خطر للمعز بن باديس أن يستخدمهم جنودا ويستبدلهم بأبناء عمه الصنهاجيين، فقد ساءت ظنونه في ذلك الوقت بصنهاجة وكرههم وحقد عليهم من غير أن يظهر لهم شيئًا من ذلك، وحدث أن قدم عليه بعد مرور مدة على استقرار العرب بيرقة مؤنس بن يحيى الصنبري أمير رياح من بني هلال وكان سيدا في قومه، شجاعا عاقلًا، فلطف محله عند المعز وحلا في عينيه واستخلصه لنفسه وأصهر إليه، وشاوره يومًا من الأيام في استقدام قبيلة رياح لاتخاذهم جندا فقبح له ذلك وحذره سوء عاقبته، وعرفه بتفرق القوم واعتيادهم الفتن والفوضى وعدم انقيادهم إلى الطاعة، ولكن المعز لَمْ يسمع له كلامًا وبقي يلح عليه في استقدامهم حتى

ص: 578

قال له ذات يوم: إنما تريد انفرادك، حسدا منك لقومك؛ فعزم مؤنس على الخروج الاستنفار قومه بعد ما قدم للمعز العذر واشهد بعض رجال دولته، ثم سار متوجها إليهم ووعدهم وغبطهم ووصف لهم كرامة السلطان والإحسان إليهم، وما زال يرغبهم في المسير إليه حتى قبلوا فتقدم هو في ركب منهم لَمْ يعهدوا نعمة ولا تمرسوا بحضارة، فما كادوا يشاهدون أول قرية حتى استفزهم الطمع وتنادوا: هذه القيروان! ونهبوها من حينها، ولما بلغ الخبر إلى المعز عظم ذلك عليه، ولكنه ظل مع ذلك يشك في حدق مؤنس وحسن نصيحته، وقال: إنما فعل هذا ليصحح قوله ويظهر نصحه، وأمر بالختم على داره وتثقيف أولاده وعياله حتى يعلم ما يكون من أمره، فلما بلغ مؤنسا ما فعل بأهله اشتد غضبه وعظم حنقه، وقال: قدمت النصيحة فحاق الأمر بي، ونسبت الخطيئة إلي، فكان أشد القوم ضررا وأعظمهم نكاية فيما بعد.

وحاول المعز أن يتدارك الأمر بالسياسة ولكن بعد فوات الأوان، فأخرج الفقهاء إلى الأعراب يوصون ويعظون، ويعرضون العهود والشروط، ويعلمونهم أن السلطان سرح عيالاتهم ورفع الثقاف عن أموالهم وأمتعتهم، فأظهروا الاستجابة واستشعروا الطاعة، وأخذ الفقهاء عليهم عهودا ومواثيق فأرسلوا شيوخا منهم إلى المعز تأكيدا لما اتفقوا عليه مع الفقهاء، ولكنهم ما لبثوا أن نكثوا العهود وأمعنوا في الأرض عبثا وفسادا.

وظهر للمعز أن يختبر قوة العرب، فسرح إليهم نخبة من جيش النظامي هزموها شر هزيمة، فاستشاط غضبا وتقبض على أخ لمؤنس الرياحي كان لا يزال مقيما بالقيروان، ولكنه أدرك أن الأمر جد، وشعر بإمارته يحدق بها خطر لا يتقي منه بالانتقام العائلي، فقرر الاستنجاد بحلفائه والأمراء من قرابته، فبعث بالصريخ إلى ابن عمه القائد ابن حماد أمير القلعة فأمده بكتيبة من ألف فارس، وكتب إلى المستنصر بن خزرون أمير مغراوة الذي كان منتجعا في البادية فوصل إليه في ألف فارس واستنفر جميع قبائل صنهاجة وزناته، وفي يوم الإثنين 13 أبريل سنة (1052 م - 10 ذي الحجة 443 هـ) عيَّد المعز عيد الأضحى ثم مشى في اليوم التالي إلى ناحية قرية تعرف ببني هلال ومعه جيشه النظامي وحلفاؤه ومن لف

ص: 579

لفهم من الحشم والأتباع والأولياء وبقايا عرب الفتح، فلما انتصف النهار جاءته الأخبار بقرب وصول العرب إليه فأمر جيشه الذي كان يبلغ عدده ثلاثين ألفًا بالنزول في أوعار وأودية قرب جبل حيدران، لكن فرسان العرب الذين كانوا يبلغون ثلاثة آلاف فقط عاجلوهم قبل أن يتم النزول، وما كاد القتال ينشب حتى تحيز عرب الفتح إلى جهة الهلاليين للعصبية القديمة، وخذلت صنهاجة وزناته، ووصلت رماح العرب إلى المعز ولم ينجه من الموت إلَّا عبيده الذين استماتوا في الدفاع عنه حتى قُتِل منهم خلق كثير فداء له، وأخيرا فرَّ إلى القيروان بعد ما هلك من رجاله ثلاثة آلاف ودخل المنهزمون أيضًا في حالة يُرثى لها وفقد من العسكر عدد كبير لَمْ يعرف ما آل إليه أمرهم، واستولى العرب على معسكر السلطان وحازوا ما فيه من المال والمتاع والكراع، وفي هذه المعركة نظم الشاعر الرياحي علي بن رزق قصيدته التي مطلعها:

لقد زار وهنا من أميم خيال

وأيدي المطايا بالذميل مجال

والتي يقول فيها:

وإن ابن باديس لأكبر مالك

لعمري ولكن ما لديه رجال

ثلاثون ألفًا منهم هزمتهم

ثلاثة آلاف، وذلك ضلال

ثم سار العرب بعد ذلك لحصار القيروان، وجعل كلّ من سبق من شيوخهم إلى قرية يُسمي نفسه لأهلها ويؤمنهم ويعطيهم قلنسوته أو رقعة مكتوبة علامة يعرف بها غيره من الشيوخ أنه سبقه، ثم نكثوا عهودهم بعد ذلك فخربوا القرى وسلبوا أهلها جميع ما يملكون وتركوهم حفاة عراة يبكون جوعا وبردا، فضاقت الأرض بالقيروان على أهلها وانفض من حول المعز قرابته وأولياؤه، فاضطر بعد سنين من الحصار إلى مفاوضة شيوخ العرب وصاهر ثلاثة من أمرائهم ببناته.

وأثناء الحصار كان العرب يوسعون رقعة نفوذهم ومناطق سلطانهم، فملكوا جميع الساحل وبلاد قسطيلية وتغلب عائد بن أبي الغيث المرداسي أحد أصهار المعز الثلاثة على مدينة تونس وسباها سنة 1054 م، وملك أبو مسعود من شيوخهم مدينة عنابة صلحًا، وفي سنة 1055 م اقتسموا المغرب الأدنى الاقتسام

ص: 580

الأول فكانت طرابلس وما يليها من حظ بطون زغبة، وباجة وما يليها من حظ مِرْدَاس من رياح، ثم اقتسموه الاقتسام الثاني فكانت البلاد من تونس إلى الغرب البطون هلال وهم: رياح، وزغبة، والعقل، وجشم، وقرة، والأثبج، والخلط، وسفيان.

وفي يوم السبت (1 نوفمبر 1057 م - 1 رمضان 449 هـ) استولى الأعراب على القيروان فخربوها وطمسوا معالم حسنها، واستصفوا ما كان لآل بلكين في قصورها، وكان المعز قد انسحب منها قبل يومين تحت حماية خفير منهم هو صديقه القديم مؤنس بن يحيى الصنبري أمير رياح الذي كان المعز أصهر إليه في إحدى بناته وأنكحه إياها فسار في خفارته إلى المهدية ونزل بها على ابنه تميم، وتبعه العرب إليها فحاصروها وواصلوا التضييق على صنهاجة وزناته بعد ذلك حتى غلبوهما على الضواحي، واتصلت بينهم الفتن والحروب، وأغزاهم أمير تلمسان جيشًا بقيادة وزيره أبي سعدى خليفة اليفرني فغلبوه وقتلوه بعد حروب طويلة بنواحي الزاب، ولم تزل الفتن متتابعة، والحروب مسترسلة حتى تمت الغلبة للعرب على صنهاجة وزناته معا، وأطاعتهم جميع بلاد إفريقيا وجنوب المغرب الأوسط.

وكذلك نجحت السياسة التي رسمها الوزير الفاطمي الحسن بن علي اليازوري للانتقام من المعز بن باديس، ولكنه انتقام لَمْ يكن لسوء الحظ قاصرًا عليه وحده، بل شمل الأرض والإنسان والحيوان جميعًا.

وكان الخليفة الفاطمي المستنصر لما سرح العرب إلى إفريقيا عقد لرجالاتهم على أمصارها، وقلدهم أعمالهم، فعقد لموسي بن يحيى المرداسي وقومه من رياح على القيروان وباجة، ولقبيلة زغبة على طرابلس وقابس، وللحسن بن سرحان وقومه من الأثبج على قسطيلية

(1)

، فلما ملكوا الأمصار ساموا أهلها الخسف والظلم فثاروا بهم وأخرجوهم منها، فاكتفوا بملك الضواحي وشددوا الخناق على أهل المدن.

(1)

ذكرها ابن خلدون قسنطينة وهي في المغرب الأوسط (الجزائر).

ص: 581

وإلى هذا الحين كان المد العربي قد وصل غربًا إلى عمالة قسنطينة وإقليم الزاب، وصار الملتحم بين العرب والبربر بجبال بني راشد وما وراءها من سهوب مزاب بالمغرب الأوسط، وانعقد الصلح بين العرب وبين الأمراء الصنهاجيين على أنَّ يستقل الأولون بملك الضواحي والأرياف، وينفرد الأخيرون بملك المدن، ووضعت الحرب أوزارها مؤقتًا.

واحتال الصنهاجيون بعدما أنهكتهم الحروب في تفريق كلمة العرب والتضريب بينهم، واستغلال خلافاتهم القَبَلية لمظاهرة بعضهم على بعض، وحدث في تلك الأثناء خلاف بين الأثبج ورغبة فظاهر الناصر بن علناس أمير القلعة الأثبج على خصومهم من بني عمهم، واستنفر أمراء زناته وكان فيهم زيري بن عطية المغراوي ملك فاس، فاجتمعت صنهاجة وزناته في الأربس وجرت بينهم وبين عرب رياح معركة طاحنة انهزمت فيها صنهاجة، فاستبيحت خزائن الناصر وفساطيطه ومضاربه، وقتل أخوه القاسم، ونجا هو إلى قسنطينة وعرب رياح في اتباعه، ثم لحق بالقلعة فتبعوه إليها وأمعنوا في جنباتها عبثا وتخريبا، وعطفوا على ما هناك من المدن مثل طبنة والمسيلة فدمروها وشردوا أهلها، ومالوا على المنازل والقرى والضياع فتركوها قاعا صفصفا، وغوَّروا المياه واحتطبوا الشجر وأظهروا في الأرض الفساد حتى تركوا تلك الأقاليم (أفقر من بلاد الجن وأوحش من جوف العير) على حد تعبير ابن خلدون

(1)

.

وقد اضطر هذا الغزو القاسي دولة صنهاجة إلى هجران قلعة بني حماد قاعدة الإمارات الغربية ومقر حكومتها، فاختط الناصر بن علناس مدينة بجاية بالساحل، ونقل إليها ذخيرته ومتاعه وأعدها لنزله وجعلها عاصمة ملكه، ونزلها ابن المنصور من بعده فأصبحوا في مأمن نسبي بها، نظرا لمنعة الجبال المحيطة بها، ووعورة مسالكها، وصعوبة السير فيها على الرواحل العربية، ولما صفا أمر المغرب العبد المؤمن بن علي سنة (1147 م - 541 هـ) وتملك الأندلس كانت الأخبار ترد عليه باستمرار عن تفاقم الحالة بإفريقيا، واختلاف أمرائها واستطالة العرب عليها بالعبث والفساد، فكان يتشوق إلى حسم مادة الفوضى وتثبيت النظام في تلك

(1)

تاريخ ابن خلدون 6: 43.

ص: 582

البلاد التي طلع بها كوكب سعده منذ التقى في بجاية إحدى مدنها بإمامة المهدي، ويتطلع إلى نظمها في سلك الدعوة المودعدية كما انتظمت أقطار المغربين الأقصى والأوسط والأندلس والصحراء، ولم يكن يثنيه عن النهوض إليها إلَّا إقباله في السنين الأولى من حياة الدولة الجديدة على تنظيم الحكومة وترتيب الإدارة والقضاء على الخوارج وتجهيز الجيوش لصد عادية النصارى الذين تطاولوا على مسلمي الأندلس أثناء حروب المرابطين والمودعدين، فلما كانت سنة (1151 م - 546 هـ) نهض عبد المؤمن لفتح ما بقي من المغرب الأوسط، والمغرب الأدني، فاستولي على الجزائر ووفد عليه فيها أبو الجليل بن شاكر أمير الأثبج وحباس بن مشيفر من أعيان جشم فتلقاهما بالمسرة، وغمرهما بالمبرة، وعقد لكل واحد منهما على قومه، ثم استولى على بجاية وقلعة بني حماد وقسنطينة، فسمعت بذلك قبائل بني هلال المقيمة بإفريقيا فخفت مسرعة إلى الغرب وعسكرت بظاهر باجة وتعاهد شيوخها على محاربة الموحدين وإنقاذ مُلك بني حماد، وحينما كان الخليفة عبد المؤمن بن علي في طريق عودته إلى عاصمة ملكه بالمغرب الأقصى وافته الأخبار بمسيرهم إلى سطيف، فأرسل مددا إلى ابنه الأمير عبد الله والي بجاية وأمره بملاقاتهم وخضد شوكتهم، فالتقى الفريقان بسهول سطيف ودارت رحى الحرب بينهم ثلاثة أيام ثم انتهت بانهزام العرب واستلحامهم وسبي نسائهم وأسر أبنائهم وغنم أموالهم وأمتعتهم، فكانت تلك أعنف صدمة تلقوها منذ دخولهم إلى بلاد المغرب قبل مائة عام

(1)

وأثرها راجعوا بصائرهم ودخلوا في دعوة الموحدين وأذعنوا لحكمهم، ثم وفد على الخليفة بعد رجوعه إلى مراكش كبراؤهم فوصلهم ورجعوا إلى قومهم مغتبطين.

وأقام عبد المؤمن على رفاق مع العرب إلى أن تحرك من مدينة سلا يوم الأحد (1 مارس 1159 م - 10 صفر 554 هـ) وسار إلى المغرب الأدني لمعالجته أموره استعادة مدينة المهدية من أيدي النصارى الذين كانت وطأتهم البرية والبحرية مشتدة بسببها على المسلمين باستمرار، وأثناء حصاره للمهدية الذي دام سبعة أشهر

(1)

انظر عن هذا الانتصار رسالة كتبها أبو جعفر بن عطية من تلمسان على لسان مخدومه الخليفة عبد المؤمن بن علي إلى أهل مراكش مؤرخة في فاتح ربيع الأول عام 548 (الأربعاء 27 مايو 1153 م) بالمجموع المسمي: مجموع رسائل موحدية ص 26 ط الرباط 1941.

ص: 583

ظهرت من بني سُلَيْم ضروب من المنافرة والمشاقة والتعدي بجهات قابس، فكان الخليفة يستدعيهم إلى الجهاد معه ويستدنيهم منه ويهيب به إلى نبذ العصيان والدخول فيما دخلت فيه جماعة المسلمين، ويبعث لهم في ذلك المخاطبات البليغة والأشعار الرائقة كقصيدة صهره القاضي ابن عمران التينمللي التي يقول فيها على لسان مخدومه:

أسُلَيْم دعوة ذي إخاء مرشد

هاد إلى الحق المبين المسعد

ومذكر ما كان أسلاف لكم

فضلوا به أفعال كلّ مسدد

بجهاد أعداء الإله، ونصرهم

لرسول ربهم النَّبِيّ محمد

وتعرفوا أنا عليكم صبر

حتى يعود جواب هذا المنشد

لكنه كان يصبر على سُلَيْم ولا ترد عليه عنهم إلَّا أخبار السوء، فلما بلغه تماديهم في الغي والفساد واستيلائهم على مدينة قابس واستباحتها بعث إليهم عسكرا ضخما بقيادة قريبه ووزيره عبد السلام الكومي، فاسترد المدينة واستأصل شأفة بني سُلَيْم، واستخلص بعد ذلك مدن الجنوب التونسي والإقليم الطرابلسي من أيدي المتغلبين عليها منهم ومن غيرهم، ولما ثني عنانه إلى المغرب سنة 1160 م بلغه أن الأعراب عادوا إلى الثورة والتشغيب فسرح إليهم جيشا من الموحدين نازلهم قرب القيروان وأوقع بهم وقتل كبيرهم محرز بن زياد الفارغي من بني علي إحدى بطون رياح

(1)

، وخلال هذه الوقائع وأثناءها أدرك عبد المؤمن بثاقب ذهنه وسديد نظره أن غريزة الفتنة متأصلة في العرب لا يمكن تخليهم عنها، فرأى أن يستغل طبيعتهم الحربية لمصلحة الدولة وطاقتهم التخريبية ضد أعدائها الداخليين والخارجيين، فاستلحق عددًا كبيرًا منهم بعسكره، ولم يعد من حركته الأفريقية إلى المغرب الأقصى إلَّا وهو يجر وراءه من عرب رياح وجُشَم وعدي وقبائلهم ما يضيق به الفضاء، على عدد الذباب وعدد الحصا

(2)

.

(1)

انظر عن هزيمة العرب بإفريقيا رسالة من إنشاء أبي القاسم القالمي مؤرخة في يوم الإثنين 24 ربيع الثاني عام (555 هـ - 2 مايو 1165 م) بعث بها عبد المؤمن بن علي من فحص متيجة إلى أهل فاس، في المجموع المسمي: مجموع رسائل موحدية ص 113.

(2)

المن بالإمامة - لابن صاحب الصلاة ص 144.

ص: 584

وقد حركت انتصارات عبد المؤمن على عرب المغرب الأدنى ولاسيما عرب رياح الذين كانوا أشد نكاية ألسنة شعراء دولته، فبعثوا إليه أو أنشدوا بين يديه بعد رجوعه قصائد يهنئونه فيها بالانتصار، ويصفون ما حل بالعرب من هزيمة وانكسار، فمن ذلك قول الشاعر أحمد بن سيد الأشبيلي المعروف باللص من قصيدة:

فأتت على شيع الضلال كما أتي

ضوء الصبح على سواد الغيهب

ومضت على حد الحسام أعارب

نكثوا عهودا أبرمت في يعرب

لما حداهم للجهاد مشمر

ذهبوا من التأويل أخبث مذهب

فكأنما ألقي الكتاب إليهم

أن الجهاد عليهم لَمْ يكتب

ورأوا غماما لَمْ يشكوا - ضلة -

في أن مسراها لبرق خلب

غطى على أبصارهم قدر الردى

فاستنزروها وهي ملء السبسب

والمرء يطمع بالمطالب ما دنت

منه ويوسيه بعيد المطلب

ولربما حسب الفتي أطماعه

بالترب وهي منوطة بالكوكب

ولو أن غدرهم لذل نالهم

منه لكن الغدر صعب المركب

لكنه أرقاهم من عزة

أعلا المراقي في الجناب الأقرب

بدروا بطوع كالحيا في طيه

خلف كذاكي برقه المتلهب

كالعروض إلَّا أن في أحشائه

أفعى اليباب استجمعت لتوثب

أولى لهم من بطشة قيسية

(1)

أخذ البريء بها بذنب المذنب

قد كان في أولى الوقائع زاجر

فيها لذي القلب الذكي الغلب

لَمْ لا؟ وما ذكرت رياح يومها

ألا أراها الطفل مثل الأشيب

(1)

نسبة إلى قيس عَيْلان جد عبد المؤمن بن علي حسب مزاعم بعض المؤرخين،

والصحيح أنه من قبيلة كومة من البربر البتر في شمالي غرب تلمسان ويرى بعض المؤرخين أن البربر البتر من بر بن قيس عَيْلان.

ص: 585

ولم يكد عبد المؤمن يستحلق أولئك الأعراب بالجندية حتى بدأ يعلن عن مراده فيهم ونيته في توجيههم إلى القتال بالأندلس، وصار يبعث لمسلمي الجزيرة رسائل وقصائد يخبرهم فيها بما سيقوم به هؤلاء العرب من جهاد لأعداء الدين، ويطمئنهم على مصيرهم في تلك البلاد، وقد كانوا يومئذ في ضيق شديد من تكالب النصارى عليهم، فمن ذلك ما ورد في قصيدة بعث بها طي رسالة مؤرخة في ربيع الأول عام (555 هـ - مارس 1160 م) من محلته المنصورة قرب مدينة قسنطينة إلى أهل الأندلس:

فيا معشر الأشياخ من كلّ طالب

ومن حافط للذكر ألفاظه سرد

نبشركم أنا اهتممنا بأمركم

فلبتكم منا المسومة المجرد

ويصحبنا من خالص العرب معشر

أنابوا فما ردوا وتابوا فما ارتدوا

رأوا في ذبوهم عبرة فتيقظوا

وكان لهم في غي غيرهم رشد

ستغزو بلاد الروم منهم عصائب .... ويحمي حمى التوحيد من خيلهم جند

فطوبى لأهل الغرب ما ذا يرونه

لقد جل قدرا أن يحيط به الحد

جيوش بنصر الله تهمي عليكم

يروق بها وهد ويزهي بها نجد

ويشجي بمرآها الأعادي كأنما

عليهم بها صم الشوامخ تنهد

ستعلم أرض الروم أي فوارس

على ظهرها منهم إذا وفد الوفد

وأي رجال للحروب إذا بدت

أسود شري بخشي ترابيها الأسد

وأنا وإياهم لحتم غلابنا

لهم وكلام الوحي ليس له رد

وبر عبد المؤمن بوعده لأهل الأندلس، فإنه لَمْ يمكث بالمغرب بعد رجوعه من إفريقيا إلَّا بقدر ما أعاد ترتيب الجيش وتسليحه، وهيأ ميرة أجناده وعلف دوابه، ثم عبر البحر إلى الأندلس في شهر نوفمبر (1160 م - ذو القعدة 555 هـ) مصطحبا معه كتائب وفيرة العدد شديدة الشره إلى الحرب والقتال فلفت منظرهم وهم بحال من البداوة والفطرة، وبازياء حربية غريبة لَمْ تؤلف رؤيتها - أنظار النّاس، فأعجبوا بهم واستبشروا بمقدمهم، ونظم الشعراء في تمجيدهم والإشادة بشجاعتهم ونجدتهم، والتعبير عن الآمال المعلقة عليهم القصائد الغر الطوال.

ص: 586

وبعدما تعرف عبد المؤمن على احتياجات الأندلس ورتب حاميات تقيم في ثغورها عاد إلى المغرب في أوائل عام (1161 م - 656 هـ) فأقام بمراكش سنة مكن فيها جيشه وحاشيته من الراحة والاستجمام، وعكف هو فيها على النظر في الشؤون العامة ودمج العرب في الجيش النظامي وتدريبهم على الفنون الحربية وإعدادهم للجولات المقبلة، ثم كتب منهم كتائب بعث بعضها إلى مختلف المدن المغربية لحماية الرعية وتأمين السابلة وبعث كتائب أخرى إلى الأندلس للرباط بالثغور وجهاد الأعداء، فنزل بعضهم بجهات قرطبة ونزل بعض آخر بجهات أشبيلية مما يلي مدينة شريش، وأبلت في تلك السنة والسنة التي تليها أحسن البلاء في حرب النصارى والثوار المنتشرين ببعض الجهات وحققت عليهم جميعًا انتصارات باهرة أطلقت بمدحهم السنة الشعراء، فمن ذلك قول أبي العباس الجراوي

(1)

يهنئ أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي بأحد هذه الانتصارات ويذكر دور العرب في تحقيقه:

لو راء موسى ما فعلت وطارق

(2)

زريا بما لهما من الآثار

أتممت ما قد أملوه وفاتهم

من نصر دين الواحد القهار

بعراب خيل فوقهن أعارب

من كلّ مقتحم على الأخطار

أكرم بهن قبائلا أقلالها

في الحرب يغنيها عن الإكثار

وانظر إذا اصطفت كتائبها إلى

ما تحمد الكتاب في الأسطار

لو أنَّها نصرت عليًّا لَمْ ترد

خيل ابن حرب ساحة الأنبار

ولما توفي عبد المؤمن بن علي ليلة الخميس (17 مايو 1163 م - 10 جمادي الآخرة 558 هـ) سار ابنه وخلفه أبو يعقوب يوسف العسري على نهجه في جلب العرب من المغرب الأدنى واستئلافهم واستئناسهم وإلحاقهم بالجندية وتسخيرهم في أغراض الدولة من حفظ أمن وقمع فتن وقتال أعداء بالحدود، وكان يوجه لهم المخاطبات النثرية والشعرية التي تفعل فيهم فعل السحر فيستجيبون وينقادون

(1)

أبو العباس الجراوي من قبيلة جرارة الزناتيه كان شاعر الخلافة الموحدية، وجرارة منهم في صعيد مصر يطلق عليهم الجراوات.

(2)

يقصد موسى بن نصير، وطارق بن زياد.

ص: 587

ويردون عليه زرافات ووحدانا بقضهم وقضيضهم وهم في حالة من الإجهاد والإعياء والجوع والعري والفوضى فيصلح أحوالهم ويكلهم إلى المكلفين بشؤونهم من أمراء بيته أو قادة جنده فينظمونهم في سلك الجندية ويدربونهم على الفنون الحربية حتى يصيروا أهلا لخوض الحروب النظامية متمرسين باستعمال أسلحة غير الأسلحة التقليدية التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم القادمين بها من صعيد مصر وصحراء الجزيرة العربية، وكان الخليفة إذا أراد توجيههم إلى قتال أعدائه بالمغرب أو الأندلس بأمر شعراء دولته أن ينظموا أشعارا حماسية في مدحهم والإشادة بشرف أرومتهم ومضاء عزائمهم وكفايتهم في الحروب وينشدوها على مسمع منهم تحميسا لهم وتشجيعا وهو نوع من الدعاية يستعمله اليوم خبراء الحرب السيكولوچيون بوسائل تختلف شكلا ولا تختلف موضوعا، فمن تلك الأشعار قصيدة أحمد بن عبد السلام الغفجومي الجراوي الفاسي التالية يمدح بها قبائل بني هلال ويحضهم على القتال:

أحاطت بغايات العلا والمفاخر

على قدم الدنيا هلال بن عامر

ورانوا سماء بدءا وعودة

بزهر خصال كالنجوم الزواهر

أوائلهم في الجود والبأس غاية

وكم تركوا من غاية للأواخر

وكم فيهم من مثل كعب وحاتم

وكم فيهم من مثل عمرو وعامر

وكم قد أقاموا من عروش موائل

وكم قد أقالوا من جدود عواثر

وكم لهم من حكمة تبهر النها

ومن مثل في الشرق والغرب سائر

ومن خطبة تستنزل العصم من عل

وتقضي بتكليل النفوس النوافر

هم أطلعوا في ليل كل عجاجة

كواكب أطراف الرياح الخواطر

هم مزقوا بالبيض كلّ ممزق

ممالك شادتها ملوك الأكاسر

أجيبت بهم في آل ساسان دعوة

بخير عبَّاد الله باد وحاضر

مآثر أسلاف تلاها بنوهم

بأمثالها أكرم بها من مآثر

وآخر مجد شفعوه بأول

وأول مجد شفعوه بآخر

ص: 588

لهم كلّ جلد في الجلاد مشمر

سريع إلى صوت الصريخ مبادر

هزبر عليه لبدة من مفاضة

وناب وظفر من سنان وباتر

إذا صال يوم الروع أورد قرنه

موارد موت ما لها من مصادر

تعاين منه مثل باز مصرصر

على مل فتخاء الجناحين كاسر

إذا شبت الهيجاء أول وارد

وإن خفت الأبطال آخر صادر

يبادر منه القرن أغلب غالب

حديد شبا الأنياب دامي الأظافر

يثور إليه حاسرا غير دارع

ويقضي عليه دارعا غير حاسر

بنو عامر أنتم صميم فصمموا

إلى الموت تصميم الليوث الحواذر

ولا تتوانوا في حظوظ نفوسكم

فأنكم أهل النها والبصائر

ومن شكر آلاء الخليفة صولة

على الكفر تبقى غامرا كلّ عامر

تميل الجبال الشم منها مخافة

وتسكن أمواج البحار الزواخر

ولابد من يوم على الكفر أيوم

تعم به الدنيا وفود البشائر

دعاكم لما يحييكم وارث

الهدي وجامع أشتات العلا والمفاخر

وأحزم من ساس الديانة والدنا

وأكرم مأمول وأحلم قادر

إلى أمره في كلّ أمر ونهيه

يروح ويغدر كل ناه وآمر

إذا نامت الأملاك عما يهمها

ارعي الدين والدنيا له طرف ساهر

فلا برح الإسلام منه مؤيدا

بمنصور رايات على الكفر ناصر

والحق أن القبائل العربية أغنت في جهاد نصارى الأندلس غناء لا مثيل له، وخففت العبء عن أهل المغرب والأندلس الذين اضطلعوا به وحدهم قرونا، وإننا لنجد في المراسلات الحكومية والنصوص الأدبية الراجعة إلى هذا العهد ما يشهد لهؤلاء العرب الداخلين إلى أقصى المغرب والأندلس بحسن النية وخلوص السريرة

ص: 589

وصدق العزيمة على خدمة الدول ومجاهدة الأعداء، ونجتزئ فيما يلي بإيراد أبيات من قصيدة بعث بها سنة (1167 م - 562 هـ) الأمير البطل عمر بن المؤمن إلى أخيه السلطان يوسف متشوقا إليه وواصفا غزوة جبل الكوكب بشمال المغرب وما حقق فيها العرب للخليفة من نصر على الثائر سبع بن منخفاد، وهي من شعر بن حربون:

سل الجبل المكرم حيث ضاهت

عباب البحر أنعمك الجسام

تلقتنا بأشواق إليكم

مشاهده المقدسة العظام

تطلع نحوكم حبا وودا

كما يتطلع البلد الحرام

جنبناها بيمنكم كراما

على صهواتها عرب كرام

إذا انتاشوا رماحهم تدلي

أحم النقع وانحط القتام

أباة الضيم إن أمروا بأمر

فكل عزيز كفر مستضام

إذا قادتهم أبناء قيس

(1)

فلا لحم تعد ولا جُذام

لهاميهم العطايا لَمْ يزالوا

يلف عليهم الجيش اللهام

إلَّا الله منهم كلّ ذمر

يقبل سيفه الموت الزؤام

بهش إلى لقاء الفرن حتى

كان الطعن بينهما ذمام

يضم إلى العشيرة كلّ خير

كما نجي عشيرته ضمام

وذلك ما جعل الخليفة يستدرج العرب بمختلف الوسائل - ومن أعظمها الشعر - إلى دخول المغرب الأقصى واللحاق بالجندية ويستدعيهم بإلحاح كلما نادي منادي الجهاد، ففي سنة (1170 م - 566 هـ) لما عزم على القيادة بالغزوة الكبرى إلى الأندلس كتب إليهم يستدعيهم ويهيب بهم إلى الغزو ويصف ما هم عليه من الشجاعة والزعامة، وكان ما خاطبهم به القصيدة التالية من شعر أبي بكر بن الطفيل:

(1)

انظر التعليق السابق على نسب ملوك الموحدين لقيس عَيْلان.

ص: 590

أقيموا صدور الخيل نحو المغارب

لغزو الأعادي واقتناء الرغائب

واذكوا المذاكي العاديات على العدا

فقد عرضت للحرب جرد السلاهب

فلا تُقتنى الآمال إلَّا من القنا

ولا تكتب العلياء بغير الكتائب

ولا يبلغ الغايات إلَّا مصمم

على الهول ركاب ظهور المصاعب

يرى غمرة الهيجاء أعذب مشرب

وإن أعرضت زرقا جمام المشارب

ويأنف إلَّا مكسبا من حسامه

ويعرض عزا عن جميع المكاسب

ألا فابعثوها همة عربية

تحف بأطراف القنا والقواضب

أفرسان قيس من هلال بن عامر

وما جمعت من طاعن ومضارب

لكم قبة للمجد، شدوا عمادها

بطاعة أمر الله من كلّ جانب

وقوموا لنصر الدين قومة ثائر

وفيئوا إلى التحقيق فيئة راغب

دعوناكم نبغي خلاص جميعكم

دعاء بريئا من جميع الشوائب

نريد لكم نبتغي لنفوسنا

ونؤثركم زلفى بأعلا المراتب

فلا تزهدوا في نيل حظكم الذي

لكم فيه فور من جميع المعاطب

بكم نصر الإسلام بدءا فنصره

عليكم وهذا عوده جد واجب

فقوموا بما قامت أوائلكم به

ولا تغفلوا أحياء تلك المناقب

وقد جعل الله النَّبِيّ وآله

ومهديه منكم بلا عيب عائب

وفزتم بتخصيص الخليفة بعده

ونسبته الدنيا بزلفي الأقارب

وطائفة المهدي منكم وأنها

لتحنو عليكم باتصال المناسب

ومن ذا الذي يسمو ليبلغ شأوكم

إذا كنتم فوق النجوم الثواقب

نصحناكم والنصح في الدين واجب

بما لكم فيه صلاح العواقب

وخاطبكم عنا بيان محصحص

يشق سناه داجبات الغياهب

هو الأمر أمر الله منج ومسعد

لكل منيب ناصح الجيب تائب

ص: 591

وفيه ذعاف للعداة إذا انتحى

تمكن ما بين اللهي والترائب

وأنتم على التخصيص أجدر من بنى

بذروته بيتًا رفيع الذوائب

فإنكم قيس وفرسان ربنا

على الأرض من قيس بغير مغالب

(1)

خذوا حظكم فالأمر جد وإنما

يكون بقدر الحد قدر المناصب

وقد فاز بالتقدير منكم معاشر

بما قدموه من حميد المذاهب

تحث بهم نحو البدار إلى الهدى

عتاق جياد أو عتاق نجائب

فطاروا إلى الداعي سراعا كأنهم

قداح تلقى الفوز من رمي ضارب

فخصوا من التكريم والبر بالذي

يكون جديرا بالولي المصاقب

فنالوا محل السبق فانفسحت لهم

رياض الأماني سائحات المذانب

وقد شاهدوا من حرمة الأمر ما قضى

لهم بامان من جميع النوائب

فما لكم والنوم عن خير همة

تقلص أنباء الشؤون الجواذب

وتعطفكم بالمشرفية والقنا

منادح عز ساميات الطالب

وما هي إلَّا دعوة عز ذكرها

فعز بها في الله كلّ مصاحب

حذار! فإعراض الفني عن نجاته

وتضييعه للحزم إحدى المعايب

وما الحزم إلَّا طاعة الله أنَّها

هي الحرم المناع من كلّ طالب

نعدكم السيف الذي ليس يثني

إذا ما نبا سيف براحة ضارب

ونجعلكم صدر القناة إذا غدت

تأطر ما بين الحشا والترائب

وقد كان من أقوالكم ما علمتم

فإن كان فعل فالرجا غير خائب

وليس خطيب الصدق من قال فانبري

ولكن فعل الحر أصدق خاطب

وما خُلُق الأعراب أخلاف موعد

ولكن صدق الوعد خُلُق الأعارب

سنعلم من أوفي ومن خاس عهده

ومن كان من آتٍ إلينا وذاهب

وتظهر أحوال يروق سماعها

فيرغب في أمثالها كلّ راغب

(1)

وهذا البيت يطابق حديث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم "قيس فرسان الله في الأرض".

ص: 592

وحينما أبطأ العرب في تلبية هذا النداء خاطبهم يستعجلهم، ويبين لهم نيته العازمة على الجهاد ويسترحلهم، بالقصيدة التالية أيضًا وهي من شعر ابن عياش

(1)

.

أقيموا إلى العلياء هوج الرواحل

وقودووا إلى الهيجاء جرد الصواهل

وقوموا لنصر الدين قومه ثائر

وشدوا على الأعداء شدة صائل

وأسروا بني قيس إلى نيل غاية

من المجد تجنى عند برد الأصائل

فما العز إلَّا ظهر أجرد سابح

تموت الصبا في شده المتواصل

وأبيض مأثور كان فرنده

على الماء محبوك وليس بسائل

بنو العم من عليًّا هلال بن عامر

وما جمعت من باسل وابن باسل

تعالوا فقد شدت إلى الغزو نية

عواقبها منصورة بالأوائل

هي الغزوة الغراء والموعد الذي

تنجز في أفق المدى المتطاول

بها تفتح الدنيا بها تبلغ المني

بها ينصف التحقيق من كلّ باطل

عزمنا وأمر الله لابد واقع

على وقعة تودي بدين الفياصل

بجيش يضل الطير في حجراته

وتحجب عنه الشمس سحب القساطل

وتحسر فيه الطرف من كلّ جانب

بحور دلاص عادمات السواحل

ويطلع ليل النقع فيه كواكبا

من البيض أو من مرهفات المناصل

ويضحي به بحر الدماء مفجرا

باسمر عسال وأبيض ناصل

بأيدي رجال قد وفوا بعهودهم

وخاضوا لنصر الدين أمواج هائل

فما وهنوا يومًا ولا فلَّ عزمهم

ولا حيرتهم معضلات النوازل

فطيروا إليها يا هلال بن عامر

ثقالًا خفافا بين حاف وناعل

ولا تخدعوا عن حظكم من إجابة

تبوئكم في المجد أسنى المنازل

وتقطعكم ص در الندى إذا نبت

بمن لَمْ يكن منكم صدور المحافل

أهبنا بكم للخير والله حسبنا

وحسبكم والله أعدل عادل

فما همنا إلَّا صلاح جميعكم

وتسريحكم في ظل أخضر هاطل

(1)

نسب عبد الواحد المراكشي في المعجب هذه القصيدة لعبد المؤمن بن علي وعدها الأدباء المعاصرون من شعره، أما ابن صاحب الصلاة فجعلها في كتابه المن بالإمامة من شعر ابن عياش وتوجيهها إلى العرب على عهد الخليفة يوسف بن عبد المؤمن، والظاهر أن رواية ابن صاحب الصلاة أصح لأنَّه مؤرخ معاصر تدل دقة أخباره وتسلسلها وما يقرنها به من وثائق الرسائل الرسمية والقصائد الشعرية على أنَّها أصح من أخبار غيره.

ص: 593

ولما وصلت القصيدتان إلى أحياء العرب بنواحي القيروان والزاب تناشدوهما وأعجبوا بفصاحتهما وهزتهم الأريحية الإسلامية والحمية العربية فأخذوا يتوجهون إلى مراكز التجمع بضواحي بجاية ومعهم العمال والأمناء، حتى إذا اكتمل جمعهم سار بهم واليها الأمير السيد يحيى بن عبد المؤمن إلى المغرب، وكان عدد فرسانهم أربعة آلاف يضاف إليهم المشاة ومعهم من الدواب والميرة والسلاح ما يجل عن الحصر، وعندما وصلوا إلى تلمسان انضم إليهم واليها الأمير السيد موسى بن عبد المؤمن بألف فارس عربي و من عنده من العساكر النظامية مشاة وركبانا، فسار هذا الجيش الضخم تهتز الأرض تحت سنابك خيله وتصطك جنبات الفضاء بدقات طبوله ونغمات غيطاته، ويظهر أن الخليفة قلق مما قد يحدثه ورود هؤلاء العرب الذين لَمْ يألفوا نظاما في أعداد ضخمة على حاضرته، فأرسل بتعليمات مشددة إلى أخويه بالطريق يأمرهما بالرفق في المشي والتزام النظام والمحافظة على الخيل، ومر كلّ شيء بسلام خلال مراحل الطريق حتى وصلوا مراكش فاستبشر الخليفة بوصولهم، واستعرضهم بالفحص المتّصل بها يوم السبت (12 ديسمبر 1170 م - 2 ربيع الثاني 566 هـ) وفي اليوم التالي أمر أشياخهم بالدخول عليه لتجديد البيعة وأخذ العهد وتمادي دخولهم إلى يوم الأربعاء 30 ديسمبر من العام المذكور، وبعد يومين شرع في إطعامهم ضيافة لهم على العادة العربية المألوفة، فكان يدخل منهم كلّ يوم إلى البحيرة المعدة للضيافة ثلاثة آلاف رجل فيطعمون، ودام ذلك مدة خمسة عشر يومًا، وبدرت من العرب خلال أيام الضيافة بوادر فوضى عدت سوء أدب منهم وجرأة، فقاطعهم الخليفة ثلاثة أيام ثم صفح عنهم، وفي يوم الأحد 17 يناير 1171 م أمر بتمييزهم في رحبة قصره العتيق بدار الحجر داخل حضرته استعدادا للذهاب بهم إلى الأندلس فكان يدخل منهم كلّ يوم قدر معلوم وخلال التمييز الذي استمر خمسة عشر يومًا كان الأعراب يدخلون في حال من الخصاصة والفوضى تضحك الحاضرين، فكان الخليفة يغضي لهم عن كلّ ذلك ويأمر بإصلاح حالهم وإعطائهم ما يلزمهم من الكسوة والسلاح وتعيين القواد لكل فريق منهم، لمعرفته بحاجتهم وضرورتهم ومبادرتهم إلى طاعته وانقيادهم لخلافته، ولما في نفسه من إرادة الجهاد بهم لأعداء الله تعالى فيتألف قلوبهم بذلك

(1)

، وبعد

(1)

المن بالإمامة ص 436.

ص: 594

توزيع المنح والصلات عليهم وعلى أشياخهم وسائر الجنود تحرك الخليفة بالجميع من مراكش صبيحة يوم السبت 13 مارس، وكاد العرب يقتتلون في الطريق بسبب تزاحمهم على عبور وادي أم الربيع، لولا أن تدارك الخليفة الأمر بجد وحكمة، وأثناء الاستراحة برباط الفتح ميزت القوات الموحدية من جديد، وحضر على تمييز العرب الأمير يحيى والي بجاية يعينه عبد الله المالقي الذي كان يعرفهم ويضبط أنسابهم، فكان عدد فرسان العرب وحدهم عشرة آلاف فارس، ثم أجار البحر إلى الأندلس في يوم السبت (8 مايو 1171 م - 1 رمضان 566 هـ) وأقام فيها خمسة أعوام حقق خلالها أعمالًا عمرانية وحربية كثيرة شارك العرب في تحقيقها بحظ مرموق.

وإذا كان هؤلاء العرب النازحون إلى المغرب الأقصى قد استقاموا على الطريقة خلال هذه السنين فإن إخوانهم الذين أقاموا بمواطن قوتهم وعزتهم بإفريقيا بقوا على عادتهم في الفوضى والاضطراب يظهرون الطاعة ويخفون العصيان، ويسكنون إذا أحسوا بقوة الدولة ويتحركون إذا شعروا بضعفها، وقد اضطر الخليفة يوسف إلى الذهاب بنفسه إلى قفصة سنة 1180 م لتقويم اعوجاجهم والضرب على أيديهم وتأديبهم، وكاد يذهب إليهم مرّة ثانية سنة 1183 حينما أسر بنو سُلَيْم أخاه عليًّا قرب قابس لولا أن سرحوه مقابل مال فدى به نفسه وأصحابه، وخلال تلك السنين لَمْ يكن سيل العرب ينقطع عن المغرب، فقد استلذوا رخاء العيش فيه والجهاد بالأندلس وما يدرّه عليهم من ربح وفير وغنم كثير، حتى ذكروا أن أشياخهم الذين وردوا على الخليفة يوسف بالرباط سنة 1184 م وهو يستعد للذهاب إلى الأندلس شرطوا له على أنفسهم أن يحضروا لهذه الغزوة في 130 ألفًا ما بين فارس وراجل.

على أنَّ الفرصة سنحت لعرب المغرب الأدنى لإشباع نهمهم من الفتن والفوضى عقب وفاة الخليفة يوسف وتملك ابنه يعقوب المنصور (1184 م - 580 هـ) فقد خرج بساحله بنو غانية المسوفيون حكام جزائر الباليار من قبل المرابطين فاستولوا على بجاية في الأول فانتقض العرب على الدولة وانضموا إليهم فاحتلوا بهم الجزائر ومليانة وحاصروا قسنطينة، فسرح يعقوب المنصور لمحاربتهم

ص: 595

الأمير عبد الرحمن بن عمر في أعداد وافرة وجموع متكاثرة، وشد عضد جيشه البري بالأسطول، ومع أن الأمير المذكور نجح في استعادة جميع المدن المذكورة فإنه لم يتمكن من القضاء على رءوس الفتنة التي فر بها العرب إلى شط الجريد، حيث استجمعت قواها ونظمت صفوفها واعتزت بمن انضم إليها من الغز

(1)

وأعادت الكرة من جديد على عمالة قسنطينة تجاذب الدولة حبل السلطة فيه، وفي سنة 1186 م توالت على الخليفة أنباء مزعجة عن تضييق بني غانية والأعراب من حلفائهم على بلاد الجريد فنهض إليهم من مراكش يوم الأربعاء (3 شوال 582 هـ) ولم يصحب معه من عرب المغرب إلا بني زيان من عرب رباح

(2)

رعيا لقدم هجرتهم؛ وذلك احتياطا من انضمامهم خلال القتال إلى إخوانهم للعصبية، ولما وصل إلى تونس سرح إليهم الأمير يعقوب بن عمر بن عبد المؤمن في عسكر الموحدين، فهزموه بوطا عمرة، فلم يسع الخليفة إلا الخروج إليهم بنفسه، فخرج من تونس في يوم الأحد (6 سبتمبر 1187 م - فاتح رجب 583 هـ) وعرج في طريقه على القيروان فآلمه ما رأى من اندثار محاسنها وخراب مآثرها وأشجاه منظر مسجدها المبارك العتيق يعشش فيه البوم وينعق الغربان فأمر بتجديده وفرشه، ثم سار حتى التقى بعلي بن غانية وحلفائه من العرب والغز بحامة دقيوس فهزمهم وفر علي مجروحا إلى خيمة أعرابية عجوز ومات بها وولى الثائرون عليهم أخاه يحيى مكانه، وأثر هذه الوقعة استلحق يعقوب المنصور الأغزاز بجيشه، وأقام إلى منتصف شوال بالجنوب التونسي يعالج أمر الثائرين، ثم عاد إلى تونس، ومنها ذهب إلى المهدية في (شهر مارس 1188 م - محرم 584 هـ) فأقام بها ريثما وضع للعرب قوانين يوقف عليها وربط أشغالهم بها، ثم عاد إلى المغرب الأقصى فوفد عليه شيوخ العرب مبدين توبتهم، فأمر بانتقال عرب رياح وجُشَم من بني هلال بن عامر إلى سكناه فنزل الأولون ببلاد الهبط (جبالة) وأرغار (الغرب) ما بين

(1)

جماعات من الأرمن دخلوا إلى المغرب في أواخر القرن السادس الهجري وملكوا طرابلس برئاسة أميرهم قراقش ثم استرجعت منهم واستلحقهم سلاطين الموحدين ثم سلاطين بني عبد الواد وبني مرين بجيوشهم فيما بعد.

(2)

كذا ذكر ابن صاحب الصلاة في المن بالإمامة، وذكر ابن خلدون في تاريخه (6: 45) أن المنصور صحب معه زغبة من الهلاليين وجمهور الأثبج، والغالب أن رواية ابن صاحب الصلاة أصح.

ص: 596

طنجة وسلا، ونزل الأخيرون بتامسنا والحور ما بين سلا ومراكش، وكان قصده من هذا الترحيل كسر شوكة إخوانهم بإفريقيا من جهة وتقوية جيشه بهم من جهة ثانية، ولكن كل ذلك لم يفد شيئا، فإن الأولين أمعنوا في العبث والفساد حتى هم سنة 1194 م بالمسير إليهم لما توالت عليه رسائل أبي سعيد بن أبي حفص مخبرة باستفحال ضررهم وتوالي تواطئهم مع الثوار من بني غانية لولا انشغاله بجهاد نصارى الأندلس في تلك السنة، كما أن إخوانهم الذين انتقلوا إلى سكنى المغرب الأقصى شرعوا يقومون فيه أعمال الشغب الغريزية فيهم بعدما كثر عددهم وأصبحت لهم فيه مواطن عامرة بهم وحدهم، وهذا ما جعله يقول عند وفاته: ما ندمت على شيء فعلته في خلافتي إلا على ثلاث وددت أني لم أفعلها: الأولى إدخال العرب من إفريقيا إلى المغرب مع أني أعلم أنهم أهل فساد، والثانية بناء رباط الفتح أنفقت فيه بيت المال وهو بعد لا يعمر، والثالثة إطلاقي أسارى الأراك ولابد لهم أن يطلبوا بثأرهم

(1)

ومع هذا الندم فإنه أوصى بالعرب خيرا وهو يجود بأنفاسه الأخيرة وطلب من الموحدين أن يداروهم ويلاطفوهم ويحسنوا إليهم غاية الإحسان، ويشغلوهم بالحركات ولا يتركوهم للعطلة والراحات.

وكذلك صار المغرب مملوءا من أدناه إلى أقصاه بالعرب، وسكانه الأولون من بربر وعرب فتح مزاحمين بهم فيه، وصا ارت علامة التمايز بين القبائل الأصلية والأخرى الطارئة كلمة (بني) وكلمة (أولاد)، فكل قبيلة يبتدئ اسمها ببني مثل بني ورياغل هي من قبائل البربر، وكل قبيلة يبتدئ اسمها بأولاد مثل أولاد جامع هي عربية الأصل.

وقد كان لهذا الزحف العربي الثاني الكبير آثار بعيدة المدى في حياة المغرب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية، ولا تزال هذه الآثار تطبعها إلى الآن، ويلاحظ بادي ذي بدء أن هذه الآثار كانت سلبية في النصف الشرقي من البلاد، أي إلى منتهى ما بلغه العرب في زحفهم الأول وهو المغرب الأدنى بأسره وما حاذاه من شرق المغرب الأوسط، فقد انقض الأعراب على تلك البلاد كالطوفان الغامر واللهب المتأجج والجراد الكاسح ينسفون المدن ويخربون القرى

(1)

الأنيس المطرب بروض القرطاس ص 163 ط فاس.

ص: 597

ويغورون الآبار ويعذقون الأشجار ويمعنون في قتل السكان دون تمييز بين محارب ومسالم، ولا بين رجل وامرأة، وكبير وصغير، حتى تقلصت بوصولهم إلى ذلك الجزء من أرض المغرب ظلال الحضارة وذوت أدواح المدنية وأصبحت حواضر برمتها كانت مفخرة من مفاخر الإسلام ومأثرة من مآثر العروبة مثل القيروان وقلعة بني حماد وطنبة والمسيلة وغيرها خرابا ويبابا، وغاض معين العلم والأدب والفقه والتأليف والتصنيف في تلك الجهة بعد ما كانت يناييعها فياضة وأسواقها رائجة ومعاهدها عامرة، وهذا ما جعل أهل البلاد قاطبة عربهم وبربرهم تنقبض صدورهم من وصول هؤلاء الأعراب، وتتعوذ ألسنتهم لمجرد ذكرهم، حتى انبرى مؤرخ عربي وطني نبيه هو عبد الرحمن بن خلدون الحضرمي يحمل عليهم وعلى أمتهم تلك الحملات العنيفة ويحكم عليهم وعليها أحكاما قاسية في تاريخه متأثرا مما عاين من آثار وحشيتهم وثمار همجيتهم.

أما النتائج الإيجابية فهي كثيرة أيضا، ومن أهمها أن البلاد المغاربية أخذت شكلها القومي الجديد، وصارت لها لغة جديدة يتخاطب بها العوام بعد أن كان استعمال اللغة العربية مقصورا على الدواوين الرسمية وبعض الحواضر التي أنشأها عرب الفتح وترعرعت في حضن العروبة، ومن الثابت تاريخيا أن اللغة البربرية بقيت هي السائدة في المغربين الأقصى والأوسط إلى الزحف الثاني الكبير، وأن خطب الجمع في حاضرة عربية مثل فاس، وفوق منبر جامع إسلامي كبير مثل جامع القرويين كانت تلقى باللغة البربرية إلى ما بعد قيام دولة الموحدين، ولكن دخول العرب هذه المرة جعل السيادة للغة العربية على جميع بلاد المغرب، كما جعل أهل البلاد الأصليين تتلاقح دماؤهم بدماء عناصر قوية جديدة تشترك معهم في كثير من خلال الحسن وخصال السوء، فكان لذلك أكبر تأثير على الأجيال المغربية التي ولدت فيما بعد جسمانيا وفكريا.

ونحن عندما نقول اللغة لا نعني بها لغة القرآن الفصيحة المعربة، وإنما نعني بها العربية العامية التي نتحدث بها الآن، فالعرب الذين دخلوا إلى المغرب في منتصف القرن الحادي عشر الميلادي وأعطوه طابعه القومي الحالي لم يكونوا يتكلمون لغة فصيحة معربة ولا كان آباؤهم يتكلمونها قبل قرون، وإنما كانوا

ص: 598

يتكلمون لهجة عربية خاصة هي التي اقتبسها منهم أهل المغرب وصاروا يتحدثون بها مثلهم مضيفين إليها كلمات محلية قليلة غير مغيرين من حروفها ولا نبراتها الصوتية إلا ما فرضت طبيعة مناطقهم البربرية تغييره، وقد كان لهذه اللغة أو اللهجة أدب خاص بها يتمثل في أشعارها وأزجالها وحكمها وأمثالها التي تصور حياة أهلها وتسجل وقائعهم وتخلد بعض حكاياتهم الغرامية كقصة الجازية الشهيرة.

ودخل إلى المغرب مع هؤلاء الأعراب عدد كبير من أهل الصعيد المصري والأرمن والترك والتحق بهم فيما بعد عدد كبير آخر من السودان ومهاجري الجزيرة الأندلسية فكان لكل ذلك آثاره وعواقبه، كما تسرب إليه معهم عدد كبير من وسائل العيش وأدواته التي لم تكن معروفة فيه من قبل كالخيمة مثلا، وكثير من النظم والعادات التي تلائم حياة الرحَّل ولا تلائم حياة المستقرين، كنظام (الدوار) الذي هو عبارة عن مخيم مستدير الشكل تسكنه عشيرة أو عمارة أثناء إقامتها وتحمل خيامه وأدواته أثناء ظعنها.

وعلى الجملة فإن الزحف العربي الثاني الكبير على بلاد المغرب لم يكن يضارعه في قوة فعاليته وسرعة تأثيره إلا الزحف الأول الصغير، كلاهما أعطى البلاد المغرب شيئا وكيَّف حياة أهله تكييفا حاسما، فالزحف الأول أعطاهم العقيدة والإيمان، والزحف الثاني أعطاهم اللغة والقومية.

وبعد، فمَنْ يكون هؤلاء الأعراب الذين زحفوا على المغرب هذا الزحف الكبير وأثروا فيه وفي أهله كل هذا التأثير؟ وما هي أنسابهم وشعوبهم وقبائلهم؟

ص: 599

‌أنساب العرب الداخلين إلى المغرب وبعض أخبارهم

غلب إطلاق اسم بني هلال على جميع العرب الذين دخلوا المغرب في منتصف القرن الحادي عشر حتى ليظن الظان أنه لم يدخله شعب من العرب سواهم، والحقيقة أن شعوبا عربية أخرى دخلته مع بني هلال وبعدهم، وأن بني هلال أنفسهم لم يكونوا يرجعون إلى أرومة واحدة، بل كانت معهم قبائل وبطون كثيرة أضيفت إليهم وهي لا تجتمع معهم في نسب قريب.

ويمكن رد جميع القبائل والبطون العربية التي دخلت بلاد المغرب إلى ثلاثة شعوب:

أ - بنو هلال.

ب - المعقل.

ج - بنو سُلَيْم.

ونفصل فيما يلي القول في أنساب هذه الشعوب موردين بعض أخبارها قبل دخولها إلى المغرب وأثناءه.

1 -

بنو هلال:

أما بنو هلال فجدهم الذي ينسبون إليه هو هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر

(1)

.

كانت مواطنهم في الجاهلية ببسائط الطائف ما بينه وبين جبل غزوان، وكان

يساكنهم فيها بنو نمير بن عامر، وبنو جُشَم، فلما جاء الإسلام وتوسع العرب في الفتوح انتقلوا جميعا إلى بادية الشام وسكنوا الجزيرة الفراتية، فكان بنو نمير بنواحي حران، وبنو هلال بناحية دمشق، واستمروا مقيمين هناك يتكسبون من فلح الأرض ورعي الماشية تارة، ومن الغزو وقطع الطريق أخرى، وكان خلفاء بني العباس يبعثون لهم البعوث تلو البعوث لزجرهم وكف عاديتهم عن المسافرين ولا سيما حجاج بيت الله الحرام.

ولما استولى شيعة الفاطميين على الشام وانتزعوه من أيدي القرامطة

(1)

جمهرة أنساب العرب ص 273.

ص: 600

وأعادوهم إلى البحرين، نقلوا بني هلال هؤلاء إلى سعيد مصر وأنزلوهم بالعدوة الشرقية من نهر النيل، فأضروا بالبلاد وساموا أهلها الذل والهوان.

ومن المؤكد تاريخيا أن قبيلة من شعب هلال تُدعى بني قُرَّة كانت تسربت إلى المغرب قبل زحف جمهورهم عليه، ولها في الحكاية عن دخولها إليه طرق في الخبر غريبة يكاد القاح فيها والمستريب أن يرمى عندها بالخلط والجنون، منفي حكاية الجازية بنت سرحان الشهيرة مع شريف مكة شكر بن أبي الفتوح التي عفت عن خبرة عزة وكثير، وليلى وقيس المجنون، وهي أصل قصة أبي زيد الهلالي الشهيرة، وسترد لدى الكلام عن بني قرة، وقد استوطن بنو قرة هؤلاء أرض برقة بعد ما تغلبوا على مقاومة قبائل لواتة ومزاتة وزناته، وكان لهم بها وبمصر تشغيبات على الحاكم بأمر الله الفاطمي قتل منهم بسببها جماعة وأحرقهم بالنار لفسادهم، ونبغ فيهم معلم للقرآن يُدعى أبا ركوة زعم أنه الوليد بن هشام من ذرية عبد الرحمن الداخل الأموي فبايعوه وألحقوا الهزائم بالجيوش الفاطمية تحت رأيته إلى أن ظفر به وبهم الخليفة الفاطمي سنة 397 هـ.

وأقام جمهور بني هلال بشرق النيل إلى أن خطرت للوزير الفاطمي الحسن اليازوري فكرة إجارة العرب إلى المغرب تخلصا من شرهم وانتقاما من المعز بن باديس، فكانت بطون بني هلال أول من عبر النيل وسار إليه، وكان فيهم من غيرهم كثير من فزارة وأشجع وجشم وسلول ومعقل وعمرة وبني ثور وعدوان وطرود اندرجوا في الأثبج خاصة وصاروا وإياهم شيئا واحدا.

وكان من أشرافهم عند دخولهم إلى المغرب الحسن بن سرحان أخو الجازية المومأ إليها، وأخوه بدر، وفضل بن ناهض، وثلاثتهم من بطن دريد بن الأثبج، وماضي بن مقرب من بني قرة، وسلامة بن رزق الشهير بأبي زيد من بني كثير، وشبان بن الأحيمر وأخوه صليصل من بني عطية، وذياب بن غانم من بني ثور ومؤنس بن يحيى من بني صنبر بطن من بطون مرداس رياح لا مرداس سُلَيْم، وزيد بن زيدان وينسبونه في الضحاك، وسُلَيْمان بن عباس من حِمْيَر

(1)

وسواهم كثير.

(1)

حِمْيَر: ذكرها ابن خلدون في سرد أحد فرسان هلال ولعلهم حِمْيَر أحد بطون عوف من سُلَيْم ولا نعلم أن بطن في هلال اسمه حِمْيَر، والله أعلم.

ص: 601

أما تشعب بني هلال إلى قبائل وبطون وتفاصيل أخبارهم بعد دخولهم إلى المغرب فقد تقدم بعضها وسيرد في هذا الفصل بعد سرد نبذة عن المعقل وبني سُلَيْم.

‌المعقل

نسب هذا الشعب من العرب الداخلين إلى المغرب خفي مجهول عند الجمهور، ويعدهم نسابو العرب من بطون هلال وليس ذلك بصحيح، أما هم فيدَّعون أنهم آل البيت من ذرية جعفر بن أبي طالب، وهو ادعاء غير مسلم به؛ لأن الطالبيين والهاشميين أهل إقامة وحضر وليسوا أهل بادية وانتجاع، ورجح ابن خلدون أن يكونوا يمنيين؛ لأن من هؤلاء بطنين يُسمى كل واحد منهما بالمعقل على ما ذكره ابن الكلبي وغيره، أحدهما من قضاعة والآخر من مذحج، والغالب أنهم من هذا البطن الأخير.

وقد كان عرب المعقل يسكنون قرب البحرين مع القرامطة قبل دخولهم المغرب، ولما دخلوه لم يكن عدلاهم يتجاوز المئتين، فاعترضهم بنو سُلَيْم فتحيزوا إلى الهلاليين ونزلوا بآخر مواطنهم مما يلي وادي ملوية ورمال تافيلالت، وجاوروا زناته في القفار فعفوا وكثروا وانتشروا في صحراء المغرب الأقصى، فعمروا أطرافها وتغلبوا في فيافيها وحالفوا زناته بها في جميع الأوقات، ولم يبق منهم بإفريقيا إلا جمع قليل اندرج في جملة بني كعب من سُلَيْم وصاروا أعوانهم المخلصين.

ولما طلع الزناتيون إلى التل، وأسسوا مملكتهم بفاس وتلمسان وإمارات أخرى صغيرة بالمغرب الأوسط تفرد عرب المعقل بالصحراء ونموا فيها نموا كبيرا بمن انضاف إليهم من القبائل من غير نسبهم مثل العمور وأشجع والشظة والمهايا والشعراء والصباح وبني سُلَيْم، فملكوا القصور التي اختطتها زناته وفرضوا الضرائب على مواطنيها وصارت يدهم الطولى بجميع الأقطار الصحراوية الواقعة بين المحيط الأطلسى وتيديلكت.

ص: 602

وقد اشتهر عرب المعقل هؤلاء باحترام الأنفس والأموال وامتثال أوامر المخزن (الحكومة) فلم يكونوا ينتهكون حرمة الناس ولا يعترضون القوافل التجارية بأذى أو مكروه، الشيء الذي جعل سلاطين المغرب يقدرونهم حق قدرهم ويجازونهم على ذلك بالإقطاعات المديدة والعطايا العديدة.

‌بنو سُلَيْم

هم بنو سُلَيْم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان.

من أوسع بطون مُضَر وأكثرها جموعا، كانت مواطنهم الأولى بنجد، وكانت الرئاسة عليهم فيها لبني الشريد بن عصية بن خُفاف بن بهثة بن سُلَيْم، ولما أدركهم الإسلام كان منهم عناد، ومن بطونهم المشهورة قبائل عصية ورعل وذكوان الذين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتكوا بأصحابه، ثم أسلموا وخاضوا فيما خاضت فيه بقية القبائل العربية من شؤون الخلافات والفتوح، وصاروا في عهد الخلافة العباسية أولي فتنة وبغي، تبلغ بها الجسارة إلى الإغارة على المدينة نفسها، فكان العباسيون يسرحون الكتائب لمحاربتهم والإيقاع بهم، فيذعنون إلى الطاعة ويخلدون إلى السكينة في قفارهم بقدر ما يستجمون ويتتعشون فيعودون إلى حالهم، وبلغ من كراهية أحد خلفاء بني العباس لهم أنه نهى ابنا له عن التزوج منهم.

ولما ظهر القرامطة غمسوا أيديهم في فتنتهم، وحالفوا أبا الطاهر وبنيه أمراء البحرين مع بني عُقَيْل بن كعب، فلما ذهبت ريحهم وانقرض أمرهم اعتنق بنو سُلَيْم مذهب الشيعة وتغلبوا على البحرين بدعوتهم لما أن القرامطة كانوا متشيعين، واستمروا سادة هناك حتى قام بنو الأصفر بدعوة العباسيين، فانتزعوا البحرين باسمهم من أيدي بني سُلَيْم في أيام بني بويه وطردوهم عنها فلحقوا بصعيد مصر وأقاموا به مع بقية الأعراب حتى أجازهم الوزير اليازوري إلى إفريقيا مع العرب الهلاليين، فاستوطنوا برقة وجهات طرابلس زمنا ثم ساروا إلى إفريقيا والمغرب وكان لهم شعبا وقبائل وبطونا ووقائع وأحداث سبق ذكر بعضها.

ص: 603

‌شعوب بني هلال

بنو هلال أحد الشعوب العربية الثلاثة الداخلة إلى المغرب، لكنهم كانوا من كثرة العدد وتعدد البطون بحيث غطى اسمهم على اسمي الشعبين الآخرين.

ويشتمل هذا الشعب على عدد كبير من القبائل، بعضها ينتمي إليه حقيقة بالنسب، وبعضها نسبه في غيره ولكنه محسوب منه ومضاف إليه، ومن هذه القبائل قبائل أكلتها الحروب أثناء الزحف وبعده فاندثرت ولم يبق منها إلا اسمها يذكر بها، ومنها قبائل عفت وتناسلت ونمت فصارت لها البطون والأفخاذ الكثيرة، فارتفعت من رتبة القبائل إلى رتبة الشعوب.

ويمكن حصر شعوب بني هلال الأصليين كالتالي:

أ - الأثبج.

ب - جُشَم.

ج - رياح.

د - زغبة.

ونستعرض فيما يلي كل شعب من هذه الشعوب ذاكرين قبائله وموردين نبذا من أخبارها.

1 -

الأثبج:

أبوهم الأثبج بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال كانوا أوفر عددا من غيرهم وأكثر بطونا فكان لهم التقدم بذلك على سواهم.

من قبائلهم:

أ - دريد: أعز قبائل الأثبج وأعلاهم كعبًا، وكانت رئاسة الأثبج كلها للحسن بن سرحان منهم عند دخولهم إلى إفريقيا، واستقروا ما بين عنابة وقسنطينة إلى طارف مصقلة وما يحاذيها من القفر، ولهم بطون كثيرة مثل أولاد عطية، وأولاد سرور، وأولاد جار الله، وتوبة، ولكل بطن عمارات وعشائر، منهم قبيلة قوية شمال تونس معروفة بالاسم الأصلي (دُرَيْد)، أما البطون قد ارتفعت بدورها إلى مرتبة القبائل وهي معروفة بأسمائها إلى الآن.

ص: 604

ب - كرفة: بنو كرفة بن الأثبج، كانت لهم جموع وقوة أثناء الزحف الكبير، وسكنوا في البداية حيال جبل أوراس مما يلي شرقه، ونقل منهم الموحدون بطونًا إلى المغرب الأقصى، والحفصيون بطونًا أخرى إلى تونس، وربما يصلون في النجعة إلى تخوم الزاب، بطونهم كثيرة مثل أولاد نابت، والكلبية، والشبه، والسرحانية.

ج - لطيف: أولاد لطيف بن سرح بن مشرف بن أثبج كانوا ذوي كثرة ونجعة إلى أن غلبهم الذواودة على الضواحي فعجزوا عن الظعن وسار من سار منهم إلى المغرب مع جمهور الأثبج ونزلت بقيتهم ببلاد الزاب وعمروا منها المدن والقرى مثل الدوسن، وغربيو، وتهودا، وتنومة، وبادس، وكانت فيهم عنجهية منذ رئاستهم القديمة استمرت لاصقة بهم إلى عهد ابن خلدون، وللطيف بطون كثيرة ارتفعت إلى درجة قبائل، منها اليتامي: ذوو مطرف، وذوو أبي الخليل، وذوو جلال أولاد كسلان بن خليفة بن لطيف، ومنهم اللقامنة أولاد لقمان بن خليفة بن لطيف، ومنهم أولاد جرير، وأولاد نزار، ومزنة الذين يرجع إليهم نسب بني مزني المشهورين ولاة الزاب في المغرب الأوسط (الجزائر).

د - مقدم: أولاد مقدم بن مشرف بن أثبج، كانوا ذوي قوة وعدد بين الأثبج، ولما مالوا إلى بني غانية وشقوا عصا الطاعة على الموحدين أشخصهم يعقوب المنصور مع جُشَم إلى المغرب وأسكنهم بسيط تامسنا منه.

هـ - الضحاك: بنو الضحَّاك بن مشرف بن أثبج، كانوا يسكنون بالزاب إلى أن غلبهم الذواودة عليه وصيروهم في جملتهم.

و - العاصم: أبناء عاصم بن مشرف بن أثبج، كانوا من القبائل التي انضمت إلى بني غانية فنقلهم الموحدون إلى المغرب وأنزلوهم ببسيط تامسنا.

ز - العمور: هؤلاء العرب الملحقين ببني هلال، ويظن أنهم من ولد عمرو بن عبد مناف بن هلال إخوة بني قرة بن عبد مناف، وليسوا من ولد عمرو بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال الذي ينتمي إليه رياح وزغبة والأثبج، إذ لا علاقة بين الفريقين، وقد يكون انتماؤهم إلى عمرو بن رويبة بن عبد الله بن هلال، وكل ذلك معروف ذكره الكلبي، ولم تكن لهم في المغرب رئاسة ولا ناجعة تظعن لقلة

ص: 605

عددهم واختلاف كلمتهم، وفيهم فرسان وأكثرهم رجالة، وكانوا يسكنون بالضواحي والجبال ما بين جبل أوراس شرقا وجبل بني راشد غربا في الجهات المقابلة للحضنة والصحراء، أما المناطق الشمالية فكانوا يتحامونها خوفا من سطوة الحكومات؛ فلذلك بقوا قريبين من مواطن القفر والجدب.

وهم ينقسمون إلى بطنين كبيرين: بني قرة وبني عبد الله، وكل بطن يقسم بدوره إلى عمائر وعشائر، وهم معروفون اليوم باسمهم الأصلي وبأسماء فروعهم، وأكثريتهم موجودة على الحدود الجزائرية المغربية مما يلي العين الصفراء وواحات فكيك.

ح - عياض: أبناء عياض بن مشرف بن أثبج، كانوا مقيمين ببادية المغرب الأدنى ثم غربوا ونزلوا الجبل الذي فيه قلعة بني حماد وغلبوا قبائله على أمرهم، وسكنوه بطوله من الشرق إلى الغرب ما بين ثنية غنية والقصاب إلى وطن بني يزيد بن زغبة، فأولهم مما يلي غنية المهايا، وبعدهم المرتفع والخراج من بطونهم، ولكل منهم فروع كثيرة.

ط - بنو قرة: قبيلة متسعة لكنها متفرقة في المدن والقبائل وحدانا، كانوا يسكنون قرب بسكرة متصلين غربا إلى مواطن غمرة، وفيهم بطون كثيرة.

2 -

جشم:

أبو هذا الشعب هو جُشَم بن معاوية بن بكر بن هوازن، واندمجت فيها قبائل أخرى من الأثبج كبني قُرة والمقدم والعاصم فعدوا منهم وغلب اسم جُشَم عليهم جميعا.

نقل الموحدون جمهورهم إلى المغرب الأقصى وأسكنوهم بسيط تامسنا والحوز ما بين سلا ومراكش فتخلوا منذ ذلك التاريخ عن عادة النجعة والريادة واستقروا متكسبين بفلح الأرض واستيلاد الماشية.

من أشهر قبائلهم:

أ - بنو جابر: كانت مواطنهم بسفح جبل تادلة يسهلون إلى البسيط تارة ويأوون أخرى إلى قننة وهضابه إذا أحسوا بتهديد، وكانت رئاستهم على عهد بني

ص: 606

مرين في ورديغة من بطونهم، ومن الناس من يجعل نسبهم في زناته أو لواتة مستدلين على ذلك بمجاورتهم للبربر.

ب - الخُلَّط: هذا القبيل معدود من جُشَم من غير أن يكون من نسبهم، فهم أبناء المنتفق من بني عامر بن عُقَيْل بن كعب، كانوا شيعة للقرامطة بالبحرين ثم ارتحلوا إلى مصر فإفريقيا عندما غلبهم عليها بنو أبي الحسين التغلبيون القائمون بدعوة العباسيين، ثم دخلوا إلى المغرب مع الأعراب ونقلهم يعقوب المنصور إلى المغرب الأقصى فأسكنهم بسيط تامسنا، وكانت لهم فتن وحروب مع سلاطين الموحدين وبني مرين واستقروا بأخرة حيث هم الآن من بسيط الغرب قرب القصر الكبير مختلطين فيه بقبيلة طليق.

ج - سفيان: أدخلهم يعقوب المنصور إلى المغرب الأقصى فسكنوا أولا قرب آسفى، ثم انتقلوا إلى الشمال فسكنوا في بسيط الغرب حيث هم الآن وبقي الحارث والكلابية من بطونهم ينتجعون أرض السوس وقفاره ويطلبون بلاد حاحة من المصامدة فبقيت فيهم لذلك شدة وبأس، ومن أشهر بطونهم أولاد جرمون وأولاد مطاع.

3 -

رياح:

هو رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر.

كان هذا الشعب من أعز قبائل بني هلال نفرا وأوفرهم جمعا عند دخولهم إلى بلاد المغرب، وكانت رئاستهم على عهد الزحف لمؤنس بن يحيى الصنبري الذي أصهر إليه المعز بن باديس ببنته، ثم كان من أشد العرب نكاية وأكثرهم ضررا أثناء حصار القيروان لمعرفته بعوراتها، ونقل منهم يعقوب المنصور قبائل هوية إلى المغرب الأقصى.

قبائل رياح كثيرة ارتقى كل واحدة منها إلى مرتبة شعب، ونعرض فيما يلي أهمها:

1 -

الخضر: أولاد الخضر بن عامر بن رياح، وقيل: عامر بن زيد بن مرداس بن رياح وقيل غير ذلك، كانت رئاستهم في أولاد تأمر بن علي بن تمام بن عمار بن خضر بن عامر بن رياح، وكان بنو مرين مختصين بحلف هذا القبيل.

ص: 607

ب - مرداس: بنو مرداس بن رياح، أكبر بطون رياح على الإطلاق وأكثرهم ذكرا أثناء الزحف الكبير، وهم قوم مؤنس بن يحيى صاحب المعز بن باديس وصهره، ومن أشهر بطونهم قبيلة الذواودة العظيمة وفروعها الكثيرة بالمغرب الأوسط، وأولاد صنبر قوم مؤنس بن يحيى المتقدم، وأولاد مسلَّم، وأولاد عامر بن يزيد الذين منهم بنو موسى وبنو جابر، وسودان، ومشهور (المشاهرة) ومعاوية، ومواطنهم مجاورة لتوزر بشط الجريد.

ج - أولاد سعيد: بنو مالك بن رياح، كانت رئاستهم في أولاد يوسف، ومن بطونهم أولاد عيسى، ومع هذا القبيل لفائف من العرب من غيرهم مثل المخادمة والفجور ونفاث.

د - أولاد مسلَّم: بنو مسلَّم بن عُقيل بن مرداس بن رياح، ينتسب بعضهم إلى الزبير بن العوام، ويقول من ينكر عليهم ذلك إنما هو الزبير بن المهايا أحد بطون عياض من عرب الأثبج، ورئاسة هذا الفريق في أولاد جماعة تارة تكون في أولاد شكر وتارة في أولاد زرارة، وإلى هذا البطن ينتمي سعادة القائم بالسنة في رياح في بداية القرن الثامن الهجري.

4 -

زغبة:

ينتمي هذا الشعب إلى زغبة بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر.

كانت لهم كثرة وعزة عند دخولهم إلى المغرب، وتغلبوا في الأول على نواحي طرابلس وقابس وقتلوا سعيد بن خزرون من ملوك مغراوة بطرابلس، ولم يزالوا مقيمين هناك إلى أن ملك الموحدون إفريقيا وثار بنو غانية المسوفيون بها فتحيزت رغبة إلى الموحدين فرعوا لهم ذلك وصيروهم يدا واحدة مع بربر بني بادين في حماية المغرب الأوسط من ابن غانية وأتباعه، فصارت مجالاتهم ما بين المسيلة وقبلة تلمسان في القفار، واستقر بنو بادين وسائر زناته بالتلول.

ولما ملك بنو مرين فاس وبنو عبد الواد تلمسان واستقرت زناته بالمدن دخلت زغبة إلى التل وتغلبوا على أهله وفرضوا الأتاوة على أكثرهم، وخلت مواطنهم بالقفر منهم فعمرها عرب المعقل وغلبوا على من بقي من زغبة هناك وجعلوا عليهم خفارة يؤدونها من الإبل، ولكن قبائل زغبة تعاقدوا على رفع هذا الذل

ص: 608

عنهم فرفعوه ودفعوا بني المعقل عن وطنهم فاستقروا به لما منعهم الزناتيون من وطء التل، فلما فشلت ريح الزناتيين بكثرة الخوارج وتعدد الثورات عادت زغبة إلى التلول واستطالت بها وغلبتهم عليها وأقطعتهم الحكومات أكثرها ترضية واستظهارا واتقاء لشرهم فإنهم كانوا أشد العرب ضررا حتى صار الناس يتطيرون إذا ذكر اسمهم لأنه نذير شؤم ونحس، وصارت كلمة (زغبي) نسبة إليهم تعادل كلمة مشؤوم منحوس.

تشتمل رغبة على خمس قبائل كبيرة ارتفعت كل منها إلى مرتبة شعب:

أ - حصين: ينقسمون إلى بطنين كبيرين، جندل وخراش، فمن جندل أولاد خنفر، ورئاستهم في بني خليفة، وسادتهم أولاد خشعة، ومن خراش أولاد مسعود رئاستهم في أولاد رحاب، وأولاد فرج رئاستهم في بني خليفة، وأولاد طريف المعروفون بالمعابدة رئاستهم في أولاد عريف، وعلا يزال هذا الفريق يعرف باسمه الأصلي في المغرب الأقصى والمغرب الأوسط، ففي المغرب الأقصى يوجدون بحوز مدينة سلا، وفي المغرب الأوسط يوجدون بحوز بجاية، كما تعرف بطونهم فيهما أيضا.

ب - بنو مالك: يعرفون باسمهم الأصلي في المغرب الأقصى ومواطنهم فيه تقع بإقليم القنيطرة بسهول الغرب حيث تقع قريتا سوق الأربعاء وأحد كورت، ومن بطونهم سويد، والعطاف، والديالم، والهبرة، وصبيح، وغريب.

ج - بنو عامر: مواطنهم الكبرى حول مدينة وهران ودخلت جماعات منهم إلى المغرب الأقصى فاستقرت قرب سلا، والعرائش، وطنجة، وقرب فاس مع قبيلة شراكة، ومن بطونهم الشهيرة بنو يعقوب وبنو حميد وبنو شافع.

د - عروة: وهم بطنان: النضر ومنه (أولاد خليفة، والخماننة، وشريفة، والصحارى) وخميس ومنه (عبيد الله، وفرغ، ويقظان) ولكل منهم بطون وعمائر كثيرة.

هـ - بنو يزيد: كانت لهم مكانة بين قبائل رغبة لشرههم وكثرتهم، وللدول بهم عناية، ومنهم بطون كثيرة مثل حميَّان، وجواب، وبنو كرز، وبنو موسى، والمرابعة، والخشنة، والعكارمة.

ص: 609

‌شعوب معقل

يزعم المعقليون أنهم هاشميون من ذرية جعفر بن أبي طالب، ويعدهم النسابون العرب من بطون هلال، ورجح ابن خلدون أن يكونوا من ولد معقل واسمه ربيعة بن كعب بن ربيعة بن كعب بن الحارث من بطون مذحج اليمنيين.

يذكر نسابتهم أن معقل جدهم خلف ولدين: سحير ومحمد، فولد سحير عبيد الله جد ذوي عبيد الله، وثعلب جد الثعالبة، وولد محمد مختارا جد ذوي حسان والشبانات، ومنصورا جد ذوي منصور، وجلالا وسالما وعثمان الذين منهم قبيلة الرقيطات الشهيرة بناحية سوس.

1 -

الثعالبة:

كانوا يسكنون أولا في المغرب الأوسط بجبل تيطري حيث مدينة أشير، ثم غلبهم عليه بنو توجين فانتقلوا إلى فحص متيجة المجاور لمدينة الجزائر فسكنوه تحت حماية قبيلة ملكيش، وقد تتبع ملوك بني عبد الواد هذه القبيلة بالقتل والسبي والنهب إلى أن دثرت في نهاية القرن الثامن الهجري ولم يبق لها منذ ذلك التاريخ وجود.

وإلى هذه القبيلة ينتسب علَّامة الجزائر سيدي عبد الرحمن الثعالبي المتوفى سنة 1470 م بالجزائر صاحب المؤلفات الشهيرة.

2 -

ذوي حسان:

بنو مختار بن محمد بن معقل، كانت مواطنهم في الأول بنواحي ملوية إلى أن استصرخهم علي بن بدر الزكندري صاحب السوس بعد الموحدين فصارخوه وارتحلوا إليه بظعونهم وحمدوا مواطن سوس فأقاموا بها لعدم المزاحم وصارت مجالاتهم بها وغلبوا جزولة وأصاروهم في جملتهم ومن ظعونهم ووضعوا الأتاوات على المدن والقرى الموجودة بها وببرية شنكيط

(1)

وكانت رئاستهم في أولاد أبي الخليل منهم.

أكثرية ذوي حسان توجد اليوم بصحراء شنكيط ووادي الذهب، وهم بها ينقسمون إلى أربعة أقسام: أولاد احيى من عثمان وهم سكان أدرار مستقرون وقد

(1)

شنكيط: بلاد موريتانيا.

ص: 610

ينتجعون، ثم واد وعيش الذين يسكنون تكانت في أغلب الأوقات، والترارزة سكان القبلة أي الأراضي الممتدة من أكيدي والعقل إلى حدود السنيغال، وأولاد عبد الله أو البراكنة وهم متفرقون منهم من يسكن شمامة وهم أبناء السيد، ومنهم من يسكن فيما بين امشتيل وأفطوط وهم أبناء أحمد أكيدي، وبعضهم يسكن الرك، أي القاع وهم ابن هيبة، وأبناء نغماش.

3 -

ذوي منصور:

أولاد منصور بن محمد بن معقل، وهم معظم قبائل المعقل وجمهورهم كانت مواطنهم تخوم المغرب الأقصى من قبلته ما بين ملوية ودرعة يجاورهم وراءها إلى الجنوب إخوانهم ذوو حسان.

وهم ينقسمون إلى أربع قبائل:

أ - أولاد حسين: كانت لهم العزة على ذوي منصور كافة، ورئاستهم في أولاد خالد بن جرمون، وكانت مجالاتهم وسيطرتهم على الأراضي الواقعة خلف جبال الأطلس ما بين سجلماسة وسوس.

ب - أولاد أبي الحسين: إخوة المتقدمين، إلا أنهم عجزوا عن الظعن معهم فسكنوا قصورا بالقفر ما بين تافيلالت وتيكورارين (كورارة).

ج - المنبات: كانت مواطنهم مجاورة لأولاد حسين من جهة الشرق ومجالاتهم بتافيلالت وصحرائها، وقد يصعدون في التل مع نهر ملوية حتى يبلغوا مصبه بالبحر الأبيض ويفرضون على أهله الضرائب والأتاوات، وهم يطلقون على أنفسهم اسم المنابهة والنسبة إليه منبهي.

العمارنة: أولاد عمران بن منصور إخوة المتقدمين، كانت مواطنهم ومجالاتهم مثل مواطن المنابهة ومجالاتهم، ورئاستهم في العصر المريني كانت في أولاد مظفر منهم يرادفهم فيها أولاد عمارة.

ويطلق على العمارنة والمنبات معا اسم الأحلاف، وبهذا الاسم تدعى اليوم قبيلة بإقليم وجدة.

ص: 611

4 -

ذوي عبيد الله:

كانت مواطنهم ما بين تلمسان ووجدة إلى مصب وادي ملوية بالبحر ومنبع وادي زا (صاع) بالجنوب، وتنتهي رحلتهم في القفار إلى قصور توات وتمنطيت، وربما عاجوا شمالا إلى تسابيت وكورارة، وكانوا يجاورون بني عامر، ولهم معهم ومع بني عبد الواد قبل الجاه والسلطان فتن وحروب موصولة صاروا بسببها أحلافا لبني مرين، ولما ضعفت الدولة توطنوا التلول وتملكوا وجدة وندرومة ومواطن بني يزناسن وبني سنوس ومديونة إقطاعا من السلطان وفرضوا على أهلها الضرائب وصارت لهم جبايتها، كما فرضوا على مرسى هنين ضريبة الأجازة (الزطاطة) منه إلى تلمسان فلا يسير المسافر بينهما أيام حلولهم بساحتها إلا في خفارتهم وعلى ضريبة معلومة يؤديها إليهم.

وينقسم ذوو عبيد الله إلى بطنين كبيرين: الخراج والهراج.

فالخراج من أولاد خراج بن مطرف بن عبيد الله، وكانت رئاستهم في أولاد عبد الملك منهم، ولهم قبائل كثيرة، من أشهرها:

أ - الجعاونة: بنو جعوان بن خراج.

ب - المطارفة: بنو مطرف بن خراج.

ج - العثامنة: بنو عثمان بن خراج.

د - الغسل: بنو غاسل بن خراج، وهم معروفون إلى اليوم بهذا الاسم مستقرون بجماعة الرمشي شمالي تلمسان.

وكانت مع هذه القبائل ناجعة تسمى المهايا ينتسبون تارة إلى المهايا بن عياض المتقدم ذكره لدى الكلام على الأثبج من شعوب بني هلال، وينتسبون تارة أخرى إلى المهايا بن مطرف فيكونون إخوان المطارفة من هذا القبيل.

أما الهراج فمن ولد الهراج بن مهدي بن محمد بن عبيد الله، كانوا يسكنون إلى الغرب من مواطن بني عمهم الخراج مجاورين لبني منصور، وأكبر قراهم قرية تاوريرت الشهيرة ببسيط أنكاد، وخدمتهم كانت في الغالب مع بني مرين، وفي الأقل مع بني عبد الواد، ورئاستهم في أولاد يعقوب بن هبا بن هراج، وأشهر قبائلهم:

ص: 612

أ - أولاد فكرون.

ب - أولاد مرين.

ج - أولاد مناد.

5 -

الرقيطات:

ينتمون إلى جلال وسالم وعثمان أبناء مختار بن محمد بن معقل، كانوا بادية لذوي حسان ينتجعون معهم بإقليم سوس، وما زالت بقاياهم بناحية رودانة منه يعرفون باسمهم الأصلي الرقيطات.

6 -

الشبانات:

أولاد شبانة بن مختار بن محمد بن معقل، كانوا يسكنون بإقليم سوس مع إخوانهم ذوي حسان، وينقسمون إلى بطنين كبيرين: بني ثابت وأولاد علي، ما زال الشبانات معروفين باسمهم الأصلي، داخل شعب الشراردة بناحية سيدي قاسم من إقليم القنيطرة بالمغرب الأقصى، ومنهم بطون مندرجة في قبيلة الودايا بحوز فاس، وأخرى بناحية الصويرة وناحية تادلة وناحية الجديدة.

‌مواطن القبائل العربية

كما يصعب على المؤرخ رسم خريطة تحدد بتدقيق مواطن البربر ومجالاتهم من أرض المغرب، ويصعب عليه أيضا رسم خريطة مماثلة تحدد بنفس الدقة مواطن العرب ومجالاتهم منها، ويرجع السبب في ذلك إلى أن القبائل العربية والبربرية اختلطت خلال هذه الأربعة عشر قرنا من إسلام المغرب اختلاطا قويا بالصهر والحلف والجوار، وتعرب منها بربر وتبربر منها عرب، وكثرت الدعوى في النسب والاستلحاق من طرف والخلع والجحود من طرف آخر، وغلبت العاطفة والهوى على طائفة من المؤرخين وأوقع الوهم طائفة أخرى منهم في أخطاء وأغلاط حتى صارت التفرقة بين جماعة وجماعة أمرا صعبا، وأصبح الباحث كلما أراد شيئا من ذلك تواجهه حقيقة وجود أمة مغربية متماسكة متداخلة الأصول العربية والبربرية.

ولو جاز الاعتماد على اللغة وحدها واتخاذها مقياسا للتمييز بين سلالة وسلالة لكان جميع الليبيين والتونسيين عربا لأنهم لا يتكلمون اليوم غير العربية،

ص: 613

ولو جاز أيضا أن تكون أسماء القبائل المغربية دالة وحدها أيضا على أصولها لجعلنا بني مطير ورهونة مع العرب مع أنهم بربر، وجعلنا أدوعل ومدلش وتجكانت مع البربر مع أنه لا خلاف في أن الأولى علوية والثانية أموية، والثالثة حِمْيَرية.

ومع ذلك فإن في الإمكان الكلام على مواطن العرب اعتمادا على عدد من المقاييس مجتمعة كاللغة والتسميات والنصوص التاريخية وأقوال السكان أنفسهم، وسنذكرها ونذكرهم مغفلين ذكر القبائل الأخرى العربية لسانا البربرية أصلا التي سبق الكلام عليها وعلى مواطنها في الفصل السابق.

فبلاد برقة والتخوم المغربية - المصرية تقيم قبائل هيب من بني سُلَيْم وتنجع، يختلط معهم من العرب غيرهم لفائف من فزارة ورواحة، وأشهر القبائل من هيب شماخ الذين حازوا خصب برقة ومرجها فكان لهم العدد والعز بسبب ذلك، يجاورهم شرقا بنو لبيد، وقبيلتا شمال ومحارب اللتان كانت رئاستهما في بني عزاز المعروفين أيضا بالعزة، ويجاورهم غربا بنو حميد سكان إجدابيا ونواحيها.

وإلى الغرب من مواطن هيب ومجالاتها تسكن قبائل بني سُلَيْم الأخرى وتغطي مواطنهم جميع الإقليم الطرابلسي وتمتد إلى قابس وشط الجريد، ومن أشهر قبائلهم المحاميد والجواري، ومن قابس تمتد مواطنهم ومجالاتهم في اتجاه شمالي غربي إلى ناحية عنابة بالمغرب الأوسط يجاورهم قبائل سلمية منهم كحكيم وأولاد علي والكعوب وطرود ورياح، وقبائل هلالية مثل دريد الأثبجيين.

وفي المغرب الأوسط تحتل القبائل العربية أكثرية عمالة قسنطينة، ففي الشمال يوجد بنو مرداس السلميون قرب عنابة، وعطية في ناحية جيجل، ودريد بين تبسَّة ووادي الزناتي، وكرفة قرب العين البيضاء، وأولاد ماضي قرب برج بو عريرج، يليهم أولاد صولة في الزاب، والذواودة بين الزاب والحضنة، وأولاد سعيد والمخادمة وأولاد جلال وفارس وعامر في الهضاب العليا والصحراء.

وإلى الغرب منهم يسكن بقايا الثعالبة بسهل متيجة، وأولاد ماضي ورياح وبني منصور والخشنة وجواب ويزيد ومربع وسُلَيْمان حول سور الغزلان، والبرَّاز والعطاف وجندل جنوب مليانة وعلى سهول شلف، وتسكن قبائل نزليوة،

ص: 614

وعمراوة، والعبيد حول بلاد الجرجرة الجبلية، بينما يقيم في الجهة المقابلة للصحراء أولاد نايل وبنو زيان.

أما عمالة وهران فقد تعربت من قديم، وصارت جميع قبائلها تتكلم العربية، ومن أشهر قبائلها عربية الأصل بنو عامر والدوائر والزمول بين وهران وتلمسان، والحشم غربي مدينة معسكر، ومجاهر قرب مستغانم، وصهيب وفليتة قرب الأصنام، والغسل ورياح وأولاد ميمون قرب تلمسان، وأولاد النهار خلفها. ويسكن في أقصى جنوبها بني مطهر وأولاد سيدي الشيخ كما يسكن الخلافات وأولاد خالد والجعافرة وأولاد شريف ما بين الساحل وفرندة وسعيدة.

وبجوار هؤلاء في المغرب الأقصى ما بين نهر تافنا ووادي ملوية توجد قبائل عربية كثيرة مثل المهايا وحميَّان والعمور والأحلاف والشجع وبني وكيل يحاذيهم في الجنوب ذوي منيع وأولاد جرير والنواصر والغنانمة سكان ناحية بشار، وبعد ما تفصل قبائل جبال تازة التي بعضها بربري وبعضها متعرب بين شرق المغرب وغربه تظهر القبائل العربية مع ظهور السهول مثل أولاد الحاج وأولاد جامع والحياينة والودايا بناحية فاس تجاورهم في الشمال الغربي القبائل العربية الكبرى التي تحتل سهول الغرب من طنجة إلى سلا مثل سفيان وبني مالك والخلوط وطليق وعامر وحصين، والقبائل العربية الكبرى الأخرى التي تسكن سهول الشاوية والحوز مثل زعير والشاوية والرحامنة وأحمر، ومن يحاذيهم شرقا من قبائل تسكن سهول تادلة مثل بني خيران وورديغة وبني عمير وبني موسى.

أما أقصى الجنوب فهو موطن قبائل المعقل التي منها المنابهة والشبانات والرقيطات والودايا وأولاد دليم وأولاد يحيى وأولاد جرار، ومن أكبرها شعب ذوي حسان الذي تنتشر قبائله فوق سهوب أقاليم موريتانيا والساقية الحمراء ووادي الذهب وتوات، وتصل في مجالاتها بها إلى نهر النيجر ونهر السينغال.

ص: 615

‌ما قاله صاحب كتاب العرب والعروبة

(1)

عن بني هلال وبني سُلَيْم من القرن الخامس حتى الرابع عشر الهجري

‌تدفق القبائل والأرومات العربية وانتشارها في المغرب العربي:

لقد أخذت القبائل والأرومات العربية تنساب إلى بلاد المغرب منذ عهد مبكر من القرن الأول الهجري، حيث بدأت حركات الفتح تتجه نحو هذه البلاد في الثلث الأول من هذا القرن بعد أن استتب السلطان العربي في مصر، ثم أخذ الانسياب يقوى في أواسط هذا القرن وأواخره ثم في أوائل القرن الثاني الهجري - في عهد الدولة الأموية - حتى كاد يكون سبيلا متمثلا بما تدفق على هذه البلاد من جيوش عديدة بأعداد كبيرة في عهد معاوية ثم في عهود عبد الملك وأولاده الوليد وسُلَيْمان وهشام حتى أمكن توطيد السلطان العربي الإسلامي في هذه البلاد نهائيا على ما مر بيانه.

ولقد كان بنيان الجيوش العربية قبيليا حيث كانت تتألف من كتل متكتلة على بعضها، كل كتلة تنتسب إلى قبيلة من القبائل العربية من جهة وكانت الكتل كثيرا ما تصطحب معها نساءها وأولادها ومتاعها على ما كان من أمرها حينما خرجت من الجزيرة في موجة الفتح الكبرى من جهة ثانية.

وقد ذكر لسان الدين الخطيب وزير بني الأحمر المشهور في كتابه الدولة النصرية

(2)

أسماء كثير من القبائل أو جماعات القبائل العدنانية والقحطانية التي انتقلت من المغرب الأقصى إلى الأندلس حينما وجه موسى بن نصير حملاته لفتحها في أواخر القرن الأول الهجري مثل: قيس وعبس وأشجع وباهلة وسُلَيْم وجديلة وكلاب وعُقيل وهلال وثقيف وعك والأوس والخزرج وغسان والأزد وبجيلة. وخثعم وكندة والسكاسك وجُذام وخولان ومذحج وحِمْيَر وهمدان وكلب وحضرموت وجهينة، مما يدل على أن هذه القبائل أو جماعات القبائل كانت ممن تألفت منها حملات الفتح التي وجهت إلى بلاد المغرب واستقرت في هذه البلاد

(1)

العرب والعروبة في حقبة التغلب التركي ج 3 من القرن الثالث حتى القرن الرابع عشر الهجري لمحمد عزت دروزة.

(2)

ص 16، 17 المطبعة السلفية، وانظر تاريخ ابن خلدون ج 4 ص 116 - 120.

ص: 616

بعد الفتح أولا وعلى كثرة أعداد هذه الجماعات وأفرادها كثرة عظيمة بحيث كانت كافية لتوطيد السلطان العربي والطابع العربي في المغرب من جهة وفرز جماعة كبيرة منها تكفي لفتح الأندلس وتوطيد السلطان العربي والطابع العربي فيها من جهة أخرى.

وإذا لاحظنا أن عبد الرحمن الأموي الأول حينما دخل الأندلس في الثلث الأول من القرن الثاني الهجري استطاع أن يقيم دولة قوية السلطان عدتها الأولى والأقوى العرب وأن هذا قد استمر كذلك طيلة القرون الثلاثة التي ظلت هذه الدولة قائمة موطدة فيها، وأن الطابع العربي كان هو القوي البارز الذي طبع هذا الإقليم طبعا شاملا قويا بدا لنا مقدار ما كانت عليه هذه الكثرة وما تيسر لها من النمو الذي ازدادت به كثرة فوق كثرة، ولقد ذكر المؤرخون ما كان من كره عرب الشام لقيام الدولة العباسية وخاصة بعد أن بدا فيها من قوة النفوذ الفارسي ما بدا وما كان من كثرة تمردهم وتبييضهم

(1)

، والمرجح إن لم نقل المحقق أن كثيرا من الذي عرفوا بتواثقهم مع الأمويين قد نزحوا من الشام إلى الأندلس وتوطنوا فيها بعد أن استقرت الدولة الأندلسية فيها فازداد بهم الدم العربي قوة إلى قوة.

على أن السيل لم ينقطع عن إفريقيا أيضًا خلال القرنين الثاني والثالث، فقد ذكر المؤرخون أن قبائل عديدة من بني أسد وبني تميم وبني سعد قد جاءت إلى المغرب الأوسط في عهد الأغالبة التميميين حينما توطدت لهم الإمارة في هذا المغرب 186 - 296 هـ على ما سوف نذكره بعد وتوطنت فيه

(2)

.

‌موجة بني هلال وبني سُلَيْم

ثم كانت الموجة العربية الكبرى في القرن الخامس الهجري إلى المغرب الأوسط التي كان عنصرها الأقوى والأعظم بني هلال وبني سُلَيْم، وقد كان لها

(1)

هذا التعبير قد استعمله المؤرخون والراجح أنه يعني رفع الرايات البيضاء شارة الأمويين بدلا من الرايات السوداء شارة العباسيين كعلامة على التمرد على هؤلاء.

(2)

انظر تاريخ الجزائر العام للعكاك ص 155.

ص: 617

أعظم الأثر في طبع بلاد المغرب بالطابع العربي بسبب كثرة عددها

(1)

وانتشارها وما بدا منها من نشاط وحيوية.

ولمجيئها قصة طريفة من المفيد أن تروى في هذا المقام

(2)

، فإن المعز بن باديس الملك الثالث للدولة الصنهاجية الزيرية جنح إلى توهين الرابطة بين دولته وبين الخلافة الفاطمية فأدى ذلك إلى جفاء وتوتر بينه وبين الخليفة الفاطمي المستنصر فعمد إلى حركة أكثر نكاية وتحديا حيث أسقط اسم الفاطميين من الخطبة والطراز وأمر بلعنهم على المنابر وأخذ يضطهد الشيعيين حتى أنه قتل منهم عددا كبيرا بأسلوب يشبه المذبحة، ثم اتصل سنة 435 هـ بالخليفة العباسي القائم بأمر الله في بغداد وطلب منه تقليدا بإمارته - على ما كان يجري في هذا الظرف من المتغلبين الذين كانوا لا يرون ملكهم شرعيا ولا يراه الناس كذلك لا بتصديق من خلافة عربية قرشية - وأرسل إليه الهدايا فرحب هذا بالتحول ترحيبا عظيما لأن التشاد كان قويا بين العباسيين والفاطميين وأرسل إليه التقليد والخلع والهدايا، وحينئذ عمد الفاطميون إلى إزعاج المعز الصنهاجي بتشجيع بطون كثيرة من قبائل بني هلال وبني سُلَيْم التي نزحت إلى مصر في عهد المعز الفاطمي وانتشرت في صحاريها الشرقية والغربية على الارتحال نحو المغرب الأوسط والتشويش على الدولة الصنهاجية وتعكير الأمن فيها، ويروى أن أبا الحسن اليازوري - نسبة إلى يازور إحدى قرى فلسطين - وزير المستنصر هو الذي اقترح هذه الحركة، وأنه هو

(1)

قال العكاك في كتابه موجز تاريخ الجزائر العام (ص 304) أن المؤرخين اختلفوا في تقويم عددهم وأن المؤرخ ليون الأفريقي نقل عن تاريخ ابن الرفيق أن عددهم يزيد عن المليون، وأن من الصواب تقديرهم بنصف مليون على الأكثر وبمئتي ألف على الأقل، أما أحمد توفيق المدني فإنه قدرهم في كتابه تاريخ الجزائر (ص 138) بين الثلاثمائة ألف والخمسمائة ألف، والرقم كبير على كل حال، ويعني أن سيلا جارفا تدفق على بلاد المغرب في أواسط القرن الخامس الهجري، وبطبيعة الحال أنهم نموا وكثروا خلال القرون التسعة التي مرت على طروئهم حتى صار أنسالهم ملايين، وهذا تفسير كونهم ذا أثر عظيم في طبع البلاد بالطابع العربي، وهذا بالإضافة إلى القبائل الأخرى التي تدفقت قبلهم وبعدهم والتي لا شك أنها كانت في أصلها تبلغ مئات الآلاف.

(2)

انظر تاريخ ابن خلدون ج 6 ص 12 - 82 و 155 - 178 وج 4 ص 62 - 66 وخلاصة تاريخ تونس لحسن حسني عبد الوهاب ص 9 - 98 والاستقصاء ج 1 ص 1665 - 172 والدولة الفاطمية لحسن إبراهيم ص 169 - 171 ورحلة التجاني من رجال القرنين السابع والثامن ص 16 - 2.

ص: 618

الذي اتصل بزعماء بني هلال وبني سُلَيْم وأعطاهم مالا وسلاحا وأصلح بينهم ووعدهم بالمدد والعدد وملكهم كل ما يفتحونه فاتجه إلى إفريقيا (تونس) منهم سيل عرم، وكتب اليازوري إلى المعز الصنهاجي: أما بعد فقد أرسلنا إليكم خيولا فحولا، وحملنا عليها رجالا كهولا، ليقضي الله أمرا مفعولا.

ولقد قام بنو هلال وبنو سُلَيْم بالمهمة حيث أخذوا منذ وصلوا إلى منطقة تونس يعيثون في الأرض فسادا ويقطعون السبيل، ثم تقدموا بزعامة موسى بن يحيى المرداسي نحو القيروان عاصمة الدولة وأخذوا يشنون الغارات على أراضيها ويفسدون الزروع وينهبون المدن والقرى فأنزل بإفريقيا منهم ما لم ينزل بها مثله قط على ما وصفه الرواة، وحشد المعز الصنهاجي قوة كبيرة وخرج على رأسها للتنكيل بهم والتحم معهم في معركة حامية قرب مدينة جندارا وكان فرسان العرب ثلاثة آلاف في رواية وسبعة في رواية أخرى، بينما كان فرسان المعز ثلاثين ألفا على ما روته الروايات كذلك فدارت الدائرة على صنهاجة وانهزمت بعد أن تركت عددا كبيرا من القتلى واستولى العرب على مقادير عظيمة من الخيل والأسلاب والغنائم، وفي هذه الواقعة يقول علي بن رزق الرياحي الهلالي:

وإن ابن باديس لا حزم مالك

ولكن لعمري ما لديه رجال

ثلاثة آلاف لنا غلبت له

ثلاثين ألفا إن ذا لنكال

ولم ير المعز مناصا من تألفهم وتركهم يستقرون في برية إفريقيا وإباحة دخولهم القيروان لشراء ما يحتاجون إليه، فأخذوا ينتشرون في براري المغرب الأوسط وغدوا عنصرا فعالا في أحداثه حتى أن هيبة دولة المعز قد وهنت بتأثيرهم، وكان مما عمد المعز إليه بسبيل تألفهم أن زوج بناته الثلاث لثلاثة من أمرائهم وهم فارس بن أبي الغيث وأخوه عائذ والفضل بن أبي علي المرداسي، على أن هذا إنما زاد في هيبتهم ومطامعهم، فقد ذكر ابن خلدون أنهم جاءوا سنة 448 هـ إلى القيروان فاستباحوها وسلبوها وعبثوا في محاسنها واستصفوا ما كان لآل بلكين في قصورها وشملوا بالعبث والنهب سائر حريمها حتى تفرق أهلها في الأقطار، ولم يزل هذا دأبهم حتى غلبوا صنهاجة وزناته على نواحي إفريقيا والزاب وتغلبت رياح على باجة وقسنطينة وتغلب عائذ بن أبي الغيث على مدينة

ص: 619

تونس وسلبها وملك أبو مسعود أحد زعمائهم بونة، وكان فيهم رجالات مذكورون من أشرافهم حسن بن سرحان وأخوه بدر وفضل بن ناهض وماضي بن مقرب من بني قرة وسلامة بن رزق ودياب بن غانم وموسى بن يحيى ومليحان بن عباس إلخ. .

ولما مات المعز. سنة 453 هـ وتولى ابنه تميم السلطان تمرد عليه حمو بن مليل قائد صفاقص فاتخذ أنصارا من عرب عدي والأثبج وأخذ يتصاول مع تميم وأحرز بعض الانتصارات بهم

(1)

.

ولقد كان باديس بن المنصور عين عمه حمادا سنة 387 هـ واليا على أحد أقاليم المغرب الأوسط الذي كان فيه قلعة حصينة اتخذها مركزا له وما فتئ حتى استبد بالسلطان في الإقليم وصار أبناؤه وأحفاده يتوارثون الحكم مستقلين فانقسمت الدولة الصنهاجية بذلك إلى دولتين عرفت الجديدة بالدولة الحمادية. وقد كان هذا العمل مما ثار الجفاء والنزاع بين أبناء العمومة ومما أوهن دولتيهما معا ثم ما كان للعرب مجال للقيام بدور مهم فيه، فقد ذكر المؤرخون أن الجفاء اشتد بين الناصر بن علناس ملك الدولة الحمادية وتميم بن المعز ملك الدولة الزيرية فتجاذب الملكان بطون بني هلال وتحالف كل منهما مع فريق منهم، ولما تزاحف الطرفان للقتال حول المهدية عاصمة تميم، اتصل تميم بحلفائه وطلب منهم تخذيل إخوانهم عن الناصر وأمدهم بالمال والسلاح فأرسلوا إلى إخوانهم الذين مع الناصر يقبحون مساعدتهم للناصر ويخوفونهم منهم إن قوي ويعرضون عليهم التواطؤ عليه فاستجابوا إلى ذلك وأرسلوا يقولون لهم: اجعلوا أول حملة تحملونها علينا ونحن ننهزم بالناس، ولما وقع الاشتباك نفذوا المؤامرة فحاقت الهزيمة بالناصر وغنم العرب جميع ما في معسكره من مال وسلاح ودواب وتقاسموها فيما بينهم!.

فكان هذا الحادث مما زاد في تمكنهم في المغرب وازدياد قوتهم وزهوهم على البربر، ولقد أحنق ذلك قبائل مغراوه ويفرن ويلومي وعبدالواد وبني توجين وبني راشد وهي فروع زناته الكبرى وتضامنت فيما بينها ضدهم واشتبكت معهم اشتباكات عديدة فكانت الغلبة فيها لهم فزاد ذلك في تمكنهم واستعلائهم.

(1)

انظر: رحلة التاجاني ص 68 وما بعدها.

ص: 620

ومما رواه ابن خلدون

(1)

أن حاكم طرابلس الغرب المنتصر بن خزرون حينما قدم بنو هلال وبنو سُلَيْم تألفهم واتخذ منهم حلفاء فساعدوه على توطيد حكمه وتوسيع رقعة سلطانه.

وليس ما تقدم كل ما كان لبني سُلَيْم من حيوية ونشاط، فقد سجل لهم التاريخ من ذلك شيئا كثيرًا في عهود دول الموحدين والمرينيين والحفصيين والزيانيين، وكان من أسباب نزوح فريق كبير منهم إلى المغرب الأقصى وانتشارهم فيه كما كان من أسباب تمكنهم في المغربين، وقد رأينا من المفيد أن ننوه بذلك في هذا المقام استيفاء للكلام عنهم.

فمن أحداثهم أن عبد المؤمن أول خلفاء الموحدين حينما قضى على الدولة الزيرية الصنهاجية التي كان معظم بني هلال وبني سُلَيْم ينتشرون في أرضها اجتمع زعماء بعض هذه القبائل وتحالفوا على التعاون والتضافر ومقاومة عبد المؤمن إذا هو حاول إخضاعهم لسلطانه كما فعل بالصنهاجيين، واتصل الخبر بروجار صاحب صقلية فأرسل إلى أمراء العرب وهم محرز بن زياد وجبارة بن كامل وحسن بن ثعلب يعرض عليهم إمدادهم بخمسة آلاف مقاتل على شرط إرسال الرهائن فأجابوه بأنهم ليسوا في حاجة إلى مدده، ثم أخذوا يستعدون للمقاومة، وبلغ الخبر عبد المؤمن فسيَّر حملة هاجمتهم على حين غرة فانهزموا فاستولى الموحدون على أموالهم ومواشيهم ونسائهم وأولادهم، واستاقوهم إلى عبد المؤمن، وعني هذا بالأولاد والنساء وأرسل إلى أمراء العرب يطمئنهم ويدعوهم إليه لاستلامهم ويبذل لهم الأمان والكرامة، فسارع فريق كبير من هذه القبائل إلى مراكش حيث وفّى عبد المؤمن لهم بما وعد وعوضهم عما خسروه فاسترق قلوبهم وأقاموا على كثب منه يبذلون جهودهم في توطيد دولته، وكانوا عمدة الجيش الموحدي في عهد عبد المؤمن وخلفائه وأبلوا بلاء حسنا في مجاهدة الإفرنج في الأندلس، وقد نموا وتكاثروا وانتشروا في أنحاء المغرب الأقصى المختلفة

(2)

.

ومن ذلك ما كان لهم من نشاط في سياق ثورة ابن غانية البربري في أواخر

(1)

ج ص 39 - 44.

(2)

ابن خلدون ج 6 ص 225 - 227 والاستقصاء ج 1 ص 139 - 159 و 165 - 172.

ص: 621

القرن السادس الهجري وفي زمن الدولة الموحدية بعد عبد المؤمن، فقد ثار هذا ثورة عاتية في المغرب الأوسط فتضامن معه بعض الفروع التي تخلفت في هذا المغرب من بني سُلَيْم وبني هلال فلما انتصر المنصور الموحدي عليه سنة 584 هـ في إحدى الجولات نقل كثيرا منهم إلى المغرب الأقصى أيضًا فكان النزوح الثاني لهم من المغرب الأوسط في عهد هذه الدولة

(1)

.

ومع هذين النزوحين منهم إلى المغرب الأقصى فقد ظل منهم في المغرب الأوسط (الجزائر) فروع كثيرة نمت وصارت في عدد وافر وقوة معتدة حتى كانت لهم جباية الجانب الشرقي من أوراس وكثير من أنحاء أوراس الشرقية وحتى كادوا أن يكونوا دولة داخل دولة وجعلهم هذا يشعرون بقوتهم ويشمخون بأنوفهم.

ولقد هال هذا الملك المريني أبا الحسن حينما وطد سيادته على المملكة الحفصية في أواسط القرن الثامن الهجري ففكر في خضد شوكتهم فثارت حميتهم وجمعوا جموعهم واشتبكوا معه في معركة حامية هزموا جيوشه فيها هزيمة شديدة واستولوا على مضاربه وما فيها من عدد ومتاع وسلاح ومؤن، ولجأ الملك إلى القيروان فتبعوه ففر منها بحرا إلى تونس فجاءوا إليها وحاصروه فيها، واغتنم الملك الحفصي الذي خلعه الفرصة فزحف بأنصاره على تونس بدوره متضامنا مع العرب مما جعل الملك المريني يجد نفسه في مأزق ولم ير مخرجا منه إلا أن يركب البحر ويعود إلى بلاده، وقد عصفت الريح بمراكبه حتى غرق معظمها ولم ينج هو وبعض خاصته ويصلوا إلى مراكش إلا بعد عناء وأهوال

(2)

.

ومما روي من صور نشاطهم أن جماعات عديدة من بني هلال عادوا فانضموا إلى ابن غانية حينما استأنف نشاطه بعد المنصور فتمكن بذلك من الاستيلاء على قسم كبير من المغرب الأوسط إلى أن وصل إلى طرابلس فاجتمع عليه هناك عرب ذباب من بني سُلَيْم فنهض بهم إلى جبل نفوسة فملكه ثم فتح طرابلس وما وراءها والمنطقة المعروفة بالجريد، وكان في هذه المنطقة فروع أخرى من بني سُلَيْم وبعض فروع قبائل عربية أخرى منضوية إليهم مثل جشم ورياح

(1)

ص 165 - 172 الاستقصاء ج 1 وابن خلدون ج 6 ص 240 - 246.

(2)

ابن خلدون ج 7 ص 252 - 288 والاستقصاء ج 2 ص 57 - 88.

ص: 622

والأثبج فاستمالهم وفرض لهم عطاء - مخصصات - فتوطد بذلك له سلطان وملك واسع

(1)

.

ومن ذلك أن الملك الحفصي أبا زكريا حينما اعتزم الزحف على تلمسان وغيرها من المغرب الأوسط استنهض معه فروع بني هلال وبني سُلَيْم في مملكته فتثاقلوا فما زال يلطف لهم الحيلة في استنهاضهم وتنبيه عزائمهم حتى ارتحلوا معه وتمكن نتيجة لذلك من الاستيلاء على تلمسان

(2)

.

ومن ذلك أن ابن عم للمستنصر الملك الحفصي اسمه قاسم خرج عليه فطارده فلجأ إلى قبيلة رياح الهلالية ونزل على أميرها شبل بن موسى فأجاروه وبايعوه وكان فروع أخرى من بني هلال وبني سُلَيْم موالين للمستنصر فجمعهم وغزا بهم قبيلة رياح وشردها

(3)

.

ومن ذلك أن أبا فارس عزوز الملك الحفصي القوي أراد أن يكسر شوكة بني سُلَيْم والأثبج من فروع بني هلال ويحد من شأنهم فاستصرخوا السلطان المريني الذي كان إذ ذاك على خلاف وعداء مع عزوز فأمدهم بالمال والرجال وانضم أحد أمراء الحفصيين منازعا لعزوز فزحفوا سنة 812 هـ على تونس، غير أن عزوزا استطاع أن يردهم ويتغلب على ابن عمه

(4)

.

ومن ذلك أن الموحدين حرضوا قبائل رياح على المرينيين حينما برزوا لمنافستهم ومناوأتهم وكانوا حينذاك أشد قبائل العرب قوة وشوكة وأكثرهم خيلا ورجالا فأخذوا يتصاولون معهم ويشتبكون اشتباكات شديدة، وقد كانت لهم في بعض الجولات الغلبة على المرينيين حتى أن زعيمهم عبد الحق قتل في إحداها. غير أن المرينيين انتصروا في النهاية عليهم وأثخنوا فيهم وأجبروهم على الإذعان لهم وأداء أتاوة سنوية إليهم

(5)

.

(1)

ابن خلدون ج 6 ص 189 - 198.

(2)

نفس المصدر ص 287.

(3)

ص 288 - 289 نفس المصدر.

(4)

خلاصة تاريخ تونس لحسن حسني عبد الوهاب ص 124

(5)

ابن خلدون ج 7 ص 169 - 171.

ص: 623

‌تفصيلات أخرى عن بني هلال وبني سُلَيْم وغيرهم ممتدة الأثر إلى اليوم

ولقد عقد ابن خلدون في الجزء السادس من تاريخه فصلا طويلا

(1)

في قدوم بني هلال وبني سُلَيْم في أواسط القرن الخامس الهجري وانتشارهم في مختلف أنحاء المغرب الأقصى والأوسط وفيما كان من قبائل عربية مستقرة في هذه الأنحاء قبل قدوم بني هلال وبني سُلَيْم وبعده وفي سيرتهم وما كان لهم من حيز كبير.

ونقتبس منه فيما يلي ما يتصل بانتشارهم وتوزعهم وفروعهم في عهده والحقبة السابقة.

ولقد مهد المؤرخ فقال: إن بني هلال وبني سُلَيْم اقتسموا بلاد إفريقيا - وهذا التعبير كان يعني خاصة إقليم تونس ويمتد أحيانا إلى أطراف ليبيا شرقا والجزائر غربا - فكان لزغبة من بني هلال طرابلس وما يليها ولمرداس بن رياح من الهلاليين أيضًا باجة وما يليها، ثم اقتسموا البلاد ثانية فكان لبني هلال من تونس إلى المغرب - أي الأقصى - وقد غلبوا زناته وصنهاجة على كثير مما في أيديهم وأصاروهم عبيدا وخدما، وكان منضما إليهم جماعات من فزارة وأشجع وعقيل والمعقل وجُشَم، غير أنهم كانوا مندمجين فيهم ويعدون منهم.

ثم بعد هذا التمهيد أخذ يذكر فروعهم في نبذ خاصة هذه ملخصاتها:

1 -

الأثابج

(2)

: هم الأكثر عددا والأوفر قُوة من الهلاليين، وقد توزعت فروعهم في المغربين الأوسط والأقصى، وهم الآن - أي في أواخر القرن الثامن الهجري الذي كتب المؤرخ فيه كتابه - بطون كثيرة منها بنو محمد بن كرفة ويعرفون بالكلبية وأولاد شهيب ويعرفون بالشبه وأولاد صبح ويعرفون بالصبحة وأولاد سرحان ويعرفون بالسرحانية ومواطنهم في جبل أوراس مما يلي زاب تهودا وأولاد دريد وأولاد نابت بن فاضل، وبنو محمد ظواعن جائلة في القفار تلقاء مواطن أولاد نابت، أما باقيهم فإنهم اتخذوا المدن والآطام وقعدوا عن النجعة والظعن.

(1)

ص 12 - 88.

(2)

ص 22 - 23.

ص: 624

وبنو دريد: أعز الأثبج وأعلاهم كعبا، ومواطنهم بين قسنطينة وطارف مصقلة، وهم بطون كثيرة منها أولاد عطية وأولاد سرور وأولاد جار الله وأولاد توبة أولاد وشاح وأولاد مبارك وأولاد مشرف وأولاد العاصم وأولاد مقدم والضحاك وأولاد عياض.

وكان العاصم والمقدم ينزلون في تامسنا، وكانت لهم عزة وعلياء وكان للسلطان عليهم عسكرة وجباية، وفي أول عهد الدولة المرينية صارت الزعامة على جميع العرب في بسائط تامسنا الذين كان يجمعهم اسم الخلط المهلهل بن يحيى من فرع المقدم، وقد أصهر إليه السلطان يعقوب بن عبد الحق وتزوج من ابنته التي صارت أم السلطان أبي سعيد واستمرت زعامتهم في نسله إلى عهد ابن خلدون وكانت لهم عزة ودولة ودالة في هذه الدولة.

وقد نزل بنو عياض بجبل القلعة وملكوا قبائله وغلبوهم وصاروا يتولون جبايتهم، ومن فروعهم المرتفع والخراج.

ومن فروع الخراج: أولاد تبار وأولاد غندوس وأولاد حناش والمهاية والزبير وأولاد صخر وأولاد رحمة.

وبنو الضحاك: بدورهم بطون كثيرة منهم أولاد كسلان وذوو مطرق وذوو أبي الخليل وذوو جلال وأولاد لقمان وأولاد جرير وبنو نزار وبنو مري، وهم متوطنون في منطقة الزاب ومنهم من كان له ولاية فيها وهم بنو مري، وكان لبني الضحَّاك كثرة ونجعة ثم قعدوا عن الظعن واتخذوا المدن والآطام مثل الدوسن وعرسدا وتهودة ونقوسة وبادس.

ومن الأثبج أيضًا العمور: وهم فرعان كبيران بنو قرة وبنو عبد الله وهم ساكنون بالضواحي والجبال ما بين جبل أوراس شرقا إلى جبل راشد.

وبنو قرة: بطن متسع، إلا أنهم متفرقون في القبائل والمدن.

أما بنو عبد الله: فهم كتلة ويتفرعون إلى فروع عديدة، منهم أولاد شكر وأولاد محمد وأولاد ماضي وأولاد عنان، ورئاستهم العليا في أولاد شكر.

وفي المغرب الأقصى: قبائل باسم جشم مؤلفة من عدة بطون من الأثابج

ص: 625

ورياح الهلاليين، غير أن اسم جشم قد غلب عليهم، وفروع الأثابج منهم نزلوا في تامسنا عدا رياحا التي نزلت في البسيط، وقد انتقلوا من الغرب الأوسط في زمن الموحدين، ولما وهن أمر هؤلاء صارت لهم سورة غلب وقوة في الدولة لكثرتهم وقرب عهدهم بالبداوة، ولما استولى المرينيون على بلاد المغرب الأقصى وحلوا محل الموحدين وملكوا فاس وقف العرب في وجوههم وكانت لهم معهم وقائع وحروب، وفي النهاية دانوا للدولة المرينية التي جنحت لتألفهم حتى أن ملكا من ملوكها أصهر إليهم وزوج ابنه ببنت من بني المهلهل وغدت لهم صولة في الدولة واستقرت رئاستهم في بيت المهلهل، وتخلى كثير منهم عن حياة البداوة والنجعة وتوطنوا القرى والآطام، ودخل كثير منهم في جيش الدولة.

والخلة: فرع من جُشَم ويعرف باسم الخُلَّط أيضًا

(1)

، والمعروف أنهم من بني المنتفق بن عامر بن عُقيل وكانوا شيعة للقرامطة في البحرين فلما غلبهم العباسيون ارتحل فريق منهم إلى إفريقيا وسموا هنا بالخُلَّط؛ لأنه كان فيهم جماعات من غير قبيلتهم، وقد أدخلهم المنصور الموحدي إلى المغرب الأقصى مع من أدخله من العرب فاستقروا ببسائط تامسنا، وكانوا أولي عدد وقوة، وكان شيخهم حين دخولهم هلال بن حميدان وظلت الزعامة في بنيه، واندمجوا في أحداث المنافسات التي وقعت بين ملوك الدولة الموحدية.

وبنو جابر: من عداد جشم المغرب وقد تخيروا إلى سفح جبل تادلا وما والاها ويسهلون إلى البسيط تارة ويأوون إلى الجبل أخرى

(2)

.

3 -

رياح: وهم أيضًا من أعز قبائل بني هلال وأكثرهم عددا عند دخولهم إفريقيا. وقد استقروا أولا في بلاد الهبط بين قصور كتامة إلى أزعار البسيط الفيح إلى ساحل البحر الأخضر، وكانت رئاستهم في سنة 618 هـ للشيخ محمد أبي مسعود، وقد اجتمع إليه جماعات من الأثبج فاعتز بهم وكثر، ثم تقدموا إلى بلاد الزاب فتلافت الدولة أمرهم بالاصطناع والاستمالة وأقطعتهم ما غلبوا عليه من البلاد بجبل أوراس والزاب ثم الأمصار التي بالبسيط الغربي، ولم يزالوا إلى هذا العهد - عهد كتابة المؤرخ كتابه وهو أواخر القرن الثامن الهجري - وبطونهم الآن

(1)

ص 29.

(2)

ص 31 - 36.

ص: 626

أولاد محمد وأولاد سباع وأولاد سعيد وأولاد مسلَّم وأولاد الأخضر، ورئاسة أولاد محمد ليعقوب بن علي وله شهرة وذكر ومحل من السلطان متعارف، وهم مختصون بنواحي قسنطينة وقد أقطعتهم الدولة كثيرا من أريافها، وينضوي إليهم جماعات من عامر بن صعصعة كحلفاء

(1)

.

ورئاسة أولاد سباع في بني علي وهم مختصون بنواحي بجاية.

وبطون سعيد ومسلَّم والأخضر هم الأشد قوة والأكثر جمعا ولا يزالون على شيء من البداوة ويبعدون النجعة في القفار.

3 -

زغبة

(2)

: من أهم فروع بني هلال، وكانت لهم عزة وكثرة عند دخولهم المغرب الأوسط، وقد تغلبوا على نواحي طرابلس وقابس، وقتلوا سعيد بن خزرون من ملوك مغراوة في طرابلس، ولما ثار ابن غانية في إقليم الجزائر نزعوا إلى الموحدين، ولما ملكت زناته بلاد المغرب الأوسط دخلت زغبة التلول وتغلبوا عليها وفرضوا الإتاوة على أهلها، وقد أقطعتهم الدولة نواحي كثيرة من المغرب الأوسط استظهارا بهم على زناته، وهم فروع عديدة منها بنو يزيد وبنو حصين وبنو مالك وبنو عامر وبنو عروة، وكان لبني يزيد الكثرة والشرف، وقد أقطعهم الموحدون أراضي حمزة في إقليم بجاية مما يلي رياحا والأثابج وغدوا للدولة أنصارا مخلصين وزادت هي في تكريمهم والعناية بهم، وقد استبدوا بأوطان زناته وغلبوا عليها من جميع جوانبها، وقد كان لعهد المؤرخ العربي ابن خلدون بطون كثيرة ينتمون إلى بني يزيد

(3)

منها حميَّان وجواب وبنو كرز وبنو موسى والمرابعة والخشنة وبنو معافى وبنو لاحق. وكانت مواطن بني حصين مجاورة لمواطن بني يزيد وكانت لهم الإتاوة على أهل المنطقة، وقد اندمج بعضهم في

(1)

ص 30.

(2)

ج ص 40 - 58.

(3)

وبنو يزيد أيضًا في بني سُلَيْم لأن التاجاني من رجال القرنين السابع والثامن وهو أقدم من ابن خلدون ذكر في رحلته في إقليم تونس بني يزيد فقال: إنهم أربعة أفخاذ: وهم الصهبة والحمارنة والخرجة والأصابعة، والصهبة هم بنو صهب بن جابر بن قائد بن رافع بن ذباب، والحمارنة هم بنو حمران بن جابر إخوتهم، والخرجة هم جملة من آل سُلَيْمان بن رافع بن ذباب، والأصابعة هم منتسبون إلى رجل كانت له أصبع زائدة، ودباب يطعنون في نسبهم ومساكنهم في ناطق نوزر وقابس ومسلاتة ص 134.

ص: 627

خدمة الدولة المرينية وساعدوها على زناته كما اندمج بعضهم في خدمة الدولة الزيانية وساعدوا أبا حمو حتى تمكن من استرداد تلمسان واستئناف سلطانه بعد تشرده، وقد تملك هؤلاء في عهده الإقطاعات وغدت لهم في دولته العزة والجاه، وهم بطنان: جندل وخراش، وكل منهما يتفرع إلى فروع عديدة، وكان بنو مالك من زغبة ثلاثة بطون وهي بنو سويد وبنو الحرث والديالم، وكل منها يتفرع إلى فروع عديدة وقد كانت لهم إقطاعات في بلاد حمزة وبني حسن وتوجين، وكانت الرئاسة في بني سويد، ومن فروع بني سويد فلمة وشبانة ومجاهر وجونة وهبرة، وبنو الحرث بطون عديدة أيضًا منها العطاف وبنو زيادة والدهابقة وبنو نوال والعكارمة، وكان لهم في عهد المؤرخ إتاوة على بلاد سيرات والبطحاء وهوارة، وكان بنو سويد زعماؤهم حلفاء لبني عبد الواد ملوك تلمسان، فلما استفحل ملك بني مرين في عهد السلطان أبي عنان واستولى على تلمسان دانوا له فرعى حرمتهم ورفع زعيمهم وزمار بن عريف على سائر رؤساء البدو من زغبة وأقطعه السرسو وقلعة ابن سلامة وكثيرا من بلاد توجين، ولما مات استقدم ابنه أبا عريف إليه وأجلسه في مجلسه مكان أبيه وعقد لأخيه عيسى على البدو من قومه، وتخلى أبو عريف عن مركزه جنوحا إلى الترهب وبنى حصنا بوادي ملوية وكان يقيم فيه على عهد المؤرخ الذي قال أن ملوك بني مرين ظلوا يرعون حرمته ويؤثرونه بالشورى والمداخلة في الأحوال الخاصة مع الملوك والرؤساء من سائر النواحي فتوجهت إليه بسبب ذلك وجوه أهل الجهات من الملوك وشيوخ العرب ورؤساء الأقطار، وقد استفحل أمر قومه بل أمر زغبة فجاش مرجلهم سنة 767 هـ على زناته ووطؤوا بلادهم بالمغرب الأوسط فأعجزوهم وتغلبوا على سائر البلاد بالإقطاع من السلطان طوعا وكرها.

ومواطن بني عامر: قبلي تلمسان مما يلي المعقل، وكانت مواطنهم قبل ذلك في آخرها مما يلي المشرق، وكانوا مع بني يزيد حيا واحدا وكان لهم الغلبة عليهم وعلى غيرهم في مواطن حمزة والدهوس وبني حسن، ولهم على وطن بني يزيد لهذا العهد ضريبة من الزرع مقدارها ألف غرارة متوارثة من عهد تغلبهم، وهم ثلاثة بطون وهي بنو يعقوب وبنو حميد وبنو شافع وكل منهم يتفرع إلى أفخاذ وفروع أخرى، وسياق المؤلف عنهم يفيد أن منهم من كان مع بني عبد الواد ملوك

ص: 628

تلمسان ومنهم من كان مع بني مرين، وأنه كان ينشب بينهم منازعات ومصاولات لسبب ذلك وأن كلا منهم أبلى في مساعدة الجهة التي كان معها ونال توجهها والحظوة لديها.

وبنو عروة: بطنان وهما النضر وخميس، ولكل منهما أفخاذ متفرعة عنهما، ومنهم من هو منتبذ في القفر - ينتجعون رماله ويصعدون إلى أطراف التلول، ومنهم من يقطنون جبل راشد، وهم متحالفون مع بني سويد يظعنون لظعنهم ويقيمون لإقامتهم.

4 -

وفي المغرب الأقصى مجموعة من القبائل العربية يجمعها اسم معقل

(1)

وموطنها صحاري هذا المغرب وقفاره، وهي ثلاث طوائف وهم ذوو عبد الله وذوو منصور وذوو حسان، ويزعمون أنهم من نسل جعفر بن أبي طالب.

ويقول ابن خلدون: والصحيح أنهم من عرب اليمن وقد جاءوا في القرن الخامس إلى المغرب الأوسط ثم انتقل منهم جماعات إلى المغرب الأقصى مع بني هلال، والذين بقوا في المغرب الأوسط منهم اندرجوا في جملة بني كعب بن سُلَيْم وداخلوهم حتى كانوا وزراء لهم في الاستخدام للسلطان واستئلاف العرب لهم، وقد نموا في المغرب الأقصى وكثروا وانتشروا في صحاريه وعمروا رماله، وكانوا أحلافا لزناته فيها، ولما ملكت زناته بلاد المغرب ودخلوا الأمصار والمدن تفردوا في الصحراء ونموا نموًّا لا كفاء له وملكوا أوطان زناته وقصورها من السوس غربا ثم توات ثم جودة ثم تمنطيت ثم واركلان وتاسيبت وتيكورارين وكل واحد من هذه المواطن وطن منفرد يشتمل على قصور عديدة وذات نخيل وأنهار

(2)

. وقد فرضوا الإتاوات على من بقي في جوارهم من زناته وغيرهم. وقد انضوى إليهم على طريق الحلف والولاء كثير من القبائل القديمة والطارئة مثل فزارة وأشجع والعمور وبطون من سُلَيْم وبني هلال حتى صاروا يعدون من جملتهم، وتفرعوا إلى فروع عديدة وكان لهم في عهد دولة بني مرين ثم في عهد الدول التي قامت

(1)

انظر: ابن خلدون ج 6 ص 58 - 71.

(2)

يفهم من فحوى سياق ابن خلدون أن تعبير القصور كان يعني الواحة أو القرية.

ص: 629

بعدهم في المغرب الأقصى، أي الدول الوطاسية والسعدية والشريفية الحاضرة شأن كبير في الأحداث السياسية والحربية.

ولقد زار لسان الدين الخطيب وزير بني الأحمر المشهور سنة 761 هـ حينما جاء لاجئا إلى المغرب الأقصى أحد أمرائهم مبارك بن إبراهيم بن عطية بن مهلك ومدحه مدحا عظيما يدل على ما كان له وبالتالي لقبائل العرب من شأن في دولة بني مرين، وقد جاء في قصيدة المدح:

ساحات دارك للضياف مبارك

وبضوء نار قراك يهدي السالك

قل للذي قال الوجود قد انطوى

والبأس ليس له حسام فاتك

والجود ليس له غمام هاطل

والمجد ليس له همام باتك

جمع الشجاعة والرجاحة والندى

والبأس والرأي الأصيل مبارك

للدين والدنيا وللشيم العلى

والجود إن شح الغمام السافك

عند الهياج ربيعة بن مقدم

والفضل والتقوى الفضيل ومالك

ورث الجلالة عن أبيه وجده

فكأنهم ما غاب منهم مالك

ومما بدأ به خطبة ألقاها بين يديه:

(الحمد لله الذي جعل بيتك شهيرا، وجعلك للعرب أميرا، وجعل اسمك فألا، ووجهك جمالا، وقربك جاها، أنت أمير العرب وابن أمرائها وقطب سادتها وكبرائها. . إلخ)

(1)

.

ومواطن ذوو عبد الله: بين تلمسان إلى وجده إلى مصب وادي ملوية في البحر، وينتجعون القفار وتنتهي رحلتهم فيها إلى قصور توات وتمنطيت وربما عاجوا إلى ذات الشمال، وهم مجاورون لبني عامر بن زغبة من بلاد سلطان بني عبد الواد، وبينهم فتن وحروب موصولة، وكان بينهم وبين بني عبد الواد مثل ذلك ثم أعطوهم الصداقة والطوائل وعسكروا معهم في حروبهم فأقطعوهم وجده وندرومه وبني برتاس ومديونة وبني سنوس وصار لهم على أهل هذه البلاد

(1)

الاستقصاء ج 2 ص 108.

ص: 630

الإتاوات والوضائع وضربوا على بلد هنين بالساحل ضريبة الإجازة منها إلى تلمسان فلا يسير ما بينهما مسافر إلا بإجازتهم ومقابل ضريبة يؤديها إليهم، وهم بطنان الهراج والخراج، وكان يعقوب بن يغمور شيخ الخراج لعهد السلطان أبي الحسن المريني فلما تغلب هذا على تلمسان حرض بعض الزعماء عليهم فأرسل عسكرا لانتزاع أملاكهم فأعلنوا العصيان والتمرد وهاجموا عسكر السلطان فقتلوا قائدهم وانتهبوا المعسكر وفر يعقوب إلى الصحراء، حيث ظل شريدا إلى أن بسم الحظ لبني عبد الواد واستأنفوا سلطانهم فعاد ونال لديهم الحظوة والبر ولم تزل زعامتهم لهذا العهد - عهد المؤرخ - في بني يعقوب، أما زعامة فرع الهراج فهي في أبناء مناد وخدمتهم في الغلب لبني مرين.

وذوو منصور: هم معظم المعقل وجمهورهم، ومواطنهم تخوم المغرب الأقصى من قبلته ما بين ملوية ودرعة، وهم أربعة بطون أولاد حسن وأولاد أبي الحسين ويمتان إلى شقيقين، ثم أولاد عمران وأولاد منبا ويمتان كذلك إلى شقيقين.

ومما ذكره ابن خلدون من أحوالهم أن أولاد أبي الحسين عجزوا عن الظعن فنزلوا قصورا اتخذوها بالقفر ما بين تافيلات وبتكورارين، وأن أولاد حسين هم جمهور ذوي منصور ولهم العزة عليهم واسم زعيمهم لهذا العهد يوسف بن علي، وأن مواطن أولاد عمران مجاورة لمواطن أولاد حسين من ناحية الشرق، وفي مجالاتهم بالقفر تافيلات وصحراؤها وبالتل وملوية وقصور وطاط وتازي وبطوية وعساسة، ولهم على ذلك كله الإتاوات والوضائع والإقطاعات السلطانية وأن زعيمهم لهذا العهد - عهد المؤرخ - سُلَيْمان بن ناجي، ومن عادتهم النجعة للقفر والإكثار من الغزو واعتراض العير وقصور الصحراء، وأن أولاد منبا شركاء لأولاد عمران في المواطن والنشاط ورئاستهم لهذا العهد لمحمد بن عبد الله، وأنه كان بين ذوي منصور ويعقوب بن عبد الحق المريني وقائع وقد أوقع بهم في صحراء درعه فلما مات ثم مات ابنه يوسف تمردوا وأخذوا بثأرهم ثم دانوا للمرينيين بالطاعة وأداء الصدقة إلى أن وهن أمر الدولة في ظرف فاعتزوا ومنعوا الصدقة، ولما استولى السلطان أبو عنان على تلمسان سنة 750 هـ فرَّ إليهم زعيم بني عامر مستجيرا فأجاروه وزحف عليهم أبو عنان فوقفوا في وجهه ولم يظفر منهم بطائل.

ص: 631

ومواطن ذوي حسان هي في نواحي ملوية إلى البحر، ويعرفون بعرب السوس حيث كان استصرخهم صاحب السوس بعد الموحدين على قبيلة اسمها كزولة من ظواعن بسائط السوس فصارخوه وارتحلوا إليه بظعائنهم وغلبوا التي في البسائط ووضعوا عليها الإتاوات، وقد بلغ من أمرهم أن صاروا يتقاضون الجبايات من المصامدة وصنهاجة في هذه البسائط، ورئاستهم لهذا العهد هي لأولاد أبي الخليل.

5 -

بنو سُلَيْم (أبناء عمومة بني هلال): لقد كان مواطنهم قبل زحفهم إلى إفريقيا مع بني هلال في براري مصر الشمالية الغربية بين الإسكندرية وعقبة برقة وهم أربعة فروع رئيسية: بنو هيب وبنو عوف وبنو ذباب وبنو زغب.

ومواطن بني هيب: من أول أرض برقة مما يلي إفريقيا إلى العقبة الصغيرة، ولا يزالون هنا لهذا العهد - عهد المؤلف أواخر القرن الثامن الهجري - ومن بطونهم بنو حميد وبنو محارب، وقد استولوا على إقليم طويل ولم يبق فيه مملكة ولا ولاية إلا لأشياخهم، وكان في خدمتهم جماعات من البربر واليهود يحترفون الفلاحة والتجارة، وكان معهم ولا يزال جماعات من رواحة وفزارة، ومن مشاهير مشايخ الأعراب لهذا العهد أبو ذوئيب.

وكانت مواطن بني عوف من وادي قابس إلى أرض بونة، وهم بطنان مرداس وعلَّاق، وكانوا قد أقاموا حين أجارتهم على أثر الهلاليين ببرقة. فلما كانت فتنة ابن غانية وقراقش بجهات طرابلس وقابس - وقد مرت إشارة إليها - تجمعوا إليهم فيمن تجمع من أوشاب القبائل فاعصوصبوا عليهم وكان لهم معهم حروب، واستصرخوا رياحا الهلاليين فصارخوهم، ولما هلك ابن غانية ورسخت الدولة الحفصية بإفريقيا جاءوا إليها بزعامة شيخهم مسعود، ولقد أراد الملك الحفصي أبو زكريا إخراج رياح من إفريقيا بسبب ما كانوا عليه من العبث والفساد فتألف بطون بني سُلَيْم واصطنعهم بسبيل ذلك واستظهر بهم وأنزلهم بساح القيروان وأجزل لهم الصلات والعوائد ثم أغراهم ببني رياح فزاحموهم بالمناكب بعد أن كانت لهم استطالة على جميع بلاد إفريقيا - المغرب الأوسط وخاصة

ص: 632

تونس - فنشبت بينهم الحروب وتمكنوا من إزاحتهم عن إفريقيا إلى تلول قسنطينة وبجاية إلى الزاب وما يليه حيث صارت مواطنهم وظلت كذلك إلى هذا العهد، وقد ملك بنو عوف سائر ضواحي إفريقيا وتغلبوا عليها واصطنعهم السلطان وأثبتهم في ديوان العطاء ولم يقطع شيئا مما في أيديهم واختص بالولاية منهم أولاد جامع من مرداس فكانوا خالصة له، ولكن هذا لم يدم حيث تغيرت الحال بينهم وبين خلفاء أبي زكريا، وكان زعيمهم عنان بن جابر فذهب مغاضبا ولحق بالخليفة السعيد من بني عبد المؤمن في مراكش وحرضه على الحفصيين، وظل بطن علَّاق مواليا للحفصيين فلما استفحل ملك المستنصر منهم حرضهم على بني عمومتهم بني مرداس فحاربوهم وغلبوهم على أوطانهم وأخرجوهم من إفريقيا فصاروا إلى القفر وهم اليوم به، وقد تمكنوا من التغلب من ضواحي قسنطينة وصار لهم إتاوة على توزر ونفطة وبلاد قسطيلة وعمروا كثيرا من القفر.

ولقد استقام أمر بني علَّاق وصارت لهم الزعامة على بني عوف بعد نزوح بني مرداس، وشملت رعامتهم بطون حُصين ودلاج من رياح

(1)

وعلا شأنهم عند الدولة واعتزوا على سائر بني سُلَيْم، وكانت الزعامة في عهد الملك المستنصر لشيخ اسمه الحاج كعب وقد أقطع له السلطان أربع قري في نواحي صفاقس والجريد وأفاد جاها وثروة، وقد استقرت الزعامة في ولده برغم ما كان من تناحر وتنافس بين فروع بني علَّاق وتدخل الملوك الحفصيين.

وكانت مواطن بني ذباب ما بين قابس وطرابلس إلى برقة، وقد ظلوا حيث هم إلى هذا العهد، وهم بطون عديدة منها أولاد أحمد وبنو يزيد والنوائل وأولاد سنان وأولاد وشاح، وزعامة هذا الفرع في أولاد وشاح، وهي لهذا العهد في بني مرغم بن صابر منهم.

ولم يذكر ابن خلدون بني زغب رابع فروع بني سُلَيْم الرئيسية إلا بإشارة خاطفة حيث قال: إنهم بإفريقيا (إقليم تونس) مع إخوانهم.

(1)

رياح هنا هم بطن من بني عوف، وهم غير قبيلة رياح الهلالية المشهورة.

ص: 633

وفي كتاب الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى للسلاوي، وهو مؤرخ معاصر استمر كتابه إلى سنة 1313 هـ أخبار كثيرة عن القبائل العربية التي تدفقت على المغرب الأقصى وانتشرت في أرجائها وما كان من نشاطها ومشاركاتها في الأحداث التي كانت تقع في عهود دول هذا المغرب الأولى نقلا عن ابن خلدون وغيره، وفيه بالإضافة إلى ذلك أخبار كثيرة جدا عن حركة ونشاط وحيوية القبائل العربية التي ظلت تحتفظ بحياتها القبلية في المغرب الأقصى - بعد أن امتصت المدن والريف منها ما امتصته وعمرت به - وأسمائها وتفرعاتها في سياق الدول التي قامت في المغرب الأقصى قديما وحديثا، ومن هذه الأسماء ما هو قديم نقلناه عن ابن خلدون، ومنها ما هو جديد لم يذكره ابن خلدون ويحتمل أن يكون لقبائل جديدة طرأت على المغرب الأقصى في القرون المتأخرة أو لفروع جديدة متفرعة عن القبائل القديمة.

وهذه قائمة طويلة من الأسماء التي وردت في ثنايا فصول الكتاب:

عرب معقل، وعرب الخُلَّط، وعرب جُشَم، وذوو منيع، ودغيسة، وجسيمة، وحميان، ومهاية، والعمور، وأولاد جرير، وستونة، والحياينة، وبنو عامر، وأولاد نصير، وعبده، وأحمر، والصفافعة، وبنو شقران، والصباح، والزمالة، وبربوش، والمغافرة، والدوائر، وأولاد الدليم، وبنو حسن، والعمارنة، والمنبات، وأولاد جرار، وبنو مالك، وبنو سفيان، وبنو التاغي، وبنو عياش، والشبانات، وبنو يزيد، والعمارة، وبنو دريد، وشراقة، وأشجع، وأولاد مطاع، وذوو منيع، والمشاشيل، وبنو شقران، وأولاد يحيى، والزيايدة، وبنو موسى، وبنو مصر، وزرارة، والرحامنة، وأولاد جامع، والشاوية، وجروان، وغياثة، وأولاد أبي السباع، وأولاد نصر، والشياظمة، وأولاد رزق، وأولاد عطية، والقوازيط، وزعير، وعرب الأعشاش، والشراردة، وتكنه، وذوو بلال.

ولقد روى السلاوي

(1)

صورا كثيرة من صور النشاط القَبَلي لهذه الأسماء، منها ما ورد في سياق الدول العربية، ومنها ما ورد في سياق الدول البربرية، أما ما كان من ذلك في عهود الدول العربية فسوف نورده في سياق سيرة هذه الدول،

(1)

يرجح أن يكون منسوبًا إلى مدينة سلا الساحلية بالمغرب الأقصى.

ص: 634

وهذه سلسلة من هذه الصور التي رواها المؤلف في سيرة الدول البربرية ومعها بعض صور رواها ابن خلدون:

1 -

إن جماعات كثيرة من قبائل العرب من بني جابر والأثبج والعاصم وعرب الخُلَّط كانوا في حملات الجهاد التي قادها أو سيَّرها الملك الموحدي يعقوب وابنه المنتصر إلى بلاد الأندلس في القرنين السادس والسابع للهجرة، وأنهم أبلوا في الجهاد بلاء حسنا

(1)

.

2 -

إن عرب الخُلَّط النازلين في تامسنا خالفوا بزعامة زعيمهم هلال بن حميدان الملك العادل بن المنصور الموحدي حينما تولى الملك وظاهروا أخاه المأمون لأن العادل آوى إليه قبيلة بني سفيان التي كان بينها وبينهم منافسة وعداء، وأن هذه المظاهرة كانت من عوامل نجاح المأمون ووصوله إلى الملك، وأن عرب الخُلَّط بزعامة هلال ظلوا إلى جانبه إلى أن هلك فبايعوا ابنه الرشيد وجاءوا به إلى مراكش، وقد استباح هذا بني سفيان إرضاء لهم، وقد صارت زعامتهم بعد هلال لأخيه مسعود فأغراه أحد كبار رجال الدولة المُلقَّب بشيخ العساكر فخالف على الرشيد، غير أن هذا تمكن من توطيد ملكه ثم تعقب مسعودا ومحرضه فقتلهما واعتقل أولاد هلال ثم أطلقهم ثم اعتقلهم وقتلهم، وقد أحنق ذلك عرب الخلط وجعلهم ينحازون إلى بني مرين الذين كان نجمهم آخذا بالسطوع

(2)

.

3 -

إن الملك المريني يعقوب (القرن السابع للهجرة) كتب إلى عرب جُشَم وأميرهم يومئذ على الخُلَّط بأن يناصروا أبا دبوس أحد الأمراء الموحدين حينما استنجد به، فانضموا إليه فزحف بهم على مراكش، وانضم إليه كذلك عرب سفيان وبني جابر بزعامة كبيرهم علوش بن كانون السفياني، وقد تمكن أبو دبوس بسبب ذلك من الاستيلاء على مراكش وإزاحة ابن عمه المرتضى عن العرش والحلول محله

(3)

.

4 -

إن أحد زعماء البربر في عهد المرتضى الموحدي (القرن الثامن للهجرة)

(1)

ج 2 ص 20 - 30 الاستقصاء.

(2)

ابن خلدون ج 6 ص 29، 30.

(3)

الاستقصاء ج 1 ص 207، 208.

ص: 635

أعلن الثورة فتضامن معه قبائل الشبانات وذوي حسان من عرب معقل وقبائل جزولة فاستفحل أمره بهذا التضامن وقد اغتر بما صار إليه أمره فأرهف حده للعرب وسامهم الهضيمة فزحفوا عليه وقتلوه

(1)

.

5 -

لما انبرى يغمراسن ملك تلمسان لمناوأة الملك يعقوب المريني زحف عليه هذا بحملة قوية كان فيها كثير من قبائل العرب مثل سفيان والخُلَّط والعاصم وبني جابر وذوي حسان والشبانات والأثبج ورياح وعرب السوس الأقصى وبلاد الهبط

(2)

.

6 -

لما صار العرش المريني إلى أبي عنان وفد عليه أولاد مهلهل أمراء بني كعب من سُلَيْم وأقيال بني أبي الليل وبايعوه وحرضوه على ملك تونس الحفصي الذي كان إذ ذاك أبا إسحاق إبراهيم بن أبي بكر فاستجاب لتحريضهم وسيَّر معهم عسكرا كما سيَّر أسطوله لحصار تونس من البحر، فذعر الملك الحفصي وفر، ودخل العرب وعسكر أبي عنان تونس وملكوها وأرسلوا بالبشرى إلى أبي عنان، وكان لعرب رياح في إقليم تونس يد مبسوطة وخفارة يفرضونها على السابلة، فأراد أبو عنان أن يشدد قبضته عليهم فأجمعوا على خلافه وخرجوا إلى الزاب بقيادة زعيمهم يعقوب بن علي، وسار الملك المريني خلفهم فارتحلوا إلى القفر فخرب حصونهم في الزاب ورجع مكتفيا بذلك.

7 -

إن ضرر عرب الشاوية تزايد وشرهم استطار في أواخر عهد بني مرين اغتناما لما ألم بالدولة من ارتباك وزحفوا إلى أحواز مكناس وفاس وعاثوا وأفسدوا، وهؤلاء العرب بطن من سويد إحدى قبائل بني مالك بن زغبة الهلاليين وقد سموا بالشاوية؛ لأن أجدادهم سكنوا في ناحية بهذا الاسم حينما قدموا إلى المغرب الأقصى في زمن أول ملوك بني مرين، وكان زعماؤهم حكام الناحية بالإضافة إلى نواح مجاورة أخرى كانوا يتصرفون فيها

(3)

.

8 -

إن أهل فاس بايعوا بعد قتل عبد الحق آخر ملوك بني مرين (869 هـ)

(1)

المصدر السابق ص 207، 208.

(2)

المصدر السابق ج 2 ص 10 - 16.

(3)

ص 135، 136، 158، 159 نفس الجزء.

ص: 636

الشريف عبد الله الحفيد من ذرية إدريس الكبير فزحفت قبائل زغبة الهلالية إلى أحواز فاس ومكناس وأخذت تعيث فيها فلم يستطع أن يفعل معها شيئا

(1)

.

9 -

لما نشط أبو حمو موسى في سبيل استعادة ملك آبائه في تلمسان في أواسط القرن الثامن كان لبني عامر بن زغبة الهلاليين أقوى يد في نجاحه، ولقد كانوا على خلاف مع المرينيين منذ استيلائهم على تلمسان فاتصل زعيمهم صغير بن عامر بأبي حمو وعرض عليه مساعدته على استعادة تلمسان وتضامن معهم قبائل بني معقل وغيرهم من العرب فزحفوا في جموع كبيرة واستطاعوا أن يستولوا على المدينة، ونتيجة لذلك قامت الدولة الزيانية التي كان أبو حمو أول ملوكها. ولقد كرَّ المرينيون على تلمسان واستطاعوا أن يشردوا أبا حمو عنها، غير أنه كرَّ ثانية مع أنصاره العرب وتمكن من استرداد المدينة سنة 760 هـ مما اضطر السلطان المريني أبا سالم إلى الاعتراف بسلطانه والتهادن معه فتوطدت دولته وعمرت طويلا

(2)

.

10 -

كان عرب بني سويد في منطقة تلمسان غير موالين لأبي حمو فاستصرخوا أبا فارس الملك المريني (القرن الثامن للهجرة) فنهض لنجدتهم واتصل الخبر بأبي حمو فجمع المجموع وخرج للقائه، ولكن العرب من بني معقل تفرقوا عنه هذه المرة فأجفل هو وأولياؤه من بني عامر ودخلوا القفر، وقد تمكن أبو فارس من احتلال تلمسان نتيجة لذلك، ثم أرسل إلى أبي حمو ومن معه فأدركوه وأجهضوه عن ماله وعسكره واكتسحوا ماشية العرب الذين معه وأموالهم

(3)

.

11 -

إن زعيما من البربر اسمه علي بن بدر بسط سلطانه على بلاد السوس في أواسط القرن السابع وكانت قبائل عرب هذه البلاد عدته فتبطرت عليه فزحف للإيقاع بها فصدمت له وكسرته وقتل هو في المعركة

(4)

.

ولقد ذكر العكاك في كتابه تاريخ الجزائر

(5)

- وهو مؤرخ معاصر - خبر زحف بني هلال وبني سُلَيْم وانتشارهم في بلاد المغرب بعبارة مقتضبة وقال فيما

(1)

ص 159، 160.

(2)

ابن خلدون ج 7 ص 122 - 148.

(3)

نفس المصدر والصحف السابق ذكرها.

(4)

ابن خلدون ج 6 ص 272 - 274.

(5)

ص 304.

ص: 637

قاله: إن المؤرخين اختلفوا في تقويم عددهم فقال المؤرخ ليون الأفريقي نقلا عن تاريخ ابن الرفيق أن عددهم يزيد عن المليون، وهذا رقم مبالغ فيه - والكلام للعكاك - والصواب تقديرهم بنصف مليون على الأكثر وبمئتي ألف على الأقل، والرقم كبير على كل حال، وهو يعني أن سيلا جارفا من العرب تدفق على بلاد المغرب في القرن الخامس، وبطبيعة الحال أنهم نموا وكثروا خلال القرون التسعة التي مرت على طروئهم حتى صار أنسالهم ملايين، وهذا بالإضافة إلى أنسال القبائل التي تدفقت على هذه البلاد وانتشرت وتوطنت في مختلف أنحائها قبلهم، والتي لا نشك في أن عددها أضعاف عدد بني سُلَيْم وبني هلال عند طروئهم على ما يستفاد من وصف تدفقهم وتوالي تدفقهم تحت رايات حملات الفتح الأولى وما بعدها في القرون الثلاثة الهجرية الأولى، ويوجد الآن في مختلف أنحاء البلاد المغربية قبائل عربية كثيرة لا تزال تحتفظ بطابعها وتقاليدها القبلية ولكن عددها لا يبلغ الملايين حيث يصح أن يقال: إن كثرة كبيرة من أنسال القبائل التي طرأت على هذه البلاد بل أكثرها قد انتقل من حياة البداوة إلى حياة الحضارة واستقر في المدن والأرياف المغربية وقد مرت إشارات إلى ذلك، وفي كل هذا تعليل للطابع العربي الشامل الذي طبع هذه البلاد، ولقد قال العكاك

(1)

بعد أن نوَّه بقوة طابع الآداب والثقافة العربية الذي كان يطبع الدولة الزيانية التي مرت إشارة إليها وما نبغ فيها من علماء وأدباء وشعراء أن البربرية قد تضاءلت أمام نور العربية المتلألئ ولم يبق لها من أثر إلا في كسر البيوت في ذلك العهد - أي ما بين القرن السابع إلى العاشر - ولا شك في أن هذا المظهر قد ازداد توطدا وترسيخا خلال الحقبة التالية.

وقد نوَّه المؤلف في سياق كلامه عن الحكم التركي الذي امتد من القرن العاشر إلى القرن الثالث عشر للهجرة بقبيلة عربية كبرى اسمها الدواويدة

(2)

وقال إنها كانت مستوطنة في الزاب الجنوبي وقد عسرته وبسطت عليه جناح نفوذها وكونت به شبه دولة رؤساؤها من أسرة أبي عكاز اعترفت بها الدولة التركية

(1)

ص 404.

(2)

ص 450، والصحيح الدواودة وهي من أعظم قبائل رياح الهلالية.

ص: 638

ولقبت رؤساءها بشيوخ العرب، كما نوَّه أيضًا بقبيلة عربية أخرى تعرف ببني العباس

(1)

وقال: إنه كان لها دويلة بسطت جناحيها على بلاد مجانة في الزاب وتوسعت فيها توسعا كبيرا وكانت عاصمتها قلعة تنسب إليها وتسمى قلعة بني العباس مما فيه صورة من صور الوجود والنشاط القَبَلي العربي تضاف إلى ما ذكرناه في المناسبات العديدة السابقة.

وفي كتاب تاريخ الجزائر للمدني - الذي نوهنا به قبل - فصل بعنوان العنصر العربي

(2)

أشار فيه إلى انسياح القبائل العربية إلى بلاد المغرب منذ الفتح ونوه خاصة بانسياح بني هلال وبني سُلَيْم وتأثيرهم في طبع هذه البلاد بالطابع العربي. ثم عقد بحثين: الأول على أسماء فروع هذه القبائل في ظروف قدومها، والثاني على أسماء وفروع القبائل العربية ومراكزها في ظروف تأليف الكتاب عام 1931 م.

وفي البحث الأول تفصيل أوفى مما اقتبسناه من ابن خلدون

(3)

، والمتبادر أنه يتضمن صورة حال بني هلال وبني سُلَيْم بعد مضي وقت ما على قدومهم وانتشارهم؛ ولذلك صار من المفيد إثباته كما يلي:

1 -

‌ قبائل الأثبج من بني هلال:

دريد وبطونها أولاد عطية وأولاد سرور وجار الله وتوبة، وكرفة وبطونها بني محمد والمروانية وحجيلات ونابت ومن الفروع الثانوية المتفرقة عن هذه البطون كليب وشبيب وصباح وسرحان، وعمور: وبطونها عبد الله وبني قرة ومن الفروع الثانوية المتفرعة عن هذه البطون محيَّا وأولاد زكري وأولاد فارس وأولاد عزيز وأولاد ماضي، والضحَّاك وبطونها محايا وأولاد ضيفل وبني الزبير ومرتفع وخراج وأولاد صخر ورحمة ومن الفروع المتفرعة عن هذه البطون أولاد طبلان وأولاد

(1)

ص 450.

(2)

ص 129 - 145.

(3)

ص 131 - 138 ولا يذكر المدني مصادره ولكن الزيادات تفيد أنه نقل عن مصادر أخرى غير ابن خلدون.

ص: 639

حماس وأولاد عبد السلام وأولاد قندوز، ولطيف وبطونها يتامى وأولاد لقمان ومن الفروع المتفرعة عن هذه البطون بنو جلال وبنو خليل وبنو مطرق وبرَّاز وجرير.

2 -

‌ قبائل جوشم (جُشَم) من هوازن:

عاصم ومقدم وجوشم، وفروع جوشم الخُلَّط وسفيان وبنو جابر وكلابيا وأولاد مطاع.

3 -

‌ قبائل رياح من بني هلال:

مرداس وبطونها الذواودية وصنبر وعامر ومغنم ومن الفروع التي تفرعت من هذه البطون عساكر بن سلطان ومسعود بن سلطان وأولاد محمد وأولاد سبع وأولاد صولة وصنبر وعامر ومغنم وموسى ومحمد وجابر، وعلي وبطونها رحمان وفطر ومناقشة، وعامر ومن بطونها الخضر، وسعيد ومن بطونها أولاد يوسف ومن فروعهم بحور وريوط والمخادمة.

4 -

‌ قبائل زغبة من بني هلال:

مالك وبطونها سويد وديالم وبخيس وعطاف ومن فروع هذه البطون شبابه وأولاد ميمون وحوطه وصبيح ومجاهر وفليته وحساسنة وابن رحمة وأبو كامل ومالك وشفاعي ورفيع وهبة وحمدان وعكرمة وبنو زياد وموال والدشاخنة وبنو يعقوب، ويزيد وبطونها سعد ومعافي وبنو موسى وخشنة وحميان ومربع وحرز وجواب ومن فروع هذه البطون الزرلي وبنو ماضي وبنو منصور، وحصين وبطونها قراش وجندل ومن فروعهما أولاد طرف وأولاد فرج وأولاد مسعود، وعامر وبطونها الصقر ويعقوب وحميد وشفاعي ومن فروع هذه البطون سُلَيْمان وحجازي وميمون وعبد الله وزائر وعلي وأولاد سيدي العبدلي والغرابة والحشم ومطرف وشكاره، وعروة وبطونها النذر وحميص ومن فروعهما الصحارى وشريفة والحماقنة وأولاد خليفة وأولاد سُلَيْمان وبنو زيان ويقظان وأولاد نائل وعبيد الله.

5 -

‌ قبائل معقل وعدي من بني هلال:

صقيل وبطونها الثعالبة وبنو عبيد الله ومن فروع هذه البطون خراج وحجاج وأولاد عثمان ومطرفة وغوسل وجاونة، ومحمد وبطونها بنو مختار وبنو منصور

ص: 640

ومن فروعهما بنو حسان وبنو علي وشبعانات وبنو ثابت ورقيطات وأولاد أبو الحصين وحصين وعمران ومؤبت وأحلاف.

6 -

‌ قبائل ذباب من بني سُلَيْم:

أولاد أحمد وبنو يزيد وصبحة وحمارنة وخارجة وأولاد وشاش، ومن فروع الأخيرة حريز وجوارى والمحاميد وسُلَيْمان والنوائل وأولاد سنان.

7 -

‌ قبائل هيب من بني سُلَيْم:

سالم ومن فروعها أولاد مرزوق وعلاونة وأماين، وبنو لبيد، وشماخ.

8 -

‌ قبائل زغب من بني سُلَيْم:

زغب.

9 -

‌ قبائل عوف من بني سُلَيْم:

مرداس وبطونها كروب ودلاج ومن فروعهما بنو علي وبنو بو الليل وطرود، وعلَّاق وبطونها حصن ومهلهل ورياح وحبيب ومن فروع هذه البطون بنو على وبدرانة وأولاد نامي وأولاد صرة وأولاد مري وحضرة وأولاد أم أحمد وأهل حُصَيْن ومصاوية وحُمْر وجمياط ورجيلان وهجر وأولاد جابر وشعانبة ونير وجوين ومقعد وملاعب وأحمد ونوه.

10 -

‌ قبائل محالفة لبني سُلَيْم ومندمجة معهم:

الطرود وعدوان وناصرة وقرة وعزة، ومن فروع عزة شمال ومحارب.

وهذه أسماء القبائل في الحالة الحاضرة وفروعها ومراكز توزعها كما وردت في البحث الثاني

(1)

.

1 -

‌ في عمالة الجزائر:

قبائل الثعالبة وقبائل معقل في سهول متيجة، وأولاد ماضي ورياح وبنو منصور وخشنة وموسى وجواب ومربع ويزيد وسُلَيْمان حول مدينة سور الغزلان

(1)

ص 139، 140 المتبادر أن ما جاء في هذا البحث هو تحقيق وسماع شخصي من المدني.

ص: 641

(أومال)، والبرَّاز وعطاف وجندل في جنوب مليانة وفي سهول الشلف، ونزليوة وعمراوة وعبيد حول بلاد الجرجرة، وأولاد نائل والصحارى وبنو زيان في نواحي الصحراء.

2 -

‌ في عمالة قسنطينة:

أولاد سعيد والمخادمة وأولاد جلال وفارس وعامر في الهضاب العليا والصحراء.

3 -

‌ في عمالة وهران:

بنو عامر والدوائر والزمول بين وهران وتلمسان، والغرابة في ناحية وهران، والبرجية في الجنوب الشرقي من وهران، وبنو هاشم غربي مدينة معسكر، ومجاهر قرب مستغانم، وصهب قرب الأصنام، وفليتة جنوب الأصنام، ومحايا والجعافرة وبني مظهر وخلافات وأولاد خالد وأولاد الشريف ما بين الساحل وفرندة وسعيدة، وأولاد فارس بين تيارت وسور الغزلان، وبنو مسلَّم في الجنوب الغربي من أولاد فارس، وهميان وزغبة ترتاد السهول والهضاب العليا صحبة بقايا زناته البربرية المبتلعة. وفي الجنوب أولاد سيدي الشيخ وهي قبيلة حديثة التكوين مؤلفة من مختلف القبائل العربية وبقايا القبائل البربرية.

4 -

‌ القبائل العربية المختلطة:

وهنالك قبائل عربية التحمت مع قبائل البربر بالمصاهرة والجوار فحصل بينهما امتزاج كبير بابتلاع العرب للبربر، وجميع هذه القبائل في عمالة قسنطينة وأشهرها: بنو مرداس قرب عنابة، ودريد بين وادي الزناتي وتبسَّة، وكرفة قرب عين البيضاء، وعطية في نواحي جيجل، وأولاد ماضي قرب برج بو عريرج، وأولاد صولة في الزاب، والذواودة بين الزاب والحضنة

(1)

.

(1)

ص 140 ويلحظ أن الأسماء عربية، والظاهر أن البربر انضووا في هذه الأسماء وهذا ما قد يعنيه قول المؤلف أن العرب ابتلعوا البربر.

ص: 642

وقد قدر المؤلف المدني

(1)

عدد بني هلال وبني سُلَيْم حين قدومهم إلى بلاد المغرب بين الثلاثمائة والخمسمائة ألف وهو متقارب في تقديره مع المؤرخ العكاك.

ولم نجد مصدرا يذكر حالة القبائل العربية الحاضرة وأسماءها ومراكز انتشارها في الإقليم التونسي مع أن هذا الإقليم كان من أول محطات وأول مجال نشاط القبائل العربية تحت راية الفتح وبعده وخاصة قبائل بني هلال وبني سُلَيْم.

ولقد قال مؤلف كتاب "هذه تونس" الذي ذكرناه قبل

(2)

أنه لا يوجد قبائل رحَّالة في القطر التونسي إلا في المنطقة الوسطي وأن السلطة لو اعتنت بمسائل الري لاستقرت هذه القبائل أيضًا، حيث يفيد الكلام أنه لا يزال توجد جماعات عربية تعيش عيشة القبيلة والبداوة استمرارا على ما كان من أمرها وإن كان يفيد في نفس الوقت قلة هذه القبائل واندماج معظم القبائل العربية التي وفدت على هذا القطر في حياة مدنه وريفه.

ولقد كتبنا لعلَّامة تونس الكبير الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب نطلب منه بيانا شافيا فأرسل إلينا مذكرة نسجل له هنا من أجلها شكرنا الجزيل، ومما تضمنته المذكرة:

1 -

أن أرومات عربية كثيرة من المستقرين في مدن القطر التونسي لا تزال تحتفظ بأنسابها إلى قبائل لخم وتنوخ وتجيب والأزد وجذام ومهرة القحطانيين وإلى بني تميم وفهر من العدنانيين الذين جاءوا إلى شمال إفريقيا في القرنين الأول والثاني في ظروف حركة الفتح.

2 -

أنه لم يبق معروفا في البلاد التونسية من بني هلال إلا قبيلتا دريد ورياح، وأن بقية القبائل التونسية هي من فرع بني سُلَيْم وهي متفرقة في أنحاء الجمهورية التونسية وكان أغلبها إلى عهد غير بعيد يعيش عيشة القبيلة ثم استقر بعضها في أماكن وقرى معينة يزرع الأرض ويربي الماشية، بينما ظل بعض آخر يعيش عيشة التنقل وراء الكلأ والماء؛ منه من يفعل ذلك بين القرى في فصلي

(1)

ص 138.

(2)

ص 5.

ص: 643

الخريف والصيف؛ ومنه من يفعل ذلك في البادية في فصلي الشتاء والربيع، وهذه أسماؤها ومنازلها:

أ - في معتمدية مجاز الباب من ولاية باجة من رياح الهلاليين:

الصميدية - الدعاجة - أولاد الأمير - أولاد الحاج - الخرايصية - العبادلية - الحمايدية - أولاد سيدي عبد النور - المساعيد.

ب - في نفس المعتمدية من دريد الهلاليين:

أولاد جوين - أولاد عرفة - أولاد مناع - بنو رزق.

ج - في ولاية الكاف من دريد الهلاليين:

أولاد خليفة - أولاد حربي - أولاد خالد - أولاد عباس - أولاد فتوح - أولاد قاسم - أولاد ميمون - أولاد موسى.

د - في نفس الولاية من أولاد يعقوب الهلاليين:

بنو وائل - أولاد المهدي - الشبارية.

هـ - في ولاية قفصة من قبيلة الهمَّامة من سُلَيْم:

أولاد بالهادي - أولاد محمد - البدور - الردائيدية - أولاد عبد الكريم - أولاد مبارك - أولاد سيدي علي بن عون - أولاد الحاج - الخدمة - الظواهر - الدوالي - أولاد مبروك - أولاد سيدي بو زيد - الحرشان - أولاد وهيبة - أولاد معمَّر - أولاد عليم - أولاد بو علاق - أولاد أحمد - أولاد يوسف - أولاد بيَّه - العكارمة - أولاد سيدي خليفة - أولاد سيدي تليل - الملكيات.

و - في معتمدية الصخيرة في ولاية صفاقس من قبيلة نفات من سُلَيْم:

السماعيلية - عوين - العطيات - أولاد حامد - الكرائية.

ز - في معتمدية قبلي ولاية قابس من أولاد يعقوب من سُلَيْم:

أولاد سباع المهاملة - أولاد بو بكر الغياليف - أولاد ميرة المقارحة - أولاد عزيزة المكاشرة.

ص: 644

ح - في معتمدية دوز ولاية قابس من المرازيق من سُلَيْم:

أولاد عبد النور - الجلايلة - أولاد عون - أولاد منصور - أولاد يحيى - العبيدات - العبادلة - أولاد عثمان - أولاد عبد الله - أولاد نصر - أولاد عمر.

ط - في نفس المعتمدية من قبيلة العذارة

(1)

:

العرايفة - الرتيمات - أولاد مرزوق - أولاد ابن نصر - أولاد بالليلة - أولاد حسن.

ي - في نفس المعتمدية من قبيلة الصابرية من سُلَيْم:

الرحامنة - شبيب.

ك - في نفس المعتمدية من قبيلة قعود من سُلَيْم:

الجراردة - أولاد علي - أولاد نويصر.

ل - في نفس المعتمدية من قبيلة غريب من سُلَيْم:

أولاد موسى - أولاد نويجي - أولاد بورابع.

م - في معتمدية تطاوين في ولاية مدنين من عرب تطاوين من سُلَيْم:

أولاد دباب - أولاد شهيدة - أولاد سُلَيْم - الودارنة - الدغاغرة.

ن - في معتمدية بنقردان في ولاية مدنين فروع متعددة من قبيلة التوارين من سُلَيْم.

س - في معتمديتي ترياقة وجبنيانه في ولاية صفاقس من قبيلة المثاليث من سُلَيْم.

أولاد نجيم - أولاد سُلَيْم - أولاد مراح - أولاد بو سمير - أولاد يوسف - أولاد المبروك - أولاد الحاج - المساترية - المراعية - الخشارمة.

(1)

نبه علامتنا التونسي في هامش مذكرته على هذه القبيلة بقوله. يقال أنهم من بقايا بني عذرة الذين كانوا بالجزيرة.

ص: 645

ع - في معتمديات المهدية والمنستير وجمال من ولاية سوسة من عرب المثاليث أيضًا:

أولاد زيد - أولاد نصر - الحكانمة - الرشارشة - البرادعة - السعد.

ف - في معتمدية الحامة في ولاية قابس من بني يزيد من سُلَيْم:

الشياب - السّمايحة - التراجمة - الشعل - الخرجة - الأصابعة - الشلاخشة - الزمازمة - الجماين - أولاد خليفة - أولاد ضو - الحرشان - أولاد ابن خود.

ص - في معتمدية مارث في ولاية قابس من الحمارنة من بني يزيد من سُلَيْم:

أولاد عبد اللطيف - أولاد بو عبيد - الجلائلة - العزائية - الموامنة - الكواكبية - العلايا - أولاد حديدان - أولاد محمد - العصايدة - الحمايدة - العوامر

(1)

.

ولقد وددنا أن نحصل على بيانات مماثلة عن حالة القبائل العربية الحاضرة في المغرب الأقصى أوسع مما جاء في كتاب الاستقصاء وأوردناه قبل، فكتبنا لوزير الداخلية المغربية ولبعض علماء المغرب فلم نتلق منهم جوابا فاضطررنا إلى الاكتفاء بما أوردناه سابقا.

(1)

مما ذكره مؤلف رسالة (هذه تونس) أن قبائل بني يزيد مشهورة بالنخوة العربية وأنهم قاموا في سنة 1915 م بثورة لاهبة استمرت سنتين وكلفت الفرنسيين أفدح الخسائر وكانت بقيادة البطل الشهير الحاج سعيد بن عبد اللطيف (ص 85).

ص: 646

‌القبائل الكبرى بالمغرب الأقصى (مرتبة حسب النواحي والجهات)

(1)

*‌

‌ ناحية الدار البيضاء "الشاوية

"

- (الدار البيضاء): قبائل مديونة - أولاد زيان.

- (برشيد): قبائل أولاد حريز - حدام - أولاد عبو.

- (فضاله): قبيلة زناته.

- (ابن سليمان): قبائل موالين الغابة - موالين الوطا - الفضالات - بني ورا - أولاد صباح - أولاد علي - أحلاف مليلة.

- (سطات): قبائل المزامرة - أولاد بوزيري - أولاد سيدي داوود.

- (ابن أحمد): قبائل ملال - بني إبراهيم - أولاد مراح - أولاد محمد - المعاريف.

- (البروج): قبيلة بني مسكين.

- (أولاد سعيد): قبائل أولاد عريف - موالين الحفرة - كدانة.

*‌

‌ ناحية الجديدة جنوب الدار البيضاء "دكالة

"

- (الجديدة): قبائل أولاد بو عزيز - أولاد فرج.

- (أزمور): قبائل الشياضمة - شتوكة - الحوزية.

- (سيدي بنور): قبائل العونات - أولاد عمران - أولاد بو زرارة.

- (خميس الزمامرة): قبيلة أولاد عمور.

قلت: ويرجح أن قبائل أولاد عمران من المعقل، وأولاد عمور من الهلالية.

(1)

عن كتاب المغرب للصدِّيق بن العربي ص 260 وما بعدها، الطبعة الثانية 1984 م/ 1404 هـ - الناشر الجمعية المغربية.

ويلاحظ أن 60 % من قبائل المملكة المغربية من البربر. وبعض هذه القبائل من بني هلال والمعقل.

ص: 647

*‌

‌ ناحية تادلا

- (وادي زم): قبائل بني سمير - السماعلة - أولاد عيسى - المعادنة - موالين - الدندون الكناديز.

- (خريبكة): قبائل أولاد بحر الكبار - أولاد بحر الصغار.

- (بجعد): قبيلة بني زمور.

- (بني ملال): قبيلة بني معدان.

- (قصبة تادلا): قبائل سمكت - كطاية.

- (الفقيه بن صالح): قبائل بني عمير - أولاد عريف.

- (دار ولد زيدوح): قبائل بني وجين - أولاد بو موسى.

- (إزيلال): قبائل آيت وتفركل - آيت وكوضيد - آيت محمد - آيت ويز - آيت بوكمز - آيت بويكنيمن - إيحنصالن - آيت عباس - آيت عبدي - هنتيفة - آيت عتاب - آيت عياط.

- (القصيبة): قبائل آيت ويرا - آيت أم البخت - آيت عبد اللولي - آيت محند - آيت سعيد وعلي - آيت حمان - آيت بو زيد - آيت عطا نومالو - آيت مازيغ - آيت إسحاق - آيت داوود وعلي - آيت وازكي - آيت بندق - آيت عبدي.

*‌

‌ ناحية مراكش "الحوز

"

- (مراكش): قبائل الجيش - أوريكة - غيغاية - سكتانة - الرحامنة.

- (القلعة): قبائل السراغنة - زمران - أهل تاملالت.

- (أمزمير): قبائل كدميوه - أولاد مطاع - وزكيته - كندافة.

- (ايمينتانوت): قبائل متوكه - مزوضه - هنيتفه - دويران - دمسيره - سكساوة.

- (شيشاوة): قبائل أولاد أبى السباع - أهل شيشاوة مجاط - فروكة - العرب.

ص: 648

- (آيت ورير): قبائل مسفيوه - تكانة - غجدامه - كلاوة.

- (دمنات): قبائل ولتانه فطواكه.

*‌

‌ ناحية ورزازات "درعة

"

- (ورزازات): قبائل آيت بودلال - آيت دوشن - آيت تمستينت - آيت تيديلي - آيت تيزكي نوزاليم - آيت زينب - سكورة - أيمرهان - سكتانه أوناين - أيبوزيوا - آيت واوزكيط - الفيجه - آيت خزامه - آيت مغليف - آيت واغردا - آيت سكمان - آيت تماسين - زناكه - آيت عامر - أهل المحاميد - أهل زكيد - أهل دادس - آيت ونير - آيت موتد - آيت سدرات - آيت عطا - مكونه - آيت حمو.

*‌

‌ ناحية آسفي - الصويرة "الشياضمة وحاحا

"

- (آسفي): قبائل البحاترة - آل عامر - تمرة - ربيعة.

- (الشماعية): قبائل الزرة - الزرارت.

- (الصويرة): قبائل نكنافة - أداوكورد - أداويسان - آيت زلظن - أداو زمزم - أولاد الحاج - مسكالة - الدرة - الحنشان الكريمات - زواية ركراكة - التوابت - المخاليف - النجوم - الحرث - المضارعة - أيزات - أولاد بو نجيمة - المناصر - أولاد عيسى - طالا - الزاوية - آيت واتيل - أولاد حسان - الحيمر.

- (تمنار): قبائل أداو بوزيه - آيت عيسى - آيت عامر - أداو كلول - أداو ترومه - أداكزو إيمكراد.

*‌

‌ ناحية أغادير "سوس

"

- (أغادير): قبائل كسيمة - مسكينة - شتوكة - هوارة أهل تينكرت - ايفصفاص - آيت وانكريم - أوريكه - أيبروتي - آيت وازون

- (تارودانت): قبائل منتاكه - أركيته - آيت واصيف - أولاد يحيى - المنابهة - تالمت - أرغن تيوت - تيكوين - أيداو فينيس - كطيوة - أداو زال - أيصندالن - آيت سمك - أوناين - تلكجونت - فوزاره - كداشة - أدواكيس - أداو مستوك - تيكوكه - مدلاوه - أكونسان - آيت يوسف - آيت تمنت - الرحلة - ايندوزال - أداو زدوت - أداو نضيف - أداو كنسوس - أسا - تكموت - أداو زكري - أيصافن - دوو دارار -

ص: 649

أيبركاكن - توفيازت آيت علي - أيدوسكا أوفلا - آيت عبد الله - آيت تيفاوت - أداو زيكر - أداو محمود.

- (تيزنيت): قبائل أهل تيزنيت - أهل ماسه - أهل المادر - أهل أكلو - آيت بريم - أولاد جرار - أداو باعقيل - رسموكه - أهل الساحل - الأخصاص - آيت الرخي - مجاط - أهل يفران.

- (الأطلس الصغير): قبائل شتوكه آيت مزال - آيت باها - آيت صواب - آيت والياه - آيت تيدلي - تزروالت - أداو سملال - آيت أحمد.

- (تافراوت): قبائل أمانوز - أيكونان - آيت عبد الله وسعيد - آيت وافكا - ايغشن - املن كلميم - تكنا - آيت حربيل - أيسموكن - آيت مريبل - قصوراقا - تزونين - تيزكي - الحراطين - فم الحصن - أولاد جلال - أداو بلال - قصور تيسينت - واقة وطاطا.

*‌

‌ ناحية الرباط وسلا

- (الرباط): قبائل العرب - بني عبيد - الحوزية - الأوداية - أولاد كثير - أولاد ميمون - زعير.

- (سلا): قبائل السهول - حُصين - عامر.

- (زمور): قبائل المصاغرة - آيت يادين - القبليين - آيت وريبل - آيت زكري - آيت جبل الدوم - حودران - بني حكم - آيت عمار - بني عامر.

- (القنيطرة): قبائل عامر - الحوزية - عامر السفلية - المناصرة.

- (سيدي قاسم): قبيلة الشراردة.

- (سيدي سليمان): قبائل أولاد يحيى - أولاد محمد - الصفافعة.

- (سوق الأربعاء): قبائل سفيان - بني مالك - مختار.

- (مصمودة): قبائل أهل الربع - رهونه - بني مستارة - غزاوة - الخُلَّط - صرصر - أهل سريف - بني مزكلده - سطه.

ص: 650

*‌

‌ ناحية مكناس

- (مكناس): قبائل زرهون - كروان - دخيسة - مجاط - عرب سايس.

- (الحاجب): قبيلة بني مطير.

- (أزرو): قبائل آيت عرفه - أير كلاون.

- (عين اللوح): قبائل آيت إلياس - آيت مولي - آيت واحي - آيت محند ولحسن - آيت مرول - آيت سكوكو.

- (ميدلت): قبائل آيت عياش - آيت يزدك - آيت أوفيلا - آيت عبدي - آيت ومناصف - آيت إيحند - آيت يحمص - المرابطين - آيت حديدو.

- (خنينفرة): زايان - ايشقيرن - آيت إسحاق.

*‌

‌ ناحية تافيلات

قبائل آيت حديدو - آيت يعقوب - آيت يزدك - آيت مرغال - آيت سعيد ولحسن - آيت بويشاون - آيت بومريم - آيت بن لحسن - آيت بنو وافضل - آيت مسروح - فركلا - أولاد زهرة - بني محمد - مزوغة آيت قباش - أولاد بوعنان - آيت بورك - الهارون.

*‌

‌ ناحية فاس

- (فاس): قبائل أولاد الحاج - بني سعدن - الشراردة - الشجع - آيت عياش - حميان - أولاد جامع - لمطه - الأوداية.

- (قرية أبا محمد): قبائل شراكه - أولاد عيسى - حجاوة.

- (قلعة سلاس): قبائل سلاس - فشتالة.

- (تيسه): قبيلة الحياينة.

ص: 651

- (غفساي): قبائل بني إبراهيم - بني مكة - بني ملول - بني زروال - جاية - بني وريكال.

- (صفرو): قبائل البهاليل - آيت يوسى.

- (ايموزر): قبائل آيت شغروشن - بني يازغة - مرموشة - آيت أيوب - آيت علي - آيت حسان - أهل تسيوانت - أولاد خاوه أهل ميسور - ايكلي - شرفاء القصابي.

- (ورغة): قبائل رغيوه - مزيات- مزراوه - متيوه - بني وليد - صنهاجة الظل - صنهاجة الشمس.

*‌

‌ ناحية وجدة

- (وجدة): قبائل الوجادة - انجاد - مهاية - بني وكيل - زكارة.

- (العيون): قبائل الحديين - بني بوزكو - بني مهو - أولاد سيدي الشيخ - بني وكيل - الشجع.

- (بركنت): قبائل بني مطهر - أولاد سيدي عبد الحكيم - أولاد سيدي علي بوشنافة - بني يعلي - أولاد بختي.

- (بركان): قبائل بني عتيك - وبني وريمش - منكوش - طريفة.

- (احفير): قبائل تغجيرت - بني درار.

- (تاوريرت): قبائل الكرارمة - أهل وادزا - الشجع - بني وكيل.

- (دبدو): قبائل زوا - أولاد عمور.

- (فكيك): قبائل القصور - علاوة - أولاد أحمد بن عبد الله - أولاد علي بن لحسن - أولاد علي بن ياسين - أولاد ابن لحسن - أولاد فارس - أولاد الحاج - أولاد سلامة - أولاد أيوب - أولاد عبد الكريم - أولاد إبراهيم - أولاد شعيب.

ص: 652

*‌

‌ ناحية تازا

- (تازا): قبائل غياتة - بني وجان - مكناسة - بني وراين - التسول - بني فكوس - الطائفة - البرانص.

- (كرسيف): قبائل هوارة - أولاد رحو - أهل رشيده - بني بوياحي - مطالسة - أولاد الحاج - أهل فكوس أولاد جرير - أهل تايدا - آيت جليداسن.

- (بني وراين): قبائل آيت سغروشن - شرفاء سيدي الجليل - أهل الثلث - مغراوة - آيت عبد الحميد - بني بوزرت - الزراردة - أولاد علي - ايغزران - آيت زكوط - بني زهنة - بني علاهم - سيدي علي الأشرف وربه - صنهاجة - بني بو يعلا - مرنيسة - بني ونجل - فناسة - أولاد بو سلامة - كزناية.

*‌

‌ الأقاليم الشمالية

- (الناحية الشرقية): قبائل بني شيكر - بني سدل - بني بو غافر - مزوجة بني بو يفرور - كبدانة - أولاد ستوت - بني بو يحيى - المطالسة - بني سعيد.

- (ناحية الريف): قبائل بني ورغال - تمسمان - بني أوليشك - تفرسيت - بني توزين - بقوية - بني يطفت - بني بو فراح - مسطاسة - بني كميل - بني سدات - كتامة - تركيست - بني مزدوي - بني عمارت - بني بشير - بني أحمد - بني بو شيبت - تغزوت - بني بو نصر - بني خنوس - زرفات.

- (ناحية غمارة): قبائل الأخماس - بني يحمد - غزاوة - بني خالد - متيوة - بني رزين - بني سميح - بني كرير - بني منصور - بني سلمان - بني بوزرا - بني زجل - بني زيات - بني سعيد.

ص: 653

‌نبذات أخرى عن قبائل المغرب الأقصى (المملكة المغربية)

(1)

[اسم القبيلة]

[مكان استقرارها]

الأخماس العليا

تحيط بمدينة شفشاون شرقًا وجنوبًا.

الأخماس السفلى

مجموعة قبائل ومداشر وقرى آهلة تمر بها طريق وزان.

زيان

حول خنيفرة على نهر الربيع.

الحوزية

في أزمور.

آيت وتفركل

في إزيلال جنوب بني ملال.

كزنايه

في أكنول شمال تازا.

هرغة

في إيكلن على نهر سوس.

البرانس

في المروج قرب تازة.

بنو مسكين

في البروج والشاوية الجنوبية على نهر أم الربيع.

أولاد حريز

في برشيد جنوب البيضاء.

الشاوية

في برشيد وفي سطات بين الدار البيضاء ومراكش.

الرحامنة

في بن كرير وبين سطات مراكش وهي من قبائل الحوز.

بنو حزمار

في بن قريش قرب تطوان.

بنو حسان

جنوب تطوان بمنطقة الريف.

بنو عمران

سوق الأربعاء.

بنو زروال

(2)

في جبل ودكه بمنطقة الريف.

فشتالة

منطقة الريف ما بين فاس ووزان.

زرويل

قرب شفشاون بشمال المغرب.

بنو يزناسن (زناته)

ناحية وجدة وبين ملوية وكيس شمال شرق المغرب.

أولاد عبدون

جنوب خريبكة ووادي زم.

(1)

حسبما لخصنا كتاب المغرب - للصدِّيق بن العربي.

(2)

ومن بني زروال بطون كبرى أشهرها بو معان وبني إبراهيم وبني مكة ولولا قاسم.

ص: 654

[اسم القبيلة]

[مكان استقرارها]

سكتانة بسوس

(1)

مركزها تاليوين وهي من قبائل الحوز.

بنو زيات الغمارية

ساحل بو حمد في تجساس.

ترغة (من بني زيات)

شمال تجساس.

حاحة

في تمنار بين الصويرة وأغادير.

بنو كيل

في تندرارة جنوب وجدة.

بنو فركله

في تجندار جنوب قصر السوق.

بنو عمير

في السهول شمال دار ولد زيدوح.

شراكه

(2)

جنوب نهر سبو وورغة شمال غرب فاس.

بنو حسن

في سيدي يحيى على ضفة وادي تيفلت قرب القنيطرة.

القواسم

السهول

في دكالة قرب الجديدة.

سكساوة

في سوق الأربعاء شمال شرق الرباط.

الخُلَّط

جنوب مراكش ناحية ايمنتانوت.

بنو عروس

في منطقة الهبط بين تطوان والعرائش وطنجة.

بنو يسف

بين العرائش وتطوان وفي جبل العلم.

الساحل

بين العرائش وتطوان وفي جبل العلم.

بنو زكار

بين العرائش وتطوان وفي جبل العلم.

أمل سريف

بين العرائش وتطوان وفي جبل العلم.

(1)

هي القبيلة الوحيدة بالمغرب الأقصى التي تنتج الزعفران، ذلك النبات العطري الذي ينمو خلال شهرين.

(2)

أصلهم من عرب بوادي تلمسان بالجزائر؛ ولذلك سموا شراكة أي من الشرق، وقد هاجروا إلى المغرب الأقصى فرارًا من سيطرة وظلم الأتراك، وقد استخدمهم الأشراف السعديون في جيوشهم ثم انضم فيما بعد ظهور الرشيد العلوي قسمًا منهم إلى جيشه وقدموا إلى فاس معه، ثم أمرهم بالرحيل إلى ما بين نهري سبو وورغة وأقطعهم الأراضي هناك.

ص: 655

[اسم القبيلة]

[مكان استقرارها]

الفحص الغربية

بين العرائش وتطوان وفي جبل العلم.

أحمر

جنوب آسفي وفي رباط شاكر بالضفة اليمنى لوادي تانسفت.

أولاد دليم

منطقة درعة والصحراء المغربية الجنوبية.

تكنة

منطقة درعة والصحراء المغربية الجنوبية.

يكوت

منطقة درعة والصحراء المغربية الجنوبية.

زمور

(1)

في تيفلت قرب الرباط في طريق مكناس.

كليميم

جنوب الأطلس الصغير.

بويزكارن

جنوب الأطلس الصغير.

ايفران

جنوب الأطلس الصغير.

واقا

جنوب الأطلس الصغير.

وفم الحصن

جنوب الأطلس الصغير.

كلاوة (من مصمودة)

فيما بين دمنات ووادي درعة.

كندافة

في سفح الأطلس الكبير بين وادي نفيس وتيزي كنطيست.

كدميوه

قرب أمزير بجنوب مراكش وهي من قبائل الحوز.

بقيوه

قرب الساحل الشمالي للبحر المتوسط بين سبتة ومليلة.

يطفت

قرب الساحل الشمالي للبحر المتوسط بين سبتة ومليلة.

المتساكنة (زنانه)

(2)

في منطقة تادلا إلى مكناس وملوية ووادي العبيد.

مدغرة

(3)

في تافيلات.

(1)

هي عربية غير زمور الشلح البربرية.

(2)

كان اسمهم كافزاز.

(3)

وهي غير قبيلة مطفرة في تلمسان بالجزائر.

ص: 656

[اسم القبيلة]

[مكان استقرارها]

مجاط

بأجواز مكناس ومراكش وبسوس.

السراغنة

منطقة مراكش في شمال شرقها طريق بني ملال.

زمران

منطقة مراكش في شمال شرقها طريق بني ملال.

أولاد مطاع

منطقة مراكش في شمال شرقها طريق بني ملال.

أولاد أبي السباع

منطقة مراكش في شمال شرقها طريق بني ملال.

أولاد دليم

منطقة مراكش في شمال شرقها طريق بني ملال.

ذو بلال

منطقة مراكش في شمال شرقها طريق بني ملال.

المنابهة

منطقة مراكش في شمال شرقها طريق بني ملال.

حربيل

منطقة مراكش في شمال شرقها طريق بني ملال.

الودايا

منطقة مراكش في شمال شرقها طريق بني ملال.

الجيش

منطقة مراكش في شمال شرقها طريق بني ملال.

آيت يزدك

في ميدلت ومنطقة أزرو.

بنو وريغال

قرب الحسيمة وطريق مليلية وفي ضفة وادي النكور.

النواصر

جنوب الدار البيضاء.

صنهاجة

في إقليم تازة والناظور.

البهاليل

سفح الأطلس المتوسط في صفرو جنوب شرق فاس.

بنو وليد

في الضفة اليسرى على نهر ورغة.

غمارة

(1)

منطقة الريف وشاطئ البحر المتوسط

آيت عطا

في وزيغت وسفح جبل بني ملال ما بين تادلا ودمنات.

(1)

منها قبائل هي بني زيات وبني سميح وبني رزين وبني منصور.

ص: 657

[اسم القبيلة]

[مكان استقرارها]

مصمودة

في وزان وما حولها بجنوب نهر أم الربيع وفي الأطلس الكبير.

رهوته

في وزان وما حولها بجنوب نهر أم الربيع وفي الأطلس الكبير.

بنو سمير

في وادي زم في الشاوية الجنوبية.

السماعلة

في وادي زم في الشاوية الجنوبية.

هوارة

في بسوس قرب أغادير وفي سهول مصون بين تازة وجرسيف.

أنجرة

بين بليونس وطنجة جنوب سبتة قرب جبل موسى.

المزامرة

في الشاوية بين البيضاء ووادي زم.

سوماته

في منطقة الريف قرب حجر النسر.

وريكة

هي من قبائل الحوز في منطقة مراكش.

غيغابة

هي من قبائل الحوز في منطقة مراكش.

الحلاوة

هي من قبائل الحوز في منطقة مراكش.

مسفيوه

هي من قبائل الحوز في منطقة مراكش.

بنو حزمار

هي من قبائل الحوز بمنطقة تطوان.

بنو مصور

هي من قبائل الحوز بمنطقة تطوان.

وآدراس

هي من قبائل الحوز بمنطقة تطوان.

آيت يمور

من سكان الأطلس الكبير.

تينمل

من سكان الأطلس الكبير.

تكانة

من سكان الأطلس الكبير.

دمسيرة

من سكان الأطلس الكبير.

ص: 658

[اسم القبيلة]

[مكان استقرارها]

دغوغة

من سكان الأطلس الكبير.

ركراكة

من سكان الأطلس الكبير.

كنفيسة

من سكان الأطلس الكبير.

متوكة

سكان الأطلس الكبير.

مزوضة

من سكان الأطلس الكبير في طريق الصويرة قرب مراكش.

بنو ماجر

من سكان الأطلس الكبير.

بنو ماغوس

من سكان الأطلس الكبير.

غجدامة

من سكان الأطلس الكبير.

فروكة

من سكان الأطلس الكبير.

فطواكة

من سكان الأطلس الكبير.

هزميرة

سكان الأطلس الكبير.

هيلانة

من سكان الأطلس الكبير.

هزرجة

من سكان الأطلس الكبير.

هنتيفه

من سكان الأطلس الكبير.

هنتانة

من سكان الأطلس الكبير.

زكيط

من سكان الأطلس الكبير.

مرنيسة

في ظاهر السوق على نهر ورغه شمال تازه.

زمور الشلح

بين مكناس والرباط.

ص: 659

[اسم القبيلة]

[مكان استقرارها]

دكالة

(1)

في خميس الزمرة بين الجديدة وآسفي.

بنو غافر

غرب مليلية قرب الساحل للبحر المتوسط.

الشياضمة (من رجراجة)

في تاوريرت ووادي تليسفت بتمازت وزادن آقوغال ووناغة بين مراكش والصوره.

زعير

ناحية الرباط طريق وادي زم.

آيت مسات

في الأطلس قرب بين الويدان.

العونات

في الجبل الأخضر بدكالة.

جروان

بين فاس ومكناس منطقة سايس.

بنو مطير

بين فاس ومكناس منطقة سايس.

آيت إسحاق

جنوب ميدلت منطقة تادلا.

(1)

هي مجموعة قبائل تفصل الشاوية عن عبده والرحامنة وكانت قديمًا تنقسم إلى دكالة البيضاء في الشمال ودكالة الحمراء في الجنوب.

ص: 660

‌نبذات أخرى عن قبائل عربية في المملكة المغربية

قال الصدِّيق بن العربي في ص 82 عن بني هلال في المغرب الأقصى:

كان العرب الهلاليون بالحجاز ولما تأسست الدولة الفاطمية بمصر نقلوا قبائل منهم إلى صعيد مصر. . ولما قطع الصنهاجيون بإفريقيا صلتهم بالفاطميين وجهوا هذه القبائل إلى القيروان وتونس فاستقروا بها.

ولما ثار بنو غانية على الموحدين وانضم إليهم بنو هلال سار إليهم يعقوب المنصور الموحدي وشتت شملهم، ونقل جموع بني هلال وبني جُشَم إلى المغرب الأقصى، فأنزل قبيلة رياح ببلاد الهبط بالمغرب وأنزل قبائل جُشَم ببلاد تامسنا، ومن بين هذه القبائل الهلالية في المغرب الأقصى نذكر التالي:

الخلَّط - بنو جابر - وريغة - سفيان - أولاد جرمون - أولاد مطاع - ذوي منصور - ذوي حسان - عرب المعقل - حُصين - بنو مالك.

وقال في ص 238 عن الشاوية:

هي مجموعة قبائل تستقر بساحل المحيط بين الدار البيضاء ووادي أم الربيع ومشرع ابن عبو في مساحة تقدرب 12 ألف كيلو متر مربع، تعدُّ من أغنى سهول المغرب، وتزدهر بها الفلاحة والصناعة وتضم المعامل المجهزة أحسن تجهيز والأسواق الكبرى والمراكز الفلاحية والضَّع الغنية. وكانت تدعى قديمًا ببلاد تامسنا، ويرجع أصل سكانها إلى عرب بني هلال الذين امتزجوا خلال العصور بعدة قبائل بربرية.

وقال عن الشبانات في نفس الصفحة السابقة:

بطن من عرب المعقل المستوطن بالصحراء وظهر أمرهم في عهد السعديين فكان أخوال الملوك المتأخرين منهم، واستغلوا هذه الفرصة للاستحواذ على السلطة فأسسوا إمارة مستقلة بمراكش ونواحيها بعد اضمحلال السعديين، وبايعوا زعيمهم عبد الكريم الشباني الذي سمى نفسه أمير المؤمنين سنة 1069 هـ، وحكم مراكش عشر سنوات إلى أن دخلها المولى الرشيد العلوي سنة 1079 هـ.

ص: 661

وقال عن الشراردة في نفس الصفحة السابقة:

قبيلة أصلها من عرب الصحراء وهم طوائف منهم زرارة وأولاد دليم وتكنة وذو بلال، واستخدم الملوك العلويون أفرادها في الجيش ووزعهم على أنحاء المغرب، والقسم الأكبر من هذه القبيلة يستقر اليوم في سيدي قاسم.

وقال في ص 232 عن سفيان من جُشَم:

قبيلة عربية كبرى من القبائل الواردة على المغرب مع بني هلال في القرن السادس الهجري، وكانت تستقر في أوائل الأمر بسهول الشاوية وهي اليوم تستقر بسهول الغرب، ونبغ منها خلال العهد المريني والسعدي عدد من القواد ورجال الحرب.

وذكر في ص 242 عن الخُلَّط من المنتفق من عُقيل:

أن الخُلَّط من قبائل الفحص الغربية الساحل وأهل سريف وبني زكار وبني عروس وبني يسف. . . إلخ، وعاصمة المنطقة وهي (الهبط) مدينة القصر الكبير.

وأضاف عن الهِبَط: كان هذا الاسم يطلق فيما قبل على المنطقة الواقعة بين تطوان والعرائش وطنجة، واندثر هذا الاسم بالمرة.

قلت: إقليم الهبط ذكره العلَّامة ابن خلدون وقال: إن هذا الإقليم أنزل فيه المرابطين بعض قبائل جُشَم وهلال والمعقل بعد هزيمة الهلالية في معركة سطيف شمال المغرب الأوسط (الجزائر).

وقال في ص 64 عن قبيلة أولاد أبي السباع "من الأشراف الحسينيين"

(1)

قبيلة عربية مشهورة بالمغرب الأقصى، استقرت قديمًا بالساقية الحمراء وصحراء شنقيط حيث تفرعت إلى قسمين:

(1)

وأبو السباع هو عيسى المكنى بأبي السباع ابن إبراهيم ينتهي نسبه إلى سيدي عبد القادر الجيلاني من ذرية الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه.

ص: 662

1 -

أولاد عمرو

2 -

أولاد عمران

واشتهر من رجالاتها سبعة دفنوا بالساقية الحمراء، وشيدت لهم أضرحة تعدُّ من المزارات الشهيرة وهم: عبد المولى - العباس - محمد المختار - محمد البكار - عيسى - إبراهيم - محمد أكلش.

وقال عن زاوية سيدي المختار في ص 157:

زاوية أسسها الشيخ ماء العينين وسط قبيلة أولاد أبى السباع بين شيشاوة والصويرة، وقد كانت من أكبر مراكز العلم بالجنوب وتقع على بعد 100 كم من مراكش في طريق الصويرة.

أما صاحب الضريح بها فهو السيد المختار بن أحمد بن الجيلاني السباعي أحد علماء المغرب الكبار، وتوفي مجاورًا للحرمين في أوسط القرن الثالث عشر الهجري.

وقال في ص 158 عن زاوية السعيدات:

تقع وسط قبيلة أولاد أبي السباع بشيشاوة بناحية مراكش، واشتهرت هذه الزاوية كأختها زاوية بو غنيفر في القرن الماضي وأوائل القرن الحالي بنشر العلم والدين، وقصدها جموع الطلبة في الجنوب والشمال وأنجبت طائفة من رجال العلم والدين.

وفي ص 241 قال عن شيشاوة:

مركز فلاحي حديث يقع في منتصف الطريق بين مراكش والصويرة وحوله استقرت قبيلة أولاد أبي السباع الذين اشتهروا بحبهم ورعايتهم للعلم، وأنشأوا بقبيلتهم المدرسة الشهيرة بمدرسة السعيدات التي أنجبت عددًا من فطاحل العلماء وتعلم بها كثير من الأمراء العلويين، بوسطها ضريح سيدي المختار رفيق الشيخ أحمد بن ناصر.

وفي ص 225 ذكر عن قبائل المهارية الهلالية وحميان والشجع من جملة بني هلال: أنها تقطن في سايس وهو اسم يُطلق على المنطقة الخصبة الواقعة بين

ص: 663

فاس ومكناس، وأن هذه القبائل العربية تجاورها قبائل بربرية مثل بني مطير وجروان.

وفي ص 153 ذكر قبيلة أولاد حريز من المعقل:

قال عن زاوية النواصر وأنها تقع وسط قبيلة أولاد حريز على بعد 25 كيلومتر جنوب الدار البيضاء، وكاتت لها مكانة وشهرة علمية بقبائل الشاوية.

وفي صفحات 19، 82، 147 قال عن الأشراف السعديين

(1)

:

أنهم أقاموا دولة بالمغرب الأقصى من عام 916 هـ/ 1510 م إلى عام 1096 هـ/ 1659 م وسبب ظهور دولتهم أنه لم يستطع الوطاسيون حماية البلاد من الغزو الأجنبي فالتف الشعب المغربي حول الأسرة السعدية الشريفة لإنقاذ البلاد براثن المغيرين، فقام ملوك هذه الدولة بواجبهم نحو الدين والوطن وتقدمت البلاد شوطًا آخر في عهد المنصور الذهبي الذي نظم المملكة والجيش أحسن تنظيم، وطهَّر البلاد من أرباب الفتنة وعناصر الفساد، ونعم المغرب مرة أخرى بالاستقرار أكثر من قرن ونصف قرن من سنة 916 إلى 1069 هـ.

وفي ص 82 قال عن أصل السعديين:

هم (بنو سعد) الإشراف السعديون ملوك المغرب الذين قدم جدهم المولى زيدان بن أحمد إلى درعة من المشرق في أواسط القرن السابع الهجري، وأول من ظهر منهم بالزعامة هو أبو عبد الله القائم بأمر الله محمد بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن زيدان الأول وذلك سنة 915 هـ - في أوائل القرن العاشر الهجري - ثم ابنه محمد الشيخ المهدي.

وفي ص 147 قال عن زاكورة: مركز مهم من مراكز درعة على الضفة اليمنى لوادي درعة، ويُطلق هذا الاسم على واحة كبرى تمتد في مسافة 30 كيلومتر تضم نحو 20 قصرًا من القصور الصحراوية.

وأضاف أن من هذه المنطقة خرج الأشراف السعديون لتأسيس دولتهم، وتوجد هنا وهناك بعض الأطلال من آثار السعديين، وهذه المنطقة غنية بالزوايا وأضرحة الأولياء والصالحين، وكانت بها عدة مدارس علمية تخرَّج منها عدد كبير من العلماء المشهورين.

(1)

وسنخصص - إن شاء الله تعالى - مجلدًا ضخما عن أشراف المغرب العربي في الموسوعة.

ص: 664

وفي ص 256 بيَّن الصدِّيق بن العربي جدولًا عن الملوك السعديين في المغرب كالتالي:

1 -

محمد القائم بأمر الله تولى الحكم بعد نهاية الوطاسيين، وأقام حكم الأشراف بالمغرب عام 915 هـ بعد غياب أكثر من ستة قرون (من نهاية حكم الأشراف الأدارسة) 310 هـ.

2 -

أحمد الأعرج تولى 923 هـ وهو ابن محمد القائم بأمر الله السعدي.

3 -

محمد الشيخ تولى عام 947 هـ وهو ابن محمد القائم بأمر الله السعدي.

4 -

عبد الله الغالب بالله بن محمد الشيخ تولى عام 964 هـ.

5 -

محمد المتوكل ابن عبد الله الغالب بالله تولى عام 991 هـ.

6 -

عبد الملك بن محمد الشيخ تولى عام 983 هـ.

7 -

أحمد المنصور الذهبي ابن محمد الشيخ تولى عام 986 هـ.

8 -

أبو فارس بن أحمد المنصور الذهبي بويع له في مراكش ولا تُعرف سنة توليته.

9 -

محمد الشيخ المأمون ابن أحمد المنصور الذهبي بويع له وكان معتقلًا وقتئذ.

10 -

زيدان بن أحمد المنصور الذهبي بويع له في فاس عام 1012 هـ.

11 -

عبد الملك بن زيدان بن أحمد تولى عام 1037 هـ.

12 -

الوليد بن زيدان بن أحمد تولى عام 1040 هـ.

13 -

محمد الشيخ الأصغر ابن زيدان بن أحمد تولى عام 1045 هـ.

14 -

أحمد العباس بن محمد الشيخ الأصفر تولى عام 1056 هـ.

ص: 665

- وذكر عن الأشراف العلويين حكام المغرب حتى الوقت الحاضر:

في ص 109 قال:

الدولة العلوية تأسست سنة 1050 هـ/ 1640 م وبانقراض دولة السعديين عاشت البلاد في اضطرابات عنيفة، وقام المطالبون بالملك في عدة أماكن، وأصبحت وحدة البلاد مهددة من جديد، ولكن ظهور الأشراف العلويين وضع حدًّا لهذه الفتن والحروب وأخضع البلاد برمتها لسلطة مركزية مغربية وشيد القلاع والحصون في سائر أطراف البلاد، ومد اليد للدول الأوربية فعزر أواصر الصداقة بين المغرب وجيرانه بعدما أجلى المغيرين من الأجانب عن تراب المملكة وأوفد السفراء إلى الغرب وجعل للمغرب مكانة محترمة بين الدول المعاصرة له.

وسار خلفاؤه من الملوك الأشراف على خططه فعرف المغرب في أيامهم نهضة شاملة في الحضارة والعمران، وأصبح للمغرب أسطول بحري يفتخر به وتوثقت صلات المغرب في عهدهم بالشرق والغرب، وأخذ الملوك العلويون بأسباب الرقي والحضارة التي عرفتها أوروبا أخيرًا حتى أصبح للمغرب شأن ومقام بين الدول المعاصرة له.

وفي ص 229 قال عن أصل الأشراف العلويين:

تحت عنوان سجلماسة: مدينة تاريخية اندثرت الآن، أسسها في أواسط القرن الثاني بنو مدرار الخوارج الصفرية.

وأضاف: في هذه المدينة وما حولها استقر الأشراف العلويون عندما قدم جدهم الأعلى الشريف الحسن بن قاسم أو الحسن الداخل، وذلك في آخر القرن السابع للهجرة.

قلت: لم يوضح هنا الصدِّيق هل قدومه من داخل المغرب أم من الحجاز.

والصحيح أنه قدم من بلاد الحجاز من ينبع النخل عام 664 هـ من ذرية الأشراف الحسنيين ينتهي نسبه إلى محمد النفس الذكية ابن عبد الله الكامل ابن الحسن المثنى ابن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، ومن المعروف أن لمحمد النفس الذكية خمسة إخوة هم إدريس

(1)

فاتح المغرب بعد منتصف القرن الثاني الهجري، وموسى الجون وإبراهيم ويحيى وسليمان.

(1)

للأدارسة كتاب من إعداد صاحب الموسوعة - انظر عنه - نشر في دار الفكر العربي بالقاهرة عام 1994 م وعنوانه "الإنصاف في تاريخ الإشراف بالمغرب الأقصى".

ص: 666

ويُذكر أن الملك محمد الخامس رحمه الله زار الحجاز وقال: إن أملاك أجداده كانت في (ينبع النخل) قبل قدومهم إلى المغرب الأقصى (في نهاية القرن السابع للهجرة) وأقول موضحًا للقارئ الكريم عن الدولة العلوية الشريفة التي تناسلت من الحسن الداخل ابن القاسم الحسني العلوي الذي لُقِّب بالداخل لأنه دخل المغرب في أواخر القرن السابع وقطن سجلماسة وكون عشيرة قوية.

ظهر العلويون كملوك للمغرب بعد سقوط دولة الأشراف السعديين في عام 1050 هـ. وبيَّن الصديق بن العربي عن ملوكهم في ص 257 كالتالي:

1 -

محمد ابن مولاي الشريف تولى حكم المغرب عام 1050 هـ.

2 -

الرشيد ابن مولاي الشريف تولى حكم المغرب عام 1075 هـ.

3 -

إسماعيل ابن مولاي الشريف تولى حكم المغرب عام 1082 هـ.

4 -

عبد الله بن إسماعيل تولى حكم المغرب عام 1141 هـ.

5 -

محمد بن عبد الله تولى حكم المغرب عام 1171 هـ.

6 -

سليمان بن محمد تولى حكم المغرب عام 1207 هـ.

7 -

عبد الرحمن بن هشام بن محمد تولى حكم المغرب عام 1238 هـ.

8 -

محمد بن عبد الرحمن بن هشام تولى حكم المغرب عام 1276 هـ.

9 -

الحسن بن محمد بن عبد الرحمن تولى حكم المغرب عام 1290 هـ.

10 -

عبد العزيز بن الحسن بن محمد تولى حكم المغرب عام 1312 هـ.

11 -

عبد الحفيظ بن الحسن بن محمد تولى حكم المغرب عام 1327 هـ.

12 -

يوسف بن الحسن بن محمد تولى حكم المغرب عام 1331 هـ.

13 -

محمد الخامس ابن يوسف تولى حكم المغرب عام 1347 هـ.

14 -

الحسن الثاني ابن محمد الخامس تولى حكم المغرب عام 1381 هـ.

15 -

محمد السادس

(1)

ابن الحسن الثاني تولى حكم المغرب عام 1419 هـ، (وهو الملك الحالي للمملكة المغربية ويُلقَّب بأمير المؤمنين).

(1)

وعليه يكون اسم الملك محمد السادس ابن الحسن الثاني ابن محمد الخامس ابن يوسف بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل ابن مولاي الشريف من أحفاد الحسن بن قاسم من ذرية محمد النفس الذكية من الأشراف الحسنيين بالحجاز.

ص: 667

وفي ص 219 قال عن قصابي الشرفاء:

وتسمى أيضًا قصبة المخزن، شيدت فوق ارتفاع 1077 م ويقطنها عدد كبير من شرفاء (أشراف) تافيلات، وبها بني المولى إسماعيل قصبة لحراسة الطريق التاريخية بين فاس وتافيلات، وتقع على بعد 240 كيلومترًا من كرسف.

وقال عن الأشراف الأدارسة في صفحات 16، 110:

الدولة الإدريسية تأسست عام 172 هـ/ 788 م واستمرت حتى 375 هـ/ 985 م قال: ثم خطا الإسلام والعروبة خطوة جبارة في بلاد المغرب عند تأسيس الدولة الإدريسية في عهد الإمام مولانا إدريس الأول (الأكبر) سنة 172 هـ التي تعد أول دولة عربية إسلامية مستقلة بالمغرب الأقصى، وقام مؤسسها بنشر الدين الإسلامي الحنيف وتركيز مقام اللغة العربية في البلاد، ووفد في عهده على المغرب عدد كبير من رجالات العرب من المشرق والأندلس، وطهَّر البلاد من الوثنيين وعناصر الفساد، وأسس بعده الإمام إدريس الثاني عاصمة المملكة فاس سنة 192 هـ فانتقل إلى العاصمة الجديدة عدد من الأندلسيين والقيروانيين، وخطت العربية والإسلام في عهده الزاهر خطوات جبارة، ولم تكد تضمحل هذه الدولة التي حكمت المغرب من سنة 172 هـ إلى سنة 375 هـ حتى توطت دعائم الإسلام في المغرب، وغزت العربية معظم القبائل البربرية، ومهدت الطريق أمام النهضات التي ظهرت فيما بعد ممثلة في الدولة المرابطية والدولة الموحدية والدولة المرينية والدولة الوطاسية حتى ظهور الدولة السعدية وعودة حكم الأشراف للمغرب، ثم ظهور الدولة العلوية التي تحكم حتى الآن المغرب الأقصى.

وفي ص 110 قال عن مدينة تيط يذكر الأشراف الأدارسة:

وهي عين القطر، مدينة تاريخية بناها الأقدمون وأسس رباطها أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر إسماعيل الإدريسي الحسني امغار الكبير في القرن السادس ويقال: إنه قدم من مكة المكرمة، واشتهر من أبنائه وأحفاده عدد من الأعلام والأشراف: محمد بن إسحاق وعبد الحق وأبو يعقوب وعبد السلام وعبد الحليم وعبد القوي وعبد الله، واستولى عليها البرتغاليون فخربوها.

ص: 668

وفي ص 253 بيَّن الصدِّيق بن العربي جدولًا لملوكهم في المغرب الأقصى كالتالي.

1 -

إدريس الأول تولى حكم المغرب عام 172 هـ.

2 -

إدريس الثاني (الأزهر) تولى بعد مقتل أبيه بالسم، وكان صغيرًا عام 188 هـ.

3 -

محمد بن إدريس الثاني تولى عام 213 هـ.

4 -

علي بن محمد بن إدريس الثاني تولى عام 221 هـ.

5 -

يحيى بن محمد بن إدريس الثاني تولى عام 234 هـ.

6 -

يحيى الثاني ابن يحيى بن محمد بن إدريس الثاني لا يعرف سنة توليته.

7 -

علي بن عمر بن إدريس الثاني لا يعرف سنة توليته.

8 -

يحيى الثالث ابن القاسم بن إدريس الثاني تولى عام 290 هـ.

9 -

يحيى الرابع ابن إدريس بن عمر بن إدريس الثاني لا يعرف سنة توليته.

10 -

الحسن الحجَّام ابن محمد القاسم بن إدريس الثاني تولى عام 310 هـ.

ص: 669

‌موجز عن قبائل العرب في الصحراء الكبرى بأفريقيا

قال الدكتور محمد سعيد القشاط

(1)

:

تنتشر القبائل العربية على امتداد الصحراء الكبرى طولًا وعرضًا، فهم سكانها وحماتها، وحفرة آبارها وشاقُّو طرقها ورعاة أعشابها، وماتحو أمواهها.

في أفيائها تنتصب خيامهم شامخة هازئة بالأنواء تتحدى الفناء وترسم على ضحاضيحها مياسم العرب منذ قرون مضت، وتلوح ديارهم على أديمها كباقي الوشم في ظاهر اليد؛ على قول الشاعر العربي.

يتنقل العرب على امتداد الصحراء، بل إن الكثير من القبائل العربية توغَّلت جنوبًا حتى دخلت مناطق الأدغال، فاختلطت بالزنوج تزاوجًا وتجاورًا وابتعد ما بينها وبين العرب في صحرائهم فاستبدلت لونًا أدكن من ألوانها ولغة أعجم من لغتها، وفعل الزمن فعاله في التباعد، وطرق المستعمر أوتارًا ساعده الزمن، فحال بين تلك القبائل وأصولها، وقطع عروق تغذيتها من معين لغة الضاد وثقافة أمة العرب وتراث أصول قحطان وعدنان. وهكذا تناست أصولها وتزنجت وأنشأت أصولًا جديدة ولغة جديدة جعلها المستعمر أصولها الحقيقية ولغتها الحقيقية، وهكذا أصبح النشء الجديد لا يعرف من أصوله القديمة إلا ما لقَّنه المستعمر في نشراته ودورياته وكتابات مستشرقيه ومدارس بعثاته التبشيرية التي ملأت أفريقيا منذ أكثر من قرنين من الزمن.

وأصبحت بلاد السنغال التي كانت هي تحريف لاسم (صنهاجة) القبيلة العربية الشهيرة تتنكر لعروبتها، التي تحتوي على أكثر من 60% من شعبها.

وتتنكر للغتها العربية التي كانت حتى عام 1910 م هي اللغة الرسمية وذلك بقرار من الحاكم الفرنسي الذي ألغى اللغة العربية ورسم بدلها الفرنسية.

(1)

عن كتاب الصحراء العرب الكبرى لمحمد سعيد القشاط - دار الرواد للطباعة والنشر طرابلس - ليبيا، دار الملتقى ليماسول - قبرص 1994 م.

والدكتور القشاط من الباحثين المعروفين في ليبيا له بحوث ميدانية عن القبائل العربية في أفريقيا، وقد أثرى المكتبات العربية بمؤلفات عديدة في الأنساب والتاريخ والأدب وقد تقابلت معه في طرابلس الغرب عام 1997 م ودارت بيننا مناقشات طويلة حول الأنساب والترابط العرقي بين المشرق والمغرب العربي ومسائل أخرى عديدة. وينتمي القشاط إلى قبيلة الصيعان جنوب غرب طرابلس وتعد من قبائل الأشراف الأدارسة في ليبيا، وقد عين عام 1999 م سفيرًا للجماهيرية العربية الليبية في السعودية.

ص: 670

وكما السنغال، غينيا وغانا وساحل العاج وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وبنين ونيجيريا، وغيرها من بلدان وسط الشمال الإفريقي وغربه.

وإن هذه البلدان تحتوي على أكثر من 90% من العرب بين سكانها في الغالب، ويكفي أن نعرف أن قبائل الهوسا (الحوصة) عربية الأصول ويتشكل منها أغلب سكان النيجر ونيجيريا.

وإن قبائل الفلان من أصول عربية وهم غالبية سكان بوركينا فاسو وبنين وغينيا، ولهم في نيجيريا والنيجر تواجد كبير، وكوَّنوا الإمارات في المنطقة وساهموا في نشر الدين الإسلامي.

لقد أردنا في هذا البحث أن نسلِّط الضوء على أهم القبائل العربية في منطقة الصحراء العربية الكبرى، مبتدئين بذكرها حسب تواجدها من الغرب إلى الشرق، ذاكرين أهم القبائل الكبيرة عددًا والمؤثرة تاريخيًّا، والأكثف سكانًا، والأشهر فعالية في المنطقة.

ونحن هنا لا نستطيع أن نذكر جميع القبائل العربية، فهي أكثر من أن يحصيها حاصٍ أو يذكرها ذاكر.

1 -

‌ قبيلة أعريب

هي مجموعة من القبائل العربية تسمى (أعريب) اشتهرت بصناعة الأسلحة والاتجار بها.

استقرت بجنوب الجزائر حول منطقة (بشار) وكذلك بجنوب المغرب حول مدينة (إقليميم)، ومنها بعض الأسر بصحراء مالي والنيجر وبصحراء موريتانيا.

وقد قاومت قبيلة (أعريب) الاستعمار الفرنسي حين دخوله للجزائر، وساهمت بدعم القبائل العربية في المنطقة بالأسلحة.

ولما انتصر الاستعمار الفرنسي - في بداية الغزو - على المقاومة في الجزائر نكَّل بقبيلة (أعريب) وقتل أكثر رجالها وفر الباقون وتشتتوا في المناطق المجاورة.

أما قسمها الموجود بليبيا، فقد ساهم في مقارعة الاستعمار الإيطالي عندما هاجم الإيطاليون ليبيا عام 1911 م.

ص: 671

2 -

‌ قبيلة تكنة:

هي إحدى القبائل العربية الكبرى في المغرب العربي، تقطن قرب شاطئ المحيط الأطلسي في (وادي نون) و (إقليميم) شمال الساقية الحمراء، وتتحرك في صحراء جنوب المغرب وجنوب غرب الجزائر، ولها النفوذ والسيطرة على المناطق تتحرك فيها بحيواناتها وخيامها.

وتنقسم قبيلة تكنة إلى:

1 -

الزرقيون.

2 -

آيت لحسان.

3 -

آيت الجمل.

4 -

آيت أوسا.

5 -

الايقوت.

6 -

آيت إبراهيم.

7 -

آيت مسعود.

8 -

آيت حمو.

9 -

آيت سعيد.

10 -

لعبيدات.

وكلمة (آية) أو (آيت) تعني عائلة وهي مختصرة. وتعتبر قبيلة (تكنة) من القبائل القوية والكثيرة العدد في غرب الصحراء، ولها مفاوضات واتصالات مع الإنجليز في سنوات 1836 م وما بعدها، وقد منعوا التوغل التجسسي الإنجليزي والإسباني والفرنسي في المنطقة، وقد استطاع شيخ تكنة المسمى (بيروك) أن يعقد معاهدات مع الإنجليز ومع الفرنسيين دون الرجوع إلى أحد وذلك لمنحهم موانئ في المنطقة للصيد والتبادل التجاري في (وادي نون) و (بو الجدور).

وكان أفراد قبيلة تكنة تجارًا بطبيعتهم ينظمون قوافل التجارة جنوبًا للسنغال وشمالًا للمغرب.

وعندما هاجمت فرنسا الأراضي الصحراوية (موريتانيا) وقفت تكنة مع الشيخ ماء العينين تصد العدوان تحت قيادته.

ص: 672

وعندما انتهت المقاومة زحفت هذه القبيلة للشمال حيث استوطنت جنوب المغرب. ويقول بول مارتي: ". . ولا توجد طبقات اجتماعية في التكنة مثلما هو الشأن عند القبائل الموريتانية، فالكل يعيشون على قدم المساواة. .".

ويقول أيضًا: ". . إنهم تجار بالطبيعة. .".

ويقول أيضًا: ". . وتوجد موانئ التكنة حاليًّا - إذا صح أن نُطلق عليها هذا الاسم - في كل الخلجان الموجودة من إيفني حتى مصب (وادي الشبيكة)، وتقوم البواخر الأوروبية باستغلال القوارب لتنزل على الشاطئ الأسلحة والذخيرة والأقمشة القطنية والأرز والسكر والشموع. . إلخ؛ ولا يستورد الملح الذي يجده الأهالي في السباخ المجاورة، وتشحن البواخر الجلود والأصواف واللحوم الطازجة وريش النعام والذهب، ولا توجد قرى على الساحل بل مضارب في بعض الفصول. ."

(1)

.

وقد وجدت في شجرة نسب لقبيلة تكنة انتماءها لمحمد ابن الحنفية.

3 -

‌ قبيلة أولاد دليم

قبيلة عربية تنتمي إلى بني هلال

(2)

في هجرة العرب الأخيرة وتسمى باسم جدها المُلقَّب بـ (دليم)، وذلك كما تقول الرواية الشفهية أنه كان صغير الحجم وابن أَمة صغيرة الجسم دميمة يلقبونها بـ (دليمة)، ولما ولدته قالوا: إن الدليمة ولدت (دليم) فعلق الاسم به.

ودليم هذا ابن حسان الذي تنسب إليه أغلب القبائل العربية في الصحراء الكبرى (بنو حسان)، وتنتقل قبائل أولاد دليم على الشريط الساحلي للمحيط

(1)

عن بول مارتي قبائل موريتانيا العليا.

(2)

قلت الصحيح أن أولاد دليم من بني حسان من المعقل القحطانية المندرجين مع بني هلال في بداية دخولهم لبلاد المغرب في القرن الخامس الهجري

ص: 673

الأطلسي عند مصب وادي الساقية الحمراء، وقد يتوغلون شمالًا في جنوب المغرب، ولهم مجموعات هناك، ولهم فروع في شمال موريتانيا الحالية.

وقبيلة أولاد دليم من القبائل العربية المحاربة القوية التي لها نفوذ كبير في المنطقة، وتنقسم إلى تجمعين كبيرين، هما:

أ - أولاد الرميث.

ب - أولاد الشويخ.

وينقسم التجمع الأول، أولاد الرميث، إلى:

1 -

اللوديكات.

2 -

السراخنة.

3 -

أولاد خليفة.

4 -

أولاد تيقدي.

5 -

أولاد ابن عمَّار.

ويتبعهم وليسوا منهم: أولاد تدرارين، وهم ينتسبون للأنصار.

وينقسم أولاد الشويخ إلى:

1 -

أولاد اللاب.

2 -

أولاد ممالجة.

3 -

دكُّون.

4 -

أولاد محيمد.

وينقسم كل بطن من هذه البطون إلى فروع صغيرة وأفخاذ.

وقد اصطدم أولاد دليم بالقوات الفرنسية الغازية للصحراء وقاتلت تحت راية الشيخ ماء العينين وابنه أحمد الهيبة، ولما ضايقتهم فرنسا رحلوا إلى الشمال مع الشيخ أحمد الهيبة واستقر أكثرهم في جنوب المغرب.

ويقول بول مارثي:

". . واشتد التوتر تمامًا في عام 1913 م حيث بدأ أولاد دليم القتال صراحة ضد الفرنسيين مستجيبين لنداء (الأغظف) خليفة الهيبة في الصحراء الموريتانية ومربيه ربُّو شقيقه، وكان عدد كبير من مقاتليهم في صفوف الحرس الأزرق للهيبة

ص: 674

الطموح، فتارة توجد قواتهم في (البويرات) 10/ 1/ 1913 م وأخرى في وادي (تقلبات) 10/ 3/ 1913، حيث بقي كثيرون منهم في هذا المكان. ."

(1)

.

ويزاول أولاد دليم تربية الحيوانات وخاصة الإبل والتجارة، وكانوا يغيرون على القبائل الأخرى لاستياق الإبل، كما كانت عادة العرب قديمًا.

وأولاد دليم مقاتلون أشداء، وتوجد بمنطقة فزَّان بجنوب ليبيا قرية تُسمى (دليم) لا أدري إن كان لها علاقة بأولاد دليم أم لا؟، ولهم فخذ كبير من أولاد دليم بالعراق.

4 -

‌ قبيلة أولاد بو السباع

قبيلة عربية قوية تقطن مناطق الساحل على المحيط الأطلسي عند الساقية الحمراء.

اشتهرت هذه القبيلة بالفروسية والشجاعة، والغارات على القبائل المجاورة.

تصادم أولاد بو السباع مع الرقيبات فأجلوهم إلى الشمال حيث استقروا بجنوب المغرب.

وتروى الكثير من القصص والنوادر عن حب أولاد بو السباع للفخر والاعتزاز بالنفس.

ولهذه القبيلة فروع منها في منطقة (اقجوجت) شمال موريتانيا، كما يقطن بعضهم شمال وادي درعة بجنوب المغرب.

5 -

‌ قبيلة أولاد شبل

قبيلة عربية، يقطن جزء منها في الصحراء الغربية في موريتانيا ويسمون (شبل) وجزء منها في شمال مالي، وأصبحت تتكَلَّم اللهجة العربية التارقية وتحسب منهم ويسمُّونه (شبل)، ولهم جزء في ليبيا بقرية شكشوك غربي طرابلس وهم إخوة أولاد بو السباع.

(1)

بول مارثي. قبائل موريتانيا العليا.

ص: 675

6 -

‌ قبيلة الرقيبات

أشهر القبائل العربية في الساقية الحمراء ووادي الذهب وجنوب المغرب وجنوب غرب الجزائر وشمال موريتانيا.

تنتمي هذه القبيلة إلى جدها أحمد الرقيبي الذي قيل: إنه سمي (الرقيبي)؛ لأنه اشترى الساقية الحمراء بملء جلد رقبة بعير ذهبًا، ويقول البعض: إن اسمه جاء نسبة لمنطقة (الرقيبة) الواقعة في شرق موريتانيا. وتروى الكثير من الأساطير عن سبب التسمية، ولكن الكل يتفق على أن سيدي أحمد الرقيبي ينحدر إلى عبد السلام بن أمشيش جد الأشراف في المغرب.

وتنقسم قبائل الرقيبات إلى قسمين كبيرين:

أ - رقيبات التل (الشمال).

ب - رقيبات الساحل (الغرب).

وتضم المجموعة الأولى قبيلة القواسم.

أما المجموعة الثانية، رقيبات الساحل، فتضم البطون التالية:

1 -

أولاد موسى.

2 -

السواعد.

3 -

الرحالات.

4 -

أولاد الشيخ.

5 -

أولاد داود.

6 -

أولاد طالب.

وينقسم كل بطن من هذه البطون إلى فروع وأفخاذ.

وتعتبر قبيلة الرقيبات من أقوى القبائل في منطقة الصحراء الغربية، وتملك ثروة طائلة من الإبل، ويقول الفرنسيون عند وصولهم للصحراء 1912 م: إن الرقيبات يملكون 30،000 رأس من الإبل.

وتمتهن قبائل الرقيبات الإغارة على القبائل لاستياق الإبل، وتصل في غاراتها إلى بلاد السنغال وإلى شمال مالي (تينبكتو).

وللرقيبات عداوات تقليدية مع قبائل أولاد غيلان وأولاد بو السباع والكنته.

ص: 676

وقد انضوت الرقيبات تحت راية الشيخ ماء العينين للجهاد ضد فرنسا، وقد اتخذ الشيخ ماء العينين إقامته في مدينة السمارة حيث يتواجد الرقيبات، وقد برز من الرقيبات مجموعة من أبطال الجهاد أمثال علي ولد ميارة الذي استشهد مع العشرات من الرقيبات في معركة (أم التونسي) شمال موريتانيا عام 1934 م.

ولما قرر الشعب الصحراوي

(1)

الانتفاضة ضد الإسبان عام 1973 م كانت قبيلة الرقيبات على رأس الثوار الصحراويين الذين ثاروا ضد إسبانيا في المنطقة، وكان الولي مصطفى السيد على رأس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وكان يدعى (الولي الرقيبي).

واستطاعت قبائل الصحراء الغربية أن تخرج إسبانيا من الصحراء في 27 فبراير/ شباط 1976 م بمساعدة حكومة الثورة في ليبيا.

ويتواجد الرقيبات بجنوب المغرب، وفي منطقة تيندوف بالجزائر، وفي بئر أم قرين وصحراء تبرس بموريتانيا، وبالساقية الحمراء ووادي الذهب.

ويوجد للرقيبات فرع بليبيا بمنطقة ترهونة وفي تونس، وكذلك بأريتريا فرع ضمن قبائل بني عامر، وفي السودان مع قبائل جهينة.

7 -

‌ قبيلة أولاد يحيى بن عثمان

قبيلة عربية تنحدر في أصولها إلى جعفر بن أبي طالب والمُلقَّب بجعفر الطيَّار، وتتخذ من مدينة (أطار) شمال موريتانيا مقرًّا لها، حيث كونت إمارة فيها. وتتكوَّن هذه القبيلة من عدة أفخاذ، أهمها:

1 -

أولاد الجعفرية وهم أولاد عمني، وأولاد أكشار.

2 -

أولاد غيلان الذين ينقسمون إلى:

أ - الطرش. ب - أولاد سلمون. جـ - أهل مانت. د- نغموشة. هـ - أولاد سلّة.

(1)

قلت: والصحراء الغربية جنوب المملكة المغربية وهي ما تُعرف باسم الساقية الحمراء ووادي الذهب، قد ضمها المغرب بعد جلاء إسبانيا عنها عام 1976 م، وتعارض الضم منظمة البوليساريو الصحراوية؛ وتطالب المجتمع الدولي باستقلال هذه الصحراء في دولة مستقلة ذات سيادة!!، وتؤيد الجزائر منظمة البوليساريو وتعارض المغرب في صم الصحراء وتطالبه أن يلتفت لتحرير مدينتي سبتة ومليلة في الشمال المغربي من إسبانيا.

ص: 677

وتسمى إمارة أولاد يحيى بن عثمان إمارة (أدرار)، وينضم إليها بعض القبائل العربية الأخرى والتي ليست منها، وهي:

1 -

العويسات.

2 -

أولاد بولحية.

3 -

الطرشان.

وقد كوَّنت هذه القبيلة إمارتها على غرار الحكومات الصغيرة في الشمال الإفريقي حيث شكلت لها إدارة وجيشًا ومستشارين وأتباعًا، ويشكِّل مجلس الأعيان السلطة التشريعية في الإمارة.

وقد وقفت قبائل (أدرار) أولاد يحيى بن عثمان وإمارتهم سدًّا منيعًا ضد الفرنسيين حينما تقدموا لاحتلال الصحراء، ووقعت بينهم عدة معارك شهيرة التي أدت أخيرًا للقبض على أمير أدرار وسجنه، ولما أُطلق سراحه عاد للثورة فقتل في إحدى المعارك

(1)

.

8 -

‌ قبيلة السماسيد

وهي قبيلة عربية تقطن المنطقة القريبة من أطار، وتنسب لجدها (شمس الدين).

ومن السماسيد فخذ أهل الطائع يقولون: إنهم أشراف، ومستقرهم قرية (عين أهل الطائع) جنوب أطار بمسافة قصيرة.

وتنقسم السماسيد إلى فخذين، هما أولاد بو عبد الله وأولاد إسحاق، ويرجعون بنسبهم إلى الحسن بن علي رحمه الله، ومن قبيلة السماسيد العالم الكبير سيدي ابن خليل

(2)

.

(1)

انظر كتاب: أعلام من الصحراء للمؤلف سعيد القشاط.

(2)

انظر: بحث سيدي ابن خليل، حياته العلمية، إعداد الطالبة زينت بنت يرو، إشراف الدكتور يحيى معلوم، جامعة نواكشوط - موريتانيا.

ص: 678

9 -

‌ قبيلة كنته

قبيلة عربية شهيرة، تتواجد في الصحراء الكبرى من موريتانيا إلى النيجر وإلى جنوب الجزائر.

ينتهي نسبها إلى عُقبة بن نافع فاتح إفريقيا ومؤسس مدينة القيروان في تونس. وقد اطلعت على شجرة نسب لكنته توردهم إلى سيدي علي بن يحيى بن عثمان بن عبد الله المُلقَّب بيهس بن عمر المُلقَّب دومان بن وريد الملقَّب شاكر بن يعقوب بن العاقب بن عُقبة بن نافع الفهري القرشي.

ولقد عاش سيدي علي في بداية القرن الخامس عشر الميلادي

(1)

.

وتشتهر قبيلة كنته بالعلم والورع والتقوى ونشر الإسلام في المناطق الإفريقية المتاخمة لها.

وتنقسم هذه القبيلة الكبيرة - والتي جاءها هذا الاسم من جدها لأمها محمد بن كنته بن زم من قبيلة ايدو كال التارقية - تنقسم إلى البطون التالية:

1 -

أولاد الوافي.

2 -

أولاد بو سيف.

3 -

أولاد بو نعامة.

4 -

أولاد أحمد الرقاد.

5 -

أولاد سيدي حبيب الله.

6 -

أولاد الشيخ بوحامية.

7 -

أولاد سيدي بادي المخاتير.

8 -

أولاد الهاملي.

9 -

أولاد الأزرق.

10 -

أولاد المصطفى.

11 -

أولاد أحمر الركاب.

12 -

النقظ.

13 -

أولاد سيدي أبو بكر.

14 -

أولاد الشيخ سيدي المختار.

15 -

أولاد بنغمر.

(1)

بول مارتي كنتة الشرقيون.

ص: 679

وجميع هذه البطون تنقسم إلى أفخاذ وعشائر، وهي موزَّعة ما بين موريتانيا والمغرب والجزائر ومالي والنيجز وحتى نيجيريا والسنغال.

وأغلب الكنتيين شيوخ طرق لهم أتباع في إفريقيا والسنغال ونيجيريا وسيكوتو، ولهم أولاد وأسر في إفريقيا من نساء زنجيات بقوا زنوجًا ولكن بحنين عربي وانتماء عربي.

وفي ليبيا فرع لأولاد الوافي من قبيلة كنته يتواجد بمنطقة براك الشاطئ بفزَّان ويسمون أولاد الوافي.

وإلى جانب البطون الصميمة في كنته هناك مجموعات من البطون المنضمة تحت جناحها وتحسب منها، وأهمها:

أ - أهل السيد: وهم أبناء محمد بن السيد من أولاد البقار إحدى قبائل أولاد بو السباع من الساقية الحمراء.

ب - أولاد ملوك: وهم أهل الحبيب وأولاد عامر الذين نزحوا من موريتانيا بسبب خلاف لهم مع أبناء عمومتهم مشظوف.

ج - أولاد مشظوف: فرع من القبيلة المذكورة في موريتانيا نزح فرع منها إلى تينبكتو واستوطن المنطقة تحت حماية كنته.

د - فلَّان: جزء من قبيلة الفلان المشهورة والتي يرجع نسبها إلى حِمْيَر، استوطنت المنطقة مع كنته وتتلمذ رجالها على علماء كنته مثل الشيخ أحمد بن عثمان الذي تتلمذ على الشيخ باي ويرثيه بعد موته بقصائد مطولة، منها:

والنفس بين الخافقين تناقلت

والقلب أصبح ياله متضرما

مما به تعسًا له الناعي نعى

ما إن نعاك بمثله ناعي صمى

لا بارك الله له في نعيه

لقد استفز به القلوب وأقصما

ص: 680

وقد أنجبت كنته مجموعة كبيرة من العلماء في المنطقة الذين ساهموا في نشر الدين الإسلامي وتحفيظ القرآن الكريم وأصول اللغة العربية، وأهمهم:

أ - الشيخ سيدي المختار الكبير، الذي أسس مدرسة علمية في تينبكتو ما زالت نبراس علم في المنطقة حتى الآن.

ب - الشيخ محمد ولد سيدي المختار الكبير، سار على نهج والده وهو مؤلف كتاب (الطرائف والتلائد في أخبار الشيخين الوالدة والوالد).

ج - الشيخ أحمد البكاي، مؤسس الطريقة البكائية التي لها فروع ومريدون في السنغال ونيجيريا وجنوب الصحراء.

د - الشيخ سيدي حبيب الله.

وغيرهم كثيرون منتشرون في بلاد إفريقيا وعلى امتداد الصحراء الكبرى ينشئون المدارس العلمية ويحافظون على القرآن الكريم وحفظه ويُعلِّمون الناشئة أصول الفقه والشريعة وقواعد اللغة العربية.

وما زالت خيام الصحراء تزخر بمخطوطات مشايخ كنته في الفقه والحديث وأصول الدين وغيرها، وكذلك دواوين الشعر الفصيح التي تركها شعراء وعلماء كنته، وهي قبيلة معتدة بنفسها، فخورة بكرامتها وأصولها، لها في الكرم قدم راسخ تعترف لها به جميع القبائل في المنطقة.

10 -

‌ قبيلة الأغلال

قبيلة عربية تقطن منطقة (شنقيط)، اشتهر أهلها بالعلم والورع والتقوى، ونبغ منهم شعراء وعلماء. يوجد من هذه القبيلة فخذ كبير في منطقة الحوض شرقي موريتانيا، وفخذ آخر كبير في شمال النيجر قرب منطقة (طاوة) و (شين براضن) انضم للتوارق وبدأ يتحدث اللهجة التارقية يسمى (كل أغلال)، ومن كل أغلال دائمًا أئمة المساجد والقضاء في شمال النيجر وكذلك الإمام في السلطنات التارقية

(1)

.

(1)

انظر كتاب: التوارق عرب الصحراء الكبرى للقشاط.

ص: 681

11 -

‌ قبيلة أهل بارك الله

وهي قبيلة عربية صغيرة تسكن منطقة الساقية الحمراء وموريتانيا، يشتغل أهلها بالعلم والتدريس، منهم الصحافي السياسي أحمد بابا مسكة.

12 -

‌ قبيلة الزراهنة

قبيلة عربية كبيرة تحوي عدة أفخاذ وبطون يتواجد ثقلها البشري في صحراء جنوب الجزائر وشرق المغرب، ولها فروع في صحراء مالي وصحراء النيجر.

وقد التقيت بمجموعات منهم في جمهورية مالي.

13 -

‌ قبيلة أداو يعقوب

قبيلة عربية تقطن في منطقة وادي الذهب وشمال موريتانيا يقال لهم (اليعقوبيون) ينحدر نسبهم من جعفر الطيار، نبغ منهم شعراء وعلماء من أشهرهم امحمد بن محمد بن المختار ألفغ موسى اليعقوبي صاحب القصيدة الجيمية الشهيرة في الصحراء والتي يعارض فيها قصيدة الشماخ بن ضرار والتي يقول في مطلعها:

تطاول ليل النازع المتهيج

أما لضياء الصبح من متَبَلِّج

ولا لظلام الليل من متزحزح

وليس لنجم من ذهاب ولا مجي

(1)

ومنهم أيضًا مولود بن أحمد اليعقوبي علَّامة لغوي وشاعر مفلق.

ولأولاد يعقوب فرع كبير في ليبيا بمنطقة غريان، وبها قبر أحد أجدادهم أحمد بن يعقوب، وكذلك في صرمان والجميل بليبيا.

(1)

انظر: الوسيط في تراجم أدباء شنقيط، لمحمد الأمين الشنقيطي.

ص: 682

14 -

‌ قبيلة أولاد الحسن أو (أداو بالحسن)

قبيلة عربية يرجع نسبها إلى الحسن بن علي - عليه رضوان الله، تقطن منطقة موريتانيا وبعضها بالمغرب.

نبغ منها علماء وشعراء وفطاحل في الأدب، منهم: عبد الله بن أحمد رام البوحسني الذي كان من أهم وأشهر شعراء الصحراء، وهو القائل:

أما والغواني من أناة وناهد

وما طاب من أيامها والمعاهد

وما لذ للعينين من بشراتها

وللسمع قدمًا من حديث الخرائد

لقد نزلت أرضًا أميمة منزلًا

من القلب لم تظهر به عين رائد

وكذلك الشاعر محمد بن السالم وكذلك الشاعر عبد الله الأحول ومحمد بن حنبل ومحمد بن لحظان وغيرهم

(1)

.

ويقول القلقشندي: "الحسنيون بطن من العلويين من بني هاشم العدنانية، وهم بنو الحسن السبط ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - كرَّم الله وجهه"

(2)

.

15 -

‌ قبيلة أداو علي (أولاد علي)

قبيلة عربية مشهورة في صحراء موريتانيا ترجع بنسبها إلى سيدنا علي بن أبي طالب - كرَّم الله وجهه، ويربطون صلتهم بدولة العلويين في المغرب.

لهم صولات وجولات في الصحراء، شديدو البأس، نبغ منهم الشعراء والعلماء والفقهاء، أمثال:

(1)

انظر: الوسيط، المصدر السابق.

(2)

القلقشندي، المصدر السابق، ص 125.

ص: 683

عبد الله بن محمد العلوي الشاعر، وباب بن أحمد بيبنه الشاعر، وسيدي عبد الله العلوي وغيرهم.

ولقبيلة أولاد علي معارك مع القبائل المجاورة لها، والحرب بينهم سجال.

والصحراويون يتندرون بسرعة انفعال العلوي وأنه لا يحتمل الإهانة وهو سريع الرد لذلك.

16 -

‌ قبيلة أولاد أحمد بن دامان

قبيلة عربية تقطن صحراء موريتانيا الجنوبية، أسست إمارة في جنوب الصحراء الغربية (موريتانيا) عرفت باسم إمارة (البراكنة) بعد معارك وتطاحن مع القبائل المنافسة لها، وتنقسم هذه القبيلة إلى عدة بطون، أهمها:

أولاد الساسي وهم إخوة أولاد أحمد بن دامان وكذلك أهل عتام، وأهل عبَّل وأهل اقمتَّار وجميعهم إخوة أولاد ابن دامان، إلَّا أن أولاد ابن دامان هم الشيوخ ولديهم الرئاسة، وإمارة (البراكنة) من الإمارات التي اعتمد عليها الفرنسيون في تقدمهم عند احتلالهم لموريتانيا مثل إمارة (الترارزه)، وقد عقدت هذه الإمارات اتفاقيات مع الفرنسيين.

17 -

‌ قبيلة أولاد ديمان

قبيلة عربية تقطن في المنطقة المتاخمة لنهر صنهاجه (السنغال) في الجنوب الموريتاني، لها اهتمام زائد بالعلم وشئون الدين وحفظ القرآن.

زرتها عام 1972 م وقابلت كهلًا من كهولها في خيمته وتحدثت معه، فكشف الحديث عن بحر زاخر من العلم والأدب والحفظ.

وقبيلة أولاد ديمان يُضرب بها المثل في الصحراء في برودة الأعصاب وعدم الغضب لدرجة لا توصف، ويحكون عنها القصص والنوادر.

ومن شعراء أولاد ديمان، محمد سعيد الديماني وله عدة تآليف في النحو وقصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم.

ص: 684

ومنهم محنض بابا بن عبيد الديماني عالم من علماء الصحراء ومدرس للطلاب وشاعر مجيد

(1)

.

18 -

‌ قبيلة أولاد بييري

قبيلة عربية تقطن إلى الجنوب الشرقي من مدينة أنواكشوط حول بلدة (أبو تليميت)، قدم إليها الشيخ سيديا الكبير فرفع من شأنها وأصبحت هذه القبيلة قبلة الدارسين والباحثين عن العلم.

ويضرب الصحراويون الأمثال بغفلة أولاد بييري وبفهمهم، فيقولون:

"قاضي أولاد بييري"

(2)

.

ولو أن ذلك أصبح من التراث، فأولاد بييري اليوم من القبائل المشهورة بالعلم والمعرفة، وأصبحت مدرسة أبو تليميت الدينية محج طالبي العلم والمعرفة

(3)

.

والرئيس الأسبق لموريتانيا مختار ولد داداه من هذه القبيلة، وله مواقف عربية جيِّدة يذكرها له التاريخ.

19 -

‌ قبيلة كل انتصر

قبيلة عربية ترجع في نسبها إلى الأنصار بالمدينة المنورة، نزحت من الجزيرة العربية أيام فتنة علي ومعاوية معتزلة الحرب، وسكنت منطقة تينبكتو شمال مالي، واختلطت بقبائل عرب التوارق وأصبحت تارقية.

(1)

انظر: الوسيط، المصدر السابق.

(2)

انظر: الأمثال الشعبية في الصحراء، للمؤلف.

(3)

انظر: الوسيط، المصدر السابق.

ص: 685

وتنقسم القبيلة كل انتصر إلى عدة بطون، أهمها

(1)

:

أ - كل انتصر الغريبون، ويضمون:

1 -

أبو بكر.

2 -

حمات الطاهر.

3 -

الحسن.

4 -

محمد انقونا.

5 -

محمد مولود.

6 -

الطاهراق المهدي.

7 -

حماداق علي.

8 -

الشرفاء.

9 -

كل تجابس.

10 -

إينتا بن الواف.

11 -

ايدنان.

12 -

كل تاشرير.

13 -

كل اروزيل.

14 -

كل رزاف.

15 -

بانكور.

16 -

ايد ككامن.

17 -

إينتا بن هانيبونفو.

18 -

كل تينتوهن.

19 -

كل انتابوريمت.

20 -

كل دوكوتر.

21 -

كل انتجايت.

22 -

كل تنبوكزي.

23 -

كل أبو كحك.

24 -

كل إينوكوندر.

ب - كل انتصر الشرقيون:

1 -

كل أحمد طال.

2 -

كل هندا هندا.

3 -

كل إيكومن.

4 -

كل انطرشاون.

5 -

كل امقشارن.

6 -

كل إينا بلجين.

7 -

كل غزان.

8 -

كل اينا قوزم.

9 -

كل عبيدان.

10 -

كل اتنولك.

11 -

كل انديارن.

(1)

انظر: (كنتة الشرقيون) تأليف بول مارتي، تعريب محمد محمود ولد دادي.

ص: 686

وقد اشتهرت قبيلة الأنصار بالعلم والأدب والثقافة الواسعة، وبرز منهم علماء وشعراء

(1)

.

وقد اشتهرت قبيلة الأنصار بمصادمتها للفرنسيين وسقط منهم عدة شهداء.

كما كانت دائمًا توَّاقة للحرية فقادت ضمن القبائل الأخرى الانتفاضات ضد الحكام المستبدين في مالي مثل (مودييوكيتا) و (موسى تراوري).

وكان أمير الأنصار إلى عهد قريب محمد بن علي الأنصاري الذي سجنته حكومة مالي عام 1963 م وأفرج عنه عام 1978 م، وهو الآن لاجئ بالمغرب وعمره جاوز المائة سنة، وللأنصار فروع في غدامس وغات وزواره بليبيا، وكذلك قبيلة الفضول بجنوب ليبيا.

20 -

قبيلة البرابيش

‌قبيلة البرابيش

قبيلة عربية تسيطر على شمال غرب مالي، وتكوِّن كونفدرالية كبيرة تنضوي تحت لوائها مجموعة كبيرة من البطون.

وأهم بطون البرابيش:

1 -

أولاد يعيش.

2 -

أولاد غنام.

3 -

أولاد سليمان.

4 -

أولاد عمران.

5 -

أولاد شبل.

6 -

أولاد سعيد.

7 -

أولاد أحمد.

8 -

أولاد عمر.

9 -

أولاد إدريس.

10 -

المحافيظ.

وينقسم كل بطن من هذه البطون إلى مجموعة من الفخوذ الأصغر منها، ولهذه البطون فروع في مناطق أخرى من الصحراء.

(1)

انظر: أعلام عن الصحراء للقشاط.

ص: 687

فأولاد سليمان يقولون: إنهم قادمون من ليبيا وهم فرع من قبيلة أولاد سليمان المتواجدة في مناطق سرت بوسط ليبيا.

وقبيلة المحافيظ يقولون إنهم إخوة قبيلة أولاد علي المتواجدين في الصحراء الغربية لمصر والشرقية لليبيا.

وأولاد سعيد لهم فرع في تونس.

وأولاد غنام هم إخوة قبيلة الغنانمة المقيمة بمنطقة يفرن بليبيا بالجبل الغربي.

وأولاد شبل هم إخوة أولاد شبل المقيمين بقرية شكشوك بليبيا.

وإلى جانب هذه البطون هناك قبائل أخرى مع البرابيش، أهمها:

1 -

أولاد بو خصيب: الذين ينحدرون من جدهم خصيب بن عباد أحد ولَّاة المأمون على مصر والذي مدحه أبو نواس بقوله:

هذا الخصب وهذه مصر

فتدفقا فكلاكما بحر

وعندما قبض المأمون على الخصيب وصلبه أوصى لأولاده بالهروب غربًا فتوغلوا في الصحراء ووصلوا مالي الحالية.

2 -

رقان: وهي قبيلة كبيرة ومفردها رقاني.

3 -

السكاكنه: وتنضوي تحتها ثلاثة بطون (أهل بوصبيع وأهل الكيني، وأهل كيجاجا).

4 -

أهل أروان: ويتكونون من عدة بطون أهمها

(1)

:

أ - بنو سيدي أحمد بن صالح.

ب - بنو أحمد بن أير.

جـ - الحية.

د - أولاد بهده.

هـ - النواجي.

و - الوسره.

ز - تجكانت.

(1)

انظر: مخطوط نبذة من تاريخ أروان للشيخ أبي الخير عبد الله الأروانى، مخطوط.

ص: 688

5 -

أهل بو جبيهة.

6 -

أهل تاودني.

7 -

أولاد بنو هنده.

8 -

اديلبه.

9 -

ترمز.

وهذه القبائل جميعها تكوِّن كونفدرالية البرابيش في المنطقة منذ مئات السنين.

ويعدِّد بول مارتي في كتابه (من عرب مالي - البرابيش بنو حسان) قبائل البرابيش بسبعة وخمسين قبيلة كلها تسمى (البرابيش)!

ومن المعروف تاريخيًّا أن شيخ البرابيش السليماني المسمى أحمد ولد عبيده هو الذي قتل الجاسوس الإنجليزى (الماجور لينج) عام 1826 م قرب تينبكتو وسبَّب مشكلة سياسية كبيرة بين حكومة يوسف القرة مانلي في طرابلس الغرب والحكومة البريطانية، مما تم بسببها إسقاط وزير الخارجية الليبي حسونه الدغيس الذي اتهمه القنصل البريطاني بالتحريض على مقتل لينج وإخفاء أوراقه وتسليمها للقنصل الفرنسي، الأمر الذي دعا حسونه الدغيس الطرابلسي للاستقالة والذهاب إلى لندن ليعرض مشكلته وبراءته أمام مجلس العموم البريطاني في حديث طويل

(1)

.

وأثناء وصول الفرنسيين للمنطقة هبَّ البرابيش تحت زعامة شيخهم محمد ولد محمد لقتال الفرنسيين ثم من بعده ابنه الخليفة

(2)

.

والبرابيش يمتلكون ثروة هائلة من الإبل، ولو أن الجفاف قضى على جلها.

وفي منطقة أروان تعيش الكثير من الأسر من أصل مغربي من سجلماسة ومن منطقة توات بجنوب الجزائر، ومن غدامس بليبيا قدموا إليها كتجار ثم استوطنوها

(3)

.

(1)

انظر كتاب: بحوث ووثائق في التاريخ المغربي، عبد الجليل التميمي.

(2)

انظر كتاب: (البرابيش)، بول مارثي. وكذلك كتاب: جهاد الليبيين ضد فرنسا في الصحراء الكبرى، للمؤلف محمد سعيد القشاط.

(3)

انظر مخطوط: نبذة من تاريخ أروان، للشيخ أبى الخير عبد الله الأرواني.

ص: 689

21 -

قبيلة إفوغاس

‌قبيلة إفوغاس

قبيلة ترجع بنسبها إلى الحسن بن علي رضي الله عنه

(1)

.

وكلمه إفوغاس بلهجة التوارق تعني (أشعل النار)، وتقطن هذه القبيلة منطقة (كيدال) شمال مالي في المنطقة الجبلية التي تقع قرب الحدود الجزائرية (أدغاغ).

وهي قبيلة محاربة، شديدة المراس، لها صولات وجولات في التاريخ العربي الإسلامي في المنطقة.

وتنقسم إفوغاس إلى عدة بطون وأفخاذ

(2)

.

وعند وصول الفرنسيين إلى المنطقة وقفت قبيلة إفوغاس تقاتلهم ببسالة، كما وقف رجالها ضد التغلغل التجسسي المسيحي طيلة القرن الماضي.

وفي عام 1963 م، بعد خروج الفرنسيين من مالي، قادت هذه القبيلة تمردًا ضد حكم الرئيس المالي (موديبوكيتا) واستمر هذا التمرد أكثر من سنة، إلَّا بعد أن قبض موديبوكيتا على رأس القبيلة الأمير زيد بن الطاهر وأودعه السجن مع مجموعته القيادية، وأقصاه عن رئاسة القبيلة وعيَّن أخاه انتا الله الطاهر الذي لا يزال على رأس القبيلة حتى الآن.

ولقبيلة إفوغاس فرع في ليبيا في منطقة غدامس، وفي السنوات الأخيرة قادت قبيلة إفوغاس انتفاضة ضد الرئيس المالي (موسى تراوري) وساهمت في إسقاطه، وقد فشل في إنهاء الانتفاضة بالقوة بل وانتقلت إلى وسط البلاد وإلى العاصمة.

ولا تزال مشكلة الشمال قائمة حتى كتابة هذه السطور، ولو أن هناك بعض الاتفاقيات لإنهاء المشكل مع الحكومة والاعتراف بحقوق عرب الصحراء والكف عن اضطهادهم.

(1)

شجرة نسب إفوغاس.

(2)

انظر كتاب: التوارق عرب الصحراء الكبرى، للقشاط.

ص: 690

22 -

قبيلة لمتونة

‌قبيلة لمتونة

هي القبيلة العربية الشهيرة التي كوَّنت نواة دولة المرابطين في الصحراء الكبرى والمغرب والأندلس.

وقبيلة لمتونة تنتمي إلى قبيلة حِمْيَر اليمانية، ويعد قسم كبير منها حاليًّا في قبائل عرب التوارق، أما القسم الأكبر فهو عربي اللسان والثقافة يساهم في نشر الدين الإسلامي وازدهار اللغة العربية في المنطقة وخاصة في موريتانيا.

ويتواجد القسم الآخر التارقي في بوركينا فاسو والنيجر وشرق مالي ويُسمى (والليمدن) والتي كونت سلطنة بعد اضمحلال دولة المرابطين. ولما وصل الفرنسيون إلى المنطقة وقفت قبيلة لمتونة تقارع الاستعمار سنوات طويلة وسقط سلطانها (فهرون بن الأنصار) شهيدًا في إحدى هذه المعارك، كما سقط مئات القتلى والشهداء.

وبعد انتصار الفرنسيين في معاركهم واحتلالهم للبلاد قسموا سلطنة والليمدن إلى مشيخات صغيرة ووضعوا على رأسها شيوخًا موالين لفرنسا

(1)

.

وقبيلة لمتونة في موريتانيا يقولون إنهم أحفاد أبي بكر بن عمر أمير المرابطين الذي أسقط مملكة غانا، والذي يعتبر المؤسس الأول للمرابطين في الصحراء والذي قادهم إلى المغرب

(2)

.

23 -

‌ قبيلة تيندغه

قبيلة عربية كبيرة من بقايا المرابطين، تقطن المنطقة الجنوبية من موريتانيا إلى شمال السنغال مدينة (اندر)(سان لويس) وتضم هذه القبيلة أكثر من أربعين عشيرة كبيرة.

وأهل تيندغه أهل علم وثقافة، ولهم مجموعات كبيرة من العلماء في السنغال، وغينيا كوناكري، وغينيا بيساو، يشتغلون بتعليم القرآن وعلوم الدين وأصول اللغة، ويقول أحد شعرائهم العلماء:

وفعل ما لا ينبغي لا ينبغي

لتندغي أو لغير تندغي

(1)

انظر كتاب: التوارق عرب الصحراء الكبرى، للمؤلف

(2)

انظر كتاب: التوارق عرب الصحراء الكبرى، للمؤلف.

وكتاب: دولة المرابطين - محمد عبد الله عنان.

ص: 691

24 -

‌ قبيلة مسومه

قبيلة عربية من بقايا دولة المرابطين تنتمي إلى صنهاجة، وتمتد من منطقة كيفا جنوب موريتانيا على نهر صنهاجة إلى منطقة الحوض شرق موريتانيا على الحدود مع مالي، وتتفرع إلى مجموعة كبيرة من العشائر، ويشتغل رجال مسومه بالعلم ونشر الدين وإقامة المدارس العلمية. وقد شاهدت بعض رعاة الإبل يرعونها وعلى ظهورهم ألواحهم يحفظون القرآن.

وأشهر أسرها العلمية أسرة (أهل بيَّه).

25 -

‌ قبيلة أولاد الناصر

قبيلة عربية شهيرة في منطقة الحوض الشرقي لموريتانيا وفي منطقة (عيون العتروس مشهورة بالمرح والنوادر.

وأهم بطون أولاد الناصر:

1 -

العناترة.

2 -

أولد سعيد.

3 -

الغياسات.

4 -

أولاد حمه معتوق.

5 -

أولاد شبيشب.

ولأولاد الناصر علماء وفقهاء، وهم مؤسسو زاوية أولاد الناصر بوادي نون جنوب المغرب، ومنهم صاحب الاستقصاء في أخبار المغرب الأقصى

(1)

.

وقبيلة أولاد الناصر لها فروع في ليبيا وفي تونس يقال لهم (أولاد سيدي الناصر).

26 -

‌ قبيلة النمادي

قبيلة عربية تقطن المنطقة الواقعة على الحدود الموريتانية مع دولة مالي، وبالرغم من أنهم يعيشون في الصحراء فهم بيض البشرة، وتقول بعض الروايات أنهم من بقايا مملكة نوميديا بالجزائر، ومن هنا جاءهم الاسم.

(1)

هو الشيخ أبو العباس أحمد بن خالد الناصري.

ص: 692

والنمادي يحترفون الصيد، ولا عمل لهم إلَّا صيد الوحوش بالكلاب السلوقية، وتعد ثروة الرجل بمقدار ما يملك من الكلاب، وهم أشد الناس عدوًا فترى الرجل منهم يعدو مع كلبه يطارد الغزال وأحيانًا يسبق الرجل كلبه، وكذلك هم من أول الناس خبرة بالصحراء.

ويعيش النمادي على لحم الصيد، يقددونه وينشرونه في الشمس لتجفيفه، ثم يبيعونه ويشترون بثمنه ما ينقصهم من الأسواق القريبة، وأقرب الأسواق لهم (النعمه) والقرى القريبة منها.

والنمادي مشهورون بالوفاء ورد الجميل ويعتبرون أسياد تلك المناطق الصحراوية وأخبر الناس بآبارها وموارد مياهها.

والنمادي يتعاملون فيما بينهم بالمقايضة، ويتقاضون بالكلاب، ويدفعون مهور نسائهم بالكلاب أيضًا!

ويلتحق بالنمادي أفراد من مختلف القبائل الصحراوية ويعيشون معهم، ويمتهنون مهنتهم وخاصة أولئك الذين يرتكبون الجرائم في قبائلهم

(1)

.

27 -

‌ قبيلة أداو الحاج

أداو الحاج أو قبيلة أولاد الحاج قبيلة عربية مشهورة في مناطق الوسط من موريتانيا وفي منطقة تينبكتو شمال مالي.

وقد كانت قبيلة أداو الحاج تقطن منطقة (وادان) و (شنقيط) ثم نزحت إلى الشرق.

لهذه القبيلة مشاحنات ومعارك مع القبائل المجاورة وخاصة كنته، وبينهما مساجلات شعرية ومعارضات.

كما وقعت بينها وبين قبيلة (أداو علي) حروب أوردها الشيخ حرمه بن عبد الجليل العلوي في رسالة موشحه بالشعر واصفة الحرب وخسائرها ونتائجها

(2)

.

(1)

انظر: كتاب الوسيط، المصدر السابق. ورواية (عرقاب) لأحمد عبد القادر من موريتانيا.

(2)

انظر: الوسيط، المصدر السابق.

ص: 693

28 -

‌ قبيلة أولاد داود

قبيلة عربية تقطن منطقة الحوض شرقي موريتانيا، وتتفرع إلى الأفخاذ الآتية:

1 -

الجعافرة.

2 -

الرعيان.

3 -

أهل بني جاره.

4 -

أولاد علوش البقر.

5 -

أولاد علوش الشرق.

6 -

ايد البا.

7 -

أهل عبدوكه.

8 -

لحمنَّات.

وقد اشتهرت من هذه القبيلة مجموعة كبيرة من الرجال في بداية استقلال موريتانيا وأيام الاستعمار الفرنسي، وقد قاتل (أهل عبدوكه) الفرنسيين بضراوة أيام زحف هؤلاء على موريتانيا في بداية هذا القرن.

29 -

‌ قبيلة الفلان

الفلان، والفلاته، والبلار، والهال، والبول، والتكارير، والتكارن، والفلاشه.

كل هذه الأسماء تُطلق على اسم قبيلة عربية تقطن جنوب الصحراء من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر في كل الأقطار المتواجدة في هذا الحزام: موريتانيا، ومالي، والسنغال، وغينيا بيساو، وغينيا كوناكري، وبوركينا فاسو، وساحل العاج، وبنين، ونيجيريا، والنيجر، وتشاد، والحبشه.

ويُقدَّر عدد الفلان بحوالي اثني عشر مليون نسمة، ويشتغلون بالرعي والزراعة والتجارة.

والفلان سمر البشرة أميل إلى البياض رقاق الملامح أشبه باليمانيين.

ويرجع الفلان أنسابهم إلى (حِمْيَر) ومنهم من يرجع نسبه إلى عُقبة بن عامر الجهني أحد الفاتحين العرب للصحراء، وتقول هذه الرواية: إن عُقبة بن عامر

ص: 694

وبعضهم يقول إن الاسم عُقبة بن ياسر تزوج بابنة ملك (تور) وتُسمَّى (يجمع) وولد له منها أربعة أولاد هم (دعت) و (واي) و (ناس) و (رعرب).

وتناسل هؤلاء الأولاد فولد (دعت) قبيلة (جل) وولد (واي) قبيلة (بَرِ) وولد (ناس) قبيلة (شهُ) وولد (رعرب) قبيلة (بَهْ).

وقد لعب الفلان دورًا بارزًا في نشر الإسلام والدفاع عنه في إفريقيا، وبرز منهم العلماء والفقهاء والمجاهدون والمصلحون أمثال عثمان دان فودي، والشاعر محمد سعيد البوصيري صاحب قصيدة البردة الشهيرة.

والفلان لم ينصهروا في القوميات الأخرى بالرغم من اختلاطهم معهم في الأرض وفي المناطق التي يعيشون فيها.

ويسعى الفلان لخلق كيان سياسي لهم، وقد نجحوا في بعض الأحيان عندما أسسوا مملكة سيكوتو ومملكة ماسينا ودولة (فوتاتورو).

والفلان على قناعة بأنهم قومية منفصلة عن الزنوج بالرغم من تشتتهم في البلدان الإفريقية.

وقد قام الفلان بمحاولات كثيرة في العصر الحديث لتكوين دولة لهم تصبح بمثابة مرتكز لقوميتهم كتلك المحاولة التي قاموا بها في غينيا كوناكري وفي السنغال.

وكان الأمين العام السابق لمنظمة الوحدة الأفريقية فلاتيًّا وهو السيد (جل تلي) الذي قتله الرئيس الغيني أحمد شيخو توري لاتهامه بمحاولة انقلاب ضده.

كما أحبط الرئيس السنغالي الأسبق سينغور عدة محاولات للفلان في إقامة دولة لهم، وقد أُقيل وسُجن رئيس الوزراء السنغالي الفلاتي (محمد جه) عام 1962 م، وكذلك رئيس الأركان للجيش السنغالي (الجنرال فال) وهو من أصل عربي موريتاني.

وقد حاول الاستعمار الفرنسي بشتى الوسائل والطرق أن يحول بين الفلان وقوميتهم العربية وأمتهم العربية، ونشر في سبيل ذلك المئات من الكتب والنشرات التي ترجع الفلان إلى أصول أوروبية أو غير عربية.

ص: 695

وفي غفلة من العرب أصبح الفرنسيون ينجحون في بث كراهية الفلان للعرب كما حدث في موريتانيا.

غير أن عقلاء الفلان ومثقفيهم يعرفون جيدًا أصولهم العربية القحة، والمتفحص للمجتمع الفلاني يلاحظ بكل جلاء من خلال عاداتهم وشجرات أنسابهم رجوعهم للأمة العربية.

وفي السنوات الأخيرة نقل الإسرائيليون عشرات الآلاف من الفلاشه إلى إسرائيل بحجة أنهم إسرائيليون لأنهم يهود، والمعلوم أن اليهودية دين وليست قومية وأن بعض العرب كانوا يعتنقون اليهودية قبل الإسلام ولكنهم عرب مثل السموأل.

ومن الفلان علماء وأدباء وشعراء في العربية والإسلام، منهم صاحب قصيدة البردة محمد سعيد البوصيري، ومنهم الشيخ عثمان دان فودي، وأحمدو بلُّلو، والحاج عمر تال، وغيرهم.

30 -

‌ قبيلة تنواجيبو

قبيلة عربية، ترجع بنسبها إلى الحسين بن علي - عليه رضوان الله.

تقطن في منطقة الحوض بشرق موريتانيا حول منطقة (عيون العتروس).

وتمض قبيلة تنواجيبو مجموعة من الأفخاذ، وأهمها:

1 -

أهل أفّاه ولد الشيخ المهدي.

2 -

أهل أحمد رارا.

3 -

أهل محمد ساسي.

4 -

أهل محمد مهدي.

5 -

أهل شيخنا ولد أبَّان.

ولقبيلة تنواجيبو باع طويل في الشعر والأدب، ولها مجموعة من المدارس الدينية (محاضر) في المنطقة.

ص: 696

31 -

‌ قبيلة مشظوف

قبيلة عربية كبيرة تقطن منطقة الحوض الشرقي من موريتانيا، وفدت على المنطقة من الشمال واستقرت في الحوض بعد معارك كبيرة مع القبائل المتواجدة في المنطقة مثل أولاد الناصر، وغيرهم.

واستطاعت قبيلة مشظوف أن تنتصر على إمارة أولاد إمبارك عندما ضعفت في نهايتها، الأمر الذي جعل آخر أفراد أمراء أولاد إمبارك يقول بالشعر الحساني

(1)

:

أشكِ من تصريف القيوم

واشكِ بذاك التصروف

مشظوف أقْبَلْ ملكي، واليوم

عدت أنا مالكني مشظوف

والمعنى أنه يتعجب، وكلمه (أشكِ) للتعجب من تصرف الزمن الذي دار دورته، وأصبح الأمير مملوكًا لمشظوف بعد أَن كان مشظوف مملوكًا للأمير.

وقبيلة مشظوف يتواجد بعض أفخادها في شمال مالي، ولها بعض الخيام في النيجر.

32 -

‌ قبيلة مدلش

قبيلة عربية من بقايا المرابطين تقطن جنوب انواكشوط عاصمة موريتانيا وتمتهن العلم والتعليم، ونبغ من مدلش مجموعة من الشعراء والعلماء.

ولمدلش قرابة مع قبيلة كنته العربية في (أزواد) وهي قرابة ناتجة عن مصاهرة قديمة.

وتتبع قبيلة مدلش إمارة الترارزة التي تمثل الثقل السكاني في جنوب موريتانيا العربية.

(1)

الشعر الحساني هو الشعر الشعبي في المنطقة.

ص: 697

33 -

‌ قبيلة ادنان

هي قبيلة عربية تارقية تنتمي إلى قبيلة (عدنان) العربية واسمها تحريف لذلك الاسم.

تقطن شمال مالي، ولها دور فعال في حرب الفرنسيين عند وصولهم إلى المنطقة، وكانت مع قبيلة (إفوغاس) تمثل القوة العربية الإسلامية التي وقفت ضد التغلغل الفرنسي في المنطقة.

وقد قام رجال من أدنان بمقاومة ظلم الرئيس الأسبق لمالي (موديبوكيتا) وكوَّنوا مع قبيلة (إفوغاس) وبعض القبائل العربية الأخرى انتفاضة عام 1963 م والتي قُتل وسجن فيها الكثيرون، ولكنها خُنقت في المهد لعدم وجود مساند لها من الخارج.

ولقد التقيت بمجموعة من رجال (أدنان) وهم رجال حرب وصحراء

(1)

.

34 -

‌ قبيلة أولاد ملوك

قبيلة عربية تقطن صحراء موريتانيا، وتنقسم إلى قسمين:

أولاد ملوك البيض، وأولاد ملوك الكحل، وقد وقع خلاف بين الفريقين نزح بسببه أولاد ملوك الكحل إلى شمال مالي ولا يزالون فيها حتى الآن.

35 -

‌ قبيلة كل السوق

قبيلة عربية تارقية، قدمت للمنطقة من عرب برقة بليبيا بعد الفتح الإسلامي.

تقطن هذه القبيلة شمال جمهورية مالي حول مدينة السوق التي سُمِّيت بها.

وسُمِّيت القبيلة باسم المدينة؛ لأنهم كانوا يداومون على تواجدهم بها يعلِّمون الناس الدين ويحفِّظونهم القرآن الكريم.

(1)

انظر كتاب: التوارق عرب الصحراء الكبرى، للقشاط.

ص: 698

وأهل السوق مشتهرون بنسخ الكتب، بل ويمتهنون هذه المهنة ويحترفونها في تلك الأصقاع التي لا وجود للمطابع بها ولا وجود للآلات الكاتبة.

وخطوطهم جميلة مغربية أندلسية وأغلب الكتب المنسوخة في المنطقة نسخها فقهاء من كل السوق.

ولقد ساهم علماء كل السوق في الحفاظ على الدين الإسلامي ونشره في المنطقة.

وقد عرف الليبيون في مناطق فزان الفقيه السوقي الذي ساهم في الجهاد الليبي ضد الطليان

(1)

.

وفي مدينة كل السوق مقبرة فيها قبور مجموعة من الصحابة رضي الله عنهم.

36 -

‌ قبائل الهقار

وهي مجموعة كبيرة من القبائل العربية التارقية التي تقطن (جبال الهقار) فسُمِّيَت بها، وهي سلسلة من الجبال الشاهقة تقع حاليًّا على الحدود بين جمهورية الجزائر وجمهورية مالي، وينمو فيها شجر تدبغ به الجلود يُسمِّيه عرب التوارق (الهقار) فسميت الجبال باسمه وسُمي الناس بالجبال، وأهم قبائل الهقار:

1 -

كيل أغلا، وهي قسم من قبيلة الأغلال المتواجدة في موريتانيا والنيجر.

2 -

تيطوق.

3 -

كل أغري.

4 -

تاغلت ملّت، ومعناها (أهل العنز البيضاء).

هذه القبائل تقطن الهقار والتي عاصمتها مدينة (تمنغست) بجنوب الجزائر.

وقد تعاونت هذه القبائل - مع الأسف - مع الاستعمار الفرنسي في احتلال المنطقة بقيادة سلطانها (موسى اق اماسطان) وساعدت الفرنسيين في القضاء على المجاهدين في المنطقة وعلى ثورة محمد كاوصين وثورة فهرون بن الأنصار.

(1)

انظر: معارك الدفاع عن الجبل الغربي، للقشاط.

ص: 699

وقد استخدمت فرنسا خبرة الطوارق هؤلاء في الأرض والطرق والآبار، وعداوتهم السابقة مع القبائل المجاورة الناتجة عن استياق الإبل والغارات القَبَلية السائدة في تلك الأيام

(1)

.

37 -

‌ قبيلة الشعانبة

قبيلة عربية كبيرة تقطن الجنوب الجزائري حول مدينة (ورقلة)، وتقول المصادر: إن هذه القبيلة قادمة من برقه بليبيا في زمن ليس بالبعيد

(2)

.

وقبيلة الشعانبة قبيلة كثيرة العدد قوية الشكيمة لها غارات على القبائل المجاورة، وقد ساهمت في الجهاد ضد فرنسا في بداية الغزو الفرنسي للجزائر، وساهمت مع ثورة أولاد الشيخ، وثورة المقراني، وثورة بو عمامه، وبرز منها بعض الأفراد الذين قاتلوا الفرنسيين في الصحراء أمثال (علي قدور)؛ الذي استشهد في معركة مع الفرنسيين في صحراء مالي عام 1907 م وهو يقود مجموعة من المجاهدين من الشعانبة ومن عرب المنطقة.

وتتواجد مجموعات من الشعانبة في صحراء النيجر وصحراء مالي، أما غالبيتهم فيستقرون في جنوب الجزائر. ولقد تعرفت على بعض الأسر من الشعانبة في منطقة غدامس، ودرج وأوباري وغات بليبيا.

38 -

‌ قبيلة المخادمة

(3)

قبيلة عربية، تقطن صحراء جنوب الجزائر، ولهم صلات مع قبيلة الشعانبة، وللمخادمة بعض الأسر بليبيا، وهم خدام سيدي الشيخ دفين (لبيض) بجنوب الجزائر.

(1)

انظر: كتاب: التوارق عرب الصحراء الكبرى، للقشاط. وكتاب: جهاد الليبيين ضد فرنسا في الصحراء، للقشاط.

(2)

انظر: الساسي، المصدر السابق، وفي تاريخ الجزائر لتوفيق المدني: الشعانبة بطن من حكيم من علَّاق من عوف بن بهثة من بني سُلَيْم.

(3)

ذكرهم ابن خلدون من عرب بني هلال من أولاد مخدم من الأثبج. كما ذكرهم المدني من قبائل الهلالية في الجزائر.

ص: 700

39 -

‌ قبيلة الجرامنة

قبيلة عربية تنتمي لجدها (جرمون) أخى زياد جد قبيلة الزياديين المتواجدين في منطقة (تمسه) بفزان، وغيرها من المناطق.

تقطن قبيلة الجرامنة في جنوب الجزائر حول مدينة (المنيعة) وثارت على الفرنسيين عام 1871 م وقتلت الضابط الفرنسي الحاكم للمنطقة، واصطدمت مع القوات الفرنسية، والتحقت بثورة (بو عمامه)، ولما فشلت هذه الثورة هاجر جل أفراد قبيلة الجرامنة إلى ليبيا، واستقروا بالحمادة الحمراء ومناطق غدامس ودرج.

ولما هاجمت إيطاليا ليبيا عام 1911 م، ساهم الجرامنة في الجهاد ضد الغزو الإيطالي واستشهد منهم عدة رجال في معارك الساحل، ومعارك فزان.

وقد عاد أغلب أفراد قبيلة الجرامنة إلى جنوب الجزائر، وبقيت منهم حوالي مائة أسرة في ليبيا موزَّعة ما بين غدامس ودرج وأدري وأوباري.

والجرامنة من أخبر الناس بالصحراء، وهم مربو إبل يحسنون تربيتها ويهتمون بها، وقد رأيت بعضهم يعرف آثار إبله في الأرض دون أن يراها.

40 -

‌ قبيلة العبادلة

قبيلة عربية تقطن بجنوب الجزائر قرب مدينة (بشار) ولهم فرع بمنطقة سرت بليبيا.

41 -

‌ قبيلة إدو إسحاق

قبيلة عربية تارقية تقطن شمالي مالي في صحراء تينبكتو، وهي مشهورة بالعلم وحفظ القرآن.

ولإدو إسحاق فرع بليبيا في منطقة ورفلة يسمى (الأساحقه)، وفرع بموريتانيا يسمى (إدو إسحاق)، وفي الصومال لهم فرع يسمى الإسحاقيين

(1)

. ويقول

(1)

انظر كتاب: التوارق عرب الصحراء الكبرى، للقشاط.

ص: 701

القلقشندي في كتابه نهاية الإرب: "بنو إسحاق بطن من البكريين بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه من بني تيِّم بن مرة من قريش العدنانية، وقال الحمداني: هم من أقارب بني طلحة بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق". ويقول: "ومساكن بني إسحاق هؤلاء ببلاد الأشمونين من صعيد مصر فيما ذكره الحمداني. ."

(1)

.

42 -

‌ قبيلة اغطفانن

قبيلة عربية تارقية في شمال مالي، واسمها تحريف للقبيلة المشهورة (غطفان).

وتكوِّن هذه القبيلة مع غيرها من قبائل المنطقة (سلطنة والليمدن كيل اطرام) أي (سلطنة لمتونة الغرب)

(2)

.

43 -

‌ قبيلة القديرات

وتُسمَّى (الغديرات) تقطن جنوب الجزائر، وهي قبيلة عربية لها فرع بمنطقة بئر الغنم قرب طرابلس الغرب بليبيا وتنقسم إلى عدة بطون وأفخاذ، وتتمركز بمنطقة وادي سوف شرقي الجزائر.

44 -

‌ قبيلة الأتواج

قبيلة عربية تنتسب إلى سيدنا أبي بكر الصديق - عليه رضوان الله، والأتواج يتباهون بنقطة حمراء صغيرة تحت كعب رجل كل منهم يقولون: إن تلك النقطة هي أثر لسعة العقرب التي لسعت سيدنا أبي بكر (جدهم) عندما كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار متخفيين من قريش في طريقهما إلى المدينة، وقد شاهدت هذه النقطة في كثير من رجال الأتواج.

(1)

أبو العباس القلقشندي في كتابه: نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب. دار الكتب العلمية، بيروت لبنان - الطبعة الأولى 1405 هـ/ 1984 م، ص 47.

(2)

انظر كتاب: التوارق: مصدر السابق.

ص: 702

وتملك قبيلة الأتواج ثروة هائلة من الإبل.

وتتوزع قبيلة الأتواج بين جنوب الجزائر وشمال مالي وشمال النيجر.

وتنقسم قبيلة الأتواج إلى:

1 -

أهل لجهوري.

2 -

أولاد سيدي محمد.

3 -

أولاد عابدين.

وقبيلة الأتواج من القبائل الصحراوية التي تملك موهبة خبرة الصحراء ومعرفة مسالكها ومناهلها، وقد شرَّد الفرنسيون هذه القبيلة وصادروا ممتلكاتها من الإبل والحيوانات.

وتوجد مجموعة من الأتواج بليبيا قدموا إليها أيام الغزو الفرنسي للصحراء، ومجموعات أخرى قدمت أخيرًا هاربة من الجفاف.

وتتمركز قبيلة الأتواج في جنوب الجزائر قرب زاوية كنته بالأدرار، ومنهم خيام بالنيجر.

45 -

‌ قبيلة يدَّاس

من أكبر القبائل العربية في صحراء النيجر وتقطن حول منطقة (بالزقور) جنوب مدينة (أقدز)، وتنقسم هذه القبيلة إلى:

1 -

أهل ياسين.

2 -

أهل الحبشي.

3 -

أهل القبلة.

وينقسم كل بطن من هذه البطون إلى مجموعة من الأفخاذ والعشائر الصغيرة.

وقد بطش الفرنسيون بهذه القبيلة أيام زحفهم على الصحراء وصادروا أموالها وقتلوا رجالها.

وقبيلة يدَّاس من أشهر القبائل العربية في الصحراء في تربية الإبل والماشية.

وليدَّاس مجموعة من الأسر في ليبيا.

ص: 703

46 -

‌ قبيلة الخنيشات

قبيلة عربية تقطن في صحراء النيجر حول منطقة (تاسره) حيث تتناثر مخيماتها غربيها وتنتشر في وسط النيجر، وتختلط مع قبيلة (درمشاكه).

وللخنيشات مجموعة من الأسر في جنوب الجزائر وفي ليبيا.

47 -

‌ قبيلة الطرشان

قبيلة عربية تقطن في صحراء النيجر قرب قرية (شين براضن).

ولهذه القبيلة فروع في موريتانيا ومالي وجنوب الجزائر، وفي وسط ليبيا.

والطرشان منطلقون من موريتانيا بمنطقة (أقصير الطرشان) جنوب أطار.

48 -

‌ أهل سيدي عمر الشيخ

قبيلة عربية وهي فرع من فروع قبيلة (كنته) العربية التي قلنا: إنها ترجع بنسبها للفاتح العربي الكبير عُقبة بن نافع الفهري.

وتقطن قبيلة أهل سيدي عمر الشيخ في صحراء النيجر قرب قرية (انقال) وهي مشيخة مستقلة، ولها زاوية خاصة بها لتعليم القرآن وعلوم الشريعة واللغة العربية يقال لها زاوية أهل سيدي عمر الشيخ.

49 -

‌ قبيلة الرماة

الرماة ليست قبيلة ولكنها الجنود العرب المغاربة الذين قدموا في حملة منصور الذهبي على منطقة تينبكتو، واستقروا هناك وتزاوجوا مع المواطنين وأصبحوا يسمَّون (الرماة) أي المحاربين، ويتواجدون بمالي والسنغال وكوَّنوا ما يشبه قبيلة، وهم عرب مغاربة خرج منهم زعماء قادوا المنطقة ضد فرنسا.

50 -

‌ قبيلة أولاد سيدي محمد ولد باي

قبيلة عربية، وهي إحدى أفخاذ قبيلة كنته انفصلت منها والتحقت بالنيجر

ص: 704

حيث استقرت بمنطقة (الأزرق) قرب مدينة (اقذر)، وتختلط هذه القبيلة مع قبيلة (تاشررت) العربية التارقية.

51 -

‌ قبيلة كل نان

قبيلة عربية تارقية يكون منها سلطان سلطنة (تقرقريت) التارقيه في شمال النيجر مدينة (طاوه).

وتقود هذه القبيلة مجموعة كبيرة من القبائل العربية التارقيه في هذه السلطنة، وأهمها:

1 -

كل أغلال: وكل معناها أهل باللهجة التارقيه، والأغلال فرع من قبيلة الأغلال بشنقيط.

2 -

تقرمت.

3 -

أراولن.

4 -

أزرياضن.

5 -

تلميديس.

6 -

أقيران.

7 -

كل إزار.

8 -

أيب أواري، وهذه القبيلة نزحت من سرت بليبيا)

(1)

.

9 -

الشريفن، وينتمون إلى بني هاشم.

10 -

داغمنا.

11 -

إقدالين، (بقية قبيلة قداله المعروفه).

12 -

إزاويتن، (بقية الزوايا).

13 -

اجوانجواتن.

14 -

ابهيوان.

15 -

ايكدَّمان.

16 -

إيبنكلان.

17 -

إلبكان.

18 -

ابضيضاين.

(1)

انظر: كتاب التوارق عرب الصحراء الكبرى، للمؤلف سعيد القشاط.

ص: 705

19 -

انمغراون، (بقايا قبيلة مغراوه المذكورة في الشمال الإفريقي).

20 -

إبكلان.

21 -

إبراكيتان.

22 -

إيشيديوان.

وقد تصدَّت هذه القبيلة أو هذه السلطنة بقبائلها المذكورة سابقًا للزحف الفرنسي على الصحراء وسقط منها آلاف الشهداء عليهم - رحمة الله

(1)

.

52 -

‌ قبيلة إيكزكزن

هي قبيلة عربية تارقية تقطن شمال النيجر ضمن سلطنة (والليمدان كيل اطرام)

(2)

وسلطنة (تمزقدا)، وقد خاض رجالها الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي بقيادة سلطان (تمزقدا)، (موسى دمرقوما) الذي استشهد في إحدى المعارك مع الفرنسيين وخلفه (خنجر)

(3)

في قيادة القبيلة.

واشتهر من رجالات هذه القبيلة محمد كاوصن الذي هاجم (أقدز) وحاصرها لمدة ثلاثة أشهر عام 1916 م على رأس حملة متوجهة من ليبيا.

وتتكوَّن سلطنة تمزقدا من القبائل العربية التالية

(4)

:

1 -

الشريفن، (وهم أشراف من بني هاشم).

2 -

كل فروان.

3 -

إيفدين.

4 -

إيكشكشن.

5 -

إفوغاس، (قسم من إفوغاس مالي).

6 -

امزوراك، (قبيلة محاربة ضد الفرنسيين).

7 -

كل انيرده.

8 -

إبرضيانن.

9 -

إزقايان.

10 -

ايزغران.

11 -

اقدالن (جزء من قبيلة قداله).

12 -

كل طمَّات.

13 -

إيمزوغن.

(1)

انظر: كتاب: التوارق عرب الصحراء الكبرى، للمؤلف سعيد القشاط.

(2)

،

(3)

انظر كتاب: التوارق عرب الصحراء الكبرى، للقشاط.

(4)

انظر المصدر السابق.

ص: 706

ولقبيلة (إيمزوغن) فروع في ليبيا في منطقة ترهونة تسمى (المزاوغة) وفي تونس أيضًا.

53 -

قبيلة الحوصة

‌قبيلة الحوصة

قبيلة عربية شهيرة، حُرِّف اسمها في إفريقيا إلى (الهوسة) وذلك لعدم استطاعة الزنوج نطق حرف (حاء) العربي.

انتقلت إلى إفريقيا في تاريخ غير معروف واختلطت مع القبائل المتواجدة في المنطقة فاكتسبت منها سمرتها.

والحوصة تمثل غالبية سكان نيجيريا والنيجر، ويفوق عدد الحوصة ثلاثين مليونًا، وهم تجار، وتعتبر لهجة الحوصة هي لهجة التجارة في المنطقة الصحراوية حيث يتكلمها سكان غات وغدامس في ليبيا وبعض مناطق جنوب الجزائر.

والحوصة لا يستطيعون نطق حرف الفاء فينطقونه (باء) ولذلك تسمون الفلان (بول).

ولهجه الحوصة تحتوي على أكثر من عشرين في المائة من كلماتها عربية صحيحة، وهي إحدى اللهجات العربية الموجودة في الجزيرة العربية قبل نزول القرآن.

ويقال لمفردهم (هوساتي) وقد كوَّنت الحوصة مجموعة من الإمارات والممالك

(1)

.

54 -

‌ قبيلة كل أمنير

قبيلة عربية تارقية تقطن شمال النيجر وتتكون من مجموعة من القبائل، كما تتحد مع قبائل أخرى لتكوِّن سلطنة (كل اقرس) بمنطقة (آضر).

وتتعاون هذه المجموعة مع مملكة (جوبير) المعروفة في التاريخ.

(1)

انظر أحمد شلبي. موسوعة التاريخ الإسلامي، جزء 6، ص 280، وما بعدها.

ص: 707

ومع قبيلة (كل أمنير) والتي معناها (أهل خبير الصحراء) توجد قبائل أخرى عربية تارقية، أهمها:

1 -

إغاون.

2 -

كل اغلال.

3 -

إتيسان.

4 -

مجموعات (اغويلن) والتي معناها العبيد والموالي.

وتختلط هذه القبائل مع قبائل (الحوصه) وتكتسب الكثير من عاداتها وتقاليدها، كما تتكلم إلى جانب اللهجة التارقية اللهجة الخاصة بقبائل (الحوصه).

55 -

‌ قبيلة البمباره

هي من أكبر القبائل في مالي، ويقولون: إن جدهم (الملك الأسود) قدم من المغرب، وهو ابن بلال بن رباح، وأن أمهم شريفة عربية من ولاته.

عادات البمباره وتقاليدهم وغيرتهم لا تزال عربية، ولهجتهم اختلطت بلهجة الزنوج، ويعدُّ البمباره من القبائل العربية الكبيرة في جنوب الصحراء.

56 -

‌ قبيلة تاقاط

قبيلة عربية متوزعة على امتداد الصحراء الكبرى من موريتانيا إلى النيجر.

وقد بطش الفرنسيون بقبيلة تاقاط عند زحفهم على الصحراء الشمالية للنيجر، وأيام حروب كاوصن ضد الفرنسيين.

وقد التقيت مع بعض شيوخها وأخبروني عما شاهدوه - وهم صغار - من جرائم الفرنسيين.

ومن تاقاط مجموعة كبيرة من المشايخ والعلماء في المناطق المختلفة من إفريقيا، عرفت منهم الشيخ أبو المعالي بالسنغال قرب (دكار) له محضرة كبيرة يعلِّم فيها الصغار والكبار القرآن وفرائض الدين واللغة العربية.

كما لهذا الشيخ محضرة أخرى في منطقة (افطوط) بموريتانيا يديرها علماء من تاقاط.

وتنقسم قبيلة تاقاط إلى قسمين كبيرين، هما:

ص: 708

1 -

القشيرات.

2 -

أهل بكي.

وقد نزحت مجموعات من تاقاط إلى مكة والمدينة، ويتواجد منهم مجموعات بليبيا نزحوا إليها بعد الجفاف الأخير عام 1972 م.

57 -

‌ قبيلة السوننكي

قبيلة عربية تقول المصادر أنها قادمة من برقة، وهي التي أسست مملكة (السنغاي)

(1)

التي اتخذت من مدينة (قاوه) عاصمة لها أو مدينة (كوكو)، وهي التي تقول الروايات أن بُناتها هم تجار قدموا من طرابلس الغرب.

وكلمة سنغاي معناها الرجل الأبيض بلهجة زنوج المنطقة.

وقبائل السنغاي الآن هم سود البشرة نتيجة لاختلاطهم بالزنوج بالمصاهرة والجوار.

وأغلب كبار السن من السنغاي يعرفون نسبهم العربي ويفخرون به.

وتختلط قبائل السوننكي أو (السونغاي) بعرب التوارق في منطقة (قاره) شمال مالي، كما يختلطون بعرب شمال غرب مالي في منطقة تينبكتو.

ونبغ من هذه القبائل شعراء وفقهاء وعلماء متضلِّعون في أصول الدين، كما ساهموا في نشر الدين الإسلامي بين القبائل الوثنية في المنطقة.

58 -

‌ قبيلة القوايدة

قبيلة عربية من بني زغب بطن من بطون سُلَيْم، كانت تنتقل في الصحراء وتعيش حياة البادية والتنقل، لها فرع بدوي في شمال النيجر، هاجر من ليبيا في سنوات سابقة ويقيم جزء منها في بلدة (ونزريك) بفزَّان، وفرع بالحراية بالجبل الغربي، وقسم من هذه القبيلة ببلدة بني وليد بورفلة، وقسم آخر بقرية قبرعون، ولها فرع بشمالي تشاد.

(1)

انظر: السعدي: تاريخ السودان، ص 64 - 65. وكتاب: موسوعة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية، جزء 6، ص 257 إلى 280.

ص: 709

59 -

‌ قبيلة الحطمان

قبيلة عربية، تعيش حياة البادية بفزَّان جنوب ليبيا تنتمي لبني سُلَيْم.

واستقر الحطمان في قرية (برقن) بفزَّان ولهم فرع (المسالخية) بمزدة.

60 -

‌ قبيلة السهكة

قبيلة عربية تنحدر من أولاد بدر القبيلة العربية بقرية شكشوك بسفح الجبل الغربي قرب بلدة جادو، وهم يستقرون حاليًّا بقرية (برقن) بفزَّان بجنوب ليبيا.

61 -

‌ قبيلة (درمشاكه)

قبيلة عربية، وهي فرع من قبيلة أولاد دليم العربية بالساقية الحمراء، انتقل جدها في فترة سابقة إلى شمال النيجر واستقر بها في منطقة الصحراء الشمالية للنيجر.

وتقول قصة التسمية بهذا الاسم: إن (الدليمي) هذا جد القبيلة كان يشتكي من جيرانه فيقول الناس (الدليمي شكى) وحُرِّف الاسم مع الزمن إلى (درمشاكة).

وهي قبيلة كبيرة اختلطت بقبائل عرب التوارق وأصبحت تتكلَّم اللهجة التارقية وصارت في عدادهم، والتفَّت حولها مجموعات من القبائل الصغيرة وصارت في عدادها.

وتتكوَّن قبيلة درمشاكة من العشائر التالية:

1 -

أهل عثمان.

2 -

أهل الحاج أحمد.

3 -

الزراهنة.

وترأس قبيلة (درمشاكة) خيمة الشيان أهل محمد الأمين من الزخيمات كنته

(1)

.

ويوجد مجموعات من درمشاكة في جنوب الجزائر وفي ليبيا.

(1)

لقاء بعض كبار السن من قبيلة (درمشاكة).

ص: 710

62 -

‌ قبيلة التبو

قبيلة عربية سكنت المنطقة منذ القدم واستقرت بجبال تيبستي وبها سميت.

ذكرهم هيرودوت في زمانه بأنهم من سكان ليبيا ويعتبرون من عرب الصحراء، وهاجر أجدادهم القدماء من الجزيرة العربية قبل الإسلام واستقروا بجنوب ليبيا وشمال تشاد وشرق النيجر، وينقسم التبو إلى:

أ - التيدا، ويعيشون في جبال تيبستي.

ب - الدازا، ويعيشون في بوركو وانيدي.

وينقسم كل قسم من هذين التجمعين إلى فروع شتى، ويمتهن التبو تربية الماشية والرعي والصيد والتجارة، وهم يسيطرون على طرق القوافل القادمة من فزَّان باتجاه بحيرة تشاد ونيجيريا.

وفي القديم كان التبو يغيرون كغيرهم من القبائل العربية على القبائل المجاورة.

ويملك التبو أعدادًا هائلة من الإبل والماشية، أما قسمهم الجنوبي فيملك البقر.

والتبو محاربون أشداء، صبارون على الجوع والعطش ويتخذون من نبات الحنظل طعامًا لهم بعد أن يطبخوا بذوره ويدقونها ويخلطونها بالتمر.

63 -

‌ قبيلة رياح

قبيلة عربية تقطن منطقة الجفره بفزَّان بليبيا، ولها فرع في منطقة شرق الجزائر: الزاب وقسنطينة، ولها فرع بتونس، وهم بطن من بني هلال بن عامر

(1)

.

(1)

انظر: القلقشندي، المصدر السابق، ص 247.

قلت: وقد تقدم التعليق على نسب قبيلة رياح في ليبيا ونسبها إلى بني سُلَيْم، وأنهم غير قبيلة رياح المشهورة التي تنتمي إلى بني هلال، وهنا التبس الأمر على الدكتور القشاط في نسب هذه القبيلة وذكر أن امتدادها في الجزائر وهذا خطأ لأن الذين في الجزائر وشمال تونس هلاليون.

وكذلك توجد مرداس في عوف من سُلَيْم، ومرداس من رياح بني هلال فالحذر من الوقوع في الخطأ من تشابه أسماء القبائل والبطون.

ص: 711

64 -

‌ قبيلة جرمة

قبيلة عربية وصلت إلى المنطقة الصحراوية قبل الإسلام وكوَّنت مملكة عاصمتها مدينة (جرمة) بفزَّان.

كوَّنت هذه القبيلة حضارة عرفت فيها العجلات التي تجرها الخيول، وهم محاربون أشداء برعوا في صناعة الأسلحة وسادوا منطقة الصحراء زمنًا ليس بالقصير.

ولا تزال جبال أكاكوس بجنوب ليبيا تحتفظ بنقوشهم في الكهوف والمغارات وصور عرباتهم على الأحجار.

وقد سارت منهم حملة تجاوزت الصحراء ووصلت إلى بلاد النيجر الحالية واستقرت هناك ولا تزال بقية هذه القبيلة تقيم بالنيجر بمنطقة (نيامي)، وهي التي ترأس بلاد النيجر وتسمى باللهجة المحلية (زرما) أو (زرما قندا)

(1)

.

65 -

‌ قبيلة الجعافرة

قبيلة عربية، تنتسب إلى جعفر بن أبي طالب المُلقَّب بجعفر الطيار وتوجد بموريتانيا وشمال النيجر وبمنطقة الجبل الغربي بليبيا.

قال القلقشندي: "الجعافرة بطن من الطالبيين من بني هاشم من العدنانية، وهم بنو جعفر الطيار. . ."

(2)

.

66 -

‌ قبيلة أولاد سليمان

قبيلة عربية تقطن منطقة سرت بليبيا من بني سُلَيْم، انتقلت منها مجموعات إلى منطقة كانم بشمال نيجيريا وجنوب غرب تشاد في دفعات، أولها عام 1817 م لنصرة الشيخ محمد الأمين الكانمي سلطان برنو التابع التابع لطرابلس.

(1)

انظر كتاب: سليمان أيوب، جرمة.

(2)

القلقشندي: المصدر السابق ص 122.

ص: 712

وقد أرسل إليه يوسف القره مانلي ثلاث حملات في السنوات 1817، و 1826 و 1842 م، واستقرت مجموعات من هذه الحملات في المنطقة والتي من بينها أولاد سليمان.

وعندما هاجم الإيطاليون ليبيا 1911 م وانتهت المقاومة الليبية عام 1931 م بسقوط المجاهد عمر المختار، هاجرت مجموعات من العرب الليبيين للحاق بإخوتهم في كانم، وكان من بينهم أولاد سليمان.

تعيش هذه القبيلة في حياة بدوية معتمدة على رعي الماشية وتربية الإبل.

لقد اصطدمت مع الزحف الفرنسي القادم من الجنوب عام 1899 م، حيث سقط زعيم القبيلة شهيدًا في إحدى هذه المعارك عام 1900 م والمسمى غيث سيف النصر

(1)

.

67 -

‌ قبيلة جهينة

قبيلة عربية قُضاعية قدمت من الجزيرة العربية بعد الإسلام ووصلت إلى منطقة السودان واستقرت بين تشاد والسودان، وذلك عبر مصر وليبيا.

وجهينة هي القبيلة المعروفة في الجزيرة والتي يقال في المثل العربي عنها شعرًا:

تساءل عن أبيها كل ركب

وعند جهينة الخبر اليقين

وقد يختصر البيت، فيقال مثلًا:

(وعند جهينة الخبر اليقين)

وقد لعبت هذه القبيلة دورًا بارزًا في تاريخ السودان الشرقي، وتوجد بتونس قرية تسمى (جهينة)، وتقول الرواية: إن جد القبيلة هو (عبد الله الجهني)، ويقول

(1)

انظر كتاب: جهاد الليبيين ضد فرنسا في الصحراء الكبرى، للقشاط.

ص: 713

عمر رضا كحالة: "وأهم ذكر لجهينة في نسب السودانيين أنهم وصلوا إلى نيف وخمسين قبيلة على النيل الأزرق حتى تونس، واستقر بعضهم في الجزء الممتد من الجنوب إلى كردفان ودارفور"

(1)

غرب السودان.

68 -

‌ أولاد راشد

قبيلة عربية قوية تستقر في شرق إفريقيا الوسطى.

ويعتبر أولاد راشد من تجمُّع قبائل جهينة وهي محاربة شديدة المراس تربي الماشية، ولها فرع في بلدة الحرابة بالجبل الغربي بليبيا، وكذلك ببلدة العجيلات غرب طرابلس الغرب.

وتسمى قبيلة أولاد راشد في المنطقة (الرواشد)، (وأولاد راشد) بطن من الحميديين من هلبا سويد من جُذام القحطانية، ومنازلهم من بلاد الشرقية من الديار المصرية. ."

(2)

.

69 -

‌ قبيلة المقارحة

قبيلة عربية تنتمي إلى بني سُلَيْم من فرع زغب، تعيش حياة البداوة في صحراء فزَّان بين وادي الشاطئ وبلدة مزده.

ويستقر المقارحة حاليًّا في كل من: الزوية والزلواز ووادي زلاف وآقار والمحروقة بفزَّان، وكذلك قرية الشويرف في طرف الحمادة الحمراء، وللمقارحة فروع ولحمات في قبائل كثيرة في ليبيا.

وقد هاجر جزء من هذه القبيلة إلى النيجر أيام الجهاد ضد الإيطاليين في ليبيا وبقوا هناك بصحراء النيجر الشمالية، ولهم مجموعة من العائلات بجنوب الجزائر في بلدة (المنيعة).

(1)

عمر رضا كحالة، المصدر السابق، ص 217.

(2)

القلقشندي، المصدر السابق، ص 114 - 115.

ص: 714

ويقول أغوستيني في كتابه سكان ليبيا.

". . . ومن المقارحة ينحدر - طبقًا للمتواتر - أولاد ذويب من الزنتان والشعيبات منطقة سرت والميامين من ورشفانة والصلاحات من غريان ووحدات أخرى متعددة منتشرة في كل مكان من طرابلس. . ."

(1)

.

وتنتسب للمقارحة قبيلة الحدادة في الصيعان وأولاد دغمان في الصيعان الذين منهم الدغامنية في زواره، والمقارحة في النوائل، وجزء من قبيلة منغساتن التارقية، ومجموعة من اللحمات في عراده قرب طرابلس والذي يقال إنه مسكن المقارحة الأول، وقبيلة أولاد حزام في غريان، وأهم بطون المقارحة: الجلاغمة والذي منهم جلاغمة ورفله، والبراكيس، والمشلشة، والغدرة، والعزمة والذين يقول بعضهم إنهم من سلالة سيدي محمد أبو صاع جد الصيعان، هي القبيلة الوحيدة في المقارحة التي تعتبر (مرابطة)

(2)

.

وقبيلة القرنة والمحاربية الذي يقال إن أصلهم من الكوفة بالعراق من قبيلة بني محارب، وإنداره التي يقولون إنها من قبيلة إنداره بالخمس (سيلين).

70 -

‌ قبيلة أولاد بو سيف

قبيلة عربية تنتمي إلى جدها (عبد المولى الصنهاجي)

(3)

من قبيلة صنهاجة دفين زاوية (أبو ماضي) التي قام بتأسيسها قرب بلدة (ككله)، وتنقسم قبيلة أولاد أبو سيف إلى: أولاد سيدي محمد، أولاد سيدي أحمد، أولاد سيدي عبد الرحمن، أولاد سيدي بن إبراهيم، أولاد سيدي بالقاسم، أولاد سيدي عبد الحفيظ، أولاد سيدي عبد النبي، أولاد سيدي محمد، أولاد سيدي الصغير، أولاد سيدي أبى النيران، أولاد سيدي عبد القادر، الطيور، أولاد ابن نبيه، أولاد العالم، أولاد أبيض الركاب.

(1)

أغوستيني: سكان ليبيا، الجزء الأول، ص 545 ترجمة خليفة التليسي.

(2)

أخبرني بهذا النسب نور الدين العزومي الشاعر رحمه الله.

(3)

رأيت هذا في شجرة نسبهم التي أطلعني عليها الشيخ النعاس فرزه وكذلك في كتاب أغوستيني. سكان ليبيا، المصدر السابق.

ص: 715

وقد ساهمت قبيلة أولاد بو سيف في الجهاد ضد الإيطاليين وبرز منها زعماء قياديون أمثال الشيخ محمد بن عبد الله، وإمحمد بن بشير، وحسن الدرويش، وأبو بكر قرزه وغيرهم.

وينتقل أولاد بو سيف في منطقة صحراء فزَّان بين الشاطئ وبلدة رويس الطبل بين بني وليد ومزده، وكذلك لهم فرع بزاوية أبي ماضي (ككله).

وهاجر مجموعة من أولاد بو سيف إلى تونس والجزائر، ورجع أكثرهم.

ولا علاقة لأولاد بو سيف في صحراء ليبيا بأولاد بو سيف بصحراء موريتانيا ومالي، إذ إن أولئك فخذ من قبيلة كنته.

71 -

‌ قبيلة المشاشية

قبيلة عربية، تنتمي للشيخ عبد السلام بن امشيش الشريف المغربي، جاء جدهم سيدي البرقي المشاي من المغرب مع سيدي عبد المولى الصنهاجي ودفن بجواره.

وتنقسم هذه القبيلة إلى أولاد عطاء الله والبنادقة والهيسات والميشات.

وتنقسم كل قبيلة إلى أفخاذ وبطون، ويستقر المشاشية قرب مزده في صحراء جنوب ليبيا في قرى حديثة (بو الغرب) و (الشقيقة) و (فسانو)، وقد كانوا إلى عهد قريب بدوًا رُحَّل.

وقد ساهمت هذه القبيلة في الجهاد ضد الإيطاليين، وبرز منها رجال معروفون أمثال محمد بن حسن المشاشي، وهاجرت مجموعة منها إلى تونس، وإلى جنوب الجزائر رجعوا جلهم إلى ليبيا.

72 -

‌ قبيلة الزوائد

قبيلة عربية، تقطن صحراء فزَّان بجنوب ليبيا، تنقسم إلى عدة عشائر، أهمها: المشاليش، والمناصير، وضنى خليفة، والوحاويح، والشباعنية، والصنبوية، والواكدية، والسراتي، وأولاد وافي، والفزازنة، والسحائرية، وزوائد برقن، والحطية.

ص: 716

وقبيلة الزوائد قبيلة محاربة ساهمت في الجهاد ضد الطليان في ليبيا، وضد الفرنسيين في تونس والجزائر.

هاجرت مجموعة منها إلى تركيا وسوريا عام 1913 م، كما هاجرت مجموعة منها أيضًا إلى الجزائر وإلى النيجر، ولا تزال بقية في صحراء النيجر.

وتقيم هذه القبيلة حاليًّا بفزَّان، وبمنطقة الخمس على شاطئ البحر، وبمنطقة سوق الخميس قرب ترهونة.

73 -

‌ قبيلة الزياديين

قبيلة عربية شريفة تقيم في منطقة (تمسه) بفزَّان، وبعضهم في منطقة الخمس بالساحل، وينتسبون لجدهم زياد، ويقول الرواة إن زياد هذا هو أخو (جرمون) جد قبيلة الجرامنة المتواجدة بجنوب الجزائر

(1)

.

وينقسم الزياديون في (تمسه) إلى أولاد بالقاسم، وأولاد زيدان، وعائلة بيري.

وللزياديين فرع ببلدة الزيغن بسبها جنوب ليبيا.

74 -

‌ قبيلة أولاد خريص

قبيلة عربية، ويسمون (الخريصات)، مستقرون ببلدة (زلة) وحواليها، وهم فرع من قبيلة أولاد وافي المتواجدة بسرت وتاورغاء ووادي الشاطئ بليبيا، والتي هي كما ذكرنا فرع من قبيلة أولاد وافي كنته المتواجدة بصحراء شمال مالي (تينبكتو).

75 -

‌ قبيلة الجماعات

قبيلة عربية، صحراء فزَّان الشرقية حول واحات الجفرة، وزله، والفقهاء، وفي جبال الهروج بوسط شرق صحراء ليبيا.

(1)

رواية الجديد عبد الرحمن الجرمني، وعمره حوالي 80 سنة.

ص: 717

وترجع هذه القبيلة إلى بني فزارة من غَطَفَان، ويسمى المواطنون لمفرد هذه القبيلة (جماعي) وقد نبغ منهم مجموعة من الشعراء الشعبيين في المنطقة، وهم مشهورون بتربية الإبل.

هاجرت مجموعة من الجماعات إلى تشاد أمام الغزو الإيطالي لليبيا واستقروا في صحراء شمال تشاد ورجع منهم عدة عائلات إلى ليبيا.

وتنقسم الجماعات إلى فرعين: المنتصر، وامبارك.

76 -

‌ قبيلة المواجر

قبيلة عربية تقطن منطقة الجفرة بفزَّان بليبيا، وتنقسم إلى:

الدقاقرة، والطوال، وعائلة السعداوي، والسبابطة، ولهذه القبيلة فرع كبير بتونس.

77 -

‌ قبيلة الربائع

قبيلة عربية تقطن منطقة وادي سوف بجنوب الجزائر ولها فروع في تونس، وليبيا والعراق.

ويقول عمر رضا كحالة في مادة الربائع:

". . اسم يُطلق على ثلاث قبائل من بني تميم من العدنانية وهم بنو ربيعة بن زيد مناة تميم بن ربيعة بن حنظلة بن مالك بن مناة بن تميم. . .)

(1)

.

ويشتهر الربائع بتربية الإبل والخبرة في تربيتها واقتفاء آثارها، وقد شاهدت جماعة منهم يعرفون البعير من وطأة رجله في الأرض، فيقولون هذا الأثر للناقة الفلانية أو الجمل الفلاني.

ويقول إبراهيم الساسي:

"تشتمل هذه القبيلة على أربع عشرة فصيلة صغيرة وهي أولاد بلول والزيود وأولاد حمد وأولاد زقزاو والرقيعات والأفايز والأغواث والدوامية والعطايرة والحوامد والمصابيح وأولاد مسعود والقطايطي وأولاد الحجاج"

(2)

.

ونسبهم الساسي إلى مُضَر.

(1)

المصدر السابق، ص 416، جـ 2.

(2)

إبراهيم بن محمد الساسي العوامي في كتابه: الصروف في تاريخ الصحراء والواد سوف، الدار التونسية للنشر، ص 312.

ص: 718

78 -

‌ قبيلة أولاد أحمد

قبيلة عربية تقطن جنوب الجزائر، بمنطقة وادي سوف وتنتمي إلى قيس عيلان.

وتتكون هذه القبيلة من سبع فروع، هي:

1 -

السوفية: وتنقسم إلى عشر فصائل.

2 -

أولاد مياسة: وتنقسم إلى أكثر من خمسة فصائل.

3 -

أولاد جاب الله: والتي تستقر بها عشيرة بن القوائد.

4 -

الأميهات: وهذه القبيلة جاءت للمنطقة من جبل نفوسه غرب طرابلس ليبيا، وتنقسم إلى اثنتي عشرة عشيرة.

5 -

العواشير: وينقسمون إلى عشر فصائل صغيرة.

6 -

أولاد عياد: نزحوا إلى المنطقة من منطقة طرابلس الغرب وبرقة وقابس.

7 -

السوامش: وأصلها من نفزاوه، جنوب تونس ويقولون: إن جدهم سماش بن سيدي بوجويحف، وأن سيدي بوجويحف هو أخو سيدي معبد المدفون بغدامس بليبيا

(1)

.

79 -

‌ قبيلة المصاعبة

قبيلة عربية تقطن منطقة وادي سوف بجنوب الجزائر.

وتنقسم إلى أربع بطون:

1 -

الشبابطة.

2 -

القرافين.

3 -

العزازلة.

4 -

الشعانبة.

(1)

انظر الساسي، المصدر السابق، ص 283 - 284.

ص: 719

وتنقسم كل قبيلة من هذه القبائل إلى أفخاذ وفروع:

1 -

الشبابطة: وينقسمون إلى:

أ - الشراردة: وهم ست فروع.

ب - أولاد بو جديد: وتنقسم إلى ستة فصائل.

جـ - الشوايخة: نسبة إلى شيحة (جبل بالأوراس) نزلوه عند قدوم العرب للمغرب بأرض إفريقيا.

د - العيايدة.

هـ - الأبالي: وتنقسم إلى أربع فروع.

و - الأعليات: وهم إخوة الهمامة من بني سُلَيْم في الجنوب التونسي.

ز - المساعية: وأصلهم من وادي مزاب بجنوب الجزائر.

ح - الأمامنة.

ط - الستاتة: تجمع هذا الفرع طائفتين: أولاد ستو وأولاد سيدي موسى.

ي - الجلايصية: وهم فريق من قبيلة جلاص الموجودة بمنطقة القيروان بجنوب تونس.

ك - الزبدة: وتنسب إلى زبيد باليمن

(1)

.

ل - السواكرية: وتنقسم إلى:

أولاد إسماعيل، وأولاد ذياب، وأولاد الحاج، ويقولون: إن أولاد ذياب وأولاد الحاج ينتسبون للزبير بن العوام.

2 -

القرافين:

وينقسمون إلى:

أ - الشراعبة: ينسبون لجدتهم شرعبة بنت الفطاحزة.

وينقسم هذه القبيلة إلى تسع عشائر.

(1)

انظر: الساسي، المصدر السابق، ص 287 - 301.

ص: 720

ب - القشاشطة: ينسبون إلى جدهم سيدي أحمد بن قشوط القادم من منطقة الجريد بجنوب تونس.

جـ - أولاد نصير: ومنهم من ينسبهم إلى أنهم من (بني ثور) ومنهم سفيان الثوري.

د - الرضوين: ينسبون إلى جدهم رضوان بن سليمان الهمامي، وهم من قبيلة الهمامة من سُلَيْم بجنوب تونس - قفصة.

هـ - أولاد زايد: وأصلهم من زيود الربائع.

و - الحمايدة: وأصلهم من المحاميد من بني سُلَيْم الموجودين بطرابلس الغرب ليبيا، وأبشه بتشاد وهم ثلاث قبائل: الحمايدة، والقعايدة، والعثمين.

ز - الجبابنة: وهم أولاد مراد، والصوالحة، وأصلهم من نفزاوه بتونس.

ح - مصغونة: وأصلهم من مدينة الشابه بتونس وهم: الشكايمة، وأولاد زقب.

ط - الأمايد: وأشهرهم: أولاد القدة، والرزازقة، والبناينة.

والأمايد أحيانًا يسمون أولاد مبروكة نسبة لأمهم.

3 -

العزازلة:

ينسبون إلى جدهم القادم من المغرب، وتنقسم هذه القبيلة إلى الفروع الآتية:

أ - أولاد عزيز: وهذا الفرع يجمع: أولاد بلقاسم بن عجال وأولاد حمد وأولاد عزيز، ودخلت في هذا الفرع وليست منها عشائر: أولاد احميمد وأولاد الدردوري وأولاد زواي وأولاد الحامدية.

ومعهم مجموعة أصلها من بلدة غدامس بليبيا وهم الظواهرية، وأولاد كينة، وأولاد الحاج البكري.

ب - البشايرة: ينتسبون لجدهم (بشير) بالتصغير ومعهم عشيرة (النقر) من نفزاوة، وهم أولاد بوب وأولاد بورنه وأولاد الفقيري.

جـ - الطلايبة: ينتسبون لجدهم طليبة، وهم مجموعة عشائر.

د - العبابسة: وهي خليط من العشائر منهم الصيايفة، لهم أصول من جبل نفوسة بليبيا ويسمون المقاقلة ومنهم الزرايطة والزكايرة والصوالح.

ص: 721

هـ - أولاد حميد: وهم هلاليون، وهم خمسة عشائر هي: المحاسنة والخشارمة والكرارشة والسود والسعدين.

4 -

الشعانبة: وهؤلاء مرَّ ذكرهم منفصلين

(1)

.

80 -

‌ قبيلة أولاد جامع

قبيلة عربية تستقر بمناطق وادي سوف بجنوب الجزائر، تنسب إلى جامع بن تمون بن عبد الله (صاحب الولاية على طرابلس الغرب عام 602 هـ - 1206 م) ابن إبراهيم بن جامع المرادسي أحد أفخاذ علَّاق من بني سُلَيْم.

81 -

‌ قبيلة الأعشاش

(2)

قبيلة عربية تستقر بوادي سوف بشرق الجزائر ويسمون باسم جدهم العش بن عمر بن سليمان من نفزاوة بتونس، هناك فروع لها في العين البيضاء ووادي الزناتي وأخرى بقرية باتنة، ومجموعة بالمغرب الأقصى.

وتنقسم إلى عدة فروع، أهمها:

1 -

الفقهة: أبناء الفقيه بن العش، وهم بنو غنازي وساعي وحشية وبكيني وسي العربي وكذلك بنو الحاقة وأولاد عطية.

ومنهم أولاد سيدي سالم وأولاد موسى وأولاد الغيلاني والرمرام والمقزدر والشايب والغزال وأولاد نصر والعتاتسة والعزايزة والتوامي، ومنهم أولاد الساسي والعيايش وميعادي وبو شارب وبصة والكرباطي والصرايطة وبو غزالة والهقاقة وأولاد بو كوشة.

2 -

أولاد خليفة: نسبة لجدهم خليفة بن العش.

وهم مجموعة من العشائر منها: أولاد المولاي وبو ظيبة وخشيبة والأفاهي.

(1)

انظر: الساسي، المصدر السابق.

(2)

قلت: ذكرهم ابن خلدون في تاريخ العبر من أولاد "أبو الليل" من الكعوب من علَّاق بن عوف من بني سُلَيْم.

ص: 722

3 -

أولاد حميدة: وينقسمون إلى القبائل التالية: أولاد عمار والمانع وأولاد مسعود وأولاد مية وأولاد عائشة والفينك والعبيدي وظريف وابن سعد والتريكي والنفنوف والكلتومي والهامس والدغمين.

4 -

أولاد الجبيرات: ينتسبون إلى جبر بن العش، وينقسمون إلى عدة عشائر أهمها: أولاد البردي والبريدي وأولاد بكار أولاد زريق أولاد الدو وأولاد علاهم والجبايلية وأولاد داهم وعموري وعدوكة وقماري وقدورية والنيد والأرقط والسواسي وصلوبة والبلالم والبشايرة وجابر وعمار.

كما يلحق بهم أيضًا أولاد عبد الملك وأولاد محمد وأولاد سليمان وغيرهم.

5 -

الكساسبة: ولهم فرع بعين صالح بجنوب الجزائر.

6 -

أولاد عيسى: من أولاد عيسى بجبل نفوسة بليبيا، وينقسمون لعدة عشائر أهمها: أولاد الباهي والخلالدية وأولاد مريقة والأباسي وأولاد الدروني وأولاد ابن عيسى.

7 -

العيايدة: وينقسمون إلى: أولاد العيادى والمنصوري ومنصور والغفاق وأولاد عيدة وطعملة وأولاد باسي وأولاد كنيوة.

8 -

الحليلات: وتنقسم إلى أولاد الشيخ علي أولاد اللموشي أولاد فرج وابن رقية وابن نجمة والجروني والمرخي ولامساسة وأولاد رويحة وابن حدي ولمي والبهيم وأولاد أم هاني والميعادي وأحمد باي وأولاد سعد بن خليفة والحميات.

9 -

الزبدة: وهم الحساسة وأولاد زهمول والنجار والنفيسة والشعياني وبروية وأولاد عمار الأعور وأولاد حمية وأولاد شتحونة.

10 -

مضغونة: ينتسبون للشابي، وهم: أولاد محمد مسعود وأولاد رجال وأولاد محمد بن فرحات وأولاد الحاج صالح والكبسي والهوامل والقدايرة

(1)

.

82 -

‌ قبيلة الفرجان

قبيلة عربية تقطن الجنوب الجزائري وادي سوف، وسبب تسميتها بهذا الاسم كما أوردها إبراهيم الساسي قال: "وسبب تسمية الفرجان بهذا الاسم هو كما ذكر

(1)

انظر: الساسي، المصدر السابق، ص 305 إلى 311.

ص: 723

القدماء أن جدهم كان كالمجذوب يتخيل كل شيء يؤذي، فارتحل مرة إلى الصحراء وكانت كثيرة الفئران فصار يجري أمامه وعن يمينه وشماله وهو يصيح كلما مرّ فأر بإزائه قائلًا:"الفار جاني" أي الفار أتى لي وكثر منه ذلك وعرف به، وتداولت العامة الكلمة فتصرفوا بها فصارت فرجان ويقال لذريته الفرجان. . ."

(1)

.

غير أن الفرجان يقولون: إن جدهم كان يقول (الفرج جاني) وبذلك سموا (الفرجان).

وينقسم الفرجان إلى: أولاد هلال والطوافقة وأولاد بالحسن والعونيات.

وللفرجان فرع كبير بليبيا بمنطقة سرت يتكونون من قبائل الفروج والتوافقة والرمثيات وأولاد أبي عائشة والصيحة.

ولهذه القبائل فرع في ترهونة بليبيا، ويوجد فرجان بمصر وكذلك بتونس

(2)

.

83 -

‌ قبيلة المغاربة

قبيلة عربية تقطن صحراء برقة الغربية ينتسبون إلى السعادي من سُلَيْم، ويقول عمر رضا كحالة:

"بطن من الجبارنة، من البراغيث، من أبي الليل، من سُلَيْم بن منصور، من العدنانية. . ومن هؤلاء المغاربة، عرب عبد الله بن وافي صاحب الوقائع مع المماليك وكان مقره في التيتلية من ضواحي منفلوط، وقد قتل ابن وافي سنة 1105 م ونزلوا مصر في العصور الأخيرة من طرابلس الغرب، وكانوا أغنياء جدًّا بالخيل والرجال على عهد الحملة الفرنسية، وكانوا يعسكرون في منتصف قناة العسل. ."

(3)

.

والمغاربة لهم جولات مشهورة في حرب الطليان، وهم من أشهر مربي الإبل في صحراء ليبيا، وينتجعون بحيواناتهم جنوبًا، ومركزهم مدينة إجدابيا.

(1)

المصدر السابق نفسه، ص 312.

(2)

انظر: أغوستيني، المصدر السابق، ص 167 و 331.

(3)

عمر رضا كحالة، المصدر السابق، ج 3، ص 1126.

ص: 724

84 -

‌ قبيلة أولاد جازي

قبيلة عربية تقطن صحراء شمال تشاد، وهي قبيلة مهاجرة من ليبيا من قبيلة (الجوازي) المشهورة في برقة والتي هاجرت مجموعة كبيرة منها إلى مصر إثر صدامها مع الأتراك، وقد ساهم الكثير من شخصياتهم في الحياة السياسية في مصر، ويقول عمر رضا كحالة:

"الجوازي من قبائل العرب في مصر، من الجبارنة، من البراغيث من سُلَيْم بن منصور، من العدنانية، تقيم في الجيزة والمنيا وأسيوط، وقد دخل قسم كبير منها سنة 1883 م في الجندية فبلغوا 42 % من مجموع جيوش العربان، وهي من أقوى القبائل وتمتد منازلها من طور سيناء إلى بر الشام. . ."

(1)

.

85 -

‌ قبيلة أولاد غانم

قبيلة عربية تقطن صحراء تشاد وهي جزء من قبيلة الغنائمة (بليبيا)، وأولاد غنام في صحراء مالي الشمالية.

86 -

‌ قبيلة أولاد موسى

قبيلة عربية، تقطن صحراء تشاد الشمالية ولها فرع في موريتانيا وفي جنوب الجزائر وفي مالي وبوركينا فاسو.

وقد يكونون أولاد سيدي موسى صاحب (زاوية سيدي موسى في جنوب الجزائر).

87 -

‌ قبيلة أولاد علي

قبيلة عربية تقطن صحراء تشاد الشمالية، وهي من قبيلة أولاد علي الموجودة في صحراء مصر الغربية وبرقة بليبيا وترهونة، وقبيلة المحافيظ في شمال مالي.

(1)

عمر رضا كحالة، المصدر السابق، ج 1، ص 219.

ص: 725

88 -

‌ قبيلة أولاد بو خدير

قبيلة عربية تقطن شمال تشاد، ولهم فرع في صحراء مالي الشمالية.

"والخدرة هم بطن من الخزرج من الأزد من القحطانية وهم بنو خدرة بن عوف"

(1)

.

89 -

‌ قبيلة الهوارة

قبيلة عربية في صحراء تشاد الشمالية، وهم فرع من قبيلة (الهوارة) الكبيرة والشهيرة والتي زحفت مع جوهر الصقلي إلى مصر من برقة واستقرت فيها.

ولا يزال فرع منها ببرقة، وجبل الهواري معروف في منطقة (القفزة) بصحراء برقة، ويقول عمر رضا كحالة:

"الهوارة من قبائل مصر، تنتسب إلى عرب الحجاز وتقيم في مديرية البحيرة"

(2)

.

ويقول أيضًا: إن لها فرعًا بفلسطين.

90 -

‌ قبيلة بني حسن

قبيلة عربية تقطن صحراء تشاد الشمالية تنتسب لقبيلة (أداو بالحسن) في صحراء موريتانيا الذين قد تكون لهم قرابة بقبيلة (الحسون) بليبيا، ويقول عمر رضا كحالة:

"الحسانية من أشهر قبائل العرب، تنتسب إلى الكواهلة، تقيم في صحراء البيوضة بالسودان، مركزها جبل الجلف في صحراء الجكدول"

(3)

.

91 -

‌ قبيلة السليمية

من قبائل العرب في صحراء تشاد والسودان تنتسب إلى جدها سليم.

(1)

انظر: كحالة، المصدر السابق، ص 333، والقلقشندي.

(2)

عمر رضا كحالة، المصدر السابق.

(3)

المصدر السابق.

ص: 726

92 -

‌ قبيلة أولاد مالك

إحدى القبائل العربية التي تقطن صحراء تشاد الشمالية، وقد أورد عمر رضا كحالة عدة قبائل عربية بهذا الاسم في الجزيرة العربية وفي مصر والمغرب.

وقد أورد أن إحداها تنتسب لجهينة، وأرجح أن أولاد مالك هؤلاء من جهينة المتواجدة في المنطقة.

93 -

‌ قبيلة خزام

قبيلة عربية، تقطن صحراء تشاد الشمالية، وربما تكون لها صلة نسب مع قبيلة أولاد خزام بغريان بليبيا.

94 -

‌ قبيلة علوان

قبيلة عربية تقطن صحراء تشاد الشمالية، لها أصول من قبيلة (العلاونة) قرب طرابلس الغرب ليبيا وقبيلة (هون) بالجفرة، والعلوان. يقول عمر رضا كحالة:"فرقة من الزيادات، من الجبورية من عباد إحدى قبائل منطقة البلقاء، وهي فرع من عشيرة العلاونة في ترية طيبة بن علوان من أعمال ناحية الوسطية بعجلون. ."

(1)

.

95 -

‌ أولاد محارب

قبيلة عربية تقطن صحراء تشاد الشمالية يمتد نسبها إلى بني سُلَيْم.

يقول كحالة:

"محارب بطن من هيب بن بُهثة من سُلَيْم من العدنانية، كانت دياره برقة ثم نزل مصر في العصور الأخيرة قبل الحملة الفرنسية إلى مصر بحوالي قرن تقريبًا"

(2)

.

وقد ذكرهم القلقشندي ونسبهم إلى بني سُلَيْم.

(1)

عمر رضا كحالة، ص 809.

(2)

عمر رضا كحالة، ص 1042.

ص: 727

96 -

‌ أولاد عيسى

قبيلة عربية تنتشر في صحراء تشاد الشمالية لهم فروع في ليبيا، ذكرهم القلقشندي قال:

"بنو عيسى بطن من بنو رغو بن جذيمة من جرم طيئ من القحطانية مساكنهم مع قومهم ببلاد غزة من الشام. ."

(1)

.

97 -

‌ الجلابة

قبيلة عربية قوية تتواجد بمنطقة صحراء السودان، لها فرع في تشاد.

قال الماحي عنهم:

". . ذكر (التونسي) أن الجلابة وصلوا واداي منذ عام 1875 م وأقاموا فيها مجتمعا تجاريا، وقد منحهم السلطان يوسف بن محمد الشريف (1874 - 1898 م) قرية (نمرو) التي عرفوا بها فيما بعد جلابة نمرو. . ."

(2)

.

98 -

‌ السلامات

قبيلة عربية قوية، تقطن المنطقة الحدودية بين تشاد والسودان، نزحت من ليبيا في تاريخ ليس بالبعيد وبقيت فروعها في منطقة ترهونه بليبيا (السلامات)، وكذلك مجموعة بالجبل الغربي بليبيا تُسمَّى (السلامات)، وهي قبيلة مشهورة بالفروسية والشجاعة، وتنضم إلى تجمع جهينة في المنطقة.

99 -

‌ المحاميد

قبيلة عربية مشهورة في المنطقة تنتمي إلى بني سُلَيْم، تقطن في منطقة (ابشه) على الحدود بين السودان وتشاد.

نزحت من ليبيا أيام الحكم العثماني وأيام ثورة هذه القبيلة على الأتراك.

(1)

القلقشندي، المصدر السابق، ص 346.

(2)

عبد الرحمن عمر الماحي: تشاد من الاستعمار حتى الاستقلال (1894 - 1960 م) طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1942، ص 81 - 82.

ص: 728

للمحاميد فرع في جنوب شرق الجزائر بوادي سوف، وفرع بمنطقة (قبلي) بجنوب تونس، وفرع بجنوب شرق المغرب بسور الغزلان.

أما أصل القبيلة فيقطن منطقة (صرمان)(وبئر الغنم) غرب طرابلس الغرب.

وهذه القبيلة مشهورة بالفروسية والشجاعة والإغارة، وقد لعبت دورًا بارزًا في تاريخ جهاد المنطقة.

100 -

‌ قبيلة الحساونة

قبيلة عربية انتقلت من ليبيا إلى منطقة كانم في تشاد، ولا يزال أصلها قبيلة الحساونة بفزان، ويسمى باسمهم جبل الحساونة بالحمادة الحمراء بليبيا، ووصلت هذه القبيلة إلى كانم قبل وصول أولاد سليمان إليها، وتقول الرواية: إن جدها (حسونة الغربي) جاء إلى المنطقة في الفترة التي قدم فيها (عبد الله الجهني) من الجزيرة العربية.

ويهتم الحساونة بتربية الماشية وخاصة الإبل والبقر، ولهم فيها قطعان كثيرة.

وعندما هاجر بعض أفراد قبيلة الحساونة الليبية - أيام الاحتلال الإيطالي - من ليبيا استقروا بكانم عند أبناء عمومتهم هناك.

101 -

‌ قبيلة ورفلة

قبيلة عربية انتقلت من موطنها الأصلي ليبيا إلى منطقة كانم بتشاد على دفعات متتالية ضمن الحملات التي بعث بها يوسف القرة مائلي لدعم موقف سلطان برنو الشيخ محمد الأمين الكانمي، وكانت الحملات الثلاث 1817 - 1826 - 1842 م سبب تواجد القبائل الليبية أولاد سليمان وورفلة وقذاذفة في المنطقة.

كما لحقت بهذه المجموعة آخر المجموعات التي هربت من الزحف الإيطالي على ليبيا عام 1931 م ووصلت إلى هناك.

وقد ساهمت هذه القبائل في الجهات ضد الغزو الفرنسي عام 1899 م على تشاد وقادت معارك ضارية ضد الفرنسيين من عام 1899 إلى سنة 1920 م في تشاد والنيجر

(1)

.

(1)

انظر كتاب: جهاد الليبيين ضد فرنسا في الصحراء الكبرى، للقشاط.

ص: 729

وتشتهر قبائل ورفلة بكانم بتربية الإبل والماشية، ولا تزال سمة الإبل التي يسمون بها إبلهم في كانم هي نفس السمة التي يضعها أهالي ورفلة بليبيا على إبلهم.

102 -

‌ قبيلة المجابرة

قبيلة عربية تستقر في منطقة (القفرة) بجنوب ليبيا، نزح فرع منها إلى منطقة (فايا) شمال تشاد حيث استقروا هناك يمتهنون التجارة وتربية الماشية.

103 -

‌ القذاذفة

قبيلة عربية مرابطة تقطن صحراء سرت تنتمي إلى جدها (قذاف الدم) دفين غريان في منطقة أولاد بريك بالجبل الغربي بليبيا.

وترجع هذه القبيلة نسبها إلى موسى الكاظم دفين العراق.

وللقذاذفة فرع بكانم شمال نيجيريا وفرع بمصر حول بجيرة قارون يسمّون أولاد موسى.

وتشتهر هذه القبيلة بتربية الإبل.

104 -

‌ أوراغن

قبيلة عربية تارقية تقطن منطقة غات بجنوب غرب ليبيا، وتنقسم إلى عدة بطون.

105 -

‌ منغساتن

قبيلة عربية في عداد التوارق يرجع أصلها إلى قبيلة المقارحة العربية، وتقطن منطقة درج وأوباري وأدري جنوب غرب ليبيا.

106 -

‌ قبيلة أزويَّة

قبيلة عربية تستقر بمنطقة (القفرة) بجنوب شرق ليبيا، ومنطقة (تازربو).

هاجرت مجموعات منها في تواريخ مختلفة واستقرت في شمال تشاد حول مدينة (فايا) و (داي) و (فادا).

ص: 730

ساهم أفرادها العلماء منهم في نشر الدين الإسلامي في المنطقة، وبرز من بين علمائها الأفذاذ الشيخ عبد الله الطوير والشيخ البراني الساعدي اللذان أسسا زوايا لتحفيظ القرآن في منطقة الصحراء وامتشقا السلاح وقادا الجهاد ضد الفرنسيين وقاتلا قتالًا مستميتًا من عام 1900 إلى عام 1907 م حيث استشهدا في معارك الجهاد، وقد استشهد في معركة (عين كلكا) عام 1907 م ضد الفرنسيين ستون شهيدًا من قبيلة زويَّه وحدها، وقد لعبت هذه القبيلة دورًا مميزًا في الجهاد وفي نشر العلم في الصحراء الوسطى

(1)

.

107 -

‌ قبيلة الشوا

قبيلة عربية تتواجد في شمال التوجو، وجنوب تشاد وفي النيجر وشمال نيجيريا.

وكلمة الشوا تحريف للكلمة (الشاوية) والتي تعني رعاة الغنم، ولهذه القبيلة فرع كبير بجنوب الوسط الجزائري وتسمى (الشاوية)، وقبيلة الشوا قبيلة مقاتلة، قوية المراس لها في الفروسبة باع طويل ولهجتهم أقرب للهجة أهل الحجاز

(2)

.

108 -

‌ قبيلة القرعان

قبيلة عربية تقطن شمال تشاد، وتتحدث لهجة عربية قديمة كالتبو والتوارق وغيرهم.

لهذه القبيلة فرع كبير في شمال شرق ليبيا (القرعان)، وقد تكون لها علاقة بقبيلة (القرع) الموجودة بالساقية الحمراء وموريتانيا.

وقبيلة القرعان قبيلة محاربة شديدة المراس قاومت الاستعمار الفرنسي بضراوة ضمن قبائل الصحراء التوارق والتيو.

ويربي القرعان الإبل بأعداد وفيرة.

(1)

انظر كتاب: جهاد الليبيين ضد فرنسا في الصحراه الكبرى، للقشاط.

انظر كتاب: التوارق عرب الصحراء الكبرى.

(2)

دائرة المعارف الإسلامية - مادة شوا.

ص: 731

109 -

‌ قبيلة البقَّارة

هي مجموعة من القبائل العربية، أو هي تجمُّع قبائلي في مناطق غرب السودان على الحدود مع تشاد، يحترفون رعي البقر وتربيته فسموا البقّارة.

وقد اعتمد محمد المهدي السوداني في تأسيس دعائم دعوته والجهاد لها على قبائل البقَّارة التي صاهرها؛ فدعمته ضد الإنجليز والمصريين في حربه الجهادية وضد الأحباش.

واندفعت هذه القبائل تذب عن المذهب الجديد تحت راية خليفة المهدي عبد الله التعايشي.

وقبائل البقَّارة قوية الشوكة، طموحة، محبة للحرية، تأبى الضيم وترفضه. ولقبيلة البقارة فروع في سوريا بمنطقة دير الزور، ولها فرع كبير في كردستان الوسطى

(1)

.

110 -

قبيلة الزغاوة

‌قبيلة الزغاوة

قبيلة عربية تستقر بمنطقة شرق تشاد وغرب السودان.

ساهمت في الجهاد، وتأسيس حركة رباح الزبيري في غرب السودان وتشاد، وفي إسقاط ممالك باقرمي وكانم وبرنو

(2)

.

كما ساهمت معه في الجهاد ضد الفرنسيين في السنوات 1899 - 1900 م، 1901 - 1902 م.

وقبيلة الزغاوة لها فرع كبير في ليبيا (المزاوغة) وفي شمال النيجر (أمزوغن)، وهو فرع من توارق شمال النيجر.

وتربّي هذه القبيلة الإبل، وتشتهر بالفروسية والشجاعة والإقدام، ولها دور مميز في ثورة تشاد ضد فرنسا وضد الحكام الذين نصبتهم فرنسا على تشاد.

111 -

‌ قبيلة الرزيقات

قبيلة عربية كبيرة، تستوطن غرب السودان على الحدود مع تشاد.

وصلت هذه القبيلة إلى الصحراء عن طريق ليبيا، ولها فرع كبير في ليبيا (الرزيقات)، وهي مشهورة بمواقفها الجهادية ضد الاستعمار الفرنسي.

(1)

انظر: عمر رضا كحالة، جزء 1، ص 87 - 88.

(2)

انظر: أحمد شلبي: موسوعة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية، الجزء 6.

ص: 732

وقد ساهمت قبيلة الرزيقات في نشر الإسلام في المنطقة، وهي من القبائل التي التحمت مع المهدي لنشر دعوته وجهاده ضد الإنجليز.

وتربِّي قبيلة الرزيقات الإبل، ولها خيول عربية مشهورة.

112 -

‌ قبيلة الكبابيش

من أكبر القبائل العربية في السودان، وتقطن المنطقة الوسطى من صحرائه.

وتكوِّن الكبابيش مع قبائل الجعليين والكواهلة ومختلف قبائل البقَّارة أكبر التجمعات القبلية العربية في صحراء السودان.

وقد لعب الكبابيش دورًا مميزًا في حرب عبد الله التعايشي ضد الإنجليز.

113 -

‌ قبيلة بني عامر

تعتبر قبيلة البني عامر من أكبر القبائل العربية في منطقة الصحراء الشرقية (السودان - إريتريا) بعد قبائل (الحوصة والفلان).

وقد انتقلت هذه القبيلة من اليمن عن طريق باب المندب إلى شرق إفريقيا، وكوَّنت كونفدرالية كبيرة انضمت إليها الكثير من القبائل العربية في المنطقة بحيث أصبحت تعد اليوم أكثر من مليونين ونصف من السكان.

وقد ساهمت قبائل البني عامر في التصدي للاستعمار الأوروبي على إريتريا ابتداءً من البرتغاليين 1520 م، وانتهاءً بالاستعمار الإيطالي 1869 - 1885 - 1890 م، عندما انتهت إيطاليا من احتلالها لإريتريا إلى الاحتلال الإنجليزي 1943 م إلى الاحتلال الحبشي 1951 م إلى الآن.

وقد كوَّنَت قبائل البني عامر إمارات في المنطقة كانت من القوة بمكان وأخضعت الكثير من المواقع الإفريقية في شرق القارة والقرن الإفريقي لسيطرتها، وأشهر هذه المماليك التي كوَّنتها قبائل البني عامر في القرن الحادي عشر الميلادي في إريتريا واستمرت إلى القرن السابع عشر الميلادي.

وتشتهر قبائل البني عامر بالشجاعة وقوة الاحتمال والاندفاع في الحرب، وقد انخرط أفراد قبائل البني عامر في الثورة الإريترية منذ اندلاعها 1961 م وحتى استقلال هذا القطر عن إثيوبيا.

ص: 733

ويضع رجل البني عامر على خدِّه ثلاثة شلوخ وهي السمة المميزة لهم، كما يربي قبائل البني عامر الإبل والماشية بأعداد وفيرة، كما يربُّون الخيول.

114 -

‌ قبيلة النوبة

وتسمى قبائل النوبة وهي قبائل عربية سمراء البشرة تقطن شمال السودان وجنوب مصر.

ولقد لعبت هذه القبائل في التاريخ العربي الإسلامي أدوارًا بارزة، وأغلبها من القبائل العربية المتواجدة في المنطقة قبل الفتح الإسلامي، وقد أسماهم الفاتحون العرب (رماة الحدق) لدقة تصويبهم بالسهام.

وما إن اعتنقت الإسلام سارعت لنشره في جنوب الصحراء ووسطها، وبرز منهم علماء وفقهاء واستوطن الكثير منهم بلاد مصر، ولا يزال الكثيرون منهم يعيشون عيشة البداوة، ويتكلمون لهجة حِمْيَرية قديمة.

115 -

‌ قبائل البجة

وهي مجموعة من القبائل العربية سكنت شمال شرق السودان وكوَّنت في فترة من فترات تاريخها مملكة عرفت في التاريخ باسم (مملكة البجة) وتسمى أحيانًا مملكة (البني عامر).

وينخرط تحت اسم البجة مجموعة من القبائل العربية، أهمها:

1 -

العبابدة.

2 -

البشاريين.

3 -

الأحرار.

4 -

الحلانقة.

5 -

الحباب.

كما ينضوي تحت لواء البجة مجموعات من قبائل البني عامر المعروفة.

ومن أقدم مدن البجة سواكن وعيذاب.

116 -

‌ قبائل الفونج

قبائل عربية ترجع بنسبها إلى بني أمية وصلت إلى جبل (الفونج) هروبًا من العباسيين فسمّيت باسم الجبل.

ص: 734

واستطاع عمارة دونقس وعبد الله جماع من هذه القبائل تأسيس مملكة عرفت في التاريخ باسم (مملكة الفونج) عام 1505 م، وقد أسقطت الإمارات المسيحية التي تجاورها، مثل (مقره) و (عدوه) وغيرها، وقد بنت هذه المملكة لها مدينة اتخذتها عاصمة اسمها (سنار) عام 910 هـ.

وسميت المملكة أخيرًا باسمها (مملكة سنار) وشملت أراضيها بين النيل والبحر الأحمر وضمَّت في بعض الأحيان كردفان.

وقد اشتعلت الحرب بين هذه المملكة وبين الحبشة عام 1744 م.

وقد اهتم أمراء هذه المملكة بنشر الدين إلاسلامي والفكر الإسلامي والتشريع.

117 -

قبائل الحُمُر

وهى مجموعة من القبائل العربية تسكن منطقة كردفان، وتنقسم إلى قسمين:

‌قبائل الحمر:

وقبائل الزرق، ويقال إن جدهم واحد، ولكنهم سُموا حسب ألوانهم.

118 -

‌ قبيلة الجعليون

من أشهر وأكبر القبائل العربية في السودان، تقيم على شواطئ النيل الكبير، ويقول عمر رضا كحاله:

". . . وقد انقسمت إلى أكثر من ثلاثين بيتًا، منهم العمراب والمجاذيب والعبابسة والرازقية والسعداب والعوضية والنفيعاب والنافعاب والمكابراب والانقرياب.

وقد عرف الجعليون منذ أول عهدهم بالشجاعة واقتحام الأخطار وحب الأسفار، فتراهم منتشرين في جميع أقطار السودان والحبشة.

وقد كانت بينهم وبين الفونج وقائع معدودة، وكانوا في حروب مستمرة مع الشايقية وأهل البادية المجاورين لهم كالشكرية والكواهلة. . ."

(1)

.

(1)

عمر رضا كحالة: معجم قبائل العرب القديمة والحديثة، الطبعة الثانية، منشورات دار مكتبة الأندلس بنغازي ليبيا، ج 1، ص 196.

ص: 735

119 -

‌ قبيلة حامد

قبيلة عربية تقطن صحراء السودان وهي أشهر قبائل بادية كردفان وتعرف بدار حامد، وتنقسم إلى عدة بطون أشهرها الجليدات والمجانين والمساعيد والمرامرة والنواهية والعريفية

(1)

.

وقد يكون للجليدات فرع بتونس يسمى الجليدات بمنطقة الرماده بغرب جمهورية تونس.

120 -

‌ قبيلة البوغوص

قبيلة عربية تقطن مناطق أرتريا وتتفرع لعدة فروع، أهمها:

عد عديميس، وبيت قبروا، وعدزمات، والسوكوتايتي، وكلهم يمنيون.

كما تضم: تريسا، وباب جنقرين، وبيت جوك لاماشللي، وبيت مقروا، وبيت توم

(2)

ويمتهن قبائل البوغوص الرعي والزراعة

(3)

.

121 -

الدهالك

‌الدهالك

سكان أرخبيل جزر دهلك، هم عرب، أحفاد المسجونين في هذه الجزر من قبل حكام الجزيرة الغربية على مدى العصور وخاصة الخليفة سليمان بن عبد الملك.

يمتهنون الرعي، واستخراج اللؤلؤ والمرجان

(4)

، ويحتوي أرخبيل دهلك على أكثر من مائتين وستين جزيرة أغلبها خالٍ من السكان.

122 -

‌ قبيلة الرشايدة

قبيلة عربية، آخر النازحين العرب إلى الشاطئ الشرقي الإفريقي.

يقيمون الآن بإريتريا وشرق السودان بمنطقة كسلا وقد نزحوا من المنطقة ما بين جدة والمدينة.

(1)

انظر: عمر رضا كحالة، المصدر السابق، ج 1، ص 236.

(2)

انظر: حامد صالح تركي: أريتريا والتحديات المصرية، دار الكنوز الأدبية، بيروت - الطبعة الثانية، 1979، ص 193.

(3)

انظر: حامد تركي، المصدر السابق، ص 195.

(4)

المصدر السابق، ص 196.

ص: 736

وهم رعاة ومزارعون

(1)

، ولهم فرع بإفريقيا الوسطى أولاد راشد وفي تشاد.

123 -

‌ قبيلة الأشراف

قبيلة عربية، ترجع بنسبها إلى علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - وفاطمة الزهراء.

يقيمون حاليًّا في اغردات وعنسبة السفلى من منطقة إريتريا، ويشتغلون بالرعي والزراعة

(2)

.

والأشراف موزعون بين أغلب القبائل العربية في الصحراء الكبرى.

124 -

‌ قبيلة الدناكل

قبيلة عربية تقطن إريتريا، أهم عشائرهم الإنكالا، والحضارم، وداهميلا، ودهويتاعد، وناغارتو، وباليسورا، وداموهيتا، ويمتهن الدناكل الرعي والزراعة.

ويتكلمون اللهجة العفرية إحدى اللهجات العربية القديمة

(3)

، إذ إن الدناكل يُسمون (عفر)

(4)

.

125 -

‌ قبيلة أساورتا (العليا)

قبيلة عربية تقطن إريتريا في منطقة فرو وغربي زولا وقيسام وقوجيتو وزعتري، وينقسمون إلى الفروع الآتية:

بيت فقرتو، وبيت عساكري، وبيت عساليسان، وبيت ليليش، ويمتهنون الرعي والزراعة

(5)

.

(1)

انظر: حامد تركي، المصدر السابق.

(2)

المصدر السابق.

(3)

المصدر السابق.

(4)

(عفر) معناها أحمر بلهجة المهري. وجاءهم الاسم من ألوانهم، أي أنهم ليسوا سود البشرة.

(5)

انظر: حامد تركي، المصدر السابق.

ص: 737

126 -

‌ قبيلة أساورتا (السفلى)

قبيلة عربية تقطن خليج أرافلي وزولا وفرار وقسم من شواطئ إريتريا.

وهم رعاة ومزارعون.

وينقسمون إلى العشائر الآتية: بيت خليفة، وبيت قاضي، وبيت جوغاز، وبيت نصر الله، وبيت شيخا، وبيت توكل، وبيت سليمان، وبيت علي دانيا

(1)

.

127 -

‌ قبيلة الحباب

قبيلة عربية تقطن صحراء إريتريا قرب البحر الأحمر، وتنقسم إلى العشائر الآتية

(2)

: عد تماريام، وعد تكليس، وعد هبتيس، ويتكلمون التقره أو لهجة التقراي، ويشتغلون بالرعي والزراعة

(3)

.

128 -

‌ قبيلة عد أم سفيا

قبيلة عربية تقطن إريتريا قدمت لها من اليمن، وربما يرجعون بنسبهم إلى سيف بن ذي يزن.

ويمتهنون الرعي والزراعة

(4)

.

129 -

‌ قبيلة منغري

قبيلة عربية تقطن صحراء إريتريا، وتنقسم إلى عدة فروع، أهمها:

رسمو، فهازو، وحزو التي تنقسم إلى عشائر أخرى.

ويمتهن المنغري الرعي والزراعة

(5)

.

130 -

‌ قبيلة شوما

قبيلة عربية تستقر في إريتريا قدمت إلى المنطقة من الحجاز.

استوطنوا مع الحباب ثم انفصلوا عنهم، يقومون بالزراعة والرعي.

(1)

انظر: المصدر السابق.

(2)

انظر: المصدر السابق.

(3)

انظر: حامد تركي، المصدر السابق.

(4)

انظر: المصدر السابق.

(5)

انظر: المصدر السابق.

ص: 738

131 -

‌ قبيلة عد معلم

قبيلة عربية يقيم أفرادها في إريتريا وهم فرع من الحباب يقطنون في أبكا وأناغيت، يمتهنون الرعي والزراعة.

132 -

‌ قبيلة عدها سري

قبيلة عربية، وهم فرع من قبيلة البني عامر ويعرفون ببني عامر الساحل، يقطنون الشواطئ الإريترية، ويمتهنون الرعي والزراعة وصيد البحر.

133 -

‌ قبيلة طروعه

قبيلة عربية، تقطن إريتريا ويتفرعون إلى بيت موسى وبيت سارة.

134 -

‌ بيت معلا

قبيلة عربية تقطن إريتريا، كانت فرع من قبيلة بني عامر وانفصلت عنها، يمتهنون الرعي وتربية الماشية والزراعة.

135 -

‌ عد شيخ

قبيلة عربية قدمت إلى إريتريا من الحجاز، ولا تزال لها بقية هناك، يمتهنون الزراعة والرعي.

136 -

‌ قبيلة كيتا

هذه المجموعة ليست قبيلة ولكنها مجموعة الشعراء والمداحين المتفرقين في إفريقيا الغربية والوسطى والقاصين للقصص الشعبي، وهم يقولون: إن جدهم (سراقة) ذلك الذي لحق بالرسول صلى الله عليه وسلم عند هجرته ومعه رفيقه أبو بكر الصديق.

ولكثير من التفاصيل يمكن الرجوع لتاريخ إفريقيا العام الذي قامت بنشره اليونسكو.

ص: 739

‌لمحة تاريخية عن البربر

(1)

سكان بلاد المغرب

يقول ابن خلدون: إن البربر من الجنس السامي الذي ينتمي بالأرومة إلى مازيغ بن كنعان استنادًا إلى أن لغة بعض القبائل البربرية تعرف بلغة (تميزيغت) وهي كلمة بربرية تدل على مؤنث لفظ أمزيغ البربري ومعناه "الرجل الحُر"، وذكر المؤرخون والجغرافيون الأقدمون البربر بأسماء متعددة فقالوا: النسامون أو البسيل ويقطنون برقة وطرابلس، والكرمانت وهم يعيشون عيشة بدوية في الصحراء، والماكيل (الماكس) فهم يقطنون الجهات الممتدة على الساحل التونسي، والكتول يأوون إلى حدود الصحراء والهضاب المرتفعة، ويستقر المور في المغرب الأوسط (الجزائر) والمغرب الأقصى (المملكة المغربية)، والنوميديون يعيشون في المغرب الشرقي (شرق الجزائر) ومعظم البربر في الجزائر ينحدرون إلى السلالة النوميدية وخاصة أن الجزائر كانت تسمى قديمًا "نوميديا"، ويذكر أن الذي أطلق على سكان الأقطار المغربية اسم البربر هم الرومانيون حين احتلال تلك البلاد، لما أنهم لم يفهموا لغة هؤلاء السكان المغاربة فأطلقوا عليهم اللفظ اللاتيني القديم BORVARU أي المتلعثمين في النطق، والبربر كالعرب يمتازون في سلوكهم الاجتماعي بالخشونة والجَلَد والشجاعة وحدة الطبع والخلق والرغبة في القتال والتعصب للنظام القَبَلي والاحتفاظ بالعادات والتقاليد الموروثة والتمسك بها، ولربما يميل بعضهم إلى السذاجة وسهولة الاقتناع والبساطة وقوة الإيمان والتوكل على الله، وعند البربر القدرة على الاحتمال والصبر على العناء وقطع المسافات البعيدة المدى على الأقدام في غير كلل.

ويقسم علماء الأجناس إلى تقسيم البربر إلى نوعين: نوع قليل العدد وينحصر وجوده في الجهات الريفية الجبلية من شرق الجزائر، ويتميز هذا النوع بزرقة العيون وشقرة الشعر واستطالة الرأس ودقة الأنف ورقة الشفتين وسطحية الجبهة وهم ينحدرون بالأرومة إلى الشعب القرطاجي

(2)

القديم، ويقطن أغلبهم في جبال الجرجرة الواقعة شمال الجزائر، وهناك قسم من البربر يقطن ما بين مدينة

(1)

يظن أو يحسب بعض الجهلاء أن البربر هم من السودان سود البشرة، ويقال في مصر لبعض هؤلاء السودانيين برابرة واحدهم بربري (أغلبهم من بلاد النوبة) وشتان بين هؤلاء وبربر بلاد المغاربة، فهم قبائل أغلبها من ذوي البشرة البيضاء والشعر الأشقر والعيون الزرقاء أو الخضراء.

(2)

القرطاجيون أصلهم من الفينيقيين من شعوب بلاد الشام وعلى الأخص في لبنان، وقد هاجر هؤلاء إلى تونس وكانت عاصمتهم قرطاجة، ثم دبرها الرومان وشتتوا شملهم وكان هذا قبل الإسلام بعدة قرون.

ص: 740

بجاية في ساحل البحر ومدينة الجزائر يتميزون بسمرة وسواد الشعر واستدارة الرأس وقصر الأنف وتقوس الجبهة وبروز الخدين، أما من الوجهة الاجتماعية وسلوك الحياة فيقسم البربر إلى طائفتين كبيرتين متباينتين فيما يتعلق بأنماط المعيشة التي تحياها كل طائفة منها، فالطائفة الأولى تشمل بربر (البتر) وهم رُحَّل في العادة يركنون إلى الزحف على السهول ويرتبون معيشتهم في الغالب على الرعي ومن أشهر قبائل البتر: لواتة، وزناتة، ونفزاوة، ورجراجة، وأداسة، وأنتوسة.

والطائفة الثانية تضم بربر البرانس أو الحضر وهم سكان الهضاب والسهول والمدن والقرى الكبيرة ويرتبون معيشتهم على الصناعة في المدن وعلى الزراعة في الهضاب والسهول، وقد اختلط هؤلاء من البرانس (البربر) بالملاحين الذين كانوا يجوبون البحار في فجر التاريخ وأخذوا منهم الكثير من أساليب الحضازة العريقة في القدم فعرفوا صناعة المنسوجات وبناء المساكن وصناعة الأواني الفخارية، وكان لهؤلاء البرانس آداب في العصر الإسلامي فترجموا القرآن الكريم إلى لغتهم وألفوا الكتب الدينية ووضعوا الملاحم الشعرية وبعض القصص الساذجة على ألسنة الحيوان، وقد استغل الرومان هذه الفوارق بين طوائف البربر البرانس وبين البتر فبذروا بذور الشقاق وضمنوا بذلك السيطرة على بلاد المغرب، وقد نهج ذلك النهج الأشراف الفاطميون

(1)

في العهد الإسلامي فاتخذوا من بربر صنهاجة أنصارًا يعاونوهم في الحروب التي شنوها ضد بربر زناتة طوال حكمهم لبلاد المغرب (الدولة الفاطمية).

‌البربر في الجزائر بالوقت الحاضر:

من أهم قبائل البربر في الجزائر، فكلها تنتمي بالأرومة إلى صنهاجة وكُتامة التي تقيم في بلاد القبائل الصغرى (منطقة كبيرة عاصمتها بجاية)، وزواوة التي تسكن بلاد القبائل الكبرى (منطقة جنوب وشرق بجاية).

(1)

سُموا فاطميين نسبة إلى فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وهم من ذرية الحسين بن علي رضي الله عنه وهم العبيديون نسبة إلى عبيد الله المهدي ابن محمد الحبيب المصدق ابن محمد المكتوم ابن إسماعيل الإمام ابن جعفر الصادق ابن محمد الباقر، وقد اجتمع لهم حكم مصر والشام والمغرب وصقلية جنوب إيطاليا.

ص: 741

أما زناته فهي تعيش في بلاد القبائل ووادي الشلف وملوية الآن، وتقيم قبائل بني يفرن (زناتة أيضًا) بالوقت الحاضر في المنطقة الواقعة بين الشلف والملوية.

ومن قبائل صنهاجة فرع شهير يسمى "الطوارق" وهم يقطنون الهُقار من جنوب القطر الجزائري في عمق الصحراء ويعيش هؤلاء عيشة البداوة في الصحراء الكبرى، وكما تنتشر قبائل زناتة تدريجيا في مناطق تتجه من الجزائر إلى المغرب الأقصى (مراكش).

ولا يُكوِّن البربر في القطر الجزائري أي وحدة متماسكة وتغيَّروا كاملًا لاختلاطهم الكُلِّي بالعرب، ولكن لا زالت جماعات كبيرة منهم تعيش في الجبال وفي الصحراء وبعض الهضاب المرتفعة.

ونذكر مثلًا بالقرب من مدينة الجزائر، فهناك تقيم قبائل البربر (التلاغمة)، و (بني عبد النور) وكذلك تقطن قبائل (زواغة) في إقليم سطيف، وفي جنوب قسنطينة وشرقها قبائل (أولاد خيار) ولا سيما في سوق أهراس، و (الحراكتة) في العين البيضاء وشمال غربي تبسَّة على الحدود التونسية، و (النمامشة) في منطقة تبسة نفسها وينتشرون في جبال النمامشة في الجنوب الغربي من تبسة وهم يتصلون بشاوية جبال أوراس، وهناك تعيش أيضًا قبائل (الأوزارة) و (زغتيت)، و (بني يعقوب)، و (مراشدة) في أطلس البليدة في تل الجزائر وفي وهران، وذلك في بقاع متوازية ممتدة من المشرق إلى المغرب، وتقيم قبائل (بني مناصر) بين مليانة وتشرشال في جنوبي مدينة الجزائر وفي غربها وتقطن قبائل (بني خنوش)، و (بنو سنوس)، و (بنو بو سعيد) بالجهات الغربية من الحدود المراكشية، وفي الصحراء توجد قبائل متفرقة من البربر تعيش واحات واد ريغ وورقلة وواحات ميزاب في صحراء الجزائر وهم الأباضية.

ص: 742

‌نبذة عن صنهاجة

ويذكر ابن خلدون أن كلمة صنهاجة قريبة النطق من كلمة زناكة ولا زال النطق بهاتين الصيغتين متداولًا حتى الآن.

وقبائل صنهاجة فرع هام من فروع الشعب البربري في شمال إفريقيا (المغرب العربي)، ويتقارب الصنهاجيون والمصامدة (قبائل مصمودة) في المملكة المغربية من حيث السلالة والأصل المشترك وكذلك قبائل كُتامة التي تنتشر في الجزائر والمغرب الأقصى أيضًا.

وقد ظهر اسم قبائل صنهاجة كثيرًا خلال العصور الوسطى إذ كانوا طائفة كبيرة العدد تمتد منازلهم عبر بلاد المغرب والصحراء؛ ومن ثم شمل اسم بلاد السنغال، وكان من بينهم بطون تضم القبائل الرُحَّل التي ما زال عدد منهم باقيا حتى اليوم، وأهم هذه القبائل هي الهُقار في جنوب الجزائر.

أما قبائل صنهاجة المستقرة كانت قبيلة تكلاتة، وقد بلغت القبائل الصنهاجية أوج سؤددها خلال الفترة الواقعة بين القرنين الرابع والسادس الهجري، إذ كانت تكلاتة تحتل في القرن الرابع الهجري إقليم قسنطينة بأسره، وفي ذلك الحين نفسه كانت القبائل الصنهاجية المستقرة ولا سيما سلالة بني زيري، فقد أنشأ هؤلاء حكومة قد حكمت بعض الجهات وأهم مدنها أشير التي كانت قائمة على المنحدر الجنوبي الشرقي لجبال تيطري في جنوبي مدينة الجزائر بحوالي 300 كيلو متر، ولم يبق من أشير اليوم غير الأطلال التي تُسمى حتى الآن اليشير، وهي عبارة عن ثلاثة أبواب وبعض بقايا القلعة والبرج والصهريج، وفي مكان أشير القديمة تقوم في الوقت الحاضر بلدة بنية وزيري بن مناد بن باديس الذي شيد مدينة أشير البائدة.

ومن قبائل صنهاجة الرحَّل في البوادي تلك القبائل التي كانت تحتل في القرنين الرابع والخامس الهجريين الصحراء الكبرى فيما بين طرابلس والمحيط الأطلنطي، وكانت أهم هذه القبائل "لمتونة"، و"مسوفة" وهم أصحاب اللثام أو الملثمين الذين كان لهم شأن عظيم في التاريخ الديني والسياسي في بلاد البربر كلها

ص: 743

والأندلس وكان يُطلق عليهم الطوارق. وهناك فريق من هؤلاء الملثمين لهم حيل بارعة في مباغتة أعدائهم؛ إذ يسيرون صفا ممتدا لكيلا يعرف العدو عددهم من آثار أقدامهم، وهم يحسنون اختيار مواقع الكمين ويهجمون عادة ليلًا أو غشية الفجر (عِماية الصبح).

وتستوطن بعض القبائل الصنهاجية القليلة الشأن بلاد السوس والوديان المجاورة لجبال أطلس المراكشية في المملكة المغربية، وأهمها قبائل (لمطة وجزولة) الرُحَّل في البوادي المغربية، وقبيلة (هكسورة) المستقرة، وفي الريف المراكشي بالمملكة المغربية تعيش القبيلتان الصنهاجيتان الشهيرتان (بطوية وأرياغل).

ومعظم أفراد صنهاجة يتكلمون في الوقت الحاضر اللغة العربية إلى جانب اللغة البربرية المحلية الخاصة بهم، وهم في أغلب عناصرهم سُمر البشرة كالعرب خاصة من هم في المغرب ويعيشون عيشة استقرار في الأغلب الأعم لمعظم بطونهم، وعداء الزناتية لهم مشهور وهذا طبعًا في القدم قبل الإسلام وكان النزاع المسلح ممتدا بين الصنهاجية والزناتية قرون عديدة، وقد استمر بعد دخول الإسلام إلى شمال إفريقيا إذ كانت قبائل زناتة الرُحَّل في البوادي تغير على مزارع صنهاجة وتعمل فيها التدمير، مما دفع الصنهاجية إلى الاحتماء من شرهم بالاستعانة تارة باللاتينيين أو البيزنطيين، وقد أدى ذلك إلى ظهور الفوارق بينهم، ولربما لم يتوحَّد الصنهاجيون مع الزناتية إلا بعد قدوم قبائل العرب البادية من هلَال وسُلَيْم وأتباعهم من الجزيرة العربية، فقد كانت القبائل العربية الهِلَالية والسُّلَميّة لا توقِّر ولا تفرِّق بين النوعين وتعتبرهم واحدًا، ولربما صمود الزناتية كان أكثر لما أنهم كانوا بوادي وأكثر فروسية، ولكن لم يستمر الصمود عدة سنوات حتى بدد الهِلَالية والسُّلَميّة جموعهم في البراري والجبال وتغلبوا على الضواحي عدة قرون في شمال إفريقيا.

‌نبذة عن البربر الشاوية

أصل كلمة شاوية يرجع إلى صيغة الجمع للفظ شاوي، أي راعي الغنم في قول بعض المؤرخين، ويقول البعض الآخر: إن تسمية شاوية هي راعي الغنم، ومساكن الشاوية الأصلية في جبال الأوراس؛ ولذلك سميت شاوية الأوراس في

ص: 744

القطر الجزائري، وتمتد المساكن من الحدود التونسية إلى المنطقة الواقعة بين مدينتي باتنة، وبسكرة ومركزهم الرئيسي قرية لمبيز بجوار مدينة باتنة، وهم كثيرو الشبه بسكان شمال أوروبا من حيث زرقة العيون وكذلك شقرة الشعر، وهاتان الصفتان أكثر انتشارًا في شاوية أوراس منها في أي جهة أخرى من جهات الجزائر.

وكلمة شاوي أُطلقت في الأصل على سبيل الاستهزاء ثم صارت اسم جنس يُطلق عادة على عدة جماعات في بلاد المغرب العربي، أهمها شاوية تامسنا في مراكش (المملكة المغربية) ثم يليها شاوية أوراس في الجزائر، وكما يُطلق اسم الشاوية على بربر زناتة وهوارة الذين امتزجوا بعناصر عربية، ويغلب على هذه الجماعات الجنوح إلى الشقاق العقائدي والديني فيما بينها، وكانت كتلة جبال أوراس التي تعيش في كنفها قبائل الشاوية وعلى الأخص في مقاطعة قسنطينة مركزًا لمقاومة الخوارج الأباضية في القرن الثامن عشر الميلادي، والظاهر أن اسم شاوية قد ظهر لأول مرة في كتاب ابن خلدون، ويبدو أن الشاوية الذين ذكرهم لم يكونوا من شاوية تامسنا بمراكش وإنما هي من القبائل التي تسكن في شرق مراكش بجوار قبيلتي الهوارة والزكارة، إذ شاوية تامسنا يحتلون في الشمال الشرقي لمراكش والمجرى الأسفل لنهر أم الربيع ويقال: إنهم حين انحدروا من قبائل زناتة والهوارة الذين أسكنهم المرينيون في تلك الجهة واختلطوا بعد ذلك بمن بقي فيها من قبيلة برغواطة المارقيين سكان هذا الإقليم، وعندما تم اختلاطهم بالعرب الذين استقدمهم السلطان الموحدي (دولة الموحدين) يعقوب بن يوسف المُلقَّب بالمنصور من إفريقيا (تونس) في الفترة الواقعة بين عامي 1184 - 1199 م غلبت على لهجتهم القَبَلية اللغة العربية، غير أن عددًا كبيرًا منهم ما زالوا يحتفظون بلهجتهم من اللهجات البربرية بحكم إقامتهم في مناطق جبلية منعزلة.

‌نبذة عن زناتة

وهي من قبائل الشاوية الرئيسية، وقد أطلق المؤرخون العرب على إحدى المجموعتين الكبيرتين من البربر اسم رناتة، وقبائل زناتة رُحَّل في الغالب وهم

ص: 745

يرعون الإبل والأغنام، ويعيشون غالبًا في الخيام عبر الفيافي والصحراوات الممتدة من غدامس على الحدود الليبية التونسية الجزائرية (وهي بلدة ليبية) وحتى داخل مراكش (المملكة المغربية)، ويقول بعض المؤرخين: إنهم انحدروا من صلب كنعان ولد سام أو من صلب جالوت ملك فلسطين أيام داود عليه السلام، وقد يُفرِّق بعض الإخباريين بين عدة أجناس في زناتة، وتتميز قبائل زناتة بلغة ولهجة خاصة تنتشر في واحات الزاب وورقلة، وفي غرب الجزائر يطلق عليهم الزناتية وأشهر فروعهم أو قبائلهم هي (يمانو، وبلومان، وبنو يفرن، ومغراوة) ومسكنها في جبال أوراس بشرق الجزائر حيث كانت ملكتهم في القرن الثاني الهجري "الكاهنة"، وقد قاومت العرب والفتح الإسلامي بمعاونة الملك البربري كُسَيْلة والذي قُتل بعد عدة حملات عربية أيام الدولة الأموية من عُقبة بن نافع الفهري (القُرَشي)، وزُهَيْر بن قيس البلوي، ثم حسان بن النعمان الغساني الذي استطاع أن يقتل الكاهنة وكُسيْلة بعد صعوبة بالغة، ومن بني يَفْرن الزناتية ظهر الفارس الشهير في منتصف القرن الخامس الهجري والمسمى خليفة أبو سعدى الزناتي الذي كان قائد الجيش للبربر وقد قاوم العرب البادية من بني هِلَال عند توغلهم في الجزائر وله ملاحم أسطورية مع فرسان الهلالية، وقد قتلوه في نواحي الزاب من شرق الجزائر بعد أن قتل الكثير من الفرسان العرب، ويذكر أن قاتله هو ذياب بن غانم الزُّغْبي الهلالي؛ وكان بحربة قد صوبها إلى عينه لما أنه كان يلبس دروعًا من الحديد فلم يقدر عليه أحد من فرسان الهلالية.

‌نبذة عن هوَّارة

ذكر ابن خلدون أن موطن قبائل هوَّارة

(1)

كان في طرابلس وغربها، غزاهم العرب الهِلَالية والسُّلَمية وضيقوا عليهم الخناق وقد تفرقوا في البلاد، وانتقل قسم

(1)

يقال أن الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين ينتمي إلى قبيلة هوارة الشاوية بمنطقة الأوراس، وقيل أنه من أصل عربي وقطنت عائلته في وسط قبيلة الهوارة (والله أعلم) في مدينة قالمة وهو من أسرة فقيرة واسمه (محمد بوخروبة) ولد في أبريل عام 1925 م في حمام المسخوطين في قرية قالمة (الآن مدينة) واسمه الحركي في الثورة الجزائرية بومدين وقل: إنه اسم أستاذه ومعلمه، فقد تعلم في الأزهر بمصر ثم تخرج من الكلية الحربية بعد أن انضم للجبهة، وقد استقل سفينة مصرية تحمل الأسلحة إلى الجزائر في أثناء اشتعال المعارك وتولى قيادة بعض الفصائل ثم قفز إلى منصب كبير في القيادة العامة بعد اعتقال أحمد بن بيللا في فرنسا ومن ثم تولى مقاليد وزير الدفاع ثم قاد انقلابًا ضد حكومة ابن بيللا في عام 1964 م وحكم الجزائر حتى عام 1978 م.

ص: 746

كبير من هوارة إلى مصر وكانوا أقوى القبائل ووصل بهم الحد إلى أن أقاموا دولة في صعيد مصر، ولا يزال اسم هوارة معروف كقبيلة قوية في مصر، أما من ظل في بلاد المغرب فلما أثقلت كاهلهم الضرائب من قبيل الدول التي قامت في شمال إفريقيا وقد فقدوا عزتهم واستقلالهم اللذين عرفا بهما انصرفوا إلى رعي الأغنام وانتهى الأمر بإطلاق اسم الشاوية عليهم (أي رعاة الأغنام) ويقول محمد بن الحسن الوزاني: إن معظم هوَّارة الآن في الوقت الحاضر في شرق الجزائر أو في سفح جبل أوراس وهم رعاة غنم.

وفي كتاب المغرب

(1)

قال الأستاذ الصدِّيق بن العربي في ص 75:

* أولًا عن البربر بصفة عامة:

البربر اسم أطلقه اليونان ثم الرومان على جميع الشعوب سواهم، وتسمية سكان المغرب بالبربر تسمية قديمة عرفها اليونان والرومان والساميون كما عرفها العرب.

ولا يعرف البربر أنفسهم هذا الاسم الذي أُطلق عليهم، ولا يوجد في لغتهم، وإنما يطلقون على بلادهم بلاد أمازيغ، أي الوطن الحُر، وعلى أنفسهم إيمازيغن، أي الرجال الأحرار.

والبربر يستقرون منذ أقدم العصور بالضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط من برقة (شرق ليبيا) إلى المحيط الأطلسي، واتفق علماء النسب على أن البربر يجمعهم جذمان عظيمان وهما البرانس والبتر.

فأما البرانس فأشهر قبائلهم:

أوربة - ومسطاسة - وهوارة - وكُتامة - وزواوة - ومصمورة - وبرغواطة - وحاحة - ودكالة - ورجراجة - وكدميوه - وكلاوة - وكنفيسة - وغمارة - وهرغة - وهزرجة - وهزميرة - وهنتاتة - وهيلانة - ووريكة - وزكيتة - وجزولة - ولمطة - وتاركة - وزناكة - ولمتونة - ومسوفة - وهسكورة. . . إلخ.

(1)

الطبعة الثانية 1984 م - 1404 هـ مزيدة ومنقحة - عن طريق الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر.

ص: 747

ومن أشهر قبائل البتر:

لواتة - وسدراته - وكومية - ومديونة - ومطماطة - ومطغرة - ومغيلة - وزناتة - وزواغة - ومكناسة.

وتنتشر القبائل البربرية في المغرب والجزائر وتونس وليبيا والصحراء الكبرى من المحيط الأطلسي إلى نهر النيل، ومنهم بقاياهم بمصر بواحة سيوه وفي بلاد السودان وجُزر البحر الأبيض المتوسط كجزر قرقنة، وجربة (تونس)، ومالطة، وسردينيا، وجزر الكناريا (الجزر الخالدات)، وجزر أسور، بل توجد بعض البقايا من بطونهم في القارة الأمريكية.

‌زناتة أعظم قبائل البربر

قال الصدِّيق في ص 161 عن قبائل زناتة بصفة عامة:

هي مجموعة قبائل كبرى منتشرة في أنحاء الشمال الإفريقي، اشتهر رجالها بالشجاعة والفروسية والروح الحربية العالمية والتفوق في القتال، مما جعل هذه القبائل تلعب دورا هاما في تاريخ المغرب والأندلس، ومن رجالاتها العظام القائد طريف والقائد طارق بن زياد، واعتنقت هذه القبائل الإسلام في عهد عُقبة بن نافع، وساروا معه خلال غزواته وفتوحاته، وخلال فترات الضعف أسسوا لأنفسهم إمارات مستقلة بأغمات وسلا وتادلا وسلجماسة وفاس بالمغرب الأقصى، ومنهم بنو خزر وبنو زيان ملوك تلمسان (شمال غرب الجزائر).

وأضاف: وسهول زناتة تمتد في شرق البيضاء على شاطئ المحيط تبلغ مساحتها نحو 350 كم مربعا يشقها واد ملاح وواد نففيخ، وتزدهر بها فلاحة الغلال والبواكير، وزناتة اليوم تُطلق في الغالب على الأراضي الساحلية الواقعة شرق الدار البيضاء ولعلَّ القبيلة الأصلية كانت تستقر قديمًا بهذه المنطقة من المغرب الأقصى.

- وفي ص 77 قال عن برغواطة: إمارة زناتية مستقلة تأسست بالساحل الأطلسي بين وادي أم الربيع ووادي سبو في أوائل القرن الثاني، ومن زعمائها

ص: 748

طريف وابنه صالح وغيرهما ممن ارتدوا عن الإسلام وأسسوا لهم ديانة جديدة، واستمرت هذه الإمارة بتامسنا إلى أن قضى عليها المرابطون ثم الموحدون في القرن السادس.

- وفي ص 80 قال عن بني أبي العافية: بطن من قبيلة مكناسة الزناتيه، ظهر أمرها في أواخر الدولة الإدريسية في ناحيتي ملوية وتازة وكان زعيم القبيلة هو مصالبة بن حبوس المكناسي ثم موسى بن أبي العافية الذي أسس إمارة زناتية استمرت نحو نصف قرن من 306 إلى 363 هـ.

- وقال عن بني مدرار: تنسب هذه القبيلة إلى مكناسة من قبائل زناته وأسست أول إمارة مستقلة بالمغرب في أواخر القرن الثاني عندما شيدت مدينة سجلماسة سنة 140 هـ عاصمة لها واعتنقت مذهب الخوارج الصفرية، وبقيت هذه الإمارة إلى أواسط القرن الخامس للهجرة.

- وفي ص 81 قال عن بني مرين: ينتمون إلى قبيلة زناته الكبرى التي كانت تحتل بلاد النخيل من غدامس (في غرب ليبيا على حدود تونس والجزائر) إلى السوس الأقصى.

وكانت أغلبية هذه القبائل بالمغرب الأوسط، فكان بنو مُرَّين يقيمون فيما بين فيكيك وسلجماسة وملوية.

ولما يقطت دولة الموحدين في أواسط القرن السابع الهجرى دخل المرينيون إلى المغرب الموحدية وأسسوا دولة جديدة برئاسة الأمير عبد الحق المريني.

- وفي ص 83 قال عن بني وطاس: فرقة من بني مُرَّين الزناتية كانوا يعرفون ببني الوزير دخلوا المغرب مع المرينيين، وكانوا عنصر فتنة وشغب فأعدم الملوك عددًا منهم، ثم تولوا الوزارة لأواخر ملوك المرينيين فاستفحل شرهم وعظمت صولتهم إلى أن جاء عبد الحق آخر بني مُرَّين فأفناهم عن آخرهم، ولم يفلت منهم سوى محمد الشيخ الوطاسي الذي تولى المُلك بعد انقراض بني مُرَّين سنة 872 هـ.

ص: 749

- وقال عن بنو يفرن: بطن من قبيلة زناته الكبرى ظهر على مسرح السياسة في أواخر عهد الدولة الإدريسية، وكانت هذه القبيلة منافسة لقبيلة مغراوة تحارب تارة مع الأمويين وتارة ضدهم، وأشهر زعمائها أبو الكمال بن زيري الذي أسس إمارة تمتد من سلا إلى فاس، إلى أن اضمحلت في عهد المرابطين سنة 469 هـ، وكان لأمراء بني يفرن الفضل الأكبر في القضاء على البرغواطيين المستقرين بالساحل، وتخريب مدنهم وتشتيت شملهم فلم تقم لهم قائمة بعد ذلك في عهد المرابطين والموحدين حيث اختفوا نهائيا من مسرح المغرب.

وفي ص 186 قال عن بني يزناسن: هذه الكلمة محرفة عن كلمة بن يزناتن - أي زناته - وتطلق على مجموعة كبرى من القبائل الزناتية المستقرة بين نهري ملوية وكيس بالمغرب الشرقي.

وفي ص 187 قال عن مغراوة: فرع من قبيلة زناته الكبرى ابتدأ ظهورها في أواخر القرن الرابع حينما انضمت إلى الأموين بالأندلس وحاربت الأدارسة، وأشهر زعمائها الأمير زيري بن عطية الذي أسس إمارة مستقلة استمرت نحو نصف قرن من 381 إلى 428 هـ وجعل عاصمتها وجدة (مدينة مغربية ترب حدود الجزائر).

- وفي ص 207 قال عن فازاز: بطن من بطون زناته كان يحتل في القديم منطقة تادلا وما حولها إلى مكناس وملوية ووادي العبيد، وساهم أفرادها في جميع الحروب في عهد المرابطين والموحدين والمرينيين، وقد اندثر هذا الاسم اليوم وحل محله اسم القبائل المتساكنة بهذا الإقليم، وأنجبت هذه القبيلة عددا من الأعلام المشهورين في تاريخ المغرب والأندلس.

وقإل عن بعض قبائل البربر في المغرب:

* أوَرْبَة

(1)

: قبيلة من قبائل البرانس كانت تحتل المنطقة الواقعة بين زرهون وتازا، وكان زعيم هذه القبيلة عند قدوم المولى إدريس هو الأمير إسحاق أو عبد الحميد الأوربي الذي تنازل وبايع الإمام بالخلافة في آخر القرن الثاني.

(1)

انظر عن هذه القبيلة في الإنصاف في تاريخ الأشراف في المغرب الأقصى "الأدارسة" - إعداد الأستاذ محمد سليمان الطيب (مؤلف موسوعة القبائل العربية).

ص: 750

* جزولة: قبيلة كبيرة قامت بدور مهم في عهد المرابطين، وكانت تستقر قرب جبال الأطلس الكبير جنوبًا، واتحدت مع جدالة ولمطة ومسوفة ولمتونة تحت راية الإمام عبد الله بن ياسين، وساهمت في المعارك التي انتهت بتأسيس الدولة المرابطية، وأنجبت هذه القبيلة عددًا من العلماء والصلحاء وقواد الجيش.

* رجراجة: هذه القبيلة هي مقر السادات الرجراجيين المشهورين بالمغرب وبالأخص بقبيلة الشياظمة حيث توجد أضرحة أسلافهم المقدسين، وقبيلة رجراجة التي ينتسب إليها هؤلاء الأفاضل تستقر بجنوب نهر تانسيفت، وكان لها فضيلة السبقية إلى الإسلام في عصر ظهوره، كما كانت من أولى القبائل المغربية المناصرة للإسلام والمدافعة عنه وبالأخص عند ظهور برغواطة بتامسنا، واشتهر منهم في العصر الأول للإسلام سبعة رجال هم المعروفون برجال رجراجة وهم: سيدي واسمان أو واسمين في طرف جبل الحديد برباط تاوريرت، وسيدي أبو بكر اشماس بزاوية اقرمود وابنه صالح، وسيدي عبد الله ادناس بالمشهد، وسيدي علي بوخابية بطرف وادي تانسيفت بزاوية التوابت، وسيدي يعلى بن واصل بامسكن، وسيدي سعيد بن يبقي بتمازت.

* كومية: قبيلة تنتسب إلى البرابرة البتر، وكانت تحتل المنطقة الواقعة حول تلمسان وإليها ينتسب الخليفة عبد المؤمن بن علي الكومي مؤسس دولة الموحدين المتوفى سنة 558 هـ.

* لمتونة: مجموعة كبرى من قبائل البرانس الصنهاجية، ومن بينها لمتونة وجدالة ومسوفة، وكان موطنها الأصلي بالصحراء الكبرى بين المغرب والسودان ومن رجالاتها العظام أبو بكر بن عمر ويحيى بن عمر ويوسف بن تاشفين مؤسسو دولة المرابطين الملثمين بالمغرب الأقصى.

* مصمودة: مجموعة قبائل عظيمة من البرانس كان لها التقدم على غيرها قبل الفتح الإسلامي وبعده، وتستقر هذه القبائل منذ القدم بجنوب أم الربيع والأطلس الكبير إلى شواطئ المحيط، ولعبت هذه القبائل دورًا عظيمًا في تاريخ المغرب على عهد الموحدين والحفصيين والمرينيين.

ص: 751

* صنهاجة: إحدى القبائل الكبرى وأعظم قبائل البرانس بالمغرب حتى لا تكاد ناحية من بلاد المغرب تخلو من بطن من بطونها، ويقال: إنها تنتمي إلى أصل حِمْيَري يماني، وكانت صنهاجة بعد الفتح الإسلامي تؤيد الفاطميين ضد قبائل زناتة التي كانت تؤيد الأمويين، وبسبب ذلك نشأ بين القبيلتين نزاع استمر عدة قرون.

وأسست هذه القبائل الصنهاجية إمارات مستقلة بتونس (بنو زيري)، وبالجزائر (بنو حماد)، وبالمغرب الأقصى (المرابطين) وبالأندلس (بنو زيري أيضًا بغرناطة).

ولا تزال مجموعة من هذه القبائل تحمل نفس الاسم لحد الآن بإقليمي تارة والناطور في شرق وشمال المملكة المغربية.

* غمارة: مجموعة من قبائل تحتل مناطق شاسعة بالريف والبحر المتوسط شمال المغرب من بينها قبائل بني زيات سميح وبني رزين وبني منصور. . . إلخ، واشتهر من زعمائها في القديم يوليان الغماري صاحب سبتة وطنجة الذي سهَّل للفاتحين العرب عملية غزو الأندلس.

* سكساوة: قبيلة بناحية ايمنتانوت جنوب مراكش كانت تدعى قديمًا بسكسيوة، واشتهر أمرها في عصر الموحدين والمرينيين وبها حصن القاهرة الذي بنى في عهد الأشراف السعديين، وبوسط القبيلة ضريح للا عزيزة السكسيوية التي كانت تتمتع بنفوذ روحي عظيم على السكان خلال العصر المريني حتى كانت تشد إليها الرحال

(1)

!؟.

* هرغة: قبيلة كبرى تحتل المنطقة الممتدة جنوب مراكش على ضفاف الأطلس الكبير شرق تارودانت، وقد اندثر الاسم وحل محله عدد من أسماء القبائل المتساكنة هناك.

* هنتاتة: أطلق هذا الاسم على مجموعة من القبائل القاطنة بالأطلس الكبير في عصر الموحدين بين جبل كيك وتينمل، واندثر هذا الاسم منذ عصر

(1)

وهذا لا يجوز شرعًا، فقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُشدُّ الرحال إلا لثلاثة مساجد، المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا - أي المسجد النبوي".

ص: 752

الأشراف السعديين، وكان لرجال هذه القبائل دور هام في الحروب التي خاضها الموحدون ضد خصومهم، وإليها ينتسب أنصار المهدي بن تومرت وكبيرهم أبو حفص الهنتاتي جد الملوك الحفصيين بتونس، وإلى هذه القبيلة الأطلسية التجأ أبو الحسن المريني بعد عودته من تونس عند زعيمها الأمير عبد العزيز الهنتاتي إلى أن توفي بها سنة 752 هـ ومنها نقل إلى مراكش.

* هسكورة: قبيلة كانت تستقر في السوس الأدنى جنوب تارودانت، وهناك منطقة سكورة الواقعة بإقليم ورزازات.

* هوارة: قبيلة كبرى من القبائل التي اشتهرت في العصر العلوي بالمغرب الأقصى وتستقر الآن في منطقتين: الأولى بسوس قرب أكادير، والثانية في سهول مصون بين تارة وجرسيف.

* الأوداية: قبيلة كبرى من قبائل الجيش المخزني استخدم الملوك العلويون أفرادها بالجيش وأقطعوهم الأراضي الفلاحية بالرباط وفاس ومكناس.

ص: 753

‌ما قاله أحمد توفيق المدني عن القبائل البريرية ومواطنها بالقطر الجزائري

‌أولا: البربر الخُلَّص

1 -

‌ في عمالة قسنطينة:

من قبائل كُتامة: بنو خطاب في المنطقة الجبلية من القل إلى بجاية ومجانة، وبني سيلين قرب الميلية، وأولاد محمد قرب جيجل، وعياد قرب أقبو، وبنو مروان قرب ميلة، وجملة ما بين سطيف وجيجل.

ومن قبائل صنهاجة: أمزيتة وعجيصة ما بين مجانة ونوغة، وواسين وبنو يفرن في جبل أوراس وهم من زناتة ويدعونهم الشاوية.

2 -

‌ في عمالة الجزائر:

من قبائل صنهاجة في جبال الجرجرة المسماة بلاد القبائل الكبرى: زواوة، وفليسة، وقسطولة، وأوقنون، وبنو راتن، وبطروم، وبنو منقلات، وعمور، وبنو يحيى، وهجر

(1)

، وفتاية.

وتنتشر هذه القبائل في غربي مدينة الجزائر فيما بين شرشال وتنس والونشريس.

وفروع زناته هي: بنو توجين، وبنو مناد، وبنو مناصر، وزقزوق، وتيعرين، وزنداك، ومغراوة، وبنو كادي.

وفي جبال الونشريس قبائل مطماطة، ولواتة، وراشد.

وفي بلاد الشبكة في وسط الصحراء الجزائرية قبائل بني ميزاب وهم من نفوسة (غربي ليبيا) وغيرهم.

(1)

قلت: هنا ذكر المدني قبيلة هجر ضمن البربر، وأراه أيضًا ذكرها ضمن قبائل علَّاق من عوف بني سُلَيْم في الجزائر وهو الصحيح.

ص: 754

3 -

‌ في عمالة وهران:

قبيلتا ولهاصة والطرارة وهما من السنوس، تقطنان الجبال التي تكتنف تلمسان شمالًا وغربًا، وقبيلتا مزونة ومديونة وهما من زناتة وتقطنان الجبال الواقعة غرب مدينة مستغانم، وقبائل مطماطة

(1)

وتيغرين وشقالة وبرناص وهي من قبائل بني راشد وتقطن من كربي جبال ونشريس إلى ناحية جبال عمور.

‌ثانيا: البربر المستعربون

ويوجد في الجزائر إلى جانب تلك القبائل التي بقيت إلى يومنا هذا بربرية خالصة قبائل أخرى أيضًا بربرية، لا تمت إلى البربر إلا بالنسب فقط، وقد ابتلعها العرب فأصبحت عربية لغة وأخلاقًا وعوائد، ومنها الكثير يجهل أنه من أصل بربري مستعرب بمرور الزمن فهي اليوم معتبرة قبائل عربية ومواطنها كما يلي:

1 -

‌ في عمال قسنطينة:

سكان ناحية الوادي القبلي ووادي الكبير ووادي ابن صالح ووادي الساحل قبائل ريغا، والظهارة، والقبالة، ويسكنون جبال بو طالب والنواحي المحيطة بها.

أولاد أبو النور وتالغمة ينتشرون في السهول بين سطيف وقسنطينة، وزردازة بين غرابة والعروش، ولهاصة وصنهاجة على مقربة من عنابة، وأولاد سلطان في نقاوس، والحنانشة في سوق أهراس، والنمامشة قرب تبسّة، والحراكتة قرب عين البيضاء، وبنو ولبان في جهة السمندو.

2 -

‌ في عمالة الجزائر:

تسكن في المنطقة الجبلية الممتدة من وادي الساحل إلى المدية، ومن صور الغزلان (أومال) إلى سهول متيجة.

(1)

ومطماطة قبيلة مشهورة في جنوب تونس أيضًا.

ص: 755

ومن القبائل الصنهاجية المستعربة: متنان ومزغنة وجعد وطلغاتة وبوطوية وخليل

(1)

، كما تسكن ناحية تيطري جنوب المدية من صنهاجة المستعربة أيضًا قبائل الأرباع وسنجاص والأغواط

(2)

.

3 -

‌ في عمالة وهران:

قبيلة بوطوية في جهة سان لو، وقبيلة لواتة في جنوبي الأصنام، وقبيلة بني لايت بين ثنية الحد وتيارت، وقبيلة بني واسين قرب عمي موسى، وزناتة قرب تلمسان، وقبيلة بني راشد قرب صور الغزلان.

(1)

قلت: ذكر المدني هنا خليل ضمن قبائل صنهاجة، وذكرها أيضًا من لطيف بني هلال، ولا أدري إن كانت خليل هذه غير تلك أو أنهما واحد.

(2)

والأغواط هي مدينة جزائرية معروفة في بداية الصحراء الجزائرية من ناحية الشمال، والظاهر أنها مسماة باسم هذه القبيلة.

ص: 756

‌ما قاله مبارك الميلي الهلالي عن قبائل البربر في الجزائر

(1)

‌تمهيد:

عرف البربر في العرب أساتذة ماهرين مخلصين لا فاتحين غالبين يسوسونهم بالعسف، ويسومونهم سوء العذاب، ثم يمنون عليهم بأنهم تعبوا في تمدينهم أو يملكون عليهم أراضيهم، ثم يسبونهم بأنهم لا يحسنون تعميرها.

ترقى البربر في ظل الحكومة العربية، ولكنهم أسرعوا بطلب الاستقلال قبل قدرتهم عليه، وإنما بعثهم على ذلك ما بقي فيهم من عروق الفوضى ومنافسة قبائلهم بعضها لبعض، حتى إذا جاء الدور العبيدي أتموا دروسهم العملية في الحياة النظامية فأصبحوا قادرين على الاستقلال.

وفي القرن الخامس استقل البربر بوطنهم من غير كفران لفضل العرب، فكانت حكومات صنهاجة معترفة بالسيادة العباسية أو الفاطمية، ثم ظهرت دولة الموحدين في القرن السادس، فلم تعترف بالسيادة للفاطميين أو العباسيين، إذ كانت دولتاهم يومئذ على فراش الاحتضار.

وكان عصر الموحدين هو شباب العصر البربري، اتحد فيه سكان المغرب أجمع تحت راية واحدة، وبلغوا من حسن الإدارة وانتشار المعارف ورقي الحضارة مبلغًا عظيمًا، ثم أخذ هذا العصر في الهِرم، حتى غلب الإسبان على كثير من السواحل وجاء الأتراك فقضوا على ما بقي للبربر من استقلال. والحق أن البربر يومئذ ليسوا بأهل للحكم كما أن الأتراك ليسوا بأهل للسياسة.

كان مبتدأ العصر البربري في القرن الخامس ومنتهاه في القرن العاشر، وحكم أثناء هذه المدة ست دول كبرى هي: دول بني حماد، والمرابطين، والموحدين، والحفصيين، وبني مرين، وبني زيان.

(1)

تاريخ الجزائر (الجزء الثاني) الناشر مكتبة النهضة الجزائرية.

ص: 757

ومعرفة أنساب القبائل البربرية ومواطنها ما يعين على ما كان بينها في هذا العصر من ولاء وحلف أو عداء وسيف، فرأينا أن نعيد القول في ذلك بما يناسب هذا العصر.

وقد شاء الله أن يكون للعرب وجود جنسي في عصر البربر السياسي، كما كان للبربر وجود جنسي في عصر العرب السياسي؛ غير أن بين الوجودين فرقًا، فإن العرب مؤثرون في البربر في العصر العربي سياسيا ودينيا؛ وفي العصر البربري اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا أيضًا.

ويقطن الوطن الجزائري من البربر: زناتة، وصنهاجة، وكُتامة، وزواوة، وعجيسة، وازداجة، ومسطاسة، وبنو فاتن، وبطون من لواتة، ونفزاوة، وهوارة، وزواغة، ومكناسة، ومصمودة، ولمطة، وأوربة. ومن هذه القبائل والبطون ما لها فروع في بقية المغرب، ومنها ما ينتسب في العرب القحطانيين أو العدنانيين انتسابا دعا إليه حب العرب لا ثقة الرواية بالنسب.

ولقد ذكرنا هذه القبائل والبطون سالفا، ثم ظهرت بطون وأفخاذ كان لها شأن في هذا العصر البربري، وتغيرت مواطن كثيرين منهم إما بهجوماتهم بعضهم على بعض كما فعلت صنهاجة بزناتة، وإما بهجومات الهلاليين. فنبين في هذا الباب ما حدث من بطون وما تجدد من أوطان بما يناسب العصر البربري.

وقد رأينا أن نتبع ابن خلدون في أسلوب الحديث عن البربر، فنذكر كل قبيلة على حدة، فإن ذلك أدخل في البيان وأنسب بالحياة البربرية المستقلة قبائلها بعضهم عن بعض، وإذا كانت البطون صغيرة جمعناها في فصل لقلة الكلام عليها.

ص: 758

‌القبائل البربرية الجزائرية

‌زناتة:

زناتة أشبه البربر حياة بالعرب؛ لأن أكثر موطنهم الصحراء يتخذون بيوت الشعر للظعن، قال ابن خلدون:"وكانت مكاسبهم الأنعام والماشية وابتغاؤهم الرزق من تحيف السابلة وفي ظل الرماح المشرعة، وكانت لهم في محاربة الأحياء والقبائل ومنافسة الأمم والدول ومغالبة الملوك أيام ووقائع، نلم بها ولم تعظم العناية باستيعابها فنأتي به، والسبب في ذلك أن اللسان العربي كان غالبًا لغلبة دولة العرب وظهور الملة العربية، فالكتاب والخط بلغة الدولة ولسان الملك، واللسان العجمي مستتر بجناحه مندرج في غماده، ولم يكن لهذا الجيل من زناتة في الأحقاب القديمة ملك يحمل أهل الكتاب على العناية بتقييد أيامهم وتدوين أخبارهم، ولم تكن مخالطة بينهم وبين أهل الأرياف والحضر حتى يشهدوا آثارهم لإبعادهم في القفر وتوحشهم عن الانقياد، فبقوا غفلا إلى أن درس منهم الكثير ولم يصل إلينا بعد ملكهم إلا الشارد القليل يتبعه المؤرخ المضطلع في مسالكه ويتقراه في شعابه ويثير من مكامنه" اهـ.

وقد أخذت زناتة بالخارجية، ثم فارقتها تدريجًا حتى لم يبق منهم عليها إلا القليل، وكانوا منقسمين سياسيًا إلى إدريسيين ورستميين وأغلبيين. ولهم حروب مع جيرانهم صنهاجة، فلما ظهرت دولة بني عبيد والتهم صنهاجة، وعادتهم زناتة فاتسعت واجهة الخلاف بين القبيلتين.

وكانت رئاسة زناتة لمغراوة، ووفد أميرهم صولات بن وزمار على عثمان بن عفان رضي الله عنه، فعقد له على قومه، قال ابن خلدون:"فاختص صولات وسائر الأحياء من مغراوة بولاء عثمان وأهل بيته من بني أمية، وكانوا خالصة لهم دون سائر قريش، وظاهروا دعوة المروانية بالأندلس رعيا لهذا الولاء" اهـ.

ص: 759

ومظاهرة مغراوة وسائر زناتة لمروانية الأندلس إنما حدثت أيام بني عبيد، فالظاهر أن سببها منافسة صنهاجة، وقد تقوت صنهاجة ببني عبيد على أعدائها الأقدمين فنالت منهم قتلا وجلاء، وكانت نكبتهم على يد بلقين بن زيري سنة 369 هـ، قال ابن خلدون:"دوَّخ بلقين في هذه السنة المغرب، وانكفأ راجعًا، ومر بالمغرب الأوسط، فالتحم بوادي زناتة ومن إليهم من الخصاصين، ورفع الأمان على كل من ركب فرسًا أو أنتج خيلًا من سائر البربر، ونذر دماءهم، فأقفر المغرب الأوسط من زناتة، وصاروا إلى ما وراء ملوية من بلاد المغرب الأقصى إلا ما كان من رجوع بني يعلى بن محمد إلى تلمسان وملكهم إياها" اهـ.

وقد لحق كثير من زناتة بالأندلس في العصرين العربي والبربري، وضربوا هنالك مع ملوك الطوائف بسهم، وكان منهم جيش عظيم للغزو أيام بني الأحمر بغرناطة.

وكان منهم جراوة قوم الكاهنة ذوي سلطان، ثم انقضى أمرهم لأول الفتح، ومنهم مغراوة قوم صولات بن وزمار جد بني خزر، واستمر سلطانهم إلى أن غلبتهم صنهاجة، فنزحوا إلى المغرب الأقصى، وأسسوا إمارات بتلمسان وفاس وسجلماسة وأغمات قضى عليها المرابطون، وأسسوا أيضًا إمارة بطرابلس قضى عليها النرمان وتجدد لهم ملك بشلف في العصر البربري ومنهم يفرن قوم صاحب الحمار، ويعلي بن محمد بن صالح مؤسس مدينة أفكان؛ ولبنيه دولة بالمغرب الأقصى قبل ظهور المرابطين ومنهم بنو يلومي وبنو ومانو، كان لهم شأن في العصر البربري، وهذه طبقة أولى عند ابن خلدون. والطبقة الثانية هم بنو مرين ملوك فاس، وبنو عبد الواد ملوك تلمسان، وبنو توجين أصحاب وانشريس.

وأشهر قبائل زناتة: جراوة، ويرنيان، ووجديجن، وواغمرت، وورقلة، ودمر، وبنو ومانو، وبنو يلومي، ويفرن، ومغراوة، وواسين، وحديث نسب زناتة

ص: 760

إلى البربر أو قحطان أو عدنان، وما للناس في أنساب قبائلها وأفخاذها حديث يطول جلبه وتضعف جدواه، وقد أطال في ذلك ابن أبي زرع وابن خلدون.

جراوة؛ كان موطنهم بأوراس ثم انتثر عقدهم فأكلتهم القبائل، وكانت طائفة منهم بنواحي ملوية سميت بهم مدينة هناك كانت للعلويين، ولم يكن لهم ذكر في العصر البربري.

يرنيان، متفرقون في مواطن زناتة، وجمهورهم على وادي ملوية مجاورين لمكناسة، ثم اختلطوا ببني مرين لما ظهرت دولتهم.

وجديجن، كان جمهورهم بمنداس شرقي يفرن وشمال لواتة وغربي مطماطة، ونكحت منهم امرأة في لواتة، فعيرها نساؤهم بالفقر، فتذمرت إلى عنان أميو وجديجن، فغضب لها، واستجاش أحلافه، فنصره يعلى بن محمد اليفرني وكلمام في مغيلة وعزانة في مطماطة، وفي بعض نسخ ابن خلدون غرابة، وكانت حرب مات فيها عنان، وغلب وجديجن لواتة، فملكوا عليهم السرسو، وذلك أيام العبيديين، ثم غلبهم على مواطنهم بنو يلومي وبنو ومانو، فلم يكن لهم ذكر في العصر البربري.

واغمرت وتدعى أيضًا غمرت، جمهورهم جنوب صنهاجة فيما بين الدوسن ومشنتل، ثم غلبهم العرب على السهول فاعتصموا بالجبال قبلة المسيلة وصنهاجة وقعدوا عن الظعن، ثم صاروا في أقطاع الذواودة.

ورقلة، وتدعى أيضًا ورقلان، موطنهم بالصحراء جنوب الزاب، ولهم المصر المعرف بهم إلى اليوم، ومعهم جمع من بني زنداق ونزل عليهم كثير من زناتة الزاب لما أجلاهم عنه الهلاليون.

دمر؛ من أوسع بطونهم بنو ورنيد، ومن ورنيد بنو ورتاتين، وبنو تفورت، وبنو برزال، وكان بنو برزال بجبل سالات من ناحية بوسعادة، وبقية ورنيد

ص: 761

بصحراء تلمسان إلى سعيدة، وتغلب عليهم بنو راشد، فانقبضوا إلى الجبل المضاف إليهم المطل على تلمسان، ولم يكن لدمر كبير شأن في العصر البربري.

بنو ومانو؛ كانوا بالعدوة الشرقية من مينة إلى أسافل شلف، وظهر أمرهم بعد إجلاء صنهاجة لمغراوة، فكان لهم ذكر أيام الحماديين، وبعدهم تغلب عليهم بنو عبد الواد، وبنو توجين، فازدردتهم القبائل.

بنو يلومي؛ كانوا مجاورين لومانو غربًا منافسين لهم إلى أن غلبهم بنو توجين على مواطنهم، فتفرقوا أوزاعا في القبائل.

يفرن؛ كان منهم بالجريد بنو واركو ومرنجيصة، وغلب عليهم بنو هلال وسُلَيْم، فاستكانوا للحفصيين، ومنهم فريق بالزاب أجلاهم الهلاليون إلى ورقلة وغيرها، وجمهورهم بالمغرب الأوسط من نواحي تلمسان إلى تيهرت إلى جبل راشد وغلبتهم صنهاجة، فلم يكن لهم شأن بالجزائر البربرية.

مغراوة؛ مساكنون لبني يفرن، وبينهم منافسات فمنهم بالزاب، وجمهورهم بالمغرب الأوسط من شلف إلى تلمسان إلى جبل مديونة، وبطونهم كثيرة منها بنو زنداق بالحضنة حول مقرة، ومنها بنو ورا بشلف، ومنها الأغواط فيما بين الزاب وجبل راشد، ولهم مدينة لم تزل إلى اليوم تسمى بهم جنوب أطلس الصحراء الشرقي، ذكرت في عهد بني عبيد. قال ابن خلدون:"وهم مشهورون بالنجدة والامتناع من العرب" اهـ - والمحقق عند أهلها وأعرابها أن الهلاليين تغلبوا على أطراف مدينتهم، وبها بستان يعرف اليوم باسم هلال، وبجبل كسال طائفة معروفة اليوم باسم غواط كسال لم يذكرهم ابن خلدون. ومنها ريغة بعضهم بجبل عياض إلى نقاوس، تغلب عليهم العرب، وبعضهم بوادي ريغ لهم على عدوتيه قصور كثيرة، وفلاحات متنوعة، خرَّب أجلها ابن غانية، ومن تلك القصور تقرت، ومنها سنجاس بالجريد والزاب وأرض مشنتل وجبل كريكرة وجبل راشد وشلف،

ص: 762

وقد تغلب عليهم الهلاليون، فاستكانوا للدول، ومنها بنو ورسيفان، وبنو ورتزمان، وبنو يلنت، وبنو بوسعيد، وكلهم بشلف.

واسين؛ كانوا ينتقلون فيما بين الزاب وسجلماسة صحراءَ وتلًا، ومن بطونهم بنو راشد بالجبل المضاف إليهم، وغلبوا مديونة وبني ورنيد على بسائطهما، ثم تغلب عليهم العمور من بني هلال، فبقي بعضهم مساكنا لهم بالجبل، ومنها بنو مرين، وأفخاذهم كثيرة، ولي الملك منها بنو وزرير فخذ بني عبد الحق وبنو واطاس، واختصوا بعد الملك بالمغرب الأقصى، ومنها بنو بادين وأفخاذهم كثيرة منها بنو عبد الواد بعضهم بأوراس، وجمهورهم أقطعهم الموحدون بلاد بني ومانو، ثم ملكوا تلمسان، ومن فصائلهم بنو ياتكين، وبنو ولو، وبنو ورسطيف، ومصوجة، وبنو تومرت، وبنو القاسم؛ ومن بني القاسم بنو مطهر، وبنو يكزيمن، وبنو دلول، وبنو كمي، وبنو طاع الله قوم يغمراسن بن زيان مؤسس دولة تلمسان. ومؤرخو دولتهم ينسبون بني القاسم في الأدارسة. قال ابن خلدون:"وهو زعم لا مستند له إلا اتفاق بني القاسم هؤلاء عليه مع أن البادية بعداء عن معرفة هذه الأنساب والله أعلم بصحة ذلك، وقد قال يغمراسن بن زيان لما نسبوه إلى إدريس، برطانتهم ما معناه: فإن كان هذا صحيحًا فينفعنا عند الله وأما الدنيا فإنما نلناها بسيوفنا" اهـ.

ومن أفخاذ بادين بنو توجين كانوا منافسين لبني عبد الواد وتقدموا إلى التل فانبثوا في السرسو وونشريس إلى المدية شرقًا وسعيدة وجبل راشد غربًا، ثم غلبهم الهلاليون على ما عدا جبل وانشريس، ويجمع فصائلهم جذمان أحدهما سرغين وفي بعض نسخ ابن خلدون بدل سرغين منهم بنو يرناتن بجبل يغودو نواحي نهر واصل، وبنو منكوش، وبنو تيغرين بوانشريس، ومن تيغرين أولاد عزيز بن يعقوب، وثانيهما مدن منهم بمنداس بنو مادون، وبنو قاضي بالقاف في ابن خلدون ولعله ماضي، ومنهم بنواحي فرندة بنو يدللتن.

ص: 763

قال أبو راس: "وبلغني عمن رأى تأليفا في ذكر بني بادين أن توجين اثنان أحدهما بالواو بعد التاء شريف والآخر زناتي، والذي أعرفه من بطونهم بنو ازندار وبنو وكيمار، ومنهم فرقة كبيرة بأرضهم، الأولى إزاء جبل راشد" اهـ.

ومن أفخاذ بادين مصاب بالوطن المعروف بهم المدعو اليوم مزاب والزاي والصاد متقاربان، وفي اللسان البربري حرف يقرب مخرجه من مخارج الزاي والصاد والسين، فيختلف النطق به عند التعريب، وصاحب الترجمان المعرب من قبيلة صيان بالمغرب الأقصى يدعونه الصياني والزياني.

قال ابن خلدون: "وقصور مصاب سكانها لهذا العهد شعوب بني بادين من بني عبد الواد، وبنو توجين، ومصاب، وبني رزدال فيمن انضاف إليهم من شعوب زناتة، وإن كانت شهرتها مختصة بمصاب" اهـ.

وبنو عبد الواد الذين بمزاب من بني مطهر بن يمل بن يزقن بن القاسم، وقال أبو راس بمزاب لماية وأخلاط من صنهاجة وغيرهم.

‌صنهاجة:

صنهاجة بكسر الصاد وقد تضم. قال ابن خلدون:

"هم أكثر أهل المغرب لهذا العهد، لا يكاد قطر من أقطاره يخلو من بطن من بطونهم في جبل أو بسيط، حتى لقد زعم كثير من الناس أنهم الثلث من أمم البربر" اهـ.

وكانوا فيما بين زناتة وزواوة، وانحدرت منهم أمة إلى الجنوب في أزمنة قديمة، فكثروا بالصحراء جنوب المغرب حتى عمروا ما بين غدامس شرقًا ونول غربًا والسودان جنوبًا، وتشعبت بذلك صنهاجة إلى شعبين عظيمين بقي أحدهما بالجزائر واستوطن الآخر الصحراء، وهم الملثمون، واختلفت حياتهما باختلاف الموطن.

ص: 764

فأما صنهاجة الجزائر فهم أهل مدر من مدنهم أشير والمدية ومليانة ومتيجة والجزائر، أسلموا لأول الفتح، ودان بالخارجية بعضهم من مجاوري زناتة، ثم فارقوها. قال ابن خلدون:

"ولصنهاجة ولاية لعلي بن أبي طالب، كما أن لمغراوة ولاية لعثمان بن عفان رضي الله عنهما، إلا أنا لا نعرف سبب هذه الولاية ولا أصلها" اهـ.

وقدمنا البحث معه في ولاية مغراوة، ونرى أن ولاية صنهاجة لعلي سببها نزول أبنائه بينهم وكونهم آل البيت، وأما أخذهم بدعوة بني عبيد فإنما كان منافسة لزناتة الثائرة عليهم، على أن الإمارات العلوية كان سقوطها على أيديهم.

ومن بطونهم تلكاتة قوم زيري بن مناد، ومنهم فريق بجهات بجاية والمدية بفتحتين فكسرة فياء مشددة أهل المدية المعروفة إلى اليوم بهم، وبنو مزغنة أهل مدينة الجزائر، وبنو خليل ومتنان وبنو جعد وبطوية وبنو إيفاون.

وظهرت منهم دولتا بني باديس وبني حماد، ولحق بعض أبناء زيري المخالفون على إخوانهم بالأندلس، واستولوا على غرناطة حتى غلبهم عليها المرابطون، ثم غلب الموحدون صنهاجة على أمر المغرب، وغلبتهم بطون من هلال على مواطنهم فانحصروا بالجبال.

وأما صنهاجة اللثامية فمن أشهر قبائلهم لمتونة ومسوفة وقدالة، وهم أهل شعر ظواعن. قال البكري:"وجميع قبائل الصحراء يلتزمون النقاب لا تبدو منه إلا محاجر العينين ولا يفارقونه في حال من الأحوال، حتى أن الرجل لا يعرف وليه وحميمه إلا إذا تنقب، ولو زال قناع قتيل لم يعرف حتى يعاد عليه القناع، وطعامهم صفيف اللحم الجاف مطحونا ويصب عليه السمن أو الشحم المذاب، وشرابهم اللبن أغناهم عن الماء فلا يشربه أحدهم إلا شهر، وقوتهم مع ذلك مكينة وأبدانهم صحيحة" اهـ.

ص: 765

وكانوا وثنيين، وأسلم بعضهم على يد عقبة بن نافع، ولم يعمهم الإسلام إلى القرن الثالث، ولكنه إسلام اسمي، ولم يأخذوا به حقيقة وعملا إلا في القرن الخامس على يد عبد الله بن ياسين الجزولي.

وكان منهم أمراء، ولهم في جهاد السودان مواقف، ثم ظهرت منهم دولة المرابطين دولة الدين والعدل، وذهبت على يد الموحدين، وبقايا الملثمين يعرفون اليوم بالتوارق، ومر علينا بالأغواط سنة 1348 بعض رؤسائهم، فرأينا لثامهم على ما وصف به أسلافهم.

‌كُتامة وزواوة:

يميل ابن خلدون إلى أن زواوة بطن من كتامة، فرأينا جمعهما في فصل، فأما كتامة فشعب عظيم، كانوا من لدن الفتح معتزين بكثرتهم لا يسومهم الأمراء بهضيمة إلى أن ظهرت الرافضية بالمغرب، فدانوا بها، وملكوا المغرب باسم بني عبيد ثم مصر والشام واختطوا القاهرة، ولهم بها حارة مضافة إليهم ذكرها السخاوي في تحفة الأحباب، وظهر منهم أمراء عظام مثل حباسة بن يوسف أمير برقة وقائد الأساطيل العبيدية، والحسن بن أبي خنزير أمير صقلية، وماكنون بن ضبارة أمير طرابلس، وجعفر بن فلاح أمير الشام وفاتحه، وبني لقمان أمراء قابس وفي أحدهم يقول الشاعر:

لولا ابن لقمان حليف الندى

سل على قابس سيف الردى

ثم انتقل الأمر من أيديهم إلى صنهاجة، وجاء الهلاليون فساكنوهم في كثير من النواحي مثل عنابة وقالمة وجنوب قسنطينة، ففارقهم المُلك وأكلتهم الأوطان وبقيت منهم بقايا ذات سيادة بوطنها في العصر البربري، حتى استولت عليهم مصمودة والحفصيون، وانتقل بعضهم إلى المغرب الأقصى ونزل فريق منهم نواحي دلس من وطن زواوة.

ص: 766

قال ابن خلدون: "وبقي في مواطنهم الأولى بجبل أوراس وجوانبه بقايا من قبائلهم على أسمائها وألقابها، وآخرون تغير لقبهم، وكلهم رعايا معبدون للمغارم إلا من اعتصم بقنة الجبل مثل بني زلدوي بجبلهم وأهل جبال جيجل" اهـ.

ومن بطونهم: كتامة سدويكش، وبنو تليلان، وبنو يستيتن، وهشتيوة، ومسالتة، وبنو قنسيلة في بطون كثيرة يجمعها جذمان هما غرسن ويسودة. وعد ابن خلدون من بطون يسودة فلاسة، ودنهاجة، ومتوسة، ووريسن، وعد من بطون غرسن مصالة، وقلدن، وماوطن، ومعاذ، ويناوة، وينطاسن، وإيان.

ومن يناوة لهيصة وجيملة ومسالتة، ومن ينطاسن لطاية وأجانه وغسمان وأوفاس، ومن إيان ملوسة، ومن ملوسة بنو زلدوي، ومن سدويكش كايازة وسقدال وبنو عياد وبنو سقين وسيلين وطرسون وطرغيان وموليت وبنو لماي وبنو زعلان والبويرة وبنو مروان ووارمكسن وأولاد سواق، ومن سواق أولاد علاوة وأولاد يوسف، ومن يوسف بنو محمد وبنو المهدي وبنو إبراهيم والعزيزيون نسبوا إلى أمهم تاعزيزت.

وسدويكش يكسبون الإبل والخيل والبقر، وينتقلون ببيوتهم في البسائط ما بين قسنطينة وبجاية، وينتسبون في سُلَيم من بطون مُضَر. ونقل ابن خلدون أنهم من كتامة، وأيدهم بكون موطنهم من مواطن كتامة، ويقويه عندي كون بعض بطونهم لم تزل لغتها حتى اليوم بربرية.

ولم يذكر ابن خلدون في بطون كتامة كثيرًا من البطون المعروفة اليوم بفرجيوة ولا ذكر من سكان الجبال بين السكيكدة وجيجل غير بني تليلان، وهناك من هم أكثر منهم مثل بني والبان وبني تفوت وبني خطاب وبني يدر، فإما أن تكون تلك البطون لا شأن لها لعهده، وإما أن يكون أهملها لقلة خسرته بتلك الجبال فإنه لم يحدثنا عنها لا بقليل ولا بكثير، واسم خطاب معروف منذ القرن الثالث؛ فقد ذكر اليعقوبي في مراسي ميلة قلعة خطاب، ويقول الشيخ عبد القادر

ص: 767

الراشدي في رسالة له أن تفوت أصله تفورت حذفت راؤه، وهو محض غلط فإن تفورت فخذ من دمر إحدى بطون زناتة، ولم يدخل على كتامة في تلك الجبال غير العرب.

وأما زواوة فكانوا ممتنعين بجبالهم إلى أن أسس بنو حماد بجاية، فانقادوا لها. قال ابن خلدون:"واتصل إذعانهم إلى هذا العهد"، وكان لهم مرسى الدجاج قبل بجاية كعاصمة تجارية تأتيها القوافل برا وسفن الأندلسيين بحرا، وسيادتها في فراوسن وإيراتن بطنان فيما بين بجاية ودلس، ورئاسة إيراتن في بني عبد الصمد لم تزل فيهم لعهد ابن خلدون، وعلى حصانة موطنهم نفذ إليهم الهلاليون وغيروا من مراكز بطونهم بعض التغيير، وفيهم بيوتات من آل البيت، ومن بطون زواوة: بنو مجسطة، ومليكش، وبنو كوفي، ومشدالة، وبنو زريقف، وبنو قزيت، وكرسفينة، ووزلجة، وموجة، وزقلاوة، وبنو مرانة، وبنو جناد، وبنو واقنون، وفراوسن، وإيراتن، وأفليسن، واعزوزن. وقيل: إن مليكش من صنهاجة.

قال ابن خلدون: "ومن قبائلهم المشهورة لهذا العهد بنو يجر، وبنو منقلات، وبنو يترون، وبنو يني (وفي بعض النسخ بنو ماني)، وبنو يوغرادان، وبنو يتورغ، وبنو بو يوسف، وبنو عيسى، وبنو بو شعيب، وبنو صدقة، وبنو غبرين، وبنو كشطولة" اهـ.

وبنو غبرين كانوا بجبل الزان، وانتقلوا بعد ابن خلدون إلى جنوب تمقوت قاله بوليفة في كتابه "جرجرة" المؤلف بالفرنسية، وعليه اعتمدنا في تصحيح أعلام البطون المذكورة.

‌لواتة ونفزاوة:

لوا الأكبر بن زحيك بن مادغيس الأبتر له ولدان هما نفزاو ولوا الأصغر، فمن ولد نفزاو نفزاوة وإخوانهم بنو لوا الأصغر اختصوا باسم لواتة.

ص: 768

فأما لواتة فكانوا ظواعن، ولهم في الخارجية مواقف وفي حرب بني عبيد مقامات، فأكلتهم الحروب، وأغرقهم سيل الهلاليين فلم يكن لهم في العصر البربري كبير ذكر.

ومن بطونهم صدراتة بنواحي بسكرة ومزاتة بنواحي باغاية وبلزمة وغيرهما. ومن مزاتة محيحة بحائين أو جيمين ودكمة في أفخاذ استوعبها ابن خلدون، ومنعني من نقلها ضعف الثقة برسمها، ويعرف باسم لواتة ثلاث فرق:

الأولى بأوراس: وهم بنو سعادة وبنو ريحان وبنو باديس، ويدهم هي العالية على من هناك من هوارة وكتامة. قال ابن خلدون:"تبلغ خيالتهم ألفا وتجاوز رجالاتهم العدة". ثم غلب عليهم الهلاليون، فصار بنو سعادة في أقطاع أولاد محمد من الذواودة ومن جملة رعاياهم، ودخل بنو ريحان وبنو باديس في طاعة ابن مزني

(1)

صاحب بسكرة، ولبني باديس أتاوة على بلد نقاوس يقتضونها إذا انحدر الأعراب إلى مشاتيهم، فإذا رجع الأعراب إلى مصايفهم انقبضوا إلى جبلهم.

الثانية قبيلة تاهرت ظواعن على وادي مينة يبلغون شرقًا إلى جبل يغود، يقال: إن بعض أمراء القيروان نقلهم معه في غزوة وأنزلهم هنالك، وكانت لهم حروب مع وجديجن وزناتة أزاحتهم عن موطنهم إلى جبل يغود وجبل دراق (بتشديد الراء) وانتشروا من هنالك إلى الجبال المطلة على متيجة. قال ابن خلدون:"وهم لهذا العهد في عداد القبائل الغارمة، وجبل دراق في إقطاع ولد يعقوب بن موسى مشيخة العطاف من زغبة" اهـ.

الثالثة بنواحي بجاية. قال ابن خلدون: "يتولون بسيط تاكرارت من أعمالها ويعتمرونها فدنا لمزارعهم ومسارح لأنعامهم، ومشيختهم لهذا العهد في ولد راجح ابن صواب منهم، وعليهم للسلطان جباية مفروضة وبعث مضروب" اهـ.

(1)

وكما تقدم أن آل مزني هم من الأثبج من بني هلال.

ص: 769

وأما نفزاوة فكانوا أيضًا خوارج، وخضدت الدول شوكتهم، وزاحمهم الأعراب من بني سُلَيْم في موطنهم فافترقوا في القبائل، ولم يكن لهم في العصر البربري كبير شأن.

وأشهر مواطن نفزاوة جنوب قسنطينة غربي الجريد يتصلون بالرمال. قال اليعقوبي: "ولهم عدة مدن عظماها التي ينزلها العمال يقال لها بشرة" اهـ. ولهم بطون في جميع أقسام المغرب منها غساسة بنواحي مرسى مليلة وزاتيمة بساحل برشك وزهيلة بنواحي بادس منهم في عهد مشيخة ابن خلدون وأبو يعقوب البادسي المشتهر بالولاية وسوماتة بنواحي القيروان منهم منذر بن سعيد قاضي عبد الرحمن الناصر بقرطبة ومرنيسة لا يعرف لهم موطن، ومنهم أوزاع بين أحياء للعرب بإفريقيا، ومنها مجرة وورسيف ومكلاتة لا يعرف لهم موطن، ومنها ولهاصة وهي ذات أفخاذ منها ورفجومة وورتدين، ومن ورفجومة زكولة وزجالة.

وتعرف بولهاصة أمتان إحداهما بساحل تلمسان مجاورة لكومية اندرجت فيها، والأخرى ببسيط بونة استعربت في زيها ولغتها وسائر شعائر العرب، قال ابن خلدون:"وهي في عداد القبائل الغارمة، ورئاستهم في بني عريف منهم (وفي بعض نسخه عريض) وهي لهذا العهد في ولد حازم بن شداد بن حزام بن نصر بن مالك بن عريف (وفي بعض النسخ عريض أيضًا) وكانت قبلهم لعسكر بن بطان منهم" اهـ.

وورفجومة افترقوا بعد ركود ريح الخوارج أوزاعا في القبائل، وبقي من زجالة منهم فرق بمرماجنة وهنالك قرية ببسيطها تنسب إليهم، وكان منهم محمد بن سعيد الزجالي من كتاب بني أمية، وداعبه بعض الوزراء فأجابه بما أحفظه. فشكاه الوزير إلى الحاجب عيسى بن شهيد، فقال له الحاجب في ذلك. فأنشده:

وما الحر إلا من يدين بمثل ما

يدان ومن يخفي القبيح وينصف

همو شرعوا التعريض قذفا فعندما

تبعناهمو لاموا عليه وعنفوا

ص: 770

‌بنو فاتن:

كان بنو فاتن منهم الظاعن الراحل والقاطن المقيم، ودانوا بالخارجية ثم فارقوها بعد ظهور الأدارسة لا سيما بعد سقوط الدولة الرستمية، ونزح كثير منهم إلى الأندلس، ولم يكن لهم كبير ذكر في العصر البربري ما عدا كومية من بطونهم، فقد ظهر منها عبد المؤمن بن علي مؤسس الدولة الموحدية المؤمنية دولة العلم والنظام.

وبطونهم هي: مطغرة، وكومية، ومديونة، ومغيلة، وملزوزة، وكشانة، ودونة، وصدينة، ومطماطة، ولماية. فأما مطغرة ويعرفون بالمداغر فجمهورهم بالمغرب الأقصى ويتصلون شرقًا بكومية واندمجوا فيها منذ شهور الدولة الموحدية. ومنهم جنوب تلمسان بفقيق أمة في قصور متقاربة ائتلف منها مصر كبير مستبحر بالعمران ضاح من ظل الملك، ورئاستهم في بني سيد الملك منهم، وفي شرقيها على مراحل منها قرى أخرى متتابعة متصاعدة قليلا إلى الشمال آخرها جنوب جبل راشد على مرحلة منه وهي في مجالات بني عامر من زغبة، وشرقي هذه القصور على خمس مراحل القليعة يعتمرها رهط منهم ومنهم أوزاع في أعمال المغرب الأوسط وإفريقيا.

وأما كومية فثلاث بطون هي: ندرومة وصغارة وبنو يلول، وأفخاذهم كثيرة منهم بنو عابد قوم عبد المؤمن بن علي. قال ابن خلدون:"فمن ندرومة نفوطة وحرسة وفردة وهفانة وفرانة؛ ومن بني يلول مسيفة ووتيوة وهييشة وهيوارة ووالغة؛ ومن صغارة ماتيلة وبنو حباسة" اهـ. ومواطنهم سيف البحر من ناحية أرشقول وتلمسان.

قال صاحب المعجب: "وكومية كثيرة العدد جمة الشعوب لم يكن لها في قديم الدهر ولا حديثه ذكر في رئاسة ولا حظ من نباهة، إنما كانوا أصحاب فلاحة

ص: 771

ورعاة غنم وأصحاب أسواق يبيعون فيها اللبن والحطب وسوى ذلك من سقط المتاع، فأصبحوا اليوم بكون عبد المؤمن منهم وليس فوقهم أحد ببلاد المغرب" اهـ.

وكان الخليفة عبد المؤمن غريبًا بين قبائل المصامدة، فنقل من كومية إلى مراكش في دفعة واحدة أربعين ألف فارس. قال ابن خلدون:"وأكلت كومية الأقطار في تجهيز الكتائب وتوزع الممالك فانقرضوا، وبقي بمواطنهم الأولى بقايا منهم بنو عابد، وهم في عداد القبائل الغارمة" اهـ.

وأما مديونة فجمهورهم بنواحي تلمسان إلى جبل مديونة جنوب وجدة غربًا وجبل راشد شرقًا يظعنون في تلك الجهات، ويجاورهم شرقًا بنو يلومي الوارثون لموطن يفرن وغربًا مكناسة وشمالًا كومية وولهاصة. وانتقل جمع منهم إلى الأندلس ومن بقي تغلبت عليهم زناتة من بني راشد وتوجين. فانحصروا بجبل تسالة وغيره من المعاقل.

وأما مغيلة فأمتان إحداهما بالمغرب الأقصى، ومعهم صدينة، والأخرى على وادي شلف عند مصبه في البحر، ومعهم ملزوزة ودونة وكشانة. قال ابن خلدون:"ولم يبق من مغيلة بذلك الوطن جمع ولا حي".

وأما مطماطة فمنهم بإفريقيا وبالمغرب الأقصى، وجمهورهم بتلول منداس من نواحي تيهرت، ومن مشاهيرهم سابق بن سليمان المطماطي. قال ابن خلدون:"وهو كبير نسابة البربر ممن علمناه" وذكر لهم بطونا كثيرة منهم غرذاي.

ونقل أن منداس سمي بمن نزل به من بطون هوارة وتغلبت عليه مطماطة قال: "وبقية هؤلاء القوم لهذا العهد بجبل وارشنيس لحقوا به لما غلبهم بنو توجين من زناتة على منداس وصاروا في عداد القبائل الغارمة" اهـ. ووارشنيس هو وانشريس

(1)

.

وأما لماية فظواعن بإفريقيا والمغرب، وجمهورهم بأرض السرسو شرقيهم

(1)

وباسمه جبال الونشريس في شمال غرب الجزائر.

ص: 772

وشمالهم مطماطة ومكناسة ولواتة وغربيهم زواغة، وانتشر عقدهم بسقوط الدولة الرستمية. قال ابن خلدون:"وبقيت فرق منهم أوزاعا في القبائل، ومنهم جربة الذين سميت بهم الجزيرة البحرية تجاه ساحل قابس" اهـ.

وقال أبو راس: "من لماية من فارق الخارجية كأهل فرندة والحوارث، وهم منتشرون بالمغرب الأوسط" اهـ.

‌هوارة:

كانوا منهم الظاعن والآهل، ولهم في الردة آثار ثم في الخارجية مواقف. وأجاز جمع عظيم منهم إلى الأندلس، ومن بقي على كثرتهم أخضعتهم الدول لسلطانها فتفرقوا في الجهات، ولم يكن لهم كبير شأن في العصر البربري.

وبطونهم كثيرة منها ونيفن بنواحي تبسَّة، وبنو كملان كانوا حيث المسيلة ونقلهم القائم العبيدي إلى فج القيروان فلما كانت ثورة صاحب الحمار آزروه، فسطا بهم المنصور بن القائم حتى قطع ذكرهم، ومنها مليلة ولعل عين مليلة القرية الموجودة اليوم جنوب قسنطينة سميت بهم، ومنها هقار بالصحراء جوار لمطة من الملثمين.

وكان جمهورهم بطرابلس وبرقة. قال ابن خلدون: "ومن قبائلهم أمم كثيرة في مواطن من أعماله تعرف بهم وظواعن شاوية تنتجع لمسرحها في نواحيها، وقد صاروا عبيدا للمغارم في كل ناحية، وذهب ما كان لهم من الاعتزاز والمنعة أيام الفتوحات بسبب الكثرة، وصاروا إلى الافتراق في الأودية بسبب القلة" اهـ.

وأشهر مواطنهم بالجزائر ثلاثة: الأول القلعة المطلة على البطحاء من نواحي سيق غربي نهر مينة ملكوها بعد انقراض أمر بني يلومي، ومن بطونهم هناك مسراتة وكانت رئاستهم في بني عبد العزيز، ثم انتقلت إلى بني عمهم بني إسحاق.

الثاني أوراس، وهم تحت سيادة لواتة.

ص: 773

الثالث نواحي تبسَّة إلى باجة. وقد بسط ابن خلدون الكلام عن أهل هذه النواحي فهاك عبارته:

"ومن هوارة بأرض التلول من إفريقية ما بين تبسَّة إلى مرماجنة إلى باجة ظواعن صاروا في عداد الناجعة من عرب بني سُلَيْم في اللغة والزي وسكنى الخيام وركوب الخيل وكسب الإبل وممارسة الحروب وإيلاف الرحلتين في الشتاء والصيف في تلولهم، وقد نسوا رطانة البربر، واستبدلوا منها فصاحة العرب، فلا يكاد يفرق بينهم، فأولهم مما يلي تبسَّة قبيلة ونيفن، ورئاستهم لهذا العهد في ولد بعرة بن حناش بن ونيفن لأولاد سليم بن عبد الواحد بن عسكر بن محمد بن بعرة، ثم لأولاد زيتون بن محمد بن بعرة ولأولا حمان بن فلان بن بعرة، وكانت الرئاسة قبلهم لسارية من بطون ونيفن، ومواطنهم ببسائط مرماجنة وتبسَّة وما إليهما، وتليهم قبيلة أخرى في الجانب الشرقي منهم، يعرفون بقيصر، ورئاستهم في بيت بني مؤمن ما بين ولد زعزاع وولد حركات، ومواطنهم بفحص أبة وما إليها من نواحي الأربس، وتليهم إلى جانب الشرق قبيلة أخرى منهم يعرفون ببصوة، ورئاستهم في بيت الرمامنة لولد سليمان بن جامع منهم، ويرادفهم في رئاسة بصوة قبيلة ورمانة ومواطنهم ما بين تبرسق إلى حامة إلى جبل الزنجار الإطار على ساحل تونس وبسائطها، ويجاورهم متساحلين إلى ضواحي باجة قبيلة أخرى من هوارة يعرفون ببني سليم، ومعهم بطن من عرب مضر من هُذَيْل بن مدركة بن إلياس جاءوا من مواطنهم بالحجاز مع الهلاليين عند دخولهم المغرب واختلطوا في هذه الناحية بهوارة، ومعهم أيضًا بطن من رياح ينتمون إلى عتبة بن مالك بن رياح، ومعهم أيضًا بنو حبيب من مرداس بني سُلَيْم، والجميع مثل هوارة في الظعن والمغرم".

"هؤلاء الظواعن من هوارة وغيرهم أهل بقر وشاء وخيل ولسلطان إفريقيا عليهم وظائف من المغرم مقرر وبعث من العسكر مفروض يحضر بمعسكر السلطان

ص: 774

متى استنفروا لذلك ولرؤسائهم إزاء ذلك إقطاعات ومكان في الدول بين رجالات البدو" اهـ بتصرف قليل.

‌مصمودة وبقية القبائل:

1 -

أوربة، كانوا ذوي كثرة وأولي قوة، ومنهم لأول الفتح كسيلة أميرهم وبعد الفتح استقروا بالمغرب الأقصى، وكانت منهم في القرن الثالث طائفة حول نقاوس ذكرها اليعقوبي.

2 -

لمطة، هم إخوة صنهاجة، وجمهورهم بالصحراء، ومنهم قبيلة بين تلمسان وإفريقيا.

3 -

عجيسة، من بطونهم بنو عوسجة، وكانوا مجاورين لصنهاجة، ومن سهولهم فحص عجيسة قرب مدينة الغدير، ومن حصونهم جبل كيانة، وكانت لهم يد في نصرة صاحب الحمار، ثم خضعوا لبني عبيد، وأسس حماد بن بلقين مدينة القلعة بجبل كيانة، فراموا كيدها مرارًا، فاستلحمتهم الدولة، ثم ورثت مواطنهم عياض، فتفرقوا في القبائل شرقًا وغربًا، قال ابن خلدون:

"وبقاياهم لهذا العهد في ضواحي تدلس والجبال المطلة على المسيلة" اهـ.

4 -

ازداجة، من النسابين من يعدهم في قبائل زناتة، ومن بطونهم بنو مسقن، وموطنهم نواحي وهران، وكان لهم اعتزاز على الدول حتى اختلفت عليهم جنود العبيديين والأمويين، وأوقع بهم يعلي بن محمد اليفرني سنة 343 هـ ففرق جمعهم ولحق رؤساؤهم بالأندلس، ومن بقي منهم استكان للذل وأداء المغرم.

5 -

مسطاسة، قيل إنهم إخوة ازداجة وقيل بطن منهم، وكانوا مندرجين معهم في الموطن، ومن رؤسائهم من أجاز إلى الأندلس، وحال من بقي كحال ازداجة.

ص: 775

6 -

زواغة، من بطونهم بنو واطيل ودمر أهل جبل دمر الممتد جنوب قابس إلى أن يتصل شرقًا بجبل نفوسة، ومن دمر فخذ سمكان وهم أوزاع في القبائل، منهم قرب ميلة فريق يعرفون بزواغة، وبنو واطيل كانوا بنواحي شلف، ومن زواغة من كانوا غربي السرسو. قال ابن خلدون:"ولم يتأد إلينا من أخبار زواغة وتصاريف أحوالهم ما نعمل فيه الأقلام" اهـ.

7 -

مكناسة، كان لهم في الخارجية قدم، وضربت في الرافضية الإسماعيلية بسهم، ثم قامت بدعوة بني أمية على عهد عبد الرحمن الناصر وكان كبيرها موسى بن أبي العافية، ولبنيه بتسول ونواحي فاس ملك أدركهم عليه المرابطون.

وبطونهم كثيرة، ومواطن جمهورهم بتسول وتازا ووادي ملوية من مصبه في البحر إلى سجلماسة، ومنهم أمة حوالي تيهرت بينها وبين غليزان، قال ابن خلدون:"ومن مكناسة أوزاع في القبائل لهذا العهد مفرقون في نواحي إفريقيا والمغرب الأوسط" اهـ.

8 -

مصمودة، ذكر البكري منهم أمة حول بونة، وموطنهم بالمغرب الأقصى في جبل درن تجاورهم صنهاجة اللثامية جنوبًا إلى بلاد السوس، وبطونهم هنالك كثيرة لا تحصى منها هرغة وهنتانة وتينيل وقنفيسة وقدميرة ودكالة وهسكورة.

قال ابن خلدون: "يسير الراكب في جبل درن معترضا من تامسنا وسواحل مراكش إلى بلاد السوس ودرعة من القبلة، ثماني مراحل وأزيد، تفجرت فيها الأنهار وجلل الأرض خمر الشعراء، وتكاثفت بينها ظلال الأدواح وركت مواد الزرع والضرع، وانفسحت مسارح الحيوان ومراتع الصيد، وطابت منابت الشجر، ودرت أفاويق الجباية" اهـ.

وقال صاحب المعجب: "ومصمودة مطبوعون على سفك الدماء شاهدت من ذلك أيام كوني بسوس ما قضيت به العجب" اهـ.

ص: 776

وكان منهم قبل الإسلام أمراء، وأسلموا لأول الفتح، ولهم مع جيرانهم الملثمين حروب وفتن، ولم يزالوا في حدود وطنهم حتى ظهرت منهم دولة الموحدين وفازت منهم هنتاتة بحظ عظيم من الملك على يد أبنائها الحفصيين، فتفرقوا لذلك في ممالكهم، ومنهم أولاد نعمون الذين لم يزل عقبهم بقسنطينة.

ولم تكن مصمودة لتستغل ما وهبها الله من كثرة عدد وخصب موطن ومناعة موقع، لولا أن قبض الله لها من أبنائها محمد بن تومرت، ذلك الرجل الذي كلما أمعن المفكر النظر في حياته ازداد إيمانا بالطفرة واستيقن أن من يبني حياة أمته على قاعدتها هو العظيم الخارق للعادة، وأن من يبني حياة الأمم على قاعدة التدرج وفاقًا لمبدأ النشوء والارتقاء فإنما هو من العظماء العاديين.

ص: 777

‌الطوارق بربر جنوب الجزائر

قال إسماعيل العربي عن الطوارق:

على الرغم من أن الطوارق يتمتعون بخصائص أصيلة تميزهم عن جميع القبائل الصحراوية، فهم يشتركون في بعض السمات مع جيرانهم التيدة، وهم مثل التيدة، يرتدون لباسا من القطن ويحملون اللثام الذي اشتهروا والذي اتخذوه إشارة ورمزا لهم منذ أقدم العصور. وهذا التشابه في العادات هو الذي جعل فليكس جوتيه يعتقد أن الطوارق الأوائل استولوا على الأراضي التي كانوا يحتلونها واغتصبوها من قوم لهم شكل زنجي عام من أقارب التيدة، ولكن هذا الرأي كان ولا يزال مجرد فرض وحتى لو كان صحيحًا فهو لا يلقي ضوءا على أصل الطوارق، حيث إن أصل التبو (التيدة) لا يزال مجهولًا لدينا، فلا نعرف ما إذا كانوا من الزنوج أو هم ينتمون إلى قبائل الشمال.

واللثام الذي يحمله الطوارق، على عكس الاعتقاد السائد، ليس بلباس وقائي ضد رياح الصحراء وزوابعها الرملية (ولو كانت له هذه المزية لسارعت جميع قبائل الصحراء إلى تبنيه منذ أجيال طويلة)، ولكنه عادة عريقة حيث كان قدماء الطوارق يحملونه لوقاية الفم والمناخر، وبالتالي، مداخل الجسم من تسرب الأرواح الخبيثة إليه.

وقبيل الطوارق ينقسم إلى ثلاثة فروع أساسية: طوارق تاسيلي ناجَّار وأهجار، وأدرار نيفوغاس، وهي موزعة على هذا الترتيب من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، ولكن معظم الطوارق الذين يقدر عدد مجموعتهم بنحو 140 ألف نسمة موزعون في مناطق أخرى غير هذه، ولا سيما في آبر وشمال السودان وشرقيه، على أن أهجار هي مركز القبيل، وهي المعقل الذي استعصى على النفوذ الأجنبي من جميع الأنواع وفي جميع الأوقات.

والأراضي التي كان يعيش فيها الطوارق وينتجعون الكلأ قديمًا أراضي شاسعة تمتد على وجه التقريب حتى شمال ورقلة وحتى القطرون شرقًا، ووراء

(1)

انظر: الصحراء الكبرى وشواطئها.

ص: 778

خط يسير من "أولف" إلى تمبكتو غربًا، وجنوبا حتى منعطف نهر النيجر وحدود نيجيريا الشمالية، ولكنه في غضون القرون الأخيرة تقلصت هذه الرقعة تدريجيًا لعدة عوامل أهمها الضغط الذي مارسه العرب عبر القرون من الشرق والشمال، ثم توغل الاستعمار الفرنسي والإيطالي في الصحراء في الأزمنة الحديثة.

ونتيجة لتقلص هذا المجال الحيوي، اتجه الطوارق تدريجيًا إلى الهجرة إلى أدرار نيفوغاس والي آير والسودان، على أن ظروف القحط وغيرها كثيرًا ما كانت دافعًا للانتقال بعيدًا عن الرقعة التي تعيش فيها قبيلة من قبائل الطوارق.

وقد حدث عقب الثورة التي قام بها الطوارق في الفترة 1916 - 1918، أن هاجرت جموع كبيرة من آير إلى نيجيريا التي كانت تحت الحكم البريطاني، كما غادرت جماعات كبيرة من قبيلة "طايطوق" منازلها في غرب أهجار لتستقر في المناطق الواقعة غربي أجاديس.

ولكن التحركات الأولى الهامة التي عرفها الطوارق ترجع إلى القرن الثامن الميلادي (الثاني الهجري) عندما أحس هذا القبيل بآثار الغزو العربي.

وأهجار الطوارق تشمل مساحته على وجه التقريب المنطقة التي تمتد بين أمجيد وجزام وجنت واوالَّن، على نحو 140،000 ميل مربع، والإحصاءات التي تتعلق بالرحل قلما تكون دقيقة، وهي على العموم مجرد تقديرات.

والتقديرات الحديثة لسكان هذه المنطقة هي كما يلي: 4400 من الطوارق ونحو 4000 من الزنوج وذلك بالإضافة إلى 3500 من الحراثين المستقرين وعدد صغير من العرب الذين يعملون في التجارة.

والطوارق ينقسمون إلى عدد من القبائل، وكل قبيلة تنقسم إلى أفخاذ وعشائر، ولكن الرحَّل منهم ينقسمون اجتماعيا إلى أسياد نبلاء وأتباع وعبيد من الزنوج، وصفة النبل تتحلى بها العشيرة كلها، وأما الفرد فهو إنما يكتسبها بالانتماء.

وطوارق أهجَّار يتكونون من ثلاث قبائل، وهي "كل رولة" و"تيغيه ملَّت" و"طيطوق"، وعلى رأس كل واحدة منها عشيرة نبيلة تحمل اسمها، وبما أن

ص: 779

العشيرة النبيلة تفضل جميع عشائر القبيلة، فإن رئيس العشيرة النبيلة هو بالضرورة رئيس القبيلة، والعشائر النبيلة واتباعها مصنفة على الترتيب المقدم، وهكذا، فإن رئيس "كل رولة" هو رئيس قبيلته، وهو في نفس الوقت، (أمنوكل) رئيس قبائل أهجار.

ورئيس العشيرة الأولى يختاره مجلس يتكون من رؤساء أسر العشيرة، ولكن هذا الاختيار لكي يصبح نافذا يقتضي الأمر أن يؤكده مجلس للقبيلة يتكون من رؤساء العشائر من الذكور يمثل القبيلة كلها، والأمر كذلك بالنسبة إلى اختيار (أمنوكل) الذي يجب أن يصدق عليه رؤساء العشائر في القبائل كلها، والرئاسة من ناحية الأم وليس من ناحية الأب.

ومركز العشيرة في القبيلة عائم نوعا ما، فإن عشيرة ما تستطيع في أوقات الشدة أن تنطوي تحت علم قبيلة تضمن لها حماية أقوى مما تقدمه لها قبيلتها، وقد كانت عشائر الأتباع في الماضي تغير ولاءها كثيرًا وتتردد بين قبيلة وأخرى.

والزواج يقع عادة - وليس دائمًا - في داخل العشيرة وفي الدرجة الثانية من القرابة، وطفل الطوارق يرث الجاه والثروة عن طريق الأم، وذلك بغض النظر عما إذا كانت تنتمي إلى عشيرة أبيه أم لا، ولكن الميراث في الطوارق يجري حسب القواعد المتبعة في الشريعة الإسلامية (للذكر مثل حظ الأنثيين).

وأطفال الطوارق يعيشون وتجري تربيتهم في حضن العشيرة التي اختار الأبوان الانتماء إليها بصفة دائمة. والأرملة وأطفالها غير المتزوجين كثيرًا ما يعيشون في كنف خالهم، ومتى كان أحدهم متزوجا عاشت أمه وإخوته معه.

واحتفاظ الرجل بزوجة واحدة في وقت واحد هو القاعدة بين الطوارق، والطلاق قد يقع ولكن الناس هناك يعتبرونه أبغض الحلال عند الله، وعلى عكس ما زعمه بعض الكُتَّاب، مثل "بلا نجرنون"، فإن الزنى بين الطوارق في رأي الباحثين ليس أكثر شيوعا منه لدي غيرهم من الشعوب الإفريقية، التي يفترق فيها الزوجان مدة قد تصل إلى بضعة أشهر، وما ردده بعض الكُتَّاب الأوروبيين من القول بأن المرأة الطوارقية في الهجار تهب نفسها للضيوف والأصدقاء فهو قول لا أساس له من الصحة، وهو من الأساطير الكثيرة التي سجلها بعض السياح الذين

ص: 780

كانوا تحت تأثير الاعتقاد بأنهم وحدهم الذين عرفوا الهجار وكتبوا عنه، ونحن ندرك مدى بعد هذه الأقوال عن الحقيقة إذا عرفنا أن العرف المعمول به بين الطوارق يسمح للرجل الذي خانته زوجته بقتلها هي وصاحبها.

والعرف والتقاليد تمنح العروس الحق بأن تحتفظ لنفسها بكل ما تملكه، بما في ذلك الماشية، وذلك في الوقت الذي يتولى فيه الرجل جميع النفقات المنزلية وتكاليف حفلة الزواج من جيبه الشخصي، على أن المرأة تستطيع المساهمة في هذه التكاليف والنفقات إن شاءت ذلك، وهذا كله يتفق مع أحكام الشريعة السمحاء.

والمرأة الطوارقية تعامل بكثير من الاحترام والتبجيل ولو أنها لا تتحمل أية مسؤولية اجتماعية خارج حدود منزلها.

يعتبر العرف الزعيم "أمنوكل" في الهجار هو مالك الأرض، وبهذه الصفة يعطي للعشائر أراضي محددة لاستغلالها ولا يحق لغير صاحب الحق الدخول إليها إلا بإذن الأمنوكل، وذلك فيما عدا العشائر النبيلة التي تتمتع بالحرية في الرعي في أية أرض تشاء. وكثير من الطوارق يملكون بساتين النخيل وحدائق وأشجار الفواكه في المناطق الزراعية، وبعضهم يملك أيضًا حقوقا للصيد في مناطق معينة.

وكما هي الحالة عند التيدة، فإن الذين يحرثون الأرض ويعنون بالبساتين وجني الغلال في أوقات نضجها، هم الحراثون (من السود) أو الخمَّاسون، وأما الطارقي الذي يعتز بنفسه فيرى أن العمل الزراعي مشين ولا يتنازل لممارسته.

والعشائر غير النبيلة تدفع ضريبة سنوية لزعيم القبيل أمنوكل أو لرئيس قبيلتها أو لكليهما، والضريبة تدفع عينا في شكل أكيال من التمر والذرة واللحم المجفف والزبدة والمهارى

(1)

ورءوس الغنم والماعز والمنتجات المصنوعة، وكذلك تدفع العشيرة جزءًا من المنتجات المستوردة، كما تقدم نصيبًا من الأرباح التي تحققها في تجارة القوافل للأمنوكل، وذلك في مقابل الحماية التي يقدمها لأتباعه وسهره على شؤون الأمن والنظام.

(1)

المهارى: نوع من الإبل عند الطوارق.

ص: 781

يعيش شعب الطوارق مثل جميع القبائل الرُحَّل، على الماشية التي تعيش بدورها في المراعي، والمراعي نوعان في بلاد الطوارق: ذات العشب الضعيف والمائل إلى الصفرة والشجيرات والحسك المنتشرة بصورة غير منتظمة هنا وهناك، ولا سيما في قيعان الأودية، والنوع الثاني يتمثل في العشب الأخضر والكثيف الذي ينبت وينمو وقتا قصيرا في مناطق معينة عقب سقوط الأمطار.

والمراعي في الهجار قليلة وموزعة في مناطق متباعدة في صحراء أهجار، ولهذا يحتاج الرحل من الطوارق إلى التنقل الكثير لإرضاء حاجة مواشيهم إلى العشب الطري، حيث إن المراعي التي تقع حول المخيم لا تلبث أن ينفذ ما فيها من الكلأ، ويزيد من وطأة الحاجة الدائمة إلى التنقل ندرة مواقع المياه والآبار، فإنه كثيرًا ما يحدث أن يعثر الرُحَّل على مرعى خصيب العشب ولكنهم لا يستطيعون استغلاله إلا يومًا أو يومين بسبب بعده عن موقع الماء.

وهذه المجموعة من الاعتبارات هي التي فرضت على طوارق الهجار ضرورة انقسام القبائل إلى مخيمات صغيرة سريعة التنقل تتكون من جزء صغير من عشيرة، وفي بعض الأحيان من أسرة واحدة، تنتقل من مرعى إلى آخر كل فترة تتراوح بين أسبوع أو شهر، وهذا التنقل كثيرًا ما يكون لمسافة طويلة، ولو أنه لا يخرج من نطاق حدود أراضي القبيلة.

وبمجرد ما تحط الرحال وتقام الخيام يأخذ الرجال في استغلال المرعى قبل أن يشرعوا في استكشاف المناطق المجاورة بحثًا عن مرعى جديد وموقع جديد للمخيم، وهكذا طوال السنة.

والذين يقومون بقيادة المخيم بين الطوارق الرُحَّل، هم نبلاء القبيلة ورؤساء العشائر التابعة لها، وهم الذين يتولون عملية البحث عن مراعي جديدة كما يقومون في نفس الوقت بدور الحراس والمدافعين عن المخيم ضد غارات الأعداء ويتربصون بالقوافل التي يمكنهم الغارة عليها وسلبها.

وأما رجال العشائر التابعة، فإن دورهم ينحصر في الأعمال اليومية وفي رعي المواشي، في الوقت الذي يشكلون فيه احتياطًا مسلحًا حينما تدعو الحاجة إلى ذلك أي متى توقعت معركة كبيرة، وأما العبيد فيقومون بالخدمة في داخل المخيم.

ص: 782

وهكذا نجد أن توزيع الاختصاص والعمل الاقتصادي، توزيع محكم في قبائل الطوارق في الهجار، وطبقة النبلاء والرؤساء الذين تقع عليهم المسؤولية في الدفاع عن القبيلة والهجوم في الغارات طبقة أساسية خلقتها ظروف حياة الرحَّل في مناطق تمثل القوة فيها أساس الحق والقانون، وهذا التنظيم الذي فرضته اعتبارات تتصل بالحياة اليومية، لا توجد صلة شبه بينه وبين نظام الإقطاع الذي كان يقف على قمته النبلاء في أوروبا في العصور الوسطى، والذين حاولوا المقارنة بين النظامين إنما كانوا يعتبرون ظواهر التقسيم الطبقي وليس حقيقته وطبيعة الدوافع إليه، والنظام السائد في الطوارق نظام ديمقراطي من حيث إن رئيس القبيلة وأمنوكل نفسه، إنما يتم اختياره بطريق انتخاب حر يشترك فيه ممثلو العشائر التابعة ورؤساء القبائل على قدم المساواة مع رؤساء العشائر النبيلة، وهؤلاء يستطيعون خلع الرئيس - على الأقل نظريًا، بنفس الطرق السلمية التي ينصِّبونه بها. وبالتالي، فإنه من الممكن القول بأن نظام الحكومة الذي يسير عليه طوارق الهجار نظام جمهوري ديمقراطي وليس بأرستقراطي عسكري.

وقطعان الجمال والغنم والماعز تمثل مجموع رأس المال الذي يملكه شعب الطوارق مجمل استثماراته، وبالتالي فهي تشكل أساس الاقتصاد القومي في الهجار، والثروة الحيوانية في الهجار قدرت بأرقام تختلف باختلاف العصور التي تناول فيها الباحثون هذا الموضوع، ولكنه يبدو أن الأرقام التالية مطابقة للواقع في السنوات الأخيرة (في السبعينيات) ولو أنها أرقام تقريبية: 12000 رأس من الجمال، 2000 رأس من الغنم، 20،000 رأس من الماعز، 5000 حمار، نحو 300 رأس من البقر.

وهكذا نرى أن هذه الثروة الحيوانية متواضعة، ولا سيما إذا اعتبرنا أن الحمير غير منتجة ولا تصلح إلا لحمل الأثقال، وعدد ما يملكه طوارق الهجار من البقر ليس له أية أهمية تذكر، ومجموع المال المحتفظ بها في الهجار لا يتجاوز 4500 جملا، والباقي تخرج للرعي مع الرُحَّل في منطقة تامسنا وعلى أطراف السودان، في منتصف المسافة بين آير ومنعطف نهر النيجر، وكذلك تخرج معظم القطعان للرعي خارج منطقة الهجار، ولا سيما في أراضي تين زواتنة التي تمتد في الجنوب الغربي للهجار، وفي شمال شرق تامسنا

ص: 783

والطوارق يعنون بتربية جمال الركوب عناية خاصة ويبذلون كثيرًا من الجهد لإعداد الجمل لمهمته منذ السنة من عمره ويخُصى الذكر في سن الخامسة.

وإذا كانت الثروة الحيوانية والبساتين تشكل القاعدة الأولى لاقتصاد طوارق الهجار، فإن التجارة لها مكانتها أيضًا في هذا النظام، والمادة الأولى في هذه التجارة هي الملح الذي سبق أن لاحظنا أنه يشكل حجر الزاوية، بل والعملة الصعبة أيضًا، للتبادل التجاري في الصحراء الكبرى كلها.

ففي شهر أبريل أو مايو يرسل بعض الطوارق خدمهم من السود للعمل في منجم "امدرور" لاستخراج الملح لمدة أسبوعين أو ثلاثة، وفي شهر يوليو ينقلون شحنات من الملح على ظهور الجمال ويمرون بمراعي تامسنا حيث يتيحون فرصة من الراحة لجمالهم، وبعد ذلك يبدلون بعضها بجمال أكثر حيوية وأشد قوة ويمضون بها في اتجاه المراكز التجارية الواقعة على الحدود الشمالية للنيجر، وهناك تجرى المعاملات التجارية لمدة نحو شهرين بالملح الذي يبادله الطوارق بالتمور والحمير والجمال والذرة وغير ذلك من منتجات الشمال والمنتجات المصنعة المستوردة، مثل ملابس القطن والأحذية والأواني المنزلية والآلات المصنوعة من الصلب والحديد والأسلحة والذخيرة.

وفي شهر يناير يعود طوارق الهجار إلى الشمال ويستريحون بعض الوقت مرة أخرى في تامسنا، قبل أن يواصلوا سفرهم إلى بلدهم حيث يصلون في شهر مارس، أو أوائل أبريل.

والرحلة التجارية الأخرى التي يقوم بها الطوارق هي التي تتجه فيها القوافل إلى أسواق "تيدكلت" و"توات"، وهي تبدأ من الهجار في شهر يناير أو أوائل فبراير وتنتهي في شهر أبريل. وفي هذه الأسواق يبيع الطوارق الجمال والغنم والماعز والحمير ومنتجات الألبان، مثل السمن، ويشترون في مقابلها التمر والملابس القطنية وأغطية الصوف التي تُصنع في القرارة، والشاي والسكر.

على أن هذه الأسواق قد تقلصت كثيرًا في غضون الثلاثين سنة الماضية بسبب تدخل الوسطاء المجهزين بالشاحنات والذين استولوا على عمليات نقل هذه

ص: 784

البضائع التي كانت القوافل تحملها من الشمال، وهذه التجارة لا تزال موجودة ولكنها تجري بصفة غير مباشرة وأصبحت تجارة داخلية في الهجار.

كان الملح والتمور يجري تبادلها في العصور الماضية في البلدان الواقعة على منعطف النيجر بالجمال والغنم والذرة والأرز، كما كانت الجمال وجلود الماعز تباع في غدامس في مقابل السيوف والثياب المطرزة والتمور والشاي والسكر، وهذا المركز التجاري العريق "غدامس" لا يزال حتى الآن مهما لإنتاج الأدوات والأواني المعدنية والسيوف وللتجارة فيها.

وإلى جانب تجارة القوافل يمارس الطوارق نشاط مراقبة القوافل في الأراضي الواسعة التي تخضع لسيطرتهم، فقد ذكر المستكشف الألماني بارث منذ نحو قرن أن أمنوكل الهجار، "جيمانا" كان يسيطر على جميع النشاط التجاري الذي يجري عن طريق القوافل بين مرزق وتمبكتو، وهذه الحالة ربما كانت ترجع إلى عدة قرون قبل ذلك التاريخ، والمعروف على أي حال، أن طوارق الهجار كانوا يسيطرون على طرق التجارة في المنطقة التي تمتد بين "أوادان" وجنوبه حتى شمال نيجيريا وذلك على الأقل، منذ أوائل القرن الخامس عشر الميلادي.

كان الطوارق الذين يسيطرون على طرق التجارة في المناطق الجنوبية الغربية يمدون القوافل التي تمر بهذه الأراضي بأدلاء ومرشدين مسلحين لحمايتها، وفي مقابل خدمات الحماية يفرضون إتاوة تقدر قيمتها على أساس قيمة البضائع التي تنقلها القافلة وعلى أساس ثروة مسيِّرها، على أن أصحاب القوافل كانوا كثيرًا ما يرفضون الرضوخ لتقديرات الطوارق، كما أن بعض القوافل تصطحب معها في بعض الأحيان مرشدين وحراسا مسلحين، وفي هذه الحالة تسير القافلة بدون حماية. ولكن الطوارق يتعرضون لها في معظم الحالات ليثبتوا سلطانهم في أراضيهم، وحتى يتخذوا من القافلة الممتنعة موعظة ودرسا لغيرها، وهكذا كان الطوارق، مثل عرب الشعانبة، جيرانهم في الشمال، يفرضون سلطانهم على حركات التبادل التجاري في الصحراء الجنوبية الغربية قرونا عديدة، ومثل غيرهم من القبائل الصحراوية القوية، كان الطوارق يمارسون نشاطًا آخر مربحا من الناحية الاقتصادية، وذلك هو نشاط الغارة على القبائل الأخرى، إما لغرض السلب

ص: 785

والنهب وإما بسبب الأحقاد بين القبائل وطلب الثأر، وهذه الغارات كثيرًا ما تتخذ شكل هجمة ليلية مفاجئة بها جماعة صغيرة من الرجال تستولي على ما أمكنها الاستيلاء عليه من الماشية ثم تختفي في الطبيعة الصحراوية ولا سبيل إلى تعقب أثرها، وعبيد الطوارق كانوا هم أيضًا يقومون بغارات على القرى السود التي تقع في أطراف الصحراء ويعودون بسبي يعزز ما يملكه المخيم من اليد العاملة، على أن هذه الغارات اختفت في العصور الحديثة نتيجة لتحريم الاسترقاق، كما اختفى المورد الذي يجنيه الطوارق من حماية القوافل ومن تسيير القوافل، عقب حلول السيارة الشاحنة محل الجمل في نقل البضائع عبر الصحراء، وهذه التطورات كان لها أثر قوي، ولوحظ منذ أواخر القرن الماضي في تدهور الاقتصاد الصحراوي في الهجار - ذلك الاقتصاد الذي لم يكن يتسم بالقوة على كل حال، في أي عصر في تاريخ هذا الشعب الذي ظل القرون تلو القرون متمسكا بنمطه الثقافي الخاص وبطريقة معيشته التي لا يرضى بها بديلًا.

وهذا النمط الثقافي سوف يفتض الاستعمار الفرنسي أسراره ويوقف نموه الطبيعي بعدما بسط سيطرته على الهجار عقب المعركة التي وقعت في واحة "تيت" الصغيرة بين جيش فرنسي بقيادة الملازم "كونتنست" والطوارق في 7 مايو 1902 م، والتي أبدى فيها رجال الهجار ضروبا من الشجاعة والبطولة لا تقل عما أبدوه في معارك سابقة، ولا سيما في الموقعة التي تحمل اسم "فلاتر" والتي سبق الحديث عنها، فقد أصبحت طريق الهجار بعد ذلك مفتوحة أمام رجال الإدارة العسكرية الفرنسية وأمام أنماط الثقافة الاستعمارية، وخصوصًا أمام أفواج المبشرين بتوجيه شيخهم، شارل دوفوكول، بحماية حراب "لابيرين".

والطوارق الرحل يعيشون في خيام خاصة تصنع عادة من جلود الماعز، وأحيانًا من جلود الغنم أو العجول، ولكن النبلاء يتخذون لأنفسهم خياما من جلد الموفلون الذي يعتبر الكلمة الأخيرة في البذخ والأناقة، والجلد يدبغ ويجهز بصفة خاصة ويكون ناعم الملمس وذا لون يميل إلى الحمرة، وبعد إعداده يقطع إلى قطع متلائمة ثم تخاط كل قطعة بأخرى بعناية بخيط من الجلد نفسه، وعدد القطع الضرورية لصنع خيمة يتراوح بين 30، 150 قطعة وذلك حسب كبر حجم الخيمة

ص: 786

وصغره والخيمة المتوسطة المنتهية الصنع تزن عادة ما يتراوح بين 25، 30 كيلو جراما، ومتى انتهي من صنع الخيمة ركبت على أعمدة عمودية أفقية من الخشب.

وأثاث الخيمة يتكون من جلود الغنم المصنوعة ومن السجاد الذي يستورد من الشمال وأكياس الجلد التي تودع فيها المواد الغذائية والأمتعة الشخصية والسروج والأسلحة والأواني المصنوعة من الخشب ومن النحاس والفخار، ومن المقاعد ذات الأشكال المختلفة، والأسلحة والمواد الغذائية تودع في جناح الرجال من الخيمة، وأما الأدوات التي تستعمل للطهي فهي توضع في الجناح المخصص للنساء، وأما القربة التي تحتوي على الماء فإنها تعلق على عمودين من الخشب عند مدخل الخيمة.

ويحاط فناء الخيمة بسياج لرد الريح كما يحاط المطبخ الذي يوجد في الفناء بسياج لنفس الغرض، وعلى بعد نحو 80 مترًا من الخيمة تقام خيمة أخرى للعبيد والخدم.

وفي بعض الأحيان، ولا سيما خلال شهور الحر الشديد حينما يبقى المخيم في مكانه مدة طويلة (وهذه هي الحالة خصوصًا في زمن القحط حينما يصبح من الخطر الابتعاد عن أماكن المياه الدائمة)، تطوى الخيام وتقام زريبة في مكان المخيم، وهي عبارة عن بنايات مكعبة أو مستديرة مواد البناء فيها هي القصب وصحائف النخيل مثبتة على إطار من الخشب.

والمخيمات تقام دائمًا في مكان غير ملحوظ ومرتفع، وذلك فيما عدا الأوقات التي لا تغطي الشمس فيها غيوم وحينما يثق الناس بأنه لا يوجد خطر نزول المطر فجأة وتنجم عنه سيول، وكل خيمة تشغلها عائلة واحدة تتكون في العادة من جميع أفرادها، والمخيم قلما يزيد عدد الخيام فيه عن 5 أو 6 خيمات، ولكن مخيم أمنوكل يحتوي عادة على ما يتراوح بين 15 و 20 خيمة.

كانت ملابس طوارق الهجار في القديم تتكون من قمصان مصنوعة من الجلد تنزل إلى ما تحت الركبة وحواشيها مزينة بالزخارف، وهذا القميص قد استمر حتى أوائل القرن التاسع عشر، على الأقل؛ لأن السائح ليون ذكر أن رجالًا من الطوارق زاروا مرزق في سنة 1819 وكانوا يرتدون هذه القمصان، ولكن

ص: 787

المستكشف دوفيريي، يخبرنا بعد ذلك بأربعين سنة بأن هذه القمصان أصبحت نادرة في الهجار، والقطعة الأخرى التي اختفت بين ملابس الطوارق هي نوع من لباس الرأس يشبه الطربوش، وهو مصنوع من اللباد وتدار حوله عمامة خاصة، وعلى الرغم من أن بعض رجال القبائل المغربية لا يزالون يرتدون هذه "الطرابيش" حتى الآن، وإن كانت تمثل لباس الرأس الشائع في الهجار أثناء زيارة دوفيريي له، فهو قد اختفى منذ نحو نصف قرن من الزمن.

ورجال الطوارق حاليًا يلبسون سراويل فضفاضة سوداء أو ذات لون أزرق وغامق، مصنوعة من القطن تنزل حتى الركبة وطرفي الرجلين حتى العقب، وفوقه قميص واسع من القطن حلت محله "القندورة" التي لم تعش طويلًا بينهم حيث حل محلها هي الأخرى اللباس الأوروبي الذي قضى على الملابس التقليدية في مختلف أنحاء الجزائر، وكذلك كان الطوارق يلبسون رداء خارجيا فضفاضا مصنوعا من الصوف في أيام البرد، ولكن هذا اللباس حل محله البرنوس المستعمل في الشمال.

وينتعل الطوارق نوعين من لباس الرِّجل، أحدهما عبارة عن صندل ينعكف آخره على أصابع القدم ويمسك بواسطة خيط من الجلد ويمتد بين الأصبع الكبير والأصبع الصغيرة إلى الكاحل (رسغ القدم)، والنوع الثاني يستورد من السودان، وهو عبارة عن صندل مسطح أوسع من القدم بنحو بوصة في جميع الاتجاهات ويربط بخيط رقيق من الجلد بالرجل.

هذا بالنسبة إلى الرجال، وأما نساء الطوارق فيلبسن ثوبًا مصنوعا من القطن يتدلى من الخصر حتى ما تحت الركبة، وسراويل فضفاضة مثل سراويل المدنيات في الجزائر، ولو أنها أقصر قليلًا، وكذلك يلبسن نوعا من "القندورة" بيضاء وأخرى زرقاء فوقها، ويتوّج كل ذلك شال ووشاح يغطي الرأس أزرق مصنوع من القطن، وكذلك كانت الطوارقيات في الماضي يلبسن في الصيف نوعا من القبعات واسعة الحواشي مخروطية الشكل مصنوعة من القش، ولكن هذا اللباس اختفى الآن تقريبًا.

ص: 788

يتفق الباحثون على أن الطوارق قبيل بربري من أقدم من سكن الصحراء، وهذه الحقيقة التي أشار إليها الرحَّالة المغربي "ابن بطوطة" وأكدها من قبل أبو عبيد البكري الذي كان يكتب في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي حيث يقول في وصف تادمكة (في أدرار إيفوغاس) ما يلي:"وتادمكة أشبه بلاد الدنيا بمكة، ومعنى تادمكة: هيئة مكة، وهي مدينة كبيرة بين جبال وشعاب، وهي أحسن بناء من مدينة غانة ومدينة كوكو، وأهل تادمكة بربر مسلمون، وهم يتنقبون كما يتنقب بربر الصحراء، وعيشهم من اللحم واللبن ومن حبٍّ تنبته الأرض من غير اعتمال، ويجلب إليهم الذرة وسائر الحبوب من بلاد السودان، ويلبسون الثياب المصبوغة بالحمرة من القطن والنولي وغير ذلك، وملكهم يلبس عمامة حمراء وقميصا أصفر وسراويل زرقاء، ودنانيرهم تسمى "الصلع"؛ لأنها ذهب محض غير مختومة، ونساؤهم فائقات الجمال لا تعدل بهن أهل بلد".

على أن الباحثين الحديثين، وفي مقدمتهم بن هزرا (Benhazra) وبلانجرون (Blongueron) يتفقون على أن عددًا من القبائل التابعة للطوارق والمعدودة منها، تنتمي إلى أصل عربي أو إلى أصل طارقي عربي مختلط، وهؤلاء يجتمعون في عدد من العشائر تضمها علاقات تشبه علاقة القبيلة ويسمون "إسوكمرن (Isoquamaren). ويقول بن هزرا: إن إسوكمرن يزعمون أنهم ينحدرون من أصل امرأة اشتراها عربي من الغزاة العرب الذين جاءوا إلى البلاد في منتصف القرن السابع (كذا) الميلادي، ولكن الطابع الأسطوري لهذه القصة واضح؛ حيث إن ذلك يعني أن هؤلاء العرب وصلوا إلى أدرار قبل الفتح العربي للمغرب بعدة أجيال، وبالتالي، فإن هذه القصة ليست أصح ولا أقرب إلى المنطق التاريخي من تلك التي يرددها مؤرخو العجائب والغرائب من الغربيين الذين يزعمون أن الطوارق ينحدرون من قبيل من أصل الصليبيين ضلوا طريقهم بعد هزيمتهم في الشرق وقطعوا الفيافي تائهين حتى استقر بهم المقام في الهجار.

ويعتقد مؤرخ الصحراء والمستكشف المعاصر "لهوط"(Lhote) أن إسوكمرن ينحدرون من آباء من العرب وأمهات من الطوارق ينتمين إلى منطقة تادميت، ولكن بلانجرون يرى أنهم ينحدرون من أصل عربي من واحتي تيديكلت وتوات،

ص: 789

هزمهم الطوارق في القرن الثامن عشر أو قبل ذلك ثم اختلطوا بهم وضموهم إلى قبائلهم.

ولكن هذا الانتساب إلى العروبة، ليس له فيما يبدو أي تأثير على وضع إسوكمرن الاجتماعي، حيث إن الطوارق يضعونهم في نفس المرتبة التي يضعون فيها العشائر (التابعة) غير النبيلة، على أن إسوكمرن الذين أثروا في العصور الأخيرة وأصبحوا يملكون كثيرًا من الجمال، يتمتعون بسمعة ونفوذ كبير استعاضوا به عما فاتهم من الشرف في التنظيم الهرمي الطارقي.

ومن أهم عشائر إسوكمرن عشير اريجناتن (Irreguenaten) التي تعيش في منطقة تامسنا، في جنوب الهجار وتمتد مجالات رعيها من هناك في الاتجاه الشمالي الغربي، عبر أدرار إيفوغاس، لتصل أحيانًا إلى عرق "الشيش"، ويسود الاعتقاد بأنهم ينحدرون من أصل عرب القرارة

(1)

ونساء من طوارق أبوتناتن، وهذه العشيرة الكثيرة العدد، أصابت ثراء واسعًا بحيث أقاموا لأنفسهم نوعا من الاستقلال الذاتي وحصلوا على مركز رفيع لا تحلم به كثير من العشائر التابعة من الطوارق. وهم يتفرغون إلى فرعين أساسيين: اهجرانن وستافنن، يرجع كل منهما فيما يعتقدون إلى جد عربي غير جد الثاني.

والملاحظ أن العشائر التي تنتمي إلى أصل عربي من الطوارق تعيش خارج جبال الهجار، في القوس الذي يحيط بها في المغرب والجنوب الغربي والجنوب الشرقي وفي الجنوب حوالي أراضي قبيل الطوارق أجار.

لم تستقر أسرة من الأشراف في الطوارق - فيما نعرف - قبل الأسرة المغربية التي هاجرت إلى هنا، وأقامت دولة شملت طوارق الهجار وطوارق أجار، وحكمت دولة "امنانن"(وربما كان ذلك تحريف امامن = الأئمة) حتى سنة 1650 م حينما اغتال رجل من قبيلة أوراغن أجار "جمعة" آخر هؤلاء السلاطين الأئمة. وقد تلى هذا الحدث عهد من الفوضى والحرب الأهلية التي استمرت طويلًا.

(1)

القرارة بلدة في ولاية غرداية.

ص: 790

‌ما قاله الشريف محمد بن منصور المغربي عن قبائل البربر

(1)

:

‌أقسام البربر

لم يلفت النظام القبلي السائد في الشمال الأفريقي أنظار الأمم والشعوب التي اتصلت بسكانه قبل العرب؛ فلهذا كانت تطلق عليهم كلمة بربر دون تمييز بين طائفة تعيش على نمط من الحياة وبين طائفة أخرى تعيش على نمط غيره، والتقسيم الوحيد الذي أثر عنها كان يتعلق بالبلاد لا بالسكان، ويقوم على اعتبارات جغرافية وإدارية، لا على اعتبارات اجتماعية وقبلية، وربما يرجع سبب ذلك إلى أن تلك الأمم كانت بعيدة عن البداوة لا تعرف المجتمعات القبائلية ولا تتفهم طبائع أهلها، أو أنها لم تحتك بالبربر احتكاكا كبيرًا ولم يتغلغل سلطانها إلى داخل البلاد.

أما العرب الذين جاءوا إلى بلاد المغرب في أواخر القرن السابع الميلادي فإنهم فهموا الحياة فيها حق الفهم، إذ وجدوها لا تختلف عن حياة بلادهم في شيء، كما أنهم توغلوا في داخليتها وخالطوا قبائلها وساكنوهم وصاهروهم وعاشوا وإياهم في كنف الإسلام متساوين، فلهذا كانت لهم نظرة أخرى إلى البربر غير نظرة الأمم والشعوب التي تعرَّفت عليهم قبلهم، وفهم آخر لمجتمعهم غير فهمهم، وتقسيمات أخرى غير تقسيماتهم تقوم على اعتبارات قبلية لا على اعتبارات جغرافية أو إدارية تبعًا لذلك.

لقد قسم الإغريق والرومان البلاد المغربية إلى أفريقيا ونوميديا وموريطانيا قيصرية وأخرى طنجيطانية، وجيتوليا، وحافظ العرب على روح هذا التقسيم لما جعلوها مشتملة على مغرب أقصى ومغرب أوسط ومغرب أدنى (أو إفريقيا) وصحراء، ولكنهم زادوا على هذا التقسيم الترابي فقسموا السكان أنفسهم إلى بربر بتر، وبربر برانس.

وقد وقف الباحثون العصريون حيارى أمام هذا التقسيم الجديد من العرب يحاولون أن يجدوا له تعليلا أو تأويلا، ويتساءلون عن الأسس التي بناها العرب عليه وميزوا بها بين طائفتين مختلفتين من السكان، فعلى أساس وجود بربر من

(1)

عن قبائل المغرب ط أولى 1968 م.

ص: 791

أهل الوبر (سكان الخيام) وبربر من أهل المدر (سكان البيوت) حاول كوتيي Gautier تأويل انقسامهم إلى بتر وبرانس، فقال: إن البتر هم أهل البداوة والرحلة، والبرانس هم أهل الحضارة والاستقرار، وذلك يشبه انقسام البربر في التاريخ القديم إلى نوميديين وموريطارنيين وانقسامهم في التاريخ الحديث إلى عرب وقبائل

(1)

، وهذه النظرية ذات حظ من الصحة والصواب؛ لأن معظم قبائل البرانس يعيش عيشة استقرار في السهول والجبال الخصبة التي تكثر فيها الأمطار وتجود التوبة بأطيب الغلال، بينما يعيش معظم قبائل البتر متنقلا بين السهوب والهضاب والمناطق الرعوية الصحراوية أو القريبة من الصحراء، ولكن هذا الاختلاف في الحياة الاجتماعية بين البرانس والبتر لا ينطبق على جميع قبائلهم، فالحضارة والبداوة متبادلتان بينها، فبعض قبائل البرانس يعيش في جوف الصحراء عيشة بدوية تمثل أنقى صور البداوة كقبائل الملثمين الذين يسميهم الكُتَّاب الأوربيون الرعاة الكبار أو الجمالين الرحَّالة الكبار تمييزًا لهم عن الرعاة الصغار رعاة البقر والغنم، وقد ظلت قبائل الملثمين تعيش عيشتها البدائية في قلب الصحراء تقتات من التمر والقديد وحليب النوق، ولا تعرف الخبز ولا الدقيق في حين كان العرب يبنون صروح الحضارة ويحبون حياة البذخ والترف في المغرب الشمالي والأندلس، ومثل هذا ينطبق على قبائل البتر المتبدية، فقد كانت منها قبائل مستقرة تعيش عيشة حضرية مثل قبيلة كومية وقبيلة أوربة.

ومن الباحثين من رجح أن يكون الفارق بين الطائفتين ثقافيا، ذاكرًا أن قبائل البرانس المستقرة تأثرت بمظاهر الحضارة البونيقية واللاتينية والإغريقية بينما بقيت البتر بمعزل عنها لبداوتها ورحلتها، ولكن رد على من رأى هذا الرأي بمثل ما رد على من رجح أن يكون الفارق اجتماعيا من أن البداوة والحضارة أو النقلة والإقامة متبادلة ومشتركة بين الطائفتين معًا.

وفكر وليام مارسي في تفسير لفظتي البتر والبرانس تفسيرًا لغويا وتقسيم البربر إلى طائفتين على أساس الثياب التي تلبسانها، فعنده أن العرب نظروا في

(1)

. Gautier: Le Passe de l'Afrique p. 242، وقد اعتاد الفرنسيون أن يسموا البربر في الجزائر قبائل، والبلاد البربرية بلاد القبائل Le Kabulie

ص: 792

البربر فلاحظوا اختلافًا في أزيائهم، فمنهم قبائل ترتدي البرنس الطويل ذا القب

(1)

المخروطي، وهذه سموها البرانس ومنهم قبائل تلبس برنسًا قصيرًا لا قب له وهذه سموها البتر أي الناقصة المبتورة مثل بتراء زياد ابن أبيه، وهذا التأويل غريب يبعث على الضحك والسخرية وهو لا يخرج عن كونه مجرد افتراض لا يقوم على أساس قوي، وقد لاحظ كوتي الذي حسبه ينبني على معرفة عميقة باللغة! أنه افتراض لا ينطبق على القبائل البربرية كلها، فالملثمون من بربر الصحراء يصعب إدراجهم في طائفة من الطائفتين، وهم برانس ولكنهم لا يلبسون البرنس مطلقًا، ولا يحتمل أنهم لبسوه في عصر من العصور، كما لا يظن أن هناك علاقة بين قب البرنس وبين اللثام عند أهل الصحراء، ثم يلاحظ كوتيي أن البرنس هو لباس الفرسان، وأن الذين يلبسونه حاليًا في المغرب هم حفدة البتر على الخصوص.

ومن الباحثين من جعل الفارق شبه سلالي، فذكر أن الطائفتين تمثلان موجتين مختلفتين إحداهما تمثل أهل البلاد الأصليين والأخرى تمثل الوافدين الجدد الذين اغتصبوا منهم بلادهم وزاحموهم فيها، ولعل هذه النظرية أصح النظريات لوجود ما يدل عليها من روايات النسابين والمؤرخين واستنتاجات الباحثين الاجتماعيين، وإليها مال العلَّامة رود Rodd الذي يعد من أكبر الباحثين في التوارك

(2)

والمؤرخين لهم في العصر الحاضر، فقد ذكر أن هذا التقسم باق إلى اليوم في قبائل التوارك، وأن القرية الواحدة تشتمل على عنصرين متباغضين بغضا سرمديا، أحدهما ينتمي إلى البرانس والآخر يعتزى إلى البتر، وعلل ذلك بأن هذا الخلاف الدائم لا بد أن يكون منبعثًا في الأصل على اختلاف سلالي

(3)

.

وذكر ابن خلدون أن علماء النسب متفقون على أن البربر يجمعهم جذمان عظيمان، أحدهما يسمى مادغيس الملقب بالأبتر؛ ولذلك يقال لشعوبه البتر، والآخر يُدعى برنس ويقال لشعوبه البرانس، وذكر أن بين النسابين خلافًا هل هما لأب واحد؟ فعن ابن حزم فيما حدثه به يوسف الوراق عن أيوب بن أبي يزيد

(1)

غطاء الرأس الملصق بجلابة أو برنوس.

(2)

التوارك: قبائل الصحراء المغربية ويكتب المشارقة الاسم طوارق وهو خطأ.

(3)

Rodd: People of the vail p. 388

ص: 793

صاحب الحمار أنهما لأب واحد، وربما نقل عن أيوب بن أبي يزيد نفسه أنهما لأبوين متباعدين، ويصحح ابن خلدون رواية ابن حزم عنه لأنه أوثق.

ويتفق نسابو البربر كهانئ بن بكور الضريسي، وسابق بن سُلَيْمان المطماطي، وكهلان بن أبي لؤي، وغيرهم أن البتر من ولد بر بن قيس بن عيلان. والبرانس من ولد يونس بن سفجو بن أبزج بن جناح بن واليل بن شراط بن تام بن دويم بن دام بن مازيغ بن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام.

ومهما كان من أمر هذا التقسيم فإنه يدل على حالة البلاد ويتلاءم مع نفسية سكانها وطبيعة مجتمعهم القَبَلي، كما يدل تقسيم العرب إلى عدنانية وقحطانية على نفس الحالة والطبيعة، وإدراك هذا التقسيم ينير السبيل لفهم تاريخ البربر قبل الإسلام وبعده، فقد أثر تأثيرًا عميقًا في علاقة البربر بالأمم والشعوب التي وفدت عليهم مهاجرة مسالمة أو محاربة متحكمة، كما أثر النزاع بين البرانس والبتر أثرًا بعيد المدى في علاقة البربر بالعرب بعد مجيء الإسلام، فقد حالفت قبائل زناته البترية العرب منذ البداية، بينما حملت قبائل البرانس عبء المقاومة والدفاع، ولما دان البربر لسلطان الإسلام حالفت زناته البترية الخلافة الأموية ووالت صنهاجة البرنسية العلويين وتعصبوا لهم وأيدوا الإمام إدريس بن عبد الله الكامل حينما التجأ إلى المغرب الأقصى، وعندما نبغت نابغة الفاطميين واستقام لهم الأمر كانت كتامة وصنهاجة من البرانس خير أعوانهم وأكثر جنودهم حمية وإخلاصًا؛ فلذلك أمعنوا في اضطهاد الزناتيين والفتك بهم حتى اضطروهم إلى الاعتصام بالخلافة، وأصبح الصراع في المغرب بين الأموين والفاطميين ثم الزيريين مجرد نزاع بين صنهاجة وزناته في الواقع أي بين البتر والبرانس، وكان بلكين بن زيري أمير صنهاجة يقول: لا أمان عندي لبربري ركب فرسًا أو نتج خيلًا أبدًا حيثما سلك من البلاد

(1)

وقريب من ذلك حدث في الأندلس بعد سقوط الخلافة الأموية، إذ احتدم النزاع بين زناته وصنهاجة مما هدد الوحدة الإسلامية يومئذ بالخطر الجسيم

(2)

.

(1)

مفاخر البربر في القرون الوسطى ص 4.

(2)

قيام دولة المرابطين ص 32.

ص: 794

‌البربر البتر

تنتمي هذه الطائفة من البربر إلى مادغيس الأبتر بن بر بن قيس بن عيلان بن مصر بن نزار بن معد بن عدنان.

قال أبو محمد بن حزم في الجمهرة: ما علم النسابون لقيس بن عيلان ابنًا اسمه بر أصلًا

(1)

.

وعند نسابي البربر، وحكاه البكري وغيره: أنه كان لمُضَر ولدان: إلياس وعيلان، أمهما الرباب بنت حيدة بن عمرو بن معد بن عدنان، فولد عيلان بن مصر ولدين: قيس ودهمان: أما دهمان فولده قليل، وهم أهل بيت من قيس يقال لهم بنو أمامة، وكانت لهم بنت تُسمى البهاء بنت دهمان، وأما قيس بن عيلان فولد له أربعة بنين: سعد وعمرو، أمهما عربية اسمها مزنة بنت أسد بن ربيعة بن نزار، وبر وتماضر، أمهما كنعانية (بربرية) من الشام اسمها تمزيغ بنت مجدل بن غمار بن مصمود، وكانت قبائل البربر يسكنون يومئذ الشام ويجاورون العرب في المساكن ويشاركونهم في المياه والمراعي والمسارح ويصهرون إليهم: فتزوج بر بن قيس بن عيلان بنت عمه البهاء بنت دهمان بن عيلان، فحسده إخوته على ذلك، فخشت أمه - وكانت من دهاة النساء - عليه منهم، وكاتبت أخواله سرًا ثم رحلت إليهم مع ابنها وزوجته وهم إذ ذاك ساكنون بفلسطين وأطراف الشام، فولدت البهاء لبر بن قيس ولدين: علوان ومادغيس، فمات علوان صغيرًا وبقي مادغيس فكان يُلقَّب بالأبتر، وهو أبو البتر من البربر، وتزوج مادغيس بن بر بأملل بنت واطاس بن محمد بن مجدل بن غمار فولدت له زحيك

(2)

بن مادغيس.

وقال الطبري: خرج بر بن قيس ينشد ضالة بأحياء البربر فهوى جارية وتزوجها فولدت.

وعند غيره من نسابة البربر أنه خرج فارا من أخيه عمرو بن قيس، وفي ذلك تقول أخته تماضر:

(1)

جمهرة أنساب العرب ص 495.

(2)

كتب هذا الاسم في مراجعنا المطبوعة والمخطوطة مرة زحيك بالحاء ومرة زجيك بالجيم، ومرة ثالثة رجيك، ولم نستطع ترجيح أحدها على الآخر فوجب التنبيه.

ص: 795

لتبكي كل باكية أخاها

كما أبكي على بر بن قيس

تحمل عن عشيرته فأضحى

ودون لقائه أنضاء عيس

ومما ينسب إلى تماضر أيضًا:

وشطت ببر داره عن بلادنا

وطوح بر نفسه حيث يمما

وأزرت ببر لكنة أعجمية

وما كان في الحجاز بأعجما

كأنا برًا لم نغر بجيادنا

بنجد ولم نقسم نهابًا ومغنمًا

وإذا كان الرواة قد أطلقوا لخيالهم العنان فرسموا لنا الصورة المتقدمة عن خروج بر الأبتر من الحجاز ولحاقه مع أمه بقبائل البربر بفلسطين فإنهم لم يرسموا صورة مماثلة عن خروج البربر البتر أبنائه من فلسطين ودخولهم إلى المغرب، إلا ما يذكرونه من هجرة الكنعانين بعد انهزامهم أمام بني إسرائيل، وقد سبق لنا أن اليهود هم الذين سموا أولئك الكنعانيين بربرًا فحملوا معهم الاسم وعرفوا به وحده أثناء انتقالهم إلى المغرب وبعده.

ويتألف البربر البتر بن شعوب كثيرة يجمعها أربعة أجذام

(1)

:

1) أداسة بنو أداس بن زحيك بن مادغيس الأبتر بن بر بن قيس بن عيلان، وبطونهم كلها في هوارة؛ لأن أم أداس تزوجها بعد زحيك بن مادغيس - أوريغ ابن عمه برنس والد هوارة على القول بأن مادغيس وبرنس أخوان، فدخل نسب بنيه كلهم في هوارة.

(2)

بنو لوا الأكبر بن زحيك بن مادغيس الأبتر، ومنهم بطنان عظيمان: نفزاوة بنو نفزاو بن لوا الأكبر، ولواتة

(2)

بنو لوا الأصغر المسمى باسم أبيه.

(3)

نفوسة بنو نفوس بن زحيك بن مادغيس الأبتر، وهم من أوسع قبائل البتر وفيهم شعوب كثيرة.

(1)

الجذم في اللغة الأصل، يقال جذم الشجرة، وجذم القوم، وجذم الأسنان منابتها، وجذم الرجل أهله وعشيرته، وفي الحديث (لم يكن رجل من قريش إلا له جذم بمكة).

(2)

ولواتة يرى بعض المؤرخين أنها قبيلة الكاهنة المعروفة في الفتوح الإسلامية، والبعض الآخر يرى أن الكاهنة من جراوة من زناته.

ص: 796

4) ضريسة

(1)

بنو ضريس بن زحيك بن مادغيس الأبتر، ويجمعهم جذمان عظيمان: بنو تمصيت بن ضريس، وبنو يحيى بن ضريس.

وقبائل البربر البتر في معظمها قبائل رحالة بدوية تنزل بسلسلة الأودية الرعوية الممتدة امتدادا متصلا من طرابلس إلى تازة، وتنتشر في أقاليم النخيل الممتدة من غدامس إلى السوس الأقصى، وتكون غالبية سكان القرى الصحراوية، ومنها قبائل بمناطق التل، وقد أصبحوا بحكم لصوقهم بهذه الأوطان أهم قبائل البدو بالمغرب وأكثرها نقلة وترحالا، وتمتاز بالروح الحربية العالية والتفوق في القتال، وفرسانها من أشجع فرسان البربر قاطبة، وقد قامت بدور من أكبر الأدوار في نشر الإسلام بالمغرب والأندلس والصحراء ؤتحملت تضحيات كبيرة في جهاد أعداء الدين.

أما اعتزازها بالنسبة العربية فلا يعادله اعتزاز، وقد استمسك لها كتابها وشعراؤها وافتخروا بها على من عداهم، وألقموا بها حجرا أفواه الساعين في تأريث نار العصبية بين العرب والبربر.

فمن ذلك قول عبيدة بن قيس العقيلي:

ألا أيها الساعي لفرقة بيننا

توقف هداك الله سبل الأطايب

فأقسم أنا والبرابر إخوة

نمانا وهم جد كريم المناصب

أبونا أبوهم قيس عيلان في الذرى

وفي حومة يشفي غليل المحارب

فنحن وهم ركن منيع وإخوة

على رغم أعداء لئام المناقب

فأنا لبر ما بقي الناس ناصر

وبر لنا ركن رفيع المناكب

نعد لمن عادى سوابق ضمرا

وبيضًا تقط الهام يوم التضارب

وبر بن قيس عُصبة مضرية

وفي الفرع من أحسابها والذوائب

(1)

كتب هذا الاسم في جمهرة ابن حزم ومواضع من تاريخ ابن خلدون ضرية، وكتب ضريس الذي ينتسب إليه القبيل ضري وضرا، وفي مواضع أخرى من تاريخ ابن خلدون وكتب كثيرة غيره كتب ضريسة وضريس.

ص: 797

وقيس قوام الدين في كل بلدة

وخيرة معد عند حفظ المناسب

وقيس لها المجد الذي يقتدى به

وقيس لها سيف حديد المضارب

ومن ذلك أيضًا قول يزيد بن خالد يمدح البربر:

أيها السائل عنا أصلنا

قيس عيلان بنو العز الأول

نحن ما نحن؟ بنو بر الندى

عرف المجد وفي المجد دخل

وابتنى المجد فأورى زنذه

وكفانا كل خطب ذي جلل

إن قيسا يعتزي بر لها

ولبر يعتزي قيس الأجل

ولنا الفخر بقيس أنه

جدنا الأكبر فكاك الكبل

إن قيسا قيس عيلان هم

معدن الحق على الخير دلل

حسبك البربر قومي أنهم

ملكوا الأرض بأطراف الأسل

وببيض تضرب الهام بها

هام من كان عن الحق نكل

أبلغوا البربر عني مدحا

حيك من جوهر شعر منتخل

ص: 798

‌البربر البرانس

هؤلاء هم البربر المستقرون الذين ينزل معظمهم في المناطق الساحلية القريبة من البحر والأخرى الجبلية الممتدة عبر المغرب، وفي هذه المناطق التي تطيب فيها التربة وتكثر الأمطار تكون الزراعة ميسورة والحياة المستقرة بداعي المصلحة أمرًا مفروضًا، وقد تمكنت قبائل البرانس بحكم استقرارها ومجاورتها لسيف البحر أن تتحضر وتتأثل المال وتستفيد مما كان المهاجرون والفاتحون الأجانب يأتون به من مدنيات وثقافات، كما نمت فيها لنفس السبب روح المقاومة وكثر تعلقها بالأرض التي تقيم فيها والتي لم تألف أن تبرحها كالبتر الرحَّل، وهذا ما جعلها تستميت في مقاومة العرب لأول الفتح الإسلامي، بينما وضع البتر أيديهم في أيدي العرب لتشابه الحياة عند الفريقين واستهدافهما لكثير من المقاصد المنبعثة عن غرائز طبعا عليها أو عادات ألفاها.

وقد وصفهم ابن خلدون فقال: إنهم كانوا على عهده من أوفر قبائل البربر وأكثر أهل المغرب، فلا يكاد قطر من أقطاره يخلو من بطن من بطونهم، في جبل أو بسيط، حتى زعم كثير من الناس أنهم الثلثان من البربر، وكان لهم في الحروب ذكر، وفي الخروج على الأمر شأن.

أما شعوبهم فاتفق النسابون على أنها منحصرة في سبعة:

أ - ازداجة: ويعرفون أيضًا بوزداجة، ويعدهم بعض النسابين البربر من البتر، ويقال: إن ازداجة من زناتة، ووزداجة من هوارة.

ب - أوربة: بنو أورب بن برنس، وهي بفتح الألف وفتح الواو وسكون الراء، وتعرف اليوم بوربة فقط.

ج - أوريغة: بنو أوريغ بن برنس، ويزعم كثير من النسابين أنهم يرجعون إلى أصل عربي.

د - كتامة: بنو كتام أو كتم بن برنس، ويؤكد نسابو العرب أنهم عرب حِمْيَريون.

هـ - مصمودة: بنو مصمود بن برنس.

ص: 799

و - صنهاجة: بنو صنهاجة بن برنس، يؤكد النسابون العرب أنهم من العرب الحِمْيَريين مثل كُتامة، وأصل الكلمة صناك بالصاد المشم بالزاي والكاف القريب من الجيم (الزناكة) إلا أن العرب نقلوه إلى لسانهم وزادوا فيه الهاء بين النون والألف.

ز - عجيسة: بنو عجيس بن برنس، وأصل عجيس عدس بتشديد الدال ومعناه البطن بالبربرية، فلما عربه العرب قلبوا داله جيمًا مخففًا.

وقد زاد النسابة البربري سابق المطماطي وأصحابه: لمطة وهسكورة وكزولة في شعوب البرانس: وأنكر نسابون آخرون أن تكون صنهاجة وكتامة من شعوبهم مؤكدًا أنهما شعبان عربيان تخلفا في المغرب بعد غزوة قام بها العرب في زمن سحيق، ومثل هذا الدعوة في حق زناتة بالنسبة للبربر البتر، وكيفما كان حجج المثبتين والمنكرين فالشيء المحقق هو أن هذه القبائل وغيرها من القبائل المتنازع في نسبها كانت معروفة في المغرب من قديم، وموجودة فيه قبل وفادة العرب الجدد الذين جاءوا إليه مع الإسلام، فلذلك سنذكرهم مع قبائل البربر مشيرين إلى ما وقع من الخلاف في أنسابهم وتواريخ استقرارهم بالمغرب لدى الكلام على كل قبيلة.

ص: 800

‌شعوب البتر

1 -

‌ شعب أداسة

بنو أداس بن زحيك بن مادغيس الأبتر، اختلطت قبائلهم بقبائل هوارة البرنسية؛ لأن أم أداس تزوجها بعد زحيك ابن عمه أوريغ بن برنس والد هوارة على القول بأن مدغيس وبرنس أخوان.

من أشهر قبائلهم:

أ - أندارة

(1)

.

ب - أوطيطة.

ج - ترهونة

(2)

باسمها سميت مدينة ترهونة قرب طرابلس، ومنها فرقة مستقرة على عدوتي وادي لكوس شمال مدينة وزان بالمغرب الأقصى، تعرف باسمها الأصلي المعرب: رهونة.

د - صنبرة

(3)

.

هـ - هداغة.

و - هنزولة

(4)

.

ز - وشتاتة

(5)

منها قبيلة معروفة باسمها مستقرة بالجبال القريبة من نهر مجردة بالقطر التونسي، وكانت فرقة منها تسكن جبل زالغ المشرف على مدينة فاس، وإليها ينسب الموضع المسمى باب وشتاتة منه.

(1)

كتبت أيضًا أندرة وواندرة ومنها في مصر.

(2)

كتبت أيضًا خطأ ترهنة.

(3)

كتبت أيضًا ضنبرة.

(4)

كتبت أيضًا خطأ هيزونة وهتروقة وهتروتة وهنزرتة.

(5)

كتبت أيضًا خطأ وسفارة ووشفاتة.

ص: 801

2 -

‌ شعب لواتة

هم بنو لوا (بضم اللام) الأصغر بن لوا الأكبر بن زحيك بن مادغيس الأبتر، ذكر النسابون أن لوا الأكبر خلف ابنه لوا الأصغر حملا فسمي باسم أبيه.

وكانت القبيلة تُدعى في الأصل لوات على عادة البربر في إضافة الألف والتاء إذا أرادوا التعميم في الجمع، فلما جاء العرب حملوه على الأفراد وألحقوا به هاء الجمع فصار لواتة.

ذكر لابن حزم فيما يرويه في الجمهرة

(1)

أن نسابي البربر يزعمون أن لواتة ومزاتة وسدراتة من القبط، وأنكر ذلك ابن خلدون بشدة قائلا: ليس ذلك بصحيح، وابن حزم لم يطلع على كتب علماء البربر في ذلك.

وقبائل لواتة كثيرة جدا، ويرجع المعروف منها إلى أربعة من أبنائه: زاير، وكطوط، وماصل

(2)

، ونيطط.

فمن ابنه زاير:

أ - مزيتة - من أكبر قبائل لواتة، ما زالت فرقة منها بالمغرب الأوسط معروفة باسمها الأصلي قرب مدينة سطيف.

ومن ابنه كطوط:

ب - جدانة - ربما كانت منها قبيلة كدانة (بجيم بدوي) إحدى قبائل أولاد سعيد بشاوية المغرب الأقصى.

ج - مغاغة

ومن ابنه ماصل:

د -عزوزة - ما زالت بقية منها قرب مرسى أزفون بجبال زواوة من المغرب الأوسط معروفة باسمها الأصلي.

(1)

جمهرة أنساب العرب ص 498.

(2)

كتب أيضًا فاضل وفاضلة.

ص: 802

هـ - أكورة

(1)

و - جرمانة: عدها سابق المطماطي من بطون ماصل اللواتيين منها بطن مندمج في قبيلة بني محمد القريبة مساكنها من بجاية.

ز - مغانة: يوجد بطن بهذا الاسم مندرج في قبيلة الدواير بحوز وهران.

ومن ابنه نيطط:

ح - سدراتة: وهم بطون كثيرة اختلطت بقبائل مغراوة وبطونها، قال ابن حزم في الجمهرة: ويقال أن مغراو - وهو من زناتة - تزوج أم سدرات، فصار سدرات أخا أولاد مغراو لأمهم واختلط نسبة بهم

(2)

، ولهذه القبيلة فروع كثيرة وبطون عديدة مستقلة بنفسها ومعروفة باسمها الأصلي أو مندمجة في غيرها ومعروفة بأسماء فرعية، منها قبيلة سدراتة قرب مدينة برج بوعريرج بالمغرب الأوسط، وقبائل (آيت سدرات) القريبة من وادي درعة بالمغرب الأقصى.

كانت قبيلة لواتة تقيم بمواطنها الأصلية بالأقاليم الشرقية وخاصة ببرقة وعلى حدود مصر، وكانت لهم في الماضي مدن عريقة مثل لبدة وزويلة وبرقة وقصر حسان، ولما بدأ المسلمون محاولاتهم بالأولى لفتح الشمال الأفريقي كانت لواتة أول قبيلة واجهوها فأسلمت وأعانتهم على الفتح وانساحت معهم إلى جهات طرابلس وشط الجريد وجبل أوراس ومنطقة الزاب، وانتشرت بطونها وفروعها الكثيرة بعد ذلك في جميع بلاد المغرب من نهر النيل إلى المحيط الأطلسي، فمنهم بواحات مصر وقرى الصعيد والجبال المعروفة بهم قبلة قابس وصفاقس، وأحياء بالجبال المطلة على سهل متيجة، وبسيط تاكرارت القريب من بجاية، وبجهات وادي مينا (وهران)، وفاس وتادلة من المغرب الأقصى، وقد اندثرت بعض البطون والأحياء اللواتية اليوم من تلك الجهات أو اندرجت في قبائل طرأت عليها، ولكن بعض القرى بقي مع ذلك يحمل اسمها لسكناها بها في القديم.

(1)

كذا كتبت في جمهرة ابن حزم وتاريخ ابن خلدون وكتبت في الأخير أيضًا أكوزة ويغلب على الظن أنه تصحيف.

(2)

جمهرة أنساب العرب ص 497.

ص: 803

3 -

‌ شعب نفزاوة

هم بنو يطوفت

(1)

بن نفزاو، بن لوا الأكبر، بن زحيك بن مادغيس الأبتر، وينطق زاي نفزاوة بين الزاي والشين.

كانت قبائل نفزاوة تقيم في الأول جنوبي شط الجريد وما يتاخمه من إقليم طرابلس شرقًا وصحراء عمالة قسنطينة غربًا حتى سميت المنطقة كلها بلاد نفزاوة، ثم تفرقت تلك القبائل بعد ذلك في سائر المغرب حاملة معها أسماءها الفرعية ولم تبق إلا قبيلة واحدة صغيرة تحمل الاسم الأصلي بشط الجريد، ويقال: إن قبيلة نفزة الموجودة في شمال القطر التونسي هي إحدى قبائل نفزاوة، وأن اسمها عرب واختصر أثناء فرارها أمام الزحف الهلالي من مواطنها الأصلية بالجنوب إلى مواطنها الجديدة بالشمال.

من أشهر قبائلهم:

أ - راتيمة:

(2)

بهذا الاسم تعرف اليوم منها قبيلة تسكن على بعد 50 كم إلى الجنوب الغربي من مرسى شرشال، بعمالة الجزائر.

ب - زهيلة: كانت تقيم بقيتهم في عهد ابن خلدون بنواحي بادس مندمجون في غمارة، وكان منهم لعهد مشيخته أبو يعقوب البادسي أكبر الأولياء وآخرهم بالمغرب.

ج - مجر

(3)

لعلها بفتح الميم وسكون الجيم وضم الراء مع مد، فإذا كانت كذلك فبقاياها مندمجة في قبيلة زروال المغربية (بطن بني مجرو).

د - مرنيسة: قال ابن خلدون: لا يعلم لهم موطن، ومن أعقابهم أوزاع بين احياء العرب بإفريقيا، منهم قبيلة شهيرة تحمل الاسم نفسه مستقرة شمال إقليم تازة من المغرب الأقصى.

هـ - مكلاتة: عدها ابن حزم في الجمهرة من قبائل نفزاوة، وكذلك ابن

(1)

يكتب وينطق أيضًا يطفت بدون مد، ومنه قبيلة بني يطفت بشمال المغرب الأقصى.

(2)

كتبت زيتم في جمهرة ابن حزم.

(3)

كتبت أيضًا محر.

ص: 804

خلدون فيما نقله عن سابق المطماطي، لكنه أورد قولا ضعيفا ينفي نسبتها إلى نفزاوة ويرفع نسبها إلى حِمْيَر، ويذكر أن مكلات وقع إلى يطوفت بن نفزاو صغيرا فتبناه فقط، كانت مواطنها غير بعيدة عن مكناس، وذكر البكري أنها واقعة في الطريق بين فاس وسجلماسة على بعد مرحلتين جنوب مدينة صفرو، ويعرف بها موضع قرب مدينة فضالة بالمغرب الأقصى، وتنسب اليها أسر نبيهة.

و - غساسة: سكنت منها فرقة بساحل بطوية من ريف المغرب الأقصى، وإليها تنسب قرية غساسة المسامتة لمدينة مليلية من الجهة الغربية، وكانت في الماضي حاضرة البحر ومرسى أساطيل المغرب، وهي من المدن المغربية التي وصفها لسان الدين بن الخطيب في كتابه (معيار الاختيار، في ذكر المعاهد والديار)، والقبيلة مندرجة اليوم في قبائل قلعية، وقد تنوسي اسمها الأصلي ولم يبق إلا أسماء أسر تذكر به، كما اندثرت القرية نفسها وبقيت منها أطلال واسم مبربر.

ز - سوماتة: كانت بقية منها في جهات القيروان، واستقرت فرقة منها قرب مليانة بالمغرب الأوسط، وفوق ترابها توجد اليوم قرية حمام ريغة وقرية بومدفع، واستقرت فرقة أخرى بجبال الهبط من المغرب الأقصى، وهي معروفة باسمها الأصلي بين قبائل جبالة بإقليم تطوان، وباسمها المبربر تسمى قرية (يسوماتن) من قرى قبيلة بني جناد بجبال زواوة بالقطر الجزائري.

ح - ورغوس: كذا كتبت في جمهرة ابن حزم، وكتبت في تاريخ ابن خلدون وردغوس، والظاهر أن الأول أصح لوجود ما يدل عليه في كتب أخرى ككتاب المسالك والممالك

(1)

الذي ذكر قبيلة ورغروسة من جملة القبائل البربرية التي كانت تسكن مدينة تيجس العتيقة، وتوجد اليوم بحوز بسكرة قبيلة تسمى ودغروس لعلها من بقايا القبيلة المذكورة.

ط - وردين

ي - وركول

(2)

ك - وسيف:

(3)

منها اليوم فرقة بجبال زواوة من المغرب الأوسط يعرفون

(1)

كتاب المغرب، في ذكر بلاد إفريقيا والمغرب ص 63.

(2)

كتب في جمهرة ابن حزم ورجول، وأحسبه تصحيفًا لاسم دركول الذي توجد منه بطون كثيرة بالمغرب.

(3)

كتبت أيضًا ورسيف في تاريخ ابن خلدون.

ص: 805

ببني وسيف، فرقة (آيت وسيف) بإقليم سوس وبطون مندرجة في قبائل رقيطة ومنتاكة ومكونة وسكساوة من المغرب الأقصى.

ل - ولهاصة: أكبر قبائل نفزاوة، سميت باسم أبيها ولهاص، ابن يطوفت، ابن نفزاو، وإلى ولديه ترغاش ودحية تنتمي بطونها العديدة، تسكن اليوم فرقة من قبيلة ولهاصة على عدوتي نهر تافنا عند مصبه بالبحر المتوسط شمال تلمسان، وتسكن فرقة أخرى منها ببسيط عنابة جنوب بحيرة فزارة كانوا في زمن ابن خلدون يركبون الخيل ويأخذون بمذاهب العرب في زيهم ولغتهم وسائر شعارهم كما هو حال هوارة، ودخلت منها فرقة أخرى إلى الأندلس مجاهدة تنسب إليها أسر أندلسية مجيدة كأسرة القاضي منذر بن سعيد البلوطي.

4 -

‌ شعب نفوسة

بنو نفوس بن زحيك بن مادغيس الأبتر.

قال ابن خلدون: هم بطن واحد تنسب إليه نفوسة كلها، وكانوا من أوسع قبائل البربر وفيهم شعوب كثيرة.

كانت مواطن جمهورهم بإقليم طرابلس، وإليهم ينسب الجبل المشهور الواقع قبلتها، وكانت مدينة صبرة في مواطنهم وتعزى إليهم، وهي كانت باكورة الفتح لأول الإسلام وخربها العرب بعد استيلائهم عليها فلم يبق منها إلا الأطلال ورسوم خافية، ثم تفرقوا بعد ذلك بأقاليم مصر والمغرب.

من أشهر قبائلهم:

أ - بنو زمور: وهم غير قبائل زمور وزمورة البرنسيين، ولكنهم يختلطون بهم ويلتبسون للاسم الموحد لكلا الفريقين.

ب - ماطوسة: توجد بقاياها مندرجة في قبيلة بني خلفون على الضفة اليمنى لوادي يسر شرقي الجزائر.

ج - بنو مسكور

(1)

منهم بطن مندمج في قبيلة آيت ونير الساكنة قرب زاكورة بالمغرب الأقصى.

(1)

كتب أيضًا مكسور وهسكور.

ص: 806

5 -

‌ شعب ضريسة

بنو ضريس بن زحيك بن مادغيس الأبتر

تنتمي قبائلهم كلها إلى ولديه تمصيت

(1)

ويحيى.

فمن ولد فاتن بن تمصيت:

أ - درنة:

(2)

إخوة مغيلة ومعدودون منها، منهم فرقة مندمجة في قبيلة بني بودرار بجبال جرجورة بالمغرب الأوسط، وأخرى (ودرنة) بجنوب القطر التونسي.

ب - كشاتة: هم أيضًا إخوة لمغيلة ومعدودون منها، منهم فرقة مندرجة في قبيلة البهاليل القريبة من صفرو بالمغرب الأقصى.

ج - كومية: بكاف بدوي، كانوا يعرفون قديمًا بصطفور أو صدفورة، ولهم ثلاثة بطون منها تفرعت قبائلهم وبطونهم: ندرومة وصغارة وبني يلول، وكانت مواطنهم الأصلية بجبال ترارة الواقعة على سيف البحر شمال غرب تلمسان، وهم قبيل عبد المؤمن بن علي مؤسس دولة الموحدين من بني عابد منهم، خف جمهورهم إلى مراكش وسكنوها على عهد الدولة الموحدية فاعتضد بهم خلفاؤها وأنفقوهم في الفتوح والعسكرة فأكلتهم الأقطار فانقرضوا وبقيت منهم بمواطنهم الأصلية بقايا.

د - لماية: من أكبر قبائل ضريسة وأوفرها عددًا، كانوا ظواعن بإفريقيا والمغرب وجمهورهم موطنًا بالتخوم الجنوبية مما يلي الصحراء، وهم الذين نزل عليهم عبد الرحمن بن رستم مؤسس الدولة الرستمية فبايعوه بالخلافة وبنوا له مدينة تيهرت، ثم أكلتهم الحروب التي حدثت فيما بعد بين الممالك والإمارات المغربية وخربت تيهرت التي اختطوها فهلكوا بهلاكها وبقيت منهم فرق أوزاعًا في القبائل، باسمهم سميت قرية لماية الواقعة بين زوارة وطرابلس.

(1)

يكتب ويقرأ أيضًا تمزيت.

(2)

كتبت أيضًا دونة، ولعل مدينة درنة في الجبل الاخضر بليبيا منسوبة لهذه القبيلة.

ص: 807

هـ - مديونة: من أشهر قبائل المغرب، كان جمهورهم بنواحي تلمسان بين جبل بني راشد والجبل المنسوب إليهم قبلة وجدة، ودخلت منهم جماعات وفيرة العدد إلى الأندلس مع طلائع الفتح الإسلامي فكان لها بها استفحال، ثم زاحمتهم القبائل في بلادهم حتى ألجأتهم إلى حصون جبل تاسالة وجبل وجدة، منهم فرق معروفة باسمها الأصلي بالمغربين الأقصى والأوسط، وبطون مندرجة في قبائل أخرى ومواضع مسماة باسم القبيلة أو مضافة إليه.

و - مطماطة: اسم أبيهم مصكاب، ومطماط ليس إلا لقبا له، وتعتبر مطماطة شعبا لاشتمالها على قبائل عديدة لا يخلو منها مكان بالمغرب، وإليهم ينسب الجبل الشهير الواقع في جنوب القطر التونسي وسيأتي الكلام مفصلا عنهم.

ز - مطغرة:

(1)

من أوفر قبائل ضريسة، كان جمهورهم بالمغرب الأقصى على عهد الفتح الإسلامي، وساهموا في فتح الأندلس مع طارق بن زياد وأجازت منهم أمم إليها بعد ذلك، واستقروا بها، وهم موجودون اليوم بنواحي تلمسان وفاس وقرى تافيلالت وتوات، ومنهم أوزاع في أعمال المغرب الأوسط وإفريقيا.

ح - مغيلة: كان منهم جمهوران أحدهما قرب مصب وادي شلف بالمغرب الأوسط، والآخر بالمغرب الأقصى، وهم إحدى القبائل التي قامت بنصرة الإمام إدريس بن عبد الله الكامل لما حل بالمغرب وحملت البربر على طاعته والدخول في أمره، لم يبق منهم على عهد ابن خلدون بمواطنهم الشرقية جمع ولا حي، وأكثريتهم موجودة اليوم بناحية فاس وصفرو وتازة من المغرب الأقصى.

ط - صدينة: إحدى القبائل التي قامت مع مغيلة لنصرة إدريس بن عبد الله الكامل، منها بطن مندرج في قبيلة شراكة قرب فاس، وبها سميت قرية قرب تطوان.

ومن ولد يحيى بن ضريس:

(1)

تكتب أيضًا بدال مدغرة، وقد فرق النسابون والمؤرخون بين مطغرة تلمسان ومدغرة تافيلالت والصحراء فجعلوا الأولى بالطاء والثانية بالدال.

ص: 808

ي - زناته: من ولد أجانا أو زانا

(1)

بن يحيى بن ضريس، أضيفت إليه الألف والتاء للتعميم عند الجمع على طريقة البربر فصارت جانات أو زانات، فلما عربه العرب عاملوه معاملة المفرد وأضافوا إليه هاء الجمع فصار زناته، وقيل في نسبهم أنهم عرب من حِمْيَر.

وهذا الشعب من أكبر شعوب البربر على الإطلاق تسنموا ذروة المُلك والإمارة في الإسلام مرات عديدة، فمنهم بنو مدرار ملوك سجلماسة، وخلفاء الموحدين، وبنو مرين ملوك فاس وبنو عبد الواد ملوك تلمسان وسواهم، وتنضوي تحت زناته قبائل كثيرة وبطون عديدة، وكانت مواطنهم الأصلية بصحراء المغرب ما بين غدامس إلى وادي الساورة، ثم طلعت منهم جماعات إلى التل فاستوطنت المغرب الأوسط وملأت سهوله وجباله حتى سمي وطن زناته كما استوطنوا القسم الشرقي من المغرب الأقصى إلى جبال تازة، وهم موجودون اليوم في كل مكان بالبلاد المغربية، معروفون باسمهم الأصلي أو بأسماء قبائلهم وبطونهم الفرعية مثل يفرن وجراوة ويلمان وبرزال ودمر ومغراوة وصمار.

ك - زوارة: منهم بطون مندمجة في قبيلة بني موسى (دوار سيدي حمودة) وقبيلة صنهاجة (دوار الشركة) وقبيلة أولاد عطية (دوار الصوادق) بالمغرب الأوسط، وبهم سميت المدينة الساحلية الواقعة إلى الغرب من طرابلس، وقد التبست هذه القبيلة على كثير من المؤرخين والنسابين فحسبوها قبيلة زواوة التي يرجح أنها من بربر كتامة البرانس.

ل - زواغة: بنو سمكان

(2)

بن يحيى إخوة زوارة، ينقسمون إلى ثلاثة بطون: بنو دمر بن زواغ، وبنو واطيل بن زحيك بن زواغ، وبنو ماجر بن تيفون بن زواغ، وهم أوزاع في القبائل منتشرون في جميع البلاد المغربية، منهم قبيلة معروفة باسمهم الجامع في ناحية فج مزالة بالقطر الجزائري، وكانت منهم في أول الفتح الإسلامي فرقة بظاهر فاس إليها ينسب بسيط زواغة الواقع بينها وبين صفرو وجبل كندر.

(1)

ويكتب أيضًا شانا بالشين.

(2)

توجد بإقليم ورزازات من المغرب الأقصى قبيلة تدعي آيت سمكان.

ص: 809

م - مكناسة: هم في الحقيقة شعب كبير تنطوي تحته جميع بطون مكناسة وأوكته وورتناج أبناء ورسطف بن يحيى بن ضريس والقبائل المتفرعة عنها، كانت مواطنهم الأصلية على وادي ملوية من لدن منبعه بجبال الأطلس المتوسط إلى مصبه بالبحر الأبيض وما يقارب ذلك الوادي من جبال وسهول، وباسمهم سميت مدينة مكناس الحاضرة المغربية الشهيرة، ولا تزال بقاياها بجوار تازة تُدعى باسمها الأصلي، وكذلك توجد قبيلة منها تحمل نفس الاسم قرب مدينة عمي موسى بعمالة وهران، وتوجد أوزاعها وقبائلها الفرعية بسائر أقطار المغرب العربي، ودخلت منها فرق إلى الأندلس اشتهر منها بعض البيوت كبيت بني وانسوس رهط الوزير سُلَيْمان بن وانسوس.

ص: 810

‌شعوب البرانس

1 -

‌ شعب أزداجة

يعرفون أيضًا بوزداجة، وكثير من نسابي البربر يعدونهم في بطون زناته، وقد يقال: إن أزداجة من زناتة البترية، ووزداجة من هوارة البرنسية.

كانت مواطنهم بناحية وهران من المغرب الأوسط، وكانت لهم كثرة ووفور، واعتزاز وآثار في الفتن والحروب إلى أن استأصلهم يعلي بن أبي محمد اليفرني بأمر الخليفة الناصر الأموي سنة 443 هـ وهجر الرؤساء منهم إلى الأندلس فلم تبق منهم إلا أوزاع تقيم على حال من الذل والهضيمة وتنتظم في عداد القبائل الغارمة.

من بطونهم:

أ - مسطاسة: يقال إنهم بطن مندرج فيهم فقط، ويقال أيضًا: إنهم ولد مسطاس أخي أزداج، منهم أوزاع بالمغرب الأقصى، وأسرة شهيرة.

ب - بنو مسكن بجيم بدوية كانوا مجاورين لوهران.

2 -

‌ شعب أوربة

ولد أورب بن برنس، كانوا من القبائل التي لها الكثرة والغلب لعهد الفتح الإسلامي لوفرة عددهم وشدة بأسهم، وكان أميرهم يومئذ سكرديد بن زوغي بن بارزت بن برزيات، توفي سنة 71 هـ بعد ما ولي عليهم 73 سنة، لا تزال بقاياها بناحية تازة معروفة باسمها الأصلي المعرب (وربة)، وتزعم قبيلة آيت وريبل أنها منحدرة منها.

من قبائلهم:

أ - ديقوسة.

ب - رغيوة: لا تزال معروفة بهذا الاسم شمال إقليم فاس، ومنها بطن مندرج في قبيلة التلاغمة (دوار راس سكين) بالمغرب الأوسط.

ج - زهجوكة: كُتبت في تاريخ ابن خلدون زهكوجة، وينطق بها اليوم

ص: 811

محليا جهجوكة أيضًا، كانت مواطنها بجهات القصر الكبير من المغرب الأقصى، وبها سميت قرية هناك، ذكر البكري أنها كانت مقر أحد أمراء الأدارسة، وزهجوكة مشهورة بين قبائل جبالة بالرقص والغناء وتضرب بها الأمثال في ذلك.

د - لجاية: لامها أصلي كلام لمدية ولمتونة الصنهاجيتين، لا تزال موجودة قرب وادي ورغة شمال إقليم فاس، وقد حرفت إلى بجاية في النسخ المطبوعة من تاريخ ابن خلدون، والصواب هو ما أثبتناه؛ لأن بجاية بعيدة عن مواطن أوربة، ومعدودة كتامة أو صنهاجة بالمغرب الأوسط كما سيأتي.

هـ - مزياتة: تعرف اليوم بمزيات فقط، مواطنها قرب وادي ورغة شمال إقليم فاس.

و - نفاسة.

ز - ونيجة.

3 -

‌ شعب أوريغة

ويقال لشعب أوريغة أو ريغة اختصارًا، ويقال لهم أيضًا هوارة تغليبا، وهم بنو أوريغ بن برنس.

زعم كثير من النسابين أن شعوب أوريغة وقبائلها من عرب اليمن، وقيل من عاملة إحدى بطون قضاعة، أو من ولد المسور بن السكاسك بن وائل بن حِمْيَر، وإذا تحروا الصواب في نسب أوريغ قالوا: إنه ابن خبور بن المثنى بن المسور، وعند هؤلاء النسابين أن هوارة وصنهاجة ولمطة وكزولة وهسكورة إخوة يعرف جميعهم ببني ينهل وأن المسور جدهم جميعًا وقع إلى البتر ونزل على بني زحيك بن مادغيس الأبتر، وكانوا أربعة: أداس، وضريس، ولوا، ونفوس، فزوجوه أخته تيصكي

(1)

العرجاء بنت زحيك.

وبطون أوريغة التي تتفرع عنها شعوبهم وقبائلهم كثيرة جدا فيها من أبناء أوريغ وفيها من أبناء غيره، وقد تقدم أن قبائل أداسة البترية اندمجت في هوارة

(1)

تكتب أيضًا وننطق تيسكي وتيزكي.

ص: 812

منهم، كما اندمج فيهم عدد آخر من القبائل البرنسية قبل الإسلام، ومن القبائل العربية بعده.

وكانت مواطن جمهورهم لأول الفتح الإسلامي بنواحي طرابلس وما يليها من برقة، ظواعن وآهلين، ثم انساحوا مع الزحوف الإسلامية إلى سائر جهات المغرب والصحراء، وعبروا البحر مجاهدين إلى الأندلس مع طارق بن زياد، وإلى صقلية مع أسد بن الفرات، وكانت لهم وقائع وأيام وحوادث وآثار كثيرة في القرون الأولى التي تلت دخول المسلمين إلى البلاد المغاربية.

ويندرج تحت اسم أوريغة أربعة شعوب وعدد من القبائل والبطون.

أما الشعوب فهي المتنسلة من أبناء أوريغ الأربعة:

1 -

ملد بن أوريغ ويقال لقبائله بنو لهان أو لهانة فقط.

2 -

مقر بن أوريغ وينطق ويكتب أيضًا مغر بالغين على عادة أهل الصحراء في قلب القاف غينًا.

3 -

قلدن بن أوريغ.

4 -

هوار بن أوريغ.

أما القبائل والبطون المندمجة فيهم، فمنهم قبائل شعب أداسة التي سبقت لدى الكلام على شعوب البتر، يقال: إن أم أداس تزوجها بعد زحيك بن مادغيس الأبتر (أوريغ بن برنس) فاختلط نسب أداسة مع نسب أوريغة بسبب ذلك، ومنهم قبائل برنسية وأخرى عربية شاركتها في المواطن والمراعي طوعًا أو كرها، ورافقتها في الزحوف والمرابط فأصبحت وإياها شيئًا واحدا.

وجميع هذه الشعوب والقبائل والبطون الوريغية غلب عليها اسم هوارة، لان هوار بن أوريغ أكبر إخوته سنا وأسيرهم ذكرًا فانتسبوا إليه جميعًا.

فمن قبائل لهانة بني لهان بن ملد بن أوريغ:

أ - أسيل.

ب - سطات: كتبت في تاريخ ابن خلدون سطط، وفي جمهرة ابن حزم ستات، لعل إليها نسبة المدينة القريبة من الدار البيضاء، وليس منها قبيلة سطة الشهيرة بإقليم فاس، فهذه من شعب صنهاجة كما سيأتي.

ص: 813

ج - مليلة

(1)

: من أكبر قبائل البلاد المغربية، لها فروع في جميع الجهات مستقلة بنفسها أو مندمجة في غيرها، وينسب إليها عدة مواضع.

د - مسراتة: باسمها سميت المدينة الليبية الشهيرة.

هـ - ونيفن: عدها سابق المطماطي في جملة قبائل لهانة.

و - ورفل: لغل من بطن ورفلة المندرج في قبيلة أولاد سيدي يحيى (دوار بن الكفيف) المستقرة قرب تبسة بالمغرب الأوسط.

ومن قبائل مقر أو مغر:

أ - زمور: يوجدون بكثرة في جميع البلاد المغربية.

ب - كبا: كذا وردت في جمهرة ابن حزم وكتبت (كياد) في تاريخ ابن خلدون.

ج - كركودة: من القبائل التي زارها سابق المطماطي وأصحابه.

د - ماواس: منهم فروع بالمغرب كانت مندرجة في قبيلة بطوية.

هـ - منداسة: أبناء منداس بن مقر، إليهم ينسب وادي منداس من عمالة وهران، وكانت مواطنهم هناك إلى أن استفحل أمر مطماطة فأخرجوا منداسة منها وغلبوهم على أمرهم، وهم قبيلة سعيد بن عبد الله المنداسي الشاعر الفحل صاحب (العقيقة) في مدح الرسول ومادح السلطان مولاي إسماعيل ابن الشريف العلوي.

و - سراي: وكتبت أيضًا مسراي ومسرات.

ز - ورجين: عدها سابق وأصحابه في بني مقر، وهم موجودون اليوم قرب عنابة معروفون باسمهم الأصلي: بني ورجين.

ومن قبائل فلدن:

أ - بيانة: كتب أيضًا بياتة.

(1)

وتنسب إلى هذه القبيلة مدينة مليلة في شمالي المغرب والتي تحتلها إسبانيا مع مدينة سبتة منذ عدة قرون.

ص: 814

ب - فل: كتب أيضًا بل، ويظهر أن الأول أصح لوجود ما يدل عليها من أسماء القبائل البربرية مثل آيت وفلة.

ج - قمصانة: كتب أيضًا قمصاتة.

د - ورسطيف: كتب أيضًا ورصطيف.

ومن ولد هوار بن أوريغ قبائل بني كهلان التي هي:

أ - زكارة: يوجدون بناحية شرشال والأصنام بالمغرب الأوسط، وبجبال الهبط بالمغرب الأقصى، وقد كتب الاسم بالواو بدل الراء في تاريخ ابن خلدون (زكاوة) والأول أصح، إذ لا تعرف قبيلة بالاسم الأخير في البلاد المغربية.

ب - مجريس.

ج - مسلاتة بها سميت بلدة ساحلية في ليبيا.

د - غريان: بها سميت قرية واقعة جنوب مدينة طرابلس.

هـ - ورغة: لا تزال منها بقية بالجنوب التونسي، وإليها ينسب نهر بشمال المغرب الأقصى كانت فرقة منها تسكن على عدوتيه.

ويقال: إن من بني كهلان الهواريين أيضًا قبائل ونيفن وورجين ومليلة التي تقدمت، وكذلك القبائل الآتية:

أ - بنو كسي.

ب - لشوة.

ج - هكارة: سكان المنطقة الوسطى والشرقية من صحراء المغرب، وبهم تعرف المنطقة كلها هكار، وأصل هكارة هوارة قلبت العجمة واوًا أعجميا يخرج بين الكاف العربي والقاف.

د - هيوارة: عدها سابق وأصحابه من جملة قبائل بني كهلان الهواريين، وذكرهم ابن خلدون مع بطون بني يلول من كومية.

هـ - ورتاكط.

ص: 815

4 -

‌ شعب كُتَامة

من أشهر شعوب البربر وأشدهم قوة وبأسًا وأكثرهم استقرارًا وتمرسًا بالحضارة، ينسبون إلى أبيهم كتام أو كتم بن برنس، ويؤكد الطبري وابن الكلبي وغيرهما من نسابي العرب أنهم من حِمْيَر، وأن أفريقش بن قيسي بن صيفي من ملوك التبابعة الذي افتتح إفريقيا بقبائل العرب في زمن قديم خلفهم وصنهاجة به عند رجوعه من غزوته وسماهم البربر لما رأى من لغطهم وتغير لغتهم بعد اختلاطهم بأهل البلاد الأصليين عدة سنوات.

كانت قبائل كتامة موجودة من قديم في جميع نواحي المغرب، إلا أن جمهورهم كان عند الفتح الإسلامي موطنًا بأرياف إقليم قسنطينة وشرق المغرب الأوسط على العموم من جبل أوراس جنوبًا إلى سيف البحر ما بين عنابة وبجاية، وكانت لهم في تلك المواطن مدن مذكورة مثل سطيف وباغاية ونقاوس وبلزمة وميلة وقسنطينة والقل وجيجل أكثرها لهم وبين ديارهم ومجالاتهم، لكنهم تنكروا مع ذلك لنسبهم وأخذوا يفرون منه بعد ما أصبح المثل السائر في الذلة بين القبائل لما نكرتهم الدول بسبب انتحالهم لبعض المذاهب الشاذة، ولم تبق منهم إلا قبيلة واحدة معروفة باسمها الأصلي مستقرة بشمال المغرب الأقصى.

ولكتامة قبائل وبطون كثيرة يجمعها كلها ابناه غرسن ويسودة.

فمن قبائل غرسن

- بنو يناوة وهم:

أ - جيملة: بكسر الجيم ومد وسكون الميم، مازالت معروفة إلى اليوم بهذا الاسم، وهي ساكنة على عدوتي وادي جندين بين جيجل وسطيف من المغرب الأوسط.

ص: 816

ب - لهيصة: لا تعرف مواطنهم، ومنهم القائد الشهير أبو حميد دواس بن صولان اللهيصي الذي عقد له على تيهرت القائد عروبة بن يوسف الكتامي سنة 298 هـ.

ج - مسالتة: توجد بقاياها اليوم معروفة بهذا الاسم مندرجة في قبيلة الساحل القبلي (دوار تالا - إيفاسين) بين أقبو وسطيف بالمغرب الأوسط.

- وبنو ينطاسن وهم:

أ - إجانة.

ب - أوفاس.

ج - غسمان.

- وبنو إيان وهم:

- ملوزة: وتكتب أيضًا ملوسة بالسين، منهم قبيلة شهيرة معروفة باسمها إلى اليوم مستقرة بجوار المسيلة بالمغرب الأوسط، وبطن مندرج في قبيلة أنجرة بين سبتة وطنجة سميت به قرية دعاها أبو عبيد البكري ملوثة، ومن ملوسة أيضًا بنو زلدوي أهل الجبل المطل على قسنطينة.

- ومن قبائل غرسن أيضًا:

أ - ماوطن.

ب - معاذ.

ج - قلان.

- ومن قبائل يسودة بن كتام:

أ - دنهاجة: منها بطن معروف باسمها إلى اليوم مندرج في قبيلة زرديزة (دوار بو طيب) المستقرة بين سكيدة وعنابة، وذكر ابن خلدون أن إليها تنسب قصور

ص: 817

كتامة بالمغرب لعهده

(1)

، وذكر أبو عبيدة في المسالك والممالك مكانًا منسوبًا إليهم قريبًا من جبل صرصر يُسمى قصر دنهاجة، قال: إنه على تل وتحته نهر عظيم وفيه آثار للأول، وبه كان ينزل ملوك المغرب في قديم الدهر.

ب - متوسة: ما زالت معروفة بهذا الاسم إلى الآن مع مجموعة قبائل الحراكتة قرب مدينة العين البيضاء بعمالة قسنطينة، ومنها بطن مندمج في قبيلة جيملة الساكنة بين جيجل وسطيف يُدعى متوسين.

ج - فلاسة.

د - وريسن.

هـ - زواوة: عدهم بعض النسابين إخوة زواغة البتريين من ولد سمكان بن يحيى بن ضريس بن زحيك بن مادغيس الأبتر، واضطرب ابن حزم في الجمهرة فذكرهم مرة مع قبيلة ضريسة البترية

(2)

ومرة جعلهم من كتامة لما تكلم على البيوتات البربرية بالأندلس

(3)

وحصل مثل هذا التردد لابن خلدون فذكرهم مع البتر ومع البرانس مع ميله إلى الاعتقاد أنهم من كتامة للموطن ونحلة التشيع معهم لعبيد الله الفاطمي، (والمواطن أوضح دليل عليه، وإلا فأين مواطن زواغة وهي بطرابلس وبالمغرب الأقصى من مواطن كتامة)؟ وهو يرى أن التصحيف هو الذي حمل على الغلط في نسبهم، فقد صحف اسم زوازة بالزاي إخوة زواغة إلى زواوة بالواو فاستمر التصحيف وجمعت زواغة وزواوة معًا في نسب سمكان. ويظهر لي أن ابن خلدون نفسه وقع هنا في خطأ بسبب التصحيف، فالاسم الذي صحف وكان مثار هذا الالتباس هم زوارة بالراء التي سميت بها مدينة زوارة الليبية وتعرف منها بطون إلى اليوم، وليس زوارة التي لا تعرف بين قبائل البربر في قديم ولا حديث.

(1)

تاريخ ابن خلدون 6: 301 والمعروف أن مدينة القصر الكبير الواقعة بين فاس وطنجة هي التي كانت تعرف بقصر كتامة أو قصر عبد الكريم.

(2)

جمهرة أنساب العرب ص 495.

(3)

جمهرة أنساب العرب ص 501.

ص: 818

وزواوة في الحقيقة شعب كبير يشتمل على عدد من القبائل، وهم يسكنون الجبل المنسوب إليهم الواقع إلى شرق مدينة الجزائر بين بجاية ودلس، (وهو أعصم معاقلهم وأمنع حصونهم، فلهم به الاعتزاز على الدول، والخيار عليها في إعطاء المغرم

(1)

، ومنهم أوزاع مستقرة في سائر البلاد المغاربية.

و - كُتامة: قبيلة مستقرة بإقليم الحسيمة من المغرب الأقصى، وهي معدودة مع مجموعة صنهاجة السراير رغم اختلافهما في النسب.

ز - مصالة: تنطق أيضًا مزالة بإشمام الزاي صادًا، ما زالت معروفة إلى اليوم باسمها، مستقرة بالعدوة اليسرى لوادي يداس على بعد 26 كم إلى الشمال الغربي من مدينة بجاية، وإليها تنسب مدينة فج مزالة الواقعة إلى الجنوب من مرسى جيجل.

ح - بنو قنسيلة.

ط - سدويكش.

ي - بنو بستيتن: يعرفون اليوم بستيتن وأهل ستيتن، منهم قبيلة مستقرة قرب البيض على بعد 20 كم إلى الشمال الشرقي منها، ومنهم فرقة مندرجة في بني كلال بجهة دبدو بإقليم وجدة.

ك - هشتيوة.

ل - بنو تليلان: ما زالوا موجودين معروفين باسمهم قرب الميلية إقليم قسنطينة.

5 -

‌ شعب مصمودة

هم أقحاح البربر الذين لم يختلطوا بسواهم إلا نادرًا، وأهل المغرب الأقصى الأولون المختصون بسكنى جباله منذ الأحقاب المتطاولة، لم يخرجوا منه إلا بعد مجيء الإسلام إما لنشره بين من يجاورهم من الأمم والشعوب، وإما لتوطيد نفوذ الإمارات والممالك المغربية فيما خلف وطنهم من أوطان.

وهم أبناء مصمود بن يونس والد شعوب البرانس.

(1)

تاريخ ابن خلدون 6: 262.

ص: 819

كانت مواطنهم الأصلية تبتدئ في شمال المغرب الأقصى، من حدود بلاد الريف من جهة الشرق إلى المحيط الأطلسي من جهة الغرب، ثم تمتد مساحلة إلى الجنوب شاملة سهول أزغار (الغرب) وتامسنا (الشاوية) ودكالة والحوز حتى تتصل بجبال الأطلس الكبير إلى سفوحها الخلفية المطلة على إقليم سوس، ثم تسير شرقًا من رؤوسها الداخلة في المحيط الأطلسي إلى ملتقاها بجبال الأطلس المتوسط بين تازة وتادلة عند ثنية المعدن المعروفة ببني فازاز المفضية إلى آكرسلوين بناحية سجلماسة حيث تبتدئ مواطن الزناكة

(1)

فهم أهل الجبال وغيرهم أهل البسائط إلا قليلا.

وتشتمل مصمودة على شعوب وعدد كبير من القبائل تعرف بأسماء فرعية، ولم يبق معروفًا منها بالاسم الأصلي إلا قبيلة واحدة مستقرة قرب مدينة وزان إلى الشمال الغربي من فاس، وبطون مندمجة في قبائل مصمودية وغير مصمودية بالمغرب الأقصى والجزائر، وفيما يلي أهم شعوب مصمودة وقبائلها:

أ - برغواطة: أكد ابن خلدون في صيغة الجزم أن برغواطة (شعب من شعوب المصامدة معروف

(2)

بعد ما ذكر قبل هذه العبارة بقليل (أنهم كانوا شعوبًا كثيرة متفرقة

(3)

والذي يتتبع كلام المؤرخين الذين عاشوا قبل ابن خلدون يقرون وكانوا معاصرين لبرغوطة يفهم أن هذه الكلمة ليست لها دلالة سلالية بالمرة وإنما تدل على نحلة دينية أطلقت على القبائل التي اتبعتها فقيل لها برغواطة كما يقال الشيعة والخوارج والرافضة والمعتزلة، وأصل الكلمة على ما ذكر المؤرخون أن صالح بن طريف أو يونس مؤسس ديانة برغواطة أصله من فحص برباط بالأندلس فقيل لكل من دخل في الديانة التي ادعى أنه أوحي إليه بها برباطي أو أبرباط، ثم أحاله العرب بألسنتهم إلى برغواط وأضافوا إليها هاء الجمع فصار برغواطة، أما أتباع هذه النحلة الذين يطلق عليهم هذا الاسم فهم بنو صالح بن طريف واثنتا

(1)

أو الصناكة بالصاد: صنهاجة الجنوب.

(2)

تاريخ ابن خلدون 6: 435.

(3)

تاريخ ابن خلدون 6: 428.

ص: 820

عشرة قبيلة من قبائل البتر والبرانس ذكرها بأسمائها أبو عبيد البكري في المسالك والممالك

(1)

كما ذكر سبع عشرة قبيلة أخرى كانت تطيعهم وتحسب من مملكتهم مع بقائها متمسكة بالإسلام.

كانت المنطقة التي شاعت فيها ديانة برغواطة هي منطقة تامسنا بالمغرب الأقصى الممتدة من نهر سلا

(2)

إلى نهر أم الربيع، أي ما يعادل المنطقة التي تسكن فيها حاليا قبائل الشاوية وزعير، وكانت في الأصل موطنًا لزناتة وزواغة حتى نزل بها طريف صاحب ميسرة الحقير الذي سن لأهلها مذهبًا لم يلبث ابنه صالح أن صيره ديانة، فانضمت إليهم قبائل أخرى عرفوا وإياهم باسم المذهب الذي يدينون به، وقد استمر هذا المذهب قائمًا إلى منتصف القرن الخامس الهجري، ولكن أتباعه بقوا منذ تأسيسه معرضين لهجمات الإمارات والممالك الإسلامية بالمغرب والأندلس وتنكيلها، ومن أشهر الأمراء والقواد الذين فتكوا بهم الأمير تميم اليفرني بعد سنة 420 هـ والفقيه عبد الله بن ياسين الجزولي داعية الموحدين الذي استشهد وهو يقاتلهم بكريفلة من أرض زعير سنة 450 هـ.

وقد اندثر اسم برغواطة منذ ذلك التاريخ وحل محل أتباعه في مواطنهم أو شاركهم فيها قبائل عربية طارئة وأخرى بربرية متعربة مثل مالك وسفيان، وعامر وحصين، والشاوية وزعير.

ب - تينملل

(3)

: من قبائل مصمودة على عهد الموحدين، كانوا يعدلون هرغة قبيلة المهدي بن تومرت داعيتهم في التعصب له لتحيزه إليهم وبناء داره ومسجده بينهم، وقد ذكر صاحب كتاب (الأنساب في معرفة الأصحاب) أحد عشر بطنًا

(4)

لتينملل، وتسمي القبيلة اليوم أهل وادي نفيس وهي واقعة إلى

(1)

المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب ص 140.

(2)

سماه أبو عبيد في المسالك والممالك نهر وانسيفن وقال. إنه يقع في نهر سلا تحت الرباط فني البحر المحيط فهو ولا شك أحد روافد نهر أبي رقراق الحالي

(3)

تكتب أيضًا نينمل وتنملل.

(4)

أخبار المهدي بن تومرت ص 4 باريز 1928.

ص: 821

الجنوب الغربي من مراكش قرب قرية أميزميز، ولم يبق معروفًا منها بتينملل إلا المكان الذي يوجد فيه مسجد المهدي بن تومرت وقبور الموحدين المنبوشة.

ج - حاحة: هم شعب يشتمل على عدد من القبائل، ما زالوا معروفين باسمهم الأصلي ومستقرين بمواطنهم الأولى على سيف البحر بين مدينتي الصويرة وأكدير.

د - دكالة: من النسابين من عدهم من صنهاجة، ولعل السبب الذي أوقعهم في ذلك الخطأ ما رأوه من تعصب دكالة للدولة اللمتونية في منتصف القرن الخامس الهجري خلاف سائر قبائل مصمودة التي بادرت إلى الدخول في دعوة الموحدين، وما زالت دكالة مستقرة اليوم حيث كانت في القديم، على سيف البحر والسهول المجاورة له بين وادي أم الربيع ووادي نسيفة (تنسيفت)، وهم شعب يشتمل على عدد كبير من القبائل والبطون، وقد داخلهم في القرن السادس والقرن السابع من الهجرة العرب من موجة الهلاليين وأحلافهم فعربوهم وانقسمت دكالة منذ ذلك العهد إلى دكالة الحمراء وهي الجنوبية التي تحيط بآسفي وتسمي اليوم عبدة، ودكالة البيضاء وهي الشمالية التي تحفظ اسم دكالة.

هـ - ركراكة: أشرف قبائل مصمودة لسبقهم إلى الإسلام وجهادهم في سبيله حتى ليقال أن قدماءهم شدوا الرحلة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بمكة في أول ظهوره وكلموه باللغة البربرية فأجابهم بها وأسلموا ورجعوا للمغرب. كانت مواطنهم على عدوتي وادي نسيفة (تنسيفت) عند مصبه في البحر ثم تلاشوا في القبائل، فبعضهم بسوس وبعضهم بالسراغنة وبعض آخر في جهات أخرى، ولم يبق منهم في مواطنهم الأولى إلا قبيلة مندمجة في شعب الشياظمة.

و - كدميوة: ذكر مؤلف كتاب (الأنساب) لها 46 بطنًا، وقسمها إلى كدميوة الجبل وكدميوة الفحص، وهي مستقرة إلى الجنوب من مراكش وبها تقع قرية أميزميز.

ز - كلاوة: تقع إلى الجنوب الشرقي من مراكش بينها وبين ورزازات، وهي

ص: 822

اليوم منقسمة إلى كلاوة شمالية (دائرة آيت ورير) وكلاوة جنوبية (دائرة ورزازات).

ح - كنفيسة: تقع شمال وادي سوس، ذكر في كتاب (الأنساب) لها اثنان وعشرون بطنًا وعد بعضها، وأكثر هذه البطون قبائل مستقلة اليوم بنفسها معروفة بأسمائها الفرعية مثل زداغة (ادا وزداغ) ومنتاكة ومدلاوة وسكساوة إلخ.

ط - صادة: تعريب كلمة ايصادن واصادن واصادة ذكروا في كتاب (الأنساب في معرفة الأصحاب) مرة مع هسكورة الظل، ومرة مع القبائل المضافة، وذكر ابن خلدون أن منهم بطن مسفاوة وبطن ماغوس، وروي في صيغة الاحتمال أن منهم أيضًا غمارة ورهونة وأمول، ويظهر أن القبيلة كانت لها فروع بشمال المغرب ووسطه، فقد ذكرهم أبو عبيد البكري في مسالكه وممالكه من جملة القبائل المضافين إلى برغواطة، كما ذكر لهم مدينة قريبة من وادي ورغة قال أنها مدينة بها آثار ذات أعناب وأشجار كثيرة.

ي - غمارة هم مصمودة الشمال، ومن أشهر شعوب البربر وقبائلهم، سموا باسم والدهم غمار بن مصمود، وقيل غمار بن سطاف بن مليل بن مصمود، وقيل غمار بن اصاد بن مصمود، وتزعم العامة أنهم عرب غمروا في الجبال فسموا غمارة، وهو مذهب عامي.

كانت مواطنهم تمتد على ساحل البحر المتوسط من حد بلاد الريف إلى المحيط الأطلسي، ثم تمتد على السهول الساحلية حيث كان يسكن بنو حسان منهم قبل دخول العرب الهلاليين حتى تصل إلى تامسنا حيث مواطن قبائل برغواطة، ثم حدثت تغيرات كثيرة في مساكن القبائل المصمودية منذ القرن السادس الهجري الذي غمرت فيه المغرب موجات من العرب الهلاليين والمنضافين إليهم فزاحموا قبائل البربر، ومنهم غمارة بالسهول وألجأوها إلى الجبال واضطر من بقي منها في غير الجبل إلى التعرب والاندماج فيهم، وقد تضاءلت المنطقة التي تسكنها القبائل المسماة اليوم غمارة وهي واقعة إلى الجنوب الشرقي من تطوان على ساحل البحر،

ص: 823

ولكن قبائل غمارة المعروفة بأسمائها الفرعية ما زالت تعمر منطقة أوسع وأكبر، كما أن قبائل أخرى معروفة بالاسم الأصلي أو الأسماء الفرعية انتقلت من مواطنها الأولى إلى مواطن جديدة بالمغرب الأقصى والمغرب الأوسط.

ك - هرغة: قبيلة المهدي بن تومرت داعية الموحدين، واسمها البربري أرغن، يظهر أنها كانت قبيلة كبيرة، وعدد صاحب (الأنساب) بطونها والمضافين إليها، لكنهم دثروا وتلاشوا وانتفقوا في القاضية من كل وجه، لما كانوا أشد القوم بلاء في القيام بالدعوة وأصلاهم لنارها بقرابتهم من صاحبها وتعصبهم على أمره، ولم يبق منهم إلا أخلاط وأوشاب، أمرهم إلى غيرهم من رجالات المصامدة لا يملكون عليهم منه شيئًا

(1)

.

بقاياهم موجودة اليوم بإقليم أكدير إلى الشرق من مدينة رودانة (ترودانت) قرب وادي سوس.

ل - هزرجة: ذكروا في كتاب (الأنساب) بالاسم السابق المعرب وبالاسم الأصلي المبربر ايليزركن وعدوا فيه من جملة القبائل، ولا تعرف اليوم قبيلة بهذا الاسم، وأحسب قبيلة الزرقيين الموجودة إلى الجنوب من وادي درعة من بقايا قبيلة هزرجة.

م - هزميرة: كانت مستقرة بحوز مراكش.

ن - هنتاتة: واسم جدهم هنتات ينتي بلسان المصامدة، ذكر لهم في كتاب (الأنساب) تسعة بطون مثل غيغاية ووزكيتة، فلا شك أن مواطنهم كانت حيث القبيلتان المذكورتان جنوب مراكش، كانوا على عهد الموحدين تلو قبيلة هرغة وقبيلة تينملل بما كانوا عليه من الكثرة والبأس ولما كان لشيخهم أبي حفص عمر بن يحيى - جد ملوك الدولة الحفصية - من صحبة المهدي والاعتزاز على المصامدة وقد انمحى اسم هنتاتة اليوم وحلت محله أسماء بطونها التي ارتقت إلى قبائل، ولكن بعض الأسر مازالت تنسب إليها خصوصا بمدينة صفاقس التونسية.

(1)

تاريخ ابن خلدون 6: 561.

ص: 824

س - هيلانة: بنو أيلان بن مصمود، وذكر أبو عبد الله بن أبي المجد في كتاب (الأنساب) له: أنه إيلان بن بر بن قيس بن عيلان، وأن هيلانة عرب صريحون، وأنهم خلاف المصامدة، كانت مواطنهم بحور مراكش، وإليهم ينسب باب إبلان منها، كما ينسب إليهم أغمات إيلان، ولم يبق لهم اليوم وجود بهذا الاسم.

ع - وريكة: معروفون باسمهم إلى اليوم مستقرون بمواطنهم في الجبال الشاهقة جنوب مراكش على حافتي الوادي المضاف إليهم.

ف - وزكيتة: يوجدون اليوم قرب مراكش حيث مواطنهم الأصلية، وهم قسمان: قسم يعرف بالاسم المعرب وزكيتة قرب آسني، وقسم يعرف بالاسم المبربر آيت واوزكيت قرب ورزازات ويشتمل على 25 قبيلة، ومنهم بطون مندرجة في قبائل أخرى.

ومن القبائل المضافة إلى المصامدة وليست منهم قبائل هسكورة وجزولة ولمطة فهذه معدودة من شعب صنهاجة نسبًا، ولكن لما كانت مواطنهم بإقليم سوس وناحية درعة مجاورة لمواطن المصامدة بجبل درن وكانت بعض الأحداث التاريخية نظمتهم جميعًا في سلك واحد فإن من المؤرخين من عدهم مع مصمودة مع تنبيهه إلى أنهم ليسوا في النسب منهم، ومن هؤلاء المؤرخين صاحب كتاب (الأنساب في معرفة الأصحاب) أصحاب المهدي بن تومرت، واضطرب ابن خلدون فعدهم مرة مع صنهاجة

(1)

ومرة مع المصامدة

(2)

، أما نحن في هذا الترتيب السلالي الذي نتبعه في هذا الكتاب فنذكرهم مع شعبهم الصنهاجي؛ لأن الاستقرار بموطن من المواطن والتشيع لدعوة من الدعوات لا يرقيان إلى مرتبة العلاقة السلالية عند قبائل المغرب.

وقبائل المصامدة أكثر مما سبق عده، وقد اقتصر المؤرخون على ذكر من نبه

(1)

تاريخ ابن خلدون 6: 24.

(2)

تاريخ ابن خلدون 6: 552.

ص: 825

منها في أول الإسلام كغمارة وبرغواطة، أو على عهد الموحدين كالقبائل السبع التي دخلت في دعوتهم قبل فتح مراكش ويسمونها السابقة وبعض القبائل المضافة إليهم منهم ومن غيرهم، ومن تلك القبائل من دثر اسمه وتلاشى رسمه وأكلته حروب الموحدين وحل محله في موطنه قبائل مصمودية أخرى أو عربية طارئة، ومنه من نزل إلى رتبة بطن واندرج في قبيلة أكبر، ومنهم بطون صغيرة ارتفعت اليوم إلى مصاف القبائل وكانت لا تحسب من قبل إلا مع غيرها كسكتانة من تينملل، وغيغاية من هنتاتة، وسكساوة من كنفيسة إلخ.

6 -

‌ شعب صنهاجة

بنو صنهاج بن برنس أبي البربر البرانس.

وأصل الكلمة صناك بالصاد المشم زايا والكاف القريب من الجيم (زناك) فلما عربه العرب زادوا الهاء بين النون والألف فصار صنهاج ثم أضافوا إليها هاء الجمع وأطلقوا الكلمة على جميع القبائل المتناسلة منه.

واختلف النسابون في نسب صنهاجة، فعن ابن الكلبي والطبري أنهم وكتامة من حِمْيَر، وزعم بعض النسابين أن أباهم صنهاج هو ابن يصوكان

(1)

ابن ميسور بن الفند بن أفريقش بن قيس، وذكر آخرون أنه صنهاج بن المثنى بن المنصور بن المصباح بن يحصب بن مالك بن عامر بن حِمْيَر الأصغر من سبأ، نقل ذلك ابن النحوي أحد مؤرخي دولتهم وجعله ليحصب، أما المحققون من نسابي البربر فيذكرون أنه صنهاج بن عاميل بن زعزاع بن كيمتا بن سدر بن مولان بن يصلين بن يبرين بن مكسيلة بن دهيوس بن حلحال بن شرو بن مصراييم بن حام بن نوح عليه السلام، ويزعمون أن جزول ولمط وهسكور إخوة صنهاج، وأن أمهم هي تيصكي المعروفة بالعرجاء بنت زحيك بن مادغيس الأبتر وبها يعرفون.

وصنهاجة شعب كبير جدا، ذكر بعض المؤرخين أن قبائلهم وبطونهم تنتهي إلى سبعين، وهم موجودون في كل مكان بالمغرب لا يكاد يخلو منهم جبل ولا بسيط، وكانت المواطن التي اختصوا بسكناها في الأول أربعة:

(1)

في كتاب مفاخر البربر: يصوا ص 41.

ص: 826

أ - الناحية الواقعة بين بجاية والمسيلة ومليانة والمدية والبحر بالمغرب الأوسط. ب - والناحية الواقعة بين نهر كرط وبلاد غمارة والبحر المتوسط بالمغرب الأقصى. ج - والناحية الواقعة بين المحيط الأطلسي ووادي درعة والسفوح الخلفية لجبال الأطلس. د - والصحراء الكبرى الممتدة من غدامس إلى البحر المحيط وبلاد السودان بأقصى الجنوب.

وقد قسم صاحب كتاب (الأنساب) صنهاجة الذين كانوا يجاورون المصامدة بالناحية الثالثة إلى صنهاجة الظل وصنهاجة القبلة، ولا شك في أنه يعني بالفريق الأول سكان الجبال، وبالفريق الثاني سكان البسائط القاحلة القريبة من وادي درعة المعرضين للشمس باستمرار، وقسم ابن خلدون صنهاجة عمومًا إلى أهل مدر وهم سكان المناطق الشمالية المقيمين في بيوت مبنية، وأهل وبر وهم قبائل الملثمين الرُحَّل سكان الخيام بأقصى الجنوب، ثم قسم صنهاجة الساكنين بشمال المغرب الأقصى إلى صنهاجة العز وهم الممتنعون بالجبال الوعرة عن أداء الضرائب، وصنهاجة البز وهم سكان نهر ورغة المحترفون بالحراثة والحياكة، أما القبائل الساكنة بقرب مدينة أزمور فهي صنهاجة الذل لأنها تطيع الحكومة وتؤدي الضرائب وتنفر عند الاستنفار، ولا يزال هذا التقسيم جاريًا على القبائل التي تُدعى صنهاجة بشمال المغرب الأقصى مع تغيير في الأسماء، فهم اليوم يقسمون إلى صنهاجة غدو وصنهاجة السراير وصنهاجة مصباح، وهذا الفريق الأخير يقسم بدوره إلى صنهاجة الشمس وصنهاجة الظل.

ونستعرض فيما يلي أهم قبائل صنهاجة وبطونها:

انجفة: ظ هنجافة.

أنوغة: ظ وأنوغة.

- بجاية: اسم قبيلة صنهاجية كانت تسكن الجبال الواقعة غرب وادي سمام قريبًا من البحر، كان بساحلها مرسى بني قربة الناصر بن علناس أحد ملوك بني حماد مدينة سماها الناصرية سنة 470 هـ لكنها بقيت تعرف عند الناس باسم

ص: 827

القبيلة، وقد تشتت بجاية بعد ذلك وصارت أوزاعًا في القبائل ولم يبق يذكر بها إلا اسمها الذي تحمله مدينة الناصرية المبنية في ترابها، ولست أدري أقبيلة بجاوة المتوطنة بشمال القطر التونسي من بقايا بجاية أم لا.

- بطوية: ويقال أيضًا بطيوة قبيلة شهيرة لها ذكر يذكر في التاريخ المغربي كانت مواطن معظمهم بريف المغرب الأقصى وشبه جزيرة هرك الذي تقع على ساحله الشرقي مدينة مليلية وعلى ساحله الغربي قرية غساسة، وكانت بطوية تشتمل على ثلاثة بطون كبيرة: بني ورياغل قرب المزمة (الحسيمة) وبقوية جيرانهم الغربيين، وأولاد علي بتفرسيت، وقد حلت الفروع محل الأصل وتلاشى اسم القبيلة في تلك الناحية فلا يذكر به إلا أسماء بعض الأسر (البطيوي + أبطيو)، نعم يوجد في ناحية الجديدة بطن مندمج في قبيلة أولاد بوعزيز يحمل اسم بطوية، كما توجد قبيلة وقرية

(1)

يحملان اسم بطوية أيضًا قرب مدينة أرزيو بعمالة وهران من المغرب الأوسط.

- تاركة: بجيم بدوي إحدى قبائل الملثمين بالصحراء والنسبة إليها تاركي جمع تواركة وتوارك، والاسم الأخير حرفه تراجمة الشرق إلى طوارق، انتقلت منهم بطون إلى الأقاليم الشمالية كانت تختص بخدمة القصور الملكية، ولهم حي شهير برباط الفتح مجاور للقصر الملكي كان لا يسكن فيه من ليس منهم.

- تلكاتة: بنو تلكات بن كرت، كان لهم التقدم على قبائل صنهاجة بالمغرب الأوسط، ومنزلتهم بينها كمنزلة لمتونة من الملثمين، ومن أكبر بطونهم بنو مناد الذين ينتمي إليهم ملوك صنهاجة بتونس والمغرب الأوسط (بنو زيري وبنو حماد).

- جزولة: بجيم بدوي إخوة صنهاجة لأم؛ فلذلك أضيفوا إليهم في الترتيب، ويدرجهم بعض النسابين والمؤرخين في مصمودة لقرب مواطن الفريقين، فقد كانت مصمودة تسكن جبال درن وجزولة تسكن قربهم بإقليم سوس، وبجهاته كانوا يظعنون حتى زاحمهم به عرب معقل وغلبوهم عليه بعد حروب فصارت

(1)

كانت القرية تسمي أيام الاستعمار الفرنسي للجزائر Saint Leu

ص: 828

جزولة لهم خولا وأحلافا، وكانت منهم أوزاع بوسط القطر الجزائري أيضًا، وإليهم ينسب جبل أكرول منه.

- بنو جعد: توجد بقاياهم قرب البويرة وعين بسام جنوب مدينة الجزائر.

- بنو حميد: بقاياهم مندرجون في قبيلة يسر الغربي (دوار يسر الويدان) شرق مدينة الجزائر.

- بني خليل: يعرفون اليون ببني خليلي، مواطنهم بين بجاية وتيزي وزو.

- بني دركون: بجيم بدوي ونون، وينطق أيضًا دركول بكاف ولام، منهم فرقة مستقرة بناحية زمورة القريبة من غليزان من المغرب الأوسط، وبطون مندرجة في بعض القبائل الصنهاجية بشمال المغرب الأقصى.

- بنو زروال: منهم فرقة كبيرة مستقرة على عدوتي وادي ورغة شمال فاس، وبطن مندمج في قبيلة أهل ستيتن قرب البيض بالصحراء، ولست أدري أبنو زرويل تحريف لبني زروال أم هم قبيل آخر.

- الزناكة: تعريبه صنهاجة، ويقال أيضًا أيزناكن وأيصنهاكن، ويستعمل اللفظ في الجنوب استعمال صنهاجة في الشمال، منهم فريق بإقليم ورزازات، وفرقة بواحات فجيج بالمغرب الأقصى، وبطون مندمجة في قبائل مغربية وأخرى جزائرية.

- زغاوة: من قبائل الملثمين بالصحراء.

- كدالة من قبائل الملثمين بالصحراء.

- لمتونة: كبرى قبائل الملثمين بالصحراء، أسلموا بعد فتح الأندلس وكانت فيهم الرياسة واستوثق لهم ملك ضخم توارثه منهم ملوك مذكورون دوَّخوا البلاد الصحراوية ومن يجاورهم من شعوب السودان وحملوهم على الإسلام، ثم عظم أمرهم في القرن الخامس الهجري فطلعوا إلى الأقاليم الشمالية سنة 445 هـ واختطوا مدينة مراكش وأسسوا الدولة المرابطية التي بسطت سلطانها على المغرب

ص: 829

الأقصى وأكثرية القطر الجزائري والأندلس والصحراء، وهم بطون عديدة من أشهرها بنو ورتنطق، وبنو زمال، وبنو صولان، وبنو ناسجة.

- لمدية: لامها أصلي كلام لمتونة ولمطة، ويكتبها بعضهم بأل التعريف، ويحذف الفرنسيون الألف واللام معا واللام فيكتبونها مدينة Medea فقط ظنا أنهما زائدان، وهم بطن من صنهاجة المغرب الأوسط، وبأرضهم بنى الأمير بلكين بن زيري بن مناد المدينة المعروفة بهم الواقعة على بعد 91 كم إلى الجنوب من مدينة الجزائر.

- لمطة: إخوة صنهاجة لأم، وهم قبائل وبطون كثيرة أكثرهم أهل وبر يظعن مع القبائل الملثمين ويقيم معهم، وكان منهم بسوس قبيل ذكر في كتاب (الأنساب) مع عبيد المخزن، ثم صاروا في عداد ذوي حسان من عرب معقل، وإليهم نسبة الفقيه واكاك بن زولو صاحب أبي عمران الفاسي وشيخ عبد الله بن ياسين داعية المرابطين، منهم اليوم فرقة مستقرة بجبل زالغ المطل على فاس.

- متنان: بقاياها مستقرة بالعدوة اليمنى لوادي السفلات أحد روافد وادي يسر، غير بعيدة عن قرية عين بسام جنوب مدينة الجزائر معروفة باسمها الأصلي حتى الآن.

- بنو مزكلدة: منهم فرقة مستمرة حاليا بين فاس ووزان.

- مزغنة: قبيلة شهيرة كانت مستقرة حول مدينة الجزائر قبل تأسيسها وإليها نسبت بعد تأسيسها (جزائر بني مزغنة) ما زالت بقاياها معروفة باسمها الأصلي مندمجة في قبيلة بني سُلَيْمان الشراقة، على الضفة اليمنى لوادي يسر، وعلى بعد 30 كم إلى الجنوب الشرقي من قرية الأربعاء.

- ملوانة: تعريب كلمة ايملوان البربرية، ذكروا في كتاب (الأنساب) بالأسمين معا في بطون أهل تيارت من صنهاجة القبلة، هم اليوم أوزاع كثيرة مندمجة في قبائل المغرب الأقصى والجزائر، ومنهم بطن مع سدراتة الجبل (أيت سدرات) بإقليم ورزازت، وبطن مع مرغادة (آيت مرغاد) بإقليم قصر السوق،

ص: 830

وبطن مع الحراطين بتازارين (إقليم ورزازات)، وبطن مع يمورة (آيت يمور) بحوز مراكش، ودوار مع أولاد دليم بإقليم الرباط، ودوار مع سفيان بإقليم الرباط، ومنهم بالمغرب الأوسط بطن مندمج في قبيلة بني مسيرة، وفوق ترابهم توجد الحمة المسماة حمام ملوان الواقعة على بعد 45 كم جنوب مدينة الجزائر.

- مليانة: من بطون صنهاجة في المغرب الأوسط، بترابها أسس الأمير بكلين بن زيري بن مناد المدينة المعروفة بها الواقعة على العدوة الشرقية لوادي شلف بوسط المغرب الأوسط، منها أوزاع كثيرة مندمجة في قبائل المغرب الأقصى والجزائر.

- مسوفة: من قبائل الملثمين بالصحراء، نزحت منهم بطون إلى الشمال مع المرابطين، منهم بطن مندمج في قبيلة آيت وعلال بإقليم ورزازت وإليهم ينسب درب مسوفة بتلمسان.

- صنهاجة: بقيت بعض قبائل الشعب الصنهاجي تُدعى بهذا الرسم العام الذي يُطلق على الأصل الجامع الذي تنتمي إليه كل قبائله وبطونه، ومن هذه القبائل قبيلة مستقرة على عدوتي الوادي الكبير بين عنابة وسكيكدة، وأخرى مستقرة قرب وادي يسر جنوب شرقي الجزائر.

- صنهاجة مصباح: قبيلة مستقرة شمال إقليم فاس، وهي منقسمة إلى قسمين: صنهاجة الشمس وصنهاجة الظل.

- صنهاجة غدو: قبيلة مستقرة قرب وادي اللبن شمال إقليم تازة.

- صنهاجة السراير: قبيلة كبيرة بإقليم الحسيمة من المغرب الأقصى تشتمل على سبعة بطون بلغ كل منها درجة قبيلة، وهي: بني أحمد، وبني بشير، وبني بوشيبت، وتغزوت، وبني خنوس، وبني زرقت، وكتامة، وبني سدات.

- بنو عمران: من بطون صنهاجة المشهورة بالمغرب الأوسط، توجد منهم به خمس قبائل: بنو عمران الساكنون بالساحل وبالعدوة الغربية لوادي يداس على بعد 18 كم إلى الشمال الغربي من بجاية (دوار أبراريس)، وبني عمران الساكنين

ص: 831

قرب وادي يسر وقرية الأربعاء جنوب مدينة الجزائر، وبني عمران الساكنين قرب برج منايل وتيزي وزو شرق مدينة الجزائر، وبني عمران جبالة، وبني عمران السفلية الساكنون جميعا قرب مرسى جيجل، علاوة على بطون كثيرة مندمجة في قبائل أخرى بتلك الجهات.

- فشتالة: تعريب كلمة إيفشتالن البربرية، وبالاسمين معا ذكروا في كتاب (الأنساب في معرفة الأصحاب) وهو من فرقة هنجافة الصنهاجية، ذكر لم لهم ذلك الكتاب اثني عشر بطنا، ومنهم اليوم قبيلة مستقرة شمال إقليم فاس.

- سطة: يوجدون بشمال إقليم فاس.

- بنو سليب: توجد منهم قبيلة بناحية قالمة من المغرب الأوسط.

- هنجافة: سماهم ابن خلدون أنجفة، والكلمتان معا تعريب لكلمة أينكفووا البربرية، وذكروا بها معا في كتاب (الأنساب في معرفة الأصحاب) وهو قبيل كبير من صنهاجة الجنوب (صنهاجة القبلة وصنهاجة الظل)، وذكر ابن خلدون من بطونهم: بني مزوارت، وبني سليب، وفشتالة، وملوانة، وذكرت لهم في كتاب (الأنساب) بطون أخرى غير المتقدمة.

- هسكورة: إخوة صنهاجة لأم، ويدرجهم بعض النسابين والمؤرخين أحيانا مع مصمودة للجوار وقرب السكن، وذكرهم ابن خلدون مرة صنهاجة

(1)

، ومرة مع مصمودة

(2)

، وكانت مواطنهم بجبل درن (اعتصموا منه بالأفق الفدد، واليفاع الأشم، والطود الشاهق وقد لمس الأفلاك بيده، ونظم النجوم في مفرقه، وتلفح بالسحاب في مرطه، وآوى الرياح العواصف لدجوه، وألقي إلى خبر السماء بأذنه، وأطل على البحر الاخضر بشماريخه، واستدبر القفر من بلاد السوس بظهره، وأقام سائر جبال درن في حجره

(3)

.

(1)

تاريخ ابن خلدون 6: 420.

(2)

تاريخ ابن خلدون 6: 552.

(3)

تاريخ ابن خلدون 6: 552.

ص: 832

قُسموا في كتاب (الأنساب) إلى هسكورة الظل وهسكورة القبلة، ويحتوي كل فريق على عدد من القبائل والبطون.

منهم قبيلة شهيرة بإقليم ورزازت، وبطون مندمجة في قبائل أخرى.

- بنو وارث: ويعرفون أيضًا بالاسم المبربر بني وارثن، توجد بقاياهم بناحية يعرفون بآيت وارث وعلي.

- وانوغة: ويقال أيضًا أنوغة منهم بطن مندمج في قبيلة بني مكلا قرب يسر شرق مدينة الجزائر.

- وتريكة: من قبائل الملثمين بالصحراء.

- ورتنطق: ويكتب أيضًا وتانطق، وهو ورتانطق بن منصور ابن مصالة بن المنصور بن مزالت بن أميت بن رتمال بن تلميت وهو لمتونة من قبائل الملثمين بالصحراء، وفيهم كانت رئاسة لمتونة.

- بنو ورياكل: بجيم بدوي، كان منهم فريق يسكنون بوادي بجاية وعليهم نزل المهدي بن تومرت بملالة ثلاثة أيام عند رجوعه من المشرق، ولما طلبه العزيز أمير بجاية منعوه وقاتلوا دونه حتى ارتحل عنهم إلى المغرب، ومنهم فريق آخر يسكن حاليا قرب وادي ورغة شمال إقليم فاس، وهم غير بني ورياغل بالغين، فهؤلاء بطن من قبيلة بطوية المتقدمة.

7 -

‌ شعب عجيسة

بنو عجيسة بن برنس، ومعنى اللفظ البطن بلغة البربر، وهو بالدال المشدد (عدس + عديسة) فلما عرَّبه العرب قلبوا الدال جيما مخففا.

كان لهم بين البربر كثرة وظهور، وكانوا مجاورين لصنهاجة بالمغرب الأوسط، وبعض بطونهم يسكن جبل القلعة الذي بنى به حماد الصنهاجي عاصمته (قلعة بني حماد) التي أخلق عمرانها من جدة عجيسة لما راموا كيدها مرارا فأجلب عليهم ملوكها واستلحموهم بالسيف ثم هلكوا وهلكت القلعة من بعدهم، وورث مواطنهم بذلك الجبل قبيلة عياض من بني هلال.

ص: 833

لم يذكر ابن خلدون قبائل هذا الشعب وبطونه، واكتفى بالقول أن في قبائل المغرب كثيرا منهم وأن بقاياهم كانت لعهده في ضواحي تونس والجبال المطلة على المسيلة، وإذا كنا لا نستطيع أن نعرف هذه القبائل والبطون بأسمائها الفرعية فإننا نستطيع معرفة قبيلة وبطون قليلة تحمل اسم عجيسة، فالقبيلة تقع على بعد 26 كم إلى الجنوب الغربي من مدينة بجاية، والبطون مندمجة في قبيلة الحضنة الشرقية (دوار الجزار - بريكة)، وقبيلة الأعراش (دوار رأس تالا تينزار - الكركور)، وقبيلة الساحل القبلي (دوار ذرا قبيلة - الكركور) بالمغرب الأوسط.

‌مواطن البربر في القديم

ليس من الهين على المؤرخ أن يرسم خريطة تحدد بتدقيق مواطن القبائل البربرية في القديم أو على الأخص عند ظهور الإسلام الذي أحدث مجيئه إلى المغرب عدة تحولات جذرية وتطورات عميقة في جميع الميادين ومنها ميدان الاختلاط السلالي وميدان استيطان السكان، فالقبائل المغربية عاشت من أقدم العصور إلى العصر الحديث عصر الاحتلال الأوروبي لبلاد المغرب حرة طليقة تنتقل من جهة لأخرى إما انتجاعا للمرعى وطلبا للرزق، وإما اضطرارا تحت ضعف الأحداث القبلية وتنفيذ الأوامر الحكومية، فهي لم تكن تتقيد بقوانين الهجرة أو تخضع لشروط الاستيطان التي عرفت فيما بعد، كما أن نظم الحدود والتبعيات السياسية ومراقبة المسافرين لم يكن لها وجود يومئذ، فالعقيدة الدينية كانت فوق جميع الاعتبارات السياسية، والمواطنة الإسلامية كانت هي الجواز المشترك العام الذي يخول لكل مسلم أن ينتقل عبر بلاد الإسلام كافة ويستقر منها حيث يشاء معتبرا في كل منها مواطنا له ما لأهلها الأصليين من حقوق وعليه ما عليهم من واجبات.

ومن جهة أخرى لم يعن المؤرخون والجغرافيون المسلمون في الصدر الأول للإسلام بدراسة المجتمعات القبلية دراسة دقيقة وضبط المواطن التي تستقر بها كل قبيلة، وإنما كانوا يكتفون بالإشارة العابرة إلى ما يحيط بالمدن والقرى من قبائل ويسكن بها، وإلى ما قد يكون من مدن وقرى في مجالات القبائل وبين ديارها، ولعل ذلك لم يكن ناشئا عن غفلة منهم، وإنما مرده إلى القبائل ذاتها التي لم يكن

ص: 834

يقر لها في موطن قرار، لإيلافها النقلة والترحال، وإدمانها على النجعة والتجوال.

ويرجع الفضل إلى ابن خلدون في إعطاء معلومات مفصلة عن قبائل المغرب وتوزيع مواطنها، فالذين سبقوه لم يعتنوا بتصنيفها تصنيفا منهجيا مرضيا حسب الترتيب الزمني الصحيح ولم يميزوا بين القديم منها والحديث، أما هو فقد تتبع شعوب البربر وقبائلهم شعبا شعبا وقبيلة قبيلة، وبين مواطنها الأصلية وتنقلاتها من جهة إلى جهة واستقرارها في المواطن التي انتهى بها المطاف إليها على عهده، معتمدا على كتب من سبقه من النسابين والمؤرخين ولا سيما البربر منهم ومضيفا خبرته وتجاربه وما له من معلومات خاصة، فلقد كان أحد رجالات الدول المغاربية النابهين في القرن الثامن الهجري، وعمل في أدنى المغرب مع بني حفص كما عمل في أقصاه مع بني مرين، واستقر في وسطه بين مجالات العرب وأحياء البربر حيث ألف تاريخه الكبير، واطلع على خزائن كتب الملوك ووثائق الحكومات، وسمع من أفواه الوزراء والكُتَّاب والعمال والشيوخ المحنكين، فلا غرو أن يعتمد عليه المؤرخ في تحديد مساكن البربر وضبط مواطنهم في المدة الواقعة بين الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي ودخول العرب الهلاليين وأحلافهم في القرن الحادي عشر الميلادي، بل وفي ضبط مساكن هؤلاء وأولئك إلى الوقت الذي رحل فيه من المغرب ليقضي بقية حياته في المشرق.

وإذا ألقينا نظرة عامة على مواطن البربر في الشمال الأفريقي لأول الفتح الإسلامي نجد أن البتر منهم اختصوا بسكنى إقليمي برقة وطرابلس وشط الجريد وجبل أوراس وبلاد الزاب ثم تصعد مواطنهم إلى الشمال في جهات تاهرت حتى تصل إلى جبال الظهرا ومجرى نهر شلف فتطل من هناك على البحر فاصلة قبائل صنهاجة وكتامة البرنسية بالشرق على أخواتها بالغرب، ثم تسير مغربة حتى تجاوز نهر ملوية إلى حدود بلاد الريف وجبال التسول وغياثة والبرانس حيث تبتدئ مواطن البرانس من صنهاجة وكتامة ومصمودة بالمغرب الأقصى، وإلى الجنوب من كل ذلك توجد مواطن القبائل البرنسية التي ينتمي جلها في الشرق إلى هوارة وفي

ص: 835

الغرب إلى صنهاجة وبين القطاعين الشمالي والجنوبي توجد مجالات القبائل الزناتيه من غدامس إلى البحر المحيط، وذلك قبل صعودها إلى الشمال وتغلبها عليه وتأسيسها لممالك وإمارات استأثرت بحكم نصفه الغربي.

وكانت قبيلة لواتة أولى القبائل البربرية التي تسكن بتخوم المغرب الشرقية وتجاور قبائل غير البربرية خارج حدوده، فقد كانت تعمر جميع إقليم برقة وجزءا كبيرا من إقليم طرابلس وتبلغ بطونها في النجعة شط الجريد، وهي أول قبيلة واجهها العرب عند دخولهم الأول إلى المغرب فآمنت وأسلمت وصارت لهم دليلا على استكشاف الأراضي التي تجاورهم غربا ونصيرا قويا على تطويع القبائل التي تسكنها، وقد ذكرهم ابن عبد الحكم

(1)

في كتابه عن فتوح مصر وإفريقيا وهو من أقدم المؤلفين المسلمين الذين كتبوا عن الفتح العربي لأرض المغرب، وذكر ابن خلدون أنه كان للواتة في الماضي مدن عريقة مثل لبدة وزويلة وبرقة وقصر حسان، ويظن بعض المؤرخين أن اسم لوبيا الذي أطلقه اليونان على بلاد المغرب مشتق من اسم لواتة التي كانت قبائلها تعمر جانبها الشرقي وهو الجانب الأكثر احتكاكا ببلاد اليونان والأقرب مسافة إليها

(2)

وإلي الغرب من لواتة كانت توجد مواطن نفزاوة التي عرف باسمها الجنوب التونسي كله وما يتاخمه من بلاد طرابلس شرقا وجنوب عمالة قسنطينة غربا، ومن أوسع بطون نفزاوة وأشدهم بأسا بطن ورفجومة الذي كان له تمنع بطرف من جبل أوراس وفتن وثورات في النصف الأول من القرن الثاني الهجري تمكنوا في بعضها من الاستيلاء على القيروان وقتل من كان يسكنها من قريش وسائر العرب، وخلف اللواتيين والنفزاويين كانت تسكن قبيلة نفوسة التي يعرف بها الجبل الشهير الواقع جنوب مدينة طرابلس، وقبيلة سدارتة التي سميت بها منطقة وركلة

(3)

، وبقربهم كانت مواطن هوارة ومطماطة، وإلى هذه القبيلة الأخيرة ينسب جبل مشهور بجنوب القطر التونسي.

(1)

فتوح إفريقيا والأندلس ص 28.

(2)

Gautier. Le Passe de L Afrique p.230

(3)

وتُسمى ورقلة وهي في صحراء الجزائر.

ص: 836

وإلى الغرب من مواطن نفزاوة كان موطن قبيلة جراوة الشهيرة بجبال أوراس، وهي قبيلة الكاهنة التي أعيت العرب لأول الفتح، كما أنها من شعب زناته الذين غمروا المغرب الأوسط فيما بعد حتى عرف بهم وسمي باسمهم ودعي وطن زناته، وجبل أوراس إلى غرب منطقة الزاب كانت مساكن قبيلة أوربة (وربة) التي دحرها العرب لأول الفتح وساقوها أمامهم إلى المغرب الأقصى، ثم مواطن مغراوة إلى الشمال الغربي على وادي شلف، ومغيلة على ساحل البحر شرقي مصبه، وبني يفرن ومديونة إلى الجنوب والجنوب الغربي من وهران وتلمسان، وشمال هذه المدينة كانت قبيلة ولهاصة على مصب وادي تافنا وقبائل سطفورة أو كومية بجبال ترارة، وقد ضعف أمر هذه القبيلة العظيمة منذ أيام الموحدين الذين أنفقوها في العسكرة والحروب حتى ذكر أنهم نقلوا منها دفعة واحدة 50،000 فارس إلى مراكش، ولكن ندرومه التي هي إحدى بطونهم والتي تُسمى بها مدينة طيبة لطيفة بتلك الجبال بقيت تذكر بها، وإلى الغرب والجنوب من كومية كانت مواطن مطغرة أو (مدغرة)، وهي قبيلة عمرت المنطقة الممتدة من توات إلى سجلماسة، وإلى الشمال من مواطنهم بسهول انكاد وما يقع أمامها وخلفها من جبال إلى ممر تازة كانت تسكن قبائل زناته، ومن أشهر القبائل المعدودة منها قبيلة مكناسة التي كانت تسكن بطونها على طول نهر ملوية من منبعه بالأطلس المتوسط قرب إقليم تافيلالت إلى مصبه بالبحر الأبيض المتوسط.

أما البربر البرانس فأكبر شعوبهم كُتامة وصنهاجة ومصمودة، فقبائل كتامة كانت مواطنها بعمالة قسنطينة وجزء من غرب القطر التونسي من جبل أوراس إلى شاطئ البحر، وكانت لهم هناك مدن مذكورة مثل القل وجيجل وعنابة وقسنطينة وسطيف وباغاية وبلزمة ونقاوس وميلة، ويرجح أن قبائل زواوة الساكنة إلى الغرب منهم أيضًا، وكانت قبائل صنهاجة غربي مواطن كتامة بين بجاية ولمدية والبحر، ومن أكبر حواضرهم عاصمة الجزائر التي تُدعى بني مزغنة إضافة إلى إحدى قبائلهم الشهيرة، وبجوار صنهاجة كانت تسكن قبيلة عجيسة البرنسية بجهات المسيلة وقلعة بني حماد، وقبيلة لماية البترية التي كانت تسكنها قرب تاهرت، وبعد ذلك تسود القبائل البترية شمالا وجنوبا باستثناء منطقة وهران التي

ص: 837

كانت تسكنها قبائل أزداجة البرنسية، ولا يعود للقبائل البرنسية ظهور إلا عند الوصول إلى سلاسل جبال الريف والأطلس المتوسط، فابتداء من نهر كرط توجد منطقة تسكنها قبائل صنهاجة مثل بطوية وبني ورياكل وبني زروال، وبعدها تبدأ قبائل شعب مصمودة بغمارة شمالًا ودكالة وسطا وقبائل جبل درن جنوبا حيث تعود صنهاجة الجنوبية (الزناكة) إلى الظهور من جديد، وفي إقليم سوس وما يجاوره شرقا من أقاليم درعة وسجلماسة والمنطقة الواقعة بين ممر تازة والصحراء، وفي المنطقة التي تمثل وسط المغرب الأقصى كانت تسكن قبائل بترية مستقرة مثل وشتاتة وزمور وصدينة ومغيلة ومديونة ومطماطة وزواغة وقبيلة أوربة التي وجدها الإمام إدريس بن عبد الله الكامل مستقرة بجوار جبل زرهون فآوته ونصرته لقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم وأعانته على تأسيس الدولة الإدريسية.

ووراء ذلك كله كانت الصحراء المغربية الكبرى قبائل الملثمين التي ينتمي معظمها إلى شعب صنهاجة وينتمي أقلها إلى شعب هوارة وكليهما من البرانس، وقد أعطى الشعب الهواري اسمه للصحراء الشرقية فصارت تُدعى هكار وهو تحريف كلمة هوار كما تقدم.

ولست في حاجة - أخيرا - إلى القول بأن التوزيع السابق للقبائل البربرية إنما يتعلق بالفترة الممتدة من الفتح الإسلامي إلى مجيء بني هلال، وأنه حتى في هذه الفترة نفسها لم تكن قبائل البربر تلتزم المقام في ناحية واحدة بل كان منها قبائل تنتقل من جهة لأخرى إما فرارا من قبيلة عدوة غلبتها وإما تنفيذا لتعليمات حكومية وصلتها، وكانت القبيلة عندما تنتقل ترحل تارة برمتها ويرتحل تارة أخرى بطن أو عدة بطون منها حاملين معهم اسم القبيلة الجامع بينهم وبين بقية بطونها، وهذا هو السر في أننا نجد لواتة ومطماطة ورهونة مثلا بأدنى المغرب ووسطه وأقصاه. (انتهى).

ص: 838

‌المراجع

القرآن الكريم

تاريخ العبر ومبتدأ الخبر

ابن خلدون

التعليقات والنوادر

أبو علي الهجري

جمهرة النسب

ابن الكلبي

الجمهرة

ابن حزم

نهاية الأرب

القلقشندي

قلائد الجمان

القلقشندي

تاج العروس

الزبيدي

تاريخ الفيوم

النابلسي

البيان والإعراب

المقريزي

مسالك الأبصار

ابن فضل الله العمري

سبائك الذهب

السويدي

تاريخ الجبرتي

الجبرتي

تاريخ سيناء

نعوم شقير

رحلة التاجاني

التاجاني

رحلة العياشي

العياشي

رحلة العبدري

العبدري

وصف مصر

أميديه جوبير

تاريخ الجزائر

توفيق المدني

تاريخ الجزائر في القديم والحديث

مبارك الهلالي

الأنساب العربية في ليبيا

عبد الرازق مناع

برقة قديما وحديثا

الغزالي

ص: 839

أنساب قبائل العرب

الحبوني

رحلة الألف عام

فضل الله عطيوة

معجم سكان ليبيا

التليسي

ثورات الجزائر

د. يحيى بو عزيز

الصحراء الكبرى وشواطئها

إسماعيل العربي

سيرة بني هلال

عبد الرحمن أيوب

حياة الأمير عبد القادر الجزائري

أبو القاسم سعد الله

ثورة المرازيق

محمد وعلي المرزوقي

قبائل العرب في مصر

أحمد لطفي السيد

سياسة محمد علي باشا إزاء العربان

ليلى عبد اللطيف

القبائل المصرية .... لواء/ صلاح التايب

شريعة الصحراء

لواء/ رفعت الجوهري

برقة العربية

محمد الطيب بن إدريس

الصروف في تاريخ الصحراء وسوف

إبراهيم الساسي

الهادي في معرفة بني سُلَيْم والهنادي

محمد علي بركات

سلسلة الأصول في شجرة أبناء الرسول

عبد الله الشارف

حصر العربان بالديار المصرية في القرن

عامي 1883 - 1897 م

التاسع عشر

دولة الإسلام

شمس الدين الذهبي

الأعلام

الزركلي

مجلة العرب السعودية

حمد الجاسر

قلب جزيرة العرب

فؤاد حمزة

تاريخ ليبيا منذ الفتح العربي

دكتور إحسان عباس

قبائل المغرب

محمد بن منصور

ص: 840

أسد الغابة

ابن الأثير

البيان المغرب

ابن عذاري

خلاصة تاريخ تونس

حسن حسني عبد الوهاب

تاريخ الجزائر العام

العكاك

العرب والعروبة

عزت دروزة

الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى

السلَّاوي

المغرب

الصدِّيق بن العربي

الصحراء الكبرى

الدكتور محمد سعيد القشاط

ص: 841