الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما قاله الباحثون في الرد على الهمداني والبلادي الحربي في نسب قبيلة حرب
أولًا: تعليق صاحب موسوعة القبائل العربية:
قال محمد سليمان الطيب: في طبعتنا الأولى والثانية للمجلد الثاني ج 1 عامي 1995 م / 1996 م نقلنا عن الباحث السعودي الأستاذ عاتق بن غيث البلادي الحربي فيما يخص نسب قبيلة حرب، حيث ذكر في طبعة 1404 هـ / 1984 م قائلًا أن نسب حرب نقلًا عن الهمداني لا يقبل الشك إلى حرب بن سعد بن سعد بن خولان.
وهنا توقف البلادي عند خولان ولم يكمل النص الذي عوَّل عليه من كتاب الإكليل للهمداني.
وأبو الحسن محمد الهمداني ذكر أن خولان هو ابن عمرو بن الحاف بن قُضاعة.
ولكن البلادي في كتابه "نسب حرب" خالف نص الهمداني حيث ذكر في ص 25 قائلًا: وفي "سبائك الذهب": خولان بن مالك بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. (انتهى).
ومن المعروف أن "سبائك الذهب" للعلَّامة أبو العباس أحمد القلقشندي الفزاري (ولم يوضح ذلك البلادي أيضًا واكتفى بذكر المرجع دون مؤلفه).
وكما نرى هنا فالبلادي تمسك بما قاله الهمداني عن حرب إلى خولان وترك تسلسل خولان إلى قُضاعة من حِمْيَر بن سبأ.
وبَتَر النص الذي كتبه الهمداني وأكمل على مزاجه نسب خولان إلى كهلان بن سبأ بعدما ذكر نص سبائك الذهب للقلقشندي ليوهم القارئ عن نسب خولان إلى كهلان لا إلى قُضاعة ولا يعرف سبب ذلك إلَّا البلادي نفسه.
وكان من الواجب على الأستاذ البلادي أن يأخذ بنص الهمداني كله أو يتركه كله ولا يلجأ إلى هذا التلفيق لحاجة في نفس يعقوب، الله أعلم به.
والحقيقة أنني نقلتُ قول البلادي في الموسوعة ولم أنتبه لأن كتاب "الإكليل" ليس عندي وقت الطبعة الأولى والثانية.
ولا أبرئ نفسي من المسئولية حيث كان من المحتَّم عليّ كباحث أن أُمحِّص وأتأكد من نص الهمداني قبل تدوينه ولا أعتمد على البلادي والثقة به إلى درجة مفرطة والاكتفاء بما قاله بدون مراجعة، وهذا تقصير مني وأعتذر للقُرّاء عنه في هذه الطبعة الثالثة المنقّحة عام 1420 هـ/ 2000 م.
والحقيقة وردت إليَّ رسائل لوم وعتاب من بعض الباحثين العرب على هذه الجزئية الهامة وطالبوني بتبيان الحقيقة التي أغفلها البلادي في كتابه "نسب حرب" وذلك في طبعتي المنقَّحة للمجلد الثاني من موسوعة القبائل.
ولقد عرفت فيما بعد طبع الموسوعة للمرة الأولى والثانية أن البعض من قُرَّاء كتاب البلادي "نسب حرب" الذي نقلت منه قد نقدوا البلادي على هذه الجزئية في رسائل نَشَر بعضها البلادي في كتابه مسائل في رسائل ومن خلال رده على القُراء اتضح أنه معترف بخطئه الفادح وما وقع فيه من أوهام جعلتهُ يقوم بتحريف نص الهمداني، وقد وعد المتسائل بدراسة ما وقع فيه وتصحيحه وليتهُ يفعل، فالاعتراف بالحق فضيلة ولا معصوم إلا الأنبياء.
وعن نص الهمداني في "نسب حرب" فقد نقلهُ العلّامة الشيخ حمد الجاسر بكل أمانة حيث ذكر في كتابه "جمهرة أنساب الأسر المتحضرة" في نجد طبعة 1409 هـ/ 1988 م عن قبيلة حرب قائلا في ص 128 القسم الأول: حرب قبيلة كثيرة الفروع من العرب القحطانية تنسب إلى حرب بن سعد بن سعد بن خولان بن عمرو بن الحاف بن قُضاعة. وقُضاعة معروفة النسب.
وقد أوضح الهمداني نسب قبيلة حرب إيضاحًا مُفصَّلًا وذكر طرفًا من أخبارها في الجزء الأول من كتاب الإكليل إلى ص 314 طبعة أولى.
أما ما ذكره غيره - كابن حزم في "جمهرة أنساب العرب" ومن جاء بعده - من أنهم من بني هلال بن عامر من قيس عيلان فلا يُعوَّل عليه؛ لأن الهمداني أقدم وأوثق في علم النسب. وهذا لا ينفي دخول بعض الفروع العدنانية في حرب من بني سُليم ومُزينة وغيرهما.
وذكر الهمداني ج 1 ص 307 أن حربًا أُجْلُوا عن صعدة سنة إحدى وثلاثين ومائة، فانتقلوا من اليمن حتى استقروا فيما بين مكة والمدينة، ثم انتقلت منهم فروع كثيرة إلى نجد في عهود متأخرة. (انتهى قول حمد الجاسر).
ومما سبق بيانه يتضح لنا أن حربا من القبائل القُضاعية وتلتقي مع قبيلة بلي بن عمرو في عمرو بن الحاف، ومع سائر قبائل قُضاعة في الحاف بن قُضاعة بن مالك من حِمْيَر من القحطانية. كما يتبين لنا من قول الشيخ حمد الجاسر أن حربا القُضاعية دخلت معها فروع عدنانية من بني سُليم ومن مُزينة وكِنَانة
(1)
وهوازن وهُذيل وخُزاعة والأشراف، ولذلك فنجد أن حربًا في القرنين الثامن والتاسع الهجريين بما انضمت إليها من الأحلاف تصبح القوة الرئيسية في بلاد ما بين الحرمين وأطلق عليها العرب اسم "حرب حرَّابة الدول".
ولنا وقفة هنا في أن حربا الخولانية القُضاعية اليمانية كانت متواجدة بالفعل في نواحي الحجاز ما بين الحرمين منذ أول القرن الرابع الهجري حسب ما ذكر أبو زيد البلخي في "معجم البلدان" ولكن حربا ليست وقتئذ قبيلة كبيرة، وقد أشار لذلك أبو الحسن محمد الهمداني في "الإكليل" أن قسمًا من حرب قد عاد إلى صعدة باليمن حيث قال: جاء في شعر عمرو بن يزيد الغالبي من حرب الذي ناشد فيه ابن خالته جرير بن حجر (سيد الربيعة بن سعد) أبناء عمومة حرب العودة إلى اليمن مع بعض قومه؛ لأن قبائل سُليم وبني عامر (هوازن) وبني بكر بن وائل وقبائل قيس عيلان يسومونهم الذل ويعادونهم عداءً شديدًا.
وهذا ما كان بالفعل فقد رقّ له جرير وعادت معظم فروع حرب إلى مقرها ووسط قومها بصعدة من بلاد اليمن.
(1)
خاصة بني غفار وضمرة.
وبالنظر إلى ما ساقه لنا الهمداني مما تقدم، ثم بقول آخر له في نفس "الإكليل" ذكر أن ما تبقى من حرب يهزمون قبائل مُزينة وعَنَزة وسُليم ويجلونهم من ديارهم ولا يدخلونهم بعض المواضع في الحجاز إلا بذمامهم، فهذا هو الأمر العجيب؛ لأن المدة الزمنية ما بين عودة الفروع المقهورة إلى اليمن من حرب وبين الفروع الباقية التي فعلت الأفاعيل لا تتعدى قرنا من الزمان، وهذا طبعًا لا يقره عقل ولا منطق ويجعلنا نحتاط من أوهام الهمداني في روايته العجيبة التي نقلها عن راوٍ واحد في زمانه لم يعرفه إلا هو!
ولقد علَّق العديد من الباحثين في المملكة العربية السعودية والأردن على مزاعم الهمداني سنوردها تباعًا، وحتى نضمن الحيادية، فسوف نعرض أقوال الشيخ حمد الجاسر والأستاذ فايز البدراني الحربي المؤيدين للهمداني. وأقول رأيي الأخير في هذه الطبعة من المجلد الثالث من الموسوعة إنه بعد تعمقي فيما قاله الأطراف جميعًا وبعد المناظرة والمصاولة العلمية أستطيع أن أقول بكل اطمئنان: إن الصورة التي نقلها لنا الهمداني خاطئة برمتها عن حرب ولا يعني سيطرة حرب على مزارع الأشراف في القرن الثالث حسب ما أورد البلخي وابن خلدون أنها قهرت القبائل العدنانية كلها كما صور لنا الهمداني في سرده بالإكليل.
وأرى أن حربا لم تبدأ بالسيطرة على بعض طريق الحج والتحكم به إلَّا في القرن الثامن الهجري، وقد زادت السيطرة في القرن العاشر بعد أن خلا لها الجو بعد هجرات قبائل لام من طيئ وعنزة من ربيعة من حول المدينة النبوية وانتقالهم إلى العراق والشام وشمال نجد وشرقها.
لم تبق إلّا قبائل سُليم والتي تعرضت لحروب ضارية من أشراف مكة أدى إلى هجرات قسم قوي منها إلى بلاد الخليج وأهمها بني عُتبة
(1)
من خفاف وهم آل بن على وغيرها من الفروع الأخرى في بلاد القصيم.
(1)
بني عُتبة ذكرهم أبو على الهجري في كتاب "التعليقات والنوادر" آخر القرن الثالث وأول الرابع الهجريين من خفاف من سُليم وآل بن على أهم فروعهم لديهم وثائق ومخطوطات تؤكد نسبهم لبني سُليم بن منصور العدنانية.
وقد قوي التنافس بين بقية بني سُليم في الحجاز وبين قبيلة حرب الفتية ونشبت بينهما حروب ظلت دهرًا طويلًا وكان من نتيجة هذه الحروب هو انتشار بني حرب في كثير من مواضع تخص بني سُليم ثم انضواء كثير من فروع سُليم تحت راية حرب بعد أن أصبح لها امتيازات ورواتب من قبل الأشراف ومن سلاطين المماليك في مصر والشام بسبب قوتها عن القبائل الحجازية وهذا راجع إلى كثرة أحلافها ومن دخل تحت اسمها من بطون القبائل العدنانية مثل مُزينة وكِنَانة وخُزاعة وهُذيل وهَوَازن وبعض الأشراف الحسينيين والجعافرة الهاشميين وغيرهم.
وبذلك رجحت كفة حرب الخولانية بما أنضم لها من العدنانيين وأصبح من كان ينافسها لا يقوى عليها وظلت طوال القرون الستة الماضية هي القبيلة الأولى صاحبة الحول والطول خاصة في بلاد ما بين الحرمين.
ومما يجب ملاحظته أن البلادي أوهم القارئ في كتابه "نسب حرب" والذي سردناه في موسوعة القبائل، بأن بعض أسماء بطون قبيلة حرب المرجح أنها عدنانية هي من سلالة حرب الخولانية حسب ما سرد الهمداني من تسلسل لحرب في عهده.
وهذا لمجرد تشابه الأسماء وبدون دليل دامغ أو نص صريح واضح من الهمداني نفسه الذي اعتمد عليه، وسيأتي نقد هذه الجزئية من الباحث الأردني راشد ابن حمدان الأحيوي، وكما نراه عجز عن رد جذم كبير من حرب مثل بني سالم ولم يسلسلهم إلى حرب الخولانية التي رجع معظمها إلى بلاد اليمن كما ذكر الهمداني في "الإكليل". وهذا يؤكد لنا صحة قول بعض الباحثين أن معظم فروع هذا الجذم هي عدنانية أكثرها من الأرومة السلمية، وسيأتي التفصيل عنها.
وقد اعترف البلادي في سرده عن بطون حرب كما تقدم بأن الكثير منها لا ينتمي إلى حرب الخولانية ونذكر على سبيل المثال:
ذكر البلادي الطمح من بني السفر من الأنصار أي من الأزد، وذكر المغاربة من زبيد أن أصلهم من وادي سوس بالمغرب الأقصى، وكذلك العداوين من زبيد أصلهم من عدوان من قيس عيلان، وذوي صالح وذوي مساعد من زبيد أصلهم من الموالي، وأيضًا أن مع الغوانم من زبيد في رابغ طوائف من الهنود والحضارمة والمصريين واليمنيين دخلوا مع حرب بالولاء وصاروا يحسبون أنفسهم من حرب!.
كما ذكر العُتبان من زبيد أصلهم من عُتيبة أي من هوازن، وكذلك المرامحة من زبيد من عتيبة أيضًا، والجحادلة من زبيد أصلهم من قبيلة الجحادل من كنانة، والروائقة من زبيد أصلهم من جُهينة، وذوي عنان من زبيد أصلهم من الأشراف حلفاء زبيد، والشيوخ وهم المصابيح مع زبيد ومع بني عمرو أصلهم من الأزد من الأنصار.
وذكر أن هناك رواية تقول أن العسوم ليسوا من عصب حرب.
كما ذكر أن المزاريع من زبيد هم من بني سُليم، والصعايدة من زبيد الشيخ أصلهم من صعيد مصر، والطيرة من زبيد الشيخ أيضًا معهم أناس يُطلق عليهم الصناعوة أصلهم من صنعاء، والطرابية أصلهم من نجد.
ذكر البلادي أن أسلم جميعها وهي ضمن زبيد أصلها من أسلم خُزاعة وديارهم هي نفس ديار أسلم والتي دخلت ديار حرب بعد توسعها.
كما ذكر أن الزواهرة من زبيد أصلهم من هُذيل.
والهدمة من بني عمرو أصلهم من الثبتة من عُتيبة وجاءوا مع المرامحة من نواحي الطائف ودخلوا في حرب.
والزيود من بني عمرو أصلهم موالي للأشراف دخلوا في حرب، وكذلك المراسيل مع الحراشنة من بني عمرو أصلهم من اليمن. والسمينات مع البلادية أصلهم من بني عبد الله بن غطفان من مُطير، والقضاة مع الجبيرات البلادية أصلهم من بني سُليم، والمهادلة مع الجبيرات البلادية أيضًا أصلهم من الموالي، وبني أيوب مع البلادية أصلهم من صُبح.
قلت: وصُبح أصلهم ليس من حرب وانضموا إلى حرب منذ قرنين ونصف تقريبًا، كما نص على ذلك الدرعي المغربي في رحلتيه اللتين حققهما الشيخ حمد الجاسر.
كما ذكر العصّمة من بني جابر هم من عصّمة عُتيبة من هوازن.
وسُبيع مع جهم من بني عمرو من سُبيع بني عامر القبيلة المعروفة من هوازن. قلت: والصحيح أن سُبيع هؤلاء من بني سُليم.
وذكر أن الجعافرة مع جهم بني عمرو أصلهم من جعفر الطيار هاشميون، والصُّلاح من العطور ذكر أصلهم من العراق.
كما ذكر العطور أن أصلهم من عنزة حسب ما يقولون أو سلميون حسب ما يقول آخرون.
كما ذكر الأحامدة من بني سالم أصلهم من بني سُليم.
والحيادرة أصلهم أشراف هاشميون.
والنفّعة مع مرَّوح من بني سالم أصلهم من نفَّعة عُتيبة.
والظواهر من مروح بني سالم أصلهم من الأشراف في المدينة المنورة كما يدّعون أو أنهم من قريش الظواهر على أقوال أخرى، وقد تهكّم على ذلك البلادي وقال: وهذا وهم ظاهر. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والنعامين مع الحجلة من مروَّح أصلهم من ذبيان من جهينة.
والبذال مع النعامين هؤلاء أصلهم من هُذيل.
وذكر أن عموم مُزينة مع حرب هم من مُزينة العدنانية المعروفة من قبائل خندف من مُضَر.
هذا فقط ما اعترف به البلادي نقلًا عن رواة حرب بالبحث الميداني، وما خفي كان أعظم.
من كل هذا يتبين لنا أن أرومة خولان في حرب لا تشكّل إلَّا ثلث حرب تقريبًا بعد أن نسرد قول الباحثين عن فروع سُلَيْم في حرب وكذلك بعد سرد البحوث الميدانية عن الفروع العدنانية في حرب والآتي ذكرها.
وتتضح لنا الحقائق أن حربا معها بطون وأفخاذ شتى من العرب وبذلك ينطبق عليها المثل المعروف عنها "إذا اختلف نسبك فمن حرب".
ونقول لمن توهموا وأعماهم التعصُّب: لا، فحرب ليست من أرومة واحدة كما يحلو لهم أن يقولوا بالباطل فيما يكتبون! وإن الله حق لا يستحي من الحق، والله من وراء القصد. (انتهى تعليق صاحب الموسوعة).
ثانيًا: ما قاله الأستاذ/ مساعد بن مسلّم الحُصني من مُزَيْنة في السعودية في رد ما ذهب إليه البلادي في اعتماده على مزاعم الهمداني
(1)
:
قال مساعد بن مسلّم:
نود أولا أن نوضح للقارئ الكريم أننا لا نريد بتأليفنا أن نهدم ما بناه أسلافنا، ولا أن نفك روابط أسرية وقبلية قامت على عهود ووشائج أرحام مضت لمن قبلنا واستمرت طيلة قرون كثيرة خلت، أصبحت القبيلتان: مزينة وحرب ممثلة في بني سالم، كشجرتين تباينت أصولهما، وعندما ارتفعتا وعلت كل منهما في جو السماء اشتبكت فروعهما، حتى لا تكاد تفرق بين أغصان هذه من فروع تلك.
لا نريد بهذا المولَّف أن نفرق بين هاتين الشجرتين العملاقتين، ولكن لما جاءت إحداهما وتكلمت وقالت: أنا هذا أصلي وتلك فروعي وهي قبيلة حرب. وجب على الشجرة الأخرى وهي قبيلة مُزينة أن تقول: وأنا أيضًا هذا أصلي وتلك فروعي.
وهذا لا يعني التفرقة، معاذ الله، وإنما يعني معرفة الأصل والمنشأ، وهذا في نظري لا يُغيِّر من الواقع شيئًا ولا يؤثر على علاقة القبيلتين ببعضهما البعض.
وقد كان السباق لذلك ومحدثه، الأستاذ عاتق بن غيث البلادي في كتابه "نسب حرب". ولا ندخل في تفاصيل ما قاله فهو معلوم لدى الجميع ومُسطّر في كتابه المذكور. بيد أنا سنتعرض لنقاط مهمة دعتنا إلى الكتابة في هذا الموضوع. والحقيقة أن البلادي لم يتحرّ الدقة في ذلك والتثبت، وهذا هو الذي نأخذه عليه وهو أنه نقل كلام الهمداني على علّاته ولم ينظر إلى الشواهد الأخرى من التاريخ، فقد اتخذ كتاب الهمداني كما يقول، هو الأساس لنسب هذه القبيلة
(1)
من كتاب "قبيلة مُزينة في الجاهلية والإسلام" طبعة 1408 هـ/ 1988 م من صفحة 29 إلى صفحة 43.
ص 108، يعني قبيلة حرب، ولم يكلف نفسه البحث اللازم لهذا الموضوع، في حين أن كتب الأنساب كلها لم تذكر أن قبيلة حرب هذه التي بالحجاز من خولان من اليمن، وأن نسبها يرجع إلى قحطان، وما ذكرها بهذا سوى الحسن الهمداني.
ثم إن الأستاذ لما اعتمد على النقل من الهمداني لم يكتف بنقل نسب حرب فقط، بل اعتمده أيضًا في تاريخ الوقائع والحروب التي زعم الهمداني أنها قامت بين حرب وعنزة، وبين حرب ومزينة، في آخر خلافة بني أمية، وهذا شيء لم يذكره من كتب التاريخ سوى "الإكليل" للهمداني حسب ما نعلم.
ثم إن ما قاله الهمداني من أن حربًا أجلت عَنَزة، وهم أعني حربًا ستمائة رجل وقتلوا منها بشرًا كثيرًا في تلك الحقبة من الزمن، بل في أحد القرون المفضلة
(1)
، هذا في نظري يحتاج إلى دليل لا يتطرق إليه الشك.
وأين كانت دولة بني أمية عن هذه الأمم
(2)
التي تطحنها الحرب بين مكة والمدينة قاعدتي الإسلام ومنبع الرسالة.
بل إن الأدهى من ذلك قوله: إن مُزينة أيضًا ناصبت حربًا العداء وهم - يعني مُزينة - أهل الثروة زهاء خمسة آلاف فقتلت حربُ منها مقتلة عظيمة وأجلوها إلى الساحل من الجار، والصفراء، وأرض جشم فهم بها إلى اليوم لا يدخلون الفرع إلا بجوار أو ذمام بني حرب.
وهذا شيء قل حدوثه في تاريخ الوقائع أن ينتصر ستمائة على خمسة آلاف إلا أن تكون لدى حرب في ذلك الوقت قنابل أو رشاشات، لم نسمع بمثل هذا!! علمًا أن الديار ديار مُزينة وهم أعلم بمراصدها. وقبل الإسلام لم يستطع أحد من القبائل الدنوّ منها أو نيلها، فكيف بعد الإسلام وإقامة شرائع الله في الأرض؟.
وهذا الذي أردت من الأستاذ البلادي أن يسمو بعلمه وقلمه عن مثل هذه الشطحات.
(1)
يعني سنة 131 هـ كما نقله البلادي عن الهمداني.
(2)
قلت: الصحيح أن يقول: القبائل.
وقد استنكرنا منه ذلك بصفته باحثًا كبيرًا، وأديبًا فاضلًا، أثرى المكتبة العربية بتواليفه.
وليس لنا أن نؤنبه في ذلك فهو رجل قال بقول من سبقه ولم يزد عليه. وإنما نعترض عليه بالنسبة لعلمه ومعرفته، إذ قديمًا عرفت قاعدة:
وهي أن ما كل ما يعلم يقال، إلا بعد تمحيص وتثبت، ولهذا قال أبو هريرة رضي الله عنه: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين وعاء بثثته فيكم" الحديث
(1)
أما وقد كتب البلادي ما كتب ودوّن ما دوّن، فلا بد أن يستعاد اسم هذه القبيلة ويظهر تاريخها، ولا يجزع ذلك أحدًا فإنا نرى أن لأسلافنا علينا حقًّا ولخَلَفِنا أيضًا حقًّا كذلك، وليس للمقابل أن يجزعه هذا.
فلا تجزعن من سيرة أنت سرتها
…
فأول راضٍ سنة من يسيرها
وكان الناس يعرفون أن نسب هذه القبيلة، أعني قبيلة حرب، يرجع إلى القبائل العدنانية من بني هلال بن عامر بن صعصعة، كما نقلته كتب الأنساب من قبل وهي: جمهرة أنساب العرب لابن حزم، وسبائك الذهب في معرفة قبائل العرب لمحمد أمين البغدادي، ونهاية الأرب في معرفة أنساب العرب للقلقشندي، وغيرها من المتأخرين الزين حذو حذوها في التأليف عن أنساب العرب.
وكنا نعرف أن مزينة حينما ضعفت كما يقال ودخلت مع حرب عادت إلى أقرب نسب لها من العرب. ولكن البلادي بعد اعتماده لهذا القول يجعلنا في حيرة من أمر هذه القبيلة، إذ لا يمكن لقبيلة عدنانية أن تحالف قبيلة قحطانية يمنية، مع وجود قبائل عدنانية بجانبها قوية مثل بني أسد، وبني تميم، وبني سُليم. فهلّا اجتمعت هذه القبائل العدنانية كلها على إخراج حرب من بلادها وردتها إلى يمنها؟ وهنا يتضح غلط الهمداني ومجانبته للصواب حيث قال: إن حربًا ستمائة، ومزينة خمسة آلاف، فمن غير المعقول أن تهزم بني أسد، ثم تهزم مُزينة، وعلى إثرها
(1)
صحيح البخاري كتاب العلم (كتاب حفظ العلم (جـ 1 ص 216 الفتح) ولفظه (أما أحدهما فبثثته فيكم. . . الخ).
سُليم وكلها قبائل عدنانية أصلها واحد، وعدوها الذي يخرجها من ديارها واحد، قوامه ستمائة مقاتل. فهل يوجد أعجب من هذا؟!
ثم أين ذهبت الدولة الإسلامية التي كانت حاكمة في ذلك العصر؟
اللهم إن هذا من شطط القول الذي لا يصدقه أحد. وقد زلَّ بها الأستاذ البلادي وأوردها على مُزينة. وما هكذا تورد الإبل يا شيخنا.
والكل يعلم أن الهمداني لم يسبق إلى هذا القول ولم ينقله أحد ممن جاء بعده حسب علمنا، وهو شاذ في قوله هذا، والشواذ لا حكم لها فكيف تؤخذ أساسًا يعتمد عليها يرفع بها أناسًا ويضع بها آخرين؟.
أنا أظن لو أن الأستاذ البلادي حفظه الله تروّى قليلًا وتثبت لوجد أن هذا القول غير صحيح، فإن أكثر ما كتبه الهمداني أخبار آحاد لا يعوّل عليها، إذ لا يمكن العدول عن المتواتر مما نقله العلماء واتفقوا عليه، ونقله عنهم من بعدهم، وأقروهم عليه، مع اطلاعهم على ما كتبه الهمداني بلا شك
(1)
.
فما الذي يجعلنا نتشبث بأخبار رجل واحد ونترك أقوال الأمة كلها إلا أن نكون نريد الانتصار لآرائنا، وهذا ما لا تقبله الأصول، وتأباه الأمانة العلمية. ونحن نقول هذا القول لأنا في معرض النقد وتفنيد مزاعم الهمداني، وإلا فنحن نعترف بسعة علم الأستاذ البلادي خاصة في هذا المجال وأننا في بعض الحالات أو أكثرها نكون عيالًا عليه، ولكن مهما يكن الإنسان هو الإنسان ولا محيد له عن النقص.
والذي يهمنا من هذا كله هو أمر مُزينة، فبعد أن قُسِّمت حرب إلى هذا التقسيم ووزّعت هذا التوزيع، فلا ضير على مزينة العدنانية أن تذكر نسبها بوضوح وأن يكون لها تاريخها الواضح الجلي الذي لا يستطيع أحد أن ينكره، فهو في كتب السنة أكثر منه في كتب الأدب، وفي تراجم الصحابة أكثر منه في دواوين الشعر. والحاصل أن زعزعة كهذه لا طائل تحتها ولكن كما قيل:
(1)
انظر لهذا المعنى: مقدمة صفة جزيرة العرب لشيخ حمد الجاسر ص 11، 12، 13.
إذا لم يكن إلا الأسنة مركب
…
فما حيلة المضطر إلا ركوبها
وإذا لم يكن بدٌّ من إظهار النسب المعروف فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ثم إن صدود الناس اليوم عن معرفة الأنساب، واكتفاؤهم بما في أيديهم من هذه المادة الرخيصة أمر له بعده. فإنك لا تجد أحدًا إلا وهو يقول نسبك ما وجد في جيبك، وما حوته خزائنك وأرصدتك، وهذا عام في مجتمعنا وهو مما يؤسف حقًّا. وذلك أن الناس هم الناس، والعرب هؤلاء من نسل أولئك العرب، ولا بد للتاريخ أن يعيد نفسه، وهذه سنة الحياة.
ولا بد للمتأخر أن يعرف شيئًا من سيرة المتقدم، وهو حق من حقوق من يأتي بعدنا.
كما وجب لنا على من سلف فهجروه وصرنا في حاجة ماسّة إلى المراجع والمصادر الخاصة به، وحتى لا يأتي أمثال الحسن الهمداني، ويكتب ما طرأ على خاطره. ثم يأتي بعده من ينقل عنه، وتستمر هذه الطريقة، وهذا الدس الرخيص في تاريخ الأمم وأنساب القبائل، وهذا من أعظم المشكلات والمصائب التي دخلت على تاريخ أمة الإسلام سواءً ما دُسَّ في التاريخ العام للمسلمين، أو الخاص كتاريخ القبائل وأنسابها.
وقد قال الأستاذ البلادي في كتابه "معجم قبائل الحجاز" ص 453 من الجزء الثالث بعد أن ذكر حلف مُزينة مع حرب: "ويظهر أن مُزينة ملّت الإقامة في ذلك الساحل الضيق الحار فلم تجد ملجأ ولا ناصرًا من حرب إلا إياها، فعادت فحالفت حربًا في المراوحة من بني سالم، وهكذا نسي المزنيون نسبهم فأصبحوا حربيين حتى أن بعضهم يغضب بمجرد أن يسمع من يقول أنهم ليسوا من حرب نسبًا" ا. هـ. أقول: هذا القول فيه صواب وفيه خطأ.
فأما الصواب فهو أن مُزينة خاصة مَنْ بنجد من يكتب اسمه السالمي ثم الحربي، فهذا واقع فعلًا وهو الذي ندعو في هذا الكتاب إلى تعديله، والعودة إلى اسم القبيلة الأم. "أي المزني ثم السالمي ثم الحربي لأنه المطلوب شرعًا ونظامًا".
وأما الخطأ فهو قوله إنها نسيت نسبها وهذا غير صحيح وهو إجحاف لا نقبله ولا نسكت عليه. وهذا الكتاب كله رد لهذا القول. فقد أبعدت النُّجعة يا أخا العرب. أما علمت أن مُزينة تقوم الساعة وهى باقية بهذا الاسم فكيف تتهمها بنسيانه وسنسوق بعد قليل ما يثبت ذلك بنص حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وإذا شذّ أحد من أبناء هذه القبيلة وتسمى بغير اسمها فلا أظن أن هذا يدعوك إلى اتهامها بنسيان نسبها وهو قول لك عنه مندوحة ولا نجد لك عذرًا إلا أن نقول إنه قضاء وقدر وقد قيل في ذلك:
لكن إذا حُمّ القضاء على امرئ
…
فليس له برٌّ يقيه ولا بحر
أما ما يزعم الأستاذ البلادي من أن مُزينة عادت فحالفت المراوحة من بين سالم فالجواب عن هذا القول. لا يخفى على الأستاذ البلادي ولا على غيره، إذ تلك الأحلاف التي جمعت عرب الحجاز كلها وليست مُزينة فقط كانت أحلافًا عامة لا يستطيع أحد أن ينكرها، وهو أن قبائل العرب لما قامت الدولة العباسية رأت منها ضعفًا عن عرب الجزيرة حيث تركتهم ينحر بعضهم بعضًا ويسبي بعضهم بعضًا، مما أدى إلى تحالف القبائل التي كانت في الحجاز كلها ولجوئها إلى بعضها، وقد كان من ذلك حلف شبابة الذي كان بين عُتيبة وجُهينة وحرب
(1)
، وتبعه أحلاف كثيرة من شتى القبائل التي جاءت مستضعفة فدخلت مع هؤلاء الحلفاء ومنها القبائل التي دخلت مع حرب إلى الآن، والتي دخلت مع عُتيبة وجُهينة إلى الآن. وهذا التداخل بين تلك القبائل يمكن أن نطلق عليه توحيد عرب الحجاز إن صح هذا التعبير، والمطلع على تاريخ تلك الأزمنة وتاريخ من عاش بها يعلم من أين جاءت تلك القبائل، التي أصبحت الآن أجزاءً متداخلة لا ينفك أحدها عن الآخر، أخذت على ذلك قرونًا كثيرة توحدت فيها لغتها وعقائدها وسلوكها. ولا ننكر أن تكون قبيلة مُزينة ضمن تلك القبائل إذ لا محيد لها عن ذلك، فلا يمكن أن تجتمع تلك الأمم كلها وتخالفها مُزينة إن كانت بها قوة عن غيرها ولها بلاد وثروة؛ لأن السبب في ذلك معلوم لدى الجميع، وهو أن هذه القبائل كلها مهددة
(1)
راجع معجم قبائل الحجاز البلادي ج 2 ص 228 عن قبائل شبابة.
بعد ضعف دولتها بالطامعين من غير العرب الذين كانت لهم دول قضى عليها الإسلام وهذا شأن الأمم تلجأ إلى الأقوى. وفراستهم في ذلك لا تخطئ، فلقد رأوا ضعفًا في دولة بني العباس، ورأوا دويلات قامت في شرق البلاد وغربها، بعضها ينتسب للإسلام، وبعضها يريد استعادة ملك فارس، وآخر يريد استعادة ملك الروم، وكان لهذا الاجتماع من القبائل العربية ولجوئها إلى بعضها هو السبيل الذي لا محيد لهم عنه فاجتمعوا عليه. وهذا هو السر في تداخل أنساب بعض القبائل وإضاعة أسمائها الأولى.
ونحن لا ننكر على الشيخ البلادي في نقله لنسب حرب عن كتاب الهمداني إذ هذا من شأنه ولا اعتراض لنا عليه.
ولكن الاعتراض كما سبق في اعتماده على كتاب الهمداني في نقل الوقائع التي حصلت بين تلك القبائل مع أن الأمر غير ذلك وشواهد التاريخ تأبى أن يكون هذا هو السبب الذي جعل مُزينة تلجأ إلى حرب. والصحيح كما ذكرنا، فاجتماع القبائل كان أمرًا عامًّا ليس لأحد الخيار في مخالفته، وأما الجواب عن قوله إن مُزينة نسيت نسبها فمن وجهين:
الوجه الأول: هو أن مُزينة بقيت محافظة على نسبها إلى الآن ولا ترضى أن تتسمى بغيره خاصة من بقي منها في ديارها الأولى؛ لأنها ليست كغيرها من القبائل فهناك وثائق نبوية تجمعها ثم وثائق عمرية كتبت في عهد عمر بن الخطاب ذكرها ابن شبة وغيره في تاريخ المدينة، ثم وثيقتها الأخيرة التي كان بها الإقطاع من الشريف (سعد بن زيد) والتي ما زالت موجودة عند أبناء هذه القبيلة، وسنسوق لفظها في موقعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
الوجه الثاني: وهو الذي اتخذه الشيخ البلادي عفا الله عنه سُلَّمًا للنيل من قدر هذه القبيلة، وهو أن مُزينة لما انساح معظمها إلى نجد كانت موالية لبني سالم من حرب، لاتفاق في العادات والعقائد وتقارب الآراء ووجهات النظر كان في ديارها الأولى أدى إلى تقاربها وتمازجها مع بعضها.
أعقبه أن قام نحيت بن سعدي بن مسعود بن اجحوش بن رمث المزني الجد الأول لرؤساء مُزينة الآن، بالإمارة على مزينة، ورافقه في ذلك توفيق من الله وساعده الحظ مع بسالة وشجاعة وحسن تدبير، ساعد ذلك ما لهذه القبيلة من مكانة في الإسلام ودعوات من المصطفى صلى الله عليه وسلم جاءت في الصحيحين وغيرهما كانت معروفة عند العرب ومتأصلة في نفوسهم، فاجتمعت هذه الدوافع كلها إلى صف مزينة أدّت إلى انضمام من يليها من بني سالم إلى هذه الإمارة وزادت قبيلة المراوحة تحت هذه الإمارة وكثرت فأعلنها الأمير على مجمع من الناس بأنها "سالمية" لأسباب ليس هذا مجال ذكرها، واستمد قوته من هذا الإعلان واستمر عليه وخلفه على ذلك من قام من بعده من أبنائه إلى قيام الملك عبد العزيز رحمه الله؛ إذ كانت بني سالم جلها تحت راية حجاب بن نحيت جد الأمير الحالي ثم رجعت بعد ذلك بني سالم إلى أمرائها الذين هم الآن في قيادتها، ولدينا على ما نقول إثباتات بخط حجاب إلى مُزينة وبني سالم أهل الحجاز لا داعي لنشرها، فرحم الله من كان غيثا على هذه الجزيرة حتى نعم أبناؤها بما هم فيه من النعم والاستقرار، وجزاه الله عن أمته خير الجزاء ورزق خلفاءه البطانة الصالحة.
أقول: واستمرت هذه التسمية إلى الآن في أهل نجد، ومن طبيعة هذه القبيلة التي جبلت عليها أن لا تنازع أو تتسرع لأمر لها فيه أناة؛ لأنها لا تخشى من ضياع نسبها فتسميتها باسمها الأول باقية إلى قيام الساعة بنص حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه البخاري في "كتاب فضائل المدينة. باب من رغب عن المدينة" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العواف - يريد عوافي السباع والطير - وآخر من يحشر راعيان من مُزينة، يريدان المدينة، ينعقان بغنمهما فيجدانها وحشًا، حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرّا على وجوههما" ا هـ.
قال مؤلفه: هذا ما يتعلق بهذه التسمية المحدثة وإني لا أرى دافعًا لهذا القول من الشيخ البلادي، ولكن لكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة، وقد حاولنا التحامل
على أنفسنا والسكوت عن هذه القضية، غير أنا رأينا كثيرًا من أبناء هذه القبيلة ساءه هذا التعبير فأردنا أن تعود الأمور إلى أصلها بطريقة علمية تبقى ما بقيت مسبباتها دون المساس لأحد أو التعرض للآخرين.
"
فصل
"
وأما مخالفة مزينة للمراوحة من بني سالم
(1)
إذا كان صحيحا فغير مستنكر مع أنه ليس هناك نص صريح يثبت هذا الحلف، ومُزينة ليست مسالمة إلى هذا الحد بحيث لا تدفع عن نفسها أي اتهام، ولكن الحقيقة والثابت لدى العرب هو ما ذكرنا من أن تلك الأحلاف كانت عامة، وقد نعمت في ظلها جميع القبائل، وقد عرفت العرب الأحلاف قبل الإسلام وبعده.
نعم إنه كان قبل الإسلام ثم جاء الإسلام وأقرّة على طريقة غير طريقة الجاهلية؛ ففي الجاهلية كانوا يورثون الحليف قبل الأقارب فأبطل ذلك الإسلام، وأقر حلف التعاون على الحق والنصر والأخذ على يد الظالم، كما قال ابن عباس إلا النصر والنصيحة والرفادة ويوصى له، وفي ذلك أخرج الشيخان عن عاصم قال: قلت لأنس رضي الله عنه أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا حلف في الإسلام". فقال: قد حالف النبي صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داري ا هـ.
وهذا حلف تآخي لا اعتراض عليه. ونحن إذ نحسن الظن نقول: إن الشيخ أراد رجوع القبائل إلى أنسابها الصحيحة، وهذا أمر شرعي يشكر عليه ويجب الرجوع إليه؛ لأن التبري من النسب المعلوم جريمة كبرى تؤدي إلى الكفر.
وهذا في الحقيقة هو أملنا، ولكنا أردنا تبيين الأمرين للإحاطة بهما. فبعد أن وضحنا ما التبس في الأمر الأول، نوضح ما يجب أن يعود إليه الناس من الانتساب إلى أنسابهم الصحيحة، مع ذكر الأدلة في ذلك. فنقول:
(1)
بنو سالم هؤلاء لم يذكر لهم البلادي نسب ينتسبون إليه وهو قد جعل ميمون من بني سالم أصلهم من بني عمرو، فيا ترى المراوحة من بني سالم من أين يريد أن يأتي بهم؟ إن بعض الآراء تحتاج إلى تمحيص قبل كتابتها. المؤلف.
إن حلف التآخي والتعاون على البر والتقوى، أمر محمود عرفته القبائل العربية يتركونه ثم يعودون إليه، فكلما قامت دولة للإسلام تحكم بشريعة الله كفتهم عن ذلك، وإذا اضطروا أن يستمدوا قوتهم من اجتماعهم وتكاتفهم أقاموه، وهذا لا اعتراض عليه.
وإنما الذي لا يقره الشرع وتأباه العقول سواء من مُزينة أو غيرها هو أن يسقط اسم قبيلة بكاملها ليضع ضمن اسم جارتها أو حليفتها، وهذا ليس خاصًّا بمزينة بل كثير من القبائل اليوم هذا وضعها، وهذا في الحقيقة لا يلجأ إليه إلا من لم يكن ذا نسب معلوم أو من لم يهتم بنسبه.
والذي نعرفه وتعرفه العرب قبلنا هو أن الحلف أو الجوار لا يسقط اسم القبيلة المحالفة وإنما تبقى القبائل محتفظة بأنسابها وأسمائها وإن كانت مع القبيلة الأخرى متحدة في أمورها الأمنية.
وهذا حينما كانت القبائل تستمد أمنها من قوتها واجتماعها، أما اليوم فنحمد الله على ما نحن فيه، إذ منّ الله علينا بهذه الحكومة المباركة، وأرشدنا بالعلم إلى ما يجب علينا تجاه بعضنا. فاللهم احفظنا بحفظك ولا تغيّر علينا.
والمقصود: أن الحلف معناه: أن كل قبيلة محالفة تسالم من يسالم حليفتها وتعادي من يعاديها لا يغير ذلك من اسم أي منهما أو يجعلها تتسمى باسم حليفتها وسواء في ذلك الفرد والجماعة.
ولهذا لمّا حالف النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه بقي القرشي قرشيًّا والأنصاريّ أنصاريًّا ولم يغيّر ذلك من أسمائهم شيئًا.
ولم يذكر لنا أن قبيلة حالفت قبيلة أخرى فسقط اسمها ضمن اسمها، وهذا لا يحتاج إلى بيان أدلة فهو واضح جلي كما أن دون غدٍ الليلة. ونحن نسوق الأدلة الواردة في الشريعة الآمرة بالاحتفاظ بالنسب وعدم العدول عنه، وهو الذي نريده لقومنا إيضاحًا للحق واتباعًا له، ومن أبى فقد قامت عليه الحجة ولزمته المحجة والحق أبلج والباطل لجلج وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل.
فقد وردت السنة الشريفة بالاحتفاظ بالنسب المعلوم.
فإذا كان هناك نسب معلوم فلا بد من الانتماء إليه والتسمي باسمه والمحافظة عليه. وقد جاء في الحديث "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فقد كفر"
(1)
.
وهذا تشديد وتهديد ووعيد أكيد في التبري من النسب.
ولهذا وردت الآية {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} الآية. وهذه الآية معناها واضح. وقد جاء أيضًا في الحديث الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قومًا ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار" متفق عليه.
وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة: "لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر" ولهما من حديث سعد بن أبي وقاص وأبي بكرة قال سعد: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام". فذكر لأبي بكر: فقال: وأنا سمعته أذناي ووعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال مؤلفه: حول هذا الحديث. أبو بكرة اسمه نفيع بن مسروح الثقفي نزل من حصن الطائف مع غلمان من أهل الطائف فأسلموا فاعتقهم النبي صلى الله عليه وسلم. وكان يأبى أن ينتسب، ويقول: أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد قال بعض الرواة وأظنه عيينة بن عبد الرحمن. قال: كان أبو بكرة يقول: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} قال: فأنا من إخوانكم في الدين. قال: وأظنه والله لو علم أباه لانتسب إليه وإن كان حمارًا، امتثالًا لأمر الله وأمر رسوله. فهذا مما يدعونا إلى الاحتفاظ بالنسب والمحافظة عليه.
(1)
أورده ابن كثير في سورة الأحزاب ولم يعزه إلى مصدر لكن أصله في الصحيح من حديث أبي ذر الآتي بعده.
ولذلك سقت الأدلة الشرعية الآمرة به، وهذه الأدلة لا تغير من الواقع شيئا غير أنها تلزمنا بالانتساب إلى النسب الشرعي الذي لا بد لمن اتقى الله من الرجوع إليه والتسمي به ومن أراد أن يخالف ذلك فله ما يشاء.
ونحن نكتب للأجيال القادمة كما كتب البلادي واتهمنا بنسيان نسبنا إذ ليس لذلك إلا هذا.
وأما القرابة والتداخل اللذين بين مزينة وبني سالم بل بينهما وبين حرب عمومًا، فلا أحد ينكره ولا يدعو إلى التخلي عنه، وفصل القبيلتين عن بعضهما البعض لا يقره إلا غبي جاهل، والبلادي لم يَدْعُ إلى ذلك ولم ينكره بل بيّن النسب الذي تنتمي إليه حرب، فوجا علينا تبيين نسب مزينة. ومهمتنا تنتهي عند هذا الحد.
ولكن لنا إظهار تاريخ هذه القبيلة الذي لم يتطرق إليه أحد على مدى العصور فقمنا بهذا التأريخ ليكون مرجعًا سهلًا لكل من أراد البحث فيه.
وهذا لا يعني أن هذه القبيلة خير من غيرها، فكل قبيلة فيها خير والناس من آدم وآدم من تراب، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى. ونحن نبغض التكلم في الأنساب بما يشينها أو يحط من قدرها عمومًا ونرى أن هذا هو طريق المنصفين، وغير المنصفين لا يلتفت إليه
(1)
. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو مالك الأشعري رضي الله عنه: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن، الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت" رواه مسلم.
(انتهى قول مساعد بن مسلَّم من مُزينة في المملكة العربية السعودية).
(1)
كل خطأ في الدنيا مرده إلى عدم الإنصاف من النفس فتأمل. المؤلف.
ثالثًا: ما قاله الباحث السعودي أبو عبد الرحمن الظاهري عن أكاذيب الهمداني
(1)
:
قال أبو عبد الرحمن:
في جولاتي ببلاد الجبلين خلال هذا العام، التي ذللها وسهل كل شؤونها - بإذن الله - صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز حفظه الله، بدأتُ بديار (حَرْب) جنوب شرق الجبلين، من أجل إنجاز موسوعتي عن الجبلين، وهم:"معجم بلدان المنطقة"، و"منازل القبائل القديمة بها وتاريخهم" وإنما عنَّ لي هذا البحث استطرادًا تحية لأحياء (حَرْب) بالمنطقة، وهدية لأدباء (حرب) وعلمائها من أمثال شيخنا العلَّامة حمد الجاسر، وعاتق البِلَادِي، وابن رَدَّاس، والدكتور عائض الردَّادي، والدكتور مرزوق بن تنباك، والدكتور منصور الحازمي والأستاذ فايز الحربي. . . إلخ.
والبحث تَتيُّعٌ تاريخي، مرتب زمنيًّا بالتسلسل، ولي وقفات جزئية أبديها في حينها، ولي ملاحظات أدَّخِرها إلى آخر البحث، وذلك ما يتعلق بِعَدْنَانِيَّة حرب.
وهناك وقفات أبادر بها لا سيما ما يتعلق بأكاذيب لسان اليمن أبي محمد الحسن بن أحمد، وهو أقدم من رأيته ذكر قبيلة (حَرْب).
قال أبو عبد الرحمن: اتضح لي أن الهمداني بِعُرْفُ المحدثين كذَّابٌ وضَّاع، وهو ذو خبرة بالأماكن يفاد منه، وذو خبرة بالأنساب والتواريخ، ولا يعتمد عليه فيما انفرد به ألبتة.
وخبرتُه مكَّنته من الانتحال والوضع والتلفيق.
وكل شعر في كتبه لا يعرف له مصدر غيره فيقارن بشعره هو، والنتيجة أن النسيج واحد.
وحق على شيخنا حمد الجاسر - ومن تابعه، أو تابعوه - أن يعيدوا حساباتهم مع أكاذيب الهمداني.
(1)
هذا البحث نشر في مجلة العرب السعودية ج 1، 2 س 30 رجب/ شعبان 1415 هـ يناير/ فبراير 1995 م.
ولست أدينه من خلال خصومه الذين رموه بالكذب، وأغْرَوُا السلطان بسجنه، وإنما أدينه ببضاعته التاريخية في "الإكليل".
وقد زعم الهمداني أن حرب الحجاز من بني حرب بن سعد بن سعد بن خولان، ونقل عن شيخه محمد بن إبراهيم المحابي أنه جاور في بني حرب بِقُدس ورَضْوَى وينبع سنة 322 هـ.
وذكر الهمداني أن سائر بطون حرب بالحجاز، ونقل عن شيخه المحابي: عن محمود بن على الحربي: أن بني حربٍ لما صارت إلى قُدْس من الحجاز، وبها (عَنَزَةُ) و (مُزَيْنة) وبنو الحارث وبنو مالك من (سُلَيْم) ناصبتهم الحرب (عَنَزَةْ) فأجلاهم الحربيون - وهم يومئذ ستمائة رجل - إلى الأعراض من خيبر.
وناصبتهم مَزَيْنة الحرب (وهم زهاء خمسة آلاف) فأجلاهم الحربيون إلى الساحل من الجار والصفراء
(1)
، وأرض جُشَم، فهم بها إلى اليوم، لا يدخلون (الفُرْعَ) إلا بجوار وذمام من بني حرب وبقية سُلَيْم.
وناصبتهم بنو الحارث وبنو مالك من سُلَيْم - وهم زهاء أربعة آلاف - فأجلاهم الحربيون عن الحرتين والنَّقيع.
وذكر أنهم غلبوا على طريق المدينة إلى مكة فلا يسير أحد إلا بخفارتهم، وأن المقتدر بالله كان يبعث إليهم طول حياته بالمال في خفارة الطريق.
ونقل عن المحابي وقائع لهم في عصره وهي يوم الحرَّة، ويوم الرغامة، ويوم الأثاية، وأنهم أسروا سلطان مكة ابن ملاحظ.
(1)
الجار على الساحل، واسمها البريكة. قال عاتق البلادي في "معجم معالم الحجاز" 1/ 214 - وانظر 2/ 104 - 108 - : تبعد 112 كيلًا شمالًا من رابغ، و 67 كيلًا شمال غربي مستورة، و 95 كيلًا جنوب ينبع البحر، [العرب: انظر لتحديد الجار كتاب "في شمال غرب الجزيرة"].
والصفراء لبني غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر. وإنما تسكن مزينة وَرِقان والروحاء، وقد ذكر عرام ص 16 منهم بني أوس ومدحهم، وهما أعلى وادي الصفراء (؟).
ونقل الهمداني عن علماء صعدة أن بني حرب أجلوا عن صعدة سنة 131 هـ.
وأورد أشعارًا وأعلامًا لا توجد عند غيره.
وذكر تفريعات بني زياد بن سلمان بن الفاحش بن حرب بن سعد بن خولان، وقال: هم أهل العَرْج.
وذكر الهمداني سلسلة نسب شيخ شيخه، وهو محمود بن علي بن عمرو بن جابر بن عمرو المسافر بن عمرو بن زياد بن سلمان بن الفاحش.
وتعقب السلسلة بأنها ناقصة؛ لأن الفاحش جد بعيد يقتضي الوصول إليه ضعف هذا العدد من الآباء مرتين، ووجه النقص بأن زيادًا جَدٌّ قريبٌ، يتصل نسبه بزياد الأبعد ابن سلمان.
وجعل نسب حرب بالحجاز من زياد بن سلمان إلا من دخل فيهم من إخوتهم.
وذكر من فروع حرب: بني عَمْرِو بن زياد، وبني ميمون بن مسافر بن عمرو، وبني زُبَيْد بن الخيار بن زياد، وبني عامر بن حرب، وبني مسروح بن عوف، وبني ذُؤَيْب من بني سبَّاق بن الفاحش.
وذكر أن البلاد التي نزلتها حرب بالحجاز كانت للعماليق، ثم جُذَام وجُرْهُم، ثم جُهَيْنة، ثم عَنَزةُ ومُزَيْنة
(1)
.
وذكر الهمداني أن أكثر بني حرب ظعنوا إلى الحجاز لوقائع تواترت عليهم من الربيعة، وابن أبان، فقصدت العَرج.
وذكر أنه تخلف بعض بني حرب ببلاد خولان
(2)
.
(1)
انظر "الإكليل" 1/ 298 - 314 وممن تابع الهمداني في نسبه حرب إلى خولان محمد بن علي الأكوع في تحقيقه للإكليل 1/ 302 (حاشية) وقال: ما قالته حَذَام، وفؤاد حمزة في كتابه "قلب جزيرة العرب" ص 147 (حاشية)، والشيخ حمد الجاسر، والأستاذ عاتق البلادي في كتبهما ومقالاتهما، وبنيا على نص الهمداني معارضة أقوال المؤرخين والنسابين والمعجمين في منازل القبائل.
(2)
انظر "الإكليل" 1/ 317 - 318.
قال أبو عبد الرحمن: ويقصد بالربيعة بني سعد بن ربيعة بن خولان. قال: (وأكثرهم يقول الربيعة ليفرقوا بينها وبين ربيعة بن نزار، وربيعة بلحارث، وربيعة وادعة)
(1)
.
وبقصد بابن أبان محمد بن أبان الخنفري وهو شخصية تاريخية خصبة ذات كتاب وقائد أحداث وحروب، وصاحب شعر!! .. وله ذكر كثير في الجزء الأول والثاني من "الإكليل".
ولا ذكر له ولا لكتابه، ولا لأحداثه الجسيمة، ولا لشعره الكثير إلا عند الهمداني .. لم يذكره المؤرخون، ولا كُتَّاب التراجم، ولا جُمَّاع الشعر، ولا مدونو الأيام والوقائع، ولا أصحاب المعاجم والفهارس والأثبات، وإنما ترجم له الهمداني وذكر أن عمره مئة وخمسة وعشرون عامًا!؟.
هذا نصه، ونتيجة سياقه تقتضي أن عمره مئة وخمسة وأربعون عامًا، لأنه ولد سنة خمسين في ولاية معاوية رضي الله عنه ومات في 195 هـ
(2)
.
وأكاذيب الهمداني ها هنا تمجيد لخولان، ولما كان هو وحده مصدر التلفيق فيما لفقه، والاختلاق فيما اختلقه، قدم لذلك بمقدمة يرجو أن يصدقه قارئ كتابه، فذكر أن قبيلة خولان مغمورة فأشاع القول فيها وزعم أن ما سيذكره يعرفه أهل نجد والحجاز واليمن ونجران.
ثم احتاط من قول أحد أهل هذه الآفاق: (لا نعلم ذلك) فزعم أن العلم عن خولان علم مخزون بصعدة، ولم تكن صعدة دار رواية.
قال: (ولو كانت صعدة في القديم في البلدان التي رحل إليها أصحاب الحديث لانتشرت أخبارها كما انتشرت أخبار صنعاء).
(1)
"الإكليل" 1/ 317.
(2)
انظر ترجمة الهمداني المزعومة لابن أبان في "الإكليل" 2/ 119 وحوَّم جواد علي بقليل من الشك حول سجل ابن أبان وترجمة الهمداني له وذلك بكتابه "المفصل" 1/ 92 - 95.
ثم أحال إلى أسطورة ابن أبان وكتابه فقال: (وقد مكثت بها عشرين سنة فأطللت على أخبار خولان وأنسابها ورجالها كما أطللت على بطن راحتي!! .. وقرأت بها سجل محمد بن أبان الخنفري المتوارث من الجاهلية!!)
(1)
.
وذكر أن ابن أبان هذا هو الذي أخرج بني حرب بن سعد إلى العرج
(2)
.
وفي موضع آخر ذكر أنه أخرجهم عام 131 هـ إلى قُدْس ورَضْوَى
(3)
.
وشحن الجزء الأول والثاني من "الإكليل" بنظم بارد مطول مختلق لعدة شعراء مختلقين عن إجلاء حرب خولان من صعدة إلى الحجاز!!.
قال أبو عبد الرحمن: وفي كلام الهمداني معالم يلزم التعريف بها، فمن ذلك جبلا قُدْس، فقد ذكرهما عَرَّام بن الأصبغ السُّلَمي، وهو من رجال القرن الثالث، فبين أنهما جبلان لمُزَيْنة
(4)
.
وهكذا ذكرهما أبو علي الهجري لمزينة، وهو من أعيان القرن الثالث
(5)
.
ومزينة نسبة إلى أمهم مزينة بنت كلب بن وبرة، وبنوها ذرية عثمان، وأوس ابني عَمْرِو بن أُدِّ بن طابخةْ بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان
(6)
.
ولعمر بن شبة رحمه الله كلام غير مفهوم إذ قال عن عثمان المذكور: (وعثمان نفسه الذي يقال له مزينة .. وهي أم مزنة بنت خالد بن خالد بن وبرة)
(7)
.
(1)
"الإكليل" 1/ 199.
(2)
"الإكليل" 1/ 268.
(3)
"الإكليل" 2/ 121.
(4)
"أسماء جبال تهامة وسكانها" ص 18.
(5)
"أبو علي الهجري" ص 397.
(6)
"جمهرة النسب" لابن الكلبي 1/ 278 و"جمهرة أنساب العرب" ص 201 - 203.
(7)
"تاريخ المدينة" 1/ 264.
وقد ذكر ابن شبة منازلهم بالمدينة المنورة - وابن شبة توفى سنة 262 هـ وذكر جيرانهم من أفناء قيس عيلان، وقال: ودخل بعضهم في بعض، وإنما نزلوا جميعًا لأن دارههم في البادية واحدة
(1)
.
قال أبو عبد الرحمن: دارهم في البادية بين المدينة ووادي القرى (؟).
وعن رَضْوَى ذكر عرام أن سكان رَضْوى وعَزْوَرَ - سكان الذرى والأحواز: أي النواحي - نهد وجهينة في الوبر دون المدر
(2)
.
وينبع ذكر عرام أن سكانها الأنصار وجهينة وليث
(3)
.
قال أبو عبد الرحمن: هم بنو ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.
وبنو الحارث نسبة إلى الحارث بن بُهْثَة بن سُلَيْم بن منصور بن عكرمة بن خَصَفة بن قيس عيلان .. عد أصبغ (؟) من ديارهم جبال ذَرَة وقراها
(4)
.
وذكر البكري أنه يشاركهم فيها هُذَيْل، وغاضرة بن صعصعة
(5)
.
قال أبو عبد الرحمن: غاضرة من بني غالب بن صعصعة أخي عامر بن صعصعة.
وقد ذكر عرام أن شرعا (؟) لبني الحارث يشاركهم فيها بنو هُذيل، وبنو عامر بن صعصعة
(6)
، فلعل المراد بنو غاضرة في قرى ذرة، ولعل المراد حي من عامر في قرية شرع فحسب.
والعرج هو عرج المدينة المنورة - لا عرج الطائف - يسمى الآن وادي النظيم (؟) وهو لصُبح من حرب.
وكان سابقًا لأسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء. وخُزَاعة بنو عمرو بن ربيعة (لُحَيّ) بن حارثة.
(1)
المصدر السابق 1/ 265.
(2)
"أسماء جبال تهامة" ص 7.
(3)
المصدر السابق ص 8.
(4)
المصدر السابق ص 23.
(5)
"معجم ما استعجم" 1/ 612.
(6)
"أسماء جبال تهامة" ص 25 - 26.
قال أبو عبد الرحمن: أما ابن ملاحظ فقال عنه عز الدين بن فهد نقلًا عن والده عمر بن محمد بن فهد المتوفى سنة 885 هـ من مسودة كتابه "بغية المرام بأخبار ولاة البلد الحرام" بعد نقله لكلام الهمداني: (وما عرفت اسم ابن ملاحظ المذكور، ولا متى كانت ولايته على مكة، غير أني أظن أنه كان على ولايتها بعد سنة ثلاثمائة أو قبلها بقليل. ومؤلف هذا الكتاب الهمداني كان حيًّا في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وعاش بعدها إلى سنة تسع وعشرين فيما أحسب، والله أعلم).
وقدم عز الدين بن فهد لذلك بقوله: لم يذكره الفاسي في تاريخه
(1)
.
قال أبو عبد الرحمن: الكلام الذي نقله عن والده إنما هو كلام أبي الطيب تقي الدين الفاسي المتوفى سنة 832 هـ
(2)
.
قال أبو عبد الرحمن: ها هنا عدة أمور:
الأمر الأول: لا شك في وجود قبيلة حرب الحجازية في عهد الهمداني آخر القرن الثالث الهجري وأول الرابع.
ويؤيد ذلك أن ابن حزم ذكرها حجازية وقد ألف كتابه قبيل منتصف القرن الخامس.
وإذا كان ابن الكلبي لم يذكرها فلأنها لم تنشأ قبيلة إلا بعده.
(1)
"غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام" 1/ 467 - 468. وذكر محققه الأستاذ فهيم محمد شلتوت في مقدمته للكتاب ص 18 أن من كتاب "بغية المرام" نسخة بالهند صورها مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي.
قال أبو عبد الرحمن: وإليها يرجع المحقق.
والهمداني رجح الشيخ حمد الجاسر في تقديمه لـ "صفة جزيرة العرب" ص 30 - 31 أنه عاش بعد 344 هـ.
(2)
بكتابه "شفاء الغرام" 2/ 192 فلعل عز الدين أراد أن الفاسي لم يذكره في "العقد الثمين"، وفي "مرآة الحرمين"1/ 359 أن ولاية ابن ملاحظ فيما بين 320 و 322 فلعل المستند استنتاج الفاسي.
الأمر الثاني: وجود قبائل حربية من قبائل اليمن من خولان وغيرها ليس محل هذا البحث.
وصديقنا العلَّامة عبد العزيز بن علي الحربي من قبيلة حربية شمال اليمن.
الأمر الثالث: دعوى أن حرب الحجاز هي حرب خولان هي دعوى الهمداني، وهي محل الرفض والإباء، لأن العلاقة بين القبيلتين في دعوى الهمداني ذات تلفيق وتزوير وانتحال.
الأمر الرابع: شيخ الهمداني المحابي لا أحد يعرفه غير الهمداني!.
الأمر الخامس: أن شيخ محمود لا وجود له إلا في سند الهمداني!.
الأمر السادس: لا يُعلم أن عَنَزة سكنت جهاد قدس إلا في دعوى الهمداني.
ونص المعجميين أهل القرن الثالث أن جبلي قدس لمزينة لم يذكروا عنزة ألبتة.
وما دامت حرب حجازية، وإذا كان سكناها برضوى وقدس يقينًا في عهد الهمداني: فمعنى ذلك أنها طرأت على ذلك المحل آخر القرن الثالث أو أول الرابع.
الأمر السابع: لو كانت حرب قبيلة ذات عدد بتلك الجهات لعدها ابن شبة وهو من أعيان أول القرن الثالث؛ لأنه ذكر جيران مُزينة في المدينة المنورة على سبيل التقصي، وعلل ذلك بجوار المنازل في البادية ولم يذكر بينهم خولانيين.
فكيف يحلون في بلاد مزينة عام 131 هـ ولا يذكرهم ابن شبة المتوفى سنة 292 هـ وهو في دور التقصي؟!.
وكيف لا يذكرهم قدماء النسابين؟!.
وكيف لا يذكره المعجميون من أمثال عرام ومن في عصره؟.
الأمر الثامن: كيف يكون الحربيون ستمائة رجل جاءوا غرباء من اليمن فطردوا متأهلين عن بلادهم عددهم زهاء أربعة آلاف، وخمسة آلاف؟!.
إن هذا من القصص الذي يطرب له العوام من أهل صعدة، وعوام بادية خولان، والهمداني يكتب لهم على طريق جمع المناقب.
الأمر التاسع: أن الجار والصفراء لم تكن من ديار مُزينة ألبتة، إنما هما لكِنَانة وأخلاط أخرى، ولم يذكر قدماء المعجميين أنهم سكنوا تلك الجهات، وإنما سكناهم أعلى الوادي دون الساحل في الروحاء وورقان.
الأمر العاشر: ما ذكره عن إجلاء بني الحارث وبني مالك من سُلَيْم عن بلادهم في ذلك الزمن مجرد كذبة فلم تضعف سُلَيْم في ذلك الوقت. وقد ذكر ابن جرير الطبري صولتهم في الحجاز سنة 230 هـ حتى هزمهم جيش الواثق بالله
(1)
.
الأمر الحادي عشر: أنني تتبعت أخبار المقتدر بالله في أمهات كتب التاريخ فما وجدت لحرب أحداثًا في طريق مكة والمدينة، وما وجدت أنه بعث لهم بالمال لخفارة الطريق.
وذكر الهمداني أن بعث المال مستمر طوال حياة المقتدر بالله، فهو خبر هام عن الخلافة في أقصى الشمال لا يوجد عند غير الهمداني في صعدة بالجنوب!!.
الأمر الثاني عشر: وقائع الحرَّة، والرغامة، والأثاية لا وجود لها عند غير الهمداني، وأما المواضع فأماكن معروفة.
الأمر الثالث عشر: لم يعرف مؤرخو مكة سلطانها ابن ملاحظ!. وحري أن يكون سلطانًا حقيقيًّا فات على مؤرخي مكة المكرمة ذكره إلا أن أسر سلطان مكة من قبل قبائل حرب في بلاد الحجاز لا علم به إلا في صعدة عن الهمداني عن مجهول.
(1)
انظر التفاصيل في كتاب "بنو سُلَيْم" للشيخ عبد القدوس الأنصاري رحمه الله ص 139 - 143 و"معجم قبائل العرب" 2/ 545. وانظر "تاريخ ابن جرير" 9/ 129 - 131 و 132 - 134 دار المعارف.
الأمر الرابع عشر: ذكر أن قبيلة حرب الحجازية أجليت من صعدة سنة 131 هـ، وأسند الخبر إلى علماء صعدة!!.
ولم يذكر منهم واحدًا معروفًا باسمه مشهورًا بعلمه!!.
الأمر الخامس عشر: ذكر مرة أن رحيلهم عام 131 هـ إلى رضوى وينبع وقدس، ومرة إلى العرج.
والعرج لأسلم (من خُزاعة) لم يذكر قدماء المعجميين أنها في ذلك العهد إلى ما بعده بقرن لأحد غير أسلم.
الأمر السادس عشر: أنه أثرى أخبار حرب في ذلك العصر بوقائع لا توجد عند غيره، وأعلام آدمية لا تعلم عن غيره، ونظم بارد لا يوجد عند غيره ولا يختلف عن شعره الصحيح المنسوب إليه.
الأمر السابع عشر: أن التاريخ لا يحتمل الجهالة بكل هذا السياق من ناحية الرواية.
الأمر الثامن عشر: أن التاريخ لا يحتمل استيلاء فلول قبيلة صغيرة على مساكن غيرها، وقد جاءت بغير رابطة نسب مهزومة في بلدها مطرودة .. وذلك من ناحية الدراية .. وإنما يحتمل ذلك لقبيلة نزعت بقوتها وثقلها وهي مهيأة من دولة كغشيان بني هِلَال وبني سُلَيْم للمغرب .. أو نزعت بقوتها وثقلها مع ضعف الزعامة المحلية التي وفدت عليها ومع رابطة نسب القبائل المحلية كغشيان الضياغم بلاد الجبلين مع ضعف بهيج وقوة الضياغم كون طيئٍ ومَذْحِجَ أخوين.
أو تحل ببلاد أخلاها أهلها كما يحصل في بعث الآبار العادية والنزول بها.
الأمر التاسع عشر: أن الخنفري عَلَمُ أعلام زعامةً وشعرًا، وهو ذو كتاب، وذو أحداث خصيبة، ومن رجال القرنين الأول والثاني، ولا أحد يعلم عنه شيئًا إلا الهمداني!!.
الأمر العشرون: لا شك أن قبيلة حرب قبيلة حجازية ذات صولة وجولة منذ إقامة الهمداني بالحجاز إلى أن هلك، ولجلال هذه القبيلة ومنعتها ادعاها يمنية من خولان حسب عادته في سرقة القبائل العدنانية البارزة والشعر العدناني.
الأمر الحادي والعشرون: ليس بكثير أن ينسب الهمداني شعر شاعر إلى شاعر آخر عمدًا، وأن يبدل رواية الشعر عمدًا، لأنه يصنع النظم الطويل والحدث الجسيم!!.
الأمر الثاني والعشرون: أن الكذب و (الفولكلور) إنما يبرز في "الإكليل" .. أما حديثه عن المواضع فلا غرض له في أن يجعل أبَانَيْنِ بحد القصيم الغربي جبلين بصعدة!! .. وليس بيده تزوير المحسوس!!.
الأمر الثالث والعشرون: أن كثيرًا مما ذكره الهمداني ليس عيبه أنه مصدرُه الوحيدُ، وإنما عيبه من ثلاثة أوجه:
أولها: أن فيه ما ينافي المدوَّن المعروف كمنافاته لمنازل القبائل لدى قدماء المعجميين.
وثانيها: أنه تفرد بأحداث يعتبر سكوت التاريخ نفيًا لها؛ لأن عجز جهود العلماء في زمن محصور وبقع محددة عن إثباتها نفي حاضر يقتضي العلم بالعدم لا مجرد عدم العلم.
وثالثها: أن هذه الأحداث في سياق أحداث مماثلة بكتب الهمداني من أخبار وأشعار دلت القرائن والشواهد على أنها مزيفة كدعواه أحداثًا بين العواسج، وعنز بن وائل برهنت على زيفها في كتابي عن أخبار بعض القبائل، والله المستعان.
(انتهى قول أبو عبد الرحمن الظاهري).
تعليق على هذا البحث من علَّامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر:
حين بعث إليَّ أخي الأستاذ أبو عبد الرحمن بن عقيل هذا البحث، خيرني بين أمرين، نشره أو عدم نشره، وكدت حين قرأت فاتحته (أكاذيب الهمداني) ثم قول الأستاذ أبي عبد الرحمن:(إن الهمداني بِعُرْف المحدثين كذاب وضاع) كدت أسارع لقذفه بين ما أرمي به مما لا أعبأ به، غير أنني فكرت مليًّا، فرأيت أن لا أقابل تحية هذا الأستاذ الكريم وهديته لي ولإخواني ممن كانت صلة الهمداني بقبيلتهم من بواعث النيل منه، يضاف إلى هذا أن الأستاذ أبا عبد الرحمن لم يقل
ما قال في حق الهمداني إلَّا بعد دراسة وتَرَوٍّ، ولا بد أن يكون غيره من الباحثين له موقف مماثل لمثل موقفه، فرأيت نشر البحث مع إضافة تعليق موجز لإيضاح رأيي حوله:
1 -
يدرك الأستاذ الفاضل كما يدرك غيره أنَّ وصف عالم جليل بمثل تلك الأوصاف اعتمادًا على مجرد الاستنتاج، ليس مما يقبل على عِلَّاته، فعلماء الجرح والتعديل من المحدثين عندما يصفون راويًا بمثل تلك الأوصاف يدللون على ما حدث منه من ذلك، ولبس من اليسير التساهل في مثل هذا دون أن تثبت أدلة قاطعة على اتصاف ذلك الشخص بشيء من الصفات التي نسبت إليه.
2 -
الهمداني عاش في عصر وفي قطر كانت تتنازع عليه النفوذ فيهما ثلاث فرق متعادية، يحارب بعضها بعضًا، فرقة خاضعة للأمراء المحليين من أهل البلاد كآل يُعْفِرَ وغيرهم، وأخرى ناشئة يتولى زعامتهم الإمام الهادي وأتباعه، وفرقة ثالثة وهي فرقة القرامطة أتباع علي بن الفضل، وتوجد فرقة رابعة قوامها الأبناء من بقايا الفُرس الذين كان لبعض ذوي النفوذ من الأعاجم في الدولة العباسية في ذلك العهد بهم من الصلة ما يحملهم على مناصرتهم.
من هنا ولكون الهمداني ذا صلة بالأمراء المحليين غير اليعفريين، ولأنه كان متأثرًا بما كانت تعيشه البلاد من فرقة وتغلغل أفكار وآراء يراها طارئة ومضرة ببلاده، مع ما يتصف به من غزارة علم وسعة معرفة، كانت بعض آرائه على جانب من التطرف ممَّا أثار كراهية الآخرين وحقدهم، وجَرَّ عليه من الويلات والمصائب ما هو معروف.
وكان من أثر ذلك ما يبدو من خلال مؤلفاته من إشادة بفضل القحطانيين، وتقديمهم على غيرهم، بل محاولة إظهار بعض مساوئهم بمظهر حسن، لا يتفق مع الواقع المعروف.
ومع ما اشتهر عنه من ذلك أي من تعصبه لقومه تعصبًا يدفعه في بعض الأحيان إلى ما يحاذر منه كإيراد بعض الأخبار الباطلة أو رواية بعض النصوص
الشعرية رواية تخالف الرواية المشهورة، إلا أن جميع ذلك مما لا يتصل بالأمور الشرعية، بل يقتصر على الأخبار والحوادث التاريخية.
3 -
لقد عرف متقدمو العلماء فضل الهمداني فيما تصدى لجمعه من تاريخ بلاده، بل من تاريخ العرب عامة وجغرافية بلادهم، وأشاد أولئك العلماء بفضله، واستفادوا من علومه، لا في علم الآثار الذي يعد الهمداني فردًا بين علماء العرب فيه، ولا في علم الفلسفة الذي وصفه صاعد الأندلسي في كتابه "طبقات الأمم" بقوله عن العرب:(وأما علم الفلسفة فلم يمنحهم الله شيئا منه، ولا هيأ طباعهم للعناية به، ولا أعلم أحدًا من صميم العرب شهر به إلَّا أبا يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي، وأبا محمد الحسن بن أحمد الهمداني) ويضيف صاعد في وصف الهمداني بأنه: (محيط بمباحث الفلسفة عن أصل العالم وقواعد المنطق والكلام) وأدرك أولئك العلماء فضل الهمداني وتميزه في علم التاريخ الذي يعد علم الأنساب من فروعه، وهو ما اتخذ منه الأستاذ ابن عقيل مدخلا للطعن في الهمداني، فقد قال الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي (332/ 409 هـ) شيخ حفاظ الحديث بمصر في عصره، كما ذكر ابن خلكان وغيره قال - هذا العالم الجليل عن الهمداني:(عليه المعول في أنساب الحميريين) - رسم (قرأ) في "تاج العروس" ولهذا نجد علماء الأندلس يعنون بآثار هذا العالم فينقلونها في حياته إلى ذلك القطر، وينتفعون بها ويلخصونها في مؤلفاتهم، ويعولون عليها.
وليس للمقام مقام إشادة بما للهمداني من أثر في الثقافة العربية بصفة عامة، ولكن لإيضاح أن هذا العالم الجليل لا ينبغي أن توجه إليه تلك الصفات السيئة، وهو كغيره من البشر ليس معصومًا، ولكن له حرمة لعلمه وفضله، ولأنه لا يسوغ وصف أي امرئ لم يثبت بدلائل قطعية عنه ارتكاب ما يوجب وصفه من الأفعال المزرية ليحذر منه.
4 -
لقد كان علم النسب عند الهمداني هو الباب الذي ولج منه الأستاذ أبو عبد الرحمن، فالهمداني نسب قبيلة حرب إلى خولان من قحطان، وأفاض الحديث عن هذه القبيلة في الجزء الأول من "الكليل" وذكر انتقالها من اليمن واستقرارها في الحجاز.
من هنا ولج الأستاذ للنيل من هذا العالم الجليل، اعتمادًا على ما قرأه في كتاب شيخه ابن حزم
(1)
عن نسب حرب، وأنهم من بني هلال.
لا داعي للحديث عن كتاب ابن حزم في النسب، ولا عما أورده الهمداني. ولكن فات أبو عبد الرحمن - وفقه الله - أن من العلماء من سبق الهمداني بنسبة تلك القبيلة إلى اليمن، وباستقرارهم في القرن الثالث الهجري في الحجاز، فهذا أبو زيد البلخي: أحمد بن سهل (235/ 322 هـ) صاحب كتاب "صور الأقاليم" يقول في الكلام على وَدَّان: (وَدَّان من الجحفة على مرحلة، بينها وبين الأبْوَاءِ على طريق الحاج، في غربيها ستة أميال، وبها كان في أيام مقامي بالحجاز رئيس الجعفريين - أعني - بني جعفر بن أبي طالب، ولهم بالفُرْع والسائرة ضياعٌ كثيرة، وعشيرة وأتباع، وبينهم وبين الحسينيين حروب ودماء، حتى استولى طائفة من اليمن يعرفون ببني حرب على ضياعهم فصاروا حربًا لهم فضعفوا). انتهى.
وهذا ابن خلدون في تاريخه - 4/ 232 - في كلامه على ولاة المدينة يقول: وترددت ولاة بني العباس عليها، والرئاسة فيها بين بني حسين وبني جعفر، إلى أن أخرجهم بنو حسين، فسكنوا بين مكة والمدينة، ثم أجلاهم بنو حرب من زبيد إلى القرى والحصون، وأجازوهم إلى الصعيد، فهم هنالك إلى اليوم وبقي بنو حسين بالمدينة. إلى آخر ما ذكر من حوادث القرنين الثالث والرابع الهجريين في المدينة عند تنازع ولايتها بين الجعفريين والحسينيين وما حدث بينهم من حروب وفتن، انتصر فيها في آخر الأمر الحسينيون، بعد أن انتشرت قبيلة حرب فيما بين المدينتين الكريمتين، واتصلت بالحسينيين وصاهرتهم، فأعانتهم على نزع ولاية المدينة من الجعفريين.
وعلى فَرْضِ أن الهمداني أول من قال بهذا مع تفصيله لخبر هذه القبيلة بما لا نجده عند غيره أبقول ابن حزم وغيره من النسابين البعيدين عن بلاد العرب نَصِمُ الهمداني. بتلك الوصمة السيئة (الكذب والوضع) مع أن الباحث سيجد في مؤلفات علماء الأندلس ممن هم أشد عناية في علم الأنساب من ابن حزم، مثل الرشاطي،
(1)
قلت: ذكر الجاسر هنا أن ابن حزم الأندلسي شيخ أبي عبد الرحمن الباحث السعودي المعاصر رغم بعد المسافة بينهما والتي تقارب الألف عام؛ لأن الأخير على مذهب الأول "ظاهري".
وبعده عبد الحق الإشبيلي الذي كان الأستاذ ابن عقيل كثير الاهتمام بمؤلفاته، نجد هؤلاء نسبوا قبيلة حرب إلى خولان.
ففي مختصر الإشبيلي لكتاب الرشاطي الورقة الـ (30) من المخطوطة الأزهرية الوحيدة ما نصه: (الحربي في قبائل، ففي خولان القضاعية حرب بن سعد بن سعد بن خولان، وفي همدان: حرب بن عبد الله بن وادعة).
ومثل هذا في مختصر كتاب الرشاطي لعلي بن أحمد الحريشي الفاسي، المتوفى فيما بين سنتي (1143 و 1145) - "العرب" س 27 ص 566 - الورقة الـ (27).
5 -
وتحامل الأستاذ ابن عقيل على الهمداني في إيراده ترجمة محمد بن أبان الخنفري، وهي ترجمة أوردها الإشبيلي بنصها فقال في الورقة الـ (43) من المخطوطة:(الخنفري في حِمْيَر ينسب إلى خنفر وهو لقب لأبي زرعة الحارث، ثم أوصل نسبه إلى حِمْيَر الأصغر بن سبأ الأصغر - وقال: منهم محمد بن أبان بن حريز بن أبي حُجْر بن زرعة بن عمرو بن زيد بن عمرو بن حجر بن أبي شَمِر بن عبد شمس بن سبأ بن خنفر، ولد سنة خمسين ومات سنة خمس وسبعين ومئة، قال: لم يكن في عصره مثله نجدة وكرمًا وذمامًا، وفصاحة، وحسن جوار ولين عريكة، مع شدة العارضة وحمى الأنف وبعد الهمة).
6 -
أكتفي بهذه الملاحظات التي أردت منها تقديم ما كتبه باحث أُجِلُّه وأقدره لعلمه، ولحرصه على البحث المجد، الموصل إلى حقائق الأمور، راجيًا أن تكون من الحوافز التي تدفعه إلى مواصلة البحث والدراسة في هذه الجوانب المتعلقة بحياتنا المعاصرة. والله الموفق. (انتهى قول الجاسر).
رابعًا: ما قاله الباحث السعودي فايز بن موس الحربي عن حرب: نسبها وأخبارها بين لهمداني، وابن عقيل الظاهري
(1)
:
تابعت ما كتبه الشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل في "مجلة العرب" س 30 ص 67 وكذلك ما نشره في جريدة "الجزيرة" الصادرة يوم الأربعاء 25 شوال 1414 هـ حول آرائه واتهاماته للنسابة الهمداني، وقد لاحظت كما لاحظ غيري شطحات الشيخ في هذا الموضوع وطَعْنَه في أقوال نسَّابة الجزيرة العربية ولسان اليمن الحسن بن أحمد الهَمْدَاني وكأنه يتكلم عن أحد مؤلفي الكتب المغمورين، وأما سبب رد أقوال الهمداني - كما يقول أبو عبد الرحمن - فلأنه ذو هوى يمني قحطاني، يدَّعي في الأنساب، ويضع الأشعار، ويزعم الاستدلال بالسجلات والنقوش!
ومع أن الشيخ حمد الجاسر قد علَّق على المقال المشار إليه تعليقًا مبدئيًّا كافيًا للرد على هذه الاستنتاجات المتسرعة، إلا أنني رأيت أن أدلي بِدَلْوي في هذا الموضوع للرد على هذه الاستنتاجات وكشف خطأ هذه الاكتشافات الظاهرية!
وفي الحقيقة أن النقاش حول ما كتبه الشيخ أبو عبد الرحمن لا يتوقف عند نواحي معينة، بل يأخذ اتجاهات متعددة يطول التعليق عليها ويضيق المجال عن تتبعها ومناقشتها جميعًا في مقال واحد. منها:
- قضية الكتابة عن تاريخ قبيلة حرب.
- التجني على لسان اليمن ونسابة العرب الهمداني بوصفه بصفات لا تليق بقدره.
- آراء الشيخ حول قحطانية حرب.
(1)
نشر هذا البحث في مجلة العرب السعودية عام 1995 م/ 1415 هـ أبريل/ مايو - ذو القعدة/ ذو الحجة ردًّا على الكاتب السعودي أبو عبد الرحمن الظاهري من الأستاذ/ فايز بن موسى البدراني الحربي من الرياض.
أما فيما يتعلق بعزم الشيخ على الكتابة عن تاريخ قبيلة حرب بما سماه: "النمير العذب من بعض أخبار حرب" فأود الإشارة إلى أن الكتابة عن مثل هذا الموضوع تحتاج إلى سنوات من البحث في المصادر التاريخية والوثائق والمخطوطات والزيارات الميدانية لديار حرب المترامية الأطراف في الحجاز ونجد، ولهذا فإني أرى أن سعة اطلاع الشيخ وغزارة علمه لا تشفع له باستعجال الكتابة عن هذا الموضوع الذي تستلزم الإحاطة به الكثير من الجهد والوقت للوقوف على أخبار هذه القبيلة وديارها ومشيخاتها، فها أنذا قد أمضيت حوالي خمسة عشر عامًا من البحث المتواصل في تاريخ هذه القبيلة حتى بلغ ما اطلعت عليه من المصادر التاريخية ذات العلاقة ما ينيف على 40 مخطوطة و 50 مطبوعة وجمعت أكثر من 500 وثيقة تاريخية، ومع ذلك أكتشف كل يوم أنني ما زلت في بداية الطريق، حتى خطر لي أن أُسَميَّ ما توصلت إليه "بداية الدرب في أخبار قبيلة حرب" فكيف يَشْرَع الشيخ في نشر سلسلة: النمير العذب، مع أنه لا يقف إلا على منطقة (البعائث) التابعة لمنطقة حائل والتي لا تمثل شيئًا يذكر بالنسبة لديار وقرى وقبائل حرب الممتدة من (اللَّيث) إلى (حفر الباطن)!
أما فيما يتعلق بما ذكره الشيخ عن أمانة الهمداني وجزمه بأنه (كذّاب وَضَّاع .. إِلخ)، فيحتاج الرد عليه في مقال منفصل، ولحسن الحظ فقد اطلعت على مُسوَّدة بحث جيِّد أعده الأخ الكريم محمد بن فهد الحربي حول هذا الموضوع، أرجو أن ينشر قريبًا لرفع الظلم عن هذا العالم، وإزالة ما تعرض له من التشهير والتشكيك!
وأما عن الطعن في أقوال الهمداني المتعلقة بما ذكره عن قحطانية حرب، فإن هذا هو ما يهمُّني ممَّا سأحاول الوفوف عنده ومناقشة أقوال الشيخ أبي عبد الرحمن وحججه وبيان مدى ضعفها وتناقضها.
وبادئ ذي بدء، لا أدَّعِي أن الهمداني منزَّه عن الأخطاء، فهو بَشَرٌ يعتريه النقص والخطأ كسائر البشر، وما علينا إلا أن نكتشف الخطأ ونرد عليه ونوافق على الصحيح ونعترف به ونقدر صاحبه، لا أن نتهمه بالكذب والتزييف!
وفيما يلى مناقشة أهم ما طرحه الشيخ من مآخذ على الهمداني:
الأمر الأول: يرى أبو عبد الرحمن أن حرب الحجازية تعود إلى بني هلال بن عامر بن صعصعة العدنانية كما يقول ابن حزم، أما ما يقوله الهمداني فليس صحيحا؛ لأنه غير ثقة ولأنه يدّعي ذلك إدعاء لتعصبه لخولان وقحطان! وهنا أُذَكِّر الشيخ بما يلى:
- أن الهمداني لم ينفرد بهذا القول، بل هناك مصادر أخرى بعضها قبله وبعضها في عصره أو بعده بقليل أشارت إلى تلك المصادر وأكّدت ما ذهب إليه الهمداني ومنها مثلا:
1 -
أبو زيد البلخي (235 - 322 هـ) في كتابه: "صور الأقاليم الإسلامية" حيث قال هو ومن تابعه في الكلام عن (ودَّان): (ودَّان من الجحفة على مرحلة بينها وبين الأبواء ستة أميال وبها كان أيام مقامي بالحجاز رئيسا للجعفريين - أعني بني جعفر بن أبي طالب - ولهم بالفرع والسائرة ضياع كثيرة، وبينهم وبين الحسينيين حروب ودماء حتى استولى طائفة من اليمن يعرفون ببني حرب على ضياعهم)"العرب" 3/ 984.
والفرع وعيونه وخيوفه أملاك بني عمرو من حرب إلى اليوم.
2 -
الهجري ممن اجتمع بالهمداني ذكر أنه التقى بالمسلم بن الخيار الحربي أحد سادات حرب وروى عنه شعرا وهذا يوافق ما ذكر الهمداني عنه. "التعليقات" 1/ 70.
3 -
العلَّامة النسابة الفقيه محمد بن الحسن الكلاعي الحِمْيرِى صاحب "الدامغة في أنساب حِمْيَر" المتوفى سنة 404 هـ، حيث ذكر في بعض كتبه المفقودة انتساب قبيلة حرب الحجازية إلى خولان كما ذكر بعض أخبارها، حيث نقل ذلك عنه النسابة أحمد بن محمد الأشعري المتوفى في القرن السادس الهجري، حين ذكر انتساب حرب إلى خولان وأورد بعض أشعارها وأخبارها نقلًا
عن الكلاعي الذي عاش في صعدة فترة من الزمن، مما يدل على أن علماء صعدة وخولان قد أكدوا له انتساب حرب إلى خولان كما أكدوا ذلك للهمداني من قَبْلِه بزمن قريب. (انظر:"التعريف بالأنساب" للأشعرى، تحقيق د. سعد ظلّام، ص 323.
4 -
النسابة اللغوي نشوان بن سعيد الحِمْيري المتوفى سنة 573 هـ الذي عاش في جهات صعدة وديار خولان وكان من المهتمين بأنساب خولان وأخبارها، وهو صاحب القصيدة المشهورة في ذكر نسب خولان وفخوذها والتي مطلعها:
بصعدة من أولاد خولان سبعةٌ
…
أَحلّهمُ فيها القنا والصفائحُ
صحارٌ ورَشْوانٌ وحَيٌّ وهانِئٌ
…
وأزمعُ أيضًا ثم (سعدٌ) ورازحُ
وسعد هذا هو جد حرب الحجازية الذي ينكره أبو عبد الرحمن!
5 -
العالم النسابة محمد بن نشوان الحميري وهو من أهل القرن السادس الهجري وأوائل السابع وكان والي مخلاف خولان صعدة، فكان أكثر اطلاعا على خولان وأخبارها وأنسابها، وقد ألف كتاب مختصر الإكليل وأكد فيه انتساب حرب إلى خولان.
ومما يجب ملاحظته أن محمد بن نشوان ووالده نشوان بن سعد قد أثنيا على الهمداني ووثقاه ووصفاه (بشدة الورع والفضل المشهور لا يتمارى أحد في أمره). ولو أن الهمداني كان قد وضع في أنساب خولان لاكتشفا ذلك وَلَنَبّها إليه، وخاصة أن خولان تنتمي إلى حِمْيَر، وهو نفس الجذم الذي ينتميان إليه، بينما ينتمي الهمداني إلى جذم كهلان، ليس هذا فقط بل نستفيد من ذلك أن الهمداني لو كان وضَّاعًا لنسب هذه الأمجاد إلى هَمْدَان!.
الأمر الثاني: قول أبو عبد الرحمن: (أن الشيخ محمود بن عمرو لا وجود له إلا في سَنَد الهمداني!).
وأقول: إن بعض قبائل بني عمرو أهل وادي الفرع كانوا يُعْرَفُون إلى عهد قريب باسم بني محمود، ولدَيَّ وثائق تاريخية تثبت ذلك نصًّا ومن آخرها وثيقة
مؤرخة في 24 شوال سنة 1425 هـ وهي عبارة عن حِلْف بين بني محمود من بني عمرو من مسروح وبين ميمون من بني سالم، جاء فيها:(إنه لما كان تاريخ يوم 24 شوال سنة 1245 تحاضروا رجال بني محمود أهل المضيق من بني عمرو ورجال ميمون وصار بينهم حلف رفقة دون كل أحد، وعلى كل أحد، وأنهم رفاقة في صايب ونايب، الكل منهم فزَّاع فيما يلزم لحليفه) إلخ. والمشهور لدى رواة بني عمرو أن هؤلاء ينتسبون إلى الشيخ محمود بن عمرو الذي عاش في القرن الرابع الهجري.
الأمر الثالث: يرى أبو عبد الرحمن أن هناك تناقضا بين ما ذكره الهمداني من أن: (بني حرب لما صارت إلى قدس من الحجاز وبها عَنَزة ومُزينة وبنو الحارث وبنو مالك من سُلَيْم ناصبتهم الحرب عَنَزة فأجلاهم الحربيون - وهم يومئذ ستمائة رجل إلى الأعراض من خيبر، وناصبتهم مُزينة الحرب وهم زهاء خمسة آلاف فأجلاهم الحربيون إلى الساحل من الجار والصفواء وأرض جُشَم فهم بها إلى اليوم لا يدخلون الفُرْع إلَّا بجوار وذمام من بني حرب وبقيَّة سُلَيْم).
ووجه تضعيف أبى عبد الرحمن لهذا السياق يتمثل في وجوه منها:
الوجه الأول: أن بنى حرب نزحوا من صعدة إلى الحجاز في حدود سنة 131 هـ ثم أجلوا مُزينة عن قُدس، مع أن عمر بن شبَّة يذكر أن مُزينة كانوا في ديارهم في القرن الثالث، وهذا يناقض ادعاء إجلائهم في القرن الثاني! (ولم يذكر نصَّ كلام ابن شبَّة).
الوجه الثاني: أن بني حرب كانوا ستمائة فكيف يتغلبون على كل هذه القبائل!.
وهنا أقول: إن من يقرأ نص الهمداني بتمعن يجد أنه ذكر تاريخ نزوح بني حرب من صعدة ولكنه لم يذكر نصًّا تاريخ الوقائع التي ذكرهما بينهم وبين قبائل الحجاز، أي أنه لا يذكر نصًّا ولا استنتاجًا أن بني حرب أجلوا مُزينة سنة 131 هـ، بل إن الذي يفهم من سياق كلامه أن حربا لم تتمكن من بسط نفوذها إلا في آخر القرن الثالث الهجري وأول الرابع الهجري.
أقول: وهكذا يتبين بوضوح أن نص ابن شبَّة لا يتعارض مع نص الهمداني، لكن أبا عبد الرحمن أوقع نفسه بهذا الالتباس بسبب تحامله على الهمداني وسوء فهمه لعباراته!.
هذا بالنسبة للوجه الأول، أما الوجه الثاني فيمكن الرد عليه بما يلي:
أ - أن الهمداني لا يقصد أن مجموع بني حرب في ذلك الوقت ستمائة رجل فقط، وإنما المقصود أن الذين حضروا تلك الوقعة وقاتلوا عَنَزة الموجودين في قدس وليس كل قبائل عَنَزة.
ب - أن عددهم الحقيقي رُبَّمَا كان أكثر من ذلك لكن الراوة أحيانا يبالغون في تصوير الانتصارات فيقللون عدد أفراد القوة المنتصرة ويبالغون في كثرة عدد خصومها، وقد يكون الهمداني وقع في هذا الخطأ من غير قصد. كما أن الرقم يوحي بأن المقصود المقاتلة وليس كل أفراد القبيلة؛ لأن الأفخاذ الذين ذكر الهمداني أنهم نزحوا من اليمن لا يمكن أن يكونوا ستمائة فقط.
ج - أن ما ذكره الهمداني من أنهم أجلوا بعض القبائل الأخرى، فمن الواضح أن ذلك لم يتم في نفس اليوم الذي كانوا فيه ستمائة، وإنما تم التغلب بعد ذلك بأزمان الله أعلم بها، حيث يستفاد من كلام الهمداني أن بني حرب وصلوا إلى الحجاز في القرن الثاني الهجري، فليس من المعقول أن يظل عددهم ستمائة شخص وهو يقول عنهم في القرن الرابع: وغلبوا على طريق مكة إلى المدينة فلم يسرها أحد منهم إلا بخفارتهم. . . إلخ.
د - أن وضع القبائل العربية في تلك المنطقة في القرنين الثاني والثالث قد تأثر كثيرًا بالظروف المتغيرة للدولة الإسلامية حيث انزاحت القبائل العدنانية مع الفتوحات الإسلامية أولًا ثم تأثرت بالصراعات السياسية ثانيًا ولم تحتفظ بقوتها السابقة، مما أتاح لهذه القبيلة اليمنية القوية أن تستغل هذا الضعف وأن تنتصر ببداوتها وشراستها على رِقَّة القبائل الحجازية التي أَلَان الإسلام حدَّتها وكسر الإيمان شوكتها خاصة عندما يكون الخصم مسلما!.
هـ - مع افتراض عدم صحة الاحتمالات السابقة، فهل يغيب عن أبي عبد الرحمن قول الحق تعالى:{. . . كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ. . . (249)} [البقرة: 249].
الأمر الرابع: يستشهد أبو عبد الرحمن للتدليل على ما عبَّر عنه بـ (أكاذيب الهمداني) بما ذكره عن ابن ملاحظ سلطان مكة، حيث يرى أن هذا السلطان غير معروف لدى المؤرخين، وأقول: إن هذه الحجة لا يقوم الدليل بها، وذلك أن هذه الحقبة الزمنية من تاريخ ولاة مكة كامضة جدًّا بسبب التدهور السياسي وعدم استقرار الأوضاع في مكة لسلطان معيَّن، وهذا ما أكَّده مؤرخو مكة ومنهم الأستاذ أحمد السباعي حيث يقول:(. . . ومَرَّ عهد المعتضد والمكتفى والمقتدر إلى أن كان عام 317 هجري من عهد القاهر في فترة شِبْه مجهولة لأن مؤرخي مكة يذكرون أن ولاة مكة في هذا العهد لم يُعرف منهم سوى (عج بن حاج) و (مؤنس الخادم) و (ابن ملاحظ) و (ابن مخلب). . . إلخ) "تاريخ مكة" ص 168.
أقول: وهكذا فإن السباعي الذي ينقل عن مؤرخي مكة مثل ابن ظهيرة في "الجامع اللطيف" ودحلاد في "خلاصة الكلام" والفاسي في "شفاء الغرام" وغيرهم، لم يشر إلى ما يناقض رواية الهمداني بل إنهم يعتمدونها، وهم مَنْ هُمْ في معرفة تاريخ مكة وأمرائها.
كما ذكر مؤلف "اتحاف فضلاء الزمن" - مخطوط - أن أمير مكة سنة 310 هـ محمد بن مُطْعَم.
هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى وعلى افتراض أن ابن ملاحظ غير موجود، فلا يستبعد أن يكون ذلك تصحيفا لابن محارب أو ابن مخلب أو ابن مُطْعَم الذين ذكرهم المؤرخون من ولاة مكة في هذه الفترة الغامضة.
الأمر الخامس: أن استناد أبي عبد الرحمن على ابن الكلبي وابن حزم ومن نقل عنهما إنما هو استناد ضعيف واحتجاج كريب، فكون ابن الكلبي لم يذكر حربًا الحجازية فلأنه كوفي لا يستغرب عليه جهله بالقبائل اليمانية، كما أن عدم علمه بهذه القبيلة لا يقتضي عدم وجودها، وخاصة أنها حديثة عهد بالمنطقة، وعهده متقدم على انتشارها في الحجاز وشهرتها (توفي ابن الكلبي سنة 204 هـ).
ولهذا فإنه ليس من المعقول تَرْكُ قول الهمداني وهو النسابة العربي وابن الجزيرة العربية الذي جاب نواحيها وعرفها موضعًا موضعًا ووصف جبالها ووهادها ووديانها ومسالكها وكتب عن قبائلها ومنازلها، في حين نأخذ ما كتبه ابن الكلبي وهو من هو عند أهل عصره، أو نعتمد على ما كتبه ابن حزم وهو أندلسي المنشأ كتب عن قبائل الجزيرة نقلًا أو سماعًا، وليس عن مشاهدة واتصال بمن كتب عنهم!.
ولا أدري كيف يمكن للشيخ قبول أقوال الهمداني في البلدانيات ورد أقواله في الأنساب بحجة أنه يستطيع التحريف في الأنساب ولا يستطيع التحريف في المواضع الجغرافية؛ لأنها ثابتة لا يقبل فيها الكذب، في حين يَفْترِض أن ابن الكلبي رغم اشتهاره بالكذب لا يستطيع الكذب بالأنساب لأن أهل زمانه سيرُدُّون عليه ويكشفون كذبه؟.
أقول: ولماذا لا يخشى الهمداني أن يكتشف أهل زمانه أكاذيبه؟ أليس هذا تناقضًا في التبرير؟ أليس من الأولى أن ينطبق هذا التبرير على الهمداني الذي لا يصل إلى درجة ابن الكلبي في الكذب ولا يصل ابن الكلبي إلى درجته في معرفة الجزيرة وسكانها من القبائل.
الأمر السادس: يقول أبو عبد الرحمن: (إنني تتبعت أخبار المقتدر بالله في أمهات كتب التاريخ فما وجدت لحرب أحداثا في طريق مكة والمدينة، وما وجدت أنه بعث لهم بالمال لخفارة الطريق. وذكر الهمداني أن بعث المال مستمر طوال حياة المقتدر بالله، فهو خبر هام عن الخلافة في أقصى الشمال لا يوجد عند غير الهمداني في صعدة بالجنوب!).
أقول: إن علاقة المقتدر بالله بقبائل ما بين الحرمين ثابتة في المصادر التاريخية مما يؤيد رواية الهمداني، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1 -
لقد ذكر المؤرخ الشيخ عبد الله غازي في كتابه "إفادة الأنام" ما مفاده أن: أول من أرسل صُرَّة النقود إلى الحرمين المقتدر بالله العباسي سنة 320 هـ،
وذلك نقلًا عن مصادر تاريخية كثيرة منها كتاب: "الغاية في شرح الهداية" للسروجي، في باب زكاة المال. انظر مخطوطة "إفادة الأنام بأخبار البلد الحرام"، مجلَّد 4 ورقة 61، 86 كما ذكر أيضًا الشيخ أحمد الرشيدي مؤلف "حسن الصفا والابتهاج" بشيء من التفصيل، وذكر أيضًا في أخبار سنة 394 هـ أن أمير مكة أبا الفتوح (أراد ترك زيارة المدينة، واحتج بأن العربان في طريقها تطلب عوائدها. . . إلخ). انظر ص 105 وص 112.
2 -
تُثْبِتُ النقوش الأثرية في المنطقة أن المقتدر بالله كان على علاقة وطيدة بهذه المنفقة وقبائلها، وقد وقَفْتُ على بعض النقوش التي تؤكد هذه العلاقة؛ وذلك في منطقة (وادي حَجَر) المشهور بين مكة والمدينة، كما حَصَلْتُ على بعض الصور الفوتوغرافية لها أهديتها للصديق الدكتور يحيى ساعاتي أمين مكتبة الملك فهد لحفظها ضمن مقتنيات المكتبة تقديرا لجهوده المخلصة هو والعاملين معه في هذا المجال.
الأمر السابع: يقول أبو عبد الرحمن: (لا شك أن قبيلة حرب قبيلة حجازية ذات صولة وجولة منذ إقامة الهمداني بالحجاز إلى أن هلك، ولجلال هذه القبيلة ومنعتها ادَّعاها يمنية من خولان حسب عادته في سرقة القبائل العدنانية البارزة والشعر العدناني!).
أقول: إن هذا الاحتجاج يمكن نقضه والرد عليه بسهولة من وجهين هما:
1 -
إذا كانت هذه القبيلة كما تقول ذات صولة وجولة فلماذا لم يذكرها ابن الكلبي؟ وإذا كان الجواب بأن شهرتها إنما حدثت بعد ابن الكلبي فلماذا لم يذكرها ابن حزم إلا في سطر واحد أو سطر ونصف؟، ثم لماذا يذكرها المؤرخون الآخرون؟ ثم كيف نخرِّجُ قول البلخي السابق بأنهم قدموا من اليمن وزاحموا أهل البلاد واستولوا على ضياعهم!.
2 -
إذا كانت هذه القبيلة قد أعجبت الهمداني فلماذا لم ينسبها إلى همدان ثم كهلان اللذين هما أقرب إليه نَسَبًا من خولان؟.
3 -
ليس من الضروري أن ينسب المؤرخ هذه القبيلة إلى قبيلته لمجرد إعجابه بها فقد أبدى كثير من المؤرخين إعجابهم ببطولات هذه القبيلة ولم ينسبوها لأنفسهم، ومن ذلك مثلا ما أورده الأستاذ محمد الطيب في كتابه "موسوعة القبائل العربية" من أخبار وبطولات نادرة لبعض قبائل حرب، حيث يقول عن قبيلة الصوالحة الذين نزحوا إلى (الطور) فزاحموا القبائل هناك:(ثم نرى العجب في عام 949 هـ - من هؤلاء الصوالحة من حرب الحجازية يخوضون ملحمة رائعة تشبه الأسطورة وهي قيامهم بهزيمة قبيلتين وهما النفَيعَات والعليقات رغم أن فرسان هاتين القبيلتين كانوا ضعفي عدد فرسان الصوالحة أي مائة ضد ثلاثمائة والنسبة 1: 3، أي لكل رجل من الصوالحة ثلاثة رجال يقاتلهم!). إلى أن يقول: (والهدف من ذكر هذا المثال عن هذا العنصر ألا وهو قبيلة حرب ذات البأس والقوة، وليس هذا جديدا على هؤلاء فإن الله سبحانه وتعالى صنف البشر خاصة في حومة الوغا). ويضرب مثالًا آخر فيقول: (وكما رأينا في معركة وادي الحمام قرب قلعة الطور أن الصوالحة من حرب قد قتلوا مائتين وخمسين من أعدائهم رغم أن عددهم كان فوق المائة بقليل! وقد أسروا أربعين رجلا بقائدهم كما أسلفنا في سرد هذه الحرب التاريخية المدونة في وثائق كتاب "الأم" وبشهود عيان محايدين يمثلهم العايدي مشرف بعثة الحجاج المصريين المكلف من قبل الدولة وقاضي محكمة شرعية في مصر، فأي فروسية مثل هذه وأي بأس لهؤلاء البشر!).
أقول: ومع ذلك فلم يَدَّعِ هذا المؤلف المنصف المعجَبُ بقبيلة حرب أنها من سُلَيْم لأنه سُلَميّ!.
الأمر الثامن: إذا كانت حرب العدنانية الهلالية - كما يقول ابن حزم - ذات صولة وجولة فلماذا لم تحتفظ باسمها الهلالي لا في الجزيرة العربية ولا خارجها، مع أن أخبار بني هلال وأساطيرهم ملء السمع والبصر؟.
ليس هذا فحسب، بل إن أبناء حرب سواء كانوا خارج الجزيرة أو داخلها لم يسقطوا انتسابهم إلى بني هلال فحسب، لكنهم كانوا يحتفظون بقحطانيتهم ويمينيتهم على مدى القرون التي تلت نزوحهم من اليمن.
ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره الأستاذ محمد الطيِّب أيضًا، عن قبيلة الصوالحة السابق ذكرهم، حيث ورد أنَّهُ جاءتهم قبيلة من مُزينة طالبين النزول معهم ضمن الوثيقة المؤرخة في 3 ذي القعدة سنة 949 هـ:( .. وسألهم حميد بن حسَّان كبير الرضاونة من الصوالحة من أين أصلكم؟ فقالوا له: نحن من مُزينة حرب. فقال لهم الشيخ حميد: لا توجد في قبالْل حرب مُزينة، وأما مزينة هي قبيلة كبيرة ومعروفة في بر الحجاز قبل قبايلنا ما ينحدرون من اليمن. . . إلخ).
وقد علَّق الأستاذ الطيب على ذلك بقوله: (وقول الشيخ حميد لرجال مُزينة أن حربا من بلاد اليمن يؤكد أن أجداد الصوالحة حتى عام 949 هـ يحفظون أنسابهم ليس إلى حرب ولكن يحفظون نسب حرب إلى بلاد اليمن أي للقحطانية. وهذا يؤكد لنا رواية الهمداني في الإكليل) انظر: "موسوعة القبائل العربية"، لمحمد الطيب ص 623 وما بعدها.
ومثال آخر: ما أورده ابن عبد السلام الدرعي المغربي في رحلته الأولى للحج سنة 1198 هـ حيث يذكر أنه التقى في رابغ بأعرابي من سكان الأبواء من حرب تظهر عليه آثار الصدق والخير وسأله عن أسماء قبائل الحجاز، وبعد أن أخبره الأعرابي قال:(يا سيدي لا تجد بالحجاز قبيلة واحدة ذات شوكة إلَّا وقد حدث سكناها بالحجاز بعد العهد النبوي. . . إلخ) انظر "ملخص رحلتي ابن عبد السلام"، تلخيص الشيخ حمد الجاسر، ص 148.
الأمر التاسع: أما فيما يتعلق بديار مُزينة قبل مجيء حرب فقد كانت عدة مواضع بعضها تختص بها مُزينة وبعضها تشترك بها مع غيرها، ومن هذه المواضع التي ذكرها أصحاب المعاجم القديمة ما يلي:
قدس وآرة والفرع والمضيق وخضرة والأكاحل ورحقان، انظر كتاب:"قبيلة مُزينة في الجاهلية والإسلام" للأخ مساعد المزني ص 378 وما بعدها.
أقول: وأما الفُرع والمضيق فهما الآن من ديار بني عمرو، وأما خضرة والأكحل فمن ديار قبيلة مُخلَّف، وكلاهما من مسروح، وهذا مما يؤيد كلام الهمداني ويؤكده!.
الأمر العاشر: ليس من النسابين من عارض كلام الهمداني أو أغفل نسب حرب إلا من كان سابقا لزمن وصولهم للحجاز أو بعيدًا عن قبائل الجزيرة جاهلًا بها لم يورد ما يشفع لرأيه، أو متأخرًا لم يطَّلع على كتاب "الإكليل، وفيما يلي استعراض لأسماء بعض المتقدمين من ذوي العلاقة بهذا الموضوع لمعرفة آرائهم والعوامل المؤثرة فيها:
1 -
ابن الكلبي المتوفى سنة 204 هـ، حيث لم يذكرهم؛ لأنه كوفي سابق لاستقرارهم وشهرتهم في الحجاز.
2 -
محمد بن زياد ابن الأعرابي المتوفى سنة 230، فهو كوفي أيضًا متقدم على شهرتهم بالحجاز.
3 -
ابن شبَّة المتوفى سنة 262 هـ، فهو سابق لشهرتهم في الحجاز كما أنه لم يكتب عن القبائل خارج المدينة عن كثب وتقصي.
4 -
أحمد بن سهل البلخي المتوفى سنة 322 هـ وهو صاحب كتاب "صور الأقاليم" كما أسلفنا وقد أقام في ديار الجعفريين بين الحرمين الشريفين وقد أورد خبر انتقال بني حرب من اليمن واستيلائهم على أملاك الجعفريين كما تقدم والديار التي ذكرها ونقلها عنه الحموي هي عينها ديار حرب اليوم!.
5 -
الحسن بن أحمد الهمداني المتوفى بعد سنة 334 هـ، وهو ابن اليمن ونسابتها والمطَّلع على مواطن الجزيرة وقبائلها، فقد أثبت قحطانية حرب ورحيلهم من اليمن.
6 -
الكلاعي المتوفى سنة 404 هـ وهو العالم والنسابة الخولاني اليمني وقد وافق الهمداني.
7 -
ابن حزم الأندلسي المتوفى 456 هـ، الذي لا يعد قوله حجة في قبائل الجزيرة وخاصة اليمنية، لبعده نسبًا وبلدًا كما أسلفنا، ولأن ما أورده عن حرب يدل على بعده عنها وجهله بها!.
8 -
نشوان اليمني الحِمْيَري، المتوفى سنة 573 هـ، وقد وافق الهمداني.
9 -
الحمداني المتوفى سنة 700 هـ وكان يعمل (مَهْمِنْدَارا) أي مشرفًا على شؤون استقبال رؤساء القبائل عند حاكم مصر، ولم يكن عالمًا بالأنساب لكنه كان يسجل أنسابا يأخذها من مشايخ القبائل الذين يفدون على دار ضيافة السلطان.
وقد قال بهلالية حرب على عادة أهل مصر والسودان وشمال إفريقيا فإن كل قادم إليهم من الجزيرة يعدونه هلاليًّا!.
10 -
ابن خلدون المتوفى سنة 808 هـ، وقد أثبت قحطانية حرب الحجاز ونزوحهم من اليمن، كما أورد الشيخ حمد الجاسر في تعليقه على بحث أبي عبد الرحمن!.
11 -
أحمد بن علي الْقلَقْشَنْدي المصري المتوفى سنة 821 هـ، ولم يزد على ما أورد الحمداني كما أسلفنا.
12 -
السويدي البغدادي المتوفى سنة 1246 هـ وهو ناقل عن القلقشندي والحمداني ومن شاكلهما.
ونكتفي بهذه الأمثلة لأن من جاء بعد هؤلاء إنما هو ناقل عن أولئك المتقدمين، فمن نقل عن نَسَّابي اليمن فإنه يَعُدُّ حربًا يمنية وهو الصحيح، ومن نقل عن ابن حزم والحمداني والقلقشندي فقد نقل الرواية الخاطئة!.
وقد صدق الأستاذ سمير القطب مؤلف كتاب "أنساب العرب" حيث قال في ص 57: "وَهَمَ كثير من المؤلفين في أنساب العرب حينما نسبوا قبيلة حرب إلى العدنانية ومنشأ هذا الوهم:
1 -
أنهم رأوا هذه القبيلة تقطن مواطن العدنانية القديمة وهي أقوى من يقطن بين مكة والمدينة.
2 -
أنهم رأوا أن بعض القبائل العدنانية قد انضمت إليها ودخلت فيها مثل مُزينة.
3 -
أن كثيرا من المؤلفين عن الأنساب يكتبون وهم بعيدون عن مواطن القبيلة.
والصحيح أن حربًا يرجعون إلى خولان من قحطان". انتهى ما اخترناه من كلامه. والله أعلم. (انتهى قول فايز بن موسى الحربي).
خامسًا: ما قاله الباحث الأردني/ راشد بن حمدان الأحيوي المسعودي
(1)
: عن قبيلة حرب
تمهيد: بنو حرب قبيلة كبيرة جدا من أعظم قبائل العرب وأَجَلّها قَدْرَا، وصفهم ابن فضل الله العمري (ت 749 هـ) في عهده في القرن الثامن للهجرة بقوله: (هم من أكثر العرب عددا، وأجرأهم رَجُلًا باطشا ويدا" [العرب 16/ 925] وهم كما قال: إلى يومنا هذا، وهذه القبيلة الجليلة التي لعبت دورا خطيرا في تاريخ الحجاز وحوادثه لم تحظ بدراسة شافية حولط أنساب قبائلها تفيها حقَّها من الدرس والتحقيق - فيما اطلعت عليه - ولعل من أفضل ما كتب عنهم هو كتاب "نسب حرب" للأستاذ الباحث عاتق بن غيث البلادي الحربي، إلا أن البلادي لم يبحث أنساب قبائل حرب التي لا تَنْحدر من حرب نسبًا لاسيما وهي جُلُّ حرب، كما أنه لم يُحَلّلْ نصوص الهمداني حول بني حرب وإنما عرضها وساقها وفرّع حربًا دون الاهتمام اللازم بالقبائل التي دخلت في حرب وصارت تُعَدُّ منهم، وكأن قبائل حرب كلها خولانية النسب، وربما فات البلادي أن التحليل العلمي الموضوعي المجرّد يتَطَلّب التأنّي الجادّ قبل إصدار أيّ حكم دون وجود دليل قطعيّ، خاصة فيما يتعلق بالأنساب، لا سيّما إذا ما وجدت أدلة مغايرة، كيف والبلادي صاحب رأي يقول: إن بضعة قرون لا تكفي لتكوّن قبيلة قوية ذات شأن وخطر. قال البلادي: (إن ذرية رجل من القرن الأول الهجري لا يمكن أن تكوِّن قبيلة ذات
(1)
نُشرت أبحاثه بخصوص هذا الموضوع في مجلة العرب السعودية عامي 1996 م - 1997 م/ 1416 هـ - 1417 هـ.
خطر في القرن التاسع) [رحلات في بلاد العرب 80] ونحن وإن كنا نَخْتَلف معه بهذا الشأن إلا أننا نتساءل ألا تشمل مقولته هذه بني حرب؟ ذلك أننا سنجد أن بني حرب في الحجاز هم ذرية رجل عاش في القرن الثاني للهجرة، وهنا في بحثنا هذا سنعرض للبطون السلمية التي دخلت في بني حرب وصارت إلى يومنا هذا من فروع حرب وقبائلها، ولعلّ هذا يدفع بعض الباحثين من بني حرب وغيرهم للتَّحقيق في أنساب قبائل أخرى دخلت في حرب ولم نتناولها في بحثنا هذا. ونقول وبالله تعالى التوفيق:
* نسب حرب: بيّن لسان اليمن العلّامة أبو محمد الحسن بن أحمد الهمداني (ت نحو 350 هـ) فقطع بقوله - كما يقال: قطعت جهيزة قول كلّ خطيب، نسب بني حرب وسبب ارتحالهم وجلائهم فذكر أن سعد بن خولان أولد ربيعة بن سعد قال: وأكثرهم يقول الرَّبيعة قال: وفي الربيعة البيت والشرف والعدد، وذكر أنه أولد سعد بن سعد، وعمرو بن سعد ثلاثة درج عمرو بن سعد. [الإكليل 1/ 297] وفي ذكر أنساب بني سعد بن سعد بن خولان قال:(أولد سعد بن سعد بن خولان: الحارث بن سعد، وحرب بن سعد، وسمهك بن سعد، وقثم بن سعد، فدرج قثم بن سعد)[الإلكليل 1/ 392] وقال في ذكر أنساب بني حرب: (أولد حرب بن سعد أربعة نفر؟: الفاحش ومالكا وعامرًا والفيَّاض، فمن ولد الفيَّاض بن حرب آل عمرو بن يزيد، وقد يقال: إنّهم من ولد الحارث بن سعد من بيت النعمان بن الفياض، وأولد الفاحش: سلمان وسبَّاقا ومسلما وضحاكا أربعة نفر، فأولد سلمان بن الفاحش بن حرب: زِيَادا وهم أهل (الْعَرْج) حدثني محمد بن إبراهيم بن إسماعيل المحابي، وقد كان جاور في بني حرب بـ (قدس) و (رضوى) و (ينبع) وتلك النواحي في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة ونزل على محمد بن علي سيّد بني حرب، وأقام عنده قال: قال محمود بن علي بن عمرو بن جابر بن عمرو بن المسافر بن عمرو بن زياد بن سليمان بن الفاحش بن حرب، هكذا نسَب نفسه، قال الهمداني: قد أوهم من نقل إليه هذا
النسب والعدّة إلى حرب تضعف على هذا مَرَّتَيْن وإنما ينبغى أن يكون انتسب إلى زياد من نسل زياد بن سلمان، وافترق جميع من بالحجاز إلَّا من دخل فيهم من إخوتهم من زياد بن سليمان، فأولد زياد: عَمْرًا والخيار، فمن بني عمرو بن زياد محمود هذا وبنو الحارث بن عبد الله بن عمرو، وبنو ميمون بن مسافر، ومن ولد الخيار عبد الله بن الخيار، وهم العبديون، وكان القياس العبدليين، ورُبَيْد بن الخيار، فيهم عدد زهاء ثلاثمائة وسيدهم اليوم أبو الحسين يحيى الزُّبيدي، صاهر آل يحيى بن الحسين الحسيني بـ (العقيق) من المدينة، وسائر بطون بني حرب بن سعد بالحجاز قالوا: فمن تلك البطون: بنو عامر بن حرب، ومنهم بنو عوف فمن بني عوف مسروح بن عوف ومسعود بن عوف، وعلي بن عوف، وممّن هناك بنو ذُؤَيْب من ولد سبَّاق بن الفاحش بن حرب وهم أحَدُّ بني حرب حَدًّا، وهم أخوال أبى القاسم إدريس بن جعفر من ولد موسى بن جعفر بن محمد الرضا، وبنو ذُؤيب يعرفون بحظي (؟)، وفيهم من بني مالك الذين في بني حيُّ بـ (صعدة) ويقولون: إنهم من الأزد كما يقول من في بلد خولان منهم) [الإكليل 1/ 393 - 396] وقال في ذكر نسب الفياض بن حرب: (أولد الفياض بن حرب: الفيض ونوالا والنعمان وعمْرًا أبيات فأولد عمرو: النعمان فأولد النعمان: الحارث فأولد الحارس: سعدًا فأولد سعد: الحارث فأولد الحارث: مالكا فأولد مالك: النعمان فأولد النعمان: الحارث فأولد الحارث: عبد الله، فأولد عبد الله: يزيد فأولد يزيد: عمرو بن يزيد بن عبد الله بن الحارث)[الإكليل 1/ 401 - 402] وذكر أن يزيدًا أولد غير عمرو: ثابتا وفيَّاضا ومالكا بني يزيد، فأولد عمرو بن يزيد يعلى بن عمرو، وقد رأس وهو الذي قام مع إبراهيم بن موسى العلوي بصعدة) [الإكليل 1/ 404] قال:(ومنهم الحارث بن عمرو بن الحارث فكان أحد السادة الأشراف الحلماء، ودخل ولده بنو الحارث بن عمرو في جملة من بقي من ولد سلمان في جماع بني حَيِّ وكان حيي صَنَمَا، فأما من يسمى بحيّ فهم سلمان بن الفاحش بن حرب، ومالك بن حرب ويقول ان بني مالك إنهم من الأزد وسباق ومسلم بن الفاحش بن حرب وفيهم جميعا حدٌّ وبأس)[الإكليل 1/ 404 - 405].
* جلاء بني حرب: قال الهمداني: (قالت علماء صعدة: إن بني حرب أُجلت عن (صعدة) سنة إحدى وثلاثين ومائة) [الإكليل 1/ 401] وكان سبب جلائهم وجلاء غيرهم من بني سعد بن سعد الحرب التي قامت بين بني سعد بن سعد وإخوتهم بنو الرَّبيعة بن سعد، وكان الذي هاج الحرب هو عمرو بن يزيد بن عبد الله بن الحارث. [الإكليل 1/ 402] وهو من بني الفياض بن حرب، وقد مرّ سرد نسبه وكان أن انتهى أمره بمقتله بعد مقتل إخوته [الإكليل 1/ 405، 412] فقام بأمر الحرب من بعده عمرو بن يزيد الغالبي سيد بني غالب بن سعد [الإكليل 1/ 412] وكان عمرو بن يزيد الغالبي قبل ذلك ينهى عمرو بن يزيد بن عبد الله بن الحارث الحربي [الإكليل 1/ 412] فلما قتل الحربي تولى الغالبي أمر الحرب من بعده، قال الهمداني:(لم يبرح عمرو في رياسته حتى ظعن في بني غالب وظعن أكثر بني حرب إلى الحجاز، لوقائع تواترت عليهم الربيعة، فأما بنو حرب فقصدت (العَرْج) وأما بنو غالب فقصدت جبل (يَسُوْم) من وادي نخلة وجبل (عروان) في أعلى عرفات وتَخلَّف ببلاد خولان من تَخلّف من بني حرب وبني غالب وسائر بطون بني سعد في ظل الحارث بن عمرو وكنَفِه وبريحه لأنه لم يدخل في الفتنة) [الإكليل 1/ 413] وكان محمد بن أبان بن ميمون بن حريز بن حجر بن زرعة الخنفري هو الذي أجلى بني حرب بن سعد وغالب بن سعد فجلوا إلى (عروان) و (العرج) في الحجاز [الإكليل 1/ 359] وكان ذلك سنة 131 هـ قال الهمداني: (جاور عمرو بن يزيد في زُبيد وقتًا. ثم في خثعم ثم في بني هلال ثم لحق ببني غالب إلى (يسوم) و (عروان)، وكان يقول أشعارًا يسأل جرير بن حُجْرِ وكان ابن خالته فيها العودة فرق له وأعاده) [الإكليل 1/ 415] وجرير بن حُجْرِ هو سيّد الربيعة بن سعد بن سعد، وهو جرير بن حُجْر أبو رعثة الأصغر بن عمرو بن حجر أبو رعثة الأكبر ابن سعد بن عمرو وهو مغرق الأكبر ابن زيد بن مالك بن زيد بن أسامة بن أرطأة بن شرحبيل بن حُجْر ين ربيعة بن سعد بن خولان [الإكليل 1/ 311 و 309 و 307 و 299 و 298 و 297] وكان من نتائج حروب الربيعة بن سعد، وسعد بن سعد، وذلك قبل إجلاء بني حرب وبني غالب بن سعد إجلاء مُغرق وهم بنو عمرو بن زيد من بني الربيعة بن سعد، وإجلاء بني شهاب وهم حلفاء في بني الربيعة [الإكليل 1/ 457، 459]، وإجلاء
الخنفريين قوم محمد بن أبان، وإجلاء آل عوف ويتَّضح هذا من شعر الحارث بن عمرو الحربي الذي قال من قصيدة له بشأن قومه بني سعد بن سعد الذين أصَرُّوا على الحرب بخلافه ومن اتبعه قال:
فأجْلوا معرفًا وبني شهاب
…
وحَلُّوا في السُّهول وفي النِّجاد
ونَحَّوا الخنفرين وآل عوف
…
بقصوى طودِ أو بِرْك الغِماد
[الإكليل 1/ 414] وهذا يعني أن الأيّام كانت سجالا بين الفريقين إلى أن انتصرت الربيعة بن سعد على بني سعد بن سعد، وانتهى ذلك بأن سمح جرير بن حجر سيّد الربيعة لبني غالب بن سعد وسيدهم ابن خالته عمرو بن يزيد الغالبي بالعودة إلى بلاده، بعد أن جاور بقومه في زُبَيْد فخثعم فبني هلال ثم سار بهم إلى (يسوم) و (عروان) غير أن القبائل المُضَريَّة لم ترحب به مما جعله يطالب ويناشد بني خولان بالعودة فأُذِن لهُ فعاد بقومه إلى بلاد خولان بصعدة.
* ما بعد انتهاء الحرب: كانت الفتنة الأولى بسبب عمرو بن يزيد الحربي الذي انتهى أمره بمقتله فقام بأمر الفتنة الثانية من بعده عمرو بن يزيد الغالبي وكان أن جَلَا بمن جلا معه من بني غالب وحرب، فاستوطن بنو غالب جبل (يسوم) من وادي نخلة وجبل (عروان) في أعلى عرفات، واستوطن بنو حرب (العرج) ويرى البلادي أن بني غالب دخلوا في عُتَيْبَةَ فقال:(لاتصال بني غالب ببني حرب ومشاركتهم الهجرة اجتهدت في البحث عنهم فلم أجد لهم ذكرا، غير أنه نظرا للصلة القوية بين قبيلتي حرب وعُتيبة من المؤكد أن بني غالب انضمت إلى بقايا هوازن فكَوَّنَتْ قبيلة عُتيبة التي تلي حربًا دون بقية القبائل، ولا يمكن أن يكون هذا الولاء وهذه العاطفة القوية مردّها الحلف فهناك الكثير من القبائل دخلت في حلف حرب وعُتَيبة ولكن الذي بينها وبين هاتين القبيلتين يختلف عمّا بين القبيلتين، نفسيهما، ومما يرجّح هذا الرأي وجود قبائل كبيرة في عتيبة لا نستطيع إلحاقها بأصولها مثل النفعة والمقطة والقثمة)[نسب حرب 110] وقال في ذكر حرب وعُتَيبة: (بينهما من قوة الصلات ما جعلني أنوّه فيما سبق من الكتاب إلى أننى
أعتقد أنّ بعض بَرقَا أحد فرعي عُتيبة هم من بني غالب بن سعد إخوة حرب) [نسب حرب 138].
قال الأحيوي: أصاب البلادي قلب الحقيقة ونحن لا ننكر الصلات التي ذكرها إلا أننا نختلف معه بشأنها وفي تفسيرها؛ ذلك أن بني غالب بن سعد بن سعد إخوة حرب قد عادوا إلى بلادهم بصعدة في اليمن بعد ما أذن سيّد الربيعة جرير بن حُجْرِ لسيد بني سعد بن سعد عمرو بن يزيد بالعودة كما أورده الهمداني، فهل يتصوّر عودة سيّد القوم دون قومه؟ لقد عاد بنو غالب مع زعيمهم بعد انتهاء أمر الحروب، وقد جاء في شعر عمرو بن يزيد الغالبي الذي ناشد فيه ابن خالته بن حُجْرِ سَيِّدَ الربيعة بالعودة أن قبائل سُلَيم وبني عامر وبني بكر بن وائل وقبائل قيس يسومونهم الذل ويعادونهم عداء شديدا [الإكليل 1/ 415 - 417] وكان شعر عمرو بن يزيد الغالبي الحارُّ سببًا في أن يرقّ له جرير بن حُجر الذي سمح بعودة الجالين ليتخلصوا مما ألَمَّ بهم من عِداء قبائل الحجاز ونجد، ومما يؤكد ذلك أن يعلى بن عمرو بن يزيد الحربي هو الذي قام مع إبراهيم بن موسى العلوي بصعدة [الإكليل 1/ 404] وكان ظهور إبراهيم العلوي هذا بصعدة سنة 200 هـ[تاريخ الطبري 5/ 127].
وقول البلادي حول أصول النفَّعة والمقَّطة والقثَّمة واحتمال أن تكون بقية بني غالب لا دليل عليه، فبنو غالب قد عادوا كما مرَّ، كما أن هذه البطون تنحدر من هوازن نسبًا وليس هناك أدنَى شَكَّ حول أنسابها، ويستحسن الرجوع للبحث الممتع حول (عُتَيْبة: نسبها وفروعها ومنازلها) للأستاذ عبد الرحمن بن زبن المرشدي العتيبي في مجلة "العرب" سنة 28 - ص 38 - 70.
* عود إلى بني حرب: بَيَّن الهمداني أن بني حرب جَلّوْا إلى (العَرْج) سنة 131 [الإكليل 1/ 413 و 401 و 359] ويحدد لنا الهمداني بدقَّة بالغة أن أهل (العرج) في عهده هم من بني زياد بن سلمان بن الفاحش بن حرب حيث قال في ذكر زياد: (هم أهل العَرج)[الإكليل 1/ 393] قال الأحيوي: وهنا فإن الهمداني لا يقصد أن زياد بن سلمان بن الفاحش بن حرب وهو جاهلي قديم قد
اسْتوطن (العرج) بل استوطن (العرج) قوم من نسله، وعندما عاد بنو حرب وبنو غالب إلى ديارهم وكان ذلك خلال القرن الهجري الثاني بدليل ورود ذِكر يَعْلى بن عمرو بن يزيد الغالبي في حوادث سنة 200 هـ عند العودة فبقي في (العرج) قوم من بني حرب، وهم بنو زياد بن سليمان من سلالة زياد بن سلمان بن الفاحش بن حرب، وفي عهد الهمداني كان شيخ بني حرب هو محمود، قال الهمداني عن محمد عن إبراهيم المحابي:(قال محمود بن علي بن عمرو بن جابر بن عمرو بن المسافر بن عمرو بن زياد بن سليمان بن فاحش بن حرب هكذا نسب نفسه قال الهمداني: قد أَوْهَمَ من نقل إليه هذا النسب، والعِدَّةُ إلى حرب تَضعُفَ على هذا مرتَيْن وإنما ينبغى أن يكون انتسب إلى زياد مِنْ نسل زياد بن سلمان، وافترق جميع من بالحجاز إلَّا مَنْ دخل فيهم من إخوتهم من زياد بن سليمان)[الإكليل 1/ 394 - 395] قال الأحيوي: وقد صدق الهمداني وأصاب لُبَّ الحقيقة في نقده لنسب محمود، والصحيح أن نسب محمود هذا إلى زياد بن سليمان من نسل زياد بن سلمان بن الفاحش بن حرب، وقد أوردنا آنفا نَصَّ الهمداني حول زياد بن سليمان هذا. ومن تفرّع منه كما يلي:
1 -
بنو عمرو بن زياد بن سليمان ومنهم:
أ - بنو الحارث بن عبد الله بن عمرو.
ب - بنو ميمون بن المسافر بن عمرو.
وشيخ بني عمرو وجميع بني حرب هو محمود بن علي بن عمرو بن جابر بن عمرو بن المسافر بن عمرو بن زياد بن سليمان.
2 -
بنو الخيار بن زياد بن سليمان ومنهم:
أ - بنو زبيد بن الخيار وشيخهم أبو الحسين يحيى الزبيدي.
ب - بنو السَّفر بن الخيار، وشيخهم المسلم وهو شيخ جميع بني الخيار.
قال الأحيوى: وهنا لا بُدَّ من التنبِيه - ولذلك غاية سيأتي بيانها - أن محمودًا شيخ بني حرب هو الابن السابع من نسل رياد بن سليمان جد بني عمرو بن زياد
وبني الخيار بن زياد، ومحمود هذا معاصر للهمداني وقد التقى به نزل عليه محمد بن إبراهيم بن إسماعيل المحابي سنة 322 هـ ومعاصر للمسلم شيخ بني الخيار بن زياد، ومعاصر للهجري وهذا معاصر للهمداني وروى عنه [التعليقات والنوادر 15 و 21 وحاشية 1722] وقد روى الهجرى عن المسلم من بنى الخيار ونسبه وذكر أنه المسلم بن أحمد بن يزيد بن عبد الله بن الخيار الحربي [التعليقات 1/ 23 و 70 و 2/ 1129] وسواء أكان المسلم هذا هو المسلم الذي ذكره الهمداني أم لم يكن هو فإنه من سلالة زياد بن سليمان وهو الابن السادس من نسله، وهذا العدّ لا يختلف كثيرا مع عدِّ محمود الذي يزيد عن المسلم بأب واحد، ولا ضير في ذلك، فهذا أمر كثير الحدوث جدًّا أي أَنْ تَرَىَ عدَّ رجلين من فرعين يجمعهما جدٌّ واحد يزيد أحدهما عن الآخر بجَدّ أو أكثر، وهذا يبيّن لنا أن البطون الحربية آنفة الذكر من سلالة زياد بن سليمان من نسل زياد بن سلمان بن الفاحش بن حرب قد عاصر الهمداني والهجري الابن السادس من نسل جدّهما زياد كالمسلم، والسابع كمحمود، والثامن كأبناء محمود. ومن هذا نستطيع القول باطمئنان أن زياد بن سليمان كان معاصرًا لجلاء بني حرب وغيرهم من بني سعد بن سعد من بلاد خولان سنة 131 هـ ونحن هنا لسنا بصدد إعداد مقارنة مع مشاهير معاصري الهمداني ومحمود شيخ بني حرب، لتحديد أَزمان الأب السابع لكل منهما، وإنما نكتفي للاستئناس أن نقول: إن الأب السابع للخليفة العباسي المقتدر بالله (ت 320 هـ) وهو أبو جعفر المنصور قد توفى سنة 158 هـ أي أنه معاصر لجلاء بني حرب، كما نجد أن الأب السادس لأبي القاسم بن إديس الحسيني ابن أخت بني حرب معاصر لجلاء بني حرب، والأب السادس لأبي القاسم هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وقد توفي نحو 148 هـ فيما توفي أبوه محمد بن علي نحو سنة 114 هـ، وإدريس المذكور هو إدريس بن جعفر بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، مع ملاحظة أن تسَلْسُل البادية أسرع من تسلسل الحاضرة وعليه فإن زيادًا الأبَ السابع لمحمود شيخ بني حرب يكون قد عاصر أحداث جلاء بني حرب. قال الأحيوي: ومن هذا يتضح لنا أن بني حرب
قد عادوا إلى بلادهم وبقي منهم بقايا أهمهم بنو زياد بن سليمان المذكور، ومما يؤكد عودتهم أن الفتنة الثانية كانت على يد عمرو بن يزيد الغالبي من نسل غالب بن سعد إخوة حرب بن سعد، وهو الذي تَسبَّب في الجلاء، وقد عاد بقومه كما مرَّ، فما بال بني حرب لا يعودون وهم لم يكونوا سببًا في الفتنة الثانية بل كانوا سببًا للفتنة الأولى التي لم ينتُج عنها جلاء ولا رحيل؟ كيف وقد بقي قومهم من بني سلمان بن الفاحش بن حرب وغيرهم من بني حرب في جماع بني حَيٍّ ببلاد (صَعْدَةَ) بل إننا سنجد أن الذين تبقَّوا في (العرج) من بني زياد بن سليمان وغيرهم قد أخذ بعضهم يعود إلى بلادهم بـ (صعدة) بسبب الحروب مع القبائل العدنانية، وممّا يؤكد هذا أن العلَّامة محمد بن على الأكوع قال في ذكر بني زُبيد بن الخيار:(هي فرعان: فرع يقيم في وطنها الأصلي خولان قُضاعة، ومسكنها وادٍ يُسمَّى وادي زبيد بينه وبين ساقَيْن ست ساعات غَرْبًا ينصبُّ ماؤه إلى (مَوْر) وفيه مدرة حيدان) قال: (وفروعها الآخرى هذه التي ذكرها المؤلف وتقيم بين مكة والمدينة [الإكليل 1/ حاشية 395] ومعلوم من تَسَلْسُل بني زبيد أنهم لم يصبحوا عشيرةً إلَّا في القرن الثالث للهجرة فما بعده، حينما تكاثر بنو زُبَيْد، وبنو زبيد لم تتألف عشيرتهم إلا ببلاد الحجاز كما هو واضح من تسلسل نسبهم، كما أننا نَجِدُ أن العَبْديِّين بني عبد الله بن الخيار إخوة زُبيد بن الخيار قد اختفى وجودهم ببلاد الحجاز. وقول البلادي إن العَبديين هم العبدة من بطون بني عمرو [نسب حرب 28] قولا لا دليل عليه ذلك أن العبديين بطن من بني الخيار كُزبَيْد والسَّفْر فما بالهم قد انتقلوا إلى بني عمرو، وتغيَّر اسمهم إلى العبدة؟ ولِمَ لَمْ يدْخُلوا في زُبَيد وفي السَّفر وهم أقرب لهم نسبا؟ وعندي أنهم عادوا كما عاد جزء من إخوتهم زُبَيْد فيما بعد إلى بلادهم (صعدة)، ومما يؤكد ذلك ما ذكره العلَّامة الأكوع الذي قال في ذكر العبديين:(وادي العبديين مشهور بصعدة ولهم بقية)[الإكليل 1/ حاشية 395] ومن الملفت للنظر أنه لا وجود لبني عامر بن حرب ببلاد الحجاز ومنهم بنو عوف، ومن هؤلاء مسروح وعلى ومسعود بنو عوف، ولا وجود لحظي وهم بنو ذؤيب من ولد سباق بن الفاحش بن حرب مما يعني عودتهم إلى بلادهم. ويؤكد هذا أن من قبائل خولان الطيَال ببلاد (صعدة): بنو حي، وهم الذين
انْضَوى تَحْتَ اسمهم من تبقى من بني حرب عند جلائهم سنة 131 هـ وبنو مالك وبنو غالب وبنو حرب [الموسوعة اليمنية 1/ 438] ومن أدلة عودة بني حرب أن الهمداني ذكر أن عدد زُبيد يناهز الثلاثمائة فما كان بنو حرب قاطبة ستمائة كما ذكره الهمداني [الإكليل 1/ 395 و 398] وهذا العدد إنما يَخُصُّ بني حرب من نسل زياد بن سليمان ونسل من تخلّف معهم وهم قلّة قليلة، وهذا يعني أن زُبَيْدًا بن الخيار تكاد تعادل إخوتها من بني السَّفر بن الخيار وبني عبد الله بن الخيار بن زياد، وبني عمومتها بنو عمرو بن زياد ومَنْ تَخَلّف معهم من بني حرب، وهم قِلَّةٌ وليس كما قد يتوهمه البعض أن زُبّيدًا تُناهز نصف بني حرب قاطبة، وإنما تناهز نصف بني حرب في الحجاز، وهؤلاء عاصر الهمداني المسلم وهو الابن السادس من سلالة جَدّهم زياد بن سليمان، فيما كان بنو حرب قد تجاوز عدّهم العشرين جَدًّا، ذلك أن الهمداني قد بين في كلامه على نسب محمود شيخ بني حرب أن العَدَّ إلى حرب يضعف مَرَّتيْنِ على عد محمود إلى زياد بن سليمان، كما أنه في سنة 131 هـ كان بنو حرب قد بلغوا الجد الرابع عشر أو يزيد، ونجد أن عمرو بن يزيد من ولد الفياض ابن حرب هو الابن الثاني عشر لحرب، وكان آنذاك قد قتل فتولى أمر الحرب من بعده عمرو بن يزيد الغالبي، ومن هذا كله فهل يتصور عاقل أن القبيلة قاطبة لا يكاد عددها يزيد عن عدد فخذٍ صغير عاصر الهمداني الابن السادس لجد هذا الفخذ؟ إنَّ هذا إن كشف لنا عن شيء فإنّما يكشف عن أن بني حرب قد عادوا إلى بلادهم، كما عاد إخوتهم بنو غالب بن سعد بن سعد بقيادة كبيرهم عمرو بن يزيد الغالبي، وقد تبقى من بني حرب بنو زياد بن سليمان في بلاد (العرج)، ومن هنا كان قول الهمداني: إن بني زياد هم أهل (العرج)، وقد أَلمح الهمداني إلى هذا في حديثه عن محمود شيخ بني عمرو بقوله:(افترق جميع من بالحجاز إلَّا من دخل فيهم من إخوتهم من زياد بن سليمان)[الإكليل 1/ 593] ومن هم إخوة بني عمرو بن زياد بن سليمان غير بني الخيار بن زياد بن سليمان كما ذكره الهمداني؟ وهذا عمّا ذكرناه دليل ناصع يؤكد ما ذَهَبْنا إليه من عودة بني حرب إلى بلادهم بـ (صعدة)، وقد سبق قول الهمداني أن بني حرب الذين بَقوْا ببلاد خولان انْضوَوْا تحت مسمّى بني حيّ، وهم بنو سلمان بن
الفاحش بن حرب وإخوتهم سبَّاق بن الفاحش، ومسلم بن الفاحش بن حرب ومالك بن حرب وبنو الحارث بن عمرو من سلالة الفَيَّاض بن حرب.
* أيام بني حرب وتصحيح للتاريخ: قال الهمداني عن محدثه محمد بن إبراهيم المحابي: (ذكر لي محمود أن بني حرب لما صارتْ إلى (قدس) من الحجاز، وبها عنَزَة
(1)
ومُزَيْنَة وبنو الحارث وبنو مالك من سُلَيْم. وقد ناصَبَتْهم الحرب عَنَزة، والذي هاج ذلك أن رجلا حربيًّا وآخر عَنزيًّا امْتريا في جذاذ نخل، فَعَدا الحربيُّ على العَنَزِيّ فضربه ضربة بتكَ بها يده، فَعَدَتْ بنو حرب يومئذ وهي ست مئة رجل فأجلوا من بالبلد من عَنزَة إلى الأعراض من (خَيْبَر) وقتلوا منها بَشرًا كثيرًا، ثم ناصَبَتْهُمْ مُزَيْنَةُ الحرب. وكانت أهل ثروة زهاء خمسة آلاف، فقتلوا منها مقتلة عظيمة، وأجْلُوها إلى الساحل من (الجار) و (الصَّفراء) وأرض جُشَم، فهم بها إلى اليوم، لا يدخلون (الفُرْعَ) إلَّا بجوار وذمام من بني حرب، وبقيت سُلَيْم، فناصَبَتْهم بنو الحارث وبنو مالك من سُلَيْم، وهم زهاء أربعة آلاف وهم أهل (الحَرّتَيْن) و (النّقيع) فحاربوهم دهرًا فأجلوهم عن (الحرتَيْن) و (النقيع) وقتلوا منهم عددًا كثيرًا وصارت بنو الحارث وبنو مالك لا يدخل منها (الحرّتيْن) و (النقيع) داخل إلَّا بذمام من بني حرب، وقد يُبْقي عليهم محمود لأنَّ أُمَّهُ جُشَمِيَّةٌ من هوازن، فلما غلبتْ بنو حرب على تلك البلاد وقهرت تعلَّقت قريش بإصهارهم. وأسند إليهم كل وألقي أزِمَّةَ أمره في أيديهم، وغلبوا على طريق المدينة إلى مكة فلم يَسِرْها أحدٌ منهم إلَّا بخفارتهم. وكان المقتدر بالله يبعث إليهم طول حياته بالمال في خفارة الطريق، وإلى اليوم هم على ذلك، قال أبو جعفر المحابي: فمن أيام بني حرب في وقتنا هذا وقبله بِمُدَيْدَة يوم (الحرَّة) وقتل فيه من سُلَيْم سبعين رجلًا وحُمِدَ يومئذٍ من بني حرب بنو عمرو بن زياد وقتل منهم جماعة من الجماعة أربعة
(1)
[لم أر من ذكر أن من منازل عنزة جبل (قُدس) الجبل المعروف الآن، وينطقه العامة (ادقس) بقرب المدينة، أما سكناهم في خيبر ونواحيها وما بقربها من الحرار والبلاد، فقد ذكره كثير من المتقدمين، وامتداد دركهم كما ذكر الجزيري إلى قرب المدينة في القرن العاشر، لعل ذلك حدت في القرون المتأخرة].
من بني محمود: محمد وأحمد والحسن والحسين. قال: ثمّ جمع لهم محمود فَصَبَّحهم محمود يوم (الرّغَامة) فقتل منهم مئة رجل، وكانت عليهم يومئذ عمائم خَزٍّ زُرْقِ فلم يلبس سُلَميٌّ بعدها عمامة زرقاء) [الإكليل 1/ 400 - 401] وقال المحابي في ذكر بني محمود:(قُتل يوم (الرغامة) منهم محمد وحسن وحسين وأحمد بنو محمود قتلهم بنو الحارث من سُلَيْم فغزاهم محمود ببني حرب واسْتَنجَد ببعض جُهينة إلى حَرَّة بني مالك فقتل من بني سُلَيْم مئة رجل) [الإكليل 1/ 397].
قال الأحيوي: كان بنو حرب حلفاء للحسنيين كما ذكره أبو زيد البَلْخي (ت 322 هـ)[معجم البلدان - وَدَّان] وهذا التَّحَالف أكدته المصاهرات بينهما وقد أشار الهمداني إلى بعضها، وقد ذكر أيضًا أن بعض (الحسينيين إخوة الحسنِيّين يشاركون في القتال مع بني حرب، ومن أولئك موسى بن أبي جعفر بن إدريس الحسيني وجدّه لأمه محمود شيخ بني حرب)[الإكليل 1/ 398] كما أن بني حرب كانوا في تَحَالف مع جُهينة التي بجمعهم بها نسب واحد هو قُضاعة القحطانية، وقد ذكر الهمداني أن بني حرب حينما نزلوا بلاد الحجاز نزلوا بلاد (ينبع) و (رضْوى) من ديار جهينة التي لا بد أن تكون قد رحَّبَت بهم لرابطة النسب، ومن هنا وجدنا التَّحالف بينهما قائم ضِدَّ بني سُلَيْم، ومما أورده الهمداني نَجِدْ أنَّ بني حرب قد أَجْلت ثلاث قبائل عدنانية وهي:
1 -
قبيلة عَنَزَة التي أَجْليَتُ من جبال (قُدْس) إلى الأعراض من (خيبر).
2 -
قبيلة مُزَيْنَة التي أُجليَتْ من جبال (قُدس) إلى الساحل من (الجار) و (الصفراء) وأرض جُشَم من هوازن.
3 -
قبيلة بني سُليم (بنو الحارث وبنو مالك من سُليم) التي أُجْلِيَتْ من جبال (قُدْس) و (الحرَّتَيْنِ) و (النَّقِيع) ولا يدخلون هذه الديار إلَّا بذمام من بني حرب.
قال الأحيوي: وهنا يبرز سؤال هام جدًّا يطرح نفسه هو: هل سلَّمَتْ هذه القبائل بِتسلُّط بني حرب الذين أجلوهم عن ديارهم؟ وكيف استطاعت قِلةٌ قليلة أن تكسر شوكة قبائل تفوقهم عددا وعدّة؟ وكيف سمحت لهم هذه القبائل بالسيطرة على درك الدرب بين مكة والمدينة؟ وهل تنازلت هذه القبائل عن بلادها ومصالحها دون أدنى معارضة؟ بالطبع سيكون الجواب بالنَّفْي القاطع فما زعمه الهمداني يَنُمُّ عن تَعَصُّب أعمى للقحطانية، ذلك أننا نجد أن مُزَينة تقطن هذه الديار حتى عهد الجزيري (ت نحو 977 هـ).
قال الجزيري: (ورقان جبل مُزَيْنة)[الدرر الفرائد 1567] وهذا الجبل على نَحْو 70 كيلا جنوب غرب المدينة، وظلت مُزينة في هذه الديار يجاورون عَنَزَة وبني سُلَيْم كما كانوا عليه منذ عهد الهمداني (ت نحو 350 هـ) الذي سبق الجزيري بنحو ستة قرون، وهذا زمن كبير جدًّا كما نَجِدهم لم ينحصروا في (الجار) و (الصفراء) وأرض جُشَم، ذلك أننا نجدهم على ما ذكره الهمداني نفسه يستوطنون (العِيْص) مع جهينة [صفة جزيرة العرب 244] أي أن ديارهم شملت المنطقة الممتدة من (الجار) و (الصفراء) إلى (ورقان) و (قدس) إلى (العيص)، أما قبيلة عَنَزَة فإنها لم تغادر هذه النواحي لتستقرّ في الأعراض من خيبر. ونجد أن الجزيري في القرن العاشر للهجرة يذكرهم حول المدينة. قال الجزيري (ت نحو 977 هـ):(عربان العنزة يأتون من حوالي المدينة الشريفة وحدودهم من طرف الحنك من الجهة الغربية إلى المدينة الشريفة إلى آبار علي إلى جبل مُفَرِّح)[الدرر الفرائد 1402] وآبار علي وتعرف ببيار علي هي ذو الحليفة جنوبي المدينة وكذلك جبل مفرّح - مفرّحات - موضع جنوبي المدينة. وهذا يعني أن قبيلة عنزة لم تَجْلُ من ديارها كما ذكره الهمداني، وقد أشار ابن إياس إلى وجودهم بهذه الديار فقد ذكر في حوادث سنة 912 هـ أن يحيى بن سَبُع أمير ينبع فَرَّ بعد هزيمته في واقعة مع الجند المصري إلى عربان عنزة والتجأ إليهم واستمر مقيمًا عندهم في مكان بالقرب من ينبع ["بدائع الزهور" 4/ 106]، ومن يدري فلعل الهمداني قَدْ خُدِع
بما رُوي له، ذلك أننا نجد أنه في "صفة جزيرة العرب" وهو كتاب ألّفه بعد الإكليل [صفة جزيرة العرب 23] نَجده يذكر ديار بني حرب بين الجُحْفة وديار جُهينة، حيث قال: الجحفة وَخُم إلى ما يتصل بذلك من بلد جهينة ومحال بني حرب. [صفة جزيرة العرب 233] قال الأحيوى: الواو التي سبقت كلمة (مَحَالِّ) لا معنى لها، ذلك أن المنطقة من الجحفة إلى ديار جهينة استوطنها بنو حرب، فهي من محالهم، أي إن ديار بني حرب امتدَّتْ من الجحفة الواقعة جنوب شرق رابغ على نحو 22 كيلا إلى (غدير خُمّ) شرقي الجحفة على 8 أكيال، وغدير خم على نحو 26 كيلا شرقي رابغ، وكما مَرَّ فإنَّ بني حرب حالفوا الحسنيين وصاهروهم وصاروا حزبا لهم ضِدَّ أعدائهم حيث حاربوا معهم الجعفريين واستولوا على بلاد الجعفريين في الفُرع والسائرة كما ذكره أبو زيد البلخي (ت 322 هـ)[معجم البلدان - ودّان] ومن هنا سنجد أن دَرَك زُبَيْد أكبر البطون الحربية منذ عهد ابن فضل الله العمري (ت 749 هـ) امتدَّ فقط من الصفراء إلى الجحفة ورابغ مع ملاحظة أن الدرك الممتد من الصفراء إلى رملة عالج بطرف قاع البزوة يشاركون فيه حلفاءهم من بني الحسن، ذلك أن درك الحسينيين يمتد إلى رملة عالج بطرف قاع البزوة الواقع بين مستورة وبدر على الساحل، وبهذا يتبين لنا أن ديار بني حرب انحصرت بديار حلفائهم من بني الحسن وجُهينة، أما القول بأنهم استولوا على ديار بني سُلَيم ومُزَينة وعَنَزَة وسيطروا على طريق المدينة المنورة إلى مكة المكرمة فإنه قول باطل، وهذا ثابتٌ واضح بما مرّ بيانه، أما شأن بني سُليم فهو شأن أعجب، ذلك أن هذه القبيلة لم تُسلم وتخضع لبني حرب، كما أراد الهمداني إيْهَامُنَا به، بل إنهم سيطروا على بني حرب وفرضوا هيمنَتهُم عليهم حتى القرن التاسع للهجرة وهذا أمر لا يَدَّعيه بنو سُلَيْم بل يُقِرُّ به ويرويه بنو حرب ويتّضح بيان ذلك من حرب البنت. وفيما يلي تفصيل ذلك:
* حرب البنت: قال الأستاذ عاتق بن غيث البلادي في ذكر (حرب البنت) بين بني حرب وبني سُلَيْم: (الرواة من بني حرب يروون عن حرب قديمة ولعلها
موغلة في القدم فأصبحت عندهم كالأسطورة، تلك الحرب يسمونها حرب البنت، ويقول رواة حرب: في زمن من الأزمان فَرَضَتْ سُلَيْم الشَّاة على حرب) قال البلادي: (الشاة وتسمى في نجد (الأخاوة) إتاوة يقدّمها المستضعف للقويِّ الغالب اعترافا منه بالتبعية) قال: (وكانت تقدم بواسطة زُبَيْد في (دوران) وصفتها رِخْلٌ بكر) قال: (الرِّخْل بكسر الراء: بنت النعجة) تَقودها بنت بكر، ويشترط أن تكون البنت بنت شيخ القوم، فكان يعقد لذلك اجتماع سنوي، فيقف القوم في صَفَّيْن كل جهة حدوده فَتَقَدَّمُ البنتْ تقود الرخلَ فيكون خروجها من صف القبيلة المفروض عليها هذه الإتاوة الغريبة التي يقصد منها اعترافها بضعفها، فتخرج من عند الأمير قاصدة أمير القبيلة الفارضة لهذه الإتاوة حتى تسلمه الشاة من يدها ليده، فينهض بعد ذلك شيخ القبيلة التي قدّمت الفتاة فيدعو أولئك إلى الغداء في بيوت قومه! فظهر في زُبَيْد شاب رأى ما يعمل قومه فَحزن لذلك، واغتمَّ فطلب شباب قومه وأخذ يدربهم على الكرِّ بالجياد طيلة سنة حتى أنس منهم الكفاءة فرسم معهم خُطَّةَ تتلخص فيما يلي:
يختارون نعجة حَرُوْنًا فإذا أرادت البنت قيادها تعجز عنها، ليقوم رُومي بن عَسْم - وهو اسم الشاب موضوع الحديث - فيسرع إلى معاونة الفتاة، إلى أن يصل إلى شيخ سُلَيْم فإذا مَدَّ الشيخ يده لأخذ الشاة بَتَر يده بالسيف، وفي هذه الحالة يكون رفاقه قد أسرعوا إليه بالخيل ومن ضمنها فرسه هو، ونُفِّذتِ الخُطّة بدقة فنشبت حرب بين القبيلتين استَمرّتْ سنين طويلة، دخلت بنو حرب على أثرها وادِي (قدَيْد) فامتَدت المعارك إلى قرب (الظبية) ولما طالت عليهم الحرب طلبوا التحكيم ولكن النعرة منَعتْهم من الاتفاق إلا على حلّ غريب هو أن يستعيدوا القتال، ومتى قتل أول رجل جعلوا مكانه حَدًّا وينتهى الحرب فقُتِل رجل من بني السَّفر من حرب عند دَقم مقابل للظبية شمالا فوُضع حَدًّا وسُمِّيَ (دَقْم السَّفْري)[نسب حرب 140 - 141] ويرى البلادي أن حرب البنت هذه أقدم من حرب الحرّة الآنف ذكرها!؟ ويرى أن بطلها رومي بن عسم هو من أبناء محمود، على
زعم بعض رواة حرب، وأنه طالبَ بالإمارة بعد وفاة أبيه، إلا أنَّ إخوته لم يُسَلِّموا له بذلك فناصرته زُبَيْد ومسروح، فاغتصب الإمارة من إخوته فسُمّيَ العَسْمِي. وقال البلادي معقبًا على ذلك: (إذا صَحَّت الرواية فإنَّ حرب البنت أقدم من يوم الحرَّة ويؤيد ذلك:
1 -
أن موقعة الحرَّة كلما ذكلر الهمداني كانت فاصلة، وأن بني سُلَيْم وضَعُوا عمائمهم بعدها عن رؤوسهم.
2 -
أن روايات زُبَيْد تتفق أَنَّ العسمي ليس من زُبَيْد والشاهد قول شاعرهم:
شَرَيْتُ لي رومة منَ الأَرْوَام
…
واصْبحَت أحارب شَرْبَة ايْدَيَّة
فهو بذلك يخرجه ويجعله مُشترى، أي أُتيَ به من خارج القبيلة ولكنه يستغلُّ اسمه للنيل منه وإلصاقه بالروم، ويردُّ العسمي:
شَريْتُ عِزّكْ وانْتْ ما تِنْلَامْ
…
قُدَّامْنَا دَارِك هُتَيْميَّه
يُعرَّض في ذلك بقود الشاة لسُلَيْم وأنه - رومي - هو الذي حرّرهُمْ من ذلك [نسب حرب 174 - 175] ويفاجئنا البلادي أن حرب البنت ذكرها الهمداني في الجزء الأول من "الإكليل" وأن بطل هذه الحرب هو محمود الذي تدَّعيه زُبَيْد كما يدعيه بنو عمرو، وهو محمود الذي ذكره الهمداني [قلب الحجاز 58] قال الأحيوي: وهنا نجد أن البلادي قد غَيَّر رواية بني حرب ليغيّر من ثَمَّ تاريخ هذه الأحداث، ثم زعم أن الهمداني ذكر حرب البنت، مع أنه لم يذكرها وكيف يذكر حربًا حدثت بعده ببضعة قرون، كما أن الذي عليه رواة بني حرب أن بطل حرب البنت ظهر في زُبَيْد وما زال نسله فيهم، ولم يظهر في بني عمرو. قال الأحيوي: ورومي المذكور هو من رجال القرن التاسع للهجرة، وقد ورد خبر مقتله ومقتل أخيه مالك سنة 873 هـ، فقد قام الشريف محمد بن بركات بغزو زُبَيْد بين (خُلَيْص) و (رابغ) وقتل شيخهم رومي وأخاه مالكا [الدرر الفرائد 750، نسب حرب 113] وفي سنة 913 هـ قتل ولده مالك بن رومي، زعيم زُبَيْد من بعد
والده رومي، وقتل معه أولاده معوض وقادم وداغر بنو مالك بن رومي، وقتل أخوه مشهون بن رومي [الدرر الفرائد 792، نسب حرب 114] ومن هذا يتّضح أن رومي الزُّبيدي هو من رجال القرن التاسع للهجرة ونجد أنه في عهد الجزيري (911 - نحو 977 هـ) كان شيخ زُبيد حفيد رومي المذكور وهو شهاون بن مالك بن رومي، ومن أولاده داهش وعلي وإخوتهما [الدرر الفرائد 1447]، ومما يؤكد أن رومي هذا من رجال القرن التاسع للهجرة وأنه رومي المقتول سنة 873 هـ أن بني حرب على أثر حرب البنت سيطرت على منطقة (قُدَيْد) و (خُليص) و (دَوران) وهي اليوم من ديار زُبيد قوم رومي المذكور [نسب حرب 56]، وصار الحدُّ بين حرب وبني سُلَيْم عند عين (الظبية) بوادي قُدَيْد [نسب حرب 141 و 316]، وكان وادي قديد في عهد الهمداني كما ذكره في "صفة جزيرة العرب" الذي ألّفه بعد "الإكليل" لقبيلة خُزاعة [صفة جزيرة العرب 233] ثم آل إلى بني سُلَيْم فيما بعد، وهذه المنطقة لم تسيطر عليها حرب إلَّا في القرن التاسع للهجرة، فقد كانت المنطقة من (الجُحْفَة) على (قُدَيد) وما حولها إلى (عقبة السويق) على الدرب باتجاه مكة من ديار بني سُلَيْم، قال القلقشندي (ت 821 هـ) في ذكر أدراك عربان درب الحاج من مصر إلى مكة المكرمة:(ومن الصفراء إلى الجحفة ورابغ لزُبيد، ومن الجحفة إلى قديد وما حولها إلى الثنية المعروفة بعقبة السويق لسُلَيم، ومن الثنية على خليص إلى الثنية المشرفة على عسفان إلى الفجّ المسمى بالمحاطب لبني جابر، وهم في طاعة صاحب مكة، ومن المحاطب إلى مكة المعظمة لصاحب مكة وبني حسن)[صبح الأعشى 4/ 285] وهو ما أكده المِقرِيزي (ت 845 هـ) الذي قال في ذكر أدراك عربان درب الحاج: (ومن الصفراء إلى الجحفة ورابغ لزُبيد، ومن الجحفة على قديد وما حولها إلى السويق لسُلَيْم، ومن عقبة السويق إلى خُليص إلى عسفان للشريف جسَّار من بني حسن، ومن ثنية عسفان إلى المحاطب لبني جابر وهم في طاعة صاحب مكة، ومن المخاطب لصاحب مكة وبني حسن إلى مكة)[البيان والإعراب] قلت: والشريف جسار معاصر للمقريزي وهو جسّار بن قاسم ابن أبي نُمَيِّ الحسني وقد توفى سنة 811 هـ. قلت: وليس لبني حرب غير
درك زُبَيد شيء فدرك حلفائهم الحسينيين يمتد من نهاية درك جُهينة مشتملًا على الصفراء إلى رملة عالج في طرف قاع البزواء [صبح الأعشى 4/ 285، البيان والإعراب 72] ودرك زُبَيْد هذا قديم، يعود إلى مطلع القرن الثامن وربما قبله، فقد ذكر ابن فضل الله العمري (ت 749 هـ) هذا الدرك لِزُبيد. قال القلقشندي في ذكر زبيد:(قال في مسالك الأبصار: وعليهم درك الحاج المصري من الصفراء إلى الجحفة ورابغ)[نهاية الأرب 268، قلائد الجمان 90] إلَّا أنَّ واقع الدرك تغَيَّر مع بزوغ نَجْم آل رومي الزبيديين زعماء بني حرب خلال القرن التاسع للهجرة، ذلك أن بني حرب استَوْلَتْ على أجزاء من ديار بني سُلَيْم على أثر حرب البنت، فصار الحدُّ على (دَقْم السَّفْري) مقابل الظبية شمالًا في وادي قُديد كما مرّ. وقد أوضح الجزيري هذا التَّغير الذي طرأ على أدراك درب الحاج فقال:(كان الدرك قديما مقسَّما بين جماعات بمعاليم معلومة منهم البشريون، العصيفيون وبنو سُلَيْم، فاستولت أولاد رومي على الدرك جميعه)[الدرر الفرائد 1447]، ومن هذا كله يتضح لنا أن رومي بطل حرب البنت هو من رجال القرن التاسع للهجرة، وبهذا اتضح لنا أن بني سُلَيْم كانت لهم شوكة وسيطرة في منطقة الحجاز، وأنهم فرضوا هيمنتهم على بني حرب حتى حرب البنت في القرن التاسع، أما ما ذكره البلادي أنَّ تلك الحرب وقعت قبل حرب الحرَّة فلا دليل عليه كما أنَّ الهمداني ذكر جميع أولاد محمود وليس فيهم من يُسمّى رومي، وكيف يَغْتَصب رومي الإمارة من إخوته بعد وفاة أبيه محمود ويحارب بني سُلَيْم حرب البنت، ثم يكون ذلك قبل حرب الحرّة التي قادها محمود نفسه ضد بني سُليم؟ وأين كان محمود شيخ بني حرب آنذاك؟ إن فيما ذكره البلادي تناقض واضح صريح، ولا دليل له فيما ذهب إليه، والصحيح أن رومي كما أثبتناه هو من رجال القرن التاسع للهجرة، كما أن التاريخ يشير إلى وجود سُلمِيٍّ قوي جدًّا في القرون الأولى، دون أن يرد شيء عن بني حرب سوى ما أوردناه عن الهمداني وأبي زيد البلخي، وبذا يتَّضح أن ما ذكره الهمداني عن سيطرة بني حرب على الدرب بين مكة والمدينة غير صحيح، وهذا تؤكده وقائع تاريخية فقد ذكر أبو الفرج ابن الجوزي حادثة خطيرة لبني سُلَيْم
سنة 354 هـ فقال: (ورد الخبر بأن بني سُلَيْم قطعوا الطريق على قافلة المغرب ومصر والشام الحاجة إلى مكة في سنة أربع وخمسين وكانت قافلة عظيمة وكان فيها من الحاج التجار، والمنتقلون من الشام إلى العراق هربًا من الروم، ومن الأمتعة نحو عشرين ألف حمل، منها دقّ مصر ألف وخمسمائة حمل، ومن المغرب أثنا عشر ألف حمل، وأنه كان في أعدال الأمتعة من الأموال من العين والورق ما يكثر مقداره جدًّا وكان لرجل يعرف بالخواتيمي قاضي طرسوس فيها مئة وعشرون ألف دينار عينا، وأن بني سُلَيْم أخذوا الجمال مع الأمتعة، وبقي الناس رحّالة منقطعا بهم كما أصاب الناس في (الهبير) سنة القرمطي، فمن الناس من عاد إلى مصر ومنهم من تلف وهم الأكثرون) [المنتظم 14/ 174] قال الأحيوي: هذا الخبر الذي أورده غير واحد من المؤرخين يدل على مدى جسامة بني سُلَيْم ومدى خطورتهم على قوافل الحاج وغيرها، مما يدل على ضخامة عددهم فإن كان بنو سُلَيْم وغيرهم على زعم الهمداني لا يسيرون بين المدينة ومكة إلا بخفارة بني حرب فأين كان بنو حرب آنذاك؟ ومما يدل على كثرة بني سُلَيْم وقوة شأنهم قتلهم لحاكم المدينة سنة 590 هـ قتله بنو زغب من سُلَيْم كما سيجئ بإذن الله تعالى، وقد أشار ابن سعيد الأندلسي (ت 680 هـ) إلى كثرة بني منصور، وهم هَوَازنْ وسُلَيْم ومَازِنْ فقال:(قال لي أحد العارفين من عرب الشرق: إنهم إذا نادوا يآل منصور في أرض العرب والعراق والجزيرة يجتمع لهم نحو خمسين ألف فارس، وكانت أرضهم في الجاهلية فيما يوالي سروات الحجاز من نجد، والنسب المذكور في عقب منصور في هوازن وفيها العدد وفي سُلَيْم وفيها أيضًا عدد ونباهة، وفي مازن وهي دونهما)[نشوة الطرب 2/ 499] وسيأتي في حديثنا عن بني علي أن القبائل المسيطرة على منطقة المدينة وما حولها هي قبائل بني سُلَيْم، وبني لام من طيئ، وقد سبقت الإشارة إلى وجود عَنَزة القوي حول المدينة، ولا ذكر لبني حرب، وقد سبقت الإشارة إلى ما ذكره الهمداني أن بني سُلَيْم كانوا أضعاف أضعاف بني حرب (بنو حرب 600 وبنو الحارث وبنو مالك فقط من سُلَيْم 4000) والسؤال الذي يطرح نفسه هو أين هم بنو سُلَيْم وهل هم
هذه القبيلة الصغيرة العدد الضيقة الديار؟ هل هاجروا أم دخلوا في غيرهم من القبائل؟ وللإجابة على هذا نقول: بالتأكيد ليست هذه القبيلة الصغيرة قياسًا إلى غيرها هي كل بني سُلَيْم. والذين هاجروا منهم إلى بلاد المغرب هم أولئك الذين كانوا ببلاد البحرين الذين مالوا إلى القرامطة عند ظهورهم وصاروا جندًا لهم بالبحرين وعُمان [تاريخ ابن خلدون 6/ 16] وكان ظهور أمر القرامطة على يد أبى سعيد الجنَّابي القرمطي سنة 286 هـ قال ابن خلدون: (لما انقرض أمر القرامطة غلب بنو سُلَيْم على البحرين بدعوة الشيعة لها لما أن القرامطة كانوا على دعوتهم، ثم غلب بنو الأصفر بن تغلب على البحرين بدعوة العباسية أيام بني بُوَيْه وطردوا عنها بني سُلَيْم فلحقوا بصعيد مصر)[تاريخ ابن خلدون 6/ 84] وكان ظفر الأصفر بالقرامطة سنة 378 هـ قال ابن خلدون: [كان القرامطة قد تغلَّبوا على أمصار الشام فانتزعها العزيز منهم، وغلبهم عليها وردّهم على أعقابهم إلى قرارهم بالبحرين، ونقل أشياعهم من العرب من هِلَال وسُلَيْم فأنزلهم بالصعيد والعدوة الشرقية من بحر النيل فأقاموا هناك وكان لهم أضرار بالبلاد). [تاريخ ابن خلدون 6/ 16]، والعزيز المذكور هو العزيز الفاطمي الذي تولى الحكم سنة 365 هـ إلى أن توفى سنة 386 هـ.
ومن هذا يتضح لنا أن الذين هاجروا من بني سُلَيْم هم أولئك الذين كانوا يقطنون بلاد البحرين، ومن المحتمل جدًّا أن بعضهم عاد إلى بلادهم في الحجاز بعد تغلّب الأصفر عليهم، وإجلائهم من هناك، ويبقى السؤال القائل: هل دخلت فروع من بني سُلَيْم في غيرهم من القبائل؟ وللإِجابة على هذا نقول: إن بني سُلَيْم هؤلاء كان لهم تاريخ سيئٌ للغاية، فقد كانوا يهددون الأمنَ، ويهاجمون الحواضر ويقطعون الطرق، مما جعل الدولة تنزل بهم ضربات قاصمة، لما يحدثونه من فساد، ومن هذه الضربات ضربة القائد العباسى بُغَا سنة 230 هـ حيث قتل منهم 50 رجلًا وأَسر زهاء ألف رجل قتلهم أهل المدينة عندما حاولوا الفرار من السجن [تاريخ الطبري 5/ 278 - 281]، ومما ذكره الطبري من نصه الطويل حول هذه الحادثة وأسبابها قوله: (إن بني سُلَيْم كانت تطاول على الناس حول
المدينة بالشرّ وكانوا إذا وردوا سوقًا من أسواق الحجاز أخذوا سعرها كيف شاءوا) وذكر أنهم أوقعوا بجيش المدينة)، وفيهم من قريش والأنصار ومواليهم وغيرهم من أهل المدينة. قال الطبري:(وغلظ أمر بني سُلَيْم فاستباحت القرى والمناهل فيما بينها وبين مكة والمدينة حتى لم يتمكن أحد أن يسلك ذلك الطريق، وتطرقوا من يليهم من قبائل العرب)[تاريخ الطبري 5/ 278] ثم كان أن أوقع بهم بُغّا وانتقم منهم أهل المدينة شرّ انتقام، وقال ابن خلدون:(كانت بطون هلال وسُلَيْم من مُصَر لم يزالوا بادِيْنَ منذ الدولة العباسية، وكانوا أحياء ناجعة بمجالاتهم من قفر الحجاز بنجد، فبنو سُلَيْم مما يلي المدينة، وبنو هلال في جبل غزوان عند الطائف، وربما كانوا يطوفون رحلة الصيف والشتاء أطراف العراق والشام، فيغيرون على الضواحي ويفسدون السابلة، ويقطعون على الرفاق، وربما أغار بنو سُلَيْم على الحاج أيام الموسم بمكة، وأيام الزيارة بالمدينة وما زالت البعوث تُجهَّز والكتائب تُكتب من باب الخلافة ببغداد للإيقاع بهم وصون الحاج من مَعَرَّاتِ هجومهم)[تاريخ ابن خلدون 6/ 15 - 16] وأضاف يقول: (كان بنو سُلَيْم لعهد الخلافة العباسية شوكة بغي وفتنة حتى لقد أوصى بعض خلفائهم ابنه أن لا يتزوج فيهم، وكانوا يغيرون على المدينة وتخرج الكتائب من بغداد إليهم، وتوقع بهم وهم منْتَبِذون بالقفر)[تاريخ ابن خلدون 6/ 83]، وقد ظلوا يؤذون الحاج على مرّ القرون، دون جدوى بمنعهم، فابن خلدون يذكر في عهده (732 - 808) في ذكر بني ذُباب بن مالك من بني سُلَيْم أنهم يؤذون الحاج وقال:(بجهة المدينة خلق منهم يؤذون الحاج ويقطعون الطريق)[تاريخ ابن خلدون 2/ 355] قلت: وهم بنو ذُباب بن مالك بن بهثة بن سُلَيْم، وهم إخوة زغب بن مالك [تاريخ ابن خلدون 6/ 84 و 2، 355، نشوة الطرب 2/ 523] ومن أحداثهم مهاجمتهم للحاج سنة 354 هـ كما مرّ، ورغم الهجرة الكبيرة لقبائل منصور التي كانت تقطن بلاد البحرين من هوازن (وأهم قبائلهم المهاجرة بنو هلال) وبني سُليم ومازن فإن عددهم ببلاد المغرب لم يتجاوز ضعف عددهم ببلاد المشرق، قال ابن سعيد:
(إذا نادتْ العربُ يَآلَ منصور بإفريقية يقال إنها تجتمع في مئة ألف فارس، ولهم هناك عزّ وثروة وتحكم على البلاد والعباد، وهم من صعيد مصر إلى البحر المحيط)[نشوة الطرب 2/ 499] وهذا يكشف لنا أن عددا ضخمًا جدًّا قد تبقى من قبائل منصور ببلادهم في الحجاز ونجد، وقد أضحى اسم سُلَيْم بسبب أعمالهم نقمة عليهم فقد صارت الجيوش تقصدهم لضربهم، ممّا جعل بعض الفروع تدخل في قبائل أخرى طلبا للسلامة، يضاف إلى ذلك أن بني سُلَيْم بمرّ القرون أخذوا يضعفون مع مجاورتهم لقبائل قوية من حولهم، أخذت ديارها تتمدد على حساب ديار بني سُلَيْم مما جعل فروعا منهم لما سبق بيانه يدخلون حلْفًا فيمن جاورهم من القبائل، في الوقت الذي أخذت فيه قبائل أخرى تبرز معها مجدها، وفي طليعة هذه القبائل قبيلة بني حرب، التي أخذت تستقطب كثيرا من العشائر التي أخذت تحالفها، ومنها كثير من العشائر السُّلَميَّة فكوَّن بنو حربِ كيانًا ضخما خطيرا للغاية، ولعبوا دورا هاما وخطيرا في تاريخ الحجاز في القرون الأخيرة، وسيتضح لنا كما سيجيء، أن كثيرا من فروع بني سُلَيْم قد دخلت في بني حرب، وحدث لها كما حدث لِمُزيْنة فنسيت أنسابها وأضحت تنتسب لبني حرب. قال البلادي:(نسي المزنيون نسبهم فأصبحوا حربيين، حتى أن بعضهم يغضب بمجرّد أن يسمع من يقول: إنهم ليسوا من حرب نسبًا)[معجم قبائل الحجاز 484] قلت: ومثلهم إخوانهم في بلاد الطور بسيناء الذين ينتسبون لبني حرب دون أن يدروا شيئا عن قبيلة مُزينة العدنانية ذات التاريخ العريق [تاريخ سيناء 110 و 112] وهم على انتسابهم لبني حرب إلى يومنا هذا، وهذا شأن كثير من القبائل التي تدخل في غيرها حِلْفًا فتنسى نَسَبها على مرّ القرون، وتنتسب للحليف، وفي بحثنا هذا دراسة لفروع بني سُلَيْم، التي دخلت في بني حرب وصارت منهم مع الإشارة إلى فروع أخرى، ذات ارتباط نسبي بفروع سُلَيْم، التي دخلت في بني حرب، بما توفر لدينا من أدلة وقرائن، وقد رأينا ترتيب هذه الفروع على حروف المعجم.
التفصيل عن فروع بني سليْم في حرب في المملكة العربية السعودية
قال الأحيوي:
(1)
الأحامدة: دخلت بطون من بني سُليْم بمرور الوقت في قبيلة حرب الفتية، وأصبحت جزءًا منها وأهم هذه البطون بنو عوف وهم من أكبر فروع بني حرب، وأجلها قدرًا، وهم بنو عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيم، وسيأتي الحديث عنهم لاحقا وستجد كما سيأتي تمازجا عجيبا جدا بين بني عوف هؤلاء وبين الأحامدة الذين ينتسبون إلى بني سُليم، ويبدو أن قسما من عوف قد انضووا تحت اسم الأحامدة وهم من فروع بني عوف، ويبدو أيضًا أن قسما من بني سُلَيْم قد انساحوا شمالا فدخلوا في قبيلة بليِّ في الوقت الذي كان فيه قسم آخر من بني سُليْم قد دخل في بني حرب، ولم تتضح لنا أسباب ذلك إلا أننا نجد أن بعض فروع القسم الذي دخل في بليِّ لا تزال رغم مرور الوقت تحتفظ بأنسابها إلى تلك الفروع الموجودة مع بني حرب، وقد انضوى القسم السُّلَمي الذي دخل في بليِّ تحت مُسمَّى الأحامدة، والأحامدة فرع كبير من بني حرب، أصلهم من بني سُليم، قال البلادي في ذكرهم:(يقال إنهم من بني سُليم بن منصور فيما يزعم بعضهم)[نسب حرب 79 - 80] وكان البلادي قد قال في طبعة سابقة من "نسب حرب" فيما ينقله عنه الجاسر: أن ذلك القول باتفاق رواة بني حرب. قال الجاسر في ذكر الأحامدة: (في كتاب نسب حرب 84: أصلهم من بني سُليم، باتفاق رواة حرب)[معجم قبائل المملكة العربية السعودية 1/ حاشية 11] ولا أدري لم غيّر البلادي النص، ولم عَدَّ هذا الانتساب زعما لبعضهم؟ وعندي أن الأحامدة هم بنو أحمد بطن من بني عوف من سُلَيْم وهم بنو أحمد بن نُمير بن حكيم بن حِصْن بن علَّاق بن عوف بن امرئ القيس بن بُهثة بن سُلَيْم ومنهم:
1 -
بنو محمد.
2 -
البطين [تاريخ ابن خلدون 6/ 95 - 96، 94 و 85]، وأحمد هذا جد بني أحمد وهو من رجال العهد الجاهلي ولم يدرك الإسلام، ذلك أنه الابن
الثامن من سلالة سُلَيْم، فيما كان بنو سُلَيْم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في العد العاشر والحادي عشر، بل والخامس عشر، وما يزيد، كما سيأتي في حديثنا عن بني علي، وأول ذكر يرد لبني أحمد ورد على لسان يعقوب بن السكيت (ت 246 هـ) قال ياقوت الحموي:(تعف مياسر: قال ابن السكيت عن بعضهم: التعف ههُنا ما بين الدُّوْداء وبين المدينة وهو حدُّ خلائق الأحمديين والخلائق آبار)[معجم البلدان تعف مياسر] قلت: المنطقة الواقعة بين الدوداء والمدينة هي من ديار بني سُلَيْم، ومن ديار بني سُلَيْم إلى الغرب من الدوداء: الرويثة [تاريخ الطبري 5/ 278] قال البلادي: [الدوداء: شعبتان جنوب المدينة تصب على بلدة الفريش من الشرق والثانية تظاهرها شرقا فتصب في رئم، فتصب في النقيع قرب بئر الماشي كان يأخذها درب الغائر) [معجم معالم الحجاز: الدوداء 3/ 235] ومنطقة النقيع وما حولها من ديار بني سُلَيْم، وممن كان يقطنها بنو عوف من سُلَيْم كما سيأتي بيانه مما يؤكد صحة نسب الأحامدة إلى بني سُلَيْم، ومن الأحامدة هؤلاء الأحامدة في بليِّ الذين ذكرهم وفصَّل القول فيهم الجزيري (ت نحو 977 هـ) فقال:(عربان بليِّ أصحاب الدرك طوائف كثيرة، فنذكر ما تيسر منها: أما أصحاب درك الأزلم فمنهم بلي الأحامدة والأحامدة بَدَناتُ، فمنهم: الخرشان والركبان والغدايرة منهم شاهين بن أحمد بن غدير وأولاد عمه، والعتيْبات كقشيغة بن سالم وجبار بن إدريس بن غديف، والسلمات كعمران بن خليفة بن عمران وآل هلال، والقردانيات، ومن عربان بلي جميع من تقدم من عربان الحمل عند ذكر بلي فلا نكرره هنا، ومنهم العرادات بالعين المهملة، والمواهيب، والوابصة، والبركات، والجواهرة، والسباعات، والحصنة، والكحلة، وبنو سعيد المحصنة، وبنو مخلد، والمكاحلة، والبامات، والسحمة، والمباذر)[الدرر الفرائد 1392] قال الأحيوي: وكيلا يظنَّ البعض أن بدنات العرادات والمواهيب والوابصة والبركات والجواهرة والسباعات والحصنة والكحلة وبنو سعيد المحصنة وبنو مخلد والمكاحلة والبامات والسحمة والمباذر وهي 14 بدنة ليست من الأحامدة؛ لأن الجزيري فصّل في نصه بينها والبطون الأحمدية السبع التي عدّها
قبلها نقول: إن النص الفاصل هو جملة معترضة والبطون أحمدية ويتضح ذلك من نص الجزيري ذاته، ذلك أنه بين في أول نصه أنه سيذكر أصحاب الدرك وابتدأ بالأحامدة أصحاب درك الأزلم، وعدد بطونهم، وجميع البدنات الـ 14 ليست من أصحاب الدرك مما يعني اتصال نصه، وأنه متعلق بالأحامدة، والبدنة الوحيدة من الـ 14 بدنة التي لها درك هي بدنة الجواهرة ولهم درك مناخ الركب بـ (أكرى) [الدرر الفرائد 1388] قال الجزيري في ذكر (أكْرى):(مناخ الركب فقط درك عمرو بن سبع بن غنام وأولاده من بلي الجواهرة، وهو غاية درك عربان بلي)[الدرر الفرائد 1401] ودرك الجواهرة هؤلاء تسبقه أدراك بدنات أخرى من الأحامدة. قال الجزيري: (من كبرة أول حد الوجه فمنه إلى المحلِّ المعروف بفشيغة الوجه درك جلاس بن نصار بن جماز وولده حميد، وعمر بن أحمد بن نصير، وسالم وحسن أولاد على بن نصير من بليّ الأحامدة ((الدرر الفرائد 1387) ولهم أيضًا درك الرحبة والوجه [الدرر الفرائد 251، 798، 864، 1397] وقال في ذكر درك السلمات الأحامدة: (حد دركهم من فشيغة الوجه إلى الوجه إلى مفرش النعام إلى أكْرى)[الدرر 1387، 1400] وأكرى هي حدُّ بليّ مع جهينة، قال الجزيري:(أكرى حدّ أرض بليِّ من جُهَيْنة)[الدرر الفرائد 1400] والملفت للنظر أن كل درك بلي هو للأحامدة لمسافة تمتد نحو 195 كيلا، فمن حدرة (دامة) آخر درك بني عُقبة إلى (تلبة) للعتيبات من الأحامدة، ومن (تلبة) إلى (كبرة) للغدايرة من الأحامدة، ومن (كبرة) أول حدّ الوجه إلى فشيغة الوجه لشيوخ الأحامدة، ومن فشيغة الوجه إلى (أكرى) للسلمات من الأحامدة [الدرر الفرائد 1387 وانظر 1350، 1363، 1386] وأكرى كما مر حد بلي مع جهينة [الدرر 1400، 1401] ولم نجد أحدًا من بلي له درك إلا الجعافرة الذين يدخلون في درك العُتيبات الأحامدة إلى (تلبة) ولهم درك بـ (الأزلم) وهيش وادي (أكرى)[الدرر الفرائد 1387، 1183، 1401]، وبهذا نكون قد أوفينا الحديث عن الأحامدة وتبين لنا أن جميع البدنات المذكورة في نص الجزيري هي بدنات أحمدية وستضح لنا صحة ذلك فيما بعد خلال بحثنا هذا، ويبقى أن نشير
إلى بطن أحمدي لم يرد ذكره آنفا وهو الحمدة وهم من السباعات [الدرر الفرائد 1183].
(2)
البدارين: البدارين بطن يرتبط ببني جابر من بطون بني عبد الله من بني عمرو من مسروح من بني حرب، قال البلادي في ذكر بني جابر:(يتبع بنو جابر البطون الآتية: البدارين. .)[نسب حرب 74] قال: (من الأقوال المستفيضة عند البادية أن البدارين هؤلاء من بدارين الدواسر ولا أدري ما صحة ذلك، والقبائل تتسامى وكثير منها يلم على سميّه بجهل، وهو أمر نبه عليه قدماء النسابين)[نسب حرب 75] قال الأحيوي: وهم عندي من بني سُلَيْم ومما يؤكد ذلك عدا عن ارتباطهم ببني جابر وهؤلاء من بني سُلَيم كما سيجيء أمران هما:
1 -
أن من البطون القديمة لبني عوف من سُلَيْم: البدارنة، وهم بطن من بني علي بن حصن بن علَّاق بن عوف بن امرئ القيس بن بُهثة بن سُلَيْم، وعليِّ هذا من رجال العهد الجاهلي فهو الابن السادس من سلالة سُلَيْم، مما يدُل على قدم وجود البدارنة من بني علي، وارتباط البدارين ببني جابر هو ارتباط يقوم على أساس من النسب، ذلك أننا نجد من بطون بني عوف من سُلَيم القديمة: بنو جابر، وهم بنو جابر بن قُنفذ بن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بُهثة بن سُلَيْم، ومما يدل على قدم هذا البطن أن جدهم جابر هو الابن السادس من سلالة سُلَيْم، أي أنه من رجال العهد الجاهلي مما يعني وجود بني جابر كبطن من بطون بني سُلَيْم منذ بدء العهد الإسلامي، وهذا يبين لنا أن ارتباط البدارين ببني جابر قائم على أساس من النسب.
2 -
أن ديار البدارين وديار بني جابر مُتجاورة في منطقة واحدة، فديار البدارين القديمة الأصلية هي بنواحي (الفُرع)[معجم قبائل الحجاز 38] ونواحي (الفُرع) من ديار بني سُليم القديمة، وهذه القرائن جميعها تؤكد أن البدارين هم أعقاب البدارنة من بني عوف من سُليْم.
(3)
البركات: البركات في حرب اليوم فرع من الصواعد من عوف (نسب حرب 49] ذكرهم البلادي وقال: (منهم حي كثير في بليِّ يعترفون بنسبهم إلى عوف)[نسب حرب 49] وقال في ذكر بركات بلي: (أصلهم من الصواعد من عوف من حرب دخلوا في بلي)[رحلات في بلاد العرب 74] وقال: (هم من بركات الصواعد من عوف)[قبائل الحجاز 40 - 41].
قال الأحيوي: وهم عندي بطن من بني سُليم فقد عدَّهم الجزيري من فروع الأحامدة كما مر ونجدهم اليوم فرع من مخلد من بلي [معجم قبائل الحجاز 40] ومخلد هؤلاء عدَّهم الجزيري من فروع الأحامدة، ومخلد تشمل أيضًا العرادات والسحمة وهما بطنان ينتسبان إلى العرادات والسحمة من بني حرب [معجم قبائل الحجاز 476] وسيأتي الحديث عنهما، والبركات من بطون بني عوف القديمة فهم فرع من لبيد [نهاية الأرب 120] ولبيد فرع من بني مالك بن أُهيب بن عبد الله بن قنفُذ بن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بهئة بن سُلَيم [التعليقات والنوارد 612، 994، 1861] وليس من محاسن الصدف أن نجد أن من فروع الصواعد من عوف: علَّاق إخوة البركات [معجم قبائل الحجاز 269] وهم من بطون عوف القديمة فهم بنو علَّاق بن عوف ابن امرئ القيس بن بهئة بن سُليم [تاريخ ابن خلدون 6/ 94، 85] وعلَّاق والبركات وسائر بطون عوف يقطنون جبال (قُدس) التي عُرفت بجبال عوف وهي من ديار بني سُليْم القديمة.
(4)
بشر: بنو بشر اليوم فرع من بني عمرو من مسروح من بني حرب، قال البلادي (لهم بلدة عُسْفان) وكل الأرض المحيطة بالطريق إلى (مر الظهران) ومنهم قسم في (الحصينية وصدر كلية) ولهم فيها مزارع وقرية، ومنهم قسم في ديارهم الأصلية وادي (الفرع) [نسب حرب 66] وفي ذكر الفُرع قال البلادي:(يأخذ أعلى مساقط مياهه من حرَّة بني عمرو وهي امتداد لحرَّة بني سُليم القديمة في الشمال، يتقاسم الماء مع واديين عظيمين هما وادي مر في الجنوب، ووادي (النقيع) أعلى العقيق في الشمال، ثم ينحدر غربا مع ميل إلى الجنوب مخترقا سلسلة جبال (قُدس) فاصلا جبال (آرة) في الجنوب و (قُدْس) في الشمال حيث
يتكون مضيق الفرع بين هذين الجبلين ثم يستمر غربا حتى يجتمع بوادي (القاحة) في الشمال عند بئر مبيريك على مرحلة من (رابغ) فإذا اجتمع الواديان سُمي الوادي وادي (الأبواء)[قلب الحجاز 104]، قال الأحيوي: وهذه الديار ونواحيها من ديار بني سُليم؛ فالحرَّة والنقيع وقدس من ديار بني سُليْم ومساكنهم منذ عهد بعيد، وممن أشار إلى ذلك الهمداني كما مرَّ، وعندي أن بني بشر هؤلاء من فروع بني سُلَيْم، ليس استنادا إلى الواقع المكاني لديار بني سُلَيْم القديمة ولكن الدليل آخر وهو وجود بني بشر في نواحي عسفان ومر الظهران التي امتدت ديار بني سُلَيْم إلى نواحيها، وقد بينا أن بني حرب لم يستوطنوا هذه الديار إلا في عهد متأخر، وأول من توسع منهم في تلك الأنحاء بنو زُبيد، وقد مرّ بنا أن درك بني سُلَيْم امتد من (الجحفة) إلى (عقبة السويق) ثم يليهم الأشراف من بني حسن، وبنو جابر إلى مكة المكرمة، وقد مر بنا أنه كان للبشريين درك إلى أن استولى عليه أولاد رومي من زُبيد، ومن المعلوم أنه لم يكن لهم شيء في درك الأشراف، ويتضح مما أورده الجزيري أن درك بني بشر كان في الجزء الممتد من (الجحفة) إلى (عقبة السُّويق) أي مع بني سُليْم. قال الجزيري (ت نحو 977 هـ):(كان الدرك قديما مقسما بين جماعات بمعاليم معلومة منهم البشريون، العصيفيون وبنو سُلَيْم فاستولت أولاد رومي على الدرك جميعه)[الدرر الفرائد 1447] ولو كان بنو بشر من حرب لما استولتُ زبيد على دركهم، ولقام بنو عمرو من حرب مع بني بشر ضد زبيد، وهذا ما لم يحدث، وقد امتد درك زُبيد حتى نهاية درك بني جابر قديما في المحاطب بـ (وادي مر).
قال الجزيري: (من بطن مر ويسمى الوادي الزاهر يسيرون في محاطب وفضاء ومضيق وعر بين جبلين وهو آخر درك ذوي رومي ثم القرية بعده). [الدرر الفرائد 1465] والقرية هي قرية الجموم، وقد أضحوا أتباعا لأمراء مكة. قال الجزيري في ذكر زُبيد:(هم في الحقيقة من باطن الشريف أبي نُمي بن بركات الآن بعد حروب اتفقت لهم مع سلفه إلى أن أذعنوا بالطاعة له كما هو مشهور بتلك الأقطار)[الدرر الفرائد 1447] قلت: وأبو نُمي هو محمد بن
بركات (ت 992 هـ) أمير مكة في عهد الجزيري، وقال ابن خلدون (ت 808 هـ) في ذكر زبيد:(لهم مع الأمراء بمكة من بني حسن حلف ومؤاخاة)[تاريخ ابن خلدون 6/ 7] قال الأحيوي: ومما يجب أن نلفت النظر إليه تقارب ديار بني جابر وبشر في منطقتين متباعدتين في (الفرع) ونواحي (عسفان) مما يؤكد وحدة النسب كما أن ديارهم الأصلية في (وادي كُليَّة) دليل يؤكد أنهم من بني سُلَيْم ذلك أن (وادي كُليَّة) كان كله لبني سُليم، وكانت حدود بني حرب تتوقف عند الجحفة لتبدأ حدود بني سُلَيْم جنوبا فتشمل (وادي كلية) الذي استولى بنو حرب على جزء كبير منه في عهد آل رومي، في القرن التاسع وقد ذكره القلقشندي فقال:(وادي كُليَّة): وهو واد بالقرب من خُليص به نحو سبعة أنهر على كل نهر قرية، وكان بيد سُلَيْم، وقد خرب من مدة قريبة بعد الثمانين وسبعمائة [صبح الأعشى 4/ 260] ومن هذا كله نخلص إلى القول بأن بني بشر بطن سُلَمي، دخل في بني عمرو من حرب حلفًا، وهم فيهم إلى اليوم، ومن يدري فلعلهم أعقاب بشر بن قيس بن مالك بن أبي نميلة بن كعب بن عميرة بن خفاف بن امرئ القيس بن بهئة بن سُلَيْم، أحد رجالات سُلَيْم في الجاهلية [جمهرة النسب 395].
(5)
البطنة: البطنة (بُطيني) كالبركات وعلَّاق فرع من الصواعد من عوف [نسب حرب 49] وهم من بني سُلَيْم فعدا عن ارتباطهم بالبطنين السابقين فإننا نجد من البطون القديمة لبني عوف من سُلَيْم: البطين وهم بطن من بني أحمد بن نمير بن حكيم بن حصن بن علَّاق بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم [تاريخ ابن خلدون 6/ 95، 96، 94] وديارهم اليوم ديار قومهم عوف، وهي من ديار بني سُلَيْم القديمة.
(6)
التراجمة: التراجمة بنو ترجم واحدهم ترجمي: فرع من البطنة من الصواعد من عوف [نسب حرب 49] وهم بطن قديم من بني عوف من سُلَيْم، وهم بنو ترجم فرع من حِمْير بن يحيى بن علَّاق بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم [تاريخ ابن خلدون 6/ 85].
(7)
بنو جابر: بنو جابر اليوم فرع من بني عبد الله من بني عمرو من مسروح من حرب، ديارهم الأصلية بوادي (الفُرع) [قلب الحجاز 24] وتمتد ديارهم من (الفُرع) إلى أعالي النقيع [معجم قبائل الحجاز 75] ومنهم فرع يقطن حول بَحْرة إلى العد [معجم قبائل الحجاز 76] بين مكة وجدة. قلت: ووجودهم في هذه النواحي قديم للغاية، فقد كان لهم درك يمتد من الثنية المشرفة على (عسفان) إلى الفج المسمى بالمحاطب على ما ذكره القلقشندي والمقريزي كما مر، وذلك في القرنين الثامن - وربما بما قبله - والتاسع للهجرة - وعندي هم من بني سُلَيْم، فديارهم الأصلية الممتدة من (الفُرْع) إلى أعالي (النَّقيع) هي من ديار بني سُلَيم القديمة، كما أن بني سُلَيْم سيطروا على المنطقة بين مكة والمدينة المنورة وانتشروا فيها، ومما يؤكد أنهم ليسوا من بني حرب أن وجودهم بنواحي مكة وجود قديم، قبل استيلاء بني حرب على تلك النواحي في القرن التاسع للهجرة، كما أن بطون بني حرب آنذاك لم يكن لها أي درك باستثناء زُبيد أكبر فروع بني حرب وزعمائهم، ودركهم الخاص بهم يقل عن درك بني جابر، وفيما بعد استولى أولاد رومي شيوخ بني حرب على الدرك الممتد حتى (مرَّ الظهران) بما فيه درك بني جابر الذين خسروا أيضار ديارهم في (هدة بني جابر) قال البلادي:(لما انتشر بنو أبي نُمي في البلاد استولوا على (الهدة) ونحوا بني جابر عنها، فرحلوا إلى نواحي بحرة وبعضهم إلى (الفُرع)[معجم معالم الحجاز 6/ 168] وربما لهذا السبب دخلوا في بني حرب، وحالفوهم، وكونهم من بني سُلَيْم يؤكد دليل آخر غير دليل الديار، فمن بطون بني عوف القديمة من بني سُلَيم بنو جابر بن قنفذ بن مالك عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم ومن فروعهم:
1 -
هرمي بن جابر.
2 -
ربيعة بن جابر.
3 -
أسيد بن جابر.
4 -
قنفذ بن جابر.
[جمهرة النسب 402، 401] وجابر جد بني جابر جد جاهلي قديم،
ذلك أنه الابن السادس من سلالة سُلَيم، مما يدل على قدم بني جابر، لذا وجدنا لهم دركًا وهذا لا يكون لفرع صغير حديث التكوين، ومما يؤكد أنهم من بني سُلَيم ارتباطهم بالبدارنة، وتجاورهم في ديارهم الأصلية القديمة، وهي ديار بني سُلَيم، وسيأتي الإشارة إلى ارتباطهم ببطون سُلَميَّة أخرى مما يؤكد نسبهم في بني سُلَيْم.
(8)
زبَّالة: الزَّبالة فرع يتبع زُبيد من بني حرب، ويقطنون وادي (حجر) الذي كان يعرف قديما باسم (السائرة)، وذكر البلادي أنهم من سكان (السائرة) القدماء انضموا إلى زُبيد حلفا [معجم معالم الحجاز: حجر 4/ 159]، معجم قبائل الحجاز 192] قلت: ووادي (حجر) المذكور يقع على نحو 100 ميل شرقي رابغ في منطقة كانت من ديار بني سُلَيْم، وعندي أنهم فرع من بني سُلَيْم، والملفت للنظر أننا نجد أن الزَّبالة فرع كبير من مخلد، أحد قسمي بلي ومخلد هؤلاء ذكرهم الجزيري من فروع الأحامدة وهؤلاء من بني سُلَيم، ونجد من بطون مخلد: السُّحمة والعرادات والبركات، وجميع هذه البطون ذكرها الجزيري من فروع الأحامدة ولها جذور في بني حرب، كما بيناه في الحديث عن البركات، وستأتي الإشارة إليه في الحديث عن السحمة والعرادات ويبدو أنه تبقى من الزبالة حين هجرتهم مع قومهم الأحامدة شمالًا قوم ظلوا في ديار قومهم من بني سُلَيم، ثم دخلوا في زُبيد من بني حرب، حين شملت ديارهم (السائرة) ونواحيها.
(9)
سُبيع: سُبيعُ فرع من جَهم، من ولد محمود من بني عمرو من مسروح من بني حرب، قال البلادي: يقال أنهم من سُبيع بني عامر سكان (رَنْيَة) و (الخُرْمة)[نسب حرب 75] ومن ديار سُبيع هؤلاء (الفُرع) والصحيح في نسبهم أنهم من بني سُلَيْم فهم يقيمون في بلاد بني سُلَيْم القديمة، التي شملت منطقة الفرع التي استوطنها بنو مالك بن عوف من سُلَيْم أهل (الحرّتين) و (النقيع). فمن فروع بني عوف من بني سُلَيْم: بنو سُبيع بن الحارث بن أُهبان وهو هرمي بن عبد الله بن قُنفذ بن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم ومنهم أحمر الرأس السُّبيعي [التعليقات والنوادر 517، 1772].
(10)
السحمة: السُّحمة وواحدهم سُحيمي، فرع من السَّهلية من النواصفة من عوف من بني حرب [نسب حرب 54] ومنهم السُّحمة من فروع بلي. قال البلادي في ذكر سحمة بلي:(أصل السحمة هؤلاء من سحمة عوف من حرب نَزَحوا إلى هذه الديار فحالفوا بليًّا)[معجم قبائل الحجاز 312] وقال في ذكر سحمة حرب: (من السُّحمة هؤلاء سحمة بلي، وقد قيل: إنهم أصبحوا قبيلة كبيرة هناك يجاورون البركات الذين أصلهم من الصواعد من عوف أيضًا)[نسب حرب 54 - 55] وقال في ذكر سحمة بلي أيضًا (أصلهم من عوف من حرب)[رحلات في بلاد العرب 72] وسحمة بلِي فرع من مَخْلد ومن فروع مخلد أيضًا العرادات والبركات (معجم قبائل الحجاز 476] والبركات سبق الحديث عنهم والعرادات سيأتي الحديث عنهم، قال الأحيوي: والسحمة عدَّهم الجزيري من فروع الأحامدة كما مر، وهؤلاء من بني عوف من بني سُلَيْم، كما أن مخلدا التي صار السحمة من فروعها ذكرهم الجزيري من فروع الأحامدة أيضًا، والسحمة إلى يومنا هذا من فروع الأحامدة من بلي في الديار المصرية [موسوعة القبائل العربية 1/ 289] ومن كل هذا يتضح لنا أنهم فرع سُلَميٌّ أصيل.
(11)
السلايطة: السلايطة من قبائل منطقة (مَادبا) جنوبي عمَّان ببلاد الأردن ومن قراهم (المشيرفة) بين (أم الرصاص) ووادي (الموجب) ذكرهم بولس سلمان قبل نحو 80 سنة فقال: (جدود السلايطة شرقا درب الحج وغربا بنو حميدة وشمالا بنو صخر، وجنوبا نهر (الموجب) وعددهم 200 بيت [خمسة أعوام في شرقي الأردن 218] وفي ذكرهم قال فردريك بيك: (السلايطة أصلا من الفواضلة من بَلِي من قضاعة) قال: (والسلايطة حلفاء بني صخر، ويعدون بالحقيقة ساعدهم الأيمن في حروبهم وغزواتهم) (تاريخ شرقي االأردن وقبائلها 250]، قلت: وهم اليوم في عداد بني صخر، والفواضلة - أصل السلايطة - في بلي فرع من خزام [معجم قبائل الحجاز 405] ولخزام ثلاثة أفرع هي:
1 -
وابصة.
2 -
المواهيب.
3 -
الفواضلة [معجم قبائل الحجاز 140]، ووابصة والمواهيب ذكرهما الجزيري من فروع الأحامدة في عهده،
مما يعني أن ارتباط الفواضلة بوابصة والمواهيب تحت مسمى خزام يعني أن لهم ارتباطا بالنسب مع الأحامدة، ومما يؤكد هذا ويزيده إيضاحا أن وسم السلايطة هو نفس وسم الأحامدة. قال العزيزي:(عرقاة رسم صليب يسم به الكعابنة والسلايطة مواشيهم)[قاموس العادات. اللهجات والأوابد الأردنية 2/ 295] قلت: ووسم الأحامدة هو العرقاة شارة كالصليب هكذا: على الجانب الأيمن من العنق [العرب سنة 28 ص 655].
(12)
بنو صخر (الصخور): بنو صخر ويقال الصخور أيضًا من أكبر قبائل الأردن، وأجلها قدرا وشأنا، وهم ينتسبون إلى بني حرب، قال فردريك ج بيك:(يزعم بنو صخر أنهم فخذ من قبيلة حرب) وقال: (ينقسم بنو صخر إلى فخذين كبيرين وهما الطوقة ويتألفون من عشائر الغبين والغفل وخضير والكعابنة، ويتألفون من عشيرتي: الخرشان والجبور، أما الطوقة فإنهم حسب زعمهم بطن من الأحامدة من حرب، وجدهم يقال له طويق بن حمد الدجرة، والكعابنة بطن من بني صخر إحدى عشائر بني محمد، وبنو محمد فخذ من بني سالم من حرب) قال: (أول من انفصل عن حرب من بني صخر الكعابنة، وكان الاسم بنو صخر يطلق عليهم فقط)[تاريخ شرقي الأردن وقبائلها 214 - 215].
قال الأحيوي: بنو صخر في حرب فرع من الأحامدة. قال البلادي في ذكر الصخور في بني حرب: (بطن من الأحامدة من ميمون من بني سالم من حرب)[معجم قبائل الحجاز 263] وقد احتفظ بنو صخر من الكعابنة الذين يروون أنهم أول من قدم من بني صخر إلى بلاد البلقاء وغيرهم من بطون بني صخر احتفظوا بوسمهم قومهم الأصيل فهم يسمون العرقاة مثلهم كمثل السلايطة الذين ذكرنا أنهم من الأحامدة أيضًا والعرقاة كما مر وسم الأحامدة في جنوبي الحجاز، ومما تجدر الإشارة إليه أن الجزيري عد الخرشان من فروع الأحامدة ونجد الخرشان اليوم فرع كبير من الكعابنة من بني صخر الذين ينتسبون إلى الأحامدة، وقد احتفظ
بوسم الأحامدة غير الكعابنة بنو خضير، وهم فرع كبير من بني صخر وهم يسمون العرقاة [العشائر الأردنية 1/ 49] وبهذا تأكد لنا صحة نسب بني صخر للأحامدة من بني سُليم، وسوف نستكمل الحديث عن بني صخر في حديثنا عن ولد محمد.
(13)
بنو عبد الله: بنو عبد الله أو ولد عبد الله اليوم فرع من بني عمرو من مسروح من حرب وقد جعلهم البلادي - دون دليل يُذكر - ولد عبد الله بن عمرو بن زياد [نسب حرب 66، 28] قلت: ليس في بطون بني عمرو بطن يسمى بولد عبد الله، والهمداني الذي فزّع بني زياد، وأوفى القول فيهم لم يذكر لبني عمرو فرعا يدعى ببني عبد الله وإنما ذكر لهم فرعين: بنو ميمون بن المسافر بن عمرو، وبنو الحارث بن عبد الله بن عمرو، ولو كان عبد الله بطنا لذكر الهمداني أنه بطن وأن منهم بنو الحارث ولكنه جعل بني الحارث فرعا لبني عمرو، لا لعبد الله بن عمرو، لأنه ليس بطنا، وإنما هو اسم أبي الحارث، وهذا واضح ولو اعتبرنا كل اسم في سلسلة نسب اسما لبطن لاختلط الحابل بالنابل. قلت: وهم عندي بطن من بني عوف من بني سُلَيْم، فمن البطون القديمة من بني عوف: بنو عبد الله بن قنفذ بن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم ويتفرعون إلى:
1 -
خزيمة بن عبد الله.
2 -
الحارث بن عبد الله.
3 -
وهب بن عبد الله.
4 -
وهيب بن عبد الله.
5 -
عبد نهم بن عبد الله [جمهرة النسب 402، 401].
ومما نلفت النظر إليه مما يؤكد نسبهم في بني سُلَيْم أن جُل بطونهم من بني سُلَيْم كما مر وكما سيأتي ومن ذلك أن بني جابر هم إخوة بني عبد الله دخلوا فيهم فجابر وعبد الله إخوان أبوهما قُنفذ، وبطون بني عبد الله هي:
1 -
بشر.
2 -
معبد.
3 -
بنو محمد.
4 -
البلادية.
5 -
بنو جابر.
6 -
البدارين.
7 -
بنو معمّر.
كما نجد أن ديار بني عبد الله انتشرت في ديار بني سُلَيْم القديمة فديارهم الأصلية هي: (الفرع) و (الأبواء) أسافل الفرع والمنطقة بين (كُليَّة) و (الفرع) وصدر (خُليص)[نسب حرب 49، 66، 70] وهنا نشير إلى أن بني الحارث بن عبد الله بن عمرو لا وجود لهم بالحجاز مما يؤكد عودتهم إلى صعدة. قال البلادي في ذكرهم: (لا ينسب إليه اليوم أحد من حرب)[نسب حرب 28].
(14)
العرادات: العرادات فرع من الزيادات من البلادية، من بني عمرو من حرب، ومنهم عرادات بلي. قال البلادي في ذكر عرادات بلي:(العرادات هؤلاء جلوا من وادي (الفرع) من (أم العِيال)[معجم قبائل الحجاز 324، 325] وقال: (العرادات بطن أصله من البلادية من حرب)[رحلات في بلاد العرب 73] وعرادات بلي فرع من مخلد [معجم قبائل الحجاز 325].
قال الأحيوي: أصلهم من بني سُلَيْم، فقد عد الجزيري العرادات من فروع الأحامدة وهم اليوم فرع من مخلد الذين عدهم الجزيري أيضًا من فروع الأحامدة، ومن فروع مخلد غير الأحامدة البركات والسحمة [معجم قبائل الحجاز 476] وهما فرعان عدهما الجزيري أيضًا من فروع الأحامدة، وقد مر في الحديث عنهما أنهما بطنان من عوف من بني سُلَيْم، وعوف هم أصل الأحامدة، والعرادات في الديار المصرية إلى يومنا هذا فرع من الأحامدة هم والسحمة [موسوعة القبائل العربية 1/ 289] ولا يزال عرادات الأحامدة في الديار المصرية يحتفظون بوسم قومهم البلادية إلى يومنا هذا فهم يسمون الباب على ورك البعير [موسوعة القبائل العربية 1/ 291] ووسم البلادية كما ذكره لي الأستاذ عاتق بن غيث العرادي البلادي هو الباب على فخذ البعير الأيسر، وهذا شكله " Ll" قال الأحيوي: وليس من غرائب الصدف أن نجد أن عشائر الفايز من الطوقة من بني صخر من
الأحامدة يسمون هذه السمة كما ذكره أوبنهايم، قلت: وتسم عشائر الخرشان من الكعابنة من بني صخر هذه السمة إلا أنهم يغلقونها من الأعلى فيصبح شكلها هكذا " [] " على ما ذكره أوبنهايم.
وكل هذا يؤكد أن ارتباط العرادات بل البلادية عامة بالأحامدة من بني سُلَيْم هو ارتباط قائم على أساس من وحدة الأصل والنسب يؤكد هذا أنهم فرع من بني عبد الله، وأنهم يقطنون مواضع وديار بني سُليم القديمة، ومن ذلك وادي الجحفة [قلب الحجاز 92، 89] والجحفة من ديار سُليم القديمة قال اليعقوبي: (الجحفة وبها قوم من بني سُليم)[البلدان 314].
(15)
علَّاق: علَّاق هم أحد قسمي الصواعد من عوف [نسب حرب 49]، وعوف هؤلاء من بني سُلَيم، وعلَّاق فرع قديم من بني عوف بن سُلَيم وهم بنو علَّاق بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيم [تاريخ ابن خلدون 6/ 94، 85] وهم قسمان:
1 -
بنو يحيى بن علَّاق.
2 -
بنو حصن بن علَّاق.
ومن بني يحيى بن علَّاق:
1 -
بنو حِمْير بن يحيى.
2 -
بنو دلاج بن يحيى.
3 -
بنو رياح بن يحيى.
ومن بني حِمْير بن يحيى بن علَّاق:
1 -
بنو ترجم بن حِمْير بن يحيى بن علَّاق.
2 -
بنو كردم بن حِمْير بن يحيى بن علَّاق.
ومن بني ترجم بن حِمْير: الكعوب بنو كعب بن أحمد بن ترجم الذين نزل بهم القاضي أبو بكر بن العربي في رحلته إلى الشرق [تاريخ ابن خلدون 6/ 85] وكانت رحلته سنة 448 هـ أي بعد هجرة بني سُلَيْم وارتحالهم من بلاد البحرين بنحو 70 سنة.
أما فروع حصن بن علَّاق فهي:
1 -
بنو علي بن حصن بن علَّاق.
2 -
بنو حكيم بن حصن بن علَّاق، ومن بني حكيم:
أ - بنو ظريف بن حكيم ومنهم: أولاد جابر والشراعية ونعير وجوين.
ب - بنو وائل بن حكيم.
جـ - بنو طرود بن حكيم.
د - بنو نمير بن حكيم ومنهم:
1 -
بنو ملاعب بن نمير ومنهم: بنو هكيل بن ملاعب ومنهم: أولاد زمام والفريات وأولاد مياس وأولاد فائد ومن هؤلاء: الصرح والمدافعة وأولاد يعقوب بن عبد الله بن كثير بن حرقوص بن فائد.
2 -
بنو أحمد بن نمير ومنهم: أ - بنو محمد. ب - البطين.
ومن فروع بني حكيم بن حصن أيضًا بني نوال.
ومن بني علي بن حصن بن علَّاق:
1 -
أولاد صورة: بنو صورة بن مرعي بن حسن بن عوف بن محمد بن علي بن حصن.
2 -
أولاد نمي.
3 -
البدارنة.
4 -
أولاد أم أحمد.
5 -
الحضرة أو الرجلان وهو مقعد.
6 -
الجميعات.
7 -
الحمر.
8 -
المساهبة.
9 -
آل حسين.
10 -
حجري
(1)
.
(1)
ذكرهم ابن خلدون من كِنْدة دخلوا في بني سُلَيْم.
وشيخهم في عهد ابن خلدون هو: أبو الليل بن أحمد بن سالم بن عقبة بن شبل بن صورة بن مرعي بن حسن بن عوف وهو من أولاد صورة من المراعية أولاد مرعي بن حسن بن عوف [تاريخ بن خلدون 6/ 95 - 97] وهو حسن بن عوف بن محمد بن علي بن حصن بن علَّاق بن عوف بن امرئ القيس بن بُهثة بن سُلَيْم. قال الأحيوي: عدد الأسماء من أبي الليل إلى سُلَيْم يزيد كثيرا جدا عن عدد أسماء هذه السلسلة التي يتضح سقوط عدد كبير من الأسماء منها، وإنما فصلنا القول في علَّاق لكي نبين مدى التداخل والتمازج بين البطون السُّلمية التي دخلت في بني حرب، وقد مر بنا بعضها وسيأتي ذكر بعضها خلال هذا البحث.
(16)
بنو علي: بنو علي قسم بن مسروح من بني حرب وقد أورد الهمداني في حديثه عن بني حرب أن من بني عامر بن حرب: بنو عوف ومن بني عوف: مسروح بن عوف ومسعود بن عوف، وقد مر هذا النص في حديثنا عن بني حرب. ويرى البلادي أن بني علي مدار البحث هم بنو علي بن عوف من بني عامر بن حرب [نسب حرب 31] وهذا قائم على تشابه الأسماء، وقد بينا فيما سبق من هذا البحث أن بني عامر بن حرب وفروعهم لا وجود لهم ببلاد الحجاز، ذلك أنهم عادوا إلى بلاد خولان بصعدة وإنما حدث الخلط لدخول بطون سلمية في بني حرب، فمن فروع بني سُلَيم القديمة: بنو علي بن حصن بن علَّاق بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم. ولهم فروع كثيرة سبق ذكرها في حديثنا عن علَّاق، وبنو علي هؤلاء من فروع بني سُلَيم القديمة منذ عهد الجاهلية؛ ذلك أن عليًّا جد بني علي هو الابن السادس من سلالة سُلَيم، وبنو سُلَيم تجاوزوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم العد العاشر بل تجاوز بعضهم العد الخامس عشر إلى جد سُلَيم ["جمهرة أنساب العرب" 261 - 264] ومن دلائل أن بني علي من حرب اليوم هم بنو علي من بني عوف بن سُلَيم:
1 -
إن ابن سعيد الأندلسي (ت 680 هـ) قال في حديثه عن بني زغب من بني سُلَيم (سألت عنهم بين الحرمين فلم أجد منهم إلا قليلا في جوار بني علي وغيرهم وعددهم بالمغرب)["نشوة الطرب" 2/ 523] وهل يكونون في جوار غير جوار قومهم، وهم يملأون ما بين مكة المكرمة والمدينة، وبنو حرب آنذاك لم تصل ديارهم إلى منطقة المدينة حيث الديار الأصلية لبني علي مما يوضح دخولهم فيهم في مرحلة لاحقة.
2 -
إن المنطقة ما بين الحرمين مكة المكرمة والمدينة المنورة كان يقطنها ويستوطنها بنو سُلَيْم، قال ابن ماكولا (ت 475 هـ) في ذكر زغب من بني سُلَيْم:(هم خلق كثير بين مكة والمدينة)[نشوة الطرب 2/ 523] وكانت لهم سيطرة على درب الحاج ولطالما آذوا الحجاج، ومن أخبارهم الدالة على ذلك ما أورده ابن الأثير في حوادث سنة 545 هـ حيث قال:(في هذه السنة رابع عشر المحرم خرج العرب زغب ومن انضم إليها على الحجاج بالغرابي بين مكة والمدينة فأخذوهم ولم يسلم منهم إلا القليل)[الكامل في التاريخ 9/ 27] وأورد في حوادث سنة 590 هـ خبرا آخر عنهم فقال: (وفيها في جمادي الآخرة اجتمعت زغب وغيرها من العرب وقصدوا مدينة النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم هاشم بن قاسم أخو أمير المدينة فقاتلهم فَقُتِل هاشم، ولأن أمير المدينة قد توجه إلى الشام فلهذا طمعت العرب فيه)[الكامل في التاريخ 9/ 231]، وهذا يكشف لنا أن بني سُلَيْم كان لهم وجود قوي جدا فيما بين الحرمين ومنطقة المدينة المنورة، وحينما سأل ابن سعيد عن زغب وجدهم في جوار بني علي بين الحرمين، وديار بني علي الأصلية هي المدينة المنورة وما حولها [نسب حرب 55، 102] ووجودهم في هذه النواحي أقدم من وجود حرب الذين دخلوا هذه النواحي بعد جلاء بني لام وعَنَزة نحو بلاد نجد وغيرها، وقد كانت هذه القبائل مع بني سُلَيْم تسيطر على منطقة المدينة وما حولها حتى القرن العاشر، كما ذكره الجزيري منذ عهد مبكر جدا، فقد ذكر الهمداني
قبائل بني سُلَيْم وعَنَزة ومُزينة يقطنون نواحي المدينة، ويبدو أن قسما من بني علي انساح شرقًا نحو بلاد نجد في أول القرن الحادي عشر أو قبله، حيث ورد لهم خبر سنة 1063 هـ في نجد. قال ابن بشر:(في سنة ثلاث وستين وألف كانت وقعة بين الشبول وأهل بلد (التُّويم) المعروف في سدير، قتل من أهم التويم عدد كثير) ["عنوان المجد" 402] والشبول هؤلاء فرع من الكتّمة من بني علي، ومن المعلوم أن بني حرب آنذاك لم يكونوا - حسب المعلومات المتوافرة - قد انساحوا نحو بلاد نجد، ويذكرنا اسم الشبول هؤلاء بالشبلة من فروع لبيد من بني سُلَيْم ["نهاية الأرب" 139] وبشبل وواحدهم شبلي وهم من بني ربيعة بن زغب بن مالك بن خفاف بن امرئ القيس ["التعليقات والنوادر" 1789] لعلهم دخلوا في لبيد أي من كان ببلاد المغرب منهم، والشبلة، وبنو علي يجتمعون في امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيم، كما نجد أن من فروع بني علي الجحوش وواحدهم جحشي ["نسب حرب" 55] وهذا يذكرنا بفرع سلمي قديم وهو بنو جحش وواحدهم جحشي وهم بنو جحش بن كعب بن عميرة بن خفاف ["التعليقات والنوادر" حاشية 694، 1965] وهو خفاف بن امرئ القيس أي أنه أخو عوف جد بني علي.
قلت: ولم يتسنَّ لبني حرب السيطرة على منطقة المدينة المنورة حيث ديار بني علي إلا بعد جلاء عَنزة الذين سبقت الإشارة إلى وجودهم القوي بمنطقة المدينة المنورة وما حولها وجلاء بني لام إحدى أقوى قبائل طيئ، قال ابن سعيد الأندلسي (ت 680 هـ) في ذكر بني لام:(مساكنهم المدينة النبوية وما حولها)["صبح الأعشى" 1/ 324] وقال ابن سعيد: (ينزلون في أكثر أوقاتهم مدينة يثرب)["نهاية الأرب" 448] ومن أخبارهم القديمة المتعلقة بالمدينة خبر يعود لسنة 601 هـ حيث ناصروا أمير المدينة المنورة سالم بن قاسم ضد أمير مكة المكرمة أبو عزيز قتادة بن إدريس في وقعة المصارع ببدر، حيث كان لهم الفضل في انتصار أمير المدينة، وهزيمة أمير مكة ["تاريخ ابن خلدون" 4/ 131] وبهذا - إضافة إلى ما سبق - يتضح لنا أن سيطرة بني حرب على منطقة المدينة والمنطقة
الممتدة جنوبها حوالي درب الحاج نحو مكة لم تتمَّ إلا في عهود متأخرة جدًّا حيث امتدوا جنوبا نحو مكة وشرقا نحو نجد فدخلت فيهم بطون كثيرة من أهل الديار التي سيطروا عليها، ومن هذه البطون بنو علي الذين ذكرهم ابن سعيد الأندلسي في القرن السابع للهجرة أي قبل سيطرة بني حرب على منطقة المدينة بقرون عديدة.
ويبقى أن نشير إلى تصحيف وقع فيه ابن خلدون ونقله عنه عمر رضا كحالة وهو أن علي بن مالك بطن من سُلَيْم ["معجم قبائل العرب" 2/ 811] وقال ابن خلدون: (من بني سُليم أيضًا: بنو علي بن مالك بن امرئ القيس بن بهثة وبنو عصية بن خفاف بن امرئ القيس وهما اللذان لعنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بئر معونة وقتلهم إياهم) - كذا -[" تاريخ ابن خلدون" 2/ 534] قلت: صواب علي بن مالك (رعل بن مالك) وهم بطن مشهور من بني سُلَيْم وهم الذين دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره علماء السيرة والمؤرخون وعلماء الأنساب.
(17)
بنو عوف: بنو عوف هم أحد أقسام مسروح من حرب ["نسب حرب" 48] ومن فروعهم:
أ - الصواعد: ومنهم البركات ومن هؤلاء بركات بلي الذين سبق الحديث عنهم وقد عدّهم الجزيري من الأحامدة، وهؤلاء من فروع بني عوف كما مر بيانه، ومن فروع الصواعد علَّاق وهم بنو علَّاق بن عوف كما سبق بيانه.
ب - النواصفة: ومنهم السُّحَمة، ومن هؤلاء سحمة بليِّ الذين سبق الحديث عنهم، وقد عدّهم الجزيري من الأحامدة، وهؤلاء من فروع بني عوف كما مر بيانه، وقد سبقت الإشارة إلى بطون عديدة من بني عوف احتفظت بأسمائها القديمة من بني عوف من سُلَيْم، وهذا يؤكد لنا أن بني عوف هم بنو عوف من بني سُلَيْم، ومما يؤكد ذلك أنهم يقيمون في ديارهم القديمة إلى يومنا هذا. قال البلادي:(ديار عوف تبدأ من منتصف (القاحة) فتمتد في الشمال الشرقي على الجلس الأعلى، ولهم هناك جبل (ورقان) وجبال (قدس) وأودية (ظلامة)
و (المناشير) و (ملل) ومعظم (العقيق) إلى قرب (الحناكية)["نسب حرب" 48].
قال الأحيوي: جبال (قدس) التي تعرف بجبال عوف ونواحي (ورقان) و (النقيع) هي ديار قبيلة عوف السلمية القديمة، وقد مر بنا نص الهمداني أن بني مالك وبني الحارث كانوا يقطنون (قدس) و (الحرتين) و (النقيع) وبنو مالك فرع من عوف وهم بنو مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم ["جمهرة النسب" 395] ومن بطونهم.
1 -
رِعْل بن مالك.
2 -
مطرود بن مالك.
3 -
قنفذ بن مالك.
4 -
نشبة بن مالك ["جمهرة النسب" 401] وهي بطون غير خاملة الذكر، منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والقول بأن بني عوف هؤلاء هم بنو عوف من حرب كما ذكره البلادي قول غير صحيح، فلا وجود لبني عوف الحربيين بفروعهم الثلاثة علي ومسروح ومسعود ببلاد الحجاز، فقد عادوا مع العائدين إلى بلادهم بصعدة، أما أن يقال: إن عوف بني حرب احتلت بلاد سميتها عوف سُلَيم واستوطنت ديارها دون غيرها من فروع سُلَيْم فإنه قول يثير الضحك والسخرية، فوجود عوف في ديارها القديمة، واحتفاظ بعض فروعها بأسمائها القديمة ليس مجرد تصادف عجيب، وقد مر بنا الحديث عن كثير من البطون التي تعود بأصلها لبني عوف من سُلَيْم مما يؤكد نسب هذا الفرع وأنه هو فرع بني عوف سُلَيم، دخل فيما بعد في حرب.
(18)
القردان: عد الجزيري القردان: وسماهم القردانيات من بدنات الأحامدة، وهم اليوم من فروع وابصة من خزام من بلي، وهم شيوخ وابصة ["معجم قبائل الحجاز" 416] وهنا نذكر بأن وابصة من بدنات الأحامدة، كما ذكره الجزيري، ونشير إلى أن خزام تشمل عدا وابصة: المواهيب والفواضلة
["معجم قبائل الحجاز" 140] والمواهيب من بدناتِ الأحامدة كما ذكره الجزيري، أما الفواضلة فمنهم السلايطة الذين يسمون العِرقَاة، وهي سمة الأحامدة، كما مر، مما يؤكد أن صلة الفواضلة بالمواهيب ووابصة قائمة على أساس وحدة النسب.
(19)
الكحلة: الكحلة فرع من بني عمرو من المطالحة، من ميمون من بني سالم من حرب، قال البلادي:(الكحلة والنسبة إليهم كُحيلي، وأصلهم من عوف، فحالفوا المطالحة)["نسب حرب" 85].
قال الأحيوي: اسم الكحلة هؤلاء يذكرنا بالكحلة من فروع الأحامدة الذين ذكرهم الجزيري، والأحامدة من بني عوف، فلعل كحلة الأحامدة عادوا إلى بلاد قومهم عوف، ثم حالفوا المطالحة، أو أنهم قسم تخلف منهم في قومهم من بني عوف.
(20)
ولد محمد: ولد محمد فرع من ميمون من بني سالم من بني حرب، قال البلادي:(ديار ولد محمد تتركز حول (إضم)(وادي الحمض)["معجم قبائل الحجاز" 470] وذكر أن قسما منهم يقطن: (في السفوح الغربية لجبل الفِقرة)["نسب حرب" 82] يجاورون إخوتهم الأحامدة، قلتُ: ووادي الحمض مما شملته ديار بني سُلَيْم قديما، فقد امتدوا قديما نحو وادي القُرى إلى خيبر ["صفة جزيرة العرب" 245، "نهاية الأرب" 295، "تاريخ ابن خلدون" 2/ 355] وقد امتدوا نحو (العلا)، ومما يجعلنا نؤكد امتداد ديارهم شمالا أننا نجد بطونا سُلمية الأصل استوطنت هذه النواحي، ومن هذه البطون بنو صخر وهم من الأحامدة من بني سُليم، قال فردريك ج بيك:(كان بنو صخر يقطنون (العلا) في الحجاز، وبالتدريج هجروا بلادهم ونزلوا في البلقاء) ["تاريخ شرقي الأردن" 168] وقال:(أول من انفصل عن حرب من بني صخر الكعابنة، وكان الاسم بنو صخر يطلق عليهم فقط، وبعد انفصالهم هاجروا من الحجاز صوب الشمال، ونزلوا في (العلا) حيث لم يزل يوجد كثير من حدائق النخيل تحمل أسماء بعض بطونهم وعائلاتهم وقد مكثوا في (العلا)
قرابة المئة عام أثناءها التحق بهم الطوقة الذين انفصلوا عن حرب بعد هجرة الكعابنة بقليل، ولما كانوا في (العلا) أي حوالي عام 1640 م (1050 هـ) اصطدموا وعشائر الظفير، بقيادة ابن سُوَيط، واضطروها إلى الهجرة من شرقي الأردن إلى جنوب العراق بطريق الجوف) [تاريخ شرقي الأردن وقبائلها" 215] وأضاف يقول:(لا تزال بساتين النخيل بجوار العلا تدعى بأسماء بعض بطون بني صخر)، ["تاريخ شرقي الأردن وقبائلها" حاشية 168، قال الأحيوي: نزول بني صخر بمنطقة (العلا) أقدم مما ذكره فردريك ج بيك بعدة قرون، فقد ذكرهم ابن فضل الله العمري (ت 749 هـ) في منطقة العلا حيث التقى بأحدهم قال ابن حجر العسقلاني:(غانم بن عبيد الصخري من بادية الشام)، قال ابن فضل الله العمري: رأيته في طريق الحج الشامي بالقرب من العلا سنة 723 وهو شاب كما انفكَّ من غمده وأول ما برز كريم بنده، قد علا شرفا، وتلثم بعمامة مد منها طرفا فأنشدني من شعره قصيدة:
خف الله في صبِّ أُصيب بنظرة
…
فؤاد له أعشاره لا تشعب
وإني بالحي الخلوف لمؤلع
…
وإن لم يكن في الحي أهل ومرحب
["الدرر الكامنة" 3/ 217 - 218] ومما تجدر ملاحظته أن ديار بلي تمتد إلى (العلا) ولعل هذا يفسر لنا دخول الأحامدة واندماجهم مع بلي "أي إن وجودهم في ديار بليِّ منذ عهد مبكر جعلهم يدخلون في بلي حلفًا".
ويعود الحديث لولد محمد فهم مرتبطون بالنسب مع الأحامدة وهؤلاء من بني سُلَيْم. قال البلادي في ذكر ولد محمد: (إنهم يلون الأحامدة دون سواهم لاتصالهم في النسب)["نسب حرب" 82] وعندي أنهم بطن من الأحامدة من بني عوف من سُلَيْم وقد مر بنا عن الأحامدة: بنو أحمد بن نُمير بن حكيم بن حصن بن علَّاق بن عوف بن امرئ القيس بن بُهثة بن سُلَيْم أن من بطونهم: بنو محمد، وهذا يفسر لنا ارتباطهم واتصالهم في النسب مع الأحامدة، ومما يزيد هذا تأكيدا وإيضاحا أن قسما من ولد محمد هم في عداد بني صخر من
الأحامدة؛ ذلك أن بني صخر يتألفون من قسمين: أحدهما من بني صخر من الأحامدة وهم الطوقة والآخر من ولد محمد، وهم الكعابنة، أليس من محاسن الصدف العجيبة أن نجد أن البطون التي تنتسب إلى ولد محمد يَسِمُون سِمَةَ الأحامدة؛ ذلك أن الكعابنة الذين ينتسبون لولد محمد يسمون العرقاة وهي سمة الأحامدة كما مر، كما نجد أن عشائر خضير، وهم ينتسبون إلى ولد محمد من بني سالم ["العشائر الاردنية" 1/ 47] يسمون سمة العرقاة أيضًا ["العشائر الأردنية" 1/ 49] قلت: ولكل هذا نقول: إن ولد محمد فرع من الأحامدة من بني عوف من بني سُلَيم.
(21)
مَخْلد: بنو مخلد فرع من بليِّ عدَّهم الجزيري من فروع الأحامدة، ومن فروع مخلد اليوم: العرادات والبركات والسحمة وهي فروع لها جذور في بني حرب، كما سبق بيانه، وقد عدها الجزيري من فروع الأحامدة، وهؤلاء من بني سُلَيم دخلوا في بليِّ حلفًا.
(22)
مسروح: قال عرّام بن الأصبغ السُّلمي من رجال القرن الثالث للهجرة في ذكر (رهاط) و (الحديبية) ونواحيهما: (هؤلاء القريات لسعد وبني مسروح) وقال في ذكر خَيْف ذي القبر: (سكانه بنو مسروح وسعد وكنانة)["أسماء جبال تهامة وسكانها" - نوادر المخطوطات 2/ 410، 414].
وفي ذكر مسروح هؤلاء قال البلادي: (يتردد اسم بني مسروح في رسالة عرَّام ولم ينسبهم وأعتقد أنهم مسروح حرب، الذين منهم مُعبَّد، سكان بعض (رهاط) اليوم) ["معجم معالم الحجاز": رهاط 4/ حاشية 107] قال الأحيوي: مسروح هؤلاء لا علاقة لهم ببني حرب، ذلك أن بني حرب لم يصلوا إلى تلك الديار في ذلك الوقت، وعندي أنهم فرع من بني سُلَيم؛ لبيان سيأتي إيراده، فقد كان بنو سُلَيم يقطنون هذه النواحي، ومن ديارهم حرّة بني سُلَيم التي امتدَّت من نخلة الشامية وذات عرق ورهاط حتى المدينة المنورة ["معجم الحجاز" 2/ 267، 271] ومن فروعهم في هذه الأنحاء بنو شيبان، الذين كانوا سدنة العزى بـ (حراض) من وادي نخلة، وفي يومنا هذا نجد مسروحا قد
أضحت منذ زمن بعيد أحد قسمي بني حرب، وقد جعلهم البلادي بني مسروح بن عوف بن مسعود بن عوف من خط عامر بن حرب ["نسب حرب" 41، 31] وقال: (مسروح اليوم بطن كبير، دخلت فيه عوف وبنو علي وبنو السَّفر)["نسب حرب 31] قلت: والذي ذكره الهمداني وهو مصدر البلادي أن بني عوف ثلاثة وهم: مسروح بن عوف، وعلي بن عوف، ومسعود بن عوف ["الإكليل" 1/ 396] وليس كما ذكره البلادي الذي جعل مسعودًا جدا لمسروح والصحيح أنه أخوه.
قال الأحيوي: وقد اختفت هذه الفروع فلم يعد لها وجود ببلاد الحجاز، فقد عادت مع العائدين حينما عاد بنو حرب إلى بلادهم بنواحي (صعدة)، وعندي أن مسروحا التي في حرب فرع من بني سُلَيْم؛ وذلك أننا إذا تأملنا مسروحا وفروعها نجد أنها تنقسم إلى الفروع التالية:
1 -
بنو السفر بن الخيار بن زياد بن سليمان من سلالة زياد بن سلمان بن الفاحش بن حرب، وهم ليسوا من مسروح الذي ينحدر نسبه من سلالة عامر بن حرب.
2 -
بنو زُبيد بن الخيار بن زياد بن سليمان، من سلالة زياد بن سلمان بن الفاحش بن حرب، وهم ليسوا من مسروح أيضًا.
3 -
بنو عمرو بن زياد بن سليمان، من سلالة زياد بن سلمان بن الفاحش بن حرب، وهم أيضًا ليسوا من مسروح.
4 -
بنو عوف، وهم أيضًا ليسوا من مسروح، وقد جعلهم البلادي بني عوف بن مسعود بن عوف ["نسب حرب" 48] والصحيح الذي أورده الهمداني عوف ولم يزد على ذلك سوى قوله إنهم من بني عامر بن حرب ["الإكليل" 1/ 396] وهم على أي حال إذا ما افترضنا جدلا أنهم عوف حرب الذين ذكرهم الهمداني فإنهم ليسوا من مسروح، بل هم أصل مسروح، فكيف وقد أثبتنا بما لا يدع مجالا للشك بأنهم من بني سُليم؟
5 -
بنو علي، وهم كذلك ليسوا من مسروح، حتى لو افترضنا جدلا أنهم بنو علي بن عوف الذين ذكرهم الهمداني، ذلك أنهم إخوة مسروح بن عوف، فكيف وقد أثبتنا أنهم من بني سُلَيْم؟ وقد أعرب البلادي وأبعد النَّجعة حين قال في نسب مسروح:(في شجرة حرب: مسروح بن عوف بن مسعود بن عوف بن الفياض بن حرب بن سعد بن خولان)["معجم قبائل الحجاز" 488] فما ذكره لا أصل له؛ ذلك أن مسروحا هم مسروح بن عوف من بني عامر بن حرب كما ذكره الهمداني وسبق بيانه.
قال الأحيوي: وعليه فإنه إذا ما سلمنا جدلًا بأن هذه الفروع الخمسة جميعها من حرب نسبا فإنها على أي حال لا تنحدر من سلالة مسروح كما بيناه آنفا فأين من مسروح بني حرب؟ وكيف دخل بنو حرب تحت مسمى مسروح؟ لاسيما وقد بينا فيما سبق من هذا البحث أن بني حرب - وهم بنو زياد بن سليمان الحربي - هم الذين بقوا في بلاد الحجاز في حين عادت القبيلة إلى ديارها، ومن هؤلاء العائدين بعض بني زياد كزبيد والسَّفر.
وما دام أن مسروحا ليسوا مسروح بني حرب فيبقي أنهم مسروح الذين ذكرهم عرَّام بن الأصبغ السلمي، ولأنه لم يبق من فروع مسروح إلا فرعان وهما بنو عوف وبنو علي، وهما من بني سُلَيم فإننا نقول: إن مسروحا لقب لبعض فروع سُلَيم كبني عوف بل بعضهم وبعض الفروع الأخرى من بني سُلَيْم، ولعل مسروحا اسم موضع استوطنته بعض فروع بني سُلَيْم فعرفت به، وهذا ليس غريبًا على قبائل العرب، ولعل مما يشجع على هذا أننا نجد موضعا بنواحي ديار بني سُلَيْم يحمل هذا الاسم. قال ياقوت الحموي: مسروح: في شعر الفضل بن العباس اللهبي من خط اليزيدي قال:
وقلن لحرّ اليوم لما وَجَدنَة
…
بمسرُوح وادٍ ذي أراك وتنضُب
كما كَنَستْ عينُ بوجْزَةَ لم تخف
…
قنيصًا ولم تَفَزَعْ لصوتِ المكلِّب
["معجم البلدان": مسروح] وقال البكري: (مسروح: موضع فوق (سويقة) القرية التي لآل على بن أبي طالب المحددة في موضعها. قال نصيب:
نَعَمْ وبدّي المسروح فوق سُويقة
…
منازل قد أقوَين من أم مَعْبدٍ
[معجم ما استعجم: مسروح] قلت: وسويقة موضع بوادي خزرة وفوقها مسروح. قال البلادي: في ذكر سويقة: (مكان من وادي حرزة جنوب غرب المدينة على 51 كيلا)[معجم معالم الحجاز 4/ 255] ومن المعلوم أن بني سُلَيْم انتشروا فيما حول المدينة، وما بين الحرمين، فشملت ديارهم ديار بعض البطون الصغيرة والقبائل الصديقة أو تلك التي لا تشكل خطرا عليهم، ومن ذلك أننا نجد بني جابر وبُشر ومُعبَّد من فروع مسروح قد انتشرت في ديار لم تكن لبني سُلَيْم، كما مر بيانه في الحديث عن بشر وبني جابر. ومن كل ما سبق يتبين لنا أن بني حرب دخلوا تحت مسمى مسروح، ثم أخذ اسم بني حرب يطغى على اسم مسروح وأسماء من حالفهم، ومن هنا نشأ الوهم بأن مسروحا هم مسروح بن عوف بن من بني عامر بن حرب.
(23)
مُعَبَّد: مُعَبَّد فرع من بني عبد الله من بني عمرو، ومن مسروح من حرب، وهم من فروع مسروح التي استوطنت وادي (غران) منذ عهد مُتقدم جدا، فقد ورد ذكر مسروح في (رهاط) وهو أعلى وادي (غران).
قال البلادي في ذكر مُعَبَّد: (ديارهم وادي (غران) وما سال فيه ومنهم في (الخشاش) بين جدة وعسفان: وتشمل ديارهم (وادي الهدة) وروافده الشمالية) ["نسب حرب" 67] وقال في ذكر وادي (غُران) من ديار مُعَبَّد: (وادٍ فحل من أودية الحجاز، يسيل من حرة الحجاز فيتَّجه غربا مارًّا بـ (رهاط) و (البرزة) و (أم الجرم) قال: (فيمر شمال (عسفان) فيدفع في (أمج) عند الدِّف، بسفح (جُمدان) من الشرق ["نسب حرب" 321] ووجود مُعبَّد بهذه الديار وجود قديم.
قال القلقشندي (ت 821 هـ): (البرزة وهي واد بالقرب من عسفان على مرحلتين من مكة به أربعة عشر نهرا على كل نهر قرية، وهي الآن بيد بني سلول
وبني مُعبَّد) [صبح الأعشى 4/ 260] والبرزة قرية في وادي (غُران) لمعبَّد، وقد دخلوا في بني حرب التي امتدت ديارهم إلى هذه الأنحاء في القرن التاسع للهجرة، ونلاحظ هنا أنهم فرع من بني عبد الله الذين سبق الحديث عنهم وأنهم فرع من بني سُلَيْم. قال الأحيوي: ويتضح لنا مما سبق أن مُعبَّدًا فرع قديم من مسروح استوطنوا وادي (غُران) مع قومهم مسروح، منذ عهد مبكر جدا، وهذا دليل آخر على أن بني مسروح اليوم غير مسروح بني حرب، وقد مرت بنا بعض فروع مسروح التي استوطنت وادي (غُران) و (عُسفان) ونواحي (مر الظهران) ونواحي (بحْرة) بين مكة المكرمة وجدة، مثل بشر وبني جابر وكان تواجدهم بهذه الديار كما بيناه في مواضعه قبل امتداد بني حرب إلى تلك الديار.
(24)
المواهيب: المواهيب فرع من خُزام من بليٍّ ["معجم قبائل الحجاز" 516] قلت: عدَّهم الجزيري من فروع الأحامدة، ونلاحظ أن خزاما التي تشمل المواهيب تشمل وابصة، وهؤلاء عدّهم الجزيري من فروع الأحامدة - كما تشمل الفواضلة، ومن هؤلاء السلايطة الذين لا يزالون يسمون سمة الأحامدة، كما مر بيانه، ويتضح من هذا كله أنهم من فروع بني سُلَيم القديمة.
(25)
وابصة: وابصة فرع من خزام من بليٍّ عدهم الجزيري من فروع الأحامدة، ومن فروع خزام المواهيب، وهم من فروع الأحامدة التي ذكرها الجزيري، والفواضلة ومن هؤلاء السلايطة، الذين يسمون سمة الأحامدة، ومن فروع وابصة القردان، وفيهم شياخة وابصة، ذكرهم الجزيري من فروع الأحامدة وسماهم القردانيات.
ملاحظات أخيرة:
ربط البلادي بعض أسماء فروع بني حرب اليوم بأسماء وردت في نص الهمداني عن بني حرب، ومن ذلك قوله في ذكر ذؤيب من ولد سباق بن الفاحش بن حرب:(يقال لذريته الآن الذُّوبة من بني عمرو)["نسب حرب" 27] قلت: صواب عمرو بن حرب: عمرو من حرب.
قال الأحيوي: وما ذكره البلادي ليس صحيحا ذلك أن بني ذُؤيب المذكورين قد اشتهروا باسم حظي، كما ذكره الهمداني، وقد جعل البلادي ولد زياد بن سلمان بن الفاحش بن حرب هم الزيادات، وقال في ذكر زياد بن سلمان:(يقال اليوم لبعض نسله الزيادات من البلادية منهم المؤلف)["نسب حرب" 27] وقال في ذكر الزيادات: (هم بنو زياد بن سلمان بن الفاحش بن حرب والله أعلم)["نسب حرب" 70] قلت: لا بد من التفريق بين زياد بن سلمان وزياد بن سليمان فبينهما أسماء كثير كما مر بيانه، وأبناء زياد بن سليمان لم يعرفوا بالزيادات فلم يذكر الهمداني الزيادات هؤلاء، وإن كان قد ذكر بطونا انحدرت من زياد هذا، وإذا أجزنا هذه التسمية فإن كل بني زياد بن سليمان زيادات، وهم بنو الخيار بن زياد بفروعهم، وبنو عمرو بن زياد، وربط البلادي بين الزيادات من البلادية من بني عبد الله من عمرو وبين زياد جد البطون الآنفة الذكر هو ربط لا دليل عليه، وقد جعل البلادي بني عبد الله من عمرو، هم بنو عبد الله بن عمرو، أحد قسمي بني عمرو، فقال في ذكر عبد الله بن عمرو بن زياد:(يقال لنسله اليوم ولد عبد الله أحد قسمي بني عمر من حرب)["نسب حرب" 28] قلت: لم يذكر الهمداني من بطون بني عمرو: بني عبد الله إنما ذكر من بطونهم بني الحارث بن عبد الله بن عمرو، ووجود اسم عبد الله لا يعني أنه جد لبطن من بني عمرو، وذلك أن الهمداني لم يذكر له أبناء غير الحارث، وهو جد بطن من بني عمرو، ومن هُنا فإن الربط بين بني عبد الله من بطون بني عمرو، وبين عبد الله بن عمرو بن زياد ربط لا دليل عليه، ومما يلفت النظر أن بني الحارث من بطون بني عمرو وهم بنو الحارث بن عبد الله بن عمرو ليست لهم بقية مما يعني عودتهم إلى بلادهم مع العائدين من بني حرب، قال البلادي في ذكر بني الحارث:(لا ينسب إليه اليوم أحد من بني حرب، ويقال: إن بني الحارث في بني عبد الله من مُطير هم هؤلاء، بل يقال إنَّ كل بني عبد الله من حرب)["نسب حرب" 28] قلت: وما يقال في بني الحارث وبني عبد الله عامة من مُطير هو مجرد قيل لا دليل عليه. ويبقى من بطون بني عمرو بنو
ميمون بن المسافر بن عمرو، قال البلادي في ذكرهم:(بنو ميمون هذا دخلوا في بني سالم، وهو اليوم أحد قسميها)["نسب حرب" 28] يعني حربا، ولا أدري ما الذي دفع بني ميمون هذا للخروج من دائرة أقربائهم في النسب والدخول في تجمُّع آخر، لا يربطهم بهم أي نسب، ذلك أن قبائل ميمون - أهمُّها - ليس من بني حرب، فالأحامدة وولد محمد يجمعهم نسب واحد وهم من بني سُلَيْم وولد علاء من ولد محمد، وبنو صبح ليسوا من بني حرب إنما دخلوا فيهم حلفا قبل نحو قرنين، فقد ذكر ابن عبد السلام الدرعي في رحلته للحج سنة 1196 هـ نقلا عن أبي سالم العياشي الذي حج قبله بقرن في القرن الحادي عشر في ذكر بدر:(أهلها محظوظون آمنون مطمئنون، مع سوء أخلاق عرب صبح المجاورون لهم)["ملخص رحلتي ابن عبد السلام الدرعي" 95] وقال الدرعي عن محدثه عبد الله بن أحمد: (حدثني أن سكان القرية من قبيلة صبح وهو خلاف ظاهر قول الشيخ أبي سالم، وقيل: وأهلها محظوظون آمنون مع سوء أخلاق عرب صبح المجاورون لهم، اللهم إلا أن يقال: إن أعراب صبح تغلبوا بعد ذلك على القرية فسكنوها مع بقاء ضعفاء من أهلها والله أعلم، فقال الرجل المذكور: قبيلة صبح تقْرب من ألفي رجل وهي دائرة بجبال (بدر) تسكن الخيام وجدهم وائل بن بدر الصحابي، هم حلفاء حرب الآن، بعد أن قامت بينهم نائرة فأجلوهم عن ديارهم إلى ينبع، وخربوا قريتهم هذه، ثم إن الله تعالى ردَّهم لمقرّهم فدخلوا في حلفهم إلى الآن) ["ملخص رحلتي ابن عبد السلام الدرعي" 98] وفي ذكر ديار صبح هؤلاء قال البلادي:(ديارهم جلُّ وادي (العرج) وروافده وجبل (ثافل الأكبر) الذي صار يسمى جبل صبُح، وجبل (فعرَى) ووادي (يليل) عند (بدر) ولهم قسم كبير من الساحل غرب بدر) ["نسب حرب" 87086] قال الأحيوي: وهذا يكشف لنا أن هذه القبيلة بديارها الممتدة لم تدخل في حرب إلا في القرن الثاني عشر، وبهذا يتضح لنا أن بني حرب لم يسيطروا على كامل منطقة غرب المدينة، والمنطقة الممتدة نحو مكة المكرمة كما صوره لنا الهمداني، وتوهمه بعض الباحثين.
ونعود للحديث عن فروع ميمون فنجد أن الحيادرة ليسوا من ميمون فهم ينتسبون إلى الهاشميين ["نسب حرب" 89] والروثان من روثة الخيارية من بني عمرو ["نسب حرب" 78، 89] وبنو يحيى الذين يسكنون بين وادي (الصفراء) و (ينبع النخل)["معجم قبائل الحجاز" 574] يحتمل أن يكونوا من بني سُليم، فمن بطون بني سُلَيم بنو يحيى، وهم بطن من بني مرداس، وهم بنو يحيى بن فالح بن يزيد بن مرداس بن أبي عامر بن جارية بن عبد بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن بُهثة بن سُلَيم) ["التعليقات والنوادر" 627، 731، 1906] ويخال لي أن بني ميمون هؤلاء من بني سُلَيْم ثم دخلت فيهم بطون حلفًا لهم، أما بنو ميمون بن المسافر بن عمرو فأغلب الظن أنهم عادوا مع قومهم إلى بلادهم بصعدة، وقال البلادي في ذكر جعفر بن محمود شيخ بني حرب:(ذريته اليوم الجعافرة من جهم من بني عمرو)["نسب حرب" 29] إلا أن الجعافرة لا يقولون ذلك ولا يقرون به، فهم ينتسبون إلى بني هاشم. قال البلادي في ذكرهم:(يدَّعون أنهم هاشميون، فإن صح ذلك فهم بنو جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ["نسب حرب" 76] وقال في ذكر محمد بن محمود شيخ حرب: (محمد هذا يقال اليوم لنسله بنو محمد بن عمرو ومساكنهم (الخُريبة)(الأبواء) و (مستورة): ["نسب حرب" 30] قلت: قوله محمد بن عمرو لا يتفق مع قوله محمد بن محمود، والغريب في الأمر أن نجد بني محمد من فروع بني عبد الله لا من فروع بني محمود، وعندي أن نسبة بني محمد إلى محمد بن محمود نسبة قائمة على تشابه الأسماء، فلا دليل للبلادي غير هذا التشابه على نسب بني محمد، والأغرب من هذا كله أنه من غير الثابت أن ولد محمود هم بنو محمود شيخ بني حرب، فالبلادي يقول في ذكره:(لعل ولد محمود هؤلاء منسوبون إلى محمود هذا). ["نسب حرب" 173] ونجد أن بطونهم الثلاثة ليست من بني حرب، وهي سُبيع وقد مرَّ القول فيهم، والعطور وهم من عنزة [نسب حرب 78] والخيارية. قال البلادي:(يقال إنهم مخيَّرون في ولائهم يين ولد عبد الله وولد محمود)["نسب حرب" 78] ومن يدري فلربما لم يبق من بني حرب
في الحجاز إلا بنو السفر وزبيد، فيما عاد البقية إلى بلادهم بصعدة، ذلك أننا لا نجد فرعا صريح النسب إلى حرب غير هؤلاء، وتبقى إشارة حول ميمون فإذا تأكد لدينا أن بطونهم الأصلية هي الأحامدة، وولد محمد، وولد علاء فإن بني ميمون تكون من فروع بني سُلَيْم القديمة، ومن بطون سُلَيْم اليوم بنو ميمون بطن يقطن وادي (ساية) وقد يكونون بقية ميمون الذين دخلوا في حرب، ومن يدري فقد تكون قبيلة ميمون في مُطير من بني سُلَيم أيضًا، ذلك أنهم يذكرون أن لهم صلة نسب بميمون بني سُلَيْم قال البلادي في ذكر بلدة (الحسو) الواقعة في الشرق الشمالي من (السُّويرقية) بلدة بني سُلَيْم قديما. قال:(سكان البلد: ميمون من بني عبد الله من مُطير، وبه زريعات بسيطة، وميمون في الحجاز ثلاث قبائل: ميمون هؤلاء وميمون قبيلة في بني سُليم بن منصور، وميمون قبيلة تُعدُّ ربع قبيلة حرب، وتقول ميمون مُطير: إن ميمون سُلَيْم منهم، ويأتون على هذا بأشعار ودلائل، أما ميمون حرب فهو فرع قديم في حرب من القرن الأول الهجري، وهذه الميمونات الثلاث مُتجاورة في الحجاز، مما يدعو إلى الاعتقاد أن أصلها واحد)["على ربى نجد" 71].
قال الأحيوي: ميمون حرب لا وجود لهم بالحجاز، بل عموم بني عمرو بن زياد بن سليمان كما ألمحنا إليه خلال هذا البحث، وعلى هذا تكون إشارة البلادي عن وحدة قبائل ميمون الثلاث إشارة لها نصيب كبير من الحقيقة، وقد تكون ميمون مُطير من بني سُلَيْم، ولعل مما يشجع هذا أن بني عبد الله من مُطير تحتل اليوم جزءا من ديار بني سُلَيم القديمة فلربما أدَّى ذلك إلى دخول ميمون الذين في سُليم في بني عبد الله، وإذا ما علمنا أن ميمونا فرع سُلَّمِيُّ وأن أهم قبائل ميمون في بني حرب هي من بني سُلَيِّم فإن ذلك يؤكد أن بني ميمون في مُطير من بني سُلَيْم لا سيما وأنهم يؤكدون صلتهم بميمون بني سُلَيْم، ولعل بعض الباحثين يقوم بتحقيق هذا الأمر لمعرفة الصلات بين الميمونات الثلاث، وقبل أن ننهي هذا البحث نؤكد مرة أخرى أن بني حرب قد عادوا إلى بلادهم في (صَعَدَةَ) ديار قومهم خولان، وقد ذكر ابن رسول الغساني (ت 696 هـ) بعض البطون الحربية
التي ترددت أسماؤها خلال هذا البحث، ومن البطون الخولانية التي ذكرها ابن رسول:
1 -
الربيعة.
2 -
بنو عوف.
3 -
بنو مالك.
4 -
بنو حرب.
5 -
بنو غالب.
6 -
العبدليون.
7 -
الزبيديون ["طرفة الأصحاب" 35، 56 - 57] وجميعها ببلاد خولان باليمن، وجميع هذه البطون من بني سعد بن سعد باستثناء الربيعة وهم إخوة بني سعد بن سعد، وكما قلناه خلال البحث ظل من بني حرب عند عودتهم بنو زياد بن سليمان وقلة من غيرهم، وفيما بعد أخذ قسم من هؤلاء يعود إلى قومه لتختفي أسماء بطونهم في الحجاز وتظهر في اليمن كبني عوف من بني حرب وبني غالب إخوة بني حرب، ومن العائدين الذين لهم وجود في الحجاز بنو زُبيد والعبديون (العبدليون) وغيرهم.
قال الأحيوي: وتبقى إشارة أخيرة إلى ما ذكره البلادي عن الصلة القوية والعاطفة والولاء بين قبيلتي حرب وعُتيبةَ فنقول: إن هذه الصلة تعود لوحدة النسب بين بطون بني سُلَيْم الكبيرة في حرب وإخوتهم عُتيبة التي يعود جُلُّها لهَوَازِن بين منصور وهم إخوة بني سُلَيْم بن منصور، وهذا ما يفسر تلك العلاقة التي عمَّت بني حرب ونسي الناس سبب ذلك، وفوق كل ذي علم عليم والله الموفق.
وقال الأحيوي مقالات أخرى في مجلة العرب عن الأحامدة وفروع أخرى تكملة لما تقدم نذكرها هنا للفائدة
(1)
:
1 -
الأحامدة: قال الأمير شكيب أرسلان فيما كتبه سنة 1349 هـ (1931 م):
(1)
مجلة العرب س 32 رجب/ شعبان 1417 هـ.
(مشايخ الأحامدة الذين هم مشايخ حرب في الحجاز يقال إنهم من سُلَيْم، وأن جدّهم العباس بن مرداس السلمي)["الارتسامات اللطاف" ص 274] وقال عايش بن شريف السلمي في ذكر فروع بني سُلَيْم: (الأحامدة والنسبة إليهم أحمدي، وقد انتقلت من وادي ساية في حدود القرن العاشر في قصة طويلة لا يتسع المقام لذكرها إلى (الفِقْرة) قرب المدينة، وحالفوا بني سالم من حرب).
وقال: (بل إنّ عندهم شجرة كما أخبرني أكثر من واحد منهم فيها نسبتهم إلى العباس بن مرداس السلمي، والله أعلم بذلك. ولا يزال بينهم وبين بني سُلَيْم صلة إلى وقت قريب)["العرب" س 30 ص 370].
وقد ذكر المؤرخ التركي أيوب صبري باشا في كتابه "مرآة جزيرة العرب" ج 2 ص 280 خبر انتقال الأحامدة من بني سُلَيْم إلى بني سالم من حرب ومحالفتهم لهم. ["العرب" سنة 30 حاشية ص 380].
قال الأحيوي: ومن الأحامدة هؤلاء فريق عظيم دخل في بَليٍّ منذ عهد بعيد جدًّا، كما بيناه فيما تقدم من هذا البحث، وقد لاحظ الرحّالة الفنلندي المستعرب (جورج أوغست فالن) فيما كتبه في رحلته سنة 1264 هـ (1848 م) أنّ الفريق الذي زاره من بَلي ذُو دِمَاء عدنانية فقال:(يقال إن بني بَلي قحطانيون من اليمن، ولكني أرى ملامحهم أقرب إلى بني عنزة وإلى القبائل السورية العدنانية منها إلى الحويطات وعرب غربي شبه الجزيرة العربية ومصر، والكثيرون منهم ذوو بشرة فاتحة اللون، وهذا أمر نادر جدًا في الصحراء أظن أنه يقتصر على القبائل الشمالية فقط)["صور من شمالي جزيرة العرب" ص 172].
وقال: "بنو بلي هم أوّل قبيلة في هذه البقاع، تشبه لهجتها نطق سكان نَجْد، ونطق بدو عنزة الذي يختلف كثيرًا عن لهجة المدن ولهجة العرب الأكثر اختلاطًا بسواهم، ذلك أنهم يكثرون التنوين، واستعمال بعض الصيغ الصرفية والنحوية القديمة، ولاسيما لفظهم القاف والكاف لفظًا غريبًا يسميه النحويون الكشكشة"["صور من شمالي جزيرة العرب" ص 171].
وبطون بلي التي التقاها وذكرها (جورج أوغست فالن) أثناء رحلته هي: المعاقلة والعرادات وبنو لوط والمواهيب ["صور من شمالي جزيرة العرب" ص 171].
قال الأحيوي: المعاقلة من البركات من مخلد من بلي، والبركات ومخلد فرعان من الأحامدة، ذكرهما الجزيري ولا زال للبركات وجود في جنوبي الحجاز في عداد بني حرب كما بيناه في موضعه من البحث، والعرادات بطن من مخلد أيضًا، وقد ذكرهم الجزيري من فروع الأحامدة، ومنهم فريق في جنوبي الحجاز في عداد بني حرب كما سبق في الحديث عنهم، وبنو لوط وهم اللوطة: فرع من وابصة وهؤلاء فرع من الأحامدة كما ذكره الجزيري، ووابصة اليوم فرع من خزام من بلي، والمواهيب وهم اليوم فرع من خزام أيضًا ذكرهم الجزيري من فروع الأحامدة وقد بيّنا القول في هذه الفروع فيما تقدم من هذا البحث.
قال الأحيوي: ومن هنا فإنّ ملاحظة (فالن) عن ملامح بلي الشبيهة بالعدنانيين إنما تنطبق على الفروع التي التقاها وهي فروع من الأحامدة وهم عدنانيون من بني سُلَيْم.
قلت: وقد تحدّث (فالن) عن الحرّة التي تستوطنها بلي وحددها وذكر أنّ بلي تقول: إنها تمتلك الحرَّة وَحدَها ["صور من شمالي جزيرة العرب" ص 169، 170].
وقال: "يظهر على ما قاله السمعاني في الأنساب أن سكّان الحرَّة السابقين من قبيلة سُلَيْم العظيمة اعتادوا النزوح إلى هذه البقاع عينها من بلاد العرب، وإلى المنطقة المجاورة لمدينة حمص"["صور من شمالي جزيرة العرب" ص 170].
قال الأحيوي: وقد أورد فالن نصًّا نفيسًا يتفق مع ما حققناه باستيطان فروع من بني سُلَيْم لبعض ديار بلي، مما أدَّى إلى تحالفهم معهم ومن ثمَّ إلى دخولهم فيهم فيما بعد إلى يومنا هذا، قال:"من التقاليد المنقولة والمعمول بها حالًّا هنا علمت أن أوّل من سكن الحرّة قبيلة بني سُلَيْم، وقيل عنها أيضًا إنها ملكت مدينتي تيماء وخيبر) ["صور من شمالي جزيرة العرب" ص 173].
وهذا كلّه يقطع بصحة ما حققناه حول دخول قسم عظيم من أحامدة بني سُلَيْم في بلي، هذا الدخول الذي تمّ منذ عهد بعيد جدًّا سبق دخول من ظل من الأحامدة في حلف بني سالم، إن صح أنه تمّ في حدود القرن العاشر، ذلك أن الجزيري (911 - نحو 977 هـ) قد ذكرهم من فروع بني سالم. ["الدرر الفرائد" ص 1564].
فيما نجد أن فريقًا من الأحامدة الذين في بلي قد استوطن بلاد الصعيد من الديار المصرية، ومن أخبارهم هناك، ما ذكره ابن إياس في حوادث جمادى الآخرة سنة 798 هـ قال: (وفيه ثارت العرب الأحامدة بنواحي الصعيد، فعيّن لهم السلطان تجريدة" ["بدائع الزهور ج 1 قسم 2 ص 482].
ومن أخبارهم سنة 818 هـ ما ذكره ابن حجر العسقلاني قال: "وفي هذه السنة كثر عبث العربان بالوجه القبلي والبحري، واشتدّ بأسهم، وثارت الأحامدة من عرب الصعيد، وهم ناقلة من أراضي الحجاز، من آل بلي سكان دَامَةَ فما فوقها إلى جهة ينبع، فتحولوا إلى الصعيد الأعلى، واتخذوه وطنًا، ووثبوا على والي قوص فقتلوه وقتلوا خلقًا معه"["إنباء الغمر" 7/ 189].
وقوص: مدينة إلى الجنوب من قنا على نهر النيل يقابلها شرقًا القُصَيْر على ساحل البحر الأحمر الغربي، ويقابل القُصير على الساحل الشرقي مدينة الوجه ونواحيها من ديار الأحامدة الذين في بلي، وكان هذا الفريق عبر البحر لاستيطان بلاد الصعيد، وقد ظل الأحامدة هؤلاء شوكة في جنب الدولة يفسدون البلاد، ويبطشون بالعباد والدولة ترسل لهم الحملة تلو الأخرى بلا فائدة إلى أن أوقعت بهم ونكبتهم نكبة كبيرة سنة 892 هـ.
قال ابن إياس: "وفيه - أي جمادى الأولى - جاءت الأخبار من عند الأمير آقبردي الدوادار بأنه قد انتصر على العرب الأحامدة، وكان توجه إلى الوجه القبلي بسبب ذلك فقتل منهم ما لا يحصى، وأسر نساءهم وأولادهم، وبعث بهم إلى مصر فباعوهم كما يباع الرقيق من الزنج، ووقع لآقبردي مع الأحامدة أمور غريبة يطول الشرح في ذكرها، وعذّب جماعة بالنار، وطمَّ جماعة منهم بالتراب، وهم
أحياء، وتفنّن في عذابهم تفنينًا، وقد مهد بلاد الصعيد منهم، وكانوا أظهروا الفساد بها جدًّا" ["بدائع الزهور" 3/ 240].
ويبدو أن الأحامدة هؤلاء اندفعوا نحو السودان، ونجد اليوم من مجموعة قبائل البقارة قبيلتي الأحامدة، وسليم، وتقطنان منطقة غرب النيل الأبيض في وسط السودان ["مجلة "عالم الفكر" مجلد 17 عدد 3 ص 107، 108].
2 -
البدارين: قلنا في حديثنا عنهم أنهم هم البدارنة، وهم بطن من بني علي بن حصن بن علَّاق بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم.
قال الأحيوي: نجد اليوم أن الكعابنة وهم قسم عظيم من بني صخر في الأردن ينقسم إلى فرعين كبيرين هما:
1 -
بنو محمد.
2 -
بنو علي: وينقسم بنو علي إلى قسمين هما:
1 -
الجبور. 2 - البدارين.
وهنا فإنه ليس من المصادفات الجميلة أن نجد البدارنة فرعًا من بني علي، ثمَّ نجد أن البدارين فرع من بني علي من بني صخر في الأردن، وبنو صخر فرع من الأحامدة كما مرّ بيانه.
3 -
البركات: تجدر الإشارة إلى أن من فروع بني سُلَيْم في جنوبي الحجاز: بنو بركة وهم فرع من بني سُلَيْم، ومن بطونهم الجباريت، وهذا الاسم يلفت نظرنا إلى قبيلة الجبارات الآتي الحديث عنهم في موضعه من البحث.
4 -
بشر: يَسِمُونَ وسم بني سُلَيْم، مما يؤكد ما حققناه بأنهم من بني سُلَيْم، وسيأتي بيان وسمهم في حديثنا عن معبَد، ومما يؤكد هذا أن بشر، ليسوا من بني حرب، فقد أشار علي بن حسن العبادي في كتابه "نظرات في الأدب والتاريخ والأنساب" ص 49 أن بشرًا دخلوا في بني حرب حلفًا. ["العرب" سنة 31 ص 566].
قال الأحيوي: من بطون بني سُلَيْم القديمة البشرة، عدّهم القلقشندي من فروع لبيد، وقال:(ومنازلهم في قومهم ببرقة)، ["نهاية الأرب" ص 120] من بلاد برقة في ليبيا ثم انتقلوا إلى الديار المصرية، واستوطنوا بلاد البحيرة في شمالي مصر، مع امتدادهم إلى حدود ليبيا، قال القلقشندي: "ومن بني سُلَيْم: لبيد: وهم بطن عظيم من سُلَيْم مساكنهم أرض برقة، ولهم أفخاذ متَّسعة، أخبرني مخبرون من غيرها بعدّة أحياء منهم وهي:
1 -
أولاد حرام. 2 - وأولاد سلَّام. 3 - والبركات. 4 - والبشرة.
5 -
والبلابيس. 6 - والجواشنة. 7 - والحداددة. 8 - والحوتة.
9 -
والدروع. 10 - والرقيعات. 11 - والزرازير. 12 - والسوالم.
13 -
والسبوت. 14 - والشراعبة. 15 - والصريرات. 16 - والعواكلة.
17 -
والعلاونة. 18 - والموالك. 19 - والنبلة. 20 - والندوة.
21 -
والنوافلة. 22 - والرعاقبة. 23 - والبواجنة. 24 - والقناص.
25 -
وقطَّاب. 26 - والقصاص.
قلت: وقد أجلى السلطان الملك المؤيد - عزّ نصره - عرب البحيرة من زنارة وغيرها عن بلادهم، لتغيّر أدركه عليهم سنة ثمان عشرة وثمانمائة، وأسكنها عرب لبيد استدعاهم من بلادهم، فأقاموا بها وعمروها وهم مقيمون بها إلى الآن" ["قلائد الجمان" ص 125 - 126].
وذكرهم المقريزي (ت 854 هـ) في ذكر بطون لبيد وسمّاهم: بشرًا وقال في ذكر منازل لبيد: (منازلهم من العقبة الكبيرة إلى سوسة)["البيان والإعراب" ص 71] في شمال غرب مصر، ولبيد فرع من بني مالك بن أُهيب بن عبد الله بن قنفذ بن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم ["التعليقات والنوادر" 4/ 1861 وحاشيتها] ومن هذا يتحقق لنا أن بشرًا فرع سلمي قديم من فروع لبيد التي ظلت في ديارها الأصلية في بلاد الحجاز.
5 -
البطنة: هم أحد فرعي الصواعد بالإضافة إلى علَّاق، والصواعد أحد قسمي عوف، ويتألف البطنة من فرعين هما:
1 -
البركات بنو بركة وقد مضى القول في البركات.
2 -
التراجمة بنو ترجم الآتي الحديث عنهم وممن ينضاف للبطنة حِلْفًا العلوات ["نسب حرب" 49].
6 -
التراجمة: نلاحظ أنه لا زال في بني سُلَيْم إلى يومنا هذا بقيّة من التراجمة ظلوا مع قبيلتهم سُلَيْم، وهم بطن من المحاميد من حبش من بني سُلَيْم، ويقطنون وادي ساية من بلاد بني سُلَيْم، وسيأتي ذكر لبعض بني ترجم في حديثنا عن بني صخر خلال هذا البحث.
7 -
زَبَّالة: ذكرنا أنهم من فروع بني سُلَيْم، ذلك أننا وجدنا الزبّالة فرعًا من مخلد، ومخلد من فروع الأحامدة التي ذكرها الجزيري، وقد صحّ ما قررناه عن نسبتهم لبني سُلَيْم، وقد تبيّن لنا أنهم فرع من بني بهز بن امرئ القيس بن بهثة بن سُلَيْم، ذكرهم أبو ذؤيب الهذلي في رثائه لآل عجرة الهذليين الذين قتلتهم بهز فقال:
وَيلُ امّ قتلى فويق القاع من عُشَرِ
…
من آلِ عجْرةَ أمس جَدُّهم هُصِرا
عجرة: من هُذَيل.
كانت أربّتهم بهزٌ وغرّهم
…
عقد الجوار وكانوا معشرا غُدْرًا
والرباب: العقد والذمة وبهز من بني سُلَيْم.
كانوا ملاوث فاحتاج الصديق لهم
…
فقْدَ البلاد إذا ما تُمحِلُ المطرا
لا تأمنَنَّ زُباليا بذمَته
…
إذا تقنّع ثوب الغدر واتزرا
["شرح أشعار الهذليين" 1/ 180].
8 -
بنو صخر: قال سامي سلامة النحاس: (يقول بنو صخر: إنهم ينحدرون من قبيلة حرب، إحدى أهم القبائل في الحجاز ونجد، وينقسم بنو صخر إلى قسمين هما:
1 -
الطوقة: ويضم الغبين والغفل وخضير.
2 -
الكعابنة: ويضم الخرشان (الخريشة) والجبور، ويقول الطوقة: إن جدّهم هو رجل يدعى طويق بن حمد من قبيلة حرب ويقول الكعابنة: إن أصلهم يعود إلى بني محمد من بني سالم من نفس القبيلة، والخريشة اسم عائلة شيخ كبير من شيوخ الكعابنة التي كانت في أيام سابقة تنتمي إلى فريق من قبيلة حرب، يدعى بني صخر، ويقول المعمّرون من بني صخر: إنه ما يزال حتى الآن عشيرة صغيرة من قبيلة حرب تدعى بني صخر، وكان الكعابنة أول من ترك القبيلة الأم (حرب) التي كانت في ذلك الوقت تستقر في جنوب الحجاز، وتحرك هؤلاء نحو الشمال وأقاموا في منطقة العلا) ["تاريخ مادبا الحديث" ص 73] وفي ذكر ديار بني صخر في العلا قال دبيس الفايز:
حِنَّا صخور ومنازلنا بالعلا
…
وما ينزل الطمان إلا الطماني
["عشائر بني صخر" ص 173].
وقال الشيخ متعب الفايز في ذكر بني صخر: (الأصل من الأحامدة من حرب، عيال حمد الدجراء - لقب عائلة -: كان يسكن غرب المدينة (جبل الأحمدي)، وقال في ذكر حمد الدجراء، "تزوج حمد من بنت الجرمي، وخلّفت الجرمية ولدًا واسمه طوقان والأحمدية ولدًا واسمه طويق، قال: "طوقان ذهب مع الأحامدة وعقب طوقان الآن عشيرة الرفادات من بلي بالسعودية).
وقال في ذكر معركة الطور بين بني صخر والحويطات سنة 1327 هـ 1909 م: "جاء سليمان بن رفادة شيخ عشائر بلي وهو من عقب طوقان أخو طويق وانتخى عند طلال باشا من بني صخر، وقال: نحن أبناء رجل واحد"[مخطوطة عن عشائر بني صخر ص 1، 7، 2، 31] وصلة القربى بين بعض فروع بلي، وعلى رأس هذه الفروع الرفادات، وبين بني صخر معروفة يقرّ بها الفريقان إلى يومنا هذا، ويذكر بنو صخر على مرّ أجيالهم أنهم من بني حرب. ["عشائر بني صخر" ص 31] من الأحامدة على وجه التحديد.
قال خالد سليم الرديني من بني صخر: "الرواية التي يكاد يجمع عليها الطوقة من بني صخر أن نسبهم يعود إلى قبيلة حرب القحطانية". [جريدة "البلاد" عدد 132 ص 12].
قال الأحيوي: جبل الأحامدة المشار إليه آنفًا وهو موطن بني صخر الأصلي يقع غربي المدينة وهو جبل الأشعر ويعرف باسم الفِقْرة. قال البلادي: "أما اليوم فهو جبل الأحامدة من حرب"["نسب حرب" ص 286].
وقال سعيد بن مصلح الأحمدي في ذكر ولد علي الأحامدة: "مواطنهم جبل الأحامدة (الفقرة): يقع غرب المدينة المنورة مسافة 72 كيلًا يحاذي جبلي رضوى والأجرد على ارتفاع 9 آلاف قدم عن سطح البحر). ["العرب" سنة 17 ص 313].
وعشيرة الرفادات التي يروي بنو صخر أنهم أبناء عمومتهم كما يروي ذلك الرفادات أنفسهم أيضًا بطن من المعاقلة من البركات في شمالي الحجاز، وقد ذكر الجزيري والبركات وعدّهم من فروع الأحامدة الذين دخلوا في بلي، كما مرّ بيانه، والبركات اليوم فرع من مَخْلَد من بلي، قال البلادي في ذكر الرفادات:"واحدهم ابن رفادة بطن من المعاقلة من البركات من مخلف من بلي، فيه شيخة بلي كافة، وقد بلغ منهم سليمان وابنه إبراهيم الباشوية في عهد الأتراك، وقد أدرك إبراهيم باشا العهد السعودي) ["معجم قبائل الحجاز" ص 180] ورغم تغيّر وسم المعاقلة إلى الخطم هكذا (1) بين الأنف والعين والحذقة هكذا (C) بأعلى الرقبة مما يلي الرأس من الجهة اليسرى ["وسم الإبل" ص 146] فإنه لا يزال قسم من المعاقلة يسمون سمة الباب هكذا ([]) على الجانب الأيسر للرقبة. ["وسم الإبل" ص 180] وهو وسم إخوانهم العرادات وغيرهم من فرق الأحامدة في بلي.
قال الأحيوي: من الأدلة التي تؤكد أن بني صخر، وأحامدة بلي، وأحامدة بني حرب، كانوا في الأصل قبيلة واحدة ما يلي:
1 -
أن من الفرق التي اقترن ذكرها ببني صخر في الأردن فرقة الصميدات ["عشائر بني صخر" ص 57] وقد ورد ذكر بني صخر والصميدات في بلاد عجلون
في القرن العاشر للهجرة. ["تطور الزراعة في شرقي الأردن" ص 40] وفي مطلع القرن الحادي عشر سنة 1005 هـ، يرد ذكر لفروع بني صخر والصميدات في بلاد الصلت (السلط)[دفتر مفصّل لواء عجلون (طابو دفتري رقم 185) ص 11، 14، 41، 49] والصميدات كإخوانهم الصخور فرع من الأحامدة يسكنون الفقرة (جبل الأحامدة) ورحقان إلى طاشا). [نسب حرب" ص 80].
2 -
إن من فروع بني صخر في بلاد السلط التي ورد ذكرها سنة 1005 هـ في الوثائق العثمانية جماعة لوابصية [دفتر مفصل لواء عجلون (طابو دفتري رقم 185) ص 11] ووابصة هؤلاء من فروع الأحامدة التي ذكرها الجزيري في القرن العاشر للهجرة، وهم من فروع الأحامدة المعروفة حتى اليوم في عداد بلي في شمالي الحجاز.
3 -
من أقوى الأدلة على صحّة صلة النسب هذه هو السمات المشتركة بين قبائل الأحامدة وهو الصليب الذي تسمه فرق من بني صخر في الأردن وفرق من أحامدة بلي وهو وسم أحامدة المدينة المنورة كما مرّ بيانه خلال البحث وكما ستأتي الإشارة إليه خلال البحث أيضًا.
4 -
من فروع الغفل من الطوقة من بني صخر: العامر وهم فرع كبير من بني صخر في الأردن، والعامر هم أحد قسمي بني صخر من الأحامدة سكان جبل الأحامدة (الفقرة) غربي المدينة المنورة والقسم الآخر هم: بنو سعد. ["نسب حرب" ص 80، "معجم قبائل الحجاز" ص 263].
5 -
من فروع بني صخر في الأردن أولاد فضل، وهم فرع من الجبور، فقد أنجب جدهم سالم بن جبر بن عبد الرحمن أربعة بنين وهم:
1 -
جبر الذي أنجب دهام جد الدهام.
2 -
جريدة جد الحوالي والهدبا.
3 -
منزّل الذي أنجب: 1 - فريج جد الفريج. 2 - فراج جد الفراج.
4 -
فضل جد الفضل ["العشائر الأردنية" ص 47، 54، "عشائر بني صخر" ص 281، 304، 307] وقد انفصل أولاد فضل عن قومهم الجبور، وأصبحوا فرعًا كبيرًا من فروع خضير إلى جانب البراذعة والقنوة. ["العشائر الأردنية" ص 46، 47] ووسم أولاد فضل وهو وسم جميع أولاد سالم بن جبر بن عبد الرحمن الأصلي، وهو العرقاة هكذا (+)["العشائر الأردنية" ص 47، 48، 49] وهذا الوسم هو وسم الأحامدة، ومن فروع الأحامدة في جنوبي الحجاز: الفضلة ومنازلهم الجهات الشرقية من الفقرة (جبل الأحامدة) في حورة وحويرة ورحقان. ["نسب حرب" ص 80، 81].
6 -
من فروع بني صخر في الأردن العكمة، ذكرهم (فردريك ج بيك) فقال:(العكمة أصلهم من الحجاز)["تاريخ شرقي الأردن وقبائلها" ص 221] وهم اليوم فرع من الجبور من بني صخر، وينتسب العكمة إلى جدّهم عكيم ["العشائر الأردنية" ص 58] وقد ذكر (أوبنهايم) أن العكمة من بني حرب الذين كانوا يقطنون خيبر ["البدو" 2/ 248]، ومن المعلوم أن ديار بني صخر كانت في العلا ونواحي خيبر حيث لا زال لبني صخر نخيل في تلك البلاد، وقد بقيت فرقة الفضل من بني صخر التي سبق ذكرها تتسلم مجلاد خيبر إلى نهاية العشرينيات من القرن الميلادي العشرين، أي إلى ما قبل نحو 65 سنة، وكان هذا المجلاد عبارة عن قرطوف من التمر يزن ما بين 25 - 30 كغم، وكان يرسل إليهم من العلا ["مقدمة لدراسة العشائر الأردنية" ص 706) والعكمة من فروع بني سُلَيْم القديمة، فقد عدّ المقريزي العكمة من فروع بني سُلَيْم في الديار المصرية ["البيان والإعراب" ص 72] ولا بد أنه ظلت منهم بقية مع فروع أخرى من بني سُلَيْم في العلا ونواحي وادي القرى، والله أعلم.
7 -
نجد في أنساب الفضول من الزيادات من البلادية أنهم ينقسمون إلى قسمين هما:
أ - الجبيرات: وهذا الاسم يلفت نظرنا إلى قبيلة الجبارات الآتي الحديث عنها، لاسيما وأن الوسم واحد وهو وسم الباب، فالبلادية يسمون الباب هكذا ([]) على فخذ البعير الأيسر، قال شاعر من بني عبد الله من مُطير وقد أخذوا إبل البلادية:
وجيناهم شريق الشمس يوم المال في المرحان
…
وزفّينا أمهات الباب مع ضين يباريها
["الأدب الشعبي في الحجاز" ص 12 وحاشيتها، و 269 وحاشيتها و 319 و"نسب حرب" ص 146 وحاشيتها] وستأتي الإشارة إلى وسم الجبارات وهو الباب في حديثنا عن بني علي في هذا البحث.
ب - القوعة: وهم بنو قويعان جد القوعة وهو قويعان بن فضل جد الفضول وهو فضل بن حسن بن زيادة جد الزيادات من البلادية، وقد أنجب قويعان بن فضل ثلاثة بنين وهم:
1 -
عكيم: جد العويضات. 2 - معيكم: جد القدفة. 3 - عكام: جد السواعدة والسعادين. ["رسائل ومسائل" ص 703]، وعكيم المذكور يلفت نظرنا إلى عكيم جد العكمة من بني صخر الآنف ذكرهم، كما يلفت اسم القوعة النظر إلى قويع من فروع بني محمد بن سليم.
8 -
وسوم بني صخر: أصبح بنو صخر قبيلة كبيرة قائمة بذاتها منفصلة بديارها في بلاد الأردن فغيّرت بعض فرقهم وسمها الأصلي، واستحدثت لها وسومًا جديدة، ويتضح هذا مما يلي:
أ - الطوقة: كان وسمهم هو وسم قومهم الأحامدة. ["عشائر بني صخر" ص 168] أي الصليب غير أنهم بدّلوا وسمهم إلى وسم آخر هو الطويقي وشكله هكذا [رسم] على الورك الأيسر ["البتراء العربية" 3/ 17، "البدو" 2/ 245، "عشائر بني صخر" ص 184، 209، 211، 218، 219، 223، 226، 272] إلا أن بعض فرق الطوقة احتفظت بوسم الأحامدة، ومن ذلك:
1 -
أن السلايطة يسمون الصليب المعقوف من الجهتين على فخذ الجمل الأيمن. ["عشائر بني صخر" ص 272].
2 -
أن الكعابنة وهم فرقة من الطوقة، وهم غير الكعابنة الفريق الآخر من بني صخر، يسمون الصليب وسم الأحامدة، قال مفلح الفايز: (احتفظ الكعابنة بوسمهم الأصلي وهو الصليب ومطرف عمودي إلى يمينه يضعونه على الجانب
الأيسر لمواشيهم، ولم يضعوا وسم الطويقي). ["عشائر بني صخر" ص 279 - 280].
3 -
رغم أن فرقتي النمر والمحمود من فرق الفايز من الطوقة يسمون الطويقي وسم قومهم الطوقة إلا أنهم يسمون الباب أيضًا هكذا [رسم] على الكتف الأيسر للبعير. ["عشائر بني صخر" ص 14].
4 -
كان وسم القعود والغبين وهما من أهم فرق الطوقة هو الباب ["البتراء العربية" 3/ 118]"البدو" 2/ 242].
5 -
أن فرقة خضير وهي من أكبر فرق بني صخر، وكانت تعد ضمن مجموعة الطوقة تسم سمة الصليب. ["البتراء العربية" 3/ 120، "مقدمة لدراسة العشائر الأردنية" من 711 - 712، "عشائر بني صخر" ص 284].
ب - الكعابنة: ظل الكعابنة يحتفظون بوسم قومهم الأحامدة، ويتضح هذا مما يلي:
1 -
يسم الخرشان وسم الباب مغلقًا ويسمونه الصندوق هكذا [رسم] على الجانب الأيمن ["البتراء العربية" 3/ 120، "البدو" 2/ 248، "عشائر بني صخر" ص 296].
2 -
أن وسم الجبور وهم فرع كبير من الكعابنة هو الصليب، فقد ذكر بعض الرحالة الغربيين أن الصليب وهو وسم الجبور ["عمّان في ماضيها وحاضرها" ص 263، "الآثار الإسلامية في فلسطين والأردن" ص 248].
(انتهى قول راشد بن حمدان الأحيوي).
التعليق على ما تقدم من بحوث للأحيوي في مجلة العرب السعودية من صاحب الموسوعة
1 -
ذكر راشد بن حمدان الأحيوي المسعودي من العقبة بالأردن نقلًا عن ابن خلدون تسلسل فروع بني عوف من سُليم التي انضمت لقبيلة حرب.
ثم ذكر أنه عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُليم، وهذا خطأ فادح. والصحيح أنه عوف بن بهثة.
لأن جميع الفروع المذكورة في بحث الأحيوي من علَّاق، وبالتالي فهي من عوف الأكبر بن بهثة، لا من عوف الأصغر ابن امرئ القيس بن بهثة.
وابن خلدون ذكر في تاريخه في التفصيل عن بني سُليم بن منصور في إفريقيا حيث قال: عوف بن بهثة جذمان هما علَّاق، ومرداس. ومن علَّاق يحيى وفيه نسب الكعوب رؤساء سُليم في تونس ومن علَّاق حِصْن وتفرع إلى بني علي، وبني حكيم.
والالتباس الذي وقع فيه الأحيوي في ذكره أن علَّاق بن عوف بن امرئ القيس بن بُهثة راجع إلى أن عبد الرحمن بن خلدون قد ذكر في أحد مشجراته عن بني عوف في بني سُليم زيادة في اسم عوف، وقد وضع امرؤ القيس له أبًا وبُهثة له جدًّا، في حين اْن الصحيح أن بُهثة هو والد عوف وجد علَّاق.
وقد ناقض ابن خلدون ما ذكره في سرده في مواضع عديدة من الكتاب (تاريخ العبر ومبتدأ الخبر).
وهنا نجد أن الأحيوي ترك ما ورد عن عوف وأنه ابن بُهثة في سرد ابن خلدون وتمسك في المشجر الخطأ في نفس الكتاب فنقل منه ووقع في الخطأ الوارد وأنه عوف بن امرئ القيس بن بُهثة. وعوف بن امرئ القيس ذكر فروعه ابن الكلبي في الجمهرة، ثم ذكر أيضًا من بعده ابن حزم الأندلسي، ثم القلقشندي في عهد ابن خلدون، وكذلك ابن فضل الله العمري. إلا أن القلقشندي كان دقيقًا وذكر علَّاق ومرداس من عوف بن بهثة، وهو الصحيح.
وكذلك كان ابن فضل الله العمري ذكيًّا ونبيهًا، وقال في سُليم عوفان أي عوف الأكبر وفروعه علَّاق ومرداس وقد فصّل عنهما في إفريقيا (تونس)، وعوف الأصغر وفيه فروعًا أخرى لم يفصَّل إلا عن لبيد وشماخ ومحارب فقط ومركزهم في بلاد برقة وكانوا أقوياء جدًّا في عهده.
وبنو حصن بن علَّاق بن عوف بن بهثة فرع تكون في صدر الإسلام، وأما حصن وأحفاده فقد كانوا في العصر الجاهلي.
وذكر أبو علي الهجري في كتاب التعليقات والنوادر المدوَّن في بداية القرن الرابع الهجري أي بعد عام 300 هـ ذكر اسم الحصني كبطن حيث قال: حدثني محمد بن يزيد الحصني، وفي موضع آخر قال أنشدني الحصني من عوف من سُليم. . . إلخ.
والحصني منسوب إلى حصن بن علَّاق بن عوف بن بهثة بن سُليم والذين تفرع منهم بنو علي، وبنو حكيم الذين نزحوا إلى مصر ثم إلى شمالى إفريقيا (بلاد المغرب) في القرن الخامس الهجري وبني علي لهم بقية في الجزيرة العربية مع حرب.
وقد فصل عن بطون عوف العلَّامة ابن خلدون في تاريخه.
كما ذكر ابن جرير الطبري في أحداث عام 230 هـ أن أمير المدينة النبوية سيّر إلى بني سُليم جيشًا من قريش والأنصار فلقيهم جيش بنو سُليم بالرويثة وأغلبهم من عوف ولبيد وكان على رأس بني سُليم دويكل بن حمير العوفي، وعمه سلمة بن يحيى، وعُزيرة بن قطَّاب اللبدي.
وطبقًا لما ورد من سرد ابن خلدون أن دويكل وحمير ودلاج من بطون علَّاق بن عوف الذين قتل منهم قراقوش الغُزي المملوكي وزير السلطان صلاح الدين الأيوبي جماعة فهذا يؤكد أن ما قصدهم ابن جرير هم عوف بن بهثة أي عوف الأكبر.
وعوف الأكبر ذكره ابن حزم في الجمهرة وأنه كان كاهنًا في الجاهلية ولم يفصّل عن فروعه لأنه اعتمد على الكلبي، ولكنه فصَّل عن عوف الأصغر ابن
امرئ القيس. ولله در ابن خلدون رحمه الله فقد فصل قول كل خطيب ووضح أن عوف أهل الصولة على إفريقيا بفرعيهم علَّاق ومرداس هم عوف بن بهثة .. وخطأه في أحد مشجراته كانت سهوًا منه بإضافة امرئ القيس بعد عوف.
ومما يؤكد أن الفروع التي في حرب بالحجاز هي من فروع بني عوف بن بهثة أن ديار عوف هؤلاء في شمالي حرَّة سُليم قرب المدينة المنورة، فلما نزحت الغالبية العظمى منهم إلى مصر ثم إلى بلاد المغرب بقي جزء منهم في ديارهم انضموا إلى حرب ودخلت ديارهم ضمن ديار حرب وانكمشت ديار سُليم ما بين الحرمين كما هو معروف في القرن التاسع الهجري.
وأما ديار عوف الأصغر ابن امرئ القيس فكانت بعضها في بلاد الحرمين والبعض الآخر في نجد حول بئر معونة؛ لأن بعض فروعهم قد شارك في أحداث بئر معونة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا مجاورين بطون من ثعلبة بن بهثة وبطون من الحارث بن بهثة. وأما بقية فروع امرئ القيس بن بهثة فكانت في بلاد نجد في ديار سُليم القديمة مثل السوارقية وصُفينة ومهد الذهب والتي استولت عليها قبيلة مُطير في القرن الثامن الهجري كما يذكر رواتهم.
وقيل أن استيلاء مُطير على هذه الديار كان بعد نزوح قبيلة بني عُتبة (آل ابن علي) من خُفاف من امرئ القيس بن بهثة وهي آخر قبيلة كانت تسكن هذه الديار حتى القرن التاسع الهجري، وقد تشتت أمرها مع فروع سلمية أخرى إلى بلاد الخليج والأحساء والقصيم شرق الجزيرة العربية. وعن عوف بن امرئ القيس إخوة خفاف بن امرئ القيس فذكرهم ابن الكلبي وابن حزم ومنهم رجالات وفرسان مشاهير في صدر الإسلام، حيث قال منهم بني يربوع بن سمال ومنهم عبد الله بن أبي خازم صاحب خراسان، وعروة بن أسماء بن الصلت من أجلاء الصحابة الذين قتلوا في بئر معونة من قومه بني سُليم في صدر الإسلام في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم موسى بن عمرو بن موسى بن عبد الله بن أبي خازم قُتل مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم -
وقيس بن الهيثم بن قيس بن الصلت القائم بدعوة ابن الزبير بالبصرة، والربيع بن ربيعة بن أهبان من بني سمال بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة وهو قاتل دُريد بن الصمَّة الجُشمي فارس هوازن يوم حُنين.
هنا تتضح لنا الرؤية بأن عوف الأصغر بن امرئ القيس فرع له شهرة وليس بخامل الذكر.
وكذلك عوف بن بهثة فرع كبير وصاحب قوة وصولة ظهرت عامي 230، 232 هـ في أحداث بني سُليم مع والي المدينة ثم مع التركي بغا الكبير قائد الدولة العباسية.
وقد اتضحت قوة عوف الأكبر عندما كانوا القوة الضاربة من سُليم في تونس، وقد تغلبوا على قبيلة رياح من بني هلال وأزاحوهم إلى المغرب الأوسط في بداية القرن السادس الهجري، وكان منهم الكعوب الذين وصفهم ابن خلدون بأنهم رؤساء البدو من سُليم في إفريقيا.
وقد ذكر الصحابي الجليل والشاعر الجهبذ العباس بن مرداس اسم "عوف" مرات عديدة في شعره بمناسبة مشاركة بني سُليم في فتح مكة المكرمة مع النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك في غزوة حُنين ضد هوازن.
ولا ندري أهو يقصد عوف الأكبر ابن بُهثة أم عوف الأصغر ابن امرئ القيس بن بُهثة؟ ولربما شارك من كليهما مع المسلمين فذكرهما بنفس الاسم وقد أوضح في شعره أن الجميع إنسالوا من أفناء بُهثة "الابن الأوحد لسُليم" أي لا فرق بين بطن وبطن فالمنبع واحد والأصل واحد.
وهنا ملاحظة أن ضرورة الشعر في الاختصار لضبط الوزن والقافية تحتم على أي شاعر أن يختصر ويذكر مثلًا عوف دون ذكر كلمة بن، ولذلك غاب علينا معرفة أي العوفين في سُليم يقصد، ولو شارك كلاهما فالعباس ذكر كليهما فلا لوم عليه من أحدهما. وعن أخطاء ابن خلدون في تسلسل أجداد بني سُليم في تاريخ العبر هذا راجع إلى أنه كان متأخرًا عن هجرة سُليم إلى بلاد المغرب، حيث
عاش في النصف الثاني من القرن الثامن وتوفي في بداية القرن التاسع الهجري، أي المسافة هنا تزيد عن ثلاثة قرون ونصف قرن، فلا تستطيع الأجيال السُّلَميَّة المتأخرة الموجودة في عصره أن تمليه الصحيح بدقة أو أن تحصي عليه جميع الملاحظات، ولربما أخذ عن الرواة بعض الأخطاء، ونراه في بعض الروايات غير المؤكدة عن بعض الفروع يقول قد يقال! وقد نبرهن على سهو ابن خلدون أن ذكر هيب بن بهثة هو والد محارب وشماخ ولبيد، وأن يعهب بن بهثة. . . . إلخ.
رغم أن من قبله من النسابين مثل ابن الكلبى وابن حزم وابن سعيد المغربي وغيرهم قد ذكروا أن بهثة له أولاد معروفون ليس من بينهم هيب أو يعهب على الإطلاق.
وقد كان لقرب عهد أبو علي الهجري لبني سُليم في الجزيرة العربية في آخر القرن الثالث وأول القرن الرابع الهجري أكبر الأثر في ذكر الصحيح، وقد فصّل عن لبيد هؤلاء حيث عجز ابن خلدون عن تسلسل أجدادهم فقال: لبيد من مالك بن أهيب بن عبد الله بن قنفذ بن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُليم.
ولبيد ومحارب من أهيب كانا من أشد بني سُليم سطوة على بلاد برقة ولم يتركوا إمرة ولا مشيخة إلا استولوا عليها. كما ذكر ابن خلدون.
2 -
توسع الأحيوي في ذكر فروع من قبيلة بلي القُضاعية، وقد ربط بين هذه الفروع وبين فروع أخرى بنفس الاسم في قبيلة حرب ذات الأرومة السلمية.
والحقيقة أن الكثير من الفروع التي ذكرها في بلي لا تمتّ إلى أرومة حرب خاصة السلمية منها.
وقد أشار الشيخ حمد الجاسر معقبًا على بحوث الأحيوي في مجلة العرب السعودية حيث أبدى اعتراضه على ذلك وعلى بعض الفروع الأخرى التي لم ننشرها وهي قبائل بأكملها في الشام وفلسطين خاصة، وشمال سيناء أهمها الجبارات والحناجرة والسواركة وغيرهم مما ذكر في بعض بحوثه في مجلة العرب السعودية.
وليس معنى ذلك أن جميع ما قاله الأحيوي خطأ وإنما اجتهد بإيضاح النصوص القديمة ومن المؤكد أن فروعًا في بلي من قبيلة حرب من أرومة سلمية نزحت إلى ديار بلي وأقامت بها ودخلت معها.
وعن الأحامدة في بلي فأرى أنهم خلاف الأحامدة في حرب ذات الأرومة السُلَميَّة حيث إن الأحامدة في حرب يؤكدون أن جدهم رعاية من نسل الصحابي عباس بن مرداس وإخوتهم بني محمد (المحاميد)، والتراجمة ويعدّون إلى ثلاثة أو أربعة عشر جدًّا إلى رعاية بن ترجم الذي جلا مع أولاده بسبب دم عليه في سُليم منذ قرابة خمسة قرون وسكن ديار حرب وانضم إلى بني سالم ابنه حمد، كما يؤكد الرواة، وانضم بنو محمد إلى بني سالم أيضًا، وأما علي بن رعاية ومنه التراجمة فانضم إلى الصواعد من عوف، ويقال إن ابن عم رعاية ويسمى خلف تخلف عنهم في ديار زبيد من حرب وأُطلق عليهم المخاليف وسيأتي التفصيل عنهم. أما عن الأحامدة في بلي فهم أقدم من حيث التكوين وذكروا كبطن معروف من بلي في القرن الثامن الهجري إذ ذكرهم ابن إياس عام 798 هـ من قبائل صعيد مصر تعرضوا للقتال من المماليك بعد أن زاد خطرهم على البلاد. كما ذكرهم ابن حجر العسقلاني عام 818 هـ في بداية القرن التاسع الهجري وأشار إلى بطشهم وأكد نسبهم إلى قبيلة بلي حيث ذكر أنهم من بلي داما .. ووادي داما هو الفاصل بين بلي وبني عُقبة من جُذام القحطانية، وأصبح الآن من ديار قبيلة (الحويطات) خلفاء بني عُقبة. من هذا يتضح لنا أن الأحامدة في بلي بطن قديم أصبح في شكل قبيلة في أواخر القرن الثامن الهجري، بينما الأحامدة في حرب في هذه الحقبة لم يوجد بعد جدّهم رعاية السُّلمي فشتان بين هؤلاء وأولئك.
أما عن ذكر الأحيوي أن الأحامدة في حرب من أرومة سلمية قديمة جدُّهم أحمد جد جاهلي هو أحمد بن نمير بن حكيم بن حصن بن علَّاق بن عوف من بني سُليم.
فهذا أمر لم يقره رواة الأحامدة ويتمسكون بنسبهم إلى رعاية السُّلمي الذي ينتمي إلى العباس بن مرداس من رفاعة من الحارث بن بهثة بن سُليم.
ودخلوا في قبيلة حبش التي هي من رفاعة من الحارث بن بهثة أيضًا وأقرب لهم من الفروع في سُليم هو العلاوي، ونظرًا لأن رعاية من جماعة قليلة العدد في حبش فقد جلا من دم عليه في سُليم مع أولاده وابن عمه وعبد له يسمى دليان وتوطن شمالًا في ديار حرب غرب المدينة المنورة وسيأتي التفصيل عن ذلك.
وعن بني أحمد من حكيم فقد ورد ذكرهم في نهاية الأرب للقلقشندي وأن منهم في أطراف برقة نواحي إجدابية قوم، وذكروا في العصور المتأخرة ضمن القبائل المصرية التي عادت من بلاد المغرب مثل العديد من القبائل السلمية أو قبائل العرب المرابطين الذين يعودون إلى أرومات عدنانية وقحطانية مختلفة وهم الفاتحين لبلاد المغرب، وسموا مرابطين لأنهم رابطوا في ثغور الديار الإسلامية في أمصار المغرب العربي قبل قدوم جحافل بني هلال وهوازن وأبناء عمومتهم من بني سُليم في القرن الخامس الهجري، أما ما ذكره الأحيوي من نصوص عن الفروع السلمية في حرب مثل بنو علي فهم حسب ما رواه بعض شيوخهم أنهم عدنانيون بلا ريب من سُليم، والنصوص التي ذكرها الأحيوي عنهم صحيحة، وهم بقية بني حصن من عوف، ومساكنهم كانت قرب المدينة، فلما ضعفت سُليم في القرن الثامن الهجري دخلوا مع حرب ثم انساحوا في بلاد نجد، وتحضر الكثير منهم في قرى نجد، ومن الكتّمة تفرع الشبول ومنهم الشيخ حمد الجاسر علَّامة الجزيرة العربية. والذي أراه لم يعترض على ما قاله الأحيوي في مجلة العرب بخصوص بني علي؛ لأنه كان يعلم أنهم من أرومة سُليم بلا ريب وأشار إلي ذلك عدة مرات في كتبه.
ومن بني علي ظهر الفرم من شيوخ حرب المشهورين في الجزيرة العربية. وعلي بن حصن جد جاهلي والدليل على ذلك أن من بني علي تفرعت قبائل
عديدة ذكرها المؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني في كتابه "تاريخ الجزائر" المطبوع عام 1350 هـ على نفقة الشعب الجزائري، حيث ذكر أن بني عوف من بني سُليم العدنانية في بلاد الجزائر جذمان كبيران هما:
أ - بنو علي ومنها قبائل عديدة ذكرناها نقلًا عنه في المجلد الأول تحت عنوان قبائل سُليم في الجزائر.
ب - بنو حكيم
(1)
وهم إخوة بنو علي وكلاهما من حصن بن علَّاق بن عوف ومنهم قبائل عديدة ذكرناها أيضًا نقلًا عنه في المجلد الأول من الموسوعة.
وذكر الشيخ مبارك الميلي الهلالي الذي ينتمي إلى بني هلال في الجزائر في كتابه تاريخ الجزائر المطبوع في الأربعينيات من هذا القرن العشرين أن دخول قبائل بني سُليم لأرض الجزائر بدأ في أول القرن التاسع الهجري خلاف قبائل بني هلال وسائر هوازن التي دخلت الجزائر في أواخر القرن الخامس الهجري، وذكر أن أهم فروع سُليم في الجزائر جاءت من تونس وهي عوف، وذباب.
ومن بني علي بعض قبائل نزحت من تونس إلى مصر في بداية القرن التاسع الهجري بعد تغلب الدولة الحفصية على أولاد أبى الليل من الكعوب ومن حالفهم من بني حصن وأهم هذه القبائل الجميعات والحمر وتوطنت في الصحراء الغربية ثم في إقليم البحيرة.
كما نزح أيضًا جزء من قبيلة الحمر إلى مصر مع الجميعات وتوطنوا البحيرة معهم ثم دخلوا مع الهنادي من أولاد سلام من لبيد من بني سُليم الذين نزحوا من ليبيا في وقت لاحق لهجرتهم، وبعد ظلم الهنادي للجميعات واشتعال الحرب بين هؤلاء وأولئك وانتصار الجميعات بمساعدة أولاد علي من السعادي من أبي الليل فضّل هؤلاء الحمر التحالف مع الهنادي وهم أولاد البدادي بن شعيب الحمري وسكنوا بلاد الشرقية والقليوبية للآن ويسمون البدادية.
(1)
من بني حكيم قبيلة الشعانبة المشهورة في صحراء الجزائر والتي ينتمي لها صاحب الموسوعة، وقد هاجر جده إلى مصر قادمًا من الجزائر عام 1909 م.
ومن الحُمر فرع ذكر في تعداد عربان مصر عام 1897 م/ 1315 هـ في نواحي قويسنا بالمنوفية، ومن الحمر قسم في قرية الجعافرة بمركز إطسا بالفيوم وفي قرى أخرى في الفيوم وقسم آخر نزح إلى قوص التابعة إلى محافظة قنا ولهم نجع خاص باسمهم بالوقت الحاضر مجاورين نجع الجعافرة هنالك. وقيل رأي لبعض الباحثين أن الحمر في بلاد السودان من هؤلاء الحمر السلميون نزحوا في عهد دولة المماليك وتوطنوا هناك.
أما عن قبيلة الحمر المتبقية في تونس فنزح معظمهم إلى الجزائر في بداية القرن التاسع الهجري ضمن قبائل بني علي بن حصن وذكرها المؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني في تاريخ الجزائر كما أسلفنا.
ومن خلال فحص المراجع الحديثة يتضح لنا أن بني علي من حصن في الجزيرة العربية هم أقل من هم في إفريقيا، وقد أكد ذلك ابن سعيد المغربي في القرن السابع الهجري، وقد تحول من هم في الجزيرة العربية إلى الدخول في قبائل حرب كما تقدم لأسباب ضعف بني سليم في الجزيرة العربية في القرن الثامن الهجري. أما عن بني حكيم إخوة بني علي من حصن فلم يتبق منهم سوى جزء يسير من بني نوال وهؤلاء فضّلوا ترك موطنهم جنوب المدينة المنورة بعد تغلب حرب عليها ونزحوا إلى وادي ساية من ديار سُليم ودخلوا مع ربيعة من فتية
(1)
من الحارث بن بهثة، ثم سيطروا على الكامل وما حوله، والكامل هي أهم قرى سُلَيْم بالوقت الحاضر ما بين الحرمين الشريفين.
وعن بني عوف في حرب فأقول إن هؤلاء سلميون بلا ريب، فالديار هي ديار عوف سُليم والأسماء في بعض الفروع كما هيَّ وتعليق الأحيوي صحيحًا أنه ليس من الصدف أن تكون نفس الأماكن والأسماء التي هي من ديار عوف سُليم ثم تقوم عوف حرب بالسيطرة عليها دون أي ديار أخرى في الحجاز؛ هذا إذا سلمنا جدلًا بوجود عوف الحربية في الحجاز، وقد تقدم تحليل الأحيوي عن ذلك وثبوت رجوعهم إلى صعدة في اليمن مع من رجع كما أشار الهمداني في الإكليل.
وقد علَّق الأحيوي عن ذلك قائلًا: حتى بفرض وجود عوف الحربية الخولانية فمن السخرية أن نقول تترك عوف الحربية جميع ديار سُليم الشاسعة ما بين الحرمين وتحتل ديار سميتها عوف السلمية دون غيرها!؟ وبملاحظة أن عوف في حرب هم البقية من عوف سُليم قد دخل معها فروع كثيرة ليست من أرومتها كما
(1)
في كتاب التعليقات والنوادر للهجري فُتية بن عبد بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن بهثة بن سُليم - ص 1844 أبو علي الهجري القسم الرابع عن الأنساب - تحقيق حمد الجاسر.
هو شأن قبائل البادية. وعن البدارين فأنا من رأي الأحيوى أرجح غير جازم أنهم من الفروع القديمة من بني علي بن حصن ومنهم قبيلة في العهد الحاضر ذكرهم المدني من قبائل بني علي في الجزائر باسم بدرانه.
كذلك البركات من لبيد من بني سُليم ومنهم فروع نزحت إلى برقة في ليبيا والبقية قد دخلت في حرب، وجزء نزح إلى قبيلة بلي من قُضاعة. وكذلك فروع بشر، وبنو جابر، وسبيع
(1)
، وبنو عبد الله، ومعبد، وبنو يحيى، فهذه الفروع سلمية بلا جدال حسب النصوص القديمة وحسب القياس المكاني بوجود هذه الفروع في ديارها لم تبرحها حتى الآن وقد تقدم ذكرها من الباحث الأردني راشد الأحيوي.
وعن الفروع الأخرى التي ذكرها الأحيوي من سُليم في قبيلة حرب وبعضها في بلي أو بني صخر حسب ما رجّح في بحوثه السالفة، فلا أجزم بصحتها والله تعالى أعلم بحقيقة الأمر.
3 -
أتفق مع الأحيوي فيما أورد من نصوص للمؤرخين القدامى التي تؤكد عدم صحة ادعاء الهمداني أن قبيلة حرب الخولانية القُضاعية قد تغلبت على القبائل العدنانية فيما بين الحرمين حيث قال:
"فلما غلبت بنو حرب على تلك البلاد وقهرت، تعلقت قريش بإصهارهم وأسند إليهم كل وألقى أزمَّة أمره في أيديهم وغلبوا على طريق المدينة إلى مكة فلم يسرها أحد منهم إلا بخفارتهم، وكان المقتدر بالله (العباسي) يبعث إليهم طول حياته بالمال في خفارة الطريق"!!
هذا القول عن قبيلة حرب لم يذكره أي مؤرخ غيره وقد انفرد به ويتضح فيه الكذب والتهويل والتزوير.
ولنَدَعْ قبائل عنزة ومُزينة وأسد التي ادعى الهمداني أن حربا قد هزمتها وقهرتها في الحجاز.
(1)
سُبيع هنا خلاف قبيلة سبيع العامرية من هوازن.
ولنأخذ قبيلة سُليم التي ذكر الهمداني أن حربا هزمت بعض فروعها فقد أجمع المؤرخون أن سُليم بن منصور العدنانية كانت في أوج قوتها في بلاد الحجاز ما بين الحرمين في القرنين الثالث والرابع بعد الهجرة، فهذا ابن جرير الطبري يقول في تاريخه عن سُليم في أحداث عامي 230 هـ، 232 هـ:
ففي عام 230 هـ قال الطبري: أن بني سُليم كانت تطاول على الناس حول المدينة النبوية بالشر، وكانوا إذا وردوا سوقًا من أسواق الحجاز أخذوا سعرها كيف شاءوا، ثم ترقى بهم الأمر إلى أن أوقعوا بالجار
(1)
بناس من بني كنانة وباهلة في جمادى الأخرة سنة ثلاثين ومئتين، وكان رأسهم عُزيرة بن قطّاب السُّلَمي، فوجه إليهم أمير المدينة محمد بن صالح الهاشمي قائد مسلحة المدينة حماد بن جرير الطبري في جماعة من الجند، ومن تطوع للخروج من أهل المدينة، فقاتلهم بالرويثة على ثلاث مراحل من المدينة، وكانت بنو سُليم وأمدادها في ستمائة وخمسين، وعامة من لقيهم من بني عوف من سُليم، ومعهم أشهب بن دويكل بن يحيى بن حِمْير العوفي، وعمه سلمة بن يحيى، وعُزيرة بن قطّاب اللبدي، من لبيد من سُليم، وكانت خيلهم مئة وخمسين فارسًا، فقاتلهم حماد وأصحابه، ثم أتت سُليم أمدادها، فانتصرت على حماد ومن معه، فقُتل ومن معه وحازت بنو سُليم السلاح والكراع والثياب، وغلُظ أمرهم، فاستباحوا القرى والمناهل فيما بين مكة والمدينة، حتى لم تمكن أحدًا أن يسلك تلك الطريق، فوجه إليهم الخليفة الواثق (العباسي) بُغا الكبير التركي في الشاكرية والأتراك والمغاربة، فقدم المدينة في شعبان سنة ثلاثين ومئتين، فشخص إلى حرَّة بني سُليم لأيام بقين من شعبان فكانت الوقعة من وراء السوارقية، وهي قريتهم التي يأوون إليها وهي حصون، وكان جُلُّ من لقيهُ من بني عوف، فيهم عُزيرة بن قطاب، والأشهب، وهما رأسا القواد يومئذ، فهزمهم بُغا وقتل نحو خمسين رجلًا، وأسر مثلهم، ودعاهم بعد الوقعة إلى الأمان على حكم أمير المؤمنين الواثق وأقام بالسوارقية فأتوه
(1)
وهو ميناء بلاد الحرمين في ذلك الوقت على بحر القلزم (الأحمر).
واجتمعوا إليه، وجمعهم من عشرة، واثنين، وخمسة وواحد، وأخذ من جمعت السوارقية من غير سُليم من أفناء الناس وهربت خُفاف من بني سُليم إلا أقلها، وهي التي كانت تؤذي الناس، وتطرق الطريق، وجل من صار في يده من بني عوف، وكان آخر من أخذ من بني حبشي
(1)
من سُليم، فاحتبس عنده من وصف بالشر والفساد، وهم زهاء ألف رجل، وخلّى سبيل سائرهم، ثم رحل عن السوارقية إلى المدينة في ذي القعدة سنة ثلاثين ومئتين - ثم ذكر الطبري بقية خبرهم مع من جمعهم من بني هلال وبني كلاب من عامر بن صعصعة من هوازن - وهو أن احتبسهم في السجن بالمدينة، وبعد أن عاد من مكة وجد أن أهل المدينة قتلوهم عن آخرهم بعد أن رشوا الحارس، وقد حاولوا الهروب بعد أن فتح لهم الباب، وقد أمر بغا بعمل مقبرة جماعية لهؤلاء المقتولين ووضعهم أكوامًا فوق بعضهم البعض في المقبرة.
وهنا نقول لمن تلقفوا نص البلخي عن حرب الذي ذكر توليهم على بعض المزارع والضياع لبني جعفر بن أبي طالب بالفرع أواخر القرن الثالث أو أوائل الرابع الهجري - على رسلكم - وأبو زيد البلخي توفي عام 322 هـ (في بداية القرن الرابع الهجري) وقد اعتبروا هذا النص دليلًا على صحة قول الهمداني وشطحاته أن حربا كانت مسيطرة على بلاد ما بين الحرمين منذ القرن الثالث الهجرى!!
وما دام المؤيدين للهمداني مما ذكرنا مثل الأستاذ فايز البدراني أو الشيخ حمد الجاسر أو غيره من الباحثين من حرب يتمسكون ببعض النصوص غير الجازمة مثل نص البلخي ليأكدون أوهام الهمداني .. فنقول لهم هل تتمسكون بما يحلو لكم وتتركون نصوصًا أخرى أكثر قوة وحيادية في نفس الزمن (القرنين الثالث والرابع الهجريين)؟!
وهل نص ابن جرير الطبري لم يمر عليكم؟ علما بأن الطبري كان في عداء مستحكم مع بني سُليم إلا أنه لم ينكر الحقيقة، وقال إن سُليم هي القوة الأولى
(1)
حبشي هي ما تعرف الآن بحبش من قبائل سُليم بين الحرمين، وفي كتاب التعليقات والنوادر ص 1715 للهجري حبش بن عامر بن رفاعة بن الحارث بن بهثة بن سُليم.
بين الحرمين ولا صولة لغيرها وقتئذ سواء حرب أم أية قبائل أخرى والنص واضح لا غموض فيه .. ومحايد لا شك فيه.
ثم نتساءل أين كانت قبيلة حرب القاهرة للقبائل كما وصفها الهمداني، أين كانت وسُليم تفعل الأفاعيل وتصول وتجول على المدينة النبوية وتنهب القوافل وتعتدي على الحاج وعلى الجار ميناء الحجاز وتقتل كنانة وباهلة؟ وما دامت حرب كما وصفها الهمداني صاحبة الحول والطول وتدخل القبائل العدنانية إلى الحجاز بزمامها، لماذا لم تقف في وجه سُليم ما دامت قد بلغت من الطغيان ما بلغت وقد أخذت أسعار الأسواق في الحجاز كيفما شاءت، وقد استباحت القرى والمناهل ما بين الحرمين وطغت على البلاد والعباد، فلو كانت حرب كما يدّعي الهمداني موالية للخليفة العباسي وتأخذ الخفارة على الطريق ما بين مكة والمدينة لشاركت القائد حماد بن جرير الطبري قتال بني سُليم مع من تطوع معه من قريش والأنصار، ولربما كانت قد منعت عنهم الهزيمة الساحقة التي كان من ضحاياها القائد ابن جرير نفسه .. وحقا لو كانت حرب بمثل ما صورها لنا الهمداني لما كلف الخليفة العباسي عام 232 هـ بغا الكبير التركي بجيش ضخم من بغداد ليُخضِّد شوكة سُليم وكما تقدم في النص الذي سقناه للطبري. ونحن هنا بهذا النقد لا ننكر وجود قبيلة حرب في القرن الثالث الهجري في مواضع بالحجاز مثل الفرع أو غيرها قد استولوا عليها من الجعافرة كما ذكر البلخي وابن خلدون وغيرهما.
ولكن ننكر ونعترض بقوة على تهويل وتضليل الهمداني في عهده آخر القرن الثالث وأول الرابع الهجري أن حربا هي القوة الرئيسية بين الحرمين .. فكيف نصدّقه وقد شذ عمن عاصره من المؤرخين المشهورين. ولم أر في أي مرجع طول عهد الدولة العباسية الذي زاد عن خمسة قرون ونصف قرن اسم رجل من قبيلة حرب له بروز في قيادة جيش من جيوش العباسيين التي وصلت إلى ما وراء النهرين شرقًا واسطنبول غربًا. أو عالم حربي في أي علم أو شاعر معروف، وهذا
يدل على أن هذه القبيلة تقبع في البادية ببلاد الحجاز مغمورة قليلة العدد ولم تبرز إلا بعد نهاية الدولة العباسية وبالتحديد فعاليتها وقوتها في الحجاز لم تبدأ إلَّا في القرن الثامن الهجري كما تقدم في بحث الأحيوي.
ونعود لإبراز النصوص التي تبطل قول الهمداني وتؤكد قوة بني سُليم، ففي عام 354 هـ (منتصف القرن الرابع الهجري) ذكر أبو فرج الجوزي حادثة خطيرة لبني سُليم فقال
(1)
:
ورد الخبر بأن بني سُليم فطعوا الطريق على قافلة المغرب ومصر والشام الحاجّة إلى مكة في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة وكانت قافلة عظيمة وكان فيها من الحاج والتجار والمنتقلون من الشام إلى العراق هربًا من الروم ومن الأمتعة نحو عشرين ألف حمل، منها دق مصر ألف وخمسمائة حمل، ومن المغرب اثنا عشر ألف حمل، وأنه كان في أعداد الأمتعة من الأموال من العين والورق ما يكثر مقداره جدًّا، وكان لرجل يُعرف بالخواتمي قاضي طرسوس فيها مائة وعشرون ألف دينار عينًا، وأن بني سُليم أخذوا الجمال مع الأمتعة، وبقي الناس رحّالة منقطعًا بهم، وكما أصاب الناس في الهبير وهي سنة القرمطي، فمن الناس من عاد إلى مصر ومنهم من تلف وهم الأكثرون.
علَّق الأحيوي تعليقًا جميلًا وهو باحث أردني محايد فقال معقبًا على هذا النص لابن الجوزي:
هذا الخبر الذي أورده غير واحد من المؤرخين يدل على مدى جسامة بني سُليم ومدى خطورتهم على قوافل الحاج وغيرها، ومما يدل على ضخامة عددهم، فإن كان بنو سُليم وغيرهم على زعم الهمداني لا يسيرون بين المدينة ومكة إلا بخفارة بني حرب فأين كان بنو حرب آنذاك؟!
(1)
المنتظم 14/ 174.
ثم يضيف نصًّا آخر لبني سُليم يوضح قوتهم في آخر القرن السادس الهجري فيقول: إن ما يدل على كثرة بني سُليم وقوة شأنهم هو قتلهم لحاكم المدينة
(1)
النبوية سنة 590 هـ.
وقد أكد الأحيوي كثرة وقوة بني سُليم في آخر القرن السابع الهجري في الجزيرة العربية عندما ذكر أن ابن سعيد المغربي أشار عام 680 هـ عندما زار الحجاز إلى كثرة بني منصور وهم: هوازن وسُليم ومازن فقال:
قال لي أحد العارفين من عرب المشرق: إنهم إذا نادوا يآل منصور في أرض العرب والعراق والجزيرة يجتمع لهم نحو خمسين ألف فارس.
وخلاصة القول فإن ما تقدم ذكره من نصوص تؤكد أن الهمداني كما قال الباحث السعودي أبو عبد الرحمن الظاهري عنه (أفاق وضَّاع).
هذا ما أردت التعقيب عليه لبحث الأستاذ/ راشد بن حمدان الأحيوي الذي نشكره عليه؛ لأنه فتح أبوابًا مغلقة وأوضح حقائق غائبة عن الأذهان لأي باحث سار وراء الهمداني أو صدَّق البلادي الحربي فيما ذكره في كتاب "نسب حرب" والتي نقلها عن الهمداني ولفّق بعضها من حيث الفروع ومن حيث وقعات قبيلة حرب مع سُليم وغيرها من قبائل العرب مثل مُزينة وعنزة وأسد.
وقد أوردناها ونقلنا سرد البلادي في الموسوعة بما فيه كله صحيحه وخطأه ثم عقبنا في هذه الطبعة الرد عليه وعلى الهمداني (الإكليل).
وقد أبرزنا رأي الشيخ حمد الجاسر وكذلك رأي أحد الباحثين من حرب وهو الأستاذ فايز البدراني الحربي ليرد عن الذين نقدوا الهمداني والبلادي وهذا للأمانة العلمية وتطبيق مبدأ الحيادية التامة وعدم التعصب إلا للحق وابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى.
(1)
يقصد الشريف الجمازي الحسيني.
وفي هذه الطبعة قلت رأيي بكل صراحة بعد أن اتضحت لي الأمور، وقد غاب عني كثير منها من قبل.
وأتمنى أن لا يُغضب رأيي الإخوة الباحثين من حرب وهم كثير فقد عرفوا عني احترامي ومحبتي لقبيلة حرب، وظهر لهم ذلك في أمور كثيرة قرأوها عني وسجلوها في بعض مراجعهم الحديثة.
وكما يقال: فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
والله من وراء القصد، كما نسأله العفو والعافية.
بحوث ميدانية عن فروع بني سُلَيْم "في قبيلة حرب بالمملكة العربية السعودية
"
إتمامًا للفائدة نذكر ما قاله بعض ثقات الرواة من قبيلة حرب
(1)
في المملكة العربية السعودية الذين يؤكدون نسبهم إلى أرومة بني سُلَيْم العدنانية، وقد جلا جدهم من دم عليه منذ قرابة خمسة قرون تقريبًا وأقام أولاده في قبيلة حرب الخولانية القُضاعية حول المدينة المنورة ثم كونوا عشائر وبطون كبيرة عُدّت من بني سالم، ومسروح فيما بعد وهما جذمي قبيلة حرب المشهورة. فقد أخبرني أثناء جولاتي الميدانية في بلاد الحجاز عامي 1419 هـ، 1420 هـ العديد من الرواة
(1)
من هؤلاء الرواة أذكر من الأحامدة الشيخ الفاضل/ عبد الرحمن بن خلف بن حذيفة بن سعد بن جزا بن عامر بن جويبر بن عامر بن جويبر بن صميد بن حمد بن رعاية السلمي، وهذا الشيخ تجاوز التسعين من السنين، وأجداده المذكورين هم شيوخ الأحامدة وذكر الرواة والرحالة والمؤرخون أن هؤلاء كان له دور بارز في بلاد ما بين الحرمين ولهم صُرّة يأخذونها من الدولة المصرية للحفاظ على طريق الحاج.
وحمد بن رعاية هو جد الأحامدة المشهورين في حرب وهم من أشرس القبائل بشهادة الرحالة والمؤرخين. وأذكر من رواة الأحامدة الشيخ/ خالد بن محمد بن علي بن عساف بن سعد بن جزا بن عامر بن جويبر بن عامر بن جويبر بن صميد بن حمد بن رعاية السلمي.
وأيضا من الأحامدة أذكر الشيخ/ عبيد بن عبد الله بن عويمر بن عامر بن محمد بن دبيس بن دهام بن حمود بن ذكير بن فضيل بن علي بن حمد بن رعاية السلمي.
وأيضًا من الأحامدة الشيخ/ يحيى بن عاتق بن خليل بن حذيفة بن سعد بن جزا بن عامر بن جويبر بن عامر بن جويبر بن صميد بن حمد بن رعاية السلمي.
كما أكد شيوخ الأحامدة بأن النواحل من الرواشدة من صخر بن حمد بن رعاية، وأن ابن عمير من ابن فضيل بن علي بن حمد بن رعاية سكان نجد.
كما أذكر من رواة التراجمة من سلالة علي بن رعاية بن ترجم، وهم سموا باسم جدهم لا باسم أبيهم مثل الأحامدة والمحاميد. منهم الأخ الباحث/ محمد بن غالي بن سالم بن ثامر بن سليمان بن سلمان بن ثامر بن إبراهيم بن راشد بن سعد بن مرشد بن سعد بن علي بن رعاية بن ترجم السلمي.
وكذلك الشيخ/ عبد الرحمن بن حمدان بن عبد ربه بن بريك بن مبارك بن مرزوق بن مسعود بن حسن بن فايز بن عيادة بن رشيد بن علي بن رعاية بن ترجم السلمي.
وأيضا الشيخ/ طلال بن محمد بن حسين بن عطية الله بن محمد بن حمد بن مسفر بن جميل بن سعد بن مرشد بن سعد بن علي بن رعاية بن ترجم السلمي.
وأذكر أيضًا الشيخ/ خالد بن حمدان بن حميد بن بختي بن سعيد بن ربيع بن مساعد بن بريك بن هديب بن مساعد بن علي بن رعاية من ترجم السلمي.
الثقات من الأحامدة، والتراجمة، وولد محمد (المحاميد) أنهم جميعًا أبنا رجل واحد من بني سُليم، وهو رعاية بن ترجم من سلالة الصحابي الجليل العباس بن مرداس من رفاعة بن الحارث بن بهثة بن سُليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان. ويقول بعض الرواة أن لرعاية السلمي ابن رابع اسمه سالم بن رعاية، وقد ذهب إلى الشام في حياة أبيه وقال أريد أن أوايق الشام أي أراه وتوفي والده قبل عودته ثم سُمي أولاده الموايقة.
وقيل أنهم دخلوا في السُبعة من عنزة ومنهم الفارس ابن هديب
(1)
.
وذكرهم ابن عبَّار في كتابه أصدق الدلائل في أنساب بني وائل ضمن السُبعَّة وذكر أنهم أبناء محمد بن معلا وهو خطأ. ونوَّه الأستاذ عاتق بن غيث البلادي الحربي في كتاب نسب حرب أكد أن ابن هديب أصله من حرب. أي هنا رواية الأحامدة والتراجمة عن سالم بن رعاية صحيحة ولأن سالم خرج من ديار حرب بعد أن قدم من ديار سُليم مع والده فاعتبر حربيا حسب ما قال البلادي.
كما يؤكد بعض الرواة من التراجمة والمخاليف أن رعاية عندما قدم بأولاده من ديار سُليم كان معه عبده دليّان ومعه ابن عم له يُسمى خليفة وهو جد المخاليف. وقيل أنه لم يرافق رعاية أثناء جلائه عن سُليم؛ وقد لحق به حتى لا تستد به سُليم بثأرها من رعاية لأنه كان الأوحد الباقي من ذوية وقتئذ. ولما وصل رعاية وأولاده إلى وادي النقيع وهو من ديار سُليم القديمة وسيطرت عليه حرب في القرن التاسع الهجري، وعند جبل عبود وبرام أعجب خليفة السلمي ابن عم رعاية بوادي خضرة
(2)
عندما رآه كثير المياه والزرع.
(1)
وهو برجس بن فرحان بن طلال بن برجس بن صوحان بن مرادي بن فارس بن هدية بن علي بن خاطر بن قاسم بن هديب بن سالم بن رعاية السلمي.
(2)
من روافد وادي خضرة وادي قرّ ويجاور بلاد حجر من الشمال.
فقال لرعاية: أريد أن أستقر بهذا المكان، وحاول ابن عمه أن يثنيه عن رأيه خوفًا عليه من سُليم أصحاب الثأر، ولكن خليفة أصر على البقاء، وبعد أن تخلّف عن ابن عمه وأولاده المذكورين سموا أولاد خليفة "المخاليف" وقد دخلوا في مسروح التي سيطرت على تلك الديار وهي الجذم الثاني من حرب، ثم انضمت معهم أحلاف من القبائل الأخرى وتسموا باسمهم ولكن أبناء خليفة السلمي يعرفون بعضهم ويعرفون الخارج من عمود نسبهم كما يعرف معظمهم أنهم من أرومة سُليم وأقرب البطون لهم في حرب هم الأحامدة وولد محمد (المحاميد) والتراجمة.
نبذة عن الضباعين من ولد علا من بني سُليم وهم أبناء عمومة رعاية الأقربين في ديارهم ما بين الحرمين
يجدر بنا أن نذكر أن من قوم رعاية بن ترجم ما زال لهم بقية في سُليم حتى الوقت الحاضر وهم ضمن حبش أهم قبائل بني سُليم في ديارها، وحبش من رفاعة من الحارث بن بُهثة كما ذكرهم الكلبي في الجمهرة. ونسب العلاوي أو ولد علا معروف للصحابي العباس بن مرادس وهم أيضًا مثل أبناء رعاية ويرجعون إلى رفاعة من الحارث بن بُهثة بن سُليم.
كان للضباعين من ولد علا سابقًا معظم وادي ساية وأنهم أصحاب أرض سُليم ويسمونها (الجدية) وكانوا يبيعون الأرض على فروع سُليم الأخرى البادية لأنهم المالكون لها ثم أبطل هذا الإجراء في العهود الأخيرة في آخر الدولة العثمانية وقيل بل في العهد السعودي.
ويسكن الضباعين في ملح بوادي أبي العباس ومنهم جزء في الكامل من قرى وادي ساية ما بين الحرمين.
وكان لبني علا وثائق قديمة ذكرها الأستاذ عبد القدوس الأنصاري ونوهنا عنها في المجلد الأول من الموسوعة.
ويقال أن قالات
(1)
حبش من سُليم تُرسل قديمًا إلى الضبيعاني من ولد علا ولا تتعداه وينهيها.
وكان أصل الوثيقة مكتوب سنة 195 هـ وشهد عليها الصناعني. وجددت في سنة 310 هـ وشهد عليها الشريف الثقبي من الثقبة. وجددت في العصور المتأخرة عام 1258 هـ بشهادة بقيان الشيخ وهو من الشيوخ من الأنصار مجاورين لسُليم في ديارهم.
(1)
قالات وهي القضايا والمشكلات على الحدود بين البدو تنتهي عند المنهى في سُليم وهو الضبيعاني العلاوي السلمي لأن وثائق الحدود وما يسمونها قرمية محفوظة عنده نقلًا عن أجداده.
ثم جددت في العهد السعودي عام 1377 هـ وشهد عليها حامد بن حُباب الحجيري السلمي.
ويقال إن اسم ترجم والد رعاية من ذرية العباس بن مرداس قد ذكر في بعض وثائق قديمة محفوظة لدى الضباعين ويسمونها قرمية.
كما يذكر الرواة من الضباعين أن جدهم كان يسمى ضبعون العلاوي وقد ولد بعد عهد جلاء رعاية بن ترجم بمدة لا يُعرف تحديدها، وكان لضبعون أختًا تسمى ضبعونة تزوجت من رجل روقي من عُتيبة وسلالة هذه المرأة السلمية أخذوا ميراثا عن أمهم في وادي ساية جوار أخوالهم الضباعين.
كما يذكر رواة الضباعين في ملح
(1)
أحد روافد وادي العباس في ساية بأنه أتت عندهم قالة قديمة فاستفزع أجدادهم واسترفدوا بالأحامدة أهل الفقرة، وطلب الأحامدة منهم السوية على ذلك بأن يأتوهم إذا حدثت مشكلة مثلها.
ويذكرون أيضًا بأن رعاية السلمي قريب النسب منهم ورحل في قبيلة حرب كما يذكر أجدادهم خَلفًا عن سلف، وأنهم من سلالة العباس بن مرداس الصحابي المشهور في سُليم في العهد النبوي.
وقد أقر معظم شيوخ الضباعين هذا القول وصدّقوا على صحته. والضباعين بالوقت الحاضر أقلاء في حبش وعددهم لم يتجاوز خمسين رجلًا وحالفوهم بفرق الدم خصلة يقال لهم العطاطيف من سُليم.
وذكر لي أحد شيوخ الضباعين في السعودية وهو رجل صالح وذو تقوى ودين واسمه صالح بن جمعان بن ناجي بن ثواب بن عطية الضبيعاني السلمي أن
(1)
يشتهر وادي ملح بتمر اللبانة.
وقال الشاعر:
ياليت أبويا ضخر للي مال
…
ضخر للي في ملح مثل العمارة
والعمارة هي أحد البساتين المشهورة.
الضباعين المتبقين من ولد علا هم من ذرية محمد فقط والباقي اندثروا في الحروب القبلية أو فتكت بهم الأمراض والمجاعات في العهود السابقة.
كما قال: إن محمد من ولد علا وترجم والد رعاية كانوا أبناء عمومة من العباس بن مرداس، والظاهر أن ذرية محمد لُقّبوا فيما بعد بالضباعين نسبة لجد قريب من أحفاد محمد يسمى ضبعون وقد اختلطوا بالجوار مع حبش وفتية ويحسبون من حبش، ومن بني محمد الضباعين فخوذ قليلة العدد هي:
1 -
ذوي ناجي: ومنهم الشيخ صالح الذي تقدم ذكره وهو الراوي.
2 -
الوصول: وهم ذوي واصل.
3 -
الضحاحيك: ومنهم أناس انضموا إلى حرب وبقيتهم مع قومهم من سُلَيْم حتى الوقت الحاضر.
4 -
العطاطيف وهم حلفاء لهم من سُلَيْم.
قصة رعاية السُّلَمي وأولاده
يجمع رواة التراجمة والأحامدة وبعض رواة من ولد محمد (الأحامدة) على قصة رعاية السلمي مؤسس هذه البطون الداخلة في حرب كالتالي:
فبعد أن ترك رعاية ومعه أولاده ابن عمه خليفة في وادي خضرة استمر في السير وكان برفقته عبده دليَّان وقدم إلى الجبل الأحمر من جبال الصواعد من عوف
(1)
ويُسمى خلص وفي أعلى الجبل كان يقال له رهوة القصيبة، استقر بها رعاية مع أولاده والعبد دليَّان يخدمهم في هذه الديرة.
وأخذوا مدة من الزمن وهم على أكل الصيد من الجبال ويردون عِدًّا به ماء في شعب الملحة، فأمر بعدها رعاية أولاده أن يبحثوا عن قوت يومهم وأن يتقربوا من الناس ليطمئنوا إليهم، فأعطاهم أباهم مدة شهر من الزمان، وعند بزوغ الهلال نهاية شهر وبداية شهر جديد يحضرون إليه، فوعدوه بذلك.
انصرف كل منهم في جهة وعند نهاية الشهر أتوا أباهم حيث تركوه مع العبد يخدمه فقال أكبرهم وهو حَمَد: إني وجدت ديرة صالحة وهي جبل عالٍ يُقال لها الفقرة
(2)
وصاحبها المورعي من حرب وهي مفلى للشاة ومغرس للنخلة وديرة أخشبة
(3)
ونزلت عند صاحبها أرعى له غنمه.
فقال له أباه: أحسنت يا بني. ثم التفت إلى ابنه محمد وقال ما خطبك أنت يا محمد؟
فقال محمد: أنا وجدت وادٍ يقال له وادي الحمض
(4)
وهو مرتع ناقة ومغرس نخلة، وكان محمد حسب ما يروى مولع بتربية الإبل.
(1)
وعوف هي قبيلة سلمية انضمت لحرب قبل قدوم رعاية ودخل معها أحلاف كثيرة، وديار عوف بن بهثة بن سُليم هي نفى الديار من عهد الجاهلية، ومعظم عوف هؤلاء نزحوا لبلاد المغرب ومنهم في مصر فروع غزيرة. ووهم البلادي عندما جعل أن عوف هؤلاء من حرب الخولانية القُضاعية وتقدم نقد ذلك وثبوت خطئه الفادح.
(2)
الفقرة تقع غرب المدينة قرب ديار جهينة مع حرب.
(3)
كلمة بدوية تطلق على خلية نحل.
(4)
وادي الحمض غرب شمالي المدينة المنورة.
فقال له أبوه: لا بأس يا بني ولكن لا تبتعد عن أخيك وجاوره، وكما تعرفان بأن قومنا بني سُليم يبحثون عنَّا ليثأروا بقتيلهم الذي قتلته فلا تخبرا عن اسميكما لأحد قط.
أما علي الابن الأصغر فقال: أنا وجدت يا أبت ديرة سهل وجبل وهي مفلا شاة ومغرس للنخلة وديرة النحلة وسكانها قوم يقال لهم الحسينات وهي "خلص".
وفي بعض الروايات الأخرى أنه عندما أرسل رعاية أبناءه تخاوى الأخوين حمد ومحمد حتى وصلا الفقرة وكان بها المورعي وله بنتان إحداهما فتاة بكر والأخرى أرملة ومعها ابن لها يتيم، فتزوج حمد الفتاة وتزوج محمد الأرملة وتكفل بابنها.
وأبناء هذا اليتيم من حرب الخولانية لأن اليتيم كان أبوه من قوم المورعي وأطلق عليهم فيما بعد التمم ونشأتهم بدأت مع المحاميد السلميين في وادي الحمض وديارهم الخاصة بهم معروفة حتى الوقت الحاضر. أما رعاية فقد توفي ودفن في الروحاء
(1)
متوسطًا بين أماكن أولاده، وكان حمد أكبرهم بارًّا به ويزوره من حين لآخر.
وفي رواية أن العبد دليَّان أعتقه عمه قبل وفاته فاستأذن منه وذهب إلى ديار بني سُليم، وكانت البوادي لا تثأر من العبيد نيابة عن أسيادهم لأنه ليس لهم ذنب فلا يجوز منهم القصاص لأنه رقيق.
ويقال إن العبد انتسب إلى أعمامه وتسمى أولاده باسمهم في ديار سُليم. وأما أبناء رعاية فسوف نُفصِّل عنهم عند التعريف بهم في هذا الكتاب، وقد نشرهم الله وأصبحوا في عداد حرب ويعتزون باسم هذه القبيلة حتى الوقت الحاضر إلا أنهم يحفظون أنسابهم إلى بني سُليم.
(1)
الروحاء مكان معروف قبل المسيجيد وقد استراح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فمن حمد الأحامدة مع بني سالم من حرب.
ومن محمد المحاميد مع بني سالم من حرب أيضًا.
ومن علي التراجمة مع بني عوف ضمن مسروح من حرب.
ولقد وجدت أغلب رجال الأحامدة والتراجمة والمحاميد يعُّدون في تسلسل أجدادهم إلى الثالث عشر أو الرابع عشر إلى رعاية السلمي.
وقد دخلت مع هؤلاء الفروع السلمية من بعض قبائل أخرى وَعُدَّت منهم وتسمّت باسمهم شأنهم شأن معظم أهل البادية.
وقيل إن علم هذه البطون كان أحمر وهو نفس علم سُليم المعروف من صدر الإسلام والذي كان يحمله جدهم العباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في فتح مكة وغزوة حُنين.
أ - الأحامدة
قبل السرد عن الأحامدة يجدر بنا أن نذكر بعض النصوص التاريخية في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين (الرابع عشر الهجري) التي ذكرت نسب الأحامدة إلى أرومة بني سُليم العدنانية.
1 -
قال أيوب صبري باشا في كتابه
(1)
الصادر عام 1899 م: يعتبر بدو قبيلة الأحمدي التي تسكن جبال الفِقرة الموجودة على بعد ست ساعات من قرية الجديّدة الواقعة في الجانب الأيمن من الطريق السلطاني عند التوجه من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة فرعًا من فروع بني سُليم ويسمى عربان قبيلة أحمدي أيضًا بالأحامدة.
2 -
وقال شكيب أرسلان فيما كتبه سنة 1349 هـ/ 1931 م
(2)
مشايخ حرب في الحجاز يقال أنهم من سُليم وأن جدهم العباس بن مرداس السلمي.
3 -
قال الشيخ حمد الجاسر علَّامة الجزيرة العربية في ذكر الأحامدة
(3)
:
أصلهم من بني سُليم بن منصور.
4 -
قال الأستاذ عاتق بن غيث البلادي الحربي
(4)
: الأحامدة والنسبة إليهم أحمدي من بني سُليم بن منصور باتفاق رواة حرب وجدُّهم رعاية السلمي نزل على المورعي في الفقرة.
5 -
ذكر الأستاذ عايش بن شريف السلمي
(5)
من فروع بني سُليم الأحامدة واحدهم أحمدي وانتقل جدهم من وادي ساية ديار سُليم إلى الفقرة غرب المدينة
(1)
مرآة جزيرة العرب 2/ 280.
(2)
الارتسامات اللطاف ص 474.
(3)
معجم قبائل السعودية.
(4)
نسب حرب ط أولى ص 84.
(5)
مجلة العرب السعودية سنة 30 ص 370.
المنورة ديار حرب في القرن العاشر الهجري ودخلوا في بني سالم من حرب وعندهم شجرة توصلهم للعباس من مرداس.
وكما تقدم أن حمد بن رعاية نزل على المورعي في جبل الفقرة (الأشعر) ومع مرور الزمن أصبح صاحب الأرض، والمورعي مجرد حليف وشريك وكل منهما له أمواله بالفقرة وحتى يوم الناس هذا.
والأحامدة هم أبناء حمد بن رعاية السلمي، وبرز من الأحامدة رجال أكفاء وشجعان مثل ابن جزا وأنجاله المقاومين للأتراك ومن أنجاله حذيفة وابن عساف المشهورين وقد كتب عنهما العديد من رحالة الحج المصري والشامي في العهد العثماني.
وتغلّب الأحامدة على عموم مروّح من بني سالم من حرب فأجلوهم من ديارهم التي كانوا مسيطرين عليها في الحجاز.
فمن عادة النزيل إبراز قوته لكي يهابه المجاورين له ولا يطمعون فيه. وقيل جزا
(1)
قد أسس الشيخة في الصميدات من الأحامدة، وفي حسنة 1224 هـ سافر إلى مصر وصاح تحت قصر محمد علي باشا واستفزعه واستغاث به وعندما جهز محمد علي جيشه لغزو الحجاز والبادية حيث كانت بها اضطرابات بين الترك والأشراف ومنازعات القبائل وكان ابن جزا هذا أول دليل لهم في سيرهم حيث أصابهم العطش والتعب، فقالوا للأحمدي: اطلب لنا ربك يغيثنا فدعا الله تعالى وإذا بغمامة فوقهم وإذا بها تمطر عليهم فشربوا حتى ارتووا وأوجسوا منه خيفة وقالوا فيما بينهم إن هذا الرجل من أولياء الله الصالحين فلو لم نطعه لدعا علينا وأهلكنا الله بدعائه، فتآمروا على قتله. فإذا برجل منهم استحسنه واستعطفه ويعرف شيئا من اللغة العربية فأخبره بما يتآمرون به عليه فولى جزا هاربًا منهم ليلًا ونجا بنفسه من الموت بقدرة الله سبحانه وتعالى.
(1)
من اجداد جزا (عامر بن جويبر) من مشايخ بني سالم من حرب، ذكره الجزيرى في الدرر المنظمة في النصف الثاني من القرن العاشر وهو عامر بن جويبر بن صميد بن حمد بن رعاية السلمي.
وكذلك جزا بن عامر كان شيخا له ذكر حارب مع الشريف سرور في قتال أهل المدينة المنورة.
واشتهر بيت جزا بحذيفة بن سعد حيث إن إمارة بني سالم من حرب بالحجاز منحصرة في بيت حذيفة، ومن أبناء حذيفة خليل ثم ابن خليفة حذيفة الثاني، ثم خَلَفَ بن حذيفة ثم عساف بن سعد بن جزا، ومن أنجاله محمد علي (اسم مركَّب) ابن عساف ثم عباس بن عساف وحاليًّا خالد بن محمد علي.
وفى الأحامدة بيوت أخرى معروفة منها:
- ابن مطلق من الصخارنة.
- ابن فهد من الفضّلة، واشتهر منهم فيصل بن أحمد وسلطان بن سيف. وكان بيرق الأحامدة من أول البيارق عند حرب عامة في عهد الغزو والحروب مع القبائل والسلاطين من حماة قوافل الحجيج. وكان للأحامدة وشيوخهم مرتبات من الدول العثمانية والحكومة المصرية تصل إليهم في كل عام للمحافظة على الحجيج وحمايتهم من معرة هجمات الأعراب، والأحامدة من ضمن أقوى قبائل حرب كافة وأشدهم بأسًا حيث برزوا واشتهروا في سجلات التاريخ ودوّن لهم الرحالة وعسكر العثمانيين
(1)
ورجالاتهم على مدى قرون عدة.
وكما من الأحامدة الآن أهل العلم والأساتذة من رجال الأعمال وقد تحضر منهم أناس كثيرون وسكنوا في العهد الحالي المدينة المنورة وبعضهم في مكة المكرمة وجدة، وأغلب أبنائهم في وظائف حكومية، وكذلك منهم نسبة لا بأس بها في الجيش السعودي.
ويقال إن في زمن الحكم العثماني استشارت قبيلة جُهينة قبيلة حرب في نزع السكة الحديدية المقامة في الحجاز من قبل الأتراك العثمانيين وأرسلت جُهينة ورقة مدوّنا بها قصيدة وتحتها توقيع أختام اثنى عشر شيخًا من شيوخ جُهينة في الحجاز، ومطلع القصيدة:
(1)
أكد الرواة أن الأحامدة وإخوتهم ولد محمد والتراجمة قد اشتركوا في مواجهة عسكر العثمانيين تحت بيرق واحد لونه أحمر وهو علم بني سُليم المشهور قديمًا.
يا ربعنا يا حرب نبغا الرأي منكم
…
سلك البابور مدَّ والقناصل تتليه
الفعل منكم وفتل الرأي منكم
…
ولا بد من يوم يشيب الورع
(1)
فيه
فرد عليهم الأحمدي نيابة عن حرب:
حييت يا لحدّاي ما ننسى جهنكم
(2)
…
الساس يبني والبناء ينقاد فيه
حِنّا من عندنا وأنتم من يمكم
…
الصبح لازم إنَّا نشب النار فيه
وفي روايات كبار السن أنه قامت منازعات بين الأحامدة والحوازم وأدت إلى قتال بينهما
(3)
. وقد أثار محمد علي باشا القبائل الخارجة عن طاعته في بعضها البعض، ففي عام 1250 هـ تقريبًا استفزع الحوازم بالبلادية من بني عمرو وهم جذم آخر خلاف الذي ينتمون إليه مع الأحامدة، وقام الحوازم مع البلادية
(4)
بقطع سيقان شجر السمر لكي يحفروا بها مهاريس ومدقات لملح البارود، فاستفزع الأحامدة بأشقائهم التراجمة من الصواعد من عوف.
فقال الأحمدي:
الترجمي والأحمدي يا عز راسي
…
شيالة البيرق وبيرقًا لهم عزومي
كم ربعوا من راس بالقالات قاسي
…
دون اللوازم عندهم طش اللحومي
قلت: ريعوا القالات أي حلّوا الطلايب ومشاكل البوادي، وهذا وسام على صدرهم.
ولما علم الحوازم بقدوم التراجمة قال شاعرهم:
الترجمي والأحمدي جونا نزيَّة
…
ما ندري هم من أيّات البدودِ
وأخوهم المحمدي راعي المطيَّه
…
حنّا ذرا البيت وأن لموا الجرودِ
(1)
الورع: الطفل.
(2)
جهنكم: أمركم وشأنكم.
(3)
رغم أن كليهما في جذم واحد من حرب وهو بني سالم.
(4)
ذكر ذلك البلادي في كتابه (نسب حرب) وسرد عن هذه الواقعة.
قلت: وهنا في قول الحازمي يُعرّض بأصل التراجمة والأحامدة ويتساءل بقوله ما ندري من أي البدود (لأي القبائل) برجع أصلهم؟ ولا شك أنه معروف له ولغيره من الحروب، ولكن التجاهل هنا مقصده أنهم ليسوا من أصل حرب اليمانية الذي هو من أرومتها.
وكذلك اعترافه بإخوة المحاميد (بني محمد) للتراجمة والأحامدة يدل على أنه يعرف الأصول ويتجاهل ذلك عمدًا في قصيدته من شدة الغبن منهم.
ثم في البيت الثاني يقول على نفسه قاصدًا جماعته الحوازم أنه هو أصل حرب بقوله حِنّا ذرا البيت، ثم يكمل مؤكدًا ذلك وإن جمعوا الأحامدة جموعهم فلا يؤثر فيهم لأنهم هم الأصل في حرب وأهل البيت فيهم.
فأجابه الصميدي من الأحامدة قائلًا:
حِنّا من السُلمان ما حنا نزيَّه
…
نصلِّب على قبرك بنيران الوقود
الترجمي والأحمدي رجال الحميّه
…
واسط يقل البيت أما انته عمود
وهنا اعتراف صريح بأن أصله معروف من السُّلمان
(1)
أي من سُليم ويقول البدو في جمعها السُّلمان والصحيح من السُّلَميين واقتضى الشعر النبطي أن يقول ذلك لأن هذا هو الدارج في لهجة أبناء البادية.
وقوله ما حنّا نزيَّه أي لسنا نازلين على الحوازم ولا لهم فضل سابق على الأحامدة من تاريخ الجدود الأوائل.
وبعد هذه التطورات تدخل شيوخ بني سالم وغيرهم من شيوخ حرب وحُلّ النزاع القائم وتم الصلح، والحمد لله لم يحدث سوء وعادت المياه إلى مجاريها والتآلف إلى ما كان عليه وأحسن.
(1)
ومثل قول شاعر في الأحامدة:
يا ناشدًا عنا من السُلمان
…
واليوم نعتزي بالحربيه
ديار الأحامدة في المملكة العربية السعودية:
من أهم ديار الأحامدة الفقرة
(1)
ويقال كناية عن أم الفقراء لكثرة العسل بها والنخيل في أوديتها ومأوى لكل مضيوم.
وكذلك من ديارهم طاشا، وأرحقان، والسديرة، وصورة، وصويرة، ومنهم من يسكن نجد من الرواشدة من الصخارنة في قريتي كحلة وكحيلة.
وعن الفقرة أهم ديارهم فهي منطقة جبلية تبعد عن المدينة غربًا حوالي 80 كم وتتصل بجبال الأجرد لجهينة وهي جهة الشمال الغربي من المدينة ومنتزه عام لسكان المدينة حاليًّا.
أما الوسم على الإبل: فبعض الأحامدة ياسم الشاهد والخطيم والبعض الشاهد والعرقاة، وكذلك الحليقة على الغنم، وبعض الفخوذ تاسم الصليب.
أما بيرق الأحامدة فلونه أحمر مثل أبناء رعاية الآخرين من التراجمة والمحاميد. وهذا العلم موجود لدى بني سُليم فراياتهم من عهد الجاهلية لونها أحمر، وكذلك عن الوسم فنرى أن وسم الضباعين من ولد علا من بني سُليم هو الشاهد والخطيم أيضًا.
بطون الأحامدة:
يقال إن لدى المورعي عند قدوم الأحمدي له ابنتان إحداهما بكر والأخرى ثيب، ومعها ابن لها، فأخذ أحمد البنت البكر وتزوج أخوه محمد الثيب، فمن الأحامدة البطون التالية:
1 -
الصخارنة: والنسب إليهم الصخري ومنهم:
أ - ذوي سعد وفروعهم: المراودة، وذوي سرور، وذوي رشيد، وذوي علي، والشرمان، والشاربي.
ب - ذوي عامر ومنهم ذوي عامر الثاني، والجريدات.
(1)
الفقرة: من ضمن جبال الأشعر جبال يقال لها الفقار وربما الفقرة من تلك المسميات.
2 -
الصميدات ومن فروعهم: ذوي مبارك، وذوي جابر، وذوي شلوان.
3 -
ولد علي ومن فروعهم:
أ - الذكيري (العلوي الحسيني) ومنهم فروع: ذوى نجم، وذوى هدية، وذوي محمد، وذوي دخيل، وذوي سلامة، والمضحوي، والمعيطي، والحمودي.
ب - الفضيلي ومن فروعهم: ذوي زيد، وذوي فهد، والحساني، والباحثي والشظاظي وديارهم الفقرة.
4 -
الفضلة ومنهم الذكرة والفضلة والضمارنة.
5 -
الموارعة: وهم أصل المورعي الذي تقدم ذكره، ومن فروعهم الهقشة، والبدنة، والثوامرة، والمحيا، والنشوان، وذوي مبيريك، والنفعة.
وهذه الفروع التي عرفناها وتوجد فروع أخرى عديدة لم تذكر لأن الأحامدة تفرعاتها غزيرة وكذلك معهم أحلاف كثيرة من قبائل العرب.
ومن الأحامدة النازحين مع القبائل نذكر:
- مع عروة من جهينة جماعة وكذلك يقال المشاعلة من جهينة من الأحامدة.
- مع قبيلة الحوازم من حرب خصلة يقال لهم الأحامدة بنفس الاسم.
- مع قبيلة عنزة فرع يقال له البديوي قيل إنهم من الأحامدة ومنهم أيضًا أناسا مع جُهينة.
- ومنهم الحجيري من أهل حجر.
- وفي قليوب البلد بمصر من الصخارنة الأحامدة عائلة الشواربية المشهورة ورحلتهم من الحجاز إلى الديار المصرية كانت في عهد سلاطين المماليك وكان لهم دور مع الحملة الفرنسية على مصر
(1)
(1)
كما ذكر الجبرتي في تاريخه أن نابليون شنق الشخ سليمان الشواربي في قليوب لتحريض الفلاحين ضد الفرنسيين في قليوب.
من الأحامدة أكثر من مائة رجل محالفين قبيلة المجالي في الأردن وهم أبناء راشد من الصوادرة الحمودي من ولد علي.
ومن الأحامدة من سلالة عامر بن جويبر في حجازة بقنا في صعيد مصر كبيرهم أبو القاسم، وهم مجاورون نجع التراجمة هنالك، والتراجمة إخوتهم من رعاية السلمي.
ويكنى الأحمدي (بصاحب العزوة) أي من اعتزى بهم قديمًا وإن كان ليس من لحمتهم لا يُضام من الأعداء أبدًا.
قصة عن الأحامدة:
ولأحد فرسان الأحامدة قصة طويلة نختصرها هنا لأنها تظهر بطولة رائعة لهذا الفارس حيث ذهب يبحث عن غريمه وجاور أحد الشيوخ من البادية وتمنت بنت ذلك الشيخ أن تكون له حليلة لما وجدت به من شجاعة ونخوة، والقصة معروفة لدى معظم بادية الحجاز من حرب وغيرهم.
وهي تقول له:
جاك الهوى مني عشاقه من الراس
…
إن كان ما تبخل بروحك عليَّه
يا لاحق الدخان ياراد الأفراس
…
يا معتزي بالعزوة الأحمديَّه
فقال لها الأحمدي:
مالي هوى يا بو خديد كما الماس
…
ما للي هوى كون تسوم روحك عليَّه
روحك علي راضه وروحي علي ياس
…
طراد لزمه للربوع النقيَّه
وعينك تسرق الكحل بقياس
…
وعيني دايم للجريس
(1)
مناظريَّه
وعينك تسرق النوم بسياس
…
وما يلج النوم بعيني إلا بليَّه
(1)
الجريس: غريمه أو خصمه.
من شعر الأحامدة
انشد الحادي الأحمدي من سكان سويقة قائلًا:
انشدك يا عيد عن عوهًا يجن من الخلا
…
يمسن حيل ويصبحن عشار
يتاعيلهن اللي ما درا وين حدهن
…
يورنه باليمن وهن يسار
حبال الخطاء ما تورد الروى
…
تمنيك بالجمة وهن قصار
لا بد حمل الهيل للكيل راجح
…
ولا دون مخلاص العميل عذار
في عام 1268 هـ بنا الشريف عبد المطلب الملقَّب سيد الجميع قلاعا في الحمراء وعند بئر عباس وفي بدر، وأعدم في عهده عشرين رجلًا من حرب شنقا في العنبرية.
فقال الأحمدي:
قولوا لعبد المطلب سيد الجميع
…
ما همنا جمعه ولا جمع وراه
إن كان يبني للقلع حتى نطيع
…
حنا قلعنا الضلع بانيه الإله
وقال أحد جنود العثمانيين وهو من العرب:
عشرين لحية معلقة بالعنبرية
…
من حرب وكل المخاليق ترعيها
فرد عليه الأحمدي:
فعول حرب يا فتى ما هي غبية
…
ما هو اللي مطيته. . . . ويكريها
مشيخة الأحامدة في القرن الثالث عشر الهجري
(1)
بعد دخول القوات المصرية التركية للمدينة المنورة والقضاء على مشيخة ابن مضيان الظاهري من قبل قوات محمد علي باشا في أواخر سنة 1227 هـ، برز في قبيلة حرب مشيخات جديدة، وانتقلت زعامة قبائل بني سالم في الحجاز من قبائل المراوحة إلى قبائل ميمون وبالذات قبيلة الأحامدة.
(1)
عن كتاب مذكرات تاريخية للأستاذ/ فاير بن موسى البدراني الحربي ط 1417 هـ/ 1996 م الجزء الأول وهو من أهم الكتب الموثقة التي كتبت عن مشيخات وأعلام قبيلة حرب في العصر الحالي.
ويلاحظ من قراءة تاريخ العلاقة بين الدولة والقبائل بعد استيلاء قوات محمد علي باشا على الحجاز ونجد أن عساكر الدولة حَوَّلوا زعامة القبائل من المشيخة الواحدة إلى تعدد المشيخات، فقسموا القبيلة الواحدة إلى أكثر من مشيخة، ولم يكتفوا بذلك بل إنهم أوجدوا بين تلك المشيخات تنافسًا كبيرًا، واستغلوا ذلك التنافس للسيطرة على القبائل وإضعافها.
وسوف نلاحظ في هذا المبحث أن قبيلة الأحامدة وحدها في الحجاز خلال القرن الثالث عشر الهجري كان فيها ثلاث مشيخات، كل شيخ مستقل عن الآخر، وهي مشيخة ابن جزا في فرع الصميدات، وابن مطلق في فرع الصخارنة، وابن محمود في فرع الفضلة، وسوف نتناول في فصول هذا المبحث كل مشيخة على حدة بشيء من الاستعراض التاريخي الموثق.
ولعله من المناسب هنا أن نشير إلى ظهور مشيخة رابعة في قبيلة الأحامدة في آخر القرن الثالث عشر الهجري، وهي مشيخة ابن ناحل في نجد التي خصصنا لها بحثًا مستقلًّا في آخر هذا الكتاب.
مشيخة ابن جزا
آل جزا هم شيوخ الصميدات من قبيلة الأحامدة الميمونية السالمية، كما أوضحنا في المقدمة.
ويستفاد من المصادر التاريخية التي اطلعنا عليها أن أول من اشتهر في هذه الأسرة هو عامر بن جويبر من الصميدات من الأحامدة. فقد ورد في بعض مصادر تاريخ الحجاز أن ابن جويبر اشترك إلى جانب الشريف سرور في قتاله لأهل المدينة سنة 1194 هـ
(1)
.
كما أشار إليه المؤرخ ابن عبد السلام الدرعي المغربي في رحلته للحج سنة 1196، 1197 هـ. حيث نقل عنه الشيخ حمد الجاسر خبر الخلاف بين بعض قبائل حرب في وادي الصفراء وبين الحاج، إلا أن الشيخ حمد وقع في تصحيف
(1)
انظر عن تفاصيل لهذا الخبر كتاب: (فصول من تاريخ قبيلة حرب) لفايز البدراني الحربي، حوادث السنة المذكورة.
بسيط فطبع الاسم في مجلة العرب: عامر بن جويسر، ولكن الصحيح أنه عامر بن جويبر
(1)
.
وقد برز بعد ذلك كمنافس قوي للشيخ ابن مضيان الظاهري الذي كانت تجتمع عليه مشيخة بني سالم في الحجاز حتى نهاية القرن الثاني عشر الهجري وبداية القرن الثالث عشر.
ويبدو أن الشيخ عامر بن جويبر مؤسس هذه المشيخة التي عرفت فيما بعد بإمارة الشيخ ابن جزا، قد توفي في حدود سنة 1215 هـ.
جزا بن عامر بن جويبر:
ويعتبر المؤسس الحقيقي لإمارة ابن جزا حيث عرفت هذه المشيخة باسمه واشتهرت خلال القرن الثالث عشر الهجري وما بعده باسم ابن جزا.
وذلك أن الشيخ جزا بن عامر بن جويبر الصميدي الأحمدي الذي عاصر وصول قوات طوسون باشا إلى الحجاز كان ذا هوى شريفي مما مَهَّد لانضمامه إلى قوات طوسون باشا التي دخلت المدينة فبرز كزعيم غير مُوَالٍ للسعوديين في الدرعية، واستغل محمد علي وأتباعه هذا الجانب كما استغلوا التنافس القديم بين قبائل ميمون والمراوحة، فقربوا هذا الشيخ في الوقت الذي قضوا فيه على زعامة منافسه ابن مضيَّان الظاهري. ومع أن محافظ المدينة قد غدر بالشيخ جزا بن عامر وقتله بعد استيلاء المصريين على المدينة بسنتين. إلا أن أخاه وصل ومن بعده ابنه سعد بن جزا فاستطاعا أن يحتفظا بمكانتهما السياسية وأن يبرزا في رئاسة قبائل ميمون، وخاصة في عهد الشيخ سعد بن جزا الذي استطاع أن يثبِّت شهرة هذا البيت باسم والده جزا الأحمدي، فعرفت هذه المشيخة ابتداء من رئاسته باسم الشيخ ابن جزا.
وقد خلف الشيخ جزا بن عامر والده في موالاة أشراف مكة ثم مالي إلى طوسون باشا بعد دخوله الحجاز وشارك إلى جانبه في حوادث الاستيلاء على
(1)
ملخص رحلتي ابن عبد السلام الدرعي، عرض وتلخيص الشيخ حمد الجاسر، منشورات دار الرفاعي، الطبعة الثانية 1403 هـ/ 1983 م، ص 55، ومجلة العرب س 20 ص 423.
المدينة سنة 1227 هـ، لكنه لم يذهب إلى مصر ويستنجد بمحمد علي باشا كما نقل البلادي عن رواية العَوَام من كبار السن
(1)
. وإنما انضم إلى قوات طوسون باشا أثناء حصارها للمدينة بعد استيلاء القوات المصرية على المنطقة بين ينبع والمدينة كما أوضحنا في المبحث السابق.
وبعد دخول قوات محمد علي باشا على المدينة واستيلائها على منطقة الحجاز لمع نجم الشيخ جزا بن عامر في ظل القضاء على مشيخة ابن مضيان في الحجاز كما أسلفنا. لكن قواد محمد علي باشا - وخاصة محافظ المدينة ديوان أفندي - أرادوا الحدَّ من القوة المتنامية لهذا الزعيم البدوي، واستعجل محافظ المدينة التخلص من هذا الشيخ أثر مشاجرة بينهما، فدبر مقتله في شهر شعبان سنة 1229 هـ (الموافق أغسطس 1814 م)
(2)
.
وصل بن عامر:
بعد مقتل جزا بن عامر ثارت قبائل حرب على محمد علي باشا وقواده في الحجاز، وقطعت الطريق بين ينبع والمدينة وهو طريق الإمدادات الرئيسي للقوات المصرية في الجزيرة العربية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الأحامدة ومن معهم من حرب صمموا على حصار المدينة مطالبين برأس محافظها ديوان أفندي. وهنا اضطر محمد علي باشا إلى التحرك لتسكين هذه الثورة. فأرسل ابنه طوسون من مكة إلى وادي الصفراء للتفاوض مع قبائل حرب، ونجح في تهدئة الفتنة والتوصل إلى هدنة مع القبائل، ساعده في ذلك وفاة محافظ المدينة أثناء التفاوض بين الطرفين، ويقال إن قتله كان مدبرًا، فجنحت القبائل إلى الصلح بعد أن تم دفع دية الشيخ جزا الأحمدي وفق ما طلبه شيوخ الأحامدة وعلى رأسهم أخوه الشيخ وصل بن عامر
(3)
.
لكن محمد علي قام بتعيين الشيخ زيد بن محمود الفضيلي في مشيخة قبيلة الأحامدة ومن يتبعها من قبائل حرب.
(1)
نسب حرب، للبلادي، مصدر سابق، ص 179.
(2)
انظر تفاصيل هذا الخبر في كتاب: (فصول من تاريخ قبيلة حرب) لفايز الحربي، حوادث سنة 1229 هـ.
(3)
انظر تفاصيل هذا الخبر في كتاب: (فصول من تاريخ قبيلة حرب) لفايز الحربي. نقلًا عن: (كتاب: مواد لتاريخ الوهابيين للرحالة جوهان بوركهات، ترجمة د. عبد الله بن صالح العثيمين، جامعة الملك سعود، الطبعة الأولى، ص 160 وما بعدها .. وانظر كتاب: محمد علي وشبه الجزيرة، تأليف د. عبد الرحيم عبد الرحيم ج 1 ص 327/ 328).
واتسمت فترة رئاسة الشيخ زيد بن محمود الفضيلي بالتذبذب مع قواد محمد علي باشا، حيث كانت تتحسن حينًا وتسوء حينًا آخر بسبب سوء تعامل أولئك القواد مع العرب. وقد أدَّى هذا الوضع غير المستقر إلى قيام محمد علي بعزل الشيخ زيد بن محمود وتعيين الشيح وصل بن عامر وذلك في منتصف سنة 1236 هـ، فأعاد المشيخة في الصميدات.
ففي 25 جمادى الثانية سنة 1236 هـ أرسل محمد علي خطابًا إلى الشيخ وصل الأحمدي يبلغه فيه بأنه قد تم تعيينه شيخ مشايخ الجديّدة ووادي الصفراء وذلك بناء على عدم لياقة الشيخ زيد واستمرار عصيانه وكذلك بناء على ما رفعه عدد من أعيان وشيوخ حرب في تلك المنطقة عن رغبتهم في ذلك الإجراء. وهؤلاء الشيوخ هم:
1 -
فوَّاز بن حصاني من قبيلة صبح.
2 -
عبد الواحد بن عاطف من قبيلة صبح.
3 -
سلامة الطيير من قبيلة صبح.
4 -
دخيل بن بكري من قبيلة صبح.
5 -
إبراهيم بن سليمان من قبيلة الحوازم.
6 -
ثلاب بن نصار من قبيلة الحوازم.
7 -
سليمان القرف من قبيلة الحوازم.
8 -
عوض بن نويفع من قبيلة الحوازم.
9 -
مبرك بن راجح من بني عمرو؟
10 -
حمدان اللبين من بني عمرو؟
11 -
محسن بن مطلق من قبيلة الأحامدة.
12 -
بنية؟ الشاربي من قبيلة الأحامدة.
13 -
عايق؟ بن سعيدان من قبيلة الأحامدة.
14 -
مفرّج بن جار الله من قبيلة الأحامدة.
حيث رفع الشيوخ المشار إليهم التماسًا إلى محافظ المدينة أحمد أغا بهذا الخصوص كما يقول محمد علي في خطابه الموجه إلى الشيخ وصل والذي جاء فيه:
(فبناء على إنهاء أحمد أغا واستدعاء الشيوخ المذكورين، قد انعطف توجهنا إليك وقبلنا رجاء المذكورين والتجاءهم ونصبناك شيخًا على قبيلة حرب، فيوصل مرسومنا هذا إليك ولاطلاعك على مضمونه، فتوجه لطرف الوكيل المومى إليه بالمدينة المنورة تلبس خلعتك وبموجب ما يوصيك وينبّه عليك المرقوم تعمل وتكون دائمًا مطيعًا إليه ومنقادًا إلى رأيه بكل وجه، وتبذل جهدك ووجودك بإجراء الصداقة بتأدية الخدمات المرضيَّة لدينا وتصرف كل إمكانك وغيرتك باستحصال وسائل أسباب أمن حجاج المسلمين وسلامة أبناء السبيل؛ لتكون دائمًا مشكور المساعي عندنا وتنال من طرفنا مزايا رضانا، اعلم بذلك واعتمد وتحاشا أمر مخالفته والسلام)
(1)
.
ومما يجب التنبيه إليه أن الوثيقة السابقة تسمى الشيخ المذكور وصل بن سليمان، مع أن المشهور وصل بن عامر، وهذا في نظري يحتمل أمرين لا ثالث لهما:
1 -
أن محمد علي أو كاتبه قد أخطأ في اسم وصل بن عامر وهذا وارد جدًّا لأن الزعماء الأتراك بعيدون عن معرفة القبائل العربية وأسماء شيوخها، ومثل هذا الخطأ له شواهد كثيرة في الوثائق التركية التي اطلعت عليها حيث ورد اسم شيخ الجديّدة مرة واصل بن سليمان ومرة واصل بن غانم ومرة واصل بن عامر.
2 -
أن هناك شيخًا آخر اسمه وصل بن سليمان من الأحامدة، وهذا احتمال ضعيف جدًّا في نظري لأن وثائق قبيلة حرب ورواتها وكذلك الوثائق التركية لا تؤكد هذا الاحتمال، بل تؤكد عكسه، حيث تنص وثيقة أخرى من محمد علي إلى وكيل محافظ المدينة مؤرخة في 11/ 6/ 1236 هـ، بأن الأمير حسن بك قد قام بتعيين الشيخ وصل أخي الشيخ جزا المتوفى وألبسه الخلعة
(2)
.
(1)
دار الوثائق القومية - القاهرة - مكاتبة عربية، نمرة 150 دفتر معية تركي رقم 7، بتاريخ 25 جمادى الثانية سنة 1236 هـ، (ص/ مكتبة الملك فهد الوطنية).
(2)
دار الوثائق القومية - القاهرة - وثيقة رقم 147، دفتر معية تركي، من محمد علي باشا إلى وكيل محافظ المدينة، بتاريخ 11/ 6/ 1236 هـ.
وقد ورد اسم الشيخ وصل بن عامر في عدد كبير من وثائق محمد علي باشا منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
- وثيقة مؤرخة في 26/ 6/ 1236 هـ، وهي عبارة عن خطاب من محمد علي باشا إلى أحمد أغا وكيل محافظ المدينة
(1)
.
- وثيقة مؤرخة في 17/ 5/ 1237 هـ، وهي عبارة عن خطاب مرسل من الدولة إلى وصل بن عامر، ومضمونها تأكيد صداقته وشكره لما رفعه حول تحالف ابن مضيان مع بعض قبائل مسروح وخروجهم على الدولة
(2)
.
- وثيقة مؤرخة في 20/ 10/ 1237 هـ، عبارة عن خطاب مرسل من الجناب العالي إلى الشيخ وصل رئيس عربان حرب، إلا أنه ينبغي التنبيه إلى أن الكاتب سماه الشيخ وصل بن مضيان، وهذا خطأ كتابي، كما يتضح من قراءة الوثيقة
(3)
.
- وثيقة مؤرخة في 25/ 11/ 1242 هـ، عبارة عن خطاب مرسل من الجناب العالي.
- وثيقة مؤرخة في 25/ 1/ 1243 هـ، عبارة عن خطاب مرسل من الجناب العالي إلى محافظ المدينة، بشأن الموضوع السابق
(4)
.
- وثيقة مؤرخة في 24/ 10/ 1245 هـ، وهي معاهدة بين قبائل ميمون من بني سالم وبني محمود من قبائل بني عمرو أهل وادي الفرع
(5)
.
وهذه الوثيقة ممهورة بختم الشيخ وصل بن عامر، وهذا نص الختم:(الواثق بالله العزيز وصل بن عامر).
والهدف من استعراض الوثائق السابقة هو تحديد فترة مشيخة وصل بن عامر تحديدًا يقوم على الوثائق التاريخية لا على تخرصات العوام.
(1)
دار الوثائق القومية - القاهرة - دفتر 7 معية تركي، وثيقة 154، في 26 جمادى الآخر 1236 هـ.
(2)
دار الوثائق القومية - القاهرة - دفتر 10 معية تركي، وثيقة 138، بتاريخ 17/ 5/ 1237 هـ.
(3)
دار الوثائق القومية - القاهرة - دفتر 10 معية تركي، وثيقة 311، بتاريخ 20 شوال، سنة 1237 هـ.
(4)
دار الوثائق القومية - القاهرة - دفتر 2 عابدين، وثيقة 263، بتاريخ 25/ 1/ 1243 هـ.
(5)
وثائق تاريخية من قبيلة حرب، وثيقة مؤرخة في 24/ 10/ 1245 هـ.
ويفيد تقرير مؤرخ في 27/ 1/ 1249 هـ أن الشيخ وصل بن عامر قد ثار على دولة محمد علي التي عَيَّنَت ابن أخيه سعد بن جزا بمنصب شيخ مشايخ حرب.
غير أن الدولة سرعان ما اختلفت مع الشيخ سعد بن جزا، مما أدى إلى تدهور الأوضاع واستمرار الشيخ سعد في ثورته حتى سنة 1256 هـ، كما سيمر معنا.
ويظهر من سياق الأخبار التاريخية الموثقة لقبيلة الأحامدة أن الشيخ توفي في حدود سنة 1250 هـ، وبفيد أحفاده أن أتباع محمد علي دبَّروا مقتله.
الشيخ سعد بن جزا:
وهذا الشيخ هو الذي اشتهر باسم ابن جزا، وكثير من العوام إلى عصرنا هذا ينسبون إليه القصص التاريخية، فيقول: فعل ابن جزا،. . . وهم لا يعرفون اسمه، ولا يدركون تاريخ شيخته، وإنما ينسبون إليه ذلك بسبب شهرته!
ويبدو من الوثائق التاريخية أن سعد بن جزا خلف عَمَّه وصل بن عامر في مشيخة الصميدات بترتيب من محمد علي باشا، لكنه ما لبث أن صار له شهرة كبيرة في قبيلة الأحامدة خصوصًا وقبائل ميمون عمومًا، فأصبح أكبر شيوخ ميمون ولكن مع بقاء الشيوخ الآخرين في مكانتهم في قبائلهم وديارهم، وذلك أن سياسة محمد علي باشا كانت تقوم على تعدد المشيخات لإضعافها عن طريق زرع الخلافات والدسائس بينها!
وقد مكث الشيخ سعد بن جزا فترة قياسية طويلة في المشيخة تمتد إلى أكثر من أربعين عامًا مما جعل تاريخه حافلًا وذكره بارزًا في تاريخ قبائل حرب في الحجاز، وأدى إلى شهرته وشيوع صيته.
وقد نشر مؤلف كتاب: (وثائق الدولة السعودية الأولى في عصر محمد علي، ترجمة الخطاب المرفوع من سعد بن جزا إلى محمد علي في 27/ 1/ 1249 هـ (16/ 6/ 1833)، لكن المؤلف وهو د. عبد الرحيم عبد الرحيم وقع في أخطاء كبيرة لعدم معرفته بشيوخ القبائل العربية، ومن تلك الأخطاء على سبيل المثال ما يلي:
1 -
أنه سَمَّى الشيخ سعد بن جزا: سعد بن مُرَّة! وذلك نتيجة لتصحيف الاسم الأخير الذي يكتبه قواد محمد علي هكذا: جزة، مما أوقع الكاتب في هذا الخطأ الفادح. رغم أن قراءة الخطاب نفسه تفيد بأن المقصود سعد بن جزا، لأنه أشار في الخطاب إلى كثير من أقاربه مثل عمه: وصل بن عامر وأخيه بخيت بن جزا.
2 -
أنه سَمَّى الشيخ عطية بن رومي: عطية بن درمي! مع أنه أشار إلى ما يفيد بأن المقصود الشيخ عطية بن رومي شيخ زبيد أهل رابغ وأهل خليص، الذي اشتهرت مشيخته في تلك الفترة كما أشرنا في المبحث الأول من هذا الكتاب
(1)
.
ونقتطف من ترجمة الخطاب المذكور ما يلي:
(من: سعد بن جزا شيخ مشايخ حرب إلى ولي النعم. . . . . وهو أنه يوم نزل الحج الشريف في بدر وحنين لاقيناه بالخدمة والصدق والصداقة، وحضروا جميع العربان أهل الصرَّة المعتادة. وكل أخذ حقه بالعادة والقانون، وللمشيخة المذكورة ماية ريال، وثمانية ريال، بالطلعة عند التوجه إلى مكة المشرفة، وخمسين ريال بالرجعة عند الحضور إلى المدينة المنورة، والمبلغ المرقوم معتادة لشيخ مشايخ حرب، ويوم صار الاستلام بموجب المقيد بالدفتر ببدر وحنين حضر مفرج ابن أخي الشيخ وصل بن عامر، بطلب الماية وثمانية ريال، حقة المشيخة، يقول: هذه لعمّي وصل بن عامر، ما هي للمشيخة، وإن كان ما سُلَّمنيها أمين الصُرّة أعمل على الحج فتنة، بحال الزور والتعدي، ليس هي بالحق. ونظرنا في أمر المصلحة للحج ففهمنا أن الفتنة لا تمكن في وجه الحجاج، وسلمنا المبلغ المرقوم إلى ابن أخي الشيخ وصل المذكور، ورَدَّيناه لا يتعرض للحجاج، وكل ذلك لأجل راحة الحج. . .، وبعده توجه الحج إلى مكة المشرفة بالسلامة، ومعه أخي بخيت بن جزه تحت المحمل بالخدمة، وكتبنا معه مكتوب إلى الشريف محمد بن عون بجميع ما صار من الفساد، من الشيخ وصل بن عامر، وبعده توجهنا إلى الجديَّدة بصرَّة عربان الأحامدة لأجل عادتها القديمة، يستلمها شيخ المشايخ ويفرِّقها عليهم
(1)
من وثائق الدولة السعودية الأولى في عصر محمد علي، تأليف: د. عبد الرحيم عبد الرحيم، الطبعة الأولى 1403 هـ - 1983 م، المجلد الأول، ص 191.
في الجديّدة، ويوم حضرنا الجديّدة لقينا الشيخ وصل رابط مع عربان الأحامدة المذكورين، رابطة أنكم لا تأخذوا صرتَّكم إلا عن الريال المصري، ريال فرانسة، وعن جوخة التتمين؟ جوخة عين، وعن أردب المسيري أردب قمح بعينه وحصل لنا مع المذكورين غاية المشقة والتعب الكثير، وبعده استرضيناهم وأعطيناهم حقهم مع ضم زيادة من عندنا. . . وبعده توجهنا إلى المدينة المنورة وواجهنا الحاج سليمان آغا محافظ المدينة المنورة، وأخبرناه بجميع الفساد الذي صار من وصل بن عامر، ورجعنا إلى الجديّدة، فوجدنا وصل بن عامر، رابط مع عربان الأحامدة رابطة أخرى: أنكم اقعدوا بالجديّدة واعملوا على الحج فتنة عند رجوعه من مكة، وبعد يومين جانا مكتوب من عند الشريف محمد بن عون: أنكم لاقوا الحج في رابغ، أنت يا شيخ سعد والشيخ وصل ومشايخ حرب، فقلنا سمعًا وطاعة، أنا وجميع المشايخ، وأما الشيخ وصل، فقال: لا أخدم ولا أروح إلى رابغ، وأظهر العصيان، وبعد ثمانية أيام، جانا الشريف حسين والشيخ عطية بن رومي ومعهم كسوة إلى الشيخ وصل من عند الشريف محمد المرقوم، فيوم حضورهم لنا حضر لنا الفرمان التوج بالختم الكريم، فقريناه على الشريف حسين والشيخ عطية المذكورين، فقالوا: سمعًا وطاعة لأمر أفندينا، ولكن أرسلنا الشريف محمد بحيلة على الشيخ وصل، لأجل سلوك طريق الحج، وحال أعطوه الكسوة توجهوا إلى مكة، وبعده جمعنا جميع مشايخ العربان، وقرينا عليهم الفرمان الكريم، فقالوا: سمعًا وطاعة، وأما وصل بن عامر ومفرِّج، عصوا ولم يحضروا لقراءة الفرمان، وبعده حال الحج من مكة، قابلناه في بدر وحنين، وحضرنا صحبته إلى الجديّدة، وحال نزوله في الجديّدة جاء وصل بن عامر، وأخذ الخمسين ريال المذكورة أعلاه، وكذلك مفرج أخذ كسوه وثلاثين ريال، وكذلك وصل أخذ ثمانية ريال باسم عودة، وأخذ جوخة باسم فواز، وجوخة باسم محمود، وكل ذلك ترتيب جديد، بيد التعدّي ليس هو الحق، وصبرنا على جميع ذلك لأجل قلّة الفتنة في وجه الحج الشريف، وتوجهنا صحبة الحج إلى المدينة المنورة وأخبرنا سليمان آغا بجميع ما صار من الفساد من وصل ومن مفرِّج، وبعد الزيارة بكم يوم توجه الحج من المدينة، وتوجهنا بصحبته وعَدَّيناه من الجديّدة بالسلامة. . . إلخ).
أقول: ويظهر أن العلاقة الطيبة لم تدم طويلًا بين الشيخ سعد بن جزا ودولة محمد علي، حيث يستفاد من الوثائق التاريخية أن الدولة اختلفت مع الشيخ الشاب سعد بن جزا الذي كان له طموحاته وتطلعاته التي لم تعجب السلطة في الحجاز، فقامت بخلعه.
ولكن يبدو أن الدولة لم تبادر إلى تعيين شيخ آخر مكانه في البداية معتقدة أنه يمكن تسيير أمور منطقة الجديَّدة ووادي الصفراء عن طريق مرابطة قوات عسكرية ضخمة فيها، غير أن هذا الإجراء لم ينجح، فقامت الدولة بإعادة تعيين الشيخ زيد بن محمود الفضيلي الأحمدي في مشيخة عربان الجديَّدة وذلك في أول سنة 1253 هـ
(1)
. كما سيأتي الكلام عن الشيخ ابن محمود في الفصل التالي.
لكن الشيخ سعد بن جزا لم يستسلم لهذا الإجراء، فقام بثورات عارمة ضد محمد علي وقواته، حسب ما تورده التقارير التركية خلال تلك الفترة. ومن ذلك ما أورده تقرير مرفوع من خورشيد باشا إلى محمد علي في شهر ربيع الأول سنة 1253 هـ، جاء فيه: أن الشيخ سعد لا يزال متمردًا على الدولة، وأنه يهدد بقطع طريق وادي الصفراء، وقد انضم إليه بعض كبار الأحامدة ومنهم أخوه بخيت بن جزا وابن عمهما عامر بن وصل ومن معهما من الأحامدة.
كما يفيد التقرير أيضًا أن الشيخ سعدًا لجأ إلى بعض قبائل مسروح فتضامنوا معه وثاروا على محمد علي، وهم بنو عمرو وزبيد واللهبة من عوف، وقاموا بشن بعض الغارات على المناطق الخاضعة لقواد محمد علي وهدَّدوا طريق امداداته بين ينبع والمدينة ومكة والمدينة واشتبكوا مع القوات التركية المصرية في عدة معارك عنيفة
(2)
.
واستمرارًا لتلك الثورة، فقد استطاع سعد بن جزا أن يوَجِّه لقوات محمد علي ضربة عنيفة في مطلع سنة 1254 هـ وذلك بقيامه بتنفيذ تهديده بقتل أكبر
(1)
دار الوثائق القومية - القاهرة - محفظة 261 عابدين، ترجمة مرفق الوثيقة رقم 363، تقرير من خورشيد باشا إلى ولي النعم، بتاريخ 29/ 7/ 1253 هـ، ص 2 من الترجمة، (ص/ مكتبة الملك فهد الوطنية، فيلم 2).
(2)
دار الوثائق القومية - القاهرة - وثيقة رقم 134 حمراء، محفظة 62، عابدين بتاريخ 18/ 3/ 1253 هـ. (ص/ مكتبة الملك فهد الوطنية، فيلم 2).
قواد محمد علي بمنطقة الحجاز وهو اللواء عثمان بك أمير اللواء الموَجَّه للمرابطة في مضيق الجديّدة ومحاربة الشيخ سعد بن جزا وأتباعه من حرب
(1)
وقد حاول قادة محمد علي إضعاف ثورة سعد بن جزا عن طريق ضرب قبائل حرب ببعضها البعض، وكان من نتيجة ذلك إيقاع الخلاف بين ميمون والمراوحة، فوقع عدة مقاتلات بين الأحامدة ومن معهم من ميمون وبين الحوازم ومن معهم من المراوحة كالظواهرة وغيرهم، وذلك في منتصف سنة 1254 هـ. وهنا استنجد الشيخ سعد بن جزا بقبائل مسروح كما حاول إثارة جهينة ضد الدولة، مما اضطر محافظ المدينة وقادة محمد علي إلى محاولة تسكين الفتنة مرة أخرى
(2)
.
ومع ذلك فقد استمرت ثورة سعد بن جزا واستمر الخلاف بين الحوازم والأحامدة حتى بداية سنة 1256 هـ. وقد تخلل تلك الفترة عدة حوادث دامية بين الأحامدة ومن معهم من حرب وبين الحوازم ومعهم الدولة، فدمَّرت قرى الطرفين وحرِّقت نخيلهم عدة مرات خلال الفترة من سنة 1253 هـ إلى 1256 هـ، كما راح منهم أعداد هائلة ضحية لتلك الأوضاع المضطربة. ومع ذلك فقد صمد الشيخ سعد بن جزا وحارب قوات محمد علي ببسالة، ولم يتم إنهاء ثورته إلَّا بالتفاوض على يد الشريف محمد بن عون الذي قاد بنفسه قوات ضخمة لقتال الأحامدة، وذلك في مطلع سنة 1256 هـ، لكنه لما رأى صعوبة إخضاع تلك القبيلة بالقوة وصعوبة إلحاق الهزيمة بالشيخ سعد المتحصن في جبل الفقرة الحصين، سعى إلى إنهاء ثورتهم عن طريق المصالحة والمهادنة.
وبعد التفاوض والاتفاق على شروط وقف القتال تمكن الشريف محمد بن عون من دخول جبل الفقرة بمرافقة بعض شيوخ الأحامدة، وتم إنهاء تمرد الشيخ
(1)
انظر تفاصيل هذا الخبر في كتاب: (فصول من تاريخ قبيلة حرب) لفايز الحربي.
(2)
انظر تفصيل هذه الأخبار في كتاب: (فصول من تاريخ قبيلة حرب) لفايز الحربي، وانظر: [دار الوثائق القومية - القاهرة - محفظة رقم 263 عابدين، وثيقة رقم 35 أصلي/ 65 حمراء، من محافظ المدينة إلى خورشيد باشا، بتاريخ 3/ 5/ 1254 هـ، وكذلك الوثيقة رقم 98 حمراء، محفظة 263 عابدين، خطاب من محافظ المدينة إلى خورشيد باشا، بتاريخ 9/ 5/ 1254 هـ (ص/ مكتبة الملك فهد الوطنية، فيلم 2).
سعد بن جزا عن طريق إعادته إلى منصبه وإبقاء شيوخ الأحامدة الآخرين في مناصبهم
(1)
.
وبعد ذلك سكنت الأمور بعض الشيء واستقرت مشيخة سعد بن جزا وامتدت حتى سنة 1280 هـ تقريبًا، رغم ما تخللها من بعض الخلافات أحيانًا مع أشراف مكة. وقد أتاح هذا الوضع لمشيخة سعد بن جزا أن تتسع وتشتهر في قبائل حرب، حتى صارت أكبر مشيخات حرب تقريبًا عند وفاته.
وللاستفادة من الوثائق التاريخية في تحديد فترة رئاسة الشيخ سعد فإنه يمكن استعراض أهم الوثائق التي لها علاقة بهذا الشيخ ومشيخته خلال فترة رئاسته، ومنها على سبيل المثال ما يلي:
1 -
الوثيقة المؤرخة في 24/ 10/ 1245 هـ التي سبق الإشارة إليها وهي الحلف بين قبائل ميمون من بني سالم وبني محمود من بني عمرو من مسروح، حيث ورد فيها ما يفيد أن سعد بن جزا كان من كبار الأحامدة في ذلك الوقت ولكنه لم يكن شيخًا بعد.
2 -
الخطاب المؤرخ في 27/ 1/ 1249 هـ، المرفوع من سعد بن جزا إلى محمد علي.
3 -
الوثيقة المؤرخة في 28/ 4/ 1253 هـ، وهي البرقية المرفوعة من خورشيد باشا إلى وزير داخلية مصر، للإخبار بأن سعد بن جزا شيخ عربان بني سالم سابقا ينوي قطع خط الرجعة على خورشيد باشا إذا ما انسحب من المنطقة! وأن مواجهته تحتاج إلى إرسال زهاء ثمانمائة من عساكر العرب إضافة إلى القوة الموجودة.
4 -
الخطاب المرفوع إلى خورشيد باشا في 22/ 5/ 1253 هـ والذي ورد فيه الإفادة بهروب سعد بن جزا وقيامه بالطواف بين القبائل وتحريضها، وضرورة إعطائه الأمان أو إسكاته بأية طريقة!
(1)
انظر تفصيل هذه الأخبار في كتاب: (فصول من تاريخ قبيلة حرب) لفايز البدراني الحربي.
5 -
الخطاب العربي المرفوع من مفرِّج بن جار الله الأحمدي إلى محافظ المدينة، بتاريخ 15/ 5/ 1254 هـ، وفيه يفيد أنه قابل كلًّا من الشيخ سعد بن جزا والشيخ عبد الله بن محسن بن مطلق وحاول إقناعهما بالتخلِّي عن عصيانهما للدولة ولكنه فشل في ذلك وبالذات مع الشيخ سعد بن جزا لأنه يشترط دفع جميع مخصصاته التي توقف المحافظ عن دفعها!
6 -
التقرير المرفوع من سليم باشا مأمور مضيق الجديّدة إلى محمد علي بتاريخ 6/ 8/ 1254 هـ، ويفيد باستمرار ثورة سعد بن جزا وأخيه بخيت بن جزا ولجوئهما إلى جبلي رحقان والفقرة.
7 -
التقرير المرفوع من سليم باشا بتاريخ 3/ 9/ 1254 هـ إلى ولي النعم ونقتطف منه ما ترجمته: (غادرنا ينبع البحر في 24 شعبان سنة 54 ووصلنا المدينة في نهايته، ولما وصلنا إلى مضيق الجديَّدة جاءنا الشيخ عبد الله بن مطلق مع الشيخ مفرّج والشيخ بخيت أخو الشقي المدعو سعدًا من الأحامدة، فكلمونا ورافقونا إلى المدينة إلا الشقي الذي يقال له سعد، فهو لم يأتنا ولا قابلنا. . . إلخ).
8 -
التقرير المرفوع من الشريف محمد بن عون إلى محمد علي في 1/ 3/ 1256 هـ والذي يفيد فيه بانتهاء ثورة الشيخ سعد بن جزا، وبقائه على مشيخته.
9 -
مبايعة في بلاد الأحامدة مؤرخة في 26/ 2/ 1272 هـ.
10 -
وثيقة مؤرخة في سنة 1278 هـ وهي عبارة عن الاتفاق على حِمَى الفِقرة.
11 -
رسالة من الشيخ سعد بن جزا إلى الشريف في 23/ 9/ 1279 هـ.
وبعد هذا التاريخ لا يرد ذكر للشيخ سعد بن جزا في المكاتبات والمراسلات الرسمية، مما يوحي بأن فترة مشيخته لم تدم كثيرًا بعد هذا التاريخ، ومما يجعلنا نعتقد بأن وفاته كانت في حدود سنة 1280 هـ.
بخيت بن جزا:
من مشاهير أسرة آل جزا، وهو أخو الشيخ سعد بن جزا، وكان له دور سياسي كبير أثناء مشيخة أخيه سعد بن جزا، وخاصة أثناء ثورة سعد بن جزا على الدولة. وقد ورد ذكر بخيت بن جزا في عدد كبير من الوثائق التاريخية، منها على سبيل المثال:
- التقرير المرفوع من الشيخ سعد بن جزا إلى محمد علي باشا بتاريخ 27/ 1/ 1249 هـ، وقد ذكر فيه أن بخيت بن جزا رافق الحاج إلى مكة وحمل مكتوبًا إلى الشريف محمد بن عون في مكة.
- التقرير المرفوع من خورشيد باشا إلى ولي النعم بتاريخ 18/ 3/ 1254 هـ، وذكر فيه أن سعد بن جزا لا يزال ثائرًا على الدولة ومعه أخوه بخيت وابن عمهما عامر بن وصل.
- التقرير المرفوع من سليم باشا إلى ولي النعم بتاريخ 6/ 8/ 1254 هـ، وذكر فيه أن الشيخ سعد بن جزا وأخاه بخيتًا، قد خرجا عن الطاعة وتحصَّنَا في جبلي رحقان والفقرة.
- التقرير المرفوع من سليم باشا إلى ولي النعم بتاريخ 3/ 9/ 1254 هـ، وذكر فيه أنه قابل عددًا من شيوخ الأحامدة ومنهم عبد الله بن مطلق ومفرّح بن جار الله وبخيت أخو الشيخ سعد بن جزا.
- تقارير الشريف محمد بن عون حول محاربته للأحامدة سنة 1256 هـ.
وهكذا يتضح أن الشيخ بخيت بن جزا كان من أعيان قبيلته البارزين، وكان له دور هام في مساندة أخيه سعد بن جزا أثناء خلافه مع قوات محمد علي، مما أدَّى إلى صمود ثورته واستعادته للمشيخة فيما بعد.
حذيفة بن سعد بن جزا:
من مشاهير شيوخ هذه الأسرة، خَلَف والده في المشيخة، وعاصر إمارة عدد كبير من أشراف مكة مثل: الشريف عبد الله محمد بن عَوْن (1274 -
1294 هـ)، والشريف حسين بن عون (1294 - 1297 هـ)، والشريف عون الرفيق ابن محمد بن عون (1299 - 1323 هـ).
وتعرَّضت المشيخة في عهده إلى كثير من المشاكل بسبب إيقاف مصر لصرف مخصصات قبيلة الأحامدة بسبب تحويل الحج من البر إلى البحر لعدة سنوات، ومماطلة أمراء الحج في تسديد مخصصات عربان الطريق.
كما حدث كثير من المصادمات والحوادث الدامية بينه وبين بعض القبائل الأخرى، بسبب التنافس على السيطرة على طرق الحج، وكذلك بسبب تدخل أشراف مكة وأتابع الدولة في شئون القبائل في أحيان كثيرة.
ومع ذلك فقد اشتهرت المشيخة في عهده وصار له مكانة مرموقة لبس على مستوى قبيلة الأحامدة بل على مستوى منطقة الحجاز!
ويستفاد من الوثائق التاريخية أن الشيخ حذيفة نوفي في حدود سنة 1320 هـ أو بعدها بقليل، حيث لم أجد له ذكرًا في الوثائق التاريخية بعد هذا التاريخ!
مشيخة آل جزا بعد حذيفة:
حيث إن هذا البحث يختص في مشيخة آل جزا في القرن الثالث أي خلال الفترة من 1200 - 1300 هـ، فإننا لن نتحدث عن مشاهير أسرة آل جزا بعد سنة 1300 هـ؛ لأن ذلك يحتاج إلى بحث مستقل، ولكن يستفاد من الوثائق التاريخية ومن رواية بعض كبار السن من هذه الأسرة أنه بعد حذيفة، حصل بعض التنافس بين أبنائه على المشيخة وراد من ذلك تدخل الشريف عون الرفيق ومحافظ المدينة، فكان يستقل بها أحدهم حينًا ويشتركون فيها حينًا آخر كما يستفاد من الوثائق التاريخية التي اطلعت عليها ومنها وثيقة مؤرخة في شهر محرم سنة 1322 هـ وتحمل توقيع أبناء حذيفة الثلاثة وهم عقاب وخلف وخليل، وهي عبارة عن خطاب مرفوع إلى أمير المحمل المصري، وهذا نصها:
(الحمد لله وحده، إلى حضرة الجناب العالي والمقام الغالي أمير المحمل الشريف المصري، أدامه الله تعالى، آمين؛ وبعد مزيد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لا يخفى جنابك العزيز بأن العام الماضي خَدَمنا المحمل الشريف في النزول وفي الرجوع وورد بالسلامة، وذكرناكم في معاشنا السابق، وأخبرناكم بقدره سبعة آلاف قرش وخمسماية، وشال قشميري وجوخة. . . . وعليق مونة خمس وسبعون هجين، استلمه والدنا (السنة) الأولة والثانية. وعلى مُدَّة الشيخ أحمد صار منه تعطيل، وأوجب استحالة
(1)
المحمل الشريف عن [الطريق] السلطاني وتحت مناظرتنا الدولة العلية العام خدمنا وتعهدت لنا بمعاشنا. . .
(2)
، وطلبت منا لتكليف المحمل الشريف بخدمتنا له من دون أجر إلّا معاشاتنا وعوايدنا، حيث إنك اعتذرت. . . وتعهدت لنا، وعلى حسب ذلك حضرنا طرفكم في ينبع البحر، ولم حصل لنا منكم أجر. . . . بعد ذلك نظرنا تبع نظركم إن تعذرتوا، فتعذرونا ولا يلزم علينا لا خدمة ولا طريق حيث إن حاشا إن الدولة تجري شي أولًا وثانيًا. . . . ولا يقبلكم منَّا العذر في محقيتنا، وكسر اعتبار علينا، ودولتكم ما ترضى ذلك، ولا ترضينا المصالح عن المحقية قلَّت أو كثرت. ويصير عندكم معلوم، هذا ودمتم والسلام. يوم 9 عاشور سنة 1322 هـ. التوقيع عقاب بن الشيخ حذيفة بن سعد [الختم]، خلف بن الشيخ حذيفة بن سعد [الختم]، الشيخ خليل بن حذيفة بن سعد [الختم]).
ويستفاد من الوثيقة السابقة أن المشيخة الاسمية كانت لخليل بن حذيفة كما يظهر من قراءة التوقيعات. ثم استمرت المشيخة في أبناء حذيفة بالتناوب أحيانًا وبالمشاركة أحيانًا، وإلى أن تعيَّن الشيخ عساف بن سعد بن جزا، وذلك في
(1)
المقصود أنه أثناء مشيخة الشيخ أحمد بن محمود تحول الحج عن طريق الأحامدة بسبب الخلافات مع الدولة.
(2)
الفراغات تعني بعض الكلمات غير الواضحة.
حدود سنة 1330 هـ تقريبًا، واستقر في المشيخة فترة طويلة وعاصر حوادث انضمام الحجاز إلى الدولة السعودية، واستمر في مكانته وشهرته إلى أن توفي سنة 1363 هـ رحمه الله.
وخلفه ابنه محمد علي بن عساف إلى أن توفي بتاريخ 20/ 9/ 1384 هـ، ثم خلفه ابنه الآخر عباس بن عساف إلى أن توفي سنة 1396 هـ، وبعده خالد بن محمد علي بن عساف بن سعد وهو الموجود حاليًا.
مشيخة ابن محمود
تعتبر إمارة الشيخ ابن محمود من الإمارات العريقة والشهيرة في قبيلة حرب عامة وفي قبيلة الأحامدة بشكل خاص. وهم شيوخ الفضَلة من الأحامدة وديارهم جبل الفقْرَة ورحقان.
وللأسف الشديد فلم أجد معلومات كافية عن بداية شيوخ هذه الأسرة العريقة قبل الشيخ محمود الذي عرفت الأسرة باسمه، حيث ورد له ذكر في بعض المصادر التاريخية يفيد بأنه عاصر وصول القوات المصرية إلى الحجاز سنة 1226 هـ. وذلك فإننا سوف نستعرض باختصار بعض مشاهير شيوخ هذه الأسرة ومنهم:
زيد بن محمود:
يستفاد من الوثائق التاريخية أن الشيخ زيد بن محمود بن محمد بن عميرة عاصر الإمام عبد الله بن سعود وكان له علاقات جيدة مع الدولة السعودية الأولى. وعلى الرغم من محاولات طوسون باشا تقريب هذا الشيخ بعد دخول المصريين للمدينة، إلَّا أنه لم يكن على وفاق تام مع قوات محمد علي، ولذلك فقد قبَض عليه إبراهيم باشا وأرسله إلى مصر مع من أرسل من أهل نجد
والحجاز. حيث تفيد إحدى الوثائق التركية المؤرخة في 12 ذي القعدة 1231 هـ/ 123 هـ المرسلة من إبراهيم باشا إلى والده محمد علي في مصر أن الشيخ زيدًا قد عصَى على إبراهيم باشا وتوَارَى عنه منذ وصوله للمدينة
(1)
أي في سنة 1231 هـ. ممّا يوحي بأن هذا الشيخ كان من المناوئين لإبراهيم باشا فكانت النتيجة أن أُرسل إلى مصر.
لكن إبراهيم باشا أخرجه من سجن مصر وأعاد تعيينه في منصب كبير مشايخ حرب الواقعين في وادي الصفراء، غير أنه لم يلبث أن ثار على المصريين، فقاموا بعزله وتعيين الشيخ وصل بن عامر سنة 1236 هـ، كما مر معنا
(2)
.
وقد صار للشيخ زيد بن محمود شهرة كبيرة وذكر غير خامل بعد ذلك، وعاصر أحداثًا تاريخية هامة خلال حكم قوات محمد علي باشا للحجاز والجزيرة العربية.
ومن ذلك أنه بعد عزله من منصبه وتعيين الشيخ وصل بن عامر سنة 1236 هـ، قام الشيخ زيد بن محمود بالتمرد على دولة محمد علي باشا ولجأ إلى الجبال وأحرج عساكر الدولة وقوافلها مما أدى إلى اختلال النظام في المنطقة الواقعة بين ينبع والمدينة، كما تفيد بذلك إحدى وثائق محمد علي باشا المحررة إلى أحمد آغا وكيل محافظ المدينة بتاريخ 26/ 6/ 1236 هـ، وقد جاء فيها الأمر بإلقاء القبض على الشيخ زيد بن محمود وإعدامه، حيث يقول محمد علي لمحافظه ما ترجمته: (وحيث إنه من البديهي أن حسن النظام في تلك النواحي وأمن أهلها وسكانها يتوقفان على إزالة وجود الشيخ زيد بن محمود وإعدامه بالنظر إلى إنهائكم المبسوط في خطابنا الآخر، فهيَّا حتى أراك تلقي القبض على الشيخ
(1)
كتاب وثائق الدولة السعودية في عصر محمد علي، ص 719، وانظر دار الوثائق القومية، محفظة 6 بحر برا، وثيقة رقم 115 في 21/ 11/ 1234 هـ.
(2)
دار الوثائق القومية - القاهرة - وثيقة رقم 154 مقيد بالدفتر نمرة 7 معية تركي، من محمد علي إلى أحمد آغا وكيل محافظ المدينة، بتاريخ 26/ جمادى الثانية/ 1236.
المذكور بتدبير حسن، فمطلوبنا أن تسعوا بكل غيرة واهتمام في إجراء ما يستحقه من الجزاء. . . . إلخ)
(1)
.
ويبدو أن عساكر محمد علي لم يتمكنوا من إلقاء القبض على هذا الشيخ الثائر لعدة سنوات، وذلك أنه ورد في أخبار سنة 1240 هـ على لسان أمير الحج الإيراني أن شيوخ الأحامدة ومنهم وصل بن عامر الصميدي وزيد بن محمود الفضيلي قد اعترضوا طريقه في وادي الصفراء وأخذوا ما يخصهم من الخاوة والكساوي لهم ولغيرهم من قبائلهم
(2)
.
كما يستفاد من المصادر التاريخية الموثقة أن الوضع بن الشيخ زيد بن محمود وعساكر محمد علي استمر على حالته المضطربة إلى سنة 1253 هـ، إلَّا أنه كان عاقلًا حكيم التصرف، مما أدى إلى قيام قادة محمد علي بالتقرب إلى الشيخ زيد بن محمود بسبب خلافهم مع الشيخ سعد بن جزا فتم عزل الشيخ سعد وإعادة تعيين الشيخ زيد في منصب كبير مشايخ حرب في وادي الصفراء مرة أخرى. وذلك أن خورشيد باشا الذي لاحظ صعوبة السيطرة على قبيلة حرب إلا عن طريق تعيين مشيخة قوية تجمعها، فاقترح على سيده محمد علي باشا أن يتم تعيين الشيخ زيد بن محمود بدلًا عن الشيخ سعد بن جزا، حيث يقول في رسالته المرفوعة بهذا الشأن (. . . وبناء على هذه الملحوظة رأيت أن من حسن التدبير تعيين الشيخ زيد بن محمود من قبيلة الأحامدة في مشيخة هذه القبيلة لأنه محترم لديها من جهة، وليس من أرباب الفتنة من جهة أخرى. . . إلخ)
(3)
.
وبناء على تلك التوصية فقد تم تعيين الشيخ زيد بن محمود الأحمدي في
(1)
دار الوثائق القومية - القاهرة - وثيقة رقم 155 مقيد بالدفتر نمر 7 معية تركي، من محمد علي إلى أحمد اغا وكل محافظ المدينة، بتاريخ 26/ جمادى الثاني/ 1236 هـ.
(2)
دار الوثائق القومية - القاهرة - وثيقة نمرة 94 محفظه 10 معية تركي، خطاب من أمير حجاج إيران إلى رفعت باشا، بتاريخ 29/ 12/ 1241 هـ وانظر تفاصيل هذا الخبر في كتابنا: فصول من تاريخ قبيلة حرب.
(3)
دار الوثائق القومية - القاهرة - وثيقة رقم 363 محفظة رقم 261 عابدين، من خورشيد باشا إلى ولي النعم، بتاريخ 29/ 7/ 1253 هـ.
منصب شيخ مشايخ حرب أهل وادي الصفراء. وكان مقر الشيخ زيد بن محمود في بلدة الجديّدة الواقعة في ذلك المضيق الحيوي في بوادي الصفراء الذي يضم أكثر من عشرين شيخًا من مشايخ بني سالم، منهم على سبيل المثال:
- الشريف عاتق بن نامي كبير مشايخ قبيلة صبح.
- الشيخ ابن عاطف من قبيلة صبح.
- الشيخ عبد الله بن بكري من شيوخ صبح.
- الشيخ سلامة بن مرزوق الطيير من مشايخ قبيلة صبح.
- الشيخ عبيد بن نويفع من شيوخ الحوازم.
- الشيخ محمد أبو علي من مشايخ الحوازم.
- الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز من مشايخ بني عمرو من بني سالم.
- الشيخ عطية الله القليطي من مشايخ بني عمرو من بني سالم.
- الشيخ راشد بن مساعد الرحيلي شيخ قبيلة الرحلة.
- الشيخ نصير بن نصار من مشايخ السرحة وبني يحيى.
- الشيخ مغيران بن زيدان من مشايخ وِلْد سليم.
وغيرهم.
وفي الوقت الذي كانت علاقة الشيخ ريد بن محمود تتحسن ومشيخته تستقر كانت ثورة الشيخ سعد بن جزا تزداد وتتفاقم على الرغم من محاولات ابن عمه زيد بن محمود لتهدئة الأوضاع وإعادة النظام في وادي الصفراء الذي لم يعرف الاستقرار منذ وصول قوات محمد علي. وعلى الرغم أيضًا من تعاون الشيخ زيد بن محمود والشريف عبد الله بن عبد المعين صاحب ينبع في سبيل تسكين الفتن في المنطقة إلَّا أن الأمور كانت تزداد سوءا خاصة بعد تضامن كل من
الشيخ سعد بن جزا والشيخ عبد الله بن مطلق واستجابة قبائل حرب لهما لمحاربة الدولة
(1)
.
وفي عهد الشيخ زيد بن محمود حدثت وقائع دامية بين قبائل ميمون والمراوحة وبالذات بين الحوازم والأحامدة الذين كانوا منقسمين إلى فئتين إحداهما مع الشيخ زيد بن محمود والأخرى مع الشيخ سعد بن جزا الذي كان ثائرًا على الدولة، واستمر ذلك الصراع سنتي 1254 هـ و 1255 هـ. وانتهى ذلك الوضع بتدهور العلاقة بين الشيخ زيد بن محمود وقادة محمد علي باشا الذين اتهموه بالتخاذل في قتال قبائل حرب الموالية للشيخ سعد بن جزا، فقام العساكر بطلب من محمد علي باشا بإلقاء القبض على الشيخ زيد بن محمود والشيخ عامر بن وصل وسجنا في مصر، وذلك في منتصف سنة 1255 هـ.
وتفيد إحدى الرسائل المرفوعة إلى محمد علي باشا بتاريخ 23/ 10/ 1254 هـ أن الشريف محمد بن عون قدَّم التماسًا بالعفو عنهما وإطلاق سراحهما، لكن محمد علي أجَّل إطلاق سراحهما لحين إنهاء مسألة القتال مع الأحامدة.
ويبدو أن محمد علي لما قام بعزل الشيخ زيد بن محمود وسجنه قرَّر أن لا يعين أحدًا في مشيخة وادي الصفراء واستعاض عن ذلك بتعيين قائده سليم باشا ومعه قوة قوامها عشرة آلاف من العساكر في وادي الصفراء للسيطرة المباشرة على ذلك المضيق وقبائله.
لكن الذي يظهر أن خطة محمد علي باشا في السيطرة على القبائل بتلك الطريقة لم تتحقق، مما اضطره خلال بضعة أشهر أن يبحث عن شيخ آخر ليشغل منصب كبير مشائخ في تلك المنطقة. فتم ترشيح الشيخ عباس الظاهري لهذه الوظيفة، وأراد محمد علي تعيينه، لكنه تراجع عن ذلك تحت المعارضة الشديدة من زعماء قبيلة الأحامدة ومن وقف معهم من قبائل حرب وخاصة قبيلة صبح والرحَّلة وعوف.
(1)
انظر تفاصيل هذه الأخبار ومصادرها في كتاب: (فصول من تاريخ قبيلة حرب) للبدراني الحربي.
ولهذا فقد تم إعادة تعيين الشيخ سعد بن جزا الأحمدي في آخر سنة 1255 هـ، وانتهت بذلك المشيخة الرسمية للشيخ زيد بن محمود على قبائل بني سالم وانحصرت مشيخته هو وأسرته في قبيلته وهم الفضلة من الأحامدة
(1)
.
ثم لا يرد اسم الشيخ زيد بن محمود في الوثائق التاريخية التي اطلعنا عليها بعد سنة 1256 هـ، مما يعني أن وفاته ربما كانت في حدود سنة 1260 هـ أو قبلها بقليل، في حين بقيت شهرة مشيخة هذه الأسرة في قبيلة الأحامدة على مكانتها كما سنرى.
وقد خلَّف الشيخ زيد بن محمود عددًا من الأولاد منهم: حسين بن زيد ومحمود بن زيد وغيرهم.
أحمد بن محمد بن محمود:
وهو أخو الشيخ زيد بن محمود وقد عاصر أخاه الشيخ زيد بن محمود، وكان له دور بارز أثناء مشيخة أخيه، حيث ورد ذكره في بعض الوثائق التاريخية في تلك الفترة، وقد آلت المشيخة إليه هو وأبناؤه وأحفاده بعد الشيخ زيد بن محمود. ومن أولاد الشيخ أحمد بن محمود الذين لهم ذكر غير خامل في الوثائق التاريخية: فهد بن أحمد وسعيد بن أحمد ومحمود بن أحمد ومحمد بن أحمد، إلَّا أن الذي برز منهم بشكل خاص الشيخ فهد بن أحمد بن محمود الآتي ذكره.
فهد بن أحمد بن محمود:
اشتهر الشيخ فهد بن أحمد بن محمود بعد وفاة عمِّه الشيخ زيد بن محمود، إذ صار شيخ الفضلة وأحد مشايخ قبيلة الأحامدة الذين لعبوا دورًا هامًّا في الحياة السياسية لقبيلة الأحامدة وعلاقتها بأشراف الحجاز والدولة التركية في المدينة.
(1)
انظر تفاصيل هذه الأخبار ومصادرها في كتاب: (فصول من تاريخ قبيلة حرب) للبدراني الحربي.
وقد بدأ بروز هذا الشيخ أثناء حملات الشريف محمد بن عون على قبائل الأحامدة مع مطلع سنة 1256 هـ، والتي انتهت صلحًا، حيث ساهم هذا الشيخ في المفاوضات بين الطرفين واستطاع أن يوفق بين شروط الدولة لوقف القتال وبين مطالب المشايخ الثائرين من الأحامدة وعلى رأسهم الشيخ سعد بن جزا والشيخ عبد الله بن مطلق الأحمدي.
ومما يدل على شهرة هذا الشيخ واتساع مشيخته ورود اسمه في عدد كبير من الوثائق التاريخية خلال الفترة من سنة 1256 هـ، منها على سبيل المثال:
- وثيقة مؤرخة في 25/ 4/ 1266 هـ.
- وثيقة مبايعة في 8/ 6/ 1268 هـ.
- وثيقة مبايعة في تاريخ 20/ 6/ 1274 هـ.
- وثيقة حِلْف مع شيخ قرية أبو ضباع في 27/ 5/ 1279 هـ؟
- وثيقة مبايعة في تاريخ 22/ 4/ 1284 هـ.
- وثيقة أخرى سنة 1285 هـ.
- وثيقة أخرى في تاريخ 6/ 3/ 1307 هـ.
- وثيقة أخرى في تاريخ 29/ 4/ 1307 هـ.
ويستفاد من الوثائق التاريخية أن وفاته كانت في حدود سنة 1310 هـ. ثم تسلسلت المشيخة في أسرته، واشتهر منهم الشيخ فيصل الفضيلي وغيره، والشيخ الموجود الآن صادق بن سلطان بن سيف بن فهد بن أحمد بن محمود الفضيلي ويقيم في بلدة المسيجيد - أي سنة 1410 هـ.
وفيما يلي بعض مشاهير أسرة الشيخ ابن محمود الواردين في الوثائق التاريخية التي اطلعنا عليها:
(1)
محمود بن عميرة ورد في وثيقة سن 1227 هـ.
(2)
مستور بن محمود ورد في وثيقة سنة 1245 هـ.
(3)
زيد بن محمد بن محمود ورد في عدة وثائق تاريخية سنة 1234 هـ و 1245 هـ و 1255 هـ.
(4)
فهد بن أحمد بن محمود ورد في عدة وثائق تاريخية سنة 1256 هـ و 1268 هـ و 1274 هـ و 1285 هـ.
(5)
محمد بن أحمد بن محمود ورد في وثيقة بتاريخ 20/ 6/ 1274 هـ وأخرى بتاريخ 30/ 1281 هـ.
(6)
حسين بن زيد بن محمود ورد في وثيقة تاريخية سنة 1268 هـ.
(7)
زيد بن فهد بن محمود ورد في وثيقة سنة 1279 هـ.
(8)
محمد بن فهد بن محمود ورد في وثيقة بتاريخ 29/ 4/ 1307 هـ، وأخرى في 6/ 3/ 1307 هـ.
(9)
حمد بن محمد بن محمود ورد في وثيقة بتاريخ 16/ 6/ 1287 هـ.
(10)
فصل بن عوض ورد في وثيقة بتاريخ 4/ 2/ 1315 هـ.
(11)
محمود بن زيد بن محمود ورد في وثيقة بتاريخ 7/ 7/ 1307 هـ.
(12)
صادق بن سلطان هو الشيخ المعاصر من هذه الأسرة ويقيم الآن في بلدة المسيجيد في منطقة المدينة المنورة.
(13)
ثلاب بن زيد من أعيان هذه الأسرة وهو من مواليد سنة 1318 هـ، وقد قابلته في المدينة وقد كف بصره وذلك سنة 1410 هـ، وتوفي رحمه الله في شهر شعبان 1416 هـ.
وهذا نص وثيقة مبايعة بتاريخ 8/ 6/ 1266 هـ:
(الحمد لله وحده. أقول وأنا الشيخ فهد بن أحمد أني بعت على مفرّج بن سليمان خمس ركاب في الحاج الشامي؛ منه ثنتين باسم مبارك بن سعيد وثلاث منه عندي والثمن خالص من وقته وحينه من عين ثمن النخل الدي أخذت منه في العويند، وهو قدر الثمن 15 ريال. وباع البائع في الكل وبريت ذمة المشتري
بحضرة الشهود: عمر بن حمد وعطاء الله بن مرشد، والله ورسوله خير الشاهدين).
الشيخ ابن مطلق الأحمدي
من أسرة الشيخ ابن مطلق الأحمدي إحدى المشيخات الثلاث المشهورة في قبيلة الأحامدة في الحجاز، والشيخ ابن مطلق هو شيخ قبائل الصخارنة من الأحامدة، وله مشيخة عريقة لا تقل شهرة عن المشيخات التي تحدثنا عنها في الفصلين السابقين وهما مشيخة ابن جزا ومشيخة ابن محمود.
وسوف نستعرف فيما يلي بشيء من الإيجاز بعض مشاهير هذه الأسرة حسب ما توفر لدينا من معلومات تاريخية موثقة، وذلك على النحو التالي:
محسن بن مطلق:
وهو محسن بن مساعد بن مطلق، وهو أول من وجدنا له ذِكْرًا في الوثائق التاريخية التي اطلعنا عليها، حيث ورد اسمه في وثيقة تاريخية مرفوعة من طوسون باشا إلى والده محمد علي باشا في شهر رجب سنة 1227 هـ على أنه أحد مشايخ الأحامدة إلى جانب الشيخ جزا بن عامر والشيخ محمود بن عميرة. ثم يتوالى ذكره بعد ذلك في الوثائق التاريخية، بسبب الدور الكبير الذي لعبه في الحوادث التاريخية الهامة في وادي الصفراء أثناء الاحتلال المصري للمنطقة خلال الفترة من سنة 1227 هـ إلى سنة 1256 هـ.
عبد الله بن محسن بن مطلق:
اشتهر هذا الشيخ بعد والده محسن بن مطلق، وخلفه في مشيخة قبيلة الصخارنة في آخر عهد وجود قوات محمد علي باشا في الحجاز، حيث عاصر ثورة الشيخ سعد بن جزا ضد محمد علي، وتضامن معه وسانده في قتال الدولة
(1)
.
(1)
دار الوثائق القومية - القاهرة - محفظة 263 عابدين، المرفق العربي للوثيقة التركية رقم 48 و 140 حمراء من الشيخ مفرّج بن جار الله إلى محافظ المدينة محرم آغا، بتاريخ 15 جمادي الأولى سنة 1254 هـ.
كما ذكر مأمور عساكر الجديّدة سليم باشا في إحدى مكاتباته إلى محمد علي أن الشيخ عبد الله بن مطلق والشيخ مفرِّج بن جار الله والشيخ بخيت بن جزا، رافقوا القائد إلى المدينة المنورة، وذلك في شهر رمضان سنة 1254 هـ
(1)
.
وهناك وثائق كثيرة يصعب حصرها تدل على الدور التاريخي الواضح للشيخ عبد الله بن محسن بن مطلق خلال الفترة من سنة 1250 هـ إلى سنة 1280 هـ تقريبًا، منها على سبيل المثال ما يلي:
- تقرير مرفوع من محافظ المدينة بتاريخ 9/ 5/ 1254 هـ.
- خطاب من الشيخ مفرج بن جار الله إلى محافظ المدينة بتاريخ 15/ 5/ 1254 هـ.
- خطاب من الشيخ زيد الحيدري إلى محافظة المدينة بتاريخ 24/ 5/ 1254 هـ.
- خطاب من سليم باشا إلى محمد علي بتاريخ 3/ 9/ 1254 هـ.
- وثيقة مؤرخة في رمضان سنة 1255 هـ.
- تقرير من الشريف محمد بن عون بتاريخ 1/ 3/ 1256 هـ.
- خطاب مرفوع من الشيخ عبد الله بن مطلق إلى محافظ الحجاز حسيب باشا، بتاريخ 27 صفر 1265 هـ.
- وثيقة مؤرخة في سنة 1279 هـ، وهي عبارة عن اتفاق بين الأحامدة حول الفقرة.
ويفيد رواة أسرة الشيخ ابن مطلق عن الشيخ عبد الله بن محسن بن مطلق، أنه عاش طويلًا ومات كبيرًا سنة 1290 هـ تقريبا.
إبراهيم بن عبد الله بن مطلق:
وهو من مشاهير شيوخ هذه الأسرة أيضًا، كانت مشيخته بعد والده عبد الله بن محسن، ويستفاد من الوثائق التاريخية أن مشيخته كانت في آخر القرن الثالث
(1)
دار الوثائق القومية - القاهرة - محفظة 263 عابدين تركي، وثيقة نمرة 174 حمراء، من سليم باشا إلى ولي النعم، بتاريخ 23/ 9/ 1254 هـ.
عشر الهجري وأول القرن الرابع عشر الهجري، ويفيد أحفاده أنه توفي في حدود سنة 1319 هـ تقريبًا.
وقد اطلعت على ختمه وتوقيعه في وثيقة مؤرخة في 7 رجب سنة 1309 هـ، إلى جانب توقيع كل من الشيخ حذيفة بن جزا والشيخ محمود بن زيد.
وقد شاخ بعده ابنه عثمان بن إبراهيم، الذي عاصر انضمام المدينة المنورة إلى حكم الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله. وقد توفي الشيخ عثمان بن إبراهيم بن مطلق سنة 1349 هـ.
أما الشيخ الحالي من أبناء هذه الأسرة فهو الشيخ مطلق بن عثمان، وهو رجل كبير السن، له مكانة مرموقة في قبيلته، ومقره قرية السدَيّرة في أسفل جبل الفقرة من الغرب، وبها مركز إمارة رسمي، وقد زرتها سنة 1412 هـ.
الشيخ خلف بن ناحل بين الشعر والتاريخ
الشيخ خلف بن ناحل من الشخصيات الصحراوية المتميزة، لكنه مثال حي لأولئك الذين هضم التاريخ حقوقهم من عرب صحراء الجزيرة العربية، لأسباب منها:
1 -
أنهم عرب رَحَّل ليس للكتابة والتدوين وجود عندهم.
2 -
أنهم بعيدون عمن يؤرخ لهم ولا صلة لهم بالمؤرخين في زمانهم.
3 -
أن صاحب الشخصية ليس شاعرا يتغنى بأمجاده ويفاخر بأفعاله، لتبقى تلك الأشعار سِجِلًّا تاريخيا لشخصيته!
ولأن الإنصاف يكون أولى وأوجب إذا كان لشخصية بعيدة عن الأضواء، معزولة عن المؤرخين والمادحين، لا تفعل المكارم تصنعًا، ولا تبحث عن الشهرة
(1)
صحيح الأخبار عمَّا في بلاد العرب من الآثار، تأليف محمد بن عبد الله بن بليهد ج 2 ص 106.
تكلفًا، لكنها تفعل الحمد سجية، وتمارس الفضائل طبعًا لا تطبعًا، فقد كان هذا سبب اهتمامي بشخصية الشيخ خلف بن ناحل، الذي يضرب به المثل في الكرم بين العرب المتأخرين في نجد، في الوقت الذي نجد أن الكثيرين لا يعرفون عنه شيئًا للأسباب السابقة.
وحيث إن فعل الخير والمعروف لا يذهب سُدَى، وكما يقول الحطيئة:
من يفعل الخير لا يُعْدَمْ جوازيَهُ
…
لا يذهب العُرْف بين الله والناسِ
فلم يُعْدَم خلف بن ناحل من الإشادة بشخصيته والثناء على كرمه المتميز بالرغم من العوامل السابقة التي كانت ستؤدي حتما إلى عدم توثيق تاريخ هذه الشخصية المتميزة. ومن غريب الصدف أن يأتي هذا التوثيق من مؤرخ أجنبي جمعت الأقدار بينه وبين هذا الشيخ البدوي بدون تخطيط أو ترتيب، ذاك هو الرّحّالة البريطاني تشارلز داوتي.
وحيث إن هذا المبحث يدور حول شخصية خلف بن ناحل وما قيل عنه من النثر أو الشعر، ومدى تأكيد هذا المصدرين لبعضهما، فقد رأينا تقسيمه إلى ثلاثة فصول رئيسة عن النحو التالي:
الفصل الأول: خلف بن ناحل: حياته ونسبه.
الفصل الثاني: خلف بن ناحل في مذكرات الرحالة داوتي.
الفصل الثالث: خلف بن ناحل في ذاكرة الشعر.
خلف بن ناحل: نسبه وحياته
تعريف بنسب خلف بن ناحل:
هو: خلف بن راشد بن سالم بن ناحل من ذوي رويشد من الصخارنة من قبيلة الأحامدة من ميمون من بني سالم من حرب.
ومما يجب التنويه عنه أن هذا المبحث المختصر ينحصر في الكتابة عن الشيخ خلف بن ناحل، ولا يتناول البحث عن تاريخ أسرة النواحل التي تعتبر اليوم قبيلة
بنفسها، برز منها رجال كرام وشعراء وفرسان، إلَّا أن هذا البحث لا يتسع مجاله لاستعراض تاريخ النواحل وإنما يختص بشخصية خلف بن ناحل، وما يتعلق به ولعل أحدًا من أبناء النواحل يقوم بإكمال ما بدأناه ويكتب عن النواحل بشكل أوسع وأشمل.
أما خلف بن ناحل الأحمدي فهو شيخ الأحامدة في نجد وقد بني له شهرة واسعة، حيث جمع بين الشيخة والثراء وبين الكرم والشجاعة، فكان شيخا حكيما في تصرفاته موفقا في غزواته. يمارس التجارة إلى جانب الشيخة، وكان بعيدا في تطلعاته التجارية، فوصلت قوافله التجارية إلى مصر والشام فضلا عن الحرمين الشريفين. وفوق هذا النجاح والتوفيق استطاع خلف بن ناحل أن يَبْني كنزا عظيما أهم وأبقى من المال ومن الشيخة، وهو السمعة الطيبة والصيت العظيم، فصار كرم خلف بن ناحل مدار حديث الركبان في البيداء، وموضوع كلام المجالس لدى أهل الوَبَر وأهل المَدَر.
وكان العرب يكفيهم بالرجل فخرًا أن يكون شجاعا أو كريما، حتى كان إذا اشتهر بواحدة من هاتين الخصلتين، قيل: فيه من الاثنتين واحدة! وكفاه ذلك فخرًا، لكن خلف بن ناحل جمع بين الخصلتين مَعًا، فكان واحدًا من كرماء العرب المتأخرين كما أنه كان فارسا وعقيدا مظفرا أيضًا، فالتف حوله جماعته وأسندوا إليه رئاستهم، فصار كما قال الشاعر العربي.
أتَتْه الرئاسة مُنْقادة
…
إليه تُجَرْجِرُ أذيالَها
فلم تَكُ تصلَحُ إلَّا لَهُ
…
ولم يَكُ يصلح إلَّا لَها
ولم يكن كرم خلف بن ناحل عاديًّا، لكنه فاق في كرمه أهل زمانه، حتى اقترن اسمه بالكرم؛ لأنه ابتدع في الكرم أشياء لم يسبقه إليه أحد، ومن ذلك أنه كان يعطي بعد رجوعه من غزواته كل من سأله وإن كان لم يكسب شيئًا من غزوته، وقد خلَّد الشعراء تلك الميزة في خلف بن ناحل، ومن ذلك قول الشاعر الأمير حمود بن رشيد من قصيدة له:
يا من خَبَر يحْذِى وهو ما كسَبْ
…
يا كود ابن ناحل بماضي الزماني
وقال الشاعر فرج بن خربوش الشمري في إحدى قصائده:
وخلف بن ناحل مضِيْفه تِقِل عِيْد
…
اللي عَطَى الزمَّال مِن حر ماله
أما الشيخ محمد بن بليهد فقد قال في كتابه: صحيح الأخبار، وهو يتكلم عن حرب:(لو لم يكن في حرب إلَّا خلَف بن ناحل لكفَاهم بكَرَمِه)
(1)
.
ومما تجب الإشارة إليه هنا أننا لا نؤيد ما كان عليه العرب في الزمن السابق من ممارسة الغزو والسلب والنهب، ولا نتمنى أن تعود تلك الحياة الجاهلية إلَّا أننا نشيد بالجوانب الفاضلة في حياتهم كالشهامة والإيثار والشجاعة والكرم، فها نحن نرى الشيخ خلف علاوة على ما تميز به من تلك الخصال الحميدة، فقد كان مُتَدَيِّنًا شديد التعصب لدينه، تتضح ملامح شخصيته الدينية من خلال تعامله مع الرحّالة النصراني الذي طلب من ابن ناحل أن يوصله إلى القصيم مقابل مبلغ مالي جزيل، إلا أن خلف، لم يقبل ذلك لكنه عرض على داوتي أنه يوصله إلى القصيم بدون مقابل إن هو نطق بالشهادتين، كما سيمر معنا، فنرجو من الله العفو والمغفرة لخلف وأمثاله.
متى وأين عاش خلف بن ناحل
؟
أما فيما يتعلق بحياة الشيخ خلف بن ناحل، فليس هناك تاريخ مؤكد لتحديد تاريخ ولادته ولا تاريخ وفاته. وكل ما نعرفه أن شيخة خلف بن ناحل كانت على آخر عهد الأمير طلال بن رشيد المتوفى سنة 1285 هـ، ثم عاصر شطرا كبيرا من إمارة محمد بن عبد الله الرشيد - من 1289 هـ إلى 1315 هـ. أما وفاة خلف بن ناحل فكانت في حدود سنة 1305 هـ تقريبًا.
وكانت أكثر إقامة خلف بن ناحل مع عربانه في نجد، وخاصة المنطقة الواقعة ما بين القصيم وحائل والمدينة. لكن رحلاته التجارية كانت تمتد إلى الشام
(1)
صحيح الأخبار عمَّا في بلاد العرب من الآثار، تأليف محمد بن عبد الله بن بليهد ج 2 ص 106.
ومصر، كما يذكر الرحالة داوتي؛ فضلا عن علاقات التجارية والقبَلِيّة مع منطقة الحجاز ومدنها الرئيسية. حيث ذكر داوتي الذي زار خلف بن ناحل سنة 1295 هـ أنه كان يقيم بعربانه قرب بلدة السُّلَيْمي الواقعة إلى الجنوب من حائل. كما ذكر أن غزواته تمتد إلى ديار عتيبة.
ذريّة خلف بن ناحل:
ترك الشيخ خلف بن ناحل إضافة إلى تاريخه الحافل وسمعته الكريمة، أبناء وأحفادا غير خاملي الذكر، برز منهم فرسان وأمراء وكرماء وشعراء، ساروا على منهج سلَفهم وتوَسَّموا خطاه، وسوف نورد ما يسمح المجال بإيراده عن بعض أعيان أسرة ابن ناحل.
فقد أعقب خلف بن ناحل خمسة من الأبناء، وهم:
1 -
بدر بن خلف بن ناحل، وعقب بندر، وعقب بندر: مارق وهايس.
وعقَّب مارق: نايف وشبّاب وصدِّيق وهم معاصرون ولهم أولاد وأحفاد. أما هايس بن بندر فعقب: بندر وأولاده.
2 -
صَلَف بن خلف بن ناحل، وتوفى سنة 1316 هـ وأنجب نايف وغلاب وشاكر وفيحان.
وأنجب نايف بن صلف عددا من الأبناء هم: غزاي وهندي ومقحم وغازي ومتعب وعبد الله وعزيّز (عبد العزيز) ومحمد.
وأما غلاب بن صلف فعقب: شليويح ووصيوص ورباح ونواف ومنيف ولهم أولاد وأحفاد يصعب حصرهم.
وأما فيحان بن صلف فترك سعود الذي عقَّب فيحان.
وأما شاكر بن صلف فأعقب عددًا من الأولاد منهم: حمود وعبيد وليس لهم عقب، وماجد وعبد الله وصلف ولهم أبناء يصعب حصرهم.
3 -
حِجْر بن خلف بن ناحل، وأنجب حجر ثلاثة أولاد هم: كِدا وعفاس وتركي. أما كدا فتوفي في حدود سنة 1392 هـ وترك من الأولاد بندر وصالح وقد توفيا، وحجر بن كدا بن حجر الذي اشتهر بكرمه وحبه للخير، وقد شغل عدة مناصب عالية، إلى أن توفي سنة 1410 هـ عن عمر يناهز الستين عاما، وكان يشغل إمارة مركز بلدة سميرة في منطقة حائل عندما وافته المنيّة. وترك حجر بن كدا عددًا من الأبناء منهم: بندر وبدر ومحمد وخلف وثامر وفهد وعبد الرحمن وخالد ونائف وعبد العزيز وراكان.
وعقّب عفاس بن حجر البالغ من العمر حاليًّا أي في سنة 1416 هـ 81 عامًا عددًا من الأولاد منهم ناصر وتوفي في 10/ 2/ 1413 هـ ومنصور وجزاع وحجر ولهم أولاد صغار يصعب حصرهم.
أما تركي بن حجر بن خلف المولود سنة 1334 هـ فله من الأولاد: نمر وممدوح وخلف وفيحان وسلطان ولهم أولاد صغار.
4 -
بدر (الثاني)، وليس له عقب.
5 -
عَمْرو بن خلف بن ناحل، وله أخبار ذائعة، وشهرة كبيرة، وهو شاعر عامي مجيد، له قصائد متميزة ومشهورة عند أهل نجد
(1)
، وتوفي عمرو بن ناحل سنة 1370 هـ بعد أن ترك ثلاثة أبناء هم بالترتيب: محمد وبدر وبندر، ذو نباهة وشهرة، ويشغلون الآن مناصب عالية في ظل القيادة السعودية الرشيدة.
ولا شك أن من يطّلع على أخبار هذه الأسرة الكريمة، لا بد أن يلمس بركة الأفعال الجميلة لخلف بن ناحل، حيث يلاحظ المرء تنامي هذه الأسرة وتكاثرها.
بلاد النواحل الآن:
وفي ظل حكومتنا الرشيدة تأسس للنواحل مراكز إمارة خاصة بهم، شملها التطور العمراني الذي تشهده البلاد وتكاملت بها الخدمات الحكومية، وتقع منطقة النواحل في أقصى الشمال الغربي لمنطقة القصيم، ومن مراكزهم الآن:
(1)
سبق أن قدم الأستاذ فايز البدراني الحربي محاضرة عن الشيخ عمرو بن ناحل ونماذج من أشعاره في الأمسية التي أقامتها الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون مساء يوم الإثنين الموافق 22/ 2/ 1417 هـ ـ
كحلة: وتقع شمال جبل الموشم وشرقًا عن هضاب الغيمار. وفيها الآن مركز إمارة رسمي تابع لإمارة القصيم. ورئيس مركز الإمارة فيها حاليًّا خلف بن غازي بن نايف.
المطيوي: وتقع بالقرب من كحلة. ورئيس مركز الإمارة فيها الآن رباح بن غلاب بن صلف بن خلف بن ناحل.
الأرطاوي الشمالي: ويقع بالقرب من كحلة. ورئيس مركز الإمارة فيها الآن محمد بن غزاي بن نايف بن صلف بن خلف بن ناحل.
الفيضة: وتجاور مركز كحلة من جهة الشمال ولا تبعد عنها كثيرًا. ورئيس مركز الإمارة فيها الآن متعب بن نايف بن صلف بن خلف بن ناحل.
خلف بن ناحِل في مذكرَات الرَّحَّالة دَاوْتِي
تعريف بالرحّالة داوتي:
دَاوْتي رّحَّالة بريطاني، اسمه: تشارلز مونتيجيو داوتي. وُلِد في مقاطعة سفولك بإنجلترا سنة 1843 م، وبعد أن أنهى دراسته الجامعية في علم الجيولوجيا اهتمّ بدراسة اللغات الأوربية، ثم أولع بحب الرحلات والمغامرات وزيارة الأماكن الأثرية، فزار أسبانيا وإيطاليا سنة 1872 م. ثم زار اليونان ووصل مصر سنة 1875 م، ثم زار مدينة البتراء الأثرية في الأردن ومنها سمع بمدائن صالح في جزيرة العرب وقرّر زيارتها.
ونظرًا لصعوبة وصول الغربيين غير المسلمين إلى الجزيرة العربية، فقد اضطر داوتي إلى التظاهر بمظهر رجل شامي عادي اسمه خليل، ورافق قافلة الحج وذلك سنة 1876 م الموافق 1294 هـ ووصل إلى مدائن صالح في شهر نوفمبر من السنة
المذكورة. لكن أمير الحج التركي أمرَه بالبقاء بمدائن صالح تحت المراقبة، ولم يسمَح له بتجاوزها إلى الأماكن المقدّسة
(1)
.
مكَث داوتي هناك عدة شهور استغلها في تدوين ملاحظاته ونقل النقوش الأثرية وتجول في المناطق القريبة مثل خيبر بالرغم مما تعرض له من مضايقات وأخطار في أكثر من مناسبة. وفي شهر أكتوبر من سنة 1877 م (رمضان 1294 هـ) وصل دواتي إلى حائل وزار حاكمها الأمير محمد بن رشيد، وبعد شهر تقريبا غادر حائل إلى خيبر بناء على طلب ابن رشيد الذي زوّده بكتاب إلى مندوبه في خيبر. وظلَّ في خيبر شهرين تقريبًا، ثم طلَبَ منه حاكمها العسكري مغادرتها. وعاد داوتي سيئ الحظ إلى حائل فدخلها مرة ثانية في شهر إبريل سنة 1878 م (ربيع الأول 1295 هـ) لكنه لم يجد الأمير محمد بن رشيد، مما جعله يتعرض لإهانات كثيرة بسبب تعصبه لديانته النصرانية.
وغادر داوتي حائل مع رجلين من قبيلة عنزة أهل خيبر، لكنهما تركاه في منتصف الطريق. وفي حائل كان داوتي يتطلع بشغف إلى زيارة منطقة القصيم لكنه لا يستطيع الإفصاح عن هذا الهدف بسبب الظروف السياسية السائدة والتوتر القائم بين أهل القصيم وابن رشيد. وعند مضيفه الجديد تسقّط داوتي الأخبار، وسأل عمّن يوصله القصيم فقيل له لا يستطيع ذلك إلا خلف بن ناحل من حرب. فكان هدفه التالي الوصول إلى ابن ناحل. وبعد عدة محاولات ومغامرات تمكن من الوصول إلى خلف بن ناحل في شهر ربيع الأول من سنة 1295 هـ، ومن هناك إلى بريدة ثم عنيزة، حيث زار أميرها زامل وبقي هناك حوالي شهرين إلى أن غادر القصيم في 5 يوليو 1878 م (الموافق 6 جمادى الثاني 1295 هـ) برفق قافلة تجارية إلى الحجاز. وبعد رحلة طويلة وشاقة وصل إلى القنصلية البريطانية في جدة في 3 أغسطس 1878 م، لتنتهي بذلك فصول تلك المغامرة العربية. وبعد ذلك رجع داوتي إلى وطنه وتزوّج وأخرج مذكّراته. واعتبرته بريطانيا بطلا قوميا بسبب تلك المغامرات الاستكشافية التي قام بها داوتي معتمدا على جهوده الذاتية
(1)
انظر عن داوتي: كتاب الرحالة الغربيون في الجزيرة العربية، تأليف د. رُوبن بيذول، ترجمة د. عبد الله آدم نصيف، جامعة الملك سعود 1409 هـ، ص 77
ونجح في الوصول إلى عمق الصحراء ووصل إلى أماكن يصعب على الغربيين من أمثاله الوصول إليها.
وكانت وفاته سنة 1926 م (1334 هـ)
(1)
.
داوتي وابن ناحل:
حيث إن داوتي يسترسل في كتابة مذكراته وملاحظاته، ويسجل انطباعاته ومشاهداته لكل ما يراه أو يسمعه من خلال تنقله بين العربان والمواضع، فإن الذي يُهمُّنا هنا هو ما يتعلق بما كتبه عن الشيخ خلف بن ناحل. وفيما يلي مقتطفات مختارة مما ذكره:
كما أسلفنا فقد أُخْرِج داوتي من حائل للمرة الثانية ووصل إلى بعض البدو الواقعين إلى الجنوب الغربي من حائل. ويبدو أن كان يحاول زيارة القصيم التي لم يسبق له زيارتها، لكنه لا يستطيع الإفصاح عن ذلك بسبب العداء بين ابن رشيد وأهل القصيم حينئذ. وكان الجماميل الذين نقلوه من خيبر تركوه عند رجل يدعى معتوق الهتيمي وهربوا باتجاه خيبر ويبدو أنهم من عنزة. وهناك سأل داوتي عن كيفية الوصول إلى القصيم فعلم من العرب، الذين أقام عندهم: أنه لا يستطيع الوصول إلَّا عن طريق خلف بن ناحل كبير عرب حرب القاطنين بين حائل والقصيم، كما يقول. وهناك صمّم داوتي الذي ادّعى أن اسمه خليل وأنه طبيب شامي أن يقابل خلف بن ناحل، وألَحّ على مضيّفه معتوق طالبا منه أن يوصله إلى هناك مقابل مبلغ مالي
(2)
.
ويذكر داوتي أن عرب معتوق كانوا يتحدّثون كثيرًا في مجالسهم عن ابن ناحل، وكانوا يقولون:(إن بيته كبير جدًّا، وهو غني عظيم الثراء. أوف! ستجد عنده كل أشكال الجود والكرم، وعندما تأتي إلى بيته قل له: أرسلني يا ابن ناحل إلى القصيم، وسيفعل)
(3)
.
(1)
المصدر السابق.
(2)
المصدر السابق ص 300 وما بعدها.
(3)
المصدر السابق ص 300.
في الطريق إلى ابن ناحل:
يذكر داوتي أنه بعد أن أقام عند معتوق ستة أيام في موضع يقال له: أول Aul
(1)
. وبعد إلحاح شديد من الضيف على معتوق، غادر الاثنان باتجاه مضارب ابن ناحل الذي لا يعرفون مكانه بالتحديد بسبب كثرة تنقلات البدو وعدم استقرارهم
(2)
.
ويصف داوتي بعد ذلك فيقول: (. . . . وركبنا جَملًا حرًّا يندر استعماله هنا، ومركبه صعب بعض الشيء، وذلك بعد ارتفاع شمس الصباح بمقدار ساعة، وسرنا في الصحراء باتجاه جبل صفَا، وبعد ساعتين رأينا بيوت عرب الشيخ ابن داموك)
(3)
وكانت إبلهم منتشرة في السّهْل، ونادى معتوق راعي الإبل لأخد الأخبار، ولكن اتضح أنه لم يسمع شيئا عن مكان ابن ناحل مؤخرًا. . . إلخ)
(4)
.
ويستطرد داوتي في وصف مشاهداته للوادي ووصف قطيع كبير من الغزلان في الطريق. ويصف ما مرُّوا به من قطعان الإبل ورعاتها الذين كان يسألهم معتوق في كل مرة عن أخبار العربان والأمطار والغزوات وعن ابن ناحل. ويذكر شيئًا عن بعض مواقع عرب الشيخ قاسم بن براك وهو أحد شيوخ قبيلة بني رشيد المعاصرين للشيخ خلف بن ناحل، ثم يقول:(. . . وبدا أمامنا جبل قنا وعلى يسارنا يقع مَورِد البنانة بين الجبال. . . إلخ)
(5)
.
ثم يذكر أن آخر الذين صادفوهم أخبروهم أن ابن ناحل قد اجتاز الوادى - وادي الرَّمة - إلى حدود ديار عتيبة. ثم حلّوا على عرب آخرين وأمضوا عندهم
(1)
أول: مورد ماء قديم يقع إلى الشمال الغربي من بلدة السليمي.
(2)
المصدر السابق أول ص 304.
(3)
ابن داموك من شيوخ قبيلة بني رشيد.
(4)
المصدر السابق ص 304.
(5)
قناة جبل سميت باسمه قربة تقع الآن إلى الجنوب من مدينة حائل، والبنانة مورد ماء قديم بصرف بنان في نواحي وادي الثلبوت وهو أحد روافد وادي الرّمة الشمالية يلتقي به أسفل الحاجر (العرب 1877)
بعض الوقت حيث وجدوا معهم أخًا غير شقيق لمعتوق. وبعد ذلك يواصل داوتي مذكراته قائلًا:
(وركبنا من عندهم مواصلين سيرنا. . . ولم نلبث أن اكتشفنا أذوادًا من الإبل يرعى تحت جبل قنا، فقصدناها للسؤال. وقد أدرك معتوق أنها إبل حرب بسبب لونها الذي يغلب عليه السواد. وقد وجدناهم من عربان حرب فعلًا. وأخبرنا الشبَّان أهل الإبل أن ابن ناحل نزل بلدة السليمي
(1)
هذا اليوم. كما حلبوا لنا. وارتحلنا من عندهم مواصلين رحلتنا حتى بدَت لنا نخيل قرية في الصحراء. ومررنا بجبل كبد
(2)
. ثم بدا لنا جبل مستو هو جبل دِبِي
(3)
وبعد أن اجتزنا دبي بمرحلة طويلة بدا لنا جبل العلم
(4)
، وأشار معتوق إليه وهو يقول: إن طريق المدينة من هناك، وهو أربعة أيام للذلول. وفي وقت الظهيرة الحارة رأينا قطيعا آخر من الإبل ترعى تحت الجبل فقصدناها وارتحنا عند أهلها، ووصفوا لنا الطريق إلى ابن ناحل. . . . . كما أخبرنا أهل الإبل أنهم من عوف جاءوا من أراضي الحجاز التي بين الحرمين لَمَّا سمعوا أن الأرض هنا ربيع. . . إلخ)
(5)
.
ويستمر داوتي في وصف مشاهداته، ثم يذكر أنهما صادفا رجلًا مسلحًا من حرب على مطيّة ويقود مهرة وقد وقفوا تحت تهديده. وبعد أن عرَّفوه بأنفسهم مضى كل في سبيله بسلام. وعندما وصلوا إلى أوَّل منازل قوم ابن ناحل قال له
(1)
السليمي: بلدة عامرة تقع إلى الجنوب من مدينة حائل على بعد 170 كم تقريبًا (العرب 6/ 924).
(2)
هناك عدة مواضع باسم جبل كبد، ولكن الذي يقصده داوتي أكباد وهو جبل أسمر يقع إلى جنوب شرق البركة وإلى الغرب من السُّليمي على بعد 25 كم تقريبًا، كما أفادني أحد أبناء المنطقة.
(3)
دبي: جبل يقع غرب بلدة السليمي، ويظق الآن إدبي (العرب/ 256).
(4)
العَلَم: جبل عظيم منيع يقع إلى الشمال الغربي من النقرة الواقعة على بعد 300 كيلًا تقريبًا من بريدة على طرق القصيم المدينة المنورة (انظر العرب 7/ 771).
(5)
المصدر السابق ص 305.
معتوق: يا خليل إن العرب غير منتبهين، سأدَّعي أنك شامي ولست نصرانيًّا! وسأتركك هنا. لكن دواتي رفض بشدة وأصرَّ على إيصاله إلى ابن ناحل نفسه.
داوتي في بيت خلف بن ناحل:
ويسجل داوتي انطباعاته بعد أن وصل إلى عرب ابن ناحل فيقول: (. . . ها أنا قد وصلت إلى حرب القاطنين في المنطقة التابعة لابن رشيد. وقد وجدت أن حرب نجد يتمتعون بعقلية عربية أصيلة أكثر من عنزة. إن أفضل عُقيلي في خيبر كان حربيًا كان لطيفًا وأمينًا. كان قليلًا ما يشاهد في قهوة عبد الله
(1)
وكان يأتي أحيانا إلى العم محمد
(2)
الذي يُعتبر نصف بدَوي! في أحد الأيام قال: نحن بنو سالم أحسن منكم، فليس عندنا أفرنجي يستعمل هذا الدخان)
(3)
ويضيف داوتي: (ونزلنا عند بيت ابن ناحل وكان بيته كبيرًا، ودخلنا مجلس الرجال بعد تبادل التحية المعتادة. كان ولد ابن ناحل الشاب ومعه مجموعة من الشبَّان جالسين في ناحية المجلس المتَّسِع، وجلسنا نحن، في حين أخد الشبان يتهامسون فيما بينهم لمعرفة من أكون!)
(4)
.
القهوة لدَى ابن ناحل:
ثم يقول داوتي بعد أن دخلوا مجلس خلف بن ناحل: (وارتفع صوت نجر القهوة، وكأنه يدعو الأضياف للقهوة في بيمت ابن ناحل، وهنا رأيت رَجُلًا عظيمًا ومعه رفاقه لشرب القهوة وهم يدخلون البيت بثيابهم الطويلة وأجسامهم غير المكتنزة. إنهم ملوك القهوة في حياة الصحراء (They were coffee lords men of
(1)
يشير داوتي هنا إلى بعض الذين تعرف عليهم أثناء إقامته في خيبر، ومنهم عبد الله هذا وهو صاحب المقهى الذي يتردد عليه داوتي.
(2)
محمد النجومي رجل تعرف عليه داوتي أثناء إقامته في خيبر. ووصفه بأنه أعز صديق قابله في بلاد العرب، ولا نعرف عنه إلا انه جندي متقاعد. وقد تحدث داوتي عنه كثيرًا وأثنى عليه ثناء بالغًا (انظر الرحالة الغربيون في الجزيرة العربية ص 83).
(3)
المصدر السابق ص 308.
(4)
المصدر السابق ص 308.
an elegent leisure in the desert life)، كما أن الحربيين يلبسون ثياب الشهامة بين البدو ((Also the harb go gently clad amongest Beduins (؟)
(1)
.
< رمز>التفاوض مع ابن ناحل:
يقول داوتي مواصلا حديثه عن لقائه لأول مرة مع خلف بن ناحل: (رحَّب بنا خلف بن ناحل ومَدَّ يده من بعيد وعلى وجهه ابتسامته الخفيفة، مع التحفظ المعتاد لبروتوكلات مثل هذه المجالس وَسطَ دَوِيّ الهاون في تلك الصحراء الجافة. ثم جلس الجميع لتناول قهوته، ثم همَس في أذن ولده متسائلا: من يكون أهو عسكري؟. وابتسم الفتى وكأنه يريد أن يتكلم غيره ممَّن يَعْرِف الإجابة، وهنا تدخل أحد الشبَّان قائلًا: يجب أن نعرفه!. فقال ولد ابن ناحل: أليس هو النصراني الذي جاء إلى حائل في العام الماضي).
ويعلّق دواتي في مذكراته: لقد كنت هو! ثم يتابع داوتي سرد القصة: (وقال خلف: لقد كنت في حائل بعد رحيلك بفترة قصيرة وسَمِعت عنك، عندما دخلت حائل، إني أعرِفُك)
(2)
.
ثم يتكلم المؤلف عن ابن ناحل، فيقول عنه:(لقد زار النصارى عندما كان يتاجر بالإبل في مصر. يقول ابن ناحل: والله إنهم أهل النية الواحدة، والله إن واحدا ركب مسيرة نصف يوم من شأن يعيد خمسة بنسات حين عرف أن الحساب زائد. لكن الشيء الوحيد الذي كرهته في النصارى اختلاط الرجال بالحريم والتِصاقهم ببعض عند الجلوس. ويضيف خلف: خليل يسافر بين العرب؟ فقلت نعم لِمَ لا؟ إذا كان يحمل كل هذه الأدوية، والنصارى بتلك السمعة الطيبة!).
ثم يذكر داوتي: أن رجلين من أهل السليمي جاءا إلى بيت خلف يشتكيان إليه ما حصل من مواشي بعض عربانه حيث أضرت بمزارعهم. وبعد ذلك يقول: (وعندما غادر الرجلان تفرّغ خلَف ليستمع لنا وينظر في موضوعنا. ثم أخذ
(1)
المصدر السابق ص 309
(2)
المصدر السابق ص 309.
معتوق جانبًا وهدَّده وخوَّفه من غضب ابن رشيد، وسأله عن قصة دخولي للبلاد ومجيئي إلى منزله. وهنا قمت إلى خلف وقلت لهم: ألا تستطيع أن ترسلني للقصيم مثل باقي الناس؟، وأضفت: ها أنذا قد نزلت عند بيتك وطعمت في ضيافتك. وسأبقى عندك اليوم وغدًا وأرجو أن ترسل معي من تثق به. كان صوت خلف ناعمًا، لكن قلبه كان صارمًا مع مجاملة سياسية كاملة. حيث قال مخاطبًا معتوق: يا معتوق، أنا لا أستطيع، وكيف نرسله للقصيم؟ ومن سيغامر، إن عربان عنزة في القصيم أعداؤنا. فقلت: يا خلف إنك تستطيع مساعدتي إذا أردت. فأجاب: اسمع: أدخل في الإسلام؟ وعند ذلك أستطيع إيصالك، فقط قل: لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وسوف أرسلك للقصيم بدون مقابل)
(1)
.
فشل المفاوضات ومغادرة داوتي:
يعترف داوتي أنه راوغ وتهرّب من قبول شرط ابن ناحل، فاقترح عليه خلف أن يبحث عن أحد من جماميل أهل القصيم ويصحبهم. ومرَّة أخرى رفض داوتي ذلك، لعلمه بصعوبة الحصول على جماميل من أهل القصيم. وهنا أشار خلف بن ناحل إلى معتوق وأخذه جانبًا وهدّده مرة أخرى، وأخبره بأن عليه أن يأخذ الغريب ويتصرّف معه، لكن داوتي قال بدهاء مخاطبًا ابن ناحل:(حسنًا إذا ذهبنا من هنا ولم نجد من يوصلني فماذا سيكون مصيري ومن سيؤويني؟ فرَدَّ عليه ابن ناحل: إذا لم تجد مخرجًا فأنا سأستقبلك).
ولم يجد داوتي بدًّا من الإذعان لطلب المغادرة حيث لم تصل المفاوضات إلى نتيجة حاسمة، نتيجة لإصرار كل من الطرفين على موقفه، فغادر هو وصاحبه بيت ابن ناحل للبحث عن عرب آخرين كان معتوق قد رأى منازلهم قرب جبل قِنا. ثم اقتربا من فريق مكوّن من ثلاثة بيوت. فنزلا وعقلا ذلولهما وناما بقرب العرب. وفي الصباح تركه معتوق عند أولئك العرب وعاد بعد أن أخذ كامل حسابه!
(1)
المصدر السابق ص 310.
العودة إلى ابن ناحل، ولكن بصحبة شاب من حرب:
يقول داوتي مواصلا حديثه عن هذا الموقف الجديد: (وفي الصباح تركني معتوق عندهم وهرب بعد أن أخذ كامل حسابه. فأخبرت مضيفي الجديد واسمه مطلق - وهو من حرب - أنني أريد الذهاب إلى القصيم، فاقترح عليّ أن نذهب إلى خلف بن ناحل لنتدّبر الأمر. وسرنا باتجاه ابن ناحل وبعد أن قطعنا نصف ميل تقريبًا اعترَضنا فارس بيده رُمْح. لقد عرفته فقد كان بالأمس في مجلس ابن ناحل وكان هو المعارض الوحيد لي. إنه طلق الأخ الأكبر لمضيفي. . . إلخ).
ويواصل داوتي سرد قصته فيقول: (وصرَخ طلَق في وجه أخيه مُعَنّفًا أخاه الذي انخدع بقصتنا وترك الهتيمي يذهب قبل أن يتأكد من الأمر، وشهَر سلاحه وقال إنه سيلحق بالهتيمي ليرده وينتقم منه هو والنصراني)
(1)
.
مطلق الحربي: شهامة ومروءة
!
ويواصل داوتي سرد قصته مُشيدا بموقف رفيقه الجديد مطلق الحربي، ومعجبا بشهامته ووقوفه إلى جانب الغريب الذي لجأ إليه وان كان كافرا، فيقول بعد أن ذكر تهديد أخيه طلَق له:(لكن مطلق رَدَّ على أخيه بحزم: والله حتى لو كان نصرانيًّا فلن تمسّه بسوء. أليس هو في ضيافتنا الآن؟، كما أنه غريب!. وركب طلَق فرسه في إثر الهتيمي. أما نحن فواصلنا سيرنا إلى ابن ناحل الذي وجدناه قد رحَل بالأمس من منزله السابق. وصلنا إلى ابن ناحل وقت الظهيرة وكان نائمًا. واستغرب الجميع عودتي. لكن صاحبي مطلق واجه الجميع محاولًا الدفاع عني. وبعد لحظات استيقظ خلف، وجاء بنفسه، وقال بعد أن نظر إليّ: هذا خليل مرة ثانية! والآن يا خليل؛ لقد تخلَّى عنك الهتيمي الـ. . . . .!. والله لو عرفت أنه أخذ كامل الأجرة لقطعت رأسَه وعقرت ذلوله. ثم خاطب أولاده: لا بأس اعملوا القهوة. فأجابه الولد: لقد جهّزنا القهوة وها نحن نشرب منها .. فقال له اعمل قهوة جديدة ولا تدَّخر منها شيئًا!)
(2)
.
(1)
المصدر السابق ص 312.
(2)
المصدر السابق ص 312 وما بعدها.
خلف يعطى موافقته على إيصال داوتي للقصيم:
يشير داوتي إلى أن ابن ناحل وفَّى بوعده السابق ووافق على إيصال الغريب إلى مقصده بعد أن تخلّى عنه رفيقه السابق بطريقة غير لائقة، فانقطعت به السبيل، إضافة إلى أنه أصبح في ضيافة واحد من حرب. ويقول داوتي إن خلف بن ناحل وافق على سفره للقصيم، وطلب من مطلق أن يوصله إلى هدفه.
ويذكر داوتي أن تأخر لبعض الوقت عند عرب ابن ناحل قبل أن يرحل إلى القصيم، حيث يقول:(لقد تسبّبَت إشاعة مفادها أن ابن سعود ومعه عتيبة ربّما يغزون على حرب في تأخير بقائي عندهم، لكن مطلق طمأنني قائلًا: اصبر، حتى نسمع صحة تلك الأخبار، وبعدها سوف أركب معك بنفسي، ليس إلى عنيزة فهم أعداؤنا ولا إلى بريدة، ولكن إلى صبَيْح بقرب النبْهانية. إن أهل تلك القرَى من جماعتنا. وسوف نرسلك من هنالك مع بعض الجماميل)
(1)
.
معلومات هامة عن خلف بن ناحل:
بالرغم من حراجة المواقف التي تعرض لها الرحالة داوتي أثناء رحلته، والإهانات التي لقيها في صحراء الجزيرة ومدنها بسبب تعصبه الزائد لديانته، إلا أنه كان منصفا في حديثه بشكل عام، حيث يتضح من قراءة مذكراته أنه كان يكتب مشاهداته بواقعية تامة، وقد أدى هذا الأسلوب الكتابي لدَى داوتي إلى شيء من عدم الترتيب بالإضافة إلى الإسهاب الممل أحيانا. وهكذا نجد أنه يسهب في وصف الجزئيات والأمور التافهة، ويختصر في مواضع لا يحسن فيها الاختصار. إلا أنه وبالرغم من ذلك، فإنه يمكن استخلاص معلومات هامة وقيمة خاصة عن الشيخ خلف بن ناحل سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، منها ما يتعلق بكرمه ومنها ما يتعلق بثروته ومنها ما يتعلق بمكانته الاجتماعية والسياسية في قبيلته ولدى القبائل الأخرى وكذلك علاقته بالأمير محمد بن رشيد.
(1)
المصدر السابق، ص 315.
كرَم ابن ناحل كما يراه داوتي:
لقد سجل داوتي إشارات مهمة عن كرم بن ناحل وحسن أخلاقه، بالرغم من عدم حسن استقبال ابن ناحل له بسبب ديانته النصرانية، وبسبب شكوك ابن ناحل حول حقيقة هذا الغريب، وارتيابه من مهمته الحقيقية وأهداف وصوله للمنطقة.
وقد كانت أولى الإشارات إلى كرم خلف بن ناحل ما سجّله داوتي قبل أن يصل إلى مضارب ابن ناحل، حيث كانت شهرة خلف في هذا الجانب حديث العربان الآخرين، ويصف داوتي ذلك عند العرب الذين أشاروا عليه بالذهاب إلى ابن ناحل والذين كانوا كثيرون ما يتحدثون عن ابن ناحل وثروته وكرمه، مثل قولهم:(إن بيته كبير جدًّا، وهو غني عظيم الثراء. أوف! ستجد عنده كل أشكال الجود والكرم وعندما تأتي إلى بيته قل له: أرسلني يا ابن ناحل إلى القصيم، وسيفعل). ويقول في إشارة أخرى وهو يصف وصوله إلى بيت ابن ناحل: (ونزلنا عند ابن ناحل وكان بيته كبيرا. . .) - إلى أن يقول: (وارتفع صوت نجر القهوة وكأنه يدعو الأضياف للقهوة في بيت ابن ناحل، وهنا رأيت رجلًا عظيما ومعه رفاقه لشرب القهوة، إنهم ملوك القهوة في الصحراء).
وفي موضع آخر يشير داوتي إلى ذلك بشكل غير مباشر وهو يتكلم عن وصوله للمرة الثانية إلى خلف بن ناحل بعد أن أخبره بهرب رفيقه معتوق واضطراره للعودة إلى خلف، حيث يقول داوتي عن خلف إنه قال:(لا بأس، اعملوا القهوة؛ فأجابه ولده: لقد جهزنا القهوة، وها نحن نشرب منها. فرد عليه خلف: اعمل قهوة جديدة ولا توَفّر منها شيئًا!)
(1)
.
خلف ومكانته السياسية والاجتماعية:
قبل أن نستعرض ما ذكره داوتي عن هذا الجانب، فإنه يجدر بنا أن نشير إلى جماعة خلف بن ناحل من قبيلة الأحامدة الذين وصلوا إلى نجد والذين كان لهم حضور قوي وسمعة طيبة، برز ذلك من خلال نشاطهم التجاري والسياسي كحلقة وصل بين مدينة حائل المزدهرة في ذلك الوقت وبين المدينة المنورة. فكان لهم إسهام مشهور في مرافقة قوافل الحج والقوافل التجارية بين منطقة حائل وبين
(1)
المصدر السابق ص 313.
الحجاز، كما كان لغيرهم من قبائل حرب أيضًا مثل هذا الدور. وهكذا فقد كانت العلاقة مع أمراء حائل من آل رشيد قوية وعريقة
(1)
.
ومن هذه الخلفية التاريخية ظهر خلف بن ناحل، لكنّه أوجد لنفسه مكانة بارزة، صنعها بنفسه ولم يرثها من أحد. لقد بنى مجده معتمدا على عصاميته ونجاحاته الشخصية التي استثمرها بشكل جيّد وموّفق.
أما معلومات داوتي عن هذا الجانب من شخصية خلف بن ناحل فتتمثل في الإشارات المختصرة التي يمكن عن طريقها استنتاج معلومات تاريخية هامة بهذا الخصوص.
يقول داوتي في إحدى ملاحظاته واصفا ابن ناحل: (إن حياة ابن ناحل على ما فيها من الدَّعَة التي تضفي على من يعيش معه نوعًا من الابتهاج، لا تساوي شيئا إلى جانب نجاحه المتراكم. إن عربان نجد يطلقون على مثل هؤلاء الأشخاص: الأثرياء. لكنه اليوم شيخ عرب. وحيث إن العرب لا يجمعهم إلّا رابطة الدم فإن كثيرًا من أهل البيوت الذين يرحلون وينزلون مع ابن ناحل هم جماعته. إضافة إلى كونه من رجال ابن رشيد)
(2)
.
ويشير داوتي في موضع آخر إلى ممارسة خلف بن ناحل لغزو القبائل الأخرى فيقول: (وكأي بَدَوِي، فإن ابن ناحل يمارس الغزو مع جماعته، وغالبا ما يكون باتجاه عتيبة. وكانوا يستعدون للغزو في أحد الأيام القريبة القادمة)
(3)
.
داوتي يصف ثروة ابن ناحل:
لقد تحدث داوتي عن ثروة خلف بن ناحل كثيرا، حتى بدا في مذكراته وكأنه يقدم تقريرًا اقتصاديا، حيث قدم معلومات مفصلة ودقيقة عن رأس مال هذا الشيخ العربي في قلب الصحراء. وسوف نستعرض فيما يلي مقتطفات مما أورد داوتي بهذا الخصوص:
(1)
انظر جريدة عكاظ العدد 6270 يوم الأحد 28 شوال 1403 هـ الموافق 7 أغسطس 1983 م. مقال للأستاذ محمد حسين زيدان.
(2)
المصدر السابق ص 314.
(3)
المصدر السابق ص 315.
يقول داوتي في معرض حديثه عن قصة نجاح خلف بن ناحل في تحقيق ثروته من المتاجرة بالإبل وغيرها: (. . . لقد بَرَز من خلال متاجرته بالإبل ليصبح من أغنى أغنياء العرب الجنوبيين، حتى صار له عملاء يسافرون للمتاجرة له في بيع القهوة والملابس بين البدو، كما زاد عدد ماله من الإبل حتى قسمها إلى مجموعتين)، ويضيف داوتي مستطردا:(. . . إلى جانب ذلك فإن عنده من الفضة ما ينظر إليه العرب على أنه كنز عظيم، محفوظ في خزانته. لقد قام ابن ناحل بأولَى مغامراته التجارية الهامة قبل سنوات عندما جلب قطيعًا من الإبل إلى سوق مصر. لقد عَبَر هذا الحربي مئات الاميال الصحراوية بصحبة رفقاء الطريق، في حين كانت عيون قبيلته تتجه نحو المدينة، ولم يعتادوا على السفر إلى تلك البلاد، لكنه وصل - إلى مصر - بسلام. وبلغت أرباحه 70 %).
ثم يذكر داوتي أن خلف قام برحلة أخرى بعد ذلك لكنها لم تكون موفقة كسابقتها، وهذا هو حال التجارة.
ويضيف داوتي محاولا تقدير ثروة خلف بن ناحل بشيء من الدقة الواضحة: (وفي تقديري أن ثروة خلف بن ناحل تقدَّر بألفي جنية استرليني بما في ذلك إبله التي تبلغ 300 رأس ومخزونه من الفضة. ولا شك أن ذلك يعتبر ثروة طائلة في وسط الحياة الصحراوية الفقيرة)
(1)
.
خلف بن ناحل في ذاكرة الشعر
إذا كان خلف بن ناحل لم يجد من يؤرخ له من أبناء جلدته، فقد حتمت عليه ظروف الزمان والمكان أن يكون بعيدا عن الشعراء الفصحاء، ولهذا فقد كان لا بد للشعر العامي الذي كان سائدًا في مجتمع خلف بن ناحل أن يسد هذه الثغرة، وأن يسجل بكل أمانة جانبا هامًّا من جوانب شخصية خلف، ولِمَ لا والشعر ديوان العرب، سواء كان فصيحا في زمن الفصاحة أو عاميا في زمن العامية؟
(1)
المصدر السابق ص 315.
وبما أن العرب يعتمدون على الحفظ في نقل أخبارهم وأشعارهم، ولا يعتنون بالتدوين والكتابة فقد ضاع جزء كبير مما قيل في خلف بن ناحل وكرمه الذي صار مضربا للمثل عند الشعراء الذين عرفوا ابن ناحل أو سمعوا به.
وبما أن ما لا يدرك كلّه لا يترك جُلّه، فقد رأينا أنه من المناسب عند الحديث عن خلف بن ناحل أن ندوّن ما أمكن الحصول عليه من الشواهد الشعرية التي تؤيد ما سمعه دواتي وما ذكره عن شخصية خلف بن ناحل.
وقفة مع بعض الشعراء الذين أثنوا على خلف بن ناحل:
لقد قيلت في خلف بن ناحل وأسرته أشعار كثيرة وقصائد طويلة بعضها في عصره وبعضها بعده، ومع أن كثيرًا من تلك الأشعار قد ضاعت ولم تحفظ، إلّا أننا سوف نحاول هنا إيراد بعض الشواهد لبعض الشعراء الذين شهدوا لخلف بن ناحل وأسرته بتلك الخصال الحميدة وعلى رأسها خصلة الكرم التي تميَّز بها خلف بن ناحل، مع إعطاء نبذة قصيرة عن كل شاعر. ومن أولئك الشعراء ما يلي:
1 -
حمود بن رشيد:
هو الأمير الشاعر حمود بن عبيد العلي الرشيد أحد أعيان أسرة آل رشيد حكام حايل سابقًا. وحمود بن رشيد أشهر من نار على علَم في ميدان الشعر العامي في نجد، إضافة إلى شهرته في الإمارة الرشيدية في عهد محمد بن رشيد. وقد توفى الشاعر حمود بن رشيد سنة 1326 هـ بعد حياة حافلة بالشهرة والحوادث السياسية. وقد ترك حمود بن رشيد عددا من الأبناء والأحفاد إلا أن كثيرا منهم قتلوا في حوادث متفرقة، ولم يبق منهم سوى ذرية سليمان بن عبيد بن حمود بن رشيد وهم يمثلون اليوم إحدى الأسر الرشيدية الكريمة.
وقد قال حمود بن عبيد بن رشيد عدة أبيات اشتهر منها البيت التالي الذي صار مثلا يستشهد به كل ما ذُكِر خلف بن ناحل:
يا من خبر يحذي وهو ما كسَب شِين
…
يا كود ابن ناحل بماضي الزماني
وهو يشير إلى القصة المشهورة عن خلف بن ناحل وهي أنه في إحدى غزواته عاد بدون كسب، ولما أقبل على عربه استقبله طالبو العطايا وكان من ضمنهم الزمَّال وهو الذي يعتني بزوامل خلف بن ناحل وراحلته الخاصة، وهم يظنون أن الشيخ خلف قد عاد بالغنائم كعادته، فما كان من خلف إلَّا أن أعطى كل من سأله وعلى رأسهم الزمّال من إبله الخاصة.
2 -
الراوية محمد العبَيّد:
وهو الراوي والمؤرخ المشهور محمد العلي العبيِّد من أهل عنيزة، وهو من مواليد سنة 1300 هـ أو قبلها بقليل، وتنقل بين القصيم وحائل والحجاز والعارض، وعاصر آخر إمارة ابن رشيد وشطرًا من عهد الشريف حسين، إلّا أنه عاصر الملك عبد العزيز رحمه الله، وعاش إلى أن توفي في حدود سنة 1390 هـ اشتهر بصدق الرواية وسعة الاطلاع وله مخطوطة غير منشورة أشار فيها إلى كرم خلف بن ناحل وشهرته.
3 -
ابن شرَار:
هو الفارس والشاعر جهَز بن شرَار أحد فرسان وشيوخ قبيلة ميمون من بني عبد الله من مُطير، حيث يقول من قصيدة معروفة في إحدى الوقعات في البادية:
وخلف ربيع الضيف والاهليَّة
…
يا ريف خِطَّارٍ على الزاد شفقين
4 -
فرج بن خربوش:
هو الشيخ والشاعر فرج بن خربوش الأسلمي الشمري وقد قال من قصيدة طويلة يثني فيها على شيوخ قبيلة حرب:
خلف بن ناحل ببَيْته تقل عِيد
…
اللي عطا الزمَّال من حر ماله
5 -
الشاعر عبيد الله بن سالم الشمري:
ونشير هنا إلى قصة غثيث بن نزال القدهي الغريري الشمري مع الشيخ حجر بن ناحل رحمه الله، حيث لحقه دَين كثير فقصد الشيخ حجر بن ناحل
واستنجد به فقام النواحل بإيفاء هذا الدين في قصة مشهورة ومشهودة أشار إليها الشاعر عبيدا الله بن سالم بن طراد الشمروخي الشمري في قصيدة له. وقد أذيعت هذه القصيدة بصوت صاحبها في برنامج من البادية من إذاعة الرياض يوم الثلاثاء الموافق 9/ 5/ 1413 هـ منها هذا البيت:
الشيخ ابن ناحل ربيع المحبِّين
…
عز الرفيق اللي سطَا به زمانه
وسوف نورد القصيدة كاملة في هذا الكتاب إن شاء الله.
6 -
سبيل بن سند:
وهو الشاعر الكبير بن سند الحِصْني المزيني من بني سالم من حرب الذين أثنى على الشيخ ابن ناحل في عدة قصائد منها قصيدته التي منها هذا البيت:
ونسيت ابن ناحل مع الضيف وِقُرَاه
…
الخيل عطاها وعطا البل
(1)
وهايب
7 -
شجاع الذويبي:
وهو شجاع بن عواد الذويبي من فرسان وأعيان بني عمرو من حرب من قصيدة له أرسلها عندما أصيب جواده في أحد غزواته على عتيبة ووقع في يد أسر أعدائه، فأرسل القصيدة التالية يستنجد بقومه، ومنها:
وابَمْتني بيْضان والا غيَادِين
…
اللي يشدُّون الشوَش باليَمَاني
وإلَّا النَواحلَ شوفهم يعجب العين
…
قطعانهم ترعى الخطر دون عاني
8 -
حبيب بن عوّاد العريمة:
هو الشاعر حبيب بن عواد العريمة من بني سالم من حرب، الذي قال من قصيدة له يثني فيها على جيرانه النواحل:
قالوا تغِيب وقُلْت ما من مغِيبة
…
مغيبتي يم النواحل هَلَ الطِّيب
(1)
البل: الإبل.
9 -
ضيف الله بن درباس الوهبي الحربي:
هو الشاعر ضيف الله بن درباس من الوهوب من مسروح من حرب والذي يقول من قصيدة له:
رجَال النواحل عندهم يرخص المِيْر
…
رِيْف لهَتّاش الخَلَا والضعَفي
10 -
محمد العسيلي:
هو الشاعر الكبير محمد بن عبد الله العسيلي المرواني المزيني من بني سالم من حرب الذي يقول من قصيدة له موجهة إلى الشاعر الأسير محمد بن أحمد السديري رحمه الله، يمدح فيها شيوخ حرب:
أيضًا خلف رِيف البيوت المبَاحِيت
…
له بالكرم خط على الناس طايل
11 -
عبد العزيز أبا العون:
هو الشاعر عبد العزيز بن محمد أبا العَون من بني سالم من حرب والذي يقول من قصيدة له في مدح النواحل:
يا الله اتْخَلّي للنواحل شرِيدة
…
نطّاحة الواجب رجَال الشكَالة
12 -
سعد بن صامل السليمي:
هو الشاعر سعد بن صامل من وِلْد سِليم من بني سالم من حرب أمير هجرة مرّان الذي يقول من قصيدة له مادحًا النواحل:
ارجال النواحل يا فهَد طبعهم غَيْر
…
حُمولةٍ يُشهَد لها في صَخَاها
13 -
حسين بن حمدان:
هو الشاعر حسين بن حمدان الشمري الذي يقول من قصيدة له موجهة إلى غريب بن فهيد بن ناحل:
ابن فهيد اللي به الخير والطيب
…
الناحيلي اللي به الطيب أشاره
عِز القريب وزايد للأجانيب
…
ودرب النشاما ماشِي به وكاره
من لابَةَ وقت الحرايب معاطيب
…
اللي نصَاهم هم عماره دمَاره
أهل الكرم وأهل الوفا والمواجيب
…
والماكر الطّيب تَبَيَّن حَرَاره
رَبْعٍ على دَرب المراجل محاضيب
…
درب الكبَار وتابعينه صغَاره
14 -
سليمان بن شعيب:
هو سليمان بن شعيب من بني سالم من حرب يقول من قصيدة له:
نواحل لطَلَّابة الدَّين مِضْحِين
…
رجّالهم مع الكرم خف نابه
15 -
ابن بَليْهَد:
هو المؤرخ والشاعر محمد بن عبد الله بن بليهد المتوفى سنة 1377 هـ، صاحب كتاب:(صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار) حيث أورد في كتابه المذكور ما يروى عن الشيخ ناهس الذويبي شيخ بني عمرو من حرب أنه سُئل عن أشجع حرب وأكرمها، فقال أشجع حرب مانع بن مريخان وأكرمها خلف بن ناحل
(1)
.
16 -
صالح بن صخيبر:
وهو الشاعر الكبير صالح بن. . . بن صخيبر من بني علي رحمه الله، حيث قال من قصيدة طويلة يمدح بها شيوخ حرب:
والشيخ ابن ناحل يسرّك ذِكْره
…
شيخ بتشييد المكارم جاد
خصايله ما اظن توجد بغيره
…
ما ياخذ الرَّوَّاي والمدَّاد
ما هو بضارِ بالضعافا يصيدها
…
ليَا اعتزى سوّه على الأضداد
. . . إلخ.
(1)
انظر ص 106 من ج 2 من كتابه صحيح الأخبار.
17 -
وقال الشاعر حدجان الحزيمي من عتيبة من قصيدة له:
يا راكب اللي كنهن القرانيس
…
مرباعهن بمريطبة والثنادي
صوب النواحل كاسبين النواميس
…
والْهُم من البيضا ثياب جدَادي
الشواهد في قصيدة واحدة!
من الصدف المفيدة أن أحد شعراء النواحل وهو الشاعر غريب بن فهيد بن ناحل تعرض في أحد المرّات لموقف طريف، وذلك أن أحد الجالسين في مجلس عام أثنى على خلف بن ناحل ثناء بالغا، لكن واحدا من الحضور الذين لا يعرفون ابن ناحل معرفة تامة، ولا يعرفون متى يحسن الكلام ومتى يحسن الصمت، حاول التقليل من شأن خلف بن ناحل. فرد عليه المتكلم الأول وأسكته. فكان هذا الموقف سببا في تأليف قصيدة تجمَع ما قيل عن خلف بن ناحل بشكل خاص، وما قيل عن أسرته بشكل عام، وهي الشواهد التي استعرضناها قبل هذا، أما قصيدة غريب بن ناحل فهي:
هات القلم والبُوك واكتب عناوين
…
ما قالوا الشعَّار عامٍ بَعد عام
عن مَدْحهم بِمكَبّرين الدواوين
…
نواحلٍ من مَنهل الجود وِكْرام
نواحل دايم عَلى الطِّيْب لازين
…
رجَّالهم بالطيب له تاج ووْسام
يشهد لهم حمود بعطا البعارين
…
يشهد لهم الضيغمي ماضي الأعوام
خلَف عطَا من الجيش ستّه وتسعين
…
غير أربع من الخيل بِسروج ولِجام
ويشهد لهم بالطيب شيخ الشيَابين
…
ابن فهَيْد اللي على الطيب جَزّام
وابن خليفة من رجال المَرَاوين
…
حَط النواحل بَاوّل الشعر قدّام
وابن شرَار اللي كلامه موازين
…
ما قالوا الشعّار بالشعر ظَلّام
وفرَج ابن خربوش راع الشرَايين
…
أهل اللحَيْسَة فوقها كَبْشَها إيدام
وغَثِيث ابن نزّال دَيْنه ملايين
…
خَلّوه عقب الدّين يرتاح وينام
وسبِيل أبو سليمان عَدَ المسمين
…
عَد النَوَاحِل يوم فيه الطَنَا زام
وقال الذويبي شوفهم يعجب العَين
…
ساعة جواده صابته بعض الاسهام
وحبيْب بن عوّاد قوله صخيين
…
شعر العرَيْمة ما تطَرّق للاوهام
ويقول ابن درباس بالطيب وافين
…
ريفٍ لِهِّتاش الخلَا هفم والايتام
وابن العسيلي يرفَع الراس ويبين
…
شِعره كما الياقوت نَظْمه تنظّام
وعبد العزيز من الرجَال العزيزين
…
كلامه أحلا من لبن كل مُرزام
وسعد ابن صامل من الرَّبْع الأدنين
…
شعره جزيلٍ بالمعاني والأحكام
بالطيب والمعروف يشهد لنا حسين
…
ويشهد لنا التاريخ مع بيض الأيام
ابن شعيْب بمَدحهم له براهين
…
يوم المزيني واقفٍ قدم الاخصام
وابن بليهد ما شهد فيه يكْفِين
…
ولا احدٍ بحال اللي حقودٍ ونَمّام
ويوم اللقا فيهم ارجال شجيعين
…
شجيعهم ينطح طوابير الاروام
أهل اطوال الخيل بالعسر واللين
…
بالهون أم حويد باعنان وخزام
وكل القبايل بهم رجال كريمين
…
يوجد بهم الطيب من قبل الإسلام
حَكَم بدَاح العنقري بشعره الزين
…
الطيب بين الناس مِتْوزع أقسام
الطيب لاهل الطيب سابق وهالحين
…
يشهد به التاريخ مع طرس الاقلام
يا ظالمين الناس مخطين مخطين
…
الناس تُعْرَف بالفعايل والاقدام
وتمت شهادات الشيوخ الأديبين
…
يفخر بها رَجْل النواحل اليا قام
وتم الكلام اللي مشَدّه عناوين
…
وما قالوا الشعار عام بعد عام
وصلاة ربي عد حجٍ ملَبّين
…
وعداد ما طافوا على البيت بِحرام
على محمد خاتم للنبيين
…
امجاهد الكفار عِبّاد الاصنام
والشاعر غريب بن فهيد بن ناحل غني عن التعريف فهو من الشعراء والرواة المشهورين في قبيلة حرب، يتميز بموهبة نادرة في حفظ الأشعار والأخبار فضلًا عن تميزه بالرجولة والكرم كأسلافه.
ب - ولد محمد "المحمدي
"
وهم أبناء محمد بن رعاية السُّلَمي وقد أسلفنا أن محمد نزل على التميمي وسكن وادي الحمض والعيون والجفر وسفوح الفِقرة وأنجب من الأولاد أربعة.
سليم - ساعد - سعدان - وافي - والتمم هم سكان الديار الأصليين، ثم انضموا إلى الوافدين إليهم فدخلوا فيهم.
وسمي وافي بوافي لأنه خديج ابن سبعة شهور متفائلون به خيرًا وقالوا له الوافي إن شاء الله. الوافي. . الوافي. . . . وأصبح عالقًا عليه.
وفي رواية أن محمد بن رعاية السُّلَمي قد وزع إبله بين أبنائه فأعطى سليم المليحا، وساعد العوجاء، وسعدان الهدلا، وأن ولد سليم نزلوا (الفقير) ولهم فيه أكثر من قليب
(1)
ماء والهميج، ووصل الحوافا حتى الطبيق شمالًا بينهم وبين عنزة.
وفي ديار ولد سليم من المحاميد بحائل:
بطيحان، البعايث، الجبرية، حريد، ذوقان، الرفيعة، الزغيبية، شعيل، العجاجة، فغانة، كتيفه، المشاش، المطيري، النشاش.
وفي القصيم: الطرفاوي - الشقران وغيرها.
ويقال إن اليحيوي مواليًا لولد محمد خاصة عن باقي فروع ميمون من بني سالم.
وإن ولد عَلَا من بني سالم أصلًا من ولد محمد (المحاميد).
ومن المحمدي قوم مع قبيلة العزازمة في صحراء النقب بفلسطين وسيناء بمصر وبينهم وبين الشواربي (الأحمدي) مصاهرة ورحم بالقليوبية من الديار المصرية.
(1)
القليب: بئر الماء شمال وادي الحمض.
وولد محمد وفروعهم كالتالي:
1 -
ولد سليم:
تقول روايات ولد محمد أن سليم ابنًا لمحمد وانشق عن إخوته وأصبح مباريًا ومناظرًا لهم ويقطن ولد سليم الجفر ومنهم من سكن وادي الرَّمه ومعالي نجد، وكان انتقالهم إلى نجد بالقرن 13 هـ.
ومن ضمن من دخل إلى جانب الملك عبد العزيز رحمه الله في معركة السبلة بنجد قبائل كثيرة ومنهم ولد سليم من المحاميد من حرب على رأس شيخهم ابن ناقي، وقد برز من ولد محمد رجال فوارس كماه بالوغى.
ويقال أن شيخ بني صخر محمد الخريشاء بالأردن من ولد سليم من ولد محمد هؤلاء.
من الألوية التي كانت إلى جانب الملك عبد العزيز آل سعود ألويه ولد سليم مثل:
لواء البعائث: وأميرهم رباح بن مطلق السليمي
لواء القرين: وأميرهم عبد المنعم بن ناقي السليمي.
لواء المحلاني: وأميرهم رشيد بن رسن السليمي.
لواء البدع: وأميرهم جاوان البلحي
ومن ألقاب ولد محمد عند البادية.
"دفانة الركبة"، "أهل المليحا".
"مربية الناقة هرجتهم برواقة"، "شرابة الحليب صويبهم ما يطيب"
وقد اعتنى ولد سليم بالخيل سابقًا وكانوا من أشهر حرب في نجد بجوار الفردة وكانوا يقتنون الحمدانيات، والصويتيات.
وقال أحدهم بذلك:
الملح يضرب في مثاني الخيل
…
أما تجي والاتروح
لعيون من ريخة زباد وهيل
…
اللي عن الخايب طموح
ويقال أن من ولد محمد (الوفيان) مع زبيد الشام من حرب ويسكنون الخشاش بين جدة وعسفان.
وسم ولد سليم هو الهلال على الرقبة مع الشاهد.
ومن فروع ولد سليم الآتي:
1 -
الرديهات - المبارك.
- العطية: ويقطنون الثمامة بين القصيم وحائل.
- المسرة: وقريتهم العجاجة مشرق الثمامة.
- العويضة: قريتهم البعائث. وشيخهم ابن مطلق.
- الجماعة: ومنهم الناقي. . . الشبارقة. . . الفراعين. ومن شيوخهم ابن ناقي وابن رباح.
2 -
السواعد: ومنهم: 1 - ذوي حريب 2 - ذوي رويشد ويتفرعون إلى الأقسام التالية:
أ - الزغيبات: وفروعهم: المطابحة - المشايطة - والمطالعة - ومنهم أناس بنجد بقرية الخشيبي، وشيخهم صلاح صالح الجذي بوادي الحمض - الصمادية - الدلابحة - الظلامية - ذوي سحيم - الشلايين - الجرابعة - الجماعة.
ب - العجيات - المهارى - الرمحة - الضباء - الوفيان.
وشيخهم رباح حليس العجيان.
3 -
السعادين: ومنهم:
أ - الحوافا: ولهم شوكة وحدة وعدة مقارعات مع الأعراب وفروعهم: المهيلي - المصاريع - المهانية - الذيابا - العيادا - اليزد - وأميرهم غانم سعود بن
سعد الحويفي. والحوافا هم من شيوخ المحاميد البارزين. ومن اليزد: غازي متروك مناور.
ب - الحبالين: ومنهم:
المصلح - الحطاحطة - المشطة - الضعينات - السكارين.
وشيخهم شباب بن طلق.
الوفيان:
ويسكنون سفوح الفقره الغربية ومنهم:
العرجان - المزاريع - السليمان - البراعصة - الغفر - ذوو حماد - بنو حسن - الشكارنة - الدرمة - الملاوية - ذوي نمير.
وشيخهم سليمان البريعص.
5 -
التمم: ومنهم ما يلي:
المساهرة - الشتابلة - الزوارعة - الجدعة - العوامرة - البدون.
وشيخهم عبد العزيز حسن بن سافر.
ومعروف لدى قبيلة حرب أن المحاميد أهل إبل وبادية متنقلون ويُلقَّبون بأهل (الملحاء) نسبه إلى إبلهم الأصايل.
يروى
(1)
أن لديهم إبل تسابق الخيل بعدوها لأصالتها وعريب ساسها، وأن المحاميد يعقلون أرجلهم دون إبلهم عند قدوم الطامعين.
أما أن افتكها أو مات دونها وهذا القول في الوقت الماضي وهو معروف لدى القبائل المجاورة.
(1)
ذكر لي رجل من المحاميد أن أحد أسلافه طردوه لصوص وهم على خيل وهو على جمله فلم يلحقوا به لسبق جمله وأصالته!!
ويروى أن بني محمد (دفانة الركبة) حيث إن جلّ بني سالم من حرب يطلق عليهم هذا اللقب وامتاز به المحمدي.
ومن خلفاء المحاميد من سكان المدينة (النزهات) وهم مع حلف الزغيبات. وبيت أبو عظمه مع حلف الظبا من السواعد.
وهذه قصيدة للواو من جهينة وهو خوي مع عنزة ويمدح بها ولد محمد:
حياك مطلق ليم الغزو عادي
…
ونوخ مناخ محاضيات الحفافير
يم شاف حمرة مرتعة بالبلادي
…
ما قال يا ربي عليك التدابير
من عقب المرود جاه النكادي
…
يقول أهلها بالمدينة مسايير
لحقوا هلا الهدلا كعام المعادي
…
لعيون من تتلا المشايع على ضير
سعد لعيون مصلفحات التوادي
…
يقول ما دون العشاير معاذير
وصلاح مرخي راسها للطرادي
…
وشيهانة ان هدت بصيد مخامير
يوم أخو سكره لمطلق ينادي
…
ويقول من عين عقيد المناعير
يبيه في شلفا تخض الفوادي
…
ومصوغة بالجب عند البواطير
النص من قومه نشب بالشدادي
…
وكلا رديفه يقرطه كنه الزير
ومن ذل هاك اليوم والجمع بادي
…
ودك تعديه المبهر ليادير
لولا جناب الضلع رحنا سمادي
…
ونخلي ظهور اللي تقول النواطير
من قصائد ولد محمد قديمًا هذه القصيدة وهي في إحدى غزواتهم:
يا راكب من فوق حيلا هميمات
…
اسبق من النظرات رد النعامي
يومنك يالقنص جيتنا بحيلات
…
والكل منا هاجعًا بالمنامي
تعايدوا بوسوطهم للنظيفات
…
ومشوكًا يشظي صليب العظامي
خلو طيور الجو عندك مقيمات
…
توقعن عندك على كل عاجي
هذا الحويفي ضاريله بعادات
…
عادات أخو هلة زبون الجهامي
وهذه لابن صوت الحربي طبيب حرب سابقًا يقول:
حياك ولد محمد زبون الونية
…
نطاحة البيرق وهمة وطانا
غاروا علينا غارة جرهدية
…
طشوا علينا الحيطة من ورانا
ويقول الرواة: إن الطوّقة في بني صخر بالأردن ينتسبون للأحامدة وأن جدهم حمد الدجراء ويقال: (تزوج حمد من بنت الجرمي وخلفت الجرمية ولدًا واسمه طوقان والأحمدية ولدًا واسمه طويق).
ومن طويق بن حمد الدجراء الطوقه مع بني صخر.
ومن طوقان الرفادات مع قبيلة بلي.
ومن بني صخر أيضًا الكعابنة ومنهم: الخرشان، والجبور ويقولون أنهم من ولد محمد من حرب وبالأخص من ولد سليم ووسمهم الصليب وأحيانًا تضاف العرقاه.
علمًا أن وسوم بني محمد من حرب الشاهد والخطيم ولكن بعض الشيوخ حرّموا الكي بالنار على وجه البهيمة، وتميزوا محن غيرهم بعدة وسوم لأجل تفرقهم عن إخوتهم ومنها مع السعادين ووسمهم الهلال.
الحوافا c الهلال على خد المطيه والمطرق تحت العين.
المصاريع المهاينة c.
ويجعلون العرقاه أخر الرقبه وهي عباره عن نقطه (.).
الحبالين T مغيزل، اليزد T مغزل على الرقبه وتضاف أحيانًا شواهد. أما التمم من ولد محمد ووسمهم الصليبه T تحت الأذن بامتداد الرقبة.
السواعد: الهلال C.
ولد سليم: الهلال على الرقبة مع الشاهد C.
ج - التراجمة
هم أبناء علي بن رعاية بن ترجم من من سلالة العباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه.
ويقال أن أبناء علي احتفظوا بالاسم والوسم
(1)
أي أنهم انتسبوا إلى الأصل وهو ترجم والد رعاية كما هو جائز وإن كان باقي أبناء رعاية قد انتسبوا إلى الجد الذي أسسهم من رعاية كالأحمدي من حمد بن رعاية، والمحمدي من محمد بن رعاية.
علمًا أن رعاية وخليفة حد المخاليف أبناء عم من نسل العباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه والأسماء بعد ترجم كثيرة لا يعرفها الرواة من التراجمة.
ويقال للأحمدي: نسبه إلى أحمد في اللغة الفصحى ولكنهم أبناء حمد وليس أحمد، مثل الأسعدي في التراجمة أبناء سعد وإن كانت النسبة اللغوية للأسعدي هي أسعد، ولكن تم ذلك عند انتشار العامية التي أصبحت لا تتقيد بقواعد اللغة والإعراب.
وقيل أن بني سالم من حرب يتواصلون عند التراجمة في طريف المري بالصفراء، ويؤخرون طلايبهم إلى حين حضور التراجمة، وفي التراجمة عدة قضاة الآن وعلى مستوى قبيلة حرب ومنهم محمد بن نويفع الكرعاني الملقب (قاضي العوفية).
قصة علي (جد التراجمة)
قدم علي بن رعاية على الأشراف في (خلص) وهو حامل ساق شجرة بعد تثقيفها وتجريد لحائها ومعه على جمله كيسين من حب الحنطة فسأله الشريف
(1)
الوسم: وسم الإبل وأشاراتها التي تميزهم عن غيرهم من القبائل.
عنهما، فقال علي: هذه عصاي. . . وهذين الكيسين هما قضيم لي أتسلى به فذهل الحسيني
(1)
منه، وأمتحنه بستين كيسًا من حب الحنطة وأن يطحنها خلال ثلاثة أيام وإلا قتله فوزعها علي بالمد والمدين والكيس والكيسين بين منازل العرب وأعطى عليها نقودًا وأحضرها إلى الحسيني في موعدها فأعجب من فطنته فزوّجه وأسكنه بجواره.
وينقسم التراجمة إلى قسمين هما
أولا: ذوي رميثة:
1 -
ذوي سعد:
أنجب سعد مرشد، ومن مرشد سعد وعواد، ومن عواد (العواويد)(وهم أقوى التراجمة شوكه سابقًا) ومنهم ذوي بدوي وذوي زويد وذوي سليمان وأبناء سعد بن مرشد هم، راشد، ورويشد، وجميل.
ومن راشد إبراهيم (البراهمة) فأولاد إبراهيم: ثامر وسالم ومن ثامر ذوي سليمان
(2)
ابن مغيضه فقط ومغيضة نسبة لأمه النويجعية
(3)
لأنها ربته بعد موت أبيه وهو صغير بين يديها ويقال له عقيد الحرب (راعي البيرق) ومن بعده ابنه عليًا.
ومن سالم بن إبراهيم ذوي عوده وذوو عويد وذوي عيد وقد اشتهر عنهم بالصلاح والتدين.
(1)
كان الحسينيون سكان المدينة المنورة ومنهم من سكن نجد وتفرقوا في البوادي، ويقال لخيف كبير به أشجار ونخل في الصفراء (الحسينية) إلى الآن ونسبه إلى هؤلاء من الأشراف الهاشميين.
انظر أشراف الحجاز للشريف محمد بن منصور بن هاشم الحسني.
وانظر الجوهر الشفاف فيمن نزح من المدينة من الأشراف لناصر الحسيني.
وانظر الدرر السنية للأنساب الحسنية والحسينية للشريف أحمد البرادعي الحسيني.
وانظر زهرة المقول بنسب الرسول للشدقمي الحسيني.
(2)
ومنهم الباحث محمد غالي الترجمي.
(3)
هي من القرعان من النواجعة.
أما رويشد فمنه الشتاوية
أما جميل فمنه (العفران وهم أكثر أهل الجبل مالًا) وذوي حمد وأبناء حمد (محمد ومهنا) فمن محمد ذوي عطيه الله وذوي عبيد، ومن مهنا ذوي مناور.
2 -
ذوي مساعد:
أنجب مساعد ولدين هما: هديب، محمد
ومن هديب أربعة هم: سلمان وسلامة وراشد ولبدان.
أ - ذوي سليمان منهم ذوي مطلق وذوي عطية الله.
ب - ذوي راشد منهم: ذوي مسعود وذوي عوده وذوي دخيل وذوي عبيد.
ج - ذوي لبدان انقطع نسلهم.
ومن سلامة ذوو ربيع وذوو مهنا ويقال لهم جميعًا ذوي هديب (الأول).
أما محمد بن مساعد فمنه ثلاثة فروع يقال لهم (ذوي محمد) وهم ذوي ماطر وذوي رافد وذوي راجح (وراجح تزوج من المشاحنة) وفي ذوي راجح شيخة التراجمة من عهد راجح بن سعد إلى الآن، والبادية لا تقدم عليها شيخًا إلا من اجتمعت فيه الأربعة الخصال وهي الشجاعة، والثراء، والحكمة، وأوسطهم نسبًا.
ومن راجح: ذوي محسن وذوي سعيد وذوي صالح.
3 -
أبناء رشيد (الغبيشات) ولقبهم (عصابة البيرق)
.
تزوج رشيد من الخفيري من الصواعد من الحسينات وأنجب سبعة من الولد وبنت ويقال للبنت السمراء، فتزوجها المشحني فهي جدة المشاحنة، وأما الأولاد فلم يبق منهم أحد لموتهم وبعضهم أنجب بنات لم يحملن أسماءهم، سوى رجلين هما عيادة، وعيد.
فمن عيد: (العقالين) وذوي صقر وقد انقطع نسلهم.
ومن عياده: ذوي حمد وذوي فايز.
ومن حمد: ذوي زائد وذوي سليمان وذوي حمدان.
ومن فايز: ذوي جميل وذوي فايز (الأصغر ومنهم أولاد أبا الجمال).
وذوي حسن ومنهم النومة وذوي مريشد.
ولقّبوا بغبش
(1)
نسبة لغبشهم صباحًا وتصبيحهم للقوم، وسكنوا الملحة من مضحاتها وشعبها وصمد الزرنوق إلى خزيم خضلة واستولوا على هذه الديار بعد طرد أهلها الأصليين من بني عوف قديمًا. ويقال أن من ذوي فايز أناسًا مع الفواويز من بني عمرو وجدهم يلقب (بذيل الذيب).
4 -
ذوي زائد ومنهم:
المشاحنة أبناء مشحن وهم ذوي دخيل الله، وذوي مرشد، وذوي داخل، وذوي مطير فانبثق منهم الصهابية والصخافية (في قصة قديمة انفصلا).
ومن الصهابية: ذوي بخيت وذوي صياف وذوي راضي.
الصخافية هم أبناء صخيف بن رهيف بن زايد، وهم ذوي زايد وذوي سعد.
(ويقال للمشاحنة مع الصهابية والصخافية ذوي زايد).
5 -
الشملان:
ومنهم ذوي محيسن وذوي عبد الله وذوي سلمان، والهدايين وذوي مبارك.
6 -
الشباشير:
قاطنين جدة وكبيرهم منور بن زبن، ومسعود بن حميد والبعض منهم بالمدينة وجهة النخيل.
7 -
البراوشة:
وفي رواية أن البراوشة مع الشباشير.
ذوي موسم:
وقد برز منهم عدة قضاة وفرسان بالقتال ومنهم:
(1)
ويقال أن جدتهم الخفيرية إسمها غبيشة.
1 -
الصفاحية
(1)
: وهم ذوي عيد منهم: ذوي عوادة وذوي مرزوق وذوي عتيق وذوي معاود منهم: ذوي فهيد ذوي فياد.
2 -
الخلصي:
ومنهم القريط، وهم يلون الصفاحية.
3 -
النواجعة:
وأغلبهم بالجموم بمكة المكرمة ومنهم:
القرعان، وكبيرهم حسين بن نافع.
اللوافية: ذوي لافي ومنهم ذوو خلف وكبيرهم سليم سليم الملقَّب (الربوع).
العماري: وكبيرهم سليم بن رويفد الملقَّب (القاشوط) وهو أحد العوارف.
ذوي خليفة ومنهم: سليم بن صويلح.
الحدرة: ومنهم قضاة دهاة وكبارهم اليوم، ابن علي أبو حدرية، وأحمد محمد بن مهمل أبو حدرية.
4 -
الزبون:
أغلبهم مجاورين النواجعة وهم أقل الموسمي عددًا ومنهم الزويبني سابقًا.
5 -
المعادية:
وينقسمون إلى قسمين حسب المواقع معادية الحجاز، ومعادية نجد.
معادية الحجاز:
يسكنون الفريش والغائر والحفاة وسفوح جبال خلص صت جهة الأغوار وهم ذوي سعيد، وذوي سعيدان، وذوي سويعد، وذوي سعدي، وذوي عويمر، ومنهم ناس مجاورين النواجعة بمكة المكرمة.
(1)
يقال أن جد الصفاحية كان من أحسن فرسان ذوي موسم فغزوهم قوم، فحلق جزء من رأسه وترك الآخر، ففعل الأمور الجسام بالقوم وقالوا لو سلمنا من هذا الرجل أبو صفحة لنجونا، وكانوا يقاتلون بجوار الزبون والنواجعة فسمي أناء ذلك الرجل فيما بعد بالصفاحية.
معادية نجد:
يسكنون النخيل والمرير والكريزية إلى طريق الفصيم وحائل منهم ذوي عياد، ذوي عايد، ذوي سالم، وهم ينقسمون إلى عدة فروع. والمعادية من أكبر فروع التراجمة عامة وذوي موسم خاصة.
ويقال أن للمعدوي شقيق وهو المهدوي مع الحسينات.
ومن المعادية جماعة مع الحمران من السحمان من قبيلة عوف.
ومن المعادية أيضًا الكحلة مع بني سالم وكانت ديارهم قديمًا بين مقرح الأروح إلى الشفاء، وفي نواحي ورقان الجنوبية والغاير والكحلة إلى الآن ياسمون الشاهد والخطيم على إبلهم.
6 -
الأصالبة:
وسكنوا نحد في أواسط القرن الثالث عشر تقريبًا، وتم رحيلهم من جهات رابغ بعد أن قاتلهم بني سُلَيْم على عدود ماء لهم، وكانوا هم والمعادية من بعضهما البعض وتاريخهما واحد.
ومن فروع الأصالبة:
السواعد، وذوي سويلم، والسلاليم (ذوي سلوم) وذوي مسعود.
والشيخ هو محمد بن سليمان بن مرعي على قبيلة المعادية والأصالبة.
وللأصالبة شهرة واسعة بأطراف نجد ويقال أنهم من أقوى القبائل القاطنة بأطراف نجد من عوف، ولقوتهم حسبهم بعض المؤرخين قبيلة مستقلة من عوف.
وقد قال فيهم أحد شعراء جهينة حينما كانوا يرحلون:
جينا من رضوى نكايف محيلين
…
في ساعة حرق علينا ضماها
وردنا عد من عدود الشياهين
…
قبيلة من حرب ربي هداها
لقينا الأصالبة بالطيب بادين
…
ما بين بلوده وبين جدعة وماها
وبعد قربنا من شيخ البساتين
…
وان جات ابن موقد يعقب ضماها
ما هو حرام يالضامية لو تعدين
…
اللي إن غيضت البركة ملاها
ومن هؤلاء التراجمة بصعيد مصر بمحافظة قنا بقرية حجازة التابعة لمركز قوص (بنجع التراجمة) وهم الآن من أعيان حجازة ومنهم من استوطن وعمل في فلاحة الأرض وهم يزرعون القصب ويقال تمت رحلتهم من ديارهم بين المدينة ومكة بأمر الشريف غالب لمساندة إخوانهم المصريين في حملة نابليون الفرنسي، الذي هاجم مصر ودخل بالخيل في الجامع الأزهر وكانت معهم عدة قبائل من الحجاز حيث حالفتهم فروع من جهينة بينبع وعبروا البحر إلى مصر وكان يقال لهم (أهل العمائم الخضر) من الحجاز.
ويوجد كذلك أبناء سليم بن ربيع مع الكعابنة من بني صخر، في الضفة الغربية ومدينة رام الله بفلسطين، وهم من ذوي حسن من الغبيشات.
وكذلك يوجد عدة أفراد بأسرهم متفرقين بمدن المملكة منذ وقت طويل.
من شيوخ قبيلة التراجمة من ذوي راجح
الشيخ سعد بن محمد.
الشيخ راجح بن سعد.
الشيخ الفارس محسن بن راجح.
الشيخ عبد الله بن سعيد.
الشيخ مرزوق بن صالح.
الشيخ حمود بن مرزوق.
الشيخ عابد بن سعيد.
الشيخ تركي بن حمود.
وقد قال رشيد بن عابد من الغبيشات:
أولاد راجح من رجال الحمية
…
يوم المزاعم حولوا بالقصية
يالين حتى الخصم قبل الرضية
…
عد ركود ولا وردنا لقيناه
وقال سليم بن عبيد ربه من ذوي سعد رحمه الله:
اسأل وفكر بالجدود الأوائل
…
محسن وعبد الله مشوا بالجمايل
وحمود يا نعمين وان قيل قايل
…
صحيح فعل وقول ما فيه ترديد
وقول حمد بن مناور من ذوي سعد في رثاء الشيخ حمود رحمه الله:
أبوك قبلك كان واسط للقبيله
…
واليا عطانا علم وافقنا عليه
مثل الجبل عسير ما كل يميله
…
واليا بناله راي ما يغلب عليه
والله لو ندور ما نلقى مثيله
…
كل القبائل والعرب تبكي عليه
من ألقاب قبيلة التراجمة
حربة الصواعد - أهل العويند: أي عنيدين وقساة بالحرب والمراس - أهل الصحفة - الدويلة - وهذه الألقاب معروفة لدى البادية، كان يلقبهم الشيخ طريس فراج بن موقد (أهل المعرعر والمرمول) وهو ملح البارود. ومن حدا قبيلة التراجمة بالمعارك قديمًا:
يا بو قذيلة منهلّه
…
الموت اخير من الذله
ومن كلماتهم السرية التي يتعرفون عليها في المعارك مثل:
(شب النار ياراع الوشية).
وقد قيل عنهم من خارج الصواعد من أقوال الشعراء:
وقال آخر:
سلام الله على ربعًا منازلهم حجا ورقان
…
سلاطين البلاد الله يزينها بأهاليها
وأنا خايف ومني خوف وخايف من هل الضلعان
…
واخاف من الحبال اللي شركها في مثانيها
وقال آخر:
اصحى تساوق الهيما تدرجها إلى ورقان
…
وهو ورقان حربي عازل الحرَّة بهاليها
وقول آخر يتمنى أنه من الصواعد:
وأنا ودي في خوتكم لونه فشهب البارود
…
أمن اللي يخاويكم ما همه خف وثقالي
وقد قيل له:
هلا يا مرحبا يا صقر من رجال افهود
…
مجود يا عريب الجد بين البي والخالي
تر اللي ما يفك المشكلة هذاك ما به فود
…
قليل العرف ما ريده ولا يطرى على بالي
قال الشاعر:
ترانا من اللي يشرفون المشاريف
…
ولانا من اللي يزبنون الجبالي
فقال رشيد عابد:
يا نعمين لاجوكم ركابٍ ملاهيف
…
وتصبح دمي الضيف وسط الدلالي
من عندكم راحت ركابه مناكيف
…
ولا فوقها غير الخرج والحبالي
ديار التراجمة
يسكن التراجمة خلص ويقال عليبما قديمًا جبل عسمان عند البادية وهو جبل أحمر عظيم يقع جهة القبلة من ورقان ويفصل بينهما ثنيه ركوبه وريع الغائر، وإذا سال وادي خلص من أهم روافد وادي النقيع جنوب المدينة، وخلص قديمًا كان يسمى في كتب التاريخ قدس أو قديس الأبيض وهو من جبال مُزينة قبل قدوم حرب من اليمن ويجاورهم بني عوف من سُلَيْم ثم الحسينيين الأشراف، ثم سكنها التراجمة وهم المالكون الوحيدون الآن.
ولخلصن حدود ومحمية معترف بها عند هطول الأمطار حيث ينصب القهقور
(1)
المعدوي وتشمل ملك الترجمي كافة من خزيم خلص إلى خزيم خضلة والملحة بينهما وهي تلعة من تلاع خلص وتابعة لها تضاريسيًّا وخضلة يسكنها الترجمي في أعلاها جهة خزيم واللهيبي في أوسطها والسهلي في أسفل واديها.
(1)
جلمود من الحجر ينصب إشارة لقرب الحماء والابتعاد عن الأماكن التي سوف تزرع من مياه الأمطار.
وللتراجمة بوسط ديارهم منطقة تسمى (البدنة) ويسكنون بها بخيامهم عند زراعة الرياض والمدرجات الجبلية في موسم الأمطار.
وتسمى دوارة خلص، ودوارة: كل ما هو دائري مثل الدائرة ومنها الدارة: وهي رقصة شعبية، ومنطقة دائرة ودوارة في وسط الجبال التي تحيط بها الجبال بشكل دائري.
وقد ذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان خلص وهو موضع بجبال آرة بين مكة والمدينة، وقال الشاعر ابن هرمة:
كأنك لم تسر بجنوب خلص
…
ولم تربع على الطلل المحيل
ولم تطلب طعائن راقصاتٍ
…
على أحداجهن مها الدبيل
وقال آخر:
فان بخلص فالبريراء فالحشاء
…
فوكد
(1)
إلى النبهيين من وبعان
جواري من حي عداء كأنها
…
مها الرحل ذي الأزواج غير عوان
قال الأستاذ الباحث فايز الحربي عن الشيخ محمد الحافظ بن موسى أحد علماء المدينة والعارفين بتاريخها وقبائلها، وذلك بمجلة العرب خلْص: جبل أحمر كبير متصل بورقان جنوبًا وتفصل بينهما ثنيتين وسيل هذا الجبل يتجه مع وادي ملح وصَورَى، وهذا من أكبر روافد العقيق ويصب في النقيع وسكانه بطن من الصواعد من حرب يدعى التراجمة وكان قديمًا لولد حسين الذين دخلوا في عوف.
من تاريخ قبيلة التراجمة وأيامها
لمحة من تاريخ التراجمة قبل العهد السعودي:
تعتبر قبيلة التراجمة من القبائل الجسورة، وقد شاركت ضمن حرب في الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين في الحجاز ونجد، وكان أحد قوادها البارزين
(1)
وكد: موضع في غور خلص يسكنه السلاهبة من الحسينات.
الشيخ محسن بن راجح الترجمي والذي كان حليفًا قويًّا للشريف حسين حيث كان يجزي له العطايا والهدايا.
وفي توحيد المملكة شارك التراجمة مع الإمام الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله في معركة تربة، وكانوا ينقلون المؤن على الجمال من رابغ من عند الأمير إسماعيل بن مبيريك الغانمي إلى طلائع الجيش بتربة، وشاركوا أيضًا في حرب اليمن، وكان أحد التراجمة يقول منشدًا:
يا ناشدًا عنا ترانا عوف
…
واللي حضر منا يسد عن غيابنا
وكان من ضمن دلائل طلائع القوات السعودية وجنودهم الشيخ الفارس مناور بن مرعي الترجمي من فرع المعادية.
ومن أيام التراجمة مع الأتراك العثمانيين
يوم العنبرية بالمدينة المنورة:
وقد استمر القتال نحو يوم كامل مع قوات الترك، حيث خلع التراجمة باب العنبرية على سور المدينة الغربي وتشابكوا مع القوات التركية عند (الاستسيون واغتنموا إبل وحلال كثير من سوق المواشي بالعوالي) وكان ضمن التراجمة الشيخ محسن بن راجح وعلي بن سليمان (راعي البيرق) ومرزوق بن هريسان وغيرهم كثير، وقد أصيب في تلك المعركة رجال من المشاحنة وقتل بها محمد بن سعدي بن عقيلان من الغبيشات.
يوم وادي العقيق:
وقد قاد بها الشيخ محسن جمع كبير من عوف ضد الدولة التركية وجعل لهم مقعد أي أماكن تربص ليباغت العثمانيين في ضواحي عروة عند الوادي المذكور، وكان يصيح وسط عوف قائلًا:
من غاب وهاب ماله مطلاب ومصون (غشاء) امرأته على وجهه، وذلك لأجل يقوي عزائمهم ويستنفر هممهم، وقد قال الشيخ محسن في ذلك:
اللي قعد عنا غاشيه اللوم منا
…
مير اعشقنه يا جميع البيض عنا
مير اعشقنه يا جميع البيض عنا
…
حطًا له الكدة على زين الهدوم
نلفى بحربه لليمن والشام عنا
…
نكعن بها التركي طريح الموت منا
ولا يا ناشدًا عنا ترانا حنا
…
ربعًا مناقيتًا على طش اللحوم
يوم الشفاء وحلقة الغائر:
علمت الدولة بذلك الشيخ الثائر، فهددته ورجاله بغزوهم في ديارهم وقد رقوا الترك الجبال في مضحاة خلص (العنق والعنيق) وكانوا مجيشين بحلقة الغائر جنوب ورقان، وتشابك معهم التراجمة وكان النصر حليفهم، ويقال بتلك الأيام قتل رجل من النزلة من البركات، وأخذ رجلين من الجرابيع وأعدموا في اسطنبول، وقال بذلك محسن بن راجح:
أوصيك لا جاك النذير لا تباتي
…
عينك تنام ومن يعاديك سهران
سير لا مجاتك السيراتي
…
وشتل من المنقول غاليات الأثمان
قد ميتًا أوضعوها ما حياتي
…
تأتي ضرايبها على رمق الأعيان
أعني لها الحري شغل الثقاتي
…
حري لا ما صار بالجو ربان
وقال مناور بن صالح الأسعدي: (وخاله الشيخ محسن) مخاطبًا علي بن سعيد الناجمي السليهبي:
يا أبو منيع الله كفيت الصواريف
…
أيامنا فيها طوالع وخايف
بعد ما هو فوق يوفي المهايف
…
اليوم صاروا تحت ظل السقايف
راحوا رجال يحتمون المواقف
…
وجدي عليهم كل وجد وحسايف
راحوا رجال يشرفون المشاريف
…
من بعد ما هم بالقلوب الولايف
فرد عليه السليهبي:
يا بو حمد فعل الكبار العواريف
…
باعوا ديرتهم ما دروا بالخلايف
فرش لهم لاشير مع المصاريف
…
وحطت عليهم من جديد اللحايف
وان جاتكم بالدار حمر الطرابيش
…
ويش علمكم بالمترثات الترايف
لدو لسلات الفرنج المعاكيف
…
تريع العاصي يعود نكايف
نهار حمراء الأسد:
قدمت قافلة للتراجمة من الشام محملة بالأرزاق صوب ديارهم، وحين مرورهم بالحمراء باغتهم جنود من الترك من الجبال المجاورة فأصيب ثامر بن سلمان حيث جرحت فخذه وقطعت إحدى خصيتاه، وأصيب سعد بن صالح بن راجح بسهم في (البغاقة) بين البلعوم والنخاع ولم يصب بسوء، ويقال أن الزرف قضيف عنيف، وقاوم التراجمة حتى نجوا منهم ولكن سلبت بعض أرزاقهم.
نهار الواسطة (وادي الصفراء):
قاوم التراجمة مع ضمن عوف الدولة العثمانية بوادي الصفراء وكان من ضمنهم، عبيد ربه بن عبيد، وعبد الله بن مهنا، وعابد بن عبيد بن حمد، وداخل بن دخيل، ومرزوق بن هريسان الذي أصيب في تلك المعركة وعلى أثرها مات.
وحينما أحضر إلى الديرة سمع ثغيب بكاء ابنه وقال:
واونتي ونيتها يا رغيان
…
على صويبٍ ما يرجى انه يطيبي
وقال له عابد عبيد:
ياكم صويبًا صاح من ذرف الأيمان
…
لين أقتوى وراح عظمه شهيدي
وقال مرزوق له:
هذي علومًا تقولها للي ذلوان
…
ولا تقيت تقول منوتي أنه يطيبي
(معركة السويقة): في أواسط القرن 12 هـ:
طرق بنو سالم الزير المسمى منصور إذعانًا بالحرب ولم يعلم مجمل عوف بالواقعة لبعدهم في معالي الجبل، فقال شيوخ بنو سالم: دعونا نذهب بدون عوف، فأوقفهم الأحمدي قائلًا: لن نذهب حتى يأتي صاحب الجبل الأحمر وهم حربة الصواعد، قالوا: مَنْ؟ قال: التراجمة، فلم ينصرفوا حتى أتاهم التراجمة ومخلف تحت بيرق واحد ولونه أحمر، وباقي الصواعد مع سعد بن جمعة السليهبي أو أباه
كما في روايات، وجلغاف المهدوي الذي صدع سور السويق بصخرة كانت معه، وهو شاهد إلى الآن بسوق السويق القديم فانتصرت بتلك المعركة حرب وكسب التراجمة بندق تسمى (ظافرة) وعليها لزم من الصواعد ومخلف على أن تتقي وتبقى ولا تظهر إلا نهار المثارى وطرد المهاري وقال الترجمي بذلك:
من كسبنا بالسويق ظافرة
…
يوم جدى راعيها لج الصياح
وكسب التراجمة بندقًا تسمى "الهرشى".
وذلك نظير أنها لا تثور إلا في لحم (يقال بها نوع من السحر) والشاهد قول الشاعر مبارك بن هديان الترجمي المُلقَّب (الشنير) بتلك الواقعة وإن كانت ركيكة فهي شاهد تاريخي وهي:
يا ركب من عندنا فوق ضامر
…
يشادي الوكاري يوم جانا حتيها
بيشلنا هزاع وانقاد جمعنا
…
راعي ضربةٍ بنا يقطب بريها
جينا مدسوس ونوخنا ركابنا
…
وردنا ما شعثاء وكلنا جنيها
ان ثار المسماح من يم جمعنا
…
والقوم من يهم تجاوب ايديها
أولنا يا طاء حماد وعثعث
…
وآخرنا ياطاء دقاق سفيها
ان عنقدوا للحرب يشدون الدبا
…
متلايم سوي ولا تلايم عذيها
وليا بنات القايدي يوم غطرفن
…
يرمن بأعلى الصوت يابسات شفيها
قلنا لهن حنا لكن دون داركن
…
بالحرب والا ما كسبنا جنيها
صبركن علينا طلعت الشمس باكر
…
ودهم الفرنجي وان تزايد ثريها
ملنا على رجالًا مالوا علينا
…
ولا ناخذ إلا عيتًا من قفيها
ويا ما لقعنا كبد بيضا مليحة
…
تشوف المعادي يوم يفرس وليها
ويا ما لقعنا راعي بضاعة
…
عرفنا بينها وقفينا خفيها
وصنع الكافري حالت بيننا
…
رعود من الجوزاء تقافت نزيها
وليا عسام الملح فوق روسنا
…
رديد الصبا قاطب علينا غميها
سبع قرايا شبت النار فيها
…
ومست هبوب الريح تذري سفيها
ولولا حسن الله جو يطلبونها
…
كبار من الشايب شمط لحيها
كان حتى سورهم عنا ما يردهم
…
نطاهم وطي اقدامنا بحذيها
ولا يا طيور الجو قومي تباشري
…
ونادي سباع الشرق تجلب جريها
طشينا لك بوادي ينبع ضيافة
…
تأخذ ثماني سنين في ضدها وهنيها
ويشبع الهلع والدلع والعمي
…
حتى السباع اللي دجم فميها
وختم كلامي عد من زار ونثني
…
يا عد من زار الحرم وشافعيها
والمقصود بهزاع في البيت الثاني هزاع مبارك بن مضيان الظاهري.
وقالت إحدى الفتيات حزنًا على أهلها:
يا ليت ما وصفي وصف اللي تحنى
…
وصف اللي ينقلون المثمنات
أغير مع ربعي ثمين اتهنى
…
وذكر العاطل علومه الأولات
(يوم الواسطة) بوادي الصفراء:
في عام 1250 هـ تقريبا استفزع الأحامدة بقيادة سعد بن جزا التراجمة ومن يليهم من عوف لمواجهة العثمانيين الذين قطعوا عن الأحامدة مستحقاتهم وأحرقوا نخيلهم بوادي الصفراء والجديّدة وقاتلوهم حتى وصلوا إلى بضواحي الفقرة وكانوا إلى جانب الأتراك قبائل من مروح من بني سالم فأجابهم الترجمي على ذلك بقولهم:
(لك منا يا بو حمد اللي طويل شبارها كثير أعبارها)
ويقال: أرسلت سبع مطايا للتراجمة من الأحامدة وهم ينشدون:
الترجمي والاحمدي يا عز رأسي
…
نقالة البيرق وبيرقٍ لهم عزومي
كم ريعوا من رأس بالقالات قاسي
…
دون اللوازم عندهم طش اللحومي
وكان إلى جانب التراجمة بنو مخلف حيث قتل من مخلف سبعة رجال وقاتلوا الترك قتالا شديدًا وأحرقوا نخيل الصفراء الذي يخص الحوازم.
فأنشد رجل من مروح لما شاهد ذلك واستجابة التراجمة لإخوتهم:
الترجمي والاحمدي جونا نزية
(1)
…
من اليمن
(2)
مدري من ايات البدود
واخوهم المحمدي راعي المطية
…
حنا ذري البيت وإن لموا جرود
فقال أحد الصميدات من الأحامدة:
حِنَّا من السُّلمان
(3)
ما حِنَّا نزيّه
…
نصلّب على قبرك بنيران الوقود
الترجمي والاحمدي رجال الحمية
…
واسط
(4)
يقل البيت أم انته عمود
غارة مطير
أغار بنو عبد الله من مطير على التراجمة وهم في رحلة للربيع وكان من أعيانهم سعيد أبو حدرية الترجمي وقاتلوهم قتالا شديدا بين الأسياح والمسماة قرب رابغ وكانوا مطير ذوو كثرة والتراجمة أقل منهم وكادوا أن يوقعوا بهم، وتدخل مع التراجمة بنو يزيد من زبيد حرب حيث قال أحدهم:
أنا اليزيدي من ذرا مسروح
…
حديدكم بالدار والمارية
حاسينك باللي يشهبن الروح
…
والدرج الخضر دون أبو حدرية
(أيام في صوري وخضلة)
غزا حامد المندهة المطيري على صوري بديار اللهبة عند جبل المضينيك بالضليل وتدخل التراجمة مع اللهبة وطردوهم شر طردة وكان من اللهبة حينذاك سليمان الشاطري وابن فيد وهاجم عوض الرخل المطيري بجماعته على خضلة في ديار التراجمة وطردوه وقال كلمته المشهورة:
(وجدت قوم كأنهم جن يطلعون من الأرض).
(1)
نزية: غرباء على حرب.
(2)
اليمن: المقصود جهة الجنوب من المدينة المنورة، حيث ديار سُلَيْم.
(3)
السلمان: بني سُلَيْم.
(4)
واسط: عمود بيت الشعراء الذي يرفعه وذلك من الأدلة على أخوتهم وأنهم من سُلَيْم.
وكانت الموقعة في طريف الختيرشية.
وكانت جموع مُطير (خمسة تخاميس) أي مئتان وخمسون رجلًا، وكان من ضمن رجال التراجمة رده، وسلمان، ودخيل الله من ذوي صقر، وسعيد بن مسفر بن فوزان ورجال من الصهابية.
صباح المدينة
في آخر أيام العثمانيين بالحجاز، وجلائهم بجنود الثورة العربية، أصيب عيد بن محسن الراجحي، حيث جاء به جماعته إلى الديار وتمنى لو أنه مات هناك قال قصيدة عند أخيه على بن محسن وهي:
عديت يا علي في رأس الطويلة
…
مدري ضحى اليوم والا شريق أمس
ووحيت حسٍ ثار يم المدينة
…
حس المدافع ثار مع طلعة الشمس
ووحيت مع حس المدافع مكينة
…
والبندق اللي مشطها غير بالخمس
والملح قاطب مثل جمر الصبيرة
…
واد النقيع اليوم ما شوف له رمس
المسعد اللي مع اليام القبيلة
…
لم التراجمة يجلي الهم والعمس
وقوم تدرجهم بلية وحيلة
…
وافقين الحرب في وامّد الشمس
الله ان تذهب حيةٍ بالمدينة
…
لعل درب الشام ما عاد له رمس
يوم الحفاة
اعتدى جنود الترك في طريق الحاج (السلطاني) المار بالصفراء على فريق للتراجمة من المعادية في وادي الحفاة المجاور للقاحة، وفعلوا بهم مذبحة كبيرة وسلبوا إبلهم.
(يوم الريان)
أغارت قبيلة مُطير بقيادة حامد المندهة على بني عمرو بوادي الفرع فاستنجد بنو عمرو بعوف، وقد قال حامد المطيري:
والله وانا حامد لا قبل المضيق
…
والسدر والريان لا هدد بناه
أما العيال قصورها تغدي حريق
…
السوق الأقصى لا تعدي من وراه
والسوق الأقصى رابغ، واصطحب التراجمة معهم مخلف وكانوا معهم باقي عوف وقتل حامد المطيري وقاتله هو عوادة أبا الجمال الترجمي حيث قال شيخ بني عمرو:(فربما كان ابن ربيق من العطور) من قتله يا حرب؟
فقال له التراجمة، حيث قدموا عليه ببيرقهم:
يا الشيخ ويش يبقى علينا
…
بعد عقيد القوم مات
حامد وفاته من يدينا
…
ما هي حكايا الأولات
وقال شيخ بني عمرو: (هيه يا حرب أن وادي الفيفا للذين حضروا منكم يزرع ويأكل حيث يشاء فهي سبيل لله تعالى) ويقع ذلك الوادي بالفرع وأحد أوديته.
يوم بالمدينة
(1)
:
هاجمت قبيلة الصواعد تحت قيادة ابن موقد ومن معهم من عوف ومخلف جموع الترك في المدينة المنورة، حتى يقال أنهم أخرجوهم شرق المدينة واستمر القتال حتى غابت الشمس.
وقال أحد جنود الترك وهو من الروّلة من عنزة من هوْل ما شاهد من جماعة ابن موقد:
سرنا عليهم يوم ركزت عموده
…
وجنودنا تمشي طوابير ونظام
نشدى لمزن صدق الله رعوده
…
سيله يزف اللي علي الدرب قدام
وحرب احربونا مثل حرب الاسوده
…
وبادت طوابير على الحرب علام
جونا كما نارًا تلظى وقوده
…
مثل القيامة يوم حشرات الإسلام
السيف فينا غارقات حدوده
…
والمسعد اللي سهل الدرب قدام
يا ما خذوا من كفنا من باروده
…
ميري وشرفا حسها يرزم ارزام
(1)
وفي تلك الغزوة التي قادها بن موقد وجماعته لقب حرب (بحرابة الدول).
فسمعه شاويش عسكر الترك وكانت بيده هراوة فغير الشاعر القصيدة لمدحهم قائلًا:
يوم أن ابن موقد يليم جنوده
…
حنا جنود الترك تزبر من العام
لا بد من يوم عليهم نعوده
…
حتى نسقيهم قراطيع الاسمام
يوم الحريد:
هو جبل بوادي ريم في ديار الصواعد وقد هاجم الصواعد مع قبيلة مخلف القوات العثمانية في عهد فخري باشا وتقول الأعراب أن جنود الترك مبالغة لا يشاهد آخرها، وقد قتل من التراجمة عدة رجال بتلك الواقعة من ذوي بدوي من ذوي سعد ومن ذوي صقر من الغبيشات وغيرهم وهم إلى جوار أولاد علي الصواعد الذين أبلوا بلاءً حسنا.
وقال معيض الهذيمري المخلفي بذلك:
يقول اللي واق في راس شوهاق
…
بين الحريد وبين واد الشلايل
غني جديد القاف من خاطر شاف
…
شاف العساكر قابلين المسايل
تركي لها غطروف وتسن بسيوف
…
وجيش لها زفزوف قبل الحمايل
وارجف عشار وحل في الترك الأنكار
…
والمسعد اللي نار قبل الحفايل
فكرت في حالي وميزت رجالي
…
ولن حضرتهم ربوع قلايل
يا ليتهم ثلاثين والا خمسين
(1)
…
تحاضروا يوم احتضار القبايل
خمسة عداد الخمس مع شرقة الشمس
…
واثنين منهم في الهيوج الاوايل
الثالث اللي طاح في صمد الابراح
…
ونشد صلاح
(2)
ان رد قيل وقايل
منا على الطابور ونرد مكسور
…
حشايم المظهور وهل الرحايل
(1)
يقصد مخلف.
(2)
وهو صلاح بن نويفع من ذوي مرزوق المخلفي.
ملاحظة: من الملاحظ بأن تاريخ الصواعد ومخلف هو واحد في جميع غزواتهم، وأنهم مع التراجمة في جميع المعارك الكبار تحت بيرق واحد. وإن دل على شيء فإنما على قربهم بالنسب.
يوم الزحم والريب هرج الزلِل عيب
…
والكذب مثل معثبرات الرحايل
وقال عبد ربه بن حمد الترجمي من ذوي سعد بذلك:
ودارنا اللي بالزهر يا رى نحلها
…
ونرتع الخلفات زينات الحليب
جاها الحريب اللي لعله ما يصلها
…
بمسكٍ يكسر بها العظم الصليب
والدار بنت محصنة ما حدٍ يصلها
…
على الجدد الاوله والله مجيب
أولاد صاعد يا رجاجيل الحمية
…
واللي على غير الدليل ما يصيب
رزوا شراع الحرب دون الصاعدية
…
حتى نعرف من يجي واللي يغيب
يوم مع الأشراف بمكة:
حدثت هذه القصة قديمًا في موسم الحج بمكة المكرمة وبها تشاجر رجل من التراجمة مع أحد الأشراف، وأدى ذلك إلى اتساع رقعة المشكلة بحضور كل من جماعة الرجلين مما سبب إصابات بالغة بالطرفين وآخرها انسحب الأشراف من ساحة المضاربة مع كثرتهم وهم سكان مكة.
وقال عبيد ربه بن حمد من ذوي سعد هذه القصيدة:
هيض عليه يوم مالوا علينا
…
في مطرح مشهود كلًا حضر فيه
ملنا عليهم بعد مالوا علينا
…
يم الأهاوي ضلها ندرق فيه
نوينا بالبيعة واغاروا علينا
…
يوم الردي عيت عظامه تمهزيه
ولولا حمود وفزعته يوم جونا
…
جونا جواد الروح ما حسبوا فيه
يا الله ياللي كنت مطلع علينا
…
إنك تغفر الذنب لا سرت قافيه
نهار اللعبا:
تقع اللعبا في سهلة من الأرض جهة جبال العوشزي بالقرب من الصويدرة بأطراف نجد، وكانت الموقعة على الأصالبة من التراجمة حيث أبلوا بلاءً حسنًا وأخذهم القوم بغدرة وعلى حين غرة حتى أنه يقال قد مات بها أغلب رجال الأصالبة وأن الأمهات ألبسن أولادهن الذكور من لبس إخوتهم خشية موتهم.
(غارة الهميج)
أغار مندوب بن رشيد حاكم حائل سابقًا بجنود كثيرة على صهوات خيلهم على الأصالبة والمعادية على ماء الهميج بضواحي النخيل بنجد، ولم يكن من التراجمة سوى أربعة على الماء مع إبلهم وهم عليثة بن مطلق المعدوي وصالح ونافع وشتيان أبناء سلوم ودخيلهم الذي مجيرينه هلبان بن خبيرة الرشيدي فرموا الخيل وركابها ومنعوهم عن الماء وقطعوا حبال البئر حتى قيل أن الجيش لم يشرب إلا بعد أن عملوا أرشية (حبال) من سبيب الخيل ويروى عن محمد بن غنيمة، أنه كان صبيا حين ذاك وكان يقفز على بطون الخيل صرعًا بالوادي وهي كثيرة، فأخبر ابن رشيد بذلك وقال:
(أنا أشهد أنهم نطاحة الجيش الغاير والقفش الثاير).
أيام عند ريع المنجور
يقال أن الشريف حسين قد أسر عبيد الله بن شمسة النويجعي وعبد اللطيف الزويبني من رجال التراجمة، وهي عادة درج عليها الأشراف بأخذ رهائن لإرضاخ شيوخ القبائل لمتطلباتهم، وتم سجنهما في رابغ، وعلم الشيخ محسن بن راجح بذلك، علمًا بأنه لا يستطيع أحد مقاومة الشريف حينذاك، فنادى الشيخ محسن في عوف ولم يأته سوى الشهبان من المطارفة بقيادة عطية الله الأشهب والقصاصين من السهلية فطلبوا من الشيخ محسن ثلث الغنائم، وقال لهم:
أن لكل رجل ما حاشت يداه فقطعوا الطريق لمدة ستين يومًا وسلبت عدة قوافل وتضرر الناس من ذلك، فبعث الشريف مندوبه بمكتوب للمهادنة فأخذ الشيخ محسن المكتوب ووضعه بالنار تحت دلال القهوة قائلا: لا يوجد عندنا من يقرأ وأنا لا أريد سوى رجالي، فأرسل الشريف عساف الأحمدي وهي الحكمة السائدة سابقًا (فرّق تسُد) لمواجهة التراجمة وله مكافأة على ذلك، وقال عساف
(1)
: ذلك أخي وإن طلب معاونتي وقفت بجانبه وهو لا يريد سوى رجاله
(1)
يقول رواة التراجمة: تذكر لعساف عدة مواقف مشرفة مع التراجمة وذلك في عهد العثمانيين والأشراف.
فأرسلهم له. فأرسل الشريف أيضًا إلى شيوخ عوف ومنهم الشيخ ناصر بن بنيان اللهيبي، فقال له الشيخ ناصر كلمته المشهورة (هؤلاء حربة في حراب عوف، والله إن وضعوا غصين أشجار على الطريق لم تجد من يغيره عن موضعه فأرسل لهم رجالهم خيرًا للجميع).
وأخيرًا أرسل الشريف الأسيرين إلى جماعتهم ولم يقتلهما فكانت الواقعة في المنجور قبل الفريش.
علمًا بأن الشريف كان بتودد لقبيلة حرب التي اعتمد عليها اعتمادًا كليًّا والتى شكلت العمود الفقري في ثورته الكبرى ضد العثمانيين ولا يريد إزعاجهم أو مضايقتهم بأي أمر.
يوم حياء بوادي الفرع
أغار ثلاثمائة من بني عبد الله من مُطير على بني عمرو فاستنجدوا بعوف ومخلف أهل خضرة، وقد أُخذت إبل للبلادية حيث لحقوا أهلها وعجزوا عن إرجاعها، وكان بعض التراجمة حاضرين الفرع صيفًا عند جذاذ النخيل وهم أهل ثلاثين بندق، فقد سلوها من مرابد التمر وهي مواضع ينشر بها التمر تحت أشعة الشمس فأعانوا بني عمرو في ذلك اليوم فشهد لهم حرب وبني عبد الله بحومة الوغى.
وقد قال شاعر مُطير بذلك:
أنا هيض عليه طرقه جتنا مع الغزوان
…
مُطير اللي تزور الأعادي في مشاحيها
تليمنا ثلاثمية وهيفنا مع القريان
(1)
…
على ساقه عقيدًا يعرف الديرة ومثانيها
وشدّوا من تماية يوم سمعوا طاري النفضان
…
وثمرة يوم جينا بالركائب ضاق واديها
قدمنا السبور وعدونا يم الضلعان
…
ديار يا هلي ما عرف أساميها وسميها
(1)
القريان: أهل قرى الحرّة.
وقدمنا البوارق مع شريق الصبح للمرحان
…
وجلينا أمهات الباب مع ضين يباريها
ولحقونا البلادية كما ثعل من الأمزان
…
لاكن أولاد عباد الدياقا من يواليها
أما الثلاثة البيض مضفية على العوفان
(1)
…
ولا تهما رجالًا تأخذ الطالة بياديها
وبعد مدة من الزمان تبادل شاعر من البلادية مع سعيد ربيع الترجمي هذه الأبيات وهي مبادع من أنواع المحاورة:
البلادي:
اللي مضى حنا نحارب عوف
…
واليوم جتنا من البغوليه
سعيد:
يا ويلكم إن كان ذميتم عوف
…
العز في أرقاب الفرنجيه
البلادي:
انظر ربوعي في حداد الخوف
…
اشتل جوالك واسمح النيه
سعيد:
والله ما تنزل حداد الخوف
…
إلّا برحيم
(2)
وزود معنيه
البلادي:
انظر ربوعي زايدين بنوف
…
بصنع الكفور وضخرها ليه
سعيد:
إن كان ربعك زايدين بنوف
…
وين انته عن ركب المطيريه
(1)
المقصود التراجمة وباقي عوف.
(2)
أي بنسيب صهر أو قريب.
غارة مرزوق المطيري
يقول الرواة أن عوف وبني يزيد لا يضام أحدهم عند الآخر وهم ولاء بعضهم بالحمية عن باقي مسروح، وتذكر عدة معارك دخل بها اليزيدي مع عوف وكذلك العكس.
وفي أحد المرات أغار العقيد مرزوق المطيري بجمع معه على بني يزيد حيث استغاث اليزيدي بعوف وحضر من ضمن عوف التراجمة، وكان بيرقهم أول البيارق مواجهة مع مُطير، وهذه الأقوال مشهودة لدى رواة عوف وبني يزيد وقد قال ابن حضيض اليزيدي قصيدة طويلة منها:
يا راكب من عندنا فوق مشعاف
…
يفز من ظل العصا قبل الأوهاف
فوقه غليم يسري الليل ما يخاف
…
من جود عزمه يوصل الهرج منهاه
يا مرسلي سّره بليل الظلامي
…
لكبار حرب وخصم بالسلامي
لكبار حرب وخصهم بالاسامي
…
والعلم لابن عسّم من يوم مبداه
لاجيتهم سوولك الشاذلية
…
عطهو علومك ثم عجل عليه
قدام لا تكتب عليك الزربة
…
والصدق ما يقفا ولا فيه مزراه
صكوا عليه مُطير وأنا لحالي
…
والكثر مثل الليل غطى الجبالي
يا ما ذبح في الروح موجب وغالي
…
ويا ما ذبح منا وحنا ذبحناه
من يوم جانا مرزوق بولاد عباد
…
يصر منه ما يعود عن الماد
يصرمنه ما يعود عن الماد
…
وأثره مدرجته علينا مناياه
نادوه عوف باسمه الشهيري
…
ولنه ينوي بالمعارك كسيري
ولنه ينوي بالمعارك كسيري
…
وليا الحناسة بالشباري تهاواه
غارة ابن حمد الرشيدي:
طلب الفارس المشهور محمد بن حمد الجلادان الرشيدي من المعادية والأصالبة إحدى فروع التراجمة بنجد بإعطائه خصمه هلبان بن خبيرة وإلا شد
عليهم غارة تبيدهم، فرفضوا ذلك فشد عليهم غارة عند دحلة المغذوية بقرب الأبرقية بنجد، فتصدى له التراجمة وأذاقوهم نكال الحرب وسميت الموقعة باسمه، وقد توفى بها محمد بن حمد الرشيدي (راعي الحجبة) وقاتله عليثة بن مطلق المعدوي وابن حمد الرشيدي وهو قائل الأبيات المشهورة:
الله يا كونًا جرى في نهار امس
…
تشوف قدح الملح مثل السحابه
حِنّا أهل العادة سلايل بني عبس
…
كم عايل يزمر وحِنّا عذابه
نهار ثرب:
أغار الشيخ الفارس مناور بن مرعي الترجمي بجماعته المعادية والأصالبة قبيلة مُطير في ثرب من وراء الحسو بنجد وأخذ إبلهم بقرب جبال سمر وسميت فيما بعد بجبال ابن مرعي.
(نهار البدع):
غزا العقيد مناور بن مرعي وهو من صناديد قبيلة عوف المشهورين بجماعته وأدخلوا معهم نافل بن غميض البيضاني وبعض جماعته على بني الشطير من مُطير بالبدع قرب القصيم، وغنموا إبلًا كثيرة، حتى قيل أنهم ساقوا الظباء أمامهم إلى منازلهم، وكان لابن مرعي أبيض الدفة من الإبل والغنم نظير أنه عقيد حرب وذلك من غير باقي الغنايم وتقسيمها.
يوم في النازية:
أغار فرسان من قبيلة صبح المشهورين بعيال السمراء وهم أهل الفحيمة نسبة لإبلهم الأصيلة على جماعة من التراجمة منتجعين بجوار جبل "شمنصير" وقُتل بها العبد الخادم للشيخ راجح بن سعد والفارسين المشهورين من عيال السمراء، وعلى أثرها لحق التراجمة بمواشي (حلال) صبح عند النازية بجوار وادي الصفراء فسلبوها جميعًا.
معركة بالمدينة:
حوالي عام 1254 هـ (على عهد العثمانيين) قاد ابن ربيق العمري وابن موقد الصاعدي جموعا كثيرة في مسروح لمواجهة الأتراك وقطع إمداداتهم فأسر منهم عدة أشخاص وفي ضمنهم اثنى عشر رجلا من التراجمة وهم شباشيد وعواويد من ذوي سعد قتلوا جميعهم ولم ينج سوى رجل واحد من الشباشير فأخبر جماعته بما حدث.
(نهار بدر):
غزا التراجمة مع قبيلة عوف بجوار بني سالم في عهد الأشراف في بدر وقُتل منهم عدة رجال ومنهم علي بن محسن بن راجح حيث حمله إلى ديار قومه رفيقه مسفر بن فوزان من ذوي مريشد من الغبيشات الذي قال فيه الشيخ محسن:
مسفر تجمل نهار الحفيلة
…
أضهر رفيقه يوم ضربات الأرماح
وقد قتل بها ابن صويلح اللهيبي الذي لجأ إلى الشريف بن نامي ببدر وقال الشاعر:
ابن صويلح مات يا مال الرحام
…
علامكم يا عوف ما أخذتوا ثراه
فقال له غالي السليهبي أخو سعد الجمعاوي:
ابن صويلح مات في يوم الزحام
…
ومن مات في لازمه ماحدٍ بكاه
ياليت لك خرصين يبرن الزمام
…
يالبايق اللي ما تذري من نصاه
يوم الحناكية:
يقال عنها بالتاريخ وقائع المجللة وهي بين حرب وعنزة، ويقال أن أول البيارق كان لابن جزا الأحمدي ولكن سبقه إلى موقعة القتال بيرق ابن موقد الصاعدي وجمع عوف حيث يذكر التراجمة أنهم مع جمع الأمير ابن موقد حيث أبلوا بلاءً حسنا وكان النصر حليف حرب.
يذكر الرواة أنه عند تجمع بوارق حرب أتوهم الأحامدة منشدين:
حنا قبيلة في السُلمان
(1)
…
واليوم في ميمون
(2)
العُصاه
جينا كما ذمام سيل
…
والعدو نكسر له عصاه
مقتل العبد رصوند:
يقال عند شيوخ زبيد عبد يخدمهم واسمه رصوند وذلك في رابغ وحددوا قيمة ديته بأربعة رجال، فكان شديد المراس وخادمًا مطيعًا فاشترى منه أحد التراجمة سلعة وبقي عليه هللة، فقال لرصوند هاك الريال بدلًا عن الهللة فرفض العبد، وذلك بعد أن حام بوسط السوق ليصرف الريال عدة هللات ولم يجد من يصرف له فهمّ عليهم العبد بالسيف وكانت أول ضربة في عوادة بن عيد الترجمي وكان رجل حذق وذقف أي ذو مهارة وخفة بالحركة فقطع حزامه وجرحه بصدر، ولحق بهم العبد عند ريع الثنية قبل عسفان في ضواحي رابغ وهمّ أيضًا بأحد الرجال من النواجعة ولكن كانت رمية عودة أبو حدرية هي القاضية له حيث رماه ببندقية، وعودة ذلك أخو دخيل بن لافي النويجعي الترجمي فتوسعت رقعة المشكلة حتى كادت أن تنشب حرب بين زبيد والتراجمة، وذلك في عهد الشريف حسين، وقال شاعر من التراجمة بذلك:
هيض عليه هيه بالثنية
(3)
…
على راس رصوند ربي قداها
من شان نص هللة ماشي شفية
…
من اسباب الهللة تناشع بلاها
صاحوا زبيد وجولنا بالقصية
…
كما ثعول هلهلت من سماها
قلنا أقفوا عسى الليالي فضية
…
عسى سلوك الحج نرجى عطاها
(1)
السلمان: بني سُليم.
(2)
ميمون: أحد فرعي بني سالم ..
ويقال أن الأحمدي هو الذي يصرح علنا عن بقية إخوته بأنه من بني سُليم.
(3)
الثنية على طريق مكة - المدينة.
وقفنا نص نهار نبغي السوية
…
وهراجة المعروف نوحي حداها
شوفي بعيني اللاش ما منه نية
…
يومن عين اللاش هلت بماها
البيض تنصا الله ومحمد سوية
…
وتنصا ملوك برها مع سماها
البيض تنصا حسين من كل نية
…
قولوا له اللي جتنا ويش دواها
يا شيخ للحربية الطابقية
…
شيخ المعزة وسعد من قداها
من عبدهم ممشي علينا خطية
…
أنا اشهد انه هو بلاها وداها
أخذ إبل ابن راجح:
أخذت إبل ابن راجح من قبل قبيلة في حرب ومعها علي بن محسن وعبده عبد الله، فرجع علي إلى قومه فأخبرهم فاستعدو الردها عنوة، وصادف أحدهم أحد شيوخ الغزاة فاستأسره، وهو محمد بن سعود بن شتيان، ولكن تداركت عوف الموقف وأصلحوا ذات البين حتى رجعت إبل ابن راجح، وقيل أن العبد قد فقد (منقاشه) فأحضروه له من الغزاة.
فقال الشيخ محسن بذلك:
ما بغاك يا صلح يجي من غير فاقة
…
صلح يجي من غير فاقة ما نبيه
عز الله أنا ماني حرب الرفاقة
…
لكنهم يا ناس لزونا عليه
أيام بلودة:
يقال أن بلودة بئر قديمة (قرشية) وهي كلمة تطلق على الآثار القديمة وقد طمى عليها التراب، وكانت إبل التراجمة تتمرغ بها لنداوة أرضها، حتى عرفوها ثم حفروها وهي جهات النخيل في نجد، فلا بد أن تقام عليها مناوشات بين البادية وتذكر عدة منازعات بين التراجمة وجيرانهم، حتى قيل أنه قد استُفزع بابن حماد من بني السفر من أطراف حائل على التراجمة ولكنه حينما علم بأحقية التراجمة لها، كف عن قتالهم.
واقعة بنجد:
كان حمود بن مطلق أحد التجار بالمواشي من سكان نجد، فقتل واتهم به الثعالبة من بني رشيد وبعض أحياء من حرب مجاورة لهم فاراد المعادية ومن معهم غزو تلك الجموع، فتدخل كل من شيوخ القبايل التالين:
الشيخ هديبان السحيمي الحربي، هديبان الجحيش المهيمزي الرشيدي، وثامر بن سعيدة الرشيدي وغيرهم.
وقالوا: لا تظنون بالناس ظن السوء، لا يعرف رجلكم عند من؟ فأمروهم المعادية أن يحلفوا اليمين على ذلك وثانيًا أن يمرون على (نار) ابن عمار الملحس والثالثة أن يدفعوا الدية ويكسر رمح السية، فقال الشاعر ابن ذويبان المطيري بذلك:
يا راكب من فوق حمرا معفاه
…
والعصر بدني خيبر
(1)
لها شبوحي
ركابها اللي يوصل الهرج منهاه
…
قرم ولد قرم جوابه يروحي
تنصا عليثة دوره لين تلقاه
…
حذور لا تعداك عنه النبوحي
فوقه من البيضا ثيابًا تغشاه
…
ثوب جديد ولا شي مثله يلوحي
يسوقه سوق الجمال المعفاه
…
أدا
(2)
ويمين وكل الأمات توحي
ذوي معدي ربعةً من دناياه
…
ربعًا قروم ويكسبون المدوحي
والأصلبي كله ترا اللوم ما جاه
…
بلاه عن عانيه ما هو بطوحي
ومحارب اللي ضمر الخيل تنصاه
…
شيخ على الشيخان نجمه قزوحي
(1)
خيبر: البلد المعروف وكان المعادية محيلين للربيع.
(2)
أدا: جمع دية.
الإبل عند التراجمة
قبيلة التراجمة كغيرها من القبائل البدوية الرعوية وهم أهل عمود وقعود، فمن رحيلهم جنوبًا إلى مشارف بيشة حيث يدخلون بذمام عتابة من عقبان شبابه (قبيلة عتيبة) وشمالًا إلى ضواحي خيبر بجوار قبائل عنزة وبني رشيد وغربًا على الشريط الساحلي حتى جنوب جدة وشرقًا في جهات حائل ووادي الرَّمة حتى قرب عفيف.
فمن عاداتهم كبادية الاعتناء بالماشية وخاصة رواحلهم، وقد عرفوا مراحلها ومسمياتها وكذلك مناداتها عند حلهم ونجعهم وورودهم الماء وانصرافهم منه، وهي مناداة لا يعرفها إلا أهل البادية.
مسمياتهم للإبل:
يقال للناقة اللقحا (معشر) وابنها في بطنها (مكفوت) ثم تلده ويسمى حوار - مفرود - حاشي - لبني - جذع - حق - سديس.
ثم طلوع من 7 سنوات ثم طلوع أول، وثان، وثالث. . . إلى الهرش وهو الكبير، أما الإناث فتضاف صفة التأنيث عليها فقط مثل بكرة - بنت لبون - جذعة - حقة وثم الفاطر وهي الناقة الكبيرة بالسن.
ويقولون أعمارها ما بين 20 عاما إلى 25 عاما.
ولهم مسميات مثل:
الردوم: التي ابطأت لم تلقح من الإبل.
المسوح: التي يمسح على ضرعها لاحتلابها وهي المطيعة من الإبل.
المريمة: وهي التي مات ابنها ويعمل له تحنيط تعرفه البادية حتى تراه لكي تحن ليحتلبونها.
المظاهير: الإبل عند رحليهم، والزمل الرواحل من أسماء القوافل (القدو).
الضوامر: الإبل الأصايل سريعة العدو وهي ضامرة
(1)
بطونها.
(1)
كما يقال للخيل الصافنات أيضًا الضامرة البطن.
يقال أنه توجد إبل ليس لها إلا ضلعين في جانبيها تسمى التياها وهي نادرة ومشهور عنها ضمورها وسرعتها، وتعيش بجزر البحر أو الصحاري الخالية من البشر.
بعض أسماء إبل التراجمة:
غزلان للشيخ مرزوق بن صالح وهو حر شمالي.
فريسان، شرفان من ذلائل الشيخ محسن.
ادهمان حر عند ابن سليمان الأسعدي وهو الذي يرفع عليه البيرق العادي، ومضحكة عند ابن سليمان أيضًا.
الغزالة عند ابن عيد البرهيمي قديمًا.
مليس حر لدى فراج بن مسعود الهديبي.
عون عند ابن شتيان سابقًا.
وبعض الأسماء الأخرى بلا تحديد:
القويحص، اضبعان، عطيان، سحيلان، اسمعان، سعيدان، أبو شعفة، ادنيعان، وجيه الهدى، عروان، شوفان، ريمان، نعيجان، أرديفان، شامان، اهديان، اعجيان، رويسان، شعيلان، الاميلح، غديران، طوعان، سحيمان، شنعان، نوفان، اعضيان، لبقان، غويران، ادهيمان، احمران، هضيلان، ضبيان، وسيمان، رزيقان، وضحان، الاسحل، الاديب، مكيسب، شعيل، الهاد، المحني، شعيفان، الحر، عمران، الرخمة، الاصيفر، عضيان.
وهذه من بعض أسماء الإبل الأصايل عند التراجمة وأغلب شرائها يتم من قبيلة عنزة، وبني عمرو وولد محمد من حرب.
ومن أمثلتهم على الإبل:
الجمل لا طاح كثرت سكاكينه.
مالك فيه جمل ولا ناقة.
الجمل ما يشوف عوجة رقبته.
كل رديف ولا بد محول.
أخذ الجمل بما حمل.
الإبل لحلاتها صبارة.
لا تغني يا جمَّال قدام تركب.
أحقد من جمل.
الجمال بوابير البر.
كل سابقة تظهرها يدها.
لا أخذت خذ جمل.
كل أكل الجمال وقوم مقام الرجال.
تقر الناقة لا جابت مفرود.
د - مخلف (المخاليف)
هم أبناء خليفة ابن عم رعاية بن ترجم من سلالة العباس بن مرداس السُّلَمي.
ويقال تخلف خليفة عن أبناء عمه وسكن وادي خضرة وتفرقوا جهة الأكحل ومغيسل وحنذ مجاورين زبيدا من حرب، ووسم مخلف هو المغزل على الورك الأيمن للبعير، عكس بني عمرو من حرب. ومن مخلف فروع انتقلت إلى الحناكية وأطراف القصيم وينقسمون إلى ثلاثة بطون هي:
1 -
الموالك: ومفردهم مالكي من مخلف وهم فروع عديدة نذكر منهم:
أ - الهذارة: ومفردهم هذيري يقطنون شمال العيثمة قرب أعالي وادي الرُّمة بقرب جبل العبوب ومنهم قسم كبير بالمدينة المنورة والرياض.
ب - القرصان مفردهم القرص ويسكنون جبل الأكحل وخضرة.
ج - الشرافا: يسكنون المدينة المنورة ومنهم في بادية نجد في مدينتي بريدة والرس.
د - الخزازا: مفردهم خَزِّى وهم أكثر مخلف عددًا، ينقسمون إلى قسمين هما:
- العماير ويسكنون حائل والقصيم وشيخهم سعد بن معوض بن القاضي المخلفي يسكن حائل الآن.
- الجبعان ويسكنون العيثمة والنحيتية، وأمير الخزازا عامة من الجبعان الشيخ بطحي بن صندل بن لاحق الخلفي.
ومن الموالك أيضًا أقسام صغيرة منهم الزعابلة والوبران.
2 -
الثوابت: مفردهم ثابثي يسكنون أودية خضرة والأكحل ومرة، ويسكنون أيضًا النحيتية في أعالي وادي الرمة ولهم ثلاث قرى هي النحيتية وعريفجان في وادي ساحوق وقرية مطلق، وأمير قرية النحيتية هو محمد بن دبيان بن غادن المخلفي، وأمير قرية عريفجان فرحان بن ضاوي بن دافان المخلفي، وأمير قرية مطلق سعد الديري المخلفي.
3 -
الطنون: من قبيلة مخلف ولهم عدة فروع أهمها:
أ - الشلاوين: ويسكنون أودية الأكحل وخصرة ومر وفي المدينة المنورة والقصيم، ومنهم في الرياض وشيخهم حمدي بن الفقيه حميد المخلفي مقيم في القصيم في بريدة، وينقسمون إلى ثلاثة أقسام هي:
- ذوي عيد: شيخهم عبد الله بن حميد المخلفي.
- العواصية: شيخهم مطلع بن صلاح.
- الدحبلات: شيخهم صالح بن سنيد المخلفي.
ب - العرامين: مفردهم عرماني يسكنون خضرة والحناكية ولهم قرية حنذ قرب الأكحل ويتفرعون إلى فرعين.
- ذوي مرزوق: ومنهم مطلع بن نايض أمير مخلف سابقًا.
- ذوي مروي: ومنهم إمارة مخلف في الحجاز سابقًا والآن وشيخ مخلف فىح بن مرجي بن مروي المخلفي، وقد توفاه الله وحل مكانه الشيخ رجا الله.
ج - المعدي: وهم يقطنون الحناكية والمدينة ومنهم فضيلة الشيخ فالح بن نافع بن فلاح أحد مدرسي الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وأميرهم أمير قرية الحناكية علي بن مرزوق بن نافع المخلفي.
د - الشباع: يسكنون قريتهم الجفن التابعة لمنطقة القصيم وشيخهم حمدان بن هليل المخلفي.
هـ - المصادير: ويسكنون المثلث قرب الأكحل ومنهم في جدة وشيخهم قبال بن رزين المخلفي.
و - الصررة: ويسكنون جبيرة والخشيب قرب الرس في القصيم وشيخهم فالح بن سبيل المخلفي.
ز - الهروف: يقطنون قرية مغيسل بين خضرة وحجر ومن كبارهم ناصر بن ديقان المخلفي.
ح - النمامير: ويسكنون في المدينة ومنهم رئيس محاكم مدينة الدوادمي سماحة الشيخ نايف بن عوض المخلفي.
ط - السوافر.
ي - الوصايفة.
ويقال: إن من مخلف عدة فروع مع قبيلة الظفير ويطلق عليها بالتصغير مثل الثويبتي والنبيتي والشبيعاني ولهم عدة قصائد تنسبهم إلى مخلف.
ومن مخلف جالية كبيرة في مصر ينسبون لمخلف سكان الأكحل في الحجاز بالمملكة العربية السعودية.
وتتميز هذه القبيلة بكثرة الشعراء سواء من الشعر النبطي أو الفصيح منهم حميد بن حامد المخلفي ولد 1327 هـ وتوفي 1379 هـ بقرية الصويدرة قرب المدينة المنورة وكان شاعرًا حكيمًا عالمًا ومنهم الشاعر الكبير حمدي بن حميد المخلفي وغيرهم خاصة أبناء حميد الفقية.
وولاء الخلفي للتراجمة أكثر من غيرهم وروابطهم عميقه ومتينه وقد روي لي كبار السن أن مخلف اقرضوا أو فرقوا
(1)
قديمًا مع التراجمة، وذلك مما يؤكد قرابة القبيلتين وكل رجل أو طفل يعرف قرابة القبيلتين لبعض.
فلربما كانت الديار بقرب بعضها وبجوار التراجمة وحلفهم وافق حلف التراجمة وهم مع مسروح من حرب. كمثل حلف الأحمدي والمحمدي مع بني سالم من حرب.
ومما يثبت أواصر القربى عدة قصائد منسوبة للقبيلتين سوف يأتي ذكرها.
ووسم مخلف على الإبل المغزل (العمود على فوق):
هكذا [رسم] على ورك البعير الأيمن.
عكس بعض بني عمرو الذين يسمون المغزل (T)
ومن شيوخ مخلف:
شيخ مخلف، ابن مروي من الطنون.
ابن غادن من الثوابت، الشبعان في الجفن.
ابن ضاوي في العريفجان.
(1)
الفرق: وهي معونة أو المساعدة بالمال لمن عليه حصص أو مشكلة مثل تسديد دية ونحوه.
الديري أمير الطرفاوي جهة القصيم.
المعدي بالمحفر بالحناكية.
ومن تاريخ قبيلة مخلف:
أغلب تاريخ مخلف مقرون مع قبيلة الصواعد، في معظم أيامهم ومعاركهم التي دخلوها، وقال ابن شرار المُطيري في قصيدة طويلة لمدح مخلف:
لا عود الله كونكم يا المخاليف
…
أصبح رضيع الديد منكم يشيبي
أخذ الأمير ابن رشيد الشمري حاكم حائل إبلا لمخلف فاستردوها مخلف فقال ابن غادن المخلفي في قصيدة طويلة منها:
والله وانا غادن لا غير
…
والذود أنادي في ثراه
ماني كعامًا للأمير
…
ألقى الحبارى في ذراه
وفي آخر قصيدته يقول:
للي وادي
(1)
تمره شهير
…
عينه تجيله من صفاه
أخذ ابن غادن المخلفي المعزولة من ابن رشيد الشمري في أطراف حائل، وهي ما كان يفرضها على القبائل المحيطة به.
أخذ عقاب بن سعدون العواجي العنزي المغيرى من الإبل من مخلف فاستردها بنو مخلف وقيل أن لحقوا به عند ديار عنزة وقد قيلت بذلك عدة قصائد لا أذكرها.
تقول رواية كبار السن من مخلف أن وادي خضرة كان سابقًا عند عنزة، فدارت بينهم منازعات فانشق منهم رجل، اسمه عزيز بن وائل العنزي، فاستجار بحرب أهل خليص ورابغ وتلك النواحي، فاستفزعهم على عنزة حتى طردوهم إلى نجد، وكانت إبل أحد شيوخ عنزة تسمى الجدعة، وقال في ذلك:
(1)
ويقصد بذلك وادي خضرة بالحجاز.
لا عادت الجدعة ولا عادوا أهلها
…
ولا عادك الله يا عزيز بن وائل
وقول آخر:
تحنين يا الجدعة وأنا أحن مثلك
…
علي حجر النسيف يصيف
اليوم يا جدعة شمال رضوى
…
والعام هذا الوقت يم منيف
(1)
ومن أعلام مخلف أهل الحجاز وعوارفهم سابقًا.
جبر بن فايد الدحيلي، هليل بن عتيق الشبعان، علي بن مرزوق الراعي، عبد الهادي بن هليل، وأخيه حمدان بن هليل، معيض الهذيمري، صلاح بن نويفع بن مرزوق، الشيخ فرح بن رجا الله بن مروي، حامد بن نويجع الشلياني، مستور بن معوض نويجي (القاضي)، حليس بن عايض، سعيد بن صقر، وابن عمه ناجي، جبير بن سعيد، وهما من ذوي مرزوق، نايض بن ساعد بن سعيد بن صقر بن لافي بن مرزوق أحد الشيوخ سابقًا من مخلف، حميد بن حامد الملقَّب (الفقيه) ومن أشعاره:
وابندقي يا ناقلين البارودي
…
اللي لا مديتها تشرح البال
أسرح بها وصبحبها بالحيودي
…
وفرق بها صيد جهاجيل وجوال
كم ليلة حنيت منها العمودي
…
من دم أشقر يوم أحليه شلال
وفي أخرى قال:
يقول أبو حماد واق الأطانيف
…
في المرقب اللي ما رقاه الهيوبي
في حروة الضرمة من صيد مواليف
…
ومن كفي اللي ما توارت ضروبي
ما لمسوها باليدين الخطاطيف
…
ولا علقت بالبيت يوم الهبوبي
يذكر الرواة الثقات من قبيلة مخلف أنهم مؤكدين انتسابهم إلى بني سُلَيْم وأنهم وأولاد رعاية أبناء عمومة وقد وجدوا ذلك موثوقا لدى كبار التراجمة والأحامدة في وقت مضى، وقد أكدوا لهم ذلك.
(1)
منيف: جبل أعلى وادي حجر، ويطلق عليه اليوم جبل منور.
ويقال أحالوا مخلف في وقت الربيع جهات الفقرة قديمًا، وجاوروا بني سالم والأحامدة، فحدثت بعض المنازعات العادية على ورودهم للماء فأرادوا بنو سالم إخراج مخلف من تلك الجهات، وحضرهم الشيخ ابن عساف الأحمدي وقال أمام الملأ:
أيها الناس، إن مخلف إخوتنا، ونحن من بني سُلَيْم أصلًا وهم الآن موالين مع التراجمة من مسروح حرب، فاقول إنهم عنكم في سدّ وجهي ويردون معنا الماء على الغب
(1)
والربع، دون أن يتعرضهم أحد، وكان ضمن مخلف جبر بن فايد الدحيلي، وهو يشم بن ناجي بن جبير وغيرهما.
وأكد رواة قبيلة التراجمة بما لا يقبل مجالًا للشك بإخوة مخلف وهم أولاء لهم في قبائل مسروح من حرب.
هذه قصائد بين مخلف والتراجمة تؤكد تقاربهم:
هذه من مخلف للتراجمة:
سلام يا ربعًا عريبيني الجدودي
…
وأمير يردونه كما العدل الركودي
يا عز ربعة يوم ميلات البدودي
…
راية صليب ولا يفرق في العباه
وهذه لمناور بن صالح الترجمي في مخلف:
تقدوا تقدوا ولقد ساعة الرحمان
…
تراكم كما عيني عن اللطم أداريها
رفافتنا والله جابكم عندنا جيران
…
وحنَّا قانون الجار يا عنكم نوفيها
تراعوا من الحرَّة إلى أدقس ليا ورقان
…
ورجلًا عذيه ما يطقون راعيها
هذه لمخلف في عرجاء قرب القصيم:
سلام رده عيد في غايت قنونه
…
يا ربعنا اللي كل خايف تزينونه
الضيف لا منه لفاكم تنشطونه
…
يا أهل الوفا لا جات عازات الرفيق
(1)
رواية عبيد الله بن عاتق الترجمي من الغبيشات.
فرد عليهم حمد بن مناور الترجمي:
يا مرحبًا بالقاف واللي يبدعونه
…
مثل المطر وإن هل من عالي مزونه
لربوعنا اللي كل من ايفسرونه
…
لا جات عازتهم يردون الوسيق
قال رجل من مخلف
(1)
:
يا راكب حمرا من التي تنهج
…
وتفز من قبل العصا فزتيني
أشدادها عيدان سدر يتلعج
…
مولفينه عقب ذرف اليديني
ركابها من كل هرج يتخرج
…
له جابتًا تازن لها جابتيني
تعطي بها الفيفا وتنصابها الفج
…
فجًا يضربها على القريتيني
تنصا ربوعًا بنهم ما يحرج
…
والحايل اللي لو ثمنها بديني
بقيها اللي مثل نورًا لا بلج
…
يا مدهل الخطار والغانميني
عطوني القانون لوني أفلج
…
على حضور الشيخ والقاضييني
اللي مضى سنح وبيت مدملج
…
واليوم جات بين الرفاقة وبيني
أما يسير البني بالبني يلحج
…
وإلا انقسمنا من عقبها بدتيني
هذه قصيدة لرجل من مخلف يقال له ناجي بن جبير
(2)
هذه القصيدة قيلت عندما توفي أحد أبناء عمه وهو صلاح بن نويفع وكان عنده أبناء صغار، وكَّل عليهم أحد أقاربه وبعد فترة من الزمان اشتد عليهم الوقت وضاقت عليهم المعيشة وهم المتوكل ببيع دلال اليتامى وعندما علم أكبر الصبيان وهو غلام معوق ولا يستطيع المشي على الأقدام أخذ الدلال وقام يزحف بها حتى وصل إلى ناجي بن جبير وأدخل الدلال عليه عن البيع حتى يقوم منهم رجل رشيد ويأخذها فاستقبل ناجي الدلال وحماها من البيع، وفي ذلك اليوم ضافة أحد أقاربه ويدعى حليس بن عائض وأمر ناجي أحد أبنائه بإشعال النار وإصلاح القهوة للضيف وقال هذه الأبيات:
(1)
رواية عبيد الله بن عاتق الترجمي من الغبيشات.
(2)
هذه القصيدة لها أكثر من مائة عام.
يا شاعلين النار في شبها وين
…
النار ما شباتها بالتواني
ياما حلى الدله وليا كلفت زين
…
ومبهره بالهيل والزعفراني
أول حلاها شذة الرمش بالعين
…
وتالي حلاها ذوقها باللساني
النجر ودلال المعاميل الأختين
…
زبنًا عليه يا حليس بعاني
أنا عليهن مثل من يطلب الدين
…
لاكن عنهن حاديتني معاني
اخذتلي من حبل الادراك عامين
…
والثالثه منها بحالي شواني
وبحكم رب البيت ما الناس دارين
…
مدري يا لو للي عند ربي مثاني
ان كانت حاضر قلت يا مرحبا وين
…
وان غبت راجي من يجي في مكاني
يا راكبًا من عندنا فوق ثنتين
…
ثنتين يعطن الغبا والبياني
مرواحهن من عندنا صبح الاثنين
…
وعصير يمس وادي أبا الديعجاني
ينصن ابن مروي ما بين خيفين
…
في ديرة عضيه ولا هي بأماني
ورد السلام وقل عسى فالهم زين
…
بلاه بالغيبات حام الوداني
وليا نشد عنا قولوله فريقين
…
في ديار عوف مرجحين الوزاني
قوله ترا ميرادنا الرس بالضين
…
في ديرة مرباعها ما جفاني
أنا لقيت أولاد ترجم بديدين
…
حامين ديرتهم بغير العواني
حياك يا حماية الشين بالزين
…
حياك يا حماية حدب المباني
خمنتهم ولنهم أقمل الفين
…
من غير ما جيتهم واللي لفاني
هم ربعي دون الأقصى والادنين
…
وان جات عيله من جموعًا متاني
ولمخلف هذه الحداء في المناسبات:
سلام يا ربعًا تغلق كل باب
…
الربعه اللي لبسهم بيض العمائم والثياب
تضفى على شيابهم واللي حضرهم من شابا
…
ما نهفي الوزعه ولا نقصر عن الطيب خطانا
فأجابهم الترجمي
يا مرحبا وهلا عدد وبل السحاب
…
الله يحيي من لفانا في ذياب
يا هل الوفاء يا محتسين بالحزاب
…
يا مرحبا والله يحيي من لفانا
ولمخلف أيضًا:
سلام منا يا قديمين الفعايل
…
يا عز راسي يوم ميلات القبائل
حريبهم دايم تدرجه المحايل
…
سلام يا هل الموجب الغالي سلام
جينا كما ثعل يقود أمن الهبايب
…
بمسوطرات القفش شنعات الضرايب
نحما بهن غيباتنا يوم الغصايب
…
ياما فارقنا من مواليفٍ ليام
فأجابهم الترجمي:
يا مرحبا بهل الوفاء وهل الجمايل
…
كسابه النوماس يوم الحرب مايل
عداد ما جات المزون امن المخايل
…
يا مرحبا ربعًا تكمل في المقام
وقصيده المخلف:
سلام رده حق تمشي في القطور
…
تضفي عليكم يا صقور من صقور
يا صقر ما أخلفه عن ما قفه موج البحر
…
يصفق بجنحاته عن اللي في ولاه
وأيامنا هذي على الأمه تدور
…
ما عاش فيها إلا المعرب والصور
يا بيت مبنيًا على جسٍ ونور
…
مبني على ساسه مجودته عراه
رد عليهم مفلح بن سعيد الراجحي رحمه الله ولا أفتكر الرد.
وهذه القصيدة للتراجمة يوم العيد لمخلف:
سلام رده عدّ ضوء الفجري
…
عبد الليالي والليالي تجري
يا عبد من زار الحرم متمدري
…
سلام في سلام ومن العايدين
أثني بردة قلتها من بدري
…
عداد براقًا يبوج الغدري
يا ناس منهو بالمعاني يدري
…
يا من يفسر بالمعاني يا معين
هـ - الموايقة
تقول روايات كبار السن الأحامدة والتراجمة أن الموايقة إخوة الأحامدة والتراجمة والمحاميد (المحمدي)، وأن جد الموايقة هو سالم بن رعاية وهم الآن في الشام دخلوا في عنزة.
وقد ذكر ابن عبّار العنزي في كتاب أصدق الدلائل في أنساب بني وائل أن الموايقة من السُّبعة من ضنا عبيد من بشر من عنزة، وسبب التسمية أن جدهم له
أخ في قبيلة حرب وكل مرة يذهب ليراه يقال ذهب يويق على أخيه، ولُقّب بالموايق وذريته باسم الموايقة.
ومن الموايقة فرقة رؤساء السُّبعة في عنزة
(1)
.
ووسمهم هو العرقاة مثل وسم الأحامدة.
وقد ذكر لي الشيخ عبد الرحمن بن خلف الأحمدي أنه قد زارهم ببادية الشام قبل ستين عامًا تقريبًا وكان عمره تجاوز الثلاثين وقتئذ وقد تعرف على بعض شيوخهم هنالك.
فروع أخرى من بني سُليم مع حرب "حسب أقوال الرواة
"
1 -
الهضوب: مع المطارفة من الصواعد من عوف، ويقولون أن أصلهم من الهضَّبة في سُليم.
والراجح أنهم من حليل من عُصيَّة بن خُفاف من بني سُليم. وفروعهم مع المطارفة هي: المراشدة والخيورة وذوي مفرج وذوي سليمان والمناصير.
2 -
الوبران: ثلاثة إخوان قدموا من بني سُليم إلى حرب فبقي اثنان مع حرب ورجع الثالث إلى قومه من سُليم.
وأصلهم من دميح من بني راشد من فتية من سُليم. وانضمت سلالة أحدهما مع الصبوح والآخر مع البلادية من حرب.
3 -
المزاريع: وأصلهم من بني عامر من فتية من بني سُليم ودخلوا مع زبيد من حرب.
4 -
الضباعين: يقال أن منهم أناسًا مع حرب من خصلة الضحاحيك خاصة مع زبيد.
(1)
وذكر ابن عبار عن ابن هديب رحمه الله وعد أجداده وهي في العد توافق عد الأحامدة والتراجمة والمحاميد.
إذ ذكر أن ابن هديب هو برجس بن فرحان بن طلال بن صوحان بن مرادي بن فارس بن هدية بن علي بن خاطر بن قاسم بن هديب بن سالم الموايق وهو ابن رعاية السُّلمي وتوفي برجس حوالي عام 1355 هـ.
5 -
الشدَّادي: قيل أنهم مع حرب ويردون بئرًا لهم يقال لها الجخا في وادي الفرع وهم من ذوي شداد من تراجمة بني محمد من حبش من سُلَيم.
6 -
العطور: وأصلهم من زغب بن مالك بن خفاف من سُليم ودخلوا مع بني عمرو من حرب.
7 -
الغرابين: وهم شيوخ الحسينات من الصواعد وهم أصلًا من سُليم وفروعهم ذوي رفادة وذوي راجح.
8 -
آل عويضة وآل معوض: مع الحُصنان من مُزينة بنجد، ومن عويضة ذوي عبد الرحمن وذوي مبارك وذوي صالح. ومن معوض ذوي مقبل وذوي قبلان. وأخوالهم القبعة من مُزينة وأصلهم من بني سُليم معروف عند مُزينة
(1)
.
9 -
النجاري: وهم أصلًا من الجلاة من سُليم دخلوا مع الزبَّالة من زبيد من حرب.
وتوجد فروع سُلّمية أخرى في حرب سبق بيانها بالنصوص في التعليق على بحث راشد بن حمدان الأحيوي المسعودي من الأردن.
ثانيًا: أنساب حرب وديارههم وفروعهم - تبعًا لما قاله الرواة في المملكة العربية السعودية
-
نسب حرب:
يقول الرواة الثقات العالمين بتاريخ قبيلة حرب أن هذه القبيلة لا تنتمي إلى أرومة واحدة وهي من قبائل شتى أو أشلاء من بطون القبائل أكثرها من العدنانية خاصة من بني سُليم ومُزينة وكنانة والأشراف وهُذيل وخزاعة وهوازن. وأما فروع حرب الأصل فهي من خولان بن عمرو من قُضاعة من حِمْيَر يمانية قحطانية نزحت من بلاد اليمن (صعدة) في القرن الثاني الهجري وعاد معظمها بعد مضايقة القبائل العدنانية لها في الحجاز، وقد ظلت في أماكن وتجمعات قليلة في بلاد
(1)
ذكرهم الحصني المزيني في كتابة قبيلة مُزينة ونقلنا ذلك عنه أيضًا في المجلد الأول.
الحجاز ولم تظهر كقبيلة لها شأن إلَّا في القرن الثامن الهجري، وقد التفّت حول حرب الكثير من البطون والعشائر والأفخاذ خاصة بعد أن تعيّن لها صرَّة مالية للحفاظ على طريق الحج من الدولة المصرية (عهد المماليك).
وساعد ظهور حرب بين الحرمين ضعف وانكماش سُليم التي ظلت القوة الرئيسية بين المسجدين حتى آخر القرن السابع الهجري بشهادة نصوص العديد من المؤرخين.
وبعد أن انضوى إلى حرب كل من كان له صولة من العرب في بادية الحجاز من سُليم أو مُزينة أو غيرهما، غدت هيبتها عظيمة وشوكتها جسيمة، وقد اجتمع فيها بأس القبائل كلها، فاشتهر أمرها عند السلاطين والحكام وأصبحت لا تضاهيها قبيلة في الحجاز، وتوسعت في ديارها على حساب غيرها من القبائل وانساحت في نجد حتى بلغت القصيم وأطراف الأحساء شرقًا.
مساكن حرب في العصور الأخيرة:
تمتد ديار حرب قرب القنفذة جنوبًا على ساحل البحر الأحمر مرورًا بينبع والمدينة وبالقرب من العلا، ومن الشرق واد الرّمة وبريدة إلى ضواحي حائل حتى لوقه ولينه قرب حدود العراق. وتنقسم حرب إلى جذمين عظيمين هما:
أ - بنو سالم
(1)
. ب - مسروح.
(بنو سالم) يلاحظ المسافر ديارهم على جانبي خط جدة - المدينة المنورة مرورًا على ساحل البحر الأحمر.
(مسروح) منازل مسروح خط الهجرة الجديد (مكة - المدينة) مرورًا بوادي النقيع والفرع والحرّة.
وتنقسم بنو سالم سكان الصفراء وبدر ونواحي ينبع ووادي الحمض إلى قسمين هما: 1 - ميموني 2 - مروّحي.
(1)
وهو ليس بجد لهذا الجذم ولم يستطع البلادي ولا أي باحث من حرب أن يأتي بمن هو سالم هذا؟!.
فمن ميمون: الأحامدة، وبني محمد، والصبوح
(1)
(وشيخهم ابن حصاني). وتقدم التفصيل عنهم.
- المطالحة: وفيهم المحاميد وبني عمرو، ومن بني عمرو الكحّلة
(2)
والمغامسة.
- الرحّلة
(3)
: ومنهم العراقيب وأصلهم من عوف ومنهم الجميلي والغرابي وهم سكان نجد.
- الحوازم: وهم من حوازم مروّح
(4)
.
- ولد علاء: ويقال أنهم من بني محمد خاصة.
- السرحة.
- الحيادرة: ويذكرون أنهم من الأشراف الهاشميين من قريش.
- الروثان
(5)
: يقال أنهم من بني عمرو أصلًا.
- القود.
- بنو يحيى
(6)
.
- الموارعة.
ومن المراوحة القسم الثاني في بني سالم الفروع التالية:
(1)
من الصبوح: قيل أن معهم ذوي عليان من عَنَزة حسب روايتهم.
(2)
الكحلة: أصلهم من عوف وحلفاء للتراجمة ووسمهم نفس وسم التراجمة الشاهد والخطيم وقيل أنهم من المعادية بالذات في عوف.
(3)
يقال ان الرحَّلة قديمة جدًّا قبل قدوم حرب من اليمن ويرجح أن أصلهم من كنانة خاصة غفار أو ضمرة.
(4)
يذكر هؤلاء أن لديهم وثائق تثبت أنهم من بني هلال، وأرى أنهم أصل حرب.
(5)
وفي رواية أنهم من مزينة وهم قدماء وبطن كبير واختلطت بهم فروع كثيرة.
(6)
يقال إنهم من بني سُليم لأن المحمدي يقول لهم أقارب من لحمة الرقبة.
الحوازم، والظواهر، والحجلة
(1)
، والحناينة، والجنيطات، ومزينة
(2)
.
أما قبائل مسروح الجذم الثاني في حرب فينقسمون إلى: بني عمرو
(3)
، وزبيد
(4)
، وعوف، وبنو السفر
(5)
.
- فمن بني عمرو:
ولد عبد الله، وولد محمود
(6)
.
ومن ولد عبد الله: بشر
(7)
، ومعبد، والسراني، والمحمدي
(8)
، والشداوي، والبلادية، والجوابر
(9)
.
أما ولد محمود فهم:
الجهوم ومنهم: البغولة، والعبدة، والحريبي، والشعبي، البياضين، والخيارية، وبنو مناش
(10)
ومنهم: الحسر والبلاهشة والحوامضة ومنهم: الصالحي والحمراني والغيداني والعطور
(11)
.
(1)
مع الحجلة الشواعر وأصلهم من عرب مصر كما يذكر بعض الرواة، والله أعلم.
(2)
مُزينة: من قبيلة مزينة العدنانية المعروفة من مُضَر.
(3)
يقال لبني عمرو قديمًا بنو متروك من حرب ولكن علقوا في مسروح وكانت حرب قديمًا سالمي ومسروحي ومتروكي.
(4)
مع زبيد خليط من الصعايدة والصناعوة والهنادوة وغيرهم، ويقال لهم مرقعة من عدة قبائل وأجناس.
(5)
بنو السفر: هم ذو نسب صريح إلى حرب من خولان قُضاعة.
(6)
ولد محمود: من حرب خولان وكان محمود شيخًا عامًّا لحرب في الحجاز.
(7)
بشر: أصلهم من سُليم من فروع لبيد من عوف، ووسمهم هو وسم بني سُلَيْم وديارهم هي نفس ديار سُلَيْم القديمة المعروفة قبل مجيء حرب من اليمن.
(8)
يقال لهم المحمادي وهم غير المحمدي في بني سالم الذي أصلة من سُليم.
(9)
مع الجوابر أحلاف شتى ومن صعايدة مصر وغيرهم.
(10)
بنو مناش: أصلهم من بني مالك (من بطن عُفير) وأعلنوا ذلك في الآونة الأخيرة في حفل كبير حضره لفيف من جماعتهم من بني مالك جنوب الطائف.
(11)
العطور: المشهور عنهم أنهم من زغب بن مالك بن خُفاف بن إمرئ القيس بن بهثة بن سُليم بن منصور.
- بنو السفر: وهم أصل حرب وفيهم عوف
(1)
حسب التقسيم القبلي في حرب.
- الفرّدة: وشيخهم ابن حماد.
- الوهوب.
- الحسنان
(2)
.
- زبيد: وهي أقسام ثلاثة:
زبد الشام: مقصود بالشام من هم في شمال ديار حرب.
زبيد اليمن: مقصود باليمن من هم في جنوب ديار حرب.
زبيد الشيخ: ومنهم ابن عسم وهو من أصل حرب الخولانية.
ومن فروع زبيد المعروفة بصفة عامة: الزبَّالة، والعسوم، والغوانم، والصحاف، وأسلم، والجحادلة، والمحاميد، وبني يزيد والأخيرة منها المراعشة والشرابات، ومن بني يزيد هؤلاء فوارس من حرب لهم ذكر محمود. ويذكر الرواة من حرب أن مخلف حلفاء زبيد وقد تقدم القول عن مخلف، كما يروى أن التراجمة إخوة مخلف قاموا بغزو قبيلة مُطير، وهذا في زمن الجهل والجاهلية قبل الحكم السعودي فظفروا بهم بمساعدة بني يزيد من زبيد حيث قال شاعرهم:
أنا اليزيدي من ذرا مسروح
…
حديدكم يا درار بالماريه
نحتسبلك اللي يشهبن الروح
…
والدرج الأخضر دون أبو حدريه
(1)
ومن قائل يقول إن بني السفر أصل عوف، وهذا ليس بصحيح وقد تقدم التعليق على ذلك فعوف حسبما ذكر أغلب الباحثين من بني سُليم وطبعًا معها أحلاف من العرب وقد اختلطت بعرف اختلاط الحابل بالنابل.
(2)
يقال أن أصل الحسنان من جُهينة وهم يقولون لسنا كلنا وإنما بعض منا ودارت قصائد حيث قال شيخهم حثلين قديمًا:
حِنَّا في الجهنان
…
وأصبحنا في الفريدية
- بنو علي
(1)
من الفروع الكبيرة في مسروح، ومن فروعهم ولد مريد
(2)
والجبور والكتمّة
(3)
.. ومن بني علي الفروم أمراء هذا البطن ومنهم فوارس مشهورون في حرب قديمًا وفروع أخرى عديدة دوَّنها الباحثون والمؤرخون مثل البلادي والشيخ حمد الجاسر وتقدم ذكرها.
عوف
(4)
من حرب
وهي من القبائل التي تحافظ على بداوتها حتى الوقت الحاضر وأغلبها في البوادي وهي من أقوى قبائل حرب شوكة، وتنقسم إلى جذمين كبيرين هما: الناصفي، والصاعدي.
الجذم الأول من عوف: (النواصف).
فمن النواصف: النجواني والسهلية واللهبة.
ومن (النجواني) الفروع التالية:
أ - المصبحي وهم: السحيمي
(5)
، والغصيبي والرويتعي. وأغلب فروع المصبحي انضاف مع السحيمي ويقال لهم السحمان.
(1)
بنو علي هؤلاء كما تقدم من أقوال الباحثين من بني عوف من سُليم ودخلوا في مسروح من حرب، وعلي هو ابن حصن بن علَّاق بن عوف.
(2)
ذكرت في بعض المراجع مرير (آخرها راء بدل الدال)"انظر تفريعات البلادي".
(3)
الكتمة ينسب إليهم الشبول ومنهم العلَّامة حمد الجاسر.
(4)
ذكر المؤرخون أنه عوف بن بُهثة بن سُليم وهو الصحيح، وبعضهم ذكر أنه عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُليم، وقد أشار ابن فضل الله العمري أن بني سُليم بها عوفان.
والظاهر أن كليهما اختلطا ببعضهما البعض من أيام ظهور الإسلام بعد تفرق القبائل في الغزوات الإسلامية، ومهما يكن من أمر فإن عوف كانت من أقوى قبائل سُليم منذ العصر الجاهلي بدليل ذكر العباس بن مرداس لهم في شعره عند ظهور الرسالة المحمدية، وظلت عوف قوية حتى القرن الثالث الهجري أيام العباسيين إذا إن الطبري ذكرها من بين فروع سُليم القوية والتي كانت في طليعة القوة التي هزمت والي المدينة النبوية من قبل الدولة العباسية ومن معه من قريش والأنصار، وقد تقدم ذكر هذه النصوص للطبري.
(5)
السحيمي أو السحمة منهم الشاعر الأول لفن المحاورة وهو صيَّاف بن عواد السحيمي.
ب - بنو علي (علوات بن زيد)
(1)
وهم يسكنون سفوح جبل أدقس وشرق المدينة في الحناكية والصويدرة.
ج - اللقامين: أبناء لقمان بن نجوان من بني عوف.
ومساكن اللقامين في السديرة وسفوح أدقس (قدس) وما سال من جهة المدينة المنورة. ومن فخوذهم: العوامرة والزوايدة وذوي عبد الله والهقشان والمراشدة وذوي حميدان وذوي عطيان والضحاونة والزروق الصقارنة والشعيبات وذوي عطية والجفاف والقفاف.
وأمير اللقامين نصار بن حامد بن جحيش من العوامرة، وبهم عوارف من عوف، ومن أعلامهم محمد بن عيد العامري رحمه الله.
الفرع الثاني من النواصف فهم (اللهَّبة)
(2)
وهم سكان صوري إلى القاحة بالقرب من قدس، ومن فروعهم التالي ذكرها:
1 -
بديد ومنهم فخوذ أهمها بنو مقبول ومنهم البناين أمراء عموم اللهبة، وذوي مبارك ومنهم ذوي زايد والدبابين وفيهم أحد الشعراء المقربين للملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله وهو لافي من الدبابين من اللهبة.
وكانت الإمارة للعبيسي ثم الربيقي ثم عند مرزوق بن بنيان. ومن بديد أيضًا الوحرة ومنهم ذوي حمود وذوي بريك.
فمن ذوي حمود: ذوي صويلح ومنهم ذوي ربيعان وذوي مرزوق وذوي عسكر.
(1)
أطلق على بني علي من النواصف (علوات بن زيد) نسبة إلى شيخهم واسمه زيد وهم خلاف أولاد علي من الصواعد، لأن في عوف علوات الصواعد وعلوات النواصف.
(2)
اللهبة: من أشرس وأقوى عوف، ويتسلل منهم أفراد لقطع الطرق قديمًا، وكذلك معظم عوف وإنما اشتهروا أكثر من غيرهم في عوف ويقال إن بعض الحكومات في العهد العثماني أمرت بترحيلهم أو نفيهم إلى منطقة الربع الخالي لتأمن شرهم على العباد.
ولربما هذه سمة عوف في أفريقيا، فكثير من فروعهم وجدت بعض كتب التاريخ قد ذكرت أن من عوف بني سُليم يقطعون الطرق على السابلة، والله المستعان.
ومن ذوي بريك: العويدات وذوي مهنّا وذوي مطر وذوي سليمان وذوي عمران وفيهم السناجين وذوي عيد (الربقة) وذوي عائض وذوي لافي وذوي شديد وذوي سليم.
2 -
الدعيمات ومنهم فخوذ ذوي الذويب وذوي حمد الكراشية وذوي عطيان وذوي مسفر واللبية والعودة ومنهم الشلوان والجيلان وذوي قيظي وذوي سعيد وفيهم ذوي ساعد وذوي سعد وذوي رحمه.
3 -
المجابيب ومنهم اللطيفي والحمداني والدويخي والشاطري.
4 -
الخضرة ومنهم الصراهدة وذوي مبارك والصخاونة.
وأغلبهم قاطنون مكة المكرمة وهم أقل اللهبة عددًا.
الفرع الثالث من النواصف (السهلية):
وهم من أهم فروع النواصف من عوف ومنهم شيوخ النواصف وبرز منهم فوارس مشاهير وهم أكثر عوف شهرة.
ومنازل السهلية كما تقول البادية في ملاعب الخيل بين عوف من حرب وقبيلة مُطير، وكانت تُشن عليهم غارات كثيرة ويفتكون منها ويصدونها بعزم واقتدار، وهم أكثر عوف رعاة إبل ومنهم من سكن نجد، وديارهم اليتمة (وكانت تسمى أتمة ابن الزبير ووادي النقيع والنقيعة) وحرّة الجبور بالمدينة النبوية وهو حي الآن، وهرمة قرية جنوب الصويدرة.
ومن عشائر السهلية: ذوي مطر وذوي فريد والغصنة والسحمة أو السحمان.
فمن ذوي مطر فخوذ: السلامات والخرصة وذوي سعيد وذوي سعيدان والرخصة.
ومن ذوي فريد فخوذ: الحوابرة وذوي مبارك والربعة وهم أمراء عموم السهلية وأبو ربعة لقب جدهم (ربيعان).
ومن الغصنة فخوذ: الغصيان وذوي مبارك والجبور.
ومن السحمة (السحمان) فخوذ العبايين والعلايمة والزقارب والمفاليح، ويقطن البعض من السهلية أسافل صوري مثل الجوارية والعجرات والمغير في الأتمة، ويقولون المغايرة أصلهم من عُتيبة من هوازن.
كما يقال أن من السحَّمة هؤلاء السحَّمة في قبيلة بلي من قُضاعة.
الجذم الثاني من عوف (الصواعد):
وتنقسم الصواعد إلى قسمين كبيرين أ - بطيني. ب - علاقي.
ويقول بعض الرواة أن تسمية البطيني بهذا الاسم سببها قصة وهي أن العلوي من الصواعد فعل جناية قدمية في زمن الأتراك وهرب ولحق به الترجمي مع البركاتي وأدخلوه بينهما في قفص صدري لجمل ميت لم تبق سوى عظامه حتى يقولون أنهم إخوة، فحضروا عند الباشا التركي فقالوا: هذا أخونا بين بطن وظهر (لكي ينجوا من غدر الأتراك) فما تريدون ثمنا له مستعدون. فبقي عالقًا لفظ البطيني على الثلاثة فروع المذكورة من عوف وهي: التراجمة والعلوات والبركات.
وعن البركات
(1)
يقال إنهم فرعان هما: رياح، وهلال. ومن البركات المواقدة وهم من شيوخ البركات من الصواعد وكان أميرهم مشعان بن موقد ومنهم الملاحسة ومنهم ابن عمار الملحس، ومن فروع المواقدة أيضًا النزلة والقنعان والرفعة والجلوية والجمامين والشريطي. ومن المواقدة من يسكن الجي خلف جبل ورقان وريم وشرق المدينة بالنخيل إلى القصيم وحائل.
ومن ضمن فروع بطيني الكبيرة التراجمة وسبق التفصيل عنهم.
(1)
ذكر الجزيري في درر الفرائد المنظمة أن البركات من فروع الأحامدة ومنهم في بلي. وذكر القلقشندي البركات من لبيد (انظر نهاية الأرب ص 120).
وذكر أبو علي الهجري (آخر القرن الثالث وأول الرابع الهجري) في التعليقات والنوادر ص 612 و 994، 1861 أن لبيد فرع من بني عوف من سُليم حيث ذكر أن لبيد فرع من بني مالك بن أهيب بن عبد الله بن قنفذ بن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سُليم.
ومن البركات حي كبير في بلي دخلوا قديمًا في هذه القبيلة قبل الحكم العثماني، ويقال إن بركات بلي من المواقدة خاصة وقد تفرعوا إلى فروع عديدة مثل المعاقلة والصوامعة والرموث والخوالي والفريعات والوحشة والهلبان والحمران والنجيدات والمناقرة، والأخيرين منهم شيخة بركات بلي ويسكنون الشفا من ديرة بلي، ومنهم السند والسنيد والهندي والفهيد والسليمان، هذا ما يقال من الرواة في حرب وقد سمعته أخيرًا من بعض بلي
(1)
ولكنهم لا يريدون إثارة هذه الأمور والإفصاح عن أرومتهم الحقيقية حتى لا تسبب المشكلات، وكذلك شأن مَنْ في حرب من البركات وغيرهم لا يرغبون أن يعلنوا نسبهم الحقيقي إلى بني سُليم النفس الأسباب المتغلغلة في نفوس أهل البادية من القبائل.
وهذا الشيء يبغضه الله، والانتساب إلى غير الآباء حرام شرعًا.
وقال الله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ. . . (5)} [الأحزاب] وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن ينتسب إلى غير أبيه: "من عرف أباه وادعي نفسه إلى غير أبيه لا ينظر الله إليه ولا يزكيه يوم القيامة".
وفي قول آخر له صلى الله عليه وسلم: "لا تنسبوا أنفسكم إلى غير آبائكم أو لغير نسبكم ولو دق" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومعنى دق أي ضعُف وقل قدره بين الناس فلا يمنعكم من ذكره.
البطن الثالث من بطين وهم العلوات: ويقال لهم أيضًا أولاد علي، وهم في ديارهم القديمة مع إخوتهم بني عوف من سُليم سكان ديار عوف الحالية ضمن حرب.
وإن كان بنو عوف السلميين قديمًا يسكنون وادي الفرع والنقيع ورئم وقدس الأبيض (خلص) وقدس الأسود (ادقس) والغائر وورقان بجنوب المدينة (أبيار الماشي).
أما أولاد علي الحاليون فيسكنون رئم حتى جبل الحريد والخطية والرس وسطحة الغائر ووادي يدوم والحنو وجهة مقرح الصهو وأبيار الماشي. ومن أولاد
(1)
وقد ذكرت في سردي عن بلي أنني سمعت بعض الفروع تنتمي إلى حرب ولم أدوّن عن ذلك تحرزًا من الوقوع في الخطأ رغم أن بعض الباحثين من السعودية قد دونوا عن ذلك في كتب عديدة عن الأنساب، وفي الآونة الأخيرة اقتنعت بصحة ذلك.
علي (العلوات) من يسكن شرق المدينة مثل العوينة والمشهد والرزايا والحار والناعمة والحنق والصويدرة إلى قرب العزلا. ومن أعيانهم هناك سالم بن علي.
وقد سمعت لأحدهم قصيدة منها مفتخرًا بقومه:
أعز حرب من معزتك يا عوف
…
وأعز عوف لخاطرك ياالصواعد
وأعز الصواعد والبطيني به أروف
…
أولاد علي بالذات داني وباعد
ووسم العلوات هو الشاهد هكذا (/) على الأذن اليمني للبعير والعرقاه وهي هكذا (+) توضع على نصف الرقبة للبعير أو الناقة.
وينقسم العلوات إلى:
1 -
الحمادية (ذوي حمدي) 2 - ذوي ريان 3 - ذوي مانع.
- فمن الحمادية: ذوي رشيد وذوي محسن والحمران وذوي مرزوق وذوي سويلم والهقشان والصفر وذوي ربيع والشوايقة وذوي نويمي والقبعة والدياري والخراشيم والطرشان وذوي حمد.
وشيخ العلوات كافة هو محمد بن الأحمد من الحمادية.
- ومن ذوي ريان: العسولة (أبا العسل) ولهم بستان كبير بالمدينة المنورة يقال له العسولية، والعفنات (ذوي عفين)، والرواتعة، والغطالمة، والدلابية، والصعاصعة (أبناء الصعصاع)، والروامية (ذوي رومي).
ومن ذوي مانع: الجهران والمويت والمرشدي (المراشدة) والخرصة والصعوب ومعروف لدى قبيلة عوف قاطبة من أهل الحجاز بأن العلوات أقواهم شوكة، وتذكر لهم عدة قصص بقمة الشجاعة، وكانوا سابقًا يواجهون خيل الأتراك لوحدهم بكل جسارة.
ويذكر أن فخري باشا التركي قد وجه جيشه إلى مكة لتزويد الثكنات العسكرية العثمانية هناك، وعلى الجيش أن يعبر مع وادي رئم مرورًا بالغائر وطريق الساحل ورابغ حتى يصل إلى مكة.
فعلم به معظم عوف فصكوا على الجيش عند جبل الحريد بوادي رئم وكان الجيش مزودًا بالجنود والجرود والبارود الكثير وكان معه مدافع تقليدية عادية، وقد بولغ به من قبل الأعراب في البادية أنه لا يشاهد آخره فقاتلهم بنو عوف قليلًا فأدركوا حقيقة الأمر بأن ليس لهم حول ولا قوة على مواجهة جيش كبير فانصرف أغلبهم ولكن أولاد علي (علوات الصواعد)
(1)
تصايحوا وتنادوا وعقلوا أرجلهم بعمائمهم خشية الانسحاب وأبدعوا وأثبتوا قدرتهم وتفانيهم، ولقد أراعوا وأخافوا العسكر العثماني بعدما حصل بهم مذبحة عظيمة فلاذ معظم الجنود بالفرار إلى سفوح الجبال المجاورة متعجبين من هؤلاء الرجال الذين يسوقون أرواحهم للموت.
وقد ذكر الأستاذ فايز البدراني الحربي (في فصول عن تاريخ حرب) معاهدة اتفاق وحمية بين مناش من بني عمرو من حرب أهل المضيف في وادي الفرع، وبين ميمون من بني سالم من حرب (وهي مؤرخة سنة 24/ 10/ 1245 هـ) وقد حضر اللزمة كل من فروع مناش وفروع ميمون ومن الفروع الأخرى من حرب ضمانًا على الالتزام بما ورد في اللزمة أي المعاهدة.
ومن أعيان الصواعد نذكر التالي:
من التراجمة: راشد بن عمير، وسعيد أبو حدرية النويجعي، وابن مرشد بن عمير.
من البركات: طريس بن موقد (أحد شيوخ الصواعد قديمًا).
من المطارفة: عيد بن مسعود الجربوعي (وكانت إمارة الجرابيع قديمًا في المطارفة قبل ابن عمير).
من الحسينات: مفرح بن عقال السليهبي (والسلاهبة هؤلاء مستقلون عن بقية الحسينات الآخرين بأماراتهم وديارهم).
ومن العلوات: معتاد بن شايق (وشايق يرجح أنه جد الشوايقة من الحمادية، والله أعلم).
(1)
ويجب أن لا يختلط الأمر على القارئ، فهناك بني علي وأميرهم الفرم وأسلفنا عنهم وهم أيضًا من أرومة سُلَميَّة من عوف كما تقدم. وهم في إطار مسروح القبلي أيضًا ولكنه بطن قائم بذاته خلاف العلوات هؤلاء فهم من بطين من الصواعد.
(علاق)
واحدهم علاقي وهم القسم الثاني من الصواعد من عوف، ويقول رواة الصواعد أن من عَلَقَ في الصواعد وانتمى إليهم يُسمّى علاقي وقد تم التحالف كما يقولون تحت شجرة عن سطحة الغائر.
وقال رواة علاق: نحن إخوة البطيني من الصواعد من عوف.
ومن فروع علاق: المطارفة، والحسينات، والمغاذية.
أولًا المطارفة
(1)
ومنهم: النواعمة، والأشهب، والضبعة، والمطالقة والعجارشة ومنهم شيوخ المطارفة وهم العميرات، وذوي سعيدان، والجرابيع، والرواعية، وذوي عيد، والهضوب ومنهم الخيورة، وذوي مريشيد، والمناصير، والعمشان، وذوي مفرج، وذوي سليمان، والغبارية وهم سكان ريم إلى جبل ورقان، والقيم، والخطية، وسواس.
ثانيًا الحسينات
(2)
ومنهم ذوي رفادة، وذوي راجح وهم شيوخ الحسينات، والمهادية، والسلاهبة وهم سكان الحفاة والقاحة وبئر قيضي من خور خلص التراجمة، والرويثي، والهرساني، والسعيدات، والعاضة، وذوي مريزيق، والعويمري، والذكرة وهم في نجد ومنهم سعيّد الذكري الذي تمثل فيه المطيري بنشيده:
الذكري ذيب نكري
…
وابن نحيت
(3)
مركازًا له
ومن فروع الحسينات أيضًا الزوارعة، وذوي عليان، والخضيري. والحسينات بصفة عامة يسكنون النصبية واللثامة وظلامة والمصامة والضاينة والعشيرة والنقيعة جنوب المدينة المنورة ومنهم جماعة في سيدنا حمزة قرب جبل أحد بالمدينة أيضًا.
(1)
يرجح أن المطارفة في بلي من هؤلاء في حرب نزحوا مع بعض البركات إخوتهم من عوف.
(2)
وهم أصلا كما يقول رواتهم من الأشراف الحسينيين سكان المدينة النبوية وحالفتهم فروع أخرى شتى من العرب.
(3)
ابن نحيتك أمير مُزينة من ضمن قبائل حرب.
ثالثًا المغاذية: وهم يسكنون وادي ملل ومليح وملح وجنوب المفرحات حتى آبار علي غرب المدينة المنورة.
ومن فروعهم:
أ - الغزيلات ومنهم ذوي حامد، وذوي صالح، وذوي مصلح، وذوي مسيّب، والدهالكة، وذوي حيا، وذوي صابر، والعونة، والوبغة. وشيخهم سعد محمد عائض عنيزان المغذوي.
ب - ذوي حمد ومنهم ذوي راشد، والفهرة، وذوي براك.
ويقال: إن المغاذية من فروع سُليم المنضمة مع عوف.
وكانوا الصواعد يلقبون بالآتي في البادية:
1 -
الصحفة ترجمية أي للتراجمة.
2 -
الجابه مطرفية أي للمطارفة.
3 -
العصاء علوية أي للعلوات.
4 -
البندق مغذوية أي للمغاذية.
5 -
الراية بركانية أي للبركات.
6 -
الفزعة حسينية أي للحسينات.
ومن نشيد قبيلة عوف في المناسبات قديمًا قبل 150 عام:
أسالكم وشهو مريض في النعش مسنون ومجلل وبعض الناس ما يعلم بيومه لا عاشت التسعين بارق درجوبه في السواعي من وراء سبعة بحور وحللن قريز سومه.
جاله الكفن من مصر جوخة قرمزية من باشة السلطان واقفوبه على الصب العصايب ياخي بعد درج على الباشا بشير.
والأخرى:
سلام رده بمهات الحارس
…
اللي فعايلهن قديم ودارس
اشبع عملهن كل ذيب فارس
…
نهار بالمرقاب شبت نيره
اللي مضى راس القرا منزلنا
…
كيد الحريب وعز من يزبنا
واليوم تحدانا حوادي عنا
…
مطلوب العاني ومن الجيره
بعض أمراء حرب المشهورين بالحجاز
ابن عسم: الزبيدي من سكان رابغ وكانت بوارق حرب جميعها عنده.
الظاهري: من الحوازم من بني سالم (أمارتهم قديمة في حرب).
ابن جزا: الأحمدي من بني سالم (واشتهر على بني سالم كافة).
ابن موقد: البركاني الصاعدي (أمير شمل عوف).
الحويفي: من المحاميد من بني سالم.
ابن ربيق: من بني عمرو من حرب.
ابن راجح: من التراجمة من عوف.
أبو ربعه: من السهلية من عوف.
ابن حصاني: من الصبوح من بني سالم.
ابن عمير: من المطارفة من عوف.
ابن حبيتر: البيضاني من بني عمرو من حرب.
العبيدي: من بني عمرو من حرب.
ابن مروي: من مخلف من مسروح من حرب.
ابن طامي: من البلادية من بني عمرو من حرب.
ومن أمراء حرب في نجد
الفروم: من بني علي من مسروح وهم فوارس حرب قاطبة.
ابن نحيت: من مُزينة من بني سالم من حرب.
الذويبي: من بني عمرو من حرب.
ابن ناقي: من المحاميد من بني سالم.
الفردة: من بني السفر من مسروح من حرب ومنهم (ابن حماد) وهم من أجسر حرب وأصبرهم بحومة الوغى.
ومن قضاة حرب قديمًا بالحجاز
1 -
ابن عسم: وقد جمعوا بين الشيخة والقضاء.
2 -
سعد القرف الحازمي.
3 -
المعمري من بني عمرو.
4 -
عامر بن صخمان بن ربيق العمري.
5 -
مقبول السراني العمري.
6 -
ابن جزا الاحمدي.
7 -
الدعيمي من اللهبه في عوف.
8 -
رويشد الترجمي الصاعدي.
9 -
سعد الجماني البركاني الصاعدي.
10 -
علي بن عمار الملحس البركاني.
11 -
الرويثي من بني عمرو.
12 -
ومحمد بن طريف الملَّقب (بمجلي اللوائم) وقاضي قضاة حرب.
وطبيب حرب في الزمن السابق هو ابن صوت من بني عمرو.
الشرارات (بنو كلب)
نسب القبيلة:
تنسب قبيلة الشرارات إلى بني كلب القُضاعية. وهو كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قُضاعة من حِمْيَر القحطانية
(1)
.
وسنوضح تفصيلًا مطولًا وتحليلًا تاريخيًا عن نسب الشرارات إلى بني كلب وسيأتي بيانه في موضعه.
أما عن قبيلة كلب الشهيرة قبل الإسلام فسأوجز عن هذه الفترات بالذات ما استطعت، لأن ما توفرت لدينا من أخبار عن هذه الفترة كثيرة، وليست مرتبطة بتاريخ معين، إلا أن هذه القبيلة قد استقرت في شمال جزيرة العرب وبلاد الشام بعد أن كانت منازلها في تهامة مع بني معد بن عدنان، ثم هِجْر وبلاد البحرين (الأحساء)، ثم الحيرة مع قبائل قُضاعة وقد فصَّلنا ذلك في المجلد الأول نقلًا عن معجم ما استعجم للبكري.
(بعض نصوص النسابين والمؤرخين عن كلب بن وبرة)
(1)
ما قاله العلَّامة ابن حزم الأندلسي
(2)
:
هو كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قُضاعة، ولد كلب بن وبرة: ثورًا، وأبا حباحب. فولد ثور بن كلب: رفيدة، وعرينة، وصحب، وبطون، وقد قيل إن الحارث بن زهير بن تيِّم بن أسامة من بني تغلب، إنما هو من كلب. فمن قبائل كلب: بنو كِنانة بن بكر بن عوف بن عُذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب، قبيلة ضخمة؛ ومنهم: بنو عديّ، وزهير، وعُليم، وبنو جناب بن هُبَل بن عبد الله بن كنانة بن بكر المذكورون،
(1)
انظر الخلاف في نسب قُضاعة بين معد بن عدنان، وحِمْير من قحطان (المجلد الأول من موسوعة القبائل العربية) عن دار الفكر العربي.
(2)
انظر جمهرة أنساب العرب المؤرخ عام 384 - 456 هـ طبعة بيروت ص 455 إلى 460.
وهم بطون ضخمة، وعمهم عبيد بن هُبَل، بطن، من ولده: امرؤ القيس بن الحمام بن مالك بن عبيد بن هُبَل وهو ابن حمام الشاعر القديم وهو الذي قال فيه امرؤ القيس: نبكي ابن حمام.
قال هشام بن السائب الكلبي: فأعراب كلب، إذا سئلوا لماذا بكى ابن حمام الديار؟ أنشدوا خمسة أبيات متصلة من أول: قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل، ويقولون إن بقيتها لامرئ القيس. وقد أنشد له الحاتمي أبياتًا في "حلية المحاضرة"، وهو شاعر قديم اندثر شعره؛ لأنه لم يكن للعرب كتاب، وإنما بقي من أشعارها شعر من أدرك رواتُه الإسلام فقط. وكان عديّ بن جناب أحمق، والبيت في ولده، وكان له من الولد: ضمضم، ونهشل، وهُذيم، بطن، وتوَيْل، بطن، وكليب لا يزيد بنوه أبدًا على أربعة، وهم: بالجبل، وذبيان، فمن بطون بني عديّ بن جناب: بنو الحصن، وبنو العليص، ابنا ضمضم بن عدي بن جناب، ومنهم نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث بن الحصن بن ضمضم بن عديّ بن جناب، امرأة عثمان رضي الله عنه؛ وإخوتها مُرَيّ بن الفرافصة مات في الرهن عند كسرى، وضبّ بن الفرافصة، أسلم، وهو: أنكحها عثمان وهي مسلمة، وكان أبوها نصرانيًّا، وبنو الفرافصة هؤلاء بيت قومهم. وأبو الخطَّار الحسام بن ضرار سلامان بن خثيم بن ربيعة بن حصن بن ضمضم بن عديّ بن جناب، أمير الأندلس، كان بنوه بإشبيلية، منهم كان العريف سعد بن وارث بن عمران بن يحيى بن محمد أبي الخطَّار، وعنبسة بن سحيم بن منجاس بن هذيم بن عديّ بن جناب، ولي الأندلس من الشام، وحارثة، ابنا قطن بن راشد بن حصن بن حارثة بن ضمضم بن عديّ بن جناب، ولقطن صحبة، والرباب بنت أنيف بن عبيد بن مصاد بن حصن بن كعب بن عليم بن جناب، أم المصعب بن الزبير، وامرؤ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم بن جناب، وفد على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأسلم، وعقد له على قُضَاعة، وتزوج علي بن أبي طالب والحسن والحسين رضي الله عنهم بناته.
ومن بني زهير بن جناب: بشير، وحنظلة، وعبد الله، بنو صفوان بن تَويْل بن بشير بن حنظلة بن علقمة بن شراحبيل بن عرين بن أبي جابر بن زهير
ابن جناب، ولي حنظلة إفريقية لهشام، والفحل بن عياش بن حسان بن سمير بن شراحبيل بن عرين بن أبي جابر، قاتل يزيد بن المهلّب، قيل: قتل كل واحد منهما صاحبه، وقيل: بل قتل يزيدَ الهذيلُ بن زفر بن الحارس الكلابي، وبحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن جناب، أخو معاوية لأمه، وابن ابنه حسّان بن مالك بن بحدل، ولي الشرطة لهشام، وهو الذي دخل مع بني أمية يوم نهر أبي فطرس، فقتل معهم، وسفيان بن الأبرد بن أمامة بن قابوس بن سفيان بن ثعلبة بن حارثة بن جناب، من قواد بني أمية؛ وأخوه الحكم بن الأبرد، كان مع مُصعب بن الزبير على إحدى مجنبتيه يوم قُتل.
ومن بطون كلب: بنو عامر بن عوف بن بكر بن عوف بن عُذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، بطن عظيم، وعامر هذا هو أخو عامر بن صعصعة .. لأمه: أمهما، عمرة بنت عامر بن الظرب العدواني، ولدت عامر بن صعصعة على رمل، وولدت عامر بن عوف عند أصل جبل، فأخبرها الكاهن بأنه سيعظُم أمرهما وعددهما، وعلقمة بن وائل بن مروان بن زهير بن ثعلبة بن حديج بن أبي جشم بن كعب بن عوف بن عامر بن عوف بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة كان على المقاسم يوم اليرموك، ثم دخل إلى الروم وتنصَّر - نعوذ بالله من البلاء -، والأبرش الكلبي، وهو سعيد بن بكر بن عبد قيس بن الوليد بن عبد عمرو بن جبلة بن وائل بن قيس بن بكر بن الجلاح - وهو عمر بن عوف بن بكر بن كعب بن عوف بن عامر بن عوف بن عُذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب وزير هشام بن عبد الملك، وجهيل بن سيف، وآله سكان بحضرموت، وهو الذي قدم حضرموت بنعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودُحيّة بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن الخزرج بن عامر بن بكر بن عامر بن عوف بن بكر بن عوف بن عُذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أتاه جبريل على صورته، ومنهم: البيّاغ بن قيس بن عبد ملك بن مخزوم بن المشط، واسمه عوف بن عامر الأكبر ابن عوف بن بكر بن عُذرة بن زيد اللات كان فارسًا يغير على بكر بن وائل، وكان آخر غارة أغارها في زمان علي رضي الله عنه، ومنصور بن جهور بن حصن بن عمرو بن خالد بن حارثة بن جابر بن
حارثة بن العبيد بن عامر بن بكر بن عامر بن عوف بن عُذرة بن زيد اللات، القائم مع يزيد بن الوليد رضي الله عنه وكان من فرسان المسلمين، ومات بالمفازة بين السند وسجستان عطشًا، في حين قيام المسودة، وكان له أخٌ يسمى منظور بن جهور، والحكم بن عوانة بن عياض بن وزير بن عبد الحارث بن أبي حصن بن ثعلبة بن خيبري بن سلمة بن عامر بن عبد ودٍّ بن عوف بن كنانة بن عوف بن عُذرة بن زيد اللات، وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحبيل بن عبد العُزَّى بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبدود بن عوف بن كنانة بن عوف بن عُذرة بن زيد بن اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة. وبنوه محمد والحسن وزيد بنو أسامة رضي الله عنهم وكان لزيد أخٌ اسمه جبلة، ومن ولده: محمد بن أسامة بن أسامة بن زيد -، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن أسامة بن زيد، محدثان، ومحمد بن حاتم بن خزيمة بن قتيبة بن محمد بن القاسم بن الفضل بن جعفر بن إبراهيم بن إسماعيل بن أسامة الحب بن زيد رضي الله عنهم ويذكر ولد اسمه إسماعيل، ولعله سقط من النسب اسم أو أكثر، وهشام أبو المنذر بن محمد السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث بن عبد العُزّى بن امرئ القيس، النسابة، هكذا ذكر في نسبه وأرى امرأ القيس هذا هو بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن عوف بن عُذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، قتل السائب المذكور يوم صفين مع علي بن أبي طالب، والشرقي بن القطامي، واسم القطامي الوليد بن الحُصين بن جمال بن حبيب بن جابر بن مر واسمه مالك بن عمرو بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان المذكور، صحب الشرقي هذا المهدي والمنصور، وشهد أبوه يوم بنات قين، إذ أغارت فزارة من غطفان على كلب، وأفلت على رجليه، وبنو أسلُم (بضم اللام) ابن تَدْول بن تيم اللات بن رفيدة بن كلب بن وبرة.
وذكر ابن حزم عن الكلبي: أن كلب من (جماجم العرب) أي رؤسائهم، وقد دعيت بجماجم لأنها بمنزلة جمجمة الرأس بالنسبة للإنسان، وذكر في موضع آخر أيضًا أن كلب (من الأرحاء).
(2)
ما قاله العلّامة أبو العباس أحمد القلقشندي في قلائد الجمان عام 821 هـ:
قال: كلب: قال صاحب حماه: وكانوا ينزلون في الجاهلية دومة الجندل وتبوك وأطراف الشام، قال ابن سعيد: وبقيت كلب في خلق عظيم على خليج القسطنطينية (اسطنبول حاليًّا) وهم مسلمون. قال في مسالك الأبصار: وبشيزر حلب وتدمر قوم منهم .. ثم قال: قلت: وببلاد منفلوط من صعيد مصر قوم من بني كلب. قال في مسالك الأبصار: وبيدم والمناظر قوم من بني كلب، ومن كلب (عُذرة) النسابة ابن السائب الكلبي. قال الحمداني: من كنانة عُذرة قوم بالدقهلية والمرتاحية بالديار المصرية، ويعرفون بالجمارسة، ثم قال ومنهم بنو شهاب وبنو ربدة والرواشد وهم غير رواشد بني هلبا من جُذام.
(3)
ما قاله العلّامة عبد الرحمن بن خلدون:
قال: كان لقُضاعة مُلك آخر في كلب بن وبرة يتداولونه مع السكون من: كِنْدة فكانت لكلب دومة الجندل وتبوك، ودخلوا دين النصرانية، وجاء الإسلام والدولة في دومة الجندل لأكيدر بن عبد الملك بن السكون، ويقال أنه كِنْدي من ذرية الملوك الذين ولّاهم التبابعة (ملوك اليمن) على كلب، فأسره خالد بن الوليد وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فصالح على دومة وكان أول من ملكها دُجانة بن قناعة بن عديّ بن زهير بن جناب الكلبي.
قال: ويقيت بنو كلب الآن في خلق عظيم على خليج القسطنطينية مسلمين (بلاد الأتراك).
ومن بني كلب وبرة بن تغلب بن حلوان: بنو كنانة بن بكر بن عوف بن عُذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب، (قبيلة ضخمة) فيها ثلاثة بطون: بنو عديّ وبنو زهير وبنو عليم.
وبنو جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة، بطون ضخمة ومنهم عبيدة بن هُبيْل شاعر قديم، وهذا امرؤ القيس بن حرام الشاعر القديم وقد اندثر شعره لأنه لم يكن للعرب كتاب لبدأتها، وإنما بقي من أشعارهم ما ذكره رواة الإسلام وقيدوه عن
رواية الكتاب من محفوظ الرجال. ومن بني عديّ: بنو حصين بن ضمضم بن عديّ كانت منهم نائلة
(1)
بنت الفرافصة بن الأحوص بن عمرو بن ثعلبة بن الحرث بن حصن امرأة عثمان بن عفان. ومنهم أبو الخطّار الحسام بن ضرار بن سلامان بن جُشَم بن ربيعة بن حصن أمير الأندلس ومنسبة بن شحيم بن منجاش بن مزغور بن منجاش بن هُذيم بن عديّ بن زهير، وابن ابنه حسان بن مالك بن بحدل الذي قام بمروان بوم مرج راهط، وكانت رياسة الإسلام في كلب لبني بحدل هؤلاء، ومن عقبهم بنو منقذ ملوك شيزر، ومن بني زهير بن جناب حنظلة بن صفوان بن تَويْل بن بشر بن حنظلة بن علقمة بن شراحبيل بن هرير بن أبي جابر بن زهير ولي إفريقية لهشام، ومن عليم بن جناب: بنو معقل، وربما يقال أن عرب المعقل الذين بالمغرب الأقصى لهذا العهد وفي زمانه ينتسبون فيهم، ومن بطون كلب بني عوف بن بكر بن عوف بن كعب بن عوف بن عامر بن عوف منهم (دُحيَّة) بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن الخزرج بن عامر بن بكر بن عوف صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أتاه جبريل عليه السلام في صورته، ومنصور بن جهور بن حفر بن عمرو بن خالد بن حارثة بن العبيد بن عامر بن عوف القائم مع يزيد بن الوليد وولاة الكوفة، وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحبيل بن عبد العُزّى بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف، سُبي أبوه زيد في الجاهلية وصار إلى خديجة فوهبته للنبي صلى الله عليه وسلم ثم أعتقه وربى ابنه أسامة في بيته ومع مواليه، وأخباره مشهورة.
ومن بني كلب ثم من بني كنانة بن بكر بن عوف النسابة ابن الكلبي
(2)
وهو أبو المنذر هشام بن محمد السائب بن بشر بن عمرو بن الحرث بن عبد العُزَّى بن امرئ القيس، قال ابن حزم: هكذا ذكره ابن الكلبي في نسبه .. وأرى امرأ القيس هذا هو عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن كنانة بن عذرة وقد منّ من بقية
(1)
وتوجد نائلة بنت عمارة الكلبية تزوجها معاوية بن أبي سفيان وكانت من ربات الجمال والإحسان .. أما نائلة بنت الفرافصة فكانت من أخلص زوجات عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد قُطعت أصابعها وهي تذود عنه اثناء قتله في الفتنة ضده، وبعثت بقميصه مضرجًا بالدم وبعض أصابعها لمعاوية في دمشق.
(2)
هو مؤلف جمهرة النسب الشهيرة لابن الكلبي وهو أول من دوَّن في علم الأنساب.
نسبه. قال: وكان لقُضاعة مُلك آخر من كلب بن وبرة يتداولونه مع السكون من كِنْدة، فكانت لكلب دومة الجندل وتبوك ودخلوا في دين النصرانية، وجاء الإسلام والدولة في دومة الجندل لأكيدر بن عبد الملك من السكون، ويقال أنه كِنْدي من ذرية الملوك الذين ولّاهم التبابعة على كلب فأسره خالد بن الوليد وجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فصالح على دومة الجندل، وكان أول من ملكها دُجانة بن قناعة بن عديّ بن زهير بن جناب. وبقيت بنو كلب الآن في خلق عظيم على خليج القسطنطينية وهم مسلمون.
دولة بني أبي الحسن الكلبيين في صقلية جنوب إيطاليا
(1)
ما قاله العلَّامة ابن خلدون تحت عنوان:
"بقية أخبار صقلية ودولة بني الحسن الكلبيين بها من العرب المستبدين بدعوة العبيديين (الفاطميين) وبداية أمرهم وتصاريف أحوالهم".
ولما استولى عبيد الله المهدي على إفريقية ودانت له، وبعث العمال في نواحيها بعث على جزيرة صقلية الحسن بن محمد أبي خنزير من رجالات كُتامة
(2)
فوصل إلى مأزر سنة سبع وتسعين في العساكر فولى أخاه على كبركيت، وولى على القضاء بصقلية إسحاق بن المنهال، ثم سار سنة ثمان وتسعين في العساكر إلى ومش فعاث في نواحيها ورجع، ثم شكا أهل صقلية سوء سيرته وثاروا به وحبسوه، وكتبوا إلى المهدي معتذرين فقبل عذرهم وولى عليهم أحمد بن قهرب، وبعث سرية إلى أرض قلورية فدوخوها ورجعوا بالغنائم والسبي، ثم أرسل سنة ثلاثمائة ابنه عليًا إلى قلعة طرمين المحدثة ليتخذها حصنًا لحاشيته وأمواله حذرًا من ثورة أهل صقلية، فحصرها ابنه ستة أشهر، ثم اختلف عليه العسكر فأحرقوا خيامه، وأرادوا قتله فمنعه العرب، ودعا هو النّاس إلى المقتدر فأجابوه، وقطع خطبة المهدي، وبعث الأسطول إلى إفريقية، ولقوا أسطول المهدي وقائده الحسن بن أبي خنزير فقتلوه، وأحرقوا الأسطول.
وسار أسطول ابن قهرب إلى صفاقس
(3)
فخربوها وانتهوا إلى طرابلس، وانتهى الخبر إلى القائم بن المهدي ثم وصلت الخلع والألوية من المقتدر إلى ابن تهرب، ثم بعث الجيش في الأسطول إلى قلورية فعاثوا في نواحيها ورجعوا، ثم بعث ثانية أسطولًا إلى إفريقية، فظفر به أسطول المهدي، فانتفض أمره، وعصى عليه أهل كبركيت، وكاتبوا المهدي، ثم ثار الناس بابن قهرب آخر الثلثمائة وحبسوه وأرسلوه إلى المهدي، فأمر بقتله على قبر ابن خنزير الكُتامي في جماعة من خاصته، وولى على صقلية أبا سعيد بن أحمد وبعث معه العساكر من كُتامة
(1)
من كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر للعلّامة ابن خلدون. المجلد الرابع ج 7.
(2)
كُتامة: قبيلة بربرية مشهورة بالمغرب الأقصى حتى الآن.
(3)
صفاقس: مدينة تونسية ساحلية.
فركب إليها البحر فنزل في طرابنة، وعصى عليه أهل صقلية بمن معه من العساكر فامتنعوا عليه، وقاتله أهل كبركيت وأهل طرابنة فهزمهم وقتلهم، ثم استأمن إليه أهل طرابنة فأمنهم وهدم أبوابها، وأمره المهدي بالعفو عنهم، ثم ولى المهدي على صقلية سالم بن راشد وأمده سنة ثلاث عشرة بالعساكر فعبر البحر إلى أرض انكبرده فدوخوها، وفتحوا فيها حصونًا ورجعوا، ثم عادوا إليها ثانية وحاصروا مدينة أدرنت أيامًا، ورحلوا عنها، ولم يزل أهل صقلية يغيرون على ما بأيدي الروم من جزيرة صقلية وقلورية، ويعيثون في نواحيها، وبعث المهدي سنة اثنتين وعشرين جيشًا في البحر مع يعقوب بن إسحاق فعاث في نواحي جنوه ورجعوا ثم بعث جيشه من قابل ففتحوا مدينة جنوه، ومروا بسردانية فأحرقوا فيها مراكب وانصرفوا. ولما كانت سنة خمس وعشرين انتفض أهل كبركبت على أميرهم سالم بن راشد، وقاتلوا جيشه، وخرج إليهم سالم بنفسه فهزمهم، وحصرهم ببلدهم، واستمد القائم فأمده بالعسكر من خليل بن إسحاق، فلما وصل إلى صقلية شكا إليه أهلها من سالم بن راشد، واسترحمته النساء والصبيان، وجاءه أهل كبركيت وغيرها من أهل صقلية بمثل ذلك فرق لشكواهم، ووشي إليهم سالم بأن خليلًا إنما جاء للانتقام منهم بمن قتلوا من العسكر فعادوا الخلاف، واختط خليل مدينة على مرسى المدينة سماها الخالصة، وتحقق بذلك أهل كبركيت ما قال لهم سالم، واستعدوا للحرب، فسار إليهم خليل منتصف ست وعشرين، وحصرهم ثمانية أشهر بغاديهم بالقتال ويراوحهم، حتى إذا جاء الشتاء رجع إلى الخالصة واجتمع أهل صقلية على الخلاف، واستمدوا ملك القسطنطينية فأمدهم بالمقاتلة والطعام، واستمد خليل القائم فأمده بالجيش فافتتح قلعة أبي ثور وقلعة البلوط وحاصر قلعة بلاطنو إلى أن انقضت سنة سبع وعشرين، فارتحل عنها وحاصر كبركيت، ثم حبس عليها عسكرًا للحصار مع أبي خلف بن هارون ورحل عنها وطال حصارها إلى سنة تسع وعشرين فهرب كثير من أهل البلد إلى بلد الروم، واستأمن الباقون فأمنهم على النزول عن القلعة، ثم غدر بهم فارتاع لذلك سائر القلاع وأطاعوا، ورجع خليل إلى إفريقية آخر سنة تسع وعشرين، وحمل معه وجوه أهل كبركيت في سفينة وأمر بخرقها في لجة البحر فغرقوا أجمعين. ثم ولى على صقلية عطاف الأزدي، ثم كانت فتنة أبي زيد، وشغل القائم والمنصور بأمره فلما انقضت فتنة أبي زيد، عقد المنصور على صقلية للحسن بن أبي الحسن الكلبي.
الحسن بن الحسن الكلبي يؤسس دولته في صقلية
يقول ابن خلدون عن الحسن:
وكان من صنعائهم ووجوه قواده (أي قواد المنصور)، وكنيته أبو الغنائم، وكان له في الدولة محل كبير، وفي مدافعة أبي يزيد غناء عظيم، وكان سبب ولايته، أن أهل بليرم كانوا قد استضعفوا عطافًا واستضعفهم العدو لعجزه، فوثب به أهل المدينة يوم الفطر من سنة خمس وثلاثين، وتولى كبر ذلك بنو الطير منهم، ونجا عطاف إلى الحصن، وبعث للمنصور يعلمه ويستمده، فولى الحسن بن علي على صقلية وركب البحر إلى مأزر، وأرسى بها فلم يلقه أحد منهم، وأتاه في الليل جماعة من كُتامة، واعتذروا إليه عن الناس بالخوف من بني الطير، وبعث بنو الطير عيونهم عليه، واستضعفوه وواعدوه أن يعودوا إليه فسبق ميعادهم، ودخل المدينة، ولقيه حاكم البلد وأصحاب الدواوين، واضطر بنو الطير إلى لقائه، وخرج إليهم كبيرهم إسماعيل، ولحق به من انحرف عن بني الطير فكثر جمعه، ودس إسماعيل بعض غلمانه فاستغاث بالحسن من بعض عبيده أنه أكره امرأته على الفاحشة، يعتقد أن الحسن لا يعاقب مملوكهـ فتخشن قلوب أهل البلد عليه، وفطن الحسن لذلك فدعا الرجل واستحلفه على دعواه، وقتل عبده فسرّ النّاس بذلك، ومالوا عن الطيري وأصحابه، وافترق جمعهم، وضبط الحسن أمره، وخشي الروم بادرته فدفعوا إليه جزية ثلاث سنين، وبعث ملك الروم بطريقًا في البحر في عسكر كبير إلى صقلية، واجتمع هو والسردغربس واستمد الحسن بن علي المنصور فأمده بسبعة آلاف فارس وثلاثة آلاف وخمسمائة راجل، وجمع الحسن من كان عنده وسار برًا وبحرًا، وبعث السرايا في أرض قلورية، ونزل على أبراجه فحاصرها وزحف على الروم ففروا من غير حرب، ونزل الحسن على قلعة قيشان فحاصرها شهرًا وصالحهم على مال ورجع بالأسطول إلى مسيني فشتى بها. وجاء أمر المنصور بالرجوع إلى قلورية فعبر إلى خراجة فلقي الروم والسردغربس فهزمهم، وامتلأ من غنائمهم، وذلك يوم عرفة سنة أربعين وثلاثمائة بعد الهجرة.
ثم ثار إلى خراجه فحاصرها حتى هادنه ملك الروم قسطنطين. ثم عاد إلى ربو وبنى بها مسجدًا وسط المدينة، وشرط على الروم أن لا يعرضوا له، وأن من
دخله من الأسرى أمن، ولما توفي المنصور وملك ابنه المعز سار إليه الحسن، واستخلف على صقلية ابنه أحمد، وأمره المعز بفتح القلاع التي بقيت للروم بصقلية فغزاها، وفتح طرمين وغيرها سنة إحدى وخمسين، وأعينه رمطة فحاصرها، فجاءها من القسطنطينية أربعون ألفًا مددًا، وبعث أحمد يستمد المعز فبعث إليه المدد بالعساكر والأموال مع أبيه الحسن، وجاء مدد الروم فنزلوا بمرسى مسينة، وزحفوا إلى رمطة، ومقدم الجيوش على حصارها الحسن بن عمار وابن أخي الحسن بن علي، فأحاط الروم بهم، وخرج أهل البلد إليهم، وعظم الأمر على المسلمين فاستماتوا، وحملوا على الروم وعقروا فرس قائدهم منويل فسقط عن فرسه، وقتل جماعة من البطارقة معه، وانهزم الروم وتتبعهم المسلمون بالقتل، وامتلأت أيديهم من الغنائم والأسرى والسّبي، ثم فتحوا رمطة عنوة وغنموا ما فيها وركب فل الروم من صقلية وجزيرة رفق في الأسطول ناجين بأنفسهم، فاتبعهم الأمير أحمد في المراكب فخرقوا مراكبهم، وقتل كثير منهم، وتعرف هذه الوقعة بالمجاز، وكانت سنة أربع وخمسين، وأسر فيها ألف من عظمائهم، ومائة بطريق، وجاءت الغنائم والأسارى إلى مدينة بليرم حاضرة صقلية، وخرج الحسن للقائهم فأصابته الحمى من الفرح فمات!، وحزن الناس عليه وولي ابنه أحمد باتفاق من أهل صقلية بعد أن ولي المعز عليهم بعيش مولى الحسن فلم ينهض بالأمر ووقعت الفتنة بين كُتامة والقبائل الأخرى وعجز عن تسكينها وبلغ الخبر إلى المعز فولي عليها أبا القاسم علي بن الحسن نيابة عن أخيه أحمد، ثم توفي أحمد بطرابلس سنة تسع وخمسين، واستبد بالإمارة أخوه أبو القاسم علي وكان مدلًا محبًا، وسار إليه سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة بعد الهجرة ملك الإفرنج في جموع عظيمة، وحصر قلعة رمطة وملكها وأصاب سرايا المسلمين، وسار الأمير أبو القاسم في العساكر من بليرم يريدهم، فلما قاربهم خام عن اللقاء ورجع قافلا، وكان الإفرنج في الأسطول يعاينونه فبعثوا بذلك للملك بردويل فسار في اتباعه، وأدركهـ فاقتلوا، وقُتل أبو القاسم في الحرب وأهمّ المسلمين أمرهم فاستماتوا وقاتلوا الإفرنج فهزموهم أقبح هزيمة.
ونجا بردويل ملكهم إلى خيامه برأسه، وركب البحر إلى روما وولى المسلمون عليهم بعد الأمير أبي القاسم ابنه جابر فرحل بالمسلمين لوقته راجعًا، ولم يعرج على الغنائم، وكانت ولاية الأمير أبي القاسم اثنتي عشرة سنة ونصفًا وكان عادلًا حسن
السيرة، ولما ولي ابن عمه جعفر بن محمد بن علي بن أبي الحسن، وكان من وزراء العزيز بالله وندمائه استقامت الأمور، وحسنت الأحوال، وكان يحب أهل العلم ويجزل الهبات لهم، وتوفي سنة خمس وسبعين، وولي أخوه عبد الله فاتبع سيرة أخيه إلى أن توفي سنة تسع وسبعين، وولي ابنه ثقة الدولة أبو الفتوح يوسف بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي الحسن، فأنسى بجلائله وفضائله من كان قبله منهم إلى أن أصابه الفالج، وعطل نصفه الأيسر سنة ثمان وثمانين، وولي ابنه تاج الدولة جعفر بن ثقة الدولة يوسف فضبط الأمور، وقام بها أحسن قيام، وخالف عليه أخوه علي سنة خمس وأربعمائة من البربر والعبيد، فزحف إليه جعفر فظفر به وقتل ونفي البربر والعبيد، واستقامت أحواله، ثم انقلبت حاله واختلت على يد كاتبه ووزيره حسن بن محمد الباغاني فثار عليه الناس بسببها، وجاءوا حول القصر، وأخرج إليهم أبو الفتوح في محفة فتلطّف بالناس، وسلم إليهم الباغاني فقتلوه، وقتلوا حافده أبا رافع، وخلع ابنه ابن جعفر، ورحل إلى مصر وولي ابنه ابن جعفر سنة عشرة ولقبه بأسد الدولة ابن تاج الدولة، ويعرف بالأكحل فسكن الاضطراب واستقامت الأحوال، وفوّض الأمور إلى ابنه ابن جعفر، وجعل مقاليد الأمور بيده فأساء ابن جعفر السيرة، وتحامل على صقلية ومال إلى أهل إفريقية، وضجّ الناس وشكوا أمرهم إلى المعز صاحب القيروان وأظهروا دعوته، فبعث الأسطول فيه ثلاثمائة فارس مع ولديه عبد الله وأيوب واجتمع أهل صقلية وحصروا أميرهم الأكحل، وقتل وحُمل رأسه إلى المعز سنة سبع عشرة وأربعمائة، ثم ندم أهل صقلية على ما فعلوا وثاروا بأهل إفريقية، وقتلوا منهم نحوا من ثلاثمائة وأخرجوهم، وولوا الصمصام أخا الأكحل، فاضطربت الأمور وغلب السفلة على الأشراف، ثم سار أهل بليرم على الصمصام وأخرجوه وقدموا عليهم ابن الثمنة من رءوس الأخبار، وتلقب القادر بالله واستبد عازر ابنه عبد الله قبل الصمصام، وغلب ابن الثمنة على ابن الأكحل فقتله واستقل بملك الجزيرة، على أن أخذت من يده، ولما استبد ابن الثمنة بصقلية تزوج ميمونة بنت الجراس فتخيل له منها شيء فسقاها السم، ثم تلافاها وأحضر الأطباء فأنعشوها، وأفاقت فندم واعتذر فأظهرت له القبول، واستأذنته في زيارة أخيها بقصريانة، وأخبرت أخاها فحلف أن لا يردها، ووقعت الفتنة وحشد ابن الثمنة
فهزمه ابن جراس فانتصر ابن ثمنه بالروم، وجاء القمُّص رجار بن ينقر بن خبرة ومعه سبعة من إخوانه، وجمع من الإفرنج، ووعدهم بمُلك صقلية فداخل في بيع مية وقصد قصريانة وحكموا على من مروا من المنازل، وخرج ابن جراس فهزمه ورجع إلى إفريقية عمر بن خلف بن مكي فنزل تونس، وولي قضاءها، ولم يزل الروم يملكونها حتى لم يبق إلا المعاقل، وخرج ابن الجراس بأهله وماله صلحًا سنة أربع وستين وأربعمائة بعد الهجرة، وتملكها رجار كلها وانقطعت كلمة الإسلام منها، ودولة الكلبيين وهم عشرة، ومدتهم خمس وتسعين سنة، ومات رجار في قلعة مليطو من أرض قلورية سنة أربع وتسعين وولي ابنه رجار الثاني، وطالت أيامه، وله ألّف الشريف أبو عبد الله الإدريسي كتاب نزهة المشارق في أخبار الآفاق، وسماه قصار رجار علمًا عليه معروفًا في الشهرة والله مقدر الليل والنهار.
(انتهى نص ابن خلدون)
(4)
ما قاله جواد علي في تاريخ العرب قبل الإسلام عن بني كلب:
قال: وكلب من قُضاعة الشهيرة، وتنسب إلى مجموعة تغلب بن حلوان، فنجدها في عرف النسابين كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قضاعة، وكانوا ينزلون في الجاهلية دومة الجندل وتبوك وأطراف الشام، وقد كانت لهم لهجة لم يستعملها أحد من الشعراء في الجاهلية، ولعل ذلك بسبب اتصال هذه القبيلة بالنبط من بقية بني أرم وبغيرهم ممن لم تكن لهم لهجة نقية، فتأثرت لهجتها بهذا الاختلاط.
واشتهر من رجال القبيلة زهير بن جناب وهو ممن يدخله الإخباريون من المعمرين في الجاهلية وجعلوا في عمره أربعمائة وقعة، وجعلوه سيد قومه وخطيبهم وشاعرهم ووافدهم إلى الملوك وطبيبهم وكاهنهم وفارسهم ونسبوا إليه الأمثال والشعر وذكروا أن من شعره قوله:
ونادمت الملوك من آل عمرو
…
وبعدهم بني ماء السماء
وأنه قاله وقد بلغ من العمر مئتي عام، فجعلوه بذلك معاصرًا للمناذرة ملوك الحيرة فيكون على قولهم هذا قد عاش طويلًا في الإسلام، وقد أدرك هشام بن الكلبي هذا التناقض في إحدى رواياته فصحح عُمر زهير واقتصر على مئتي عام، وهو عمر كشاف ولا شك يشتاق أنه يبلغه كل إنسان، ولكنه عمر استقله الأشياخ الكلبيون الذين لا يرضيهم هذا التنقيص في السن.
ولم يكن زهير رئيسًا لكلب خاصة، بل كان على رأي الرواة الكلبيين رئيسًا على كل قُضاعة. ويذكر الإخباريون أن قُضاعة لم تجتمع على إطاعة رئيس إلّا زهير ورزاح بن ربيعة وهو من عُذرة، وكان رزاح هذا أخا قُصي بن كلاب القرشي لأمه، وقد جعل الاخباريون زهيرًا معاصرًا لكليب (وائل) التغلبي، ويفهم من شعر منسوب إلى المسيب ابن الرفل، وهو من ولد زهير بن جناب قال مفتخرًا بزهير متبجحًا به: إن أبرهة الأشرم (الحبشي ملك اليمن) كان قد اصطفى آل زهير، وسوسها على الناس وأعطاه الإمرة عليهم وجعله أميرًا على حييّ (معد) وعلى ابني وائل، حيث أهانهما وأذلهما، ومعنى ذلك أن زهيرًا كان في أيام أبرهة أي في النصف الأول من القرن السادس للميلاد، وأنه على ذلك كان معاصرًا لقصي بن كلاب زعيم قريش وقتئذ. ولم يقتنع الكلبيون بكل ما ذكروه عن حياة زهير بل أرادوا أن تكون خاتمة زهير خاتمة غريبة، كذلك كغرابة حياته فذكروا أنه كبر حتى خرف وحتى استخفت به نساؤه، وأنه لم يتمكن بعد الأكل بنفسه، فصارت معزبته تطعمه بنفسها، إلى أن مل الحياة على هذا النمط، فأخذ يشرب الخمر صِرْفا أيامًا حتى مات، وذكروا أن أحدًا من العرب لم يفعل هذا الفعل غير زهير وغير أبي براء عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب من بني عامر (هوازن)، والشاعر عمرو بن كلثوم التغلبي الوائلي، ويروي الإخباريون في ذلك أن أبرهة حين طلع على بلاد نجد أتاه زهير الكلبي فأكرمه وفضله على من أتاه من العرب، ثم أقره على بكر وتغلب ابني وائل من ربيعة فوليهم، وصار يجبي لهم الخراج، وحدث أن أصابتهم سِنَةٌ شديدة لم يتمكنوا فيها من دفع ما عليهم إليه، فلما طالبهم بها اعتذروا عن الدفع، فاشتد عليهم ومنعهم من النجعة حتى يؤدوا ما عليهم فكادت مواشيهم تهلك!، فلما رأت بكر بن وائل ذلك برز ابن زيابة أحد بني تيم الله بن ثعلبة من بكر، وكان هذا الرجل فاتكًا معروفًا وقتئذ، فأتى زهير الكلبي وهو نائم
فأغمد السيف في بطنه ثم فرّ هاربًا ظانًا أنه قد أهلكه. ولما أفاق زهير، أخذ من كان معه من بني كلب وعامة قومه حتى وصلوا به إلى قبيلته، فجمع عندئذ جموعه ومن قدر عليه من أهل اليمن وغزا بهم بكرًا وتغلب، وقاتلهم قتالًا شديدًا، فانهزمت به بكر ثم قاتلت تغلب بعدها فانهزمت أيضًا، وأُسر كليب ومُهلهل ابنا ربيعة التغلبي، وأُخذت الأموال وكثرت القتلى في بني تغلب، وأُسرت جماعة من فرسانهم ووجوهم وانتصر زُهير نصرًا عظيمًا
(1)
.
كما نسبت إلى زهير حرب أخرى مع غَطَفان من قيس عيلان (مُضَر). قالوا: إن سببها أن بني بغيض
(2)
بن ريث بن غطفان حين خرجوا من تهامة ساروا بأجمعهم، فتعرضت لهم صدّاء وهي قبيلة من مَذْحِج القحطانية، فقاتلوهم، وبنو بغيض سائرون بأهليهم وأموالهم، فقاتلوهم عن حريمهم فظهروا على صدّاء وفتكوا بهم، فعزّت بغيض بذلك، وأثرت وكثرت أموالها، فلما رأت بنو بغيض ذلك وبطرت قالوا: والله لنتخذن حرمًا مثل مكة لا يُقتل صيده ولا يُهاج عائذه!
فبنوا حرمًا ووليه بنو مُرَّة بن عوف من ذبيان، فلما بلغ زهير بن جناب فعلهم وما أجمعوا عليه أبى ذلك وقرر منع غطفان من اتخاذ هذا الحرم، فسار إليها بجموع كثيرة من كلب وقضاعة فظفر بهم وأصاب حاجته منهم، وأخذ فارسًا منهم فقتله وعطّل ذلك الحرم المزعوم
(3)
. كما روى الإخباريون أنه حارب بني القين ابن جسر من قُضاعة وكانت له أخت متزوجة فيهم، فأرسلت من أخبره بعزم بني القين على محاربته، فاستعد لها، فقاتلها، وقتل رئيسها وانصرفت خائبة عنه.
ويظهر هنا من غربلة روايات الإخباريين عن زهير بن جناب الكلبي أنه فعلًا بطل كلب، وأنه من رجال القرن الخامس الميلادي، وأنه لم يكن بعيد عهد عن الإسلام وأنه كان معاصرًا لأبرهة، ولعله كان قد تحالف معه فترك حلفه معه أثرًا في ذاكرة الإخباريين، والظاهر أنه أيضًا كان ذا شخصية قوية ومحاربًا حارب جملة قبائل فأخضعها وبذلك بسط نفوذه عليها، ووضع اسم قبيلته على القبائل الأخرى وقتئذ. ولعل اتصاله بأبرهة وبلاد اليمن هو الذي أوجد رابطة نسب قبائل قُضاعة بحِمْيَر القحطانية اليمانية.
نقلًا عن ابن الأثير ص. وهم قبائل عبس وغزارة (ذبيان) من بغيض من غَطَفَان.
(1)
نقلًا عن ابن الأثير ص 205.
(2)
وهم قبائل عبس وفزارة (ذبيان) من بغيض من غطفان.
(3)
نقلًا عن ابن الأثير ص 205.
والمبالغات والإغراب جعل بعض المستشرقين فيما بعد يجعلون من زهير هذا شخصية خرافية وبطلًا خياليًا! وأكثر ما رواه جماعة آخرون من المشايخ الكلبيين كانوا يروون هذا النوع من التقصي عن رجال كلب حملهم على ذلك تقصيهم لقبيلتهم بني كلب.
وأكثر ما روي عن كلب هو من إخراج أيدي كلبية نشرته وأذاعته بين الناس، ومن حسن حظ كلب أن شيوخ الإخباريين الذين ذكرتهم كانوا منهم، فكان لقولهم هذا صداه البعيد.
وكلب في حد ذاتها جملة قبائل وبطون ضخمة منها رفيدة وعرينة وصحب وبطون كنانة وهي قبيلة كلبية ضخمة من بطونها بنو عديّ، وبنو زهير، وبنو عليم، وبنو جناب.
وذكر بعض الإخباريين أن كلبًا كانت تحكم دومة الجندل (بلاد الجوف حاليًا) وأول من حكمها منهم هو دجانة بن قنافة بن عديّ بن زهير بن جناب، وذكروا أيضًا أن المُلك على دومة الجندل وتبوك كان لهم، إلى أن ظهر الإسلام، وأنهم كانوا يتداولونه مع بني السكون من كِنْدة القحطانية، فلما ظهر الإسلام كانوا على دومة الجندل ويحكمها الأكيدر بن عبد الملك من السكون.
(انتهى قول جواد علي)
(5)
ما قاله عارف العارف في قبائل بئر السبع بفلسطين:
قال: من القبائل الكلبية التي نزلت فلسطين من قُضاعة وقد دعوا بذلك نسبة إلى أبيهم كلب بن وبرة، ومن الطريف أن نذكر أن وبرة سمى أبناءه كلب وأسد ونمر وذئب وثعلب وفهد وضبع ودب وسرحان. . . إلخ، ومن بني كلب الذين نزلوا فلسطين إبراهيم بن عثمان بن محمد الأشهبي عام 448 - 524 هـ وقد نزل غزة، وكانت لبني كلب بن وبرة في عصر الدولة الفاطمية إمارة في صقلية (جنوب
إيطاليا) واستمرت من عام 336 هـ إلى 431 هـ، وفي أوائل القرن الثامن الهجري كان من بني كلب كثيرون على خليج القسطنطينية مسلمين. قال في مسالك الأمصار: وبشيرز وحلب وبلادها وتدمر والمناظر بالشام أقوام منهم. ولعلّ من في نواحي اللاذقية بسواحل سوريا الآن من الكلبيين
(1)
وهم من بني كلب هؤلاء. وفي تاريخ شرق الأردن وقبائلها أن العوران التي تقطن في الطفيلة وقرية عابور من الكرك من أعقاب بني كلب هؤلاء.
(1)
ذهب بعض الباحثين إلى أن بعضها من قبائل كلبية قُضاعية، ومن المعروف أن الرئيس السوري حافظ الأسد ينتمي إلى هذه القبيلة في محافظة اللاذقية غرب القطر العربي السوري.
وذكر وصفي زكريا في عشائر الشام ص 484 عن إسماعيل بك الهواش رئيس عشيرة الكلبيين وأنه قد شق عصا الطاعة على العثمانيين بعد جلاء إبراهيم باشا عن بلاد الشام وكان هذا التمرد عام 1270 - 1275 هـ.
(ما قاله المؤرخون عن بني كلب قبل الإسلام)
(بعض قبائل قُضَاعة تنضم إلى بني كلب لقوتها)
ذكر بعض المؤرخين والنسابين أن غالبية بطون قُضاعة قد دخلت في كلب وعدّت منها، من هؤلاء ما ذكر ابن حزم الأندلسي
(1)
قال: إن من بني أسلم بن الحافي بن قضاعة، وعامر، وعمرو، وحنظلة حكم العرب، والطول، ومرة، وخزيمة، وأبان، هؤلاء كلهم سكنوا بلاد الشام، ومنهم بالأندلس، وبريّة، ومرة، ومغامر بن نهد، هؤلاء دخلوا في بني عليم من كلب، وعمرو بن نهد دخل في بني عديّ بن جناب من كلب بن وبرة.
وقبائل قضاعة أغلبها دخل في كلب لقوة كلب وشرفها في تلك الفترة، ومن القبائل التي خالطت كلب في الأرض والصهر وشاركتها في حروبها حتى دخلت فيها وعدّت منها، بنو القين بن جسر، ولا تزال منازلهم جنوب دومة الجندل، ومياههم معروفة إلى اليوم بأسمائهم، وهي القين ماء لهم، وغير أن البنات جمع غار نسبة لبنات قين وهي مياههم، وطويل البنات وهي جبال لهم لا تزال على مسماها، والعجائز هي عجائز من الرمل وإلى هذه المواقع نسبت حروب بنات قين بين قيس وكلب في الإسلام في زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وكذلك بنو حن وبنو بهراء وأصيد وتنوخ وغالبية تنوخ من قحطان، قال زفر بن الحارث في يوم مرج راهط وكان بين القيسية واليمانية أيام الأمويين، وكان جيش اليمانية لعبد الملك بن مروان كله من بني كلب، قال الجوزي
(2)
: وكانت قبائل قيس المُضَرية العدنانية كلها مضطغنة على ابن مروان الأموي من وقعة مرج راهط، وجند عبد الملك يومئذ من كلب، قال زفر بن الحارث من قيس في يوم مرج راهط
(3)
:
لعمري لقد أبقت وقعة راهط
…
لحسان صدعًا متنائيا
فلم أدري مني نبوة قبل هذه
…
فراري وتركي صاحبيّ ورائيا
(1)
جمهرة أنساب العرب ج 2 ص 446.
(2)
الكامل في التاريخ ج 4 ص 60.
(3)
نفس المصدر السابق ج 3 ص 482.
عشية أدعو في القرآن فلا أرى
…
من الناس إلا من عليّ ولائيا
أيذهب يومًا واحدًا أن أسأته
…
بصالح أيامي وحسد بلائيا
فلا صلح حتى تشحط الخيل بالقنا
…
وتثأر من نسوان كلب نسائيا
ألا ليت شعري هل تصيبن غارتي
…
تنوخًا وحيي طيئ من شقائيا
وقال عقيل بن علفة في يوم ابن شرج:
وقد أسلموا ستاءهم لقبيلة
…
قُضاعية يدعون حن واصيدا
وقال نمير في يوم بنات قين وهو لقيس على كلب كان ردًّا على معركة مرج راهط التي كانت لكلب على قيس:
بشر بني القين بطعن الشرج
…
يشبع أولاد الضباع العرج
وذكر تنوخ وبهراء وحن وأصيد وبنو القين دليل على أنها خالطت كلب وشاركتها في الحروب والديار حتى دخلت فيها وعدّت منها، وقبيلة كلب هي حاملة لواء القبائل اليمانية كما حملت قيس لواء القبائل العدنانية.
حلفاء كلب من قبائل العرب
كان لقبيلة كلب قوة وشرف وسيادة بين كافة قبائل العرب، وكان لها أحلافًا مع بعض قبائل العرب الكبيرة مثل قبيلة بني تميم العدنانية وهي من خِنْدف الجذم الثاني من مُضَر، وكان بينها وبين كلب حلفٌ قويٌّ وكان هذا الحلف قديمًا منذ الجاهلية. قال الأصبهاني
(1)
. . .
قال الفرزدق المجاشعي من بني تميم وهو أشعر شعراء تميم بن مر وكان قد كتب بها إلى سعيد بن الوليد الأبرش وكلّم له هشامًا:
(1)
الأغاني ج 19 ص 24.
إلى الأبرش الكلبي أسندت حاجة
…
تواكلها أحياء تميم ووائل
على حين أن زلت بي النعال زلة
…
فأخلف ضني كل حاف وناعل
فدونكم يا ابن الوليد فإنها
…
مفضلة أصحابها في المحافل
ودونكها با ابن الوليد فقم بها
…
قيام امرئ في قومه غير خامل
فكلم هشامًا وأمر بتخليته فقال يمدح الأبرش الكلبي:
لقد وثب الكلبي وثبة حازم
…
إلى خير خلق الله نفسا وعنصرا
إلى خير أبناء الخليفة لم يجد
…
لحاجته من دونها متأخرا
أبي حلف كلب في تميم وعقدها
…
كما سنت الآباء أن يتغيرا
وقال الفرزدق في قوة الحلف بين تميم وكلب:
أشد حبلا بين حيين مُرّة
…
حالًا أمرت من تميم ومن كلب
وليس قُضاعي لدينا بخائف
…
ولو أصبحت تغلي القدور من الحرب
وذكر الفرزدق "كلب" في شعره مرة كلب ومرة قُضاعة بقوله: "وليس قُضاعي" دليل على أن "كلب" قد تزعمت قُضاعة كلها.
قلت: وعن هذا الحلف فمازال له ذكر في القصص القديمة والأساطير عند الشرارات وهم أعقاب بني كلب في ديارها بشمال المملكة العربية السعودية وهو قولهم أن بني تميم أصحاب وأخوال أي بينهم وبين الشرارات صهر وسلم من قديم الزمان. كما أن قبيلة جهينة بينها وبين كلب رابطة أقوى من الأحلاف وهي رابطة الدم التي تجمعهم وكلب بقُضاعة .. قال سنان بن جابر الجهني:
فمن يحتمل في شأن كلب ضغينة
…
علينا إذا ما حان في الحرب حينها
فإنا وكلب كاليدين متي تضع
…
شمالك في شيء تعنها يمينها
وعن هذه الرابطة فهناك ما يدل على وجودها في مأثوراتهم إلى اليوم، فمن حدائهم قولهم:
اليوم ورد جهينة
…
أهل الوجوه الشينة
وهنا قولهم أهل الوجوه الشينة هو مدح لهم؛ لأن المقصود بها شدتهم في يوم الوغى، كما يقال للشرارات "وجوه الشر .. حلابة الدر" أي شرًّا في اللقاء والحرب.
والحداء قديم لأنه يدل على أن الشرارات (كلب) وجهينة كانتا متصلتين في الديار والموارد فكلها ديار قُضاعة المعروفة وقد انقطعت الصلات بينهما منذ زمن بعيد.
وكانت قبيلة طيئ القحطانية
(1)
تحارب مع قبيلة كلب وتتعصب لها وبينهما حلف خاصة جديلة من طيئ .. فقد قال زفر بن الحارث من قيس
(2)
:
فلا صُلح حتى تشحط الخيل بالقنا
…
وتثأر من نسوان كلب نسائيا
ألا ليت شعري هل تصيبن غارتي
…
تنوخًا وحيي طيئ من سقائيا
وذلك في معركة مرج راهط، وكانت بين كلب وقيس كما أسلفنا، كما أن في مأثور الشرارات ما يستدل به على مثل ذلك وهو قولهم في اجتماع العدو والصديق:"اجتمعوا من طيئ وقيس" أي من صديق وعدو، وبنظرتنا للتاريخ نجد التفسير لهذا المثال، فطيئ قبيلة يمانية قحطانية تحارب مع كلب في حروبها، وقبائل قيس هي من ألد أعداء كلب قديمًا (بعد معركة مرج راهط)، فلذلك يضرب هذا المثل السابق.
وقد كان من قوة كلب وسيادتها في الجاهلية أن لعبت بعض الأدوار الهامة في التاريخ العربي من ذلك ما ذكره الجوزي
(3)
قال: كان زهير بن جناب بن هبل
(1)
هي ما تعرف بالوقت الحاضر باسم شمّر في شمال نجد.
(2)
الكامل في التاريخ ج 1 ص 482.
(3)
نفس المصدر السابق ج 1 ص 391.
ابن عبد الله بن بكر بن عوف بن عُذرة الكلبي أحد من اجتمعت عليه قُضاعة، وكان يُدعى الكاهن لصحة رأيه، وعاش مائتين وخمسين سنة، وكان شجاعًا مُظفّرًا ميمون النقيبة.
وكان سبب غزوته لغطفان في الجاهلية: أن بني بغيض من عبس وذبيان من غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان، حين خرجوا من تهامة ساروا بأجمعهم، فتعرضت لهم صدّاء وهي قبيلة من مَذْحِج القحطانية فقاتلوهم وبنو بغيض سائرين بأهليهم وأموالهم، فقاتل بنو بغيض عن حريمهم وأموالهم، فظهروا على صدّاء وفتكوا بهم، فعزّت بذلك بنو بغيض وأثرت وكثرت أموالها، فلما رأوا ذلك قالوا: والله لنتخذن حرمًا مثل مكة لا يقتل صيده ولا يهاج عائذه، فبنوا حرمًا، ووليه بنو مرة بن عوف من ذبيان، فلما بلغ فعلهم وما أجمعوا عليه زهير بن جناب الكلبي قال: والله لا يكون ذلك أبدًا وأنا حي، ولا أخلي غطفان تتخذ حرمًا أبدًا، فنادى في قومه فاجتمعوا إليه، فقام فيهم: فذكر حال غطفان وما بلغه عنهم، وقال:
إن أعظم مأثرة يدخرها هو وقومه أن يمنعوهم من ذلك، فأجابوه، فغزا بهم بني بغيض وسائر غطفان وقتلهم أبرح قتال وأشده، وظفر بهم وأصاب حاجته منهم، وأخذ فارسًا منهم في حرمهم فقتله، وعطّل ذلك الحرم، ثم منَّ على غطفان ورد لهم النساء وأخذ الأموال. وقال زهير في ذلك:
فلم تصبر لنا غطفان لما
…
تلاقينا وأحرزت النساء
فلو الفضل منا ما رجعتم
…
إلى عذراء شيمتها الحياء
فدونكم ديونًا فاطلبوها
…
وأوتارًا ودونكم اللقاء
فإنّا حيث لا يخفى عليكم
…
ليوث حين يحتضر اللواء
فقد أضحى لحي بني جناب
…
فضاء الأرض والماء الرواء
نفينا نخوة الأعداء عنا
…
بأرماح أسنتها ضماء
ولولا صبرنا يوم التقينا
…
لقينا مثل ما لقيت صداء
غداة تضرعوا لبني بغيض
…
وصدق الطعن للنوكي شفاء
قال الأصبهاني عن هذا البناء
(1)
: لبس أو بناء بنته غطفان شبهوه بالكعبة وكانوا يحجونه ويعظمونه ويسمونه حرمًا فغزاهم زهير بن جناب الكلبي فهدمه.
وعن زهير بن جناب الكلبي فهو أحد الرجال البارزين في جزيرة العرب في الجاهلية وكان شجاعًا حازمًا ذا رأي سديد كريمًا، وقد اجتمعت عليه كافة قُضاعة، فكان من شجاعته وإقدامه أنه أسر كليب ومُهلهل ابنا ربيعة وهما أفرس فرسان العرب وذلك في الحرب التي كانت بين كلب وبني وائل من بكر وتغلب. قال الأصبهاني
(2)
: وأما زهير بن جناب الكلبي فإنه أحد المعمرين، يقال أنه عمّر مائة وخمسين، وهو فيما ذكر أحد الذين شربوا الحمر في الجاهلية حتى قتلهم، وكان قد بلغ من السن الغاية التي ذكرناها، فقال ذات يوم: إن الحي ظاعن، فقال عبد الله بن عليم: إن الحي مقيم، فقال: من هذا الذي يخالفني منذ اليوم؟، قيل: ابن أخيك عبد الله بن عليم، فقال: أما ها هنا أحد ينهاه عن ذلك؟، قالوا: لا، فغضب .. وقال: لا أراني قد خولفت، ثم دعا بالخمر يشربها صِرْفًا بغير مزاج وعلى غير طعام حتى قتلته، وهو الذي يقول في ذم الكبر وطول الحياة:
الموت خير للفتى
…
فليهلكن وبه بغيه
مِنْ أن يرى الشيخ البجال
…
إذا تهادى بالعشيه
ابني إن أهلك فقد
…
أورثتكم مجدا بنيه
وتركتم أبدًا سا
…
دات زنادكم وديه
بل كل ما نال الفتى
…
قد نلته إلا التحيه!
(1)
الأغاني ج 12 ص 126.
(2)
الأغاني ج 3 ص 17.
وكانت حاضرة كلب دومة الجندل وهي مدينة حصينة من أهم المدن العربية قبل الإسلام، وهي مركز ديني وتجاري هام للعرب، وقد كان لهم فيها سوق من أشهر أسواق الجزيرة العربية قاطبة وهي سوق موسمية في الجاهلية، منه كانوا ينتقلون إلى سوق هِجْر (بلاد الأحساء حاليًا).
قال صاحب السبائك
(1)
: قد كان للعرب في الجاهلية أسواق يقيمونها في شهور السنة، ينتقلون من بعضها إلى بعض ويحضرها سائر العرب من قرب منهم ومن بَعُد، فكانوا ينزلون دومة الجندل أول يوم من ربيع الأول، يجتمعون في أسواقها بالبيع والشراء والأخذ والعطاء، وكان يعشوهم أكيدر دومة الجندل أول يوم، وربما غلب على السوق بنو كلب، فيعشوهم بعض رؤساء كلب، فيقوم سوقهم إلى آخر الشهر، ثم ينتقلون إلى سوق هِجْر في شهر ربيع الآخر.
وقد ذكر ابن الكلبي في افتراق القبائل قبل الإسلام أن قبيلة كلب ومن حالفها، نزلت بخبت دومة، إلى ناحية بلاد طيئ من الجبلين وحيزهما إلى تيماء: وصنمهم ود - الذي ذكره الله سبحانه في القرآن الكريم - كان في مدينتهم هذه جاء في صفته
(2)
: فكان لكلب ود وهو تمثال على هيئة رجل كأعظم ما يكون من الرجال، عليه حُلتان متزرًا بحُلة ومرتديًا أخرى، وعليه سيف قد تقلده، وقد تنكب قوسًا. وكانت سدانته لبني الفرافصة من كلب
(3)
. وقبيلة كلب كان لها المُلك في دومة الجندل عند فتحها وكانوا قبل الإسلام يتناوبون المُلك هم وأكيدر بن عبد الملك من السكون من كِنْدة.
قال ياقوت الحموي
(4)
: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا إلى دومة، وأمَّر عليهم عبد الرحمن بن عوف، وعممه بيده، وقال: اغد باسم الله، فجاهد في سبيل الله، تقاتل من كفر بالله، وأكثر من ذكري، عسى الله أن يفتح على يديك، فإن فتح فتزوج بنت ملكهم، وكان الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث بن حصن بن ضمضم ملكهم ففتحها، وتزوج ابنته تماضر بنت الأصبغ، فهي أول
(1)
سبائك الذهب ص 119.
(2)
سبائك الذهب ص 435.
(3)
نسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي.
(4)
معجم البلدان لياقوت.
كلبية تزوجها قرشي فولدت له أبا سلمة الفقيه، وهي أخت النعمان بن المنذر لأمه:
…
وقال ابن سعيد أيضًا: أخبرنا محمد بن عمر: قال: حدثني سعد بن مسلم بن قمازين عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف في سبعمائة إلى دومة الجندل وذلك في شعبان سنة ست من الهجرة، فنقض عمامته بيده ثم عممه بعمامة سوداء فأرخى بين كتفيه منها، فقدم دومة، فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ثلاثًا، ثم أسلم الأصبغ بن عمرو الكلبي وكان نصرانيًّا، وكان رأسهم فبعث عبد الرحمن فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فكتب إليه صلى الله عليه وسلم أن تزوج تُماضر بنت الأصبغ، فتزوجها عبد الرحمن وبنى بها، وأقبل بها، وهي أم أبي سلمة بن عبد الرحمن.
وقبيلة كلب لها مكانتها المرموقة بين قبائل العرب قبل الإسلام فلا يكاد يأتي للمجد ذكر أو مجال إلا وكان لها منه نصيب وافر. قال حاتم الطائي
(1)
:
عمرو بن أوس إذا أشياعه غضبوا
…
فأحرزوه بلا غرام ولا عار
إن بني عبد كلما وقعت
…
إحدى الهنات أتوها غير إنكار
وقال لبيد يفخر
(2)
:
فلا تسألينا واسألي عن بلائنا
…
إيادًا وكَلْبًا من معدًا ووائلا
وقيسًا ومن لفت تَمِيمًا ومَذْحِجًا
…
وكِنْدة إذ وافت عليك المنزلا
والحديث عن هذه القبيلة يطول لو أردنا الاستقصاء فكتب التاريخ زاخرة بأخبارها وأيامها في الجاهلية ولكن اقتصرنا على ما سبق.
(1)
الأغاني ج 16 ص 99.
(2)
ديوانه ص 121.
(ما قاله المؤرخون عن كلب في الإسلام)
كما أسلفنا كانت هذه القبيلة العربية نجيبة قوية ثرية، وقد بلغت من ذلك ما لم يبلغه الكثير من قبائل العرب قبل الإسلام وبعده، فلما جاء الإسلام وفتحت دومة الجندل، وهي من مدن الصلح التي فتحت سلمًا، دخل من كلب كثير في الإسلام، وبقي منهم من بقي على النصرانية، وكان من كلب قبل ذلك صحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم زيد بن حارثة من بني المدينة من كلب، قال عنهم صاحب السبائك
(1)
: بطن من كلب، قال والمدينة أمهم غلبت عليهم وهم بني زيد بن سلمة منهم زيد بن حارثة الصحابي المذكور بقوله تعالى:{. . . فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا. . . (37)} [الأحزاب]، ومنهم محمد بن السائب الكلبي صاحب التفسير المشهور.
قال خير الدين الزركلي
(2)
: وهو زيد بن حارثة بن شراحيل أو شراحبيل الكلبي صحابي اختطف في الجاهلية صغيرًا واشترته أم المؤمنين خديجة بنت خويلد فوهبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حين تزوجها فتبناه النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام وأعتقه وزوجه بنت عمته، واستمر الناس يسمونه زيد بن محمد حتى نزلت آية:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ. . . (5)} [الأحزاب]، وهو من أقدم الصحابة إسلامًا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يبعثه في سرية إلا أمّره عليها، وكان يحبه ويقدمه وجعل له الإمارة في غزوة مؤتة بالشام، فاستشهد فيها. ولهشام الكلبي كتاب زيد بن حارثة.
قلت: والمدينة الذين منهم زيد بن حارثة هم من فخوذ الشرارات بالوقت الحاضر. ومن الصحابة الكلبيين الصحابي الجليل دحيّة بن خليفة الكلبي
(3)
الذي كان جبريل ينزل بصورته على الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو مبعوث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هرقل
(1)
سبائك الذهب ص 39.
(2)
الأعلام ص 57.
(3)
الأغاني ج 1 ص 59.
عظيم الروم. قال الأصبهاني: قال إسحاق: فقدم عليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع دحيّة بن خليفة الكلبي فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم: السلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن تتولى فإن إثم الأكابر عليك.
قال عنه خير الدين الزركلي
(1)
: دحيّة بن خليفة بن فروة بن فضالة الكلبي، صحابي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة إلى قيصر يدعوه للإسلام، وحضر كثيرًا من الوقائع وكان يُضرب به المثل في حسن الصورة، شهد اليرموك وكان على كردوس ثم نزل حمص وعاش إلى خلافة معاوية بن أبي سفيان.
وكذلك منهم الصحابي عبد الله بن أنيس، أبو يحيى من بني وبرة من قُضاعة، ويعرف بالجهني وليس بجهني، صحابي من القادة الشجعان من أهل المدينة المنورة، كان حليفًا لبني سلمة من الأنصار، له أخبار عجاب، من أعجبها حكاية قتله لسفيان بن خالد، أوردها المقريزي في إمتاع الأسماع
وقد سعى الرجل العربي بكل جد لشد أزره وإسناد ظهره بالمصاهرة من قوي شريف، وكان عند العربي اعتقاد راسخ بأن المرأة الصالحة ذات الأصل الثابت والفرع السامي هي من أهم عوامل إنجاب الذرية الصالحية، وكان العربي يتحرى ويبالغ في اختيار زوجته.
قال الفرزدق من بني تميم يمدح فتاة تزوجها على زوجته الأولى:
عقيلة من بني شيبان ترفعها
…
دعائم للعلا من آل همّام
من آل مُرّة بني المستضاء بهم
…
من راهط صيد مصاليت وحكام
بين الأحاوص من كلب مركبها
…
وبين قيس بن مسعود وبسطام
(1)
الأعلام ص 337.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس".
وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: "تنكح المرأة لثلاث [*]: لجمالها ومالها وحسبها ودينها. فاظفر بذات الدين تربت يداك".
ومن منطلق هذا الاعتقاد وهذه الاحاديث، كان الرجل العربي إذا تزوج كلبية فقد أصاب مقصده، وبلغ أقصى غايته في شرف المصاهرة، وكان الزواج من كلبية أمنية المتمني وغاية كل ساع لشرف الصهر لسمو شأن هذه القبيلة.
قال حكيم بن عياش الكلبي يهجو الكُمَيْت
(1)
:
ما سرني أن أمي من بني أسد
…
وإن ربي نجاني من النار
وإنهم زوجوني من بناتهم
…
وإن لي كل يوم ألف دينار!
وقال الأصبهاني: هجى الاعشى رجلًا من كلب فقال:
بنو الشهر الحرام فلست منهم
…
ولست من الكرام بنو عبيد
ولا من رهط جبار ابن قرط
…
ولا من رهط حارثة ابن زيد
قال: وهؤلاء كلهم من كلب، فقال الكلبي: لا أبا لك أنا أشرف من هؤلاء
وقال سنان الكلبي:
يا أخت قيس سلي عنا علانية
…
كي تخبري من بيان العلم تبيانا
أنا ذوو حسب مال ومكرمة
…
يوم الفخار وخير الناس فرسانا
منا ابن مُرّة عمرو قد سمعت به
…
غيث الأرامل لا يردين ما كانا
والبحدلي الذي أردت فوارسه
…
قيسًا غداة اللوى من رمل عدنانا
وقال حسان بن ثابت لمسافع بن عياض أحد بني تميم
(2)
:
(1)
الأغاني ج 6 ص 126.
(2)
الأغانى ج 15 ص 129.
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا في المطبوع، والصواب «لأربع»
لو كنت من هاشم أو من أسد
…
أو عبد شمس أو أصحاب اللوى الصيد
أو من بني نوفل أو آل مطلب
…
أو من بني جمع الخضر الجلاعيد
أو من بني زهرة الأبطال قد عرفوا
…
لك ذرك لم تهمم بتهديد
والصيد من كلب قد يكون عني بهم كلبا لقوله أصحاب اللوى.
وقد تسابق مشاهير العرب في الجاهلية والإسلام إلى الزواج من بني كلب وشدِّ أزرهم بمصاهرتهم، وقد وجدوا بهن كل ما يتمناه العربي بزوجته من شرف ووفاء نادر، قلّ أن يوجد بغير الكلبيات، ومن هؤلاء الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي تزوج نائلة
(1)
بنت الفرافصة بن الأحوص الكلبية أميرة شاعرة من ذوات الرأي والشجاعة حُملت إلى عثمان من بادية السماوة فتزوجها، وأقامت معه في المدينة المنورة، ولما كانت بدء الثورة عليه نصحته باستصلاح علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان قد جاء وحذره، فأرسل إليه يدعوه، فقال علي: قد أعلمته أني لست بعائد، ودخل المصريون دار عثمان وبأيديهم السيوف فضربه أحدهم، فألقت نائلة نفسها على عثمان وصاحت بخادمها رباح فقتل الرجل، وهجم آخر فوضع ذباب السيف في بطن عثمان فمسكت نائلة السيف فحزّ أصابعها وقطع بعضها، وقُتل عثمان، فخرجت تستغيث، ففر القتله وأنشدت بعد دفنه بيتين في رثائه، قيل تمثلت بهما وانصرفت إلى المسجد فخطبت في الناس (خطبة رائعة في غاية الفصاحة) وقالت: إن عثمان ذا النورين قُتل مظلومًا بينكم .. إلخ، ثم كتبت إلى معاوية بن أبي سفيان وهو في الشام تصف دخول القوم على عثمان، وأرسلت إليه قميصه مضرجًا بالدم وبعض أصابعها المقطوعة، ولما سكنت الفتنة خطبها معاوية لنفسه، فأبت وحطمت أسنانها!، وقالت: إني رأيت الحزن يبلى كما يبلى الثوب، واخاف أن يبلى حزني على عثمان فيطَّلع مني رجل على ما اطَّلع عليه عثمان.
(1)
الأعلام ج - 7 ص 343.
وكذلك الحسين بن علي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج بالرباب بنت امرئ القيس بن عدي من كلب
(1)
، كانت معه في وقعة كربلاء، ولما قُتل جيء بها مع السبايا إلى الشام، ثم عادت إلى المدينة وخطبها بعض الأشراف من قريش، فأبت وبقيت بعد الحسين لم يظلها سقف بيت حتى بليت وماتت كمدًا، وكانت شاعرة لها رثاء بالحسين، قلت: وسكينة بنت الحسين بن علي من الرباب هذه.
وأيضًا مروان بن الحكم الأموي قد تزوج بليلى الكلبية وهي أم عبد العزيز بن مروان
(2)
والد الخليفة عمر بن عبد العزيز، قال الأصبهاني: قال إسحاق: فحدث ابن كناسة، قال ليلى أم عبد العزيز كلبية، وبلغني أنه قال: لا أعطى شاعرًا شيئًا حتى يذكرها في مدحي لشرفها، فكان الشعراء يذكرونها باسمها في أشعارهم.
وكذلك الصحابي عبد الرحمن بن عوف، الذي تزوج تُماضر بنت الأصبغ بن عمرو الكلبي، فولدت له سلمة بن عبد الرحمن، وقد أسلفنا عن قصة زواجه بها.
وكذلك الزبير بن العوام
(3)
تزوج بالرباب بنت أنيف بن عبيد بن مصاد بن كعب بن عليم بن عتاب بن ذهل من كلب وهي أم مصعب بن الزبير، قال الأصبهاني: قال خالد بن يزيد بن معاوية بزوجته رملة بنت الزبير:
تجول خلاخيل النساء ولا أرى
…
لخولة خلخال يجول ولا قلبا
أحب بني العوام طرًا لحبها
…
ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا
فإن تسلمي نسلم وإن تنصري
…
تخط رجال بين أعينهم صلبا
قال: ورملة هي بنت الزبير كانت أخت مصعب بن الزبير لأمه كانت أمهما الرباب بنت أنيف من كلب.
(1)
الأعلام ج 3 ص 13.
(2)
الأغاني ج 1 ص 139.
(3)
الأغاني ج 16 ص 87.
وكذلك الخليفة معاوية بن أبي سفيان الذي تزوج بميسون الكلبية
(1)
وهي بنت بحدل بن أنيف من بني حارثة بن جناب الكلبي وهي أم الخليفة يزيد بن معاوية وهي شاعرة لها أبيات منها:
ولبس عباءة وتقر عيني
…
أحب إليّ من لبس الشفوف
قال الزركلي: وكانت بدوية ثقلت عليها الغربة عن قومها من كلب لما تزوجت بمعاوية في الشام فسمعها تقول هذه الأبيات فطلقها وأعادها إلى أهلها وكانت حاملًا بيزيد، وفي رواية أخذته معها رضيعًا، فنشأ في البرية فصيحًا، ونقل البغدادي أن معاوية لما طلقها قاله لها: كنتِ فبنتِ، فأجابته: ما سُررنا إذ كنا وما أسفنا إذ بنّا.
قال
(2)
: كان لمعاوية ولد اسمه عبد الله، فبينما معاوية جالس مع أم عبد الله، مرت بهما أم يزيد وهي ميسون بنت بحدل الكلبية، فهزئت بها أم عبد الله، فقال معاوية: أما والله إن ولدها خير من ولدك، فقالت: لا والله ولكنك تحب ولدها وتحابيه، فقال سأريك ذلك عيانًا، ثم أرسل إلى ابنها فجاء فقال: يا عبد الله إني قاض لك كل حاجة، فاذكر حوائجك كائنة ما كانت، فقال: يا أمير المؤمنين اشتر لي حمارًا! فقال له يا بني أنت حمار وأشتري لك حمارًا، ثم استحضر يزيد فلما حضر قال: يا بني إن أمير المؤمنين قد بسط لك أمله فاذكر حاجتك. إن كانت لك حاجة؟ فاستقبل القبلة ثم رفع رأسه وقال: الحمد لله على جميل رأي أمير المؤمنين فيَّ، ثم قال يا أمير المؤمنين اجعل إليّ العهد، فقال معاوية: نعم ونعام عين، ولّيتك عهدي، فسجد وحمد الله سبحانه.
(1)
الأعلام ج 7 ص 339.
(2)
قصص العرب ج 1 ص 362.
أشهر رجالات كلب بعد الإسلام
كان من كلب في العهد الإسلامي رجال علم وقواد وفاتحون يصعب حصرهم، وكانوا كغيرهم من القبائل العربية في بداية الفتوحات الإسلامية رافدًا غزيرًا تتغذى منه الجيوش الإسلامية بالجند والقادة، وكانت لهم إمارة صقلية ما يقارب التسعين عامًا وحكامها آل أبي حسن الكلبيين كان:
* أولهم الحسن بن علي بن أبي الحسن الكلبي
(1)
كان - في بادئ أمره - قائدًا في جيش المنصور الفاطمي (صاحب إفريقية) ورأى منه المنصور نشاطًا وإقدامًا فاستعمله واليًا على جزيرة صقلية سنة 336 هـ وفي أيامه وجه ملك الروم قسطنطين أسطولًا عظيمًا للاستيلاء على الجزيرة، فاستعد الحسن لقتاله، وأمده المنصور بأسطول وسبعة آلاف فارس وثلاثة آلاف وخمسمائة راجل فزحف على مسين في إيطاليا وهاجم جيشه ريو وانبثت سراياه في أرض قلورية في جنوب إيطاليا، فانهزمت الروم وامتلك ريو وبنى بها مسجدًا ولم يزل في صقلية إلى أن بلغته وفاة المنصور سنة 341 هـ، وقيام المعز بعده وأقام قليلًا وعهد بإمارة الجزيرة إلى ابنه أحمد، ورحل إلى المهدية في تونس بإفريقية، ثم عاد إلى صقلية وخرج بأسطول عظيم سنة 345 هـ، وتتابعت وقائعه مع الروم إلى أن كانت معركة رمطه وهي قلعة بجزيرة صقلية، فظفر فيها ظفرًا عجيبًا، قال الزركلي: قال لسان الدين ابن الخطيب: التقى حسن بن علي مع مقدمة الروم في شوال عام 352 هـ وهو في شرذمة قليلة لولا أن الله رزق المسلمين النصر، فقتلوا في البحر خلقًا عظيمًا جُزّت منهم رءوس عشرة آلاف) واعتل الحسن لفرط فرحه فتوفي بعد نحو شهر من الواقعة في صقلية.
* ومنهم عبد الله بن محمد بن حسن بن علي الكلبي
(2)
من الأمراء الكلبيين أصحاب صقلية، ولي الإمارة سنة 375 هـ بعد وفاة أخيه جعفر، وكان أديبًا محبًّا للعلم والعلماء وساد الأمن في أيامه واستمر إلى أن توفى.
(1)
الأعلام ج - 2 ص 201.
(2)
الأعلام ج - 4 ص 120.
* ومنهم علي بن الحسن بن علي بن الحسين أبو القاسم الحسين الكلبي
(1)
: من أمراء صقلية تولّاها بعد ذهاب أخيه أحمد لقيادة أسطول المعز الفاطمي سنة 360 هـ واستمر إلى أن استشهد في معركة مع الألماني أوطون الثاني بقرب صقلية ونقل إليها فدفن بها، كما جرح الإمبراطور ومات من إثر جرحه سنة 363 هـ بعد أن هُزم جيشه أقبح هزيمة وقتل من الإفرنج في تلك المعركة أربعة آلاف جندي، وقال عنه ابن خلدون: كان أبو القاسم عادلًا حسن السيرة كما أسلفنا.
وأمراء صقلية الكلبيين أكثر مما ذكرت لكن ليس هنا موضع حصرهم، وذكر كافة أخبارهم، كان آخرهم الصمصام وهو حسن بن يوسف بن عبد الله بن محمد الكلبي الملقَّب بصمصام الدولة آخر الأمراء الكلبيين في جزيرة صقلية تولّاها سنة 417 هـ بعد مقتل أخيه أحمد (الأكحل)، قال الزركلي: وبمقتله ختمت دولة آبائه في صقلية.
* ومن فرسان كلب وأمرائهم أيضًا عنبسة بن سحيم الكلبي
(2)
فاتح من الغزاة الشجعان، كان عامل الأندلس في أيام هشام بن عبد الملك، وليها سنة 103 هـ وأوغل في غزوة الإفرنج ويرى أيزيدور أسقف باجة (تونس) في ذلك العصر: أن فتوحات عنبسة كانت فتوحات حذق ومهارة أكثر منها فتوحات بطش وقوة، وقال المستشرق رينو: لذلك تضاعف خراج بلاد الغال وافتتح قرقسونة صلحًا بعد أن حاصرها مدة وأوغل في بلاد فرنسا فعبر نهر الرون إلى الشرق وأصيب بجراحات في بعض الوقائع فكانت سبب وفاته.
* ومنهم ابن حسون بن الحسين بن عبد الله بن الحسين أبو الحكم الكلبي
(3)
ابن حسون قاضٍ من جبابرة الأمراء بالأندلس أيام ملوك الطوائف، نشأ في أسرة وجيهة بمالقة وتولى قضاءها سنة 538 هـ ودعا إلى نفسه كما صنع كثير من القضاة في ذلك العهد، وقام بالإمارة والقضاء وكان في جواره بعض المرابطين، فواصلوا
(1)
الأعلام ج - 4 ص 272.
(2)
الأعلام ج - 5 ص 91.
(3)
الأعلام ج - 2 ص 201.
الغارات عليه، فزلت قدمه، قال الزركلي: اتفق أهل البلد مع أحد خدامه ويُعرف باللوشي فثاروا على ابن حسون وقتلوا أخًا له، كان قائد جيشه، وضاع رشده فقتل بعض بناته غيرة عليهن من السبي، وأطلق النار في كتبه فأحرقها وشرب سما فلم يقتله فتناولا رمحًا فتحامل على سنانه إلى أن خرج من ظهره ولم يمت إلا بعد يومين!
* ومنهم أبو الخطّار وهو حسام بن ضرار بن سلامان بن خيثم بن ربيعة الكلبي
(1)
ثم الربيعي أبو الخطّار أمير الأندلس كان حازمًا شجاعًا فصيحًا شاعرًا، قال ابن الأثير: كان أحد فارس الناس بإفريقية ولّاه حنظلة بن سفيان والي إفريقية لهشام بن عبد الملك إمارة الأندلس، فانتقل إليها من تونس سنة 125 هـ، وأقام بقرطبة وكثر أهل الشام وغيرهم عنده ففرقهم في البلاد فأنزل أهل دمشق إلبيرة لشبهها وسماها دمشق، وأنزل أهل حِمْص أشبيلية وسماها حِمْص، وأهل الأردن رية وسماها الأردن، وأهل فلسطينَ شذونة وسماها فلسطين وغيرهم، وقاومه عبد الرحمن بن حبيب فكانت بينهما وقائع وكان أعرابيًّا عصبيًا أفرط في التعصب لقومه من اليمانية وتحامل على المُضَرية من العدنانية.
* ومنهم سفيان بن الأبرد الكلبي
(2)
قائد من قواد بني أمية، كان على نجدة هشام للحجاج ضد شبيب بن يزيد الشيباني الخارج على بني أمية.
* ومنهم حسان بن بحدل بن أنيف بن سليمان الكلبي
(3)
: أمير بادية الشام كان من القادة في جيش معاوية يوم صفين ثم آزر مروان في حربه مع الضحاك بن قيس، قال أحد مؤرخيه: سَّلم الناس على حسان بالخلافة أربعين ليلة ثم سلم الأمر إلى مروان، وكان له قصر في دمشق يعرف بقصر البحادلة ثم صار يعرف بقصر أبي الحديد.
(1)
الأعلام ج - 2 ص 175.
(2)
الأعلام ج 2 ص 157
(3)
الأعلام ج 2 ص 176.
* ومنهم حنظلة بن صفوان الكلبي
(1)
: أبو حفص أمير من القادة الشجعان من أهل دمشق استخلفه أخوه بشر على إمارة مصر سنة 102 هـ وأقره يزيد بن عبد الملك فلما مات يزيد وخلفه هشام بن عبد الملك صرف حنظلة سنة 105 هـ ثم أعاده هشام إليها سنة 119 هـ فأقام إلى سنة 124 هـ ونقل إلى إفريقية واليا عليها وثورة البربر مندلعة بها فقمعها وأرسل إلى الأندلس ودانت له واستقر إلى أن اضطرب أمر الخلافة في الشام.
* ومنهم بشر بن صفوان الكلبي
(2)
أمير المغرب وأحد الشجعان ذوي الرأي والحزم ولي مصر أولًا سنة 101 هـ من قبل يزيد بن عبد الملك ثم جاءه كتاب يزيد بتأميره على إفريقية سنة 102 هـ فخرج إليها وأقام في القيروان وغزا صقلية وغيرها ومات بالقيروان (تونس).
* ومنهم جهوَّر بن محمد أبو الحزم صاحب قرطبة
(3)
.
قال الزركلي: كان بنو جهوَّر أهل بيت ووزارة مشهورة في الأندلس دخلوها قبل عبد الرحمن الداخل الأموي بمدة، وأبو الحزم هذا أمجدهم وأنجدهم ولي الوزارة في أيام الدولة العامرية، إلى أن انقرضت فاعتزل العمل مدة استمال إليه فريقًا من أهل التقوى والوجاهة، ودعاهم إلى مبايعة هشام (المعتد بالله) فوافقوه واستولوا على قرطبة بعد فتن كثيرة، وأطرب أمر المعتد بالله فخلعوه، وانقضت به الدولة الأموية سنة 422 هـ، واستقل أبو الحزم بقرطبة وانتظمت له شئونها ودرأ عنها ملوك الفتنة فعمها الأمن والرخاء، واستمر إلى أن توفي، وكان حازمًا يعد من الدهاة وله أدب وحلم ووقار.
* ومنهم مطروح بن سليمان بن يقضان الكلبي
(4)
أمير من الشجعان سكن الأندلس مع أبيه في عهد عبد الرحمن الأموى ولما مات عبد الرحمن وتسلم الإمارة ابنه هشام خرج مطروح بمدينة برشلونة وخرج معه جمع كثير سنة 172 هـ فملك سرقسطة وشقة، وتغلّب على تلك الناحية والثغر كله، وكثير منهم غير ما ذكر.
(1)
الأعلام ج 3 ص 13.
(2)
الأعلام ج 5 ص 54.
(3)
الأعلام ج 2 ص 141.
(4)
الأعلام ج 7 ص 220.
أشهر رجالات العلم من بني كلب بن وبرة
وأما رجال العلم والأدب والمعرفة فهم كثير أيضًا سأذكر منهم ما يسمح لي المجال بذكره وعلى سبيل المثال منهم:
* محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث الكلبي
(1)
نسَّابة راوية عالم بالتفسير والأخبار وأيام العرب من أهل الكوفة بالعراق، مولده ووفاته فيها وهو من كلب بن وبرة، قال ابن النديم: حكى أن سليمان بن علي العباسي والي البصرة استقدمه وأجلسه في داره، وجعل يملي على الناس تفسير آيات من القرآن حتى بلغ إلى آية في سورة براءة ففسرها على خلاف المعروف، فقالوا: لا نكتب هذا التفسير، فقال محمد: والله لا أمليت حرفًا حتى يكتب تفسير هذه الآية على ما أنزل الله، فرفع ذلك إلى سليمان بن علي فقال: اكتبوا ما يقول ودعوا ما سوى ذلك، صنف كتابًا في تفسير القرآن وهو أبو هشام صاحب كتاب الأصنام.
* عوانة بن الحكم بن عوانة بن عياض من بني كلب
(2)
أبو الحكم مؤرخ من أهل الكوفة، ضرير، كان عالمًا بالأنساب والشعر فصيحًا واتهم بوضع الأخبار لبني أمية، قال: ياقوت وعامة أخبار المدائني عنه، له كتاب في التاريخ وسيرة معاوية.
* محمد بن أحمد بن محسن بن عبد الله بن جزى الكلبي
(3)
أبو القاسم فقيه من العلماء بالأصول واللغة من أهل غرناطة بالأندلس، من كتبه القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية بتونس، وتقريب الوصول إلى علم الأصول، والفوائد العامة في لحن العامة، والتسهيل لعلوم التنزيل، وتفسير الأنوار السنية في الألفاظ السنّية، ووسيلة المسلم في تهذيب صحيح مسلم، والبارع في قراءة نافع، وفهرست كبير اشتمل على ذكر كثيرين من علماء المشرق والمغرب، وهو من شيوخ لسان الدين بن الخطيب. قال المقريزى: فُقد وهو يحرض الناس يوم معركة طريفة.
(1)
الأعلام ج - 6 ص 133.
(2)
الأعلام ج - 2 ص 93.
(3)
الأعلام ج 2 ص 325
* عمر بن الحسن بن علي بن محمد أبو الخطّار ابن دحية الكلبي
(1)
: أديب ومؤرخ حافظ للحديث من أهل (سبتة) بالمغرب، ولي قضاء دانية ورحل إلى مراكش والشام والعراق وخراسان واستقر بمصر، وكان كثير الوقيعة بالعلماء والأئمة، فأعرض بعض معاصريه عن كلامه وكذبوه بانتسابه إلى دُحيّة، من تصانيفه المطرب في أشعار أهل المغرب، والآيات المبينات، ونهاية السؤال في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم، والنبراس في تاريخ خلفاء بني العباس، والتنوير في مولد السراج المنير، وتنبيه البصائر، وعلم النصر المبين في المفاضلة بين أهل صفين.
* الوليد (المعروف بشرقي) بن حصين (الملقب بالقطامي) بن حبيب بن جمّال الكلبي
(2)
أبو المثنى: عالم بالأدب ليعلم ولده المهدي الأدب، وكان صاحب سمر وروى نحو عشرة أحاديث ضعيفة.
* يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف أبو الحجاج جمال الدين ابن الذكي أبو محمد القُضاعي الكلبي المزي
(3)
: محدث الديار الشامي في عصره، ولد بظاهر حلب، ونشأ بالمزة من ضواحي دمشق وتوفي في دمشق، مهر في اللغة ثم في الحديث ومعرفة رجاله، وصنف كتبًا منها تهذيب الكمال في أسماء الرجال في اثنا عشر مجلدًا، وتحفة الأشراف في معرفة الأطراف في الحديث ثماني مجلدات، قال ابن طولون: ومن المعلوم أن المحدثين بعده عيال على هذين الكتابين، وله المنتقى من الأحاديث والكنى، والمختصر من تهذيب الكمال في 101 ورقة كما في فهرست المخطوطات المصوّرة القسم 2 ج 2: 120، قال ابن ناصر الدين: قال: الحافظ أبو عبيد الرحمن الذهبي: أحفظ من رأيت أربعة: ابن دقيق العيد والدمياطي وابن تيمية والمزي، فابن دقيق العيد أفقههم في الحديث، والدمياطي أعرفهم بالأنساب، وابن تيمية أحفظهم للمتون، والمزي أعرفهم بالرجال. وقال الكتاني: أفرده الحافظ أبو سعيد العلائي بمؤلف سماه سلوان التعزي بالحافظ أبي الحجاج المزي.
(1)
الأعلام ج - 5 ص 144.
(2)
الأعلام ج - 8 ص 120.
(3)
الأعلام ج - 3 ص 336.
* ومنهم محمد بن علي الأنصاري ضياء الدين الذرعي
(1)
متأدب مصري من أهل الفيوم، يتصل نسبه بالشيخ دُحيّة الكلبي، صنف رسالة سماها قطف الأزهار في شيء من فضائل سيدنا دُحيّة والأنصار، في الظاهرية الرقم 7914 كتبها سنة 988 هـ.
* ومنهم محمد بن محمد بن أحمد بن جزى الكلبي
(2)
أبو عبد الله شاعر من كتاب الدواوين السلطانية، أندلسي من أهل غرناطة ولد فيها وفاق بشعره ونثره على حداثة سنه، استكتبه أمير المسلمين أبو الحجاج يوسف بن الأحمر النصري، قال الزركلي: ثم ضربه بالسياط من غير ذنب اقترفه، ففارقه وانتقل إلى المغرب الأقصى، فأقام بفاس، وحظى عند ملكها المتوكل على الله أبي عنان المريني وتوفي فيها، له كتاب في تاريخ غرناطة، وقف لسان الدين ابن الخطيب على أجزاء منه، وهو الذي أملى عليه ابن بطوطة رحلته فكتبها سنة 756 هـ، وكان أبوه قبله من أعلام الأندلس أيضًا.
* ومنهم أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني الكلبي
(3)
الشيزري أبو المظفر مؤيد الدولة، أمير من الأكابر بني منقذ أصحاب قلعة شيزر بقرب حماه، ومن العلماء الشجعان، له تصانيف في الأدب والتاريخ، منها لباب الأدب، والبديع في نقد الشعر، والمنارل والديار، والنوم والأحلام، والقلاع والحصون، وأخبار النساء، والعصا .. منتجات منه، ولد في شيزر وسكن دمشق وانتقل إلى مصر سنة 540 هـ وقاد عدة حملات على الصليبيين في فلسطين، وعاد إلى دمشق، ثم برحها إلى حصن كيفى فقام إلى أن ملك السلطان صلاح الدين فدعاه السلطان إليه، فأجابه وقد تجاور الثمانين فمات في دمشق، وكان مقربًا من الملوك والسلاطين وله ديوان شعر مطبوع وكتب سيرته بجزء سماه الاعتبار، وترجم إلى الفرنسية والألمانية.
(1)
الأعلام ج - 6 ص 292.
(2)
الأعلام ج - 7 ص 37.
(3)
الأعلام ج - 1 ص 291.
ما ذكر كتاب أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام لرضا كحالة
قال عن أشهر نساء بني كلب التالي ذكرهن:
1 -
نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص الكلبية: من ربات الرأي والجمال والكمال تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقال لها أبوها قبل أن تذهب إلى عثمان بالمدينة المنورة: إنكِ تقدمين على نساء قريش وهن أقدر على الطيب منكِ فاحفظي عني خصلتين، فتكحلي وتطيبي بالماء حتى يكون ريحك ريح شن أصابه مطر، فلما حُملت كرهت الغربة، وحزنت لفراق أهلها فأنشأت تقول:
ألست ترى يا ضب بالله أنني
…
مصاحبة نحو المدينة أركبا
إذا قطعوا حزنًا تحت ركابهم
…
كما زعزعت ريح يراعا مثقبا
لقد كان في أبناء حصن بن ضمضم
…
لك الويل ما يغني الحباء المطنبا
وفي معجم البلدان أنها قالت تخاطب أخاها:
أحقا تراه اليوم يا ضب أنني
…
مصاحبة نحو المدينة أركبا
لقد كان في فتيان حصن بن ضمضم
…
لك الويل ما يجرى الخباء المحجبا
قضى الله حقًا أن تموتي غريبة
…
بيثرب لا تلقين أما ولا أبا
وقالت ترثى عثمان رضي الله عنه بعد استشهاده:
ألا إن خير الناس بعد ثلاثة
…
قتيل التجيبي الذي جاء من مصر
ومالى لا أبكي وتبلى قرابتي
…
وقد غيبت عنا فضول أبى عمرو
وقالت بعد أن أقبلت على قبر النبي صلى الله عليه وسلم .. فقالت اللهم اشهد ثم أنشأت:
يا قبر النبي وصاحبيه
…
عذيري أن شكوت ضياع ثوبي
فإني لا سبيل فتنفعوني
…
ولا أيديكم في منع حربي
وكانت من أحسن النساء ثغرا، فأخذت فهرًا فدقت به أسنانها فسال الدم على صدرها، فبكى جواريها وقلن لها: ما صنعتِ بنفسك؟ قالت: إني رأيت الحزن يبلى كما يبلى الثوب، وإنى خفت أن يبلى حزني على عثمان فيطّلع مني رجل على ما اطلع عليه عثمان وذلك ما لا يكون أبدًا.
وفي رواية أخرى أنها قالت: والله لا قعد مني رجل مقعد عثمان أبدًا.
قلت: وهذا قمة الوفاء عن نساء بني كلب تضرب به نائلة أروع الأمثال في تاريخ العرب.
(نقلًا عن تاريخ الطبري، الأغاني، مروج الذهب، بلاغات النساء، العقد الفريد لابن عبد ربه، عيون الأخبار لابن قتيبة)
2 -
نائلة بنت عمارة الكلبية: من ربات الجمال والإحسان، تزوجها معاوية بن أبي سفيان، فجاءها الدلّال المغني يومًا إلى منزلها فقرع الباب فلم يُفتح له فغنى في شعر مجنون بني عامر، ونقر بدفه عليه، فلما سمعته بالغت في إكرامه، وقد اشتهرت به مع العامة.
وطلقها معاوية بعد ما قالت له فاختة بنت قرظة ما قالته، فقد قال لها معاوية ذات يوم اذهبي فانظري يا فاختة إلى نائلة، فذهبت فنظرت إليها، فقالت له: ما رأيت مثلها، ولكني رأيت تحت سرتها خالًا ليوضعن منه رأس زوجها في حجرها، فطلقها معاوية لهذه المقولة، وصدقت فاختة فيما قالت فقد تزوجها رجلان كلاهما قُتلا ووضعت رأسيهما في حجرها، وكان أحدهما هو حبيب بن مسلمة والآخر النعمان بن بشر.
(نقلًا عن الأغاني للأصبهاني، تاريخ الطبري)
3 -
الحولاء بنت أسعد الكلبية: شاعرة قالت:
لبئس غبوق الحي وهنا
…
رحا حنانه فوق الثغال
أدير بها وقد قطعت فؤادي
…
أروح باليمين والشمال
4 -
ميسون بنت حميد بن بَحْدل
(1)
الكلبية: شاعرة من شواعر العرب، تزوجها معاوية بن أبي سفيان ونقلها من البدو إلى دمشق وأسكنها قصرًا من قصور الخلافة، فكانت تكثر الحنين والتذكير لمسقط رأسها في بادية بني كلب، فأنصت معاوية عليها فسمعها تنشد هذه الأبيات:
للبس عباءة وتقر عيني
…
أحب إليّ من لبس الشفوف
وبيت تخفق الأرياح فيه
…
أحب إليّ من قصر منيف
وبكر يتبع الأظعان صعب
…
أحب إليّ من بغل زفوف
وكلب ينبح الأضياف دوني
…
أحب إليّ من هز الدفوف
وخرق من بني عمي ثقيف
…
أحب إليّ من علج عنيف
فقال لها معاوية: ما رضيت ابنة بحدل حتى جعلتني علجًا، فالحقي بأهلك، فمضت إلى قومها في البادية من بني كلب وابنها يزيد بن معاوية معها، وقد روت عن معاوية وروى عنها محمد بن علي.
(نقلًا عن الأغاني للأصبهاني، تاريخ ابن عساكر، درة النواحي للحريري، المشتبه للذهبي، تاج العروس للزبيدي).
5 -
سلمى بنت المحلّق الكلبية: شاعرة من شواعر العرب، قالت يوم النسار
(2)
، وقد سبت بنو أسد نساء كثيرة من نساء ذبيان من غطفان فقالت سلمى تعيّر جوابا والطفيل من بني كلاب من هوازن وغيرهما من رجالات قيس عيلان:
لحى الإله أبا ليلى بفرته
…
يوم النسار وقتب العير جوابا
كيف الفخار وقد كانت بمعترك
…
يوم النسار بنو ذبيان أربابا
لم تمنعوا القوم إذا شلوا سوا
…
مكم وكان القوم أحزابا
(نقلًا عن معجم البلدان لياقوت الحموي، بلاغات النساء لطيفور).
(1)
ذكرت في الأعلام (بجدل) هكذا، وهى في الجمهرة والعبر (بحدل).
(2)
النسار: جبال متجاورة يقال لها الأنسر وهي النسار.
6 -
شراف بنت خليفة الكلبي: هي من فواضل نساء عصرها، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلكت قبل دخوله بها.
(نقلًا عن الاستيعاب لابن عبد البر، وتنقيح المقام للمقاماتي).
7 -
عميرة بنت حسان الكلبية: شاعرة من شواعر العرب عاصرت عبد الملك بن مروان، فقالت تفخر بفعل حميد فارس كلب، في قتال قيس عيلان:
سمت كلب إلى قيس بجمع
…
يهد مناكب الأكم الصعاب
بذي لجب يدق الأرض حتى
…
تضايق من دعا بهلا وهاب
نفين إلى الجزيرة فلّ قيس
…
إلى بقّ بها وإلى ذباب
وألفينا هجين بني سُلَيْم
…
يفدي المهر من حب الإياب
فلولا عدة المهر المفدّى
…
لأبت وأنت منخرق الإهاب
ونجّاه حثيث الركض منا
…
أصيلانا ولون الوجه كاب
وآض كأنه يطلي بورس
…
ودق هوى كاسرة عقاب
إذ حمدت الله إذ لقى سُلَيْمًا
…
على دهمان صقر بني جناب
تركن الروق من فتيات قيس
…
أيَامي قد يئسن من الخضاب
فهن إذا ذكرن حميد كلب
…
نعقن برنة بعد انتحاب
متى تذكر فتى كلب حميدا
…
ترى القيسي يشرق بالشراب
(نقلًا عن الأغاني للأصبهاني).
مؤازرة كلب لبني أُمية
أما عن مؤازرة هذه القبيلة للأمويين واعتماد الدولة الأموية عليها، فهذا الأمر معروف ومفروغ منه عند المؤرخين، فقد تسابق حكام بني أمية إلى مصاهرة هذه القبيلة، وتثبيت قواعد دولتهم من خلال مصاهرتهم لبني كلب بن وبرة وتوزيرهم في الدولة، أو الاتكال على أفراد هذه القبيلة في غالبية أمور الدولة.
قال عمرو بن مخلاة الكلبي يخاطب بني أمية ويذهب مقامات قومه في حروبهم
(1)
:
ضربنا لكم من منبر الملك أهله
…
بجيرون إذا لا تستطيعون منبرا
وأيام صدق كلها قد علمتموها
…
ويومًا لنا بالمرج نصرًا مؤزرا
فلا تنكروا حسنى مضت من بلائنا
…
ولا تمنحونا بعد لينٍ تجبرا
فكم من أمير قبل مروان وابنه
…
كشفنا غشاء الجهل عنه فأبصرا
ومستلثم نفّست عنه وقد بدت
…
نواجذه حتى أهلَّ وكبرا
إذا افتخر القيسي فاذكر بلاءه
…
بزراعة الضحاك شرقي جوبرا
قال ابن الأثير
(2)
: .. وكانت قيس كلها مضطغنة على ابن مروان من وقعة مرج راهط، وحذر عبد الملك بن مروان يومئذ "كلب".
وكان هذا الولاء من كلب لهذه الدولة عظيمًا ونادرًا، فقد ذكره ابن الأثير
(3)
في مقتل يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة الارج علي بني أمية أيام يزيد بن معاوية.
وكان رجل من كلب يقال له القحل بن عياش، فلما نظر إلى يزيد هذا قال: والله لأقتلنّه، فمن يحمل معي يكفيني أصحابه حتى أصل إليه؟
(1)
عن معجم البلدان ج - 3 ص 116.
(2)
الكامل في التاريخ ج - 4 ص 60.
(3)
نفس المصدر السابق ج - 4 ص 341.
فحمل معه ناس فاقتتلوا ساعة وانفرج الفريقان عن يزيد قتيلًا وعن القحل بآخر رمقه فأومأ إلى أصحابه يريهم مكان يزيد بن المهلّب وأنه هو قاتله وأن يزيد قتله هو أيضًا!!
وقال الشيخ محمد الخضري
(1)
: ومن الأمور التي أعفت بني أمية إحياء العصبية الجاهلية، وقد نبض عرقها في أول الدولة المروانية، فإن وقعة مرج راهط التي تلاها قيام مروان بالأمر كانت بين شعبين متناظرين، وهما قيس التي كانت تشايع الضحاك الفهري، وكلب التي كانت تشايع مروان الأموي يقدمها حسان بن بحدل الكلبي، فقال في ذلك مروان الأموي:
لما رأيت الأمر أمرًا نهبًا
…
يسرت غسان لهم كلبا
والسكون رجالًا غلبًا
…
وطيئًا تأباه إلا ضربا
والقين تمشي في الحديد نكبا
…
ومن تنوخ مشمخرًا صعبا
لا يُؤخذ المُلك إلا غصبا
…
وإن دنت قيس فقل لا قربا
(1)
محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية - الدولة الأموية.
"
أسطورة الحداجة
"
أما عن أسطورة (الحداجة) والتي لا تخفى على أحد، وقد جعلوا مسرح
أحداث تلك الأسطورة، القين وبنات قين والعجائز والمروت والزهيرات، وهي بلا ريب تلك الحروب الضارية التي جرت بهذه المواضع، بين كلب وبين العصبية القيسية من قبائل قيس ومن عاونهم من مُضر وبني وائل، وكانت أغلب تلك الأيام لقيس على كلب، وهي ردًا على معركة مرج راهط التي انتصرت فيها اليمانية بقيادة كلب على المُضَرية بقيادة قيس عيلان وهذه الواقعة المشهورة قد فتكت فيها قبائل اليمانية الموالية للدولة الأموية بالمتمردين من قبائل قيس وسائر مُضَر فظل نداء الثأر ضد كلب سنوات طويلة لأنها هي التي كانت على رأس الجيش الأموي وقتئذ.
قال عمير بن الحباب الفهري من بني فهر (وفهر
(1)
هو قريش):
يا كلب أُحرمتِ السماوة فانظري
…
غير السماوة في البلاد بلادا
وأسطورة الحداجة يطول إيرادها، ولكني أرى فيها كثيرًا من جوانب أحداث حروب بنات قين وكثيرًا من الشبه بينهما، ولتحويل أحداث حروب بنات قين
(2)
إلى مجرد أسطورة يتناقلونها من جيل لجيل - أسباب لعلّ من أهمها محاولة محو وتناسي تلك الفترة الحرجة التي مرت بها كلب، من التعصب ضدها من قبائل العدنانية خاصة، بعد سقوط دولة بني أمية وقيام الدولة العباسية، وهو ما سنتكلم عنه في نبذة أو لمحة مبسطة والآتي ذكرها.
(1)
الأغاني ج - 2 خبر أسر القطامي.
(2)
معركة بنات قين: كانت بين فزارة من غطفان وبين كلب وقد أخذت كلب على غرة.
وذكر بن حبيب قال القتّال:
سقى الله حي من فزارة دارهم
…
يسبي كرامًا حيث أمسى وأصبحوا
هم أدركوا في عبدود دمائهم
…
غداة بنات القين والخيل جُنَّحُ
أسباب تفكك كلب واضمحلال قوتها وكيانها
بعد سقوط الدولة الأموية التي كانت تعتمد اعتمادًا كليًا على قبيلة كلب، وقيام الدولة العباسية، كان لا بد لهذه الدولة من توطيد قواعدها وتصفية أعدائها والمناوئين لها، وأول المعنين بهذا هم بالدرجة الأولى بقية ما تبقى من بني أمية وشيعتهم، وعلى رأس هؤلاء قبيلة كلب مع اعتبار أن هذه القبيلة هي السلطة الثانية أو الصف الثاني في الدولة الأموية، والتي جعلت دمشق الشام عاصمة لها، فالجيش كان من كلب، والقادة كان غالبيتهم من كلب، وكذلك الوزراء والولاة، فعندما سقطت هذه الدولة، كان لا بد وأن يكون أثر هذا الحدث بالغًا على قبيلة كلب، وهو لا يقل بأي حال من الأحوال عن أثره على الأمويين أنفسهم، باعتبار أن صديق عدوي هو عدوي أيضًا. . . ثم إن الدولة العباسية في بداية عهدها استبعدت عن الحكم كل من كان له دور فعَّال في عهد الدولة الأموية، والاستغناء عنه مهما كبرت مكانته في تلك الفترة، واعتباره من المناوئين ليس لدولة بني العباس (الهاشمية) فحسب بل وللدولة الإسلامية المتمثلة فيها، ومن ثم نبذه ومقاطعته بل وإظهاره للمجتمع العربي بأنه شاذ خائن لا تجب الثقة به!!
وهذا ما جرى لقبيلة كلب، فبعد أن كانت هي صاحبة الشرف والقوة والسيادة في العهد الأموي، وكذلك في بداية فجر الإسلام الأول فقد كان منها صحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما أسلفنا، وقد شد الخلفاء أزرهم بكلب بمصاهرتهم، وقد أوضحت ذلك كله في معرض حديثي عن كلب في الإسلام، وقد ذكّرت بهذا للدلالة وإيضاح الدور المهم والكبير الذي لعبته في نشر الإسلام وتثبيت دعائم دولته، حيث إن مكانتهم هذه وقربهم من حكم الدولة الإسلامية جعلت من القبائل الأخرى من يحسدهم على ذلك، ومنهم على سبيل الذكر قيس عيلان حاملة لواء المُضَرية كافة في ذلك الوقت،
ولا شك بأن هذا الاستبعاد المفاجئ لقبيلة كلب عن مسرح الأحداث بعد كل ما ذكرت، له أبعاده الخطيرة على مكانتما بين قبائل الجزيرة العربية في الحقب التالية، بل وعلى تماسكها ككيان قبلي قوي، بل وإنه السبب الأول الذي حدا بها فيما بعد إلى مناوءة الدولة العباسية، ولذلك فقد ناصر قسم كبير منها القرامطة في حرب العباسيين، ولما هُزم الأمويون ودُمر القرامطة لحقهم شيء من الحيف مع قبائل قيسية أخرى ناصرت القرامطة مثل سُلَيْم، وهِلَال وكلَاب وغيرهم من هَوَازِن أو غطفان.
وبقية كلب في بلادهم الأصلية هم الشرارات، وتشتهر "ببني مكْلب"، وبها نخوتهم، وهم بنو كلب بن وبرة، اشتهروا بقوة بأسهم، وقد قارعوا القبائل جميعها من حولهم من بني وائل وطيئ وقيس وجُذام وغيرها، وحافظوا على ديار كلب القديمة مِنْ أن يستولي عليها أحد حتى وقتنا الحاضر، وقد عاش الشرارات على مدى تاريخهم في حروب مع القبائل القوية، ولم تتمكن هذه القبائل من بلادهم الخصبة في وادى السرحان، لأهميتها وقرب المياه في بلادهم، ووفرتها، وثراء الشرارات بالإبل النجيبة من عهد بني كلب.
ونعود إلى هجرات بطون كلب - بعد القضاء على القرامطة - إلى بلاد مصر وشمال إفريقية (بلاد المغرب العربي) بعد عام 440 هـ.
ومما يؤكد وجود قبائل كلبية في مصر نصوص وردت في قلائد الجمان وقد أسلفنا عنها عن قول العلّامة أبي العباس القلقشندي عن كلب، وكذلك نصوص أخرى لابن خلدون وابن حزم وغيرهم، وكلها توضح أن لقبيلة كلب القُضاعية صوْلة وقوة في الديار المصرية بعد عام 440 هـ ذكره ابن الأثير
(1)
:
"قال في ذكر عصيان بني قُرة (من عرب هلال) على المنتصر بالله الفاطمي بمصر: فعبر إليهم المنتصر جيشًا يقاتلهم ويكفهم، فقاتلهم بنو قُرّة، فانهزم الجيش
(1)
الكامل في التاريخ ج 8 ص 332 سنة 443 هـ.
الفاطمي وكثر القتل فيهم، فانتقل بنو قُرة إلى طرف البر، فعظُم الأمر على المنتصر بالله وجمع العرب من طيئ وكلب وغيرها من العساكر، وسيّرهم في إثر بني قُرّة، فأدركوهم بالجيزة، فواقعوهم في ذي القعدة، واشتد القتال وكثُر القتال في بني قُرة وانهزموا، وعاد العسكر إلى مصر، وتركوا في مقابل بني قُرّة طائفة منهم لتردهم إن أرادوا التعرض للبلاد وكفي شرهم. . .".
وقد هاجرت بطون كلبية أخرى مع موجات وجحافل بني هِلَال وبني سُلَيْم، وقد عُرفت عند العامة (بتغريبة بني هلال)، وقد أشار إلى ذلك صاحب كتاب قبائل المغرب في قوله: "غلب اسم بني هلال على جميع العرب الذين دخلوا بلاد المغرب (شمال إفريقية) في منتصف القرن الحادي عشر الميلادي حتى ليظن الظان أنه لم يدخله شعب من العرب سواهم، والحقيقة أن شعوبًا عربية أخرى دخلت مع بني هلال أو في إثرهم، وأن بني هلال أنفسهم لم يكونوا يرجعون إلى أرومة واحدة من بني عامر من هوازن بل كانت معهم قبائل وبطون كثيرة أضيفت إليهم وهي لا تجتمع معهم في نسب قريب. (انتهى)
والحقيقة أن الذي يقارن بين قبائل مصر فيما يخص قبيلة كلب - يجد فروعًا من هذة القبائل هي بنفس اسم بطون بادية الشرارات الكلبية في شمال المملكة العربية السعودية أو مَنْ هم في صعيد مصر وشمال السودان، وهذا يؤكد الهجرات المتتابعة إلى مصر من بني كلب كغيرها من قبائل قُضاعة الأخرى والتي تملأ الديار المصرية والسودانية بالوقت الحاضر.
تشيع بعض بني كلب لآل البيت رغم تبعيتها لبني أمية
كان هذا التشيع ظاهرًا فيهم، من ذلك ما ذكره ابن الأثير
(1)
عن أبي الطيب المتنبي قال: وخرج أبو الطيب إلى كلب (بطن من قُضاعة) وأقام فيهم وادعى أنه علوي، ثم ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه منهم خلق كثير. ومما يدل على تشيع كلب أيضًا ما أورده ابن الأثير
(2)
في ذكر مقتل الحسين رضي الله عنه قال:
ثم رمى الناس، وبرز يسار مولى زياد، وسالم مولى عبيد الله، وطلبا البراز فخرج إليهما عبد الله بن عمير الكلبي، وكان قد أتى الحسين من الكوفة، وسارت معه امرأته - فقالا له من أنت؟ فانتسب لهما، فقالا: لا نعرفك، ليخرج إلينا زهير بن القين أو حبيب بن مطهر أو يزيد بن خضير، وكان يسار أمام سالم، فقال له الكلبي: يا ابن الزانية أو بك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ولا يخرج إليك أحد إلا وهو خير منك، ثم حمل عليه فضربه بسيفه حتى برد، فاشتغل به يضربه فحمل عليه سالم فلم يأبه له حتى غشيه فضربه، فاتقاه الكلبي بيده فأطار أصابع كفه اليسرى، ثم مال عليه الكلبي فضربه حتى قتله، وأخذت امرأته عمودًا، وكانت تسمى (أم وهب)، وأقبلت نحو زوجها الكلبي وهي تقول:
(فداك أبي وأمي قابل دون الطيبين ذرية محمد صلى الله عليه وسلم) فردها زوجها دون النساء، وامتنعت وقالت: لن أدعك دون أن أموت معك، فناداها الحسين رضي الله عنه فقال: جُزيتم من أهل بيت النبوة خيرًا، ارجعي رحمك الله، ليس الجهاد إلى النساء، فرجعت طائعة. . . فقُتل الكلبي بعد ما قتل رجلين بعد الرجلين الأولين من جيش عبيد الله بن زياد الأموي، وقد قاتل قتالًا
(1)
الكامل في التاريخ ج - 7 ص 291.
(2)
الكامل في التاريخ ج - 3 ص 422.
شديدًا وقتله هاني بن ثبيت الحضرمي وبكير بن حييِّ التيمي من بني تيم الله بن ثعلبة من بكر بن وائل. . . وخرجت امرأة الكلبي تمشي إلى زوجها، فجلست عند رأسه وهو مضرج بدمه، تمسح التراب عن وجهه، وتقولا: هنيئًا لك الجنة، فأمر شَمِر بن ذي الجوشن الكلابي (هوازن) غلامًا له اسمه رستم فضرب رأسها بالعمود فشدخه فماتت مكانها عند زوجها الكلبي دفاعًا عن آل البيت رضي الله عنهم في كربلاء بأرض العراق.
ما قاله المؤرخون عن نسب الشرارات لقبيلة بني كلب
(1)
ذكر علّامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر
في مؤلفه (في شمال غرب الجزيرة) قال في نسب الشرارات هذا النص
(1)
: مما لا شك فيه أن قبيلة الشرارات التي تقطن هذا الوادي (وادي السرحان) وتقطن في الجوف، ترجع في أصلها إلى قبيلة بني كلب القحطانية العريقة في النسب، ويطول القول فيما لو أردنا الاسترسال في التفصيل؛ ولكننا نجد بعض الفروع من قبيلة الشرارات تنتمي إلى كلب، وتسمى بأسماء فروع من هذه القبيلة، فنجد من أفخاذ الشرارت من الضباعين الرهيدات وأحدهم رهيدي، ونجد في قبيلة كلب القديمة الرفيدات بالفاء بدل الهاء، وتقارب مخارج الحروف يوقع الاختلاط، وهؤلاء الرهيدات نرى أنهم هم قبيلة الرفيدات وهم بنو رفيدة بن ثور بن كلب.
قال النابغة يمدح النعمان بن المنذر ملك الحيرة بغرب العراق:
ساق الرفيدات من جوش ومن حدد
…
وماش من رهط ربعي وحجار
وجوش: أرض لبني القين، وحدد: أرض كلب هو الحد ما بين جوش والجناب (الجهراء الآن)، ماش: خلط
(2)
.
وعميرة بن عامر بن بكر من عُذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب هو الجد الذي تتصل به العميرات من الشرارات، وأمر آخر يؤيد هذا وهو أن الشرارات إذا سألت أحدهم عن أصله أجابك بأنهم من بني شرار بن سلمان بن هلال بن مكلب، ومعروف أن العربي ينفر من أن يسمى باسم لا يستحسنه، ولهذا فهم يعبرون عن كلب باسم مكلب، ومن عادة القبائل في وسط الجزيرة أنهم عندما يعبرون عن جدهم الأقصى يعبرون عنه بصيغة (مفعل)؛ فالدعاجين يعبرون
(1)
انظر صفحات 43، 44، 45.
(2)
ديوان النابغة - تحقيق الدكتور شكري فيصل - ص 82.
عن جدهم باسم (مدعج) وأمثال هذا كثير. وأمر ثالث فلصلة القبيلة بمساكنها القديمة ما يؤيد صلتها بسكانها القدماء بالنسبة، وهذه البلاد لا يشك باحث بأنها من بلاد بني كلب.
(2)
كما ذكر عارف بك العارف
في كتاب بئر السبع وقبائلها ص 94 (تحت عنوان العزازمة) قال هذا النص: العزازمة من قُضاعة هذا ما يعرفه العزازمة عن أصلهم .. ولقد سألت الأمير شكيب أرسلان عن بعض الأمور التي لها صلة بأعراب بئر السبع فبعث إليّ من لوزان بكتاب قال فيه: إن أصل العزازمة من الشرارات الذين منهم فرقة يقال لها العزازمة
(1)
أيضًا، وأنه لا بد من وجود صلة بين عزازمة بئر السبع وعزام الشرارات كما أن (آل عزام) في الجيزة بمصر هم من عزازمة فلسطين، وأن بني عزام الدروز الموجودون في حوران بسوريا منهم، فإذا علمنا أن الشرارات من بني كلب من العرب القحطانية (قُضاعة) تأكدنا أنهم من أصل عربي أصيل.
(3)
كما ذكر عز الدين التنوخي
في رحلته المعروفة باسم التنوخي من الزرقاء شمال الأردن إلى القريات (على حدود المملكة العربية السعودية) والتي بدأها عام 1914 م ونشرت في مايو - آيار 1917 م (جمع وتحقيق د. يحيى عبد الرءوف جبر) قال التنوخي في ص 39، 40:
ذكر الأمير شكيب أرسلان في بحث (اكتناء عرب الشام) إلى أنهم من بني كلب، لأن نخوتهم بنو مكلب، ولأن التاريخ قد ذكر نزول كلب بأطراف البلقاء من الشام ثم أردف يقول:
(1)
يقصد بطن العزام من الشرارات من بني كلب بن وبرة.
"أقول والله أعلم: إن الشرارات ولا ريب من قبيلة مجيدة، يدل على ذلك فهم اليوم ما امتازوا به من الكرم على فقرهم، فقد سمعت من كثير من القبائل التي تخالطهم بأن الشراري إذا ضافه ضيف ولم يجد ما يقريه به غير ناقته الوحيدة يذبحها إكرامًا له ولا يبالي، وعُرف الشراري في البادية بأنه سريع النجدة، منيع الحِمى، شجاع، يستقتل دون أن ينهب ناقته الغازون، كما أنه فد عُرف في بادية الشام بحدة لسانه، وسرعة جوابه، وقوة شاعريته البدوية".
(4)
وقال الشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري
المؤرخ السعودي المعروف في مجلة العرب الصادرة في 18 رجب وشعبان 1403 هـ - تحت عنوان - من أخبار الشرارات هذا النص:
"هذه قبيلة عربية نجيبة عريقة، تضافرت المرجحات على نسبتهم إلى قبيلة كلب، كما عزز ذلك شيخنا حمد الجاسر، وقبيلة الشرارات عربية الخُلق والعادة وعلى سبيل المثال فزعيمها الفارس خلف بن دعيجاء يعده زعماء البادية أنفسهم من أندادهم.
وأضاف أن الشرارات كانوا أصحاب خيول أصيلة وقد ذكر الدخيل مربطًا من مرابطهم، أما نجابة هجنهم (الإبل) فهي مضرب المثل عند شعراء العامة.
قال الشاعر:
بنات حر فحلّوه الشرارات
…
بالجيش تعنى له جميع البوادي
وقال الأمير تركي الأول بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله:
ياما وطيناك من مرة
…
من فوق حمرا شرارية
(5)
وقال المؤرخ مصطفى الدباغ
في كتاب القبائل العربية وسلائلها في بلادنا فلسطين ص 49 مجموعة من
الفروع في بلاد فلسطين التي تنتمي إلى الشرارات من كلب، وقد جاءت النصوص عن هذه الفروع كما يلي:
فقال تحت عنوان (بنو كلب):
بنو كلب: هم كلب بن وبرة من قُضاعة النسبة إليهم كلبي، كانوا في الجاهلية ينزلون دومة الجندل وتبوك وأطراف الشام ووادي القِرى، وفي أنساب الأشراف أن من بني كلب طوائف نزلت الغور جنوبي عكا والساحل الفلسطيني في أوائل الحكم الأموي. وممن ينسبون إلى بني كلب في الأردن بالضفة الشرقية:
العوران: يقال إنهم من عشيرة اللحاوي من الشرارات من كلب القحطانية يقيمون في قضاء الطفيلة، وفي كتاب الطفيلة لفوزي الخطبا: الجوابرة وهي العشائر التي تسكن مدينة الطفيلة.
الرواشدة والخصاتنة: يقال إنهم من الشرارات من بني كلب ويقطنون في قرية (عي) من الكرك ولهم أقارب في قريتي (قميم)، و (الكته) في بلاد عجلون.
(6)
وقال محمود شاكر
في كتاب شبه جزيرة العرب ما نصه:
قبيلة الشرارات ومنازلها في الشمال على الحدود الأردنية في وادي السرحان وإلى الجنوب الغربي منه، وترجع في أصولها إلى قبيلة (كلب) القحطانية العريقة النسب، ولا تزال بعض البطون من هذه القبيلة تنتمي إلى كلب. وقبيلة الشرارات أربعة بطون رئيسية:
(أ) الحلسة: وشيخها ابن دعيّجاء.
(ب) العزام: وشيخها الخيّال وابن وردة.
(ج) الفليحان: وشيخها اللحاوي وابن دويرج.
(د) الضباعين: وشيخها ابن جريّد.
(7)
وقال شكيب أرسلان
في كتاب الارتسامات اللطاف: يقال أن كلبًا هم الذين يقال لهم اليوم الشرارات.
(8)
وقال الأستاذ الكاتب عبد الله الحنيني
في مجلة العرب الجزء الثالث السنة الرابعة - رمضان 1381 هـ - تحت عنوان تصحيح مغالطات هذا النص:
"بقي القول في أصل قبيلة الشرارات أنني مع القائلين بأصالة نسب الشرارات وصراحته، فقبيلة الشرارات هي من بقايا كلب بن وبرة من قُضاعة من قحطان، تلك القبيلة العظيمة التي من مفاخرها العالم النسابة الكبير/ محمد بن السائب الكلبي وابن هشام، وهما من أول من وضع أسس علم أنساب العرب وقواعده ومؤلفاتهما في هذا الموضوع هي المراجع لكل باحث في هذا العلم. وكانت قبيلة كلب على درجة من القوة والشرف بحيث كان الخلفاء يحرصون على مصاهرتها. فأم يزيد بن معاوية ميسون بنت بحدل من قبيلة كلب وهي صاحبة الشعر الرقيق:
لبيت تخفق الأرياح فيه
…
أحب إليّ من قصر منيف
ولبس عباءة وتقر عيني
…
أحب إليّ من لبس الشفوف
وكانت منازل هذه القبيلة عند ظهور الإسلام هي منازل قبيلة الشرارات الآن، وكان من أشهر منازلهم، وادي السرحان - وقد سمي باسم أحد أجداد أبناء قبيلة كلب هذه ويسمى أيضًا قراقر، وقد تخاصمت هذه القبيلة مع بني القين بن جسر في هذا الوادي كل يدعيه، فحكم الخليفة عبد الملك بن مروان لبني كلب وقال - أليس النابغة الشاعر يقول:
تظل الإماء يبتدرن قديحها
…
كما ابتدرت كلب مياه قراقر
(9)
وقال فردريك ج. بيك
ذكر كتاب تاريخ شرق الأردن وقبائلها المطبوع 1925 م - 1353 هـ (تعريب بهاء الدين طوقان) في مواضع عديدة صفحات 306، 482، 488، 504 أن الشرارات من بني كلب بن وبرة.
(10)
وقال عبد الرحمن بن زيد السويداء
في كتاب شعراء الجبل العاميين: الشرارات قبيلة مشهورة بشمال المملكة العربية السعودية تعود بأصولها إلى بني كلب بن وبرة القضاعية القحطانية ولهم عناية بنجائب الإبل وفحولها.
(10)
وقال المؤرخ الأردني المعاصر والشهير روكس بن زائد العزيزي
(1)
في كتاب "الشرارات مَنْ هم - تصحيح لأوهام التاريخ" قال في مقدمته: فالشرارات من قبيلة كلب، وكلب من قُضاعة وقد جاءهم هذا الاسم من "شرار ابن سلمان بن هلال بن مكلب"، وقد كانت القبيلة إلى عهد قريب على درجة عالية من العزة والثروة والقدرة، وكان بنو كلب هولًا من الأهوال فلما جاء الإسلام أسلموا. صاهرهم عثمان بن عفان رضي الله عنه إذ تزوج "نائلة بنت الفرافصة" وتزوج "معاوية بن أبي سفيان" ابنة بحدل بن أنيف "ميسون" صاحبة القصة المشهورة، أم يزيد خليفة معاوية؛ وعلى هذه القبيلة كان الأمويون يعتمدون في الدفاع عن ملكهم.
ولما أسلم امرؤ الفيس بن عدي بن مرداس - وكان نصرانيًا - دعا له عمر بن الخطاب رضي الله عنه برمح وعقد له على من أسلم بالشام من قُضاعة، فتولى قبل أن يصلي صلاة، وخطب الإمام علي كرم الله وجهه - بنات امرئ القيس، واحدة للإمام علي والثانية لابنه الحسن رضي الله عنه.
(1)
هو روكس بن زائد العزيزي كاتب ومؤرخ أردني. كتب كتابا عن الشرارات وبني كلب، وقد سمح لنا مشكورًا بالنقل عنه في الموسوعة وبرسالة خطية منه لنا في القاهرة مع حفظ ما نقل عنه بذكر اسمه. (المؤلف)
وهذا يدل على مكانة هذه القبيلة، وكان العرب يقولون:"من أراد العز فعليه أن يتزوج امرأة كلبية" وقال العامة: "من أراد الطاعة والقناعة والذرية الوفية، فليتزوج شرارية". كل هذا يدل على مكانة هذه القبيلة في نفوس العرب، أما إقامة الشرارات فكانت في ديارنا الأردنية وفي حوران وفي تدمر وفي سلميا العاصمية وحمص وخماه وشيزر وكفر طاب وغربي العراق والسماوة وخالة والجولان وإيلياء وفي جنوبي الأردن (معان)، وكان الشرارات والحويطات يفرضون الخاوة على القبائل التي في جنوب الأردن وعلى أهل الدساكر.
والخاوة لا تفرضها إلا القبائل القوية. وقد اعتنق قوم من بني كلب مذهب القرامطة فلما هُزم الأمويون، ودُمر القرامطة لحقهم شيء من الحيف، لكن هذا لم يتحيّف رجولة هذه القبيلة، نرى ذلك في الكثير من مواقعهم، أذكر مثالًا على ذلك مهاجمة شيخ الجبل لقبيلة الشرارات في ناحية (الجوف) بعسكر مؤلف من أربعمائة ذلول، وخمسين فارسًا وأخذ إبلهم، لكنهم استردوا الإبل، وأسروا من رجاله تسعين رجلًا، واضطر هو نفسه أن يتخفى، ودخل هو وخمسة عشر رجلًا من رجاله بيت سيدة من الشرارات فحمتهم ونجتهم ليلًا.
أما بعض ما قيل في مدح الشرارات فأنقله بحروفه:
"ومنهم الشرارات أنهم زبدة أولي الطنب والحماة الصاحب بالجنب، يسعد المستعين بهم، ويشقى المستهين بهم، آثارهم معروفة وطرائفهم مألوفة، أقدم من السهام وأندى من الغمام، وفضلهم لا ينكر ومنعهم لا يكفر"
(1)
.
وجاء في كتاب الجوف
(2)
- وادي النفاخ ما حرفه: "وأهم ما يميّز سكان الجوف هو كرمهم. . . ولا يوجد في شبه الجزيرة العربية كلها مكان يعامل فيه الضيف كما يعامل هنا، حتى يصبح كأنه واحد منهم".
(1)
عن الدرر المفاخر في أخبار العرب الأواخر (قبائل العرب تأليف الشيخ محمد البسام) التميمي النجدي المتوفى سنة 1246 هـ حققه ونشره سعود بن غانم الجمران العجمي.
(2)
إعداد/ محمد الرحمن بن أحمد السديري ص 108.
ومما ورد في شعر البادية دليل كرم الشرارات قول الشاعر البدوي:
ريت الحيا يروي بلاد الشرارات
…
حلابتن للضيف من قبل يدري
معنى البيت: ليت الغيث يروي ديار الشرارات، الذين يقدمون حليب الإبل للضيف قبل أن يعلم أنه احتفل به. هذا عن كرم الشرارات.
أما ما يروى عن أدلاء الشرارات وألمعيتهم ووفائهم فيكثر.
ومما ورد في مدح الشرارات دليل على إكرامهم للضيف قول الشاعر:
طلبتهم ميه وصيدي حبارات
…
ودي لبن لسالهم السيل بدري
عسى الحيا يروي ديار الشرارات
…
حلابتن للضيف من قبل يدري
وكلمة الحيا من الفصحى تعني الخصب والمطر.
ومما جاء في مدح الشرارات ما قاله الشاعر هذلول بن عنبر الخريشاء من بني صخر:
على البروق الذي ترازم رعدها
…
تسقي بلادًا مرتعًا للشرارات
أهل البيوت اللي طويلًا عمدها
…
بيوتهم مثل الحرايق مبنات
قبيلة بالطيب كلًا حمدها
…
ذباحة للضيف حيلا سمينات
يا كم عجوز يتموها ولدها - إن
…
لحقوا على حمر من الجيش عجلات
أما المستشرق الفنلندي (أوغست فالين) فيقول:
إن الشرارات كانوا هم والحويطات يأخذون الخاوة من معان. ص 200 من الكتاب الذي ترجمه سمير سليم شلبي وراجعه يوسف إبراهيم يزبك، ويقولا المستشرق ما حرفه: إن القبائل الرئيسية في جوار معان يحتفظ الأهلون بصلات الصداقة بها هي أولًا الشرارات المعتبرة القبيلة السيدة الأصيلة لمعان والجوف، ص 27. ويقول: وفي يناير - أيار غادرت معان يرافقني الشيخ (أحمد القبه) وهو
من شيوخ التجار الذين يتعاملون في تجارة الجمال المربحة ويشتري بالدَّين عددًا كبيرًا من الشرارات المشهورين بأنهم يملكون نسلًا من الإبل. ص 27 المرجع نفسه.
"والشرارات هم مضرب المثل في برهم بالوالدين، فإذا رأى الأرادنة من يبالغ في إكرام والديه قالوا: أبوه كنه أبو شراري" وقد ذكر أحد الثقات أنه رأى بعض الشرارات يحمل أمه أو أباه الشيخ أيام الرحيل في البوادي.
أما الذين كانوا يتخذون أدلاء من الشرارات فإنهم كانوا يثنون على خبرتهم وعلى شممهم كما فعلت الليدي (آن بلنت) إذ قالت:
"إن دليل رحلتها كان من الشرارات اسمه حمدان، وأنها قابلت عقيدًا آخر في وادي السرحان اسمه ابن ضبيعان من بطن الضباعين من الشرارات قال لها: إن الشرارات مشهورون باقتناء نجائب الإبل، وفي ص 27 من نفس الكتاب تحدث الأستاذ/ روكس بن زائد العزيزي قال عن نسب الشرارات لبني كلب:
والعنوان "الشرارات من بني كلب" قال العزيزي: إذا سألت أحدًا من الشرارات عن أصله أجابك بأنهم من بني كلب فلهذا ينتخون بـ (مكلب) ومن المأثور عندهم قولهم (سليم جد الشرارات) وما زالت بعض المواضع في بلادنا الأردنية تنسب إليه، وإذا رجعنا إلى كتب الأنساب القديمة، منها نسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي وجدنا سليم من بني حارثة من بني عُذرة من بني زيد اللات من رفيدة من كلب من قُضاعة، ويدل على صلة النسب قولهم:(ما يعرق بي من حارثة وجاي) وهنا فروع الشرارات تنتسب إلى ما هو أعلى من حارثة ويدل على ذلك قولهم في النزاعات بينهم (والله لألعن الأصل الذي جمعني بك من حارثة وغاد)، وكذلك قولهم في كثرة الجمع (جمعها من لات اسم) وهم بنو اللات بن رفيدة من كلب بن وبرة، وفي حل المنارعات التي تحدث بين البطون الأبعد نسبًا في كلب قولهم (خلوها وبارية) نسبة إلى وبرة من قُضاعة.
وفي المؤتلف والمختلف لابن حبيب ص 278:
(آل الفرافصة)، فيهم العدد من بني الرباب، رباب الخير، وكان يقال لبني مالك منهم:"رباب الشر".
وفي نسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي تحقيق محمود فردوس العظم تقديم روكس بن زائد العزيزي: فولد الأحوص بن عمرو الفرافصة وقد رأس، وقد كان نصرانيًّا، وعليها مات وهو الذي تزوج عثمان بن عفان ابنته نائلة، وعمير بن الأحوص، وعوص بن الأحوص، أمهم الرباب بنت أنيف بن حارثة (ابن لأم) أيضًا، خلف عليها بعد أبيه (نكاح مقت)
(1)
، يقال لبنيها من عمرو بن ثعلبة وبنيها من الأحوص بن عمرو (بنو الرباب) وشُريح بن الأحوص كان مطعاما، ليلى بنت الأحوص وهي أم بسطام بن قيس بن مسعود بن قيس ذي الجدين الشيباني ثم البكري، وأمها رباب بنت حارثة .. لأم ويقال لهذه (رباب الخير)، ولرباب بنت أنيف بن حارثة رباب الشر، وإلى بني الفرافصة العدد من الرباب.
الأشر: وفي نسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي ص 448، وولد خشين بن النمر بن وبرة وهو وائل فولد وائل وهو خشين بن النمر وفيه العدد والسلم قليلون، ومنهم أبو ثعلبة وهو الأشر بن جرهم بن هني بن عامر بن مشرف بن حارثة بن عمرو بن مرّ بن وائل، وهو خشين بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان. وأبو أشر هذا هو عبد الله بن امرئ القيس بن الحارث بن الأسعد بن عوف بن ذهن بن كنانة بن عوف بن عُذرة من بني عُذرة من بني كلب.
ويواصل العزيزي قائلًا: تتحدث الليدي آنت بلانت في رحلتها عن الشرارات فتقول: وليس للشرارات خيول، ولكنهم يربون أرفع أنواع الهجن في بلاد العرب. وأحسن فصيلة تسمى (بنات عدهان) وبنت عدهان كما يقول - لو ابتدأت من حيث نحن الآن عند الغروب، لكنت في الغد عند الشروق في (كاف) مسافة تقدر بمائة وثمانين ميلًا.
(1)
نكاح المقت أبطله الإسلام، وهو أن يتزوج الابن امرأة أبيه بعد موته، أو إذا طلقها، وقال تعالى:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)} [النساء].
تواصل الليدي كلامها قائلة بلسان الدليل: منذ مدة ليست طويلة سوق لص ذلولًا شرارية في المزاريب وركبها إلى حائل في سبعة أيام بلياليهن. (انتهى كلامها)
وعلى ذكر إبل الشرارات ونجابتها تحسن الإشارة إلى أن إبل قبيلة كلب مشهورة بذلك، فقد أورد صاحب الأغاني أن الرماح بن برد - المعروف بابن ميادة الشاعر، وفد على الخليفة الأموي في دمشق ومدحه بقصيدة أعجبته، فأمر له بمائة ناقة من نَعَم كلب، ولكن عمال الزكاة حاولوا أن يدفعوا له إبلا أخرى فرفض، وأخبر الخليفة فأكد الأمر مرة أخرى
(1)
، وعرف من إبل كلب الماطلية لها شهرة عند العرب، وهي منسوبة إلى رجل يدعى (ماطل) - وفي كتاب نسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي
(2)
لاحظت كثيرًا من بطون بني كلب هي مسميات عشائر وأفخاذ رئيسية في قبيلة الشرارات من بطون الأسبع في كلب بن وبرة من قُضاعة من القحطانية مثل: القين، البرك، سرحان، ضبع، دب. . .
وفي قبيلة الشرارات توجد عشائر بنفس الأسماء مثل:
القوينات من فخوذ الحلسة، البركات من فخوذ الفليحان، السرحان من فخوذ عزازمة فلسطين، الضباعين من بطون الشرارات، الدباوين من أفخاذ الحلسة. . . . إلخ
ومن بني ثور بن كلب ورد التالي:
عرينة: وفي قبيلة الشرارات أيضًا فرق تسمى العرينات في الفليحان، وفي الضباعين وفي عزازمة فلسطين عرانية والنسبة إليهم عرني، وفرقهم قليلة في الشرارات لأن أغلبهم مهاجر إلى فلسطين وبئر السبع وسيناء كما ذكر من بني عُذرة من رفيدة من كلب فروع مثل:
(1)
في شمال غرب الجزيرة ص 46.
(2)
حقق هذا الكتاب الأستاذ محمود فردوس العظم وقدمه الأستاذ روكس بن رائد العزيزي.
بنو جابر، بنو النعامة، النعايم، بنو عاتكة، الرواشدة، الرواشد، بنو صباح، الأسيد، بنو صبيح، السحمة، الرماح، الحمام، السلامة، بنو معرض، الزهيري، بنو دلهمة، العمرو، الأحامدة، القطامي، الحمارنة، المعلا، العميرات، بنو سعدي، بنو ضاعنة، بنو فتيان؛ بنو المدينة.
وتقابلها بنفس الأسماء من الشرارات الآن:
الجوابر من الفليحان، العتايقة من الفليحان، النعيم من الحلسة ومن العزام، الرشايدة من الحلسة، الصباحنة من الحلسة، الأسيد من المسند من العزام، الصبيحات من الحلسة، الرماح من الصبيحات من الحلسة، الحمام من الماضي من العزام، السلامة من بطون المسند من العزام، العرايضة من الدباوين من الحلسة، الزواهرة من الجوابرة من الفليحان، الدليهان من الفليحان، العمرو من الحلسة، الحمود من العزام، القطامين من السليم الفليحان (السليم من فروع قُضاعة)، الحمران من الدليهان من الفليحان، المعلا من الحمود من العزام، العويمرات من الضباعين، السعدي من المسند من العزام، الضعينات من الفليحان، الفتاة من السليم من الفليحان، المدينة من العتايقة من الفليحان.
كما ذكرت المصادر أن بني عامر من كلب بن وبرة قد سكنوا ما يسمى اليوم مرج ابن عامر بفلسطين، وقد ذكرت الكاتبة علياء الخطيب في كتابها عرب التركمان أبناء مرج بن عامر أن من مواضعه (الشرارية). فذكرت في الصفحة 45 من الأحواض حوض الشرارية، وفي الصفحة 160 ذكرت: الشرارية تُطلق على الأرض الممتدة بين المدراج وسفوح الجبال التي تنتشر عليها أبنية قرية المنسي وهي منطقة البيادر التي يمر فيها وادي القصيّب.
ومما يسترعي النظر كثيرًا هو أن العديد من القبائل في مصر هي فروع من الشرارات أو هي تسمى بمسميات أفخاذ الشرارات، وهي معروفة إلى يومنا هذا.
ولقد أوردها صاحب كتاب قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب هذا الزمان للقلقشندي أبي العباس أحمد بن علي سنة 821 هـ حققه إبراهيم الإبياري.
أما ديار بني كلب في الأردن - والشرارات خاصة - فكانت يحدها العراق من الشرق ونهر الأردن من الغرب، ومن الشمال تصل ديارهم إلى سورية، أما في الجنوب فقد كانوا يسكنون جنوبي الأردن، وكانوا هم والحويطات يجبون الخاوة من القبائل التي تحتمي بهم ومن أهل المدن والقرى كما أسلفنا.
(12)
كما ذكر عبد الله بن قاسم النوّاق
(1)
في كتاب قبيلة الشرارات (بنو كلب) ذكر شواهد تربط قبيلة الشرارات بكلب، منها على سبيل المثال لا الحصر:
أ - النخوة: إن نخوة الشرارات هي (أولاد مكلب) وقد جاء بهذة النخوة كثير من الشعراء ومجموعة الكتاب.
ب - الموطن: موطن قبيلة كلب هو الموطن الأصلي لقبيلة الشرارات ولا يزال.
قال الأخنس بن شهاب التغلبي:
وكلب لها خبت فرملة عالج
…
إلى الحرَّة الرجلاء حيث تحارب
وقال البكري فيما نقل عن ابن الكلبي في افتراق القبائل قبل الإسلام: "إن قبيلة كلب ومن حالفها نزلت بخبت دومة الجندل إلى ناحية بلاد طيئ من الجبلين وحيزهما إلى تيماء".
وقال حمد الجاسر في مجلة العرب 8/ 112 - 114 (تقع بلاد كلب في الجهة الشمالية من شبه جزيرة العرب، وفي الطرف الشمالي الغربي من النفوذ الكبير المعروف برمل عالج، ممتدة إلى الشام شمالًا، وتمتد شرقًا إلى قرب الكوفة، ويجاورها جنوبًا قبائل غطفان، وغربًا بنو القين وعُذرة وبلي وغيرها من قبائل قُضاعة، وجنوبًا شرقيًّا بنو أسد، وبطون من تميم. ومن بلاد كلب خبت، دومة الجندل، صوار، عالج، عراعر.
(1)
عبد الله النواق من أبناء قبيلة الشرارات وقد بذل مجهودًا رائعًا في عمل مصنف طبع في لبنان - بيروت بمؤسسة الرسالة عن الشرارات، وقد نقلنا عنه معلومات قيمة في موسوعتنا بعد السماح منه شخصيًّا وجزاه الله خيرا عن قبيلته.
وقد قلنا أن مراتع الشرارات تمتد من معان حتى تيماء ودومة الجندل فأطراف السماوة.
ونضيف على قول عبد الله النواق ما ذكره روكس بن زائد العزيزي في كتاب الشرارات مَنْ هم ص 38 حيث قال:
وأعظم دليل على نسبة قوم إلى قوم إقامتهم في مساكنهم واستعمالهم لهجتهم. أما كلب فمساكنها السماوة، ولا يخالط بطونها في السماوة أحد، ومن كلب بأرض الغوطة عامر بن الحصن بن عليم وابن رباب المعقلي، وقراقر بين كلب وذبيان، وهو منهل
(1)
وإن تياسرت وفعت من تيماء في ديار ذبيان والبياض إلى أن تقول حوران ها أناذا ويخالطهم من كلب بعراعر وما يليه ثم من حوران في ديار كلب عن يمينك في السماوة ثم في الدهناء إلى أن ترى نخل الفرات، ولا يخالط كلب سواها .. ويقول: وما وقع في ديار كلب من القرى تدمر وسلمية والعاصمية وحمص وهي حميرية، وخلفها مما يلي العراق حماه وشيزر وكفر طاب لكنانة من كلب. ثم ترجع بكنانة كلب من ديارها هذه إلى ناحية السماوة والفرات من المدن تل قنس وحوض وزعرايا ومنبج مشتركة بينهم وبين بني كلب، إلى حد وادي بطنان، ثم تأتى الفرات من بلد الروم شاقًّا على التواء إلى العراق، فغربيه ديار كلب وشرقيه ديار مُضَر، وضبي ماء لكلب أيضًا، والذهيوط بلد ناحية الشام بين جُذام وكلب، وكانت الجولان من ديار كلب، قال أبو قيس الأسلت يزجر غطفان عن مناجزة الخزرج:
لاعداد المياه ليحضروها
…
وبالجولان كلب والرباب
وقد مر أن مرج بني عامر
(2)
بفلسطين دعي باسم الشرارات، فمن هنا نعلم أن انتشار الشرارات خارج الجزيرة العربية قد شمل سهل البقاع في لبنان الذي دعاه العرب بقاع (كلب) ثم دعوه بقاع عزيز
(3)
وكذلك تنتشر الشرارات بالأردن وسورية وفلسطين ومصر وانتشارهم هذا يدل على ما كان لهذه القبيلة من المكانة.
(1)
صفة جزيرة العرب ص 272 تأليف لسان اليمن الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني تحقيق محمد بن علي الكوع الحوالي أشرف على طبعه حمد الجاسر.
(2)
مرج بني عامر: باسم بني عامر من كلب.
(3)
كتاب بلادنا فلسطين لمصطفى مراد الدباغ ج 1 ص 206.
ج - الإبل والهجن: إن الإبل التي اشتهرت بها بنو كلب هي الإبل التي اشتهرت بها الشرارات، فكلاهما اشتتهرا بنو عين من الإبل: الصفر الجعاد والحمر من النجائب، فمن حيث الصفر الجعاد فقد ورد في كتاب الأغاني لأبي فرج الأصبهاني ما نصه:
أمر الوليد بن يزيد لابن ميادة بمائة من الإبل من صدقات كلب، فلما أتى الحول أرادوا أن يبتاعوها من الطرائد وهي الغرائب وأن يمسكوا التلاد، فقال ابن ميادة:
ألم يبلغك أن الحي كلبًا
…
أرادوا في عطيتك ارتدادا
وقالوا إنها صهبًا وورقًا
…
وقد أعطيتها دهما جعادا
فعلموا أن الشعر سيبلغ الوليد فيغضبه فقالوا له: انطلق فخذها صفرًا جعادًا. وفي كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة ج 2 ص 776 ورد ابن ميادة هو القائل للوليد بن يزيد:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
…
بحرَّة ليلى حيث ربتني أهلي
بلاد بها نيطت علي تمائمي
…
وقطعن عني حين أدركني عقلي
وهل أسمعن الدهر أصوات هجمة
…
تطالع من هجل خصيب إلى هجلِ
فإن كنت عن تلك المواطن حابسي
…
فأفش عليّ الرزق واجمع إذن شملي
فكتب الوليد إلى مصدِّق كلب أن يعطيه مائة ناقة دهمًا
(1)
جعادًا
(2)
، فطلب المصدق أن يعفيه من الجعودة ويأخذها دهمًا فكتب الرماح إلى الوليد شعرًا قال فيه:
ألم يبلغك أن الحي كلبًا
…
أرادوا في عطيتك ارتدادًا
أرادوا لي بها لونين شتى
…
وقد أعطيتها دهمًا جعادًا
(1)
الدهم: من الدهمة وأصلها السواد وهي في ألوان الإبل أن تشتد الورقة حتى يذهب البياض.
(2)
جعاد: جمع جعد وهي من جعودة الشعر، ولعل هذا عندهم من محاسن الشعر. . . والمقصود بالشعر هنا الوبر.
فكتب إليه أن يعطيه مائة دهمًا جعادًا ومائة صهبا برعاتها. قال جرير
(1)
:
عطوا هنيدة
(2)
يحدوها ثمانية
…
ما في عطائهم منّ ولا سرف
والجعاد في عامية الشرارات هو المعكرش أو (المقرعط) وهذا يذكر بشعر كثير من شعرائهم أذكر قول أحد شعراء الدحة منهم إذ يقول: من صفرًا عندك أخبره، مقرعطات الوبرة للهدهد ولد عبداني.
وفي سياق الحديث عن الإبل. . . فإن إبل كلب ذات لبن وفير وهي صفة إبل الشرارات أيضًا. . . ففي كتاب الفرق لثابت بن أبي ثابت من علماء القرن الثالث الهجري ص 19 تحقيق الدكتور حاتم صالح الضامن، قال عبد الملك بن مروان حين أنشده جرير:
تعزت أم حرزة ثم قالت
…
رأيت الموردين ذوي لقاح
تعلل وهي ساغبة بينها
…
بأنفاس من الشيم القراح
فقال: لا أروى الله عيمتها فلما أنشده:
ألستم خير من ركب المطايا
…
وأندى العالمين بطون راح
استوى قاعدًا وكان متكئًا فقال: أعد، فأعاد البيت عليه:
فقال: ويحك أترويها مائة من الإبل؟ فقال: نعم إن كانت من نَعَم كلب
(3)
فأمر له بمئة ناقة من نعم كلب بن وبرة.
والشرارات يتصفون بحلب اللبن واشتهرت به أيضًا بنو كلب. . . فها هي عبدة الكلبية
(4)
. . . فقد روى أبو بكر بن دريد بسنده إلى أبي عبيدة قال:
(1)
في الاشتقاق لابن دريد ص 403.
(2)
هنيدة: المائة من الإبل.
(3)
الشعر والشعراء لابن قتيبة ج 1 شرح وتحقيق أحمد شاكر. طبعة 3 ص 474.
(4)
بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب لمحمود شكري الآلوسي البغدادي ج 1 ص 91.
مر رجل من أهل الشام بامرأة من كلب. . . فقال: هل من لبن يُباع، فقالت: إنك للئيم أو قريب عهد بقوم لئام، هل يبيع الرسل
(1)
كريم، ويمنعه إلا اللئيم. . . إننا ندع الكوم
(2)
لأضيافنا تكوس - أي تمشي - على ثلاث قوائم، إذا عكف الدهر الضروس!!
ويشتهر الشرارات بصفة لدى قبائل الجزيرة العربية وهي أنهم:
"حلابة الدر ووجه الشر".
والشاعر يقول:
طلبتهم ميه وصيدي حبارات
…
ودي لبن لاجاهم السيل بدري
عسى الحيا يسقي بلاد الشرارات
…
حلابة للضيف من قبل يدري
ويقول المرحوم شايع بن رباح
(3)
:
مرتع الوبران
(4)
هن ويا الجديه
…
عسى يمرنه مداهيل الجرادي
واللبن نلقاه إلى فتنا الثنيه
(5)
…
من مصاغير يواجهن الشدادي
(6)
حدهن من غرب جال الضاحكيه
(7)
…
ومن الشمال يرتعن نص الحمادي
(8)
وبالمقيض اللي ترد من الجويه
…
من الهزيم
(9)
إلى مشاش العود
(10)
غادي
(1)
الرسل: اللبن، يقول أبو العلاء المعري:
فإن المنيل فلا تلمه
…
فقد تخلو من الرسل الضروع
(2)
الكوم: القطعة من الإبل والمقصود المكتنزة بالشحم واللحم.
(3)
هو الأمير شايع بن رباح التميمي رحمه الله شغل إمارة بلدة العيساوية التابعة لإمارة القريات خلال النصف الأخير من القرن الهجري الفائت.
(4)
الوبر: حيوان من ذوات الحوافر بحجم الأرنب يعيش في الجبال.
(5)
اثنية طريف: واد جنوب غريب مدينة طبرجل بنحو 130 كم.
(6)
شداد المسمى: أحد جبال الحرّة العالية شمال طبرجل بنحو 40 كم.
(7)
وهي الضاحك كما وردت في المعاجم. . . شمال غرب القريات بنحو 35 كم. . . يقول عدي بن الرقاع:
من ديار غشيتها داراسات
…
بين قارات ضاحك فالهز
(8)
الحمادي: الحماد من الأرض المنبسطة المحادية للحرّة من الشرق والشمال حتى سماوة العراق وأطراف الشام.
(9)
الهزيم: مورد شمال القريات بنحو 20 كم.
(10)
العود: مشاش العود من موارد الأمشة بالخنفة.
ويقول الأمير تركي الأحمد السديري
(1)
رحمه الله عندما مرّ بإبل غير إبل الشرارات ولم يقدم له اللبن. . . قال من قصيدة:
سق الركايب يا ابن حمدان
…
ما بهن لبن درهن فاتي
ياعل وبل الحياء هتان
…
يسقي بلاد الشراراتي
أما من حيث الهجن:
فإنها من الروابط القوية بين بني كلب والشرارات. . . فقد تميزت الأولى بالنجائب من الإبل. . . ففي النقائض ص 153 ج 1 (الجروية إبل نسبها جروة من بني القين من الأسبع من كلب بن وبرة من القحطانية. . . قال البعيث:
وجروية صهب
(2)
كأن رؤوسها
…
محاجن نبع في مثقفة عصل
تجاوزن من جوشين
(3)
كلل مفازة
…
وهن سوام في الأزمة كالأجل
(4)
واشتهرت الشرارات بالهجن أيضًا، وقد تغنى شعراء العامة في الجزيرة العربية وغيرها بنجائب الشرارات وطرقت كثيرًا في الكتب وفي صفحات الأدب وفي الجرائد والمجلات الدورية. . . وفي شعر الشرارات لا تكاد تخلو القصيدة من بدئها بوصف هذا الهجن، والتفاخر به. . . ويحسن بنا أن نورد بعضًا مما قاله الشعراء بتلك الهجن، فمن الشرارات يقول خلف بن دعيجاء رحمه الله وهو من فخذ الصبحي من الشعراء المعروفين:
من ساس هجنًا عند شوّل طوالي
…
قب الضلوع الغزل نباي الامتان
ويقول أيضًا:
بنات هرشًا للهدد له يجبني
…
يطلق عليهن يوم كلًا ينامي
(1)
هو الأمير تركي الأحمد السديري
(2)
الصهب: أصفر ضارب إلى الحمرة والبياض.
(3)
جوش: هو الجبل المعروف المسمى الطبيق كما جاء بتحقيق الشيخ العلّامة حمد الجاسر في معجمه الجغرافي والتثنية صحيحة كقوله (جوشين). . . فعند قبيلة الشرارات الطبيق الأسمر والطبيق الأعفر.
(4)
الأجل: القطيع من بقر الوحش أو الظباء.
ويقول محمد بن مزايدة النواق رحمه الله:
كيف البويضة للمذابح تقادي
…
مصرانها شهب الظواري غدت بيه
ياما أوردت بالقيض والجم غادي
…
جما نواغيط القطا دلنا بيه
ذيل يشادي الغصن واللايشادي
…
شليل من يوهف والأسلاف تتليه
ويقول زايد الحميد رحمه الله وهو من فخذه الصبحي من الشرارات:
يا راكبًا حرًا يشرق الخلاوي
…
معفيًا تسعين ليلة مع الريف
أن انطلق يشدا خطاه النداوي
…
إن هاع عفب تلوحقه للمشاريف.
ويقول غاصب الأصوغ النواق رحمه الله من فخذة الصبحي من الشرارات:
يا راكبًا حرًا دميلة يعزي
…
سلفاع مبروع المذارع رشاوي
حشك القفا نابي القرى مقلحزي
…
يا من به اللي مدفوقة خلاوي
إن طالع المحجان باليد هزي
…
يشدا رفيف الهيق واللا النداوي
ويقول أيضًا:
يا راكبًا اللي للضنا ما أرزمني
…
وقت الهداد الهن عن الزمل حراس
حيلا لما نيبانهن شلعني
…
وعن الضنا طون ياسا وراياس
ويقول أيضًا:
يا راكبًا اللي فاتله سدس واجلاس
…
الناب عقب اكمانته قبل باني
تشدا الربيدا طالعت زوال قناص
…
حق النظر إن شافت الميدماني
اقفت تومي بالغلب ريح نسناس
…
مع حسالة يلعب بها الرونقاني
ويقول عوض بن سمران رحمه الله:
إن جت مع المقرح على مكهف الجال
…
وبانت بواين ديرتك بنحرها
خطرا عليها تجدع الكور بجفال
…
بعيدة المنباز عن منحدرها
ويقول سعيد بن غيثه رحمه الله:
الصبح فوق أكوارهن مستعزين
…
ذورات من أظلالهن يجفلني
يشدن رفيف موردات القطاتين
…
حرًا طلبهن روحهن وانحدني
هو يدعي يصيدهن بالشطيرين
…
وهن يدعن يا ليتهن يسلمني
ويقول حمد الفحل الشراري من بطن الضباعين رحمه الله:
يا راكب اللي حفلت بالغوا الزين
…
من ساس هجنًا محصناتا اهمامي
بنت الوضيحا بنكوها المسقين
…
ترث الصعيدي ما عليها تهامي
ويقول مشارع الجعيري العزام الشراري رحمه الله:
يا راكبًا اللي للضنا ما تحير
…
محيلة عن العكد والعماني
ويقول أيضًا:
يا راكبًا ما ارتعت حد بيسان
(1)
…
ما رامست عشب الدمان المزفر
مربعها الحوصا
(2)
على فروع صوان
(3)
…
سيال من غر السحايب مبدر
ترعى من الغراء
(4)
إلى حد جضعان
…
لما العلم
(5)
عن رجله الفك قصر
عيونها جمرًا من الكير علقان
…
تقول مركًا حاركة ما تحدر
هجيج ربد اطالعت زايلا بان
…
من زود ركضه نص ريشه تنشر
(1)
بيسان: من مناطق فلسطين بنواحي الغور.
(2)
الحوصا: من المراعي الواقعة جنوب غرب طبرجل بنحو 130 كم.
(3)
الصوان: من المراعي التي تحاذي وسعل وادي السرحان من الغرب ولا يزال على اسمه القديم.
(4)
الغراء: إحدى مناطق الصوان ويصب واديها في منخفض بطن وادي السرحان.
(5)
العلم: مرتفع جنوب غرب طبرجل بنحو 120 كم.
ويقول مبارك القواد من بطن الضباعين رحمه الله:
يا راكب اللي كل عامًا تحيلي
…
ما جربت لس الحوار ورضاعه
كوعه مجوجي لون هيف المقيلي
…
فجأ بعيدًا زورها عن أكواعه
يا رسل علق فوق بنت الأصيلي
…
ممشى نهارًا عندها بس ساعه
ويقول رخيص بن فحيمان من فخذة الدفاف رحمه الله:
وجدى على الثنتين شغل البراري
…
هن منوة اللي طب قلبه حواريق
ثنتين هن ثنتين حمرًا خياري
…
لا هن قصار ولا طولًا سماحيق
كانك فهيم وجبتهن من يساري
…
تلقا على السيقان مثل الزواويق
(1)
ومن غير قبيلة الشرارات
يقول الشيخ عجلان بن رمال من شمّر رحمه الله:
يا ركبًا حمرا عليها السليمي
(2)
…
حط القطيما فوق ساقه وداره
حمراء تضيم القاع ما تستظيمي
…
حمراء وبحدري ساقها تقل فاره
ويقول شاعر شمري:
يا ركبًا اللي تسمل القاع سملا
…
جبتنا كسيبه من ركاب الشرارات
أهل الضريب جودها بشمالا
…
مرددينه بالفحل تسع مرات
ويقول شبلي الأطرش من الدروز
(3)
رحمه الله:
اشقح شراري ما يهاب المطاليب
…
عفوًا إليا ما زال حر القوايل
إن شم صهب الدوح أذرح من الذيب
…
يجزيك عن سرد المهار الأصايل
ويقول الحاج مصطفى العقبي بن زين:
يا راكب اللي ما لحقنا عداده
…
اشقر شراري من ركاب الضباعين
(1)
الزواويق: وسم قبيلة الشرارات.
(2)
السليم: إحدى بطون الفليحان. . . ويقصد هنا: الوسم.
(3)
ديوان شبلي الأطرش ص 74.
وقال الأمير تركي الأول بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله
(1)
:
ياما وطيناك من مرة
…
من فوق حمرا شرارية
د - الأمثال العامية: كثيرًا ما تتردد على ألسنة المسنين من هذه القبيلة أمثلة وكلمات لها علاقة قوية في قبيلة بني كلب مثل:
1 -
البل زغبة: كلية شائعة لدى بادية الشرارات فهؤلاء الأعراب ينطقونها لمدح الإبل ويقولون على سبيل الإطراء: البل زغبة، لكنهم لا يعرفون أن زغبة من بني القين إحدى بطون الأسبع من كلب بن وبرة اشتهرت بالنجائب من الإبل.
2 -
من العريش إلى اللواء: مثل آخر يطرق الأسماع لدى كبار السن عند هذه القبيلة وصفة القول به. . . جاء بها فلان (من العريش إلى اللواء) فقد جاء بكم كبير ضمن مساحة أرض واسعة، والعريش في صحراء سيناء كما هو معروف واللواء اسم من أسماء رمال عالج أو "النفوذ الكبير" وبين هذين الاسمين تقع منازل كلب ومنازل الشرارات وما تزال.
3 -
من حارثة وجاي: أكثر ما تقال هذه العبارة لنفي الصلة أو البعد في الأنساب فإذا ما أراد المرء نفي صلته بالآخر قال: "ما يعرق بي من حارثة وجاي" وإذا ما أراد الأبوان شتم ابنهما قالا: (لعن أبو الأصل اللي جمعني بيك من حارثة وغاد". . . كلمات صغيرة تدخل ضمن أساليب اللغو لكنها تعطي مدلولات أكبر وتصف عمقًا تاريخيًّا أبلغ. . . فحارثة إحدى بطون كنانة عُذرة من كلب بن وبرة.
4 -
أقشرة الهند والسند
(2)
: وهو مثل متداول كثيرًا لدى قبيلة الشرارات فكلمة "أقشر" وصف لكلمة شيء .. يتسم بالطباع الحادة كقولهم هذا الرجل "أقشر السند والهند".
(1)
من كتاب مسائل من تاريخ الجزيرة العربية ص 246 للشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري.
(2)
أقشر في اللغة: ذو البشرة المتقشرة، فهو أقشر وهي قشراء. . . والقُشر من الرجال هو المشئوم أو الذي بجلب الشؤم.
وقد علق هذا المثل بأذهان هذه القبيلة دون أن تعرف عن كنهه شيئًا .. وعند العودة إلى فتح البلاد إبان الفتوحات الإسلامية نجد أنه ورد في الكامل في التاريخ لابن الأثير ص 135 ج 4 هذا النص: "ومن تولى بلاد الهند تميم بن زيد القيني والحكم بن عوانة من بني كلب".
ورد في نسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي من بني كلب هذا النص: "حكم بن عوانة ولّاه هشام بن عبد الملك السند وقُتل فيها شهيدًا وقُتل معه من كلب مقتلة عظيمة لم يقتل مثلها حيث قتل منهم أربعمائة".
وورد في تاريخ الطبري. . . تاريخ الأمم والملوك ج 4 ص 176 أنه: عام 119 هـ خرج قائد من أهل الشام من بني القين في جيش قد وجه ممددًا لعامل خالد على الهند ستمائة وكان الخروج إلى أرض الهند شاقًّا عليهم. وفي البيان والتبيين للجاحظ ص 151 ". . . وسأل بعض الأمراء رسولًا قدم من جهة السند كيف رأيتم البلاد؟ فقال: ماؤها وشل ولصها بطل وتمرها دقل، إن كثُر الجنود بها جاعوا وإن قلّوا بها ضعفوا. . ."
هـ - أسماء المواضع لم تتغير: نرى من خلال استعراض هذا الكتاب أنه جاء لنا بمجموعة من أراضي قبيلة الشرارات لم تتغير أسماؤها منذ عهد كلب. . . وذكرها الشعراء كالمتنبي وعدي بن الرقاع وغيرهم. . . ومن تلك المواضع:
الضاحك، الهزيم، نيال، "نيان"، المعي، بسيطة، عراعر، العلم، حصيدات، الهوج، "دجوج"، ليلى، الجراوي، صبيحا، شغار، الصوان.
وبالنظر إلى بقاء هذه الأسماء دون أي تغيير أو جلب أسماء كالتي تأتي بفعل الهجرة، فإن ذلك يعطي دليلًا على أن التوارث بين الشرارات وكلب قد شمل المواضع أيضًا؛ وهو بالتالي يشير إلى أن هذه القبيلة لم تبرح أماكنها منذ ذلك العهد ولم تأت بأسماء غريبة على المنطقة سوى تلك المواضع التي حملت أسماء نتيجة أحداث وقعت بها.
و - فروع من الشرارات لا تزال على اسمها القديم منذ بني كلب:
1 -
القوينات: أحدهم قويني وقوين تصغير لكلمة قين، وبنو القين إحدى بطون الأسبع من كلب بن وبرة "والقوينات هم من بطون الحلسة في الشرارات".
2 -
العويمرات: أحدهم عويمري، فخذ كبير من الضباعين، وهم العميرات فرع من كلب، حيث صغرت إلى العويمرات كالقوينات.
3 -
الضباعين: أحدهم ضبعاني، والضباعين أحد فروع الشرارات الأربعة وضبع بطن من كلب، وفي الاشتقاق لابن دريد (ضبع) بطن من الأسبع من كلب بن وبرة من قُضاعة.
4 -
الجوابرة: أحدهم جابري، وهم بنو جابر بن كعب بن جناب من رفيدة من كلب، والجوابر هم القسم الثاني من الفليحان، ومنهم أقوام بالأردن وفلسطين ذكرهم مصطفى الدباغ في كتاب (القبائل العربية وسلائلها في بلاد فلسطين ص 49).
5 -
المدينة: فرع من الفليحان. . . وهم بنو المدينة من عُذرة كلب كما أسلفنا في معرض الحديث عن وادي القِرى (العُلا).
6 -
الدباوين: وهم إحدى بطون الحلسة، يرجعون إلى (دب)، وهو بطن عريق من الأسبع من كلب بن وبرة.
(خلاصة التحليل التاريخي عن نسب الشرارات لبني كلب)
ذكر الأستاذ عبد الله النواق ص 89 في كتابه عن الشرارات: تنتسب قبيلة الشرارات إلى بني كلب وذلك ثابت ومتوارث لدى كافة هذه القبيلة، وبنو كلب هي القبيلة التي كانت منازلها هي منازل قبيلة الشرارات الحالية كما أكدته جميع المصادر التاريخية. . . وحين قيام الدولة الإسلامية الأولى برز منهم صحابة أجلاء كان لهم شرف السبق إلى الإسلام ومصاحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كالقائد المسلم أسامة بن زيد، وأبيه زيد بن حارثة الكلبي (*) الذي استشهد بمعركة مؤتة، ودحُيّة بن
(*) ضرب زيد بن حارثة رضي الله عنه أروع الأمثلة في حبه الصادق لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشدة تعلقه به، وفضّل العيش إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم على المقام عند أهله وبين قومه وعشيرته، وكان من أمره أن استَرقّ وهو ابن ثمانية أعوام فباعوه بسوق حباشة وهي من أسواق العرب، وقدم حكيم بن حزام بن خويلد من الشام ضمن مجموعة من الأرقاء، فدخلت عليه عمته خديجة وهي يومئذ عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: اختاري يا عمة أي هؤلاء الغلمان شئت فهو لك، فاختارت زيدًا فأخذته، فرآه الرسول صلى الله عليه وسلم عندها فاستوهبه منها فوهبته له، وكان أبوه حارثة قد جزع عليه جزعًا شديدًا وبكى عليه حين فقده فقال:
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل
…
أحيٌّ فيرجى أم أتى دونه الأجل
فوالله ما أدري وإني لسائل
…
أغالك بعدي السهل أم أغالك الجبل
ويا ليت شعري هل لك الدهر أوبةٌ
…
فحسبي من الدنيا رجوعك في بجل
تذكرنيه الشمس عند طلوعها
…
وتعرض ذكراه إذا غربها أفل
وإن هبت الأرواح هيّجن ذكره
…
فيا طول ما حزني عليه وما وجل
سأعمل نص العيس في الأرض جاهدًا
…
ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل
حياتي أو تأتي عليّ منيتي
…
فكل امرئٍ فان وإن غره الأمل
بجل: بمعنى حسب، والنص: أرفع السير
فلما بلغ زيدًا قول أبيه قال:
أحن إلى أهلي وإن كنت نائيا
…
بأني قعيد البيت عند المشاعر
فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم
…
ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
فإني بحمد الله في خير أسرة
…
كرام معد كابرًا عن كابر
فبلغ ذلك أباه فجاء هو وعمه كعب حتى وقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وذلك قبل الإسلام، فقال له: يا ابن عبد المطلب، با ابن سيد قومه، أنتم جيران الله، تفكون العاني - الأسير - وتطعمون الجائع، وقد جئناك في ابننا عبدك، فتحسن إلينا في فدائه، فقال: أو غير ذلك؟ أدعوه وأخيّره فإن اختاركم فذاك، وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي اختار على من اختارني أحدًا، فقالا له: قد زدت على النَّصف، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاء قال: من هذان؟ فقال: هذا أبي وهذا عمي، فقال: قد خيرتك إن شئت ذهبت معهما وإن شئت أقمت معي فقال: بل أقيم معك، فقال له أبوه: يا زيد أتختار العبودية على أبيك وأمك وبلدك وقومك؟! فقال: إني قد رأيت من هذا الرجل شيئًا وما أنا بالذي أفارقه أبدًا!، فعند ذلك أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقام به إلى الملأ =
خليفة الكلبي الذي كان جبريل عليه السلام ينزل بصورته عند نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو موفد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قيصر الروم. . . وكان الخلفاء من بني أمية القرشيين يرغبون في مصاهرتهم والتقرب إليهم وتأليفهم. . . وتزامن اضمحلال قوة كلب مع قيام الدولة العباسية التي أجهزت على مُلك الأمويين، فكان لذلك انعكاساته السلبية على هذه القبيلة وهجرة الكثير منها إلى الديار المصرية وبلاد المغرب. . . وكلمة كلب لفظة غير مرغوبة من منظور عقلية البدوي سواء كان على عهد كلب أو على عهد قبيلة الشرارات فيما بعد.
يقول الكميت:
أنصف امرئ من نصف حي يسبني
…
لعمري لقد لاقيت خطبًا من الخطب
هنيئًا لكلب أن كلبًا يسبي
…
وإني لم أردد جوابًا على كلب
ويقول شاعر آخر:
رفعنا السيف عن كلب بن كلب
…
وعن قحطان أنهم صغار!
وفي تاريخ الطبري: ذكر محياة بنت امرئ القيس بن عدي الكلبي زوجة علي بن أبي طالب، ولها ابنة توفيت وهي جارية لم تبرز، وكانت تخرج إلى المسجد وهي طفلة فيقال لها مَنْ أخوالك فتقول: وهـ - وهـ .. التقليد لنبح الكلب هو إشارة إلى أن أخوالها من بني كلب.
ورغم كل ذلك فقد كان الافتخار بتلك اللفظة جليا سواء كان ذلك في الماضي أو الحاضر. . . أنشد سيبويه:
فلما لحقنا والجياد عشية
…
دعو يا لكلب واعتزينا لعامر
وكذا قبيلة الشرارات عند حلول النوائب بهم وعلى ألسنة شعرائهم والشعراء
= فقال: اشهدوا أن هذا ابني يرثني وأرثه، فطابت نفس أبيه عند ذلك، وكان يدعى زيد بن محمد، فلم يزال زيد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله فصَّدقه وأسلم وصلى معه، وكان أول ذكر أسلم وصلى بعد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فلما أنزل الله عز وجلا {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ. . .} إلخ الآية قال: أنا زيد بن حارثة، وقد ذكر اسمه في القرآن الكريم، وهذا دليل على كرامته عند الله سبحانه وتعالى.
من غيرهم، لاسيما عبر القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجري وما قبلهما. يقول الشاعر خلف بن دعيجاء رحمه الله:
بأولاد مكلب فوق حيلًا جلالي
…
وبارودهم دق الفرنجي بالإيمان
ويقول أيضًا:
إن جاء نهارًا بيه ظول وضبابه
…
أولاد مكلب يكسرون المغيرين
ويقول سليم اللحاوي رحمه الله:
أولاد مكلب كم عقيدًا غزاها
…
مغويه صفرا للمشايع مواليف
ويقول الشاعر عدوان الهربيد رحمه الله من شمّر:
ديرة بني مكلب وكلاب وكليب
…
بين البيات ومحترين الصباحي
ويقول زايد الحميد رحمه الله:
حنا بني مَكْلب على المعتدي جور
…
وأنتم بلِّي
(1)
يا ويل من يعتديها
صحيح إن هذا الصوت لم يكن مبحوحًا إلا في القرن الغائب عندما أصبحت هذه اللفظة وهي كلب تستخدم للذم أكثر منها إلى المدح، وخصوصًا عند القبائل الموالية لقبيلة الشرارات من الغرب. . . فكان هناك من استغل قدوم الشرارات إلى هؤلاء في سنين الجفاف التي مروا بها وسنين الحياة المترفة التي مرت بها قبائل أردنية وشامية خلال القرن المنصرم بالذات، وذلك لجرحهم من خلال لفظة (كلب)، والشرارات لا يعرفون عن ماهية هذه الكلمة التي التصقت بهم عبر القرون إلا أنهم استسلموا لها على اعتبار أنهم فرع من هذا الكلب وعلى عواهنه. . . قال الكاتب والمؤرخ الأردني روكس بن زائد العزيزي في معلمة الأردني ما نصه
(2)
:
وبعد أن كانت السيطرة لكلب في الديار الأردنية صار ذكر كلب سبة، وقد سمعت مرة رجلًا من بني صخر يشتم خصمًا له بقوله: (أخس وجه أنت وبني
(1)
يقصد هنا قبيلة بلي القُضاعية الشهيرة.
(2)
معلمة التراث الأردني ص 291 ج 4.
مكلب اللي أنت منهم!). . . فمن يرضى من الأعراب أن يصف نفسه بالكلب أو يكون في أصل الفرع كلبًا، وهو لا يعرف أن كلبا هي القبيلة القُضَاعية القحطانية العريقة والقوية التي بسطت نفوذها على بلاد قبيلة الشرارات، خصوصًا أن معظم الشرارات ظلوا بادية، وقد انعدم فيهم التعليم الذي يضع سلالم أنسابها كغيرها من قبائل عدة.
يقول الشيخ حمد الجاسر علّامة الجزيرة
(1)
:
"إن تاريخ القبائل بما في ذلك تدوين أنسابها انحصر الاهتمام به في العصور الأولى حتى القرن الرابع الهجري، ثم بعد ذلك ضعفت الصلة بقبائل الجزيرة حيث ضعفت الخلافة ضعفًا كان من أثره أن عادت الجزيرة إلى ما يشبه حياتها قبل ظهور الإسلام من حيث العزلة وانتشار الفوضى واستشراء العداوة بين قبائلها، حتى أصبح الاتصال بهذه القبائل بمن هو خارج تلك البلاد من أصعب الأمور. . . ومن هنا خفيت معالم الحياة في هذه البلاد عن المهتمين بتدوين مظاهرها ومن ذلك علم النسب". انتهى
فأي ضمير هذا الذي يريد الفصل بين الفرع والأصل ليلصق هذا الفرع في جذع غير جذعه، إن تيار الهجرة إلى مصر وبلاد المغرب التي حدثت لأجزاء كثيرة من بني كلب. . . كبني معقل وغيرها، وذلك في أعقاب القرن الرابع الهجري هذا التيار لم يحرف قبيلة الشرارات عن القاعدة والانتماء إلى كلب الذي جاء على السليقة والعفوية فيما يشبه الفطرة، وهذا سر أصالة هذا الانتماء وصدقه.
ولا تفوت الإشارة هنا إلى تيار هذه الهجرات إلى بلاد المغرب العربي إبان القرن الخامس الهجري، كقبيلة بني هِلَال وبني سُلَيْم وبني كلب وأقوام أخرى قد غلب عليها فيما بعد اسم الهجرة الهلالية، وقد أورد الكاتب عبد الوهاب بن منصور في كتاب قبائل المغرب ص 412 ج 1 هذا النص:
"غلب اسم بني هلال على جميع العرب الذين دخلوا المغرب في منتصف القرن الحادي عشر الميلادي، حتى ليظن الظان أنه لم يدخله شعب من العرب
(1)
مجلة العرب ج/، 1211 الجماديان عام 1407 هـ.
سواهم، والحقيقة أن شعوبًا عربية أخرى دخلت مع بني هلال وبعدهم، وأن بني هلال أنفسهم لم يكونوا يرجعون إلى أرومة واحدة بل كانت معهم قبائل وبطون كثيرة أضيفت إليهم وهي لا تجتمع معهم في نسب".
من جهة أخرى قال الأمير عبد العزيز الأحمد السديري رحمه الله أمير منطقة القريات الأسبق - وكان يحضره معظم كبار قبيلة الشرارات ومنهم الشيخ ناجح بن جريد رحمه الله الذي روى لي ذلك حيث قال الأمير:
إن الشرارات ينتمون إلى قبيلة قحطانية تسمى (كلب) بدليل مصادر كثيرة اطلعت عليها، وهذه القبيلة قوية وعزيزة. . . فعندما يقال لهم أبناء كلب فإنهم يتذمرون من هذه اللفظة ولا يحبذون المجاهرة بهذا اللقب، ويدعم نسبهم إلى كلب قول الشعراء ومن غيرهم وكذا مسنيهم، وذلك واضح عند حلول النوائب بهم فهم يثيرون حمية بعضهم بقولهم "أولاد مكلب يا ربعي".
وقال الشيخ ناجح بن جريّد الشراري:
"لم ترحنا هذه الكلمة، وقد ظهرت علامات الاشمئزاز على وجوه الحاضرين".
والأمثلة كثيرة من هذا النوع، إلا أن الانتماء يرفض وأصبح من غير الممكن إجهاض كلمة كلب التي حملتها قبيلة الشرارات عبر التاريخ.
وأضاف النواق من ناحية أخرى قال الكاتب والأديب سليمان المطلق الذي التقيته بتبوك وهو عميد متقاعد وأحد أبناء مدينة العلا قال:
"إن المعلومة التي يعرفها أهل العلا عن الشرارات وتوارثوها عن أجدادهم هي أن أجزاء من قبيلة الشرارات خرجت من العلا قبل بني صخر، وأنها تنتمي إلى عُذرة الكلبية القضاعية القحطانية" وقد ذكر لي مجموعة من أعلام ومثقفي هذه المدينة الذين يؤكدون ذلك.
وقد أورد المطلق بيت الشعر الذي قاله أحد شعراء المدينة من الفليحان أحد أفخاذ الشرارات حيث قال:
يا ديرتي صارت عروسًا جديدة
…
تحفلت وأعرس عليها شبيكان
إلى قوله في عجز البيت:
. . . . . . . . . .
…
أهل النخل تورثوا برق سلمان
وبرقه سلمان بين العلا وتيماء وهي إحدى مراعي الفليحان تنسب إلى واحد منهم يقال له سلمان الليمون.
ثم أردف يقول: إن مدينة العلا هي مدينة أمن وعلم فيها مدرسة على زمن عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي، لم تنقطع الدراسة فيها حتى في عهد الأتراك، وقد استمرت هذه المدرسة إلى هذا العهد الميمون، وهذا ما جعل العلا تحتوي مكتبة عريقة في حفظ الأنساب عفى على كثير من موجوداتها الزمن.
وهذا يؤيد مُسِنّي قبيلة الشرارات الذين إذا ما سئلوا عن الجهة التي تعني بنسبهم وتحفظه فإنهم يبادرون إلى القول بأنها مدينة العلا حيث ينتسبون إلى قبيلة عريقة هي بني كلب.
ومعروف أن (ثرية) إحدى عيون العلا كانت لابن دويرج شيخ عشيرة الفليحان، وقد اشتراها أحد مشايخ بلي بناقتين حمراوين، وإن لعشيرة المدينة من الفليحان بركة قديمة بين تبوك والعلا يردها الحاج تسمى المعظم
(1)
ولهم أعطيات عليها، وليس بالضرورة أن تكون هذه الأعطيات عملة نفدية كما أكد لي كثير من رواة المدينة. . . . وفيها تغني النساء في المناسبات:
بركة للمدينة زها جمها
…
يا هلي ارحلوا وانزلوا يمها
وكان ابن مدينة هو المسئول أمام أهل العلا عن الشرارات، وقصة الإبل التي أخذتها فرقة من العزام إحدى البطونه الرئيسية للشرارات - أخذتها من أهل العلا تؤكد ذلك. . . حيث قام ابن مدينة باستردادها وإرجاعها إلى أهلها وفقًا لنصوص العهد بينهما.
(1)
المعظم: أربع برك ويقتسمها الشرارات وبلي وبني عطية وقبل عَنَزة أيضًا، يردها الحاج لوقوعها على ذلك الطريق ولهم أعطيات عليها.
من ذلك يتضح أن أجزاء من الفليحان تنتمي إلى عُذرة من كنانة من رفيدة من بني كلب، إذ لم تبرح هذه العشائر مواطنها إلا قليلًا كالخنفة والمناطق القريبة من تيماء، ويدعم ذلك قول الشيخ الجاسر
(1)
إذ قال: ومما لا شك فيه أن معرفة منازل القبائل في الجزيرة العربية في العصور الأولى للتاريخ ما يعين على معرفة أنسابها. وقال في مجلة العرب ج 12 الجماديان 1407 هـ:
إن القبائل العربية كانت وإلى عهود قريبة تختص كل قبيلة بمساكنها ومراتعها وكان هذا الأمر متوارثًا منذ العهد الجاهلي.
ونحن هنا نفرق بين عُذرتين
…
فكلاهما سكنتا العلا ووادي القرى واختلطت منازلهما وهي عُذرة سعد هذيم من قُضاعة وعُذرة كلب بن وبرة من قضاعة أيضًا وهما من أرومة واحدة قُضاعية فحطانية. . . ويقول حمد الجاسر حول حدود بني كلب وعُذرة: وإمارة الجوف
(2)
"دومة الجندل" كانت مواطن قبيلة كلب وتنتشر بطونها حتى تبلغ الشام شمالًا، وأطراف العراق شرقًا، وحدود بلاد بني عُذرة غربًا، وبلاد هذه القبيلة (عُذرة) تفصل بين بلاد كلب بلاد غطفان، وتمتد شمالًا حتى تشمل وادي القرى (العلا) وما حولها وتختلط بلادها في بلاد كلب من الناحية الشرقية، والقبيلتان من جذم واحد، أما حدود بلاد كلب من الناحية الجنوبية فهو رمل عالج "النفود الكبير" الذي كان من بلاد كلب حتى استولت عليه طيئ بعد الإسلام، وتخالط قبيلة كلب في المنازل قبيلة بني القين إذ يجمع القبيلتين جد واحد هو وبرة من (قضاعة).
وذكر مصطفى الدبّاغ في نص عن بني كلب بن وبرة: (بنو كلب بن وبرة من قُضاعة والنسب إليهم كلبي كانوا في الجاهلية ينزلون دومة الجندل تبوك وأطراف الشام ووادي القرى (العلا) بالحجاز.
(1)
مجلة العرب ج 2 - 12 - الجماديان 1407 هـ.
(2)
من كتاب صور من شمال جزيرة العرب للمؤلف نفسه.
موطن وديار الشرارات
ذكر عبد الله النوّاق عن ديار الشرارات في المملكة العربية السعودية قائلًا:
كانت قبيلة الشرارات وحتى نهاية القرن الثالث عشر الهجري تمتد مراعيها من تيماء فالجوف مرورًا بوادي السرحان وحتى معان بجنوب الأردن. . .
فقبل ما يقرب من مائة وخمسين عامًا كتب الرحالة الفنلندي (1) جورج أوغست فالين كتب مشاهداته التي رآها بأم عيه عندما اجتاز شمال غرب الجزيرة مارا بمعان والجوف، أكتفي منها بالنصوص التالية ص 20:
ومعان الحالية من أكبر البلدان في طريق الحاج السوري فيها مئتا عائلة تقريبًا تنحدر من سبع بطون أو أفناد مختلفة، وقد اختلطت بالمهاجرين النازحين إليها من القرى السورية الأخرى، وهم أقوياء البنية، سوريّو الملامح، يستطيعون تعبئة قوة محاربة من مئتين وخمسين مقاتلا، وقيل لي ثلاثمائة، وهذه القوة المحاربة تبعث في نفوس أهل معان ثقة تجعلهم يخفضون الخوّة التي يفرضها عليها شيوخ القبائل المجاورة من الشرارات والحويطات وعنزة وقد يرفضون تأديتها.
ونص آخر ص 27: إن القبائل الرئيسية في جوار معان التي يعمل الأهلون على حفظ صلات الصداقة بها وهي:
أولًا الشرارات المعتبرة السيدة الأصلية لمعان والجوف ويعيش أكثرها في هذا الجزء من الصحراء في وادي السرحان.
وثانيًا الرّولة والنايف بطنا عنزة ثم بنو صخر قرب الشوبك والكرك ثم الحويطات وقبائل أخرى تعيش في المنحدرات الشرقية من سلسلة الشراة، ويملك بعض الأهلين بساتين. وكرومًا في وادي موسى ويحميهم البدو العائشون في ذلك المكان شركاء الفلاحين. (انتهى النص)
هذا ما قبل مائة وثمانية وأربعين عامًا بالتحديد
…
حيث قال هذا الرحالة: إن الشرارات هي القبيلة السيدة الأولى لمعان والجوف، وهذا يؤكد سيطرة هذه القبيلة التام على كافة المناطقة الواقعة بين هذين المدينتين المتباعدتين
…
فلو أن هناك قوة أخرى مضاهية لفصلت إحدى السيادتين.
ونص آخر للمؤلف نفسه ص 85 فقد قال: "ويعيش الشرارات على ما قلنا سابقًا في وادي السرحان ومنه ينتقلون إلى النفوذ وقد ينتقلون إلى جبل الشراه، والشرارات يعتبرون الجوف بلدتهم ويلزمون جوارها ما استطاعوا، وفي موسم الحصاد يأتونها زرافات للمقايضة بقطعانهم وبالأصواف والأرز والزبد والأجبان التي استطاعوا جلبها من أماكن أخرى والأصناف المصنوعة جميعها من الصوف ومنها أردية كثيفة مدفئة يدعى واحدها (عباءة) وفي الغالب يدعى مشلح اشتهر سكان الجوف بحياكتها، وهذه العبارات على خشونة نسجها متينة ومدفئة وتحمل للبيع بعيدًا حتى مكة عبر شمّر، وهذا الاتجار يتم بالمقايضة بسبب ندرة النقد هنا وهو حال أكثر الصحراء. . ."(انتهى النص)
وهذا يتفق مع قول الشيخ محمد الخيّال أحد مشايخ العزام من الشرارات في القرن الثاني عشر الهجري وقد اشتهر هذا الشيخ بعصيانه للأتراك
…
يقول وهو سجين من قبل الأتراك حينئذ في قلعة معان جنوب الأردن:
يا بارقًا ياضى على الطار
(1)
حده
…
خلته وأنا برأس عليّه معان
يسقي الغظا والطعس من سرع رده
…
ويسقي رذاذًا عند عمرات
(2)
عطشان
واقطاعنا وسط الفيه
(3)
مسترده
…
مرباعهن ما بين حومل
(4)
وجدعان
(5)
واللي نصاهن بالعدوة نرده
…
لو لبسهم لبس التوامين فرسان
الكيس من ذرب القوالم
(6)
الحده
…
والزغت
(7)
من ملح الصرابيط
(8)
مليان
(1)
الطار اشتقان من طور والمقصود طار جبل الطبيق إلى جهة الشرق من معان.
(2)
عمرات: من مراعي الطبيق.
(3)
الفيه: من مراعي الطبيق.
(4)
حومل.
(5)
وجدعان: علمان بن الطبيق.
(6)
القوالم: أحجار تميل إلى السمرة تستخدم كبدائل للرصاص تكثر في الطبيق والخنفة.
(7)
الرعت: جورب الملح.
(8)
الصرابيط: كتل الملح ويصنع منها البارود قديمًا.
وفي كتاب اكتشاف جزيرة العرب لجاكلين بيرين طالعنا هذا النص:
غادر غورماني أخيرًا جبل شمّر عائدا بخيله في الطريق التي كان قد سلكها من جهتها الأخرى مهنئًا نفسه بالاستقلال اللطيف الحي الذي لقيه في البقعة الواقعة تحت حكم طلال بن رشيد، وكان أعظم خطر تعرض له في رحلته ينتظره في وادي السرحان. . .، فقد كان سائرًا مع قافلة مؤلفة من مئة واثنتين وتسعين مسلحًا متوجهين إلى حوران، ولكن نفرًا من البدو من أفراد قبيلة الشرارات اتفقوا على سلب القافلة فأغاروا عليها يهزون الصفائح ويطلقون النار، ولكن القافلة بلغت المحطة بعد أن فقدت رجلين وجرح منها عشرة ونهب كل ما عندها وأصبحت في حالة يرثى لها، فوزع غورماني على من في القافلة خمس كيلًا من البلح وساعده في مداواة الجرحى الذين توفي أربعة منهم.
وهنا يتضح أن الخطر الذي يتهدد عابر وادي السرحان أكثر ما يتمثل في قبيلة الشرارات وأن الرحالة الغربيين وحتى القوافل المارة يستعينون بأدلاء من الشرارات ومعرفين لحمايتهم؛ نظرًا لاتساع رقعة مراعي هذا القبيلة كما هو الحال في جورج أوغست فالين والليدي آن بلانت وغيرهم
(1)
، وقد تعرضت هذه الأخيرة لهجوم ابن ضبيعان كاد أن يعرض حياتها ومن معها للخطر
(2)
. . .
وقد صاحب اتساع مراعي قبيلة الشرارات كثيرة في تعدد مواردهم في الطبيق ووادي السرحان والخنفة. . . ففي الطبيق نرى مغيرًا وهي من موارد هذه القبيلة، يقول الشاعر غاصب الأصوغ قبل مائة سنة تقريبًا:
يا عل مغيرا جوكم يالضباعين
…
تلصف على الأقطاع لما نحيلي
يعود يجيها مدلهما من العين
…
ردايمًا تدعى مغيرًا تسيلي
والأصوغ هنا يذكرها على اعتبار أن هذا مورد يخص بطن الضباعين من قبيلة الشرارات لقرون خلت. يقول الأصمعي ص 161 في معجم البلدان: (مغره بالفتح وهو الطين الأحمر، موضع في ديار كلب. . .).
(1)
انظر مجلة العرب ج 1 س 8 - 1393 هـ. ص 24 - 25 هـ والترجمة التي وردت عن كتاب شمال نجد للمستشرق ا. موزل.
(2)
رحلة في بلاد نجد - الليدي آن بلانت ص 40.
ومعروف أن هذا المورد ذو طينة حمراء فاتحه يتلون مضها الرداء، وفي مورد مغيرا في الوقت الحاضر مركز تابع لإمارة القريات. . .
وفي معجم البلدان ورد العديّد
(1)
. . . حيث قال نصر: ماء لعميرة بطن من كلب، وقال الشيخ حمد الجاسر في كتاب شمال غرب الجزيرة:(ويظهر أنه بقرب عراعر الذي لبني عميرة).
وتقول البادية أن عراعر هي من مناطق مغيرا وتسمى الآن بالعريعريات، وطالما أن عشيرة العويمرات من بطن الضباعين ينتهي نسبهم بعميرة إحدى بطون كلب لهذا فإن من المرجح أن العديَّد هو أحد مناهل مغيرا على اعتبار أن الأخير مورد قديم للضباعين وهذا المورد من مناهل مغيراء الطبيق الذي يُسمى مغيراء الطبيق، وهى مغيراء أم طعيس، ومغيراء البديع وهما منهلان لبطن العزام من الشرارات، والثالث من مياهها ويسمى مغيراء الفاطر يختص به بطن الضباعين من الشرارات.
(1)
المعجم الجغرافي - القسم الثالث - ص 888، 892 - الشيخ العلّامة حمد الجاسر.
أما مورد وادي السرحان فأهمها:
1 -
الهزيم: يعتبر الهزيم من مناهل الشرارات الكبيرة وهو في الشمال الغربي من الوادي قرب الحدود الأردنية. . . يقول الشاعر الغثيان الخصي الشراري رحمه الله قبل ما يقرب من مئة عام في موقعة بهذا المورد (الهزيم) انتصر فيها الشرارات:
جابها من رم جنود تضيم
…
وزادها بجنود غزة والشراه
واجتمع. . . . . . عديم
…
زاعمينا بالمكاسب والغناه
مزنة من غرب جتنا له رزيم
…
البارود رعودها والدم ماه
وصبّحونا بليلة على الهزيم
…
حين ما ابلال اذن للصلاه
واشتغل مقرطسًا ضربه عظيم
…
وانجلت غيومها وصفا سماه
والجنايز كنها جدع الهشيم
…
من جثي الخيل من كف الرماه
. . . . فعل أهلنا من قديم
…
هم أزمام الحرب وخلال اللهاه
يا نديبي شد لي فوق الهميم
…
بشّر اللي عنا يعزه ثناه
عن نهار ضاع به مية يتيم
…
يوم أبو عمود
(1)
نادوا بقضاه
2 -
مورد الحديثة: وهي بلدة الحديثة الحالية والمنفذ الرئيسي للمملكة على الحدود الأردنية.
3 -
مورد النبك أو نخلة: وهي مدينة القريات: وقبل مجيئ الأمير عبد العزيز الأحمد السديري رحمه الله كان النبك أو نخلة أحد موارد الشرارات فيه بئر ذو فجوة واسعة تسمى بالعامية (جوخا) تطل على هذا البئر نخلة عالية وهذا أساس تسميته بـ (أبو نخلة) وكان إلى عهد قريب والنبك أبو نخلة خاليًا - إلا من البادية التي تقطنه في فصل الصيف. . . وقد نزلها الدروز وهي قبيلة معروف المشهورة في جبل حوران لفترة معية هربًا من الاضطهاد الفرنسي الاستعماري آنذاك. . .
(1)
أبو عمود: معركة خسرها الشرارات مع الحويطات في جنوب الأردن.
4 -
العيون: وهي أثر منوة، عين الحواس، كاف. . . وفيها حاضرة العيون التي ترتبط بعلاقات متينة مع قبيلة الشرارات، وهي من موارد هذه القبيلة لكنها لا نحبذها كثيرًا لشيوع وباء الحمى في مياهها.
5 -
مورد غطي: إلى الشرق من مدينة القريات بـ 14 كيلو مترا.
6 -
مورد قراقر: أحد موارد الشرارات وهو أبعد عقل الوادي إلى الشمال وأقربها إلى الحماد. . . وقديمًا كانت قراقر من موارد كلب، يقول النابغة:
تظل الإماء يبتدرن قديحها
…
كما ابتدرت كلب مياه قراقر
7 -
موارد: الجفيرات، عين البيضاء، العظيمات: مناهل متجاورة جنوب مورد قرارقر بحدود 10 كيلو مترات.
8 -
مورد أبو طريفات: وهي بلدة قليب خضر الواقعة على جانب الخط الإقليمي شمال غرب بلدة العيساوية بـ 15 كم.
9 -
مورد المحيضر: مورد هام بن وسط وادي السرحان شمال بلدة قليب خضر بنحو 20 كيلو مترًا، ذكر الشاعر خلف بن دعيجاء في سياق رده على محيسن الربشاني فقال:
الصبح من درب المنقا شذبني
…
يشدن صرير السحاب الهزامي
وهو منقأ المحيضر.
10 -
مورد العيساوية: وهي بلدة العيساوية
…
يقول الشرارات العيساوية
(منثر دم) إشارة إلى عدة معارك وقعت على هذا المورد.
11 -
مورد أويسط: منهل كبير غرب طبرجل بـ 6 كم.
12 -
مورد المعاصر: مورد تتدفق مياهه على السطح ترده الإبل دون دلاء شمال طبرجل بنحو 20 كم.
14 -
المسيري والنباج: موردان لا ينضبان ويقعان على الخط الإقليمي شرق طبرجل إذ يبعد الأول بـ 10 كيلو مترات .. أما الآخر فيبعد 20 كم ذكرها الشاعر الشعبي عس الكذيبة الشراري ضمن شعره قبل ما يقرب من مئتي سنة حيث قال:
يا عين ماكنك على شط زاعور
…
ودمعك غريف المسيري والنباج
15 -
مورد شيبة: وهو قرية شيبة الواقعة على جانب الخط الإقليمي إلى الشمال الغربي من النبك أبو قصر بنحو 20 كم.
16 -
مورد النبك أبو قصر: وهو بلدة النبك أبو قصر المعروفة.
17 -
موارد: الجراوي، شغار، صبيحاء: وهي ثلاثة موارد متجاورة لا يفصل بين المورد والآخر سوى خمسة كيلو مترات. . . إلى الجنوب الشرقي من بلدة النبك أبو قصر؛ إذ الأول يبعد عن هذه البلدة بـ 20 كيلو مترا والثاني بـ 23 كيلو. أما صبيحاء فتبعد 29 كم. . . ذكرها أبو الطيب المتنبي أثناء عبور منطقة بسيطة عائدًا من مصر فقال:
وجابت بسيطة جنوب الردا
…
بين النعام وبين المها
إلى عقدة الجوف حتى شفت
…
بماء الجراوي بعض الصدى
ولاح لها صور والصباح
…
ولاح الشغور لها والضحى
18 -
مورد عرفجا: إلى جهة الجنوب من بلدة النبك "أبو قصر" على بعد 30 كم تقريبًا وهو مورد هام ومنهل عذب وعلى غير بعيد منه إلى الشمال مورد رحية، وإلى الغرب من هذا المورد الأخير موقعة جرت أحداثها قبل ما يقرب من مئة وخمسين عامًا كان أحد أطرافها الشرارات وقد انتصروا فيها، ومما قال شاعرهم:
وش عاد لو جبتوا من المال زوحات
…
يا حليل يومًا صار غربي رحيه
هذي حلاة الفعل والركب غارات
…
مهو خلاويًا سعوفه رديه
أشوف طيورًا بالقصايم مقيمات
…
تأكل عيون مغربلين المطيه
19 -
مورد مقيوع: على جانب الخط الإقليمي الموصل إلى تبوك حوالي 45 كم جنوب غرب مثلث أبو عجرم وهو من الموارد الهامة والعذبة، قيل فيه شعر كثير.
موارد الخنفة:
1 -
مورد العسافية: وهو مركز العسافية الحالي إلى الشمال من مدينة تيماء على بعد 90 كيلو مترا وأحد أهم الموارد في منطقة الخنفة رغم شحة مياهها التي يطلق عليها (مشاش) أي ينابيعها تعتمد على مياه الأمطار. . . وتقع آبارها في وسط وادي نيال.
2 -
مورد مشاش هاضل: ومياه هذا المورد شبيهة بمياه العسافية والتي يبعد عنها بـ 15 كيلو مترا وبنفس الوادي إلى الجنوب الغربي.
3 -
مورد الجبعاوية: (مشاش) على مقربة من مشاش هاضل برادي نيال إلى جهة الجنوب غربي بحدود 13 كيلو مترا.
4 -
مورد الأمشة: ومنها أبيط، مليح الشبكة، مشاش القرتوعة وهي موارد متقاربة وتقع إلى جهة الجنوب الشرقي من العسافية بنحو 50 كيلو مترا.
5 -
مورد الهوجاء (أم كور): وفيه مركز تابع لإمارة القريات، ويبعد 48 كيلو مترا شرقي الخط الإقليمي الواصل بين ميقوع ومركز الحوي، كما هو واضح على الخارطة، وشمال غرب العسافية بحدود 100 كيلو متر، ومياه هذا المورد صالحة للشرب.
6 -
مورد مليح: منهل وفير وأقل عذوبة من مياه الهوجاء الذي يبعد عنها بـ 18 كيلو متر إلى جهة الشمال الغربي.
7 -
مورد حداجان: منهل شرق مركز الهوجاء على بعد 20 كيلو مترا ومياهه صالحة.
8 -
مورد أبو ثنية: إلى جهة الشرق من مورد حداجان بثلاثة كيلو مترات وهو منهل ذو مياه وفيرة ومياهة صالحة.
ومن موارد الشرارات أيضًا:
قلبان فجز: في وسط وادي فجر أو شجر كما جاء بالمعجم وفيه مركز تابع لإمارة منطقة تبوك. . . إلى الشمال من مثلث الإسفلت المحاذي لقرية القليبة بنحو 43 كيلو مترًا وعلى الطريق الإقليمي. . . إحدى آبار هذا المورد لأسرة اللحاوي ومنهم شيخ شمل الشرارات.
أما المدن التي ترتادها قبيلة الشرارات كموارد هي:
1 -
تيما: وهي مدينة تيماء الأثرية المعروفة الواقعة على الخط الإقليمي بين مدينة تبوك والمدينة المنورة، وتيماء من موارد الشرارات الهامة، وكان لأميرها - قبل بداية الحكم السعودي على هذه المنطقة - عبد الكريم بن رمان علاقات متينة مع هذه القبيلة. . . وقد عُرف هذا الأمير بوفائه للشرارات وبالتالي فإن هذه القبيلة كانت تبادله الوفاء إذ كانت الوحيدة التي تدخل إلى قصره وهي تحمل سلاحها.
2 -
دومة الجندل: وهي مدينة دومة الجندل التاريخية وكلمة (الجوف) هي أكثر شيوعًا لدى بادية الشرارات وهم شديدو التعلق بها ويضعونها في مقدمة مواردهم التي تجمعهم .. يقطنونها بالصيف حتى نزول الأمطار
…
وليس هناك ارتباط قوي وأزلي كارتباط هذه القبيلة بأهالي دومة الجندل دون استثناء
…
ويقول النواق الشراري: ولا زلت أذكر كخيوط الحلم تلك (الجوابي) المشرعة خارج بساتين النخيل، وإبل الشرارات ترد تباعًا على هذه الجوابي وعلى غير بعيد منها (السانية) أو مجموعة من السواني ينهلن الماء من الآبار بواسطة الدلاء لتغذي الجداول الموصلة إلى هذه البرك أو الجوابي
…
وهذا يذكرني في بيت ضمن قصيدة قبل ما يقرب من مائتي عام للشاعر الشراري عايش الكذيبة وهو يبالغ في وصف دموعه على معشوقته كعادة الشعراء
…
إذ يقول:
واللا كما سريات حضر على صور
…
الحوض يذرف والسواني رواجي
وهذه السقيا تخضع لاتفاقات بين البادية الحاضرة .. فلكل عشيرة من قبيلة الشرارات (شريب) من أهل دومة وهو الذي يسدي الماء سواء بمقابل أو بدون مقابل .. والمؤكد أن ذلك تحكمه الصداقة وحسن الوفادة في عامته بين الفئتين الموغلة في القدم
…
هذا القول هو الصورة المصغرة لما أسمعه من كافة قبيلة الشرارات على حد سواء.
وأضاف النواق: ولا زلت أذكر (الوقف) وهو سوق دومة الجندل وهو أيضًا امتداد لسوقها القديم على عهد كلب تأتي إليه هذه البادية وفيه تبيع منتجاتها وتشتري ما أنتجته حاضرة هذه المدينة وما جلب إلى هذا السوق من المناطق
الأخرى. . . وعندما تقفل هذه البادية إلى مراعيها في الفصول الأخرى تكسل حركة هذا السوق.
يقول الأمير محمد الأحمد السديري
(1)
رحمه الله:
الجوف ما شفت به عينه
(2)
…
والوقف ما به شراراتي
صارت على راعي الطينه
…
هيل القصور المبناتي
البدو ماتت بعارينه
…
والحضر ما تاجد الشاتي
فليحانها
(3)
مع ضباعينه
(4)
…
حلو سها
(5)
والغصيناتي
(6)
العام هذي مقاطينه
…
واليوم صاروا شمالاتي
وادي السرحان أشهر ديار الشرارات "كلب
"
إن آخر ما حمل هذا الوادي من الأسماء هو (وادي السرحان) والأسماء التي نعرفها عبر التاريخ هي: وادي السر، خبت كلب، خبت دومة، وادي الأزرق، وادي سرحان، وادي النعيم، ثم أخيرًا وادي السرحان. شماله بياض قراقر .. قال الهمداني في صفة جزيرة العرب: وأما ذبيان فهي من حد البياض .. بياض قرقرة وهو غائط بين تيماء وحوران لا يخالهم إلا طيئ، وقراقر بين كلب وذبيان وهو منهل ووسطه بطن السر.
يقول الشرارات بطن الوادي .. ، ويقول عدي بن الرقاع العاملي من قبيلة عاملة وهو حليف لبني كلب:
فلما تجاوزنا الحصيدات كلها
…
وخلفنا منها كل رعن ومخرم
تخطينا بطن السر حتى جعلنه
…
يلي الغرب سير المنتوي المتيم
(1)
هو الأمير محمد الأحمد السديري أحد الأمراء الذين شغلوا إمارة منطقة الجوف وأحد فحول شعراء العامية في الجزيرة العربية، وله كتب مطبوعة.
(2)
بعض الرواة تلفظها زيلة وهذا خطأ.
(3)
وهم بطن الفليحان من الشرارات.
(4)
وهم بطن الضباعين من الشرارات.
(5)
وهم بطن الحلسة من الشرارات.
(6)
والغصينات كنية عن بطن العزام من الشرارات.
وفي جنوبه عقدة الجوف يقول أبو الطيب المتنبي:
وجابت بسيطة جوب الرداء
…
بين النعام وبين المها
إلى عقدة الجوف حتى شفت
…
بماء الجراوي بعض الصدى
ولاح لها صور والصباح
…
ولاح الشغور لها والضحى
ومسى الجميعي دئداؤها
…
وغاد الأضارع ثم الدنا
وأما تسمية هذا الوادي بوادي السرحان وقرب هذه التسمية فإلى جانب ما قالته المصادر نسبته إلى السرحان قبل مائتي سنة تقريبًا، فإن ذلك أيضًا ثابت لدى قبيلة الشرارات حيث يؤكد حفظة هذه القبيلة ورواتها أن تسميته بوادي سرحان لا مجال للجدل فيها أو الخوض فهي تسمية قريبة - جاءت نسبة إلى اصطدام قبيلة السرحان بقبيلة الشرارات إثر نزوح الأولى من منطقة حوران إبان حربها مع محفوظ السردي
(1)
تلك هي حقائق التاريخ ليس في مقدور أحد أن يغير شيئًا منها، ومن عادة هذه القبيلة أنها تبدل أسماء المواقع بأسماء الأحداث التي مرت بها، وبلاد الشرارات ملأى بالمواقع والأحداث التي خاضتها مع غيرها، وما من شك بهذا القول فعليه أن يكلف نفسه عناء رحلة لا تدوم إلا أيامًا قلائل عبر بلاد الشرارات ومراعيها. وعندها سوف يأتي على جبال وأودية وتلاع
(2)
وخباري
(3)
وطعوس
(4)
سميت جميعها بأسماء من قتلوا فيها أو ماتوا نتيجة وباء أو دارت فيها معارك أحد أطرافها الشرارات، فجاءت هذه التسمية لذلك الموقع من هذه القبيلة نفسها، وتلك هي سمة من سماتها، حيث استوطنت أسر من السرحان عيون القريات: أثرى، كاف، منوة. واجتاز آخرون هذا الوادي ليستوطنوا بالجوف. أما قبيلة السرحان كبادية فقد كان لها بعض المناوشات مع أهل هذا الوادي (الشرارات) الذين يرون ارتباطهم بمواردهم ومراعيهم كارتباط أهل المدن بمدنهم وأهل القرى بقراهم.
(1)
تاريخ شرق الأردن وقبائلها ص 328 لفدريك. ج بك.
(2)
مجاري السيول الضيقة وروافد الأودية.
(3)
هي منخفص تتجمع فيه مياه الأمطار فتشكل طبقة رسوبية تحفظ الماء على السطح خلال الشتاء.
(4)
وفي اللغة دعص والجمع أدعاص ما يبرز من الكثبان الرملية.
هذه الوقائع جاءت على زمن خلف بن دعيجاء في حوالي نهاية القرن الثامن عشر الميلادي وبداية القرن الذي يليه وعلى زمن الجيل الذي جاء من بعد مباشرة كزيدان بن ورده أحد مشايخ العزام وجريّد شيخ الضباعين، أظهرت ندية القبيلتين وفي ذلك شعر كثير ومخطوط لدى قبيلة الشرارات.
يقول خلف بن دعيجاء ضمن قصيدة طويلة موجهًا الكلام إلى "سعدى" بنت أحد مشايخ السرحان قيل لي إنه ابن خشمان:
أنشدك بالله يا مجلي عذابه
…
أيات هوش عيالنا والسراحين
وفي موضع آخر عندما وقع خلف بن دعيجاء في أيدي السرحان وكان بمهمة بمفرده وقد سبق وأن آلى شيخ السرحان على نفسه بقتله فيما لو وقع بيده، وعندما اشتبهوا بشخصيته .. هل هو خلف بن دعيجاء أم غيره؟
عندها أشفقت عليه "سعدى" من القتل إذ كانت تعرفه تمام المعرفة فأطلت عليه من وراء الستار وقالت: هذا الذي أشبه بعبيد الموالي وتقولون إنه خلف؟ غير أن خلفًا أغاظته هذه الكلمة فأنشد يقول:
بدا عليه مبسمًا به زواويق
…
وبمفرق الجذلة سوات الهلالي
وسنا بدالي ذوب سكر ولاذيق
…
وعينا قزت عقب ما هي إقبالي
استغفري يا بنت يا أم العشاشيق
…
عن قولك إني من عبيد الموالي
أنا خلف عز البكار الصعافيق
…
إن صار بتالي الركايب جفالي
عندها تكشفت شخصية خلف فاهتزت مشاعر شيخ السرحان لهذا الاعتراف، فاستحسنه هو وجالسوه وأكرمه وعفا عنه فخفت حدة النزاع بينهما في تلك الحقبة، وكان لهذا الموقف النبيل للسرحان الأثر الفعال على امتصاص العداء بين القبيلتين.
وادي سرحان
(*):
إن كثيرًا من الرواة الذين التقيت بهم يؤكدون لي قدم اسم سرحان كاسم من
(*) تخاصمت قبيلتا كلب وبنو القين بن جسر على وادي السرحان كل يدعيه، فحكم الخليفة عبد الملك بن مروان الأموي لبني كلب وقال: أليس النابغة الشاعر يقول:
تظل الإماء يبدرن قديحها
…
كما ابتدرت كلب مياه قراقر
أسماء هذا الوادي .. ويرجعون ذلك إلى كثرة الذئاب التي ترد مياهه القريبة وقد يكون ذلك سببًا في تكاثرها في هذا الوادي ومعروف أن كنايته عند عامة البادية هو (مواقع الذيابة) أي منهل الذئاب التي تحصل على مياهه دون عناء. وقد ذكرته بعض الأطالس هكذا: وادي سرحان. إلا أنني لم أجد في المراجع التاريخية ما يشير إلى هذا الاسم غير أن ما جاء بقصيدة لعدي بن الرقاع وهو من قبيلة عاملة أوجدت ترجيحًا آخر بحقيقة هذا الاسم حين جاء على ذكر وادي الذئاب ضمن وقوفه على بعض من المواقع المحاذية لوادي السرحان من ديار كلب، ومن تلك شابك، المعيين، شهيب.
فلعل الأولى موارد الشبكة بالخنفة، والثاني معي الطويل جنوب دومة الجندل والثالث شهيب وهي شهيبات شمال غرب الشبكة بنحو 30 كيلو مترا، وتقول البادية إن شهيبات لا تبعد عن رأس المعي الجنوبي سوى 25 كيلو مترا تقريبًا وقد حصروها بثمانية فلوق فقط. والفلوق هي: الكثبان الرملية العالية الصعبة المسالك التي تبدو على شكل جبال طويلة من التلال الرملية
…
وقد قال لي بعض المسنين: إن بادية الشرارات تقول: أول المعي وآخر المعي نظرًا لطوله .. وقد يكون لذلك أساس من التسمية حين جاء به الشاعر مثني كقوله (بالمعيين) وقد تكون التثنية لكي لا ينكسر البيت
…
والقصيدة وردت في مجلة العرب ج 9/ 10 س 22 الربيعان 1408 هـ تحت عنوان قصيدتان لعدي بن الرقاع، بقلم الدكتور حاتم الضامن.
قال عدي بن الرقاع العاملي:
طوت طلتي إلى أرض قومي
…
وشجاها تقلبي واغترابي
وتمنّت أن يكونا با
…
لمعيين أو بوادي الذئاب
بعد ما حرت المياه وقضنا
…
والمني ليس من أمور الصواب
لو تقدمت أمس كنت شفيعًا
…
وتأخرت أشهرًا في العتاب
سوف يكفيك بعدهم إذ نأونا
…
سنمات قناعيس كالهضاب
طرفات إذا استبحن مكانًا
…
صاح فيهن يافع كالغراب
حبشي يلاعب السقب منها
…
فرحًا أن يعضه بالثياب
يمتطي كل صعبة وذلول
…
سمن خالد على الأصلاب
فتراهن بدنًا رهلات
(1)
…
وارمات الشطوط غلب الرقاب
فرعت شابكًا خبطن شهيب
…
حيث مج الربيع ماء السحاب
وإذا بركت تلجلج منها
…
سرر يقتحمن حرّ التراب
في ديار العزيز من أرض كلب
…
بين أحياء عامر وجناب
وادي النعيم هو السرحان:
من المعروف أن هذا الوادي قبل قرنين من الزمان كان يحمل اسم وادي النعيم وذلك ثابت لدى قبيلة الشرارات ومعمريهم وهناك بين من الشعر تتوارثه الأبناء عن الآباء والأجداد يقول:
يا ويل من يأكل الدهر فاطره
…
وهو خابرًا وادي النعيم وراه
وآخر يقول:
مقيضها وادي النعيم وربعت
…
بفياض ليلى والطويل شتاها
ويقول المرحوم مشارع بن جعيري:
وادي النعيم أفراشكم زل واظلال
…
ماله ثمن لو حط بيه الملايين
فقد أجمع سكان هذا الوادي (الشرارات) .. أجمعوا على أن إبل وماشية وادي النعيم في مأمن عن الدهر حتى أيام القحط، وقد رأينا ذلك عندما مرت قبيلة الشرارات بسنوات الجفاف في السبعينيات الهجرية التي أودت بنسبة عالية من ممتلكات الشرارات الحيوانية
…
أما الذين اعتصموا في بطن الوادي ومياهه القريبة
(1)
حرة المياه، سنمات، قناعيس، كالهضاب، كل صبعة وذلول، بدنًا، رهلات، وارمات الشطوط، غلب الرقاب، تلجلج. . . . هذه الكلمات متداولة كثيرًا في عامية الشرارات وفي شعرهم العامي أيضًا.
فلم يخسروا كثيرًا، ونرى قبيلة الشرارات في الحقب الماضية عندما يرعون مناطق الرعي الأخرى خارج هذا الوادي وتنقضي فترة الربيع .. نراهم يتسابقون إلى قفرة الوادي، وأكثرهم ما تحدث في أيام القحط وقفرة الوادي تعني الأرض المقفرة التي لم ترع بعد، وتلك لفظة شائعة لدى عامة هذه القبيلة
…
فالعشب يجف ومياه الأمطار تنضب وتبقى (قفرة الوادي) ومياهه القريبة حيث تصبح الملاذ الأخير حتى نزول الأمطار واخضرار الأرض.
من هنا يتضح: أن تسميته بوادي النعيم بدلًا من أسمائه الأولى جاءت اسمًا على مسمى.
ويقع وادي النعيم أو السرحان في الجزء الشمالي الغربي من الجزيرة العربية بمحاذاة الحرَّة الرجلاء من الجنوب
…
ويمتد من الأزرق داخل الحدود الأردنية حتى مورد ميقوع جنوبًا.
وهو وادٍ سحيق لا تجري فيه المياه لكنه تصب فيه مئات الأودية الآتية من الحرَّة والحماد شمالًا وأودية الصوان وبسيطة من الغرب والجنوب، وقد شكلت هذه الكمية من الأودية الشديدة الانحدار على منخفضه غابة واسعة من الأشجار متوسطة الارتفاع كالمصع
(1)
والطرفا والغضا وأشجار حمض الأغيرة كالدويد والغرس والضمران والقطف وأشجار أخرى، وهذه السيول تتجمع في مناطقه المنخفضة فتشكل أراضي سبخة عالية الملوحة كمبلج وادي باير على غير بعيد من مدينة القريات إلى الشرق
…
وخصوصًا في وسط هذا الوادي الذي تنتهي إليه مياه وادي الأعيلي وأودية وروافد أخرى. لتشكل هذه السبخة المالحة الصعبة المسالك والمعروفة عبر التاريخ بـ (حضوضا) والتي تبعد عشرين كيلو مترا شمال مدينة طبرجل.
سكان هذا الوادي الشهير بالوقت الحاضر من الشرارات
قلنا أن سكان هذا الوادي هم قبيلة الشرارات، ويعني ذلك أنهم امتداد لقبيلة
(1)
المصع: مفرده مصعة
…
شجره تثمر في فصل الصيف ثمرًا أحمر يحمل اسمها بحجم حبة الحمص أو يزيد. سكري وطيب المذاق. يصنع منه أجود أنواع الدبس.
كلب التي كانت تتركز على مناطق الشرارات الحالية، فعلى أنقاضها قامت هذه القبيلة
…
والحياة التي مرت بها هذه القبيلة وخلال وجودها في مناطقها ومنها هذا الوادي، لم يطرأ على تلك المناطق سوى أنها أصبحت أقل في جغرافيتها من الماضي كما أسلفنا.
لذلك فقد مرت بحالتين اثنتين هما:
1 -
الحياة البدوية الصرفة. 2 - الهجرة والتهجير.
وبالنسبة للحالة الأولى: فإن القبيلة قبل الثلث الأخير من القرن الرابع عشر الهجري الماضي كانت بادية لا تعرف الهجرة والتهجير شديدة التمسك بمراعيها ومواردها سواء في هذا الوادي أو تلك التي تحويها مراعيهم الأخرى، وكل بئر عبر هذه المراعي السالفة الذكر له أصحابه من الشرارات الذين توارثوه عن الأجداد وتمثل معلمًا من معالمهم التاريخية.
أما الحالة الثانية فتنقسم إلى قسمين:
أ - الهجرة.
ب - التهجير.
أ - أما الهجرة فقد جاءت أشبه ما تكون بالمحاولات فرغم تمسكهم بحياتهم البدوية إلا أنهم أقاموا لهم نوعًا من المراكز والهجرات الوقتية، وعلى مواردهم فقط لا يأتون إلى بعض إلا في فصل الصيف ومن تلك:
1 -
هجرة عن البيضاء وفيها مريحيل السمحان فخذ الضباعين ويقال أن عوض الصغير عويمري من الضباعين قد سبقه بالهجرة على هذا الموقع.
2 -
هجرة الجفيرات: بجوار عين البيضاء إلى الشرق وقد سكنها مطيع محمد وقاسم القرص، من الرشايدة من الحلسة.
3 -
هجرة العظيمات: وفيها ابن خنيعان الضباعين على بعد ثلاثة كيلو مترات شمال الناصفة.
4 -
عين الهرجان: شمال العظيمات بـ 2 كم وقد سكنها (مفضي الهرجاف من العزام).
5 -
هجرة عيال الخصي في شمال وهم قسم من الدفاف من الحلسة تقع إلى الشمال من بلدة العيساوية بنحو 6 كم. وسكانها فخوذ.
6 -
هجرة العيساوية: وهي بلدة العيساوية وسكانها فخوذ من العزام مثل: العشيشان، والحويان، والفليوات، والرشايدة، والسنيد، والرويلان، والضريمان، واللغوب، الدوِّكة.
7 -
هجرة قليب خضر شمال غرب العيساوية بـ 15 كم وسكانها فخوذ من العزام. مثل الخيّال، والهموش، والبحّان، وعيال نبّاح، والعنيزة.
8 -
هجرة الأمغر وفيها محمد الحفر من العزام وتقع إلى الشمال من العيساوية على بعد 6 كم.
9 -
هجرة المعاصر: وفيها المروّق من الضباعين، وتقع على مشارف حضوضا إلى جهة الشرق وشمال مدينة طبرجل بنحو 20 كم متر.
10 -
هجرة النبك أبو قصر: وفيه مركز قديم لإمارة الجوف، وقد استوطنه الشيخ منوخ بن دعيجا رحمه الله وبعض بطون الشرارات منهم هليل الدويحة من الفليحان والضباعين في الهجرة الغربية، وفي جزيرة الغربي الموينع الضباعين وفي شماله النواوقة
(1)
الصبحي من الحلسة .. وأجزاء من العزام والفليحان والضباعين في جنوبه.
11 -
هجرة صبيحا وفيها الشيخ ضاحي الجريد
…
وتقع إلى الجنوب الشرقي من بلدة الشيخ ضاحي الجريد الضباعين
…
وتقع إلى الجنوب الشرقي من بلدة النبك أبو قصر على بعد 29 كم، وقد قيل أن سالم الحسين عويمري من الضباعين - قد سبقه بالهجرة على هذا المورد بعدة قرون وإن له مملوكًا يقوم بخدمة النخيل، وإذا علمنا أن جد أسرة الجريّد واسمه جريّد شيخ فخذ الضباعين - هو حفيد سالم الحسين لابنته فإن هذا يؤكد البعد الزمني لارتياد هذا المورد كهجرة لإحدى أسر الضباعين يصل إلى ثلاثة قرون وأنها امتداد لموقع أثري يكثر فيه النخيل
…
ومعروف أن صبيحًا ذات مياه وفيرة وعيون، ففي الجنوب الغربي منها
(1)
انتقلت بعض هذه العشائر إلى مدينة طبرجل ومن هؤلاء النواوقة والضباعين وغيرهم.
آثار واضحة لجدول مياه قديمة، وهذا يعطي اعتقادًا بأن صور التي وردت بشعر المتنبي - كما أسلفنا بالموارد في هذا الفصل واقترن اسمها بـ صبيحًا هو صور كثيف من النخيل.
ب - التهجير: وهنا يأتي التحول الكبير لحياة هذه القبيلة من حياة الترحال إلى حياة التهجير والاستيطان، ففي الثلث الأخير من القرن الرابع عشر للهجرة المنصرم كانت قبيلة الشرارات بادية يخيفها التحضر ويقول النواق: وقد لحقت على عبارة كنت أسمعها كثيرًا وهي نمط من أنماط الشماتة عندما يتهاون البدوي بممتلكاته الحيوانية من إبل وغنم أو تضيع منه أو ما إلى ذلك فإنه يقال له "اقعد لك بقرية" ولا يعني ذلك تحقيرًا إلى الحاضرة
…
وإنما يعنون من ذلك البدوي له صفته ومهنته فإذا ما افتقدها فإنه يصبح كما يقولون في مثلهم العامي الآخر: لهو لا حضر ولا بدو، وفي تلك الفترة وفي السبعينيات من القرن الرابع عشر الهجري تعرضت قبيلة الشرارات كما أسلفنا إلى فقدان معظم ممتلكاتها الحيوانية نتيجة لسنوات من الجفاف مريرة، اجتاحت شمال وغرب هذه الجزيرة، الأمر الذي جعل التهجير والاستيطان أمرًا ملحًّا ولا مفر منه، وقد كان لكل من أمير منطقة القريات آنذاك الأمير عبد العزيز الأحمد السديري رحمه الله، ولأمير منطقة الجوف الأمير عبد الرحمن السديري، كانت لهما محاولات عدة بتطوير منطقة هذه القبيلة بتوجيه من الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - وأبنائه من بعده مما ترك الأثر الحسن في نفوس أبناء هذه القبيلة، إذ لم يغب عن أذهانها تلك المواقف المخلصة منذ وقوف هذين الأميرين على سدة الإمارتين وهذا راجع إلى السياسة السعودية الحكيمة.
وكان من نتاج هذا التهجير مولد مدينة طَبْرجَل قلب هذا الوادي وحاضرته
(1)
وشريانه النابض فأصبحت كبرى مدن التهجير. ففي سنة 1376 هـ ارتحل إليها شيخ شمل هذه القبيلة المرحوم الشيخ عاشق بن كاسب اللحاوي كما هو واضح بالوثائق المرفقة وكانت في ذلك الحين صحراء كأي صحراء خالية لا يجوبها إلا الرعاة وأقرب الموارد إليها أويسط إذ يبعد عنها 6 كم إلى الشمال الغربي ومورد الميسري إلى جهة الشرق على بعد 10 كم، وتقع على مبلج أودية أبو حوايا
(1)
انظر كتاب الجوف "وادي النفاخ" للأمير عبد الرحمن الأحمد السديري ص 143.
وحدرج ووادي طبرجل الذي حملت اسمه فشكلت هذه الأودية في مجموعها أرضًا صالحة للزراعة، حملت إليها طبقة سميكة من الطمي وآبارها لا تزيد على ثلاثة أو أربعة أمتار وهي أفضل مياه وادي السرحان للشرب والري عدا جهة هذا الوادي الجنوبية كصبيحا وعرفجا وميقوع وأبو عجرم، فمياه هذه المناطق الأخيرة أكثر جودة وعذوبة.
وبدأت هذه المدينة قوية واتسعت فيها الهجرة وأول اسم حملته (اللحاوية) نسبة إلى الأمير عاشق اللحاوي وافتتحت فيها أول مدرسة باسم اللحاوية أيضًا ثم غير اسم هذه المدينة فيما بعد إلى مدينة طبرجل نسبة إلى مبلج وادي طبرجل الذي حمل أول هجرة فيها
…
وصاحب هذه الهجرة هجرات واسعة النطاق في أنحاء وادي السرحان ولكن هذا التهجير اتخذ منحنى آخر يختلف عن الهجرات السابقة والمناطق المحيطة بها وملتقى الأودية في منخفض وادي السرحان لخصوبة تلك الأرض
…
ساعدهم في ذلك قرب المياه الجوفية في هذا الوادي وطبيعة أرضه، يضاف إلى ذلك حملة الترشيد التي صاحبت قيام مشروع وادي السرحان سنة 1382 هـ، والذي كان يرأسه سعادة الأمير نايف بن عبد العزيز السديري رحمه الله إذ كان لهذا المشروع البدايات الأولى لترسيخ حب الزراعة في نفوس هؤلاء البادية، والساعد القوي الذي دفعهم دفعًا إلى التهجير، وقد نتج عنه قيام المدن والقرى والهجر من قبل هذه القبيلة ومنها ما هو على أنقاض الهجر الأولى ولكن بتوسع واستيطان على طول وادي السرحان .. وهي في مجملها أرض خصبة لمعظم أنواع المزروعات وهذا السر في تصدر قبيلة الشرارات لإنتاج القمح في المنطقة الشمالية الغربية للسنوات الماضية كما أسلفنا وقد تركز التهجير والاستيطان في المناطق التالية:
1 -
غطي: مورد سابق
…
إلى الشرق من مدينة القريات بنحو 14 كم وهو أقصى مناطق التهجير إلى الشمال الغربي من الوادي، وقد استوطنه أسر وجماعات من بطون الشرارات الأربع.
2 -
الناصفة: على جانب الخط الإقليمي إلى جهة الجنوب الغربي وشرق
مدينة القريات بنحو 35 كم، أول من سكنها الشيخ بشير بن ضبيعان رحمه الله عام 1381 هـ وقد تحولت هذه الهجرة إلى بلدة نما فيها العمران وفيها مجموعة من المرافق الحكومية كالإمارة ومدرسة ابتدائية وأخرى متوسطة وثانوية ومدارس للبنات ومركز صحي ومركز شرطة وخدمات أخرى.
وهي تابعة لإمارة منطقة القريات وأغلب سكانها من الضباعين، والناصفة تعني هجرة سابقة للشيخ بشير بن ضبيعان عام 1379 هـ بين الجفيرات وعين البيضاء وبأمر من أمير القريات آنذاك الأمير عبد العزيز الأحمدي السديري رحمه الله وأمير الجوف الأسبق عبد الرحمن الأحمد السديري، انتقل هذا الشيخ إلى مبلج وادي سمرمدا، أسماه بالناصفة نسبة إلى الهجرة السابقة، وإلى الجنوب الشرقي من الناصفة تقع هجرة البويليد من الدباوين من الحلسة.
3 -
الرديفة: على جانب الخط الإقليمي إلى جهة الشمال شرق جماجم بـ 2 كم وفيها فخوذ من العزام مثل الوردة، والبرقان، والشويطر، والهملان وغيرهم.
4 -
البدع شرق الرديفة بـ 6 كم وشمال الأسفلت بـ 4 كم تقريبًا ويسكنها بطون مختلفة من الشرارات.
5 -
أم الفناجيل: شمال الخط الإقليمي بـ 3 كم وشرق الرديفة بـ 6 كم وفيها أسر من بطون الشرارات الأربع.
6 -
الحصاة: على جانب الخط الإقليمي إلى جهة الشمال وفيها أسر من البطون الأربعة من الشرارات.
7 -
قليب خضر
(1)
وهو المقصود بمورد أبو طريفيات
…
وقد أقيم على هذا المورد ومناطقه المجاورة بلدة قليب خضر، ويتوسطه الخط الإقليمي وهو إلى الشمال الغربي من بلدة العيساوية بنحو 15 كم وفي هذه البلدة أجزاء كبيرة من أفخاذ العزام.
(1)
سمي بـ (قليب خضر) نسبة إلى رجل من عشيرة الدفاف الحلسة يدعى خضر حيث مكث على هذا المورد فترة طويلة فحمل اسمه.
8 -
العيساوية: مورد سابق ومركز إمارة قديم تابع لإمارة القريات ويتوسطها الخط الإقليمي، وهي جنوب شرقي القريات بنحو 90 كم ازداد فيها التهجير من أسر العزام وحوى المناطق المجاورة لها ففي غربها على بعد 5 كيلو مترات هجرة العشيشان من العزام
…
وفي شمالها هجرة الدوكة من العزام
…
وفي جنوبها على بعد 3 كيلو مترات هجرة الرشايدة من العزام، وفي بلدة العيساوية المباني السكنية لسلاح الحدود السعودي.
9 -
صديع: جنوب شرق العيساوية بنحو 10 كم وعلى جانب الخط الإقليمي إلى جهة الجنوب الغربي، وقد استوطن في هذا الموقع أسر من الهراجيف من العزام وأسر من عيال الخصي من الحلسة.
10 -
هجرة المزاودة: على جانب الخط الإقليمي إلى جهة الجنوب الغربي بـ 26 كم شمال غرب طبرجل وفيها أسر من المزاودة من الدفاف من الحلسة، ويقال: إن أول هجرة لهم كانت في هجرة البدع السالفة الذكر وقد هجروها فيما بعد إلى هذا الموقع وهي موالية لهجرة صديع من الجنوب الغربي.
11 -
هجرة الدغيشم: على جانب الخط الإقليمي إلى جهة الشمال، وفيها أسرة الدغيشم من الحلسة، 25 كم شمال غرب طبرجل.
12 -
هجرة النعيم: على جانب الخط الإقليمي إلى جهة الجنوب، وفيها أسر من النعيم من الدفاف من الحلسة، 23 كيلو مترا شمال غرب طبرجل.
13 -
هجرة الكحلا: على جانب الخط الإقليمي إلى جهة الجنوب، وفيها أسر من الكحلا من الدفاف من الحلسة، 22 كم شمال غرب طبرجل.
14 -
هجرة الخصي: على جانب الخط الإقليمي إلى جهة الجنوب وتستقطب معظم أسر عيال الخصي من الدفاف من الحلسة، 21 كم شمال غرب طبرجل.
15 -
هجرة ابن غيثة: على جانب الخط الإقليمي إلى جهة الجنوب وأول من
نزلها سعيد بن غيثه رحمه الله وفيها أسر من الصبحي من الحلسة وقد حوت أسرًا أخرى من الشرارات، ففي جزئها الجنوبي الغربي أسر من العمرو من الحلسة وفي جزئها الشرقي أسر من الحزالمة من الفليحان، وأسر الأذينات من الدباوين من الحلسة أيضًا، وهي شمال غرب طبرجل بـ 20 كم.
16 -
هجرة الميله والهزيّل: على جانب الخط الإقليمي إلى جهة الجنوب على بعد 2 كم وفيها أسر من الميلة والهزيل من الدفاف من الحلسة وتقع إلى الشمال الغربي من طبرجل على بعد 15 كيلو مترًا.
17 -
هجرة أويسط: على جانب الخط الإقليمي إلى جهة الجنوب، وقد سكن هذا المورد أسر من الدعيجاء
(1)
ثم أبدلوه بموقع آخر أقرب إلى مدينة طبرجل إلى جهة الشمال الغربي لا يبعد سوى ثلاثة كيلو مترات حيث أصبح هذا الموقع فيما بعد جزءًا من هذه المدينة.
18 -
مدينة طبرجل: سبق الحديث عنها.
19 -
هجرة الميسري: مورد سابق كما أسلفنا على جانب الخط الإقليمي وفيه أسر من القضباء واللغوب والرشايدة من العزام. وإلى الشرق منه وعلى بعد 5 كم تأتي هجرة طعيس الملعب وقد هاجر إليها: غريس الثريا من المفالحة من الفليحان ثم انتقل إلى ضواحي طبرجل فيما بعد.
20 -
هجرة النباج: مورد سابق كما ذكر على جانب الخط الإقليمي وفيه أسر الجريّد من الضباعين، وأسر البركات من الفليحان.
21 -
هجرة شيبة: مورد سابق على جانب الخط الإقليمي وفيه أسر من الدباوين من الحلسة.
22 -
هجرة الخشابية: شمال شرق طبرجل بنحو 30 كيلو مترًا وتقع في مبلج وادي الأعيلي وفيها مزارع لأسرة الجريّد الضباعين، وأسر أخرى من الشرارات.
(1)
الدعيجاء من عشائر الضباعين خلاف الدعاجين الحلسة.
23 -
بلدة النبك أبو قصر: هجرة ومورد قديم كما أشرنا، وأرض هذا المورد غير صالحة لكثير من المزروعات مما حدا ببعض سكانه إلى الهجرة إلى مدينة طبرجل وأقام البعض الآخر من هذه البلدة بـ 6 كيلو مترات ومزارع أخرى في أبو دويد شمال غرب النبك بنحو 6 كيلو مترات أيضًا.
24 -
هجرة الجراوي شغار: صبيحاء سبقت الإشارة إلى هذه الموارد، وقد أقيمت هجرًا على هذه المواقع إلا أن هذا التهجير لم ينجح لعدم صلاحية أرضها للمزروعات الموسمية.
25 -
أبو عجرم: وهو نقطة التقاء خط الجوف، تبوك، القريات جنوب شرق طبرجل بـ 130 كيلو مترًا، وقد انتقلت إليه أسرة الدويرج من الفليحان بعد تركها هجرتها السابقة على مورد الجراوي.
26 -
بلدة ميقوع: وهو المورد السالف الذكر على جانب الخط الإقليمي جنوب غرب أبو عجرم بنحو 20 كم، وقد اختير مرتفعًا عن الرمال لبلدة ميقوع خارج هذا المورد إلى الجنوب الغربي بنحو خمسة كيلو مترات، وأغلب سكانه من عشيرة الفليحان.
فروع الشرارات من كلب بن وبرة
ذكر العلّامة حمد الجاسر:
في معجم
(1)
قبائل المملكة العربية السعودية عن قبيلة الشرارات كالتالي: (الشرارات واحدهم شراري) وبطونهم:
أولًا: الحُلَسة واحدهم حُليسي وفيهم:
(أ) الصبحي وأفخاذهم: الدعاجين، الدوابسة، النواوقة، العجيلات، الصوالحة، الهلاكين، المضاحكة.
(ب) الرشايدة.
(ج) الصبيحات.
(د) الدباوين.
(هـ) القوينات.
(و) العمرو.
(ز) الصباحنة.
(ح) الدفاف.
ثانيًا: الضباعين واحدهم ضباعين وفيهم:
(أ) الخميس وفيهم فخوذ الجريِّد، الضبعانيين، الدعيجا.
(ب) العويمرة وأفخاذهم الحميدان، الحمدان، الحماد.
(ج) العيد.
(د) المقبل.
(هـ) القرية وأفخاذهم: الحمارين، الموانعة، العطية.
(1)
معجم قبائل المملكة العربية السعودية تأليف الشيخ حمد الجاسر منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة الرياض ص 339 وإضافات بكتاب شمال غرب الجزيرة ص 45 لحمد الجاسر.
(و) الرهيدات.
(ز) الصواوية
ثالثًا: الفليحان واحدهم الفليحاني وفيهم:
(أ) السَّليم وأفخاذهم الدويرج، الليمون، الصوالحة، الحزالمة، الدقايقة، المعاقلة، المهرمس، الحميد.
(ب) الجوابرة وأفخاذهم اللحاويين، المفالحة، العتايقة، الدليهان، البركات.
رابعًا: العزام (*) وفروعهم:
(أ) المسند وأفخاذهم: الخيايلة، الفليوات، الهموش، الحويان، الضريمان، الدليمان، السنيد، الرويلان، العشيشان.
(ب) الماضي وأفخاذهم: الوردة، النصار، الخضير.
(ج) الحمود وأفخاذهم: النعيم، البحّان، النصيري.
كما ذكر تفصيلًا للأستاذ/ عبد الله بن قاسم النواق ذكر فيه عن فروع قبيلة الشرارات: تنقسم الشرارات إلى أربعة بطون هي:
(1)
الفليحان وهم ينقسمون إلى قسمين:
(أ) الجوابرة وتنحصر مشيختهم بعشيرة اللحاوي وإليه مشيخة الشرارات عامة بالوقت الحاضر.
(ب) السليم: وتنحصر مشيختهم بعشيرة الدويرج.
(2)
العزّام وتنقسم إلى العشائر التالية:
(أ) الماضي وتنحصر مشيختهم بعشيرة الوردة.
(ب) المسند وتنحصر مشيختهم بعشيرة الخيال وفيهم مشيخة العزام.
(ج) الحمود.
(*) ومن العزام فرسان وعقداء منهم الهمش والخيّال والدليمان والفليو والشرعي والحويان والوردة والسنيد والجعيري والسمول والأقرع.
3 -
الضباعين وتنقسم إلى أربعة أفخاذ هي:
(أ) الخميس.
(ب) العيد.
(ج) العويمرة.
(د) القرية.
4 -
الحلسة وتنقسم إلى الأفخاذ التالية:
(أ) الصبحي.
(ب) الصبيحات.
(ج) الرشايدة.
(د) الدباوين.
(هـ) القوينات.
(و) العمرو.
(ز) الدفاف.
وتنحصر مشيخة الحلسة بعشيرة الدعاجين من فخذة الصبحي.
انتشار الشرارات في الأردن وسوريا وفلسطين ومصر
- في تاريخ شرق الأردن سنة 1935 م/ 1353 هـ، تأليف فريدريك ج. بك.
في ص 489 ذكر: أن العوران ضمن عشيرة الحميدات فهب الطفيلة بمنطقة الكرك من الشرارات من بني كلب القحطانية، وحمولة أبو جابر من عشيرة الزيود من بني حسن بمنطقة عجلون فرع منهم.
وفى ص 505 ذكر أيضًا أن الرواشدة من الشرارات من بني كلب القحطانية ويقطنون في قرية عي ولهم أقارب في قريتي قميم والكته بعجلون يقال لهم الرواشدة أيضًا، وقد ذكر الرواشدة هؤلاء ضمن عشيرة البرارشة بمنطفة الكرك والطفيلة.
وفى ص 506 ذكر أيضًا أن الخليفات فرع من الشرارات، وقد ذكرهم من قبائل الكرك
…
وغيره الكثير من عشائر كلب التي تجتمع مع قبيلة الشرارات في أصل وأرومة واحدة تنتشر في سوريا والأردن ولبنان وفلسطين.
وفي مجلة العرب السعودية ذكر بحثًا مطولًا
(1)
عن العزازمة وقد رجح نسبها إلى بطن العزام من الشرارات من كلب
(2)
ومن فروعها في صحراء النقب بفلسطين ذكر العشائر التالية: المحمديون، الصبحيون، الصبيحات، الزربة، الفراحين، المسعوديون، العصيات، السواخنة، المريعات، السراحين؛ كما ذكر من العزازمة في الديار المصرية أشهر السواخنة والمحمديون في الشرقية والقليوبية وفى سيناء المناصير والصبحيون. وكذلك عائلة آل عزام الشهيرة بالجيزة بوادي النيل بمصر.
أما في الأردن فهم كالتالي:
1 -
آل عزام في الوسطية من بلاد عجلون شمال الأردن.
2 -
البشايرة ويقطنون كفر أسد من قرية الوسطية أيضًا.
3 -
الدغيمات في قرى حوفا وكفرعان والخراج وصما من قرى الوسطية.
4 -
الحجايرة ويقطنون في قضاء الزويّة في سوريا.
5 -
آل أبو هنطش ويقطنون في فضاء طول كرم في فلسطين المحتلة.
(1)
مجلة العرب ج 11، 12 ص 29 الجماديان 1415 هـ تشرين 3 كانون أكتوبر، نوفمبر 1994 م سبب العزازمة وفروعهم لراشد بن حمدان الأحيوي المسعودي ص 736.
(2)
ولقد ذكرت في المجلد الأول من الموسوعة أن العزازمة من بقايا جرم بن ربان من قُضاعة وفقًا لما ذكره عارف العارف اعتمادًا على الدباغ، والراجح أن معهم خليطًا من جرم وغيره من قُضاعة وخاصة بني كلب ولا نخالف نسبهم للشرارات إذا قويت الحجة على ذلك من أي باحث آخر.
وفى سوريا كالتالي:
ومنهم الحجايرة في الزويّة الآنف ذكرهم، ومنهم آل عزام ذكرهم سعيد الصغير في ذكر عشائر الدروز في جبل العرب في سوريا فقال: آل عزام نوح حظار عزام من معاصر الشوف بلبنان إلى عاهره ومنها تفرقت العشيرة إلى نجران والدور رحما ثم استقرت في تعارة والدويري، ثم نزح أيضًا ابن عمهم حسين عزام من المعاصر إلى عاهر (عريقة) ولم يزل نسله فيها فقسم منها بصلاخد وفروع طرودي عزام في الخرسا.
- وفي كتاب اكتشاف جزيرة العرب قال مؤلفه:
(. . . . غادر غورماني أخيرًا جبل شمّر عائدًا بخيله في الطريق التي كان قد سلكها من جهتها الأخرى مهنئًا نفسه بالاستقبال اللطيف الحي الذي لقيه في البقعة الواقعة تحت حكم طلال بن رشيد، وكان أعظم خطر تعرض له في رحلته ينتظر في وادى السرحان، فقد كان سائرًا مع قافلة مؤلفة من مائة واثنين وتسعين مسلحًا متوجهين إلى حوران، ولكن نفرا من البدو من أفراد قبيلة الشرارات اتفقوا على سلب القافلة فأغاروا عليها يهزون الصفائح ويطلقون النار، ولكن القافلة بلغت المحطة بعد أن فقدت رجلين وجرح منها عشرة، ونهب كل ما عندها، وأصبحت في حالة يُرثى لها، فوزع غورماني على من في القافلة خمسين كيلًا من البلح وساعد في مداواة الجرحى الذين توفي أربعة منهم.
- وفي كتاب الشرارات (بنو كلب) ذكر عبد الله النواق التالي:
في مخطوطة لمؤلف مجهول عنوانها: كيف ظهر شيخ الإسلام الشيخ محمد عبد الوهاب وقد حفظت بالمكتبة الوطنية بباريس تحت رقم 6061 وحققها الدكتور عبد الله صالح العثيمين بجامعة الملك سعود - هذا النص هو عن قبيلة الشرارات عامي 1207 هـ، 1208 هـ وهو كما يلي:
"الفصل الثامن والثلاثون
…
في غزوة شيخ الجبل
(1)
شيخ على ناحية الجوف على عرب عندهم تسمى الشرارات وكان عسكره أربعمائة ذلول وخمسين.
(1)
شيخ الجبل: هو محمد بن عبد المحسن بن علي - لعب دورًا مهمًّا في منطقة جبل شمّر وما يليها.
خيالًا فسار ومشى عليهم وقارب الجوف، فأخذ جمالها وسار، ولما وقع الفزيع
(1)
ثاروا عليه وكسروه وقتلوا من عساكر الشيخ تسعين رجلًا وأخذوا منهم أسرى، وأما الشيخ بقي يومان بالمعركة وهو متنكر ومتخفٍ لأنه كان طرح كسوته عنه حتى لا يعرف
…
ودخل على امرأة بحسب العادة عندهم وهي لا تعرفه ودخل معه بقدر خمسة عشر من قومه، أما المرأة فأجارتهم وهربتهم
(2)
بالليل".
(انتهى النص الأول)
أما النص الثاني ففي العام الذي يلي هذا الغزوة. فقد جاء في نص المخطوطة ما يلي:
"وثاني
(3)
سنة غزاهم شيخ الجبل في ألفي رجل وكان مع ابن معيقل
(4)
فذبحهم وسبى أموالهم وأخذ بثأره" انتهى النص
(5)
.
وثمة نص آخر في الأطلس
(6)
التاريخي للدولة السعودية جاء فيه:
وفي الشمال الغربي غزا سعود
(7)
الشام مرتين الأولى عام 1212 هـ/ 1797 م وليس لهذه الغزوة من سبب ظاهر سوى معاقبة سعود لعربان الشرارات وكانوا قد ضايقوا حجيلان بن حمد أمير القصيم، والثانية سنة 1225 هـ/ 1810 م وهي غزوة بعيدة المدى وصل فيها سعود منطقة حوران على مشارف دمشق.
وفي مخطوطة (الدرر المفاخر في اخبار العرب الأواخر) للشيغ محمد البسّام التميمي النجدي المتوفي عام 1246 هـ، وقد انتهى المؤلف بتأليفها بناء على طلب السيد/ كلوديس حميز ريتشن ريك المقيم البريطاني بالبصرة وبغداد وكان يتقن اللغات العربية والتركية والفارسية وقد اقتنى عددًا من المخطوطات النفيسة المحفوظة
(1)
الفزيع: الذين هبوا للنجدة.
(2)
هربتهم: أي قبلت لجوءهم إليها ثم تركتهم يذهبون.
(3)
ثاني سنة: في السنة الثانية.
(4)
هو محمد بن معيقل وكان أميرًا لشقراء وأحد قادة الدولة السعودية الأولى العسكريين.
(5)
كانت هذه الغزوة عام 1208 هـ.
(6)
الأطلس التاريخي للدولة السعودية: وضع مادته التاريخية وخطوط رسومه وأشكال خرائطه بتكليف من معالي ورئيس مجلس إدارة الملك عبد العزيز رحمه الله.
(7)
سعود: هو الأمير سعود بن محمد آل سعود.
بالمتحف البريطاني في لندن. وقد كتب البسّام مخطوطته هذه بخط يده على ورق أبيض سميك بعض الشيء من صنع إيطالي يبلغ عدد ورقات المخطوطة 59 ورقة ومجموع صفحاتها 118 صفحة، وحفظت المخطوطة في المتحف البريطاني بلندن تحت رقم AU 7358 وقال عن الشرارات:
[منهم الشرارات القول فيهم أنهم زبدة أولي الطنب والحمات الصاحب بالجنب، يسعد المستعين بهم ويشقى المستهين بهم، آثارهم معروفة وطرائفهم مألوفة، أقدم من السهام وأندى من الغمام، وفضلهم لا ينكر ومنعهم لا يكفر، سقمانهم ثلاثة آلاف وخيلهم خمسمانة، ومنهم قبائل لم يجر ذكرهم ولا أحطنا على تفصيلهم والوقوف على أمرهم]. انتهى النص
وفي ص 22 من الكتاب ذكر النوّاق قائلًا:
فإن قبيلة الشرارات من القبائل القوية ويؤيد ذلك ورودها ضمن خطة الدولة العثمانية بعد دخولها الحرب مع الإنكليز، وهي الوثيقة الصادرة عن وزارة الخارجية البريطانية، وقد حصلت عليها دارة الملك عبد العزيز بالرياض وتم نشرها وتقضي الخطة بالآتي:
1 -
يقوم الزعماء المحليون في شبه الجزيرة العربية بإعلان الجهاد ضد بريطانيا.
2 -
يتولى الأمير عبد العزيز آل سعود الدفاع عن البصرة وبغداد إزاء أي تقدم تقوم به القوات البريطانية في جنوب العراق.
3 -
يقوم الأمير سعود آل الرشيد بالتعاون مع قبائل الروّلا (عنزة) والحويطات وبني صخر والشرارات وبقية القبائل العربية المجاورة لسكة حديد الحجاز بالزحف على سيناء ومصر.
4 -
يقوم شريف مكة وإمام اليمن والسيد الإدريسي بحماية سواحل البحر الأحمر والدفاع عن الأماكن المقدسة وبقية المدن والموانئ في الحجاز واليمن.
وفي القرن الرابع عشر الهجري أيضًا. كانت غزوة علاقان في جبال حِسْمى .. عندما تعرض أمن المنطقة الشمالية الغربية لتمرد صاحبه نهب وسلب
من بعض القبائل هناك
…
فقد أشار إبراهيم النشمي وهو أمير متمرس شغل إمارة الجوف
…
أشار على الإمارة وبحضور عبد الله بن عقيل
(1)
بأن يكلف بشير بن ضبيعان أحد عقداء قبيلة الشرارات بمهمة إعادة ما سلب بعد أن استعصى ذلك على حملة أرسلت من نفس القبائل التي تعرضت للاعتداء
…
فلبى هذا الرأي أمير الجوف في ذلك الحين وهو الأمير تركي أحمد السديري رحمه الله والذي طلب بدوره الإذن من المقام السامي بالموافقة على غزوة علاقان، فجاءت البرقية من الرياض بالموافقة، عندها أرسل الأمير تركي أحد خويا الإمارة واسمه محمد بن بشير إلى بشير بن ضبيعان لإبلاغه بأمر حكومته وعند حضوره كان من الجالسين أحد كبار خويا الإمارة واسمه عبد الله بن حمدان والذي رافق الحملة فيما بعد، حيث قال هذا الأخير موجها الكلام إلى بشير بن ضبيعان: (جت برقية من معزبك
(2)
لغزوة علاقان إذ بك وحدة) .... فقال: (بي وحدة وثنتين وثلاث. . .).
وعندها أبلغ ابن ضبيعان الشرارات بالأمر واجتمعوا على مورد أويسط
(3)
وقام حامد الهمط
(4)
بذبح إحدى إبله فوزعها على تجمعات الحملة وكان يصحبهم اثنا عشر ذلولًا من (خويا) الإمارة برئاسة عبد الله بن حمدان كما أسلفت وقد قيل في ذلك شعر كثير ومن ذلك قصيدة للشاعر صالح المصنت الشراري في سياق قصيدة ولاء قالها في ولاة الأمر أيدهم الله بنصره .... إذ قال:
وإلى دعيتونا على الأمر حضار
…
ناصل إلى لزمت عقيل عقلها
عهدًا نجدد به تواريخ الأدوار
…
يرسي على جد السنين وسملها
والله ثم أنتم شهودًا بما صار
…
وتشهد لنا حِسْمى ومدخل جبلها
جبنا الطلب بافراح ظفرات الأنظار
…
بكيد ونكد ما هو رداء بأهلها
(1)
أمير سابق للجوف، انظر كتاب شمال غرب الجزيرة 41 حمد الجاسر.
(2)
معزبك: يقصد الملك عبد العزيز آل سعود - غفر الله له وطيب ثراه.
(3)
أحد موارد وادى السرحان غرب طبرجل بـ 6 كيلو مترات.
(4)
حامد الهمط: من فخذ الدباوين إحدى بطون الحلسة
…
قام في إحدى السنين بتوزيع إحدى رعاياه من الإبل وهي الحمر وعددها 84 ناقة على المحتاجين من قبيلته!!
لمحة عن دور الشرارات في العهد العثماني
كان لقبيلة الشرارات علاقات حسنة مع الأتراك العثمانيين، وكان للشيخ سليم اللحاوي حظوة كبيرة عند السنجق التركي في منطقة الهلال الخصيب.
وقد قام الأتراك بتمليك منطقة سحاب
(1)
وما جاورها من الأراضى شرق عمّان إلى الشيخ سليم اللحاوي وقد حصل على صك ملكية
(2)
من السنجق العثماني في الشام ودفع بالفعل مبلغا من المال كرسوم لملكيتها إلى الدولة العثمانية.
ولكن قبيلة الشرارات قد تخلّت عن هذه المنطقة وامتنعت عن الإقامة فيها، لأن العرف السائد لدى بدو الشرارات يجعلهم ينفرون حينئذ من الاستقرار، وهذه سمة بدو الجزيرة العامة، ويعتبر الاستقرار أو الفلاحة عندهم لربما يعرضهم للمهانة والضغوط من الحكام العثمانيين وقتئذ. وقد أعجب الأتراك بإبل
(3)
الشرارات وطلبوا اقتناء الكثير منها لمساعدة عساكرهم في الجزيرة العربية على التنقل لحفظ الأمن لقوافل الحج والتجارة.
لمحة عن دور الشرارات في العهد السعودي الزاهر
قام الشرارات بدور طليعي وفعال في طور توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك/ عبد العزيز آل سعود رحمه الله وكان لهم أكبر الأثر في شمال غرب المملكة، وقد ساهموا مع بيارق ابن سعود في إخضاع بعض العناصر من بعض قبائل الشمال الغربي الذين لم يلتزموا بالأمن والأمان الذي فرضته ونادت به حكومة الملك عبد العزيز، فلما تمرد بعض العناصر وقد استمروا على عهد الجاهلية في السلب والنهب وعدم حفظ النظام، طلب ممثل الحكومة السعودية في إمارة الجوف وقتئذ من شيوخ الشرارات المساهمة الفورية والعاجلة فتحمّس هؤلاء الشيوخ بدورهم ونادوا بالجهاد فلبى على الفور فرسان الشرارات الأشداء لخوض غمار الحرب ضد المتمردين مع فيالق وطلائع الجيش السعودي القادم من قلب نجد،
(1)
سحاب تبعد عن عمّان بحوالى 30 كيلو مترا.
(2)
صك ملكية: يسمى وقتئذ (طاب).
(3)
وتتميز إبل الشرارات بسرعتها وقوتها وطول مداها على مستوى الجزيرة العربية. ويحكى أن أحد الأعيان اسمه مِصْوَل اللحاوي من الشرارات اختلف مع أمير تيماء التابع لحكم آل سعود في مسألة الزكاة في بداية العهد السعودي أيام الملك/ عبد العزيز آل سعود، فوصل هذا الرجل إلى الملك عبد العزيز بالرياض على هجن شرارية نجيبة خلال يومين ونصف وحصل على أمر ملكي من ابن سعود بإعفاء عشيرة اللحاوي أو ترك الخيار للشيخ اللحاوى بإعفاء من يرى من الفقراء من زكاة المال وعاد في مثل وقت ما ذهب وقدم الأمر إلى أمير تيماء، فتعجب ولم يصدق لأنه رآه منذ خمسة أيام في تيماء، ولكنه لما تحقق من خاتم الملك تيقن من الخبر.
وقد اعتمدت هذه الحملات في مناطق الشمال على قبيلة الشرارات بصفة أساسية وفعّالة لما يمتلكه هؤلاء البدو من الإبل الوفيرة السريعة العدو لتمكين القوات من سرعة التنقل حاملة ذخائرها وتموينها، وثانيا وهو الأهم لجرأة فرسانهم وثباتهم في الحرب والقتال أمام العدو. وبرز من قبيلة الشرارات في هذه الحملات الفارس بشير بن ضبيعان
(1)
من الضباعين وكان عقيد حرب عن قبيلته وتابعًا للدولة، وقد كان له دور مشرف في تأديب هؤلاء العصاة وإخضاعهم، ومن ثم تثبيت منهاج الحق والشرع الإسلامي والسير على مبادئ الدين القويم، وكذلك برز من قبيلة الشرارات في توطيد الأمن في المنطقة الشمالية الفارس والعقيد بشير الأشدف من الضباعين وكذلك الفارس والدليلة المشهور مقبل بن مطرود من العزام من الشجعان، حيث كان لهما دور بارز وماضٍ مشرف بقيامهما بمهمات كبيرة لمكافحة الإجرام أيام الحركات التي حاولت العبث بأمن البلاد أثناء توحيد المملكة، وكانت هذه الخدمات الجليلة من الشرارات محل الثقة والتقدير من جانب حكومة الملك/ عبد العزيز رحمه الله لهذه القبيلة وإعطائها جانبا كبيرًا من الاهتمام، حتى غدت ديارها من أزهى مناطق الشمال في خلال عقود قليلة من الزمان في عهد خلفاء الملك/ عبد العزيز أيدهم الله بنصره لرفعة هذه البلاد الكريمة والعزيزة.
وأقول: إن هذا التأييد من جانب قبيلة الشرارات وكونها تعد من أبرز القبائل في الجزيرة العربية؛ والتى سارعت ولبت نداء الجهاد مع صقر الجزيرة الملك/ عبد العزيز ليدل دلالة واضحة على الحس الوطني العربي الأصيل؛ والولاء لباعث نهضة هذه الأمة، وابن هذه العائلة الكريمة (آل سعود)، الذين ظلوا مئات السنين يجاهدون من أجل هذه الغاية، وتطبيق الشريعة، وتوحيد الجزيرة، حتى تحقق بعون الله سبحانه وتعالى على يد هذا الأسد، والذي نصره الله وأعزه ليقود هذه القبائل المتناحرة، ويوحد كيانها في دولة فتية عربية شامخة، تفيض فيها الخيرات على قدومه وتزدهر البلاد وتنعم، في عصر هو بحق من أزهى العصور على بلاد الحرمين وعلى أنحاء جزيرة العرب، وهكذا كان حدس الشرارات صحيحًا في صدق دعوة الملك عبد العزيز، وقد صدقوا معه مثل كثير من القبائل التي حاربت بجانبه.
(1)
أهم المعارك التي شارك فيها معركة (علّقان) الشهيرة بالقرب من حقل على خليج العقبة.
أدلاء الشرارات وبنو كلب
ذكر الأستاذ روكسي العزيزي
(1)
فصلًا مهمًّا عن الأدلاء فقال:
اشتهرت قبيلة الشرارات بالأدلاء الماهرين الأمناء الشجعان إذ لا يكاد يمر رحالة في ديارهم إلا كان دليله من الشرارات إذ لم يكن قطع تلك الديار بالأمر السهل، لما كان المطوف بها يلقى من قطاع الطريق أو الغزاة من يلحق به أذى. لأن البلاد كانت علاقة قبائلها بعضها ببعض علاقة عداء تحيتها السيف والرمح، إلى أن مَنّ الله عليها بالأمن والاستقرار والأخوة والحمد لله، فوق هذا فارضها واسعة وفيها مجاهل لا يعرفها الا الخبير.
واستطرد العزيزي عن ذكر أدلاء كلب
(2)
التالي ذكرهم:
1 -
حمل بن سعدانة وقد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فعقد له لواء، وشهد حمل مع خالد بن الوليد مشاهده كلها وهو الذي صرفه عن أرض كلب وهو القائل:
لبث قليلًا يدرك الهيجاء حمل!
2 -
عبد الجبار بن يزيد بن ربيعة بن حصن وهو دليل يزيد بن المهلّب الذي يقول:
إلا جعل الله الأخلاء كلهم
…
فداء على ما كان بن المهلّب
3 -
مالك بن زيد بن مالك بن كعب بن عليم من أشراف بني عليم بن جناب، وقد قتل مالك يوم صفين مع معاوية ومعه اللواء.
4 -
المسوّر بن عوف بن أنيف دليل عبد الله بن إسحاق بن الأشعث أخذهما عبد الملك بن مروان فقتلهما.
5 -
الزعبل بن عصام بن حصين بن مدلج بن حارثة اللص الذي يقول فيه رجل من تيم الله بن ثعلبة (مخافة الليل للزعبل بن عصام).
6 -
حرملة بن القمع بن كعب امرئ القيس دليل كلب.
7 -
العكبش بن حنظلة أحد دليلي حريث بن بحدل حيث أغار على فزارة فقتلهم والدليل الأخ المأموم بن زيد.
(1)
انظر ص 75 كتاب الشرارات - روكس بن زائد العزيزي.
(2)
عن جمهرة لنسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي تحقيق محمود فردوس العظم.
وكنانة من كلب حماة الشام وبدوها الذين لهم الخفارات على قرى الشام ومدائنها ومن شعرهم:
نحن الليوث إذا حُمسنا في الوغى
…
والحلم شيمتنا إذ لم نُحمّس
نحن الصخور فمن يحاول عضها
…
يفلل نواجزه عليه ويضرس
نحن البحور فمن يحيط بموجها
…
تضرب عليه سمامها الغلنطس
عَلِم القبائل من نزار كلها
…
ما ضَرْبنا وطعاننا بتجلس
أعداؤنا لم يسلموا وحريمنا
…
لم تستبح وتراثنا لم يعمس
فأبا غنيم إنني لك ناصح
…
فأجلنا وبعزنا فتفرس
وأجل هجاءك في لئام محارب
…
أو في بني عجلان أو في فقعس
اتحيط منا هاشما لتجيرها
…
هذا لعمرك انكس المتنكس
وقُضاعة رأس الرئيس فأنتمو
…
بيض متى يقرع به يتفقس.
الإبل الشرارية
(1)
في جزيرة العرب
أولًا الإبل الكلبية:
اشتهر عند كلب نوعان من الإبل:
1 -
الإبل الحمر: وهي الإبل التي تشتهر بسرعة الجري
(2)
.
2 -
الإبل الصفر الجعاد: وهي الإبل التي تشتهر باللبن، وهذه عندهم من التلاد وما سواها من أصناف الإبل عندهم، ولازالت هذه السلالات وصفاتها في إبل الشرارات، وصفاتها وسلالتها موروثة حافظوا عليها منذ عهود قديمة، وسأتطرق لكل منها في موضعه
(3)
.
(1)
عن كتاب الإبل لسليمان الأفنس الشراراي طبعة 1412 هـ ص 143.
(2)
قال زهير بن جناب الكلبي سيد قبائل قُضاعة كلها: (فالقت بعرنان الجران منيحه)، وقال أيضًا:(فكلهم أعددت تيحًا تغازله الأجرة).
(3)
وصفتها السواد والأحم الأسود يقال (حم الذرى) قال غاصب الأصوغ الشراري:
لعيونك يا حم الذرى سود الانكاب
…
ما طاح منا طاح منهم بداله.
وهذه تسمى المجاهيم أيضًا وهي ذوات اللون الأسود وهو من الجهمة وهي آخر الليل. ومن أقوال الشرارات: (البل زغبة) ومعروف إن زغبة بطن من بني القين من كلب من قضاعة.
الصفر الجعاد: كانت عطايا سادات العرب العظيمة الإبل، وعليها سار الخلفاء فخلفاء بني أمية أفضل عطاياهم وأعلاها ابل كلب. وتذكر لنا الأخبار ما جرى مع ابن ميادة والخليفة الأموي الوليد بن زيد حينما كان في أباير وهو موضع كان الوليد ينزله في الربيع حينما قال ابن ميادة:
امرك أني نازل بأباير
…
لصوار مشتاق وأن كنت مكرما
أبيت كأني أرمد العين ساهرا
…
إذا بات أصحابي من الليل نوما
فقال الوليد يا ابن ميادة كأنك عرضت من قربنا فقال: ما مثلك يا أمير المؤمنين يعرض من قربه ولكن:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
…
بحرَّة ليلى حيث ربتني أهلي
وهل أسمعن الدهر أصوات هجمة
…
تطالع من هجل خصيب إلى هجلِ
بلاد بها نيطت على تمائمي
…
وقطعن عني حين أدركني عقلي
فإن كنت عن تلك المواطن حابسي
…
فأيسر علي الرزق وأجمع إذا شملي
فذكر له ولدانا بنجد إذا استطعموا الله عز وجل وإذا استسقوه سقاهم. . . إلخ فقال الوليد: وأما السقي فلا أرى مائة لقحة الا سترويهم فأمر له بمئة من الإبل من صدقات بني كلب، فلما أتى الحول أرادوا أن يبتاعوها له من الطرائد، وهي الغرائب وإن يمسكوا التلاد، فقال ابن ميادة:
ألم يبلغك أن الحي كلبًا
…
أرادوا في عطيتك ارتدادا
وقالوا إنها صهب وورق
…
وقد أعطيتها دهمًا جعادا
فعلموا أن الشعر سيبلغ الوليد فيغضبه فقالوا له انطلق فخذها صفرا.
الجروية: أبل نسبها إلى جروة، وهم من بني القين من الأسبع من كلب بن وبرة من قضاعة من القحطانية
(1)
.
قال البعيث:
وجروية صهب كأن رءوسها
…
محاجن نبع في مثقفة عصل
تجاوزن من جوشين كل مفازة
…
وهن سوام في الأزمة كالإجل
(2)
(1)
النقائض ج - ص 135.
(2)
جوشين أراد جوشًا فثنى به، وجوش اسم قديم لما يعرف اليوم بالطبيق. وهما جوش الأعفر وجوش الأسمر وهما من مساكن بني كلب القضاعية.
الأصول اليمانية للنجائب الشرارية
ذكر الأصول اليمانية: تشتهر القبائل بنجابة الإبل وخاصة قبائل قُضَاعة، ومن كرام إبلهم نسبة إلى مُهرة بن حيدان من قُضَاعة، قال الشاعر:
بعيد مساف الخطو غوجُ شمردل
…
يقطع أنفاس المهاري تلاتله
وقال المضرب:
وشدت على حدب المهارى رحالنا
…
ولا ينظر الغاد الذي هو رائح
العيدية: نسبة إلى بني عيد بن مُهرة حي من قُضَاعة. قال مزاحم:
وتحتي من بنات العيد نضو
…
آخر بنيه سير هجاج
وقال الشاعر:
ينضج بالبول والغبار على لا
…
فخذيه نضج العيدية انجلا
الأرحبية: نسبة إلى بني أرحب بن الدعام من هَمَدَان من القحطانية.
الصدفية: والجرمية، والداعرية: منسوبة إلى داعر، وهو فحل منجب أو إلى قبيلة من بني الحارث بن كعب بن وعلة بن جلد من مَذْحِج من القحطانية، وهو داعر ابن الحماس الحارثي.
المجيدية: وتنسب إلى مجيد بن حيدان من قُضَاعة.
أورد الفيومي في المصباح: مجيد اسم رجل أو اسم فحل إلى أحدهما نسبت الإبل المجيدية.
وقال الأزهري وهي من إبل اليمن.
الصيعر: وإليها تنسب الإبل الصيعرية رفه من بلحارث بن كعب بريدة الصيعر من القحطانية وإليها تنسب الإبل الصيعرية وفيها يقول طرفة:
وبالسفح آيات كأن رسومها
…
يمان وشته ريده وسحول
وقيل الصيعرية ميسم كل للملوك، قال المسيّب بن علس الضبعي:
كميت كناز اللحم أو حميرية
…
وناج عليه الصيعرية مكدم
وقال كثير (عزة):
نجد القول الحلبي وتمنطي
…
إليك بنات الصيعري وشدقم
قال أحد الشرارات:
يا راكبًا حمرًا طواها الحيالي
…
منوه غريب ناصيًا دار حيه
حمرًا تذب الذيل وسر الغزالي
…
تزهى معاليق الغوي صيعريه
السكسكية: إبل للحمل إلى السكاسك من القبائل اليمنية.
إبل صهابية: وجمل صهابي منسوبة إلى صهاب فحل في شق اليمن.
قال طرفة البكري:
صهابية العثنون موجوده القرا
…
بعيدة وخد الرجل ومواردة اليد
وقال الهُذَلي:
القوم تعلو بهم صهب يمانية
…
فيض عليه لذيل الريح نميم
وقال كثير:
يتوق العتاق الحميرية صحبتي
…
بأعيس نهاض على الأين مرجم
قال الكُمَيْت:
غريرية الأنساب أو شدقمية
…
يصلن إلى البيد الفدافد فدفدا
والإبل الشرارية كما تحدثت بعض الكتب من سلائل نجائب الإبل العربية وعودة لذكر تلك النجائب.
"وذكر أن في الإبل ما هو وحشي وأنها تسكن أرض وبار، وهي غير مسكونة بالناس وتسمى الإبل الوحشية (الوحشي) ويذكرون أنها من بقايا إبل عاد وثمود
(1)
.
ويذكر أن أحد الأعراب وضع أحد نياقه لتهجينها من إبل وحشية وله في ذلك قصة طويلة. . .، وقال إن الإبل المهرية من ذلك الجمل، وهى إبل ملأت شهرتها الآفاق، وما يزال أعراب الصحراء الكبرى بالجزائر يطلقون اسم المهرية على الإبل الجيدة وجمعها مهارى.
ويذكر العرب أن (الوحشي) الوحشية من الإبل وغيرها منسوبة إلى بلاد الجن من وراء رمل (يبرين) لا يمر بها أحد من الناس. وقيل هم من بني الجن وقيل هي فحول جن تزعم العرب أنها ضربت في نعم بني مهرة بن حيدان فنتجت النجائب المهرية من تلك الفحول الوحشية فنسبت إليها فهي لا يكاد يدركها التعب
(2)
.
ويقسم أهل الأخبار الإبل ثلاثة أصناف: يماني، وعرابي، وبختي. فاليماني: هو النجيب وينزل بمنزلة العتيق من الخيل. والعرابي: كالبرذون والبختي: كالبغل
(3)
. والإبل النجيبة لا توازى عند العرب بثمن، وتعد مقياس الثراء والجاه والغنى عند العرب
(4)
وقالت العرب: الحمر من الإبل أطهرها جلدًا. والورق أطيبها لحمًا. والخور أغزرها لبنًا
(5)
. وقد قالت بعض العرب: الرمكاء بهياء، والحمراء صبراء، والخوارة غزراء
(6)
؛ والإبل من حيث الأصالة والعرق أجناس وأصناف فيها الإبل الأصيلة التي يفتخر أصحابها بها، ويضنون على غيرها بها ولا يعطون منها لأحد؛ وفيها الإبل الرخيصة من الصنف الرديء المعدود للبيع لخساسة جنسه ولعدم نجابته، كانوا لا يبيعون الإبل النجيبة إلا عن اضطرار ويسمونها الحرائز. ذكر علماء اللغة أن الحرائز من الإبل التي تباع. وفيها المثل "لا حريز من بيع"
(7)
.
(1)
عن المفصل للدكتور جواد علي.
(2)
نفس المصدر السابق.
(3)
نفس المصدر السابق.
(4)
نفس المصدر السابق
(5)
نفس المصدر السابق.
(6)
نفس المصدر السابق.
(7)
نفس المصدر السابق.
وخير الإبل عند العرب الحمراء
(1)
؛ والإبل الصهباء من الإبل الجيدة الشريفة في نظر العرب، قال ابن الأعرابي: تقول: قريش الإبل صهباء وأدمها، يذهبون في ذلك إلى تشريفها على سائر الإبل وقد وضحوا ذلك بقولهم خير الإبل صهبها وحمرها فجعلوها خير الإبل
(2)
.
ومن المسميات القديمة لنجائب الإبل العيدية، ما يزال لها ذكر منذ القدم إلى اليوم. قال المرار بن منقذ:
ولقد تمرح بي عيدية
…
رسلت السوم سبتاه جر
(3)
وقال مزاحم العقيلي:
وتحتي من بنات العيد نضو
…
آخر بنية سير هجاج
والهجن الحمراء من المسميات المعروفة قديمًا ومن أفضل نجائب الإبل المعروفة للآن، قال مزرد:
هجانًا وحمر معطرات كأنها حص
…
جعي مغوه ألوانها كالمجاسد
ومن هذا الإيراد الموجز لنجائب الإبل العربية نجد أن هذا التسجيل التاريخي القديم للإبل في أشعار العرب ما زال واضحًا ومتناقلًا في شعرهم إلى هذا اليوم، فنجد أن النجيبة اليمانية من أفضل الهجن وكانت مضرب المثل في الإبل، وقد نجد حتى هذا العصر قرائن وأدلة قوية على أن النجيبة الشرارية هي من سلالة النجائب اليمانية القديمة؛ لأن للعرب اهتمامًا كبيرًا بالمحافظة على نجائب الإبل منذ القدم وإلى اليوم للظروف التي فرضتها عليهم طبيعة حياتهم البدوية. فإذا نظرنا إلى الإبل الشرارية مقارنة بإبل كلب نجد أن إبل كلب مضرب المثل وخير لذلك القصة التي أوردت للشاعر الذي امتدح الخليفة الأموي فوهبه مائة من الإبل من خير أنعم كلب
(4)
.
(1)
عن المفصل للدكتور جواد علي.
(2)
نفس المصدر السابق.
(3)
في شرح المفضليات تحقيق علي محمد البجاوي.
(4)
انظر كتاب شمال غرب الجزيرة للعلَّامة حمد الجاسر، مجلة العرب ج س من أخبار الشرارات لأبي عبد الرحمن الظاهري.
فنجد أن هذه النجابة والشهرة في الإبل مازالت سلالتها في إبل الشرارات الكلبية مضرب المثل بين قبائل العرب في الجزيرة العربية في نجابة الإبل.
وكثير من النجائب المشهورة تعود في سلالتها إلى الإبل الشرارية كما توضحه أشعار وأخبار وقصص القبائل العربية.
ونجد من إبل العرب القديمة: العيدية: فوق كرام النجائب منسوبة إلى العيد فحل منجب. أو العيد من مهرة من قُضَاعة من القحطانية تنسب إليهم الإبل المهرية، قال ذو الرّمة:
فرجت عن جوفة الظلما يحملني
…
غوج من العيد والأسراب لم ترد
(1)
وقد تكون العيدية منسوبة لفخذ من بني كلب، إلى العيد من بني ضبع الأسبع من كلب بن وبرة من قُضَاعة من القحطانية، ولذكرها من نجائب إبل كلب، قال رذاذ الكلبي:
ظلت تجوب بها البلدان ناجية
…
عيدية أرهنت فيها الدنانير
وذكرت أيضًا كسلالة موروثة من نجائب إبل الشرارات ذكرها الشاعر قايم السمير الشراري بقوله:
يا راكبًا عيدية تهذل إهزال
…
لون الظليم اللي مع الدو مذعور
وقال العلّامة حمد الجاسر: وعلى ذكر إبل الشرارات ونجابتها تحسن الإشارة إلى إبل كلب المشهورة وعرف من إبل كلب الماطلية لها شهرة عند العرب وهي منسوبة إلى رجل يُدعى ماطل، وقال أبو عمرو وهو الذي يمطل في سيره على طوله
(2)
.
(1)
ص 171 ديوان ذو الرمة.
(2)
عن شمال غرب الجزيرة - حمد الجاسر.
وفي وقتنا الحاضر لا تزال السلالة بين إبلهم والتي فيها صفة الماطلية هي أفضل الإبل عند الشرارات ويصفونها بقولهم: ناقة مطلاء .. وجمل أمطل: للمفرد.
وفي اللغة جمعًا: إبل ماطلية وذلك لامتلاء جسمها وديدها، وهذه الصفة صفة مميزة لإبل الشرارات ونجائبهم. وماطل: من مسمياتهم المشهورة، وحتى في أسماء أعلامهم.
وفي الجمهرة: وماطل فحل من فحول الإبل تنسب إليه الإبل الماطلية وهي من شق قُضاعة، والإبل الماطلية مشهورة عند العرب، قال ذو الرمة:
سمام بخت منه المهارى وغودرت
…
أراحيها والماطلي الهملع
وذكر أبو نصر: ويشبه الطير بها لسرعتها وذو الرمة يصف بإبل كلب وجمالهم السود قال:
أضله راعيًا كلبيًا صدرًا
…
عن مطلب وطلي الأعناق تضطرب
ونجد أن تحديد النسب للإبل متسلسل أصولها لا تحيد عن الرواية العامة عند قدماء إخباري العرب في أصول النجيبة الهيمانية وكونها من سلالة الإبل الوحشية (الوحشي) وتهجين لها
(1)
.
والقصة التي يرويها ويتناقلها الرواة عند الشرارات:
إن ذلولًا أصيلة تسمى "الوضيحاء" لأحد الرعاة الذي كان يرعى في قفار وجبال من الصحراء موحشة .. وإن تلك الجبال والبراري كانت (مفلا) لجمال وحشية صغيرة الحجم سريعة الجري ويطلق عليها التسمية في الجمال الوحشية ويطلقون أيضًا عليها اسم الوحشية لمساكنها الجبلية الوعرة وكانت شديدة البياض (وضح) ويشابهونها بلون "الوضيحي" أو ما يسمونه المهاة العربي (أي مثل الغزال الجميل المسمى المها).
ويطلقون عليها للونها أيضًا أوضيحوات جمعًا لصفة البياض وشدته وكانوا يروون عنها صفات أخرى كثيرة.
(1)
انظر ما ورد من تشابه كبير لهذه الرواية في كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام - للدكتور جواد علي.
ورغب الراعي أن يلقح ذلوله من هذه الإبل الوحشية .. فقام وعقل ذلوله بين تلك الجبال الموحشة التي كانت ترعى بها الإبل الوحشية
…
وتركها وفي اليوم التالي وجد أن تلك الإبل الوحشية قد ألحقت ذلوله وتم التهجين.
وفي تاريخ سيناء لنعوم شقير ص 93: أما الإبل فهي أهم حيواناتها الداجنة وأنفعها وأكثر اعتماد البدو في معيشتهم عليها، وهم يفضلونها ويعتنون بتربية الأصيلة منها كل الاعتناء، والأصيلة عندهم نوعان الزريقي والوضيحان، أما الزريقي ومؤنثه الزريقة وجمعه الزرق ففي تقاليدهم أنه من قعود الراعي إبل العبابدة.
أما الوضيحان فقالوا إن أصله من إبل الشرارات ببلاد العرب، وقد سمى بذلك لأن لون قوائمة الأربع وأسفل بطنه أبيض وضاح، وباقي الجسم أصفر مشرب حمرة كلون الغزال.
وقام بوضع شملة للتأكد من تمام اللقاح والحفاظ عليها من أن تلقحها جمال اخرى وبعد كمال فترة اللقاح .. ولد هجينًا أصيلًا أطلق عليه وضيحان نسبة لجمل الوحشي، يقول شاعر شراري:
أبوها من زمل الطور
…
بنت ملاخس بالوعر
ويقول حمد الفحل الشراري:
يا راكب اللي حفلت بالغوى الزين
…
من ساس هجن محصنات أهمامي
بنت الوضيحاء نجبوها المستقين
…
وترثه صعيدي ما عليها تهامي
ترثة: وهي أثمن شيء عندهم ويسمونها ترثة إبل يحرصون على الحافظ عليها. وفي قوله (ترثة صعيدي) كان نسبة إلى القصة السابقة. وورد في تاج العروس (وبنات صعدة بالفتح حمر الوحشي والنسبة إليها صاعدي) قال أبو ذؤيب:
نمرس فا الحق صاعديا مصحرا
…
بالكشح فاشتملت عليه الأضلع
وناقة صعادية طويلة. فكأنهم يسمون الوحشي من الجمال والبقر الوحشي وما على نحوهما بنات صعدة، وقال الشاعر:
سديس في صعيدة بازليها
…
عبناه ولم تسق الجنبنا
ويقول الشاعر الشراري الكذيبة:
شده على مرفوعة القنق من ساس
…
بنت الصعيدي فحلوها أعماني
ومعروف أن أصل العُمانية هي النجائب المهرية، ويقول الشيخ خلف بن دعيجاء:
يا راكب اللي للعصاء ما تداني
…
إلا بهوز ويرعب القلب محجان
ركضه تزاوميم وتجول اجتوالي
…
به خمسة أجمال حديهن أوضيحان
من هنا أطلق على هذه السلالة أوضيحان كاسم عام يطلق للنسبة لهذه السلالة النجيبة من ذلك الفحل الوحشي.
ويقال إن ذلك الفحل الوحشي كان في جبال التيه لذلك أطلقوا عليه التيهي وكما يقال أن له أضلع أقل عددًا من الإبل المستأنسة. قال خلف بن دعيجاء:
بنات تيهي عايه ارتكبني
…
ثامن ثمان وصفيات أهمامي
وذكر أن نتيجة التلقيح هو جمل صغير الحجم سريع الجري. وتوصف النجيبة الشرارية بالسرعة والقوة في المشي، وهذه صفة النجيبة اليمانية، قال ذو الرمة:
يمانية في وثبها عجرفية
…
إذا انضم إطلاءها واودى سنامها
وفي صفتهم للنجيب بالمذارحة يقولون: الجمل يذارح لا نتمكن من اللحاق به أو القبض عليه لنجابته وسرعته. وفي مجالس ثعلب: والذريحيات من الإبل منسوبات إلى فحل يقال له ذريح، قال مبشر بن هذيل:
أرسلت فيها قردًا لكاكًا
…
من الذريحيات جلدًا آركًا
ويطلق على النجائب الشرارية (حمر الشرارات) قال الشاعر:
حمراء ومن جيش اللحاوي زلوباء
…
ولافل من ركضه عكاش الحزومي
وذلك لتميزها باللون الأحمر ولها أسماء وسلالات نجيبة كثيرة ومميزة، وقد عرفت النجيبة اليمانية العربية القديمة بالصفة المميزة لها باللون الأحمر. ونجد وصف العرب لإبلهم ونجائبهم باللون الأحمر.
وتردد في شعر الشرارات وشعر غيرهم ممن يذكرون النجائب الشرارية بوصفها باللون الأحمر. يقول مشارع الجعيري:
يا راكب اللي حافظينا سمرها
…
ما حدجوها للمكاري بالأوثار
حمراء ولا عمر الحوير دغرها
…
ترعى من الثايه للأمحاص للطار
إن الإبل الحمر الشرارية من الإبل العربية النجيبة المنتجة للحليب وذات قدرة فائقة على تحمل الجفاف والعطش والسير على الرمال والحصى والحجارة ولمسافات طويلة، لهذا فهم يحرصون على سلالاتها وعدم التفريط فيها، وإذا صاحب الذلول باعها مضطرًّا فإن ما حوله من أقاربه يعدون أولى بها وكما هي عادة التحجير تجري تمامًا على الإبل الشرارية بينهم. . . . حتى في الوقت القديم يشترطون لمن يبيعوها عليه من الأقارب بأن لهم الأسبقية في استخدامها فيما لو حصلت غارة أو غزو. والشرارات كانوا يحرصون على إضراب النجائب الأصيلة بخفية عن الأعداء، وكذلك حفظ ذلك اللقاح وحمايته يوضع على الناقة الملقوحة شملة وذلك خوفا من أن يلقحها جمل غير أصيل أو كما يطلقون عليه (العكد) وهو غير الأصيل وغير المعروف سلالته. قال شاعرهم:
ما شمل الغاطر غشيه أسمر اللون
…
خلا نواحيت العكد يدهلنه
ما راوز المسري عليها من القوم
…
ولا خاف غرات العداء يجهرونه
وهناك صفات مميزة للنجائب الشرارية كالساحلية والخواوير وغير الأصيلة: (العكدة) ومن صفات النجيبة وبرها القصير، وفي مثلهم الشعري (حصًا وبر مقدم بدن وجه ريمي .. ) والإبل فيها المثل: حص الأوبار. حيث إن وبرها يختلف عن الإبل الخوارة والساحلية، والتي قد يتكتل المطر في وبرها وفيها تنساب قطرات المطر وتجد أن أقدامها نحيلة وبارزة الأكواع وبعيدة ما بين الذراع والزور وفي مثلهم الشعري:(طويلة النسنوس حمراء طويلة)
ومن صفاتها الجسمية أيضًا أنها قبا الضلوع، ونابية الامتان مليئة الثدي بارتفاع ضرته وجيدة إدرار اللبن، مرتفعة الزور ومحدبة كثيرة سريعة الالتفات والحركة
صبورة على طول المدى والمسافة، كثيرة الجري في الرمال والصوان، قليلة الحفى حاوة العيون بحمرة صلبة السنام وسيعة المردف.
وناقة حصاء إذا لم يكن عليها وبر. قال الشاعر:
علوا على هاتف صعب مراكبها
…
حصاء ليس لها هلب ولا بر
صغيرة الأخفاف صغيرة الأذنين مع وقوفهما، طيبة الطباع وهذه الصفات القليلة الموجزة من صفات كثيرة في الإبل الشرارية ترددت في أشعارهم، وأشعار غيرهم من القبائل الأخرى ومن النجائب المشهورة ما ترد إلى النجائب الشرارية. يقول الشاعر ضيف الله بن دباس الحربي:
وركبت منجوبًا على بنت شقران
…
بنت الشراري لأصلها حافظيني
بين اللحاوي والعبكلي وهملان
…
ترضع رضاع احوار مع جولتيني
غير الركايب بأصلها سبع قعدان
…
عسفت رباع وطبعها صار زيني
(1)
ويذكرون أن من صفاتها أنها تلحق الخيل! قال عوض بن مصعه الشراري:
أقفت بي الحمراء تواما عناقه
…
تقل هيق وضيع نعامًا مخاضيع
أبوها من زملا حافظينا عناقه
…
ما تلحقه هيل المهار المفاريع
قالت الليدي آن بلانت عن سرعة ونجابة إبل الشرارات: وبنت وضيحان كما قالت لو ابتدأت من حيث نحن للآن عند الغروب لكانت في الغد عند الشروق في وقت كاف مسافة تقدر بمئة وثمانين ميلًا منذ فترة ليست بالطويلة، سرق لص ذلولًا شرارية في المزاريب وركبها إلى حايل في سبعة أيام بلياليهن
(2)
.
(1)
أشعار ومواقف من البادية.
(2)
رحلة إلى بلاد نجد/ الليدي آن بلانت.
الإبل الشرارية في أشعار القبائل العربية
تغنى الكثير من شعراء وفرسان ومشاهير القبائل العربية بإبل الشرارات، وكانت مثار اهتمامهم وإعجابهم والأمنيات التي تداعب أحلامهم.
من هنا كان اهتمام الغزاة الذين يغامرون بأرواحهم لجلب نجيبة شرارية تتميز بصفات نادرة عن غيرها من الإبل الأخرى.
فكانت النجيبة التي يفتخرون بركوبها واقتنائها هي النجيبة الشرارية، ومن سلالة تعود إلى تلك الإبل النجيبة.
ويذكر خلف الأذن بقوله:
يا راكبًا حياد عليهن شواغير
…
حياد شراريات ماضربن
وقال نمر بن عدوان العدواني:
يا راكب اللي خفه بالقاع ما بان
…
اشقح شراري شامخ المتن نابي
وللأمير تركي بن عبد العزيز آل سعود الأول:
ياما وطيناك من مرة
…
من فوق حمراء شرارية
(1)
وقال آخر:
يا راكب اللي من اركاب الشرارات
…
مقيضها ميقوع وإلا الجراوي
اللي شراها بالثمن ما تغلاه
…
منوة غريب وإن ركبها خلاوي
ولشاعر آخر:
من فوق حمراء شرارية
…
لروحت للطلب يأتي
(1)
تاريخ اليمامة - عبد الله بن محمد الخميس ص 272.
قال خلف بن زويد الرخيص السنجاري الشمّري في قصيدة له:
يا راكب اللي كان فخذه من الجيم
…
ماسومة الكفه على الساق وهلال
أبوه وضيحان وضربة سلهيم
…
وجده فحل شعلان من زمل شوال
عليه حلايا وسط قوادة الريم
…
شقراء وغاش وركها مثل الأشعال
لاهي قمر لاريع لاشين لاغيم
…
لاهي قطاة حادية واهج اللال
وقال أبو زيد أيضًا:
يا راكب اللي ما بعد مثلها اركاب
…
طويلة الساقين مثل الزرافه
مالودتن عند الشرارات بضراب
…
وابوه من التيه الوحاشي أحيافه
بين الرباعيات عسفت والأنياب
…
وحايل لمنه زين الله عسافه
وإن صوقعت محالة فوق عباب
…
وتاطا على مثل الشوشا خفافه
يطماه طمي ويرخي الرجل بآداب
…
مثل الطموح اللي تزايد اعيافه
تسهم على الممشا كما يسهم الداب
…
نفث برطمها وبالذيل سافه
عليه إلى جاء نية الربع بوجاب
…
يارب من كثر العواثير عافه
يا شافت السندا تقل مشيها آوثاب
…
عين العديم اللي يشوف الجنافه
(1)
وقال الشاعر حمود الناصر البدر:
يا راكبين اكوار ست تبارا
…
فج النحور أفحاز ما بين الأزوار
قطم الفخوذ معلكمات الفقارا
…
كوم على كيم من القفل ضمار
فتل العضا دار العصا لا تجارا
…
قطع الريادي ريد حسكات الأوبار
(1)
شعراء الجبل العاميين/ عبد الرحمن زيد السويداء ج 2 ص 15.
زرفالهن بين المشي والطيارا
…
لولا اللواحي عانقن رقط الأطيار
مثل النعام إن ذير ثم استدارا
…
وجها على فج بين منه معبار
جن من شرار من ضرايب شرارا
…
عوص الضنا العيرات ماجن بجوار
ما حلا مدناهن لهن اسطقارا
…
الواقي الله يوم حسن بميثار
(1)
وقال الشاعر عبد الله بن سبيل:
يا راكب عشر من الهاربات
…
ما وقفوهن بالمبايع للأثمان
عن الجمال اشمال ومعفيات
…
رحل النوابع واتلاهن حيران
عامين يرعن بالحمى مهملات
…
لين ارتكب لهن الشحم فوق الامتان
حراير أصل أجدادهن كاملات
…
لهن في غربي شفا نجد مسكان
هلهن شرارات عليهن أجنات
…
طلبهن الحاكم وجنه بكرهان
قال دبي بن عدوان المطوطح يمدح الأمير محروت بن هذَّال العَنَزي:
يا راكب اللي نجبوها شرارات
…
يشدن نعام حزت العصر جفال
يناهض ريش غواطيه صفات
…
وتحقق ملح القريزي إلى انجال
حمراء على سج المناهيج دريات
…
وتر كيدهن لأكوارهن شرب فنجال
(2)
وقال دبي المطوطح أيضًا:
يا راكب اللي متلفوها الملاحيج
…
حمراء ومن جيش اللحاوي نجبها
حمراء سناد ومن طوال السماحيج
…
ولولا اللواحي كان كوره عقبها
تشدي الشياهين ابروس الشواهيج
…
تناوشه طلع بعيد جذبها
(3)
(1)
الشعر النبطي أصوله، فنونه، تطوره، صفحة 16 طلال عثمان المزعل السعيد - ذات السلاسل الكويت.
(2)
التحفة الرشيدية في الأشعار النبطية لجامعها سعود بن سعد بن سليمان الرشيدى/ ج 1 ط 1965 م ص 46.
(3)
قطوف الأزهار/ عبد الله بن عبار العنزي ص 124.
وقال الشيخ نوري بن شعلان العَنَزي:
يا راكب من عندنا فوق مرزام
…
تجفل إلى شافت حيال الرجومي
أمه شرارية وأبوه لبني لام
…
تشدا ظليم روح العصر يومي
(1)
وقال الشاعر غازم اللميع الدهمشي العَنَزي:
يا راكب اللي من اركاب الشرارات
…
لولا الرسن بالراس ما ينقوي له
بنات حر من قديم عتيقات
…
ومعربات ما حووهن هميله
ضراب الضراب محفظات بشملات
…
كلش على اليد ما ضرابه جهيله
تجفل من وهات العصي بالوهات
…
خطر على ركابها من شليله
لاروحت مع سهلة عقب الافخات
…
ركابها يفرح بشوف الحليله
(2)
وقال الشاعر حطاب الهينامة العَنَزي:
وخلاف ذا يا راكب فوق زرفات
…
من ساس حيل محيلات أصايل
هجات وطنات همام خفيفات
…
واللي تنحن مثل فرق الحمايل
حمر ويزهن دلهن والحمارات
…
وصف اللميع ولا حواهن همايل
ما لا احوا الأرقاب بالخيزرانات
…
ولاشكن اخفافهن للنعايل
لاروحن بعصير مثل النعامات
…
ولا قطوات روحن للثمايل
(3)
وقال الشاعر أيضًا:
يا راكب فوق منجوبة
…
حمراء ومن جيش الشرارات
من النجائب الشرارية المشهورة:
النجيب من الإبل مفردًا ومجموعًا وهو القوي منها الخفيف السريع، وناقة نجيب ونجيبة جمعها نجائب ونجب، والنجابة في نجائب الإبل وهي عتاقها التي يسابق عليها. قال الشاعر:
(1)
قطوف الأزهار.
(2)
نفس المصدر السابق.
(3)
نفس المصدر السابق.
لذي غبة من أمه لرشده
…
فيغلبها فحل على النسل منجب
قال ذو الرمة:
نجائب ليست من مهور أشابة
…
ولادية كانت ولا كسب مأثم
والإبل النجيبة لا توازي عند العرب بثمن وتعد مقياس الثروة والجاه والغنى، واعتمادهم في معيشتهم على الإبل ويهتمون بأصالتها ويعتنون بتربيتها، والأصيل الصافية لا يقل ما فيها عن خمسة جدود من الإبل، والنجيبة أبهى منظرًا وأخف حركة وأسرع جريًا من باقي الإبل.
الحرة: من أنواع الإبل تعيش في البادية تصبر عن الماء وبها يتمكنون من اللحاق بالخيل. قال غانم اللميع العنزي:
يا راكب اللي من ركاب الشرارات
…
لولا الرسن بالراس ما ينقوي له
بنات حر من قديم عتيقات
…
ومعربات ما حووهن هميله
إلى قوله:
تجفل من أوهات العصا بالوهات
…
خطرًا على ركابها من شليلة
(1)
والحر خيار كل شيء وأعتقه، والحر الجمل الأصيل من كرائم الإبل وهو أطيب الإبل ويستعمل في التهجين والضراب لطيب جنسه.
وللحرة صفات مميزة ذكرت في الشعر منها سرعة الجري جيدة الطباع، طويلة ونحيفة الرقبة صغيرة الرأس، محدبة السنام، مليئة الفخذين، دقاقة ورقيقة الخرطوم، قليلة الوبر، صغيرة الأذنين، وحادة واقفة كالحراب، ارتفاع عالي الضلع وصفاتها كثيرة يعرف العتق فيها.
والحرة من النجائب اليمانية، قال ذو الرمة:
إذا لمطوت النسع في دق حرة
…
يمانية تطوي البلاد الفيافيا
(1)
جريدة عكاظ العدد 7675.
والحرة عند الشرارات هي من بنات وضيحان. قال عبد الله اللوزي:
اللوزي سوى المثايل
…
وشد من الهجن حايل
حرة ما تداني الزوايل
…
شقحاء وأبوها وضيحان
(1)
وقال آخر:
يا راكب فوق القعود
…
من حرار مصفيات
حر بالركض يزود
…
من قعدان الشرارات
الصيعرية: والصعر ميل الرءوس من الزمام وجذبه عند شدة السير في قول ذي الرمة:
أوردته قلقات الضفر قد جعلت
…
تبدي الأخشة في أعناقها صعرا
قال الشماخ:
غدون لها صعر الخدود كما غدت
…
على ماء يمؤود الدلا النواهز
وفي قول كثير: الصيعري فحل منجب:
نجد لك القول الحلي ونمتطي
…
إليك بنات الصيعري أو شدمتم
والصيعرية اعتراض في السير يكون لكرام الإبل الشديدة. قال أحد الشرارات:
الحقك على مشمر صيعرية
…
لون الغزال اللي يقوطر إلى خار
يا كن مطلابه العصر بيه
…
مطلاب قرناس، من الطايله طار
الصيعرية: ورد في تاج العروس: الصيعرية اعتراض في السير وهو من الصعر، والصيعرية سمة في عنق الناقة خاصة وقال أبو علي في التذكرة: الصيعرية وسم لأهل اليمن لم يكن يوسم إلا النوق قال المسيب بن علس:
وقد انتاس الهم عند احتضاره
…
بناج عليه الصيعرية مكدم
وأحمر صيعري: قاني، وسنام صيعري: عظيم مدور.
(1)
المعلمة الأردنية/ روكس العزيزي.
وفي صفة جزيرة العرب: الصيعر وإليها تنسب الإبل الصيعرية فرقة من بلحارث بن كعب بريدة الصيعر وإليها تنسب الإبل الصيعرية.
يقول أحد الشرارات:
رديت لأبوها البكرة الصيعرية
…
حمراء طويلة من سلايل وضيحان
وقال عبد الله بن سبيل يصف الصيعرية الشرارية:
يا راكب من عندنا صيعريات
…
بنات حر كل أبوهن اتلادي
بنات حر فحلوه الشرارات
…
بالجيش تعنا له جميع البوادي
قطم الفخوذ أوراكهن مستقلات
…
رز المسامع والنواظر احدادي
بالشيل وطنات وبالمشي طفقات
…
خضع الرقاب مفصلات العضادي
شيب الغوارب والمحاقب مشيبات
…
بالتلو ما سووا لهن التوادي
إن سندن مسنادهن للقريات
…
وإن حدرن لمريطية والثنادي
النضو: نجيبة مشهورة، النضو: بالكسر البعير المهزول والناقة نضوة والجمع فيهما انضاء وقد أنضتها الأسفار فهي منضادة وأنض، قال الراعي:
وأنضاء انحن إلى سعيد
…
طروقًا ثم عجلن ابتكارا
قال مزاحم العُقَيلي:
وتحتي من بنات العيد نضو
…
أضربنيه سير هجاج
النضو سلالة نجيبة للشرارات عرف منها نجائب مشهورة وفحول منها فحل يسمى النضو ويتكرر اسمها للمحافظة على السلالة وتعرف باسم صاحبها أحيانًا. قال أحد الشرارات:
إن جيتوا جمل مدهن
…
خلوه الهن هدوده
اللي بنته جابتني
…
من ورى برقا الدوده
وهي ظهرها يابس
…
يسطي بالجلد حدوده
والنضو هي من نجائب جيش اللحاوي من الشرارات، وفيها قال الشاعر في توحيد الملك عبد العزيز رحمه الله للمملكة العربية السعودية:
أشهد أنه طوعك لين سواك
…
أطوع من النضوى ذلول اللحاوي
وشاعر يقول:
أمس الضحى صارت السردة
…
لحق اللحاوي وابن وردة
على سلايل وضيحاني
…
. . . . . . . . . . . . . .
وقال الشاعر:
واركبت منجوبًا على بنت شقران
(1)
…
بنت الشراري لأصلها حافظيني
بين اللحاوي والعبكلي وهملان
…
ترضع رضاع حوار مع جولتيني
غير الركايب بأصلها سبع قعدان
…
عسفت رباع وطبعها صار زيني
قال ساكر الخمشي:
يا راكبًا من عندنا فوق مسعور
…
جيش اللحاوي جدته وأمهاته
راكبه منا على فجة النور
…
بالركض ما تنهج فوات قطاته
(2)
العيدية: وهي نجيبة مشهور قال رذاذ الكلبي:
ظلت تجوب بها البلدان ناجية
…
عيدية أرهقت فيها الدنانير
وقال المرار بن منقذ:
ولقد تمرح بي عيدية
…
رسلة السوم سبنتاه جر
والعيدية نوق كرام النجائب منسوبة إلى فعل منجب أو نسبة إلى العيدي بن الندغي بن مهرة من حيدان من قضاعة من القحطانية، وهي من نجائب الشرارات قال قائم السمير الشراري:
(1)
قال الجبرتي في كتاب الإبل ص 39 ومن النجائب المعروفة لدي شهر سلالة (شقران) جمل عبكلي الشلاقي والأنثى أجود من الذكر من سلالة هذا الجمل وتكون جمالية الشكل.
(2)
اليمامة 866/ 28/ ذو القعدة 1405 هـ.
يا راكبًا عيدية تهذل إهذال
…
لون الظليم اللي مع الدو مذعور
نركض مع البردين عن لهله اللال
…
تهف مع طرق الهواء بابور
الحديجة: من السلالات النجيبة لدى الشرارات، قيل إنها فردت الحقة من النعائم وهي خلفه، وقد عجزت الخيول عن ذلك وكانت قد تربت مع النعام بكرة صغيرة ضاعت، وكان الأجرة بمسكها برهن سنينتها من نفس الفصيلة وفيها المثل: يا نهام اطرد نعام. ويقال إنهم على النجائب يصطادون النعام فكانت الإبل لا تخشاه وتجاريه في السرعة تظن أنه إبل لسوادها لذلك سموا عليها النعامة من أسماء الإبل، يقول مشحن بن صليهم يصف نجيبة من هذه السلالة:
يا راكب حمراء من الجيش عواء
…
عقب الحديجة كل زمله مصفاه
سبحانه اللي خالقه يوم سواء
…
يعجبك زين منطمه مع امقفاه
هي منوة اللي يوم قلبه تنواء
…
على قراقيش الخلاهن ومخواه
حمراء يزوم أبها السطر مثل قواء
…
تجويص ريد خمها الملح وأخطاه
الصبح من الجوبة تزهب ورواء
…
يوم اتقى عن خشم حلمه معشاه
سحوان: فحل قديم ينسبون إليه بعض نجائبهم يقول الكذيبة:
با بكرتي توردك والشرب غالي
…
وإن كسرت غبر النضا كل محجان
استدرجت شروري طفيل الغزالي
…
عقدا ظهر ملمومة بنت سحوان
قال أحد الشرارات:
أشوف مسعد يوم حرك شعيلان
…
لون الظليم اللي مع الحزم مالي
عفية يا بكرتي ابنت سحوان
…
درعانها دراجتينا عوالي
وشعيلان نجيب من سلالة نجائب تسمى شعيلوات من نجائب الإبل الشرارية، وسحوان أيضًا صفة للجمل النجيب السريع.
وضيحان: وذكر من صفته الدالة على اسمه أن قوائمه وأسفل بطنه أبيض وضاح وباقي الجسم تخالطه حمرة كلون الغزال.
ويذكر بعض رواة الشرارات أن غالبية نجائبهم الأصيلة المعروفة والمشهورة هي من سلائل وضيحان الذي كما يذكرون أنه نتيجة تهجين أحد النجائب بجمل وحشي ووضيحان مضرب المثل في النجابة، والميزات الفريدة التي يمتاز بها عن غيره من النجائب الأخرى
…
يقول خلف بن دعيجاء:
يا راكب اللي للعصا ما تداني
…
إلا بهوز ويرعب القلب محجان
يا ركضه تزاويما ويجول اجتوالي
…
به خمسة أجمالًا حديهن أوضيحان
يقول مشحن بن صليهم الشراري:
الهرش ما يقطع الحاله
…
جعله أحذا اليوم ما يشدي
ما تقطعه غير حفاله
…
حمراء أوضيحان له جدي
حمراء إلى ساجن أحباله
…
اسناد ما تلهز البدي
إلى مشت تقل حفاله
…
إلى هجهج الجيش لتفدي
أوديان: نجيبة شرارية من سلالة أوضيحان يقول قطيش الحويان الشراري:
يا راكب اللي رد بأمه أوديان
…
حمراء من اللي يقطعن الدويه
ويقول أحد الشرارات:
تفدين حلوه يا عنود البريه
…
عساك فدوه عن سلاليك أوديان
يا زين موطه للرسن من أيديه
…
لون الظليم إلى تحيزم بجنحان
اشتهرت الشرارات بامتلاك الإبل النجيبة فالهجين الشرارية من أرقى أنواع الهجن. وفي عهد الفوضى أصبحت مطمع الغازين من كل حدب وصوب .. ومع أن الشرارات فقدوا كثيرًا من النجائب التي ورثوها منذ جذورهم ومنذ عهد قبيلة كلب إلا أن كثيرًا من تلك السلالات لا تزال في إبلهم إلى اليوم. وفي وقتنا الحاضر لا تزال السلالة بين إبلهم وحتى في أسماء أعلام منهم.
يذكر محمود شاكر: وترى الشرارات الإبل وهي تشتهر بها منذ القدم حيث عُرفت إبل بني كلب بالجودة
(1)
.
قالت الليدي آن بلانت: الشرارات يربون أرفع أنواع الهجن في بلاد العرب
(2)
يقول صاحب كتاب "الخيام السود" عن ناقة اشتراها من نوق الشرارات: فلو أغبر، لها رأس أسد وعينا غزال رائعتان، لقد همت بحب هذا الحيوان الرائع من النظرة الأولى، كانت موضع اعتزاز صاحبها، وكلفتني أكثر مما حلمت بدفعه لشراء ناقة سباق ولكنها تستحق هذا المبلغ.
أورد أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري عن الشرارات، أما نجابة هجنهم في مضرب المثل عند شعراء العامة
(3)
.
وقال عبد الرحمن بن زيد السويداء: الشرارات قبيلة مشهورة بشمال المملكة العربية السعودية تعود بأصولها إلى كلب بن وبرة القحطانية، ولهم عناية بنجائب الإبل وفحولها
(4)
وفي القرن الثاني عشر والثالث عشر الهجري أغار حجيلان بن حمد ومن معه من أهل القصيم في عام 1212 هـ على الشرارات وأخذ منهم نحو خمسة آلاف بعير
(5)
.
وسم الشرارات
تعريف مبسط للوسم: أورد جواد علي في المفصّل والزبيدي في تاج العروس عن الوسم: الميسم حديدة تحمى فيكوى بها فتترك أثرًا على الموضع الذي يكوى وذكر أن الموسم أثر كيه يقال: موسم قد وسم بسمة يعرف بها، وفي الحديث أنه كان يسم إبل الصدقة أي يعلم عليها بالكي.
وورد ذكر الوسم في القرآن الكريم في قوله تعالى: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)} [القلم].
(1)
شبه جزيرة العرب لمحمود شاكر.
(2)
الليدي آن بلانت/ رحلة إلى بلاد العرب.
(3)
بحث منشور لأبي عبد الرحمن الظاهري بمجلة العرب السعودية.
(4)
من شعراء الجبل العاميين - السويداء.
(5)
الأطلس التاريخي للدولة السعودية بدارة الملك عبد العزيز بالرياض.
قال الشاعر (تاج العروس ج 1 ص 119):
لأعلطنه وسمًا لا يفارقه
…
كما يحز بحمى الميسم البحر
وقد عرفت العرب الوسم قديمًا حيث كانت القبائل العربية تعدُ الوسم شيئًا مهمًّا فكانت كل قبيلة تتخذ (وسمًا) مبينًا ملكيتها للإبل كما هو الحال في كل دول العالم باتخاذ شعارًا خاصًا يميز الدول عن بعضها
(1)
وتعد القبائل العربية ذلك الوسم ميزة تمتاز بها العلامة التي تسم بها ككي أو قطع، وتوسم الأغنام على الأذن بعكس الإبل التي يوضع الوسم منها على الساق أو الذراع أو الفخذ أو الرقبة.
ووسم الشرارات هو الكفة على ساق البعير الأيسر، ثم هناك علامات أخرى توضع لكل بطن من الشرارات وتسمى الشاهد.
(1)
ص 138 من كتاب الشرارات مَنْ هم لروكس بن زائد العزيزي.
فصل عن أشعار الشرارات
من كتاب الشرارات
(1)
لروكس بن زائد العزيزي ذكر القصيدة التالية وهي للشاعر/ سعيِّد بن سالم بن غيثة الشراري من عشيرة الصبحي من بطن الحلسة. أحد فحول شعراء العامة في الجزيرة العربية وقال شعرًا كثيرًا في الرثاء والغزل والمدح والهجاء ولد بحدود عام 1340 هـ وتوفى 1409 هـ.
وذكر العزيزي أن هذه القصيدة تسمى (العلواء) يقول فيها عن قبيلته الشرارات:
يوم اننا بدو على الزَّمل شداد
…
يوم العرب لإقطاع الأذواد يتلون (1)
بخيرهن يشرك ضعافين واسياد
…
ويشرب لبنهن من عليهن يمرون (2)
حلابتن للدر وأيضا لنا اشهاد
…
وجيه شر لمن علينا يتعدون (3)
نرمي افقار الحيل كوم على الزاد
…
وغبوقهم لزوم يوم يتعشون (4)
يرعن بلاد الخوف مدهال الأضداد
…
يخوفون أيضًا ومنا يخافون (5)
يرعن من الخنفه إلى البرق لأوفاد
…
ومقيضهن تيما إلى الهوج يردون (6)
ومن الكرك لأمعان إلى اخضر الواد
…
ومن العقب لإجبال حسمى يباون (7)
ومن الطبيق الكل حومل وما غاد
…
بيها نعام والمها بيه يلقون (8)
بيها تربى الصيد من غير نشاد
…
غير السهم ما هنا اسلاح يصيدون (9)
ومن الحديثة يرتعن صوبها غاد
…
ألوادي السرحان للجوف يردون (10)
وما حده المسمى سماره إلى انقاد
…
إلى الطويل وشرق شمّر يحدون (11)
وإن صار عند أطرافهن ضد واعناد
…
من دونهن ربع عليهن يعيون (12)
وإن صاح صيّاح ورى صباحًا غاد
…
وهج الجهام وسارعوا من يفكون (13)
ركبوا بني مكلب على وشح الأياد
…
من فوقهن الخيل ياما يردون (14)
بيهم على حث وبيهم على اشداد
…
امسارعين فوقهن ما يتونون (15)
(1)
طبعة 1993 م - 1414 هـ عمان - الأردن.
وصار الطمع من اللي يدورون الافواد
…
من السباع الغامرات يتعشون (16)
شرقينا شمّر على الموت وراد
…
كم رأس شيخًا عن امتونه يشيلون (17)
وجنوبنا وايل مدابيس الأضداد
…
لطامة العايل ضريرين بالكون (18)
ويحدنا بلي ضاديد الاولاد
…
شجعان عن جمع العدا ما يهابون (19)
ويحدنا بني عطية لنا احداد
…
أبو دميك اللي بفعله يفوزون (20)
وتايه وجازي سربة اشيوخ منجاد
…
غربي سرغ يم التهامة يعيشون (21)
وبني صخر تحدنا غرب من غاد
…
من الدميثة للعلا شرقها ودون (22)
قبلٍ اجدود اشلاش ورميح وطراد
…
هيل المهار اللي على الموت يردون (23)
وغربينا الطرشان والجنق واعناد
…
وأهل البطين اللي بحقه يحامون (24)
وشمالنا شرقا لغرب تمداد
…
من العراق لسوريا فيه يرعون (25)
الشيخ ابن هذّال هو ابن مجلاد
…
وبكر وابن ضلعان واللي يضمون (26)
وفدعان واسبعه على الكود وانكاد
…
عند الطريح إن طاح لازم يردون (27)
ورويل متعبة السلايل والأجياد
…
جمع الجلاس اللي كما الحيد يرسون (28)
يحدنا أبطال من عصر الأجداد
…
فطاحل عند القبائل يهابون (29)
الهم على العدوان هدِّه وملكاد
…
بسيوفهم قبل البنادق يعرفون (30)
وحنّا مواقفنا قديمات وأجداد
…
ما نستمع الكل حاسد ومجنون (31)
لنا مواريد وسيعات وبلاد
…
غرف على روس الضوامي يصبون (32)
حامينها من دور شداد بن عاد
…
ياما عصينا به على من يريدون (33)
مداهل لنا بها فراش ومهاد
…
وتاريخنا وآثارنا ما يخفون (34)
قبل اللحاوي جد محسن وحماد
…
تاريخ عام ألف وميه وخمسون (35)
عصر به الأتراك نوابه أكراد
…
سلم العرب وشروطهم ما يعرفون (36)
عصر على الإسلام عساه ما عاد
…
عصر به الأتراك بيهم يحكمون (37)
الله يخزي للثنا كل جحاد
…
اللي لمواقيف الرجاجيل ينسون (38)
ناس لو من غيرها الرزق ينقاد
…
امالهم مضمون ولا يحسدون (39)
وحنّا العرب وسلومنا سلم الأجواد
…
نفخر به يوم السوالف يعدون (40)
وحنّا البدو والبادية شلفها أحداد
…
فوق السلايل جرعة الموت يردون (41)
من العريش وغرب الشرق بغداد
…
وغرب اليمن وأقص الجزيرة ومادون (42)
منهو له الجيش المعرب والأذواد
…
والخيل وجل النيب حسينة اللون (43)
ماديرة لابها الحضر قعّاد
…
ولا بادية لا يجون ويمدون (44)
وكلًا على معناه يعمل ومداد
…
الناس هم الناس بالطبع واللون (45)
وناس بها تبديل وعناد وجحاد
…
بلا سبب عيب عليهم يقولون (46)
بيهم بلا ولولا البلا والتبداد
…
ما عصابهم بدون معنى يعدون (47)
ما يخلنا ناس طبايعها الإلحاد
…
على الخطا بدون حق يتعدون (48)
من العقل متجردينن تجراد
…
غاوين بعروض القبائل يعبثون (49)
تعبث بنسب ونسبها غير معتاد
…
تاريخهم كل القبايل يعرفون (50)
أصل العرب معروف ياللي عنه غاد
…
اسأل عن التاريخ ويش يتمطون (51)
أصل العرب تاريخها عصر الأمجاد
…
يوم المغازي والمكاسب يجيبون (52)
فيهم على أحرار وعلى أمهار وأعياد
…
وبيهم على خضر وشهارًا يشدون (53)
والموت يوجد عند زرفات الاذواد
…
وعند الرجال اللي الخزايز يدورون (54)
بعصر القنا والشلف ومصقول الأهناد
…
ويوم الكلام لهن وبيهن يهدون (55)
هذا الكلام اللي على الصدق معتاد
…
اليا قال به فيه القبايل يقرون (56)
ولا شيء من قولٍ بلا فعل واسناد
…
لا يستحي من كذب ولا يخجلون (57)
يا لادمي اياك عن حكي الالحاد
…
عن الخطا الواجب انكم تصدون (58)
راع النقيلي والزرف دوم يعتاد
…
ومن له عوايد سيه ما يخلون (59)
ميلوم يا انسانا بلا ضو تنقاد
…
عيب الخطأ حيث الخطا الناس ينفون (60)
ينقدك في قولك صغيرين الاوغاد
…
ما يقبله من كان للعلم يولون (61)
وعيب على التاريخ تزييف واصداد
…
بالعفرته تبغون غصب تقولون (62)
والصدق نور للحقيقة والارشاد
…
خلوا مجال لأهل العرف بالكون (63)
ناس لهم بالمعرفة عمق وارصاد
…
ومواضع فيها العرب يستفيدون (64)
علّامة التاريخ للعلم رواد
…
هم الرجال اللي على الضوء يمشون (65)
اعرف تاريخ الجوف هجري وميلاد
…
ياللي بصفحات التواريخ تقرون (66)
الجوف عرفه عندنا عاد بن عاد
…
من عصر ثمود لعصر فرعون (67)
الجوف لأهل الجوف ما هو لمن راد
…
للروح دونه بالملازم يفادون (68)
ان فرَّعن البيض غضات الأنهاد
…
بالمرهفات اللي احداد يعرضون (69)
عن موطنه اللي يحب التجراد
…
معروف ما هو من هل الجوف مضمون (70)
الجوف رجلاته قديمات وابعاد
…
منهم هله يوم أهل السور يبنون (71)
حنّا هله واهل هله جد واعماد
…
قبل بناء مارد المارد ومادون (72)
من جاهلية (وُدّ) للي له وداد
…
اللي بعصر الجاهلية يعبدون (73)
الزّباء غزت بجيشها جموع وأفراد
…
غزو على الابلق ومارد يهيضون (74)
وعادت برعب وخوف وبجمعها اخماد
…
خاب الامل فيها وبجيشها اطعون (75)
وعمر دخل بالجوف للشرك طراد
…
وقبل عمر ما فيه مسجد يصلون (76)
قبل عمر يوجد للأصنام عبّاد
…
غاوين تعصي رسلها ما يطيعون (77)
نمارد لها مع الحق ميعاد
…
بنس المصير وفي جهنم يصلون (78)
لكن اسأل ما أنت خذما للمسيب إلى الباد
…
والغرب والصبه بها من يزكون (79)
لمن الجوابي الفرسان الاغياد
…
واهل الجهام الناقله من يكونون (80)
لمن البيوت اللي تشيد تشياد
…
اللي مراكبها وفرشه يمدون (81)
ابسيطه الياجاها من الوبل رعاد
…
تيماء وأهل الجوف لها يخيلون (82)
رزق لنا من الله ولي العباد
…
حضر وبدوان من رزقها يستمدون (83)
اسأل ولا تخفى عن الناس نشاد
…
من غيرنا اللي حماها يطبون (84)
وهالحين حنا بخير وانعام واسعاد
…
حكامنا بأمر الشريعة يعدلون (85)
تركي وفيصل لو يشوفون ما عاد
…
من بعدهم كيف الجزيرة وش لون (86)
عبد العزيز اللي جلا شوك الاكباد
…
ابن عبد الرحمن به يستعزون (87)
المؤسس الباني ومن له من احفاد
…
بالسيف طوّع كل عاصي ومفتون (88)
سعود بعد ابوه مسيرته قاد
…
العاهل اللي بالمكارم يحمدون (89)
وفيصل بعد سعود المخلص الجّاد
…
سياسته لها مناهج وقانون (90)
أسس لنا بحنكته بالتأكاد
…
خمسية في كل عام يزيدون (91)
قفز لنا قفزة مهمة ومصعاد
…
إلى هالحين فيها بالمشاريع يمشون (92)
جزيرة خضراء تجدد تجداد
…
ريفية فيها العرب يستعزون (93)
الجامعات اللي نشت مالها اعداد
…
مناهج التعليم ما لون من لون (94)
وخالد بعد فيصل يصون الحما وذاد
…
نفذ على اللي بالمشاريع يبنون (95)
وفهد بعد خالد مشى ممشى الاشهاد
…
يمشي بدقة ينظر اللي يعملون (96)
مشيه مع التدقيق له شف ومراد
…
له اقتراح يضيف اللي يقولون (97)
حضارة بسرعة عمرانها زاد
…
واللي تولوها رجالا يجدون (98)
هذا بعد هذا وهذا له اسناد
…
بنيانهم بطاعة الله يشدون (99)
عيال من يقطع رهاربه الاجراد
…
له الرجال اللي يخيفون يتلون (100)
راس الرجال الصيرمي باتعا حاد
…
. سبع الرجال اللي جنابه يهابوني (101)
ليا شاف حر مداليه الاضداد
…
طيور شلوى لياشهر ما يطيرون (102)
بحماية الله عن كل حساد
…
العز جعل لهم حليف ومضمون (103)
بجاه من جاهه له الغصن سجاد
…
بجاهه وجاه اللي له الحق يبدون (104)
تفسير هذه العلواء لابن غيثة
(1)
(1)
في الزمن الذي كنا فيه بدوًا رحل على (الزمل) - الإبل - المخصصة بالظعينة في وقت كان العرب الأقحاح يتبعون فئات الإبل - الذود - لا يتجاوز عددها الثلاثين ولا يقل عن الثلاث، وهو جمع لا واحد له أو واحد جمعه أذواد.
(2)
في فوائد هذه الإبل التي يستفيد منها الضعفاء، والسادة من القوم، ويشرب من لبنها كل من جاء أو مر على إبل الشرارات.
(3)
لأنهم أي الشرارات هم - حلابة اللبن - والشواهد على ذلك كثيرة، ويكنونهم أيضًا وجيه الشر، لبطولتهم بمنارلة الأعداء الذين يطمعون في إبلهم ويحاولون الاعتداء على تلك الإبل النجيبة.
(4)
للضيوف نضع لهم على المناسف أسنمة الإبل - الحيل - التي مر عليها سنين لم تلد وتعكنت شحما، أسنمتها هذه نضعها لضيوفنا على المناسف ثم نتبع ذلك بالغبوق وهو لبن الإبل الذي نقدمه لضيوفنا ليلًا بعد العشاء واسم ما يحلب في المساء الغبائق - على غير قياس.
(5)
هذه الإبل التي ترعى في بلاد الخوف المعرضة لهجوم الأعداء الذين يطمعون في كسبها والاستيلاء عليها، هؤلاء القوم الذين نخافهم ويخافون منا!
(6)
إن حدود مراعي الشرارات تبدأ من الخنفة القريبة من تيماء إلى الشمال من مناطقها وهي البرق وأوفاد - مكانان في الخنفة، وفي الصيف تقيم في تيماء وأحيانًا في الهوج.
(7)
ومناطقها أيضًا من الكرك إلى معان إلى الوادي الأخضر قرب تبوك.
(8)
وفوق هذا من الطبيق إلى حومل وحومل وموضع من مواقع جبل الطبيق وما وراء هذه الأماكن وفيها يصطاد المها والنعام.
(1)
عن كتاب الشعراء الصعاليك.
(9)
نعم يعيش في هذه المناطق الصيد وأسلحة القوم كانت السهام.
(10)
ثم إن هذه الإبل نرعى في الحديثة المتاخمة لحدود الأردن وما وراءها فإلى وادي السرحان والجوف ويقصد دومة الجندل، لأنها كانت أحد موارد الشرارات المهمة.
(11)
ثم يحدد مواطن الشرارات ومراتع إبلهم فيقول إلى: المسمى وهو أحد مواضع الحرَّة المحاذي وادي السرحان من الشمال والحرَّة على شكل طوق بركاني من الحجارة السود الممتدة من الحدود الأردنية حتى الجوف ثم إلى الطويل المحاذي لرمال عالج المعروفة اليوم بالنفوذ القريبة من بلاد نجد.
(12)
ثم يفتخر بقبيلة الشرارات فيقول: إذا هاجم أطراف هذه الإبل غزو من الأضداد فإن من دون هذه الإبل ربعًا ويقصد بالربع قومه الشرارات الذين يدافعون عن هذه الإبل بإباء وشمم ويحمونها من الأعداء بسيوفهم من كل طامع يريد الاستيلاء على كل شيء منها.
(13)
يصف ساعة هجوم الأعداء التي يليها نداء المستغيث الذي يسمونه الصايح فيقول: صيّاح وراء صايح، ويصف عراك الإبل عند غارة المغيرين عليها ورجالات الشرارات يسرعون لصد الغزاة المعتدين.
(14)
وفي هذه اللحظة الحرجة ركب الشرارات وهم (بنو كلب) على وشح الأياد الهجن الحمر ذات الأخفاف البيض مسرعين لصد المغيرين.
(15)
في هذه اللحظة وصل أبطال الشرارات يمتطون الهجن بعضهم امتطى ذلوله بلا شداد لسرعته ويسمون ذلك - الحث - وبعضهم امتطى هجانه وعليها الشداد، والشداد للهجن كالسرج للخيل لم يتوان منهم أحد لملاحقة الأعداء المنهزمين خوفًا من لقاء الشرارات.
(16)
وفى هذه اللحظة يحمي الشرارات إبلهم وكثيرًا ما يفتكون بالمغيرين كأن الشرارات سباع مغامرة.
(17)
ثم يذكر القبائل التي تجاور الشرارات من كل جهة يصفها كلها بالشجاعة والبطولة على عادة البدو بالترفع عن بذاءة القول حتى مع أعدائهم فهم لا يشتمون وأقصى ما يقولون على أعدائهم ما حرفه: أخويانا كرامين اللحي.
(18)
يقول من بين جيراننا الطامعين فينا (وائل) أي عَنَزة ويصفهم بالشجاعة الخارقة في المعارك التي يسمونها الكون وهذا هو الاسم الشائع في الأردن أيضًا، والجمع أكوان والمعركة الواحدة كونة ومعنى قولهم يلطمون العائل أي يصدون المعتدي الذي يميل عن الحق. قال الشاعر:
شمّر ولتنا يا ضنا بشر لولاك
…
واللي يحطك باوسط الروك عايل
(19)
وفي الجنوب يحد الشرارات قبيلة بلي ورجالها شجعان لا يهابون الأعداء.
(20)
وفى جوار الشرارات قبيلة بني عطية ومن شيوخهم أبو دميك المعروف بالشجاعة.
(21)
وفي جوار الشرارات في الجنوب إلى الغرب قبيلة الحويطات وفي هذه القبيلة عودة أبو تايه المشهور وابن جازي غربي بلاد سرغ في تهامة.
(22، 23) ويجاور الشرارات من الغرب بنو صخر ومن هؤلاء أولاد شلاش ورميح وطراد الفرسان أصحاب الخيول الذين لا يهابون الموت.
(24)
وفي الغرب أيضًا يجاور الشرارات الدروز والجنق وعناد وهما من مشايخ بلاد الشام ومن فرسانها المعدودين وأهل البطين ويعني بالبطين حوران.
(25، 26) ويجاور الشرارات من الغرب ومن الشمال إلى الشرق على امتداد ذلك في العراق وفي سورية الشيخ ابن هذّال والشيخ ابن مجلاد وبكر وابن ضلعان وما يضمون من قبائل عَنَزة وما تضم تلك الديار من قبائل شمَّر والجزيرة ما بين العراق وسوريا.
(27)
وكذلك تحد الشرارات منهم فدعان وسبُّعَة من عَنَزة الأشداء الذين لا يتركون من سقط منهم في ساحة المعركة بل ينقذونه لشجاعتهم.
(28)
وعلى حدود الشرارات رويل يعني قبيلة الرولة من عَنَزة وهي تتعب الهجن والخيل الأصيلة بغارتها وهم جمع الجلاس مشايخ الرولة الذي يشبهون الجبال الراسية ثباتًا.
(29)
يقول ابن غيثة أن الشرارات كانت تجاورهم قبائل قوية فيها أبطال شجعان لا يخافون أي لا يهابون الموت.
(30)
يقول إن كل هذه القبائل القوية كان لها مع الشرارات مواقف بالرماح والسيوف؛ لأن طبيعة حياة البادية كانت على هذا الأساس.
(31)
يقول: إن مواقف الشرارات كانت معروفة ولا نصغى لمن يحاول أن ينال من سمعتنا.
(32)
ويقول: إن الشرارات مواردهم المعروفة والمشهورة في بلادهم ومنها آبارهم التي تتميز بأنها ليست عميقة فكثير من هذه الآبار في وادي السرحان تسقي إبلهم منها بالغرف لا بالمتح.
(33)
هذه الموارد حافظ عليها الشرارات من كل معتدٍ من زمن قبيلتهم الأم بني كلب ومن عهد كان الشرارات من المنعة والقوة بحيث إنهم استعصوا على كل من أراد النيل منهم.
(34)
إنها مناهل وموارد لهم فيها قديمًا وحديثًا آثار لا تغيب عن الأبصار من العرب.
(35، 36، 37) وفي ماضي الشرارات الموغل في القدم قبل أيام محسن اللحاوي وحماد اللحاوي وهما من زعماء قبيلة الشرارات وفرسانها الأشداء قبل سنة 1150 للهجرة في عهد الترك العثمانيين الذين كانوا لا يحترمون العرب ولا يلتزمون بالأعراف وبالتقاليد العربية وكان عهدهم قاسيًا على الأمة العربية وكان للشرارات دورهم من الأتراك أي في الثورة العربية بعد عام 1913 م.
(38، 39) يأسف الشاعر لنكران الحقائق ومواقف الرجال الذين دونوا بعض صفحات التاريخ كيف أهملوا الكثير من مواقف وتاريخ بعض القبائل الأصيلة مثل الشرارات.
(40)
يفتخر بعادات العرب الفاضلة عندما يذكرها.
(41)
ويفتخر بالبدو والبادية ويصف البدو بأنهم أصحاب الحراب الحادة يمتطون السلائل الأصيلة من الهجن والخيل لا يهابون الموت.
(42، 43) يتحدث الشاعر عن نجابة إبل الشرارات وشهرة هذه الإبل في أقطار تجاوزت حدود الجزيرة العربية.
(44، 45) يقول أن هناك تفاعلًا بين البادية والحاضرة وكل له شأنه وهذا ما عناه الشاعر بأبياته.
(46، 47، 48، 49، 50) يقول إن الحقائق تظل حقائق مهما طال الزمن على تجاهلها ونكرانها، لأن كلًّا يعود إلى معدنه مهما علت الأصوات فالنسب الصريح والمكانة المعروفة لا تمحوها الأباطيل ولا تلغيها طبول الذين يعبثون بتاريخ القبائل العربية المعروفة في الجزيرة العربية.
(51، 52) يقرن الشاعر أصل العرب بقوتهم وبأسهم وبما يمتطون من مطايا أيام الأجداد أيام الغزوات والمكاسب، أي زمن الفوضى الذي كان قبل العهد السعودي.
(53)
يذكر أنواعًا من المطايا مطايا القبائل العربية بادية وحاضرة ويقول إن كلًّا يستمد بأسه وصلابته من نوع ما يمتطي في الحرب وقتئذ.
(54)
ثم يقول: إن الموت يكون عند زارفات الأذواد أي الإبل التي تبحث عن الكلأ والماء. وكذلك الموت عند الرجال الذي يبحثون عن عقائل الإبل التي يريدون أن يغنموها!
(55)
منذ العصر الذي كانت الأسلحة فيه القنا والشلف - جمع شلفاء وهي الرماح - كان الكلام كله يدور على الإبل والغزوات وما يشبهها.
(56، 57، 58) إن كلام الشاعر مستمد من حقائق ناصعة لا يمكن نكرانها فالتاريخ لا يكذب ومدونو التاريخ يجب أن يقولوا الحقيقة التي هي أمانة في أعناقهم.
(59)
النميمة عار يمقتها الشاعر والكلام غير المثبت نقله عار على ناقله.
(60، 61) يقصد الشاعر بكلامه بعض النسابين الذين أساءوا إلى الشرارات فظلموا هذه القبيلة ولم يمنحوها شيئًا من حقها.
(62)
كالذي ذكره سابقًا عن بعض النسابين (في العهود المتأخرة نقلًا عن بعضهم بالباطل).
(63، 64) ثم يقول إن الصدق وقول الحقيقة هو النور الذي يجب أن يؤخذ من كل كلماتنا يخاطب المتطاولين على التاريخ قائلًا: دعوا المجال لأهل المعرفة، وللمحققين المخلصين في هذا الكون دعوه لهؤلاء العلماء الذين تعمقوا في معرفة التاريخ والأنساب ورصدوا الحقائق وتطرقوا إلى مواضيع شتى يستفيد منها العرب وغيرهم من البشر.
(65)
وهم علّامة الجزيرة وغيره من العلماء رواد العلم يصفهم بأنهم هم الرجال الذين يسيرون على نور الحقيقة، وهذه إشارة إلى علّامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر وإلى (مؤلف كتاب الشرارات مَنْ هم، المؤرخ المعروف روكس بن زائد العزيزي) اللذين كانا قد أصرا على نسبة الشرارات إلى تلك القبيلة المشهورة (كلب) وكان الشاعر قد التقى بهذين العالمين وحصل بينه وبينهما مراسلات قبل وفاته.
(66، 67) ثم قال يجب أن تعرفوا تاريخ الجوف بالهجري وبالميلادي مادمتم تقرأون وتكتبون في التاريخ، إذ يخاطب أولئك المتطفلين على التاريخ من غير علم ولا معرفة لتاريخ العرب فعليكم أن تعلموا أن الجوف معروفة عندنا نحن الشرارات منذ القدم ونعرف تاريخ الجوف من أقدم العصور لأننا أهل الجوف.
(68، 69) نحن أهل الجوف وأيامنا تشهد لنا بذلك وتاريخ الجوف عندنا.
(70، 71) مراحل تاريخ الجوف الثابتة تدعو الجاهلين للتاريخ أن يسألوا عن أيام الذين بنوا سور دومة الجندل.
(72)
ثم يؤكد فيقول نحن أهل الجوف ويقصد قبيلة كلب التي تفرع منها الشرارات، قائلًا: إننا أهل لأهله الأوائل قبل بناء مارد وبعد بنائه إلى هذا العصر.
(73)
ويحدد أن بني كلب هم أهل البلاد من زمن الجاهلية وهم يعبدون صنم القبيلة (ود).
(74، 75) يدوِّن الشاعر حقيقة تاريخية ذكرها التاريخ عن غزو الزّباء لدومة الجندل وثبات أهل البلاد وهزيمة الغازية.
(76، 77، 78) يبين دخول الإسلام إلى الجوف وبناء مسجد عمر بن الحنطاب في دومة الجندل.
(79)
يتساءل عمّن هضموا حقوق الشرارات وأساءوا إلى هذه القبيلة النجيبة بإهمالهم تاريخها في خذماء وهي عين ماء وأحد حواريي دومة الجندل والبادي حاضرة في دومة الجندل والغرب حارة الغربية في دومة الجندل، والصبة وهي أكمة تتوسط دومة الجندل، ويتساءل الشاعر قائلًا: مَنْ هم البادية التي تؤدي الزكاة في الإبل في تلك المواقع في حقبة تاريخية؟
(80)
الجوابي وهي برك ماء تفتحها الحاضرة وأهل حوط النخيل وتملؤها بالمياه لتسقي منها إبل الشرارات.
(81)
يتساءل لِمنْ هي تلك المضارب وبيوت الشعر المنصوبة والمفروشة بالبسط؟
…
إنها لقبيلة الشرارات.
(82، 83، 84) يتحدث الشاعر عن بسيطة المزرعة الطبيعية والهبة الإلهية
للحضارة وعن بادية الشرارات في الجوف فهم وحدهم الذين يحمونها ويدافعون عنها وبسيطة من أهمية بني كلب القديمة وتدعى حمى بني كلب .. ذكر صاحب معجم البلدان أنها في بلاد كلب وفي ما بقي من هذه العلواء. 85 - 104 يتحدث عن النعيم الذي عم بلاد الشرارات في عهد مؤسسي المملكة العربية السعودية أ - الملك عبد العزيز. ب - سعود. ج - فيصل. د - خالد. هـ - فهد (خادم الحرمين).
ثم يتحدث عن المراحل التطويرية التي شهدتها تلك البلاد أسوة بغيرها من مناطق المملكة العربية السعودية، فهي قد تحولت إلى جنات خضر ومن عامرة آهلة وشملتها حضارة لا يصدقها إلا من رآها وعاش في هذا النعيم على أرض المملكة العربية السعودية.
سعيد بن غيثه يرثي الملك/ عبد العزيز - طيب الله ثراه
(1)
يا عين كبي لا تكفين همّال
…
انعي بيوم واجدًا من نعى به
دمعك لمثل اليوم يا عين ينشال
…
والدمع هذا موسمه وانكبابه
انعي وخلي جاري الدمع شلال
…
مثل المطر فوق الخدود انسكابه
على أبو تركي مدهل الجود وأفعال
…
اللي حكم نجد بعدل ولبابه
من ملكته في كرسي الحكم ما عال
…
على الشريعة منهجه وانتسابه
هو الذي بيواجب الشعب حمّال
…
كنز لنا رب المقادير جابه
هو الذي لما قف الحرج عذّال
…
سور لنجد وعز حضرة جنابه
هو الذي صفاه عن كل من عال
…
هو الذي عن الأجانب عصابه
هو الذي ما جيب مثله ولا يقال
…
من بعد تاريخ النبي والصحابه
تقي نقي على كل ما طال
…
عفيف ما مس الدنس بثيابه
فيما أمر الله عدّال
…
يمشي بخطة ما نزل في كتابه
أبوٍ لنا رءوف وحناله إعيال
…
نفعه كلينا ونفعنا ما اهتنا به
هو الذي تنعاه شيّاب وأطفال
…
وتنعى النساء من حر يوم غدى به
هو الذي أنشأ وطن نجد بالمال
…
وبالسيف شتت من سعى في خرابه
من حر ضربه نلبس الجوخ والشال
…
في بسط وعدال وقوة بأس ومهابه
يالله يا علام يا جبار الحال
…
تقبل من اللي منحلِ بالطلابه
عسى عدد ما أخرج يمينه من المال
…
يمحي الذنوب وبالحساني إحسابه
ليا واجهه ربه عن الذنب سال
…
يطلع براءة ناجح من عذابه
جوامع الجنة يواجه بها بلال
…
ويستلحقه رضوان بدخول بابه
(1)
عن كتاب الشرارات لروكس بن زئد ص 110.
يدخل بساتين بها ألوان وأشكال
…
انهور من كل الثمر يلتقى به
يدخل بها اقصور حسينين الأعمال
…
ياقوت من نوع الزمرد عقبه
وحواري الجنة حسينات الأمثال
…
له ماقف ما بينهن ما يهابه
باللي قدم جاله من الحق مرسال
…
المسلمين الله يجبر صوابه
تعيضنا يالله مثله بالأفعال
…
ملكٍ وفيٍ صالحًا من عقابه
إلنا عوض اسعود موجود لازال
…
مفتاح نجد بالرخى واكترابه
والنا العوض فيصل بالأعمال وأفعال
…
وله شاهدًا يوم انتقافًا ضبابه
قود الجموع وخوضها حرب واقتال
…
وهز الجبال الراسية عن هضابه
باسم فيصل للعسيرات حلال
…
عز لنا والسيف بيده انصابه
أب عن جدهم مداهيل الأفعال
…
مثل البحر روس الجبال تغبابه
غبة بحر يضرب بها وصف وأمثال
…
ياما سقم بيها وياما غدابه
سور لنا عن حر شمس الضحى اضلال
…
هم ضونا أيضًا ليا أعطت غيابه
حكام نجد اللي ليا قيل الأبطال
…
هم نورها هم عدلها هم خصابه
قلته وانا بالقلب عبره ولوال
…
خلت بيبان الضماير خرابه
ودمعي على من أسس المملكة سال
…
خلا حراره لين لنه زاد الجلابه
حرر لأهله الدين والأمن والمال
…
مرحوم ماكنه بناها ومشى به
الموت حق الموت ياللي منه ذال
…
أخلص عمل دنياك واحسب حسابه
غرارة دنياك حطه على البال
…
والآخرة عطها حقوق الاجابه
مالك خوي إلا الكفن هو والأعمال
…
وبيتك لحدك وما ظهر من اترابه
بيه حشة منها البصر شاخصًا ذال
…
لا مال ولا بنون ينفعك ما به
إلا على الكتفين يمين وشمال
…
الكل منهم محتفظ في كتابه
يالله بحشر الموت تشفق على الحال
…
بالغرغرة والروح عند انسلابه
يالله ياللي للعزيزين عذال
…
للمسلمين انك تخفف عذابه
تجعل لنا في جنة الخلد مدخال
…
وتكفنا من النار ومن التهابه
تمت وصلى الله على أشراف الانسال
…
المرشد باللي نزل في كتابه
قصيدة (الأكوان) أو الوقائع الحربية المعروفة
(1)
للشاعر مشارع الجعيري
(*)
البارحة كن ليه عن النوم ناطور
…
قمت اتقلب ما أدري وش علامي
يطرى عليه مرتع السمر والقور
…
ديار ربعي قبل فرقا الليامي
كم غزو مسرور وكم غزو مكسور
…
وكم غزو مأخوذا بحد الجهامي
حتى ولو تنشد امغيرا وصيفور
…
يعلمك بالجلف كون الجذامي
يوم اللحاوي واعده عاصي الشور
…
اردوا الخباري كان بلكم مضامي
(1)
عن كتاب الشرارات لروكس بن زائد ص 151.
(*) مشارع الجعبري من عشيرة المسند من بطن العزام من الشرارات، تميز شعره بالحكمة، وتوفي في الثمانينيات من هذا القرن.
ولف نزالتهم من البزر شختور
…
يبشر اللي بأرقط الريش حامي
ويوم احتزم بأظهورهن كل مسطور
…
وعلى الوعيده وردوهن اشمامي
نوخ لهم شيخًا على الضد منصور
…
والحظ مع فعل المناعير قامي
وثار الدخن من كل نادر ومنعور
…
والخيل قشعه لون قشع الخيامي
لعيون حمرا حابسه مالها نشور
…
ينخن وين اللي عليهن يحامي
مثل الخشيب اللي وري النيل مديور
…
هذي فعايلهم نهار الزحامي
وشربن وارتعن الخضاضر بصيفور
(1)
…
وعنهن تجلّا القبس هو والعسامي
يرعن من الخنفه إلى قاعة الطور
…
مربى شذاهن والثقل كل عامي
يا صبيح ما ذبحه جوادك لكم شور
…
صيدك زعل يا صبيح والإعدامي
ما ظن عقب وقفتك يطلع الطور
…
لما قزا بين الشهيبا وسنامي
ومقبول اهواي نجم على وعور
…
من مضربه روس الشخانيب رمامي
ويوم الهزيم اللي تعاطوا على شور
…
قالوا عرب مخلين لقمة اقطامي
ما من عرب يجزيهم الطهر بالدور
…
ما غير اعيال الخال وابن العمامي
ويوم اهدفوا ربعي على كل ناظور
…
وردوا اعطاس وصدورهم مضامي
وشبع شطير الناب هو وأبو منقور
…
مشتى ومرباعًا لهن بالتمامي
وكونًا على الحفنه من البير واحدور
…
سوالفه تحيي رميم العظامي
قالوا هل الركيب اللي هالايام مذكور
…
حسّوا علينا واحرمونا المنامي
(1)
صيفور: هي معركة شهيرة قبل الحكم السعودي أيام الجاهلية السائدة في جزيرة العرب، وكانت مع الشرارات، وقد انتصروا فيها نصرًا مؤزرًا على أعدائهم. وصيفور اسم الموقع الذي حدثت عنده المعركة.
هذولا من العزام صابور واسبور
…
والمنع ما يظفي عليهم حرامي
وبالجرف نوخن الركايب على امقور
…
وردن علينا لون ورد الضوامي
وأذل من الوسواس والهرج من نور
…
واخشى على هرجي نواقص كلامي
اقفن بدلوح الخيل والدم منثور
…
ولا ذاقوا الما والثمايل آجمامي
خيل الشيوخ مقرطاتن تقل صور
…
إكتال ضبع الوقف منهن ونامي
هوش النظام اللي من الترك مصخور
…
جلاب عمره كاتبينه عدامي
كون الشهيباء غزو مسعر وناعور
…
اركابهم ما بين ربعي اقسامي
جيب البليش مرشدش الهيل واعطور
…
وجبين افري الجوخ هن والكزامي
والخيل رصوه النشامي على الطور
…
سدًا وعربيه العشاري ينامي
حامين عند أشتاقهن مرتع الخور
…
وكم ريع تلقى به مناثر إعظامي
قصيدة ملحمية من الشاعر عوض بن محمد بن سمران بن دابس
(1)
هذه القصيدة يرد على قصيدة بعث بها أحد شعراء الدروز
(2)
يصف بها واقعة (قيعان خنا) يقول الشاعر الدرزي في قصيدته:
هم يحسبون الخيل ترعى مع الفلا
…
ويطمع بنا مع يركبون بعير
ما يحسبون اسروجها في اظهورها
…
ويركب عليهن بالطراد أمير
حنّا بني معروف مخبور فعلنا
…
صفر العيون وشبلنا كالزير
عادات بني معروف في ساعة الوغى
…
يردون بالميدان كل شطير
يا ويل من يغويه عقله بحربنا
…
ويا ويل من حنّا عليه نغير
ما نرضى تسبي الشرارات مالنا
…
إن صارت قبلًا ما بعد يصير
جراد نجد لو تواقع بزرعنا
…
منهو كفيل بالجراد يطير
فرد عوض بن دابس الشراري قائلًا:
يا دروز (نجد) منبع العز والفخر
…
(نجد) شهير ومن عليه شهير
جاكم من أولهم صناديد سربه
…
شينين لقاهم بالطراد عسير
ما هم فلا ليحين بحوران هاجروا
…
حلالهم غير العجول حمير
حدوك عن نمره ولو زاد جمها
…
والشيخ عندك بالمضيف كسير
واحصانك اللي مرتعه فيصه النفل
…
بقصر السويداء حط له شعير
واعرف صفار العين ما فيه مرجله
…
فقس الأرانب بالعيون بحير
يا دروز عنكم يزين الله حظنا
(3)
…
حبل المذمة يا دروز قصير
(1)
هذا الشاعر الشراري كان في أوائل القرن الثالث عشر الهجري وامتاز شعره بالطابع الحربي. (ص 146 - من كتاب الشرارات لروكس العزيزي).
(2)
الدروز قبيلة مشهورة في جنوب غرب سوريا وكان يحكمهم قبل نصف قرن سلطان باشا الأطرش وهو من الزعماء الوطنيين الذي ساهموا في حركات التحرر ضد الاستعمار الفرنسي.
(3)
يقصد أنهم أهل شجاعة ما ينكرها لهم أحد.
أنتم هل الطايلات والعز والكرم
…
وأهل العمايم باذلين المير
مير الفخر ما هو لكم دون غيركم
…
لنا موقف بالموزمات خطير
كم ساعة بالحرب نهزم رجالكم
…
ويلحق فرسكم بالطراد بعير
جينا بنات الحر
(1)
للطراد واللقاء
…
ان صاح في ركن الحلال نذير
ولولا طعننا حامت الأرض فوقنا
…
والغلب ما يرضاه كل بصير
يا دروز لو صرنا حشيش لناركم
…
كلًا يولع بالحشيش سعير
قصيدة للشاعر سعيِّد بن غيثة الشراري رحمه الله
-
(2)
هو الشاعر سعيِّد بن سالم بن غيثه، ينتمي إلى عشيرة الصبحي (الحلسة) أحد فحول شعراء العامة في الجزيرة العربية .. قال شعرًا كثيرًا في الرثاء والغزل والمدح والهجاء وغيره .. ولد في عام 1340 هـ وتوفى سنة 1409 هـ.
ومن شعره هذه القصيدة التي بدأها بمخاطبة الشيخ مقحم بن مهيد رحمه الله في بلاد الشام.
وصادف أن هذا الشاعر كان مريضًا حين رأى بارقًا يلوح باتجاه قبيلته فقال قصيدته التي منها:
يا شيخ
(3)
يا مدمي كبود المعادين
…
بدربكم الخيل ياما وطني
وأنتم هلالات من الشرق ثانين
…
يا ويل ضدا خيلكم يسهجني
تنحون بالعليا جموع المعادين
…
لمنهن شط الفرات اقطعني
البارحة ما تسألن الهدف وين
…
يا شيخ يومن النجوم اهدفني
البارحة ما سلهم النوم بالعين
…
اقالب الجنبين مما غبني
(1)
وهي النياق الأصيلة من الإبل سريعة العدو.
(2)
الشيخ مقحم بن مهيد (من كبار مشايخ عنزة). ولقبه (مصوت بالعشا).
(3)
نقلًا عن كتاب الشرارات (بنو كلب) ص 192 وما بعدها - عبد الله بن قاسم النواق.
هيض هموم القلب والناس غافين
…
غرًا يسقن ونوهن دفقني
صوب البويب اشوف برقة لعج زين
…
تقول ضلعانا مزونة نشني
وديارنا وراه ممشاه عشرين
…
ليال ممشى الراحلة وقمهني
ذكر على أيام ربعي هاك الحين
…
ويوم اشتعلن بروقهن ذكرني
الدور كان مثلي البرقة مخيلين
…
ومفالي البل عندهم سيلني
بدون شور الرأي باكر محيلين
…
لا والله ألا دون هجسًا وضني
قاد الجهام اللي من الصبح مسقين
…
باتا على شور بصبح نصني
وامست بيوت اللي على العز بانين
…
ومن صبح زينات المفارع طوني
وغدا عسام الجولون الدخاخين
…
الزمل رد ودالة القلب حني
نظناظ جظ ولج ناسا كثيرين
…
يدوخ رأس اللي وقف بينهني
لو تسمع الأصوات بين المنادين
…
ما تفهم الموضوع منهم ومني
قاد السلف ثم أتلته الأضاعين
…
والبيض صفن زينهن ينضرني
كلًا تقذ بعينها ودها الزين
…
فوق المقاصر دلهن نثرني
زوم الجهامة والمظاهير مقفين
…
كنه طخا مزنًا ثقالًا زمني
والعد أخلا من جميع المقاطين
…
عليه ماكن النزول اقطبني
على مداهلهم جديد وقديمين
…
أرضًا بها قطعانهم يرغبني
من الجوف للخنفة خذها على يمين
…
من السمار إلى الطبيق أرتعني
على منازلها وبره معيين
…
وأفعالهم بأطرافها يشهدني
أخلاف ذا يا راكبا فوق ثنتين
…
أصايلا من جيشنا نجبني
عسفا رباعيات يوم المقاطين
…
بالأرض يوم أن الخفاف ابردني
غيبة نجوم الحر مع وفده الشين
…
يوم البراد أشهر نجومه بدني
عقب التطبع حيلًا أربع أسنين
…
جلسين لما شهودهن بينني
عوصًا شراريات بالوصف لونين
…
حمرًا خوات وللسفر حضرني
من شبيح
(1)
أجهمن صلاة المصلين
…
وكل اللوازم فوقهن حضرني
وغشن مرفيه
(2)
مصابيح يومين
…
وليلة ثلاثة بالرياش
(3)
أمرحني
والصبح يبارن نسفن البساتين
…
والعصر مع شهيب الدميثة
(4)
زمني
ونهار خمسه بالأعيلي
(5)
معشين
…
بمحدر الشعبان يوم التقني
والصبح فوق أكوارهن مستعزين
…
ذورات من أظلالهن يجفلني
يشدن رفيف موردات القطاتين
…
حرًا طلبهن روحهن وانحدني
هو يدعي يصيدهن بالشطيرين
…
وهن يدعن ياليتهن يسلمني
ذورات ما يدانن هوز المحاجين
…
سبحان من ادعاهن الكم هدني
إن روحن وأنتم عليهن مخفين
…
عن مامشن يا بعد ما يصبحني
لابدكم من الشرارات لافين
…
يا موفقين خوذوا الهرج مني
وعقب العشا منكم ترى الهرج باغين
…
من ديار جيشكم به مشني
خوذوا واعطوهم كلام المحبين
…
وحمض الرجال اعلومهم وأن لفني
يا موديًا هرجي وداعتك ياشين
…
زيد السلام وداعتك لاتكني
أول سلام لوالدي به حريصين
…
زيد السلام وفيه ما يستمني
على الحلسة سلموا والضباعين
…
وعزام وفليحان لازم يجني
سلم على ربعي حماة المجنين
…
سلام لربعي دافعه معك مني
سلم على أكبارهم والصغيرين
…
غير الردي لاله علومي يجني
(1)
شبيح: إحدى قرى الشيخ مقحم بن مهيد. جنود شرق مدينة حلب السورية بـ (75 كم).
(2)
مر فيه: موضع بسوريا.
(3)
،
(4)
الرياش، الدميثة: موضعان بشرق الأردن قرب الحدود مع المملكة العربية السعودية.
(5)
الأعلى: وادٍ كبير يخترق الحرة وتصب سيوله الموسمية بـ (خضوضا شمال طبرجل).
سلم على كليت بذلين الأيدين
…
لو مادروا يا مودي الهرج عني
سلم على اللي لشمخ الخور حامين
…
حم الذرا لأفعالهم يطربني
سلم على اللي بتالي الجيش صلفين
…
عز الجلال وعز من فرعني
يوم اللقاء من كل جيهة خذوا دين
…
ومن كل جيهة ذودهم يطلبني
ياما رموا عند البكار المزايين
…
من واحدٍ من جيته ما يثني
بتاع قطاع اللغاء أن صاربه شين
…
عمارهم يوم اللقاء يرخصني
مدحي لهم ماهو تفيخر وتبيين
…
لوما ذكرت أفعالهم يذكرني
من عرض ناسا بالمراجل وفيين
…
أفعالهم من روسهم يرفعني
يا ليت قبري بوطنهم مسوين
…
واللا الليالي عن وطنهم نحني
أن غربوا نثايل القير غاشين
…
وأن شرقن أسلافهم يدهجني
قصة محيسن الربشاني مع ابن دعيجا
(1)
ينتمي محيسن إلى عشيرة الربشان - قبيلة الرولة (عَنَزة) - وكان على علاقة عشق مع إحدى بنات جلدته أصرّ والدها على عدم زواجها منه فأرسل إلى خلف بن دعيجا الشراري بقصيدة يطلب نخوته .. قال فيها:
يا راكبا حمرا من العشب تبني
…
مرود ما غير الدفوف السنامي
ترعى زهر نوار برقا جذبني
…
مرباعها ما بين شرقًا وشامي
ما لاخست مع شذة الحشو لابني
…
ولا فخت مفرودها بالفطامي
عيونها جمر الغضاء يلتهبني
…
جدعيه تقطع متين العصامي
هات العقيلي وانسفه فوق زبني
…
وافرق نحرها يم وجه اليمامي
تلفي على بيتا كما الحيط مبني
…
راعيه فطاع الفرج والمظامي
قل يا خلف يكفيك هما ركبني
…
حيثك على الوكمات رجلا تحامي
(1)
نقلًا عن كتاب الشرارات (بنو كلب) ص 141 وما بعدها - عبد الله بن قاسم النواق.
عيت صروت أيامنا لا يطبني
…
وأبديت سدي من عقب ماني بكامي
وحدني بالبئر من لا جذبني
…
وخلا غش الغور ينخر عظامي
فرد الفارس خلف بن دعيجا الشراري بالقصيدة الآتية:
نيران قلبي بالحشا يلتهبني
…
مفطر وكني بليالي الصيامي
(1)
قولات من قلب فهيم انسكبني
…
كن حل باللؤلؤ خرز بانتظامي
معجنات بالعسل به يذبني
…
قولات قرما بارعًا بالكلامي
يا راكبلي للجلب ما جلبني
…
ولا سامهن راع السحاحير شامي
شيب الغوارب بينهن يرتهبني
…
يدعن حيطان القرايا حطامي
سحابتين من أزرق الماء شربني
…
يسقن قراح الضبا بالمضامي
شيهانتينا بالهوى يلتعبني
…
عذبن قراط العلف بالحيامي
بنات هرشا بالهدد له يجبني
…
يطلق عليهن يوم كلا ينامي
بنات مصفيا عليه اعتقبني
…
ثامن ثمان مصفيات اهمامي
وقت الشتا ببلاد حومل شربني
…
بادمات مبركهن عن البرد حامي
ومرباعهن نيال
(2)
يوم اقتلبني
…
يرعهن ثمر أدحال صم العظامي
يشدن جول الربد يوم احتصبني
…
شافن رمايًا رماهن وقامي
(1)
عجز هذا البيت يدل على تمسكهم بصيام رمضان وحفظهم لأيام السنة .. كقوله الشاعر علي الخروات: فخذ الصبحي .. مخاطبًا خلف بن دعيجاء وهو يتساءل عن فتاة اعترضت سبيله:
أذهبت والمذّهِب قليل اليقيني
…
مع ما عرف مع مادري ياخلف وين
وضحا تخرب ملة العاقليني
…
يا ظنتي أنه فابتا وقم جلسين
ساجت مع أقطاعن تلنك يميني
…
بين الدفاف وبين نجع الدعاجين
بأيام مرتنا الغرايا ضعيني
…
فأيت من القطر الأول نهارين
وهو يشير إلى ثالث أيام عيد الفطر.
والغرايا: غيران البنات 25 كم جنوب غرب دومة الجندل تقريبًا.
(2)
وفي المعاجم (نيان) وادٍ بالخنفة.
سبحان من هداهن لنا ينركبني
…
ذورات صيد الصيد وأحسن مقامي
حمرا الغياب البراري يجبني
…
من عقب ما ترميس عليه العلامي
ان ارتخن ذرعانهن واكتربني
…
خطرًا عليهن مع رفيف الحمامي
وإن قيل من عقب التروس تعبني
…
ما ضبطوهن بالرسن والخزامي
ما اعطاهن الفلاح بالحوش تبني
…
بالليل يجفلهن وضيح العظامي
الصبح مع درب المنقا
(1)
شذبني
…
يشدن صريط السحاب الهزامي
كت الغدف
(2)
لما الجذايب
(3)
عقبني
…
ولازم على الأزرق تشوف الجهامي
ربشان
(4)
تأصل خيلهم ما يهبني
…
ياكم طريحا يهجعونه أشمامي
قل: أشوف محيسن وسط ربعي جذبني
…
ياجايبين العلم دمتم ودامي
علما يشد الروح وأنا كسربني
…
كرب الرشا من فوق هدف المقامي
إن كان ذودي للحبيب يجبني
…
دونك عصاهن قدلهن بالتمامي
دونك قعود البيت والبيت وابني
…
وياطلبت العقلا علينا حرامي
مع بندق لفظات فمها يصبني
…
والها على الضد المجنح مرامي
والبيض قبلك بحياتي لعبني
…
لعب الهوى برهيفات الخيامي
والبيض عسى البيض ما يرتجبني
…
خويهن ترمى عليه التهامي
كم واحدًا وردا به وعذبني
…
وعقب الرها تضحي دليله مظامي
ياما عطن العلم وياما كذبني
…
نجل العيون مرخيات اللثامي
(1)
منقأ مورد المحيضر بوادى السرحان.
(2)
وادى بصب قرب الأزرق بالأردن.
(3)
الجذايب: أعلام جبلية يمر بها وادي (اغدف) إلى الجنوب من الأزرق.
(4)
إحدى عشائر الرولة.
قصيدة للشاعرة مغيضة الدليمان
(1)
واخواني اللي عقبهم ما بي الفود
…
ونفسي اللي قصرت عن هواها
ان مت لا تتعب على القبر يا حمود
…
رأس الطويلة حطني في نباها
وإن كان تبيضت ما يلحقك سود
…
حاذور لا يرقد عليه حصاها
دنولي عوصا من الفطر القود
…
عن الهم تركب بيعوا لي ذراها
يا بعد ذرعانه عن الزور ياحمود
…
وياطول مع صم الصحاصح اخطاها
تلفي على عرنان واخشومه السود
…
وخشم السطيحة أشرفت من وراها
هذي تنود وهذي برأسها نود
…
وهذي يشختر دمها من حفاها
وهذي إلى ركابها قلقل العود
…
تورد ولو كل القرب نش ماها
وإن صار بالتالين ناشد ومنشود
…
وكلًا تشتل سابقة في غياها
يردها قدام حضار واشهود
…
وتعلقوا من غير ملي قراها
وإن صار بالتالين طارد ومطرود
…
تطلع وهو يؤخر بها مانخاها
وتقول مغيضه في وصف معركة وقعت على عشيرتها في جرف باير
(2)
:
سوالف بالجرف يبرن الأوجاع
…
يفضن بيبال الصديق القرابه
جتنا خيول عجها سد الارياع
…
وادعى لنا رب المقادير ثابه
أرع الحصان مع أول الخيل فزّاع
…
يازين ملية منخرة من اترابه
ياكم قحومًا تجمع الجرف مطواع
…
ذبحت وراعيها فضخ في ثيابه
(1)
من كتاب الشرارات لروكس بن زائد العزيزي ص 195، وفيها ترثي مغيضة اخوتها الذين قتلوا في معركة وفيهم أخوها الفارس محمد الدليمان الذي تصف فيه ذلوله (العيوب) ومغازيه عليها.
ومغيضة شاعرة مشهورة في الشرارات وتكنى بأم مبارك وهي من فخذة الفالحة من الدليمان من عشيرة المسند من بطن العزام، وقد عاشت في أوائل القرن الثالث عشر للهجرة واشتهرت بوصف الإبل ولها أشعار حماسية في المعارك وقت الغزو قبل الحكم السعودي.
(2)
المصدر السابق ص 191، وجرف باير في جنوب الأردن.
ينذر على روحه من الضان مرياع
…
ووضحاء عليها لون وصف السحابه
بجرف باير صار للضبع مرباع
…
بالجرف يا مكثر سبيب الربابه
تشامرت الخيل مع كل مقطاع
…
والجرف شافن به اشعرت الذيابه
وتقول في ترحيب النساء بالضيوف في غياب صاحب البيت:
إن روحن كنهن سفوف
…
وكلًا تهرج على امناها
يوم ان خطو النضا ما تشوف
…
والعج مع رشها اعماها
يوم المزاهب بهن لفلوف
…
ما كان عمر الحبا جاها
يوم إعتصر عكته غطروف
…
نسيت لاحل موكاها.
هذيل
نسب القبيلة:
هم بنو هُذَيْل بن مدركة بن إلياس بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان.
تاريخهم وفروعهم ومساكنهم تبعًا لما قاله المؤرخون عن هُذَيْل قديمًا وحديثًا
(1)
ما قاله ابن حزم الأندلسي
(1)
:
ولد هُذَيْل بن مدركة: سعد، ولحيان. فولد لحيان بن هذيل: طابخة، ودابغة، ولهم عدد. فمن ولد دابغة: المحبِّق واسمه صخر بن عبيد بن الحارث، وابناه سلمة، وسنان، روى عنهما الحديث، ومن بني طابخة: أسامة بن عمير، له صحبة؛ وابنه أبو المليح المحدث وأول شعراء هُذيل، وهو أبو قلابة الحارث بن صعصعة بن طابخة بن لحيان.
وولد سعد بن هذيل: خريب
(2)
، من ولده: أبو كبير الهذلي الشاعر، وحوية، دخلوا في بني عبس من غطفان، وقيل إن الحطيئة الشاعر منهم، وخُناعة، وبطن، ورهم، وتميم. فولد تميم: الحارث، ومعاوية، وعوف. والعدد في بني معاوية؛ فمنهم عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل، وأخواه عتبة بن مسعود، وعميس بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن
(1)
الجمهرة ص 196، 197، 198 طبعة دار الكتب العلمية - بيروت.
(2)
اسمه عامر أو زيد عن التهذيب 12: 246.
صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل، وعبد الله، وعون، ابنا عتبة بن مسعود، وأبو عبيده أمه أم ولد واسمها سيرين، وعبد الرحمن، وعتبة، وبنو عبد الله بن مسعود ولهم بقية وعدد. ومن ولد عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود كان المسعودي المؤرخ، وهو علي بن الحسين بن علي بن عبد الله بن زيد بن عتبة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وأم عبد الله بن مسعود (أم عبد) من المهاجرات الأُوَل، من بني قريم بن صاهلة بن كاهل، وابن أخي عبد الله بن مسعود، عمرو بن عميس بن مسعود، كان واليا لعليّ بن أبي طالب على القطقطانة، فقتله هناك الضحّاك بن قيس الفهري عامل معاوية بن أبي سفيان. ومن ولد عبد الله بن مسعود: القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، والقاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود؛ وابن أخيه محمد بن أبي عبيدة بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وأبو العميس عتبة، وأخوه عون، ابنا عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، ومن ولد أخيه عتبة بن مسعود عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أحد الفقهاء بالمدينة، وإخوته عون وحمزة وناجية، بنو عبد الله بن عتبة بن مسعود، والفضل بن عون بن عبد الله بن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، محدث.
وفي هُذَيْل نيف وسبعون شاعرًا مشاهير، منهم: عمرو ذو الكلب، فاتك شجاع، وأخته جنوب، وهما من بني عامر بن كاهل، وقرد بن معاوية بن تميم بن سعد بن هُذيل، الذي يقال فيه:"أزنى من قرد". ومن ولده هو: أبو خراش الهذلي. ومن بني صبح بن كاهل: أبو بكر الهذلي الفقيه، واسمه سُلمى بن عبد الله بن سلمى. وديار هُذيل حول مكة، ولهم بها عدد وعدة ومنعة. (انتهى قول ابن حزم).
(2)
ما قاله القلقشندي في نهاية الأرب
(1)
:
قال عن هُذَيل: هم بنو هذيل بن مدركة بن إلياس بن مُضَر، وكان لهذيل من الولد سعد، ولحيان. قال الحمداني: ومنهم طائفة بقرب الجبل من إخميم بالديار المصرية يدعون في بني رشاد.
(3)
ما ذكره عمر رضا كحالة في معجم قبائل العرب عن هُذَيْل
(2)
:
قال: هُذَيْل بطن من مدركة بن إلياس من العدنانية، وهم: بنو هُذَيْل بن مدركة بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان. كانت ديارهم بالسروات، وسراتهم متصلة بجبل غزوان المتصل بالطائف، وكان لهم أماكن ومياه في أسفلها من جهات نجد، وتهامة بين مكة والمدينة، ثم تفرقوا بعد الإسلام. وهم بطنان سعد بن هذيل، ولحيان بن هذيل، وقد افترقوا في الإسلام على الممالك، وكان بإفريقيا منهم قبيلة بنواحي باجة (شمال تونس)، يعسكرون مع جند السلطان ويؤدون المغرم، وكانت منهم طائفة بطوخ الجبل من إخميم بصعيد مصر.
ومن منازلهم وديارهم: عرنة، عرفة، بطن نعمان، نخلة رحيل، البوبارة، أوطاس، الهزوم، العين، أنف، الموازج، التِّلاعة، المناعة، المجمعة، الأحث.
ومن جبالهم: مكان
(3)
، المشعر، فحل
(4)
، شمنصير، عماية، الأوق، الأراك، عسيب، قُراس
(5)
، داءة
(6)
، لحوظ، ذات الدَّبر، الأعوض
(7)
، سام،
(1)
نهاية الأرب ص 435 - تحقيق إبراهيم الإبياري - دار الكتب الإسلامية.
(2)
معجم قبائل العرب - مؤسسة الرسالة - بيروت، ج 3 ص 1213.
(3)
جبل مشرف على نعمان.
(4)
بتهامة.
(5)
جبال بالسراة باردة.
(6)
قرب مكة.
(7)
بتهامة.
الفضل، الوتر
(1)
، حنثل، صُداصد، العصم، المراح
(2)
، عروان
(3)
، كراش، المدراء، الوصيف، كنثيل، كبْكب
(4)
.
ومن أوديتهم: نخلة الشامية
(5)
، سعيا
(6)
، حلبة
(7)
، مركوب
(8)
، الضاحي، ملكان
(9)
، أدام
(10)
، دفاق، عروان، وضيم.
ومن مياههم: المجاز، الرجيع
(11)
، بئر معونة.
ومن أيامهم: يوم خشاش، ووقعة الجُرْف وهو موضع قرب مكة كانت به وقعة بين هُذَيْل وسُلَيْم، وأغار مالك بن عوف النصري
(12)
على بني معاوية من هذيل واستاق إبلا لهم بالبوباه
(13)
واستنقذوا ما كان في أيديهم، فدعي يوم البوباة.
وكانوا يعبدون مناة بين مكة والمدينة، وصنم سعد، وصنمًا كان برهاط يحجون إليه، وقد هدمه عمرو بن العاص سنة 8 هـ.
وفي تاريخ العبر لابن خلدون وتاريخ الطبري قيل: أن الجنابي زعيم القرامطة لعنه الله صعد إلى سطح الكعبة ليقلع الميزاب وهو من خشب ملبس بذهب، فرماه بنو هُذَيْل الأعراب من جبل أبي قبيس بالسهام حتى أزالوهم عنه، ولم يصلوا إلى قلعه، ولكن الجنابي تمكن من خلع الحجر الأسود والذهاب به إلى الأحساء وظل نحو عشرين عامًا ونيف هنالك، وكان هذا في عام 316 هـ، وقد
(1)
على طريق القادم من اليمن.
(2)
بتهامة.
(3)
جبل بمكة.
(4)
جبل مشرف على موقف عرفة.
(5)
واديان على ليلتين من مكة يجتمعان ببطن مر وسبوحة.
(6)
بتهامة قرب مكة أسفله لكنانة وأعلاه لهذيل.
(7)
بتهامة أعلاه لهذيل وأسفله لكنانة.
(8)
أخلف يلملم أعلاه لهذيل.
(9)
على ليلة من مكة.
(10)
بتهامة أعلاه لهذيل وأسفله لكنانة.
(11)
قرب الهدءة بين مكة والطائف.
(12)
هو زعيم هوازن يوم حُنين فيما بعد ظهور الإسلام.
(13)
ثنية في طريق نجد على قرن ينحدر منها راكبًا إلى العراق.
أعاده القرامطة لجوف الكعبة مرة ثانية وقالوا: أخذناه بأمر الله ونعيده بأمر الله! وذلك عام 339 هـ.
وفي ص 1010 ذكر عن لحيان بن هُذَيْل قائلًا:
بطن من هُذَيْل، وهم بنو لحيان بن هُذَيل بن مدركة بن إلياس بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان. ومن بلادهم: رَخمة، الهُزوم، أَلْبان.
وبعث النبي صلى الله عليه وسلم عشرة عينًا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت جد عاصم بن عمر بن الخطاب لأمه، حتى إذا كانوا بالرجيع، ويقال بالهدأة، وهما متجاوران بين عُسفان ومكة، ذكر لحيان بن هُذيل، فنفروا إليهم بقريب من مائة رجل، فاقتصوا آثارهم، فأدركوهم، وأحاطوا بهم، فقالوا لكم العهد والميثاق، إن نزلتم إلينا، أن لا نقتل منكم رجلًا، فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا، فقاتلوهم، حتى قتلوا عاصمًا في سبعة نفر بالنبل، وبقي خبيب وزيد ورجل آخر من المسلمين، فأعطوهم العهد والميثاق، ونزلوا إليهم ووضعوا السلاح.
ثم سار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى نزل على غران وهي منازل بني لحيان، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رءوس الجبال، فلما نزلها النبي صلى الله عليه وسلم وأخطأه من غرتهم ما أراد، قال المسلمون: لو أنا هبطنا عسفان لرأى أهل مكة أنّا قد جئنا مكة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في مائتي راكب من أصحابه حتى نزل عسفان، وكان لحيان هم سدنة سواع.
وعن هُذَيْل في الوقت الحاضر ذكر عنهم التالي في ص 1213:
هُذَيل من قبائل الحجاز المهمة، تنقسم إلى قسمين: شمالي وجنوبي وتقع ديار هُذيل الشمالي في أطراف مكة، ومن جهة الشرق والجنوب وبالأخص في أطراف مكة والطائف بقرب جبل برد وجبل ذَكا المشهور. ويتألف هذا القسم الشمالي من سبعة أفخاذ هي:
المطارفة، المساعيد، السواهر، لحيان، عمرو أو عمير، الجنابر.
أما القسم الثاني فيدعى هُذَيْل اليمن ويتألف من الأفخاذ الآتية:
الندوية، دعد، السراونة، العاهلة، جميل.
(4)
ما قاله حمد الجاسر عن فروع وديار هُذَيْل بالوقت الحاضر
(1)
:
قال: هُذَيْل وأحدهم هُذَلّي
(2)
. ومنهم جميل والمسودة.
فمن جميل: القُرَّح (العلويون)، دعد، النديون (بنو ندا)، السراونة، بنو إياس، الجوابرة (بنو جابر)، بنو كعب، الطلحات (الطلوح).
ومن المسودة: لحيان، بنو عمير، بنو مسعود، المطارفة، صُليم (الصلمان).
ومن صُلَيم: السعايد والحتارشة والسواهرة وعقيل، ومن المُسْودَة أيضًا زليفة والسوالمة والكباكبة.
وهُذَيْل بلادهم حول مكة والطائف في واديي نخلة اليمانية والشامية، وفي الجعرانة، وفي وادي فاطمة، وفي جبل كبكب، وفي عرفات، وفي أودية نعمان ورهجان وضيم ودفاف إلى يلملم (السعدية).
ومنهم من يسكن سراة الطائف، وما أشرف منها غربًا وسال من أوديتها إلى تهامة، ولهذا تقسم هُذَيْل باعتبار منازلها إلى هُذَيْل الشام، وهُذَيل اليمن، فهُذَيْل الشمال (الشام) هم الذين تقع بلادهم شمال مكة وشرقها، وهُذَيل اليمن هم الذين تقع بلادهم جنوب عرفات (وادي نعمان)، ومن هُذَيْل في الطائف وهم:
(1)
عن معجم قبائل المملكة العربية السعودية ص 779، 780، 781 - دار اليمامة بالرياض - الشيخ العلامة حمد الجاسر.
(2)
العامة في نجد والحجاز يقولون (هذيلي).
الطلحات، الخُلَّد (بنو خالد)، الحساسنة، زليفة، العَبَدة. فالطلحات والخُلّد يسكنون في سراتهم المعروفة ببلاد الطلحات، وهي بين بني سفيان (من ثقيف) وقريش من الشمال، أما الحساسنة فهم يسكنون الأصدار وشعاف الجبال غربي النمور مما يلي يعرج، وأما زليفة فهم في شفا زليفة بوادي الشُّريف شمال الهدأة (الهدة)، والعبدة تسكن في وادي الشَّرقة شمال الهدأة.
وفي جمهرة أنساب الأسر المتحضرة قال الجاسر أيضًا عن هُذَيْل
(1)
:
القبيلة الصريحة النسب - هُذَيْل بن مدركة بن إلياس بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان.
لا تزال في مواطنها القديمة أو بقربها حول مكة وفي تهامة وفي غرب سراة الطائف وما انحدر من أوديتها صوب البحر الأحمر.
ولم تنتقل منها فروع إلى نجد، ولكن يوجد أسر قليلة متفرقة في قرى نجد من تلك القبيلة
(2)
منهم: آل جبر في البرَّة وآل جبير في الجمعة، وآل حجي في مراة، وآل سليمان في المجمعة وحرمة ومن آل جبير في المجمعة أيضًا، وآل عجلان في البرة ورغبة، وآل عرمان في النبهانية، وآل عيد في البرة، وآل هذيل في الدلم، وآل محيا في النبهانية.
(1)
انظر ص 888 من جمهرة أنساب الأسر المتحضرة تأليف حمد الجاسر - دار اليمامة بالرياض.
(2)
يذكر أحدهم من المعاصرين أن الذين انتقلوا إلى نجد ثلاثة إخوة من المطارفة، من وادي نخلة (المضيق) وهم عيد وعُويّد وجبر، فاستقر عيد في البرة، وجر في المجمعة، أما عُويّد فصار مع آل بصيص من شيوخ قبيلة مُطير وأبدى من الشجاعة ما دفعهم إلى مصاهرته تزوج إحدى نسائهم واندمج أبناؤه فيهم. وهجرة أولئك الإخوة قبل ظهور الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله إذ ذكر ابن بشر في "عنوان المجد" أن إمام مسجد ثرمداء في عام 1180 هـ هو محمد بن عيد، ممن قتل في الوقعة، أما سبب هجرة أولئك الإخوة فيقال بإنه رُمي طير لأحدهم فقتل راميه، فهرب مع أخويه، هذا ما نقله لي الأخ أحمد بن محمد اليحيا عن الشيخ محمد بن جبير.
(5)
وفي كنز الأنساب للشيخ حمد الحقل ذكر عن هُذَيْل
(1)
قائلًا:
قبيلة حجازية وكان منهم في الجاهلية وصدر الإسلام شعراء، ويقع قسم منهم في أطراف مكة المكرمة، وهُذَيْل تتألف من عشائر هي:
1 -
الجناير وتسكن جبل الكرى.
2 -
السعايدة ويسكنون في سهل البيضا والسعدية وما جوارهما.
3 -
الحساسنة.
4 -
الكباكبة يسكنون جبل كبكب.
5 -
المجاريش.
6 -
المطارفة في وادي فاطمة والشرائع وجعرانة.
7 -
عمر أو عمير وهم على يمين الطريق من مكة إلى جدة.
8 -
لحيان وهم إلى الشرق من مكة.
9 -
السواهرة في السيل.
10 -
المساعيد في السيل.
11 -
هذيل اليمن (*) وتتألف من الأقسام الآتية:
(أ) العدوية وفيهم فروع المرازيق والجيسة والجملة.
(ب) دعد وفيهم فروع الصبان وآل يعلي وآل الحسنان.
(جـ) السراونة وفيهم فروع المجاريش والظهوان وآل عليا.
(د) العاهلة.
(هـ) جميل ومن فروعهم المسورة والعبدة والحساسنة والطلوح ومنهم آل خالد وآل عطاف.
وأضاف أن من آل صالح من هُذَيْل:
الطلحات: ومنهم: آل راشد وذوو مرزوق وذوو غالي وذوو نجم وآل منيف وآل عصاب وآل عالي وهم أهل الريع، وآل مناع ومنهم البقلة وآل زيدان وآل حميد.
(1)
انظر كنز الأنساب ومجمع الآداب ص 195 وما بعدها الطبعة الحادية عشر 1988 م/ 1408 هـ - مطابع الفرزدق بالرياض.
(*) قلت: وهكذا أطلق عليهم لأنهم سكنوا في طريق اليمن جنوب مكة وحتى الطائف.
ويتفرع من المسودة: بنو إياس والفرح وبنو كعب وآل زيد والجوابرة وآل حمود، ومساكنهم أسفل جبل كرا، وفي السهول الواقعة حوله، والسوالمة.
ويتفرع من الفرح: آل محسن والدعجان وآل ساري وآل كامل.
ويتفرع من آل زيد: آل قنعان والمحاميد.
ويتفرع من الجوابرة: آل علي وآل حسن وآل حمدان.
ويتفرع من السوالمة: آل بزدة وآل فرح.
وأضاف الحقيل: أن هُذَيْل بطن من خِنْدف من مُضَر وهم بنو هُذَيْل بن مدركة بن إلياس. ومن هُذَيْل صاهلة الذين منهم الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ومنهم الهذلان الفخذ المعروف في الصعران من مُطَير، ومن حاضرة هُذَيْل:
1 -
آل جبير في المجمعة عاصمة سدير ومنهم آل سليمان في المجمعة وحرمة.
2 -
آل عجلان في البرة ورغبة.
3 -
آل عبد في البرة.
4 -
آل جبير في البرة.
5 -
آل هُذيل في الدلم من بلدان الخرج وكذا آل بادي وهم غير آل بادي في شمّر.
6 -
آل حجي في مرات.
وكانت هُذَيْل محط أنظار طلاب اللغة، وباديتهم منتجعًا لأولئك الرواد، ومن أشهر من أخذ اللغة عنهم الإمام محمد بن إدريس الشافعي القرشي رضي الله عنه.
(6)
ما قاله محمد بن عثمان بن صالح القاضي في منهاج الطلب عن هُذَيْل
(1)
:
قال: هُذَيْل هي قبيلة شهيرة في الجاهلية والإسلام، وفيهم جماعة من
(1)
عن كتاب منهاج الطلب عن مشاهير العرب - طبعة 1986 م/ 1406 هـ - القاهرة ص 111.
الصحابة رضي الله عنهم ومن التابعين، وفيهم علماء وأدباء وشعراء ومساكن معظمهم في الحجاز وما حولها، قال القلقشندي: بنو هُذَيْل بطن من خِنْدف من مُضَر وهم بنو هذيل بن مدركة بن إلياس، ويوجد في الشام واليمن وما حولها عوائل منهم ومن هُذَيْل بنو صاهلة الذين منهم الصحابي المعروف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وها نحن نرتب فروع هُذيل بالوقت الحاضر:
آل بادي بالدلم والخرج من آل هُذَيْل، الجوابر ويسكنون جبل الكَرى، وممن تحضر منهم آل جبير في المجمعة، آل حجِّي في مرات، السواهرة والسوالمة بالسيل، آل سليمان بالمجمعة وحرمة، الطلحات وآل عجلان في البرة، بنو لحيان شرقي مكة وفيهم الحديث الوارد في السيرة النبوية، المطارفة بوادي فاطمة والشرايع والجعرانة، المساعيد بالسيل، هُذَيْل اليمن، الهذلان الفخذ المعروف في الصعران من مطير، آل هذيل بالدلم من أعمال الخرج، آل يحيى أمراء النبهانية.
(7)
ما ذكره المؤرخ السعودي عاتق بن غيث البلادي الحربي عن هُذَيْل
(1)
:
قال: هُذَيْل بن مدركة قبيلة عظيمة من العدنانية لازالت في ديارها الأصلية، ولهجتها أقرب اللهجات إلى الفصحى، وهم بنو هُذَيْل بن مدركة بن إلياس بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان، وكان منهم بطنان: سعد بن هُذَيْل، ولحيان بن هُذَيْل، وقال القلقشندي: كان له سعد وجناب بطن، وعميرة وهرمة بطن. وانساح عدد من هُذَيْل في الفتوحات الإسلامية، ووهم من قال من المؤرخين لم يبق لهم حي فيطرق، وقد هاجر بعضهم إلى إفريقيا، وجاء لهم ذكر حول سلمية من بلاد الشام في القرن الثاك، كانوا في صف الإسماعيلية هناك، وفي سنة 316 هـ أراد الجنابي القرمطي انتزاع ميزاب الكعبة المشرفة، فرماه بنو
(1)
انظر معجم قبائل الحجاز ص 547 وما بعدها طبعة 1403 هـ/ 1983 م - دار مكة - عاتق البلادي.
هُذَيْل من على جبل أبي قبيس بالسهام حتى أزالوه عنه، فلم يستطع قلعه. كان من أوديتهم نخلة الشامية، وسعيا، وحلية، ومركوب، والضاحي، وملكان، وإدام، ودُفاق، وضيم.
ومن أيامهم: يوم خشاش نخلة، ويوم الجرف بينهم وبين بني سُلَيْم بن منصور، وأغار مالك بن عوف النصري من بني نصر بن معاوية من هوازن بن منصور قائد المشركين من هوازن يوم حُنين - على بني معاوية من هُذَيْل بن مدركة واستاق حيًا من بني لحيان فأدركتهم هُذَيْل بالبوباة واستنقذوا ما كان في أيديهم، فدعي يوم البوباة. وكانوا يعبدون مناة بالمشلل بين قديد ودوران، على طريق المدينة من مكة، وصنم سواع وكان برهاط، هدمه عمرو بن العاص سنة 8 هـ.
وفي سنة 815 هـ أوقع الشريف حسن بن عجلان ببطن من هُذَيْل يقال لهم: آل جميل من هُذَيْل. وتفخر هُذَيْل بديوانها المعروف بأشعار الهذليين، وقيل: إنه كان في هُذَيْل مائة وثلاثون شاعرًا ما فيهم إلا مفلق.
وظلت هُذَيْل تقيم حول مكة في هدوء ومهادنة لجارتها، ثم صارت لها أيام وحروب مع قبيلة حرب - انظر عنها في قبيلة حرب -.
وتنقسم هُذَيْل اليوم إلى فرعين كبيرين، هما: المِسْوِدة، وجميل. فمن المسودة: بُني بفروعها المتعددة وهم قسم رئيسي في هُذَيْل الشام، تتركز سكناه في الشمال وشمال شرق مكة على امتداد وادي الزبارة ونخلة الشامية، ومن فروعه لحيان وعمير وبنو مسعود والمطارفة، ولكن عطية الشيبي المطرفي أحد رواة هُذَيْل قال: إن (بني) تنقسم إلى بني مسعود، وبني عمير، وبني نباتة، وبني محيا. وإن لحيان تجتمع معهم في هُذَيْل الشام أما المطارفة فمن فليت وسيأتي ذكرهم.
ومن فروع هُذَيْل الرئيسية أيضًا الصلمان (صليم) والنسبة إليهم صُليمي وهم
من فليت من هُذَيْل تتركز ديارهم في نخلة اليمانية وما حولها كحُنين وسولة وما جاورهما، وفيه من البطون: السعايد، والحتارشة، السواهرة، عقيل، معطان، الظميان، الشفايعة.
ومن جميل بطون عديدة منها: العلويون، بنو إياس، دعد، بنو ندا، بنو جابر، وهُذَيْل أهل نعمان.
وقد صحح البلادي ما في الطبعة الأولى فقال: قال: عطية الشيبي المطرفي راوي هُذَيْل: تنقسم هُذَيْل إلى هُذَيْل اليمن، وهذيل الشام.
وتنقسم هذيل اليمن إلى جميل، والمسودة، ومن جميل بطون الطلحات والخوالدة، ومن المسودة بطون بني إياس والسوالمة وآل محمود القُرّح والجوابرة وآل زيد وبني كعب.
أما هُذَيْل الشام فتنقسم إلى فليت، وبني، ولحيان.
وتنقسم فليت إلى: الصلمان (صليم) ومنهم عشائر السعايد والسواهر وعقيل والظميان ومعطان والشفعة والمطارفة.
وتنقسم بني إلى: بني مسعود، وبني عمير، وبني نباتة، وبني محيَّا، ولحيان سيأتي تفصيلها.
أما نوار بن سنان الدعدي من هُذَيْل فقال: هُذَيْل اليمن من جبل كبكب وجنوب وتنقسم إلى: زُهير، وسويد (المسودة). فزهير هم أهل نعمان (السراونة)، ودعد، والندويون، أما المسودة هم الطلوح، والعليون، وجميل أي أن جميلًا من المسودة في رواية نوار الدعدي.
وتنقسم جميل إلى: السوالمة وبني إياس، والجوابرة، والكباكبة، وبني كعب، والحساسنة، والعبدة، وزليفة. والمتفق عليه أن كل ما هو جنوب كبكب يسمى هُذَيْل اليمن وكل ما هو جنوبه يسمى هُذَيل الشام.
[تفصيلات أخرى عن بطون وعشائر هُذَيْل في المملكة العربية السعودية]
ذكر البلادي في ص 92 من معجم قبائل الحجاز عن جميل فقال: بفتح الجيم: أحد فرعي هُذَيْل، وقيل بل المِسْوِدة، فيهم فروع عديدة متناثرة لم نستطع جمعها في فروع كبيرة منها: دعد، والعليون أو القرَّح، والكباكبة، والندويون، والسراونة، وبنو إياس، والجوابرة، والحساسنة، وبنو كعب، والعبدة، وزليفة، والطلحات أو الطلوح، والسوالمة أو بنو سالم، وفروع أخرى، وكل عشائر وبطون جميل تسكن من وادي نعمان وجنوب، ويقال من يسكن هذه الديار هُذَيْل اليمن ومن يسكن من نعمان وشمال هذيل الشام، وتمتد ديار جميل من نعمان في الشمال إلى مشارف وادي يلملم جنوبًا آخذة على السراة مائلة إلى جهات الطائف على عشرين كيلو متر عن الطائف، ثم تميل على تهامة إلى درب المعرّفات ودرب اليمن، ولها أودية نعمان وضيم ودفاق وغيرها.
وفي ص 156 قال عن دعد: النسبة إليهم دعدي وهم بطن من جميل من هُذيل، يسكن صدور وملكان وضيم ورهجان وفروعهم: العريمات ومنهم البقران وأهل محمد والنُخلة والمعاص وآل منسي، الحسنة ومنهم الذيبة وآل منيف والفهدة وآل يعلي ومن الذيبة: الضبان، الصمان، الدبسة، يلي بعضهما بعضًا، وذكر هذا البطن من هُذَيْل أبو علي الهجري في القرن الرابع بعد الهجرة فقال: دعد هم رجاز هُذَيْل. قلت والرجز هو شبيه الشعر وهو دليل على فصاحة هذا الحي من هُذَيْل.
وفي ص 347 قال عن العلويين (بني علاء): بطن من المسودة وهم القرح، ويقول نوار بن سنان الهذلي: علاء وقارح أخوان، فنسل علاء ذوو محمود وبقية
الفروع نسل قارح فاندمجوا في بعضهم، فيقال العلويون ويقال القرح إسمان لمسمّى واحد.
وفي ص 416: قال عن القرح: بضم القاف وتشديد الراء المهملة والنسبة إليهم قارحي وهم بطن كبير من المسودة من هُذَيْل، يسكن جبل راية وعروان إلى مشارف يلملم الشمالية، وديارهم آخر ديار هذيل في الجنوب، فهم من هذيل اليمن ومن فروعهم آل محسن وآل خير وآل كامل وآل محمود وآل مطير والكدوة والدعجان.
وفي ص 437 قال عن الكباكبة: قوم يسكنون جبل كبكب ونواحيه من ديار هذيل، وينضمون في المسودة من هُذَيْل، ويقول أحدهم وهو محمد بن جابر الحسني
(1)
من وادي النعمان: منهم آل حسن وأصلهم حسنيون هاشميون، والمشاعلة وأصلهم من قحطان، والحوازم ويقال لهم الحوازمة وأصلهم من حوازم حرب، وآل منّاع وأصلهم من تميم، والسبعان ولم ينسبهم، وآل فضل وهم أهل كبكب الأصليون من هُذيل، وآل جابر ويقال لهم القردة وأصلهم من بني قرد الهذليين، والجلاجلة وأصلهم من خُزاعة، والقمشان وأصلهم من قمشان مُطير وأبرز وثيقة لآل حسن الذين هو منهم، وكان بالمجلس أحد أعيان الأشراف مساعد بن منصور من ذوي زيد، فرأيت منه عدم الرضا عن هذه الرواية أو بالأصح عن كل ما كان يدلي به الراوي، وسألت الشريف: هل تتزاوجون مع آل حسن هؤلاء؟ فقال لا. ولست أرى إسناده هذه البطون في جبل كبكب من هُذَيْل إلى ما أسندها إليه عن علم يقيني يعتمد عليه.
وفي ص 527 قال عن ندا أو النديون: بطن من جميل من هذيل يسكن وادي ضيم فروعهم الجُملة والقِيسة، والنسبة إليهم ندوي.
(1)
ذكر البلادي أن الراوي هو مدير مدرسة في وادي النعمان.
وفي ص 213 قال عن السراونة: ويطلق عليهم هُذَيْلِ أهل نعمان والنسبة إليهم سرواني، وقد تبدل السين صادًا، وهم مجموعة من البطون الهذلية الصغيرة تسكن أودية الضيقة وعلق والكر، وكلها من نواشغ وادي نعمان، وهذه البطون هي: المبالشة وآل حمود والسُّودة وآل عساف وآل حميد والضهوان وذوو علي وآل عليان وآل علية والمجاريش
(1)
.
وفي ص 30 قال عن إياس: بطن من المسودة من هُذيل يسكن الجبال المشرفة على وادي نعمان من الجنوب. ومن بطونهم: الكلبة (بنو كلب) والردّي والمشروقي وآل بنية.
وفي ص 94 قال عن الجوابرة: بطن من جميل من هُذيل يسكن وادي رهجان شرق مكة ويجاوره بنو كعب وبنو إياس من هُذيل.
وفي ص 110 قال عن الحساسنة: النسبة إليهم حساني: فرع من جميل من هُذَيْل، يسكنون وادي يعرج من روافد نعمان، والشرقة ونواحيها، ومن فروعهم الحصانية والخدايجة والوعول وآل عطية وآل عويد وآل مسعود، وآل منّاع، فالحصاينة سكان يعرج، والخدايجة والوعول سكان الشرقة في الشفا، ويقول محمد بن جابر الحسني: أصلهم من غطفان، قدم منهم نفر إلى هذه الديار كان كبيرهم عودة بن عويد الحساني واشترى هذه الديرة من الشريف الحسن بن قايتباي بن الحسن بن محمد بن أبي نُمي الثاني بثمن قدره ثلاثة آلاف أشرفي، والأشرفي يساوي عشرة محلقات، كان ذلك سنة 1073 هـ حسب رواية محمد بن جابر.
وفي ص 422 قال عن كعب: بطن من هُذيل روى عنه الهجري عن سبيع بن عمرو الكعبي الهذلي.
(1)
ذكر البلادي أن ذلك رواية حمدي أبو قرون شيخ المجاريش رحمه الله.
وفي ص 309 قال عن العبدة: بطن من هُذيل يسكن شمال هدأة الطائف، ولهم هناك قرية باسمهم مجاورين طويرقًا من ثقيف، وينضمون إلى جميل في تقسيم هذيل. ويقول عائش الدعدي: إنهم من دعد خاصة ومنهم فرع في بحرة مع بني جابر لا زال يعترف بأصله، ومن فروعهم آل إبراهيم وآل جبارة وآل حامد وآل حسن وآل معيش.
وفي ص 196 قال عن زليفة: والنسبة إليهم زُلفي بالفاء وهم بطن من المسودة من هُذيل، لهم شفا زليفة شمال هدأة الطائف بحوالي خمسة عشر كيلو مترًا، ولهم هناك قرى كثيرة في الشُّريف وشعبان وما حولها، ومن فروعهم: الجبور وآل جماز وآل راجح وآل سليمة وآل عطية.
وفي ص 283 ذكر عن الطلوح: والنسبة إليهم طلحي وهو فرع كبير من المسودة من هُذيل ويسكن الشفا المعروف بشفا هُذيل، جنوب غربي الطائف، يحدهم مما يلي الطائف جبل برد، وتمتد ديارهم جنوبًا إلى شفا بني سفيان وغربًا إلى مشارف تهامة وتنقسم قبيلة الطلوح إلى آل صالح والخلد بتشديد اللام، وآل زيد وقسم محمد سعيد كمال في مخطوطة له آل صالح إلى الطلحات وآل مناع، وقسم الخلد إلى: آل راشد وآل عطاف ولم يذكر آل زيد وهم أهل بلاد مشهورة هناك.
وفي ص 282 ذكر عن الطلحات وقال: هم بطن من آل صالح من الطلوح من المسودة من هُذَيل فيه من البطون آل راشد وآل منيف والأعصاب وآل علي (أهل الريع) والبقلة. وقد خلط بعضهم بين الطلحات القبيلة الأم والطلوح.
وفي ص 235 ذكر عن السوالمة (بني سالم) قال: بطن من المسودة من جميل من هُذيل، يسكن السفوح الغربية لشفا هُذيل، ومنهم البزدة فرج والنجبة وديارهم شفا ضيم، ومن جبالهم فراس والبصرة.
وفي ص 453 قال عن لِحْيان بن هُذَيْل: بطن من هُذَيْل، كانوا ولا زالوا سكان ضواحي مكة، وكانت لهم قوة ومنعة، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر عينًا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت جد عاصم بن عمر بن الخطاب لأمه، حتى كانوا بالرجيع، ويقال بالهدأة - الرجيع من الهدة - وهما متجاوران بين عسفان ومكة، وعلمت بهم لحيان فنفرت إليهم في قريب من مئة، فاقتصوا آثارهم فأدركوهم وأحاطوا بهم، فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا ألا نقتل منكم رجلًا، فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فقاتلوهم حتى قتلوا عاصمًا في سبعة نفر بالنبل وبقي خبيب وزيد ورجل آخر فأعطوهم العهد والميثاق، فنزلوا إليهم، فسُلِّموا إلى قريش حيث قتلوا رحمهم الله فسار إلى لحيان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض أصحابه حتى نزل على غُران، وهي منازل بني لحيان - آنذاك - فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رءوس الجبال، فخرج صلى الله عليه وسلم في مائتي راكب من أصحابه حتى نزل عسفان، مكايدة لقريش، وكان بنو لحيان سدنة سواع برهاط من غران، وقيل إن لحيان التي لها الدولة بشمال الحجاز هم بطن من جرهم، وجرهم من العرب العاربة البائدة، وربما أن لحيان حالفت جرهم إبان سيطرتها على مكة فظن البعض أنها من جرهم.
وفي سبائك الذهب وغيره أن لِحْيان بن هُذَيْل بن مدركة من مُضَر، ولحيان اليوم قبيلة من هُذيل معروفة كما كانت منذ الجاهلية، وتقع ديارها بين مكة ومر الظهران، وتسمى اللحيانية، ويزعمون أن حدهم كان سويقة - دخلت في المسجد الحرام - وتمتد شرقًا إلى سبوحة، وغربًا إلى فج الرحا، يجاورهم الأشراف النواصرة من الغرب، وكانوا حلفاء للبلادية من حرب، وبينهم وثائق لازالت موجودة، وتنقسم إلى فرعين رئيسيين، هما: محرز ومرير، وتنقسم محرز إلى الموسة والمسودة وبني محمد، وتنقسم مرير إلى المجانين والمسايبة والبطحة، ومن البطحة فرع صغير يقال لهم: معبد وليس هو معبد حرب المعروف.
وفي ص 404 قال عن فليت: فرع رئيسي من هُذَيْل الشام من هُذَيْل بن مدركة، تتركز سكناه في النخلتين الشامية واليمانية، وفي صدر حُنين، ومن بطونه المطارفة وصليم أو الصلمان.
وفي ص 496 قال عن المطارفة: والنسبة إليهم مطرفي، فرع كبير من (بني) من هُذَيْل، قال صالح بن حامد بن مستور المطرفي: تمتد ديارهم من شمال السبل الكبير على طول نخلة الشامية إلى حدود اللحيانية وتنقسم إلى فخوذ علاني ومنه بشيري وخبيري وسرحاني وجابري، دخيل الله (دخيلي) وفيه صعيدي ومسرحي، طلحات وفيه ذوو مرزوق وذوو غالي وذوو نجم، عُتكى (عتيكات) ومنهم ذوو محمد، الخثاعمة وفيهم ذوو محمد وذوو بشيت وذوو مرزوق وذوو عويد وذوو ناجي. وهناك فرع يقال له مطارفة الشليات تحضّر في مكة، وقال صالح المذكور: أما الحكامية، فهم من حكامية جازان من المسارحة، وحلفهم من هُذيل، وهم يجاورون الأشراف الحرث في المضيق.
وفي ص 489 قال عن بني مسعود: بطن من (بني) من هُذَيْل يسكنون الجبال والأودية الواقعة شمال نخلة ووادي الزبارة ولهم جبل بني مسعود هناك، ومنهم من نزل وادي الزبارة فتحضر فيه، وفروعهم الشولان والقتاردة والقذاملة والمزابدة وذوو غيّاض وذوو زائد والعيازرة.
(8)
ما قاله الشريف محمد بن منصور بن هاشم آل عبد الله بن سرور قال
(1)
:
تنتمي هذه القبيلة إلى هُذَيْل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار. وهي
(1)
عن كتاب قبائل الطائف وأشراف الحجاز ص 35، 36، 37.
تقطن منذ القديم فيما حول مكة من الشرق والجنوب والشمال وتمتد في الشرق إلى سروات الطائف في بعض الجهات. وهذه القبيلة لها شهرة عريضة في التاريخ العربي، اشتهرت بفصاحتها ووضوح بيانها، وكثرة شعرائها فقد خرج منها نيّف وسبعون شاعرًا مشاهير
(1)
، وصلنا من شعرهم كتاب ديوان الهذليين وهو من أهم دواوين الشعر العربي ومن أغزرها مادة لغوية وأسماها بيانًا ويعد بحق من أمهات دواوين الشعر التي وصلتنا من العصور الأولى.
وهُذَيْل في أول عهد التدوين كانت محط أنظار طلاب اللغة من الفقهاء والأدباء، وكانت باديتهم منتجعًا لئولئك الرواد ومن أشهر من خرج إليهم وتلقف اللغة عنهم إمام عصره ومجتهد وقته محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه، ولست في هذا المقام أقصد تعداد ما لهذه القبيلة من حسب ومجد ولكنني أحببت أن أشير إلى ذلك إشارة عابرة تُذكِّر أبناء هذه القبيلة بعض ما لها من ماض تليد وهي اليوم تنقسم حسب اصطلاح القبيلة وسكناها من مكة المكرمة إلى هُذَيْل الشام. وهُذَيْل اليمن، فمن يقطن منهم شمالي مكة يعرفون بهُذَيْل الشام ومن يقطن منهم جنوبيها يعرفون بهُذَيْل اليمن وكل حزب منهم ينقسم إلى عدة أفخاذ لا يتسع المقام لذكرها، إذ الذي يعنيني في هذا البحث سوى هُذَيْل الطائف، وهم الطلوح والحساسنة وزليفة والعِبدَة والشعابين، وينقسم كل بطن من هذه البطون إلى عدة أفخاذ كما سأوضح.
أولًا: الطُّلُوح ويتفرع منهم:
1 -
آل مَنَّاع وهم:
(أ) البقَلَة. (ب) آل حُمَيد. (جـ) آل زِيْدَان - الزيادين.
(1)
جمهرة أنساب العرب، ص 198.
2 -
الطَّلَحات وهم:
(أ) آل رَاشِد. (ب) آل مُنِيْف. (جـ) الْعصَاب - الأعصاب.
3 -
آل خالد - الخُلَّد - وهم:
(أ) آل راشد. (ب) آل عطاف.
ثانيًا: الحَسَاسِنَة ويتفرع منهم:
1 -
آل مَنَّاع وهم غير آل مناع الطلوح.
2 -
آل مَسْعُود.
3 -
آل عطيَّة.
4 -
آل حُصْني.
5 -
آل عُويَد.
ثالثًا: زليفة ويتفرع منهم:
1 -
آل عطيَّة وهم غير آل عطية الحساسنة.
2 -
آل جُبُور.
3 -
آل سُلَيْمة.
4 -
آل راجح.
5 -
آل جَمَّاز.
رابعًا: العبدة ويتفرع منهم:
1 -
آل إبراهيم.
2 -
آل حسن ويتفرعون إلى:
(أ) آل محسن. (ب) آل جَبَّار.
(جـ) آل حامد. (د) آل مُعِيش.
خامسًا: الشعابين:
فالطلحات والخلد وآل مناع يسكنون في سراتهم المعروفة ببلاد الطلحات بين بني سفيان من الجنوب وقريش من الشمال ومن أشهر أوديتهم الأعْوَص للبقلة
وخُمَاس للطلحات والغَرِيف للخلَّد والحَوَيَّة في تهامة والحساسنة يسكنون الأصدار وشعاف الجبال غربي النمور مما يلي يَعْرج وزليفة في شماليها بوادي الشُّريف (بضم الشين على صيغة التصغير) وأما العبدة والشعابين فيسكنون وادي الشرقة وتلك الناحية من السراة الشمالية الغربية بالنسبة للطائف.
(9)
ما قاله الدكتور/ عبد الجواد الطيب عن هُذَيْل
(1)
: نسبها وفروعها وتاريخها في الجاهلية والإسلام:
قبيلة عربية يرجع أصلها إلى هُذَيْل بن مدركة
(2)
بن إلياس
(3)
بن مُضَر
(4)
. ومضر هذا ينتهي نسبه سريعًا إلى عدنان
(5)
؛ فهي قبيلة عدنانية مُضَرية.
وإلى مُضَر هذا تنتسب أشهر القبائل العربية من قيس عيلان، وتميم، وهُذَيْل، وكِنانة
(6)
.
وهُذَيْل هذه وإن كانت تعدّ من المضريين بعامة، فإنها تعد على وجه خاص من المجموعة المضرية التي تسمى قبائل "خِنْدف" والتي ينتسب إليها ولد إلياس من العرب
(7)
.
وإذا أردنا أن نحدد مكانها بين العرب على وجه أدق وجدنا أن بطون مدركة بن إلياس أعظمها هُذَيْل هذه، والقارَة، وأسد، وكنانة، وقريش
(8)
.
(1)
عن كتاب هُذَيْل في جاهليتها وإسلامها - الدار العربية للكتاب.
(2)
تاريخ ابن خلدون 2/ 209 - ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 187 - تاريخ الطبري 2/ 188، 189 - اليعقوبي 313 - سيرة ابن هشام 1/ 32.
(3)
المبرد: في عدنان وقحطان ص 6.
(4)
السويدي: سبائك الذهب، ص 22.
(5)
ابن حزم: الجمهرة ص 9.
(6)
أحمد أمين: فجر الإسلام ص 8.
(7)
تاريخ ابن خلدون 2/ 309.
(8)
تاريخ ابن خلدون 2/ 309.
ونسبُ هُذَيْل بهذه الصورة الواضحة أشار إليه حسان بن ثابت في مطلع قصيدته التي هجا فيها هُذَيْلا بعامة، وبني لحيان منهم بخاصة بسبب غدرهم في يوم الرجيع:
لعمري لقد ساءت هُذَيْل بن مدرك
…
أحاديث كانت في خُبيب وعاصم
(1)
وألمّ بهذا النسب شعر أبي ذرة الهذلي:
نحن بنو مدركة بن خِنْدف
…
من يطعنوا في عينه لا يطرف
(2)
ولا نعدم أن نجده في أشعار بعض الهذليين الآخرين، وعند شرّاح شعر هُذَيْل
(3)
، وتكاد تجمع عليه المراجع العربية القديمة
(4)
.
والمحدَثون - فيفي كتبوا من تاريخ العرب وأنسابهم - يوافقون القدامى على ما ذهبوا إليه من نسب هُذَيْل، ومن شأن المحدثين عادة تحقيق ما خلفه القدامى في تراثهم من حقائق، وما قرروه في كتبهم من أحكام - فقد أشار جرجي زيدان إلى نسب هُذَيْل إشارة لا تخالف ما ذكره القدامى بشأن هذا النسب
(5)
، كما يشير عمر رضا كحالة في "معجم قبائل العرب"
(6)
إلى هذا النسب المضري لتلك القبيلة.
(1)
ابن حجر: الإصابة 4/ 3.
(2)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط)273.
(3)
المرجع السابق 273 - البقية ص 104. ديوان الهذليين 1/ 167.
(4)
ابن قتيبة: المعارف ص 21 - أبو الفدا: المختصر في أخبار البشر 1/ 106.
المقريزي: الخطط 1/ 298 - ياقوت: المقتضب من جمهرة أنساب العرب (مخطوط)435.
السيوطي: لب اللباب ص 278، البغية ص 346 - المسعودي: مروج الذهب 1/ 309.
الآمدي: المؤتلف والمختلف 94، 95. البتاني: محادثة أهل الأدب ص 84، 97، 98.
(5)
العرب قبل الإسلام ص 202.
(6)
معجم قبائل العرب 1/ 133، 362 - 2/ 520، 627 - 3/ 944، 1010، 1060.
وإذا ما أثار بعض الباحثين الشك في نسبة بعض البطون إلى هُذَيْل، فإنه لا يرقى هذا الشك عنده إلى النسب المشهور لهذه القبيلة الأم، فالدكتور جواد علي حينما شكّ في نسب لحيان
(1)
ظلّ على يقين من نسب هُذَيْل؛ فشأنه في هذا شأن غيره من المؤرخين، وأصحاب الأنساب في القديم والحديث، وهم يكادون يتفقون جميعًا - فيما أعلم - على هذا النسب الذي عُرفت به هُذَيْل بين العرب.
وقد قصدت من وراء هذا الجمع بين آراء القدامى والمحدثين تقرير نسب هذه القبيلة العدنانية، وبيان مكانها من مُضَر التي استقرت قبائلها - كما سيأتي - في تهامة والحجاز ونجد، وسيكون لهذا أثره في معرفة ما لهذه القبيلة من صلة بجيرانها في المكان، وشقيقاتها في ذلك النسب المضري الذي اشتهرت به بين أبناء عدنان من العرب.
(1)
تاريخ الحرب قبل الإسلام 3/ 429.
بطونها:
إذا كان الحديث في نسب هُذَيْل كما رأيناه حديثًا واضحًا، لا يكاد يختلف عليه اثنان من بين المراجع العربية في القديم والحديث، فإن عشائر هذه القبيلة، وفصائلها، وبطونها تختلف فيها - نظرًا لكثرتها - وجهات النظر بين أصحاب الأخبار والأنساب اختلافًا هينًا لا يؤثر في جوهر الموضوع، ولا يطمس وجه الحق فيه، فمن المراجع ما يقتصر على ذكر العمائر الكبرى للقبيلة، ويتنكب ما تحت هذه العمائر من بطون، وفصائل، وأفخاذ، ومنها ما يعرض هذه البطون، وتلك الفصائل والأفخاذ عرضًا سريعًا مجملًا ضاربًا صفحًا عن التفصيل فيها، والإمعان في تعدادها، وبعضهم يمعن في ذلك إمعانًا قد يوهم القارئ أن بينه وبين غيره من المراجع خلافًا ذا بال. والمسألة - على هذا النحو - لا تعدو أن تكون مسألة تعميم أو تخصيص في ذكر النسب يظهر من ورائه خلاف لفظي بين أصحاب الأنساب.
ولكن هناك خلافًا آخر مرده إلى الخطأ في نسبة بعض البطون إلى هُذَيْل أو عدم نسبتها إليها، أو جعل الصلة بينها وبين هذه القبيلة صلة الحلف والجوار لا صلة القرابة والنسب، أو التصحيف والتحريف في أسماء بعض هذه البطون تصحيفًا أو تحريفًا يؤدي إلى التكرار في الاسم الواحد بصور وأشكال متقاربة. في الحروف تكرارًا يحدث شيئًا من الاضطراب والخلاف، ولكن ليس من العسير أن نصل إلى وجه الحق فيه، وسنقصد إلى ذلك كله في شيء من التفصيل بعرض وجهات النظر، وسرد آراء أصحاب النسب والأخبار وغيرهم ممن أدلوا بدلوهم في الموضوع.
بطون هُذَيْل كما يصورها الشعر:
الحق أن هُذَيْلا ذات طوائف كثيرة، وبطون وعشائر متعددة تعددًا يلفت النظر، ويثير الانتباه، ولقد أشار إلى هذه الكثرة الكاثرة شعر الشعراء الذين
تعرضوا لهذيل مادحين أو قادحين، بل أشار إليها شعر الهذليين أنفسهم، ومن ذلك قول مالك بن خالد الخناعي:
فأي هُذَيْل وهي ذات طوائف
…
يوازن من أعدائها ما نوازن
(1)
وكثير من هذه العشائر والفصائل والبطون يأتي ذكره في الشعر الهذلي كلما جدت مناسبة تدعو إلى ذكرها اعتزازًا بها من الشعراء الذين ينتمون إليها، أو انتقاصًا لشأنها على لسان العشراء المناهضين لهذيل، أو على لسان بعض الشعراء الهذليين أنفسهم ممن ينتمون إلى بطون وأفخاذ أخرى قد يكون بينها وبين أبناء عمومتها ما يدعو إلى التعريض بها أو النيل منها.
ومن أهم بطون هُذَيْل التي وردت في الشعر الهذلي (لحيان) في قول مالك بن خالد الخناعي:
فدى لبني لحيان أمي فإنهم
…
أطاعوا رئيسًا منهمُ غير عُوّق
(2)
ومن بينها عمرو، وقِرْد، ومازن، ولحيان هذه في قول خصر الغي ردًا على أبي المثلم، وكلاهما هذلي:
أبت ليَ عمرو أن أضام ومازن
…
وقرد ولحيان وفيهم فسَلِّم
فقد ذكر السكري أن هذه كلها أسماء قبائل من هُذَيْل
(3)
، ولكن السكري غير موفق في هذا العميم الذي أوحى به إليه، وورطه فيه ورود هذه الأسماء على لسان شاعر من هُذَيْل، فألقى القول على عواهنه دون تمحيص، والحق أن فهمًا ليست من بطون هُذَيْل، ولم يقل بذلك أحد من النسابين، وإنما هي بطن من
(1)
ابن دريد: الجمهرة (زون) 3/ 21 - البكري: التنبيه ص 130 - شرح أشعار الهذليين (مخطوط) 154).
(2)
ديوان الهذليين 3/ 225
(3)
ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 225.
بطون قيس كانت تجاور هُذَيْلا، ولها معها وقائع وأيام مشهورة
(1)
ومن رجالها تأبط شرًا ذلك الشاعر الصعلوك الذي كان له مع هُذَيْل شأن أي شأن
(2)
.
وقرد ومازن السابقتان وردتا في شعر أبي ذؤيب:
نهاه من الحسين قرد ومازن
…
ليوث غداة البأس بيض مصادق
(3)
ومن هذه البطون بنو خناعة في قول صخر الغي:
لو أن أصحابي بنو خناعه
…
أهل الندى والجود والبراعة
(4)
فخناعة حي من هُذَيْل
(5)
.
وللسكري في هذا البيت رواية أخرى:
لو أن أصحابي بنو خزاعة
…
أهل الندى والمجد والبراعة
وقد أتبع البيتَ على هذه الرواية قوله: "خزاعة حي من هذيل"
(6)
، ولعل هذا تصحيف وقع فيه.
وإلى جانب ما سبق من بطون: "بنو برد" في قول حذيفة بن أنَس:
فرّت بنو قرد وبرد ومازن
…
ولحيان والفلح الشفاه الجانب
(7)
ومنهم بنو سهم وجُرَيب، وعِشرِق، وخثَيم في قول حُذيفة هذا:
وفرّت بنو سهم يجرّدن ساهفا. . .
وفرّت بنو جُريب بعدما قال رَجْلهم. . .
وفرّت خثيم يحطمون وعشرق. . .
(8)
(1)
العرب قبل الإسلام ص 191. البقية ص 47.
(2)
البقية ص 45.
(3)
اللسان (صدق).
(4)
ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 236.
(5)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط)116.
(6)
ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 235.
(7)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط)225.
(8)
المرجع الأسبق، نفس الورقة.
وخثيم هذه جاءت على لسان أبي ذؤيب:
على أن الفتى الخثمي سلّى
…
بنصل السيف حاجة من يغيب
(1)
وفي قول ساعدة بن العَجلان:
ومالك إذ عرفت بني خثيم
…
وإياهم على عمد تكيد
(2)
ومن هذه البطون بنو معاوية في قول صخر:
لو أن أصحابي بنو معاوية
…
أهل جنوب نخلة الشآمية
ما تركوني للكلاب العاوية
…
ولا لبرذون أغر الناصية
(3)
وقد جاء في شرح أشعار الهذليين أن معاوية هذه حي من هذيل
(4)
.
ومن هذه البطون تميم في قول صخر نفسه ردًا على أبي المثلم:
أبا المثلَّم إني غير مهتضم
…
إذا دعوت تميمًا سالت المسل
(5)
وتميم هذه هي تميم هذيل (تنسب إلى تميم بن سعد بن هذيل)، فهي غير تميم القبيلة الكبيرة المشهورة.
ومنها كبير بن هند في قول المتنخّل:
لكن كبير بن هند يوم ذلكمُ
…
فتُخ الشمائل في أيمانهم روَح
(6)
وفي قول صخر:
أبلغ كبيرًا عني مغلغلة
…
تبرُق فيها صحائفٌ جدد
(7)
(1)
ديوان: القسم الأول ص 96.
(2)
المرجع السابق: القسم الثالث ص 105.
(3)
المرجع السابق: القسم الثاني، ص 236.
(4)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط)، ص 31.
(5)
المرجع السابق ص 24.
(6)
التنبيه، ص 80، ديوان الهذليين: القسم الثاني، ص 32.
(7)
شرح أشعار الهذليين مخطوط ص 13.
وكاهل في قول أبي ذؤيب:
وإن غلامًا نيل في عهد كاهل
…
لطرف كنصل المشرفي صريح
(1)
وكاهل هذه مع قرد في قول أبي ذؤيب أيضًا:
وقائلة ما كان حذوة بعلها
…
غداتئذٍ من شاء قرد وكاهل
(2)
وكاهل ومعها عمرو في قول قيس بن خويلد (ابن العيزارة) الهذلي:
بني كاهل لا تنغلنّ أديمها
…
ودع عنك أفصى ليس منك أديمها
حمدت بني عمرو على أن تصالحوا
…
وإني سألحي كاهلًا وألومها
(3)
وهما معًا في قول أبي قُلابة:
يُصاح بكاهل حولي وعمرو
…
وهم كالضاريات من الكلاب
(4)
ومن هذه البطون أيضًا عُجرة في شعر أبي ذؤيب:
ويلُ أمّ قتلى فويق القاع من عُشَر
…
من آل عُجرة أمسى جدهم هُصِرا
(5)
وجُعثمة في قوله:
كأن ارتجاز الجعثميات وسطهم
…
نوائح يجمعن البكا بالأزامل
(6)
فيذكر شراح شعر هُذَيْل أن ارتجاز الجعثميات معناه أصوات القسيّ المسنوبة إلى حي من جعثمة من هذيل
(7)
وهناك رواية هي "الخثعميات" بالخاء المعجمة،
(1)
ديوان الهذليين: القسم الأول ص 114، أساس البلاغة، ص 478.
(2)
ديوان الهذليين: القسم الأول ص 82.
(3)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 295.
(4)
ديوان الهذليين: القسم الأول، ص 32.
(5)
المرجع السابق، ص 44.
(6)
ديوان الهذليين: القسم الأول ص 84.
(7)
المرجع السابق (نفس الصفحة).
وهي في الأصل المخطوط الذي أخذ عنه الديوان المطبوع، وهذه الرواية ذكرها صاحب التاج (مادة جعثم) إلا أنه يظهر عدم صحتها، إذ أن خثعم لا تنتسب إلى هذيل، ولا تنسب إليها القسيّ بخلاف "جُعثمة" بضم الجيم والثاء المثلثة إذ هي التي تنتسب إلى هذيل وتنسب إليها القسيّ
(1)
.
ومن تلك البطون "بنو قُريم" في شعر أبي بثينة الهذلي:
ألا أبلغ لديك بني قريم
…
مغلغلة يجيئ بها الخبير
(2)
وفي قول صخر:
لو أن حولي من قريم رَجْلا
…
بيض الوجوه يجملون النبلا
لمنعوني نجدة ورِسلا
(3)
وبنو زُلَيفة وبنو صُبح في قول أبي جندب:
من مبلغ ملائكي حُبْشيّا
…
أخا بني زليفة الصُّبحيا
(4)
هكذا يجد الباحث هذا العدد الجم من عشائر هذيل وبطونها ماثلًا في الشعر الهذلي، وقد سبقت الإشارة إلى أن ذكر هذه البطون في شعر هُذَيْل إنما دفع إليه الفخر والهجاء، أو ما شابه ذلك من مناسبات. وكثيرًا ما نجدها وقد سُرد منها ما جاء في شعرهم سردًا قلما نستطيع معه تحقيق مكان كل من هذه الفصائل والبطون في شجرة القبيلة الأم، ولكنا نفيد منه شيئًا هو نسبتها إلى هُذَيْل، كما نفيد شيئًا آخر هو تعدد هذه البطون الهذلية وكثرتها.
أما تنظيم هذه العشائر والفصائل والبطون، وتنسيقها، وردّ الفروع منها إلى
(1)
انظر الحاشية رقم 3 من ديوان الهذليين (طبع دار الكتب) القسم الأول، ص 84.
(2)
الآمدي: المؤتلف والمختلف ص 30، ديوان الهذليين: القسم الثالث، ص 95.
(3)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 24، 25 الإصابة 3/ 259.
(4)
ديوان الهذليين: القسم الثالث، ص 85.
الأصول، وإسقاط ما تكرر منها، أو ما كان دخيلًا عليها، والتنبيه إلى ما قد نجده في بعضها من تحريف وتصحيف، والعدول به إلى جادة الصواب، فكل هذا مردنا فيه إلى المراجع الأخرى مع بذل كل ما نستطيع من جهد في تحقيق ما يتصل من ذلك بالموضوع.
بطون هذيل في المراجع الأخرى:
إذا جاوزنا شعر الهذليين إلى المراجع الأخرى وجدنا أن هذه العشائر والفصائل والبطون التي جاءتنا على لسان شعراء هُذَيْل جاء ذكرها أيضًا في هذه المراجع مضافًا إليها بطون أخرى من الجائز أنها لم ترد في شعر الهذليين أنفسهم، وقد ورد الكثير منها في كتب الأنساب، كما جاء ذكر شيء منها في كتب الأدب، والتاريخ، والسِيَر، والطبقات، والتراجم، وفي معاجم اللغة التي عنيت بذكر أسماء القبائل التي تصادفها في ثنايا الحديث عن مادة لغوية يكون لها صلة بهذا الاسم أو ذاك من أسماء القبائل العربية، وفي كتب النحو العربي إذا ما تناولت بالشرح والتعليق شاهدًا من شواهد النحو والصرف، وكان قائله من هذه القبيلة أو تلك، أو ينتسب إلى هذا الفرع أو ذاك من فروع قبيلة بعينها كهذيل.
وإليك أهم القبائل الهذلية، ورجالاتها المشهورين في الجاهلية والإسلام، وكل هذه القبائل تؤول في أصلها إلى فرعين كبيرين هما سعد و
لحيان
.
(1)
لحيان:
إحدى القبائل الهذلية الهامة، مرّ ذكرها في الشعر الهذلي، كما جاء في كتب الأنساب
(1)
وغيرها من المراجع الأخرى، وقد اشتهرت بالشجاعة والبأس والنجدة، والبغي أيضًا، حتى قال فيهم الجمحي راوية شعر هُذَيْل: "كان من
(1)
المبرد: نسب عدنان وقحطان ص 6، جمهرة أنساب العرب، ص 185، 435.
السيوطي: البغية ص 346، الكامل لابن الأثير 2/ 79، محادثة أهل الأدب ص 74.
شأن بني لحيان من هذيل أنها كانت شوكة من هُذَيْل، ومنعة وبغيًا
(1)
، ومنهم أبو ضب الهذلي
(2)
الذي قيل "إنه لم يقتل قتيل من هُذَيْل إلا قتل قاتله"
(3)
.
وهم الذين باغتوا نفرًا من المسلمين، وغدروا بهم
(4)
في يوم الرجيع فبعث النبي إليهم بَعثًا
(5)
، ثم غزاهم فاعتصموا برءوس الجبال
(6)
. وقد روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يلعنهم لبغيهم وعدوانهم، وعداوتهم لدعوة الإسلام إبان ظهوره
(7)
، وقد هجاهم بعض شعراء النبي مثل كعب بن مالك الذي ندد بفرارهم من جيش المسلمين في هذه الغزوة إذ يقول:
لو أن بني لحيان كانوا تناظروا
…
لقوا عُصبا في دارهم ذات مَصدَق
لقوا سَرَعانًا يملأ السرب روعه
…
أمام طحون كالمجرة فيلق
ولكنهم كانوا وبارًا تتبعت
…
شعاب حجاز غير ذي متنفق
(8)
وحسان بن ثابت الذي وسمهم بالغدر والخيانة والإثم حيث يقول:
لعمري لقد ساءت هُذَيْل بن مدرك
…
أحاديث كانت في خُبيب وعاصم
أحاديث لحيان صلوا بقبيحها
…
ولحيان ركّانون شر الجرائم
(9)
ويبدو أن بني لحيان كانوا متعصبين لوثنيتهم أكثر من سائر هُذَيْل، وقد كان منهم سدنة سواع معبود هُذَيْل في الجاهلية
(10)
، ومنهم خالد بن سفيان بن نُبَيح
(1)
البقية ص 13.
(2)
ابتهاج النفوس، ص 51.
(3)
البقية ص 11.
(4)
الطبري 3/ 29، 30. سيرة ابن هشام 2/ 120، الأغاني 4/ 428، 429. الكامل لابن الأثير 2/ 79، 80.
(5)
طبقات ابن سعد: 3/ 57 - صحيح مسلم 6/ 42.
(6)
البغية ص 56 - طبقات ابن سعد 3/ 56، 57، مروج الذهب 1/ 309. سيرة ابن هشام، 2/ 164.
(7)
أسد الغابة 3/ 93. طبقات ابن سعد 3/ 37.
(8)
سيرة ابن هشام: القسم الثاني ص 280.
(9)
أسد الغابة 3/ 74 - سيرة ابن هشام: القسم الثاني ص 124، 179. الإصابة 4/ 3.
(10)
ابن الكلبي: الأصنام ص 9 - بلوغ الأرب في أحوال العرب 2/ 217.
الهذلي اللحياني، الذي كان يجمع الجموع - بعد غزوة أحد - من لحيان وغيرهم بعُرَنة وما والاها لحرب المسلمين؛ فبعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أنيس، فاحتال حتى قتله وأراح المسلمين من شره وخطره
(1)
.
بطون لحيان:
يذكر علماء الأنساب وغيرهم بطون لحيان "طابخة، ودابغة"
(2)
، ومن رجالات طابخة في الجاهلية المتنخل الهذلي
(3)
أحد مشاهير هُذَيْل، وعمه أبو قُلابة الهذلي سيد بني هُذَيْل، وأول من قال الشعر فيهم - فيما يقال - وقد روي أن ابنته أميمة هي إحدى جدات النبي البعيدات من قِبَل أمه
(4)
، ولهذا فإن بعض رواة الأخبار كالجمحي يعتبر بني لحيان هؤلاء أخوالًا للنبي
(5)
، مع أن النسب بينه وبينهم - كما نرى - جد بعيد.
ومن رجالات طابخة في الإسلام أسامة بن عمير، وينتمي إلى كبير بن هند أهم بطون طابخة
(6)
، وهو - كما يقول البخاري - من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى حديثه أصحاب السنن وغيرهم
(7)
. وقد أثبت ابن حزم أيضًا صحابته للنبي
(8)
، وإلى هذا كان فقيهًا شريفًا في قومه
(9)
، وابنه أبو المُليح الهذلي الصحابي المحدَث
(10)
.
(1)
طبقات ابن سعد 3/ 35. سيرة ابن هشام 3/ 83. حياة الحيوان 2/ 234.
(2)
ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 185.
(3)
اليعقوبي ص 309 - المؤتلف والمختلف ص 178 - الخزانة 4/ 110. الشعر والشعراء ص 156 - اللسان. تاج العروس (نخل).
(4)
جمهرة أنساب العرب ص 185. أسد الغابة 4/ 361. طبقات ابن سعد 1/ 33. المؤتلف والمختلف ص 245.
(5)
البقية ص 28.
(6)
الإصابة 1/ 30 - سيرة ابن هشام (على هامش الروض الأنف) 1/ 201.
(7)
الإصابة 1/ 9.
(8)
جمهرة أنساب العرب، ص 185.
(9)
سبائك الذهب ص 23.
(10)
جمهرة أنساب العرب ص 185 - أسد الغابة 2/ 52.
ومن كبير بن هند أيضًا حَمَل بن مالك، وهو من أهل الصحبة، والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
، وقيل إن ابن عباس قد روى عنه
(2)
، وقد استعمله النبي على صدقات هذيل
(3)
.
ومن طابخة أيضًا أبو عزة الهذلي الصحابي المحدّث، وقد روى عنه أبو المليح الهذلي السابق الذكر
(4)
، ومنهم سلمة بن صُخر الذي شهد حُنينًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد أيضًا فتح المدائن مع سعد بن أبي وقاص
(5)
.
أما البطن الآخر "دابغة" فمنه "نُبَيشة الخير" الصحابي، وابن عمه سلمة بن المحبِّق الهذلي
(6)
، وأخوه سنان بن المحبق، ويذكر ابن حزم أن المحبّق المذكور، وابنيه سلمة وسنانا قد روي عنهم الحديث
(7)
.
وسنان هذا كان من الولاة والقواد الفاتحين أيام معاوية، وفي ذلك يطالعنا صاحب فتوح البلدان بأنه قد "ولى زياد بن أبي سفيان أيام معاوية سنان بن المحبق الهذلي، وكان فاضلًا متألهًا. . أتى الثغر، ففتح مكران عنوة، ومصَّرها، وأقام بها، وضبط البلاد
(8)
. ويذكر الزبيدي أنه "ولد يوم الفتح فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم سنانًا، وكان شجاعًا، وقد ولي غزو الهند في سنة خمسين هجرية"
(9)
.
ومن رجال لحيان من العلماء العالم اللُغوي علي بن المبارك "اللحياني". "أخذ عن الكسائي، وأبي زيد، وأبي عمرو الشيباني، والأصمعي، وأبي عبيدة، وأخذ عنه القاسم بن سلام، وله النوادر المشهورة"
(10)
في المحيط اللغوي.
(1)
أسد الغابة 2/ 52.
(2)
تاج العروس (حمل).
(3)
الإصابة 2/ 38.
(4)
أسد الغابة 9/ 253.
(5)
المرجع السابق، 2/ 338.
(6)
المرجع نفسه 5/ 13.
(7)
جمهرة أنساب العرب ص 185، 186.
(8)
البلاذري: فتوح البلدان ص 438.
(9)
تاج العروس (سنن).
(10)
البغية ص 28.
(2)
سعد بن هُذَيْل:
من البطون الهذلية الهامة، وهو نظير لحيان في الانتماء رأسًا إلى أصل هذه القبيلة الأم، ويبدو أن سعدًا هذا قد سمي تيمنًا باسم صنم كانت تعبده هُذَيْل في الجاهلية
(1)
. وتلك ظاهرة نجدها واضحة في أسماء العرب في العصر الجاهلي.
وسعد هذا كان كثير الأبناء والأحفاد، متعدد البطون والأفخاذ، وإن ذلك ليبدو واضحًا لكل من ألقى نظرة في كتب التاريخ والأخبار والأنساب، ومن ذلك ما يذكره اليعقوبي في تاريخه:"وأما هُذَيْل بن مدركة، فإن العدد منهم في بني سعد بن هذيل، ثم في تميم بن سعد، ثم في معاوية بن تميم، والحارث بن تميم"
(2)
.
وحين يتناول ابن قتيبة أنساب هُذَيْل نرى من ذلك قوله: "فولد سعد بن هُذَيْل تميم بن سعد، وحريث بن سعد، ومنعة بن سعد، وخُزاعة بن سعد، وجهامة بن سعد، وغنمة بن سعد" ثم يشير إلى البطون الكثيرة العدد من هؤلاء، فيقول:"والعدد في تميم ومعاوية والحارث"
(3)
، وهو في عجز كلامه يوافق اليعقوبي تمام الموافقة.
فمن بطون سعد عند أبي قتيبة ومن وافقه "حُريث"
(4)
، وعند ابن حزم "خُريب"، وقد ذكر أن من ولده أبا كبير الهذلي الشاعر
(5)
. وفي المصادر الأخرى "جُريب"
(6)
، وينتسب إليه عبد مناف بن رِبع
(1)
اللسان (سعد). المخصص 13/ 87.
(2)
اليعقوبي ص 313.
(3)
المعارف ص 22.
(4)
العقد 2/ 57 - المعارف ص 22. ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 164. شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 9. الرضي: شرح الشافية، 2/ 29.
(5)
جمهرة أنساب العرب ص 186.
(6)
البقية ص 9. الخزانة (السلطية) 3/ 174.
ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 43. ابن سيده: المخصص 13/ 235.
الهذلي الجربي
(1)
، وأبو كبير الهذلي السابق ذكره
(2)
.
ونجد في بعض المصادر أن من بطون سعد بن هذيل خفاجة، وإليه ينسب أبو العيال الهذلي الشاعر المعروف
(3)
.
ومن بطون سعد خُناعة
(4)
، وقد جاء في بعض المراجع - مصحّفًا - خزاعة
(5)
، وينتسب إلى خناعة هذا مالك بن خالد الخناعي
(6)
، والبُريق الهذلي
(7)
الشاعران، ومنهم عامر بن سدوس الذي كان يُعْزى هو ورهطه إلى خزاعة
(8)
، وقتادة بن عامر بن سدوس الذي كان عالمًا ثقة بأنساب العرب وأيامها والذي قال فيه السيوطي:"لم يأتنا عن أحد من علم العرب أصح من شيء أتانا عن قتادة"
(9)
. ومن بطون خناعة هذه بنو أرمداء
(10)
.
ومن بطون سعد كذلك رهم، ومنهم المعطل الهذلي
(11)
أحد مشاهير شعراء هُذَيْل.
ومن بطونها أيضًا تميم
(12)
، (وتميم هذه هي غير تميم القبيلة الكبيرة المعروفة). ومن تميم هؤلاء ساعدة بن العجلان الشاعر الهذلي
(13)
.
(1)
البقية ص 56 - ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 38.
(2)
المرجع الأخير ص 88.
(3)
حواشي المرجع السابق ص 241.
(4)
اللسان، وتاج العروس (خنع). الخزانة 4/ 233 - الشعر والشعراء ص 156. معجم قبائل العرب 1/ 362.
(5)
العقد 2/ 57 - المعارف ص 22 - شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 32.
(6)
شرح أشعار الهذليين ص 148 - ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 1 - الخزانة 4/ 233.
(7)
ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 54.
(8)
المرجع السابق ص 51 - شرح أشعار الهذليين ص 279.
(9)
المزهر 2/ 210.
(10)
شرح أشعار الهذليين ص 12.
(11)
الجمهرة ص 186 - شرح أشعار الهذليين ص 286 - ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 40.
(12)
الجمهرة ص 186 - نهاية الزرب ص 188 - سمط اللآلي 1/ 233 - أسد الغابة 4/ 157. المعارف ص 22.
(13)
سمط اللآلي 1/ 233.
ومن بطون تميم معاوية
(1)
، ومن معاوية بنو حُنيف بن معاوية
(2)
، وبنو قرد
(3)
، بكسر القاف وسكون الراء، وفي اللسان بفتحهما
(4)
، وقرد هذا هو عمرو بن معاوية
(5)
، وينسب إليه أبو ذؤيب الهذلي كما جاء في بعض المراجع
(6)
، وإن كان الراجح غير ذلك كما سيأتي بعد. ومن نسله أبو خراش الهذلي (خُويلد بن مرة)، وهو مخضرم مات في عهد عمر
(7)
وأبو جندب
(8)
، وهما أخوان من بني مرة القردي الذين قيل إنهم كانوا دهاة شعراء يعدون عدوًا شديدًا
(9)
.
ومن معاوية أيضًا بنو مازن
(10)
بن معاوية، ومن هؤلاء أبو شهاب المازني
(11)
.
ومن معاوية كذلك بنو سهم بن معاوية كما تقول عامة المصادر
(12)
، إلا صاحب السمط الذي انفرد بأنه ابن مرة بن معاوية
(13)
.
وكان بنو سهم أبطالًا مغاوير، فقد دوخوا بعض القبائل المجاورة لهم من خزاعة وغيرها
(14)
، وكانت فيهم شهامة ونجدة، وقد أسروا كثيرًا من كِنْدة وحِمْيَر والحبش الذين كانوا في جيش أصحاب الفيل، ثم فروا - كما قيل - في جبال هُذَيْل، فقتل منهم من قتل، وأسر من أسر، ثم خرج بأسراهم معقل بن خويلد
(1)
الجمهرة ص 186.
(2)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 288 - البقية ص 54.
(3)
تاج العروس (قرد).
(4)
اللسان (قرد).
(5)
حواشي السمط 1/ 216. تاج العروس واللسان (قرد).
(6)
الخزانة (السلفية) 1/ 400. ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 116.
(7)
تاج العروس (خرش). الخزانة 1/ 400. ديوان الهذليين: القسم الثاني 2/ 116. الزركلي: الأعلام 1/ 301.
(8)
الأصنام ص 19. ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 85.
(9)
تاج العروس (خرش).
(10)
الجمهرة 2/ 136 - تاج العروس (صهل).
(11)
الجمهرة 2/ 136.
(12)
البقية ص 54، 56، 57 - ديوان الهذليين 3/ 30. شرح أشعار الهذليين (مخطوط) 103، 112، 263. الشعر والشعراء ص 157.
(13)
سمط اللآلي 1/ 399.
(14)
البقية ص 56.
السهمي سيد هُذَيْل آنذاك، وكان - كما ورد في شرح أشعار معقل بن خويلد السهمي سيد هُذَيْل آنذاك، وكان - كما ورد في شرح أشعار الهذليين - أحد اثنين كلاهما من هذيل وفدا بهؤلاء الأسرى على النجاشي لافتداء أسرى قومهم العرب
(1)
وقد نجد في ديوان الهذليين ما يقارب ذلكّ من أن معقلًا هذا "هو الوافد على النجاشي، وفد عليه في أسرى كانوا من قومه، فكلمه فيهم، فوهبهم له"
(2)
.
ويبدو أن كثيرين منهم كانوا سادة في هُذَيْل يتوارثون السيادة كابرًا عن كابر، فقد كان خويلد بن واثلة بن مطحل السهمي سيد هُذَيْل في زمانه
(3)
. وقد كان هو، وسيد كنانة رفيقين لعبد المطلب بن هاشم في لقاء أبرهة عام الفيل لمفاوضته
(4)
. وقد ورث السيادة عنه ابنه معقل بن خويلد
(5)
، وكان حاميًا للذمار وله في ذلك مواقف محمودة، فحين هاجمت سُلَيْم بني لحيان من هذيل هبّ في قومه مدافعًا عن بني عمومته على الرغم مما كان بينه وبين سُلَيْم من موادعة، فاضطر سُلَيمًا إلى أن يولوا مدبرين. وفي ذلك يقول معقل:
تقول سُلَيْم سالمونا وحاربوا
…
هُذَيْلا ولم تطمع بذلك مطعمًا
فأما بنو لحيَّان فاعلم بأنهم
…
بنو عمنا من يرمهم يرمنا معًا
(6)
وكثيرًا ما كان يخرج معقل هذا في نفر من أشراف بني سهم للصلح بين المتحاربين من قومه
(7)
.
ومن بني سهم هؤلاء بنو مُرمِّض، ويرجع إليهم في النسب أبو صخر
(1)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 112.
(2)
ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 68.
(3)
ابن قتيبة، الشعر والشعراء ص 157.
(4)
تاريخ ابن خلدون 2/ 62، بلوغ الأرب 1/ 272.
(5)
الشعر والشعراء ص 157.
(6)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط)102.
(7)
ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 70.
الهذلي
(1)
، وعبد الله بن عتبة ذو المجنين الذي قيل إنه سمي بذلك لأنه كان يحمل ترسين في الحرب
(2)
.
والآن - وقد انتهينا من بطون معاوية بن تميم - نعود إلى تميم هذا لنجد من أبنائه أيضًا الحارث بن تميم
(3)
، وهذا الحارث هو أول من ابتدع - فيما يقال - عبادة سواع في هُذَيْل، ومن جاورها من العرب آخذًا ذلك عن عمرو بن لُحيّ الخزاعي الذي زعموا أنه أول من نصب الأصنام للعرب
(4)
.
بناء الحارث بنو مالك بن الحارث بن تميم، ومنهم مالك بن الحارث الشاعر الهذلي
(5)
، ومن الحارث أيضًا كاهل بن الحارث، بكسر الهاء (وقد يكون بفتحها)
(6)
. ومن كاهل هؤلاء قيس بن القيزارة الهذلي
(7)
، وينسب إليهم في بعض المصادر مالك بن الحارث السابق الذكر
(8)
.
ومن بطون كاهل بنو صاهلة بن كاهل
(9)
، وينسب إليهم في بعض المصادر أبو ذؤيب الهذلي
(10)
.
ومن بطون صاهلة بنو قريم بن صاهلة
(11)
، ومنهم غافل بن صخر، وهو سيد من أشرافهم، كان ثاني اثنين من هُذَيْل وفدا على النجاشي - كما سبقت الإشارة - ومعهما أسرى كِنْدة وحِمْير والحبش لفداء أسرى كِنانة
(12)
، ومنهم أم عبد والدة عبد الله بن مسعود الصحابي الهذلي المشهور
(13)
.
(1)
البقية ص 75.
(2)
ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 65.
(3)
اليعقوبي ص 313.
(4)
السويدي: سبائك الذهب ص 104.
(5)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 2.
(6)
شرح المفصل 2/ 103.
(7)
المؤتلف والمختلف ص 326.
(8)
المرجع السابق نفس الموضع.
(9)
تاج العروس (كهل).
(10)
ابن دريد: الملاحن ص 93.
(11)
البقية ص 27، 49.
(12)
تاج العروس (غفل)، شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 112.
(13)
تاج العروس (غفل)، أسد الغابة 5/ 600، طبقات ابن سعد 13/ 366.
ومن أهم بطون صاهلة بنو مسعود أو المسعوديون، ومن هؤلاء المسعوديين كثير من الصحابة والتابعين، وعلماء الإسلام وأعلامه، فينتمي إلى صاهلة عن طريق مسعود هذا عبد الله بن مسعود الصحابي
(1)
القارئ الفقيه المحدّث، وأخواه عتبة بن مسعود، وعميس بن مسعود
(2)
، ومن ولد عبد الله بن مسعود عبد الرحمن المكي المحدث
(3)
، والقاسم بن معن بن عبد الرحمن الذي قال عنه السيوطي إنه "كان من علماء الكوفة بالعربية، واللغة، والفقه، والحديث، والشعر، والأخبار؛ ومن الزهاد والثقات. . ."
(4)
وابنه عبد الرحمن بن القاسم المحدِّث
(5)
، وأبو عبيدة بن معن بن عبد الرحمن، وهو قارئ من الثقات
(6)
، وكان القاسم السابق ذكره قاضيًا للكوفة، ويقال إنه لم يأخذ للقضاء رزقًا مدة ولايته
(7)
. ومن عقب عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود أيضًا السعودي المؤرخ صاحب مروج الذهب
(8)
.
ومن ولد عتبة بن مسعود عبد الله بن عتبة التابعي المحدّث الثقة الرفيع القدر، روى عن عمر وابن مسعود
(9)
، وقد ولاه عمر على السوق
(10)
، ثم كان قاضيًا لمصعب بن الزبير على الكوفة
(11)
ومنهم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة العالم الفقيه الشاعر الذي كان أحد مشاهير فقهاء المدينة
(12)
، وكان من العلماء
(1)
جمهرة أنساب العرب ص 186 - ابن حجر: الإصابة 4/ 129 - أسد الغابة 3/ 256 وما بعدها. تاج العروس (صهل. الهسيلي: الروض الأنف 1/ 166.
(2)
جمهرة أنساب العرب ص 186.
(3)
ابن الجزري: طبقات القراء 1/ 485. طبقات ابن سعد 1/ 125. أسد الغابة 256.
(4)
البغية 381.
(5)
ابن حجر: تعجيل المنفعة ص 255.
(6)
طبقات القراء 1/ 602.
(7)
شذرات الذهب 1/ 286.
(8)
الجمهرة ص 186.
(9)
طبقات ابن سعد 10/ 82.
(10)
الإصابة 4/ 100.
(11)
أسد الغابة 2/ 316 - طبقات ابن سعد 10/ 82.
(12)
ابن عبد ربه: العقد الفريد 1/ 206.
بالأخبار والأنساب
(1)
، وهو من أجلّ شيوخ الزهري، وكان أثيرًا لدى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، يقدر له علمه، ويعرف له فضله
(2)
. وأخوه عون بن عبد الله بن عتبة، وكان خطيبًا راوية ناسبًا شاعرًا
(3)
.
ومن ولد عُميس بن مسعود عمرو بن عميس، وكان واليًا على القطقطانة (قرب الكوفة) أيام علي، فقتله هناك الضحاك بن قيس الفهري عامل معاوية
(4)
.
والآن - وقد أتينا على صاهلة بن كاهل وبطونها - نصعد إلى كاهل مرة أخرى لنرى أن من بطون كاهل أيضًا عمرو بن كاهل بن الحارث
(5)
، ومن عمرو هؤلاء بنو عامر بن عمرو، وإليهم ينتمي حذيفة بن أنس الهذلي أحد شعراء هذيل
(6)
. وقد نسبه بعضهم رأسًا إلى عمرو
(7)
. وليس هناك فرق كبير، فأصل النسب في الحالين واحد لم يتغير. ومن بني عمرو أيضًا زهير بن العجوة الهذلي الذي قتله جميل بن معمر الجمحي يوم حنين حين وجده مربوطًا في الأسرى، وكان زهير قد خرج يطلب الغنائم والأسلاب
(8)
.
ومن بني عمرو خُثيم بن عمرو
(9)
، ومن خثيم هؤلاء حبيب بن عبد الله "الأعلم الهذلي"، وأخوه صخر الغي
(10)
، وينسبان في بعض المصادر رأسًا إلى عمرو
(11)
، ولعل هذا من التسامح المعروف حتى الآن من نسبة الحفيد إلى الجد - لا إلى الأب - لا سيما إذا كان شهرة الجد أكبر.
(1)
الجاحظ: البيان والتبيين 1/ 369.
(2)
العقد 1/ 206.
(3)
البيان والتبيين 1/ 343، 344.
(4)
الجمهرة ص 186.
(5)
العقد 3/ 106 - شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 104.
(6)
ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 18.
(7)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 228.
(8)
ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 148. سيرة ابن هشام 3/ 21. الأغاني 21/ 58.
(9)
شرح أشعار الهذليين: (مخطوط) ص 70. ديوان الهذليين: القسم الأول ص 76. تاج العروس (خثم).
(10)
ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 51، 77 (حاشية 1). شرح أشعار الهذليين للسكري (طبع أوروبا) ص 6.
(11)
المؤتلف والمختلف ص 94.
ونصعد إلى كاهل مرة ثالثة لنجد من بطونه بني كعب بن كاهل، وممن ينتسبون إلى كعب هذا ساعدة بن جؤبة الهذلي
(1)
الشاعر المعروف بين شعراء هُذَيْل.
ومن بطون كاهل أيضًا بنو صبح بن كاهل
(2)
، وقد كان صبح هذا من سادات هُذَيْل في الجاهلية
(3)
. ومن بني صبح هؤلاء أبو بكر الهذلي الفقيه
(4)
، الإخباري
(5)
الذي كان يروي علم الأخبار والأنساب عن قتادة
(6)
.
وبنو صبح هؤلاء ينحدر منهم بنو زليفة بن صبح
(7)
، ويذكر ابن حزم أن ديارهم كانت حول مكة، ولهم بها عدد وعدة ومنعة
(8)
، كما يذكر المسعودي أن الرياسة في هُذَيْل كانت فيهم
(9)
.
تلك هي أهم العشائر والبطون المشهورة في هُذَيْل، ولكننا نجد إلى جانب ذلك إشارات سريعة في الشعر الهذلي، أو في المصادر الأخرى تشير إلى بطون وأفخاذ ليست بذات خطر، فلم تنسب إلا إلى هُذَيْل نسبة عامة دون تخصيص أو تحديد، وقد يحرم حولها بعض الشك ما دامت لا تأخذ مكانها في سلسلة النسب من هُذَيْل. ومن هذه العشائر دهمان
(10)
وبعجة
(11)
، وجعثمة
(12)
، وأسامة بن لُعْط
(13)
. . . إلى غير ذلك من الإشارات العابرة التي لا تستحق الوقوف عندها؛ ولهذا نجتزئ منها بهذا العرض السريع.
(1)
ديوان الهذليين: القسم الأول ص 167 - الخزانة 3/ 76. ابن جني: المنصف 3/ 234.
(2)
نهاية الأرب ص 312. معجم قبائل العرب 2/ 630 - الجمهرة ص 187.
(3)
ابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 301.
(4)
نهاية الأرب ص 312 - الجمهرة ص 187.
(5)
شذرات الذهب 1/ 264.
(6)
السيوطي: المزهر 1/ 210.
(7)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 95.
(8)
الجمهرة ص 187.
(9)
مروج الذهب 2/ 155.
(10)
اللسان (دهم).
(11)
ديوان الهذليين: القسم الأول ص 76.
(12)
اللسان (جعثم).
(13)
تاج العروس (لعط).
هُذَيْل والمراجع الحديثة:
ولكن ينبغي أن نقف وقفة قصيرة عند ما ورد في بعض المراجع الحديثة بشأن هُذَيْل وبطونها، حيث يطالعنا صاحب معجم قبائل العرب بأن هذيلًا تنقسم قسمين: شمالي، وجنوبي. . . ويتألف القسم الشمالي من سبعة أفخاذ: المطارفة، والمساعيد، والسواهر، ولحيان، وعمرو أو عمير، والجنابر. أما القسم الجنوبي فيدعى هُذَيْل اليمن ويتألف من الأفخاذ الآتية: النُّدوبة، ودعد، والسراونة، والعاهلة، وجميل
(1)
.
وإنا لنجد في كثير من هذه الفروع غرابة تبعد بنا كثيرًا عما ذكرنا من بطون هُذَيْل، ولكن واقع الأمر أن هذا كلام منقول بنصه في شيء من الإيجاز - عن بعض مراجع أخرى حديثة، تتحدث عن القبائل العربية التي تقطن المملكة العربية السعودية الآن
(2)
. وليس هنالك من شك يمكن أن يثور حول ما ذكرنا من قبائل هُذَيْل؛ لأن هذه الأزمان المتطاولة، والآماد البعيدة بين العصر الجاهلي، والعصر الحديث لا بد أن يكون لها أثر كبير في تغيير أسماء هده الفروع التي تشعبت وتشابكت، أو تباعدت ودخلت في غيرها، أو دخل غيرها فيها، فاكتسبت أسماء جديدة قد لا تمت إلى أصلها القديم بأدنى صلة. هذا إلى أن صراحة الأنساب لم تعد لها أصالتها الأولى.
وحسبنا أن نعرف أن صاحب "قلب الجزيرة العربية" حينما عدد بطون ثقيف في عصرنا هذا يذكر منها بطنًا يسمى هُذَيْلًا، وآخر يدعى قريشًا
(3)
، فهل
(1)
عمر رضا كحالة: معجم قبائل العرب 3/ 1213.
(2)
قلب الجزيرة العربية ص 202.
(3)
قلب الجزيرة العربية ص 202.
هناك صلة تقوم على هذا النحو بين هُذَيْل وثقيف، أو بين قريش وثقيف حتى يكونا بطنين من بطونها؟ فلا يمكن بأية حال تبرير هذا على أساس سليم إلا أن تكون هُذَيْل وقريش مجرد اسمين لا يمتان بصلة إلى هُذَيْل وقريش المعروفتين منذ العصر الجاهلي، وصدر الإسلام، أو أن يكون بعض أولئك وهؤلاء قد دخلوا بمرور الزمن وبحكم الجوار في ثقيف، حتى نسبوا أخيرًا إليها، وذكروا بين بطونها.
فليس غريبًا إذن - بعد ما رأينا - أن نجد إغرابًا كهذا في البطون المنسوبة إلى هُذَيْل في أمثال هذه المراجع، ويكفينا أن نجد أن بعض هذه البطون لا يزال يحمل الاسم القديم مثل لحيان، وعمرو أو عمير، فقد مرّ بنا لحيان، وعمرو فيما سقنا من حديث حول بطون هُذَيْل، وهما من الشهرة المستفيضة بمكان، كما أن عميرًا - وإن كان مغمورًا - قد ذكر في سبائك الذهب بطنًا منسوبًا إلى هُذَيْل
(1)
.
وحسبنا أيضًا أن بعض الأماكن التي وردت في هذه المراجع مثل وادي فاطمة، وغيره من الأماكن التي تقع حول مكة، أو في أطرافها من جهة الشرق والجنوب هي نفسها منازل هذه القبيلة وبطونها منذ العصر الجاهلي.
نظرة ناقدة:
ولكن ينبغي لنا أن نقف وقفة أخرى عند هذه القبائل الهذلية التي فصّلنا القول فيها، والتي وردت إشارات إليها في الشعر الهذلي، أو طالعتنا بها المصادر القديمة؛ فقد بلغت هذه البطون المختلفة حدًا من الكثرة يلفت النظر، وإن كانت هذه المراجع تختلف - فيما بينها - فيما تمدنا به من هذه البطون كثرة وقلة، فمنها ما يقتصر على الفروع الكبرى للقبيلة، ومنها ما يمعن في تعداد البطون والأفخاذ
(1)
السويدي: سبائك الذهب ص 24.
والفصائل الصغيرة، ولكن هذه المراجع - في مجموعها - تعطينا عددًا كبيرًا من هذه البطون الهُذَلية.
ويستطيع الباحث - على أساس من المصادر الأصيلة - أن يرد هذه الأشتات من البطون والعشائر الهُذَلية كلا إلى أصله، ويبعد بها - كما رأينا - عما عساه أن يجده القارئ فيها من شبهة التشويش والاضطراب والخلاف، فالحق أن معظم هذه البطون يرجع بعضها إلى بعض في صورة هينة سهلة لا غموض فيها، ولا التواء، فهي تنتهي إلى بطون أكبر منها، ثم تنتهي هذه وتلك إلى عمائر كبرى تدلي بنسبها رأسًا إلى هُذَيْل الجد الأكبر لهذه القبيلة الأم.
ومع هذا، فإحقاقًا للحق، نقرر أن هذا الخلاف حول هذا الموضوع لم تسلم منه المراجع المذكورة بصورة قاطعة، شأنها في ذلك هو الشأن في كثير من مسائل التاريخ القديم، الذي لم يؤت هؤلاء العلماء أداة تحقيقه، والوصول دائمًا إلى وجه الحق فيه.
ومن أمثلة ذلك ما نجده من خلاف حول بعض البطون الهذلية الكبرى مثل لحيان، ونسبتها إلى هُذيل على أساس من قرابة الدم ولحمة النسب، أو على مجرد الحلف والجوار والولاء، فقد تضافرت أغلب كتب الأخبار والأنساب، وسائر المراجع القديمة على نسبتها إلى هُذَيْل عن طريق النسب لا عن طريق الجوار، فقد ذكرت هذه المصادر أن لهذيل ولدين من صلبه هما لحيان وسعد كما سبق أن مرّ بنا، ولا نكاد نجد خلافًا في هذا بين قدمائنا إلا ما أورده الهمداني من أنهم كانوا من بقايا جرهم، ودخلوا في هُذَيْل
(1)
أو أنهم من بقايا العماليق الذين هلكوا بتهامة، وحالفوا هُذَيلًا
(2)
.
(1)
انظر تاج العروس (10/ 324)، تاريخ العرب قبل الإسلام 3/ 429.
(2)
معجم قبائل العرب 3/ 1010 - محادثة أهل الأدب بأخبار وأنساب جاهلية العرب ص 84 - المنجد ص 460.
وأغلب من كتبوا في الأنساب من المحدثين لم يخالفوا جمهرة القدامى في هذا النسب وإن كان قد خالف أولئك وهؤلاء فيما اتجهوا إليه الدكتور/ جواد علي حيث اعتبر بني لحيان هؤلاء من بقايا دولة اللحيانيين القديمة ذات الآثار والنقوش اللحيانية المعروفة. وأنهم بعد ضعفهم وسقوط مملكتهم، وضغط القبائل عليهم اضطروا إلى الانتقال من مواطنهم الأصلية في منطقة العلا ومدائن صالح، والاتجاه نحو الجنوب حيث اختلطوا بغيرهم، وقد كانوا قبل الإسلام في هُذَيْل؛ ولهذا عدهم النسابون من بطونها
(1)
.
ولعل الرجل متأثر في هذا برأي المستشرقين، ذلك الرأي الذي لو دلت الدلائل العلمية يقينًا، أو ظنًا على ثبوته وصحته لسلمنا به دون شك أو مراء، ولكن أغلب الظن أنه رأي أوحى به الاشتراك في الاسم بين بني لحيان هؤلاء، وبين أولئك اللحيانيين الغابرين.
والحق أن بني لحيان الهُذَليين هم - فيما أرى - من هذيل لحمًا ودمًا، وهم غير اللحيانيين القدامى ذوي التاريخ العريق المعروف، فلم يقل أحد بأن الاشتراك في الأسماء يصلح أساسًا لإطلاق الأحكام في القضايا العلمية، فكثيرًا ما نجد أن الأسماء تكرر نفسها بين الأشخاص والقبائل العربية، فمثلًا في العرب سعود كثيرة منها: سعد تميم، وسعد هذيل، وسعد قيس، وسعد بكر
(2)
، وفيهم موازن كثيرة منها: مازن تميم، ومازن قيس، ومازن اليمن، ومازن ربيعة
(3)
، وهناك تميم القبيلة المعروفة، وتميم أخرى بطن من هُذَيْل، وبنو مخزوم في قريش، وغيرها في هُذَيْل. . وهكذا. بل إنا نجد أن كثيرًا من أسماء الأعلام في العربية القديمة شائعة
(1)
تاريخ الحرب قبل الإسلام ص 429.
(2)
الجمهرة (د س ع) 2/ 262 - الصحاح (سعد).
(3)
شرح شواهد بن عقيل ص 118.
الاستعمال عند العرب في الجاهلية، ومن أمثلة ذلك: حفني، وعلي، وعبد الله، والنادي، والسعد، وعفراء. ثم أنه يوجد كثير من هذه الأعلام العربية في النقوش السبئية، والثمودية، ومن يتابع هذه النقوش القديمة في النمارة، وفي منطقة العلا يجد كثيرًا من هذا التكرار في الأسماء
(1)
.
ومن حقنا ألا نذهب بعيدًا فكثير من أسماء الأشخاص والعائلات اليوم مكرر بين الناس إلى حد كبير، فهم يسمون - عن قصد أو غير قصد - أسماء متشابهة أو متماثلة، وقد يتم هذا تيمنًا بأسماء، أو تشبهًا بعظماء، وهذا مسلك الناس دائمًا في كل زمان ومكان.
ثم إن علم الأنساب كان يعتزّ به العرب اعتزازًا بالغًا، ولهم نسابون قد اشتهر بعضهم بالحفظ والضبط، فكيف يخفي عليهم أمر لحيان وقد دخلت في هُذَيْل كما يقول الهمداني، وصاحب صحيح الأخبار من القدامى
(2)
، أو فيما يقول الدكتور جواد علي حين يقرر أنه قد تم ذلك قبيل الإسلام (أي قبله بزمن يسير) - كيف يخفى عليهم ذلك؟ وهذا حسان بن ثابت يهجو هُذَيْلًا لأن منها لحيان إثر غدرهم بأهل الرجيع كما سبق أن أشرنا - وحسان مخضرم عاش ردحًا طويلًا من عمره في الجاهلية، فكيف يخفى عليه أمر هؤلاء؟ ثم كان معه أبو بكر من وراء هجائه، وقد كان من أعلم الناس بالأنساب كما هو معلوم.
هذا، وثمة إشارات أوردها الرواة تفيد أن لحيان من هُذَيْل وليسوا بجيران لها أو لإحدى بطونها، بل قد تصرح تصريحًا بأن لحيان هذا هو لحيان بن هُذَيْل
(3)
.
(1)
اسرائيل ولفنسون: تاريخ اللغات السامية ص 80.
(2)
صحيح الأخبار 2/ 186.
(3)
شرح أشعار الهذليين (تحقيق فراج) 2/ 818.
وكذلك شعر معقل بن خويلد السهمي الهذلي صريح في تقرير نسب لحيان حين يقول:
تقول سُلَيْم سالمونا وحاربوا
…
هُذَيْلًا ولم تطمع بذلك مطمعا
فأما بنو لحيان فاعلم بأنهم
…
بنو عمنا من يرمهم يرمنا معا
(1)
ومن الأدلة القاطعة في نسبة لحيان إلى هُذَيْل نسبة تقوم على الدم لا على الجوار تلك المفاخرة والمهاجاة التي ثارت بين عمرو بن هُميل اللحياني، وعمرو بن جنادة الخزاعي، وفيها يقول عمرو بن هميل مُندّدًا بصاحبه في فخر واعتزاز:
فإن بيوتنا شم طوال
…
وبيتك لا يُظل ولا يُبيت
وإنا نحن أقدم منك عزًا
…
إذا بنيت بمخلفة البيوت
خزيمة عمنا وأبي هُذَيْل
…
وكلهمُ إلى عز وليت
ويمنعك الولاء وأنت عبد
…
وأمنع حيث كنت إذا لقيت
أبَى لي صارخ كالسيل نهد
…
وعز لا يزول لنا ثبيت
(2)
فهذا كلام واضح صريح في أن أباه وجدَّه الأكبر هو هُذَيْل بن مدركة، وأن عمه هو خزيمة بن مدركة، وأنه يستمد من هؤلاء العز، والمنعة، والسؤدد، والفخار.
هذا وقد نسب الجمحي بني كاهل أيضًا إلى هُذَيْل نسبة الحلف والولاء، لا نسبة القرابة والنسب، وجعل كاهلًا أخا ثقيف
(3)
، وعلى هذا نجد في بعض المراجع أن عمرا ذا الكلب - وهو من رجالات كاهل - كان جارًا لهذيل
(4)
، ولم تعده هذه المراجع من هُذَيْل دمًا ونسبًا. ومعنى هذا أن الشك سيحوم حول نسب
(1)
المرجع السابق 2/ 375.
(2)
شرح أشعار الهذليين (تحقيق فراج) 2/ 882.
(3)
المرجع السابق 1/ 237.
(4)
ديوان الهذليين. القسم الثالث ص 113.
جميع الفروع التي تدلي إلى هُذَيْل بكاهل هذا مثل بني صبح، وبني زليفة، وبني صاهلة، وبني كعب، وبني مخزوم (مخزوم هُذَيْل)، وجميع من ينسبون إلى هؤلاء من بطون كاهل ورجالها.
ولكن يبدو أن كاهلًا من أحفاد هُذَيْل صليبة، وليس مجرد حليف أو جار للهذليين، فإن أغلب الكتب التي كتبت في الأنساب وغيرها تقرر ذلك النسب لكاهل ومن يلونه من أبناء وأحفاد. ثم إن القلة القليلة من المراجع التي تقول بهذه المحالفة، أو هذا الجوار ذكرت ذلك مبهمًا، ولم تنسب كاهلًا من جهة النسب إلى قبيل آخر غير هُذَيْل نسبة صحيحة، وهذا يثير الشك فيما ذكر بشأن هذا النسب، ويقوي الاحتمال الآخر، وهو اعتبار كاهل وبطونها من صميم هذيل.
هذا وعمرو ذو الكلب - الذي أشعرنا إلى أنه أحد رجالات كاهل - لا تحس في شعره هو الآخر أثرًا لهذا الجوار المزعوم، فليس في هذا الشعر تابعًا ولا جارًا ولا حليفًا لهذيل، وإنما هو يتسنم الذروة في قومه من هذيل، ويتقدم فتيانهم في غاراتهم:
فإما تثقفوني فاقتلوني
…
وإن أثقف فسوف ترون بالي
فأبرح غازيًا أهدي رعيلا
…
أؤم سواد طود ذي نجال
بفتيان عمارط من هذيل
…
همُ ينفون آناس الحلال
فهذا ثم قد علموا مكاني
…
إذا اختضبت من العلق العوالي
(1)
وهذه أخته جنوب تقول في رثائه ما لا يقال إلا في سيد جحجاح (*) من سادات قومه:
فأقسم يا عمرو لو نبهاك
…
إذن نبّها منك داء عضالا
(1)
ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 114 وما بعدها.
(*) الجحجح من الرجال: السيد.
إذن نبّها غير رعديدة
…
ولا طائش رعش حين صالا
إذن نبّها ليث عِرّيسة
…
مفيدًا مفيتًا نفوسًا ومالا
إذن نبها واسعًا ذرعه
…
جميع السالح جليدًا بُسالا
هزبرا فروسًا لأقرانه
…
أبيًا إذا صاول القِرن صالا
وقد علم الضيف والمرملون
…
إذا أغبر أفق وهبت شمالا
وخلّت عن أولادها المرضعات
…
فلم تر عين لمزن بلالا
بأنك كنت الربيع المَريع
…
وكنت لمن يعتفيك الثمالا
(1)
ثم نراها تقول في هذا البكاء، وذلك الرثاء:
أبلغ بني كاهل عني مغلغلة
…
والقوم من دونهم سعيا ومركوب
أبلغ هذيلًا وأبلغ من يبلغها
…
عني رسولًا وبعض القول تكذيب
بأن ذا الكلب عمرًا خيرهم حسبا
…
ببطن شِريان يعوي حوله الذيب
(2)
ومن هذا كله يمكن أن نستنتج - مطمئنين - أن عمرًا ذا الكلب هذا ليس للهذليين مجرد جار أو حليف بل هو هذلي في أصله ودمه، ثم هو في السنام والذروة من قومه هذيل، ومن أفضلهم في الحسب والنسب والجاه.
وهكذا نستطيع - بعد ما قدمنا - أن نرتاح إلى ما نقول به من إثبات ذلكم النسب الهذلي لكاهل، وما ينتسب إليه من عشائر هُذَيْل وبطونها، أو من ينتمي إليه من رجالات هذه العشائر والبطون.
هذا إلى أن تلك القلة القليلة من المراجع التي تجنح إلى القول باستبعاد نسبة هذا البطن إلى هُذَيْل إلا عن طريق الحلف أو الجوار - تلقي القول على عواهنه،
(1)
المرجع السابق ص 121 - 123.
(2)
ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 125.
ولا تسلك في ذلك مسلكًا علميًا يؤدي بها إلى الحقيقة، ويسْلمها إلى الرأي الصحيح، بل تسوق ذلك في إبهام لم تتجشم معه أن تنسب كاهلًا إلى قبيلة أخرى غير هذيل نسبة صحيحة، وهذا مما يثير الشك فيما يقولون به من حلف أو جوار، ويزكي الاحتمال الآخر الذي قررناه من اعتبار كاهل وبطونه من صميم هُذَيْل.
وثمة رأي - مرجوح هو الآخر في نظرنا - ينسب عمرًا هذا إلى لحيان
(1)
، وعلى أساس من الخلاف الذي سبقت الإشارة إليه في نسب لحيان يعتبرونه من هذه الناحية أيضًا جارًا لهذيل. وقد سبق لي أن فندت ذلك الرأي الذي يقوم عليه هذا الاحتمال.
ومن قبيل الخلاف أن يكون بعض البطون أصلًا من غير هُذَيْل، فينسبها بعض المراجع إلى هُذَيْل وهمًا منها، واعتمادًا على مجرد مجيئها على لسان شعراء هُذَيْل من غير تحقيق أو تمحيص، فقد أورد الزَّبيدي
(2)
أن ذؤيبة قبيلة من هُذَيْل، وأتبع ذلك قولَ الشاعر الهذلي (أبي خراش):
غدونا غدوة لا شك فيها
…
فخلناهم ذؤيبة أو حبيبا
والحق أن ذؤيبة هذه من هوازن، ويقرر ذلك أبو سعيد السكري في شرح هذا البيت من شعر أبي خراش، فهو يقول في ثنايا ما أورده من كلام:"ذؤيبة وحبيب حيّان من عجز هوازن"
(2)
.
ومن هذا النحو من الخلاف تقريبًا ما ثار حول جُعثمة التي ينسب إليها بعض الغسيّ، فقد ورد في ديوان الهذليين أنها من هُذَيْل
(3)
، وفي القاموس: "جعثمة
(1)
شرح أشعار الهذليين (تحقيق فراج) 2/ 565.
(2)
تاج العروس (ذأب).
(3)
ديوان الهذليين: القسم الأول ص 84.
حي من هُذَيْل أو من أزد السرادة"
(1)
، وفي اللسان ما يفيد أنها "من هذيل، أو من أزد السراة، أو من أزد شنوءة"
(2)
.
ولعله قد أدى إلى هذا الخلط قرب مواطن هذه القبائل التي نسبت جعثمة إليها، ثم ضآلة شأن جعثمة هذه، وأمثالها، وعدم شهرتها، واستفاضة أخبارها.
وهناك أمثلة من الخلاف قد تؤدي بنا إلى تعدد واهم في بطون هذه القبيلة، وذلك - فيما أحسب - نتيجة لتقارب بعض الحروف، والتباسها على السمع، أو لتشابه هذه الحروف في الرسم، واختلاطها في الكتابة، ومن ذلك خناعة وخزاعة، فقد اتجه معظم ما في يدنا من المراجع إلى أن خناعة هو ابن سعد بن هذيل
(3)
ولكن ورد في بعضها ذكر خزاعة بن سعد بن هذيل
(4)
بدلًا من خناعة. وقد كان من الممكن وجودهما معًا أخوين من سعد بن هذيل لو قد حدثتنا بذلك المراجع المذكورة، أو دلَّت الدلائل عليه، ولكن يبدو أن ذلك تكرار لاسم واحد هو خناعة ذكر صحيحًا مرة، محرفًا مرة أخرى.
وقد يؤيد ما ذهبت إليه اختلاف الرواية في هذا البيت من شعر صخر الهذلي:
لو أن أصحابي بنو خناعة
…
أهل الندى والجود والبراعة
فالرواية السائدة فيه خناعة، وقد وليها في ديوان الهذليين أن خناعة حي من هذيل، ثم أعقبتها رواية أخرى على هذا النحو:"وقد أورد السكري البيت هكذا "خزاعة" بدلًا من خناعة، ثم قال: خزاعة حي من هذيل"
(5)
.
(1)
القاموس (جعثم).
(2)
اللسان (جعثم).
(3)
ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 1، 70. القاموس (خنع)، الشعر والشعراء ص 156 - نهاية الأرب ص 247. معجم قبائل العرب 1/ 362. شرح أشعار الهذليين ص 12، 116، 148، 279.
(4)
العقد 2/ 57.
(5)
ديوان الهذليين 2/ 235.
ومما يزيد الأمر وضوحًا اختلاف المراجع في ترجمة واحدة لشاعر هذلي واحد هو "مالك بن خويلد"، فقد جاء في اللسان أنه مالك بن خويلد الخزاعي
(1)
اللسان متأخر، وليس بحجة في الأنساب، وإنما هو في هذا مجرد ناقل، ولكننا نجد السكري في شرح أشعار الهذليين يقرر أنه خناعي
(2)
. ولا يمكن أن ينتهي نسب امرئ إلى شخصين مختلفين على هذا النحو الذي نراه، فلا بد أن يكون أحدهما - وأرجح أنه خزاعة - من نسج الوهم والخيال نتيجة للتصحيف الذي وقع فيه.
ومن أمثلة هذا التعدّد الواهم ما أشرنا إليه من ذكر حريث
(3)
، وخُريب
(4)
، وجُريب
(5)
، وحرب
(6)
جنبًا إلى جنب بين البطون الهذلية، وأغلب الظن أنها جميعًا بطن واحد من بطون سعد بن هذيل، وما هذا التعدد إلا نتيجة التصحيف في هذا الاسم.
ومن الغريب أننا نجد أن التصحيف قد يسبب الاختلاف حتى بين صفحة وأخرى في المرجع الواحد؛ فقد ذكر مثلًا في ديوان الهذليين مرة حُريث، وأخرى جُريب، وربما كان ذلك راجعًا إلى إهمال التحقيق وقصوره. إذا لم يكن خطأ مطبعيًا لا يستحق الوقوف عنده.
ومثل هذا يقال في سعد بن هذيل نفسه، فقد ألفيته - في ترجمة أبي كبير
(1)
اللسان (بقل).
(2)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 148.
(3)
ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 264.
شرح أشعار الهذليين ص 109. العقد 2/ 57. المعارف ص 22.
(4)
جمهرة أنساب العرب ص 186.
(5)
العقد 2/ 57. البقية ص 9. المخصص 13/ 235. الخزانة 3/ 174. شرح أشعار الهذليين 226. ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 143 (حاشية 3).
(6)
ابن جني: المنصف 3/ 202.
الهذلي - في حاشية "التنبيه على أوهام القالي في أماليه" مجرفًا إلى سهل بن هُذَيْل
(1)
، ولم يمر بنا من أبناء هذيل وأحفاده مَن يسمى سهلًا، ولم نجد في سلسلة نسب أبي كبير من يحمل هذا الاسم، ثم أن سلسلة النسب الواردة في هذا المصدر هي نفسها في المصادر الأخرى مع استبدال سعد بسهل. هذا إلى ما نجده من تقارب نبرات الصوت فيهما، وأنهما على وزن واحد مما يوجد اشتباهًا عند من لا يحسنون السماع.
ومع هذا فالأمثلة على هذا التحريف والتصحيف قليلة لا تكاد تجاوز ما ذكرنا.
هذا، ويذكر النسابون أن بعض القبائل العربية، أو بطونًا من هذه القبائل كانت تعيش في جوار هُذَيْل مثل بني الدَّرعاء، وهم حي من عدوان من قيس عيلان، فهناك من يقول بأنهم كانوا حلفاء في بني سهم بن معاوية من هُذَيْل
(2)
، ويطالعنا شراح ديوان هُذَيْل بما يؤكد هذه الحقيقة من أن بني الدرعاء "حي من عدوان بن فهم بن عمرو بن قيس عيلان. . وخلفهم في بني سهم بن معاوية بن تميم بن سعد بن هُذَيْل"
(3)
.
فإذا كنا نجد من هذه الإشارات - كما رأينا - ما يفيد أن بطونًا من قبائل العرب كانت تعيش في جواز هُذَيْل، فإننا نجد أيضًا أن من بطون هُذَيْل ورجالها من حالفوا غيرهم، أو عاشوا في جواره، بل إن من الأخبار ما ينتهي بنا إلى أن بعض هذه البطون الهذلية قد دخلت في غيرها من القبائل، وانتسبت إليها، ولم تعد تذكر في عداد هُذَيْل، فيذكر ابن حزم في جمهرة أنساب العرب أن حُويّة -
(1)
البكري: التنبيه ص 100.
(2)
تاج العروس (درج).
(3)
ديوان الهذليين 3/ 30.
وهم ينتمون في أصلهم إلى سعد بن هُذَيْل - دخلوا في بني عبس، وقيل إن الحُطَيئة شاعر، منهم
(1)
، ويبدو أن عامر بن سدوس قد دخل هو الآخر في خزاعة، فقد ورد في ديوان الهذليين أن عامر بن سدوس الخناعي كان يُعزى هو ورهطه إلى خزاعة، وأن المعطل قال شعرًا فيه من اللوم ما يسدد سهامه إليهم
(2)
.
كما ورد في شرح أشعار الهذليين بصدد الكلام في شعر المعطل نفسه أن الناس يولجون بني سدوس، وأولياء عامر وإخوته إلى خزاعة، وقد قال ابن الأعرابي في ذلك أن الناس كانوا يعدلون عامر بن سدوس وبني أبيه إلى خزاعة، فقال المعطل في ذلك شعرًا
(3)
، هو الشعر الذي سبقت الإشارة إليه في ديوان الهذليين
(4)
.
وهكذا نرى كلامًا حول دخول قوم في هُذَيْل، وخروج آخرين منهم، كما نجد خلافًا حول بعض بطونهم، وفي نسب بعض رجالهم، ولكن ذلك كله ليس بالأمر الجلل الذي يطغى على وضوح هذا النسب واستقامته، وتلك البطون وانتسابها إلى أصلها الهذلي، ففي شيء يسير من التمحيص قد انتهينا إلى وجه الحق في هذا الشأن.
(1)
الجمهرة ص 186.
(2)
ديوان الهذليين 3/ 51.
(3)
شرح أشعار الهذليين (تحقيق فراج) 2/ 636.
(4)
ديوان الهذليين 3/ 51.
أولًا: منازل هُذَيْل في الجاهلية
شغلت هُذَيْل ببطونها العديدة رقعة واسعة من إقليم الحجاز في مناطق متعددة حول مكة، وفي أطرافها الجنوبية والشرقية، وفي عرفة وما يتصل بها، وفي أماكن أخرى كثيرة بين مكة والمدينة، وربما كان أغلبها إلى مكة أقرب، وإن كان يحتمل أن يكون بعضها متصلًا بنواحي المدينة كالموازج التي وردت في شعر الهذليين، والتي ذكر البكري أنها من ديارهم
(1)
.
ويهمنا من ذكر هذه المواطن والبقاع أن نوضح مسرح حياة هذه القبيلة التي نتناولها بالدراسة، وما صاقبها من مواطن القبائل التي تجاورها، أو الأماكن التي تُشْركها فيها هذه القبائل كي نستبين في ضوء هذا كله صلة هذه القبيلة بجيرانها من القبائل الأخرى، ومدى تأثرها بهذه القبائل أو تأثيرها فيها؛ لما لهذا التأثير وذلك التأثر من أهمية قصوى في هذه الدراسة.
والمعروف أن هُذَيْلا قبيلة بدوية في طابعها العام، فهي إذن لم يستقر أغلب بطونها وعشائرها في أماكن بعينها؛ لأن الاستقرار في المدن والقرى لم يتح إلا للحضر الذين كانوا يقيمون في مكة، والمدينة، والطائف، ووادي القرى، وما يماثلها في اليمن، وفي الإمارات العربية التي كانت مستقرة في أطراف الجزيرة على حدود الفُرس والروم كالمناذرة والغساسنة.
أما البدو الرحل فهم لا يعرفون هذا الاستقرار، وإنما كانو يتنقلون في سبيل النجعة كما هو معلوم.
فهُذَيْل إذن كانت بطونها المختلفة غالبًا في حركة وتنقل وراء الخصب والماء والكلأ. ولكن - مع هذا - كان لمجموع البطون الهذلية مجال تجول في إطاره، فلا تُبعِد كثيرًا عما ألفته من مواطن، وما تنزل به على مر العام من منازل.
(1)
معجم ما استعجم 1/ 282.
وقد كانت هذه المواطن، وتلك المنازل كثيرة متعددة تعدد بطون هذه القبيلة وكثرتها، كما أن الرقعة التي كانت تشغلها، وتتخذ منها مسرحًا لحياتهم لم تكن في مجموعها ذات طبيعة جغرافية واحدة، فكانت هُذَيْل تسكن الجبال والهضاب والوهاد والوديان في منطقة واسعة من الإقليم.
السراة:
ومن أهم البقاع التي كانت تقطنها بطون هُذَيْل بعض الأجزاء الحجازية من تلك المرتفعات التي تمتد في سلسلة جبلية تخترق إقليم الحجاز، وتمتد شمالًا حتى بلاد الشام، وجنوبًا حتى بلاد اليمن، وقد يصل ارتفاعها إلى (2400 م) فوق سطح البحر
(1)
، وتسمى هذه السلسلة جبال السراة. وهذه السلاسل الجبلية إذا وصلت إلى الطائف مالت شرقًا كأنما هي في زاوية، وتركت مكة بينها وبين البحر.
ويقول الهمْداني إنه لم يعد يطلق اسم السراة إلا على هذه السلسلة الجبلية بين الطائف وصنعاء، وقد تغير اسمها فيما دون ذلك
(2)
.
وقد كان يشارك هُذَيْلا في هذه السروات جيرانها من القبائل الأخرى مثل فَهم، وعَدوان، وبجيلة، وثقيف وغيرها، وكلها قبائل عربية فصيحة
(3)
.
وقد تحمل هذه الجبال عدة أسماء تختلف باختلاف أماكنها، وباختلاف القاطنين فيها. والذي تقطنه هذيل منها ينسب إليها، فيقال سراة هُذَيْل.
(1)
د. الصياد: الملكة العربية السعودية "مذكرات معهد الدراسات العليا ص 11".
(2)
صفة جزيرة العرب ص 297.
(3)
معجم البلدان 5/ 60، 61. الألوسي: بلوغ الأرب في أحوال العرب 3/ 95. البكري: معجم ما استعجم 1/ 88.
وسنرى أن جبال هُذَيْل نفسها تتعدد أسماؤها، وتختلف اختلافًا ملحوظًا فيما بينها.
ويحدد ابن خلدون سراة هُذَيْل هذه بأنها "متصلة بجبل غزوان المحيط بالطائف، ولهم أماكن ومياه في أسفلها من جهات نجد وتهامة بين مكة والمدينة"
(1)
.
وواقع الأمر أن جبل غزوان هذا يقع في الجنوب الشرقي من مكة، وفي ذروته مدينة الطائف، وليست سراة هُذَيْل متصلة به فتحسب - كما يقول ابن خلدون - وإنما هو جزء من هذه السراة التي تتناثر فيها مساكن هُذَيْل ومنازلها
(2)
.
ومن جبال هُذَيْل أيضًا كُرّ، وكَرَاء، والهَدّة، وكلها سلاسل جبلية متصلة تحيط بالطائف، وتفضي إلى باديتها
(3)
. ومن بين سلاسل هذه الجبال نجد الشَّفا، وهو الآخر من جبال الطائف
(4)
.
وفي سفح كرّ نجد موضعًا مشهورًا لهذيل هو عاذ
(5)
، وقد يسمى "أنف عاذ"، وهو من ديار هُذَيْل المجاورة لبني سُلَيْم
(6)
، وكان لهذيل فيه محلتان إحداهما فوق الأخرى، وبينهما مسافة ميل تقريبًا
(7)
.
ويذكر ياقوت أن من جبال هُذَيْل القريبة من الطائف جبال الجوز
(8)
، ويريد الفيروزآبادي أن يكون أكثر دقة وتحديدًا، فيقول: إنها لبني صاهلة من هُذَيْل
(9)
، وهذه الجبال كانت أقصى سروات هُذَيْل نحو الجنوب، فقد كان بنو صاهلة هؤلاء
(1)
تاريخ ابن خلدون 2/ 309.
(2)
د. هيكل: في منزل الوحي ص 366.
(3)
المرجع السابق: نفس الصفحة.
(4)
معجم ما استعجم 3/ 803. في منزل الوحي 347، 434.
(5)
معجم البلدان 6/ 93.
(6)
معجم ما استعجم 1/ 201.
(7)
معجم البلدان 1/ 361.
(8)
المرجع السابق 3/ 168.
(9)
القاموس (جوز).
أقصى بطون هُذَيْل نحو اليمن
(1)
، وكانت منازل فَهْم في هذه الجهات مصاقبة لهم
(2)
، فقد عاش في جبال يلملم، وما يقاربها بعض بطون صاهلة كبني قُريم، وكانت بينهم وبين فَهْم فيها حروب ومواقع
(3)
.
وإذا اتجهنا نحو الشمال، وتركنا الطائف وباديتها وجبالها وجدنا جبلي "نَعمان" وهما في جنوبي عرفات، ويقعان بينها وبين الطائف، ومن جبال هُذَيْل في هذه الناحية "كبكب"، وهو جبل مشرف على موقف عرفات
(4)
، فهو من جبال عرفات، ومن نواحيه ذو المجاز، وبه ماء لهذيل باسمه
(5)
، وكان موضع سوق بعرفة على فرسخ منها
(6)
، وكانت لهذيل
(7)
وهي من أشهر أسواق العرب بعد عكاظ.
وقريبًا من كبكب نجد "الوصيق"، وهو جبل كانت تنزل به هُذَيْل وكِنانة
(8)
، وهو الآخر متاخم لوادي عرفة.
وإلى الشمال من ذلك نجد من هذه الجبال قرب مكة "دارة"، وهو الجبل الذي يحجز بين نخلة اليمانية، ونخلة الشامية، وقد كانت تنزل على مياهه بنو مرة من هُذَيْل، وبعض بني لحيان منهم
(9)
، ويمتد إلى الشمال منه "شَمَنصير"، وهو جبل شامخ تكثر من حوله العيون التي يفيض منها الماء
(10)
، وبغربي شمنصير تقع الحديبية، وهناك مسجد الشجرة
(11)
. ويتصل بهذا الجبل قرية أخرى يقال لها
(1)
البقية ص 25.
(2)
المرجع السابق ص 53.
(3)
نفس المرجع ص 37، 48.
(4)
الجبال والأمكنة والمياه ص 137. صحيح الأخبار ص 371.
(5)
بلوغ الأرب في أحوال العرب 1/ 198.
(6)
ديوان الهذليين: القسم الأول 1/ 40. حاشية (5).
(7)
معجم البلدان 7/ 385 - الجبال والأمكنة والمياه ص 58.
(8)
معجم البلدان 8/ 425.
(9)
معجم ما استعجم 2/ 530.
(10)
المرجع السابق 2/ 810.
(11)
المرجع السابق نفس الصفحة.
"ضرغاء" كانت بعد الإسلام ذات قصور ومنبر وحصون، وتشترك فيها هُذَيْل وعامر بن صعصعة
(1)
، ويذكر البكري في معجمه، وينقل عنه البغدادي في خزانته أنها غير ضَرْغد التي قال إنها هي الأخرى لهذيل، وبني غاضرة، وبني عامر بن صعصعة
(2)
، ويمتد شمنصير نحو الجنوب حتى يجاوره جبل صغير يقال له ضُعاضِع، وعنده سد كبير يجتمع فيه الماء
(3)
، وبه قرى صغيرة لسعد ومسروح، وفي سعد هذه نشأ النبي صلى الله عليه وسلم، وهُذَيْل وفَهْم تجاوران سعدًا في هذا المكان
(4)
.
وجبال السراة سواء ما كان منها في الجنوب، والجنوب الشرقي متصلًا بالطائف وعرفة وما حولها، أو ما كان منها في الشمال بين مكة والمدينة - كلها تخترقها الأودية والشعاب ومسايل الماء التي نجد بعضها في سفوحها الشرقية المواجهة لنجد، وأكثرها في سفوحها الغربية المواجهة للبحر
(5)
.
وفي جنوب مكة، وجنوبها الشرقي، وهو سراة هذيل الجنوبية نجد من هذه الأودية النَّخب، وقد رواه ياقوت عن السَّكّوني بفتح النون وكسر الخاء، وعن الأخفش بفتحهما، وقال إنه واد بأرض هُذَيْل بينه وبين الطائف ساعة، فهو واد بناحية الطائف، والخارج من الطائف من جهتها الشمالية يبدو له هذا الوادي أول ما تتراءى له باديتها
(6)
، وقد مرّ به الرسول صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى الطائف قبل الهجرة يدعو ثقيفًا إلى الإسلام
(7)
، ومن المأثور أن هذا الوادي هو وادي النمل
(8)
الذي ذكره القرآن الكريم في قصة سليمان عليه السلام
(9)
.
(1)
معجم البلدان 5/ 428.
(2)
معجم ما استعجم 3/ 858.
(3)
معجم البلدان 5/ 435.
(4)
معجم ما استعجم 2/ 810.
(5)
معجم البلدان 8/ 272، 273.
(6)
في منزل الوحي 356، 357.
(7)
معجم البلدان 8/ 272.
(8)
في منزل الوحي ص 356.
(9)
انظر سورة النمل (27) الآيتان 18، 19.
ومن هذه الأودية التي لهذيل وادي عُرَنة
(1)
، ويقع بين عرفة وجبلين هناك يسميان بالمأزِمين بينهما طريق ضيق يفضي بالحجيج إلى عُرَنة ثم إلى عَرفة، فهذا الوادي هو غير وادي عرفة كما يقول الإصطخري والهمداني
(2)
، لا عرفة نفسها (كما يقول البكري)
(3)
، ومع هذا فهما متجاوران غير أن عرفة من الحل، وعرنة من الحرم، وتقع قبل عرفة في طريق القادم من المزدلفة.
وفي عرنة هذه وما والاها كان ينزل سفيان بن خالد بن نُبَيح الهذلي اللحياني في جماعة من لحيان وغيرهم، وكان يجمع المجموع لحرب النبي والمسلمين، وإليها وصلت سَرية عبد الله بن أُنيس لإحباط المؤامرة فقتل زعيمها، وقضى على حركته الآثمة
(4)
كما سبق أن أشرنا.
ومن أوديتهم في الجنوب أيضًا نَعمان
(5)
، ويقع بعد عرفة في طريق الذاهب إلى الطائف
(6)
، ويسلك المتجه إليه طريق مِنًى إلى المزدلفة، فعرفات
(7)
، ويمتد الطريق بعده إلى شدّاد على سفح جبل كراء الذي يحيط ببادية الطائف كما سبقت الإشارة.
وفي نعمان مكان يسمى القَدُوم، كان من منازل بني واثلة بن مِطْحَل من بني سهم من هُذَيْل، وفيه أغار عليهم بنو ظفر من بني سُلَيْم في يوم القدوم
(8)
.
وهذا الوادي كان ينزله بعض بني قُريم بن صاهلة أيضًا، وقد أغار عليهم فيه بنو مُدْلج، وكان لقريم النصر عليهم
(9)
.
(1)
صفة جزيرة العرب ص 173.
(2)
مسالك الممالك ص 15. صفة جزيرة العرب ص 173.
(3)
معجم ما استعجم 3/ 935.
(4)
طبقات ابن سعد 3/ 35. الدميري: حياة الحيوان 2/ 234.
(5)
صفة جزيرة العرب ص 173 - شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 58.
(6)
كحالة: جغرافية شبه جزيرة العرب ص 175. صفة جزيرة العرب ص 153.
(7)
في منزل الوحي ص 299.
(8)
البقية ص 4.
(9)
المرجع السابق ص 50، ومدلج من قبائل كنانة.
ويذكر الأصمعي أن هذا الوادي يسكنه بنو عمرو بن الحارث بن تميم بن سعد بن هُذَيْل
(1)
، وفي شعر حذيفة بن أنس الهذلي - أحد بني عمرو - ما يؤيد ذلك إذ يقول:
كأن بني عمرو يراد بدارهم
…
بنعمان راع في أُدَيمة مُعْرِب
(2)
ويقول:
وما نحن إلا أهل دار مقيمة
…
بنَعمان من عادت من النسا ضرت
(3)
وكذلك الشأن في شعر أمية بن أبي عائذ، وهو الآخر أحد بني عمرو هؤلاء. ويبدو أنهم كانوا ذوي منعة في هذا المكان، فلقد نجد صدى ذلك في شعر هذا الشاعر بصورة واضحة
(4)
.
ومن بلاد هُذَيْل وجبالها بهذا الوادي الأصدار، وهو صدور الوادي التي يجيء منها العسل إلى مكة
(5)
.
وينبئنا البكري أن بني عمرو كانوا ينزلون من هذا الوادي في موضع يقال له أُدَيمة
(6)
.
ومن أماكن هُذَيْل في وادي نعمان ضِيم، وعَرعَر، وهما مكانان متصلان في هذا الوادي
(7)
.
ومن جبال هذا الوادي يعرُج، وفيه طريق إلى الطائف أسفله لبني المُلْجِم من هُذَيْل، وأعلان لزُليفة من هُذَيْل أيضًا
(8)
.
ونعمان هذا هو الذي يسمى "نعمان الأكبر"، وهو غير نعمان الأراك
(1)
المرجع نفسه ص 13.
(2)
ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 25، 29.
(3)
ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 29.
(4)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط) ص 214.
(5)
معجم البلدان 8/ 300، تاج العروس (نعم).
(6)
معجم ما استعجم 4/ 1164.
(7)
معجم البلدان (عرعر).
(8)
معجم البلدان 8/ 509.
بمكة
(1)
، ويقع هذا الأخير في شماليّها، وبه التنعيم الذي يقع بظاهر مكة على طريق القوافل إلى المدينة، وعلى مسافة أربعة أميال من مكة
(2)
، وبه أقرب أعلام الحرم إليها
(3)
.
وكثيرًا ما تخلط المراجع بين واديي نعمان هذين لاشتراكهما في الاسم، والحق أنهما واديان مختلفان يحملان اسمًا واحدًا
(4)
.
ويذكر ابن حزم أن نعمان هذا الذي في شماليّ مكة هو الآخر من بلاد هُذَيْل، وأن سواعًا صنم هُذَيْل كان في هذا الوادي
(5)
.
ومن أودية هُذَيْل في الجنوب العرج، وهو أحد أودية الطائف مجاور لوادي النَّخِب
(6)
، فيروي ياقوت عن الأصمعي أن من أودية الطائف واديًا يقال له العرج، وهو غير العرج الذي بين مكة والمدينة
(7)
، ويقول في موضع آخر من كتابه إن جبل كبكب المعروف قريب من عرفة مشرف على هذا العرج، وهذه الروايات تعطينا صورة عن مكان العرج بين الطائف وعرفة، وأنه كان من منازل هُذَيْل وبني نصر بن معاوية من هوازن.
تهامة:
وهذه السلسلة من جبال السراة تتدرج في الانحدار جهة الشرق، ولكنها تنحدر فجأة جهة الغرب، وتترك بينها وبين ساحل البحر سهلًا ساحليًا يُعرف بالغور أو تهامة، ويعرف في الحجاز بتهامة الحجاز، وكانت تهامة الحجاز هي الأخرى من مواطن الهذليين التي انتشرت فيها بطونهم وعشائرهم، فكانوا يسكنون
(1)
اللسان (نعم).
(2)
تاج العروس (نعم).
(3)
في منزل الوحي ص 283.
(4)
ابن ظهيرة القرشي: الجامع اللطيف ص 336.
(5)
جمهرة أنساب العرب ص 457 وما بعدها.
(6)
الألوسي: بلوغ الأرب 1/ 198.
(7)
معجم البلدان 6/ 140.
السفوح الغربية للسراة، وهي مواجهة لتهامة، كانت تجاورهم في هذه الأماكن خزيمة التي كانت تنزل في أسفل هذه السفوح في أماكن تخترقها الشعاب والأودية، ومسايل الماء في طريقها إلى البحر
(1)
.
وكانت كِنانة، وهي أهم قبائل خزيمة تعيش في ذلك السهل الساحلي، وتمتد فيه على شاطئ البحر مسافات طويلة من تهامة الحجاز، وتشركها هُذَيْل في كثير من هذه الأودية والشعاب
(2)
، ومنها "حَلْية"
(3)
وكان ينزل به مع الهذليين بعض بني ثابر وهم حي من الأزد
(4)
، ومنها "السِّرَّين"
(5)
، وبينه وبين مكة تسعة أميال
(6)
، وتقع به بلدة باسمه قريبًا من جُدّة
(7)
.
ومن هذه الأودية "أدام"
(8)
، وقد قيل إنه أشهر أودية مكة
(9)
، وبينه وبين مكة اثنا عشر ميلًا
(10)
. وقد كان ينزل في صدر أدام هذا جماعة من بني صاهلة من هذيل
(11)
.
ومنها "الضجَن"
(12)
، وكان ينزل به بعض بني لحيان
(13)
، و"الضَّجْز"
(14)
، و"الحدَثة"
(15)
، و"مَلَكان"
(16)
، و"ذات البَشام"، وهو من بلاد هذيل بعُرنة
(17)
، وكان ينزل به بعص بني لحيان، وبني سهم من هُذَيْل
(18)
.
(1)
معجم ما استعجم 1/ 88.
(2)
المرجع السابق (نفس الموضع).
(3)
الجبال والأمكنة والمياه ص 415. معجم البلدان 3/ 319.
(4)
البقية ص 33، 34.
(5)
ديوان الهذليين 2/ 139.
(6)
تاريخ ابن المجاور ص 40، 41.
(7)
معجم البلدان 5/ 81.
(8)
المرجع السابق 1/ 155.
(9)
تاج العروس (أدم).
(10)
تاريخ ابن المجاور ص 40، 41.
(11)
البقية ص 45.
(12)
الجبال والأمكنة والمياه ص 101. معجم البلدان 5/ 446.
(13)
البقية ص 13.
(14)
معجم قبائل العرب 3/ 997.
(15)
معجم البلدان 3/ 322.
(16)
الجبال والأمكنة والمياه ص 144.
(17)
معجم البلدان 2/ 181.
(18)
البقية ص 61. الخزانة (السلفية) 1/ 471.
وقريبًا من ذلك المكان نجد "الجُرف" القريب من وَدّان، وهو من منازل بني سهم بن معاوية المذكورين، وفيه أوقعت بنو سُلَيْم بهم في إحدى غاراتها عليهم
(1)
.
ومن الأودية المذكورة "سَعْيَا، ومركوب"
(2)
، وقد وردا كثيرًا - كما ورد غيرهما - في شعر هُذَيْل، ومن ذلك قول جنوب أخت عمرو ذي الكلب الهذلي من قصيدة ترثيه:
أبلغ بني كاهل عني مغلغلة
…
والقوم من دونهم سعيا ومركوب
أبلغ هذيلًا وأبلغ من يبلّغها
…
عني رسولًا وبعض القول تكذيب
بأن ذا الكلب عمرًا خيرهم نسبا
…
ببطن شِريان يعوي عنده الذيب
(3)
وبطن شريان هذا هو الموضع الذي قتل فيه
(4)
.
وربما كان الوادي الأخير - وادي مركوب - من أقصى هذه الأودية نحو الجنوب، فهو يقع خلف يلملم
(5)
الذي هو ميقات أهل اليمن.
وهذه الأودية أعلاها لهُذَيْل، وأسفلها لكِنَانة.
ومن جبال تهامة في شمالي مكة ضَجْنان، وبينه وبين مكة اثنا عشر ميلًا تقريبًا، وهو لأسلم، وهُذَيْل، وغاضرة، وله ذكر في حديث الإسراء
(6)
، وفي أسفله كُرَاع الغميم، وهو واد يقع بين ضَجْنان وعُسفان
(7)
على ثمانية أميال
(1)
معجم ما استعجم 1/ 386 - معجم البلدان 3/ 84.
(2)
الجبال والأمكنة والمياه ص 79.
(3)
ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 125.
(4)
المرجع السابق نفس الموضع.
(5)
تاج العروس (ركب).
(6)
معجم البلدان 5/ 426.
(7)
القاضي عياض: مشارق الأنوار 1/ 350.
منها
(1)
، وعسفان هذه تقع على طريق القوافل بين مكة والمدينة، وهي إحدى مناهل هذا الطريق بين الجُحفة ومكة على مرحلتين من مكة
(2)
، وهي من مساكن بني لحيان
(3)
، ويشاركهم فيها بنو المُصطلق من خُزاعة
(4)
، وبالقرب منها من جهة الجنوب ماء الرجيع الذي يقع بينها وبين مكة
(5)
، وهو من مياه لحيان، وعنده غدرت لحيان برهط من المسلمين، وأوقعوا بهم في يوم الرجيع كما سبقت الإشارة
(6)
.
ومن أودية لحيان في هذه الأماكن قريبًا من عسفان وادي رُهاط، وهو واد كبير في غربة تقع الحديبية، وهذا الوادي يجاور من الشمال، وقد سبق أن عرضنا لما قيل من أن سواعًا صنم هُذَيْل كان في نعمان، ولكن يذكر ابن الكلبي أنه كان برهاط
(7)
. ولعلّ قرب المكانين كان هو السبب في هذا الخلاف.
وفي أطراف وادي رهاط بالقرب من مكة تقع قرية رهاط على ثلاثة أميال منها
(8)
، ويبدو - على الرغم مما هنالك من خلاف - أنها كانت مقر هذا الصنم، فقد كان بنو لحيان أهل هذه الناحية هم سدنة سواع في الجاهلية
(9)
.
وقد كان يسمى وادي رهاط: وادي غُرَان أيضًا. وهذا الوادي خصيب، وبه عيون جارية، ونخل كثير
(10)
، وفي رهاط أو غُرَان كانت مساكن بني لحيان كما
(1)
معجم البلدان 2/ 122.
(2)
المرجع السابق 6/ 173. بهجت: الأمكنة والبقاع ص 150.
(3)
معجم البلدان 6/ 173.
(4)
معجم ما استعجم 3/ 939.
(5)
المرجع السابق 2/ 641.
(6)
سيرة ابن هشام 2/ 279 - معجم ما استعجم 2/ 641. الطبري 3/ 29، 30. في منزل الوحي ص 284.
(7)
الأصنام ص 9، 10.
(8)
معجم ما استعجم 2/ 646.
(9)
الأصنام ص 9، بلوغ الأرب 2/ 217.
(10)
أخبار مكة 1/ 78.
سبقت الإشارة، وإلى غران انتهى النبي صلى الله عليه وسلم في غزوته بعد فتح بني قُريظة يريد بني لحيان هؤلاء مطالبًا بأصحاب الرجيع
(1)
.
وبين هذا الوادي ووادي أمَج ميل واحد
(2)
. وأمج وساية متجاوران، أو هما شيء واحد، وهو واد عظيم به أكثر من سبعين عينًا كما يذكر ياقوت في معجمه
(3)
.
وأمج هذا من مساكن خُزاعة، فهي إذن كانت تجاور هُذَيلا بعامة، وبني لحيان منهم بخاصة في بعض هذه الأماكن.
ومن مظاهر المشاركة والمجاورة بين هُذَيْل وخزاعة اشتراكهما في عبادة مناة
(4)
التي يقال إنها كانت صخرة بقُدَد، وهو واد بين عُسفان والمدينة
(5)
، كما يقال إنها صنم في جهة البحر مما يلي قُديدًا
(6)
.
ونجد كذلك الكَدِيد، وهي قريبة جدًا من عسفان وغران، وكان بعض بني لحيان، وبني جندع بن ليث ينزلون في هذا المكان حين أغارت عليهم جميعًا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكديد، بعد أن دلهم عليه رجل من خُزاعة، فوجدت عليه بنو بكر، وبنو لحيان
(7)
.
ومن منازل لحيان شمال القديد ذو دَروان، ورسمه في بعض المراجع دوران بتقديم الواو على الراء
(8)
، وهو واد يأتي من شمنصير
(9)
.
(1)
معجم ما استعجم 3/ 992.
(2)
مشارق الأنوار 1/ 58. أخبار مكة 1/ 79.
(3)
معجم البلدان 5/ 296.
(4)
الأصنام ص 14. الزمخشري: الكشاف 3/ 145. الألوسي: بلوغ الأرب 2/ 202.
(5)
الأزرقي: أخبار مكة 1/ 74.
(6)
معجم البلدان 8/ 167.
(7)
البقية ص 56.
(8)
معجم ما استعجم 2/ 561.
(9)
معجم البلدان 4/ 96.
وبجوار ذي دروان تقع نقَرَى، وهي حَرّة من حرار الحجاز كان ينزل بها بنو لحيان، وبنو خزاعة
(1)
.
ومن الأماكن المعدودة في هذه الجهة جُمدان، بين أمة وعسفان
(2)
، وبين قديد وعسفان
(3)
، فهي تقع في مثلث رءوسه هذه الأماكن الثلاثة، ويسوق الأزرقي رواية عن مسير تُبّع إلى مكة، ورد في ثناياها أن تبّعًا هذا نزل في بعض نواحي جمدان، وهو في طريقه إلى الحرم
(4)
، وفي النفس شيء من هذه الرواية؛ لأن جمدان في شمالي مكة، وليست في طريق تبع من اليمن إلى البيت الحرام.
ويذكر القاضي عياض أن جمدان من منازل أسلم
(5)
، وأسلم هذه من خزاعة التي أشرنا إلى جوارها لهذيل في هذه الأماكن، وقد كان بينها وبين هُذَيْل إحن وثارات بقيت مظاهرها إلى فجر الإسلام، حتى بعد إسلام خُزاعة
(6)
.
ومن أقرب هذه الأودية إلى مكة وادي سَرِف، ويقع شمال التنعيم على طريق القوافل الصادرة من مكة إلى المدينة، وكان ينزل به بعض بني لحيان مجاورين لبني ليث بن بكر
(7)
.
وكانت تقع قرية سرف على بضعة أميال من مكة، وبطن سرف سمي بعد ذلك بالنَّواريّة، ويقع بين التنعيم، ووادي فاطمة
(8)
، ولفظ سرف اليوم يطلق أغلب ما يطلق على "مسجد ميمونة"، فأطلاله هي الأثر الوحيد الباقي في هذه الناحية
(9)
.
وأهم أودية هُذَيْل في شرقي مكة، وجنوبها الشرقي نخلة اليمانية، ونخلة الشامية، وهما واديان كبيران.
(1)
معجم ما استعجم 2/ 385 - مشارق الأنوار 1/ 169.
(2)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط)167.
(3)
أخبار مكة 1/ 79، 80، 156.
(4)
المرجع السابق 1/ 76.
(5)
مشارق الأنوار 1/ 169.
(6)
أخبار مكة 2/ 97 وما بعدها.
(7)
البقية ص 38.
(8)
الجامع اللطيف ص 295.
(9)
في منزل الوحي ص 287.
ونخلة اليمانية هي مسلك حجاج جنوبي نجد، والأحساء وعُمان واليمن.
أما نخلة الشامية النافذة إلى ذات عِرق، فهي مسلك حجاج العراق، وشماليّ نجد.
وسكان هذين الواديين أغلبهم من هُذَيْل
(1)
.
وسيول نخلة اليمانية أعلاها من وادي قرَن، قريبًا من قرن المنازل ميقات حجاج نجد، والتي تُسمى الآن السيل
(2)
.
ومن أودية نخلة اليمانية وادي يَدَعان، وبه مسجد للرسول، وفي هذا الوادي عسكرت هوازن يوم حُنين
(3)
، ويدعان لم يتغير اسمه حتى الآن، وإن كان أهل الحجاز قد أبدلوا ياءه جيمًا فقالوا "جدعان"
(4)
.
ومن قرى نخلة اليمانية الزِّيمة
(5)
، وهي لا تزال قائمة باسمها إلى اليوم في طريق الطائف مجاورة لوادي حُنين
(6)
.
ويقول بعض الباحثين إن وادي نخلة هو المسمى الآن بالسيل الكبير
(7)
. ويبدو أن هذا قد يصدق على جزء من نخلة اليمانية وحدها، فهي الضاربة إلى الجنوب على هذا النحو، ثم إن السيل الكبير يقع في جنوب الزيمة التي سبق القول بأنها من قرى نخلة اليمانية، ومما يؤيد ذلك أيضًا أنه لا يزال الطريق بين الزيمة، وبين السيل الكبير يحمل اسم "درب اليمانية"
(8)
، وقد مر الرسول بنخلة اليمانية منصرَفه من حُنين في طريقه إلى حصار الطائف
(9)
.
(1)
صحيح الأخبار 1/ 35.
(2)
أخبار مكة 2/ 251.
(3)
معجم البلدان 8/ 275.
(4)
صحيح الأخبار 1/ 76.
(5)
تاج العروس (زيم).
(6)
في منزل الوحي ص 316.
(7)
المرجع السابق ص 186.
(8)
المرجع نفسه ص 318.
(9)
سيرة ابن هشام 2/ 481. صحيح الأخبار 2/ 138.
ومن شعاب نخلة اليمانية أُبام وأبيّم، وهما لهذيل
(1)
، وعُشَر، وهو شِعب لهذيل قرب مكة، يستمد ماءه من جبل داءة الذي يفصل بين وادي نخلة
(2)
المذكورين.
ومن هذه الشعاب الضَّهيأتان، وهما شعبان آخران تجاه عُشَر، ويجاورهما جبل يسمى المرقبة، كان رقباء هُذَيْل يرقبون فيه أعداءها وضحاياها
(3)
، ولعله الجبل المسمى الآن بالعرقوب، وهو آخر جبال نخلة اليمانية
(4)
.
ومن جبالها يسومان أو السُّومان كما يسميان عند أعراب هذه الجهات اليوم، وهما جبلان يقعان على جانبي درب اليمانية بين الزيمة والسيل الكبير عند نهايته في طريق الذاهب إلى الطائف
(5)
، ويفصل بينهما وبين الضهيأتين جبل المرقبة
(6)
السابق ذكره.
وقريبًا من قرن المنازل تقع جبال مرخة التي لا زالت تحمل اسمها إلى هذا العهد
(7)
، وهما مرختان: شمالية وتسمى بالمرخة الشامية، وجنوبية وتسمى بالمرخة اليمانية، وكان بالشامية منهما بنو قريم بن صاهلة
(8)
من الهذليين، وبالمرخة اليمانية كان يقيم بنو عضل جيران هُذَيْل
(9)
.
هذا، ومن المراجع ما يسوق أن المرختين جميعًا تعدّان من منازل هُذَيْل
(10)
، وقد ورد في البقية أن نخلة اليمانية عامة من منازل بني صاهلة.
(1)
معجم البلدان 1/ 69، 101 - تاج العروس (أبم).
(2)
معجم البلدان 6/ 189. تاج العروس (عشر).
(3)
صحيح الأخبار 2/ 148. معجم البلدان 5/ 443.
(4)
صحيح الأخبار 1/ 149.
(5)
في منزل الوحي ص 319.
(6)
معجم البلدان 5/ 443، 8/ 27، 28.
(7)
صحيح الأخبار 2/ 148.
(8)
معجم البلدان 8/ 19.
(9)
ديوان الهذليين: القسم الثالث ص 40.
(10)
العباب الزاخر ورقة 48.
أما نخلة الشامية فتقع إلى الشمال من نخلة اليمانية. ولعل سرية عبد الله بن جحش - حين قدم إلى نخلة
(1)
، ليترصد بها قريشًا، ويكون عينًا للمسلمين عليهم - كانت مهمتها هذه في نخلة الشامية؛ فهي أقرب هاتين النخلتين إلى مكة والمدينة معًا.
وتأتي سيول نخلة الشامية هذه من ذات عرق ميقات حجاج العراق التي درَست، وفي مكانها اليوم "الضَّريبة" التي يحرم منها حجاج العراق الآن
(2)
.
والجبال الواقعة في أعالي نخلة الشامية بذات عرق، وما يقاربها هي من بلاد نصر بن معاوية من هوازن، ويشاركهم فيها غطفان، وبنو نصر وغطفان أبناء عمومة ينتمون إلى قيس عيلان
(3)
. ويجاورهم في أعلى نخلة الشامية هذه أبناء عمومتهم من بني سعد بن بكر من هوازن الذين كانوا أظآرًا للنبي صلى الله عليه وسلم
(4)
. وبعض بني سعد هولاء كانوا جيرانًا لبني سهم من هُذَيْل
(5)
.
ويسكن في نواحي نخلة الشامية من هُذَيْل أيضًا بنو معاوية
(6)
ويؤكد ذلك شعر صخر الغي من شعراء هُذَيْل إذ يقول:
لو أن أصحابي بنو معاوية
…
أهل جُنوب نخلة الشآمية
ما تركوني للكلاب العاوية
…
ولا لبرذون أغر الناصية
(7)
ثم إن مالك بن عوف النصري، وهو - كما مرّ - من جيران هُذَيْل، قد أغار على بني معاوية هؤلاء في هذه الأماكن، ولأبي ذؤيب شعر قاله في هذه المناسبة
(8)
. ومالك بن عوف هذا كان قائد هوازن يوم حُنين، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهدم حصن له، وهو في طريقه إلى الطائف.
(1)
صحيح الأخبار 1/ 35.
(2)
في منزل الوحي ص 682.
(3)
تاج العروس (قيس).
(4)
معجم البلدان 8/ 275.
(5)
البقية ص 54.
(6)
شرح أشعار الهذليين (مخطوط)31.
(7)
ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 236.
(8)
ديوان الهذليين: القسم الأول ص 164.
وممن كان ينزل أيضًا في نخلة الشامية من الهذليين بعض بني خناعة، ولا سيما بني عامر بن سدوس الخناعي
(1)
.
وفي شمالي وادي نخلة الشامية تقع صُوائق، وهي جبال حجازية واقعة بين بلاد هُذَيْل، وبلاد بني سُلَيْم، وهي باقية على هذا الاسم إلى اليوم
(2)
.
وتجتمع سيول الوادين جميعًا "نخلة الشامية ونخلة اليمانية" عند المكان المسمى بالسد، أو ببستان ابن معمر الذي يسميه الناس بستان ابن عامر، فهناك يجتمع الواديان في بطن مرّ
(3)
حيث يكونان واديًا واحدًا هو وادي مر، أو مر الظهران الذي أخذ اليوم اسمًا جديدًا هو "وادي فاطمة"، ويستمر حتى يصب في البحر الأحمر
(4)
.
ومر الظهران يقع شمالي مكة بينها، وبين عسفان، وهو المرحلة الأولى في الطريق القديم (طريق القوافل) إلى المدينة. ومن مر إلى سرف سبعة أميال، وإلى مكة ثلاثة عشر ميلًا
(5)
.
وينقل ياقوت عن عرّام أن "مَرًا" القرية، و"الظهران" الوادي، وأن بمر عيونًا كثيرة، ونخلًا وجمّيزًا، وهي لأسلم، وهُذَيْل، وغاضرة
(6)
.
ومن المراجع ما ينقل إلينا أن مرّ الظهران كان ينزل به بعض كِنانة، ولهم فيه
(1)
البقية ص 58.
(2)
صحيح الأخبار 1/ 178، 382.
(3)
الصحاح (سدد).
(4)
صحيح الأخبار 1/ 35.
(5)
معجم ما استعجم 3/ 957.
(6)
معجم البلدان 6/ 90، 8/ 21. صحيح الأخبار 2/ 137. تاج العروس (ظهر).
سوق هي لبني الدئل منهم خاصة
(1)
، وبه منازل كعب من خُزاعة إلى جانب هُذَيْل
(2)
.
وقريبًا من مر الظهران يقع وادي الصفراء، أو الصفراوات
(3)
، وهو الآخر لهذيل
(4)
.
وسهل ساية أو (السِّيّ كما يعرف اليوم) هو الآخر قريب من عسفان، وينحدر ماؤه جهة الغرب، ويصب في أعلى وادي فاطمة. وبساية نخيل ومزارع، وسكانه بنو سُلَيْم
(5)
الذين يجاورون هُذَيْلًا في هذه الأماكن وغيرها، كما يجاورها غيرهم من القبائل والبطون التي أشرنا إليها.
وهكذا يتضح مكان هُذَيْل بين القبائل العربية التي تكتنفها في أنحاء الجزيرة، ثم مكان هذه القبيلة وبطونها المشهورة مع جيرانها الأذنين ممن تأثرت بهم أو أثرت فيهم من قبائل العرب كخُزاعة وكِنانة وسعد بن بكر وهوازن وغطفان وغيرها، وذلك في منطقة من الحجاز، من حدود عسير تقريبًا في الجنوب إلى ما بعد عسفان شمالًا، وتلك كانت مساكنهم في الجاهلية، ولكن ينبغي أن نلم بمواطنهم في الإسلام لما لذلك من أهمية في الموضوع.
(1)
صحيح الأخبار 1/ 128.
(2)
أسواق العرب في الجاهلية والإسلام ص 334. معجم البلدان 7/ 689. القاضي عياض: مشارق الأنوار 1/ 394.
تاج العروس (طرق).
(3)
مشارق الأنوار 2/ 35.
(4)
ديوان الهذليين 3/ 61.
(5)
صحيح الأخبار 1/ 128.
ثانيًا: مواطن هُذَيْل في الإسلام
يذكر بعض المؤرخين أن هُذَيْلًا تفرقت بعد الإسلام على الممالك، ولم يبق لهم في الجزيرة العربية حي يطرق
(1)
.
وهذا كلام فيه كثير من المبالغة والشطط، فالحق أنه إن كان كثير منهم قد فارقوا الحجاز وتهامة إلى بلاد الإسلام الأخرى، فإنه - مع هذا - قد بقي عدد منهم في منازلهم بالحجاز بعد الإسلام؛ ففي صلة تاريخ الطبري أن الجنّابي زعيم القرامطة صعد إلى سطح الكعبة ليقلع الميزاب؛ فرماه بنو هُذَيْل الأعراب من جبل أبي قبيس بالسهام فأزالوهم عنه
(2)
.
وفي الرحلة الحجازية للبتانوني نجد أن هُذَيلًا لا تزال تسكن الجبال بين مكة والطائف، وأن عددها الآن يناهز عشرة آلاف نفس، وأن بني لحيان بين مكة وجدة، وعددهم ألف وخمسمائة
(3)
.
والدكتور هيكل في تطوافه ببادية الطائف يطلعنا على أن بعض الجبال في هذه الجهات - ومن بينها جبال الطلحات - يقيم فيها قبائل الطلحات إحدى بطون هُذَيْل في هذا العصر
(4)
.
فالحق أن هُذَيْلًا - أو ما بقي منها في بوادي الحجاز بعد الإسلام - لا يزالون يسكنون في مواطنهم القديمة منذ العصر الجاهلي، وإن كان من المحتمل أن يكونوا قد انحسروا على بعض هذه المواطن
(5)
. ولكنهم مع ذلك لا يزالون يحتلون
(1)
تاريخ ابن خلدون 2/ 319. معجم القبائل العربية القديمة والحديثة 3/ 1213.
(2)
صلة تاريخ الطبري (لعريب بن سعد القرطبي) ص 173.
(3)
الرحلة الحجازية ص 52.
(4)
د. هيكل: في منزل الوحي (الطبعة الرابعة) ص 379.
(5)
انظر الهمداني: صفة جزيرة العرب ص 173.
مواطن كثيرة مما كان لهم منذ الجاهلية الأولى، فيذكر ابن بليهد النجدي أن هُذَيْلًا "باقية في منازلها من العهد الجاهلي إلى هذا العهد في وادي نخلة اليمانية وجبالها، ووادي نخلة الشامية وجبالها، وتمتد منازلهم إلى عسفان شمالًا، وإلى وادي حنين جنوبًا"، وإن كان يذكر أن بني لحيان منازلهم الآن داخل الحرم من الأميال إلى مكة، وما بين التنعيم ووادي فاطمة، ويقرر أن هذه كانت منازلهم منذ العصر الجاهلي
(1)
. وفي هذا تساهل كبير؛ فما عرف أحد أن بني لحيان كانوا يسكنون داخل الحرم في العصر الجاهلي.
هذا، وقد نقل عنه الدكتور جواد علي أن مساكن بني لحيان تقع في العصر الحاضر داخل الحرم
(2)
، ولكنه لم يشر إلى أن هذه كانت مساكنهم في الجاهلية.
ويسوق صاحب المنجد أن "مواطنهم في يومنا حول الطائف في جبل قُرّة، وفي ظواهر مكة"
(3)
.
والحق أنه ليس هنالك جبل يسمى بهذا الاسم، وإنما هو جبل "كُرّ" أو "كَراء"، وقد سبقت الإشارة إلى أنهما من سلاسل الجبال المحيطة بالطائف (كرّ وكراء والهدّة)
(4)
.
ويبدو أن صاحب النجد قد ترجم عبارته عن مقال "هُذَيْل" في دائرة المعارف الإسلامية، وملامح عبارته هي ملامح المقال مع الاختصار والإيجاز، ومن هنا جاء اسم هذا الجبل عنده محرفًا، إذ حُرّف مرة في الترجمة من العربية إلى الإنجليزية، وأخرى من الإنجليزية إلى العربية نظرًا لاختلاف الأصوات والحروف، وطبيعة النطق في كل من اللغتين
(5)
.
(1)
صحيح الأخبار 2/ 186.
(2)
تاريخ العرب قبل الإسلام 2/ 429.
(3)
المنجد ص 550.
(4)
انظر (في منزل الوحي) ص 366.
(5)
انظر 329، Encyclopedia of Islam Vol 2، Hudhail
مكة والمدينة:
وقد كانت هُذَيْل في العصر الجاهلي يلم بعض أفرادها بالحضر القريب منها
(1)
في مكة والمدينة وغيرهما، كما يفعل الأعراب الآخرون، ولكنها منذ فجر الإسلام لم تعد صِلاتها بالحضر مقصورة على ذلك، وإنما بدأت جماعات من الهذليين تستقر في هذا الحضر، ولا سيما مكة والمدينة، فيذكر ياقوت أنه "لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة مهاجرًا أقطع الناس الدور والرباع، فخط لبني زهرة في ناحية من مؤخرة المسجد. . . وجعل لعبد الله وعتبة ابني مسعود الهذليين الخطة المشهورة بهم عند المسجد"
(2)
.
وقد ازداد على الأيام عدد هؤلاء الهذليين بالمدينة سواء من النازحين إليها، أم من أبنائهم وأحفادهم الذين شبوا ونشئوا في ظلال هذا المجتمع الجديد.
فنجد من المسعوديين بالمدينة بعض الأعلام من العلماء والشعراء كعبيد الله بن عبد الله بن عتبة
(3)
، ووالده عبد الله بن عتبة العالم المحدّث
(4)
.
ولم يكن ذلك أمرًا مقصورًا على المسعوديين فحسب، بل كان بالمدينة كثير من الهذليين الآخرين منهم مسلم بن جندب الذي كان قاصّ مسجد الرسول، وكان إمامهم وقارئهم
(5)
، وهو أستاذ نافع بن أبي نُعيم
(6)
؛ وعبد الله بن مسلم بن جندب الذي كان إمام مسجد الأحزاب فيها
(7)
، والبُريق الهذلي الشاعر
(8)
، وأبو عمرو عبد الله بن الحارث الراوية
(9)
، والنضر بن سفيان الهذلي
(10)
وأُصيل
(1)
الإصابة 2/ 151.
(2)
معجم البلدان 7/ 430. طبقات ابن سعد 3/ 108.
(3)
سمط اللآلي 2/ 781 - العقد الفريد 1/ 204.
(4)
شذرات الذهب 1/ 81.
(5)
البيان والتبيين 1/ 377.
(6)
إنباه الرواة 3/ 261.
(7)
معجم البلدان 1/ 136.
(8)
البقية ص 70. المؤتلف والمختلف ص 268.
(9)
معاهد التنصيص 2/ 168.
(10)
أسد الغابة 5/ 18.
ابن عبد الله الهذلي
(1)
، وجندب بن سلامة الهذلي الذي أدرك الجاهلية، وكان تاجرًا بالمدينة في عهد عمر
(2)
.
فالهذليون الذين أقاموا بالمدينة في صدر الإسلام وبعده كثيرون، وهذه أمثلة لم نقصد منها الحصر والإحصاء.
وقد كان يقيم في مكة أيضًا كثير من الهذليين، فيذكر صاحب أخبار مكة أنه "كان يقيم في مكة آل أبي طرفة الهذليين، وكان لهم جانب من رباع بني عامر بن لؤى، ومن دورهم هناك دار أبي طرفة، ودار الطلحيين"
(3)
.
وقد كان لكثير من هؤلاء الهذليين عطاء في خلافة ابن الزبير، ومنهم أبو صخر الهذلي الذي كان هواه مع بني أمية، وكثيرًا ما كان يمدحهم
(4)
؛ ولذلك عندما دخل في هُذَيْل منعه ابن الزبير عطاءه فهجاه
(5)
. فأمر بحبسه إلى أن شفعت فيه هُذَيْل، ومن كان له فيهم خئولة من قريش
(6)
.
ولم يكن هذا شأن الهذليين في مدن الحجاز المشهورة وحدها مثل مكة والمدينة، بل نزح كثيرون منهم إلى الأقاليم الإسلامية الأخرى تحت راية الفتح الإسلامي وفي ظلاله، شأنهم في ذلك شأن الكثيرين من العرب. ومنهم من رحل إلى هذه الأقطار بدافع من طلب العلم، أو في ركاب السياسة والحكم، ثم هم في أصل حياتهم بدو رحّل لا يعرفون الاستقرار، وقد كان آباؤهم وأجدادهم يرحلون في بادية كلها أو جلها خشونة وشظف، فلا عليهم أن يرحلوا هم أيضًا إذا كانت
(1)
المرجع السابق 1/ 101.
(2)
الإصابة 1/ 275.
(3)
الأزرقي: أخبار مكة ص 113.
(4)
الخزانة (ط بولاق) 3/ 237. تاج العروس (ربع).
(5)
الخزانة (بولاق) 3/ 237.
(6)
المرجع السابق 1/ 556.
رحلاتهم هذه ستنتهي بهم إلى شيء غير قليل من الراحة والدعة في ظل هذا المجتمع الجديد؛ ولهذا كله ألقوا عصاهم في كثير من الأمصار الإسلامية، فمنهم من ذهب إلى نيسابور
(1)
، ومنهم من شد الرحال إلى نصيبين
(2)
، أو إلى مكران
(3)
ثم إلى حلب
(4)
، وحمص
(5)
، والحلة
(6)
، واللاذقية
(7)
من بلاد الشام، وكذلك بعض بلاد اليمن
(8)
.
ولكن أهم الأقاليم الإسلامية التي رحلوا إليها، وكان لهم في بعض جوانب الحياة فيها شأن إنما هي العراق والمغرب ومصر.
الهذليون في العراق:
لا تخلو أمصار العراق المعروفة من وجود هذليين يشاركون في مجتمعها، والعراق إقليم إسلامي له من الخصائص ما جعل أفئدة كثيرين من العرب تهوى إليه.
وأهم أمصار العراق، وأجدرها بالنظر في هذا الشأن: الكوفة، والبصرة، وبغداد.
الكوفة:
كانت الكوفة من أكثر الأمصار الإسلامية استقبالًا للوافدين من هُذَيْل، وربما كانت من أشدها تأثرًا بهم، فقد كان رأس الوافدين إليها من هؤلاء الهذليين
(1)
شذرات الذهب 3/ 208.
(2)
البيان والتبيين 3/ 208.
(3)
البلاذري: فتوح البلدان ص 438.
(4)
طبقات القراء 3/ 200.
(5)
الإصابة 6/ 185.
(6)
السيوطي: البغية ص 410.
(7)
طبقات القراء 1/ 377.
(8)
تاج العروس (حجر).
عبد الله بن مسعود الذي ولاه عمر بيت المال فيها
(1)
، فنزل بها، وابتنى فيها دارًا إلى جانب المسجد
(2)
.
وقد كان لابن مسعود منزلة علمية رفيعة، فأقبل عليه الكوفيون يأخذون عنه العلم، وكأنما قد زادهم تحفيًا به، وإقبالًا عليه ما رأوه من تقدير الخلافة له، وإعظامها لشأنه، فقد كتب إليهم أمير المؤمنين عمر:"إني بعثت إليكم بعبد الله بن مسعود معلمًا ووزيرًا، وآثرتكم به على نفسي فخذوا عنه"
(3)
.
وإلى جانب كونه فقيهًا كان محدثًا، وكان من الأعلام المشهورين في علوم القرآن وقراءاته، وقد أقبل عليه الكوفيون، وتلمذوا له في هذا الفرع من الدراسات القرآنية، وكان كثيرون منهم يفضلون قراءته على غيرها
(4)
بل كانوا يتعصبون لها تعصبًا شديدًا، وتخرّج منهم على يده ويد تلاميذه كثير من مشاهير علماء القراءات في الكوفة من أمثال زرّ بن حُبيش تلميذ ابن مسعود نفسه، وأبي بكر بن عياش، وعاصم بن أبي النَّجود أحد القراء السبعة، وشيخ الإقراء بالكوفة في عهده
(5)
، ومنهم سليمان بن مهران الأعمش
(6)
، ويحيى بن وثاب، وأستاذه مسروق
(7)
، وطلحة بن مصرِّف
(8)
، وغيرهم كثير
(9)
. وكذلك الربيع بن خيثم الكوفي التابعي أخذ القراءة عن ابن مسعود
(10)
، وأبو عمرو الشيباني عالم اللغة المشهور بالكوفة، والذي كان يقرئ الناس بمسجدها له أيضًا رواية عن ابن مسعود
(11)
، ثم إن حمزة وهو أحد القراء السبعة تنتهي قراءته إلى ابن مسعود
(12)
، والمفضل
(1)
الأخبار الطوال ص 129، الزركلي: الأعلام 2/ 585.
(2)
طبقات ابن سعد 10/ 11.
(3)
المرجع السابق 3/ 111.
(4)
طبقات القراء 2/ 380.
(5)
طبقات القراء 1/ 346.
(6)
المرجع السابق 1/ 315.
(7)
المرجع السابق 2/ 294.
(8)
المرجع نفسه 1/ 377.
(9)
المرجع نفسه 1/ 377، 458.
(10)
نفس المرجع 1/ 283.
(11)
شذرات الذهب 1/ 113. طبقات القراء 1/ 303.
(12)
المرجع الأخير 1/ 458.
الضبي العالم النحوي اللغوي الراوية كان من القراء الذين أخذوا عن عاصم، وعن الأعمش
(1)
، وكلاهما - كما سبق - تنتهي قراءته إلى ابن مسعود
(2)
.
وهكذا نجد أن تلاميذ ابن مسعود من قراء الكوفة أكثر من أن نحصيهم عدًّا، ومن هؤلاء بعض الهذليين أنفسهم مثل أبي عبيدة معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الذي روى القراءة عن الأعمش
(3)
، ومحمد بن أبي عبيدة هذا، وقد روى القراءة عن حمزة
(4)
.
وكثيرًا ما نجد أن علماء اللغة والنحو في الكوفة من القراء، وربما كان كثيرون منهم من مدرسة ابن مسعود نفسه، كالمفضل الضبي، وأبي عمرو الشيباني، وقد سبقت إليهما الإشارة. والفراء النحوي الكوفي المعروف روى القراءة عن أبي بكر بن عياش، وعلي بن حمزة الكسائي
(5)
، ومحمد بن الحسن بن يونس أبو العباس الهذلي المعدود في نحاة الكوفة كان هو الآخر من القراء
(6)
بل إن رأس مدرسة الكوفة النحوية، وهو الكسائي هو نفسه من القراء السبعة المعروفين.
ولهذا كانت القراءات بعامة، وقراءة ابن مسعود بخاصة ذات أثر عميق في المدرسة الكوفية، حتى إنهم - على عكس البصريين - يعتدون بها، إلى جانب الشعر، مصدرًا هامًا من مصادر النحو الكوفي، فهم من أكثر الناس إدراكًا لفضل هذه القراءات والاعتداد بها في النحو واللغة؛ لما يحوطها من سياج ينأى بها عن
(1)
المرجع السابق 2/ 403.
(2)
المرجع نفسه 1/ 458.
(3)
طبقات القراء 1/ 602.
(4)
المرجع السابق (نفس الموضوع).
(5)
المرجع نفسه 2/ 370.
(6)
البغية ص 36. طبقات القراء 2/ 29، 289.
الوضع والانتحال اللذين قد يستهدف لهما الشعر، ويبعد بها عن الخطأ الذي يحدث - أحيانًا - عند الرواية عن الأعراب الذين قد لا تحسن نيتهم في كل ما يرويه عنهم علماء اللغة ورواتها.
وهكذا نرى أثر ابن مسعود وتلاميذه واضحًا في قراء الكوفة، وفي غيرهم من علماء العربية، وقد يلمس الباحث ذلك بجلاء في منهج النحو والنحاة في مدرسة الكوفة.
هذا، وقد كان من علماء الكوفة الهذليين ذلك النحوي اللغوي علي بن حازم "اللحياني" الذي أخذ عن الكسائي وغيره، وأخذ عنه أبو عبيد القاسم بن سلام، وهو من بني لحيان بن هذيل
(1)
.
ومنهم عبد الله بن عتبة بن مسعود وكان قاضيًا لمصعب بن الزبير على الكوفة
(2)
، وعون بن عبد الله بن عتبة، وكان رواية ناسبًا شاعرًا
(3)
، وعبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة وكان من المحدثين
(4)
، والقاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الذي كان من علماء الكوفة بالعربية، والفقه، والحديث، والشعر، والأخبار
(5)
، وكان قد ولي القضاء بالكوفة
(6)
، وهو أستاذ لابن الأعرابي من الكوفيين البارزين
(7)
.
فكانت بيئة الكوفة - كما سبق أن أشرنا - غنية بآثار الهذليين وتلاميذهم في اللغة والعلم والأدب جميعًا.
(1)
معجم الأدباء 14/ 106 - بغية الوعاة ص 346.
تاريخ العرب قبل الإسلام 3/ 429.
(2)
طبقات ابن سعد 10/ 82 - أسد الغابة 2/ 316 - الإصابة 4/ 100.
(3)
البيان والتبيين 1/ 443.
(4)
شذرات الذهب 1/ 247.
(5)
البغية ص 381. معجم الأدباء 17/ 5.
(6)
الزبيدي: الطبقات ص 146 - محجم الأدباء 17/ 5.
(7)
معجم الأدباء 18/ 189.
البصرة:
نزل البصرة من الهذليين عدد ليس بالقليل ولكن الآثار التي نجدها لهؤلاء الهذليين فيها ربما كانت أقل من نظائرها في الكوفة؛ لأن حظ البصرة من النابهين من هُذَيْل كان - فيما يبدو - أقل من حظ الكوفة منهم.
وقد كانت هذه الآثار - غالبًا - في ميدان غير ميدان البحث اللغوي، والنحوي، وقراءات القرآن الكريم، فقد اتفق أن كان أغلب هؤلاء من المحدّثين المقلّين من أمثال أبي المُليح الهذلي
(1)
الذي كان عاملًا على الأُبلة، وكان يشهد الجمعة في البصرة، وهو من المعدودين في البصريين
(2)
. ومحمد ابن أبي المليح الذي ذكره ابن حِبّان في الثقات، وذكر أنه قد روى عنه البصريون
(3)
، وأبو عزة الهذلي
(4)
، وهو صحابي من بني طابخة بن لحيان
(5)
، ونُبيشة الخير، وهو الآخر صحابي من بني لحيان
(6)
، وحمل بن مالك بن النابغة من بني طابخة بين لحيان أيضًا، وهو من أصحاب الرسول، وكان قد استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات هُذَيْل، وقيل إنه روى عنه ابن عباس
(7)
، ثم نزل البصرة بعد فتح العراق وأقام فيها
(8)
، وروح بن عبد المؤمن أبو الحسن الهذلي النحوي
(9)
الذي قرأ على إمام البصرة يعقوب بن إسحاق الحضرمي، وكان إمامًا ثقة روى عنه البخاري
(10)
. ومن هؤلاء الهذليين البصريين أبو بكر الهذلي الذي كان من العلماء بأيام العرب وأنسابها، وكان يروي هذا العلم عن قتادة
(11)
.
(1)
صحيح مسلم 3/ 153.
(2)
طبقات ابن سعد 11/ 159.
(3)
ابن حجر: تعجيل المنفعة ص 378.
(4)
طبقات ابن سعد 11/ 56.
(5)
أسد الغابة 5/ 253.
(6)
أسد الغابة 5/ 13. الإصابة 6/ 231.
(7)
تاج العروس (حمل).
(8)
الإصابة 2/ 2.
(9)
مناهل العرفان ص 456. طبقات القراء 1/ 283.
(10)
طبقات القراء 1/ 183.
(11)
المزهر 2/ 210. إنباه الرواة 3/ 35.
وقد كان بالبصرة من القراء صائن الدين الهذلي
(1)
، وهو ليس - فيما أعلم - من مشاهير القراء المعروفين. وقد ألم بالبصرة أبو القاسم الهذلي صاحب كتاب الكامل في القراءات، فقرأ على بعض شيوخها
(2)
.
وممن نزل البصرة العلاء بن شريك الهذلي، وكان عبد الملك قد أقطعه أرضًا هناك، وكان في هذه الأرض نهر صغير سمي باسمه
(3)
.
هذا، وقد كان للهذليين بالبصرة خطة لسكناهم وإقامتهم، وفيها درب كان يعرف بدرب الحبش (نسبة إلى حبش أسكنهم عمر بالبصرة)، وكان يلي هذا الدرب مسجد أبي بكر الهذلي
(4)
.
بغداد:
إذا كان الهذليون أقل انبعاثًا، وأضعف نشاطًا وآثارًا في البصرة منهم في الكوفة، فإنهم لكذلك في بغداد، وربما كان شأن معظمهم فيها أقل من شأنهم في البصرة.
وأغلب من نزل بغداد - في كل حال - أصلهم من البصريين أو الكوفيين الذين اجتذبهم مجتمع بغداد، تلك المدينة الناشئة في ظل الخلافة العباسية.
ومن الهذليين النازلين بها أبو بكر الهذلي العالم الإخباري الذي قد سبق الحديث عنه في البصرة، والذي نزل بغداد في خدمة البلاط العباسي على عهد السفاح
(5)
، والمنصور
(6)
، ومنهم أبو معمر الهذلي من المحدثين
(7)
. وقد حدث
(1)
طبقات القراء 2/ 255.
(2)
المرجع السابق 1/ 473.
(3)
البلاذري: فتوح البلدان ص 354، معجم البلدان 8/ 341.
(4)
معجم البلدان 3/ 210.
(5)
الأبشيهي: المستطرف 1/ 138.
(6)
المرجع السابق 1/ 130، 198.
(7)
الذهبي: تذكرة الحفاظ 2/ 56. جولدتسيهر: العقيدة والشريعة ص 331.
عنه بعض البغداديين
(1)
. وعبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الذي ذكر في الكوفيين، ولكنه نزل بغداد، وتوفي بها، وكان كما يقول ابن سعد ثقة كثير الحديث
(2)
.
هذا، وقد ألم ببغداد أبو القاسم الهذلي - في تطوافه بالأمصار الإسلامية طلبًا للعلم - فقرأ على بعض شيوخ القراءات فيها
(3)
.
ولعل من أهم الهذليين في بغداد المسعودي المؤرخ، الرحالة، البحاثة الذي أقام في مصر مدة
(4)
، وهو من ولد عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وصاحب كتاب "مروج الذهب" المعروف بين كتب التاريخ.
الهذليون في المغرب:
لعل أول عهد للهذليين بالمغرب هو خروج عدد منهم في جيش عبد الله بن سعد بن أبي السرح لغزو أفريقية
(5)
، وكان من هؤلاء أبو ذؤيب الهذلي الشاعر المخضرم المعروف، وذلك بعد سنة 26 هـ/ 646 م
(6)
. وكان في هذه الغزوة عبد الله بن الزبير، فأرسله القائد إلى عثمان بشيرًا بفتح قرطاجنة، وكان في صحبته أبو ذؤيب، فأدركته منيته في مصر
(7)
، أو في المغرب نفسه كما جاء في بعض المصادر
(8)
.
هذا شأن الجيش الفاتح في الصدر الأول للإسلام، ومن كان ينضوي تحت لوائه من هذليين وغيرهم. ولكنا بعد هذا نجد في المغرب كثيرًا من الهذليين،
(1)
معجم البلدان 7/ 130.
(2)
ابن سعد: الطبقات 1/ 254.
(3)
طبقات القراء 1/ 63، 146.
(4)
الزركلي: الأعلام ص 666.
(5)
ابن حجر: الإصابة 7/ 64.
(6)
بروكلمان: تاريخ الأدب العربي 1/ 169 Encyclopdia of Islam Vol 1، p 3.
(7)
أسد الغابة 5/ 189.
(8)
الإصابة 2/ 184 - الشعر والشعراء ص 154. حسن المحاضرة 1/ 101.
ومنهم من يرجع نسبه إلى أبي ذؤيب نفسه
(1)
. ويذكر ابن خلدون أنه "كان منهم - في أيامه قبيلة بنواحي باجة (تونس) يعسكرون مع جند السلطان، ويؤدون المغرم
(2)
.
فلعل بعض هؤلاء الفاتحين قد بقي منهم من بقي، ونزح إليهم من نزح؛ ولهذا نجد بعض أبناء هؤلاء الهذليين وأحفادهم في مختلف نواحي المغرب.
وتحدثنا المراجع أنه كان من بين هؤلاء الهذليين الأحفاد علماء في النحو واللغة والقراءات وغيرها.
ومن هؤلاء العلماء عيذون الهذلي
(3)
، وحفيده علي بن عبد الجبار بن سلامة بن عيذون الهذلي التونسي، ولد بتونس سنة ثمان وعشرين وأربعمائة
(4)
، وكان إمامًا عظيمًا في اللغة، حتى قيل إنه لم يكن في زمانه أعلم منه بها
(5)
رحل إلى صقلية (جنوب إيطاليا)، وأخذ عن ابن القطاع الصقلي، ولقي بها ابن رشيق القيرواني صاحب كتاب العمدة، ثم رحل بعدُ إلى الإسكندرية وبها كانت وفاته
(6)
.
ومنهم يوسف بن علي بن جُبَارة المغربي البَسْكري النحوي القارئ الرحالة الذي طاف بكثير من البلاد في طلب القراءات
(7)
، وهو صاحب كتاب الكامل المشهور عند أهل هذا العلم. ونسبه في طبقات القراء "البشكري" وهو تصحيف، إذ هو منسوب إلى بسكرة التي يذكر ياقوت أنها بلدة بالمغرب من نواحي الزاب (شرق الجزائر).
(1)
معجم البلدان 2/ 182.
(2)
تاريخ ابن خلدون 2/ 316 - معجم قبائل العرب 8/ 213.
(3)
تاج العروس (عوذ).
(4)
معجم الأدباء 14/ 8 وما بعدها.
(5)
القفطي: إنباه الرواة 2/ 292 - السيوطي: البغية ص 240.
(6)
إنباه الرواة 3/ 90.
(7)
طبقات القراء 1/ 63، 375، 414، 523، 535 - 2/ 79، 132.
ابن الجزري: غاية النهاية 2/ 3 - القراءات الشاذة ص 17.
ومن هذه المدينة أيضًا رُبْلَيس بن هُديد الذي يرجع نسبه إلى أبي ذؤيب الهذلي، وكان من علماء النحو والقراءة، رحل إلى الشرق، وسمع من علمائه
(1)
.
ومنهم فضل بن أحمد الهذلي القارئ الذي روى القراءة عن يعقوب الحضرمي
(2)
، ويحيى بن عبد الله التطيلي الأصل، الهذلي، الغرناطي، الأديب الشاعر، وقد ذكر السيوطي أنه كان عالمًا بالنحو واللغة، والتاريخ، والعروض
(3)
.
وإذا تتبعنا هؤلاء الهذليين من العلماء والأدباء بحثًا واستقصاء، وجدنا منهم بالمغرب العدد الكثير.
الهذليون في مصر:
قدم بعض الهذليين مصر جندًا في الجيش الفاتح بقيادة عمرو بن العاص في عهد عمر
(4)
، وبعد أن تم للمسلمين الفتح أمرهم عمرو بالبناء حول فسطاطه، ففعلوا، واتصلت العمارة بعضها ببعض، وسمي مجموع ذلك الفسطاط
(5)
.
وقد كان بالفسطاط خطط وأحياء لمختلف القبائل العربية التي شاركت في الفتح
(6)
.
والقبائل التي لم يكن لها عدد يمكن أن يقوم بنفسه في خطة باسمها، وكرهت أن تدعى باسم قبيلة غيرها جعل لهم عمرو بن العاص راية لم ينسبها إلى
(1)
معجم الأدباء 1/ 182، 20/ 61، 62.
(2)
طبقات القراء 2/ 8.
(3)
بغية الدعاة ص 492.
(4)
ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 256 - الإصابة 1/ 8، 12 - 7/ 143.
(5)
حسن المحاضرة 1/ 10.
(6)
ابن عبد الحكم: فتوح مصر ص 98.
أحد، فسميت خطتهم مجتمعين بخطة أهل الراية، وهم جماعة من قريش، والأنصار، وخزاعة، وأسلم وغيرهم، ولم يكن من بينهم هذيل، وفي هذا ما يدلّ على أنها وإن فاقها غيرها من بعض القبائل العربية في عدد الفاتحين من أبنائها - لم يكن عدد الفاتحين منها قليلًا، فكان لها وحدها خطة باسمها، ولم تكن من بين أهل الراية هؤلاء
(1)
، وكانت خطة هذيل مجاورة لخطة بني شبابة من قبيلة فهم القيسية
(2)
، ويذكر المقريزي أن من خطط الفسطاط كانت خطط الحمراوات الثلاث، وهي خطط بليّ، وفهم، وعَدْوان، وبعض الأزد، وهذيل وغيرهم.
ثم يذكر أن خطة هذيل كانت من مساكن خطة الحمراء الوسطى بين هذه الحمراوات الثلاث، ويجاورهم فيها خطة بعض الأزد، وخطة عدوان من قيس
(3)
.
فكما قدّر لهذيل أن تكون مساكنها في الجزيرة العربية مجاورة لبعض القبائل مثل فهم وعدوان وغيرهما، فإنها كان أيضًا تجاور بعض أولئك وهؤلاء في مساكنهم بالفسطاط، فهل هذا محض اتفاق، أو أن النفوس تهفو دائمًا إلى من ألفت كما يقضي بذلك ناموس الحياة؟.
ويسوق ابن عبد الحكم في كتابه "فتوح مصر" أنه إذا جاء وقت الربيع واللبن كتب عمرو إلى كل قوم بربيعهم ولبنهم إلى حيث أحبوا، فكانت هذيل تأخذ في بوصير، وكانت عدوان تأخذ أيضًا في بوصير
(4)
، ونجد مثل هذا تمامًا عند المقريزي في خططه، وفي الخطط التوفيقية أيضًا نقلًا عن المقريزي
(5)
. وهذا يؤكد التجاور بين هذه الفبائل المتقاربة في طابعها، وأثرها في البيئة الجديدة.
(1)
المقريزي: الخطط 1/ 296.
(2)
فتوح مصر ص 120.
(3)
المقريزي: الخطط 1/ 298.
(4)
فتوح مصر ص 141.
(5)
الخطط التوفيقية 10/ 93.
هذا في إيجاز ما تشير إليه المراجع بشأن منازل الفاتحين من العرب، ومحالّ إقامتهم ونزولهم في مصر.
ولكن يبدو أن العرب الذين شاركوا في الفتح من هذليين، وغير هذليين لم تكن إقامتهم في مصر وقفًا عليهم، وإنما توالت الهجرات إليها إلى قرون متأخرة، فهل كان من هؤلاء العرب المهاجرين بعض الهذليين؟ فقد نجد في أشعارهم ما يشير إلى ذلك كما في قول البريق، (ويرويها الأصمعي لعامر بن سدوس)
(1)
، وكلاهما هذلي:
فإن أمس شيخًا بالرجيع وولدة
…
ويصبح قومي دون دارهمُ مصر
أسائل عنهم كلما جاء راكب
…
مقيمًا بأملاح كما ربط اليعْر
فما كنت أخشى أن أقيم خلافهم
…
بستة أبيات كما نبت العتر
(2)
فهو يشكو لوعة الأسى لفراق أهله الذين هاجروا إلى مصر كما نرى في شعره، وكما يقول البكري في معجمه
(3)
، فهل يشير البكري إلى الهجرة اللاحقة للفتح؟ أو يقصد أنهم خرجوا إليها في الفتح، وأقاموا بها فهم إذن من المهاجرين إليها؟.
الحق أننا لم نجد في كتب التاريخ شيئًا صريحًا عن هجرات هؤلاء الهذليين إلى مصر بعد الفتح، كما نجد عن هجرات قيس
(4)
، وغيرها من قبائل العرب.
(1)
شرح أشعار الهذليين (تحقيق فراج) 2/ 828.
(2)
ديوان الهذليين القسم الثالث ص 58، 59.
(3)
معجم البلدان (أملاح) 1/ 255 (ط بيروت). شرح أشعار الهذليين 2/ 751، معجم ما استعجم 1/ 282، 2/ 254.
(4)
فتوح مصر ص 141. المقريزي: الخطط 1/ 80.
ولكن لعل هجرات الهذليين لم تكن ذات بال يأبه له هؤلاء المؤرخون؛ فلم يكتبوا عنها كما كتبوا عن غيرها.
وأيّا ما كان الأمر، فإن هؤلاء الهذليين - فاتحين أو مهاجرين - لم يكن عددهم في مصر وفي غيرها بالعدد القليل؛ حتى أن بعض المؤرخين قد قرر في مبالغة وإسراف - كما أشرنا - أنهم قد تفرقوا في الإسلام على الممالك، ولم يبق لهم في الجزيرة العربية حي يطرق
(1)
.
فإذا كان عدد هؤلاء المهاجرين من الهذليين إلى الأقاليم الإسلامية بعامة هو على درجة من الكثرة تدعو إلى مثل هذا القول، فإنهم في مصر بخاصة كان عددهم - في أغلب الظن - أكثر منهم في غيرها. وقد رأينا في شعر البريق الهذلي ما يشير إلى ذلك
(2)
. كما نجد في التقديم لشعر بدر بن عامر، وأبي العيال بديوان الهذليين ما يستدل به على خروج جماعة منهم إلى مصر في عهد عمر بن الخطاب
(3)
.
وهذا أبو صخر الهذلي يذكر - في لوعة - آل مُحرِّق من قومه وقد خلت منهم منازلهم في تهامة، واستبدلوا بها بابليون وغيره في مصر
(4)
حيث يقول:
وماذا ترجّى بعد آل محرّق
…
عفا منهمُ وادي رُهاط إلى رحُب
خلوا من تهامي أرضنا وتبدلوا
…
بمكة بابليون والرُّبْط بالعَصْب
(5)
(1)
تاريخ ابن خلدون 2/ 319. معجم القبائل العربية القديمة والحديثة 3/ 1213. وانظر هذا الفصل ص 70.
(2)
انظر الصفحة السابقة.
(3)
ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 256.
(4)
معجم البلدان (بابليون) 1/ 311 (ط بيروت).
(5)
نفس المرجع والصفحة.
وما أحسب إلا أن مثل هذا الجوى هو الذي يحمله على أن ينفث نفثة المصدور حين يقول:
لو أن ما حُمّلت حُمّله
…
سعفات رضوَى أو ذري بُرْم
لكلَلْن حتى يختشعن له
…
والخلق من عُرب ومن عجم
(1)
ولم يكن الأمر في ذلك مقصورًا على أبي صخر، فكثيرًا ما نجد شعر الهذليين يرثي من ماتوا لهم في مصر، أو يعبر عن شوقهم إلى من نزحوا إليها من أهليهم وذويهم
(2)
، وتلك ظاهرة قلما نجدها في غير مصر من الأقاليم العربية والإسلامية.
وهناك ظاهرة أخرى نحسها في هُذَيْل مصر، تلك أنهم كانوا يشاركون بعض المشاركة في الأحداث الكبرى في المجتمع الإسلامي، وقد كان لهم دور ظهروا فيه على مسرح السياسة مع غيرهم معارضين لسياسة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وشاركوا في الفتنة التي كان من أهم نتائجها مقتل عثمان وما تلاه من أحداث، فكانوا من القبائل الضالعة في قتله من عرب مصر التي ذهبت ثائرة إلى المدينة
(3)
.
هذا شأن الهذليين في مصر في الصدر الأول للإسلام من حيث مشاركتهم في بعض ما كان يحيط بهم من أحداث، ومن حيث مساكنهم ومحالهم التي كانوا ينزلونها بالفسطاط، والمرابع التي كانوا يرتبعون فيها هم وغيرهم من القبائل العربية في بعض أيام السنة.
(1)
المرجع نفسه (بُرْم) 1/ 403 (ط بيروت).
(2)
البقية ص 42. معجم البلدان 1/ 337 (ط بيروت).
(3)
معجم ما استعجم 1/ 282، 2/ 454.
وهذه القبائل العربية في مجموعها لم تكن - في أول أمرها - لتُبعد في الريف المصري وقراه للإقامة الدائمة، فقد كان ذلك أمرًا محظورًا على هؤلاء المحاربين من العرب الفاتحين؛ حتى لا يذوبوا في غيرهم، ولا يركنوا إلى الدعة والهدوء، فيفقدوا خصائص المحاربين الشجعان.
ولكن بمرور الأيام، وتتابع الأجيال صار هؤلاء العرب من أهل مصر لحمًا ودمًا بعد أن نزلوا في الأقاليم المختلفة، وأقاموا فيها، وامتزجوا بأهلها. ويذكر المقريزي أن الهذليين كانوا ينزلون في أخميم، وفي طوخ دلكة
(1)
. ويقول صاحب معجم قبائل العرب إنهم "نزلوا بطوخ الجبل من إخميم بالديار المصرية"
(2)
.
ومع هذا نجد أن بعض الهذليين كانوا ينزلون بجهات قنا وقوص، ومنهم بعض العلماء، والنابهين من الحكام من أمثال الحسين بن رضوان بن هبة الله. . . الهذلي الذي كان يلقب بفخر الدين القنائي، وكان حاكمًا بقنا، ومن العلماء الممتازين في القرن السابع الهجري
(3)
.
ومنهم محمد بن إبراهيم المعروف بابن صالح الهذلي القنائي الذي كان يلقب بالصدر، وكان من المحدثين الذين سمعوا من أبي الفتح القشيري وغيره، وكان من أثرياء قنا المعروفين بالبذل والسخاء، وتولى الحكم في بلده مدة، ثم تركه ليفرغ لشئونه الخاصة
(4)
.
(1)
المقريزي: الخطط 1/ 298.
(2)
عمر رضا كحالة: معجم قبائل العرب القديمة والحديثة 3/ 1213.
(3)
الإدفوي: الطالع السعيد ص 116.
(4)
المرجع السابق ص 264.
ومنهم أيضًا يونس بن عبد المجيد بن علي بن داود الهذلي القاضي سراج الدين الأرمنتي، كان فقيهًا أديبًا شاعرًا محمود السيرة في القضاء، وسمع من كبار المحدثين في مصر
(1)
. وكان يُحدِّث بقوص وغيرها.
لهذا نرى أن الهذليين كان نزولهم في مصر بالصعيد الأعلى: يقيمون فيه، وربما تنقلوا بين أرجائه، ولعل في شعر أبي العيال الهذلي ما يستأنس به في ذلك حين يقول عن قومه:
فاستقبلوا طرف الصعيد إقامة
…
طورًا وطورًا رحلة وتنقل
(2)
(1)
الإدفوي: الطالع السعيد ص 421.
(2)
ديوان الهذليين: القسم الثاني ص 255.
العوازم - آل عطا - (هوازن)
نسب القبيلة:
(1)
تتكون قبيلة العوازم من بطنين كبيرين هما: القُوَعة، وغيّاض.
والعوازم قبيلة كريمة وعريقة، تنسب إلى عازم بن هند بن هلال بن نفيل بن ربيعة بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن.
وهوازن هو ابن منصور بن عِكْرمة بن خَصفَة بن قيس عيلان بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان.
وعزوة قبيلة العوازم ونخوتهم (آل عطا)، انتسابًا إلى جدهم ورمز وحدتهم عطاء بن ربيعة بن عبد الله بن عبيد أبو بكر بن كلاب بن ربيعة بن عامر من هوازن، وهذا الاعتزاء من أبناء القبيلة من عازم أو من انضم إليه من كلاب إلى (عطاء) راجع إلى شهرته في العوازم وسائر بني كلاب كفارس وبطل معروف، ويعتبر المؤسس الحقيقي للقبيلة.
وثانيًا: لأن فرع عبد الله بن عبيد والذي منه عطاء بن ربيعة، هم أهل بيت لهم بأس وشرف في سائر بني كلاب من هوازن
(2)
.
وسنوضح نبذة عن تاريخ بني كلاب والعوازم في موضعه تباعًا.
(1)
عن نسب عازم: انطر كتاب الإكمال للأمير الحافظ ابن ماكولا العِجْلي: ذكر أنه عازم بن هند بن هلال بن نفيل بن ربيعة بن كلاب من بني عامر من هوازن، وقد كان من الفرسان - انظر ج 6 ص 20، 21 لابن ماكولا المتوفي عام 475 هـ - الطبعة الأولى، وانظر تاج العروس للزبيدي، وكتاب جمهرة قيس عيلان لابن حبيب.
(2)
عن نسب عطاء وبني عبد الله بن عبيد من بني كلاب - انظر جمهرة النسب لابن الكلبي ص 325 طبعة أولى 1407 هـ/ 1986 م، وانظر جمهرة النسب لابن حزم الأندلسي.
[ما قاله المؤرخون عن نسب العوزام إلى هوازن الشهيرة]
(1)
ذكر الأستاذ/ عبد الله ناصر الصانع في مقدمته لكتاب ديوان الشاعر سالم بن تويم الدّواي العازمي
(1)
قال:
وشاعر هوازن الدّواي من العوازم، وقد عرف النسابون أن هذه القبيلة تنسب إلى عازم من بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، وهم وبنو خالد يلتقون في عامر، فبنو خالد من عُقيل بن عامر بن صعصعة، كما أنهم أبناء عم أجوّد بن زامل بن عامر.
وعرف الناس أفخاذًا من ذوي عزم من هوازن شرقي السراة، وقد قيل فيه شعر بعد أن غادرت هذه الجماعة ودخلوا نجدًا أيام امتداد هوازن، وغادرها بعضهم شمالًا وغربًا وشرقًا قبل بني هلال (أشهر قبائل هوازن بعد القرن الرابع للهجرة) وقد عُرفت هوازن في مصر وشمالى إفريقيا، ويذكر بعض المؤرخين أن بني هلال قد حاربوا برقا (من عُتيبة هوازن الآن) وقضوا عليها في حينه أي قبيل هجرة الهلالية من الحجاز.
قالت شاعرة عازمية من البادية تذكر هجرة قومها من بلاد نجد إلى الأحساء:
رحنا ولا خليّنا بنجد حسايف
…
إلا عسلجيات
(2)
دقاق طحينها
وقال شاعر عازمي يذكر هجرة عربان بني عامر من هوازن - وهم العوازم - إلى الأحساء:
(1)
كتاب ديوان الشاعر/ سالم الدّواي طبعة أولى 1976 م/ 1396 هـ ص 15 - الكويت.
(2)
عسلجيات: الرحى التي يُطحن عليها.
ترى قليبنا تسعة أبواع طولها
…
ومن جمّها نشرب بطول عقال
إليا تزايد وردها قربوا لها
…
مخاطر حديد باجتوال محال
ولا يشتكي العطشان من واهج الظما
…
يشرع ولو أن النجوم حيال
شرقي ضربون وغربي غافر
…
والعصر من خطما عليها ظلال
إليا روى منها المعني صميلة
…
صدّر على وادي الحجون ومال
قريب من البطحا وتلجي للصفا
…
والركن من يم الشعيب هيّال
والله لو أعرف إني ناجع ثم راجع
…
لحط على جال البير خيال
قلت: ضربون وغافر هي مواقعهم قرب وادي الحجون، ويقع جنوب المدينة المنورة وشمال غرب مهد الذهب (وهي ديار بني عامر من هوازن).
وقال شاعر آخر عازمي يذكر هجرة هوازن واستقرار قومه في بلاد الأحساء بعد تركهم بلاد نجد:
حِنّا حميناها من الهضب الأحمر
…
إلى خشم مبهل إلى العد مطوي الصفايح
بفتيل فرنج وسيف وشلفا
…
مضرابهن منه أحمر الدم سايح
ياما ذبحنا بنجد من شيخ سُربه
…
إليا انقطع دخانها شيف طايح
وياما ذبحنا بنجد من شيخ غلمه
…
عليه بيضه
(1)
علقن النوايح
وياما وسمنا بنجد من زين بكرةٍ
…
تجيبها الأنظا والوجيه الفلايح
(1)
بيضه: نساؤه وحلائله.
وأضاف عبد الله الصانع عن قبائل هوازن قائلًا:
وآثارهم بمصر معروفة، وفي الشام أيضًا وبلاد المغرب، ولعلّ فخذ برقا من هوازن وهم أبناء عمومة الروّقة من العوازم هم الذين شكلوا الإمارة المسماة باسمهم، كما أنهم هم الذين نقلوا الفن الأبرق - المخطط - في المنسوجات والعبي، وفن البناء، حيث نشاهده في أغلب جوامع مصر وشمال إفريقيا.
وبنو علي
(1)
من حرب هم عدنانيون، وكانت صلتها بعُتيبة الهوازنية صلة نسب وقربى، فالرُّوقة من عُتيبة وبني علي من حرب يدعوهم الناس أولاد عطا وما زالت هي نخوتهم، كما هي نخوة العوازم في الجزيرة العربية والشام ومصر وليس بعيدًا عنا قول عُتيبة وحرب أن نخوتهم القبلية هي (شُبابة)
(2)
وهي نخوة نقلوها منذ أن كانوا إخوة في السراة، وقد حملوها حيث ساروا متخذين منها تعريفًا بأصلهم المتسامي، كما يؤكد البطنان المكونان لقبيلة العوازم أن نخوتهم هم أيضًا.
وقد عُرفت هذه العشائر المتآخية بتعاونها، حيث سارت من الغرب إلى الشرق، وقد دخلت هذه العشائر مع آل أجوّد
(3)
بالأحساء، ثم رأيناها تعاون بني خالد وتقف سندًا لها في الحكم، ولما ضعف الشيخ/ محمد بن حسين بن رزق الخالدي، وكان ابنه أحمد قد تولى الأحساء قائمقام للأتراك - حكم آل عُتبة
(1)
قلت: بنو علي من حصن بن علَّاق بن عوف بن بهثة بن سُليم إخوة هوازن.
(2)
شُبابة بن فهم بن عمرو بن قيس عيلان أخوه عدوان بن عمرو وجيرانهم في السراة. والروّقة - فخذ الطلِّحة من عُتيبة، وفخذ بني علي من حرب يرجعون إلى جدّهم الأعلى دهيِّم من شُبابة، يسكنون الآن شرقي الأحساء. قلت: وتوجد عشائر من العوازم محالفة للطلِّحة من الروّقة حتى الآن.
(3)
الأجود: هو أجود بن جبر بن زامل العقيلي الجبري العامري من هوازن، ملك الأحساء بعد القضاء على حكم القرامطة في شهر رمضان عام 821 هـ/ 1418 م، وقد انتقلوا إليها من دولتهم في بلاد اليمامة، ويُطلق عليهم آل غُزيّة بن جُشَم بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور.
القرين 1188 هـ/ 1774 م، وقد عرفنا بأن حكم آل رزق قد انتهى بهروب الشيخ/ أحمد إلى البحرين ثم البصرة عام 1224 هـ وقد مات هناك، وتولى آل عُتبة الحكم في عشائر أغلبها من عُقيل بن عامر (هوازن) - انتهى قول عبد الله الصانع -
(2)
ذكر كتاب الكويت زهرة الخليج للأستاذ/ محمود بهجت سنان في نسب العوازم قائلًا: "العوازم من هوازن".
(3)
ذكر المؤرخ الكويتي الشيخ/ عبد العزيز الرشيد رحمه الله في مجلة الكويت
(1)
: أن عازم أبٌ لبطون قبيلة العوازم، وهي قبيلة بدوية معروفة اليوم بهذا الاسم في الكويت، ونجد والأحساء بالمملكة العربية السعودية، وفي الكويت اليوم من هذه القبيلة جماعة متحضرة لهم فيها حي يُعرف بحي العوازم هناك.
وأضاف الرشيد: ورجال هذه القبيلة اليوم لهم أصل عربي قديم إلى هوازن القبيلة المعروفة في الجاهلية وصدر الإسلام، ويقولون إن اسم العوازم مُحرّف عن هوازن.
وذكر أيضًا في مجلة الكويت - الجزء السادس بالمجلد الأول ص 214 - 217 ما نصه: عازم وعطاء كان من نسلهم: قويّع وغيّاض وفاضل، وهؤلاء هم الجدود الأوائل التي تنتسب إليهم جميع بطون وأفخاذ قبيلة العوازم المعروفة.
(4)
وفي مجلة لغة العرب للأب أنستانس الكرملي م 1 ج 6 كانون الأول/ ديسمبر 1911 م قال: العوازم جمع عازم على غير قياس كفوارس وهو جمع فارس والعوازم معناها أهل عزم وجد واجتهاد.
(1)
مجلة الكويت ج 4، 5 المجلد الأول ص 153.
(5)
يقول المستشرق الرحالة الفلندي جورج أوغست فالين في كتابه صورة من شمال جزيرة العرب في منتصف القرن التاسع عشر ص 70 - 71 من آب أغسطس: غادرتُ الجوف
(1)
ترافقنى عائلة بدوية من قبيلة صغيرة اسمها عوازم (وفي الهامش لعلَّها هوازن) انتشرت باسم هوازم أي عوازم، وكان لها تأثير شديد في الماضي البعيد.
(6)
في كتاب المنْجد في اللغة والأدب والعلوم
(2)
نسب العوازم إلى هوازن.
(7)
وفي كتاب سكان الكويت للدكتور/ محمد رشيد الفيل ص 217: ذكر من قبائل الكويت هوازن، قلت: ويقصد العوازم كما هو مشهور عنهم.
(8)
وفي المختصر عن بلاد العرب للبحرية البريطانية مارس 1916 م ص 294 نسب قبيلة العوازم إلى هوازن
(3)
.
(9)
وذكر أبو عثمان النابلسي في كتابه تاريخ الفيوم (بمصر) عن آل عطاء فقال: هم أهل أهريت بني عطاء في الفيوم، وأورد أسماء البطون والأفخاذ الكلابية الهوازنية منها بنو جوّاب، الأضابطة، بنو غُصين، بنو المجنون، بنو عامر، بنو ربيعة وهم العوازم، بنو حاتم، بنو قريط، بنو شاكر، بنو جعفر. . وأضاف النابلسي: أنه في حدود عام 1342 هـ غُيِّر مسمى بلاد بني عطا في الفيوم إلى مسمى جديد، حيث حُذف اسم بني عطاء وجُعل اسم بلادهم هنا (بطن أهريت) بدلًا من أهريت بني عطاء.
(1)
الجوف: هي بلدة كانت تسمى دومة الجندل، وقد تكونت بجوار دومة القديمة شمال المملكة العربية السعودية.
(2)
طبع بيروت في 30 كانون الثاني/ يناير عام 1965 م الطبعة 18.
(3)
هو مخطوط مكتب الأبحاث والترجمة بالظهران - المملكة العربية السعودية.
- قلت: تغيير مسمى ذلك المكان كان الهدف منه إخفاء اسم آل عطاء الكلابيين، والله تعالى أعلم كان ذلك الشيء بناءً على رغبة مَنْ؟!
وقبيلة العوازم تنسب إلى جدها عازم، وبنفس الوقت إلى جدهم عطاء، وهو المؤسس الحقيقي لهذه القبيلة ورمز وحدة العشائر الكلابية الهوازنية في الجزيرة العربية وخاربها من الوطن العربى في آسيا وإفريقيا، وهذا ما حصل للفروع الكلابية في مصر والتي تنسب نفسها إلى عطاء أيضًا مثل العوازم.
والعوازم مشهورون بآل عطا أو بني عطاء.
قال شاعر الخليج خالد محمد الفرج رحمه الله في مذكراته المخطوطة: العوازم قبيلة كبيرة ينسبون إلى جدهم الأعلى (عطاء) وإليه يعتزون (آل عطاء). ويقول أيضًا في قصيدة رُفعت إلى الملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود رحمه الله يقصد العوازم:
وإن أنس للتاريخ لا أنس موقفًا
…
(لآل عطا) في صدقهم إذ تصلّبوا.
قلت: وسنذكر هذه القصيدة كاملة في موضعها ومناسبة قولها في العوازم.
وقال أحد شعراء القبيلة ويدعى فهد بن جافور:
ربعي العطيان عز الضعيف والفقير
…
من نهق فسقان حطوا برجليه الهجار.
وقال شاعر آخر ويدعى مبارك الحريص:
زعزع المرحوم بالكون شايبنا عطا
…
لين بوّاق القطاير تزايد بالجفيل.
قلت: والعوازم نسبتهم في ربيعة من بني كلاب العامرين من قبائل هوازن، والمنتسبون إلى عطاء من بني كلاب كثيرون، فبنو عطاء بالإضافة إلى العوازم هم: بنو جوّاب بن مالك بن عامر بن عوف بن حُصين بن كعب بن أبي بكر بن كلاب، والأضابطة وهم بنو الأضبط من بني كلاب، وبنو غُصين من بني كلاب، وبنو المجنون من أبى بكر بن كلاب، بنو عامر من بني كلاب، بنو ربيعة من بني كلاب وهم العوازم، بنو حاتم من أبى بكر بن كلاب، بنو قريط من أبي بكر بن كلاب، وبنو شاكر من بني كلاب، وبنو جعفر من بني كلاب.
وعطاء بن ربيعة (المجنون) هو المشهور في بني كلاب من هوازن، فلشهرة عطاء هذا فقد انتسب له معظم بطون كلاب، بالإضافة إلى أولاد عطاء العوازم، ويقال لهم جميعًا (آل عطاء).
وإخوة (عطاء) هم: شداد، وعوف، وخالد، ومالك، وعمر. ومن بني عمر هذا المنبعث الشاعر، ومن بني شداد عبد الله بن حذف الشاعر، ومنهم دغفل بن عوف بن شداد الشاعر، ومنهم شداد بن مالك بن شداد المشهور بابن مرخية الشاعر، ومن هذا البيت أيضًا نُباته بن حنظلة بن ربيعة بن عبد قيس بن ربيعة بن كعب بن عبد الله، وهم أهل بيت لهم بأس وشرف
(1)
ونُباته هذا هو صاحب جرجان أيام قحطبة، وكذلك من هذا البيت المحلّق بن حنتم بن شداد بن المحلّق أعرابي شاعر من صحابة الوزير الحسن بن سهل، ومن هذا البيت القتَّال الكلابي الشاعر وهو عبد الله بن مجيب بن المضرحي بن عامر الهصان بن كعب بن عبد الله، ومنهم جوّاب وهو لقب واسمه مالك بن عوف بن عبد الله بن أبي بكر
(1)
انظر عن هذا البيت لوحة رقم 94 ص 18 - 24 معجم قيس عيلان، وانظر عنه في جمهرة النسب لابن الكلبي ج 2 تحقيق محمود فردوس العظم.
ابن كلاب، وهو الذي نفى بني جعفر بن كلاب وطردهم حتى لحقوا باليمن ببني الحارث بن كعب، فحالفوهم مرَّة، ثم رجعوا إلى جوّاب وقومهم فاصطلحوا، ومات جوّاب يوم الرقم عطشًا، وجوّاب هذا كان على بني عامر كلها يوم النسار، وهو يوم كان بينهم وبين بني أسد بن خُزيمة، فكان الظفر لبني أسد، وكانت بنو جعفر يومئذ في بني الحارث بن كعب
(1)
.
(10)
وفي كتاب الخليج العربي
(2)
للدكتور/ جمال زكريا قاسم ذكر عن العوازم قائلًا: ". . قبيلة العوازم هي قبيلة بدوية معروفة في الأحساء ونجد بالمملكة العربية السعودية والكويت وقطر"، وأضاف:"أن على الأرجح تعود إلى هوازن، حيث يقال: إن العوازم تحريف لهذه الكلمة".
(11)
وفي كتاب أنساب الأُسر والقبائل في الكويت الدكتور/ أحمد عبد العزيز المزيني (من قبيلة مُزينة العدنانية) ص 157 قال عن العوازم:
هي إحدى القبائل العربية التي ظهرت في الجزيرة العربية خلال العصر الإسلامى الوسيط، وهذه الفترة شهدت تكون كثير من التجمعات القبلية التي برزت بأسمائها المعروفة لدينا في العصر الحديث، مثل قبائل حرب وعُتيبة والظُفير والسهول والدواسر وغيرها من القبائل العربية الأخرى، حيث إن كل هذه التجمعات القَبَلية لا تجتمع تحت جد واحد، بل هي قبائل تكونت من بطون وأفخاذ قبائل عربية من القحطانية والعدنانية.
(1)
انظر أخبارهم في جمهرة النسب لابن حزم، وانظر تفصيلات عن بني كلاب في بلاد اليمامة والبحرين - تاريخ بن سعيد المغربي، وابن خلدون، وتحفة المستفيد لابن عبد القادر، وتاريخ هِجْر السياسى، المعجم الجغرافي للمنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية، والبيوتات الحاكمة لأبي عبد الرحمن الظاهري - مجلة العرب السعودية - حمد الجاسر.
(2)
الخليج العربي - دراسة لتاريخ الإمارات العربية - د. جمال زكريا مدرس بكلية الآداب جامعة عين شمس.
وأضاف: أما جُل القبيلة (العوازم) وثقلها فقد انحدر من عرب الشمال العدنانية، وبالتحديد من قيس عيلان، حيث تكون الجزء الأكبر من هوازن بن منصور، وجاء بعضهم الآخر من صلب أخيه سُلَيْم بن منصور.
قلت: وأضيف مؤكدة قول الدكتور/ أحمد عبد العزيز المزيني، أنه قد دخل في قبيلة العوازم فخوذ من بني سُلَيْم بن منصور، ويلتقون مع باقي العوازم في منصور، لأنَّ العوازم من كلاب من بني عامر من هوازن بن منصور، وكذلك عشائر قليلة من بني زُغْبة الهلالية ويجمعهم النسب مع العوازم في عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور، وهم من بقايا زُغبة من هلال بن عامر، والغالبية العظمى من زُغبة نزحوا إلى شمال إفريقيا بعد عام 442 هـ مع باقي الهلالية ومن اختلط معهم من هوازن، ومن دخل في إثرهم من بني عمومتهم من بني سُلَيْم إلى بلاد المغرب، كما مع العوازم أيضًا عشائر من قبيلة حرب، وهي من القسم العدناني المحسوب في حرب قديمًا، وهم من أولاد النمرود بن دهيِّم من بني علي.
وأشكر أبناء قبيلة العوازم في الكويت الذين أمدونا بكثير من المعلومات والمراجع القيّمة:
* وهم أمير قبيلة العوازم في دولة الكويت فلاح عيد بن جامع من الهدالين من القُوَعة.
* والسيد الفاضل معالي وزير النفط الحالي بالكويت الدكتور/ عبد المحسن المدعج - أستاذ التاريخ بجامعة الكويت، وينتمي إلى بطن المساعدة من العوازم.
* الأخ المكرّم/ عبد الله محمد سعد الهِرَّان من البريكات من القُوَعة.
* الأخ المحترم/ عبد الله مفلح غبيشان من المساحمة من غيّاض.
كما أشكر أيضًا الإخوة العوازم في المملكة العربية السعودية وهم:
* عبد الله سعد العضيدان من الصوابر من أهل الغاط.
* هليل عايض الشغار من الصوابر من أهل المدينة المنورة.
* مزّكي عايد المصبّح من العطاونة من أهل قريات الملح.
(12)
ورد اسم العوازم في بلاد اليمن في كتاب ديوان السلطانين ص 43، وقد ذُكرت كعشيرة ضمن بني جُل في القرن السادس الهجري، وبطن بني جُل من قبيلة الحجور من قبائل حاشد الهمدانية القحطانية، وكانت عشيرة العوازم وقتئذ في إقليم حجور تناصر السلطان سليمان بن السلطان الحسن بن أبي الحفاظ الحجوري
(1)
في حروبه في اليمن، وقد ورد ذكر للعوازم في شعر سليمان وهو سُني المذهب على أنهم أنصاره وعزوته
(2)
حيث قال السلطان سليمان الحجوري:
يا ضاحك البرق في باك من السحب
…
تالله جد ساكن الروحاء والحدب
(3)
وصب منهمر الشؤبوب أرض بني
…
شمس
(4)
إنهم من أنجد العرب
والواشجين والأنجاد خالصة
…
من العوازم أعواني على النّوب.
قلت: والعوازم في بلاد اليمن في القرن السادس نرجحه في بداية نزوح العوازم من قومهم كلاب وعموم بني عامر [هوازن] إلى بلاد الأحساء في القرن الخامس الهجري، وبالتحديد بعد عام 470 هـ بدأ انتقالهم إلى اليمن بعد هزيمة القرامطة.
(1)
انظر تاريخ اليمن الفكري ج 1 ص 389 وما بعدها - بيروت 1987 م.
(2)
عن ديوان السلطانين تحقيق محمد بن أحمد العقيلي ط 2 تهامة 1983 م.
(3)
الروحاء والحدب موضعان في موطن الشاعر ببلاد اليمن.
(4)
شمس: قبيلة من حجور من حاشد الهمدانية.
ففي تاريخ الدولة العيونية
(1)
وكان أول حاكم لها في بلاد الأحساء هو عبد الله بن علي العيوني الذي حكم عام 470 هـ وما بعدها، فعندما تغلّب على بني عامر بن ربيعة العامريين من هوازن، منَّ على كبار السن والنساء والصبية ورحَّلهم إلى بلاد عُمان، ولما تم بحث القبائل العامرية لم توجد في بلاد عُمان في تلك الحقبة، وقد ظهرت عشيرة باسم العوازم بعد نصف قرن في بلاد اليمن بعد هذا الحادث من ترحيل بعض بني عامر بما فيهم بعض كلاب، فالراجح أن هؤلاء العوازم هم العامريون الذين رُحِّلوا إلى عُمان، وقد اتجهوا بعد ذلك إلى بلاد اليمن حيث حالفوا بني جُل من قبيلة الحجور، يجمعهم معها الحلف ولا يجمعهم النسب.
والشاهد على تحرك القبائل من وإلى بلاد اليمن أيام القرامطة، هو التواجد لقبائل تُعرف باليمن معهم وتنتمي إلى القحطانية، فبعد تغلُّب عبد الله العيوني على سائر بني عامر من هوازن ومعهم قبائل عُمان واليمن التي كانت تناصر القرامطة، وبطبيعة الحال رجعت قبائل عُمان واليمن إلى بلادها بعد هزيمة القرامطة، وقد صحبتها غالبًا في عودتها عشائر وفخوذ من بني عامر أيضًا.
ومن المعروف أن قبائل بني عامر من هَوَازِن وبني سُلَيْم كان عداء الدولة العباسية لها شديدًا، وقد أدى ذلك إلى نزوحها إلى مصر في كنف الدولة الفاطمية، ومن ثم نزوحها إلى شمال إفريقيا بعد عام 442 هـ، وتُسمى غزوة بني هِلَال وبني سُلَيْم الكبرى لبلاد المغرب.
(13)
ذكر الأستاذ/ عبد الرحمن العُبيِّيد في كتابه العوازم عن أصولهم قائلًا:
(1)
انظر تاريخ الأحساء، تحفة المستفيد لابن عبد القادر، البيوتات الحاكمة لأبي عبد الرحمن الظاهري، تاريخ هِجْر السياسي، ديوان السلطان الخطاب لإسماعيل قربان.
العزم لغة الثبات والشدة فيما يعزم عليه الإنسان، أي النية أو الإرادة المتقدمة لتوطين النفس على ما يرى فعله.
والعزمي المنسوب إلى العزم الموفي بالعهد
(1)
. وقال الزبيدي في تاج العروس: "وسمُّوا عزَّاما كشداد، وعازم بن هند بن هلال كان من الفرسان"، وعازم هذا من هوازن لأنه من بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر ابن هوازن.
وفي الموسوعة الإسلامية
(2)
بقلم المستر و. ئي. فلقن: "العوازم والنسبة عازمي" قبيلة بدوية في الشمال الشرقي لجزيرة العرب. وورد في القرآن الكريم عن أولي العزم، كما أن عزّام تأتي صفة وهي مبالغة العازم.
وأقدم المصادر المكتوبة عنهم ما أورده صاحب كتاب سِمْط النجوم العوالي الذي أشار إلى اصطدامهم بالأشراف في الربع الأخير من القرن الحادي عشر الهجري عام 1080 هـ، أما المصادر المخطوطة فأقدمها ما ورد عنهم في أحداث عام 858 هـ في كتاب تحفة المشتاق من أخبار نجد والحجاز والعراق لمؤلفه عبد الله محمد البسَّام التميمي.
- قلت: ونصحح قول الأستاذ العبيّد بأن أقدم ذكر للعوازم كان في منتصف القرن السادس للهجرة في إقليم حجور (وهو المخلاف السليماني الآن)، وقد ذكرناه سالفًا، والعوازم من كلاب وبني عامر، وكون تحركها إلى تلك البلاد ليس غريبًا لأنها لا تبعد عن بلاد بني عامر الأصلية في الحجاز كثيرًا، ولقد انتقل
(1)
نقلًا عن كتب اللغة.
(2)
الطبعة الجديدة ص 762 (3) عن مجلة العرب ج 4 السنة الرابعة شوال 1389 هـ.
العوازم فيما بعد هذه الفترة إلى بلاد أبعد في المسافة وانتشروا على سواحل الخليج، بعدما مكثوا في حريملاء ومَلْهم بنجد مع قومهم كلاب وبعض بني عامر حينًا من الدهر، حتى أخرجهم ابن معمَّر كما سيأتي ذكره في موضعه.
ويجدر بنا أن نذكر قول الشيخ العلّامة/ حمد الجاسر في مقدمة كتاب الأستاذ/ عبد الرحمن العبيِّد عن العوازم فقال:
وأنا وإن كنت أختلف معه في بعض آرائه في هذا البحث المبتكر الحديث، غير أن لي من الآراء في موضوع هذه الدراسة ما قد يختلف مع رأيه.
وأضاف الجاسر: وللشيخ/ عبد العزيز الرشيد مقال ضاف عن العوازم نشره قبل أربعين عامًا في مجلة الكويت، أذكر أنه أورد قولًا في نسبتهم إلى هوازن.
ومن دراسة الأستاذ/ عبد الرحمن العبيّد هذه نجد أنه يرجعهم إلى شُبابة باعتبارهم ذوي صلة بعُتيبة وحرب التي تجتمع في اعتزائها إلى شُبابة .. والواقع أن شُبابة التي أشار إليها العبيّد هي شُبابة بن فهم بن عمرو بن قيس عيلان.
- قلت: وشُبابة حلف يجمع قبائل مختلفة الأرومات. وقد أوضح الجاسر في معجم قبائل المملكة العربية السعودية عن ذلك قائلًا في ص 334: شُبابة يطلق على قبائل مختلفة النسب في الحجاز حيث تُقسَّم إلى قسمين خِنْدف، وشُبابة.
وهذا التقسيم يجمع قبائل متباعدة النسب، ويفرِّق قبائل يجمعها نسب واحد، وهو قائم على أساس تحالف قديم مجهول السبب. (انتهى قول الجاسر)
كما ذكر الأستاذ/ عبد الرحمن العبيد قائلًا عن العوازم: هم عشيرة من عريب دار
(1)
هم أقدم من استوطن الكويت، احترفوا صيد السمك وأقاموا الحظرات على طول ساحل الكويت، كما ظهر منهم مزارعون وبحّارة، وآخرون منهم انخرطوا في سلك التجارة، وخاصة تجارة الإبل والأغنام، والمسابلة، وبرز منهم شعراء نبطيون في الكويت (انتهى).
(1)
في نفس الموسوعة ص 995: عريب دار هي طبقة من الناس في الكويت بين البدو والحضر، ويختلفون عن البدو لكونهم إلى الحضارة أقرب، ويحترفون الصيد والغوص والمسابلة والفلاحة البسيطة، ويختلفون عن أهل المدينة لكون لغتهم إلى العربية أقرب لم يخالطها ألفاظ دخيلة، وهم عرب أقحاح من الجزيرة العربية، ويقطنون القرى، ومن قبائل عريب دار العوازم والمطران والهواجر والعجمان.
[ما قاله المؤرخون عن بني كلاب من هوازن]
1 -
ما ذكره ابن حزم الأندلسي
(1)
قال:
ولد كلاب بن ربيعة: عامر، وعبيد وهو أبو بكر، وعمرو، والحارث وهو رؤاس، وعبد الله، وكعب وهو الأضبط، وجعفر، وربيعة، ومعاوية وهو الضباب. فمن بني عامر بن كلاب: بنو الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب، منهم أم البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد، كانت تحت علي بن أبي طالب رضي الله عنه فولدت محمدًا الأصغر، وعثمان، وجعفرًا، والعباس، وأرطاه بن عمر بن الوحيد، على يديه وضع علقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل الرهن
(2)
إذ تنافرا، وهو الصبير
(3)
.
ومن بني أبي بكر بن كلاب: ولد أبو بكر: كعب، وعبد الله، فولد عبد الله: عمرو، وأبو ربيعة، وكعب، وربيعة المجنون، وقرط، وقريط، وقريطة، وهم القرطاء
(4)
ولهم شرف. وعوف ولا شرف لهم، وهم كثير، وكان فيهم شرف قديم، منهم كان جوّاب، الذي نفى بني جعفر بن كلاب عن بلادهم، ولهم يقول معاوية بن مالك بن جعفر بن كلاب
(5)
:
بغاث الطير أكثرها فراخًا
…
وأم الصقر مقلات نزور
(1)
الجمهرة ص 282 - دار الكتب العلمية - بيروت لبنان.
(2)
في الأغاني 15: 51: ووضعوا بها رهنًا من أبنائهم.
(3)
الصبير: الكفيل، وفي الأغاني: فسمي الضمين وهو الكفيل.
(4)
وفي المقتضب: قرط، وقريط، وجعل ابن قتيبة الثالث مقرطا.
(5)
ونسبة أبو تمام إلى العباس بن مرداس من بني سُلَيم.
ومنهم: مِربع بن وعوعة بن سعيد بن قرط بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب، الذي يقول فيه جرير:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعًا
…
أبشِرْ بطول سلامة يا مِرْبع.
وأبو هلال ربيعة بن قرط، والنواس بن سمعان بن خالد بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب، له صحبة، وكان حليفًا للأنصار. ومنهم عوف، ومالك، وعمرو، والحارث، وشداد، بنو ربيعة المجنون بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب، منهم المحلِّق
(1)
بن حنتم بن شدَّاد، الذي مدحه الأعشى، ومن ولده كان سعيد بن ضمضم بن الصلت بن المثنى بن المحلق، أعرابي شاعر من صحابة الوزير الحسن بن سهل، وكان له ابن اسمه أبو المهدي، وكانت له ابنة تزوجها صاحب الزنج - لعنه الله - قبل أن يقوم، وصاحب جرجان، نُباته بن حنظلة بن ربيعة بن عبد قيس بن ربيعة بن كعب بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب، والقتَّال الكلابي الشاعر، وهو عبد الله بن مجيب بن المضرحي بن عامر الهصان بن كعب بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب، والعاصي بن عامر بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسماه مُطيعًا، وعبد العزيز بن زرارة بن جزء بن عمرو بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب، كان سيد أهل البادية، وهو الذي وقف على باب معاوية، فقال:"من يستأذن لي اليوم، أستأذن له غدًا"، وغزا ابنه مع يزيد بن معاوية ببلاد الروم، فورد على معاوية كتاب ابنه يزيد بنعي عبد العزيز، وكان قد مات هنالك، فقال معاوية لما قرأ الكتاب:"هذا كتاب ينعي سيد العرب"، فقال له زرارة والد عبد العزيز: هو والله يا أمير المؤمنين، ابني أو ابنك، وذهب أكثر قومه في أرض الروم، وهو الذي مر عليه مروان، وهو على
(1)
الصواب في القاموس (حلق) والمقتضب 37 والمعارف 40، والمحلّق لقب له، لأن حصانًا عضه في خده واسمه عبد العزى.
ماء له، فسأله: كيف أنت؟ قال: بخير، أنبتنا الله فأحسن نباتنا، وحصدنا فأحسن حصادنا. والضحّاك بن سفيان بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب، له صحبة واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه وغيرهم. وجوَّاب، وهو لقب، واسمه مالك بن عوف بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب، وهو الذي نفى بني جعفر بن كلاب، وطردهم حتى لحقوا باليمن ببني الحارث بن كعب، فحالفوهم مدةً، ثم رجعوا إلى جوّاب وقومهم، فاصطلحوا، ومات جوّاب هذا يوم الرقم عطشًا وهو منهزم، وهو يوم كان بين عامر وبين بني مرَّة وفزارة من غطفان، أُسر فيه عامر بن الطفيل، وخنق أخوه الحكم بن الطفيل نفسه حتى مات، خوف الأسر. وجوّاب هذا كان على بني عامر يوم النسار، وهو يوم كان بينهم وبين بني أسد، فكان الظفر لبني أسد، وكانت بنو جعفر يومئذ في بني الحارث بن كعب.
وهؤلاء بنو جعفر بن كلاب بن ربيعة:
ولد جعفر بن كلاب: خالد الأصبغ وربيعة الأحوص ومالك الطيان
(1)
: أمهم بنت رياح بن الأشل الغنوي، وعتبة وعوف: أمهما فاطمة بنت عبد شمس بن عبد مناف بن قُصي بن كلاب بن مُرَّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر (قريش) بن مالك بن النضر بن كنانة.
فولد الأحوص: عوف - وقد ساد، وعمرو - وقد ساد، ومات أبوه وجَدًا عليه إذ قتل، وشريح - وقد ساد، وبه كان يكنى أبوه، وهو قاتل لقيط بن زرارة التميمي يوم جبلة. منهم علقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص، الذي نافر ابن الطفيل. ولَّاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه حوران، وله يقول الحُطيئة العبسي:
(1)
في المقتضب 36: "ومالكًا وهو الأخرم، وكانت أمه ولدته وإبهام رجله ملتصقة بخنابته، ففصل بحديد فخرم، فسمي الأخرم".
وما كان بيني لو لقيتك سالمًا
…
وبين الغنى إلا ليال قلائل
وأخوه قيس بن علاثة - كان سيدًا، والسندري بن يزيد بن شريح بن الأحوص الشاعر - وأمه عيساء وهي أَمَة، وعمه عبد عمرو بن شريح بن الأحوص - شاعر، وسليمان بن حسان بن عطارد بن عبد عمرو بن شريح بن الأحوص - من رواة أخبار بني عامر، وشريح بن عمرو بن الأحوص، ومروان بن سراقة بن قتادة بن عمرو بن الأحوص.
وولد خالد بن جعفر كلاب: جزء، وعمرو، وعامر، وحصن، وحريم، ومرَّة، وأنس. ومن ولد أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر، أخو لبيد الشاعر لأمه، وهو الذي أراد قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عامر بن الطفيل - فدعا عليه، فرماه الله تعالى بصاعقة فمات.
وولد مالك بن جعفر بن كلاب: عامر وهو أبو براء مُلاعب الأسنة، والطفيل - وقد ساد، وهو والد عامر بن الطفيل ومعاوية، ومالك وهو مُعَود الحكماء، وعبيدة بن مالك وهو الوضاح، وسُلمى نزال المضيق، وعمرو، وعُتبة، وربيعة وهو ربيع المقترين، وهو والد لبيد الشاعر. وقتلت بنو أسد ربيعة هذا يوم ذي علق: قتله منقذ
(1)
بن طريف الأسدي وكان شاعرًا، فلما كان يوم جبلة، أسر معاوية بن مالك أخوه منقذ بن طريف وهو منهزم فقتله، ثم جبَّ ذكره وقطع لسانه، وأدخل لسانه في أسته (دُبُره) وذكره في فمه! وتركه كذلك. ومنهم ربيعة بن عامر مُلاعب الأسنة - وكان سيدًا، وحبيب بن يحيى بن عمرو بن مالك بن جعفر، تزوج سعيد بن العاصي ابنته - وكان سيدًا، وولد الطفيل بن مالك:
(1)
ومنقذ الأسدي هذا هو الشاعر الملَّقب بالجميح، وهو منقذ بن الطماح بن قيس بن طريف.
عامر بن الطفيل لا عقب له، والحكم بن الطفيل، خاف يوم الرقم أن يؤسر، فقتل نفسه خنقًا، وقيس، وقتل يوم الرقم أيضًا، وعقيل فرَّ يوم الرقم عن أخوته، وحنظلة، من ولده كانت ليلى بنت سهيل بن حنظلة بن الطفيل، تزوجها عبد العزيز بن مروان، فولدت له أم البنين، التي تزوجها الوليد بن عبد الملك الأموي. والربيع بن حنظلة، من فرسان بني عامر، وكان من ولد عقيل المذكور نافع بن الخنجر بن الحكم بن عقيل بن الطفيل، وقطية
(1)
بنت بشر بن عامر مُلاعب الأسنة أم بشر بن مروان، وأخوها عبد الله بن بشر - كان سيدًا، وجبار بن سلمى بن مالك بن جعفر، قاتل عامر بن فهيرة رضي الله عنه يوم بئر معونة، فكان يحدث أنه رآه قد رفع إلى السماء. ومن ولده: بشر بن عبد الله بن جبار بن سلمى بن مالك بن جعفر، من فرسان بني عامر. وولد عتبة بن جعفر بن كلاب: عروة الرحال بن عتبة بن جعفر، الذي أجار لطيمة الحيرة، فقتله البرَّاض الكناني، ففيه كانت حرب الفجار. وابنته كبشة بنت عروة، هي أم عامر بن الطفيل، ولدته يوم جبلة، وقتل الحارث وكنانة ابنا عبيدة بن مالك يوم الرقم. ومن بني ربيعة بن كلاب، وهم أهل بيت بالبصرة، ومن بني عمرو بن كلاب: الصعق وهو خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب كان سيدًا يطعم بسوق عكاظ؛ وأحرقته صاعقة؛ فلذلك سمى الصعق ومن ولده الشاعر يزيد بن عمرو بن الصعق، ومن ولد يزيد الشاعر المذكور، زفر ابن الحارث بن عبد عمرو بن معاذ
(2)
بن يزيد بن عمرو بن الصعق، القائم بالجزيرة أيام مروان، وبنوه الكوثر بن زفر، ووكيع بن زفر،
(1)
صوابها في القاموس (قطا) وهي مصغر قطًا.
(2)
معاذ من أجداد زفر، وقد جاء في شعر الأخطل التغلبي قوله مخاطبًا زفر بن الحارث:
لعمر أبيك يا زفر بن عمرو
…
لقد نجاك جد بني معاذ
وركضك غير ملتفت إلينا
…
كأنك ممسك بجناح باز.
والهذيل بن زفر، كلهم رؤساء، والهذيل هذا هو قاتل يزيد بن المهلّب يوم العقر
(1)
وقد قيل غير ذلك، والمختار بن قيس بن يزيد بن عمرو بن الصعق وهو الذي كتب الأبيات إلى عمر رضي الله عنه التي كانت سبب مشاطرته لعماله، ومسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة بن علس بن عمرو بن الصعق أخي يزيد الشاعر بن عمرو بن الصعق، ولي خُراسان هو وأبوه قبله. وأخبرني أبو المحيا مُلهم بن موازن بن وافر الأعرابي العُقيلي، أن صاحب حلب صالح بن مرداس الكلابي من بني عمرو بن كلاب.
وهؤلاء بنو رؤاس بن كلاب بن ربيعة
منهم: الجنيد بن عبد الرحمن بن عوف بن بجيد بن الحارث، وهو رؤاس بن كلاب، ولي خُراسان، وعمرو بن مالك بن بجيد بن رؤاس بن كلاب، له صحبة، والفقيه وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي بن الفرس من بني عبيد بن رؤاس بن كلاب، وبنوه سفيان، ومليح، وأحمد، ويحيى، وابنا عمه: حميد بن عبد الرحمن، الفقيه، وزهير بن عبّاد، الرجل الصالح.
وهؤلاء بنو الضباب بن كلاب بن ربيعة
منهم: زهير بن عمرو بن معاوية الضبابي، قُتل يوم جبلة، ومنهم: قاتل الحسين بن علي رضي الله عنه وهو شَمِر بن ذي الجوشن واسم ذي الجوشن شرحبيل بن الأعور
(2)
ابن عمرو بن معاوية، وهو الضباب، ومن ولده: الصميل بن حاتم بن شَمِر بن ذي الجوشن ساد بالأندلس وله بها عقب، ونزالتهم بلخشبل
(1)
هو عقر بابل قرب كربلاء من الكوفة.
(2)
في الإصابة قيل اسمه أوس بن الأعور، وقيل شرحبيل بن الأعور، وفي الطبري 6: 241: شرحبيل بن الأعور، لكن في المقتضب 37 والقاموس الجوشن شرحبيل بن قرط.
من شوذر من عمل جيان، وظمياء بنت عبد العزيز بن موله بن كنيف بن حمل بن خالد بن عمرو بن معاوية، وهو الضباب، تروي عن أبيها عن جدها، ولمولة صحبة، لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن عشرين، وعاش بعد ذلك مائة سنة في الإسلام، وصحب أبا هريرة، وكان يسمى ذا اللسانين لفصاحته، وأدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقته بنت لبون. ومن بني عبد الله بن كلاب: سراج بن قُرَّة الشاعر. ومن بني كلاب: قدامة بن عبد الله بن عمار بن معاوية، له صحبة ورواية.
(انتهى قول ابن حزم عن بني كلاب).
2 -
وقال العلَّامة عبد الرحمن بن خلدون عن بني كلاب من هوازن
(1)
:
وأما بنو كلاب بن ربيعة بن عامر فمنهم بنو الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب، وبنو ربيعة المجنون بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب، وبنو عمرو بن كلاب. قال ابن حزم: يقال أنهم من بني صالح بن مرداس أمراء حلب (الشام). ومن بني كلاب بنو مرداس واسمه الحرث من بني كلاب، وبنو الضباب واسمه معاوية بن كلاب الذي منهم شَمِر بن ذي الجوشن بن الأعور بن معاوية قاتل الحسين بن علي رضي الله عنه ومن عقبه كان الصهيل بن حاتم بن شَمِر وزير عبد الرحمن بن يوسف الفهري (القرشي) بالأندلس.
وبنو جعفر من بني كلاب الذين منهم عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر، وعمه أبو عامر بن مالك مُلاعب الأسنة، وربيعة بن مالك، وأبوه لبيد بن ربيعة (معروف). وكانت بلاد بني كلاب مع قومهم بني عامر في حِمَي ضرِيَّة والربذة في جهات المدينة النبوية وفَدَك والعوالي وحِمى ضرِيَّة وهي حِمى كليب (وائل)، نباته تسمن عليه الخيل والإبل، وحِمى الربذة هو الذي أخرج عليه عثمان أبا ذر الغفاري رضي الله عنهما ثم انتقل بنو كلاب إلى الجزيرة الفراتية حيث ملكوا
(1)
المجلد الثاني ص 645 - تاريخ العبر ومبتدأ الخبر - لابن خلدون - القرن الثامن الهجري.
حلب وكثيرًا من مدن الشام، وتولى منهم ذلك بنو صالح بن مرداس، ثم ضعفوا هناك، وهم تحت خفارة العرب المشهورين بالشام هنالك بالإمارة من طيئ.
قال ابن سعيد: وكان لكلاب دولة في اليمامة. (انتهى قول ابن خلدون).
قلت: ومن كلاب كان الفاتك طهمان بن عروة بن سلمة الكلابي، وهو شاعر من صعاليك العرب وفتّاكهم، كان بزمن عبد الملك بن مروان الأموي وله ديوان، ومن بني كلاب أيضًا علي بن الحسن الكلابي وهو فقيه شافعي ونحوي دمشقي
(1)
.
وذكر ابن حزم أن بني كلاب من حُمْس العرب
(2)
، وذكر كنانة وخُزاعة، ومن بني عامر كعب وكلاب وكليب وربيعة، وأضاف أن أم هذه القبائل العامرية من هوازن كانت من قريش واسمها مجد
(3)
بنت تيم بن غالب بن فهر وهي التي حمَّستهم.
قلت: والحُمْس أي المتشددين في الدين، وكانت لهم شعائر خاصة بهم وقت الحج عن سائر قبائل العرب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا رجل أَحمسي.
3 -
ذكر القلقشندي أسماء الحروب بين كلاب وقبائل العرب:
- في نهاية الأرب ص 459 وما بعدها -
يوم ذي غول كان بين ضبَّة وكلاب، يوم دأب كان بين بني يربوع من تميم وكلاب، ويوم دارة مأسل بين ضبَّة وكلاب، ويوم قارب كان أيضًا بين ضبَّة وكلاب.
كما ذكر حروبًا في أيام مع سائر بني عامر اشتركت فيه كلاب فذكر منها التالي:
(1)
عن موسوعة الأسماء للسلطان قابوس - وزارة التراث العُماني.
(2)
الجمهرة ص 486.
(3)
وذكر لبيد بن ربيعة الكلابي أسهم مجد القرشية قائلًا:
سقى قومي بني مجد وأسقى
…
نميرًا والقبائل من هلال.
يوم رحرحان كان أولهما بين بني دارم من تميم وبين بني عامر من هوازن، ويوم الفلج كانت فيه وقعتان الأولى لبني عامر على بني حنيفة من بكر بن وائل والأخرى لبني حنيفة على بني عامر وأهل اليمامة، ويوم فيف الريح كان بين خثعم وبين بني عامر، ويوم ذات الرمرم كان لبني عامر على بني عبس من غطفان، ويوم الرقم كان بين بني عامر وبين بني فزارة من غطفان، ويوم طُوالة كان بين بني عامر وسائر غطفان، ويوم الوندة كان بين بني عامر وبين بني تميم، ويوم مزلق كان لبني سعد من هوازن على بني عامر من هوازن.
وفي قلائد الجمان
(1)
ذكر القلقشندي عن كلاب من هوازن قال: وهم في عصر ابن خلدون المتوفي 808 هـ تحت خفارة الأمراء من آل ربيعة من عرب الشام.
قلت: "وآل ربيعة من طيئ القحطانية".
وأضاف القلقشندي: كانوا بأطراف حلب وبلاد الروم (الأناضول)، ولهم غزوات عظيمة معلومة وغارات لا تعد، وهم عرب غُز يتكلمون بالتركية، ويركبون الأكاديش، وهي نوع من الخيل الهجان.
وكان بنو كلاب هؤلاء يخدمون الملك الأشرف موسى من بني أيوب ويصحبونه لمتاخمته لبلاد الروم، وكانوا مترصدين لخدمته ومعدودين من خدمه، وقد كانوا ظهروا على آل ربيعة في أيام الملك الظاهر بيبرس وقدّمهم عليهم.
4 -
وفي كتاب عشائر الشام
(2)
نقلًا عن مسالك الأبصار ذكر عن كلاب من هوازن: "وهم عرب أطراف حلب والروم، ولهم غزوات عظيمة معلومة، وغارات لا تعد، ولا تزال تُباع بنات الروم وأبناؤهم من سباياهم، وهم أشد العرب بأسًا
(1)
قلائد الجمان للقلقشندي ص 116، 117.
(2)
كتاب عشائر الشام لوصفي زكريا 101.
وأكثرهم ناسًا، قال: ولإفراط نكايتهم في الروم صنفت السيرة المعروفة (بذات الهمّة) و (البطَّال) منسوبة إليهم، بما فيها ملح الحديث ولمح الأباطيل، ولكنهم لا يدينون لأمير منهم بجمع كلمتهم، ولو انقادوا لأمير واحد لم يبق لأحد من العرب بهم طاقة". قال وصفي زكريا وسيرة ذات الهمّة تقرأها العامة بلذة كسيرة عنترة العبسي وسيف بن ذي يزن الحِمْيري، والبطَّال من أبطال الغزاة العرب المشهورين في العصور الإسلامية الوسيطة، وكان فعله في الروم عظيمًا، وهو معروف ومشهور عند الترك باسم بطّال غازي، وله عندهم حُرمة كبيرة وسيرة مطبوعة يقرأها عامتهم في الأناضول (تركيا) بشغف. وأضاف: وبنو كلاب الذين تردد ذكرهم كانوا عشيرة كبيرة فيما يظهر، جاءوا من بلاد نجد إلى ديار حلب (بالشام) في عام 352 هـ، وقطنوا واستقروا نحو أربعة قرون، وقد رددت التواريخ أحداثهم ووثباتهم العديدة واستباحتهم حمى المعمور مرارًا، ورددت ما جرى بينهم وبين سيف الدولة الحمداني وأبنائه ملوك حلب. نبغ منهم صالح بن مرداس الكلابي العامري، وأسس في حلب وشمالي الشام دولة بني مرداس التي دامت من سنة 406 هـ إلى سنة 472 هـ، ثم ظل ذكر هذه العشيرة يتردد إلى أواخر القرن الثامن حتى انقطع، مما يدل على تشتت شملهم وانطفاء خبرهم واندماج فلولهم في بقية العشائر، شأن أعراب البادية التي تتغير مجتمعاتها وأسماؤها في كل قرنين أو ثلاثة، ولا يشذ عن ذلك إلا القليل.
5 -
ذكر في معجم قبائل العرب لرضا كحالة عن كلاب
(1)
من هوازن:
هم بطن عظيم من عامر بن صعصعة، من العدنانية، وهم: بنو كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان.
(1)
معجم قبائل العرب القديمة والحديثة لرضا كحالة السوري ج 3 ص 989.
وكانت ديار كلاب في حمي ضرِيَّة وهو حمى كليب (وائل)، وحمى الرَّبذة في جهات المدينة المنورة، وفَدَك، والعوالي، ثم انتقلوا بعد ذلك إلى الشام، فكان لهم في الجزيرة الفراتية صيت، وملكوا حلب ونواحيها وكثيرًا من مدن الشام ثم ضعفوا.
وذكر في ص 990 - ج 3 نقلًا عن وصفي زكريا
(1)
عن بني كلاب قال:
الكلابات أو بني كلاب عشيرة صغيرة منفردة، لا تزال في بيوت الشعر، ينزلون قبلي فيق على عدوتي وادي مسعود وهم نحو خمسين بيتًا، وهم شركاء أهل فيق وكفر حارب ودبوسة، ويبدو أن هؤلاء قدماء في هذه الديار، وأقدم من الفحيلية والسردية، وذوو مجد مؤثل، ومن ثم تراهم محتفظين بشيمهم وجلفتهم ولهجتهم البدوية الصرحاء، وقد ذكرهم السائح بركهارت في جملة عشائر الجولان عام 1224 هـ.
قلت: وذكرهم أميديه جوبير الفرنسي باسم بني كلاب في ضواحي ملكهـ
(2)
.
وذكر في ص 989 - ج 3 عن كلاب في مصر
(3)
:
هم أعراب يقطنون بمنطقة الفيوم بمصر، وينقسمون إلى الأفخاذ الآتية:
بنو جوّاب، والأضابطة، وبنو غُصين، وبنو مجنون، وبنو عامر، وبنو ربيعة، وبنو حاتم، وبنو قُريظ، وبنو شاكر، وبنو جعفر.
وذكر في ص 32 - ج 1 عن الأَصمّ: قال: وهي قبيلة من العدنانية
(1)
ص 410 من كتاب عشائر الشام.
(2)
انظر كتاب المؤرخ الفرنسي اميديه جوبير في وصف مصر ترجمة زهير الشايب.
(3)
نقلًا عن تاريخ الفيوم للنابلسي ص 13.
تنتسب إلى عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن
(1)
.
وفي ص 33 - ج 1 عن الأضبط بن كلاب: قال: وهم بطن من كلاب من الأضبط بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، من ديارهم دارة غبير بنجد، ومن جبالهم الجناح، ومن مياههم الذؤيبان - وهو تثنية ذؤيب، وهما ماءان لبني الأضبط حذاء الجثوم، والسخيرة وهو ماء جامع ضخم لبني الأضبط بن كلاب
(2)
.
وفي ص 35 ج 1 عن الأعور وقال: بطن من معاوية بن كلاب بن ربيعة بن عامر
(3)
.
وفي ص 48 ج 1 عن أنيس وقال: بطن من معاوية بن كلاب بن ربيعة بن عامر
(4)
.
وفي ص 48 ج 1 أيضًا عن إهاب وقال: بطن من وبرة بن الأضبط بن كلاب بن عامر
(5)
.
وفي ص 61 ج 1 عن بجاد بن رؤاس وقال: وهم بجاد بن رؤاس بن كلاب بن عامر
(6)
.
(1)
نقلًا عن نهاية الأرب للنويري ج 2 - ص 339.
(2)
نقلًا عن نهاية الأرب ج 2 - ص 339، تاج العروس للزبيدي ج 3 ص 260.
(3)
نقلًا عن نهاية الأرب للنويري.
(4)
نقلًا عن نهاية الأرب للنويري.
(5)
نفس المصدر السابق.
(6)
نفس المصدر السابق.
وفي ص 62 ج 1 عن بُجيد بن رؤاس وقال: وهم بجيد بن رؤاس بن كلاب بن عامر
(1)
.
وفي ص 62 ج 1 أيضًا عن بجير وقال: هم فخذ من ربيعة بن كلاب بن عامر
(2)
.
وفي ص 79 ج 1 ذكر عن البرزي فقال: بطن من أبي بكر بن كلاب نسبوا لأمهم
(3)
.
وفي ص 92 ج 1 ذكر عن بكر بن كلاب فقال: قبيلة تعرف بأبي بكر بن كلاب من قيس عيلان من العدنانية، بلادها واسعة فيها كثير من الجبال والمياه، فمن ديارها الهركنة، وعامة السي، الفالق بنجد، المطالي، المضاجع، حمي ضرِيَّة وهي يقال لها معدن الأحساء لبني أبي بكر بن كلاب، وبها حصن ومعدن ذهب وهي طريق اليمن باليمامة، الحفر، أحسن وهي قرية باليمامة، الهردة.
ومن جبالهم: الأذن، وأريكتان، وعفال، والإيواز، والقوائم، وجوى، وأليتان وهما هضبتان بالحوأب، والكواكب، وأسود النساء، وعوارم، وعفلان بنجد.
ومن مياههم: الأراسة، والعكلية، قثارة، جفر البعر، محضوراء، الأوسج، شقيق، الحوأب، ياسرة، أريكة، نيا، زباب، البجادة، ظبية، عروى الهدية، المضابعة، أخطبة، مُريخ، المرقدة، الحامضة، الحصاء، البرقانية، شعبا، شطون، الكديدة
(4)
.
(1)
عن نهاية الأرب للنويري.
(2)
نفس المصدر السابق.
(3)
عن الفيروزأبادي ج 1 ص 371.
(4)
نقلًا عن معجم ما استعجم للبكري ج 2 ص 614، معجم البلدان لياقوت الحموي ج 1 ص 149، تاج العروس للزبيدي ج 1 ص 239، القاموس للفيروزآبادي ج 1 ص 392، ح 2 ص 11.
وفي ص 129 ج 1 ذكر من حروب بني كلاب قائلًا: كانت وقعة بين بني نمير وبني كلاب (وكلاهما من عامر بن صعصعة من هوازن) بنواحي ديار مُضَر، وكانت الكلاب على بني نمير، فاستغاثت نُمير ببني تميم، ولجأت إلى مالك بن زيد سيد تميم يومئذ بديار مُضَر، فمنع مالك قومه من تميم من إنجادهم، وقال: ما كنا لنلقي بين قبائل قيس وخِندف من بني مُضَر دماء نحن عنها أغنياء، وأنتم وهم لنا إخوة، فإن سعيتم في صلح عاونا، وإن كانت حمالة أعنا، فأما الدماء فلا مدخل لنا بينكم فيها.
وفي ص 191 ج 1 قال عن الجعافرة: بطن من كلاب وهم بنو جعفر بن كلاب بن ربيعة
(1)
.
وفي ص 195 ج 1 قال أيضًا عن بني جعفر بن كلاب: هم بنو جعفر بن كلاب بن عامر، من جبالهم: قطيات، ثعالبات، وذات السواسي.
ومن مياههم: بيدان، الناصفة، النامية، الجفاف، مدعا، مدعر، الأبرقان، الصفية، معروف وهو في وسط الحمى، وبيدان.
ومن أيامهم: يوم حرايب وكانت به وقعة بين الضباب وجعفر وكلاهما من بني كلاب
(2)
.
وفي ص 271 ج 1 ذكر حِسْل وقال: هي بطن من معاوية بن كلاب
(3)
.
وفي ص 281 ج 1 ذكر حُصين بن الحويرث وقال: بطن ينتسب إلى
(1)
نقلًا عن نهاية الأرب القلقشندي ق 56 - 2، 57 - 1 (مخطوط).
(2)
نقلًا عن الاشتقاق لابن دريد، نهاية الأرب للنويري ج 2 ص 338، الأغاني للأصبهاني ج 11 ص 133.
(3)
عن نهاية الأرب للنويري ج 2.
حُصين بن الحويرث بن عمرو بن كعب بن عمرو بن عبد أبي بكر بن كلاب، منهم الفياشل
(1)
.
وفي ص 328 ج 1 ذكر عن خالد بن جعفر: بطن من كلاب وهم بنو خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب من أيامهم يوم الفُتاة، فيه أغارت بنو عامر على بني خالد بن جعفر في ذلك اليوم بعد مقتلة عظيمة
(2)
.
وفي ص 420 ج 2 ذكر عن ربيعة: قبيلة من معاوية بن كلاب، ثم ذكرهم بطن من بني كلاب يقيمون بمنطقة الفيوم بمصر بلادهم قبشا، دموشيه، منية الأسقف، خفرا
(3)
.
وفي ص 422 ج 2 قال عن ربيعة بن عبد الله: بطن من كلاب وهم بنو ربيعة بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب، من جبالهم المنخر، ومن مياههم جعفر البعر بين مكة واليمامة على الجادة، والذيبة وهي في رملة
(4)
.
وفي ص 426 ج 2 ذكر عن ربيعة بن وبر هم بطن من كلاب: وهم بنو أبي ربيعة بن وبر بن الأضبط بن كلاب
(5)
.
وفي ص 450 ج 2 قال عن رؤاس بن الحارث: بطن من كلاب بن ربيعة بن عامر.
(1)
عن معجم البلدان لياقوت ج 3 ص 926، تاج العروس للزبيدي ج 8 ص 58.
(2)
عن نهاية الأرب للنويري، ونهاية الأرب للقلقشندي (مخطوط) ق 106 - 2، مجمع الأمثال للميداني ج 2 ص 268.
(3)
عن تاريخ الفيوم لأبي عثمان النابلسي ص 13، نهاية الأرب للنويري.
(4)
عن تاج العروس للزبيدي ج 3 ص 559، القاموس للفيروزأبادي ج 2 ص 140.
(5)
عن نهاية الأرب للنويري ج 2 ص 339، وفي معجم البلدان لياقوت ج 4 ص 560 ذكر أنهم بنو الأضبط من جبالهم المضيح على شط وادي الخريب بنجد.
وفي ص 476 ج 2 قال عن رفر: بطن من معاوية بن كلاب بن ربيعة بن عامر.
وفي ص 482 ج 2 قال عن زهير: بطن من معاوية بن كلاب بن ربيعة بن عامر.
وفي ص 524 ج 2 قال عن سعيد بن قرط: هم بطن من أبي بكر بن كلاب ومن مياههم صعق بجنب جبل المردمة، وهي عشرون منبعًا، والرجلاء بجنب المردمة أيضًا.
وفي ص 627 ج 2 ذكر عن صالح بن مرداس: بطن من بني كلاب كانت مجالاتهم بضواحي حلب (الشام)، ولما ضعف أمر العبيديين (الفاطميين) بمصر من بعد المائة الرابعة للهجرة، وانقرض أمر بني حمدان التغلبيين من الشام والجزيرة، تطاولت العرب إلى الاستيلاء على البلاد، فكان لصالح بن مرداس وقومه بني كلاب من حلب إلى غابة، ثم انقرضت دولته سنة 473 هـ، فاستولى مُسلم بن قريش على حلب
(1)
.
وفي ص 651 ج 2 عن الصموت: هم بنو الصموت بن عبد بن أبي بكر بن كلاب.
وفي ص 60 ج 2 ذكر عن الضباب بن كلاب قال: وهم بنو الضباب واسمه معاوية بن كلاب وهم أربعة بطون: ضب، ضبيب، حِسْل، حسيل.
ومن أوديتهم الرّيان وهو وادٍ في ضِريّة من أرض كلاب، أعلاه لبني الضباب وأسفله لبني جعفر من كلاب.
(1)
انظر تاريخ ابن خلدون ج 4 ص 271، نهاية الأرب للقلقشندي (مخطوط).
من أيامهم: يوم حرابيب، وحرابيب هي ثلاثة آبار كانت بها وقعة بين الضباب وجعفر من كلاب، ويوم الهراميث كان للضباب على أخوتهم بني جعفر بن كلاب
(1)
.
وفي ص 664 ج 2 ذكر عن ضُبيعة بن عبد الله أنهم بطن من كلاب
(2)
.
وفي ص 679 ج 2 ذكر عن طريف بن عامر أنهم بطن من كلاب
(3)
وفي ص 685 ج 2 ذكر عن طهمان بن عمرو أنهم بطن من كلاب وهم بنو طهمان بن عمرو بن سلمة بن سكن بن قريط بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب، من مياههم خوض
(4)
.
وفي ص 705 ج 2 ذكر عن عامر: أنهم بطن من كلاب بلادهم: مطول، دفدنو، بوصير، منشاة المطوع من كفور بلالة، الصفاونة، تنفشار، يبيج، فرح، أطسا، باجة خفرا، القلهانة، منشاة أولاد غرفة من أعمال الفيوم بالديار المصرية
(5)
.
وفي ص 711 ج 2 ذكر عن عامر بن عبد الله: أنهم من بني كلاب.
وفي ص 722 ج 2 ذكر عن عبد بن أبي بكر أنه بطن من بني كلاب.
وفي ص 730 ج 2 ذكر عن عبد الله أنه بطن من كلاب.
وفي ص 731 ج 2 ذكر عن عبد الله بن أبي بكر بطن من كلاب.
(1)
عن جمهرة أشعار العرب لابن حزم ص 20، مجمع الأمثال للميداني ج 2 ص 269، العمدة لابن رشيق ج 2 ص 157.
(2)
عن نهاية الأرب للنويري ج 2 ص 340.
(3)
نفس المصدر السابق.
(4)
عن معجم البلدان لياقوت الحموي ج 2 ص 623.
(5)
عن تاريخ الفيوم للنابلسي ص 13.
وفي ص 742 ج 2 ذكر عبيد أنه فخذ من بني كلاب.
وفي ص 743 ج 2 وذكر عبيد بطن من كلاب وهم بنو عبيد وهو أبو بكر بن كلاب.
وفي ص 744 ج 2 وذكر عبيد بن رؤاس بن كلاب وأنه بطن من بطون بني كلاب.
وفي ص 829 ج 2 ذكر عن عمرو أنه بطن من كلاب.
وفي ص 833 ج 2 ذكر عن عمرو بن عبد الله أنه بطن من كلاب.
وفي ص 834 ج 2 ذكر عن عمرو بن قريظ أنه بطن من أبي بكر بن كلاب، من مياههم: الرعشة.
وفي ص 835 ج 2 ذكر عن عمرو بن كلاب وقال: من بلادهم الرفق، روضة، تبراك، نميرة، ومن جبالهم هضب الدخول، الأحاسن، ذِقا، ومن أوديتهم لُبنى، ومن مياههم قِراص، مصليق، المرعدة، الصعصعية، قبدة، الغرورة، روضة الشهلاء، المريرة، ذياد، المصلوق، خفاف، الخريجة، وشحى، العويند، الحرّامية
(1)
.
وذكر في ص 860 ج 2 عوف بن عمرو وقال: هو بطن يُعرف بأبى عوف بن عمرو بن كلاب.
وفي ص 886 ج 3 ذكر غُصين: قال: هو بطن من كلاب بلادهم أهريت بني عطا، دسيا، جردو، دنفارة، دنفارة أهريت، طبها، أخصصا الجميين، يبيج
(1)
عن الاشتقاق لابن دريد ص 180، نهاية الأرب للنويري ج 2 ص 339، معجم ما استعجم للبكري ج 2 ص 614.
أنقاش، يبيج زندير، ششها، منية، بلالة، منتارة، حداده، أم السباع، بشطا، وكلها قرى بالفيوم بمصر
(1)
.
ص 945 ج 3 ذكر عن القرطاء: هم بنو قرط وقريط ابني عبيد بن أبي بكر بن كلاب بن ربيعة كانوا ينزلون بناحية ضِريّة بالبكرات، وبين ضِريَّة والمدينة، وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية الضحَّاك الكلابي إليهم في ربيع أول سنة تسع، فدعاهم إلى الإسلام فأبوا، فقاتلهم، فهُزموا
(2)
.
وفي ص 951 ج 3 قال عن قريط بن عبيد: هم بنو قريط بن عبيد بن أبي بكر بن كلاب، من جبالهم: ينوف، ومن حرَّاتهم: راهص، ومن مياههم: صبح، صباح، الينوفة، الحفائر، قنيع، السعدية
(3)
.
وفي ص 971 ج 3 قال عن قيس بن جزء: هو بطن من كلاب، وهم بنو قيس بن جزء بن كعب بن أبي بكر بن كلاب، من مياههم الغطاءة
(4)
.
وفي ص 986 ج 3 قال عن كعب بن عبيد: بطن من كلاب وهم بنو كعب بن أبي عبيد بن كلاب، من مياههم الطائر، أريكة وهى بقرب جبل عفلان، محدثة سواج وهي في أودية عضاة قرب العفلانة، البقرة وهى بالحوأب، الوزوازة، البجادة، ومن جبالهم: حمتا النوير والمنتضى، ومن حوادثهم التاريخية: أن قيس بن الصمَّة الجُشَمي من هوازن أغار على بني كعب هؤلاء مع قومه جُشَم
(5)
.
(1)
نقلًا عن تاريخ الفيوم للنابلسي.
(2)
عن شرح المواهب للزرقاني ص 166.
(3)
عن معجم البلدان لياقوت الحموي ج 2 ص 248، لسان العرب لابن منظور ج 9 ص 251.
(4)
عن تاج العروس للزبيدي وذكرها معجم البلدان العظاءة.
(5)
نقلًا عن الأغاني ص 14، نهاية الأرب للنويري ص 339، تاج العروس ص 294.
وقال في ص 1030 ج 3 عن مالك بن ربيعة: أنه بطن من أبي بكر بن كلاب، ومن جباله المردمة.
وقال في ص 1041 ج 3 عن المجنون: هم بنو ربيعة بن عبد الله بن أبي بكر عبيد بن كلاب
(1)
.
وفي ص 1190 ج 3 ذكر نفيل أبو نمير كفخذ من بني كلاب وقال: هم من ربيعة من كلاب من بني عامر.
وفي ص 1245 ج 3 ذكر وبرين بن الأضبط كبطن من كلاب وقال: هم بنو الأضبط بن كلاب، ومن جبالهم مُحجر، ومن مياههم القليب، وسجا
(2)
.
وفي ص 1246 ج 3 ذكر عن الوحيد بن عامر وقال: بطن من بني كلاب وهم بنو الوحيد بن عامر بن كلاب، ومن مياههم الهدراء، والمدراء، وكلاهما بنجد
(3)
.
وفي ص 1255 ج 3 ذكر وهبان بن وبر قال: بطن من كلاب وهم بنو وهبان بن وبر بن الأضبط بن كلاب
(4)
.
وفي ص 1254 ج 3 ذكر وهب الأكبر وقال: بطن من كلاب وهم بنو وهب بن وبر بن الأضبط بن كلاب
(5)
.
(1)
نقلًا عن نهاية الأرب للنويري ج 2 ص 339.
(2)
عن نهاية الأرب للنويري ج 2 ص 239، تاج العروس للزبيدي ج 3 ص 595.
(3)
عن لسان العرب لابن منظور ج 4 ص 467، تاج العروس ص 257.
(4)
عن نهاية الأرب للنويري ص 339 ج 2.
(5)
نفس المصدر السابق ص 339.
(6)
وفي كتاب أيام العرب في الجاهلية والإسلام ذكر عن كلاب
(1)
:
قال زُهَيْر بن جُذَيْمة العَبْسي عن قبيلة كلاب:
"إن كلاب كالحية إن تركتها تركتك وإن وطأتها عضتك".
- وفي الجمهرة للكلبي: أن بني كلاب أهل البيت في بني عامر من هوازن وبني كعب هم أهل العقد
(2)
.
(7)
وفي كتاب الأعلام لخير الدين الزركلي ذكر من رجالات بني كلاب من هوازن التالى ذكرهم
(3)
:
- معز الدولة المرداسي عام 454 هـ/ 1062 م: هو ثمال بن صالح بن مرداس الكلابي (أبو علوان) من ملوك الدولة المرداسية بحلب في بلاد الشام، كان كريمًا حليمًا شجاعًا، ولي الملك عام 434 هـ، وكانت الدولة بمصر للفاطميين، فسيّروا إليه ثلاثة جيوش قاتلها ثمال وردّها، ثم كاتب المستنصر بالله الفاطمي، وبعث إليه بهدايا ثمينة، ونزل عن حلب، وسلمها إلى مكين الدولة الحسن بن علي ملهم، ورحل إلى مصر عام 449 هـ، ولما كانت سنة 452 هـ، ثار محمود بن نصر بن مرداس على مكين الدولة واستولى على حلب، فعاد الفاطميون إلى معز الدولة يفاوضونه في استرداد حلب من ابن عمه محمود بن نصر، فزحف بجيش من مصر فملكها ثانية عام 453 هـ واستتب له الأمر فيها، ثم غزا الروم وظفر بهم، وتوفي في حلب.
(1)
تأليف محمد أحمد جاد المولى بك، علي محمد البجاوي، محمد أبو الفضل إبراهيم - دار إحياء التراث، انظر ص 237.
(2)
وفي السيرة النبوية لابن هشام المعافري:
أن دُريد بن الصمَّة الجُشمي قد توقع الهزيمة وبشّر بها في حُنين، عندما سأل زعيم هوازن (مالك بن عوف النصري) عن كعب وكلاب، فأجابه: بأن كلاهما تخلف عن هوازن في قتال المسلمين، فقال دُريد كلمته المشهورة:"لو كان يوم علاء ورفعة ما غابت كعب ولا كلاب".
(3)
انظر المجلد الثاني ص 100، المجلد الثالث ص 214، ص 255، المجلد الخامس ص 94.
- الضحَّاك بن سفيان 11 هـ/ 632 م: هو ابن سفيان بن عوف بن كعب الكلابي (أبو سعيد)، شجاع، صحابي كان نازلًا بنجد، وولّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم هناك من قومه، ثم اتخذه سيافًا، فكان يقوم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم متوشحًا بسيفه، وكانوا يعدونه بمائة فارس، وله شعر، وقيل استشهد في قتال أهل الردة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من بني سُلَيْم! (*).
قلت: ومن العجيب أن الضحَّاك كان على رأس ألف من بني سُلَيم قد ولّاه النبي صلى الله عليه وسلم في قيادتهم في غزوة حُنين ضد هوازن، ولم تشترك كلاب من بني عامر مع باقي قبائل هوازن في هذه الغزوة ضد المسلمين.
وفي أشعار العباس بن مرداس زعيم بني سُلَيم في سيرة ابن هشام المعافري للنبي صلى الله عليه وسلم ما يؤكد قيادة الضحَّاك لفرسان سُلَيم، قال العباس السُّلَمي:
يا خاتم النبأ إنك مرسل
…
بالحق كل هدى السبيل هداكا
إن الإله بنى عليك محبة
…
في خلقه ومحمدًا سماكا
ثم الذين وفوا بما عاهدتهم
…
جند بعثت عليهم الضحّاكا
رجلًا به ذرب السلاح كأنه
…
لما تكنفه العدو يراكا
(1)
يغشى ذوي النسب القريب وإنما
…
يبغي رضا الرحمن ورضاكا
طورًا يعانق باليدين وتارة
…
يقري الجماجم صارمًا بتاكا
(2)
وبنو سُلَيم معنقون أمامه
…
ضربًا وطعنًا في العدو دراكا
(3)
يمشون تحت لوائه وكأنهم
…
أُسد العرين أردنَّ ثم عراكا
(4)
ما يرتجون من القريب قرابة
…
إلَّا طاعة ربهم وهواكا
هذي مشاهدنا التي كانت لنا
…
معروفة وولينا مولاكا
(*) انظر الاستيعاب والإصابة، والروض الأنف.
(1)
ذرب السلاح: أي حدته.
(2)
بتاكًا: قاطعًا.
(3)
معنقون: مسروعون.
(4)
العراكا: المدافعة، العرين: موضع الأسد.
قلت: وفي البيت الخامس يقصد أن الضحَّاك الكلابي يرفع سيفه في وجه قومه من هوازن يبغي رضاء الرحمن ورضاء النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي البيت التاسع يقصد فيه أن هوازن أقرباء لبني سُلَيم لأن القبيلتين من أبٍ واحد هو منصور بن عِكْرمة، ومن أجل طاعة الله ورسوله لا يهم قومه من بني سُلَيْم صلة القرابة والرحم مع هوازن التي تحارب النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في حُنين. وقال العباس بن مرداس أيضًا يذكر الضحَّاك الكلابي:
ويوم حُنين حين سارت هوازن
…
إلينا وضاقت بالنفوس الأضالع
صبرنا مع الضحّاك لا يستفزنا
…
قراع الأعادي منهمو والوقائع
أمام رسول الله يخفق فوقنا
…
لواء كخذروف السحابة لامع
(1)
عشية ضحاك بن سفيان معتصٍ
…
بسيف رسول الله والموت كانع
(2)
نذود أخانا عن أخينا ولو نرى
…
مصالًا لكنا الأقربين نتابع
(3)
ولكن دين الله دين محمد
…
رضينا به، فيه الهُدى والشرائع
أقام به بعد الضلالة أمرنا
…
وليس لأمر حمه الله دافع
وقال العباس أيضًا يذكر الضحَّاك بن سفيان الكلابي في حُنين:
وأذكر بلاء سُلَيم في مواطنها
…
وفي سُلَيم لأهل الفخر مفتخر
قوم هم نصروا الرحمن واتبعوا
…
دين الرسول وأمر الناس مشتجر
لا يغرسون فسيل النخل وسطهم
…
ولا تخاور مشتاهم البقر
(4)
(1)
خذروف السحابة: طرفنا.
(2)
معتص: ضارب، كانع: مغترب.
(3)
يقصد بهذا البيت أن الأخوة في الدين غلبت الأخوة في النسب، ولو كانت هوازن تحارب على حق في هذه المعركة لكانت سُلَيم معها ضد من يقاتلها، ولكن العكس فهوازن على الباطل وتحارب دين الحق في هذه الغزوة، ولا بد من قتالها حتى تفيء إلى الحق وهو دين الإسلام، ومعنى نذود أي ندفع.
(4)
فسيل: صغار النخل ويقصد أن سُلَيم ليسوا أهل زرع ولا رعي وإنما هم أهل حرب.
إلا سوابح كالعقبان مقربة
…
في دارة حولها الأخطار والعكر
(1)
تدعى خفاف وعوف في جوانبها
…
وحي ذكوان لا ميل ولا ضجر
(2)
الضاربون جنود الشرك ضاحية
…
ببطن مكة والأرواح تبتدر
(3)
حتى دفعنا وقتلاهم كأنهم
…
نخل بظاهرة البطحاء منقعر
(4)
ونحن يوم حُنين كان مشهدنا
…
للدين عزا وعند الله مُدّخر
إذ نركب الموت مخضرًا بطائنة
…
والخيل ينجاب عنها ساطع كدر
تحت اللواء مع الضحّاك يقدمنا
…
كما مشى الليث في غاباته الخدر
في مأزقٍ من مجر الحرب كلكلها
…
تكاد تأفل منه الشمس والقمر
(5)
- ناهض بن تومة 220 هـ/ 835 م: هو ناهض بن تومة بن نصيح الكلابي العامري من بني عامر من هوازن، شاعر بدوي فارس فصيح من شعراء العصر العباسي، كان يقدم البصرة فيكتب عنه شعره وتؤخذ عنه اللغة، له أخبار.
- عبد العزيز بن زرارة الكلابي 50 هـ/ 670 م: قائد من الشجعان المقدمين في زمن معاوية بن أبي سفيان، كان قد غزا القسطنطينية وأبلى في قتال الروم البلاء العجيب، وقُتل في أحد الوقائع، ولما نعي لمعاوية، قال: هلك والله فتى العرب! وله شعر أورد ابن الأثير وأبو تمام أبياتًا منه. (ابن الأثير - حوادث سنة 49، وشرح الحماسة للتبريزي).
(1)
سوابح: الخيل السريعة. والعقبان: طائر من الجوارح، مقربة: قريبة من الدور محافظة عليها لكرمها، الدارة: ما أحاط بالشيء، الأخطار: جماعات الإبل، العكر: الإبل الكثيرة.
(2)
الميل: الذين لا سلاح لهم.
(3)
ساطع: أي غبار متفرق.
(4)
الخادر: أكمة الأسد.
(5)
الكلكل: الصدر.
- نفيل بن عمرو بن كلاب: جد جاهلي، كان لبنيه شرف في الجاهلية والإسلام، قال القطامي:
من البيض الوجوه بني نفيل
…
أبت أخلاقهم إلا ارتفاعا
منهم خويلد بن نفيل، قال ابن حزم: كان سيدًا يطعم بعكاظ، وزفر بن الحارث القائم بالجزيرة أمام مروان، ويزيد بن عمرو بن الصعق (الشاعر)، ومسلم بن سعيد بن أسلم ولي خراسان هو وأبوه قبله.
(عن الجمحي 412، وجمهرة الأنساب 269 - 270 هـ).
- أبو زياد 200 هـ/ 815 م: هو يزيد بن عبد الله بن الحر بن همام الكلابي: عالم بالأدب له شعر جيد، كان من سكان بادية العراق، وحل بأرض قحط، فدخل بغداد في أيام المهدي العباسي ونزل قطيعة (العباس بن محمد) فأقام بها نحو أربعين سنة ومات فيها، ومن شعره:
له نار، تشب على يفاع
…
إذا النيران ألبست القناعا
ولم يك أكثر الفتيان مالًا
…
ولكن كان أرحبهم ذراعا.
وهو صاحب كتاب النوادر، قال البغدادي عنه: كتاب كبير فيه فوائد كثيرة. وله أيضًا كتاب الفروق، والإبل وخلق الإنسان.
(خزانة الأدب للبغدادي 3: 118 وفهرست ابن النديم 44)
- الهذيل بن زفر 102 هـ بعد عام 720 م: هو الهذيل بن زفر بن الحارث بن عبد بن عمرو الكلابي، من الرؤساء الشجعان الفصحاء في العصر المرواني الأموي، دخل على يزيد بن المهلّب يستعين به على ديات تحمَّلها عن بعض الناس، فقال: أصلحك الله، إنه قد عظم شأنك وارتفع قدرك أن يُستعان بك أو يُستعان عليك!، وليست تفعل شيئًا من المعروف إلا وأنت أكبر منه، وليس
العجب من أن تفعل ولكن العجب من أن لا تفعل، فقال يزيد: حاجتك؟ فذكرها، فأمر له بها، وزادها مئة ألف درهم، فقال أما الحمالات (وهي الديات التي سيؤديها عن أشخاص لآخرين) فقد قبلتها، وأما المال فليس هذا موضعه!، ثم كان مع أبيه أيام قيامه في الجزيرة الفراتية، في عهد مروان بن الحكم، ومات أبوه (نحو 75 هـ) فعاد إلى ولائه لبني مروان، ولما بايع أهل البصرة ليزيد بن المهلّب وانتعض بهم على بني مروان سنة 101 هـ. وحاربته جيوش الشام، كان الهذيل مع قائدها مسلمة بن عبد الملك، ثم كان على ميسرته في وقعة العقر التي قتل بها ابن المهلّب، وذكر ابن حزم أن الهذيل بن زفر هو قاتله، وأورد ابن الأثير أن الذي قتل المهلّب هو الهذيل بن زفر، ولم ينزل يأخذ رأسه أنفة منه!
(عن الكامل لابن الأثير 5: 29 - 11، والبيان والتبيين 2: 66، وجمهرة الأنساب 270).
- مُلاعب الأسنة 10 هـ/ 631 م: هو عمار بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري (أبو براء) فارس قيس عيلان، وأحد أبطال العرب في الجاهلية وغُرة الإسلام، وهو خال عامر بن الطفيل الكلابي الآتي ذكره، وسمي عامر بن مالك بمُلاعب الأسنة - أي الرماح، ويقول أوس بن حجر:
"ولاعب أطراف الأسنة عامر
…
فراح، له حفظ الكتيبة أجمع"
وقد أدرك الإسلام، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك، ولم يثبت إسلامه.
- عوف بن الأحوص بن جعفر الكلابي:
يكنى أبا يزيد، شاعر جاهلي، كان في أيام حرب الفجار بين هوازن و قريش في الجاهلية، وهو القائل:
وإني وقيسًا كالمسمن كلبه
…
فتخدشه أنيابه وأظافره.
- المتوكل بن عياض الكلابي: هو المتوكل بن عياض بن حكم بن طفيل الكلابي من بني جعفر: شاعر يقال له ذو الأهدام، كان معاصرًا للفرزدق التميمي وبينهما مهاجاة.
(تاج العروس - نقائض جرير والفرزدق).
- المهاجر الكلابي 125 هـ/ 743 م: المهاجر بن عبد الله الكلابي والي اليمامة والبحرين في خلافة هشام والوليد بن يزيد، كان جميل الصورة وهجاه الفرزدق بقوله:
وإذا اليمامة أنمرت حيطانها
…
وقعدت يا ابن خضاف فوق سرير
لويت بي شدقيك تحسب أنني
…
أعيا بلومك يا ابن عبد كبير.
(النقائض طبعة ليدن 539 - تاج العروس - والأغاني).
- أبو مهدي الكلابي 280 هـ/ 893 م: محمد بن سعد بن ضمضم بن الصلت أبو مهدي الكلابي، شاعر فصيح أعرابي، مدح محمد بن عبد الله بن طاهر ورثاه بعد وفاته، وأورد المرزباني قطعتين من شعره.
- نُباته بن حنظلة الكلابي 130 هـ/ 748 م: نُباته بن حنظلة الكلابي من بني بكر بن كلاب، أحد القادة في العصر المرواني، قال ابن قتيبة كان فارس أهل الشام، وكان على المنجنيق يوم الكعبة، استعمله ابن هبيرة أميرًا على الأهواز، وانتدبه لقتال عبد الله بن معاوية الطالبي، ثم وجهه إلى أصبهان بفارس نجدة لنصر ابن سيار على أبي مسلم الخراساني، فمضى نُباته إلى الريّ ومنها إلى جرجان،
فاجتمع بنصرٍ، وأقبل عليهما قحطبة بن شبيب في جيش، فقاتلاه قتالًا شديدًا، وقتل عشرة آلاف ممن كانوا مع نُباته ونصر، وقُتل نُباته، فبعث قحطبة برأسه إلى أبي مسلم.
(عن الكامل لابن أثير - الطبري - تاج العروس).
- عامر بن الطفيل 70 قبل الهجرة - 11 هـ/ 554 - 632 م: هو عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري من عامر بن صعصعة من هوازن، فارس قومه وأحد فُتّاك العرب وشعرائهم وساداتهم في الجاهلية، كنيته أبو عليّ، وُلد ونشأ في بلاد نجد، وكان يأمر مناديًا في سوق عكاظ ينادي: هل من راجل فنحمله؟ أو جائع فنطعمه؟ أو خائف فنؤمنه؟ وخاض المعارك الكثيرة، وأدرك الإسلام شيخًا فوفد على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة بعد فتح مكة يريد الغدر به فلم يجرؤ على ذلك فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فاشترط أن يجعل له نصف ثمار المدينة، وأن يجعله ولي الأمر من بعده، فرده النبي صلى الله عليه وسلم عن طلبه، فعاد حنقًا وسمعه أحد الصحابة يقول: والله لأملأنها عليه خيلًا جردًا ورجالًا مردًا وأربطن بكل نخلة فرسًا!.
فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم: وقال اللهم اكفني عامر بن الطفيل، فمات في طريقه قبل أن يبلغ أهله وقومه من بني كلاب، وكان عامر أعور أصيبت عينه في إحدى وقائعه، وعقيمًا لا يولد له، وهو ابن عم لبيد الشاعر، أخباره كثيرة ومتفرقة، وله ديوان شعر، ومما رواه أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، وفي البيان والتبيين: أنه وقف جبار بن سليمان الكلابي على قبر عامر بن الطفيل فقال: كان والله
لا يضل حتى يضل النجم، ولا يعطش حتى يعطش البعير، ولا يهاب حتى يهاب السيل، وكان والله خير ما يكون حين لا تظن نفس بنفس خيرًا.
وفي سيرة ابن هشام ذكر عن عامر بن الطفيل
(1)
:
وفد عامر بن الطفيل وأربد بن قيس في الرفادة عن بني عامر وكانوا رؤساء الوفد وكان ثالث الرؤساء جبار بن سلمى بن مالك بن جعفر، وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم، قلت: وهم من بني كلاب.
فقدم عامر بن الطفيل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يريد الغدر به، وقد قال له قومه: يا عامر، إن الناس قد أسلموا فأسلم، قال: والله لقد كنت آليتُ أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي، أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش؟!، ثم قال لأربد: إذا قدمنا على الرجل - يعني النبي صلى الله عليه وسلم، فإني سأشغل عنك وجهه، فإذا فعلت ذلك فأعله بالسيف - أي اقتله -، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامر بن الطفيل: يا محمد خالني - أي اتخذني صاحبًا وخليلا -، قال له رسول الله: لا والله حتى تؤمن بالله وحده، فكرر قوله وقال يا محمد خالني، وجعل يكلمه وينتظر من أربد ما كان أمره به، فجعل أربد لا يحير شيئًا، قال: فلما رأى عامر ما يصنع أربد، قال يا محمد خالني، قال: لا حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له، فلما أبي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أما والله لأملأنها عليك خيلًا ورجالًا، فلما ولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اكفني عامر بن الطفيل، فلما خرجوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامر لأربد: ويلك يا أربد أين ما كنت أمرتك به؟ والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف عندي على نفسي منك، وأيم الله لا أخافك
(1)
ص 427 الجزء الرابع - السيرة النبوية لابن هشام.
بعد اليوم أبدًا، قال: لا أبالك: لا تعجل عليّ، والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره إلا دخلت بيني وبين الرجل، حتى ما أرى غيرك، أفأضربك بالسيف؟!
وخرجوا راجعين إلى بلادهم، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه، فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول
(1)
فجعل يقول: يا بني عامر، أغدة كغدة البكر
(2)
في بيت امرأة من بني سلول!!
قال ابن هشام: ويقال أغدة كغدة الإبل، وموتًا في بيت سلولية.
قال ابن إسحاق: ثم خرج أصحابه حين واروه، حين قدموا أرض بني عامر شاتين، فلما قدموا أتاهم قومهم فقالوا: ما وراءك يا أربد؟
قال: لا شيء والله، لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن، فأرميه بالنبل حتى أقتله - يقصد النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل له يتبعه، فأرسل الله تعالى عليه وعلى بعيره صاعقة، فأحرقتهما، وكان أربد بن قيس أخا لبيد بن ربيعة الكلابي لأمه
(3)
.
قال ابن هشام: وذكر زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال:
وأنزل الله عز وجل في عامر وأربد {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} إلى قوله تعالى {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}
(4)
.
قلت: وكان عامر بن الطفيل الكلابي العامري (من هوازن) أحد جبابرة عصره، ومما يؤثر عنه أن الأعشى الشاعر امتدح الأسود العنسي في اليمن فأعطاه جائزة من الحُلل والعنبر، فرجع وطريقه على بني عامر فخافهم على ما معه من
(1)
بنو سلول قبيلة من بني عامر من هوازن سموا باسم أمهم وهي سلول.
(2)
الغدة: مرض يصيب الإبل تموت منه، والبكر الفتى من الإبل.
(3)
وقد رثاه بأشعار عديدة بعد موته - انظر سيرة ابن هشام ص 428.
(4)
الرعد: آية 8 - 11.
المال، فأتى علقمة بن علاثة فقال له: أجرني. فقال له: أجرتك، قال: من الجن والإنس، قال: نعم. قال: ومن الموت، قال: لا. فتركه وأتى عامر بن الطفيل الكلابي فقال: أجرني، قال: قد أجرتك، قال من الإنس والجن، قال: نعم، قال: ومن الموت، قال: نعم، قال الأعشى: وكيف تجيرني من الموت يا ابن الطفيل؟ قال: إذا متّ وأنت جاري بعثت إلى أهلك الدية، قال: الآن علمت أنك تجيرني حتى من الموت!.
ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم عليه راجع لقسوته وجبروته، فهو الذي تسبب في قتل سبعين من الصحابة في بئر معونة، وكان قد أرسلهم النبي لنشر الدين بدعوة من عامر بن مالك (ملاعب الأسنة) الكلابي، وقد أجارهم بعد أن قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إني أخشى عليهم سطوة أعراب نجد، فلما رآهم عامر بن الطفيل استصرخ بني عامر لقتلهم فأبوا عليه ما أراد، وقالوا لن ننقض العهد لأبي براء، فأتى أحياء رعل وعُصية وذكوان من بني سُلَيم فأجابوه، وقتلوا المسلمين في بئر معونة، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقام حسان بن ثابت شاعر الأنصار بتحريض مُلاعب الأسنة على ابن الطفيل، فهجم عليه بحربته ولكن لم يصب منه مقتله، ثم عيّر حسان بني جعفر بن كلاب قائلًا:
تركتم جاركم لبني سُلَيْم
…
مخافة حربهم عجزًا وهونا.
(8)
وفي كتاب دولة الإسلام لشمس الدين الذهبي 673 - 748 هـ
(1)
:
- أنه في عام 198 هـ: في خلافة المأمون العباسي، انتدب بن بهيس الكلابي أمير العرب بالشام لحرب السفياني، ولما قام معه فقاتلهم وأخذتهم دمشق، وأقام دعوة المأمون وهرب السفياني في إزار.
(1)
الجزء الأول والثاني - طبع إدارة إحياء التراث الإسلامي بدولة قطر.
- وفي عام 420 هـ: هلك أمير عرب الشام صالح بن مرداس الكلابي، وكان قد تملك حلب ثلاث سنين، انتزعها من نواب الظاهر صاحب مصر، ثم حاربه جيش الظاهر، فقُتل في الوقعة.
(9)
وفي كتاب أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام
(1)
ذكر نساء كلابيات لهن ذكر في التاريخ العربي والإسلامي نذكر منهن التاليات:
- أم الأسوار الكلابية: شاعرة من شواعر العرب، كانت محبوسة في المدينة النبوية بجناية جناها ابنها فقالت:
كلانا إذا ما قيده عض ساقه
…
وأُحكم حتى زلت القدمان
أرى شاهد الأعداء من جلاده
…
وإن كان مرميًا بنا الرجوان
(عن الحماسة للبحتري)
- أم خلف الكلابية: شاعرة قالت:
أمير المؤمنين جزيت خيرًا
…
ألم يبلغك خبر ما لقينا
أناخت حائل جذباء ناب
…
فلم تترك لطلحتنا فنونا
تكنفها فتأكل ما يليها
…
ونكنفها فتأكل ما يلينا
وصار المال في أيدي رجال
…
إذا ملكوا أذاقوا الناس هونا
بكل رقاق مهلكته هذيل
…
إذا ما قيل ثم ركب الحنينا
إذا رام القيام أبت يداه
…
ورجلاه القيام فلا تعينا
(1)
أعلام النساء - رضا كحالة.
- أم الهيثم الكلابية: راوية من راويات الشعر في الكوفة، أنشدت أبا العباس المبرَّد الشاعر الشهير فقالت:
من يتخذ خِيمًا سوى خيم نفسه
…
يدعه ويغلبه على النفس خيمها
(عن الكامل للمبرَّد)
- عمرة بنت حرفة الكلابية: من فواضل نساء عصرها، ذكرها ابنها القتَّال الكلابي في شعره ففخر بها قائلًا:
لقد ولدتني حُرَّة ربيعة
…
من اللاء لم تحضرن في القيظ ديدنا
(عن الأغاني للأصبهاني)
- عمرة بنت يزيد بن عبيد الكلابية:
تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بها، فتعوَّذت منه حين أُدخلت عليه صلى الله عليه وسلم، وكانت وقتئذ حديثة عهد بكفر، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لقد عذت بمُعاذ، وطلقها، وأمر أسامة بن زيد فمتَّعها بثلاث أثواب
(1)
.
هكذا روي عن عائشة رضي الله عنها، وقال قتادة: كان ذلك في امرأة من بني سُلَيم، وقال أبو عبيدة: إنما كان في ذلك لأسماء بنت النعمان بن الجون.
وقال قتيبة في عمرة بنت يزيد هذه: أن أباها وصفها للنبي صلى الله عليه وسلم ثم قال له: إنها لم تمرض قط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بهذي عند الله خير، ثم طلقها.
(1)
رواه ابن إسحاق، وقال أبو عمر بن عبد البر: هذا عندنا ليس بصحيح.
-
فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة الكلابية:
شاعرة فصيحة تزوجها علي بن أبي طالب، فولدت له العباس ثم عبد الله ثم جعفرًا ثم عثمان، وكلهم قتلوا مع أخيهم الحسين بكربلاء، وكانت تخرج كل يوم إلى البقيع ومعها عبيد الله ابن ولدها العباس فتندب أولادها الأربعة فيجتمع الناس يسمعون بكاءها وندبتها.
-
فاطمة بنت الضحَّاك الكلابية:
تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة ابنته زينب، ولما نزل آية التخيير اختارت الدنيا ففارقها النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت بعد ذلك تلقط البعر في البادية، وتقول: أنا الشقية التي اخترت الدنيا، وقيل أن الضحَّاك بن سفيان عرض على النبي ابنته فاطمة وقال: إنها لم تصدع قط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لي بها، وقيل إنها استعاذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ففارقها.
(عن تاريخ الطبري، الاستيعاب لابن عبد البر، الإصابة لابن حجر).
-
قطية بنت بشر الكلابية:
شاعرة من شواعر العرب، مر مروان بن الحكم الأموي ببادية بني جعفر من كلاب فرأى قطية تنزع بدلو على إبل لها وتقول:
ليس بنا فقر إلى التشكي
…
جربه كحمر الأبكِ
لا ضرع فيها ولا ندكي.
وتقول:
عامان ترقيق وعام تمحا
…
لم يترك لحمًا ولم يترك دما
ولم يدع في رأس عظم ملدما
…
إلا رذيًا ورجالًا رُزمَّا.
فخطبها مروان فتزوجها، فولدت له بشر بن مروان الأموي.
- أم موسى الكلابية: شاعرة من شواعر العرب، تزوجت فنقلت إلى حِجْر اليمامة
(1)
فقالت:
قد كنت أكره حِجْرًا إن ألمَّ بها
…
وأن أعيش بأرض ذات حيطان
لا حبذا العرف الأعلى وساكنه
…
وما يضمن من مال وعيدان
أبيت أرقب نجم الليل قاعدة
…
حتى الصباح وعند الباب علجان
لولا مخافة ربي أن يعاقبني
…
لقد دعوت على الشيخ ابن حيان
(عن معجم البلدان الياقوت الحموي، وبلاغات النساء لطيفور)
-
أم الأسوّد الكلابية:
شاعرة من شواعر العرب، قالت تهجو زوجها:
سأنذر بعدي كل بيضاء حرة
…
منعمة خود كريم بخارها
قصير قبال النعل يضحي وهمه
…
قريب ويمسي حيث يعشيه نارها
إذا قال قد أشبَعْتَني بات راضيًا
…
له شملة بيضاء خاف خمارها
يرى الطيب عارًا أن يمس ثيابه
…
أو المسك يومًا إن علاه صوارها
ولكنه من رطب أخثاء صنانه
…
إذا مرعت بالكف من ديارها
وطير بذيالٍ يرى الليل متنه
…
لناقته حتى يحين اذكرارها
بعيد المدى يقضي الكري فوق رحله
…
إذا القوم بالموماه صار شرارها
لعمر أبي ما خار لي أن يبيعني
…
بأبعرة إذا قحمته عشارها
فوالله لولا النار أو أن يري أبي
…
له قودًا أو أن ينالني عارها
قد نازعت كفي المهنّد ضربة
…
وكان عليه خبلها وشنارها.
(عن بلاغات النساء لابن طيفور)
(1)
حِجْر: هي مدينة باليمامة وأم قراها.
- زهراء الكلابية: شاعرة من شواعر العرب في الدولة العباسية، كانت تحدث إسحاق الموصلي وتناشده، وكانت تميل إليه وتكني عنه في عشيرتها إذا ذكرته بجمل، فكتبت إليه وقد غابت عنه تقول:
وجدي بجمل على أني أجمجمه
…
وجد السقيم ببرء بعد إدناف
أو وجد ثكلى أصاب الموت واحدها
…
أو وجد مغترب من بين أُلاف.
فأجابها إسحاق:
اقرأ السلام على الزهراء إذا شحطت
…
وقل لها قد أذقت القلب ما خافا
أما رثيت لمن خلفت مكتئبا
…
بذري مدامعه سحًا وتوكافا
فما وجدت على إلفٍ أفارقه
…
وجدي عليك وقد فارقت آلافا.
ومن حديث مع إسحاق أنها قالت له: ما فعل عبد الله بن خرداذبه؟ فقال إسحاق: مات، فقالت: غير ذميم ولا لئيم غفر الله لصداه، لقد كان يحبك ويعجبه ما سرك، فقال إسحاق لزهراء: حدثيني من قول الشاعر:
أحبك أن أخبرت أنك فارك
…
لزوجك إني مولع بالفوارك
ما أعجبه من بغضها لزوجها، فقالت: عرفته أن في نفسها فضلة من جمال وشمخًا بأنفها وأبهة فأعجبته.
(الأغاني للأصبهاني، معجم الأدباء لياقوت الحموي)
- زينب بنت مالك بن جعفر بن كلاب
(1)
:
شاعرة من شواعر العرب قالت ترثي يزيد بن عبد المدان فارس اليمن:
(1)
وهي أخت عامر بن مالك (مُلاعب الأسنة) أبو براء الصحابي المعروف من كلاب من هوازن.
بكيت يزيد بن عبد المدان
…
حلت به الأرض أثقالها
شريك الملوك ومن فضله
…
يفضل في المجد أفضالها
فككت أسارى بني جعفر
…
وكِنْدة إذ نلت أقوالها
ورهط المجالد قد جللت
…
فواضل نعماك أجيالها.
وقالت أيضًا ترثي يزيد:
سأبكي يزيد بن عبد المدان
…
على أنه الأحكم الأكرم
رماح من العزم مركوزة
…
ملوك إذا برزت تحكم.
فلامها قومها من كلاب وسائر بني عامر من هوازن في ذلك، وعيَّروها بأن بكت يزيد، وهو ليس من قومها أو حتى من نزار، بل من القحطانية، فقالت زينب:
ألا أيها الزاري علي بأنني
…
نزارية أبكي كريمًا يمانيا
ومالي لا أبكي يزيد وردني
…
أجر جديدًا مدرعي وردائيا.
(الأغاني للأصبهاني)
-
ضفية بنت محمد بن بشارة بن ذبيان الكلابية:
محدثة سمعت من أحمد بن أبي الخير والمسلم بن غلان وغيرهما، ووعظت كثيرًا من نساء عصرها، وتوفيت في 13 من ذي الحجة عام 763 هـ.
(الدرر الكامنة لابن حجر)
-
العالية بنت ظبيان الكلابية، ويقال لها أم المساكين:
من فواضل نساء عصرها، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت عنده ما شاء الله، ثم طلقها، كذا قال أبو عمر، فمقتضاه أن تكون من دخل بهن، وقال ابن منده لما ذكر الأزواج: وطلق العالية بنت ظبيان، وبلغنا أنها تزوجت قبل أن يحرِّم الله نكاح أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فنكحت ابن عمها، وولدت فيهم.
(عن الإصابة لابن حجر)
قلت: وأضيف امرأة شهيرة من بني كلاب وهي:
- فاطمة بنت مظلوم بن الصحصاح بن جُندبة الكلابي وشهرتها (ذات الهمَّة)
(1)
ظهرت في بادية بني كلاب، من أشهر نساء العرب التي امتطت الخيل وقاتلت بالسيف، وقد انخرطت في الجهاد مع جيوش المسلمين في الثغور ببلاد الأناضول، في أواخر الدولة الأموية وأول عهد دولة بني العباس، ولها سيرة وملاحم محفوظة في أوروبا (لندن وبرلين)، وجدُّها الصحصاح بن جندبة فارس شهير أيضًا، له غزوات في بلاد الروم في عهد الدولة الأموية، وكان أمير بادية الحجاز فترة من الزمن.
(1)
لذات الهمَّة قصة من التراث الشعبي من إعداد مؤلف الموسوعة الأستاذ/ محمد سليمان الطيب، والناشر دار الفكر العربي بالقاهرة، وتطلب من دار الكتاب الحديث - الكويت.
ما قاله المؤرخون عن العوازم - آل عطا - (هوازن)
(1)
في معجم الألفاظ الكويتية ذكر عن العوازم التالي ص 262، 263
(1)
:
العوازم: عشائر نجدية الأصل قديمة عهد في سكنى الكويت، وقد كانت محلتهم في منطقة السوق وقد شق منها شارع دسمان، وحيُّهم اليوم كبير يقع بين سوق التجار وبين شارع الكهرباء، وفيه يقوم مسجد ابن فارس، وقد نقلت إلى هذا الحي مؤخرًا مكتبة العارف العامة، وشيخ العوازم اليوم راشد بن رشدان، ويلبس نساؤهم البراقع
(2)
- والبرقع حجاب للوجه فيه فتحتان تطل منهما عينا المرأة ولا يستعمله في الكويت غير نساء العوازم.
(2)
وفي كتاب أصدق البنود في تاريخ عبد العزيز آل سعود
(3)
:
في ص 302: بينما كان جلالة الملك لا يزال في الشعرا، وبينما كان جنده ينحدر كالسيل المنهمر إلى حيث أمره، سوّل الشيطان للدويش بعد أن أصاب ولده
(1)
معجم الألفاظ الكويتية - في الخطط واللهجات والبيئة - للشيخ/ جلال الحنفي البغدادي - طبعة 1964 م/ 1383 هـ - بغداد، بمساعدة وزارة التربية والتعليم العراقية.
(2)
ذكرت البراقع من لباس نساء بني عامر وسائر هوازن منذ الجاهلية في عدة مراجع، من بينها كتاب نحاف الوراء في أخبار أم القرى لنجم عمر بن فهد ج 1 ص 104، وكان البرقع الذي تلبسه إحدى نساء هوازن في الجاهلية هو سبب لنشوب حرب الفجار بين هوازن وقريش من قبائل مُضَر، ومختصر القصة أن فتيان من قريش أرادوا النظر في وجه امرأة وضيئة من بني عامر من هوازن كانت تطوف بالكعبة، فأبت أن تسفر عن وجهها وتنزع برقعها، فاحتال أحدهم حتى شبك درعها من الخلف وهي جالسة بأعلى ثوبها فلما قامت انكشفت عورتها، فتهكم عليها الفتيان وقالوا: أبيت علينا وجهك فنظرنا لعورتك! فصرخت في قومها يا آل عامر .. يا آل عامر، ورددت واذلاه في بيت الله، فأتاها فرسان عامر وهوازن وجحافل قبائل قيس ودخلوا على قريش ومن عاونهم من كنانة بخيولهم في عقر دارهم، وقُتل رجالات من قريش في حرب الفجار، وسميت كذلك لأن قبائل مُضَر قاتلت في الأشهر الحُرُم.
(3)
أصدق البنود - لعبد الله العلي المنصور الزامل - طبع بوزارة المعارف السعودية.
ومن معهم ما أصابهم، أن ينتهز هذه الفرصة، فيصول على العوازم الذين أصبحوا على مقربة منه. فجمع جميع ما لديه من قوة وسار بأهله معه، وكذلك فعل العُجمان، حتى أناخوا أمام العوازم، فأقاموا يومين والخيل تكر بين الفريقين، وفي صباح السبت، الثاني من جمادى الأولى، انقسم الأشقياء قسمين، فكان العُجمان قسمًا، وكانت مُطير القسم الآخر، وقد بدأ العُجمان بالهجوم، فكرّ عليهم العوازم بسرعة شديدة، حتى أزاحوهم من أماكنهم، وأعملوا فيهم الذبح والقتل.
وكانت مُطير تنتهز فرصة كر العوازم على العُجمان لتهاجمهم من خلفهم، ولكن العوازم جعلوا قوة تحميهم من ورائهم، فاشتد القتال بين مُطير والقوة الخلفية، ودام إلى أن انهزم العُجمان، وعاد العوازم فأطبقوا على مُطير، وما هي إلا مدة قصيرة حتى ولَّت مُطير الأدبار لا تلوي على شيء.
وعاد العوازم برايات المنهزمين وغنموا جميع أموالهم، وقد دخلت نساء المنهزمين على العوازم لاجئات .. وظل العوازم ثلاثة أيام يتعقبون فلول المنهزمين وهم يعملون فيهم النار ويجمعون ما تركوا من أنعام (انتهى).
قلت: وصفات العوازم هي صفات بني كلاب في الشجاعة.
وفي ص 316 ذكر عن العوازم قائلًا:
أما العصاة من مُطير والعُجمان ومن التف حولهم في حدود العراق والكويت، فإن الشيطان قد نفخ في أنوفهم، فقاموا بغزوتين على العوازم، وقد كسرت فيها شوكة المعتدين وقتل رجالهم وأخذت فيها أموالهم. وكنت قاصمة الظهر وقعة أم أرضمة التي قتل فيها ولد فيصل الدويش (من مُطير)، وقتل سلة الحرب من مُطير والعُجمان، فأصبح العُصاة في تك الجهات في أسوأ حال، لا يملكون بعد هذا الخسران حولًا ولا طولًا.
ولما وصل الحال إلى هذا الموقف، وذلك في أواخر جمادى الأولى، كان كثير من الناس يرى أن الفتنة قد انتهت، وأنه من المتيسر إرسال سرية بسيطة للقضاء على البقية الباقية من أهل الفتنة في حدود العراق والكويت.
وفي ص 324 ذكر العوازم أيضًا قائلًا:
وبالفعل سار ابن مساعد، ونزل في جهات لينه، فأصبح مستحيلًا على العصاة أن يصلوا إلى تلك الأطراف بغير أن يلتقوا بقوة ابن مساعد، وهذا مما لا يقدمون عليه بعد وصول ابن مساعد لموقفه.
وأما احتمال تفرقهم بين القبائل فهذا لا طريق لهم إليه، إلا من أحد طريقين: إما عن طريق حفر الباطن ثم يمشون جنوبًا لغرب، أو من طريق منازل العوازم في الجنوب الشرقي.
لذلك أصدر جلالة الملك/ عبد العزيز آل سعود أمره للفرم أحد مشايخ قبائل حرب أن يسير بمن معه إلى حفر الباطن ويقيم فيه، كما أمر سرية من جنده أن تسير إلى منازل العوازم وتكون معهم في أخذ أي فريق من العصاة يريد أن يفلت من العقوبة.
وفي ص 341 ذكر العوازم أيضًا قائلًا:
الثلاثاء 30 رجب، مشينا عند الصباح وواصلنا السير ساعتين، ثم أنخنا في مفرش المسناة أيضًا، وكان جلالة الملك قد أرسل سيارات لتدرك السير وتعود إلينا بالأخبار بعد أن وضعنا أثقالنا وبدأنا بنصب خيامنا.
جاء من أخبر بأنه رأى أمام ميسرتنا جمع عظيم وأباعر كثيرة تمشي، وبعد بضع دقائق جاء من أخبر بنفس الخبر، فلم يشأ جلالة الملك التعجل خشية أن
يكون هؤلاء من العوازم الذين يقطنون هذه المنازل، أو خشية أن تكون السرية من السُبعان الذين كان أرسلهم جلالة الملك من الدهناء بإمرة وليد بن شوية لمناوشة العُصاة.
وفي ص 350 ذكر عن العوازم قائلًا:
قدمت جموع العوازم الذين كانت منازلهم على مقربة من الأرض التي نزلناها، والعوازم هم الذين أبلوا البلاء الحسن في قتال العُصاة يوم هاجمهم هؤلاء، فقاتلوا ورابطوا وصابروا وصبروا مدة غير قليلة، وقد عوملوا في مخيم جلالة الملك معاملة حسنة مكافأة لهم على ما قدّموا.
(3)
وفي كتاب تاريخ الكويت
(1)
لعبد العزيز الرشيد ذكر عن العوازم قائلًا:
في ص 225: أغار ماجد الدويش (من قبيلة مُطير) على عريب دار العوازم من قبائل الكويت في مَلَح، وكان دعيج آل الصباح بينهم فخفّ الكويتيون لنصرتهم، ولكن بعد أن قضى الله الأمر وأصاب الدويش منهم ما أصاب وأخذ ما أخذ من الغنائم والأموال، أما مبارك فتطيّر من عمل ماجد وعده اعتداء فظيعًا يستحق عليه العقاب الصارم، وذلك لأن مبارك كان قد أعطاه قبل غارته ما يسد وطره، ولأن من أغار عليهم لم يعتدوا عليه فيكون ما أصابهم به جزاء لاعتدائهم زيادة عليه، فهو لا يرى هذا الاعتداء إلا على آل الصباح أنفسهم لا على قبيلتين من قبائلهم، ومبارك لا يطيق الصبر على مثل هذا وإن صبر عليه سواه، لهذا رماه بجيش كثيف من الكويتيين والعربان كان هو قائده بنفسه وقد صحبه في
(1)
تاريخ الكويت تأليف يعقوب عبد العزيز الرشيد - طبعة 1971 م - دار مكتبة الحياة - بيروت.
الردينيات، فأغارت عليه أولًا خيل عَنَزة ولكنها لم تفعل شيئًا، ثم تقدم زعيم العوازم ابن مساعد بن حماد وتبعته عشيرته، ولم يصغوا لمنع مبارك إياهم عن الإقدام، فكانت النتيجة انهزام الدويش تاركًا خلفه من القتلى والجرحى والأموال شيئًا كثيرًا. (انتهى) قلت: وهذه طبيعة بني كلاب، والعوازم امتداد لهم في
الإقدام والبطولة.
(4)
وفي مجلة العرب السعودية ذكر العلَّامة حمد الجاسر عن العوازم
(1)
:
قال تحت عنوان النَّقيرة: بفتح النون وكسر القاف، فعيلة بمعنى مفعولة، أي منقورة، هناك في الشمال من آبار النعيرية الارتوازية وعلى مسافة خمسين كيلو متر جوٌّ واسع من الأرض، فيه آبار قديمة، ليست غزيرة الماء، يطلق على واحدة منها، تقع في الجنوب من ذلك الجوِّ ومن الآبار - اسم النقيرة، وقد تسمَّى مُشاش النقيرة لضعف مائها، ومعروف أن المياه في البادية جميعها تأثرت بما حُفر من الآبار العميقة التي ركِّبت فوقها الآلات الحديثة لجذب الماء من أعماق الأرض، هذه البئر الضعيفة الماء كانت ذات شهرة عظيمة قديمًا لوقوعها في طريق من أعظم الطرق الموصلة إلى شرق الجزيرة، من الشمال كاظمة (الكويت) والعراق وما حولها من البلاد.
قال الأزهري في كتاب "تهذيب اللغة": النقيرة ركية ماؤها رواء، بين ثاج وكاظمة، انتهى. ومثل هذا في كتاب التكملة للصاغاني.
وقال الهمداني في "صفة جزيرة العرب": النقار: نقر في الرمل وكاظمة، ومسلحة بئر كانت أجاجا تدرب البطون، وعذب ماؤها فصار فراتًا والنقيرة، وبها البئر العدُّ، التي ذكرناها، والسودة (انتهى).
(1)
مجلة العرب - حمد الجاسر رجب/ شعبان 1407 هـ/ مارس إبريل 1977 م ص 128، 129.
وقد أورد ياقوت في معجم البلدان نص كلام الأزهري غير منسوب، وأضاف: وأظنها التي قبلها - يقصد النقير - وتقع النقير غرب رأس السفانية، وشرق الوريعة، بقرب خط الطول 12 َ / 48 ْ وخط العرض 58 َ / 27 ْ. وهي من مناهل قبيلة العوازم، وعليها حدثت وقعة بينهم وبين مُطير والعُجمان ومن معهم - أثناء الاختلاف الذي وقع في نجد بعد وقعة السبلة سنة 1347 هـ انتصرت فيها قبيلة العوازم، فهزمت مُطيرًا ومن معهم، وقتلت عددًا منهم، من مشاهيرهم هابس بن عشوان شيخ العبيات من قبيلة مُطير، كما قتلت من مشايخ العُجمان حزام بن حثلين، كما تقدم في الكلام على نقير.
وقال ابن جافور شاعر العوازم في ذلك
(1)
:
بـ (النقيرة) ذبحنا طير حوران
…
اقمحي بالبويضا عقب راعيها
امتلا الجوّ ديحاني وبرزاني
…
والعبيات ذبحنا نواديها
ما قعد بالنقير كود نسوان
…
ما لقت يم قريه من يوديها.
وهنا يقصد بطير حوران هابس بن عشوان العبيواني من مُطير.
وأضاف الجاسر قائلًا: ولولا أن التاريخ يتطلب تدوين حوادثه كما جرت، لما أشرنا إلى تلك الوقعات التي تؤثر في النفوس، ولكن الله سبحانه وتعالى أعقبها بالألفة بين المسلمين، فأزال الإحنَ، وقوي روابط الأخوة والمحبة بين جميع سكان هذه البلاد بعد توحيدها على يد الملك/ عبد العزيز آل سعود رحمه الله.
(1)
الصحيح أن قائل القصيدة محمد الحجي الجهراني من الصوابر - من العوازم.
(5)
وفى الموسوعة الكويتية جاء عن العوازم التالي
(1)
:
في ص 142: أولاد عطا: صيحة الحرب عند العوازم.
في ص 373: جهطان: هو رجم الجهطان - عائلة من العوازم.
وفي ص 430: الحريتي: جمعان محمد ناصر الحريتي عضو مجلس الأمة يناير 1967 م، 1971، 1975 م، وزير الشئون. قلت: وهو من قبيلة العوازم.
وفي ص 431: الحريص: مرزوق الحريص من شهداء حرب الجهراء، وقد استشهد في أكتوبر 1920 م. قلت: وهو من العوازم.
وفي ص 431 أيضًا: سالم غانم: مزعل الحريص عضو مجلس الأمة يناير 1963 م. قلت: وهو من العوازم.
وفي ص 474: الحميّدة: حمد خليفة الحميّدة عضو المجلس التأسيسي
(2)
سنة 1962 م ومجلس الأمة الكويتي سنة 1963 م نائبًا عن منطقة السالمية. قلت: والحميّدة من العوازم.
وفي ص 483: حوشان العازمي: حوشان بن عبود بن سويلم العازمي مت شعراء البادية، ولد سنة 1908 م، وله قصائد في الغزل.
وفي ص 615: الدمنة: قرية ساحلية قديمة أسسها صيادو الأسماك من العوازم، أبدل اسمها إلى عنيزة، ولم يمتثل الناس لهذه التسمية، وفي عام 1953 م غيو اسمها رسميًا إلى "السالمية"، الدمنة نسبة إلى عشيرة من آل مرة، ويقول حمزة: إن الدمنة
(3)
من العوازم.
(1)
الموسوعة الكويتية تأليف حمد محمد السعيدان - انظر ج 1، 2، 3.
(2)
هذا خطأ والحميدة كان فقط بمجلس الأمة الكويتي.
(3)
قلت: والدمنة حي من أحياء العوازم تعرف الآن بالسالمية.
وفي ص 629: ماجد الدويش: أحد رؤساء مُطير، قدم إلى الكويت عام 1893 م، ونزل بالقرب من واحة مَلَح، وأكرمه مبارك الصباح، ولكنه هجم على قبيلة العوارم التي كانت تقطن في ملح ونهب ماشيتها، وتعقبه مبارك الصباح بجيش كبير اشترك فيه العوازم أنفسهم برئاسة زعيمهم ابن مساعد، وهزموا جيش الدويش، واستعادوا المال والحلال المسلوب.
وفي ص 768: السبيعي: مسجد في صيهد العوازم.
وفي ص 911: الصابرية: آبار في الشمال تبعد 13 كيلو مترًا جنوب شرق الروضتين، اكتشف فيها النفط سنة 1937 م، وحفر فيها أول بئر للنفط في الكويت في 11 أغسطس عام 1956 م على عمق 10200 قدم.
وفى ص 957: الصوابر: عشيرة من العوازم من ذوي غياض، من فروعها العتارمة والموايقة والعبابيد
(1)
، وباسمهم فريج الصوابر وهو حي في شمال المرقاب من أحياء فريج العوازم، كانت تسكنه عشيرة الصوابر، يعرف أيضًا بفريج الحساوية، أجري تنظيم على المنطقة وحصرت حدودها بين شوارع أحمد الجابر، وخالد بن الوليد والشارع الهلالي ودوار دسمان.
وفي ص 960: فالح حمود الصويلح العازمي: عضو مجلس الأمة الكويتي في 25 يناير عام 1967 م.
وفي ص 962: صيهد العوازم: هو موقع عشيش يسكنه البدو في جنوب غرب جليب الشيوخ، يبعد مسافة 20 كم ومساحة 54 كم 2.
وفي ص 1030: العازمي: واحد من عشيرة العوازم، هو محيسن
(1)
هنا ورد خطأ في فروع الصوابر - انظر بطون العوازم الصحيحة.
العازمي مؤسس مسجد النبان عام 1291 هـ/ 1874 م، ومساعد العازمي باسمه شارع مساعد العازمي، هو شارع بمنطقة السالمية نسبة إلى الشيخ مساعد المطوع العازمي، طبيب كويتي ولد سنة 1885 م
(1)
، تلقى علومه في مصر حيث درس الفقه والنحو والعروض والتلقيح ضد الجدري عام 1931 م
(2)
، ومارس مهنة التطعيم ضد الجدري في الكويت والبحرين، توفى عام 1943 م.
وفي ص 1036: العبابيد: بطن من العوازم من فخذ الصوابر.
وفي ص 1128: العوازم: قبيلة كويتية من عريب دار، هم أقدم من استوطن الكويت، احترفوا صيد السمك، وأقاموا الحظرات على طول ساحل الكويت، كما ظهر منهم مزارعون وبحَّارة، وآخرون منهم انخرطوا في سلك التجارة وخاصة الإبل والأغنام والمسابلة، وبرز منهم شعراء نبطيون.
وفي ص 1128 أيضًا: فريج العوازم: فروعهم كثيرة من الصوابر، الدمنة .. وكذلك باسمه حي من أحياء مدينة الكويت القديمة، كان يسكنه العوازم في شمال المرقاب، ويمتد حتى سوق التجار شارع عُمان اليوم، ويعتبر فريج الصوابر من فريج العوازم.
وفي ص 1128 أيضًا: شارع العوازم: شارع في السالمية نسبة إلى عشيرة العوازم، أول من استوطن السالمية والرأس بحكم مهنتهم صيد السمك.
وفي ص 1128 أيضًا: صيهد العوازم: قرية غرب جليب الشيوخ.
وفي ص 1171: الغربة: فخذ من بطن ذوي غياض من العوازم يعرفون بآل غريب.
(1)
هذا خطأ والصحيح أنه ولد عام 1859 م.
(2)
هذا أيضًا خطأ والصحيح عام 1880 م.
وفي ص 1204: غيّاض (ذوي غياض): فخذ من قبيلة العوازم يتفرع منه العشائر التالية: المساحمة، العتول، الملاعبة، الصواويغ، المساعدة، العبابيد، الجواسرة، الموايقة، الغربة، التومة، القراشة، العتارمة، الصوابر، المحالبة.
وفي ص 1252: رسم خارطة لجزيرة فيلكا الكويتية وبها موقع باسم قبيلة العوازم.
وفي ص 1694: الهِرَّان: من العوازم. قلت: وأضيف أن الهِرَّان من بطن القُوَعة من قبيلة العوازم في دولة الكويت.
(6)
وفي كتاب أنساب الأسر والقبائل في الكويت ص 159 ذكر عن العوازم
(1)
:
العوازم في الكويت: يبدو أن قبيلة العوازم ممثلة بكثير من بطونها المعروفة كانت متواجدة منذ القرون الأولى للإسلام في المنطقة الممتدة بين الأحساء جنوبًا إلى كاظمة (الكويت) شمالًا، وهي المنطقة التي أجمع الجغرافيون على اعتبارها جزء من إقليم البحرين الإسلامي، إلا أن بطون هذه القبيلة كانت آنذاك ضمن قبائل بني عامر بن صعصعة من هوازن العدنانية، الذين كان لهم حضور واضح في هذا الإقليم إبان حكم القرامطة له في الفترة الواقعة بين القرنين الثالث والخامس الهجريين
(2)
، وبعد أفول نجم القرامطة في نهاية الخامس الهجرى هيمنت
(1)
انظر كتاب أنساب الأُسر والقبائل، تأليف الدكتور أحمد عبد العزيز المزيني، طبعة 1994 م/ 1415 هـ - الناشر ذات السلاسل - الكويت.
(2)
انظر كتاب أنساب الأسر الحاكمة في الأحساء - لأبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، منشورات دار اليمامة - الرياض طبعة 1983 م - القسم الأول ص 96 وما بعدها.
بطون بني عامر على هذا الإقليم، فبرزت أسر من هذه القبيلة ظلت تتوارث السلطة والزعامة على هذا الإقليم حتى دخول العثمانيين إلى المنطقة في منتصف القرن العاشر الهجري، وبسبب الدور الذي لعبته بطون بني عامر في تاريخ هذا الإقليم ظل اسم جدهم الجاهلي هوازن يُردد على ألسنة مؤرخي المنطقة ونسابيها، فكانوا ينسبون القبائل المتفرعة منها مثل العوازم إلى جدهم الأول هوازن
(1)
.
وتجدر الإشارة إلى أن أول ذكر للعوازم في المنطقة كان عام 858 هـ حيث يروي الشيخ عبد الله بن بسَّام في كتابه المخطوط: أن الأمير زامل بن جبر العقيلي، أمير الأحساء آنذاك، قام بغزو العوازم على اللهابة
(2)
وظل اسم العوازم يتردد في المصادر المحلية بعد هذا التاريخ كقوة لا يستهان بها في هذا الإقليم وإحدى القبائل الرئيسية هناك، حتى أنهم كانوا المسئولين عن مقتل الوالي العثماني في الأحساء محمد أفندي عام 955 هـ، وظل العوازم متواجدين في المنطقة حيث انقسموا إلى حاضرة وبادية، فلما هاجر العتوب إلى شمال الخليج واستقروا في القرين (الكويت) كان العوازم يمثلون التجمع الرئيسي في هذه المنطقة
(3)
.
(1)
انظر في تحفة المشتاق لابن بسام التميمي ص 9.
(2)
ماء يقع على بعد بضعة أميال جنوب الحدود الكويتية السعودية.
(3)
انظر عبد العزيز الرشيد، مجلة الكويت المجلد الأول ج 4 - 5، انظر ديكسون، الكويت وجاراتها ص 40، انظر البحرية البريطانية، ومختصر بلاد العرب ص 294 مارس 1916 م لمحمد الفيل، انظر سكان الكويت ص 217.
(7)
نورد هنا نصًا هامًا يوضح أن قبائل بني عامر من هوازن بما فيها قبيلة كلاب التي خرجت من أنقاضها قبيلة العوازم كانت تسيطر على قسم كبير من بلاد نجد وعاليتها.
- قال الشيخ عبد الله بن محمد بن خميس في كتابه "الدرعية" ما نصه:
ومنذ منتصف القرن التاسع الهجري آل يزيد في تقلص واضمحلالٍ، فقد باعوا العيينة سنة 850 هـ، وليس ثمة من يد طائلية تحكم نجدًا وتهيمن عليها، وأضاف ابن خميس: وكان النفوذ الأقوى آنذاك لبني عامر وفروعها، فهي تحتل ما بين المخرج والأفلاج إلى السليل ووادي الدواسر إلى سُرّة نجد وعاليتها إلى أطراف
= قلت: وفي جريدة القبس بتاريخ 6/ 12/ 1989 م العدد 6314 قال الدكتور/ محمد عيسى صالحية تحت عنوان الأرشيف العثماني وتاريخ الجزيرة العربية: حسنًا فعلت الحكومة التركية، إذ سهلت مؤخرا مهمة الاطلاع والبحث في أرشيف رئاسة الوزراء، فالمبنى جديد مكيف، والباحث له امتياز الغذاء في مبنى الأرشيف بمبالغ رمزية، ورفعت الحظر عن العديد من الدفاتر التي كان يتشوق الباحثون لدراستها، والمعاملة حسنة.
ومن أطرف الوثائق المفرج عنها حديثًا وثيقة تتصل بمقتل والي الأحساء العثماني محمد أمين باشا الظلوم الغشوم المتجبر المتفنن في فرض الضرائب على القبائل والأفراد الذين ينضوون تحت لواءه، ضرائب عجيبة على اللباد والعباءات والصوف والجلود والسمن والعسل والفواكه والحبوب، وعلى الحطب والماعز والجاموس والكروم والطواحين والمنازل والسمك والأرز والدقيق، وإضافة إلى ذلك الخاص السلطاني والخاص والزعامت، وطامة الضرائب الكبرى ما يسمى "بادهوا" متفرقة يفرضها الوالي وفق مزاجه وهواه، أما الجرائم مثل السرقة والزنى والقتل في درجات ولكن عقوبتها الأفجات (دفع الرسوم)، وابتدع صاحبنا الوالي كمًا هائلًا من الضرائب شملت حتى الطريق غير المعبدة، وفي أتون هذا الجحيم، ثلاثة من فتيان قبيلة العوازم، آلمهم ما وقع فيه أبناء المنطقة من ظلم مجحف، عقدوا العزم على التخلص من شر هذا الجبار المتعنت، انقض شبان العوازم الثلاثة على الوالي حتى أجهزوا عليه (المكان عين النجم في الأحساء) وفي هدأة الليل والظلوم الغشوم بين رجاله، وقد اعتاد الجبار على الاستحمام في العين كلما حلا له ذلك حينئذ، ولم ينجح رجاله من تخليصه إلا بعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة، ومن يريد التعرف على ما لحق بقبيلة العوازم بعد ذلك فليقرأ دفاتر الأمور المكتومة ففيها العجب العجاب، ولكن النتيجة النهائية عودة ولاة الأحساء للتفكير طويلًا قبل إرهاق النّاس بالضرائب في هذا العهد البائد.
الحجاز، ثم أخذ نفوذهم ينكمش وقوتهم تضمحل، وهاجر من هاجر منهم إلى شمالي إفريقيا، وتفرقوا في البلاد حاضرة وبادية وحلّ محلهم بنو لام. (من قبائل طيئ القحطانية). انتهى.
قلت: من سياق النص السابق لابن خميس يتضح أن آل يزيد هم أحد البطون العامرية الهوازنية، وكانت لهم الرياسة في بلاد نجد إلى حدود منتصف القرن التاسع للهجرة، وبدأ بعد ذلك نجمهم في الأفول كغيرهم من بطون بني عامر الأخرى التي لا يتسع المقام لذكرها، ثم نلقي الضوء على بطن آخر عامري من بني كلاب وهو محل البحث في قبيلة العوازم وهم العطيان.
ونشير إلى ما جاء عن العوازم (آل عطا) في كتاب تحفة المشتاق المخطوط لابن بسام النجدي التميمي
(1)
فيما بعد عام 858 هـ وذكرهم في أحداث بلاد نجد وذلك في أعوام 879، 900، 955 هـ، ومن المؤكد أن آل عطا المشهورين بالعطيان أو ابن عطا كان تواجدهم في قلب نجد حتى أوائل القرن الحادي عشر للهجرة.
والعطيان نسبهم إلى عطاء بن ربيعة من أبي بكر بن كلاب من بني عامر من هوازن، وهم قبيلة العوازم التي تجمعت من بقايا عشائر كلاب، من بينهم آل عطا (العطيان) ومنهم هيكل القبيلة الرئيسي، ودخل معهم لفائف من سُلَيم وزُغبة (هلال) وحرب.
وندلل بنصوص أخرى لنؤكد ذلك:
(أ) ذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان أن في مَلْهم بطون من أبي بكر
(1)
سيأتي ذكر مضمون هذه النصوص في موضعها ضمن أقوال الأستاذ العبيِّد صاحب كتاب العوازم.
ابن كلاب من بني عامر، وعضده قول العلَّامة ابن خلدون، وقبله ابن سعيد المغربي أنه كان لكلاب من بني عامر في الإسلام دولة في بلاد اليمامة، وقد قضى عليها بنو عصفور وهم من عقيل من بني عامر أيضًا، وهؤلاء قد حكموا بلاد هِجْر والأحساء التي كانت وقتئذ تسمى البحرين، وذلك بعد تغلبهم على العيونيين، وامتد نفوذهم إلى اليمامة وتغلبوا على بني كلاب عام 651 هـ.
(ب) ذكر العلَّامة ابن حزم الأندلسي في جمهرة أنساب العرب يؤكد أن بيت (عطاء) - والذي أطلق عليه العطيان - هم بيت في كلاب ولهم بأس وشرف، وهذا معروف في التواريخ عن هذا البيت الكلابي العامري، لكون جوّاب الذي كان على سائر بني عامر يوم النسار، ومن هذا البيت الشعراء الفطاحل والفرسان المغاوير الذين تحدث عنهم الركبان سواء في الجاهلية أو في الإسلام.
(جـ) أن ابن عطاء أمير مَلْهم والذي تغلب عليه ابن معمّر من بني تميم وقضى على حكم العطيان الكلابيين، كان هو رئيس لفائف كلاب التي عرفت بالعوازم أو آل عطاء أو العطيان على حد سواء، فالمعنى واحد والجميع من كلاب.
وقد أورد كتاب تاريخ مدينة حريملاء لصالح الطعيس ما يبرهن على ذلك ويؤكده، وسيأتي تباعًا ذكر هذه النصوص التي توضح وجود العوازم في بلاد مَلْهم، وقد ذكر الطعيس ضلع العوازم وضلع الفرشة والقُوَعة والهِرَّان وابن عطاء وكل هذه وما زالت بنفس الاسم، فهي إما بطون أو فخوذ في عشائر العوازم التي نزحت إلى بلاد الأحساء وتوطنت في المنطقة الشرقية على سواحل خليج العرب وامتدت حتى بلاد الكويت.
ويُروى أن أهل مَلْهم وحريملاء في بلاد نجد يذكرون أن درب العوازم سمي بهذا الاسم - والذي مازال معروفًا حتى الآن - لأن ابن عطاء وجماعته من
حاضرة العوازم سلكوا هذا الطريق عندما تغلب عليهم ابن معمّر وطردهم من مَلْهم، وعندما سمعت بادية العوازم الموجودة في عالية نجد فزّعوا لجماعتهم في مَلْهم. وقد ذكر الشاعر الجبيهة خط سير العوازم من عالية نجد إلى مَلْهم قائلًا:
أولاد غيّاض ومن بات ساهر
…
على النار يلحق ما بقى من شعيلها
قلته وأنا مقابل للي دله
…
يبرد بها كبد تزايد مليلها
حِنّا وردنا السر لاسرَّه الحيا
…
عليه الخلايق ما يهوّد عويلها
ووردنا رغبا لاسقى السيل جالها
…
كبارٍ نثايلها قليلٍ حصيلها
ووردنا الكبير بيرٍ بها الروى
…
يا باغي جمّ الركايا تجي لها
وصبحنا دواوير على جال مَلْهم
…
سويتية ما يسمع إلا صويلها
سرنا وسار الله عليهم ودبروا
…
بايمانَّا رومٍ تلظى فتيلها
وعروق القنا ما بين ربعي وبينهم
…
تِشْدي مواريد على جال بيرها
لكن حس الكفاريات بيننا
…
رعودٍ من الجوزا صدوقٍ مخيلها
مهبول يا بيَّاع جبرٍ
(1)
جواده
…
ياعنك ما يلقى مثايل يجي لها
يحدها في ماقف الموت ساعة
…
حتى أن زوَّال العمار يزيلها.
(8)
ما ذكره صالح الطعيس في كتاب مدينة حُريملاء عن العوازم والعطيان
(2)
:
في ص 13 قال عن أمير مَلْهم المعروف بابن عطا:
أما في منتصف القرن التاسع الهجري فإن حُريملاء ذكرت كروضة ترعى فيها
(1)
هو جبر بن جامع من أمراء العوازم القدامى وهو فارس من فرسانهم أيضًا.
(2)
الجزء الأول طبعة 1399 هـ/ 1979 م - جغرافية منطقة الشعيب (بلاد نجد).
الحيوانات، وتتبع أمير مَلْهم المعروف بابن عطاء، ولا تزال هنالك بعض الآثار (مثل الرجوم، وأطلال قصره الحجري. . . وبعض القصص المثيرة .. ) الدالة على هذا الحاكم، منها في حريملاء رجم العطيان المنتصب فوق ضلع المرقب شرقي حريملاء، وغيره من الرجوم التي استخدمت لنقل خبر هجوم الغزاة على الحيوانات التي ترعى في روضات حريملاء، إلى قصر ابن عطاء الموجود في شرق القابوعة بملْهَم المنتصب فوق ضلع يطل على حي القابوعة شرقي بلدة مَلْهم، عن طريق التلويح بقطعة قماش نهارًا، وإيقاد النار ليلًا، ونجد في كتاب عنوان المجد .. للشيخ عثمان بن بشر نتفة تاريخية تشير إلى أن ملكية موضع حريملاء آلت عام 850 هـ لحسن بن طوق جد المعامرة من العناقرة من بني سعد بن زيد مناة من تميم، الذي أجلى العطيان هؤلاء من مَلْهم إلى بلدة القصب وقتئذ، ولكنه لأسباب ما أعادهم إلى مَلْهم.
وفي ص 31 قال أيضًا عن ابن عطاء:
وفي خلال هذه الحقبة من الزمن كان ابن عطاء أمير مَلْهم قد قويت شوكته، وأصبح منافسًا عتيدًا لابن معمَّر رئيس العيينة، مما اضطره إلى أن يغضّ النظر عن استحواذ العطيان على حريملاء وضمها إلى ملكهم بُعيد نزوح يوسف أبو ريشة عنها.
وقد ظلت حريملاء جزءًا من إمارة العطيان بمَلْهم حتى دبت الخلافات بين أهالي مَلْهم، فانقسموا إلى حزبين أحدهما مؤيد لحكم العطيان، والآخر معارض له، وذلك في العقد الثاني من القرن الحادي عشر الهجري، فانتهز ابن معمّر رئيس العيينة هذه الخلافات وأغار على مَلْهم، والتحموا في معركة ضارية، انتهت
بانتصار ابن معمَّر انتصارًا ساحقًا، وانتزاعه حريملاء من العطيان هؤلاء وإعادتها إلى سيطرة آل معمّر، وقد بقيت ملكيتها متوارثة فيهم حتى نزلها آل "أبو رباع" فيما بعد.
وفي ص 81 قال عن العوازم يذكرهم في نجد في منطقة حريملاء مقر حكم العطيان العنوان: ضلوع الشعبة هما:
(أ) سلسلة شمالية: وهي بحسب قربها من مدينة حريملاء: ضلع الجزيع الذي يطل على طريق حريملاء - الرياض المسفلت، ويقترب من المدينة عند حلة الجزيع شرقي المدينة، وضلع أم الغربان، وضلع العوازم، وضلع الدرب الذي يعبره طريق حريملاء، الصفرة، وضلع القطار حيث يوجد قطار الشعبة، وضلع أم اللصف، وضلوع الملايين، وضلوع الثميدات، وضلع الشعبة، وضلع العنيق، وضلع الصعيداء.
قلت: وهنا ذكر الطعيس ضلع العوازم في منطقة حريملاء.
وفي ص 58: ذكر ضلوع رميثة فقال: تقع ما بين ضلوع أبي قتادة، وضلوع الياطة وهي أما غربية مثل: ضلع الفرشة وضلع الخشيم وضلع القرنة، أو شرقية كضلوع أبو ركية، وضلوع أبو قير، وضلوع عرضا رشيد، وضلوع الخويش.
قلت: وهنا ذكر ضلع الفرشة وهم عشيرة من العوازم
وفي ص 108: قال عن ضلوع أبا السدر: .. كما تنحدر من المرتفعات الغربية الروافد التالية: شعيب الرميلة والثنايا، وصنع ابن هِرّان، وطول هذه الروافد يتفاوت ما بين 1: 2 كيلو متر.
قلت: وصنع ابن هِرّان باسم آل الهِرّان وهم أحد عشائر القُوَعة من العوازم.
وفي ص 113: قال عن وادي الشريج الأيمن: .. وينحدر من المرتفعات الشمالية لهذا الوادي روافد تصب فيه - هي بحسب قربها من المدينة كما في الخارطة رقم (6) - شعيب أم الغربان فأم ظبي، فأم صوير فدرب العوازم فشعيب الدرب - طريق حريملاء الصفرة - فقطار الشعبة، فالونان، فالملايين فأم اللصف، فالثميد الأسفل فالأعلى، فشعبة الماء، وشعيب خشيم العنق فالصعيدا، وطول كل رافد منها يتراوح ما بين 1: 3 كيلو مترات.
قلت: ودرب العوازم هو باسم قبيلة العوازم والذي أسلفنا عنه.
وفي ص 201: قال: .. وإذا واصلنا مسيرنا جنوبًا نصادف برج العدابة حيث ينعطف السور نحو الجنوب الغربي، مارًا ببرج ابن هِرَّان وبرج القُوَعة وبرج عقفان، والأخير أكثرها محافظة على مظهره الخارجي.
قلت: وبرج ابن هِرّان باسم الهِرّان من فخوذ القُوعة من العوازم، وكذلك برج القُوعة باسم بطن القُوعة من قبيلة العوازم، وفيهم إمارة القبيلة في ابن جامع.
(9)
ذكر أحمد لطفي السيد في قبائل العرب في مصر أن قبيلة العوازم من قبائل مصر وتسكن في قنا بصعيد مصر
(1)
وقد ذكرهم قبله نعوم شقير في كتاب تاريخ سيناء
(2)
العوازم من عرب الحجاز ومنهم في قنا.
(10)
ذكر جون سنت فيلبي في كتابه تاريخ نجد ودعوة الشيخ/ محمد عبد الوهاب عن قبيلة العوازم، وأضاف أن الشرفاء مكة حروب مع بعض قبائل عربية من بينها قبيلة العوازم.
(1)
انظر قبائل العرب ص 34 وانظر المجلد الأول من موسوعة القبائل العربية، وقد أوضحنا فيه عن عوازم مصر.
(2)
انظر تاريخ سيناء ص 725 - نعوم شقير.
(11)
وفي معجم قبائل العرب لرضا كحالة ذكر العوازم، وقال في المجلد الثاني ص 851:"العوازم قبيلة عربية مهمة" ويقدر عدد بيوتها بـ 450، وتقع أماكنها بقرب ديار مُطير والعُجمان بين الكويت وساحل الخليج العربي، حتى ديرة مُطير في الغرب، وفيها فخذان رئيسيان القُوعة، وغياض.
(12)
في كتاب الهِجَر ونتائجها في عصر الملك الراحل/ عبد العزيز آل سعود للأميرة الدكتورة/ مُوضي بنت منصور بن عبد العزيز آل سعود في ص 40 قالت: وقرب ديار العُجمان كان العوازم، وهؤلاء انتشروا على طول ساحل الخليج العربي حتى الكويت، وهم أصلًا (عشيرة) من الروّقة
(1)
من عُتيبة
(2)
؟!
قلت: والصحيح أن عوازم الطلِّحة من الروقة من عُتيبة هم غير قبيلة العوازم من بني كلاب من بني عامر، وهي قبيلة مستقلة قائمة بذاتها، وقد دخلت معها عشائر من قبائل أخرى.
(13)
وقال حسين خزعل في كتابه تاريخ الكويت السياسي ج 1 ص 35: العوازم جمع عازم، قبيلة عربية تسكن شرق الجزيرة العربية.
(1)
الروّقة أصلهم من روق، وهم بطن من غزيّة من جُشَم من قبائل هوازن بن منصور - انظر نهاية الأرب للقلقشندي (مخطوط) ق 48 - 1.
(2)
لعلَّ الدكتورة/ مُوضي اعتمدت على كتاب قلب جزيرة العرب لفؤاد حمزة ص 179. وقد وجدت العوازم عشيرة من الطلِّحة من الروِّقة من عُتيبة، ويبدو أنه قد التبس عليها الأمر عن العوازم وحسبتهم كعشيرة، وهذا خطأ وقع فيه الأستاذ/ عبد الرحمن العبيّد أيضًا في كتابه عن العوازم، فقد نسبهم في عُتيبة وحرب، وقد أسقطنا هذا الرأي عنه أثناء سرد نصوصه سالفًا فيما يخص نسب قبيلة العوازم ودوّنا رأيه الصحيح فقط.
(14)
وقال عبد الله ناصر الصانع في مقدمته لكتاب ديوان الشاعر سالم بن تويم الدوّاي
(1)
عن العوازم ص 17:
وقد سكن العوازم الكويت مع عُتيبة وحرب وقحطان، وعرفت لهم آثارهم القديمة فيها، فكان للبحاري "آل بحر" من غيّاض (من بطون العوازم)
(2)
مسجدهم في أعلى البدن وهو مسجد سعيد بن بحر
(3)
، وقد بُني سنة 1083 هـ/ 1673 م وكان أقدم من مسجد محمد بن رزق (مسجد السوق) والذي أنشأه محمد بن حسين بن رزق عام 1209 هـ، كما كان للعوازم مسجد الدوّاس، وعرفنا من علمائهم القُدامى الشيخ/ مساعد بن عبد الله العازمي.
وكانت الكويت مالكية المذهب، وإن كان قد تولى قضاءها الشوافع، فإن هذه العشائر قد ظلت على مذهبها القديم من حيث هاجرت قبل الدعوة السلفية في نجد [يقصد دعوة الإمام/ محمد بن عبد الوهاب التميمي](*)، واستقر العوازم في مواقع كثيرة، فلهم فيها مشيخات قبلية وهي إمارة مصلخ في وادي المياه لآل جامع من القُوَعة، وإمارة ثاج لآل معتقة، وإمارة عتيق لآل سيحان، وكثروا في
(1)
الطبعة الأولى 1376 هـ. مطبعة حكومة الكويت، مقدمة الأستاذ/ عبد الله ناصر الصانع رئيس قسم تصحيح اللغة العربية في وزارة الإعلام الكويتية.
(2)
انظر كتاب العوازم للأستاذ/ عبد الرحمن عبد الكريم العبيّد ص 44 طبعة 1391 هـ - 1971 م.
(3)
المسجد يقع في ساحة البحاري وذلك عن بحث مصّور تلفزيوني للأستاذ/ عبد الله المحيلان تحت اسم الأسواق في الكويت، والبحاري من العوازم من بطن غياض من فخذة المساعدة، منهم الشاعر المعروف مسلم حميد البحيري، ومنهم الفرسان وهم محمد بن نبا، حميد بن نبا، منوّر بن محمد، مرزوق بن محيميد، شهلوب بن نبا، الجريدي بن شهلوب، وهؤلاء شاركوا في معارك حدثت في تاريخ الكويت، وهي جولبن، الصريف، هديه، الإحساء (حملة سالم المبارك والملك عبد العزيز آل سعود)، صفوان، الجهراء، الرقعي، مزبورة، وذلك ضمن تسجيل وثائقي في تلفزيون حكومة دولة الكويت - برنامج صفحات من تاريخ الكويت إعداد وتقديم الأستاذ رضي الفيلي الوكيل المساعد لشئون تلفزيون الكويت، وكذلك ضمن تسجيل حديث تلفزيوني لمقابلة مع مستشار حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ/ عبد الله الجابر الصباح.
(*) هذه الدعوة التي تبناها آل سعود منذ ما يزيد عن ثلاثة قرون، وقد نجحوا في نشرها في الجزيرة العربية، وتمكنوا من تكوين الدولة السعودية الأولى ثم الثانية، ثم أخيرًا ظهر صقر الجزيرة من آل سعود وهو الملك/ عبد العزيز الذي أسس المملكة العربية السعودية.
الكويت، وتركوا البداوة وأقبلوا على المدنية والعلم حتى غدا منهم العلماء في أرفع الدرجات، وشاركوا في الحكم بنصيب كبير، كما برعوا في الملاحة والتجارة، وجالوا بين شرقي إفريقيا والسواحل الهندية.
وليس من المفارقات أن نجد بني خالد في الجنوب وشماليهم آل عدوان ثم العوازم وعُتيبة وحرب، فإن آل عدوان وشبابة كما ذكرنا، إخوة سكنوا السراة مجتمعين، ولا عجب أن يتجاوروا هنا في الكويت كإخوة متحابين أيضًا.
ويسكن منطقتنا هذه خليط متجانس لقبائل شتى، وقد نشأت كِنْدة، ثم بنو هلال ثم هوازن واختلطت بقاياها، وقد برزت بطون وأفخاذ توالت السلطة عرفنا منهم هنا: بني لام (طيئ) ثم عَنَزة ثم مُطير ثم قحطان ثم بني خالد، ثم خلفهم هنا في الكويت بنو عُتبة إلى يومنا هذا (يقصد أن آل الصباح حكام الكويت من عُتبة).
وأضاف الصانع: وعرفنا أن لبرقا من هوازن (ضمن قبائل عُتَيْبة الآن) مكانة سجلها الشعراء في الجاهلية كما ذكرنا، ومرابعهم باقية إلى يومنا هذا، كما عرفنا من المهاجرين العُجمان - آل يام (أصلهم من يام القحطانية من بلاد نجران) وكذلك الرشايدة من عبس، وقناعة وهاجر ومرّة وتميم وغيرها.
وقد استقرت هذه العشائر في القرين - الكويت - واتخذت لها أحياء متقاربة، فوجدنا بني خالد وعَنَزة والمطران والعوازم والصوابر من العوازم، وقحطان وعُتيبة وحرب والرشايدة، وبينها سكيك تسمى بأسمائها، وقد هدمت هذه الآثار ولم يبق إلا قلة منها، ولعل الكويت - قصر السيف - وهذه المساجد هي الوحيدة التي ستبقى لتروي لأبنائنا قصة المشيخة التي حولها أبناؤها بهمتهم إلى دولة واسعة رخيّة.
(15)
ذكر الأستاذ/ عبد الرحمن عبد الكريم العبيّد في كتاب العوازم
(1)
:
قال العبيّد تحت عنوان نزوحهم وتفرقهم:
على إثر خصومة العوازم مع الأشراف تشتتوا في أنحاء الجزيرة واتجهوا إلى شرق الجزيرة والزاوية الشمالية من الخليج العربي
(2)
، وذكرت مخلفاتهم الشعبية منازل لهم في منطقة الأحساء، ويعتقد أنهم جاءوا في عهد الجبريين وربما في عهد أجوّد بن زامل في منتصف القرن التاسع الهجري، ولكنهم لم يكونوا في البداية على وفاق مع حكام المنطقة الشرقية إذ ذاك.
ومن مروياتهم عن شاعرة عازمية تذكر نزوحها من نجد:
رحنا ولا خليّنا بنجد حسايف
…
إلا عسلجيات دقاق طحينها
وفي منطقة شرق الجزيرة كانت للعوازم مجابهات مع القبائل الأخرى التي كانت أقوى منهم، مثل عنزة، ولاسيما في القرن التاسع والعاشر الهجري، ومع ذلك ظهر من مدوّناتهم الشعرية أنهم اصطدموا بقبائل أخرى، وحاولوا السيطرة على مواقع في منطقة ذات أهمية بالغة مثل (نطاع) ومثل (الوفراء)، وينسب إلى شاعرهم قوله من قصيدة طويلة
(3)
:
صبّحنا على الوفرا دواوير عامر
…
وغدى ما لهم للطامعين اقسام
ولم يستقر العوازم في المنطقة إلا بعد حكم بني خالد حيث بدى للعيان تحالف وثيق بين القبيلتين لا تزال آثاره حتى اليوم.
(1)
طبعة أولى عام 1391 هـ/ 1971 م للأستاذ العبيد عضو شرف جمعية التاريخ والآثار بجامعة الرياض - كلية الآداب.
(2)
انظر تحفة المشتاق ورقة 9 لابن بسّام التميمي.
(3)
هنا خطأ والبيت قيل ضد العوازم، وفي المنتخب للمغيري أن قائله عجل بن حنيتم من بني لام (طيئ)، وهنا دليل على أنه يذكر دواوير بني عامر، وهم العوازم العامريون من هوازن.
قلت: وهذا التحالف وارد من أصل القبيلتين إلى أرومة واحدة في بني عامر من هوازن.
وأضاف العبيّد: وفي استطلاع السالمية (الدمنة سابقًا) وهي مساكن العوازم القديمة في قلب الكويت العاصمة، تقول مجلة العرب الكويتية
(1)
: أول من استوطن السالمية جماعة من قبيلة العوازم وهي من القبائل العربية الهامة.
وكانت منازل العوازم قديمًا في بلاد الحجاز ما بين مران وجبل صبحا وفي أبان الأحمر وأبان الأسود، وكانوا في زمرة البوادي التابعة لمكة المكرمة، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم من الضرائب والتكاليف.
ولنزوح العوازم قصة: إذ حدث بينهم وبين أحد أشراف مكة نزاع على نحو ما يحدث غالبًا بين الحاكم ورعاياه، وبالأخص في البادية، وقد أفضى ذلك النزاع إلى نشوب الحرب بينهما وخوض غمارها مرارًا.
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها أرسل شريف مكة إلى ابن جامع زعيم العوازم إذ ذاك، يطلب منه الحضور إلى مقر حكمه، وخشي ابن جامع أن يكون وراء الدعوة غدر أو خيانة، فأسرّ إلى رؤساء قومه بما دار في خلده، وأوصاهم - من باب الاحتياط - بقوله:(إذا جاءكم رسول مني اسألوه عما أوصيته به، فإن قال لكم إن ابن جامع يقول: ضعوا الرويَّ على البعير الأملح. فاعلموا أن من كنت في قبضته يريد بي وبكم سوءًا فخذوا حذركم وانجوا بأنفسكم).
توجه ابن جامع إلى شريف مكة، ولما وصل اعتقل وأودع السجن على الفور، وأمره شريف مكة أن يرسل إلى قومه من يأتي منهم بما يريد، فحمل
(1)
العدد 37 جمادى الأخرى ديسمبر 1961 م.
الرسول الوصية ودسّ ابن جامع فيها اللغز، وما كاد الرسول يلفظ آخر حرف من كلمة "الأملح" حتى هب أفراد قبيلة العوازم واستعدوا للرحيل إلى حيث يأمنون على أنفسهم وأموالهم.
ونزحوا عن الحجاز الذي أمضوا فيه أمدًا طويلًا والذي كان مسقط رءوسهم، وتوجهوا إلى مصر ونجد وبلاد الظفير والأحساء حيث قبيلة بني خالد.
وقد اشتهر أفراد قبيلة العوازم بالحذق والمهارة في الصيد والقنص، ولا يُعرف بالضبط متى هاجروا إلى الكويت، وهناك من يقول أنهم جاءوا إليها مع آل الصباح، ولكن المرجح أنهم تحدروا إليها بعد آل الصباح بزمن قريب جدًا، لوجود الحضور القديمة التي امتلكوها في جزيرة بوبيان قبل أحد من الكويتيين "مجلة الكويت ج 6 من المجد الأول".
وتحت عنوان: بماذا نعلل أشعار القوة .. قال العبيّد:
قلنا في السابق أن المصادر المكتوبة عن قبيلة العوازم قليلة ومفقودة إذا قارناها بالقبائل الأخرى التي وردت في معظم المدونات وكتب الأنساب، ولكننا لم نعدم وسيلة للتعرف على ماضي هذه القبيلة بصورة باتة، إذ توجد أشعار قديمة يتناقلها الرواة وهي من الشعر النبطي الذي نستفيد منه الكثير لمعرفة أحوال القبائل ومنازلها ومبلغ قوتها.
إن الشاعر الذي يقول:
حِنّا حميناها من الهضب الأحمر
…
إلى خشم مُبهل إلى العد مطويّ الصفايح
يدل على قوة وتحصن لدى القبيلة، لأنه لا يستطيع أن يحمي الأماكن إلا من هو في موقف يؤهله لذلك.
ومثل ذلك قوله:
ياما ذبحنا بنجد من شيخ سُربه
…
إليا انقطع دخانها شيف طايح
وياما وسمنا بنجد من زين بكرةٍ
…
تجيبها الأنظا والوجيه الفلايح
وياما حفرنا بنجد من زين عقله
…
يجي جمّها من مفرق الضلع
ويمعن الشاعر في مفاخر قبيلته ومدى سطوته حيث يقول:
والضدّ ناخذ بالمرابيع شاته
…
ونحطها لجبر بن جامع ذبايح
والضدّ الآخر يطلب الصلح منا
…
ونعطيه مشعابٍ ورا البيت طايح.
وهناك أشعار أخرى كثيرة تسير على هذا المنوال يطول بنا الاستطراد في شرحها وإيرادها.
وحينما نلقي نظرة على تلك الأماكن والمواطن التي عاش فيها العوازم قبل النزوح نجد أنها خضعت خلال القرون الماضية لعدة قبائل .. إذ ليست وقفًا على أحد، وكلما أتت قبيلة بقوة جديدة سيطرت على هذه الربوع وحلت محل القبيلة التي سبقتها، وربما أجلتها كليًا عن البقاء نتيجة للمضايقة والتسلط والمنافسة، وبالمثل فإن القرون الأربعة الماضية شهدت صراع قبائل كثيرة، فهناك (بنو هلال) في قلب الجزيرة العربية، وقصة نزوحهم وتفرقهم مشهورة ومعروفة، ثم جاءت بعدها قبيلة بنو لام (طيئ) في أواخر القرن التاسع الهجري ومعظم القرن العاشر، ثم جاءت عَنَزة وسيطرت على معظم نجد طيلة القرن الحادي عشر، وجاءت بعدهم قبيلة مُطير في القرن الثاني عشر فاتسع نفوذها وتصارعت مع عنزة حتى تمكنت من إجلائها إلى شمال الجزيرة، وامتد الصراع إلى أواخر القرن الثاني عشر، وبعد زمن جاء وافد جديد هو قبيلة قحطان حيث تنازعت مع مُطير فتغلبت عليها واشتهر
أمرها، ولم يدم الأمر لقحطان حيث جاءت عُتيبة وتآلفت وكثر تعدادها وعظم أمرها فحاربت قحطان ومُطيرًا حتى بلغت مبلغ السيادة في معظم نجد. وهكذا دواليك
(1)
إن الذي يهمنا معرفته هو في أي عهد ظهرت قوة العوازم؟ حتى استطاع شعراؤهم التغني بقوتهم وسيطرتهم على الديار التي عاشوا فيها.
يبدو أن ظهور اسم العوازم وبداية انطلاقتهم كان في القرن الثامن الهجري أي قبل الفترة التي سيطرت فيها قبيلة لام .. ذلك أن القبيلة التي تقف في وجه السلطة الحاكمة - كما وقع بين العوازم والأشراف - لا بد أن تكون من القوة والكثرة بمكانة تؤهلها للتصدي لما قامت به، أو هي على الأقل تجد في نفسها الثقة للسيطرة على الموقف.
وإذا اتخذنا عام 1080 هـ الذي وقع فيه الاصطدام مع الأشراف حسب رواية "صاحب سمط النجوم العوالي" بداية التعريف المكتوب المسجل عن حياة العوازم، فلا بد أن هذا الجيل من الناس قد مضى عليه حوالى القرن من الزمان على الأقل حتى استتم كيانه، أي أن بداية تكوينهم وظهور هذا الاسم يكون في القرن الثامن الهجري إذ لم تسعفنا - فيما بعد - مراجع أخرى بوقائع تؤرخ للعوازم قبل ذلك التاريخ.
ومن المراجع المخطوطة تاريخ ابن بسَّام الذي أشار فيه إلى حوادث وقعت لهم ابتداء من عام 858 هـ حيث كانوا يتعرضون لقوة السلطة الحاكمة كما حدث لهم مع الجبريين حكام الأحساء
(2)
.
(1)
للشيخ عبد الله بن خميس: مجلة العرب صفحة 294/ 300 السنة الأولى.
(2)
اشار ابن بسام في تاريخه المخطوط إلى حوادث وقعت للعوازم ابتداء من عام 858 هـ - انظر المخطوطة ص 9 ب و 16 مصورة لدى المؤلف من مخطوطة مكتب الأبحاث في الظهران - المملكة العربية السعودية.
وفي ص 43 تحت عنوان "أفخاذ العوازم" قال العبيد: تتكون قبيلة العوازم من فخذين رئيسيين هما:
(أ) فخذ القُوعة وفيه عشائر منها: الهدالين، البريكات، الشقفة.
(ب) فخذ ذوي غيّاض وفيه عشائر منها: المساحمة، الملاعبة، المساعدة، الجواسرة، الغربة، القرّاشة، المحالبة، الصوابر، العتارمة، التومة، الموايقية، الصواويغ، العتول .. وهؤلاء معظمهم في نجد وتحولوا إلى الكويت ويرجع إليهم ذوي حمدي وذوي زهران وذوي زايد والعضادين والوقاتين والمغاليث، البطاحين، الهواشين، الخرافشة، الجوارية، الشلاوين، الذييبات، القعامرة، الفقوع، القعاعيب، المحالبة، البليحية، النواعمة، الفرشة، الطباجين، البحاري.
وفي ص 45 تحت عنوان رؤساء العوازم قال العبيد:
درجت القبائل العربية في أنحاء الجزيرة على اختيار رئيس لها يكون مصدر الأمر والنهي فيها، وتكون رئاسته على أساس من القيم الموروثة لدى العشيرة التي ينتمي إليها، وعلى أساس من البطولات والتضحيات التي يقدمها والآراء السديدة الصائبة التي يُعرف بها.
وشيخ العوازم اليوم هو عيد بن جامع حسبما أوردته آخر المراجع المكتوبة، وهي الموسوعة الإسلامية
(1)
سنة 1957 م، ولا تزال مشيخته قائمة حتى اليوم سنة 1971 م، ويقيم في شرق وادي المياه في المنطقة الشرقية من المملكة، أما رؤساء العوازم من حيث العشائر فهم متعددون وتختلف رئاستهم في الجهات التي يقيمون فيها، إذ تنتمي كل عشيرة من العوازم إلى شيخ كبير تتوسم فيه الوجاهة والشجاعة.
(1)
بقلم المستر و. ثى فلقن ص 762.
ويشير الألوسي رحمه الله في ملحق تاريخه إلى أمراء العوازم في أوائل هذا القرن، فيعدّ منهم في المملكة حبيب بن جامع
(1)
من البريكات [والصحيح أنه من الهدالين] وإمارته على قرية مصلخ، وكذلك محمد بن معتقه، ويعدّ مبارك الملعبي (الملاعبة) أميرًا على ثاج، وكذلك شويمي بن سويحان من الهدالين [والصحيح أنه من الملاعبة] أميرًا على عتيق
(2)
ويشير مرجع
(3)
آخر إلى مبارك بن دريع من الصوابر كأحد أمراء العوازم في الكويت في مطلع هذا القرن 1326 هـ - 1906 م.
أما المؤرخ الكويتي الشيخ/ عبد العزيز الرشيد فيشير إلى ابن مساعد (مساعد ابن حماد) ويسميه زعيم العوازم في حادثة حرب مبارك آل الصباح
(4)
لماجد الدويش من مُطير (وقعة ملَح).
وفي جريدة "أم القرى" الناطقة باسم الحكومة في مكة المكرمة العدد 208، الصادر بتاريخ 18 ديسمبر 1928 م، إشارة إلى أميرين من العوازم في عتيق وثاج هما: فلاح بن جامع ومساعد الملعبي.
أما فلبي فيذكر اسم فهد بن معتق [معتقة أمير الحناءة] 3 ص 37، ويشير أوبنهايم الألماني إلى أنه في سنة 1929 م كان للعوازم اثنا عشر شيخًا بارزًا.
وفي كتابه "البدو"
(5)
يشير إلى أفخاذهم ويعد منهم الهدالين، البريكات، المساحمة، الملاعبة، المساعدة، الجواسرة، الغربة. ويقول بأن أحد شيوخهم هو مبارك الملعبي، وأماكن تجوالهم الكويت والقطيف، وعدد بيوتهم ألف بيت.
(1)
ملحق تاريخ نجد للألوسي ص 135 القاهرة 1947 م.
(2)
اسمها التاريخي عتيد بالدال وأصبحت عتيق، راجع بلاد العرب ص 347.
(3)
من تاريخ الكويت ص 144 طبعة القاهرة.
(4)
تاريخ الكويت ص 194 الطبعة الثانية - بيروت.
(5)
البدو ص 152 - 153.
أما خالد الفرج رحمه الله في مذكراته المخطوطة فيقسمهم إلى عدة بطون أهمها البريكات والهدالين والملاعبة والذويبات (الذييبات) والصوابر والمساعدة والمساحمة، ويقول بأن الرئاسة فيهم لحبيب
(1)
بن جامع (توفي سنة 1350 هـ).
وفي ص 47 تحت عنوان بداية تحضُّرهم قال الأستاذ العبيِّد:
ليس لدينا تاريخ دقيق عن العائلات التي تحضرت من هذه القبيلة، ولكن مما لا شك فيه أن التحضُّر بدأ منذ زمن .. وإن كانت العائلات المتحضرة قليلة نسبيًا إذا قارناها بالعائلات الأخرى المتحضرة في قبيلة بني خالد التي تجاورهم وغيرها .. يقول شاعر الخليج خالد الفرج رحمه الله في وصف العوازم:
بداة وأخلاق الحضارة هذّبت
…
حواشيهم في فعلهم فتهذّبوا.
وهذا يعني أنهم تحضَّروا من الناحية الأخلاقية حيث انطبعت فيهم أخلاق الحضر التي تتصف بالمرونة والإيجابية في كثير من الأحوال.
ومن تحضّر منهم في نجد ببلدة (الغاط) آل عضادين
(2)
والهضيبان، وكذلك آل سويلم في قصر ابن عقيّل والجريدة ونفي .. وأول منزل بُني لهم في الجريدة كان في عام 1122 هـ كما هو مسجل على حائطه (عن محمد السعد العضيدان). وفي قرية شعبًا توجد أسر آل حباج، كما توجد أسرة آل مرشود في أبان، ولهم فيها نخيل ومزارع، وفي بعض القرى توجد أسر من العوازم منتشرة في مسكة وضريّة ومشرفة، وكذلك أسرة آل مغاليث في الودي وهي قرية بوادي الرشا، كما يوجد العديد من الحاضرة مثل آل عميرة في الرويضة سابقًا وآل سويدان في الصُّوح.
(1)
خلفه على الإمارة ابنه عيد بن جامع.
(2)
راجع بلاد العرب - مادة عضيدان هامش ص 263.
ومن أوائل العائلات المتحضرة في الكويت: الدوّاس وقد اشتركوا في صد أول غزوة بحرية تعرض لها الكويت من البحر والمسماة بوقعة الرّقة، وهي التي قادها كعب النصار في عهد الشيخ عبد الله الصباح الحاكم الثاني للكويت، واشترك الدواس في تجهيز سفينتين تحملان أربعين مقاتلًا من العوازم.
ومن العائلات المتحضرة أيضًا الرشدان، ولهم سفن شراعية تسافر إلى الهند وإفريقيا، وكذلك المرتكي والحريص والجميعان، ومن العائلات المتملكة في الدسمة: الحميّدة والدُّهام والفنيني، وفي الشامية الحماد.
وفي الكويت توجد عائلات تحضرت وسكنت المدن منذ أكثر من قرن، وتدل الوثائق التي اطلعت عليها عند بعض السكان على تملكهم لأراضٍ في الكويت منذ مدة تزيد على 130 سنة.
وتقول جريدة الرأي العام الكويتية في عددها الصادر بتاريخ 15/ 1/ 1971 م:
"ونظرًا لضخامة عدد قبيلة العوازم فقد حصلت على مساحات واسعة في التملك، وتمتد بيوت العوازم في قلب العاصمة بدءًا من مسجد الجامع الكبير إلى وزارة الكهرباء، باستثناء عدد قليل من السكان، يُضاف إلى ذلك محلة الصوابر الممتدة من شارع مبارك الكبير إلى البحر شرقًا، حيث استخدمت تلك الأراضي في الأغراض الزراعية، وحتى الآن يطلق عليها محلة الصوابر، كما أن العوازم ملكوا منطقة السواحل من الفنطاس إلى الصبيّة بما في ذلك جزيرة بوبيان حتى جزيرة أم النمل حيث تنتشر الحضور إلخ".
ويقول خالد الفرج رحمه الله في مذكراته المخطوطة: وقسم منهم - أي العوازم - سكن الكويت من قديم الزمان فتحضّروا.
وفي ص 49 تحت عنوان مجتمعهم ومرابع تجوالهم قال العبيد:
يتجول العوازم في مناطق متعددة من المملكة والكويت، وأغلب مساكنهم الرئيسية في المنطقة المحيطة بوادي المياه من الشرق والشمال وأهمها ثاج والحناءة وعتيق، واسمها القديم (عتيد) وغيرها
(1)
. . كما يتجولون في نواحي الكويت والمنطقة المحايدة. . . ولقد عُرفت هذه القبيلة بالمتاجرة وتربية الأغنام والماعز والإبل، ولهم دراية واسعة بتربية المواشي
(2)
.
وفي مجتمعهم وعلاقاتهم العامة يبدو أن هناك ارتباطات مع عدة قبائل، فالعازمي مثلًا يلبي أي نداء يصله من أحد أفراد قبيلة بني خالد وينجده في الملمات تمامًا كأنما ينجد أحد أفراد قبيلته، وهذا ما يشبه التحالف الوثيق، ولعله يعود إلى المجاورة فيما بينهما حيث تتضح اليوم ديار بني خالد في "راس أبو علي" والجزر وما يحاذيها قريبة من مساكن العوازم في شرق وشمال وادي المياه. أو لعله يعود إلى سيطرة بني خالد على هذه المنطقة أيام قيام دولتهم في الأحساء وبنائهم لكويت ابن عريعر الذي جاء منه اشتقاق اسم الكويت.
قلت: وأرجح التقارب بين العوازم وبني خالد لاشتراكهما في أرومة عامرية هوازنية، فهما يشكلان عصبة في المنطقة الشرقية التي ظهرت فيها أرومات أخرى مختلفة وكثيرة العدد، ورابطة الأصل والدم هي أقوى رابطة عند العرب منذ فجر التاريخ وإلى أن يفنى الكون.
(1)
يقول جون فلبي، قلب جزيرة العرب - الجزء الأول لندن 1922 م ص 15:(وإلى الشمال أي من المنطقة مناجع العجمان والعوازم).
(2)
ورد في ملحق الألوسي في تاريخ نجد طبعة القاهرة ص 35 (والعوازم بادية كثيرة ولهم أموال من الإبل والغنم ولم يستوطنوا قرى للآن).
ونعود إلى قول العبيّد فأضاف: ومما ينسب إلى الشاعر الخلاوى قوله عندما داهم العوازم المنطقة بمواشيهم:
ألا يا ليالٍ بالسحامي مضى لي
…
اطرد فروق الصيد ما من عوازم
والعوازم متجانسو الخصال سواء منهم الذين في المنطقة أو الكويت أو في عالية نجد، ولا يوجد أي غموض في علاقاتهم الاجتماعية أو في لهجتهم، وإن كانت لهجتهم في المنطقة الشرقية لا تكاد تتضح جليًا بسبب امتزاجهم واختلاطهم بجيرانهم من القبائل الأخرى كبني خالد والهواجر، رغم شعور المستمع لهم بأن لديهم لهجة خاصة تميزهم.
والعوازم في الكويت يمثلون أغلبية ساحقة لتجمعات العوازم في جميع أنحاء الجزيرة العربية، ولقد كانت لهم في الكويت صولات وجولات في عهد الشيخ مبارك الصباح حسب مرويّات من عاصروهم إذ ذاك [تولى الإمارة في 25 ذي القعدة سنة 1313 هـ/ 1896 م].
والعوازم أصحاب دين ومراعاة لتقاليد العربية يشعر بذلك كل من يخالطهم، وقد نشأوا على ذلك في ديارهم بالمنطقة الشرقية وفي الهِجَر التي ظهرت فيها تعاليم شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب، حيث تلقفها العوازم بروح سمحة شأنهم في ذلك شأن القبائل الأخرى التي أقيمت فيها المستعمرات
(1)
.
أما مركز المرأة عند العوازم فهو لا يختلف عن مركزها لدى القبائل الأخرى، وتكاد المرأة لديهم تشترك مع الرجل في أعماله حين يتجول في الصحراء، وحتى في حروبهم تسهم بإثارة النخوة فيهم ودفعهم إلى القتال.
(1)
لتفصيل هِجَر العوازم راجع تاريخ نجد للألوسي ص 135 طبعة مصر.
ولقد كان العوازم في مرابع تجوالهم ينتقلون من جهة إلى أخرى طلبًا للكلأ والمرعى الحسن، ولكنهم اليوم يميلون إلى الاستقرار، في حين وصفوا في السنوات التي تلت مطلع هذا القرن بأنهم جماعات
(1)
تنتقل إلى المراعي، ويصفهم جيمس ماندفل بأنهم نصف رُحَّل، كما يصف بيوتهم المتواضعة المبنية من الحجر والطين في ثاج بأنها مقرات صيفية لأفراد من الملاعبة والمساحمة - من أفخاذ العوازم - كما يضيف البحاثة الأميركي قوله: إلا أن معظم العوازم يقضون الفصل الممطر (3 أنج سنويًا) في رعي القطعان فيما يسمى - بالسودة - الواقعة وراء الردايف في الشمال الشرقي تجاه الكويت، ويضيف بأن هؤلاء يعودون للمياه في أول الصيف وعندما يغادرونها في فصل الشتاء يتركون ما يصعب حمله من ممتلكاتهم وأغذيتهم كأكياس الحبوب والتمر المكبوس
(2)
.
ويشير ديكسون إلى قبيلة العوازم بقوله: تشتهر قبيلة العوازم بإبلها وغنمها الممتازة التي يربونها، ويقال بأن لديهم حوالي 100،000 جمل، 250،000 من الأغنام، وللقبيلة شهرة حسنة في الحرب الدفاعية، ولكنها لا تعتبر ذات فائدة في الهجوم ولربما أن ذلك يرجع إلى أنه ليس لديهم خيل
(3)
ولأنهم محصورون في منطقة معينة على الشاطئ
(4)
.
قلت: وقول ديكسون هنا يفتقد الصحة، فالعوازم يملكون الخيول الأصيلة وقد خاضوا معارك ضارية على صهواتها، وسنذكر في موضعه عن أسماء خيولهم ومرابطهم.
(1)
الصحيح أنهم عشائر وليسوا جماعات.
(2)
راجع مجلة العرب جزء 7 السنة الثانية محرم 1288 هـ.
(3)
الثابت أن العوازم كانوا يملكون أكثر من أربعمائة فرس اشتركت في حروبهم وآخرها في معركة نقير.
(4)
عربي الصحراء لديكسون - ملاحظات عامة ص 572.
ويشير الأستاذ/ يوسف محمد الصميط في بحثه عن أصول السكان ويقول: العوازم في شمال الأحساء، وأعداد منهم تركوا حياة الترحال واستقروا في مراكز صناعة النفط المنتشرة في إقليم الأحساء والكويت والمنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية
(1)
.
وهذا الاتجاه من العوازم أمر طبيعي، وكما يقول الأستاذ/ حمد الجاسر صاحب مجلة العرب: إن القبيلة كلما كانت حياتها أقرب إلى التحضُّر - إما لخصوبة أرضها أو لكثرة المعارك بها أو لغير ذلك من الأسباب - فإنها لا تجد غضاضة في ممارسة الصناعة، كالحال في بني سُلَيم الذين تكثر المعادن في بلادهم وفي بلاد باهلة أيضًا، ومن قبائل ربيعة الذين استوطنوا اليمامة ومارسوا بها أعمال الزراعة وغيرها من وسائل التحضُّر
(2)
.
والعوازم ينطقون لهجة عربية صحيحة لا تشوبها شائبة، رغم مخالطتهم واندماجهم في البيئات التي يعملون بها.
إن العوازم اليوم في المنطقة الشرقية (السعودية) قليلون، حيث اجتذبتهم الحياة الجديدة في الكويت، ومازالت هجراتهم إلى الكويت تتوالى، وهذا على ما يبدو يشكل قوة لهم في دولة الكويت تبدو واضحة .. أضف إلى ذلك أن معظمهم في المنطقة قد تحضّر واندمج في أعمال شركة الزيت العربية الأمريكية بالظهران، وهذا مما جعل تعدادهم يقل بالتدريج في البادية.
وإحصاء نفوس القبيلة لا يمكن الوقوف عليه بدقة، لأسباب عديدة، أهمها: أن إحصائيات القبائل وردت في معظم المراجع مجتمعة، حيث لم توضح هذه المراجع إحصائية كل قبيلة على حدة. . .
(1)
الخليج العربي - دراسات في أصول السكان - الناشر مكتبة الأنجلو المصرية عام 1970 م.
(2)
راجع مجلة العرب ج 9 السنة الثانية ربيع الأول 1388 هـ.
يقول حافظ وهبة: أما عشائر الكويت فقد كانوا قبل عام 1921 م يبلغون نحو 15 ألفًا، وقد التحق أكثرهم بنجد بعد بناء الهِجَر وذيوع التعاليم الدينية، وتنتمي العشائر إلى قبائل العوازم وبني هاجر والرشايدة والعُجمان وبني خالد ومُطير وقليل من الصلّبة
(1)
.
ويقول صاحب كتاب مهد العرب ص 79 طبعة مصر: والإقليم - يعني الأحساء - فيه مياه كثيرة وبقاع خصبة فيها الزروع والثمار، وسكانها نحو ربع مليون من بادية وحاضرة، والبادية أكثر، وأكبر القبائل اليوم العجمان وآل مُرّة والرشايدة وبنو خالد والعوازم.
ويقول مصطفى مراد الدباغ: قدر عدد الأحساء - المنطقة الشرقية في عام 1958 م بنحو 350،000، نسمة (نقلًا عن Aramco hand Book ص 244) حاضرة وبادية، وتبلغ البادية نحو ثلاثة الأرباع، وأشهر القبائل: العُجمان وآل مرّة وبنو خالد والعوازم وبنو هاجر والرشايدة
(2)
.
ويقدر خالد محمد الفرج رحمه الله العوازم بحوالي عشرة آلاف نسمة
(3)
، ويبدو لي أن تعدادهم اليوم في جزيرة العرب يزيد على العشرين ألف نسمة.
والعوازم في طريقة معيشتهم يبدو عليهم التحضُّر - ربما لعيشهم ومخالطتهم الأجناس مختلفة على شاطئ الخليج .. واندماجهم في أعمال الشركات وكذا البيئة البحرية.
(1)
انظر جزيرة العرب في القرن العشرين ص 72 الطبعة الخامسة - القاهرة.
(2)
المرجع نفسه جزء 2 ص 153 طبعة بيروت.
(3)
انظر مذكراته المخطوطة.
يقول خالد الفرج رحمه الله من قصيدة له:
بداة ولكن الحضارة هذبت
…
حواشيهم في فعلها فتهذّبوا
لقد حصل العوازم على ثروات طائلة نتيجة لتملكهم في الكويت، وخاصة مدينة السالمية (الدمنة سابقًا)، فانساقوا وراء التحضُّر بشكل ظاهر.
وحينما استتب الأمن في هذه الربوع وتوقَّف اصطدام القبائل فيما بينها، أخذ العوازم يتوغلون في الشمال ويصلون إلى مواطن قبائل أخرى خلف وادي المياه، وربما وصلوا إلى المنطقة المحايدة السعودية - العراقية، ولذلك فهم يقيمون في المملكة والكويت على حد سواء، على أن قوتهم الرئيسية بدأت تتضح في الكويت أكثر من أي موضع آخر في جزيرة العرب
(1)
.
وفي ص 54 تحت عنوان سكنى العوازم في الكويت قال العبيّد:
ليس لدينا تاريخ دقيق عن نزول العوازم في الكويت، غير أن بعض المصادر أشارت إلى بدء هجرتهم إلى هذه الديار، وقالت: ربما يكون في عهد نزول (الصباح) الأسرة الحاكمة
(2)
، بينما ترجح مراجع أخرى أنهم تحدّروا إليها بعد الصباح بزمن قليل جدًا لوجود الحضور التي امتلكوها في جزر الكويت قبل أحد من الكويتيين
(3)
.
ويشير أوبنهايم
(4)
الألماني في كتابه عن البدو بقوله: كان العوازم قبلًا يعتبرون من رعايا الكويت، وقد ساعدوا شيوخ الكويت في حروبهم.
(1)
يمثل العوازم حاليًا (منطقة السالمية) خمسة أعضاء في مجلس الأمة الكويتي وكلهم من أبناء القبيلة.
(2)
راجع مجلة العربي العدد 37 - جماد الآخرة 1381 هـ/ ديسمبر 1961 م.
(3)
مجلة "الكويت" ج 6 من المجلد الأول.
(4)
البدو بالألمانية لأوبنهايم.
أما ديكسون فيشير إلى أن أول بئر للنفط في الكويت اكتشفته الشركة كان بقرب شجرة سدر منفردة بقرب آبار جعيدان .. كما يشير بأن جعيدان هو موضع للعوازم وكان ذلك في أواخر عام 1937 م
(1)
.
ومن الأماكن التي عمروها في الكويت (الدّمنة) - بكسر الدال وتشديدها - وتسمى الآن السالمية .. يقول الأستاذ/ سيف مرزوق الشملان
(2)
:
السالمية كان اسمها الدمنة ولكن في الآخر سميت السالمية، وتقع على ساحل البحر في الجهة الشرقية من حولّى، وهي الآن كبيرة ذات عمران وحركة، وكانت في ابتداء تأسيس الكويت مكانًا لصيادي السمك، وأخيرًا أخذ العوازم في بناء البيوت وأسس محمد المدعج مسجدًا
(3)
، وأول من صلى به صلاة الجمعة الشيخ عبد العزيز الرشيد صاحب كتاب (تاريخ الكويت)، ولما ضاق المسجد وسعه الشيخ / أحمد الجابر الصباح سنة 1343 هـ - 1925 م، وفي سنة 1342 هـ - 1924 م أسس فيها الشيخ ابن عيسى القناعي مدرسة لتعليم الأطفال والقراءة والكتابة.
وأشار مؤرخ الكويت الأول الشيخ/ عبد العزيز الرشيد رحمه الله إلى أحياء الكويت القديمة فعدّ منها - حي العوازم
(4)
(فريج العوازم) وكانت الرئاسة في الدمنة إبان تأسيسها للأذينة
(5)
من العوازم، كما كانت جزيرة عشيرج للغربة، وتدل الوثائق والصكوك التي يحتفظون بها على تملكهم في هذه الربوع منذ مائة وخمسين سنة.
(1)
الكويت وجيرانها لديكسون.
(2)
من تاريخ الكويت ص 89 - طبعة القاهرة.
(3)
والصحيح أن الذي أسسه عائلة الأذينة وأمّ المصلين فيه عبد الله حمود صالح الهران وساعد في بناء المسجد السيد الفاضل/ محمد المدعج، ويوجد للسيد الفاضل/ علي اثنيان الأذينة مسجد باسمه بالسالمية قرب جمعية السالمية التعاونية.
(4)
تاريخ الكويت ص 36 الطبعة الثانية بيروت.
(5)
أُسر الأذينة والرشيد والجميعان والمجمد والرشدان والهران والغربة والحميد والحريتي والفنيني والمدعج من الأسر المتحضرة قديمًا في الكويت.
وفي مجلة لغة العرب (بغداد م 1 ج 6 كانون الأول 1911 م) وصف لأحوالهم في الكويت حيث ذكر منازلهم وأشغالهم قائلًا: "منازلهم طفوف الكويت بلاد ابن الصباح، وهم أهل إبل وغنم، وقد أخذوا في هذه الأيام الأخيرة يعانون الغوص على اللآلئ في بحر فارس (الخليج العربي) ويمارسون سائر الأعمال المتعلقة بركوب البحر والاشتغال فيه، فينتفعون من تلك المنافع الجزيلة، وأما من بقي منهم في الفلوات والبوادي فإنهم يزاولون رعاية الأغنام واستمناحها".
كما ذكرت مصادر أخرى عن ممارسة العوازم للصيد في جزيرة بوبيان
(1)
وتملكهم فيها وتعميرها لمواضع أخرى في الكويت مثل عشيرج والجزيرة الكبيرة وغيرها
(2)
، وعشائر العوازم التي تستقر أو تظل شبه مستقرة قريبة من الكويت تعرف عند القبائل الأخرى في المنطقة باسم (عريب الدار)، وتشمل العديد من القبائل هناك. ومما يدل على توسع تجارة العوازم في الماشية وغيرها، ما ذكره صاحب كتاب تاريخ الكويت
(3)
من أن الحاكم التاسع الشيخ/ سالم مبارك الصباح قد احتج لدى معتمد بريطانيا في الكويت (هملتن)، بسبب وصول عمال ابن سعود ومحاولته قبض الزكاة الشرعية من العوازم، حيث صرّح بأنهم من قبائل
(1)
مجلة الكويت الجزء 6 من المجلد الأول، قلت: ومن أشهر الأسر التي توطنت منذ ثلاثة قرون في جزيرة بوبيان من العوازم هي أسر الأذينة والفنيني والرشيد، وللأولى إمارة السالمية.
(2)
راجع جغرافية شبه جزيرة العرب لعمر رضا كحالة ص 432، 438 الطبعة الثانية - القاهرة، وتاريخ الكويت ص 45/ 47.
(3)
ص 201 طبعة بيروت.
الكويت التابعين لآل الصباح، وما تطرق له مؤرخ الكويت من سفر المعتمد إلى ابن سعود لبعض المهمات، وجواب الملك الراحل له الذي تضمن بأنه لم يبعث العمال للعوازم أصلًا، وقد وقع ذلك نتيجة لسوء فهم هؤلاء المنتدبين، وذلك حسبما أورده المؤرخ الكويتى الذي أشرت إليه ..
ونجد كذلك ذكر العوازم يرد في أحداث تاريخية وقعت منذ نصف قرن تقريبًا، فمثلًا أورد ابن رشيد في تاريخه عن هجوم ابن حثلين (أمير العُجمان) والفغم من مُطير على أطراف الكويت سنة 1342 هـ، ذكر أن الملك الراحل/ عبد العزيز آل سعود أرسل ناصر بن سدحان إلى المعتدين ليسترد منهم ما أخذوه، أتبعه بابنه فيصل ليفصل بين العوازم
(1)
وبين ابن عشوان زعيم (بُرية)
(2)
في قتال حصل بينهما.
ولقد شارك العوازم في الدفاع عن أرض الكويت، وأورد بعض المؤرخين اسم شيخ العوازم الذي اشترك في وقعة (الصريف) عام 1326 هـ - 1906 م واسمه سعود بن جامع؟
ويصفهم مؤرخ الكويت الشيخ/ عبد العزيز الرشيد بقوله: العوازم من قبائل الكويت ومن التابعين لآل الصباح
(3)
.
ويعتبر عهد الشيخ مبارك من أخصب العهود التي عاشها العوازم في الكويت حيث قربهم ووثق بهم واعتمد عليهم.
(1)
تاريخ الكويت ص 241 الطبعة الثانية - بيروت.
(2)
بُرية: قبيلة من مُطير - انظر ص 171 تاريخ بعض الحوادث الواقعة في بلاد نجد لابن عيسى.
(3)
تاريخ الكويت ص 201 الطبعة الثانية بيروت.
ومما يذكر أنه حينما اتجه ابن الرشيد لغزو الكويت رغب في التقوي بالقبائل التي يمر بها، وحينما استشار أحد مرافقيه ويدعى مبارك العذبي عن قبيلة العوازم ومدى قوتهم قال له:(إنك أقوى منهم ولكنك ستخسر الكثير من قومك) فعدل عن ذلك .. واغتنم الفرصة أحد مرافقيه المعهود له بقيادة بعض الجيش من شيوخ شمّر ويدعى حسين بن عجل، فغزى العوازم فلم يكن النصر حليفه، ولاقى حتفه في هذه الواقعة التي سجلها العوازم في شعرهم المتأخر.
كما اصطدم العوازم ببعض القبائل التي تقيم في هذه الربوع أيضًا، شأنهم في ذلك شأن القبائل الأخرى، التي يتكرر الصراع والنزاع فيما بينها بسبب مناطق الرعي، وبسبب حب السيطرة التي كانت تسود الصحراء في الأعوام المنصرمة حيث يكون الضعيف لقمة سائغة للقوي.
وقد اشترك العوازم بحكم إقامتهم في الكويت في معظم المعارك التي دارت مثل وقعة "الرقة" و"جولبن" و"هديّة" و"حَمَض" و"الجهراء"، وفي وقعة "الصريف" كان أمير العوازم سعود بن جامع، كما كان قائدهم في معركة الجهراء مبارك بن دريع أمير الصوابر.
وأسهم العوازم في ميدان الإدارة في الكويت، ويعرف منهم مرزوق راشد الطحيح الذي شغل منصب مدير الجمارك البرية مدة تزيد على أربعين سنة، وكذلك ناصر بن دوّاس. وبعد الاستقلال ودخول الحياة النيابية إلى الكويت حصل العوازم على مقعدين في دورة المجلس التأسيسي من أصل عشرين مقعدًا، وفي الدورة الأولى لمجلس الأمة حصلوا على ستة مقاعد من أصل خمسين مقعدًا، وفي الثانية حصلوا على تسعة مقاعد، وفي الثالثة حصلوا على خمسة مقاعد
(1)
.
(1)
ولمعرفة أسماء الأعضاء من القبيلة يمكن الرجوع إلى الموسوعة الكويتية للأستاذ/ حمد محمد السعيدان - الكويت 1970 م.
وفي ص 59 تحت عنوان: جيرانها وما خالطها من القبائل قال العبيّد:
ومن القبائل التي جاورت العوازم في منازلهم بنو خالد ومُطير والعجمان وبنو هاجر، ويشترك العوازم وخاصة مع قبيلة بني خالد أثناء الحرب والشدة، وتشدهم معها روابط متينة حتى لا يستطيع المرء أن يفرق بينهما في الجوار والمشاركة.
كما يشتركون مع العجمان بحكم صلة الجوار أكثر من غيرهم رغم العداء التقليدي الذي بدت آثاره تمحى بعد تطور مفاهيم البادية.
وقد اشترك العوازم مع العُجمان في عدة وقعات ضد قبائل أخرى ومنها وقعة "الوفراء" ووقعة "جُذام" في الحبل ووقعة "منيصفة" بطرف عتيق واسمه (عتيد) ووقعة قبورا الواقعة في الحبل.
أما الخلاف بين العوازم والعُجمان فقد ظهر جليًّا في مطلع هذا القرن بسبب نزعة السيطرة على مناطق الرعي والتي كانت تسود البادية جميعًا، وأشد الوقعات التي حصلت بينهما وقعة "مريخ" ووقعة "رضى" ووقعة "نقير".
ويعتبر العوازم قبيلة حرب في مقدمة القبائل التي يميلون إليها ويرتبطون معها بروابط متينة، بحيث إن أيًّا منهما لا يطمع في الآخر مهما كانت الظروف، وهذا ما يستدل به على صلة النسب بينهما.
- قلت: والصحيح أن بعض فروع العوازم يرجع بنسبه إلى بني علي
(1)
من حرب وليس كل العوازم، ويجدر بنا أن نذكر ما قاله العبيّد عن هذه الرابطة بين العوازم وحرب في ص 36 من كتابه.
(1)
بنو علي من حصن بن علَّاق بن عوف بن بهثة بن سُليم إخوة هوازن وقد انضموا لحرب في القرن الثامن الهجري.
قال العبيّد: على اعتبار أنهم قدموا من ديارها في عالية نجد، واستوطنوا الشمال الشرقي من منطقة الخليج .. ويستدلون بذلك على الصلات القائمة فيما بينهم على مدوناتهم الشعرية، وقصة نزوحهم وتفرقهم واصطدامهم مع الأشراف معروفة من مصادر موثوقة، ثم هم يستدلون أيضًا بمخلفاتهم التي لا تزال قائمة حتى الآن هناك.
ثانيًا: جزء من العوازم ينتسب إلى فخذ بني علي من حرب، ويستدلون على ذلك بشواهد شعرية تؤكد ذلك، ثم العلاقة الودية القائمة فيما بينهم الآن من حيث إن ذاهبة الحربي لا يطمع بها العازمي والعكس أيضًا .. ويؤكدون هذه النسبة في رواية متواترة طالما استشهدوا بها منسوبة إلى محسن الفرم أمير بني علي من حرب .. ويروى محمد السعد العضيدان أحد أبناء العوازم عن عبد الله الناصر السديري من أهل الغاط (بنجد) ومن المعروفين بحفظ الأنساب قوله: إن بعض العوازم يرجعون إلي حرب وإلى فخذ بني علي بالذات.
كما روى أكثر من واحد أن جزءًا من العوازم ينتسب إلى حرب، ومن بين هؤلاء رواة لا يرتبطون بالقبيلة.
والعوازم أنفسهم يدللون على نسبتهم لحرب .. (قلت: الصحيح نسبة بعضهم) بمختلف الأدلة منها:
(أ) أن محسن الفرم (أمير بني علي من حرب) كان يوزع الآبار على القبائل التي تجاوره ويمتنع عن تخصيص بئر للعوازم، حيث يعدها من حرب ترعى في حماها وتشرب من آبارها.
(ب) يؤكد رئيس قبيلة العوازم اليوم عيد بن جامع أن العوازم هم من حرب، ويرجعهم إلى مجوّل بن دهيّم الجد الأعلى لمن ينتسب منهم إلى حرب، كما يؤكد مقابلته لعدد من أمراء حرب، وإثبات ذلك من قبلهم في عدة مناسبات.
- قلت: هذا القول فيه نظر: والصحيح وما يؤكده ابن جامع لنا بالبحوث الميدانية الدقيقة في المملكة والكويت، أن بعض العوازم من نسل النمرود بن دهيّم من بني علي من حرب، وليس القول مطلق على سائر فخوذ العوازم كما يذكر العبيِّد في الفقرة (ب) عاليه.
(جـ) أُثر عن محسن الفرم أمير بني علي من حرب أنه كان يستقبل الحجاج الوافدين من شمال الخليج من العوازم ويرحب بهم ويكرمهم أثناء إقامتهم في قبة إكرامًا يفهم منهم مدى العلاقة التي تربطه بهم، خلافًا لما يفعله مع حجاج القبائل الأخرى.
(د) تبادل الحماية بين كل من العوازم وحرب وتلبية النخوة فيما بينهما أثناء الأزمات، خلافًا لما تنتهجه حرب مع أية قبيلة أخرى.
(هـ) عدم دخول العوازم في أي مصادمات أو مناوشات مع قبيلة حرب مهما كانت الظروف، في حين تكرر اصطدام العوازم وحروبهم مع القبائل الأخرى.
ونكمل قول العبيّد في ص 59، 60 فقد أضاف قائلًا:
والقبائل التي تجاور العوازم في الشمال الشرقي من الجزيرة العربية هم: بنو خالد ولهم السواحل وبعض الجزر (جنة والمسلمية)"ورأس أبو علي" والصبيح
بالقرب من الجبيل وعنك في القطيف .. بينما يسكن العوازم شرقى وادي المياه وفي رأسه الشمالي ممتدين من ثاج والحناءة والنعيرية، ومتجهين شمالًا إلى السودة والمنطقة المحايدة والكويت.
أما العُجمان فيجاورونهم من الجنوب حيث يسكنون في قلب وادي المياه والصرَّار ونواحيه. وبنو هاجر منازلهم ابتداء من الظهران وبقيق وعين دار نواحيها الجنوبية وهذه كلها مناديهم إلى حدود قطر.
أما بني مرّة والمناصير فيتوغلون جنوبًا إلى أطراف الربع الخالي وواحة "يبرين"، وإلى الغرب من المنطقة تقع ديرة مُطير ابتداء من "قريّة" وتتوغل في الشمال الغربي حتى تحاذي أطراف نجد، وهم منتشرون في الصمّان ولهم اللهابة واللصافة والقرعاء ووبرة.
ويجاور العوازم في الشمال الغربي لأراضي الكويت قبيلة الظُفير التي تتجول في الزاوية الشمالية الشرقية من الجزيرة .. وفي المنطقة المحايدة بين السعودية والعراق، أما قبيلة الرشايدة فمنازلهم الدبدبة
(1)
ونواحيها.
وفي ص 61 تحت عنوان العوازم في البيئة البحرية قال العبيّد:
يبدو أن ارتباط العوازم ببيئة الخليج واختلاطهم بالسكان دفعهم إلى ممارسة الملاحة وامتهان الحرف البحرية من غوص أو صيد لطلب الرزق. والامتهان في نطاق البيئة ليس جديدًا على القبائل، فقد رأينا بني سُلَيم يشتغلون في المعادن التي توجد في بلادهم، وكذلك باهلة أيضًا منذ مئات السنين .. تمامًا كما نرى اليوم أفراد قبيلة العوازم يعملون في شركات الزيت وهو النفط الذي تدره البلاد.
(1)
اسمها في المراجع الجغرافية القديمة (الدوّ).
والعوازم امتهنوا الملاحة منذ أن عرفوا شواطئ هذا الخليج، ولهم أسطول من السفن يعمل في الكويت منذ أوائل هذا القرن .. والحضور البحرية (الحواجز) معروفة ومنتشرة في شواطئ الكويت وجزره وهى ملك العوازم.
ويصف كتاب البحرية البريطانية مارس 1916 م جزيرة بوبيان ويقول بأن هذه الجزيرة يدعيها أمير الكويت بدعوى أن قبيلة هوازن [العوازم] من أراضيه يقومون بصيد السمك في الصيف على شاطئها الشمالي الشرقي
(1)
.
ويصفهم سليمان الدخيل رحمه الله في كانون الأول/ ديسمبر عام 1911 م بقوله: وقد أخذوا في هذه الأيام الأخيرة يعانون الغوص على اللآلئ في بحر فارس، ويمارسون سائر الأعمال المتعلقة بركوب البحر والاشتغال فيه، فينتفعون من تلك المنافع الجزيلة
(2)
.
وهذا بيان بنواخذة السفن العاملة في غوص اللؤلؤة منذ أوائل هذا القرن كلها للعوازم التالي أسماؤهم:
مفرح الأصفر، صالح راضي الأذينة، خليف مثيب الأذينة، حجرف بن عقيل، خليفة بن عقيل، سعود مطلق المحجان، ناصر الغريب، عقيل بن عقال، علي عقيل بن عقال، محمد سعود بن صويلح، راضي مرشد الشنيتير، فرحان ناجي العريرة، علي عبد الله العجران، حمود صالح الهِرّان، خليفة صالح الهِرّان، سعود بن بنيان، موسى عبد الله العبيدان، عيد المرتكي، عبيد نصار أبو لبقة، غصاب الفريشي، محمد بن مدعج، راشد بن مدعج، فالح عبيد المروح، مطلق
(1)
ص 294 مخطوطة في مكتبة الأبحاث والترجمة بالظهران - السعودية.
(2)
راجع مجلة لغة العرب للأب أنستاس الكرملي بغداد م 1 ج 6 - كانون الأول/ ديسمبر 1911 م.
ناصر العوجان، سالم بن لوفان، مبارك مرزوق الحريص، سعود بن مهنّا، سعيد بن مهنّا.
وفي ص 63 قال تحت عنوان المذهب الديني عند العوازم:
أوردنا في فصل سابق عن مجتمع العوازم ومرابع تجوالهم، وتحدثنا عن مدى مراعاتهم للتقاليد العربية، وانطباع الروح الإسلامية الصحيحة فيهم على أثر قيام الهِجَر التي (ديِّنوا) فيها، وتفهموا الدعوة السلفية التي نادى بها شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب.
وفي الموسوعة الإسلامية الطبعة الجديدة إشارة إلى أن معظم أفراد قبيلة العوازم ينتمون إلى المذهب المالكي
(1)
.
قد وجدت لأفراد من القبيلة اهتمامًا خاصًا بإنشاء المساجد، وسمعت أن في المدينة المنورة والكويت والأحساء مساجد حديثة أنفق عليها العوازم وبُنيت على حسابهم الخاص.
وأشار مؤرخ الكويت الأول عبد العزيز الرشيد إلى أحياء الكويت القديمة فعدّ عزران الدماج ثم وسعه هلال المطيري
(2)
.
ويقول ديكسون في كتابه "عرب الصحراء" ص 571: مذهبهم - أي العوازم - سنيون مالكيون.
ومن أوائل المساجد التي أنشئوها داخل سور الكويت القديم مسجد الدوّاس الذي يطلق عليه الآن مسجد الفارس، ومسجد ابن حنوة الذي يُطلق عليه الآن مسجد ابن نبهان.
(1)
بقلم المستر و. ئي. فلقن ص 762.
(2)
تاريخ الكويت ص 36 الطبعة الثانية - بيروت.
وفي ص 64 تحت عنوان بعض أهل العلم منهم قال العبيّد:
ورد في كتاب - صفحات من تاريخ الكويت - للشيخ/ مساعد عبد الله العازمي، ونقل عنه الأستاذ/ فاضل خلف في كتابه دراسات كويتية ص 105 عدة أسماء جاء من بينها اسم الشيخ المذكور.
وهذه ترجمة الشيخ مساعد حاولنا استخلاصها من عدة مراجع:
ولد الشيخ مساعد بن عبد الله العازمي في الكويت في الخمسينيات تقريبًا من القرن التاسع عشر، ولم نعلم عن تاريخ ميلاده بصورة دقيقة، إلا أنه نشأ محبًا للثقافة وطلب العلم، وغادر الكويت سنة 1885 م إلى مصر حيث التحق بالجامع الأزهر، وحصل على شهادته العلمية ثم قفل راجعًا إلى بلد الكويت، وكانت الكويت شأنها شأن جزيرة العرب تتعرض للأمراض السارية فتفتك بأهلها إذ ذاك .. ففكر الشيخ مساعد بتعلم مهنة التلقيح ضد الجدري أثناء إقامته في مصر، وبالفعل أجادها الشيخ إجادة تامة على يد أحد الأطباء في مصر، وأسهم الشيخ في خدمة بلده إذ لا يوجد آنذاك أطباء في الكويت، وعند عودته مرّ بالهند فتزوّد ببعض أدوات التلقيح الحديثة التي كانت تستعمل في زمنه فأحضرها إلى الكويت، ثم إنه بعد فترة من الزمن انتقل إلى رأس الخيمة إحدى إمارات الخليج، وحبب إليه أميرها الإقامة لديه عندما عرف صدق نيته وحبه للعلم، وبعد إقامة قصيرة ارتحل إلى الأحساء كعبة قُصّاد العلم وطلاب الشريعة من كافة أنحاء الخليج، ثم عاد إلى الكويت في عهد أميرها محمد آل صباح فأسهم في نشر العلم وكان له حلقة خاصة تعقد في داره، وفي آخر حياته انتقل إلى البحرين وتوفى في
قرية عسكر
(1)
عام 1362 هـ، عن عمر يناهز المائة سنة رحمه الله رحمة واسعة
(2)
.
وقد كافأته حكومة الكويت حيث أطلقت اسمه على أحد الشوارع الرئيسية
(3)
.
وفي ص 66 تحت عنوان العادات والتقاليد قال العبيِّد:
ليس لدى العوازم عادات أو تقاليد معينة تميزها أو تفردها عن غيرها، وإنما هي عادات القبائل الأخرى، إلا أن العوازم يعرفون لدى سكان منطقة الخليج بالحذق وكذلك الوفاء ولا سيما للحاكم الذي ينتمون إليه، كما عرفوا بعدم الاعتداء على الغير في وقت كانت تتصارع فيه معظم القبائل فيما بينها، إلا أنهم لا يسمحون لأي أحد بالاعتداء عليهم.
- قلت: وهذا الشيء هو طبع بني كلاب من هوازن، فقد أسلفنا عن قول زهير بن جذيمة العبسي:"أن قبيلة كلاب كالحية إن تركتها تركتك، وإن وطأتها عضتك"، وتاريخ العوازم مع القبائل التي اعتدت عليها وما قد ألحقته بالمعتدين قد نوهنا سالفًا عن نبذات لما قاله بعض المؤرخين.
ونعود لقول العبيّد فقال: ومن المستفيض لدى سكان المنطقة أنه لم يذكر أن وجد من العوازم من يتسكع في البلدان لطلب العون أو سؤال الناس حتى في أحلك الظروف.
(1)
نقلًا عن كتاب "من هنا بدأت الكويت" لعبد الله بن خالد الحاتم ص 148 المطبعة العمومية - دمشق.
(2)
في ص 148 من المصدر نفسه ورد ما يلي: واتخذ من بيته الواقع في محلة العوازم بالقرب من مسجد ابن فارس عيادة يأتي إليه الناس لتلقيحهم آنذاك.
(3)
عن الموسوعة الكويتية.
ومن تقاليدهم نخوة القبيلة التي يرددونها في الحالات الطارئة الخاصة وهي (خيال صبحا عطُوي) ويعتزون باسم أولاد عطا، ويقول الشاعر خالد الفرج:
وإن أنس للتاريخ لا أنس موقفًا
…
لآل عطا في فعلهم إذ تصلّبوا
ويعلق على ذلك في ديوانه بقوله: "آل عطا قبيلة العوازم التي كانت مخلصة، فقاومت الثوار وهزمتهم في رِضَى".
ويشكل العوازم نسبة واضحة في المجتمع الكويتى اليوم، ولذلك نورد بعض ملامح هذا المجتمع الذي تتسع أبعاده لتشمل العديد من القبائل الأخرى. وأكمل كلامه في ص 68 قائلًا:
" .. تلك هي ملامح تنطبق كثيرًا على حياة العوازم في الكويت، وهم الذين تركوا الصحراء والرعي واستقروا في الحاضرة يسهمون في بناء حياة جديدة، ولم يبق في مضارب الخيام سوى القليل ممن يفضلون حياة الصحراء بما فيها من بساطة وبما فيها من شظف العيش"، وممن وصف مجتمع العوازم خالد محمد الفرج رحمه الله حيث ورد في مذكراته المخطوطة ما يلي:
"وهم على العموم - أي العوازم - بين البداوة والحضارة ولا يكادون يتجاوزون مواضعهم، وهم أهل ثروة ولهم اعتناء بتربية الأغنام، وإليهم ينسب السمن العداني الفاخر، ومن أخلاقهم عدم الاعتداء على سواهم ولا يغيرون على أحد، ولكن الويل لمن يعتدي عليهم، والبدو الآخرون يشبهوهم بالحية لا تعتدي ولكنها تعطب من يتعرض لها، وهذه الصفة تنطبق عليهم، وقد ذاق بطشهم العُجمان سنة 1333 هـ وكذلك الجبلان من مُطير". (انتهى)
وفي ص 73 تحت عنوان حروبهم مع القبائل الأخرى قال العبيّد:
تبين من المراجع التاريخية المتعددة أن العوازم اشتركوا في حروب عدة مع مجموع من القبائل .. مثل العُجمان وعَنَزة ومُطير وغيرهم.
وصراع العوازم القبلي يبدو أنه منذ قرون، ويتضح جليًا ابتداء من القرن العاشر الهجري حينما اصطدموا مع عَنَزة
(1)
وغيرها .. ولسنا في سبيل تعداد الغزوات التي قام بها العوازم أو التي اشتركوا فيها، فهذه عديدة .. ثم إنه لا تخصهم وحدهم، ففي الكويت نجد أنهم اشتركوا في الوقعات التي حصلت في الكويت مثل وقعة (الرقة) و (جوُّلبن) و (هديّة) و (حَمَض) و (الجهراء) و (الصريف)، ومن مدوناتهم الشعرية نستنتج استمرار التفاخر بانتصاراتهم، كما أنهم حاولوا السيطرة على مواقع ذات أهمية مثل (نطاع)، و (الوفراء) منذ مئات السنين.
كما تكرر اصطدامهم مع السلطة الحاكمة وما حصل لهم مع الأشراف كان البداية. وفي هذا القرن تجددت حروبهم بشكل واضح، فلم يعودوا تلك العشائر المتفرقة التي تسعى وراء الكلأ والعشب متفرقة هنا وهناك .. بل ظهرت لهم قوة .. ووزن خاص، ولا سيما لدى السلطة الحاكمة سواء في الكويت أو السعودية.
وبالمثل نجد هابس بن عشوان من فرسان مُطير المشهورين ورؤسائها البارزين يلاقي حتفه في وقعة (النقير) مع العوازم، وكان هذا البطل رحمه الله ضحيتها وذلك في عام 1348 هـ
(2)
.
(1)
راجع ابن بسام التميمي (مخطوط).
(2)
ويقول شاعر العوازم: بالنقيرة ذبحنا طير حوران. يقصد شيخ العبيات من مُطير.
ونجدهم في وقعة ملَح يقفون لماجد الدويش (من قبيلة مُطير) وقفة حزم، حيث ذكر مؤرخ الكويت عبد العزيز الرشيد أن خيول عَنَزة أغارت عليه ولكنها لم تفعل شيئًا، ثم تقدم زعيم العوازم وتبعته عشيرته، فانهزم الدويش تاركًا خلفه من القتلى والجرحى والأموال شيئًا كثيرًا.
أما انتصارات العوازم الجديرة بالتأمل فأهمها تلك الوقعات التي حصلت بينهم وبين عدد من القبائل في المنطقة الشرقية (السعودية) وأشهرها وقعة (رِضَى) ووقعة (النقير) حيث اجتمعت قبائل عديدة والتفت حول بعضها البعض، واتجهت إلى العوازم تريد التقوي بها وبأموالها ليتمكنوا من السيطرة على المنطقة الشرقية.
فهناك نايف بن حثلين (ابن عم ضيدان) ويلقب بأبي كلاب، تزعم قبيلة العُجمان ونزل على (الوفراء) والتف معهم من قبيلة مُطير جماعات بزعامة جاسر بن لامي، وأحد أبناء الفغم، وجماعات أخرى من عَنَزة وعُتيبة .. ولحق بهم ابن مشهور من الروّلة (عَنَزة) وكان نازلًا بالجهراء، ثم انضمت إليهم فلول معركة السبلة، وأصبحوا يزيدون على أربعة آلاف مقاتل، حتى ضاقت بهم الوفراء وكاد أن ينضب ماؤها وعلى رأس تلك القيادات يقف فيصل الدويش (من مُطير) وابنه حيث انضم العُجمان وتحالف معهم على احتلال الأحساء.
ومع هذا الحشد الكبير من القبائل وقف العوازم وانتصروا انتصارًا ساحقًا تحدث عنه عدد من المؤرخين الذين كتبوا عن شبه الجزيرة العربية وأحداثها في مطلع هذا القرن، وكانت وقعة رِضَى في يوم 17 محرم 1348 هـ/ 1929 م. ولنقرأ ما كتبه اثنين من المؤرخين.
- قلت: وحتى لا نقطع سرد العبيّد سنورد هذه النصوص رغم أننا قد أسلفنا عنها ..
ففى ص 76 تحت عنوان أمثلة من انتصاراتهم قال العبيّد:
أورد مؤرخ الكويت الأول عبد العزيز الرشيد الحادثة التالية تحت عنوان [مبارك "آل الصباح" وماجد الدويش "رئيس مُطير"]:
أغار ماجد على عريب دار (العوازم) من قبائل الكويت في مَلَح، وكان دعيج آل الصباح بينهم، فخفّ الكويتيون لنصرتهم ولكن بعد أن قضي الأمر، وأصاب الدويش منهم ما أصاب وأخذ ما أخذ من الغنائم والأموال.
أما مبارك فتطيّر من عمل ماجد وعده اعتداء فظيعًا يستحق عليه العقاب الصارم، وذلك لأن مباركًا كان قد أعطاه قبل غارته ما يسد وطره، ولأن من أغار عليهم لم يعتدوا عليه، فيكون ما أصابهم به جزاء لاعتدائهم زيادة عليه، فهو لا يرى هذا الاعتداء إلا على آل الصباح أنفسهم لا على قبيلتين من قبائلهم، ومبارك لا يطيق الصبر على مثل هذا وإن صبر على سواه، لهذا رماه بجيش كثيف من الكويتيين والعربان كان هو قائده بنفسه، وقد صبحه في الردينيات، فأغارت عليه أولًا، خيل عَنَزة ولكنها لم تفعل شيئًا، ثم تقدم زعيم العوازم ابن مساعد (مساعد الحمّاد) وتبعته عشيرته ولم يصغوا لمنع مبارك إياهم عن الإقدام، فكانت النتيجة انهزام الدويش تاركًا خلفه من القتلى والجرحى والأموال شيئًا كثيرًا. (انتهى).
النص الثاني تحت عنوان "في المنطقة الشرقية بالسعودية":
أورد الشيخ/ محمد بن عبد القادر في تاريخه قوله: كان الملك/ عبد العزيز قد سافر إلى مكة لحضور موسم الحج، وحينما بلغ فيصل الدويش خبر الحادث، وقد أعادت إليه صحته واندملت جراحه، بادر إلى نقض العهد وسار هو
وابنه ومن أطاعه من قبيلة مُطير إلى العجمان، وانضم اليهم، وجاءهم أيضًا ابن مشهور في جماعة من عَنَزة، ولم اجتمعوا عقدوا العزم على احتلال الأحساء والمدن الساحلية كالجبيل والقطيف، وساروا متجهين لتنفيذ خطتهم، وفي طريقهم قيل لهم: إن أحياء من قبيلة العوازم نازلون على ماء يقال له رِضَى، فطمعوا في أخذهم والتقوي بأموالهم، فساروا إليهم وصبّحوهم وهم غارون لا يعلمون بهم، فهبّوا في وجوههم مدافعين عن أموالهم وأهاليهم، وأنزل الله عليهم النصر من السماء، فقتلوهم بالرصاص والسيوف والسكاكين وعمد البيوت (بيوت الشعر) وبالحجارة، وقتلوا حملة الرايات وأخذها العوازم، وهزموهم شر هزيمة لا ينمحي عارها، وكانت هذه أكبر وأفحش في نفوسهم من كل شيء، لأنهم يرون أن العوازم لا يكافئونهم في الشجاعة والعدد والعدة، وفقدوا بذلك اعتزازهم بأنفسهم ومكانتهم الرفيعة عند الناس، وأمن الله البلاد من شرهم.
وبعد مدة لا تزيد على شهرين أرادوا أن يستعيدوا شرفهم وحسن سمعتهم وهيبتهم التي هزت جزيرة العرب والعراق والشام، فجمعوا فلولهم .. وكانت العوازم تترقب غزوهم فاجتمعوا على ماء يسمى (نقير)
(1)
فسار العُجمان والدويش من مُطير وابن مشهور إلى العوازم في نقير، فأغاروا عليهم فهزمهم العوازم مرة ثانية شر هزيمة، وقتلوا كثيرًا من رجالهم فعادوا خائبين. (انتهى).
- قلت: ولا يسعني إلا أن أقول في أن هذه الأحداث قد أظهرت بصورة جلية مَنْ هم العوازم، وأنهم بحق أهل العزم والبطولة ورايتهم منصورة، كيف لا؟ .. وهم لا يعتدون على عباد الله من أبناء الجزيرة بصورة غادرة كما فعل هؤلاء
(1)
ويقول شاعر العوازم: عقب كون نقير تيهنا العشاير
…
والحريب أقفى يبي المخلاص منا
ويقصد أن إبل العوازم صارت آمنة في مراعيها بعد اندحار الأعداء.
الطغاة معهم .. وهي شهادة للتاريخ، فهم الجمر تحت الرماد، وقد برهنوا في جزيرة العرب بأفعالهم وفروسيتهم عن عراقتهم وطيب أعراقهم.
وفي ص 78 يعلق الأخ الأستاذ/ عبد الرحمن العبيّد عن هذه الأحداث التي جرت للعوازم قائلًا: تكاد تجمع المصادر التاريخية على حقيقة هذه الحملة، وما دار فيها وما أورده الشيخ محمد بن عبد القادر يوضح ذلك جليًا.
أما أسبابها فيرجع إلى حب السيطرة عند بعض البادية وإلى عدم التزامها بالعهود .. وأي طمع لهؤلاء الأشخاص مجتمعين في الحصول على مغانم سياسية ومادية تحد من انتصارات ونشاط عاهل الجزيرة الراحل عبد العزيز آل سعود، بالإضافة إلى أسباب أخرى، أهمها كون المنطقة تتمتع بخيرات كثيرة حيث توجد واحات القطيف والأحساء وموانئ الجبيل والعقير التي تعتبر منافذ لشبه الجزيرة من الشرق .. ومن الغريب أن يتقاسم زعماء تلك القبائل أقاليم المملكة في اجتماع خاص عقدوه قبل حصولهم على أي نصر، وقد جاءت هزيمتهم على يد العوازم تضع حدًا لهذه الثورة، وكان من نتيجتها الاستقرار وعودة الطمأنينة إلى نفوس الأهالي، ولا سيما سكان المدن القريبة التي كانت ستتعرض لهم قبل غيرها مثل الجبيل وكذا سكان الإقليم بأسره، نظرًا لما يعرفونه من نتائج سيطرة هؤلاء الأعراب وبعدهم عن الروح السياسية وأصول الحكم وإدارته، ولم يكن ترحيب الملك الراحل/ عبد العزيز رحمه الله بهذا النصر أقل من ترحيب الأهالي، فقد عرفهم وخبرهم عن دراية، ولذلك فقد رحبّ ترحيبًا حارًا برؤساء العوازم حينما قابلوه في الأبطح بمكة المكرمة وسلموه بيارق
(1)
المنهزمين.
(1)
بيارقهم: راياتهم.
وحينما أنشد شاعرهم:
يا الله ياللي مانبي غيرك مدد
…
يا للي بك العبد الموحد يستعين
جونا على غرّة وجيناهم هدد
…
واللي حضر منا كفى اللي غايبين
أهل البيارق طرّحوهم بالعمد
…
في شوبة الدخان قدم الهايشين.
كان الملك الراحل يستزيده، وكلما استرسل الشاعر في تعداد مفاخر قبيلته قاطعه الملك مرددًا: قول .. وفعل ..
- قلت: لعمري صدق الملك عبد العزيز آل سعود ورب الكعبة، فهم أهل الفعال والبطولات التي ترفع الرءوس أبد الدهر، فلله در العوازم.
في ص 80 من كتاب العوازم للأستاذ/ العبيّد جزاه الله خيرًا، دوَّن قصيدة لشاعر الخليج الأول/ خالد محمد الفرج رحمه الله وفيها سجل وقعة رِضَى في 17 محرم سنة 1348 هـ، وقد رُفعت إلى الملك الراحل عبد العزيز آل سعود إثر قدومه إلى مدينة الجبيل السعودية على ساحل خليج العرب، وذلك يوم 21 من شهر رمضان 1348 هـ
(1)
، قال الفرج يمجِّد قبيلة العوازم (الهوازنية).
- قلت: وكأني أرى هذه القبيلة العربية العريقة والكريمة من خلال هذه القصيدة الرائعة قد بلغت مببغ الثُريَّاء والجوزاء في فُلك السماء .. قال الفرج يشيد ويفخر بالعوازم وهم في العزم والثبات كالجبال الراسيات:
وإن أنس للتاريخ لا أنس موقفًا
…
لآل عطا
(2)
في صدقهم إذ تصلّبوا
بداة وأخلاق الحضارة هذّبت
…
حواشيهم في فعلها فتهذّبوا
(1)
"ديوان خالد الفرج" الجزء الأول، طبعة دمشق 1373 هـ - 1954 م ص 46.
(2)
يقول الفرج في ديوانه: (آل عطا قبيلة العوازم التي كانت مخلصة للدولة فقاومت المتمردين وهزمتهم في وقعة رِضَى)
فظلوا على إخلاصهم وولائهم
…
وليس لهم إلا ولاؤك مذهبُ
وما (العازمي) عند العدى غير لقمة
…
تُساغ وإلا شربة الماء تشربُ
هناك على الوفراء
(1)
باتت جموعهم
…
وشادوا بيوت الحرب فيها وطنّبوا
وقد أرسلوا نحو الدويش بداره
…
فأغروه، إن الجهل بالعقل يلعبُ
وساقوا ألوف المارقين أمامهم
…
وليس لهم غير العوازم مأربُ
فأرضاهم القوم الميامين في رِضَى
(2)
…
بضربة من للحق يرضى ويغضبُ
فولّوا ولم يلووا فلا الابن منقذ
…
أباه ولا يلوي على ابنه الأبُ.
وفي ص 81 تحت عنوان أحداث اشترك فيها العوازم نقلًا عن مراجع مخطوطة ومطبوعة ذكر العبيِّد التالي:
(أ) يقول صاحب تحفة المشتاق من أخبار نجد والحجاز والعراق للشيخ/ عبد الله بن محمد بن عبد العزيز آل بسام (التميمي) - توفي عام 1346 هـ كما حدّث بذلك بعض أهله، لناقله عن الأصل الخطي المحفوظ لدى ورثة المؤلف، وهو بخط المدعو نور الدين شريبة، عن نسخة مصوّرة لدى المؤلف، ونذكر النصوص كالتالي:
* "ثم دخلت سنة 858 هـ، وفيها غزا زامل بن جبر العقيلي العامري من الأحساء ومعه جنود كثيرة من الحاضرة والبادية، وقصدوا بوادي زِعْب والعوازم وهم على اللهابة فصبّحهم وأخذهم وقتل منهم عدة رجال ثم رجع إلى وطنه
(3)
".
(1)
الوفراء - تسمى الوفرة: بلدة في المنطقة المحايدة الواقعة بين المملكة والكويت.
(2)
رِضَى: ماء في وادي المياه بقرب قطاع شمال الأحساء بالسعودية.
(3)
ص 9 ب من المخطوطة.
* "ثم دخلت سنة 879 هـ، وفي هذه السنة أخذوا آل كثير والعوازم وزِعْب قافلة كبيرة لأهل نجد
(1)
على اللصافة وهي خارجة من البصرة وفيها من الأموال والأمتعة شيء كثير
(2)
".
* "ثم دخلت سنة 900 هـ، وفي هذه السنة غزا أجوّد بن زامل من الأحساء بجنود كثيرة من الحاضرة والبادية وصبّح بوادي هُتيم وزِعْب والعوازم على ثاج، وغنم منهم شيئًا كثيرًا، وقتل عدة رجال من الفريقين، ثم توجه إلى نجد وصبّح الدواسر على الرويضة، وأخذهم وقتل منهم عدة رجال
(3)
".
* "ثم دخلت سنة 955 هـ، وفي هذه السنة صبّحوا عَنَزة - العوازم وزِعْب على ثاج، وأخذوهم وقتلوا منهم عدة رجال
(4)
".
* "وفي يوم الثلاثاء حادى عشر شعبان المذكور من سنة ثمانين وألف ورد خبر وقعة مولانا السيد حمود مع ظفير (الظُفير) وكان فيها عدة وقعات: وقعة قفار مع عَنَزة، ووقعة هُتيم ووقعة بني حسين والعوازم ووقعة مُطير وغيرهم
(5)
".
(ب) ورد في تاريخ ابن بشر
(6)
إشارة إلى بعض أحداث تتعلق بتعاون بني خالد مع العوازم على نحو تدبير القتل للحاكم كما حدث في سنة 1254 هـ
(7)
(1)
في كتاب الألف سنة الغامضة قي تاريخ نجد لابن السويداء، وقد نقل نصوص البسام ذكر فيها أن القافلة لعَنَزة خلاف ما ذكره العبيّد هنا في نصوصه المنقولة.
(2)
ص 12 المرجع نفسه.
(3)
ص 16 من المخطوطة السابقة.
(4)
ص 25 نفس المرجع السابق.
(5)
سمط النجوم للعصامي ج 4 ص 512 المطبعة السلفية.
(6)
طبعة مصر عام 1373 هـ ج 1، 92 - 93.
(7)
أخطأ ابن بشر في تحديد العام الصحيح لقتل محمد أفندي العثماني، والصحيح أنه في عام 955 هـ. [أي أن الفارق كبير هنا جعله ابن بشر نحو ثلاثة قرون؟!]، وقد أسلفنا عن ذلك الحادث نقلًا عن مقالة الدكتور/ محمد عيسى صالحية في القبس الكويتية.
حينما قُتل محمد الأفندي، وتبين أن الذين دبروا اغتياله هم ثلاثة من العوازم من أعوان آل عريعر (أمراء بني خالد)
(1)
، وقد حُبسوا بعد ذلك، ويعلق ابن بشر على هذا الحادث بقوله: وكان في الأحساء من رؤساء بني خالد برغش بن زيد بن عريعر وابن عمه مشرف بن دويحي بن عريعر وطلال، وكانوا قد طلبوا من الباشا ولاية الأحساء فأبى عليهم، فسكنوا في الأحساء على غير شيء .. وكان الفاخري رئيس العسكر عند أعراب العُجمان يجمع رحائل فلما بلغه الخبر أقبل مسرعًا، فلما دخل بيته جاء رؤساء بني خالد يسلمون عليه، فحبسهم وأخذ سلاحهم، فأقاموا عنده أيامًا ثم أطلقهم (انتهى).
(ج) يقول عبد الرحمن بن ناصر عن مخطوطة لكتابه "عنوان السعد والمجد فيما استظرف من أخبار الحجاز ونجد"
(2)
:
* ثم دخلت السنة الثالثة والثلاثون بعد الثلاث مائة والألف وفيها أمر الإمام (يعني الملك الراحل/ عبد العزيز آل سعود) على أخيه محمد أن يسير إلى العُجمان وينازلهم، فخرج إليهم محمد بن عبد الرحمن آل سعود بمن معه، فناوشهم ورماهم بالمدافع فحصل لهم ضجة، فحين علموا بإجماع المسلمين ساروا ميممين إلى الكويت، وكانوا معجبين بأنفسهم، وذلك أنهم أغاروا في طريقهم على بادية العوازم ليتقووا بها بزعمهم، وكان العوازم لما علموا بهم استعدوا لمنازلتهم، فحين اتصلوا إليهم حصل بينهما وقعة صارت الدائرة فيها على العُجمان وقُتل منهم قتلاء، منهم فهد بن سعد بن سعود بن فيصل، ثم أخذ العُجمان على وجوههم ميممين إلى جهة الكويت.
(1)
ابن بشر ص 93.
(2)
ص 129/ 130 عن مخطوطة مصوّرة لدى المؤلف، ج 1.
* وفي نفس السنة: سار المقدام سعود بن عبد العزيز حفظه الله تعالى من الرياض وقصد الأحساء، وبعث بسرية إلى العوازم وأمدهم بالأسلحة والذخيرة والأطعمة، واتفقوا بالعوازم واجتمعوا على رِضَى المعروف، فأغار عليهم في ذلك الموضع الفغم وابن مشهور من مُطير يرافقهم العُجمان بمن معهم من الجنود، وحصل بينهم وقعة كبيرة نصر الله سرية ابن سعود والعوازم، وأخذوا ألويتهم وأمتعتهم وأثاثهم وأسلحتهم، وقتلوا منهم قريبًا من أربعمائة، وقُتل من العوازم أيضًا قريبًا من مائتي رجل
(1)
(انتهى).
(د) يقول سنت جون فلبي "بلاد العرب ص 37 لندن - 1928 م:
أتى العُجمان متسللين على الشاطئ تحت حماية العوازم وشيخهم فهد بن معتقة، ونزلوا فجأة على خيام زِعْب
(2)
قرب القطيف، ولما كانت إبل زِعْب بعيدة في المراعي، استمروا إلى أن نزلوا على مخيم سُبيع ناهبين ثلاثة أذواد، حوالي 150 جملًا، فاستنجدت سُبيع بزِعْب وشيخهم عرجان بن فيصل بن سحوب، فوافق وتبعوهم واسترجعوا الإبل، ثم استمروا في تتبعهم إلى أن فوجئوا بأن العُجمان ادّعوا أن العوازم وعدوهم النصرة، وكان العوازم من الكثرة بحيث تصعب مهاجمتهم (انتهى).
(1)
نفس المصدر السابق (مخطوطة ص 271).
(2)
زِعْب قبيلة معروفة في الأحساء من بني سُلَيْم بن منصور من العدنانية.
(هـ) ويقول فلبي في يوبيل الملك/ عبد العزيز آل سعود ص 63 - لندن 1952 م:
عاود العُجمان غزواتهم من مكانهم الأمين في الأراضي البريطانية [أي أراضى العراق التي كانت تحت الحماية البريطانية آنذاك] على قبائل نجد والأحساء، مستعملين الكويت ممرّا لهم بالموافقة الضمنية للشيخ/ سالم آل الصباح وقبيلة العوازم الكويتية، التي كان لها الحق في الرعي في الصحراء الشرقية دون دفع الضرائب من الماشية لابن سعود، فاستخدم العُجمان قبيلة العوازم ستارًا لحركاتهم هذه (انتهى).
(و) ويقول خير الدين الزركلي في شبه الجزيرة في عهد الملك/ عبد العزيز آل سعود
(1)
:
ترك العُجمان أثقالهم في نطاع، وخفّوا إلى ماء (رِضَى) فاصطدموا بالعوازم، وثبت لهم هؤلاء - يعني العوازم - فقُتل من المهاجمين نحو مائتين، وجرح كثيرون، وولت جموعهم عائدة إلى نطاع ومنها إلى الوفراء، وكانت وقعة رِضَى في يوم 17 محرم 1348 هـ/ 1929 م، وبها زال ما كان للعصاة من هيبة ورهبة في بعض القبائل .. إلخ (انتهى).
وفي ص 85 تحت عنوان العوازم في كتب الغربين ذكر العبيِّد نصوصًا كالتالي:
- يقول المستر و. ئي. فلقن
(2)
: العوازم والنسبة (عازمي) قبيلة بدوية في
(1)
ج 2 ص 490 - الطبعة الأولى 1390 هـ - 1970 م.
(2)
الموسوعة الإسلامية - الطبعة الجديدة ص 762.
الشمال الشرقي لجزيرة العرب، اكتسبوا احترام القبائل الأخرى لمعرفتهم العميقة بما يمت إلى الصحراء، ولشجاعتهم في الحرب والقتال لأن قبيلة العوازم كانت من أكثر القبائل العربية ولاءً ومساعدة للملك الراحل عبد العزيز آل سعود في حروبه ونزاعه مع القبائل الأخرى في شرقي شبه الجزيرة في السنوات 1333 - 1348 هـ / 1915 - 1929 م، وتنتشر قبيلة العوازم في القسم الشمالي من المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية، وعلى الأخص في مناطق السودة والردائف وعلى شواطئ الكويت وفي المنطقة المحايدة بين الكويت والمملكة العربية السعودية، ومعظم أفراد قبيلة العوازم على المذهب المالكي، وهجرات العوازم في ثاج والحناءة وعتيق (واسمها عتيد) وشيخهم عام 1957 م عيد بن جامع (انتهى).
- ويقول أوبنهايم في كتابه البدو (بالألمانية) ص 151:
إن نهضة قبيلة العوازم في أواخر الحرب العالمية الأولى - عندما أصبحت ديرتهم - وتقع في مناطق حدود الزبير (جنوب العراق) والكويت ونجد - مركزًا للصوص ولقوافل المهربين .. ثم بعد ذلك التحق عدد كبير من العوازم بالإخوان (النجديين) وحانت ساعتهم سنة 1929 م، إذ لولا مساعدتهم ومساندتهم لما تمكن ولى العهد (آنئذ) الأمير/ سعود بن عبد العزيز آل سعود من تضييق الخناق على العُجمان المتمردين مدة طويلة كافية، حتى تمكن الملك/ عبد العزيز آل سعود بنفسه أن ينزل المعركة ضد العُجمان في آخر هذه السنة المذكورة.
وكان العوازم لا يعتبرون من رعايا الكويت في حروبهم، وأهم المشاكل التي وتّرت العلاقات بين الكويت والرياض في الحرب العالمية الأولى كانت مسألة فرض الضريبة على العوازم، وقد حلها الإنجليز بوساطتهم لمصلحة الكويت سنة
1918 م، ويتجوّل العوازم في الشتاء من الكويت إلى قرب القطيف (بلاد الأحساء)، وفي الصيف يتجولون في منطقة الظُفير
(1)
(وهي المنطقة المحايدة بين السعودية والعراق)، وهم أيضًا أي العوازم يزورون جزيرة (بوبيان) إذ أن كثيرًا من العوازم صيادون وغواصو لؤلؤة، ويعيش منهم في الكويت ذاتها حوالى 250 عائلة، وآخرون استقروا وأصبحوا في هِجَر الإخوان في السعودية.
وأضاف: لقد تطوّر العوازم إلى قبيلة هامة في السنوات الأخيرة (انتهى).
- ويقول المستشرق الرحالة الفنلندي جورج أوغست فالين في كتابه صور من شمالي جزيرة العرب في منتصف الفرن التاسع عشر ص 70، 71 من آب أغسطس: غادرت الجوف ترافقني عائلة بدوية من قبيلة صغيرة
(2)
اسمها عوازم - وفي الهامش لعلّها هوازن - تعيش مع قبيلة الشرارات في جوار سكاكا، وقد انتشرت باسم هوازم في قسم واسع من نجد، وكان لها تأثير شديد في الماضي البعيد .. إلخ (انتهى).
- يقول لوريمر في كتابه الذي طبعته حكومة الهند عام 1908 م:
وتدعي القبيلة (يعني العوازم) أنها من سلالة حرب.
قلت: وقد أوضحنا أن قسمًا من العوازم من حرب، وليس سائرهم كما التبس الأمر على بعض المؤرخين العرب، وقد صححنا ذلك سالفًا.
وأضاف لوريمر: ويقولون - أي العوازم - أن اسمهم معناه السرعة في البدء (يقصد الإقدام)، وتشير إلى الانتشار القبلي المفاجئ. . . (انتهى).
علق العبيِّد على قول لوريمر قائلًا: يبدو على لوريمر عدم الدقة والإحاطة بأصول المعلومات الأخرى التي أوردها، ولا يوثق في كثير منها.
(1)
يقصد قبيلة الظُفير.
(2)
ذكرهم (صغيرة) لأن العوازم في بلاد الجوف قسم صغير من القبيلة الأكبر في المنطقة الشرقية.
- وذكر لويس موزيل في كتاب نجد الشمالي ص 169: القبائل التي تضرب خيامها مع قبيلة الظُفير وعدّ منها قبيلة العوازم.
وذكر في موضع آخر أيضًا في ص 261 التالى:
" .. كتائب الشريف غالب يقودها أخوه عبد المعين، تقدمت ضد ابن سعود (دولة آل سعود الأولى) في آخر سنة 1790 م
(1)
، فانضمت إليها قبائل مختلفة مثل العوازم وشمَّر وهُتَيْم .. وكان أملهم أن يفتحوا العاصمة الدرعية، غير أن أولى القرى الوهابية التي صادفوها في منخفض السر قاومتهم مقاومة شديدة، اضطر معها عبد المعين أن يطلب النجدة من أخيه، فتقدم الشريف غالب بنفسه على رأس قوة جديدة، غير أنه هو نفسه لم يستطع التقدم أبعد من منخفض السر، وانسحب مسرعًا عندما حاول سعود بن عبد العزيز أن يقطع خط الرجعة عليه". (انتهى).
- وقال سنت جون فلبي في كتابه "قلب جزيرة العرب ص 104 ج 1 - لندن 1922 م:
اتفق ابن سعود مع أمير الكويت الشيخ سالم الصباح أن يأخذ أي الشيخ سالم الضرائب من العوازم، وهم قبيلة بدوية تنزل بالتناوب في الكويت ونجد وحسب فصول السنة.
(1)
ذكر ابن بشر هذه الوقعة في حوادث سنة 1205 هـ، نسخة المتحف البريطاني الخطية الورقة 60، ولكنه ذكر أن العوازم ممن ساعدوا أهل قصر بسَّام ضد الشريف وقومه، وابن بشر هذا لا شك أنه واثق من موزيل، وقصر بسَّام هو قرية "البرود" وهي القرية التي ولد ونشأ فيها العلّامة السعودي/ حمد الجاسر.
قلت: وينسب الجاسر إلى حاضرة حرب من عشيرة الشبول التي تسكن هذه القرية النجدية، وقد رجّح الجاسر نسبها إلى بني سُلَيم العدنانية ودخلت قديمًا في حرب. (انظر جمهرة الأسر المتحضرة للجاسر).
وفي ص 15 ذكر أيضًا العوازم قائلًا: الطريق من قطر إلى الأحساء - عند الأعلى - والبريقة إلى الجنوب، كانت مناجع آل مرّة والمناصير، وإلى الشمال مناجع العجمان والعوازم. (انتهى)
- وقال ديكسون في كتاب عربي الصحراء ص 544 وذكر العوازم:
" .. وصرخة الحرب عند العوازم هي (أولاد عطا)، وقد تحولت إلى (آلادْ عطا)، ومن الغريب أن تسمع طفلين من العوازم يتناغيان ويصرخ أحدهم في وجه الآخر (الآدتا)! "(انتهى)
وفي ص 572 في المرجع نفسه قال ديكسون يذكر العوازم:
" .. والقبيلة (يعني العوازم) حسنة التسليح، وأغلب أسلحتهم بريطانية وكذلك ماوزر تركية وبعض بنادق المارتين الإيطالية". (انتهى).
وفي كتاب الكويت وجيرانها لديكسون أيضًا ص 293 قال عن العوازم:
" .. وفي 14 إبريل 1928 م تعرض مخيم العوازم على بضعة أميال إلى الجنوب الغربى من الوفراء في المنطقة المحايدة الكويتية على يد جماعة يقودها مدبج أبو شويربات من عائلة البرزان من بُرية - مُطير، وهي التي انشقت على الأخوان (بالسعودية)، والتجأت إلى العراق وهاجمت نجدًا فأحدثت كثيرًا من الفوضى إلى أن إزاحتها الحكومة العراقية عن الحدود الجنوبية".
وفي ص 203 من المرجع نفسه قال ديكسون:
وعند ثورة الأخوان قبل معركة السبلة الفاصلة بقيت قبيلة العوازم القوية في الأحساء مخلصة للملك ابن سعود (انتهى).
وفي ص 315 من المرجع نفسه قال ديكسون:
وفي سبتمبر 1929 م بدأ ابن سعود بالتحرك، فقامت قوة عسكرية من سكان المدن بمساندة العوازم الذين أمروا بأن يتحركوا شمالها ويحصروا الثوار في الحدود الجنوبية للكويت. (انتهى).
- وفي كتاب أمم العالم الحديث (العربية السعودية) لفلبي ص 71 - لندن عام 1955 م قال:
وفي سنة 1669 م أنيطت بحمود شريف مكة قيادة حملة مهمة على نجد حيث عامل القبائل المختلفة بأمانة وإخلاص بما فيها عَنَزة ومُطير وهُتيم وبنو حسين (من حرب) والعوازم وهؤلاء العوازم في الكويت، وكان غرض الحملة تأديب الظُفير الذين يعيشون في العراق الجنوبي، لأنهم كانوا قد سرقوا كمية كبيرة من إبل بدو الصمدة وهم فرع آخر مستقل من قبيلة الظُفير.
- وفي تقرير شركة الزيت العربية الأمريكية
(1)
بعنوان المناطق الشرقية من مقاطعة الأحساء قال:
وفي حروب سنة 1915 م - 1929 م التي خاضها الإمام/ عبد العزيز آل سعود وقواده ضد العُجمان ومُطير والقبائل الأخرى، كان بنو هاجر دائمًا بجانب الملك وكانوا وقبيلة العوازم - يهيئون له من أنفسهم أحد المصادر الرئيسية للعون المحلي.
(1)
التقرير وضعته شعبة البحث في إدارة العلاقات العامة في شركة الزيت العربية الأمريكية - موقع في 2 من ربيع الثاني 1369 هـ/ 31 يناير 1950 م.
الوطن القديم للعوازم في بلاد نجد
قال العبيِّد في ص 25، 26، 27: درجت القبائل العربية في أنحاء الجزيرة على اختيار رئيس لها يكون مصدر الأمر والنهي فيها، وتكون رئاسته على أساس من القيم الموروثة لدى العشيرة التي ينتمي إليها، وعلى أساس من البطولات والتضحيات التي يقدمها والآراء السديدة الصائبة التي يُعرف بها، وشيخ العوازم اليوم هو عيد بن جامع حسبما أوردته آخر المراجع المكتوبة، وهي الموسوعة الإسلامية سنة 1957
(1)
، ولا تزال مشيخته قائمة حتى اليوم سنة 1971 م، ويقيم في شرقي وادي المياه في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.
أما رؤساء العوازم من حيث العشائر فهم متعددون وتختلف رئاستهم في الجهات التي يقيمون فيها، إذ تنتمي كل عشيرة من العوازم إلى شيخ كبير تتوسم فيه الوجاهة والشجاعة.
ويشير الألوسي رحمه الله في ملحق تاريخه إلى أمراء العوازم في أوائل هذا القرن فيعدّ منهم في المملكة حبيب بن جامع
(2)
من البريكات (والصحيح أنه من الهدالين) وإمارته على قرية مُصلّخ.
وكذلك محمد بن معتقة، ويعد مبارك الملعبي أميرًا على ثاج، وكذلك شويمي بن سوحان من الهدالين (والصحيح أنه من الملاعبة) أميرًا على عتيق
(3)
ويشير تاريخ الكويت
(4)
إلى مبارك بن دريع من الصوابر كأحد أمراء العوازم في الكويت في مطلع هذا القرن 1326 هـ - 1906 م.
(1)
بقلم المسترو. ئي. فلقن ص 762.
(2)
ملحق تاريخ نجد للألوسي ص 35 - القاهرة 1947 م.
(3)
اسمها التاريخي عتيد بالدال وأصبحت تسمي عتيق - راجع بلاد العرب ص 347.
(4)
ص 144 - طبعة القاهرة.
أما المؤرخ الكويتي الشيخ/ عبد العزيز الرشيد فيشير إلى ابن مساعد (وهو مساعد بن حماد) ويسميه زعيم العوازم في حادثة حرب مبارك آل الصباح
(1)
لماجد الدويش (من مُطير) وقعة (ملَح).
وفي جريدة "أم القرى" الناطقة باسم الحكومة السعودية في مكة المكرمة العدد 208، الصدار بتاريخ 18 ديسمبر 1928 م، إشارة إلى أميرين من العوازم في عتيق وثاج هما فلاح بن جامع ومساعد الملعبي.
أما فلبي فيذكر اسم فهد بن معتق (معتقة أمير الحناءة) ص 37، ويشير أوبنهايم الألماني إلى أنه في سنة 1929 م كان للعوازم اثنا عشر شيخًا بارزًا.
وفي كتابه البدو ص 152 - 153 يشير إلى أفخاذهم ويعدّ منهم الهدالين، البريكات، المساحمة، الملاعبة، المساعدة، الجواسرة، الغربة. ويقول بأن أحد شيوخهم هو مبارك الملعبي، وأماكن تجوالهم الكويت والقطيف، وعدد بيوتهم ألف بيت، أما خالد الفرج في مذكراته المخطوطة فيقسمهم إلى عدة بطون أهمها البريكات والهدالين والملاعبة والذويبات (الذييبات) والصوابر والمساعدة والمساحمة، ويقول بأن الرئاسة فيهم لحبيب
(2)
بن جامع (توفي عام 1350 هـ).
وفي ص 69 إلى ص 73 قال العبيّد تحت عنوان هجرهم في المنطقة الشرقية والكويت:
(1)
انظر تاريخ الكويت ص 194 الطبعة الثانية - بيروت.
(2)
خلفه على الإمارة ابنه عيد بن جامع.
(أ) في المنطقة الشرقية [المملكة العربية السعودية]:
أورد الألوسي رحمه الله في ملحق تاريخه (طبعة 1347 هـ)
(1)
ما يلي: وأما العوازم فمن قراهم وأهله البريكات (الصواب الهدالين) وأميرهم حبيب بن جامع.
ومن قراهم الحناة وأميرها محمد بن معتقة، وثاج وسكانه الملاعبة وأميرهم مبارك الملعبي، وعتيق وأهله الهدالين (الصحيح الملاعبة) وأميرهم شويمي بن سويحان، وجاء في مخطوطة "عنوان السعد والمجد بما استظرف من أخبار الحجاز ونجد": واستوطن بعض بادية العوازم ثاج والحناة وعتيق وغيرها
(2)
.
كما أوردت جريدة أم القُرى
(3)
الحكومية قائمة بهِجَر البادية جاء من بينها:
عتيق وأميرها فلاح ين جامع، وثاج وأميرها مساعد الملعبي.
ويشير هـ. سنت جون فلبي في بحثه "أمم العالم الحديث" ص 263 - لندن عام 1955 م:
هِجَر العوازم كانت في ثاج والحناءة وعتيق.
كما يشير ديكسون "في الكويت وجيرانها" إلى الحناءة فيقول: بأنها هجرة لقبيلة العوازم
(4)
، ويذكر أيضًا بلدة ثاج، ويقول أيضًا: بأنها هجرة لقبيلة العوازم ويصف دورها بأن البعض منها مبني بالطين والبعض بالحجارة المشذبة المأخوذة من
(1)
ملحق تاريخ نجد ص 135.
(2)
ص 17 من المخطوطة مؤلفه/ عبد الرحمن بن ناصر - الجزء الأول عن نسخة مصوّرة لدى المؤلف.
(3)
العد 208 في 18 ديسمبر 1928 م.
(4)
انظر الكويت وجيرانها ص 473. وانظر مقال ثاج من الناحية الأثرية - مجلة العرب السعودية ص 629 السنة الثانية.
الخرائب القديمة (يقصد الخرائب الأثرية، وهي أحجار قديمة عجيبة في أشكالها، كانت أساسات لبيوت قديمة منذ آلاف السنين)، ويشير ديكسون أيضًا إلى هِجَر الإخوان [وهم المجاهدين مع الملك عبد العزيز آل سعود] من العوازم ويعدد أفرادها كالتالي:
في ثاج 1600 رجل، في الحناءة وما حولها 1700 رجل، في عتيق 800 رجل، أما اليوم فيعيش العوازم في عدة أماكن متباينة في الشمال الشرقي من الخليج العربي.
ويقول العبيّد: وخلال رحلة ميدانية إلى أطراف وادى المياه الشمالية، سبقت تأليف هذا البحث عام 1970 م، استطعت أن أدون معلومات عن الأماكن الأثرية التي ينتجع فيها العوازم والمياه التي اعتادوا أن يحتفظوا بها لأنفسهم
(1)
.
وفي المذكرات المخطوطة لخالد محمد الفرج شاعر الخليج ورد ما يلى:
"العوازم هم قبيلة كبيرة لا يقل مجموعها عن عشرة آلاف، ينتسبون إلى جدهم الأعلى (عطا) وإليه يعتزون بأولاد عطا ومساكنهم في نقرة بني خالد، وعلى خط السيف ما بين الجبيل والكويت .. الخ، ويضيف أيضًا قوله: وبعد أن ديّنوا صارت هجرتهم في ثاج، وبها آثار مدينة قديمة من مدن البحرين البائدة، والحناة وعتيق - بالتصغير - وهذه كانت مياهًا لهم وموارد فاستوطنوها، وقسم منهم سكن الكويت من قديم الزمان فتحضّروا.
(1)
وردت مفصلة في المعجم الجغرافي للمنطقة الشرقية (السعودية) - للعبيِّد.
(ب) في الكويت:
يقول ديكسون
(1)
: ديرة العوازم وأماكن تجوالهم في الزاوية الشمالية الشرقية من الجزيرة العربية (الكويت والأحساء) من مدينة الكويت جنوبًا حتى رأس البدع، ويزورون دولة الكويت في الغرب والشمال الغربي من الجهرة حتى منخفض الباطن، وفي الصيف تخيم بطونهم المختلفة على الأمواه في المنطقة المحايدة للكويت وفي منطقة السودة جنوبًا، حيث يتوفر المرعى والماء بكثرة، وكذلك فإن عرق ويقع غربي المشعاب وجنوبي النقيرة ونقير من أماكنهم المفضّلة.
وأورد ديكسون بعض المواضع التي يقيم فيها العوازم ويعتبرونها من مرابع تجوالهم وهي ما يلي:
1 -
جعيدان
(2)
: منخفض مساحته ميل مربع، واقع على بعد ميل واحد من برقان وهو للعوازم، وفيه عدة آبار ماء وأشجار سدر صغيرة جدًا ونخيل، وأول بئر للنفط اكتشفته شركة نفط الكويت كان بقرب شجرة سدر منفردة بقرب آبار جعيدان، وذلك في أواخر عام 1937، بعد أن فشلت في حفرياتها في الجهراء شمال خليج الكويت.
2 -
الوفراء: هذه المنطقة مشهورة للعوازم ينزلون فيها ويضربون الخيام، وتقع على أكثر من 60 ميلًا جنوبي مدينة الكويت تمامًا، وعمق الآبار الكثيرة هناك 12 قدمًا وماؤها مقبول.
أما مختصر عن بلاد العرب الذي أُلِّف من أحد المختصين في البحرية البريطانية
(3)
فيقول:
(1)
عرب الصحراء - الملحق ص 561.
(2)
وهو مسمى على أحد أفراد قبيلة العوازم اسمه جعيدان.
(3)
ج 1 مارس 1916 م ص 294.
جزيرة بوبيان يدعيها أمير الكويت بدعوى أن قبيلة هوازن (يقصد العوازم) من أراضيه يقومون بصيد الأسماك في الصيف على شاطئها الشمالي الشرقي.
ومن مياه الشرب التي يملكها العوازم والتي كانت تستعمل منذ مدة تزيد عن القرن: الدسمة، والشامية، والبريعصي
(1)
.
وللعوازم اليوم مناطق متعددة يقيمون فيها ويشتركون مع القبائل الأخرى في رعيها دون تحديد أو تخصيص.
(16)
ما قاله حمد الجاسر عن فروع وديار العوازم في معجم قبائل السعودية
(2)
:
قال: العوازم (آل عطا): وأحدهم عازمي: منهم القُوَعة، وذوي غيّاض ومنهم
(3)
الهدالين، والملاعبة، والتومة، والجواسرة، والصوابر، والبليحية، والبريكات، والعبابيد، والمحالبة، والمساحمة، والشلاوين، والصواويغ، والموايقية.
وبلاد العوازم في المنطقة الشرقية في ثاج وما حوله والنقيرة ونقير إلى الخفجي والكويت، وفي جهات خيبر والجوف.
وفي نفس الصفحة ذكر عن العوازم حلفاء عُتيبة:
قال: حلفاء لقبيلة الروّقة في نجد وهم فرعان: آل الخلوي
(4)
وهم حلفاء للعضيان، الصواويغ حلفاء للمراشدة، ولهم من الهجر الودي - تصغير وادي - في وادي الرشاء، ومُشرفة وبين الحيد وبين نفي.
وأضاف أن الحلف مع (الطلحة) من الرُّوقة، ومن هجرهم العازمية في وادى جهام.
(1)
ينسب إلى شخص عازمي يدعى محمد البريعصي، وأقيمت عليه بوابة عرفت بهذا الاسم ثم تحولت إلى بوابة الشعب.
(2)
معجم قبائل السعودية ص 506 - حمد الجاسر.
(3)
قال الجاسر: أملى هذه الفروع أحد العوازم في ثاج في رحلتنا سنة 1398 هـ على الأستاذ سعد بن جنيدل.
(4)
هنا خطأ، والخلوي ليس من العوازم.
تفصيل ميداني عن قبيلة العوازم الهوازنية
(1)
قبيلة العوازم تتكون من بطنين كبيرين لا غيرهما وهما: القُوَّعة، وغيّاض.
أما بطن القُوَعة ففيه أفخاذ كبيرة هي:
1 -
فخذ الهدالين (بنو هدلان) وفيهم إمارة ورئاسة العوازم بصفة عامة.
2 -
فخذ البريكات (بنو بريك).
3 -
فخذ الشقِّفة (بنو شقيف).
وبطن ذوي غَيّاض ففيه أفخاذ كبيرة هي:
1 -
فخذ المساعدة (بنو سعد).
2 -
فخذ الخنافرة (بنو خنفر).
3 -
فخذ مظلوم (بنو مظلوم).
4 -
فخذ الملاعبة (بنو ملعب).
5 -
فخذ الصوابر (بنو صابر).
6 -
فخذ الجوارية (بنو جواري).
7 -
فخذ المساحمة (بنو سحمة)، ويقال لهم "ذوي فاضل".
8 -
فخذ الموايجية (بنو موايج).
(تفصيلات أخرى لكل بطن من العوازم على حدة)
(أ) فخذ الهدالين (بنو هدلان) من القُوَعة:
وفيه ذوي خماس ومنهم آل الجامع وفيهم إمارة القبيلة، والأمير السابق للعوازم عيد بن جامع رحمه الله وذريته الأمير العام لقبيلة العوازم وهو حبيب بن جامع ومسكنه بالسعودية في قرية عتيق، وكذلك أخيه فلاح بن جامع أمير العوازم في الكويت وهو عضو المجلس الوطني سابقًا في دولة الكويت.
ومن آل جامع الفارس جبر بن جامع وله شهرة. ومن الهدالين ذوي فايد ومنهم الفارس عيد راعي الجنفاء.
وبصفة عامة فمن الهدالين أُسر عريقة مثل أسرة الغشام ومنهم الفارس درعان بن غشام، وأسرة الدهيِّم منهم الفارس علي بن الدهيِّم، وأسرة السودان بالقصيم (السعودية)، وغيرها من بعض الأُسر المتحضرة في الكويت والسعودية وخاصة في المنطقة الشرقية.
ونذكر من الهدالين أسرة الوندي بالأردن في منطقة ماعين، وأُسر الشمالي والحتية والوندة في الكويت، وأسرة أبا الخيل في الكويت وبالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية.
(ب) فخذ البريكات (بنو بريك) من القُوَعة:
وفيه فروع ذوي فرج وفيهم الإمارة على البريكات وهي في آل النفيشان وأميرهم عبد الله بن عبيد، وذوي مبارك، وذوي شامة، وذوي الفحمان، وهؤلاء الفروع الثلاثة من ذوي العاصي.
ومن البريكات الدكتور/ راشد حمد الرشود مدير منطقة الجهراء الصحية ومساعد الأمين العام للمكتب التنفيذي لوزراء الصحة لمجلس التعاون الخليجي، ومنهم عضو مجلس الأمة سنة 1963 م وعضو المجلس التأسيسى سنة 1962 م السيد/ حمد خليفة الحميدة، ومن البريكات أيضًا عائلة آل الهِرّان المعروفة في الكويت والسعودية خاصة في الرياض، وللهِرّان تاريخ في حريملاء في بلاد نجد وقد أسلفنا عن ذلك في نصوص تاريخ حريملاء لصالح الطعيس عام 1399 هـ - 1979 م، وما زالت آثار الهِرّان موجودة إلى الوقت الحاضر في منطقة حريملاء ومَلْهم في قلب نجد.
ومن الهِرّان رجالات نذكر منهم المحامي صالح فهد الهِرّان، والدكتور/ حمد عبد الله الهِرّان، وعبد الله إبراهيم الهِرّان من الرجال البارزين وتاجر معروف بالرياض بالسعودية، ومن البريكات أعضاء سابقين في مجلس الأمة الكويتي هما مبارك راعي الفحماء وعايض علوش، ومن البريكات الأُسر التالية: المهيني، والبزيع، والدليمة، والمعجام، والملحة، والخميشي، والكميخ، البريكي، المخانجي ومنهم الشاعر المعروف عبد الله المنحوف وكثير من الأسر المتحضرة في الكويت والمملكة العربية السعودية.
(جـ) فخذ الشقِّفة (بنو شقيف) من القُوعَة:
وفيه العائلات التالية: المحجان وفيهم الإمارة على الشقفة، الشنيتير ومنهم إمام مسجد العميرة بمنطقة سلوى بالكويت وهو الشيخ لافي الشنيتير، والنامي (العريرة) ومنهم الشيخ صالح النامي إمام وخطيب والقاضي راشد النامي، وبنو الأصفر، والوسمي منهم الدكتور/ خالد الوسمي وإبراهيم الوسمي قائد لواء الحق يوم تحرير الكويت، والنبهان، والعجران منهم الشيخ مساعد حسين العجران إمام مسجد المصيليت في سلوى بالكويت، الصويلح ومنهم مختار منطقة سلوى
بالكويت، والحريتي، ومنهم القاضي صالح الحريتي وعضو مجلس الأمة سابقًا جمعان الحريتي، ومن الشقفة أُسر متحضرة كثيرة في الكويت والسعودية، وهذا الفخذ منتشر في الكويت.
كما من الشقفة آل عقيل منهم الشيخ بدر آل عقيل إمام وخطيب مسجد الخياط في سلوى بالكويت وأسر الغريب والحميدي وغيرها.
(د) فخذ المساعدة (بنو مسعد) من غيّاض:
وفيه اللمعان وفيهم إمارة البطن ككل، والحماد ومنهما البطل الشهير الذي قاد قبيلة العوازم في معركة (حمض) ضد الدويش، وكان النصر فيها حليف العوازم، وقد أسلفنا عن تلك المعركة التاريخية في هذا القرن، واسمه مساعد الحماد
(1)
، ومن المساعدة أيضًا آل المدعج ومنهم وزير النفط الحالي بدولة الكويت وهو الدكتور/ عبد المحسن المدعج، والبحارى منهم الشاعر المعروف مسلم حميد البحيري، الدوّاي ومنهم الشاعر المعروف وشهرته (شاعر هوازن) وهو سالم بن تويم الدوّاي، والعميان، وبنو عميرة منهم في الكويت ومنهم حاضرة في إقليم سدير بالسعودية ومنهم عضو المجلس البلدي مرزوق الطمّار بالكويت، والغنيمات، وذوي الحضيري، والدويهيس، والعبهول، والدهّام، والسحاليل منهم الحباج في الكويت وفي السعودية بالقصيم في الرس وشعبه، والطحيح ومنهم مستشار أمير دولة الكويت الدكتور/ سالم الطحيح حاليًا، ومن المساعدة، خرفش (الأخرش) ومنهم أسرة المانع وهى من الأسر المتحضرة بالكويت، والعبيان منهم رئيس جمعية سلوى وأسرة الغربة ولهم جزيرة الغربة بالكويت، وبصفة عامة نقول: إن فخذ المساعدة متواجد في الكويت والسعودية وخاصة بعالية نجد.
(1)
انظر تفاصيل عن ذلك في تاريخ الكويت لعبد العزيز الرشيد سنة 1971 م.
(هـ) فخذ التومة من خنافر من غيّاض (وهم بنو جندل):
وفيه ذوي سعد ومنهم الجندل وفيهم الإمارة، ومن ذوي سعد، أمير التومة عجرم بن جندل، ومن الجندل الشاعر المعروف مرزوق مناحي فلاح الجندل ومن الجندل الشاعر مفلح بن هرماس وأمير هجرتي أنقير والنقيرة عجرم بن جندل، ومن التومة ذوى ذغمان منهم دعيم بن محمد مؤسس هجرة النقير.
وذوي زايد وآل ابن الغنم ومنهم ظاهر الشمالي فارس مشهور، والضعيفان ومن التومة وأُسر عديدة متحضرة بالكويت نذكر ابن حجر والدريع وأبو قذيلة وذوي حماد وذوي دوينان وذوي مزيدة.
ومن خنافر أيضًا الفرشة منهم وزير المواصلات السابق خالد الجميعان وكان قد تولى قبلها وزارة الشئون أيضًا في الكويت وهو عضو بمجلس الأمة الكويت سابقًا، والنواعمة ومن هذا الفخذ أسر متحضرة كثيرة في الكويت لا يتسع المقام بذكرها، وبصفة عامة فإن فخذ التومة منتشر في الكويت والسعودية في المنطقة الشرقية، ومن خنافر نذكر بنو خرفش (الأخرش) ومن أشهر أسرهم المانع في الكويت.
(و) فخذ الذييبات من خنافر من غيّاض:
وفيه الفنيني ومنهم الوكيل المساعد بوزارة الكهرباء والماء بالكويت حاليًا السيد/ علي حمود الفنيني، كما من الذييبات الفراع، المجلاد، المجرن ومنهم السلطان، ذوي حركان، ذوي الحضينة، وأسرة الهدية ومنهم علي سعود كليب مدير الفتوى في بيت الزكاة وإمام وخطيب مسجد محمد كميخ العازمي في منطقة سلوى بالكويت، وأسرة الحيص ويوجد من الذييبات في عالية نجد بالمملكة العربية السعودية.
(ز) فخذ الشلاوين من خنافر من غيّاض:
وفيه الحجيلان منهم عضو مجلس الأمة السابق راشد الحجيلان، ذوي جويبر، ذوي الشريم، السويلم ومنهم في الكويت وفي السعودية بنجد (نفي)، الرشيد منهم في الكويت ونجد أيضًا، العمار ومنهم بالكويت ونجد في قصر بن عقيل بالقصيم وبالرس، وفي الكويت من أسرهم الحوشان والطامي والحجيلان، كما من الشلاوين ذوي عجاج، وذوي عزّام بالكويت، والطرشان في الكويت والقصيم بالسعودية ومنهم الشاعر سرور الأطرش
(1)
.
(ح) فخذ المحالبة من خنافر من غيّاض:
وفيه الشتالين منهم أمير المحالبة مقبل الشتلي، ذوي ربعي ومنهم أسرة في (الصوح) في الوشم بنجد لا زالت أملاكهم هناك إلى اليوم، الغنوات، الشحاتين، اللهوه منهم الشاعر المعروف سعود الصقلاوي، المصابيح، ذوي المحيلبي، الدقسان، ومن المحالبة الفارس كريدي زابن، ومن المحالبة وزير الكهرباء والماء ووزير النفط السابق الدكتور/ حمود الرقبة، وهذا الفخذ منتشر في الكويت وفي السعودية وفي عالية نجد.
(ط) فخذ الفقوع من خنافر من غيّاض:
وفيه ذوي الغياضية وفيهم الإمارة على الفقوع، ذوي تويليه منهم أسرة في الكويت، العوينات منهم أسرة في الكويت، ومن هذا البطن أُسر متحضرة في الكويت وأكثر هذا الفخذ في السعودية في عالية نجد.
(1)
انظر في أشعاره وأخباره في كتاب شعراء الرس بالسعودية.
(ي) فخذ مظلوم من غيّاض:
وفيه الجواسرة ومنهم ذوي قنيان وفيهم الإمارة على مظلوم، والأمير الحالي هو راشد عوض الجويسري وهو عضو مجلس الأمة السابق ونائب رئيس المجلس الوطني الكويتي، ومنهم الشاعر عايش الجويسري، القراشة، الحبانية ومنهم عضو المجلس الوطني السابق في دولة الكويت وهو مرزوق الحبيني، الكريبان منهم فارس مشهور وهو دهلوس الكريبان، العبابيد، المراوحة، الهدوان وهم في عوالي القصيم في السعودية، الكذبان، العكالا، ذوي خضرة، الصواويغ ومنهم أسرة الصواغ في الكويت ومنهم في السعودية في عالية نجد، المشالحة.
وبصفة عامة فهذا الفخذ في الكويت وعالية نجد بالمملكة العربية السعودية.
(ك) فخذ الموايجية من غيَّاض:
وفيه السمران منهم ضب أمير الموايجية حاليًا، المطاريد، الغفالية، العيادية، البشرات، ومن الموايجية الفارس المشهور دهيليس بن هادي، وهذا الفخذ عمومًا منتشر بالوقت الحاضر في الكويت والسعودية في نجد.
(ل) فخذ المساحمة (ذوي فاضل) من غيّاض:
وفيه الفتوح ومنه أمير المساحمة ناصر بن حبينان وهو من الغثيغيث ومن المساحمة الشاعر مشحن بن فهيد، الغوانم، ذوي مقبول، الغريب منهم الشاعر سعود الغريب، الشبوث، ذوي عبد الله، ذوي عويمر، ذوي سويرح، ذوي خنفره، ذوي بركيه، ومن هذا البطن أسر متحضرة كثيرة نذكر أسرة الغبيشان ومنهم السيد/ عبد الله مفلح الغبيشان ساهم في تجميع البحوث عن العوازم في هذه الموسوعة، ومن المساحمة أسرة الحريص ومنهم عضو مجلس الأمة سنة 1963، بالكويت سالم غانم الحريص، وكذلك منهم مرزوق الحريص من شهداء حرب الجهراء سنة 1920 م، ومنهم عضو شئون الجنسية بالكويت سالم مبارك الحريص والشاعر مبارك الحريص.
(م) فخذ الصوابر من غيّاض:
وفيه الدريع ومنه إمارة الصوابر، ذوي فانوس وكانت لهم الإمارة في الصوابر سابقًا، العضادين وهم حاضرة نجد بالرياض والغاط ومنهم أسرة السهيان، ومن العضادين الدكتور/ نبيل عبد الله سعد العضيدان، ومنهم الشاعر أحمد محمد العضيدان رحمه الله، والباحث عبد الله سعد العضيدان وقد ساهم في إعداد بحوث العوازم الميدانية، والقرشات من العضادين وهم حاضرة في الكويت والسعودية خاصة في الغاط بنجد، والبطاحين، والبححة، والجهران، والضفادعة ومنهم الداهوم وهي أسرة متحضرة بالكويت، والشغاغير منهم هليل عايض الشغار في المدينة المنورة وهو من رجالات الشغاغير البارزين وقد ساهم بالبحوث الميدانية عن العوازم، والجواعدة، والدريويش وهم في حائل بالسعودية وشيخهم مريبد بن غالي بن زويد ومنهم بالكويت، والهواشين، والعتول ومنهم ذوي زايد وذوي حمدى وذوي زهران وذوي رشود بنجد والكويت وشيخهم مبارك بن حسين، المغاليث في الكويت ونفي وشيخهم سلمان سدحان حمد، العليثات في الكويت، والفهيدات وهم في نجد والقصيم خاصة في الخبرا في المملكة العربية السعودية ومنهم قسم كبير في الكويت، وشيخهم في السعودية هو نشمي بن دغمان، والوقاتين منهم ذوي سماح في الكويت وفي نجد، والبليحية بالسعودية، والدماميك بالكويت، ومنهم أسرة السيّاف ومنهم أمير هذه الأسرة في المدينة المنورة مبروك بن حمود السياف، ومن الصوابر أسر كثيرة في الكويت والسعودية ولهم محلة في الكويت باسمهم وقد أسلفنا عنها ..
(ن) فخذ الجوارية من غيّاض:
وفيه الهضيبان وفيهم الإمارة منهم سويلم الهضيبان بالمدينة المنورة بالسعودية، والجافور منهم الشاعران المعروفان/ فهد وفهاد الجافور بالكويت وسنأتي ببعض الأشعار للأخير من ديوانه المطبوع، والفزير، والزويد، والدوّاس،
والرشيد ومن هذه الأسرة الدكتور/ حمد فالح الرشيد ومن الجوارية الفارس رفاعي بن هضيبان ومناور الهضيبان ..
ومن هذا الفخذ أسر متحضرة منتشرة في الكويت والسعودية في الغاط.
(س) فخذ الملاعبة من غيّاض:
وفيه ذوي معتقة منهم أمير الحناة بالسعودية وهو شافي بن فهد بن معتقة، ذوي مسعد منهم ابن مانع قائد غيّاض في وقعة (نقير) المشهورة، وقد أسلفنا عنها ومنهم أمير ثاج بالسعودية وهو راشد بن سيف، ذوي السفر، القعاعيب منهم مختار منطقة السالمية بالكويت محمد حزام الأذينة، ذوي هلوم، ذوي هليمة، ذوي هلامة، الطباجين، ذوي زاروط، ذوي خشمان، ابن منازل القعامرة ومنهم ذوي ثعيلبة منهم الشاعر المعروف عايد القعمر.
ومن فخذ الملاعبة أسر متحضرة في الكويت والسعودية، ومن الملاعبة عضو المجلس البلدي في الكويت مخلد الملعبي العازمي.
بيان عن الأسر المتحضرة من العوازم (آل عطا) في الوطن العربي
1 -
آل الجامع: وهم أمراء قبيلة العوازم، وهم من بطن الهدالين، ومنطقتهم ضاحية صباح السالم، ومنهم أمير العوازم الحالي في الكويت فلاح عيد بن جامع، ومنهم أمير القبيلة العام وهو حبيب عيد بن جامع، ومسكنه في عتيق بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية.
2 -
آل الهِرّان: وهم من البريكات، ومعظمهم في الرميثية وسلوى في دولة الكويت وقسم كبير منهم في الرياض بالمملكة العربية السعودية، وهذه الأسرة عريقة في العوازم، حيث لها تاريخ مجيد في بلاد نجد، ولها آثار حتى الآن تعرف باسمها هنالك.
3 -
المدعج: وهم من المساعدة، ومقرهم في سلوى بالكويت.
4 -
الحماد: وهم من المساعدة، ومقرهم في سلوى بالكويت.
5 -
الحشان: وهم من الهدالين، ومقرهم في الشِعب بالكويت.
6 -
الرشود: من البريكات، مقرهم في ضاحية صباح السالم بالكويت.
7 -
الجميعان: من الفرشة مقرهم سلوى والدسمة في الكويت.
8 -
النفيشان: من البريكات مقرهم غرب الفنطاس في الكويت، ولهم إمارة على ساحل الخليج العربي.
9 -
القُرشي: من الصوابر مقرهم الغاط في بلاد نجد بالسعودية، ومنهم بالكويت.
10 -
القُريشي: من القراشة، مقرهم في الكويت وعالية نجد في السعودية.
11 -
العضيدان: من الصوابر، مقرهم الغاط في بلاد نجد بالسعودية ومنهم بالرياض.
12 -
الرقبة: من المحالبة، مقرهم الدسمة في الكويت.
13 -
الوندي: من الهدالين، مقرهم في ماعين بالأردن
(1)
.
14 -
الحمدان: من المساحمة، مقرهم في صعيد مصر (قنا).
15 -
الرشدان: من المساحمة، مقرهم في المنصورية بالكويت.
16 -
الدويهيس: من المساعدة، مقرهم في الشعب بالكويت.
17 -
المرتكي: من القراشة، مقرهم في الدسمة بالكويت.
18 -
الأصفر: من الشقفة، مقرهم في سلوى بالكويت.
19 -
النامي: من الشقفة، مقرهم في الصباحية بالكويت.
20 -
البحاري: من المساعدة، مقرهم غرب الفنطاس بالكويت.
21 -
الغريب: من المساحمة، مقرهم في سلوى بالكويت.
22 -
الحقّان: من الصوابر، مقرهم في الدعية بالكويت.
23 -
أبو قذيلة: من التومة، مقرهم في الجهراء بالكويت.
24 -
القراوي: من الشقِّفة، مقرهم في الدسمة بالكويت.
25 -
العلوان: من المساحمة، مقرهم في الدسمة بالكويت.
26 -
المقصوص
(2)
: من الشقفة، مقرهم في الشعب.
27 -
الفراع: من الذييبات، مقرهم في الجهراء بالكويت.
28 -
المريف: من الجواسرة، مقرهم في الجهراء بالكويت.
29 -
الجندل: من التوِّمة، مقرهم في الصباحية بالكويت.
(1)
ورد اسم العوازم في أطلس الصباغ طبعة بيروت ضمن بادية المملكة الأردنية الهاشمية.
(2)
من المقصوص السيد الفاضل/ مزيد منصور المقصوص في السلك الدبلوماسي بسفارة الكويت بجدة بالمملكة العربية السعودية.
30 -
الدهيم: من الهدالين، مقرهم غرب الفنطاس بالكويت، ومنهم في المنطقة الشرقية بالسعودية.
31 -
الغشَّام: من الهدالين، مقرهم الصباحية وغرب الفنطاس بالكويت، ومنهم في المنطقة الشرقية بالسعودية.
32 -
الشمالي: من الهدالين، مقرهم الرميثية بالكويت ومنهم في المنطقة الشرقية بالسعودية.
33 -
الدوّاس: من الجوارية، مقرهم الدسمة بالكويت.
34 -
الأذينة: من القعاعيب، مقرهم سلوى ومنهم في السالمية بالكويت.
35 -
الغربة: من المساعدة، مقرهم الدسمة بالكويت.
36 -
الجويِّد: من البريكات، مقرهم الجوف بشمالي السعودية والكويت.
37 -
الدهّام: من المساعدة، مقرهم الدسمة بالكويت والسعودية خاصة بالرياض.
38 -
السنافي: من المساحمة، مقرهم سلوى بالكويت.
39 -
الحريص: من المساحمة، مقرهم سلوى بالكويت.
40 -
الجروان: من المساحمة، مقرهم الدسمة بالكويت.
41 -
الكميخ: من البريكات، في ضاحية عبد الله السالم بالكويت.
42 -
العبهول: من المساعدة، بالسالمية في الكويت.
43 -
العميرة: من المساعدة، في الرميثية بالكويت وفي الغاط بالقصيم بالسعودية.
44 -
الصويلح: من الشقِّفة، في سلوى بالكويت.
45 -
الفنيني: من الذييبات، في الرميثية بالكويت.
46 -
الختلان: من المساحمة، في سلوى بالكويت.
47 -
الطحيح: من المساعدة، في الدسمة بالكويت.
48 -
القعابي: من القعاعيب، في سلوى بالكويت.
49 -
القويضي: من الصوابر، في الكويت، ومنهم في الرياض بالسعودية.
50 -
البادي: من الشقفة، في بيان بالكويت ومنهم جزء في الإمارات العربية المتحدة.
51 -
الوندة: من الهدالين، في سلوى بالكويت.
52 -
الهضيبان: من الجوارية، في المدينة المنورة ومنهم في الكويت.
53 -
الجافور: من الجوارية، في سلوى بالكويت.
54 -
الغبيشان: من المساحمة، في بيان بالكويت.
55 -
آل عقيل: من الشقفة، في سلوى بالكويت.
56 -
الوسمي: من الشقفة، في الرميثية بالكويت.
57 -
الشنيتير: من الشقفة، في الرميثية بالكويت.
58 -
المعيوف: من الجواسرة، في سلوى بالكويت.
59 -
السعيد: من الجواسرة، في سلوى بالكويت.
60 -
آل الشيخ مساعد: من البريكات، في مشرف بالكويت، ومنهم في البحرين.
61 -
الدغيشم: من الهدالين، في شقراء بالسعودية ومنهم في مكة المكرمة.
62 -
الحبيب: من الشقِّفة، في الدسمة بالكويت.
63 -
النويشري: من الشقِّفة، في الدسمة بالكويت.
64 -
المهيني: من البريكات، في غرب الفنطاس بالكويت، ومنهم بالمنطقة الشرقية بالسعودية.
65 -
راعي الملحاء: من البريكات، في الظهر بالكويت.
66 -
الدليمة: من البريكات، في غرب الفنطاس بالكويت.
67 -
الخميشي: من البريكات، في الرقة بالكويت.
68 -
المطيع: من البريكات، في غرب الفنطاس بالكويت.
69 -
الهيلع: من الفرشة، في السالمية بالكويت.
70 -
الحنشولة: من المساحمة، في المنصورية بالكويت.
71 -
الطواري: من البريكات، في غرب الفنطاس بالكويت.
72 -
الهدية: من الذييبات، في الرميثية بالكويت.
73 -
الغريّب: من الملاعبة، في سلوى بالكويت.
74 -
الملعبي: من الملاعبة، في سلوى بالكويت، وفي السعودية لهم هجرة ثاج ولهم فيها إمارة، والأمير فيها مساعد الملعبي، ولهم إمارة في الحناه وأميرها فهد بن معتقة، وأُمِّر كذلك على ثاج خلف بن سعد الملعبي.
75 -
المجمد: من المساعدة، في الدسمة بالكويت.
76 -
الدوّاس: من التومة، في السالمية بالكويت.
77 -
الرميضي: من الملاعبة، في الدسمة بالكويت.
78 -
الرميضي: أيضًا من الهدالين، في السالمية بالكويت.
79 -
اللوفان: من الفرشة، في السالمية بالكويت.
80 -
الهرير: من المساحمة، في غرب الفنطاس بالكويت.
81 -
البرَّاك: من المساحمة، في السالمية بالكويت.
82 -
الوسَّام: من المساعدة، في الصباحية بالكويت.
83 -
القبيل: من المساحمة، في الرميثية بالكويت.
84 -
الرقدان: من الموايجية، في سلوى بالكويت.
85 -
الكحلاوي: من المساحمة، في بيان وغرب الفنطاس بالكويت.
86 -
النجدي
(1)
: من البريكات، في سلوى بالكويت.
87 -
النجدي: أيضًا من المساحمة، في بيان بالكويت.
88 -
الغانم: من البريكات، في السالمية بالكويت.
89 -
راعي الفحماء
(2)
: من البريكات، في الصباحية بالكويت.
90 -
الشبو: من المساعدة، في سلوى بالكويت.
91 -
الأصابعة: من المساحمة، في الكويت.
92 -
الأميلس: من الهدالين، في سلوى بالكويت.
93 -
الحميدة: من البريكات، في الدسمة بالكويت.
94 -
الحبيني: من الجواسرة، في بيان بالكويت.
95 -
الصواغ: من الجواسرة، في سلوى بالكويت.
96 -
المخانجي: من الجواسرة، في الدسمة بالكويت.
97 -
المشالحة: من الجواسرة، في غرب الفنطاس بالكويت.
98 -
الكريباني: من الجواسرة، في غرب الفنطاس بالكويت.
99 -
الجويسري: من الجواسرة، في سلوى بالكويت.
100 -
الرشيد: من الجوارية، في السالمية بالكويت.
101 -
الحيص: من الذييبات، في سلوى بالكويت.
102 -
مطيران: من القراشة، في سلوى بالكويت.
103 -
مطيران: أيضًا من الصوابر في الرميثية بالكويت.
104 -
المانع: من المساعدة في الكويت.
105 -
البغيجان: من البريكات في الرميثية بالكويت.
106 -
الطميش: من الجواسرة بالكويت.
(1)
النجدي: من البريكات هم أصلًا من الهِرّان، والهرّان أبناء عمومة نفيشان أمراء البريكات.
(2)
راعي الفحماء: ومنهم الفارس وعقيد القوم رجعان راعي الفحماء.
الرجال البارزون من قبيلة العوازم (آل عطا)
1 -
الأمير العام للعوازم حبيب عيد بن جامع من الهدالين - بالمنطقة الشرقية السعودية.
2 -
الدكتور/ عبد المحسن المدعج وزير النفط الكويتي الحالي، من المساعدة - بدولة الكويت.
3 -
الدكتور/ حمود الرقبة وزير الكهرباء والنفط سابقًا، من المحالبة - الكويت.
4 -
خالد الجميعان وزير الشئون والمواصلات سابقًا، من الفرشة - الكويت.
5 -
جمعان فالح الحبيشي وزير الأوقاف سابقًا وعضو مجلس الأمة حاليًا، من الملاعبة - الكويت.
6 -
سالم الطحيح مستشار أمير دولة الكويت حاليًا من المساعدة - الكويت.
7 -
سالم الحماد عضو مجلس الأمة الكويتي حاليًا، من المساعدة - الكويت.
8 -
تركي بن مجلية عضو مجلس الأمة الكويتي حاليًا، من البريكات - الكويت.
9 -
سعد بليق عضو مجلس الأمة الكويتي حاليًا، من البريكات - الكويت.
10 -
محمد سعود اللميع من المساعدة سفير الكويت في أبي ظبي بالإمارات العربية المتحدة.
11 -
سلمان الرشدان من المساحمة سفير الكويت في نيروبي بكينيا.
12 -
فهد اللميع من المساعدة سكرتير أول في سفارة الكويت بالقاهرة - جمهورية مصر العربية.
13 -
بدر عبد الرحيم الشيخ مساعد من البريكات، قنصل البحرين في الرياض بالمملكة العربية السعودية.
14 -
سلمان الطحيح من المساعدة - قاضي بالكويت.
15 -
راشد الهبيدة عضو مجلس الأمة الكويتي حاليًا، من الصوابر - الكويت.
16 -
مُصلح هميجان عضو مجلس الأمة الكويتي حاليًا، من الصوابر - الكويت.
17 -
فهد اللميع عضو مجلس الأمة الكويتي حاليًا، من المساعدة - الكويت.
18 -
الأمير فلاح عيد بن جامع أمير العوازم في الكويت وعضو المجلس الوطني سابقًا، من الهدالين - الكويت.
19 -
أمير الجواسرة راشد عوض الجويسري نائب رئيس المجلس الوطني السابق، من الجواسرة - الكويت.
20 -
مرزوق الحبيني عضو المجلس الوطني السابق، من الجواسرة - الكويت.
21 -
عايض علوش عضو مجلس الأمة سابقًا، من البريكات - الكويت.
22 -
خميس طلق عقاب عضو مجلس الأمة سابقًا، من المساعدة - الكويت.
23 -
راشد الحجلان عضو الأمة الكويتى سابقًا، من الشلاوين - الكويت.
24 -
محمد الوسمي عضو المجلس التأسيسي سنة 1962 م، من الشقفة - الكويت.
25 -
مرضي الأذينة عضو مجلس الأمة سابقًا، من القعاعيب - الكويت.
26 -
علي اثنيان عضو المجلس التأسيسي سنة 1962 م، من القعاعيب - الكويت.
27 -
اثنيان علي الأذينة عضو لجنة التثمين الرسمية سنة 1976 م ورئيس مجلس الحي في السالمية من سنة 1987 م إلى 1993 م، وعضو اللجنة المكلفة في المجلس البلدي 1995 م، من القعاعيب - الكويت.
28 -
عبد الله سعود المحيلبي (حاليًا) من المحالبة - الكويت.
29 -
جمعان الحريتي عضو مجلس الأمة سابقًا، من الشقفة - الكويت.
30 -
مبارك راعي الفحماء عضو مجلس الأمة سابقًا، من البريكات - الكويت.
31 -
حزام خليف الأذينة مختار منطقة السالمية سابقًا، من الملاعبة - الكويت.
32 -
سالم غانم الحريص عضو مجلس الأمة الكويتي عام 1963 م، من المساحمة - الكويت.
33 -
حمد خليفة الحميدة عضو مجلس الأمة الكويتي عام 1963 م، من البريكات - الكويت.
34 -
سالم مبارك الحريص عضو شئون الجنسية، من المساحمة - الكويت.
35 -
راشد الرشدان عضو شئون الجنسية، من المساحمة - الكويت.
36 -
مرزوق الحريص من شهداء حرب الجهراء عام 1920 م، من المساحمة الكويت.
37 -
محمد حزام الأذينة مختار منطقة السالمية بالكويت حاليًا، من القعاعيب - الكويت.
38 -
فالح حمود الصويلح مختار منطقة سلوى بالكويت حاليًا، من الشقِّفة - الكويت.
39 -
سعد الحشان مختار منطقة الشعب بالكويت حاليًا، من الهدالين - الكويت.
40 -
سالم عبيد اللميع مختار منطقة الصباحية بالكويت حاليًا، من المساعدة - الكويت.
41 -
الدكتور/ راشد حمد الرشود مدير منطقة الجهراء الصحية ومساعد الأمين العام للمكتب التنفيذي لوزراء الصحة لمجلس التعاون الخليجي بالكويت، من البريكات - الكويت.
42 -
الدكتور/ صقر حمد خليفة الحميدة رئيس مركز بنيد القار لطب الأسنان، من البريكات - الكويت.
43 -
الشيخ/ علي محمد الهِرّان إمام وخطيب مسجد ضاحية صباح السالم الشريعة، ومن البريكات - الكويت.
44 -
عبد الله إبراهيم الهِرّان تاجر معروف، من البريكات - الرياض - السعودية.
45 -
عبد الرحمن عبد الله الهِرّان تاجر معروف، من البريكات - الرياض - السعودية.
46 -
المهندس/ إبراهيم عبد الله الهِرّان، من البريكات - الرياض - السعودية.
47 -
الأستاذ/ عبد العزيز عبد الله الهِرّان، من البريكات - الرياض - السعودية.
48 -
الدكتور/ محمد عبد الله الهِرّان، من البريكات - الرياض - السعودية.
49 -
نصار عماش المهيني تاجر معروف - من البريكات - الكويت.
50 -
الشيخ صالح النامي إمام وخطيب، خريج الشريعة بالسعودية.
51 -
الشيخ لافي الشنيتير إمام مسجد سلوى، خريج الشريعة الإسلامية، من الشقفة - الكويت.
52 -
الشيخ علي سعود الكليب إمام وخطيب مسجد محمد كميخ العازمي بسلوى، من الذييبات - الكويت.
53 -
الشيخ بدر آل عقيل إمام وخطيب مسجد راشد الخياط العازمي، من الشقفة - الكويت.
54 -
الشيخ سعد سالم الغبيشان إمام وخطيب مسجد، من المساحمة - الكويت.
55 -
الشيخ بدر ناصر الرميضي خطيب مسجد الحماد منطقة القرين، من الملاعبة - الكويت.
56 -
الشيخ بدر الحيص إمام مسجد بن عميرة العازمي بسلوى، من الذييبات - الكويت.
57 -
الدكتور/ نبيل العضيدان خريج جامعة الملك سعود بالرياض، من الصوابر - السعودية.
58 -
الدكتور/ نهار مزكي المصبّح خريج جامعة الملك سعود بالرياض، من العطاونة بالقريات - السعودية.
59 -
سلامة ولمان عقله مدير الشئون المالية لشرطة محافظة القريات من العودة بالقريات - السعودية.
60 -
محمد الرشدان تاجر من تجار الكويت من المساحمة - الكويت.
61 -
سلمان الرشدان تاجر من تجار الكويت من المساحمة - الكويت.
62 -
العميد/ دهّام سعود القويضي من الصوابر في الرياض - السعودية.
63 -
حمد سفر البرّاك مدير إقليمي في الخطوط الكويتية بشرق آسيا.
64 -
بدر سعد الرميض إمام وخطيب مسجد الرميثية قطعة سبعة من الهدالين - الكويت.
65 -
رجا الحباج عضو مجلس وطني في الكويت سابقًا من المساعدة - الكويت.
66 -
خالد الحيص إمام مسجد الحشان العازمي في سلوى (قطعة 5).
67 -
حمود دهلوس الكريباني العازمي المحامي - الكويت.
التفصيل عن العوازم في شمال المملكة العربية السعودية
(1)
قد أسلفنا عن ديار العوازم، وأن أغلب بطون وأفخاذ وعائلات هذه القبيلة الهوازنية من بدو وحضر تسكن في الكويت والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، إلى جانب قسم آخر في قلب نجد.
ولذلك نلقي الضوء على العوازم في أقصى الشمال للمملكة قرب حدودها مع الأردن، وكما هو معروف أن قسمًا آخر من قبيلة العوازم يقيم في منطقة ماعين داخل المملكة الأردنية سيأتي التوضيح عنهم.
ويتفرع العوازم إلى خمسة فخوذ في شمال المملكة العربية السعودية وهي تسكن بالوقت الحاضر قرية جماجم الواقعة جنوب شرق مدينة القريات
(2)
على مسافة خمسين كيلو مترًا، كما يسكن العديد من الأسر المتحضرة في مدينة القريات، ولهم شارع باسم العوازم، ويقدر عدد هؤلاء العوازم بألفي نسمة حسب روايات الثقاة من العوازم في القريات، والعوازم في هذه المنطقة تتكون من الأفخاذ التالية:
1 -
العطاونة وتنسب إلى ذوي غيّاض من العوازم، وشيخهم محمد المصبِّح.
2 -
الحمود وتنسب إلى ذوي غيّاض من العوازم، وشيخهم ظاهر سحيمان.
(1)
هذا البحث أمدنا به السيد/ مزّكي عايد المصبّح العازمي من القريات بالمملكة العربية السعودية، كما شارك فيه السيد/ سلامة ولمان عُقلا العازمي من القريات أيضًا وقد تقابلت مع الأخير في مدينة تبوك.
وقد أملى السيد/ سلامة ولمان أن العوازم في شمال المملكة ثلاثة فخوذ فقط هي العودة والعطاونة والحمود.
3 -
العودة وتنسب إلى القُوعَة من العوازم وشيخهم ولمان بن عقلا رحمه الله.
فالعطاونة
(1)
فيها فروع آل سعيد ومنه عائلة آل مصبّح ومنها أُسر عايد وعيد وحامد، وفرع آل سالم ومنه أُسر المناصير والطويلع والغنّام والسليم والمرقعيين
(2)
وعايد، وفرع آل سويلم ومنه أسر الرشيدات والعتيق والخضر، وفرع آل عايش ومنه أسر عبدان وناصر وحمدان وحامد وسالم ومحمد.
أما الحمود فيها فروع آل بخيت ومنه أسرة بخيت، وفرع آل عمود ومنه أسر عبد الله ومطلق، وفرع آل قميش ومنه أسر جليّل وعنيزان، وفرع آل مسهي، ومنه أسرة سالم، وفرع آل خضر ومنه أسرة مزيد. ومن فخذ الحمود الفارس المشهور دهيليس أخو عقيلة.
ومنهم المعيش الذي تتفرع إلى آل مشحن ومنه أسر عيد وعفنان ودهمان وعقيل ومقبل وسلمان وهلوب، وفرع آل محيل ومنه أسرة مطلق. ومن الحمود عائلة آل خلف وفيها أسر محمد وسودان.
وأما العودة فيها فروع آل جهيِّم ومنه أسر العرضة والعويض والرطيبة والبديوي، وفرع آل فريح ومنه أسر اللطوط ومنه ولمان عقلا شيخ العودة، والنزيلة والحمدي ومنه المعارك وأخوات صخنة
(3)
. ومنهم الطقيقات ويتفرع منهم:
آل طحيطر وفيه أسرة سليم، وفرع آل حمدان وفيه أسرة لافي، وفرع آل عواد ومنه أسر لافي العواد وجارد، وفرع آل براك ومنه أسر حمدان وسالم، ومن الطقيقات أسرة السحل.
(1)
يؤكد الرواة أن تسمية فخذ العطاونة بهذا الاسم وهم أصلًا ذرية سليمان بن مصبِّح من ذوي غياض، فقد حصل على أولاد سليمان قضية مع أبناء عمومتهم الحمود، الأمر الذي اضطر أولاد سليمان إلى النزوح إلى بني عطية وهي قبيلة تقيم في شمال غرب السعودية (نواحي تبوك) ومكث أولاد سليمان مدة من الزمن عند العطاونة حتى اصطلحوا مع أبناء عمومتهم الحمود، ثم عادوا، وعلى أثر ذلك أطلقوا عليهم العطاونة، وهذا الشيء قد حدث لبطون عديدة من العرب يماثل ما حدث في هذه القصة.
(2)
ومن المرقعيين الفارسين سلمان وسالم.
(3)
ومن أخوات صخنة الفارس فليح أخو صخنة.
وكذلك عائلة آل بنية وهم أصلًا من الدريويش من الصوابر من العوازم وهي مع فخذ العودة وفيها أسر لافي وسليمان.
وتتخذ عشائر العوازم في شمال السعودية من قرية جماجم مقرًا دائمًا لها وذلك منذ عام 1369 هـ، وقد أقيمت عليها قصور الحجر والطين في عام 1370 هـ في عهد الملك الراحل/ عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية - طيب الله ثراه، وعلى عهد إمارة معالي الأمير عبد العزيز الأحمد السديري رحمه الله.
يقول بخيت الحمود العازمي رحمه الله:
على جماجم بنينا قصور
…
هاجرنا والمتكل بالله
أبو عبد الله
(1)
صباح النور
…
أميرنا والكبير الله.
قال عبد الرحمن تركي الشمدين عن جماجم:
تقع بلدة جماجم شرق بلدة الناصفة على بعد 15 كم شرقًا على خط الأسفلت المؤدي من القريات إلى الجوف، يحدها غربًا بعض التلال الحوارية، ومن الشرق - التلال البركانية الخاصة بالحرّة الشرقية لوادي السرحان.
وكانت المنطقة خالية من السكان، ما عدا بعض البدو الذين يرعون أغنامهم وإبلهم في المواسم الممطرة، سواء في الحرّة أم في وادي السرحان.
ثم أنزلت الحكومة السعودية قسمًا من قبيلة العوازم التي تقطن على حدود الكويت وفي الكويت ذاتها
(2)
، وعند حضور العوازم واستقرارهم في هذه المنطقة كانت هناك مجموعة من الآبار القديمة المردومة قام السكان بإعادة حفرها وبنائها من جديد.
(1)
أبو عبد الله: المقصود عبد العزيز السديري أمير المنطقة من قبل الدولة السعودية.
(2)
هذا القول خطأ لأن العوازم في الشمال لهم مدة كبيرة جدا في هذه المنطقة قبل توحيد المملكة العربية السعودية.
واعتبرت البلدة منذ ذلك الوقت هجرة العوازم، ولكنها حافظت على اسمها جماجم، ويذكر البعض أن معركة جرت في هذه المنطقة بين قبائل في الوادي قُتل بها عدد كبير من الرجال وتكوّمت الجماجم، لذلك سميت جماجم، وعندما قامت الحكومة بمشروع إنعاش البادية، أقطعت العوازم أرض جماجم وأصبحت هجرة لهم، وتطورت البلدة مع المشروع فحفرت بها الآبار وركبت مضخات المياه، وزادت الحيازات الزراعية التي أصبحت مزارع قسم منها مشجرة بأشجار الفاكهة إضافة إلى أسوار من أشجار الطلح.
وأضاف: وقد قمت بزيارة البلدة، وقد استقبلنا محمد بن مصبّح استقبالًا حارًا، وبعد تناول القهوة أقسم علينا أن نتناول الطعام (ظهرًا طعام الغذاء) فاشترطنا أن يكون من طعام البيت المعتاد، وبعد دخولنا المجلس وتناول القهوة توافد أهل البلدة وذلك بسبب الدعوة التي وجهها لهم الشيخ/ محمد عايد بن المصبّح وهو معروف بكرمه وكرم أبناءه، وجميع سكان البلدة من العوازم. (انتهى)
وفي مجلة القريات العدد 17 من رمضان 1413 هـ ذكرت عن قرية جماجم التالي: هي قرية زراعية تبعد عن القريات 45 كم شرقًا على طريق الجوف، يصب بها وادي الغرا ووادي سمرمدا، كانت هذه القرية من مناهل المياه القديمة تقطنها قبيلة العوازم وقت الصيف. ويقال أن أسباب تسميتها جماجم يعود إلى أن هناك آبار في هذه القرية محفورة باليد يتراوح عمقها حوالي أربعة أمتار، وعند ورود الإبل للشرب من هذه الآبار يقل منسوب هذه المياه فينتظرون السقاة الآبار حتى تجم (أي يعود منسوب المياه إلى وضعه الطبيعي)، وعند عودة الماء إلى منسوبه الطبيعي ينادي الناس بعضهم البعض فيقولون:"جم الماء جم الماء جم"، ومع كثرة تردد هذه الكلمات جاءت التسمية وأصبحت (جماجم).
وعند توحيد المملكة العربية السعودية وصدور مشروع الملك عبد العزيز رحمه الله لتوطين البادية، طلب شيوخ العوازم وهم (عايد المصبِّح، وولمان عُقلا العودة، وبخيت الحمود) من الأمير عبد العزيز السديري رحمه الله أن يتم توطينهم في قرية جماجم حيث هناك الماء القديم لهم، وتمت الموافقة على ذلك.
وقال عبد الله النوّاق الشراري
(1)
يذكر العوازم:
"مورد جماجم الذي يسكنه العوازم .. ومعروف أن سكنى العوازم لجماجم كان بأمر من أمير منطقة القريات الأسبق الأمير/ عبد العزيز الأحمد السديري رحمه الله والشرارات ليست آسفة على جيرة هؤلاء .. فهم مثال الأخلاق الفاضلة وحسن الجوار .. "(انتهى).
- قلت: وقد زرت قرية جماجم بوادي السرحان في صيف 1416 هـ بدعوة من الأخ الكريم/ مزّكي عايد المصبّح، وقابلني بشيخ العطاونة أخيه محمد عايد المصبّح، وشاهدت مزارع ومساكن العوازم في هجرتهم الفريدة في وسط ديار قبيلة الشرارات الغنية بمزارع ضخمة تمتد قرابة المائتين وخمسين كيلو مترًا في وادي السرحان أو وادي النعيم، وحقًّا فهو من نعيم الله سبحانه وتعالى على البادية في شمال المملكة العربية السعودية.
وقد أُستقبلت من العوازم بكل حفاوة، وكان دليلي للعوازم في الشمال الأخ مزّكي الذي اصطحبني إلى منزله في مدينة القريات (قريات الملح)، وقد غادرت منها إلى جولات ميدانية أخرى على القبائل العربية في شمال المملكة.
(1)
في كتاب الشرارات (بنو كلب) طبع عام 1994 م - مؤسسة الرسالة - بيروت.
لمحة عن عوازم المملكة الأردنية الهاشمية
تقطن عائلات وعشائر العوازم في الأردن في قرية ماعين بمحافظة البلقاء ومنهم عشيرة الونديين، وفيهم مشيخة العوازم في الديار الأردنية، وهذه الأسرة فيها شخصيات كبيرة ولها شأن عظيم بين قبائل الأردن، وتعتبر مشيختها من كبار مشيخات البلقاء، والشيخ الحالي هو زيد أبو وندي.
وهناك عشائر تتبع الوندي منهم الموازرة، السنيان، الحميمات، السليم، النجادا ومنهم عبد الفتاح النجادا.
لمحة عن عوازم مصر
(1)
نزح العوازم إلى الديار المصرية منذ 350 عام تقريبًا، وكان نزولهم من نجد إلى مدينة القصير في صعيد مصر، ويذكر رواة العوازم أن القبيلة الآن من أربعة رجال هم جابر وجبري وسياف ومبين، وتكون لهؤلاء أربع فخوذ رئيسية في صعيد مصر.
1 -
جابر: ومنه فخذ السعدين.
2 -
جبري: ومنه فخذ الجوابرة.
3 -
سياف: ومنه فخذ السييافة، وتنقسم إلى قسمين هما: الصبحا، والشراقة ..
4 -
مبين: ومنه فخذ الريافة، وأطلقت عليه كلمة الريافة لأن أولاده من نزلوا إلى الريف، وهم شيوخ عوازم مصر منذ نزولهم من نجد وحتى الآن.
(1)
أملى هذا البحث مشكورًا السيد/ عادل بن سعد بن سالم الثليب العازمي من الريافة بصعيد مصر.
أسماء رؤساء الفخوذ:
(أ) الريافة: وشيخهم العمدة عبادي حامد حمود العازمي، وهو عمدة قبيلة العوازم في مصر.
(ب) الجوابر: وشيخهم هندي محمد سليمان الجابري العازمي، وهو شاعر العوازم المعروف.
(جـ) السعدين: وشيخهم محمد حمدان عوض السعيداني العازمي.
(د) السييافة: ومنهم الصبحاو وشيخهم حمدي صبحي أحمد سلمان العازمي.
(هـ) الشراقة: وشيخهم هارون بن أحمد بن محمود السيافي.
ديار العوازم في مصر
يسكن فخذ الريافة في محافظة قنا مركز أبو تشط بعزبة البوصة ونجع عرب العوازم، ويسكن السعدين محافظة قنا أيضًا بمركز أرمنت في الحاجز الغربي لنهر النيل، ويسكن الجوابر في محافظة قنا في مركز إسنا بالحاجر الغربي أيضًا في عزبة عرب العوازم، وأما السييافة بفرعيها وهم الصبحاو والشراقة فالصبحاو يسكنون في محافظة أسيوط في بني غالب بعرب الشريفة، والشراقة فيسكنون في قنا في أماكن متفرقة، وشيخهم يسكن البحيرة بمديرية التحرير مركز بدر بالوقت الحاضر، وللعوازم في صعيد مصر سمعة طيبة، ويشتهرون بالكرم والشجاعة وحسن الجوار، ويقال عنهم دائمًا "يا زين جيرة العازمي".
ومعظم أفراد قبيلة العوازم في مصر يحترفون مهنة تجارة الأغنام والإبل إلى جانب امتلاكهم لبعض الأراضي الزراعية، وهم إلى اليوم متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم العربية مهما دخلت عليهم حضارة العصر. ووسم عوازم الصعيد هو الكفة.
في كتاب لمحات من أخبار قبيلة العوازم العامرية من هوازن
(1)
، ذكر الأستاذ/ عبد الله بن محمد بن سعد الهِرّان العازمي إضافة عن العوازم في مصر يجدر بنا أن نذكرها في موسوعة القبائل العربية الطبعة الثانية عام 2000 م/ 1420 هـ.
قال الهران تحت عنوان: بوركهارت ودراسته عن البدو
(2)
:
يقول الأستاذ الفاضل أحمد بن عبد القادر بن محمد معوض الجابري
(3)
العازمي:
يبدو أن بعض المستشرقين قصدوا كثيرًا من البلدان العربية ومروا بديارها وسجلوا الشيء الكثير عن القبائل العربية فيها بالنسبة لأنسابها وعاداتها ومواطنها التي تقطن فيها، فعلى سبيل المثال، قام الرحالة المستشرق السويسري الأصل (بوركهارت) بعمل دراسات عن البدو وحياتهم في كل من مصر والشام
…
وتُقدم رسالته العلمية عن البدو سنة 1829 م، صورة حية ومفصلة عن أسلوب حياة هذه القبائل العربية، وعن البيئة الطبيعية التي عاشوا فيها، وفي أكثر من ثلاثمائة صفحة تناول فيها أحوالهم المادية وتوزيعهم الإقليمي، وقدم لمحة عن أوضاعهم الاجتماعية والثقافية، وكل صفحة من هذه الرسالة سواء كانت تتطرق إلى أهمية (الجمل) العربي أو العادات والأعراف المتعلقة بالزواج أو التقاليد العريقة التي تعبر عن روح الضيافة بين البدو ما زالت حتى اليوم تشكل مادة ممتعة للقراءة بالرغم من أسلوبها وطابعها العلمي، حتى الفصل المفرط في الاحتشام الذي
(1)
طبع عام 1419 هـ/ 1998 م بدولة الكويت، الناشر دار السلاسل، من ص 361 حتى ص 371.
(2)
مجلة الفنون: 129 - جمهورية مصر العربية - محافظة قنا.
(3)
الجوابرة: عشرية كريمة من العوازم في مصر.
يصف مخيمات وبدو (العوازم) الرحل يقدم دليل على وضوح هذا المستشرق (بوركهارت) في التحليل وجدارته الفائقة في تصوير عالم يتسم بالأصالة والعراقة، وقد صور (بوركهارت ملحوظاته في مجلد خاص بعنوان "ملاحظات حول قبائل البدو والوهابيين"، ثم نشر في لندن عام 1830 م وما زالت هذه الملاحظات تقرأ بفائدة كبيرة حتى اليوم في أوروبا وفي غيرها.
قلت: يبدو أن العوازم سيطروا على طريق القصير منذ القدم، وذلك بعدما رحلوا من (نجد) موطنهم القديم في الجزيرة العربية ونزوله (مصر)، ويقول شاعرهم في ذلك ويتأسى فيه على مسقط رأسهم (نجد).
منك يا نجد
…
ومنك نوينا البعاد
رحلنا يخونك يا نجد عشمنا
…
وترحيلنا في البلاد
يقول بوركهارت في كتابه المخطوط سنة 1816 م
(1)
أثناء رحلته إلى السويس والبحر الأحمر: وفي ذي الحجة عام 1231 هـ قصدت السويس وصحراء البحر الأحمر ووصلنا إلى وادي حجازه، وهذا المحل بين القصير وقوص ومنزل عربان بني عازم وجمعهم العوازم وهم من أعالي نجد بجزيرة العرب، وسألت عبدًا يرعى إبلا لهم بأن يدلني على شيخهم فطلب أن أتبعه، ثم قادني لبيت من الخيش بعمد كثيرة ومزخرف ونادى باسم الشيخ واسمه سالم ابن مرشد، وخرج إلينا الشيخ المهيب وقور يبدو على وجهه الوقار والهيبة وقابلني بالترحاب والإكرام، وبعدما أتو لنا بالغداء أنا والشيخ وبعض رجاله وشربنا قهوته سألني فأخبرته بأني الشيخ حاج إبراهيم بن المهدي بن عبد الله بوركهارت اللوزاني الرحالة فأعلمته بقصدي
(1)
بوركهارت: كتاب مخطوط ملاحظات حول قبائل العرب في وادي النيل وصعيد مصر، الصفحة الأولى من الجزء الثاني سنة 1231 هـ المصدر سويسرا ..
ونيتي فرحب الشيخ بإضافتي وكان بجوار الشيخ قاضيهم ويسمى سالم أيضًا وأردت أن أتجول في الصحراء فأبلغت الشيخ فأرسل معي ثلاث فتيان أذكر محمد بن نافع وسالم بن سليم وعايد بن سالم، وكانت لهم إبل وغنم تحوس في الوادي. وممن حدثوني القاضي سالم، وهم قبيلة عربية من الحجاز وأعالي نجد قبيلة هوازن ولهم باقي القبيلة في الجزيرة، ويقول سالم قاضيهم بأنه يذهب إلى هناك يقضي ويعود وأنهم رحلوا من بلادهم إثر حروب مع الشريف. يقول الشيخ الشريف: الله. . . . شتتنا، وأنهم رحلوا إثر قتاله مع قبيلة أخرى أظنه قال جهينة، وقد استوطن العوازم بعد نزولهم مصر هذا المكان وهم عرب من الحجاز. والعوازم عرب متمسكون بعاداتهم وتقاليدهم البدوية الأصيلة فنساؤهم لا يراهم الأغراب، ويلبسن ثيابًا سودا وعلى وجوههن البرقع المحلى بالخرز والأصداف لا تبدو منه إلا أعينهم.
وفي كتاب العرب والعروبة
(1)
: أن القبائل العربية التي انحدرت من الحجاز مثل العوازم ومزينة وجهينة وبلي وبني واصل والعزازمة والرشايدة وعبس وغيرهم هي جزء من القبائل العربية الصريحة التي طرأت على القطر المصري بعد الإسلام.
وقال الهِرَّان عن نزول العوازم في مصر في مجلة العرب
(2)
: يقول الأستاذ الفاضل/ حسن محمد عواد الجابري
(3)
العازمي: نزل العوازم مصر منذ أكثر من قرنين من الزمان، وتسجل ذاكرة الأجيال. ويذكر المسنون وأهل الخبرة من العوازم أن أول من نزل منهم فخذ بنو سالم وبعض بيوت من فخذ الخواورة يُدعون:
(1)
محمد دروزة: العرب والعروبة، ط 2، سنة 1401 هـ/ 1981 م.
(2)
الجاسر: مجلة العرب (مقال للأستاذ الفاضل: حسن بن محمد عواد العازمي (مصر)، ج 9 - 10، سنة 1418 هـ، ص 661 - 674.
(3)
الجوابرة: عشيرة كريمة من العوازم في مصر.
(ذوي سلام) فلما حدثت الهجرة التالية للعوازم بعد سنين وفيها ثلاثون رجلا من أفخاذ العوازم الحالية على رأسهم عودة بن رشدان الجابري الذي كان عقيدًا للقوم (أميرًا) استقروا بالقرب من حجازة في قوص جنوب قنا - وهي البلدة التي ينزل عليها كل وافد من الجزيرة العربية من ميناء (القصير) سمع بنو سالم بالعوازم، فانضموا إليهم، ولعل الاسم الذي أطلق على بني سالم من وقتها - وهو الريافا - راجع إلى أن بني سالم استوطنوا الريف وعاشوا وسط الفلاحين فترة قبل أن يأتيهم بنو عمومتهم من الجزيرة، غير أن بني سالم يُقال أنهم أقاموا قبل العوازم في بلدة تُدعى ريفة من أعمال أسيوط وما والاها لعل التسمية اشتقت منها - أما ما أُرجحه وأراه أقرب للصواب فهو أن بني سالم كانوا - حسب ما يُروى - على درجة عالية من معرفة مواضع الماء، وهذا أمر يعرف عند العرب بالريافا، وهي كما قيل: نوع من الفراسة [يعرف بها] مواضع الماء في الأرض كشم التراب والنبات. ويقال: (إن في الحجاز ونجد من يعرف بذلك إلى الآن) وكان في نزول العوازم الثلاثين من أفخاذ العوازم الحالية ما يلي: الجوابرة (بنو جابر) آل سياف، الخواورة، الجرابات، السعادين، السراحنة، ثم توالت هجرات العوازم بعد ذلك تترى فرادى وجماعات حتى كان آخرها نزول آل صبحي وآل مسلم قبل ما يقرب من مائة وثلاثين عامًا على إثر نزاع مع الحويطات، وقد كانوا وسطهم أقلية، وقد كان بين العوازم والعزايزة حلف منذ انحدارهم من الجزيرة العربية، كما وُجدت أفخاذ من العوازم وسط العزايزة وهم بعض من الخواورة وبني سالم، وإشارة علماء الحملة الفرنسية والتي بقيت في مصر ثلاث سنوات (من 1798 - 1801 م) إلى كيان قائم كالعزيزي يدل على وجود تلك القبائل بما فيهم بما فيهم العوازم قبل
الحملة بفترة طويلة، وقد انفصلت العوازم بعمدتها فيما بعد عن العزيزي، ولا يُعين عُمدة للقبيلة إلا إذا بلغت النصاب الذي يسمح بتعيين العمدة، ولذا ظلت العرينات والقزايزة مع العمدة العزيزي حتى إلغاء أنظمة البدو العرفية وعمديتها بعد ثورة يوليو 1952 م.
وقد نزل العوازم
(1)
الثلاثون بإبلهم الكثيرة التي قيل أن وادي النيل لا يسعها إلا في موسم الخريف وأيام الحصاد، أما بقية العام فتقضيها في وادي قنا ووديان أسيوط والأودية الفرعية الصغيرة في الصحراء الشرقية، الأمر الذي يجعلني لا أركب الشطط إن قلت: إن نزول العوازم يرجع للقحط والجفاف الذي ساد الجزيرة العربية في المائتي عام الماضية.
العوازم والحملة
الحملة هي نقل التجارة من مينا القصير وسفاجا على البحر الأحمر إلى قنا، ومن ثم تُنقل عبر النيل إلى الشمال
(1)
، وهذا كان قبل اتصال البحر الأحمر بالبحر المتوسط عند برزخ السويس - أي قبل مشروع ديلسبس، والذي تم عام 1869 م بافتتاح قناة السويس - وكانت قبيلة العبابدة تنقل التجارة قبل ذلك التاريخ بسنوات بعيدة من سفاجا والقصير إلى قنا. فلما نزل العوازم بإبلهم الكثيرة أخذوا الحملة من العبابدة نقلا وحراسة من العربان الذين كثيرا ما يغيرون عليها عند مرورها بالصحراء الشرقية من البحر لقنا. ولعل هذا أول ما أثار حفيظة الكثير من العوازم الذين تمكنوا في وقت قليل وبعدد قليل - بضعة وثلاثين رجلا - من أخذ الحملة من قبيلة كالعبابدة، ثم حدث بعد ذلك بسنوات أمر ترك أثرًا واضحًا على علاقة
(1)
نفس المرجع السابق.
العوازم بغيرها من القبائل التي كانت موجودة في مصر وهي معركة الفرطلة. (بكسر الفاء وسكون الراء مع كسر الطاء وتشديد اللام بفتح).
معركة الفرطلة:
الفرطلة اسم موضع في نهاية وادي قنا بالصحراء الشرقية حدثت فيه أول معركة للعوازم على أرض مصر وفيها انتصارهم وهم المدوي والذي عاشوا على مجده إلى الآن وظل الكبير يرويه للصغير ويحق لهم ذلك الانتصار ويستحق أن يُخلد. وقصته تتلخص في الآتي: في أحد الأعراس عند العوازم لتزويج أحد شبانهم أتى راعيهم ويُدعى ظاعن الجهني بأمور في (السامر) لم ترض العوازم وكان ظاعن هذا قد نزل هو وأخوه ظُويعن وأمهما وأخوات لهما مع العوازم من الجزيرة يرعى في إبلهم، ويعيش بينهم كواحد منهم، فلما حدث ما حدث في العُرس ضربه أحد العوازم أمام الناس مما جعل جهينة الحضر والتي كانت تشهد العُرس وتقيم في البلدة المجاورة للعوازم وهي حجازة من أعمال قوص تتحرش ضد العوازم، الأمر الذي جعل قبيلة حرب والتي تقيم مع جهينة في نفس البلدة منذ زمن بعيد تتفق مع العوازم ضد جهينة.
ويقول شاعر العوازم في قصيدته
(1)
الموسومة مصورًا هذه الوقعة:
مبداي بالقول صلاتي على نبي الإسلام
…
محمد يوم القيامة للخلايق مجيري
يا صاح سبع والقلب دامي ومهموم
…
ناقتي يا الحميري على الجلد اصبري
غضبت الطرف عنها يوم في يد غيري الزمام
…
عزت علي شوفتها في يد غيري
قالوا خل المبشر يبشر وشد الحزام
…
ويومنهم تواسطوا القوم ربعي
شالوا عليهم أشد من السهام
…
طاحت جماههم ودمهم صار طامي
(1)
القصيدة موجودة لدى المؤلف.
وأمسوا عشا للسبع وارقط الريش حام
…
والوادي مليناه روس وجثث المعادي
شافوا فعل ساعته بألف عام
…
يشوفه كل اللي علينا يتعدى
وبندحوا بيتوهم قالوا عوازم
…
العدا ماله عندنا إلا كسر هامته
نعوق الضد يوم اللقا والزحام
…
عاداتنا من يوم الله عليها نشانا
علينا بالمجد علو النجم عن الرغام
…
وأختم قولي بصلاتي على المشرف محمد بدر التمام
مما جعل القبيلتين
(1)
تتفقان على عدم التدخل في شئون البدو حرصا منهما على علاقتهما التي لا يصح أن تتدهور بسبب البدو الذين إن كانوا جيرانهم اليوم. فغدًا في مكان آخر وراء المرعى أينما كان. انسل ظاعن بأخيه تاركًا العوازم واتجها شمالًا نحو المنيا وما والاها حيث القبائل هناك كالحويطات والمعازة والأشراف وغيرها من القبائل وجعل يستنفرهم ويستنجدهم محرضًا إياهم على العوازم قائلا: أنتم تعيشون على السلب والنهب وأموال عوازم تملأ السهل والجبل ومالها رعيان فخرج معه من تلك القبائل خلق كثير والكل يطمع في الثراء ويمني نفسه في كرائم. فصبحوا العوازم بعد أيام في حجازة فلم يجدوا واحدًا منهم ووجدوا شيخًا كبيرًا يُدعى مبارك وحفيده الذي كان مُعرسا جديدًا فذبحوهما (ذبح الشاة) واستاقوا الإبل واتجهوا شمال عبر وادي قنا بحيرون الهوينى وهم مطمئنون أن العوازم في الحملة، وحتى لو لحقوا بهم. ماذا يفعل هؤلاء البضعة والثلاثون رجلا مع هذا الجمع الغفير، فبذلك شهد المعيتري ما حل بجيرانه العوازم فآلى على نفسه أن يُفزع العوازم ويخبرهم بما حل بهم فاتجه مهرولًا على طريق الحملة وليس معه راحلة.
وسار بقية يوم الغارة وليلته وفي ضحى اليوم الثاني وجد العوازم - لحسن الحظ - على بعد أربعين كيلًا من (قنا) راجعين بالحملة وكان قطع نحو ثمانين كيلًا
(1)
المرجع السابق نفسه.
فأخبرهم بالخبر، فقطعوا أحمال الإبل بالسيوف (الفراد والقروز) وتوجهوا للحكومة وأخبروها أن تجارتها في موضع كذا وأن إبلهم قد سُرقت، فعرضت عليهم الحكومة المساعدة والسلاح فأبوا وتزودوا بالبارود والرصاص (الرش) وضربوا أكباد الإبل خلف القوم الذين كان مضى عليهم يوم وليلة ونصف اليوم الذي هم فيه. سار العوازم البضعة والثلاثون لا يألون جهدًا خلف القوم في وادي قنا غير أنهم يعرفون أن العدو يفوقهم بكثير؛ لذا قرروا أن يسبقوا القوم وأن يكمنوا لهم في الفرطلة وهي - كما قلت - على مسيرة يوم شمال (أسيوط) بالصحراء الشرقية، وهذا المكان يضيق فيه الوادي حتى يصير مرمى حجر - ومن الجدير بالذكر أن وديان الصحراء الشرقية تحفها الهضاب العالية من الجانبين - فإن استطاعوا أن يصلوا الفرطلة قبل القوم فقد ضمنوا القوم وإبلهم وثأرهم. وإن وصل قبلهم القوم واجتازوها فأجدر بهم ألا يحاولوا اللحاق بهم وإلا فهي النهاية لهم.
اتفق العوازم
(1)
على هذا الأمر، وقيل الذي أشار به عودة بن رشدان الجابري عقيد القوم فسلكوا الوديان الجانبية الموازية لوادي قنا يطوون المسافات طيا. حتى وصلوا الفرطلة ليلا فتبينوا أثر المسير فلم يجدوا شيئًا فحمدوا الله أن القوم لم يصلوا بعد، فخبأوا إبلهم في التلاع المجاورة للفرطلة وكمنوا على أتم استعداد بالبارود والسيوف يترقبون قدوم القوم، وفي الصباح نظروا فإذا المبشر الأول يطوي الأرض طيا وسط الوادي ليبشر القوم في (المينا) و (حماضة) بنجاة الإبل فلم يلفت نظره شيئا وتركه العوازم لشأنه، وبعد وقت جاء المبشر الثاني وكان من الأشراف فاعترضوه وأحاطوا به فعرف أنهم العوازم. واستخبروه عن عدد القوم وعتادهم. فقال: وكم عددكم أنتم؟ قالوا: نحن بضعة وثلاثون رجلا. قال: يا عرب (بحر
(1)
المرجع السابق نفسه.
ما لكم فيه حيلة) أي لا طاقة لكم بهم فالعدد كثير جدًّا. فصوب أحدهم ببندقية نحوه فمنعه العوازم (قائلين: إن عمك الشريف حرام عليه النار) فأوثقوه بالحبال وضربوه بحجر ضخم فاندق رأسه فمات. هكذا قال الرواة - وبعد وقت بدت طلائع الإبل يقودها راعيها الذي عهدته وهو ظاعن الجهني وغالبية القوم في المؤخرة ومنهم في الميمنة والميسرة.
يقول الراوي:
إن ظاعن كان نائمًا على راحلته فلما جاء وسط العوازم فزع من نومه يقول: النار النار، وكان العوازم قد فتحوا عليه النار بعد حلمه المزعج فخر صريعًا ودوى البارود من كل مكان ففزعت الإبل وارتدت إلى الوراء وفزع القوم في مؤخرة الإبل التي فاجأتها فرقعة البارود الذي لا يعرف مصدره: وكان العوازم يتصيدونهم واحدًا واحدًا، فاندفع القوم ليجتازوا المضيق إذ ليس للحي مفر من ذلك، فمات منهم من مات ونجا من نجا، ثم تبرز القوم بعيدًا ودوى البارود حتى دخل عليهم الليل. يقول الراوي: كان المغيرون قد تبرزوا في مكان بعيد تصله بندقيتان هما أم خور بندقية عودة بن رشدان الجابري والأخرى بندقية للخواورة يسمونها المروس، وكان معظم سلاح العوازم الفتيل وهو نوع من السلاح كان كثير الانتشار في أوساط البادية في القرنين الماضيين، وظل القوم يتراشقون بالبارود حتى أسدل عليهم الليل ستاره، وامتنعت الرؤية فركب العوازم وساروا خلف إبلهم التي ارتدت من صباح ذلك اليوم وقد لحق بها من يبلغها الأمان.
وحث العوازم المسير خلف إبلهم حتى لحقوا بهم وقد اقتربت من وادي أسيوط المنحدر نحو النيل غربًا تجاه (أسيوط) فسلكوه بدلا من وادي (قنا) ثم واصلوا سيرهم محاذاة للنيل حتى بلغوا (قاو) ليلًا وهي بلدة جنوب أسيوط لم
تزل باقية حتى الآن. كان المعيتري جارهم قد خلفوه وراءهم غير أنه لم يستطع الصبر فسار بمحاذاة النيل شرقًا حتى أدركه المبيت عند بلدة قاو، فبات عند أحد الفلاحين ليتحسس أخبار قومه، وبعد العشاء بفترة سمع ضجيجًا ورغاء حوار صغير فسأل: هل في المنطقة إبل؟ فقالوا له: لا توجد إبل في هذه أبدًا. فعرف المعيتري أن هذه إبل قومه، فاعترضهم وحمد الله على سلامتهم وركب معهم ورجعوا إلى حجازة موطنهم جنوب قنا، وكان المعيتري قد سار ما يقرب من مائتين وعشرين كيلا شمال قنا ماشيا. ولقد كان لهذه الواقعة أثرها المدوي في أوساط عربان مصر في هذه الفترة ولفترات طويلة وأثرت على مجريات أمور كثيرة، ولعلها كانت السبب في عدم توغل تلك القبائل نحو أعالي الصعيد كقنا وسوهاج وأسوان للآن (إذ تخلو قنا وسوهاج وأسوان من الحويطات والمعازة والعيايدة إذا ما استثنينا أشراف قنا الذين توطنوا قبل تلك المعركة بزمن بعيد. والمقصود بالأشراف الذين كانوا في المنيا وسط العربان أي كانوا بدوًا في تلك الفترة)
(1)
.
أما العوازم فظلوا فترة لا يتوغلون شمالا، ثم ما لبثوا أن غلبوا على تلك البلاد وكانت لهم الزعامة في أسيوط والمنيا وبني سويف حتى الآن. بل إن بعض العوازم الذين اشتركوا في معركة الفرطلة سكن المنيا على مرأى ومسمع من تلك القبائل دون أن يهابها أو يقيم لها وزنا؛ وهو عودة بن رشدان الجابري الذي أقام فترة طويلة في المنيا في بلدة تُدعى جلدة بفتح الجيم وتسكين اللام وفتح الدال - كثيرًا ما ترد في شعره يقول يخاطب أحد أحفاده: وهي قصيدة طويلة تسرب لها النسيان عند الرواة:
(1)
المرجع السابق نفسه.
قوم ولع لي العود يا شف بالي
…
وخلك على ما قدر الله صبار
غربي جلدة شدوا على القود
…
أرحامنا ومن كان لنا من جار
شدوا عليهن كما الصيد منحوش
…
من حس الثميدي ليا ثار
وعقاب
(1)
شليتهن يلحقك مورود
…
والثلب يورد منهاه ولو لحقه الثار
والبارح العصر والحبل ممدود
…
جنونا. ليبتتا درونتا بالأعتذار
وكان أبناؤه الخمسة قد سجنوا في السودان، وتركوه شيخًا مع أبنائهم الصغار ولها قصة مع أرحامه أي جيرانه طويلة لا يتسع لها المقام.
وقال عبد الله الهِرَّان عن أفخاذ العوازم في مصر
(2)
:
1 -
بنو سالم أو الريافا: أول فخذ نزل من العوازم لمصر - كما بينا سابقًا - ويقيم الريافا الآن في الصحراء الغربية بنجع حمادي وشمالًا حتى مركز (أبو تشت) آخر مركز لمديرية قنا شمالا ولهم بقية في مركز أرمنت جنوب الأقصر غرب النيل، وينقسم هذا الفرع إلى فروع كثيرة لعل أشهرها:
(ذوي عيد) والسعيدات، والسعادية، ومن هذا الفخذ - أي الريافا - غالبية عُمد العوازم من لدن سالم الذي فصل العوازم عن العمدة العزيزي الرماشي من حوالي قرن ونصف مضى وحتى آخر عُمدة وهو محمد بن حمود الذي عاصر إلغاء أنظمة البدو العرفية عام 1952 م وطبق عليه كسائر عُمد البدو في مصر، وتوفى عام 1990 م عن عمر يناهز الثمانين عامًا، والعُمدة في مصر كالأمير أو الشيخ للقبيلة يُعين من قبل الحكومة وتُسند له شئون قبيلته ويكون المتحدث عنها في مصالح الحكومة وغيرها.
(1)
المرجع السابق نفسه.
(2)
المرجع السابق نفسه.
2 -
الجوابرة (بني جابر): من أكبر أفخاذ العوازم عددًا وهم من هجرة العوازم الثلاثين التي أتت بعد بني سالم. وكان منهم عقيد عودة بن رشدان الجابري بطل الفرطلة وغازي فلسطين (حيث ذهب لفلسطين في أكثر من غارة مع بني عمومته). وصاحب النشاطات المعروفة في الصحراء الغربية على طريق تجارة السودان مع بلاد المغرب وليبيا، وله قصص مع عرب المغاربة لا تقل روعة عن الفرطلة.
وينقسم فخذ الجوابرة إلى: ذوي عودة بن رشدان يوجدون في صحراء نجع حمادي الشرقية والصحراء الغربية من (نقادة) غرب قنا.
* ذوي محمد بن رشدان أو (الشدقان) في مركز جهينة بسوهاج وفي (نقادة) غرب قنا، وفي إسنا بالصحراء الغربية جنوب قنا مائة وثلاثين كيلا، ولعل أشهرها الحاج عايد بن مريف خبير اللجنة الجيولوجية المصرية بالوراثة عن أبيه مريف الذي كان ثالث ثلاثة من غرب الصعيد يُعدون أمهر خبراء الدروب في الصحراء وله قصص رائعة عن الأحوال في الصحراء الغربية.
* ذوي محمد: فرع من الجوابرة في الصحراء الغربية من جرجا بمحافظة سوهاج، وفي إدفو غرب شمال أسوان، ومن هذا الفخذ ذو رميضين الذي رحل للسودان حوالي عام 1875 م حيث أصابوا دمًا في بني عمومتهم.
* ذوي نافع: الأخ الثالث لعودة بن رشدان، ومحمد وهو فرع عمر كثيرًا وينقسم إلى فروع كثيرة أشهرها الدولان جنوب (الأقصر) بخمسة وعشرين كيلا (منهم الشاعر الكبير هندي بن محمد بن سليمان الجابري العازمي. ويوجد العضبان في إسنا غربًا وتوجد منهم بقية في نجع حمادي شرقًا، وللجوابرة ندهة أو
نخوة وهي (حنا حرب قطاعين الدرب) إلى جانب نخوة عوازم مصر (من راعيها منها فيها).
3 -
الحمران
(1)
: أحد أفخاذ العوارم في مصر الآن في منطقة نجع حمادي الشرقية. ونزل من هذا رجلان: سالم الأحمر وابن عمه سلمي، واستقرا في بلدة تُدعى (المسارعة) بالقرب من أبي مناع التابعة لمركز دشنا شمال قنا بحوالي ثلاثين كيلا.
ولا يتجاوز نزول سالم الأحمر المائة والأربعين عامًا ونخوة الحمران كالجوابرة (حنا حرب قطاعن الدرب) ويوجد فخذ في قبيلة (بلي) في مصر يحمل نفس الاسم الحمران يتشابه كثيرًا مع حمران العوازم، ولعلهم جميعًا من حمران (حرب) والله أعلم.
4 -
الجهايمة (بنو جهيم): هذا الفخذ في صحراء نجع حمادي الغربية وهم فخذ قليل، ولا أعلم بالتحديد متى نزل الجهايمة ونخوتهم (حنا حرب قطاعين الدرب).
5 -
العزيمات: فخذ قليل كالجهايمة ويعيشون في نفس المنطقة ولهم نفس النخوة (حنا حرب قطاعين الدرب) وفخذ الجهايمة والعزيمات على علاقة وطيدة بالريافا (بني سالم) والله أعلم بكنه هذه العلاقة هل هي الشعور بالانتماء لأصل واحد أم المصاهرة والجيرة. إلا أن العزيمات والجهايمة والحمران والجوابرة يسمون وسما واحدا وهو (الحربة) على فخذ البعير كما بين القوسين {ا} ووراء عين البعير وأمام أذنه، وقد يُسمى عينك وذنك (أُذنك) أو المضراب ويشترك معهم في
(1)
المرجع السابق نفسه.
هذا الوسم فخذ آل سياف الذي سنتحدث عنه. مما يدل على وحدة هذه الأفخاذ وأنها من أصل واحد، ويُسمى هذا الوسم في الغالب الحربية. ولعل تلك الأفخاذ امتداد للقسم الحربي الذي يكون العوازم وهو ما أشار إليه علامة الجزيرة شيخنا الجاسر في رسالته لي المؤرخة بتاريخ 5/ 8/ 1416 هـ فقد قال إجمالا:(قبيلة العوازم قبيلة عربية صريحة النسب اختلطت فروعها العدنانية بالقحطانية ولكن هذا الاختلاط لا يؤثر في أصالتها) .. انتهى.
إلا أن الجزء الذي عندنا من حرب في عوازم مصر ليس من بطن بني علي كما يشير الأخ الهران بل من (بطني) بني سالم، وبني عمرو. فالعزيمات التي ذكرناها آنفًا من بطن بني سالم، وبنو جابر والحمران والجهايمة من بطن بني عمرو، وذلك كما ذكر صاحب كتاب "أنساب العرب" فقال عن بطون حرب:(البطن الثالث من حرب بنو سالم وذكر منهم العزيمات وتقيم في وادي الصفرا من الحجاز: البطن الرابع من حرب: بنو عمرو. وذكر [منهم] من القسم الحجازي منه: الحمران بين مكة وجدة، بنو جابر بين مكة وجدة .. جهم بين مكة والمدينة في الرفع بتصرف) انتهى [سمير عبد الرازق القطب ص 65 ط دار البيان بيروت].
6 -
آل سياف (السيايفة): فخذ من الأفخاذ الكبيرة من العوازم في مصر وهو كان مع العوازم الثلاثين، وينقسم هذا الفخذ إلى قسمين:[الصبحاو] نسبة لسمان صُبحي أحد من عاصروا الفرطلة وهو من فرسان العوازم المعدودين عَمَّر طويلًا وذاع صيته في أسيوط وكان له نشاط واسع من بني عمومته أبناء عودة بن رشدان في الصحراء الغربية، خاصة عن طريق التجارة بين السودان والمغرب العربي. ينتشر الصبحاو الآن في أسيوط والمنيا وبني سويف والجيزة.
أما القسم الآخر من آل سياف [الشراقي] وهم آخر من نزل من العوازم وترجع تسميتهم بالشراقي إلى أن كل من يفد من الجزيرة العربية إلى مصر يسمى [شرقاوي] نسبة للشرق. أما هم فينتسبون إلى خمسة رجال أبناء عمومة كانوا يقيمون وسط الحويطات في الحجاز هم صُبحي ومسلم وسلامة والحاج حماد وداود، وحدث أن مُسلَّما وأخاه سلامة قتلا واحدًا من الحويطات فدفعوا الدية، وأقاموا بين ظهرانيهم. ثم ما لبثوا بعد فترة أن قتلا آخر مما جعل أبناء عمومتهم - الحاج حماد، وداود يستاءون منها فقرر الحاج حماد وداود نزول مصر واللحاق بأهلهم فاتجها شمالًا نحو الأردن ثم سيناء ومنها اتجهوا للمنيا في الصعيد عند بني عمومتهم الصبحاو. أما سلامة وأخوه مسلم فكان معهما أخت لهما زوجوها لرجل خواري كان يزورهما من نجد فأخذها واتجه إلى نجد بينما اتجه مسلم وسلامة بأهلهما إلى ابن عمهم صُبحي الذي كان في هذه الأثناء في البحر، حيث كان شريكًا للحويطات على قطيرة (مركب شراعي) تقل المسافرين من ميناء (الوجه) في الحجاز إلى ميناء (القصير) فأخذاه واتجهوا لمصر. يقول الراوي: لما ابتعدت السفينة عن البر كان الحويطات قد وصلوا للشاطئ فنادوا: ارجع يا صُبحي .. ارجع يا صبحي (القطيرة) وهو يجيبهم مناديًا: إن البارود في بطني (البندقية)، أي الأمر خرج من يدي، ولما وصلوا (للقصير) باعوا المركب - حيث كان القصير سوقًا كبيرًا في تلك الفترة للعرب القادمين من الجزيرة - واستقر مسلم وسلامة وسط العوازم في منطقة (أبي تشت) آخر مركز لمديرية قنا شمالا ومركز البلينا. وهم الآن في البلينا من مديرية (سوهاج) ومنهم من رحل (للمنيا) أخيرًا، كما أن منهم من نزل جنوب (سوهاج) بثلاثين كيلا، وكان نزولهم هذا قبل ما يقرب من مائة وثلاثين عامًا.
والشراقي سيايفة أيضًا، وآل سياف عامة وبنو جابر أبناء رجل واحد كما يقولون، وهو المعَوَّل عليه هنا - حيث إن سياف وجابر أخوان وينتشر بينهم المثل السائر:(الجد جابر والكبير سياف) أي في الأمر الجد جابر مع أن أخاه الأكبر سياف، ويُقال أن في نجران من المملكة العربية السعودية جماعة من آل سياف.
7 -
المسافرة: أحد أفخاذ عوازم مصر، ولا أعلم متى نزلوا مصر بالضبط إلا أن من المرجح أنهم نزلوا مع الثلاثين، ويوجدون الآن في سوهاج وبني سويف وهم يقولون أنهم من آل سياف وهم في عدادهم الآن وهم بالفعل من آل سياف لكن ربما تجمعهم قرابة من الحجاز، أي يجمعهم جد أكبر من الذين نزلوا مصر. والله أعلم.
8 -
السراحنة: فخذ كبير من أفخاذ العوازم في مصر وفي الغالب أنه نزل مع العوازم الثلاثين، أغلبه الآن في مركز طما وطهطا من مديرية سوهاج ورحل بعض منه حديثًا للمنيا ويقول السراحنة أنهم من آل سياف.
9 -
الخواورة: فخذ كبير جدًا وفيه فروع كثيرة، والثابت أن في هجرة العوازم الثلاثين بعض فروع الخواورة، إلا أنه وجدت فروع من الخواورة قبل هذه الهجرة مع العزازية هم وبنو سالم وقيل أن في نجد خواورة، حتى أن مسلم السيافي عندما نزل زوج أخته لخواري من نجد وتركها لا أحد يعلم للآن أين ذرية وقوم هذا الخواري في نجد إلى الآن.
وللخواورة فروع كثيرة منهم ذوي غانم، ذوي غنيم، ذوي نافل، ذوي جويبر، كانوا أهل إبل كثيرة، حتى إن مصر لم تناسب الخواورة بجفاف مراعيها
وقلة مطرها فهاجر غالبية الخواورة للسودان أعوام 1906 م، 1908 م، 1942 م وهم ذوي نافل وذوي غانم وذوي جويبر وبعض من ذوي غنيم وبقى القليل من ذوي غنيم في مديرية سوهاج وقنا، ومنهم في نجع حمادي شرقًا وأولاد طوق شرقًا، ومنهم في إسنا غربًا ولهم بيت في كوم امبو بأسوان غربًا في بلدة تدعى (بمبان).
10 -
السعادين: فخذ كبير جدًّا يضاهي الجوابرة له فروع كثيرة لا يتسع المقام لسردها ينتشر في أرمنت غرب جنوب قنا، ولهم قسم في إسنا وإدفو بأسوان، ولهم أقلية في نجع حمادي وسط العزيمات.
11 -
الجرابات: أحد أفخاذ العوازم كان قليلًا، واتسع الآن وكان ضمن الثلاثين، له علاقة لا أعلم كنهها مع قبيلة العرينات الآن في سوهاج وبعض منه في مركز (أبو المطامير) بالبحيرة ومنه في السويس وفي الواحات الخارجة.
12 -
المعاترة: من نسل المعيتري الذي تحدثنا عنه وهم وسط الجرابات الآن، ولعل المعيتري كان حليف الجرابات وإلا فلماذا لم يؤذه المعيترون عندما أغاروا على العوازم في حجازة.
13 -
البوالين: فخذ قليل جدًّا نزلوا بعد العوازم الثلاثين بفترة منهم من سلك طريق سيناء السويس واستقر به المقام في المنيا، منهم من سلك طريق الوجه، القُصير واستقروا وسط العوازم في قنا بنجع حمادي شرق وفي المنيا بمركز (أبو قرقاص).
14 -
الزنوخ: وهو أيضًا فخذ قليل جدًّا لا يتجاوز العشرة نزل منهم في الفترة المتأرخة رجل يُدعى سليم الزنخ واستقر في شمال قنا في شرق دشنا في أبي
مناع، وكان يتجول حتى آخر قنا شمالًا وكان رجلًا فارسًا له قصص رائعة وله أعمام وإخوة نزلوا معه في نفس الفترة التي نزل فيها لكن سلكوا طريق السويس وسيناء واستقروا في المنيا وكانوا يأتونه في قنا على الدوام، وحديثًا هاجر بعض الزنوخ للوادي الجديد في الخارجة، وللزنوخ علاقات وطيدة مع العرينات خاصة فخذ الرومة الذي يقال أنه يقطن ما حول المدينة والوجه.
15 -
الزوارعة: فخذ قليل ينسب لواحد يُدعى أبو زُويرع ينتشر في سوهاج وسط العوازم وبالتحديد مع بني محمد بن رشدان (الشدقان) من بني جابر ويقال أن لأبي زُويرع علاقة بالحمران والله أعلم.
16 -
الخلود: ينسب لرجل يُدعى الخليد وهم في عداد آل سياف كما يقولون هم.
17 -
القواحيش: نسبة لرجل يُدعى قُوحاش كان وسط الخواورة يُقال أنه من عترة ولهم بقية الآن في عداد الخواورة في نجع حمادي، ومنهم من رحل معهم - مع الخواورة - للسودان. وكان قُوحاش دائم التنقل بين الجزيرة ومصر.
وبعد فتلك كل أفخاذ العوازم في مصر وهي رغم عدم وجودها في مكان واحد إلا أنها تعرف بعضها تمام المعرفة وتفزع لبعضها وتجتمع في الملمات، وكانت تحت عمدة واحد فترة من الفترات، وبعد أن اتسعت وكثرت عُين للعوازم ثلاث عُمد واحد في المنيا وواحد في غرب نجع حمادي ويتبع لمديرية الواحات الخارجة (الوادي الجديد) وتنتشر العوازم الآن في ريف مصر من البحيرة شمالًا إلى أسوان جنوبًا.
أنواع الإبل عند العوازم
كما هو معروف أن العوازم قبيلة من قبائل الجزيرة عندها من الإبل والأغنام الكثير، ولا تختلف عن قبائل العرب في ذلك الشيء.
وأنواع الإبل عند العوازم هي (عِرْب)، ويطلقون عليها تسميات حسب ألوانها مثل الوضحا والمجاهيم والشعل أو المغاتير.
والغالبية العظمى من العوازم قد تحضر في المدن والقرى، وبقيت قلة منهم في البوادي من أهل الإبل نذكر من البريكات أسرة الأحمر، وذوي حمد (الفحمان)، وذوي جديب، وهذه الأسر تقيم في الكويت والمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، وإبل الشعل أو المغاتير كان يقتنيها مزلوه بن دهيِّم والإبل الوضح كان يقتنيها الهبي الحبيني وأسرة الخضرا. والشعل كان يقتنيها أيضًا عيد بن مريس وقي فيها شعر:
وش عذرنا من دون شعلٍ عقلت
…
موارث الجدان ما ينصخيبها
محلى تهزعها بوادي الحي
…
طوالٍ ذرايعها حلونٍ حليبها
(وَسْم العوازم)
هو (العرقاه) وهي علامة (×)
(1)
ويضع بطن القُوَعة الوسم على فخذ البعير الأيسر، ويضع بطن غيّاض على الفخذ الأيمن.
كما توضع علامات أخرى عديدة للتفريق بين العشائر مثل مطرق أو إشارة على خشم البعير، أو علامة تحت الأذن أو غير ذلك.
أما عوازم الشمال فيضعون الكفة والعرقاه على الفخذ الأيسر للبعير وتختلف الشواهد حسب اختلاف الفخوذ والأسر.
(1)
هذا الوسم لا يخص العوازم وتضعه مُزينة وبطن من الظفير وبطن من قحطان وآل سليمان من العجمان، وغيرهم ويقول شاعر من مُزينة:
عرقا على قلبي
…
مواسم مزينة
الخيل عند العوازم
أما فيما يخص أسماء أو أنواع الخيل الصافنات الجياد، التي يقتنيها فرسان العوازم في مرابطهم المعروفة، وقد خاضوا على صهواتها ملاحم وبطولات ذكرها المؤرخون، قد ألمحنا عن نصوص تؤكد فروسية فائقة لهذه القبيلة بل وشجاعة نادرة قد أسلفنا عنها، في معارك عديدة قد خاضها العوازم، وقد نصرهم الله لأنهم قوم لا يعتدون، ولكنهم كالحية القاتلة تبطش بمن يعتدي عليها أو حتى يقترب منها.
1 -
الكحيلة: وأصحاب المرابط من البريكات من القُوَعة هم:
رجعان راعي الفحماء، ونصار المهيني، وعيد بن مريس، عيد بن عايش وأصحاب المرابط من الملاعبة من غيّاض هم:
الأمير فهد بن معتقة، فهيد بن معتقة، ناصر بن ورير.
ومن المحالبة من غيّاض هم:
حجي بن شامان، صقر بن مصيبيح.
2 -
عبية: وأصحاب المرابط من الهدالين من القُوعة هم:
علي بن الدهيم، فهيد بن الدهيم، مطلق بن الدهيم، (ومن المساحمة أميرهم ناصر بن حبينان).
وأصحاب المرابط من الجوارية من غيّاض هم:
رفاعي بن هضيبان، محمد بن بويعي.
وأصحاب المرابط من المحالبة، العبابيد، والشلوان من غيّاض هم:
زيد بن مبرك الشتلي المحيلبي، سعد بن ضبيب العبابيد، محمد بن جويبر الشلوان.
3 -
حمدانية: وأصحاب المرابط من الهدلان (القُوَعة)، والقراشة، والموايجة (غيّاض) هم:
نوفان الوندي الهدلاني، مدغم بن درع القراشي، دهيليس بن هادي الموايجي دهيليس الحمود.
4 -
كروش: وأصحاب المرابط من الصوابر وهم:
الأمير فرج بن دريع، عمعوم بن دريع.
5 -
سويتية
(1)
: وصاحب المربط من آل جامع الهدالين وهو:
الأمير جبر بن جامع.
وفي الخيل السويتية يقول الشاعر الجبيهة في قصيدة له:
صبّحنا دواوير على جال مَلْهم
…
سويتيةٍ ما يسمع إلا صويلها
مهبول يا بيّاع جبرٍ جواده
…
يا عنك ما يلقى مثايل يجي لها.
وقيلت هذه القصيدة عندما استعان الأمير ابن عطاء وجماعته العوازم في مَلْهم وحريملاء بجماعتهم العوازم بعالية نجد، وجاءوهم مسرعين لنصرتهم على ابن معمّر وقد أسلفنا عن ذلك.
ويقول أيضًا شاعر من العوازم في خيل كروش:
الرأس ذيل كروش قبة مع الهوش
…
قبة عموشٍ تسبق الطايراتي
وفي خيل عبيه ذكر الشاعر العازمي ناصر بن حبينان أمير المساحمة من غيّاض قصيدة نذكر منها بعض الأبيات، وقد قيلت عندما جاور الشاعر أهل
(1)
وردت في كتاب العوازم للعبيد باسم سويطية والصحيح سويتية.
الأحساء (في المملكة العربية السعودية) وهم حضر، ولاموه في تربية الخيل، فقال يرد عليهم:
الخيل عز يا مربية الاتياس
…
يا لي صبوحك تشمطه بالرثية
يا صاح صياحٍ على هجعة الناس
…
والبل
(1)
بعيد ودونها جرهدية
نركب على اللي وصْفها مثل الأقواس
…
واللي على رجليه يبست شفيه.
وذكر صاحب كتاب الأصول عن الخيل قال:
العوازم من قبائل العرب المشهورين، ويبدو أن لهم خبرة بالخيل، وقد ورد عن نادي بن دبلان العازمي قول عُبَيّة بن زيدان وهي مربط من مرابط خيله.
(1)
البل: يعني (الإبل) ونطَقها هكذا لداعي الشعر النبطي، ويقصد أن لحظة مباغتة العدو في أثناء الليل، فلا ينفع في الكر غير الخيل لأن الإبل تكون بعيدة في المراعي، إلى جانب أنها غير سريعة للحاق بالعدو في جنح الظلام، للانقضاض عليه قبل أن يهرب بالغنيمة التي نهبها.
فصل عن أشعار العوازم - آل عطا -[هوازن]
من أشعار العوازم النبطية القديمة يقول شاعرهم:
تقلقل من حليت
(1)
ياجي ضعاين
…
تمشي وتالي مشيها درهام
قطعنا بها وادي الرشا مع مقره
…
حمضة يداوي علة وهيام
وطلعنا مع الخلول خلول أشيقر
…
وكنه يلاقينا مع الخلول عسام
وفى قرعة الوادي تعرض لنجعنا
…
قوم أضداد من سلاليل لام
(2)
جونا وجيناهم بزافات غلمه
…
أولاد عازم للضديد كعّام
تعشت ضباع طريق
(3)
من فعل ربعي
…
وطلال يشهد قبلها وسنام.
وقال شاعرهم أيضًا:
يا راكبًا من فوق حمراء جليله
…
حطوا عليها زاهيات المعاليق
خله على المشراف شد الجديله
…
وغز اللواء في عاليات الصعافيق
لحقوا أهل البل
(4)
لون مزن المخيلة
…
وعيوا على الخلفات في يبست الريق
كلًا عرفنا عزوته والقبيلة
…
تناوخوا بمشوكات الصناديق
عيوا عليهن كاسبين النفيلة
…
عوازم ما صار فيهم تفاريق
شجعان لين ركبو بنات الكحيلة
…
بفعالهم تشهد كثير المخاليق
(1)
حليت: هو جبل أسود مشهور من جبال حِمي ضرِيَّة وضرِيَّة، قرية لبني كلاب من بني عامر من هوازن في بلاد نجد - انظر كتاب ألف سنة الغامضة من تاريخ نجد ص 40 - 69 - عبد الرحمن السويداء (مؤرخ سعودي معاصر)، (وفي ضرية حتى الآن من العوازم)، قلت: وهذا دليل آخر يشهد للعوازم بأنهم من بني كلاب وورثة مجدهم القديم.
(2)
لام: المقصود قبيلة بني لام من (طيئ) القحطانية، وقد ظهرت هذه القبيلة في نواحي المدينة وبلاد نجد وكان لها شهرة ونفوذ وقوة وسيطرة على كثير من القبائل، ثم ضعفت وتفرقت بطونها في العراق، وتحضر قسم كبير منها في بلاد نجد بالمملكة العربية السعودية بالوقت الحاضر.
(3)
طويق: اسم جبال في بلاد نجد.
(4)
البل: الإبل.
ويقول الشاعر الجبيهة الفريشي العازمي (من بطن غيّاض):
يقول ابن غياض لافي مثايل
…
من شاعر يلعب بيوت فصايح
حِنّا العوازم وهوازن أصلنا
…
إن عدت أصول الجدود الصحايح
مرباعنا بين المدينة وصبحا
…
ياما رعينا عشب ذيك البطايح
حِنّا تحدرنا من أمر شيخنا
…
من شف زينات البكار اللقايح
غزانا الشريف اللي كسرنا جموعه
…
عوَّد مكسور كثير الجرايح
(1)
(1)
والمقصود هنا قبيلة العوازم المعروفة في المنطقة الشرقية بالسعودية والكويت، فلقد ذكر الأخ الباحث السعودي فايز البدران في كتاب صدر له هذا العام 1415 هـ أسماه أخبار نجد من عام 850 هـ إلى 1200 هـ، - أن هناك قبيلة العوازم المشهورة في شرق الجزيرة، كما أن العوازم فخذ في عتيبة نواحي الطائف ولا علاقة بين القبيلتين، للأسف فإن المصادر لا توضح أيهما المقصود هنا، لكننا أوردنا الخبر لأنه من حوادث بادية نجد (انتهى). قلت: وأشعار العوازم هي خير دليل وتقطع قول كل خطيب، ولو كان المقصود بعوازم عتيبة لذكرت عتيبة في الأشعار، وعلى كل حال فعوازم عتيبة جزء من العوازم وقد حالفوا عتيبة، وندلل بما جاء في الأشعار أن المقصود هم العوازم في المنطقة الشرقية والكويت، بدليل ذكر جبر ابن جامع وهو شيخ العوازم آنذاك، وقد تسلسل منه آل جامع وهم أمراء العوازم للآن، ثانيًا أن الجبيهة قائل القصيدة هو نفسه من عشيرة الفرشة من غيّاض وكان معاصرًا الأحداث وهو راويها وعشيرته هي ضمن العوازم في المنطقة الشرقية والكويت بالوقت الحاضر.
- ومختصر القصة بين شريف مكة والعوازم أن أحد أسرة الأشراف منتدب من حاكم مكة والحجاز جاء يطلب الزكاة من العوازم، وقد ماطله أحد شيوخ العوازم وقتئذ واسمه المحجان من الشقفة، فقام الشريف بقطع عرقوب ناقة المحجان العازمي، وكانت بكرة أصيلة وعزيزة عليه، فثار على الشريف وقتله على الفور، فاستدعى حاكم مكة أمير العوازم سعد بن جامع وقد حبسه، ولكنه أرسل خبرًا للعوازم أن يغادروا ديارهم قبل أن يفتك بهم عسكر الشريف، وقد أسلفنا عن ذلك، وسعد هذا هو عم جبر بن جامع الذي ذكره الجبيهة من أمراء العوازم في بلاد نجد، بعد تركهم الحجاز واقتفاء الشريف لهم، ومن ثم هزيمة عسكره من قبل العوازم، وقد قال أحد الأشراف قصيدة طويلة بعد رحيل العوازم إلى نجد نذكر منها:
ما يرعى نجد إليا زاف عشبه
…
إلا سلفن مكتفيه عطاف
ما هو بعازمي يداجن رحايله
…
ممشاه وخر التاليات اصفاف
إلا ولا ظالم الأجواد ربح
…
ذباحة للشيخ في الميقاف
لو ذل فهم غلمه هاش غلمه
…
يهشون دام السلاح أشاف =
حِنّا حميناها من الهضب الاحمر
…
إلى خشم مبهل إلى العد مطوي الصفايح
بفتيل
(1)
فرنج وسيف وشلفا
…
مضرابهن منه أحمر الدم سايح
ياما ذبحنا بنجد من شيخ سُربه
…
إليا انقطع دخانها شيف طايح
وياما ذبحنا بنجد من شيخ غلمه
…
عليه بيضه
(2)
علقن النوايح
وياما وسمنا بنجد من زين بكرةٍ
…
تجيبها الأنظا
(3)
والوجيه الفلايح
وياما حفرنا بنجد من زين عقله
…
يجي جمّها من مفرق الضلع فايح
والضد نأخذ بالمرابيع شاته
…
ونحطها لجبر بن جامع
(4)
ذبايح
والضد الآخر يطلب الصلح منا
…
ونعطيه مشعاب
(5)
وراء البيت طايح
وآخير منها نزلة النير ناعم
…
وحلالنا يرعى بكل اللوايح
ترعى بها قطعانا ما يهمّها
…
بين الشيوخ مدورّين المدايح
ترعى طنف
(6)
عشبه إذا لاح برقه
…
وحنّا لها وإن صاح بالجو صايح
كل القبايل عارفين فعولنا
…
اليا جاء نهار فيه كسب وربايح
يشهد لنا التاريخ والمجد فعلنا
…
وتُكتب لنا البيضا بوسط الصفايح
= وقد خاض العوازم عدة معارك مع الأشراف مرارًا، وقد سجل أحد شعراء العوازم واقعة أخرى في جبل طلال بنجد قال فيها:
يا طلال المسمى كما أنك منيف
…
شفت فعل العوازم بجمع الشريف
قلت: وطلال جبل بنجد فيه بقايا للعوازم للآن، وقد اصطدم فيه أيضًا العوازم ببني لام من طيئ حيث قال شاعرهم:
وفي فرعة الوادي تعرض لنجعنا
…
قوم أضداد من سلاليل لام
جونا وجيناهم بزافات غلمه
…
أولاد عازم للضديد كعام
(انظر تاريخ نجد في عصور العامية تأليف أبو عبد الرحمن الظاهري طبعة 1400 هـ ج 4 ص 82، تاريخ العصامي ج 4 - 112) وقد ذكرت حروب العوازم مع الأشراف في عامى 1079 هـ، 1080 هـ.
(1)
فتيل: نوع من البنادق القديمة، والشلفا: الرمح القصير.
(2)
بيضه: أي نساؤه وحلائله ينوحن عليه، أي يبكين بحرقة أكبادهن لفراقه.
(3)
الأنظا: الجيش من الإبل يستعد للحرب وفي اللغة الهزيل.
(4)
جبر بن جامع: من رؤساء العوازم منذ ثلاثة أجيال.
(5)
المشعاب: من أنواع العصى لها رأس مدبب.
(6)
طنف: زهر العشب.
ويقول الشاعر القديم عايد القعمر العازمي يستنجد فيها عوازم المنطقة على أثر خلاف وقع بين قومه في عالية نجد وبين إحدى القبائل منذ حوالى 250 سنة
(1)
:
يا راكبٍ من عندنا عيدهية
(2)
…
ما فوقها إلا شدادها وصميل
تسرح من أبحار سقاه الحمى
…
والعصر في القرنه وزان حقيل
تطا بك شقرا بلاد ابن مالك
…
تأخذ عليها طبختين ومقيل
وتطا بك الأجدينّ أجدين مجزل
…
كن النعام الربد عنه جفيل
وتطا بك الدهنا أحبال متعرضه
…
مدهال لخشفان المها ومقيل
وتطا بك الصمان زيزا متاهه
…
أدميها فوق الحزوم شليل
وردها جوده من غربة إلينا
…
وعطها عليها سرحتين ومقيل
وارفق بها ترا الحفا سم حالها
…
ومن عقبا يم الصراة تحيل
وقل أولاد غيّاض إلا يا رباعتي
…
الله من ضيم مداه طويل
قليبنا ضرب المصاقيل في الصفا
…
وخذ حوضنا من جالها وشيل
قل لهم ترى ما عاد يدي حقنا
…
يكون بدخيل من وراه دخيل
اذكر لهم شلهوب هو راعي الثنا
…
ولد بشر حمال لكل ثقيل
جيته وأنا مطرود عجزٍ من الونى
…
اخِبْ ولا عقب الخبيت حصيل
وقد أجابه أحد شعراء العوازم في المنطقة بهذه القصيدة:
يا واصل منا لعايدٍ قل له
…
اجموعنا يوم الاثنين تشيل
أيمنّا مع الطف يمشي
…
وايسرنا يرد القريات محيل
عناك يا زين المناعير عايد
…
ضدّك نضده لو عليه نعيل
(1)
نقلًا عن كتاب العوازم لعبد الرحمن العبيّد ص 117.
(2)
عيدهية: صفة من صفات الإبل القوية.
*
قصيدة (المحدار) للشاعر الجبيهة العازمي
(1)
وهذه القصيدة تحدث فيها هذا الشاعر القديم عن هجرة العوازم من بلاد نجد وما وقع لهم في الطريق. يقول:
أولاد غيّاض ومن بات ساهر
…
على النار يلحق ما بقي من شعيلها
قلته وأنا مقابل للي دله
…
يبرد بها كبد تزايد مليلها
حِنّا وردنا السر لاسره الحيا
…
عليه الخلايق ما يهود عويلها
ووردنا رغبا لاسقى السيل جالها
…
كبارٍ نثايلها قليل حصيلها
ووردنا البير بير بها الروى
…
يا باغي جم الركايا .. تجي لها
وصبّحنا دواويير على جال مَلْهم
(2)
…
سويطية
(3)
ما يسمع إلا صويلها
سرنا وساروا ونخنا ونوَّخوا
…
وذي قربةٍ ما عاد يربح عميلها
وسرنا وسار الله عليهم ودبَّروا
…
بايمانا روم تلظى فتيلها
وعروق القنا ما بين ربعي وبينهم
…
تِشدي
(4)
مواريد على جال بيرها
لكن حسّ الكفاريات بيننا
…
رعودٍ من الجوزا صدوقٍ مخيلها
مهبول يا بيَّاع جبرٍ جواده
…
يا عنك ما يلقى مثايل يجي لها
يحدّها في ماقف الموت ساعة
…
حتى إن زوّال العمار يزيلها
*
قصيدة وقعة رِضَى للشاعر سعود الصقلاوي العازمي
(5)
هاضني دون زينات المحاليب
…
هيه تودع الشياب جهال
استوى رايحٍ
(6)
بين المعاطيب
…
في طوارف رضى من يم الاشمال
(1)
من كتاب العوازم للعبيد ص 120.
(2)
ملهم: بلدة شهيرة في بلاد نجد من ديار (آل عطا) العوازم من بني كلاب (هوازن).
(3)
سويطية: الصحيح سويتية هي من أنواع خيول العوازم.
(4)
تشدي: أي تشابه.
(5)
عن كتاب العوازم ص 122.
(6)
رايح: الفرح والرقص في المناسبات السارة عند البدو.
يوم ثار المثارا والتناديب
…
اختلطنا الضحى رجلي وخيال
يا مدير القمر يم المغايب
…
عادل الميل عن ميله ليا مال
اعجبونى بنى عمي تعاجيب
…
يوم صافى الملح جاله تزلزال
مثل سيل حدر له من محاضيب
…
يا تحمل شعيبه يدهم الجال
أهل الجيش لقوها المشاعيب
…
ماثنوا للرديف وخلوا التالي
وأهل الخيل زينات المهاذيب
…
مثل صيد من الأوناس جفال
يشبع الذيب وطيور المراقيب
…
في نحانا تكوز
(1)
كل مشوال
(2)
.
*
قصيدة وقعة مريخ للشاعر مبارك الهيم العازمي
(3)
يا الله اني طالبك يا الولي منشي المخيل
(4)
…
عالم كون الليالي وعالم غيبها
تنصر الذي باللقا فعلهم فعلٍ جميل
…
يكرمون الجار عاداتهم من طيبها
هيه
(5)
يا الخطيب احذرك من بنت الذليل
…
خل بنت النذل ياشين وش تبغي بها
يا النشامى، المرجله فيها في ظليل
…
والمذله مثل بير دمرها سيبها
(6)
يا رموق العين يا راعي القرن الطويل
…
ما سمعتي من هذا ريبنا سِجَّي
(7)
بها
المعادي إن عدانا سقيناه الغليل
…
كاس مر يصطح الكبد حين يصيبها
كم صبي في نحانا
(8)
على راسه نميل
…
يعطي البندق وهو قبل ما يضحى بها
بالعوايد نذبح الشيخ والقبا
(9)
الأصيل
…
لين خلينا الجنايز يكيف ذيبها
محتمين الدار من يوم بندقنا (فتيل)
…
جنبرها جعل تفدونها عِيِّي بها
(10)
كم هتوفٍ من سببنا شكت فرقى الخليل
…
يوم نشدت المناكيف شقت جييها
(1)
تكوز: تسقط.
(2)
مشوال: الفرس تشول بذيلها.
(3)
كتاب العوازم ص 130، وهذه القصيدة قبل 60 سنة.
(4)
المخيل: السحاب
(5)
هيه: كلمة نداء واستفهام.
(6)
سيبها: جالها.
(7)
ريبنا سِجَّى: أخبارنا أذيعيها وانشريها.
(8)
نحانا: أمامنا في وجهنا.
(9)
القبا: الفرس.
(10)
عيِّي بها: أي رفضنا وأبينا تسليمها.
قصيدة للشاعر: عجير بن طلمس
يا راكب حرٍّ دله بالمخاضير
…
متيه
(1)
كل الشتّا مع ربيعه
يسرح على تلقيطة الحوض للبير
…
والعصر بين منيصفه والوريعه
(2)
يلفى بيوت تمنتها الخطاطير
…
يحول
(3)
لوهي للنزايل مطيعه
خالد لفانا صايل بالمظاهير
…
يقول من ربعه علينا هزيعه
جونا وجيناهم وسقنا المغاتير
(4)
…
سوق الجلايب يم سوق المبيعه
حنّا نبيع العمر دون الغنادير
(5)
…
بعناه بيعه رمة مستبيعه
صفوا وصفينا عليهن طوابير
…
وردن بنا ورد القطا للشريعه
تغاوزوهن يابسين الحناجير
…
وغدا لهم عند الاهاوي منيعه
والله يا لولا نايفات الشناظير
(6)
…
ما عاد يرجع من يهرج رضيعه
غنيم قفا بالسبايا مدابير
…
وأراط
(7)
سال من أحمر الدم ريعه
قصيدة للشاعر الصقلاوي العازمي
(8)
راكب اللي ما تدانى العراقيب
(9)
…
من مناجيب المناصير
(10)
خبابه
(11)
مثل قوس عدلوه اللواعيب
…
مِنوة المطرق
(12)
ليا منه اومى به
راكبه بالك تمر المناصيب
…
راعي الهفوف وقف على بابه
شيخنا عبد الله اللي له الطيب
…
مثل قيفٍ
(13)
عن سموم تذرى به
(1)
متيه: مترول.
(2)
منيصفة والوريعة: هي أماكن وموارد معروفة في المنطقة الشرقية.
(3)
يحول: كلمة تعطف وأسف.
(4)
المغاتير: الإبل.
(5)
الغنادير: جمع غندورة وهن البنات.
(6)
الشناظير: الجبال
(7)
أراط: موضع بنجد لا يزال معروفًا وهو وادٍ في إقليم سدير.
(8)
القصيدة من كتاب العوازم للعبيد ص 104.
(9)
العراقيب: أي لا ترغب بأن يمسها عرقوب الرجل وهي الناقة الأصيلة.
(10)
مناجيب المناصير: هي كرام الإبل من قبيلة المناصير مشهورة بإبلها السريعة.
(11)
خبابه: مسرعة.
(12)
المطرق: نوع من العصي اللينة الدقيقة.
(13)
قيف: الظل.
قابل الديان راعي المطاليب
…
واقتضى من راعي الدين طلابه
بـ (أمّ خمس) الذي تفتح المضاريب
…
و (ام تاج)
(1)
اللي بها الموت تارى به
جمعهم من جمعنا ذاب تذويب
…
مثل غثوٍ
(2)
خمه السيل والوى به.
قصيدة للشاعر راعي دليماء
(3)
العازمي
وقيلت بمناسبة هجوم حسين بن عجل أحد مشايخ شمَّر على العوازم أثناء غزو ابن رشيد على أطراف الكويت، يقول راعي دليماء:
يا الله ونا طالبك يا خير والي
…
تفزع لنا يوم جونا في ركايبنا
من سُربةٍ جمعوها كل عيّال
(4)
…
لا شافت الرِّجل تركض ما تجنّبنا
نخيت عودٍ غدا في غيّ الأجهال
…
يوم أشهب الملح والبارود راهبنا
يومن خطوا الولد ماهوب رجال
…
فوق الركايب وكنه من حبايبنا
نعم بعامر ذلوله تلحق التالي
(5)
…
قدم الركايب وحسه ما يغايبنا
(6)
يستاهل البنّ يا قدم بفنجال
…
مع لابة
(7)
حوّلوا بالخدِّ تندِبنا
معنا المخابيط صنع الكفر واكيال
…
نكعم
(8)
بها الشر لين انه يجنبنا
لعيون عذرا تخطى تلبس الغالي
…
يشوقها فعلنا يوحت
(9)
ضرايبنا
عاداتنا في المواسم نرخص المال
…
ياحل سوّامنا نرخص جلايبنا
(10)
ابن عجل طاح يوم الموسم الغالي
…
عاداتنا الشيخ يومه من سبايبنا
(1)
أم خمس وأم تاج: أنواع من البنادق.
(2)
غثو: هو غثاء السيل.
(3)
القصيدة من كتاب الوازم ص 134.
(4)
عيال: العائل المعتدي.
(5)
تلحق التالي: أي تردف المشاة اللاحقين.
(6)
ما يغايبنا: أي صوته لم يغب عن سمعنا يستنهض الهمم.
(7)
لابه: جماعة.
(8)
نكعم: نصد ونعارض.
(9)
يوحت: إذا سمعت.
(10)
نرخص جلايبنا: نرخص أعمارنا في الحرب.
قصيدة للشاعر مساعد القفيدي العازمي
(1)
وقيلت بمناسبة انتصار قبيلة العوازم في وقعة رِضَى، وقد ألقاها مساعد القفيدي بين يدي الملك الراحل/ عبد العزيز آل سعود رحمه الله في الأبطح بمكة المكرمة:
يا الله يا اللي ما نبي غيرك مدد
…
ياللي بك العبد الموحد يستعين
يا رافع الرايات في بر وبلد
…
إنك تعاونّا على اللي بايرين
جونا على غِرّة وجيناهم هدد
(2)
…
واللي حضر منا كفى اللي غايبين
يوم ارعد الرعاد وانهل البرد
…
بانوا مبيّعة العمار الصاملين
في ساعة ما احدٍ يخليها لحد
…
يكود
(3)
ضرب يودع القاسي يلين
ليتك حضرت وشفت يا شيخ البلد
…
يوم التقينا في شمالي القطين
يوم أن ابن جامع
(4)
على الشوبه ورد
…
سبل .. وسبّلنا عليهم زاهدين
أهل البيارق طرحوهم بالعمد
…
في شوبة الدخان قدم الهايشين
جتنا جموع كل يوم لها زبد
…
وحنّا على جدٍّ وبالله نستعين
يالابتي
(5)
ما يودع الشايب ولد
…
أكود فعل قدم وجه الطيبين
يا لعن أبو عند المعقل
(6)
من شرد
…
وش ينبغي بالعمروان سهج
(7)
القطين
لوان حلتنا
(8)
خذاها من جرد
…
ما هيب معنا من عصور الأولين
حضايةٍ للسوء لين انه برد
…
لين الطريح يضيح .. والطيب يبين
هذا لهم منا وقافيهم بعد
…
دولة هل العوجا
(9)
كعّام العايلين
(1)
القصيدة من كتاب العوازم ص 142.
(2)
هدد: أي متفرقين.
(3)
يكون: أي إلا.
(4)
ابن جامع: أمير العوازم
(5)
لابتي: أي ياقومي.
(6)
المعقل: الميدان الذي عقلت فيه الإبل للحرب.
(7)
سهج: أي استبيح.
(8)
حلتنا: بيوتنا وأثاثها.
(9)
هل العوجا: اعتزاء أهل العارض بنجد.
قصيدة لشاعر عازمي
(1)
قيلت هذه القصيدة على أثر نزوح العوازم من الكويت في عهد الشيخ/ سالم المبارك الصباح.
يا نديبي على اللي زاهي دله
(2)
…
ما يداني العصى من كف ركابه
راكبه وصله يمِّ أبو عبد الله
…
لابة جعلهم للعزّ من لابه
سلموا لي على سالم وربع له
…
عِدِّ ما هل وبل الغيث وانشابه
من زِبنهم
(3)
زِبَنْ لو كان به خِلّه
…
يحتمونه ويفتكون مطلابه
علمه ينشدك وبالخبر قل له
…
بخصه لين يعطي هرجتك جابه
ليش يزعل علينا هالزّعل كله
…
يحسبنا نشيل الغيظ حرّابه
من على رزه المبنى
(4)
إعيال له
…
ومن على عصر جابر ماكبينا
(5)
به
يحسبٍ بعدنا بالحبل بغضٍ له
…
والله أنا أزرار الثوب للبابه
بعدنا من عدو صار في ظلّه
…
كل يومٍ علينا توجف إركابه
باعنا واشترى العدوان ربع له
…
واودعوا ديرته خلوٍ من أصحابه
إن بغانا نجي عجلين بالسله
…
والمظاهير نوقِفْها على بابه.
قصيدة للشاعر عجير بن زومان العازمي
(6)
يا راكب حمرا يشادي خبيه
…
خبيب ربدًا
(7)
شافت اللي جذاها
إليا نزرها ما وراها تجيبه
…
وإن شاعها ما تلحق من قِفاها
ياهيه يا ركَّاب وسق النجيبه
(8)
…
إفهم ووصل كلمتي منتهاها
(1)
من كتاب العوازم للعبيد ص 150.
(2)
زاهي دله: جميل مظهره.
(3)
زبنهم: التجأ إليهم.
(4)
المبني: أي منذ أساس بناء الكويت.
(5)
ما كبينا: أي ما خُنا.
(6)
من كتاب العوازم ص 137.
(7)
ربدا: النعامة.
(8)
النجيبة: الذلول من كرام الإبل.
ملفاك من يذهل بنشر الحريبه
…
زبن الطحوس إليا تدانت خطاها
اللي جزاني بالثنا يا صحيبه
…
فيهم تماثيلي عطاني جِزاها
هزيعةٍ ما هى عليهم مصيبه
…
ما هي بحق وجازع من خطاها
الأجنبي يصبر على ما يصيبه
…
دايم يروح وحاجته ما قضاها
يقول لك عند العوازم قضيه
…
عربٍ ترزّ لها تربي نماها
أنا أحمد الله ما زربني بعيبه
…
زبن الضعيف إليا لجا في ذراها
نِعمٍ بنى عمّي نحاز الحريبه
…
ليا عقّلوا عند المتارس عضاها
كم شيخ قومٍ راح منهم بغيبه
…
خِلِّي لضرباتٍ تقانب عواها
بمظمناتٍ يشعلنَّ الضريبه
…
يأيمانهم دايمَ قليلٍ خطاها
عاداتهم كسر الجموع الصليبه
…
مبطِ
(1)
على الجدران واللي وراها
دايم إذا جتهم ليالٍ تعيبه
…
في ساعةٍ كل يشح بعطاها
يعطونهم والله عليهم رقيبه
…
يعطونهم لله .. على الله جزاها
بالله تجعل طلبتي مستجيبه
…
تعز رايتهم على من نواها
قصيدة للشاعر حاضر الحبيني العازمي
(2)
وقد أرسلها من الكويت إلى شقيق له في الغاط بنجد، وأرسل معها راحلة اختارها من أطيب الإبل، والقصة تُروى في مطلع هذا القرن.
تِسمَّعوا لي يالبيبين بالمثل
…
من واحدٍ بالقاف مهوب مزهاف
(3)
يثمِّن جوابه قبل يبدي به الزلل
…
ولا يقوله إلا وزان وزن بكفاف
(4)
يا عاد ما في اللعب بايع ومشتري
…
قافٍ يجيبه كل فاهم وعرّاف
(1)
مبطِ: أي منذ زمن.
(2)
القصيدة من كتاب العوازم ص 126.
(3)
مزهَافِ: مستعجل.
(4)
بكفاف: أي بكفة ميزان وهو مبالغة الشاعر.
اخلاف ذا دنيت عوصا
(1)
من النظا
…
كبيرة الجمهاه
(2)
يأوي موجاف
وسيعة ما قَدَّم عريضٍ فقارها
…
بتر الفخوذ
(3)
وذلها فوقهن ضافي
تخافق خواصرها من القُفل
(4)
كنها
…
البطن ضامر والسراجيف نحَّاف
من يوم ولدت لن درر شقاقها
…
ثمان شتوات ترتع بالأرياف
ما ساقها الجمال يجمل عليها
…
ولا وقفت بالسوق والزبن وقّاف
تِشْدى
(5)
لعذرا غايبٍ حليلها
…
واليوم يذكر من مغيبه لها لافي
خدلجة ما شيف بالزين مثلها
…
تزين من الفرحة على الشوق ميلاف
اعيونها مثل المشاهيب
(6)
بالدجى
…
ومسامع مثل القناطير
(7)
وقّاف
عندي لها قرمٍ
(8)
من الربع ناجبه
(9)
…
عبد الله اللي للمواجيب عرّاف
جينا وجبناها وما غايبٍ احتضر
…
اللي تبين بأن واللي خفى خافي
ودنيت من يزهى
(10)
من الدشن كورها
…
من الدشن يطرب له مشاكيل الأشراف
إركبها يا عبد الله ولا تنهض العصا
…
إحذر ولا توهف
(11)
عليها العصا وهاف
عَسَفْها رِسنْها ما عسفها عليمي
…
عسَّافها ظارٍ
(12)
على الجيش عسَّاف
تمرّ الصبيحية بصبحٍ وترتوي
…
لاعتاز جذب ولاش تحويل غراف
والعصر من عند اللصافة تمرها
…
خالٍ جباها فوقها يسفي السافي
تزرق كما الزاروق في صحصح الوطن
…
والخد تطويها كما طيّ خصاف
(1)
عوصا: الذلول من الإبل.
(2)
الجمهاه: الرأس.
(3)
بتر الفخوذ: أي متلاحمة.
(4)
القفل: المنع من الرعي مخافة زيادة الشحم واستعدادًا للرحيل.
(5)
تِشْدي لعذرا: أي تشابه في التزين العذراء.
(6)
المشاهيب: جمع شهب.
(7)
القناطير: رؤوس الحراب.
(8)
قرمٍ: شجاع.
(9)
ناجبة: متخيره.
(10)
يزهى من الدشن: وهو الشداد نوع من سروج الإبل.
(11)
توهف: تلوح.
(12)
ظار: متعود.
تِشْدي لصيد هاج مستجفل
…
والا ظليم
(1)
شايف زول لقاف
قلته وأنا نفسي من السيق طايبه
…
ماكنِّي إلا طير في راس مشراف
رزقي على اللي ما تحاصى فضايله
…
اللي ليا منه عطا مده جزافي
يا عاد لا غيصٍ يلاعب حجرته
…
ولا نيب سيب شغل مجداف
(2)
احدٍ تشوفه احواله مصلحه
…
وحدٍ غناويِّ وملبوسه دفاف
وحدٍ غناته من موارث جدوده
…
وحدٍ غناته عقب غربال وكساف
قصيدة للشاعر العازمي رجاء بن سعدون بن فزير
(3)
البارحه قلب الخطأ وصل حده
…
من شدة العربان بعد المقاطين
القرب عقب البعد ياشين ضده
…
اليا استوي ناسٍ أمودين
يا صار تفريق على أول موده
…
أول تولعت القلوب بهوى زين
اتخلي العشاق ينباح سده
…
فرقى الضحى تفجع قلوب المودين
بدوٍ نووا عقب المقاطين
(4)
شده
…
واقفت بهم عقب المقيض
(5)
البعارين
مدوا وشدوا عقب مقطان مده
…
حزه طلوع الشمس يمشون عجلين
مظهورهم
(6)
كنه المشومر
(7)
يحده
…
عجلين بالمظهار .. بدوٍ هميمين
يتلون
(8)
براقٍ امزونه مده
…
خمسة عشر شدَّة على الوجه مقفين
بدوٍ تلقط بالقفاقيف
(9)
جدّه
…
ما سايلو عن راعي القصر والطين
(1)
ظليم: ذكر النعام وتقول شاعرة شمَّرية:
شَفّي واحد من هل الهور
…
هو عشقتى من ناقلين التفاقه
الظليم اليا تحدر من القور
…
دمّ القرى يدرج على عظم ساقه.
(2)
الغيص والسيب: بحارة الغوص.
(3)
من كتاب العوازم ص 110.
(4)
المقاطين: الإقامة.
(5)
المقيض: الإقامة في القيض على المياه.
(6)
مظهروهم: الذي يظهر للسفر.
(7)
المشومر: المتنفذ الذي يشمر عن ثيابه.
(8)
يتلون: يتبعون.
(9)
القفاقيف: العشب الخفيف.
مطول حساب الوقت للي يعده
…
اليوم لي عن صافي الخد عشرين
بغيت أجود مقدم الثوب اقده
(1)
…
يوم انتحوا ناسٍ وناس مقيمين
ولفٍ مثل هللون ربِّي يلدِّه
…
خلاني أقنب
(2)
والخلايق امريحين
قصيدة للشاعر فالح الحبيني العازمي
(3)
يا عاذلين القلب عن حاجة له
…
يا خبلك يا مكثرين بالاشوار
لو قال أبادله ما نسى سمةٍ له
…
والله لا داله ولا هو بصبّار
خِلِّي بصندوق الحشا مدهلٍ له
…
غرسٍ ظليل فيه مختلط الاثمار
منساه كود اطويق
(4)
يخلف محله
…
والطير ما يومي جناحه اليا طار
وجدى عليها وجد من خزنةٍ له
…
في وسط شوعيِّ لحم له بقصَّار
جاسه بقفله ونشظا البيص
(5)
كله
…
راحت شلامينه مع الموج عبّار
والوجد الآخر وجد من جبرةٍ له
…
حوّل خلاف الجيش يوم الدخن ثار
يوم اللقا حول يبي عادةً له
…
صابه صبي وودع الساق كسَّار
هو يحسبنَّ أركابهم رايعًا له
…
طفاح راحًا ما التفت ميت النار
عمره تقضا والظما مردفٍ له
…
قام ايتشهد جاه قصّاف الأعمار
يوم النكيف
(6)
الفو وجا شايب له
…
يقول بالله وش جرا له وش صار
اعذارهم واجد ولا هي امقله
…
يبي يسلونه أبزينات الاعذار
جابو ذلوله خاليٍ مركبٍ له
…
من أول ماكر .. وطير السعد طار
ركب عليها ضايقٍ خاطر له
…
يبي يدور يوم عمسًا
(7)
الابصار
(1)
أقده: أمزقه.
(2)
اقنب: أصيح بصوت مؤثر.
(3)
عن كتاب العوازم ص 112.
(4)
طويق: يقصد الجبل المشهور بنجد.
(5)
البيص: قاع السفينة.
(6)
النكيف: الرجوع إلى الأهل.
(7)
عمسًا: أي ضلوا عن طريق الصواب.
صُبح أربع دوج
(1)
على حروةٍ له
…
قام ايتلذع مجهدٍ له بالأدوار
لقي العوض في مذبحه بندقٍ له
…
وباقي خلاجينه
(2)
على روس الأشجار
قصيدة للشاعر سالم بن تويم الدوّاي العازمي
(3)
البارحه في الليل عيني سهيره
…
والقلب من كثر الهواجيس مشطون
واليوم في المشراف
(4)
مثل النطيره
(5)
…
اقفاي واقبالي على الرجم هاللّون
(6)
عدّيت في حيدٍ انصاله كبيرة
…
أخيل نجع
(7)
ثوروا .. وين ينوون؟
اللي نبي قفا جنوب نشيره
…
واهلي من الجوبه شمال يشدُّون
فكرت لين الشوف غورق نظيره
…
نوبٍ نميِّزهم ونوبٍ يضيعون
الله يلوم اليوم وراة قصيره
…
ما تكشف اللي باير البرق
(8)
يمشون
حوَّلت منها الحظ يشتم مشيره
…
متكدرٍ والناس ما عنه يدرون
والعين ما خلت براسي ذخيره
…
الله يلوم اللي لعيني يلومون
تفوح فوح اللي حدته السعيره
…
لكن غاليها من الناس مدفون
على عشيرٍ كن لبّه ضميره
…
برّاق وسم فاض من غيم ومزون
برقٍ ليا شفته هقيت
(9)
بغديره
…
الصبح يامره الوليّ منه يروون
بشوف والا الكف دونه قصيره
…
مشطرٍ
(10)
روحه عن الشك مصيون
دونه حدوني ذاهبين الحظيره
…
ثلاث جيراتٍ وراهم يحامون
بصبر عسى في تالي الصبر خيره
…
الله يبدل عِسر الأيام بالهون
(1)
دوج: أي بحث.
(2)
خلاجينه: أسمال الثياب.
(3)
نقلًا عن كتاب العوازم ص 124.
(4)
المشراف: المكان المرتفع أو الجبل.
(5)
النطيرة: الحارث.
(6)
هاللون: هكذا.
(7)
نجع: ركب.
(8)
وآره والبرق: جمع برق - موضع بالكويت.
(9)
هقيت: ظنيت.
(10)
مشطر: مبعد
قصيدة للشاعر مرزوق الطحيح العازمي
(1)
وكان هذا الشاعر معاصرًا مبارك آل الصباح أمير الكويت رحمه الله.
يقول راشد بالضحى قولٍ عجيب
…
يوم ان عينه دارجٍ همالها
يالله ياللي للطلايب تستجيب
…
يا واليٍ نفسي ويا عدالها
(2)
تنصر بني عمي مصاليت
(3)
الحريب
…
ربع تطوّع ضدها بافعالها
بمثوْمَنِ
(4)
يفرا النحر صوته صليب
…
مثل الرعد في مزنةٍ زلزالها
لعيون من راسه كما ذيل العريب
(5)
…
من ضربنا تمشي مريح بالها
تركض على النوماس واشتاف النصيب
…
وان العمار مكتبه لآجالها
لعيون من عينه كما عين الربيب
…
شيهانهٍ
(6)
في شلوها
(7)
يدعى لها
المرجله بالكره والدرب الصعيب
…
ومن لا يقارب للدرك ما نالها
قصيدة للشاعر كريدي بن زابن العازمي
(8)
كان الشاعر في ديار الظُفير مع بعض جماعته العوازم، فتبرع لهم بأن يكون الحايف الذي يبحث عن المغانم، وواعدهم موضع الأشعلي، ولكنه تأخر فذهبوا عنه.
عديت بالأشعلي وجر بالوّنه
…
أجاوب الورق واقنب كني الذيب
جيت الوعد خالٍ ماكنهن جنه
(9)
…
الله يسوِّد وجيه اللي على الشيب
(10)
(1)
عن كتاب العوازم ص 132.
(2)
عدالها: معدلها.
(3)
مصاليت: مواجهين الحرب.
(4)
بمثومنِ: نوع من الرصاص.
(5)
ذيل العريب: ذيل الخيل الأصايل المعربة.
(6)
شيهانة: أنثى الصقر.
(7)
شلوها: الشلو - القطعة من الحباري، وهو من الطيور البرية تقدم للصقر عند تدريبه على الصيد.
(8)
القصيدة من كتاب العوازم ص 136.
(9)
جنة: أي جاءوا إليه.
(10)
الشيب: الركايب.
اقفوا على مشلحي
(1)
والخرج
(2)
والشنَّه
(3)
…
راحوا عليهن يعرضون المشاعيب
والله يالوني عليهن ما يتعدنه
…
لينه يثور الدخن فوق المصاليب.
قصيدة أخرى للشاعر كريدي بن زابن العازمي
(4)
يا هل الركايب يانويتو اردادي
…
بالله عطوني علم .. واعطيكم إياه
عوجو بي أرقاب النضا
(5)
بالأيادي
…
لين إن غريب الدار تكمل وصاياه
تجودوا بارسان حيلٍ عوادي
…
زعلات نزراتٍ قربهن مطواه
يجي لهن عقب المقيل اجتلادي
…
يازين هجتهن مع الدَّو زيناه
اليا لفيتو بيضنا بالعدادي
…
معهن هنوفٍ
(6)
صافي الدمع تنياه
قولوا: كريدي حي ما هو غادي
…
بين الحزول وبين فيحان
(7)
مرباه
قصيدة للشاعرة العازمية سعدى
(8)
في هذه القصيدة تخاطب أحد أقاربها من العوازم، ومما ينسب إليها قولها في رثاء ابنها الذي غرق في البحر، تقول:
يا أبو سعيد عز من ضاعت ارياه
…
قلبي حزين ودمع عيني يهلِّ
على وليف
(9)
سمَّت الحال فرقاه
…
الخير اللي بالقرابه يهليِّ
يذكر غرق وسط ازرق الموج درباه
(10)
…
يذكر كلاه الحوت واكبر غُليِّ
ليتي تقاسمت الغرابيل
(11)
واياه
…
نصيفةٍ حقه ونصيفة ليْ
(1)
مشلحي: عباءتي.
(2)
الخرج: وعاء منسوج يوضع به الزاد وغيره.
(3)
الشنه: القربة القديمة.
(4)
من كتاب العوازم ص 140.
(5)
النضا: المهازيل من الإبل، ويقول عوجوا أي أرجعوا رقاب الإبل.
(6)
هنوف: أي فتاة شابة، ويقصد أخته التي تبكي عليه بسبب دية طولب بها.
(7)
الحزول وفيحان: مواضع في شمال الجزيرة العربية.
(8)
من كتاب العوازم ص 145.
(9)
وليف: الأليف الذي تربط به الألفة وتعني ابنها.
(10)
درباه: جرفه وقلبه.
(11)
الغرابيل: المصائب.
ليته بدار الهند وسيلان مرباه
…
أرجيه ياتيني ولو هو مقلِّ
لابيّض الله وجه يوسف وجزواه
(1)
…
يالرّبع! من قبله لغيصه يخلِّي
جتنا هدومه
(2)
عقب عشر مطوّاه
…
لا ساعد الله طارشٍ
(3)
جابهن ليِّ
والمهرة
(4)
اللي عندنا له مغذاه
…
ركابها عُقبه لعله يولي
(5)
قصيدة للشاعر حوشان بن عبود بن سويلم (*) العازمي
يا ركب عُوجوا روس شيب المحاجيب
(6)
…
مقدار ما يزهب من البنِّ فنجال
ومع السلامه وسلموا ياهل الشيب
…
سيروا وخلوهن مع الحزم جفال
حاذور لاتاطون درب الضواريب
…
مع صحصح البيدا شليل وزمال
(7)
لزوم مرّوا لي رضا
(8)
كامل الطيب
…
ساعة تجونه عنكم الهم ينجال
يبدي لهم رفعة احجاج وترحيب
…
ومن غير ما ينسف من الكيف بدلال
بدلان يشدِّن البطوطٍ
(9)
المحاديب
…
ونجرٍ
(10)
على الشطات ما هو بـ ينزال
بالطيب بان وقد مضى له تجاريب
…
فعل لبوه وجابه العم والخال
سلم عليه إعداد رمل العراقيب
…
وعداد ما يمشي على الخد من مال
وسلم عليه إعداد ما هرول الذيب
…
وعداد ما لبي الملبي بالأميال
وقل له: هوى بالقلب جرح وله غيب
…
جرح هوى بالجوف خطرٍ على الحال
جرح وعجز به جميع الأطابيب
…
لاهو بـ لاحمي ولاهو بـ سلّال
(1)
جزواه: وبحارته.
(2)
هدومه: ثيابه.
(3)
طارش: مندوب ومسافر.
(4)
المهرة: هي بنت الفرس ولعل الشاعرة هنا تقصد خطيبته.
(5)
يولي: يبعد.
(*) قال صاحب الموسوعة الكويتية ص 464 ج 1 عن حوشان العازمي هو حوشان بن عبود بن سويلم العازمي من شعراء البادية ولد سنة 1908 م وله قصائد في الغزل.
(6)
المحاجيب: رءوس الإبل.
(7)
وزمال: سهل ووعر.
(8)
رضا: هو المدعو عبد العزيز بن عبود بن فايز.
(9)
البطوط: جمع بطة.
(10)
نجر: الهاون يسحق به البنّ وغيره.
أسباب غروٍ ينثر الطيب بالجيب
…
أحسن شخص نبنوب للعمر قتال
يا عود موزٍ ناعم له نبانيب
…
ومنين ما نسنس
(1)
نسيم الهوا مال
أيضًا الحشا يشدي يديف المضاريب
…
وألين من الديباج في بعض الأحوال
ياعين شيهان
(2)
براس المراقيب
…
شيهانه تاقع على روس الأقذال
علق بصندوق الضماير كلابيب
…
وأنا بحمل صخيف
(3)
الروح شيال
ترى اسمها ما يتين عند التحاسيب
…
واحد وسنين بتكاليف الأمثال
ولك اشتكلي يا شوق سيد الرعابيب
…
والله يا غيرك فلا اشكي له الحال
وعجلْ برد الخط
(4)
تراى مانيب
(5)
…
صابر ولا أقوى الصبر من ضيقة البال
صلاة ربي عدما ولد من صيب
…
وعداد ما هلت مراويح الأفعال
على نبي رتب الحق ترتيب
…
بين طريق الحق من درب الأضلال
(1)
نسنس: هب.
(2)
شيهان: أنثى الصقر.
(3)
صخيف: أي ضامر.
(4)
الخط: أي الرسالة.
(5)
مانيب: أي ليست.
[من ديوان الشاعر فهاد مطلق الجافور العازمي
(1)
هذه القصائد النبطية]
(هو الذي قادر)
مبداي باللي تسجد الناس لرضاه
…
هو الذي قادر على ما يصيري
اللي ليا ضاقت على العبد ينخاه
…
منجي محمد من لهيب السعيري
يا رب تنظر حال من جتك شكواه
…
تلطف بحالي يا الحليم البصيري
تمدني من فضل جودك بحصباه
(2)
…
عطيهٍ مهي على الله كثيري
كود الهموم تهيد من فضل الاله
…
إليا دركت من ترفع خلول الفقيري
مادشتي للغوص رغبه ومشهاه
…
أرجي من المعبود خيرٍ كثيري
وقت المفارق حن قلبي من أقصاه
…
وبقيت عن درب المراح استخيري
أحسبت همٍ صابني ماحدٍ جاه
…
واثريه شاكين منه حتى البزيري
ورع عرف غايات قلبي ومعناه
…
قام يتمنى له جناح ويطيري
ذكر على عين الحزين المشقاه
…
وهلت دموع مثل وبل
(3)
الغديري
والقلب جاه من الغرابيل ما أكفاه
…
همٍّ شكيته ما شكى منه غيري.
(الحافظ الله)
الحافظ الله على السنبوك محلّاه
…
سمح الدقال عسى وفقه يزيني
يا زين صدره ويا محلى مقفاه
…
على الخشب لايقٍ مشرف بعيني
يستاهله من تحوش الطيب يمناه
…
عينا خويه بشينات السنيني
(1)
فهاد وأخيه فهد من أشهر شعراء العوازم بالكويت وهما من عشيرة الجوارية.
(2)
حصباه: لؤلؤة كبيرة.
(3)
الوبل: المطر.
راعيه يغرم لمشيه يوم يجداه
…
كاسه براسه وخلّى العاذليني
سعود سايلت عن جنسه وجيناه
…
الجنس طيّب وغيب القلب زيني
بالطيب يذكر وأنا دشيت وياه
…
حيث أن قلبي يحب الطيبيني
أبو علي طيبٍ والطيب ملفاه
…
وأخوانهم بالمراجل كامليني
أرجى عسى افوالته بالهير حصباه
…
بجاه ربي وجاه المرسليني.
(العمر الطويل)
واحلالاه يا العمر الطويل
…
يوم مرّت علينا هالغناه
عقب تدبير الرزق القليل
…
اهتني بالوناسه والحياه
أَشهدني من الدنيا ذليل
…
المحاتي بقلبي ما نساه
أَرتجي رحمة الهادي الدليل
…
مالك الملك ما حييٍّ سواه.
(طار الكرى)
البارحة طار الكرى عن إعيوني
…
من سبّه الهاجوس دمعي كساني
طارٍ طرالي وقف النوك دوني
…
وعزّم علي من الرقاد يحماني
أمشي دبوبوين والفؤاد محزوني
…
والنّاس ما تدري عن اللي طواني
مدمن بهامي من تكضم إسنوني
…
ليا طرتلي غربتي هالزماني
يا سعود شاورت الصديق ونهوني
…
وعصيتهم يومن ما الله هداني
وادعت حباني وهم وادعوني
…
وصارت لي الغربة عقايب زماني
يهون كل أمرٍ وهو ما يهوني
…
فرقا الجماعة والولد والخواني
أظنهم في غيبتي يحسبوني
…
دلهت وأنا ذكرهم في لساني
أكتب مكاتيب ولا واصلوني
…
ومبيّنٍ في كل خط مكانى
أنا أتحرى خطهم وهجروني
…
ولاهو حق من الأهل والعواني
واليوم ما نكتب ولا يكتبوني
…
ترى وعدنا الدايرة
(1)
برمضاني
ولا السنة هذي مجيي إطنوني
…
نشبت روحي والأمور اتخفاني.
(يا شوف)
يهب يا شوف زولٍ ما فرحنا به
…
ليته على حدرته ما جاء من الديره
يا خالقي كاني مسلم ولي حابه
…
يا عل المقبرة تمشي حوافيره
تنفض عصاها عجوز البين حرابه
…
تحدني عن عشير ما اشتهي غيره
محروقة الشيب للمجمول سبابه
…
قام يتعذر ولا فادة معازيرة.
(خلوني اشرف)
خلوني اشرف على البرقا
…
وكمد فؤادي بتعميره
غنّي وجاوبك يا الورقا
…
ما عاد من حالي إذ خيره
يابيح سدّي من الفرقا
…
العين هلت عوابيره
خلّي على ظامري عرقا
…
في مخطرٍ حامي جيره.
(عزّي لمن واجه)
عزّي لمن واجه عشيرة على الشوف
…
ما غير شوف ولا تسمع حكاياه
دونه من العربان طوف وراء طوف
…
عزي لمن مثلي يشوفه ولا جاه
إصخيف الذرعان والبطن ملهوف
…
قليل جنسه ولا لقينا حلاياه
عليه حالي كنّها حال أبو العوف
…
حالٍ قضى ما باقي إلا سمياه
والجفن كنه عقب فرقاه مطروف
…
والقلب دايم يشتغل من محاتاه
(1)
الدايرة: السنة القادمة.
(يا أبو محمد)
أرسل الشاعر حامد عبد الله العتيبي من المملكة العربية السعودية هذه القصيدة للشاعر فهاد بن جافور حيث قال العتيبي:
يا أبو محمد كل مطرود ملحوق
…
نسعي ورا الدنيا وتسعي ورانا
حِنّا نبي المرقا على الناس من فوق
…
فيما يجوز إلنا ويرفع غلانا
واليوم شفت من العواريض صافوق
…
مهيي لنا قدام يكثر بلانا
زاد المعاش ونأخذ الطاق مطبوق
…
والرزق عند الله يجي من سمانا
كم واحد يضحك لنا زين منطوق
…
ما فادنا يوم المعلم شكانا.
(يا حامد)
رد الشاعر فهاد بن جافور على الشاعر حامد عبد الله العتيبي قائلًا:
يا حامد الدنيا بها خير وصفوق
…
واللي ذكرتم بأول الوقت جانا
كم ليلةٍ قلبي من الهم محروق
…
والزاد لين قلط لنا ما هنانا
واليوم من فضل الولي ما لنا عوق
…
كثرة مصالحنا وتفي شقانا
وإن ما حصل من راعي الدين مفهوق
…
اجني وفرحكم بفعل ازملانا
حنا برجوى من خلق كل مخلوق
…
من رحمته لا خيّب الله رجانا.
(جعل الوسامي)
أرسل الشاعر رجا بن فزير العازمي هذه القصيدة للشاعر فهاد بن جافور قائلًا:
البادي الله قبل قولي ومبداه
…
ذكر الله البادي قبل مبدأ الأمثال
جزل العطا اللي تسجد الناس لرضاه
…
علام بالخافي مربّع بالامحال
جعل الوسامي بالوطن ينثر ماه
…
لين البذيرة نبتها يظهر أشكال
من مدلهمٍ تالي الليل محلاه
…
نون قوية براقها يشعل اشعال
ليا فات عشر وعشر تشبع رعاياه
…
يقبل ربيع الناس والهم ينجال
مزين زهازيم الحيا في شقاياه
…
ليا صار عقب السيل ديمات وخيال
قضبني البرية وقرطاس ودواه
…
ابكتب المارود في زين الأقوال
قولٍ غريبٍ من ضميري نقدناه
…
نقد الدراهم عند أهل صاحب المال
في عرض قرطاس كلام كتبناه
…
يشدي اردوع أوشام زين التعزال
وركب على اللي يطرب القلب ممشاه
…
ياطا على ربل ودراج محال
ملفاك ابن جافور والخط ينصاه
…
فهاد يوم إنه على الحمل شيال
تكفي يابن جافور لا واحلالاه
…
يا قلبي اللي راح مع ساقه الحال
امسمر ما باقي إلا سماياه
…
لو تازنه ما يستوي ربع مثقال
من مودمانيٍ على غاية اصباه
…
لاماه عيد وضد فرقاه غربال
القيض جابه وأول الوسم وداه
…
وتفرقة عقب المقاطين الإنزال
قالوا تمنى قلت قربه ولاماه
…
يا الله بالا قبل قصف الامهال.
(يا مرحبا)
رد الشاعر فهاد بن جافور على الشاعر رجا بن فزير:
يا مرحبا باللي لي الخط وداه
…
كز السلام أول وقفاه ما قال
ما جاب برجه وواصل الخط شرواه
…
ذكره ربع بالحشا عقب الامحال
عين عيون اللي نخاني من أقصاه
…
يشكي على فراق زين التعزال
أبجتهد باللي لعبه وعنّاه
…
عشيري اللي تاه في غي الاجهال
في ما مضى كد صابني مثل ما جاه
…
يا كيف ألومه عقب ما أونست بالحال
واليوم تبت وجزت واللعب مشاه
…
العين صدت عن مراعات الأزوال
لولا الصحيب اللي نصاني بدعواه
…
كان المثايل ما طرالي على البال
يقول لي تكفي ترى الصبر ما قواه
…
وده على خلّه ولا هو محتال
اتعبت رجلي لين خله لقيناه
…
في أطراف ديرتنا قريب ونزال
وادركتله خلّه وقبضته إياه
…
هذا جزله يوم يشكيلي الحال
(يا نوخذه)
قال ابن جافور:
يا نوخذه عنك المراجل بعيده
…
الطيب يا وجه الدجاج لهاليه
الطيب دربه كايد ما تحيده
…
والربربة سهمة فؤادك وطاريه
امدحك بالشعرى
(1)
وقرص الحديد
(2)
…
وجدر العزاله بالعماله تسويه
والحنّه اللي كل يوم جديده
…
شيبت وأنت إلسانك إبليس مغويه
اما الردى تسند على الدرب سيده
…
والا الصخا
(3)
والجود مخطي مجاريه
ليا أونس خويك قلت عيار صيده
…
تأدبه كنّك من السوق شاريه
إكثر الحنّه وهي ما تفيده
…
إلسان وإلا المرجله تقصر ايديه
عسى الذي برضاه تسجد عبيده
…
يقدر عليه إنه عن الخد يخفيه
(1)
الشعري: نوع من أنواع السمك.
(2)
قرص الحديد: الخبز.
(3)
الصخا: الطيب.
[من ديوان الشاعر سالم بن تويم الدوّاي العازمي]
(هو سالم الدوّاي من عشيرة المساعدة، يقول عبد الله ناصر الصانع في مقدمته عن ديوان الدوّاي: شاعرنا سالم بن تويم الدوّاي من شعراء الكويت البارزين، عرفته المجالس والدواوين والمناسبات، فذاع صيته وعلا قدره بين الشعراء هنا وفي الجزيرة فعدته هوازن - العوازم - شاعرها المحلي، كما عرفته الدواوين في القلطات - المساجلات - الشاعر المسكت، لسرعة بديهته وحسن تخلصه وإفحامه لمساجليه من الشعراء، وقد رأينا بعضًا منهم في ديوانه، وقد عقدت جلسة من شعراء البادية (بالكويت) انتخبوه فيها المقدم عليهم فقد حاز أكثر الأصوات، كما لا يزال عمدة الشعراء في كل الاجتماعات، وقد عرف بالأصالة في الشعر فلم يخلط في شعره، وحافظ على رصانة البادية وعفتها ونقاء ألفاظها، كما عرف شاعرًا معتزًا بأصله، محافظًا على سُمعة وطنه، مدافعًا عنه، باذلًا أقصى ما يستطيع في سبيله، حيث قال:
دار لنا فيها محل ومنزال
…
من يومها سيف خلا من يروده
راعي الوطن ما يغره كل عذال
…
القلب ما يرخص مساكن جدوده
قلته وانا قبلي من قال
…
كلٍ يجي حبه على بذر عوده
ياما كعمنا دونها كل من عال
…
ياخان خطو ومعاهدٍ في عهوده
وياما من هفا من الخيل ورجال
…
راحت ضحايا للكويت وحدوده
وقال الدوّاي في استقبال سمو أمير الكويت يعدد فضائل حكمه:
صعدت أمس برجٍ مثل عالي جبالها
…
تهايفت له يوم أن عيني زمانها
رتلت في عال المبادي مثايلٍ
…
من خاطرٍ طرب لها يوم قالها
قدمت ما صمم ضميري وكونه
…
هواجيس بالي قدمت طرى لها
وأنا هدف نفسي ورغبة ضميرها
…
سترٍ من أهل العرف ياجا مجالها
وندري بمرضي الناس يا ناس جايد
…
ما كل ما يرضى ضميري رضا لها
جلال لأمير الدار والشعب والوطن
…
وكل نفسٍ تنعرف من سؤالها
من دون مأمورٍ وداعي
…
رجلي تعني للمحطه لحالها
خدمة وطن حب ورغبة لديرتي
…
الديره اللي ما ندوّر بدالها
ما أقول في بلدان الاجواد قصرةٍ
…
مير الكويت النا طويلٍ ظلالها
بلادنا اللي عايشين على أرضها
…
واجدادنا في قبورهم حد رجالها
كلا من اليا افتش عن أقصاه ينوجد
…
تثابيت تاريخ قليلٍ زلالها
يا الله يا اللي ترتجي الناس رحمتك
…
يا اللي رجى رحمتك كلٍ يسألها
يا مظهر الغرقان من غبة البحر
…
ومحيي انفوسٍ ما نوى الله زوالها
جعل الخريف وبارق الصيف والشتاء
…
يسقي لنا دارٍ كبيرٍ جلالها
يصير فيها زاهر العشب يشبهه
…
مثاني بساتين عدلها عدالها
ويجني الزبيدي في صحاصح حزومها
…
دارٍ يا على الريف والعز فالها
دارٍ اليا جالها غريب من العرب
…
من قل ما ياجد ابداره لجالها
يلقى بها منزل وعز وكرامةٍ
…
ويوفي بعض من يطلبونه حلالها
ما كان لاج بها يسمى من أهلها
…
أم حنونٍ ما تشتت عيالها
ليكنها عذرٍ طموح عن الملا
…
ما كل من جاها يبيها ينالها
دار الكويت اللي على العز سيست
…
في وقتها هذا وماضي ليالها
يا علها بالفوز والعز تتصل
…
في جاه من ينشي سحايب خيالها
وختمت قولي في صلاة على النبي
…
عد البحور وعد ما في زلالها
(الشاعر في حضرة أمير الكويت)
ألقى الدوّاي هذه القصيدة في حضرة صاحب السمو الأمير صباح سالم الصباح رحمه الله:
بديت ذكر اللي ومر سحب الأمطار
…
منشي من القبله خيالٍ سديدي
سبحان منه بأمره الفلك يندار
…
الأمر له يفعل على ما يريدي
اليا بدا ذكره على كل الأسرار
…
جينا بمعنى غير من شان سيدي
نبي نهني ريس الشعب والدار
…
باخلاص شعب له حميد مجيدي
شعب اليا من العدو في البلد بار
…
صاروا له سورٍ عتيق جديدي
واخص به من يوم كانت وهو صار
…
الذي يطمون الكبر بالجريدي
اللي عليها جربوا حلو ومرار
…
يا الله عسى من مات منهم شهيدي
بسلامة الذي جالنا جيف وجدار
…
نشطخ ونمطخ والمصالح تزيدي
يسهر ونرقد ما درينا بما صار
…
لين العلم رفرف بدارٍ بعيدي
خلي الكويتي له جلال وتذكار
…
كثر التعب في البذر طاب الحصيدي
القايد الاعلى كما الوالد البار
…
وأبو مبارك مسند له عضيدي
اليا تهادوا بينهم الاشرار
…
شور بحيل الله يفل الحديدي
نسل أخو مريم كان جور الدهر جار
…
مبارك مبارك ضديد الضديدي
يسقي ضديد الدار من كاس الامرار
…
والصاحب الصافي لياليه عيدي
حكومةٍ ترغب على حشمة الجار
…
والشعب من خير الوطن يستفيدي
صلاة ربي عد ما سهم وطار
…
على الرسول اللي مجاله حميدي
(الأمير السعيد)
وأنشد الشاعر الدوّاي هذه القصيدة في حضرة صاحب السمو الشيخ صباح السالم الصباح أمير الكويت رحمه الله بمناسبة العيد الوطني المجيد:
مبارك عيد البلاد وتعوده
…
عيد الضحية مع أعياد رمضاني
يا الله عسى هالراس دايم وجوده
…
لو كان ما الدنيا تجي بالتماني
راس ربّوا جدّانا مع جدوده
…
وحِنَّا معه رابين في هالمكاني
والصبح في التاريخ تاجد شهوده
…
في هية النصار ماضي الزماني
ويوم على الدسمة ترزم رعوده
…
وعقبه على جوبة مَلَح يوم ثاني
يوم استوى في الجو حر وبروده
…
وطرش اصرار دعيج للمطرشاني
نذبح ونُذبح في الكويت وحدوده
…
يوم ما من نفط قبل ومباني
واليوم كل قام ينهض عموده
…
من قص جنسية ضمنته ضماني
لا بد من قبر توحش لحوده
…
راعي الحساني ينجزي بالحساني
في ضف حكم كاس الشعب وجوده
…
ولا خافي في على المودماني
واليا عدانا معتد في جروده
…
صك الحقب في المحقبة والبطاني
كل ذكر بالنفع مخه عضوده
…
نذكر هل العوجا طوال اليماني
يجمع مداغيش النشاما تذوده
…
جرايره تاطا الغبا والبياني
ندري بمن معنا يكرس جهوده
…
عبد العزيز ونسل هيف السماني
وافي العهد ماهوب ينسي عهوده
…
يذكر مواقيف الشجاع الجناني
شيخ الكويت الذي خطاه محموده
…
يا قف مع الفيصل مواقف اخواني
مبارك اللي ما تحلل عقوده
…
في رمعته يمشي ثمان وثماني
أوجاب وقت بين وسوده
…
ليل ونهار لفاهمين المعاني
والدار حاميته مخالب أسُوده
…
لا غاب ليث عاض به ليث ثاني
أبطلب الذي طلبتي ما تكوده
…
منشي من القبله سحاب الغشاني
انه يطفي كل عين حسوده
…
ويتم نعمتنا علينا بأماني
مبارك عيد البلاد وتعوده
…
عيد الضحية مع أعياد رمضاني
قصيدة في صاحب السمو الشيخ/ جابر الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت
يا مرحبًا باللي له الشعب مشتاق
…
فيه البلد تفرح وهو يشتهيها
ترحيبة المدهر ليا شاف براق
…
يا اللي مشاريعه نبيه ونبيها
يعزنا وانعز محمود الأخلاق
…
كل العلوم الطيبة محتويها
يخضع لربه وأول الفجر ما ساق
…
بضاعةٍ مال أحدٍ شرك فيها
النفس بالمخلوق خلقٍ لخلاق
…
مامورةٍ منهيةٍ ويهديها
النور في وجهه له رسوم وارناق
…
بشخصيته تلقى الدلايل عليها
امسايرٍ الشعب منصح ورفاق
…
يرفق بحال الذي قصارٍ يديها
ماذل من سيف الفقار أو لاماق
…
يرجى جزى الحسنى تجي مرتجيها
الا ولا وأخذ صديقه ولو ضاق
…
حلمه وسيع وحاجته يقتضيها
وإن مس أحد شئون البلد قام باوثاق
…
له قومهٍ يفرح بها محتريها
الحجة الذي دونها قفل واغلاق
…
تصعب على بعض الرجال ويجيها
يحلها وإن صلّت هزع الاشناق
…
خيال شقرا ذيلها مكتسيها
طبايع أهله يوم يجذن الارفاق
…
أكثر ضنا الندر مثل والديها
أحمد الياهز الكحيلة بالاشداق
…
طابور
(1)
خيل تتبعه يحتميها
مثله طويل العمر جابر ولا تاق
…
الأب طيب والولد منهويها
سياسته عنها السياسات تعناق
…
صعبه على شمط اللحا لو تبيها
يا مرحبا باللي له الشعب مشتاق
…
فيه البلد تفرح وهو يشتهيها
(1)
كلمة تركية الأصل معناها فريق.
قصيدة الكويت دُرّة الخليج للشاعر مسلم البحيري
(1)
بسم الولي زين اللحون ابتديبها
…
مبداي ذكر الله وفيه انتهي بها
سبحان من بأمره دجى الليل ينجلي
…
بأمره مشارقها وبأمره مغيبها
بديت ذكر الله وصلوا على النبي
…
المصطفى اللي سيرته نقتديبها
هذي مبادي يا العوارف مثايلي
…
يا الله عسى الجهده الإهي يثيبها
كلٍ ومجهودة وقوة قريحته
…
وكلٍ على ما دل فكره يجيبها
هاجت وماجت بالقوافي ضمايري
…
وتفجّرت واخترت منها عجيبها
أبيات شعر يا العوارف تسمعوا
…
من راس شاعرها لمسمع أديبها
وأسباب ماهيض غرامي وشاقني
…
أفراح داري جعلها تهتني بها
كويتنا الذي عايشين بظلها
…
نفرح لفرحتها ونكعم حريبها
درة خليج من لجى في ظلالها
…
يرتاح من سود الليال وعصيبها
دار على نهج المكارم تأسست
…
من عد وقفات الشرف يبتديبها
ادعوا لها بالعز في كل محتفل
…
يا الله عسى التوفيق دايم نصيبها
الله يهني في فرحها أميرنا
…
أميرنا الذي من سلايل نجيبها
(1)
شاعر هوازن مسلم حميد البحيري من البحارى من فخذ المساعدة من بطن غيّاض، وهو شاعر معروف وموجود في الكويت في منطقة غرب الفنطاس وهو من أعرق أسر قبيلة العوازم.
الشيخ جابر كاسب الجود والسنا
…
بأفعاله الذي كل دار تحكيبها
قائد مسيرتنا بعزمه إلى العلا
…
مكرم أهل الديرة ومكرم غريبها
والله يهنى من تولى بنا العهد
…
أبو فهد نسل البطل يا عريبها
يابن الحبيب الذي نفاخر بسيرته
…
الذي بفعله فل جهده طليبها
والله يهنى بالفرح كل شعبنا
…
مبروك يا شيبانها ويا شبيبها
أيضًا ولا ننسى أهل الجود والشرف
…
أجدادنا اللي جاهدوا عن شعيبها
لو تنطق الرقة بيوم مضالها
…
تشهد سواحلها وتشهد غبيبها
والقصر الأحمر خير شاهد لفعلهم
…
إن الرسوم الباقية يهتديبها
أقولها والحق تظهر دلايله
…
واللي خفا منها يعرفه لبيبها
الله يرحم من توفوا بقاعها
…
وينجيهم الله من سعاير لهيبها
ومرحوم يا شيخ لنا أسس البنا
…
ومرحوم يا تابع مسيرة حبيبها
ويا دار لك مني عيالي ومهجتي
…
فدوة لدار غاذيتني بطيبها
يسوقني للطيب ساسي وعزوتي
…
والعزوة اللي دولتي تعتزيبها
ولا خير في شخص تردي بديرته
…
وانكر حنان أمه وصافي حليبها
هذا جوابي يوم كل وجابته
…
أبديت ما بالنفس والله حسيبها
واختامها ذكر الولي خير خاتمه
…
مبداي ذكر الله وفيه انتهيبها
قصيدة الدوّاي في الملك خالد بن عبد لعزيز آل سعود رحمه الله أثناء زيارته للكويت.
اليوم أنا عيني هنيه بنومها
…
تضاحك نواظرها بعيد كظومها
سبب شوفتي للشعب والدار وأهلها
…
تحيي الكويت ضويفها في قدومها
تقدم طويل العمر وانقاد موكبه
…
عسى نفس أبو سالم تمهل بيومها
حسين السياسة في بلاده وللعرب
…
ومعاه الصباح اللي قوية عزومها
تلقى حبيب الشعب مثله بجيته
…
ملك نجد جعل السيل يسقي حزومها
تولى القيادة عقب فيصل وصانها
…
رسوم رسمها العود جدد رسومها
دعا الملكة كالشط من ورده ارتوى
…
وجعل شعبها يمسي بعيد همومها
عقب الصحاري قبل من يعتنى بها
…
اليوم تتعب بالثمن من يسومها
من خط له قاع وتقدم بصكها
…
أخذ شيك لأدنى بنك يأخذ سلومها
يعل الأمير مع الملك مع شعوبهم
…
ينجيهم الله من هايب سهومها
يعز الولي راياتهم طول عمرهم
…
مع النعمة الذي جعل ربي يدومها
حكامنا من جد وائل تسلسلوا
…
تقرأ بصفحات الجزيرة علومها
يراعون شعب الدار من طيب حظهم
…
هدف حاكم الديره شفوف محكومها
هذا ولد عم لهذا وشعبهم
…
بنى ايخي وجدان تقارب عمومها
الشعب لين قلب الجزيرة مقرهم
…
عبيد الولي وأمر الشريعة يمومها
كما العين والناظر ليا لمس خشمها
…
تذارف ليا لطمت مقادم خشومها
لاجل أن ما يجري بنجد يهمنا
…
وسموم تمر ابنا يجيهم سمومها
هذا وصلى الله على سيد البشر
…
عداد ما تمطر سحايب غيومها
قصيدة دام السعود
وهي بمناسبة زيارة الشاعر للمملكة العربية السعودية حيث قال فيها الدواي:
بديت بذكر من ينجي الغريق ويرحم المسنين
…
بربان من القبلة لرعادة ترزامم
جليل الملك عنده دبرة الموتى مع الحيين
…
فرض للمتبع خمسة فروض وحج وصيام
بعد ذكره سلام الله على من يعتني بالدين
…
ولد عبد العزيز اللي حكم في شرع الإسلام
وبثنيها على جملة جميع الفيصل الباقين
…
سلام مثل قرطوع الغدير النقع للظامي
حمول الخيل في وقت العارك والعرب دارين
…
على أول جدودهم لدولة التوحيد حكام
اليا اقفن واقبلن الخيل بالمقرن لهن ضارين
…
تعزوم باسم نوره واستوت صكات وزحام
يخلون الصعب يمشي على هونه وطبعه زين
…
يتم بمبركه مرتاح دون عقال وخزام
ترى دام السعود يعز والإسلام معتزين
…
عسى راية علمهم ترتفع في كل الأيام
قصيدة سلام يا المملكة
وهي بنفس المناسبة التي زار فيها المملكة العربية السعودية حيث قال:
سلام يا المملكة مهد مبادئ الإسلام
…
طول بعرض بلا خلاص لشعبك والحكومه
يا دار يا دار من تم الفرايض والصيامي
…
جعل الملك فيك للإسلام خلاقه يدومه
جود سلوم اخو نوره ماعمج عنها القطامي
…
شارت عبد العزيز مع المخاليق معدومه
والفيصل مساندينه مخ جسمه والعظام
…
العود من حب بذره وكل طيب فيه هومه
كم واحدٍ من سبهم صابه اجفال النعام
…
يموت غله بكبده عن مشاهيه محرومه
واللي يسير بصحيح ما يضيم ولا يضام
…
يمشي بعز وكرامة لين يستافيه يومه
في ضف حكم تخزر له طرابيش الطغام
…
من فضل من له ثلاثين الشهر دايم نصومه
والشرع حظه زمام الحكم سلطان القضام
…
متمسكين فيه جعل الله يلوم اللي يلومه
صلاة ربي عدد ما غردت ورق الحمام
…
على رسول نهار الضيق تنفعنا سلومه
قصيدة الدوّاي في رثاء الملك/ فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله
البارحة عيني من السهر شايله
…
حمل ثقيل جايدات عدايله
أقول يا عيني بدا الصبح ناظري
…
وتقولي لي لو صاروا الناس قايله
تحب السهر والسهر غاية مرادها
…
والدمع من موقه تذارف همايله
عفا الله عن نفس بالإسلام ممنه
…
وجتها صواديف المقادير مايله
في غفلة محد فطن وانتبه لها
…
عساها بجنات النعيم امتفايله
نفس العزيز الذي حياته تسرنا
…
واليوم قفت عن وطنا رحايله
كل العرب بذل جهوده من أجلهم
…
وسوى مشاريع للاسلام هايله
جعل البقاء باللي عقب غيبته
…
العاهل اللي عقب فيصل نخايله
خالد بعرش المملكة جعل يهتني
…
بالدين والدنيا وتحمد وسايله
وفهد ولي العهد (*) وحكومة السعد
…
سعد عين من جوله عضود بقبايله
من ماكر واحد عريبين بالنسب
…
نسل الذي يحمد وتدرى فعايله
عبد العزيز اللي اليا هاج والتطم
…
تمضي له العدوان غصب بفايله
خلف ملوك مثل فعله وهومته
…
سلاطين نجد ومن مقادم حمايله
متقدمين بعلمهم غير فعلهم
…
والفعل موجود التواريخ قايله
على رأسهم سم المنايا محمد
…
طويل شبر وافيات خصايله
هو الأبو عقب الأبو مرهق العدى
…
ونفوس الأسرة من شرفهم تسايله
هم دولة الإسلام في مهبط الوحي
…
الله يتابع في عبيده جمايله
(*) هو بالوقت الحاضر خادم الحرمين، وملك المملكة العربية السعودية.
الله يثبتهم على الحق والهدى
…
آمين يالي ما يخيب لسايله
الله يعز الدين والشرع والعرب
…
طالبك يالي ما تجازى فضايله
دام السعود بعز والعز عزنا
…
حنّا وهم بالدين والدار عايله
إن جيت في نجد العذية بلادنا
…
وأهل نجد ياجو دارنا من عوايله
وحنّا اليا منه بدا موجب لهم
…
نجزي هل الحسنى بحسن مثايله
هذا وصلى الله على سيد الملا
…
عداد ما هل المطر من مخايله.
قصيدة الدوّاي لأمير دولة قطر صاحب السمو الشيخ خليفة آل ثاني
سلام يا دار بها النور منقاد
…
دوحة قطر جعل الكريم يعمرها
دار الشيخ اللي زحازيح وامجاد
…
دار تهاب حدودها من خطرها
الضيف مدهاله دواوين الاجواد
…
كل اليا طب المدينة شكرها
للملتجي فيها مصادر وميراد
…
يعل غر المزن يسقي شجرها
واللي يجيهم في سبب زود وعناد
…
يذوقونه من سنينه كدرها
دار لابن ثاني اليا من غلال الزاد
…
كم ناقة عشّى النشاما ظهرها
استارثه من والده ورث الأجداد
…
نفسه من أسرتها تسلسل سطرها
اللي على شعبه حنون ووداد
…
يشبه على المدهر سحايب مطرها
خير على شعبه للضد ضداد
…
ونفسه عن الزلات رايه قدرها
الطيب ما تخفيه بالذكر الابعاد
…
مراجله عند القبايل خبرها
سلام يا دار بها النور منقاد
…
دوحة قطر جعل الكريم يعمرها
تهنئة من الدوّاي لأمير البحرين صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة
سلام يا قصر بعيطٍ منيفه
…
تنسف عليه من الخليج الذواري
قصر الرفاع اللي جميل وصيفه
…
راعيه في نطح المواجيب ضاري
تأمن حدر ساسه قلوب مخيفه
…
بالسيف والمنسف ورأي اجباري
يا الله يا منشي المزون بقنيفه
…
يا جادي ياللي في دجى الليل ساري
ياعل بن سلمان عيسى الخليفه
…
يساعفه في كل درب المباري
واخوانه اللي كل أبوهم بكيفه
…
لطامة العايل نهار المثاري
كم واحد خلوه يضرب صنيفه
…
القاع عقب مفايله بالسواري
عود من الطمعات نفسه معيفه
…
وربعه لأهلهم ناكسين وقاري
ياما حلا يابو حمد عقب صيفه
…
ليا ذعذع الغربي ليالي الصفاري
وقلت لصقاقير نفوس خفيفه
…
يطلعون اللي يضد المماري
وكل اشقرٍ راع النظر ما يعيفه
…
تلقى عليه من الدلايل مواري
راسه كما الفنجال صينٍ لصيفه
…
اشقر وكفه شبر والريش عاري
ونزلت بين الدبدبة والحتيفه
…
في خايع فقع وعشب وخباري
للي مثل شرواك ونسه وكيفه
…
وربع مشاكيل وريم وحباري
قصيدة الدوّاي في الحج لأهل الكويت
بأمان الله ياناس من الديرة نوو يمشون
…
ومخليين عوايلهم رجا في رحمة الوالي
مخليين بعض جهالهم من عقبهم يبكون
…
يبون المغفريه يتعادل وزن الاعمالي
صغير السن عقب أهله يبيح خافي المكنون
…
تشوف الدمع من عينه على الوجنات همالي
عساهم عقب غربتهم لاهلهم والوطن يلفون
…
رجيته من كريم ما لنفعه جنس واشكالي
حدر راية جليل الملك والحاكم لهم ممنون
…
صباح الله يديمه ما غفل عن شعبه الغالي
خفض من راتبه للشعب عد اثنين بالمليون
…
يبيها نفعة للي وراه عويش جهالي
يراعيهم بعين العطف شبه الجوهر المسنون
…
ولا منه حمق يأثر على ماضين الأفعالي
يعل الله يقبل سعيهم ويبعد الشاطون
…
يصبر الكل منهم منزله في ركن وظلالي
بأمان الله يا ناس من الديرة نووا يمشون .... مخليين عوايلهم رجا في رحمة الوالي
قصيدة له أيضًا في شهر رمضان المبارك
عسى الله ما يفلسنا بشهر الموسم المذكور
…
وهو شهر رمضان اللي يتفضل فيه الاحسان
يجي للمسلم المخلص اليا طالع هلاله طور
…
لاجل في قدرة الخالق تنزل فيه قرآن
اليا منك عزمت المسلم الصايم على الميسور
…
تجي الحسنى بعشر أمثالها في كل ميزان
ألا ياليت بعض الناس يسمع من صديقه شور
…
اليا منه عطاي الله يتم شروط الاركان
يسايل في سبيل الخير في بر وبلد وبحور
…
علشانه يجي من جملة الجاهات ربحان
ولكن العرب فيهم مصيب وفيهم المغرور
…
ليا قلت الطريق يمين قال يسار غلطان
توضح له معان يا صديقة لا يجيه قصور
…
سمع راع الدليل السنع والعوجان عوجان
عسى ربي يعز بلادنا واللي عليها سور
…
معازيب الضعيف ليا عجز والشوف مدان
اليا منه قصر شوفه ركيك الحال وأبو بزور
…
يجي بينه من الثروة وكثر الخير مليان
وكذلك وان تشكي من محله خاطره مكسور
…
يجيه اليا محله عبوة للبيت بنيان
يجي عقب الكبارة فيه ليوان وسطح ودور
…
من بركة البلاد اللي تعز الجار والعان
يراعون الفقير الله يرعاهم بخط النور
…
يعل الله يجازي الحسنى بالاحسان
إلا يا ويش عذرا صيبها يظهر مع الحنجور
…
نماها مع جماها حدر قدرة رافع الشان
ولا تصبر عن الماء ربع ساعة في مطر ودهور
…
واليا تمت عن الماء ربع ساعة عمرها فان
قصيدة عقد الثريا للشاعر حميد البحيري
الله البادي قبل مبدا الكلام
…
جبل شان الواحد الفرد العظيم
العزيز اللي له العزه دوام
…
الكريم اللي على خلقه رحيم
والثنا للمصطفى سيد الأنام
…
عد ما هل المطر من غيم ديم
ذي مبادي من باد باسم السلام
…
عاصر الأحداث في عقل فهيم
عشتها وعايشتها سبعة أعوام
…
الصريح صحيح والخافي سليم
من تأسيس مجلس لم الكرام
…
بين الاخلاص والراي الحكيم
بينت صدق النوايا والمرام
…
بين الاحساس بالخطب الجسيم
الخليج بمولده لبس الوسام
…
هو وسيم ولابس تاج وسيم
وكل عام فيه تأكيد التزام
…
واجتماع صار لنشاد جيم
وكل عام فيه قوة والتحام
…
واعتصام عوق للخصيم
وكل عام فيه عزة واحترام
…
وكل خطوة في طريقه بالصميم
واكتمل عقد الثريا بالتمام
…
في إمارات كما الدر نظيم
استعدت للفرح دار الحشام
…
فالضيوف حشام والملفى حشيم
والكرم والجود من خال وعمام
…
والكريم معان والمولى كريم
وكلمة أهلا يا عزيزين المقام
…
ترجمت صدق الخليجي والمقيم
طالبين الله بأسماه العظام
…
مخلصين بجاه أحمد والكليم
أن يوفقكم على درب الوئام
…
المعين اللي بخافيكم عليم
ذى شفوف شعوبكم شرف وشام
…
قالها الشايب ورددها الفطيم
تمت وصلوا على سيد الأنام
…
عدما نسنس من الغربي نسيم
والله الباري وهو مسك الختام
…
جبل شان الواحد الفرد الحكيم
قصيدة جيتك يا شيخ قرن الأعيان لمسلم البحيري:
بسم الله الرحمن علام ما كان
…
جل وعلا المعبود منشي سحابه
اسمه بدا قبل التماثيل والحان
…
ذكر الله أبدًا من معاني جوابه
واليا بدا الرحمن رتبت مازان
…
وكل حسب عرفه يرتب خطابه
مجهد وقلبي لتماثيل شفقان
…
من هاجس تل الضمير ودوابه
أيام فاتت عمس واليوم طربان
…
زال الكدر عن خاطري والكآبه
في جيتك يا شيخ قرن الأعيان
…
تم الفرح في دارنا والطرابه
يابو فهد يا القرم يا طير حوران
…
يا الصافي الوافي غزير اللبابه
يابن الحبيب اللي له المجد عنوان
…
شيخ عسى الجنة جزاه وثوابه
عبد الله السالم سلالة كحيلان
…
اللي لنافك النشب والطلابه
الحمد لله مالك الملك سبحان
…
اللي عن المخلوق ماصك بابه
ما راح ظنك يا فتى الجود خسران
…
صار الذي يا شيخ قلبك هقابه
استقبلك شعبك شفوق ولهان
…
ولا لك سوى ما قلت له ينجزابه
ودموعك اللي حايرات بالأجفان
…
تقدير للي قال لك مرحبا به
شعب الشهامة والكرامة والاحسان
…
شعب الكويت اللي عزيز جنابه
شعب سندك اليا امتلأ الجو دخان
…
يا سل سيف المعركة من جرابه
شعب من أهل الدار حضر وبدوان
…
اللي بنو سور الوطن من ترابه
ما حسبوا يوم الشدايد للأثمان
…
كلٍ على البناي ينقل زهابه
حامينها يوم المغازي والأكوان
…
يوم أن سلم الناس سلب ونهابه
شعب لو أنه يسهر الليل جوعان
…
اليا لقاك الصبح يضحك بنابه
ومن الحيا قدام الأجنان شبعان
…
يستر عيوب الدار زاهي ثيابه
مخلص ضمير ولقب وعيون ولسان
…
أجداد وأولاد وقرابه ولابه
قلته وأنا من ساس ذربين الايمان
…
ربع يفكون الطلب والنشابه
ومن كل لابه بالوطن ساس شجعان
…
ما نيب أغط النور كلن درابه
مير أن ساسي ما بهم قط من خان
…
داره ولو داس الخطر والمهابه
منا سرى لجدك مناور هضيبان
…
يوم بعض الناس عزم حرابه
وتحزموا للضد سكان الأوطان
…
وجاه الخبر عنا وكدر شرابه
وانكف وهو من صامل العلم زعلان
…
شاروا عليه اللي لرأسه عصابه
أنشد وتلقى العلم ثبت ووكدان
…
بأم أرمم الضد نوخ ركابه
ومرزوق عمي يوم زوغات الأذهان
…
فعل البطولة منه كل حكابه
واللي ركب فوق النخل صار نيشان
…
يوم البحيري جاه بان البلابه
وطاحوس وحميد وأخو عبيد حرفان
…
ربع المعزة والشرف والحبابه
فكوا ركاب وبندق الشيخ سلمان
…
وخلوا عقيد المعتدي لذيابه
راحت مواقفهم كما طيف حلمان
…
واللي كتب ما حطهم في كتابه
الله يرحمهم على بر وايمان
…
بجاه النبي المصطفى والصحابة
وحنا خلف أجدادنا بكل ميدان
…
التي تعطر من دمائهم ترابه
والله ما نرضى على الدار تنهان
…
بالموجبة نفديه شيب وشبابه
تمت وصلى الله على نسل عدنان
…
اعداد ما هل المطر من سحابه
قصيدة نزحة البدو عن العدود للدوّاي
ما شفت رجمي يا عوض يوم اسويه
…
من ضيقتي سويتها يا أو عيدي
شوقني المرقاب واشرافتي فيه
…
واشوف زومو الخد لو هو بعيدي
رجم غرابيل على قلب راعيه
…
ومشاهده في هالعدامه وحيدي
عفت النهار ومقدم الليل نرجيه
…
أقول أظن العين تدله تهيدي
والليل لو نمت أوله عفت تاليه
…
سواة قيّان الشتا في الجليدي
على الذي عنا تقافت رواعيه
…
وشدوا هله صبح اربعٍ للمديدي
يبغون براقٍ تسافح خباريه
…
نهار قامتهم كما يوم عيدي
يازين رتع ادباشهم في مفاليه
…
عسا سهم ما عاد يطري الشديدي
وانا على عد تزاعج سوانيه
…
زرع يحصدونه وزرع جديدي
والوقت ما طاوع ابن آدم يعاصيه
…
كد بذت الدنيا حرار وعبيدي
قصيدة النصيحة للدوّاي
أول بدا ذكر من يفرق حلاله من حرامه
…
سبحانه عن كون العالم من الطين وكفلها
ياجب على كل شخص فيه معروف وشهامه
…
نفسه تحافظ على ديرة مساقط روس أهلها
يجعل علمها يمام العين يمشي في نظامه
…
ويعاكس النفس لو نفسه تعرّم في زعلها
يا صار محفوظ حقه ما على العاجل ملامه
…
ينجح ويمدح وتذكر كل نفسٍ في عملها
يا جب علينا كبير السن نمشي باحترامه
…
ونفسٍ تضيّع حقوق كبار اهلها من جهلها
قصيدة سيف الحق لمسلم البحيري
باسم الله الرحمن علام ما بها
…
الرازق الغفار منشي سحابها
بديت ذكره قبل مبدادي للمثل
…
ذكر الله أبدأ من معاني جوابها
والثانية مني صلاة على النبي
…
اعداد ما خط القلم في كتابها
كل يجود بما تجوده قريحته
…
وهذا قدر نفسي وهذا خطابها
كتمت لين ازريت ما لاج بالحشا
…
والنار في جوفي يزيد التهابها
وتفجر المكنون وابديت ما خفا
…
يا معاتب نفسي تقبل عتابها
من زمرة بالشر طالت يدينها
…
وقام يتزايد في بلادي خرابها
ثلاث مرات ازور وتهوزنا
…
نلقي جزاها بالجرايد شجابها
استحلفك بالله يا صاحب السمو
…
باللي خلق نفسك وعنده ثوابها
عدوانك اللي يالصباحي تبينوا
…
فجر مصادرها وجدع رقابها
يا أمير سيف الحق للحق جرده
…
بالسيف منع العايبة من عيابها
فالدولة اللي سيفها ما يعزها
…
محد يقدِّرها ولا حد يهابها
عطهم صرار دعيج يا صاحب السمو
…
وإن كشرت يا أمير كسر أنيابها
وجدد مسيرة ساس الأمجاد والشرف
…
أجدادنا اللي جاهدوا عن أترابها
صانوا حدود الدار بالبر والبحر
…
رقة ومزبوره وعالي هضابها
وحنّا معك يا أمير ونجدد العهد
…
عيش الحياة بذل وش ينغابها
حنّا ليا منه دعا داعي الوطن
…
الروح لجله ما حسبنا حسابها
أقولها يا أمير وأفخر بلابتي
…
لي لابة تدري ويدري جنابها
اللابة اللى ما تخون رجالها
…
من جدك الأول لتالي شبابها
يشهد لنا التاريخ بالمجد والوفاء
…
ونفس تحفظ الود ما ينصخابها
فالعين تعرف ضدها من صديقها
…
والعقل يعرف ميلها من صوابها
وتكشف لك الأحداث ما كان تجهله
…
وتخفي المعادن لين ينبش ترابها
بقوله الأول بالأمثال وان صدق
…
دنياك هاذي كم وفي شقابها
وأقولها يا أمير مما بخاطري
…
على قدر نفسي وهذا خطابها
تمت وصلى الله على سيد البشر
…
اعداد ماهل المطر من سحابها
قصيدة زرنا الكويت للشاعر عبد المحسن الفوزان
زرنا الكويت الله يعيد الزيارة
…
ابنا سبيل يوم زرناه عجلين
دار الصباح أهل العدل والخياره
…
دار مريفه للقوي والضعيفين
دار الوفا للي هفت به أدياره
…
دار الشرف للمستحين العزيزين
دار يزاد الجار فيها وقاره
…
يا من بها الخايف على العسر واللين
دار السعد دار الوعد للتجارة
…
دار غنية فيه أهلها غنين
الرزق عند الله مهو بالشطارة
…
يشقى شقيين ويسعد سعيدين
بالربح هم ومسالمين الخساره
…
الين صار لهم قصور ودكاكين
لله جبر بن آدم وانكساره
…
ياضع رفيعين ويرفع وضيعين
ماريد من مدحي لهدلان باره
…
أحب أهل هدلان حب المجنين
قاله حب فرعه العك داره
…
ثادق وبيته في فروع البدارين
وقال شاعر عازمي:
رميت حصان (. . .) من شان عيده
(1)
…
لعيون من خده لميع السلاحي
رميت حمران بركضه مجيده
…
خليت راعيها صفق ثم صاحي
أفعالنا بالكون ما هي جديده
…
نفعل ونطعن يوم هز الرماحي
من كادنا حنّا لزوما نكيده
…
أما نجيه أمسى ولا صباحي
ونختم بهذه القصيدة لرجا بن خلف أبو شامة البلوي
سريا قلم واكتب من المسك والورد
…
على بياض البوك يا عارفيني
تحية ما هي نفاقًا ولا سرد
…
أصفى من الياقوت والياسميني
لبن الذي وقت اللقاء يزين الشرد
…
أبو نهار
(2)
الشيخ ذرب اليميني
زبن الخوي يذري عن الحر والبرد
…
ياما ذبح لضيف كبشًا سميني
بالجود عدًا يروي الصدر، والورد
…
بالقيظ لو تكثر عليه القطيني
من ساس ربعًا باللقاء تلبس الزرد
…
من دون خلجا يقر عن الحنيني
عوازم الطولات منذو خلق برد
(3)
…
والطيب ورثه بالنشاما يبيني
الرجل لو يلبس لباسه من الجرد
…
ما عطل الملبس نباء الطيبيني
يفداك من يقضي زمانه على المرد
…
ما سد حاجة من وطته السنيني
وسط المجالس يشبه الكلب بالطرد
…
وعند الحوايج بالقضاء ما يبيني
فرقك عنه فرق المدرع عن الفرد
…
وقت الحروب ميتمات الجنيني
(1)
عيده: هي معشوقته ويحب الاقتران بها.
(2)
أبو نهار هو مزكّي المصبّح من شيوخ العوازم.
(3)
جبل شمال خيبر، وهو لعَنَزة، وذكره هنا لزوم القافية.
عتيبة (هوازن)
نسب عتيبة:
تنسب قبائل عُتَيْبة إلى بني سعد وجُشَم من قبائل هوازن بن منصور بن عِكْرمة بن خَصَفة بن قيس عيلان بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان.
وفي جمهرة النسب لهشام بن محمد بن السائب الكلبي: عُتيبة بن غزية بن جُشَمْ بن معاوية بن بكر بن هوازن
(1)
.
وورد اسم عُتيبة في هوازن أيضًا في كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد
(2)
وجاء فيه:
(أن مُعاذ بن عبد الرحمن التيمي من قريش تزوج أم عمرو زيينة بنت عُتيبة من بني سعد بن بكر بن هوازن) فمن هنا نعلم أن في هوازن رجلين باسم عُتيبة لم يرد في كتب السيّر والنسب والتاريخ غيرهما، وهما عُتيبة الجُشمي، وعُتيبة السعدي.
أما في روايات أبناء القبيلة عن آبائهم وأجدادهم كابرًا عن كابر فيؤكدون انتماء عُتيبة إلى هوازن بن منصور الجد الجاهلي المعروف، فهم يجمعون على انتساب عُتيبة إلى أرومة هوازن، وعندما يصل الأمر إلى إرادة التفصيل في ذلك فإن مرد ذلك إلى كبار شيوخ عُتيبة وأهل المعرفة من قُدامى بيوتاتها الأصيلة والقاطنين فيما حول الطائف ومنهم آل دخين وآل عايد والذين يردون الأصل في
(1)
انظر جمهرة النسب للكلبي، ص 383، طبعة 1407 هـ - 1986 م، بيروت - عالم الكتب ..
(2)
الطبقات الكبرى، ج 5، ص 241.
عُتيبة حسبما أخذوا عن أجدادهم إلى بني سعد، فهاهنا تترجح كفة عُتيبة السعدي الهوازني في نسب عُتيبة فيكون هو الأصل في قبيلة عُتيبة نظرًا؛ لأن كثيرا من بطون عتيبة وأفخاذها تعود إلى بني سعد، ولا يستبعد دخول بعض من ذرية عُتيبة الجُشمي في نطاق عُتيبة السعدي وذلك لاتفاق الاسم والنسبة المشتركة إلى هوازن.
ومما يؤكد نسب عُتيبة إلى هوازن أيضًا اتفاق ديار عُتيبة قبل نزوح الكثير منها إلى نجد مع الديار التي كانت تحلّها هوازن في عصر الجاهلية وصدر الإسلام، حتى وإن كانت هناك هجرات من هذه المناطق من بطون هوازن المختلفة مثل جُشم وسعد ونصر وعُقيل وهلال وجعدة وقشير وغيرها، فإن ذلك لا ينفي بقاء القليل منهم في ديارهم، والقليل مع مرور القرون يتحول إلى كثير، وإنما القبائل تنسب إلى رجل واحد مهما عظم عددها، وذلك بفعل القرون المتلاحقة، وخاصة أن هوازن من قبائل قيس المشهورة بالكثرة ووفرة العدد منذ الجاهلية، ولعلّ الله جل شأنه خص بني سعد من هوازن بهذا النمو المتزايد في القرون الأخيرة بفضل بركة إرضاعهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحلوله في بواديهم زمن طفولته صلى الله عليه وسلم.
ويروى أن نجدًا ازدهى ربيعها وأعشبت أراضيها زمن دخول عُتيبة فيها بعد عام 1260 هـ، عشبًا ونباتًا لم تعهده من قبل .. إنها بركة من الله وفضل على هؤلاء القوم، ولعل سائلا يسأل ويقول: أفكل عُتيبي اليوم يُنسب إلى ذرية بني سعد أو هوازن؟ والجواب أن الجزم بذلك من مستحيلات الأمور إذ لم تبق قبيلة من العرب كثر عددها أو قل، وسواء كانت تحل السهول من الوديان أم قلل الجبال إلا ودخل فيها فروع من غيرها. وهذا ينطبق على عُتيبة التي يتواجد فيها دواخل
بالطبع من قبائل شتى جَلَت عن ديارها والتحقت بعُتيبة عن طريق الحلف وذلك في قسمي عُتيبة وهما برقا، وروق.
وهذه الأحلاف التي انضمت إلى عُتيبة تعرف أصولها وأعراقها وأرومتها سواء كانت من قحطان أم من عدنان ولا تخفى عليها إلى اليوم رغم مرور زمن طويل على التحاقها بعُتيبة، إلا أن ما أستطيع الجزم به من دون شك ولا ريب هو أن نسبة هذه الأحلاف المنضمة إلى عُتيبة لا تؤثر في ثقل عُتيبة وجمهورها المنتمي إلى هوازن، حيث إنها أفخاذ صغيرة الحجم وذات أعداد قليلة مقارنة بالكثرة الكاثرة من مجموع القبيلة العام في المملكة العربية السعودية.
ما قاله المؤرخون عن هوازن
نكتفي بما قيل عن قبائل سعد وجُشَم، لأن ما قيل عن سائر هوازن لا يتسع لنا المقام بقوله جملة واحدة، وسوف يقسَّم في الموسوعة حسب انتماء كل قبيلة إلى أرومة هوازن، التي تعتبر أكبر قبائل الوطن العربي بدون منازع.
(1)
ما قاله العلّامة أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي
(1)
قال:
ولد هوازن بن منصور: بكر، فولد بكر بن هوازن: معاوية؛ ومُنَبه؛ وسعد؛ وزيد قتله معاوية، فجعل فيه عامر بن الظرب العَدْواني مائة من الإبل، وهى أول دية قضى فيها بذلك، وتقول العرب: إن لُقمان كان جعلها قبل ذلك مائة جَدْي.
(1)
الجمهرة ص 264 وما بعدها - طبعة دار الكتب العلمية - بيروت.
هؤلاء بنو سعد بن بكر بن هوازن:
وهم أظآر النبي صلى الله عليه وسلم، وعندهم استرضع عليه السلام. منهم: الحارث بن يعمر بن حيان بن عميرة بن ملَّان بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن، تزوج صفية بنت العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه وكان حليفًا للعباس، فولدت له عبد الله، وعبد الرحمن، ابني الحارث. ومنهم: شريح بن عامر بن محمد بن عطية بن عروة بن القَيْن بن عامر بن عميرة بن ملَّان، ولجده عروة صحبة، ولي اليمن ومكة، وابنه الوليد بن عروة، آخر من حج بالناس لبني أمية، والحارث بن عبد العُزَّى بن رفاعة بن ملَّان بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن، حاضن النبي صلى الله عليه وسلم وامرأتُه حليمة السعدية، وهى حليمة بنت أبي ذؤيب
(1)
عبد الله بن الحارث بن شجنة بن ناصرة بن فصية بن سعد، أم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة؛ وبنوهما: عبد الله، وأنيسة بنت الحارث بن عبد العُزّى، والشيماء بنت الحارث إخوة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة؛ وعضّ
(2)
رسول الله صلى الله عليه وسلم الشيماء وهى تحمله، وكانت في سبي هوازن، فأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاها، وردها إلى بلاد قومها.
. . . مضي بنو سعد بن بكر بن هوازن.
وهؤلاء بنو جُشَم بن معاوية بن بكر بن هوازن:
منهم: دريد بن الصمَّة، واسم الصِّمَّة: معاوية بن بكر بن علقمة بن خُزاعة بن غَزِية بن جُشَم بن معاوية بن بكر، الفارس المشهور: قيل إنه قاتل سعد بن معاذ الأنصاري رضي الله عنه، ثم أسلم بعد ذلك، وأبو الأحوص عوف بن
(1)
كانت حليمة من بادية الحديبية توفيت سنة: 8 هـ - 630 م.
(2)
في الإصابة 630 "قالت: يا رسول الله، إني لأختك من الرضاعة. قال صلى الله عليه وسلم: وما علامة ذلك؟ قالت: عضة عضضتها في ظهري وأنا متوركتك.
مالك بن عوف بن عوف بن نضلة بن جندع بن حبيب بن غنم بن كعب بن عصيمة بن جُشَم بن معاوية بن بكر بن هوازن، الصحابي المشهور.
(2)
ما قاله الدكتور/ عياد بن عيد عن بني سعد من هوازن (*):
[بنو سعد: فروعهم وبلادهم]
يُسْعدني أن أبدأ هذه المحاضرة بشكر الزميل الفاضل الشريف محمد بن منصور، الذي دار بيني وبينه نقاش عن ديار بني سعد بن بكر قديمًا، منذ أحد عشر عامًا كانت ثمرته يقيني أَنَّ بني سعد لم تكن ديارهم في الجاهلية وصدر الإسلام جنوب الطائف، ثم طويتُ هذه الصفحة، راجيًا أَنْ أكتَفِيَ بتسطير ذلك في مقدَّمة "شعر أبي وجزة السعدي" الذي كدت أنتهي منه، وهو من الوضوح - أو هكذا أحسب - بحيث لا يحتاج إلي أن يُفْرَد ببحث مستَقلٍّ غير أنَّ بَعْضَ مَنْ بضاعتهم في علم الأنساب قليلة، ومعرفتهم بأسماء المواضع ضحْلة، كتب في إحدى الصحف المحليّةَ يَدَّعي أَنَّ سعدًا الذين تَنْتمي إليهم حليمة السعديّة ظِئْرُ المصطفى عليه الصلاة والسلام حيٌ من هُذَيْل، فدعاني ذلك إلي التقديم بِنبذة موجزة عن بني سعد بن بكر، يَتْلُوها الكلام عن بلادهم ثم ذكر بعض الأعلام القدماء منهم، وليس من همّي الكلام عَن قبائل بني سَعد في حاضرهم، ولا عن قُرَاهم وأوديتهم، ومعنى هذا أَنَّ هذه المحاضرة لا تزيد على جمع عدد من النصوص القديمة، والتوفيق بين ما يمكن التّوفيق بينه، والترجيح بين ما لا يمكن التوفيق بينه والله المستعان.
(*) انظر ملخص محاضرة الدكتور عياد بن عيد الثيبيتي - نادى الطائف الأدبى - عن مجلة العرب السعودية ج 3، 4 - 29 رمضان/ شوال 1414 هـ - آذار - مارس/ نيسان - ابريل سنة 1994 م ص 184 - دار اليمامة - الرياض.
بنو سعد بن بكر - من هوازن:
يجمع النسَّابون علي أن بني سعد بن بكر قبيلة من هوازن، فهذا عُمْدَةُ أهل النَّسب ابن الكلبي يقول في "جمهرة النسب":(فَوَلَدَ هوازِنُ: بكرًا، وحَرْبًا، وسَبُعًا درجا .. ، فولد بكر بن هوازن: معاويةً، وزيدًا، قتله أخوه معاوية. . .، وأمهما عاتكة بنت سعد بن هذيل بن مدركة، ومُنَبِّه وسعد بن بكر، وهم الذين أرضعوا النبِيَّ صلى الله عليه وسلم وأمُّهما: بنتُ عَوْذِ مناة بن يَقْدُمَ بن أفْصَى بن دُعميّ بن إياد)
(1)
.
وقال ابن دريد: (فَوَلَدَ هوازنُ: بكرَ بن هوازن، فمنهم: بنو سعد بن بكر بن هوازن، اسْتُرْضِع النبيّ صلى الله عليه وسلم فيهم)
(2)
.
وعلى هذا يجمع أهل السير والمؤرخون
(3)
.
بطون بني سعد:
قال ابن الكلبي: (وولد سعد بن بكر بن هوازن: نَصْرًا، وجبلًا - وأمهما بنتُ عامر بن الظَّرِب - وعوفًا، وجِنَّةَ.
وولد نَصْرُ بن سعد: فُصَيَّة، وعوفًا، وجبلًا وأمُّهم تَعلَّةُ بنتُ الحارث بن فهر بن مالك من قريش.
فولد فُصَيَّة بن نصر: نَضْلَةَ، وناصرةَ، وقُنْفذًا، وأُمُّهم أَرْنَبُ بنت عميرةَ بن وديعة بن الحارث بن فهر.
فولد نضلة بن فُصية: غويثًا، بطن.
وولد ناصِرَةُ بن فُصيَّة مِلَّانَ، ومُلَيلًا، (دَرَجَ) وجابرًا، وفاتكًا، ووَقْدَانَ.
فولد مِلَّانُ: مَعْبَدًا بَطَنٌ، وعُبَادةَ، ورفاعة وعميرة)
(4)
.
(1)
"جمهرة النسب" ص 312، وانظر "جمهرة أنساب العرب"، و"عجالة المبتدي" ص 83.
(2)
"الاشتقاق" ص 291.
(3)
انظر "السيرة" لابن هشام، القسم الأول ص 162، و"تاريخ الطبري" 2/ 157، و"السيرة النبوية" لابن كثير 1/ 255.
(4)
"جمهرة النسب" ص 293.
لم يصرّح ابن الكلبي بسوى بطنين من بطون بني سعد: هما غُوَيث، ومَعْبَدٌ، ووجدت ذكرًا لبطونٍ أخر من بني سعد هي:
1 -
ذؤيبةُ، ذكر السكريّ أنَّ بني خُنَاعة أسرتْ رُبَيْعًا، سيدَ بني ذؤيبة، من بني سعد بن بكر، فقال مَعْقِلُ بن خُويلد الهذليُّ:
فدًى لِبنِي خُنَاعة يوم لَاقَوْا
…
ذُؤَيْبَة مَا أَرَاحَ وَمَا أَسَاما
ثأرْتُمُ قَوْمَكُمْ لمَّا رَأيْتُمْ
…
عَدُوًا وَاتِريْنَ لهُمْ خِذَامًا
حَمِدتُّ الله أنَّ أَمْسَى رُبَيْعٌ
…
بِدَارِ الهُوْنِ مَلْحِيًا مُقَامًا
(1)
.
قال السكريُّ: (يُريد: وَاتِرينَ خذامًا، رجلٌ من خُناعة قَتَلهُ هؤلاء)
(2)
.
2 -
حرامٌ، قال ابن منظور (وحَرَامٌ - أيضًا - قَبيلةٌ من بني سعد بن بكر)
(3)
.
3 -
الوَقَعَةُ، قال ابن منظور: (الوَقَعَة: بَطْنٌ من العرب، قال الأزهريّ: هم حيُّ من بني سعد بن بكر، وأنشد الأصمعيُّ:
(مِنْ عَامِرٍ وسَلُوْلٍ أَوْ مِنَ الْوَقَعَةْ)
(4)
.
4 -
حبيب: جاء في شعر أبي خراش الهذليِّ:
عَدَوْنَا لَا شَكَّ فِيهْا
…
وَخِلْنَاهُمْ ذُؤَيْبَةَ أو حَبِيبا
قال السكريّ: (. . . وذؤيبةُ وحبيبُ حَيَّانِ من عَجُز هوازن)
(5)
.
(1)
"شرح أشعار الهذليين" 1/ 394.
(2)
المصدر نفسه، وفي الأصل (خزاعة) خطأ طباعي بدليل فهرس القبائل.
(3)
"لسان العرب"(حرم).
(4)
"المصدر نفسه (وقع)، وانظر "التهذيب" 3/ 1204.
(5)
"شرح أشعار الهذليين" 3/ 1204
بنو سعد في الجاهليّة وصَدْر الإسلام:
أخبار بني سعد بن بكر في الجاهلية قليلة، ولعل ذك يعود إلي أنها لم تُنْجِب شاعرًا معدودًا يذكر وقائعها ويدفع أشعار خصومها، ومعلوم أنَّ الشعر يسجلُّ الأخبار، بل قد لا أكون مبالغًا إن قلت: إن كثيرًا من الأخبار تُنْسَجُ لكشف معاني الشعر، ولم تكن قبائل عجز هوازن: جشم، ونصر، وسعد قَريبةً من متناول رواة اللغة والأخبار، الذي كانوا يجدون طَلِبَتَهمُ في القبائل التي لا تَبْعُد عن البصرة والكوفة كثيرًا، ولولا أن جشمًا أنجبت فارسًا مشهورًا في الجاهلية هو دريد بن الصمة غزا نحو مئة غزوة
(1)
كان فيها أو في أكثرها مظفرًا - لما كان حظُّ جُشَم في جاهليتها يفوق حظ نصر وسعد، وإنْ شَمَخَتْ نصرُ بمالك بن عوف النَّصري الذي كانت إليه سيادة هوازن كلها في يوم حنين
(2)
.
ومن الأخبار القليلة التي نجدها عن سعد ما أشار إليه زهير بن أبي سُلْمَى وبلغَهُ أن سُلَيْمًا وهَوازِن يريدون الإغارة على غَطَفَان:
رَأَيْتُ بَنِي آلِ امْرئ القَيس أَصْفَقُوا
…
عَلَيْنَا وَقَالُوا: إنَّنَا نَحْنُ أَكثَرُ
سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأفْنَاءُ عَامِرٍ
…
وسَعْدُ بنُ بكر، والنُّصُوْرُ أعْصرُ
(3)
ومن الإشارات ما جاء في قول جنوب بنت الحزن بن مرّة الخُزَاعيّة ترثي عامر بن عبيد الخزاعي، وكان جمع جمعًا من خزاعة فصبّحوا دارًا من بني سهم بن معاوية، ودارًا من بني سعد بن بكر:
ألَا عَين مَا جُوْدي بهَمْرٍ
…
عَلَى قَتْلَى بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرو
أصَابَتْهُمْ قَبَائِلُ مِنْ هذيلٍ
…
وأدَتْهَا بَنُو سَعْد بْنِ بَكْرِ
(4)
أذتْها: أعانتها.
(1)
"الأغاني" 10/ 4.
(2)
انظر "سيرة ابن هشام" القسم الثاني ص 437.
(3)
"شرح ديوان زهير" ص 213، وانظر "خزانة الأدب" 2/ 329.
(4)
"شرح أشعار الهذليين" 2/ 860 - 862
إن الله أكرم سعدًا فكان منها مرضعتان لرسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما حليمة، وسعدّية أخرى أرضعت حمزة، فحمزةُ رضي الله عنه أخو المصطفى عليه الصلاة والسلام من الرضاعة من قبل السّعدية سيشار إليها
(1)
.
أمَّا إرضاع حليمة المصطفى صلى الله عليه وسلم فله حديثٌ ممتع احْتفتْ به كتب السيرة أيّما احتفاء
(2)
، ولستُ بحاجة إلى سرده، إذ هو من الشهرة بالمكان المكين، غير أني أشير إلى شي من خبره لَا لأنَّه يتَّصل ببني سعد فحسب بل لأنَّه يتّصل بسيد ولد آدم عليه أتم الصلاة، وأزكى التسليم، فقد ذكروا أن حليمة أخذت لمّا نفر صويحباتها ومع كل واحدة منهن رضيع، وما كانت ترغب في أنْ يكون حظُّها طفلًا يتيمًا، وقَصُّوا أن أمَّه آمنة قالت:(يا حليمة قيل لي ثلاث ليال. استعرضي ابنك في بني سعد بن بكر، ثُمَّ في آل أبي ذؤيب)
(3)
.
ورأت حليمة وزوجها من بركته صلى الله عليه وسلم ما قرّت به عيناهما فَثدياها باتَا يكفيان طفلين حتى الشَّبَع، وشارفُهما التي كانت ما تَبِضُّ بقطرة أمست حافلًا، حَلَبَا منها فشربا حتى انتهيا شِبعًا ورِيًّا، وأتَانهما التي كانت تؤخّر الركب ما ركبتْهما حاملة الطفل اليتيم المبارك حتى فاتَت الركب
(4)
.
ولا نكاد نعثر لبني سعد بن بكر على خبر يذكر غير سريّة علي بن أبي طالب رضي الله عنه التي أرسلها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي حَيّ من بني سعد بن بكر بِفَدَكَ في شعبان سنة ستة من الهجرة
(5)
.
(1)
"طبقات ابن سعد" 1/ 109، وانظر "سبل الهدي والرشاد" 1/ 460.
(2)
انظر على سبيل المثال "السيرة" لابن هشام، القسم الأول ص 162، و"طبقات ابن سعد" 1/ 11 - 15. و"السيرة النبوية" لابن كثير 1/ 225، و"سبل الهدي والرشاد" 1/ 470.
(3)
"طبقات ابن سعد" 1/ 111، وانظر "سبل الهدي والرشاد" 1/ 471
(4)
"السيرة" لابن هشام القسم الأول ص 163
(5)
"المغازي" للواقدي 2/ 562، و"تاريخ الطبري" 2/ 642
ثم كانت غزوة حُنين فخرجت سعد بن بكر، ونصرٌ، وجُشَمُ، وثَقِيفُ لقتال المسلمين سنة ثمان من الهجرة
(1)
، وكان أن سبقت هذه القبائل من هوازن إلى حُنين (فكمنوا في شعابه وأحنائه، ومضايقه، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: فوالله ما رَاعَنا ونَحْن مُنْحطُّون إلا الكتائب قد شدُّوا علينا شَدَّةَ رجل واحد، فَانشمر الناسُ راجعين لا يلوي أحدٌ على أحد).
وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، ثم قال:(أين أيها النَّاس؟ هلمّوا إليَّ، أنا رسولُ الله، أنا محمد بن عبد الله. قال: فلا شيء، حملت الإبلُ بعضها، فانطلق الناس، إلّا أنه قد بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار، وأهل بيته)
(2)
.
ثم أَمَرَ العباسَ أن يصرخ: يا معشر الأنصار، يا معشر أصحاب السَّمُرَة، فأجابوا: لبَّيك لبَّيك!! حتى اجتمع إليه منهم مئة استقبلوا الناس فاقْتَتَلوا. . . قال جابر: (واجتلد الناس، فوالله ما رَجَعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتَّفِيْنَ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم)
(3)
.
وغنم المسلمون غنائم كثيرة من إبل وغنم وأسرُوا عددًا كبيرًا، وسار صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فحاصرها مدّة، ولم يؤذن له في فتحها فعاد إلي الْجِعْرانةَ، والسَّبْيُ والغنائم بها محبوس
(4)
وأقام يَتَربَّصُ أن يقدم عليه وَفْدُ هوازِن، وبدأ بالأموال فقَسَّمَها، وأعطى المؤلفة قلوبهم أول الناس
(5)
.
(1)
"السيرة" لابن هشام، القسم الثاني ص 437. وانظر "المغازي" للواقدي 3/ 889.
(2)
"السيرة" لابن هشام - القسم الثاني ص 443.
(3)
المصدر نفسه ص 445.
(4)
"المغازي" للواقدي 3/ 943.
(5)
المصدر نفسه 3/ 944.
وجاء وَفْدُ هوازن أربعة عشر رجلًا مسلمين، وكان رأس القوم المتكلم فيهم أبو صُرَد زهير بن صُرَد. أحد بني سعد بن بكر
(1)
، فقال للرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إنما في الحظائر عَمَّاتُّك، وخالاتُك، وحواضنك، اللاتي كن يكفلنَك، ولو أنَّا مَلَحْنا للحارث بن أبي شمِرٍ، أو للنعمان بن المنذر، ثم نزل منّا بمثل الذي نزلت به رجونا عطفه، وعائِدتَهُ، وأنت خير المكفولين - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أبناؤكم ونساؤكم أحبُّ إليكم أم أموالكم؟ " فقالوا: يا رسول الله خيَّرتَنا بين أموالنا وأحسابنا، بل تردّ إلينا نساءنا وأبناءنا، فهو أحب إلينا، فقال لهم. "أما ما كان لي ولبني عبد المطّلب فهو لكم، وإذا ما أنا صليت الظهر بالناس فقوموا فقولوا إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين، وبالمسلمين إلى رسول الله في أبنائنا ونسائنا، فسأعطيكم عند ذلك، وأسأل الناس لكم
(2)
، ففعلوا فأعطاهم، وأعطاهم المهاجرون والأنصار. وبنو سُلَيْم، ثم قال صلى الله عليه وسلم:"أمَّا منْ تمسَّك بِحَقِّه من هذا السبي فله بكل إنسان سِتُ فرائض، من أول سبي أصيبه، فردُّوا إلى الناس أبناءهم ونساءهم"
(3)
.
وفي السنة التاسعة قدم ضمَّام بن ثعلبة السعديُّ. روِي عن ابن عباس قال: بعث بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم عليه وأناخ يعيره على باب المسجد ثم عقله، ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالِسٌ في أصحابه، وكان ضمام رجلًا جلْدًا أشْعَرَ، ذَا غَدِيْرَتَيْن، فأقبل حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه، فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنا ابن عبد المطّلب". قال أمحمد؟ قال: "نعم". قال: يا ابن عبد المطلب إني سائلك ومُغْلظٌ عليك في المسألة فلا يجِدنَّ في نفسك. قال: "لا أجد في
(1)
"الطبقات الكبرى" لابن سعد 1/ 114 - 115، و"السيرة" لابن هشام، القسم الثاني ص 488، 489.
(2)
"السيرة" لابن هشام، القسم الثاني ص 488 - 489.
(3)
المصدر نفسه ص 494 - 495، وانظر "تاريخ الطبري" 3/ 87.
نفسي" .. فسأله عن فرائض الإسلام فريضة فريضة حتى إذا فرغ قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد ان محمدًا رسول الله، وسَأُؤدي هذه الفرائض، وأجتنب ما نهيتني عنه، ثم لا أزيد ولا أنقص. ثم انصرف إلى أهله راجعًا. قال: فقال رسول لله صلى الله عليه وسلم: "إنْ صَدقَ ذو العقيصتَيْن دخل الجنة" وأتى ضمامٌ قومه فما أمسى يوم مجيئه في حاضرهِ رجلٌ ولا امرأة الا مسلمًا. قال ابن عباس: فما سمعنا بِوَفد قَومٍ كان أفْضَلَ مِنْ ضمَّام بن ثعلبة
(1)
.
ولا نكاد نعثر بعد خبر إسلام بني سعد على خبر يجمعهم يُذْكَر، وما وجدت من أخبار تدور حول اشخاص بأعيانهم سآتي على طرف منها بعد.
ديار بني سعد:
من المشهور عند كثير من الناس أنّ ديار بني سعد بن بكر جنوب الطائف، ولهم هناك قرى معروفة، وأودية معلومة، غير أنَّ هذه البلاد لم يذكر القدماء أنها من ديار بني سعد، وأعني بالقدماء من كتب في البلدان والجبال والأودية، ووجدت في كتاب "أسماء جبال تهامة" لِعَرّام السُّلَمي:(ويطيف بِشمَنْصِير من القرى قرية كبيرة يقال لها (رُهَاط)، وهي بوادي يسمى (غُرَان). وأنشد:
فإنَّ غرانًا بَطْنُ وَادٍ أُحِبُّهُ
…
لِسَاكِنِه عَهْدٌ عليَّ وَثيْقُ
وبغربّيه قرية يقال لها (الحُديْبِيَة) ليست بالكبيرة، وبحذائها جبيل يقال له (ضعاضع) وعنده حِبْسٌ كبير يجتمع عنده الماء. والحِبْسُ: حجارة مجتمعة يوضع بعضها على بعضٍ قال الشاعر:
وإنَّ الْتِفَاتِي نحْوَ حِبْسِ (ضُعَاضِعِ)
…
وإقْبَال عَيْنِي في الظبا لَطَويلٌ
(1)
"السيرة" لابن هشام، القسم الثاني 573 - 575، وانظر "تاريخ الطبري" 3/ 124، وفيه (وفيها قدم وفد سعد هذيم)، وهو سهو.
فهؤلاء القريات لسعد وبني مسروح، وهم الذين نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، ولِهُذَيل فيها شيء، ولِفَهْم أيضًا)
(1)
.
ونحو هذا في "معجم ما استعجم" للبكريّ، غير أنه يروي عن السكوني
(2)
، وفيه (غُرَاب) في أول البيتين، و (إقبال عينيّ الصّبا لطويل) بالصاد، وكلاهما تحريف، وفيه (لسعد ومسروح، وفي سَعْدٍ هذه نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم).
ونقل ياقوت كلام عرّام غير أنَّه قال: (وهاتان القريتان لبني سعد بن بكر أَظْآر النبي عليه الصلاة والسلام
(3)
.
وفي "المغانم المطابة": (وهناك قرى لبني سعد بن بكر، أظْآر النبي صلى الله عليه وسلم
(4)
والأصل في هذا كُلّه - في ظني - كلام عرَّام.
ولست في حاجةٍ إلى التنبيه إلى خطأ قوله (وبني مسروح، وهم الذين نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم) فقد تحاشاه ناقلوا كلامه إدراكًا لخطئه، بقي الوقوف عند قول ياقوت:(وهاتان القريتان - يشير إلى ضعاضع، والظُباء - لبني سَعد بن بكر)
(5)
، وقول الفيروز أبادي:(وهناك قرى لبني سعد بن بكر .. )
(6)
.
وقول عَرّام (بحذائها - الحديبية - جيل يقال له (ضعاضع)، ولم يشر إلى الجهة، ولعله بحذائها شرقًا، والظُّباء واد لهذيل ذكره أبو ذؤيب فقال:
عَرَفْتُ الدِّيَارَ لأَم الدُّهَينْ
…
بين الظُّباءِ فوادي عُشَر
(7)
(1)
"أسماء جبال تهامة" ص 409 - 410 (ضمن المجلد الثاني من نوادر المخطوطات).
(2)
"معجم ما استعجم" ص 81.
(3)
"معجم البلدان" 3/ 459.
(4)
"المغانم المطابة" ص 231 - 232، وكان نقل كلام عرام كما هو في ص 166 مسقطًا الشعر.
(5)
"معجم البلدان" 3/ 459.
(6)
"المغانم المطابة" ص 232.
(7)
"شرح أشعار الهذليين" 1/ 112، وانظر "معجم ما استعجم" ص 901.
وبنو سعد بن بكر يساكنون هذيلًا كثيرًا، فقد يكون نسبتها إليهم لكثرة نزولهم معها هذا لا يزيد عن كونه واحدًا من ثلاثة احتمالات، وثانيهما أنَّ سعدًا في كلام عرّام ليست سعد بن بكر بن هوازن، وزاد الرواة - النساخ - (وهم الذين نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم) لِشهرة ذلك، وذيوعه فلكلّ مسلم ولوعٌ بسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، ولسعد بن بكر من هذه البابة شهرة لا تدانيها فيها سَعْدٌ أخرى، وبجرني هذا إلى ذكر السعود في قبائل العرب، قال الأزهري:(والسعود في قبائل العرب كثير، وأكثرها عددًا سعد بن زيد مناة بن تميم، ومنها سعد بن بكر في قيس عيلان ومنها سعد هذيم في قضاعة. ومنها سعد العشيرة)
(1)
.
ولم يذكر الأزهريّ بني سعد بن ليث بن بكر من عبد مناة بن كنانة
(2)
. وعلى الرغْم من أَنَّ السعديِّ إذا أُطْلِق انصرف إلى سعد بن زيد مناة من تميم، فقد وقع خلط كبير بين هذه السعود، ففي "مغازي الواقدي" في شهداء بدر (ومن بني عَدِيّ بن كعب: عاقل بن أبي البكير، حليف لهم من بني سعد بن بكر
(3)
، وعاقلٌ هذا رضي الله عنه من بني سعد بن ليث من بكر؛ نَصَّ على ذلك ابن الكلبي، والحافظ بن حجر في "الإصابة"
(4)
.
وقال الواقديّ أيضًا في خبر كتائب المسلمين المُتجهة لفتح مكة: ( .. ثم مَرَّتْ كنانةُ: بنو ليث، وضَمْرَةُ وسعدُ بن بكر في مائتين، يحمل لواءهم أبو واقد الليثي. .)
(5)
.
(1)
"التهذيب" 2/ 74، وساقه ابن منظور في "اللسان"(سعد) عن الأزهري بزيادة عمّا هنا، وانظر "عجالة المبتدي" ص 73.
(2)
انظر "جمهرة النسب" ص 145.
(3)
"مغازي الواقدي" 1/ 145.
(4)
"جمهرة النسب" ص 146، و"الإصابة" 2/ 247، وانظر "السيرة" لابن هشام، القسم الأول ص 26 - 261، ص 707.
(5)
"مغازي" الواقدى 2/ 802.
أفلا يحتمل أن تكون سَعْدٌ الواردة في كلام عرام من كنانة، وهي سعْدٌ، هذه التي ذكرها الواقدي. وبخاصة أنَّ كنانة من قبائل تلك النواحي. وينبغي أن نتذكر أن عرامًا لم يزد على (سعد) وقد يرجِّح ذلك أنّ البكري، وكأنّه وقع تحت تأثير قول عرام قال:( .. وأسفل من ذلك خَيْفُ ذِي القَبْر به نخل كثير، وموز، ورُمّان. وسُكانه بنو مسروح، وسعد هوازن، وسعد كِنانة)
(1)
.
والاحتمال الثالث أن تكون سَعْدٌ سعدَ بن بكر بن هوازن، ويبقى بعد ذلك أنَّ هذا مما تَفَرَّد به عرّام، وعارضته أقوال تضافرت على أن قَرْنًا والبَوْبَاة هي ديار بني سعد.
وأعود الآن إلى الديار التي يقطنها أكثر بني سعد الآن جنوب الطائف، والتي لم أجد لسكناهم إياها ذكرًا قديمًا إلَّا ما جاء في ترجمة أبي ذر الهروي في "العقد الثمين" للفاسي - ونبّهني إليه مشكورًا الزميل الشريف محمد بن منصور - قال صاحب "العقد". (ثم سكن أبو ذر الهرويّ عند العرب، وتزوج عندهم بالسراة، سراة بني سياه، وهي سراة بني سعد، بجهة بجيلة، بمجرا، وما حولها من بلاد بني سعد)
(2)
.
وبيَّن أن سياه - تحريف لم يفطن إليه محقق "العقد" رحمه الله وقد أعرب المقَّري إذ قال: (. . . واعلم أنَّ هراة المنسوب اليها الحافظ أبو ذَرّ ليست بهراة التي وراء النهر نظيرة بَلْخ، وإنما هي هراة بني شيمانة بالحجاز، وبها كان
(1)
"معجم ما استعجم" ص 787.
(2)
"العقد الثمين" 5/ 541.
سكنى أبي ذر)
(1)
وقال الشيخ حمد الجاسر في كتابه "في سراة غامد وزهران": (وقد عرفت سراة بني شبابة باسم سراة بني سعد، فقد أورد الفاسي في ترجمة عبد ابن أحمد الهراوي (355 - 634 هـ)[كذا صوابه 434] في كتاب "العقد الثمين"(ج 5/ 541) قوله: (وسكن الهرويّ عدن العرب، وتزوج عندهم بالسراة - سراة بني شبابه - وهي سراة بني سعد. . .) .. وورد الاسم في المطبوع مصحفًا، ويظهر أن هذه السراة هي سراةُ بني الحارث (بلحارث) أو القسم الذي تحله قبيلة ناصرة منها، ذلك أنَّ ناصرة من بني عَدَوان
(2)
، واستظهر أنها كانت قديمًا لبني شبابة بن فَهْم بن عمرو بن قيس عيلان. والذي تجدر الإشارة إليه أن أحدًا لم يُسَمِّ السراة التي كان يسكنها أبو ذر: سراة بني سعد قبل الفاسي - فيما رجعت إليه من مواضع ترجمة أبي ذر - فالخطيب البغدادي يقول: (ثم تزوج في العرب، وسكن السروات)
(3)
، والذهبي يقول:(فوافق - أبو عمران الفاسي - أبا ذر في السراة موضع سكناه)
(4)
.
(1)
"نفح الطيب" 2/ 71، وتنبّه محقّقه الدكتور/ إحسان عباس إلى ما فيه فقال معلقًا عليه:(لم يذكر أحد أنَّ في الحجاز موضعًا اسمه (هراة)، أو قومًا اسمهم بنو شيمانة. وإنما أورد ياقوت الحموي في مادة (شبابه): سراة بني شبابة من نواحي مكة .. ).
* ثم وجدت التكملة لابن الأبار القضاعي في ترجمة ميمون بن ياسين الصنهاجي (2/ 718) قوله نقلًا عن السلفي ( .. كان ميمون بن ياسين - من أمراء المرابطين - رغب في السماع منه بمكة، واستقدمه من سراة بني شبابة - وبها كان سكناه وسكنى أبيه ذرّ من قبلُ - فاشترى منه "صحيح البخاري")، قلتُ: وما نقله ابن الأبّار عن السَّلفي في كتابه "الوجيز في ذكر المجاز والمجيز".
(2)
"في سراة غامد وزهران" ص 462 - 463.
(3)
"تاريخ بغداد" 11/ 141 وفي "السروان" تصحيف، وانظر "طبقات المفسرين" للداودي 1/ 367، و"نفح الطيب" 2/ 71.
(4)
"سير الأعلام النبلاء" 17/ 561.
وهذا يدل على أنَّ بني سعد كانوا يسكنون تلك المناطق في عهد الفاسي، وليس لنا أن نستدل بذلك على أنَّ الديار التي هم فيها ديارهم منذ الجاهلية لأمرين:
أحدهما: أن مَسعْدَن البُرْم، وهو من مساكنهم ذكره ياقوت في السروات (. . . ومعدن البرم هو السراة الثانية، وهو في بلاد عدوان)
(1)
ونقل عن الأصمعي قوله: (الطود: جبل مشرف على عرفة ينقاد إلى صنعاء، يقال له السراة، وإنما سُمِّي بذلك لعلوِّه، وسراة كل شيء ظهره، يقال سراة ثقيف ثم سراة فهم وعدوان ثم سراة الأزد)
(2)
.
والآخر: أَنَّ العلماء نصُّوْا على ديار بني سعد بن بكر صراحة، من ذلك قول لُغْدَة الأصبهاني:(وأَمَّا بنو سعد بن بكر فليست لهم أعداد، إنّما مياههم أوشال بمنزلة مياه هُذَيْل، وهم جيران هُذَيْل، إلا أنهم رُبَّما جَلَسُوا إلى فروع نجْد)
(3)
، وأبين من ذلك وأصرح قوله:(وهذه كُلُّها أعلى نخلة اليمانيّة، ثم تصير إلى البوبات، وهي صحراء، وهي بلاد بني سعد بن بكر، وقَرْن، وهو بين المناقب والبوبات، وهي أقصى البوبات، وهي وادٍ يجيء من السراة، لسعد بن بكر، ولبعض قريش)
(4)
.
وقال ياقوت: (البوباة: بالفتح ثم السكون، وباء أخرى: اسم لصحراء بأرض تهامة إذا خرجت من أعالي وادي النخلة اليمانيّة، وهي بلاد بني سعد بن بكر بن هوازن .. )
(5)
.
(1)
"معجم البلدان" 3/ 205.
(2)
نفسه 3/ 204.
(3)
"بلاد العرب" ص 13 - 14.
(4)
نفسه ص 27.
(5)
"معجم البلدان" 1/ 506.
والبَوْبَاة هذه تعرف حاليًا بالْبُهَيْتَاء أو البُهَيتة - وهي
(1)
المَوْمَاة؛ ولذا أجد أَنَّه ينبغي أن تكتب بتاء مربوطة، وهي كما وصفها أبو حنيفة: (عقبة رمل كئود
(2)
) وقال الأستاذ حمد الجاسر: (وحجاج نجد - قديمًا - يتخذون من اجتياز الراحلة للبهيْتاء دليلًا على قُوَّته، وأنها ستصل نجدًا. وهي ليست مرتفعة، ولكنها رمليّة يتعب السير فيها)
(3)
.
وقال ياقوت الحموي في قَرْن -: (قال القاضي عياض: قرْن المنازل، وهو قَرْن الثعالب - بسكون الراء: ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة، وهو قرنٌ أيضًا غيرُ مضاف، وأصله الجبل الصغير،. . . المنقطع عن الجبل الكبير .. وقَرْنُ البوباة: وادٍ يجيء من السراة لسعد بن بكر. . .)
(4)
.
وقَرنُ: اسم لجبيل صغير في شرقيّ الوادي، واسم للوادي كلّه، ولا يزال معروفًا، وهو ميقات أهل نجد، واسم القرية التي تحيط بالوادي الآن السيل الكبير.
وهذه النصوص صريحة في تبيان ديار بني سعد منذ الجاهليّة، ويعضدها - وإن لم تكن في حاجة كبيرة إلى ما يعضدها - أن المواضع التي وَجَدْتُّ تصريحًا بنزول بعض بني سعد بها قريبة من المواضع التي صرّح العلماء بأنها ديار بني سعد بن بكر، فمن ذلك:
1 -
أبَام وأُبَيِّم قال لغدة الأصفهاني: (وأُبَام وأُبَيِّم، وهما لهذيل، وهما شعبان [بنخلة اليمانية] بينهما جبل مسيرة ساعة من النهار، وقد قال فيهما السعدي من سعد بكر:
وَإِنَّ بِهَذا الشِّعْبِ بَيْن أُبِيَّم
…
وبين أُبَامٍ شُعْبَةٌ مِنْ فُؤَاديا
(5)
(1)
انظر "لسان العرب"(بوا).
(2)
انظر "معجم ما استعجم" ص 284.
(3)
"بلاد العرب للأصفهاني تحقيقه ص 27 هامش 1.
(4)
"معجم البلدان" 4/ 332.
(5)
"بلاد العرب" ص 24، وانظر "معجم البلدان" 1/ 62، 86.
والموضعان (أبام، وأُبَيِّم) لا يزالان معروفين مع حذف همزتيهما (بام وبَيِّم) قرب الزيمة، وقد ذكر (بام) الشيخ حمد الجاسر في تعليقاته
(1)
.
2 -
العَتيق - وأطاوس قال أبو وجزة السعدي:
يا صَاحِبَيَّ انْظُرَا هَلْ تُؤْنِسَانِ لَنَا
…
بَيْن العَتِيْقِ وَأَوْطَاسٍ بِأَحْدَاجِ
(2)
والعقيق المراد هنا - وادٍ لا يزال يحمل اسمه ينحدر من جبال الطائف ويمر بقرب عشيرة، وينعطف غربًا وأوطاس، قبل ذات عرق في طريق الحجاج العراقيين فيها (يلتقي طريق البصرة وطريق الكوفة)
(3)
وهي تعرف بأُم خرمان
(4)
قال لغدة الأصفهاني: ( .. ثم أوطاس. فإذا جزت أوطاس أشرفت على غور تهامة، وعلى رأس الشرف مسجد .. ، وتشرف حينئذ على ذات عرق، قرية .. ثم تستقبل نخلة الشامية، وأنت في تهامة)
(5)
، وقال صاحب "المناسك":(وعلى ثمانية أميال من غَمْرة عند الحادي عشر من البريد يسرة، قبل البريد أم خرمان، ومنه يَعْدِل أهل البصرة، وهو الجبل الذي عليه علم ومنظرة، وعند بركة أوطاس .. وأوطاس بها قصور، وأبيات وحوانيت وبركة، .. ويقال: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يرضع في تلك الناحية .. فإذا انحدرت منه صِرْتَ إلى تهامة)
(6)
.
وذات عرق ميقات أهل العراق وَقَّته أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقيل: وقَّته المصطفى صلى الله عليه وسلم والأول أشهر. وليس هذا مقام بسط الكلام فيه.
(1)
انظر "بلاد العرب" ص 24، هامش (3)، والشعبان يعرفهما الذين يرتادون تلك النواحي.
(2)
"معجم البلدان" 1/ 281.
(3)
"بلاد العرب" ص 375.
(4)
المصدر نفسه ص 376.
(5)
نفسه ص 373 - 374.
(6)
"المناسك" ص 361.
وهي قريب من المكان الذي يعرف الآن بالضَّرِيْبَة، وهذه المناطق - أعني أوطاسًا، وذات عرق تقع شمالًا - بميل يسير إلى الشرق من البوباة وقَرْن، وإذا تذكرنا قول لغدة الأصفهاني:(وأما بنو سعد بن بكر فليست لهم أعداد، وإنما مياههم أوشالٌ، بمنزلة مياه هذيل، وهم جيران هذيل، إلّا أنهم ربما جَلَسُوا إلى فروع نَجْد .. )
(1)
عرفنا أن تلك كانت مما ينتجعه بنو سعد بن بكر ومن هنا جاء قول أبي عَمْرو بن العلاء:
(سألت رجلًا من سعد بن بكر من أهل ذات عرق، فقلت: هذا الكوكب الضخم ما تسمونه؟ قال: الدُّرِّيء، وكان من أفصح الناس .. )
(2)
.
وبهذا - أيضًا نجد أن كلام الشيخ ابن بليهد رحمه الله (وليس ببعيد أن الشعب يقال له أوطاس، والوادي يقال له حنين .. )
(3)
ضعيف، لبعد ما بين حنين وأوطاس، وكذلك قول الشيخ باسلامة عن أوطاس: (والغالب أَنَّه في علوّ السَّيْلِ بين حنين ووادي قرن، ويبعد تقريبًا عن مكة خمسين ميلًا
(4)
، إذ لا شك أنّ أوطاسًا يقع شمالًا إلى شرق من وادي قرن، ذلك أن الوادي ينحدر مجتازًا جبالًا، وتَصُب فيه أودية منها: المليح، ثم ينعطف غربًا فيجتازه قاصدًا ذات عرق متجهًا شمالًا، وأوطاس كما تقدم بعد ذات عرق للمتّجه من مكة، وقبلها للمتّجه من العراق.
(1)
"بلاد العرب" ص 13 - 14.
(2)
"لسان العرب"(درأ).
(3)
"صحيح الأخبار" 2/ 143.
(4)
"حياة سيد العرب" 3/ 204.
3 -
أملاح، وذو يدوم، والمناقب، قال أبو جندب الهذلي:
أَقُول لأُمّ زِنْبَاعٍ أَقِيْمِيْ
…
صُدُوْرَ العِيْسِ نَحْوَ بنيْ تَميمِ
(1)
وغَرَّبْتُ الدُّعَاءَ وَأَيْنَ مِنَّي
…
أُنَاسٌ بَينَ مَرَّ وَذي يَدوْم
وَحَيٌّ بَالمَناقبِ قَدْ حَموْهَا
…
لَدَى قُرَّانَ حَتَّى بَطنَ ضيْمِ
وَأَحْيَاءٌ لَدَى سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ
…
بأَمْلَاحِ فَظاهِرَةِ الأَدِيْمِ
أُولَائِك نَاصِريْ وهُمُ أَرُوْمِي
…
وَبَعْضُ القَوْمِ لَيسَ بِذِي أَرُوْمِ
والمناقب: (جبل معترض؛ لأن فيه ثنايا، طرق إلى اليمن، وإلى اليمامة، وإلى الطائف)
(2)
وتسمى الآن الرِّيْعَان
(3)
، وهى تلي قرن من جهة الطائف.
وأملاح - كما قال البكري - (موضع في ديار هوازن)
(4)
، وشعر أبي جندب يشعر أنه لبني سعد بن بكر وقال ياقوت:(وقد تكرر ذكره في شعر هذيل، فلعلّه في ديارهم)
(5)
، وأغرب الشيخ ابن بلهيد رحمه الله إذ قال - عقب إيراد كلام البكري المتقدِّم. (. . . قال المؤلف: إن يدوم وأملاح موضعان في جهة رَنْيَة، يَدُوم: جبل صغر في جنوبيها يراه الناظر، والأملاح: وادٍ به نخل لقبيلة سُبَيع، يقال له بُريْهَة، وهذا الموضع تابع لبلدة رَنْية، ولا يبعد عنها أكثر من ثلاث ساعات للسائر على قدميه)
(6)
.
(1)
"شرح أشعار الهذليين" 1/ 363، وتميم في البيت الأول هو تميم بن سعد بن هذيل. كذا ذكر السكريُّ.
(2)
"بلاد العرب" ص 28.
(3)
انظر حواشي الشيخ حمد الجاسر على "بلاد العرب" ص 28 حاشية رقم (2).
(4)
"معجم ما استعجم" 1/ 195.
(5)
"معجم البلدان" 1/ 255، وانظر "شرح أشعار الهذليين" 1/ 149، 2/ 749، 782، 828، وانظر أيضًا "معجم البلدان" 1/ 127.
(6)
"صحيح الأخبار" 3/ 67.
ولعل فيما قدمت ما لا يدع شكًا في أَنَّ البوباة - البهيتاء - وقرن المنازل - السيل - هي ديار بني سعد بن بكر منذ القدم، ولعلّ من ديارهم مواضع أخرى قريبة منها كالمناقب، والمُلَيح، وهو واد لا يزال يُعرف باسمه، وقد جاء ذكره في السيرة قد سلك المصطفى صلى الله عليه وسلم نخل اليمانية، ثم على قَرن، ثم المُلِيح، ثم على بحرة الرُّغاءِ من لِيَّة)
(1)
.
قلت: ولست أَدَّعِي أن مكان رضاعة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المواضع، وإن كان ذلك الراجح لقول أمه حليمة:(ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد)
(2)
. وهذا كافٍ في بيان خطإِ ما تناقله الناس من أن مكانًا في جنوب الطائف هو بيت حليمة. والله أعلم.
من أعلام بني سعد:
بعد هذه الجولة التي آمل أن تكون نافعة أودّ أنْ أذكر عددًا قليلًا من أعلام بني سعد، إذ لا يتسع الوقت لأكثر من ذلك.
1 -
الحارث بن عبد العزى
(3)
: زوج حليمة، وحاضن المصطفى صلى الله عليه وسلم، أسلم بأخَرةٍ فَحَسُنَ إسلامه قال ابن إسحاق:(وبلغني أن الحارث إنما أسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم)
(4)
.
2 -
الحارث بن يعمر بن حيان: أبو مسروح، كان حليفًا للعباس بن عبد المطلب، وزوّجه العباس ابنته صفية
(5)
.
(1)
"السيرة" لابن هشام، القسم الثاني ص 482.
(2)
المصدر نفسه، القسم الأول ص 164.
(3)
"جمهرة النسب" لابن الكلبي ص 394، و"جمهرة أنساب العرب" ص 265، و"السيرة" لابن هشام، القسم الأول ص 161.
(4)
نقل قوله الصالحي في "سبل الهدى والرشاد" 1/ 469.
(5)
"جمهرة النسب" ص 393، و"جمهرة أنساب العرب" ص 265.
3 -
حليمة بنت أبي ذؤيب: عبد الله بن الحارث بن شجْنة، أُمُّه صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، واختلف العلماء في إسلامها، ذكرها ابن عبد البر، وابن حجر في الصحابة
(1)
، وقال ابن كثير - بعد أن ذكر أن أبا الطفيل قال:(كُنتُ غلامًا أحمل عُضْوَ البعير، ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقْسِم نعَمًا بالجِعْرَانة. قال: فجاءته امرأة فبسط لها رداءهُ فقلت: من هذه؟ قالوا: أُمَّه التي أرضعته). (هذا حديث غريب، ولعله يريد أُخْتَه، وقد كانت تحضنه مع أمها حليمة السعديّة، وإن كان محفوظًا فقد عُمِّرت حليمة دهرًا؛ فإنّ من وقت أَنْ أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقت الجعرانة أكثر من ستين سنة، وأقل ما كان عُمرُها حين أرضعته ثلاثين سنة، ثُمَّ الله أعلم بما عاشت بعد ذلك)
(2)
. وعَقد الصالحيُّ في "سبل الهدى والرشاد" بَابًا في إسلام السيدة حليمة ذكر فيه أنَّ الحافظ ملغطاي ألف جزءًا في إسلامها
(3)
، والله أعلم.
4 -
زيد بن صحار
(4)
أبو ثواب: شاعر شهد حنينًا مع قومه، وقال بعد انتصار المسلمين:
أَلَا هل أتاك أَنْ غَلَبَتْ قُرَيشٌ
…
هَوَازِنَ، وَالخُطوبُ لهَا شُروطُ
وكُنَّا يَا قُريْشُ إذَا غَضِبْنَا
…
يَجِيء من الغُضَابِ دمٌ عَبِيطُ
وكنّا يا قُريش إذا غَضِبْنَا
…
كأنَّ أنُوفَنَا فِيْهَا سَعُوطُ
(5)
فأجابه من المسلمين عبد الله بن وهب التميمي:
بشرْط الله نَضْرِبُ مَنْ لَقِينا
…
كأفْضَلِ مَا رَأَيْتَ مِنَ الشُّرُوْطِ
(6)
(1)
انظر "الاستيعاب"، و"الإصابة" 4/ 274.
(2)
"السيرة النبوية" 3/ 60.
(3)
"سبل الهدي والرشاد" 1/ 465.
(4)
قال ابن هشام: (ويقال: أبو ثواب: زياد بن ثواب)، "السيرة" القسم الثاني 476.
(5)
المصدر السابق.
(6)
"السيرة" لابن هشام، القسم الثاني ص 477.
في أبيات زهير بن صرد، أو طرد، وقيل أبو جرول: صحابي، كان رأس وفد هوازن إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم ومتكلُّمهم، كما تقدَّم.
قال ابن عبد البر: (الجشمي السعدي من بني سعد بن بكر)
(1)
، وقال الحافظ ابن حجر (السعد الجُشَمي)
(2)
، وهو غريب، واقتصر السهيلي على جُشَميته فقال:(من رؤساء بني جُشَم)
(3)
. والمشهور في كتب السيرة والتاريخ أَنّه من بني سعد بن يكر، قال ابن حجر (قال ابن منده: سكن الشام)
(4)
ولم أقف على تاريخ وفاته.
5 -
شريح بن عامر بن القَين، قال ابن الكلبي:(استَخْلفه خالد بن الوليد على الخُرَيْبَةِ بالبصرة حين سار إلى الشام)
(5)
.
وذكر الطبري أن عمر رضي الله عنه أَمَدَّ به المثنَّى بن حارثة فأقبل إلى البصرة ثم مضى إلى الأهواز حتى انتهى إلى دارس، فاستشهد هناك
(6)
.
6 -
الشيماء بنت الحارث، أخت المصطفى صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، وكانت تَحْضنُه مع أمها، وعَضَّهَا وهي تحمله، وكانت في سبي هوازن يوم حنين فَأَرَتْهُ الأثر فأكرمها صلى الله عليه وسلم، وأعطاها، وأرجعها إلى قومها
(7)
، واسمها حُذَافة، وقيل خِذَامة، وقيل جذامة
(8)
.
7 -
عبد الملك بن محمد بن عطيّة فارس شجاع أسند إليه مروان بن محمد
(1)
"الاستيعاب".
(2)
"الإصابة" 1/ 553.
(3)
"الروض الأنف" 7/ 280.
(4)
"السيرة" لابن هشام، القسم الثاني ص 488، و"تاريخ الطبري" 3/ 286.
(5)
"جمهرة النسب" ص 593، وفيه (ابن قين)، وانظر "جمهرة أنساب العرب" ص 265.
(6)
"جمهرة النسب" ص 294، و"جمهرة أنساب العراب" ص 265، و"الإصابة" 4/ 344.
(7)
"سبل الهدى والرشاد" 1/ 463، وانظر "السيرة" لابن هشام، القسم الأول ص 161.
(8)
"تاريخ الطبري" 7/ 393.
حرب أبي حمزة الخارجي، وكان الخوارج قد لقوا جيش المدينة بقيادة عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بقديد، وكان أبو حمزة قائدًا في الخوارج فهزموا أهل المدينة (وكانت المَقتَلة على قريش، وهم كانوا أكثر الناس وبهم كانت الشوكة، وأصيب منهم عدد كثير)
(1)
فسار أبو حمزة إلى المدينة فدخلها، وهرب واليها عبد الواحد بن سليمان إلى الشام
(2)
، قال ابن شبة: (وبعث إليه مروان بن محمد بمال، ففرّقه فيمن خفّ معه من قومه فكان فيمن فرض له أبو وجزة وابناه، فخرج معتَرِضًا للعسكر على فرس، وهو يرتجز ويقول:
قل لأبي حمزةَ هِيْد هِيدِ
…
جئناك بالعادية الصِّنْديدِ
بالبطل القَرْم أبي الوليدِ
…
فَارِس قَيْسٍ نَجْدها المعدود
في خيلِ قَيْسٍ والكماةِ الصِّيْدِ
…
كَالسَّيْف قَد سُلَّ من الغمود
مَحضٍ هِجَانٍ مَاجِدِ الجُدودِ
…
في الفرع من قَيْسٍ وفي العمود
فِدًى لِعَبْد الملك الحميد
…
[
…
] مَن الطارف والتليدِ
يوم تَنازِي الخَيلُ بالصّعِيد
…
كأَنه في جُنَنِ الحديد
سِيْدٌ مُدِلٌّ عَزَّ كُلَّ سِيْدِ
(3)
ولحقته جيوش الشام، ولقي أبا حمزة بالعُلا مُتَّجهًا إلى الشام لقتال بني مروان، فاقتتلوا حتى أمسوا، فصاح الخوارج:(ويحك يا ابن عطيّة! إن الله عز وجل قد جعل الليل سكنًا فاسكن نسكن. . . فأبى فقاتَلهم حتى قتلهم)
(4)
، وقيل: انهزموا فلقيهم أهل المدينة فقتلوهم
(5)
.
(1)
"تاريخ الطبري" 7/ 393.
(2)
المصدر نفسه 7/ 394.
(3)
"الأغاني" 12/ 249، وفيه (عبد الملك بن يزيد بن محمد بن عطية) بزيادة (يزيد).
(4)
،
(5)
"تاريخ الطبري" 7/ 399. والفاسي في "العقد الثمين" 5/ 511 - 512.
قال الطبري: (وقال بعضهم أقام ابن عطيّة بالمدينة حين دخلها شهرًا، ثم مضى إلى مكة، واستخلف على المدينة الوليد بن عروة بن محمد بن عطيّة، ثم مضى إلى مكة وإلى اليمن، واستخلف على مكة ابن ماعز رجلًا من أهل الشام)
(1)
.
وقال الفاسي: (ولما بلغ عبد الله بن يحيى الأعور الكنديّ، الملقب طالب الحقّ، وهو الذي أنفذ أبا حمزة إلى مكة وخَبر أبي حمزة وأصحابه: سار في نحو ثلاثين ألفًا حتى نزل صَعْدَة، وسار إليه ابنُ عطيّة والتَقَوا، فقتل الأعور ومن معه [كذا]، وبعث ابن عطيّة برأسه إلى مروان)
(2)
. ومضى ابن عطيّة فدخل صنعاء، ثم كَرّ راجعا ليقيم الموسم في بضعة عشر رجلًا من أصحابه، فخرجت عليهم مراد فقاتلوهم حتى قتلوا
(3)
.
8 -
عروة بن محمد بن عطيّة: قال ابن حزم: (ولي اليمن ومكة وابنه الوليد بن عروة آخر من حَجَّ بالناس لبني أميّة)
(4)
. ونقل الفاسي عن ثقات ابن حيان قوله: (عروة بن محمد بن عطيّة بن عروة، من بني سعد بن بكر، يروي عن أبيه عن جده. روى عنه إبراهيم بن خالد الصنعاني [كان] يُخطِئُ، وكان من خيار الناس، ولي اليمن عشرين سنة ثم خرج حين خرج منها ومعه سيفٌ ومصحف فقط
(5)
.
(1)
"تاريخ الطبري" 7/ 399.
(2)
"العقد الثمين" 5/ 512.
(3)
المصدر نفسه 5/ 512، وانظر "تاريخ الطبري" 7/ 400. وانظر عنه "الكامل" 5/ 146، و"التحفة اللطيفة" 3/ 314، و"الأعلام" 4/ 309، و"أزمنة التاريخ الإسلامي" 1/ 2/ 746.
(4)
"جمهرة أنساب العرب" لابن حزم ص 10.
(5)
"العقد الثمين" 9/ 82.
ديار بني سعد في الوقت الحاضر
[كان الأستاذ السيد أحمد علي أسد الله المتوفى ليلة الاثنين (28 - 29 جمادى الأولى 1413 هـ) رحمه الله حينما كان مفتشًا في وزارة المعارف قام برحلة إلى هذه البلاد نشرت في مجلة "المنهل" - ج 4 س 38 مج 33 ربيع الثاني 1392 هـ - وقد رأت "العرب" استكمالًا للبحث إضافة ملخصها إلى ما كتبه الدكتور الثبيتي وها هو مع رسم تقريبي (خريطة تخيلية لديار بني سعد)].
ذكر رحمه الله أنه في يوم الجمعة 3/ 7/ 1374 هـ ركب سيارة من نوع (ونيت) تابعة لوزارة المعارف وتوجه ومن معه نحو الجنوب إلى مكان يعرف باسم (قهوة صَلَّى) - بتشديد اللام وفتحها - يعد مدخلًا لقرى بني سعد كقرية الصور لبلاد بني الحارث، وكان الوصول إلى كوخ من القش في سفح الجبل (ليس به ديَّار، ولا نافخ نار) فكان المبيت في (قهوة صَلَّى) وهو انتهاء ما تصل إليه السيارة، وفي صباح السبت المبكر تم استئجار جمل مدة يومين بنحو عشرة ريالات لحمل الأمتعة، وبعد مسير خمس ساعات - على الأقدام - كان الوصول إلى (قهوة مطر) في قرية (المشيان) ومنها إلى قرية (جدارة) وشيخها دخيل الله أبو ركبة فكان الاستقبال الكريم، ثم وصف قرية جدارة وسعة بساتين شيخها ومزارعه على جنبات واديها وذكر أن ارتفاعها عن سطح البحر (1750) مترًا ثم قال: ومما سجلته الذاكرة من أحاديث هذه السهرة أسماء القرى بمنطقة جدارة وعدد البيوت لكل قرية كما يلي:
1 -
قرية قواعد، بها (27) بيتًا.
2 -
قرية سواس- بفتح السين والواو - بها (15) بيتًا.
3 -
قرية منيفة - بكسر الميم والنون - (15) بيتًا.
4 -
قرية المحاسنة بفتح الميم وكسر السين - بها (5) بيوت.
5 -
قرية الغدران - جمع غدير - بها (8) بيوت.
غادرنا (جدارة) إلى القرية الثانية وهي قرية (الدار الحمراء) بمنطقة خُدَيْد - تصغير خدِّ - ولم ترتفع الشمس عن قمم الجبال إلا قَيْدَ شِبر، وبدأنا نجتاز المناقب - الطرق الجبلية - فحينًا نسير راكبين في واد أفْيح، وحينًا نصعد رِيْعًا ثم نرقى جبلًا على الأقدام. وبعد أن سرنا ما يقرب من ساعة ونصف ساعة وصلنا جبل (عِتَام) - على وزن بلال - وهو جبل شاهق مخضر بأعشاب مختلفة، شجيرات الطُّباق تكاد تغطي معظم أجزائه، والطباق شجيرة مخضرة لها زهور صفر، وليست من فصيلة التبغ أو الطباق المعروف بل نبت جبلي بري.
* سلاسل جبلية: وعندما بدأنا في صعود جبل (عِتَام) رأيناه جبلًا واحدًا وكلما ارتفعنا ظهرت لنا قمة جديدة غير القمة التي نقصدها، وعندما وصلنا إلى القمة التي نَؤمُّها والتي ترتفع عن سطح البحر (2050) مترًا أدركنا أن الجبل الذي وصلنا إلى قمته ليس جبلًا بل هو سلاسل جبلية ممتدة من دائرة الأفق إلى الدائرة نفسها من جهة أخرى.
واستمر صعودنا بين قمم صغيرة وطرق ملتوية ثلاث ساعات ونصف ساعة تقريبًا، بلغنا بعدها القمة التي سجل (الالتيمتر) ارتفاعها عن سطح البحر بـ (2080) مترًا وكان هذا أعلى ما وصلنا من الارتفاعات في هذه المنطقة، ومن
هذه القمة نزلنا إلى قرية (الدار الحمراء) واستغرق سيرنا من قرية جدارة إلى الدار الحمراء خمس ساعات متواصلة.
ولم نقصد من القرية غير المدرسة وكان عدد طلبتها يومئذ (33) تلميذًا، ومعلمهم الأستاذ عبد الملك داود اليمني، وبعد أن انتهيت من جولتي التفتيشية للمدرسة أردنا التوجه إلى القرية الثالثة: ولما كانت القرية جبلية كانت طرقها عبارة عن منحدرات، فانحدرنا إلى المسجد بكل بطء وحذر. ولما كانت مدرسة منطقة (لَغَب) هي آخر المطاف في رحلتي التفتيشية في منطقة بني سعد، ونبدأ من هنا في العودة قررنا المبيت بقرية المضافرة.
* إلى قرية لغب: - بفتح اللام والغين - وبدأنا في اجتياز الممرات الجبلية والريعان والسهول الضيقة، والأخ محمد الحارثي يحدثنا عن المنطقة وقراها ومما علق بالذاكرة من أحاديثه المعلومات الآتية عن القرى المحيطة بالدار الحمراء:
1 -
في قرية اليعاقيب (60) بيتًا.
2 -
في قرية اللَّهوب - بفتح اللام المشدد - (50) بيتًا.
3 -
في قرية الكلادة (40) بيتًا.
4 -
في قرية الخشاشة (40) بيتًا.
5 -
في البُصْلان - بضم الباء وسكون الصاد - (30) بيتًا.
6 -
في قرية الكِشْمة - بكسر الكاف وسكون الشين - (30) بيتًا.
7 -
في قرية الغلابا (20) بيتًا.
8 -
في قرية الصُّنَّاع - بضم الصاد والنون المشددة - (20) بيتًا.
9 -
في قرية المغاورة (15) بيتًا.
10 -
في قرية أهل مرزوق (15) بيتًا.
11 -
في قرية الغراب (20) بيتًا.
12 -
في قرية الويسيم (12) بيتًا.
13 -
في قرية الصور (10) بيوت.
14 -
في قرية المساييل (؟).
وقطعنا مسافات طويلة ماشين على الأقدام، أو راكبين الحمير الصغيرة ونحن نصغي إلى أحاديث الأخ محمد علي الشيقة، فلم نشعر بأي ملل أو سَأَمٍ لطول المسافة، وأول قمة مررنا بها هي قمة جبل (المُشَقَّرِ) - بضم الميم والقاف المشددة المفتوحة - ترتفع عن سطح البحر بـ (2260) مترًا ثم مررنا بقمة ثانية كان ارتفاعها (2280) مترًا وبقمة ثالثة ارتفاعها (2290) مترًا ومن هذه القمة انحدرنا إلى أرض (لَغَب) التي نقصدها وكان وصولنا إليها بعد مسير استغرق ساعة زمنية كاملة.
(ولغب) منطقة جبلية تتكون من القرى الآتية:
1 -
قرية (ذو عطية) بها (50) بيتًا.
2 -
قرية الدهامي بها (27) بيتًا.
3 -
قرية الرحا بها (40) بيتًا.
4 -
قرية مخَلد - بفتح الميم - بها (17) بيتًا.
5 -
قرية الضباعين بها (14) بيتًا.
6 -
قرية البراريق بها (14) بيتًا.
7 -
قرية الشروط بها (13) بيتًا.
8 -
قرية اطلح بها (7) بيوت.
9 -
قرية ذنيب الرحا بها (5) بيوت.
10 -
قرية المحارث بها (4) بيوت.
وبمجرد وصولي إلى هذه المنطقة ذهبت إلى المدرسة وانتهيت من مهمة التفتيش عليها.
* في طريق العودة: وفي اليوم الثاني 6/ 7/ 1374 هـ استيقظنا مبكرين وصلينا الفجر في مسجد القرية، ثم عدنا إلى دار محمد علي سليمان حيث تناولنا الفطور قبل طلوع الشمس، وكان الأخ اتفق مع رجل من أهل القرية على إحضار دابتين (حمارين) للعودة عليهما إلى (قهوة صَلَّى) وكانت المنطقة من بعد قرية (لغب) في الغالب منحدرات بين القمم أو الأراضي المدرجة التي عددتها في بعض المرتفعات فوجدتها (22) مدرجًا وكلها عبارة عن حقول للقمح والشعير وتسقى بمياه الأمطار.
مررنا في الطريق بقرية (السلافة) التي كثيرًا ما سمعنا بها في هذه الرحلة لأنها قرية زراعية وتعد ملتقى طرق، ولكما ارتفعنا إلى ملتقى رأينا الطريق ممتدًا ملتويًا بين القمم إلى أبعد من رؤية العين، ولم يكن يسعنا غير الاستعانة بالصبر وطول البال ونقول: لقد صدق المثل: (كل من سار على الدرب وصل) وها نحن على الدرب، واستمر سيرنا نهارًا كاملًا تخللته استراحتان، إحداهما عند سانية لبستان استهوانا صوتها ومنظر الماء يتدفق من الغروب فارتحنا قليلًا عندها، والاستراحة الثانية كانت كذلك عند بئر لأداء الصلاة صلاة الظهر والعصر.
ووصلنا قبل غروب الشمس قهوة صَلَّى حيث كان السائق في انتظارنا فركبنا واندفعت بنا السيارة نحو (وادي لِيَّةَ) وبعد ثلاث ساعات وصلنا بيت الأستاذ محمد مختار في (وادي الفُعُوْر) في وادي ليَّة حيث نزل وواصلت السيارة سيرها بنا إلى الطائف فمكة والحمد لله أولًا وآخرًا.
(3)
ما ذكره حمود بن ضاوي القثامي عن هوازن
(1)
:
إكمالًا لما أورده ابن حزم فقد ذكر القثاسي العتيبي باعتباره من هوازن نبذات من تاريخ وفروع وأشعار جمعها مشكورًا من عدة مراجع نذكر منها التالي:
قال عن هوازن: اسم جمع لهوزن وهو اسم طائر، وهوازن من قيس عيلان، أبو أكبر القبائل العدنانية، فكان من هوازن مَنْ ملك المغرب ومنهم من ملك البحرين وهِجرْ (الأحساء)، وانتقل البعض منهم إلى الأندلس، ولهم أخبار في الجاهلية والإسلام، وكان لهم صنم في الجاهلية اسمه (جهار)، وكانت غزوة حُنين بين الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين وبين بني هوازن.
ومن قبائل هوازن المعروفة: بنو سعد بن بكر بن هوازن، بنو جُشَم بن بكر بن هوازن، ثقيف بن بكر بن هوازن، نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، بنو عامر بن صعصعة بن معاوية (ومنهم قبائل كبيرة ظهرت بعد الإسلام) وهى بنو هلال بن عامر، وبنو كلاب بن ربيعة بن عامر، بنو نُمير بن عامر، بنو عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر.
ومن هوازن قبائل أخرى مثل بني مُرَّة (سلول) بن صعصعة بن معاوية، وبني سُوَاءة بن عامر بن صعصعة، وبني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر، بني قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر، وعامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن عامر، وكليب بن ربيعة بن عامر، وعامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وقيس بن عامر بن صعصعة، ورفاعة بن عامر بن صعصعة، وعمرو بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وقيس بن عامر، والحريش بن كعب .. إلخ. وتفرقت هذه القبائل
(1)
عن كتاب معجم القبائل والحكومات ص 193 وما بعدها طبعة 1396 هـ/ 1976 م - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة.
وتفرعت إلى قبائل بأسماء جديدة في الوطن العربي، ومن أشهر قبائل هوازن هي عُتيبة الموجودة في الجزيرة العربية (وخاصة بالمملكة العربية السعودية).
وأشهر قبائل المغرب العربي من هوازن بن منصور وهم الهلالية ومن انضوى معهم من جُشَم والمنتفق أو الخلّط وبني ثور وعُقَيل وغيرهم من هوازن.
قال جرير في ذكر هوازن:
لنا قيس عليك وأي يوم
…
إذا ما احمر أجنحة العقاب
أتعدل في الشكير أبا جبير
…
إلى كعب ورابيتى كلاب
وجدت حصى هوازن ذا فضول
…
وبحرا يا ابن شعره ذا عباب
ألم تخبر لخيل بنى نفيل
(1)
…
إذا ركبوا وخيل للحباب
تحك بالوعيد فإن قيسًا
…
نفوكم عن ضرية والجناب
وأضاف قائلًا عن بني سعد بن بكر بن هوازن:
بنو سعد امتازوا بفصاحة اللسان وفيهم نشأ الرسول صلى الله عليه وسلم في طفولته، إذ تسلمته حليمة السعدية بعد وفاة أمه، وحملته إلى البادية وأحسنت تربيته، ولما ردته إلى مكة نظر إليه عبد المطلب فامتلأ سرورًا وقال: جمال قريش وفصاحة سعد وحلاوة يثرب "لما أن حليمة السعدية أخذت النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فترة ما بعد الرضاعة".
ومن بني سعد بنو جودي بالأندلس، ومنازل بني سعد في وقتنا الحاضر في جنوب مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية، ويقال لهم "بني سعد" وينسبون
(1)
بني نفيل من بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، وهم بيت فيه شرف وعز ورياسة في كلاب وسائر بني عامر - انظر عنهم في قبيلة العوازم من بني كلاب من هوازن.
أنفسهم إلى قبائل عُتيبة الهوازنية، وتختلف عادات وتقاليد بني سعد بعض الشيء عن سائر عُتيبة، وربما كان سبب اختلاطهم بقبائل الأزد القحطانية اليمانية، ومن بطونهم الثبتة سكان السيل الكبير وفيهم الروقة والنفعة والوذانين والسوطة وخديد والزوران وذوي عطية والسمرة والروسان والمراشدة.
ونلاحظ أن الروقة أكبر أقسام عُتيبة، والنَّفعة من برقا من عُتيبة، والزوران من القثِّمة من برقاء، وعطية من الروّقة من عتيبة، وكذلك السمرة والمراشدة، والروسان من برقا من عتيبة. وهذا يظهر لنا أن هذه القبائل مختلطة بعضها بالبعض الآخر، وكل قبيلة تنسب إلى أصلها الحقيقي في هوازن.
وقال عن بني معاوية بن بكر بن هوازن:
قال القثامي عن معاوية: من نسله صعصعة وجُشَم ونصر. ومن بني نصر بن معاوية - ربيعة بن عثمان الدهماني أول عربي قتل عجميًا بالقادسية، وبني دهمان قبيلة عربية مساكنها البحرين. ويربوع بن وائلة الدهماني من بنى نصر بن معاوية من نسله مالك بن عوف اليربوعي النصري قائد مشركي هوازن في يوم حُنين، ومن نسل نصر بن معاوية أيضًا: معن وسعد ومناة ودهمان وعوف، ومن عوف زفر بن حرثان كان من الوافدين على النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن تبع والي المدينة النبوية في عهد بني أمية.
ومن نسل صعصعة عامر ومُرَّة. ومن عامر أشهر قبائل العرب وأكثرها خيلًا ورجالًا وهى هلال ونُمير وربيعة. وكانت منازل سلول في بلاد الأحساء والبحرين، ونُمير معها، وفي بلاد العراق، ولهم حروب مع دولة العباسيين، وهلال نزحت في القرن الخامس للهجرة إلى مصر ومن ثم إلى بلاد المغرب العربي في أواسط القرن الخامس للهجرة.
وعامر بن عوف بن مالك من بني نصر كانت مساكنهم بالبصرة، وملكوا البحرين وأرض اليمامة في أواسط القرن السابع الهجري، وعوف بن عامر بن صعصعة من نسله جعلونة أحد القواد في زمن مروان الأموي.
ومن بني عامر بن صعصعة (خداش) بن زهير وهو شاعر جاهلي من أشراف بني عامر يلقّب (بفارس الضحياء)، قال خداش وهو من أحفاد عمرو بن عامر الذي أطلق عليه اللقب:
أبي فارس الضحياء عمرو بن عامر
…
أبى الذم واختار الوفاء على الذم
ومن ربيعة بن عامر بن صعصعة كلب وكليب وكلاب وعامر وعمرو، ويعرف بنو كليب ببني مجد
(1)
، ومن بني كليب مقلد بن كليب بن ربيعة من نسله أبو الورقاء وعقبة بن مليص المقلدي شاعر كان معاصرًا لجرير ولما قال جرير:
فلو كان حلم نافع المقلد
…
لما وغرت من غير جرم صدورها
فرد عليه بقوله:
وما حاربتنا من معد قبيلة
…
فتقلع إلا وهي تدمي نحورها
أما بني جُشَم بن معاوية، من أبنائه غُزَية وعصِّمة، ومن قبائل عتيبة القثمة من جُشم، والعِصِّمة، وهم أقرب إلى بعضها من بقية قبيلة برقاء من عُتَيْبة في الوقت الحاضر.
ومنهم معاوية بن الحارث الجُشمي من بني جُشَم بن معاوية، فاتك جاهلي له قصة عجيبة مع فاتك آخر من دهاة الجاهلية يدعى ثمامة بن المستنير السُّلمي،
(1)
وهي اسم أمهم مجد القرشية.
نظمها دريد بن الصمَّة الجشمي شعرًا، وهي تشتمل على مفاجآت تصلح أن تكون أساس قصة تمثيلية.
وكعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، من نسله هبيرة بن عامر الذي أخذ المتجردة امرأة النعمان بن المنذر فأعتقها، ومنهم قرة بن هبيرة الصحابي، وبهز بن حكيم محدث، وكلثوم بن عياض.
ومن بني رؤاس من كلاب بن ربيعة بن عامر (وكيع) بن الجراح والجنيد بن عبد الرحمن أمير خراسان، ومن نسل الضباب من كلاب (شَمِر) بن ذى الجوشن قاتل السبط الحسين بن علي بن أبي طالب - رضى الله عنه.
وقال عن بني ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن:
منازلهم بالطائف، وكان صنمهم بالجاهلية (اللات)، وكانت تلبيتهم في الجاهلية (لبيك اللهم، إن ثقيفًا قد أتوك وخلفوا المال وقد رجوك) ومنهم العشائر الآتية: طويرق، النمور، ثمالة، بنو سالم، عوف، سفيان، قريش.
وقال عن بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن: ومن نسله معاوية وعبيد (أبو بكر) وعوف ورؤاس.
ومن نسل عبيد بن كلاب قرط وقريط وقريطة وهم القرطاء، ومنهم مربع بن وعوعة الذي يقول فيه جرير:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعًا
…
أبشر بطول سلامة يا مربع
وعوف بن الأحوص العامري من بني كلاب، كان لبنيه شرف في الجاهلية والإسلام، قال القطامي:
من البيض الوجوه بني نفيل
…
أبت أخلاقهم إلا ارتفاعا
ومنهم خويلد بن نفيل، وكان سيدًا يطعم بعكاظ، وزفر بن الحارث القائم بالجزيرة أيام مروان ويزيد بن عمرو بن الصعق (الشاعر) ومسلم بن سعيد ولي خراسان هو وأبوه قبله.
ومنازل بني كلاب بقرب المدينة وانتقل بعضهم إلى الشام فكان لهم في الجزيرة الفراتية شأن وملكوا حلب ونواحيها وكثيرًا من مدن الشام، وأول من ملك منهم صالح بن مرداس بن إدريس المتوفى عام 420 هـ، أمير بادية الشام الذي ثار على (الرحبة) واستولى عليها، وكاتبه الحاكم بأمر الله بلقب (أسد الدولة) وملك حلب عام 417 هـ، وامتد نفوذه حتى حاربه الظاهر الفاطمي صاحب مصر وقُتل بالأردن في مكان يُعرف بالأقحوان. وبنو كلاب منهم الآن بالشام.
وقال عن بني عُتبة بن رياح بن هلال وسائر بنى هلال بن عامر
(1)
:
وهم قبيلة من هلال بن عامر بن صعصعة، ومن نسل هلال رياح ومن رياح عُتبة، ورفاعة بن هلال ومساكنهم بساقية قلته من قرى جرجا بمصر، وحجير وغرير منازلهم بالديار المصرية، ومنهم طوائف بإفريقيا، وعبد مناة كان من نسلهم أم المؤمنين زينب بنت خزيمة، ومسعرة بن كام الفقيه، وحميد بن ثور (الشاعر).
وقُرة بن هلال كانوا بصعيد مصر وانتقلوا إلى المغرب، ونهيك بن هلال من نسله قبيصة ولي سجستان، وذو البردين بن ربيعة بن رياح من أجود أهل الجاهلية، قال الأصم الباهلي:
أو كابن جعدة وفادا على مالك
…
أو كالنهيكي ذو البردين، إذ فخرا
(1)
انظر تفصيلات عن قبائل هلال وسائر هوازن في المجلد الأول من الموسوعة - دار الفكر العربي - محمد سلمان الطيب.
وعتيبة بن الأخنس من هوازن. وعُتيبة من أكبر قبائل الجزيرة العربية بالوقت الحاضر من هوازن، كانت منازلهم بالحجاز ثم انتشروا بسرعة في نجد وأخرجوا قحطان، فكانت لهم الغلبة في بلاد نجد حتى بداية الحكم السعودي.
وكان بين قبائل عُتيبة الهوازنية وبين ابن رشيد الشمَّري حاكم حائل حروبًا طويلة قبل العهد السعودي. وكان أحد عُتيبة وهو مخلد القثامي قد حضر صدفة عند ابن رشيد، فسأله ابن رشيد قائلًا: مَنْ الرجل ومن أي القبائل؟ فرد عله مخلد بقوله وأنشأ يقول:
حِنّا عتيبة كم حريبًا لطمناه
…
دقلاتنا لاجت مثل الخيال الرزيني
وحِنّا أهل نجد وبسيوفنا ملكناه
…
وغابت شموس أهَله الأوليني
تبرهجي في حمضته واشربي ماه
…
تبرهجي يا مقرعات الحنيني
والفصل في أربع سنين مسماه
…
لين أودعت سمو القبائل طنيني
منها يوما على الظال وأقصاه
…
منها الجبال العلط عيت تبنيني
شرقنا يم الحساء وأقصى قرياه
…
وغربنا يم الحجاز مردفينِ
وجنوبنا يم الدواسر. . . . . .
فكاد ابن رشيد يبطش به، فتدارك الموقف وقال:
والله لولا شيخنا وطننا زكاياه
…
ما نأخذ القصرة من الحاربيني
ابن رشيد اللي له الخيل مهداه
…
ابن رشيد مروِّع الغافلينِ
فقال ابن رشيد: سلمت، ولكن اذهب لقومك (عتيبة) وأخبرهم أني نويتهم بالحرب، وسلم رسالة تهديد وطلب منه تسليمها لشيخ مشايخ عتيبة - ابن هندي.
فتوجه مخلد القثامي إلى ابن هندي والمقيم في عروى وهو من ضواحي الدوادمي من الشمال - في بلاد نجد - وسلمه رسالة ابن رشيد، فرد عليه ابن هندي برسالة تهديد أخرى، يوضح فيها ابن هندي أنه مستعد لحرب ابن رشيد، ويستطيع هزيمته، وإن أحوج الأمر أن تقام الحرب في حائل قاعدة ابن رشيد.
فرد ابن رشيد على هذه الرسالة بقصيدة طويلة، منها:
إن كان ابن هندي نوانا برزان
…
حِنّا على عروى قصّرنا مسيره
وبرزان لابن رشيد وعروى لابن هندي، وقد وضّح ابن رشيد في هذا البيت من الشعر أنه لا يريد أن يكلف قبائل عتيبة مشقة المسيرة من عروى بنجد إلى برزان بالشمال من نجد، فسوف يحاربه في عقر داره (عروى)، فرد عليه ابن هندي:
يا محمد بن عبيد كأنك برزان
…
شرا تلاقيه الوجيه الشريره
ومن زان حِنّا له على الزين خلان
…
ومن شان نسقيه الجروح الضريره
وهنا يقصد أن ابن رشيد لو أراد الحرب فهو برزان لأنه لا يخوض المعركة بنفسه، بل يرسل رجاله فقط، أما ابن هندي فهو الذي يقود المعركة بنفسه، ويظهر أن ابن رشيد هو محمد بن عبيد.
وقامت الحرب الضارية بين عتيبة وبين جيوش ابن رشيد استمرت مستعرة سنينًا طويلة كانت الغلبة في أول الأمر لابن رشيد، ثم انتصرت عُتيبة في نهاية الأمر، وانطفأت أوار الحرب ووضعت أوزارها بين الطرفين بعد مئات القتلى والجرحى من كلاهما. ولابن هندي في هذه المعارك الدامية قصائد مطولة توضح ما صار في هذه الحرب المريرة بين الإخوة من أبناء الجزيرة العربية لا يتسع المقام بذكرها.
وأضاف القثامي وقال عن عُتيبة من هوازن:
تنقسم إلى جذمين كبيرين هما: الروّقة ومنهم بطون أو قبائل هي السمرة والذيبة والمراشدة والخراريص والبراريق والحناتيش والدلابحة وذوي علية. والجذم الثاني هو برقاء ومنه قبائل العصِّمة والقثمة والشيابين والنفعة والدعاجين والدغالبة والروسان والمقطة ومنهم شيخ شمل عُتيبة قاطبة وهو تركي بن هندي، وفى الوقت الحاضر سلطان بن حميد من آل هندي، الذين لهم أصل المشيخة.
وقال عن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن:
ومنازلهم بين تهامة والمدينة المنورة والشام ومنهم:
1 -
بنو عُقيل بن كعب، كانت منازلهم بالشام ولهم إمارة الكوفة والبلاد الفراتية وتغلبوا على الموصل بأرض العراق، ومنهم المقلد وقرواش وقريش ومُسلم بن قريش، وبقيت تلك البلاد في أيديهم حتى غلبهم عليها السجلوقيون فتحولوا إلى البحرين، ونشأت لهم فيها إمارة وكانت الأحساء مقرًا لبعض أمرائهم ومنهم بنو عامر بن عقيل وبنو عمرو بن عقيل، ومن عقيل قبائل المنتفق
(1)
الكبيرة في جنوب العراق، ومن عُقيل قبائل خفاجة بن عمرو بن عقيل بن كعب وكانت لهم دولة بالعراق والجزيرة، وكانت لهم السلطة بالكوفة وما جاورها (أيام ابن بطوطة الرحالة المغربي الشهير) ولا تزال طوائف منهم بالعراق إلى الآن، وطائفة منهم بالبحيرة والدقهلية من الديار المصرية وغيرها وهم بنو خفاجة
(2)
. قلت: ومنهم جماعات في المغرب مع الهلالية.
2 -
بنو عجلان بن عبد الله بن كعب بن ربيعة، ومنهم الشاعر تميم بن أبي مقبل الذي هجاه النجاشي بقوله:
(1)
من المنتفق في بلاد المغرب ضمن الهلالية ويطلق عليم الخلَّط.
(2)
ولهم كتاب صدر بمصر واسمه بنو خفاجة وتاريخهم السياسي.
إذا الله عادى أهل لؤم وذلة
…
فعادى بني عجلان رهط ابن مقبل!
3 -
بنو عبد الله بن كعب بن ربيعة.
4 -
بنو قشير بن كعب بن ربيعة، ومن سلالتهم ولاة خراسان ونيسابور، وكان منهم جماعة بالأندلس.
- قلت: ومنهم عائلات متحضرة ما زالت في الأفلاج بالمملكة العربية السعودية.
5 -
بنو جعدة بن كعب بن ربيعة، ومنهم الشاعر النابغة الجعدي وهو حسان بن قيس بن عبد الله بن وحوح بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، وأمه من أهل هِجْر (الأحساء)، وكان شاعرًا مخضرمًا عاش 180 عامًا، ومات بأصبهان عام 85 هـ ومن شعره:
خليلي عوجا ساعة وتهجرا
…
ونوحا على ما أحدث الدهر أو ذرا
ولا تجزعا إن الحياة ذميمة
…
فخفا لروعات الحوادث أوقرا
وإن جاء أمر لا تطيقان دفعه
…
فلا تجزعا مما قضى الله واصبرا
أتيت رسول الله إذا جاء بالهدى
…
ويتلو كتابًا كالمجرة نيرا
ومن شعره في الفخر قوله:
وإنا لقوم ما تعود خيلنا
…
إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا
…
وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
وقال عن بني جُشَم بن معاوية بن بكر بن هوازن:
منهم دُرَيْد بن الصمَّة سيد جُشَم وفارس هوازن ومن فرسان جزيرة العرب الشجعان ومن قوله في رثاء أخيه عبد الله بن الصمَّة بعد أن قتلته غطفان:
أعاذلتي كل امرئ وابن أمه
…
متاع كزاد الراكب المتزود
أعاذل أن الرزء أمثال خالد
…
ولا رزء مما أهلك المرء عن بد
نصحت لعارض ولصحب عارض
…
ورهط بني السوداء والقوم سهد
أمرتهم أمري منعرج اللوى
…
فلم يستبينوا الرشد الأضحى الغد
فلما عصوني كنت منهم وقد أرى
…
غوايتهم أو أنني غير مهتد
وهل أنا إلا من غزية أن غوت
…
غويت وإن ترشد غزية أرشد
دعاني أخي والخيل بيني وبينه
…
فلما دعاني لم يجدني بقعدد
تنادوا فقالوا أردت الخيل فارسًا
…
فقلت أعبد الله ذلكم الردي
نظرت إليه والرماح تنوشه
…
كوقع الصياصي في النسيج ادد
فطاعنت عنه الخيل حتى تبددت
…
وحتى علاني أشقر اللون مزبد
قتال امرئ واسى أخاه بنفسه
…
وأيقت أن المرء غير مخلَّد
وقد ثأر دريد لأخيه من بني فزارة وعبس في دم أخاه عبد الله. وشاهد دريد يومًا الشاعرة (الخنساء السُّلَمية) وهي تماضر بنت عمرو بن الشريد سيد من سادات مُضَر ومن زعماء بني سُلَيْم بن منصور إخوة هوازن فقال فيها:
حيو تماضر وأربعوا صحبي
…
وقفوا فإن وقوفكم حسبي
أخناس قد هام الفؤاد بكم
…
وأصابه تبل من الحب
وذهب إلى أبيها وخطبها فرحب به أبوها وقال لها: يا خنساء أتاك فارس هوازن وسيد بي جُشم دُريْد بن الصَّمة خاطبًا، فرفضت الزواج منه لأنه شيخ كبير.
وقال عن نُمير بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن:
جمرة من جمرات العرب، نزلوا قبل الإسلام باليمامة ثم تحولوا إلى أطراف الكوفة، ودار نمير بالأندلس كانت البراجلة .. ونُمير وكعب وكلاب جميعهم من هوازن وفيهم قال جرير:
فغض الطرف إنك من نُمير
…
فلا كعبًا بلغت ولا كلابا.
وقال عن حروب الفجار بين هوازن ومن معها من قيس مع قريش وكنانة:
وسميت بالفجار لحدوثها في أشهر حرم، وفيها تقول أميمة بنت عبد شمس القرشية ترثي أخاها ومن قتل من قومها في هذه الحرب الشهيرة في الجاهلية.
أبى ليلك لا يذهب
…
ونيط الطرف بالكوكب
ونجم دونه الأهوال
…
بين الدلو والعقرب
وهذا الصبح لا يأتي
…
ولا يدنو ولا يقرب
بعقر عشيرة منا
…
كرام الخيم والمنصب
أحال عليهمُ دهر
…
حديد الناب والمخلب
ومن هوازن الشاعر لبيد بن ربيعة بن مالك الذي من شعره في الحكم:
بلينا وما تبلى النجوم الطوالع
…
وتبقى الجبال بعدنا والمصانع
وقد كنت في أكناف دار مضنة
…
ففارقنى جار بار به نافع
فلا جزع إن فرق الدهر بيننا
…
فكل امرئ يومًا له الدهر فاجع
وما الناس إلا كالديار وأهلها
…
بها يوم خلوها وتغدو بلاقع
ويمضون إرسالا وتخلف بعدهم
…
كما ضم إحدى الراحتين الأصابع
وما المرء إلا مضمرات من التقى
…
وما المال إلا عاريات ودائع
أليس ورائي إن تراخت منيتي
…
لزوم العصا تحنى عليها الأصابع
أخبر أخبار القرون التي مضت
…
أدب كأني كلما قمت راكع
أتجزع مما أحدث الدهر بالفتى
…
وأي كريم لم تصبه القوارع
وقال عن "غزوة حُنَيْن":
كانت هذه الغزوة بين النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين وبين بعض قبائل هوازن ومن معها من ثقيف، وقد سار الرسول عليه الصلاة والسلام ومعه عشرة آلاف من الصحابة وألفين من مسلمي مكة بعد فتحها وهم من قريش، فكان الجميع جيش جرار قوامه اثني عشر ألف مقاتل.
قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} . وفي وادي حُنَيْن تقابل المسلمون مع مشركي هوازن، فانهزم الناس جميعًا، وقد اندفعت نحوهم هوازن كالسيل الجارف، وثبت رسول الله ومعه نفر من أهل بيته وبعض المهاجرين، وأمر بالنداء على الأنصار ولأنهم صُبُرًا عند اللقاء في حومة الوغى والحرب والطعان، فلبوا النداء، وارتجز النبي صلى الله عليه وسلم بكلماته المشهورة:
أنا النبي لا كذب
أنا ابن عبد المطلب
ولما اشتد النزال وتكاثر المسلمون وعادوا للقتال لا يبالون بالموت، قال صلى الله عليه وسلم: الآن حمي الوطيس .. أي أن الحرب بلغت ضراوتها وشدتها، وأخذ عليه الصلاة والسلام حفنة من التراب فرمى بها هوازن في وجوههم، بعدها كانت الهزيمة على هوازن وسقط عشرات القتلى تحت سنابك خيل المسلمين، وتم أسر المئات من الرجال وسبي ستة آلاف من النساء والأطفال والاستيلاء على آلاف الإبل وكثير من السلاح، وكان الظفر للمسلمين بعد الهزيمة في أول الأمر.
ثم مَنَّ الرسول على هوازن بعد إسلامهم وأعطى لوفدهم النساء والأطفال وقد رغّب المسلمين إلى ذلك وبدأ بما صار في قسمته وبني هاشم، وكذلك فعل
بنو سُلَيْم بن منصور إخوة هوازن بن منصور، إرضاءً لله ورسوله ومراعاة لصلة الرحم والدم مع هوازن، وبالمثل المهاجرون والأنصار وقالوا: ما عندنا هو لله ورسوله. وقد ارتدت هوازن مثل سائر قبائل العرب ولكن سرعان ما قضى على هذه الردة الخليفة الصِّديق رضي الله عنه.
وكان يُطلق على هوازن (جماجم العرب)، أي من رؤسائهم، وقد دعيت بجماجم لأنها بمنزلة جمجمة الرأس بالنسبة للإنسان، ودعيت أيضًا مع سُلَيْم وغطفان أنهم (أثافي العرب) ومعناه العدد الكثير والجماعة من الناس.
ومن هوازن بنو نُمير كانت من جمرات العرب، ومن هوازن بنو عامر بن صعصعة كانوا من "الحُمس" مع قريش، ومن هوازن بنو نصر بن معاوية كان منهم ربيعة بن عثمان أول عربي قتل عجميًا في يوم القادسية.
هذه لمحة مبسطة عن قبائل هوازن، وقد ملأت الآفاق في الجزيرة العربية حيث منبعها، وفي العراق والشام ومصر وبلاد المغرب قبائل عديدة خرجت من هوازن، وتغيرت أسماء هذه القبائل في هذه البلاد العربية ولكنها مثبوتة ومعروفة في كتب الأنساب والتاريخ وأنها من أرومة هوازنية قيسية عدنانية
فنجد عُتيبة في نجد والحجاز، وكذا ثقيف بالطائف، وبني سعد جنوب الطائف بالمملكة العربية السعودية، وكذلك أشلاء من جعدة وقُشير في الأفلاج في بلاد نجد بالسعودية، وأيضًا سُبيع وهي من القبائل الكبيرة في نجد، وقبائل هلال بن عامر بعضها في السعودية ومصر والسودان وأكثرها في بلاد المغرب العربي، خاصة في الجزائر وبنو كلاب منهم بالشام والعراق، وكذا عُقيل ونُمير وكعب بالأحساء وهِجْر والبحرين. قلت: والعوازم من بني كلاب هم قبيلة معروفة في
السعودية والكويت (انظر عنهم)، والسهول وبنو خالد أيضًا في الأحساء بالسعودية والمنتفق بجنوب العراق وغيرهم، ومن هوازن العلماء والفقهاء والفرسان والأمراء والحكام يصعُب حصرهم وسنأتي إن شاء الله ببيانهم في الموسوعة حسب كل قبيلة من هوازن في الوطن العربي.
(4)
ما ذكره رضا كحالة في معجم قبائل العرب عن هوازن
(1)
:
قال: هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان. له أفخاذ كثيرة يجمعهم ثلاثة أجرام كلهم لبكر بن هوازن وهم بنو سعد بن بكر، وبنو معاوية بن بكر، وبنو مُنبه بن بكر.
منازلهم: كانوا يقطنون في نجد مما يلي اليمن، ومن أوديتهم حُنين
(2)
.
من تاريخهم وأيامهم ووقعاتهم: وقعة أنتان وهو موضع قرب الطائف كانت به وقعة بين هوازن وثقيف، كثر فيهم القتلى، حتى أنتنو، ويوم شمظة، كان لهوازن على كنانة، ويوم الفجار الأول كان بين كنانة وعِجْز هوازن، ويوم الفجار الرابع وهو الأكبر، كان بين قريش، وهوازن. وكانوا يعظمون زهير بن جذيمة العبسي سيد غطفان ويؤدون إليه الأتاوة، ثم غضبوا عليه بعد أن أهان امرأة منهم.
ومن حوادثهم: أنه لما قتل البراض بن قيس الكناني - عروة بن عُتبة من بني كلاب، كانت قريش بعكاظ، فاحتملوا نحو مكة، وأتى هوازن قتل البراض عروة، فاتبعهم، فأدركوهم بنخلة، فاقتتلوا حتى دخلت قريش الحرم، وجن عليهم الليل، فكفت عنهم هوازن، وللنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت عشرون سنة.
(1)
انظر المجلد الثالث ص 1231 من المعجم - طبعة بيروت 1982 م.
(2)
وهو وادٍ قريب من الطائف بينه وبين مكة بضعة عشر ميلًا.
ومن حوادثهم أيضًا أن عبد المدان أغار عليهم في يوم السلف في جماعة من بني الحارث بن كعب (من القحطانية)، ومنها أيضًا: أن أبا بردة بن هلال بن عويمر أغار على هوازن في بلادها. وغزا الرسول صلى الله عليه وسلم هوازن بوادي حُنين، لست خلون من شوال، بعد فتح مكة، وفي اثني عشر ألفًا من المسلمين، ورئيس هوازن مالك بن عوف النصري، فلما نظر إلى جيش المسلمين قال هلكت هوازن، فلا هوازن بعد اليوم، ولما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف في شوال، ووصل إلى الجعرانة، وفيها السبي أي سبي هوازن، قدمت عليه وفود هوازن مسلمين، وبايعوا، ثم كلموه، فقالوا يا رسول الله إن فيمن أصبتم الأمهات والأخوات والعمات والخالات، فقال: سأطلب لكم، وقد وقعت المقاسم فأي الأمرين أحب إليكم السبي أم المال؟ قالوا: خيرتنا يا رسول الله بين الحسب والمال، فالحسب أحب إلينا، ولا نتكلم في شاة ولا بعير، فقال: أما الذي لبني هاشم، فهو لكم، وسوف أكلم لكم المسلمين، فكلموهم واظهروا إسلامكم، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الهاجرة، فتكلّم خُطباؤهم، فأبلغوا وأحسنوا القول، ورغبوا إلى المسلمين في رد سبيهم، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ، وشفع لهم، وحض المسلمين عليه، وقال: قد رددت الذي لبني هاشم عليهم.
وارتدوا سنة 11 هـ عن الإسلام فيمن ارتد من العرب، واشتركوا في حوادث سني 36، 51، 61 من الهجرة.
أصنامهم: كان لهم جهار وهو صنم لهم بعكاظ، وكانت سدنته آل عوف من بنى نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، وكانت بني محارب بن خصفة بن قيس عيلان معهم، وكان في سفح أطحل، وكانوا يعظمون ذا الخلصة.
وفى ص 189 ج 1 قال عن بني جُشَم:
هم بنو جُشَم بن معاوية بن بكر بن هوازن، مواطنهم بالسروات
(1)
، ثم انتقل معظمهم إلى بلاد المغرب مع بني هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، ولم يبق منهم إلا القليل
(2)
وليس لهم صولة في بلادهم.
ومن مياههم: حراضة قريب من جهة نجد، وبُوانة بالقرب من مكة، الكحلة، وعدامة بنجد.
تاريخهم: من حوادثهم التاريخية أنهم كانوا مع عبد الله بن الصمَّة في غزو غطفان، وحاربوا قبيلتي أسد وغطفان، وقاتلوا بني الحارث بن كعب القحطانيين في يوم ذى الأثل، ومن أيامهم الأرطى لجُشَم على بني عبس من غطفان وكانت بني جُشَم من قبائل هوازن التي شاركت في القتال ضد المسلمين في حُنين.
وفى ص 513 ج 2 قال عن بني سعد:
هو بطن كبير من هوازن، وهم بنو سعد بن بكر بن هوازن بن منصور من قيس عيلان، ومن أوديتهم: قرن الحبال
(3)
، وهو وادٍ يجيء من السراة، ومن مياههم: تقتد، وأشهر أيامهم في الجاهلية يوم جَبلة.
وبنو سعد هم حضنة الرسول صلى الله عليه وسلم في طفولته، وبعث بنو سعد سنة 9 هـ ضمام بن ثعلبة وافدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليجيب عما أرسل به المصطفى لهم،
(1)
السروات: هي بلد تفصل تهامة عن بلاد نجد، وهي متصلة ببلاد اليمن وتمتد حتى بلاد الشام موازية للبحر الأحمر، وسروات جُشَم من هوازن متصلة بسروات هُذَيْل.
(2)
من تاريخ ابن خلدون ج 6 ص 27. قلت: وهذا القول في عهده وأما الآن فلهم عدد وقوة.
(3)
قرن الحبال: في معجم البلدان ج 4 ص 72: قرن البوباة وادٍ يجيء من السراة لسعد بن بكر ولبعض قريش.
ويتبصر فيما جاء به عليه السلام، وبعثت إليهم سرية على رأسها علي بن أبي طالب.
قال القلقشندي: إن بني سعد من هوازن قد اختلطوا مع بنى سعد من جُذام القحطانية في الديار المصرية. وقد افترق بنى سعد هؤلاء في الإسلام مع الفتوحات، وفى تونس فرقة منهم في نواحي باجة يعسكرون مع جند السلطان ابن أبى حفص (في القرن السابع الهجري).
(5)
ما ذكره س. ب مايلز عن قبائل هوازن في عُمان
(1)
:
1 -
قبيلة العوامر: بدو أباضيو المذهب، وهم من المعديين، وتعود بالنسب إلى عمرو بن صعصعة وهم الآن هناويين سياسيًا، والبدو من هذه القبيلة يتجولون في الصحراء حتى ظفار، ويشتغل الجزء المستوطن من القبيلة اثنتي عشرة قرية بالقرب من نزوى، وهي قرى: قريتين، الحاميدية الأكيل، الصليبة الحديد، الحماديين، شاقعة، السيا والهبل، القلاع، سوق القادري والحزمة، عددها حوالي 1200 أو 1400 نسمة، يقيم الشيوخ في قريتين، ويقال انهم يتكلمون لهجة خاصة بهم، ولها ثلاثون فخذًا. قلت: ومن العوامر في أبو ظبي بدولة الإمارات.
2 -
قبيلة بني هلال: تميزوا بصفة عامة كقبيلة أو طبقة منفصلة أو مستقلة، ولكنها ضعيفة للغاية وذات نفوذ قليل، وهم غافريون، وتعدادهم ألف ويقيمون في بهلا ونزوى.
3 -
قبيلة بني كعب: يسكنون العراق وعددهم ثمانية آلاف، وفي عُمان قطاع منهم يبلغ ألفًا، وهم يسكنون محضة في الجو ووادي القور، سنيون المذهب.
(1)
عن كتاب الخليج وبلدانه طبعة 1406 هـ/ 1986 م - سلطنة عُمان بوزارة التراث والثقافة العُمانية.
ما قاله المؤرخون عن عُتيبة
(1)
ما ذكره رضا كحالة في معجم قبائل العرب
(1)
:
عُتَيْبة من أعظم قبائل العرب، لا يكاد ينازعها أحد السيطرة في القسم المتوسط من المملكة العربية السعودية، تمتد منازلها من سفوح جبال الحجاز الشرقية، إلى الحرار التي بين درب الحج ونجد من الشمال والشرق، وديار قحطان، والبقوم، والشلاوة، وسبيع في الجنوب. ويوجد قسم قليل من عتيبة في الحجاز غربى السلسلة الجبلية في أطراف الطائف، وفي أطراف مكة، والمضيق، والسيل. وتنقسم إلى بطنين كبيرين: الرُّوقة، وبرقا.
وفي ص 454 من المجلد الثاني قال عن الرُّوقة:
بطن من قبيلة عُتيبة (الصحيح جذم كبير يضم قبائل)، التي لا يفوقها في القوة أو يزيدها في العدد إلا قبيلة عَنَزة، والرُّوقة منازلها أقرب إلى الحجاز
(2)
من بطن برقة أحد بطني عُتيبة، وينقسم إلى ثلاثة أفخاذ: ذوو ثبيت، الطليحة، المزاحمة
(3)
.
وفي ص 75 من المجلد الأول قال عن بَرْقا:
بطن من قبيلة عُتيبة التي تمتد منازلها في الشرق حتى الوشم والقصيم، وفيه أربعة أفخاذ: عيال منصور، المقّطة، النُّفعة، الروسان.
(1)
المجلد الثاني ص 752.
(2)
قال الشريف البركاتي في رحلته اليمانية ص 106: الروقة قبيلة حجازية لها وادي رهاط وبه خمس عشرة عينًا تجري وهو خصب التربة، ويوجد بهذا الوادي قرية آهلة بالسكان من نفس القبيلة.
(3)
وقال البركاتي عن المزاحمة: إنهم ينقسمون إلى ذوي عالي، والذيبة، وذوي زراق، والطلوح.
(2)
ما ذكره الشيخ العلّامة حمد الجاسر عن عُتيبة في معجم قبائل السعودية:
قال في ص 449: عتيبة جذمان كبيران هما برقاء، والروقة.
وفي ص 30 قال عن برقاء: أحد جذمي عتيبة الكبيرين والنسبة برقاوي منهم: العصمة، القثمة، الشيابين، النفعة، الدعاجين، الدغالبة، الروسان، المقطة، الثبتة، الدُّهسة.
وقد تقسم برقاء إلى شملة، وعيال منصور، أو طفيح وعيال منصور.
وأضاف في هامش ص 31 قائلًا: يظهر أن كلمتي شملة وطفيح متقاربتان في المعنى وأن المقصود بهما الفروع التي لا يجمعها جد واحد مثل منصور، بل يجمعها تحالف واختلاط، كما أن كلمة (برقا) يفهم منها الاختلاط ومن ذلك قولهم أبرق عباه - كالعباءة المختلفة الألوان.
وفى ص 252 قال عن الرُّوقة: وأحدهم روقي
ومنهم: 1 - السُّمرة وأحدهم سماري ومنازلهم ضواحي دغيبجة.
2 -
العضيان وأحدهم عضياني - منهم الثعالية قوم ابن ثعلي، والدماسين، والجمانية.
3 -
العُبيات وأحدهم عبيوي.
4 -
المراشدة وأحدهم مرشدي وهم في كبشان والمردمة بضواحي عفيف.
5 -
الذيبة (ذيابي).
6 -
ذوي عطية (عطوي)، ومنهم الخراريص (خراصي) ومنازلهم الدفينة والموية والمحازة.
7 -
المغايرة (مغيري).
8 -
الغنانيم (غنامي) وهم حول الدفينة ووادي الرشاء وغرب الدوادمي.
9 -
القساسمة.
10 -
الفراهدة.
11 -
الدلابحة (دلبحي)، وهم أهل القرين.
12 -
ذوو عالي.
13 -
الدماسين ولهم أبو جلال شمال نفي.
14 -
الحزمان في شبيرمة.
15 -
الزرقان.
16 -
ذوو محيّا - أهل ساجر.
17 -
العوازم وهم في وادي جهام.
18 -
ذوو زراق.
19 -
الحفاة - وهم أهل القاعية وسجا وعسيلة.
20 -
الأساعدة في الداهنة والزلفي والغاط.
21 -
البراريق (براق).
22 -
الكراشمة أكثرهم في الحجاز ومنهم في ساجر.
23 -
الجذعان.
24 -
الحمران.
25 -
الحبردية (حبردي).
26 -
الحناتيش.
27 -
الطلوح.
وهناك تقسيم آخر للروقة هو أنهم فرعان:
1 -
المزاحمة ومنهم: العضيان، والغبيات، والمرشدة، وبنو عطية، والعوالي، والثبتة (وهؤلاء من ثبتة بني سعد من برقا).
2 -
طَلْحَة ومنهم: العوازم والذيبة والدلابحة والحناتيش وذوو زراق والسمرة وذوو حماد وبني أسعد والحفاة.
والروقة منتشرون من رهاط إلى كشب وفي عالية نجد إلى السر.
- وفي جمهرة أنساب الأسر المتحضرة ص 514 قال الجاسر عن عُتيبة:
من أكثر قبائل نجد عددًا، وأوسعها بلادًا، وهي تضم فروعًا كثيرة جلها عدنانية، من هوازن، من قيس عيلان، وفيها من قحطان، وكانت أكثر فروعها تسكن الحجاز وسفوحه الشرقية، وانحدارها إلى نجد في آخر القرن الثاني عشر الهجري، ولهذا قلَّ المتحضرون منها في بلاد نجد. ومنهم سكان الزلفي من الأساعدة من الروقة، قدم أحد أجدادهم من وادي رهاط قبل انحدار فروع عتيبة إلى نجد بزمن طويل، ومن الأساعدة انتشرت أسر في القصيم وفي الجوف (دومة الجندل) وفي منطقة حايل في بقعاء وغيرها، وهناك أسر قليلة تنتمي إلى عتيبة في بلدان أخرى، ويظهر أن تحضرها حديث بعد انتشار قبيلة عتيبة في نجد.
(3)
وقال الشيخ حمد الحقيل في كنز الأنساب عن عُتَيْبة
(1)
:
قبيلة كبيرة وعلماء النسب يرجعون أصولها إلى هوازن بن منصور من قيس عيلان من مُضَر، وشيخها العام ابن حميد، وهي قسمان:
1 -
بطن برقا وتمتد منازلهم في الشرق حتى الوشم والقصيم وفيه أفخاذ:
(أ) غيال منصور وفيه عشائر الدعاجين ومنها الفروع التالية:
الملابسة ومنه الهيضل وجماعته، بنو إسماعيل، المحاوشة، عيال حمد، ذوو رحمة، الخبطية ومنهم العضاوين، وآل محيا، وآل عتيلة، والمعالية وفيهم آل عبده والصعارين.
(ب) الجثمة والأصح القثمة ويسمون سابقًا الجشمة، وفيه فرعان وهما من هوازن المشهورة يرأسهم العبود وهما: الأولى (الخلد) أو ذوو عبد الله ومنهم البصابصة والحبالصة والدوانية والصوارين ومنهم ذوو فاضل هم الجيرة والعبابيد الرؤساء وذوو زوير ومنهم ذوو قاسم الخثاعمة والصقرة والعمامرة والغشاشمة. الثانية (الدهسة).
(جـ) ومن عُتيبة في برقا العصمة كانت كبطن من بني جُشَم بن معاوية بن بكر بن هوازن، ومنازلهم سابقًا هي منازلها الآن في جهات ركبة .. فيما بينها وبين حضن. وفي نهاية الأرب للقلقشندي مخطوط 1491 - 3: عصمة بن جُشَم بطن من هوازن من العدنانية، وهم بنو عصمة بن جُشَم بن معاوية بن بكر بن هوازن. وفى العصمة فروع: أبو العلا بيت إمارة هو من الجلات، العلجة، الغزول، العمرية، الحمادين، السنوات، الجلادين، النقارين، الشفعان، آل عجرة، الحسينات، آل عبابيد وهم غير عبابيد القثمة، الركيبات، الحلاحلة، الحنايا.
(1)
انظر كنز الأنساب ص 119 - حمد الحقيل طبعة 1988 م/ 1408 هـ.
(د) الشيابين: فيهم فروع عيال صالح، ذوو فهيد وفيها الخليفة وبيت آل فهيد بيت إمارة، القرافين وفيهم الخواتمة، الزبالقة وفيهم آل مرشد.
(هـ) الدغالبة: ومنهم النعرة وفيهم المهدي والثعاليل والهنادية والدرابية، ذوو غلوب وفيهم الضحول والصراوحة والحوافرة والقبعة.
(و) المقّطة: وهي فخذ كبير فيه عشائر: المتابعة، السعافين، الحمدة، العواصين، الخمجان، ذوو خضير، بنو محمد ومنهم الجعدان وبنو حميد والصوبيان وبنو هادي، مسيعيد، القمزة، الحواميد ومنهم المهارجة، ومن بنى محمد بنو عامر وبنو تميمة وبنو جعر وبنو عباد.
(ز) الخنافرة: ومنها القزابلة، الهوازنة.
وأضاف الحقيل: أن الذين ينتمون إلى منصور أبي هوازن هم بنو جُشَم بن معاوية وهم: الجثمة أو ما كانت تسمى الجشمة، الدعاجين، الشيابين، العصمة، الدغالبة.
ومنصور هذا هو أبو هَوَازِنْ وسُلَيْم ويطلق عليه (الأكبر).
(ح) النفِّعة: وهي قسم من عتيبة ومنهم بطون: ذوو مفرج، ذوو زياد، ذوو الحيا، القلتة. والنفِّعة من منصور من قيس عيلان من مضر.
(ط) الروسان: فخذ كبير من عتيبة قيل أنهم بنو رؤاس بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، ومنهم وكيع الجراح العالم المشهور شيخ الإمام الشافعي القرشي، وتنقسم الروسان إلى:
ابن جامع وفيهم الإمارة. اللوبيات، الخرفان، آل حوقل، المهيو، المقاحصة وفيهم ذوو عجيرة وذوو مجري والشهبة ومنهم المراوحة.
والروسان فيهم عوائل متحضرة في الزلفي والقصيم والعارض وسدير والبكيرية والمذنب.
2 -
الروُّقة: وهم البطن الثاني في عتيبة ومنازلهم أقرب إلى الحجاز من برقا وشيخ مشايخهم ابن ربيعان.
والروقة من غزية بن جُشَم بن معاوية بن بكر بن هوازن من قيس عيلان، وفيهم فخوذ كبيرة هي:
(أ) فخذ ذوي ثبيت وفيه عشائر: الحيصان وفيهم البراريق والحمران والجمالية، العفارين وفيهم الرباعين أصحاب الرئاسة والغرزان والشقران والجيعة.
(ب) فخذ طلحة وفيه عشائر: الحنانيش، ذوو زراق، الذيبة، الحماميد أو ذوو حماد، الخرمان، الدلابحة، المغايبة، الحفاة ومنهم عائلة الحفاة في برقة من أعمال نابلس والنسبة البرقاوي، الأساعدة أو بنو سعد، السمرة.
(ج) فخذ المزاحمة وفيه عشائر: ذوو عطية، العضيان، الدماسين، المراشدة، الغبيات، الجذعان. ويتبع عشيرة ذوي عطية عائلات أهمها الموارقة والحبردية والخراريص والسلسلة والعوالي والفراهدة.
- ومن عتيبة متحضرون، ومنهم آل ضحيان في الشقة من الأساعدة، آل راشد في الزلفي ومنهم الشيخ علي المحد الراشد فقيه تلقى العلم في بلدة الزبير وتولى قضاء عنيزة في وقته، ويوجد في سكاكا شمال المملكة العربية السعودية آل راشد من الأساعدة، آل حمد في الزلفي، بداح، الجسار ويوجد آل جسار أشراف في الليث، آل ناصر في الزلفى، آل علي، آل فرهود، آل الرشودي والقعدة في بريدة وآل مويشير في الجوف سكاكا، آل فوزان في القصيم منهم: آل صلح وآل
شلاش في بريّدة والقناص وغيرهم، آل علي ويقول الباحث منهم أنهم مع آل فهيد في الأعلى وهم في الأسياح، الصقران في بريدة والشريان، آل ذكير في عنيزة وكذا آل سلمان والمسامير مع قبيلة الظفير، آل مساعد، آل فهيد في الأسياح ومنهم الرعوجي من شيوخ العمارات من قبائل عنزة، وقد رثاه عبد المحسن الهزاني بقصيدة فريدة، آل جوال في الرياض من عتيبة، آل حمد الجار الله الشايع وآل راشد وآل سلمان وآل مجاهد وآل شقير وآل نافع من الدخيل أساعدة، ولما سألت أحد أشياخ الأساعدة عن نخوة أولاد الجريسي قال: إن بعض أجدادنا اسمه سعود وله أخ اسمه جريس وأنه عند المهمات يندبه بقوله أخوي ياجريس، فهذا أصلها والله أعلم.
ويقول الباحثون أن الأساعدة في طلحة من لصه في الثبتة من قبيلة بني سعد ابن بكر بن هوازن. وفي حي الرحيبين في سكاكا فخذ الدرباس من الروقة، والأساعدة هم بطن من السمرة. ولا تزال الأساعدة بادية مع وجود أسر كثيرة متحضرة منهم، وقد ذهب إلى العراق أناس من الأساعدة هؤلاء ثم عاد بعض إلى نجد وسكنوا مع بني عمهم في هجرتهم مغيب قرب مدينة الدوادمي، ومن الذين بقوا في دولة العراق فخذ المسامير وقد اندمجوا مع قبيلة الظفير لأن والدتهم من هذه القبيلة، وسبب تسميتهم بالمسامير أن والدتهم بعد أن طلقها زوجها الأسعدي وعادت إلى قبيلتها وهي حُبلى قالت: في بطني مسمار!، أما الأسر المتحضرة منهم هي: الحباشي قي الأسياح والخرج والزلفي، آل عقاب في أبي الدود، آل زايد أساعدة، وآل دهام معظمهم من سكان الزلفي، آل عامر سكان الشقة في الوقت الحاضر وهم غير آل عامر المعروفين في بريدة، وعوائل القرياني والفريحي وآل مقحم ومعظمهم من سكان الزلفي وعائلة الفريحي غير عائلة آل
فريح المتفرعة من آل عليان وعائلة القبلان من أهل بقعاء وعائلة الرسي في خضيراء وهم غير عائلة الرسي في بريدة وغير عائلة السكاكر في بريدة، آل مطلق أهل خب القبر وهم غير آل مطلق أهل القصيعة، آل شلاش أهل وهطان أتو من بقعاء، آل مسيطير في بقعاء ويعرفون الآن بآل مسيتير، وعائلة البثرة من أهل التنومة سابقًا وقليبهم أم حزم، المقرن في الزلفي ينتسبون إلى مقرن بن نافع وآل عبد المنعم والفريح والمساعد والسعدون والمجاهد كلهم ينحدرون من مقرن بن نافع، وعائلة الشملاني في بريدة وعائلة الشقيق أساعدة، وآل ضويان والنصيري من أهل قصيباء، وآل مساعد في عنيزة، وآل عبد المنعم، وآل عشري في الشقة، فجميع هؤلاء أساعدة.
ومن الأساعدة بالزلفي العبيد والصلفان وآل ثنيان وآل طوالة وآل حمد وآل سيف وآل ود الله الحمد بن راشد وآل علي جد العبد الكريم وآل صالح والعضيب والناصر والعبد المحسن الصالح وآل سلمان والبداح والشايع ومن الأخير بالكويت والزلفي، وآل باح وآل سعدون ودخيل جد آل نافع بالزلفي والجسار وآل فنيطل وآل دهام بالزلفي والعين والبداح الحمد غير الذين جدهم رشيد وهم حمولتان: راشد جد الفهيد بالعين والناصر بالزلفي وآل مرشد منهم آل ناصر أهل الروضة بالزلفي والملحم والبداح بالزلفي أيضًا والفهيد وبني أخيهم بالأسياح والفوازن ببريدة وآل مقحم بالزلفي والكويت وآل عبد القادر بالزلفي والكويت وآل فالح بالزلفي وآل عطا الله بالزلفي، ومنهم في سوريا والخلافا بالزلفي والسعدون في مصر بقرية أبو صير وآل جسار وآل عمر بالكويت والعبد المنعم منهم المساعدة بعنيزة - كل هؤلاء الأساعدة، كما يوجد آل يوسف في الرياض وفي المنطقة القريبة من العصمة عيال منصور من برقا وآل البقعاوي من الأساعدة وآل جلال في الحريق من العصِّمة. (انتهى قول الحقيل).
(4)
ما قاله محمد بن عثمان بن صالح القاضي عن بعض بطون وأفخاذ قبيلة عُتَيْبة
(1)
:
قال: هذه القبيلة من أشهر قبائل العرب وتنتمي إلى عدنان وبعضها من قحطان، وينتهى نسب عُتيبة إلى هوازن بن منصور، والكثير من علماء النسب يُرجعُون معظمهم إلى هوازن بن منصور من قيس عيلان ثم إلى مُضَر.
وعتيبة بطنان عظيمان: برقا، وروق. ومعظم البطن الأول برقا في الوشم والقصيم ببلاد نجد. ونذكر تفصيلًا عن بعض بطون عتيبة وديارها:
الأساعدة: وأصل بلادهم بالزلفي ونزح منهم إلى جهات عديدة، فمنهم آل بداح بالقصيم والزلفي، وآل براك بالقصيم، وآل ابن جامع وفيهم الإمارة، وآل جريس بالأسياح، وآل جسَّار بعنيزة ونزح بعضهم إلى الكويت، وأولاد حمد ذوو رحمة وآل حمد بالزلفي، والحبيشي بالأسياح، والحبردي بالقصيم، والحماميد بالزلفي، وهم بنو عم للذكران بعنيزة وهم من أعيان مدينة عنيزة، ومن أبرزهم مقبل العبد الرحمن وله أعمال خيرية، فقد قام بطباعة كتب كثيرة في الفقه الحنبلي وكتب لشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم وغيرهما وتوفى رحمه الله سنة إحدى وأربعين بعد الثلاثمائة والألف، ومقبل العبد العزيز ولد رحمه الله سنة 1303 هـ وكان أديبًا مؤرخًا له كتب في التاريخ لم يطبع وكان مديرًا لمالية الأحساء بالمملكة العربية السعودية توفى سنة 1363 هـ، وسليمان وحمد المحمد الذكير سكنا البصرة جنوب العراق وتملكا فيها .. ولهما أعمال خيرية وفيهما كرم وجود، توفي حمد بالبصرة سنة 1374 هـ، وتوفى سليمان سنة 1377 هـ بالبصرة، ومنهم عبد العزيز وأحمد الصالح سكنا البصرة وماتا فيها وهما من الأساعدة، وأقرب ما يكون لهما بالزلفي كما أسلفنا، والحماميد ويسكنون شعيب سمنان قرب الزلفي، وكان الذكران يقيمون في عين ابن فهيد إحدى قرى الأسياح فنزح أربعة منهم إلى عنيزة سنة 1195 هـ.
(1)
عن كتاب منهاج الطلب عن مشاهير قبائل العرب - طبعة 1986 م/ 1406 هـ - القاهرة.
الروسان: ومنهم العالم الجليل شيخ الإمام الشافعي (وكيع بن الجراح)، وآل ربيعان من شيوخهم آل راشد من الأساعدة، نزحوا من الزلفي إلى جهات عديدة، ومن أبرزهم العلّامة الفقيه الشيخ علي المحمد الراشد قاضي بلدة عنيزة، وأحد تلامذة الشيخ عبد الله بابطين، ولد سنة 1223 هـ وتولى القضاء بعنيزة من سنة 1270 هـ إلى وفاته سنة 1303 هـ في عنيزة، وله أحفاد في عنيزة.
الرعوجي: منهم بعنيزة والأسياح، وآل رشودي: منهم في بريدة وهم جهاء البلدة، ومن أعيانها ومن أبرزهم فهد العلي وإبراهيم العلي، وكان فهد رجلًا بارزًا ذا مكانة مرموقة ولكلمته نفوذ عند الملك والأمراء، وفيه نخوة ومروءة ونصر للمظلوم وغيرة ولا يخاف في الله لومة لائم، وله أولاد وهم علي وعبد العزيز وصالح الفهد الرشودي، وكلهم أعيان من صالحي زمانهم وماتوا رحمهم الله.
الركيان: منهم في بريدة، وكانوا في خب الحلوة.
السوالمة: ومنهم عيال مفلح، والسلمان: في عنيزة جاءوا من الزلفي ولا يزال لهم بنو عم فيها، وفيهم علماء وطلبة علم وأدباء وشعراء، ومن أشهرهم الشيخ عبد العزيز المحمد السلمان
(1)
أحد تلامذة شيخنا ابن سعدي ومدرس في معهد إمام الدعوة بالرياض وله مؤلفات مفيدة، ومنهم سليمان العبد الله السلمان من طلبة شيخنا أيضًا ووالده وأعمامه من خيرة زمانهم.
(1)
قلت: من السلمان في الزلفي فضيلة الشيخ عبد الحميد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن السلمان الأسعدي العتيبي، وهو الأديب الملتزم المؤرخ الأمين الثقة والباحث الإسلامي المعروف والمعاصر في المملكة العربية السعودية، مولده في مدينة الرياض عام 1377 هـ/ 1958 م ونشأ في بيت عرف بحب العلم وتقدير العلماء والورع والزهد؛ فوالده العلّامة المشهور صاحب التصانيف الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان الأسعدي، وقد توفي رحمه الله بعد أن ترك مؤلفات عديدة أثرت المكتبة العربية.
والشيخ عبد الحميد يشرف على مشروع خيري ضخم يتمثل في إهداء وتوزيع مؤلفات والده العلَّامة الكبير الشيخ عبد العزيز والبالغ عددها عشرون مؤلفًا منها ما يزيد عن الجزء الواحد، وغيرها من الكتب الإسلامية الوقفية القيّمة على المكتبات العامة في جميع أنحاء العالم ابتداء من عام 1409 هـ/ 1989 م وبشكل متواصل حتى الآن، وقد بلغ عدد المكتبات التي جرى تزويدها بهذه الكتب والتي تطبع وقفًا لله =
الشيابين، والشهبة: وقد تحضَّر منها عوائل بالزلفي وبالقصيم والرياض وسدير، وكذلك الشَّريان: منهم بعنيزة وبريدة، والشرعان: بروضة سدير، والصوانعة وآل صالح بالأسياح، والصَّعب بالأسياح من بلاد القصيم وهم أساعدة، والضحيان بالشقة وهم صقرات، والضويان بقصيبا وهم من الرُّوقة، وآل عتيلة وآل عبده من العصِّمة من برقا، والعفارين وآل علي في الأسياح، وذوي عطية العقيل في بريدة وحائل والزلفي، والعضينان والغبيات وآل غراف ورفاقه وماجد من الدلابحة، وآل فرهود كلهم بالقصيم والزلفي، وآل فوزان بالقصيم وفيهم علماء ومن أبرزهم الشيخ عبد العزيز بن فوزان رحمه الله، وكان عضوا بهيئة التمييز بالمنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية إلى وفاته بذي الحجة سنة 1390 هـ، ومنهم صالح الفوزان رئيس معهد القضاء الأعلى وله نشاط في الدعوة والإرشاد وهم من الأساعدة، وآل فهيد أهل العين وهم أمراء الأسياح، والمراشدة - آل مساعد بن عبد المنعم ومن أبرزهم مساعد وأولاده وأحفاده وهم خيرة زماننا، وآل ناصر بالزلفي من آل راشد من الأساعدة، وآل نافع بالزلفي من الروقة، ومن الدخيل: الهدف وآل هذال من التنومة من الأساعدة من الروقة وهم بنو عم للفهيد أهل العين، وآل هزَّاع في عنيزة ومنهم الممثل الشعبي عبد العزيز الهزَّاع.
ومن عتيبة: المقطة، والمحيّا، والهيضل من برقا، وآل هندي واشتهر منهم بالظفر محمد بن هندي. (انتهى قول محمد بن عثمان).
= تعالى على نفقة المحسنين أثابهم الله نحو عشرين ألف مكتبة عامة وهو رقم كبير غير مسبوق بالنسبة له كفرد في العالم الإسلامي الوقفي المتميز. وتقديرًا لمشروعه مُنح العضوية الفخرية في مجلس إعمار بيوت الله بالوقف الإسلامي اللبناني ببيروت، وفي نادي ابن بطوطة الأدبي للرحلات بطنجة في المملكة المغربية.
ويمتلك الشيخ عبد الحميد مكتبة إسلامية خاصة تضم حوالي عشرين ألف عنوان في مختلف العلوم الإسلامية، وساهم في طبعة الكتب الإسلامية الوقفية على نفقته الخاصة، وهو أديب ومؤرخ وباحث ومؤلف سعودي له عشرون مؤلفًا حتى الآن نصفها في فن التراجم.
(5)
ما قاله عاتق بن غيث البلادي الحربي عن ديار وتاريخ وبطون عُتيبة
(1)
:
قال: عُتيبة إحدى القبائل الكبيرة اليوم في شرق الحجاز ونجد، كانت ديارها حرَّة الحجاز شمال مكة على مدركة ورهاط ممتدة شرقًا وجنوبًا إلى الطائف وما حولها، ثم قامت حروب بينها وبين جاراتها، فحاربت قحطان فأجلتها عن الأرض الممتدة على جانبي الطريق النجدية بين الدفينة والدوادمي، ثم احتلت ديارها، وحاربت مُطيرا في السفوح الشرقية لحرّة الحجاز فزحزحتها عن المحاني وحرّة كشب، فانساحت مُطير إلى شمال شرقي نجد فملكت عُتيبة تلك المنطقة إلى ضَرِيّة ونفء وعَنْز من جنوب القصيم، وأصبحت ديار عتيبة اليوم تمتد من رهاط - شمال مكة - غربًا إلى قرية الغطغط - غرب الرياض - شرقًا، أما حدها الجنوبي، فتضرب قوسًا على الطائف من الشمال والشرق والجنوب، ثم تأخذ يمين الطرق النجدية على جنوب الموية وعفيف والشعراء إلى جبل اليمامة، وفي الشمال، تبدأ من الحرّة جنوب حاذة ثم على شمال حرّة كشب فضَرِيّة إلى الوشم.
وعتيبة قبيلة ذات قوة ومنعة
(2)
، وكانت ذات غلبة تخشاها كل القبائل، ولذا يقولون لها (عتيبة الهيلاء). ومن تاريخ عتيبة: أنها كانت تساند الأشراف في مكة حينًا، وتزعجهم أحيانًا، وكانوا خاصة عبد الله بن الحسين بن علي وأصفياءه، واشتركت عتيبة في فتح الطائف سنة 1343 هـ بقيادة ابن بجاد أحد أمراء بني حميد الذين كانوا أمراء لشمل عتيبة، وأحدثت هناك مذبحة عظيمة.
وأضاف: وتنقسم عُتيبة إلى فرعين عظيمين، هما برقا ورَوْق، وتنقسم برقا إلى شَمْلة وعيال منصور، وبالتالي شملة تنقسم إلى بني سعد وهم بني سعد بن بكر بن هوازن بن منصور، والمقّطة ويقال لها ترثة عُتيبة لقوتها، والروسان. أما
(1)
عن معجم قبائل الحجاز ص 315 - عاتق البلادي - دار مكة للنشر والتوزيع - طبعة عام 1403 هـ - 1983 م.
(2)
يقول العرب عنها عُتيبة دفَّاعة الشر، أي ترد من يعتدي عليها مهما كانت قوته.
عيال منصور فتنقسم إلى القثمة والعصمة وهم من جُشَم، والشيابين وهم من سُلَيْم
(1)
، والدغالبة، والدعاجين.
أما عن رَوْق ويقولون لهم الرُّوقة فهم بلا شك من بني غزيّة بن جُشَم بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور كما جاء في كتب النسب
(2)
، وتنقسم اليوم إلى الطلحة والمزاحمة.
(6)
ما قاله مثيب بن محمد الأسعدي العتيبي عن قبيلة عتيبة
(3)
:
نسبها ومساكنها
يجمع المؤرخون ونسابة عُتيبة أنها من قبائل هوازن العدنانية وأن جل فروعها ينتسب لبني سعد بن بكر بن هوازن وبني جُشَم وبني نصر أبناء معاوية بن بكر بن هوازن، وإن كان قد دخل فيها غيرها من الأفراد والأسر والفروع من القبائل العربية الأخرى المتكافئة معهم في النسب سواء كانت عدنانية أم قحطانية بطريق الحلف أو الاحتماء أو الجوار أو المصاهرة، فصاروا من القبيلة بعد تطاول الأزمنة
(1)
يقصد البلادي هنا حسب النصوص القديمة، أما الشيابين بالعصور المتأخرة دخل فيهم من ثقيف وغيرها أفخاذ عديدة وبمرور الزمن صاروا أغلبية هذا البطن.
(2)
قلت: أهم هذه الكتب سبائك الذهب لأبي الفوز البغدادي الشهير بالسويدي.
(3)
نقلا عن كتاب عشيرة الأساعدة من قبيلة عتيبة طبعة 1419 هـ/ 1998 م. تأليف مثيب بن محمد بن مثيب بن عفون بن زويد بن جحيدل بن محمد بن مسدر بن دبشي بن عبيان بن سعود بن محمد الأسعدي العتيبي. ولد عام 1368 هـ في شهر رجب الموافق 14 من مايو عام 1949 م.
مؤهله العلمي ثانوية عامة من دولة الكويت.
أعماله: إصدار شجرة نسب العبيات الأساعدة عام 1408 هـ، وإصدار بحث في عشيرة الأساعدة سنة 1411 هـ، وكتب أيضًا بحثا عن عشيرة الأساعدة نشر في مجلة العرب السعودية عدد 3، 4 سنة 30 رمضان/ شوال 1415 هـ.
أصدر الطبعة الأولى من كتاب عشيرة الأساعدة سنة 1415 هـ وكذلك الطبعة الثانية عام 1419 هـ.
أرسل العديد من الرسائل للمسئولين وبعض المؤلفين والمؤرخين في العالم العربي.
والعصور وصار لهم ما لها وعليهم ما عليها من الحقوق والواجبات من النعرة والقود وحمل الديات وسائر الأحوال واندرجوا تحت مسماها الهام وإن كان لهم في بعض الأحيان مسماهم الخاص الذي يعرفون به من قبل، أو أن يكون لهم مُسمَّى جديد خاص بهم في القبيلة نفسها أو إحدى عشائرها. وهذا التداخل يحدث في سائر القبائل العربية الأخرى.
وحول اختلاط الأنساب كيف يقع؟ يقول ابن خلدون: "اعلم أنه من البيّن أن بعضًا من أهل الأنساب يسقط إلى أهل نسب آخر بقرابة إليهم: حلف أو لفرار من قومه بجناية أصابها، فيدَّعي بنسب هؤلاء ويعد منهم في ثمراته من النعرة والقود وهو (القصاص) وحمل الديات وسائر الأحوال. . .، ثم إنه قد يتناسى النسب الأول بطول الزمان، ويذهب أهل العلم به فيخفى على الأكثر، وما زالت الأنساب تسقط من شعب إلى شعب ويلتحم قوم بآخرين في الجاهلية والإسلام والعرب والعجم. . ."
(1)
.
وتعتبر عُتيبة من أكبر وأعظم قبائل الجزيرة العربية في الوقت الحاضر، فلا يوجد بين القبائل العربية من ينازعها على معظم هضبة نجد والحرَّة وكشب وشمال وجنوب الطائف وما حوله، وتمتد ديارها شرقًا حتى جبل طويق غرب مدينة الرياض، ولذلك يطلق عليها (عُتيبة الهيلا) لكثرة عددها ومنعتها وقوة غلبتها، ومن بعض ما كتب في ذكر شأنها ما قاله البلادي في معجمه: "إحدى القبائل الكبيرة في شرق الحجاز ونجد كانت ديارها حرَّة الحجاز شمال مكة على مدركة ورهاط ممتدة شرقًا وجنوبا إلى الطائف وما حولها. ثم قامت حروب بينها وبين جاراتها، فحاربت قحطان فأجلتها عن الأرض الممتدة على جانبي الطريق النجدية بين الدفينة
(1)
مقدمة ابن خلدون عبد الرحمن بن خلدون ص 119.
والدوادمي، ثم احتلت ديارها وحاربت مُطيرًا في السفوح الشرقية لحرَّة الحجاز فزحزحتها عن المحاني وحرَّة كشب، فانساحت مُطير إلى شمال شرقي نجد فملكت عتيبة تلك المنطقة ضريّة ونفي وعنز من جنوب القصيم. وأصبحت ديار عُتيبة اليوم تمتد من رهاط - شمال مكة - غربا إلى قرية الغطغط - غرب الرياض - شرقا.
أما حدها الجنوبي فتضرب قوسًا على الطائف من الشمال والجنوب، ثم تأخذ يمين الطرق النجدية على جنوب الموية وعفيف والشعراء إلى جبل اليمامة. وفي الشمال تبدأ من الحرَّة جنوب حاذة ثم على شمال حرَّة كشب فضريَّة إلى الوشم. وهى قبيلة ذات قوة ومنعة وكان ذات غلبة تخشاها جميع القبائل. ولذا يقولون لها (عُتيبة الهيلا)، ومن تاريخ عُتيبة أنها كانت تساند الأشراف في مكة حينا وتزعجهم أحيانًا. وكانوا خاصة عبد الله بن الحسين وأصفياءه. واشتركت عُتيبة في فتح الطائف سنة 1343 هـ بقيادة ابن بجاد أحد أمراء بني حميد الذين كانوا أمراء عُتيبة كافة، وأحدثت هناك مذبحة عظيمة
(1)
.
تفرعاتها:
تتفرع قبيلة عُتيبة إلى ثلاثة فروع كبيرة وكل فرع ينقسم إلى العديد من البطون والعشائر، وهذه الفروع هي:
1 -
برقا: وشيخها العام ابن حميد ويسكن معظم فروعها مناطق نجد والحجاز والكويت.
2 -
بني سعد: وشيخها العام ابن هليّل وتسكن مناطق الطائف وما حوله.
(1)
معجم قبائل الحجاز: عاتق بن غيث البلادي.
3 -
الروُّقة: وشيخها العام ابن ربيعان ويسكن معظم فروعها مناطق نجد والحجاز والكويت.
أولا - برقا: وتنقسم إلى:
أ - شملة.
ب - عيال منصور.
أ - شملة: وتنقسم إلى:
1 -
الطفحة وهم: الجعدة، والحصنة، والوذاتين، والسوطة، والحليفات، والحبوس، والعبابيد، والحلة، وخديد، والجميعات، واللهوب، والزوران في ليه، والحشابرة في بسل، والحمية، ووقدان.
2 -
المقطة وهم: الكرزان، والروسان، والحوابية.
3 -
الروسان وهم: العامر، والمقاحصة، وذوو مجرِّي والشهبة ومنهم المراوحة.
4 -
النفّعة وهم: المساعيد، والنخشة، وذوو مفرج، وذوو زياد، والمحايا، والبسايسة، والفلتة، وبالطائف ربيع، وبنو زايد أو الزود، والسلاقي، والعيلة.
ب - عيال منصور: وينقسم عيال منصور إلى:
1 -
العصّمة وفيه: العبابيد والعلاوين (أبا العلا) والجلاه والشفعان والحمارين.
2 -
الدعاجين وفيه: الملابسة وذوو خيوط والهدّف والخضرية والسوالم والمعالية والشذايين.
3 -
القثمة وفيه:
أ - ذوو قاسم وهم: الخلّد والغشاشمة.
ب - ذوو عبد الله وهم: الدّهسة والدوانية والجبرة والزوران.
4 -
الدغالبة وفيه: النعرة والقلوب والقبعة.
5 -
الشيابين وفيه: ذوو صالح وذوو خليفة.
ثانيًا - بنو سعد: وتنقسم بنو سعد إلى:
أ - البطنين.
ب - الثبتة.
أ - البطنين وهم: خديد واللهوب وبنو زايد والسياييل والحصنة.
ب - الثبتة وفيه الفروع التالية:
1 -
اللصة وهم: القساورة والمراوحة والروقة أهل المعدن والمناجم والثعابين أهل الذيبة وأهل جدارة وأهل لغب.
2 -
الصريرات وهم: الشهبة والذويبات والمناصير والذبانية وآل عيسى وأهل المعدن وهم البراريق والحشائيش وذوو هليّل.
3 -
الثبتة أهل السيل: قسم من الثبتة من بني سعد نزحت من السراة واستوطنت ما يعرف اليوم بالسيل الكبير وهم:
أ - ذوو هليل.
ب - الجوازي.
جـ - الدّراريج.
د - الكِرَزّه.
هـ - الغروب.
ثالثًا - الروّقة وتنقسم الروقة إلى:
أ - ذوو ثبيت.
ب - المزاحمة.
جـ - طلحة.
أ - ذوو ثبيت وفيه:
1 -
العفارين وهم: الرباعين وفيهم الإمارة، والفزران والشقران والحيصة.
2 -
الحبصان وهم: البراريق والجمالية والعردة والحمران.
ب - المزاحمة وفيه:
1 -
العضيان وهم: الثعالية والدماسين والمحاقنة والسحلة والمتايهة.
2 -
الغبيات وهم:
أ - ذوو فطيم وهم: المصاولة والفرنتية والزنونة.
ب - الفنَّش وهم: ذوو سفر وذوو رضيان والغمدان.
3 -
المراشدة وهم: ذوو محمد وذوو حميد.
4 -
الجذعان.
5 -
السياحين.
6 -
ذوو عالي.
7 -
ذوو عطية وهم: المغايرة والمهادلة والغنانيم والقساسمة والخراريص والحبردية والسِّلَسَه والفراهدة والمورقه.
جـ - طلحة وتنقسم إلى: الأساعدة والحفاة والسمرة والحناتيش والغربية والكراشمة والدلابحة والذيبة والحماميد والحزمان والمغايبة وذوي زراق والغضابين والعوازم.
ما قاله الأستاذ عبد الرحمن بن زبن المرشدي عن الأساعدة من قبيلة عتيبة
(1)
.
نسبهم:
عشيرة الأساعدة إحدى عشائر طلحة من الرُّوَقَةِ من قبيلة عُتيبة والنسبة إليهم (الأسعدي) نسبة إلى أسعد بن محمد بن جلهم بن طلحة بن روق، ولأسعد أخوان هما سعد المُسمَّى السميري جد السُّمَرَة، وربعي المُلقَّب الحافي جد الحفاة، فأقرب قبائل الرّوقة إلى الأساعدة السمرة والحفاة ووسمهم ومنازلهم متقاربة وجميع عشائر طلحة تسم المغزل ويُسَمَّوْنَ وَسَّامة المغزل وهذه صفته (T) إلا هذه العشائر الثلاث وسمها واحد قديمًا وهذه صفته (:) أما اليوم فمختلف، فوسم الحفاة يسمى الصدغة ووسم بعض السمرة الدلو وصفته [رسم] وللأساعدة اليوم ثلاثة وسوم: الوسم العام يسمى الخناق، ويسمى أيضًا القلادة لكونه محيطًا برقبة الناقة، والوسم الثالث حلقة ومطرق وصفته رسم رقم واحد وخمسين (51) وهذا الوسم ليس للأساعدة أصلا بل هو للسمرة أبناء عمهم وسَمَهُ الأساعدة أخيرًا احتماءً بهم لضمان مرور قوافل العقيلات في بلاد عتيبة فيقوم السمرة بحمايتها.
(1)
مجلة العرب ج 5، 6 - س 29 ذو القعدة وذو الحجة 1404 هـ آيار/ حزيران (مايو - يونية) 1994 م. - عبد الرحمن بن زبن المرشدي العتيبي من المملكة العربية السعودية.
فروعهم:
أفخاذهم الباقية اليوم في البادية قليلة بسب نزول أكثرهم في القرى وتفرقهم في البلدان، والموجود اليوم منهم في الحجاز ونجد ثلاثة فروع رئيسية هي: القرضة والشناخيب والعبيات، وهذا تفصيلها:
(1)
القرضة: وهي اكبر فخوذ الأساعدة اليوم وجل حاضرة الأساعدة منها وفيهم المشيخة والنسبة إليهم القراضي نسبة إلى قريض بن أسعد ويسمونه قراض بلهجتهم على الإبدال وهم:
أ - ذوي صعب شيوخ الأساعدة اليوم ويسمون الحَدَارَا مفردهم الحديري منهم اليوم في بلدة مُغِيْب الشيخ صعب بن سعد بن فهيد بن خلف بن (صعب) بن سويعد بن محمد بن سرحان بن قراض.
ب - العرادات (ابن عرادة) بعضهم في الكويت.
ج - القرازيح فردهم (القرزوح).
د - المُعُوز مفردهم (المعَّاز) بتشديد العين.
هـ - الطواحيس مفردهم (الطاحوس) وكانوا يعرفون باسم النبيه.
و - الخلاوية.
ح - الزعاترة (الزعتر).
ط - آل مسيب.
ي - النمور (النمر) وهؤلاء تحضروا ولم يبق في البادية منهم أحد، وأكثر حضر الأساعدة منهم.
(2)
الشناخيب: الفرع الثاني من الأساعدة وهم:
أ - آل سعيدان.
ب - الزحوف مفردهم (الزحاف).
ج - آل عشاي.
د - المخاريص.
هـ - الوغيدات.
و - ابن سويد.
(3)
العبيّات عين مهملة مضمومة فباء فياء مشددة وهم الفرع الثالث من الأساعدة والنسبة إليهم (العبيوي) وبينهم وبين عبيات مُطير صلة قديمة وهم ثلاثة أفخاذ هي:
أ - الدباشا.
ب - النغامشة.
ج - الخناصرة (ابن خنيصر) منهم الفارس المعروف دغيلب بن خنيصر المشهور باسم خيَّال (جَبَلة) الهضبة المعروفة في نجد وله فيها قصة معروفة مع قبيلة حرب.
وفي العراق اليوم من الأساعدة: آل غيث، وآل شداد، وآل مفلح، والمعاليس، ورجع بعضهم من العراق سنة 1398 هـ. وسكنوا مع بني عمهم هجرة مُغِيب قرب الدوادمي ولا زالوا فيها حتى اليوم.
وبعض بادية الأساعدة اليوم مع بني عمهم من السمرة والحفاة، فمن الأساعدة مع السمرة الدخانين والعواجين يعرفون باسم الحضر، لانهم رجعوا إلى البادية بعد ما تحضروا، ومن الأساعدة في الحفاة الصقور كانت فيهم إمارة الحفاة قديمًا، أما في خارج القبيلة فيوجد من الأساعدة المسامير وآل مشور مع الصمدة من الظفير.
الحمايل المتحضرة من الأساعدة اليوم:
أكثر من نصف الأساعدة متحضرون اليوم في الزُّلْفِي والقَصيم وخصوصا بريدة التي يشكلون ما يقارب ربع سكانها تقريبا، وفي الأسياح في العين والتنومة وأبا الدود وفي الجوف وبقعاء وغيرها، وبعض أسرهم ذكرها الشيخ حمد في "جمهرة أنساب الأسر المتحضرة" وسنذكر هنا أسرهم مجملة ونخص بالذكر من لم
يأت له في "الجمهرة" ذكرا ممن نعرف منهم وبعضها ذكره الشيخ منديل الفهيد
(1)
محاولة منا في حصرهم وهم من الكثرة بمكان وأشهرهم اليوم:
أ - الفراهيد: وهم في الأساس فخذ من القرضة تحضروا بأكملهم في الزُّلْفِي وعَلَقَة وانتقل بعضهم إلى القصيم وهم: آل سيف وآل حمد وآل فهيد وآل سلطان وآل عبيد وآل ثنيان وآل خميس وآل سبت والطوالة سُمُّوا على اسم أخوالهم من شمَّر في الزلفي، ومن الفراهيد: آل راشد ملكوا الزلفي سنة 1098 هـ
(2)
وهم: آل عثمان وآل فهيد أهل العين وآل فوزان في خُضَيْرَا وغيرها وآل حمد وآل عبد المحسن وآل علي والنواصر غير نواصر تميم وهم: آل ملحم وآل فالح وآل عبد القادر وآل مقحم وآل عمران منهم آل تركي هؤلاء النواصر، ومن آل عبد المحسن: السلمان والبداح والشايع وآل علي وهم: آل عبد الكريم وآل عبد اللطيف والعضيب والصالح والمنصور وآل جار الله، ومن آل راشد في الجوف: آل سعدون بن محمد بن جمعان بن سلامة بن راشد، وآل قايد بن حركان بن جمعان، وآل واكد بن عقيل بن حسن بن سلامة بن راشد، وآل مويشير بن عقيل، وواكد ومويشير أخوان، ومن آل مويشير الوجيه المعروف في الجوف رجا بن ذباح بن حمد المويشير، هؤلاء الفراهيد من القرضة من الأساعدة.
ب - أسر الأساعدة من غير الفراهيد: آل الأطرم في الزلفي منهم الشيخ صالح بن عبد الرحمن الأطرم وابنه الدكتور عبد الرحمن بن صالح، وآل بطي والنصيري في قُصَيباء، والشمالين والسكاكر والنسبة (السكاكر) وهم غير العنزيين، والرسِّي في بريدة وآل مصيطير وآل عقاب في الأسياح، والحبيشي وآل عشري في الشقة، والخلافا وآل فنيطل والدخيل ويتفرعون إلى أسر، والقرياني في الزلفي، وآل هزَّاع في القصيم، وآل برَّاك والصقرات (الصقري) ولتسميتهم بالصقرات قصة وآل مطلق ببريدة والدهام وآل عمرو في الزلفي، وآل درباس والعوايدة (العايدي)
(1)
من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية لمنديل بن محمد الفهيد.
(2)
تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد لابن عيسى.
في الجوف، وآل مد الله والبثرة وآل حماد (الحماميد) في سَمْنان وآل الذكير في عنيزة والمزارعة (المزيرعي).
بلادهم: الأساعدة اليوم في مجملهم حاضرة بعضهم في مُغِيب، والزلفي والأسياح وبريدة في القصيم، وبقعاء والجوف بل نزح بعضهم إلى العراق والشام ومصر، وبقي لهم بقية إلى اليوم في وادي رُهاط بلادهم الأم، حيث كانوا يسكنون ولا زالوا بهذا الوادي الذي يقع شمال غرب مكة المكرمة على مسافة 120 كيلا مع قبائلهم من طلحة من الروقة ثم جلى أغلبهم منه إلى نجد بسبب حادثة معروفة جرت عليهم، وحسب ما رافقها من دلائل نستنتج أنها وقعت في أول القرن الحادي عشر الهجري، وهي لا تتعداه بحال لأننا نجدهم في آخره يملكون الزلفي ويقع بينهم وبين أهل المجمعة مناوشات، ونزوحهم من الحجاز قبل حدور قبائل عتيبة منه إلى نجد بما ينوف على 200 سنة تقريبا وخلاصتها أنه جاور الأساعدة في بلادهم القديمة رهاط قوم من قبيلة البقوم فوردت امرأة منهم تسمى بيداء على قلتة في قرا الروقة بقربة لها وعندما ملأتها طلبت من الحاضرين رفعها وكانوا شبابا من السياحين من المزاحمة فعبث بها بعضهم فخل أسفل ثوبها بالقربة فلما قامت انكشفت فصاحت لجارها الأسعدي فنشبت بين الأساعدة والسياحين فتنة وامتدت لتشمل المزاحمة الذين منهم السياحين وطلحة قوم الأساعدة واستمرت زمنا واستمات الأساعدة حتى كادت الحرب تفنيهم، والتاريخ يعيد نفسه فقد كانت حرب البسوس بين الأخوين بكر وتغلب بسبب امرأة، وحرب داحس بين عبس وذبيان قرابة أربعين سنة، واستمرت حرب الفراعين مزحم وطلحة زمنا حتى كادت عشيرة الأساعدة أن تفنى بكاملها فجلا أغلب الأساعدة خصوصا القرضة فبقيتهم اليوم في الحجاز قليلة وفي طريقهم إلى نجد نزلوا كُشْبًا ومكثوا فيها زمنا ثم حدروا إلى نجد في منتصف القرن الحادي عشر أو في أواخره قبيل سنة 1098 هـ لأننا نجدهم في هذه السنة قد ملكوا الزُّلْفِي، وسطى عليهم فيه أهله الأولون آل محدَث فأخرجوهم منه.
تفرق عشائر الأساعدة في نجد:
أخذوا يتنقلون مع القبائل في نجد حتى قرَّ بهم القرار قرب بقعاء شرق حايل، وهم في طريقهم للشمال، وأرسلوا رُوَّادًا إلى آل هذال شيوخ عنزة يطلبون النزول في جوارهم وكانت قبيلة عنزة في ذلك الزمن تسيطر على نجد وتعتبر أقوى قبائله، وقبل رجوع الرواد أشار عليهم بعضهم بالقصد إلى جهة ابن عريعر الخالدي في الأحساء، فأخذوا يتداولون الرأي والمشورة فسمي موضعهم ذلك قارة الشور إلى اليوم، وهو على مقربة من بقعاء، واستقر رأيهم على السير إلى الأحساء، إلَّا ثلة منهم أشملت لابن هذال وهم الذين سكنوا الكويت والعراق أخيرًا وفي طريقهم إلى الشمال نزل بعضهم الجوف وهم آل مويشير ومن رافقهم من الأساعدة ولم يبق منهم في بقعاء سوى بريك السعدي في جماعة قليلة من قرابته الأدنين، أما الذين قصدوا الأحساء فأجنبوا متجهين إليه وفي طريقهم مكثوا في نفوذ الثويرات على مقربة من علقة، وذهب جماعة منهم يقنصون فواجههم رجال من أهل علقة فقتلوهم عن آخرهم فغضب الأساعدة ومالوا على البلد فقتلوهم، قالوا: ولكثرة من قتل فيها من الفريقين سميت علقة من علقة الدم، ثم رغبوا في السكن فقال أحدهم: ازلفوا عن هذه العلقة مسافة فسميت الزلفي
(1)
لقوله ازلفوا وسكنها بعضهم، أما جمهورهم فاتجهوا أولا إلى الأحساء ونزلوا المبرَّز وعرفت بهم أخيرًا حلة من أحيائه (حلة العتبان) ونزل عليهم بعد أَفناء من برقاء من العصّمة والمقّطة وغيرهم وقيل أنهم هم الذين نزلوا على العصمة والله أعلم ..
وعند نزولهم الأحساء أهدوا لابن عريعر فرسا سابقا تسمى الهدباء وربطوا معه حلفًا، وكانوا يغزون معه في جيشه بل كانوا من بطانته الخاصة حتى أنه لما طُرِد ابن عريعر، وقاموا عليه المهاشير من قبيلته أعاد له الأساعدة ملكه، وضبطوا البلد، وأرسلوا إليه وهو في الشمال فعاد إلى الأحساء فعرف لهم صنيعهم
(1)
هذا التعليل من استنتاجات العامة، وإلا فاسم الزلفي قديم ذكره ياقوت في المعجم رسم الزليفات.
فأقطعهم أرضًا من الأحساء ونخيلًا لا زالت بأيدي أحفادهم إلى اليوم، ورجع أغلبهم أخيرًا منذ مدة تقدر بـ 220 سنة فيكون رجوعهم سنة 1195 هـ تقريبا، وعند رجوعهم من الأحساء إلى نجد نزلوا على وادي المجمعة فلم يرق ذلك لأهل المجمعة فقام بينهم نزاع لحقوا بعذه بالزلفي وساكنوا أبناء عمهم السابقين فيه.
قرى الأساعدة وهجرهم:
1 -
الضمو: بليدة تقع في أعالي وادي رُهاط فيها نخل وبويتات ليست بالكثيرة وهي للنمور منهم خاصة.
2 -
المجمعة: في وادي رُهاط إلى اليوم ويرأس أساعدة رهاط الشيخ واصل بن سلوم ثم ابنه عريمط أخيرًا.
3 -
بقعاء: قرية قديمة قرب حايل (شرقه)، ولا زالوا يسكنونها وهي أول موضع نزلوه في نجد بعد مجيئهم من كشب ومنها تفرقوا.
4 -
الزلفي: سكنوه في القرن الحادي عشر الهجري وأخرجوا منه أهله آل محدث فذهبوا إلى آل مدلج أهل حرمة، واستفزعوهم على الأساعدة فأخرجوا الأساعدة منه سنة 1098 هـ وفي سنة 1113 هـ سطا الفراهيد من القرضة من الأساعدة بأهل المجمعة على الزلفي وأخرجوا آل مدلج منه، ويساكنهم في الزلفي اليوم أفناء من مختلف قبائل العرب.
5 -
سمنان: من قرى الزلفي واسمه قديم له ذكر في قصيدة مالك بن الريب التميمي.
6 -
الروضة: من قرى الزلفي التابعة له.
7 -
علقة: قرية صغيرة قديمة قرب الزلفي.
لمحة عن آل راشد (الأساعدة) في الجوف
(1)
نسبهم:
ينتمي آل راشد الجوف إلى الأساعدة من قبيلة عُتيبة، حيث إن راشد الذي ينتسب إليه جماعة آل راشد في سكاكا - الجوف هو ابن عمرو بن ناصر بن راشد بن قرَّاض الأسعدي من الروُّقة من طلحة من عُتيبة (هوازن).
استقرارهم بالجوف:
تواترت الروايات المنقولة عن أفواه أشهر النسابة الثقات في الجوف من أبناء جماعة الراشد أنفسهم وممن يجاورهم من جماعات وقبائل المنطقة بأن راشد جد جماعة آل راشد في الجوف قد جاء من الزلفي، والمرجح أن قدومهم كان في حدود أوائل القرن الثاني عشر الهجري مرورًا بمنطقة بقعاء وقد استقر في بداية الأمر في دومة الجندل، وتزوج سلامة بن راشد امرأة من السراح من أهالي دومة الجندل ثم انتقل بعدها إلى سكاكا، حيث بنى قصر (القصبة) واتخذه مع أبنائه حصنًا لهم يجاورهم عدد من الجماعات ذات الانتماءات القبلية المختلفة، وكانت تدفع الأتاوة لراع قدير (ابن حباب السرحاني) حاكم المنطقة في تلك الفترة، وقد صادف أن شاهد راشد بن عمرو بن ناصر بن راشد الأسعدي وأبناؤه مجموعة من النساء يحملن على رءوسهن الأتاوة المفروضة لراع قدير حاكم الجوف مما دفع راشد وأبناؤه إلى سؤال النسوة عن وجهتهن بهذه الأطعمة. فأجبنه بأنها أتاوة فرضت
(1)
إعداد السيد الدكتور فارس بن خليف بن شاهر المقاود آل راشد - عميد كلية المعلمين بالجوف بالمملكة العربية السعودية.
وبالتعاون مع خليف بن شاهر المقاود آل راشد، وعبد الله بن مسباح بن مشفي المقاود آل راشد من الأساعدة في سكاكا الجوف.
على السكان تُدفع بصفة دورية لحاكم المنطقة المقيم في قلعة قدير جنوب سكاكا، مما أثار حفيظة راشد وأبناؤه، فدفعهم ذلك إلى أخذ ما بداخل الأوعية من الأطعمة واستبدالها بأكوام مخلفات شجر الإثل (العبل) والتراب وأمرهن بالسير إلى راع قدير وإخباره بالأمر. عندها استشاط راع قدير غضبًا؛ لأنه لم يعتد مثل تلك الجرأة، وعقد العزم على مقاتلة راشد وأبنائه وبالفعل تمت المنازلة وقُتل على إثرها سلامة بن راشد وأحد أبناء راع قدير الذي أيقن بأنه لا يستطيع مقاومة تلك القوة الطارئة في المنطقة، وكان لسلامة بن راشد الذي قتله راع قدير ابنا اسمه حسن الذي قَتَل راع قدير فيما بعد بمكان يُعرف باسم (النقيب) بين دومة الجندل وسكاكا، حيث وقف حسن الشاب اليافع بالمكان المذكور منتظرًا عودة راع قدير إلى قصره جنوب سكاكا وعندما شاهده راع قدير ممتطيا فرسه سأل على الفور قائلًا:(وش هالجهامة)
(1)
؟ فرد عليه حسن قائلًا: (حسن يدوِّر ثأر سلامة)
(2)
.
وقد عرف راع قدير على الفور أن ذلك الشاب هو حفيد راشد الذي انتزع منه الزعامة في سكاكا وتمت المنازلة واستطاع الشاب بحماسته وقوته أن يقتل قاتل أبيه فانجلت من تلك اللحظة حقبة مظلمة من الاستبداد والظلم في منطقة الجوف شهد بها كافة سكان المنطقة الذين لا يزالون يُقدِّرون ذلك الموقف الشجاع لجماعة آل راشد بالمنطقة إضافة لمواقفهم البطولية بدءًا من هذه الحادثة ومرورًا بقتل منصوب بن شعلان المدعو عامر المشورب على يد أحفاد راشد زعيم حلف المعاقلة الشيخ رجاء بن ذباح بن مويشير آل راشد بن عمرو بن ناصر وانتهاءً بتزعم الشيخ رجاء لأعيان الجوف وتسليم المنطقة للحكم السعودي الزاهر.
(1)
أي: ما هي تلك الهيئة التي أرى.
(2)
أي: يبحث عن ثأر أبيه.
أقسام آل راشد:
ينقسم آل راشد بن عمر بن ناصر بن راشد بن قراض الأسعدي العتيبي في سكاكا الجوف إلى الأقسام الرئيسية التالية:
1 -
المويشير
2 -
الواكد.
3 -
المحوس.
4 -
المقاود.
5 -
القايد.
6 -
السعدون.
7 -
الحميمص.
8 -
المهاوش (في دومة الجندل).
ما قاله أيضًا الأستاذ/ مثيب بن محمد عن الأساعدة من عُتيبة عن نسبهم وتفرعاتهم ومساكنهم
(1)
:
نسبهم:
واحدهم أسعدي والنسبة إليه الأسعدى، وتجمع الأساعدة وهم بنو أسعد بن جلهم بن طلحة بن روق الذي يتصل بنسبه مرفوعًا بعمود النسب إلى سعد بن بكر بن هوازن، والمعروف أن الأساعدة من عشائر طلحة الروقة من قبيلة عتيبة الشهيرة التي تنتسب إلى قبائل هوازن العدنانية. وإن كان قد دخل فيهم غيرهم من الأفراد
(1)
نقلًا عن كتاب عشيرة الأساعدة لمثيب بن محمد من قبيلة عتيبة في دولة الكويت.
وهذا البحث للأستاذ مثيب عن الأساعدة لم يلم بجميع العائلات والأسر في مدن المملكة العربية السعودية وأهمها آل راشد في سكاكا الجوف والتي كان لها دور بارز في تاريخ منطقة الجوف شمال المملكة.
كذلك لم يوضح بعض الأشعار القديمة والتواريخ الخاصة بالأساعدة قبل الحكم السعودي في طبعته الأولى.
والأسر من القبائل الأخرى. بسبب من أسباب التداخل التي تحدث في الكثير من العشائر المختلفة.
وحول نسب الأساعدة يقول البلادي: "تنقسم طلحة إلى: العوازم، والذيبة، والدلابحة، والحناتيش، وذوي زراق، والسمرة، وذوي حمّاد، وبني أسعد، والحفاة وتمتد ديار الروقة اليوم من رهاط شمال مكة آخذة بشرق إلى داخل نجد قرب الرياض. ويقول أيضًا: بنو أسعد والنسبة إليه أسعدي بطن من طلحة من الروقة من عتيبة وقد أنجد معظمهم"
(1)
.
ويقول حمد الجاسر: "الأساعدة واحدهم أسعدى من الروقة من عتيبة. ويقول أيضًا: بنو أسعد واحدهم أسعدى من طلحة من الروقة من عتيبة"
(2)
.
والمقصود هنا ببني أسعد هو عشيرة الأساعدة لأنه لا يوجد اليوم في طلحة أو الروقة عشيرة مستقلة باسم بني أسعد، بل الموجود هو عشيرة الأساعدة نسبة إلى أسعد حيث إنه الجد الأعلى في عمود نسب الأساعدة.
ويقول عبد الرحمن المرشدي: "أما روق بن سالم بن صرير فأعقب طلحة، وأعقب طلحة: جلهم وعاصي، وأعقب عاصي: عازم وكرشم وسمير وزراق، وأعقب جلهم أسعد جد الأساعدة"
(3)
.
ويقول حمد الجاسر: والمتحضرون منهم في نجد - يقصد الروقة - يرجعون إلى فرع الأساعدة في الزلفي والأسياح (النباج قديما) وفي بقعا في منطقة حائل
(1)
معجم قبائل الحجاز: عاتق البلادي.
(2)
معجم قبائل المملكة العربية السعودية، القسم الأول: حمد الجاسر.
(3)
مجلة العرب الجزء (201) سنة 28 رجب وشعبان 1413 هـ: عبد الرحمن المرشدي.
وفي الجوف وفي عنيزة. قدم أحد أجداد هؤلاء المتحضرين على ما يتناقلون - وهم مأمونون على أنسابهم - من رهاط الوادي المنحدر من الحرَّة المسماة باسمه - أو بحرَّة الروقة أيضًا - مخترقا سلسلة جبال الحجاز إلى البحر ولا يزال للأساعدة في ذلك الوادي بقية"
(1)
.
أما فيما يتعلق في مشيخة الأساعدة وبأنها في صعب الديري فقد أخطأ الحقيل والفهيد، حيث إن صعيب الحداري وليس صعب الديري منصّب من قبل الحكومة السعودية في بلدة مغيب في الوقت الحاضر وليست له ولا لأحد من آبائه أو أجداده أية مشيخة في الأساعدة. وإنما يدّعيه صعيب الحداري ويروّج له من أن مشيخة الأساعدة تتسلسل في آبائه وأجداده هو قول لا أساس له من الصحة ويخالف الحقيقة والواقع، ولم يقل به أحد من الأساعدة أو غيرهم من قبل، ولم تسجله الأحداث التاريخية في الماضي. ولم يعش أجداده مع الأساعدة في السابق بل كانوا يعيشون في الأحساء مع خلف بن بصيّص الأسعدي. بعد ذلك انتقل جدهم فهيد بن صعب لسبب من الأسباب الكثيرة في ذلك الزمان من الأحساء إلى الجبلان من قبيلة مُطير في شرق الجزيرة العربية. وقد عاش معهم وتزوج عندهم من الهولان وأنجب أولاده الذين منهم سعد بن فهيد والد صعيب الحداري هذا، ولم يأتوا إلى الأساعدة إلا في الوقت القريب في حوالي منتصف حكم الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله. وقد أطلق عليهم الأساعدة لقب (الحداري) نسبة لمجيئهم من شرق الجزيرة العربية حيث إنه في عرف أهل نجد يسمى (حدر) نسبة لانحدار سطح الأرض كلما اتجهوا شرقًا.
(1)
جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد، القسم الأول. حمد الجاسر.
أما مشيخة الأساعدة البادية فإنه من المعروف والثابت أنها في حمولة الزحوف ومفرده (الزحاف) الذين تعرفهم الحكومة السعودية ويعرفهم الكثير من أهل نجد. أما الأساعدة الحاضرة آل صالح فلهم أمراء سيأتي ذكر بعضهم فيما بعد.
تفرعاتهم:
تتفرع الأساعدة إلى فرعين هما:
1 -
حاضرة وهم (آل صالح).
2 -
بادية وهم (آل سعود).
أولًا - الحاضرة (آل صالح):
وهم أبناء صالح بن محمد بن أسعد بن جلهم بن طلحة بن روق. وقد تحضروا في بلد المجمعة ثم انتقلوا إلى الزلفي ثم التنومة ثم رجع بعضهم إلى الزلفي وملكوه وتحضروا فيه، وهم من ذرية راشد بن صالح، وبقى الآخرون منهم في التنومة وانتشروا في بلاد الأسياح. وقد اشتهر فرع الراشد بالزلفي وغلبت تسميتهم على باقي فروع ذرية صالح بن محمد، وأصبح من الشائع عند ذكر لقب الراشد أنه يشمل فروع آل صالح مع العلم أن لقب الراشد خاص بذرية راشد بن صالح أهل الزلفي وبني عمهم الفهيد أهل العين والفهيد أهل التنومة والجاسر أهل طريف وسلامة الذي ذريته الفوزان أهل خضير ببريدة. ومن الوقائع التاريخية التي تشير إليهم:
يقول ابن عيسى: "وفي سنة 1098 هـ - 1686 م سطا آل محدث من بني العنبر بن عمرو بن تميم على الفراهيد الأساعدة من الروقة من عتيبة في الزلفي
وقتل فوزان بن زامل في الزلفي. ويقول أيضًا: وفي سنة 1113 هـ - 1701 م سطا الفراهيد المعروفون بآل راشد من الأساعدة من الروقة من عتيبة على الزلفي وأخرجوا منها آل مدلج من أهل بلد حرمة وكانوا قد سطوا عليها وملكوها فسطا عليهم الفراهيد في هذه السنة وأخرجوهم منها واستولوا عليها"
(1)
.
ولقب الفراهيد على ما يذكر "الشيخ محمد الزيد الصعب من ذرية جدهم صالح اللحقة أي الصغار"
(2)
فصار لقب الفراهيد ملازمًا لآل راشد أو يدل عليه إذا جاء منفردًا، ولأنهم على ما يبدو كانوا ضمن أبناء أخيهم راشد بن صالح حين سطوا على الزلفي سنة 1113 هـ واستولوا عليها، فأصبح لقبهم ملازمًا للقب أبناء أخيهم.
وضمن مخطوطة حصلت عليها من الأخ إبراهيم المحمد الحمد تحتوي على ما نصه: "بيان ذرية صالح بن محمد الأسعدي الذي انتقل من المجمعة إلى الزلفي.
أولاده الكبار:
1 -
عامر وعقب الهذال الموجودون الآن بالتنومة.
2 -
عمّار وعقب المشاري أهل (أبا الدود) والعمّار الموجودون الآن في (أبا الدود)، وابن عطا الله المنديل الموجود بالتنومة.
(1)
تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد: إبراهيم بن صالح بن عيسى.
(2)
محمد الزيد الصعب من أهل (أبا الدود) الأساعدة في حفر الباطن أخذت منه هذه المعلومات سنة 1411 هـ.
3 -
راشد وعقب آل فهيد أهل العين، وآل فهيد بالتنومة والجاسر أهل طريف وسلامة الذي ذريته الفوزان أهل خضيرا ومن تبعهم وحمد وناصر وبداح انتقلوا للزلفي من التنومة.
4 -
عمران ولم يعقب أحدًا.
5 -
أولاده الصغار فهم الفراهيد أهل علقه
(1)
.
ويتفرع آل صالح الأساعدة إلى:
أ - الراشد وهم:
1 -
الحمد بالزلفي والكويت.
2 -
البداح ومنهم الشايع بالزلفي والكويت.
3 -
العلي ومنهم الحمين بالزلفي.
4 -
الناصر بالزلفي.
5 -
العثمان بالزلفي.
6 -
السلمان بالزلفي.
7 -
العبد الكريم بالزلفي.
8 -
الصالح بالزلفي ومنهم الراشد والمجحم بالكويت.
9 -
الملحم بالزلفي والكويت.
(1)
إبراهيم المحمد الحمد: من أهل الزلفي الأساعدة، والمخطوطة كتبها له الشيخ محمد الزيد الصعب أخذت منه صورتها سنة 1411 هـ.
10 -
الجاسر بطريف.
11 -
السلامة ومنهم ذوو فراج بعسيلة وأرطاوي الرقاص.
12 -
الغضيب بالزلفي.
13 -
الفوزان بخضيرا في بريدة.
14 -
الفهيد وهم الرعوجي والعلي ومنهم المنديل والعبد الله بالقصر في عين ابن فهيد بالأسياح وآل عبد العزيز بالتنومة.
ب - العامر وهم: الهذال الموجودون الآن بالتنومة ومنهم المضحي بالتنومة.
ج - العمّار وهم:
1 -
المشاري الصعب أهل (أبا الدود) وهم العبد الله والحمد والحمود والجار الله.
2 -
العمّار في (أبا الدود).
3 -
العطا الله المنديل بالتنومة.
د - الفراهيد (الفرهود): في علقة ومنهم الذكير والمساعد في عنيزة.
مساكنهم:
1 -
المجمعة أول مساكنهم في نجد بعد النزوح من بلدهم رهاط بالحجاز.
2 -
الزلفي.
3 -
التنومة بالأسياح.
4 -
عين ابن فهيد بالأسياح.
5 -
(أبا الدود) بالأسياح.
6 -
طريف بالأسياح.
7 -
خضيرا ببريدة.
أمراؤهم:
1 -
أهل الزلفي: إمارتهم في آل راشد وأولهم حمد آل راشد أول من تولى الإمارة بالزلفي سنة 1113 هـ ثم تولى منهم بعد ذلك البداح والناصر والحميّن.
2 -
عين ابن فهيد: ابن فهيد.
3 -
أبا الدود: الصعب المشاري.
4 -
خضيرا ببريدة: الفوزان.
5 -
التنومة: العبد العزيز الفهيد.
6 -
طريف: الجاسر.
ثانيًا - البادية (آل سعود):
وهم (الشناخيب والعبيات والقرضة) أبناء سعود بن محمد بن أسعد بن جلهم بن طلحة بن روق. وهم غالبية الأساعدة، وكانت تغلب عليهم صفة البداوة رغم امتلاكهم للقصور والنخيل في بلدهم رهاط منذ القدم إلى جانب امتلاكهم للإبل والخيل والمواشي وبيوت الشعر، فقد تميزوا بالجمع بين صفتين في وقت واحد وهما الحضارة والبداوة، إلا أن صفة البداوة كانت الغالبة عليهم بسبب التصاقهم بقبيلتهم عتيبة ومشاركتها في حروبها ضد القبائل الأخرى واشتراكهم في حروبها في نجد مع قبيلة قحطان الشهيرة أثناء نزولهم من الحجاز إلى نجد.
ويتفرع آل سعود الأساعدة إلى:
أولًا - الشناخيب أبناء شنخوب بن سعود وهم:
1 -
الزخوف ومفرده الزخاف وفيهم إمارة الأساعدة البادية.
2 -
العشّاي.
3 -
المخاريص.
4 -
ذوو شلهوب (الحمسان) بالحجاز.
5 -
ذوو ذخار (الأقَزَّه) بالحجاز.
6 -
السعادين.
7 -
الوغيدات.
ثانيًا - العبيات أبناء عبيان بن سعود وهم:
أ - الدباشا وهم:
1 -
ذوو زايد.
2 -
ذوو سياف وهم:
أ - ذوو سرور.
ب - ذوو غافل.
جـ - ذوو ضاوي.
د - الجبارين.
3 -
الخناصرة.
4 -
الطواحيس.
5 -
ذوو بدين.
6 -
ذوو مزبن.
7 -
ذوو مقبول.
8 -
العواضات.
9 -
ذوو زوَيِّد وهم:
أ - ذوو حمَّاد بالحجاز.
ب - ذوو سعد بالحجاز.
جـ - ذوو هويدي بالحجاز.
د - المثيب منهم مثيب بن محمد المثيب "مؤلف كتاب عشيرة الأساعدة".
ب - ذوو كايد (النغامشة) وهم:
1 -
ذوو هلال.
2 -
ذوو صويلح.
3 -
ذوو مرضي.
4 -
ذوو ذعار.
5 -
الصهيب.
6 -
ذوو عساف بالحجاز.
ثالثًا: القرضة أبناء قراض بن سعود وهم:
1 -
العرادات.
2 -
ذوو طوارش.
3 -
الخلاوية وهم:
أ - ذوو عويجان.
ب - الخال.
جـ - ذوو صقر.
د - ذوو داموك.
هـ - ذوو شافي.
4 -
الوبلان وهم:
أ - الدواويس وهم:
1 -
العجاب ومنهم الخضارين.
2 -
القرازيح.
3 -
ذوو ضويان.
ب - ذوو فالح.
جـ - ذوو رويشد.
د - ذوو بريك (المعوز) بالحجاز وهم:
1 -
ذوو عجاب.
2 -
ذوو عويزب.
3 -
ذوو عازب.
هـ - ذوو مبرك (المعوز) بنجد وهم ذوو خلف وذوو عليان.
5 -
ذوو مبرك بالحجاز وهم (غير ذوي مبرك المعوز) وهم:
أ - ذوو عصَيْم.
ب - ذوو مسيّب.
جـ - النمور.
6 -
الخصيان بالحجاز وهم:
أ - العجران.
ب - المسافرة.
جـ - ذوو خليفة.
7 -
الزعاترة.
8 -
الحداري.
مساكنهم ومياههم:
1 -
رهاط: بلدهم الأول وهو أحد الأودية الخصبة بالحجاز الذي تكثر فيه عيون المياه والنخيل ويقع إلى الشمال من مكة المكرمة على بعد 120 كيلو مترًا تقريبا.
2 -
المُواه: ويقع في واجهة كشب من الجنوب ولهم فيه قليب الفضيّة لسياف بن دبشي.
3 -
مرّان: ويقع في ظهر كشب ولهم فيه قلبان منها لدغيم بن دبشي، وضيدان العشاي، والزعتر.
4 -
تنضبه: وتسمى (الأسعدية) تقع في الحرَّة شمال عشيرة للزحّاف.
كانت هذه مساكن الأساعدة وموارد مياههم في الحجاز وعالية نجد قبل تحدرهم مع قبيلتهم عُتيبة إلى نجد التي تمكنت من السيطرة عليه بعد خوض الحروب العديدة فيه مع الكثير من قبائل الجزيرة العربية المختلفة، حيث تمكنوا من الدفاع عنه والمحافظة عليه من أطماع تلك القبائل التي كانت الغلبة فيها للأقوى في تلك الحقبة من الزمن؛ وذلك لغياب سيطرة الدولة الواحدة على بلاد نجد وأغلب مناطق الجزيرة العربية لأسباب تاريخية وسياسية لسنا في مجال ذكرها في هذا البحث. وقد استمروا في العيش فيه والتنقل بين أرجائه والدفاع عنه لفترة طويلة من الزمن إلى أن قيض الله لهذه الجزيرة من سعى لتوحيدها وجمع شمل أهلها من قبائل وحضر فكانت قبيلة عُتيبة من أول المشاركين في صفوف لواء التوحيد ضمن جيوش الإخوان، وكان لهم شرف المساهمة في توحيد المملكة العربية السعودية بقيادة الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله. فسكن الأساعدة مع قومهم عُتيبة في مدن نجد وقُراه، فمنهم من سكن الغاط والداهنة حتى تكوين هجر عُتيبة في نجد حيث سكن بعضهم في ساجر وبعضهم في عسيلة وأرطاوي الرقاص والزلفي. أما الآن فإن هناك العديد منهم يقيم في مناطق متفرقة من المملكة العربية السعودية بسبب انخراطهم في الوظائف العامة للدولة. كما أن هناك الكثير منهم من مواطني دولة الكويت. أما الذين بقوا منهم في بلدهم رهاط بالحجاز فقد تركوه لقلة موارده الاقتصادية وعدم وجود الخدمات الضرورية فيه فسكنوا مدركة ومسيحة وجدة ومكة والطائف وغيرها.
ما قاله الشريف - محمد بن منصور عن قبائل عُتَيْبة من هوازن
(1)
:
هذه القبيلة في عصرنا الحاضر من أشهر القبائل في الجزيرة العربية ومن أكثرها بطونًا وأفخاذًا، تمتد مساكنها من سروات الطائف الجنوبية إلى سنام وأم سريحة ومصدة والغطغط في كبد نجد. وقد ذهب بعض الباحثين إلى أنها مجموعة أحلاف من القبائل لا يربطها نسب ولا قربى، سوى دعوة عُتيبة التي هي نخوتهم ولحمة نسبهم، وعماد جمعهم، ومنهم من أرجعها إلى هوازن وبطونها وهذا ما أرجحه وأميل إليه، لان كثيرًا من قبائل عتيبة يذكر العارفون فيها أنهم يرجعون في الأصل إلى بني سعد، وبنو سعد كما هو معروف بطن من بطون هوازن، ولا زالوا يعرفون بهذا الاسم حتى الآن. ويجاور عُتيبة في وقتنا الحاضر من الجنوب والشرق قبائل بلحارث، والبقوم وسُبيع وقحطان نجد، ومن الغرب والشمال ثقيف وهُذيل ومُطير وحرب. وديار عُتيبة في عصرنا الحاضر لا يضاهيها ديار أي قبيلة أخرى لسعتها وكبر رقعتها - على ما أظن - ولهذه القبيلة عدة تقسيمات عند نسابيها - فالتقسيم الأول يجعلها قسمين هما: روق وبرقا - فجميع قبائل عتيبة من غير روق برقاوية وهذا التقسيم عند أهل نجد منهم.
وأما عند أهل الحجاز فهناك تقسيمات أخرى لقبائل عتيبة من غير روق، وأما روق فيتفقون مع أهل نجد في اعتبارها شطر عتيبة. فتقسيمات أهل الحجاز:
أولًا: بنو سعد
ثانيًا: الطِّفَحَة
ثالثًا: شَمْلَى
رابعًا: بَرْقَا
خامسًا: عيال منصور.
(1)
كتاب قبائل الطائف وأشراف الحجاز ص 71 وما بعدها طبعة 1401 هـ تاليف الشريف - محمد بن منصور بن هاشم آل عبد الله بن سرور.
1 -
بنو سعد
فبنو سعد هم:
1 -
الثِّبَتَة.
2 -
رُبَيْع.
3 -
خُدَيْد.
4 -
بنو زايد.
5 -
السلاقى بألف مقصورة.
6 -
السياييل.
7 -
الحِصَنَة.
8 -
الحِلَسَة.
9 -
الجُمَيْعَات.
فهؤلاء المعروفون ببني سعد عند من جاورهم من القبائل، ولكن بعض من العارفين يلحق ببني سعد قبائل:
الجِعَدَة - والحِمَيَة - ووقدان
ويخرج من بني سعد تقسيم آخر يقسمهم إلى قسمين هما:
أولًا: الثِّبَتَة
ثانيًا: البطنين - هكذا ينطقونها دائمًا
فالبطنين هم:
1 -
خُدَيْد.
2 -
اللُّهُوب.
3 -
بنو زايد.
4 -
السياييل.
5 -
الحِصَنَة.
وهناك من يجعل البطنين: خديد - واللهوب - والسياييل فقط.
والثبتة هم:
1 -
القَسَاورَة.
2 -
المَرَاوحَة.
3 -
الروقة أهل المعدن.
4 -
المناجيم.
5 -
الثعابين أهل الذيبة.
6 -
أهل جدارة.
7 -
أهل لغب.
وهذه المجموعة من قبائل الثبتة يطلق عليها "اللّصة" بضم اللام المشددة وصاد مفتوحة.
8 -
الشهَبَة.
9 -
الذُّوَيْبَات.
10 -
المناصير.
11 -
الذبانية.
12 -
آل عيسى.
13 -
أهل المعدن: البراريق والحشايش وذوو هليل
وهؤلاء من الثبتة يطلق عليهم الصريرات أي أن قبائل الثبتة قسمان لصّة وصريرات.
2 -
الطِّفَحَة
وهم:
1 -
الجِعَدَة.
2 -
الحِصَنَة.
3 -
الوذانين
4 -
السُّوَطَة.
5 -
الحُلَيْفَات.
6 -
الحُبُوس.
7 -
العبابيد.
8 -
الحِلَسَة.
9 -
خُدَيْد.
10 -
الجُمَيْعَات.
11 -
اللُّهُوب.
ويلحق بالطفحة الزوران في لية والحشابرة في بسل.
3 -
شَمْلَى
وأما شملى فهي مجموعة قبائل الطفحة مع إضافة قبائل النفعة والمقطة إليها.
4 -
برقا
وهم قبائل:
1 -
الثِّبَتَة.
2 -
العِصَمَة.
3 -
الدَّعَاجَيْن.
4 -
الدَّغَالِبَة.
5 -
القِثَمَة.
6 -
الشَّيَابين.
7 -
الحِمَيَة.
8 -
وَقْدان.
5 -
عيال منصور
1 -
العِصَمَة.
2 -
الدَعَاجِين.
3 -
الدغالبة.
4 -
القِثَمَة.
ومنصور (*) هذا الذي تذكر هذه القبائل أنها تنتمي إليه لا يعرفونه ابن من ويقولون أن هذا النسب مصطلح عليه بينهم.
وغير هذه التقسيمات التي ذكرتها، هناك تقسيم أكبر منها يجعل عتيبة من غير روق قسمين هما: ثُبَيْت ونُفَيْع.
فثبيت يشمل قبائل الثبتة وبرقا وعيال ومنصور.
ونُفَيْع بالتصغير يشمل قبائل البطنين والطفحة وشملى، هذا ما عرفته من تقسيمات عتيبة حسب اصطلاح قبائلها.
قبيلة القَسَاوِرَة
من الثبتة من بني سعد يقطنون مع قومهم بسراة بني سعد وأكثرهم أهل قرى ومزارع ومن أشهر قراهم لَغَب والرَّحَى، وينقسمون في وقتنا الحاضر إلى المظافرة وذوي عطية وكل بطن ينقسم إلى عدة أفخاذ كما سنوضح.
أولًا: المظَافِرة ويتفرع منهم:
1 -
ذوو سليمان.
2 -
الأحلاف.
ثانيًا: ذوو عَطَيَّة ويتفرع منهم:
1 -
ذوو سُنِيْده
2 -
المناصير، وهم غير المناصير أهل المجمعة.
3 -
ذوو عايد، ويتفرع منهم:
(*) قلت: ويرجح أن يكون منصور هو الجد الجاهلي الذي تنتسب له عموم هوازن بن منصور.
(أ) ذوو مطر. (ب) ذوو عوض. (جـ) ذوو عبد الله.
ومن هؤلاء قلّيل بن عايد كان من - مباني - عتيبة المشهورين وآبائهم المذكورين وممن يتقاضون إليه ويأخذون بقوله ويرضخون لحكمه. وبيت ذوي عايد من بيوت عتيبة المشهورة في الحجاز ويساوون ذوي هليّل وذوي دخين في المكانة والجاه.
ويلحق بالقساورة من قبائل اللصة الثبتة عدة قرى بها عدد من الأفخاذ والبطون.
1 -
قرية البراريق، وبها:
(أ) ذوو هُرَيْس.
(ب) ذوو مطر.
2 -
قرية مَخْلِدة، وبها:
(أ) الجواعدة.
(ب) النِّتَفَة.
(جـ) ذوو حمدان.
3 -
قرية الضباعين، وبها:
(أ) ذوو سعد الله.
(ب) الحرشان.
4 -
قرية أطلح، وبها:
(أ) التومان - ذوي تويم.
(ب) ذوو مُلَيِّح.
(جـ) ذوو صقر.
5 -
قرية الشروط، وبها:
(أ) ذوو مَنِيع الله.
(ب) الحنابلة.
6 -
قرية الدهامين، وبها:
(أ) ذوو صالح.
(ب) ذوو مُقْبِل.
7 -
قرية المحارث، وبها: الغواوير.
8 -
قرية ذنيب الرحا، وبها:
(أ) الوِنَسَة، وبعض من ذوي عايد.
قبيلة المَرَاوِحَة
من الثبتة من بني سعد يقطنون سراة بني سعد الغربية مما يلي الطائف وأكثرهم أهل قرى ومزارع، من أشهر وديانهم المعدن وبقران وعباسة وأم البكار، وقد جاء لبعض هذه المسميات ذكر في كتب البلدانيين والرحالة.
قال الهمداني
(1)
: "ومن يماني الطائف واد يقال له جفن لثقيف وهو بين الطائف وبين معدن البرام ويسكن معدن البرام قريش وثقيف".
وقال في مكان آخر
(2)
: "أرض عدوان من السراة يصاع والسوار وبطن قطن والنجار وبقران. قال ذو الأصبع العدواني:
جَلَبنا الخيل من بقران قبًا
…
تجوب الأرض فجًا بعد فج
وهذه المسميات جميعها المعروف منها وغير المعروف أصبحت في ديار الثبتة ولم يعد لعدوان بالسراة مكان، إلا أولئك الذي يخالطون زهران ويُعدّون منها. وكذلك ثقيف وقريض لم يبق لهم في هذه الأماكن بقية. وذكر صاحب نزهة الجليس
(3)
في سير رحلته إلى السراة بعض هذه المسميات فقال: "فلما كان يوم الجمعة بعد الزوال لتسع بقين من شوال عام ألف ومائة وواحد وأربعين خرجنا من
(1)
صفة جزيرة العرب، ص 121.
(2)
صفة جزيرة العرب، ص 123.
(3)
صفة جزيرة العرب، ص 443.
الطائف قاصدين يمن الحجاز فأتينا على أرض ليَّة، وهي قرية بها أشجار مؤتلفة وأثمار مختلفة، ثم أتينا على الصُّخَيْرة عند الغروب وبيتنا بها، وبها أشجار تين ومزارع وآبار. وفي الصباح رحلنا فأتينا عَبَّاسة قُبيل الظهر، وهي قرية بها أشجار وآبار وأثمار، ثم أتينا أم شَرَم، وهي قرية بها أشجار وأثمار وآبار، ثم أتينا الحَوَّاك وهي كذلك، ثم أتينا بقران وهي كذلك".
والمراوحة اليوم ينقسمون إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
الرُّوسان: ومنهم جزء كبير بنجد يقطن (مصّدة) قرب الدوادمي.
2 -
الغنانيم.
3 -
الشَّعارية.
4 -
المقافشة.
5 -
الفقهاء.
6 -
العَوَادَات.
7 -
السَّحَابين.
8 -
السُّحْران.
قبيلة الرُّوُقَة أصل المعدن
من الثبتة من بني سعد وهم غير الروقة القبيلة المشهورة بنجد، تقطن هذه بالناحية الغربية من سراة بني سعد، وديارها أول ما تلقى الواصل من الطائف إلى السراة، وهم أهل قرى ومزارع، وأشهر وديانهم وادي المعدن ووادي سلامة، وأشهر قراهم غُرابة يوجد حذاؤها من الغرب حفريات منجم قديم، وقد ذكر الهمداني المعدن وقال
(1)
: "ومن يماني الطائف واد يقال له جفن لثقيف وهو بين الطائف وبين معدن البرام ويسكن معدن البرام قريش وثقيف". هذا على زمن الهمداني وأما اليوم فإن المعدن من ديار الثبتة، ولم يبق لثقيف وقريش بهذه الناحية أي بقية تذكر، وتنقسم الروقة أهل المعدن اليوم إلى عدة أفخاذ هم:
(1)
صفة جزيرة العرب، ص 121.
1 -
الدَلابِحَة.
2 -
المَرَاعِين.
3 -
السِّمَرَة.
4 -
الحُمْرَان.
5 -
الفُنَّش.
6 -
الهَوَالِمة.
ويخالط الروقة هؤلاء بحكم الحلف والجوار:
1 -
الزيابقة من وقدان.
2 -
ذوو صالح من الزّود.
قبيلة المَنَاجِيْم
من الثبتة من بني سعد يقطنون بالسراة جمع قومهم من أشهر قراهم وأوديتهم الدار الحمراء، والقَصْر، والثّنَيَّة ونايف والطُّفَيْحاء والعُيَيْنَة وكل قرية من القرى المذكورة بها عدة أفخاذ وأكثرهم أهل قرى ومزارع.
فأولًا - أهل الدار الحمراء: ويتفرعون إلى:
1 -
ذوي جار الله.
2 -
ذوي شدّاد.
3 -
البِسَّان.
4 -
ذوي صالح.
ثانيًا - أهل القصر: ويتفرعون إلى:
1 -
ذوي حامد.
2 -
العَوَاوِيش.
3 -
الدُّوَخَة.
4 -
ذوي ملفي.
ثالثًا - أهل الثّنية: وهم ذوو كليب.
رابعًا - أهل نايف: ويتفرعون إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
ذوي عيضة.
2 -
ذوي محمد.
خامسًا: أهل العُيَيْنة: ويتفرع منهم:
1 -
ذوو برّاك.
2 -
الحِمَدَة - وهم غير حمدة ثقيف.
سادسًا - أهل الطُّفَيْحاء: ويتفرع منهم:
1 -
الطوالعة.
2 -
ذوو تويم.
3 -
ذوو كليب.
4 -
ذوو حامد.
5 -
الخماسين.
6 -
العواويش.
قبيلة الثَّعَابِيْن
من الثبتة يقطنون مع قومهم بسراة بني سعد وهم أهل قرى ومزارع، ومن أشهر قراهم: الذِّيْبَة، واللَّبَة، والخُلَيِّف، والسَّبِيْحَة.
وينقسمون في وقتنا الحاضر إلى عدة أفخاذ هم:
1 -
العكشة.
2 -
الظَّفَانِيَة: ويتفرع منهم:
(أ) ذوو معيض.
(ب) ذوو محمد.
3 -
ذوو عَقِيل.
4 -
القِصَرة.
أهل جِدَارَة
قبيلة من الثبتة أضيفوا إلى واديهم الذي يقطنونه بسراة بني سعد، وهم أهل قرى مزارع، وأشهر قراهم هي: قرية سُوَاس، وقرية مُنِيْفة، وقرية قواعد - الشّعارية - وهي أكبر قراهم وبها بعض المصالح الحكومية، وقرية الغُفَيْراء وقرية الغُدران. وبكل قرية من هذه القرى عدة أفخاذ كما سنوضح فيما يأتى.
وجدارة ذكرها الموسوي في القرن الثاني عشر مما يدل على قدمها وقدم عمارته قال: "وفي الصبح رحلنا فأتينا على المهضم وفيه بساتين ومزارع وآبار، ثم أتينا جدارة، وهي قرية محاسنها أصيلة لا مستعارة أشجارها مثمرة وبدور محاسنها
مسفرة، وهزازها على الورود يغرد، وشحرورها فوق الأغصان يردد، والبلابل هيجت الأشواق، وعيون أزهارها لوجه الوافدين شاخصة، ومياه آبارها مصفقة وراقصة.
والسرور في رياضها المعطرة
…
كغادة أذيالها مشمرة
وينقسم أهل جدارة اليوم إلى الأفخاذ الآتية:
أولًا - أهل قرية سُواس: ويتفرعون إلى:
1 -
الجَمَامِير.
2 -
المحاسنة.
ثانيًا - أهل قرية مُنِيْفَة: ويتفرعون إلى:
1 -
ذوي عواض.
2 -
الجَعَابين.
3 -
الهجارسة.
ثالثًا - أهل قرية قواعد - الشّعارية - ويتفرعون إلى:
1 -
ذوي دخيل الله.
2 -
ذوي أحمد ويقال لهم الرّكابين.
رابعًا - المحاسنة ولهم قرية تضاف إليهم ومنهم من يسكن بقرية سُواس المتقدم ذكرها، وتعرف قريتهم بالغُفَيْراء أيضًا.
خامسًا - أهل قرية الغدران: ويتفرعون إلى:
1 -
السِّمَرَة.
2 -
الجِهَرَة.
3 -
ذوي رابع.
4 -
العِيْبَان.
قبيلة الشِّهَبَة
من الثبتة من بني سعد، وأحدهم الشهيب، وهم أهل قرى ومزارع يسكنون مع قومهم بسراة بني سعد شرقي الطائف.
من أشهر قراهم العَوْصاء والعُرُوشِيَّة والمَغَرة وشُعْبة. وكل قرية بها عدة أفخاذ.
فأولًا - أهل العُوصاء، وهم:
1 -
ذوو عايد، وهم غير ذوي عايد القساورة.
2 -
ذوو زاحم.
ثانيًا - أهل العُرُشِيَّة، وهم:
1 -
الطَّمَاسِين.
2 -
العصمة، وهم غير العصمة القبيلة المشهورة في برقا من عتيبة وبعضهم يزعم أنهم نزيعة منها.
ثالثًا - أهل المِغَرَة، وهم الشَّمَالين.
رابعًا - أهل شُعْبَة، وهم:
1 -
الطوال.
2 -
ذوو صُوَيَّان.
3 -
الوبارين، وهم غير وبارين المناصير.
قبيلة الذُّوَيْبَات
من الثبتة من بني سعد يقطنون مع قومهم بسراة بني سعد وأكثرهم أهل قرى ومزارع، ومن أشهر قراهم خَفَّاش وصعبة وشِفَيَّة الدهاسين والصبخة والعقبة. وأشهر أوديتهم وادي الشوحطة.
ومنهم حليمة السعدية حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وببلادهم بيتها، وقد أخبرني بعض العارفين أن مكان بيتها الآن مسجدًا ولكنه قديم خرب فحبذا لو عمرته الحكومة السعودية كأثر من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقول نسابوهم أن تسميتهم
بالذويبات هو نسبة إلى والد حليمة أبى ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة. وهنا يحسن أن نورد ما ذكره ابن هشام عن استرضاع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني سعد، قال
(1)
: قال ابن إسحاق فاسترضع له - يعني عبد المطلب - امرأة من بني سعد بن بكر يقال لها: حليمة ابنة أبي ذؤيب.
وأبو ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن فُصِيّة بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خَصفة بن قيس عيلان.
واسم أبيه الذي أرضعه صلى الله عليه وسلم: الحارث بن عبد العُزّي بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن فصيّة بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن. قال ابن هشام: ويقال هلال بن ناصرة.
قال ابن إسحاق: وإخوته من الرضاعة عبد الله بن الحارث وأنيسة بنت الحارث وحذافة بنت الحارث وهي الشيماء، غلب ذلك على اسمها فلا تعرف في قومها إلا به. وهم لحليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث أم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويذكرون أن الشيماء كانت تحضنه مع أمها إذ كان عندهم.
قال ابن إسحاق بسنده: إن حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته كانت تحدث أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها صغير ترضعه في نسوة من بني سعد بن بكر تلتمس الرضعاء، قالت: وذلك فىِ سنة شهباء لم تبق لنا شيئًا. قالت: فخرجت على أتان لي قمراء معنا شارف لنا والله ما تَبِضّ بقطرة وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا من بكائه من الجوع، ما في ثديِّ ما
(1)
السبرة، ج 1، ص 104.
يغنيه وما في شارفنا ما يغذيه. قال ابن هشام: ويقال يغذيه - ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك فلقد أدمت بالركب
(1)
حتى شق ذلك عليهم ضعفًا وعجفًا، حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء، فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه إذ قيل لها: أنه يتيم وذلك أنّا كنا نرجو المعروف من أبي الصبي فكنا نقول يتيم ما عسى أن تصنع أمه وجده فكنا نكرهه لذلك فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعًا غيري، فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي: والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعًا والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه، قال: لا عليك أن تفعلي، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة. قالت: فذهبت إليه فأخذته وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره. قالت: فلما أخذته رجعت به إلى رحلي، فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي وشرب معه أخوه حتى روي ثم ناما وما كنا ننام معه قبل ذلك، وقام زوجي إلى شارفنا تلك فإذا أنها لحافل فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا ريًّا وشبعًا فبتنا بخير ليلة، قالت: يقول صاحبي حين أصبحنا: تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة. قالت: فقلت والله إني لأرجو ذلك. قالت: ثم خرجنا وركبت أنا أتاني وحملته عليها معي. فوالله لقطعت بالركب ما يقدر عليها شيء من حمرهم، حتى أن صواحبي ليقلن لي: يا بنت أبي ذؤيب ويحك أربعي علينا، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها. فأقول لهن: بلى والله إنها لهي هي. فيقلن: والله إن لها لشأنًا، قالت: ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد وما أعلم أرضًا من أرض الله أجدب منها فكانت غنمي تروح علّي حين قدمنا به معنا شباعًا لُبَّنًا فنحلب ونشرب وما
(1)
معناه: أطلت مسافة السير على الركب لتمهلهم عليّ وتأنيهم.
يحلب إنسان قطرة من لبن ولا يجدها في ضرع، حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب، فتروح أغنامهم جياعًا ما تبضّ بقطرة لبن وتروح غنمي شباعًا لبّنًا، فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته، وكان يشب شبابًا لا يشبه الغلمان، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلامًا جَفْرًا. قالت فقدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء على مكثه فينا، لما كنا نرى من بركته فكلمنا أمه وقلت لها: لو تركت بُنَّي عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وباء مكة. قالت: فلم نزل بها حتى ردته معنا. انتهى.
فكل ما روته حليمة عنها وعن غنمها كان ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وليس ذلك بكثير على من اصطفاه الله ليكون حبيبه وخاتم أنبيائه عليه أفضل الصلاة والسلام.
والذويبات اليوم عدة أفخاذ هم:
1 -
القَرَاوِيش.
2 -
المِنَعَة.
3 -
المواسى بألف مقصورة.
4 -
الدَّهَاسِين.
5 -
المشاييح، ويقال أنهم حلفاء في الذويبات.
قبيلة المَنَاصِير
وأحدهم المنصوري من الثبتة يقطنون مع قومهم بسراة بني سعد أكثرهم أهل قرى ومزارع، من أشهر قراهم المَجْمعة بوادي كِلَى.
وينقسمون في وقتنا الحاضر إلى عدة أفخاذ هم:
1 -
الشَّقَارِين.
2 -
الهَوَادِف.
3 -
الصُّفْرَان.
4 -
الوبارين.
قبيلة الذَّبَانِيَة
من الثبتة من بني سعد يقطنون مع قومهم بالسراة، من أشهر أوديتهم وادي البَاحة - وهو غير الباحة المدينة المعروفة ببلاد غامد - ووادي مقبولة، وأكبر قراهم بوادي لزّان تعرف بقرية الذبانية نسبة إليهم، أكثرهم أهل قرى ومزارع، كباقي بني سعد إذ لا يوجد فيهم بدو رحّل إلا قليل.
وينقسم الذبانية في وقتنا الحاضر إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
ذوي سعد.
2 -
ذوي شَايع.
3 -
ذوي عايد.
4 -
البَيَاحا.
5 -
الخَيَارين.
قبيلة آل عِيسَي
من الثبتة يقطنون مع قومهم بسراة بني سعد جنوبي الشهبة، وهم أهل قرى ومزارع، ومن أوديتهم الصبيخة
(1)
والعقدة وبها قرى صغار، وأكبر قراهم تعرف بقرية آل عيسى نسبة إليهم، وكذلك أكبر أوديتهم يعرف بوادي آل عيسى، وهم ينقسمون في وقتنا الحاضر إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
السِّبَعَة.
2 -
ذوي مطر.
3 -
ذوي راشد.
4 -
الجِبَنَة.
5 -
ذوي عايد، وهم غير ذوي عايد كبار القساورة.
6 -
الحشَاشَة.
الصُّرَيْرات أهل المعدن
قبيلة من الثبتة من بني سعد يخالطون المراوحة والروقة في المنازل والديار بالمعدن وما حوله من أوديتهم، ومن هؤلاء بيت ذوي هُلَيِّل وهو من أعرق بيوت
(1)
ينطقونها بالصاد.
عتيبة في الحجاز ومن أبعدها ذكرًا. كان كبيرهم مرجع عتيبة في قوانينهم العرفية وعاداتهم القبلية وينعت بأبي عتيبة لمكانته الكبيرة بينهم، فلا ينقض حكمه ولا يرد قوله.
ويعدّون ذوو هليل من "مباني" عتيبة الكبار، والمبني في اصطلاحهم هو من توالت في بيته رئاسة القبيلة عدة آباء خلفًا بعد سلف لم تنزع منهم ولم تخرج إلى غيرهم، فهؤلاء "المباني" إذا قضوا بين من اختاروا التقاضي على أيديهم لا يرد قولهم ولا يهدم حكمهم ويلزم تنفيذه، وهذا طبعًا كان قديمًا وعلى مقتضى أعرافهم، وأما اليوم فقد تغير الوضع كثيرًا.
ومباني عتيبة المشهورون في الحجاز هم: ذوو هُلَيِّل هؤلاء، وذوو دُخَين كبار الذويبات، وذوو عايد كبار القساورة، ولا يعني هذا أن عتيبة عقمت على هذه البيوت بل هناك بيوت خرج منها أفراد فاقوا لداتهم من مباني عتيبة إلا أن بيوتهم لم تكن في عراقة بيوت المباني وليس لها من المكانة في نفوس عتيبة ما لبيوت مبانيها المذكورة.
وينقسم صريرات المعدن إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
البراريق، ومنهم بعض بالقديرة شمالي الطائف لهم بها قرية ومزارع.
2 -
ذوي هُلَيِّل.
3 -
الحَشَايِش.
الثَّبَتَة أصل السيل
قبيلة من الثبتة من بني سعد نزحت من السراة واستوطنت ما يعرف اليوم بالسيل الكبير أسفل وادي قرن، والبهيتاء المعروفة قديمًا بالبوباة، أكثرهم الآن أهل قرى ومزارع، ومنهم من تحضر ودخل مدن المملكة الكبرى وسكنها.
وسكنى هذه القبيلة لهذه الناحية قديمة فقد ذكرها ياقوت في معجم البلدان
(1)
قال: "البوباة بالفتح ثم السكون وباء أخرى: اسم لصحراء بأرض تهامة إذا خرجت من أعالي وادي النخلة اليمانية وهي بلاد بني سعد بن بكر بن هوازن. قال رجل من مزينة:
خليليّ بالبوباة عوجًا فلا أرى
…
بها منزلًا إلا حديث المقيَّد
نذق برد نجد بعدما لعبت بنا
…
تهامة في حمّامها المتوقد
قال ابن السكيت في شرح قول المتلمس:
لن تسلكي سبل البوباة منجدة
…
ما عاش عمرو وما عمرت قابوس
قال: البوباة ثنية في طريق نجد على قرن ينحدر منها صاحبها إلى العراق، فيقول: لا تأخذ بذلك الطريق إلى نجد وأنت تريد الشام. وأصل البوباة والموماة: "المتسع من الأرض". أقول وفيما نقله عن ابن السكيت أن البوباة ثنية خطأ والصواب ما ذكره أولًا، وذكرها أيضًا الرداعي في أرجوزته المشهورة التي أوردها الهمداني في صفة جزيرة العرب
(2)
قال:
هذا وهُم في مسجد المِيْقات
…
ثم استطفوا فوق يَعْملات
حتى إذا ما ثُرن مجبوبات
…
لبو جميل الصنع ذا الخيرات
مُفْضين بالسير إلى البوبات
…
قولهم يا قاضي الحاجات
اغفر لنا يا سامع الدعوات
…
واعف عن الأحياء والأموات
وصدق الرداعي إذ البوباة (البهيتاء) أول ما تلقى المتجه إلى مكة من الميقات وهي صدر وادي نخلة اليمانية وينحدر سيلها إليه.
(1)
ص 506.
(2)
ص 267.
وقد ذكر السيل الموسوي في نزهة الجليس
(1)
ولم يذكر البوباة وذلك عند ذكر مسيرته من مكة إلى الطائف عن طريق اليمانية. قال: "ثم رحلنا فأتينا الزيمة وهي أرض لطيفة أنيسة شريفة، للشريفة عنبرة ابنة ملك مكة المعظمة الشريف سعيد بن سعد، بها الأشجار الفائحة والمياه السائحة وبها الموز والليمون الحلو والحامض والنارنج والأترج وهي غاية في الشراحة جدًّا. ثم رحلنا فأتينا أرض السيل وقد مضى الثلث من الليل وهي أرض يسكن أطرافها أعراب عتيبة
(2)
وهم لصوص أسرق خلق الله وأشرهم وبها وادٍ عظيم
(3)
.
وينقسم الثبتة أهل السيل اليوم إلى عدة أفخاذ هم:
1 -
ذوو هليل، وهؤلاء منهم اليوم نجم بن جابر بن هليل أبو عتيبة كما يسمونه.
2 -
الجوَازي.
3 -
الدَّرَاريج.
4 -
الكِرَزَة.
5 -
الغُرُوب.
قبيلة خُدَيْد
تصغير خد من البطنين من بني سعد يقطنون مع قومهم بسراة بني سعد أكثرهم أهل قرى ومزارع، من أشهر قراهم وأوديتهم الدار الحمراء وأعلا وادي جدارة والخُشَّة والصفاة والجَرَبَّة. وينقسمون في وقتنا الحاضر إلى:
أولًا - أهل الدار الحمراء، ويتفرع منهم:
1 -
العُيَيْفات.
2 -
ذوو بَخِيت.
3 -
المسالطة.
4 -
الكِلَبَة، وهؤلاء جميعًا يطلق عليهم المحارزة.
5 -
ذوو عون، ويقال إنهم حلفاء في خديد.
6 -
ذوو مطر، ويقال إنهم حلفاء في خديد.
(1)
ص 409.
(2)
ليس كل عتيبة كما وصف الموسوي بل فيهم كرام أجواد.
(3)
هو وادي قرن.
7 -
القُمَّد.
8 -
الرُّجَّح.
9 -
ذوو عَيْسَان.
10 -
الكِبَارِيَّة.
11 -
الحماميد.
12 -
الخضارين.
13 -
الحُمَّض.
14 -
الحِبَشَة.
15 -
ذوو عواد.
ثانيًا - اليعاقيب.
ثالثًا - القلايا.
رابعًا - أهل الخشة، ويتفرع منهم:
1 -
عُرَيم.
2 -
المَغَاوِرَة.
3 -
مرزوق.
خامسًا - الصُّنَّاع في وادي الجَرَبَّة.
سادسًا - اللُّهُوب - هذا على قول من يعد اللهوب من خديد.
سابعًا - الكشَمَة.
ثامنًا - البُصْلان.
قبيلة السياييل
من البطنين من بني سعد تقطن في سراة بن سعد بين السلاقى وخُديد وأكثرهم أهل قرى ومزارع، من أشهر قراهم الخَشَاشَة والغراب.
وتنقسم السياييل في عصرنا إلى عدة أفخاذ هم:
أولًا - الكلادا، ويتفرع منهم:
1 -
السيوف.
2 -
العَمَارِين.
ثانيًا - أهل الخَشَاشَة، ويتفرعون إلى:
1 -
الخُزْعَان.
2 -
الربَاشِيْن.
3 -
الفقهاء.
4 -
ذوي علي.
ثالثًا - أهل الغراب، ويتفرعون إلى:
1 -
المساعيد.
2 -
الصوادرة.
رابعًا - الشَّكَاوِيْن.
خامسًا - الرَّصَفَة ويقال لهم الروقة أهل الرصفة، وعدادهم في السياييل.
قبيلة الحِصَنَة
من الطفحة من عتيبة تقطن سراة بني سعد من أشهر قراهم الصّناع في أعلا وادي العَرْصَة بجوار أفْعَى، وجوش بأسفل وادي صلاء وأكثرهم أهل قرى ومزارع يخالطون في هذه الأودية الجميعات والحلسة.
وتنقسم الحصنة إلى قسمين أهل الصناع وأهل جوش.
أولًا - أهل الصناع، ويتفرع منهم:
1 -
العوامرة.
2 -
العيادين.
3 -
الهَنَادِيَة.
4 -
ذوو رشود.
ثانيًا - أهل جوش، ويتفرع منهم:
1 -
ذوو عِفيْفَان.
2 -
ذوو عِفَان.
3 -
ذوو عَيْفَه
4 -
ذوو حامد.
قبيلة الحِلَسَة
قبيلة صغيرة من الطفحة، كان بعضهم يقطن الصناع من سراة بني سعد ويخالطون الحصنة فيه، وبعضهم يقطن أسفل وادي المعدن، ولهم بهما قرى ومزارع، وقد تَحضَّر الآن أكثرهم ودخلوا مدن المملكة وسكنوها، منهم الشاعر المشهور سند الحليس. قال أستاذنا محمد سعيد كمال في الأزهار النادية
(1)
أنه توفى عام 1328 هـ ومن شعره:
الأوله ذكر الله اللي نبديه
…
قبل الكلام اللي نقوله ونبنيه
(1)
جـ 2 ص 121.
هرج بنيته وافتكر في معانيه
…
وعادة الشاعر ليا زان معناه
يغني ليا قالوا تعيش الرجالي
هجعت تالي الليل هجعة قليله
…
إلا وراعي الصورة اللي جميله
مُقْبل عليَّه وبشراب يشيله
…
وكاسةٍ بيضا جديدة بيمناه
وصب وسقاني لين كرم سبالي
قلت يا سيدي دخيلك من آيَّات
…
ويش دلّك ببيتي وهو بين الأبيات
وحِسْ في قلبي سوادة الوَريات
…
والبيت مغلق كيف تقدر تعداه
وأنا أظن نستأمن عيال الحلالي
وقالتْ أنتْ ليه قلبك رقيقي
…
ماشي خلاف ولا تخاف يا رفيقي
والبيت بيتك والعزيز الشفيقي
…
وصل وتحت الأمر ما ظنيَّ أعصاه
ونا منزلي في أعلا عسير الجبال
الود ما عاب الملوك المناعير
…
أهل السيوف القصف حمر النواظير
وهذي من المولى علينا تدابير
…
الود خلانا كما العود ولحاه
ولا نَقَّروا فيه أهل عقف السلالي
والحلسة اليوم ينقسمون إلى فخذين هما:
1 -
ذوو مسلم.
2 -
الزواحم - ذوو زاحم.
قبيلة الجُمَيْعَات
من الطفحة من عتيبة تقطن سراة بني سعد وأكثرهم أهل قرى ومزارع، وأشهر قراهم مُرْسِيَة بوادي صلاء ودَفَاف بوادي الجميعات فأهل صلاء هم:
1 -
ذوو خضر.
2 -
ذوو مُخْضَار.
3 -
ذوو محمد.
4 -
ذوو حامد.
5 -
ذوو مقبول.
6 -
ذوو بكر.
7 -
ذوو عبد العزيز.
8 -
ذوو حَجْيري.
9 -
ذوو مريسل كانوا بادية ولكنهم مؤخرًا دخلوا مدن المملكة وتحضروا.
وأهل دفاف هم: ذوو عمران ويتفرع منهم:
1 -
ذوو زُوَيِّد.
2 -
ذوو معيض.
3 -
ذوو محمد.
قبيلة الحِمِيَة
من برقا من عتيبة تقطن وادي مظللة شرقي وادي بسل ومنهم من يسكن وادي كِلاخ ولهم بهما قرى ومزارع، ويقول العارفون منهم أنهم يرجعون بنسبهم إلى الذويبات من الثبتة ولهذا يفخر شاعرهم بقوله:
زنا حمياني وجدي من ثبت
…
مثل السلال
(1)
البيض وان سليتها
وتنقسم قبيلة الحمية اليوم إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
ذوي خُميِّس بالتصغير، ويتفرعون إلى:
أ - ذوي سعد.
ب - ذوي مسعود.
جـ - ذوي عطية.
2 -
الدَّوَادِين.
3 -
ذوي عُوَيِّد بالتصغير.
4 -
الكلاحيت.
5 -
ذوي جَبْر.
6 -
ذوي علي.
7 -
ذوي عثمان.
8 -
الذهيبات.
9 -
الغلاونة.
(1)
السلال البيض: السيوف.
قبيلة وقَدَان
من برقا من عتيبة يقطنون وادي نخب شرقي الطائف ولهم به قرى ومزارع، يرجعهم بعض العارفين بالأنساب إلى بني سعد بن بكر بن هوازن وقد رأيت أنا بنفسي عند بعض وقدان وثيقة قديمة لمزرعة من مزارع الزيابقة بوادي المعدن يعود تاريخها على ما أتذكر إلى القرن العاشر الهجري ينعت المالك بها بعد ذكر اسمه بالوقداني السعدي وهذا يؤيد نسبهم في بني سعد.
ومن وقدان الشاعر المشهور بديوي الوقدان الذي بَعُد صيته في الجزيرة العربية، عاش في القرن الثالث عشر الهجري وعاصر أمراء مكة من آل عون فمدح الشريف محمد بن عون وابنيه عبد الله والحسين وكان متفانيًا في حبهم والولاء إليهم، يكاد يكون جبل شعره في مدائحهم، وقد توفي في أواخر القرن المذكور. حدد أستاذنا محمد سعيد كمال
(1)
سنة وفاته بعام 1296 هـ، نُشر المحفوظ من شعره بالجزء الأول من سلسلة الأزهار النادية التي يصدرها أستاذنا ابن كمال.
وكان وقدان مشهورين بقص الأثر ولا زال منهم من هو حاذق فيه حتى وقتنا الحاضر.
وتنقسم وقدان في وقتنا الحاضر إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
البَرَامِيْن وهم غير برامين الجعدة.
2 -
ذوي عُوْدة.
3 -
ذوي محمد.
4 -
الجماعين.
5 -
الروسان وهم غير روسان المراوحة.
6 -
الشَّوَاهرة.
7 -
الهَنَادِسة.
8 -
الجلادين وهم غير جلادين العصمة.
(1)
الأزهار النادية، جـ 1، ص 11.
9 -
الشَّمَاسِيْن.
10 -
ذوي حمد.
11 -
الزيابقة.
12 -
الهباهبة، وأحدهم الهبيهبي.
قبيلة الجِعَدَة
من الطفحة من عتيبة تقطن شقصان والراحة والعَرْصَة وما جاورها ديار شرقي وادي مظللة وهي من القبائل التي وطنتها الحكومة السعودية بتقسيم ديارهم ومواردهم عليهم فأصبح أكثرهم أهل قرى ومزارع ومنهم من تحضر ودخل المدن بعد أن كانوا بدوًا رحلًا، وقد ذهب بعض الباحثين المعاصرين
(1)
إلى أن الجعدة يرجعون في نسبهم إلى بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الذين منهم النابغة الجعدي، غير أن المعروف في التاريخ أن منازل بني جعدة أولئك في شرق الجزيرة وبالمكان المعروف بالأفلاج لا بسراة الحجاز حيث منازل الجعدة اليوم. قال صاحب كتاب بلاد العرب
(2)
: "قال أبو الأزهر الجعدي: الفلج قرية عظيمة. قال الشاعر فيها:
نحن بنو جُعْدة أصحاب الفلج
…
نحن منعنا بطنه حيث انعرج
نضرب بالسيف ونرجو بالفرج
وبالفلج نخيل ومزارع وأنهار، وهو من قرى اليمامة بينه وبين حَجْرٍ مسيرة عشر مراحل، وبه عين يقال لها الذّبا يخرج منها سبعة عشر نهرًا، وهي شبه خسفة في الأرض، وهي في غضراء فأسفل الفلج لجعدة.
ولهم فيه سيح يقال له الزَّهْدِمي، وقد بنوا فيه حِصنًا هو في أسفل الفلج، وهو مفض إلى البياض.
(1)
دريد بن الصمة، ص 23.
(2)
ص 221 - 223.
والبياض صحراء لقشير وجَعْدَة مسيرة عشرين يومًا وهو فلاة بين الفلج ويبرين، ليس به ماء حتى ترد يبرين.
ومنازل جعدة فيما بين الزهدمي وسوق الفلج بمكان يقال له المَحْطَي وهو مَحْطِيّ الفلج به نخيل ودور وحيطان، وسوق الفلج ببطحاء، واد يسمى وادي أكمة واسم الوادي كرز" انتهى.
فهذه النقول التي أوردناها لا ترجح ما ذهب إليه الأستاذ مناحي القثامي في كتابه المشار إليه، والمسموع عنهم أنهم يعودون في أصلهم ونسبهم إلى بني سعد وهذا قول مقبول وله ما يبرره من جوارهم ومخالطتهم لبني سعد.
والجعدة اليوم ينقسمون إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
المَصَالِخَة.
2 -
البَرَامِيْن وهم غير برامين وقدان.
3 -
الزَّوَاوير.
4 -
الهِضَاب.
5 -
المعَاقِلة.
6 -
القَثَاردة.
7 -
المَعَانِيَة.
8 -
المساعدة.
9 -
المَظَافِرَة.
10 -
المَنَاسِبَة.
11 -
الرَّدَادِين.
قبيلة الوَذَانِيْن
من قبائل الطفحة من عتيبة يسكنون بأسفل وادي بسل شمالي كلاخ بالمكان المعروف بالسّديرة، وهذا الاسم كان يطلق قديمًا على بئار هناك، وأما الآن فأصبح يطلق على جميع تلك الناحية بما أنشئ فيها من قرى ومزارع في عصرنا الحاضر، وهي تبعد عن مدينة الطائف إلى الشرق بما يقرب من خمسين كيلًا.
والسديرة في الطرف الشرقي فيما كان يعرف قديمًا بسهل "جلدان" وهو يعرف الآن باسم الشط.
والوذانيين الآن ينقسمون إلى عدة أفخاذ هم:
1 -
ذوو عوض، ويتفرع منهم:
أ) ذوو مُرَيْزيق.
ب) الحمادين.
جـ) ذوو هُرَيُس.
د) ذوو سعيِّد.
هـ) الشُّبُوَات.
2 -
ذوو وافي.
3 -
ذوو عايد.
4 -
الملاحِقَة.
5 -
الفِرَدة بالفاء المعجمة.
6 -
الجُعَيْرَات.
7 -
البرامين وهم غير برامين وقدان.
8 -
ذوو دُهَيُمش.
9 -
الديبان.
10 -
الهذالين.
قبيلة السُّوَطَة
عن الطفحة من عتيبة يقطنون بالمكان المعروف بالسر شرقي وادي ليّة وهي عن القبائل التي وطنتها الحكومة السعودية بتقسيم ديارهم ومواردهم عليهم. وقد سمعت بعض الباحثين يذكر أن آل سويط أمراء قبيلة الظفير من هؤلاء غير أنني لم أستطع الجزم بهذا القول في حين أن الاحتمال وارد. وبمناسبة ذكر قبيلة الظفير أورد هنا ما ذكره العصامي
(1)
عنها بأنها كانت في نجد ولم تكن في العراق، قال: "وفي يوم الثلاثاء حادي عشر من شعبنا المذكور من سنة ثمانين وألف ورد خبر وقعة مولانا السيد حمود
(2)
مع الظفير القبيلة المعروفة بنجد وكان فيها عدة
(1)
4 - 512.
(2)
حمود بن عبد الله جد الأشراف الحمودية بمكة وضواحيها.
وقعات: وقعة قفار مع عَنَزة ووقعة بني حسين ووقعة العوازم ووقعة مُطَيْر وغيرهم. وسبب وقعة ظفير أنه انضم إلى جهامة مولانا السيد حمود قبيلة من ظفير يقال لهم الصمدة ثم انضم إليه شيخهم الأكبر مع جماعته الأدنين وعصبته الأقوين وكان محبًا للسيد حمود بمنزلة العين للإنسان والإنسان للعين. وهو ذو شهامة وصرامة يعرف بابن مرشد سلامة فوقع من جماعته جرم اقتضى أن يؤاخذوا بما هو المعتاد للنموي عليهم في مثله وهو أخذ الشعثاء والنعامة، وهي خيار أوائل الأباعر وخيار تواليها، فلم يرضوا بذلك وقالوا هو جور وحيف وليس عندنا دون ذلك إلا حد السيف، فأشار سلامة المذكور إلى مولانا السيد حمود وقال له: اربطني ولست في ذلك بملام فوالله لتأخذن ما تريد على التمام. فقال: كلا والله لا ربطُّك ونخوة آبائي الكرام، وكيف ذاك وفي بطنك من عيشي طعام وكفى به التزام ولزام. فذهب سلامة إلى قومه وقد تهيئوا للقتال والنضال والعدوان وتهيأ كذلك مولانا السيد حمود ومن معه من بني عمه ومن الصِّمَدَة وعدوان، فانخزلت الطائفة من الصمدة وولت ناحية ناجية وانكفأ الجمعان بعضهم على بعض، واختلط الفُرسان فلم يبن الطول من العرض. وقتل من السادة الأشراف مولانا السيد زين العابدين بن عبد الله ومولانا السيد أحمد بن حسين بن عبد الله والسيد سنبر بن أحمد بن عبد الله.
وصُوِّب
(1)
مولانا السيد ظفير بن السيد زامل بن عبد الله أصاويب وكذلك صوّب مولانا السيد باز بن هاشم بن عبد الله، إلا أن الله سبحانه منّ بالعافية عليهما ولله الحمد، ثم أن السيد غالب بن زامل صبحهم بعد مُدَيْدة فحلم عن
(1)
أي جُرح.
ستين لحية منهم ولم يشف عن واحد من القتلى كبده. ولم تزل معهم ظفير في قتل وطراد إلى أن أصلح بينهم مولانا الشريف أحمد بن زيد". انتهى.
وتنقسم قبيلة السّوطة في وقتنا الحاضر إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
الحَصَانِية.
2 -
ذوي معيض.
3 -
السِّبْعان.
4 -
ذوي مطلق.
5 -
السَّفَارين وهم غير سفارين العمرية من العصمة.
6 -
النَّوَاشِي.
7 -
ذوي عايد.
8 -
الدراويش.
9 -
ذوي ماضي.
10 -
ذوي مهدي.
11 -
ذوي عَمَّار.
12 -
ذوي مَنْسي.
13 -
ذوي عَمْرين.
14 -
الحمادين.
15 -
الطُّوَرَة.
قبيلة الحُلَيْفَات
من الطفحة من عتيبة تقطن بالقويسم وغربي الشط المعروف قديمًا بسهل جلدان في شرقيّ أسفل وادي ليّة، وهي من القبائل التي وطنتها الحكومة السعودية بتقسيم مواردهم وديارهم عليهم فأصبح أكثرهم أهل قرى ومزارع بعدما كانوا بدوًا رحلًا. وتنقسم الحليفات اليوم إلى الأفخاذ الآتية وهم:
1 -
القَطَامِيْن.
2 -
السَّكَكَة.
قبيلة الحُبُوس
من الطفحة من عتيبة كانت تسكن شقصان والراحة شرقي وادي مظللة قبل أن يحتلها الجعدة وكان لها قوة ومنعة ثم اضمحلت وتوالت عليها السنون حتى
كادت تنقرض، والآن منهم بقية قليلة تخالط الجعدة وتساكنهم بالمكان المعروف بشقصان. لهم به بعض قرى ومزارع بعد أن قسمت الحكومة على الجعدة تلك الناحية.
قبيلة العَبَابِيْد
من الطفحة من عتيبة وهم غير عبابيد العصمة وعبابيد وادي لقيم، تقطن بالصَّنَاع من سراة بني سعد وتساكن الحصنة والحبوس في الوادي المذكور وهي قبلية بذاتها ورأس من الطفحة إلا أنها اليوم قليلة العدد لا تكاد تساوي فخذًا من فخوذ بعض القبائل المجاورة لها ولكنها لا زالت محتفظة باسمها وباستقلالها عن الحلف مع من يجاورها من القبائل وهم أهل قرى ومزارع.
قبيلة اللُّهُوب
من الطفحة من عتيبة تسكن بأطراف ساة بني سعد الجنوبية بين رُبيع وبنيوس في رَمْل والحنكة مما يلي تهامة وهي قبيلة صغيرة، واللهوب هؤلاء أظن أنا أنها بني لهب الذين عدهم الهمداني من الأزد. قال الشيخ حمد الجاسر
(1)
: "لهب، عدهم الهمداني من سكان السراة وأوضح أنهم ينزلون غور سراة دوس وغامد، ولهب هؤلاء بكسر اللام وإسكان الهاء فرع من قبيلة زهران وتقدم نسبهم وهم من أعرف الناس بالعيافة وزجر الطير قال كُثيِّر:
تيممت لهبًا أبتغي العلم عندهم
…
وقد رد علم العائفين إلى لهب
والعيافة من الأمور التي أبطلها الإسلام وحرمها وهي زجر الطير بأن يرى
(1)
في سراة غامد وزهران، ص 484.
طائرًا أو غرابًا فيتطير أو يتيامن به وهي ضرب من الكهانة" أقول لم يعدّ ابن حزم بني لهب في زهران كما ذكر شيخنا الجاسر بل عدّهم قبيلة برأسها قال
(1)
: "ولد كعب بن الحارث بن كعب: زهران قبيل عظيم وعبد الله وأحجن ومالك. فولد أحجن لهب بن أحجن بطن وهم وبنو أسد بن خزيمة أعيف العرب، فيهم يقول كُثير:
تيممت لهبًا أبتغي العلم عندهم
…
وقد رُدَّ علم العائفين إلى لهب
وقال آخر:
فما أعيف اللهبي لا دَرَّ دره
…
وأزجره للطير لا عزنَا صِرُه
أقول تداخل القبائل العربية أمر معروف من القديم وليس بعيدًا أن تكون هذه القبيلة دخلت في جيرانها من بني سعد كما دخلت ثمالة في ثقيف وهم أبناء عم لبني لِهْب.
وينقسم اللهوب إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
الزبادات (الدواغين).
2 -
آل عون.
3 -
آل مهدي.
4 -
الحرَّان.
5 -
القطعان.
6 -
المواسية.
7 -
النواشي.
8 -
ذوي مستور.
قبيلة الزُّورَان
عدداهم اليوم من الطفحة من عتيبة يسكنون وادي ليّة وهم حاضرة أهل قرى ومزارع ليس منهم بدو رُحَّل وقد أخبرني بعض العارفين منهم أنهم يرجعون
(1)
جمهرة أنساب العرب، ص 376.
في الأصل إلى ثقيف ولكنهم لا يعرفون إلى أي بطون ثقيف ينتمون لبعد الزمن على حلفهم مع الطفحة.
ومما رجّح هذه الرواية عندي رؤيتي لبعض حجج ووثائق الزوران بعضها يرجع بها تاريخها إلى القرن الحادي عشر الهجري، ينعت فيها صاحبها بعد ذكر اسمه بالأزوري الثقف مما يؤكد أنهم نسبًا من ثقيف.
ومن الزوران هؤلاء الشيخ ضيف الله بن مِسْفِر بن رشدان كان رحمه الله سمحًا كريمًا لا تخلو داره من طالب رفد أو عابر سبيل، يبذل ماله وجاهه في الإصلاح بين الناس وكان محببًا لديهم لا يرد له طلب ولا يلطم له جاه وظل كذلك حتى وافاه الأجل عام 1369 هـ بالطائف مخلفًا ولدًا واحدًا من الذكور، ولد بعد موته فسمي على اسمه.
وينقسم الزوران اليوم إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
العَزازمة.
2 -
ذوي حَمَد.
3 -
ذوي دُوَيْد، بصيغة التصغير.
4 -
الظوافر.
5 -
ذوي رشدان.
6 -
ذوي خُنَيْفَر.
7 -
ذوي خليفة.
8 -
الجُمَع.
9 -
الشواشين.
10 -
ذوي مصري.
11 -
ذوي رضا.
الحَشَابِرة
قبيلة صغيرة تقطن وادي بسل ولهم به قرى ومزارع يقول بعض العارفين بالأنساب أن عدادهم اليوم في الطفحة وأن أصلهم من اليمن، وتحكى عن جدهم
قصة يرويها العامة بأنه كان رجلًا يملك الجن ويستخدمهم فَعَنَّ له أن يبني في إحدى قراه حصنًا وأحب أن تكون حجارة هذا الحصن من العرفاء - مكان لذوي جود الله على طريق الرياض - لصلابتها فأمرهم بذلك في ليلة من الليالي فما أصبح الصبح إلا والحصن مشيدًا قائمًا، وهذه خرافة لا يستسيغها العقل ولا يقبلها ولكن العامة ترويها على أنها حقيقة من الحقائق فأحببت أن أذكرها لطرافتها. والحشابرة في الحقيقة أناس أخيار كرام يذكرهم بالخير كل من يعرفهم وهم اليوم ينقسمون إلى عدة أفخاذ هم:
1 -
ذوو كُلَيْب.
2 -
ذوو محمد.
3 -
ذوو سُلَيِّم.
4 -
الفدامين.
قبيلة المِقَطَة
من شملي من عتيبة وهي قبيلة كبيرة ومنتشرة بين الحجاز ونجد فأهل الحجاز يسكنون وادي العقيق شمالي عشيرة والطرف الشرقي من حرَّة بس المعروفة قديمة بحرَّة سُلَيْم، وأهل نجد يقطنون هجرة عروى والغطغط وما حولهما في كبد نجد. ومن المقطة هؤلاء الحمدة أمراء عتيبة قديمًا وأهل لوائها، منهم تركي بن حميد الذي قاد عتيبة في حروبها ضد قحطان حتى أزاحها عن نجد، وسبب ذلك كما يقول الرواة أن ديار عتيبة بالحجاز أصابتها سنة عجفاء وكان نجد مغاثًا وهو من ديار قحطان وأحوازها فذهب ابن حميد إلى أمير قحطان في حينه يرجو السماح لعتيبة بالرعي في نجد حتى تغاث ديارهم، ولكن ابن هادي أمير قحطان لم يقبل رجاءه ورفض أن يسمح لعتيبة بمرعى نجد، فخرج ابن حميد وانقلب إلى قومه وهو يُضمر ما يضمر، يقول الرواة إنه لما خرج رأته ابنة ابن هادي بحالة غير الحالة التي
دخل بها على أبيها، فقالت لأبيها: لماذا يا أبتي لم تسمح للعتيبي بمرعى نجد بعد أن اضطرتهم السنة؟، فقال لها: وما في ذلك؟ فأجابته: إني رأيت ابن حميد حينما دخل إليك كانت جوخته
(1)
تسحب خلف قدميه وحينما خرج من عندك انشمرت إلى فوق قدميه ومن هذه حالته لا شك أنه سيرعى نجدًا طوعًا أو كرهًا، فأجابها والدها ساخرًا منها بقوله: هل أعجبك العُتَيْبي يا بُنيّة؟ فقالت له: إن أعجبني فهو أمير ولكنك سوف ترى. أما ابن حميد فإنه عاد إلى عشائره وقومه من عتيبة وأخبرهم بما لقي من أمير قحطان وأن ليس إلى مرعى نجد سوى الحرب، فأجابوه إلى ذلك وانضموا تحت لوائه، فانساح بهم من الحجاز إلى نجد وحصلت بينهم وبين قحطان حروب ووقائع كثيرة كانت نتيجتها انتصار عتيبة واحتلالها لسنام نجد وأطايبه واندحار قحطان إلى ديارهم التي هم بها الآن والمعروفة بحصاة قحطان أو ما يسمى قديمًا بـ "عَمَايَة".
ومن الحمدة هؤلاء محمد بن هندي بن حميد قال الزركلي
(2)
: "من أشهر فرسان العرب في العصر الأخير محمد بن هندي بن حميد المقاطي من قبيلة المقطة، وهي قبيلة واسعة الديار تمتد منازلها من شمال تهامة إلى قرب نجد وهو من سكان الغطغط بين نجد والحجاز.
كان فارس عتيبة في تلك الأنحاء وكبيرها مات سنة 1333 هـ، هوى به بعيره فقتله.
لم ينفرد بالشجاعة بل عُرف أيضًا بإصابة الرأي ورجاحة الحلم وهيبة المنظر. أخبرني رجل أدركه وعرفه، قال: زار ابن حميد والدي يومًا فجعلت أطيل النظر
(1)
الجوخة لباس كان يلبسه أمراء العشائر وكل ذي جاه.
(2)
ما رأيت وما سمعت، ص 3.
إلى جراح رأيتها في عنقه وصدره فاستدناني منه فدنوت منه فكشف قميصه وقال انظر، فنظرت فإذا جراح هائلة عددتها ستة وثلاثين كلها قد اندملت. وكان مع الشريف (الملك) حسين في رحلته إلى نجد على أثر توليه إمارة مكة. فأنعم عليه ببندقيتين، فحملها إلى بعض أصحابه ينظر إليهما ويعجب منهما، إذ لم يكن سلاحه غير السيف والرمح. فأخذ أصحابه يعلمونه كيف يطلق البندق (الرصاص) وتناولها بين يديه يطيل التأمل فيهما ساعة ثم ألقاها وقال: لا حاجة لي بهذا. وله في ذم البندقيات - ويسمونها الموارت والمواريت جمع مرتينة.
ضرب المَوَارت ما بها نوماس
…
حَذْفة شَرُود من بَعِيدْ
عَلىَّ قضب أعنانها والرّاس
…
والله يدبَّر ما يريد
عليّ باللّي تبعد المرواس
…
والعمر لازم انّه يبيد
قضب العنان في لغتهم إمساكه جيدًا. والمرواس ميدان الخيل وشوط جريها. يقول: ما في ضرب البندقيات من فخر فإنه إطلاق شرود من مكان بعيد، وإنما عليّ أن أضبط عنان فرسي ورأسها ويدبر الله ما يريد، عليّ بالفرس التي توسع الميدان وأما العمر فلا بد أنه يبيد".
وتنقسم المقطة اليوم إلى البصصة والكرزان
(1)
.
أولًا - البصصة، ويتفرع منهم:
1 -
الهَدَبَة.
2 -
العِقَفَة.
3 -
الهُمَيْسَات.
4 -
العُطَيَّات.
5 -
الهَوَارِنَة.
6 -
الصِّبَحَة.
ثانيًا - الكرزان، ويتفرع منهم:
1 -
الهَمَارِقَة.
2 -
السِّلَفَة.
3 -
الشَّليّات
4 -
الأغِرَّة.
5 -
المقاحصة.
(1)
معجم قبائل الحجاز، ص 477.
قبيلة العِصَمَة
جاء ذكر العصمة في كتب الأنساب القديمة على صيغة عصيمة على التصغير وعلى أنها من قُضاعة. قال ابن حزم
(1)
في حديثه عن قبائل قُضاعة: "دخل سبيع في خزاعة ودخل بنو إمر مناة في جُشَم بن بكر بن هوازن فقيل بنو عُصَيْمة بن جُشَم وإنما هم بنو عصيمة بن اللبوء بن إمر مناة بن جعثة بن النمر بن وبرة"، منهم الأحوص عوف بن مالك بن عوف بن نضلة بن جندع بن حبيب ابن غنم بن كعب بن عصيمة، أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الأصبهاني
(2)
: "ولبني نصر بن معاوية بالحجاز البردان ولبني جُشَم فيه شيء قليل لبطن منهم يقال لهم عصيمة يزعمون أنهم من اليمن وهم ناقلة في بني جشم". وعلق على هذا النص أستاذنا الشيخ حمد الجاسر في الحاشية بقوله: "يعرفون الآن بالعِصَمَة وهم بنو عصيمة بن جُشَم بن معاوية بن بكر بن هوازن، وذكر أن ابن الكلبي نسبهم في اللَّبُوء بن إمرة مناة بن جعثة بن النمر بن الحاف بن قُضاعة"
فهذه نصوص ترجع قبيلة عصيمة إلى قُضاعة ولكن هل قبيلة العِصَمَة اليوم هي تلك القبيلة كما رجح أستاذنا الشيخ حمد الجاسر أم أنها قبيلة برأسها لا تمت إلى عصيمة المذكورة إلا بتشابه الأسماء؟، هذا ما لا أستطيع الجزم به، لأن كثيرًا من العارفين من العِصَمَة يقولون أنهم يرجعون في أصلهم إلى بني سعد بن بكر بن هوازن.
وعلى أي حال فقبيلة العصمة اليوم من أشهر قبائل عتيبة ومن أبعدها ذكرًا وصيتًا ولا يتطرق إلى أصلها شك ولا ريب وهي من القبائل المنتشرة بين الحجاز ونجد، وكثير منهم بأودية الطائف المحيطة به أهل قرى ومزارع فمنهم بـ "القيم" والأخيضر وجليل وبسل وقملة وشرب.
(1)
جمهرة أنساب العرب، ص 455.
(2)
بلاد العرب، ص 8.
والعصمة اليوم ينقسمون حسب اصطلاح القبيلة إلى خمسة بطون كبار هم:
1 -
العَبَابيْد.
2 -
العَلاوِيْن.
3 -
الجلاة.
4 -
الشِّفْعَان.
5 -
الحَمَارِيْن.
ويتفرع كل بطن من هذه البطون إلى عدة أفخاذ حسبما سنوضح، ولكن هناك من يجعل بطون العصمة الكبار أربعة فقط ويعتبر العلاوين من العبابيد ولكون من أخذنا عنه هو من العارفين بأنساب قبيلته فضلنا الأخذ بالتقسيم الأول.
أولًا - العبابيد وهم:
1 -
النباعين.
2 -
الصُّمْحان.
3 -
البخاتين.
4 -
الغنامين.
5 -
ذوو معيوف.
6 -
السُّبَيْحات.
7 -
العَثَاكِلَة.
8 -
الطِّرْسَان.
9 -
الشُّرْمان.
10 -
الربعان - ذوو ربع.
ثانيًا - العلاوين وهم:
1 -
العِمْرِيَّة.
2 -
الوبارى بألف مقصورة.
3 -
الشجاعين.
4 -
الحلاحلة.
5 -
الرُّكَيْبَات.
6 -
السُّحُور.
ثالثًا - الحمارين وهم:
1 -
ذوو حمران.
2 -
النواشر.
3 -
الحَثَارِيَة.
4 -
الوُرْكَان.
5 -
البَلاعِسَة.
6 -
ذوو غُوَيلي.
7 -
الحَمَادَات.
8 -
الجعادين.
9 -
ذوو فقيّر بالتصغير.
رابعًا - الجلاة وهم:
1 -
النفارين.
2 -
العِلَجَة.
3 -
الغُزول.
4 -
الجلادين.
5 -
الحُسَيْنات.
6 -
ذوو سَرِيْع.
7 -
السُّنُوَات.
8 -
المساويط - وأحدهم المسواط.
خامسًا - الشفعان وهم:
1 -
المقارنة.
2 -
الروامين.
3 -
المخاضير.
4 -
الدرعان.
5 -
العُوَّض.
6 -
الرُّوَسَة.
7 -
الطِّرْسَان وهم غير طرسان العبابيد.
8 -
الفوانية.
9 -
أهل السمراء (وهم بنجد).
قبيلة الدَّعَاجِيْن
من عيال منصور من برقا من عتيبة وهي قبيلة كبيرة منتشرة بين نجد والحجاز وكثرتها بنجد يقطن بعض أودية الطائف بعض من أفخاذهم منهم أهل قرى ومزارع ومنهم بدو أهل عود وقعود فأهل الطائف هم:
1 -
الشَّذَايين: وهؤلاء يسكنون وادي لقيم.
2 -
السَّوَالِم: وهؤلاء يسكنون وادي جليل.
3 -
الهُدّف: بادية بركبة وما حولها.
4 -
الخِضْرِيَّة: منهم قلة بالحجاز وأكثرهم بنجد.
هؤلاء هم الأفخاذ التي تسكن الطائف وما حوله من أودية وقرى.
قبيلة الدَّغَالِبَة
من عيال منصور من عتيبة كثرتها بنجد ليس منهم أحد بضواحي الطائف أو أوديته المحيطة به، إلا أن هناك أفرادًا من قبيلة الدغالبة قد تديَّروا الطائف واستوطنوه مما دعاني لذكر الدغالبة وذلك إكمالًا للفائدة وإعطاء للقارئ نبذة عن قبيلة الدغالبة ليكون على معرفة بها وبموطنها.
قبيلة القِثَمَة
من عيال منصور من برقا من عتيبة، يرجعها بعض الباحثين المعاصرين
(1)
إلى بني جُشَم قديمًا هي ديار ومنازل القثمة
(2)
اليوم وهي الريعان أو ما يعرف قديمًا بـ "المناقب" والسيل الصغير وريَّحة ووادي قُرَّان وما حوله إلى عشيرة ووادي العقيق، وأنا أرى أن وجود قبيلة من القبائل اليوم في منازل أخرى من قبائل العرب القديمة ليس فيه مُرجّح لإلحاق هذه القبيلة بتلك لمجرد أننا وجدنا منازل تلك هي ديار هذه في عصرنا. والسبب أن تَمَوُّج القبائل في الجزيرة العربية أمر معروف من القديم فكم قبيلة كانت في الجنوب ونزحت إلى الشمال وأخرى كانت في الغرب وانتقلت إلى الشرق. كما أن قولهم بأن القثمة محرف من جُشَم لا أراه مقبولًا لكون الحرف المشترك بين الإسمين جُشَم وقثام هو الميم فقط، فهل من المعقول أن يُحَرَّف الجيم بالقاف والشين بالثاء الممدودة ليصبح جُشَم قثام، فهذا ما لا أعتقده بل لا أتصور أن يحدث تحريف في اسم القبيلة والانتساب إليها من أبنائها لأن هذا أمر يتلقاه الخلف عن السلف من القبيلة عن طريق التواتر والجمع عن الجمع، والدليل على قولي هذا قبائل السراة التي لا زالت تحمل أسماءها من
(1)
مجلة العرب، 1 - 2، ص 13.
الجاهلية حتى يومنا هذا كزهران وغامد وثقيف وهُذيل وما إليها من القبائل، فإننا لم نجد أحدًا من أبناء هذه القبائل حرف اسم قبيلته أو الانتساب إليها، فالزهراني ينتسب زهراني والغامدي ينتسب غامدي وكل أبناء تلك القبائل ينطقون أسماء قبائلهم صحيحة وينتسبون إليها انتسابًا صحيحًا، فلماذا التحريف الذي دخل على اسم جُشَم لم يدخل على أسماء تلك القبائل، ولا أعني بهذا نفي احتمال رجوع القثمة في نسبهم إلى بني جُشَم ولكن الجزم بالإرجاع يحتاج إلى دليل.
وعلى أي حال فالقثمة اليوم ليست في حاجة إلى الظن بأنها من بني جُشَم أو من غيرهم فهي قبيلة كريمة ومن كبريات قبائل برقا في عتيبة لها من ماضيها وحاضرها ما يرفع بيت مجدها شامخًا بين قبائل الجزيرة.
ومن القثمة هؤلاء الشاعر المشهور مخلد القثامي
(1)
، قال أستاذنا محمد سعيد كمال:"مخلد من الشعراء الذين يتنفسون بالشعر عن لوعة وحرقة له غزليات لا يقدر أن يكتمها لأن قلبه يهذي بها فينطق بها لسانه، فهو غزلي رقيق ينتهي نسبه إلى جُشَم بن معاوية بن بكر، وكان الأصح في نسبته أن يقال الجُشَمي بدلًا من القثامي، ولكنها تحريفات العامة. توفي مخلد سنة 1337 هـ"، (نسبته إلى جُشَم تحتاج إلى دليل كما أوضحنا آنفًا) نشر المحفوظ من شعره بالجزء الثاني من سلسلة الأزهار النادية التي يصدرها أستاذنا ابن كمال ومن شعره في الغزل قوله:
يقول مخلد بادٍ الحيد الأسمر
…
في مرقب قِدْم الظعاين منيفي
يا الله واني في رجاك أتصبَّر
…
صبر الديار المسنية للخريفي
تَعْزَا لعين دمعها حار وأمطر
…
لسنه تَهَشَّم حجرها بالذريفي
والله لولا العظم يوم أتعمر
…
إلى كَويت العظم عبدي وريفي
(1)
دريد بن الصمة، حياته - شعره، ص 26.
والقثمة اليوم ينقسمون إلى بطنين كبيرين هما:
1 -
ذوو قاسم.
2 -
ذوو عبد الله.
وينقسم
(1)
كل بطن إلى عدة أفخاذ كما سنوضح.
أولًا - فذوو قاسم ينقسمون إلى:
1 -
الخدّد، ويتفرع منهم:
أ) الهَجَانِيَة.
ب) ذوو غُنَيْم.
جـ) البَرَاعِصة.
د) السَّرَاحَات.
2 -
الغَشَاشِمة، ويتفرع منهم:
أ) العَمَامِرة.
ب) الصِّقَرَة.
جـ) الصَّوَايِيْن.
د) البداحين.
هـ) الخثاعمة.
و) الضَّيَاغِمَة.
ز) الخِضَارِيَّة.
ثانيًا - وذوو عبد الله ينقسمون إلى:
1 -
الدَّهَسَة، ويتفرع منهم:
أ) ذوو دَرْويش وهم:
1 -
ذوو وهف.
2 -
ذوو طالع.
3 -
ذوو مبارك.
ب) ذوو بُنَيِّة.
جـ) المَرَاهِيّة.
2 -
الدوانية، ويتفرع منهم:
أ) القحَارَة - القحرة.
ب) القُحْمَان.
جـ) البَصَايصة.
د) الحبالِصَة.
3 -
الجِبَرة، ويتفرع منهم:
(1)
الأزهار النادية، جـ 2، ص 5.
أ) ذوو مهدي.
ب) ذوو هُدَيَّان.
جـ) الحضَانِيَة.
4 -
الزوران وهم غير زوران وادي ليّة فأولئك من الطفحة والنسبة إليهم أزوري وهؤلاء من القثمة والنسبة إليهم زويري ويتفرع هؤلاء إلى:
أ) الحَشَاوِيْن.
ب) الجراوين.
جـ) ذوي ملاحان - مليحان.
قبيلة الشَّيَابِيْن
من برقا من عتيبة وهي قبيلة كبيرة منتشرة بين الحجاز ونجد وكثرتها بنجد، وقد اختلف الباحثون في أصلها فمنهم من يراها من ثقيف ومنهم من يراها من سُلَيْم من بني شيبان
(1)
بن مُرّة بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن بُهْثة بن سُلَيْم بن منصور وهم الذين كانت فيهم سدانة العزّى وكان آخر من سدنها منهم دُبيّة بن حرمي، وهم حلفاء لبني هاشم.
قال دبيّة: حينما علم بمسير خالد بن الوليد لهدم العزّى
(2)
وتحريقها بعد أن علّق سيفه عليها:
أيا عز شُدِّي شُدَّة لا شوي لها
…
على خالدٍ ألقي القناع وشمري
يا عز إن لم تقتلي المرء خالدًا
…
فبوئي بإثم عاجل أو تنصري
فانتهى إليها خالد وهدمها ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأنا أميل إلى هذا الرأي وأنهم من شيبان سُلَيْم لأن منازلهم اليوم في عشيرة ووادي العقيق وتكاد تكون هي نفسها منازل سدنة العُزّى في ذلك التاريخ،
(1)
رواية مناحي ضاوي القثامي.
(2)
معجم قبائل الحجاز، ص 239.
إلا أنني سمعت من أكثر من واحد من الشيابين بأنهم يرجعون بنسبهم إلى ثقيف وكما قيل المرء مؤتمن على دينه ونسبه.
وشيابين الطائف في وقتنا الحاضر قسمان، قسم يسكن عشيرة ووادي العقيق شمالي الطائف، وقسم يسكن العرج وهم أهل قرى ومزارع، وينقسم الشيابين اليوم إلى ذوي صالح وذوي خليفة.
فأولًا - ذوو صالح، ويتفرع منهم:
1 -
ذوو فهيد.
2 -
القَرَافِين.
3 -
الحفارى - بألف مقصورة.
4 -
الثُّقْفَان.
5 -
ذوو عبد الله.
6 -
العمور.
7 -
الزَّبَالِقَة.
8 -
ذوو عَوَّاد.
ثانيًا - ذوو خليفة، ويتفرع منهم:
1 -
ذوو شَيْبَة.
2 -
الشَّوَام.
3 -
الفراهدة.
4 -
الفوارين.
5 -
الغدران.
وهؤلاء جميعًا منهم من يقطن عشيرة ومنهم من يقطن نجد.
6 -
الصَّوَاهِل.
7 -
ذوو كُلِيْب.
8 -
ذوو محمد.
9 -
ذوو سليمان.
وهؤلاء يسكنون العرج والجَرْبَة من ضواحي الطائف.
العَبَابِيْد أهل القيم
قبيلة صغيرة تسكن وادي لقيم ولهم به قرى ومزارع، ويقول بعض العارفين بالأنساب أن أصلهم من المغرب وأنهم على ما يقولون زبيريون نسبة إلى عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، ولكنهم اليوم يعدون من بطون العصِّمة بالحلف والجوار.
وقد ذكرهم البلادي
(1)
في معجمه، قال:"العبابيد واحدهم عبادي بطن حليف في العصمة من عيال منصور أيضًا، ويقول أحدهم وهو علي العبادي مساعد رئيس النادي الأدبي بالطائف أنهم زبيريون عادوا إلى هذه الديار بعد هجرة طويلة، ويقول محمد سعيد كمال مؤرخ الطائف أنهم هنود والله أعلم".
فهنا وهم صديقنا البلادي حينما عد رئيس النادي الأدبي بالطائف من عبابيد لقيم حيث لا آصرة قربى بينهم سوى التشابه في الأسماء.
وأما ما أسنده إلى أستاذنا محمد سعيد كمال من أنهم هنود فإنني سألت أستاذي الكريم عنه فأجابني بأن الأستاذ عاتق البلادي وهم في النقل عنه بالنسبة لعبابيد لقيم وأنه لا يشك في أصلهم ورواية أنهم من المغرب متواترة.
قبيلة الرُّقْبَان
وأحدهم الرقيب، وهي قبيلة صغيرة تقطن عرج الطائف ولهم به قرى ومزارع، تعود بنسبها إلى الثبتة من بني سعد وإلى هذا العرج ينسب الشاعر العرجي عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، قال
(1)
سيرة ابن هشام، ص 888.
الأصبهاني
(1)
: "وكان يسكن بمال له في الطائف يسمى العرج فقيل له العرجي ونسب إلى ماله"، وفي غربي العرج الأزهر الذي ذكره العرجي في قوله:
يا دار عاتكة التي بالأزهر
…
أو فوقه بقفا الكثيب الأحمر
لم ألق أهلك بعد عام لقيتُهم
…
يا ليت أن لقاءهم لم يقدر
وجاء ذكر العرج في معجم البلدان
(2)
إلا أن ياقوتًا خلط بين هذا العرج والواقع بين مكة والمدينة، قال: "وهي قرية جامعة في واد من نواحي الطائف إليها ينسب العرجي الشاعر وهو عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وهي أول تهامة وبينها وبين المدينة ثمانية وسبعون ميلًا وهي في بلاد هُذَيْل ولذلك يقول أبو ذؤيب:
هم رجعوا بالعرج والقوم شُهَّد
…
هوازن تحدوها حماة بطارق
والوهم في قوله أول تهامة إلى آخر النص، والصواب ما ذكره أولًا أنه وادٍ من نواحي الطائف ولا زال معروفًا حتى الآن وعامرًا بالقرى والمزارع وآهلًا بالسكان.
والرُّقْبَان اليوم يتفرعون إلى:
1 -
ذوي عُوَض.
2 -
ذوي مسفر.
3 -
ذوي عُقَيِّل.
4 -
ذوي سَفِر.
5 -
ذوي عُشَيْش.
(1)
معجم قبائل الحجاز، ص 285.
(2)
الأغاني، جـ 1، ص 149 - 151.
قبيلة النفَّعة
نسب النفّعة
(1)
:
ورد في وثيقة مؤرخة عام 995 هـ عليها ختم أمير مكة الشريف الحسن بن أبي نمي أن نسب النفّعة إلى صرار ومجنون أولاد صالح بن نافع من نفيع بن رائق بن فلاح بن شملان بن زياد بن كتيم بن كعب بن بطيان بن سعد بن حجاج بن كعب بن مسعود بن عتب بن كعب بن سعود بن عتب بن كعب بن شباب من هوازن.
يقول الأستاذ تركي القدّاح: بالرغم من سقوط العديد من الجدود حتى هوازن فهذا ليس غريبًا على العامة إلا أن هذه الوثيقة صحيحة معروفة في الحجاز، وأضاف أن النفعة والمقطة يد على من سواهم من فروع برقا وهم من شملة من أبناء رايق بن فلاح الذي تقدم ذكره.
وذكر البلادي في معجم قبائل الحجاز
(2)
: أن النفّعة والنسبة إليهم "نفيعي" أو "لنفيعي" من البطنين من بني سعد بن بكر من شملة أحد فرعي برقا من عتيبة هوازن. وقد ورد ذكر النفّعة في مخطوط "بلوغ القرى" لابن فهد في القرن التاسع عشر الهجري.
وقال الشريف محمد بن هاشم
(3)
: لقد وجدت ذكرًا للنفّعة في القرن الحادي عشر الهجري في سمط النجوم العوالي عند ذكره المقاتلة التي حصلت
(1)
كتاب النفَّعة في نجد والحجاز للأستاذ تركي بن مطلق القداح النفيعي.
(2)
معجم قبائل الحجاز - عاتق بن غيث البلادي الحربي - دار مكة للنشر والتوزيع.
(3)
قبائل الطائف وأشراف الحجاز ص 110 للشريف محمد بن منصور بن هاشم.
بينهم وبين قبيلة الحمدة، قال: "ومما اتفق في هذا العام - يعني عام 1081 هـ - أن رجلا من قبيلة النفّعة يسمى عُمير، ويكنى بأبي شويمة قتل جماعة منهم اثنان من ثقيف من قبيلة تسمى الحمدة، ولهما إخوة وبنو عم فكانوا في طلبه يتحسسون الأخبار، فدخل في هذه السنة بلدهم وجاء راكبًا جواده ووقف إلى قبة الحبر وزار ثم دخل إلى السوق فرآه بعض أقارب القتيل فصاح به وضربه ضربة أدَّرَقها ثم ضرب فرسه فقطع عرقوبها فحركها فلم تطاوعه للفرار فسقط إلي الأرض فلحقه وقد صدمه الجدار فضربه ثالثة على أم رأسه فشقه فبرك عليه وأراد ذبحه فمنعه الحاضرون، ثم قام نحو الخلاء وهو في سكرات الموت، فصاح الصائح: الحقوا غريمكم قبل الفوت فتلاحقه الرجال يرمونه بالحجارة والنصال حتى سكن أنينه.
وكانت هذه الواقعة يوم الخميس رابع ربيع آخر، ثم إن أولاد عمير المذكور صاحوا في عشيرتهم وذويهم واستثاروهم على قتلة أبيهم، فأتاهم بنو سعد وعُتيبة وجمع من العربان، ثم اجتمعوا وتهيأوا للقتال. وحصل في الطائف القيل والقال، فاجتمعت ثقيف واستنصروا حلفاءهم لما بلغهم وصول القوم إلى ليّة ونواحيها، وبالقرب من القوم قبيلتان من ثقيف هما بنو محمد
(1)
وثمالة، فتوجهوا نحو القوم فأخذ القوم ينهزمون إلى أن وصلوا إلى عبَّاسة بالخداع منهم والاحتيال، وهؤلاء البعض منهم والبعض الآخر كَمُنَ واختفى وراء الجبال حتى توسطت ثقيف، فإذا القوم منعطفون عليهم والكمين خارج إليهم، فاحتاطوا بهم فقتلوا الرجال وأخذوا الأموال وأمسكوا جماعة عندهم مأسورين وهرب باقيهم، ثم إن القوم نزلوا إلى القرية وأخربوها وأخذوا الحبوب وقطعوا الثمار وأحرقوا بعض الدواب بالنار، وكان بالقرية أولاد الشريف وحاكم الشريف فأرسلوا إليه فعرفوه.
(1)
بنو محمد اليوم غير معروفين وأظنهم الصخيرة لقربهم من ثمالة.
وفي صبيحة يوم الثلاثاء تاسع ربيع الآخر من السنة المذكورة وصل من مكة نحو المائة من العسكر أرسلهم مولانا الشريف لحفظ البلد وحراستها.
مما تقدم من سياق هذا النص يعطينا فكرة عن سكنى النفّعة بشرقي الطائف من ذلك الوقت، وأنها معروفة بهذا الاسم من ذلك التاريخ، والنفّعة اليوم تنقسم إلى عدة بطون هي:
أولًا - المساعيد ويتفرع منهم فخوذ:
1 -
الصَّفيان.
2 -
السياحين.
3 -
الملافية.
4 -
الهُدفان.
5 -
المساقية.
6 -
العظامية
(1)
.
7 -
الجبهات.
8 -
العمارى (بألف مقصور).
9 -
الرفادين.
قلت: ومن المساعيد الدهينات شيوخ المساعيد عامة وأحدهم الدهينة.
ثانيًا - النخَّشة ويتفرع منها فخوذ:
1 -
ذوو سنان.
2 -
ذوو حميدان.
3 -
ذوو مخضار.
4 -
الحقاوين.
5 -
الشوهان
(2)
.
ثالثًا - ذوو مُفَرِّج ويتفرع منهم فخوذ:
1 -
الحِجَّن.
2 -
الدراعين.
3 -
القميشات.
(1)
هنا لم يذكر الشريف محمد بن منصور البدرة والطيور والفوالح من أفخاذ المساعيد النفعة.
(2)
هنا لم يذكر الشريف محمد أيضًا الخماسين والروابحة وذوي حاسن والعراثمة والملافتة من أفخاذ النخشة النفعة.
4 -
الحواما. وهؤلاء جميعًا بنجد
(1)
.
5 -
العضيدات.
6 -
القوازين.
7 -
الهوالمة.
8 -
الغواصب. وهؤلاء جميعا بالحجاز فيما حول الطائف مع قبائلهم
(2)
.
قلت: في فخذ الحِجَّن أو ابن حجنة شيخة ذوي مفرج، وقيل حسب بعض المصادر فيهم شيخة شمل النفّعة.
رابعًا - ذوو زياد ويتفرع منهم فخوذ:
1 -
الضوامرة.
2 -
ذوو صلاح.
3 -
ذوو محمد.
4 -
المرابعة.
5 -
المهيات.
6 -
الفقهاء.
وهؤلاء جميعا بالحجاز فيما حول الطائف من الشرق مع قبائلهم.
7 -
الرُّقبات.
8 -
الفِصْل.
9 -
الفُرَّس.
10 -
الشويمات.
11 -
المهازعة.
وهؤلاء جميعا بنجد.
خامسًا - المحايا ويتفرع منهم فخوذ:
1 -
العوران
(3)
.
2 -
المداحلة
(4)
.
3 -
المراجلة.
4 -
البيضان.
5 -
المقاذلة.
(1)
لم يذكر الشريف الخواطرة والقوابعة من ذوي مفرج.
(2)
لم يذكر الشريف ذوي حصين إلا أن البعض يرى أنهم هم الغواصب. كما لم يذكر الدلوح والفَلَتة.
(3)
أخطأ الشريف محمد بن منصور هنا، فالعوران ليسوا فخذا بل إنهم أسرة من المراجلة، وقد أوضح ذلك الأستاذ تركي بن مطلق القداح في كتابه عن النفعة.
(4)
أخطأ الشريف محمد بن منصور عن المداحلة؛ فالمداحلة من العجران ولم يذكر العجران، كما لم يذكر أيضًا الكتيفان والشباثين والضوالعة.
سادسًا - البسايس ويتفرع منهم فخوذ:
1 -
الكرانيف
(1)
.
2 -
العكابرة.
3 -
الجلّاة.
4 -
الجرادين.
5 -
الشعارية، وهم غير الشعارية في المراوحة.
6 -
المراقصة
(2)
.
سابعًا - الفِلَتَة ويتفرع منهم فخوذ:
1 -
الودايين.
2 -
الصليلات
(3)
.
3 -
الزعب.
4 -
الرواجح.
5 -
الحدارية.
6 -
الوركان.
7 -
الدوايش.
8 -
السلاطين.
ثامنًا - بنو زايد أو الزوَّد:
قال الشريف محمد بن منصور عن بني زايد:
من النفعة من عتيبة وهم قسمان: قسم يسكن بسراة بني سعد بالمكان المعروف بالفَرعَة فتضاف إليهم فيقال فرعة بني زايد ومن هؤلاء الشاعر المشهور صويلح بن مسيفر الزايدي الذي من قوله
(4)
:
يا الله يا اللي ترزق الوحش في الخلا
…
وإن صاد رزقه في الخلا قنعان
والطير في وكره مُسهّل معوشته
…
وعند العناية طار بالجنحان
والفلك يمشي والعناية تقودها
…
والعزم عند النار والدخان
(1)
أخطأ الشريف كذلك فالكرانيف أسرة من ذوي محمد وذوي زيد ويطلق عليهم الكرناف.
(2)
لم يذكر الشريف محمد بن منصور ذوي معدي والمعافتة وذوي مرزوق وذوي عيد.
(3)
الصليلات هنا خطأ من الشريف محمد والصواب والصلالات.
(4)
الأزهار النادية ص 33.
والحفظ من رب السموات العلا
…
وسبحان من لا يقهره سلطان
يعرف مقر الحوت والثور والثرى
…
وما في تخوم الأرض شيء كان
ويوحي دبيب النمل في ملتقى الصفا
…
ويعلم بها ماشين أو سكان
والروح يعلمها ويعلم مقرها
…
لها يوم فيه تفارق الخلان
مدرى عملها عند مالك يعذّبه
…
والا السعادة توصله رضوان
أصحابنا عند الحكايا مية نفر
…
وعند الشدايد روَّحوا شتان
ولولا الشدايد ما نبا صحبة العرب
…
ولولا الشدايد ما نبا صدقان
شكيل العرب من عند بابي يمرني
…
يخف المشي لا تقرع الحذيان
ولا شحني إلا اللي في حياتي يمرني
…
حياة النفوس بديرة الرحمن
لو كان واحد قط يحيي رفيقه
…
سلم الدوا لا يدفقه لقمان
ومن أهل الفرعة أيضًا الشاعر عوض الله بن مسيفر الزايدى، قال عنه الأستاذ محمد سعيد كمال
(1)
: من كبار شعراء النفّعة يبلغ السبعين من عمره الآن
(2)
، ووالده دخيل الله أيضًا من كبار الشعراء، عاصر الشاعر بديوي الوقدان وله معه مساجلات، ولعوض الله قريحة لا تنضب وشعره جيد، فمن قوله يمدح الشريف:
الأوله يا الله يا عالي الأرقاب
…
يا من جميع الناس يرجون عطواه
تعفر لعبد ما يبا كثر الأنشاب
…
خوفه كثير ودين الإسلام تقواه
(1)
الأزهار النادية ص 29 - ج 2.
(2)
توفى رحمه الله من عدة سنوات.
وينقسم أهل الفرعة إلى عدة أفخاذ هم:
1 -
الشنقان.
2 -
اللُّصة (وهم غير لصة الثبتة).
3 -
الحنشة.
4 -
العصمان.
5 -
الطحاحين.
6 -
العُصم.
والقسم الآخر من الزوّد يقطن بالدبساء شرقي خد الحاج أسفل وادي ليّة بطرف الشط الغربي - المعروف قديمًا بسهل جلدان - ويتفرع هذا القسم من بني زايد - الزوّد - إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
ذوي حمد.
2 -
المضابية.
3 -
المخاطمة.
4 -
ذوي سُريع (بالتصغير).
تاسعًا - رُبيع:
قال الشريف محمد بن منصور بن هاشم: رُبيع (بالتصغير) من النفّعة من عُتيبة تقطن سراة بني سعد، من أشهر أماكنهم شفا ربيع، أكثرهم أهل قرى ومزارع، وتنقسم ربيع في عصرنا إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
السمور.
2 -
الجرادحة.
3 -
الجمالين.
4 -
الهدف.
5 -
الشتيان.
6 -
العطاء.
7 -
الغبيشان.
8 -
الثرمان.
عاشرًا - السَّلاقى:
قال الشريف محمد بن منصور: من النفّعة يقطنون بسراة بني سعد بالسحن وعلو صلاء من أشهر قراهم النيمة والخيالة والخرمة والبركة والشثة، ويخالطهم بأسفل صلاء الجميعات وأكثرهم أهل قرى ومزارع، وتنقسم في عصرنا إلى عدة أفخاذ هم:
1 -
الحزمة.
2 -
الدواغين.
3 -
الدعابين.
4 -
ذوو محسن.
5 -
ذوو حسب الله.
6 -
ذوو ساري.
ويلحق بالسلاقي الروّقة أهل القرين وهي قريتهم.
حادي عشر - العيلة
(1)
:
قال عنهم الشريف محمد بن منصور: من النفّعة من عتيبة يقطنون الأصدار وشعاف الجبال بالسراة الجنوبية الشرقية للطائف بين بني عمر من بني سفيان وثمالة وربيع، من أشهر أوديتهم، وقرهم عبيس والعقدة وذي حماط والمنامة، يقول الرواة أنهم كانوا يسكنون بوادي قياه وأم الحميطة شرقي وادي مظللة، ويخالطون بلحارث في تلك الناحية، إلا أن الحارثيين كانوا يؤذونهم ويتغطرسون عليهم، والعيلة قلة لا يستطيعون دفعهم، وقد تمادى أذى الحارثيين إلى درجة أن أحدهم اعتدى على امرأة من العيلة وجدها واردة على الماء، فغرز أسفل ثوبها إلى أعلاه فلما قامت انكشفت سوءتها فراح الفاعل
(2)
ومن معه من الحارثيين يضحكون عليها، ولكن المرأة لشدة حنقها من فعلتهم أبت أن تستر نفسها ومضت على حالتها تلك حتى وصلت أهلها ورجالها وأخبرتهم بما حصل عليها، فغضبوا لعرضهم ولكنهم لقلتهم وضعفهم أمام الحارثيين أظهروا عدم المبالاة، ولكن شيخهم واسمه سلوم أصر على الانتقام والانتقال فرحل جميع ثقله إلى حيث هم الآن وتظاهر أن عنده وليمة ودعا إليها وجوه الحارثيين وكبراءهم، وفي اليوم المحدد للوليمة حضر الحارثيون فراح يدخلهم دارًا أعد بها بعضًا من جماعته يمرق معها - فلج الماء من البئر - وأمر عبده بأن يسني عليها ليجري الماء مع ذلك الفلج،
(1)
من كتاب قبائل الطائف وأشراف الحجاز 113، 114.
(2)
هذه القصة تكررت كثيرًا في البوادي.
فكان يدخل الحارثيين أفرادًا ومن في الدار يقتلونهم على فلج الماء ليخرج الدم مع الماء ولكى لا يستنكر الداخل منهم رؤية الدم، ولكن العبد - وقيل أنه كان من عبيد الحارثيين - أشفق على مواليه الأولين فراح كأنه يغني لينذر من بقي منهم فرفع صوته قائلًا:
"الماء دغثره سلوم ما تنكرينه يا عيون البوم"
فتنبه من بقي من الحارثيين وهربوا مستصرخين قومهم فحصل بينهم وبين العيلة بعض قتال إلا أن العيلة استطاعوا النجاة والهرب والوصول إلى ديارهم التي هم الآن فيها.
وهذه قصة متواترة الرواية في سبب رحيل العيلة من وادي قياه.
وتنقسم العيلة إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
المعاليم.
2 -
الحِمَّان.
3 -
ذوي عطية.
4 -
الأحلاف.
5 -
الصّبحة.
ديار النفّعة وشيوخها
قال الشريف محمد بن منصور عن ديارهم:
يعتبر الحجاز هو الموطن الأصلي لبطون النفَّعة، ومن أشهر أوديتهم بالطائف أوقح والنير شرقي كلاخ والخرايق أسفل وادي كلاخ، ولهم بكلاخ قرى ومزارع، وبعضهم يقطن جنوبي السر شرقي ليَّة كالعماري والسياحين وفروع أخرى، والنفّعة من القبائل التي وطنتها الحكومة السعودية بتقسيم مواردهم وديارهم عليهم. (انتهى).
قلت: ويجدر بنا أن نذكر أن بعض الأسر من النفّعة هجروا موطنهم بالطائف وما حولها قبل ستة قرون وسكنوا الحمراء (حمراء الأسد) ودخلوا مع
قبيلة حرب، ثم رحل قسم منهم إلى ضبا بشمالي الحجاز مع بعض الأُسر من بني سالم من حرب يقال لهم الصوالحة، ثم انتقلوا إلى جنوب سيناء ثم رحل معظم فروعهم إلى وادي النيل في محافظة الشرقية بمصر، وقسم آخر أخذ طريقه إلى فلسطين
(1)
، وقد عُرفوا في مصر والشام باسم "النفيعات"
(2)
واحدهم نفيعي. ولا يزال لهؤلاء النفّعة تواجد في منطقة الحمراء قرب المدينة المنورة وهم مع قبيلة حرب إلى اليوم.
وقد ذكر البلادي في كتاب نسب حرب أن النفّعة في حرب أصلهم من قبيلة النفّعة من عُتيبة هوازن وموطنهم الأصلي كلاخ قرب الطائف وفخذهم هناك آل زايد، وإمارة النفّعة في حرب في أولاد أبي الحيا وأميرهم حاليا إبراهيم بن سلامة بن إبراهيم بن سلامة بن نويفع، وكان آباؤه كلهم أمراء، ويقال أن نويفع هذا قاد الحملة على أمير الحاج المصري في الحمراء سنة 1200 هـ، ولابن سلامة إلى اليوم إمارة الحمراء.
وعن القبيلة الأم النفّعة في عُتيبة ففي منتصف القرن الثالث عشر الهجري أي في حدود عام 1264 هـ نزح أكثر النفّعة من الحجاز إلى نجد وانضموا إلى جيش الإخوان في دولة آل سعود كغيرهم من القبائل وسكنوا الغطغط وشاركوا في كثير من حروبها ومعاركها مثل مناخ الحرملية، والعويند، ومناخ عرجا، وبعد معركة السبلة انتقلوا من الغطغط إلى هجرة عروة ثم عمرت البجادية فانتقلوا إليها وزاد عدد هجر قبيلة النفّعة فانتشروا فيها، وتعتبر بلدة البجادية من أكبر وأشهر بلدانهم في نجد بالوقت الحاضر، وهي تابعة لإمارة مدينة الدوادمي، وأمير
(1)
والنفيعات في فلسطين بعد حرب 1948 م انتقلوا إلى شمالي الأردن وقطنوا عمان ووادي السير.
(2)
ذكرنا تفصيلًا عنهم في المجلد الأول من الموسوعة نقلًا عن كتاب النفيعات بين الماضي والحاضر تأليف الأستاذ/ مجدي أحمد العدوي النفيعي.
البجادية حاليا محمد بن زايد النخيش النفيعي. ويعتبر بطن النخّشة الأكثرية في البجادية ويشاركهم بطن ذوي مفرج (المفاريج) وشيخهم ابن حجنة، وكذلك بطن المساعيد وشيخهم الدهينة، والزوّد (ذوي زياد) وشيخهم أبو رقبة، والفِلَتة وشيخهم السلطان، والمحايا وشيخهم ابن عور، والبسايس وشيخهم الكرناف. ويشكل النفّعة بالوقت الحاضر قسمًا كبيرًا من قبائل عُتيبة هوازن العدنانية في الحجاز ونجد بالمملكة العربية السعودية.
ما قاله الأستاذ تركي بن مطلق القدّاح
(1)
عن قبيلة النْفّعة من شملة من برقا من عتيبة
قال القدَّاح:
تنقسم قبيلة النفعة من عتيبة إلى قسمين هما:
1 -
أبناء صرار
(2)
ويطلق عليهم الصرارات وهم:
أ - زياد (وهم ذوي زياد).
ب - فليت (الفلتة).
جـ - مفرج (ذوي مفرّج).
(1)
نقلا عن كتاب النفعة من قبائل عتيبة في الحجاز ونجد. طبعة 1999 م/ 1420 هـ - دار الكتاب الحديث بالقاهرة.
(2)
ويلحق بصرار الهوارنة والهمسة والحنافرة من المقّطة.
قال شاعر الهوارنة:
أنا هاراني وأصلي من نفاع بن رايق. (ونفاع بلهجة عتيبة هو نفيع) وهو شطر من بيت ويهمنا هنا الدلالة على النسب.
2 -
أبناء مجنون ويطلق عليهم المجانين وهم:
أ - مسعود (ومنه المساعيد).
ب - مطر (ومنه البسايس).
جـ - المحايا.
د - النخّشة.
وفي الحجاز يضاف إلى أبناء صرّار:
أ - بنو زايد.
ب - السلاقى حيث إنهم أخلاط من ذوي زياد وذوي مفرج والفلتة، وقد أطلق عليهم لقب السلاقي.
كما يضاف إلى أبناء مجنون:
أ - العيلة وينتمون إلى ذوي سنان من النخّشة من مجنون.
ب - ربيع حيث يذكر عارفوهم أنهم من المجانين.
وتقسيم قبيلة النفعة إلى الأفخاذ أو العشائر التالية "مستثنين التقسيم السابق".
(1)
ذوي زياد ويقال لهم أيضًا "الزوَّد" وينقسمون إلى ثلاثة أقسام هم
(1)
:
القطافين - ذوي جوير - ذوي فصيل.
القطافين: ومنهم ذوي عبد الله وذوي حمد وذوي صبحي والمهازعة والمضابين.
(ذوي عبد الله) وهم: الرقبات - العييفات - البساسين.
(1)
تفريعات ذوي زياد عن الشيخ خالد بن عمر أبو رقبة.
الرقبات: وفيهم مشيخة ذوي زياد وهم: (ذوي ونيان، وذوي عفنان، وذوي مثال) أبناء حسين أبو رقبة.
ذوي ونيان - هم: عمر (ذي مطلق). ناقي (ذوي قريبان).
ذوي عفنان - هم: ذوي بطي (ذوي حسن ذوي محسن) - ذوي علي (ذوي بجاد - ذوي ماجد ذوي فرج).
ذوي مثال - هم: ذوي ماضي (الذياخين) مسلط - نمار
(1)
.
العيفيات هم: المرابعة. ذوي رباع (الصفايين والعرجان).
البساسين هم: الركاوين وذوي هضول والسباهين وذوي عبيان.
(ذوي حمد) هم: ذوي حسين والسبعة وذوي عمران وذوي عمار والفقهاء.
ذوي حسين منهم: ذوي صلف وذوي مسلط وذوي سحيم وذوي طويلع
(2)
وذوي عارف.
السبعة منهم: الجبارية والنعاسين والحساني والهمارقة.
ذوي عمران منهم: ذوي سويلم وذوي ضاوي وذوي عمار ومنهم القطانية.
الفقهاء منهم: الغطاملة: منهم ذوي مروي وذوي بسيس وذوي مسيّب.
(1)
مسلط ونمار ليس لهما عقب.
(2)
قال الشيخ ابن بلهيد في كتابه صحيح الأخبار ج 2/ 176، 177 عند كلامه عن موضع يدعى طويلع: وعندي دليل واضح على أن طويلعا هو الذي يسمى "قرية" اليوم، كنا في بلدنا ذات غسل سنة 1322 هـ وأنا حديث السن، فنزل عندنا أعراب من عتيبة، وفيهم شيخ كبير السن من ذوي زياد من قبيلة النفعة، يقال له "طويلع" فسأله والدي وأنا حاضر: لماذا سماك أهلك طويلعا؟ قال: كنا مع مطير وأنا في بطن والدتي، وتربعنا الصمان، ووضعني في وادي قرية، وذلك الوادي يقال له طويلع، فسموني باسمه، فبعد ما كبرت وفهمت سألت والدي عن هذا الاسم، فقال: ولدت في وادي طويلع الذي يصب في قرية فسميناك باسم ذلك الموضع.
ذوي عايدة: منهم ذوي منير وذوي نشا وذوي طراد.
(ذوي صبحي) منهم: الشويمات وذوي عميش والمهيات والحبايبة.
(المهازعة) منهم: ذوي بيان وذوي عفار وذوي جعد وذوي عواض وذوي عوشز وذوي ذيخان.
(المضايين) منهم: ذوي صلاح وذوي محمد والضوامرة.
ذوي صلاح منهم: ذوي مسلم وذوي سليم والعفارية.
ذوي محمد منهم: ذوي شعبان
(1)
وذوي حامد والصعابين وذوي طرقي وذوي عجل وذوي هديب.
الضوامرة منهم: الرجاحين والغوله والسهول.
ذوي جوير منهم: الفرس والعددة وذوي عليان.
(الفرس) منهم: ذوي ماضي والحرابشة وذوي عياف وذوي إبراهيم وذوي صليح.
(العددة) منهم: ذوي ملفي ومنهم: ذوي مسلم وذوي سلوم وذوي سلمان.
ذوي لفاي منهم: ذوي هادي وذوي معدي وذوي جامع.
(ذوي عليان) منهم: الجداعين والدسايمة والحسول والنشاشير.
ذوي فصيل منهم: الثناوين وذوي جمعان وذوي عفيف.
(الثناوين) منهم: الهبايدة والحبول وذوي بريك وذوي صويلح.
(1)
ذوي شعبان بعضهم يسكن كلاخ وقد عرفت منهم الأخ الفاضل خالد بن مسفر بن شعبان وذلك أثناء زيارتي لكلاخ.
(ذوي جمعان) منهم: ذوي مرحوم وذوي طلق.
(ذوي عفيف) منهم: ذوي بخيت وذوي سماح وذوي مروي وذوي مهدي وذوي مسيريد.
(2)
الفلّتة وينقسمون إلى قسمين هما:
أ - أبناء خميس وهم: الدواهش
(1)
ومنهم موسى بن عيد النقيز، والودايين ومنهم ذوي جمعان وقويزان وله سلالة تدعى الدرنة والحربة والشررة، وذوي زنيدان (الزنود)، وذوي مغيب منهم السلاطين والعذبة، والصلالات ومنهم ذوي مصلط وذوي جبر وذوي خميس وذوي غانم.
ب - أبناء روضان وهم: أبا الحار ومنهم الحوارية وابن حنيف، والزعب ومنهم ذوي زويد وذوي زايد وذوي صغيّر، والرواجح ومنهم ذوي هادي وذوي مرضي وذوي موسى والضمنة، والوركان ومنهم ذوي مسيفر وذوي حايز وذوي مرزوق.
(3)
ذوي مفرّج وينقسمون إلى قسمين هما:
أ - الطلّسة وهم:
1 -
الحجن وهم شيوخ ذوي فرج وشمل النفعة
(2)
.
2 -
الدراعين.
3 -
القرامين.
4 -
الزقاعين.
5 -
القواعية.
(1)
وكان من الدواهش مشيخة الفلّتة عامة إلا أنها اندثرت حيث أشارت بعض الوثائق العثمانية إلى ذلك.
(2)
وهذت حسبما ذكرت العديد من المراجع منها عالية نجد للجنيدل، وصحيح الأخبار لابن بليهد، ومخطوط النجم اللامع للعبيد، وعرب الصحراء لديكسون.
ب - المراغات وهم:
1 -
الحوامة.
2 -
الغواصب
(1)
.
3 -
السوادين.
4 -
المجاولة.
5 -
الدلوح.
6 -
الخواطرة.
7 -
الهوالمة.
8 -
القميشات.
9 -
القوازين.
(4)
المساعيد وينقسمون إلى قسمين هما:
أ - ذوي كاسب وهم أبناء كاسب بن مسعود بن مجنون من نفيع بن رائق، وفيهم:
1 -
الرفادين ومنهم الدهينات شيوخ المساعيد عامة.
2 -
الصفيان
(2)
.
3 -
السياحين.
4 -
الجباهات.
5 -
العدلا.
6 -
العمارى
(3)
.
ب - الدغمة وهم أبناء دغيم بن مسعود بن مجنون بن نفيع بن رائق وفيهم:
1 -
البدرة.
2 -
العظامية.
3 -
الهدفان.
4 -
المساقية.
5 -
الفوالح.
6 -
الملافية.
(1)
من الغواصب (الفلغة) في الحجاز.
(2)
الصفيان وهم أبناء مرزوق بن كاسب بن مسعود بن مجنون من نفيع بن رائق حسب رواية كبار السن من العشيرة.
(3)
حدثني شيخ العماري سعود بن مسفر العميري فقال إن أصل العماري من الجباهات.
قلت: والناس مأمونون على أنسابهم والعماري يقيمون في الحجاز ولم ينزلوا نجد مع من نزل من النفعة إلا أن غازي بن مقعد الدهينة وخلف بن سند بن فواز رحمه الله يرون أنهم من الهدفان وهم الآن يشكلون فخذًا مستقلا من المساعيد وقد رحل العماري في السابق وجاوروا بلحارث ثم عادوا لمواطن قبيلتهم، ولهم الآن بلدة تقع جنوب الطائف على يمين المسافر من الطائف إلى الجنوب على بعد 5 كيلو مترات تقريبًا.
(5)
البسايس وينقسمون إلى:
1 -
الكرانيف وفيهم مشيخة البسايس.
2 -
الجلاة.
3 -
الشعاربة.
4 -
العكابرة.
5 -
الجرادين.
(6)
المحايا وينقسمون إلى:
1 -
المراجلة منهم العوران وفيهم مشيخة المحايا.
2 -
البيضان.
3 -
المقاذلة.
4 -
الكتيفات.
5 -
العجران.
6 -
الشباثين.
7 -
الضوالعة.
8 -
القرنة.
(7)
النخّشة وينقسمون إلى قسمين هما:
أ - ذوي سنان ومنهم:
1 -
الخماسين.
2 -
الهواجدة.
3 -
ذوي سعدون.
4 -
الغطاشين.
5 -
ذوي جرار.
6 -
ذوي محسن.
7 -
العمارين.
8 -
ذوي جلوان.
9 -
ذوي مقبول.
ب - السكارين ومنهم:
1 -
الصوافين.
2 -
الحشافين.
3 -
العتادين.
4 -
الحقاوين
(1)
.
5 -
الشوهان
(2)
.
6 -
ذوي مخضار
(3)
.
(8)
السلاقى:
ذكر كبيرهم في الوقت الحالي حسين بن حمدان أن الدواغين والدعابين وذوي محسن ينتمون إلى ذوي مفرج، وبعضهم أو كلهم ينتمون إلى فخذ
(1)
الحقاوين يرأسهم محسن بن نوار بالوقت الحاضر.
(2)
الشوهان يرأسهم مسعد بن بيان بالوقت الحاضر.
(3)
ذوي مخضار يرأسهم محمد بن زايد بالوقت الحاضر.
القميشات، كما أن الحزمة ينتمون إلى الفلتة، أما ذوي حسب الله فإنهم ينتمون إلى ذوي زياد، وبهذا نعلم أن السلاقي من صرار بن نفيع بن رائق.
(9)
العيلة:
ذكر الشيخ سنان عبد الله بن عبد الله بن حاسن أن العيلة هؤلاء من ذوي سنان النخشة وهذا ما أكده بعض الرواة.
(10)
زايد:
وهم قريبو النسب مع ذوي زياد وقد يكونون إخوة من سلالة نفيع بن رائق.
عتيبة مع الملك/ عبد العزيز آل سعود
في نهاية السرد عن عُتَيْبة، يجدر بنا أن نؤكد أن قبائل عُتَيْبة كانت دائمًا سبّاقة في الجهاد والنضال لخدمة وطنها وعروبتها، وكان منها مئات المجاهدين إبان الثورة العربية على الأتراك العثمانيين بعد عام 1916 م.
وكانت عُتَيْبة من القوات الرئيسية في جيوش الملك/ عبد العزيز موحِّد الجزيرة العربية، وتطوع آلاف المقاتلين العُتبان (الإخوان) في فيالق ابن سعود، وخاضوا أروع وأشرف ملاحم البطولات في سبيل توحيد شبه الجزيرة بعون الله وتحت قيادة صقر الجزيرة، والتاريخ المشرِّف لهذه القبائل لايحتاج إلى إطراء صلى الله عليه وسلم ولا شك أنه معروف للجميع.
ثقيف
نسب ثَقِيف:
اختلف النسابون في نسبهم، فمِنْ رأي يؤكد نسبهم إلى بني إياد العدنانية، وقد رجحنا ذلك في المجلد الأول من الموسوعة
(1)
، ورأي آخر وهو جمهرة المؤرخين والنسابين، ينسبهم في قيس عَيْلان من مُضَر العدنانية، ومنهم من يؤكد أنهم من ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان.
ما قاله المؤرخون والنسابون عن ثقيف
(1)
ما قاله ابن حزم الأندلسي
(2)
:
هؤلاء بنو مُنَبِّه بن بكر بن هوازن بن منصور: قُسيّ وهو ثقيف. فولد قُسي بن منبه بن بكر: جُشَم، وعوف، ودارس، والأخير دخل ولده في الأزد. فولد جُشم بن قسي: حطيط، فولد حطيط: مالك، وغاضرة؛ منهم عثمان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن الحارث بن مالك بن حطيط، صاحب لواء المشركين يوم حُنين، وقُتل يومئذ كافرًا، ومن ولد عثمان هذا: عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان، وهو الذي يقال له ابن أم الحكم بنت أبي سفيان، أخت معاوية رحمه الله ولي الكوفة، وعقبه بدمشق، وابنه كان الحُرَّ بن عبد الرحمن أمير الأندلس لسليمان بن عبد الملك، إثر قتل عبد العزيز بن موسى بن نصير،
(1)
انظر المجلد الأول من موسوعة القبائل العربية - دار الفكر العربي بالقاهرة.
(2)
عن جمهرة أنساب العرب ص 266 وما بعدها - طبعة دار الكتب العلمية - بيروت.
وإليه ينسب بلاط الحُرّ بشرقي قرطبة (الأندلس)، عثمان، والحكم، والمغيرة، وحفص، وأبو عثمان، وأمية، بنو أبي العاصي بن بشر بن عبد الله بن دهمان بن عبد الله بن همام بن أبان بن يسار
(1)
بن مالك بن حطيط بن جُشم بن قسي، أعقابهم بالبصرة، ولهم شرف وعدد بها؛ وعثمان منهم من خيار الصحابة، ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف، وغزا فارس وثلاثة من بلاد الهند، وله فتوح، وإليه ينسب شط عثمان بالبصرة، وكانت أمه صفية بنت أمية بن عبد شمس، وكانت تحت عثمان بن أبي العاص ريحانة بنت أبي العاصي بن أمية، فولدت له محمد بن عثمان؛ ومن ولده: عبد الوهاب بن عبد المجيد، المحدِّث المشهور، وبنوه: عبد المجيد صاحب ابن المناذر، مات وله عشرون سنة، ولم يعقب، وزياد، وأبو العاصي أمهم بانة بنت أبي العاصي الثقفية، ومحمد أبو الصلت من غيرها، وهو أكبر ولد أبيه، وابن عمهم بشير بن عمرو بن ربيعة بن أبان بن يسار، اتُهم في قتل عروة بن مسعود رضي الله عنه.
وهؤلاء بنو عوف بن ثقيف
ولد عوف بن ثقيف: سعد، وغيره، فمن بني سعد بن عوف: مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، وبنوه: معتب بن مالك بن كعب الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه داعيةً إلى الإسلام، فقتلوه رحمه الله وأمه سُبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف، وهو ابن خالة أمية بن أبي الصلت الشاعر: وله من الولد: عاصم، ومعاوية، وأبو مليح، أسلم قبل إسلام ثقيف، فولد معاوية ابنةً تزوجها الحسن بن علي رضي الله عنه، فولدت له عليًّا الأكبر المقتول مع أبيه في كربلاء، وولد عاصم: يعقوب، ونافع، وولد أبو مُرّة: داود:
(1)
بنو يسار: بطن في ثقيف - عن الاشتقاق ص 99 ومعجم المرزباني ص 254.
أمه ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية، وابن أخيه المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتب، من أهل بيعة الرضوان، وبنوه: حمزة، وعروة، والمطرف، ويعفور، وعمار، والمغيرة، بنو المغيرة، أم المغيرة بن المغيرة: بنت جرير بن عبد الله البجلي، خرج المطرف منهم على الحجاج منكرًا لجوره، فقتل رحمه الله وكان لعُروة بن مسعود، وابنه قارب بن الأسود، أسلم مع أبي مليح. والحجاج بن يوسف، وبنو الحجاج محمد، وعبد الله، وأبان، وسليمان، وللحجاج عقب بالبصرة ودمشق، ومن ولده كان عمر بن عبد الملك بن محمد الحجاج بن يوسف، ولي الولايات أيام الوليد بن يزيد، وعماه: عبد الصمد، وعبد الله، ابنا محمد أيضًا، ولي عبد الصمد دمشق للوليد بن يزيد، ومن ولده بالأندلس ثم بباجة (تونس): بنو منذر بن الحارث بن عيشون بن العلا بن المعلي بن العجلان بن عبد الله بن محمد بن الحجاج بن يوسف، وعبد الله بن عبد الملك بن الحجاج بن يوسف، ولي أيضًا الولايات للوليد بن يزيد، وابن أخي الحجاج يوسف بن محمد بن يوسف، ولي مكة، وأخوه مروان بن محمد بن يوسف ولي اليمن للوليد بن يزيد، والقاسم بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل ولي البصرة للحجاج، وابن أخيه يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب، وابنه محمد بن القاسم الذي فتح بلاد السند وله سبع عشرة سنة، وقتل نفسه في عذاب يزيد بن المهلّب. ومنهم: عبد الله بن أبي عقيل بن مسعود، وكان له قدر بالكوفة، وهشام بن أبي سفيان بن سفيان بن معتب ولي الطائف، وغيلان بن سلمة بن معتب، كانت له وفادة على كِسْرى ورياسة في قومه، وابنه عامر بن غيلان، أسلم قبل أبيه وهاجر، ومات في حياة أبيه في طاعون عمواس، وعمرو بن أمية بن وهب بن معتب، الذي بنى المسجد على
موضع مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ حاصر الطائف، فهو مسجدهم اليوم، وابن عمه الحكم بن عمرو بن وهب، أحد الوفود على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلام ثقيف.
ومن بني غيرة بن عوف بن ثقيف بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان: بنو علاج بن أبي سلمة بن عبد العزى بن غيرة بن عوف؛ منهم: المغيرة بن الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب بن علاج قتل مع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ وكان أبوه من سادات مكة، وابن ابنه: يعقوب بن عتبة بن المغيرة، محدث، والحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج، طبيب العرب، وإليه ينتمي بنو نافع أخي زياد وأبي بكرة لأبيهما، ومن بني عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف: أبو عبيد بن مسعود عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة المقتول يوم الجسر رضي الله عنه وابنه المختار بن أبي عبيد الذي ادعى النبوة بالكوفة، وصفية بنت أبي عبيد، امرأة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وسعد بن مسعود، أخو أبي عبيد له صحبه، وللمختار عقب، وابن اسمه جبر بن المختار، وابن آخر اسمه أبو أميه بن المختار، تزوج أم سلمة بنت عبيد الله بن عمر بن الخطاب، وأبو محجن بن حبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة الشاعر، الذي يقول:
إذا متُّ فادفني إلى جنب كرمةٍ
…
تُروِّي عظامي عند ذاك عروقها
وهو الذي حدَّ في الخمر، وأبلى في القادسية، ومات بأرمينية، فاتفق أن دفن في كرم رحمه الله؛ وأمه كنود بنت عبد أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، والشاعر أمية بن أبي الصلت بن ربيعة بن عوف بن عقدة بن غيرة: وبنوه: ربيعة، ووهب، وعمرو، والقاسم، ولي ربيعة بعض الولايات في الإسلام، وكان القاسم شاعرًا، وكانت أم أمية بن أبي الصلت رقية بنت عبد شمس بن عبد مناف القرشية. (انتهى قول ابن حزم).
(2)
ما قاله أبو العباس أحمد القلقشندي عن ثقيف
(1)
:
بنو ثقيف: بطن من هوازن من العدنانية، واشتهروا باسم أبيهم، فيقال لهم: ثقيف، واسمه قسي بن منبه بن بكر بن هوازن. وأمه أميمة بنت سعد بن هُذَيْل بن مدركة بن إلياس بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان.
وزعم بعض النسابين أن ثقيفًا من بقايا ثمود. وكان الحجاج إذا سمع ذلك يقول: كذبوا، ويتلو قال الله تعالى:{وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} أي أهلكهم، ولا أبقى منهم أحدًا.
والثقيف في اللغة: الحاذق. ومنه قيل: خل ثقيف، أي شديد الحموضة ومنه أخذ أخذ المثاقف.
قال أبو عبيد: وكان الثقيف من الولد جُشَم، وناصرة.
وقال في العبر: وهو بطن متسع، قال: وكانت منازلهم بالطائف، وهي مدينة من أرض نجد على مرحلتين من مكة في شرقيها وشماليها، وكانت في القديم للعمالقة، ثم نزلتها ثمود قبل وادي القرى، ومن هنا قيل: إن ثقيفًا كانت من بقايا ثمود، ويقال: إن الذي سكنها بعد العمالقة قبيلة عَدوان من قيس عيلان، ثم غلبتهم عليها ثقيف، وهي إلى الآن دارهم منذ الجاهلية، وربما قيل إنهم موالي لهوازن، وموالي أي حلفاء. ويقال: إنهم من إياد بن نزار.
ومن ثقيف الحجاج بن يوسف الثقفي، عامل عبد الملك بن مروان الأموي على العراق، وهو الذي قتل عبد الله بن الزبير بن العوام وصلبه في جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم، وأسرف الحجاج الثقفي في القتل حتى بلغ عدد القتلى ما يخرج عن الحصر. (انتهى).
(1)
انظر نهاية الإرب ص 198 - دار الكتب الإسلامية - طبعة عام 1980 م/ 1400 هـ.
قلت: والحجاج معروف في التاريخ أنه سفاك للدماء، ويشبه للسفاح العباسي الهاشمي مؤسس الدولة العباسية عندما أسرف في قتل بني أمية وأتباعهم، حتى كاد أن يفنيهم من على وجه الأرض.
(3)
ما قاله رضا كحالة السوري عن ثقيف
(1)
:
قال: ثقيف
(2)
بن مُنبه، بطن متسع من هوازن من العدنانية، اشتهروا باسم أبيهم، فيقال لهم ثقيف، وهم: بنو ثقيف، واسمه قسيّ بن منبه بن بكر ابن هوازن بن منصور بن عِكْرَمة بن خَصْفَةَ بن قيس عيلان ومن ثقيف، بنو جَهْم بن ثقيف، وبنو عوف بن ثقيف ويعرفون بالأحلاف.
مواطنهم: كانت مواطنهم بالطائف.
وتاريخهم: من حوادثهم التاريخية أن قبيلة خثعم جمعت جموعًا من اليمن، وغزت بني ثقيف بالطائف، فخرج إليهم غيلان بن سلمة في ثقيف، فقاتلهم قتالًا شديدًا، فهزمهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وأسر عدة رجال منهم، ثم مَنّ عليهم وقال شعرًا
(3)
، ومن حروبهم يوم وَجَّ، وهو الطائف كان بين بني ثقيف، وخالد بن هوذة، ومنها أن بني عامر بن ربيعة من هوازن جمعوا جموعًا كثيرة من أنفسهم، وأحلافهم، ثم ساروا إلى ثقيف بالطائف، وكانت بنو نصر بن معاوية أحلافًا لثقيف، فلما بلغ بني ثقيف مسير بني عامر، استنجدوا بني نصر بن معاوية من هوازن أيضًا، فخرجت ثقيف إلى بني عامر، وعليهم يومئذ غيلان بن سلمة بن معتب، فلقوهم، وقاتلتهم ثقيف قتالًا شديدًا، فانهزمت بنو عامر بن ربيعة، ومن كان معهم، وظهرت عليهم ثقيف فأكثروا القتل فيهم.
(1)
عن المجلد الأول ص 148 - معجم قبائل العرب - طبعة بيروت عام 1982 م/ 1402 هـ - مؤسسة الرسالة.
(2)
قال كحالة: وزعم قوم أنهم من بني إياد.
(3)
انظر شعره في الأغاني للأصبهاني ج 12، ص 45.
ومنها أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام سنة 8 هـ بمكة عام الفتح، نصف شهر لم يزد على ذلك، حتى جاءت هوازن وثقيف فنزلوا بحُنين، وهم يومئذ عامدون، يريدون قتال النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا قد جمعوا قبل ذلك، حين سمعوا بمخرج رسول الله من المدينة، وهم يظنون أنه إنما يريدهم، حيث خرج من المدينة، فلما أتاهم أنه قد نزل مكة، أقبلت هوازن عامدين النبي صلى الله عليه وسلم، وأقبلوا معهم بالنساء والصبيان والأموال، وأقبلت معهم ثقيف، حتى نزلوا حُنينًا، يريدون النبي ومن معه من المسلمين، فلما حدث النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة أن قد نزلت هوازن وثقيف بحُنين، يسوقهم مالك بن عوف النصري أحد بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، وهو رئيسهم يومئذ، عمد النبي صلى الله عليه وسلم، حتى قدم عليهم، فوافاهم بحنين فهزمهم، وكان الذي ساقوا من النساء والصبيان والماشية غنيمة غنمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسم أموالهم، فيمن كان أسلم معه من قريش.
وفي سنة 9 هـ قدم وفد من ثقيف بعد قدومه عليه الصلاة والسلام من غزوة تبوك، وكان من أمرهم أنه صلى الله عليه وسلم لما انصرف من الطائف قيل له: يا رسول الله: ادع على ثقيف، فقال: اللهم اهد ثقيفًا، وأت بهم، ولما انصرف عنهم، اتبع أثر عروة بن مسعود بن متعب، حتى أدركه، فأسلم، وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام، فلما أشرف لهم على عُلية، وقد دعاهم إلى الإسلام، وأظهر لهم دينه رموه بالنبل من كل وجه، فأصابه سهم فقتله، ثم أقامت ثقيف بعد قتله أشهرًا، ثم أنهم ائتمروا فيما بينهم، ورأوا أنهم لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب قد بايعوا وأسلموا أن يرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدموا على النبي، ضرب عليهم قبة في ناحية المسجد، وكان خالد بن سعيد العاصي هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أسلموا واكتتبوا كتابهم، وكان خالد هو الذي كتبه،
وكان فيما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدع لهم الطاغية، وهي اللات لا يهدمها ثلاث سنين، فأبى عليهم عليه الصلاة والسلام، إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة يهدمانها، وكان فيما سألوه مع ذلك أن يعفيهم من الصلاة؟ وأن لا يكسروا أوثانهم إلا بأيديهم، فقال عليه الصلاة والسلام: كسروا أوثانكم بأيديكم، وأما الصلاة فلا خير في دين لا صلاة فيه، فلما أسلموا وكتب لهم الكتاب، أقر عليهم عثمان بن أبي العاصي، وكان من أحدثهم سنًا، لكنه كان من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن، فرجعوا إلى بلادهم، ومعهم أبو سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة، لهدم الطاغية، فلما دخل المغيرة عليها علاها بضربها المعول، وخرج نساء ثقيف حسرًا يبكين عليها، وأخذ المغيرة بعد أن كسرها مالها وحليها.
ونرى بني ثقيف في سنة 82 هـ يحاربون مع الحجاج بن يوسف الثقفي، عبد الرحمن بن محمد، وقد انهزمت عامة قريش.
عبادتهم: كانت قبيلة ثقيف تعبد بيتًا بالطائف يقال لها اللات، فكانوا يسترونها بالثياب، ويهدون لها الهدي، ويطوفون حولها، ويسمونها الربة، ويضاهون بها بيت الله الحرام بمكة، وكان سدنتها آل أبي العاص بن أبي يسار بن مالك الثقفي.
وفي هامش ص 149 ذكر كحالة نقلًا عن البكري في معجم ما استعجم قائلًا: إن ثقيف عرفوا فضل الطائف فقالوا لبني عامر من هوازن: إن هذه بلاد غرس وزرع، وقد رأيناكم اخترتم المراعي عليها فأضررتم بعمارتها واعتمالها، ونحن أبصر بعملها منكم، فهل لكم أن تجمعوا الزرع والضرع وتدفعوا بلادكم هذه إلينا، فنثيرها حرثًا ونغرسها أعنابًا وثمارًا وأشجارًا، ونكظمها كظائم، ونحفرها أطواء، ونملأها عمارة وجنانًا، فراغنا لها وإقبالنا عليها، وشغلكم عنها واختياركم
غيرها، فإذا بلغت الزروع وأدركت الثمار شاطرناكم، فكان لكم النصف بحقكم في البلاد، ولنا النصف بعملنا فيها، فكنتم بين ضرع وزرع لم يجتمع لأحد من العرب مثله. فدفعت بنو عامر بن صعصعة الطائف إلى ثقيف عامرتها، فكانت بنو عامر تجيء أيام الصرام فتأخذ نصف الثمار كلها كيلًا، وتأخذ ثقيف النصف الثاني، وكانت عامر وثقيف تمنع الطائف من أرادهم، فلبثوا بذلك زمانًا من دهرهم في الجاهلية حتى كثرت ثقيف فحصنوا الطائف وبنو عليها حائطًا يطيف بها
(1)
، فسميت الطائف، فلما قووا بكثرتهم وحصونهم، امتنعوا عن بني عامر فقاتلتهم بنو عامر فلم تصل إليهم ولم يقدروا عليهم ولم تنزل العرب مثلها دارًا.
قلت: والطائف كانت قبل بني عامر لقبيلة عَدوان من قيس عيلان، ثم تغلبت عليها بنو عامر بن صعصعة من هوازن من قيس عيلان، ثم آلت لثقيف كما أسلفنا في سرد البكري.
وفي ص 147 ذكر كحالة عن ثقيف بالوقت الحاضر قائلًا: ثقيف قبيلة منازلها في جبل الحجاز بين مكة والطائف، وعلى الأصح بينه وبين جبال الحجاز، وتنقسم إلى البطون الآتية:
1 -
طويرق: وهم قسمان حضر وبدو، فالحضر فيهم عشائر: الجعيدات، الخصافين، الزحارية، الفُضَّل. وأما البدو من طويرق ففيهم عشائر: الرُّسان، الغرابين، التراكبة، الكلبة، العبدة، الظفيرين، الحمران.
2 -
النمور: وهم يقسمون بحسب منازلهم إلى قسمين: أهل الهدي، وأهل وادي المُحْرم، فأهل الهدي فيهم أربع عشائر وهي: الكُمّل، اللمظة، الغربا، البِنَّي، وأما أهل وادي المحرم فهم أهل الخضرة، والمشاييخ، وأهل الدار البيضاء.
(1)
فكرة الحائط كانت من رجل من اليمن أشار على ثقيف بذلك.
3 -
ثمالة: وهم ثمانية أقسام: أهل الصخيرة، آل مقبل، الضباعين، السواعدة، آل زيد، السُّودة، الطوال، ويقال إن المشايخ السابق ذكرهم من ثمالة.
4 -
بني سالم: وفيه عشائر العياشة، العصبي، المنحف.
5 -
عوف: وهم في وادي ليَّة وبعضهم ينسبهم إلى عوف (حرب)
(1)
، ومنهم عشيرة الغنم.
6 -
سفيان: وهم فخذان: بنو عمر، آل شريف. أما بنو عمر فمنهم العسران وتميم والخضرة، وأما آل شريف ففيهم عشائر كثيرة أهمها أولًا: آل ساعد ويقسمون إلى الحرجلي وآل حسن وآل عبيد والسواعدة وآل منصور. ثانيًا: آل حجة وفيهم الخُمس والبهادلة وأبو الدم وأبو الظهير وآل منيف وآل عيسى وهؤلاء ثلاثة عائلات: آل حسين وآل حمود وآل غبيشة. ثالثًا: آل عائشة ومنهم الطلحات والحجلة وآل عمر.
7 -
قريش
(2)
: منهم الحضر والبدو، فالحضر يقسمون إلى: الحُصنان، الذراوة، الزنان، المطرة، والبدو ويطلق عليهم غانم يقسمون إلى هواملة، آل علي، الهيافين، الغشامرة. ومن قريش القُصران، بنو صخر، الخُرتة.
8 -
هُذَيل: وهم غير هُذَيْل القبيلة المعروفة من العدنانية.
9 -
ثقيف اليمن: وهم بقرب بني مالك عند الترعة، ولهم أقسام عديدة أهمها فخذان عنس، وبنو يوسف، فالأولون فيهم فروع الجاهلي والنُّديبي وآل يعلي وبنو محمد والمغدة والأحلاف والحمدة، وتقيم في المليساء ومنهم أيضًا
(1)
هذا القول خطأ، لأن عوف معروفة من الجاهلية ومؤكدة لثقيف، حتى قبل عوف من حرب التي نزحت من اليمن إلى الحجاز في صدر الإسلام.
(2)
ليس هذا البطن من قريش المعروفة، وهناك من يرجعهم إلى قريش والله أعلم.
آل مسعود وبنو يوسف وفيهم المجردي والعسبلي والقُريحي، وينسب إلى ثقيف اليمن بنو ذبيان وفيهم ثلاثة فروع: بكري وبريدي، وذبياني، غير أن المقول أنهم يردون إلى عبس لا إلى ثقيف.
قلت: والصحيح أن ذبيان من غطفان وهي قبيلة غطفانية أيضًا مثل عبس.
وفي قلب جزيرة العرب وفي الرحلة الحجازية للبتانوني أن بطون ثقيف هم بنو سفيان وبنو سعد وناصرة وربيعة وعيلة.
(4)
ما قاله عاتق بن غيث البلادي الحربي عن ثقيف
(1)
:
قال: ثقيف والنسبة إليهم ثقفي: هي إحدى القبائل الحجازية العريقة، لا زالت في مساكنها القديمة حول الطائف. وهم بنو ثقيف واسمه قَسيّ بن مُنبِّه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان، وزعم بعض النسابين أن ثقيفًا من إياد.
وأضاف: بعد اشتراك ثقيف مع الحجاج عام 82 هـ، أخلدت إلى الراحة في جو الطائف البديع، ولم تكن من القبائل الغازية، ولكن القبائل كانت تهاب غزوها. وآخر أخبارها: اشتركت ثقيف في جيش عبد الله بن الحسين في مهاجمة الأتراك أثناء الثورة العربية الكبرى، ووقفت إلى جانب الأشراف ضد قوات خالد ابن لؤي عندما هاجم الطائف سنة 1343 هـ ثم انقادت لحكم آل سعود فصارت لبنة طيبة في الدولة السعودية، وأنجبت ثقيف عددًا من الرجال الممتازين على مر العصور.
وكان من بطون ثقيف القديمة: بنو جهم بن ثقيف، وبنو عوف بن ثقيف، ويعرفون بالأحلاف، ومنهم بنو مالك، ودارت حرب طاحنة بين بني مالك والأحلاف في (نخب) كثر فيها القتل فجلا جل بني مالك أو كلهم.
(1)
عن معجم قبائل الحجاز ص 66 وما بعدها - عاتق البلادي - دار مكة للنشر والتوزيع - طبعة عام 1983 م - 1403 هـ.
وتنقسم ثقيف اليوم إلى سبعة بطون هم: طويرق، النمور، عوف، بني سالم
(1)
، بني سفيان، الحمدة، ثمالة. وهناك من يدخل قريش في الطائف إلى ثقيف، ولا أرى ذلك صحيحًا، لأن قريش استوطنت الطائف من أول عهد الإسلام، فقريش هذه ليست من ثقيف.
ثانيًا: ثقيف ترعة: وهم يكسرون تاء ترعة: قسم كبير من قبيلة ثقيف المتقدمة، يقطن جنوب الطائف بين سراة بني سعد وبن مالك.
وقال محمد سعيد كمال في مخطوطة له: تنقسم ثقيف ترعة إلى:
1 -
بني جاهل وفيهم: الحمدة، آل مسعود، القثاورة، المغدة.
2 -
النُّدبة وفيهم: آل يعلي، آل محمد، الدارين أو أهل الدارين.
3 -
بنو يوسف: المجاورة، العسلة، البقمة ويقال لهم الفرعين، ويجاور ثقيف ترعة قبيلة ذبيان، وهناك من ينسب ذبيان إلى ثقيف.
قلت: وفي معجم قبائل المملكة العربية السعودية ذكر الشيخ حمد الجاسر
(2)
عن ديار ثقيف ترعة قائلًا: وثقيف ترعة أو ثقيف اليمن لوقوع بلادهم جنوب شرق بلاد قومهم من ثقيف، وترعة من أوديتهم.
وأضاف الجاسر: أن قسمًا كبيرًا من قبيلة ثقيف يقطن جنوب الطائف بين سراة بني سعد، وبني مالك، ومن بلادهم: لخمة - وادٍ، وبيضان، ودفعان - جبال، وترعة، ودار المجاردة ومدغل - وهذه قرى.
(1)
وذكر البلادي فروع بني سالم: آل مخضور، آل أحمد، آل نافع، آل عبيد، الجردات، آل زيد، آل عمرين، الحوتة، العباسي - انظر الرحلة النجدية ص 136 - طبعة 1982 م - 1402 هـ.
(2)
انظر ص 60 من المعجم طبعة 1980 م - 1400 هـ - حمد الجاسر.
(5)
ما قال حمد الحقيل في كنز الأنساب عن ثقيف
(1)
:
قال: قد زعم بعض النسابين أن ثقيفًا من بقايا ثمود، ومن هذه القبيلة الحجاج بن يوسف الثقفي، وثقيف بطون منهم بدو وحضر ونذكر من متحضريهم: الجعيدات، الخصافين، الزحارية، الفضّل.
ومن بادية طويرق: الروسان، الغرابين، التراكية، الكلبة، العبدة، الظفارين، الحمران، النمور.
والنمور قسمان:
(أ) أهل الهدي وفيهم: الكمل واللمظة والغربا والبني.
(ب) أهل وادي محرم وفيهم: الخضرة والمشايخ وأهل الدار البيضاء.
وبطن ثمالة: وقال النسابون هم بطن من شنوءة من الأزد من القحطانية، ومنهم العالم النحوي المشهور محمد بن يزيد المبّرد، وألّف الكامل والروضة وغيرهما، وقد قال فيه الشاعر:
سألنا عن ثمالة كل حي
…
فقال القائلون ومن ثمالة
فقلت محمد بن يزيد منهم
…
فقالوا الآن زدت به جهالة
ولعمري أن هذا الشاعر لم يكن منصفًا، وما زالت الأشراف والأعلام تُهجى وتُمدح.
وثمالة أفخاذها: أهل الصخيرة، أهل مقبل، الضباعين، السواعدة، آل زيد، السودة، الطوال، بنو سالم، العياشة، العصبي، المنجف، عوف وهم في وادي لية، وهناك من ينسبهم في حرب، ومنهم عشيرة الغنم بضم الغين المعجمة وتشديد النون المفتوحة.
(1)
انظر كنز الأنساب ومجمع الآداب ص 178 وما بعدها طبعة 1988 م - 1408 هـ.
بطن سفيان ومنهم آل شريف وبنو عمر والتفصيل عنهما كالتالي:
1 -
آل شريف وفيهم عشائر كبيرة منها:
(ز) آل ساعد، ويقال إنهم من بكر حلفاء قريش. قلت: ولعل الحقيل يقصد بكر من كنانة العدنانية سكان هذه المنطقة التي فيها ثقيف.
(ب) آل حسن
(ج) آل عيد
(د) السواعدة
(هـ) آل منصور
(و) آل حجة ومنهم فروع الخمس والبهادلة، وأبو الدم وأبو الظهير وآل منيف وآل عيسى، وفي الأخيرة ثلاث عائلات هي آل حسين وآل حمود وآل عائشة وآل عائشة منهم الطلحات والحجلة وآل عنزا.
2 -
بنو عمر وفيهم عشائر منها:
(أ) العسران (ب) تميم (ج) قريش
وعن قريش قال بعض النسابين أنهم ليسوا من الأشراف القرشيين، بل هو توارد في الإسمين، وقول آخر يذكر أنهم من قريش قوم النبي صلى الله عليه وسلم، وفي قريش هؤلاء حاضرة وبادية، فمن الحاضرة التالي ذكرهم:
آل حصنان، الزراوة، الزنان، آل مطير.
ومن البادية: آل غانم، هواملة، آل علي، الهيافين، الغشاورة.
ومن قريش: القرصان، بنو صخر، الخزنة.
وهناك ثقيف اليمن قرب بني مالك، عند الترعة - وادٍ - وهم أقسام: فيهم فخذان: الأول عنس والثاني بنو يوسف.
ففي الأول فروع أو عشائر: الجاهلي، الندبي، آل يعلي، محمد، المغدة، الأحلاف، آل مسعود، الحمدة والأخيرة تسكن في وادي القيم شمال مدينة الطائف وجزء منها يسكن وادي العقيق، والمثناة ويتفرعون إلى فخوذ الزواهرة والزربان والعراقبة والمطالقة والحرشان والعقلان.
والزواهرة منهم آل عبد السلام وسكناهم في المليساء وآل محمد وسكناهم في المثناة.
وفي الفخذ الثاني فروع أو عشائر: المحردي، العسيلي، القريحي، بنو ذبيان والأخيرة فيها فروع بكري وبريدي وذبياني، وقال بعضهم إن ذبيان هؤلاء ليسوا من ثقيف، بل هم من بني ذبيان من غطفان وقيل من بني عبس على الأخص، وقيل من ذبيان ثعلبة وهم بطن من الأزد سكان السراة.
ومن ثقيف حاضرة مشهورة، وهناك ثقيف في منطقة صعدة ونجران ويرجح أنهم من ثقيف الطائف.
(6)
ما قاله الشريف محمد بن منصور عن ثقيف
(1)
- فروعها ومواطنها وتاريخها:
تنتمي إلى قَسي بن منبه بن بكر بن هوازن، اشتهر بثقيف فعرف ولده من بعده بلقبه هذا حتى أصبح اسم علم على القبيلة، وقد تفرعت هذه القبيلة إلى بطون وأفخاذ كثيرة في العصور الأولى من الإسلام تجدها في مظانها من كتب الأنساب، تغيرت في وقتنا الحاضر جميع أسماء تلك البطون والأفخاذ بأسماء أخرى أحدث منها عهدًا، إلا أن القبيلة بقيت محتفظة بالاسم الرأس - ثقيف - حتى وقتنا الحاضر، وهي اليوم تنقسم إلى عدة بطون هي:
1 -
الحِمَدَه.
2 -
طُوَيْرِق.
3 -
النُّمُور.
4 -
بنو سُفْيان.
5 -
بنو سالم.
6 -
عَوْف.
7 -
ثُمالَة.
8 -
قريش، هذا على رأي من يعد قريشًا من ثقيف.
(1)
انظر كتاب قبائل الطائف وأشراف الحجاز - ص 21 وما بعدها، - طبعة 1401 هـ - الشريف محمد بن منصور بن هاشم آل عبد الله بن سرور.
9 -
أهل الصُّخيرة.
هذه بطون ثقيف اليوم الساكنة بالطائف وما حوله، وكانت هذه البطون أيام الفتن والحروب بين القبائل تنقسم إلى حزبين متضادين، فالحَمَدة وبنو سالم وبنو سفيان والنمور وعوف يمثلون حزبًا واحدًا ضد طويرق وقريش وثُمالة إذا ما اشتعلت الحرب بين ثقيف نفسها.
ويلحق بثقيف هذه ثقيف اليمن على ما يسمونها أهل الطائف وهي المعروفة بثقيف ترعة، إضافة إلى أشهر قراهم وهم يسكنون في السراة الجنوبية للطائف بين بالحارث وبني مالك، وتنقسم ثقيف ترعة إلى:
1 -
بني جاهل.
2 -
الندبة، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام وهي: آل يعلي، آل محمد، الدارين.
3 -
بني يوسف وهم: (أ) المجاردة. (ب) العسلة.
سكان الفرعين (البقمة).
وغير هاتين القبيلتين رأيت صاحب سيرة الهادي
(1)
إلى الحق يحيى بن الحسين الإمام الزيدي المشهور يذكر ثقيفًا كثيرًا في أحداث وقته في منطقة صعدة ونجران، ويعد ثقيفًا من أنصار الهادي، وقد استوقفني ما رأيت، أهذه القبيلة التي ذكرها العباسي أهي من ثقيف الطائف أم أنه اسم على اسم ولكني أرجح أنها من ثقيف الطائف لأنني لم أر قبيلة تعرف بثقيف فيما اطلعت عليه غير ثقيف وج.
وقد أخبرني واحد من عبيدة مأرب أنه لا زال بتلك الناحية قبيلة تعرف بثقيف تسكن وادي رغوان ويعرف كبيرهم بابن كعلان، وهم تابعون لليمن الشمالي.
(1)
ص 66 - 67.
قبيلة الحمدة من ثقيف
هذه القبيلة لم أر لها ذكرًا فيما أطلعت عليه من المصادر قبل القرن التاسع الهجري وأول من رأيته ذكرها من المؤرخين هو تقي الدين
(1)
الفاسي عند ترجمته للشريف حسن بن عجلان، ويظهر مما أورده الفاسي عنها أنها كانت ذات قوة وشأن ولها دور في أحداث المنطقة في ذلك العصر، وقد استمر عزها وقوتها إلى القرن الحادي عشر الهجري عندما خرجت على شريف مكة في حينه الشريف زيد بن محسن بن حسين بن الحسن بن أبي نمي - وهو الجد الجامع للأشراف آل زيد - فحاربها حتى استولى عليها وفرق جمعهما. قال العجيمي
(2)
: "وقد قتل صناديدهم مولانا الشريف زيد بن محسن صاحب مكة رحمة الله عليه في حدود الأربعين بعد الألف لخروجهم عن طاعته بحيث إنهم حاصروه في حصنهم بها - يعني قرية القيم - ومن الإتفاقات أنهم جمعوا البارود في موضع واحد وصار كل منهم يأخذ كفايته، فبينما هم كذلك إذ طارت شرارة فاحترق الحصن وجماعة فيه وهرب الباقون، فمنهم من قتل ومنهم من انقاد للطاعة".
وبعد هذه الحرب لم أر لهم ذكرًا في الأحداث التي مرّت بالمنطقة، إلا ما ذكره العصامي من مناوشات حدثت بينهم وبين قريش، وبينهم وبين النفعة
(3)
، وأعتقد أن حربهم لزيد أكلت رجالهم وأضعفت قوتهم وأقلت كثرتهم. وهم الآن من أقل قبائل الطائف عددًا.
ويحسن هنا أن أورد ما ذكره الفاسي عنهم، قال: "وفي أول شوال منها - أي سنة 801 - توجه - يعني حسن بن عجلان أمير مكة - إلى وادي الطائف لأن
(1)
العقد الثمين، جـ 4، ص 94 - 134.
(2)
إهداء للطائف، ص 85.
(3)
سمط النجوم العوالي، ص 483 - 515.
الحِمَدة أهل الجبل حشموة
(1)
في جيرته أهل الطائف وهو مكان مخصوص من وادي الطائف، فاسترضاه الحمدة بثمانين ألف درهم وخلى عن جرمهم، ونال مثل ذلك من بني موسى أهل ليّة وهو مكان مشهور بقرب الطائف واستدعى آل بني نمر للحضور إليه فتوقفوا فبذل له الحمدة أربعين ألفًا على أن يسير معهم إلى آل بني نمر فسار معهم وهدم حصن آل بني نمر وحصل فيه نهب كثير"
(2)
.
وفي مكان آخر قال الفاسي: "وكان من خبره بعد ذلك - أي الشريف حسن بن عجلان - أن عسكره أخربوا أماكن بلقيم والعقيق ووج من وادي الطائف ثم أمر بإخراب حصن الطائف المعروف بحصن الهجوم
(3)
بسعي جماعة من الحمدة عنه في ذلك فأخرب جانبًا كبيرًا منه وأعان المخربين له على إخرابه أن بعض أعيان عسكر الشريف استدعوا بعض أعيان الحصن فحضروا إليهم وهم لا يشعرون بما يريده عسكر الشريف، فلما أوثقهم عسكر الشريف ساروا لإخراب الحصن فرماهم منه بعض النسوة الذي به وكادوا يحمونه، ثم قيل لمن فيه إما تُسَلِّموا الحصن وإلا ذبحنا الذين عندنا منكم فرق لهم الذين بالحصن وسلَّموه فهدم. ثم سعى أصحابه عند الشريف في أن يوقف عسكره عن هدمه وفي عمارته فأجابهم لقصدهم وأعادوا كثيرًا مما هدم بالبناء، وأمر بإخراب الموضع المعروف بأم السكارى جبل السلامة من وادي الطائف لأن الذين بنو فيه من الحِمَدة هم الذين قاموا في هدم حصن أبي الأخيلة حصن جويعد لانتمائه للشريف فهدم ذلك هدمًا دون الأول".
والحمدة اليوم ينزلون في المليساء ووادي القيم بعد أن تقلص ملكهم
(1)
حشموه: خفروا ذمته بفتح الشين.
(2)
العقد الثمين، جـ 4، ص 94 - 134.
(3)
غير معروف لدينا الآن.
عليهما، ولهم في غربيه حمى يعرف بحمى الحمدة يوم كان للأحماء مكان من أشهر جباله سويقة جبل معروف هو جبل أحمر معصوب الأعلى. هذا كل ما تبقى لهم بعد أن كانوا يملكون أكثر مزارع المثناة والعقيق والقيم.
وينقسم الحمدة اليوم إلى عدة أفخاذ هي:
1 -
القَوَاسِم.
2 -
العُقْلان - ذوو عقيل.
3 -
الزُّرُبَات.
4 -
العَرَافِيَة.
5 -
الزَّوَاهِرَة.
6 -
المَطَالِقَة.
7 -
ذوو هِندِي.
8 -
الجِرْشَان.
9 -
ذَوو سُمَيِّح (بالتصغير).
قبيلة طويرق
من ثقيف تقطن السراة الشمالية الغربية بالنسبة للطائف وأكثرهم أهل قرى ومزارع ومن أشهر قراهم وأوديتهم محشّكة، ومَلُح، والخُلَيْصَة، والمُبَيْرِز، والمُلْتَوَى، ومُرُع، ومَمْلكَة.
وقد سمعت بعض الباحثين يظن أنهم من الطوارق الذين بالجزائر على أساس أن هناك تشابهًا بين اسمي القبيلتين، والحقيقة أن لا صلة لطويرق بالطوارق فهذه قبيلة عربية ومن أشهر قبائل ثقيف وتلك من قبائل البربر ومعروفة في الجزائر بنسبها هذا وهم المعروفون بالملثمين لأن رجالهم لا يسير واحدهم في الأسواق ولا يقابل أحدًا إلا بعد أن يحكم لثامه، وأما نساؤهم فالسفور لهم مباح وهذه في الطوارق من العادات الغريبة التي لا تستساغ لدى قبائل الجزيرة العربية.
وطويرق لم أر لها ذكرًا فيما اطلعت عليه من كتب الأنساب والتاريخ القديمة كغيرهم من بطون ثقيف
(1)
وأعتقد أنه اسم حادث ولكني رأيت لهم ذكرًا في
(1)
قلت هذا قبل أن أطلع على إتحاف الورى بأخبار أم القرى للنجم عمر بن فهد وبعد الاطلاع عليه وجدته ذكر أنه في سنة 627 هـ قدم أمير مكة إلى الطائف وقتل علي بن بركات الطويرقي وسعَّر بعض المواد الغذائية. بتصرف. وهذا النص يدل على أن طويرق قبيلة تحمل اسمها من قبل القرن السادس الهجري.
بعض الوثائق التي تعود بتاريخها إلى القرن الحادي عشر الهجري وهذا يدل على أنهم مشهورون بهذا الاسم من قبل ذلك التاريخ إلا أن المصادر لا تمد الباحث بما يروي غليله ويشبع نهمه.
وطويرق تنقسم اليوم حسب اصطلاح القبيلة إلى بدو وحضر.
أولًا: البدو ويتفرع منهم:
1 -
الروّسان.
2 -
الظَّفَارِين.
3 -
العِبَدَة، وهم غير عبدة هُذَيْل.
4 -
الكِلَبَة.
5 -
ذوو خَضِر.
6 -
السَّفَارِيَة.
7 -
الأساحيق.
8 -
الزِّمَتَة.
9 -
الجُعَيْدَات.
10 -
الحُمْرَان.
ثانيًا: الحضر ويتفرع منهم:
1 -
الزَّحَارِيَة.
2 -
السَّوَاوِيد.
3 -
الدَّهَاهِين.
4 -
ذوو حَمَّاد.
5 -
ذوو عُودَه.
6 -
الفُصَّل.
7 -
الخَصَافِين.
8 -
الهَنَادِية.
قبيلة النمور
النمور بطن من ثقيف ذكرها الفاسي في العقد الثمين استطرادًا في ترجمة الشريف حسن بن عجلان بن رميثة أمير مكة المكرمة في أوائل القرن التاسع الهجري، والفاسي رحمه الله أول من رأيته ذكر هذه القبيلة، وهذا يعني أنها اشتهرت بهذا الاسم من قبل عصر الفاسي، إذ أن المؤرخ عادة لا يذكر قبيلة إلا بما
اشتهرت به وهنا يحسن أو أورد ما ذكره الفاسي عنها. قال
(1)
: "واستدعى آل بني نمر للحضور إليه - يعني الشريف حسن - فتوقفوا فبذل له الحمدة أربعين ألفًا على أن يسير معهم إلى بني نمر فسار معهم وهدم حصن آل (بني نمر) وحصل فيه نهب كثير وقتل بعضهم وقتل من جماعته - أي الشريف - مملوكان وعاد إلى مكة في سادس شوال" انتهى. وهكذا كانوا يعرفون ببني نمر، وأما اليوم فلا يعرفون إلا بالنمور على صيغة الجمع، والنمور في وقتنا الحاضر تنقسم حسب اصطلاح القبيلة إلى أربعة أرباع هي:
1 -
ربع الغُرَيْبي.
2 -
ربع الخُوَيْل.
3 -
ربع الخُضَيْرِي.
4 -
ربع أهل قرن أو القرانية ويعرفون أيضًا بأهل الدار البيضاء.
وينقسم كل ربع إلى عدة أفخاذ:
أولًا: فينقسم ربع الغريبي إلى:
(أ) الغِرَبَة.
(ب) الكُّمَل.
(جـ) البِنِّي والمغاربة: والمغارية هؤلاء هم من عقب السيد محمد بن أحمد المغربي نزل جدهم المذكور في أول القرن الرابع عشر الهجري الهدى واشترى به مزرعة في أعلا وادي البني على درب مكة القديم، تعرف الآن بوقف المغاربة فدخل أبناؤه بعده في النمور بالحلف وهم اليوم يحسبون من فخذ البني.
ثانيًا: ربع الخُوَيْل ينقسم إلى:
(أ) الخِوَلَة. (ب) اللَّمَظَة. (جـ) الحُجْران.
ثالثًا: ربع الخُضَيْري ينقسم إلى:
(أ) القِبَسَة. (ب) المَشَاهِبَة. (جـ) اللَّوَامِيَة. (د) المَشَايِيخ.
(1)
جـ 4، ص 94.
رابعًا: ربع أهل قرن ينقسم إلى:
(أ) الزِّنَان وهم غير زنان قريش.
(ب) آل حَربي.
(جـ) المَصَارِيَة.
(د) البَعَارِطَة.
(هـ) ذوي سُلْطَان.
(و) آل حُمَيْد.
(ز) آل خَضِر.
(حـ) الفقهاء.
والنمور اليوم يسكنون منطقة الهدى ووادي قرن - وادي المحرم - وهم أهل قرى ومزارع ليس منهم بدو رحل.
بنو سُفيان
بطن من ثقيف تقطن بالسراة الجنوبية الغربية بالنسبة للطائف وهم أهل قرى ومزارع، ومن أشهر وديانهم الفَرْع الذي أصبح مصيفًا جميلًا ومنتجعًا لكل طالب للراحة والاستجمام، وقد ربط بخط مسفلت بالطائف. وتملك فيه علية القوم من الأمراء والوزراء والتجار والأثرياء فلا يكاد يحل فصلُ الصيف حتى تظل منطقة الفَرْع كخلية النحل من كثرة من يرتادها من المصطافين والمتنزهين.
ويخالط بني سفيان بسراتها بالوادي المسمى بالأسراب فرع من الأشراف الشنابرة يقال لهم ذوو باز ولكثرة مخالطتهم لبني سفيان أصبحت لهجة القبيلتين شيئًا واحدًا لا تميز أحدهم من الآخر إلا إذا انتسب.
وسفيان هذا الذي تنتمي إليه هذه القبيلة لم أر له ذكرًا فيما اطلعت عليه من كتب الأنساب القديمة وهم لا ينسبونه ويجهلون هو ابن من ولكنني أرجح أنهم من عقب سفيان بن معتب الثقفي وولده هشام من ذوي الرئاسة والجاه، وقد تولى إمرة الطائف في العهد الأموي، وعادة العرب لا تنتسب إلا إلى ذي شأن، قال ابن حزم
(1)
: "وهشام بن أبي سفيان بن سفيان بن معتب ولي الطائف". فهذا النص يستطيع الباحث الاستئناس به في إرجاع بني سفيان إلى سفيان بن معتب.
(1)
جمهرة أنساب العرب، ص 268.
وبنو سفيان اليوم ينقسمون إلى أربعة بطون هي:
أولًا: آل شَريفَ وينقسمون إلى قسمين:
(أ) آل ساعد ويتفرعون إلى:
1 -
آل منصور.
2 -
آل عُبَيْد.
3 -
السَّوَاعِدة.
4 -
آل حسن.
(ب) آل حِجَّة، ويتفرعون إلى:
1 -
آل عيسى.
2 -
آل مُنِيف.
3 -
آل أبو طُهَيْر.
4 -
آل أبو الدَّمْ.
ثانيًا: بنو عمر، ويتفرعون إلى:
1 -
الخِضَرَة.
2 -
آل تَمِيم.
3 -
العُسْرَان.
ثالثًا: آل عايشة.
رابعًا: آل حَرْجَل.
قبيلة بني سالم
تقطن شرق جنوب وادي ليَّة في سراتها المعروفة ببلاد بني سالم، من أشهر قراهم ووديانهم مسيل مُرَحّض والمضيق والنَّصَبَه وأبو غيل، وهم أهل قرى ومزارع ومن أبصر الناس بمواسم الزرع والغرس مع ثمالة وعوف لا يكاد زارعهم يخيب من موسمه مهما كانت مزرعته صغيرة وماؤه قليل.
وسالم هذا الذي ينتمون إليه ما وجدت فيهم من ينسبه أو يُعَرِّفه ابن من هو إلا أنني وجدت في سيرة ابن هشام ذكرًا لبني سالم في موضعين الأول عند قتل ثقيف لعروة بن مسعود والموضع الآخر عند بعث ثقيف لوفدها إلى رسول الله
- صلى الله عليه وسلم، قال ابن هشام
(1)
: "قال ابن إسحاق وكان فيهم كذلك محببًا مطاعًا - يعني عروة - فخرج يدعو قومه إلى الإسلام رجاء أن لا يخالفوه لمنزلته فيهم، فلما أشرف لهم على عِليّة له قد دعاهم إلى الإسلام وأظهر لهم دينه، رموه بالنبل من كل وجه فأصاباه سهم فقتله فتزعم بنو مالك أنه قتله رجل منهم يقال له أوس بن عوف أخو بني سالم بن مالك وتزعم الأحلاف أنه قتله رجل منهم، إلخ". وقال ابن هشام في موضع آخر
(2)
: "فأجمعوا - يعني ثقيف - أن يبعثوا معه رجلين من الأحلاف وثلاثة من بني مالك فيكونوا ستة فبعثوا مع عبد ياليل الحكم بن عمرو بن وهب بن معتب وشرحبيل بن غيلان بن سلمة بن معتب، ومن بني مالك عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد دهان أخو بني يسار، وأوس بن عوف أخو بني سالم بن عوف، ونمير بن خرشة بن ربيعة أخو بني الحارث، فخرج بهم عبد ياليل وهو ناب القوم وصاحب أمرهم" فهذان النصان يدلان على أن في ثقيف قديمًا فخذان يعرفان ببني سالم، الأول بنو سالم بن مالك، والثاني بنو سالم بن عوف، وأنا أرجح أن بني سالم اليوم ينتمون إلى فخذ من ذينك الفخذين ولكن ربطهم بفخذ دون الآخر هذا ما لم أستطعه لأنه يحتاج إلى دليل.
وينقسم بنو سالم اليوم إلى عدة أفخاذ هم:
1 -
آل عابد ويعرفون بالشحيمات.
2 -
الجَرَادَات، ويتفرعون إلى: أ - آل منسي، ب - آل مجبور، جـ - الضباعين.
3 -
آل حَمَد ومنهم آل عايض.
4 -
آل مَحْمُود، الحوته.
5 -
آل مَخْصُور، آل عبيد.
6 -
ذوو عَمْرِين.
7 -
المَنَاجِفَةَ.
8 -
ذوو عَتِيق.
(1)
جـ 4، ص 964.
(2)
جـ 4، ص 966.
9 -
العَيَاسَى (بألف مقصورة) - حلفًا وأما نسبًا فهم من الثبتة من بني سعد من هوازن.
10 -
آل زايد.
قبيلة عوف
يسكنون وادي ليَّة وهم أهل قرى ومزارع ليس فيهم بادية رحَّل وهم اليوم من ثقيف ويحسبون بطنًا من بطونها، وأنا أخالف هذا القول وأرى أنهم من بني نصر من قبيلة مالك بن عوف بن سعد النصري سيد هوازن وقائدها يوم حنين. إذ أن مالكًا كان هو وقومه سكان وادي ليّة عند بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر ابن هشام في سيرته
(1)
قصة مرور النبي عليه الصلاة والسلام على ليّة وهدمه لحصن مالك بن عوف قبل إسلامه، وفي أعقاب انتصار المسلمين على هوازن في غزوة حنين، كما أن الهمداني قال
(2)
: "وبشرقي الطائف واد يقال له ليَّة يسكنه بنو نصر من هوازن" وهذه نصوص ترجح ما ذهبت إليه علاوة على أن القبيلة لا زالت تحمل اسم عوف وتقطن نفس الوادي الذي كان يقطنه مالك وقومه.
وقد رأيت التقي الفاسي رحمه الله ذكر في القرن التاسع الهجري في كتابه القيم "العقد الثمين"
(3)
، آل موسى سكان وادي ليّة وذلك عند ترجمته للشريف حسن بن عجلان وعدّ هذه القبيلة من القبائل التي أخذ منها الشريف الإتاوة التي كان يفرضها على بعض القبائل. ولم يقل الفاسي أنها من ثقيف. وآل موسى أو المواسية اليوم فخذ من عوف وهذا يدلنا على استمرار سكني هذه القبيلة لهذا الوادي على مر العصور والأجيال حتى وقتنا الحاضر.
(1)
السيرة، جـ 4، ص 920.
(2)
صفة جزيرة العرب، ص 128.
(3)
جـ 4، ص 94.
وعوف تنقسم إلى عدة أفخاذهم:
1 -
آل مُوَسى أو المواسية.
2 -
ذوو حَسَن.
3 -
ذوو مُسْفر، وهؤلاء جميعًا يقال لهم عوف الغُنَّم (بضم العين المعجمة وتشديد النون مع الفتح).
4 -
القَفَاعِيَة.
5 -
ذوو جَلال.
6 -
الطُّوَال ويعرفون أيضًا بالعَوَاوِيد.
قبيلة ثمالة
عدادها اليوم من ثقيف، والحقيقة أنها ليست من ثقيف إلا بالحلف والجوار، وأما نسبًا
(1)
فهي قبيلة يمانية أزدية إخوة لغامد وزهران. تنتمي إلى عوف بن سلم بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد، وهو الملقب بثُمَالة فاشتهر عقبه من بعده بهذا اللقب وأصبحوا لا يعرفون إلا به حتى عصرنا الحاضر.
وسكنى ثُمالة بمنطقة الطائف قديمة، فقد ذكر ابن هشام في السيرة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
استعمل مالك بن عوف النصري بعد إسلامه على من أسلم من قومه وتلك القبائل: ثُمالة، وسلمة (بفتح السين وكسر اللام)، وفهم، فكان يقاتل بهم ثقيفًا - قبل إسلامهم - لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه حتى ضَيَّق عليهم"، وهذا نص يدلنا على أن هذه القبيلة كانت في أحواز ليّة وتلك الناحية منذ العصر الجاهلي.
وأما الآن فهي تسكن وادي جفن الذي أصبح لا يعرف إلا بها ويضاف إليها فيقال: وادي ثمالة، تملك ضياعه ومزارعه وقراه، ويشاركهم في أسفله الأشراف
(1)
جمهرة أنساب العرب، ص 377.
(2)
جمهرة أنساب العرب، ص 377.
ذوو شرين الفعور. وهذا الوادي به سد أثري عظيم يرجعه بعض الباحثين إلى العهد الأموي مشهور بالسد السملقي، وتروى حول هذا السد خرافة تقول أن بانيه كان متحديًا لقدرة الله وأنه عندما أتمه وقف عليه وقال:"بنيناك يا السد السَّمَلَّقي بالحنطة الحرشاء والسمن الأزلقي، فإن شئت أمطري أو لا تمطري" فامطرت السماء وأقبل السيل وأمامه فارس في يده سيف فضرب الجبل الملتحم به السد فانهال وانكسر ومر السيل معه وبقي السد واقفًا. وهذه القصة طبعًا من نسج خيال العامة.
ومن ثمالة محمد بن يزيد العالم اللغوي المشهور بالمُبَرِّد صاحب كتاب الكامل الذي يقول فيه بعض خصومه هاجيًا له:
سألنا عن ثُمالة كل حييّ
…
فقال القائلون ومن ثُمَالة
فقلت محمد بن يزيد منهم
…
فقال الآن زدت بهم جهالة
وأيم الحق إنها لقولة مفتر حاقد وإلا فابن يزيد علم من الأعلام برَّز في عصره وسبق وكفاه علمًا وفضلًا أن محمد كتابه من أمهات كتب الأدب واللغة.
وتنقسم ثمالة في عصرنا إلى الأفخاذ الآتية:
1 -
آل زَيْد.
2 -
الضَّبَاعِين.
3 -
آل عمر.
4 -
آل ساعد.
5 -
السُّوَدَة.
6 -
آل مُقْبِل.
7 -
المشايخ - حلفًا.
8 -
الطوال - وهم غير طوال عوف.
أهل الصُّخيْرة
هي قبيلة صغيرة تضاف إلى الوادي الذي تسكنه وهو واد به قرى ومزارع لهم يقع شرقي وادي ليّة. ويقول بعض العارفين بالأنساب أنهم يرجعون إلى بني
سالم، ولكن الذي عرفته منهم أنهم رأس بذاتهم وبطن من ثقيف، ويتفرعون اليوم إلى عدة أفخاذ هي:
1 -
العِمَمَه (بكسر العين المهملة وفتح الميم الأولى والثانية).
2 -
الشِّنَنَة وهم أصلًا من الثبتة من بني سعد من هوازن.
3 -
الخَنَافَسَة.
4 -
ذوو مَقْبُول.
5 -
ذوو غازي.
6 -
الثَّعَابِين وهم غير ثعابين الثبتة.
(7)
ما قاله حمّاد بن حامد السالمي الثَقَفِي عن ثقيف
(1)
:
نشأة ونسب القبيلة:
ثَقِيف من ثَقَفَ - وثَقَفَ الشيء ثَقْفًا وَثَقَافَة وثقوفةً: حَذَفَه. ورجل ثَقْفٌ وثَقِيفٌ وثَقُفٌ: حاذق فهم. والثَّقِف اللَّقِف الرامي الراوي. وفي التنزيل العزيز: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}
(2)
. بمعنى الأخذ في الموضع والثَّقَاف والثِّقَافة العمل بالسيف قال:
وكأن لمع بروقها
…
في الجوف أسياف المُثَاقِفِ
وقال سيبويه: النسب إلى ثَقِيف ثَقَفِيّ على غير قياس
(3)
.
وثَقِيف اسم قبيلة عربية كبيرة ظهرت في الطائف في جزيرة العرب قبل الإسلام ولا زالت مع انتشار رجالها وأبطالها بأعداد كبيرة مع الفتوح الإسلامية في كل البلاد الإسلامية، وخاصة بلاد العراق والهند والسند وشمال إفريقيا والأندلس.
(1)
نقلًا عن كتاب قبيلة ثقيف - حياتها وفنونها وألعابها الشعبية.
(2)
سورة البقرة 191.
(3)
لسان العرب 9/ 20.
وكل المراجع
(1)
تشير إلى أن نَسَبَ هذه القبيلة الكبيرة، يرجع إلى مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان، فهي قبيلة عدنانية ما في ذلك شك تتساوى مع قريش وتتزامن معها في الظهور، وتتقاسم معها سلطان الحجاز وأحداثه الجسام، كما هو واقع وثابت في كل المراجع، ومع هذا كله فقد وردت روايات في هذا النسب يحسن بنا استعراضها وتفنيدها وهي:
1 -
رواية تقول بأن ثقِيف هذه هي من بقايا ثمود
(2)
. وهذه الرواية باطلة بحكم التنزيل العزيز حيث قال تعالى: {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى}
(3)
والمعنى ظاهر فقد أهلك الله هذه الأمة (ثمود) فلم يبق منها أحد فكيف لهم بقية؟ وتنحصر هذه البقية في ثقيف؟! وقد كان الحجاج بن يوسف يقول إذا سمع هذه الرواية: كذب الناسبون ويقرأ الآية، إلا أن يكونوا ممن هدى الله من القوم الذي هدى الله وكانوا من أتباع نبيه صالح عليه السلام.
2 -
وهكذا أُلحق بهذه الرواية كلام آخر مفاده أن أبا رغال هو أبو ثَقِيف
(4)
كلها، وهو من بقية ثمود، وكان ملكًا بالطائف، وهو غير أبي رغال الذي قاد أبرهة إلى مكة.
ونرى مرة أخرى كيف يناقض هذا القول الكلام المنزل من الله سبحانه وتعالي، وينافي القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قال تعالى:{وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} . فإذا كان الله سبحانه وتعالى قد أهلك قوم عاد قاطبة فكيف يكون منهم جد لثقيف اسمه أبو رغال.
3 -
والرواية هذه تلحق برواية أخرى نشم من خلالها سوء النية المبينة لتشويه نسب ثقيف، لا لشيء إلا لما نتج من كراهية للحجاج بن يوسف وأبناء عمومته في
(1)
جمهرة أنساب العرب 266 - 270.
(2)
المنتخب 383.
(3)
سورة النجم 51.
(4)
المفصل في تاريخ العرب 4/ 149.
العراق والسند، من طرف الشعوبيين والمتشيعين، فقالوا بأن ثقيف هو قسي بن منبه بن النبيت بن منصور بن يقدم بن أفصى بن دعمي بن أياد بن نزار وهو أبو قيس عين أبي رغال
(1)
، الذي أرشد جيش أبرهة الحبشي إلى مكة في عام الفيل .. !!
ثم نقف عند هذه الرواية قليلًا لنقول بأن أبرهة غزا مكة عام الفيل أي عام 571 م، وهو العام الذي ولد فيه سيد البشرية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا التاريخ كانت ثقيف أقوى القبائل العربية وأعتاها وأمنعها وأغناها، وكانت المنافس التقليدي الأوحد لقريش فكيف يكون أبو رغال أبًا لجد هذه القبيلة العظيمة، إلا أن يكون الحقد والحسد قد لازما كثيرًا من المؤرخين زمن الدولة العباسية، فما أنصفوا ثقيفًا ولا رجالها بل تحاملوا عليهم، ولم يسلم منهم لا الحجاج بن يوسف ولا سواه من القادة.
ومما تأكد عندي أن أبا رغال كان عبدًا لثقيف وقد أبق وقاد أبرهة إلى مكة، وزامن هذا الحدث قمة التنافس بين ثقيف وقريش على الزعامة والرئاسة وأحداث سوق عكاظ غير بعيدة، ولهذا غَضَّت ثقيف الطرف عن غزو أبرهة بواسطة زيد بن مخلف (أبو رغال)، وهي تتطلع إلى هزيمة منافستها وكسر شوكتها، ولم يكن البيت الحرام في بآل القبائل آنذاك، ولهم من الأصنام مُتَعَبَّد في كل قبيلة، يقول الدكتور جواد علي: "في رأيي أن معظم هذه الروايات التي تنسب ثقِيفًا إلى ثمود أو إلى أبي رغال إنما وضعت في الإسلام بغضًا
(2)
من الحجاج الذي عرف بقسوته". ويؤكد هذه المغالطات أيضًا رأي لياقوت فيقول
(3)
: "فقد كان الثقفيون أغبط العرب عيشًا نتيجة خصوبة أرضهم ورخاء عيشهم مما جعلهم مطمعًا للقبائل
(1)
الطائف في العصر الجاهلي 61.
(2)
تاريخ العرب قبل الإسلام 1/ 326.
(3)
معجم البلدان "الطائف".
ومهوى أفئدة الغزاة" ثم يقول: "فلما اشتدت شوكة ثقيف وكثرت عمارة وج رمتهم العرب بالحسد وطمع فيهم من حولهم وغزوهم".
وهناك من الروايات ما يقول بأن ثقيف هو ابن منبه بن بكر بن هوازن، والخلط في هذه الرواية واضح، ذلك أن هوازن قبيلة كانت مزامنة لثقيف ومحادة لها، والقبيلتان اشتركتا ضد الرسول في غزوة حنين، وهوازن هي أصل قبيلة عُتيبة، وإنما هوازن وثقيف أخوين من خمسة ثالثهم سُلَيْم، ورابعهم غَطَفان، وخامسهم غَنِيّ، وهم أبناء القيس عيلان بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان
(1)
، بينما قيس عيلان أخٌ لخِنْدف الذي أنجب قريش وكِنَانة وهُذَيْل والرباب وتَمِيم.
إذًا فثقيف قبيلة عدنانية ترجع إلى إسماعيل عليه السلام، فيذكر النسابون أنه ولد لعدنان (معد) و (عك) وولد لمعد (نزار) وولد لنزار ولد منهم (مُضَر) و (ربيعة) ومن مُضَر وربيعة تفرعت القبائل العدنانية، يقول أبو عبد الله الزبيري [وكان يقال (ربيعة) و (مضر) الصريحان من ولد إسماعيل]
(2)
. وهكذا انقسمت (مُضَر) إلى قسمين كبيرين هما (خِنْدف) الجد الأكبر لقريش، و (قيس عيلان) الجد الأكبر لثقيف
(3)
.
وثقيف بن قيس عيلان، جد ثقيف، أول من جمع بين أختين من العرب، وأمه أميمة ابنة سعد من هُذَيْل
(4)
. وولد ثقيف عوفًا وجُشَم ودارسًا وهم بالأزد وسلامة وأمهم زينب بنت عامر بن الظرب العدواني، ومن بناته ناضرة والمسك وهي أم النمر بن قاسط وأمهما أميمة بنت عامر بن الظرب.
(1)
انظر اللهجات في الكتاب لسيبويه 58.
(2)
المصدر السابق ص 51.
(3)
انظر الشكل (1)، (ص 17).
(4)
جمهرة النسب 385.
ويحسن بنا أن نختم هذه السطور في نسب ثقيف بهذا الرأي المنصف لشاعر معاصر عرف بأصالته وعروبته وعراقة نسبه وباعه الطويل في النظم الداعي لكل مجد ورفعة وسمو - الشاعر الكبير عبد الله بالخير حيا مجلة (عالم الكتب) التي تصدر عن (دار ثقيف) فخاطب ذلك البطل الفاتح ابن السابعة عشر (محمد بن القاسم الثقفي) فاتح السند والهند فيقول
(1)
:
أهلًا بدار ثقيف هل سمعت
…
أذناك من اسم ومن نسبِ
أشجى وأروع من نداك به
…
في سمع كل موحد عربي
فكأن في أصدائه عبق الـ
…
فتح المبين على مدى الحقبِ
ومحمد بن القاسم الثقفي
…
وبني ثقيف القادة النجبِ
يدوي به التكبير منذ طووا
…
الأهواز نحو السند في صخبِ
(1)
قول في النقد وحداثة الأدب 149 - 150.
ثقيف في الجاهلية
لقد عرفنا في الفصل السابق - نشأة ثقيف، وأن ظهور هذه القبيلة قد تزامن مع ظهور قريش في مكة، وأنه عندما حلّ عام 571 م والذي ارتبط بحدثين كبيرين هما مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وغزو أبرهه لمكة، والذي عرف فيما بعد بعام الفيل، عندما حل هذا العام كانت ثقيف في أشد قوتها عددًا وعدة وسؤددًا في الحجاز، وارتبط اسم ثقيف بالطائف منذ ظهورها، حتى أصبحت الطائف ومكة متلازمتين تلازم ثقيف وقريش، وسماها القرآن إحدى القريتين، قال تعالى، {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}
(1)
، أي وقال المشركون لولا أنزل هذا القرآن الذي أنزل على محمد، على رجل عظيم كبير في مكة أو الطائف.
قال المفسرون (يعنون الوليد بن المغيرة في مكة أو عروة بن مسعود الثقفي في الطائف)
(2)
.
والطائف هذه تحدثت عنها المراجع بما يظهر أنها كانت زاخرة بالخيرات من زراعة وموقع وهواء، وتوسط بين اليمن، ومكة، حيث ممر تجارة قريش إلى اليمن في الشتاء، ومنتجع كبير للأثرياء والأغنياء من مكة، حتى أغراهم ذلك فاشتروا عقارات وبساتين ومزارع.
وقد وصفها كثير من المؤلفين قديمًا وحديثًا بما يحسب لها ويشهد لثقيف بالبراعة والجد في تعميرها واستزراعها، وليس هنا مجال للحديث عن الطائف كمدينة، والذي يعنينا هنا أن الطائف قبل أن تسودها ثقيف كانت تسمى (وج) نسبة إلى وج بن عبد الحي أحد العمالقة الذي سكنوها
(3)
، ثم سكنها بعد ذلك
(1)
سورة الزخرف آية 31.
(2)
صفوة التفاسير 15/ 45.
(3)
انظر معجم البلدان - الطائف، ومراصد الاطلاع 877.
عَدوان وغلبهم عليها ثَقِيف الذي عمرها وزرعها وأنجب وكثر نسله، حتى خشوا الغزو فأحاطوها بسور عظيم.
ومع ظهور بعض الاختلاف، هل وج هو اسم لحصن؟ أو لوادٍ؟ يقول الزمخشري:
كان ثقيف يحفر عين وج بيده بالصخرة ويقول
(1)
:
فأرميها بجلمودٍ
…
وترميني بجلمودٍ
فأحييها وتحييني
…
وكل هالك مودِي
وهذا الوادي وج لا يزال موجودًا حتى اليوم وهو يشق المدينة الحاضرة من الجنوب إلى الشمال.
وأما الطائف فليس هناك رواية صحيحة في سبب التسمية إلا أن الأقرب إلى الصحة كون ثقيف خشيت اعتداءات القبائل عليها، وقد كثر حسادها، فبنت حائطًا قويًا يحميها الغزو فحصنوا مدينتهم ولهذا تفردوا بهذه المدينة وخيراتها، فأخذ العرب يضربون بهم الأمثال، حتى قال أبو طالب بن عبد المطلب
(2)
:
منعنا أرضنا من كل حي
…
كما امتنعت بطائفها ثقيف
أتاهم معشر كي يسلبوهم
…
فحالت دون ذلكم السيوف
ثم يقول أمية بن أبي الصلت:
نحن بنينا طائفًا حصينًا
…
يقارع الأبطال عن بنينا
(3)
ولا شك أن أسلوب الحائط فن لم تعرفه جزيرة العرب من قبل لهذا كان
(1)
شعراء ثقيف 22 عن ربيع الأبرار.
(2)
معجم البلدان - الطائف.
(3)
معجم البلدان - الطائف.
مفخرة لثقيف وقريش وسواهم. وكان العرب يغبطونهم عليه كما غبطوهم على مدينتهم الجميلة
(1)
.
وهكذا أخذ اسم الطائف يعلو على (وج)، ويكبر ويخلد وتكبر معه ثقيف وتقوى شوكتها، وتتصدر الأحداث التاريخية مع الزمن، وتمسك زمام المراكز السياسية والدينية والإقتصادية والأدبية، في العصر الجاهلي.
وهذا مرادس بن عمرو الثقفي يفتخر بسكنى قومه الطائف
(2)
ويقول:
فإن الله لم يؤثر علينا
…
غداة يجزئ على الأرض اقتساما
عرفنا سهمنا في الكف يهوي
…
كذا نوح وقسمنا السهاما
فلما أن أبان لنا اصطفينا
…
سنام الأرض أن لها سناما
فأنشأنا خضارم متجرات
…
يكون نتاجها عنبًا تؤاما
(3)
وكان لثقيف دَور تجاري هام لتوسط مدينتهم، وكونها قبلة القاصدين مكة، والآيبين منها، وخصوصًا أيام المواسم، ولقاءات سوق عكاظ الشهيرة، التي تجمع العرب بالعجم أحيانًا، ولثقيف خبرة ودراية بالزراعة جد عظيمة، فقد عرفوا زراعة القمح الجيد، وصنع الخبز، وورد أن غيلان بن سلمة وفد على كسرى فقال له: أي ولدك أحب إليك؟ قال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم، فقال كسرى: مالك ولهذا الكلام وهو كلام الحكماء وأنت في قوم
(1)
أورد القيراني في كتابه "الممتع في صنعة الشعر "282" شعرًا لبعض ثقيف يقول:
لله در ثقيف أي منزلة
…
حلوا بها بين الأرض والجبل
قوم تخير طيب العيش رائدهم
…
فأصبحوا يلحفون الأرض بالحلل
ليسوا كمن كانت الترحال همته
…
أخبث بعيش علٍّ ومرتحل
(2)
معجم البلدان - الطائف.
(3)
تؤاما: من التوأم، أي كان ثمره مضاعفًا - انظر المنجد - تأم.
حفاة لا صحة فيهم، فما غذاؤك؟ قال: خبز البُر، قال: هذا العقل من البُر لا من اللبن والتمر!
(1)
.
وقد عرفوا زراعة العنب حتى اشتهرت الطائف منذ الجاهلية، وعرفوا صناعة الجلود وبرعوا فيها
(2)
.
وثقيف في الجاهلية مجتمع حضري بالقياس إلى غيرهم، فقد امتهنوا الزراعة واستغلوا الماء جيدًا، وجعلوا الطائف جنة خضراء، وبرعوا في المعمار والبناء، وحذقوا في الفنون العسكرية، يدل على ذلك دفاعهم عن مدينتهم يوم حاصرها الرسول صلى الله عليه وسلم، وتحصنهم بسورهم، ورميهم المسلمين بالسهام والنار من فوق السور، في وقت لم تكن لمكة ولا للمدينة سور ولا خنادق
(3)
.
وحين جاء الرسول صلى الله عليه وسلم لحصار الطائف، كان عروة بن مسعود الثقفي غائبًا بجرش، يتعلم عمل الدبابات والمنجنيق، فقدم الطائف، ولقي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ينصرف عنها، فأسلم ولحق بالرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، وبعثه صلى الله عليه وسلم يدعو قومه فقتلوه
(4)
.
ومما يؤكد تحضر ثقيف وتطورهم تفوقهم وميلهم إلى الحرف، مثل الدباغة والنجارة والحدادة والزراعة، وقد درت عليهم أموالًا طائلة، حتى أن فقراء الطائف كانوا أحسن حالًا بالقياس إلى سواهم في مناطق الحجاز، يقول جواد علي
(5)
: (وقد عاش أهل الطائف في مستوى أرفع من مستوى عامة أهل الحجاز).
وإلى جانب هذا الثراء العظيم، وفر لهم السور الذي بنوه الحماية والاستقرار، وردع عنهم الطامعين، ومع ذلك كانوا يعدون العدة لكل احتمال،
(1)
مختار الأغاني - غيلان.
(2)
صفة جزيرة العرب 260.
(3)
تاريخ العرب قبل الإسلام 4/ 151.
(4)
الارتسامات اللطاف 211.
(5)
تاريخ العرب قبل الإسلام 4/ 152.
فكانوا يملكون أسياخ الحديد التي يحمونها ويرمون بها الجنود، كما حدث مع جنود المسلمين في دبابتهم، وأخذوا صناعة العرادات والمجانيق والدبابات واستخدموا الحجارة والنبل
(1)
.
ومن مظاهر ترفهم استخدامهم للرقيق الذين منهم أبو بكرة نفيع بن مروح مولى الرسول صلى الله عليه وسلم، من جماعة أعتقهم صلى الله عليه وسلم بعد نزولهم إليه في حصار الطائف
(2)
.
وكذلك امتلاك نسائهم للحلي حتى عد مضرب المثل عن سواهن، ومما يروى أن خويلة بنت حكيم قالت يا رسول الله أعطني إن فتح الله عليك الطائف حلي بادية غيلان بن سلمة، أو حلي الفارعة بنت عقيل، وهما من نساء ثقيف
(3)
.
ومما ينسب لهم الكرم والمجد والزهو والكبرياء، فهذا عُيينة بن حِصْن أمتدح ثقيفًا بعد انصراف الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يفتح الطائف، فلامه رجل من المسلمين فقال:(إني والله ما جئت لأقاتل ثقيفًا معكم ولكني أردت أن يفتح محمد الطائف فأصيب من ثقيف جارية أطئها لعلها تلد لي رجلًا فإن ثقيفًا قومًا مناكير)
(4)
.
وكان العناد والكبرياء طابعهم في جاهليتهم، فقد وفدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم ليسلموا فلقيهم ابن عمهم المغيرة بن شعبة، فعلمهم كيف يحيون الرسول فلم يفعلوا، وحيوه بتحية الجاهلية
(5)
، ولكن هذا العناد والكبرياء زال مع سماحة الإسلام الذي أبطل كل أمر جاهلي لا قيمة له، وأثبت مكارم الأخلاق التي جاء
(1)
معجم البلدان - الطائف.
(2)
سيرة ابن هشام 4/ 485.
(3)
سيرة ابن هشام 4/ 484.
(4)
سيرة ابن هشام 4/ 1236.
(5)
سيرة ابن هشام 4/ 540.
الرسول صلى الله عليه وسلم ليتممها، ولقد وصف التميمي النجدي
(1)
هذه القبيلة وهو يتحدث عن عرب الحجاز فقال: (ومنهم ثقيف ذي العرض العفيف إلا أن فارسهم في الهيجاء مخيف وهؤلاء بقايا قوم الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي أخباره مشهورة وحكاياته مسطورة وهم أشد أهل الحجاز امتناعًا عن الاستسلام، وأصبرهم في الملاحم على وقوع السهام في الأجسام وأكرامهم النازل).
وهذا الامتناع هو ما يفسر تأخر إسلامهم، وإدراك الرسول صلى الله عليه وسلم يوم حاصرهم أنهم سيأتون مهتدين طائعين، بلا قتال، وهذا ما حدث كما سنرى فيما بعد.
أما هذه الصلابة التي ظهر بها الثقفيون مرتين من الإسلام، الأولى في زيارته لهم صلى الله عليه وسلم وعرضه عليهم، وقد اختصهم بعد قومه من سائر الأمم، والثانية يوم جاءهم يحاصرهم ويترك بلدهم دون قتال، فقد أثمرت فيما بعد صلابةً في الحق بعد أن كانت صلابةً في الباطل، وهي صلابتهم التي ظهرت بعد وفاته، يوم ثبتوا على الإسلام لا يرتدون ولا يرتابون لحظة أن الإسلام حق، وأن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم حق.
وما أجمل ما قاله الدكتور محمد حسين هيكل
(2)
حيال هذا الموقف حيث يقول:
(أما موقف ثقيف منه أول الأمر فتلك آية الله على الحق أن يكون في حاجة إلى صلابة في النفس وقوة في الحق لينتصر بأمر الله ولكنهم أقبلوا طائعين لا مكرهين).
ومن عاداتهم الجاهلية إذا استبطؤا المطر وحل البلاء جمعوا بقرًا وعقدوا
(1)
الدرر المفاخر 80.
(2)
في منزل الوحي 329.
بأذنابها وعراقيبها السلع والعشر - شجر - وصعدوا بها جبلًا وعرًا واشعلوا بها النيران وضجوا يدعون ويتضرعون ويرون ذلك من أسباب السقيا
(1)
.
وديانة ثقيف قبل الإسلام لم تكن بأحسن حال من ديانة قريش التي منها ظهر الرسول الهادي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، كسائر قبائل العرب قبل الإسلام وتسودها الوثنية، حتى مكة المكرمة تحتضن البيت الحرام والكعبة المشرفة، والتي كانوا يحجون إليها كل عام.
وكان لثقيف في حجها إلى الكعبة تلبية خاصة، مثلما هناك تلبيات خاصة لقُريش وتَمِيم وهُذَيْل وقيس وغيرها.
وكانت تلبية ثقيف: (لبيك اللهم لبيك، هذه ثقيف قد أتوك وخلفوا أوثانهم وعظموك، وقد عظموا المال وقد رجوك، عُزَّاهُم واللات في يديك، دانت لك الأصنام تعظيمًا إليك، قد أذعنت بسلمها إليك، فاغفر لها طالما غفرت)
(2)
. وتلبية ثقيف أقل وثنية وشركًا من تلبيات أخرى، كتلبية قريش مثلًا وتميم وهُذَيل، وما ورد في التلبية من اسم (عزاهم - واللات) هما صنمان لثقيف، من بين ثلاثة اشتهرن هن اللات والعزى ومناة، وجاء ذكرهن في القرآن الكريم قال تعالى:{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى}
(3)
.
فاللات صخرة مربعة بيضاء وكان كما قال ياقوت
(4)
: أن رجلًا من ثقيف مات فقال لهم عمرو بن لُحي: لم يمت بل دخل الصخرة وأمرهم أن يبنوا له صخرة ويعبدوها، ورواية أخرى أن رجلًا يقصد صخرة لثقيف، فيبيع السمن من الحجاج إذا مروا، ويلت سويقهم فمات، فلما قصدوه قال عمرو بن ربيعة: إن ربكم كان اللات فدخل الصخرة.
(1)
الخير في الحيوان 4/ 466.
(2)
الأزمنة وتلبية الجاهلية 39.
(3)
سورة النجم 19 - 22.
(4)
معجم البلدان - اللات.
أما العُزَّى فيقال ثلاث شجرات بسمرات بنخلة، أول من دعا لعبادتها عمرو بن ربيعة، والحارث بن كعب، وكان في واحدة شيطان يعبد
(1)
.
وفيما يبدو أن التنافس بين قريش وثقيف، مس أيضًا النواحي الدينية فراحت ثقيف تقلد قريشًا في الوثنية، فصار لهم أصنام يقدمون لها النذر والقربان، ويعتبرونها من بنات الله.
ومما يستعجب له أن قريشًا نفسها كانت تعتد بأصنام ثقيف، فكانت تطوف بالكعبة وتقول
(2)
:
واللات والعُزَّى ومناة الثالثة الأخرى
فإنهن الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجى
فاللات والعُزَّى على صورة أنثى، فيعظمونها ويسمونها الرَّبة، حتى أنهم لما ذهب وفدهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأوصوه على أن يدع لهم اللات ثلاث سنين لا يهدمها، فأبى، وسألوه سنة فشهرًا فأبى، ومما سألوه أن يعفيهم من الصلاة، وأن لا يكسروا أصنامهم بأيديهم، فكان رده صلوات الله عليه: أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه، وأما الصلاة فإنه لا خير في دين لا صلاة فيه
(3)
.
ولكن كان في ثقيف من يدين بدين إبراهيم عليه السلام "الحنفية" ومنهم قبيل ظهور الإسلام أمية بن أبي الصلت الثقفي، وهو شاعر وحكيم مخضرم عاصر الجاهلية والإسلام، يقول فيه الألوسي:"له في التوحيد والحكمة شعر كثير وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: آمن شعره وكفر قلبه"
(4)
.
(1)
أخبار مكة 125 - 126.
(2)
معجم البلدان. اللات - عربي.
(3)
سيرة ابن هشام 4 وفد ثقيف 537.
(4)
بلوغ الأرب 3/ 121.
والتلازم التنافسي الثقفي القرشي فيما يبدو بعيد، ومتأصل لتقارب البلدين أو القريتين مكة والطائف، للنسب الذي يجمعهما في جد واحد هو مُضَر، ومن ذلك أصبحت ثقيف لقريش، وقريش لثقيف من نوع المثنى أو المزدوج، الذي إذا ذكر أحدهما ذكر الآخر معه، مثل ربيعَة ومُضَر، وعاد وثمود - قريش وثقيف
(1)
.
ثم امتد هذا التلازم زمنًا بعد الإسلام حتى وصل إلى أن تكون قريش البدو بالطائف بعد أن أصبح لقريش في الطائف بالوهط والوهيط أيام الدولة الأموية، أملاك وحقول ومصالح.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في حياته: قريش والأنصار حليفان وبنو أمية وثقيف حليفان
(2)
.
(1)
انظر الدرة الفاخرة 2/ 552.
(2)
عيون الأنباء 167.
ثقيف في الإسلام
أنا من الذين يعتبرون أن فجر الطائف قد بزغ نوره الحقيقي مع الرحلة الأولى التي رحلها هادي البشرية من شعاب مكة إلى بساتين الطائف، فوطئت قدماه الطاهرتان هذه البقعة الوثنية، وما اختياره صلى الله عليه وسلم للطائف وقد ضاقت به السبل، واحتدت عليه المصائب، وضنكه البلاء بوفاة عمه أبي طالب، ووفاة زوجته خديجة، إلا بشرى لثقيف بهذا الدين النير، وهذا الرسول المبشر، حتى وإن أبت ثقيف هذا الفضل المبكر الذي خصها به الله سبحانه بعد مكة، واختصها به رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين سائر البقاع والأصقاع، حتى وإن أخذت في استمرار عنادها وصلفها وكبريائها، فإن الاختصاص النبوي للطائف وثقيف، له دلالاته العظمى التي ظهرت يوم وفاته صلى الله عليه وسلم يوم ارتدت قبائل العرب فثبتت ثقيف، ويوم أخذ رجالها يحملون الرسالة قادة وحكامًا وجنودًا ومعلمين، في العراق والبحرين والسند والهند والشام والشمال الإفريقي والأندلسي.
هل بدأ إسلام ثقيف يوم ارتحل إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم؟. بل بدأ النور يشرق على ثقيف والطائف مع هذه الرحلة المباركة، وهذا خبر هذه الرحلة عند ابن هشام
(1)
: (لما انتهى صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، عمد إلى نفر من ثقيف هم يومئذ سادة ثقيف، وأشرافهم وهم إخوة ثلاثة: عبد ياليل ومسعود وحبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف، وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جُمَح، فجلس إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى الله وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام، والقيام معه على من خالفه من قومه، فقال له أحدهم: هو يمرط
(2)
ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك، وقال الآخر: لئن كنت
(1)
سيرة ابن هشام 2/ 419 - 421. ونهاية الإرب في فنون الأدب 16/ 281.
(2)
يمرطه: ينزعه ويرمي به.
رسولًا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت كاذبًا فلا أتعب نفسي معك. وفي رواية لابن سعد
(1)
.
وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لثقيف كتابًا أن لهم ذمة الله وذمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم على ما كتب لهم، وكتب خالد بن سعيد وشهد الحسن والحسين ودفع الكتاب إلى نمير بن خرشفة.
وينقل ابن سعد رواية للمغيرة تدلل على صدق إسلام ثقيف وإخلاصهم وقوة إيمانهم فيقول
(2)
: (فدخلوا في الإسلام فلا أعلم قومًا من العرب بني أب ولا قبيلة كانوا أصح إسلامًا ولا أبعد أن يوجد فيهم غش لله ولكتابه منهم).
وهذا أيضًا يفسر كيف وقفوا في وجه موجات الردة التي حدثت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فصمدوا لا يرتدون ولكن فيهم رسل وقادة لمحاربة المرتدين.
وكما رأينا فإن إسلام ثقيف أتى متأخرًا بعض الشيء، فقد استجاب الله سبحانه وتعالى دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم أن يهدي ثقيفًا ويأتي بهم، فأتوا طائفين مسلمين في العام التاسع للهجرة.
وكان انقيادهم للإسلام عن قناعة تامة طواعية بعد أن ثبت لهم صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وعظمة رسالته التي جاء بها لقومه ولكافة العرب بل وكافة الأمم على الأرض، فآمنوا إيمانًا صادقًا لم يتزحزح بوفاة صاحب هذه الرسالة بعد عامين من إسلامهم، في حين ارتدت قبائل وأمم بل معظم قبائل الجزيرة العربية انقسموا بين مرتد عن الإسلام ومانع للزكاة وتارك للصلاة ومدعين لنبوة جديدة، كما حدث من مسيلمة الكذاب من بني حنيفة
(3)
ومن الأسود العنسي المَذْحجي
(1)
المصباح المضيء 1/ 216.
(2)
الطبقات 1/ 313/ 314.
(3)
الأعلام 7/ 266.
من اليمن
(1)
. بل إن ثقيفًا ثبتت على الإسلام، وقالوا مع واليهم عثمان بن أبي العاص الذي عينه الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم، قالوا: يا أبناء ثقيف كنتم آخر من أسلم فلا تكونوا أول من ارتد
(2)
.
هذه الوقفة العظيمة من ثقيف دعمت الخليفة أبو بكر رضي الله عنه وهو يؤسس دولة الخلافة ويسيِّر الجيوش العظيمة في أنحاء بلاد العرب لحرب مدعي النبوة وردعهم عن غيهم، وتأديب المرتدين ونصرة هذا الدين الذي أنكروه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. لقد أَمِنَ الخليفة الأول وهو يتحرك هذا التحرك الحربي والسياسي لكون قريش وثقيف في صفة هما أكبر قبائل العرب وأعتاها ولهذا كانت حروبه موفقة وجيوشه مظفرة فنصر الله به الدين يوم نصره الله والدين.
لقد تفرغ الثقفيون بعد إسلامهم إلى التشبع بتعاليم هذا الدين الحنيف، يساعدهم في ذلك موقع بلدهم المعطاء، وما نالوه من تقدير واحترام من كافة خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاء بني أمية. وهذا ما يفسر ظهور قادة عظام وحكام وفرسان في كل قطر تصل إليه جويش الفتح.
بل كان أثرهم واضحًا في التاريخ والأدب والطب مثلما برز في العسكرية، يقول الدكتور/ محمد حسين هيكل
(3)
(ومن يقرأ كتب الآداب وسيرة النبي العربي ومن عني بتاريخ بلاد العرب يجد تباينًا بين مكة والطائف وأقله خصب الطائف وأمحال مكة وما ترتب عليه من أثر في الرجال فالعرب الذين تركوا على مر التاريخ الإسلامي ذكر أكثرهم من ثقيف وهوازن وأقلهم من مكة والحجاز)
(4)
.
(1)
الأعلام 5/ 111.
(2)
الطائف في العصر الجاهلي وصدر الإسلام 115.
(3)
في منزل الوحي 329.
(4)
كان خصب الطائف وطيب مُنَاخها سببًا في ذكاء وفطنة كثير من رجال ثقيف - فقد أورد الشيخ أحمد الغزاوي في شذراته 30، 31 قصة المغيرة بن شعبة يوم صرف بذكائه وفطنته عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن خطبة أم كلثوم بنت أبي بكر لأن عائشة رضي الله عنها لم ترغبه وقال الغزاوي رحمه الله =
وكانت ثقيف مؤهلة لمثل هذا الدور التاريخي العظيم في الدولة الإسلامية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم والدولة الأموية وحتى العباسية.
فقد كانت أصلب القبائل العربية وأقواها في الحق، وكانت تتحدث بلسان فصيح ليس أدل على ذلك من أن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو سيد البلغاء وأكرمهم قد استرضع في نواحي ديارهم ببني سعد من هوازن.
وكان تاريخها ينطق بأن هذا الرسول الأمين الذي عاش في بني سعد أربع سنوات وهو صغير قد آنس لثقيف في أصعب موقف يترصد له يوم توفى عمه أبو طالب وتوفيت زوجه خديجة وصم القرشيون عنه آذانهم، بل اشتدوا في إيذائه، فتوجه إلى ثقيف - إلى الطائف يطلب الفرج الذي لم يحن وقته وكان لصلابة ثقيف مشيئة أرادها الله، ثم يشهد لهم التاريخ بأنهم لم يتعرضوا لحرب معلنة مع الرسول، ولا سلب ولم يأذن الله سبحانه وتعالى فيهم بل أتوا طائعين مناقدين استجابة لدعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي دعا لهم ولم يدعو عليهم، يوم طلب منه ذلك.
وكان وضعهم الاقتصادي يؤهلهم لهذا الدور، فقد كانت بلدهم كما مر بنا من أغنى بقع جزيرة العرب وأعظمها أمنًا.
ونعود للسان ثقيف فلغتهم من لغة قريش فصيحة، تعلمها الرسول صلى الله عليه وسلم في بني سعد وقد نزل القرآن على سبع لغات منها لغة ثقيف، يقول ابن عباس
(1)
رضي الله عنه: نزل القرآن على سبعة أحرف - أو قال سبع لغات - منها خمس بلغة العجز من هوازن وهم الذين يقال لهم عليا هوازن وهي خمس قبائل أو أربع منها سعد بن بكر وجُشَم بن بكر ونصر بن معاوية وثقيف.
= [وما زال في هذا القبيل من ثقيف بقية من الذكاء الخارق والفصاحة النادرة وما أحسبهم إذا تعلموا إلا أفذاذًا عباقرة وآسادًا قساورة وكل آتٍ قريب].
(1)
الصاحبي 41.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أفصح العرب وقد نشأ في بني سعد من نواحي الطائف فيقول صلى الله عليه وسلم
(1)
: (أنا أفصح العرب حيث إني من قريش وإني نشأت في بني سعد بن بكر).
ثم تلتقي ثقيف وقريش في مُضَر، من جهة قيس عيلان وخِنْدف .. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
(2)
- أنه كان يستحب أن يكون الذين يكتبون المصاحف من مُضَر، ومن مُضَر كما علمنا سابقًا ثَقِيف وهَوَازِن وسُلَيْم وغَطَفَان وغَنِيّ من جهة قَيْس عَيْلان، وقُريش وتَمِيم وهُذَيْل وكِنَانة وأسد من جهة خِنْدف
(3)
.
وبعد أن أخذ المسلمون يملون المصاحف في عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما سنجد هذه المهمة محصورة في ثَقِيف وهذَيْل وقريش. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه
(4)
لا يملين في مصاحفنا إلا غلمان قريش وثقيف. ثم يقول عثمان رضي الله عنه
(5)
: اجعلوا المملي من هُذَيْل والكاتب من ثقيف. وقديمًا اتفق العرب على أن أشعر أهل المدن يثرب ثم عبد القيس ثم ثقيف
(6)
. وهذا في الحقيقة ما يثبت مكانة اللسان الثقفي؛ فلهذا كان منهم الرواة والكتاب والفقهاء والمحدثون والقراء والقادة والحكام والأطباء والفلكيون والشعراء والأدباء. وعلى طول البلاد الإسلامية وعرضها وعلى مر العصور الإسلامية انتشر رجال ثقيف بلغتهم الفصيحة ودينهم المتين ويقينهم وعلمهم وفنهم ينشرون الإسلام ويعمرون الأرض ويعلون كلمة الله مع إخوانهم من المسلمين. يقول الهمداني
(7)
ومن ثقيف
(1)
المصدر السابق 41.
(2)
الصاحبي 41.
(3)
اللهجات 65.
(4)
الصاحبي 41.
(5)
المصدر السابق 41.
(6)
الارتسامات 223.
(7)
كتاب العجالة 35.
خلق كثير من الصحابة والتابعين والخالفين من العلماء والأمراء والفرسان والشعراء وعامتهم كانوا بالطائف ثم انتشروا في البلاد. وكان كبار المصنفين والرواة يستنطقون الأعراب من القبائل ومنهم ثقيف، أو يغدون إلى ديارهم، ومنهم الجاحظ والخليل بن أحمد والزمخشري وسواهم
(1)
.
(1)
انظر الأحباب الرواة 157، 158، 174.
أعلام ثقيف
(أ): وفد ثقيف على النبي صلى الله عليه وسلم
-:
فيما يلي أشهر من وفد على النبي صلى الله عليه وسلم من ثقيف للإسلام
(1)
:
1 -
عروة بن مسعود الثقفي.
2 -
أبو مليح بن عروة بن مسعود.
3 -
قارب بن الأسود بن مسعود.
4 -
الحكم بن عمرو: أسلم في وفد ثقيف.
5 -
غيلان بن سلمة: وكان شاعرًا.
6 -
شرحبيل بن غيلان.
7 -
عبد ياليل بن عمرو: وكان رئيس الوفد.
8 -
كنانة بن عبد ياليل. أسلم مع الوفد.
9 -
الحارث بن كلدة: طبيب العرب.
10 -
نافع بن الحارث بن كلدة. وهو أبو عبد الله انتقل إلى البصرة.
11 -
العلاء بن جارية بن عبد الله.
12 -
عثمان بن أبي العاص بن بشر: قدم مع الوفد وكان أصغرهم فكانوا يخلفونه على رحالهم وأسلم قبلهم فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم على الطائف.
13 -
أوس بن عوج: وهو الذي رمى عروة بن مسعود وقتله.
14 -
أوس بن حذيفة الثقفي.
15 -
أوس بن أوس الثقفي: روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
(1)
الإرتسامات 210/ 215.
16 -
الحارث بن عبد الله بن أوس الثقفي: روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
17 -
الحارث بن أوس الثقفي: له صحبة ورؤية.
18 -
الشريد بن سويد.
19 -
نمير بن خرشفة الثقفي.
20 -
سفيان بن عبد الله: وقد تولى الطائف.
21 -
الحكم بن سفيان.
22 -
أبو زهير بن معاذ الثقفي.
23 -
كردم بن سفيان: صاحب نذر ببوانة.
24 -
وهب بن خويلد الثقفي: أسلم وصحب ومات في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
25 -
وهب بن أمية بن أبي الصلت الشاعر: أسلم وصحب.
26 -
أبو محجن بن عمرو بن عمير الثقفي: كان شاعرًا.
27 -
الحكم بن حزن الكلفي من بني كلفة: روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
28 -
زفر بن حرثان بن الحارث.
29 -
مضرس بن خفاجة بن النابغة.
30 -
يزيد بن الأسود: أسلم ورأى.
31 -
عبيد الله بن معية: من بني سواءة.
32 -
أبو رزين العقيلي واسمه لقيط بن عامر بن المشفق.
33 -
وكيع بن عدس.
34 -
يعلى بن عطاء: أقام بواسط في آخر سلطنة بني أمية.
35 -
عبد الله بن يزيد.
36 -
بشر بن عاصم الثقفي.
37 -
إبراهيم بن مسيرة.
38 -
عطيف بن أبي سفيان.
39 -
عبيد بن سعد أبي سويد.
40 -
سعيد بن السائب.
41 -
عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب الثقفي.
42 -
يونس بن الحارث.
43 -
محمد بن عبد الله بن أفلح.
44 -
محمد بن أبي سعيد الثقفي.
46 -
يحيى بن سليم.
47 -
عمرو بن الشريد بن سويد الثقفي.
48 -
عاصم بن سفيان الثقفي.
49 -
أبو هندية الثقفي.
50 -
عمرو بن أوس الثقفي.
51 -
عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفي
(1)
.
(ب) رجال من ثقيف جاء الإسلام وعند الرجل منهم عشرة نسوة
(2)
وهم من ثقيف كلهم:
1 -
مسعود بن معتب.
2 -
مسعود بن عمرو بن عمير.
(1)
ذكر شكيب أرسلان في الارتسامات أن وفد ثقيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كان سبعين رجلًا ولعله اختصر على مشاهيرهم فلم يورد غير هؤلاء.
(2)
المحبر 357.
3 -
عروة بن مسعود.
4 -
سفيان بن عبد الله.
5 -
غيلان بن سلمة.
6 -
مسعود بن عامر بن معتب.
(جـ) الأعلام من ثقيف الذين كانوا كتابًا له صلى الله عليه وسلم وصحبوه ورووا عنه ومن روى عنه من التابعين وخالفيهم:
1 -
المغيرة بن شعبة بن أبي عامر الثقفي
(1)
أمير داهية، من كبار أمراء العرب في صدر الإسلام، يقال له مغيرة الرأي أسلم قبل عمرة الحديبية. ولاه عمر البصرة، وفتح ميسان، ويقال أول من وضع ديوان البصرة وأول من سلم عليه بالإمرة، ثم نقل إلى الكوفة وأَمَّرَه عثمان عليها، ولاه معاوية مرة أخرى على الكوفة حتى مات سنة 50 هـ، وكان من كُتّاب الرسول صلى الله عليه وسلم.
2 -
عثمان بن أبي العاص بن بشر الثقفي
(2)
: أسلم في وفد ثقيف فاستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف فبقي في عمله إلى أيام عمر، ثم ولاه عمر عُمَان والبحرين سنة 15 هـ، وكتب له أن يستخلف على الطائف من أحب، فاستخلف أخاه الحكم واستمر في البحرين إلى أن آلت الخلافة لعثمان بن عفان فعزله، فسكن البصرة إلى أن توفي. له فتوح وغزوات بالهند وفارس وفي البصرة موضع يقال له شط عثمان منسوب إليه، وهو الذي خطب في ثقيف يوم ارتدت قبائل العرب.
3 -
الحكم بن أبي العاص بن بشر الثقفي
(3)
: أخو عثمان بن أبي العاص له صحبة - كان واليًا على البحرين.
(1)
الإنباه والإعلام. وانظر المصباح المضيء 1/ 187.
(2)
ما رأيت وما سمعت 106.
(3)
ما رأيت وما سمعت 107. وانظر القادة من هذا الباب.
4 -
غيلان بن سلمة الثقفي
(1)
: حكم شاعر جاهلي، أدرك الإسلام وأسلم يوم الطائف وعنده عشر نسوة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فاختار أربعًا فصارت سُنَّة. وكان أحد وجوه ثقيف. انفرد في الجاهلية بأن قسم أعماله على الأيام فكان له يوم يحكم فيه بين الناس، ويوم ينشد فيه شعره، ويوم ينظر فيه إلى جماله، وهو ممن وفد على كسرى وأعجب كسرى بكلامه
(2)
.
5 -
يعلى بن مرة الثقفي
(3)
.
6 -
أبو محجن الثقفي - عمرو بن حبيب بن عمرو بن عمير بن عوف، أحد الأبطال الشعراء الكرماء في الجاهلية والإسلام، أسلم سنة 9 هـ، وروى عدة أحاديث، وكان منهمكًا في شرب النبيذ فحذره عمر مرارًا ثم نفاه إلى جزيرة بالبحر، فهرب ولحق بسعد بن أبي وقاص وهو بالقادسية يحارب الفُرس، فكتب إليه عمر أن يحبسه فحبسه سعد عنده، واشتد القتال في أحد أيام القادسية فالتمس أبو محجن من امرأة سعد سلمى أن تحل قيده وعاهدها أن يعود إلى القيد إن سلم، وأنشد أبياتًا في ذلك فخلت سبيله فقاتل قتالًا عجيبًا ورجع بعد المعركة إلى قيده وسجنه، فحدثت سلمى سعدًا بخبره فأطلقه وقال له، لن أجيرك أبدًا فترك النبيذ وقال: كنت آنف أن أتركه من أجل الحد. وتوفي بأذربيجان أو بجرجان وبعض شعره في ديوان له
(4)
.
حدث عنه البقال أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أخوف ما أخاف على أمتي إيمان بالنجوم وتكذيب بالقدر وحيف الأئمة).
(1)
ما رأيت وما سمعت 110.
(2)
الإعلام: غيلان.
(3)
التسمية 100.
(4)
الإعلام - عمرو. ونص الحديث عند صاحب الاستغناء 1/ 219.
7 -
أبو بكرة الثقفي
(1)
اسمه نفيع بن الحارث بن كلدة وقيل نفيع بن مسروح.
8 -
أوس بن أوس الثقفي: أسلم مع الوفد وروى عنه حضير له أنه أوما إليه وهو في الصلاة أن ناولني نعلي فناولته نعليه فصلى فيهما وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه
(2)
.
9 -
الحارث بن عبد الله بن أوس الثقفي: أسلم مع الوفد وروي عنه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من حج أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت)
(3)
.
10 -
الحارث بن أويس الثقفي له صحبة ورواية
(4)
.
11 -
الشريد بن سويد: أسلم مع الوفد. له حديث
(5)
(جار الدار أحق بالدار من غيره) وقد استنشده الرسول صلى الله عليه وسلم من شعر أمية بن أبي الصلت وجعل يقول: (إن كاد ليسلم). مات في خلافة يزيد بن معاوية.
12 -
كردم بن سفيان الثقفي: أسلم مع الوفد وجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له: إني نذرت أن أنحر عشرة أبعرة لي ببوانة - هضبة وراء ينبع - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نذرت وفي نفسك شيء من أمر الجاهلية. قال: لا والله. قال: فانطلق
(6)
فانحرها. وهو والد ميمونة طائفي.
13 -
الحكم بن حزن الكلفي الثقفي: روى عنه ابن سعد أنه وفد على الرسول صلى الله عليه وسلم وشهد معه الجمعة فقام الرسول صلى الله عليه وسلم متوكئًا على قوس أو عصا فحمد
(1)
الاستغناء 1/ 118.
(2)
الارتسامات 213 والتسمية 31.
(3)
المصدر السابق.
(4)
المصدر السابق.
(5)
المصدر السابق (214) - والتسمية 59.
(6)
الارتسامات 214. وانظر التسمية 86.
الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات ثم قال: (أيها الناس إنكم لن تطيقوا ولن تفعلوا كل ما أمرتكم فسددوا وأبشروا)
(1)
.
14 -
يزيد بن الأسود: أسلم مع الوفد ويروى عنه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم الفجر في مسجد منى في حجة الوداع فلما قضى الصلاة التفت فإذا هو برجلين لم يصليا فقال: آتوني بهما - فأتى بهما ترعد فرائصهما. فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلينا في رحلنا. قال: فإذا جئتم والإمام يصلي فصلوا معه فإنها لكم نافلة
(2)
.
15 -
أبو زيد العقيلي - لقيط بن عامر. أسلم مع الوفد قيل أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن فقال حج عن أبيك واعتمر
(3)
.
16 -
السائب بن الأقرع الثقفي: روى عن عمر بن الخطاب وكان قليل الحديث. دخلت به أمه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام فمسح رأسه ودعا له
(4)
.
17 -
شرحبيل بن غيلان بن سلمة الثقفي
(5)
كان من كُتّاب الرسول صلى الله عليه وسلم ورسوله الذي بعثه إلى يحنة بن رؤية.
18 -
أبو ثعلبة الثقفي
(6)
: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا في النذر من حديث الشاميين ليس بالقوي.
19 -
أبو زهير الثقفي
(7)
الطائفي: والد أبي بكر بن أبي زهير، اختلف في اسمه فقيل معاذ وقيل عمر بن حميد. وقال عمرو بن علي هو والد أبي بكر بن أبي زهير، اسمه معاذ.
(1)
الارتسامات 215.
(2)
المصدر السابق 215.
(3)
الارتسامات 215.
(4)
المصباح المضيء 1/ 216 وانظر القادة والولاة من هذا الباب.
(5)
الاستغناء 1/ 127.
(6)
الاستغناء 2/ 187، والتسمية 101.
(7)
ما رأيت وما سمعت 109.
20 -
أبو زهير الثقفي
(1)
- آخر ذكره جماعة في الصحابة وجعلوه غير الأول، وذكره البخاري وغيره فقالوا فيه أبو زهير بن معاذ بن رباح الثقفي، وزاد البخاري قال بينه وبين طلحة قرابة من النساء. له صحبة، قال أبو عمر حديث هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم (إذا سميتم فعبدوا).
21 -
ميمونة بنت كردم الثقفية
(2)
من صغار الصحابة. لها حديث.
22 -
معاذ بن رباح الثقفي
(3)
صحابي. له حديث.
23 -
أوس بن حذيفة الثقفي
(4)
.
24 -
الحكم بن سفيان الثقفي. ويقال سفيان بن الحكم
(5)
.
25 -
الحارث بن عبد الله بن أوس الثقفي
(6)
.
26 -
سفيان بن عبد الله الثقفي
(7)
. حديثه في أهل الطائف.
27 -
عبد الرحمن بن علقمة الثقفي
(8)
ويقال ابن أبي علقمة.
28 -
عبد الله بن هلال الثقفي
(9)
.
29 -
عثمان بن أبي العاص الثقفي
(10)
الطائفي - نزل البصرة.
30 -
قارب الثقفي
(11)
ويقال مارب.
31 -
يسار بن مرة الثقفي
(12)
.
32 -
أمة الله بنت أبي بكرة الثقفية
(13)
: راوية من راويات الحديث. وروى عنها
(1)
الاستغناء 1/ 188.
(2)
الاستغناء 2/ 1202.
(3)
الاستغناء 2/ 1202.
(4)
التسمية.
(5)
التسمية.
(6)
التسمية.
(7)
التسمية.
(8)
التسمية.
(9)
التسمية.
(10)
التسمية.
(11)
التسمية.
(12)
أعلام النساء 1/ 81.
(13)
المصدر السابق 1/ 126.
قتادة بن أبي ميمونة وعدها أبو عمر بن عبد البر من الصحابة، قال الذهبي: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم.
33 -
برزة بنت مسعود بن عمرو الثقفية
(1)
: أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر ابن هشام أنها خرجت إلى أحد.
34 -
زينب بنت عبد الله بن معاوية بن معتب الثقفية
(2)
: راوية من راويات الحديث، روي لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية أحاديث اتفقا على حديث واحد ولمسلم حديث آخر.
35 -
الفارعة بنت أبي الصلت الثقفية
(3)
: كانت ذات لب وعفاف وحسن وجمال. قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح الطائف. وكان صلى الله عليه وسلم يعجب بها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحفظين من شعر أخيك، فأنشدته أبياتًا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم كان مثل أخيك كمثل الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين. وروى عنها ابن عباس.
36 -
عيسى بن عبد الله الثقفي
(4)
: كان مع وفد ثقيف، رأى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو صاحب حديث تعجيل الفطور وتأخير السحور.
37 -
خالد بن سعيد بن العاص الثقفي
(5)
: كان يمشي بين وفد ثقيف في القبة وبين الرسول صلى الله عليه وسلم. وكاتب كتاب ثقيف.
38 -
خفاف بن نضلة بن عمرو الثقفي
(6)
: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وأنشد قصيدة.
(1)
أعلام النساء 2/ 75.
(2)
المصدر السابق 4/ 19.
(3)
المصدر السابق 4/ 19.
(4)
تخرج الدلالات 658.
(5)
تخرج الدلال 658.
(6)
ما رأيت وما سمعت 108.
39 -
رقيقة الثقفية
(1)
: أسلمت حين خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى الطائف في المرة الأولى وكتمت إسلامها حتى ماتت قبل فتح الطائف.
40 -
عروة بن مسعود الثقفي
(2)
: صحابي مشهور.
41 -
نمير بن خرشة الثقفي
(3)
: صحابي دفع إليه الرسول صلى الله عليه وسلم كتاب ثقيف في وج والطائف فأخذه.
42 -
المغيرة بن الأخنس الثقفي
(4)
صحابي جليل - قُتل مع عثمان بن عفان رضي الله عنه.
43 -
محمد بن الشريد بن سويد الثقفي
(5)
: أخرج عنه حديث عتق الرقبة.
44 -
إبراهيم أبو عطاء الطائفي
(6)
، من الرواة، صحابي.
45 -
بشر بن عاصم بن سفيان الثقفي
(7)
: استعمله عمر بن الخطاب على صدقات هوازن، سكن المدينة، صحابي من الرواة.
46 -
بشير الثقفي
(8)
: روت عنه حفصة بنت سيرين. صحابي من الرواة.
47 -
تميم بن غيلان بن سلمة الثقفي
(9)
: يقال أنه ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابي روى عن أبيه.
(1)
المصدر السابق 113.
(2)
الأعلام - عروة - وانظر خبره مع القادة والولاة من هذا الباب.
(3)
نشر اللطائف 52.
(4)
العقد الثمين 141.
(5)
معرفة الصحابة 2/ 119. وانظر الترجمة رقم 11 من هذا التسلسل - وقد ورد شك في اسمه هل هو الشريد بن سويد أم محمد بن الشريد أم عمرو بن الشريد.
(6)
معرفة الصحابة 2/ 151.
(7)
معرفة الصحابة 3/ 81.
(8)
معرفة الصحابة 3/ 119.
(9)
معرفة الصحابة 3/ 209.
(د) القادة والولاة والفرسان من ثقيف:
1 -
المغيرة بن شعبة الثقفي
(1)
.
2 -
عثمان بن أبي العاص
(2)
.
3 -
الحكم بن أيوب الثقفي. أمير. هو ابن عم الحجاج ولاه الحجاج على البصرة لما كان في العراق ثم عزله ثم أعاده وقتله صالح بن عبد الرحمن الكاتب مع جماعة من آل الحجاج في العذاب على إخراج ما اختزنوه من الأموال بأمر سليمان بن عبد الملك في خلافته
(3)
.
4 -
أبو محجن الثقفي - عمرو بن حبيب
(4)
.
5 -
عروة بن مسعود بن معتب الثقفي
(5)
- صحابي مشهور كان كبيرًا في قومه بالطائف. قيل هو المراد بقوله تعالى: {عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} ولما أسلم استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى قومه يدعوهم للإسلام فقال: أخاف أن يقتلوك. قال: لو وجدوني نائمًا ما أيقظوني، فأذن له فرجع فدعاهم إلى الإسلام فخالفوه وقتلوه فقال صلى الله عليه وسلم: هو كصاحب ياسين
(6)
.
6 -
الحجاج بن يوسف الثقفي: نشأ معلمًا بالطائف وتقلد مناصب عسكرية حتى ولاه عبد الملك بن مروان بلاد العراق، قال الذهبي في كتاب دول الإسلام: إنه كان شجاعًا مهيبًا جبارًا عنيدًا ومخازيه كثيرة إلا أنه كان عالمًا فصيحًا مفوهًا مجودًا للقرآن
(7)
، ومات في سنة (95 هـ) بعد أن حكم العراق وما وراءها
(1)
انظر الأعلام من الرواة في هذا الباب.
(2)
انظر الأعلام من الرواة في هذا الباب.
(3)
الأعلام - حكم.
(4)
انظر الأعلام من ثقيف في هدا الباب من الكتاب.
(5)
الأعلام - عروة.
(6)
إنباه الرواه - 80.
(7)
الارتسامات 217.
إلى الشرق وجنوبًا أكثر من عشرين سنة. وسيّر الجيوش إلى السند والهند وحدود الصين وفتح بلدانًا كثيرة، وأثر عنه أن قراءته للقرآن كاملًا كل ليلة، ونقط الحروف العربية، وجزأ القرآن إلى سبعة أجزاء تسهيلًا لحفظه. لكنه كان شديدًا إزاء فتن الخوارج والشيعة ولذلك كادوا له، وشوهوا صورته، ولحق ذلك أبناء عمومته بالعراق، ونسب إليه من القتل والقسوة ما لا يصدقه عقل، حاله حال هارون الرشيد وما نسب إليه الشعوبيون من فساد ومجون لا يليق بخليفة عملاق يحج سنة ويغزو سنة.
7 -
السائب بن الأقرع الثقفي
(1)
روى عن عمر بن الخطاب وكان قليل الحديث، ولاه عمر ولايات في فارس بعد أن شهد فتح نهاوند العظيم ومات بأصفهان.
8 -
يوسف بن محمد بن يوسف الثقفي
(2)
ابن أخ الحجاج بن يوسف ولي مكة في زمن الوليد بن يزيد بن عبد الملك.
9 -
عامر بن غيلان بن سلمة الثقفي
(3)
أسلم قبل أبيه وكان فارس ثقيف، مات بالشام بطاعون عمواس عام 18 هـ، وكان مع خالد بن الوليد.
10 -
نافع بن غيلان
(4)
: استشهد مع خالد بن الوليد في دومة الجندل.
11 -
المختار الثقفي
(5)
بن أبي عبيد: ولد عام الهجرة، ورحل من الطائف مع أبيه أيام عمر حين ندب الناس إلى العراق. ونفاه بنو أمية إلى الطائف، واستعمله عبد الله بن الزبير على الكوفة، وقتله مصعب بن الزبير عام 67 هـ. وقيل ادعى النبوة ولهذا قتله.
(1)
ما رأيت وما سمعت 105/ 113.
(2)
ما رأيت وما سمعت 105/ 113.
(3)
ما رأيت وما سمعت 105/ 113.
(4)
ما رأيت وما سمعت 105/ 113.
(5)
ما رأيت وما سمعت 105/ 113.
12 -
زياد بن عبيد
(1)
- زياد بن أبية - مشكوك في نسبه. كنيته أبو المغيرة. أسلم عام الهجرة وكان كاتب أبو موسى الأشعري. وكان عامل علي بن أبي طالب على فارس عند وفاته، ألحقه معاوية بنسبه، وأثبت أنه أخوه.
13 -
عبد الله بن عمرو بن غيلان
(2)
: أدرك الجاهلية وأسلم قبل حجة الوداع، ولاه معاوية البصرة.
14 -
جبير بن حية بن مسعود الثقفي
(3)
: شهد الفتوح في عهد عمر، ولاه زياد أصبهان. مات في خلافة عبد الملك بن مروان.
15 -
الأخنس الثقفي
(4)
: أبو ثعلة أبي بن شريف: من شجعان ثقيف. أسلم وشهد حنينًا ومات أول خلافة عمر.
16 -
سفيان بن عبد الملك
(5)
: أسلم مع الوفد. كان عاملًا لعمر على صدقات الطائف عام 24 هـ. وقيل كان أحد عمال النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف.
17 -
عثمان بن ربيعة
(6)
: من شجعان ثقيف حارب الأزد في شأن الردة وهزمهم وقال في ذلك أبيات:
وأبرق بارق لما التقينا
…
وعادت خلبًا تلك البروقُ
18 -
كنانة بن عبد ياليل
(7)
: من رؤساء ثقيف، وهو الوحيد الذي أبى أن يسلم منهم، فخرج إلى نجران وتوجه إلى بلاد الروم فمات على دين الجاهلية، بعد السنة العاشرة من الهجرة.
(1)
ما رأيت وما سمعت 105/ 113.
(2)
ما رأيت وما سمعت 103 - 115. وانظر الشعراء من هذا الباب.
(3)
ما رأيت وما سمعت 103 - 115. وانظر الشعراء من هذا الباب.
(4)
ما رأيت وما سمعت 103 - 115. وانظر الشعراء من هذا الباب.
(5)
ما رأيت وما سمعت 103 - 115. وانظر الشعراء من هذا الباب.
(6)
ما رأيت وما سمعت 103 - 115. وانظر الشعراء من هذا الباب.
(7)
ما رأيت وما سمعت 103 - 115. وانظر الشعراء من هذا الباب.
19 -
أبو عبيد بن مسعود بن عمرو الثقفي
(1)
: والد المختار الثقفي، قائد كبير. قاد معركة الجسر واستشهد بها. واتخذ يومه تاريخًا فيقال قتل فلان يوم جسر أبي عبيد. تولى أخوه الحكم بعد قيادة المعركة فقتل وتولى القيادة بعده سبعة من الثقفيين كلهم استشهدوا.
20 -
محمد بن يوسف الثقفي
(2)
: أخو الحجاج - أمير استعمله الحجاج على صنعاء ثم ضم إليه الجند فلم يزل واليًا عليهما إلى أن توفي قال الخزرجي: جمع المجذومين بصنعاء وجمع لهم الحطب ليحرقهم فمات قبل ذلك.
21 -
يوسف بن عمر الثقفي
(3)
: حكم العراق بعد الحجاج. وكان قد ولي اليمن لهشام بن عبد الملك وولي خراسان إلى جانب العراق واستخلف ابنه الصلت على اليمن. عزله يزيد بن الوليد عام 126 هـ كان فصيحًا جوادًا وكان سماطه كل يوم خمسمائة مائدة وسوق يوسف في الحيرة بالعراق منسوب إليه.
22 -
زائدة بن قدامة
(4)
: وهو الذي زرق مصعب بن الزبير ففزعه فنادى بالثارات المختار فجاء ابن ظبيان فاجتز رأسه. قائد الشجعان جده مسعود الثقفي - هو ابن عم المختار بن عبيد، آخر ما ولى إمرة جيش سيره به الحجاج لقتال شبيب ابن يزيد.
23 -
سعد بن مسعود الثقفي: تولى فرقة قيس في موقعة الجمل مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وولاه على حكم مدينة المدائن بفارس وطلب منه على مرة أخرى أن يمده بجنود يوم خرج لقتال الخوارج
(5)
.
(1)
أيام العرب في الإسلام 224، وما رأيت وما سمعت 112.
(2)
الأعلام - محمد.
(3)
الأعلام - يوسف.
(4)
الأعلام - زائدة.
(5)
الطبري 4/ 59.
24 -
القاسم بن عمر بن محمد بن الحكم الثقفي
(1)
: من رجال العصر المرواني ولاه مروان بن محمد على اليمن سنة 127 هـ، ونشبت في أيامه ثورة الأباضية بحضر موت واليمن يقودها طالب الحق عبد الله بن يحيى وقاتلهم القاسم لردهم عن صنعاء فغلبوه وقتلوا أخًا له اسمه الصلت فرحل عنها.
25 -
الحكم بن أبي العاص
(2)
تولى البحرين وفتح فتوحًا كثيرة - ولعله توفي بها.
26 -
عمرو بن محمد بن القاسم الثقفي
(3)
: تولى السند بعد هزيمة ملك الراه وبنى مدينة دون البحيرة سماها "المنصورة" من معاصري التابعين وفتح بلادًا كثيرة في الهند.
27 -
محمد بن مصعب الثقفي
(4)
: من معاصري التابعين فتح سدوسان من بلاد السند.
28 -
صلب بن القاسم الثقفي
(5)
: كان أخًا لمحمد بن القاسم الثقفي وكان معه في حرب السند، ذكره الحجاج بن يوسف في كتابه إلى محمد بن القاسم.
29 -
موسى بن يعقوب بن طائي الثقفي
(6)
: استعمله محمد بن القاسم على القضاء والخطابة وأمور الدين في ثغر الرور وأكده بإصلاح الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
30 -
ابن أسيد بن الأخنس بن شريف الثقفي
(7)
: تابعي ولي السند واسمه عبد الملك بن أسيد.
(1)
الأعلام - قاسم.
(2)
ما رأيت وما سمعت 107 - وانظر الأعلام من هذا الباب.
(3)
العقد الثمين 195.
(4)
المصدر السابق 149.
(5)
المصدر السابق 170.
(6)
المصدر السابق 174.
(7)
المصدر السابق 125.
31 -
القاسم بن محمد الثقفي
(1)
: والد محمد بن القاسم ولي البصرة.
(هـ) العلماء من ثقيف في الطب والفلك والفقه والحديث واللغة والتاريخ:
1 -
أبو محمد عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت الثقفي البصري. ولد عام 110 هـ وتوفى عام 194 هـ. سمع أيوب السختياني وروى عنه الشافعي وكان ثقة
(2)
.
2 -
الحارث بن كلدة الثقفي: أسلم مع وفد ثقيف وكان طبيب العرب وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر من به علة أن يأتيه. له كتاب (المحاورة) في الطب بينه وبين كسرى أنو شروان
(3)
.
3 -
عمرو بن الشريد بن سويد الثقفي
(4)
: فقيه محدث.
4 -
عاصم بن الثقفي
(5)
: فقيه محدث.
5 -
أبو هندية: روى عنه سعيد بن المسيب
(6)
: فقيه محدث.
6 -
عمرو بن أوس الثقفي
(7)
.
7 -
عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان: أمه أم الحكم بن أبي سفيان بن حرب بن أمية وخاله معاوية. كان جده عثمان بن عبد الله حامل لواء المشركين يوم حُنين فقتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ولي عبد الرحمن بن عبد الله الكوفة ومصر. قال عنه سعد. وولده اليوم يسكنون دمشق
(8)
.
8 -
إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي: عالم كان يرى رأي الزيدية ثم انتقل إلى القول بالإمامية، من أهل الكوفة، انتقل إلى أصفهان فمات بها.
(1)
المصدر السابق 141.
(2)
اللباب 1/ 241.
(3)
عيون الإنباء 167.
(4)
الارتسامات 215.
(5)
الارتسامات 215.
(6)
الارتسامات 215.
(7)
الارتسامات 215.
(8)
الارتسامات 215.
من كتبه المغازي والردة والشورى، ومقتل عثمان، وصفين والنهروان، والغارات، ورسائل علي بن أبي طالب وأخباره، وحروبه، والجامع الكبير، وفقه الإمامية، وكتاب الإمامة، ومن قتل آل محمد، والسِّيَر، وكتاب في التاريخ، وكتابان في الأشربة - وكتاب في الخطب، واختيار المختار، وفضل الكوفة، ومن نزلها من الصحابة. مات نحو 70 هـ
(1)
.
9 -
النضر بن الحارث بن كلدة الثقفي
(2)
: ابن خالة النبي، طبيب مشهور.
10 -
ابن عمار الثقفي: ألف كتابًا في الأنواء
(3)
. توفي عام 139 هـ.
11 -
أبو عبد الملك الثقفي
(4)
: خدم الناصر والمستنصر بصناعة الطب، وكان أعرجا وله في الطب نوادر. ولاه المستنصر بالله والناصر خزانة السلاح. كان أديبًا عالمًا بكتاب إقليدس وبصناعة المساحة. مات بالإسهال.
12 -
عيسى بن عمر الثقفي
(5)
: كان مولى لخالد بن الوليد لكنه نزل في ثقيف فنسب إليهم، وكان عالمًا بالنحو والعربية والقراءة والنسب. وقد جرت له قصة يفسر بها أسماء القبائل. مات سنة 149 هـ.
13 -
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي
(6)
. مولاهم البلخي واسمه يحيى، وقتيبة لقب له. مات عام 240 هـ، محدث نسابة أخباري.
14 -
أبو ثمامة الثقفي
(7)
بَصْرِي: وروى عن عبد الله بن عمر بن العاص وروى عنه قتادة.
(1)
الأعلام - إبراهيم.
(2)
عون الأنباء 167.
(3)
كتاب الأنواء في مواسم العرب ج 1.
(4)
طبقات الأطباء 111.
(5)
طبقات النسابين 33 وانظر مجالس العلماء 201. . . وأنا لم أقف على تفاصيل تلك القصة التي يفسر بها أسماء القبائل.
(6)
طبقات النسابين 60.
(7)
الاستغناء 2/ 1098.
15 -
أبو بشر الثقفي
(1)
: حكى أنه رأى رؤيا في إبراهيم بن أدهم وسلم الخواصي. وروى عنه مؤمل بن شهاب.
16 -
أبو أمية بن الأخنس الثقفي
(2)
: روى عن عمر بن الخطاب في الموضحة - ما كُشِطَ عنها موضح العظم - كذا في هوامش الاستغناء. روى عنه أبو سلمة بن سفيان.
17 -
أبو أمية الثقفي
(3)
: عن رجل من الأنصار عنه مرسلًا. روى عنه سماك - ذكره أبو أحمد الحاكم.
18 -
أبو الأيمن الثقفي
(4)
: سمع أباه. روى عنه حزيز بن عثمان. اسمه إسحاق.
19 -
أبو بكر الثقفي
(5)
: روى عنه عبد الله بن عمرو بن العاص.
20 -
أبو بكر بن عمارة بن رويبة الثقفي
(6)
- كوفي: سمع أباه. روى عنه إسماعيل بن أبي زياد.
21 -
أبو الجارود الثقفي
(7)
زياد بن المنذر بصري. روى عن أبي جعفر وغيره. اتفقوا على أنه ضعيف.
22 -
أبو جعفر الثقفي
(8)
موسى بن المسيّب وقيل موسى بن السائب. روى عن شهر بن حوشب وغيره. وروى عنه سفيان الثوري وغيره وكان عندهم حسن الحديث.
(1)
الاستغناء 2/ 1084.
(2)
الاستغناء 2/ 1030.
(3)
الاستغناء 2/ 1032.
(4)
الاستغناء 432.
(5)
الاستغناء 2/ 1059.
(6)
الاستغناء 2/ 1060.
(7)
الاستغناء 1/ 529.
(8)
الاستغناء 1/ 506.
23 -
أبو الحجاج الثقفي
(1)
: له حديث عن النبي، مرسل أنه قال: مر رجل من قومي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث. وروى عنه حصين بن عبد الرحمن.
24 -
أبو خشينة الثقفي
(2)
حاجب بن عمر: روى عن الحكم بن الأعرج. روى عنه يحيى بن سعيد القطان وغيره. هو أخو عيسى بن عمر (القارئ) ذكره الأثرم عن أحمد بن حنبل قال أبو خشينة حاجب بن عمر ثقة وخاله أبو معين.
25 -
أبو رباح بن أبي الحكم بن حبيب الثقفي
(3)
: روى عنه عمر بن ذر.
26 -
أبو سفيان بن سعد الأخنس بن شريف الثقفي
(4)
: ابن أخت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: روى عن خالته أم حبيبة. روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
27 -
أبو عصام الثقفي
(5)
: محمد بن أبي أيوب: روى عن الشعبي وعبد الله بن معقل وغيرهما. وروى عنه ابن عيينة وغيره. وقال عنه أحمد بن حنبل شيخ ثقة.
28 -
أبو عقيل الثقفي
(6)
: اسمه عبد الله بن عقيل كوفي ثقة. روى عن مجاهد وغيره. وروى عنه أبو النضر هاشم.
29 -
أبو عوف الثقفي
(7)
: محمد بن عبيد الله بن سعيد الأعور الثقفي سمع جابر بن سمرة وغيره. روى عنه الأعمش أجمعوا أنه ثقة.
(1)
الاستغناء 2/ 1138.
(2)
الاستغناء 1/ 598.
(3)
الاستغناء 2/ 1188.
(4)
الاستغناء 3/ 1565.
(5)
الاستغناء 2/ 826.
(6)
الاستغناء 2/ 823.
(7)
الاستغناء 2/ 823.
30 -
مسلم بن أبي بكرة بن الحارث الثقفي
(1)
: بَصْري صدوق.
31 -
مطلب بن زياد بن أبي زهير الثقفي
(2)
: صدوق ربما وَهَمَ.
32 -
صفية بنت أبي عبيد الثقفية
(3)
: هي زوج ابن عمر قيل لها إدراك وأنكره الدارقطني. وقال العجلي ثقة.
33 -
كيسة بنت أبي بكرة الثقفية
(4)
: وأبو بكرة هذا نفيع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. روت عن أبي بكرة. روى عنها بكار بن عبد العزيز.
34 -
سارة بنت مقسم الثقفية
(5)
: راوية للحديثِ روت عن ميمونة بنت كردم عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى عنهما ابن اخاتها عبد الله.
35 -
أم عمرو بنت حسان بن زيد الثقفي
(6)
: محدثة. حدثت عن أبيها وزوجها سعيد بن يحيى بن قيس. وروى عنها أبو إبراهيم الترجماني وأحمد بن حنبل وغيرهما.
36 -
الحافظ الثقفي الأصبهاني - عالم محدث راوية - صاحب الأجزاء الثقفيات العشرة - وهو أبو عبد الله القاسم بن فضل الثقفي الأصبهاني - نقل عنه الوادي آشي التونسي - توفي 749 هـ على الشيخ برهان الدين الطبري أمام الكعبة وذكر ذلك في كتابه
(7)
.
37 -
ابن بشران البغدادي الثقفي. أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل البغدادي - محدث راوية - سمع عنه الوادي آشي توفي 749 هـ
(1)
الاستغناء 2/ 727.
(2)
الاستغناء 2/ 1078.
(3)
الاستغناء 2/ 1073.
(4)
الاستغناء 1/ 477 وأعلام النساء 4/ 269.
(5)
الاستغناء 2/ 1202 وأعلام النساء 2/ 141.
(6)
أعلام النساء 3/ 343.
(7)
برنامج ابن جابر الوادي آشي 2/ 240.
الجزء الأول والثاني من أماليه رواية الرئيس أبي عبد الله القاسم الثقفي وذكر ذلك بكتابه
(1)
.
(و) الشعراء والأدباء والبلغاء من ثقيف:
1 -
غيلان بن سلمة الثقفي
(2)
.
2 -
أبو محجن الثقفي عمرو بن حبيب
(3)
.
3 -
وهب بن أمية بن أبي الصلب
(4)
.
4 -
عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاص - العرجي
(5)
: الشاعر الثقفي المعروف، كان يسكن العرج، شاعر غزل، سجنه محمد بن هشام بن إسماعيل والي مكة في ولاية هشام بن عبد الملك حتى مات.
5 -
أمية بن أبي الصلت - عبد الله بن أبي ربيعة
(6)
أمه قرشية وهي رقية بنت عبد شمس بن عبد مناف كان من أشعر العرب وله قصيدة مطلعها:
قومي ثقيفٌ إن سألتَ وأُسرتِي
…
وبهم أدافعُ ركنَ من عاداني
ويقول فيها:
قوم إذا أنزل الغريب بأرضهم
…
ردوه رب صواهل وقيان
لا ينكتون الأرض عند سؤالهم
…
لتلمسِ العلات بالعيدان
وطمع في النبوة ونظر في الكتب وقرأها ولبس المسدم تعبدًا وحَرَّمَ الخمرة وشك في الأوثان وكان يرجو أن يكون النبي الذي سيبعث في العرب. مات ولم يسلم.
(1)
المصدر السابق 2/ 241.
(2)
انظر الأعلام من الرواة في هذا الباب من الكتاب.
(3)
انظر الأعلام من الرواة في هذا الباب من الكتاب.
(4)
انظر - وفد ثقيف في هذا الباب من الكتاب.
(5)
الارتسامات 222.
(6)
الارتسامات 222.
6 -
طريح بن إسماعيل الثقفي
(1)
شاعر فحل انقطع إلى الوليد بن عبد الملك الذي كان يمت له بقرابة لأن أم الولي ثقفية، ومات زمن المهدي في خلافة بني العباس. شاعر مكثر.
7 -
أبو الأسود بن مسعود
(2)
: شاعر وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ومدحه بابيات.
8 -
خفاف بن نصيلة بن عمرو بن بهدلة الثقفي
(3)
: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وأنشده قصيدة.
9 -
عمرو بن شبيل من ولد عتاب بن مالك الثقفي
(4)
: شهد بيعة الرضوان وهو شاعر مخضرم.
10 -
القاسم بن أمية الثقفي
(5)
: شاعر أدرك مقتل عثمان رضي الله عنه ورثاه -.
11 -
مالك بن عمرو
(6)
: من شعراء ثقيف وخطبائها، وجهه أبو بكر بعد الردة إلى مسيلمة الكذاب رسولًا فخطب عنده خطبة بلغية ودعاه للرجوع إلى الإسلام فغضب منه وهم بقتله.
12 -
نمير بن أبي نمير
(7)
: كان يشبب بزينب أخت الحجاج بن يوسف.
13 -
يزيد بن ضبة الثقفي: يقال إنه نظم ألف قصيدة
(8)
فاقتبسها شعراء العرب وانتحلتها فدخلت في أشعارها. شاعر مكثر.
14 -
أبو الصلت بن أبي ربيعة
(9)
: أديب وله شعر.
(1)
الارتسامات 225.
(2)
ما رأيت وما سمعت 107.
(3)
ما رأيت وما سمعت 108.
(4)
ما رأيت وما سمعت 110.
(5)
ما رأيت وما سمعت 111.
(6)
ما رأيت وما سمعت 111.
(7)
انظر محمد بن عبد الله النميري في الرقم (15) من هذا التسلسل.
(8)
الأغاني 7/ 103.
(9)
طبقات فحول الشعراء 1/ 259، وانظر نفحة الريحانة 3/ 4545.
15 -
محمد بن عبد الله النميري
(1)
: شاعر غزلي مكثر، عاش زمن بني أمية. وشبب بزينب أخت الحجاج ويقال هو نفسه نمير بن أبي نمير.
16 -
يزيد بن الحكم
(2)
شاعر غزلي مكثر، عاش زمن بني أمية.
17 -
مرداس بن عمرو الثقفي
(3)
.
18 -
ربيعة بن أمية الثقفي
(4)
.
19 -
كِنانة بن عبد ياليل
(5)
: نظم قصيدة رد فيها على كعب بن مالك في القصيدة التي قالها أيام غزو الطائف. وهو شاعر جاهلي كان رئيس ثقيف في أيامه، أدرك الإسلام ولم يسلم. توفى نحو 15 هـ.
20 -
الأجرد الثقفي: عاش في عصر بني أمية
(6)
.
21 -
ابن أراكة الثقفي: شاعر عاش في عصر بني أمية
(7)
.
22 -
عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفي
(8)
شاعر خمريات عاش في العصر الأموي.
23 -
عنترة بن عروى الثقفي
(9)
: شاعر هجاء عاش في عصر بني أمية.
24 -
الحجاج بن يوسف الثقفي
(10)
: شاعر مقل.
25 -
المغيرة بن شعبة
(11)
: شاعر ولكنه مقل.
26 -
مسلم بن عبد الله بن سفيان - الأجرد الثقفي
(12)
.
(1)
الأغاني 4/ 122.
(2)
الأغاني 12/ 288.
(3)
معجم البلدان - طائف.
(4)
الأغاني 5/ 121.
(5)
الإصابة 3/ 305، والأعلام 6/ 94. وطبقات فحول الشعراء 2/ 260. وانظر القادة من هذا الباب.
(6)
الشعر والشعراء 738.
(7)
الفاضل للمبرد 65.
(8)
العقد الفريد 7/ 118.
(9)
المؤتلف والمختلف 226.
(10)
انظر القادة من هذا الباب.
(11)
انظر الأعلام من الرواة من هذا الباب.
(12)
الشعر والشعراء 495.
27 -
المختار الثقفي
(1)
: شاعر.
28 -
دومة أم المختار الثقفي
(2)
: من ربات الفصاحة والبلاغة والرأي والعقل. مر بها أبو محجن لما قتل حول المختار بن أبي عبيد الثقفي من أهل بيته خمسون رجلًا وانهزم الناس فقال: يا دومة ارتدي خلفي. قالت: والله لأن يأخذني هؤلاء أحب إلي من أن أُرى خلفك.
29 -
ابن أم الحكم - عبد الرحمن بن عبد الله بن عقيل الثقفي
(3)
أبو مطرف شاعر مقل.
30 -
عفيف الدين بن عبد الله بن حسين الثقفي
(4)
- من أهل الطائف أديب كثير اللطائف - قناة المجد جرى إلى أماد الفتوة فبلغها بالجِدِّ والجَدّ.
31 -
عمرو بن محمد بن سليمان بن بانة الثقفي
(5)
.
32 -
القاسم بن عمرو بن محمد بن الحكم الثقفي
(6)
. له شعر وكان واليًا على اليمن وفي ثورة الأباضية قال:
ألا ليت شعري هل أدوسن بالقنا
…
تبالة أو نجران قبل مماتي
(ز) نساء مشهورات من ثقيف:
1 -
بادية بنت غيلان
(7)
: أسلمت مع أبيها ورأت الرسول صلى الله عليه وسلم وروت أحاديث عنه وعن عائشة رضي الله عنها.
2 -
رقية الثقفية
(8)
: أسلمت حين خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى الطائف المرة الأولى وكتمت إسلامها حتى ماتت قبل فتح الطائف.
(1)
انظر القادة من هذا الباب.
(2)
أعلام النساء 1/ 421.
(3)
الأعلام 3/ 312.
(4)
نفحة الريحانة 4/ 141، 144.
(5)
المصدر السابق 4/ 530.
(6)
الأعلام - قاسم - وانظر القادة من هذا الباب.
(7)
ما رأيت وما سمعت 113.
(8)
ما رأيت وما سمعت 113.
3 -
زينب بنت أبي معاوية بن عتاب الثقفي
(1)
: امرأة عبد الله بن مسعود الثقفي روت بضعة أحاديث وروى عنها غير واحد.
4 -
الفارعة بنت أبي الصلت
(2)
: أخت أمية بن أبي الصلت. قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح الطائف وكانت ذات لب وعفاف وجمال وكان يعجبه أدبها ويستنشدها شعر أخيها فتنشده.
5 -
ميمونة بنت كردم
(3)
: لها سمعة حسنة - رأت النبي صلى الله عليه وسلم وسمعت منه وروت عنه.
6 -
دومة أم المختار
(4)
: فصيحة بليغة لها قصة مع أبي محجن الثقفي.
7 -
صفية بنت أبي عبيد الثقفية
(5)
زوج ابن عمر. راوية.
8 -
كيسة بنت أبي بكرة الثقفية
(6)
راوية.
9 -
سارة بنت مقسم الثقفية
(7)
راوية.
10 -
أم عمرو بنت حسان الثقفية
(8)
محدثة.
(ح) من رجال ثقيف في الأندلس حتى سقوط الدولة الأموية:
ذكر صاحب كتاب (القبائل العربية في الأندلس حتى سقوط الدولة الأموية
(9)
(91 - 422 هـ - 710 - 1031 م) عددًا كبيرًا من رجال ثقيف الذين كان لهم دور فعال نأخذ منهم:
(1)
ما رأيت وما سمعت 113.
(2)
ما رأيت وما سمعت 113.
(3)
ما رأيت وما سمعت 113.
(4)
انظر الشعراء من هذا الباب.
(5)
انظر العلماء من ثقيف من هذا الباب.
(6)
انظر العلماء من ثقيف من هذا الباب.
(7)
انظر العلماء من ثقيف من هذا الباب.
(8)
انظر العلماء من ثقيف من هذا الباب.
(9)
القبائل العربية في الأندلس - 440.
1 -
تمام بن علقمة الثقفي ثالث مناصري عبد الرحمن الداخل وهو الذي عبر البحر إليه وبشره باستحكام أمره وهو أول من تولى حجابته.
2 -
عاصم بن مسلم الثقفي .. من كبار أنصار عبد الرحمن الداخل وأول من خاض النهر وهو عريان يوم الوقعة بقرطبة.
3 -
عمران بن مسلم الثقفي .. شقيق عاصم انضم إلى عبد الرحمن الداخل.
4 -
عيسى بن عاصم بن مسلم الثقفي. عالم فقيه من أهل قرطبة توفي 258 هـ.
5 -
إبراهيم بن حسين بن عاصم الثقفي. عالم فقيه توفي 256 هـ.
6 -
حسين بن عاصم بن كعب الثقفي. عالم فقيه توفي 263 هـ.
7 -
عبد الله بن محمد بن إبراهيم الثقفي. عالم فقيه توفي 301 هـ.
8 -
العباس بن قرعوس الثقفي من أهل قرطبة تولى خطة السوق، وكان حازمًا صارمًا حتى استفتى ابنه قرعوس بن العباس بن قرعوس الثقفي مالكًا عن الضرب من صاحب السوق إذا كان أبوه يضرب الناس فقال مالك: إن كان فعل هذا غضبًا لله وذبًا عن محارمه فأرجو أن يكون خفيفًا.
(المراجع)
تاريخ العبر - ابن خلدون
نهاية الأرب - القلقشندي
تاريخ الأمم والملوك - الطبري
مسالك الأبصار - ابن فضل الله العمري
معجم قبائل الحجاز - البلادي
معجم قبائل المملكة العربية السعودية - حمد الجاسر
جمهرة أنساب الأسر المتحضرة - حمد الجاسر
معجم ما استعجم - البكري
معجم قبائل العرب القديمة والحديثة - رضا كحالة
مجلة العرب - حمد الجاسر
صبح الأعشى - القلقشندي
السيرة النبوية - ابن هشام المعافري
جمهرة النسب - ابن الكلبي
الأنساب - السمعاني
لب الألباب في تحرير الأنساب - السيوطي
نسب عدنان وقحطان - المبرّد
أنساب الأسر والقبائل في الكويت - د/ أحمد المزيني
تاريخ نجد في عصور العامية - أبو عبد الرحمن الظاهري
هُذَيْل في جاهليتها وإسلامها - د. عبد الجواد الطيب
فجر الإسلام - أحمد أمين
الخطط - المقريزي
مروج الذهب - المسعودي
المؤتلف والمختلف - الآمدي
الكامل - ابن الأثير
فتوح البلدان - البلازري
العقد الفريد - ابن عبد ربه
البيان والتبيين - الجاحظ
وفيات الأعيان - لابن خلكان
قبائل بئر السبع - عارف العارف
الكامل في التاريخ - لابن الجوزي
نسب معد واليمن الكبير - ابن الكلبي
بلادنا فلسطين - مراد الصبّاغ
مسائل من تاريخ الجزيرة - أبو عبد الرحمن الظاهري
معلمة التراث الأردني - روكسى بن زائد العزيزي
رحلة في بلاد نجد - الليدي آن بلانت
الجوف "وادي النفاخ" - عبد الرحمن السديري
الإبل - سليمان الأفنس الشراري
المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام - د. جواد علي
شمال غرب الجزيرة - حمد الجاسر
تاريخ اليمامة - عبد الله الخميس
شعراء الجبل العاميين - عبد الرحمن السويداء
تاريخ الجبرتي - الجبرتي
رحلات في بلاد العرب - البلادي
تاريخ مكة - السباعي
تاريخ نجد - ابن بشر
التعليقات والنوادر - أبو علي الهجري
النفعة من قبائل عتيبة - تركي القدَّاح
النفيعات بين الماضي والحاضر - مجدي العدوي
مزينة - للحصني المزيني
عشيرة الأساعدة من قبيلة عتيبة - مثيب محمد الأسعدي
الشرارات مَنْ هم - روكس بن زائد العزيزي
الشرارات (بنو كلب) - النواق الشراري
ثقيف - حياتها وفنونها - حماد السالمي الثقفي
العوازم - عبد الرحمن العُبيّد
سبائك الذهب - السويدي
عشائر الشام - وصفي زكريا
تاربخ شرق الأردن - فردريك ج. بك
جمهرة أنساب العرب - ابن حزم الأندلسي
الأغاني - للأصبهاني
الأعلام - الزركلي
كنز الأنساب ومجمع الآداب - حمد الحقيل
صفة جزيرة العرب - للهمداني
المقتضب - ياقوت الحموي
الإفادات - التويجري
الفاضل - المبرّد
الطبقات - ابن سعد
أعلام النساء - رضا كحالة
المغازي - الواقدي
اللسان - ابن منظور
بلاد العرب - الأصبهاني
صحيح الأخبار - ابن بليهيد
الروض الأنف - السهيلي
معجم أسماء العرب - للسلطان قابوس
دولة الإسلام - الذهبي
الإكمال - ابن ماكولا
مجلة الكويت - عبد العزيز الرشيد
صور من شمال الجزيرة - أوغست فالين
سكان الكويت - د. محمد الفيل
تاريخ الفيوم - النابلسي
تحفة المستفيد - لابن عبد القادر
البيوتات الحاكمة - لأبي عبد الرحمن الظاهري
الخليج العربي - د. جمال زكريا
ديوان السلطانين - تحقيق محمد العقيلي
ديوان السلطان الخطاب - لإسماعيل قربان
الموسوعة الإسلامية - المستر و. ئي فلقن
قلائد الجمان - القلقشندي
وصف مصر - أميديه جوبير
البيان والأعراب - المقريزي
نهاية الأرب - النويري
القاموس - الفيروز أبادي
جمهرة أنساب العرب - ابن حزم
مجمع الأمثال - الميداني
العمدة - ابن رشيق
شرح المواهب - الزرقاني
أيام العرب في الجاهلية والإسلام - البجاوي
الدرر الكامنة - ابن حجر
الاستيعاب - ابن عبد البر
الحماسة - البحتري
معجم الألفاظ الكويتية - البغدادي
إتحاف الوراء - نجم عمر بن فهد
اصدق البنود - الزامل
تاريخ الكويت - عبد العزيز الرشيد
الموسوعة الكويتية - حمد السعيدان
الأسر الحاكمة في الأحساء - عبد الرحمن الظاهري
تحفة المشتاق - ابن بسَّام
قلب جزيرة العرب - فؤاد حمزة
ملحق تاريخ نجد - الألوسي
عربي الصحراء - ديكسون
جزيرة العرب في القرن العشرين - حافظ وهبه
البدو (بالألمانية) - أوبنهايم
الكويت وجيرانها - ديكسون
الأف سنة غامضة في تاريخ نجد - ابن السويداء
سمط النجوم العوالي - العصامي
معجم القبائل والحكومات - القثامي
الخليج وبلدانه - مايلز
الرحلة اليمانية - الشريف البركاتي
منهاج الطلب في مشاهير قبائل العرب - محمد عثمان القاضي
الهِجَر في عصر الملك عبد العزيز آل سعود - د. مُوضي بنت منصور آل سعود
قبائل الطائف وأشراف الحجاز - الشريف محمد بن منصور
المعجم الجغرافي للمملكة العربية السعودية - حمد الجاسر
الرحلة الحجازية - البتانوني
ديوان الشاعر سلكم الدوّاي - سالم بن تويم الدوّاي
رحلة الدرعي المغربي في القرن الثالث هجري - تحقيق حمد الجاسر
تاج العروس - الزبيدي
الاشتقاق - ابن دريّد
تاريخ سيناء - نعوم شقير
قبائل العرب في مصر - أحمد لطفي السيد
الجامع الصحيح - للإمام مسلم
(تم بحمد الله)