المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وتضم إنجلترا الآن 81 مدرسة يهودية، بين حضانة وابتدائية وثانوية، - موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية - جـ ٩

[عبد الوهاب المسيري]

فهرس الكتاب

وتضم إنجلترا الآن 81 مدرسة يهودية، بين حضانة وابتدائية وثانوية، و6 معاهد دينية عليا، ومعاهد حاخامية من أهمها كلية اليهود. كما أن بعض الجامعات الإنجليزية تُقدِّم برامج في الدراسات اليهودية. ويُقدِّم معهد سبيرو للتاريخ والثقافة اليهودية، الذي تأسس عام 1978، فصولاً في التاريخ اليهودي داخل المدارس الثانوية الحكومية والخاصة، كما يُقدِّم برامج دراسية للكبار فيما يُسمَّى «التاريخ اليهودي» و «الثقافة اليهودية» .

التربية والتعليم عند الجماعات اليهودية في أوربا الشرقية منذ الحرب العالمية الأولى حتى الوقت الحاضر

Education of the Jewish Communities in Eastern Europe from the First World War to the Present

أخذ نمط تحديث تربية وتعليم الجماعات اليهودية في أوربا الشرقية شكلاً مغايراً. فقد زاد تعثُّر عملية التحديث في نهاية القرن التاسع عشر وما صاحب ذلك من قمع واضطهاد لجميع الأقليات ومن بينهم أعضاء الجماعات اليهودية، وكذلك توقف الحراك الاجتماعي وإغلاق أبواب المؤسسات التعليمية الحكومية أمام الشباب اليهودي في إطار قوانين مايو 1882، من اغتراب أعضاء الجماعات اليهودية وأدَّى إلى انخراطهم في الحركات الثورية والعمالية اليهودية (حزب البوند) والصهيونية. وقامت هذه الحركات بإقامة سلسلة من المؤسسات التعليمية اليهودية الخاصة بها والتي عكست أيديولوجيتها السياسية، واتَّسمت هذه المؤسسات بتوجهها العلماني الإثني ـ اليديشي أو الصهيوني. وبقيام الثورة البلشفية تغيَّرت الأوضاع بالنسبة للجماعات اليهودية في الاتحاد السوفيتي (سابقاً) ، أما في بولندا وشرق أوربا، فقد اتخذ تَطوُّر تعليم الجماعات اليهودية شكلاً مغايراً.

1 ـ الاتحاد السوفيتي (سابقاً (

ص: 1

اتجهت الحكومة السوفيتية في بادئ الأمر إلى الاعتراف باللغة اليديشية كلغة قومية للأقليات اليهودية في الاتحاد السوفيتي، كما اتجهت إلى إقامة شبكة من المدارس اليديشية في إطار توجهها العام نحو تأكيد الثقافة اليديشية للجماعة اليهودية. وأدَّى هذا إلى زيادة نسبة الطلاب اليهود الملتحقين بالمدارس اليديشية إلى إجمالي الطلاب اليهود من 22% عام 1922 إلى 29،5% عام 1930، ثم إلى 64% عام 1932. إلا أن أعداد اليهود بدأت تنخفض بشكل تدريجي بعد هذا العام، بسبب تزايد التحاقهم بالمدارس والمؤسسات التعليمية الروسية. وكان عدد الطلاب اليهود في المدارس الثانوية والجامعات الروسية في العام الدراسي 1926/1927 نحو 23699 طالباً يشكلون 15و4% من إجمالي الطلاب، ووصل عددهم إلى 60 ألفاً عام 1935 أو 10% من إجمالي الطلاب.

وقد اختفت المدارس اليديشية تماماً مع نهاية الثلاثينيات، وزاد التحاق الطلبة اليهود بالمدارس الحكومية في الفترة التالية حتى الثمانينيات. وظل الاتحاد السوفيتي لا يضم أية مدارس أو مؤسسات تعليمية خاصة للجماعات اليهودية، إلا أنه، مع سياسة البريسترويكا، تم افتتاح مدارس جديدة في الاتحاد السوفيتي من أهمها مدرسة تلمودية عليا يشرف عليها واحد من أهم علماء التلمود الإسرائيليين. ومع سقوط الاتحاد السوفيتي وهجرة أعداد كبيرة من أعضاء الجماعات اليهودية من روسيا وأوكرانيا وغيرهما من الجمهوريات (من المراحل العمرية التي تلتحق بالمؤسسات) من المتوقع أن تتغيَّر صورة تعليم أعضاء الجماعات اليهودية.

2 ـ بولندا:

ص: 2

تعمقت في بولندا عزلة الجماعة اليهودية وغربتها بعد قيام الحرب العالمية الأولى. فمن ناحية، كانت البنية الثقافية والحضارية للمجتمع البولندي تلفظ اليهود وترفض دمجهم نظراً لميراثهم التاريخي المرتبط بطبقة النبلاء (شلاختا) وبنظام الأرندا (استئجار عوائد القرى والضياع) وهو في جوهره تراث معاد لمصالح بولندا القومية. ومن ناحية أخرى، تدهورت الأوضاع الاقتصادية للجماعة اليهودية مع اضطلاع الدولة البولندية الجديدة وطبقة التجار البولنديين الصاعدة بالوظائف الوسيطة التقليدية لليهود. وقد تأسست شبكة من المدارس اليهودية على أيدي الحركات الثورية والعمالية اليهودية والصهيونية تعبيراً عن هذه العزلة وهذا الانفصال المتزايدين.

وكان للحركة الصهيونية شبكة من المدارس تُعرَف باسم «تاربوت Tarbut» تضم مدارس حضانة وابتدائية وثانوية، ومدارس مسائية، ومدرسة زراعية للتدريب على الاستيطان في فلسطين. وزادت هذه المدارس من 15 مدرسة عام 1918 تضم 2575 طالباً إلى 3000 مدرسة عام 1938 يدرس فيها 40 ألف طالب.

كما كانت هناك شبكة من المدارس تشرف عليها المنظمة المركزية للمدارس اليديشية (زيشو) . وكانت هذه المدارس تحت رعاية حزب البوند والحركات العمالية اليهودية الأخرى، وبالتالي اتسمت مناهجها باتجاهها الاشتراكي العلماني القوي وبالاهتمام بالثقافة اليديشية. وضمت هذه الشبكة، التي كانت لغة التدريس فيها اليديشية، مدارس حضانة وابتدائية وثانوية ومدارس مسائية وصل عددها في عام 1934/1935 إلى 169 مدرسة يحضرها 15486 طالباً. وأقامت زيشو أيضاً معهدين عاليين لتدريب المعلمين.

ص: 3

كما كانت توجد شبكة مدارس «شول كولت» وهي اختصار لعبارة يديشية تعني «رابطة المدارس والثقافة» التي انشق مؤسسوها عن حزب عمال صهيون اليميني نظراً لموقفهم بشأن ضرورة تدريس اللغة العبرية إلى جانب اللغة اليديشية. إلا أن هذه الشبكة لم تنتشر بشكل كبير في بولندا، حيث وصل عدد المدارس التابعة لها عام 1934 ـ 1935 إلى نحو 16 مدرسة حضانة وابتدائية وثانوية ومسائية تضم 3432 طالباً.

كما كانت هناك شبكتان من المدارس الدينية، الأولى شبكة مدارس يفنه تحت رعاية حزب مزراحي الصهيوني الديني. وكانت مدارسها خليطاً من المدرسة الدينية التقليدية والمدرسة الحديثة. وضمت هذه الشبكة مدارس حضانة وابتدائية وثانوية في أغلبها تكميلية، وكانت العبرية لغة التدريس فيها. ووصل عدد الطلاب في هذه المدارس عام 1936 إلى نحو 56 ألف طالب.

أما الشبكة الثانية، فكانت شبكة مدارس حوريف التابعة للمؤسسة الدينية الأرثوذكسية، وتضم المدارس الدينية الأولية (حيدر) والمدارس التلمودية العليا (يشيفا) ، وكانت لغة التدريس فيها اليديشية. وبلغ عدد هذه المدارس في أواسط الثلاثينيات 350 مدرسة تضم 47 ألف طالب. كما كانت هناك أيضاً شبكة من المدارس المخصَّصة للبنات تحت رعاية المؤسسة الدينية الأرثوذكسية هي مدارس بيت يعقوب بلغ عددها عام 1938 نحو 230 مدرسة تضم 27 ألف طالبة. كما كانت توجد مدارس دينية تقليدية خاصة غير خاضعة لإشراف أيٍّ من الشبكات سالفة الذكر كانت تضم 40 ألف طالب. وكان لشبكات المدارس مؤسساتها الخاصة لتدريب الحاخامات والمعلمين للتعليم في المدارس الدينية. كما كانت هناك مدرسة حكومية في وارسو تخدم هذا الغرض أيضاً.

ص: 4

وكان لتردي أوضاع اليهود في تلك الفترة واستبعادهم من قطاعات اقتصادية عديدة، أبعد الأثر في تزايد الإقبال على المدارس التجارية اليهودية التي ضمت عام 1934 نحو 5000 طالب. كما تأسس عام 1925 في فلنا معهد ييفو لدراسة التاريخ واللغة والثقافة اليديشية. وأنشأ المعهد فروعاً له فيما بعد في الولايات المتحدة والأرجنتين، وانتقل مجلس إدارته إلى نيويورك بعد الحرب العالمية الثانية.

ووصل حجم الطلبة المسجلين في المدارس اليهودية في بولندا إبَّان الحرب العالمية الثانية إلى أكثر من 200 ألف طالب أو 38.8% من إجمالي الطلاب اليهود، 29.5% منهم مسجلون في المدارس الدينية و9.3% في المدارس اليديشية أو العبرية العلمانية. كما التحقت أعداد كبيرة من أطفال اليهود بالمدارس الحكومية حيث تلقوا تعليمهم بالبولندية. وبلغ عددهم 355.91طالباً أو 61.2% من إجمالي الطلاب اليهود، أي أن عدد الطلبة المسجلين في المدارس البولندية كان ضعف عدد المسجلين في المدارس ذات التوجه الديني والإثني (اليديشي) الخاص، مع العلم بأن مقررات هذه المدارس نفسها لم تكن كلها متوجهة هذا التوجه الخاص، بل إن العنصر الديني أو الإثني لم يكن يتجاوز أحياناً لغة التدريس ومادة أو اثنتين. وقد يكون من العوامل التي شجعت الاتجاه نحو الالتحاق بالمدارس الحكومية عدم اعتراف وزارة التعليم البولندية بشهادات المدارس الثانوية اليهودية. ومع هذا، تضاءلت أعداد الطلبة اليهود في الجامعات البولندية حيث انخفض عددهم بنسبة 35% بين عامي1923 و1936، في حين زاد حجم الطلبة من غير اليهود بنسبة 37% خلال الفترة نفسها.

ص: 5

ورغم أن هذه الأرقام تدل على أن نسبة غير قليلة من الشباب اليهودي كان يتلقى تعليماً بولندياً، وهو ما يعني تزايد استيعاب اللغة والثقافة البولندية، إلا أن ذلك لم يؤد إلى دمجهم في المجتمع البولندي مثلما حدث في أوربا الغربية في القرن التاسع عشر. وذلك بسبب ما تقدم من أن بنية المجتمع البولندي الثقافية والاقتصادية كانت تلفظ أعضاء الجماعات اليهودية وتسعى إلى طردهم لا إلى دمجهم. وقد أدَّى ذلك إلى هجرة أعداد كبيرة منهم خارج بولندا، بلغت بين عامي 1921 و1937 نحو 395.235 فرداً (وكان بين هذه العناصر عدد كبير من زعامات الحركة الصهيونية وقيادات إسرائيل) .

أما بعد الحرب العالمية الثانية، فقد تقلص حجم الطلبة اليهود من 320 ألف طالب عام 1939 إلى 25 ألفاً. وقد أُعيد فتح 34 مدرسة تضم 2874 طالباً، ولكن العام الدراسي 1948/1949 شهد تأميم جميع المدارس اليهودية فأصبحت تابعة للحكومة، وكان قد تم من قبل إلغاء اللغة اليديشية كلغة للدراسة كما أُلغي تعليم العبرية. ومع تزايد هجرة أعضاء الجماعة إلى خارج بولندا (تمت تصفيتهم بشكل نهائي في عام 1969 ولم يتبق منهم سوى بضعة آلاف) ، أغلقت المدارس التي كان لها صبغة يهودية أو شبه يهودية أبوابها. وفي عام 1986 تم تأسيس معهد دراسة تاريخ وثقافة اليهود في بولندا ويتبع جامعة كراكوف.

3 ـ بلاد شرق أوربا الأخرى:

ص: 6

ولا يختلف النمط السائد في بقية بلاد شرق أوربا بين الحربين العالميتين الأولي والثانية، عن النمط الذي ساد روسيا وبولندا. وبعد الحرب العالمية الثانية اختفت المؤسسات التعليمية الخاصة بأعضاء الجماعات اليهودية تقريباً، واختفى التعليم اليهودي من سائر بلاد أوربا الشرقية فيما عدا المجر ورومانيا حيث تمت هذه العملية بدرجة أقل. ففي المجر، تمت إعادة فتح المعهد اللاهوتي في بودابست، والذي ظل المؤسسة الوحيدة من نوعها في شرق أوربا، وقد تلقى جميع حاخامات البلاد الاشتراكية تدريبهم فيه. وتم فتح مدارس ابتدائية وثانوية، إلا أن عدد الأطفال المسجلين فيها لم يتعد قط 200 ـ 300 طفل من إجمالي تعداد الجماعة اليهودية في المجر والبالغ 80 ألفاً. وفي عام 1987، تم افتتاح أول مركز للدراسات اليهودية في الكتلة الشرقية في بودابست بالتعاون بين مؤسسة التراث اليهودي وكلية القانون في جامعة بودابست. ومع تحسُّن العلاقات بين المجر وإسرائيل، بدأت الوكالة اليهودية تنشط في المجر، خصوصاً في مجال تعليم العبرية، وقد تم إرسال مدرسين إلى بودابست لهذا الغرض. وهناك تفكير أيضاً في فتح مدرسة يوم كامل يهودية. ورغم أن الحكومة المجرية أعطت موافقتها المبدئية، إلا أن المسألة تأجلت نتيجة خلافات داخل الجماعة اليهودية ونتيجة تخوف السلطات في بودابست من أن تطالب الكنيسة الكاثوليكية بمدارس مماثلة. أما رومانيا، فلا يوجد فيها سوى بعض الفصول الدينية التقليدية يحضرها حوالي 500 طالب في 25 بلدة ومدينة.

التربية والتعليم عند يهود الشرق منذ الحرب العالمية الأولى حتى الوقت الحاضر

Education of Eastern Jewry from the First World War to the Present

ص: 7

كان لانتشار مدارس الأليانس أكبر الأثر في تحديث المدارس اليهودية التقليدية. وفي عام 1865، تأسست إحدى كبريات المدارس في بغداد، وتضمنت مناهجها الدراسات اليهودية إلى جانب دراسة اللغتين العربية والتركية. وفي عام 1947، وصل عدد مدارس الأليانس في العراق إلى عشر مدارس تضم 6000 طالب. وقد أُغلقت هذه المدارس جميعاً بعد حرب 1948 وإقامة دولة إسرائيل. كما فتحت الأليانس أول مدرسة لها في طهران عام 1898، ووصل عدد المدارس التابعة لها في إيران خمس عشرة مدرسة تضم 6200 طالب عام 1960. وشهدت المدارس اليهودية في إيران تدهوراً في أعدادها بعد أن هاجرت أعداد كبيرة من أعضاء الجماعة عقب قيام الثورة الإيرانية الإسلامية في عام 1979.

وفي مصر، بين عامي 1927 و1928، بلغ عدد الطلاب اليهود المسجلين في المدارس المصرية، حيث كانت العربية لغة الدراسة، حوالي 7168 طالباً مقابل 653 في المدارس الأجنبية التي كانت تحظى برعاية الجماعة اليهودية والأليانس. وعند قيام الدولة الصهيونية، كان ما يزيد على 90% من الطلبة اليهود مسجلين في مدارس أجنبية.

وفي بلاد المغرب العربي، بلغ عدد مدارس الإليانس عام 1939 نحو 45 مدرسة تضم 15،800طالب. ويُلاحَظ أن المستوى التعليمي لأعضاء الجماعة كان مرتفعاً بالمقارنة بسائر السكان، فكان الطلاب اليهود يشكلون عام 1930 نحو 25% من طلاب المدارس، بينما كانت نسبتهم لإجمالي السكان 2،9% فقط. وقد نشطت في تلك الفترة أيضاً المنظمة الصهيونية، فحاولت إحياء اللغة والثقافة العبرية ونشر الفكر الصهيوني بين يهود المغرب.

ص: 8

وفي تونس، كانت نسبة الطلاب اليهود المسجلين عام 1930 في المدارس الحكومية نحو 75% من مجموع الطلاب اليهود، وكان الباقون مسجلين في المدارس الخاصة التي كانت غالبيتها من مدارس الأليانس. وكان الطلاب اليهود يشكلون 15،3% من إجمالي عدد الطلاب في المدارس، في حين كانت نسبتهم لإجمالي عدد السكان 2،5%. ولكن المدارس الحكومية في تونس (قبل الاستقلال) لم تكن عربية إذ كانت مقرراتها الدراسية فرنسية، كما كان التوجه العام فرنسياً.

أما في الجزائر، فكان لاكتساب أعضاء الجماعة اليهودية الجنسية الفرنسية، ودخولهم المدارس الحكومية المخصَّصة للمستوطنين الفرنسيين، أكبر الأثر في سرعة علمنتهم واندماجهم في المجتمع الفرنسي. وقد أقام الأليانس بعض المدارس اليهودية التي وفرت لهم قدراً من التعليم الديني اليهودي. وبعد الحرب العالمية الثانية، عملت الأليانس على توسيع شبكة مدارسها بمساعدة سلطات الاحتلال الفرنسي حيث وصل عدد طلابها عام 1960 إلى 30 ألف طالب. وتلقت الأليانس دعماً من يهود أوربا والولايات المتحدة.

وقامت منظمة أوزار هاتوراه، وهي منظمة أرثوذكسية يهودية، ومنظمة جماعة لوبافيتش الحسيدية، بفتح مدارس للبنين والبنات ومدارس دينية عليا وكليات تدريب للمعلمين. وقد ساهمت الأليانس مع منظمة أوزار هاتوراه في تحديث وإصلاح التعليم الديني اليهودي التقليدي من خلال إدخال إصلاحات على مناهجه وأساليب التدريس فيه، ونجحت هذه المجهودات في زيادة عدد الدارسين في هذه المدارس في المغرب، حيث كان عدد الدارسين في مدارس الأليانس عام 1970 نحو 7800 قياساً بنحو 7100 في المدارس التقليدية المعدلة.

ص: 9

ومع إقامة دولة إسرائيل واستقلال كثير من بلاد المغرب العربي وتزايد الشعور القومي العربي، تزايد أيضاً الاهتمام في مدارس الأليانس بالمضمون القومي للمناهج وزادت مقررات اللغة العبرية والمواد اليهودية. وأقامت الأليانس مدرسة في الدار البيضاء لتدريب مدرسي اللغة العبرية، وعمل خريجوها في مدارس الأليانس في بلاد البحر الأبيض المتوسط وإيران (وفيما بعد في إسرائيل وأمريكا اللاتينية وغرب أوربا وكندا) .

أما في الهند، فمنذ خمسينيات القرن العشرين، تولى مدرسون إسرائيليون (أرسلتهم الوكالة اليهودية) عملية نشر التعليم العبري بين أعضاء الجماعة، وأسسوا شبكة واسعة لهذا الغرض. وقد لعب هؤلاء أيضاً دوراً حيوياً في تشجيع هجرة أعضاء الجماعة إلى إسرائيل. وقد هاجر معظم بني إسرائيل، إما إلى إسرائيل أو إلى إنجلترا، ولم يبق منهم في الهند سوى بضع مئات.

وفي إثيوبيا بحثت المنظمات اليهودية العديدة التي كانت ترغب في مد نشاطها بين يهود الفلاشاه عن عناصر قيادية بينهم. وقد وقع الاختيار بالفعل على بعض الأشخاص، ولكنهم لم يشكلوا قيادات سياسية حقيقية نظراً لطبيعة الجماعة اليهودية في إثيوبيا والتي اتَّسمت باللامركزية والتبعثر وعدم الوحدة. وقد نشبت خلافات عديدة بين القيادات الدينية التقليدية في القرى من ناحية والقيادات السياسية ومدرسي العبرية الذين تلقوا تعليمهم في إسرائيل من ناحية أخرى. وقد رجحت كفة القيادات السياسية في آخر الأمر، نظراً لنفوذهم ووضعهم المتميِّز بفضل الأموال التي كانوا يتلقونها من المنظمات اليهودية، وبفضل اعتراف الهيئات الأجنبية بهم وبفضل صلاتهم بالحكومة، ولذلك فقد نجحوا في استقطاب شباب الجماعة.

ص: 10

وبعد مجيء النظام الماركسي إلى الحكم عام 1974، مُنع النشاط الديني كما مُنع تعلُّم العبرية. وكانت المنظمة اليهودية الوحيدة التي سُمح لها بالعمل هي منظمة إعادة التأهيل والتدريب (أورت) التي أقامت 19 مدرسة (ضمت 2200 طالب) تقدم تعليماً مهنياً وعاماً ودينياً. ووجه بعض أعضاء الجماعة في إثيوبيا، والجماعات المؤيدة لهم، النقد لنشاط هذه المنظمة التي كانت تعمل على تحسين أوضاعهم في إثيوبيا وهو ما لم يشجع على هجرتهم إلى إسرائيل. وقد أوقف نشاط هذه المنظمة عام 1981، ولكن جميع المدارس والمعابد أُعيد فتحها مرة أخرى عام 1983 وسُمح بحرية العبادة الدينية.

وقد صُفِّيت الجماعة اليهودية تقريباً في إثيوبيا مع عملية التهجير الأخيرة التي صاحبت سقوط النظام الماركسي.

التربية والتعليم عند الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية

Education of the Jewish Communities in the U. S. A

كان لتعثر التحديث في شرق أوربا، وتزايد العنصرية في أوربا بصفة عامة، أعمق الأثر في دفع أعداد كبيرة من أعضاء الجماعات اليهودية إلى الهجرة بحثاً عن فرص للحراك الاجتماعي. وشكلت هجرتهم جزءاً من هجرة كبرى حملت ملايين البشر من أوربا إلى المجتمعات الاستيطانية، خصوصاً الولايات المتحدة، تلك الهجرة التي وصلت ذروتها في الفترة بين عامي 1881 و1914 واستمرت حتى الحرب العالمية الثانية ثم بدأت تخبو بعد ذلك.

وتأثر تعليم اليهود في الولايات المتحدة بطبيعة المجتمع الأمريكي العلماني المفتوح الذي اتسم بقدرته على استيعاب وصهر وأمركة المهاجرين، وعلى فتح مجالات وفرص انتماء ثقافي كامل أمامهم. كما تأثر نمط التعليم اليهودي الديني بنموذج التعليم البروتستانتي في الولايات المتحدة، خصوصاً مدارس الأحد والمدارس التكميلية الملحقة بالمعبد اليهودي.

ص: 11

وكان التعليم اليهودي في الولايات المتحدة هامشياً إلى حدٍّ كبير، سواء من حيث عدد الدارسين أو من حيث ساعات الدراسة. وترتب على ذلك تآكل الهوية الدينية اليهودية لتحلّ محلها هوية إثنية يهودية جديدة لا تستند إلى أي معرفة حقيقية بالديانة أو الثقافة اليهودية. وزاد ذلك بدوره من عوامل ذوبان أعضاء الجماعة اليهودية، والذين يشكلون حوالي نصف يهود العالم، في مجتمعهم الأمريكي.

1 ـ في القرن التاسع عشر:

تأسَّست أولى مدارس الأحد اليهودية عام 1838 على يدي ربيكا جراتز في فيلادلفيا، وانتشرت بشكل سريع خلال الستينيات والسبعينيات من القرن التاسع عشر. كما تأسَّست أول مدرسة يوم كامل يهودية عام 1842 في نيويورك، وانتشرت في عدة مدن أمريكية.

وبعد أن بدأت المدارس الحكومية العلمانية تحلّ محل المدارس التابعة للطوائف الدينية في خمسينيات القرن التاسع عشر، بدأت مدارس اليوم الكامل اليهودية تغلق أبوابها إلى أن اختفت تماماً عام 1870. وبالتالي، اقتصر التعليم اليهودي في تلك الفترة على مدارس الأحد والمدارس التكميلية الملحقة بالمعبد والتي تأسست في كثير من التجمعات اليهودية.

وفي مجال تعليم اليهود خلال القرن التاسع عشر، تركزت الجهود على التعليم الابتدائي ولم تشمل المرحلة الثانوية. ومع ظهور اليهودية الإصلاحية والمحافظة، كان لابد أن تتبعها مؤسسات تربوية عالية لتخريج النخبة الدينية الجديدة. فتأسست عام 1875 كلية الاتحاد العبري لتدريب الحاخامات، كما أُسِّست كلية اللاهوت اليهودية عام 1886 لتخريج الحاخامات المحافظين.

2 ـ من مطلع القرن التاسع عشر حتى الحرب العالمية الثانية:

ص: 12

استقرت صورة تعليم اليهود في الولايات المتحدة على هذا النمط إلى أن جاءت موجات هجرة يهود اليديشية من أوربا الشرقية بين عامي 1880 و1920. واتجه المهاجرون الجدد إلى إرسال أولادهم إلى المدارس الأمريكية الحكومية رغبةً منهم في الانخراط سريعاً في المجتمع الأمريكي. وساهمت مساعدات أعضاء الجماعة اليهودية بالولايات المتحدة في أمركة القادمين الجدد وتعليمهم الإنجليزية كما ساهمت في تراجع الإقبال على دراسة اللغة اليديشية أو العبرية. وقد أسسوا مدارس دينية تكميلية أُطلق عليها «حيدر» ، ورغم اختلافها عن مثيلتها في شرق أوربا إلا أن مستواها كان متدنياً. ومن هنا، كان لهذه المدارس أثر سلبي، بل وعملت على إبعاد طلابها عن العقيدة والتقاليد اليهودية.

ومع اتجاه المهاجرين الجدد إلى الاستقرار، أُسِّست مدارس تكميلية أخرى أفضل حالاً أُطلق عليها اسم «تلمود تورا» رغم اختلافها هي الأخرى عن المدارس التي كانت تُسمَّى بهذا الاسم في أوربا الشرقية حتى القرن التاسع عشر. وأُقيمت هذه المدارس بمجهودات جماعية، وكانت مفتوحة لجميع أعضاء الجماعة اليهودية بصرف النظر عن انتماءاتهم المذهبية. وتضمنت مناهج هذه المدارس دراسة اللغة العبرية والأدب المكتوب بها إلى جانب دراسة التوراة والعبادات والصلوات والاحتفالات والتاريخ. وقد جاء مدرسو هذه المدارس مُحمَّلين بالأفكار الصهيونية فاهتموا بإحياء اللغة العبرية. وتأسَّست أول مدرسة عبرية حديثة في الولايات المتحدة عام 1897 ثم انتشرت هذه المدارس في نيويورك وبعض المدن الأخرى.

ص: 13

وأُسِّست أول مدرسة تلمودية عليا (يشيفا) عام 1886. وتم دمجها عام 1915 بمدرسة عليا أخرى لتصبح كلية لاهوت واحدة ثم أصبحت فيما بعد جزءاً من جامعة يشيفا. كما شهدت هذه الفترة بداية تأسيس مدارس اليوم الكامل لتقديم تعليم علماني وديني، ووصل عددها إبَّان الحرب العالمية الأولى إلى أربع مدارس. وظهرت كذلك المدارس اليديشية العلمانية عام 1911، إلا أنها تطورت خلال العشرينيات. وقد ضمَّت المدارس اليديشية شبكة من المدارس الابتدائية والثانوية ومعاهد لتدريب المعلمين ومعسكرات تعليمية. وفي عام 1908، نجد أن 100 ألف طالب يهودي كانوا يحضرون مدارس يهودية تكميلية، منهم 37.1% في مدارس الحيدر، و26.5% في مدارس الأحد، 26.2% في التلمود تورا، و9.65% في المدارس الملحقة بالمعبد، وحوالي 0.6% فقط في مدارس اليوم الكامل.

وفي عام 1910، تأسس في نيويورك مكتب التعليم اليهودي Bureau of Jewish Education للإشراف والتنسيق بين المؤسسات التعليمية اليهودية بصرف النظر عن انتماءاتها المذهبية أو الأيديولوجية. واهتم المكتب بتوحيد المناهج الدراسية بين المدارس المختلفة وخَلْق كوادر من المعلمين الأكفاء. كما أُسِّست أول مدرسة ثانوية يهودية عام 1913. ووصل عدد هذه المدارس عام 1940 إلى 30 مدرسة. وتأسست في تلك الفترة أيضاً المعسكرات الصيفية التعليمية، ومعاهد تدريب المعلمين التي كان أولها كلية جراتز في فيلادلفيا عام 1897.

كما تأسَّست عام 1939 الجمعية الأمريكية للتعليم اليهودي American Association for Jewish Education (AAJE) من أجل دعم الجهود وتنسيقها في مجال تعليم اليهود، وأُقيمت 32 مدرسة ومكتباً للتعليم اليهودي للإشراف على شبكة المدارس اليهودية المحلية في أنحاء البلاد.

3 ـ بعد الحرب العالمية الثانية:

ص: 14

شهد نمط تعليم اليهود تحوُّلاً آخر مع تزايد أمركة المهاجرين اليهود وتزايد اندماجهم في المجتمع الأمريكي خلال الثلاثينيات، وكذلك مع تحسُّن أوضاعهم الاقتصادية وتزايد انخراطهم في الحياة الثقافية العامة. فمن ناحية، بدأت اللغة اليديشية تفقد أهميتها، وانعكس ذلك في انخفاض نسبة الطلاب المسجلين في المدارس اليديشية من إجمالي حجم طلاب المدارس اليهودية (من 5% عام 1946 و3% عام 1950 إلى أقل من 2% عام 1958) . واختفت هذه المدارس تماماً في الوقت الحاضر، بل إن اجتماعات معهد الييفو المتخصص في دراسة اليديشية أصبحت تدار الآن بالإنجليزية. ومن ناحية أخرى، تزايد الحراك الاجتماعي لأعضاء الجماعة وبدأت عملية خروجهم من الأحياء التي كانوا قد تمركزوا فيها عند وصولهم، فأخذوا ينتشرون بين الضواحي والأحياء الأرقى. لذا، نجد أن المدارس الدينية من نمط الحيدر والتلمود تورا بدأت تشهد تدهوراً حاداً. وفي المقابل، تزايد التحاق الأطفال اليهود بالمدارس التكميلية المسائية الخاضعة لإشراف المعابد التي أسسها أعضاء الجماعة في الأحياء التي استقروا فيها. وقد كان 88% من الأطفال المسجلين في المدارس اليهودية عام 1958 يحضرون مدارس تكميلية تحت رعاية المعبد، وهي إما مدارس مسائية يذهب إليها الطفل اليهودي مرتين أو خمس مرات في الأسبوع بعد الانتهاء من دراسته، أو مدارس الأحد التي يذهب إليها الطفل مرة واحدة في الأسبوع (ومن ثم سميت مدارس اليوم الواحد) .

ص: 15

وكان قد تبلوَّر أيضاً، خلال فترة الثلاثينيات، الاتجاه إلى تحديد أطر الحياة الدينية وتنظيماتها وفقاً للانتماء المذهبي سواء كان هذا الانتماء أرثوذكسياً أو محافظاً أو إصلاحياً. وبالتالي، أصبح لكل مذهب مدارسه ومؤسساته التعليمية الخاصة. وأدَّى كل ذلك إلى تفتُّت المجهودات في مجال التعليم اليهودي بعد أن كانت خاضعة لإشراف جهة مركزية محايدة. وأصبح هناك عدد كبير من المدارس الصغيرة المعزولة عن بعضها تعمل على تعميق الانتماء إلى المذهب والمعبد على حساب الانتماء إلى الجماعة اليهودية الأكبر. وهذا في حد ذاته يعكس من ناحية فيدرالية الولايات المتحدة ولا مركزيتها من ناحية أخرى.

ومع أن حجم التسجيل في المدارس اليهودية زاد خلال الأربعينيات والخمسينيات من 200 ألف تلميذ عام 1936/ 1937 إلى 266 ألفاً عام 1950 ثم إلى 553 ألفاً عام 1959 (ويرد في الإحصاءات أن 80% من الأطفال اليهود تلقوا في الفترة 1950 ـ 1960 شكلاً من أشكال التعليم اليهودي خلال المرحلة الابتدائية) ، إلا أن هذه الزيادة صاحبها انخفاض حادّ في ساعات الدراسة. فمدارس الأحد (مدارس اليوم الواحد) ، على سبيل المثال، لا تقدِّم سوى 64 ساعة دراسة سنوياً. وساعات الدراسة المحدودة هذه لا تسمح باستيعاب القدر الكافي من المواد الدينية أو الثقافية أو اللغة العبرية. كما أشارت بعض الدراسات إلى أن مدرسي المدارس التكميلية الملحقة بالمعبد غير مؤهلين بالقدر الكافي للتدريس وخصوصاً في مجال الدراسات اليهودية. كما أن الجزء الأكبر من التلاميذ يتركزون في السنوات الثلاث أو الأربع الأولى من الدراسة، أي أن الطفل اليهودي لا يتلقى في المتوسط أكثر من 3 ـ 4 سنوات من التعليم اليهودي المنتظم.

ص: 16

أما مدارس اليوم الكامل، فظلت تمثل الإطار الأمثل لتأهيل الطالب اليهودي في مجال الديانة والثقافة اليهودية. ورغم زيادة أعداد هذه المدارس من 17 مدرسة عام 1935 إلى 258 عام 1962، وزيادة نسبة التسجيل فيها من 4% عام 1958 إلى 13.4% من إجمالي طلاب المدارس اليهودية عام 1967، إلا أنها ظلت تشكل الأقلية بين المدارس اليهودية الأخرى، كما أن مقرراتها كانت مُختلَطة (دينية علمانية) . ومما يذكر أن غالبية هذه المدارس كانت تحت رعاية الحركة الأرثوذكسية، وبعضها كانت تحت رعاية الحركة المحافظة والاتجاهات اليديشية - العمالية. وخلال السبعينيات، زاد حجم التسجيل في مدارس اليوم الكامل، حيث ارتفع من 75 ألف طالب عام 1972 إلى 90.675عام 1978/1979. ووصلت نسبة المسجلين في مدارس اليوم الكامل عام 1984 إلى 28% من إجمالي الأطفال اليهود الحاصلون على نوع من أنواع التعليم اليهودي في الفئة العمرية 3 ـ 17 سنة.

وفي الفترة بين عامي 1958 و1983، زاد الالتحاق بمدارس اليوم الكامل بنسبة 145%، في حين انخفض التسجيل في المدارس التكميلية خلال الفترة نفسها بنسبة 48%. ومن أسباب هذه الزيادة نمو حجم الأسر الأرثوذكسية في الولايات المتحدة والتي تضم عدداً أكبر من الأطفال وتحرص على توفير تعليم يهودي لأولادها من خلال مدارس اليوم الكامل. ولكن ثمة سبباً آخر أكثر أهمية وهو أن أعضاء الطبقات اليهودية الوسطى التي تعيش في المدن الكبرى وجدوا أنفسهم محاطين بأعضاء الأقليات (السود والأسبان) ، الأمر الذي أدَّى إلى تدهور مستوى المدارس الحكومية وزيادة الشغب والجريمة فيها. وبالقياس إلى ذلك فإن مدارس اليوم الكامل اليهودية تقدم مستوى تعليمياً أرقى نظير تكلفة معقولة، سواء في مجال الدراسات اليهودية أو في مجال الدراسات غير اليهودية.

ص: 17

إلا أن حجم الزيادة في التسجيل في مدارس اليوم الكامل لم يعوض النقص الذي حدث في حجم التسجيل في المدارس التكميلية، وبالتالي انخفض حجم التسجيل الإجمالي في المدارس اليهودية من أكثر من نصف مليون عام 1959 إلى 372.417 فى الثمانينيات، وذلك من إجمالي تعداد أعضاء الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة البالغ 5.835.000 شخص. وتُقدَّر نسبة التسجيل في المدارس اليهودية بنحو 39 - 43% من مجموع الأطفال بين 3 و17 سنة. و36% منهم مُسجَّلون في المدارس التابعة للحركة الإصلاحية، و20% مُسجَّلون في المدارس التابعة للحركة المحافظة، و8% مُسجَّلون في مدارس مختلطة.

وأبرز مؤسسات التعليم العالي اليهودية جامعة يشيفا في نيويورك. كما تضم 350 جامعة في أنحاء الولايات المتحدة أقساماً للدرسات العبرية واليهودية. وقد تأسَّست عام 1981 منظمة خدمة التعليم اليهودي لأمريكا الشمالية Jewish Education Service of North America لتحل محل الجمعية الأمريكية للتعليم اليهودي. وهي أساساً جهة استشارية تساهم في التخطيط بعيد المدى للتعليم الخاص باليهود وفي دعم الموارد المخصصة له.

كما تُوجَد في الولايات المتحدة مؤسسات ثقافية اجتماعية وشبابية يهودية تقوم بدور تربوي وتثقيفي مثل المراكز الخاصة باليهود والحركات الشبابية، وخصوصاً الصهيونية منها. وتقوم هذه المؤسسات بمحاولة تنمية وعي الفرد بانتمائه اليهودي من خلال النشاطات الثقافية والاجتماعية ودورات تعليم العبرية والمعسكرات الصيفية. كما تقيم الحركات الإصلاحية والمحافظة والأرثوذكسية معسكرات صيفية تعليمية خاصة بها، بعضها في إسرائيل، تركز فيها على تعليم اللغة العبرية وعلى ما يُسمَّى «الثقافة اليهودية» .

التربية والتعليم عند الجماعات اليهودية في أمريكا اللاتينية

Education of the Jewish Communities in Latin America

ص: 18

كانت بلاد أمريكا اللاتينية مثلها مثل أيٍّ من مناطق الجذب الأخرى لأعضاء الجماعات اليهودية، ولكن هذه البلاد احتفظت بكاثوليكيتها التي شكلت بُعداً أساسياً في الهوية القومية لشعوبها، وبالتالي وجد أعضاء الجماعات اليهودية أنفسهم في تربة تستبعدهم وتعزلهم. وبينما عمل المجتمع الأمريكي على تذويب الفوارق بين الجماعات اليهودية التي استقرت فيه من خلال أمركتهم وتحويلهم إلى كتلة متجانسة، عملت مجتمعات أمريكا اللاتينية على تعميق هذه الفوارق وعلى تفتيت الجماعات اليهودية. فقد اتجهت كل جماعة يهودية إلى العودة إلى تراثها الثقافي والإثني اليهودي الخاص وتمسكت به. وقد عمَّق ذلك غياب مؤسسات قومية للدمج في أمريكا اللاتينية مثل المدارس الحكومية المجانية، وحتى عندما تأسَّست هذه المؤسسات فإنها كانت ذات توجُّه كاثوليكي واضح. وبالتالي، فقد اتجهت كل جماعة يهودية إلى إقامة مؤسساتها التعليمية الخاصة بها، بل زادت عليها مدارس اليوم الكامل اليهودية التي يتلقى فيها الأطفال اليهود تعليماً يهودياً عاماً بعيداً عن تأثير كاثوليكية المدارس العامة. وقد اتسمت المدارس بتوجهها الإثني القومي أو الصهيوني، بما يعكس طبيعة الهوية اليهودية لدى أعضاء الجماعات اليهودية في أمريكا اللاتينية التي اتخذت شكلاً إثنياً أكثر منه دينياً. وفي الأرجنتين، ظلت المدارس التكميلية هي النوع السائد من المدارس اليهودية حتى عام 1948. وقد ساعد على ذلك نظام المدارس الأرجنتينية الذي انقسم إلى فترتين كل منها أربع ساعات، وهو ما أتاح للأطفال اليهود فرصة الدراسة في المدارس التكميلية صباحاً أو مساءً لمدة ساعتين أو ثلاث يومياً. وقد تأسست أول مدرسة يوم كامل عام 1948 في بيونس أيرس، إلا أن زيادة البرامج الدراسية ذات التوجه الكاثوليكي الواضح في المدارس الحكومية دفع الجماعة اليهودية إلى التوسع في مدارس اليوم الكامل التي وصل عددها في أواخر السبعينيات إلى 38

ص: 19

مدرسة من إجمالي 44 مدرسة يهودية في بيونس أيرس. كما أن 84% من إجمالي الأطفال اليهود المسجلين في المدارس اليهودية يدرسون في هذا النوع من المدارس منذ بدايات الثمانينيات.

وتضم البرازيل 20 مدرسة من مدارس اليوم الكامل من إجمالي 33 مدرسة يهودية تشمل مراحل الحضانة والابتدائية والثانوية. ووصلت نسبة الطلاب المُسجَّلين في هذا النوع من المدارس في بدايات الثمانينيات إلى 98% من إجمالي الطلاب المُسجَّلين في المدارس اليهودية.

كما نجد أن نسب التسجيل في المدارس اليهودية تنخفض كلما تحركنا نحو المراحل التعليمية الأعلى، إذ تتركز غالبية التلاميذ في المراحل الابتدائية. ففي الأرجنتين مثلاً، نجد أن متوسط سنوات الدراسة في المدارس اليهودية تراوحت بين عامين وثلاثة أعوام يلتحق التلاميذ بعدها بالنظام التعليمي العام. وفي عام 1960 قُدِّرت نسبة الأطفال اليهود الذين أكملوا دراستهم حتى الصف السادس الابتدائي بحوالي 4.2% ممن بدأوا دراستهم أصلاً في الصف الأول الابتدائي. وانخفضت هذه النسبة إلى 3.5% مع بداية الثمانينيات.

ويبيِّن ذلك أن مدارس الجماعات اليهودية في هذه البلاد كانت بمنزلة أداة انتقال ساعدت المهاجرين الجدد، بميراثهم اللغوي والثقافي، على استيعاب الصدمة الحضارية وعلى التكيف داخل المجتمع الجديد. ولذا، فإن أهمية هذه المدارس تتضاءل مع تناقص عدد المهاجرين ومع تزايد معدلات الاندماج في المجتمع.

ص: 20

كما نجد أنه كلما زاد نفوذ الكنيسة الكاثوليكية في بلاد أمريكا اللاتينية، وزادت سيطرتها على المدارس، ازدهرت المدارس اليهودية وتعمقت الهوية اليهودية (اللاتينية) ، كما هو الوضع في بيرو حيث تصل نسبة التسجيل في المدارس اليهودية95% من الأطفال اليهود. أما في البلاد التي تتمتع بمعدلات علمنة عالية مثل شيلي والأرجنتين والبرازيل والتي تضم غالبية يهود أمريكا اللاتينية، فالأمر مختلف تماماً حيث نجد أن نسبة التسجيل في المدارس اليهودية في الأرجنتين مثلاً تصل إلى 16% فقط، وفي شيلي إلى 25%، وتصل إلى 6% في مدينتي ساوباولو وريو دي جانيرو بالبرازيل، ويدل هذا على تزايد علمنة أعضاء الجماعات اليهودية في هذه البلاد وعلى تزايد اندماجهم في المجتمع.

ولعل الوضع اللغوي بين أعضاء الجماعات اليهودية يبين معدلات الاندماج بين أعضاء الجماعات اليهودية في أمريكا اللاتينية بشكل جليّ، فقد اختفت اللغة اليديشية وحلت محلها اللغة الإسبانية أو البرتغالية، كما تزايد عدم الاكتراث باللغة العبرية رغم وجود مدرسين إسرائيليين في المدارس اليهودية. ففي المكسيك مثلاً، نجد أنه بينما كان 84% من الأطفال المسجلين في المدارس اليهودية عام 1955 يتلقون تعليمهم باليديشية، انخفضت هذه النسبة إلى 10% عام 1970. وفي شيلي، نجد أن 75% من الأطفال اليهود في مدينة فالبارايسو تحت سن 18 سنة ليست لديهم أية معرفة باليديشية، وترتفع هذه النسبة إلى 90% بالنسبة للأطفال الذين وُلد آباؤهم في أمريكا اللاتينية. وفي ساو باولو بالبرازيل، نجد أن 85% من اليهود يعتبرون أن البرتغالية لغتهم الأولى في حين اعتبر 15% فقط أن اليديشية لغتهم الأولى.

ص: 21

واتسمت المقررات في مدارس الجماعات اليهودية بتوجهها الإثني القومي أو الصهيوني، ولهذا تشكل دولة إسرائيل عنصراً مهماً في المقررات الدراسية باعتبارها مصدراً مهماً لهذه الإثنية. وفي الأرجنتين، نجد أن كثيراً من خريجي المعاهد اليهودية لتدريب المعلمين يقضون فترات تصل إلى عام في إسرائيل. وفي البرازيل، نجد أن نسبة كبيرة من المدرسين من الإسرائيليين، وذلك نظراً لما تعاني منه المدارس اليهودية من نقص في عدد المدرسين. كما تضم المدرسة اليهودية الرئيسية في ليما (بيرو) برنامجاً لإرسال طلابها لقضاء عدة أشهر للدراسة في إحدى كليات إسرائيل. وفي فنزويلا، نجد أن جامعة القدس هي الجهة التي تدعم النظام التعليمي اليهودي.

وفيما يتعلق بالتعليم العالي اليهودي، تأسس عام 1973 في بيونس أيرس (الأرجنتين) أول معهد حاخامي أرثوذكسي للدراسات العليا في أمريكا اللاتينية. كما تم خلال السبعينيات فتح مركز جديد للدراسات اليهودية تحت رعاية المنظمة الصهيونية وجامعة تل أبيب. وقد تخرج لأول مرة في الأرجنتين مدرسو المرحلة الثانوية في إطار مشروع تم بالتعاون بين ممثلي الجماعات اليهودية في الأرجنتين وجامعة تل أبيب والمنظمة الصهيونية العالمية. كما تضم الجامعات الوطنية في أمريكا اللاتينية، مثل جامعة ساو باولو في البرازيل والجامعة المكسيكية، برامج للدراسات اليهودية.

ص: 22

وهناك خارج إطار النظام المدرسي نشاطات تلعب دوراً تربوياً وتثقيفياً، مثل: المعسكرات الصيفية، والبرامج التعليمية للكبار، والمراكز الاجتماعية، ونشاطات المنظمات الصهيونية. كما توجد برامج إذاعية وتليفزيونية يهودية أسبوعية في البرازيل. وهناك برنامج إذاعي يهودي يومي في أورجواي. ومع تزايد معدلات العلمنة، بدأت تحلّ مؤسسات حديثة محل المؤسسات اليهودية التقليدية، النادي الرياضي الذي يجذب أعداداً كبيرة من أعضاء الجماعات اليهودية من مختلف الانتماءات الإثنية، كما يقدم برامج تعليم للكبار ومحاضرات ومعسكرات. ومثل هذه النوادي شائعة في أمريكا اللاتينية، وتتم جميع النشاطات داخلها باللغتين الإسبانية أو البرتغالية بعيداً عن الدين والسياسة.

التربية والتعليم عند الجماعات اليهودية في كندا

Education of the Jewish Communities in Canada

ص: 23

تأثرت المؤسسات التعليمية الخاصة بالجماعات اليهودية في كندا بالنظام التعليمي المحلي الذي ينقسم إلى شبكتين من المدارس؛ إحداهما بروتستانتية (أنجلو ساكسونية) والأخرى كاثوليكية (فرنسية) . ويضم هذا النظام، إلى جانب ذلك، شبكة من المدارس الحكومية العلمانية. وكان أعضاء الجماعة اليهودية قد اتجهوا في بادئ الأمر إلى إرسال أولادهم إلى المدارس البروتستانتية حيث الإنجليزية لغة التدريس. أما التعليم الديني، فكان يتم في المدارس الدينية المسائية التكميلية. ومما يُذكَر أن غالبية أعضاء الجماعة اليهودية يعتبرون أنفسهم جزءاً من المجتمع الأنجلو ساكسوني. ومع تزايد قلق الآباء بشأن تأثير النظام المدرسي المسيحي على أولادهم، أُقيمت شبكة من مدارس اليوم الكامل اليهودية (الابتدائية والثانوية) حيث يتلقى الأطفال اليهود تعليماً علمانياً وتعليماً دينياً وقومياً يهودياً بعيداً عن تأثير المدارس ذات التوجه المسيحي. ولغة التدريس في هذه المدارس هي الإنجليزية. وتغطي المقررات اللغة العبرية والأدب العبري، كما تضم بعض المواد الدينية الخاصة بالعبادات والصلوات والتقاليد اليهودية. وتلقي إسرائيل والتطورات التي تحدث فيها اهتماماً متزايداً في هذه المدارس. وتضم مدارس اليوم الكامل مدارس عبرية ومدارس دينية عليا ومدارس يديشية ومدارس علمانية عامة تُخصِّص ما بين 12 و25 ساعة أسبوعياً لدراسة المواد اليهودية. وجدير بالذكر أن كثيراً من القيادات الشبابية في المنظمات اليهودية هم من خريجي مدارس اليوم الكامل.

وفي بداية السبعينيات، كان نحو 30% من الأطفال اليهود (5 ـ 13 سنة) ، داخل التجمعات اليهودية التي تضم 25عائلة يهودية أو أكثر يدرسون في مدارس اليوم الكامل بالمقارنة بنحو 2% في عام 1933. وقد تأسست مدارس يهودية تُدرِّس باللغة الفرنسية، وذلك بعد تدفُّق حوالي 20.000 يهودي من شمال أفريقيا خلال الستينيات والسبعينيات.

ص: 24

وبالإضافة إلى مدارس اليوم الكامل، هناك المدارس التكميلية العبرية المسائية التي تقدم حوالي 4 ـ 6 ساعات من الدراسة اليهودية خلال الأسبوع، ولكن 85% من هذه المدارس ملحقة بالمعابد. وهناك مدارس الأحد، وهي في أغلبها تحت رعاية الحركة الإصلاحية إلا أن أعدادها تتجه نحو التضاؤل. كما أن هناك مدارس حضانة ومدارس إعدادية ملحقة بالمعابد، ومعاهد لتدريب المعلمين، وكليات حاخامية.

وفي الخمسينيات، كان نحو 60% من جملة الأطفال اليهود، ممن هم في سن الدراسة في كندا، يتلقون نوعاً من التعليم اليهودي. ووصلت هذه النسبة إلى 90% في المناطق الغربية من كندا، وذلك نظراً لأن هذه المناطق تضم جماعات إثنية مختلفة تعمل على الحفاظ على لغتها وهويتها الثقافية رغم السيادة النسبية للثقافة الأنجلو ساكسونية فيها.

وفي بداية السبعينيات، كان 48 ـ 60% من الأطفال اليهود في المدن الكبيرة في الفئة العمرية بين 5 و14 سنة يتلقون نوعاً من أنواع التعليم اليهودي، ووصلت هذه النسبة إلى 90% في المدن الصغيرة. إلا أن نسبة من يكملون دراستهم في المدارس اليهودية حتى المرحلة الثانوية تراوحت بين 10 و14% فقط.

ويعاني نظام التعليم التابع للجماعة اليهودية في كندا نقص المدرسين المؤهلين تأهيلاً جيداً وغياب اهتمام طلبة الجامعات بالدراسات اليهودية، وذلك إلى جانب نقص الموارد المالية اللازمة لتمويل شبكة مدارس اليوم الكامل.

وتُوجَد جهات تلعب دوراً تثقيفياً تربوياً خارج إطار المدارس، مثل المنظمات الصهيونية التي تنشط في مجال نشر اللغة العبرية وفي مجال دعم التعاون مع إسرائيل، وذلك من خلال المحاضرات وبرامج تبادل المدرسين ومعسكرات الشباب والنوادي العبرية.

التربية والتعليم عند الجماعات اليهودية في جنوب أفريقيا

Education of the Jewish Communities in South Africa

ص: 25

تَدفَّق المهاجرون من يهود اليديشية على جنوب أفريقيا في الثمانينيات القرن التاسع عشر قادمين من أوربا الشرقية، وخصوصاً من ليتوانيا. وكانوا يتَّسمون بالتمسك بعقيدتهم اليهودية وإثنيتهم اليديشية.

ونظراً لأن عدد اليهود ذوي الأصل الأوربي الغربي لم يكن كبيراً في جنوب أفريقيا، فإن الاتجاهات والأفكار الاندماجية لم تحقق انتشاراً كبيراً بين يهود اليديشية. كما أن المجتمع الذي وفد إليه هؤلاء المهاجرون هو نفسه مجتمع لا يشجع على الاندماج فيه وإنما يشجع على الفصل بين الأديان والألوان والأجناس. ولذا، نجد أن مناهج المدارس الحكومية ذات توجُّه ديني مسيحي وعنصري أبيض. وقد تبنَّى أعضاء الجماعات اليهودية هذه الصيغة، فأُسِّس مجلس للتعليم اليهودي في كل من جوهانسبرج وكيب تاون بهدف تطوير نظام خاص للتعليم اليهودي المستقل. وتم تأسيس أول مدرسة يوم كامل يهودية عام 1948.

ويقدِّم أعضاء الجماعة اليهودية في جنوب أفريقيا دعماً سخياً لشبكة مدارس اليوم الكامل التي زاد عددها من 17 مدرسة في عام 1968 تضم 5.632 طالباً، إلى 92 مدرسة تضم 13.398 طالباً أو 85% من إجمالي الطلاب في المدارس اليهودية في بداية الثمانينيات. كما كان 53% من الأولاد اليهود في الفئة العمرية 3 ـ 17 سنة مسجلين في مدارس اليوم الكامل في بدايات الثمانينيات. وبلغت نسبة الأطفال اليهود من الفئة العمرية 3 ـ 17 سنة المسجلين في جميع المدارس اليهودية 46%

وإلى جانب مدارس اليوم الكامل، هناك مدارس توفر دروساً صباحية أو مسائية للأطفال، ومدارس عبرية مسائية أرثوذكسية، ومدارس مسائية عبرية إصلاحية. كما تُوجَد في جوهانسبرج مدرسة دينية عليا أرثوذكسية وأخرى يديشية.

ص: 26

وهناك علاقة وثيقة بين جنوب أفريقيا وإسرائيل في المجال التعليمي، فمعهد تدريب مدرسي العبرية الذي تأسَّس عام 1944 يرسل خريجيه لقضاء فترة عام من الدراسة الإضافية في إسرائيل. كما أن هناك برنامجاً لإرسال طلاب مدارس اليوم الكامل الثانوية إلى إسرائيل لتَعلُّم العبرية. كذلك يُلاحَظ أن المدرسين الإسرائيليين يعوضون نقص المدرسين الذي تعاني منه مدارس الجماعة اليهودية. وتقدِّم إسرائيل منحاً دراسية سخية لطلاب جنوب أفريقيا على أمل تشجيعهم على الاستيطان فيها.

ويُلاحَظ تناقُص أعداد الطلبة من أعضاء الجماعة اليهودية في مدارس اليوم الكامل لعدة أسباب، منها تزايُد معدلات الاندماج، إذ يصنَّف اليهود باعتبارهم بيضاً. ومما يجدر ذكره هنا أن الطلبة عادةً ما يتركون مدارس الجماعة اليهودية ليلتحقوا بالمدارس الإنجليزية (لا الهولندية) ، فالتوجُّه الثقافي العام ليهود جنوب أفريقيا أنجلو ساكسوني، ولا توجد سوى قلة صغيرة تتحدث الهولندية. وقد أدَّى تزايد هجرة يهود جنوب أفريقيا إلى الولايات المتحدة وإنجلترا وإسرائيل إلى تناقص أعداد الطلبة.

يانوس كورساك (1878-1941 (

Janus Korzak

تربوي ومؤلف وأخصائي اجتماعي بولندي. وُلد لأسرة يهودية بولندية ثرية مندمجة من سكان وارسو. تلقى تعليمه ليعمل في الطب إلا أن اهتمامه بالفقراء جعله يترك مهنة الطب ويتطوع في معسكر صيفي للأطفال المحرومين.

ص: 27

أبدى كورساك اهتماماً بالأطفال وبالذات الفقراء منهم، فقدَّم في أول كتبه، أطفال الشوارع (1901) ، وصفاً للمعاناة المخيفة التي يعاني منها الأطفال الأيتام الذين لا مأوى لهم في المدن حيث يعيشون بذكائهم ويسرقون ليطعموا أنفسهم، وهم رغم هذا مازالوا قادرين على التفرقة بين الصواب والخطأ. أما كتابه الآخر طفل الصالون (1906) ، فيُعطي صورة مخالفة لطفل الطبقة الوسطى المدلل الذي تعتمد حياته على النقود. وقد أثارت كتاباته كثيراً من النقد وبالذات من جانب العناصر الرجعية.

في عام 1911، ترأس كورساك ملجأ للأطفال الأيتام اليهود في وارسو واستمر في هذه الوظيفة إلى آخر أيام حياته، باستثناء فترة الحرب العالمية الأولى حيث خدم كضابط طبيب في الجيش البولندي. اتبع كورساك طريقة حديثة في إدارة المعهد حيث منح الأطفال فرصة إصدار جريدة خاصة بهم أُطلق عليها مجلة الصغار، وظهرت هذه المجلة كملحق أسبوعي لإحدى الجرائد الصهيونية. وقد أدَّى نجاح كورساك في إدارة الملجأ إلى استعانة السلطات البولندية به لتأسيس ملجأ مشابه للأطفال غير اليهود في وارسو.

عمل كورساك أيضاً كموظف مسئول عن ملاحظة الأفراد الموضوعين تحت الاختبار من جانب القضاء، وكمحاضر في الجامعة البولندية الحرة وفي معهد تدريب المعلمين اليهود. كما عمل كمذيع في الإذاعة لموضوعات لها علاقة بالأطفال والكبار.

ونتيجةً لخدمته في مجال التربية ومعاملة الأطفال، قام كورساك بنشر بعض الأعمال التي توضح كيفية التعامل مع الطفل، مثل: كيف تحب الطفل (1920 ـ 1921) ، وحق الطفل في الاحترام (1929) . كما ألَّف بعض قصص الأطفال.

ص: 28

ولا يوجد بُعْد يهودي واضح أو كامن في كتابات كورساك، فهو تربوي بولندي حديث يتعامل مع المشكلات التربوية في بلده، وإذا كان هناك مضمون يهودي في بعض كتبه وقصصه، فإن المنظور العام فيها يظل منظوراً بولندياً لا يختلف كورساك فيه عن المثقفين البولنديين الذين تناول بعضهم الموضوع اليهودي باعتبار أن اليهود كانوا يشكلون أقلية كبيرة في بولندا. وقد قام كورساك بزيارة فلسطين مرتين: مرة عام 1934، وأخرى عام 1936. وأمضى بعض الوقت في كيبوتس عين هارود وأبدى إعجابه بالفلسفة الاجتماعية والتربوية التي قامت عليها حركة الكيبوتس، وهو في هذا لا يختلف كثيراً عن المثقفين الغربيين الذين ينزعون التجربة الصهيونية عن سياقها الاجتماعي والتاريخي الاستيطاني الإحلالي ثم يجعلونها موضع إعجابهم العميق. وقد أُرسل كورساك إلى أفران الغاز عام 1942، شأنه في هذا شأن الألوف من مثقفي بولندا ونخبتها والملايين من سكانها، حيث قرر النظام النازي القضاء عليهم لتخفيف الكثافة السكانية في المجال الحيوي لألمانيا، وتحويل الشعب البولندي إلى مادة بشرية طيعة يمكن تسخيرها في خدمة الدولة القومية المركزية في ألمانيا.

أبراهام فلكسنر (1866-1959 (

Abraham Flexner

ص: 29

عالم وتربوي أمريكي يهودي وُلد في مدينة لوي فيل بولاية كنتاكي عام 1866، والتحق بجامعة جونز هوبكنز حيث درس الأدب الإغريقي والروماني وتخرَّج فيها عام 1886، وقام بتدريس اللغة اللاتينية واليونانية من عام 1886 إلى عام 1890 في مدرسة لوي فيل الثانوية. وفي عام 1891، أسس فلكسنر مدرسة ثانوية خاصة تُعد الطالب للدراسة الجامعية أطلق عليها مدرسة «الأستاذ فلكسنر» . واتبعت هذه المدرسة الطريقة الفردية في التعليم التي حققت نجاحاً مالياً وتربوياً. إلا أنه، بعد التدريس فيها مدة خمسة عشر عاماً، تركها والتحق بجامعة هارفارد لمدة عام (1905 - 1906) ، ثم التحق بعد ذلك بجامعة برلين (1906 - 1907) حيث درس علم النفس والفلسفة والتربية. وأثناء دراسته في برلين، وقع فلكسنر تحت تأثير الفيلسوف والمربي ومؤرخ التعليم العالي الألماني فردريك بولسن.

وفي عام 1908، صدر لفلكسنر كتاب الكلية الأمريكية وهو عرض موجز ونقدي للتعليم العالي في الولايات المتحدة. ولم يؤد هذا الكتاب إلى أية إصلاحات مباشرة للتعليم العالي إلا أنه أثار اهتمام هنري س. بريشت، رئيس مؤسسة كارنجي لتحسين التعليم، الذي كلفه بإجراء دراسة على كليات الطب في الولايات المتحدة. وقام فلكسنر بإجراء مسح لجميع كليات الطب في الولايات المتحدة وكندا والبالغ عددها 154 كلية، منها سبعة في كندا قام بمسحها من حيث شروط الالتحاق ومؤهلات أعضاء التدريس (والميزانية المخصَّصة لهم) ونوعية المعامل الموجودة فيها ومدى كفايتها وعلاقة هذه الكليات بالمستشفيات. وظهرت نتيجة هذه الدراسة في تقرير عام 1910 بعنوان تعليم الطب في الولايات المتحدة وكندا. وأدَّت هذه الدراسة إلى إصلاحات جوهرية في تعليم الطب بالولايات المتحدة. وأعقب فلكسنر هذه الدراسة بدراسة تحليلية نقدية عن تعليم الطب في أوربا نُشرت بعنوان تعليم الطب في أوربا (1912) . كما صدر لفلكسنر دراسة أخرى مهمة عن البغاء في أوربا (1914) .

ص: 30

وكعضو وسكرتير للهيئة العامة للتعليم بين عامي 1912 و1928، قام فلكسنر بدراسات عن التعليم في الولايات المتحدة بالاشتراك مع ف. ب. باكمان، فصدر لهما كتاب عن التعليم العام في ولاية مريلاند (1916) ، ومدارس جاري (1918) . أما كتاب الكلية الحديثة (1927)، فحوى كثيراً من أفكار واقتراحات إصلاح التعليم الثانوي والعالي. وفي كتاب الجامعات: الأمريكية والإنجليزية والألمانية (1930)، يُوجِّه فلكسنر نقداً شديداً للاتجاه الوظيفي في مؤسسات التعليم العالي في أمريكا. أما آخر منجزاته التربوية فكان تأسيس وتنظيم المعهد العالي للدراسات العليا في برينستون. ومن مؤلفاته الأخرى: هل يُقدِّر الأمريكيون التعليم حق قدره (1927) ، وسيرة حياة هنري بريشت (1943)، ودانيل كويت جيلمان: مؤسس الجامعة ذات الطابع الأمريكي (1946) ، والاعتمادات المالية والمؤسسات (1952)، وكتاب سيرة ذاتية بعنوان أتذكر وقد أُعيد نشره بعد وفاته بعنوان أبراهام فلكسنر: سيرة حياة (1962 (.

ولا يمكن القول بأن فلكسنر صاحب نظرية تربوية أصيلة، كما أن انتماءه اليهودي لا يتبدَّى لا في سيرة حياته ولا في كتاباته النظرية ولا ممارساته العملية.

إسحق بركسون (1891-1975)

Isaac Berkson

ص: 31

تربوي أمريكي يهودي وُلد في مدينة نيويورك، وبدأ عمله في مجال التعليم كمدير للمعهد اليهودي المركزي في نيويورك عام 1917. وفيما بين عامي 1918 و1927، أشرف على مدارس وبرامج الخدمة العامة التابعة لمكتب التعليم اليهودي لمدينة نيويورك. وفي عام 1927، قام بتدريس مادة التربية في المعهد الديني اليهودي الذي أُدمج فيما بعد مع كلية الاتحاد العبري. وفي العام نفسه، تلقى دعوة للقيام بعمل مسح شامل للمدارس اليهودية في فلسطين. وبعد أن أنهى المسح، مكث هناك حتى عام 1935 كمراقب لنظام التعليم اليهودي، ثم عاد إلى الولايات المتحدة. وفي عام 1938، قام بتدريس مادة فلسفة التربية في كلية مدينة نيويورك وعُيِّن أستاذاً بها عام 1955.

ص: 32

يُعَدُّ بركسون من أتباع التربية التقدمية التي نادى بها كلٌّ من جون ديوي وكيلباتريك، إلا أن تقبُّله الفلسفة البرجماتية كان جزئياً. ويُعتبَر كتابه نظريات في الأمركة: دراسة نقدية مع الإشارة إلى الجماعة اليهودية بالذات (1920) تعليقاً مهماً على نظرية التعددية الثقافية الأمريكية. وفي كتاب المثال والجماعة (1958) ، يطرح بركسون نظرية الجماعة كوسيلة لمعالجة المشاكل الخاصة بالتعليم اليهودي. وتذهب نظريته هذه إلى القول بأن الجماعات اليهودية المختلفة في العالم تُكوِّن جماعة يسرائيل التي تملك ميراثاً من القيم الثقافية والاجتماعية والروحية الخاصة، ومن ثم فإن الفرد اليهودي إذا أراد أن تنمو وتزدهر شخصيته فعليه أن يجمع بين ولائه لميراث جماعة يسرائيل (بما في ذلك دولة إسرائيل) وبين مشاركته في المثل العالمية التي تُعتبَر ميراثاً للبشرية. ويُعَدُّ هذا تعبيراً عن وجهة النظر التي تُسمَّى مركزية الدياسبورا، وهو إيمان أعضاء الجماعات اليهودية بأن ثمة شيئاً ما مشتركاً بينهم، وأن الدولة الصهيونية لها أهمية خاصة ولكن أهميتها لا تضعها في المركز إذ تظل الجماعات اليهودية بكل تنوعها هي المركز، ومن ثم يجب الحفاظ على الهويات اليهودية المختلفة.

ولبركسون مجموعة أخرى من الأعمال تشمل مقدمة لفلسفة تربوية (1940) ، والتربية تواجه المستقبل (1943) ، والأخلاق والسياسة والتربية (1968) .

إسرائيل شيفلر (1923-)

Israel Scheffler

فيلسوف وتربوي أمريكي يهودي. وُلد في مدينة نيويورك عام 1923، وبدأ حياته المهنية في جامعة هارفارد عام 1952 ثم عُيِّن أستاذاً للتربية عام 1961.

ص: 33

يُعتبَر شيفلر أحد رواد مدرسة التحليل الفلسفي في التربية، والتي تؤكد أهمية توضيح اللغة والأفكار الأساسية والصيغ المنطقية المستخدمة في التربية أكثر مما تحاول توليف رؤية تربوية كلية من المعتقدات المتاحة. ويُعتبَر كتابه لغة التربية (1960) من الكتب الرائدة في هذا المجال، ففيه يحلل الأفكار التربوية من منظور مدى وضوحها والبراهين من منظور مدى صدقها. ومن أعماله الأخرى: الفلسفة والتربية (1958) ، وتشريح البحث (1963) ، وأحوال المعرفة (1967) ، والعلم والذاتية (1967) .

ولا يتناول شيفلر في كتاباته موضوعات يهودية، كما لا يُعَدُّ من قادة الفكر التربوي في الولايات المتحدة.

لورنس كرمين (1925-)

Lawrence Kremin

تربوي أمريكي يهودي ومَرجع في التربية التقدمية. وُلد في نيويورك، وبدأ حياته المهنية كمدرس في كلية المعلمين بجامعة كولومبيا عام 1949. واستمر في التدريس بها إلى أن عُيِّن أستاذاً عام 1957. وفي عام 1958، ترأس قسم الفلسفة والعلوم الاجتماعية فيها، وفي عام 1967، ترأس الجمعية القومية لمدرسي كليات التربية ثم اختير نائباً لرئيس الأكاديمية القومية للتربية. نال جائزة بانكروفت للتاريخ الأمريكي عن كتابه تحوُّل المدرسة: التقدمية في التربية الأمريكية 1876 ـ 1957، وهي دراسة تمت فيها متابعة حركة التربية التقدمية في الولايات المتحدة.

ولكرمين مؤلفات أخرى مهمة منها: المدرسة الأمريكية العامة: رؤية تاريخية (1951)، والجمهورية والمدرسة: هوراس مان وتربية الرجال الأحرار (1957) ، وعبقرية التربية الأمريكية (1965) .

ولا يُعَدُّ كرمين من كبار التربويين الأمريكيين أو من أهمهم، وليست له إسهامات أصيلة في حقل التربية، كما لا تتناول كتاباته التربوية موضوعات يهودية.

جامعة يشيفا

Yeshiva University

ص: 34

جامعة أمريكية يهودية في نيويورك، تأسست باندماج معهدين علميين دينيين يهوديين عام 1915 وانضمام كلية يشيفاه إليهما عام 1928. وسُمِّيت باسمها الحالي عام 1945. ويزيد عدد الطلاب فيها على ستة آلاف، وتمنح الجامعة درجات في الدراسات الجامعية والعليا. وهي تضم كلية لاهوتية ومعهداً لإعداد المدرسين، وكلية للدراسات العليا، وكلية للدراسات اليهودية العليا، وكلية تربية، وكلية خدمة اجتماعية، ومعاهد للرياضيات، ومعهداً لإعداد المنشدين، وكلية طب ملحق بها مركز نفسي ومركز للخدمات التربوية ومكتبة ضخمة. وتنشر الجامعة عدة دوريات يهودية متخصِّصة، وهي أهم مؤسسة تعليمية لليهودية الأرثوذكسية في الولايات المتحدة.

جامعة برانديز

Brandeis University

ص: 35

مؤسسة تعليمية أمريكية يهودية أسسها أعضاء الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة، وسُمِّيت باسم الزعيم الصهيوني القاضي برانديز. وتقع الجامعة في ولاية ماساشوستس، ولا يختلف تركيبها وبنيتها وأقسامها ومواد الدراسة فيها عن أية جامعة أمريكية أخرى. ويتفاوت مستوى الدراسة فيها من قسم إلى آخر، كما هو الحال مع معظم الجامعات الأمريكية. وهي جامعة مُعتَرف بها، ويوجد بها قسم للدراسات اليهودية. ويستطيع طلبة الليسانس بها أن يقضوا سنة من دراستهم في إسرائيل. ويتبع الجامعة معهد دراسات الشرق الأوسط في إسرائيل. ولا تختلف جامعة برانديز في هذا عن الجامعات الأمريكية الأخرى التي لها علاقة بإسرائيل. وتوجد في جامعة برانديز كنيسة بروتستانتية وأخرى كاثوليكية، ومعبد يهودي، وهي في هذا لا تختلف أيضاً عن عشرات الجامعات الأمريكية الأخرى. ولعل العنصر اليهودي الوحيد في هذه الجامعة أنها سُمِّيت باسم أحد مشاهير اليهود في الولايات المتحدة، وأن عدد الطلبة اليهود فيها كبير، وأن تمويلها يهودي أساساً. وبالتالي، فهي «مصدر فخر» لليهود الجدد في الولايات المتحدة إذ يعتبرونها مكاناً يمكنهم «استضافة أعضاء الديانات الأخرى فيه» (وهذه هي المصطلحات المستخدمة في أدبيات الجامعة وفي الكتيبات الصادرة عنها) . وتختلف جامعة برانديز تمام الاختلاف عن جامعة يشيفاه، إذ أن هذه الأخيرة جامعة دينية يهودية ذات هوية أرثوذكسية.

جامعة اليهودية

University of Judaism

مؤسسة تربوية يهودية في لوس أنجلوس (كاليفورنيا) ، أُسِّست عام 1947 كمدرسة معلمين وكمدرسة يستطيع فيها الكبار أن يستمروا في حقل الدراسات اليهودية، ثم أصبحت هذه المدرسة جامعة مستقلة لها مجلس أمناء خاص بها، وهي تقوم بجمع التبرعات، وتضم الآن أربع كليات تمنح درجات جامعية:

ص: 36

1 ـ لي كوليج Lee College. وهي كلية عادية تُعد طلابها لإحدى المهن، وتتضمن مناهجها دراسات في الحضارة الغربية وما يُسمَّى «التراث اليهودي» .

2 ـ مدرسة ديفيد لَيبر للدراسات العليا David Lieber School of Graduate Studies، وتمنح شهادة في إدارة الأعمال، وتُعطي بعض المقررات ذات الطبيعة اليهودية مثل «كيفية إدارة التنظيمات اليهودية» . كما تمنح الكلية أيضاً درجة الماجستير في التربية والدراسات اليهودية والأدب الحاخامي.

3 ـ مدرسة فنجرهات للتربية Fingerhat School of Education. وتُعد يهوداً تربويين محترفين للاشتراك في برامج الدراسات اليهودية ولتنظيم المقررات والبحوث اليهودية.

4 ـ مركز كليجان للوسائل التعليمية Clejan Educational Resources Center. وتوجد فيه شبكة كومبيوتر ووسائل سمعية وبصرية. وتقع الجامعة في جبال سانت مونيكا في لوس أنجلوس في الولايات المتحدة.

كلال (المركز القومي اليهودي للتعليم والقيادة)

Clal (The National Jewish Center for Learnig and Leadership)

ص: 37

«كلال» ، أي «المركز القومي اليهودي للتعليم والقيادة» ، هو مركز أمريكي يهودي أسَّسه عام 1974 كلٌّ من الحاخام إرفنج جرينبرج، وإيلي فايزل، والحاخام ستيفن شو ومقره نيويورك. واسم المركز «كلال» مأخوذ من عبارة «كلال إسرائيل» التي تعني «الجماعة اليهودية التي لا تتجزأ» . والهدف الأساسي للمركز تنمية الحوار اليهودي، ومحاولة التقريب بين التيارات والحركات العقائدية المتباينة داخل الجماعة اليهودية، سواء أكانت أرثوذكسية أو محافظة أو إصلاحية أو تجديدية، وكذلك التغلب على الاختلافات السياسية والأيديولوجية والاجتماعية التي تعمل على تفتيت أعضاء الجماعة اليهودية. ويقدم كلال عدداً من البرامج الموجَّهة للقيادات اليهودية أو العناصر التي تمتلك إمكانيات قيادية سواء من رجال الدين أو الأكاديميين أو أعضاء الجماعة المتميِّزين. وتهتم هذه البرامج بما يُسمَّى «التاريخ اليهودي» و «الثقافة اليهودية» ، وبتنمية وعي حقيقي بهما، كما تهتم بالديانة اليهودية، وبتعزيز عوامل الوحدة داخل الجماعة اليهودية وتعميق مشاعر الانتماء إليها.

وتشمل برامج كلال:

ـ برنامج شامور Shamor لتعليم القيادات اليهودية. ويتم البرنامج بالتنسيق مع الاتحادات والوكالات اليهودية. وتُقام في إطار هذا البرنامج حلقات دراسية ولقاءات أسبوعية في أكثر من خمسين تجمعاً يهودياً في الولايات المتحدة وكندا.

ـ برنامج شيفرا Chevra. وهو مخصَّص لرجال الدين من الفرق اليهودية الأربع وللأكاديميين من اليهود، وتتم فيه مناقشة ودراسة القضايا المختلفة التي تشكل عوامل انقسام وفرقة بين أعضاء الجماعة.

ـ زاكور Zachor، أو مركز أبحاث الإبادة. وهو مخصَّص لإحياء ذكرى الإبادة النازية، وقد اشترك هذا المركز في تأسيس مجلس الولايات المتحدة التذكاري للإبادة النازية.

ص: 38

ويصدر مركز كلال في مدينة نيويورك بعض الدراسات المتصلة بالأعمال الخيرية والإثنية. وفي عام 1983، اندمج هذا المركز مع معهد التجربة اليهودية.

معهد الشئون اليهودية

Institute of Jewish Affairs

معهد الدراسات اليهودية مركز بحوث متخصص في الشئون اليهودية أسسه المؤتمر اليهودي العالمي في نيويورك عام 1941، وانتقل إلى لندن عام 1966. وقد لعب المعهد دوراً مهماً في إعداد الأوراق والوثائق اللازمة لتعويض ضحايا النازية من اليهود، ولمحاكمة مجرمي الحرب من النازيين. ويرصد المعهد كل الاتجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تؤثر في الجماعات اليهودية في العالم وفي إسرائيل. وتوجد به وحدة لدراسة ظاهرة معاداة اليهود واتجاهاتها، وهي تقوم بجمع المعلومات من خلال الجماعات اليهودية في العالم. وتضم مكتبة المعهد 17.500 مجلد ومجموعة من أهم الدوريات، ويضم الأرشيف وثائق وقصاصات صحف تغطي الأعوام الثلاثين الماضية. وينظم المعهد مؤتمرات علمية وحلقات دراسية ومحاضرات، ويقوم كذلك بنشر كتب تضم وقائع هذه المؤتمرات والمحاضرات. كما ينشر المركز سلسلة من التقارير التي تتناول الموضوعات التي تهم يهود العالم.

وينشر المعهد عدة مجلات من بينها:

1 ـ باترنز أوف برجيدس (أنماط التحيز (Patterns of Prejudice.

2 ـ سوفييت جويش أفيرز (شئون اليهود السوفييت (Soviet Jewish Affairs.

3 ـ كريستيان جويش رليشنز (العلاقات اليهودية المسيحية (Christian Jewish Relations.

الأكاديمية الأمريكية للبحوث اليهودية

American Academy for Jewish Research

ص: 39

الأكاديمية الأمريكية للبحوث اليهودية منظمة من العلماء والحاخامات والمهتمين من غير المتخصصين في الشئون والدراسات اليهودية. تأسَّست عام 1920 في ولاية مريلاند بالولايات المتحدة الأمريكية. وتقوم الأكاديمية بعقد لقاءات عامة بصفة دورية لقراءة ومناقشة الأوراق العلمية، والمشاركة في المشاريع العلمية المشتركة، ولإصدار الأعمال العلمية، ولإقامة علاقات تعاون وعمل مع مجموعات أخرى ذات اهتمامات وأهداف مماثلة. وتعقد الأكاديمية اجتماعاً سنوياً آخر يقدم فيه الأعضاء نتائج أعمالهم وأبحاثهم، والتي تصدر فيما بعد في المجلة السنوية للأكاديمية بروسيدنجز Proceedings التي تأسَّست عام 1930، وتقوم الأكاديمية كذلك بتمويل إصدار بعض الطبعات ذات الرؤية النقدية للنصوص الدينية اليهودية المهمة. كما تقدم منحاً عديدة للعلماء الشبان الواعدين في حقل الدراسات اليهودية.

أهم مراكز ومعاهد البحوث والمكتبات المعنية بشئون أعضاء الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا

Leading Research Centers، Research Institutes and Libraries of the Jewish Communities in the U.S.A.، England and France

1 ـ الولايات المتحدة الأمريكية:

ـ الجمعية اليهودية الأمريكية: وتأسَّست عام 1892 في نيويورك بهدف جمع (والحفاظ على) السجلات الخاصة بالجماعة اليهودية في الولايات المتحدة ومقرها منذ عام 1968 جامعة برانديز في ولاية ماساشوستس.

ـ الأكاديمية الأمريكية للبحوث اليهودية: وتأسَّست عام 1920 في ولاية ميريلاند، وهي منظمة من المفكرين والحاخامات والمهتمين بالشئون اليهودية.

ص: 40

ـ معهد ليو بايك: منظمة مجلس يهود ألمانيا. وتأسَّست عام 1955 في القدس بغرض جمع مواد (والإشراف على) الأبحاث الخاصة بتاريخ الجماعة اليهودية في ألمانيا وغيرها من الدولة الناطقة بالألمانية. وهي تهتم بالفترة التي تبدأ بالانعتاق وتنتهي بإبادة الجماعات اليهودية في وسط أوربا، ولها أفرع في القدس ولندن ونيويورك.

ـ معهد ييفو للبحوث اليهودية. المنظمة الرئيسية في العالم التي تُجري أبحاثاً باللغة اليديشية: وتأسَّست عام 1925 وظل مقرها الرئيسي في فلنا حتى عام 1935، وانتقل فيما بعد إلى مدينة نيويورك (مقرها الرئيسي الآن) . وقد اهتمت هذه المنظمة بشكل خاص بيهود اليديشية وبجمع ودراسة تراثهم. ومع هجرتهم إلى الدول الاستيطانية، اتسع اهتمامها بدراسة مشاكل التكيف الثقافي لهم في مجتمعاتهم الجديدة. ومع تضاؤل عدد المتحدثين باليديشية في الولايات المتحدة، أصبح استخدام الإنجليزية أكثر انتشاراً في أعمال المعهد.

وهناك العديد من المكتبات اليهودية في المعاهد والكليات اليهودية، بالإضافة إلى وجود أعداد كبيرة من المجلدات اليهودية في المكتبات العامة والجامعات الأمريكية، ومن أهمها:

ـ مكتبة معهد ييفو للبحوث اليهودية، وتضم 300 ألف مجلد في الموضوعات اليهودية وأكثر من مليوني مستند أرشيفي، ومقرها نيويورك.

ـ مكتبة كلية اللاهوت اليهودية في أمريكا، وتضم 220 ألف مجلد و6 آلاف مخطوط، ومقرها نيويورك.

ـ مكتبة المعهد الديني لكلية الاتحاد العبري في سنسيناتي، ويضم 20 ألف مجلد، كما يضم قسم الموسيقى التابع له في نيويورك 50 ألف مجلد.

ـ مكتبة نيويورك العامة، وتضم 125 ألف مجلد من الكتب في الموضوعات اليهودية والعبرية.

ص: 41

ـ كما توجد أربع مكتبات يهودية مهمة في لوس أنجلوس، بالإضافة إلى مجموعة المراجع المعنية بالشئون اليهودية في جامعة كاليفورنيا (فرع لوس أنجلوس) ، والتي تضم 200 ألف مجلد. وهناك أيضاً مجموعة من الكتب والمجلدات اليهودية في جامعة هارفارد.

2 -

إنجلترا:

ـ معهد الدراسات اليهودية. وهو من أهم المعاهد المتخصِّصة في الشئون اليهودية على مستوى العالم، ومقره لندن. وهو مرتبط بالمؤتمر اليهودي العالمي، وينشر عدداً من الكتب والدوريات، وينظم محاضرات وحلقات دراسية ومؤتمرات.

ـ الجمعية اليهودية التاريخية) تأسست عام 1893 (.

ـ جمعية الدراسات اليهودية.

وتوجد العديد من المكتبات المتخصِّصة في الشئون اليهودية، من أهمها:

ـ مكتبة موكاتا في يونفيرستي كوليج في لندن.

ـ مكتبة فينر، وهي متخصصة في النازية والإبادة ومقرها لندن، وكانت قد تأسَّست عام 1934 في أمستردام.

ـ مكتبة كلية اليهود ومقرها لندن.

ـ مكتبة معهد الدراسات اليهودية في لندن. وهي متخصصة في الشئون اليهودية المعاصرة.

ـ القسم العبري للمكتبة البريطانية. ويضم إحدى أهم مجموعات الكتب العبرية في العالم.

ـ مكتبة باركس في جامعة ساوث هامبتون. وهي متخصصة في موضوع واحد فقط هو معاداة اليهود.

ـ كما ينظم مجلس الكتاب اليهودي سنوياً «أسبوع الكتاب اليهودي» .

3 ـ فرنسا:

ـ مركز التوثيق اليهودي المعاصر. وهو متخصِّص في البحوث الخاصة بفترة الإبادة في فرنسا، كما يضم مكتبة وأرشيفاً، ومقره باريس.

ـ مركز الدراسات والبحوث حول مسألة المعاداة المعاصرة لليهود، واختصاره سيراك CERAC. وهو مرتبط بمركز الدراسات اليهودية في لندن ومتخصص في دراسة أنماط معاداة اليهود في الوقت الحاضر.

ـ مركز المعلومات والتوثيق بشأن إسرائيل والشرق الأوسط، وهو متخصص في توفير المعلومات عن إسرائيل والشرق الأوسط.

ومن أهم المكتبات في باريس:

ص: 42

ـ مكتبة الأليانس إسرائيليت يونيفرسل. وهي أهم مكتبة متخصصة في الشئون اليهودية في أوربا.

ـ مكتبة ميديم اليديشية.

ـ مكتبة المعهد الديني اليهودي في فرنسا.

كما يضم المجلس الكنسي المركزي، والمجلس الكنسي لباريس والأليانس إسرائيليت يونيفرسل، مجموعات أرشيفية. وينظم قسم تعليم الشباب اليهودي ديس (DESS) أسبوعاً للكتاب اليهودي كل عام. والله أعلم.

ص: 43