المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

[نصيحة لطالب الحق] بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه - نصيحة لطالب الحق - ضمن «آثار المعلمي» - جـ ٢٢

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

[نصيحة لطالب الحق]

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلله فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد، فهذه مباحث في أحكام أخبار الآحاد، أرجو من فضل الله تعالى ورحمته أن يوفقني فيها لاستقصاء النظر واستخلاص الحق، لتكون عُدَّةً لي ولمن شاء الله تعالى من عباده. هذا مع علمي بقصور علمي وخشيتي أن يُضلَّني الله عز وجل بذنبي، وإنني ما أبرئ نفسي عن الهوى، ولا آمَنُ أن يكون لي هوى أنا غافل عنه أو عارف به غير محترس من الاسترسال معه، أو محترس مقصّر. والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

نصيحة

ينبغي لطالب الحق أن يقدِّم قبل النظر في المسألة محاسبةَ نفسه، بأن يتجسس فيها: هل لها ميلٌ إلى وجهٍ معيّن في تلك المسألة، أو إلى أي وجه يكون ذهب إليه فلان أو أصحاب هذا المذهب أو هذه الفرقة. فإن وَثِقَ بأنه لا ميلَ له البتةَ فالظاهر أنه الآن بريء من الهوى، لكن لا يأمن أن يعرض له

ص: 258

الهوى بعد ذلك لعروضِ سبب من أسبابه، وهي كثيرة. ومتى بان له الميل فليبحث عن سببه، فإن وثِق بأنه لبرهان يقيني لا يحتمل النقيض بوجهٍ من الوجوه فليس هذا بهوًى، فإن كان معه هوًى فهو هوًى وافق الحق. وإن كان ليس إلا لدليل غير قاطع فليقلْ لنفسه: دَعِي عنكِ الهوى، فأنا الآن في مقام النظر، ولعلّي أجد دليلًا مخالفًا لذاك أقوى منه. وإن كان لدليلٍ لا يُعتدّ به، أو لأمرٍ آخر ليس بدليلٍ أصلًا، أو لم يتبيَّن له السبب، فذلك هو الهوى الذي من شأنه أن يُعمي ويُصِمّ. وطريق النجاة حينئذٍ أن يبدأ فيجاهد نفسه في اقتلاع ذلك الهوى منها، فإن عجز فليعرف ذلك الهوى، وليخش أن يكون ما يلوح له معه أنه دليل ليس إلا شبهة قوَّاها الهوى، قال الله تبارك وتعالى في الكفار:{وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأعراف، 30، الزخرف: 37].

وبالجملة فمسالك الهوى دقيقة، والسلامة منه عزيزة، والتمييز معه بين الحجة والشبهة صعب. لكن من صدقت رغبته في إصابة الحق، وبذل وسعه في جهاد نفسه، وتضرَّع إلى الله عز وجل سائلًا منه التوفيق، فإن الله تبارك وتعالى يقول:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [خاتمة العنكبوت].

وعسى أن يكون بذلك قد أخذ بحظ وافر من التقوى المعنية بقول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال: 29].

ص: 259