الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجموعة الخامسة
17 -
كتاب النيروز، لأبي الحسين أحمد بن فارس
18 -
الرسالة النيروزية، للشيخ الرئيس ابن سينا
19 -
رسالة في النيروز، مما فسَّره بطليموس الحكيم
20 -
حكمة الإشراق في كتاب الآفاق، للسيد مرتضى الزبيدي
[الجزء الثاني]
[المجموعة الخامسة]
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
هذه هي المجموعة الخامسة من (نوادر المخطوطات)، وهي القسم الأوّل من المجلد الثاني. إذ جرى النظام على أن يكون كل مجلد من هذه النوادر مشتملا على أربعة أجزاء يتبعها فهرس عام.
وإني لأشعر بعظيم الغبطة، إذ أجد من جمهرة الأدباء والأصدقاء من كريم التقدير وصالح الرضا ما يهوّن علىّ ما ألقى من عنت ومشقة في سبيل نشر هذه الآثار العلمية.
ومن اللّه أستمدّ العون، وإياه أستلهم التوفيق.
مقدّمة
لفظ نيروز
- عيد النيروز - زمان النيروز - عادات الفرس فيه - النيروز في الإسلام - جباية الخراج فيه - النيروز في مصر
لفظ نيروز:
النيروز، بفتح النون: كلمة فارسية معربة، وأصلها في الفارسية «نوروز» ، وهي لفظة مركبة من كلمتين: أولاهما «نو» بفتح النون وضمها، ومعناها الجديد، وثانيتهما «روز» وتفسيرها اليوم
(1)
، فمعناها اليوم الجديد.
وقد دخلت كلمة «النيروز» في لغة العرب قديما. ومن النصوص التي وردت فيها قول جرير يهجو الأخطل:
عجبت لفخر التغلبي وتغلب
…
تؤدّى جزى النيروز خضعا رقابها
(2)
وقد اشتق بعض الشعراء المحدثين من هذه الكلمة فعلا، فقال:
نورز الناس ونورز
…
ت ولكن بدموعى
وذكت نارهم والن
…
ار ما بين ضلوعى
(3)
وقال آخر:
ولما أتى النيروز يا غاية المنى
…
وأنت على الإعراض والهجر والصد
بعثت بنار الشوق ليلا إلى الحشى
…
فنورزت صبحا بالدموع على الخلد
(4)
فهم قد اشتقوا من النيروز «نورز» قياسا على قول العرب «عيّد» ، أي شهد العيد وأظهر السرور به.
كما استعمل هذا الفعل البيروني، قال: «فنورز لنفسه
(5)
».
(1)
معجم استينجاس 1428. وجاء في اللسان (نرز) أن أصل النيروز في الفارسية «نيع روز»، وهو تحريف.
(2)
المعرب للجواليقى 340 بتحقيق الأستاذ أحمد شاكر، وديوان جرير 53.
(3)
نهاية الأرب 1: 187 وخطط المقريزي 2: 391.
(4)
خطط المقريزي 2: 391.
(5)
الآثار الباقية للبيرونى 219.
عيد النيروز:
وكان للفرس في قديم الدهر أعياد كثيرة، أشهرها سبعة
(1)
: عيد النيروز، وعيد المهرجان، وعيد السذق، وعيد التّيركان، والفروردجان
(2)
، وركوب الكوسج، وبهمنجه. وقد صنف فيها علي بن حمزة الأصفهاني كتابا مستقلا.
أما النيروز فهو أعظم أعيادهم وأجلها، يقال إن أول من اتخذه جمشيد، أحد ملوك الفرس الأول، ويقال فيه جمشاد. ومعنى «جم» القمر، و «شاد» الشعاع والضياء.
واختلف المؤرخون في سبب اتخاذهم لهذا العيد، فيقال إنه لما ولى جمشاد، سمى اليوم الذي ملك فيه نوروز. وقيل إن الصابئة ظهرت في أيام طهمورث، فلما ملك جمشيد جدد الدين، فجعل يوم ملكه عيدا.
ومن الفرس من يزعم أن النيروز اليوم الذي خلق اللّه فيه النور. ومنهم من يزعم أنه أول الزمان الذي ابتدأ فيه الفلك بالدوران
(3)
.
وذكر الراغب
(4)
في أصل النيروز والمهرجان أن المأمون سأل أصحابه عن ذلك فلم يخبره أحد، فقال: الأصل في النيروز أن أبرويز عمّر أقاليم إيران شهر، فاستوت له أسبابه واستقام ملكه يوم النيروز، فصار سنة للعجم، وكان ملكه ألفا وخمسين سنة (كذا). ثم أتى بعده بيوراسف وملك ألف سنة، فقصد أفريدون وأسره بأرض المغرب، وسجنه بأرض بجبل دنباوند، فسمى ذلك اليوم مهرجان.
فالنيروز أقدم من المهرجان بألفين وخمسين سنة.
وقال بعض الحشوية
(5)
: إن سليمان بن داود عليهما السلام، لما افتقد خاتمه وذهب عنه ملكه ثم رد إليه بعد أربعين يوما، عاد إليه بهاؤه، وأتته الملوك، وعكفت عليه الطيور، فقالت الفرس: نوروز آمذ! أي جاء اليوم الجديد، فسمى النوروز. وأمر سليمان الريح فحملته، واستقبله خطاف فقال: أيها الملك، إن لي
(1)
صبح الأعشى 2: 417 - 425، ونهاية الأرب 1:185.
(2)
في صبح الأعشى: «الشركان والفرودجان» ، صوابه من معجم استينجاس.
(3)
الآثار الباقية 216 ونهاية الأرب 1: 185.
(4)
محاضرات الأدباء 2: 252 - 253.
(5)
الآثار الباقية 215.
عشّا فيه بيضات، فاعدل لا تحطمها. فعدل. ولما نزل حمل الخطاف في منقاره ماء فرشّه بين يديه، وأهدى له رجل جرادة. فذلك سبب رش الماء والهدايا في النيروز.
ومعظم هذا الأسباب كما ترى ضاربة في الاختلاق والانتحال، ولا سيما الأخير منها.
زمان النيروز:
هذا بعض ما قيل في هذا العيد. أما زمانه فهو اليوم الأول من السنة الفارسية، وخمسة أيام بعده، فهن ستة أيام. وقد انفرد الإمام المرزوقي في الأزمنة والأمكنة
(1)
بأن ذكر أنه ثمانية أيام.
وتبتدئ السنة الفارسية بالانقلاب الصيفي. وإنما خصوا وقت الانقلاب الصيفي بالابتداء لأن الانقلابين أولى أن يوقف عليهما بالآلات والعيان من الاعتدالين
…
ولأن الانقلاب الصيفي وقت إدراك الغلات، فهو أصوب لافتتاح الخراج فيه من غيره
(2)
.
وأول شهور السنة الفارسية هو «فروردين ماه» وهو يقابل شهر مايوس من الشهور الرومية، وأيار من الشهور السريانية، وبشنس من الشهور القبطية
(3)
.
وبين هذا العيد وعيد المهرجان مائة وأربعة وسبعون يوما؛ إذ أن المهرجان في الرابع والعشرين من تشرين الأول، وهو شهر أقطوبر الرومي، وبابه القبطي ومما هو جدير بالذكر أن كل شهر من الشهور الفارسية ثلاثون يوما.
عادات الفرس في النيروز:
وكان للفرس في عيد النيروز عادات غريبة، منها أن يرش الناس بعضهم بعضا بالماء.
(1)
الأزمنة والأمكنة 2: 288.
(2)
الآثار الباقية 216.
(3)
مروج الذهب للمسعودي عند الكلام على الشهور، وشفاء الغليل 199.
وقال البيروني
(1)
: «وكان من آيين الأكاسرة أن يبدأ الملك يوم النيروز فيعلم الناس بالجلوس لهم والإحسان إليهم، وفي اليوم الثاني يجلس لمن هو أرفع مرتبة وهم الدهاقين وأهل البيوتات، وفي اليوم الثالث يجلس لأساورته وعظماء موابذته، وفي اليوم الرابع لأهل بيته وقرابينه
(2)
وخاصته، وفي اليوم الخامس لولده وصنائعه، فيصل إلى كل واحد منهم ما استحقه من الرتبة والإكرام، ويستوفى ما استوجبه من المبرة والإنعام. فإذا كان اليوم السادس كان قد فرغ من قضاء حقوقهم فنورز لنفسه، ولم يصل إليه إلا أهل أنسه ومن يصلح لخلوته، وأمر بإحضار ما حصل من الهدايا على مراتب المهدين، فيتأملها ويفرق منها ما شاء، ويودع الخزائن ما شاء.
ويذكر النويري
(3)
أنه كان من عادة عوامّ الفرس رفع النار في ليلته، ورش الماء في صبيحته. وفي ذلك يقول المعوج:
كيف ابتهاجك بالنيروز يا سكنى
…
وكل ما فيه يحكينى وأحكيه
فناره كلهيب النار في كبدي
…
وماؤه كتوالى عبرتي فيه
ونجد في كتاب التاج للجاحظ بعضا من تقاليد الفرس وصنيعهم في يوم النيروز، قال
(4)
: «ومن حق الملك هدايا المهرجان والنيروز. والعلة في ذلك أنهما فصلا السنة، فالمهرجان دخول الشتاء وفصل البرد، والنيروز إذن بدخول فصل الحر، إلا أن في النيروز أحوالا ليست في المهرجان، فمنها استقبال السنة، وافتتاح الخراج، وتولية العمال والاستبدال، وضرب الدراهم والدنانير، وتذكية بيوت النيران، وصب الماء، وتقريب القربان، وإشادة البنيان وما أشبه ذلك.
وحكى ابن المقفع
(5)
، أنه كان من عادتهم فيه أن يأتي الملك من الليل رجل جميل الوجه قد أرصد لما يفعله، فيقف على الباب حتى يصبح، فإذا أصبح دخل على الملك من غير استئذان، فإذا رآه الملك يقول له: من أنت؟ ومن أين أقبلت؟
(1)
الآثار الباقية 218 - 219.
(2)
القرابين: جمع قربان، وهو جليس الملك الخاص.
(3)
نهاية الأرب 1: 186 - 187. وانظر خطط المقريزي 2: 391 وصبح الأعشى 2: 419.
(4)
التاج للجاحظ ص 146.
(5)
نهاية الأرب 1: 186 وصبح الأعشى 2: 418.
وأين تريد؟ وما اسمك؟ ولأي شيء وردت؟ وما معك؟ فيقول: «أنا المنصور، واسمى المبارك، ومن قبل اللّه أقبلت، والملك السعيد أردت، وبالهناء والسلامة وردت، ومعي السنة الجديدة» . ثم يجلس ويدخل بعده رجل معه طبق من فضة، وفيه حنطة وشعير وجلبّان، وحمص وسمسم وأرز - من كل واحد سبع سنابل وتسع حبات - وقطعة سكر، ودينار ودرهم جديدان. فيضع الطبق بين يدي الملك، ثم تدخل عليه الهدايا، ويكون أول من يدخل عليه وزيره، ثم صاحب الخراج، ثم صاحب المعونة، ثم الناس على طبقاتهم ومراتبهم، ثم يقدم للملك رغيف كبير مصنوع من تلك الحبوب، موضوع في سلة، فيأكل منه ويطعم من حضره، ثم يقول: هذا يوم جديد، من شهر جديد، من عام جديد، من زمان جديد، يحتاج أن نجدد فيه ما أخلق من الزمان، وأحق الناس بالفضل والإحسان الرأس لفضله على سائر الأعضاء. ثم يخلع على وجوه دولته، ويصلهم ويفرق فيهم ما حمل إليه من الهدايا.
وقد وضّح الجاحظ السنّة في الهدايا التي تقدم إلى الملوك في النيروز والمهرجان قال
(1)
: «والسنة في ذلك عندهم أن يهدى الرجل ما يحب من ملكه إذا كان في الطبقة العالية، فإن كان يحب مسكا أهدى مسكا لا غيره، وإن كان يحب العنبر أهدى عنبرا، وإن كان صاحب بزة ولبسة أهدى كسوة وثيابا، وإن كان الرجل من الشجعاء والفرسان فالسّنّة أن يهدى نشّابا، وإن كان من أصحاب الأموال فالسنة أن يهدى ذهبا أو فضة
…
وكان يهدى الشاعر الشعر، والخطيب الخطبة، والنديم التحفة والطرفة والباكورة من الخضراوات. وعلى خاصة نساء الملك وجواريه أن يهدين إلى الملك ما يؤثرنه ويفضلنه، كما قدمنا في الرجال. غير أنه يجب على المرأة من نساء الملك إن كان عندها جارية تعلم أن الملك يهواها ويسرّ بها أن تهديها إليه بأكمل حالاتها، وأفضل زينتها، وأحسن هيآتها».
وكانت هذه الهدايا النيروزية تسجل في ديوان الخاصة، وتكون بمثابة «التأمين» كما نقول في اصطلاحنا العصرى، فإذا ناب صاحب الهدية أمر، أو لزمه حق
(1)
كتاب التاج 146 - 148.
نظر إلى ماله في الديوان من الهدايا، فأضعفت له قيمة الهدية ليستعين بها على نائبته، كما أن له الحق في تذكير الديوان بذلك، إذا أغفل أمره
(1)
.
وكانوا يزعمون أن من ذاق في صبيحة هذا اليوم قبل الكلام السكر، وتدهّن بالزيت، دفع عنه البلاء في عامة سنته. ويتفاءلون بما وقع لهم في هذا اليوم
(2)
النيروز في الإسلام:
يقال إن أول من رسم هدايا النيروز والمهرجان في الإسلام الحجاج بن يوسف الثقفي، ثم أبطل ذلك عمر بن عبد العزيز، إلى أن فتح الهدية فيه أحمد بن يوسف الكاتب، فإنه أهدى فيه للمأمون سقط ذهب فيه قطعة عود هندى في طوله وعرضه، وكتب معه: «هذا يوم جرت فيه العادة بإتحاف العبيد السادة.
وقد قلت:
على العبد حق وهو لا شك فاعله
…
وإن عظم المولى وجلت فواضله
ألم ترنا نهدى إلى اللّه ما له
…
وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله
فلو كان يهدى للجليل بقدره
…
لقصّر عنه البحر يوما وساحله
ولكننا نهدى إلى من نجلّه
…
وإن لم يكن في وسعنا ما يشاكله
(3)
»
وممن عرف بإحياء مراسم النيروز «عبد اللّه بن طاهر» الوالي في زمان المأمون.
وفي كتاب التاج
(4)
: «وكان أردشير بن بابك، وبهرام جور، وأنوشروان، يأمرون بإخراج ما في خزائنهم في المهرجان والنيروز من الكسي، فتفرق كلها على بطانة الملك وخاصته، ثم على بطانة البطانة، ثم على سائر الناس على مراتبهم، وكانوا يقولون: إن الملك يستغنى عن كسوة الصيف في الشتاء، وعن كسوة الشتاء في الصيف، وليس من أخلاق الملوك أن تخبأ كسوتها في خزائنها فتساوى العامة في فعلها. فكان يلبس في يوم المهرجان الجديد من الخز والوشى الملحم، ثم تفرق
(1)
كتاب التاج 148 - 149.
(2)
عجائب المخلوقات 77.
(3)
صبح الأعشى 2: 420.
(4)
كتاب التاج 149 - 150.
كسوة الصيف على ما ذكرنا فإذا كان يوم النيروز لبس خفيف الثياب ورقيقها، وأمر بكسوة الشتاء كلها ففرقت. ولا نعلم أن أحدا بعدهم اقتفى آثارهم إلا عبد اللّه ابن طاهر، فإني سمعت من محمد بن الحسن بن مصعب يذكر أنه كان يفعل ذلك في النيروز والمهرجان، حتى لا يترك في خزائنه ثوبا واحدا».
وقد سجل الشعر العربي اهتمام القوم بالنيروز والمهرجان، حتى لقد ذهبوا إلى المفاضلة بينهما. قال عبيد اللّه بن عبد اللّه بن طاهر في ذلك
(1)
:
أخا الفرس إن الفرس تعلم إنه
…
لأطيب من نيروزها مهرجانها
لإدبار أيام يغم هواؤها
…
وإقبال أيام يسر زمانها
وقال آخر:
أحب المهرجان لأن فيه
…
سرورا للملوك ذوى السناء
وبابا للمصير إلى أوان
…
تفتح فيه أبواب السماء
جباية الخراج في النيروز:
ولم يزل الناس على سنن الفرس في جباية الخراج عند دخول النيروز حتى دخل عليهم الخلل في دور السنين، فحاولوا أن يؤخروه، وذلك في زمن هشام بن عبد الملك، وبذلوا لخالد بن عبد اللّه القسري مائة ألف دينار على ذلك، فكتب فيه إلى هشام، فكتب إليه هشام:«أخاف أن يكون هذا من النسئ الذي قال اللّه تعالى فيه: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ. فامتنع خالد من ذلك. ثم سئل يحيى بن خالد بن برمك في أيام الرشيد أن يؤخر النيروز إلى شهرين، فعزم على ذلك فبلغه أن قوما قالوا: أراد أن ينصر المجوسية. فامتنع من ذلك إلى أن رأى المتوكل وقد ركب للصيد يوم النيروز والزرع لم يسبل بعد وقال: «قد استؤذنت في فتح الخراج والزرع لم يسبل بعد؟!» فعرفه إبراهيم بن العباس الصولي أن الأكاسرة كانت تسقط في كل عشرين ومائة سنة شهرا، فأمر المتوكل الحسّاب أن يحسبوا ما طرحوه، فحسبوا الذي مضى من السنين التي لم يكبس فيها بعد ذهاب الفرس
(1)
نهاية الأرب 1: 188 ثم 177 وصبح الأعشى 2: 422.
فوجدوه مائتين وخمسين سنة، فجعلوا لكل مائة وعشرين سنة شهرا، فوافق السابع عشر من حزيران (شهر يونيوس الرومي، وبئونة القبطي) وأمر أن يجعل النيروز في هذا اليوم، وألا يفتح الخراج إلا فيه
(1)
. وكان ذلك في المحرم سنة 242، فقال البحتري في ذلك قصيدة يمدح فيها المتوكل ويقول:
إن يوم النيروز قد عاد للعه
…
د الذي كان سنه أردشير
أنت حولته إلى الحالة الأو
…
لي وقد كان حائرا يستدير
فافتتحت الخراج فيه فللأ
…
مة في ذاك مرفق مذكور
منهم الحمد والثناء ومنك ال
…
عدل فيهم والنائل المشكور
وقتل المتوكل ولم يتم له ما دبر حتى قام المعتضد بالخلافة واسترد بلدان المملكة من المتغلبين عليها وتفرغ للنظر في أمور الرعية، فاحتذى ما فعله المتوكل في تأخير النيروز، غير أنه نظر من جهة أخرى، وذلك أن المتوكل أخذ ما بين سنته وبين أول تاريخ لملك يزدجرد، وأخذ المعتضد ما بين سنته والسنة التي زال فيها ملك الفرس بهلاك يزدجرد فأدى ذلك التباين إلى أن جعل المعتضد النيروز في الحادي عشر من حزيران، وسمى نيروزه «النيروز المعتضدى
(2)
». وفي ذلك يقول على ابن يحيى المنجم:
يا محيى الشرف اللبا
…
ب مجدد الملك الخراب
ومعيد ركن الدين في
…
نا ثابتا بعد اضطراب
فتّ الملوك مبرزا
…
فوت المبرز في الحلاب
أسعد بنيروز جمع
…
ت الشكر فيه إلى الثواب
قدمت في تأخيره
…
ما أخروه من الصواب
وقال علي بن يحيى أيضا:
يوم نيروزك يوم
…
واحد لا يتأخر
(1)
الآثار الباقية وبلوغ الأرب 1: 351 - 352.
(2)
الآثار الباقية 32 - 33 وخطط المقريزي 2: 39.
من حزيران يوافى
…
أبدا في أحد عشر
(1)
النيروز في مصر:
كان المصريون القدماء يبدءون سنتهم (الفلكية) بالاعتدال الربيعي، أي وقت حلول الشمس في برج الحمل، وذلك في يوم 29 برمهات 25 آذار (مارس) وكانوا يعتقدون أن بدء الخليقة كان في ذلك اليوم، وكانوا يحتفلون فيه احتفالا عظيما، وهذا العيد هو الذي عرف فيما بعد، بعيد شم النسيم.
ولما ظهر الحكيم المصري «توت» وجعل رأس سنتهم (المدنية) موافقا لظهور الشعرى اليمانية مع الشمس، وهو الوقت الذي يبتدئ فيه فيضان النيل، وهو اليوم الأول من شهر «توت» ، رأوا تخليدا لمأثرة هذا العالم الجليل أن يجعلوا رأس هذه السنة المدنية، عيدا لهم لا يقل في جلالته وروعته عن عيد رأس السنة الفلكية، كما قرروا اعترافا بصنيع هذا الرجل أن يطلقوا اسمه على أول شهر من شهور هذه السنة، وهو شهر توت. وقد سمى المصريون هذا العيد «عيد النيروز» ، ولم تظهر هذه التسمية إلا بعد دخول العرب مصر. وكان الخلفاء ولا سيما الفواطم يحتفلون فيه احتفالا كبيرا.
وكلا الاحتفالين لم يكن له صبغة دينية في بادئ الأمر، بل كانوا يرون في «شم النسيم» أنه رأس السنة الفلكية التي سار المصريون على نظامها في أول الأمر، وفي الثاني رأس السنة المدنية، وفاتحة باب الخير على المصريين، بما يفيض عليهم به النيل من خيرات وثمار. وبعد أن دخل المصريون في دين النصرانية رأوا ألا يهملوا عيدهم الأول، وأن يكون الاحتفال به عاما لا يقل في روعته عن العيد الآخر
(2)
.
قال المقريزي
(3)
، عند الكلام على أعياد الفاطميين.
(1)
الآثار الباقية 33، وعشر. تقرأ بسكون العين ليستقيم الوزن، وهي لغة صحيحة.
قال ابن السكيت: ومن العرب من يسكن العين فيقول أحد عشر، وكذلك يسكنها إلى تسعة عشر، إلا اثنى عشر فإن العين لا تسكن لسكون الألف والياء قبلها. وقال الأخفش: إنما سكنوا العين لما طال الاسم وكثرت حركاته. اللسان (عشر 244).
(2)
انظر كتاب أساس التقاويم للأستاذ جرجس فيلوثاؤس.
(3)
خطط المقريزي 2: 389 - 390
وكان النوروز القبطي في أيامهم من جملة المواسم، فتتعطل فيه الأسواق، ويقل فيه سعى الناس في الطرقات، وتفرق فيه الكسوة لرجال أهل الدولة وأولادهم ونسائهم، والرسوم من المال وحوائج النيروز.
قال ابن زولاق: وفي هذه السنة - يعنى سنة ثلاث وستين وثلاثمائة - منع المعز لدين اللّه من وقود النار ليلة النوروز في السكك، ومن صب الماء يوم النوروز.
وقال في سنة أربع وستين وثلاثمائة: وفي يوم النيروز زاد اللعب بالماء ووقود النيران، وطاف أهل الأسواق وعملوا فيلة وخرجوا إلى القاهرة بلعبهم ولعبوا ثلاثة أيام، وأظهروا السماجات والحلى في الأسواق، ثم أمر المعز بالنداء بالكف، وألا توقد نار ولا يصب ماء، وأخذ قوم فطيف بهم على الجمال.
وقال ابن ميسر في حوادث سنة 516: وفيها أراد الآمر بأحكام اللّه أن يحضر إلى دار الملك في النوروز الكائن في جمادى الآخرة وفي المراكب على ما كان عليه الأفضل بن أمير الجيوش، فأعاد المأمون عليه أنه لا يمكن، فإن «الأفضل» لا يجرى مجرى الخليفة. وحمل إليه من الثياب الفاخرة برسم النوروز للجهات ما له قيمة جليلة. وقال ابن المأمون: وحل موسم النوروز في التاسع من رجب سنة 517 ووصلت الكسوة المختصة به من الطراز وثغر الإسكندرية، مع ما يبتاع من المذابّ المذهبة والحريري والسوادج، وأطلق جميع ما هو مستقر من الكسوات الرجالية والنسائية والعين والورق، وجميع الأصناف المختصة بالموسم على اختلافها بتفصيلها وأسماء أربابها، وأصناف النوروز: البطيخ والرمان، وعراجين الموز، وأفراد البسر وأقفاص التمر القوصى، وأقفاص السفرجل، وبكل الهريسة المعمولة من لحم الدجاج ولحم الضأن ولحم البقر، من كل لون بكلة، مع خبز بر مارق.
قال: وأحضر كاتب الدفتر الإثباتات بما جرت به العادة من إطلاق العين والورق والكسوات على اختلافها في يوم النوروز وغير ذلك من جميع الأصناف، وهو أربعة آلاف دينار وخمسة عشر ألف درهم فضة، والكسوات عدة كثيرة من شقق دبيقى مذهبات وحريريات، ومعاجر وعصائب مشاومات ملونات، وشقق لاذ مذهب وحريرى ومشفع، وفوط دبيقى حريرى. فأما العين والورق والكسوات
فذلك لا يخرج عمن تحوزه القصور ودار الوزارة والشيوخ والأصحاب والحواشى والمستخدمون ورؤساء العشاريات وبحارتها. ولم يكن لأحد من الأمراء على اختلاف درجاتهم في ذلك نصيب. وأما الأصناف من البطيخ والرمان، والبسر والتمر، والسفرجل والعناب، والهرائس على اختلافها، فيشمل ذلك جميع من تقدم ذكرهم، ويشركهم في ذلك جميع الأمراء أرباب الأطواق والأقصاب وسائر الأماثل، وقد تقدم شرح ذلك - فوقع الوزير المأمون على جميع ذلك بالإنفاق.
وقال القاضي الفاضل في تعليق المتجددات لسنة 584: يوم الثلاثاء رابع عشر رجب، يوم النيروز القبطي، وهو مستهل توت، وتوت أول سنتهم وقد كان بمصر في الأيام الماضية والدولة الخالية - يعنى دولة الخلفاء الفاطميين - من مواسم بطالاتهم ومواقيت ضلالاتهم، فكانت المنكرات ظاهرة فيه، والفواحش صريحة في يومه، ويركب فيه أمير موسوم بأمير النوروز، ومعه جمع كثير، ويتسلط على الناس في طلب رسم رتبه على دور الأكابر بالجمل الكبار، ويكتب مناشير ويندب مترسمين، كل ذلك يخرج مخرج الطير، ويقنع بالميسور من الهبات، ويتجمع المؤنثون والفاسقات تحت قصر اللؤلؤة بحيث يشاهدهم الخليفة، وبأيديهم الملاهي، وترتفع الأصوات، وتشرب الخمر والمزر شربا ظاهرا بينهم في الطرقات، ويتراش الناس بالماء، وبالماء والخمر، وبالماء ممزوجا بالأقذار. فإن غلط مستور وخرج من داره لقيه من يرشه ويفسد ثيابه، ويستخف بحرمته، فإما فدى نفسه وإما فضح.
ولم يجر الحال في هذا النوروز على هذا، ولكن قد رش الماء في الحارات، وأحيا المنكر في الدور أرباب الخسارات.
وقال في سنة 592: وجرى الأمر في النوروز على العادة من رش الماء، واستجد فيه هذا العام التراجم بالبيض، والتصافع بالأنطاع، وانقطع الناس عن التصرف، ومن ظفر به في الطريق رش بمياه نجسة وخرّق به.
هذه صورة لما كان عليه الحال في عيد النيروز بمصر أيام الفاطميين، يرسمها لنا المقريزي وغيره من المؤرخين. وهي تدلنا على مبلغ ما كان عليه التآخي والمشاركة وطيب المجاملة، بين المسلمين وإخوانهم المسيحيين.
ابن فارس:
أبو الحسين أحمد بن فارس سبقت ترجمته في المجلد الأول من (نوادر المخطوطات) ص 138.
كتاب النيروز:
لعل أول ما يتبادر إلى ذهن القارئ أن كتاب ابن فارس في النيروز يتضمن الكلام في النيروز وتاريخه ورسومه، ولكن ابن فارس لم يقصد في كتابه هذا القصد، بل أراد به أن يكون بحثا لغويا جمع فيه الألفاظ التي توافق كلمة «نيروز» في صوغها ووزنها.
ونسخة النيروز هذه نسخة نادرة هي نسخة المغفور له أحمد تيمور باشا وهي محفوظة في المكتبة التيمورية برقم 402 لغة.
وهذا نصها:
كتاب النيروز لأبى الحسين أحمد بن فارس 000 - 395
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ أبو الحسين أحمد بن فارس رحمه الله:
سألت أعزك الله عن قول الناس يوم نيروز، وهل هذه الكلمة عربية، وبأي شيءٍ وزنها؟
وأعلم أن هذا الاسم معرب، ومعناه أنه اليوم الجديد، وهو قولهم «نوروز» إلا أن النيروز أشبه بأبنية العرب، لأنه على مثال فيعول. وكان الفراء يقول:
يبنى الاسم الفارسي أىّ بناء كان إذا لم يخرج عن أبنية العرب.
والذي جاء من الأسماء العربية على فيعول قليل. وأنا أذكر ما حضرتي ذكره.
فأول ذلك (أيلول
(1)
) وهو اسم شهر غير عربي، وفيه يقول القائل:
مضى أيلول وارتفع الحرور
…
وأذكت نارها الشعري العبور
و (بيروت): اسم بلد.
ومنه (البيقور) لجماعة البقرة، يقال بقرة وباقر وبيقور. قال الشاعر
(2)
:
أجاعلٌ أنت بيقورا مسلعة
…
ذريعة لك بين الله والمطرِ
(3)
ومعنى هذا البيت ما خبرني به أحمد بن محمد مولى بني هاشم، عن محمد بن عباس، عن محمد بن حبيب، قال: أخبرني أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب، قال: كانت العرب إذا أمسكت السماء قطرها، استمطروا، فعمدوا إلى شجرتين يقال لهما السَّلع والعشر، فعقدوهما في أذناب البقر فأضرموا فيها النار، وأصعدوها في جبل وعر وتبعوا آثارها، يدعون الله عز وجل ويستسقونه. قال ابن الكلبي:
وإنما يضرمون النار تفاؤلا للبرق. ففي ذلك يقول أمية بن أبي الصلت:
(1)
هو المقابل لشهر سبتمبر الرومي» وشهر توت القبطي.
(2)
هو الورل الطائي. كما في اللسان (بقر، سلع)، وكما سيأتي.
(3)
الأبيات في ديوان أمية ص 35 - 36.
سنةٌ أزمة تخيِّل بالنا
…
س ترى للعضاهِ فيها صريرا
لا على كوكبٍ ينوءُ ولا ري
…
ح جنوب ولا ترى طخرورا
(1)
ويسوقون باقرَ السهل للطَّو
…
د مهازيلَ خشيةً أن تبورا
عاقدين النِّيران في ثكن الأذ
…
ناب منها لكي تهيج البحورا
(2)
سلع ما ومثله عشرٌ ما
…
عائلٌ ما وعالت البيقورا
(3)
فاشتوت كلُّها فهاجت عليهم
…
ثم هاجت إلى صبير صبيرا
(4)
فرآها الإله توشم بالقط
…
ر فأضحى جنابهم ممطورا
فالبيقور جماعة بقر. وفي ذلك يقول الورل الطائي:
لا درَّ درُّ رجالٍ خاب سعيهم
…
يستمطرون لدى الأزمات بالعشر
أجاعلٌ أنت بيقوراً مسلعةً
…
ذريعةً لك بين الله والمطر
وقال الشرقي بن القطامي: كانوا إذا فعلوا ذلك توجهوا نحو المغرب من بين الجهات كلها قصداً إلى العين، والعين: قبلة العراق. قال العجاج:
سارٍ سرى من قبل العين فجرّْ
…
غرَّ السحاب والمرابيعَ البكرُ
(5)
ومن ذلك (التَّيهور) وهي الرملة المشرفة، ويقال إنها المفازة
(6)
.
و (التيقور) من الوقار
(7)
.
(1)
الطخرور والطخرورة: قطعة رقيقة مستدقة من السحاب.
(2)
ثكن الأذناب، مستعارة من ثكن النار، وهي بئرها التي توقد فيها. وقد أنشد البيت في اللسان (ثكن) منسوبا إلى أمية بن أبي عائذ الهذلي، وهو تحريف.
(3)
أي إن السنة الجدبة أثقلت البقر بما حملت من السلع والعشر. انظر اللسان (عول).
(4)
في الأصل: «فاستوت» ، صوابه في الديوان. والصبير: السحاب البيض
(5)
المرابيع: الأمطار التي تجيء في أول الربيع. والبيتان في ديوان العجاج 16.
(6)
في الأصل: «ويقال لها المفازة» .
(7)
أنشد في اللسان للعجاج:
• فإن يكن أمسى البلى تيقورى *
ومنه (الحيزوم)، وهو الصدر وما ضم عليه الحزام، وجمعه الحيازيم، تقول:
«اشدد حيازيمك للأمر» ، أي استعد له. قال ذو الرمة:
تعتادني زفراتٌ حين أذكرها
…
تكاد تنقدُّ منهن الحيازيم
(1)
و (حيزوم) يقولون: اسم فرس جبريل صلى اللّه عليه، وكان جاء عليه يوم بدر، فقال بعض من حضر القتال: كنت على جبل مشرف على الجبلين، فنشأت سحابة فسمعت قائلا يقول: أقدم حيزوم! فانخلع قلب صاحبي فمات
(2)
.
ومن ذلك (الخيشوم)، وهو الأنف وما حوله. قال
(3)
:
كأنما خالطتْ فاها إذا وسنت
…
بعد الرّقاد فما ضم الخياشيم
مهطولةٌ من خزامى الخرج هيّجها
…
من ضرب ساريةٍ لوثاءَ تهميم
(4)
ومن ذلك (الدَّيبوب)، وهو الذي يسعى ويدب بين الناس بالنمائم والفساد
(5)
. وجاء في الحديث: «لا يدخل الجنَّةَ ديبوب ولا قلاع» .
فالديبوب: الذي ذكرناه. والقلاع: الذي يأتي إلى إنسان له عند آخر منزلة فيفسد حاله عنده حتى يقلعه من مكانه.
و (الدَّيجور): الظلام، وجمعه دياجير.
و (الزَّيتون
(6)
) فيما يقال جبل، ويقال مسجد. وذلك في قوله جل ثناؤه:
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. والزيتون هذا المأكول. قال أبو طالب:
(1)
ديوان ذي الرمة 569.
(2)
في المخصص (6: 193): «حيزوم والبراق: فرسا جبريل عليه السلام» .
(3)
البيتان لذي الرمة في ديوانه 573.
(4)
المهطولة: التي أصابها الهطل، وهو المطر الدائم في سكون وضعف. وفي الأصل:
«ممطولة» ، صوابها في اللسان (همم) والديوان. والخرج: واد باليمامة.
(5)
وقيل هو الذي يدب بين الرجال والنساء للجمع بينهم. اللسان.
(6)
اختلف اللغويون في «الزيتون» فبعضهم يجعل الياء زائدة فيكون على مثال فيعول، وبعضهم يجعل النون الزائدة فيكون على مثال فعلون، لذا تفسره المعاجم في (زيت) و (زتن).
بورك الميِّت الغريبُ كما بو
…
رك نضحُ الرمان والزيتونُ
(1)
و (الدَّيقوع): الجوع الشديد
(2)
.
و (السَّيهوك) و (السيهوج): اسمان للريح العاصف.
و (الصيخود) الصخرة الملساء الصلبة، لا تحرك من مكانها ولا يعمل فيها الحديد. قال الراجز يصف ناقة:
• حمراء مثل الصخرة الصيخود
(3)
…
وقال جرير:
لا يستطيع أخو الصبابة أن يرى
…
حجراً أصمَّ وصخرةً صيخودا
(4)
وذكر ابن دريد
(5)
(صيُّوب): سهم صائب، ومطر صيوب بمعنى صيب.
وذكر أيضاً رجل (فيُّول) الرأي، أي فائل الرأي.
و (البيّوت): الماء
(6)
يبيت ليلة. و (البيُّوت): الرأي المبيَّت. قال أمية بن أبي عائذ:
وأجعل فقرتها عدّةً
…
إذا خفت بيّوت أمر عضال
(7)
(1)
النضح، بالحاء المهملة: تفطر الشجر بالورق، وقد استشهد في اللسان بالبيت في مادة (نضح). وفي الأصل:«نضج» بالجيم، محرف.
(2)
ينشدون في ذلك قول أعرابي قدم الحضر فشبع فأتخم، فقال:
أقول للقوم لما ساءنى شبعى
…
ألا سبيل إلى أرض بها الجوع
ألا سبيل إلى أرض يكون بها
…
جوع يصدع منه الرأس ديقوع
(3)
البيت من شواهد اللسان (صخد).
(4)
من قصيدة في ديوان جرير مطلعها:
أهوى أراك برامتين وقودا
…
أم بالجنينة من مدافع أودا
(5)
في الجمهرة (3: 388).
(6)
في الأصل: «المرء» تحريف، صوابه من اللسان والمقاييس لابن فارس (1: 325). وشاهده قول غسان السليطى:
كفاك فأغناك ابن نضلة بعدها
…
علالة بيوت من الماء قارس
(7)
في الأصل: «وأجعل فرقتها» ، صوابه من المقاييس واللسان وشرح السكرى للهذليين 197 ومخطوطة الشنقيطي من الهذليين 83. وفي الأخيرة:«بعير ذو فقرة إذا كان قويا على الركوب» .
و (صيموت
(1)
) بلد.
و (الطَّيهوج
(2)
) طائر، وما أراه عربياً.
و (العيشوم) نبت
(3)
. قال ذو الرمة:
للجنِّ بالليل في أرجائها زجلٌ
…
كما تناوح يوم الريح عيشومُ
(4)
ويقال (العيثوم) الفيلة، يشبه الفحل به الأنثى
(5)
. قال:
• وطئتْ عليك بخفها العيثوم
(6)
…
و (عينون): بلد
(7)
.
و (الغيذور
(8)
) بالغين والذال معجمتين: الحمار.
و (فيروز) اسم أعجمي معرب.
(1)
لم أر من ذكره في معاجم اللغة والبلدان.
(2)
الطيهوج، بالطاء في أوله. قال ابن دريد:«ولا أحسبه عربيا» وقال الأزهري:
«الطيهوج طائر أحسبه معربا، وهو ذكر السلكان» ، والسلكان: جمع سلك، كصرد، وهو فرخ الحجل. قال العلامة المعلوف في معجم الحيوان 119:«ولا يخفى أن الطيهوج معرب تيهو بالفارسية» . وهو بفتح التاء وسكون الياء وضم الهاء. انظر معجم استينجاس 344.
(3)
العيشوم: شجر له صوت مع الريح.
(4)
البيت في ديوان ذي الرمة 575 برواية «في حافاتها» كما في اللسان (عشم) وفي الديوان أيضا: «كما تجارب» .
(5)
كذا وردت هذه العبارة. وفي اللسان: «والعيثوم الفيل وكذلك الأنثى» .
(6)
وكذا ورد في الحيوان (7: 234) وصواب إنشاده، وطنت عليه» كما في الجمهرة (3: 387) واللسان (عثم). وهو عجز مشترك لبيتين من شعر الأخطل، صدر أولهما. «وملحب خضل النبات كأنما». وصدر الثاني:«تركوا أسامة في اللقاء كأنما» .
والبيتان لم يرويا في ديوان الأخطل، وأنشدهما في اللسان.
(7)
ذكر ياقوت أنها كلمة عيرانية»، وأنها من قرى بيت المقدس. وقد ذكرها كثير في قوله:
يجتزن أودية البضيع جوازعا
…
أجواز عينون فنعف قبال
(8)
لم يذكر في اللسان والقاموس إلا «الغيذار» .
و (القيدود): الفرس الطويلة، ولا يقال للذكر. ويوصف به الإناث أيضاً. قال ذو الرمة:
على سراة مسحل مزءود
(1)
…
ذي جدَّتين أيّدٍ شرودِ
(2)
يبرى لقبَّاءِ الحشا قيدودِ
و (القيدوم) من كل شيء: أوله. حكاه ابن دريد
(3)
.
و (كيعوم
(4)
): اسم.
و (خيطوب)
(5)
): موضع.
و (جيحون) فارسي.
و (قيطون
(6)
) فيما يقال بيت الحمار
(7)
، ويقال هو بلد.
قال ابن دريد: و (كيعوم): اسم. قال: وأحسبه مشتقاً من كعمت البعير، إذا شددت فاه. قال:
بين الرَّجا والرجا من جنبِ واصيةٍ
…
يهماء خابطها بالخوفِ مكعوم
(8)
و (العيهوم): الجمل الضخم، والجمع العياهيم. قال ذو الرمة:
(1)
المسحل: الحمار الوحشي، سمى بذلك لسحيله، أي نهاقه. وفي الأصل:«مسجد» تحريف، صوابه من ديوان ذي الرمة 162 ومشارف الأقاويز نشرة جاير 156.
(2)
الأيد: القوى الشديد. وفي الديوان والمشارف: «آبد الشرود» .
(3)
شاهده في اللسان (قدم):
بمستهطع رسل كأن جديله
…
بقيدوم رعن من صوام ممنع
(4)
كذا. ولعله «كيسوم» وهي من الأسماء التي ذكرها ابن دريد. وإلا فإن «كيعوم» سيأتي كلامه عليها، بعد ثلاث كلمات.
(5)
كذا ورد في الأصل والجمهرة. والذي في معجم البلدان واللسان: «حيطوب» بالحاء المهملة. وقد ذكر في القاموس «حيطوب» و «خيطوب» معا.
(6)
في الأصل: «قيطوب» .
(7)
فسر في المعاجم بأنه المخدع، أو بيت في بيت.
(8)
مكعوم: أي مشدود الفم بالكعام. وفي الأصل: «بالخوف معلوم» ، صوابه في ديوان ذي الرمة 575 واللسان (كعم).
هيهات خرقاء إلّا أن يقرّبها
…
ذو العرش والشَّعشعاناتُ العياهيمُ
(1)
قال ابن دريد: وكذلك (العيهول). قال: و (الغيطول) من الغيطل، وهو اختلاف الأصوات
(2)
.
و (الهينوم) ما يسمع من صوت ولا يفهم. قال ذو الرمة:
هنَّا وهنَّا ومن هنَّا لهنَّ بها
…
ذاتَ الشمائلِ والأيمانِ هينومُ
(3)
وهو من الهينمة والهتملة. قال الكميت:
ولا أشهد الهجر والقائليهِ
…
إذا هم بهينمة هتملوا
(4)
ومن هذا الباب مما أوسطه مثقل (أيّوب) اسم. و (بيوت) وقد مضى ذكرها. و (حيُّول) اسم رجل. و (الصيّور) من قولهم لا عقل له ولا زبد ولا صيّور! يريدون ما يصار إليه من رأي أو حزم.
ويقال ما بها (ديّور) ولا ديار، أي ما بها قطين دار.
ومن ذلك (العيوق)، وهو نجم وراء الكف الخضيب، وهو كوكب عظيم في المجرّة التي تلى الشمال. ويقال له عيّوق الثريا، وذلك أنهما يطلعان معاً، فإذا توسطا السماء تدانيا. قال الشاعر:
وإنّ صديّاً والملامةَ ما مشى
…
لكالنَّجم والعيُّوقِ ما طلعا معا
(5)
يقول: لا يتخلف اللَّوم عن صدى، كما لا يتخلف واحد من الثريا والعيوق عن صاحبه. وقال آخر
(6)
:
(1)
ديوان ذي الرمة 579.
(2)
في الجمهرة: «وغيطول من الغيطل، وهو اختلاط الأصوات، أو اختلاط الظلمة» .
(3)
ديوان ذي الرمة 576.
(4)
أنشد البيت في اللسان (هتمل).
(5)
البيت في الأزمنة والأمكنة للمرزوقى (1: 221/ 2: 377).
(6)
هو حاتم الطائي. والبيت في ديوانه 109 من مجموع خمسة دواوين.
وعاذلةٍ هبّت بليلٍ تلومني
…
وقد غار عيُّوق الثريّا فعرَّدا
وقال بشر:
وعاندتِ الثريّا بعد هدءِ
…
معاندةً لها العيُّوقُ جارُ
(1)
و (الفيُّوم): بلد.
و (القيُّوم): القائم. والله عز وجل القيوم القائم بأمر خلقه، كقوله جل ثناؤه: أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ. ويقال القيام أيضاً، كما يقال ديور وديار.
و (الكيُّول): مؤخر الصف في الحرب. قال الشاعر:
إنِّي امرؤٌ عاهدني خليلي
…
ولا أقوم الدهر في الكيول
(2)
أضربْ بسيفِ الله والرسولِ
(3)
وهذا ما حضرني من هذا الباب، والله أعلم. فإن حفظ قارئ كتابي هذا شيئاٍ غاب عن حفظي فليلحقه به إن شاء الله
(4)
.
تم الكتاب بحمد الله ومنه، وصلى الله على نبيه محمد وعترته وسلم تسليما
(1)
البيت من قصيدة لبشر بن أبي خازم في المفضلية 98: 16. وفي الأصل وكذا في اللسان (مادة عوق): «جارا»، تحريف.
(2)
في اللسان (مادة كيل): «أن لا أقوم» .
(3)
روى ابن منظور من خبر هذا الرجز أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقاتل العدو، فسأله سيفا يقاتل به، فقال له: فلعلك إن أعطيتك أن تقوم في الكيول.
فقال: لا. فأعطاه سيفا، فجعل يقاتل وهو ينشد هذا الرجز، فلم يزل يقاتل به حتى قتل.
وأقول: هذا الرجل الذي أشار إليه هو الصحابي أبو دجانة. انظر السيرة 563 جوتنجن.
(4)
أقول: قد فاته مما جاء على وزن فيعول، مما ذكره ابن دريد في الجمهرة (3: 388):
«قيصوم» وهو نبت طيب الريح، ويذكره العرب كثيرا مقرونا بالشيح. و «قيعون» يقال كلأ قيعون، إذا تم واكتهل وطال. و «طيروب»: اسم من الأسماء، و «سيحوج» ، اسم من الأسماء أيضا. و «قيعور»: اسم موضع.
الرسالة النيروزية للشيخ الرئيس أبي علي الحسين بن عبد اللّه ابن سينا 370 - 428
مقدّمة
وهذه رسالة طريفة أخرى تنتسب إلى النيروز، هي الرسالة «النيروزية» أو «النوروزية» للرئيس ابن سينا، يغوص فيها الشيخ الرئيس على المعاني الكامنة في فواتح عدة من سور القرآن الكريم، وهي الفواتح المركبة من حروف هجائية مثل «ألم» و «ألر» و «حم» . وقد ساق ذلك كلّه في أسلوب فلسفي مبنى على مبادئ رياضية منطقية.
وقد ألف ابن سينا هذه الرسالة، ورسمها باسم السيد الأمير «أبي بكر محمد بن عبد اللّه»
(1)
، لتكون هدية في يوم النيروز.
وابن سينا ليس في حاجة إلى أن نسهب في ترجمته، وهو أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا، ويعرف عند الإفرنج باسم: Avicenne
ولد بقرية من ضياع بخارى يقال لها «خرميثنا» . وكان أبوه من العمال الكفاة. وقد انتقل الرئيس إلى «بخارى» وغيرها من البلاد، وأتقن القرآن والأدب وشيئا من أصول الدين والحساب والجبر والمقابلة وهو ابن عشر سنين. ثم قرأ كتب الحكمة والمنطق والطب، الذي تصدى لتدريسه وهو ابن ست عشرة سنة.
وذكر عند الأمير نوح بن نصر السامانى صاحب خراسان في مرض مرضه، فأحضره وعالجه حتى برئ، فاتصل به وقرب منه، ودخل دار كتبه النادرة فظفر منها بكثير من العلم، ولم يستكمل ثمان عشرة سنة إلا وقد فرغ من تحصيل العلوم.
ثم اتصل بكثير من الولاة والحكام ووزر لبعضهم.
ومن عجب أنه أفرط في علاج نفسه - وهو الطبيب النطاسى - فاشتد عليه الداء، وتوفى بهمذان سنة 428 وكان مولده سنة 370.
(1)
النص على تعيين اسم المهدى إليه لم يرد إلا في نسخة مكتبة حيدر أباد المصورة بمعهد المخطوطات بالجامعة العربية، وكذا في النسخة المطبوعة بالجوائب مع تحريف. ونص على ذلك أيضا صاحب كشف الظنون عند الكلام على «الرسالة النيروزية». وقد ألف له ابن سينا أيضا «الرسالة الأضحوية». انظر ابن أبي أصيبعة 2:19.
ومن أشهر كتبه «القانون» في الطب، وقد مضى على طبعه في رومة أكثر من 360 سنة إذ طبع سنة 1593 م وتدوول في أكثر جامعات أوربة.
وأصدرت دار الكتب المصرية سنة 1370 كتيبا بمؤلفاته - وهي تزيد على المائة - وذلك بمناسبة مرور ألف عام على مولده، جمعها وصنفها الأخ الأديب الأستاذ «فؤاد السيد» .
نسخ الرسالة النيروزية:
طبعت هذه الرسالة للمرة الأولى في الجوائب سنة 1298 هـ في ضمن (تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات)، ولا تعد تلك النشرة نشرة علمية، ومع ذلك فقد أجريت مقابلتها مع المخطوطات، رامزا إليها بالرمز (ط).
وقد أمكنني أن أحصل على خمس مخطوطات ليس فيها نسخة واحدة مؤرخة أو منسوبة.
1 -
وأدقها وأكملها نسخة (ف) وهي نسخة في مجموعة بدار الكتب المصرية برقم 935 فلسفة. الورقة 1 - 5.
2 -
ثم نسخة (ع) وهي نسخة معهد المخطوطات بالجامعة العربية، مصورة من المكتبة الآصفية بحيدر أباد بالهند.
3 -
ويليها نسخة (م) وهي برقم 200 مجاميع تيمور من الورقة 193 - 195.
4 -
ثم نسخة (ح) برقم 121 حكمة تيمور.
5 -
ثم نسخة (ب) برقم 387 فلسفة، وهو مصورة من نسخة المتحف البريطاني.
وقد قابلت بين هذه النسخ مستخلصا من بينها ما رأيته الصواب في توجيه بعض القراءات.
وإليك الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الرسالة النوروزية، للشيخ الرئيس أبي علي الحسين بن عبد الله بن سينا
(1)
.
خدم بها خزانة السيد الأمير أبي بكر محمد بن عبد الله، وجعلها هدية في يوم النوروز، وقد وسمها بالنوروزية
(2)
.
كلٌّ تنزع
(3)
به همته إلى خدمة سيدنا ومولانا الشيخ الأمير
(4)
[السيد أبي بكر محمد بن عبد الله، أدام الله عزه
(5)
] بتحفة تجود بها ذات يده.
(6)
ولما رغبت في أن أكون واحد القوم
(7)
ومتابعاً للسَّواد الأعظم في إقامة
(8)
الرسوم
(9)
النيروزية، وكانت حالي تقعد بي عن إهدائه تحفة دنياوية
(10)
تشاكل خزانته
(11)
الكريمة، ورأيت الحكمة أفضل مرغوب فيه، وأجل متحف به
(12)
لا سيّما
(1)
في ع: «رسالة للشيخ الرئيس أبي علي الحسين بن عبد اللّه بن سينا البخاري رحمه الله» .
(2)
هذه العبارة انفردت بها نسخة ع.
(3)
هذا ما في ع، ط. وفي ف:«بلوع» ، تحريف.
(4)
هذا ما في ع، ط. وفي ف:«الإمام» .
(5)
هذه التكملة من ع فقط. وفي ط: «السيد أبى بكر محمد بن عبد الرحيم» .
(6)
هذه العبارة انفردت بها ع، ف، ط.
(7)
ف: «واحدا من القوم» . وفي كشف الظنون «لما رغبوا في أن أكون واحد القوم» .
(8)
م وكشف الظنون: «إفادة» .
(9)
في ع، ف، م، ط:«الرسم» . وكلمة «النيروزية» ساقطة من ع، ط.
(10)
م، ع:«عن إهداء تحفة دنيوية» .
(11)
م: «ذاته» .
(12)
هذا ما في ع، ف، ط مع سقوط كلمة «به» من ف. وفي م «مرغوب فيها وأجل متحف بها» .
[الحكمة
(1)
] الإلهية، وخصوصاً ما كان حكماً ملِّيّاً
(2)
ثم كان
(3)
يكشف سراً هو [من] أغمض أسرار الحكمة والملَّة، وهو الإنباء عن الغرض المضمن في الحروف الخاصة فواتح عدة من السور الفرقانية
(4)
- اتخذت فيه رسالة وجعلتها هديتي النيروزية إليه
(5)
- فإن أفضل الهدايا الهداية، وأشرف التحف الحكمة - ووثقت بلطف موقعها
(6)
من نفس مولاي الشيخ الأمير السيد
(7)
[أدام الله عزه
(8)
]. وألفت هذه الرسالة مقسومة
(9)
إلى فصول ثلاثة
(10)
:
الأول
(11)
: في ترتيب الموجودات والدلالة
(12)
على خاصية كل مرتبة من مراتبها.
الثاني: في الدلالة على كيفية
(13)
دلالة الحروف عليها.
الثالث: في الغرض. وباللّه التوفيق
(14)
.
(1)
التكملة من ع، ف، ط وكشف الظنون.
(2)
م: «حكما جليا» .
(3)
م: «ثم كان» ط: «ثم ما كان» .
(4)
(5)
هذه الكلمة من ع، ط.
(6)
م، ع: ط: «موقعه» .
(7)
الشيخ الأمير السيد، ليست في ف. وفي م:«الشيخ الكبير» ، وأثبت ما في ع.
(8)
التكملة من ع، ف، ط.
(9)
م: «منسوبة» ف: «مقسوما» وقد جمعت الصواب منهما.
(10)
بدل ما مضى جميعه في ب على ما به من تحريف: «الرسالة النيروزية للشيخ الرئيس في الإنباء عن الغرض المضمر في الحروف الهجائية فواتح عدة سورة الفرقانية مقسومة على فصول ثلاث» .
وفي ح: «قال أبو علي بن سينا في الرسالة النيروزية وهي الرسالة المقسومة إلى فصول ثلاثة» .
(11)
ح، ب، ع:«الفصل» قبل كل من الأول والثاني والثالث.
(12)
ح: «وفي الدلالة» .
(13)
هذه الكلمة ساقطة من م.
(14)
«وباللّه التوفيق» من ب، م، ط.
الفصل الأول في ترتيب الموجودات والدلالة على خاصية كل مرتبة من مراتبها
(1)
هو جل وعلا مبدع المبدعات
(2)
، ومنشئ الكل
(3)
. وهو ذات لا يمكن أن يكون متكثراً، أو متغيراً، أو متحيزاً
(4)
، أو متقوماً
(5)
بسبب
(6)
في ذاته، أو مباين لذاته
(7)
. ولا يمكن أن يكون وجود في مرتبة وجوده، فضلا عن أن يكون فوقه. ولا وجود غيره ليس هو المفيد
(8)
إياه وقوامه، فضلاً عن أن يكون مستفيداً عن وجود غيره وجوده
(9)
، بل هو الحق المحض
(10)
والجود المحض، والخير المحض، والعلم المحض، والقدرة المحضة
(11)
، والحياة المحضة، من غير أن يدل بكل واحد من هذه الألفاظ على معنى مفرد على حدة
(12)
، بل المفهوم منها عند الحكماء معنى واحد وذات واحدة
(13)
، ولا يمكن أن يكون في ذاته
(14)
مادة أو يخالطه بالقوة
(15)
، أو يتأخر عنه شيء من أوصاف جلالته ذاتيا أو فعليا.
(1)
هذه العبارة من ح فقط.
(2)
م، ط:«واجب الوجود وهو مبدع المبدعات» ف: «في أن موجد الموجود وهو مبدع المبدعات» ب: «في الوجود فهو مبدع المبدعات» ، وأثبت ما في ح.
(3)
ب: «منشأ الكل» .
(4)
أو متحيزا، ساقط من م. وفي ح:«متخيرا» ب: «متجريا» .
(5)
ب: «متو» م: «منعدما» .
(6)
ع، م:«لسبب» .
(7)
م، ح، ع «أو مباينا» .
(8)
م، ح «بمفيد». وبعدها في ع:«إلا إياه» . ط: «إياه قوامه» .
(9)
هذه الكلمة في ب، ع فقط.
(10)
ب: «بل هو ذات هو الوجود المحض» ع: «بل هو ذات هذا الوجود المحض» .
(11)
والقدرة المحضة، ليست في ب.
(12)
على حدة، ساقطة من ف، ب.
(13)
ب: «منها وعن الكل ذوات واحد» ف: «منها عند الحكماء معنى ذات واحدة» ط: «معنى وذات واحد» . وأثبت ما في م، ح.
(14)
كلمة «ذاته» ساقطة من ب، ف، ع.
(15)
ب: «أو يخالط ما بالقوة» ع، ح:«أو يخالطه ما بالقوة» ف: «أو يخالطها بالقوة» . ط: «أو مخالطه ما بالقوة» . وأثبت ما في م.
وأول ما يبدع عنه عالم العقل الأول
(1)
، وهو جملة
(2)
تشتمل على عشر
(3)
من الموجودات قائمة بلا مواد، خالية عن القوة والاستعداد، عقول طاهرة، وصور باهرة، ليس في طباعها
(4)
أن تتغير، أو تتكثر
(5)
، أو تتحيز
(6)
، كلها مشتاق
(7)
إلى الحق الأول
(8)
والاقتداء به
(9)
، والإظهار لأمره، واقف
(10)
من قربه والالتذاذ بالقرب العقلي منه سرمد الدهر على نسبة واحدة.
ثم العالم النفسي، وهو مشتمل
(11)
على جملة كثيرة من ذوات معقولة
(12)
ليست مفارقة لمادة المواد
(13)
كل المفارقة
(14)
، بل هي ملابستها
(15)
نوعاً من الملابسة، وموادها مواد
(16)
ثابتة سماوية، فلذلك هي أفضل الصور المادية، وهي مدبرات للأجرام
(17)
الفلكية، وبوساطتها للعنصرية
(18)
. ولها في طباعها
(19)
نوع من التغير، ونوع من التكثُّر لا على الإطلاق، وكلها عشاق للعالم العقلي
(20)
ولكل عدة
(21)
مرتبطة في جملة منها ارتباط بواحد من العقول العشرة
(22)
،
(1)
ليست في ف، ع، ط.
(2)
م: «جملتها» .
(3)
ب، ط:«عدة» .
(4)
ف: «طباعه» ب: «طبائعها» .
(5)
ب: «يتغير أو يتكثر» .
(6)
ب: «يتحيز» وهي ساقطة من م.
(7)
م: «مشتاقة» ط: «تشتاق» .
(8)
كلمة «الحق» من ب، ح فقط. وفي ف «كلها عثيادة للأول» !
(9)
ف: «وللاقتداء به» .
(10)
م: «وافق» . واقف من قربه، ساقط من ط.
(11)
ب، ع، ط «يشتمل» .
(12)
ب «معقولية» .
(13)
م، ف «مفارقة المواد» ح، ع «مفارقة للمواد» . وما أثبت من ب.
(14)
ب: «المفارق» .
(15)
م، ح:«تلايسها» . ب «ملابسها» .
(16)
ب: «ومواردها ثابتة» .
(17)
ما عدا ح: «الأجرام» .
(18)
م، ح، ط:«وبواسطتها» ف: «وبوساطها» . ب، ع «العنصرية» .
(19)
ب «طبائعها» .
(20)
ح «العالم العقلي» .
(21)
ف «علة» .
(22)
هذه الكلمة ساقطة من ط. وفي ب: «البشرية» .
فهو عالم المثال الكلي
(1)
المرتسم في ذات مبدئه
(2)
المفارق، مستفاداً عن ذات الأول الحق.
ثم عالم الطبيعة، وهو يشتمل على قوىً سارية في الأجسام، ملابسة للمادة على التمام، تفعل فيها الحركات والسكونات
(3)
الذاتية، وترقى
(4)
عليها الكمالات الجوهرية على سبيل التسخير. فهذه الفوى كلها فعالة.
وبعدها العالم الجسماني، وهو ينقسم إلى أثيري وعنصري. وخاصية الأثيري استدارة الشكل والحركة، واستغراق الصورة
(5)
للمادة، وخلوّ الجوهر عن المادة المضادة
(6)
.
وخاصية العنصري التهيؤ للأشكال المختلفة، والأحوال المتغايرة، وانقسام المادة بين الصورتين المتضادتين
(7)
، أيتهما كانت بالفعل كانت الأخرى بالقوة
(8)
، وليس وجود إحداهما
(9)
لها وجوداً سرمدياً، بل وجوداً زمانياً. ومبادئه الفعالة فيه من القوة
(10)
السماوية بتوسط الحركات، وبسبق
(11)
كماله الأخير أبداً بالقوة
(12)
وبكون ما هو أول فيه
(13)
بالطبع آخراً في الشرف والفضل
(14)
، ولكل واحد
(15)
(1)
ب «هو» ح «وهو» . ب، ح، ط «عامل» ب، ط «على المثال» .
وكلمة «الكلى» ساقطة من ب.
(2)
ف «في ذاته» م، ح «مبدئه» ، ع:«مبدأ» .
(3)
ب: «والسكنات» .
(4)
م «وتوفى» ف «ويريى» ح «ويوفى» .
(5)
ف، م:«الصور» .
(6)
ف، ع، ط «عن المضادة» ب «وخلو الجوهر» فقط.
(7)
الكلمة ساقطة من ب.
(8)
(9)
م، ب «أحدهما» ح، ع «إحديهما» .
(10)
ط «هي القوة»
(11)
ف، ب «ولسبق» . ع «وسبق» ط «ويبقى» .
(12)
هذا ما في ب، م. وفي ح، ع «ما بالقوة» ط «ما هو بالقوة» .
(13)
أول، ساقطة من ب، ف. وكلمة «فيه» من ع فقط.
(14)
ب «بالطبع أقرب وأشرف في الفضل» وفي ف «ولسبق كماله الأخير أيد بالشرف والفضل» .
(15)
ح، ف، ع «واحدة» .
من القوى المذكورة اعتبار بذاته، واعتبار بالإضافة إلى تاليه الكائن عنه
(1)
.
ونسبة
(2)
الثواني كلها إلى الأول بحسب الشركة نسبة الإبداع. وأما على
(3)
التفصيل
(4)
فيخص العقل نسبة
(5)
الإبداع، ثم إذا قام متوسطا بينه وبين الثوالث
(6)
صار له نسبة الأمر
(7)
واندرج فيه معه النفس، ثم كان بعده نسبة الخلق والأمور العنصرية، بما هي
(8)
كائنة
(9)
فاسدة، فنسبة
(10)
التكوين والإبداع
(11)
. والإبداع
(12)
يختص
(13)
بالعقل، والأمر يفيض منه إلى النفس، والخلق
(14)
يختص بالموجودات الطبيعية، ويعم جميعها
(15)
، والتكوين يختص
(16)
بالكائنة
(17)
الفاسدة منها.
وإذا كانت الموجودات بالقسمة الكلية، إما روحانية، وإما جسمانية
(18)
، فالنسبة
(19)
الكلية إلى المبدأ
(20)
الحق إليها انه
(21)
الذي له الخلق والأمر
(22)
.
فالأمر متعلق بكل ذي إدراك، والخلق بكل ذي تسخير
(23)
.
وهذا هو غرضنا في هذا
(24)
الفصل الأول
(25)
.
(1)
هذا ما في ع، ب. ط «تاليها الكائن عنها» وفي سائر النسخ:«بالإضافة إلى نسبة صدور الكمالين عنه» .
(2)
ب: «ونسب» .
(3)
ف «إلى» .
(4)
ب، ع «التفضيل» .
(5)
ح، ط:«بنسبة» .
(6)
ف «التوالي» ط «الثواني» .
(7)
م «الآخر» .
(8)
ب «هو»
(9)
ح «كانت» .
(10)
ح، ف، ع، ط:«نسبة» .
(11)
ح «فالإبداع» .
(12)
هذه من ف فقط.
(13)
ف «يخص» .
(14)
ف «والحق» .
(15)
م «جسميتها» ح «لجميعها» .
(16)
هذه الكلمة ساقطة من ب، ح.
(17)
م، ف «بالمكانية» .
(18)
ح، ع «أو جسمانية» .
(19)
ف «فالقسمة» م «بالنسبة» ب «والنسبة» .
(20)
ح، ف، ع «للمبدإ» . ب «إلى المبدأ الأول» .
(21)
م فقط «لأنه» .
(22)
م، ب «الحق والأمر» . ف «الأمر والحق» ، وأثبت ما في ح.
(23)
ب «فالأمر متعلق بكل ذي تسخير» .
(24)
هذه من م، ح.
(25)
الأول، ليست في م، ح.
الفصل الثاني في الدلالة على كيفية دلالة الحروف عليها
(1)
من الضرورة أنه إذا أريد الدلالة على هذه المراتب
(2)
من الحروف أن يكون الأول منها في الترتيب القديم - وهو ترتيب أبجد هوز - دالا على الأول، وما يتلوه على ما يتلوه.
وأن يكون الدال على هذه المعاني بما
(3)
هو ذات من الحروف مقدما
(4)
على الدال عليها من جهة ما هي مضافة
(5)
.
وأن يكون المعنى الذي يرتسم (7) من إضافة بين
(6)
اثنين منها مدلولا عليه بالحرف الذي يرتسم
(7)
من ضرب الحرفين الأولين أحدهما في الآخر، أعني مما يكون
(8)
من ضرب عددي الحرفين أحدهما في الآخر.
وأن
(9)
يكون ما يحصل من العدة الضربي
(10)
مدلولا عليه بحرف واحد، مستعملاً
(11)
في هذه الدلالة، مثل:(ي) الذي من ضرب (ب) في (هـ). وما
(1)
هذه العبارة من ح، ع، ط:
(2)
م «على هذا الترتيب» . ط: «على هذه المعاني بما هو ذوات» .
(3)
ف «مما» .
(4)
ف «متقدما» .
(5)
العبارة في ب من أول الفصل وردت هكذا «من الضرورة أنه إذا أريد الدلالة على هذه المعاني بما هو ذوات من الحروف متقدما على الدال عليها من جهة ما هي مضافة» ، وفيه تحريف ونقص.
(6)
م «إضافة بنسبة» .
(7)
ب «مرتسم» .
(8)
ب، ف، ط «ما يكون» .
(9)
أن، ساقطة من ب.
(10)
(11)
م «مشتملا» .
يصير مدلولا عليه
(1)
بحرفين، مثل: (به
(2)
) الذي هو من ضرب
(3)
(ج) في (هـ) مطَّرحاً
(4)
لأنه مشكك
(5)
يوهم
(6)
دلالة كل من (ي) و (هـ) بنفسه.
ويقع هذا
(7)
الاشتباه في كل حرفين مجتمعين لكل واحد منهما
(8)
خاص دلالة
(9)
في حد نفسه.
وأن
(10)
يكون الحرف الدال على مرتبة من جهاتها
(11)
بوساطة مرتبة قبلها، هو ما يكون من جمع
(12)
حرفي المرتبتين.
فإذا تقرر هذا فإنه ينبغي أن يدل بالألف على الباري جل وعلا، وبالباء على العقل، وبالجيم على النفس، وبالدال على الطبيعة. هذا إذا أخذت بما هي ذوات.
ثم بالهاء على الباري تعالى
(13)
، وبالواو على العقل، وبالزاء
(14)
على النفس، وبالحاء على الطبيعة. هذا إذا أخذت بما هي مضافة إلى ما
(15)
دونها.
ويبقى الطاء للهيولي وعالمه
(16)
، ليس له وجود بالإضافة إلى شيء تحته.
(1)
هذا ما في ع، ح، ف. وفي م «ما يصير عليه مدلولا» وفي ب «وما يصير مدلولا إليه» .
(2)
هذا ما في ع، م، ح. وفي ب، ف «به» باء، وهاء.
(3)
هذا ما في ح، ف. وفي م «هو ضرب» .
(4)
الكلمة ليست في ح.
(5)
ع، م، ح «مشكل» .
(6)
ب «توهم» .
(7)
كلمة «هذا» ليست في ب.
(8)
ب، ف «منها» .
(9)
م، ح «دلالة خاصة» .
(10)
أن، ليست في ب.
(11)
هذا ما في ع. وفي سائر النسخ «من جهة أنها» .
(12)
ب، ف، ح «جميع» .
(13)
هذه الكلمة من ح.
(14)
ع، ح، ف «وبالزاي» .
(15)
ما، ليست في ب.
(16)
ب «وعالم» ط «وعالمه وليس له وجود» ف «وعالمها وليس لها وجود» .
وينفد
(1)
رتبة
(2)
الآحاد. ويكون (الإبداع) - وهو من إضافة الأول إلى العقل
(3)
والعقل ذات
(4)
لا يضاف
(5)
- بعد مدلولاً عليه بالياء، لأنه من ضرب (هـ) في (ب). ولا يصح لإضافة الباري إلى النفس
(6)
، أو العقل
(7)
إلى النفس عدد يدل عليه بحرف واحد، لأن (هـ) في (ج)(به) و (و
(8)
) في (ج)(مج) ويكون (الأمر) وهو من إضافة الأول إلى العقل مضافاً مدلولاً عليه باللام لأنه من ضرب
(9)
(هـ) في (و
(10)
).
ويكون (الخلق) - وهو من إضافة الأول إلى الطبيعة مضافة - مدلولا عليه بالميم
(11)
لأنه من ضرب (هـ) في (ح) لأن الحاء دلالة على
(12)
الطبيعة مضافة
(13)
.
ويكون (التكوين) - وهو من إضافة الباري إلى الطبيعة وهي ذات
(14)
- مدلولاً عليه
(15)
بالكاف، لأنه من ضرب (هـ) في (د).
ويكون جميع
(16)
نسبتي (الأمر والخلق) أعني ترتيب الخلق بواسطة الأمر - أعني اللام والميم - مدلولاً عليه بحرف (ع).
(1)
ع «وتنفذ» م «فنفذ» ط «وبعد»
(2)
م، ح «مرتبة» .
(3)
(4)
ليست في ف.
(5)
م، ح، ف «لا مضاف» ط «والعقل غير مضاف بعد»:
(6)
إلى النفس من ب فقط.
(7)
ف «والعقل» ع «العقل» .
(8)
ع «ى» ، تحريف.
(9)
هذا ما في م. وفي سائر النسخ «إلى العقل مضافا ل وهو من ضرب» .
(10)
بعده في م فقط «لأنه أي (و) دلالة على العقل مضافا» .
(11)
بدل هذه الكلمات الثلاث في ح، ع، ف:«م» .
(12)
ع: «دالة» . وكلمة «على» ساقطة من م، ح.
(13)
مضافة، ساقطة من ف. وكلمة «لأن الحاء» إلى هنا ليس في ط.
(14)
ب: «ذوات» .
(15)
عليه، من ع، ب فقط.
(16)
م، ط:«جمع» .
وجميع نسبتي (الخلق والتكوين) كذلك - أعني الميم والكاف - مدلولا عليه بالسين
(1)
.
ويكون جميع
(2)
نسبتي طرفي الوجود - أعني اللام والكاف
(3)
- مدلولا عليه بالنون
(4)
.
ويكون جميع
(5)
نسب
(6)
الأمر والخلق والتكوين - أعني: (ل، (م، ك) - مدلولا عليه ب (ص).
ويكون اشتمال الجملة في الإبداع - أعني
(7)
(ي) في نفسه - (ق) وهو أيضاً من جمع (ص) و (ي).
ويكون ردها إلى الأول
(8)
الذي هو
(9)
مبدأ الكل ومنتهاه
(10)
على أنه أول وآخر - أعني فاعل وغاية، كما بين في الإلهيات - مدلولا عليه بالراء ضعف (ق).
وذلك غرضنا في هذا الفصل.
(1)
ب «بالشين» ف «بنون» .
(2)
هذا ما في ف. وفي ع، م «مجموع» ب «مدلول» .
(3)
ب «الكاف واللام» ط «الياء والميم» .
(4)
ع، ط «بنون» .
(5)
هذا ما في ع، ط. وفي ح «مجموع» والكلام من لفظ «نسبتي طرفي الوجود» إلى هنا ساقط من م، ف.
(6)
ب «ويكون نسبة» .
(7)
ب «يعنى» وكلمة «ى» التالية ساقطة من م، ف.
(8)
م «المبدأ الأول» .
(9)
م «وهو» .
(10)
ح «ومنتهاها» . والكلام بعده إلى «الإلهيات» ليس في ط.
الفصل الثالث في الغرض
(1)
فإذا تقرر ذلك فأقول
(2)
:
إن المدلول عليه ب (ألم
(3)
) هو القسم بالأول ذي الأمر والخلق.
وب (ألمر
(4)
) القسم بالأول ذي الأمر والخلق الذي هو الأول والآخر
(5)
والأمر والخلق
(6)
والمبدأ الفاعلي
(7)
والمبدأ
(8)
الغائىّ جميعا.
وب (المص
(9)
) القسم بالأول ذي الأمر والخلق
(10)
، ومنشئ
(11)
الكل.
وب (ص) القسم بالعناية الكلية.
وب (ق) القسم بالإبداع المشتمل على الكل بوساطة الإبداع المتناول للعقل.
وب (كهيعص
(12)
) القسم بالنسبة التي للكاف - أعني عالم التكوين
(13)
- إلى المبدأ الأول، فنسبة
(14)
لإبداع الذي هو (ى)، ثم الخلق
(1)
هاتان الكلمتان من م، ح، ط.
(2)
ب «فنقول» .
(3)
هي فاتحة سورة: البقرة، آل عمران، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة.
(4)
هي فاتحة سورة الرعد.
(5)
الذي هو الأول والآخر، ساقطة من م.
(6)
والأمر والخلق، ساقط من م، ح.
(7)
ب «الفاعل» .
(8)
ساقطة من م
(9)
فاتحة سورة الأعراف.
(10)
ب «الخلق والأمر» .
(11)
ب «ومنشأ» .
(12)
فاتحة سورة مريم
(13)
ف «أعنى التكوين» .
(14)
ع، ف «بنسبة» م «بسبب» ب «ينسب» ط «بنسب» صوابها جميعا في ح.
بوساطة
(1)
الإبداع صائرا بوقوع الإضافة
(2)
بسبب النسبة أمراً وهو (ع)، ثم التكوين بوساطة الخلق والأمر
(3)
وهو (ص). فبين (ك) و (هـ) ضرورة نسبة الإبداع، ثم نسبة الخلق والأمر، ثم نسبة التكوين والخلق والأمر.
و (يس) قسم بأول الفيض وهو الإبداع وآخره، وهو
(4)
التكوين.
و (حم
(5)
) قسم بالعالم الطبيعي الواقع في الخلق.
و (حم عسق
(6)
) قسم بمدلول وساطة الخلق
(7)
في وجود العالم الطبيعي بالخلق، بالجمع
(8)
بينه وبين الأمر، بنسبة
(9)
الخلق إلى الأمر
(10)
، ونسبة الخلق إلى التكوين
(11)
، بأن يأخذ من هذا ويؤدى إلى ذلك
(12)
فيتم به الإبداع الكلي المشتمل على العوالم كلها، فإنها إذا أخذت على الإجمال لم بكن لها نسبة إلى الأول غير الإبداع الكلي الذي
(13)
يدلّ عليه ب (ق).
و (طس
(14)
) يمين بالعالم الهيولاني الواقع في التكوين
(15)
[وطسم
(16)
(1)
م، ط «بواسطة» .
(2)
ط «بوفق الإضافة» .
(3)
م «ثم التكوين والخلق والأمر» . والكلام بعد إلى آخر الفقرة ساقط من م.
(4)
ط «وهو الخلق المشتمل على التكوين» .
(5)
فاتحة سورة: غافر، فصلت، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف.
(6)
فاتحة سورة الشورى.
(7)
م «واسطة الخلق» .
(8)
ع «العالم الطبيعي الواقع بالخلق» وكلمة «بالجمع» من م فقط. وهذه الكلمة والثلاث بعدها ليست في ط.
(9)
م، ح، ب «نسبة» .
(10)
أي م، ل وهما يساويان (ع). انظر ص 38 س 13.
(11)
أي م، ك وهما يساويان (س). انظر ص 39 س 1، 2.
(12)
ب «يوجد من هذا أو يؤدى إلى ذلك» صوابه في م، ف، ح. وفي ع «تأخذ من هذا وترده إلى ذلك» .
(13)
الذي، ساقطة من ب.
(14)
فاتحة سورة النمل.
(15)
لعلها «الخلق والتكوين» فإن «س» تساوى م + ك أي الخلق والتكوين وفي ط «الواقع في التكوين الواقع في الخلق» .
(16)
فاتحة سورتي الشعراء، والقصص.
قسم بالعالم الهيولاني الواقع في الخلق المشتمل على التكوين، وبالأمر الواقع في الإبداع
(1)
].
و (ن) قسم بعالم التكوين وعالم الأمر، أعني مجموع (ك، ل
(2)
).
ولا يمكن
(3)
أن يكون
(4)
للحروف دلالة غير هذا ألبته
(5)
.
ثم بعد هذا أسرار تحتاج إلى المشافهة.
والله تعالى يمد
(6)
في بقاء الشيخ الأمير
(7)
السيد، ويبارك له
(8)
في نعمه عنده، ويجعلني ممن يوفق لقضاء أياديه بمنه وسعة رحمته
(9)
.
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، والتوفيق من الله سبحانه وتعالى
(10)
.
تمت الرسالة النيروزية، وللّه الحمد والمنّة
(11)
(1)
التكملة من ط.
(2)
ع «ك، م» تحريف. ب «مجموع الكلى» تحريف كذلك ط «مجموع الكل» .
(3)
ما عدا ع «ولم يمكن» .
(4)
ب «أن تكون» .
(5)
ط: «دلالة على غير هذا البتة» ب «دلالة على هذه النسبة» ، وهذه تحريف.
ف «دلالة على غير هذه» فقط. وتنتهى نسخة ح بعد هذه الكلمة مختومة بعبارة «انتهى كلامه، شكر اللّه سعيه» .
(6)
ب «واللّه يمد» ف «واللّه تعالى ممد» . والفقرة من أولها إلى آخرها ساقطة من ب.
(7)
هذا ما في ع. وفي ط «بقاء السيد الأمير» . وفي ف «الشيخ الأمين» وكلمة «الأمير» ساقطة من م، ح،
(8)
ع «اللّه» .
(9)
م «وجوده وكرمه» وبعدها في م «آمين آمين» وبها تتم هذه النسخة.
(10)
هذه العبارة من ب فقط وبدلها في ف «والحمد للّه رب العالمين وصلى اللّه على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد للّه رب العالمين» .
(11)
هذه العبارة خاتمة نسخة «ع» .
ملحق بالرسالة النيروزية لتوضيح دلالة رموزها، طبق ما ورد فيها
(صنع عبد السلام هارون)
بما هي ذوات
ا = الباري = الأول
ب = العقل
ج = النفس
د = الطبيعة
بما هي مضافة
هـ = الباري = الأول
و = العقل
ز = النفس
ح = الطبيعة
ط = الهيولى (وهي المادة مجردة من الصورة) وهي لا تقع مضافة
ى = الإبداع من ضرب هـ × ب
ل = الأمر من ضرب هـ × ر
م = الخلق من ضرب هـ × ح
ك = التكوين من ضرب هـ × د
ع = الأمر + الخلق = ل + م
س = الخلق + التكوين = م + ك
ن = طرفي الوجود = ل + ك
ص = الأمر + الخلق + التكوين = ل + م + ك
ق = ص + ى = الأمر + الخلق + التكوين + الإبداع
ر = ضعف ق = رد الجملة (أي الإبداع، والأمر، والخلق، والتكوين) إلى الأول، أي الباري.
رسالة فيها ذكر ما جاء في النيروز وأحكامه مما فسره بطليموس الحكيم ووجده عن علم دانيال.
مقدّمة
وهذه رسالة أخرى تبحت في أمر النيروز وما يدل عليه طالعه على مدار الأيام السبعة. وهو من أساطير الأولين، ولكنه تسجيل للحركة العقلية في تلك العصور القديمة.
وهذه الرسالة في مجموعة جلبها معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية من مكتبة مراد ملا بتركيا برقم 338 مصورة في (الفلم) رقم 916 وعنوانها «ذكر ما جاء في النيروز، وحكا فيه مما فسره بطليموس الحكيم ووجده عن علم دانيال» .
وقد آثرت أن أنشرها في هذه النوادر، لتجد من يستطيع تحقيق نسبتها وتعيين مؤلفها، ولتكون تتمة للمعارف القديمة التي ذكرتها في البحث الذي قدمت به هذه المجموعة النيروزية، وبيانا للاهتمام الذي كان يوجهه القدماء إلى «النيروز» .
وهذا نص الرسالة:
ذكر ما جاء في النوروز
وأحكامه
(1)
مما فسره بطليموس الحكيم ووجده عن علم دانيال قال: إذا صادف النوروز (يوم الأحد) للشمس، فإن النيل يكون متوسطاً في طلوعه، ويخرج زرعاً جيداً، ويرخص القمح أول توت، وبغلو
(2)
الضأن والصوف إلى برمودة، وتكون سنة شتاؤها لين وفيها مرض شديد، ويكون مطرها كثيراً وصيفها بدرياً، ويكثر ثمر النخل وبركة الزرع، ويظفر الملك بعدوه.
وإن صادف النوروز (يوم الاثنين) للقمر، فإن النيل يكون مقبلا مباركاً لطلوعه، ويحسن الزرع ويفسد النخل، ويرخص القمح في بعض السنة ويغلو في كيهك إلى برمودة، ويغلو الزيت والكسوة مدة
(3)
خمسة أشهر، ويكون في العالم حرب وقتال، ويكون الشتاء لينا في بدوه، ويكثر المرض فيها والوباء والموت، ويغلو ثمر النخل والعسل، ويكون الحر شديداً، ويقع بين الملوك اختلاف كثير.
وإن صادف النوروز (يوم الثلاثاء) للمريخ، فإن النيل يجري بلا توقف يكون وسطا ويزيد ثم ينقص في آخره، وتغتم الناس لذلك، ويكون البرد شديداً، ويقع الموت في الترك والصقالبة، وتهرق الدماء، ويكثر الموت في النساء، وتقع فيها بين الملوك منازعة واختلاف، وتحدث زلزلة.
وأن وافق النوروز (يوم الأربعاء) لعطارد، فإن النيل يكون متوسطا وينزل بسرعة، ويكثر السقم في الناس والموت، ويقع في الأطفال، وتكثر
(1)
في الأصل: «وحكافيه» .
(2)
في الأصل: «ويغلى» .
(3)
في الأصل: «منذ» .
اللصوص، ويرخص القمح في توت ويغلو في بابة، ويطلع كوكب في تلك السنة لم يكن ظهر منذ
(1)
سنين كثيرة، وتقل الحرب في تلك السنة، وتكثر فيها الحبوب وموت الرجال بالسيف، وتعلو مراتب الملوك الأعاجم من الفرس، وتقل الثمار في آخر السنة.
وإن وافق النوروز (يوم الخميس) للمشترى، فإن النيل يكون متوسطاً يزيد على سبعة عشر ذراعاً، وتربح التجار في القمح، ويقع في بعض الأراضي نار شديدة
(2)
ويكون ذلك من قبل السلطان، ولا يسافر أحد إلا هلك، وترخص الأشياء من توت إلى كيهك، ويغلو ذلك فيه إلى برمهات، ثم يرخص فيها [و] في بشنس، ويقع في الشتاء موت كثير، وتكثر الفواكه وتفسد الحبوب، ويقع الوباء في النساء بعداوة زحل للزهرة، وذلك إذا هبطت في بيت شرفه، ويقع بين الملوك العرب والعجم شر
(3)
.
وإن وافق النوروز (يوم الجمعة) للزهرة، فإن النيل يكون مباركاً ولا يغلو شيء
(4)
، ويكثر صيد البر والبحر، ويعدل السلطان، وينجب الزرع، ويقل الشر.
وإن وافق النوروز (يوم السبت) لزحل، فإن النيل يكون غالباً يبلغ ثمانية عشر ذراعاً، ويغلو الزيت، ويقع الوباء في العلماء وأكابر الناس ومتوسطي
(5)
العرب، ويكون آخر السنة خيراً.
واللّه أعلم بالصواب
(1)
في الأصل: «في منذ» .
(2)
في الأصل: «نارا شديدا» .
(3)
في الأصل: «شرا» .
(4)
في الأصل: «شيئا» .
(5)
في الأصل: «ومتوسطين» .
حكمة الإشراق إلى كتاب الآفاق
جمع العبد الفقير إلى الله تعالى محمد مرتضى الحسيني عفى عنه بمنه آمين
مقدمة
وهذا كتاب في تاريخ الخط والخطاطين، هو امتداد لمؤلفات قديمة، من أشهرها كتاب أدب الكتاب لمحمد بن يحيى الصولي المتوفى سنة 336، وفصول طوال في فهرست ابن النديم المتوفى سنة 385، وصبح الأعشى للقلقشندي المتوفى سنة 821.
وقد ألف السيد مرتضى الزبيدي هذا الكتاب مشتملا على «فضيلة الخط والقلم وما جاء فيهما من الآثار، وما للحكماء فيهما من الأسرار، وبيان من وضع الخط أولاً وألف الحروف، وألبسها حلل التفصيل وأحلها في أحسن الظروف، ثم بيان الأجلة من الكتاب والأعيان من أهل الفن» .
وقد جعل هذه الرسالة هدية إلى خزانة نابغة الخط الأمير حسن أفندي الملقب بالرشدى
(1)
.
وقسمها إلى عشرة فصول وخاتمة:
الفصل الأول: في ذكر من وضع الخط وأصله، ووصله وفصّله.
الفصل الثاني: في فضل الخط وما قيل فيه.
الفصل الثالث: في القلم، وما لهم فيه من الحكم.
(1)
هو حسن أفندي بن عبد اللّه، الملقب بالرشدى، الرومي الأصل، توفى في السنة التي توفى فيها الزبيدي. قال الجبرتى في ترجمته: «مولى على آغا بشير دار السعادة، المكتب المصري، اشتراه سيده صغيرا، وهذبه ودربه وشغله بالخط فاجتهد فيه، وجوده على عبد اللّه الأنيس، وكان ليوم إجازته محفل نفيس، جمع فيه المرءوس والرئيس، ثم زوجه ابنته وجعله خليفته ولم يزل في حال حياة سيده معتكفا على المشق والتسويد، معتنيا بالتحرير والتجويد إلى أن فاق أهل عصره في الجودة في الفن،
…
ولما توفى شيخ المكتبين المرحوم إسماعيل الوهبى جعل المترجم شيخا باتفاق منهم
…
وألف من أجله شيخنا السيد محمد مرتضى كتاب حكمة الإشراق إلى كتاب الآفاق
…
ولم يزل شيخا ومتكلما على جماعة الخطاطين والكتاب، وعميدهم الذي يشار إليه عند الأرباب، نسخ بيده عدة مصاحف وأحزاب. وأما نسخ الدلائل فكثرتها لا تدخل تحت الحساب، إلى أن طافت به المنية طواف الوداع، ونثرت عقد ذلك الاجتماع. وبموته انقرض نظام هذا الفن». تاريخ الجبرتى 2:211.
الفصل الرابع: في الدواة وصفتها وآلاتها.
الفصل الخامس: في المداد والحبر.
الفصل السادس: في برى الأقلام.
الفصل السابع: في النقط.
الفصل الثامن: في الشكل.
الفصل التاسع: في ذكر حروف المعجم وسرها في تعيين العدد.
الفصل العاشر: في ذكر الكتبة الكرام، من لدن زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمن المؤلف.
ثم الخاتمة وفيها فصلان:
الأول: في أدب التلميذ مع الشيخ.
الثاني: نصيحة لسائر الخطاطين.
السيد مرتضى الزبيدي
والسيد مرتضى الزبيدي عالم لغوى جليل من علماء القرن الثالث عشر، أفرد له الجبرتى في تاريخه ترجمة نفيسة، آثرت أن أنقل جمهورها بلفظه ونسقه، حرصا على ما بها من تصوير كامل لحياة هذا الرجل، وصلاته برجال عصره.
قال الجبرتى في ترجمته
(1)
:
مات شيخنا علم الأعلام، والساحر اللاعب بالأفهام، الذي جاب في اللغة والحديث كل فج، وخاض من العلم كل لج، المذلّل له سبل الكلام، والشاهد له الورق والأقلام، ذو المعرفة والمعروف، وهو العلم الموصوف، العمدة الفهامة والرّحلة النسابة، الفقيه المحدّث اللغوي، النحوي الأصولىّ، الناظم الناثر الشيخ أبو الفيض السيد محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق الشهير بمرتضى الحسيني الزّبيدى
(2)
الحنفي. هكذا ذكر عن نفسه ونسبه.
ولد سنة 1145 كما سمعته من لفظه، ورأيته بخطه.
ونشأ ببلاده وارتحل في طلب العلم وحج مرارا، واجتمع بالشيخ عبد اللّه السندي، والشيخ عمر بن أحمد بن عقيل المكي، وعبد اللّه السقاف، والمسند محمد ابن علاء الدين المزجاجى، وسليمان بن يحيى، وابن الطيب. واجتمع بالسيد عبد الرحمن العيدروس بمكة، وبالشيخ عبد اللّه ميرغني الطائفي في سنة ثلاث وستين ونزل بالطائف بعد ذهابه إلى اليمن ورجوعه في سنة ست وستين، فقرأ على الشيخ عبد اللّه في الفقه وكثيرا من مؤلفاته وأجازه. وقرأ على الشيخ عبد الرحمن العيدروس مختصر السعد، ولازمه ملازمة كلية، وألبسه (الخرقة)، وأجازه بمروياته، ومسموعاته. قال:«وهو الذي شوّقنى إلى دخول مصر بما وصفه لي من علمائها وأمرائها وأدبائها، وما فيها من المشاهد الكرام، فاشتاقت نفسي لرؤياها، وحضرت مع الركب، وكان الذي كان» . وقرأ عليه طرفا من الإحياء، وأجازه بمروياته.
(1)
انظر عجائب الآثار 2: 196 - 210 في حوادث سنة 1205. وقد لخص هذه الترجمة الشبلنجي في نور الأبصار 214، وعلى مبارك في الخطط التوفيقية 3: 93 - 94.
(2)
نسبة إلى زبيد، بفتح الزاي، وهي مدينة مشهورة باليمن.
ثم ورد إلى مصرفى تاسع صفر سنة 1167 وسكن بخان الصاغة، وأول من عاشره وأخذ عنه السيد على المقدسي الحنفي من علماء مصر، وحضر دروس أشياخ الوقت كالشيخ أحمد الملوى، والجوهري، والحفنى، والبليدى، والصعيدى، والمدابغى وغيرهم، وتلقى عنهم وأجازوه وشهدوا بعلمه وفضله وجود حفظه.
واعتنى بشأنه «كتخدا عزبان
(1)
». ووالاه بره حتى راج أمره وترونق حاله واشتهر ذكره عند الخاص والعام، ولبس الملابس الفاخرة وركب الخيول المسومة.
وسافر إلى الصعيد ثلاث مرات واجتمع بأكابره وأعيانه وعلمائه، وأكرمه شيخ العرب همام، وإسماعيل أبو عبد اللّه، وأبو علي، وأولاد نصير، وأولاد وافى، وهادوه وبرّوه.
وكذلك ارتحل إلى الجهات البحرية مثل دمياط ورشيد والمنصورة وباقي البنادر العظيمة مرارا حين كانت مزينة بأهلها، عامرة بأكابرها، وأكرمه الجميع، واجتمع بأكابر النواحي وأرباب العلم والسلوك، وتلقى عنهم وأجازوه وأجازهم، وصنف (عدة رحلات) في انتقالاته في البلاد القبلية والبحرية تحتوى على لطائف ومحاورات ومدائح نظما ونثرا لو جمعت مجلدا ضخما، وكناه سيدنا أبو الأنوار بن وفا (بأبى الفيض)، وذلك يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان سنة 1182 وذلك برحاب ساداتنا بنى الوفا يوم زيارة المولد المعتاد.
ثم تزوج وسكن بعطفة الغسال مع بقاء سكنه بوكالة الصاغة، وشرع في (شرح القاموس) حتى أتمه في عدة سنين نحو أربعة عشر مجلدا سماه «تاج العروس» ولما أكمله (أولم وليمة حافلة) جمع فيها طلاب العلم وأشياخ الوقت بغيط المعدية وذلك في سنة 1181 وأطلعهم عليه واغتبطوا به وشهدوا بفضله وسعة اطلاعه ورسوخه في علم اللغة، وكتبوا عليه تقاريظهم نثرا ونظما».
ثم ساق الجبرتى أسماء هؤلاء المقرظين، وبعض تقاريظهم، ثم قال:
«ولما أنشأ محمد بيك أبو الذهب جامعه المعروف به بالقرب من الأزهر وعمل فيه خزانة للكتب، واشترى جملة من الكتب، ووضعها بها، أنهوا إليه شرح القاموس هذا وعرفوه أنه إذا وضع بالخزانة كمل نظامها، وانفردت بذلك دون غيرها، ورغّبوه في ذلك فطلبه وعوضه عنه مائة ألف درهم فضة، ووضعه فيها.
(1)
معنى كتخدا: وزير الأمور الداخلية، كما جاء في تخليص الإبريز لرفاعة الطهطاوي ص 72.
ولم يزل المترجم يخدم العلم ويرقى في درج المعالي، ويحرص على جمع الفنون التي أغفلها المتأخرون، كعلم الأنساب والأسانيد وتخاريج الأحاديث واتصال طرائق المحدثين المتأخرين بالمتقدمين. وألف في ذلك كتبا ورسائل ومنظومات وأراجيز جمة، ثم انتقل إلى منزل بسويقة اللالا، تجاه جامع محرم أفندي، بالقرب من مسجد شمس الدين الحنفي، وذلك في أوائل سنة 1189، وكانت تلك الخطة إذ ذاك عامرة بالأكابر والأعيان، فأحدقوا به وتحبب إليهم واستأنسوا به وواسوه وهادوه، وهو يظهر لهم الغنى والتعفف، ويعظهم ويفيدهم بفوائد وتمائم ورقى، ويجيزهم بقراءة أوراد وأحزاب. فأقبلوا عليه من كل جهة، وأتوا إلى زيارته من كل ناحية، ورغبوا في معاشرته لكونه غريبا وعلى غير صورة العلماء المصريين وشكلهم، (ويعرف باللغة التركية والفارسية)، بل وبعض لسان الكرج، فانجذبت قلوبهم إليه، وتناقلوا خبره وحديثه.
ثم شرع في إملاء الحديث على طريق السلف في ذكر الأسانيد والرواة والمخرجين من حفظه على طرق مختلفة. وكل من قدم عليه يملى الحديث المسلسل بالأولية، وهو حديث الرحمة برواته ومخرجيه، ويكتب له سندا بذلك وإجازة وسماع الحاضرين فيعجبون من ذلك.
ثم إن بعض علماء (الأزهر) ذهبوا إليه وطلبوا منه إجازة، فقال لهم:
لا بد من قراءة أوائل الكتب، واتفقوا على الاجتماع بجامع شيخون بالصليبة الاثنين والخميس تباعدا عن الناس، فشرعوا في صحيح البخاري بقراءة السيد حسين الشيخونى، واجتمع عليهم بعض أهل الخطة والشيخ موسى الشيخونى إمام المسجد وخازن الكتب، وهو رجل كبير معتبر عند أهل الخطة وغيرها. وتناقل في الناس سعى علماء الأزهر مثل الشيخ أحمد السجاعى، والشيخ مصطفى الطائي، والشيخ سليمان الأكراشى وغيرهم للأخذ عنه، فازداد شأنه وعظم قدره، واجتمع عليه أهل تلك النواحي وغيرها من العامة والأكابر والأعيان، والتمسوا منه تبيين المعاني فانتقل من الرواية إلى الدراية، وصار درسا عظيما، فعند ذلك انقطع عن حضوره أكثر الأزهرية، وقد استغنى عنهم هو أيضا وصار يملى على الجماعة بعد قراءة شيء من الصحيح حديثا من المسلسلات أو فضائل الأعمال، ويسرد رجال سنده ورواته من حفظه ويتبعه (بأبيات من الشعر) كذلك، فيتعجبون من ذلك لكونهم لم يعهدوها فيما سبق في المدرسين المصريين.
وافتتح درسا آخر في مسجد الحنفي، وقرأ الشمائل في غير الأيام المعهودة بعد العصر، فازدادت شهرته، وأقبلت الناس من كل ناحية لسماعه ومشاهدة ذاته، لكونها على خلاف هيئة المصريين وزيهم. ودعاه كثير من الأعيان إلى بيوتهم، وعملوا من أجله ولائم فاخرة، فيذهب إليهم مع خواص الطلبة والمقرئ والمستملى وكاتب الأسماء، فيقرأ لهم شيئا من الأجزاء الحديثية كثلاثيات البخاري أو الدارمي، أو بعض المسلسلات، بحضور الجماعة وصاحب المنزل وأصحابه وأحبابه وأولاده (وبناته ونسائه من خلف الستائر)، وبين أيديهم مجامر البخور بالعنبر والعود مدة القراءة ثم يختمون ذلك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على النسق المعتاد، ويكتب الكاتب أسماء الحاضرين والسامعين حتى النساء والصبيان والبنات، واليوم والتاريخ، ويكتب الشيخ تحت ذلك:«صحيح ذلك» . وهذه كانت طريقة المحدثين في الزمن السابق كما رأيناه في الكتب القديمة.
يقول الحقير: إني كنت مشاهدا وحاضرا في غالب هذه المجالس والدروس، ومجالس أخر خاصة بمنزله ويسكنه القديم بخان الصاغة، وبمنزلنا بالصنادقية وبولاق وأماكن أخر كنا نذهب إليها للنزهة مثل غيط المعدية (والأزبكية) وغير ذلك.
فكنا نشغل غالب الأوقات بسرد الأجزاء الحديثية وغيرها، وهو كثير، بثبوت المسموعات على النسخ وفي أوراق كثيرة موجودة إلى الآن.
وانجذب إليه (بعض الأمراء الكبار) مثل مصطفى بيك الإسكندرانى، وأيوب بيك الدفتردار، فسعوا إلى منزله: وترددوا لحضور مجالس دروسه، وواصلوه بالهدايا الجزيلة والغلال، واشترى الجواري، وعمل الأطعمة للضيوف، وأكرم الواردين والوافدين من الآفاق البعيدة. وحضر عبد الرزاق أفندي الرئيس من الديار الرومية إلى مصر وسمع به، فحضر إليه والتمس منه الإجازة وقراءة مقامات الحريري، فكان يذهب إليه بعد فراغه من درس شيخون ويطالع له ما تيسر من المقامات ويفهمه معانيها اللغوية.
ولما حضر محمد باشا عزت الكبير رفع شأنه عنده وأصعده إليه، وخلع عليه فروة سمور؛ ورتب له تعيينا من كلاره لكفايته، من لحم وسمن وأرز وحطب وخبز، ورتب له علوفة جزيلة بدفتر الحرمين والسائرة، وغلالا من الأنبار، وأنهى إلى الدولة شأنه، فأتاه مرسوم بمرتب جزيل بالضربخانة وقدره مائة وخمسون نصفا فضة في كل يوم وذلك في سنة 1191 فعظم أمره وانتشر صيته. وطلب إلى الدولة
في سنة 94 فأجاب ثم امتنع، وترادفت عليه المراسلات من أكابر الدولة وواصلوه بالهدايا والتحف والأمتعة الثمينة في صناديق. وطار ذكره في الآفاق، وكاتبه ملوك النواحي من الترك والحجاز والهند واليمن والشام والبصرة والعراق وملوك المغرب والسودان وفزان والجزائر والبلاد البعيدة، وكثرت عليه الوفود من كل ناحية، وترادفت عليه منهم الهدايا والصلات والأشياء الغريبة، وأرسلوا إليه من أغنام فزان وهي عجيبة الحلقة عظيمة الجثة، يشبه رأسها رأس العجل، وأرسلها إلى أولاد السلطان عبد الحميد فوقع لهم موقعا، وكذلك أرسلوا إليه من طيور الببغا والجواري والعبيد والطواشية، فكان يرسل من طرائف الناحية إلى الناحية المستغرب ذلك عندها، ويأتيه في مقابلتها أضعافها. وأتاه من طرائف الهند وصنعاء واليمن وبلاد سرت وغيرها أشياء نفيسة، وماء الكادى، والمربيات والعود والعنبر والعطر شاه بالأرطال، وصار له عند أهل المغرب شهرة عظيمة ومنزلة كبيرة واعتقاد زائد.
وربما اعتقدوا فيه (القطبانية العظمى) حتى إن أحدهم إذا ورد إلى مصر حاجا ولم يزره ولم يصله بشئ لا يكون حجه كاملا، فإذا ورد عليه أحدهم سأله عن اسمه ولقبه وبلده وخطته وصناعته وأولاده، وحفظ ذلك أو كتبه، ويستخبر هذا عن ذاك بلطف ورقة، فإذا ورد عليه قادم من قابل سأله عن اسمه وبلده فيقول له: فلان من بلدة كذا. فلا يخلو إما أن يكون عرفه من غيره سابقا، أو عرف جاره أو قريبه، فيقول له: فلان طيب؟ فيقول: نعم سيدي. ثم يسأله عن أخيه فلان وولده فلان وزوجته وابنته، ويشير له باسم حارته وداره وما جاورها، فيقوم ذلك المغربي ويقعد ويقبل الأرض تارة ويسجد تارة ويعتقد أن ذلك من باب الكشف الصريح. فتراهم في أيام طلوع الحج ونزوله مزدحمين على بابه من الصباح إلى الغروب، وكل من دخل منهم قدم بين يدي نجواه شيئا إما موزونات فضة أو تمرا أو شمعا، على قدر فقره وغناه وبعضهم يأتيه بمراسلات وصلات من أهل بلاده وعلمائها وأعيانها ويلتمسون منه الأجوبة، فمن ظفر منهم بقطعة ورقة ولو بمقدار الأنملة فكأنما ظفر بحسن الخاتمة، وحفظها معه كالتميمة، ويرى أنه قد قبل حجه وإلا فقد باء بالخيبة والندامة، وتوجه عليه اللوم من أهل بلاده، ودامت حسرته إلى يوم ميعاده. وقس على ذلك ما لم يقل.
وشرع في شرح (إحياء العلوم) للغزالي، وبيض منه أجزاء وأرسل منها إلى الروم والشام والغرب ليشتهر مثل شرح القاموس ويرغب في طلبه واستنساخه.
و (ماتت زوجته) في سنة 96 فحزن عليها حزنا كثيرا، ودفنها عند المشهد المعروف بمشهد السيدة رقية وعمل على قبرها مقاما ومقصورة وستورا وفرشا وقناديل ولازم قبرها أياما كثيرة، وتجتمع عنده الناس والقراء والمنشدون، ويعمل لهم الأطعمة والثريد والكسكسو والقهوة والشربات. واشترى مكانا بجوار المقبرة المذكورة وعمره بيتا صغيرا وفرشه وأسكن به أمها، ويبيت به أحيانا. وقصده الشعراء بالمراثي، فيقبل منهم ذلك ويجيزهم عليه. ورثاها هو بقصائد وجدتها بخطه بعد وفاته في أوراقه المتشتة، على طريقة شعر مجنون ليلى».
وساق الجبرتى ست مقطعات للزبيدى في رثائها ثم قال: «ثم تزوج بعدها بأخرى وهي التي مات عنها وأحرزت ما جمعه من مال وغيره. ولما بلغ ما لا مزيد عليه من الشهرة وبعد الصيت وعظم القدر والجاه عند الخاص والعام وكثرت عليه الوفود من سائر الأقطار، وأقبلت عليه الدنيا بحذافيرها من كل ناحية، لزم داره واحتجب عن أصحابه الذين كان يلم بهم قبل ذلك إلا في النادر لغرض من الأغراض، وترك الدروس والإقراء واعتكف بداخل الحريم وأغلق الباب ورد الهدايا التي تأتيه من أكابر المصريين ظاهرة، وأرسل إليه مرة أيوب بيك الدفتردار مع نجله خمسين إردبا من البر، وأحمالا من الأرز والسمن والعسل والزيت وخمسمائة ريال نقود وبقج كساوى أقمشة هندية وجوخا وغير ذلك فردها، وكان ذلك في رمضان، وكذلك مصطفى بيك الإسكندرانى وغيرهما، وحضرا إليه فاحتجب عنهما ولم يخرج إليهما ورجعا من غير أن يواجهاه.
ولما حضر حسن باشا على الصورة التي حضر فيها إلى مصر لم يذهب إليه، بل حضر هو لزيارته وخلع عليه فروة تليق به، وقدم له حصانا معدودا مرخنا بسرج وعباءة، قيمته ألف دينار، أعده وهيأه قبل ذلك. وكانت شفاعته عنده لا ترد، وإن أرسل إليه إرسالية في شيء تلقاها بالقبول والإجلال وقبّل الورقة قبل أن يقرأها ووضعها على رأسه ونفذ ما فيها.
وأرسل مرة إلى أحمد باشا الجزار مكتوبا وذكر له فيه أنه (المهدى المنتظر) وسيكون له شأن عظيم، فوقع عنده بموقع الصدق لميل النفوس إلى الأماني، ووضع ذلك المكتوب في حجابه المقلد به مع الأحراز والتمائم، فكان يسير بذلك إلى بعض من يرد عليه ممن يدعى المعارف في الجفور والزايرجات ويعتقد صحته بلا شك. ومن قدم عليه من جهة مصر وسأله عن المترجم فإن أخبره وعرّفه أنه اجتمع به وأخذ
عنه وذكره بالمدح والثناء أحبّه وأكرمه وأجزل صلته، وإن وقع منه خلاف ذلك قطّب منه وأقصاه عنه وأبعده، ومنع عنه بره ولو كان من أهل الفضائل. واشتهر ذلك عند من عرف منه ذلك بالفراسة، ولم يزل على حسن اعتقاده في المترجم حتى انقضى نحبهما.
واتفق أن مولاي محمد سلطان المغرب رحمه الله وصله بصلات قبل انجماعه الأخير وتزهده، وهو يقبلها بالحمد والثناء والدعاء، فأرسل له في سنة 201 صلة لها قدر، فردّها وتورع عن قبولها وضاعت ولم ترجع إلى السلطان، وعلم السلطان ذلك من جوابه فأرسل إليه مكتوبا قرأته، وكان عندي ثم ضاع في الأوراق، ومضمونه العتاب والتوبيخ في رد الصلة، ويقول له: إنك رددت الصلة التي أرسلناها إليك من بيت مال المسلمين، وليتك حيث تورعت عنها كنت فرقتها على الفقراء والمحتاجين فيكون لنا ولك أجر ذلك، إلا أنك رددتها وضاعت. (ويلومه) أيضا على شرحه كتاب الإحياء ويقول له: كان ينبغي أن تشغل وقتك بشئ نافع غير ذلك، ويذكر وجه لومه له في ذلك وما قاله العلماء وكلاما مفحما مختصرا مفيدا. رحمه الله.
وللمترجم من المصنفات خلاف شرح القاموس
(1)
وشرح الإحياء
(2)
تأليفات كثيرة منها:
1 -
كتاب الجواهر المنيفة، في أصول أدلة مذهب الإمام أبي حنيفة رضى اللّه عنه مما وافق فيه الأئمة الستة
(3)
. وهو كتاب نفيس حافل رتبه ترتيب كتب الحديث من تقديم ما روى عنه في الاعتقاديات ثم في العمليات على ترتيب كتب الفقه.
2 -
والنفحة القدسية، بواسطة البضعة العيدروسية، جمع فيه أسانيد العيدروس، وهي في نحو عشرة كراريس.
3 -
والعقد الثمين، في طرق الإلباس والتلقين.
4 -
وحكمة الإشراق إلى كتاب الآفاق.
(1)
طبعت خمسة أجزاء منه بالمطبعة الوهبية سنة 1286. ثم طبع كاملا في عشرة أجزاء بالمطبعة الخيرية سنة 1306.
(2)
طبع بفاس سنة 1302 في 13 جزءا، ثم في الميمنية سنة 1311 في 10 أجزاء.
باسم «إتحاف السادة المتقين، بشرح أسرار إحياء علوم الدين» .
(3)
طبع بالإسكندرية سنة 1292 في جزءين.
5 -
وشرح الصدر، في شرح أسماء أهل بدر، في عشرين كراسا، ألفها لعلى أفندي درويش.
ورسائل كثيرة جدا منها.
1 -
رفع نقاب الخفا، عمن انتمى إلى وفا وأبى الوفا.
2 -
بلغة الأريب، في مصطلح آثار الحبيب
(1)
.
3 -
إعلام الأعلام، بمناسك حج بيت اللّه الحرام.
4 -
زهر الأكمام، المنشق عن جيوب الإلهام، بشرح صيغة سيدي عبد السلام.
5 -
رشفة المدام المختوم البكري، من صفوة زلال صيغ القطب البكري.
6 -
رشف سلاف الرحيق، في نسب حضرة الصديق.
7 -
القول المثبوت، في تحقيق لفظ التابوت.
8 -
تنسيق قلائد المنن، في تحقيق كلام الشاذلي أبى الحسن.
9 -
لقط اللآلي، من الجوهر الغالي. وهي في أسانيد الأستاذ الحفنى، وكتب له إجازته عليها في سنة 67 وذلك سنة قدومه إلى مصر.
10 -
النوافح المسكية، على الفوائح الكشكية.
11 -
جزء في حديث «نعم الإدام الخل» .
12 -
هدية الإخوان، في شجرة الدخان.
13 -
منح الفيوضات الوفية، فيما في سورة الرحمن من أسرار الصفة الإلهية.
14 -
إتحاف سيد الحي، بسلاسل بنى طي.
15 -
بذل المجهود، في تخريج حديث «شيبتنى هود» .
16 -
المربى الكابلي، فيمن روى عن الشمس البابلي.
17 -
المقاعد العندية، في المشاهد النقشبندية.
18 -
رسالة في المناشى والصفين!
19 -
شرح على خطبة الشيخ محمد البحيرى البرهاني على تفسير سورة يونس.
20 -
تفسير على سورة يونس مستقل، على لسان القوم.
21 -
شرح على حزب البر، للشاذلى
(2)
.
(1)
طبع في مصر سنة 1326.
(2)
طبع بمطبعة السعادة سنة 1333 في 78 صفحة باسم «تنبيه العارف البصير. على أسرار الحزب الكبير» .
22 -
تكملة على شرح حزب البكري للفاكهى.
23 -
مقامة سماها إسعاف الأشراف.
24 -
أرجوزة في الفقه، نظمها باسم الشيخ حسن بن عبد اللطيف الحسنى المقدسي.
25 -
حديقة الصفا، في والدي المصطفى. وقرظ عليها الشيخ حسن المدابغى.
26 -
رسالة في طبقات الحفاظ.
27 -
رسالة في تحقيق قول أبى الحسن الشاذلي: «وليس من الكرم» الخ.
28 -
عقيلة الأتراب، في سند الطريقة والأحزاب، صنفها للشيخ عبد الوهاب الشربيني.
29 -
التعليقة، على مسلسلات ابن عقيلة.
30 -
المنح العلية، في الطريقة النقشبندية.
31 -
الانتصار، لوالدي النبي المختار.
32 -
ألفية السند ومناقب أصحاب الحديث.
33 -
كشف اللثام، عن آداب الإيمان والإسلام.
34 -
رفع الشكوى، لعالم السر والنجوى.
35 -
ترويح القلوب، بذكر ملوك بنى أيوب.
36 -
رفع الكلل، عن العلل.
37 -
مسامرة الحبيب. ذكره في تاج العروس في مادة (بزز) وقال:
«ومنية البز بالفتح: قرية بمصر، وقد دخلتها وألفت فيها مسامرة الحبيب في ليلة واحدة» .
38 -
رسالة سماها قلنسوة التاج، ألفها باسم الأستاذ العلامة الصالح الشيخ محمد بدير المقدسي، وذلك لما أكمل شرح القاموس المسمى بتاج العروس، فأرسل إليه كراريس من أوله حين كان بمصر، وذلك في سنة 82 ليطلع عليها شيخه الشيخ عطية الأجهورى ويكتب عليها تقريظا، ففعل ذلك وكتب يستجيزه، فكتب إليه أسانيده العالية في كراسة وسماها قلنسوة التاج
(1)
.
وقد لخص الجبرتى هذه الرسالة. وذكر ما يتعلق بها، ثم ذكر أن للزبيدى أشعارا كثيرة، روى بعضا منها.
ثم روى خبر وفاته بعد إصابته بالطاعون، وأن زوجته أخفت خبره حتى استولت على معظم ما ترك من نفائس، ودفن بقبر أعده لنفسه بجانب زوجته.
ثم قال في نعته:
نسخة الأصل:
هي نسخة نفيسة بمكتبة الأخ المحدث الجليل الأستاذ الشيخ أحمد محمد شاكر مصورة من نسخة بخط المؤلف نفسه، تكرم حفظه اللّه بإعارتي إياها لنشرها.
ولهذه المصورة أخت بدار الكتب المصرية برقم 2799 تاريخ، صور معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية نسخة منها في القلم 404.
وهي تقع في 14 ورقة في كل صفحة منها 19 سطرا، وفي كل سطر نحو عشر كلمات مكتوبة بالخط الفارسي المعتاد. وبهامشها بعض إلحاقات وتصحيحات بقلم الزبيدي.
وفيما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان، وفضله على سائر الأجناس بالتمييز والتبيان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أرشد موجوداته وأسعد مخلوقاته سيد ولد عدنان، وعلى آله وصحبه وتابعيهم ما ترنمت البلابل بالألحان، وغردت سواجع الأطيار على فنن الأغصان.
وبعد فإنه لما كانت صناعة الخط أنفع بضاعة للكتاب، وأوسع كفاية للطلاب في هذا الباب، وأشرف وسيلة للتقريب، وألطف وصيلة لتوسيع الرزق والترحيب، كما قال الشاعر:
لا تعدُ عن حقِّ الكتابة إنَّها
…
مغنى الغنى ومفاتحُ الأرزاق
واخشَ اليراعةَ وارجها فهي التي
…
عرفت بنفث السُّمِّ والدِّرياق
وكان المتصف به جهينة الأخبار، وحقيبة الأسرار، وبحي العظماء، وكبير الندماء، وترجمان السلطان، وصندوق البيان، ألفت هذه الرّسالة مشتملة على فضيلة الخط والقلم، وما جاء فيهما من الآثار، وما للحكماء فيهما من الأسرار، وبيان من وضع الخط أولاً وألف الحروف وألبسها حلل التفصيل وأحلها في أحسن الظروف. ثم بيان الأجلة من الكتاب، والأعيان من أهل الفن بحسن النسق المستطاب.
وقد جعلتها هدية إلى خزانة من نبغ فيه واشتهر كاشتهار الشمس في رابعة النهار
(1)
، وهذب قواعده وأتقن مراتبه بحسن الضبط والاعتبار، جمال هذا الفن الذي فاق فيه وبرع، وجمع بين المتانة والحسن ما لم يسبق به فللّه
(1)
كذا جاءت «رابعة» بالباء واضحة. ولها وجهها.
ما جمع، فلو شاهده ابن هلال لأقر له بالإتقان، أو عاصره ياقوت لقال هذا إنسان عين الزمان، أو رآه الشّيخ
(1)
لافتخر به في عصره، وأذعن أنه فريد مصره، المولي الكامل الماهر الكاتب، ذي الخط البديع المشرق كالكواكب، صاحب العرف الندي، الأمير حسن أفندي الملقب بالرشدي، جمل الله بجماله هذه الصناعة وأربابها، ويسّر له سبل الخيرات وفتح له أبوابها.
فخذها جريدة مفيدة للمتدرب الكاتب، وخريدة منجية للمتعلم عن المتاعب، وسفينة جارية على مقاصد المتأملين فيها من كل باب، ودفينة رزينة لمن يتعرض في اقتناء الدر من مناهج الصواب، جريدة شحنت مسكاً زواياها، وحقة ملئت دراً خباياها، أمليتها من غرائب بنات الأفكار، ونوادر نتائج ثمرات الأخيار.
وكلُّ سطرٍ من الياقوت زاد علاً
…
فلا تقيسوه بالمنحوت من حجر
وكسرتها على عشرة فصول وخاتمة، وسميتها:«حكمة الإشراق، إلى كتاب الآفاق» . وعلى الله توكلي وبه أستعين، في أمور الدّنيا والدّين.
(1)
يعنى الشيخ حمد الله ابن الشيخ مصطفى الأماسي.
فصل في ذكر من وضع الخط وأصله، ووصله وفصَّله
يقال: إن أول من وضع الخط والكتب كلها آدم عليه السلام قبل موته بثلاثمائة سنة، كتبها في طين وطبخه، فلمّا أضلّ القوم الغرق أصاب كل قوم كتابهم.
وقيل: أول من وضعه أخنوخ، وهو إدريس عليه السلام.
وقيل إن نفيس
(1)
، ونصر
(2)
، وتيما، ورومه، بنو إسماعيل، وضعوا كتاباً واحداً وجعلوه سطراً واحدا غير متفرق، موصول الحروف كلها، ثم فرقه نبت
(3)
، وهميسع وقيذار، وفرقوا الحروف وجعلوا الأشباه.
وأما الخط العربي فأول من وضعه وألف حروفه ستة أشخاص من طسم، كانوا نزولا عند عدنان بن أدد، وكانت أسماؤهم: أبجد هوز حطى كلمن سعفص قرشت، فوضعوا الكتابة والخط على أسمائهم، فلما وجدوا في الألفاظ حروفاً ليست في أسمائهم ألحقوها بها، وسموها الروادف، وهي ثخذ ضظغ.
وقيل: أول من وضع الخط العربي مرامر بن مرة
(4)
وقيل، عامر بن جدرة - وقد ذكر كلّا منهما صاحب القاموس - وقيل أسلم بن سدرة، وهم نفر من
(1)
تسميه التوراة: «نافيش» . تكوين 25: 15.
(2)
كذا. وإنما هو «يطور» . تكوين 25: 15.
(3)
هو «نبايوت» . وهو بكر إسماعيل. تكوين 25: 13.
(4)
ويقال «ابن مروة» . اللسان (مرر).
بولان رسموه أحرفاً مقطعة، ثم قاسوه على هجاء السريانية، فوضع مرامر صوره، وعامر أعجمه، وأسلم وصل وفصل.
وقال ابن خلكان
(1)
: والصحيح عند أهل العلم أن أول من خط هو مرامر بن مرة من أهل الأنبار، وقيل إنه من بني مرة. ومن الأنبار انتشرت الكتابة في الناس. قال الأصمعي: ذكروا أن قريشاً سئلوا: من أين لكم الكتابة؟ فقالوا: من الأنبار
(2)
.
وقال هشام بن محمد بن السائب: تعلم بشر بن عبد الملك الكتابة من أهل الأنبار وخرج إلى مكة وتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية. تعلم
(3)
منه حرب، ومنه ابنه سفيان، ومنه ابن أخيه سيدنا معاوية رضي الله عنه، ثم انتشر في قريش، وهو الخط الكوفي الذي استنبطت منه الأقلام التي هي الآن.
وفيه كلام في الإعلام
(4)
للسهيلي، والمزهر للسيوطي، والأوليات للعسكري، وقد ذكرنا كلامهم في كتابنا «تاج العروس لشرح جواهر القاموس» . فمن أراد الزيادة على ذلك فليراجعه.
(1)
في الوفيات 1: 346 في ترجمة علي بن هلال، المعروف بابن البواب.
(2)
الذي في الوفيات: «فقالوا من الحيرة. وقيل لأهل الحيرة: من أين لكم الكتابة؟
فقالوا: من الأنبار».
(3)
كذا. بدون واو قبلها.
(4)
هو «التعريف والإعلام، فيما أبهم في القرآن من الأسماء الأعلام» . وقد طبع في مصر بتصحيح محمود ربيع سنة 1356. انظر منه ص ص 40 - 41.
فصل في فضل الخط وما قيل فيه
جاء في تفسير قوله تعالى: يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ: انه الخط الحسن.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ قال: الخط.
ويروى في الخبر المأثور: من كتب بسم اللّه الرحمن الرحيم فحسّنه أحسن اللّه إليه. كذا في منهاج الإصابة للزّفتاوى.
وفي شرعة الإسلام
(1)
: من كتب بسم الله الرحمن الرحيم فجوده غفر الله له.
وفي الجامع الصغير
(2)
من رواية سلمة
(3)
: «الخطّ الحسنُ يزيد الحقَّ وضحا» وفيه أيضاً: «قيِّدوا العلم بالكتاب
(4)
»، قال شارحه المناوي
(5)
: العلم يعقل ثم يحفظ، والنسيان كامن في القلب، فلخوف ذهاب العلم قيد بالكتابة.
وجاء في حديث آخر: «حق الوالد على ولدهِ أن يعلمه الكتابة والسِّباحة والرِّماية، وأن لا يرزقهُ إلا طيِّباً
(6)
». وفي رواية أخرى: «حقّ الوالد على
(1)
شرعة الإسلام، للإمام الواعظ محمد بن أبي بكر المعروف بإمام زاده الحنفي، المتوفى سنة 573.
(2)
الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، لجلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911.
(3)
كذا بخطه. وفي الجامع الصغير 4134 «أم سلمة» . وأشار السيوطي إلى أنه حديث ضعيف. وروى الحديث منسوبا إلى علي في صبح الأعشى 3: 2.
(4)
الجامع الصغير 6167 عن أنس وابن عمرو. وأشار إلى أنه حديث صحيح.
(5)
هو شمس الدين محمد المدعو بعبد الرؤوف المناوي الشافعي المتوفى سنة 1030.
خلاصة الأثر 2: 412. وقد طبع شرحه «التيسير» ملخص شرحه الكبير «فيض القدير» في مجلدين ببولاق سنة 1286.
(6)
في الجامع الصغير 3742 من حديث أبي رافع، وقد أشار إلى أنه ضعيف.
ولده أن يحسِّن اسمه، ويزوِّجه إذا أدرك، ويعلِّمه الكتاب
(1)
». قال الشارح:
يعني القرآن، ويحتمل إرادة الخط.
وفي الحديث أيضاً، قال صلى الله عليه وسلم لزيد بن ثابت - وهو أحد كتابه كما سيأتي -:«إذا كتبت بسم الله الرحمن الرحيم فبيِّن السِّين فيه»
(2)
.
وذكر صاحب الشرعة أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية رضي الله عنه وهو يكتب بين يديه. «ألقِ الدَّواةَ، وحرِّف القلم، وانصب الباء، وفرِّق السين، ولا تعوِّرِ الميم، وحسِّن الله، ومدَّ الرَّحمن، وجوِّد الرحيم.
وقالوا: لما كانت الكتابة شريفة كان حسن الخط فيها فضيلة.
وقال المأمون: لو فاخرتنا الملوك الأعاجم بأمثالها لفخرناها بما لنا من أنواع.
الخط يقرأ بكل مكان، ويترجم بكل لسان، ويوجد مع كل زمان.
وقال النظام: الخط أصل في الروح يظهر بآلة جسدانية
(3)
.
وقال بعض الحكماء
(4)
: الخط سمط الحكمة، بها
(5)
يفصّل شذورها وينتظم منثورها.
ويقال: قريش أهل الله، لأنهم كتبة حسنة
(6)
.
وكان يقال: حسن الخط أحد اللسانين، كما قيل: قلّة العيال أحد اليسارين.
(1)
في الجامع 3743 عن أبي هريرة. وذكر أنه ضعيف.
(2)
حديث ضعيف، كما في الجامع الصغير 835.
(3)
صبح الأعشى: «الخط أصل الروح، له جسدانية في سائر الأعمال» .
(4)
في صبح الأعشى 3: 2 أنه «جعفر بن يحيى» .
(5)
كذا في الأصل. وفي صبح الأعشى: «وبه تفصل شذورها، وينتظم منثورها» .
(6)
كذا. وفي أدب الكتاب للصولى 28: «وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قريش أهل اللّه، وهم الكتبة الحسبة» : جمع كاتب وحاسب.
وقال بعض العلماء
(1)
: الخط كالروح في الجسد، فإذا كان الإنسان جميلاً وسيماً حسن الهيئة كان في العيون أعظم، وفي النفوس أفخم، وبضد ذلك تسأمه النفوس. فكذلك الخط إذا كان حسن الوصف، مليح الرصف، مفتح العيون، أملس المتون، كثير الائتلاف، قليل الاختلاف، هشت إليه النفوس واشتهته الأرواح، حتى إن الإنسان ليقرؤه - وإن كان فيه كلام دنئ، ومعنى ردئ - مستزيداً منه ولو كثر، من غير سأم يلحقه ولا ضجر. وإن كان الخط قبيحاً مجته الأفهام، ولفظته العيون والأفكار، وسئمه قارئه وإن كان فيه من الحكمة عجائبها، ومن الألفاظ غرائبها.
وقيل: إن وزن الخط مثل وزن القراءة، فأجود الخط أبينه، كما أن أجود القراءة أبينها
(2)
.
فحرفة أصول الخط وهندسته، وكيفيته وحقيقته، أشرف من عمله تقليداً من غير تحقيق.
قيل: وصف أحمد بن إسماعيل خطاً فقال: لو كان نباتاً لكان زهراً، ولو كان معدناً لكان تبرا، أو مذاقاً لكان حلواً، أو شراباً لكان صفواً
(3)
.
وقال عمرو بن مسعدة: الخطوط رياض العلوم، وهي صورة روحها البيان، وبدنها السرعة، وقدمها التسوية، وجوارحها معرفة الفصول، وتصنيفها كتصنيف النغم واللّحون.
(1)
انظر صبح الأعشى 3: 20 - 21.
(2)
صبح الأعشى 3: 21.
(3)
أدب الكتاب للصولى 45.
وقيل: إن أحمد الخطوط رسماً ما اعتدلت أقسامه، وانتصبت ألفه ولامه، واستقامت سطوره، وضاهى صعوده وحدوره
(1)
، وتفتّحت عيونه، ولم تشتبه راؤه ونونه، وقدرت أصوله
(2)
، واندمجت وصوله، وتناسب دقيقه وجليله.
ولا يجمع في سطر بين مدتين ولا ياءين مردودتين، ويراعى مواضع الفصول والوصول، ولا تقطع كلمة بحرف يفرد في غير سطره.
فصل في القلم، وما لهم فيه من الحكم
قيل: هو أول ما خلقه الله تعالى، وبذكره بدأ في القرآن، فقال تعالى:
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ. وقال تعالى: ن. وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ فأبان سبحانه وتعالى أن صناعة القلم أفضل الصّنائع
(1)
، وأجلّ البضائع.
قيل: لا يسمى قلماً حتى يبرى، وإلا فهو قصبة. ولا يقال للرمح رمح إلا وعليه سنان، وإلا فهو قناة. ولا يقال مائدة إلا وعليها طعام، وإلا فهي خوان.
ولا يقال كأس إلا إذا كان فيه شراب، وإلا فهو زجاجة.
وقال بعض ملوك اليونان
(2)
: أمر الدنيا والدين واقع تحت شيئين: سيف وقلم، والسيف تحت القلم.
قال أبو الفتح البستي:
إذا أقسمَ الأبطالُ يوماً بسيفهم
…
وعدُّوه مما يكسبُ المجدَ والكرمْ
كفى قلمَ الكتاب عزَّا ورفعةً
…
مدى الدَّهرِ أنَّ اللهَ أقسمَ بالقلم
(3)
وقال الإسكندر: ما أقرته الأقلام، لم تطمع في دروسه الأيام.
وقيل: القلم لسان البصر، ومطيّة الفكر.
(1)
الكلمة وردت قديما في التنبيه والإشراف للمسعودي 5 وأخبار العلماء للقفطى 195 والدرر الكامنة 3: 420.
(2)
أدب الكتاب للصولى 45. وفي صبح الأعشى 2: 447: «بعض حكماء اليونان».
(3)
صبح الأعشى 2: 445.
وقال آخر: بالقلم تزف بنات العقول، إلى خدور الكتب.
وقال العتابي: ببكاء الأقلام تضحك الصحف.
وقال ابن المعتز: القلم يخدم الإرادة، ولا يمل الاستزادة، يسكت قائماً وينطق سائراً، في أرض بياضها مظلم، وسوادها مضئ.
وقال أرسطاطاليس
(1)
: الكاتب العلة الفاعلية، والقلم العلة الآلية، والمداد العلة الهيولانية، والخط العلة الصورية، والبلاغة العلة الغائية.
وقال إبراهيم بن العباس الصولي لكاتب
(2)
: أطل خرطوم قلمك.
فقال
(3)
: أله خرطوم؟ قال: نعم وأنشد:
كأنَّ أنوفَ الطَّير في عرصاتها
…
خراطيم أقلامٍ تخطُّ وتعجمُ
وأما قدره وإمساكه وحالاته فقال الأستاذ ابن مقلة: أحسن قدود القلم أن لا يتجاوز به الشبر بأكثر من جلفته
(4)
. قال الشاعر:
له ترجمانٌ أخرسُ اللَّفظ صامتٌ
…
على قابِ شبرٍ بل يزيدُ على الشِّبر
(5)
وقال الشيخ محمَّد بن العفيف
(6)
رحمه الله تعالى: صنعة مسكه بالإبهام والوسطى، وتكون السبابة تمنعه من الميل والاضطراب، وتكون مبسوطة غير
(1)
أدب الكتاب للصولى 45 وصبح الأعشى 448.
(2)
في صبح الأعشى 2: 459: «الكاتب» .
(3)
في صبح الأعشى: «فقيل له» .
(4)
في تاريخ بغداد 5: 217 أن الجلفة فتحة رأس القلم. وكلام ابن مقلة تجده في صبح الأعشى 2: 454.
(5)
قبله في صبح الأعشى:
فتى لو حوى الدنيا لأصبح عاريا
…
من المال معتاضا ثيابا من الشكر
(6)
الكلام باختصار في صبح الأعشى 3: 37.
مقبوضة، لأن ببسط الأصابع يتمكن الكاتب من إدارة القلم. ولا يتكئ على القلم الاتكاء الشديد المضعف له، ولا يمسك الإمساك الضعيف فيضعف اقتداره في الخط، لكن يجعل الكاتب اعتماده في ذلك معتدلاً.
وقال إسحاق بن حماد: القلم للكاتب، كالسيف للشجاع.
وقال الضحاك بن عجلان: يا من تعاطى الكتاب، اجمع قلبك عند ضربك القلم، فإنما هو عقلك تظهره.
وأما حاله في الصلابة والرخاوة فإنه تابع للصّحيفة، لأنها إذا كانت لينة احتاجت أن يكون في الأنبوب لين، وفي لحمه فضل، وفي قشره صلابة. وإن كانت صلبة احتاجت أن يكون في الأنبوب يبس وصلابة. قال: وعلة ذلك أن حاجته من المداد في الصحيفة الرخوة أكثر من حاجته إليه في الصحيفة الصلبة فرطوبته ولحمه يحفظان عليه غزارة الاستمداد، ويكون في الصحيفة الصلبة ما وصل إليها من القلم الصلب الخالي من المداد كافياً
(1)
.
وقال شيخ هذه الصناعة عماد الدين الشيرازي
(2)
: أحمد الأقلام ما توسطت حالاته في الطول والقصر، والغلظ والرقة، فإن الرقيق الضئيل تجتمع عليه الأنامل فيبقى مائلاً إلى ما بين الثلاث، والغليظ المفرط لا تحمله الأنامل.
وقال ابن الزيات
(3)
: خير الأقلام ما استحكم نضجه وخف بزره، وبلغ أشدّه واستوى.
(1)
صبح الأعشى 2: 455.
(2)
انظر صبح الأعشى 2: 454.
(3)
هو بعبارة أطول في صبح الأعشى 2: 453.
فصل في الدواة وصفتها وآلاتها
قال الحسن بن وهب
(1)
: سبيل الدواة أن تكون متوسطة في قدرها، لا باللطيفة فتقصر أقلامها وتقبح، ولا بالكثيفة فيثقل محملها.
قال الفضل: ينبغي أن يتخذ من أجود العيدان وأرفعها ثمناً كالآبنوس والساسم والصندل
(2)
.
وأما (الجونة) التي فيها حق المداد فينبغي أن يكون شكلاً مدور الرأس، تجتمع على زاويتين قائمتين، ولا يكون مربعاً على حال، لأنه إذا كان مربعاً يتكاثف المداد، فإذا كان مستديرا كان أنقى للمداد
(3)
وأسعد في الاستمداد.
ويجتهد في تحسينها وتجويدها وتصوينها.
وأنشد المدائني
(4)
:
جوِّدْ دواتك واجتهد في صونها
…
إنَّ الدُّويَّ خزائن الآدابِ
ومن آلاتها (الليقة) ويكون من الحرير والقطن والصوف. وسمت العرب كل ذلك كرسفا.
وقال بعضهم
(5)
: من لم يحسن الاستمداد وبري القلم والشّقّ والقطّ
(1)
انظر صبح الأعشى 2: 442.
(2)
صبح الأعشى 2: 441.
(3)
في صبح الأعشى 2: 468: «أبقى للمداد» .
(4)
في صبح الأعشى 2: 443: «وللّه در المدائني حيث يقول» .
(5)
ذكر في صبح الأعشى 2: 456 أنه المقر العلائي ابن فضل اللّه.
وإمساك الطومار، وقسمة حركة اليد حين الكتابة فليس هو من الكتابة في شيء.
وقال ابن العفيف: من لم يدر وجه القلم وصدره وعرضه فليس هو من الكتابة في شيء
(1)
.
وقال آخر
(2)
: على حسب تمكن الكاتب من إدارة قلمه وسرعة يده في الدوران يكون صفاء جوهر حروفه
(3)
.
وإذا مد الكاتب فليكن القلم من أصابعه على صورة إمساكه له في حين الكتابة ولا يديره للاستمداد، لأن أحسن المذاهب فيه أن يكون من يد الكاتب على وضعه في الكتاب. ويحرك رأس القلم من باطن يده إلى خارجها، فإنه يمكنه معه مقام القلم على نصبته في الأصابع. ومتى عدل عن هذا لحقته المشقة في نقل نصبه الأصابع في كل مدة. وهذا من أكبر ما يحتاج إليه الكاتب، لأن هذا هو الذي عليه مدار جودة الخط، وقلما يدريك علم هذا إلا رؤيته من العالم الحاذق
(4)
بهندسة الخط، مع ما يكون معه من الأناة وحسن التأدية.
قال بعض الكتاب: ويتعين على الكاتب أن يتفقد الليقة ويطيبها بأجود ما يكون، فإنها تتغير على طول المدى. وأنشد:
متظرِّف شهدت عليه دواته
…
إنّ الفتى لا كان غير ظريف
(1)
صبح الأعشى 2: 464.
(2)
هو ابن العفيف كما في صبح الأعشى 3: 38.
(3)
الكلام التالي نسب في صبح الأعشى 3: 38 إلى الشيخ عماد الدين العفيف.
(4)
في صبح الأعشى: «وقلما يدرك علم هذا الفصل إلا العالم الحاذق» .
وكان بعض الكتّاب يطيّب دواته ببعض ما عنده من طيب نفسه، فسئل عن ذلك فقال: لأنا نكتب به اسم الله تعالى واسم نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقال آخر: يتعين على الكاتب تجديد الليقة في كل شهر، وأن يطبق المحبرة حين فراغه لئلا يقع فيها ما يفسد الخط.
وقال آخر
(1)
: ينبغي للكاتب أن لا يكثر الاستمداد، بل يمد مداً معتدلاً، ولا يحرك الليقة من مكانها، ولا ينثر بالقلم
(2)
ولا يرد القلم إلى الليقة حتى يستوعب ما فيه من المداد، ولا يدخل منه الدواة كثيراً بل إلى حد شقيه
(3)
لا يجاوز ذلك إلى آخر الفتحة.
ومن آلاتها (السكين) وهي المدية. قالوا: لا يستعمل لغير بري القلم.
ويستحب المبالغة في سقيها وحدها، ليتمكن من البري، فيصفو جوهر القلم ولا يتشظى قطته. وهي مسن الأقلام تشحذ بها إذا كلت، وتطلقها إذا وقفت وتلمها إذا تشعثت وأحسنها ما عرض صدره، وأرهف حدّه، ولم يفصل عن القبضة نصابه
(4)
، واستوى من غير اعوجاج. وكانوا يستحسنون العقابية
(5)
، وهي التي صدرها أعرض من بطنها.
ومن آلاتها (الملواق) لأنّه به تلاق الدواة وأحسن ما يكون من الآبنوس، لئلا يغيره لون المداد، ويكون مستديراً مخروطاً، عريض الرّأس نحيفه.
(1)
هو المقر العلائي، ابن فضل اللّه، كما في صبح الأعشى 3:39.
(2)
صبح الأعشى: «ولا يعثر بالقلم» .
(3)
صبح الأعشى: «شقة» .
(4)
أدب الكتاب 115.
(5)
انظر صبح الأعشى 2: 467.
فصل في المداد
والحبر سمي مداداً لأنه يمدّ القلم، أي يعينه. وإنما استعمل فيه السواد دون غيره لمضادته لون الصحيفة. وليس شيء من الألوان ضد
(1)
لصاحبه إلا السواد والبياض.
وقال آخر
(2)
: صورة المداد في الأبصار سوداء، وفي البصائر بيضاء.
والمداد ركن من أركان الكتابة وعليه معول الكتاب
(3)
. وأنشدوا في ذلك:
ربع الكتابةِ في سواد مدادها
…
والرُّبع حسنُ صناعة الكتَّاب
والرُّبع من قلمٍ سويٍّ بريهُ
…
وعلى الكواغدِ رابع الأسباب
(4)
ونظر جعفر بن محمد إلى فتى على ثيابه أثر المداد وهو يستره منه، فقال له:
يا هذا، إن المداد على الثياب من المروة
(5)
.
وقال ابن العفيف: شيئان لا يتم المداد إلا بهما، وهما العسل والصّبر. أمّا
(1)
كذا في الأصل، على الوصفية. وفي صبح الأعشى 2: 473 «يضاد صاحبه كمضادة السواد للبياض.
(2)
في صبح الأعشى 2: 472: «بعض الحكماء» .
(3)
في صبح الأعشى 2: 473: «وعليه مدار الربع منها» .
(4)
صبح الأعشى 2: 473: «تسوى بريه» . وكواغذ، وردت بالذال المعجمة.
والكاغد والكاغذ لغتان في الفارسية، وهو الورق الذي يكتب فيه. استينجاس 1006 وفي صبح الأعشى:«كواغد» بالمهملة.
(5)
صبح الأعشى 2: 472.
العسل فإنه يحفظه على مرور الأيام ولا يكاد يتغير عن حالته، وأما الصبر فإنه يمنع الذباب من النزول عليه.
وقال بعض الأدباء: عطروا دفاتر الآداب بسواد الحبر
(1)
.
وقال آخر
(2)
: يبريق الحبر تهتدي العقول لخبايا الحكم، لأنه أبقى على الدّهر، وأنمى للذّكر، وأزيد للأجر.
(1)
صبح الأعشى 2: 472.
(2)
هو فارس بن حاتم، كما في صبح الأعشى 2:473.
فصل في بري الأقلام
حكى أن الضَّحاك كان إذا أراد أن يبرى قلماً توارى بحيث لا يراه أحد ويقول: الخط كله للقلم
(1)
.
وكان الأنصاري إذا أراد أن يبري فعل ذلك، وإذا أراد أن يقوم من الديوان قطع رؤوس الأقلام
(2)
.
وقالوا: تعليم البراية أكبر من تعليم الخط
(3)
.
وقال ابن العفيف: فساد البراية من بلادة السكين.
وقال بعضهم
(4)
: جودة البراية نصف الخط.
وقيل: كان بعضهم
(5)
إذا أخذ الأنبوبة ليبريها تفرّس فيها قبل ذلك، وإذا أراد أن يقط توقف، ثم تحرى فتوقف، ثم يقط على تثبت.
وروى بخط ابن مقلة: ملاك الخط حسن البراية. ومن أحسنها سهل عليه الخط، ومن وعى قلبه كثرة أجناس قط الأقلام كان مقتدراً على الخط، ولا يتعلم ذلك إلا عاقل.
(1)
في صبح الأعشى 2: 456 «القلم» .. والضحاك هذا هو الضحاك بن عجلان.
(2)
زاد في صبح الأعشى 2: 456: «حتى لا يراها أحد» .
(3)
صبح الأعشى 2: 456.
(4)
هو المقر العلائي ابن فضل اللّه. صبح الأعشى 2: 456.
(5)
انظر صبح الأعشى 2: 462.
وقال ابن هلال
(1)
: كل قلم تقصر جلفته فإن الخط يجيء به أوقص أي قصير العنق.
وقال ابن البربري: إياك والخرق في البراية وترك التجويد لها، ومن فسدت آلته فسد عمله.
وقال ابن العفيف
(2)
إذا طالت البراية جاء الخط بها أخف وأضعف وأحلى، وإذا قصرت جاء الخط أصفى وأثقل وأقوى.
وأما صفة شقه فقال ابن هلال: يكون في وسطه، وليكن غلظ السنين جميعاً سواء. قال: ويجوز أن يكون الأيمن أغلظ من الأيسر ولا يكون العكس على حال
(3)
.
وأما قطه فهو على صفات: منها المحرف، والمستوي، والقائم، والمصوب.
وأجودها المحرفة المعتدلة التحريف، وأفسدها المستوي، لأن المستوي أقل من المحرف تصرفاً. قاله ابن العفيف.
قال عبد الحميد الكاتب لرغبان، وكان يكتب بقلمٍ قصير البراية: أتريد أن يجود خطك؟ قال: نعم. قال: فأطل جلفة قلمك، وأسمنها، وحرف القطة وأيمنها. قال رغبان: ففعلت ذلك فجاد خطي
(4)
.
وقال ابن مقلة لأخيه: إذا قططت القلم فلا تقطه إلا على مقط أملس صلب،
(1)
هو أبو الحسن علي بن هلال، المعروف بابن البواب المتوفى سنة 423. وانظر صبح الأعشى 2:459.
(2)
صبح الأعشى 2: 459.
(3)
صبح الأعشى 2: 461.
(4)
صبح الأعشى 2: 459.
غير مثلم ولا خشن، لئلا يتشظى القلم، واستحد السكين حدا، ولتكن ماضية جداً؛ فإنها إذا كانت كالةً جاء الخط رديئاً مضطربا. وتضجع السكين قليلاً إذا عزمت على القط ولا تنصبها نصبا
(1)
.
وقال ابن العفيف: يتعين أن يكون من عود صلب كالآبنوس والعاج، ويكون مسطح الوجه الذي يقطع عليه، ولا يكون مستديرا.
(1)
صبح الأعشى 2: 463 مع اختصار.
فصل في النقط
هو الذي يستدل به على حروف المعجم، ويفصل به بينها، فتعرف به الباء من الثاء.
ويقال: أول من نقط المصاحف ووضع العربية أبو الأسود الدّئلى، من تلقين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضى اللّه عنه.
قال ابن مقلة: وللنقط صورتان: أحدهما شكل مربع، والآخر شكل مستدير. وإذا كانت نقطتان على حرف فإن شئت جعلت واحدة فوق أخرى، أو جعلتهما في سطر معاً. وإذا كان بجوار ذلك الحرف حرف ينقط لم يجز أن تكون النقط إذا انشفعت إلا واحدة فوق أخرى. والعلة في ذلك أن النقط إذا كن في سطر وخرجن عن حروفهن وقع اللبس والإشكال، فإذا جعل بعضها على بعض كان على كلّ حرف قسطه من النقط، فزال الإشكال.
فصل في الشكل
قال بعض أهل اللغة: شكل الحروف مأخوذ من شكل الدابة، لأن الحروف تضبط به وتقيد، فلا يلتبس إعرابها، كما تضبط الدابة بالشكال.
وقال بعضهم: حلوا غرائب الكلم بالتقييد، وحصنوها عن شبه التصحيف والتحريف.
وهو ثلاث حركات: رفع ونصب وخفض. وأما الجزم فصورته بخلاف صور الحركات دائرة كلّها، كأنّهم يريدون بها الميم من اجزم، وحذفوا عرافة الميم استخفافاً.
وقال ابن العفيف: إذا كان الحرف مفتوحاً منوناً فعلامته خطتان من فوقه وتكون بينهما كقدر واحدة منهما، وإذا كان مضموماً منوناً فعلامته سين بغير عراقة، كأنك تريد أوّل «شديد»
(1)
. وإذا كان مجزوما فعلامته خاء بلا عراقة، كأنك تريد أول «خفيف» . هذا مذهب الأستاذ أبي الحسن
(2)
، وعليه جملة أهل المشرق. وإذا كان مهموزاً فعلامته أن تثبت فوقه عيناً بلا عراقة وذلك لقرب مخرج الهمزة من العين.
قال، ولا بد من تناسب الشّكل والنّقط وتناسب البياضات في ذلك
(3)
.
(1)
صبح الأعشى 3: 163.
(2)
أبو الحسن علي بن هلال، المعروف بابن البواب. انظر ص 76.
(3)
انظر صبح الأعشى 3: 167.
فصل في ذكر حروف المعجم وسرها في تعيين العدد
قال كراع: إنما سميت الحروف المقطعات حروف المعجم لأنها كانت مبهمة حتى بينت بالنقط.
قال بعض المنجمين: عدد حروف العربية ثمانية وعشرون حرفاً، على عدد منازل القمر. وغاية ما تبلغ الكلمة منها مع الحروف الزوائد التي تلحقها سبعة أحرف، على عدد الدراري السبعة.
قال: وصور حروف الزيادة اثني عشر
(1)
على عدد البروج الاثني عشر.
وحروف الزيادة عشرة أحرف، يجمعها «سألتمونيها» . وقد تقدم أن جملة الحروف ثمانية وعشرون حرفاً، فالذي تندغم لام التعريف فيها من هذه الحروف أربعة عشر حرفاً كالتي تخفى تحت الأرض من منازل القمر، وباقيها يظهر معه التعريف، وهي أربعة عشر حرفاً كالمنازل الظاهرة. وقد تقدم الكلام على أن حروف المعجم ثمانية وعشرون حرفاً مفردة، ويتركب منها اللام ألف، فذلك تسعة وعشرون حرفاً. ولها ثماني عشر
(2)
صورة، لأن ما اتفقت صورته فليس في ذكر شبهه فائدة، لأن ذكر أحد الصور (1) ينوب عن جميعها، كالباء والتاء والثاء، والجيم والحاء والخاء، وتتناهى هذه الصور الثمانية عشر (1) مفردة ومركبة، كما هو مبين في محلّه.
(1)
كذا في الأصل.
(2)
كذا في الأصل. والوجه «ثماني عشرة» .
فصل في ذكر الكتبة الكرام
من لدن زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زماننا هذا، على نسق الترتيب وحسن التهذيب.
فمن كتب له صلى الله عليه وسلم وتشرف بخدمته بالكتابة الخلفاء الأربعة، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن الأرقم، وأبي بن كعب، وثابت بن قيس بن شماس، وخالد بن سعيد بن العاص، وحنظلة بن الربيع الأسيّدى، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، وغير هؤلاء كما هو مسطور في المواهب وكتب السيرة، رضي الله عنهم أجمعين.
وكان ألزمهم بذلك وأخصهم به زيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان.
ثم انتهت جودة الخط وضرب جليله إلى الضحاك
(1)
، وإسحاق بن حماد.
فأخذ إبراهيم السجزي عن إسحاق ضرب الجليل، فاخترع منه أخف حركات وأحسن مزاوجات، فسماه قلم الثلثين. ثم اخترع من هذا القلم ما هو أخف منه وأجرى فسماه قلم الثلث.
قال الشيخ عماد الدين محمد بن العفيف: بهذا القلم وقلم النسخ يعرف اقتدار الكاتب على صناعته.
ثم أخذ عن إسحاق يوسف واخترع قلماً هزيلاً تاماً مفرط التمام مفتحاً، فأعجب ذا الرّئاستين الفضل بن سهل، فأمر بتحرير الكتب السلطانية به، وسمّى القلم الرّياسىّ
(2)
.
(1)
هو الضحاك بن عجلان، كان في أول خلافة بنى العباس، ابن النديم 10 وصبح الأعشى 3:12. وكان من أهل الشام.
(2)
صبح الأعشى: «قال بعض المتأخرين: وأظنه قلم التوقيعات» .
وكان وجه النعجة مقدماً في قلم الجليل، وأبو زرجان
(1)
مقدماً في قلم النصف.
وكان أحمد بن حفص
(2)
أحلى الكتاب خطاً في قلم الثلث.
قال الوزير
(3)
: معنى قول الكتاب قلم النصف والثلث والثلثين، إنما هو راجع إلى الأصل. وذلك أن للخط جنسين من الأربعة عشر
(4)
طريقة التي هي الأصول، هي له كالحاشيتين أحدهما قلم الطومار، وهو قلم مبسوط كله، ليس فيه شيء مستدير، وكثيراً ما كتب به المصاحف المدنية القدم، وقلم آخر يسمى غبار الحلبة، وهو قلم مستدير كله ليس فيه شيءٌ مستقيم. فالأقلام كلها تؤخذ من المستقيمة والمستديرة نسبا مختلفة. فما كان فيه من الخطوط المستقيمة ما يوازى ما فيه من الخطوط المستديرة سمي قلم النصف. فإن كان الذي فيه من الخطوط المستقيمة الثلث سمي قلم الثلث. وإن كان فيه من الخطوط المستقيمة الثلثان سمي قلم الثلثين. فعلى هذا تتركب هذه الأقلام.
وقد برع فيه حيون بن عمرو أخو الأحول، وكان أخط من أخيه.
ثم انتهت جودة الخط وحسنه وتحريره في رأس الثلاثمائة إلى الأستاذ في هذا الفن الوزير أبي علي محمد بن الحسن بن مقلة الكاتب، وفاته في سنة 328، ثم إلى تلميذيه محمد بن أسد الغافقي ومحمد السمساني، وعنهما أخذ الأستاذ الكبير أبو الحسن علي بن هلال البغدادي المعروف بابن البواب، وعنه أخذ محمد بن منصور
(1)
صبح الأعشى: «وكان محمد بن معدان، يعنى المعروف بأبى ذرجان» .
(2)
صبح الأعشى: «أحمد بن محمد بن حفص المعروف بزاقف» .
(3)
الوزير أبو علي محمد بن مقلة. وزر للمقتدر، ثم للقاهر باللّه، ثم للراضى باللّه، وقد حدثت بينهما جفوة عاقبه فيها بقطع يده اليسرى، ثم أمر «يحكم التركي» بقطع لسانه، فقطع أيضا. وتوفى سنة 328. وكانت ولادته سنة 272.
(4)
كذا في الأصل، وفي صبح الأعشى 3: 48 «أن للخط الكوفي أصلين من أربع عشرة طريقة» .
ابن عبد الملك، وعنه الشيخة الكاتبة المحدثة زينب - ويقال أيضاً فاطمة - وهي ابنة الشيخ أبي الفرج، وتعرف بشهدة بنت الأبري
(1)
، وقد ترجمها الحافظ الذهبي في تاريخه.
وممن جود عليها الشيخ أبو الدر أمين الدين ياقوت بن عبد الله الموصلي الكاتب ويعرف أيضاً بالنوري، وبالملكي
(2)
، وبالشرفي، انتشر خطه في الآفاق، ولم يكن في آخر زمانه من يقاربه في حسن الخط ولا من يؤدي طريقة ابن البواب في النسخ مثله، مع فضل غزير. وكان مغرى بنقل صحاح الجوهري فكتب منها نسخاً كثيرة، كل واحدة في مجلد تباع كل نسخة بمائة دينار.
وقد رأيت نسخةً منها بمصر. ووفاته سنة 618 بالموصل.
وأما ياقوت الرومي ويعرف أيضاً بالحموي فإن وفاته سنة 626 بحلب عن اثنين
(3)
وخمسين سنة.
وممن كتب على ياقوت المذكور، أبو الحسن علي بن زنكى المعروف ب «الولىّ العجمي» . ووجدت في تاريخ الحافظ السخاوي أن الولي العجمي أخذ عن شهدة الكاتبة من غير واسطة ياقوت.
ثم انتهت جودة الخط إلى الشيخ «عفيف الدين محمد الحلبي» ، ويعرف أيضاً بالشيرازي. وعنه أخذ ولده «عماد الدين محمد» ، وهو إمام النحاة والكتاب في زمانه.
وممن كتب عليه الإمام العلامة شمس الدين «محمد بن علي بن أبي رقبة
(4)
».
(1)
كذا ضبط في الأصل. وفي ترجمة «شهدة» من وفيات الأعيان بكسر الهمزة وفتح الباء.
(2)
نسبة إلى السلطان «ملكشاه أبى الفتح بن سلجوق» ، كما في وفيات الأعيان.
(3)
كذا في الأصل.
(4)
في صبح الأعشى 3: 14 «شمس الدين بن أبي رقيبة محتسب الفسطاط، وهو ممن عاصرناه» .
وعنه الإمام العلامة «أبو علي محمد بن أحمد بن الزفتاوي» المكتب
(1)
، ولد سنة 750 وسمع الحديث علي خليل بن طرنطاي
(2)
، وصنف في علم الخط «منهاج الإصابة» وانتفع به أهل مصر. وقد كتب عليه الحافظ ابن حجر، وكفى به شرفاً. مات سنة 806، وكان رفيقه في الكتابة على شيوخه الإمام شهاب الدين غازي.
وعنه تلميذه الإمام نور الدين الوسيمي، وعليه كتب الإمام زين الدين عبد الرحمن بن يوسف القاهري، المعروف «بابن الصّائغ» شيخ هذا الفن على الإطلاق، ولد بمصر سنة 769 ولازم شيخه المذكور في إتقان قلم النسخ حتى فاق عليه، وأحب طريقة ابن العفيف فسلكها واستفاد فيها من أبي علي الزفتاوي المصري، وصارت للزين طريقة منتزعة من طريقتي ابن العفيف وغازي، كما وقع لغازي شيخ شيخه، فإنه كتب أولاً على ابن أبي رقبة شيخ الزفتاوي المذكور وتلميذ ابن العفيف ثم تحول غازي عن طريقة ابن العفيف شيخ شيخه إلى طريقة ولدها بينها وبين طريقة الولي العجمي، ففاق أهل زمانه في حسن الخط. وانتفع النّاس بابن الصّائغ طبقة بعد طبقة؛ ونسخ عدة مصاحف وغيرها من الكتب والعقائد، وصار شيخ الكتاب في زمانه، وشهد له الحافظ ابن حجر
(1)
قال القلقشندي في شأنه وشأن تلميذه: «وصنف مختصرا في قلم الثلث مع قواعد ضمها إليه في صنعة الكتابة، أحسن فيه الصنيع، وبه تخرج صاحبنا الشيخ زين الدين شعبان ابن محمد بن داود الآثاري محتسب مصر. ونظم في صنعة الخط ألفية وسمها بالعناية الربانية في الطريقة الشعبانية، لم يسبق إلى مثلها. ثم توجه بعد ذلك إلى مكة، ثم إلى اليمن والهند، ثم عاد إلى مكة فأقام بها ونبغ» .
وإلى هنا تنتهى سلسلة الخطاطين عند القلقشندي. وما سيأتي امتداد لهذه السلسلة التي لم يدركها.
(2)
الدرر الكامنة 2: 89.
بمهارته، وأثنى عليه في تاريخه. وقد سمع الحديث على الجمال الحلاوي. وفاته سنة 845.
ثم انتهت جودة الخطّ وحسنه بعد ابن الصائغ وطبقته إلى قبلة الكتاب، وشيخ هذا الفن المستطاب، من سجدت لجلالته الأقلام، واتفق على تفضيله الخاص والعام، الإمام الأوحد، والهمام المفرد، مولانا شيخ المشايخ الشيخ حمد الله ابن الشيخ مصطفى الأماسي
(1)
، المعروف «بابن الشيخ» تغمده الله برحمته.
ولد تقريباً في سنة 847 بعد وفاة ابن الصّائغ بسنتين أو ثلاثة، وهو الذي استنبط هذه السموت
(2)
المعروفة في زماننا من خطوط المتقدمين كما وقع لغيره ممن سبق ممن اخترع الطريقة بين الطريقتين، حتى برع كتاب زمانه، وفاق أهل عصره وأوانه. وكان والده رجلا صالحا مجازا في طريقة المشايخ السّهرورديّة، وقد حل نظره على ولده المذكور حتى فاق بالرتب العلية، وكفاه فخراً أنه ليس على الأرض الآن سند يعتمد عليه إلا من طريقه، ولا طريقة يرغب إليها بين أهل الفن إلا من تحقيقه وتدقيقه.
وكان ممن عاصره رجلان من كبار الكتبة في زمانهما، وهما «يحيى الرومي» و «علي بن يحيى» . وفاة الأخير في سنة 866.
ويقال إن الشيخ كتب على «خير الدين المرعشي» ووفاته في سنة 896.
وهو على «عبد الله الصيرفي» ، وهو على «أحمد بن علي» المعروف بطيب شاه السّهروردىّ، وهو على «محمد البدشي العجمي» ، وهو على «الولي العجمي» .
ويقال إن الشيخ رحمه الله تعالى كتب بيده الشريفة أربعة وأربعين مصحفاً ونسخة من كتاب المصابيح للبغوي، وكتاب المشارق للصّغانى، كلاهما في جلد
(1)
نسبة إلى «أماسية» من ولاية سيواس بتركيا.
(2)
جمع سمت، وهو الطريقة.
الغزال، وكلا من سورة الأنعام والكهف والأدعية والأوراد مقدار ألف نسخة وجملة من الأدراج والطومار، وكان قد عرضت له وهو في الثامن والثمانين من عمره حادثة الرعشة في رأسه. وأما يده وقت الكتابة فلم ترتعش قط، حتى كان خطه في آخر عمره يضاهي خطه في شبابه. وقد خدمته الملوك ومسكوا له الدواة بين يديه، وأعطي من القبول والشهرة ما لم يعط أحد من قبله ولا من بعده. وكراماته شهيرة. وتوفي تقريباً سنة 957 عن مائة وعشرة سنة. ودفن بإسكدار في صفة مقابلة للتكية المعروفة بقراجا أحمد، وذلك في زمن السلطان أبي الفتح سليمان خان ابن سليم خان، رحمه الله تعالى
(1)
.
ثم انتهت جودة الخط وحسنه إلى تلامذته، وهم «محيي الدين جلال زاده» عاش مائة سنة وكتب سبعة وتسعين مصحفاً، و «جمال الدين الأماسي» وأخوه «عبد الله» عاش كل منهما ثمانين سنة. غير أن قواعد هؤلاء الثلاثة أكثر ميلاً إلى قواعد ياقوت المستعصمي.
ومن خواص تلامذة الشيخ رحمه الله «حسام الدين خليفة» كان ماهراً في الأقلام الستة والنسخ السادة. قلد طريقة شيخه حتى غلط كثير من المميزين والمشخصين في التمييز بين خطيهما. عاش سبعة وستين سنة، وكتب تسعة وثمانين مصحفاً.
ومنهم «شكر الله خليفة» كان ماهراً في الأقلام الستة والنسخ السادة وكتب عدة مصاحف وأوراد.
(1)
كتب المصنف بخطه على هامش النسخة ما نصه: «جلوس سلطان محمد خان غازي في سنة 855 كان عمر الشيخ إذ ذاك تسعة سنوات. جلوس سلطان بايزيد ولى في سنة 886 كان عمر الشيخ إذ ذاك أربعين سنة. جلوس سلطان سليم غازي في سنة 918 كان عمر الشيخ إذ ذاك اثنين وسبعين سنة. جلوس سلطان سليمان بن سليم في سنة 926 ووفاته في 22 .. سنة 974» .
ومنهم «رجب خليفة» كان ماهراً في الأقلام الستة والنسخ السادة، وكتب ثلاثة وتسعين مصحفاً وجملة من سورة الأنعام والأوراد.
وكان في آخر عصر الشيخ من الماهرين في الخط رجل يسمى «أحمد أفندي قراحصارى» يقال إنه أجازه الشيخ بالكتبة، ولكنه في آخره مال على طريقة ياقوت وجمع بين الطريقتين، وكتب جملة من المصاحف والأوراد. توفى سنة 963.
ومن خواص تلامذته «حسين چلبى خليفة» ، أحيا طريقة شيخه وكتب عدة من المصاحف.
ثم جاء من بعده «دلي يوسف أفندي» فأجاد، لأنه جمع بين طريقة شيخه والطريقة الحمدية فصار مقبولا إلى الغاية، وكتب عدة مصاحف على هذه الطريقة.
ثم جاء من بعده «قره علي أفندي» ثم من بعده «تكنه جى حسن چلبى» ولم يشتهر بعده في هذه السلسلة أحد.
وكان من الممتازين في عصر هؤلاء ولد الشيخ لصلبه الإمام الماهر الضابط «مصطفى دده» المعروف كأبيه بابن الشيخ، سماه أبوه باسم والده تبركا. وكان قد برع في حياة والده في حسن الخط وشهد له الأفاضل، وقد أجازه والده بالكتبة وكان ماهراً في الأقلام الستة كأبيه، كتب عدة من المصاحف والأوراد والأدعية.
مات عن أربعين سنة، ودفن عند والده بإسكدار.
وممن كان في عصره من كبار تلامذة والده الإمام الماهر محمود أفندي الشهير ب «طنچانلى» كان مشهوراً بحسن التقليد للشيخ، كتب عدة من المصاحف الشريفة والأنعام والأذكار.
وكان في عصره «عبد الكريم خليفة» المعروف بوقاية زاده، و «شكر اللّه
خليفة» و «أحمد چلبى» . وممن اشتهر في زمانهم «عبد الله أفندي القريمي» كتب على طريقة الشيخ مسارقة من خطوطه، لأنه يقال: إنه طلب التعليم والإجازة من الشيخ فلم يرض، واجتهد حتى صار متقناً في الفن، وكتب عدة مصاحف وانتزع لنفسه طريقة منتزعة بين طريقة الشيخ وطريقة أحمد طيب شاه واخترع منهما نوعاً من الثلث، ولكن سقط مقامه بين الكتاب والبهاء، وصار من قبيل مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
وكان ممن أحيا طريقته من بعده رجل اسمه «أمر الله أفندي» فإنه قلده في طريقته المنتزعة مع ميله إلى الطريقة الحمدية كثيراً، بدقة طبعه ولطافة فكره، فحسن الثناء عليه والقبول. وكتب بذلك عدة من المصاحف والأنعام والأذكار.
ثم انتهت جودة الخط بعد هؤلاء إلى الإمام الماهر «پير أفندي» وهو حفيد الشيخ، أجازه والده الدرويش محمد بالكتبة، وأحيا طريقة جدوده، مع ملازمة حدوده، وكتب عدة من المصاحف والأنعام.
وكان ممن كتب عليه معاصرة الإمام الماهر «حسن أفندي» المعروف «بإسكدارى حسن چلبى» ، تولى مشيخة السراي بعد شيخه، وكتب عدة من المصاحف والأنعام والأذكار.
وعنه أخذ الإمام المجود والضابط «خالد أفندي» المعروف بالعزيز. أجاز له بالكتبة شيخه الإسكداري، وكتب عدة من المصاحف والأذكار، وسورة الأنعام.
وكان في عصره من الماهرين «قره حسين أفندي» تولى مشيخة مكتب الآغا، وكتب عدة من المصاحف والأذكار، وكان موصوفاً بالجمال المفرط، وشهد له يعض تلامذته بالكرامة.
ثم انتهت جودة الخط إلى الإمام الماهر الضابط المرحوم «درويش علي أفندي» الملقب بالشيخ الثاني، كتب أولاً على قره حسين أفندي المذكور، وبعد وفاته حصل التكميل والإجازة على يدي خالد العزيز. وكتب ثمانية وثمانين مصحفاً وجملة من سورة الأنعام والأوراد والأذكار. وخطه هو العمدة عليه في زماننا هذا. توفي سنة 1086 عن سبعة وثمانين سنة. ومن كراماته أنه رفع إصبعه السبابة بعد موته عند قول المغسل بالشهادتين، وغسل بماء أغلي ببراية أقلامه
(1)
.
وكان ممن عاصره من الخطاطين رمضان بن إسماعيل، يقال إنه كتب ثلاثمائة وستين مصحفاً، وجملة من سورة الأنعام والأذكار. وفاته في سنة 1097.
ومن المعاصرين أيضاً علي أفندي نفسىزاده، وعمر بيك نصوح باشازاده، ومحمد أفندي الإمام، وعلى أفندي قاشقجىزاده، وأحمد أفندي قزقابان زاده، ومحمد أفندي نقاش زاده، وخليل أفندي الملقب بالحافظ، ومحمد أفندي عرب زاده المتوفى سنة 1122، ومحمد أفندي خواجة زاده. ويقال إن هذين الأخيرين أجاز لهما الدرويش علي.
ومنهم إسماعيل أفندي ترك، توفي غريقاً في البحر سنة 1085. ويوسف أفندي المتوفى في سنة 1119 وهذان الاثنان كانا بمصر.
ثم انتهت جودة الخط إلى (تلامذة درويش علي)، منهم مصطفى أفندي الأيّوبى المعروف بسيولجىزاده، وفاته في سنة 1099.
(1)
مثله ما روى في أخبار أبى الفرج ابن الجوزي، أنه جمعت براية أقلامه التي كتب بها حديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فحصل منها شيء كثير، وأوصى أن يسخن بها الماء الذي يغسل به بعد موته، ففعل ذلك فكفت وفضل منها. انظر ترجمته في وفيات الأعيان (1: 279).
ومنهم إسماعيل أفندي خليفة المعروف بابن علي، كتب أربعة وأربعين مصحفاً، وكمل مصحف شيخه الثامن والثمانين، وهو آخر المصاحف التي مات وخلاه إلى سورة الأنعام، فكمله بخطه.
ومنهم أحمد أفندي قزانجىزاده كان مشهوراً بحسن التقليد لخط الشيخ، كتب تسعة عشر مصحفاً وعدة من سورة الأنعام والأذكار، توفي سنة 1116.
ومنهم الإمام الماهر الضابط عثمان أفندي المعروف بالحافظ، الملقب بالشيخ الثالث، كتب جملة من المصاحف والأنعام والأوراد والأذكار، توفي سنة 1112.
ومنهم أحمد أفندي المعروف بشيخ زاده، كتب سبعة عشر مصحفاً وجملة من سورة الأنعام والأذكار ودلائل الخيرات.
ومنهم فضل اللّه أفندي، وفاته في سنة 1107، كتب عدة من المصاحف والأوراد والأذكار.
ومنهم عنبر مصطفى آغا، كان متين اليد إلى الغاية، كتب عدة من المصاحف والأنعام، توفي سنة 1117.
ومنهم الإمام الماهر عمر أفندي كاتب السراي. ومنهم جابىزاده محمد أفندي، وهما من جملة خلفائه.
ومن (معاصري هذه الطبقة) كوچك درويش على أفندي، وكوچك عرب زاده محمد أفندي، وأحمد أفندي الدرويش، وعبد الله أفندي الوفائي، وإبراهيم أفندي ابن رمضان، وعلي أفندي إمام أمير آخور.
ومن خواص خلفاء الدرويش علي الإمام الماهر المجود الضابط، مجدد الرسوم الحمدية، في الديار المصرية، مولاه ومعتقه حسين أفندي الجزائري، لازم خدمة أستاذه حتى برع وفاق، كتب ربعة شريفة في ثلاثين جزءاً، ومصحفين شريفين أحدهما في الشام والثاني بمصر، وشرع في الثالث فبلغ إلى النصف منه ومات، فكمله فيما بعد المرحوم حسن الضيائي.
وممن كتب على فضل الله أفندي محمد أفندي الشهري المعروف بالبستانجي.
وممن كتب على عمر أفندي كاتب السراى صالح أفندي، المعروف بحمامجىزاده.
ومن كتب على أحمد أفندي شيخ زاده ولده الماهر الضابط إبراهيم أفندي شيخ زاده.
ثم انتهت جودة الخط إلى (تلامذة الجزائري)، منهم الإمام الماهر الضابط المجود سليمان أفندي الملقب بالشاكري.
ومنهم الإمام الماهر الضابط المجود السيد محمد بن إبراهيم المقدسي الملقب بالنوري.
ومنهم مصطفى أفندي خليفة، وقاسم أفندي، وغير هؤلاء.
وقد جود الشاكري أيضاً في مبادئ أمره على محمد خواجه زاده، ومحمد الشهري البستانجي، وحافظ عثمان فالبستانجي كتب على فضل الله أفندي وحافظ عثمان كلاهما على الدرويش علي.
فمن كتب على الشاكري الإمام الضابط المعمر حسن بن حسن المعروف
بالضيائي، ولد سنة 1098، وكتب في مبدأ أمره على والده ثم على شيخه السيد علي، وعلى صالح أفندي المعروف بحمامجىزاده، وأدرك الجزائري أيضاً بعد وفاة والده باثني عشر
(1)
سنة، وكتب عليه من غير واسطة، وقد أجازه بالكتبة الشاكرى، وحمامجىزاده، الأخير عن عمر أفندي كاتب السراي عن الدرويش علي. كان رحمه الله كثير الإتقان شديد الاحتراز، على نهج السلف الصالح في التحري والضبط في سائر ما يكتبه، كما هو مشاهد في خطوطه. توفى سنة 1182 عن أربع وثمانين سنة.
وممن كتب على الشاكري الأستاذ الفاضل الماهر الضابط المجود الشيخ شهاب الدين أحمد الأفقم المكنى بأبي الإرشاد، وقد برع في الفنّ واجتهد حتّى فال الشهرة والقبول، وكتب عدة من نسخ الدلائل والأوراد والأذكار وغيرها.
وفي الموجودين من تلامذته الآن مولانا السيد إبراهيم الرويدي الحسيني، المكنى بأبي الفتح الحمامي الوفائي، والشيخ أحمد المكنى بأبي العز، بارك الله في مدتهما، ونفع بهما المسلمين.
وممن كتب على السيد محمد النوري رحمه الله تعالى خلق كثير على اختلاف الطبقات. وأجاز بالكتبة من لا يحصى.
فمن أشهر تلامذته الإمام الماهر الضابط المرحوم عبد الله أفندي المولوي، الملقب بالأنيس رحمه الله تعالى، وقد جود أولاً على الشاكري وغيره، وكان تكميله وإجازته على يد السيد محمد النوري.
ومنهم الجناب المكرم الأمير إسماعيل أفندي الملقب بالوهبىّ، والجناب
(1)
كذا في الأصل، والوجه «باثنتي عشرة» .
المكرم الأمير أحمد أفندي الملقب بالشكري، بارك اللّه في مدّتهما ونفع بهما المسلمين.
فممن كتب على الأنيس من طرزت هذا النبذة باسمه الشريف الضابط، الجناب المكرم، والملاذ المفخم، الأمير حسن أفندي تابع المرحوم الحاج علي آغا، وكيل دار السعادة، والملقب بالرشدي، أرشده الله لكل خير، وبارك في مدته وحياته، ودفع عنه كل ضير، فهو الذي أحيا هذه الطريقة، وجدد رسومها في الحقيقة، وأثنت عليه الألسن من كل جانب، وأعطى القبول والحب ونال أعلى المراتب، فالله تعالى يحرسه بعين عنايته، ويحمي فضله من عين الحسود ونكايته.
خاتمة
نسأل الله حسن الخاتمة، وفيها فصلان:
الأول: في بيان أدب التلميذ مع الشيخ
فاعلم أن الطالب لهذا الفن والراغب إليه لا بد له من شيخ يريه دقائق الفنّ ويحقّق له حقائقه، ويكشف له رموزه ويفتح له لغوزه ويقرب له رقائقه؛ فقد ورد في بعض الآثار، عن بعض الأخيار:«لولا المربي، ما عرفت ربي» .
فإذا يسر الله له الأستاذ فله معه شروط، منها حفظ مقامه في الغيبة والحضور على قدر الإمكان، فلا يرفع صوته على صوته، ولا يقول له من شيء قال: لم هذا؟
فإن أشكل عليه شيء سأل بيانه بالأدب. ومنها عدم محادثة أحد بجانبه في حضرته إلّا في أمر ضرورىّ. ومنها أن لا يضحك في حضرة أستاذه إلا تبسماً لمقتض. ومنها عدم مسابقة قوله، بل يسكت إلى أن ينتهي فيما يقوله. ومنها أن يجلس في حضرته كهيئة التشهد يسارق وجه أستاذه النظر. ومنها عدم مخاصمته لأحد من أتباع أستاذه ومن ينتسب إليه. ومنها حفظ متعلّقاته عن الجرأة عليها، فلا يلبس ثوبه ولا نعله، ولا يركب دابته، ولا يجلس على سجادته، ولا يشرب من الإناء الذي أعد له إلا أن يأذن له في شيء من ذلك. ومنها أن يداوم على الإدمان والاجتهاد فيما يقول له ويأمره به الأستاذ. فهذه آداب التلميذ مع الأستاذ، من ابتلى باختلال شيء منها تساهلاً أو غفلة لا يفلح أبداً.
الثاني: نصيحة لسائر الخطاطين
قال الله تعالى في كتابه العزيز: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ.
وقد ذكر العارفون بهذا الفن أن من أكبر موجبات التكميل للطالب في هذا
الفنّ ترك العرور في نفسه، وترك الترفع على أبناء جنسه، فإنه ربما اجتهد في الكتابة كثيراً فيأتيه الشيطان فيوسوس له بالغرور، ويوقعه في الشرور، ومتى سلم من هذا يرجى له القبول، والرقي لمراتب الوصول. ومتى تساهل في أمر نفسه، وتكبر على أبناء جنسه، عوقب بالحرمان والوسواس، وسقط عن مرتبته التي كان فيها عند الله وعند الناس.
نسأل الله العفو والرضا، والتجاوز عما مضى، إنه على كل شيء قدير، وبكل فضل جدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أملي هذه الحروف على الاستعجال وصنوف الاشتغال، العبد المقصر المعترف بذنبه، الفقير محمد مرتضى الحسيني سامحه الله بمنه وكرمه، وذلك في مجالس آخرها 12 من شهر ذي الحجة الحرام ختام سنة 1184
ختمت بخير وعلى خير.
آمين
آمين
آمين
المجموعة السّادسة
21 -
كتاب أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام،
وأسماء من قتل من الشعراء، لأبي جعفر محمد بن حبيب
البغدادي، المتوفى سنة 245
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
تقديم
هذا هو الجزء السادس من (نوادر المخطوطات) يتضمن كتابا نادرا لابن حبيب الذي سبقت ترجمته مختصرة في ص 82 من المجلد الأول، حيث نشرت له كتاب «من نسب إلى أمه من الشعراء» .
وتعد كتب ابن حبيب في أوثق الكتب الأخبارية العتيقة. ومن طالع كتابه «المحبر» الذي نشرته الدكتورة إيلزه ليحتن شتيتر الأمريكية في حيدر أباد سنة 1361 أدرك قيمة المعارف التاريخية والأدبية التي تضمّنها هذا الكتاب الجليل. وقد عدّ الأدباء نشر هذا الكتاب كسبا كبيرا؛ إذ أتاحت هذه المستشرقة الفاضلة هي والمحقق الدكتور محمد حميد اللّه الهندي للعلماء أن يضعوا أنظارهم على كنز ثمين من كنوز المكتبة العربية.
وإني لأسجل لهما في هذه النوادر إجلالا وإكبارا، وشكرا صادقا، لقاء ما صنعا للعلم ولمجد العروبة.
مصر الجديدة في أول المحرم سنة 1374 عبد السلام محمد هارون
كتاب أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام، وأسماء من قتل من الشعراء لمحمد بن حبيب
مقدمة كتاب أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام
وكلمة «المغتالين» ، إنما تعنى الذين اغتيلوا، أي لقوا مصارعهم بأيدي غيرهم على صور شتى، من الطعن، والضرب، والخلق، ودس السموم، وغير ذلك من
أسباب الغيلة.
وقد استرعى هذا الكتاب نظري في أول الشباب، واستنسخت منه نسخة كنت أعنى بالرجوع إليها بين الفينة والأخرى، لتحقيق الأخبار النادرة، والمشكلات التي كانت تعترض في أثناء الدرس، وكنت أجد منذ ذلك العهد القديم رغبة ملحة في أن أقوم بنشر هذا الكتاب، فلا أجد فرصة النشر سانحة، إلى أن هديت إلى هذه الفكرة: فكرة نشر النوادر الصغيرة، فجعلت هذا الكتاب في ثبت الكتب الملائمة.
اسم الكتاب:
هذه النسخة التي تأدت إلينا عبر الأجيال، أراها مجموعة من كتب محمد بن حبيب، وليست كتابا واحدا. وهذه صورة ما كتب على صدرها:
ولكن النسخة في باطنها تحمل غير الشقين الأولين - أي بدل «من غلبت كنيته على اسمه، وكنى الشعراء وألقابهم» - كتاب «كنى الشعراء ومن غلبت كنيته على اسمه» وكتاب «ألقاب الشعراء ومن يعرف منهم بأمه» .
وعلى هذا الضوء الأخير نستطيع أن نعرف أسماء كتب ثلاثة لابن حبيب.
1 -
أما الأول فهو ذو شقين: أحدهما «أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام» ، والآخر «أسماء من قتل من الشعراء» .
2 -
والثاني «كنى الشعراء ومن غلبت كنيته على اسمه» .
3 -
والثالث «كتاب ألقاب الشعراء» .
الكتاب الأول:
أما الكتاب الأول فهو الذي عرف قديما باسم «مقاتل الفرسان» ذكره ابن النديم
(1)
المتوفى سنة 385 أي بعد وفاة ابن حبيب بمائة وأربعين سنة. وتبعه ياقوت ناقلا عنه
(2)
. وبهذه التسمية أثبته صاحب كشف الظنون
(3)
، وقال:
مقاتل الفرسان لأبى على إسماعيل بن قاسم القالى المتوفى سنة 356، ولأبى عبيدة معمر بن المثنى البصري النحوي، وله مقاتل الأشراف وتوفى سنة 211. ولأبى جعفر محمد بن حبيب البغدادي المتوفى سنة 245».
أما ابن حبيب نفسه فكلامه يشعر أن كتابه ذو شقين، إذ يذكر عند الكلام على الشعراء ص 82 من المصورة «عدى بن زيد العبادي» ، ويقول:
«وقد مرّ حديثه في المغتالين
(4)
».
وكذلك في ص 88 «سويد بن صامت الأوسي» ، قال:«وقد كتبناه في أشراف المغتالين» .
(1)
الفهرست ص 155.
(2)
في معجم الأدباء 18: 116.
(3)
كشف الظنون 3: 491.
(4)
انظر ص 26 من أرقام المصورة.
وفي ص 90 «كعب بن الأشرف اليهودي» قال «وقد كتبناه في المغتالين
(1)
».
وكذلك «خالد بن جعفر بن كلاب» في ص 94 من المصورة، يقول في شأنه: «وقد كتبت سبب قتله في المغتالين
(2)
».
وكذلك «سالم بن دارة» ص 111 يقول فيه «وقد مرّ حديثه في المغتالين
(3)
». وكلمة «مر» تدلّ على وحدة الشقين وعلى ذلك فأصدق تسمية له هي «أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام، وأسماء من قتل من الشعراء» .
وأما صاحب الخزانة فيسميه تسمية إجمالية «كتاب المقتولين غيلة
(4)
» ويسميه مرة أخرى «كتاب أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام
(5)
» وثالثة «كتاب المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام
(6)
» ورابعة «كتاب المغتالين
(7)
».
وهذا يدل على أن صاحب الخزانة لا يعبر بدقة عن اسم الكتاب، شأن كثير من العلماء الذين يذكرون الكتب بأقرب شهرة لها.
والبغدادي مع ذلك يعرف الشق المانى من الكتاب ويسميه «كتاب من قتل من الشعراء» وينقل عنه نصوصا ثلاثة، وهي مقتل سحيم
(8)
، وعبيد بن الأبرص
(9)
، وبشر بن أبي خازم
(10)
.
(1)
انظر ص 28 من المصورة.
(2)
انظر ص 20 من المصورة.
(3)
انظر ص 37 من المصورة.
(4)
الخزانة 1: 11 في ثبت الكتب التي استقى منها البغدادي، وكذلك في 4:331.
(5)
الخزانة 1: 25/ 4: 509.
(6)
الخزانة 1: 293.
(7)
الخزانة 1: 348/ 4: 510.
(8)
الخزانة 1: 274. ولم نجد له ذكرا في النسختين.
(9)
الخزانة 1: 324. وانظر ص 79 من المصورة.
(10)
الخزانة 2: 262. وانظر ص 82 من المصورة وإقليد الخزانة للراجكوتى ص 92.
الكتاب الثاني:
وأما الكتاب الثاني فهو كتاب «كنى الشعراء ومن غلبت كنيته على اسمه» والنسخة تسجل اسم هذا الكتاب بهذا التمام في ص 120 من صفحات المصورة.
ولا ريب أن هذا كتاب مستقل، ذكره ابن النديم
(1)
باسم «كنى الشعراء» وتبعه ياقوت
(2)
، وتصحف في النسخة باسم «كنز الشعراء» .
أما صاحب كشف الظنون
(3)
فيسميه «أكنى الشعراء» ، ويذكره في حرف الهمزة! وهذا زلة وسهو منه.
الكتاب الثالث:
والكتاب الثالث كتاب «ألقاب الشعراء ومن يعرف منهم بأمه» .
ولم يذكره أحد من المترجمين بهذه التسمية، ولكن ذكروا «كتاب من سمى ببيت قاله» ذكره ابن النديم
(4)
وتبعه ياقوت
(5)
. ويظهر أن هذه التسمية الأخيرة تسمية من تسميات العلماء مرادفة للأولى ولا تتعارض معها، إذ أن الذي سمى ببيت قاله هو عين الذي لقب ببيت قاله، فهو ضرب خاص من الألقاب داخل في نطاقها.
والمتتبع لهذا الكتاب يجده مطابقا لترجمته مضافا إليه في أواخره تعليلات لمن سمى ببيت قاله. وهذا لا يخرجه عن عنوانه «ألقاب الشعراء» .
(1)
في الفهرست 155.
(2)
معجم الأدباء 18: 116.
(3)
كشف الظنون 1: 135.
(4)
الفهرست 155.
(5)
في معجم الأدباء 18: 166.
إفراد الكتاب الأول:
بهذه الاعتبارات جميعا أفردت الكتاب الأول بالنشر، عازما بعون اللّه أن أنشر الكتابين الآخرين فيما أستقبل إن شاء اللّه.
مخطوطات الكتاب:
1 -
الواقع أنها مخطوطة واحدة، لعلها الفريدة إذ لم نعثر بعد على شقيقة لها، وهي مخطوطة مكتبة عاشر بتركيا، المودعة فيها برقم 872 ومنها صورة شمسية محفوظة بدار الكتب المصرية برقم 2606 تاريخ، جاء في خاتمتها:
وعبارة «كان أصله مكتوبا بالكوفي» تدلنا على قدم النسخة التي اعتمد عليها الناسخ.
والنسخة في 140 صفحة متوسطة مكتوبة بخط النسخ المعتاد الخالي من الضبط، ومع ما بها من تحريف شديد حاول ناسخها أن يكون دقيقا مقاربا للأصل القديم الذي نقل منه.
وقد رمزت لهذه النسخة بالرمز (ا)، وأثبت (أرقام صفحاتها) على جوانب نشرتى هذه.
2 -
وقد استنسخ العلامة المشنقيطى
(1)
من هذا الأصل نسخة له تتفق معها
(1)
محمد محمود بن التلاميد التركزى الشنقيطي، صاحب خزانة الكتب النفيسة المودعة بدار الكتب المصرية، المتوفى سنة 1322.
كما وكيفا، يدل على ذلك التوافق التام في مقدار متن الكتاب، وفي الإسقاط ومواضعها وهي في خزانته بدار الكتب المصرية برقم 57 أدب ش، وجاء في خاتمتها:
ويبدو أن الشنقيطي قد راجع نسخته على نسخة مكتبة عاشر، واستدرك بعض ما فات كاتب نسخته الذي وافق اسمه اسم كاتب نسخة مكتبة عاشر، فاسمه كذلك «يوسف بن محمد» .
لذلك نستطيع أن نقول بعد الدراسة الطويلة: إن هذه النسخة ما هي إلا صورة أخرى من نسخة عاشر، امتازت بتلك التصحيحات التي صنعها الشنقيطي بقلمه، مستعملا المحو تارة والترميج مرة أخرى.
وليست تصحيحات الشنقيطي من الكثرة بمكان، إذ تكاد أن تحتل مقدار العشر من التصحيحات التي انفردت بها من دونه ولكن كثيرا منها بلغ الغاية في الدقة، لذلك حفظت له حقه في التنويه بفضل السبق إليها مع إمكان اهتدائى إليها في كثير من الأمر، فنسبت تصحيحاته إليه وزدتها تأييدا بأن وثّقتها من مختلف المراجع.
وقد رمزت لهذه النسخة بالرمز (ب).
وأما بعد فقد عنّانى هذا الكتاب في تحقيق متنه، إذ أن نصوصه من النوادر التي لا يعثر على معظمها في الكتب المعروفة.
ولكني مغتبط إذ تسنى لي أن أقيم كثيرا مما فيه من تحريف وتصحيف، وأن ألقى الضوء على كثير من غوامضه وإشاراته.
وللّه الحمد على ما أنعم، وهو ولى التوفيق.
بسم الله الرحمن الرحيم
أسماء المغتالين من الأشراف، وأسماء من قتل من الشعراء، وأسماء من
غلبت كنيته على اسمه، وكنى الشعراء وألقابهم
(1)
من المغتالين:
جذيمة الأبرش
بن مالك بن فهم بن غنم
(2)
بن دوس بن عدثان
(3)
الأزدي. وكان أفضل ملوك العرب رأياً
(4)
، وأبعدهم مغاراً، وأشدهم نكاية. وهو أول من استجمع له الملك بأرض العراق. وكانت منازله ما بين الأنبار وبقة وهيت وعين التمر وأطراف البر والقطقطانة وخفية
(5)
والحيرة. وكان يغير على الأمم الخالية من العرب العاربة الأول. وكان ملك العرب بأرض الجزيرة ومشارف الشام
(6)
عمرو بن الظرب بن حسان بن أذينة بن السميدع بن هوبر العاملي، من عاملة العماليق.
فجمع جذيمة جموعه من العرب وسار إليه، فالتقى هو وعمرو بن الظّرب فقتل
(1)
هذا ما أثبت في صدر النسخة. وانظر المقدمة ص 108.
(2)
في النسختين: «غانم» ، تحريف.
(3)
في: «عدنان» ، صوابه في ب.
(4)
في الأغانى 14: 71 حيث نقل الخبر: «وكان جذيمة من أفضل الملوك رأيا» .
وانظر مجمع الأمثال في: (خطب يسير في خطب كبير).
(5)
ليست في الأغانى. وخفية: أجمة في سواد الكوفة. وفي النسختين: «خفة» صوابه في كامل ابن الأثير 1: 197.
(6)
في النسختين: «مشارق الشام» . ومشارف الشام: قرى قرب حوران، منها بصرى، تنسب إليها السيوف المشرفية. وانظر ابن الأثير 1:198.
جذيمة عمراً وفض جموعه. فملك من بعد عمرو ابنته الزباء، وكانت تخاف أن يغزوها ملوك العرب، فبنت لنفسها حصنا على شاطئ الفرات، وسكرت الفرات على قلة
(1)
الماء، وبنت في بطنه أزجاً من الآجر
(2)
، وأجرت عليه الماء، فكانت إذا خافت عدواً دخلت النفق، فخرجت إلى مدينة أختها الزبيبة
(3)
.
فلما اجتمع لها أمرها، واستحكم ملكها، جمعت لتغزو جذيمة ثائرة بأبيها، فقالت لها أختها زبيبة
(4)
، وكانت ذات رأى وحزم: إنك إذا غزوت جذيمة فإنما هو يوم له ما بعده، وإن ظفرت أصبت ثأرك، وإن قتلت هلك ملكك، والحرب سجال، وعثراتها لا تستقال، ولم يزل كعبك سامياً على من ناواك، ولا تدرين لمن تكون العاقبة، وعلى من تكون الدائرة. والرأي أن تحتالي له وتخدعيه، وتمكري به!
فكتبت الزباء إلى جذيمة تدعوه إلى نفسها وملكها، وأن تصل بلاده ببلادها، وأنها لم تجد ملك النساء إلا إلى قبح في السماع، وضعف في السلطان، وقلة في بسط المملكة، وأنها لم تجد لها كفواً غيرك، فأقبل إلي واجمع ملكي بملكك، وصل بلادي ببلادك، وتقلد أمري مع أمرك.
فلما قدم عليه رسلها وكتابها استخفّه ذلك، ورغب فيما أطمعته فيه، فجمع أهل الحجا من ثقات أصحابه وهو بالبقة
(5)
، فاستشارهم، فأجمعوا على أن يسير
(1)
سكرته: صنعت له سدا يحجز الماء. في الأغانى: «وسكنت الفرات في وقت قلة الماء» ، وفيه تحريف.
(2)
الأزج: بيت يبنى طولا.
(3)
تقرأ في ا «الزبيبة» و «الرنيبة» وفي ب بالقراءة الأخيرة فقط. وفي الطبري 2: 32 «زبيبة» .
(4)
انظر الحاشية السابقة.
(5)
في ا: «بالثقة» وصححها الشنقيطي. وبقة: مدينة على شاطئ الفرات.
إليها ويستولي على ملكها، وخالفهم قصير بن سعد بن عمرو بن جذيمة بن قيس ابن هليل بن دمى بن نمارة بن لخم
(1)
، فقال: هذا رأي فاتر، وغدر حاضر.
فإن كانت صادقة فلتقبل إليك، وإلا فلا تمكنها
(2)
من نفسك فتقع في حبالها، وقد وترتها وقتلت أباها!
فلم يوافق جذيمة ما أشار به قصير وقال: أنت امرؤ رأيك في الكن لا في الضح. ومضى جذيمة في وجوه أصحابه فأخذ على شاطئ الفرات الغربي، فلما نزل الفرضة دعا قصيراً فقال: ما الرأي؟ فقال: «ببقة تركت الرأي» . قال: فما ظنك بالزباء؟ قال: «القول رداف، والحزم عثراته لا تخاف» . واستقبله رسلها بالهدايا والألطاف. فقال: يا قصير، كيف ترى؟ قال: «خطر
(3)
يسير في خطب كبير»، وستلقاك الخيول، فإن سارت أمامك فالمرأة صادقة، وإن أخذت [جنبيك وأحاطت بك
(4)
] فالقوم غادرون بك.
فلقيته الخيول فأحاطت به حتى دخل على الزباء، فلما رأته كشفت عن فرجها فإذا هي مضفورة الإسب
(5)
، فقالت: يا جذيمة، أذات عروس ترى؟ قال
(6)
:
بلغ المدى، وجف الثرى، وأمر غدر أرى! فقالت: والله ما بنا من عدم مواس، ولا قلة أواس، ولكنها شيمة ما أناس
(7)
. ثم أجلسته على نطع،
(1)
في الأغانى: «بن هلال بن نمارة بن لخم» بإسقاط «دمى» . وفي المقتضب 80: «ربى» .
(2)
هذا تصحيح الشنقيطي، ويوافق ما في الأغانى. وفي ا:«فلا تملكها» .
(3)
كذا. والمعروف «خطب» .
(4)
التكملة من الأغانى وابن الأثير والطبري 2: 33 ومجمع الأمثال. وموضعها بياض في النسختين.
(5)
الإسب، آخره باء: شعر الاست. نص عليه ابن الأثير 1: 199.
(6)
بين هذه الكلمة وتاليتها في الأغانى: «بل أرى متاع أمة لكعاء غير ذات خفر ثم قال» .
(7)
وكذا عند بن الأثير 1: 199. وفي الأغانى والطبري: «شيمة من أناس».
وسقته الخمر، ثم أمرت بقطع رواهشه، فجعل دمه يسيل في طست من ذهب، فلما رأى دمه قال:«لا يحزنك دمٌ أهراقه أهله!» .
ومنهم:
حسان بن تبع
وكان أعسر أحول، وإنه خرج من اليمن سائراً حتى وطئ أرض العجم، وقال: لأبلغن من البلاد ما لم يبلغه أحد من التبابعة! فأوغل بهم في أرض خراسان، ثم مضى إلى المغرب فبلغ رومة
(1)
وخلف عليها ابن عم له، وأقبل إلى العراق حتى إذا صار إلى فرضة نعم
(2)
بشاطئ الفرات قالت وجوه حمير: ما نفنى أعمارنا إلا مع هذا، يطوف في الأرض كلها، نغيب عن أولادنا وعيالنا وبلادنا وأموالنا؛ وما ندري ما يخلف عليهم بعدنا. فكلموا أخاه عمرا وقالوا: كلّم أخاك في الرجوع إلى بلده وملكه. فقالوا: هو أعسر من ذاك وأنكد. فقالوا:
فاقتله وتملك علينا فأنت أحق بالملك من أخيك، وأنت أعقل وأحسن نظراً لقومك! فقال: أخاف ألا تفعلوا، وأكون قد قتلت أخي وخرج الملك عن يدي. فواثقوه حتى ثلج إلى قولهم
(3)
، واجتمع الرؤساء كلهم معه على قتل أخيه إلّا ذا رعين. فإنه خالفهم وقال: ليس هذا برأي، يذهب الملك من حمير! فشجعه الباقون على قتل أخيه، فقال ذو رعين: إن قتلته باد
(4)
ملكك. فلما رأى
(1)
في الأغانى: «رومية» .
(2)
في النسختين: «تغم» ، تحريف، صوابه عند ابن الأثير 1:246. وقال ياقوت:
(3)
أي اطمأن إليه وسكن.
(4)
جعلها الشنقيطي «بار» .
ذو رعين ما اجتمع عليه القوم أتاه بصحيفة مختومة فقال: يا عمرو، إني مستودعك هذا الكتاب، فضعه عندك في مكان حريز. وكتب فيه:
ألا من يشتري سهراً بنومٍ
…
سعيدٌ من يبيت قريرَ عينِ
فإن تك حميرٌ غدرت وخانت
…
فمعذرة الإله لذي رعين
(1)
وإن عمراً أتى حسان أخاه، وهو نائم على فراشه، فقتله واستولى على ملكه فلم يبارك له فيه
(2)
، وسلط عليه السهر، وامتنع منه النوم، فسأل الكهان والعياف، فقال له كاهن منهم: إنه ما قتل رجل أخاه قط بغياناً
(3)
عليه إلا امتنع نومه فقال: هذا عمل رؤساء حمير، هم حملوني على قتله ليرجعوا إلى بلادهم. لم ينظروا لي ولا لأخي. فجعل يقتل من أشار بقتله رجلاً رجلا، حتى خلص الأمر إلى ذي رعين، وأيقن بالشر، فقال له ذو رعين: أما تعلم أني أعلمتك ما في قتله، ونهيتك؟ قال: ما أذكر هذا، ولئن كان ليس عندك إلا ما تدعي لقد طل دمك! قال: إن عندك لي براءة وشاهدا. قال: وما هو؟ قال: الكتاب الذي استودعتك. فدعا بالكتاب فلم يجده، فقال ذو رعين: ذهب دمي على أخذى بالحزم فصرت كمن أشار بالخطأ
(4)
، فقال الملك أن ينعم طلبه
(5)
، فأتى به فقرأه، فإذا فيه البيتان اللذان كتبناهما، فلما قرأهما قال: لقد أخذت بالحزم.
قال: إني حسبت
(6)
ما رأيتك صنعت بأصحابي.
(1)
السيرة 18 جوتنجن: «فإما حمير غدرت» .
(2)
كلمة «فيه» ساقطة من ب.
(3)
بغيانا، كذا وردت في النسختين. وفي السيرة:«بغيا على مثل ما قتلت أخاك عليه إلا ذهب نومه» .
(4)
الخطاء: الخطأ. وفي الأغانى 20: 8: «بالخطإ» .
(5)
كذا. وفي الأغانى: «ثم سأل الملك أن ينعم في طلبه» .
(6)
أي ظننت وحدست. وفي الأغانى: «خشيت» .
وتشعّت أمر حمير حين قتل أشرافها، واختلفوا عليه، حتى وثب على عمرو لخنيعة ينوف
(1)
، ولم يكن من أهل المملكة، فقتله.
ومنهم:
عمليق ملك طسم
بن لاوذ
(2)
بن إرم
(3)
بن سام بن نوح. وكان منازلهم «عذرة» في موضع اليمامة.
وكان سبب قتله أنه تمادى في الظلم والغشم، والسيرة بغير الحق، وأن امرأة من جديس كان يقال لها هزيلة ولها زوج يقال له قديس
(4)
، فطلقها وأراد أخذ ولدها منها، فخاصمته إلى عمليق، فقالت: أيها الملك، إني حملته تسعاً، ووضعته دفعاً، وأرضعته شفعاً
(5)
، حتى إذا تمت أوصاله
(6)
أراد أن يأخذه كرهاً، وأن يتركني بعده ورها
(7)
. فقال لزوجها: ما حجتك؟ قال: حجتي أيها الملك أنها قد أعطيت المهر كاملاً، ولم أصب منها طائلا، إلا وليدا خاملا
(8)
، فافعل
(1)
لخنيعة، كذا وردت في السيرة 19 جونتجن. وعند ابن الأثير 1: 249 والقاموس (شنتر): «لختيعة» بالتاء. وفي (لخع): «لخيعة بن ينوف» . وهو المطابق لما في كتب التيجان ص 300.
(2)
في النسختين وابن الأثير 1: 23: «لوذ» . وفي الخزانة 1: 348: «لوز» ، صوابه في الأغانى 10:45.
(3)
في النسختين: «ادم» تحريف، صوابه في الخزانة.
(4)
في الأغانى: «ماشق»
(5)
هذا تصحيح الشنقيطي، وهو الموافق لما في الأغانى والخزانة، وابن الأثير 1:203. وأرادت بالشفع أنها أرضعته سنتين.
(6)
بعده في الأغانى: «ودنا فصاله» .
(7)
الورهاء: الحمقاء وفي النسختين: «درها» ، تحريف، صوابه في الخزانة وابن الأثير.
(8)
في النسختين: «حاملا» ، صوابه من ابن الأثير، ونقل الخزانة عن كتاب ابن حبيب.
ما كنت فاعلاً. فأمر بالغلام أن ينزع منهما جميعا ويجعل في غلمانه، وقال لهزيلة: أبغيه ولدا، ولا تنكحي أحداً، واجزيه صفدا
(1)
. فقالت هزيلة:
أما النكاح فإنما يكون بمهر، وأما السّفاح فإنّما يكون بلا مهر
(2)
، وما لي فيهما من أمر! فلما سمع عمليق ذلك منهما أمر أن تباع وزوجها، فيعطي زوجها خمسها
(3)
، وتعطي هزيلة عشر ثمن زوجها، ويسترقا
(4)
. فأنشأت تقول:
أتينا أخا طسمٍ ليحكمَ بيننا
…
فأنفذَ حكماً في هزيلة ظالما
لعمري لقد حكِّمتَ لا متورِّعا
…
ولا كنتَ فيما تبرم الحكمَ عالما
ندمتُ ولم أندمْ وأبتُ بعبرتي
…
وأصبح بعلي في الحكومة نادما
فلما سمع عمليق قولها أمر ألا تزوج بكر من جديس فتهدى إلى زوجها إلا يؤتى بها عمليق فيفترعها هو قبل زوجها. فلقوا من ذلك جهداً وذلا ولم يزل يفعل ذلك أربعين سنة فيهم، حتى زوجت الشموس عفيرة بنت عفار الجديسية، أخت الأسود الذي وقع إلى جبلى طيّئ وسكنوا الجبلين بعده، فلما أرادوا أن يهدوها إلى زوجها وانطلقوا بها إلى عمليق لينالها قبله، ومعها الوليدات يتغنين ويقلن:
أبدي بعمليقٍ وقومي فاركبي
…
وبادري الصُّبح بأمرٍ معجبِ
فسوف تلقين الذي لم تطلبي
…
وما لبكرٍ عنده من مهربِ
فلما دخلت عليه افترعها، وخلى سبيلها، فخرجت إلى قومها في دمائها، شاقة درعها عن قبلها ودبرها، وهي تقول:
(1)
في النسختين: «واحتريه» ، ووجهه من الأغانى. وفي الخزانة:«أو اجزيه» .
والصفد: العطاء.
(2)
في الخزانة: «بالقهر» .
(3)
في الأغانى وابن الأثير: «خمس ثمنها» .
(4)
هذه الكلمة ساقطة من الأغانى.
لا أحدٌ أذلَّ من جديس
…
أهكذا يفعل بالعروس
يرضى بهذا يا لقوم حرُّ
…
أهدى وقد أعطى وسيقَ المهر
(1)
لأخذةُ الموتِ كذا من نفسهِ
…
خيرٌ منَ أنْ يفعلَ ذا بعرسه
ثم قالت تحرض قومها فيما أتى عليها
(2)
:
أيصلح ما يؤتى إلى فتياتكم
…
وانتمْ رجالٌ فيكم عدد النَّمل
وتصبح تمشى في الدماء صبيحةٌ
(3)
…
عشيّةَ زفَّت في النساء إلى بعل
فإنْ أنتم لم تغضبوا بعد هذه
…
فكونوا نساءً لا تغبُّ من الكحلِ
(4)
ودونكمُ طيبَ العروس فإنَّما
…
خلقتم لأثواب العروس وللغسلِ
(5)
فلو أنَّنا كنا رجالاً وانتمُ
(6)
…
نساءٌ لكنّا لا نقيم على الذلِّ
فبعداً وسحقاً للذي ليس دافعاً
(7)
…
ويختال يمشي بيننا مشيةَ الفحلِ
فموتوا كراماً أو أميتوا عدوَّكم
…
ودبُّوا لنار الحرب بالحطب الجزل
فلما سمع ذلك أخوها الأسود، وكان سيدا مطاعاً، قال لقومه: يا معشر جديس، إن هؤلاء القوم ليسوا بأعز منكم في داركم، إلا بما كان من ملك صاحبهم علينا وعليهم وانتم أذل من النيب
(8)
، ولولا عجزنا لما كان له فضل علينا، ولو امتنعنا كان له منه النّصف
(9)
، فأطيعونى فيما آمركم به؛ فإنه عز الدهر وذهاب ذل العمر، واقبلوا رأيي. وقد أحمس جديساً قولها، قالوا: نطيعك،
(1)
في النسختين: «وساق المهر» ، صوابه في الأغانى والخزانة.
(2)
الأغانى: «أتى إليها»
(3)
في الأغانى: «عفيرة» .
(4)
الأغانى: «لا تعاب» .
(5)
الأغانى: «وللنسل» .
(6)
الأغانى وابن الأثير: «وكنتم» .
(7)
في النسختين: «رافعا» ، صوابه في الأغانى والخزانة وابن الأثير.
(8)
النيب: جمع ناب، وهي الناقة المسنة.
(9)
النصف: الإنصاف.
ولكن القوم أكثر منا عدداً وأقوى. قال: فإني أصنع للملك طعاماً، ثم أدعوهم إليه، فإذا جاءوا يرفلون في حللهم متفضلين
(1)
مشينا إليهم بالسيوف فقتلناهم، فأنفرد أنا بالعمليق، وينفرد كل واحد بجليسه. فاجتمع رأيهم على ذلك.
وإن الأسود اتخذ طعاماً كثيراً، وأمر القوم فاخترطوا سيوفهم، ودفنوها في الرمل تحتهم، ودعا القوم فجاءوا يرفلون في الحلل، حتى إذا أخذوا مجالسهم ومدوا أيديهم إلى الطعام أخذوا سيوفهم من تحت أقدامهم، فشد الأسود على عمليق وكل رجل على جليسه حتى أناموهم
(2)
، فلما فرغوا من الأشراف شدوا على السفلة فأفنوهم، فلم يدعوا منهم شطراً، فقال الأسود:
ذوقي ببغيك يا طسمٌ مجلَّلةً
…
فقد أتيتِ لعمري أعجبَ العجبِ
إَّنا أتينا فلم ننفكَّ نقتلهم
…
والبغي هيَّجَ منَّا سورةَّ الغضب
فلن يعودَ علينا بغيهم أبداً
…
ولن يكونوا لدى أنفٍ ولا ذنب
(3)
ولو رعيتم لنا قربى مؤكَّدةً
…
كنَّا الأقاربَ في الأرحامِ والنَّسبِ
ومنهم أيضاً:
الأسود بن عفار
هذا، وكان هرب من حسان بن تبع، حين استغاثه الطسمي، فغزا جديساً فقتلها، وأخرب جوا
(4)
، فمضى الأسود فأقام بجبلي طيئ قبل نزول طيئ إياهما.
(1)
التفضل: التوشح، وأن يخالف اللابس بين أطراف ثوبه على عاتقه. والكلمة ليست في الأغانى.
(2)
الأغانى: «أماتوهم» .
(3)
في الأغانى: «كذى أنف» ، تحريف.
(4)
جو: اسم لناحية اليمامة.
وكان سبب قتله أن طيئاً كانوا يسكنون الجوف
(1)
من أرض اليمن، وهو اليوم محله مراد وهمدان، وكان مسكنهم وادياً يدعى ظريباً
(2)
، وكان سيدهم يومئذ أسامة بن لؤي
(3)
بن الغوث بن طيئ، وكان الوادي مسبعة
(4)
وهم قليل عديدهم
(5)
، وقد كان ينتابهم بعير في أزمان الخريف، فيضرب في إبلهم، فإذا انقطع الخريف لم يدر أين يذهب، ولم يروه إلى قابل. وكانت الأزد قد خرجت من اليمن أيام العرم
(6)
فتفرقت، فاستوحشوا لذلك، وقالوا:
قد ظعن إخوتنا فصاروا إلى الأرياف. فلما هموا بالظعن قالوا: يا قوم، إن هذا البعير الذي يأتينا، من بلد ريف وخصب، وإنا لنصيب في بعره النوى، ولو أنا تعهدناه عند انصرافه فشخصنا معه لعلنا نصيب مكاناً خيراً من مكاننا هذا.
فأجمعوا أمرهم على ذلك. فلما كان الخريف جاء الجمل فضرب في إبلهم، فلما انصرف احتملوا فتبعوه، فجعلوا يسيرون بسيره، ويبيتون حيث يبيت، حتى هبط بهم على الجبلين، فقال أسامة بن لؤي:
اجعلْ ظريباً كحبيبٍ ينسى
…
لكلِّ قومٍ مصبحٌ وممسي
فهجمت طيئ على النخل في الشعاب، ومواش كثيرة وحشية كانت لقوم من جديس، وإذا هم برجل في شعب من تلك الشّعاب، وهو الأسود بن عفار،
(1)
ا: «الحرف» وصححها الشنقيطي بما يوافق ما في أخبار عبيد بن شرية 488.
وعند ابن الأثير 1: 205: «الجرف» . وفي معجم البلدان 3: 175 «أبو زياد:
الجوف: جوف المحورة ببلاد همدان ومراد».
(2)
في النسختين: «طرنيا» ، تحريف. وظريب، بفتح أوله وكسر ثانيه، قال ياقوت:«موضع كانت طيئ تنزله قبل حلولها بالجبلين، فجاءهم بعير ضرب في إبلهم فتبعوه حتى قدم بهم الجبلين» .
(3)
في العرب «سامة بن لؤي بن غالب بن فهر» . وأما هذا فهو أسامة.
(4)
ا: «مسلعة» وصححها الشنقيطي موافقا ما في الأغانى 10: 47. والمسبعة:
الموضع الكثير السباع.
(5)
ا: «عديلهم» وصححها الشنقيطي. وفي الأغانى: «عددهم» .
(6)
ا: «العرب» ، والتصحيح للشنقيطى في نسخته. وفي الأغانى:«الصرم» ، تحريف.
فها لهم ما رأوا من عظم خلقته وتخوفوه، فنزلوا ناحية من الأرض، [وسبروها هل يرون بها أحداً غيره؟ فلم يروا، فقال
(1)
] أسامة بن لؤي لابن له يقال له الغوث: أي بني، إن قومك قد عرفوا فضلك عليهم في الجلد والبأس والرمي، فإن كفيتنا هذا الرجل سدت قومك آخر الدهر، وكنت أنت الذي أنزلتنا هذا البلد. فانطلق الغوث حتى أتى الرجل فكلمه وساءله، فعجب الأسود من صغر خلق الغوث
(2)
، فقال له: من أين أقبلتم؟ قال: من اليمن. وأخبره خبر البعير، وأنا رهبنا ما رأينا من عظم خلقك. فشغلوه بالكلام، وختله الغوث فرماه بسهم فقتله، فأقامت طيئ بالجبلين.
ومنهم:
عامر الضحيان
(3)
بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط، وكان صاحب مرباع ربيعة بن نزار، ومنزلها في نجعها، وحكمها في خصوماتها، وكانت ربيعة تغزو المغازي وهو في منزله، فتبعث له نصيبه ولنسائه حصة، إعظاماً له، فمكث بذلك حيناً، وفي ذلك قول بعضهم:
تعجبني أسدٌ ضارياتٌ
…
ويأكل مرباعهنَّ الضَّبع
(4)
تمارس عنَّا بصمِّ القنا
…
لشيخ
(5)
أمامة أن يضطجع
وكان أعرج. وأنه شرب الخمر فاشتهى لحما، فذكرت له نعجة غربية
(6)
(1)
التكملة من الأغانى 10: 47، وموضعها بياض في النسختين.
(2)
في النسختين: «حال الغوث» ، صوابه من الأغانى» ومما بدل له السياق.
(3)
الاشتقاق 202.
(4)
ا: «من باعهن» ، وصححها ناسخ ب.
(5)
جعلها الشنقيطي «بشيخ» ، بالباء.
(6)
في النسختين: «عربية» .
لكعب بن الحارث بن عامر بن عبد القيس، كانت امرأته مرضت فخلفها ظئراً لابنه، فبعث إليها الضحيان فذبحها وكعب غائب، فرجع كعب فرأى ابنه يضغو جوعاً، فسأل عن النعجة فأخبروه أن الضحيان أكلها، فخرج بحربته حتى انتهى إلى منزله ليلاً فصرخ به فقالت له امرأته: الذي يدعوك يريد قتلك، فلا تخرج إليه! فقال: لو دعي عامر لطعنة أجاب! وخرج فبدره كعب فأوجره الحربة
(1)
فقتله.
ومنهم:
عبدة بن مرارة
بن سوار بن الحارث بن سعد بن مالك بن ثعلبة بن. . . . . . . .
(2)
. وهلال بن أمية الخزاعي، فحبا الأسدي حباء كثيراً، ولم يحب هلالا شيئاً فأقفلا
(3)
حتى إذا كانا بواد يقال له وادي طفيل مالا إليه، فنزلا، فغدا الخزاعي على عبدة بن مرارة وهو راقد فقتله، وأخذ ما حبي به. فلما قدم سئل عنه فقال: مات! فصدقوه، واشترى بما أخذ منه إبلاً وخيلا.
فتغنى يوماً الخزاعي وقد أخذ فيه الشراب:
أبلغْ بني أسدٍ بأنَّ أخاهم
…
بلوى طفيل عبدة بن مراره
(4)
(1)
أوجره الحربة: طعنه بها في حلقه.
(2)
في النسختين بياض بقدر ست كلمات.
(3)
جعلها الشنقيطي «فقفلا» . وجاء في اللسان: «وتكرر في الحديث وجاء في بعض رواياته: أقفل الجيش، وقلما [يقال] أقفلنا. والمعروف قفل وقفلنا، وأقفلنا غيرنا» .
قلت: وهذا النص مما يضم إلى ما ورد في الحديث وتكرر.
(4)
البيتان في معجم البلدان 7: 340.
يؤتى فقيرهم ويمنع ضيمهم
…
ويريح بعد المعتمين عشارة
(1)
فلما سمعت بذلك بنو أسد نهضوا إلى بني كنانة فقالوا. حليفكم هذا قتل أخانا، فإن تدوه دية الملوك نقبل، وإن تأبوا نقتل! فودوه دية الملوك:
ألف بعير.
ومنهم:
زهير بن عبد شمس
من بني صيفي بن سبأ الأصغر، وقتلته بلقيس بنت [اليشرح بن ذي جدن بن يشرح بن الحارث بن قيس بن
(2)
] صيفي.
وكان سبب ذلك أنه كان ملكاً، فعلا في مملكته وتكبر، وجعل يعتذر النساء قبل أزواجهن، كما كان يفعل عمليق، حتى أدركت بلقيس فقالت لأبيها: إن هذا الرجل قد فضح نساءكم فائته فقل له: إن لي بنتاً قد أعصرت
(3)
، وليس في قومها شبيه لها حسناً وجمالاً. فإن قال لك: فابعث بها إلي، فقل: إن مثلي في شرفي ونسبي لا تعتذر ابنته إلا في بيته! فأتاه فذكر ذلك له، فلما قال له: ابعث بها قال له ما علمته ابنته، فقال له: كيف بنزلى
(1)
ياقوت: «يروى فقيرهم» . المعتم: الذي دخل في العتمة، وهو الثلث الأول من الليل بعد غيبوبة الشفق. جاء في اللسان:«وأهل البادية يريحون نعمهم بعيد المغرب وينيخونها في مراحها ساعة يستفيقونها، فإذا أفاقت - وذلك بعد ما مر قطعة من الليل - أثاروها وحلبوها» .
وعلى ذلك فالأجود من هذه الرواية رواية ياقوت: «قبل المعتمين» ، أي هو يتهيأ لقرى الضيف قبل نزوله به.
(2)
التكملة من المحبر لابن حبيب 367، وموضعها بياض في النسختين. وقد أثبت الشنقيطي في نسخته كلمة «شرحبيل» موضع «اليشرح». قال ابن حبيب: وهي صاحبة الهدهد، ولقتلها زهيرا حديث. وتزوجها سليمان بن داود صلى اللّه عليهما.
(3)
أعصرت: أدركت، كأنها دخلت في عصر شبابها.
ونزل من معي من أصحابي
(1)
؟ فقال: ما أحملني لنزل الملك، وأشد سروري به، لأ [نّها
(2)
] مكرمة لي، ويد وضعها الملك عندي. فأجابه إلى إتيانه، ولم يجب إلى ذلك غيره فأتي داره فزخرفها وزخرف أبياتاً ثلاثة بأحسن ما يكون من زينة ذلك الزمان، وحشد لنزله، ثم أتاه فأعلمه بالفراغ، فركب فأتاه وقد أدخلت بلقيس نفراً من أقاربها بأسلحتهم. ولما دخل البيت الأول أعجبه ما رأى من هيئته، ثم دخل البيت الثاني فكان أحسن، ثم دخل الثالث وفيه بلقيس في حليها وحللها مع جمالها، فلما استلقى على الفراش، وأخرج حرسه وأجناده
(3)
، وأمر بالباب فأغلق دونه - وكان معه المقاول - قالت للنفر:
اخرجوا. فخرجوا فقتلوه. ثم أرسلت إلى رجل آخر من مقاولته وخواصّه، تدعوهم فيقتلونهم، ولا يظنّ من يرسل إليه إلّا أنّ الملك يدعوه، حتّى أتت على آخرهم. ثم أرسلت إلى أبيها وقومها فخرجت إليهم وقالت: هذا الخبيث قد فضح نساءكم وجعلكم شهرة في الناس قد أراحكم الله منه، فدونكم ملكوا من شئتم. فقالوا بأجمعهم: ما أحد أولى بهذا منك! فملكوها عليهم فملكتهم، حتى كان من أمر الهدهد وسليمان عليه السلام ما كان.
(1)
النزل، بضمة وبضمتين: ما يهيأ للضيف.
(2)
التكملة من الشنقيطي في نسخته.
(3)
ا: «وأخياره» ، والتصحيح للشنقيطى.
ومنهم:
الحارث بن كعب
وقتله ضبة بن أد
(1)
.
وسبب ذلك أن ضبة تفرقت إبله تحت الليل، وكان له ابنان: سعد وسعيد، فخرجا يطلبانها، فتفرقا في طلبها، فجاء بها سعد ولم يرجع سعيد، فأنى على ذلك ما شاء اللّه أن يأتي، لا يرى سعيداً ولا يعلم له خبراً.
ثم إن ضبة بعد ذلك بينا هو يسير والحارث بن كعب في الأشهر الحرم وهما يتحدّثان، إذ مرّا على سرحة
(2)
بمكان، فقال له الحارث: أترى هذا المكان فإني لقيت به شاباً من هيئته كذا وكذا - فوصف له صفة سعيد - فقتلته وأخذت برداً كان عليه، من صفة البرد كذا وكذا! فوصف له صفة البرد وسيفاً كان عليه. فقال ضبة: فما صفة السيف؟ قال: ها هو ذا علي. قال ضبة:
فأرني السيف. فأراه إياه، فعرفه فضربه حتى قتله. ولام الناس ضبة فقالوا:
قتل رجلاً في الأشهر الحرم! فقال ضبة: «سبق السَّيف العذل
(3)
»! فصارت مثلا.
(1)
انظر مجمع الأمثال في (الحديث ذو شجون).
(2)
السرحة: واحدة السرح» وهو ضرب من الشجر.
(3)
العذل، بالتحريك: اسم من العذل بالفتح، وهو اللوم.
ومنهم:
داود بن هبالة
بن عمرو بن [عوف بن ضجعم بن
(1)
] سعد بن سليح
(2)
بن حلوان ابن عمران بن الحاف بن قضاعة. وكان أول ملك الروم بالشام على عهده.
وذلك أنه كان ملكاً فغلبه ملك الروم على ملكه، فصالحه داود على أن يقره في منازله ويدعه فيكون تحت يده، ففعل فكان يغير بمن معه، ثم تنصر وكره الدماء وبنى ديراً، فكان ينقل الطين على ظهره والماء، فسمي «اللثق» ، فنسب الدير إليه، وأنزله الرهبان فلما تعبد اجترئ عليه فقال له ملك الروم: اغز بمن معك من العرب فلم يجد بداً من أن يفعل، فغزا فكان على خيله جعفر بن صبح التنوخي، وكان معه في جيشه زهير بن جناب
(3)
ابن هبل الكلبي، فغزا عبد القيس، فقتل زهير بن جناب هدّاج بن مالك ابن عامر بن الحارث بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى
(4)
ابن عبد القيس، وأغار في وجهه على [بكر
(5)
] بن وائل فقتل زهير أيضاً هداج بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة بن عكابة
(6)
، فقال حذار
(7)
بن ظالم بن ذهل بن عجل العبدي:
(1)
التكملة من حواشي الاشتقاق 319. وداود بن هبالة عده ابن حبيب في المحبر 200 من الجرارين من قضاعة. والجرار: من يرأس ألفا.
(2)
في النسختين: «سليم» ، صوابه من المحبر 250 والاشتقاق 314.
(3)
في ا: «حباب» في هذا الموضع وتاليه، وصححه الشنقيطي.
(4)
ا: «قصى» ، والتصحيح للشنقيطى.
(5)
موضعها بياض في النسختين، والتكملة بقلم الشنقيطي.
(6)
كذا ورد الكلام في النسختين، وفيه ما فيه من تكرار لا ندري صحته.
(7)
في النسختين: «حدار» .
لعمري لقد أردت سيوفُ ابن ضجعمٍ
…
غداةَ التقوا منَّا خطيباً وياسرا
(1)
أهانَ الرِّجال بعده فكأنما
…
يرى بالرِّجال الصَّالحين الأباعرا
فلا تبعدن إمَّا لقيتَ ابنَ مالكِ
…
سبيلَ التي فيها لقيت المعاذرا
وقال زهير بن جناب:
فجَّعتُ عبدَ القيس أمسِ بجدِّها
…
وسقيتُ هدَّاجاً بكأسِ الأفرل
(2)
ثم أقبل داود حتى إذا كان بناحية الرقم تذاكر رجال من قضاعة ما دخلهم من الذل لصنعه الذي صنعه بنفسه، فتواعد رجلان من قضاعة على قتل داود، أحدهما ثعلبة القائل بن
(3)
........ زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب
(4)
، والآخر معاوية بن حجيو بن حي بن وائل بن أمر مناة
(5)
بن مشجعة بن التيم بن النمر بن وبرة، أخو كلب بن وبرة. فأقبل داود يسير ليلاً وأمامه شمعة وهو منصرف إلى الشام، حتى انتهى إلى موضع يقال له برقة حارب، فتقدما إلى الشمعة فأطفآها
(6)
وشدا عليه فقتلاه، فقال عبد العاص بن ثعلبة التنوخي يرثيه:
لعمري لنعم المرءُ من آل ضجعمٍ
…
ثوى بين أحجار ببرقةِ حارب
(7)
أصابتك ذؤبان الحليفين عامرٍ
…
ومشجعةَ الأوباشِ رهطِ ابن قارب
فتىً لم تلده بنت عمِّ قريبة
…
فيضوى وقد يضوى وليدُ القرائب
(8)
فتى ليسَ بالراضي بأدنى معيشةٍ
…
وليس له ذو العجز يوماً بصاحب
(1)
الياسر: اللاعب بقداح الميسر.
(2)
كذا في النسختين، ولعلها «الأول» ، أي التي شربها الأولون.
(3)
بعده بياض لكلمتين.
(4)
ا: «أفيدة بن ثور من كلب» ، والتصحيح للشنقيطى.
(5)
كذا ورد هذا النسب.
(6)
ا: «فطفياها» ، صوابه في ب.
(7)
البيت في معجم البلدان (برقة حارب).
(8)
ا: «أو يد الغرائب» ، والتصحيح للشنقيطى.
وقال ثعلبة القاتل، قاتله:
نحن الأولى أردتْ ظباتُ سيوفنا
…
داودَ بين البرقتينِ فحاربِ
خطرتْ عليه رماحنا فتركنه
…
لمَّا شرعنَ له كأمسِ الذّاهب
وكذاك إنَّا لا تزالُ رماحنا
…
تنفي العدى وتفيد رغب الراغبِ
كانت لداود ابنتان يقال لهما أمرعة، وأشعرة، وكان حلّفهما بالشام، فقدم عبد العاص التنوخيّ الشام، فبعثت إليه أمرعة تسأله عن أبيها، فعرض لها فلم تفهم، فقال:
حدِّث حديثين أمرعةْ
(1)
…
فإن أبتْ فأربعة
ثم أدعها يا فوزعه
…
إلى الحديث والدَّعه
ألا تراها مقنعة
…
وخيلها مسلَّعةْ
في كلِّ عامٍ شعشعه
…
من عامرٍ ومشجعة
ثم أرسلت إليه أشعرة فحكى لها فلم تفهم، فقال:
حدِّث حديثين أشعرة
…
فإن أبت فعشرة
يا ربِّ خيلٍ مضمرة
(2)
…
وغارةٍ محذفرة
(3)
وحلَّةٍ محبَّرة
…
بين لوى ......
(4)
ففهمتا قوله فشقتا جيبيهما، وحلقتا رءوسهما، فهما أول من فعل ذلك من العرب.
فوزعة، الذي ذكر: فوزعة بن سلمة بن وثاق بن عمرو بن عوف
(1)
أورد الميداني المثل «حدث حديثين امرأة» ولم يتعرض للقصة ولا للرجز.
(2)
ا: «لرب خيل» .
(3)
المحذفرة: المملوءة. وليس ما يستوجب أن نجعلها «مسحنفره» .
(4)
بياض في النسختين.
ابن ذهل بن حذيى بن الدها بن غشم بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، وكان رسولا لهما.
ومنهم:
همام بن مرة
بن ذهل بن شيبان، قتله ناشرة بن أغواث.
وكانت أم ناشرة هذا هند بنت معاوية بن الحارث بن بكر بن حبيب، وكانت جارة لهمام، فأرادت أن تلد، فاجتمع إليها النساء، فسمعهن همام يقبلنها
(1)
يقلن: قد جاء، قد جاء! يعنين الولد. فقالت أمّه: ادققن عنقه.
فقال لها همام: ويحك لا تفعلي. قالت: وما يعيشه؟ قال همام: أمة تعيشه، ولقحة، وجمل ذلول. قالت: بلى فأعطاها إياها.
فلما كان يوم واردات - وهو من أيام حرب البسوس - خرج همّام يسقى الناس الماء واللبن، فأبصره ناشرة فختله فطعنه فقتله، وهرب فلحق بقومه، فقالت أم ناشرة:
لقد عيّل الأيتام طعنة ناشره
…
أناشر لا زالت يمينك آشره
(2)
(1)
قبلت الولد تقبله: أخذته عند الولادة، وهي القابلة.
(2)
أي مأشورة، أشر الخشبة: نشرها. والبيت في اللسان (أشر). والخبر برواية أخرى في الأغانى 4: 143. ويروى: «لقد عيل الأقوام».
ومنهم:
جساس بن مرة
ابن ذهل بن شيبان، وهو قاتل كليب بن ربيعة. وكانت أخته تحت كليب، فقتل عنها وهي حامل، فرجعت إلى أهلها، ووقعت الحرب - حرب البسوس - فكان منها ما كان من القتل، ثم صاروا إلى الموادعة، بعد ما كادت تتفانى القبيلتان، فولدت أخت جساس غلاماً فسمته الهجرس، فرباه جساس فلم يعرف أباً غيره، وزوجه ابنته، فوقع بين الهجرس وبين رجل من بكر بن وائل كلام، فقال له البكري: ما أنت بمنته حتى نلحقك بأبيك.
فانصرف الهجرس حتى دخل على امرأته بنت جساس مهموماً، فسألته عما به، فخبرها الخبر. فلما أوى إلى فراشه ووضع انفه بين ثدييها وتنفس الصعداء تنفسة تنفط منها ما بين ثدييها، فقامت الجارية فزعة قد أقلتها رعدة حتى دخلت على أبيها فحدثته الحديث، وقصت عليه قصة الهجرس، فقال جساس: ثائر ورب الكعبة! وبات على مثل الرضف
(1)
حتى أصبح، فأرسل إلى الهجرس، فأتاه، فقال له: إنما أنت ولدي وختني، وبالمكان الذي قد علمت، وقد زوجتك ابنتي وأنت معي، وقد كانت الحرب في أبيك زماناً طويلا حتى كدنا نتفانى، وقد اصطلحنا وتحاجزنا، وقد رأيت أن تدخل فيما دخل فيه الناس من الصلح، وأن تنطلق معي حتى آخذ عليك مثل ما [أخذ
(2)
] علينا وعلى قومك.
فقال الهجرس: أنا فاعل، ولكن مثلي لا يأتي قومه إلا بلامته وفرسه! فحمله جساس على فرس، وأعطاه لأمة ورمحاً، فخرجا حتى أتيا جماعة من قومهما،
(1)
الرضف: الحجارة المحماة بالشمس أو النار.
(2)
التكملة من ابن الأثير 1: 322 والأغانى 4: 150 حيث نقل الخبر عن ابن حبيب.
فقصّ عليهم جساس ما كانوا فيه من البلاء، وما صاروا إليه من العافية، ثم قال: وهذا ابن أختي قد جاء ليدخل فيما دخلتم فيه، ويعقد ما عقدتم. فلما قربوا الدم وقاموا إلى العقد أخذ الهجرس بوسط رمحه ثم قال:«وفرسي وأذنيه، ورمحى ونصليه، وسيفي وغربيه، لا يترك الرجل قاتل أبيه وهو ينظر إليه!» .
ثم طعن جساسا فقتله ولحق بقومه، فكان آخر قتيل في بكر بن وائل.
ومنهم:
عمرو وإخوته، بنو الزبان الذهلي
وكان سبب ذلك أن كثيف بن التغلبي انهزم في بعض أيام بكر وتغلب، فألظ به
(1)
مالك بن كومه
(2)
الشيباني، وكان مالك رجلاً نحيفاً، وكان كثيف رجلاً أيداً، فلما لحقه ابن كومة اقتحم عن فرسه
(3)
لينزل إليه مالك فيقهره بفضل قوته وبدنه، فأوجره مالك الرمح وقال: والله لتستأسرن أو لأنفذنك به! فاستأسر، ولحقه عمرو بن الزبان
(4)
فقال: أسيري! وقال مالك: أسيري! فقالا لكثيف: لقد حكمناك
(5)
في نفسك. فقال كثيف: لولا مالك لألفيت في أهلي! فغضب عمرو بن الزبان، فلطم خد كثيف، فقال مالك: تلطم خد أسيري يا كثيف؛ فإني قد جعلت فداءك لك بلطمة عمرو خدك. وأطلقه. فحرم كثيف النساء والخمر حتى يثأر من عمرو لطمته، فوضع عليه العيون، فأتاه رجل من غفيلة بن قاسط، فقال: ألا أدلك على بني الزبان، فقد نتجوا ناقة حواراً واشتووه وهم يأكلون، وكانت ندت لهم إبل فخرجوا في طلبها فردّوها. فقام كثيف
(1)
ألظ به: ألح عليه. في النسختين: «فألط به» .
(2)
في النسختين: «كمومة» في هذا الموضع فقط.
(3)
جعلها الشنقيطي «عنق فرسه» .
(4)
في القاموس (دهم): «الريان» .
(5)
ب: «حكمناك» .
بضعف عدتهم، وقال: مروا بجانبهم فإذا دعيتم إلى الطعام فليكتنف كل
(1)
رجل منهم رجلان منا. فمروا بالقوم وهم على طعامهم فدعوهم إلى الطعام فأقبلوا، ففعلوا ما أمروا به، فلما حسر كثيف العمامة عن وجهه قال له عمرو: يا كثيف، هذا خدي فالطمه ففيه وفاء من خدك، وما في بكر بن وائل أكرم منه. قال:
لا، حتى أقتلك. قال: فدع هؤلاء الفتية الذين لم يتلبسوا من الحروب بشئ.
قال: فأبى، فقتلهم أجمعين، وبعث رؤوسهم في غرارة، وعلقها في عنق «الدهيم» ناقة عمرو بن الزبان.
ومنهم:
عمرو بن مسعود، وخالد بن نضلة، الأسديان
وكانا يفدان على المنذر الأكبر اللخمي في كل سنة، فيقيمان عنده وينادمانه.
وكانت أسد وغطفان حلفاء لا يدينون للملوك، ويغيرون عليهم، فوفدا سنة من السنين ومعهما سبرة بن عمير الشاعر الفقعسي، وحبيب بن خالد، فنادم المنذر عمرو وخالد بن نضلة، فقال المنذر يوماً لخالد، وهم على الشراب: يا خالد، من ربك؟
فقال خالد: عمرو بن مسعود ربّى وربّك. فأمسك عليهما
(2)
، ثم قال لهما بعد:
ما يمنعكما من الدخول في طاعتي، وأن تذبوا عني كما ذبت تميم وربيعة
(3)
؟
فقالا: أبيت اللعن، هذه البلاد لا تلائم مواشينا، ونحن مع هذا قريب منك، نحن بهذا الرمل، فإذا شئت أجبناك. فعلم أنهم لا يدينون له. وقد سمع من خالد الكلمة الأولى، فأومأ إلى الساقي فسقاهما سما، فانصرفا من عنده من
(1)
ا: «من كل» ، صوابه في ب.
(2)
ا: «عليها» ، صوابه في الخزانة 4: 510 حيث نقل نص ابن حبيب. وجعلها الشنقيطي «عنهما» .
(3)
الخزانة: «وأن تدنوا منى كما دنت تميم وربيعة» .
السّكر على خلاف ما كانا ينصرفان، فلما كانا في بعض الليل أحس حبيب ابن خالد بالأمر، لما رأى من شدة سكرهما، فنادى خالداً فلم يجبه، فقام إليه فحركه فسقط بعض جسده، وفعل بعمرو مثل ذلك، وكان حاله كحال خالد، فأصبح المنذر نادماً على قتلهما، فغدا عليه حبيب بن خالد فقال: أبيت اللعن، أسعدك الأهل، نديماك وخليلاك تتابعا
(1)
في ساعة واحدة. فقال له: يا حبيب أعلى الموت تستعدينى، وهل تراني إلا ميتاً
(2)
وأخا ميت وأبا ميت؟ ثم أمر فحفر لهما قبران ودفنا فيهما، وبنى عليهما منارتين، وهما الغريان، وعقر على كل قبر خمسين فرساً وخمسين بعيراً، وغرّاهما بدمائهما، وجعل يوم نادمهما
(3)
يوم نعيم، ويوم دفنهما يوم بؤس. وقال الشاعر
(4)
فيهما:
ألا بكر النّاعى بخيريْ بني أسدْ
…
بعمرو بن مسعودٍ وبالسيِّد الصمدْ
يشقّ بصحراء الحبيل له الثَّرى
…
وما كنت أخشى أن يزار به بلدْ
(5)
ومنهم:
خالد بن جعفر بن كلاب
وكان وفد على الأسود بن المنذر الأكبر، ووفد الحارث بن ظالم المرى.
وقد كان خالد قتل زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي، وكان سيد غطفان،
(1)
كذا بالباء في النسختين والخزانة، وأراها «تتايعا» بالياء، أي تساقطا.
(2)
في النسختين: «وهل ترى إلا أنى ميت» .
(3)
كذا في ا والخزانة، وجعلها الشنقيطي:«ندامهما» .
(4)
هي هند بنت معبد بن نضلة. معجم ما استعجم 996. وانظر البيان 1: 108 وشروح سقط الزند 1816.
(5)
الحبيل، وردت بالحاء المهملة في النسختين. أخشى هنا بمعنى أعلم. قال:
ولقد خشيت بأن من تبع الهدى
…
سكن الجنان مع النبي محمد
أي علمت. والبلد: القبر. ويزار، هي في النسختين «يزاد». وفي القرآن الكريم:
«حتى زرتم المقابر» ، أي متم. وفي البيان:«أن تناءى به البلد» أي تبعد.
فقدم إليهما تمر
(1)
على نطع، فجعلا يأكلان، فقال خالد للملك: أبيت اللعن، من هذا؟ قال له
(2)
: هذا الحارث بن ظالم. فقال خالد للحارث: يا حارث، ما أحسبني إلا حسن البلاء عندك فكيف شكرك لي؟ فقال الحارث: وما بلاؤك عندي؟ قال: قتلت عمك فسدت قومك
(3)
. قال: سأجزيك به.
وجعل الحارث ينبث
(4)
التمر بيده ولا يبصر، غضباً. فقال خالد: مالك تنبث التمر، أيتهن تريغ؟ فقال الحارث: على أيتهن تخافني؟ فأمر الملك برفع التمر، وقام الحارث فانصرف إلى رحله، فقال الأسود: لم تعرضت لهذا الكلب وأنت جاري؟ فقال خالد: أبيت اللعن، هذا أحد عبيدي. فلما كان الليل بعث الأسود بجارية له، معها عس ضخم مملواً
(5)
خمراً إلى الحارث وقال له:
يقول لك الملك: عزمت عليك لما شربت هذا - يريد أن يسكره فينام - فأخذه الحارث كأنه يشربه، فسفحه بين ثوبيه وجسده. فلما مضى هني
(6)
من الليل قام إلى قبة خالد وقد أشرجت عليه، فهتك شرجها ودخل عليه فقتله واغترز في رحله ومضى
(7)
.
(1)
جعلها الشنقيطي «تمرا» . وفي المحبر 193: «فدعا لهما بتمر، فجئ به على نطع» . وانظر الخبر بخلاف في الرواية عند ابن الأثير 1: 338.
(2)
ب: «قاله» .
(3)
في المحبر: «قال: لأنى قتلت عمك، وهو أشرف قومك، زهير بن جذيمة، فتركتك سيدهم» .
(4)
ينبث: ينبش.
(5)
كذا في النسختين، منصوب على الحال.
(6)
مصغر هنو، بالكسر، وهو الوقت.
(7)
اغترز: ركب. والغرز: ركاب الرحل.
ومنهم:
الفطيون
وهو عامر بن عامر بن ثعلبة بن حارثة
(1)
، وكان يهودياً، وكان عزيزاً بيثرب ممتنعاً، وكان يعتذر النساء قبل أزواجهن، وكانت يثرب قد دانت له؛ فلم تزل تلك حاله حتى زوجت أخت مالك بن العجلان بن زيد الخزرجي ثم القوقلي
(2)
، وهو يومئذ شاب، فلما كان يوم جلائها وأجلست على منصتها قامت على المنصة، فخرجت على نادي قومها كاشفة عن ساقها. فلما رآها مالك وثب فقال: أي عدوة الله، تخرجين على قومك كاشفة عن ساقيك، سوأة لك! فقالت: سوأة لك! فالذي يراد بي أقبح مما صنعت. إنه يذهب بي إلى غير زوجي فيصيبني! فارتاع مالك وقال: صدقت والله فهل فيك خير؟
قالت: ينبغي أن يكون الخير عندك. فلما ذهب بها لبس مالك لبسة النساء واشتمل على سيف صارم، ودخل مع النساء فانكمى في داخل البيت، فلما خرج النساء وخلا الفطيون مع المرأة خرج عليه مالك فضربه بالسيف حتى برد، وأخذ بيد أخته فخرج بها مع نسائها، وتصايحت يهود، وطلبوا مالكاً، فامتنع بقومه، ثم خرج هارباً ومعه عدة من الأوس والخزرج حتى قدموا على أبي جبيلة ملك غسان، فأعلموه غلبة يهود عليهم وفعلهم، فقدم أبو جبيلة بيثرب واتخذ
(1)
قال ابن دريد في الاشتقاق 259: «ومنهم الفطيون الملك وهو اسم عبراني أيضا.
وكان الفطيون تملك بيثرب فقتله رجل من الأنصار قبل أن يسموا بهذا الاسم في الجاهلية الأولى». وقد اتفقت النسختان هنا على أنه «عامر بن عامر» . وانظر جمهرة ابن حزم 373.
وفي حواشي الاشتقاق: «الفطيون واسمه عامر بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الحارث المحرق بن عمرو مزيقياء. قاله ابن الكلبي» .
(2)
ا: «النوفلي» ، صوابه من الشنقيطي. وقد عده ابن دريد في الاشتقاق 207 من رجال بنى قوقل، قال:«ومنهم مالك بن العجلان سيد الأنصار في زمانه، وهو قاتل الفطيون» .
طعاماً ودعا إليه أشراف يهود والأوس والخزرج، فلما طعموا جعل يدفع إلى الرجل سيفاً فيضطربان به، حتى قتل بهذا الفعل مائة من أشراف اليهود، فكان الرجل يقتل أخاه وابن عمه، ثم انصرف راجعاً إلى الشام، فقويت الأوس والخزرج عليهم.
ومنهم:
لخنيعة
(1)
ينوف ذو شناتر الحميري
وكان ملك اليمن، ولم يكن من أهل المملكة، وإنما كان ملكهم حين قتل موثبان أخاه، فاضطرب أمرهم حتى ملكهم لخنيعة، وكان فاسقاً يعمل عمل قوم لوط، وكان يبعث إلى أبناء الملوك فيلوط بهم، وكانت حمير إذا ليط بالغلام لم تملكه ولا ترتفع به
(2)
، وكانت له مشربة فيها كوة تشرف على حرسه، فإذا أتاه الغلام ينكحه قطعت مشافر ناقته وذنبها، ثم يطلع لخنيعة من الكوة وفي فيه مسواكه فهي علامة نكاحه إياه، فإذا نزل الغلام صاحوا به: أرطب أم يباس
(3)
؟ فمكث كذلك زماناً حتى نشأ زرعة وهو ذو نواس، وكانت له ذؤابة فبها سمي ذو نواس، وهو الذي تهود وتسمى يوسف، وهو صاحب الأخدود بنجران، وكانوا نصارى فحرقهم وحرق الإنجيل، وهدم الكنائس على أن يهودوا، فبسببه غزت الحبشة اليمن، وذلك لأن الحبشة نصارى، فلما علت الحبشة على اليمن
(4)
اعترض البحر فأقحمه فرسه فغرق. فلما نشأ زرعة هذا
(1)
انظر ما سبق في ص 117.
(2)
ا: «تنتفع به» ، وصححه الشنقيطي موافقا ما في الأغانى 20:8. والخبر بإيجاز عند ابن الأثير 1: 249 - 250».
(3)
لم ترد هذه الصيغة في المعاجم المتداولة. وفي الروض الأنف 1: 29: «واليباس واليبيس مثل الكبار والكبير» .
(4)
الأغانى: «فلما غلبوا على اليمن» .
قيل له: كأنك بالملك قد دعاك فيلعب بك كما لعب بغيرك! فاتخذ سكيناً رقيقاً
(1)
فلما بعث إليه لخنيعة يدعوه عرف ما يريد، فجعل السكين بين أخمصه ونعله، وأتاه على ناقة له يقال لها سراب، فأناخها ثم صعد إليه، فلما صعد زرعة قام إليه كما كان يقوم لغيره، وذهب يعالجه، فانحنى زرعة وأخذ السكين فوجأ به بطنه
(2)
بجرأتهم عليه، فأقبل الحيّان شاكر ونهم إلى زيد بن مرت فقالوا: أنت سيدنا وأنت نديم الملك وجليسه، وقد آلى بما تعلم، وو اللّه لا يصل إلى إخواننا ومنّا رجل حي، فسله فليصفح. فقال: إنه قد آلى، ولا يرجع عن أليّته. قالوا:
فإن أبى فاقتله ونحن نملّكك علينا. قال: لا تعجلوا وأمهلوا حتى أرى لذلك
(3)
موضعاً. فأمسكوا. قال
(4)
: فبينا زيد جالس مع علقمة إذ جرى ذكر السيوف، فقال علقمة: عندي سيف كان لأجدادي إليه الميل. فقال له زيد: أبيت اللعن، ادع به لأنظر إليه. فدعا به، فنظر إليه علقمة ساعة ثم ناوله زيداً، فنظر إليه وإذا فيه مكتوب: «ضرس العير، سيف الجبر
(5)
، باست امرئ وقع في يده لم
(1)
الأغانى: «فأخذ سكينا لطيفا خفيفا وسمه وجعل له غلافا» .
(2)
هذه الكلمة لم تثبت في ا إلا في أسفل الصفحة، إشارة إلى أنها بدء الصفحة التي تليها. ومن الواضح أن بعدها سقطا تنتهى به هذه القصة، ثم تبتدئ به القصة التي تليها.
وقد كتب الشنقيطي في هذا الموضع «يقين أن هنا نقصا» . وتمام القصة في الأغانى:
(3)
ا: «لك» ، والتصحيح للشنقيطى.
(4)
في النسختين: «فقال» .
(5)
في النسختين: «الجير» ، وإنما هو «الجبر» ومعناه الملك.
يغضب لقومه» فهزّه زيد ساعة ثم ضربه به فقتله، ووثبت همدان فألبسوه التاج وملكوه عليهم. وفي ذلك يقول شاعرهم:
فيمَّم ضرسَ العير مفرق رأسه
…
فخرَّ ولم يثبتْ لحقِّك باطله
فلم أرَ يوماً كان أكثر باكياً
…
غداة غدا ملْ بونِ تحدى رواحله
وغادره يكبو لحرِّ جبينه
…
وورِّث زيداً تاجه وحلائله
ومنهم:
الصمة الأكبر
وهو مالك بن بكر بن علفة بن جداعة، أخو بني جشم بن معاوية بن بكر ابن هوازن
(1)
، وكان غزا بني قيس بن حنظلة، من البراجم، فأسره الجعد بن الشماخ البرجمي وفض أصحابه، فمكث عنده عاماً لا يفدى، فلما طال ذلك عليه جعل يأتيه في كل رأس شهر بأفعى فيقول: والله لتفدين أو لأعضنها بك! فلما طال ذلك عليه قال: يا هذا إن قومي لا أراهم يفدونني، فجزّ ناصيتي على الثواب. ففعل وأطلقه.
ثم إن الجعد أتاه يستثيبه، فقدمه فضرب عنقه، فأتى على ذلك ما شاء الله.
ثم أن الصمة حضر الموسم، فاتفق الصمة وأبو مرحب ثعلبة بن حصبة بن أزنم بن ثعلبة بن يربوع، عند حرب بن أمية، فقدم إليهما سويقاً وتمراً، فجعل الصمة يأكل ويلقي النوى بين يدي ثعلبة، فقال: ويحك يا ثعلبة، أكلت التمر كله؛ أما ترى النوى بين يديك؟! فقال له ثعلبة: إني كنت ألقى النوى، وأنت تأكل التمر بنواه، فلذلك عظم بطنك. فقال الصمة: إنما عظم بطني
(1)
في المؤتلف 144. «فالصمة الأكبر هو مالك بن الحارث بن معاوية بن جداعة بن غزية بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن».
دماء قومك ابن
(1)
الجعد بن الشماخ. فقال أبو مرحب: ما فخرك برجل أسرك ومن عليك ثم أتاك مستثيبا فقتلته؟ إن لله على أن لا أراك في غير هذا الموضع إلا قتلتك أو مت دونك! فافترقا.
ثم إن الصمة غزا بني تميم فهزم أصحابه، وأسر هو وابنه معه وبعض أصحابه، أسره الحارث بن بيبة
(2)
المجاشعي جدّ البعيث الشّاعر. فقال الصمّة للحارث بن بيبة: سربى في بلادك حتى أفتدي أصحابي. وكانت الحجرة لبنى رياح بن يربوع، إليها تجتمع بنو حنظلة في أمورها، فجاء الحارث مردما الصمة حتى إذا نزل رآه أبو مرحب، فدخل بيته واشتمل على السيف، ثم خرج والناس غافلون، فضرب به بطن الصمة فقتله، وصاح الحارث: يال دارم! قتل أسيري في يدي! فثارت يربوع ودارم، فكاد يقع القتال بينهم، فسفرت السفراء بينهم، وأرضي الحارث بن بيبة من الصمة فسكنوا.
ومنهم:
عدي بن زيد
بن أيوب بن حمار
(3)
العبادي الشاعر، أحد بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم، وكان كاتباً لكسرى على ما يجتبى من الغور، وكان هو سبب ملك النعمان بن المنذر اللخمي.
وكان لعدي بن زيد عدو من أهل الحيرة يقال له عدي بن مرينا. فلم يزل يلاطف النعمان حتى غلب على سمره ونزل منه أحسن منزلة، فجعل يبغي عدي بن زيد الغوائل، ويحمل النعمان عليه حتى وغر صدره، فكتب إلى
(1)
كذا وردت هذه الكلمة.
(2)
ا: «نبيه» في هذين الموضعين وما سيأتي، وصححه الشنقيطي. وانظر الاشتقاق 147.
(3)
كذا في ا وهي إحدى روايتين في اسمه، وجعلها الشنقيطي «حماد» بالدال. ويروى «حماز» و «خمار» .
كسرى يستزيره متشوقاً إليه
(1)
، فأذن كسرى لعدي في زيارته، فلما بلغ النعمان خروج عدي إليه أجلس له قوماً فأخذوه قبل أن يصل إليه، فمضوا به إلى الصنين
(2)
فحبسه هناك، فقال عدي بن زيد شعره
(3)
كله أو أكثره في الحبس.
ثم إن أخاه كلّم كسرى، فوجّه كسرى رجلاً يخرجه من السجن. فلما أتاه الرجل بدأ بالسجن فدخله، ثم رجع إلى النعمان بكتاب كسرى في أمره، فوثب أعداؤه عليه فغمّوه حتى مات، وكتب إلى كسرى إنه مات قبل وصول كتاب الملك، وأوصى الرسول فستر أمر عدي، ووافق كتاب النعمان.
ومنهم:
عروة الرحال
(4)
بن عتبة
بن جعفر بن كلاب. وسبب قتله أن النعمان بن المنذر كان يوجه في كل موسم بعير تحمل التجارات تباع له في الموسم، فكان بلعاء بن قيس يعرض لها، فكان يجيرها له بعض أشراف العرب الأعزاء، فحضر عروة الرحال النعمان، وقد جهز عيره وجلس في فنائه وعنده وفود العرب، وحضر البرّاض الكناني وكان خليعاً فاتكاً، فقال النعمان: من يجير هذه العير؟ فقال البراض: أنا أجيرها.
فقال له عروة: أنت تجيرها على أهل الشّيخ والقيصوم؟ إنما أنت كالكلب
(1)
ب: «متشوقا» بالقاف.
(2)
رسمت في ا «الصرن» وفي ب «الصرت» ، صوابهما ما أثبت موافقا ما في الأغانى 2: 116 طبع دار الكتب. وصنين بلفظ مثنى الصن: بلد كان بظاهر الكوفة من منازل المنذر، وبه نهر ومزارع. ياقوت 6:395.
(3)
في النسختين: «شعرة» ، تحريف.
(4)
قال البكري: «سمى رحالا لأنه كان وفادا على الملوك وذا قدر عندهم» .
اللآلي 672.
الخليع - وكان البراض رث الهيئة ومعه سيف قد أكل غمده: أنت أضيق استاً من ذلك، ولكني أيها الملك أجيرها من الحيين. يريد قيساً وخندف.
فقال البراض: أنت تجير على أهل تهامة؟ فلم يلتفت النعمان إلى قوله وازدراه ودفعها إلى عروة؛ فخرج بالعير، وخرج البراض في أثره حتى إذا كان ببعض الطريق أدركه البراض، فتقدم أمام عيره وأخرج الأزلام يستقسم بها
(1)
، فمر به عروة فقال: ما تصنع؟ فقال: أستخير في قتلك. فضحك ولم يره شيئاً. ثم سار عروة حتى انتهى إلى أهله دوين الجريب
(2)
على ماء يقال له أوارة، فأنزل اللطيمة وسرحوا الظهر
(3)
. وقد كان البراض يبتغي منه غرة فلم يقدر عليها حتى صادفه نصف النهار في ذلك اليوم، وهو نائم وحده في قبّة من أدم، فدخل عليه فقتله ومضى.
ومنهم:
كعب بن عبد الله النمري
وكان المنذر ذو القرنين بن ماء السماء
(4)
دعا ذات يوم الناس فقال: من يهجو الحارث بن جبلة الغساني؟ فدعا حرملة بن عسلة الشيباني، فيمن دعا
(1)
انظر الاستقسام في (كتاب الميسر والأزلام) من تأليفنا ص 52 - 82.
(2)
ا: «دويب الجريب» ، وصححه الشنقيطي بما يطابق ما تجده في المحبر لابن حبيب 196.
(3)
في المحبر: «فلما انتهى عروة إلى أهله ...... أنزل اللطيمة وسرح الظهر» .
وانظر خبر فتكة البراض في الأغانى 19: 75 والسيرة 118 جوتنجن. وكانت تلك الفتكة في الشهر الحرام.
(4)
هو المنذر بن امرئ القيس، وهو ذو القرنين، وأمه ماء السماء، وهي ماوية بنت عوف بن جشم بن هلال بن ربيعة بن زيد مناة. ملك الحيرة تسعا وأربعين سنة. المحبر لابن حبيب 359.
- وأم حرملة من غسان - فقال: اهجه. فقال: لا ينطلق لساني بشتمه.
وأنشأ يقول:
ألم ترَ أنِّي بلغت المشيبا
…
وفي دار قوميَ عفّاً كسوبا
وإن الإله تنصّفته
…
بأن لا أعقّ وأن لا أحوبا
وأن لا أكافرَ ذا نعمةٍ
…
وأن لا أخيّبه مستثيبا
(1)
(1)
بعد هذا سقط في النسختين. وهذه الكلمة في أسفل صفحتها وكتب تحتها «وغار» - صوابها «وغسان» - وهو بدء الصفحة الساقطة. وقد روى صاحب الخزانة القصة كاملة من كتاب ضالة الأديب لأبى محمد الأعرابي، وقال في نهايتها:«وكذا أورد هذه الحكاية محمد بن حبيب في كتاب المقتولين غيلة» .
وهذا بقية الخبر من الخزانة 4: 230 - 231:
وغسّان قومي هم والدي
…
فهل ينسينّهم أن أغيبا
فأوزع بها بعض من يعتريك
…
فإنّ لها من معدّ كليبا
وإنّ لخالي مندوحة
…
وإنّ علىّ بغيب رقيبا
فانبرى شهاب بن العيف، أخو بنى سليمة من عبد القيس، فقال:
• لا همّ إن الحارث بن جبله
…
فأسرهما الحارث بن جبلة في هزيمة المنذر فقال: يا حرملة، اختر ما شئت في ملكي.
فسأله جاريتين ضرابتين، فأعطاهما إياه، فنزل في النمر فقعد يشرب هو ورجل من النمر يقال له كعب، فلما أخذ الشراب في النمري قال: يا حرملة، من هذه المرأة الحمراء؟ مرها فلتسقنى! فغضب حرملة، ثم أعادها، فضربه حرملة بالسيف فقتله، وقال في ذلك:
يا كعب إنّك لو قصرت على
…
حسن النّدام وقلّة الجرم
وسماع مسمعة تعلّلنا
…
حتى نئوب تناوم العجم
لوجدت فينا ما تحاول من
…
صافي الشراب ولذة الطعم
مع أبيات خمسة أخرى. وقال لابن العيف: اختر منى ثلاث خلال: إما أن أطرحك على أسدين ضاريين في بئر، وإما أن ألقيك من سور دمشق، وإما أن يقوم الدلامص - سياف كان له - فيضربك بعصاه هذه ضربة. فاختار ضربة الدلامص، فضربه - زعموا - على رأسه فانكسرت فخذه، فاحتمله راهب وداواه حتى برأ وهو يخمع منها. فكان هذا والحارث يومئذ بقنسرين. وكلمة «فخذه» أراها «قمحدوته» .
وانظر أيضا المفضلية رقم 72 والمؤتلف والمختلف 157 - 158.
[ومنهم:
كعب بن الأشرف
(1)
] اللّه صلى الله عليه وسلم بقريش يوم بدر خرج إلى مكة، فجعل يرى أهل القليب ويحرض قريشاً على الطلب بثأرهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشبب بنساء المسلمين حتى آذاهم ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه سلم: من لي بابن الأشرف؟ فقال محمد بن مسلمة
(2)
، أخو بني عبد الأشهل: أنا لك به يا رسول الله، أنا أقتله إن شاء الله تعالى. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فافعل إن قدرت على ذلك. فمكث أياما لا يأكل من الطعام إلا ما يعلق به نفسه
(3)
. فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاه فقال: لم تركت الطعام والشراب؟ فقال: يا رسول الله، قلت لك قولاً لا أدري أفي به أم لا؟
فقال صلى الله عليه وسلم: إنما عليك الجهد. قال: فإنه لا بدلنا أن نقول. فقال صلى الله عليه وسلم: قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل. فاجتمع على قتله محمد بن مسلمة، وسلكان بن سلامة بن وقش، وهو أبو نائلة، أحد بني عبد الأشهل، وكان أخاه من الرضاعة، وعباد بن بشر بن [وقش، والحارث بن أوس بن معاذ، وعبد الرحمن بن
(4)
] جبر
(5)
أخو بني حارثة، فاستأذنوا رسول الله صلى اللّه
(1)
تكملة متعينة. وانظر مقتل كعب في السيرة 548 - 553 والأغانى 19: 106 والطبري 3: 2 - 5. ونص الطبري أقرب النصوص إلى ما عند ابن حبيب.
(2)
ا: «بن سلمة» وصححه الشنقيطي. الإصابة 7800.
(3)
جعلها الشنقيطي: «تعلق» وفي الطبري: «يعلق نفسه» .
(4)
بنحو هذه التكملة المستقاة من المحبر 282 والسيرة 551 والطبري، يلتئم الكلام.
(5)
في النسختين: «جير» صوابها مما تقدم.
عليه وسلم فأذن لهم، فمضوا حتى انتهوا إلى أطمة
(1)
فتقدمهم أبو نائلة فهتف بكعب، وكان حديث عهد بعرس، فوثب في ملحفته، فأخذت امرأته بناحيتها وقالت: محارب
(2)
، وإن صاحب الحرب لا ينزل في مثل هذه الساعة! فقال:
إنه أبو نائلة، لو وجدني نائماً ما أيقظني. فقالت: والله إني لأعرف في صوته الشر! فقال كعب: لو يدعى الفتى لطعنة أجاب!
فنزل فتحدث معه ساعة
(3)
وقال له: هل لك يا ابن الأشرف في أن نتماشى إلى شعب العجوز
(4)
فنتحدث به بقية ليلتنا؟ فمشى وهو ينشد كلمته:
ربَّ خالٍ ليَ لو أبصرته
…
سبط المشيةِ أبَّاءٍ أنفْ
(5)
وقد استخفى أصحابه بظل النخل، ثم قال له أبو نائلة: ويحك يا ابن الأشرف، إني جئتك لحاجة أذكرها لك، فاكتم علي. قال: أفعل. فقال: كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء من البلاء، عادتنا العرب ورمونا عن قوس واحدة، وقطعت عنا السبل، حتى ذهب العيال، وجهدت الأنفس! فقال كعب: أما والله لقد كنت أخبرك يا ابن سلامة أن الأمر سيصير إلى ما كنت أقول لك! فقال سلكان: إني أردت أن تبيعنا طعاماً ونرهنك ونوثق لك ونحسن في ذلك.
فقال: ترهنوني أبناءكم؟ فقال له سلكان: لقد أردت أن تفضحنا، إن معي أصحاباً لي على مثل رأيي، وقد أردت أن آتيك بهم فتبيعهم وتحسن إليهم
(1)
الأطمة: بناء مرتفع كالحصن.
(2)
في السيرة: «إنك امرؤ محارب» .
(3)
السيرة: «فتحدث معهم ساعة وتحدثوا معه» ، والكلام هنا يقتضى «معه» ، فإن أصحاب أبي نائلة كانوا مستخفين بظل النخل، كما سيأتي في س 9.
(4)
موضع بظاهر المدينة قتل عنده كعب. معجم البلدان.
(5)
طبقات الشعراء 238 تحقيق محمود شاكر والمرزباني 343. وفي الأغانى 19:
105 -
106 أبيات من القصيدة.
في ذلك، ونرهنك من الحلقة
(1)
مالك فيه وفاء. فقال كعب: إن في الحلقة لوفاء.
ثم إن سلكان شام يده في فود رأسه ثم شم يده وقال: ما رأيت كالليلة طيب عطر قط! ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها حتى إذا اطمأن عاد لمثلها، فأخذ بفودى رأسه ثم قال: اضربوا عدوّ اللّه، فاختلفت عليه أسيافهم فلم تغن شيئاً.
فأخذ محمد بن مسلمة مغولاً
(2)
كان معه فوضعه في ثنته وتحامل عليه حتى بلغ عانته.
ومنهم:
أبو رافع سلام بن أبي الحقيق
وهو ممن حزب الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما قتلت الأوس كعباً أرادت الخزرج أن تفعل مثل فعل الأوس، لأنهم كانوا يتبارون بأفعالهم في الجاهلية والإسلام
(3)
، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم خمسة نفر لقتل أبي رافع، فخرج عبد الله بن عتيك، ومسعود بن سنان، وعبد الله ابن أنيس، وأبو قتادة الحارث بن ربعي، وخزاعي بن أسود - حليف لهم من أسلم - فخرجوا وأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عتيك عليهم، ونهاهم أن يقتلوا وليداً أو امرأة. فخرجوا حتى أتوا دار أبي رافع ليلا، فلم يدعوا فيها
(1)
في اللسان: «والدروع تسمى حلقة. ابن سيده: الحلقة: اسم لجملة السلاح والدروع وما أشبهها: وإنما ذلك لمكان الدروع، وغلبوا هذا النوع من السلاح - أعنى الدروع - لشدة غنائه» . وفي الطبري: «وأراد سلكان ألا ينكر السلاح إذا جاءوا بها» .
(2)
في النسختين: «معولا» ، تحريف. وفي السيرة والطبري:«فذكرت مغولا في سيفي حين رأيت أسيافنا لا تغنى شيئا» . والمغول: سيف دقيق.
(3)
وهذا أيضا هو تعليل ابن إسحاق لمقتله. السيرة 714. أما الطبري 3: 6 فذكر من سبب قتله أنه «كان فيما ذكر عنه يظاهر كعب بن الأشرف على رسول الله صلى الله عليه وسلم». ونحوه في إمتاع الأسماع 1: 186. وكان مقتل أبى رافع سنة ثلاث، وقيل سنة أربع.
بيتاً إلا أغلقوه على أهله، وكان في علّيّة فصعدوا إليه حتى قاموا على بابه فاستأذنوا، فخرجت إليهم امرأته فقالت: من أنتم؟ قالوا: نفر من العرب نلتمس الميرة. قالت: ذاك صاحبكم فادخلوا عليه. فلما دخلوا أغلقوا الباب عليها وعليهم؛ تخوفاً من أن يكون دونه مجاولة
(1)
تحول بينهم وبينه، فصاحت امرأته فنوهت بهم، وابتدروه وهو على فراشه بأسيافهم، فما دلهم عليه
(2)
في سواد البيت إلا بياضه، كأنه قبطية ملقاة
(3)
، فضربوه بأسيافهم، وتحامل على عبد الله بن أنيس في بطنه بسيفه حتى أنفذه وهو يقول: قطني قطني! ثم رجعوا أدراجهم وقد قتلوه.
ومنهم:
سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم، وبشر بن البراء ابن معرور الأنصاري
وكانت زينب بنت الحارث اليهودية، امرأة سلّام بن مشكم، أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر شاة مصلية
(4)
، وقد سألت قبل ذلك:
أي عضو في الشاة أحب إلى محمد؟ فقيل لها: الذراع. فأكثرت فيه من السم، ثم سمت سائر الشاة، ثم جاءت بها حتى وضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتناول عليه الصلاة والسلام الذراع فلاك منها مضغة فلم يسغها، ومعه بشر بن البراء، وقد أخذ منها كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلفظها،
(1)
في النسختين: «محاولة» ، صوابه في السيرة والطبري.
(2)
ا: «فما دله عليهم» والتصحيح للشنقيطى في ب. ورواية السيرة والطبري:
«فو اللّه ما يدلنا عليه في سواد الليل إلا بياضه» . الكلام لعبد اللّه بن عتيك.
(3)
القبطية: واحدة القباطي، وهي ثياب كتان بيض رقاق كانت تعمل بمصر.
(4)
المصلية: المشوية تصلى بالنار. والخبر في السيرة 764 والطبري 3: 95 وإمتاع الأسماع 1: 542.
ثم قال: إن هذا العظم يخبرني أنه مسموم. ثم دعا بها فاعترفت، فقال: ما حملك على ذلك؟ فقالت: بلغت من قومي ما لم يخف عليك فقلت: إن كان ملكاً استرحت منه، وإن كان نبياً فسيخبر. فتجاوز عنها صلى الله عليه وسلم، ومات بشر من أكلته التي أكل.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي توفي فيه: «هذا أوان وجدت انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلتها مع أخيك» . يقول ذلك لأم بشر أخت بشر بن البراء، ودخلت عليه تعوده.
فإن كان المسلمون ليرون أن الله جمع لنبيه الشهادة، مع ما أكرمه به من النبوة، صلى الله عليه وسلم.
ومنهم:
رفاعة بن قيس الجشمي
(1)
وكان يجمع قيساً لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجه عليه السلام إليه عبد الله بن أبي حدرد، ورجلين معه، فكمنوا له، ورماه ابن أبي حدرد فقتله وجاء برأسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
وقيل قيس بن رفاعة. السيرة 990 والطبري 3: 105.
ومنهم:
أبو أزيهر بن أنيس بن الحبسي بن مالك بن سعد بن كعب ابن الحارث الأزدي
وكان أخواله من دوس فنسب إليهم، وكان حليفاً لأبي سفيان بن حرب
(1)
وكان يقعد هو وأبو سفيان في أيامهما فيصلحان بين من حضر ذلك المكان الذي هما به، وكانت ابنته تحت أبي سفيان، ثم تزوج ابنة له أخرى الوليد بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر
(2)
بن مخزوم، وأخذ أبو أزيهر من الوليد المهر، فبلغه بعد أنه غليظ على النساء، فأمسكها ولم يرد المهر. وقال بعض: إنها أهديت إليه فقال الوليد لها ليلة أن دخل عليها: أنا أشرف أو أبوك؟ فقالت له: إن أبي سيد قومه، وفي قومك من يساويك ويفوقك. فغضب ولطمها على خدها فهربت ورجعت إلى أبيها، فأمسكها ولم يردها عليه.
فلما حضرت الوليد الوفاة أوصى بنيه بأشياء قد كتبناه في «أخبار قريش
(3)
»، منها دمه في خزاعة، وعقره
(4)
عند أبي أزيهر. فلما مات الوليد وحضر الناس سوق ذي المجاز تغفل هشام بن الوليد أبا أزيهر فقتله
(5)
، وبلغ ذلك أهل مكة فهاج المطيبون والأحلاف من قريش وكادوا يقتتلون. وبلغ ذلك أبا سفيان، وهو
(1)
في المحبر 434 أنه كان صهره.
(2)
في النسختين: «عمرو» ، تحريف. وانظر نسب قريش للمصعب الزبيري ص 99.
(3)
انظر أيضا نسب قريش 323 والسيرة 273.
(4)
العقر: المهر، كأنه ثواب عقرها عند الزواج.
(5)
بذي المجاز، وكان داهياً يحب قومه، فقعد على فرسه حتى أتى مكة والناس متواقفون للحرب، ولواء المطيبين
(1)
بيد يزيد بن أبي سفيان، فأخذ اللواء من يزيد فضرب به البيضة ضربة هده منها
(2)
، وفرق الناس، وقال: إذا فرغنا من عدونا - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرنا في أمر أبي أزيهر ووديناه. فودوه مائتي ناقة.
ومنهم:
المجذر بن ذياد البلوي
(3)
حليف بني عوف بن الخزرج
وقيس بن زيد
أخو بني ضبيعة بن زيد
(4)
، اغتالهما الحارث بن [سويد، أخو
(5)
] الجلاس
(1)
المطيبون: هم أسد وزهرة وتيم، عقدت معهم بنو عبد مناف حلفا مؤكدا على ألا يتخاذلوا وأن يكونوا يدا واحدة على أخذ ما في يدي عبد الدار من الحجابة والرفادة واللواء والسقاية، فأخرجت بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبا فوضعوها في المسجد ثم غمس القوم أيديهم فيها جميعا وتعاقدوا. ثم مسحوا الكعبة بأيديهم توكيدا، فسموا:«المطيبين» .
وشبيه بهذا ما كان من تحالف الأحلاف، وهم خمس قبائل من قريش: عبد الدار، وجمح، وسهم، ومخزوم، وعدى بن كعب، تعاقدت معهم بنو عبد الدار حلفا مؤكدا على ألا يتخاذلوا، فسموا الأحلاف. وكان أبو بكر من المطيبين، وكان عمر من الأحلاف. انظر اللسان (حلف). وكذلك المحبر 166 - 167.
(2)
في السيرة 275: «هذه منها ثم قال له: قبحك اللّه، أتريد أن تضرب قريشا بعضها ببعض في رجل من دوس سنؤتيهم العقل إن قبلوه» .
(3)
ا: «زياد» ، تحريف صححه الشنقيطي مطابقا ما في المحبر 467 والسيرة 356، 579، 609 والقاموس (ذود). ووقع في الإصابة 7720 محرفا.
(4)
في النسختين: «زياد» ، صوابه من الاشتقاق 260 والسيرة 356. وهم بنو ضبيعة ابن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف.
(5)
التكملة مما يفهم من المحبر 467. وفي السيرة 356 عند الكلام على الجلاس بن سويد: «وأخوه الحارث بن سويد الذي قتل المجذر بن ذياد البلوى». وكان الحارث وسويد أخوه من المنافقين.
الأنصاري، وكان منافقاً، وكان يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى منهما في الحرب غرة فقتلهما، ولحق بمكة كافراً.
ومنهم:
الأسود الكذاب بن كعب العنسي
وهو ذو الحمار
(1)
، وكان استنكح بصنعاء امرأة من الأبناء - وهم أبناء الفرس الذين قدموا اليمن مع وهرز فقتلوا الحبشة - وأن الأسود توعد الأبناء بأن يجليهم من اليمن أو يتركهم له بها خولا. فتحرز له فيروز بن الديلمي، وقيس بن هبيرة بن المكشوح المرادي، ودادويه
(2)
- رجل من الأبناء - وكان فيروز يخبر أنه أتاهم رسول من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له يحنس
(3)
ابن وبرة الأزدي، فأسلموا معه. وكانت المرأة التي استنكح العنسي قد أسلمت.
قال فيروز: فجئتها فكلمتها في أمر الأسود وقلت لها: إنه قد أراد بقومك من الشر ما ترين: إما إجلاءهم عن بلادهم، وإما استعبادهم، فهل عندك إلى قتله حيلة أو سبيل؟ قالت: سأحتال له. فجاء الأسود، وفيروز عندها، فضربه ووجأ في عنقه وأخرجه. فبكت المرأة وقالت: أنتم يا معشر العرب تزعمون أنكم تحسنون إلى أصهاركم، وأنت تضرب أخي
(4)
وتخرجه من بيتي. قال: وإنه لأخوك؟ قالت: نعم. قال: ما دريت، فابعثي له فليأتنا. فبعثت إليه: إنه قد
(1)
ا: «ذو الخمار» ، وصححه الشنقيطي بالحاء المهملة. قلت: ذكر المسعودي في التنبيه والإشراف 240 أن الأسود لقب له، واسمه عبهلة بن كعب بن الحارث بن عمرو بن عبد اللّه بن سعد بن عنس بن مذحج، وأنه كان يدعى «ذا الحمار» لحمار كان معه قد راضه وعلمه يقول له اجث، فيجثو.
(2)
ب: «دارونه» . وفي الطبري: «داذويه» بالذال المعجمة.
(3)
في النسختين: «نجيس» ، صوابه من الإصابة 9217. وقيل إنه وبرة بن يحنس. الإصابة 9108 وعند الطبري 21803 في حوادث سنة 11:«وبر بن يحنس» .
(4)
ا: «أحتى» ، وصححها الشنقيطي.
رضى، وإني سأحفر لكم في البستان سربا إلى البيت الذي يكون فيه. فحفرت سربا، وجاء فيروز ودادويه وقيس بن المكشوح، فلما قاموا إلى السرب
(1)
قال بعضهم: أيكم يدخل عليه؟ فقال دادويه: أنا شيخ كبير وأخاف أن أضربه فلا أغنى فيه شيئا، ولكن يا قيس ادخل أنت. فقال قيس: إني رجل تأخذنى رعدة عند الحرب، وأخاف إن ضربته أن لا تغنى ضربتي شيئا. فدخل فيروز - وكان أشبّ القوم - فإذا هو نائم على حشايا من ريش، والمرأة عند رأسه.
فأشار إليها: أين رأسه؟ فأشارت إليه. ولم يكن مع فيروز سيف فأراد الرجوع إلى أصحابه ليأخذ سيفا، فكأنما أتاه شيطان فأيقظه وإنّ عيناه تبصّان
(2)
. فعالجه فيروز فأخذ برأسه ولحيته فدقّ عنقه وخرج، واتبعته المرأة فقالت: أنشدكم باللّه كلّكم وعورتكم
(3)
! فقال لها: لا بأس قد قتلته. وخرج فأخبر أصحابه، فدخل قيس فاحتزّ رأسه وألقاه إلى الناس، وخرج فأذّن بالصلاة. ثم إن قيسا خاف على نفسه عنسا فأراد أن يرضيهم بقتل فيروز ودادويه، فصنع لهما طعاما ثم أرسل إليهما فأتياه، فخرج فيروز يسقى
(4)
فرسه، وتقدم دادويه إلى منزل قيس فاغتاله على الطعام وقتله، وخرجت امرأة فلقيت فيروز
(5)
وهو مقبل إلى منزل قيس، وقد رأت قتل دادويه، فقالت: ويحك، قد واللّه قتل صاحبك! فركب فرسه وانطلق. فقال عمرو بن معديكرب يعنّف قيسا بقتله دادويه غدرا:
(1)
ب: «على السرب» .
(2)
عيناه، كذا وردت في النسختين. تبصان: تلمعان. وفي ا: «تبضان» ، صوابه في ب.
(3)
الطبري 3: 220: «فقالت أختكم نصيحتكم» .
(4)
ب: «ليسقى» بخط الناسخ.
(5)
في النسختين: «فيروزا» ، وهو علم أعجمي.
ما إن دادوى لكم بفخر
…
ولكن دادوى فضح الذّمارا
(1)
ومنهم:
الحطم
(2)
وهو شريح [بن شرحبيل
(3)
] بن ضبيعة بن عمرو بن مرثد، أخو بنى قيس بن ثعلبة.
وكانت بنو ربيعة بن نزار اجتمعت بالبحرين في الرّدّة فارتدّوا وملّكوا عليهم الغرور
(4)
، وهو المنذر بن النعمان، فسار إليهم العلاء بن الحضرمىّ، وكان عامل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على عمان، فخاض العلاء إليهم خليجا من البحر، وسارت ربيعة إليهم بجواثا حتّى كاد يهلك المسلمون جهدا، فلما اشتدّ ذلك عليهم قال عبد اللّه بن حذف العامرىّ، حليف بنى عامر بن لؤي، وكانت أمّه من بنى عجل:
[
ألا أبلغ أبا بكر رسولا
…
وفتيان المدينة أجمعينا
فهل لكم إلى قوم كرام
…
قعود في جواثا محصرينا
كأنّ دماءهم في كلّ فجّ
…
شعاع الشّمس يعشى الناظرينا
توكّلنا على الرحمن إنّا
…
وجدنا النّصر للمتوكلينا
(5)
]
(1)
الذمار: ذمار الرجل، وهو كل ما يلزمه حفظه وحياطته وحمايته والدفع عنه.
في النسختين: «الدمارا» بالدال المهملة.
(2)
في النسختين: «الحكم» ، صوابه من المحبر 463 والطبري 3: 254، 255، 258 والأغانى 14:44.
(3)
التكملة من المحبر.
(4)
جعلها الشنقيطي «المغرور» . وما أثبت من ا يطابق ما في الطبري 3: 255.
وفي الأغانى 14: 54: «الغرور بن سويد بن المنذر، ابن أخي النعمان بن المنذر» . ومثله في الطبري 3: 259.
(5)
التكملة من الطبري 3: 256 والأغانى 14: 45.
وسمع المسلمون أصواتاً بالليل فهالتهم، فقال [العلاء: من يأتينا بخبر القوم؟
فقال عبد الله بن حذف
(1)
]: أنا
(2)
آتيكم بالخبر. ونزل من الحصن فأخذوه فسألوه، فانتسب لهم وجعل ينادي يا أبجراه
(3)
! وكان في القوم، فجاء أبجر فعرفه
(4)
فقال:
ويلك، ما شأنك؟ أظنك بئس ابن أخت القوم الليلة لأخوالك! قال: فقد هلكت من الجوع. فأطعمه وسقاه وحمله على بعير
(5)
وخلى سبيله، فرجع ابن حذف إلى أصحابه فأخبرهم أن القوم سكارى. فبيتهم العلاء فيمن معه من المسلمين من العرب والعجم، فقتلوهم قتلاً ذريعاً وانهزموا، وقام الحطم
(6)
إلى فرسه ليركبه فلما وضع رجله في الركاب انقطع سير ركابه فقال: ألا أحد من قيس يعقلني؟
فمر به رجل من المسلمين وهو يستغيث فقال: أبو ضبيعة؟ قال: نعم. قال: أعطني رجلك أعقلك. فلما أعطاه رجله أخذها، ثم ضربه بالسيف حتى قتله.
وقال قيس بن عاصم السعدي
(7)
:
(1)
التكملة من الطبري 3: 258 والأغانى 14: 46.
(2)
في النسختين: «أما» ، والتصحيح من الطبري والأغانى.
(3)
ا: «بجراه» وصححه الشنقيطي مطابقا ما في الطبري والأغانى.
(4)
ا: «بجر» ، صوابه في نسخة الشنقيطي. وهو أبحر بن بجير.
(5)
في النسختين: «بغلين» ، صوابه في الطبري والأغانى.
(6)
في النسختين: «الحكم» . وانظر ما سبق في الحاشية 2 من الصفحة السابقة.
(7)
كذا. وفي الكلام تحريف ونقص. وعند الطبري 3: 260: «ولما رجع العلاء إلى البحرين وضرب الإسلام فيها بجرانه وعز الإسلام وأهله، وذل الشرك وأهله، أقبل الذين في قلوبهم ما فيها على الإرجاف، فأرجف مرجفون وقالوا: هذاك مفروق قد جمع رهطه شيبان وتغلب والنمر. فقال لهم أقوام من المسلمين: إذن تشغلهم عنا اللهازم - واللهازم يومئذ قد استجمع أمرهم على نصر العلاء وطابقوا - وقال عبد اللّه بن حذف في ذلك:
لا توعدونا بمفروق وأسرته
…
إن يأتنا يلق فينا سنة الحطم
وإن ذا الحي من بكر وإن كثروا
…
لأمة داخلون النار في أمم
فالنخل ظاهره خيل وباطنه
…
خيل تكدس بالفتيان في النعم
»
لا توعدنَّا بمفروق وأسرته
…
وإن تأتنا تلق منّا سنة
(1)
الحطم
ومنهم:
عمر بن الخطاب رضى اللّه تعالى عنه
كان عمر رأى كأن ديكاً نقره أسفل من سرته نقرتين، فسأل عن رؤياه أسماء بنت عميس، فقالت: هذا رجل عجمىّ يصيبك. فمضت أيام لذلك.
ثم أن أبا لؤلؤة، وهو فيروز عبد المغيرة بن شعبة، لقيه وهو يمشي فقال:
يا أمير المؤمنين، إن المغيرة قد جعل علي خراجاً كثيراً. قال عمر: وكم هو؟ قال:
در همين في اليوم. قال: وما تعمل؟ قال: أجوف الأرحاء. قال: ما ذاك بكثير، ما في بلادنا أحد يعملها غيرك
(2)
. فقال: المستعان اللّه! ثم ولي وهو يهمهم.
فقال عمر: ما يقول؟ قال
(3)
: يزعم أنه يعمل لك رحى يتحدث بها العرب والعجم.
قال عمر: ما يقول العبد، أتهدد، أم وعد
(4)
، أم خوف؟ ثم مضى، فلم يلبث بعد ذلك إلا أياماَ حتى وثب على عمر وهو يسوي الصفوف لصلاة الفجر، وكان يتلفت يميناً وشمالا فإذا استوى الصف كبر، فطعنه بسكين له طرفان نصابه في في وسطه، فوق العانة ودون السرة، طعنتين أو ثلاثاً
(5)
. وكان على عمر ملاءة صفراء، فجمعها وجعلها على بطنه وقال: حس!
(6)
وكان أمر الله قدراًُ مقدوراً.
وقدم عبد الرحمن بن عوف فصلّى بالناس الفجر.
(1)
ب: «بمغروق» تحريف من الناسخ. وفي النسختين: «الحكم» تحريف كذلك. انظر الحاشية 2 من ص 153.
(2)
الطبري 3: 12: «قال: فما أرى خراجك بكثير على ما تصنع من الأعمال. قد بلغني أنك تقول: لو أردت أن أعمل رحى تطحن بالريح فعلت» .
(3)
كذا في النسختين.
(4)
الوعد يكون في الخير وفي الشر. وجعلها الشنقيطي في نسخته: «وعيد» .
(5)
الطبري: «فضرب عمر ست ضربات إحداهن تحت سرته وهي التي قتلته» .
(6)
حس: كلمة تقال عند الألم. ويقال: ضرب فما قال حس ولا بس.
وحكى عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: إني لأسير بين مكة والمدينة في سحر ليلة مقمرة، إذ سمعت قائلا يقول:
ليبكِ على الإسلام من كان باكياً
…
فقد أوشكوا هلكاً وما قدم العهد
وقد ولَّت الدنيا وأدبر خيرها
…
وقد ملَّها من كان يؤمن بالوعد
وطلب الرجل فلم يوجد. فقلت: إني لخائفة أن يكون هذا لحدث! فلم يكن إلا أياماً حتى قتل عمر رضي الله عنه
(1)
.
ومنهم:
سالم بن دارة
أحد بني عبد الله بن غطفان، وكان هجا رجلاً من بني فزارة يقال له زميل بن وبير
(2)
، وهو ابن أم دينار، فقال في قصيدة له طويلة:
آلي ابنُ دارةَ جهداً لا يصالحكم
…
حتى ينيكَ زميلٌ أمَّ دينارِ
ثم إن ابن دارة لقي بعد ذلك زميلاً بالداءة
(3)
فقال: يا زميل، ألا تفعل بأمك حتى أصالح قومي؟! فقال له زميل: معذرة إلى الله ثم إليك، إنه ليس معي ولا في رحلي إلا مخيط أشد به على وكائي. ثم لقيه مرة أخرى بشراف
(4)
، فقال له
(1)
في الرياض النضرة 2: 79: «عن معروف الموصلي قال: لما أصيب عمر سمع صوت: ليبك على الإسلام
…
» البيتين. وأسند إلى عائشة خبرا آخر، قالت: ناحت الجن على عمر قبل أن يموت بثلاث فقالت:
أبعد قتيل بالمدينة أظلمت
…
له الأرض تهتز العضاه بأسؤق
وثلاثة أبيات بعده. وانظر الحماسة 1091 بشرح المرزوقي إذ نسب الشعر إلى الشماخ. وكذا ما كتبت في حواشيها.
(2)
في النسختين: «زبير» تحريف. وانظر المؤتلف 129 والخزانة 1: 293/ 4:
561.
وفي الإصابة 2973 «دبير» . ويقال فيه أيضا «أبير» ، وهو الأشهر.
(3)
داءة: موضع قريب من مكة. وفي النسختين: «الدامة» تحريف.
(4)
شراف: موضع من أعمال المدينة.
أيضاً مثل قولته الأولى
(1)
: حتى أصالح عشيرتي. فقال له: معذرة إلى الله ثم إليك، إنه ليس معي إلا سكين أصلح به حذائي.
ثم إن زميلاً قدم المدينة بعد ذلك بزمان فقضى حوائجه، حتى إذا صدر عن الشقرة
(2)
سمع رجلاً يتغنى بقوله:
ملكتُ بها الإدلاجَ حتَّى بدا لها
…
مع الصُّبح من أشباع ركن يلملم
(3)
وقد أوغلت في السَّير حتَّى كأنما
…
يكسَّر قيض بينهنَّ وحنتم
فعرف زميل صوت سالم، فأقبل إليه فضربه ضربتين، ثم عقر بعيره، فحمل سالم إلى عثمان بن عفان، فدفعه إلى طبيب نصراني حتى إذا برأ ووعت كلومه
(4)
دخل النصراني، وإذا سالم يشامع امرأته
(5)
، فاحتفنها
(6)
عليه، فقال له النصراني: إني لأرى عظماً ناتئا، فهل لك أن أن أجعل عليه دواء حتى يسقط؟ قال: نعم فافعل. فسمه فمات.
ويقال إن أم البنين بنت عيينة بن حصن الفزاري، وكانت عند عثمان بن عفان رضي الله عنه، جعلت للطبيب جعلاً حتى سمه فمات. فذلك قول الكميت بن ثعلبة:
فلا تكثروا فيها الضِّجاجَ فإنّه
…
محا السيفُ ما قال ابن دارة أجمعا
(1)
ا: «قوله الأولى» ، والتصحيح للشنقيطى في نسخته.
(2)
ب: «الشفرة» تحريف. والشقرة قرية على طريق المدينة. معجم ما استعجم 749.
(3)
أشباع، كذا وردت في النسختين. وركن: موضع. انظر معجم ما استعجم 395.
ويلملم: موضع على ليلتين من مكة. وفي النسختين: «ململم» .
(4)
أي التأمت جروحه. يقال: وعى العظم، إذا انجبر بعد الكسر. ا:«دعت» والتصحيح للشنقيطى.
(5)
شامعها: لاعبها وضاحكها.
(6)
جعلها الشنقيطي «فاحتقدها» . وفي الخزانة 1: 294: «فاحتنقها» وما أثبت من ا يطابق ما سيأتي في مقتل أبى مسلم الخراساني، ومقتل حميد بن عبد الحميد.
ومنهم:
الزبير بن العوام رضي الله عنه
وسبب ذلك أنه لما انصرف عن حرب الجمل عندما ذكره علي بن أبي طالب رضي الله عنه
(1)
، استجار النعر بن الزمام المجاشعي
(2)
، فأتى آت الأحنف بن قيس فقال: هذا الزّبير قد مر آنفاً! قال الأحنف: ما أصنع به، جمع فئتين من المسلمين فقتل بعضهم بعضاً. ثم لحق بقومه. فنهض عمرو بن جرموز، وفضالة بن حابس، ونفيع بن كعب بن عمير، فلحقوه بوادي السباع، فكر عليهم الزّبير حين رآهم، فانهزموا عنه، ولحق الزبير ابن جرموز فلما رهقه قال: الله الله أبا عبد الله! فرجع عنه، ومضى الزبير وانصرف عنه فضالة ونفيع، ولزمه عمرو بن حرموز، فسايره في ليلة مقمرة، فعطف عليه الزبير فقال: أنشدك الله يا أبا عبد الله! فكف عنه وسايره، وأغفى الزبير على فرسه فطعنه فأذراه عنه، فقال الزبير:
قاتله الله، يذكر بالله وينساه! ومات. فقالت عاتكة أخت
(3)
سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي:
غدر ابنُ جرموزٍ بفارسِ بهمة
…
يوم اللقاء وكان غير معرد
(4)
يا عمرو لو نبهته لوجدته
…
لا طائشا رعش الجنان ولا اليدِ
هبلتكَ أمُّك إنْ قتلتَ لمسلما
…
حلّت عليك عقوبة المتعمّد
(5)
(1)
يشير إلى نحو ما ورد في الرياض النضرة 2: 272: «شهد الزبير يوم الجمل فقاتل فيه ساعة فناداه على وانفرد به، فذكره إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض: أما إنك ستقاتل عليا وأنت له ظالم» ، وانظر الأغانى 16:126.
(2)
في النسختين: «الثعر» ، صوابه في الاشتقاق 327.
(3)
في النسختين: «بنت» ، تحريف.
(4)
البهمة: الجيش، أو الكماة. المعرد، من التعريد، وهو الفرار. ا:«معدد» تحريف. وانظر الأغانى 16: 128 ونسب قريش 365 ونوادر المخطوطات 1: 64.
(5)
البيت من شواهد النحويين في إيلاء إن المخففة فعلا غير ناسخ الأشمونى 1: 290.
وجاء ابن جرموز بسيف الزبير إلى علي رضي الله عنه، وقال: أخبروه أني قاتل الزبير. فقال علي: بشر قاتل ابن صفية بالنار! وأخذ السيف منه وقال: سيف طالما فرج الغمامة عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم،
قال: فكان ابن جرموز يدعو لأمر الدنيا، فقيل له: لو دعوت لأمر آخرتك. فقال: قد يئست من الجنة منذ قتلت الزبير!
ومنهم:
مالك بن الحارث الأشتر
وكان أتى علياً رضي الله عنه لما ولّى عبد اللّه بن عباس البصرة، وعبيد الله اليمن، وقثم مكة، فقال له: وليت بني عمك فلم قتلنا الشيخ - يعني عثمان رضي الله عنه إنما قتلناه حين آثر أهل بيته بالولاية!
فتقاولا فأغلظ كل واحد منهما لصاحبه، فدخل بينهما عبد الله بن جعفر، وكان علي له مكرما، فانصرف الأشتر مغاضبا، فترك إنيان علي رضي الله عنه حتى قتل أهل مصر محمد بن أبي بكر رضي الله عنه، وكان عامل علي عليها، فلما بلغه قتله قال لعبد للّه بن جعفر: من ترى لمصر؟ فقال: الأشتر، هم قومه، وجهه، فإن هلك هلك، وإن ملك ملك. فبعث إلى الأشتر فولاه مصر، فأخذ على طريق الحجاز إليها، وبلغ ذلك معاوية، فكتب إلى الجانسار
(1)
، دهقان القلزم. يأمره باغتيال الأشتر ويضع عنه خراجه. فلما نزل به الأشتر أكرمه، وكان الأشتر يحب السمك فأمجده منه
(2)
، وجعل الأشتر يأكل السمك أكل متق، وكان الغالب عليه البلغم. فقال له: أيها الرجل، لا تهب السمك؛ فإنّ
(1)
عند الطبري 2: 54 «الجايستار» . والخبر فيه برواية تختلف عن هذه.
(2)
أمجده: أكثر له منه.
عندي دواءه. قال: وما هو؟ قال: العسل. فأكل ثم قال له: هات العسل.
فجدح له فيه سماً فقتله
(1)
. فلما بلغ معاوية قتله قام خطيباً فقال: يا أهل الشام، إن علياً كانت له يدان، إحداهما عمار بن ياسر، والأخرى الأشتر، فقطعهما الله تعالى.
ومنهم:
علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه
كان سبب ذلك أن عبد الرحمن بن ملجم التجوبي وعداده في مراد، والبرك بن عبد الله التميمي
(2)
وهو صاحب معاوية، وعمرو بن بكير التميمي
(3)
، وهو صاحب عمرو بن العاص - اجتمعوا جميعاً بمكة فتذاكروا أهل النهروان فترحموا عليهم وقالوا: والله ما نعبأ بالبقاء في الدنيا شيئاً بعد إخواننا الذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم، وكانوا مصابيح الهدى. ثم ذكروا الناس فعابوا عليهم أفعالهم، وقالوا: [لو
(4)
] أنّا شرينا أنفسنا للّه، والتمسنا غرة هؤلاء الأئمة الضلال فثأرنا بهم إخواننا، وأرحنا منهم العباد. فقال عبد الرحمن: أنا لكم لعلي، وقال البرك: أنا لكم لمعاوية، وقال عمرو بن بكير: أنا لكم لعمرو بن العاص.
فتعاهدوا على ذلك وتواثقوا لا ينكص رجل منهم عن صاحبه الذي سماه حتى يقتله أو يموت دونه. فاتعدوا في شهر رمضان ليلة سبع عشرة
(5)
ثم افترقوا على
(1)
جدح الشئ: خلطه.
(2)
ا: «التيمي» صوابه في ب. ويقال فيه أيضا «الصريمى» نسبة إلى صريم بن مقاعس، من بنى سعد بن زيد مناة بن تميم. الاشتقاق 150 - 151.
(3)
ا: «عمر بن بكير» وجعلها الشنقيطي «عمرو» . وعند الطبري 4: 83 «بكر» موضع «بكير» .
(4)
ليست في أصل الكتاب. وجاء في الطبري: «فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فأرحنا منهم البلاد، وثأرنا بهم إخواننا» .
(5)
وقيل لثلاث عشرة بقيت من شهر رمضان سنة 40. وقيل في شهر ربيع الآخر سنة 40.
ذلك، وتوجه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه، وكان علي رضي الله عنه قد ضجر من أهل الكوفة، وكان كثيراً ما يدعو عليهم، وكان كثيراً ما ينشد إذا آذوه:
خلُّوا سبيل العير يأتِ أهله
…
سوفَ ترون فعلكم وفعله
وكان كثيراً ما يقول:
لا شيءَ إلاَّ الله فارفع ظنّكا
…
يكفيك ربّ الناس ما أهمّكا
وكان يقول أيضاً:
خلُّوا سبيل الجاهدِ المجاهدِ
…
أبيتُ أنْ أعبدَ غيرَ الوحد
وكان يقول:
فأيَّ يوميَّ من الموتِ أفرّْ
(1)
…
أيومَ لم يقدرَ أم يومَ قدرْ
وكان يقول: ما يحبس أشقاها، أما والله لعهد إلى النبي الأمي صلى الله عليه وسلم أن هذه تخضب من هذه - يعنى لحيته من هامته - وكان يقول:
اشدد حيازيمك للموت
…
فإنَّ الموت آتيكا
(2)
ولا تجزعْ من الموتِ
…
إذا حلَّ بواديكا
فلما كانت الليلة التي اتّعدوا لها، وكانت ليلة الجمعة، بات ابن ملجم في مسجد الجماعة بجنب الأشعث بن قيس الكندي، وكان علي رضي الله عنه رأى في تلك الليلة رؤيا فخبر بها أبا عبد الرحمن السلمي وهو مجروح فذكر أبو عبد الرحمن وكان مؤدب الحسن والحسين رضي الله عنهما، قال: دخلت عليه وهو مجروح فقال:
ادن مني يا أبا عبد الرحمن - والنساء يبكين - فدنوت منه فقال لي: بت الليلة أوقظ أهلي، فملكتني عيني وأنا جالس، فسنح لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
(1)
ويروى: «في أي يومى» . شرح شواهد المغنى للسيوطي 231 حيث نسب الشعر إلى الحارث بن منذر الجرمي. والشطر بعده شاهد للنصب بلم.
(2)
يجعله العروضيون شاهدا للخزم، وهو زيادة تعرض في أول البيت. العمدة 2:
92.
وانظر مقاتل الطالبيين 31 والأغانى 14: 33.
فقلت: يا رسول الله، ما لقيت من أمّتك من الأود واللّدد
(1)
؟! فقال: ادع عليهم. فقلت: اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم، وأبدلهم بي من هو شر مني! ودخل ابن التياح
(2)
المؤذن على ذلك، فقال: الصلاة. فأخذت بيده، فمشى ابن التياح بين يدي وأنا خلفه.
(ورجع الحديث). قال: فقال الأشعث لابن ملجم: فضحك الصبح! فانطلق ابن ملجم، وشبيب بن بجرة الأشجعي، وخرج علىّ من منزله وهو يقول أيها الناس الصلاة، أيها الناس الصلاة! فضربه ابن ملجم ضربة من جبهته إلى قرنه، وأصاب السيف الحائط فثلم فيه، ثم ألقى السّيف وأقبل الناس فجعل يقول:
أيها الناس، إياكم والسيف فإنه مسموم!! فذكروا أنه سمه شهراً.
فأدخل علي رضي الله عنه، وأدخل ابن ملجم عليه فقالت أم كلثوم بنت علي: أقتلت يا عدو الله أمير المؤمنين؟! قال: لم أقتل إلا أباك. فقالت: والله إني لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين بأس. قال: فلم تبكين إذاً، والله لقد سمعته شهرا، فإن أخلفني فأبعده الله وأسحقه!
ثم إن علياً رحمه الله قال: أطيبوا طعامه، وألينوا فراشه، فإن أعش فعفو أو قصاص، وإن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين.
وذكروا أن ابن ملجم خطب امرأة من الرباب، يقال لها «قطام» ، وكانت من أجمل الناس، وكانت خارجية، وكان علي قتل أهل بيتها بالنهروان، فقالت:
لا أتزوجك إلا على ثلاثة آلاف، وقتل علي بن أبي طالب بعد ذلك فتزوّجها وبني بها، فلما فرغ منها قالت: يا هذا، إنك قد فرغت فاقرع
(3)
! فخرج فضرب عليا.
(1)
قال أبو الفرج: الأود: العوج. واللدد: الخصومات. مقاتل الطالبيين 41.
(2)
مقاتل الطالبيين: «ابن النباح» .
(3)
في ب: «فافرغ» ، من صنع الناسخ.
وقال بعض الشعراء
(1)
:
فلم أر مهراً ساقهُ ذو سماحةٍ
…
كمهر قطامٍ من فصيحٍ وأعجمِ
ثلاثةُ آلافٍ وعبدٌ وقينةٌ
…
وضرب عليٍّ بالحسام المصمّم
فلا مهر أغلى من عليٍّ وإن غلا
…
ولا قتلَ إلا دون قتلِ ابن ملجم
وأما صاحب معاوية فطعن معاوية وقد خرج لصلاة الفجر في تلك الليلة في أليته، فلم يولد لمعاوية بعدها حتى مات.
وبذلك السبب جعلت المقصورة في المسجد الجامع.
ومنهم:
خارجة بن حذافة العدوي
وكان قاضي مصر، وكان له صلاح وصحبة، فخرج صاحب عمرو بن العاص
(2)
فوجد خارجة في مجلس عمرو يعشي الناس، وقد كان عمرو شغل تلك الليلة، فدنا منه وهو يظنه عمراً، وهو على سرير عمرو جالساً، فضربه من ورائه بالسيف على عاتقه، فأخذ الرجل، وخرج عمرو، وحمل خارجة إلى منزله مثخناً، فأتاه عمرو فقال له خارجة: والله ما أراد غيرك. فقال عمرو بن العاص: «ولكنّ اللّه أراد خارجة
(3)
!».
(1)
هو ابن أبي مياس المرادي. الطبري 4: 87.
(2)
يعنى عمرو بن بكير التميمي. انظر ما سبق في ص 160.
(3)
وقيل إن عمرو بن بكير قاتل خارجة هو الذي قال: «أردت عمرا وأراد اللّه خارجة!» الإصابة 2128.
ومنهم:
خالد بن المعمر السدوسي
وكان معاوية دس إليه بالعراق أن يدعو ربيعة إلى الوثوب بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأن ينقض عليه أمره، فإن هو فعل ولاه خراسان.
ففعل ذلك خالد بن المعمر حتى آذت ربيعة علياً وشنعوا عليه.
وبلغ ذلك معاوية، فلما قتل علي رضي الله عنه أحب معاوية الوفاء لخالد بن المعمر. وقال بعض شعراء بني سدوس:
معاويَ أكرمْ خالدَ بن المعمَّرِ
…
فإنَّك لولا خالدٌ لم تؤمَّرِ
فكتب إليه معاوية بعهده على خراسان، ودس إليه رجلاً فسقاه شربة بظهر الكوفة بقصر بني مقاتل، فقتلته وقد أجمع الناس على معاوية.
ومنهم:
الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما
ذكره يعقوب بن الدورقي
(1)
. قال: أخبرنا أسعد بن إبراهيم، قال:
حدثنا ابن عون
(2)
، عن عمير بن إسحاق
(3)
قال:
دخلت على الحسن بن علي رضي الله عنهما، أنا ورجل، فقال لصاحبي:
أي فلان، سلني. قال: ما أنا بسائلك شيئاَ. ثم قام من عندنا فدخل كنيفا له ثم خرج فقال: أي فلان، سلني قبل أن لا تسألني؛ فإني والله لقد لفظت طائفة
(1)
في تهذيب التهذيب: يعقوب بن إبراهيم بن كثير، أبو يوسف الدورقي.
ولد سنة 166 ومات سنة 252.
(2)
هو عبد اللّه بن عون. توفى سنة 232.
(3)
ذكره في تهذيب التهذيب، وقال: روى عن عمرو بن العاص وأبي هريرة.
من كبدي، قلّبتها بعود كان معي، وإني قد سقيت السم مراراً فلم أسق مثل هذا قط، فسلني! قال: ما أنا بسائلك شيئاً، يعافيك الله إن شاء الله!
ثم خرجنا فأتيته الغد وهو يسوق
(1)
، وجاء الحسين فقعد عند رأسه فقال:
أي أخي، نبئني من سقاك؟ فقال: لم؟ لتقتله؟ قال: نعم. قال: ما أنا بمحدثك شيئاً. إن يكن صاحبي الذي أظن، فاللّه أشدّ نقمة، وإلا فو اللّه لا يقتل بي بريء
(2)
!
ومنهم:
سعيد بن عثمان بن عفان
وكان بلغ معاوية أن أهل المدينة يقولون، إماؤهم وعبيدهم، مقالة قد شاعت على أفواههم:
والله لا ينالها يزيدُ
…
حتى يعضُّ هامهُ الحديدُ
إنّ الأمير بعدهُ سعيدُ
وكانت أم سعيد أم عبد الله
(3)
بنت الوليد بن الوليد
(4)
بن المغيرة، وكانت قاتلت عن عثمان يوم قتل، وأصابتها جراحة؛ وأعانتها نائلة بنت الفرافصة على المدافعة عنه، فجرحتا جميعاً. فلما بلغ معاوية هذا القول عن سرعان أهل المدينة
(5)
، كتب إلى سعيد بن عثمان فقدم عليه، فلما دخل عليه قال: ما شيء بلغني أن أهل المدينة يقولون:
(1)
يسوق بنفسه: يجود بها، وذلك عند الاحتضار.
(2)
انظر مقاتل الطالبيين 74.
(3)
اسمها عند الطبري 5: 148: «فاطمة ابنة الوليد بن عبد شمس بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم» .
(4)
كذا في النسختين. وانظر التنبيه السابق.
(5)
سرعان الناس: أوائلهم.
* والله لا ينالها يزيد
…
وأنشده الأبيات الثلاثة
(1)
- فقال سعيد: وما تنكر هذا يا معاوية؟ واللّه إنّ أبى لخير من أبى يزيد، وأمّى خير من أم يزيد، ولأنا خير من يزيد. ومع هذا أنا وليناك فما عزلناك، ورفعناك فما وضعناك، ثم صارت هذه الأشياء في يدك فحلأتنا عن
(2)
جميع ذلك.
قال معاوية: أما قولك يا ابن أخي: إن أبي خير من أبى يزيد، فقد صدقت رحم اللّه أمير المؤمنين عثمان، هو والله كان خيراً مني. وأما قولك: إن أمي خير من أم يزيد، فصدقت، لعمري لامرأة من قريش خير من امرأة من كلب، وبحسب امرأة أن تكون من صالحي نساء قومها. وأما قولك: إني خير من يزيد، فو اللّه يا ابن أخي ما يسرني أن حبلاً
(3)
مد فيما بين العراق فنظم لي فيه أمثالك بيزيد! ولكن انطلق فقد وليتك خراسان.
وكتب له إلى زياد: أن وله ثغرها، وأقم معه على الخراج رجلاً حازماً يحصنه
(4)
ويحفظه على أمير المؤمنين. فضرب زياد البعث على أهل السجون والشطار وكل من يلوذ
(5)
به من أهل المصر من داعر
(6)
وما أشبهه، فصاروا أربعة آلاف؛ وولي أسلم بن زرعة الكلابي على الخراج، ومضى سعيد حتى
(1)
هذا تسجيل قديم لعد الشطر من أشطار الرجز بيتا.
(2)
أصل التحلئة في الإبل والماشية: أن تطرد وتحبس عن الورود. ا: «فخلاتنا» وصححه الشنقيطي بما أثبته.
(3)
ا: «جبلا» ، صوابه في ب بتصحيح الشنقيطي.
(4)
يحصنه: يحفظه ويصونه. وفي النسختين: «يحضنه» .
(5)
في النسختين: «يلوى» ، تحريف. لاذ به: أحاط به.
(6)
الداعر: الفاجر المفسد. ا: «ذاعر» ، تحريف.
نزل مرو، وفوز
(1)
منها يريد سمرقند، فلما انتهى إلى نهر بلخ دعا بالعامات
(2)
ليعبر عليها. فلما تحملوا وجازوا كان أول ما سمعه من النداء نداء مناد من غلمان العسكر: يا ظفر! فتفاءل بالظفر. ثم نادى آخر: يا علوان! فقال: علا أمركم إن شاء الله. وبدر الناس رفيع أبو العالية الرياحي الفقيه، فصلى ركعتين، فكان أول من صلى ركعتين من وراء النهر.
ونفذ الناس حتى انتهى إلى بخارى - والملكة يومئذ ببخارى يقال لها «خنك خاتون» فصالحها صلحا معلوما على أن تخلى له الطريق إلى سمرقند، وأخذ منها رهناً على الوفاء ثلاثين غلاماً من أبناء الملوك مرداً كأن وجوههم السيوف، وسهلت له الطريق، والتقى هو وخاتون فقرفهما
(3)
أهل خراسان، وغنوا عليهما أغنية بالخراسانية، وهي:
كور خمير آمذ خاتون دروغ كنده
(4)
فمضى إلى سمرقند فظفر وقتل وسبى ثلاثين ألف رأس، ثم رجع. فلما انتهى إلى بخارى قالت له الملكة «خنك خاتون»: أردد عليَّ الرهون فقد
(5)
سلمك الله. فقال: إني أخاف غدرك حتى أقطع النهر. فلما قطع النهر. بعثت إليه أرددهم.
قال: حتى أنزل مرو. فمضى بهم ولم يرددهم عليها. ومضى قافلا إلى المدينة،
(1)
فوز الرجل بإبله: سلك بها المفازة.
(2)
العامة: معبر صغير يكون في النهر، يتخذ من أغصان الشجر ونحوها.
(3)
قرفه: عابه واتهمه.
(4)
كور، بالفارسية بمعنى الأعمى أو العمياء. وإذا قرئت «كور» كان معناها عابد النار أو الصم. آمد بمعنى أقبل أو جاء. ورسمت في النسختين «آمذ» . بالمعجمة دروغ بمعنى الكذب، وفي النسختين:«دروع» ، تحريف.
(5)
ا: «فقال» . والتصحيح للشنقيطى.
فجعل أولئك الرهن فلاحين في نخل له وحرث بالمدينة، فأتاهم يوما يتعهّد ما له فاغتالوه فقتلوه، ووجئوه
(1)
بخناجرهم.
وبلغ الخبر أهل المدينة فساروا إليهم فحصروهم في جبل هناك، ولم يقدموا على حربهم حتى ماتوا في ذلك الجبل عطشاً. فجعلت ابنة سعيد جارية لها يقال لها «مردانة» في رحالة
(2)
فقالت: من يبكي أبي ببيتين شعرهما في نفسي فله هذه الجارية بما عليها. فقال في ذلك الشعراء فلم يصنعوا شيئاً، فقال خليد عينين
(3)
العبدي:
يا عينُ أذري دمعةً
…
وأبكي الشَّهيدَ ابنَ الشَّهيد
فلقد قتلتَ بغرّةٍ
…
وجلبتَ حتفك من بعيدْ
فلما قالهما قالت: إن هذان
(4)
اللذان كانا في نفسي. وأعطته الجارية برحالتها.
ومنهم:
عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي
ذكر الكلبي عن خالد بن يزيد عن أبيه [أن
(5)
] معاوية قال لأهل الشام لما أراد البيعة ليزيد: إن أمير المؤمنين قد كبرت سنه، ودنا من أجله، وقد أراد أن يولي الأمر رجلا من بعده فما ذا ترون؟ فقالوا: عليك بعبد الرحمن بن خالد بن الوليد - وكان فاضلاً - فسكت معاوية وأضمرها في نفسه. ثم إنّ
(1)
أي طعنوه.
(2)
الرحالة: مركب من مراكب النساء في ا: «رجاله» . والتصحيح للشنقيطى.
(3)
في النسختين: «عيين» ، تحريف.
(4)
كذا في النسختين. وفي الكتاب الكريم: «إن هذان لساحران» .
(5)
ليست في النسختين.
عبد الرحمن اشتكى، فدعا معاوية ابن أثال الطبيب، وكان من عظماء الروم، فقال: ائت عبد الرحمن فانعت له
(1)
. فأتاه فسقاه شربة انحرف منها عبد الرحمن ومات. فقال معاوية حين بلغه موته: لا جد إلا ما أنفض عنك ما تكره.
ثم إن كعب بن جعيل
(2)
التغلبي - وكان صديقاً لعبد الرحمن بن خالد - دخل على معاوية فقال له: قد كنت صديقاً لعبد الرحمن بن خالد فما الذي قلت فيه؟ قال: قلت:
ألا تبكي وما ظلمت قريشٌ
…
بإعوال البكاء على فتاها
ولو سئلتْ دمشقُ وأهلُ حمصٍ
…
وبصرى من أتاح لكم قراها
(3)
فسيفُ الله أدخلها المنايا
…
وهدَّم حصنها وحمى حماها
وأسكنها معاويةَ بن حربٍ
…
وكانت أرضه أرضاً سواها
ومنهم:
شيبان بن عبد شمس بن شهاب
أحد بني ربيعة بن كعب بن سعد
(4)
، وكان صاحب شرطة عبيد الله بن زياد بن أبيه، وكان عبيد الله يكثر القتل في الخوارج
(5)
، فأقبل شيبان منصرفا إلى منزله ومعه ثمانية بنين له، فعرض له ناس من الخوارج فقالوا: لنا حاجة.
فقال: أضع ثيابي وأخرج لكم. فدخل وألقى ثيابه وألقى بنوه سلاحهم، ثم خرج فناوله بعضهم كتاباً فجعل ينظر فيه، ووثبوا عليه فقتلوه، وخرج بنوه حسّرا
(1)
أي صف له الدواء. في النسختين: «فابعث له» .
(2)
ا: «حجيل» وصححه الشنقيطي. وانظر ترجمة كعب في الشعراء 631 والخزانة 1: 458 والمفضلية 63.
(3)
أتاح، جعلها الشنقيطي:«أباح» .
(4)
الاشتقاق 154 - 155.
(5)
في الاشتقاق: «وكان زياد ولاه الجامع وما يليه ليحرس بالليل، فكان يقتل الخوارج نهارا، فقتله الخوارج وقتلت سبعة بنين له» .
فقتلوهم، فخرج إليهم بشر بن عتبة أخو بني ربيعة بن كعب، فقتلهم جميعاً.
فقال الفرزدق:
لعمركَ ما ليثٌ بخفّانَ خادرٌ
…
بأشجعَ من بشر بن عتبة مقدما
أباء بشيبان الثّؤور وقد رأى
…
بنى فإنك هابوا الوشيجَ المقوَّما
(1)
ومنهم:
عباد بن علقمة، المعروف بابن أخضر المازني
(2)
وهو الذي قتل أبا بلال مرداس بن أدية بالأهواز.
فأقبل عباد من الجمعة، يريد منزله، حتى إذا كان في بني كليب خرج عليه أحد عشر رجلاً من السكة التي تنحر مسجدهم
(3)
، فقام تسعة منهم في السكة ودنا منه رجلان فقالا: قف أيها الشيخ نكلمك. فوقف لهما فدنوا منه فقال أحدهما: إن هذا أخي قد ظلمني حقي وغصبني مالي فليس يدفعه إلي. فقال عباد:
استعد عليه. فقال: إنه أوجه عند السلطان مني. فقال عباد: خذ حقك منه إن قدرت عليه. فقالا جميعاً: الله أكبر، قضيت على نفسك. ثم ابتدراه بسيفيهما، وخرج عليه التسعة الذين كانوا في السكة وأخذوا بلجامه فقتلوه وحكموا، وتنادى الناس، وبلغ الخبر بني مازن، فأقبل معبد أخوه، فلما انتهى إلى الخوارج وهم في السّكة وعليهم السلاح وعلى جميع من معه من بنى مازن قال للشّرطة: خلّوا عنا وعن ثأرنا. وقال لأصحابه: انزلوا إليهم فاقتلوهم رجالة في مثل حالهم. فنزلوا فاقتتلوا، فقتلوا الخوارج إلا رجلا أفلت في الزحام. فقال الفرزدق:
(1)
أباءه به: قتله به. الثئر: جمع ثأر. وانظر ديوان الفرزدق ص 811.
(2)
أخضر كان زوج أمه، فنسب إليه. الكامل 588 وديوان الفرزدق 390، والخبر فيه أكثر تفصيلا.
(3)
تنحر مسجدهم أي تستقبله، إذا استقبلت دار دارا قيل: هذه تنحر تلك.
لقد طلبت بالذَّحل غير ذميمة
…
إذا ذمَّ طلّاب الذحول الأخاضرُ
(1)
لقد جرَّدوا الأسيافَ يوم ابنِ أخضرٍ
…
فنالوا التي لا فوقها نالَ ثائرُ
أقادوا به أسداً لها في اقتحامها
…
على الغمرات في الحروب بصائرُ
ومنهم:
مسعود بن عمرو العتكي
(2)
الذي يقال له «قمر العراق»
وكان سبب قتله أن عامل البصرة كان استشاره في نافع بن الأزرق، وعطية ابن الأسود، الخارجين، وكان بالبصرة، فأشار عليهما فحبسهما وكانا من رؤوس الأزارقة، فحقدت الأزارقة ذلك عليه فدسوا له من قتله، ولا يعرف قاتله.
ويقال: إنه لما مات يزيد بن معاوية، وفتن أهل البصرة، وهرب عبيد الله ابن زياد، رأست اليمن وربيعة عليها مسعودا، فأقبل مسعود وعليه قباء ديباج أصفر، مولع بسواد
(3)
في الأزد وربيعة، ورأّست تميم عليها عبسا أخا كهمس السعدي، فأقبل مسعود قاصداً إلى المسجد الجامع، فصعد المنبر فجعل يأمر بالسنة وينهى عن الفتنة، وغفل الناس عن السجن وفيه الخوارج الذين حبسهم ابن زياد، فجاءهم أولياؤهم حتى أخرجوهم من السجن، وكان أكثرهم من بني تميم فدخلوا المسجد فاغتالوه وهو غافل، فقتلوه ومضوا من وجههم إلى الأهواز، فقال سوار بن حيّان المنقري
(4)
:
(1)
الأخاضر: أتباع ابن أخضر. في ا: «الأحاصر» وصححه الشنقيطي مطابقا ما في الديوان 391.
(2)
شهرة نسبه «المعنى» كما في الاشتقاق 294 والكامل 81، 82، 131، 610. وكان مسعود سيد الأزد. والعتيك من الأزد.
(3)
مولع: فيه ضروب من الألوان.
(4)
كذا في النسختين وكثير من الكتب، ونص ابن السيد في الاقتضاب 123 أنه بحاء مكسورة وباء معجمة بواحدة.
ألم يكنْ في قتلِ مسعودٍ غيرْ
…
جاءَ يزيد أمره فما أمر
(1)
نحن ضربنا رأس مسعودٍ فخرّْ
…
ولم يوسَّدْ خدُّه حيث انقعرْ
فأصبح العبد المزونيُّ عثرْ
…
حتى رأى الموت قريباً قد حضر
فطمَّهم بحرُ تميم إذ زخرْ
…
وقيسِ عيلان ببحرٍ فانفجر
من حولهم فما دروا أين المفرّْ
…
حتى علا السيلُ عليهم فغمرْ
وقال نافع بن الأزرق:
فتكنا بمسعودٍ بن عمرو لقيلهِ
…
لبيبةَ لا تخرجْ من السجن نافعا
ولا تخرجنْ منه عطيَّة وابنه
…
فخضنا له شوباً من السّمِّ ناقعا
وكانت له في الأزدِ حالٌ عظيمة
…
وكان لما يهوى من الأمر مانعا
فقالت تميمٌ نحن أصحاب ثأره
…
ولن ينتهوا حتى يعضُّوا الأصابعا
ويصلوا بحرب الأزد والأزد جمرة
…
متى يصطلوها يصبح الأمر جاشعا
(2)
فقل لتميم ما أردتم بكذبة
…
تكون لها الأوطان منكم بلاقعا
ومنهم:
محمد بن عبد الله بن خازم السلمي
(3)
وكان عبد الله بن خازم ولي ابنه محمداً هراة، وجعل معه شماس بن زياد العطاردي على أمره وقفان حاله
(4)
وقال لابنه: لا تقطع أمرا دون شمّاس.
(1)
يزيد، جعلها الشنقيطي «يريد» .
(2)
جاشعا، كذا في النسختين، ولعلها «خاشعا» .
(3)
تأخر هذا الخبر عن تاليه في نسخة الشنقيطي.
(4)
في النسختين: «حمله» تحريف. يقال: هو على قفانه أي على أثره، يتتبع أمره ويبحث عن حاله. انظر اللسان (قفف 198).
وقد كان ابن عم لشماس قتل في الحرب التي كانت بين ابن خازم وبين بني تميم، فشرب يوماً شماس، فلما أخذت
(1)
فيه الشراب ذكر ابن عمه ذلك فقال:
لا أرى ابن السوداء قتل ابن عمي وهو حي يتنعم بيننا. فاغتال محمد بن عبد الله ابن خازم فقتله، ثم خرج بمن تابعه من بني تميم، حتى انتهى إلى مرو، وبها عبد الله بن خازم.
ومنهم:
عبد الله بن بشار بن أبي عقب الشاعر
وكان رضيع الحسين بن علي بن أبي طالب، وكان يجالس عبيد الله بن الحر الجعفي فيخبر بما خبره عن علي رضي الله عنه، وهو صاحب أشعار الملاحم.
وكان يقول: إن الحسين رضي الله عنه قال لي: إنك تقتل، يقتلك عبيد الله ابن زياد بالجازر
(2)
.
وقال ابن الحر: إن ابن أبي عقب كان يخبرني عن الحسين رضي الله عنه أشياء يكذبها عليه، ويزعم أن ابن زياد يقتله. فأتاه عبيد الله بن الحر ليلاً مشتملاً على السيف، فناداه فخرج إليه، فقال: ابلغ معي إلى حاجة لي. فخرج معه ابن أبي عقب، فلما برز إلى السّبخة
(3)
ضربه بالسيف حتى مات.
(1)
كذا في النسختين. والتأنيث لتضمين الشراب معنى الخمر.
(2)
جعلها ناسخ ب «الجارز» ، تحريف. وهي بتقديم الزاء: قرية من نواحي النهروان من أعمال بغداد.
(3)
السبخة، بالتحريك: موضع بالبصرة.
ومنهم:
مروان بن الحكم بن أبي العاص
وكان خطب حيّة بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس - وهي أم خالد بن يزيد بن معاوية - فقال لها خالد: لا تزوجيه فإنه إنما يريد أن يضع منى. فأبت وتزوجته، فتكلم يوماً خالد ومروان حاضر، فقال له مروان:
اسكت يا ابن الرحيبة! فارتج عليه وخجل. وبلغ الخبر أم خالد، فلما انصرف إليها قالت: قد بلغني ما كلمك به الفاسق. قال خالد: قد قال لي شيئاً هو أعلم به مني. قالت: أما والله ليعلمن، فأحب أن لا يرى في وجهك غضبا. قال:
نعم. فلما انصرف مروان إليها سكتت عنه حتى إذا صار إلى فراشه قامت إلى مرفقة فألقتها على وجهه، ثم اضطجعت عليها، فلم تفارقه حتى لفظ عصبه
(1)
.
ومنهم:
قبيصة بن القين الهلالي
وكان سببه أن المغيرة بن شعبة أتى برجلين من الخوارج فحبسهما، وكتب إلى معاوية في أمرهما، وكان المغيرة يتقي الدماء، وكان أحد الرجلين من بني تميم والآخر من محارب، فكتب معاوية إلى المغيرة: إن شهدا أني أمير المؤمنين فخل سبيلهما، وإن أبيا ذلك فاقتلهما. فجاء بنو تميم فشهدوا على صاحبهم بالجنون فخلى سبيله. ثم دعا بالمحاربي، وكان يقال له معين - وقبيصة بن القين جالس عند المغيرة - فقال لمعين: أتشهد أن معاوية أمير المؤمنين؟ قال: أشهد أن بني تميم أكثر من محارب! فقام قبيصة بن القين فقال: أصلح اللّه الأمير،
(1)
يقال لفظ عصبه، بسكون الصاد، إذا مات. والعصب: الريق يعصب بالفم أي يغرى به فييبس. انظر اللسان (لفظ 342).
أسقني دمه. قال: اضرب عنقه. فضرب قبيصة عنق معين الخارجي.
فمضى المغيرة، وولي بعده زياد بن أبيه، وبعده عبيد الله بن زياد، ثم خالد ابن أسيد، ثم الضحاك بن قيس الفهري، ثم عبد الرحمن بن أم الحكم، ثم النعمان بن بشير - إلى أن ولي بشر بن مروان بن الحكم، فأكرم هذا الحي من قيس - وكانوا أخواله - ثم بني عامر خاصة، وأكرم قبيصة بن القين الهلالي، فتقدم رجل
(1)
من عمان يرى رأي الخوارج فدخل مسجد الكوفة، فأتى حلقة فيها قبيصة بن القين في صدر المجلس، فقال العماني ليفهم: من هذا؟
فقال: قبيصة بن القين خال الأمير. قال: ما أعرفه. فقال الرجل المسؤول: هذا قاتل معين الخارجي المحاربي! فأقبل على الذي يليه فسأله كما سأل الأول، فقال له مثل قول صاحبه، حتى سأل أربعة نفر، فاتفقوا على قول واحد، فلما اجتمعوا على منطق واحد انطلق إلى الصياقلة، وفي كمه نفيقة
(2)
له، فطلب سيفاً صارماً، فأتى بسيف من البيض، فهزّه فإذا هو شديد المتن فاشتراه وكانت الأمراء تعشي عند العصر فلا تفرغ إلا عند احمرار الشمس. فخرج قبيصة بن القين من عند بشر، فعرض له العماني فقال: أصلحك الله، إني رجل غريب ظلمني عاملي ولا أحد لي، وقد أخبرت بمكانك من الأمير. فقال: هي! - وطولها وهو يسير رويداً، والعماني يتلفت يريد الخلوة من الطريق، وقبيصة يسير رويداً حتى انتهى إلى دار السمط بن مسلم
(3)
، إلى زقاق يأخذ إلى بني دهن من بجيلة، فخلا له الطريق فطرح بته وقال: لا حكم إلا الله، يا ثارات معين
(4)
! ثم ضربه
(1)
في النسختين: «إلى رجل» .
(2)
مصغر نفقة، أي مال.
(3)
انظر الاشتقاق 303.
(4)
يا ثارات، كذا ورد في النسختين، والمألوف «يا لثارات» .
ضربة أطن منها فخذه، ثم ولي العماني وأقبل الناس إليه، فنادى قبيصة: إنه لا بأس علي، أدركوا الرجل. فلما سمع العماني قوله:«لا بأس علي» رجع على الناس فصاح بهم: أفرجوا. ففرجوا له وضربه حتى قتله، ومضى العماني فطلب فلم يوجد.
فذكروا أنه خرج بعد ذلك مع شبيب بن يزيد الشيباني، وكان بشر أخذ بالعماني يومئذ البريء والسقيم. فلما دخل شبيب الكوفة والحجاج أمير العراق جعل العمانىّ يصيح: يا أهل الكوفة، يا فسقة، تأخذون البريء بالسقيم، أنا قاتل قبيصة بن القين!
ومنهم:
بجير بن الورقاء السعدي
(1)
وكان عبد الملك استعمل أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص على خراسان حيث اجتمع الناس عليه. فولى أمية بجيرا شرطه
(2)
، وولى بكير ابن وشاح
(3)
السعدي أيضاً ساقته، فغدر بكير بن وشاح
(3)
بأمية بن عبد اللّه وقد عبر أميّة نهر بلخ يريد سمرقند، فعمد بكير فحرق المعابر ورجع إلى مرو فغلب عليها وجعل يجبيها، فرجع أمية فلم يجد ما يعبر عليه، فمضى إلى الترمذ
(4)
ليعبر من هناك، وحاصر بكيراً، ثم أعطاه الأمان، ففتح له مدينة مرو.
(1)
في النسختين: «الوفاء» ، تحريف. وفي الطبري 7: 196، 276/ 8: 5: «بحير ابن ورقاء الصريمى» ، وكذلك في تاريخ الإسلام للذهبي 3:112. وكان مقتله سنة 81.
وانظر جمهرة ابن حزم 218.
(2)
جعلها الشنقيطي «شرطته» .
(3)
وكذا عند الطبري 7: 196، 275/ 8: 5 وجعلها الشنقيطي «وساج» بتشديد السين، وآخره جيم، مطابقا بذلك ما في القاموس (وسج) وتاريخ الإسلام للذهبي.
(4)
هي ترمذ، المدينة المشهورة على نهر جيحون، وفيها يقول نهار بن توسعة:
فارحل هديت ولا تجعل غنيمتنا
…
ثلجا تصفقه بالترمذ الريح
وإن بجيرا وشى ببكير وقال له إنه على الوثوب بك. فقال له أمية: أنا أولّيك من أمره ما تولّيت فكن أنت قاتله. فقال له بكير: يا بجير، دع أمية يولّى قتلى غيرك، فإني أخاف إن فعلت أفسدت بين قومنا. فقدّمه بجير فضرب عنقه.
وبلغ بجيرا أنّ عشرة من بنى سعد يطلبونه بدم بكير، فكان لا يفارق الدّرع وإنّ رجلا من قومه أتى عامل سجستان فانتمى له إلى بنى حنيفة وسأله أن يكتب له كتابا إلى بجير بالوصاة. فكتب له وهو لا يظنّه إلا حنفيا. فلما قدم على بجير أدناه، فجعل الجشمي يطلب من بجير غرّة فلا يجدها، فلبث كذلك حتى عزل عبد الملك أمية وولى الحجاج العراق، فولّى الحجاج المهلّب بن أبي صفرة خراسان، فقال بجير عند رواق المهلب، وهم في عسكر وقد أتى بجير والناس يطلبون الإذن على المهلّب إذ جاءه العوفىّ من خلفه، الذي ذكر أنه حنفىّ، كأنه يسارّه، فأصغى إليه بجير فطعنه بخنجر كان معه فنحره به، ونادى الناس: الحرورىّ الحروري! فرمى بالخنجر ونادى: واللّه ما أنا بحرورى، ولكني اخز
(1)
يا لثارات بكير بن وشاح
(2)
! وأخذ الرجل، وكان عيّره رجل بالبادية بأن قال له: إنك لنئوم عن طلب وترك في بكير بن وشاح
(2)
! فجعل على نفسه أن لا يأكل لحما، ولا يدهن رأسه حتى يقتل قاتل بكير.
(1)
كذا بالنسختين.
(2)
انظر التنبيه رقم 3 ص 176.
ومنهم:
يزيد بن الحصين بن نمير السّكسكى
وكان سبب ذلك أنّ الحجاج أخبر عن راهب بطريق الشام بعلم بارع فوفد الحجاج إلى عبد الملك فأتى الراهب فقال له: يا راهب، أنا الحجّاج، وإني لأعلم أنّى بين موت وعزل فمن ترى يلي مكاني؟ فنظر الراهب فقال: بلى مكانك يزيد. فسأل الحجاج سفيان منجّمه عما قال الراهب فقال له: صدقك. فقال الحجاج: أمّا يزيد بن أبي مسلم
(1)
فليس العبد هناك. وأما يزيد بن المهلب فخليق أن يكون، أو يزيد بن الحصين بن نمير، فإنه سيد الشام.
فلم يزل يحمل عبد الملك والوليد بعده على آل المهلب حتى أمكن فيهم فعذّبهم وأغرمهم ستّة آلاف، ودسّ سفيان منجّمه إلى يزيد بن الحصين فقال:
اكفنيه! فأتاه سفيان فلاطفه حتى أنس به واطمأن إليه واختلط به، ثم سقاه سمّا فقتله، فولّى العراق بعده الوليد بن عبد الملك يزيد بن أبي كبشة، ثم وليه لسليمان بن عبد الملك يزيد بن المهلب.
(1)
ا: «يزيد بن مسلم» ، والتكملة للشنقيطى في نسخته.
ومنهم:
نجدة بن عامر الحنفي
وكان رئيس الخوارج، فوجدوا عليه بأنه ظفر ببنت عمرو بن عثمان بن عفان فردها إلى قريش. وفي أنه أمر لمالك بن مسمع، وكان هرب إليه من مصعب، بمائة ناقة. وأعطى عبيد الله بن زياد بن ظبيان، أحد بني تيم الله بن ثعلبة بن عكابة وكان هرب إليه أيضاً - مثل ذلك. فرأسوا عليهم أبا فديك، وخلعوا نجدة، فجلس في منزله وخلاهم.
ثم إن أصحاب أبي فديك تذامروا بينهم قالوا: لا نأمن أصحاب نجدة أن يغاوروه
(1)
لقدر نجدة - كان - فيهم. فاغتالوه حتى قتلوه في منزله.
ومنهم:
أبو هاشم عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب
(2)
وكان من رجال قريش، وأنه وفد إلى سليمان بن عبد الملك، ومعه عدة من الشيعة، وكان من أشد أهل زمانه عارضة وأبينهم بياناً، فلما كلمه سليمان عجب منه وقال: ما كلمت قرشياً قط يشبه هذا، ما أظنه إلا الذي كنا نحدث عنه! وأحسن جائزته وجوائز من معه، وقضى حوائجه وحوائجهم، ثم شخص يريد فلسطين، فبعث سليمان قوماً إلى بلاد لخم وجذام، فضربوا أبنية، بين كل بناءين ميل وأكثر من ميل، ومعهم اللبن المسموم، فلما مر بهم أبو هاشم وهو على بغلة له قالوا: يا أبا عبد الله، هل لك في الشراب
(3)
؟ فقال: جزيتم خيرا.
(1)
غاوروه: أغاروا عليه وأغار عليهم. ب «يعاوروه» تصرف من الناسخ.
(2)
ذكره أبو الفرج في مقاتل الطالبيين 126 وقال: «ويكنى أبا هاشم، وأمه أم ولد تدعى نائلة» .
(3)
ب: «شراب» ، تصرف من الناسخ.
ثم مر بآخرين فعزموا عليه أيضاً، ففعل ذلك مراراً حتى مر بقوم أيضاً فعزموا عليه فقال: هلموا. فلما شرب واستقر في جوفه اللبن قال: يا هؤلاء، أنا والله ميت فانظروا هؤلاء القوم من هم. فنظروا فإذا القوم قد قوضوا أبنيتهم وذهبوا، فقال: ميلوا بي إلى ابن عمي محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، وما أظنّنى مدركه. فأغذّوا به السّير حتى أنوا كداداً من الشراة
(1)
وبها محمد بن علي بالحميمة، فنزل عنده ومات بها.
ومنهم:
عمر بن عبد العزيز بن مروان رضي الله تعالى عنه
وكان أراد أن يجعل الخلافة في بني هاشم، فكتب إلى الآفاق ليأتيه فقهاؤهم فيشاوروه، وجعل يرد المظالم وينصف من بني أمية، حتى أسرع ذلك في ضياعهم.
وكان بنو مروان يعظمون أم البنين بنت الحكم بن أبي العاص ذكر محمد ابن الحسين قال: أخبرنا نوفل بن الفرات
(2)
قال: كانت أم البنين إذا دخلت على خلفاء بني أمية نزلت على أبواب مجالسهم، فلما ولي عمر بن عبد العزيز دخلت عليه فتلقاها وأنزلها، فلما جلست جعل يكلمها ويقول: يا عمّة، أما رأيت الحرس بالباب - مازحاً - أي إنه لا حرس لي. فلما رأى أنها لا تكلمه قال:
يا عمة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض والناس على نهر مورود، فولي بعده رجل قبض ولم يستقض
(3)
منه شيئاً، ثم ولّى رجل آخر قبض ولم
(1)
الشراة: صقع قريب من دمشق، وبقرية منها يقال لها الحميمة كان سكن ولد على ابن عبد اللّه بن عباس أيام بنى مروان. عن تاج العروس. ونحوه في معجم البلدان. في النسختين:«السراة» ، تحريف. وانظر التنبيه والإشراف 192.
(2)
تكرر في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي، باسم نوفل بن أبي الفرات الحلبي.
(3)
في سيرة عمر 116: «فلم يستنقص» .
يستقض منه شيئا، ثم ولي رجل آخر كرى فيه ساقية، ثم كريت السَّواقي حتى جفَّ ماؤه وذهب، وإن قدرت لأعيدنّ ذلك النهر إلى مجراه.
قال: فقالت: فلا يسبّوا عندك أهل بيته. قال: ومن يسبهم؟ إنما هو الرجل
(1)
يرفع المظلمة، فآمر بردها.
ومن غير حديث ابن معين
(2)
قال: فلما رأى ذلك بنو مروان دسُّوا حاضنه وأعطوه ألف دينار على أن يسمه. ففعل. فلما أحس عمر من نفسه دعا الخادم فسأله فأقر، فقال له: كم أعطيت؟ قال: ألف دينار. فأخذها عمر منه فطرحها في بيت المال وقال للخادم: أنج لا تقتل. فمضى الخادم، ومات عمر
(3)
.
وذكر ابن أبي شيخ، أن مجاهداً دخل على عمر في مرضه، فقال له: ما يقول الناس يا مجاهد؟ قال: يقولون إنك مسحور. فقال: لست مسحوراً ولكني مسموم، سمَّني غلامي هذا. ثم قال له: ما حملك على ما فعلت؟ قال: جعل لي عتقي وألف دينار. قال: هات الألف. فأخذها فجعلها في بيت المال، وقال:
أذهب فأنت حرّ.
(1)
ب: «رجل» ، وهو من صنيع الناسخ.
(2)
كذا. ولم يسبق له ذكر.
(3)
انظر خبر اسمه في سيرة عمر 276.
ومنهم:
عمر بن يزيد بن عمير الأسيدي
(1)
وكان يلي البصرة مرة، ويليها مالك بن المنذر بن الجارود مرة، وكان صديقاً لمالك، فدخل بينهما رجل من بني كريز فأفسد ذلك، فولى مالك بن المنذر فحبس
(2)
الفرزدق وادعى عليه أنه هجا نهر المبارك
(3)
، وكتب إلى خالد ابن عبد الله القسري وهو عامل العراق يحمله على عمر بن يزيد، فكتب إليه خالد يأمره بحبسه، فبعث إليه فحبسه في داره: ثم دس إليه من لوى عنقه فقتله.
فلما كان الغد حمل على دابة، وركب وراءه رجل يمسك ظهره، فجعل
(4)
رأس عمر يتذبذب، فجاء
(5)
الذي وراءه عنقه ويقول: أقم رأسك فإنك نجاث
(6)
! وأدخل فلما أصبحوا من غد قالوا: مصَّ خاتمه وفيه سمٌّ ومات.
وكان الفرزدق محبوساً في غير السجن الذي كان فيه عمر فاتى الفرزدق ابنه لبطة فقال: أما علمت أن عمر بن يزيد مصَّ خاتمه فوجدوه ميّتا؟ فقال له
(1)
في النسختين: «الأسدي» صوابه من المحبر 443 والطبري 8: 191 والأغانى 19: 42 وكان مقتله سنة 191.
(2)
ا: «فجلس» ، والتصحيح للشنقيطى.
(3)
ا: «بهم المبارك» جعلها الشنقيطي «نهر المبرك» كلاهما محرف عما أثبت. وهو نهر بالبصرة احتفره خالد بن عبد اللّه القسري. وفي هجائه يقول الفرزدق:
وأهلكت مال اللّه في غير حقه
…
على النهر المشئوم غير المبارك
ويقول أيضا:
كأنك بالمبارك بعد شهر
…
تخوض غماره بقع الكلاب
انظر معجم ياقوت (المبارك) والأغانى 19: 42.
(4)
في النسختين: «فحمل» ، والوجه ما أثبت، وفي الأغانى:«فجعل رأسه يتقلب والأعوان يقولون له قوم رأسك» .
(5)
كذا. ولعلها «فحتأ» . حتأه: ضربه.
(6)
في النسختين: «نجات» . والنجاث: البحاث عن الأخبار يتتبعها ويستخرجها.
الفرزدق: وأعلم أن ذلك معمول وأنه قتل، وأبوك، والله، إن لم يلحق واسط، سيمصُّ خاتمه!
ومنهم:
قتادة بن سابة
(1)
بن ثابت بن معبد
أخو بنى أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان، وكان أصاب دماً في بني شريك، فمشت السفراء حتى صلح الأمر، فمشوا بذلك ما شاء الله. ثم إن حريث بن أسود بن شريك ومولى له يقال له يقظان لقيا قتادة بالبصرة وقد أسلم خفين له إلى إسكاف، فجعلا للإسكاف جعلاً على أن يحبس خفيه إلى الليل، ففعل ذلك وقال لقتادة: ائتني صلاة المغرب حتى أعطيك خفَّيك: فلما جاء ليأخذها وقد كمنا له شداً عليه فقتلاه، وهاج بينهما الناس فصاحا: إنما نحن ثائران
(2)
! فأحجم الناس عنهما فنجيا.
وقال حريث في قتله:
فقلت له صبراً حريثُ
(3)
فإنَّنا
…
كذلك نجزى قرضَكم آلَ مرثدِ
قتادةُ يعلو رهطه وعلوتُه
…
بأبيض من ماء الحديد مهنّد
(4)
(1)
المعروف في أعلامهم «سيابة» كسحابة.
(2)
في النسختين: «ثائرين» . والثائر: الطالب للثأر.
(3)
كذا، ولعلها «قتاد» .
(4)
ماء الحديد: خالصه. انظر الإنصاف لابن الأنباري 98 والحماسة بشرح المرزوقي 468.
ومنهم:
عمرو بن محمد الثقفي
(1)
وكان عاملاً على السند، فوجه إليه منصور بن جمهور الكلبيّ - وكان منصور بن جمهور افتعل عهداً فولى العراق، وهو الذي يقول له الناس:«منصور ابن جمهور، أمير غير مأمور» - وذلك في فتنة مروان بن محمد - فوجه إلى عمرو بن محمد بن القاسم الثقفي، وكان عامل مروان، رجلاً من أهل الشام يقال [له] فلان ابن عمران
(2)
يأخذ عمراً بالحساب، فحبسه ودسّ إليه من قتله فأصبح ميتاً، وأشاع أنه قتل نفسه من خوف المحاسبة.
ومنهم:
منظور بن جمهور، أخو منصور
وكان منصور ضم إلى أخيه منظور رجلاً من أهل الشام من أهل اليمن يقال له رفاعة بن ثابت بن نعيم، فكان الغالب على أمر منظور، وكان يسامره وينادمه.
فلما ضبط أبو مسلم خراسان وجه على السند رجلاً من بكر بن وائل، يقال له معلّس
(3)
، فبلغ ذلك رفاعة بن ثابت. وأن معلساً
(4)
قد دنا من السند، فقعد هو ومنظور ووصيفٌ لمنظور يشربون، فلما أخذ فيهم الشراب نام منظور ووصيفه، وخرج رفاعة فأتى منزله وجاء بسيفه وبمولى له معه، وأخذ سكّة فرسه، وأتى حائطا يفضى إلى درجة الغرفة التي منظور ووصيفه فيها، فنقبه هو ومولاه حتى أفضيا
(1)
الطبري 9: 29 في حوادث سنة 126.
(2)
الطبري: «محمد بن غزان أو عزان الكلبي» .
(3)
كذا في النسختين.
(4)
جعلها الشنقيطي «مغلسا» .
إلى الدرجة، فصعدا إلى السطح فإذا منظور ووصيفه نائمان، فقتل منظورا وجاء إلى الوصيف ليقتله فانتبه الوصيف حين وجد مسَّ الحديد، فقال: يا منظور، تسامرني من أول الليل وتقتلني من آخره؟! وهو يظنه منظوراً، فأجهز عليه. وقال لوصيف لمنظور: افعل ما آمرك به وإلا قتلتك. فقال: مرني بما شئت. فقال:
ادع لي صاحب الحرس على لسان مولاك - وكان رجلاً من بني أسد - فأشرف الغلام وقال: الأمير يدعوك. فلما أطلع رأسه قام رفاعة ومولاه فقتلاه، وجعل يقتل الرجل من الوجوه هكذا، حتى قتل ثمانية نفر. قال الشاعر:
يا رفاعَ بن ثابت بن نعيمٍ
…
ما جزيتَ الإحسانَ بالإحسان
ولقد أتلفت يمينك خرقاً
…
أريحيا وفارسَ الفرسانِ
فأدال المليك منك فقد أص
…
بحت في كف ثائر حرانِ
وظفر منصور برفاعة فقتله.
ومنهم:
عبد الله بن عمر بن عبد العزيز
وكان عامل مروان على العراق قبل ابن هبيرة، فغلبت الخوارج على الكوفة ثم مضوا إلى واسط فحصروه بها، وكان رئيس الخوارج الضحاك بن قيس الشيباني، فلما طال حصاره بعث إليه عبد اللّه بن عمر: إني عاملك فامض إلى مروان فقاتله فإن ظفرت به أو قتلته فأنا عاملك وداعٍ لك. فمضى الضحاك فقتله مروان. وولى يزيد بن عمر بن هبيرة على العراق. فقتل الخوارج. وبعث إليه بعبد الله بن عمر فحبسه بحران. ثم دسَّ إليه قوماً فوضعوا على وجهه مرفقته فأصبح في السجن ميّتا.
ومنهم:
الإمام إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس
وكان نصر بن سيار كتب إلى مروان يعلمه بخروج أبى مسلم وكثرة تبعه وأنه يخاف أن يستولي على خراسان. وأن الدعوة لإبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله. فألقى الكتاب إلى مروان، وقد
(1)
أتى إبراهيم رسول أبى مسلم بكتاب. فسأل إبراهيم الرسول: ممن هو؟ قال: من العرب. فردّ جواب كتاب أبى مسلم يلعنه فيه أن ترك المواثبة لجديع الكرماني
(2)
ونصر بن سيار.
ويأمره فيه ألا يدع بخراسان عربياً إلا قتله.
فانطلق الرجل إلى مروان بالكتاب فوضعه في يده، فكتب مروان إلى معاوية بن الوليد بن عبد الملك
(3)
- وهو عامله على دمشق - أن اكتب إلى عامل البلقاء فليسر إلى كداد
(4)
والحميمة، فليأخذ إبراهيم بن محمد فليشَّده وثاقاً وليبعث به إليه مع خيل كثيفة، ثم وجه به إلى أمير المؤمنين.
قال: فأتى وهو جالس في مسجد القرية، فأخذ فلف رأسه وحمل فأدخل على مروان، فأنبه وشتمه، فاشتد لسان إبراهيم عليه وقال: يا أمير المؤمنين، ما أظن ما يروى الناس عليك إلا حقّا، في بغض بني هاشم، وما لي وما تصف؟
(1)
في النسختين: «وقال» صوابه من الطبري 9: 92 وكان مقتل إبراهيم سنة 132.
(2)
هو جديع، بهيئة التصغير، ابن شبيب بن عامر بن صنيم الكرماني، رأس الأزد بخراسان، الاشتقاق 295. في النسختين:«لخديع» صوابه في الاشتقاق والطبري.
(3)
كذا. وعند الطبري 9: 92 «الوليد بن معاوية بن عبد الملك» ، وفي التنبيه والإشراف 293:«الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم» .
(4)
وكذا سبق في ص 180. وفي الطبري والتنبيه والإشراف 292، 293: «كرار» براءين. قال المسعودي: «بكرار من جبال الشراة والبلقاء من أعمال دمشق» . وضبطه البكري في معجم ما استعجم بكسر الكاف، ولم يعينه.
فقال له مروان: أدركك الله بأعمالك الخبيثة، فان الله لا يأخذ على أول ذنب؛ اذهبا به إلى السجن. فحبسه أياماً، ثم أمر قوماً فدخلوا إلى السجن بعد ما مر صدرٌ من الليل. فغم إبراهيم في جراب نورة، وغمّ عبد الله بن عمر بن عبد العزيز بمرفقةٍ، فأصبحا ميتين في غداة واحدة. رحمهما الله تعالى.
ومنهم:
أبو سلمة حفص بن سليمان
مولى بني مسلية
(1)
، وكان يقال له وزير آل محمد
(2)
.
وكان أبو سلمة لما اسقتبّ الأمر واستقامت خراسان والجبال وفارس وجه أبو سلمة للعمال في السهل والجبل، ثم أقام أبو سلمة نحواً من أربعين يوماً لا يظهر أمر أبي العباس، وأبو جعفر وعبد الله وإسماعيل وعيسى وداود بنو علىٍ قد قدموا من الشام، فأنزلهم أبو سلمة دار الوليد بن سعيد
(3)
في بني أود
(4)
.
وكان القواد الذين قدموا من خراسان يقولون لأبي سلمة: أين الإمام؟
فيقول: لا تعجلوا. وكان أبو سلمة يدبرها لبني فاطمة رضي الله عنها، فجعل يريثهم ويقول: نعم اليوم، غداً! حتى خرج أبو حميد، وهو يريد الكناسة، فلقي مولّى لهم أسود
(5)
قد كان يعرفه حيث كان يأتي إبراهيم بالشام. فلما رآه احتضنه وقال:
ويلك، ما فعل الإمام ومواليك؟ قال: هم هاهنا واللّه مذ
(6)
أكثر من شهرين.
(1)
في مروج الذهب 3: 284: «حفص بن سليمان الخلال الهمداني، مولى لسبيع» .
(2)
كما كان يقال لأبى مسلم الخراساني «أمين آل محمد» . مروج الذهب والطبري 9: 142.
(3)
الطبري 2: 328: «الوليد بن سعد» .
(4)
في النسختين: «أوو» ، صوابه من الطبري والاشتقاق 165.
(5)
الطبري: «يقال له سابق الخوارزمي» .
(6)
جعلها ناسخ ب: «منذ» .
قال: وأين هم؟ قال: في دار الوليد بن سعيد
(1)
في بني أود. قال: فانطلق فأرنيهم. فخرج الأسود بين يديه وأبو حميد يتبعه في موكبه حتى دخل فقال:
السلام عليك أمير المؤمنين ورحمة الله. ثم أرسل عينيه بالبكاء وقال: ما لكم هاهنا؟ قالوا: تركنا أبو سلمة هاهنا منذ شهرين. فقال: يا أمير المؤمنين، منذ شهرين أركب. فحمله وأهل بيته ثم أقبل بهم إلى المسجد، وعلم أبو سلمة ما وقع فيه فقال: إنما أخّرت أمركم لإحكام ما أريد منه.
ثم إن أبا العباس تنكر لأبي سلمة، فلما هموا به كرهوا الإقدام عليه دون مشاورة أبي مسلم، فكتب إليه يعلمه بغشه وما أراد من صرف الأمر إلى غيره وما يتخوف منه. فكتب أبو مسلم إلى أبي العباس: فليقتله أمير المؤمنين. فقال له داود بن علي: لا تفعل يا أمير المؤمنين فيحتج عليك أبو مسلم وأهل خراسان الذين معك، وحاله عندهم حاله، ولكن اكتب إلى أبي مسلم أن يبعث إليه من يقتله. فكتب إليه بذلك، فوجه أبو مسلم مرار بن أنس الضبي، فقدم على أبي العباس فأعلمه قدومه. وكان أبو سلمة يسمر عند أبي العباس، فجاء مرار الضبيُّ فجلس على باب أبي العباس، فلما خرج أبو سلمة وتنحى عن الباب شدّ عليه فقتله.
فلما أصبح لعن على باب الخليفة، وذكروا فسقه وغشه وغدره، فقال سليمان ابن المهاجر البجلىّ:
إنّ الوزير وزيرَ آل محمد
…
أودى فمن يشناك كان وزيرا
(2)
(1)
الطبري 2: 128: «الوليد بن سعد» .
(2)
يشناك، بالتسهيل في ا والطبري 9: 141 والفخري 138. وجعلها الشنقيطي «يشنؤك». ومعناه يبغضك. وبعد البيت عند الفخري:
إن السلامة قد تبين وربما
…
كان السرور بما كرهت جديرا
ومنهم:
عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب
وكان عبد الله خرج بالكوفة في ولاية عبد الله بن عمر بن عبد العزيز على العراق فقاتله فهزمه، فسار إلى المدائن فتبعه بها قومٌ فساروا إلى حلوان فأخذ الجبال ودعا لنفسه، ثم مضى إلى أصبهان فأقام بها، ثم سار إلى إصطخر فجبي كور فارس
(1)
، وضرب دراهم عليها:«قلْ لا أسألكم عليه أجراً إلا المودةَ في القربى» .
فلما قدم يزيد بن عمر بن هبيرة عاملاً على العراق بعد عبد الله بن عمر وجه إليه ابن ضبارة
(2)
فهزمه إلى سجستان، ثم صار إلى هراة وقد استتب أمر خراسان لأبي مسلم، وأخذوا أخويه الحسن ويزيد ابني معاوية، فاعتقل في الحبس ثم وجد ميتاً فيه.
ومنهم:
يزيد بن عمر بن هبيرة الفزارى
أمير العراق لمروان بن محمد. وكان أبو جعفر المنصور حاصره بواسط، ومعه حميد والحسن ابنا قحطبة، ومالك بن الهيثم الخزاعى، فطلب الأمان، فكتب إلى أبي العباس بذلك فأعطاه الأمان على نفسه وقراباته وحاشيته وقوّاده، فمكث كتاب الأمان يقرأ على الفقهاء أكثر من أربعين يوما حتى أكّد
(3)
، وأراد
(1)
كان ذلك سنة 129. الطبري 9: 94.
(2)
هو عامر بن ضبارة، بضم الضاد، كما في الاشتقاق 177 ومقاتل الطالبيين 167.
وجاء في ا والأغانى 11: 70 «صبارة» وفي ب «صباوة» ، والصواب ما أثبت.
(3)
الطبري 9: 144: «وكتب به كتابا مكث يشاور فيه العلماء أربعين يوما حتى رضيه ابن هبيرة» .
أبو جعفر الوفاء به، وأن داود بن علي ولى الحجاز وصاحب مقدّمته أبو حماد
(1)
فأخذ أبو حمّاد رجلاً فقال له: أين تريد؟ قال: العراق. قال: ممن أنت؟ قال:
من موالي بني هاشم. ففتشه فلم يجد معه كتاباً، فقدمه ليضرب عنقه، فقال: لا تعجل وفتق قباءً محشواً، فأخرج منه حريرة فيها كتاب من محمد بن عبد الله بن الحسن، جواب كتاب ابن هبيرة، كتب إليه:
فرفع الرجل والحريرة إلى داود
(2)
، فقتل الرجل وبعث بالحريرة إلى أبي العباس، فكتب أبو العباس
(3)
إلى أبى جعفر يأمره بقتله، فراجعه أبو جعفر وأراد الوفاء له فكتب إليه:«إن أنت فعلت، وإلاَّ أمرتُ على عسكرك الحسنَ ابن قحطبة» . وقد كان أبو جعفر أحرز الخزائن والأموال، وجعل ابن هبيرة يركب غباً إلى أبي جعفر في قواد أهل الشام، فلما همّ بذلك بعث خازم
(4)
بن خزيمة النهشلي، والهيثم بن شعبة، والأغلب بن سالم، وكلٌّ من بني تميم
(5)
، في جماعة أصحابهم، فدخلوا رحبة القصر وأرسلوا إلى ابن هبيرة:«إنا نريد أن ننظر إلى الخزائن ونحمل ما فيها» . فأذن لهم فدخلوا وطافوا ساعة وجعلوا يخلّفون عند كلّ باب جماعة من أصحابهم، ثم انصرفوا إليه فقالوا: أرسل معنا من يدلنا على المواضع التي فيها الخزائن وبيوت الأموال، فقال: أو ليس قد ختمتم
(1)
هو أبو حماد الأبرص، واسمه إبراهيم بن حسان السلمى. الطبري 9:148.
(2)
داود بن علي والى الحجاز.
(3)
أبو العباس السفاح.
(4)
في النسختين: «حازم» ، صوابه في الطبري 9:149.
(5)
جعلها الشنقيطي بقلمه «في بنى تميم» .
عليها وأحرزتموها؟! يا أبا عثمان - يريد كاتبه - اذهب معهم فادللهم على الذي يريدون، أو أرسل معهم. فأرسل معهم، فطاف خازمٌ
(1)
وأصحابه في القصر، ثم أقبل على ابن هبيرة وعليه قميص مصري، وملاءة مؤزرة، وهو مسند ظهره إلى حائط المسجد، وبنيه صبح غلام صغير في حجره، فقتلوا داود ابنه
(2)
وكاتبه وحاجبه وأربعة من مواليه، ثم مشوا نحوه فخر ساجداً وقال: نحُّوا عَّني هذا الصبي. فقتلوه وهو ساجدٌ.
وبعث أبو جعفر إلى قواده وهم لا يعلمون بأمر ابن هبيرة، فلما أدخلوا الرواق كتفوا ودفعوا إلى القواد فقتلوهم في منازلهم.
ومنهم:
عليّ وعثمان، ابنا جديع الكرماني
(3)
الأزديّ
وكانا سارا إلى أبي مسلم بعد قتل نصر بن سيّار أباهما غيلة وغدراً، فناصحا أبا مسلم وأحسنا معونته، حتى إذا استقامت خراسان دعا أبو مسلم عليا فقال له:
سم لي أصحابك فقد نصحت وأحسنت وقضيت ما عليك، وبقى ما علينا. فسماهم له، فولى عثمان أخاه طخارستان، ففرق عنه فرسانه ثم قال له: أحضر لي أصحابك لأجيزهم. فقال لهم عليّ: اغدوا على جوائز أبي مسلم. فغدوا وغدا، فأدخلوا داراً فأعطوا فيها الجوائز، ثم قيل: ادخلوا فتشكروا لأبي مسلم. فلما خرجوا أدخلوا داراً أخرى قُمطوا
(4)
وأخذت الجوائز منهم فقتلوا، وكتب إلى أبى داود الذّهلى،
(1)
في النسختين: «حازم» ، صوابه في الطبري 9:149.
(2)
هو داود بن يزيد بن عمر بن هبيرة. الطبري 9: 146.
(3)
في النسختين: «خديع» تحريف. انظر ما سبق في حواشي 176.
(4)
قمطوا: شدت أيديهم وأرجلهم. وقد تكون «فمطوا» . مطى، بالبناء، للمفعول:
مد وبطح: ومنه: «مر على بلال وقد مطى في الشمس يعذب» :
وهو خالد بن إبراهيم: «لا يغلبنك عثمان بن الكرماني» . فاتخذ له
(1)
طعاماً، وبعث إليه فأتاه في قواده ووجوه فرسانه - وكان أبو داود عاملا على ما وراء النهر. فلما أتوه وحضر الطعام أخذوا فضربت أعناقهم، ثم ركب إلى عسكرهم فقتل فيه تسعمائة رجل، وتتبع من كان أبو مسلم ولاه منهم فقتله
(2)
.
ومنهم:
عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس
وكان عبد الله لما بلغه موت أبي العباس خلع أبا جعفر ودعا إلى نفسه وكان أبو جعفر حاجّا، وثار عيسى بن موسى بن محمد بن علي، فأحرز الخزائن وضبط الأمر حتى قدم أبو جعفر، فوجه أبا مسلم لحربه، فحاربه فهزمه، فلجأ إلى أخيه سليمان بن علي، وهو عامل على البصرة، فأخذ له الأمان المؤكد.
ثم إن أبا جعفر دفعه إلى عيسى بن موسى فكان محبوساً عنده
(3)
، فجعل يرفه عنه ويشتري له الجارية بعد الجارية.
ولما خرج محمد بن عبد الله بن الحسن بالمدينة أمر عيسى بن موسى بالخروج إليه، وأن يدفعه إلى أبي الأزهر عبد الملك بن عبيثر المهرى، فجاء به حتى أدخله بيتاً في قصر أبي جعفر، وخرج أبو جعفر إلى أوانا
(4)
، وسقط البيت على عبد اللّه ابن علي، رحمه الله.
(1)
في النسختين: «لهم» .
(2)
كان مقتل على وعثمان سنة 190. الطبري 9: 102
(3)
كان حبسه سنة 139. الطبري 9: 172.
(4)
أوانا بفتح الهمزة: بليدة من نواحي دجيل بغداد، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت.
ومنهم:
أبو مسلم صاحب الدولة
وكان أبو جعفر وجهه أبو العباس في ثلاثين من وجوه قريش والعرب إلى خراسان زائراً أبا مسلم، فرأى منهم استخفافاً احتقنها
(1)
أبو جعفر عليه، وكان إذا كتب إليه بدأ بنفسه قبله. فكان أبو جعفر يقول لأبي العباس كثيراً: إنه لا ملك لك وأبو مسلم حيّ، فتغدَّه قبل أن يتعشى بك! وكان أبو العباس يأبى ذلك لقدره في أهل خراسان.
فلما أفضى الأمر إلى أبي جعفر وكان أبو مسلم حاجا فقدم ووجهه أبو جعفر فحارب عبد الله بن علي واستباح عسكره، ثم وجه أبو جعفر إلى أبي مسلم يقطين ابن موسى لقبض ما صار في يد أبي مسلم من عسكر عبد الله، فغضب أبو مسلم وقال: لا يوثق بي في هذا القدر! وشتم شتماً قبيحاً، ومضى من الأنبار يريد خراسان مخالفاً، ومضى أبو جعفر إلى المدائن فنزل الرومية
(2)
. وقد كان قيل لأبي مسلم: إنك تقتل بالروم
(3)
. فوجه أبو جعفر إلى أبي مسلم جرير بن يزيد ابن جرير بن عبد الله البجلي، وكان أرجل أهل زمانه
(4)
. وكتب معه فلم يلتفت إلى كتابه فلم يزل جريرٌ يفتل أبا مسلم في الذروة والغارب حتى أقبل إلى أبي جعفر، فلما قدم عليه أمر القواد والناس أن يتلقوه، ثم أذن له فدخل على دابته وعانقه وأكرمه وقال: كدت تخرج قبل أن أفضى إليك ما أريد. قال:
(1)
لعلها «فرأى منه استخفافا وأشياء احتقنها» . وانظر ما سبق في مقتل سالم بن دارة ص 157 س 9.
(2)
الرومية هذه هي رومية المدائن. انظر ياقوت.
(3)
الطبري: «وكان أبو مسلم يقول: واللّه لأقتلن بالروم. وكان المنجمون يقولون ذلك» .
(4)
الطبري 9: 162: «وكان واحد أهل زمانه» . فلعل ما هنا «أوحد» .
يا أمير المؤمنين، قد أتيتك فمر بأمرك. قال: انصرف إلى منزلك فضع ثيابك، وادخل الحمام يذهب عنك كلال السفر. فجعل أبو جعفر ينتظر به الفرص، فمكث به أياماً يأتي أبا جعفر كلَّ يوم فيريه من الإكرام أكثر مما أراه قبل ذلك، ويتزيد في القرب واللطف، حتى إذا مضت له أيامٌ أقبل على التجني عليه، فأتى أبو مسلم عيسى بن موسى فقال: اركب معي إلى أمير المؤمنين، فإني أريد عتابه بحضرتك. فقال له: تقدم حتى آتيك. فقال: إني أخافه. فقال له عيسى:
أنت في ذمتي. وأقبل أبو مسلم فقيل له: ادخل. فدخل حتى إذا صار إلى الرواق قيل: أمير المؤمنين يتوضأ، فلو جلست؟ فجلس وأبطأ عيسى عليه، وقد هيأ أبو جعفر عثمان بن نهيك العكيّ - وهو على حرسه - في عدةٍ فيهم شبيب بن واج
(1)
، وأبو حنيفة
(2)
، وتقدم إلى عثمان فقال: إذا عاتبته فعلا صوتي فلا تحرَّكوا، فإذا صفقت بيدي فدونك يا عثمان!
وقد صيَّر عثمان وأصحابه في رواقٍ خلف أبي جعفر، ثم قيل لأبي مسلم:
قد جلس أمير المؤمنين فقم. فقام ليدخل فقيل له: انزع سيفك. فقال: ما كان يصنع هذا بي. قالوا: وما عليك؟ فنزع سيفه وعليه قباءٌ أسود على جبة خزٍ بنفسجية، فدخل فسلم وجلس على وسادةٍ ليس في المجلس غيرها
(3)
، وخلف ظهره القوم، فقال: يا أمير المؤمنين صنع بي ما لم يصنع بأحد، نزع سيفي من عنقي. قال: ومن فعل ذلك بك قبحه الله؟! ثم أقبل يعاتبه: فعلت وفعلتَ.
فقال أبو مسلم: ليس يقال هذا لي بعد بلائي وما كان مني! فقال: يا ابن الخبيثة،
(1)
الطبري 9: 166 «شبيب بن واج المروروذي» . وجعلها الشنقيطي في نسخته «راج» .
(2)
اسمه حرب بن قيس، كما في الطبري.
(3)
جعلها الشنقيطي «غيرهما» .
لو كانت أمة مكانك لأجزأت ناحيتها. إنما عملت ما عملت في دولتنا، ألست الكاتب إلىَّ تبدأ بنفسك، والكاتب إلىّ تخطب أمينة بنت علي بن عبد الله بن العباس، وتزعم أنك ابن سليط بن عبد الله بن العباس؟ لقد ارتقيت لا أمَّ لك مرتقى صعباً - وهو يفرك بيديه
(1)
- فلما رأى أبو مسلم عينيه قال: يا أمير المؤمنين، لا تدخل على نفسك؛ فإن قدرى أصغر من أن يبلغ هذا منك.
ثم صفق بيديه، فيضربه عثمان ضربة خفيفة، فأخذ برجل أبي جعفر وقال:
أنشدك الله يا أمير المؤمنين! فدفعه برجله وضربه شبيب بن واجٍ ضربةً على حبل العاتق، فأسرعت فيه، فصاح: وا نفساه! ألا قوة، ألا مغيث؟! وخرج القوم فاعتوروه بأسيافهم، ولحق بأمّه الهاوية.
ومنهم:
معن بن زائدة الشَّيباني
وكان أبو جعفر ولاه اليمن، فلما صار إلى الكوفة بعث إلى محمد بن سهل، راوية شعر الكميت بن زيد، فأتاه فقال: أنشدني قصيدة الكميت التي يدعو فيها ربيعة إلى قطع حلفها مع اليمن. وهي:
• ألم تلممِ على الطَّلل المحيلِ
…
فأنشده إياها حتى أتى عليها، وأمر بعمامةٍ فلويت ومدت بين رجلين، ثم قام معنٌ فضربها بالسيف فقطعها، وقال: أشهدوا أني قد قطعت حلف اليمن وربيعة كما قطعت هذه العمامة.
(1)
الطبري 9: 167: «فأخذ أبو مسلم بيده يعركها ويقبلها ويعتذر إليه» .
ثم سار إلى اليمن فأوعث فيها، فلما ولى سجستان ابتنى بها داراً، فدخل عليه قوم متشبّهة بالفعلة وهو مغترّ
(1)
قد احتجم، فمالوا عليه فقتلوه
(2)
.
ومنهم:
عقبة بن سلم الهنائي
(3)
وكان أبو جعفر ولاه البحرين، فجعل يبارى معناً بالقتل حتى أثخن في ربيعة، فلما كان زمان المهدي تبعه رجل فاغتاله وهو راكب، فوجأه وجاة بخنجر مسموم فوقع في منطقته حتى وصل إلى جوفه، فأخذ فأتى به المهدي فسأله ممن هو؟ فلم يجبه من هو ولا من أي البلدان هو. فسأله: أين كان يأوي وأين كان يطعم؟ فقال: كنت آوى المساجد، وأطعم في سوق البقالين. فقتله المهدي. فيه تضرب العامة المثل:«أخسر من قاتل عقبة!» .
ومنهم:
الربيع بن يونس الحاجب
وكان هو أهدى إلى موسى الهادي أمة العزيز
(4)
، فوقعت منه بالموقع الذي لم يقع أحد عنده مثله، فبلغه أن الربيع يقول: ما خلوت بامرأة أطيب خلوة من
(1)
مغتر، أي غافل. وعند ابن خلكان في ترجمته:«كان في داره صناع يعملون له شغلا، فاندس بينهم قوم من الخوارج فقتلوه بسجستان وهو يحتجم» .
(2)
كان ذلك سنة 51 وقيل 52 وقيل 158.
(3)
نسبته إلى بنى هناءة، بضم الهاء، بن مالك من بنى زهران بن كعب بن عبد اللّه بن نصر بن الأزد. الاشتقاق 291 - 292.
(4)
الطبري 10: 47 «كانت للربيع جارية يقال لها أمة العزيز، فائقة الجمال، ناهدة الثديين، حسنة القوام، فأهداها إلى المهدى فلما رأى جمالها وهيئتها قال: هذه لموسى أصلح! فوهبها له فكانت أحب الخلق إليه، وولدت له بنيه الأكابر» . ثم ذكرها من نساء الرشيد 10: 121 قال: «وتزوج أمة العزيز، أم ولد موسى فولدت له علي بن الرشيد» .
أمة العزيز. فدعاه فتغدّى معه وقال له: اشرب على غدائك أقداحاً. وأمر صاحب شرابه فجدح
(1)
له في قدحه سما، فلما صار في جوفه انصرف فمات من تحت ليلته
(2)
.
ومنهم:
إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب
وكان خرج على موسى الهادي [هو] والحسن والحسين ابنا عليّ بن الحسن بن الحسن
(3)
، فقتلا بفخ، وانضم إدريس إلى أهل المغرب، فحملوه إلى بلادهم، واشتملوا عليه وأعظموه وأمروه عليهم. فلما ولي هارون الرشيد وولى هرثمة إفريقية دسَّ هرثمة رجلاً من أهل المدينة
(4)
لإدريس، وجعل له بقتله مائة ألف درهم، فقدم المدني عليه فأنس به إدريس وجعل يسأله عن أهله فيخبره بمعرفة حتى غلب عليه ووثق به، وجعل يهتبل الفرصة ويضع الخيل
(5)
في القرى فيما بينه وبين إفريقية.
وإن إدريس اشتهى سمكاً طرياً فقال له المدني: أنا حسن العلاج له.
فعالجه وسمه ثم خرج يريد حاجة، ودعا إدريس بالسمك، فلما أكله واستقر في جوفه ركب، فجعل يركب من قرية إلى قرية ويحلف ما تحته
(6)
حتى وصل
(1)
جدح: خلط.
(2)
كان ذلك في سنة 170. الطبري 10: 47.
(3)
تمام سياق نسبه «بن الحسن بن علي بن أبي طالب» . انظر الطبري 10: 24 ومقاتل الطالبيين 443.
(4)
هو الشماخ اليمامي. مولى المهدى. الطبري 10: 29.
(5)
لعلها «ويصنع الحيل» .
(6)
كذا وردت العبارة في النسختين. وقد ذكر الطبري كيفية مقتله برواية أخرى في حوادث سنة 169.
إلى إفريقية، وكانت جاريته حاملاً فولدت غلاماً فسمي إدريس بن إدريس.
ومنهم:
الفضل بن سهل
وزير عبد الله المأمون
(1)
. وكان قد ضيق على المأمون، وحال بينه وبين كثير من لذاته، وكان أخذ عليه ألاَّ ينظر في قصة أحدٍ، حتى صار كالوصيِّ الحاجر عليه، فدسَّ المأمون غالباً الروميَّ
(2)
مولاه فدخل عليه الحمام فقتله فيه ومضي، فأتى به المأمون فقتله.
وقتل بسبب الفضل على بن أبي سعد
(3)
، وعبد العزيز بن عمران الطائي، وخلف المصري، ومؤنس البصري
(4)
.
ومنهم:
إسحاق بن موسى الهادي
وقد كانت الحربية
(5)
اشتملت عليه وأمّرته، والمأمون بخراسان، حين خرج
(1)
كان الفضل قد بلغ أوجه عند المأمون سنة 196. الطبري 10: 160.
(2)
الطبري 10: 250: «وكان الذين قتلوا الفضل من حشم المأمون، وهم أربعة نفر: غالب المسعودي الأسود، وقسطنطين الرومي، وفرج الديلمي، وموفق الصقلى، وقتلوه وله ستون سنة» . وكان ذلك سنة 202 في خلافة المأمون. التنبيه والإشراف 303.
(3)
الطبري: «علي بن أبي سعيد بن أخت الفضل» .
(4)
لم يذكره الطبري 10: 249 في من أعان على قتل الفضل.
(5)
الحربية: طائفة من الجند منسوبون إلى الحربية. وهي محلة كبيرة مشهورة ببغداد عند باب حرب تنسب إلى حرب بن عبد اللّه البلخي أحد قواد المنصور، وإليها ينسب إبراهيم ابن إسحاق الحربي. وكانت الحربية حين خرج هرثمة إلى خراسان وثبوا وقالوا: لا نرضى حتى نطرد الحسن بن سهل عن بغداد، وكان من عماله بها محمد بن أبي خالد، وأسد بن أبي الأسد، فوثبت الحربية عليهم فطردوهم وصيروا إسحاق بن موسى بن المهدى خليفة للمأمون ببغداد، وذلك سنة 200. انظر الطبري 10: 237، 241.
إبراهيم بن المهدي، فاستولى على الأمر، فدس إليه المأمون ابنه وخادماً له فقتلاه، ثم أقاد به ابنه وقتل الخادم بالسياط.
ومنهم:
حميد بن عبد الحميد الطوسي
وكان حميد كثيراً ما يقول: ما للمأمون عندي يدٌ، إنما الأيادي عندي لأبي محمد الحسن بن سهل! فيرفع إليه.
وإنه دعاه المأمون يوماً فأتاه وعنده أحمد بن أبي خالد الأحول. وكان الذي بين حميد وبين أحمد بن أبي خالد سيِّئاً. فلما قربت المائدة أجلس المأمون ابن أبي خالد معه على المائدة، فساء ذلك حميداً فقال له: يا أمير المؤمنين، لا أماتني الله حتى يريني الدنيا عليك سهلة حتى نرى أيُّنا أنفع لك. فقال له ابن أبي خالد: يا أمير المؤمنين، إنّما يتمنى فساد ملكك والفتنة. فقام المأمون عن المائدة ولم يتم غداءه واحتقنها عليه. وإنه لما أراد المأمون الخروج للبناء ببوران ابنة الحسن بن سهل قال لحميد: يا أبا غانم، قد أذنت لك في الحج. فانصرف حميد مسروراً، فدعا قهارمته
(1)
فأمرهم بآلات السفر، ثم أتاه جبريل بن بختيشوع فقال: يا أبا غانم طرِّ بدنك فإني أرجو أن تأتي بكل جارية معك حاملاً. وكان حميد مغرماً بالنكاح، حلالا وغيره، فسقاه شربة، وكان عنده متطبِّب يقال له عبد الله الطَّيفوري، فلما رأى الشَّربة قال لجبريل: أبو غانم اليوم قد ضعف عن هذه. فقال له جبريل: قد نسيت اليوم! وعرف الطّيفوريُّ قصة الشَّربة فلم يكشف له أمرها، فلما شربها أخلفَتْه
(2)
مائتي مرة، وجعل
(1)
جمع قهرمان. وهو أمين الملك وخاصته، فارسي معرب.
(2)
أخلفته: جعلته يختلف إلى المتوضأ، أي أصابته بإسهال. يقال: أخلفه الدواء.
الطَّيفوريُّ يطفئها حتى تماثل قليلاً. ثم أقام بعد ذلك فشكا إليه ما أصابه من الشَّربة، فقال له: ادخل الساعة الحمام. فدخل من ساعته الحمام فانتقضت به.
فمكث مبطوناً شهر رمضان كله، ومات ليلة الفطر سنة عشر ومائتين.
فخبرني أبو عصام - وكان صدوقا - أن الطَّيفوريَّ كان يطيف بقبر حميد ويقول: يا حميد، قد نهيتك عن الشّربة فعصيتني!
ومنهم:
عبد الله بن موسى الهادي
وكان قد عضَّل بالمأمون مما يعربد عليه إذا شرب معه، فأمر به فجعل حبسه في منزله، وأقعد على بابه حرساً. ثم إنه تذمم
(1)
من ذلك فأظهر له الرضاء وصرف الحرس عن بابه، وكان عبد الله مغرماً بالصيد، فدس إلى خادم من خدمه يقال له حسين فسقاه سماً في درَّاج
(2)
وهو بموسى باد
(3)
، فدعا عبد اللّه بالعشاء فأتاه حسين بذلك الدّرّاج، فلما أحس به ركب في الليل وقال لأصحابه:
هو آخر ما تروني
(4)
: وقد أكل معه من الدُّرَّاج خادمان: فأما أحدهما فمات، وأما الآخر فضني حتى مات. ومات عبد اللّه بعد أيّام.
(1)
تذمم: استنكف.
(2)
الدراج: ضرب من الطير يستطاب طعمه. الحيوان 1: 233/ 2: 249/ 7: 195.
(3)
في معجم البلدان «موسياباذ» ، وهي قرية بالري، منسوبة إلى موسى الهادي.
(4)
أي تروننى، وحذف النون في مثل هذا جائز.
ومنهم:
أحمد بن علي بن هارون الرشيد
وكان له غلام يقال له نفيس وكان قد غلب عليه، وأنّ نفيسا وأربعة من غلمانه أجمعوا على قتل احمد، وكان بين أحمد وبين عياله ثلاثة أبواب كلها تغلق دونهم، وأن أحمد أمر بإغلاق الأبواب عند القيلولة كما كان يفعل، فدخل عليه نفيس بمشملٍ
(1)
وهو نائم، فضربه ضربتين إحداهما على رأسه، والأخرى على فمه، وأن أحمد تناول المشمل من يد نفيس فخرطه نفيس من يده
(2)
، فقطع أصابعه غير أنها لم تبن. ثم عاد نفيس فأجهز له بسكين، وأخذ خاتمه فبعث به إلى أهله وقال لهم: هذا خاتم الأمير يأمركم أن تبعثوا إليه بصندوق المال ليعطي الحشم أرزاقهم. فدفعوا إليه الصندوق، فاقتسموا ما فيه من الدنانير ومضوا.
ومنهم:
علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي
وكان المأمون قد بايع له بالعهد بعده
(3)
، وضربت الدراهم باسمه، وجعل على شرطه العباس بن جعفر بن محمد بن الأشعث، وكان ابنه خليفته، وعلى حرسه سعيد بن صيلم، وعلى حجابته يحيى بن معاذ بن مسلم، وأنه سقط عند المأمون بكلام في الفضل بن سهل فأخبر به المأمون الفضل؛ للموثق الذي كان الفضل أخذه على المأمون.
(1)
المشمل: سيف قصير دقيق.
(2)
خرطه: جذبه.
(3)
الطبري 10: 243 - 251 ومقاتل الطالبين 561 - 582 ولم يذكر الطبري أنه قتل، بل قال إنه أكل عنبا كثيرا فأكثر منه فمات.
وذكر روح بن السكن عن عبيد الله بن الحسن العلوي ثم العباسي، أن الفضل قال يوماً وعنده الناس: ما تقولون في بقرة جعلت لها قرنين من ذهب وكنت أوّل من نطحته بهما؟! فلم يمض بعد ذلك إلاَّ قليل حتى اعتل فمات.
ومنهم:
العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس
وكان قدم على هارون الرقة فحباه حباء كثيراً، وعظمه أشدّ تعظيم، وأنّ العباس اعتلّ فدس له شربة، فلما استودعه إياها أذن له في الانحدار إلى مدينة السلام، وكانت سبب موته.
ومنهم:
إسماعيل بن هبار بن الأسود بن المطَّلب بن أسد
دخل الحمام بالمدينة وفيه مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري وكان جميلاً بارعاً، فأمر يده على ظهره وعجيزته، وتكلم بكلام فيه بعض ما فيه، فضحك مصعب في وجهه ليونسه، حتى إذا كان الليل جمع مصعب رجالاً فيهم القتّال الكلابي، وبعث مولى له أسود، يكنى أبا عجوة، إلى ابن هبار، فدعاه فلما خرج إليه تنحى به إليهم، فوثب عليه القتال فضربه حتى قتله
(1)
. وهو قول ابن قيس الرُّقيات:
(1)
الخبر برواية أخرى في المحبر 226 - 228.
فلن أجيب بليلٍ داعياً أبداً
…
أخشى الغرور كما غرَّ
(1)
ابن هبار
باتوا يجرونه في الحشِّ منجدلاً
…
بئس الهديةُ لابن العمِّ والجارِ
وطلب القتال فهرب وقال:
تركت ابن هبار يصدّع رأسه
…
وأصبح دونى شابة وأروم
(2)
بسيفِ أمرئٍ لن أخبر الدهر باسمه
…
ولو حفزت نفسي إلىّ هموم
ودونى من الدّهنا بساط كأنه
…
إذا انجاب ضوء الصبح عنه أديم
(3)
القتال: عبادة بن محبب بن المضرحيّ، وعبد الرحمن بن صبحان المحاربي
(4)
.
(1)
ا: «العرور كما عر» ، والتصحيح للشنقيطى.
(2)
في النسختين: «أبا هبار» تحريف. وروى هذا البيت وتاليه في المحبر بهذه الرواية:
تركت ابن هبار ورائي مجدلا
…
وأصبح دونى شابة فأرومها
بسيف امرئ لن أخبر الدهر باسمه
…
وإن حضرت نفسي إلى همومها
وفي معجم البلدان 5: 206:
تركت ابن هبار لدى الباب مسندا
…
وأصبح دونى شابة فأرومها
بسيف امرئ لا أخبر الناس ما اسمه
…
وإن حقرت نفسي إلى همومها
وصواب «حضرت» و «حقرت» : حفزت. حفز نفسه: دفعها. وشابة وأروم: جبلان بنجد.
(3)
البساط، بفتح الباء: الأرض العريضة الواسعة.
(4)
صبحان جعلها الشنقيطي «صيحان» بالياء. وقد ذكر في المؤتلف 167 أسماء من يقال له القتال، فجعل الكلابي عبد اللّه بن محبب بن المضرحى، والباهلي الحسن بن علي، والبجلي ولم يسمه، وكذلك السكوني. وفي الأغانى 20: 158 أن القتال الكلابي عبد اللّه ابن المضرحى. أما المرزباني في معجمه 203 فقد ذكر عقيل بن عرندس. وفي هامش نسخة كتابه «عقيل بن العرندس أحد بنى عمرو بن عبيد بن أبي بكر بن كلاب، وهو القتال» .
أسماء من قتل حميمة من الملوك
عمرو بن تبَّع
قتل أخاه حسان بن تبَّع.
وسلمة بن الحارث الملك بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار الكندي
قتل أخاه «شرحبيل بن الحارث» وكان الحارث ملك ولده سلمة على حنظلة وتغلب، وشرحبيل على الرِّباب وبكر بن وائل، وحجراً على كنانة وأسد ابني خزيمة، ومعد يكرب على قيس عيلان. فوثبت بنو أسد فقتلوا حجراً، وسعى المفسدون بين سلمة وشرحبيل حتى احتربا، فقتل سلمة شرحبيل.
ومنهم:
عبد الله بن الزبير
قتل أخاه «عمرو بن الزبير» ، وكان عامل المدينة
(1)
وجّهه لمحاربة أخيه ففضَّ جيشه وأسره، وكان عمروٌ بدنا
(2)
، فأقامه عبد اللّه للناس وقال: من كان له عنده حقٌ فليقتص منه.
فضرب حتى مات
(3)
.
(1)
هو عمرو الأشدق، بن سعيد بن العاصي. نسب قريش 178.
(2)
بدنا، كذا في النسختين. والبدن: المسن الكبير.
(3)
في نسب قريش أنه مات في سجن عبد اللّه بن الزبير.
ومنهم:
عبد الملك
قتل «عمرو بن سعيد بن العاص» - وأمّه أم البنين بنت الحكم بن أبي العاص ابن أمية - وكان نازع عبد الملك وحاربه حتى جرت بينهما السفراء على أن يجعل عمرو مع كل عامل لعبد الملك عاملاً له، ففعل، فلم يزل عبد الملك يلطف له حتى قتله. وله حديث طويل
(1)
.
ومنهم:
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ويزيد الناقص
(2)
، وثب على ابن عمّه «الوليد بن يزيد بن عبد الملك» فقتله واستولى على ملكه
(3)
.
ومنهم:
أبو جعفر المنصور
وهو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، وثب عليه عمه عبد الله ابن علي، وخلعه ودعا إلى نفسه، فظفر به فحبسه في بيتٍ فسقط عليه البيت.
ومنهم:
هارون الرشيد
حبس عمه «جعفر بن المنصور
(4)
»، المعروف بابن الكردية، فذكروا أنه أصابه زحير فمات منه.
(1)
انظر الطبري 7: 175 - 181 في حوادث سنة 69.
(2)
سمى بذلك لأنه نقص الجند من أرزاقهم. المعارف 160.
(3)
كان ذلك سنة 126. الطبري 7: 2 - 17 والتنبيه والإشراف 280 - 281.
(4)
جعفر هذا، هو جعفر الأصغر بن المنصور، وهو الذي يقال له ابن الكردية، كانت أمه أم ولد. وأما أخوه جعفر الأكبر فأمه أروى بنت منصور. وهلك جعفر هذا قيل المنصور، الطبري 9:318.
ومنهم:
عبد الله المأمون
قتل أخاه «محمداً الأمين» واستولى على ملكه.
ومنهم:
أبو إسحاق المعتصم
كان بلغه أن «العباس بن المأمون» قد مالأ ملك الروم على أهل الإسلام عام فتح المعتصم عمورية
(1)
، وأنه أراد الوثوب على المعتصم، فحبسه وأثقله بالحديد فمات في حديده.
(1)
كان ذلك سنة 233. انظر الطبري 10: 343 والنجوم الزاهرة 2: 238.
وقد خلدها أبو تمام في قصيدته التي أولها:
السيف أصدق أنباء من الكتب
…
في حده الحد بين الجد واللعب
وممن قتل غيلة
زياد بن عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان الحارثي
من بنى الحارث بن كعب، وكان خال أبي العباس أمير المؤمنين، وإنه ولاّه مكة والمدينة
(1)
فلم يزل عليهما حتى مات، فأقره أبو جعفر على عمله، ثم كتب إليه أن يقتل أبا محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية، وكان شيخ بني أمية، فقتله.
فلما تغيب محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، رضى اللّه عنهم، كتب إليه أبو جعفر أن يوثق عبد الله بن الحسن حديدا، ويضيّق عليه. فكان زيادٌ يرفه عن
(2)
عبد الله ويحسن إليه في حبسه.
ثم إن أبا جعفر كتب إليه يأمره بقتله، فلم يفعل، فعزله وأغرمه ثمانين ألف دينار، وكره أن يكشف قتله، لموضعه كان من أبي العباس. فلما أخرج أبو جعفر ابنه المهدي إلى الرىِّ. قال لزياد: سر مع ابن أخيك. فسار ثلاث مراحل.
وإنّ زيادا تغدّى مع المهدي ثم انصرف إلى فسطاط، ثم أتى بقدح فشربه ولم يعلم المهدي بذلك. فلما ترحل الناس قام المهدي على باب سرادقه فقال:
ويلك يا غلام
(3)
.
(1)
كان ذلك سنة 133. الطبري 7: 147 - 148 والمحبر 34. وقد عده ابن حبيب 263 أحد ثمانية نفر أقاموا موسم الحج من العرب.
(2)
ب: «يرقه عند» وهو سوء قراءة من الناسخ.
(3)
كذا. والكلام غير متصل بما بعده، وبينهما سقط، هو تتمة الكلام وبدء الكلام على أسماء المغتالين من الشعراء، وفي صدرهم «مهلهل» .
[
مهلهل بن ربيعة
] وإن
(1)
فتياناً من بني قيس بن ثعلبة اتخذوا طعاماً وابتاعوا خمراً، ثم أتوا عوفا فقالوا: إنا نحب أن تأذن لمهلهل يأتينا فيتحدث معنا اليوم. ففعل عوفٌ ذلك، فأتاهم مهلهل، فلما أخذت فيه الخمر جعل ينشد ما قال في بكر بن وائل وما ذكرهم به، فبلغ ذلك عوفاً فغضب، فحلف لا يذوق عنده قطرة شراب ولا ماء حتى يرد «دنيب
(2)
» - وكان دنيب جملاً لعوف لا يرد إلاَّ خمساً - وشد عليه القدود
(3)
، ثم تركه، فمات مهلهل قبل أن يرد دنيب (2). وفي ذلك قال مهلهل:
جللوني جِلد حوبٍ بازلٍ
…
يرتقى النفس موهناً للتراقى
(4)
عند عوفِ بن مالكٍ لست أرجو
…
لذَّةَ العيش ما عصبت بساقى
(5)
(1)
في الخزانة 1: 304: «قال السكرى في اشعار تغلب: أسر مهلهلا عوف بن مالك، أحد بنى قيس بن ثعلبة، وإن شبانا من شبان بنى قيس بن ثعلبة أتوا عوف بن مالك .. » .
وساق بقية الخبر برواية مخالفة. وانظر كتاب البسوس 116.
(2)
كذا. وفي الأغانى 4: 146 «ربيب الهضاب» وهو الصواب إن شاء اللّه.
وفيها أيضا: «فتلك الهضاب التي كان يرعاها ربيب يقال لها ربيب» . وفي أصل اللآلي 17 «زينب» وهو تحريف. وذكر أنه جمل كان يرد الماء بعد عشرة، وفي كتاب البسوس «الحصين». وفي الخزانة:«الخضير» ، وضبطه بقوله «بمعجمتين مصغرا» وذكر أنه بعير لعوف كان لا يرد الماء إلا سبعا. وفي الكامل لابن الأثير 1: 124 «زبيب، وهو فحل كان له لا يرد إلا خمسا في حمارة القيظ» .
(3)
القدود: جمع قد، بالكسر، وهو السير من الجلد. ا:«القدوم» وتصحيحه للشنقيطى.
(4)
الحوب: الضخم من الجمال. وفي الأغانى 4: 148: «جلد حوب فقد جعلوا نفسي عند التراقى» .
(5)
في الأغانى:
لست أرجو لذة العيش ما
…
أزمت أجلاد قد بساق
وإليك ابنةَ المجلل عنِّي
…
لا يواتي العناقُ من في الوثاق
(1)
ومنهم:
عامر بن جوين بن عبد رضا
(2)
بن قمران
(3)
الطائي
أحد بني جرم بن عمرو بن الغوث، وكان سيداً شاعراً فارساً شريفاً، وهو الذي نزل به امرؤ القيس بن حجر.
وكان سبب قتله أن كلباً غزت بني جرمٍ
(4)
فأسر بشر بن حارثة، وهبيرة بن صخر الكلبي عامر بن جوين، وهو شيخ كبير، فجعلوا يتدافعونه لكبره، فقال عامر بن جوين: لا يكن لعامر بن جوين الهوان! فقالوا له:
وإنك لهو؟ قال: نعم. فذبحوه ومضوا، وأقبل الأسود بن عامر، فلما رأى أباه قتيلاً بينهم أخذ منهم ثمانية نفر - وكانوا قتلوا عامراً وقد هبَّت الصَّبا - فكعمهم ووضع أيديهم في جفانٍ فيها ماء
(5)
، وجعل كلما هبت الصَّبا ذبح واحدا
(1)
في النسختين: «أنبت التحلد» ، والصواب ما أثبت. والمجلل، هو المجلل بن ثعلبة، وهو خال أم مهلهل، كما في الأغانى 4:145. وفيها يقول أيضا من هذه القصيدة:
طفلة ما ابنة المجلل بيضا
…
ء لعوب لذيذة في العناق
ورواية أبى الفرج وابن الأثير للبيت:
فاذهبي ما إليك غير بعيد
…
لا يواتى العناق من في الوثاق
(2)
رضا، بضم الراء، كان بيتا لبنى ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وهدمه المستوغر في الإسلام وقال:
ولقد شددت على رضاء شدة
…
فتركها تلا تنازع أسحما
انظر الأصنام 30 والخزانة 1: 25.
(3)
قمران، بفتح القاف وبعد الميم راء مهملة. في النسختين:«فمران» صوابه من الخزانة والمعمرين للسجستاني 41. ذكر السجستاني أن عامرا عاش مائتي سنة.
(4)
ا: «حزم» ، والتصحيح للشنقيطى.
(5)
كعمه: شد فاه بالكعام، وهي الكمامة. وإنما فعل ذلك بهم نكالا ليمنعهم من الماء وهو في أيديهم.
حتى أتى عليهم. وكان الذي ولى قتل عامر مسعود بن شداد، فقالت أخته عمرة بنت شداد:
يا عين بكّى لمسعود بن شدادِ
…
بكاءُ ذي عبراتٍ حزنهُ بادِ
(1)
من لا يمارُ له لحم الجزورِ ولا
…
يجفُو الضَّيوفَ إذا ما ضُنَّ بالزاد
ولا يحلُّ إذا ما حلَّ منتبذاً
…
خوفَ الرزيَّة بين الحضر والبادِ
ألاَّ سقيتم بني جرمْ أسيركمُ
…
نفسي فداُؤك من ذي كربةٍ صاد
يا فارساً ما قتلتم، غيرَ جعثنةٍ
…
ولا بخيلٍ على ذي الحاجة الجادى
(2)
قد يطعن الطعنة النَّجْلاء يتبعها
…
مضرّج بعدها تغلي بإزباد
ويترك القرن مصفراً أناملهُ
…
كانَّ أثوابه مجَّت بفرصادِ
ومنهم:
عنترة بن معاوية
(3)
العبسي
وكان أغار على بني نبهان فأطرد طريدة وهو شيخ كبير، فجعل يطردها ويقول:
حظُّ بني نبهانَ منها الأثلبْ
(4)
…
كأنَّما آثارها لا تحجبْ
آثار ظلمان بقاع مجدب
(5)
(1)
هذا البيت مع البيت الرابع في الأغانى 11: 15.
(2)
الجعثنة، بكسر الجيم: الجبان. والجادى: طالب الجدا، وهو العطية.
(3)
عنترة بن شداد العبسي، وهو عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية. كما في الأغانى 7:141.
(4)
الأثلب: التراب والحجارة، وهو كناية عن الخيبة.
(5)
الظلمان: جمع ظليم، وهو الذكر من النعام. والقاع: الأرض المستوية السهلة، وفي النسختين:«بفى» تحريف، صوابه في الأغانى 7: 145 ص 2. و «مجدب» هي في النسختين «محدب». وفي الأغانى «محرب» ، والوجه ما أثبت.
وكان وزر بن جابر بن سدوس بن أصمع النبهاني في منزه
(1)
، فرماه وقال:
خذها وأنا ابن سلمى فقطع مطاه، فتحامل بالرمية حتى أتى أهله فمات. فقال وهو مجروح:
فإنَّ ابن سلمى عنده، فاطلبوا، دمي
…
وهيهات لا يرجى ابن سلمى ولا دمي
يظلّ يمشّى بين أجبال طيّئ
…
مكان الثريَّا ليس بالمتهضَّم
(2)
ومنهم:
عبيد بن الأبرص
وكان المنذر بن امرئ القيس اللخمي، ابن ماء السماء، وهو الذي يسمى ذا القرنين، له يومٌ يخرج فيه فيقتل أول من يلقى في ذلك اليوم، فخرج فلقى عبيد ابن الأبرص. فأتى به، فلما رآه قال: ويلك، ما أتاني بك؟ قال: «المنايا على الحوايا
(3)
». فذهبت مثلاً.
فقال: أنشدني:
• أقفرَ من أهله ملحوب
…
فقال:
• أقفر من أهله عبيدُ
…
فقال: أنشدني:
• أقفر من أهله ملحوب
…
فقال: «حال الجريضُ دون القريض» . فذهب قوله مثلا، وقتله
(4)
.
(1)
الأغانى: «في فتوة» وهي بكسر الفاء جمع فتى.
(2)
في النسختين: «كأن الثريا» ، صوابه من الأغانى.
(3)
جمع حوية، وهي مركب من مراكب النساء. قال الميداني 2: 231: «وأحسب أن أصلها قوم قتلوا فحملوا على الحوايا، فصارت مثلا» .
(4)
الخبر رواه في الخزانة 1: 324 نقلا عما هنا، مع مخالفة شديدة.
ومنهم:
طرفة بن العبد
أخو بني قيس بن ثعلبة. وكان عمرو بن هند مضرط الحجارة
(1)
اللخمى جعل طرفة والمتلمس في صحابة قابوس أخيه، فكان قابوس يتصيد يوماً ويشرب يوماً. فكان إذا خرج إلى الصّيد خرجا معه، فنصبا وركضا يومهما، فإذا كان يوم لهوه وقفا على بابه يومهما كله، فلما طال عليهما ذكره طرفة فقال:
فليت لنا مكان الملك عمرو
…
رغوثاً حول قبتنا تخور
يشاركنا لنا رخلانِ فيها
…
وتعلوها الكباشُ فما تثورُ
(2)
لعمرك إنَّ قابوس بن هندٍ
…
ليجمع ملكهَ نوكٌ كثير
(3)
قسمتَ العيشَ في زمنٍ رخىٍ
…
كذاك الحكمُ يعدل أو يجورُ
لنا يومٌ وللكروانِ يومٌ
…
تطيرُ البائساتِ وما نطيرُ
(4)
فأما يومهن فيومُ سوءِ
…
يطاردهن بالحدب الصقور
وأمَّا يومنا فنظلُّ ركباً
…
وقوماً ما نحلُّ وما نسير
وقد كان طرفة هجا ابن عمّ له وصهرا يقال له عبد عمرو بن بشر بن عمرو بن مرثد، فقال:
لا عيبَ فيه غير أن قيل واجدٌ
…
وأنَّ له كشحا إذا قام أهضما
(5)
(1)
كان يقال له ذلك لشدته وصرامته. اللسان.
(2)
الرخل: الأنثى من ولد الضأن: في النسختين: «رجلان» ، صوابه في ديوان طرفة 6. تثور: هي في الديوان «تنور» ، أي تنفر. يصف غزارة در هذه النعجة المرضع، وإلفها للذكور التي تلقحها.
(3)
في النسختين: «ليجمع ملك» ، وبذلك يختل الوزن، وفي الديوان:
«ليخلط ملكه» .
(4)
الكروان، بكسر الكاف: جمع كروان، بالتحريك. والبائسات نصب على الترحم.
(5)
الواجد: الغنى. وفي النسختين: «واحد» تحريف، صوابه في الديوان 5 في إحدى الروايات، ويروى:«غير أن قيل ذا غنى» . ويروى أيضا: «غير أن له غنى» .
وكان عبد عمرو نديماً لعمرو بن هند وجليسا وإنساً
(1)
، فدخل معه الحمام، فلما تجرد نظر إليه عمرٌو فقال: كأن ابن عمك كان يراك حين يقول:
لا عيب فيه غير أن قيل واجدٌ
…
وأنَّ له كشحا إذا قام أهضما
(2)
حتى أتى على الشعر. فقال: ما قال فيك أيها الملك أشدُّ! قال: وما قال؟
قال: فأنشده:
• فليت لنا مكان الملك عمروٍ
…
إلى آخرها. فقال: لا أصدقك عليه؛ لما بينك وبينه. واحتملها في قلبه على طرفة.
فلما كان بعد ذلك بيسير قال لطرفة وللمتلمس: أظنكما قد اشتقتما أهلكما، فهل لكما في أن أكتب لكما إلى عامل البحرين بصلةٍ وجائزة؟ قالا: نعم.
فكتب إليه بقتلهما، فأخذا كتابهما ومضيا، وأحسَّ المتلمسُ بالشر وخاف الداهية، فقال لطرفة: إنَّ حملنا هذين الكتابين ولا ندري ما فيهما عجز، فهل لك أن ننظر فيهما؟ فقال طرفة: لم يكن ليقدم على ولا على قومي، وما بينهما إلّا خير! فمرّا بنهر الحيرة فإذا بغلمان يلعبون، ففكّ المتلمس صحيفته ودفعها إلى غلامٍ منهم فقرأها فإذا الشرُّ، فألقاها في الماء وقال لطرفة: اعلم أنَّ في كتابك ما في كتابي. فقال: لم يكن ليفعل ولا يجترئَ على قومي. فقال المتلمس:
قذفت بها بالثّنى من جنب كافرٍ
…
كذلك أقنو كلَّ قطٍ مضللِ
(3)
رضيت لها بالماء لما رأيتها
…
يجول بها التّيّار في كلّ جدول
(1)
الإنس، بالكسر: الصفى والخاصة. وجعلها الشنقيطي في نسخته «أنيسا» .
(2)
في النسختين: «واحد» . وانظر ما مضى في الحاشية الخامسة ص 212.
(3)
كافر: نهر بالجزيرة، وقيل النهر العظيم. أقنو: أجزى وأكافئ. القط، بكسر القاف: الصك بالجائزة.
ومضى المتلمس إلى الشام، ومضى طرفة بكتابه إلى عامل البحرين، وهو عبد هند بن جرد بن جرى بن جروة بن عمير التغلبي، فلما قرأ الكتاب قال:
أترى ما في كتابك؟ قال: لا. قال: فإن فيه قتلك، وأنت رجلٌ شريف، وبيني وبين أهلك إخاءٌ قديم فانج قبل أن يعلم بمكانك؛ فإني إن قرأت كتابك لم أجد بدَّا من قتلك! فخرج ولقيه شباب
(1)
من عبد القيس، فجعلوا يسقونه ويقول الشعر، فلما علم بمكانه قدمه فضرب عنقه. وهو قول المتلمس:
وطريفةُ بن العبدِ كان هديهم
…
ضربوا صميم قذاله بمهندِ
(2)
ومنهم:
بشر بن أبي خازم الأسدى
وكان أغار في مقنبٍ من قومه على الأبناء من بني صعصعة بن معاوية - وكان بنو صعصعة
(3)
إلّا عامر بن صعصعة يدعون «الأبناء» ، وهم وائلة
(4)
، ومازن، وسلول - فلما جالت الخيل بموضع يقال له الردة
(5)
مرَّ بشر بغلام من بني وائلة (4)، فقال له بشر: أعط بيدك
(6)
. فقال له الوائلي
(7)
: لتتنحين أو لأشعرنك سهماً من كنانتي
(8)
! فأبى بشرٌ إلاَّ أسره، فرماه بسهم على
(1)
ا: «شاب» وصححه الشنقيطي.
(2)
الكلام من هنا إلى نهاية هذا الخبر منسوخ على هامش نسخة الشنقيطي بخطه.
(3)
في الخزانة 2: 262: «وكل بنى صعصعة» .
(4)
في الخزانة: «واثلة» بالثاء.
(5)
في النسختين: «الردة» تحريف. والردة، بفتح الراء وسكون الدال: موضع في بلاد قيس دفن فيه بشر بن أبي خازم، وقال وهو يجود بنفسه:
فمن يك سائلا عن بيت بشر
…
فإن له بجنب الردة بابا
معجم البلدان. في الخزانة: «فلما جالت الخيل مر بشر» بإسقاط ما بينهما من كلام.
(6)
في الخزانة مع تصريحه بالنقل عن كتاب أسماء من قتل من الشعراء: «استأسر» .
(7)
الخزانة: «الواثلى» .
(8)
الخزانة: «لتذهبن أو لأرشقنك بسهم من كنانتي» .
ثندوته، فاعتنق بشرٌ فرسه، وأخذ الغلام فأوثقه، فلما كان الليل أطلقه بشر من وثاقه وخلى سبيله، وقال: أعلم قومك أنك قد قتلت بشراً. وهو قوله:
وإنَّ الوائليَّ أصابَ قلبي
…
بسهمٍ لم يكن نكساً لغابا
في شعر طويل
(1)
.
ومنهم:
عديّ بن زيد العباديّ
وقد مر حديثه في المغتالين
(2)
.
ومنهم:
تأبط شراً الفهميّ
وهو ثابت بن جابر بن سفيان
(3)
، وكان من شعراء العرب وفتاكهم وإنه خرج غازياً في نفر من قومه إذ عرض لهم بيت من هذيل، بين صدى جبل
(4)
فقال: اغنموا هذا البيت. فقالوا: واللّه ما لنا فيه أرب، ولئن كانت فيه غنيمة فما نستطيع أن نسوفها فقال: إني أتفاءل أن تكون غنيمة! ووقف وأتت له
(5)
ضبعٌ عن يساره، فكرهها وعاف على غير الذي رأى، وقال: أبشرى أشبعك من القوم غدا. فقال له أصحابه: ويلك انطلق، والله ما نرى أن نقيم عليها! فقال:
(1)
انظر مختارات ابن الشجري 81 - 73.
(2)
سبق في ص 140 - 141.
(3)
انظر الشعر والشعراء 271 وشرح الأنباري للمفضليات 1 - 2، 195 - 196 والاشتقاق 162 - 163 والأغانى 18: 209 - 218 والخزانة 1: 66 - 67 واللآلئ 158 - 159 والتيجان لوهب بن منبه 242 - 243.
(4)
صدا الجبل: ناحيتاه في مشعبه.
(5)
في النسختين: «به» .
واللّه لا أريم! وأنت له
(1)
الضبع فقال لها: أبشرى أشبعك من القوم غداً! فقال أحد القوم: والله إني لأراها تأتي لك
(2)
.
فبات حتى إذا كان في وجه الصبح وقد عدهم على النار وأبصر سوادهم غلامٌ مع القوم دوين المحتلم، فذهب في الجبل، وعدوا على القوم فقتلوا شيخاً وعجوزاً، وحازوا جاريتين وإبلاً، ثم قال تأبط شراً: فأين الغلام الذي كان معكم؟
وأبصروا أثره، فاتبعه فقال له أصحابه: ويلك، دعه فإنك لا تريد إليه شيئاً.
فاتبعه واستذرى الغلام
(3)
بوقفة إلى صخرة، وأقبل تأبط شراً يقصه، وأوفق الغلام سهماً
(4)
حين رأى ألاَّ ينجيه شيء، وأمهله حتى إذا دنا منه قفز قفزة فوثب على الصخرة وأرسل السهم، فلم يسمع تأبط شراً الحيصة
(5)
، فرفع رأسه وانتظم السهم قلبه، وأقبل الغلام نحوه وهو يقول: لا بأس! فقال الغلام وهو يقول: أما والله لقد وضعته حيث تكره! وغشيه تأبط شراً
(6)
بالسيف، وجعل الغلام يلوذ بالدرقة، ويضربها تأبط شراً بحشاشته
(7)
فيحذ منها ما أصاب منها حتى خلص إليه فقتله، ونزل إلى أصحابه يجر برجله، فلما رأوه وثبوا فسألوه:
ما أصابك؟ فلم ينطق ومات في أيديهم، فانطلقوا وتركوه، فجعل لا يأكل منه سبع ولا طائر إلا مات، فاحتملته هذيل فطرحوه في غار يقال له غار رخمان.
فقالت أخته ريطة
(8)
ترثيه:
(1)
جاءت على وجهها هنا خلافا لما سبق التنبيه عليه. والكلام من «فقال له أصحابه» إلى كلمة «غدا» التالية سقط من نسخة ب.
(2)
في النسختين: «تأن لك» .
(3)
استذرى به: التجأ إليه وصار في كنفه.
(4)
أوفق السهم وأفاقه: وضعه في الوتر ليرمى به.
(5)
الحيصة: الجولة لطلب الفرار.
(6)
سقطت كلمة «شرا» في ب من هذا الموضع وسابقيه.
(7)
بحشاشته، أي بما بقي فيه من رمق.
(8)
في معجم البلدان (رخمان): «فقالت أمه ترثيه» .
نعمَ الفتى غادرتمُ برخمانْ
…
ثابتُ بن جابرِ بن سفيانْ
(1)
قد يقتل القرن ويروي الندمان
(2)
ومنهم:
صخر بن الشّريد السّلمىّ
(3)
وكان غزا بني أسد بن خزيمة وأصاب غنائم وسبياً، وأن أباثور بن ربيعة
(4)
ابن ثعلبة بن رباب بن الأشتر الأسدىّ طعن صخراً وعليه الدرع، فدخلت حلقة من حلقات الدرع بطن صخر، فتحامل بالطعنة، وفات بني أسد، فجوى منها، وكان تمرض
(5)
قريباً من سنة حتى مله أهله، فسمع امرأة وهي تسأل سلمى امرأته: كيف بعلك؟ قالت: لا حيٌ فيرجى، ولا ميت فينعى، لقينا منه الأمرين! فلما سمع ذلك منها قال:
أرى أمَّ صخر ما تملُّ عيادتي
…
وملَّت سليمى مضجعي ومكاني
(6)
فأيُّ امرئٍ ساوى بأمٍّ حليلةً
…
فلا عاش إلاَّ في شقاً وهوان
لعمري لقد نبهتُ من كان نائماً
…
وأسمعتُ من كانت له أذنان
أهمُّ بأمر الحزم لو أستطيعه
…
وقد حيل بين العير والنّزوان
فلما طال عليه البلاء والمرض وقد نتأت قطعة من جنبه مثل اللّبد في موضع
(1)
في معجم البلدان: «من ثابت» . وما في النسختين جائز عروضيا، دخل مستفعلن فيه الخرم بعد الخبن. انظر حاشية الدمنهورى ص 62 طبع الحلبي 1344.
(2)
الندمان، بفتح النون: الشريب المنادم. ياقوت: «يجدل القرن» .
(3)
هو صخر بن عمرو بن الشريد، أخو الخنساء الذي رثته رثاء ضرب المثل به.
(4)
في الأغانى 13: 130 أن اسمه أبو ثور ربيعة بن ثور. وكذا في الخزانة 1: 209.
(5)
كذا في النسختين. وفي أمثال الميداني 2: 38: «فمرض حولا حتى مله أهله» .
(6)
في الخزانة أنه قال الشعر في «بديلة الأسدية» وكان قد سباها من أسد واتخذها لنفسه. وأنشدوا مكان هذا البيت:
ألا تلكم عرسي بديلة أوجست
…
فراقي وملت مضجعى ومكاني
الطعنة، قالوا: لو قطعتها رجونا أن تبرأ منها. فقال: شأنكم! وأشفق عليه بعضهم فنهاه، فقال: الموت أهون على مما أنا فيه! فاحموا له شفرة
(1)
فقطعوها، فيئس من نفسه.
وسمع أخته الخنساء تسأل: كيف كان صبره؟ فقال:
أجارتنا إنَّ الخطوب تريب
…
علينا وكلًّ المخطئين تصيب
(2)
فإن تسأليني كيف صبري فإنني
…
صبورٌ على ريب الزمان أريب
كأني وقد أدنوا لحزٍ شفارهم
…
من الصبر دامي الصفحتين ركوب
(3)
أجارتنا لست الغداةَ بظاعنٍ
…
ولكنْ مقيمٌ ما أقام عسيب
(4)
فمات فدفن هناك
(5)
.
ومنهم:
طريف بن تميم العنبري
وكان قتل يوم مبايض
(6)
. وكان طريفٌ قتل شرحبيل أخا بني [أبي] ربيعة ابن ذهل بن شيبان. وكان الفرسان لا تشهد عكاظ إلا مبرقعة مخافة الثؤرة
(7)
، وكان طريف لا يتبرقع كما يتبرقعون. فلما ورد عكاظ قال حمصيصة بن شراحيل
(1)
الميداني: «فأخذوا شفرة فقطعوا ذلك الموضع» .
(2)
لم يروه الميداني.
(3)
ا: «لحر» ، وصححه الشنقيطي مطابقا ما عند الميداني. وفيه «نكيب» بدل «ركوب» .
(4)
الميداني:
أجارتنا إن تسألينى فإنني
…
مقيم لعمري ما أقام عسيب
(5)
الميداني: «ثم مات فدفن إلى جنب عسيب، وهو جبل بقرب المدينة. وقبره معلم هناك» .
(6)
انظر العقد 5: 208 ومعجم البلدان في (مبايض) والكامل لابن الأثير 1: 367 وأمثال الميداني 2: 363.
(7)
ا: «النور» ب: «الثور» ، والوجه ما أثبت. والثؤرة: الثأر. قال:
شفيت به نفسي وأدركت ثؤرتى
…
بنى مالك هل كنت في ثؤرتى نكسا
الشيباني: أروني طريفاً. فأروه إياه فجعل يتأمله، فقال له طريف: مالك؟
فقال: أتوسّمك لأعرفك، فإن لقيتك في حرب فلله على أن أقتلك أو تقتلني! فقال طريف:
أو كلما وردت عكاظ قبيلةٌ
…
بعثوا إلىَّ عريفهم يتوسّم
فتوسّمونى إنني أنا ذاكم
…
شاكي سلاحٍ في الحوادث معلم
(1)
تحتي الأغرُّ وفوق جلدي نثرةٌ
…
زغفٌ تردّ السيف وهو مثلمُ
(2)
ولكلِّ بكريٍّ على عداوةٌ
…
وأبو ربيعة شانئٌ ومحرم
(3)
حولي أسيد والهجيم ومازن
…
وإذا حللت فحول بيتي خضم
(4)
فمضى لذلك ما شاء الله.
ثم إن عائذة - وهم حلفاء لبني أبي ربيعة بن ذهل - أغار عليهم طريف في بنى العنبر، وفدكىّ بن أعبد في بني منقر، وأبو الجدعاء
(5)
في بني طهية، فالتقوا بمبايض فاقتتلوا قتالاً شديداً، فقتل أبو الجدعاء
(6)
، وهرب فدكى، ولم يكن لحمصيصة همّ غير طريف، فلما عرفه رماه فقتله، فقال أبو مارد، أخو بني أبي ربيعة، في قتل حمصيصة طريفاً:
خاضَ الغداةَ إلى طريفٍ في الوغى
…
حمصيصة المغوار في الهيجاء
(1)
في العقد والبيان 3: 101 والأصمعيات 67 ليبسك ومعاهد التنصيص 1: 71:
«شاك سلاحي» .
(2)
الأغر: فرسه. الخيل لابن الأعرابي 69، 71 والمخصص 6: 195، 196.
الزغف: الدرع الواسعة الطويلة. ا: «زعف» وصححه الشنقيطي مطابقا رواية المراجع السابقة.
(3)
البيان: «ومحلم» .
(4)
خضم: قبيلة، وهو اسم العنبر بن عمرو بن تميم.
(5)
ا: «الجذعان» في هذا الموضع و «الجذعا» في تاليه. وجعله الشنقيطي «الجذعان» وكلاهما تحريف صوابه في العقد وابن الأثير.
(6)
ا: «الجذعا» ب «الجذعان» من صنيع الناسخ. والصواب ما أثبت.
ومنهم:
السليك بن السلكة
وهي امه، وأبو [هُـ عمير
(1)
] السعدي.
وكان غزا خثعم فسبى امرأة فأولدها. ثم إن المرأة قالت لسليكُ: أزرني قومي
(2)
وإني لا أغدر بك، وما ولدي منك إلا كولدي من غيرك. فاحتملها وأتى بها أرض خثعم فقالت له: أقم بهذا الموضع - لموضع أمرت به - حتى آتيك بعد يومين أو ثلاثة. فلما أتت زوجها قالت له: هذا سليك بموضع كذا.
فلم تر عند زوجها خيراً، فقالت لابن عمه أنس بن مدرك
(3)
، فخرج أنس فقاتله، فوثب زوج المرأة على أنس حتى عقله، فقال أنس:
غضبتُ للمرء إذ نيكت حليلتهُ
…
وإذ يشدّ على وجعائها الثّفر
أنَّى تناسى هامات فمحرورة
…
لا يزدهيني سواد الليل والجهر
(4)
أغشى الهياج وسربالى مضاعفةٌ
…
تغشى البنانَ وسيفي صارمٌ ذكرُ
إني وقتلي سليسكاً ثم أعقله
…
كالثورُ يضرب لما عافت البقر
(5)
(1)
التكملة من الأغانى 18: 133. وانظر ترجمة السليك في الأغانى والشعراء 324 - 328 والمؤتلف 137 وشرح التبريزي للحماسة والخزانة 2: 17.
(2)
في النسختين: «قومك» .
(3)
انظر تحقيق اسمه في حواشي الخزانة 3: 80 سلفية.
(4)
كذا، وفي الأغانى 18: 138:
إني لتارك هامات بمجزرة
…
لا يزدهينى سواد الليل والقمر
(5)
البيت شاهد في العربية لنصب الفعل بأن مضمرة بعد ثم. همع الهوامع 2: 17.
ومنهم:
عبد عمرو بن عمار الطائي
(1)
كان الحارث بن أبي شمر
(2)
الغساني لما قتل المنذر بن ماء السماء بعث رجلاً من أهل بيته يقال له الأبرد، فنزل بين العراق والشام، وكان يسمى المليك - أي ليس بملك تامٍ - فأتاه عبد عمرو
(3)
فامتدحه، فوصله، فلم يرض صلته، فهجاه فقال:
كأنَّ ثناياه إذا افترَّ ضاحكاً
…
رؤوس جراد في رؤوس تحسحس
(4)
فقال: ويلكم، ائتوني بجراد. فأتى بجراد فأمر به فوضع على النار، فرآهن يتحركن، فقال: ويلكم، إن ابن عمار لم يهجنى ولكن سلح علىّ! وكان مما هجاه به أيضا قوله:
قل للذي خيره دون الصهاقيم
…
ومنطنى عندنا أحلى من الدبس
(5)
لو كنت كلبَ قنيص كنت ذا جدد
…
قبح ذا وجه أنفٍ ثمَّ منتكس
(6)
(1)
ذكره ابن دريد في الاشتقاق 235. وهو عبد عمرو بن عمار بن أمتي، شاعر جاهلي. وفيه يقول الأعشى:
جار ابن حيا لمن نالته ذمته
…
أوفى وأمنع من جار ابن عمار
(2)
شمر، بفتح فكسر. يعين ذلك قول عمرو بن كلثوم:
هلا عطفت على أخيك إذا دعا
…
بالثكل ويل أبيك يا ابن أبي شمر
فذق الذي جشمت نفسك واعترف
…
فيها أخاك وعامر بن أبي حجر
كامل ابن الأثير 1: 325. وحجر بضم الجيم اتباعا للحاء.
(3)
في النسختين: «عبد بن عمرو» ، تحريف.
(4)
حسحسه: وضعه على الجمر. في النسختين: «يخسخس» ، تحريف.
(5)
كذا ورد البيت. ولم أجده في مرجع مما لدى.
(6)
الجدد، بالكسر: جمع جدة بالكسر، وهي القلادة في عنق الكلب. في النسختين:«فنح» صوابه من مجالس ثعلب 484. وفي الأغانى 21: 125: «قبحت ذا أنف وجه». ورواه ثعلب مرة أخرى «قبح ذا الوجه أنفا» . على أن البيت ملفق من بيتين وعجز صدره كما في الأغانى والمجالس واللسان 8: 100:
• تكون أربته في آخر المرس
…
وصدر عجزه كما فيهما:
• لعوا حريصا يقول القانصان له *
إنّ المليك إذا .... عثروا
…
على تعرقبه بالله لم يكسُ
(1)
تعلمنْ أنَّ شرًّ الناسِ كلهم
…
الأفقم الأنف والأضراسُ كالعدس
(2)
كان امرأً صالحاً فارتدَّ مومسةً
…
حمرا يرهزُها رامي بني مرس
يمشي بطيناً ولما يقضِ نهمته
…
ماءُ الرجال على فخذيه كالقرس
(3)
ثم إن الأسود بن عامر بن جوين الطائي انطلق إلى الشام فنزل بالمليك فنسبه فانتسب له فعرفه، فقال: أي رجل ابن عمار فيكم؟ فأخبره أنه من أسرة قليلة ذليلة وأنه لا خير فيه. فقال: لا جرم لا تفارقني حتى أوتى به. وكان ابن عمّار قد لجأ إلى أوس بن حارثة بن لأم الطائي، فأعطى الأسود المليك رهينة من ولده، وأقبل حتى أخذ ابن عمار، فذهب أوسٌ يحول بينه وبينه؛ فقال: أتحول بيني وبين ابن عمي؟ فدونك؛ أتراني
(4)
كنت مسلمة للقتل؟! فانطلق به إلى المليك فضرب عنقه، فقال خولي بن سهلة الطائي
(5)
:
لقد نهيت ابن عمارٍ وقلت له
…
لا تأمننْ أحمر العينين والشعرهْ
إن الملوك إذا حللت ساحتهم
…
طارت بثوبك من نيرانهم شرره
أو يقتلوك فلا نكس ولا ورع
…
عند اللقاء ولا هو هاءةٌ همره
(6)
يا غارة كالسجال السيل قد قتلوا
…
ومنطقاً مثل وشي اليمنة الحبره
(7)
(1)
الكوس: المشي على رجل واحدة. وفي ذات الأربع أن تمشى على ثلاث.
(2)
الأفقم: المعوج. وجعلها ناسخ ب «الأفعم» تحريف. ورواية الأغانى:
قولا لعمرو بن هند غير متئب
…
يا أخنس الأنف والأضراس كالعدس
شبه أضراسه بالعدس في صغرها وسوادها.
(3)
في الأغانى: «أراد بالقرس القريس، وهو الجامد» .
(4)
في النسختين: «إني» .
(5)
الشعر لأبى قردودة الطائي في الحيوان 4: 234 - 5: 332 والبيان 1: 222، 349 ومعجم المرزباني 236 ومحاضرات الراغب 1:92.
(6)
الهوهاءة: الضعيف الفؤاد الجبان. همار ومهمار ومهمر، أي مهذار ينهمر بالكلام.
(7)
في النسختين: «يا عادة» ، تحريف، والرواية المشهورة:«يا جفنة كإزاء الحوض قد هدموا» . وانسجال السيل: انصبابه وسيلانه.
لقد نصحتُ له والعيسُ باركةٌ
…
بين الحديباء والمرماة والأمرَه
(1)
لقد نهيتُك عمنَّ لا كفاءِ له
…
عند الحفاظ وعن عوف وعن قطره
ما قتلوه على ذنبٍ ألمَّ به
…
إلاَّ تواصوا وقالوا قومهُ خسره
وقال المليك للأسود بن عامر:
قتلتَ ابن عمِّك من خشينا
…
وفي أهله يقتلنَّ الخشِى
(2)
ومنهم:
سويد بن صامت الأوسى
وكان يدعى الكامل، وقد كتبناه في أشراف المغتالين
(3)
.
ومنهم:
دريدُ بن الصمَّة الجشمي
وقتل مشركاً يوم حنين. وكان مالك بن عوف النصري جمع لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمعت إليه ثقيف كلها ونصر وجشم أبنا معاوية، وسعد بن بكر، وناس قليل من بني هلال بن عامر، ولم تحضر كعبٌ وكلاب، فخرج في بني جشم دريد شيخاً كبيراً في شجار
(4)
، ليس عنده إلاَّ التيمُّن برأيه ومعرفته بالحرب، وكان شيخاً مجرباً. فعسكر مالك بن عوف بأوطاس
(5)
، ومعهم نساؤهم وأبناؤهم وأموالهم، فأقبل دريد في شجار
(6)
يقاد
(1)
الحديباء: ماء لبنى جذيمة بن مالك بن نصر. والمرماة: موضع كذلك لم أعثر على تحقيقه. والأمرة: بلد في ديار غنى. معجم ما استعجم.
(2)
الخشى: الخوف. والخشى: الخائف، يقال: هو خاش وخش وخشيان.
ودخول نون التوكيد في «يقتلن» من ضرائر الشعر أو الشذوذ.
(3)
كذا: ولم يسبق له خبر.
(4)
الشجار: مركب مكشوف أصغر من الهودج. ب «شجا وليس» وصححه الشنقيطي.
(5)
أوطاس: واد بديار هوازن.
(6)
ا: «سحار» . وانظر التنبيه السابق.
به بعيره، فقال: أين نزلتم؟ قالوا: بأوطاس قال: نعم مجال الخيل، لا حزن شرس
(1)
، ولا سهل دهس
(2)
فما لي أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، وثغاء الشاء
(3)
؟ قالوا: ساق مالك بن عوف مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم قال: أين مالك؟ قالوا: هذا مالك قد عنَّ له. فقال: يا مالك، إنك قد أصبحت رئيس قومك، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام، ما لي أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، وثغاء الشاء
(3)
؟ قال: سقت مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم. قال: ولم؟ قال: أردت أن أجعل خلف كلِّ رجل أهله وماله ليقاتل عنهم. فأنقض
(4)
به دريد وقال: راعي ضأنٍ والله! وهل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك!
ثم [قال
(5)
]: ما فعلت كعب وكلاب؟ قالوا: لم يشهدها منهم أحد.
قال: غاب
(6)
الجد والحد، لو كان يوم رفعة
(7)
لم يغب عنه كعب وكلاب، وددت أنكم فعلتم مثل ما فعلوا. قال: فمن شهدها منكم
(8)
؟ قالوا: عمرو
(9)
بن
(1)
الشرس: الغليظ. وفي السيرة. 84 وإمتاع الأسماع 1: 402 واللسان (دهس):
(2)
الدهس: اللين السهل.
(3)
السيرة: «ويعار الشاء» .
(4)
ا: «فانتفض به» : ب «فانتقض به» والصواب ما أثبت من السيرة 841 وإمتاع الأسماع. وفي اللسان (نقض): «قال الخطابي: وفي حديث هوازن: فأنقض به دريد، أي تقر بلسانه في فيه كما يزجر الحمار. فعله استجهالا» .
(5)
التكملة من السيرة.
(6)
في النسختين: «غلا» ، والصواب من السيرة. الجد: الحظ. والحد: البأس والنفاذ في النجدة.
(7)
في النسختين: «وقعة» . وفي السيرة: «يوم علاء ورفعة» .
(8)
كذا في السيرة. وفي النسختين: «منهم» .
(9)
في النسختين: «عمر» ، صوابه من السيرة.
عامر، وعوف بن عامر: قال: ذانك الجذعان من عامر لا ينفعان ولا يضران.
يا مالك، إنك لم تصنع بتقديم بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئاً؟ ارفعهم إلى ممتنع بلادهم وعليا قومهم، ثم ألق العدا
(1)
على متون الخيل. فإن كانت لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك ألفي ذلك
(2)
وقد أحرزت مالك وأهلك.
قال: والله لا أفعل، إنك قد كبرت وكبر علمك
(3)
. وكره أن يكون لدريد فيها يد وذكر ورأى. فقال دريد: هذا يوم لم أشهده ولم أغب عنه:
يا ليتني فيها جذعْ
…
أخبُّ فيها وأضعْ
أقود وطفاءَ الزَّمعْ
…
كأنها شاةٌ صدع
(4)
فلما هزم اللّه المشركين أدرك دريداً ربيعة بن رفيع
(5)
، من بني سماك بن عوف
(6)
، من سليم، وكان يقال له ابن لدغة
(7)
، فأخذ بخطام جمله وهو يظنه امرأة، فأناخ به، فإذا شيخٌ كبير، وإذا هو دريد والغلام لا يعرفه، فقال له دريد: ما ذا تريد بي؟ قال: أقتلك. قال: ومن أنت؟ قال: ربيعة بن رفيع
(8)
السّلمى فضربه الفتى بسيفه فلم تغن شيئاً. قال: بئسما سلحتك أمّك!
(1)
في السيرة: «الصبا» .
(2)
السيرة: «ألفاك ذلك» .
(3)
السيرة: «عقلك» .
(4)
الصدع من الوعول: الفتى الشاب.
(5)
في النسختين: «رفيعة» ، تحريف، صوابه في السيرة 852 والإصابة 2594، وكذلك 798 من قسم النساء والقاموس (دغن).
(6)
وكذا في الإصابة والمعارف 38. وفي الاشتقاق 187 وإمتاع الأسماع 1: 413 «سمّال» باللام.
(7)
في النسختين: «لدعة» صوابه من الإصابة. وفي السيرة 852 والروض الأنف 2: 293: «لذعة» . ويقال له أيضا «ابن الدغنة» بضم الدال والغين، وتشديد النون، أو ككلمة، أو كخرمة.
(8)
جاءت على هذا الصواب في ا. وفي ب بخط ناسخها: «رقيع» .
خذ سيفي من مؤخرة الرحل في القراب فاضرب وارفع عن العظام
(1)
، واخفض عن الدماغ؛ فإني كنت أضرب الرجال! فإذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة، فرب والله يوم قد منعت فيه نساءك.
وأخبر أمه فقالت: قد واللّه أعتق
(2)
لك أمهات ثلاثاً!
ومنهم:
كعب بن الأشرف اليهودي الطائي
وقد كتبناه في المغتالين
(3)
.
ومنهم:
السليك بن السلكة
وكان خرج في تيم الرباب يتبع الأرياف حتى مرّ بفخّة، فيما بين أرض بني عقيل وسعد تميم
(4)
، فلقي رجلاً من خثعم يقال له مالك بن عمير بن أبي وداع
(5)
بن جشم بن عوف، فأخذه ومعه امرأة له من خفاجة تدعى «نوار» ، فقال له الخثعمىّ: أنا أفدي نفسي منك. فقال له السُّليك: ذلك لك على أن لا تخيس بي ولا تطلع على أحداً من خثعم. فأعطاه ذلك، فرجع إلى قومه، وخلف السليك على امرأته فنكحها، وجعلت تقول له: احذر خثعم فإني أخافهم عليك! فأنشأ يقول:
تحذرني أن أحذر العامَ خثعماً
…
وقد علمت أنَّي امرؤٌ غير مسلم
(1)
ا: «الطعام» ، وصححه الشنقيطي بما يطابق السيرة.
(2)
ا: «عتق» وصححه الشنقيطي.
(3)
انظر ما مضى في ص 144.
(4)
في النسختين: «سعد غنم» ، صوابه من شرح التبريزي للحماسة 2: 372
(5)
التبريزي: «زراع» .
وما خثعم إلّا لئام أدقّة
…
إلى الذّلّ والإسخاف تنمى وتنتمى
(1)
فبلغ شبيل بن قلادة
(2)
بن عمرو بن سعد، وأنس بن مدرك الخثعميّين، الخبر، فخالفا الخثعمىّ زوج المرأة، فلم يعلم السليك حتى طرقاه، فأنشأ يقول:
من مبلغ حربا بأنى مقتولْ
(3)
…
يا ربَّ نهبٍ قد حويتُ عثكولْ
(4)
ورب خرق قد تركت مجدول
…
وربّ زوج قد نكحت عطبول
(5)
وربّ عان قد فككت مكبول
…
وربّ وادٍ قد قطعتُ مشبولْ
(6)
فقال أنس لشبيل: إن شئت كفيتك القوم وتكفيني الرجل. فشد أنس على السليك فقتله، وقتل شبيل وأصحابه من كان معه. فقال عوف - وهو ابن عم مالك بن عمير - والله لأقتلنّ أنسا في اختفاره ذمة ابن عمي
(7)
:
من مبلغ خثعماً عنَّي مغلغلة
…
إنَّ السليكَ لجاري حين يدعوني
في شعر طويل.
ثم إن أنساً ودى السليك بعد أن كاد يتفاقم الأمر بينهم، فقال أنس ابن مدرك:
كم من أخٍ لي كريم قد فجعت به
…
ثم بقيتُ كأنَّي بعدَه حجر
لا أستكين على ريب الزّمان ولا
…
أغضى على الأمر يأتي دونه القدر
(1)
الإسخاف: رقة الحال والمال. في النسختين: «الإسحاق» صوابه من التبريزي.
(2)
في النسختين: «ولاذة» وعند التبريزي: «شبل بن قلادة» .
(3)
التبريزي: «حرب: ابنه، وبه كان يكنى» .
(4)
أصل معنى العثكول عذق النخلة.
(5)
العطبول: المرأة الحسنة التامة. والزوج يطلق على الرجل والمرأة، التبريزي:
«ورب ريم» .
(6)
مشبول: فيه أشبال الأسد. ذكره التبريزي. في النسختين: «مسول» تحريف.
(7)
لعل بعده نقصا تقديره «ثم قال» ، أو نحوه.
مردى حروبٍ أجيلُ الأمر جائله
…
إذ بعضهم لأمور تعتري حذرِ
(1)
إنَّي وعقلي سليكاً بعد مقتله
…
كالثَّور يضرب لمَّا عافت البقرُ
غضبت للمرء إذْ نيكت حليلتُه
(الأبيات التي تقدمت قبل)
ومنهم:
الحارث بن ظالم المرّيّ
وكان الحارث قتل خالد بن جعفر بن كلاب في جوار الأسود بن المنذر وهرب إلى مكة. ثم إن النعمان بن المنذر كتب للحارث كتاب أمان، وأشهد عليه شهوداً من مضر وربيعة، وكتب إلى الحارث يسأله القدوم عليه، وكفل له الشهود وأن لا يهيجه النعمان لما كان من قتل خالد أخيه
(2)
وقتله ابنه
(3)
، فقدم الحارث حتى أتى النعمان وهو بقصر بني مقاتل، فقال للحاجب: استأذن لي، وذلك حين رأى الناس اجتمعوا عنده، فاستأذن له الحاجب فقال: ضع سيفك وادخل. فقال: ولم أضعه؟ قال: ضعه فإنه لا بأس عليك. فلما ألح عليه وضعه ومعه أمانة الذي كتب له. فدخل فقال: أنعم صباحاً أبيت اللعن.
فقال: لا أنعم الله صباحك. فقال الحارث: هذا كتابك. وأخرجه. فقال النعمان: والله ما أنكره، أنا كتبته لك، وقد غدرت وفتكت مراراً، فلا ضير إن غدرت بك مرة واحدة! ثم نادى: من يقتل هذا؟ فقام ابن الخمس التغلبي
(4)
- وكان الحارث فتك بأبيه
(5)
- فقال: أنا أقتله. فقال الحارث:
(1)
التبريزي: «جزر» وهي الرواية الجيدة.
(2)
كذا، والوجه «جاره» .
(3)
كان الحارث أتى سلمى بنت ظالم، وفي حجرها ابن النعمان، فقال لها: إنه لن يجيرني من النعمان إلا تحرمى بابنه فادفعيه إلى. وقد كان النعمان بعث إلى جارات للحارث فسباهن، فدعاه ذلك إلى قتل الغلام، فقتله. الأغانى 10: 19 - 20.
(4)
هو مالك بن الخمس. الأغانى 10: 27.
(5)
ا: «بابنه» . والتصحيح للشنقيطى.
أنت يا ابن [راعي
(1)
] الإبل تقتلني! أما والله ما نفسي
(2)
من أبيك ولا من أشباهه لؤمه. فقتله ابن الخمس. فقال قيس بن زهير يرثي الحارث بن ظالم
(3)
:
ما قصرت من حاصنٍ دونَ سترها
…
أبرَّ وأوفى منك حار بن ظالم
أعزَّ وأوفى عند جارٍ وذمةٍ
…
وأضربَ في كابٍ من النقع قاتم
(4)
فقال رجل من بنى ضرس
(5)
من جرهم، وممن كان يقوم على رأس النعمان حين رأى الحارث مقتولاً:
يا حار حنياً
…
لم تك ترعياً
(6)
في البيت ضجعيّا
(7)
ومنهم:
عبد اللّه بن رواحة الأنصارىّ ثم الخزرجي
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه جيشاً إلى مؤتة، وأمر عليهم مولاه زيد بن حارثة الكلبي وقال: إن أصيب زيد فالأمير جعفر بن أبي طالب، وإن أصيب جعفر بن أبي طالب فالأمير عبد الله بن رواحة. فأصيبوا ثلاثتهم رحمهم الله وأخذ خالد بن الوليد الراية من غير تأمير من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل ابن راقلة
(8)
وبلقين
(9)
المشركين، وهزمهم اللّه تعالى به.
(1)
موضعها بياض في النسختين.
(2)
كذا وردت هذه الكلمة.
(3)
في النسختين: «فقال قيس بن رحل بن ظالم» . وأثبت بدله ما في الأغانى 10: 28.
وكان قيس بن زهير بن جذيمة قد اشترى سيف الحارث ابن ظالم من ابن الخمس ثم علاه به فقتله.
(4)
الأغانى: «أعز وأحمى» .
(5)
الأغانى: «رجل من ضري» .
(6)
الترعى: الذي يجيد رعاية الإبل ويحسن التماس الكلأ لها.
(7)
الضجعى بكسر الضاد وضمها: العاجز المقيم لا يكاد يبرح منزله.
(8)
في النسختين: «ابن داقلة» ، صوابه من السيرة 797. ويقال فيه أيضا «ابن رافلة» كما في السيرة والاشتقاق 322. وفي السيرة أن قاتله قطبة بن قتادة.
(9)
ب: «بلغين» .
ومنهم:
جزء
(1)
بن الحارث الأزدي ثم الشعبي
وكان التقى ناسٌ من بني خنيس وناس من بني كنانة ليلاً ولا يعرف بعضهم بعضاً، فرمى رجلٌ من بني كنانة فأصاب جزءاً، فقال جزء: حس حسِّ
(2)
! وصاح رجل من بني كنانة: يا آل واهب، ليراعوا من هم! وهم من خثعم. وقال رجل من بني خنيس: ارجعي يا ميدعان فإني أجد ريح القارة. فرجعوا عليهم فقتلوهم غير رجلين. ومات جزءٌ من السهم الذي أصابه. فقال عمرو بن أبي عمارة
(3)
:
دعوْا واهباً مسرعشيا
(4)
وكلنا
…
رأى واهباً رأى الخليل المواصل
وأدعو فناعتْ من خنيس عصابةٌ
…
إلى الضرب مشى المحنقات الروافل
(5)
فليتك بالمعزاء حين تقسموا
…
فتنظر بلعا من قتيل وقاتل
(6)
وليتك حي حين سلك فرهم
…
فغية حرب كالسهام النواصل
(7)
فتعلم أنا لم ندعهم بعمرنا
…
وأن لم يئوب من آب منهم بطائل
(1)
في النسختين «جرو» في المواضع الأربعة، وهو تحريف. انظر ما سيأتي في 332 س 10. وعلة هذا التحريف أن كلمة «جزء» بضم الجيم ترسم في الكتابة القديمة بواو في آخرها، فيلتبس بها عندهم «جزء» الوارد في أعلامهم بفتح الجيم.
(2)
كلمة تقال عند الألم.
(3)
شاعر جاهلي، ذكره المرزباني في معجمه 233 ونسبه «الخنيسى الأزدي» .
(4)
كذا في النسختين.
(5)
ناعت: تقدمت. المرزباني: «دعوت فثابت» . المحنقات: الضوامر من الإبل.
المرزباني: «المخفقات» . الروافل: المتبخترة في مشيتها. المرزباني: «الرواقل» ولا وجه له.
(6)
بلعا، كذا وردت مهملة في النسختين.
(7)
ب: «فغية حرب» . والبيت ظاهر التحريف.
ومنهم:
الشنفري الأزدى
من الأواس بن الحجر بن الهنو
(1)
بن الأزد وغيرها
(2)
. وأنه قتل من بني سلامان بن مفرج تسعة وتسعين رجلاً في غاراته عليهم، وأن بني سلامان أقعدت له رجالا من بني الرمد
(3)
من غامد يرصدونه، فجاءهم للغارة فطلبوه فأفلتهم، فأرسلوا عليه كلباً لهم يقال له «حبيش» فقتله، وأنه مرّ برجلين من بني سلامان فأعجله فراره عنهما، فأقعدوا له أسيد
(4)
بن جابر السلاماني
(5)
، وحازماً البقمى
(6)
من البقوم من حوالة بن الهنو بن الأزد، بالناصف من أبيدة
(7)
وهو واد فرصداه، فأقبل في الليل قد نزع إحدى نعليه فهو يضرب برجله. فقال حازم: هذا الضبع! فقال أُّسيد: بل هو الخبيث. فلما دنا
(8)
توجس ثم رجع، فمكث قليلاً ثم عاد إلى الماء ليشرب فوثبوا عليه فأخذوه وربطوه وأصبحوا به في بني سلامان، فربطوه إلى شجرة فقالوا: قف أنشدنا.
(1)
وكذا ذكره ابن دريد في الاشتقاق 286. ويقال «الهنء». والهاء فيه مثلثة:
انظر الخزانة 2: 16. وضبط الأسماء المتقدمة منها.
(2)
كذا في النسختين.
(3)
في القاموس: «وبنو الرمد وبنو الرمداء: بطنان» . الأغانى 21: 88:
«من الغامديين من بنى الرمداء» .
(4)
كذا في الأغانى وشرح المفضليات للأنبارى 196 وشرح التبريزي للحماسة 2: 66.
وفي النسختين: «أسد» تحريف. وانظر ما سيأتي في آخر بيت من هذا الخبر.
(5)
ا: «السلامي» ، ومثله في شرح المفضليات 196. وتصحيحه للشنقيطى مطابق ما في الأغانى.
(6)
الأغانى: «وخازما الفهمي» صوابه ما هنا وهو المطابق لما في شرح المفضليات.
(7)
الناصف: موضع في ديار بنى سلامان من الأزد، ومن أوديته أبيدة. معجم ما استعجم. وأبيدة: منزل بنى سلامان. في النسختين: «فالناصت من أسد» ، صوابه من الأغانى 21:88.
(8)
ا: «دنو» ، والتصحيح للشنقيطى مطابق ما في الأغانى 21:90.
فقال: «إنما النشيد على المسرّة» ! فذهبت مثلا. وجاء غلام قد كان الشنفري قتل أباه فضرب يده بالشفرة فاضطربت فقال:
لا تبعدي إما هلكت شامه
(1)
…
فربّ واد قد قطعت هامه
(2)
وربّ حىّ أهلكتْ سوامه
…
وربَّ خرقٍ قطعت قتامه
وربَّ خرق فصلت عظامه
(3)
ثم قالوا: أين نقبرك؟ فقال:
لا تقبروني إن قبري محرم
…
عليكم ولكن أبشري أمَّ عامرِ
إذا احتملت رأسي وفي الرأس أكثرى
…
وغودر عند الملتقى ثمَّ سائري
هنالك لا أرجو حياةً تسرني
…
سمير الليالي مبسلاً بالجرائر
(4)
وأن رجلاً من بني سلامان رماه بسهم في عينه فقتله، فقال جزء بن الحارث
(5)
في قتله:
لعمرك للساعي أُّسيد بن جابرٍ
…
أحقٌ بها منكم بني عقب الكلب
(6)
وكان الشّنفرى حلف ليقتلن مائة من بني سلامان، فقتل تسعة وتسعين فبقي عليه تمام نذره، فمر رجل من بني سلامان بجمجمته فضربها فعقرت رجله فمات، فتمّ نذره بالرّجل بعد موته:
(1)
كذا في ب والأغانى والتبريزي وهو الصواب. وفي الأغانى 21: 90 «فقطع يده من الكوع وكان بها شامة سوداء» . ا: «سامه» ، تحريف.
(2)
الأغانى والتبريزي: فرب واد نفرت حمامه.
(3)
الخرق، بالفتح: الفلاة الواسعة تنخرق الريح فيها، وبالكسر: الكريم يتخرق في السخاء، أي يتوسع فيه.
(4)
مبسلا بالجرائر: مسلما بذنوبه وما يجر على قومه. ا: «بالحوائر» ، صوابه في ب.
وانظر الحماسة بشرح التبريزي 2: 65 والمرزوقي 490.
(5)
في النسختين: «جرو بن الحارث» صوابه من شرح المفضليات 197. وفي الأغانى: «ظالم العامري».
(6)
في النسختين: «حقب الكلب» ، صوابه في الأغانى وشرح المفضليات.
ومنهم:
خالد بن جعفر بن كلاب
وقتله الحارث بن ظالم في جوار الأسود بن المنذر. وقد كتبت سبب قتله في المغتالين
(1)
.
ومنهم:
حارثة بن قيس الكناني
وكان مدح الحارث بن أبي شمر الغساني ووفد إليه فأحسن جائزته، فلما انصرف سرق ما معه، فظنّ أن الحارث دسّ إليه من يسرقه، فقال يهجوه:
أدّ الدنانير إن الغدر منقصةٌ
…
وإنّ جدك لم يغدر ولم يطق
فبلغ هجاؤه الحارث فحلف أن لا يمسّ رأسه غسل
(2)
حتى يقتل حارثة بهجائه إياه، وأن الحارث بن أبي شمر جعل لابن عروة الكنانيّ جعلا على أن يدله على عورة قومه، فدله فغزاهم، وندم ابن عروة فقال في الطريق وهو يسير مع الحارث:
بلغ بني مدلجٍ عِّني مغلغلةً * .........
(3)
النذر
أنَّ الهمامَ الذي يخشون صولته
…
بيني وبينكم يسري ويبتكر
في مسبطرٍ تهاب الطيرُ صولته
…
ولا يحيط به في السَّربخ البصرُ
(4)
في كلِّ منزلةٍ منه ومعترك
…
تلقى سلائل لم ينبت لها شعر
(5)
(1)
انظر ما مضى في ص 134.
(2)
الغسل، بالكسر: ما يغسل به الرأس من خطمى وطين وأشنان ونحوه.
(3)
بياض في النسختين.
(4)
السربخ: الأرض الواسعة، أو البعيدة.
(5)
السلائل: يعنى بها أجنة ما يهلك من الدواب.
فلم يبلغهم إنذاره، وأغار عليهم الحارث بمغبط الجحفة فقتل حارثة بن قيس، وأوقع بيني كنانة، فقالت ابنة حارثة ولبست السواد وحلفت لا تنزعه حتى تثأر بأبيها من ابن عمه الذي دل عليه، فقالت:
جزى الله ابنَ عروةَ حيث أمسى
…
عقوقاً والعقوق له أثام
(1)
أتيتَ طليعةً للقوم تسري
…
؟؟؟ لا يجار ولا ينام
(2)
فما علمتْ مساكننا بليٌّ
…
ولا غسّان تلك ولا جذام
بأيدينا وإن لم يقتلونا
…
بذى المسروح أصداء وهام
(3)
فإنَّ مدافع التوفيق منكم
…
إلى حبنا وإن دفعت حرامُ
(4)
ومنهم:
عتيبة بن الحارث بن شهاب
أخو بني جعفر
(5)
بن ثعلبة بن يربوع.
غزت بنو نصر بن قعين
(6)
، فسمع عتيبة بمسيرهم فقال: خلوا بين بني نصر وبين النّعم، فبلغ ذلك بني نصر، فعبوا للنعم خيلاً وللقتال خيلاً. فلما صبحوهم ذهبت الفرقة التي وكلوها بالنعم، وتأخرت الأخرى، فقاتلت بنو يربوع منهم نفراً، وكانت تحت عتيبة يومئذ فرس فيها مراح واعتراض
(7)
، فأصاب غلام
(1)
الأثام: عقوبة الإثم. ونسب البيت في اللسان (أثم) إلى شافع الليثي.
(2)
كذا ورد هذا البيت.
(3)
ذو المسروح: موضع. وجعلها ناسخ الشنقيطية «المشروح» ، وهذا تصحيف.
(4)
كذا وردت «التوفيق» و «حبنا» ، وهما موضعان يظهر أنهما محرفان.
(5)
ا: «جعد» صوابه في ب، وهو يطابق ما في الاشتقاق 138.
(6)
ا: «نمر بن قعين» ، صوابه في ب. انظر المعارف 30 والإنباه على قبائل الرواة 75.
(7)
المراح، بكسر الميم: النشاط الذي يجاوز القدر. ا: «قراح» وصححه الشنقيطي. والاعتراض: المشي مرة من وجه وأخرى من وجه آخر، وذلك للنشاط.
من بني أسد، يقال له ذؤاب بن ربيعة
(1)
، أرنبة عتيبة فنزف حتى مات، فحمل ربيع بن عتيبة على ذؤاب فأخذه سلماً
(2)
، وقتلوا ثمانية من بني نصر وبني غاضرة، واستنقذوا النعم، وساروا بذؤاب إلى منزلهم، فقال ربيعة أبو ذؤاب:
إن يقتلوك فقد ثللتَ عروشَهم
…
بعتيبةَ بن الحارث بن شهاب
بأشدِّهم ضراً على أعدائهم
…
وأعزِّهم فقداً على الأصحاب
(3)
[بقية الكتاب في المجموعة التالية]
(1)
ا: «دواب ربيعة» ، صوابه من تصحيح الشنقيطي. وربيعة هذا بضم الراء وفتح الباء وتشديد الياء المكسورة، ليس في العرب ربيعة غيره كما قال أبو محمد الأعرابي. انظر ما كتبت في حواشي شرح الحماسة للمرزوقى 843.
(2)
السلم: الاستسلام عن عجز.
(3)
الحماسة: «بأشدهم كلبا» . ويروى: «بأحبهم فقدا إلى أعدائهم وأشدهم فقدا» و «بأشدهم أوقا على أعدائهم وأجلهم رزءا» .
المجموعة السّابعة
- بقية أسماء المغتالين، لمحمد بن حبيب
22 -
كنى الشعراء ومن غلبت كنيته على اسمه، لمحمد بن حبيب
23 -
ألقاب الشعراء، لمحمد بن حبيب
24 -
العققة والبررة، لأبي عبيدة معمر بن المثنى
قراحا، فإنّى مقتول صباحا. ثم انطلق فأسند
(1)
في السد، ورأى القوم يطلبون أثره حيث أخطأ، فتبعوه حتى وجدوه
(2)
قد دخل في غار السد. فلما ظهروا السد علموا أنه في الغار، فنادوه فقالوا: يا عمرو. قال: ما تشاءون؟ قالوا: اخرج.
فقال: فلم إذاً دخلت؟ قالوا: بلى فاخرج. قال: لا، لا أخرج! قالوا:
فأنشدنا قولك:
ومقعدِ كربةٍ قد كنتُ فيها
…
مكان الإصبعين من القبال
(3)
فقال: ها هي هذه أنا فيها. ويعنُّ له رجل من القوم فيرميه عمرو فيقتله.
قالوا: قتلته يا عدوّ اللّه؟ قال: أجل، قد بقيت معي أربعة أسهم كأنها أنياب أم جليحة. قالوا: يا أبا بجاد
(4)
، ادخل عليه وأنت حر! فتهيأ أبو بجاد ليدخل فقال له عمرو: ويحك، ما ينفعك أن تكون حراً إذا قتلتك! فنكص عنه.
فلما رأوا ذلك صعدوا فنقبوا عليه ثم رموه حتى قتلوه وأخذوا سلبه فرجعوا به، وإذا أم جليحة تتشوف، فلما رأوها قالوا: يا أم جليحة، ما رأيك في عمرو؟
قالت: رأيي والله أنكم طلبتموه سريعاً
(5)
، ولقيتموه منيعاً، وصبتموه مريعاً
(6)
.
قالوا: قد والله قتلناه. قالت: والله ما أراكم فعلتم، ولئن كنتم فعلتم لربّ ثدي
(7)
(1)
ا: «فاستد» ، ب بتصحيح الشنقيطي «فاستند» . والوجه ما أثبت. سند في الجبل، وأسند: رقى.
(2)
ا: «تجدوه» ، وما كتبه الشنقيطي يوافق ما في الأغانى.
(3)
قبال النعل: زمامها، يكون بين الإصبع الوسطى والتي تليها.
(4)
الأغانى: «فقالوا لعبدهم: يا أبا نجاد» .
(5)
ا: «شريف» وصححه الشنقيطي مطابقا ما في الأغانى.
(6)
في اللسان: «صاب السهم القرطاس صيبا: لغة في أصابه» . وفي الأغانى:
«ووضعتموه» . مريعا، من قولهم: رجل مريع الجناب: كثير الخير. وفي الأغانى. «صريعا» .
وفي ديوان الهذليين 3: 120: «لئن طلبتموه لتجدنه منيعا، ولئن أضفتموه لتجدن جنابه مريعا، ولئن دعوتموه لتجدنه سريعا» .
(7)
أي امرأة ذات ثدي. ا: «بدى» وصححه الشنقيطي مطابقا ما في الأغانى.
منكم افترشه، وضبٍّ منكم احترشه. ونهب منهب منكم اخترشه
(1)
. فطرحوا إليها ثيابه وقالوا لها: دونك، خذيها. فشمتها فقالت: ريح عطر، وثوب عمرو، أما والله ما وجدتم حجزته جافية، ولا عانته وافية، ولا ضالته كافية
(2)
.
فقالت أخته ريطة
(3)
ترثيه:
يا ليت عمراً، وليتٌ ضلةٌ جزعٌ
…
لم يغزُ فهماً ولم يهبط بواديها
(4)
وليلةٍ يصطلى بالفرث جازرها
…
يختصُّ بالنَّقرى المثرين داعيها
(5)
أطعمتَ فيها على جوعٍ ومسغبةٍ
…
لحمَ الجزور إذا ما قام ناعيها
(6)
وقالت أيضاً، ترثيه
(7)
:
كلُّ امرئٍ بمحال الدَّهر مكروبُ
…
وكلُّ من غالب الأيامَ مغلوبُ
(8)
وكلُّ حيٍّ وإن عزُّوا وإن سلموا
…
يوما طريقهم في السوء دعبوب
(9)
أبلغْ هذيلاً وأبلغ من يبلّغها
…
عنّى رسولا، وبعض النّعى تكذيب
(10)
(1)
اخترش الشئ: أخذه وحصله. وهذه الجملة الأخيرة ليست في الأغانى.
(2)
الضالة، بتخفيف اللام: السلاح كله، والسهام، والقسي.
(3)
وقيل إنها «جنوب» . مجموعة المعاني 190 وديوان الهذليين 3: 126.
(4)
ديوان الهذليين: «يا ليت عمرا وما ليت بنافعة» .
(5)
البيت وتاليه في الحيوان 1: 388/ 2: 72/ 5: 75. ونسب في حماسة ابن الشجري 50 إلى عمرو بن الأهتم، كما نسب إلى هبيرة بن أبي وهب في السيرة 612 جوتنجن. والنقرى:
الدعوة الخاصة.
(6)
في اللسان: «وأوقع ابن محكان النعي على الناقة العقير فقال:
زيافة بنت زياف مذكرة
…
لما نعوها لراعى سرحنا انتحبا»
(7)
نسبت المقطوعة التالية أيضا إلى «جنوب» في ديوان الهذليين. وإلى عمرة أخت عمرو في حماسة البحتري 429 - 430.
(8)
المحال، بكسر الميم: الكيد والمكر.
(9)
السوء، رسمت في ا بدون همزة. وجعلها الشنقيطي «الشر» مطابقا ما في الأغانى والحماسة وديوان الهذليين. والدعبوب: الموطوء الممهد.
(10)
الحماسة والهذليين ومعجم البلدان (شريان): «وبعض القول» . والأغانى:
«وبعض الغى» .
بان ذا الكلبِ عمراً خيرهم نسباً
…
ببطن شريان يعوى حوله الذّئب
(1)
الطاعن الطعنةِ النَّجلاءَ يتبعها
…
مثعنجرٌ من نجيع الجوف أسكوب
(2)
والتارك القرنَ مصفراً أنامله
…
كأنه من نجيع الجوف مخضوب
تمشى النُّسور إليه وهي لاهيةٌ
…
مشي العذارى عليهنَّ الجلابيب
والمخرج العاتق العذراء مذعنةً
…
في السَّبي ينفح من أردانها الطِّيب
(3)
ومنهم:
حمران بن مالك بن عبد ملك
(4)
الخثعمي
وكان فارساً شاعرا.
وكان سبب قتله أن خثعم قتلت الصميل
(5)
أخا ذي الجوشن الكلابي، فغزا ذو الجوشن خثعماً، وسانده
(6)
عيينة بن حصن الفزارىّ: على أنّ لذي الجوشن الدماء، ولعيينة الغنائم، فغزوا خثعم جميعاً فلقوها بالفرز
(7)
- جبل - فقتلا وأثخنا وغنما، وأن حمران توقل في الجبل فجعلوا يأمرونه أن يستأسر، فأنشأ يقول وهو يقاتل:
(1)
شريان، بكسر الشين: اسم واد. ويروى: «عنده الذيب» .
(2)
المثعنجر: السائل المتصبب. في النسختين: «الجوب» ، صوابه في ديوان الهذليين والأغانى. وفي الحماسة:«من دم الأجواف مسكوب» .
(3)
في النسختين: «في المشي» ، وصواب الرواية من ديوان الهذليين والأغانى وحماسة البحتري.
(4)
ملك، كذا رسمت في النسختين. وقد ذكر ابن دريد في الاشتقاق 306 حمران هذا، وقال:«وقد رأس في الجاهلية» .
(5)
ذكره في الاشتقاق 180.
(6)
ا: «سايده» ، وتصحيحه للشنقيطى.
(7)
كذا في النسختين. وفي معجم ياقوت من أسماء الجبال «الفرد» و «الفرزة» .
أقسمت لا أقتلُ إلا حراً
…
إني رأيتُ الموت شيئا مراً
أكره أن أخدع أو أغرّا
فقتل، فقالت أخته ترثيه:
ويلَ حمرانَ أخا مضنَّه
…
أوفى على الخير ولم يمنه
والطاعن النجلاء مرثعنه
…
عاندها مثلُ وكيف الشنَّه
(1)
ومنهم:
مالك بن نويرة بن جمرة
(2)
اليربوعي
وهو فارس ذي الخمار
(3)
، وقتل في الردة.
ذلك أن العرب لما ارتدت وجه أبو بكر خالد بن الوليد بن المغيرة، فسار في المهاجرين والأنصار حتى لقي أسداً وغطفان ببزاخة
(4)
، واقتتلوا قتالاً شديداً.
ففض الله المرتدين، وأسر عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بن عمر والفزاري، فوجه به مجموعة يداه إلى عنقه إلى أبي بكر فاستحياه، وأسر قرة بن هبيرة القشيري فاستحياه أيضاً.
ثم أن خالداً سار إلى البطاح - نيران من بني تميم
(5)
- فلم يجد بها
(6)
(1)
العاند: الذي يسيل جانبا. في ا: «عائددها» والتصحيح للشنقيطى. والشنة:
القربة الخلق. وفي النسختين: «السنة» تحريف. ونحوه قول أبى ذؤيب:
فتخالسا نفسيهما بنوافذ
…
كنوافذ العبط التي لا ترقع
(2)
ا: «حمزة» صوابه بالجيم كما صنع الشنقيطي. انظر الخزانة 1: 236.
(3)
ذو الخمار: فرسه. الخزانة والخيل لابن الكلبي 48 وابن الأعرابي 52، 63، 24 والعمدة 2: 182 والأغانى 14: 64.
(4)
في النسختين: «بنواحة» تحريف.
(5)
كذا في النسختين. ولعلها «قيزان» جمع قوز، وهو الكثيب الصغير.
(6)
في النسختين: «فلم يجدها» .
جمعا، فبث السرايا في نواحيها، فأتى بمالك بن نويرة في نفر معه من بني حنظلة، فاختلف فيهم الناس، وكان في السرية التي أصابتهم أبو قتادة، فقال أبو قتادة:
لا سبيل عليه ولا على أصحابه، لأنا قد أذنا فأذنوا، وأقمنا فأقاموا، وصلينا فصلوا.
وقد كان من عهد أبي بكر إلى خالد: «أيما دارٍ غشيتموها فسمعتم أذان الصلاة فيها فأمسكوا عن أهلها حتى تسألهم ما نقموا وما يبتغون، وأيما دار لم تسمعوا فيها أذاناً فشنوا الغارة عليها، فاقتلوا وحرقوا» .
وقال بعض من كان في هذه السريّة: ما سمعناهم أذنوا ولا صلوا ولا كبروا فاختلف فيهم الناس، فأمر خالد بمالك
(1)
وأصحابه فضربت أعناقهم، وتزوج أم تميم امرأة مالك، فلما سمع ذلك عمر بالمدينة تكلم في شأنهم له، فلم يزل عمر واجداً عليه حتى مات.
ومنهم:
أبو عزة
وهو عمر
(2)
بن عبد الله بن عمير بن وهب بن حذافة بن جمح، وأسره رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، فشكا إليه بناته وسوء حاله، فرق له وأطلقه، وأخذ عليه صلى الله عليه وسلم أن لا يهجوه ولا يكثر عليه، فأعطاه ذلك.
ثم إن قريشاً ضمنت له القيام ببناته وكفايته المئونة، فلم يزالوا به حتى خرج وأسر يوم أحد، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه نحواً مما شكا يوم بدر، فقال صلى الله عليه وسلم:«المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين» ، وضرب صلى الله عليه وسلم عنقه.
(1)
رسمت في النسختين «بملك» .
(2)
وكذا في أصل إمتاع الأسماع 1: 160. وفي السيرة 556 والأغانى 14: 11 «عمرو».
ومنهم:
عبد يغوث بن وقاص بن صلاءة الحارثي
وكان مدح خالد بن نضلة بن الأشتر بن جحوان بن فقعس، فقال ناهيك فيها إهاب واحد، يا خالد بن نضلة فقط
(1)
فرفع خالد يديه فقال: اللهم إن كان كاذباً فاقتله على يدي شر حيٍ من مضر.
فلما كان يوم الكلاب الثاني قتلت بنو الحارث بن كعب النعمان بن جساس صاحب راية تيم الرباب، وأسرت بنو سعد بن زيد مناة بن تميم عبد يغوث، فأتت بني سعد فقالوا لهم: إنه لم يقتل لكم فارس، وقد قتل فارسنا ورئيسنا فادفعوا إلينا عبد يغوث لنقتله بصاحبنا. فدفعوه إليهم فقال لهم: يا معشر تيم، اللّبن اللّبن. فقالوا: الدّم أحبّ إلينا. وأوثقوا لسانه بنسعة مخافة أن يهجوهم، فقال في شعر له طويل:
أقول وقد شدُّوا لساني بنسعة
…
أمعشر تيم أطلقوا من لسانيا
وتضحك مني شيخةٌ عبشميةٌ
…
كأن لم يروا قبلي أسيراً يمانيا
(2)
وظل نساء التَّيم حولي ركداً
…
تحاول منَّي ما تريد نسائيا
(3)
فندّموه فضربت عنقه.
(1)
كذا وردت العبارة في النسختين. ولم أجدها في مرجع آخر. وانظر مقتل عبد يغوث في شرح المفضليات 315 والنقائض 153 والأغانى 14: 69 - 72 والعقد 5:
225 -
231 والخزانة 1: 198، 317 وابن الأثير 1:381.
(2)
الرواية المشهورة: «كأن لم ترى» بالخطاب، على الالتفات. والقصيدة برقم 30 في المفضليات.
(3)
المفضليات: «نساء الحي» .
ومنهم:
يزيد بن الطثرية
وهو يزيد بن الصمة
(1)
القشيري، فنسب إلى أخواله
(2)
. وأمه من بني طثر ثم من عنز بن وائل.
وكان المندلث بن إدريس الحنفي
(3)
في الفتنة، فأتى بني جعدة وبني قشير وبني عقيل مصدقاً لهم، فعاث فيهم، فأرسل عبد الله بن جعونة القشيري إلى بني عقيل وبني قشير فأتاه أبو لطيفة العقيلي في جماعة، وأتاه يزيد بن الطثرية في بني قشير، فقتلوا المندلث وهرب أصحابه وقتلوا فيهم وأسروا.
وكان بنو قشير أرادت أن تنضم إلى بني عقيل وتسير مع أبي [لطيفة
(4)
] فقال يزيد بن الطثرية:
قُلْ للبوادر والأحلافِ مالكم
…
أمرٌ إذا كان شورى أمركم شعباً
(5)
لا تنشبوا في جناح القوم ريشكم
…
فيجعلوكم ذنابى ينبت الزغبا
لا عيبَ فيّ لكم إلاَّ معاتبتي
…
إذا تعتبت من أخلاقكم عتبا
(6)
والبوادر: بنو بادرة بنت حارثة بن عبس بن رفاعة من بني سليم، ولدها عبد الله، وعامر، وقرط، وجوز، ومعاوية، بنو سلمة بن قشير. والأحلاف سائر بني سلمة بن قشير، وهم لعلاَّت.
(1)
وقيل يزيد بن سلمة الخير. انظر الشعر والشعراء 392 - 393 وابن سلام 154، 151 - 152 والأغانى 7: 104 - 117 ومعجم الأدباء 20: 46 - 49 ووفيات الأعيان 2: 299 - 302. وتحقيق مقتله في حواشي الحيوان 6: 137.
(2)
وذلك لأنه أمه «الطثرية» من الطثر، وهم حي من اليمن عدادهم في جرم.
(3)
المندلث، من تصحيح الشنقيطي، يطابق ما في وفيات الأعيان. وفي الأغانى «المندلف». وهي في ا:«السداث» . في هذا الموضع فقط.
(4)
ليست في النسختين.
(5)
البوادر، سيأتي تفسيره، وهو نص نادر عزيز، مما يتدرك به على معجم قبائل العرب.
(6)
التعتب: الموجدة. والعتب: ما دخل في الأمر من الفساد.
وكانت الرّئاسة لعبد اللّه بن جعونة والراية في يد يزيد بن الطثرية، فجاء القوم حوله حين لقوهم، وثبت يزيد بالراية وفر عنه أصحابه، وعليه جبة خزٍّ يسحبها، فنشبت في خشبة فعثر
(1)
، فضربه الحنفيون حتى قتلوه، فقال القحيف ابن عمير العقيلي يرثيه:
إن تقتلوا منا شهيداً صابراً
…
فقد قتلنا منكم مجازرا
(2)
عشرين لما يدخلوا المقابرا
…
قتلى أصيبت قعصا نحائرا
(3)
نفجا يرى أرجلها شواغرا
(4)
وقال أيضا القحيف:
يا عين بكّى هملا على هملْ
…
على يزيدَ ويزيدَ بن جملْ
قتَّال أبطالٍ وحولهَ حِلَل
(5)
ويزيد بن جمل
(6)
أيضاً قشيرى، قتل معه يومئذ.
(1)
الأغانى: «نشب ثوبه في جذل من عشرة فانقلب» .
(2)
ا: «تحاررا» ، والتصحيح للشنقيطى، مطابق ما في الأغانى 7:116.
(3)
قعصا، من القعص، وهو القتل السريع. في النسختين:«تصعا فحابرا» تحريف.
صوابه من رواية أبى الفرج عن ابن حبيب.
(4)
نفجا، من الانتفاج، وهو الارتفاع. في النسختين:«نفخا» ، صوابه من الأغانى.
(5)
جمع حلة، بالكسر، وهم القوم النزول وفيهم كثرة. الأغانى:«وجرار حلل» .
(6)
في الأغانى: «حمل» في هذا الموضع وسابقه.
ومنهم:
الأقيشر
وهو المغيرة بن ..............
(1)
[قيس بن
(2)
] محمد بن الأشعث بن قيس الكندي
(3)
، وكان أعمى، فمدحه فأمر له بثلاثمائة درهم فقال: ادفعها إلى قهرمانك، ومره فليعطني بكل يوم درهماً للحم، ودرهماً للبقل. فكان يشتري خمراً بدرهم، ولحماً بدانقين
(4)
، ويكترى بغلاً بأربعة دوانيق، فيمضي إلى الحيرة فيشرب يومه ثم ينصرف ممسياً. فأتلف الدراهم ثم أتاه أيضاً فسأله فأعطاه مثلها فأتلفها. فقيل له: إنما يشتري بها خمراً يشربه! فلما أتاه قال له: يا هذا، إنه لا يحل لي أن أعطيك ما تشتري به الخمر! ولم يعطه شيئاً. فقال الأقيشر:
ألم تر قيس الأكمه ابن محمد
…
يقول فلا تلقاه بالقول يفعل
رأيتكَ أعمى القلبِ والعينُ ممسكاً
…
وما خير أعمى
(5)
العينِ والقلبُ ينخل
فلو صمَّ تمت لعنة الله كلها
…
عليه وما فيه من الشر أفضلُ
فقعد له مواليه حتى إذا انصرف سكراناً، فأنزلوه في الحمامات بظهر الكوفة - وتركوا البغل فعاد إلى الكوفة - ودخنوا عليه حتى مات، فوجدوه ميّتا هناك حين أصبحوا.
(1)
ورد الكلام في النسختين متصلا بما بعده، والصواب أن بينهما سقطا. وفي الأغانى 10: 80 أن اسمه المغيرة بن عبد اللّه بن معرض بن عمرو بن أسد بن خزيمة. قال أبو الفرج: «وعمر عمرا طويلا فكان أقعد بنى أسد نسبا، وما أخلقه أن يكون ولد في الجاهلية ونشأ في أول الإسلام» .
(2)
يفهم من الكلام أن الأقيشر كان قد قصده. وفي الأغانى 19: 86 «كان قيس بن محمد بن الأشعث ضرير البصر، فأتاه الأقيشر فسأله» .
(3)
تكملة متعينة من الأغانى 10: 86 وما يقتضيه الشعر التالي.
(4)
الدانق: سدس الدرهم. معرب «دانگ» الفارسية.
(5)
أعمى، مبيض لها في الأصل وأثبتت في ب من خط الشنقيطي، ولها أصل في الأغانى.
ويقال: كان الذي فعل بالأقيشر هذا موالي إسحاق بن طلحة بن عبيد الله، وكان الأقيشر مولعاً بهجائه.
ومنهم:
توبة بن الحميِّر
أخو بني خفاجة بن عقيل.
وكان سبب قتله أنه كان بينه وبين بني عوف بن عامر بن عقيل - وهم رهط نصر بن شبث
(1)
- لحاء. ثم إن توبة شهد بنى خفاجة وبنى عوف، وهم يختصمون عند همّام بن مطرف العقيلي - وكان مروان بن الحكم استعمله على صدقات بني عامر، فضرب
(2)
ثور بن أبي سمعان بن كعب بن عامر بن عوف ابن عامر بن عقيل، توبة بن الحميّر بجرز
(3)
وعلى توبة الدرع والبيضة، فجرح أنفُ البيضة وجهه، وأمر همام بثور بن أبي سمعان فأقعد بين يدي توبة، فقال:
خذ حقك يا توبة. فقال توبة: ما كان هذا الأمر إلا عن أمرك، وما كان ليجترئ علىّ عند غيرك يا همام! وذلك أن أمَّ همام من بني عوف بن عامر ابن عقيل.
فانصرف توبة ولم يقتص، فمكثوا غير كثير. ثم إن توبة بلغه أن ثوراً خرج في نفر من أصحابه على ماء من مياه قومه يقال له هوى
(4)
، يريد ماء لهم
(1)
ورد في النسختين بدون إعجام. كان نصر بن شبث ممن خرج على المأمون سنة 206 وندب لحربه عبد اللّه بن طاهر حين ولاه الرقة. الطبري 10: 258 والمعارف 169.
(2)
ا: «فصرف» والتصحيح للشنقيطى. وفي الأغانى 10: 66: «فضربه بجرز» .
(3)
الجرز، بالضم: العمود من الحديد. ا: «بحور» : ب «يحوز» من قلم الناسخ، صوابه ما أثبت من الأغانى.
(4)
الأغانى: «قوباء» .
يقال له حريز
(1)
- وهو موضع بتثليث، وبينهما فلاة من الأرض - فتبعهم توبة في أناس من أصحابه حتى ذكر له أنه عند رجل من بني عامر بن عقيل، يقال له سارية بن عويمر
(2)
بن أبي عدي، وكان صديقاً لتوبة، فقال توبة:
والله لا أطرقهم
(3)
وهم عند سارية الليلة، حتى يخرجوا من عنده. فأرسل توبة رجلين من أصحابه فقال: ارصدوا القوم حتى يخرجوا. وكان القوم أرادوا أن يخرجوا حين يصبحون، فقال سارية: ادرعوا الليل في الفلاة
(4)
. وغفل صاحبا توبة
(5)
، فلما ذهب الليل فزع توبة وقال: لقد اغتررت برجلين ما صنعا شيئاً، وإني لأعلم أن لن يصبحوا بهذه البلدة
(6)
! فاستضاء لآثارهم
(7)
، فإذا هو بآثار القوم قد خرجوا، فبعث إلى صاحبيه فأتياه فقال: دونكما هذا الجمل فأوقراه من الماء ثم اتبعوا أثري؛ فإنه لا يخفى عليكما حتى تدركاني، وإني سأوقد لكما
(8)
إن أمسيتما دوني.
ثم خرج توبة في إثر القوم مسرعاً حتى انتصف النهار وجاوز علماً يقال له «أفيح» في الغائط، فقال لأصحابه: هل ترون ماء بين سمرات
(9)
إلى جنب
(1)
في النسختين: «ما لهم فقال له حريز» ، صوابه من الأغانى، لكن فيها «جرير» محرفة.
(2)
الأغانى: «عمير» .
(3)
الأغانى: «لأنظرنهم» .
(4)
الأغانى: «فقال لهم سارية: ادرعوا الليل فإني لا آمن توبة عليكم فإنه لا ينام عن طلبكم» .
(5)
في النسختين: «صاحب توبة» .
(6)
في النسختين: «الليلة» . وفي الأغانى: «البلاد» .
(7)
كذا. وفي الأغانى: «فاقتص آثارهم» .
(8)
الأغانى: «فإن خفى عليكما أن تدركانى فإني سأنور لكما» .
(9)
في النسختين: «ما بين شمرات» . وفي الأغانى: «هل ترون سمرات» .
والسمرات: جمع سمرة بفتح السين وضم الميم، وهي ضرب من العضاه.
قرون بقر
(1)
فإن ذلك مقيل القوم ولن يجاوزوه، وليس وراءه ظلٍ. فنظر فقال قائل
(2)
: نرى رجلاً يقود بعيراً كأنه يقوده لصيد. قال: ذلك ابن الحبترية، وذلك أرمى من رمى
(3)
، فمن له أن يختلجه دون القوم فلا ينذرون بنا؟
(4)
فقال عبد الله بن الحمير: أنا له. قال: فاحذر أن يعقر بك
(5)
، وإن استطعت أن تحول بينه وبين أصحابه فافعل. فخلى طريق فرسه في غمض من الأرض
(6)
ثم دنا منه فحمل عليه، فرماه ابن الحبترية فعقر فرس عبد الله، واختل السهم ساق عبد الله
(7)
، وانحدر الرجل حتى أتى أصحابه فأنذرهم، فجمعوا الركاب وهي متفرقة، وغشيهم توبة ومن معه، فلما رأوا ذلك صفوا رحالهم، وجعلوا السمرات
(8)
في نحورهم، ثم أخذوا سلاحهم وزحف إليهم توبة، فارتمى
(9)
القوم لا يغنى أحدٌ منهم في أحد شيئاً. ثم إن توبة - وكان يترِّس لأخيه عبد الله قال: يا أخي لا تتِّرس لي
(10)
؛ فإني قد رأيت ثوراً
(11)
يكثر رفع الرأس، عسى أن أوافق عند رفعه أناة منه مرمى فأرميه
(12)
. ففعل فرماه توبة فأصابه على
(1)
في النسختين: «قرن بقر» ، صوابه من الأغانى ومعجم البلدان.
(2)
ا: «وائل» وتصحيح الشنقيطي يطابق ما في الأغانى.
(3)
في النسختين: «أوهى من وهى» ، صوابه من الأغانى.
(4)
أي يعلمون بنا، نذر، كفرح: علم. في النسختين: «يتندرون بنا» ، صوابه من الأغانى.
(5)
يقال عقربه، إذا عقر دابته. جعلها الشنقيطي «يتقربك»! وفي الأغانى:
(6)
الغمض والغامض: المطمئن المنخفض من الأرض.
(7)
اختله السهم: انتظمه. في النسختين: «بساق» صوابه من الأغانى.
(8)
في النسختين: «السمريات» . وانظر ما مضى في الصفحة السابقة.
(9)
في النسختين: «فادعى» ، صوابه في الأغانى.
(10)
في النسختين: «يا أخي ترس لي» ، صوابه في الأغانى.
(11)
هو ثور بن أبي سمعان. انظر ص 250.
(12)
الأغانى: «عسى أن أوافق منه عند رميه مرمى فأرميه» .
حلمة ثديه، وصرعه، وجال القوم وغشوهم فوضعوا فيهم السلاح حتى تركوهم صرعى، وهم تسعة نفر
(1)
.
ثم أن ثوراً قال: انزعوا هذا السهم عني. فقال توبة: ما وضعناه مكانه لننزعه! وقال أصحاب توبة لتوبة: انج فخذ آثارنا
(2)
لنلقى راويتنا، فقد متنا عطشاً. فقال توبة: وكيف بأولى القوم الذين لا يمنعون ولا يمتنعون؟ قالوا:
أبعدهم الله. قال: ما أنا بفاعل، وما هم إلا عشيرتكم، ولكن تأتى
(3)
الراوية فأضع لهم ماء، وأغسل دماءهم وأخيل عليهم من السباع والطير لا تأكلهم حتى أوذن بهم بعض قومهم
(4)
.
فأقام توبة حتى أتتهم الراوية قبل الليل، فسقاهم من الماء وغسل عنهم الدماء، وجعل في أساقيهم ماء، ثم خيل عليهم بالثياب على الشجر
(5)
، ومضى حتى طرق من الليل سارية فقال: إنا قد تركنا رهطاً من قومكم بالسمرات من قرون بقر
(6)
فأدركوهم، فمن كان حياً فداووه، ومن كان ميتاً فادفنوه. ثم انصرف ولحق بقومه.
فصبح سارية القوم فاحتملهم، وقد مات ثورٌ ولم يمت غيره.
ولم يزل توبة لهم خائفاً، فكان السليل بن ثور المقتول رامياً كثير الشر والبغى، فأخبر بغرة من توبة، وهو بقنة لهم من قنان السّر وسرو لبن
(7)
،
(1)
الأغانى: «سبعة نفر» .
(2)
الأغانى: «انج بنا فقد أخذنا ثأرنا» .
(3)
ا: «نأتى» صوابه في ب. وفي الأغانى: «نجيء الراوية» .
(4)
الأغانى: «حتى أوذن قومهم بهم بعمق» . وعمق، بالفتح: ماء لبنى عقيل.
ولعل «بعض» هنا هي «بعمق» .
(5)
ا: «السحر» ، والتصحيح من الأغانى. وجعلها الشنقيطي «السمر» .
(6)
جعلها الشنقيطي «قرن بقر» ، والصواب ما أثبت من ا والأغانى.
(7)
في النسختين: «لبق» صوابه من معجم البلدان، ومعجم ما استعجم (السرو).
وفي الأغانى: «بقنة من قنان الشرف» فقط.
يقال لها قنة ابن الحمير
(1)
، فركب في نحو من ثلاثين فارسا حتى يطرقه
(2)
فتوقل توبة ورجل من أصحابه في الجبل وأحاطوا بالبيوت، فناداهم توبة: هنا من تبتغون، فاجتنبوا البيوت. فقال بعضهم لبعض: إنكم لن تستطيعوه في الجبل، ولكن خذوا ما استطف لكم من ماله
(3)
. فاخذوا أفراساً له ولإخوته، ثم انصرفوا. فغزاهم توبة حتى انتهى إلى مكان يقال له حجر الراشدة
(4)
ظليل، أسفله كالعمود، وأعلاه منتشر، فاستظل فيه وأصحابه، حتى إذا كان بالهاجرة مرت به إبل هبيرة بن السمين، أخي بني عوف بن عامر بن عقيل، فأخذها وخلى طريق راعيها، فلما ورد
(5)
العبد على مولاه أخبره، فنادى في بني عوف فقال: حتى متى هذا؟ فتعاقد منهم نحو من ثلاثين فارساً فاتبعوه، ونهضت امرأة من خثعم كانت فيهم، وكانت تؤخذ
(6)
، فقالت: أروني أثره، فخرجوا بها وأروها أثره، فأخذت من ترابه وقالت: اطلبوه فإنه محتبس عليكم. فطلبوه فسبقهم
(7)
، وخرج توبة حتى إذا كان بالمضجع من أرض بني كلاب، جعل يداريه ويحبس أصحابه، حتى إذا كان بشعب من هضبة يقال بنت هيدة
(8)
،
(1)
الأغانى: «بنى الحمير» .
(2)
جعلها الشنقيطي: «حتى طرقه» مطابقا ما في الأغانى.
(3)
استطف له الشئ: بدا له ليأخذه. الأغانى: «ما استدنى لكم» .
(4)
في النسختين: «الواسدة» ، تحريف صوابه في الأغانى، ومعجمى ياقوت والبكري.
(5)
هذه الكلمة ساقطة من ا، وإثباتها من الأغانى، وكتب الشنقيطي موضعها «دخل» .
(6)
هذا إعجام الشنقيطي. وفي ا «بوحد» ؟؟؟ مهملة. والتأخيذ من الأخذة بالضم، وهي الرقية تأخذ العين ونحوها كالسحر. وفي الأغانى:«وكانت تأخذ لهم» خطأ في الرسم.
(7)
في النسختين: «فسبقوه» ، صوابه من الأغانى.
(8)
في النسختين: «بلف هيده؟؟؟» ، صوابه من معجم ما استعجم 1359. وفي معجم البلدان أنهما هضبتان يقال لهما بنتا هيدة. وفي الأغانى: يقال لها «هتد» .
جعل ابن عم
(1)
له يقال له قابض
(2)
بن عبد الله على رأس الهضبة، وقال: انظر فإن شخص لك شيء فأعلمناه. فقال عبد الله أخو توبة له: يا توب إنك حائن
(3)
أذكّرك اللّه إلّا نجوت، فو اللّه ما رأيت يوماً أشبه بسمرات بني عوف يوم أدركناهم وساعتهم التي أتيناهم فيها منه، فانج إن كانت بك نجاة
(4)
!
ثم إن القوم لحقوهم فحمل أوّلهم حتى غشوا توبة، وفزع توبة وأخوه فقام إلى فرسه فغلبته أن يلحقها، فحلّى طريقها، وغشيه الرجل فاعتنقه، فصرعه توبة وهو مدهوش قد لبس الدرع على السيف، فانتزعه ثم أهوى به ليزيد بن رويبة
(5)
فاتقاه بيديه فقطع منها، وجعل يزيد يناشده الرحم، وغشى القوم توبة من ورائه فضربوه حتى قتلوه، وعلقهم عبد الله بن الحمير يطعنهم بالرمح حتى انكسر.
فلما فرغوا من توبة مالوا على عبد الله أخيه فقطعوا رجله فجعل يقول:
هلمّ
(6)
. ولم يشعر القوم أنهم قطعوا رجله، وانصرف القوم.
(1)
الأغانى: «ابن عمة» . لكن في معجم ما استعجم أنه ابن عمه.
(2)
في النسختين: «قانص» صوابه من الأغانى ومعجم ما استعجم، وفيه تقول ليلى:
تخلى عن أبي حرب فولى
…
بهيدة قابض قبل القتال
أبو حرب: كنية توبة.
(3)
الحائن: الهالك ا: «خاين» الأغانى «حائر» ، وقد صححه الشنقيطي بما أثبت.
(4)
في النسختين: «لك نجاة» وأثبت ما في الأغانى.
(5)
في النسختين: «دومه» بالإهمال، وتوضيحها من الأغانى.
(6)
الأغانى: «ثم جثا على ركبتيه وجعل يقول: هلموا» .
ومنهم:
زيادة بن زيد بن مالك
(1)
وهدية بن خشرم بن كرز بن جحش
(2)
العذريّان
وكان سبب قتلهما أنهما أقبلا من الشام في ناس من قومهما، فقالوا: من يسوق بنا؟ فقال زيادة: أنا أسوق بكم. فنزل فساق بهم ساعة، ثم ارتجز فقال - وعرض بأخت هدية -:
عوجي علينا واربعى فاطما
…
ما دون أن يرى البعير قائماً
(3)
فعوجتْ
(4)
مطرداً عراهما
…
رسلاً يبذُّ القلصَ الرواسما
(5)
في شعر طويل.
فغضب هدبة ونزل وساق بهم، وعرض بأخت زيادة، فقال في رجز له طويل:
بالله لا يشفى الفؤاد الهائما
…
تمساكك اللّبّات والمآكما
(6)
(1)
تمام نسبه كما في الأغانى 21: 169: «بن عامر بن قرة بن خنيس بن عمرو بن عبد اللّه ابن ثعلبة بن ذبيان بن الحارث بن سعد بن هذيم» .
(2)
في الأغانى ومعجم المرزباني 483 والخزانة 4: 84: «كرز بن أبي حية الكاهن - وهو سلمة - بن أسحم بن عامر بن ثعلبة بن [قرة بن حنيش بن عمرو بن ثعلبة بن] عبد اللّه بن ذبيان بن الحارث بن سعد بن هذيم» .
(3)
في النسختين: «من دون» وكتب في هامش ا «نخ: ما» ، إشارة إلى رواية نسخة، وهذه الرواية هي رواية الأغانى وشرح التبريزي للحماسة 2: 45 والخزانة 4: 85 والشعر والشعراء 672. وفسرها البغدادي بقوله «أي ما بين مناخ البعير إلى قيامه».
(4)
الأغانى: «فعرجت» وهما بمعنى عطفته وحبسته. المطرد، فسره أبو الفرج بأنه المتتابع السير. ا «مطربا» ، صوابه من الأغانى وشرح التبريزي. وجعلها الشنقيطي «مضطربا» .
والعراهم: الشديد.
(5)
الرسل: السهل السير. بدله في الأغانى وشرح الحماسة والخزانة: «فعما يبذ القطف» . والرواسم، من الرسيم، وهو سير فوق العنق.
(6)
الأغانى والخزانة والتبريزي والشعر والشعراء 172: «تمساحك» ، وهما تفعال من مسك ومسح.
ولا اللَّمامُ دونَ أن تفاغما
(1)
…
ولا الفغام دون أن تفاقما
(2)
وتعلو القوائمُ القوائما
فغضب زيادة فارتجز بأخت هدبة فقال
(3)
:
أنعت آياتٍ لكيما تعلمي
…
بالخال بالكشح اللّطيف الأهضم
والشّامة السوداءِ بالمخدَّم
(4)
…
أتذكرين ليلةً بإضمِ
وليلةً أخرى بخبت العلم
فلما سمع هدبة هذه الأبيات أتى أخته فشهر عليها السّيف، وقال: من أين علم هذه العلامات التي وصفك بها؟ فقالت: ويحك، إن النساء أخبرنه عني! فكفَّ عنها.
وقال هدبة يرجز بأخت زيادة
(5)
:
عوجى علينا واربعى يا طارفاً
…
ما دون أن يرى البعيرُ واقفاً
ما اهتجتُ حتى هتكوا الخوالفا
(6)
…
غدوا وردوا جلةً مقاذفا
(7)
ألا ترين الأعينَ الذوارفا
…
حذارَ دارٍ منكِ أن تساعفا
فغضب زيادة، وكان بين القوم سباب وشبيه بالقتال، فحجز بينهم حتّى إذا
(1)
جعلها الشنقيطي «اللزام» مطابقا ما في الأغانى واللسان والتبريزي. وفي التبريزي والشعر والشعراء بيتان، وهما:
ولا اللمام دون أن تلازما
…
ولا اللزام دون أن تفاقما
وجاءت في الخزانة محرفة «اللثام» .
(2)
الفغام: التقبيل. والمفاقمة: البضاع.
(3)
الرجز التالي لم يرد في مرجع من المراجع السالفة عند ذكر ذلك الخبر.
(4)
المخدم: موضع الخدمة، وهي الخلخال.
(5)
وهذا الرجز التالي لم أجده كذلك في تلك المراجع.
(6)
الخوالف: جمع خالفة، وهي العمود من أعمدة الخباء.
(7)
الجلة: الإبل المسان. ا «خله» والتصحيح للشنقيطى. ردوها من المرعى للرحلة.
والمقاذف: جمع مقذف، وهو الذي رمى باللحم، أو جمع متقاذف، وهو السريع العدو.
رجعوا إلى أهليهم تهاجيا وتفاخرا بأشعار كثيرة، وإن هدبة قال
(1)
:
ناطوا إلى قمر السماء أنوفهم
…
وعن التراب خدودهم لا ترفع
ولدت أميمة أعبدا فغدت بهم
…
ثجلا إذا مشت القوائم تظلع
(2)
ابني أميمة إن طالع لؤمكم
…
لونٌ إذا وضح المراسن أسفع
قال: فغضب زيادة وأصحابه، فجاءوا إلى منزل هدبة ليلاً فأخذوه وأباه، فشجوا أباه عشراً، ووقفوا هدبة
(3)
، فقال زيادة:
شججنا خشرماً في الرأس عشراً
…
ووقفنا هديبة إذ هجانا
(4)
فقال هدبة:
إن الدهر مؤتنفٌ طويل
…
وشرُّ الخيل أقصرها عنانا
وشرُّ القوم كلّ فتى إذا ما
…
مرته الحربُ بعد العصب لانا
(5)
فمكث هدبة ما شاء الله، حتى إذا برئ جمع لهم، فخرج إليهم بأصحابه فوجدوا زيادة ورفيعا وأدرع، ولم يجدوا من رجال الحي غيرهم، فهرب رفيع وأدرع لما رأيا ما جمع القوم، وأخذوا زيادة فجدعوه
(6)
بسيوفهم حتى إذا ظنوا أنهم قد قتلوه انصرفوا.
(1)
وكذلك هذه الأبيات لم ترد في مرجع من المراجع السابقة.
(2)
الثجلاء: العظيمة البطن الواسعته.
(3)
أي جعلوا في ذراعه حزا كالتوقيف، من قولهم حمار موقف: كويت ذراعاه كيا مستديرا، كما في اللسان (وقف) حيث أنشد البيت التالي لهذا المعنى. وعند التبريزي:«ووقع بذراع هدبة حز كالتوقيف» . ب: «ووقفوا» تحريف.
(4)
وقفنا هي رواية ا واللسان. وعند التبريزي: «وخذعنا» . وجعلها الشنقيطي «وفقأنا» ، وهو تحريف.
(5)
هذا على المثل، كانوا يعصبون أخلاف الناقة، ثم يمرونها يستخرجون ما عندها من اللبن.
(6)
كذا في النسختين، ولعلها «فخذعوه» كما في رواية التبريزي للشعر السابق.
والتخذيع: التحزيز والتقطيع من غير بينونة.
وقد كان زيادة ذبَّ عن نفسه بالسيف فأصاب هدبة فجدع أنفه، فلما خلفوا الحي وأشرفوا على الثّنيّة وجد هدبة شفيف الريح في أنفه، فذهب ينظر فإذا أنفه قد جدع، فقال لأصحابه: انتظروا حتّى آنيكم، فو اللّه لا أعيش أبداً ورجلٌ قد جدع أنفي! فرجع إلى زيادة وهو يقول:
أحوسُ في الحيِّ وبالرمحِ خطلْ
(1)
…
ما أحسن الموتَ إذا الموت نزل
قد علمت أنّى إلى الهيجا عجل
…
إنّى امرؤ لا أقرب الضيَّم بغل
فقتله وأدرك أصحابه.
ثم إن هدبة أخذ أهله فجعل يؤامر نفسه: إما يأتي القوم فيضع يده في أيديهم أو في يد السلطان. فأقبل حتى وضع يده في يد سعيد بن العاص - وهو عامل معاوية على المدينة - فأطلق من كان سجنه بسببه وسجنه هو، فقال في السجن أشعاراً كثيرة.
ثم عزل سعيد وولى مروان بن الحكم مكانه.
وإن بني عمه قالوا: لو زوجناه لعل الله أن يبقى منه خلفاً! فزوجوه وأدخلوا عليه امرأته في السجن، فلما رأت ما هو فيه هالها، فراودها فأبت عليه.
ثم رد سعيد إلى المدينة فبلغه أن امرأة هدبة أبت عليه، فأمرها أن تطيعه، فوقع عليها فحملت فولدت غلاما سمته هدبة. ثم إن أصحاب هدبة أعطوا به عشر ديات، وأعطاهم سعيد بن العاص - وكان يومئذ على المدينة - مائة ألف درهم، فأبوا. وكان سعيد لا يألو ما ردّهم
(2)
، وأنه سألهم: هل لزيادة ولىّ سوى
(1)
الأحوس: الشجاع الحمس عند القتال. في النسختين: «أجوس» صوابه في شرح الحماسة واللسان (خطل). والخطل: المقاتل السريع الطعن.
(2)
في النسختين: «لا يألوا ماردهم» .
أخته؟ فقيل: له ابن صغير لم يدرك. قال: فليس لنا أن نقتله حتى يدرك الغلام.
فحبس هدبة حتى أدرك الغلام، فلما أدرك جاءت به أمه تطلب قتل هدبة، فدفع إليها وأعطى الغلام ديات كثيرة فطمع، فقالت له أمه: والله لئن فعلت لأتزوجن رجلاً أهب له نصيبي من الديات ثم يقاسمكها، فجسر على قتل هدبة، فأخرج من السجن فأدخل على سعيد، وهو في جنبذة له
(1)
مشرفة، ودخل معه الأخزر عبد الرحمن [بن] زيد أخو زيادة، فقال له سعيد:
يا أخزر، قد أعطاك أمير المؤمنين معاوية مائة ألف، وعبد الله بن جعفر مائة ألف، والحسن والحسين مائة ألف، وأنا أعطيك مائة ناقة سود الحدق ليس فيها جداء، ولا خداء
(2)
، ولا ذات داء. فقال عبد الرحمن: أصلح الله الأمير، والله لو وهبت لي جنبذتك
(3)
هذه ثم سكبت فيها الذهب حتى يخرج من ثقبها ما كنت لأختاره على هذا الخلسى
(4)
الأسود عبدك، فقال له هدبة: يا أخيزر
(5)
أو بالموت تخوفني؟ والله لا أبالي أسقط على أم سقطت عليه، فاصنع ما أنت صانع! ثم رد إلى السجن.
وخرج عبد الرحمن فأتى بكتاب معاوية: «أن يدفع هدبة إلى أولياء زيادة» .
فقال سعيد: يوم الجمعة أدفعه إليكم. فلما كان يوم الجمعة بعث إليه سعيد
(1)
الجنبذة: القبة. ا: «حتبده» وتصحيحها للشنقيطى.
(2)
الجداء: اليابسة الضرع، والمقطوعة الأذن. والخداء كذا وردت، ولعلها «الخذواء» وهي المسترخية الأذن. وفي الشعراء 674:«أعطيك مائة ناقة حمراء، ليس فيها جداء ولا ذات داء» .
(3)
كذا في النسختين، وهو يؤيد ما سبق في الحاشية الأولى.
(4)
كذا في ا، ورسمت في ب «الحاسى» ، وفي الأغانى:«ما رضيت بها من دم هذا الأجدع» .
(5)
تصغير أخزر، وهذا تصحيح الشنقيطي. وفي ا:«يا خنزير» .
بلوزينه وخبزة
(1)
. فلما انصرف من الصلاة دفعه إليهم، فخرجوا به يسوقونه فمر بقوم جلوس تحت حائط فقال: يا هؤلاء قوموا فإن هذا الحائط واقع عليكم.
فقالوا: ما رأينا مثل هذا يساق إلى الموت ويحذر الحائط. فلم يكن إلا قليلاً حتى سقط الحائط.
ومر على بناء يبنى حائطاً فقال: ويحك عوجت حائطك!
وكان أبواه وامرأته يمشيان على أثره، فنادته امرأته: يا هدبة يا هدبة! فالتفت، فقطعت قرناً من قرون شعرها، ثم نادته ثانية فالتفت فقطعت قرناً.
فناشدوه الله أن لا يلتفت إليها. ثم التفت إلى أبويه وهما يبكيان فقال:
أبلياني اليوم صبراً منكما
…
إن حزناً منكما عاجلُ ضرّ
(2)
لا أرى ذا الموت إلا هيناً
…
أنَّ بعد الموت دارَ المستقرّّ
اصبرا اليومَ فإني صابرٌ
…
كلُّ حيٍّ لفناءٍ وقدر
ثم قال لامرأته:
أقلّى علىّ اللّوم يا أمَّ بوزعا
…
ولا تجزعي مما أصابَ فأوجعا
وعيشى حبيسا أو تفتَّىْ بماجدٍ
…
إذا القومُ هشوا للسماح تبرعا
ولا تنكحي إن فرق الدهرُ بيننا
…
أغمَّ القفا والوجه ليس بأنزعا
كليلا سوى ما كان من حدِّ ضرسهِ
…
على الزاد مبطانَ الضُّحى غير أروَعا
فلما قدم ليقتل قال:
(1)
في النسختين: «بلوذين وخبزه» . ولوزينه، فارسية، ومعناه حلوى تصنع من اللوز، وكذا كل طعام يصنع منه. معجم استينجاس، وعربته العرب «لوزينج» .
(2)
أبلاه صبرا: أداه إليه واجتهد فيه، كما يقال أبلاه عذرا. في النسختين:«ابكيانى» ، صوابه في الكامل 767 ليبسك والأغانى 21: 75 والخزانة 4: 86.
إن تقتلوني في الحديد فإني
…
قتلت أخاكم مطلقا لم يقيّد
(1)
فحلّوا قيوده، فقال: دعوني أصلي ركعتين، فصلى ثم التفت إلى عبد الرحمن أخي زيادة فقال: قم يا أخزر إلى جزورك فانحرها. فقال عبد الرحمن: بل يقوم إليك من قتلت أباه ظالماً متعدياً عليه [إن] قبل ذلك منك. قم يا مسور.
فقام إليه غلام حين احتلم، وأمسك بعضهم بيده فضربه، فتعلق رأسه بجلدة من حلقه، فقال له عمه: يا ابن أخي أجهز عليه، إياك [أنْ] تدع لهم فضلة!
وإن امرأة هدبة أتت جزاراً فأخذت مدية فجدعت أنفها وجاءته مجدوعة ليعلم أنها لا أربَ لها في الرجال بعد الجدع.
وذكروا أن هدبة قال: علامة ما بيني وبينكم إن جزعت فإني إذا قطعت رأسي مددت رجلي وقبضتها. وإن أنا بقيت ممدود الرجلين فإني لم أجزع.
فلما سقط رأسه بقي باسطا رجليه.
ومنهم:
سالم بن دارة
أخو بني عبد الله بن غطفان. وقد مر حديثه في المغتالين
(1)
.
ومنهم:
عقيبة بن هبيرة الأسدي
أخو بني نصر بن قعين
(2)
. وكان له بنت أو ربيبة، وكان له ابن عم يقال له تميم بن الأخثم، وكانت له بنية، فلعبت هي وبنت عقيبة، فكسرت بنت تميم ثنيّة بنت عقيبة، فذهب تميم فجمع أشراف بني أسد، فأتى عقيبة لما يعلم من فتكه، فقال له. يا ابن عمّ، إنه قد كان ما ترى، فدونك ابنتي فاكسر ثنّيتها، وإن شئت فثنيّتى. وإن شئت فالعفو؛ وهي جارية بعد لم تثغر، وهي تنبت. فقال القوم: أنصفك الرجل. فقال: والله لأقتلنه. فأعادوا عليه، فأعاد عليهم مثل ذلك، فقالوا لتميم: [قم
(3)
]. وظنوا أن عقبيه يلعب، وعرف تميم أنه يفعل؛ لفتكه.
فمكث تميم سنة يتحرز منه، وأمسى ذات يوم وهو صائم فصلى في مسجد قومه ثم دخل داره وغفل أن يغلق الباب، فدخل عليه عقيبة بالسيف فضربه حتى قتله، وتصايح النساء، وأخذ عقيبة فرفع إلى مصعب بن الزبير، فسأله فلم يجحد قتله ولتميم ابن يقال له عنبسة، فتى شابّ، فأعطى فيه منصور
(4)
دية،
(1)
انظر ما مضى في ص 156.
(2)
في المحبر 218: «عقيبة بن هبيرة بن ربيعة بن جذيمة بن مالك بن نصر بن قعين» .
(3)
التكملة من المحبر.
(4)
كذا في النسختين، وفي المحبر:«منظور» . ولعله منظور بن زبان بن سيار الفزاري، أبو تماضر زوج عبيد اللّه بن الزبير. انظر نسب قريش 329.
وأعطى محمد بن عمير دية، وأعطى قومه دية، فقالت ابنة لتميم:
أعقيب لا ظفرتْ يداك ألم يكن
…
دركٌ بحقك غير قتلِ تميم
(1)
أعقيب لو نبهَّته لوجدتَه
…
كالسيف أهونُ وقعِه التصميمُ
فلتتبعنَّكَ في العشيرة سبّةٌ
…
ولتقتلنّ به وأنت ذميمُ
وقال عقيبة حين قتله:
خرَّ صريعاً فاغراً تمصلُ أستُه
…
بحيث التقينا كالحوار المخزِّق
(2)
وأعطى أبو سماك
(3)
مائة ألف درهم، فطمع عنبسة في أخذ الدية، فخرجت ابنة لتميم حاسراً، وهي تقول:
إنْ يقتل عقيبة يا لقوم
…
نسرَّ معاشراَ ونسلَّ داءً
وإن يسَلم عقيبةُ يا لقوم
…
نكن خدماً لعقبةَ أو إماءَ
لحى الله الذي يجتابُ منَّا
…
وعقبةُ سالمٌ أبداً رداءَ
(4)
فلما سمع القوم مقالها وقد كانوا ركنوا إلى الصلح أحفظهم قولها، ورجعوا عن الصلح، فدفعه إليهم
(5)
وجلس
(6)
مصعب يومئذ في المسجد واجتمع الناس، فقال عقيبة لابنة تميم حين أيقن بالقتل: أما والله لقد ضربت أباك ضربةً نظرت إلى الثريا في سلحه! فقالت: أما والله لتضربن ضربة أنظر إلى بنات نعشٍ
(1)
في هذه الأبيات إقواء.
(2)
تمصل: تقطر. في النسختين: «فمصل» وبدون إعجام الحرف الأول، صوابه من المحبر. الحوار: ولد الناقة من حين يوضع إلى أن يفطم ويفصل، فإذا فطم فهو فصيل.
المخزق، من قولهم خزق الطائر والرجل خزقا: ألقى ما في بطنه. في النسختين: «المحرق» وفي المحبر: «المخرق» ، ووجههما ما أثبت.
(3)
في المحبر: «أبو سمال» بتشديد الميم ولام في آخره.
(4)
المحبر: «التي تجتاب» .
(5)
المحبر: «فدفعه مصعب إليهم» .
(6)
ب: «وحبس» ، تحريف.
في سلحك! ثم التفت عقيبة إلى الناس فقال: يا معاشر الناس
(1)
. فجلس القائم وأسرع الماشي، فلما اجتمعوا قال: اسكتوا، فو اللّه ما قتلت ابن عمي حين قتلته ألاَّ يكون قد أعطاني النصف وزادني، ولكن نظرت إلى أمير المؤمنين علىَّ، رضوان الله عليه، في هذا المكان الذي فيه الأمير وعن له تميم من ناحية المسجد ونظر إليه علىٌّ فقال: من سره أن ينظر إلى جذل من أجذال جهنّم
(2)
فلينظر إلى هذا - وأشار إليه - فرحم الله قاتله! فقتلته. فقال الناس: رحمك الله! وقُتل.
ومنهم:
أعشى همدان
وهو عبد اللّه بن عبد الرحمن
(3)
بن الحارث بن نظام
(4)
وكان خرج مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس، وكان له مدّاحا وقد كان قال في بعض ما يمدحه به:
بين الأشجِّ وبين قيس باذخٌ
…
بَخْ بخ لوالده وللمولود
(5)
(1)
المحبر وب بقلم الناسخ: «يا معشر الناس» .
(2)
الجذل: ما عظم من أصول الشجر. ا: «حذل من أحذال جهنم» وصححه الشنقيطي مطابقا ما في المحبر.
(3)
كذا في النسختين. والصواب «عبد الرحمن بن عبد اللّه» كما في الاشتقاق 252 والمؤتلف 14 والأغانى 15: 138.
(4)
سياق نسبه كما في المؤتلف والأغانى: «نظام بن جشم بن عمرو بن الحارث بن مالك بن عبد الجن» .
(5)
وكذا في مقاييس اللغة 1: 175 واللسان 3: 483. وفي الأغانى: «بين الأغر وبين قيس». وفيه يقول أيضا كما في الأغانى 5: 151:
يا ابن الأشج قريع كن
…
دة لا أبالي فيك عتبا
وقبل البيت:
وإذا سألت المجد أين محله
…
فالمجد بين محمد وسعيد
وسعيد هذا هو سعيد بن قيس الهمداني والد أمه أم عمرو. الأغانى 5: 145.
وقال يهجو الحجاج:
شطَّت نوَى مَن دارُه بالإيوانْ
…
إيوانِ كسرى ذِي القُوَى والرَّيحانْ
مَن عاش أَمسَى بزابُلستان
(1)
…
والبَنْدَنيجَيْنِ إلى طَبَرْستان
إنَّ ثقيفاً منهم الكَذّابان
…
كذّابُها الماضي وكذّابٌ ثانٍ
إنَّا سَمونْا للكَفُور الفَتَّان
…
حين طغَى في الكُفْر بعد الإيمان
بالسِّيدِ الغطريف عبد الرحمن
…
سار بجمعٍ كالدَّبا من قحطان
(2)
ومن معدً قد أتى ابنِ عدنانْ
…
بجحفلٍ جمعٍ شديد الأركان
فقل لحجّاج ولىّ الشّيطان
…
يثبت لجمع مذحج وهمدان
فهم مساقوه بكأس الذَّيفانْ
…
أو مُلحقوه بقرى ابن مروان
فأسره الحجاج، وقد كان مدحه فأنشده مديحه إياه، فقال: ألست القائل لعدو الرحمن:
بين الأشجِّ وبين قيس باذخٌ
…
بَخْ بَخْ لوالده وللمولود
لا والله لا تبخبخ بعدها أبداً! وضربت عنقه.
وقد كان مما مدح به الحجاج فأنشده إياه قوله:
سيُغلَب قومٌ غالبُوا اللهَ جهرةً
…
وإن كايدَوه كان أقوى وأكيدا
(3)
كذاك يضلُّ اللهُ من كان قلبُه
…
مريضا ومن والى النّفاق وألحدا
(1)
في النسختين: «أمشى براء بلستان» . تحريف. وزابلستان: كورة واسعة جنوبي بلخ وطخارستان.
(2)
الدبا: صغار الجراد. في النسختين: «كالربا» تحريف. وفي الأغانى:
«بجمع كالقطا» .
(3)
الأغانى: «جهلة» بدل «جهرة» .
فقد تركوا الأهلين والمالَ خلفهم
…
وبيضاً عليهنّ الجلابيب خرّدا
(1)
ينادينهم مستعبرات إليهم
…
وقد دفن دمعا في الخدود وإثمدا
(2)
فإلاَّ تداركهنَّ منك برحمةٍ
…
يكنَّ سبايا والبعولة أعبدا
أنكثا وعصيانا وجبنا وذلةً
…
أهان إلهي مَن أهان وأبعدا
لقد شَأمَ المِصرين فرخُ محمدٍ
…
بحقً وما لاقى من الطَّير أسعَدا
(3)
كما شأًم اللهُ النُّجير وأهله
…
بجدً له قد كان أشقى وأنكدا
(4)
ولما زحفنا لابن يوسفَ غدوةً
…
وأبرقَ منَّا العارضانِ وأرعدا
فكافحنا الحجَّاجُ دونَ صفوفنا
…
كِفاحاً ولم يضربْ لذلك موعدا
فما لبثَ الحجاجُ أن سلْ سيفه
…
علينا فولىَّ جمعنا وتبدَّدا
وما زحفَ الحجَّاجُ إلاَّ رأيته
…
معافى مُلقًّى للحُتوف معودّا
إذا قال شدُّوا شدَّةً حملوا معاً
…
فأنهل خرصانَ الرِّماح وأوردا
(5)
فلم ينفعه ذلك عنده حتى قتله.
(1)
هذا ما في الأغانى. وفي ا: «ومصا» ، جعلها الشنقيطي «حصنا»: جمع حصان بالفتح.
(2)
الدوف: الخلط. ا: «دقن» والتصحيح للشنقيطى. وفي الأغانى: «ويذرين» .
(3)
ا: «قرح محمد» والتصحيح للشنقيطى. ورواية الأغانى:
لقد شمت يا ابن الأشعث العام مصرنا
…
فظلوا وما لاقوا من الطير أسعدا
(4)
في النسختين: «كما أشأم» تحريف. والنجير: حصن باليمن قرب حضرموت كانت فيه وقعة لزياد بن لبيد البياضي، قتل فيها سبعمائة من كندة، وذلك بغدر الأشعث انظر معجم البلدان.
(5)
في النسختين: «إذا قالوا» ، تحريف.
ومنهم:
عبيد الله بن الحر الجعفي
وكانت قيس ...............
(1)
فأتى عبد الملك فضمن له العراق وقتل مصعب، فأمر له عبد الملك بجائزة، وقال له: أوجه معك جيشاً كثيفاً. فقال: أصحابي يكفوني.
وقد كان هجا قيساً فقال:
ألم تر قيسا قيس عيلان برقعت
…
لحاها وباعت نبلها بالمغازل
ولاقوا رجالاً يكسُد النَّبل عِندهم
…
إذا خطرتْ أيمانهم بالمناصِل
فلم يدعه عبد الملك حتى بعث معه جيشاً من أهل الشام، فجعل بعضهم يتخلف عن بعض في كل مرتحل حتى رق من معه، فعرض له عبيد الله بن العباس السلمى ثم الرعلى فقاتله، ففر فتبعه حتّى ركب معبرة
(2)
بالفرات، فنادى عبيد اللّه بن العبّاس الملاح صاحب المعبر: لئن عبرت به لأقتلنّك! فكرّ به راجعا فعانقه ابن الحر - وكان الملاح شديد البطش - فغرقا جميعاً.
فاستخرجت قيس عبيد الله بن الحر، فنصبوه وجعلوا يرمونه ويقولون:
أمغازلاً تجدها
(3)
؟! حتّى قتلوه.
(1)
بياض في النسختين. وانظر الطبري وابن الأثير في حوادث 68 وتاريخ الإسلام للذهبي 4: 382.
(2)
المعبرة: سفينة يعبر عليها النهر، ومثلها «المعبر» .
(3)
في الحيوان 1: 134: «أذات مغازل» .
ومنهم:
عبد الله بن بشار بن أبي عقب
وقد كتبنا حديثه في المغتالين
(1)
، وقتله عبيد اللّه الخثعمىّ.
[ومنهم:
مزاحم بن عمرو السلولي، وابن الدمينة الخثعمي
(2)
] وكان رجل من بني سلول يقال له مزاحم بن عمرو يرمى امرأة ابن الدمينة
…
عا
…
(3)
عليها، فقال مزاحم يذكر امرأة ابن الدمينة:
يا ابن الدُّمينة والأخبار يرفعها
…
وخد النَّجائب، والمحقور ينميها
(4)
يا ابن الدُّمينة إن تغضبْ لما فعلتْ
…
حمَّادُ بالخزْيِ أو تغضَبْ مواليها
أو تبغضُوني فكم من طعنةٍ نفذ
(5)
…
[يغذو خلال اختلاج الجوف غاذيها
(6)
]
جاهدتُ فيكم بها إنِّي لكم أبداً
…
أبغى مخازيكم عمداً فآتيها
(7)
لا برءَ عندي لكم حتّى تغيّبنى
…
غبراء مظلمة هار نواحيها
أبغى نساء بنى تيم إذا هجعتْ
…
عنِّي العيون ولا أبغى مقاريها
(8)
(1)
انظر ما مضى في ص 173،
(2)
تكملة ضرورية. والكلام قبلها متصل بما بعدها في النسختين، وليس بينهما صلة.
(3)
بياض في النسختين في هذا الموضع وسابقه. وفي الأغانى 15: 145: «وكان يرمى بامرأة ابن الدمينة - وكان اسمها حماء. قال السكرى: كان اسمها حمادة - فكان يأتيها ويتحدث إليها حتى اشتهر ذلك، فمنعه ابن الدمينة من إتيانها واشتد عليها» .
(4)
في النسختين: «والمحفور» ، صوابه من الأغانى ومعاهد التنصيص 1:59.
(5)
نفذ، كذا في النسختين، فإن صحت كانت وصفا بالمصدر، أي نافذة. وفي الأغانى ومعاهد التنصيص:«نفذت» .
(6)
التكملة من الأغانى. وفي الأغانى: «يعذو .... عاذيها» . وفي معاهد التنصيص:
«يغدو
…
غاديها». والوجه ما أثبت يقال: غذا الجرح يغذو، إذا دام سيلانه.
(7)
في النسختين: «إني لكم ولد» ، صوابه من الأغانى ومعاهد التنصيص.
(8)
المقارى: الجفان والقدور والقصاع، جمع مقراة.
وكاعب من بنى تيم قعدت لها
…
أو عانسٍ حينَ ذاق النومَ حاميها
كقعدة الأعسر العلفوق منتحيا
…
يمينه من متون الترك ينحيها
(1)
أمارة كيّة ما بين عانتها
…
وبين سرتَّها لا شلَّ كاويها
وشهقة عند حسَّ الماء تشهقُها
…
وقولُ رُكبتها قضْ حين نثنيها
وتعدل الأيرَ إن زالت قبيعتُه
…
حتَّى تقيم برفقٍ صدره فيها
فلما سمع ابن الدمينة قول مزاحم أتى امرأته فقال: إن مزاحماً قد قال فيك ما قال. قالت: والله ما رأى منِّي ذلك الموضع قط. قال: فما علمه بالعلامات التي وصف؟ قالت: النساء أخبرنه. فلم يصدقها وقال: ابعثي إلى مزاحم يأتيك في موضع كذا وكذا.
فأرسلت إلى مزاحم: أنك قد سمعت بي، وأنا أحبّ أن تأتيني - وواعدته موضعاً - فقعد ابن الدمينة وصاحب له، وأقبل مزاحم وهو يظن أنها في الموضع الذي واعدته. فخرج عليه ابن الدمينة وصاحبه، فأوثقاه وصرا صرة رملٍ فضرباه بها حتى مات، وأتى امرأته فقتلها، وقتل ابنة له منها، وطلبه السلوليون فلم يجدوه.
فقالت أم مزاحم، وهي أم أبان، خثعمية، ترثي ابنها مزاحماً، وتحض مصعباً وجناحا أخويه:
بأهلي ومالي ثمّ جلّ عشيرتي
…
قتيلُ بني تيمٍ بغير سلاحِ
فهلاَّ قتلتم بالسَّلاح ابنَ أختكم
…
فيصبحَ فيه للشهود جراحُ
فلا تطمعُوا في الصلح ما دمتُ حيَّةً
…
وما دام حياً مصعب وجناحُ
ألم تعلموا أنَّ الدَّوائر بيننا
…
تدُور وأنَّ الطالبين شحاحُ
(1)
العلفوق: الثقيل الوخم. ا. «الغلفوق» وصححه الشنقيطي. وفي الأغانى ومعاهد التنصيص: «متينة من متين النبل يرميها» .
فخرج مصعب في طلب ابن الدمينة، فأتى العبلاء
(1)
فإذا بنجيب واقفٍ برحله في السوق، وإذا قوم مجتمعون وابن الدمينة ينشدهم، فجاء إلى حانوت قصاب فوضع عنده رهناً وأخذ منه سكيناً، ثم أتاه، فلما رآه ابن الدمينة ولى، واتبعه فوجأه بها وجأتين، وأخذ مصعب وابن الدمينة وهو جريح فحبسا، وأقبل جناح بن عمرو في ناس من بني سلول إلى السجن، ولبث ابن الدمينة محبوساً، ونظر السلطان في أمره فلم يثبت للسلولى عليه حقٌ فأطلقه.
فبينا ابن الدمينة بعد ذلك بسوق العبلاء رآه مصعب أخو مزاحم، فشد عليه فقتله.
فهذا مقتل مزاحم بن عمرو السلولي، ومقتل ابن الدمينة الخثعمي.
ومنهم:
سديف بن ميمون
(2)
مولى آل أبي لهب
(3)
، وكان مداحاً لأبي العباس أمير المؤمنين. وهو الذي حض على سليمان بن هشام بن عبد الملك وعلى ابنيه، أبا العباس السفاح حتى قتلهم
(4)
.
وإنه خرج مع محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب
(5)
(1)
العبلاء: اسم علم لصخرة بيضاء إلى جنب عكاظ. وفي الأغانى ومعاهد التنصيص:
«ومر به مصعب بعد ذلك وهو في سوق العبلاء» .
(2)
انظر الكامل 707 ليبسك والأغانى 4: 92 - 96 والنجوم الزاهرة 1: 330 - 331 والمحبر لابن حبيب 486.
(3)
في الكامل: «مولى أبى العباس السفاح» .
(4)
كان مما قاله فيهم محرضا:
يا ابن عم النبي أنت ضياء
…
استبنا بك اليقين الجليا
جرد السيف وارفع العفو حتى
…
لا ترى فوق ظهرها أمويا
لا يغرنك ما ترى من أناس
…
إن تحت الضلوع داء دويا
بطن البغض في القديم فأضحى
…
ثاويا في قلوبهم مطويا
(5)
كان خروج محمد بن عبد اللّه، وهو الملقب بالنفس الزكية، سنة 145 في أيام أبى جعفر المنصور.
فمدح محمداً وهجا أبا جعفر، وقتل محمد بن عبد الله، وولى عبد الصمد بن عليٍّ مكة، فكان عبد الصمد الذي ولى قتله.
ومنهم:
عبد بنى الحسحاس
واسمه سحيم
(1)
، وكان صاحب تغزل، فاتهمه مولاه بابنته، فجلس له في مكان إذا رعى سحيم قال فيه
(2)
، فلما اضطجعا تنفس الصعداء ثم قال:
يا ذكرةً مالكَ في الحاضر
…
تذكرها وأنت في الصادر
(3)
من كلِّ بيضاءَ لها كعثبٌ
…
مثلُ سنام الرُّبع المائر
فقال له سيده - وظهر من موضعه الذي كمن فيه -: مالك! فتلجلج في منطقه. فلما رجع أجمع على قتله، وخرجت إليه صاحبته فحدثته وأخبرته بما يراد به، فقام ينفض برده ويعفى أثره، فلما انطلق به ليقتل ضحكت امرأة كان بينها وبينه هوى، شماتة
(4)
، فقال:
إن تضحكى منّى فيا ربّ ليلةٍ
…
تركتكِ فيها كالقباء المفرج
فلما قدم ليقتل قال:
شُدُّوا وثاقَ العبدِ لا يفلتْكُم
…
إن الحياة من الممات قريب
(1)
الشعر والشعراء 369 - 370 والأغانى 20: 2 - 9 والإصابة 3: 163 - 164 وفوات الوفيات 1: 213 وشرح شواهد المغنى 112 والخزانة 1: 271 - 284. وقد نشرت دار الكتب ديوانه بتحقيق العلامة الميمنى سنة 1369.
(2)
من القيلولة، وهو نوم القائلة.
(3)
في النسختين: «ما ذكره» ، صوابه من نقل البغدادي عن هذا الكتاب، ومن الأغانى.
(4)
في النسختين: «وشماتة» ، والوجه ما أثبت.
فلقد تحدّر من جبين فتانكم
…
عرقٌ على ظهرِ الفراشِ رطيبُ
(1)
فقتل.
ومنهم:
وضاح اليمن
وهو وضاح بن إسماعيل بن عبد كلال، أحد أبناء الفرس الذين قدموا مع وهرز الفارسي، فقتلوا الحبشة وأقاموا بصنعاء.
وكان شاعراً ظريفاً غزلاً جميلاً، فعشقته أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان
(2)
، وكانت تحت الوليد بن عبد الملك، ولها منه عبد العزيز بن الوليد، وكان يكون عندها في صندوق مخبوءاً.
وإن الوليد بعث إليها مع خادم له بجوهر، فأتاها وهي غافلة ووضاح عندها، فلما دخل الخادم وأحست به أدخلت وضاحاً في صندوق، فرآه الخادم وأخبر به الوليد، فأتاها فجلس على الصندوق الذي وصفه له الخادم فقال لها:
يا أم البنين، لي إليك حاجة. قالت: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: تهبين لي بعض صناديقك. قالت: كلها لك. قال: لا أريد إلا الصندوق الذي تحتي.
فقالت: هو لك.
فبعث إلى حفّارين فحفروا بئراً ثم أدلوه فيها وقال: يا هذا، قد بلغنا عنك شيء، فإن كان حقاً أو باطلاً فسنقطع أثرك. وألقى ترابها وانصرف.
فلم تتبين في وجه الوليد إلى أن مات شيئا يذكر.
(1)
كذا في النسختين. وفي الخزانة والأغانى: «وطيب» ، وفي فوات الوفيات:«يطيب» .
(2)
ا: «بنت عبد الملك بن مروان» والصواب ما أثبته الشنقيطي. انظر ما سبق في نوادر المخطوطات 1: 75 والأغانى 6: 32 - 39.
ومنهم:
قيس بن الخطيم
وكان سيداً شاعراً. فلمّا هدأت حرب الأنصار تذاكرت الخزرج قيس بن الخطيم ونكايته
(1)
، فتذامروا وتواعدوا قتله، فخرج عشية في ملاءتين مورّستين
(2)
يريد مالا له بالشّوط
(3)
، حتى مر بأطم بني حارثة، فرمى من الأطم بثلاثة أسهم فسقط أحدها في صدره فصاح صيحة أسمعها رهطه، فجاءوه فحملوه إلى منزله فلم يروا له كفواً إلا أبا صعصعة بن زيد بن عوف بن مبذول النّجّارىّ
(4)
، فاندسّ إليه رجل حتّى اغتاله في منزله فضرب عنقه، واشتمل على رأسه، وأتى به قيساً وهو بآخر رمقٍ، فألقاه بين يديه وقال: يا قيس لقد أدركت ثأرك. فقال:
عضضت بأير أبيك إن كان غير أبي صعصعة! فقال: هو أبو صعصعة - وأراه الرأس - فلم يلبث قيس أن مات.
ومنهم:
غضوب
إحدى بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وكانت شاعرة وكانت ناكحاً في بني طهية ثم في بني سبيع، فكانت مع زوجها زماناً ثم تزوج عليها امرأة منهم، فأولعت بهم تهجوهم، فقالت:
(1)
النكاية وردت في النسختين بالباء الموحدة، صوابه من الأغانى 2: 158 ومعاهد التنصيص 1: 68 والخزانة 3: 169.
(2)
أي مصبوغتين بالورس.
(3)
الشوط: بستان بين أحد والمدينة.
(4)
في الأغانى: «أبا صعصعة يزيد بن عوف بن مدرك النجاري» . وفي الخزانة نقلا عن الأغانى: «أبا صعصعة بن زيد بن عوف من بنى النجار» . وفي معاهد التنصيص:
بنو سبيعٍ زمَع الكلابِ
…
ليسوا إلى سعدٍ ولا الرِّبابِ
ولا إلى القبائل الرِّغابِ
…
كم فيهم من طفلة كعاب
وكعاء ذات ركب قبقاب
…
خبيثة المُشعَر في الثيابِ
تتبعُ كُلَّ عزبٍ وثاب
فأوعدها رجال منهم مربع، وبنو وقدان، وبنو سيار، وبنو مجمع، فقالت:
يا مربعاً يا مربع الضّلال
…
يا فاحر مستقبلِ الشمالِ
(1)
على بعيرٍ غير ذي جلالِ
…
يا مربعاً هل حان من إقبالِ
في هجاء لها.
فلما سمعوا ذلك مشوا إليها فضربها مربع والفتية الآخرون فقتلت.
فقال مربع:
شفيتُ الغليلَ من غضوبَ فأصبحت
…
لها إرم في رأس علياء عاقل
سأنقم منها جهلها وسفاهها
…
وإيضاعها في كلِّ حقٍّ وباطلِ
ألا لا تُراعوا إنما هي لصَّةٌ
…
تسارعَ فيها فتية بمناصل
(2)
[تم كتاب أسماء المغتالين]
(1)
ا: «فاجر» ، والصواب ما أثبت الشنقيطي.
(2)
جعلها الشنقيطي «تشارك فيها» .
كتاب كنى الشعراء ومن غلبت كنيته على اسمه لأبي جعفر محمد بن حبيب
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مقدمة
وهذا كتاب آخر لمحمد بن حبيب، هو كتاب «كنى الشعراء ومن غلبت كنيته على اسمه» . وقد سبق الكلام على هذا الكتاب في مقدمة «أسماء المغتالين
(1)
» ونسختا هذا الكتاب، سبق الكلام عليهما كذلك، وهما نسخة مكتبة عاشر، المرموز إليها بالرمز (ا) ونسخة الشنقيطي ذات الرمز (ب).
وقد أثبت على جوانب الكتاب أرقام نسخة مكتبة عاشر المصورة، طبقا لما جريت عليه في نشر كتاب أسماء المغتالين.
وإليك نص الكتاب:
(1)
المقدمة ص 109 من المجلد الثاني من نوادر المخطوطات.
كنى الشعراء ومن غلبت كنيته على اسمه
[كنى من غلبت كنيته على اسمه:]
(أبو طالب)، واسمه عبد مناف بن عبد المطلب.
(أبو سفيان)، وهو المغيرة بن الحارث
(1)
.
(أبو دهبل
(2)
)، وهو وهب بن ربيعة بن أسيد بن أحيحة بن خلف بن حذافة بن جمح.
(أبو عزة)، وهو عمرو بن عبد الله بن عمير
(3)
بن أهيب بن حذافة ابن جمح.
(أبو بكر) ابن الأسود بن عبد شمس بن مالك بن جعونة بن عويرة ابن شجع، الذي يقال له «ابن شعوب
(4)
» بها يعرف، وهي أمّه، خزاعيّة.
وهو القائل:
يخبّرنا الرسولُ بأنْ سنحيا
…
وكيف حياةُ أصداءٍ وهامٍ
(أبو الأسود
(5)
)، وهو ظالم - ويقال عثمان - بن عمرو بن سفيان بن
(1)
قيل اسمه المغيرة، وقيل اسمه كنيته. وهو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن هاشم، ابن عم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما حليمة السعدية وكان ممن يؤذى الرسول ويهجوه ويؤذى المسلمين، وفي ذلك يقول حسان بن ثابت:
هجوت محمدا فأجبت عنه
…
وعند اللّه في ذاك الجزاء
وأسلم أبو سفيان في الفتح. الإصابة ص 535 من باب الكنى.
(2)
ا: «أبو ذهل» ، والتصحيح للشنقيطى. انظر الشعراء 596 والاشتقاق 81 والمؤتلف 117 والأغانى 6: 149 - 165.
(3)
في النسختين: «حمير» . وانظر ما سبق في ص 245.
(4)
سبق في كتاب من نسب إلى أمه من الشعراء في المجلد الأول ص 83 أن ابن شعوب هو عمرو بن سمى بن كعب بن عبد شمس بن مالك.
(5)
انظر مراجع ترجمته بإسهاب في حواشي الجزء الأول من إنباه الرواة للقفطى ص 13.
جندل بن يعمر بن حلس بن نفاثة بن عدي بن الديل بن بكر بن كنانة
(أبو مهوِّش
(1)
)، وهو ربيعة بن حوط بن رئاب
(2)
بن الأشتر بن حجوان ابن فقعس.
(أبو سماك
(3)
)، وهو سمعان بن هبيرة بن مساحق بن بجير بن أسامة بن نصر بن قعين.
(أبو الصقر)، وهو رفاعة بن قيس بن عاصم بن حكيم.
(أبو حجرية
(4)
)، وهو قيس بن عاصم بن حكيم، فقعسىّ.
(أبو جهمة)، وهو الأخثم بن طلق، أخو بني سعد بن ثعلبة.
(أبو مكعت
(5)
)، وهو منقذ بن خنيس بن سلامة بن سعد بن مالك بن ثعلبة بن دودان.
(أبو كبير)، وهو عامر بن ثابت
(6)
بن عبد شمس بن خالد بن عمرو بن كعب بن مالك بن كعب بن كاهل الهذلي.
(أبو ذؤيب)، وهو خويلد بن خالد بن المحرث
(7)
، أخو بني مازن بن معاوية، هذلىّ.
(أبو خراش)، وهو خويلد بن مرة، أخو بنى قرد بن معاوية، هذلىّ
(1)
في النسختين: «أبو مهوش» تصحيف، انظر الخزانة 3:86.
(2)
في النسختين: «بن خوط بن رباب» ، صوابه من الخزانة.
(3)
انظر ما مضى في ص 264 ص 7.
(4)
كذا في النسختين.
(5)
ا: «أبو مكعت» ، والتصحيح للشنقيطى. وانظر القاموس (كعت).
(6)
في الشعراء 652 والخزانة 3: 473 واللآلئ 387 وديوان الهذليين 2: 88:
«عامر بن الحليس» . وما أثبته ابن حبيب هنا من تمام نسبه لم أعثر عليه في مرجع آخر.
(7)
في النسختين: «المحدث» ، صوابه من اللآلئ 98 والأغانى 6: 56 والخزانة 1: 203.
(أبو صخر)، وهو عبد الله بن سلمة
(1)
، هذلىّ.
(أبو العيال)، و (أراكة)، و (أبو جندب)، و (أبو أثيلة) هذليون، وهي أسماؤهم.
(أبو الهندىّ)، وهو أزهر بن عبد العزيز بن شبث بن ربعىّ
(2)
، أحد بني رياح بن يربوع.
(أبو حزابة
(3)
)، وهو الوليد بن حنيفة، من بنى ربيعة بن حنظلة.
(أبو نخيلة) السعدي، وهو اسمه وكنيته
(4)
.
(أبو الجند
(5)
) بن حزن بن زائدة بن لقيط.
(أبو الأخزر)، وهو قتيبة، أحد بني حمان بن عبد العزَّى بن كعب ابن سعد.
(أبو الشعر)، وهو موسى بن سحيم الضبي.
(أبو المختار) الكلابي، وهو قيس بن يزيد بن قيس بن يزيد بن عمرو ابن خويلد.
(أبو دواد) الرّؤاسى
(6)
، وهو يزيد بن معاوية بن عمرو بن قيس بن عبيد بن رؤاس.
(1)
في الأغانى 21: 94: «بن سلم» . وفي الخزانة 1: 555: «سالم» :
(2)
في اللآلئ 168 أنه عبد الملك بن عبد القدوس بن شبث بن ربعي: وفي الشعراء 663: «عبد المؤمن بن عبد القدوس» . وفي الأغانى 21: 177 «غالب بن عبد القدوس» .
(3)
في الأصل: «أبو حزانة» والتصحيح للشنقيطى. انظر الأغانى 19: 152 والقاموس (حزب) والمؤتلف والمختلف 64.
(4)
في الشعراء 583 أن اسمه «يعمر» وإنما كنى أبا نخيلة، لان أمه ولدته إلى جنب نخلة.
(5)
في ا: «الحسد» بالإهمال. والتصحيح للشنقيطى.
(6)
وفي شعرائهم أيضا «أبو دواد الإيادى» واسمه جويرية بن الحجاج. انظر الشعراء 189 والمؤتلف 115 - 116.
(أبو حيَّة) النميري، وهو الهيثم بن الربيع بن زرارة.
(أبو محجن
(1)
) وهو عمرو بن حبيب بن عمرو بن عمير بن عوف ابن عقدة.
(أبو الصلت) بن أبي ربيعة بن عوف بن عقدة.
(أبو شجرة)، وهو عمرو بن عبد العزى بن عبد الله بن رواحة، من سليم.
(أبو وجزة
(2)
) وهو يزيد بن أبي عبيدة - ويقال بل ابن عبد الله - ابن جابر، من بني سليم. وهو حليف بني سعد بن بكر
(3)
.
(أبو الربيس
(4)
) وهو عباد بن عباس بن عوف بن عبد الله بن أسد
(5)
بن ناشب، من بني ذبيان.
(أبو خليل) بن شداد بن مالك بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسىّ.
(أبو سمر) ابن إياس، وهو اسمه. .. . . (*) بن معاوية.
(أبو أسماء)، وهو أمية بن عوف بن عباد، من بني نصر.
(أبو الشغب)، وهو عكرشة بن أزيد بن سحل
(6)
، عبسىّ.
ومن ربيعة
(أبو سلمة)، وهو حريث بن حنظلة بن الحارث بن قيس الشيباني.
و (أبو نعجة)، وهو صالح بن شرحبيل بن رماح النمري.
و (أبو كاهل) و (أبو جلدة) اليشكريان و (أبو القطاف) و (أبو كدراء)
(1)
في النسختين: «عبد» ، صوابه من المؤتلف واللسان (دأدأ).
(2)
انظر الخلاف في اسمه في الخزانة 3: 53، والمؤتلف 95 والأغانى 21:137.
(3)
انظر الشعراء 684 والأغانى 11: 75 - 81 والخزانة 2: 147 - 150.
(4)
في الشعراء أنه من بنى سعد بن بكر بن هوازن أظآر رسول اللّه.
(5)
في النسختين: «أبو الرئيس» ، صوابه من الخزانة 2:534. وفي القاموس (ربس): «وأبو الربيس عباد بن طهمة الثعلبي».
(6)
في النسختين: «أسعد» ، صوابه من الخزانة.
زر بن ظالم العجلى، و (أبو اللحام) التغلبي، و (أبو النجم) العجلى
(1)
، وهو
(2)
الفضل بن قدامة، و (أبو الجويرية) العبدي، وهو عيسى بن أوس ابن عصية
(3)
.
ومن إياد
(أبو دواد)، وهو حارث بن حمران بن بحر بن عصام
(4)
.
ومن اليمن
(أبو السائب) بن عبادة بن مالك بن عباد، أخو بني جحجبي، من الأوس.
و (أبو قيس) وهو صيفي بن الأسلت - وهو عامر - بن جشم بن يزيد
(5)
من الأوس.
ومن الخزرج (أبو أنس) بن صرمة
(6)
بن مالك بن عدي بن غانم بن غنم ابن عدي بن النجار.
و (أبو رعية) وهو عامر بن كعب بن عمرو بن حديج.
(1)
ضرب الشنقيطي على هذه الكلمة مع ثبوتها في نسخة عاشر.
(2)
ا: «وأبو الفضل» وفي ب: «الفضل» والوجه ما أثبت. وانظر الشعراء 584 وابن سلام 149 ومعجم المرزباني 310 - 311 واللآلئ 327 - 328 والأغانى 9: 73 - 78 والخزانة 1: 48 - 50، 401 - 408.
(3)
وكذا في معجم المرزباني 258. لكن في المؤتلف 79: «عصبة».
(4)
في المؤتلف 115 أنه «جويرية بن الحجاج، وقيل اسمه حنظلة بن الشرقي. الشعراء 189. وانظر الأغانى 15: 91 - 96 والخزانة 4: 190 - 191 والعيني 2: 391.
(5)
كذا. وفي الأغانى 15: 154 والإصابة: «بن جشم بن وائل بن زيد» .
(6)
شاعر جاهلي، كما في الاشتقاق 168.
ومن خزاعة
(أبو الكنود
(1)
) بن عبد العزى بن عمرو بن ندا
(2)
و (أبو رمح) وهو عمير بن مالك بن حنطب، من دوس.
(أبو عنبس) أخو بني مبذول بن لؤي بن عامر بن غانم بن دهمان.
ومن كلب
(أبو شهلة) بن عبد اللّه بن التمنّى بن عبد الله بن الشجب.
ومن بني القين
(أبو الطّمحان) وهو حنظلة بن الشّرقى.
ومن كندة
(أبو هنىّ) وهو مسروق بن معديكرب بن ثمامة بن الأسود.
ومن السَّكون
(أبو الأغفل) أخو بنى سوم بن أشرس بن شبيب بن السّكون.
ومن جعفىّ
(أبو الشعثاء) وهو عبد الله بن وبرة بن قيس بن مطر.
ومن أود
(أبو المغراء) وهو عمرو بن الحارث بن عبد الله بن كعب.
(1)
ذكره في الاشتقاق 279.
(2)
كذا في النسختين.
ومن مراد
(أبو القصبة) وهو بكير بن عبد الله بن سلمة بن الأشل.
ومن همدان
(أبو الجرندق) وهو معقل بن عبد جبر
(1)
بن محمد بن خولي.
ومن طيئ
(أبو زبيد) وهو حرملة بن عبد المنذر
(2)
بن معديكرب بن حنظلة بن النعمان ابن حية.
و (أبو المقدام) هو الأخيل بن عبيد بن الأعسم بن قيس بن خضر بن عبد الله.
و (أبو دلامة) زند بن الجون.
و (أبو العباس) الأعمى الكناني، وهو السائب بن فرّوخ.
(1)
انظر جمهرة ابن حزم 395 والاشتقاق 255. وفيهما «عبد خير».
(2)
كذا. والصواب «حرملة بن المنذر» . انظر سمط اللآلئ 118.
كنى الشعراء
امرؤ القيس بن حجر الكندي: (أبو الحارث).
زهير بن أبي سلمى: (أبو سلمى).
نابغة بني ذبيان: (أبو أمامة) و (أبو عقرب).
أوس بن حجر: (أبو شريح).
طرفة بن العبد: (أبو إسحاق).
لبيد بن ربيعة: (أبو عقيل).
عبيد بن الأبرص: (أبو زياد).
أعشى بنى قيس بن ثعلبة: (أبو بصير
(1)
).
الحطيئة: (أبو مليكة).
مهلهل بن ربيعة: (أبو ربيعة).
الأسود بن يعفر: (أبو نهشل).
عمرو بن معديكرب: (أبو ثور).
عدي بن زيد العبادي: (أبو عمير).
بشر بن أبي خازم: (أبو عمرو).
سلامة بن جندل: (أبو مالك).
عمرو بن شأس: (أبو عرار).
(1)
التصحيح للشنقيطى. وفي ا «أبو نصير» .
حاتم بن عبد الله الطائي: (أبو عدي)، و (أبو سفانة).
تميم بن أبي مقبل: (أبو كعب).
عامر بن جوين الطائي: (أبو الأسود).
زيد الخيل بن مهلهل: (أبو مكنف
(1)
).
كعب بن زهير: (أبو المضرب).
حسان بن ثابت: (أبو الوليد).
كعب بن مالك الأنصاري: (أبو عبد الله).
عبد الله بن رواحة الأنصاري: (أبو عمرو).
أرطأة بن سهية المري: (أبو الوليد).
مالك بن العجلان النهدي: (أبو سعيد).
عامر بن الطفيل: (أبو علي).
عباس بن مرداس السلمى: (أبو الهيثم).
قيس بن زهير العبسي: (أبو هند).
خالد بن جعفر بن كلاب: (أبو جزء
(2)
).
أربد بن قيس: (أبو الحزاز).
عروة بن الورد العبسي: (أبو الصعاليك).
قيس بن الخطيم الأوسىّ: (أبو زيد).
أمية بن أبي الصت: (أبو عثمان) و (أبو القاسم).
صخر بن عمرو بن الشريد: (أبو حسّان).
(1)
مكنف: هو ابن زيد الخيل، كان له غناء في الردة مع خالد بن الوليد.
(2)
التصحيح للشنقيطى. وفي ا: «أبو حرى» .
دريد بن الصمة: (أبو قرة).
أنس بن مدرك الخثعمىّ: (أبو سفيان).
الشماخ بن ضرار: (أبو سعدة).
يزيد، وهو مزرد أخو الشماخ:(أبو ضرار).
عبد الله بن أوس الأسدي: (أبو منقذ).
يزيد بن مفرّغ الحميري: (أبو مفرّغ).
أعشى همدان: (أبو المصبح).
الأخطل: (أبو مالك).
عبد الله بن همام السلولي: (أبو عبد الرحمن).
الكميت بن زيد الأسدي: (أبو المستهل).
الفرزدق بن غالب: (أبو فراس).
جرير بن عطية بن الخطفى: (أبو حزرة).
عتيبة بن الحارث بن شهاب: (أبو حزرة).
الطرماح بن حكيم: (أبو نفر).
كثير بن عبد الرحمن: (أبو صخر).
جميل بن معمر العذرى: (أبو عمرو) و (أبو معمر).
اللعين
(1)
: (أبو أكيدر).
الأحوص بن محمد الأنصاري: (أبو عاصم).
نصيب الأسود: (أبو محجن).
(1)
اللعين المنقري، هو منازل بن ربيعة. الشعر والشعراء 474.
عبيد الله بن قيس الرقيات: (أبو هاشم).
يزيد بن مخرم
(1)
الحارثي: (أبو الحارث).
عدي بن الرقاع العاملي: (أبو داود
(2)
).
زفر بن الحارث الكلابي: (أبو عبد الله).
عمران بن حطان السدوسي: (أبو شهاب).
عبيدة بن هلال اليشكري: (أبو مالك).
عبيد الله بن الحر الجعفى: (أبو الأشرس).
عبيد الراعى
(3)
النميري: (أبو نوح) و (أبو جندل).
كعب الأشقرى: (أبو مالك).
زياد الأعجم: (أبو أمامة).
الأقيشر: (أبو معرض
(4)
).
المخبل، وهو ربيعة بن مالك بن ربيعة بن قتال:(أبو يزيد).
البعيث المجاشعىّ: (أبو يزيد).
عمر بن أبي ربيعة: (أبو الخطَّاب).
عروة بن حزام: (أبو سعيد).
العجاج: (أبو الشعثاء).
(1)
ا: «مخزم» ، صوابه في ب. ترجمته في الخزانة 1:397.
(2)
سمط اللآلئ 309.
(3)
عبيد، بالتصغير.
(4)
ويقال أبو معرض، بتخفيف الراء. شاعر إسلامي. سمط اللآلئ 261. والأقيشر لقب غلب عليه، واسمه المغيرة بن أسود.
تأبط شراً: (أبو زهير).
ثابت قطنة: (أبو العلاء
(1)
).
أوس بن مغراء السعدي: (ابو المغراء).
النجاشي الحارثي: (أبو الحارث).
رؤبة بن العجاج: (أبو الجحاف).
القطامى التغلبي: (أبو سعيد).
عقيبة بن هبيرة الأسدي: (أبو حسان).
سراقة بن عتّاب البارقي: (أبو عمرو).
ذو الرمة: (أبو الحارث).
يزيد بن الطثرية: (أبو المكشوح).
العجير السلولي: (أبو الفرزدق) و (أبو الفيل
(2)
).
حميد بن ثور الهلالىّ: (أبو الأخضر).
ابن الدّمينة: (أبو السّرىّ).
أبو عطاء السندي: (أبو مرزوق).
طريح بن إسماعيل: (أبو إسماعيل).
إبراهيم بن هرمة: (إبو إسحاق).
غصين
(3)
بن براق الأسدىّ: (أبو هلال).
(1)
وفيه يقول حاجب الفيل كما في الطبري 8: 188:
أبا العلاء لقد لقيت معضلة
…
يوم العروبة من كرب وتخنيق
الشعراء 613.
(2)
سمط اللآلئ 92. وهو شاعر من شعراء الدولة الأموية.
(3)
ورد الحرف الأول مهملا في النسختين، صوابه من المؤتلف 67.
عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير: (أبو عقيل).
القلاخ بن حزن المنقري: (أبو خناثير
(1)
).
جريبة بن أشيم: (أبو سعيد).
طفيل بن عوف الغنوىّ: (أبو قران).
الزبرقان بن بدر: (أبو عياش)، و (أبو شذرة).
الزبير بن عبد المطلب: (أبو حجل)، و (أبو الطاهر).
عمارة بن الوليد بن المغيرة: (أبو فائد).
الوليد بن عقبة بن أبي معيط: (أبو وهب).
عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص: (أبو مطرف).
مالك بن أسماء بن خارجة الفزارى: (أبو الحسن).
الأسعر بن أبي حمران الجعفىّ: (أبو زهير).
قيس بن مكشوحٍ المرادىّ: (أبو حسان).
عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب: (أبو سراقة).
شريح بن الأحوص بن جعفر: (أبو يزيد).
الحارث بن ظالمٍ المرىّ: (أبو ليلى).
نابغة بنى جعدة: (أبو ليلى).
عمرو بن كلثوم التّغلبى: (أبو الأسود).
(1)
وهو القائل:
أنا القلاخ بن جناب بن جلا
…
أبو خناثير أقود الجملا
الشعراء 688. والخناثير: الدواهي. وروى البيت أيضا: «أخو خناثير» . المؤتلف 168 وسمط اللآلئ 647.
حمزة بن فيض الحنفي: (أبو يزيد).
سابق البربري: (أبو أمية).
أحيحة بن الجلاح الأوسي: (أبو عمرو).
العباس بن يزيد الكندي: (أبو الصلت).
يحيى بن نوفل الحميري: (أبو نوفل).
أعشى بني شيبان: (أبو المغيرة).
الحصين بن الحمام: (أبو معية).
يزيد بن الصعق: (أبو قيس).
مطيع بن إياس: (أبو سليمان).
مرداس بن أبي عامر السلمى: (أبو يزيد).
النَّمر بن تولبٍ العكلى: (أبو قيس).
عبد الله بن ربعىٍّ الجذامى: (أبو محمد).
مروان بن أبي حفصة: (أبو السِّمط).
متمم بن نويرة: (أبو تميم).
والعبلى، وهو عبد الله بن عمر بن عبد الله بن علي [بن عدى
(1)
] بن عمرو ابن عبد العزى
(2)
بن عبد شمس: (أبو عدىّ
(3)
).
(1)
التكملة من الأغانى 10: 98: وقد وضع الشنقيطي بدل «على» «عدى» وإنما هو علي بن عدي، وقد شهد مع عائشة يوم الجمل، وله يقول بعض الشعراء من ضبة:
يا رب اكبب بعلى جمله
…
ولا تبارك في بعير حمله
• إلا علي بن عدي ليس له
…
(2)
ا: «عبد العزيز» صوابه في ب والأغانى. وفي الأغانى «بن عدي بن ربيعة بن عبد العزى» . وعبد اللّه شاعر قرشي من مخضرمى الدولتين.
(3)
ا: «ابن عدي» صوابه في ب والأغانى.
أعشى باهلة: (أبو قحفان).
سحيم عبد بني الحسحاس: (أبو عبد الله).
ضرار بن الأزور الأسدي أخو بني مالك: (أبو جنوب)، وهو القائل يوم السّنمات
(1)
:
إنْ تنكروني فأنا ابنُ الأزورِ
…
أبو جنوبٍ فارسُ المحبَّرِ
وضرار بن الأزور هو قاتل مالك بن نويرة يوم البعوضة في الردة.
وعبد الله بن الحجاج أخو بني ثعلبة بن ذبيان: (أبو الأقيرح).
والقتال الكلابي بن مجيب
(2)
: (أبو المسيب)، و (أبو سليل).
وقال
(3)
:
ولمَّا أن رأيت بني حصين
…
بهم جنف إلى الجاراتِ بادٍ
(4)
خلعتُ عذارها ولهيتُ عنها
…
كما خلع العذار عن الجواد
(5)
أناديها بأسفلِ واردات
…
هبلت أبا المسيّب من تنادى
(6)
(1)
السّنمات: هضبات طوال عظام في ديار نمير بأرض الشريف بنجد.
(2)
في الأغانى 20: 158 «اسمه عبد اللّه بن المضرحى بن عامر الهصان بن كعب بن عبد اللّه بن أبي بكر بن كلاب» .
(3)
في طلاقه امرأته بنت ورقاء بن الهيثم بن الهصان، وكان قد أدركته ريبة فيها.
انظر الأغانى 20: 163.
(4)
الجنف: الإثم والميل إليه. في النسختين: «حنق» صوابه من الأغانى.
(5)
في النسختين: «لقيت منها» ، صوابه من الأغانى. ا:«على الجواد» والتصحيح للشنقيطى. وفي الأغانى: «من الجواد» .
(6)
في الأغانى: «ولدت» بدل «هبلت» ، تحريف. وفي النسختين:«أنا النسيب فمن تنادى» ، صوابه من الأغانى.
بلال بن جرير بن عطية بن الخطفى: (أبو زافر).
بشّار بن برد العقيلي: (أبو معاذ).
إسماعيل بن إبراهيم العنزىّ
(1)
: (أبو العتاهية).
الحسن بن هانئ: (أبو نواس).
(1)
في النسختين: «العتوى» تحريف، وإنما هو «العنزي» مولى عنزة. الأغانى 3: 122 والشعراء 765 وسمط اللآلئ 551.
كتاب ألقاب الشعراء ومن يعرف منهم بأمه لأبي جعفر محمد بن حبيب
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مقدّمة
وهذا كتاب آخر لمحمد بن حبيب، هو كتاب «ألقاب الشعراء ومن يعرف منهم بأمه. وقد سبق الكلام عليه في مقدمة كتابه «أسماء المغتالين
(1)
».
ونسخنا هذا الكتاب كذلك، سبق الكلام عليهما هناك، وهما نسخة مكتبة عاشر ذات الرمز (ا) ونسخة مكتبة الشنقيطي ذات الرمز (ب).
وقد أثبت على جوانب الكتاب أرقام نسخة مكتبة عاشر المصورة، جريا على ما صنعته في نشر كتاب أسماء المغتالين.
وهذا نص الكتاب:
(1)
المقدمة ص 109 من المجلد الثاني من نوادر المخطوطات.
ألقاب الشعراء ومن يعرف منهم بأمه (العبلىّ) نسبة إلى جدته عبلة بنت عبيد بن جاذل بن قيس بن حنظلة، من البراجم. وهو عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عدي
(1)
. وعبلة: جدته من قبل أمه.
و (أبو قطيفة
(2)
) وهو عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط. وكان كثير شعر الوجه.
ومنهم (أشعر بركا)، وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط.
و (العرجىّ) وهو عمر بن عبد الله
(3)
بن عمرو بن عثمان بن عفان.
و (القسُّ) وهو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى.
ومن بنى سهم
(المبرق) وهو عبد اللّه بن الحارث بن قيس بن عدي، وهو القائل:
فإن أنا لم أبرقْ فلا يسعنَّني
…
من الأرض لا برٌ فضاءٌ ولا بحرُ
(4)
ومنهم (ابن قيس الرقيات) وهو عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك ابن زمعة بن أهيب بن ضباب، أخو بني عامر بن لؤىّ. وكان يشبب برقيّة
(1)
انظر ما سبق في ص 294.
(2)
ا: «أبو قطنة» صوابه في ب بتصحيح الشنقيطي والأغانى 1: 7 - 18.
(3)
في الشعراء 556 أنه «عبد اللّه بن عمر» . والعرجى: نسبة إلى العرج، وهو موضع كان ينزله قبل الطائف.
(4)
ا: «لم أهرق» صححه الشنقيطي. وانظر السيرة 216 جوتنجن.
بنت عبد الواحد بن أبي سعد بن قيس بن وهب بن وهبان بن ضباب، وبابنة عم لها أيضاً، فلقب بهما «الرُّقيات» .
ومن هذيل
صخر الغىّ) بن سويد بن رباح بن كليب بن كعب بن كاهل.
و (المتنخل) وهو مالك بن عوف بن غنم بن حبسى
(1)
بن عادية.
ومن بنى كنانة
(بلعاء)، وهو قيس بن حميصة
(2)
بن ربيعة بن عبد الله بن يعمر.
وأخوه (جثامة) وهو يزيد بن قيس، وأخوهما (المحجَّل) بن قيس، وهو حميصة
(2)
.
ومنهم (الأحمر) وهو عمرو بن الحارث بن عبد مناة بن كنانة، وهو القائل:
وإذا تكون كريهةٌ أدعى لها
…
وإذا يحاس الحيسُ يدعى جندبُ
(3)
ومن بني أسد
(جعدل
(4)
)، وهو الهيّاج بن سليم بن قراد، من بنى فقعس.
ومنهم (الحلندج
(5)
) وهو الجعد بن حاجب بن حبيب.
(1)
كذا في النسختين. وفي الأغانى 20: 145 «حبيش» ، وفي الشعراء 642:«حنش» .
(2)
كذا في النسختين.
(3)
أنشده في اللسان 7: 262 من أبيات لهنى بن أحمر الكناني، وقيل لزرافة الباهلي.
(4)
أصل معناه البعير الضخم.
(5)
أصل معناه الصلب من الإبل.
ومنهم (الحنجر)، وهو قيس بن صخر.
ومنهم (الرفيع)، وهو عمارة بن عبيد الوالبي.
ومنهم (أشعر الرقبان)، وهو عمرو بن حارثة بن ناشب بن سلامة ابن سعد
(1)
.
ومنهم (الأقيشر) وهو المغيرة بن عبد الله بن الأسود بن وهب بن ناعج.
ومنهم مرة (ابن الرواع) يعرف بأمه، إحدى بني كعب بن حي ابن مالك.
ألقاب الشعراء من طابخة
منهم (النّوّاح)، وهو ربيعة أخو بنى عبد بن عثمان بن مزينة بن أد.
ومنهم (المضرب) وهو عقبة بن كعب بن زهير بن أبي سلمى، وكان شبّب بامرأة من بني عبس فضربوه حتى أقصوه ثم برأ.
وممن ينسب إلى أمه (سويد بن كراع)، أحد عكل، وهو عوف بن وائل بن قيس بن عوف بن عبد مناة بن أد.
ومنهم (الأعشى) وهو كهمس
(2)
بن قعنب بن وعلة بن عطية، من عكل.
و (ذو الرمة) وهو غيلان بن عقبة بن نهيس، أحد بني ملكان بن عدي بن عبد مناة بن أد، سمي بذلك لقوله:
• أشعثَ باقي رمَّةِ التقليد
(3)
…
(1)
بن مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد.
(2)
أصل معناه الأسد. وفي النسختين: «كهبس» صوابه من المؤتلف للآمدى 18.
(3)
قبله:
لم يبق غير مثل ركود
…
وغير مرضوخ القفا موتود
وممن يعرف بأمه من بني تميم: (ابن أمّ رمثة) وهو عبد الله بن سويد، أحد بني الحارث بن تميم بن مر بن أد.
ومنهم (بليل) وهو قيل بن عمرو بن الهجيم بن عمرو بن تميم، سمي بليلا لقوله:
وذي نسب ناءٍ بعيدٍ وصلتهُ
…
وذي رحمٍ بللَّتها ببلاها
ومنهم (محفر) وهو عبد شمس بن كعب بن العنبر بن عمرو بن تميم.
ومنهم (أبو فسوة) وهو عيينة بن مرداس، أخو بني كعب بن عمرو بن تميم، وكان رجل من قومه يلقب بهذا، وكان عيينة يكثر قولها له، فأورد يوماً غنمه فقال له عيينة ذلك، فقال له الرجل: لقد فحشت على غير مرة! فقال له عيينة: وما في هذا حتى
(1)
يغضب منه؟ فقال الرجل: أفتشتريه بأحسن نعجة في غنمي؟ قال: نعم. فأعطاه إيّاها، وقبل الاسم، فلم يصدر عن الماء حتى قيل لعيينة: يا ابن فسوة. وغبّ الأمر فلم يزدد إلا لزوماً، فقال أخو عيينة:
حول مولانا علينا اسم أمه
…
ألا ربَّ مولَّى ناقصٍ غيرِ زائدِ
(2)
ومنهم (مقرن) وهو مطر بن أوفي، أخو بني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم. وهو قوله:
تقول المالكيةُ أمُّ عمرو
…
رأيتُ مقرَّناً دونَ المغيب
ومنهم (حاجب الفيل) بن ذبيان بن سبع
(3)
بن عبد الله المازني:
ومنهم (السكب) وهو زهير بن عروة بن جلهمة بن حجر، سمّى بذلك لقوله:
(1)
في ا: «حين» ، والتصحيح للشنقيطى.
(2)
انظر المجلد الأول ص 89.
(3)
جعلها ناسخ ب «سبيع» .
إنّى أرقت على المطلى وأشأزنى
…
برق يضيء خلال البيت أسكوبُ
(1)
ومنهم (الكذاب
(2)
) وهو عبد الله بن الأعور بن سفيان بن الغضبان، أخو بني الحرماز بن مالك بن عمرو بن تميم، وهو الذي شكا امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
(3)
:
إليك أشكو ذربة من الذَّرب
(4)
…
خرجتُ أبغيها الطّعامَ في رجبْ
فأخلفتنى بنزاع وحربْ
…
أخلفت العهدَ ولطَّتْ بالذنب
(5)
وهنَّ شرُّ غالب لمن غلبْ
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إنهن لكما ذكرت» .
ومنهم (الزفيان) وهو عطاء بن أسيد، أخو بني عوافة بن سعد بن زيد مناة بن تميم، زفاه قوله:
• والخيل تزفى النعَّم المعقورا
(6)
…
ومنهم (العجاج)، وهو عبد اللّه بن رؤبة
(7)
.
(1)
المطلى: موضع. أشأزه: أقلقه. أسكوب: كأنه يسكب المطر.
(2)
في المؤتلف 170: وهو القائل:
لست بكذاب ولا أثام
…
ولا بجذام ولا مصرام
• ولا أحب خلة اللئام
…
(3)
الرجز في اللسان 1: 372 منسوب إلى أعشى بنى مازن، أو أعشى بنى الحرماز، واسم هذا الأعور بن قراد بن سفيان.
(4)
الذربة: السليطة اللسان الفاسدة المنطق.
(5)
يقال لطت الناقة بذنبها، أي أدخلته بين فخذيها لتمنع الحالب. ا:«أطت» ، وتصحيح الشنقيطي يطابق ما في اللسان. وبين هذا البيت وتاليه في اللسان:
وتركتني وسط عيص ذي أشب
…
تكد رجلي مسامير الخشب
(6)
تزفى: تسوق. ورواه المرزباني في معجمه 298: «المقعورا» وهو المصروع.
قال: ويروى «المعقورا» . وفي المؤتلف 133 «المعقودا» ، بالدال.
(7)
ا: «ورور» ، صوابه للشنقيطى، وانظر الشعراء 572.
ومنهم (الخنوت
(1)
) وهو توبة بن مضرس بن عبيد بن حبى
(2)
، أخو بنى سعد بن زيد مناة بن تميم.
ومنهم (سؤر الذئب
(3)
) غلب على اسمه فليس يعرف إلا به، وهو أخو بني مالك بن كعب بن سعد.
ومنهم (الزبرقان) وهو حصن بن بدر بن امرئ القيس بن خلف
(4)
ابن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد. وكان جميلا - والزبرقان: القمر - وكان يدعى «قمر أهل نجد» .
ومنهم (المخبل
(5)
)، وهو ربيعة بن عوف بن ربيعة بن قتال بن أنف الناقة، أخو بني قريع بن عوف بن كعب بن سعد.
وممن ينسب منهم إلى أمّه (الرّيبال) وهو سليك بن سلكة، وهي أمه.
و (أبو يثربي
(6)
) بن سنان بن عمير بن الحارث، وهو مقاعس بن عمرو ابن كعب سعد.
ومنهم (المستوغر) وهو عمرو بن ربيعة بن كعب بن سعد
(7)
، وغّره قوله:
ينشُّ الماءُ في الرَّبلاتِ منها
…
نشيشَ الرّضف في اللّبن الوغير
(8)
(1)
أصل معناه العيى الأبله.
(2)
في المؤتلف 68: توبة بن مضرس بن عبد اللّه بن عباد بن محرث بن سعد بن حزام بن سعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم.
(3)
السؤر: ما يبقيه الشارب من شرابه.
(4)
في المؤتلف 128: «بن امرئ القيس بن قيس بن خلف» .
(5)
أصل معناه من أصيب بالخبل، وهو استرخاء المفاصل من ضعف أو جنون.
(6)
ا: «نبرى» مع الإهمال، وأثبت قراءة الشنقيطي.
(7)
بن سعد بن زيد بن مناة بن تميم، كما في معجم المرزباني 213. وذكر في المعمرين أنه عاش ثلاثا وثلاثين وثلاثمائة سنة. وأنشد له:
ولقد سئمت من الحياة وطولها
…
وعمرت من عدد السنين مئينا
مائة حدتها بعدها مائتان لي
…
وعمرت من عدد الشهور سنينا
(8)
يصف فرسا. النشيش: صوت الماء إذا غلى. والماء عنى به العرق. الربلات.
جمع ربلة، وهي باطن الفخذ. الرضف: الحجارة المحماة. الوغير: الذي يسخن بالحجارة المحماة.
ومن بني دارم بن مالك بن حنظلة
(الفرزدق) واسمه همام بن غالب بن صعصعه بن ناجية بن محمد بن عقال.
وكان جهم الوجه. والفرزدق: الضخم
(1)
.
ومنهم (البعيث) وهو خداش بن بشر بن أبي خالد بن بيبة، بعثه قوله:
تبعَّث منَّى ما تبعَّثَ بعد ما
…
أمرَّت قواي واستمرَّ عزيمي
(2)
ومنهم (مسكين) وهو ربيعة بن عامر
(3)
، القائل:
سمَّيت مسكيناً وكانت لجاجةً
…
وإنَّي لمسكينٌ إلى الله راغبٌ
ومنهم (القباعُ) وهو عمرو بن عوف بن القعقاع، وهو قوله:
إن كنت لا تدري فأنّي أدري
…
أنا القباع وابن أمَّ الغمرِ
(4)
وممن يعرف بأمه (الأشهب بن رميلة) وهي أمه. وأبوه ثور بن أبي ابن حارثة، أحد بني نهشل.
ومنهم (شقة)، وهو ضمرة بن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل.
ومنهم (ابن الغريرة
(5)
) وهي جدته بها يعرف، وهي سبية من بني تغلب، وهو كثير بن عبد الله بن مالك بن هبيرة بن صخر بن نهشل.
(1)
الفرزدق: الرغيف، وقيل قطع العجين، فارسيته «پرازده» . اللسان ومعجم استينجاس 239.
(2)
في المزهر 2: 439: «واستتم غريمى» ، تحريف.
(3)
ابن أنيف، من بنى دارم. الشعراء 529 والأغانى 18: 68 - 72 والخزانة 1: 465 - 470.
(4)
القباع، مهملة الباء في ا. وقد جعلها الشنقيطي «القناع» .
(5)
انظر شرح المرزوقي للحماسة 1027، 1028 والأغانى 10:91. وفي المؤتلف 187 ومعجم المرزباني 349: «الغريزة».
ومن بني أبان بن دارم
(ذو الخرق) بن شريح بن سيف بن أبان
(1)
، سمى بذلك لقوله:
لمَّا رأت إبلى جاءت حمولتها
…
هزلى عجافاً عليها الريشُ والخرق
قالت إلا تبتغى مالاً تعيش به
…
مما تلاقى فشرُّ العيشةِ الرَّنق
ومن بني يربوع
(الأخوص
(2)
) وهو زيد بن عمرو بن قيس
(3)
بن عتاب بن هرمى ابن رياح بن يربوع.
ومنهم (ابن الكلحبة
(4)
) وهي أمه من جرم قضاعة. وهو هبيرة ابن عبد الله بن عبد مناف بن عرين
(5)
بن ثعلبة بن يربوع وكان كثير الشعر، وهو فارس العرادة
(6)
وذي الخمار
(7)
.
ومنهم (الخطفى) وهو حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب ابن يربوع. خطفه قوله:
يرفعنَ باللَّيلِ إذا ما أسدفاَ
…
أعناقَ جنَّانٍ وهاماً رجّفا
وعنقا باقي الرّسيم خيطفا
(8)
(1)
انظر المؤتلف 109 والخزانة 1: 20 - 21.
(2)
الأخوص، بالخاء المعجمة. المؤتلف 49.
(3)
كلمة «قيس» ليست في المؤتلف.
(4)
ا: «أبو الطحلبة» ، وصححه الشنقيطي. وانظر الخزانة 1:189.
(5)
ا: «عزيز» ، وما أثبته الشنقيطي يطابق ما في الخزانة.
(6)
العرادة، رمج عليها الشنقيطي، وهي فرسه، وفيها يقول في المفضلية 3: 1:
تسائلنى بنو جشم بن بكر
…
أغراء العرادة أم بهيم
(7)
ذو الخمار: فرسه كذلك. ا: «ذو الحمار» .
(8)
وكذا في الشعراء 415. وفي الاشتقاق 141: «بعد الكلال خيطفا».
ومنهم (الأرقط) الراجز، وهو حميد، أخو بني كعيب
(1)
بن ربيعة ابن مالك بن حنظلة.
ومن بني طهية (ذو الخرق) وهو سمير
(2)
بن عبد الله بن هلال بن قرط ابن سعيد.
ومن ألقاب شعراء قيس
منهم: (ذو الإصبع) وهو حرثان بن محرث بن الحارث بن شباة
(3)
، أخو بني يشكر بن عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان. وكانت له إصبع زائدة.
وممن يعرف بأمّه منهم (ابن مزجة) وهي أمه بنت مسعود بن الأعزل، واسم ابن فرحة
(4)
زهير بن الحارث بن جندب بن سلم بن غيرة، أخو عدوان.
ومن فهم بن عمرو بن قيس
(تأبّط شرا) وهو ثابت بن جابر بن سفيان بن عدي بن كعب، أخو بني سعد بن فهم، وسمّى تأبّط شرّا لأنّ إخوته كانوا يخرجون فيطرفون أمهم بما يصيبون، وكان لا يأتيها بشئ، فعيرته أمه بذلك، فأتى قارة ببلاده
(5)
فأخذ منها أفاعي وحيات، فتأبطها في خريطة وألقاها بين يدي أمّه، فقالت له:
لقد تأبطت شرّا!
(1)
كذا في النسختين. وانظر الخزانة 2: 454.
(2)
في الخزانة 1: 20 «شمير» بالشين المعجمة.
(3)
في شرح المفضليات 312: «شاب» ، وفي نقل الخزانة 1: 408 عن شرح المفضليات: «شبابة» .
(4)
كذا في النسختين.
(5)
القارة: جبيل صغير منفرد عن الجبال.
وممن يعرف من ذبيان بأمه
شبيب (بن البرصاء) وهي أمامة بنت الحارث بن عوف. وأبو شبيب يزيد بن حيوة بن عوف بن أبي حارثة.
ومنهم (أرطاة بن سهية) وهي أمه بنت رامل
(1)
بن مروان. وأبو أرطاة زفر بن حرى
(2)
بن شداد بن ضمرة بن عسان
(3)
بن أبي حارثة.
ومنهم (النابغة) وهو زياد بن معاوية بن ضباب بن يربوع بن غيظ.
وإنما نبغ بعد أن أسن.
وممن يعرف بأمه (ابن ميادة
(4)
) وهو الرماح بن الأبرد بن مرداس
(5)
ابن سراقة، أخو بني مرة بن عوف.
ومنهم (المزعفر) وهو معن بن حذيفة بن الأشيم بن عبد الله بن صرمة ابن مرة.
ومنهم (الشماخ) وهو معقل بن ضرار بن سنان بن أمية بن عمرو ابن جحاش.
و (مزرد) بن ضرار، وهو يزيد، وإنما زرده قول الحادرة:
(1)
كذا بالراء المهملة في النسختين.
(2)
في سمط اللآلئ 299: «جزء» .
(3)
بالعين المهملة في النسختين. وفي الأغانى 11: 134: «غطفان» . وفي تصحيح الأغانى للشنقيطى: «عقفان» .
(4)
ميادة أم ولد بربرية، وقيل صقلبية، وكان هو يزعم أنها فارسية. وفي ذلك يقول:
أنا ابن أبي سلمى وجدّي ظالم
…
وأمي حصان أخلصتها الأعاجم
أليس غلام بين كسرى وظالم
…
بأكرم من نيطت عليه التمائم
(5)
في سمط اللآلئ 306: «ثريان» .
فقلت تزرَّدها يزيدُ فإنَّني
…
لدردِ الموالي في السَّنين مزرَّدُ
(1)
ومنهم (الحادرة) وهو قطبة بن محصن بن جرول بن حبيب، أخو بني خزيمة بن رزام بن ناشب، وإنما حدره قول مزرّد له:
كأنّك حادرة المنكي
…
نِ رصعاءُ تنقضُ في حائرِ
(2)
ومن بني فزارة بن ذبيان
(عويف القوافي) بن معاوية بن حصن بن حذيفة. وهو القائل:
سأكذب من قد كان يزعمُ أنَّني
…
إذا قلت قولاً لا أجيد القوافيا
ومنهم (نعامة) وهو بيهس، أخو بني غراب بن ظالم بن فزارة؛ بقوله:
ولأطرقنْ قوماً وهم نيامٌ
…
ولأبركنّ بركة النّعامه
(3)
قابضَ رجلٍ وباسطَ أخرى
…
والسَّيف أقدمه أمامه
وممن يعرف بأمه (ابن أم دينار)، وأبوه وبير أخو بني مازن بن فزارة.
ومنهم (ابن طوعة) وهي أمه، وهو نصر بن عاصم بن عقبة بن حصن ابن حذيفة
(4)
.
ومنهم (ابن عنقاء) وهو عبد قيس بن نجوة، أخو بنى مازن بن فزارة.
(1)
انظر الاشتقاق 174 والإصابة 6: 85 والخزانة 2: 117 والمؤتلف 190 وشرح الأنباري للمفضليات 127. وفي الشعراء 274: «لدرد الشيوخ»: والدرد: جمع أدرد، وهو الذي ليس في فمه سن.
(2)
يعنى الضفدع. الرصعاء، أصله المرأة لا عجيزة لها. تنقض: تصوت. الحائر: مكان مطمئن يجتمع فيه الماء. وبعد البيت، كما في الأغانى 3: 79:
عجوز ضفادع محجوبة
…
يطيف بها ولدة الحاضر
(3)
صدره في المزهر 2: 440: «لأطرقن حيهم صباحا» .
(4)
انظر نوادر المخطوطات 1: 84.
ومن بني عبد الله بن غطفان
(قعنب بن أم صاحب)، وأبوه ضمرة، أخو بني سحيم بن عمرو بن خديج ابن عوف بن ثعلبة بن بهثة.
ومن بني عبس
(الكامل)، وهو الربيع بن زياد بن سفيان بن عبد الله بن ناشب بن هدم.
و (عنترة الفلحاء) بن شداد بن معاوية، وكان مشقق
(1)
الشقة السفلى.
و (الحطيئة) وهو جرول بن أوس بن مالك بن جؤية بن مخزوم
(2)
.
و (عروة الصعاليك) بن الورد بن عمرو بن عبد الله بن ناشب.
ومن أشجع بن دريد بن غطفان
(جبيهاء) وهو يزيد بن عبيد بن عقيلة.
ومن باهلة
(الأعشى) وهو عامر بن الحارث
(3)
.
ومن غنى بن يعصر
(المحبر) وهو طفيل الخيل بن عوف بن خلف بن ضبيس.
(1)
جعلها الشنقيطي «مشقوق» . وانظر لعنترة هذا اللسان (فلح 382).
(2)
سمط اللآلئ 80 والخزانة 1: 409 والعيني 1: 473 والأغانى 2: 41 - 59 والشعراء 280
(3)
سمط اللآلئ 75.
ومن بني سليم بن منصور
ممن يعرف بأمه (خفاف بن ندبة) وهي أمه ابنة الشيطان
(1)
بن قنان.
وأبو خفاف عمير بن الحارث بن الشريد، وهو عمرو بن رياح.
ومنهم (ابن قرقرة) وهو زرعة بن السليب بن قيس بن مطرود بن مالك، وكان قتل أباه وهرب إلى بني تغلب، فنسبوه فقال: أنا ابن قرقرة. يريد الأرض.
ومن بني ثقيف
(ابن الذئبة) وهو ربيعة بن عبد ياليل
(2)
.
ومنهم (الأجش) وهو مرداس بن سهم بن عمرو بن عبد الله بن الفجو ابن أبان.
ومنهم (الأحرد
(3)
) وهو مسلم بن عبد الله بن سفيان بن عبد الله بن معتب.
ومنهم (يزيد بن ضبة) وهي أمه، وأبوه مقسم.
ومن بني سلول
(العطار) وهو عبد اللّه بن همام بن بيشة بن رياح. لقب بذلك لحسن شعره.
ومن بني نصر بن معاوية
(الأحبن) وهو أبو سمر بن أساس
(4)
أخو بني شعب بن دهمان.
و (أبو الضريبة) وهو أبو أسماء بن عوف بن عباد بن يربوع بن وائلة ابن دهمان.
(1)
رسمت في النسختين: «الشيطان» . وانظر الخزانة 2: 472.
(2)
انظر نوادر المخطوطات 1: 90.
(3)
بالحاء المهملة في النسختين.
(4)
كذا في النسختين.
ومن بني جعدة
(النابغة) وهو قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة بن جعدة.
و (المجنون) وهو مهدي بن الملوح.
ومنهم (الأقرع) وهو الأشيم
(1)
بن معاذ بن سنان بن حزن، أخو بني قشير، قرعة قوله لمعاوية:
معاويَ من يرقيكمُ إن أصابكم
…
شبا حيّة مما غذا القفُّ أقرعُ
(2)
ومنهم (أبو الحيا) وهي أمه، وهو سوار بن أوفى بن سيرة
(3)
بن سلمة ابن قشير.
و (القعقاع بن ربعية)، وهي أمه غلبت على نسبه.
ومنهم (ابن الطثرية) وهي أمه من عنز بن وائل. وهو يزيد بن الصمة
(4)
أخو بني قشير.
ومن بني كلاب
(الأعور) وهو نفاثة بن مر بن عبد الله بن حارثة، أخو بني الصموت.
ومن بني أبي بكر بن كلاب
(القتّال) وهو عبّاد بن مجيب بن المضرحي بن حبيب.
ومنهم (مرخية) وهو شداد بن مالك بن شداد، أرخاه قوله:
(1)
في النسختين: «الايشم» ، صوابه في اللسان (قرع).
(2)
في اللسان والمزهر 2: 437: «مما عدا القفر» ، صواب هذه:«مما غذا القفر» .
(3)
وردت في النسختين بالياء المثناة.
(4)
وقيل يزيد بن المنتشر. سمط اللآلئ 103 ومراجعه.
فحطّوا بالرّوايا من نحيط
…
ورخّوا المحض بالنّطف العذابِ
ومن بني كلاب
(الجرار)، وهو عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب.
ومنهم (مريرة)، وهو شريح بن الأحوص بن كلاب.
ومنهم (معود الحكماء
(1)
)، وهو معاوية بن مالك بن جعفر، عوده قوله:
أعوّد مثلها الحكماء بعدى
…
إذا ما الحقُّ في الأشياع نابا
(2)
وله يقول قيس بن مقلد الكليبى:
أتيت بنى سعد بن زيدٍ بحيَّها
…
كتائب يهديها الرئيس معوَّدُ
ومنهم (الهدار) وهو عياض بن الحارث بن عتبة بن مالك بن جعفر.
و (ابن عقاب) وهي أمه، وهي سوداء، وهو جعفر بن عبد الله بن قبيصة.
وهو القائل:
وضمَّتني العقاب إلى حشاها
…
وخير الطير قد علموا العقابُ
فتاةٌ من بني حامِ بن نوح
…
سبتها الخيل غصباً والركابُ
ومنهم (ابن عيساء
(3)
) وهي أمه، أبوه شريح بن الأحوص بن جعفر.
ومنهم (المقطع) وهو الهيثم بن هبيرة بن عبد الله بن عامر بن حندج بن البكاء. قطعه قوله:
قد كنتُ أدعى هيثماً فأصابني
…
قوارعُ منها قد نسيت المقطعا
(4)
(1)
ا: «الحكم» ، تحريف. وانظر الخزانة 4: 174 والاقتضاب 320 وسمط اللآلئ 190. وفي المزهر 2: 436: «معود الحكام» في هذا وفي إنشاد البيت.
(2)
البيت 15 من المفضلية 105.
(3)
أصل معناه البيضاء يخالط بياضها شقرة.
(4)
نسيت، جعلها الشنقيطي «تشيب» .
ومن بني نمير بن عامر
(الراعي) وهو عبيد بن الحصين بن معاوية بن جندل
(1)
، سمي راعياً لقوله أبياتاً يصف فيها راعياً
(2)
.
ومنهم (جران العود) غلب لقبه على اسمه لقوله:
عمدت لعودٍ فالتحيتُ جرانه
…
وللكيسُ أمضى في الأمور وأنجح
(3)
خذا حذراً يا حبَّتىّ فإنَّني
…
رأيتُ جران العود قد كاد يصلح
(4)
ومنهم (خنزر) وهو إمام بن أقرم
(5)
، أخو بني بدر بن ربيعة بن عبد الله ابن الحارث.
ومن بني هلال بن عامر
(حميد الجمالات
(6)
) ابن ثور، وكان لا يذكر ناقة في شعره إلّا ذكر معها جملا.
(1)
بن قطن بن ربيعة بن عبد الله بن الحارث بن نمير بن عامر بن صعصعة. الأغانى 20: 168 والخزانة 1: 504 وسمط اللآلئ 50 والمؤتلف 122 والاشتقاق 179 والشعراء 377. ويكنى أبا جندل، وقال ابن حبيب: «يكنى أبا نوح». الاقتضاب 303 ص 11.
(2)
هي قوله كما في سمط اللآلئ:
ضعيف العصا بادي العروق تخاله
…
عليها إذا ما أمحل الناس إصبعا
حذا إبل إن تتبع الريح مرة
…
يدعها ويخف الصوت حتى تريعا
لها أمرها حتى إذا ما تبوأت
…
لأخفافها مرعى تبوأ مضجعا
وانظر أمالي القالى 2: 140 والمزهر 2: 442.
(3)
ديوان جران العود 9 والمزهر 2: 441 والشعراء 696 والخزانة 4: 198.
والعود: البعير المسن. والجران: باطن العنق الذي يضعه على الأرض إذا مد عنقه لينام. وكان قد عمد إلى بعير فنحره وسلخ جرانه ثم مرنه وجعل منه سوطا.
(4)
الحبة، بكسر الحاء: الحبيبة. وفي الشعراء: «يا حنتي» بالنون وفتح الحاء، والحنة: الزوجة. وفي الديوان: «يا خلتي» . وفي الخزانة: «يا ضرتى» .
(5)
قال التبريزي: «اسمه الحلال» . وانظر ما كتبت في حواشي شرح الحماسة للمرزوقى 1506.
(6)
الجمالات: جمع جمال، كما قالوا: رجال ورجالات. وقرئ: «كأنه جمالات صفر» .
ألقاب شعراء ربيعة بن نزار
منهم (المسيب) واسمه زهير بن علس بن عمرو بن عدي بن مالك بن جشم، أخو بني ضبيعة بن ربيعة. وإنما سبّبه أنّ بنى عامر بن ذهل أو عدوه، فقال له قومه: قد سيبناك والقوم
(1)
.
ومنهم (المتلمس)، وهو جرير بن عبد المسيح، لمسه قوله:
وذاك أوان العرضِ حيَّ ذبابهُ
…
زنابيرهُ والأزرقُ المتلمَّسُ
(2)
ومنهم (يزيد الغواني) وهو يزيد بن سويد بن حطان
(3)
، أخو بني ضبيعة ابن ربيعة، وهو القائل:
لا تدعونَّي بعدها إن دعوتني
…
يزيد الغوانى وادعني للفوارس
ومنهم عميرة (الأقشر) وهو عقبة بن لقيط، القائل:
إني أنا الأقشر ذاكم نزبى
(4)
…
أنا الذي يعرف قومي حسبي
في عصبة كريمة المركَّبِ
(5)
(1)
هذا يطابق ما في شرح الأنباري للمفضليات 91 - 92. وفي الشعراء والشعر 127. «وإنما لقب المسيب ببيت قاله» : وهو كما في الاشتقاق 191 - 192 والخزانة 1: 545 عنه:
فإن سركم ألا تئوب لقاحكم
…
غزارا فقولوا للمسيب يلحق
وذكر صاحب الخزانة أيضا أنه «المسيب» اسم فاعل، وقال:«لقب به لأنه كان يرعى إبل أبيه فسيبها، فقال له أبوه: أحق أسمائك المسيب، فغلب عليه» .
(2)
ديوان المتلمس 6 نسخة الشنقيطي والحيوان 3: 391 والشعراء 133 والمزهر 2: 436.
(3)
انظر أمالي الزجاجي 133.
(4)
النزب، بالتحريك: اللقب. ا: «تزبى» ، والتصحيح للشنقيطى.
(5)
المركب: الأصل والمنبت.
ومن عبد القيس
(الأعور) وهو حميم بن الحارث، من بني صبرة بن عمرو بن الديل بن شن.
ومنهم (الممزق) وهو شأس بن نهار بن أسود بن جزيل
(1)
وهو القائل:
فإن كنتُ مأكولا فكن خير آكل
…
وإلاَّ فأدركني ولمَّا أمزَّق
(2)
ومنهم (المفضل) وهو عامر بن معشر بن أسحم
(3)
بن عدي
(4)
، فضّل بقصيدته المنصفة
(5)
لقوله:
فأبكينا نساءهم وأبكوا
…
نساءً ما يسوغُ لهنَّ ريقُ
ومنهم (المثقب) وهو عائذ بن محصن بن ثعلبة
(6)
. ثقبه قوله:
رددنَ تحيّةً وكننَّ أخرى
…
وثقَّبنَ الوصاوص للعيون
(7)
(1)
في النسختين «حريك» ، تحريف. وتتمة نسبه بعد ذلك: بن حي بن عساس بن حيى بن عوف بن سود بن عذرة بن منبه بن نكرة بن لكيز بن أفصي بن عبد القيس. جمهرة ابن حزم 282 وشرح الأنباري للمفضليات 591.
(2)
انظر الاشتقاق 199 وابن سلام 108 وابن قتيبة 360 والمؤتلف 185 والمرزباني 495 وشواهد العيني 4: 590 وشواهد المغنى 233 والمزهر 2: 435 - 436. وهو من الأصمعية 58. يعتذر فيه إلى النعمان بن المنذر من وشاية بلغته.
(3)
في النسختين: «أصحم» ، صوابه في طبقات ابن سلام 180 واللآلئ 125.
(4)
تتمة نسبه: بن شيبان بن سويد بن عذرة بن منبه بن نكرة بن لكيز بن أفصى ابن عبد القيس.
(5)
المنصفات: القصائد التي أنصف قائلوها فيها أعداءهم، وصدقوا عنهم وعن أنفسهم فيما اصطلوه من حر اللقاء، وفيما وصفوا من أحوالهم من إمحاض الإخاء. انظر حواشي شرح الحماسة للمرزوقى 440، 442.
(6)
بن وائلة بن عدي بن عوف بن دهن بن عذرة بن منبه بن نكرة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. سمط اللآلئ 113 وابن سلام 107 والاقتضاب 425 - 426 والخزانة 4: 429 - 431 والشعر والشعراء 356.
(7)
البيت 11 من المفضلية 76، برواية:
• ظهرن بكلة وسدلن أخرى *
ومن بني تغلب
(الأعشى)، وهو يعمر بن نجوان
(1)
.
ومنهم (أفنون) وهو صريم بن معشر بن ذهل بن غنم
(2)
. فننه قوله:
منَّيتنا الودَّ يا مضنونُ مضنونا
…
أيّامنا إنَّ للشُّبان أفنونا
(3)
ومنهم (ابن شلوة)، وهو بشر بن سوادة، أخو بني مالك بن بكر ابن حبيب
(4)
.
ومنهم (الأخطل)، وهو غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة
(5)
.
ومنهم (مهلهل) وهو امرؤ القيس
(6)
بن ربيعة بن مرة
(7)
بن الحارث ابن زهير بن جثم. هلهله قوله لزهير بن جناب الكلبي:
(1)
في المؤتلف 20: «نعمان بن نجوان، ويقال ربيعة بن نجوان بن أسود، أحد بنى معاوية بن جشم بن بكر» . وفي الأغانى 10: 93: «قال أبو عمرو الشيباني: اسمه ربيعة.
وقال ابن حبيب: اسمه النعمان بن يحيى بن معاوية». وهو شاعر من شعراء الدولة الأموية وساكنى الشام. وكان نصرانيا، وعلى ذلك مات.
(2)
في الخزانة 4: 460: «بن ذهل بن تيم بن مالك بن حبيب بن عمرو بن تغلب» .
(3)
في النقائض 886: «وكان يشبب بنساء قومه، فقالت امرأة منهم: لأسمين نفسي وابنتي اسما لا يشبب به صريم. فسمت بنتا لها مضنونة، فقال صريم عند ذلك ليريها أن ذلك لا ينفعها .. » . وأنشد البيت. وانظر سمط اللآلئ 685 والمؤتلف 151.
(4)
نوادر المخطوطات المجلد الأول ص 92.
(5)
ابن عمرو بن سيحان بن الفدوكس بن عمرو بن مالك بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب. الأغانى 7: 161.
(6)
وقيل اسمه «عدى» . والشاهد لذلك قوله:
ضربت صدرها إلى وقالت
…
يا عديا لقد وقتك الأواقى
ورواه الآخرون: «يا امرأ القيس حان وقت الفراق» . اللآلئ 111.
(7)
كذا في النسختين. وإنما هو ربيعة بن الحارث. الخزانة 1: 300 - 304 والمؤتلف 11 والمرزباني 248 واللآلئ 111.
لمَّا توعَّر في الكراع هجينهم
…
هلهلتُ أثار جابرا أو صنبلا
(1)
ومن بني بكر بن وائل
من بني عجل (المفرض
(2)
) وهو زهدم بن معبد بن الحارث بن هلال فرضه قوله:
وأنا المفرَّض في جنو
…
بِ الغادرين بكلّ جار
تفريضَ زندةِ قادح
…
في كلَّها يوري بنار
ومنهم (الدهاب
(3)
) وهو سلمة بن مجمع بن عذبة بن أسامة.
ومنهم (الغريب)، وهو نعيم، وهو القائل:
أنا نعيم وأنا الغرَّيب
…
اسماً كرامٍ لهما أحبَّب
ومنهم (كبد الحصاة
(4)
) وهو عمرو بن قيس، أحد بني جندب بن ربيعة بن ضبيعة بن عجل.
ومن بني تيم اللات بن ثعلبة بن عكابة
(المكواة
(5)
) وهو عبد الله بن خالد بن حجبة بن عمرو بن عبد الله بن عابد. وهو القائل:
(1)
توعر، روى بدلها:«توغل» و «توقل» . الخزانة وجمهرة ابن دريد 3: 197. والكراع: عنق من الحرة، أو ركن من الجبل. والهجين هو امرؤ القيس بن حمام، ابن أخي زهير بن جناب، وكان قتل جابرا وصنبلا، رجلين من بنى تغلب.
(2)
ا: «المفوض» وكذا في جميع الكلمات المماثلة «فوضة» و «تفويض» ، والتصحيح للشنقيطى.
(3)
جعلها الشنقيطي «الرهاب» بالراء.
(4)
ذكره المرزباني في المعجم 224 وقال: إنه شاعر جاهلي.
(5)
ا: «المكولة» ، وقد جعلها الشنقيطي «المكوى» ، وما أثبت هو أقرب تصحيح، وهو المطابق لما في المزهر 2:435.
ومثلكَ قد عللتُ بكأسِ غيظٍ
…
وأصيدَ قد كويت على الجبينِ
(1)
وقال أيضاً:
وإنَّي لأكوى ذا النَّسا من ظلاعه
…
وذا الغلق المعيي وأكوى النّواظرا
(2)
وقال أيضا:
لجيم وقسيم الله عزَّى وناصري
…
وقيسٌ بها أكوى النَّواظر والصَّدا
(3)
ومنهم (الحثاث)، وهو بشير بن دريج بن الحارث بن غنم بن عائذ.
حثه
(4)
قوله:
ومشهد أبطالِ شهدتُ كأنَّما
…
أحثُّهم بالمشرفيَّ المهنّد
ومنهم (الأعور)، وهو زياد بن فروة بن دريج.
ومنهم (الهجف)، وهو كعب بن كرام بن عمرو بن ثعلبة
(5)
. هجّفه قوله:
يرجّى ابن معط ردَّها وانتحالها
…
هجفٌّ جفت عنه الموالي فأصعدا
(6)
ومنهم (المجنون) وهو موالة بن عامر بن مالك بن الحارث بن ثعلبة.
(1)
الأصيد: الذي يرفع رأسه كبرا. وفي اللسان (صيد): «ودواء الصيد أن يكوى موضع بين عينيه فيذهب الصيد» . وأنشد:
• أشفى المجانين وأكوى الأصيدا
…
وإنما كنى شاعرنا عن إذلال العزيز.
(2)
النسا: عرق يمتد من الورك إلى الكعب. وذو النسا: الذي يشتكى نساه. الظلاع، بضم الظاء: داء يأخذ في القوائم فتظلع منه، أي تعرج. والغلق: العجز عن البيان، استغلق الرجل: إذا أرتج عليه فلم يتكلم. المزهر: «وذا الغلق المعمى» ، تحريف.
(3)
الصدى: الدماغ نفسه، وحشو الرأس، وموضع السمع من الرأس.
(4)
المألوف في مثله أن يقال «حثثه» .
(5)
في المزهر 2: 440 أن اسمه «كريم بن معاوية» .
(6)
في المزهر: «ترجى ابن معط وردها وانتحى لها» . الهجف: الجافي الثقيل.
وممن يعرف منهم بأمه (ابن زيابة) ليس يعرف إلا بها. وهو سلمة بن مالك بن ذهل بن تيم الله
(1)
. وهي زيابة بنت شيبان بن ذهل بن ثعلبة.
ومن بني قيس بن ثعلبة
(جهنام) وهو عمرو بن قطن بن المنذر بن عبدان بن حبيب
(2)
.
ومنهم (الأعشى) وهو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضبيعة
(3)
.
ومنهم (المرقش الأكبر) وهو عمرو بن سعد بن مالك بن ضبيعة رقشه قوله:
الدار قفرٌ والرُّسومُ كما
…
رقَّش في ظهرِ الأديمِ قلمْ
(4)
ومنهم (طرفة)، وهو عبيد بن العبد
(5)
بن سفيان بن سعد بن مالك
(6)
.
(1)
في سمط اللآلئ 504 أن ابن زيابة هو الحارث بن همام، أحد بنى تيم اللات بن ثعلبة. وفي الخزانة 2: 333 عن أبي رياش في شرح الحماسة أنه «عمرو بن لأي، أحد بنى تيم اللات بن ثعلبة، وهو فارس مجلز» . وقال أبو محمد الأعرابي والمرزباني: اسمه سلمة بن ذهل.
(2)
بن عبدان بن حذافة بن حبيب بن ثعلبة بن سعد بن قيس بن ثعلبة. وهو الذي هاجى أعشى بنى قيس بن ثعلبة. وفيه يقول الأعشى:
دعوت خليلي مسحلا ودعوا له
…
جهنام جدعا للهجين المذمم
ومسحل: شيطان الأعشى فيما يقال. ومن قول جهنام:
أمجاع تزعم لو أنني
…
لقيت ابن حواء ما ضرني
بلى إن يد قبضت خمسها
…
عليك مكانا من الأمكن
معجم المرزباني 203.
(3)
بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. وهذا الأعشى هو الأعشى المشهور.
(4)
البيت 2 من المفضلية 54.
(5)
في المزهر 2: 441: «عمرو بن العبد» . وكذا في الخزانة 1: 414.
(6)
ابن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.
طرفه قوله:
لا تعجلا بالبكاء اليومَ مطَّرفا
…
ولا أميرَ كما بالدَّار إذ وقفا
(1)
ومنهم (الضائع)
(2)
وهو عمرو بن قميئة
(3)
بن سعد بن مالك. وهو الذي يقول له امرؤ القيس وكان خرج معه إلى قيصر:
بكىَ صاحبي لمَّا رأى الدَّربَ دوننا
…
وأيقنَ أنَّا لاحقانِ بقيصرا
(4)
ومنهم (المرقش الأصغر) وهو عمرو بن حرملة بن سعد بن مالك.
ومن بني شيبان
(النابغة) وهو عبد الله بن المخارق بن سليم
(5)
بن خضير
(6)
.
ومنهم (الأعشى) وهو عبد الله بن خارجة بن حبيب بن عمرو بن العائذي
(7)
، من عائذة قريش.
(1)
في المزهر: «ولا أميريكما» .
(2)
ا: «الضالع» ، ب بتصحيح الشنقيطي:«الظالع» ، والصواب ما أثبت من المؤتلف 168 قال:«دخل بلد الروم مع امرئ القيس فهلك، فقيل له عمرو الضائع» .
(3)
في المؤتلف: بن قميئة بن ذريح بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة.
(4)
الدرب: مضيق بين طرسوس وبلاد الروم.
(5)
وكذا في الأغانى 6: 146. وفي المؤتلف 192 واللآلئ 901: «سليمان»
(6)
بن مالك بن قيس بن سنان بن حضار بن حارثة بن أبي ربيعة بن ذهل بن ثعلبة».
وهو شاعر بدوي من شعراء الدولة الأموية: قال أبو الفرج: «وكان فيما أرى نصرانيا، لأنى وجدته في شعره يحلف بالإنجيل وبالرهبان وبالأيمان التي يحلف بها النصارى» .
(7)
كذا. وهو يوحى بأن في الكلام قبله سقطا.
ومن قضاعة ثم من كلب
(الأصم) وهو مالك بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر.
سمي لقوله:
أصمّ عن الخنا إن قيل يوماً
…
وفي غير الخنا ألفي سميعا
ومنهم (ابن الطرامة) وهو جبار بن حارثة بن حوط. والطرامة أمة حضنته فغلبت عليه.
ومن سعد هذيم
(جواس) وهو عبد الله بن قطبة بن ثعلبة بن الهوذاء بن عمرو بن الأحب.
ومن بني نهد
(ابن سخلة) وهي أمه، وهو قيس بن عبد الله بن غنم بن صبح.
ومنهم (ابن المنتنة) وهو يسار بن عامر بن كوز بن هلال بن نصر ابن زمان.
ومنهم (المقعب) وهو خيثم بن عمرو بن سعد بن صريم.
ومن الأنصار
(الحسام
(1)
) وهو (ابن الفريعة) وهو حسان بن ثابت بن المندر
(1)
ويكنى أيضا أبا الحسام. اللآلئ 171.
ابن حرام.
ومنهم (ابن الإطنابة) بها يعرف، وهي أمه بنت شهاب بن بقان
(1)
من بلقين
(2)
. واسم ابن الإطنابة عمرو بن عامر بن زيد مناة بن مالك الأغر
(3)
.
ومنهم (الزمق) وهو عبيد بن سالم بن مالك بن عوف بن الخزرج.
ومن خزاعة
(ابن الحدادية
(4)
) وهي من محارب بن خصفة. واسم ابن الحدادية قيس بن منقذ بن عمرو بن أصرم بن طاطر بن حبشية
(5)
.
ومن بارق
(المعقر)، وهو سفيان بن أوس بن حمار. عقره قوله:
لها ناهضٌ في الوكر قد مهدتْ له
…
كما مهدت للبعل حسناءُ عاقر
(6)
(1)
في معجم المرزباني 203: «زبان» 10
(2)
في النسختين: «بن بلقين» تحريف. وفي معجم المرزباني: «من بنى القين بن جسر» ، وبلقين، أي بنى القين.
(3)
وكذا في معجم المرزباني. وفي سمط اللآلئ 575: «بن مالك بن الأغر» .
وتمام نسبه: بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج.
(4)
نسبة إلى بنى حداد، بضم الحاء وتخفيف الدال. انظر الاشتقاق 87 وما كتبت في حواشي نوادر المخطوطات 1: 86 - 87.
(5)
كذا. وفي الأغانى 23: 2: «بن عمرو بن عبيد بن ضياطر بن صالح بن حبشية» .
(6)
وكذا جاءت نسبته في الأغانى 10: 45 والمزهر 2: 348. لكن نسب في الحيوان 7: 37 - 38 إلى دريد بن الصمة.
ومن الأزد
(ثابت قطنة
(1)
) بن كعب
(2)
، وله يقول حاجب الفيل
(3)
:
ما يعرفُ الناس منه غير قطنته
…
وما سواهُ من الآباء مجهولُ
وكان يحشو عينه بقطنة.
ومن همدان
(الأعشى) وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث بن نظام
(4)
.
ومنهم (المذنوب
(5)
) وهو كثير بن أبي حية.
ومنهم (الوارع) وهو حشيش بن عبد الله بن مر بن سلمان بن معمر.
(1)
كان من شعراء خراسان وفرسانهم في أيام الدولة الأموية، وذهبت عينه في حرب من الحروب فكان يحشوها بقطنة، فسمى «ثابت قطنة». وانظر الاشتقاق 284 والأغانى 13: 47 - 54 والخزانة 4: 184 - 187 والشعراء 612.
(2)
وقيل: بن عبد الرحمن بن كعب.
(3)
وكذا في الطبري 8: 185 والأغانى 13: 48 الخزانة. وفي الأغانى 13: 49 - 50 أن ثابتا هو الذي قال هذا البيت يتوقع أن يهجى بهذا المعنى، فرأى أن يسبق الشعراء إليه، وأشهد عليه الناس، فلما هجاه به حاجب الفيل استشهدهم على أنه هو قائله.
(4)
ا: «بطام» ب: «بظام» ، صوابه ما أثبت من المؤتلف 14 والأغانى 5:138.
وتمام نسبه: بن جشم بن عمرو بن الحارث بن مالك بن عبد الجن بن زيد بن جشم بن حاشد ابن جشم بن خيران بن نوف بن همدان.
(5)
جعلها الشنقيطي: «المذبوب» .
ومن جعفى
(الشويعر)، وهو محمد بن حمران بن أبي حمران
(1)
.
ومنهم (الخلج) وهو عبد الله بن الحارث بن عمرو بن وهب بن الحارث ابن سعد
(2)
: خلجة قوله:
كأنَّ تخالج الأشطانِ فيها
…
شآبيبٌ تجود من الغوادي
(3)
ومن بني أود
(الأفوه) وهو صلاءة بن عمرو بن عوف
(4)
بن منبه بن أود.
ومن مراد
(المكشوح) وهو هبيرة بن عبد يغوث
(5)
بن غويل بن سلمة بن ندا.
وكان كشح جنبه بالنار.
(1)
وأبو حمران هو الحارث بن معاوية بن الحارث بن مالك بن عوف بن سعد بن عوف بن سعد بن حريم بن جعفى بن الشاجى بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد. المؤتلف 141.
(2)
في المزهر 2: 438: «عبد اللّه بن عمرو الجعفي» فقط.
(3)
في المزهر: «كأن تخالج الأشطان فيهم» .
(4)
الذي في الأغانى 11: 41 والعيني 1: 431 ومعاهد التنصيص 2: 150:
«صلاءة بن عمرو بن مالك بن عوف بن الحارث بن عوف» . وانظر سمط اللآلئ 365 والشعراء 175.
(5)
انظر المحبر لابن حبيب 252 والاشتقاق 247 وشرح القصائد السبع لا بن الأنباري 119.
ومن كندة
(الذائد
(1)
) وهو امرؤ القيس بن بكر بن امرئ القيس
(2)
بن الحارث ابن معاوية
(3)
. سمى ذائداً لقوله:
أذودُ القوافيَ عنَّي ذيادا
…
ذيادَ غلامٍ غوىًّ جرادا
(4)
ومنهم (المقنع
(5)
) وهو محمد بن عميرة بن أبي شمر بن فرعان بن قيس
(6)
.
وكان مقنعاً
(7)
الدهر كله.
ومن السكون
(ابن الغزالة) وهو ربيعة بن عبد الله بن ربيعة بن سلمة بن الحارث ابن سوم.
(1)
في النسختين: «الزائد» ، تحريف.
(2)
يطابقه ما ورد في المؤتلف 10. لكن في المزهر 2: 437 إسقاط «امرئ القيس» هذه.
(3)
تمام نسبه: بن ثور بن مرتع الكندي.
(4)
وكذا في المؤتلف. وفي ديوان امرئ القيس، حيث نسب الشعر إليه:«جرئ جوادا» . وبعده:
فلما كثرن وأعييننى
…
تنقيت منهن عشرا جيادا
فأعزل مرجانها جانبا
…
وآخذ من درها المستجادا
(5)
ا: «النقيع» ، والتصحيح للشنقيطى.
(6)
في النسختين: «فرغان بن قيسا» صوابه من الأغانى 15: 151 وسمط اللآلئ 615. وتمام نسبه: بن الأسود بن عبد اللّه بن الحارث الولادة بن عمرو بن معاوية بن كندة بن عفير بن عدس.
(7)
ا: «نقيعا» وصححه الشنقيطي. وفي الأغانى: «كان المقنع أحسن الناس وجها وأمدهم قامة وأكملهم خلقا، فكان إذا سفر لقع، أي أصابته أعين الناس - فيمرض ويلحقه عنت، فكان لا يمشى إلا مقنعا.
وفي خثعم
(ذو اليدين) وهو نفيل بن حبيب، دليل أبرهة على الكعبة
(1)
.
ومن مرة قضاعة
(مدرج الريح) وهو عامر بن المجنون
(2)
، درجه قوله:
أعرفت رسماً من أمامة بالَّلوى
…
درجت عليه الريحُ بعدكَ فاستوى
(3)
ومن طيئ
(عارق) وهو قيس بن جروة بن الأحيصن
(4)
. عرّقه قوله:
لئن لم تغيَّر بعضَ ما قد فعلتم
…
لأنتحين للعظم ذو أنا عارقه
(5)
(1)
السيرة 31، 35، 36 والاشتقاق 306. وأنشد له ابن إسحاق شعرا في الموضع الأخير.
(2)
في الأغانى 3: 18 والمزهر 2: 438: «عامر بن المجنون الجرمي» .
(3)
وكذا في المزهر برواية «من سمية باللوى» . وفي الأغانى: وإنما سمى مدرج الريح بشعر قاله في امرأة كان يزعم أنه يهواها من الجن، وأنه يسكن إليها في الهواء، وتتراءى له. وكان محمقا، وشعره هذا:
لابنة الجنى في الجو طلل
…
دارس الآيات عاف كالخلل
درسته الريح من بين صبا
…
وجنوب درجت حينا وطل
(4)
كذا، وفي الخزانة 3: 330 - 331: «قيس بن جروة بن سيف بن وائلة ابن عمرو بن مالك بن أمان بن ربيعة بن جرول بن ثعل الطائي الأجئي» . نسبة إلى أجا أحد جبلى طيء، وهما أجأ وسلمى.
(5)
انظر الحماسة بشرح المرزوقي 1742 - 1743 والمزهر 2: 348 والأغانى 19: 128.
و (أبو المهند) بن معاوية بن حرملة بن رسم بن لوران
(1)
بن عدى ابن فزارة.
صورة ما ورد في ختام نسخة الأصل
وهي برقم 2606 تاريخ بدار الكتب المصرية:
(1)
لعل قراءتها «زنيم بن لوذان» .
كتاب العققة والبررة لأبي عبيدة معمر بن المثنّى 110 - 210
مقدمة
أبو عبيدة
لم يولد أبو عبيدة معمر بن المثنّى في أرض عربية، ولم يكن مغرسه مغرسا عربيا، فقد ولد في بلاد فارس، من أصل أعجمي يهودىّ. وهو يقول «حدّثنى أبى أن أباه كان يهوديا بباجروان
(1)
». حتى لقبه كان لقبا أعجميا، فكانوا يدعونه «سبّخت» ويذكر أبو الفرج في الأغانى
(2)
أن سبخت اسم من أسماء اليهود. وفيه يقول ابن مناذر
(3)
:
فخذ من شعر كيسان
…
ومن أظفار سبّخت
يعنى أبا عبيدة.
ولم يكن له بدّ من أن يتولّى بعض العرب، فكان ولاؤه للتّيم، تيم قريش لا تيم الرباب. ومن هنا كان نسبه «التيمي» .
وقيل: إن ولاءه كان لبنى عبيد اللّه بن معمر التيمي
(4)
.
أبو عبيدة
الشعوبى الخارجي:
وكان أبو عبيدة لا يقيم العربية - فيما يزعمون - فكان مع لثغته إذا أنشد البيت من أبيات الشعر لم يقم وزنه، وإذا قرأ القرآن من المصحف أخطأ في قراءته.
(1)
باجروان مدينة من بلاد فارس قرب شروان.
(2)
الأغانى 17: 19.
(3)
البيان 2: 214.
(4)
الفهرست 79.
فهذه العقدة القبلية واللسانية دفعت صاحبنا أن ينضوى تحت لواء الشعوبية التي تنكر فضل العرب، بل تطعن على العرب وتزرى بها وبمفاخرها؛ وتجعله كذلك ثائرا على الدولة العربية الحاكمة؛ فهو يجرى مع الخوارج في ميدانهم، ويجد له مأوى حبيبا بين الإباضية منهم.
قال أبو حاتم السجستاني: كان أبو عبيدة يكرمني على أنّنى من خوارج سجستان
(1)
.
فكان أبو عبيدة يبغض العرب، ويطعن في أنسابها، ويؤلّف بين مثالبها الكتاب إثر الكتاب، ويمجّد الفرس ويعلى من شأنها. فهو حين يضع كتابا في فضائل الفرس يؤلّف آخر في «مثالب العرب» وفي «لصوص العرب» .
وكتابنا هذا «العققة والبررة» لعلّ مما دفع أبا عبيدة إلى تأليفه ما فيه من رائحة الهجو للعرب الذين عرفوا قديما بالبر والوفاء.
فهو في هذا قريع لسهل بن هارون صاحب بيت الحكمة، الفارسي الأصل، الشعوبى المذهب، الذي وضع رسالته المشهورة في البخل. وذلك أن العرب كان من أعلى أمجادهم الكرم والسخاء، بذلك كانوا يعرفون، وبه يتفاخرون، وأنّ الفرس كانوا مشهورين بالبخل، أو بعبارة أدق لم يكونوا معروفين بالكرم، فصنع سهل رسالته في تمجيد البخل وهجو السخاء لذلك.
أبو عبيدة والأصمعي:
ولعل هذا الميل الشعوبى هو الذي دفع بصاحبنا أن يصطنع عداوته لإمام العربية
(1)
ابن خلكان 2: 107.
عبد الملك بن قريب الأصمعي، فالأصمعى كان عربيّا متعصّبا للعرب شديد العصبية شديد المحافظة والتوقي. ولقد بلغ من ذلك أنه كان لا يقول في تفسير ألفاظ الكتاب الكريم، خشية أن يزلّ زللا دينيا أو لغويا لا يغتفر.
وأما أبو عبيدة فإنه كان لا يعبأ بهذا المذهب، فهو ينساق إلى أن يؤلف في تفسير آي اللّه كتابا سمّاه «المجاز» يعنى به الطريق الذي يسلك إلى فهم كلام اللّه.
فيقول مثلا في تأويل قول اللّه «مالك يوم الدين» : «نصب على النداء، وقد تحذف ياء النداء، مجازه يا مالك يوم الدين لأنه يخاطب شاهدا .. ومجاز من جرّ مالك يوم الدين، أنه حدّث عن مخاطبة غائب
(1)
». فيغضب الأصمعي من تأليف هذا الكتاب ويعيب على أبى عبيدة ويقول: «إنه يفسر ذلك برأيه» .
قال التوّزيّ
(2)
:
بلغ أبا عبيدة أن الأصمعي يعيب عليه تأليف كتاب المجاز في القرآن، وأنه قال: يفسّر ذلك برأيه. فسأل أبو عبيدة عن مجلس الأصمعي في أي يوم هو؟
فركب حماره في ذلك اليوم ومرّ بحلقة الأصمعي فنزل عن حماره وسلّم عليه وجلس عنده وحادثه، ثم قال له: يا أبا سعيد - وهي كنية الأصمعي - ما تقول في الخبز؟ قال: هو الذي تخبزه وتأكله. فقال له أبو عبيدة: فسّرت كتاب اللّه برأيك. قال تعالى: إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا
(3)
. قال الأصمعي: هذا شيء بان لي فقلته ولم أفسّره برأيي. فقال له أبو عبيدة: وهذا الذي تعيبه علينا كلّه شيء بان لنا فقلناه ولم نفسّره برأينا. ثم قام فركب حماره وانصرف.
(1)
مجاز القرآن 1: 22 - 23.
(2)
ياقوت 19: 159.
(3)
الآية 36 من سورة يوسف.
وهذه قصة أخرى تظهر ما كان بين الرجلين من منافسة لا يبعد أن يكون مردّها الباطني إلى تلك العداوة العصبية.
قال أبو عثمان المازني
(1)
: سمعت أبا عبيدة يقول:
أدخلت على الرشيد فقال لي: يا معمر، بلغني أن عندك كتابا حسنا في صفة الخيل، أحب أن أسمعه منك. فقال الأصمعي: وما تصنع بالكتاب؟ يحضر فرس ونضع أيدينا على عضو عضو ونسمّيه ونذكر ما فيه. فقال الرشيد: يا غلام، أحضر فرسى. فقام الأصمعىّ فوضع يده على عضو عضو وجعل يقول: هذا كذا، قال الشاعر فيه كذا. حتى انقضى قوله، فقال لي الرشيد: ما تقول فيما قال؟ فقلت: قد أصاب في بعض وأخطأ في بعض، والذي أصاب فيه شيء نعلمه، والذي أخطأ فيه لا أدرى من أين أتى به!
وتشتدّ هذه المنافسة وتعلو حتى نرى الأصمعي يتّهم أبا عبيدة بما قال فيه القائل:
صلّى الإله على لوط وشيعته
…
أبا عبيدة قل باللّه آمينا
في قصّة نعفّ عن تسجيلها.
وهذا التعصب الشعوبى - إلى ما كان يمتاز به أبو عبيدة من علم واسع - هو الذي دفع بإسحاق بن إبراهيم الموصلي
(2)
الفارسي الأصل، أن يخاطب الفضل ابن الربيع ويوصيه بأن يؤثر أبا عبيدة على الأصمعي، وأن ينفى الأصمعي عن حضرته، وذلك قوله:
(1)
ياقوت 19: 160.
(2)
ابن خلكان 2: 107.
عليك أبا عبيدة فاصطنعه
…
فإن العلم عند أبي عبيده
وقدّمه وآثره عليه
…
ودع عنك القريد بن القريده
لسان أبى عبيدة:
ولست أعنى به فصاحته ونصاعة بيانه، فقد كان أبو عبيدة كما أسلفت القول ذا لثغة، بعيدا من أن يقيم العربية، وإنما أعنى حدّة لسانه، فقد ذكر الرواة أن أبا عبيدة حين توفّى لم يحضر جنازته أحد، لأنه لم يكن يسلم من لسانه أحد لا شريف ولا غيره.
ويروون أن الأصمعي كان إذا أراد الدخول إلى المسجد قال: انظروا لا يكون فيه ذلك. يعنى أبا عبيدة، خوفا من لسانه.
ولقد حمل أبو عبيدة لسانه ذلك معه إلى فارس.
قالوا
(1)
: خرج أبو عبيدة إلى بلاد فارس قاصدا موسى بن عبد الرحمن الهلالىّ، فلما قدم عليه قال لغلمانه. احترزوا من أبى عبيدة فإن كلامه كلّه دق.
ثم حضر الطعام فصبّ بعض الغلمان على ذيله مرقة، فقال له موسى: قد أصاب ثوبك مرق، وأنا أعطيك عوضه عشرة ثياب. فقال أبو عبيدة: لا عليك فإنّ مرقك لا يؤذى! - أي ما فيه دهن - ففطن لها موسى وسكت.
وكان لقوة بداهته فضل كبير في نجاحه عند الولاة وأصحاب السلطان.
يقول أبو عبيدة
(2)
:
لما قدمت على الفضل بن الربيع قال لي: من أشعر الناس؟ فقلت: الراعي
(1)
ابن خلكان 2: 107.
(2)
ابن خلكان 2: 107.
قال: وكيف فضّلته على غيره؟ فقلت: لأنه ورد على سعيد بن عبد الرحمن الأموي فوصله في يومه الذي لقيه فيه وصرفه، فقال يصف حاله معه:
وأنضاء أنخن إلى سعيد
…
طروقا ثم عجّلن ابتكارا
حمدن مناخه وأصبن منه
…
عطاء لم يكن عدة ضمارا
فقال الفضل: فما أحسن ما اقتضيتنا يا أبا عبيدة! ثم غدا إلى هارون الرشيد فأخرج لي صلة، وأمر لي بشئ من ماله وصرفنى.
أبو عبيدة العالم:
كان من شيوخ أبى عبيدة شيخان جليلان: أحدهما يونس بن حبيب الذي يقول فيه أبو عبيدة
(1)
: «اختلفت إلى يونس أربعين سنة أملأ كلّ يوم ألواحى من حفظه» .
والآخر أبو عمرو بن العلاء، الذي يقول أبو عبيدة في شأنه
(2)
: «كان أبو عمرو أعلم الناس بالأدب والعربية والقرآن والشعر» . ويذكرون أن كتبه التي كتبها عن العرب الفصحاء كانت قد ملأت بيتا له إلى قريب من السقف.
وكان من شيوخه في الحديث هشام بن عروة.
وكان من تلاميذه أئمة فضلاء، منهم أبو عبيد القاسم بن سلّام، والأثرم علي بن المغيرة، وأبو عثمان المازني، وأبو حاتم السجستاني، وعمر بن شبّة النميرىّ، وإسحاق الموصلي.
وكان من تلاميذه كذلك الخليفة «هارون الرشيد» . وكان هارون قد أقدمه من البصرة إلى بغداد سنة 188 وقرأ عليه بها أشياء من كتبه
(3)
.
(1)
ابن خلكان 2: 416.
(2)
ابن خلكان 1: 386.
(3)
ابن خلكان 2: 105.
استقدامه إلى بغداد:
كان ذلك في سنة 188. ويسرد لنا إسحاق الموصلي ما كان من أمر استقدام أبى عبيدة من البصرة إلى بغداد فيقول
(1)
:
أنشدت الفضل بن الربيع أبياتا كان الأصمعي أنشدنيها في صفة فرس له، وهي:
كأنّه في الجلّ وهو سام
…
مشتمل جاء من الحمّام
يسور بين السّرج واللجام
…
سور القطا خفّ إلى اليمام
قال: ودخل الأصمعي فسمعني أنشدها، فقال: هات بقيّتها. فقلت: ألم تقل إنه لم يبق منها شيء؟ فقال: ما بقي منها إلّا عيونها! ثم أنشد بعدها ثلاثين بيتا، فغاظنى فعله، فلما خرج عرّفت الفضل بن الربيع قلّة شكره لعارفة، وبخله بما عنده، ووصفت له فضل أبى عبيدة معمر بن المثنى وعلمه ونزاهته، وبذله ما عنده، واشتماله على جميع علوم العرب، ورغّبته فيه حتى أنفذ إليه مالا جليلا واستقدمه، فكنت سبب مجيئه إلى البصرة.
ويسرد لنا أبو عبيدة نفسه قصّة لقائه الأول للفضل بن الربيع فيقول:
أرسل إلىّ الفضل بن الربيع إلى البصرة في الخروج إليه سنة ثمان وثمانين ومائة، فقدمت إلى بغداد واستأذنت عليه، فأذن لي فدخلت عليه وهو في مجلس له طويل عريض، فيه بساط واحد قد ملأه، وفي صدره فرش عالية لا يرتقى إليها إلّا على كرسىّ، وهو جالس عليها، فسلّمت عليه بالوزارة فردّ وضحك إلىّ واستدنانى حتى جلست إليه على فرشه، ثم سألني وألطفنى وباسطنى وقال:
(1)
معجم الأدباء 19: 157.
أنشدني. فأنشدته فطرب وضحك وزاد نشاطه. ثم دخل رجل في زي الكتّاب له هيئة، فأجلسه إلى جانبي وقال له: أتعرف هذا؟ قال: لا. قال هذا أبو عبيدة علّامة أهل البصرة، أقدمناه لنستفيد من علمه! فدعا له الرجل وقرّظه لفعله هذا وقال لي: إنّى كنت إليك مشتاقا، وقد سألت عن مسألة أفتأذن لي أن أعرّفك إياها؟ فقلت: هات. قال: قال اللّه عز وجل: «طلعها كأنه رؤوس الشياطين
(1)
». وإنما يقع الوعد والإيعاد بما عرف مثله، وهذا لم يعرف. فقلت:
إنما كلم اللّه تعالى العرب على قدر كلامهم. أما سمعت قول امرئ القيس:
أيقتلني والمشرفىّ مضاجعى
…
ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وهم لم يروا الغول قطّ، ولكنهم لما كان أمر الغول يهولهم أوعدوا به.
فاستحسن الفضل ذلك واستحسنه السائل، وعزمت من ذلك اليوم أن أضع كتابا في القرآن في مثل هذا وأشباهه، وما يحتاج إليه معه علمه، فلما رجعت إلى البصرة عملت كتابي الذي سمّيته المجاز، وسألت عن الرجل السائل فقيل لي: هو من كتّاب الوزير وجلسائه، وهو إبراهيم بن إسماعيل الكاتب.
أبو عبيدة المؤلف:
وكان أبو عبيدة معمر بن المثنى أحد أربعة من العلماء الأفذاذ، تعاصروا جميعا، وضربوا بسهم كبير في وفارة الإنتاج الفكري والتأليف.
فكان معاصرا للجاحظ (150 - 255) الذي خرج من الدنيا عن زهاء ثلاثمائة وستين مؤلفا في ضروب شتى من العلوم.
(1)
الآية 65 من سورة الصافات.
وكان معاصرا لأبى الحسن علي بن محمد المدائني (135 - 225) الذي ألف نحو مائتين وأربعين مصنفا، كما ذكر ابن النديم.
وأما أبو عبيدة فقد قال صاحب الوفيات: إن «تصانيفه تقارب مائتي مصنف» .
وإليك عنوانات ما سرده منها كبار علماء التراجم، وهذا أول إحصاء تحقيقى لأسماء كتبه
(1)
:
1 -
الإبدال. ذكره ياقوت في معجم الأدباء.
2 -
الإبل. ابن النديم وياقوت وابن خلكان والسيوطي.
3 -
الاحتلام. ياقوت وابن خلكان وصاحب كشف الظنون. وهو عند ابن النديم برسم «الأحلام» .
4 -
أخبار الحجّاج. ابن النديم وياقوت وابن خلكان وكشف الظنون.
- أخبار العققة والبررة. انظر: (العققة والبررة).
5 -
أدعياء العرب. ابن النديم. وذكره ياقوت وابن خلكان باسم «أدعية العرب» .
6 -
أسماء الخيل. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان وكشف الظنون.
7 -
الأنباز، أي الألقاب، جمع نبز بالتحريك. ذكره ابن دريد في الجمهرة 2: 46 قال: «قال أبو عبيدة في كتاب الأنباز: كان لقب عتيبة ابن الحارث ماغثا» .
(1)
المأمول ممن هسى أن يخلفنا في معالجة هذا البحث، أن ينوه بذلك، أداء لأمانة التاريخ.
8 -
الأسنان. ذكره ابن النديم.
9 -
أشعار القبائل. ياقوت.
10 -
الأضداد. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
11 -
إعراب القرآن. ابن النديم.
12 -
أعشار الجزور. ابن النديم.
13 -
الاعتبار. ابن النديم. وذكره ياقوت وابن خلكان برسم «الأعيان» .
14 -
الأمالي. ومنها نص في الخزانة 2: 354.
15 -
الأمثال السائرة. ياقوت وكشف الظنون. وذكره ابن النديم، والسيوطي في بغية الوعاة، برسم «الأمثال» فقط.
16 -
الإنسان. ياقوت وابن خلكان.
17 -
الأوس والخزرج. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
18 -
الأوفياء. ابن النديم.
19 -
إياد الأزد، ذكره ياقوت. وعند ابن النديم وابن خلكان «أيادي الأزد» ، وهو خطأ: و «إياد» بطنان من العرب، أحدهما إياد بن نزار بن معد بن عدنان، القبيلة المشهورة. والآخر إياد بن سود بن الحجر بن عمار بن عمرو، بطن من الأزد من القحطانية. ذكره القلقشندي في نهاية الأرب. وانظر كذلك تاج العروس 2: 293 ولسان العرب 4: 43.
20 -
الأيام الصغير. ذكر ياقوت وابن خلكان. وقال الأخير: إنه خمسة وسبعون يوما. وذكر ابن النديم والسيوطي هذا والذي بعده برسم
«الأيام» فقط. وفي المزهر 1: 168، 180، 570 نقول عن كتاب أيام العرب، وكذا في الخزانة 3: 518 وشرح شواهد المغنى للسيوطي 205.
21 -
الأيام الكبير. ذكره ياقوت. وقال ابن خلكان: إنه «ألف ومائتا يوم» .
22 -
أيام بنى مازن وأخبارهم. ياقوت وابن خلكان. وذكره ابن النديم باسم «كتاب بنى مازن وأخبارهم» .
23 -
أيام بنى يشكر وأخبارهم. ابن النديم.
24 -
البازي. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
25 -
البكرة. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
26 -
البله. ذكره ياقوت، وابن خلكان. وورد محرفا في ابن النديم برسم «العلة» .
27 -
بيان باهلة. ذكره ابن خلكان.
28 -
البيضة والدرع. ذكره في الخزانة 1: 11.
29 -
بيوتات العرب. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
30 -
التاج. ياقوت، والعقد 1: 27، 66/ 3: 331، 335/ 4: 339 حيث نقل عنه نقولا شتى، وكذلك ابن خلكان.
31 -
تسميه من قتلت بنو أسد. ابن النديم.
32 -
التمثيل. ذكره السيوطي في المزهر 2: 265 ونقل منه نصا، قال:
33 -
جفوة خالد. ابن النديم
34 -
الجمع والتثنية. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
35 -
الجمل وصفين. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
36 -
الحدود. ياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
37 -
الحرات. ابن النديم.
38 -
الحيف؟ ابن النديم.
39 -
حضر الخيل. ياقوت، وابن خلكان.
40 -
الحمالين والحمالات. ابن النديم.
41 -
الحمام. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
42 -
الحمس من قريش. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
43 -
الحيات. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
44 -
الحيوان. ابن النديم.
45 -
خبر البراض. ياقوت، وابن خلكان.
46 -
خبر أبي بغيض. ابن النديم.
47 -
خبر التوأم. ابن النديم.
48 -
خبر الراوية. ابن النديم.
49 -
خبر عبد القيس. ابن النديم.
50 -
خراسان. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
51 -
خصى الخيل. ابن النديم. ولعله «حضر الخيل» الذي سبق في السرد.
52 -
الخف. ياقوت، وابن خلكان.
53 -
خلق الإنسان، أي أسماء أعضائه وصفاته. ذكره ابن النديم وياقوت، وابن خلكان، والسيوطي في البغية، وكشف الظنون .. ولعله كتاب «الإنسان» الذي مضى.
54 -
خوارج البحرين واليمامة. ذكره ابن النديم، وابن خلكان، وكشف الظنون. وذكره ياقوت باسم «خوارج البحرين» فقط.
55 -
الخيل. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، والسيوطي. وفي المخصص 2: 36: «قال أبو حاتم: وهو في كتاب عبد الغفار الخزاعي وإنما أخذ كتابه فزاد فيه - أعنى كتاب صفة الخيل - ولم يكن لأبى عبيدة علم بصفة الخيل» . وقد طبع هذا الكتاب في حيدر أباد سنة 1358.
56 -
الدلو. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
57 -
الديباج. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون. وقال صاحب الكشف:«ذكر فيه أن حكماء العرب في الجاهلية ثلاثة» . وجاء في التنبيه والإشراف للمسعودي 209: «وقد ذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه المترجم بالديباج أوفياء العرب، فعد السموأل بن عادياء الغسّانى. والحارث بن ظالم المرى، وعمير بن سلمى الحنفي، ولم يذكر هانئا وهو أعظم العرب وفاء، وأعزهم جوارا وأمنعهم جارا، لأنه عرض نفسه وقومه للحتوف، ونعمهم المزوال .. » الخ.
وذكره البطليوسى في الاقتضاب 360 باسم «الديباجة» ونقل منه نصا، هو هذا الرجز:
لا تسقه حزرا ولا حليبا
…
إن لم تجده سابقا يعبوبا
ذا ميعة يلتهم الجبوبا
…
يترك صوان الصفا ركوبا
بزلقات قعبت تقعيبا
…
تترك في آثارها ألهوبا
يبادر الآثار أن تئوبا
…
وحاجب الجونة أن يغيبا
كالذئب يتلو طمعا قريبا
وانظر حواشي الحيوان 6: 441 ففيها ذكر كتاب آخر له «الديباجة» في الخيل.
58 -
ديوان الأعشى. الخزانة 1: 545.
59 -
ديوان بشر بن أبي خازم. ومنه نسخة بخط أبى عبيدة نفسه كانت في خزانة البغدادي. وذكر أنها بالخط الكوفي. انظر الخزانة 2:
262.
وسرد نصوصا منها في 2: 263، 264/ 4: 317
60 -
الرحل. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
61 -
روستقباذ. ذكره ابن النديم فقط. وروستقباذ: طسوج من طساسيج الكوفة، كانت عنده وقعة للحجاج.
- الدرع والبيضة. ذكره السيوطي في المزهر 2: 199 ونقل منه هذا النص: «السنور: اسم لجماعة الدروع، ولا واحد لها من لفظها» . وقد سبق باسم «البيضة والدرع» .
62 -
الزرع. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
63 -
الزوائد. ابن النديم فقط.
64 -
السرج. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
65 -
السواد وفتحه. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
66 -
السيف. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، والسيوطي وكشف الظنون.
67 -
الشعر والشعراء. ذكره ابن النديم، وابن خلكان.
68 -
الشوارد. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
69 -
الضيفان. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان. ومن هذا الكتاب
نص في المؤتلف 96 وآخر في العيني 4: 43 وثالث في الخزانة 3: 386.
70 -
طبقات الفرسان. ياقوت، والسيوطي، وكشف الظنون.
71 -
الطروقة. ابن النديم.
72 -
العقارب. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
73 -
العققة. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وذكر في الأخيرين محرفا باسم «العفة» . وذكر في شرح الحماسة للتبريزى 354 بن، باسم «أخبار العققة والبررة». وفي العيني 4: 153 نص من كتاب العققة. ومما يذكر أن للمدائنى (135 - 225) المعاصر لأبى عبيدة كتابا بهذا العنوان نقل عنه المرزوقي في شرح الحماسة ص 1825.
- العلة - البله رقم 24.
74 -
الغارات. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
75 -
غريب بطون العرب. ابن النديم.
76 -
غريب الحديث. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
77 -
غريب القرآن. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
78 -
فتوح أرمينية. ابن النديم، وابن خلكان، وكشف الظنون.
79 -
فتوح الأهواز. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون
80 -
الفرس، ياقوت، وابن خلكان.
81 -
الفرق. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
وقال صاحب الكشف: «أوله: هذا كتاب يشتمل على ذكر ما خالف فيه الإنسان ذوات الأربع من السباع والبهائم والطير» . ومن هذا الكتاب نص في الاقتضاب 350 س 2.
82 -
فضائل العرش. ياقوت وكشف الظنون، ولعله مصحف ما بعده.
83 -
فضائل الفرس. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
84 -
فعل وأفعل. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، والسيوطي.
85 -
قامة الرئيس. ابن النديم.
86 -
القبالين. ابن النديم.
87 -
القبائل. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
88 -
القرائن. ياقوت، وابن خلكان.
89 -
قصة الكعبة. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
90 -
قضاة البصرة. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
91 -
القوارير. ابن النديم.
92 -
القوس. ابن النديم.
- كتاب بنى مازن، سبق في (أيام).
93 -
اللجام. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
94 -
لصوص العرب. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
95 -
اللغات، ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، والسيوطي.
96 -
مآثر العرب. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
97 -
مآثر غطفان. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
98 -
ما تلحن فيه العامة. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، والسيوطي وكشف الظنون.
99 -
المثالب. ابن النديم، وابن خلكان، والسيوطي، وكشف الظنون.
وذكره ياقوت باسم «مثالب العرب» . ومنه نصوص في القالى 3: 194 والخزانة 2: 212، 519.
100 -
مثالب باهلة. ابن النديم.
- مثالب العرب - المثالب.
101 -
مجاز القرآن. ابن النديم وياقوت، وابن خلكان، والسيوطي. وقد طبع الجزء الأول منه في مطبعة السعادة هذا العام 1374 بتحقيق الدكتور محمد فؤاد سزكين.
102 -
المجان. ذكره ابن النديم فقط، مع ذكره قبل ذلك في صدر كتبه «كتاب المجاز» ، وهو ما يشعر بأنهما كتابان لا واحد. والمجان، لعلها جمع مجنّ، وهو الترس.
- المجلة - كتاب الأمثال، ذكرها بهذا اللفظ ابن خير الإشبيلي في الفهرست 341، قال:«المجلة، في الأمثال، عن أبي عبيدة» .
103 -
محمد وإبراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
104 -
مرج راهط. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
105 -
مسعود بن عمرو ومقتله. ابن النديم، وهذا مسعود بن عمرو العتكي، الذي كان يقال له «قمر العراق» ، وقد ذكر خبره محمد بن حبيب،
في كتابه «أسماء المغالين» . انظر ص 171 - 172 من المجلد الثاني من نوادر المخطوطات.
106 -
مسلم بن قتيبة. ابن النديم.
107 -
المصادر. ابن النديم، والسيوطي.
108 -
المعاتبات. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
109 -
المعاقرات. تهذيب اللغة واللسان (عقر).
110 -
معاني القرآن. ابن النديم، وابن خلكان، والسيوطي، وكشف الظنون.
111 -
مغارات قيس واليمن. ابن النديم. وأراه غير كتاب الغارات الذي سبق في رقم 74.
112 -
مقاتل الأشراف. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وذكره صاحب كشف الظنون أيضا عند الكلام على كتاب «مقاتل الفرسان» .
ولعل هذا الكتاب هو الذي أوحى إلى محمد بن حبيب أن يصنع كتابه «أسماء المغتالين من الأشراف» الذي سبق نشره في هذا المجلد من نوادر المخطوطات.
113 -
مقاتل الفرسان. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون. وقد ذكر المسعودي هذا الكتاب في التنبيه والإشراف 89 - 90 وقال عند الكلام على «شهربراز» الملك الفارسي:
«وقد أتينا على خبره وسبب مقتله ومقتل غيره من فرسان العرب وشجعانهم على طبقاتهم من الملوك وغيرهم ممن أجمع على تقديمه وتفضيله، وشجاعته ومقاماته المشهورة وأيامه المذكورة، في كتاب لنا ترجمناه بكتاب (مقاتل فرسان العجم)، معارضة لكتاب أبى عبيدة معمر بن المثنى
(مقاتل فرسان العرب). ومنه نصوص في شرح شواهد المغنى للسيوطي 193، 243 ولسان العرب 5: 355 والخزانة 3: 304.
114 -
مقتل عثمان. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان، وكشف الظنون.
115 -
مكة والحرم. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
116 -
الملاصّ. ابن النديم. والملاصّ: جمع «ملصّة» وهو اسم جمع للصوص، وهو كذلك اسم للأرض يكثر فيها اللصوص. وانظر رقم 94.
117 -
الملاومات. ذكره ابن النديم محرفا باسم «الملاويات» . وهو على الصواب عند ياقوت وابن خلكان. وهو نظير كتاب «المعاتبات» الذي سبق في رقم 108.
118 -
من شكر من العمال وحمد. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
119 -
المنافرات. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
120 -
مناقب باهلة. ابن النديم، وياقوت.
121 -
مناقب قريش وفضائلها. نقل المسعودي نصا منه في التنبيه والإشراف 180.
122 -
الموالى. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان.
123 -
النصرة. ابن النديم.
124 -
نقائض جرير والفرزدق. ياقوت، والسيوطي، وكشف الظنون. وقد طبع هذا الكتاب بتحقيق المستشرق بيقان: Bevan سنة 1905 من رواية ابن حبيب. وهو من أمثلة النشر العلمي الرائع.
125 -
النواشز. ابن النديم، وياقوت، وابن خلكان. والنواشز: جمع ناشز، وهي المرأة المستعصية على زوجها.
126 -
النواكح. ابن خلكان، وكشف الظنون وأراه تصحيف ما بعده؛ لأن النواكح لا يحصى لهن عدد.
127 -
النوائح. ابن النديم، وياقوت.
نسخة الأصل:
نسخة نادرة لم أعثر على أخت لها بعد طول البحث والتنقيب، وقد تأدت إلينا في أثناء مجموعة من مجموعات الكتب المحفوظة بمكتبة الإسكوريال تحت رقم 1895 وأول هذه المجموعة كتاب «يوم وليلة» في اللغة، لأبى عمر الزاهد.
وقد كتبت هذه المجموعة بخط مغربى قديم يرجع في الأغلب على الظن إلى القرن السابع.
وكتابنا هذا «كتاب المققة والبررة» يبتدئ فيها من الورقة 38. وهو من رواية أبى غسان رفيع بن سلمة، تلميذ أبى عبيدة، وكاتب النسخة نقلها عن نسخة كتبها أبو ذر الخشني، محمد بن مسعود (533 - 604).
وفي النسخة مع جودتها بعض تحريف في المتن والضبط، وقليل من الإسقاط.
وقد انطمس منها بعض الكلمات، وأسطر قليلة في أواخر الكتاب، وجدت من الأوفق أن أثبت صورتها بدلا من تأديتها بحروف المطبعة لعجزها عن ذلك، وجعلت تلك الصورة في الوقت نفسه نموذجا للأصل الوحيد الذي اعتمدت عليه.
وقد عثرت على نقول من هذا الكتاب في شرح الحماسة للتبريزى، وفي شرح الشواهد للعيني، وفي خزانة الأدب، وقد أشرت إليها في أثناء التحقيق.
وإليك نص الكتاب.
كتاب العققة والبررة تأليف أبى عبيدة معمر بن المثنّى رحمه الله
رواية أبى غسان رفيع بن سلمة بن مسلم العبدي رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما
أنا أبو غسان رفيع بن مسلم
(1)
العبدي وقرئ عليه، قال أبو عبيدة:
كان قوم عقوا آباءهم فعاتبهم آباؤهم على عقوقهم بقوم بروا آباءهم، فذكر ذلك منهم. وقوم هاجروا إلى الأمصار وتركوا آباءهم في البوادي، فاشتاقوا إلى أولادهم فقالوا في ذلك.
- 1 -
فممن عق أباه عيسى بن يحيى بن سعيد أبي عمران الأعمى مولى آل طلحة ابن عبيد الله، كان يعيب شعره ويماريه في رأيه، ويثب على عثراته يعيب أباه بسوء خلقه:
أليس اغترابٌ من عمايةَ في الرَّدى
…
بحيث الوعولُ العاقلاتُ توقَّلُ
(2)
لذي الحلم خيراً من محلّ يرى به
…
علىّ له الفضل اللئيم المحوّل
(1)
كذا في الأصل، نسبة إلى جده. وهو رفيع بن سلمة بن مسلم بن رفيع العبدي.
كما في الفهرست 81. ورفيع هذا كان كاتب أبى عبيدة في الأخبار، ومن أوثق الناس فيها.
وكان أبو حاتم إذا ذكر في شيء منها قال: عليكم بذلك الشيخ. يعنى رفيع بن سلمة. وكان لقب رفيع «دماذ» وكنيته «أبا غسان» . وقال القفطي في إنباه الرواة 2: 5: «من أصحاب أبي عبيدة، وكان قد قرأ من النحو إلى باب الواو والفاء. ومن قول الخليل وأصحابه:
أن ما بعدهما ينتصب بإضمار أن، فساء فهمه عنه». وأنشد القفطي له شعرا في هذا المعنى.
وانظر بغية الوعاة 248.
(2)
عماية. جبل بالبحرين. والعاقل: الممتنع في الجبل العالي. والتوقل: الصعود في الجبل.
قطوباً فما تلقاه إلاَّ كأنَّما
…
زوى وجهه، أن لاكه فوه، حنظلُ
فحسبك إن صاحبتَ ذا من بليةٍ
…
وجانبكَ البسَّامةُ المتهللُ
فقال أبوه يحيى بن سعيد يعاتبه:
ومن خبرى أنَّي منيتُ بصاحبٍ
…
يلومُ وإن لم أجنِ ذنباً ويعذلُ
إذا قلتُ قولاً عابهَ بجهالةِ
…
وفي ما يقولُ العيبُ لو كانَ يعقلُ
تراهُ معدّاً للخلاف كأنَّه
…
بردَّ على أهل الصّواب موكّل
(1)
يراقبُ منّى غفلةً كي ينالها
…
كما لحلاةٍ نفَّضَ الريش أجدلُ
(2)
وهيهات منّي تلك حينَ يردُّني
…
إليها من العمر الذي هو أرذلُ
فذاكَ عسى أو لا فلست بمضغةٍ
…
لمنتشلٍ، والوقت لم يأنِ، تؤكلُ
أبي ليَ إقراراً على الخسف أنَّني
…
منوع لما لم يمنعُ المتذَّلل
وإن خفتُ ضيماً في محلَّ تركتهُ
…
إلى
…
(3)
فيه عن الضَّيم مزحل
وإنَّك إذ ترجو لحاقي موائما
…
برأيك رأياً بالمنى لمقلَّلُ
وما خطرة الحقَّ الضَّئيلِ وصولهُ
…
إذا خطرت يوما قساور بزّل
(4)
(1)
البيت آخر أبيات ثمانية رويت في الحماسة منسوبة لأمية بن أبي الصلت. انظر الحماسة 753 بشرح المرزوقي. قال التبريزي: «وتروى لابن عبد الأعلى. وقيل: هي لأبى العباس الأعمى. قال أبو هلال: أوردها أبو عبيدة في أخبار العققة والبررة» . وقد رويت الأبيات السبعة في الحماسة على هذا الترتيب: الأبيات 19، 20، 21، 24، 25، 27، 26، 7 من ترتيب أبى عبيدة هنا، والبيت (26) روى في الحماسة من رواية التبريزي، ولم يروه المرزوقي.
(2)
لحلاة، لعلها «لجلاء». الأجدل: الصقر.
(3)
موضعها كلمة مطموسة في الأصل.
(4)
الحق، بكسر الحاء: البعير استكمل ثلاث سنين ودخل في الرابعة. والقساور: جمع قسور، وأصل معناه القوى الشاب. والمعروف في الإبل «القياسر» جمع قيسر، وهو العظيم. والبزل: جمع بازل، وهو من الإبل ما بلغ تسع سنوات.
من الشّدقميات اللواتي إذا
…
*
…
لجلجت جون الذباب المجلجلُ
(1)
وما كادنى والحمدُ لله كائدٌ
…
فيرجعَ إلاَّ نابهُ المتفلَّلُ
وقد رامها منّى سواكَ معاشرٌ
…
بغاة فلم يفلل صفاتى معول
وكنتُ إذا أبصرتُ للقول موضعاً
…
يعرَّبه عضب بما شئت مقول
وأصمت في النادي لغير جهالةٍ
…
بما نطقوا حتَّى يقالُ مغفَّلُ
وما بيَ من عيَّ ولا أنطق الخنا
…
إذا جمع الأقوامَ للخطبِ محفلُ
(2)
ولكنّني للقومِ عند اشتجارهم
…
رضى، غير مردودِ الحكومة، مفصلُ
فقلت له يوماً لأسمعَ قوله
…
ويعلمَ بالتعليم من كان أجهلُ
(3)
غذوتك مولوداً وعلتكَ يافعاً
…
تعلُّ بما أجنى إليك وتنهلُ
(4)
إذا ليلةٌ آبتك بالشَّكو لم أبت
…
لشكوك إلاَّ خائفاً أتململ
(5)
كأني أنا المطروق دونك بالذي
…
طرقت به دونى وعيني تهمل
تحاف الرَّدى نفسي عليكَ وإنَّها
…
لتعلمُ أنَّ الموت وقتٌ مؤجَّلُ
وأن ليسَ عن ورد المنايا مؤخّر
…
لعزًّ ولا عنها لذلًّ معجّلُ
فلمَّا بلغت السّنّ في الغاية التي
…
إليها مدى ما كنتُ فيك أؤَّملُ
(6)
جعلت جزائي منك جبها وغلظة
…
كأنّك أنت المنعم المتطوّل
(7)
(1)
بياض في الأصل في الموضعين.
(2)
البيت بدون نسبة في البيان والتبيين 1: 4.
(3)
كذا ورد البيت.
(4)
هذا البيت أول الحماسية التي سبق التنبيه عليها في حواشي ص 353. وفي الحماسة:
(5)
في الحماسة: «إذا ليلة نابتك» .
(6)
الحماسة: «السن والغاية» .
(7)
الجبه: مقابلة الإنسان بما يكرهه.
وسمّيتنى باسم المفنّد رأيه
…
ولم تمض لي في السَّنَّ ستون كملُ
(1)
فليتك إذ لم ترع حقّ أبوّتى
…
كما يفعل الجار المجاور تفعل
(2)
وإن كنتَ شيئاً فالتمس لك والداً
…
أباً لكَ تدعوه أباً حين تسألُ
فإني أرى فيمن رأيتُ معاشراً
…
بآبائهم آباء سوء تبدَّلُ
كما رضيتْ للحين كلبٌ بحميرٍ
…
أباً من معدً ضلَّةً ما تقوَّلُ
(3)
إلى أيً عزًّ أو إلى أيَّ ثروةٍ
…
عن ابن رسول الله كانت تحوَّلُ
أأكرم نفساً أو أباً أو محلةً
…
إليهم من إسماعيل كانت تحوَّلُ
فما استوحشَ الحيُّ المقيمُ لرحلة ال
…
خليط ولا عزَّ الذين تحمَّلوا
(4)
كتاركِ يوماً مشيةٍ من سجيَّةٍ
…
لأخرى ففاتته وأصبحَ يحجلُ
- 2 -
وممن عقّ أباه السّرندى بن حنظلة بن عوادة الربيعي، ترك أباه في المفازة وفارقه، فقال حنظلة بن عرادة في ذلك:
ما للسّرندى أطال اللّه أيمته
…
ألقى أباه بغبر البيد وأدَّلجا
(5)
مجعٌ سباتٌ يعاف الكلبِ طعمته
…
إذا رأى غفلة من جاره ولجا
(6)
(1)
الحماسة بشرح التبريزي: «وفي رأيك التفنيد لو كنت تعقل» .
(2)
الحماسة: «فعلت كما الجار المجاور يفعل» .
(3)
انظر ما كتبت في حواشي الحيوان 4: 325 - 326.
(4)
البيت وتاليه برواية أخرى في الحيوان 4: 326.
(5)
الأبيات في الحيوان 1: 226 - 227. الأيمة: مصدر آم يئيم، إذا مكث زمانا لا يتزوج.
(6)
المجع، بالكسر: الأحمق، إذا جلس لم يكد يبرح من مكانه، والجاهل.
والسبات، كذا وردت في الأصل بفتح السين. وفي هامش النسخة:«يقال رجل سبات - مع ضبط السين بالفتح - إذا كان ماضيا في الأمور. وسباه: أحمق» . ورواية الجاحظ:
«مجع خبيث» . والطعمة، وضبطت في الأصل بكسر الطاء، وهي الحالة والسيرة في الأكل.
في الحيوان: «وإن رأى غفلة» .
ربيتهُ وهو مثلُ الفرخ أعظمه
…
والكلب يلحس من تحت استه الرّدجا
(1)
- 3 -
وممن عق أباه لبطة بن الفرزدق
(2)
، وكان يطيع امرأته وكانت تحرشه عليه، فقال الفرزدق:
أأن أرعشت كفّا أبيك وأصبحت
…
يداك يدي ليثٍ فإنك حاربهُ
(3)
إذا غلبَ ابنٌ بالشَّبابِ أباً له
…
كبيراً فإن الله لا بدَّ غالبهُ
(4)
رأيتُ تباشيرَ العقوق هي التي
…
من ابن امرئ ألّا يزال يغالبه
(5)
ولمَّا رآني قد كبرتُ وأنَّه
…
أخو الحيّ واستغنى عن المسح شاربهُ
(6)
أصاخَ لعريان النجىّ وإنَّه
…
لأزورُ عن بعض المقالةِ جانبه
(7)
أنكر أبو غسان «أخو الحن» وإنما هو «الحي» . قال: كان يقال له:
يا بني، فصار اليوم يقال له: يا أخي.
(1)
الردج، بالتحريك: أول: ما يخرج من بطن الصبى.
(2)
سمى الفرزدق بنيه على السخرية: لبطة، وسبطة، وحبطة، وكلطة، وجلطة.
وركضة، وزمعة. انظر الشعر والشعراء 445 وما في حواشيه من المراجع.
(3)
الأبيات في ديوانه 124 - 125 والأغانى 19: 23. وفي الديوان والأغانى:
«فإنك جاذبه» .
(4)
الديوان والأغانى: «إذا غالب ابن» .
(5)
الديوان والأغانى: «ما إن يزال يعاتبه» .
(6)
الأغانى والديوان: «وأنني أخو الحي» ، وليس بشيء.
(7)
في اللسان: يقال فلان عريان النجى، إذا كان يناجى امرأته ويشاورها ويصدر عن رأيها. ومنه قوله:
أصاخَ لعريان النجىّ وإنَّه
…
لأزورُ عن بعض المقالة جانبه
قال: أي استمع إلى امرأته وأهاننى. وأصل معنى النجى من تناجيه وتساره.
- 4 -
ومنهم بنو عقيل بن علفة. كان علفة بن عقيل بن علفة هوى امرأة من قومه من بني مالك بن مرة وهويته، فأراد أن يتزوجها فخطبها أبوهم
(1)
عقيل فزوجته، فأقامت عنده حيناً. ثم إن قومها أدعوا عليه أنه طلقها، فهرب بها إلى الشام وقال في ذلك:
لعمري لقد أضحتْ سلامة بدَّلت
…
من الرَّملة القفراء قفلا تزاولهُ
(2)
وبرجاً يعنّيها دوىّ حمامه
…
إذا هي أضحت، بزله
(3)
وجوازله
وقال في امرأته:
وما كان قبل المالكية لي هوى
…
ولا بعدها إلّا هوى أنا غالبه
وما كادَ حبُّ المالكية ينقضي
…
ومن مالك عظم صحيح أعاتبه
فلو لا هواىَ المالكيةَ أوردتْ
…
بنو مالكٍ بحراً تناهي غواربهُ
فخرج عقيل بامرأته إلى الشام ومعه ولده علّفة، وعملّس، وجثّامة، وابنته الجرباء، فلما كانوا بدومة الجندل تغنى علفة بن عقيل فقال:
قفي يا ابنةَ المرَّىَّ نسألك ما الذي
…
تقولين فيما كنتِ منّيتنا قبل
نخبّرك إن لم تنجزى الوأىَ أنَّنا
…
ذوا خلَّةٍ لم يبق بينهما وصل
(4)
(1)
في الأصل: «أبوها» .
(2)
سلامة، ضبطت في الأصل بضم السين، مع وضع كلمة «صح» فوقها تأكيدا لهذا الضبط. ومزاولة القفل كناية عن سكناها المدن، حيث للبيت أقفال.
(3)
البزل: جمع بازل، وأصله في البعير إذا استكمل الثامنة وطعن في التاسعة.
والجوازل: جمع جوزل، وهو فرخ الحمام.
(4)
الوأى: الوعد. وفي الأصل: «الرأي» تحريف. وفي الأغانى 11: 83:
فإن شئت كان الصَّرمُ ما هبَّت الصَّبا
…
وإن شئت لم يفن التكرم والبذل
ونسألك ما يغنى عن الجاهل المنى
…
ولا يستقيدنّ الجنيبُ ولا حبل
(1)
فغدا عليه عقيل أبوه بالسيف وقال: يا عدو الله، من هذه المرية؟ واتهمه بامرأته وقال: أتشبب بأمك؟! فكلمه أخوه فيه فحمل عليهما، ويرميه عملس بسهم في فخذه فصرعه. فثم حين يقول عقيل
(2)
:
إنْ بنيَّ رمَلوني بالدَّم
(3)
…
من يلقَ أبطال الرَّجال يكلم
شنشنةٌ أعرفها من أخزم
…
ومن يكن ذا أودٍ يقوَّم
وقال عقيل:
لعمركَ إنيَّ يومَ أغذو عملَّساً
…
لكالمتربَّى حتفه وهو لا يدري
وإنَّي لأسقيهِ غبوقي وإنَّني
…
لغرثانُ منهوك البآديل والنحر
(4)
(1)
البيت لم يروه أبو الفرج.
(2)
الرجز منسوب في البيان والتبيين 1: 331 واللسان (رمل) إلى أبى أخزم الطائي، وهو جد أبى حاتم الطائي، أو جد جده.
(3)
رمله بالدم: لطخه وضرجه، كما في اللسان (رمل) عند إنشاد الرجز. وفي العقد 215: 192/ 6: 99: «زملوني» بالزاي، وهي رواية ضعيفة. وفي الأغانى 11:
84: «سربلونى» . وفي مجمع الأمثال: «ضرجونى» قال: «ويروى: رملونى، وهو مثل ضرجونى» .
(4)
البيتان من أربعة في الأغانى 11: 84. وقبلهما.
ألم تريا أطلال، حنت وشاقها
…
تفرقنا يوم الحبيب على ظهر
وأسبل من جرباء دمع كأنه
…
جمان أضاع السلك أجرته في سطر
البآديل: جمع بأدلة، وهي لحم الصدر. وقد كتب إزاء هذه الكلمة في النسخة «الذراعين، صح» . وفي الأغانى كذلك: «منهوك الذراعين» .
وقال عملّس
(1)
لعقيل أبيه:
ألا أبلغا عنى عقيلاً رسالةً
…
فإنكَ من حربٍ علىَّ كريم
(2)
ألا تذكرُ الأيامُ إذ أنت واحدٌ
…
وإذ كلُّ ذي قربي إليكَ مليم
(3)
وإذ لا يقيكَ الناسُ شيئاً كرهته
…
بأنفسهم إلاَّ الذين تضيمُ
(4)
وأنتَ إذا آنستَ خيراً وغبطةً
…
فإنَّكَ أحياناً ألدُّ ظلوم
(5)
وأنت إذا ما الدّهر عضَّك عضَّةً
…
فإنك معطوفٌ عليك رحيمُ
وتفرق عنه ولده، فبيناهم بفنائه وقد ملأ حياضه ولم ترد إبله بعد، إذ جاء بجيل بن خبيب بن ورد بن حذيفة بن بدر، فقال لعقيل: دعني أسقى إبلى من حياضك وأملؤها لك. فأبى ذلك عقيل، فوثب بنون لبجيل على عقيل فقطعوا أطنابه، وسقوا إبلهم من حياضه. فبلغ الخبر علفة بن عقيل، ويقال إنها لعملس بن عقيل، ويقال بل قالها أرطاة بن سهية
(6)
يعيره ببجيل:
أكلتَ بنيكَ أكلَ الضَّبَّ حتَّى
…
وجدت مرارةَ الكلأ الوبيلِ
(1)
في الأغانى 11: 84 أن القائل «علفة» .
(2)
يقال: هو حرب له، أي عدو مباعد. والأبيات في الأغانى 11:84.
(3)
الأغانى: «ذميم» .
(4)
الأغانى: «شيئا تخافه» . وبين هذا البيت وتاليه في الأغانى:
تناول شأو الأبعدين ولم يقم
…
لشأوك بين الأقربين أديم
(5)
هذا البيت مؤخر عن تاليه في الأغانى، بهذه الرواية:
فأما إذا عضت بك الحرب عضة
…
فإنك معطوف عليك رحيم
وأما إذا آنست أمنا ورخوة
…
فإنك للقربى ألد ظلوم
(6)
هذا يطابق ما في الأغانى 11: 89. وفي الحيوان 6: 49 أن القائل عملس ابن عليل.
فلو كانوا قريباً حين تدعو
…
منعت فناءَ بيتكَ من بجيلِ
(1)
- 5 -
ومنهم منازل بن فرغان - وقال آخر: فرغان
(2)
- بن أصبح بن الأعرف، أحد بني مرة بن عبيد ثم أحد بني نزال بن مرة، وكان
(3)
تزوج على أمه امرأة شابة، فغضب لأمه، فأستاق ماله واعتزل مع أمه فقال ذلك فرغان بن الأعرف:
جزت رحمٌ بينى وبين منازلٍ
…
جزاءَ كما يستنجز الدَّينَ طالبهُ
(4)
وما كنتُ أخشى أن يكون منازل
…
عدوّى وأدنى شانئ أنا راهبهُ
حملتُ على ظهري وفدَّيت صاحبي
…
صغيراً إلى أن أمكن الطَّرَّ شاربهُ
(5)
وأطعمتهُ حتّى إذا آضَ حشرباً
…
طوالاً يساوي غاربَ الفحل غاربه
(6)
(1)
في الحيوان: «فلو أن الأولى كانوا شهودا» . وانظر تأويل هذه الرواية في حواشيه. وفي الأغانى: «ولو كان الأولى غابوا شهودا» .
(2)
عند التبريزي في الحماسة وكذا في اللسان (فرع): «فرعان» وفرعان هو أحد بنى مرة بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن مقاعس بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم شاعر لص مخضرم. المؤتلف 51 والمرزباني 316 والإصابة 7009. ولفرعان أخ يسمى «منازل» أيضا. ومن العجب أن يروى له الآمدي في المؤتلف 51 شعرا يذكر فيه عقوق ابنه له.
لكن هذا الشعر رواه أبو رياش منسوبا إلى منازل بن فرعان بن الأعرف يشكو فيه عقوق ابنه المسمى «خليج» . كما سيأتي. فكأن هذه الأسرة عريقة في أن يعق الولد منهم أباه.
(3)
كان، أي كان أبوه.
(4)
البيت 1، 4، 6 في الحماسة بشرح المرزوقي 445. و 1، 4، 6، 12 وبيت آخر، 8، وبيتان آخران فيها بشرح التبريزي. والبيت 1، 2، 3، 4، 6 في الإصابة 7009 الحماسة:«كما يستنزل» .
(5)
المرزباني: «وقربت صاحبي» . الإصابة: «وقربت شخصه» .
(6)
آض: صار. «حشربا» كذا وردت في الأصل مع هذا الضبط. ولعلها «خرشبا» بضم الخاء والشين، ومعناه الطويل السمين. وفي الحماسة:«آض شيظما» ، والمرزباني والإصابة:«صار شيظما» .
فلمَّا رآني أحسب الشخص أشخصاً
…
بعيداً وذو الرأي البعيد يقاربهُ
تظلَّمني مالي كذا ولوى يدي
…
لوى يده اللّه الذي لا يغالبه
(1)
وولَّى وولاَّني عشوزنَ ركنهِ
…
ووجه عدوّ يقطع الطّرف حاربه
(2)
وولّى بها دهما وجوناً كأنَّها
…
فسيلُ الكثادى لم تقطَّع جوانبهُ
(3)
وباللفظ يرجو أن أذيخ منازلٌ
…
كما عذّب العودَ المجفَّر راكبه
(4)
وما ذاك إلاَّ في فتاةٍ أصبتها
…
إلا ليتَ أنَّ الشيخَ جبّت ذباذبه
(5)
وما كنتُ لهم كالسَّمنِ لم يشكرونني
…
تعلَّلَ للسَّمنِ المفرع جادبه
(6)
وكان له عندي إذا جاع أو بكى
…
من الزَّاد يوماً حلوهُ وأطايبه
(7)
أيظلمني مالي ويحنثَ ألوتى
…
فسوف يلاقى ربّه فيحاسبه
(8)
(1)
الحماسة: «تغمد حقي ظالما» . المرزباني والإصابة: «تخون مالي ظالما» .
(2)
العشوزن: الملتوى العسر من كل شيء.
(3)
الحماسة بشرح التبريزي:
وجمعتها دهما جلادا كأنها
…
أشاء نخيل لم تقطع جوانبه
أراد بالدهم والجون الإبل. والكبادى، لعله اسم موضع. وقد رسمت بالأصل لتقرأ بالثاء والباء، مع وضع كلمة «صح» فوقها. وبعد هذا البيت في الحماسة بشرح التبريزي:
فأخرجني منها سليبا كأنني
…
حسام يمان فارقته مضاربه
أأن أرعشت كفا أبيك وأصبحت
…
يداك يدي ليث فإنك ضاربه
(4)
الفظ: الغليظ من الكلام. ويقال داخ يديخ، بالدال المهملة، إذا ذل. وجاء في مادة (ديخ) من اللسان:«وفي حديث الدعاء: بعد أن يديخهم الأسر، وبعضهم يرويه بالذال المعجمة، وهي لغة شاذة» وعلى هذا الوجه يمكن تخريج هذه الرواية هنا. العود، بالفتح: الجمل المسن. المجفر الذي انقطع عن الضراب وقل ماؤه.
(5)
جبت: قطعت. والجب: القطع.
(6)
لم يشكروننى، على لغة لبعض العرب، يرفعون المضارع بعد «لم». قال:
لولا فوارس من نعم وإخوتهم
…
يوم الصليفاء لم يوفون بالجار
الجادب: العائب.
(7)
بعده في الحماسة بشرح التبريزي:
وربيته حتى إذا ما تركته
…
أخا القوم واستغنى عن المسح شاربه
(8)
الألوة: اليمين، والحلف.
فرد عليه منازل ابنه:
كنتَ كمن ولى أمر كتيبهِ
…
ففرَّ بها فأرفضَّ عنه كتائبهُ
(1)
وما ذاكَ من جرَّى عقوقٍ تعدُّه
…
ولا خلق منى بدا أنت عائبهُ
وقال فرغان:
ووجهٍ حرام قد لطمت ولحية
…
نتفت بياض شيبها بشمالكما
وقال فرغان وبلغه أن قومه يقولون إنه رجل سوء فلذلك عقه بنوه:
يقول رجالٌ إنَّ فرغان ظالمٌ
…
ولا الله أعطاني بنىّ وماليا
فسلّط على منازل بن فرغان ابنه خليج بن منازل فعقه كما عقّ هو أباه فقال منازل لابنه خليج:
تظلَّمني مالي خليجٌ وعقَّني
…
على حينَ كانت كالحنَّى عظامي
(2)
وكيف أرحىَّ العطف منه وأمُّه
…
حراميَّة، ما غرَّني بحرام!
(3)
تخيَّرتها وأزددتها ليزيدني
…
وما بعضُ ما يزداد غيرَ غرام
(4)
وجاء بغولٍ من حرامٍ كأنَّما
…
يسعَّر في بيتي حريقُ ضرام
لعمري لقد ربيتهُ فرحاً به
…
فلا يفرحن بعدي أبٌ بغلام
أمه من بني حرام، وتزوّج هو أيضا من بنى حرام.
(1)
كنت، كذا جاءت بالخزم، نقص حرفا من أول البيت:«ولى» لعلها «ولوه» .
(2)
الحنى: جمع حنية، وهي القوس.
(3)
في الأصل: «وأنه حرامية» ، تحريف. والحرامية: نسبة إلى بنى حرام.
(4)
الغرام: الشر الدائم والبلاء، وانظر المؤتلف 51.
- 6 -
ومنهم مرة بن الخطاب بن عبد الله بن حمزة، من بني قريع بن عوف، وكان يهزأ من أبيه ويؤنبه في بعض أخلاقه:
ربّيته وهو مثل الفرخ أعظمهُ
…
أمُّ الطَّعام على أعطافه الزَّغبُ
(1)
حتّى إذا آض مثل الجذع شذَّبه
…
أباره وأنبرى من متنهِ الشَّذبُ
(2)
أنشا يزوَّر أخلاقي يؤدبني
…
قد كنت قبلكَ معروفاً لي الأدبُ
وجاذبتني القراني فاستمرَّ بهم
…
مني أمينُ القوى صلبٌ إذا جذبوا
(3)
فما تحنُّ جمالي حين أصرفها
…
عند الشَّياع ولا يقتادني الجنبُ
(4)
ولا فحومٌ إذا ما الرَّيق غصَّ به
…
ولا صخوب إذا لم ينفع الصخب
(5)
فأتِ الذي أنت آتٍ غير موعدنا
…
فقد ترى سبلَ إخوانٍ لنا ذهبوا
(6)
شظَّى عصاهم فأضحوا لا جميعَ لهم
…
كرَّ المنايا ودهر مرّة عتب
- 7 -
وكان منهم ابن أم ثواب الهزانية
(7)
. وكانت امرأته تغريه بها في السر، وتسمعها في العلان: مهلاً عن أمنا فإن لنا فيها حاجةً! فقالت أمّ ثواب:
(1)
أم الطعام: كناية عن البطن.
(2)
الشذب: ما يلقى من النخلة من الكرانيف وغير ذلك.
(3)
في اللسان: «القرانى: تثنية فرادى» . وجذبوا، رسمت في الأصل هكذا «جذب و» .
(4)
الشياع، بالكسر: الإهابة بالإبل، والذعاء بها لتنساق. الجنب: أن يقتاد البعير ونحوه إلى جنبه.
(5)
الفحوم: المفحم، وهو العيي.
(6)
رسمت في الأصل هكذا «ذهب و» .
(7)
نسبة إلى هزان بن صباح بن عتيك بن أسلم بن يذكر بن عنزة بن أسد بن ربيعة الفرس بن نزار بن معد بن عدنان. الاشتقاق 194.
ربيَّته مثلَ فرخ السَّوء أعظمه
…
أمٌ الطَّعام ترى في جلده زغبا
(1)
حتّى إذا عادَ كالفحَّال شذَّبه
…
أبَّاره ونفي عن متنه الشَّذبا
(2)
أمسى يمزَّق أثوابي ويضربني
…
أبعد شيبي عندي تبتغي الأدبا
(3)
أنَّي لأبصر في ترجيل لمَّته
…
وخطَّ لحيته في خدَّه عجبا
قالت له عرسه يوماً لتسمعني
…
مهلاً فإنَّ لنا في أمَّنا أربا
(4)
ولو رأتني في نارٍ مسعَّرةٍ
…
ثم استطاعت لزادت فوقه حطبا
(5)
- 8 -
ومنهم معبد
(6)
بن قرط العبدي، هجا أمه
(7)
فقال:
يا ليت ما أمنّا شالت نعامتها
…
إمّا إلى جنّة أو ما إلى نار
(8)
(1)
الأبيات في حماسة أبى تمام، انظر المرزوقي 756 - 759.
(2)
الفحال: فحل النخل. الأبار: الملقح للنخل. والفحال لا يؤبر وإنما تؤبر الأنثى، ولكن لما كان الفحال يؤبر به النخل أضاف الأبار إلى ضميره. والشذب، سبق تفسيره.
ويروى: «الكربا» .
(3)
أشار التبريزي إلى رواية: «أبعد ستين» .
(4)
الأرب: الحاجة.
(5)
أي فوق ذلك. وفي الحماسة: «فوقها» .
(6)
في الحماسة بشرح التبريزي 4: 352 «سعد بن قرط، أحد بنى جذيمة»
(7)
اسمها «أم النحيف» بهيئة التصغير، كما في الحماسة. وفي الحماسة أبيات تسعة لأم النحيف تهجو بها ولدها ذلك. انظر التبريزي والمرزوقي 1862.
(8)
روى التبريزي الأبيات الثلاثة الأولى، وقال:«وليس من الكتاب» ، أي ليس من الحماسة. ولم يرو المرزوقي هذه الأبيات.
ويقال شالت نعامته: كناية عن الموت. شالت: ارتفعت. والنعامة باطن القدم. ومن مات ظهرت نعامة قدمه شائلة. وكذا وردت رواية البيت هنا، ويروى:«إما إلى جنة إما إلى نار» و «إيما إلى جنة إيما إلى نار» و «أيما إلى جنة أيما إلى نار» وإيما تخفيف إما بالإبدال. و «أيما» بفتح الهمزة لغة في تخفيف «أما» بالإبدال، وهذه الأخيرة لغة في «إما» بالكسر. انظر الخزانة 4: 431 - 434.
تلتهم الوسق مشدوداً أشظّتهُ
…
كأنَّما وجهها قد سفعَ بالنارِ
(1)
ليست بشبعي ولو أنزلتها هجراً
…
ولا بريَّا ولو حلَّتْ بذي قار
(2)
خرقاء بالخير لا تهدى لوجهته
…
وهي صناعُ الأذى في الأهل والجار
(3)
- 9 -
ومنهم ابنا القلاخ بن حزن
(4)
، عقاه فقاتلاه فقال:
فإنْ تغلباني ابني صفيةَ اعترفْ
…
لألأمِ منْ يحذى على قدمٍ نعلا
وإلاّ فإني لا إخالُ كريهتي
…
على السَّنّ إلاّ سوف تجتذم الحبلا
(5)
ويا ضيعة الماء الذي لم أجد له
…
قراراً ولم أنجب له حسباً جزلا
ثعالبَ غبساً لم تكن أمَّهاتها
…
كأمّي ولا آباؤهم كأبى فحلا
أتحسبني ذكوان، يا آكل الخصى
…
وأيتامه إذ لا تدبُّ لهم ختلا
(6)
وأشبهت باذان الذي كان عامراً
…
وعزرة كأنالي على مكبري خبلا
وذا الفاسق الزَّاني الذي لو غسلته
…
بدجلة ما أنقيته أبدا غسلا
(1)
الوسق، بالفتح وبالكسر: حمل البعير. الأشظة: جمع شظاظ، بالكسر، وهو العود الذي يدخل في عروة الجوالق. سفع، بسكون الفاء: لغة في سفع بكسرها، مبنى للمجهول، والإسكان لغة بكر بن وائل، وكثير من بنى تميم. التصريح 1، 294. يقال سفعته النار والشمس والسموم: لفحته لفحا يسيرا فغيرت لون بشرته وسودته. ورواية الحماسة:
«قد طلى بالقار» . والقار: الزفت.
(2)
هجر: قرية معروفة بكثرة التمر، ذكر ياقوت أنها قصبة البحرين. الحماسة:
«ولو أوردتها هجرا» . وفيها أيضا: «ولو قاظت بذى قار» .
(3)
الصناع: الحاذقة بعمل اليدين.
(4)
انظر الشعراء 688 والمؤتلف 168 والاشتقاق 153 واللآلئ 647.
(5)
تجتذم: تقطع. وفي الأصل: «يجتذم» .
(6)
ضبطت «ذكوان» في الأصل. بضم النون.
رجوتُ فراساً صعَّد الله روحه
…
فلم أكتسبْ منه على عاجز فضلا
(1)
كان أمثل أخوالهما
(2)
، فرجا أن يشبهاه فلم يفضلا على رجل عاجز.
- 10 -
ومنهم رجل قال لأبيه يهجوه، يقال إنّه الحطيئة:
لحاكَ الله ثمَّ براك ربَّي
…
أباً وبراكَ من عمًّ وخالِ
(3)
فبئس الشيخ أنت لدي التَّنادي
…
وبئس الشيخُ أنت لدي المعالي
(4)
حويتَ اللؤمَ لا حيَّاكَ ربَّي
…
وأبوابَ المخازي والضَّلالِ
- 11 -
ومنهم الخنافر بن موسى بن جابر بن شريح بن أرقم بن عبيد، وعق أباه فقال موسى فيه:
ويرفعُ أقوامٌ أباهم وبعضهم
…
إلى أسفل الوادي وما ضاقَ حادرُ
فذلك من لا يستحى من خزايةٍ
…
وبعل الإماءِ وابنهنَّ الخنافرُ
- 12 -
ومنهم أبو الطحماء الطائي، هجا أمه فقال:
يا أمَّ لا رقأت عينٌ بكيتِ بها
…
ولا جرتْ لكم الطَّيرُ الميامينُ
(1)
ضبطت «رجوت» في الأصل بفتح التاء.
(2)
في الأصل: «أحوالهما» بالحاء المهملة، تحريف. والولد ينزع إلى أخواله.
(3)
في ديوان الحطيئة 119 والشعر والشعراء 282: «ثم لحاك حقا أبا ولحاك من عم وخال» .
(4)
الديوان والشعر والشعراء:
فنعم الشيخ أنت لدى المخازي
…
وبئس الشيخ أنت لدى المعالي
جمعت اللؤم لا حياك ربى
…
وأسباب السفاهة والضلال
لكن في الشعر والشعراء: «وأبواب السفاهة» .
لما أتيتُ بها الأعرابَ أدفنها
…
أهونْ علىَّ بشخص ثمّ مدفون
(1)
جاءت برائبة صفراء حامضة
…
وجردق من حصاد المعجون
(2)
فكلْ بنيَّ فإن الخمرَ غاليةٌ
…
وليس يشربها غيرُ المجانين
يا أم إني أكلت النُّون بعدكم
…
فهل لنا من شرابٍ هاضم النُّونِ
(3)
- 13 -
ومنهم الحطيئة، هجا أمه، كانت آثرت أخاه عليه فقال:
جزاكِ الله شرّا من عجوز
…
ولقّاك العقوق من البنينا
(4)
تنحَّىْ فاقعدي عنَّا بعيداً
…
أراحَ الله منكِ العالمينا
(5)
حياتكِ ما علمتُ حياةُ سوءٍ
…
وموتك قد يسرّ الصالحينا
وغربالٌ إذا استودعتِ سرَّا
…
وكانونٌ على المتحدَّثينا
(6)
(1)
الدفن: الستر والمواراة، ومنه ادفان العبد، وهو أن يختفى عن مواليه، يدفن نفسه في البلد، أي يكتمها.
(2)
رائبة: أي طائفة من اللبن قد رابت. راب اللبن: خثر. وفي الأصل «رابية» تحريف. والجردق: الرغيف، فارسي مغرب. والكلمة التي قبل الأخيرة مطموسة في الأصل لم يظهر منها إلا الألف واللام، لعلها «البر» .
(3)
النون: الحوت.
(4)
الأبيات في ديوانه 61 والشعراء 272 والأغانى 2: 43.
(5)
الديوان والأغانى: «فاجلسى منى بعيدا» الشعراء: «فاقعدى منى» .
(6)
في الديوان والشعراء والأغانى: «أغربالا» و «وكانونا» . وفي الديوان 61 مقطوعة أخرى شبيهة بها، أنشدها كذلك أبو الفرج في الأغانى 2: 63 برواية أخرى.
والمقطوعة:
جزاك اللّه شرا من عجوز
…
ولقاك العقوق من البنين
لقد سوست أمر بنيك حتى
…
تركتهم أدق من الطحين
لسانك مبرد لم يبق شيئا
…
ودرك در جاذبة دهين
فإن تخلى وأمرك لا تصولى
…
بمشدود قواه ولا متين
- 14 -
ومنهم عتاب بن أبي هريرة بن عامر بن مالك
(1)
عق أباه
(2)
.
- 15 -
قال أبو عبيدة: ومنهم آخر لقوه بظهر الكوفة وهو يحمل كالكاره
(3)
على ظهره، فقيل: ما ذا يحمل؟ فقال:
أنا لها مطيَّةٌ لا أنكرُ
…
إذا المطايا نفرت لا تنفرُ
ما أرضعتني وحملتني أكثر
(4)
(1)
رسمت في الأصل: «ملك» .
(2)
بعد هذا نص يشيع فيه البياض في الأصل لم أستطع ترجمته بالكتابة فآثرت أن أنقل صورته ومعه كلام مما بعده.
(3)
الكارة: ما يحمل على الظهر من الثياب.
(4)
كذا. والوجه: «ما أرضعت وحملتني أكثر» .
- 16 -
قال أبو عبيدة: وكأن لأعشى سليم
(1)
ابن بار به فغاب في بعض حوائجه فأنشأ الأعشى يقول:
نفسي فداؤك من غائب
…
إذا ما البيوتُ لبسنَ الجليدا
كفيتَ الذي كنتَ ترجى له
…
فصرت أباً [لي] وصرت الوليدا
- 17 -
ومنهم بنو الضّباب بن سدوس الطّهوىّ
(2)
، بروه، وكان قد أسن فقال في ذلك:
لعمري لقد برَّ الضَّبابَ بنوه
…
وبعضُ البنين حمَّةٌ وسعالُ
(3)
تم كتاب أبي عبيدة معمر بن المثنى
(1)
شاعر كان معاصرا لبشار بن برد. الأغانى 3: 59. واسمه «سليمان» وكنيته «أبو عمرو» أنشد له أبو الفرج 5. 134:
كانوا فحولا فصاروا عند حلبتهم
…
لما انبرى لهم دحمان خصيانا
فأبلغوه عن الأعشى مقالته
…
أعشى سليم أبى عمرو سليمان
قولوا يقول أبو عمرو لصحبته
…
يا ليت دحمان قبل الموت غنانا
(2)
في اللسان: «والضباب: اسم رجل، وهو أبو بطن، سمى بجمع الضب» .
وأنشد له البيت التالي.
(3)
الحمة: الحمى، وهي علة يستحر بها الجسم. وفي اللسان:«غصة وسعال» .
قال أبو غسان (عن غير أبي عبيدة):
قال رجلٌ في ابن له كان باراً به، يشكر برّه:
جزى ابني الله خير جزاء برًّ
…
فقد فرع الهموم برحبِ صدرِ
(1)
كفى ما كنت آمله صغيرا
…
له من نائب وملمّ دهر
(2)
|
[قراءة الأسطر الثلاثة الأخيرة]
والحمد للّه حق حمده [ .......... ] على محمد نبيه
نقلته من كتاب نقل من كتاب الخشنى بخطه
المقروء على أبي غسان في النصف من رمضان
سنة سبع وثلاثين ومائتين
(1)
فرعها: علاها وغلبها.
(2)
بعد هذه الكلمة النص الأخير للكتاب. ولشدة انطماسه آثرت أن أنقل صورته بعد هذا:
المجموعة الثّامنة
وقد ألحق بها (الفهارس العامة) للمجلد الثاني
25 - كتاب أسماء جبال تهامة وسكانها
وما فيها من القرى
وما ينبت عليها من الأشجار وما فيها من المياه،
لعرام بن الأصبغ السلمى
مقدمة التحقيق للنشرة الأولى
(1)
تهامة:
«تهامة» كلمة يختلف مدلولها اختلافا شديدا، فهي تمتد طولا ما بين عدن إلى تخوم الشام مسايرة شاطئ البحر، وهي تنكمش أحيانا من الشمال أو من الجنوب، ويختلف علماء البلدان الأقدمون في ذلك. ولعل أصدق دليل على هذا ما ذكره عرام في صدر كتابه هذا، أن أول جبال تهامة هو «رضوى» ، وهو من ينبع على يوم.
ويبدو أن ذلك الانبساط والانكماش جاء في مختلف العصور نتيجة للسلطان السياسي أو القبلي الذي كان يسود تلك المنطقة أو يتقلص عنها.
على أن اللغة تعيننا عونا تاما في هذه القضية، إذ أن اشتقاق تهامة من «التهم» ، وهو تغير الريح وركودها وشدة الحر. فالامتداد الساحلى من جنوب اليمن إلى تخوم الشام هو الذي تصدق عليه هذه التسمية.
وإن الراجع إلى أقوال العلماء القدماء ليفهم أن تقسيم الجزيرة العربية يخضع إلى حدّ ما للحجاز، وهو الجبل الممتد الذي حجز بين شطرين جغرافيين متباينين من الجزيرة، أحدهما مرتفع وهو نجد، والآخر منخفض عنه غائر وهو غور تهامة. وسراة هذا الجبل، أي أعاليه، هي ما يسمى بالسراة، ممتدة ما بين أقصى اليمن وأدنى الشام.
فبالطبيعة الجغرافية تكون تهامة هي الغور الضيق الذي يساير بحر القلزم،
(1)
أظهرت هذه النشرة في كتاب مستقل في تاريخ غرة جمادى الثانية سنة 1372.
ضاربا من الجانب العربي لشبه جزيرة طور سينا إلى أقصى الجنوب من بلاد اليمن.
ويختلف عرضها اختلافا كبيرا، فهي بين الطور والسويس جزء ضيق من الساحل
(1)
. وأوسع موضع في تهامة هو ساحل جدة. وهناك تهامة اليمن، وتهامة
الحجاز.
وكانت تهامة اليمن في بعض العهود ولاية قائمة بذاتها، ولا سيما في عهد الفتح الفارسي لليمن في نهاية القرن السادس الميلادي، ثم ولى تهامة هذه من بعد بنو زياد، وكانت حاضرتها «زبيد» ، ثم أصبحت ولاية خاضعة لأئمة صنعاء.
وهناك تهامة أخرى في غير الجزيرة العربية، وهي على الشاطئ الغربى للبحر، وهي (تهامة الحبشة)، ذكرها ابن خرداذبه
(2)
، وهو يعنى بذلك ما يعرف اليوم بساحل «إرتيريا» .
أما تهامة الذي يعنيها عرام في كتابه هذا فهي (تهامة الحجاز) لا ريب، يجعل أول جبالها الشمالية «رضوى» وهي من ينبع على يوم، ومن المدينة على سبع مراحل، وحدها الجنوبي الطائف وقراها.
ومع أن ظاهر هذا الكتاب أنه خاص بجبال تهامة وسكانها وما يتعلق بها، الواقع أنه يشمل الكلام على تهامة والحجاز. فنحن نجد أن ما يخص تهامة ينتهى عندما يقرب من ثلاثة أخماس الكتاب، أي في ص 49. ثم نجد فصلا معقودا لحد الحجاز، يتناول كثيرا من البلدان والقرى والجبال والمواقع الحجازية المجاورة للمدينة. وهي وإن يكن ذكرها جاء تبعا لذكر تهامة لملاصقتها لها ومصاقبتها، فإنها ظفرت بنصيب وافر من عناية عرام، واحتلت مكانا أصيلا من الكتاب.
وأنت حينما تنتهى إلى خاتمة الكتاب تلفى هذا النص، «تم كتاب أسماء جبال مكة والمدينة وما يتصل بها» .
وقد يوحى هذا النص بأنهما كتابان أحدهما لتهامة والآخر لمكة والمدينة. وليس الأمر إلا ما ذكرت من استطراد عرام، وأن كلمة «كتاب» لا تعنى إلا ما كتبه
(1)
انظر دائرة المعارف الإسلامية (تهامة).
(2)
المكتبة الجغرافية (6: 155).
في هذه الناحية، فإن الأقدمين لم يذكروا لعرام إلا هذا الكتاب «كتاب أسماء جبال تهامة» ، وعنه ينقل الناقلون والمؤلفون.
نسبة هذا الكتاب:
ينسب هذا الكتاب إلى «أبى الأشعث الكندي
(1)
»، وهو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك، وهو الذي روى الكتاب مباشرة عن «عرام» . ولم أجد لأبى الأشعث ترجمة، ولكن من المرجح أنه من رجال القرن الثالث، إذ أن شيخه «ابن أبي سعد» كانت وفاته سنة 174.
ومن عجب أن ياقوتا لم ينسب الكتاب إلى عرام في مقدمته، ولكن نسبه إليه في مواضع مختلفة من صلب الكتاب.
وينسب هذا الكتاب أيضا إلى «السكوني» ، قال البكري: «وجميع ما أورده في هذا الكتاب عن السكوني فهو من كتاب أبى عبيد اللّه بن بشر السكوني
(2)
في جبال تهامة ومحالها، يحمل جميع ذلك عن أبي الأشعث عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك الكندي، عن عرام بن الأصبغ السلمى الأعرابي».
وقد رجعت إلى النصوص التي عزاها البكري في معجمه إلى السكوني فوجدت كثيرا منها زائدا على كتابنا هذا، مما يدل على أن «السكوني» جعل الكتاب أساسه في الرواية، ولكنه زاد عليه كثيرا من التعليقات والإضافات، شأن كثير من رواة الكتب الأقدمين.
ومن أمثلة ذلك ما ورد في ص 659 من معجم البكري: «وقال السكوني بإسناده عن موسى بن إسحاق بن عمارة قال: مررنا بالبغيبغة مع محمد بن عبد اللّه بن حسن وهي عامرة، فقال: أتعجبون لها، واللّه لتموتن حتى لا يبقى فيها خضراء ثم لتعيشن ثم لتموتن. وقال السكوني في ذكر مياه ضمرة: كانت البغيبغة وغيقة وأذناب الصفراء
(1)
مقدمة معجم البلدان لياقوت ص 8.
(2)
السكوني هذا كندى أيضا مثل أبى الأشعث، فإن السكون، بفتح السين، بطن من كندة.
مياها لبنى غفار من ضمرة. قال السكوني: كان العباس بن الحسن يكثر صفة ينبع للرشيد فقال له يوما: قرب لي صفتها. فقال:
يا وادى القصر نعم القصر والوادي
…
من منزل حاضر إن شئت أو بادي
تلقى قراقيره بالعقر واقفة
…
والضب والنون والملاح والجادى»
فهذا نص واضح أنه ليس من كتاب عرام، وليس مما رواه السكوني عن عرام.
وفي ص 811: «وروى السكوني عن رجاله عن طارق بن عبد الرحمن، قال لسعيد بن المسيب: مررنا على مسجد الشجرة فصلينا فيه. فقال: ومن أين يعلم ذلك؟ قال: سمعت الناس يقولونه .. » إلخ. فهذا تعليق على «الحديبية» ومسجدها.
وهو مسجد الشجرة، وليس هذا من كتاب عرام في شيء.
وهذا نص ثالث ليس من كتاب عرام ولا من منهجه في كتابه، قال السكوني
(1)
: إذا أردت أن تصدق الأعراب إلى العجز - يريد عجز هوازن - ترتحل من المدينة فتنزل ذا الغصة وهي للسلطان، فتصدق بنى عوال من بنى ثعلبة بن سعد. ثم تنزل الأبرق أبرق الحمى وهي لبنى أبى طالب. ثم تنزل الربذة ثم عريج وهي لحرام بن عدي بن جشم بن معاوية. ثم تنزل الماعزة - ويقال الماعزية - وهي لبنى عامر، من بنى البكاء، ثم تنزل بطن تربة فتصدق هلال بن عامر والضباب.
ثم تنزل تريم وهي لبنى جشم. ثم تنزل السى فتصدق بنى هلال، ثم ناصفة وهي لبنى زمان بن عدي بن جشم، ثم الشيسة وهي لبنى زمان أيضا، ثم ترعى وهي لبنى جداعة، ثم تأتى بوانة.
فهذا دليل دامغ أن كتاب السكوني في جبال تهامة هو رواية حرة لكتاب عرام اعتمدت على التعليقات الكثيرة والإضافات الاستطرادية، ويكون البكري فضفاض العبارة في كلمته التي سقتها له.
ومهما يكن فإن نسختنا هذه كريمة الإسناد، يرويها السيرافى، الذي قيل إنه وضع كتابا في جزيرة العرب، عن أبي محمد السكرى، عن أبي سعد، عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك المعروف بأبى الأشعث الكندي، عن عرام.
(1)
معجم ما استعجم 1236.
عرام بن الأصبغ السلمى:
ولم نعثر لعرام على ترجمة، إلا ما ذكره ابن النديم
(1)
عرضا عند سرده لأسماء الأعراب الذين دخلوا الحاضرة، فذكره قرينا لأبى الهيثم الأعرابي، وأبى المجيب الربعي، وأبى الجراح العقيلي، وقد ذكره باسمه كاملا، «عرام بن الأصبغ السلمى» .
ويبدو أنه كان أحد أعراب بنى سليم ممن كانوا يطوفون بالبلدان ويتعرفون مسالكها فيكتسبون بذلك خبرة صادقة. واشتقاق «عرام» من العرامة بمعنى الشدة والقوة والشراسة. ويقال: عرمنا الصبى وعرم علينا، أي أشر، وقيل فرح وبطر، وقيل فسد. و «الأصبغ» اسم أبيه مأخوذ من الأصبغ، وهو من الخيل ما ابيضت ناصيته كلها، ومن الطير ما ابيض ذنبه.
عرام النحوي:
وأما عرام الذي ذكره ابن النديم في الفهرست
(1)
، والقفطي
(2)
في إنباه الرواة، فهو لقب لأحد النحويين. وعرام ليس اسما لذلك النحوي بل هو لقب له، واسمه أبو الفضل العباس بن محمد، أو المفضل بن عباس بن محمد. وكان هذا النحوي فيما ذكروا ماجنا رقيعا خفيف العقل، وهو بلا ريب غير عرام بن الأصبغ الذي يعد كتابه هذا وثيقة من أهم الوثائق البلدانية، وأما من أمهات المراجع الأصيلة.
نسخة الأصل:
أصل هذه النسخة فريدة في مكتبات العالم، وهو محفوظ في دار الكتب السعيدية بحيدر أباد في مجموعة برقم (365 حديث) وتاريخها يرجع إلى سنة 876.
والنسخة في ست ورقات، أي اثنتي عشرة صفحة، بكل صفحة منها 25 سطرا.
ومقياس الصفحة 18
…
20. وهي عسرة القراءة مكتوبة بخط نسخى غامض رديء فيه كثير من إهمال النقط، كما أنها كثيرة التحريف والتصحيف. وقد تغلبت على ما
(1)
ابن النديم 127 مصر 86 ليبسك.
(2)
إنباه الرواة القسم الرابع من المجلد الثاني ص 399 مصورة دار الكتب المصرية.
بها من عسر بالرجوع إلى كتب البلدان، وفي مقدمتها معجم ياقوت ومعجم البكري، وهما قد استوعبا معظم نصوص هذا الكتاب على ما بهما كذلك من تصحيف وتحريف. وكذلك استفتيت معاجم اللغة وغيرها من الكتب في جميع الفنون التي يتطلبها التحقيق، غير آل جهدا أن يظهر هذا الكتاب على أقرب ما يكون من السلامة.
تحقيق هذا الكتاب:
لم أكن أعرف شيئا عن وجود هذا الكتاب إلا ما كان يقع تحت نظري كثيرا عند مراجعتى لمعاجم البلدان من ذكر (عرام بن الأصبغ السلمى) حتى كان يوم لقيت فيه الصديق الكريم (الشيخ سليمان الصنيع)، وكنت قد شرعت في عمل علمي يرمى إلى نشر المخطوطات النادرة الصغيرة، وهو الذي أخرجت منه مجموعتين مشتملتين على تسعة كتب نادرة باسم «نوادر المخطوطات» فأخبرني حضرة الأخ أن لديه مخطوطة جديرة بالنشر، هي كتاب عرام هذا، ووعدني أن يرسله إلىّ من الحجاز لأقوم بتحقيقه ونشره، وكان أن برّ بما وعد به، وأرسل النسخة إلىّ فوجدتها مخطوطة سنة 1368 عن نسخة نقلها الشيخ إبراهيم حمدى مدير مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت بالمدينة عن نسخة الهند. ونسخة الأخ الشيخ سليمان هذه قد عنى بمراجعتها وتحقيق بعض مواضع منها.
ثم تفضل الشيخ الجليل (السيد محمد نصيف) فكتب إلىّ يشفع رغبة الشيخ سليمان برغبته الكريمة، وأرسل إلى نسخة أخرى نقلها الشيخ عبد الرحمن بن يحيى اليماني عن الأصل الهندي في دقة وإتقان ومطابقة للأصل.
ولكن ذلك كله لم يقنع ضميري العلمي، إذ أن أصل الكتاب موجود، وأن من الممكن الحصول عليه، فانتهزت فرصة رحلة الأخ البار (الأستاذ رشاد عبد المطلب) إلى الهند في بعثة جامعة الدول العربية لجلب صور مخطوطاتها النفيسة، فأوصيته أن يحضر معه صورة كتاب عرام. فكان له الفضل الطائل في أن تمكن من اجتلابها، فكانت هي الأصل الذي اعتمدت عليه في نشر هذا الكتاب.
فالشكر لحضرة الأخ (الشيخ سليمان الصنيع) على ما بذل من فضل بتعريفى بهذا
الكتاب وما قدم من خير، ولحضرة الأخ (الأستاذ رشاد عبد المطلب) الذي كان له فضل اجتلاب نسخة الأصل من الهند.
وليس يفوتني أن أجعل خاتمة كلمتي هذه شكر السيدين النبيلين (السيد محمد نصيف) و (السيد يوسف زينل)، لما أظهرا من اهتمام كريم بنشر هذا الكتاب، وما قاما به من الإنفاق على طبعه، إسهاما في نشر العلم وأداء الأمانة
القاهرة في غرة جمادى الثانية سنة 1372
(1)
عبد السلام هارون
(1)
هذا هو تاريخ النشرة الأولى، وقد ظهر محرفا تحريفا مطبعيا فيما قبل فقرئ سنة 1373.
نقد النشرة الأولى
ذاك ما كتبته في صدر نشرتى الأولى لكتاب عرام. وقد سرني عظيم السرور أن يظهر بعد نحو ثلاثة أشهر من ظهور هذه النشرة نقد علمي لها بقلم الأخ العالم الشيخ حمد الجاسر عضو المجمع العلمي العربي بدمشق، في مجلة المجمع 28:
العدد الثالث ص 396 - 402 بتاريخ شوال سنة 1372، والعدد الرابع ص 592 - 599 بتاريخ المحرم سنة 1373.
وأنا ممن يعجبه النقد إعجابا، ويرى فيه إتماما لأداء الأمانة العلمية التي يحملها العلماء جميعا لا ينفرد أحد منهم بحملها وحده، ويرى كذلك أن من كتم الأمانة آثم في حقها وفي حق العلم.
فكان من الطبيعي عندي أن ألقى ذلك النقد في غبطة، وكان من الطبيعي أيضا أن أغض الطرف عما يندفع فيه الناقد أحيانا من لغة هي أشبه بنزوات الظافر في حومة القتال، فهي نزوات قل من عصم نفسه البشرية من أمثالها.
وقد كنت دعوت من قبل إلى أن يكون النقد بين الأدباء جاريا على سنن رفيع من أساليب التعبير، وأن يكون مبرأ من العوامل الشخصية، وكتبت قديما فيما كتبت في مجلة الثقافة العدد 647 مايو سنة 1951:
وبهذه الروح التي أعتز بها وأومن بوحيها إيمانا صادقا، أنشر صدر كلمة الأستاذ الجاسر، وهي كلمة كريمة كنت أرجو أن تكون مبرأة من بعض الهنات التي
شوهت شيئا من قسماتها. ولكن الكمال للّه وحده.
وأعود هنا فأقول: إن النسخة التي تأدت إلينا من كتاب عرام عريقة في التصحيف والتعريف عسرة القراءة، بحيث تجعل المحقق في صراع مع كل لفظ من ألفاظها، وأحيانا بين كل حرف من حروف ألفاظها. ومهما بذل محقق جهده ووكده فليس بمستطيع أن يحررها تحريرا كاملا.
لذلك أيضا أعلن غبطتى بما ظفرت به هذه الرسالة من تحقيقات وتصحيحات وتعليقات للأستاذ الناقد الكريم، بلغت جميعها نيفا وعشرين، وسيرى القارئ أثر ما صحّ عندي من هذه النقدات والتعليقات في مواضعها إن شاء اللّه.
وقد ظنّ بنا الأستاذ الحاسر أنا قد اطلعنا على نشرة الأستاذ الميمنى عند تحقيق النشرة الأولى، وأنا كتمنا ذلك على القراء!! وهي تهمة ساذجة نرجو له من أجلها غفرانا واسعا من اللّه، فإني لم أر هذه النسخة للمرة الأولى إلا ظهر يوم الخميس 11 شوال سنة 1374 في دار صديقه وصديقنا الأستاذ رشاد عبد المطلب.
وإليك ما كتب الشيخ الناقد في صدر كلامه مقرونا بشكرى الصادق وعتبى الصادق أيضا:
أسماء جبال تهامة تأليف: عرام بن الأصبغ السلمى تحقيق: عبد السلام هارون الأستاذ المساعد بجامعة القاهرة لنشر هذه الرسالة قصة نجملها بأن الشيخ إبراهيم الخربوطلى مدير مكتبة (شيخ الإسلام) في المدينة (المتوفى سنة 1371) زار الهند في عام 1357 فرأى العلامة المحقق الشيخ عبد العزيز الميمنى عضو المجمع العلمي العربي يقوم بنسخها، فساعده في مقابلة ما نسخه على الأصل، ونسخ هو نسخة أتى بها إلى الحجاز. ولما مر بجدة نزل في ضيافة السرى المفضال السيد محمد حسين نصيف وأطلعه على هذه النسخة، فاستنسخها الشيخ نصيف وأطلع عليها كثيرا من المعنيين بالعلم من علماء وغيرهم، فمنهم من نسخها ومنهم من استفاد منها، وكان ممن نسخها على نسخة الشيخ نصيف الشيخ سليمان الصنيع. وقد بذل جهدا مشكورا في تصحيحها بمقابلة ما جاء فيها على معجم البلدان ومعجم ما استعجم وغيرهما من الكتب، إذ نسخة الشيخ الخربوطلى كثيرة التحريف والغلط، زيادة على ما في الأصل من ذلك. ولما زار مصر أطلع الأستاذ عبد السلام محمد هارون على أمر هذه الرسالة لكي ينشرها في مجموعة من الرسائل النادرة
(1)
، وبعث إليه بعد أن عاد من مصر بنسخة، ولكنه لم ينشرها بل قال في مقدمة المجموعة الثانية من (نوادر المخطوطات) ص 116:«كنت قد اعتزمت أن أنشر في هذه المجموعة كتاب عرام بن الأصبغ السلمى في أسماء جبال تهامة .. ولكن علمت أن العلامة عبد العزيز الميمنى الراجكوتى قد قام بنشر هذا الكتاب، فآثرت أن أؤجل صنعه إلى أن أطلع على نسخته» .
أما الشيخ الميمنى فقد نشر الرسالة - كما ذكر الأستاذ عبد السلام - نشرها في مجلة الكلية الشرقية التي تصدر في مدينة لاهور في الباكستان: Oriental)
(1)
يعنى نوادر المخطوطات.
(College Magazine بعد أن وضع لها مقدمة وصف فيها الأصل، وتحدث عن مؤلف الرسالة. وأشار إلى شيء من خبر المكتبة السعيدية التي وجدت فيها.
وقد أراد الشيخ محمد نصيف نشر هذه الرسالة - لأنه لم يطلع على ما نشره الشيخ الميمنى فبعث بها إلى (المجمع العلمي العربي) فأرجعت إليه وقيل له:
ينبغي أن يقوم بتصحيحها فلان - كاتب هذا المقال - فبعث بها إلىّ، ولكنني رأيت تحقيقها تحقيقا مفيدا يتطلب الحصول على صورة عكسية من الأصل (فتوغرافية) وأبديت للشيخ نصيف عدم صلاحية نسخته للنشر قبل مقابلتها على الأصل مقابلة دقيقة، فبعث بها إلى الشيخ عبد الرحمن المعلمى اليماني - وكان إذ ذاك في الهند من القائمين على نشر الكتب التي تطبعها دائرة المعارف العثمانية في (حيدر أباد) فقابلها على الأصل مقابلة دقيقة، ونسخ نسخة أخرى عن الأصل بعث بها إلى الشيخ نصيف.
وبمقابلة تلك النسخة ظهر أن نسخة الشيخ الخربوطلى كثيرة التحريف والغلط.
ثم رأى الشيخ محمد نصيف أن يقوم بنشر الرسالة، وأن يتولى نشرها الأستاذ عبد السلام هارون. وكانت الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية قد بعثت إلى الهند السيد محمد رشاد عبد المطلب ليصور بعض المخطوطات العربية النادرة. فكان مما صور أصل هذه الرسالة.
وقد حرصت حينما كنت في القاهرة على الاطلاع على النسخة التي صورتها الإدارة الثقافية، ولكنني لم أتمكن من ذلك مع ما بيني وبين السيد محمد رشاد من الصلة - التي أعتبرها أنا قوية - وقد تكرم فأعارنى نسخة من النسخ التي طبعها الأستاذ الميمنى.
وقد اتصلت بالأستاذ الجليل الشيخ محب الدين الخطيب، وتحدثت معه في موضوع نشرها ولكنه قال: إن الأمر يتطلب وجود نسخة من الأصل.
ولعل اللّه أراد لهذه الرسالة خيرا - بإحيائها وتحقيقها من علامة محقق، ذي خبرة ودراية وطول معاناة، هو الأستاذ عبد السلام هارون.
وليس لنا من عتب نوجهه إلى إخواننا في مصر الذين قد تحول ظروفهم الخاصة دون اطلاعنا على ما نرغب الاطلاع عليه من الكتب التي لنا حق الاطلاع عليها -
وخاصة مخطوطات الإدارة الثقافية - نعم ليس من حق في عتبهم، فلعل لهم من العذر ما نجهله. غير أننا نعلم - كما يعلمون - أن التعاضد والتساند والتآزر في سبيل العلم أمور يجب أن تقدم على كل اعتبار.
وأما كلمتنا عن الأستاذ عبد السلام - في تحقيقه لهذه الرسالة - فهي تحوى شيئا من الاختلاف معه في شأن التحقيق، وهو اختلاف ما كنت أوده، إذ الاختلاف شر في جميع وجوهه، غير أن واجب العلم يقضى به. لقد قلت في كلمات نشرت في (الرسالة، ومجلة المجمع العلمي، ومجلة الفتح، ومجلة الحج) إن بعض إخواننا الجامعيين كالأستاذ مصطفى .. والأستاذ الدكتور زكى .. قاموا بتحقيق بعض المؤلفات أو ترجمتها قياما لا يناسب مع ما لهم من منزلة علمية رفيعة، وخشيت أن يكون ما قيل من أن بعض العلماء المشهورين يكتفى بوضع اسمه على المؤلف الذي يراد منه تحقيقه، ويكل الأمر إلى بعض إخوانه ممن لا يبلغون منزلته - خشيت أن يكون هذا حقا. أما الأستاذ عبد السلام فأنا أبرئه من هذه الوصمة، لأنى شاهدت من آثار عمله في تحقيق بعض المؤلفات القديمة ما لم أشاهده من كثير ممن يعنون بذلك.
وكنت أود أن أجد في هذه الرسالة ما وجدته في غيرها من الكتب التي حققها أو أكثر مما وجدته، غير أنني - وإن رأيت فيها ما يسر ويفيد ويمتع - رأيت كل هذا قليلا بالنسبة لما كنت أتوقعه من الأستاذ، ولكي أدلك على قولي يحسن بي أن أذكر بعض ما رأيته في حاجة إلى مزيد من العناية.
لم يشر الأستاذ عبد السلام إلى أن العلامة الميمنى نشر هذه الرسالة
(1)
، والأمانة العلمية والاعتراف لكل ذي حق بحقه يقضيان بعدم إخفاء مجهود هذا المحقق
(2)
(1)
كيف يتفق هذا مع ما نقله الأستاذ من قولي، في مقدمة هذا المقال ص 373 ص 19 - 20.
(2)
كذا طوع للأستاذ الجاسر قلمه ولسانه أن يزل هذه الزلة التي لا تليق برجل يعلمني حق العلم، ويعلم حرصي على التنويه بفضل كل ذي فضل، ولا سيما العلامة الميمنى الذي لا يكاد يخلو كتاب من كتبي من التنويه بفضله، وقد كنت شريكا له في نشر خزانة الأدب مع المغفور له أحمد تيمور باشا. والصلة بيني وبينه وثيقة لا يضيرها مثل هذا الادعاء. -
الذي لا يجهل باحث في الأدب العربي ما له من أياد في سبيل تحقيق كثير من الكتب الأدبية، ولا ينكر ما له من فضل وعلم. ولا أكون مبالغا حينما أقول بأن جهده في تحقيق هذه الرسالة لا يقل عن جهد الأستاذ عبد السلام إن لم يفقه؛ فالميمنى مثلا أوضح من حالة عرام وبين عصره فذكر أنه من أهل القرن الثاني وأول الثالث
(1)
وأنه ممن دخل خراسان مع عبد اللّه بن طاهر سنة 217 وهذه من الأمور التي فاتت الأستاذ هارون، وهي أمور لا بدّ منها، إذ معرفة المؤلف أهم ما يعتنى به محقق الكتاب.
قد يقال بأن الأستاذ يجهل كون الميمنى قام بتحقيق هذه الرسالة. ولكن هذا يردّه أمور:
1 -
أنه صرح بعلم بذلك قبل شروعه في تحقيق الرسالة.
2 -
أن السيد محمد رشاد عبد المطلب الذي قال الأستاذ هارون بأنه أوصاه بإحضار نسخة مصورة من أصل الرسالة فأحضرها، قد أحضر في الوقت نفسه نسخة من تحقيق الميمنى
(2)
.
3 -
أنني نشرت في الرسالة في العام الماضي نبأ نشر الأستاذ الميمنى، أثناء نقدي لطبعة السقا لكتاب (معجم ما استعجم). وليس عبد السلام ممن يوصف بأنه لا يقرأ مجلة (الرسالة) وهو ممن يكتبون فيها
(3)
.
- أما السر في إخفائى مجهود هذا المحقق كما زعم الشيخ فهو أنى لم أكن رأيت هذا المجهود بعد، فكيف أظهر شيئا لا يزال عندي في ضمير الغيب؟!! وكيف يقال إني أخفيت ما لم يظهر لي بعد؟! وأما السر في عدم اطلاعى على نسخة الميمنى التي اجتلبها الأستاذ رشاد عبد المطلب من الهند فقد أفصح عنه الشيخ نفسه بقوله في هذا المقال:«وقد تكرم فأعارنى نسخة من النسخ التي طبعها الأستاذ الميمنى» لذلك لم تقع إلى هذه النسخة التي احتجزها الأستاذ الجاسر ويئست من الاطلاع عليها إلا يوم 11 شوال من سنتنا هذه، كما أسلفت القول.
(1)
هذا يطابق تمام المطابقة ما ذكرته في نشرتى الأولى ص 6 س 5 - 6 من المقدمة ولكن يأبى الأستاذ إلا أن يتلمس سواقط التهم.
(2)
قد استعنت بالمنطق واستعان جمع غفير من أصدقائي ليجدوا نتيجة حتمية لهذا تتعلق بشخصى، فأعيتهم هذه النتائج. والواقع أن النسخة المصورة وردت مع بعثة الهند في حقائبها بالطائرة، وأما الكتب ومنها كتب الأستاذ رشاد الخاصة فوردت بطريق البحر بعد شهرين.
(3)
ولكنهم لا يقرءون فيها كل شيء، وقد تفوتهم قراءة عدد بأكمله، وهذا ما حدث لي، فإني مع شديد الأسف لم أقرأ للأستاذ هذا النقد، وسأحاول أن أستفيد بقراءته إن شاء اللّه.
هذا الأمر - تجاهل الناشر لما يقوم به من سبقه في سبيل تحقيق ما يقوم بنشره - مما أخذ على الأستاذ السقا وأخذ على بعض العلماء الجامعيين. وكنا نود أن يتنزه عنه الأستاذ عبد السلام هارون
(1)
.
قال الأستاذ عبد السلام في مقدمة الرسالة: «أصل هذه النسخة فريدة في مكتبات العالم، وهو مخطوط في دار الكتب السعيدية بحيدر أباد في مجموعة برقم 355 حديث وتاريخها يرجع إلى سنة 876 والنسخة في ست ورقات، (أي في اثنتي عشرة صفحة)» .
كذا قال الأستاذ ولكننا نجد الأستاذ الميمنى حينما وصف الرسالة قال: «يوجد في الخزانة السعيدية في حيدر أباد مجموعة فيها 27 رسالة في الأحاديث والرجال. أولها خلق أفعال العباد للبخاري، ووافق الفراغ من كتابتها 18 جمادى الأولى سنة 786 وثبت على طرة الخاتمة: بلغ مقابلة على الأصل المنقول منه في مجالس آخرها في ليلة يسفر صباحها عن يوم الخميس من ذي الحجة الحرام سنة 787 كاتبه محمد بن علي.
ولكنه مع هذه الدعوى الفارغة آية في التصحيف والتحريف. ورقم كتاب عرام فيها 16 فيما بين ص 151 - 159 أي إنه وقع في تسع صفحات فحسب».
هذا ما قاله الأستاذ الميمنى، وهو يخالف وصف الأستاذ عبد السلام في تاريخ النسخ، وفي عدد الصفحات، فأيهما أصح قولا؟ الظاهر أن الميمنى هو المصيب
(2)
، وأن الأستاذ عبد السلام نقل تاريخ النسخ عن نسخة سليمان الصنيع، وهو نقلها عن نسخة أصلها نسخة الخربوطلى التي جاء فيها التاريخ كما ذكر الأستاذ هارون، غير أن الشيخ نصيف لما بعثها إلى الهند لنقابل على الأصل كان مما صحح هذا الموضع، صححه
(1)
نطلب من اللّه للأستاذ الجاسر غفرانا فيما رمانا به من سوء، ونتلو في ذلك قوله جل وعز:«وأن تعفوا أقرب للتقوى» .
(2)
قد يكون ذلك فيما يتعلق بتاريخ النسخ، فإن مصورتى خلو منها، واعتمدت على ما تأدى إلى من نسخة الشيخ سليمان الصنيع. أما فيما يتعلق بعدد الصفحات، فهو تجن محض من الأستاذ، فإن النسخة بيدي أقلبها مرارا. وقد حرصت في هذه النشرة أن أبين أوائل هذه الصفحات (الاثنتى عشرة) لا التسع كما نقل الشيخ عن العلامة الميمنى.
الأستاذ عبد الرحمن اليماني كما جاء في نسخة الأستاذ الميمنى، يضاف إلى ذلك أن الأنموذج الذي نقله الأستاذ مصورا في نسخته ليس فيه شيء من تاريخ النسخ مع أنه آخر الرسالة. فالظاهر أن الذين صوروها صوّروها وحدها وهي خالية من التاريخ فاعتمد الأستاذ عبد السلام على ما جاء في نسخة الأستاذ الصنيع، وهو غلط.
وبعد أن أورد الأستاذ أحمد الجاسر هذه النقدات في مقالين بمجلة المجمع قال في خاتمة قوله:
هذا وليس يفوتني أن أكرر الثناء والشكر للأستاذ العلامة الجليل، ألهمنا اللّه وإياه التوفيق والسداد.
كتاب أسماء جبال تهامة وسكانها وما فيها من القرى وما ينبت عليها من الأشجار وما فيها من المياه رواية السيرافي بإسناده إلى
عرّام بن الأصبغ السّلمى
صورة للأسطر الأولى من نسخة الأصل صورة للأسطر الأخيرة من نسخة الأصل
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر بخير آمين
قال أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي
(1)
: أخبرنا أبو محمد عبيد الله ابن عبد الرحمن السكري
(2)
قراءة عليه حدثنا عبد الله بن عمرو بن عبد الرحمن الوراق المعروف بابن أبي سعد
(3)
، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك أبو الأشعث قال: أملي على عرام بن الأصبغ السلمى قال:
(1)
هو الحسن بن عبد اللّه بن المرزبان أبو سعيد القاضي السيرافى النحوي، أصله من سيراف، سكن الجانب الشرقي ببغداد وولى القضاء بها، وكان أبوه مجوسيا أسلم، واسمه بهزاذ، فسماه أبو سعيد عبد اللّه، وكان من أعلم الناس بنحو البصريين، وينتحل في الفقه مذهب أهل العراق، قرأ على أبى بكر بن مجاهد القرآن، وعلى أبى بكر بن دريد اللغة، ودرسا عليه جميعا النحو. وقرأ على أبى بكر بن السراج وعلى أبى بكر المبرمان النحو، وقرأ عليه أحدهما القراءات ودرس الآخر عليه الحساب. وكان زاهدا لا يأكل إلا من كسب يده ولا يخرج من بيته إلى مجلس الحكم والتدريس في كل يوم إلا بعد أن ينسخ عشر ورقات يأخذ أجرها عشرة دراهم. وله شرح كتاب سيبويه، وكتاب أخبار النحاة، وكتاب الإقناع في النحو، وكتاب جزيرة العرب. ولد قبل 290 وتوفى سنة 368. تاريخ بغداد (7: 341 - 342) وبغية الوعاة 221 ومعجم الأدباء (8: - 145 - 232) والبلدان (5: 193) ونزهة الألباء 379.
(2)
هو عبيد اللّه بن عبد الرحمن بن محمد بن عيسى، أبو محمد السكرى. سمع زكريا بن يحيى المنقري صاحب الأصمعي، ومحمد بن الجارود الوراق، وإبراهيم بن الوليد الجشاش، و (عبد اللّه ابن أبي سعد الوراق)، وعبد اللّه بن مسلم بن قتيبة. وروى عنه الجعابي وأبو عمر بن حيويه.
وأحمد بن إبراهيم بن شاذان، وأبو الحسن الدارقطني. وكان ثقة جليلا. توفى سنة 323.
تاريخ بغداد 5499. وفي الأصل: «عبيد اللّه بن عبد اللّه»، تحريف.
(3)
في الأصل: «أبي سعيد» ، محرف. وهو عبد اللّه بن عمرو بن عبد الرحمن بن بشر بن هلال. أبو محمد الأنصاري الوراق، المعروف بابن أبي سعيد، بلخى الأصل، سكن بغداد وحدث بها عن الحسين بن محمد المروزي، وعفان بن مسلم، وسليمان بن حرب، وهوذة ابن خليفة. وسليمان بن داود الهاشمي وغيرهم، وروى عنه ابن أبي الدنيا، وعبد اللّه بن محمد البغوي، و (عبيد اللّه بن عبد الرحمن السكرى)، والحسين بن القاسم الكوكبى، والحسين بن إسماعيل المحاملي وغيرهم. وكان ثقة صاحب أخبار وآداب وملح. ولد سنة 197 وتوفى سنة 274. تاريخ بغداد 5144.
أسماء جبال تهامة وسكانها وما فيها من القرى، وما ينبت عليها من الأشجار، وما فيها من المياه أولها (رضوى) من ينبع على يوم، ومن المدينة على سبع مراحل ميامنة طريق المدينة، ومياسره طريق البريراء
(1)
لمن كان مصعدا إلى مكة، وعلى ليلتين من البحر. وبحذائها
(2)
(عزور
(3)
) وبينه وبين رضوى طريق المعرقة
(4)
تختصره
(5)
العرب إلى الشام، وإلى مكة وإلى المدينة، بين الجبلين قدر شوط فرس. وهما جبلان شاهقان منيعان لا يرومهما أحد، نباتهما الشوحط والقرظ والرنف
(6)
، وهو شجر يشبه الضهياء.
والضهياء: شجر يشبه العناب تأكله الإبل والغنم، لا ثمر له. وللضهياء ثمر يشبه العفص لا يؤكل، وليس له طعم ولا ريح.
(1)
البكري 655: «البر» ، تحريف.
(2)
وقع في نسخة الميمنى: «بحذائه» محرفا عما في الأصل.
(3)
بفتح أوله وسكون الزاي، وأصل معنى العزور السّيئ الخلق. وفيه يقول عمر بن أبي ربيعة:
أشارت بأن الحي قد حان منهم
…
هبوب ولكن موعد لك عزور
ويقول كثير:
تواهق بالحجاج من بطن نخلة
…
ومن عزور والخبت خبت طفيل
(4)
ضبطها ياقوت بضم الميم وسكون العين وكسر الراء، ثم قال: وقد روى بالتشديد للراء والتخفيف، وهو الوجه، كأنه الطريق الذي يأخذ نحو العراق. أما البكري فقد ضبطها بفتح الميم والراء. وهذا الطريق سلكته غير قريش حين كانت وقعة بدر.
(5)
اختصار الطريق: سلوك أقربه.
(6)
بسكون النون. قال أبو حنيفة: «من شجر الجبال ينضم ورقه إلى قضبانه إذا جاء الليل، وينتشر بالنهار» .
وفي الجبلين جميعاً مياه أوشال - والوشل: ماء يخرج من شاهقه لا يطورها أحد
(1)
ولا يعرف منفجرها. وليس شيء من تلك الأوشال يجاوز الشقة
(2)
.
وأنشد في الرنف
(3)
يصف جبلا:
مرانعه رنف فملقى سياله
…
مدافع أوشال يدبّ معينها
(4)
ويسكن ذراهما وأحوازهما
(5)
نهد وجهينة، في الوبر خاصة دون المدر، ولهم هناك يسار ظاهر. ويصب الجبلان في وادي (غيقة)، وغيقة يتصب
(6)
في البحر، ولها مسك
(7)
وهي مواضع
(8)
تمسك الماء، واحدها مساك.
ومن عن يمين رضوى لمن كان منحدراً من المدينة إلى البحر، على ليلة من رضوى
(9)
(ينبع)، وبها منبر وهي قرية كبيرة غنّاء، سكانها الأنصار وجهينة
(1)
لا يطورها: لا يحوم حولها ولا يدنو منها. ووقع في نسخة الميمنى «من شواهقه» محرقا عما في الأصل.
(2)
البكري: «بكسر أوله وتشديد ثانيه» ، وعنده 327: «فأما البثنة، بإسكان ثانيه وفتح النون، على وزن فعلة، فأرض تلقاء سويقة بالمدينة، اعتملها عبد اللّه بن حسن بن علي بن أبي طالب بمال امرأته هند بنت أبي عبيدة بن عبد اللّه بن زمعة وأجرى عيونها، وهي البثنات، وكان قبل أن ينكحها مقلاتا، فلما عمرت البثنات قال لها: ما خطرت من البثنة فهو لك.
فمشت طول الخيف في عرض ثلاثة أسطر من النخل. فهو حق ابنها موسى منه الذي يقال له الشقة».
(3)
في الأصل: «أنشدني الرمث» . وجعلها الميمنى في نسخته: «وأنشد في الرمث» وكلاهما تحريف. وقد سبق ذكر الرنف في ص 396.
(4)
السيال كسحاب: شجر له شوك أبيض، وهو من العضاه. والمدافع: المجارى، واحدها مدفع بفتح الميم. وفي الأصل:«يدافع» .
(5)
الذرى بالفتح: الكن والظل. والأحواز: النواحي، جمع حوزة، ومثله هضبة وأهضاب وذوطة وأذواط. وفي الأصل:«أجوارهما» . وانظر الهمداني 117، 120.
(6)
كذا كتبت في الأصل لتقرأ بالتاء والياء معا.
(7)
في الأصل: «مساك» ، محرف.
(8)
في الأصل: «وهو موضع» .
(9)
زاد ياقوت عن عرام: «من المدينة على سبع مراحل، وهي لبنى حسن بن علي» .
وليث أيضاً، وفيها عيون عذاب غزيرة، وواديها (يليل) يصبّ في غيقة.
(والصّفراء
(1)
) قرية كثيرة النخل والمزارع وماؤها عيون كلها، و [هي] فوق ينبع مما يلي المدينة، وماؤها يجري إلى ينبع، وهي لجهينة والأنصار ولبني فهر ونهد، ورضوى منها من ناحية مغيب الشمس، وحواليها قنان - واحدها قنة - وضعاضع صغار - واحدها ضعضاع. والقنان والضعاضع جبال صغار لا تسمّى. وفي يليل هذه عين كبيرة تخرج من جوف رمل من أعذب ما يكون من العيون وأكثرها ماء، تجرى في رمل فلا تمكن الزّارعين عليها إلّا في مواضع يسيرة
(2)
من أحناء الرمل، فيها نخيل، وتتخذ البقول والبطيخ، وتسمى هذه العين (البحير
(3)
).
و (الجار
(4)
) على شاطئ البحر، ترفأ إليه السفن من أرض الحبشة ومصر، ومن البحرين والصّين. وبها منبر، وهي قرية كبيرة آهلة، شرب أهلها من البحير. وبالجار قصور كثيرة، ونصف الجار في جزيرة من البحر، [ونصفها على الساحل. وبحذاء الجار جزيرة في البحر
(5)
] تكون ميلاً في ميل، لا يعبر إليها
(1)
ويقال لها أيضا «الصفيراء» . قال عاسل بن غزية:
ثم انصببنا جبال الصفر معرضة
…
عن اليسار وعن أيماننا جدد
أراد جبال الصفراء. فلم يستقم له الوزن فجمعها وما يليها. البكري 836.
(2)
في الأصل: «كثيرة» ، صوابه من البكري 836 وياقوت في رسم (البحير، يليل).
(3)
وكذا في ياقوت. وعند البكري 826: «البحيرة» .
(4)
أصل «الجار» ما قرب من المنازل من الساحل، كما في اللسان، وقال ياقوت:
مدينة على ساحل بحر القلزم، بينها وبين المدينة يوم وليلة، وبينها وبين أيلة نحو من عشر مراحل، وإلى ساحل الجحفة نحو ثلاث مراحل. في الأصل:«والخباو» .
(5)
هذه التكملة الضرورية من ياقوت والبكري في رسم (الجار). ولم يتنبه العلامة الميمنى إلى هذه التكملة.
إلا
(1)
في سفن، وهي مرفأ
(2)
الحبشة خاصة، [يقال لها
(3)
] (غراف)، وسكانها تجار كنحو
(4)
أهل الجار، يؤتون بالماء من على فرسخين. ووادي يليل يصب في البحر
(5)
ثم من عدوة غيقة اليسرى مما يلي
(6)
المدينة عن يمين المصعد إلى مكة من المدينة، وعن يسار المصعد من الشام إلى مكة جبلان يقال لهما (ثافل الأكبر) و (ثافل الأصغر) وهما لضمرة
(7)
خاصة. وهم أصحاب حلال
(8)
ورعية
(9)
ويسار، وبينهما ثنية لا تكون رمية سهم، وبينهما وبين رضوى وعزور ليلتان. نباتهما العرعر، والقرظ، والظيان، والأيدع، والبشام. وللظيان ساق غليظة. وهو شاك - أي غليظ الشوك - ويحتطب. وله سنفة كسنفة العشرق والسّنفة: ما تدلّى من الثمر وخرج عن أغصانه. والعشرق: ورق يشبه الحندقوقا منتنة الرّيح.
(1)
هذه الكلمة ثابتة في الأصل، وظنها الميمنى ساقطة منه فأثبتها بين معقفين.
(2)
في الأصل: «بريه» صوابه من البكري. وعند ياقوت: «مرسى» .
(3)
التكملة من ياقوت والبكري.
(4)
في الأصل: «البحر» صوابه من ياقوت في (الجار، فرات). وعبارة البكري:
(5)
قال البكري: «هذا قول السكوني، والصحيح أن يليل يصب في غيقة، وغيقة تصب في البحر» .
(6)
هذه الكلمة ساقطة من نسخة الميمنى.
(7)
ضمرة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة بن مدركة، كما ذكر ياقوت في (ثافل). وقال في اشتقاقه:«والثفل في اللغة: ما ثفل من كل شيء» . وضبطه البكري بكسر الفاء وفتحها.
(8)
الحلال: جمع حلة، بالكسر، وهي جماعة بيوت الناس، لأنها تحل. قال كراع: هي مائة بيت.
(9)
الرعية، بالكسر: اسم من الرعى، كما في اللسان عن اللحياني. وفي الأصل:
«ودعة» وعند ياقوت: «ورغبة» والبكري: «ورعى» ، وأثبت ما تقتضيه مقابلة القراءات.
والأيدع: شجر يشبه الدّلب
(1)
. إلّا أنّ أغصانه أشد تقاربا من أغصان الدلب، لها وردة حمراء ليست تجد طيب الريح
(2)
وليس لها ثمر، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسر شيء من أغصانها وعن السدر والتنضب والشبهان
(3)
لأن هؤلاء جميعاً ذوات ظلال يسكن الناس فيها
(4)
من البرد والحر. وللتنضب
(5)
ثمر يقال له الهمقع، يشبه المشمش
(6)
يؤكل طيباً. وللسرح
(7)
ثمر يقال له الآء
(8)
يشبه الموز وأطيب منه، كثير الحمل جداً.
(1)
أبو حنيفة: الدلب: شجر يعظم ويتسع ولا نور له ولا ثمر، وهو مفرض الورق واسعه شبيه بورق الكرم، واحدته دلبة.
قال ياقوت: واللغويون غير عرام بن الأصبغ مختلفون في الأيدع، فمنهم من قال إنه الزعفران، محتجا بقول رؤبة:
• كما اتقى محرم حج أيدعا
…
والبعض يقول: إنه دم الأخوين، ومنهم من قال إنه البقم، والصواب عندنا قول عرام، لأنه بدوي من تلك البلاد، وهو أعرف بشجر بلاده. ونعم الشاهد على قول عرام قول كثير حيث قال:
كأن حمول القوم حين تحملوا
…
صريمة نخل أو صريمة أيدع
(2)
ياقوت: «ليس بطيب الريح» .
(3)
هذه الكلمة ساقطة من ياقوت. وهو بفتح الشين والباء وضمها: ضرب من العضاه.
(4)
ياقوت: «دونها» .
(5)
في الأصل: «وللسدر» ، تحريف. والمعروف في ثمر السدر أنه النبق، وأما «الهمقع» بضم الهاء وفتح الميم مخففة ومشددة أيضا فهو ثمر التنضب، الواحدة همقعة، كما في اللسان والمخصص (11: 188). بل قال كراع: إن الهمقع هو التنضب بعينه. ولم يذكر ياقوت هذه العبارة، وذكرها البكري في (أرثد).
(6)
شك ابن دريد في صحة عربيته. وهو بكسر الميمين وفتحهما وضمهما، كما في تاج العروس. وذكر داود الأنطاكي المتوفى سنة 1008 أنه يعمل منه ما يسمى «قمر الدين» .
(7)
هذا استطراد منه، وإلا فإنه لم يسبق له ذكر. والسرح: جمع سرحة، وهو شجر كبار عظام يحل الناس تحتها في الصيف ويبتنون البيوت.
(8)
في الأصل: «اللسكاى» . والمعروف في ثمر السرح أنه «الآء» ، الواحدة «آءة». وفي المخصص (11: 189): وللسرح عنب يسمى الآء واحدته آءة، يأكله الناس ويرتبون منه الرب. وله أول شيء برمة يخرج فيها هذا الآء، وهو يشبه الزيتون. ولا تناقض بين تشبيه عرام له بالزيتون وتشبيه ابن سيده له بالموز، فقد يكون أحد الشبهين للشكل، والآخر للطعم.
وفي ثافل الأكبر عدة آبار في بطن واد يقال له (يرثد). يقال للأبار (الدباب)، وهو ماء عذب كثير غير منزوف، أناشيط
(1)
قدر قامة قامة.
وفي ثافل الأصغر ماء في دوار في جوفة يقال له (القاحة
(2)
) وهما بئران عذبتان غزيرتان. وهما جبلان كبيران شامخان، وكل جبال نهامة تنبت الغضور وبينها وبين رضوى وعزور سبع مراحل
(3)
، وبين هذه الجبال جبال صغار وقرادد
(4)
وينسب إلى كل جبل ما يليه.
ولمن صدر من المدينة مصعدا أوّل جبل يلقاء من عن يساره (ورقان
(5)
) وهو جبل أسود عظيم كأعظم ما يكون من الجبال، بنقاد من سيالة إلى المتعشى
(6)
بين العرج والرويثة، ويقال للمتعشّى: الجىّ
(7)
وفي ورقان أنواع
(8)
الشجر المثمر كله [وغير المثمر
(9)
]، وفيه القرظ
(1)
جمع أنشاط. يقال بئر أنشاط، أي قريبة القعر، تخرج الدلو منها بجذبة واحدة.
(2)
معنى القاحة والباحة واحد، وهما وسط الدار، قال ياقوت:«وقد ذكر فيه القاحة بالفاء والجيم» . ولها ذكر في كتب السيرة في «حجة الوداع» . انظر إمتاع الأسماع 512. كما ذكرت في طريق الهجرة. انظر السيرة 333 جوتنجن.
(3)
جمع قردد، وهو ما ارتفع من الأرض وغلظ.
(4)
وقع في نشرتى الأولى: «وعزور وينبع مراحل» ، وهو خطا منى في قراءة النسخة، وقد قرأها الميمنى صحيحة كما أثبت هنا، وذكرها الشيخ حمد في تصحيحاته. وأشار إلى أنها كذلك في معجم البكري، رسم (ثافل).
(5)
بفتح أوله وكسر ثانيه، كما ضبطه البكري وياقوت، قال ياقوت: ويروى بسكون الراء، وأنشد الجميل:
يا خليلي إن بثنة بانت
…
يوم ورقان بالفؤاد سليبا
قلت: ولا أحاله إلا من ضرائر الشعر.
(6)
لم يرسم له ياقوت ولا البكري، ولكن ذكراه في رسم (ورقان).
(7)
رسم له ياقوت، ولم يرسم له البكري، وإنما رسم لجي بفتح الجيم، وهي مدينة إصبهان.
(8)
سقطت هذه الكلمة من نسخة الميمنى.
(9)
التكملة من ياقوت والبكري والسمهودي 2: 390. ولم يثبتها العلامة الميمنى.
والسماق
(1)
والرمان والخزم
(2)
. وأهل الحجاز يسمون السماق «الضمخ
(3)
» وأهل نجد
(4)
يسمونه «العرتن» واحدته عرتنة
(5)
. والخزم: شجر يشبه ورقه ورق البرديّ، وله ساق كساق النّخلة يتّخذ منه الأرشية الجياد.
وفيه أوشال وعيون وقلات. سكانه أوس من مزينة، أهل عمود ويسار، وهم قوم صدق.
وبسفحه من عن يمين (سيالة
(6)
) ثم (الروحاء
(7)
) ثم (الرويثة
(8)
) ثم (الجىّ). وبعلو
(9)
بينه وبين قدس الأبيض ثنية بل عقبة
(10)
يقال لها (ركوبة)
(1)
قال داود: شجر يقارب الرمان طولا إلا أن ورقه مزغب لطيف. وقال أبو حنيفة:
له ثمر حامض عناقيد فيها حب صغار يطبخ، قال: ولا أعلمه ينبت بشئ من أرض العرب إلا ما كان بالشام. لكن نص عرام ينقض قول أبي حنيفة. ومن أعمال حلب جبل عظيم يسمى «جبل السماق» لكثرة ما ينبت فيه منه.
(2)
أبو حنيفة: الخزم: شجر مثل شجر الدوم سواء، وله أفنان وبسر صغار، يسود إذا أينع، مر عفصى، لا يأكله الناس ولكن الغربان حريصة عليه تنتابه. وانظر ما سيأتي من تفسير عرام.
(3)
في الأصل: «الضبح» تحريف، صوابه عند البكري.
(4)
البكري: «وأهل الجند» .
(5)
في الأصل: «عرتونة» ، وإنما تكون هذه واحدة للعرتون كزرجون، وهي إحدى لغات كثيرة في العرتن ذكرت في اللسان والقاموس.
(6)
ومسجدها: أحد ثلاثة مساجد بنيت على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، والثاني مسجد الحرة، والثالث مسجد الشجرة، وأما غيرها من المساجد فهي مواضع صلواته صلى الله عليه وسلم، اتخذت بعده مساجد.
(7)
فيها يقول عروة بن حزام، (الأمالي 3: 158):
ألا فاحملانى بارك اللّه فيكما
…
إلى حاضر الروحاء ثم دعاني
(8)
تصغير الروثة، وهي واحدة روث الدواب، أو روثة الأنف، وهي طرفه
(9)
قرأها العلامة الميمنى «يفلق» ، ورسمها في الأصل لا يساعد في ذلك. وعند السمهودي 2: 390: «يفصل» .
(10)
الثنية: طريق العقبة. قال أبو منصور: العقاب: جبال طوال بعرض الطريق فالطريق تأخذ فيها. وكل عقبة مسلوكة ثنية، وجمعها ثنايا.
و (قدس
(1)
) هذا جبل شامخ ينقاد إلى المتعشّى بين العرج والسّقيا، ثم يقطع
(2)
بينه وبين قدس الأسود عقبة يقال لها (حمت). ونبات القدسين جميعاً العرعر والقرظ، والشوحط، والشقب
(3)
: شجر له أساريع كأنها الشطب التي في السيف
(4)
، يتخذ منها القسى. والقدسان جميعاً لمزينة، وأموالهم ماشية من الشاة
(5)
والبعير، أهل عمود، وفيها أوشال كثيرة.
ويقابلهما
(6)
من غير
(7)
الطريق المصعد جبلان يقال لهما (نهبان): نهب الأسفل، ونهب الأعلى، وهما لمزينة، ولبنى ليث فيهما شقص، ونباتهما العرعر والإثرار
(8)
. وقد يتخذ من الإثرار القطران كما يتخذ من العرعر؛ وفيهما القرظ.
وهما مرتفعان شاهقان كبيران. وفي نهب الأعلى ماء في دوار من الأرض، بئر واحدة كبيرة غزيرة الماء، عليها مباطخ
(9)
وبقول ونخيلات
(10)
يقال لها (ذو خيمى
(11)
) وفيه أوشال.
(1)
قال الأنباري: قدس مؤنثة لا تجرى - أي لا تصرف - اسم للجبل وما حوله.
لكن جرى عرام هنا على صرفه كما سيأتي. وجرى البكري أيضا على صرفه في رسم (آرة).
(2)
في الأصل: «سعطع» بالإهمال.
(3)
بالتحريك وبالكسر، وجعلها الميمنى «السكب» ، وهو سهو منه.
(4)
الأسروع: الشكير، وهو ما ينبت حول الشجرة من أصلها. والشطبة: عمود السيف الناشز في متنه.
(5)
كذا في الأصل، وجعلها الميمنى «الشاء»
(6)
في الأصل: «يقابلها» .
(7)
وكذا قرأها العلامة الميمنى مع إهمالها في الأصل. ويرى الشيخ حمد أن صوابها «يمين» .
(8)
سيأتي تفسيره في ص 408.
(9)
جمع مبطخة، لموضع البطيخ.
(10)
جعلها الميمنى «نخلات» ولا ضرورة لهذا التغيير.
(11)
وكذا عند ياقوت في رسم «نهبان» والزمخشري في كتاب الجبال 166 - 167 وعند البكري في رسمه وفي (قدس 1052)، وكذا الهمداني في صفة جزيرة العرب 176 «ذو خيم». لكن عند البكري في رسم (العرج):«المنبجس» .
وفي نهب الأسفل أوشان
(1)
، ويفرق بينهما وبين قدس وورقان الطريق، وفيه (العرج). ووادي العرج يقال له (مسيحة
(2)
)، نباته المرخ والأراك والثّمام.
ومن عن يسار الطريق مقابلا قدسا
(3)
الأسود جبل من أشمخ ما يكون، يقال له (آرة)، وهو جبل أحمر تخر
(4)
من جوانبه عيون، على كلّ عين قرية.
فمنها قرية غناء كبيرة يقال لها (الفرع
(5)
) وهي لقريش والأنصار ومزينة. ومنها (أم العيال
(6)
) قرية صدقة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
(7)
.
وعليها قرية يقال لها (المضيق
(8)
). ومنها قرية يقال لها (المحضة
(9)
)، ومنها قرية يقال لها (الوبرة
(10)
)، ومنها قرية يقال لها (خضرة
(11)
)، ومنها قرية
(1)
ظنها الميمنى ساقطة من الأصل، وهي ثابتة فيه.
(2)
وكذا عند البكري في «قدس» نقلا عن السكوني. وفي الأصل: «فسيحة» تحريف.
وذكر ياقوت في (سميحة) ثلاث لغات، تقال بالتصغير والتكبير، وبتقديم الميم كما هنا.
(3)
وكذا ورد النقل عنه في ياقوت في رسم «آرة» . وانظر ما سبق في ص 403.
(4)
كذا في الأصل والسمهودي 2: 239. وعند ياقوت: «تخرج» والبكري:
«تنفجر» . وكنت قرأتها في نشرتى الأولى «تخرج» .
(5)
يقال بضمة وبضمتين، كما ذكر ياقوت.
(6)
البكري: «أرض بالفرع لجعفر بن طلحة بن عمرو بن عبيد اللّه بن عثمان بن كعب، وكان طلحة جميلا وسيما، فلزم علاج عين أم العيال ولها قدر عظيم، وأقام بها وأصابه الوباء، فقدم المدينة وقد تغير، فرآه أنس بن مالك فقال: هذا الذي عمر ماله وأخرب بدنه» . وانظر ياقوت (1: 336).
(7)
نحوه ما ورد عند البكري 1329 من أن «الجثجاثة: صدقة عبد اللّه بن حمزة» .
وما ورد في 743 «وكثير منها - أي العيون - صدقات للحسن بن زيد» . انظر صورة من صور التصدق بالضياع عند البكري 658.
(8)
ذكر ياقوت أن بنى عامر ورئيسهم علقمة بن علاثة أغاروا على زيد الخيل، فالتقوا بالمضيق، فأسرهم زيد الخيل عن آخرهم، وكان فيهم الحطيئة، فشكا إليه الضائقة فمن عليه.
(9)
من قولهم محض الشئ، أي خالصه، كما ذكر ياقوت.
(10)
سميت باسم الحيوان، وهو دويبة غبراء على قدر السنور حسنة العينين شديدة الحياء، تكون بالغور.
(11)
كذا ضبطت عند ياقوت والبكري في رسمها، وذكرها البكري أيضا في (قدس 1051) وفي الأصل:«حضرة» بالحاء المهملة، تحريف.
يقال لها (الفغوة
(1)
) تكتنف آرة من جميع جوانبه. وفي كل هذه القرى نخيل وزروع، وهي من السقيا على ثلاث مراحل من عن يسارها مطلع الشمس، وواديها يصب في (الأبواء)، ثم في (ودان) وهي قرية
(2)
من أمهات القرى لضمرة وكنانة وغفار وفهر قريش، ثم في (الطّريفة)، والطّريفة قرية ليست بالكبيرة على شاطئ البحر. واسم وادي آرة (حقل
(3)
) وقرية يقال لها (وبعان
(4)
). و (خلص آرة
(5)
) واد به قرى وأجزاع
(6)
ونخل، وقد قال فيه الشاعر
(7)
:
(1)
هي من الفغوة، بمعنى الزهرة.
(2)
سقطت هذه الكلمة من نشرة الميمنى، وهي ثابتة في الأصل.
(3)
عند البكري في رسمه وفي (قدس 1052): «حقيل» . وكنت أثبتها في نشرتى الأولى «حقيل» والتصحيح للشيخ حمد مطابقا ما في الأصل ومعجم البلدان 3: 306 والسمهودي في وفاء الوفا 2: 292 قال: «أما حقيل ففي نجد. وبون شاسع بين الموضعين» .
(4)
رسم لها ياقوت والبكري، وهو بفتح الواو وكسر الباء. وأخطأ البكري إذ رسم لها مرة أخرى (ونعان) بفتح الواو والنون، وأحال إلى مواضع ذكرت فيها على الصواب.
(5)
يقول فيها النصيب، كما روى البكري:
وكانت إذ تحل أراك خلص
…
إلى أجزاع بيشة والرغام
(6)
جمع جزع بالكسر، وهو جانب الوادي ومنقطعة، قيل لا يسمى جزعا حتى تكون له سعة تنبت الشجر وغيره.
(7)
هو أبو المزاحم، كما ذكر البكري في 449 - 450. والأبيات عند ياقوت (خلص، وبعان) والبكري 450، 1052. وكتب الشيخ حمد هنا تعليقا نفيسا، وهذا نصه:
لعل مما يفيد القراء أن ننقل شيئا من خبر قائلها عن كتاب (التعليقات والنوادر لأبى على الهجري - نسخة دار الكتب المصرية) قال: وأنشدني لعزلان الثمامي، من ثمامة بن كعب بن جذيمة بن خفاف:
خليلىّ صبّانى ورحلي وناقتي
…
على ملح الريّان ثم دعانيا
فإن أنتما لم تفعلا ومررتما
…
على حائط الزّيدى فاستودعانيا
أسائل عن عمق وعن حسن حاله
…
ولولا ابنة الزيدي قلّ سؤاليا
عمق الزروع قرب الفرع، وعمق المضيق بيليل قرب بدر. وقال: الزيديون من بنى عمران -
فإن بخلص فالبريراء فالحشا
…
فوكد إلى النّقعاء من وبعان
(1)
- من مزينة ثم من بنى عثمان. والدهنا: قلت بين مر عنيب وبين السائرة. وله:
ألممّا بعمق ذي الزّروع فسلّما
…
وإن كان عن قصد المطى يجور
فإنّ بعمق ذي الزروع لبدّنا
…
من اسلم في تكليمهن أجور
ولا تعجزا عن حاجة لأخيكما
…
وإن كان فيها غلظة وفجور
فما ضرّ صرم الأسلميات لو بدت
…
لنا يوم عمق أذرع ونحور
وفي عرس قنّان علىّ أليّة
…
وفي الحنذيات الملاح نذور
وله في نساء مزنيات:
فإن بوكد فالبريراء فالحشا
…
فخلص إلى الرنقاء من وبعان
وكد: طرف أسود وراء مر بشوكان. والبريراء: أكيمة صغيرة. والحشا: بلد بين مر وشوكان، وخلص آرة. والرنقاء هاهنا: قاع. وبعان بالحرة.
أوانس من حيّا عداء كليهما
…
طوامح بالأزواج غير غوان
جننّ جنونا من بعول كأنها
…
قرود تنازى في رياط يمان
فمرّا فقولا طالبان لحاجة
…
وعودا فقولا نحن منصرفان
فظفروا به في الدهنا - وهي قلتة عميقة - فربطوا في رجله رحى ثم رموا به فيها فهلك.
قال: هذا ما نقلته من كتاب الهجري، أوردته بطوله لاشتماله على شيء مما يتعلق بقائل تلك الأبيات. ولكن أهو أبو المزاحم الذي نسب البكري الأبيات إليه؟ الظاهر أنه هو:
فصاحب التاج أنشد أحدها في مادة (وبع) ونسبها لأبى المزاحم السعدي. والأصبهاني روى في الأغانى ج 11 ص 79 بيتين لأبى المزاحم، هما.
أعيّرتمونى أن دعتني أخاهم
…
سليم وأعطتني بأيمانها سعد
ويفهم منهما أن المزاحم هذا سعدى حالف سليما فعد منهم: والهجري ذكر أن صاحب الأبيات ثمامى من ثمامة بن كعب بن جذيمة بن خفاف. ومعروف أن خفافا بطن من سليم.
أما معرفة عصر هذا الشاعر فتعلم من معاصرته لأبى وجزة السعدي الشاعر. وأبو وجزة هذا تابعي، أي من الشعراء الإسلاميين. والهجري الذي روى أبيات الرسالة من أهل القرن الثاني والثالث الهجريين».
(1)
صدره عند البكري: «إن بأجزاع» ، وفي الأصل:«فولد» تحريف صوابه في ياقوت في موضعيه. وروى البكري «نوكز» و «فرقد» . و «النقعاء» رواية الأصل وياقوت في رسم (وبعان)، وهو موضع خلف المدينة، وعند البكري 1052 «البقعاء» بالباء، وهو من أرض ركبة. وعنده في 450 «النقعين» .
جواريَ من حيَّ عداء كأنَّها
…
مها الرَّمل ذي الأزواج غير عوانِ
(1)
جننَّ جنوناً من بعولٍ كأنَّها
…
قرودٌ، تباري في رياطِ يمانِ
(2)
ثم يتصل [بخلص آرة
(3)
] (ذره
(4)
)، وهي جبال كثيرة متصلة ضعاضع
(5)
ليست بشوامخ، في ذراها
(6)
المزارع والقرى؛ وهي لبنى الحارث ابن بهثة بن سليم، وزروعها أعذاء. ويسمون الأعذاء العثرى: وهو الذي لا يسقى. وفيها مدر وأكثرها عمود، ولهم عيون [ماء
(7)
] في صخور لا يمكنهم أن يجروها
(8)
إلى حيث ينتفعون به
(9)
.
ولهم من الشجر العفار، والقرظ، والطلح، والسدر بها كثير، والنشم، والتّألب
(10)
.
(1)
عداء تكون مصدرا كالمعاداة، ووصف به هذا الحي، وتكون ممدود «العدى» بمعنى الأعداء، مدها للشعر. وعند البكري 1052:«حي عداء» ، تثنية الحي. وعند ياقوت في (وبعان):«حسنى غذاء» تحريف. ووصف الرمل بأنه ذو أزواج، يعنى أزواج الوحش من البقر والظباء ونحوها. والعوانى: جمع عان وعانية، وهو الأسير.
(2)
كلمة «تبارى» غير معجمة في الأصل مع وضوح حروفها، وقراءتها من ياقوت (وبعان). وفي ياقوت (خلص):«تنادى» .
(3)
التكملة من ياقوت (ذرة) عن عرام. ولم يثبتها العلامة الميمنى.
(4)
بفتح أوله وتخفيف ثانيه، كما عند ياقوت. ورسم لها البكري «ذروة» بفتح أوله وسكون ثانيه مع زيادة الواو، ونقل فيها نص السكوني.
(5)
سبق تفسيرها في ص 398.
(6)
سبق تفسير «الذرى» في ص 397. وفي الأصل وكذا نسخة الميمنى: «دوراها» بدل «في ذراها»، صوابه في ياقوت.
(7)
التكملة من ياقوت والبكري.
(8)
وكذا عند ياقوت. وعند البكري: «إجراؤها» .
(9)
سقطت هذه الكلمة من نشرتنا الأولى.
(10)
تذكر في المعاجم في (ألب) و (تألب). قال ابن سيده: والتألب من عتق العيدان التي تتخذ منها القسي، ومنابته جبال اليمن، وله عناقيد كعناقيد البطم، فإذا أدرك وجف اعتصر للمصابيح، وهو أجود لها من الزيت. وتقع السرفة في التألبة فتعريها من ورقها. المخصص (11: 142).
وقد يعمل من النّشم القسىّ والسهام؛ وهو خيطان لا ورق له
(1)
.
والإثرار
(2)
له ورق يشبه ورق الصعتر وشوك نحو شوك الرمان، ويقدح ناره
(3)
إذا كان يابساً فيقتدح سريعاً. والعفار ورده بيض طيبة الريح كأنها السّوسن
(4)
.
ويطيف بذرة قرية من القرى يقال لها (جبلة) في غربيه
(5)
، و (السّتارة) قرية تتصل بجبلة، وواديهما واحد يقال له (لحف
(6)
) وبه عيون. ويزعمون أن جبلة أول قرية اتّخذت بتهامة. وبجيلة حصون منكرة مبنية بالصخر لا يرومها أحد. ومن شرقي ذرة قرية يقال لها (القعر) وقرية يقال لها (الشرع
(7)
) وهما شرقيتان، في كل واحدة من هذه القرى مزارع ونخيل على عيون. وهما على واد يقال له (رخيم)، وبأسفله قرية يقال لها (ضرعاء) بها قصور
(8)
ومنبر وحصون،
(1)
لم يزد ابن سيده في المخصص (11: 142) في تحلية النشم على أنه من عتق العيدان. وفي اللسان: شجر جبلى تتخذ منه القسي، وهو من عتق العيدان.
و (خيطان) هنا جمع خوط، بالضم لا خيط بالفتح. والخوط: الغصن الناعم. وأنشد في اللسان (خوط):
ألا حبذا صوت الغضى حين أحرست
…
بخيطانه بعد المنام جنوب
وظنها العلامة الميمنى خطأ فجعلها «عيدان» بدل «خيطان» ، وهو سهو منه.
(2)
بكسر الهمزة كما في القاموس واللسان. وفي القاموس أنه يسمى (الأنبرباريس) وفي اللسان أنه يسمى بالفارسية (الزريك) صوابه (زرشك) كما في تذكرة داود في رسم (أمباريس) ومعجم استينجاس 615.
(3)
الكلمة مهملة في الأصل. وقد قرأها الميمنى «تارة» وليست كذلك.
(4)
قال داود: هو باليونانية «إيرسا» ، معناه قوس قزح، لاختلاف ألوانه في الزهر.
(5)
في غربيه، سقطت من نشرة الميمنى.
(6)
بفتح اللام كما نص ياقوت في رسمها.
(7)
قال ياقوت؛ مأخوذ من شرع الإهاب، إذا شق ولم يزقق ولم يرجل. وهو أوسع ضروب السلخ.
(8)
في الأصل: «قرية بها لها صرعا يضور» ، وصوابه في ياقوت برسم «ضرعاء» .
يشرك بني الحارث فيها هذيل
(1)
وغاضرة بن صعصعة
(2)
.
ثم يتصل [بها](شمنصير)، وهو جبل ململم
(3)
لم يعله أحد قط، ولا درى ما على ذروته؛ بأعلاه القرود، ويقال: إن أكثر نباته النبع والشوحط والمياه حواليه ينابيع
(4)
عليها النخيل والحماط
(5)
. وفي كل جبال تهامة الشقاح
(6)
نبت في حردها
(7)
وأسافلها - والحرود
(8)
: الجنوب. والحماط: التين.
والشقاح: الريباس
(9)
. ويطيف بشمنصير من القرى قرية كبيرة يقال لها (رهاط
(10)
)، وهي بواد يسمّى (غران
(11)
) وأنشد:
(1)
ياقوت: «يشترك بين الحارث فيها هذيل» ، وهذا تحريف. وبنو الحارث هؤلاء هم بنو الحارث بن بهثة بن سليم، كما سبق في ص 407.
(2)
غاضرة: حي من بنى غالب بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن. تاج العروس 3: 450. وقد وقعت في نشرتى الأولى «عامر بن صعصعة» خطأ في القراءة. وهي على الصواب في نشرة الميمنى.
(3)
الململم: المستدير المجموع بعضه إلى بعض.
(4)
والمياه حوله ينابيع، سقطت من نشرة الميمنى.
(5)
الحماط: شجر التين الجبلي. وفي الأصل «الحماض» هنا وفي الموضع التالي.
والصواب ما أثبت.
(6)
في الأصل هنا وفيما سيأتي «الشقح» تحريف. وقد فسره فيما بعد بأنه «الريباس» .
والشقاح، كرمان: نبت الكبر، كما في اللسان. وفي المعتمد لابن رسولا الغساني 282:
«والكبر الذي يكون في البلد الكثير الحرارة بمنزلة الكبر الذي يكون في تهامة» . والريباس كلمة فارسية، قال استينجاس في معجمه 601 في تفسيرها: ASourherb أي عشب حريف. وهو منطبق على الكبر والشقاح.
(7)
الحرود: حروف الجبل. كما في القاموس (حرد). وفي الأصل هنا: «حروزها» وفيما يأتي «الحرور» ، صوابه ما أثبت.
(8)
وأسافلها والحرود الجنوب، سقطت جميعها من نسخة الميمنى.
(9)
انظر الحاشية رقم 6.
(10)
بضم الراء، قال ابن الكلبي:«اتخذت هذيل سواعا ربا برهاط» .
(11)
عند البكري في (شمنصير): «غراب» ، تحريف. وقال في (غران):«فعال من الغرين، والغرين والغريل هو الطين ينضب عنه الماء فيجف في أسفل الغدير» .
فإن غراناً بطنُ وادٍ أحبُّه
…
لساكنهِ عهدٌ عليّ وثيق
(1)
وبغربيه قرية يقال لها (الحديبية
(2)
) ليست بالكبيرة، وبحذائها جبيل يقال له (ضعاضع) وعنده حبس كبير يجتمع عنده الماء. والحبس: حجارة مجتمعة يوضع بعضها على بعض. قال الشاعر:
وإنّ التفاتى نحو حبس (ضعاضع)
…
وإقبالَ عيني في الظُّبا لطويلُ
(3)
فهؤلاء القريات لسعد وبني مسروح، وهم الذين نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، ولهذيل فيها شيء، ولفهم أيضاً. ومياههم بثور، وهي أحساء وعيون ليست بآبار
(4)
.
ومن الحديبية إلى المدينة تسع مراحل، وإلى مكة مرحلة وميل أو ميلان.
ومن عن يمين آرة الطريق للمصعد (الحشا
(5)
)، وهو جبل (الأبواء)، وهو بواد يقال له (البعق) واد بكنفته
(6)
اليسرى [واد] يقال له
(7)
(شسّ) وهو بلد مهيمة موبأة
(8)
، لا تكون بها الإبل، يأخذها الهيام عن نقوع بها
(1)
أحبه، هو ما في البكري. وفي الأصل:«حبه» مع الإهمال. وعند ياقوت «جنة» . و «عهد» هي في ياقوت والبكري: «عقد» .
(2)
بتخفيف الياء وتشديدها. سميت بشجرة حدباء كانت في ذلك الموضع. وفي الحديث أنها بئر. وبعض الحديبية في الحل وبعضها في الحرم.
(3)
ياقوت: «عيني الظبا» بتثنية العين. والظبا: واد بتهامة. وفي الأصل: «عيني في الصبى» ، وعند البكري:«عيني الصبا» ، كلاهما محرف.
(4)
في الأصل: «ليست بها» صوابه من البكري 810. وانظر ما سيأتي من الكلام على البثور قبل الكلام على «حد الحجاز».
(5)
البكري: «والحشا لخزاعة وضمرة» .
(6)
الكنف والكنفة: ناحية الشئ. وقال الشيخ حمد: «ولكنها في الأصل كما علمت من النسختين المقابلتين عليه: بكفته» . وأؤكد للشيخ أن هذا علم خاطئ، وأن بين الكاف والفاء في الأصل نونا ظاهرة معجمة.
(7)
في الأصل: «وله» ، والتكملة التي أثبتها قبل من البكري 449 تقتضى ما أثبت.
(8)
موباة، بفتح الميم: أراد كثيرة الوباء، ولم ينص على هذه الصيغة في المعاجم، وفي الأصل:«بوباه» ، والوجه ما أثبت من ياقوت في (شمس).
ساكرة لا تجرى
(1)
- والهيام: حمى الإبل - وهو جبل مرتفع شامخ ليس به شيء من نبات الأرض غير الخزم والبشام. وهو لخزاعة وضمرة. وقال الشاعر
(2)
في البعق:
كأنَّكّ مردوعٌ بشسًّ مطرَّدٌ
…
يقارفهُ من عقدة البعقِ هيمها
(3)
و (الأبواء) منه على نصف ميل.
ثم (هرشى) وهو في أرض مستوية، وهي هضبة ململمة لا تنبت شيئاً.
أسفل منها (ودان) على ميلين مما يلي مغيب الشمس، يقطعها المصعدون من حجاج المدينة وينصبّون منها منصرفين إلى مكة
(4)
. ويتّصل بها مما يلي مغيب الشّمس من عن يمينها بينها وبين البحر خبت - والخبت: الرمل الذي لا ينبت غير الأرطي، وهو حطب، وقد يدبغ [به] أسقية اللبن خاصة - وفيها متوسطاً للخبت جبيل أسود شديد السواد يقال له (طفيل). ثم ينقطع عنك
(5)
الجبال من عن يمنة ويسرة.
وعلى الطريق من ثنية هرشي بينها وبين الحجفة ثلاثة أودية مسمّيات:
(1)
ساكرة بالراء، بمعنى ساكنة، وفي اللسان: «أبو زيد، الساكر: الذي لا يجرى، وسكر سكورا، وسكر البحر: ركد. أنشد ابن الأعرابي في صفة بحر:
• يقيئ زعب الحر حين يسكر
…
وعند البكري 449 وياقوت (5: 262): «ساكنة» .
(2)
هو كثير، كما عند البكري 796 وياقوت في (شس). ورواه البكري أيضا في 449. وأنشده ياقوت في (شس، بعق).
وقبله:
وقال خليلي يوم رحنا وفتحت
…
من الصدر أشراج وفضت ختومها
أصابتك نبل الحاجبية إنها
…
إذا ما رمت لا يستبل كليمها
(3)
المردوع: المنكوس في مرضه. يقارفه: يدانيه. والعقدة: الموضع الشجير.
(4)
في الأصل: «من مكة» ، صوابه في ياقوت (هرشى).
(5)
في الأصل: «عند» .
منها (غزال
(1)
) وهو واد يأتيك من ناحية شمنصير وذرة. وفيها ماء آبار، وهو لخزاعة خاصة، وهم سكانه أهل عمود. و (دوران
(2)
) وهو واد يأتيك أيضاً من شمنصير وذرة، [وبه] بئران معلومتان يقال لإحداهما (رحبة
(3)
) والأخرى (سكوبة) وهو لخزاعة أيضاً. والثالث (كلية
(4)
) وهو واد يأتيك أيضاً من شمنصير وذرة. وكل هذه الأودية تنبت الأراك والمرخ والدوم - وهو المقل - والنخل. وليس هناك جبال. وبكليّة على ظهر الطريق ماء آبار، يقال للآبار كلية، وبهن يسمى الوادي. وبأعلى كلية هذا أجبال ثلاثة صغار منفردات من الجبال يقال لهنّ (شنائك
(5)
)، وهي لخزاعة.
(1)
وفيه قول كثير، وأنشده ياقوت:
قلن عسفان ثم رحن سراعا
…
طالعات عشية من غزال
(2)
في الأصل: «دوران» صوابه في ياقوت. وأنشد لكثير:
نادتك والعيس سراع بنا
…
مهبط ذي دوران فالقاع
يقال فيه أيضا «ذو دوران» كما في هذا الشعر، وكما عند البكري 1352.
وكلمة «ذو» تزاد كثيرا في أسماء البلدان، كما قالوا: ذو أثيل، وذو جسم، وذو العرجا، وذات العلندى، وذات الإصاد.
(3)
وكذا عند ياقوت في (دوران).
(4)
بالتصغير، وكانت مسكن نصيب، وفيها يقول:
خليلي إن حلت كلية فالربا
…
فذا أمج فالشعب ذا الماء والحمض
(5)
وكذا عند ياقوت في رسمه، قال: «كأنه جمع شنوكة بما حوله. قال نضر: شنائك:
ثلاثة أجبل صغار منفردات من الجبال بين قديد والجحفة من ديار خزاعة. وقيل شنوكتان شعبتان يدفعان في الروحاء بين مكة والمدينة». وفي صفة جزيرة العرب 181: «وشنوكتان يدفعان في الروحاء» . وقال ياقوت في رسم (شنوكة): «شوكة: جبل، وهو علم مرتجل» .
وأنشد لكثير:
كذين صفاء الود يوم شنوكة
…
وأدركني من عهدهن رهون
وجعلها البكري «سنابك» ورسمها وفي رسم (هرشى)، وقال:«سنابك على لفظ جمع سنبك: جبيلات مجتمعة، مذكور في رسم هرشى» .
ودون الجحفة على ميل (غدير خمّ
(1)
)، وواديه يصب في البحر، لا ينبت غير المرخ والثّمام والأراك والعشر. وغدير خمّ هذا من نحو مطلع الشمس لا يفارقه ماء أبداً من ماء المطر، وبه أناس من خزاعة وكنانة غير كثير.
ثم (الشراة
(2)
)، وهو جبل مرتفع شامخ في السماء تأويه القرود، وينبت النبع والشوحط والقرظ، وهو لبني ليث خاصة، ولبني ظفر من بني سليم وهو من دون عسفان من عن يسارها، وفيه عقبة تذهب إلى ناحية الحجاز لمن سلك عسفان، يقال لها (الخريطة) مصعدة مرتفعة جداً. والخريطة التي تلي الشراة جبل جلد [صلد
(3)
] لا ينبت شيئاً. ثم بطلع من الشّراة على (ساية) وهو واد بين حاميتين
(4)
وهما حرتان سوداوان، وبه قرى كثيرة مسمّاة، وطرق كثيرة من نواح كثيرة.
فأعلاها قرية يقال لها (الفارع) بها نخل كثير، وسكانها من كل أفناء الناس
(5)
، ومياهها عيون تجري تحت الأرض، فقر كلها. والفقر والقنا
(6)
واحد، وواحد الفقر فقير.
(1)
ذكر البكري أن الذي احتفره «عبد شمس» كما احتفر أيضا «زما» . وفيهما يقول:
حفرت خما وحفرت زما
…
حتى ترى المجد لنا قد تما
وقال الفاكهي في كتاب مكة: «وكان الناس يأتون خما في الجاهلية والإسلام في الدهر الأول، يتنزهون به ويكونون فيه» . وعنده خطب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقال في علي عليه السلام: «من كنت مولاه فعلى مولاه» ، شروح سقط الزند 389.
(2)
بفتح الشين المعجمة وآخره هاء، كما في الأصل وياقوت. وعند البكري:«شراء» وقال: «ممدود لا يجرى لأنه اسم أرض. هكذا قول أبى عبيدة. وقال الأصمعي مكسور الآخر مثل حذام وقطام» .
(3)
التكملة من البكري. والجلد بالتحريك: الصلب. والصلد بالفتح: الذي لا ينبت.
(4)
في اللسان: «الحوامى: عظام الحجارة وثقالها، والواحدة حامية» .
(5)
أفناء الناس: أخلاطهم، جمع فنو بالكسر، ويوزن فتى.
(6)
جمع قناة التي تحفر للماء، وتجمع أيضا على قنى، فعول.
ثم أسفل منها (مهايع
(1)
)، وهي قرية كبيرة غناء. بها ناس كثير، وبها منبر، ووالي ساية
(2)
من قبل صاحب المدينة، وفيها نخل ومزارع وموز ورمان وعنب. وأصلها لولد على بن أبي طالب رضي الله عنه، وفيها من أفناء الناس، وتجار من كل بلد.
ثم خيف يقال له (خيف سلام
(3)
) والخيف: ما كان مجنباً عن طريق الماء يميناً وشمالاً متسعاً، وفيه منبر وناس كثير من خزاعة. ومياهها فقر أيضاً، وباديتها قليلة، وهي جشم وخزاعة وهذيل. وسلام
(4)
هذا رجل من أغنياء هذا البلد من الأنصار.
وأسفل من ذلك (خيف ذي القبر)، وليس به منبر وإن كان آهلا، وبه نخل كثير وموز ورمان، وسكانه بنو مسروح وسعد وكنانة
(5)
، وتجار ألفاق
(6)
، وماؤه فقر وعيون تخرج من ضفّتى الوادي كلتيهما. وبقبر احمد بن الرضا
(7)
سمي
(1)
قال ياقوت: «كأنه جمع مهيع، وهو الطريق الواسع.
(2)
قرية غناء: جمة الأهل والبليان والعشب.
(3)
قرأتها في النشرة الأولى: «ووال ينتابه» وهو خطأ نبه على صوابه الشيخ حمد مطابقا لقراءة الميمنى في نسخته.
(4)
ويقال أيضا بتخفيف اللام في قول، ذكره ياقوت في رسم (لوية).
(5)
سقطت الواو قبل «كنانة» في نشرة الميمنى، والصواب إثباتها كما في الأصل.
(6)
أي مختلفون، جمع لفق بالكسر، وأصله أحد لفقى الملاءة، وهما شقتاها. ورسمت الكلمة مهملة الحرف الأخير في الأصل مع ميل به إلى التقعير.
(7)
الرضا: لقب علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو الحسن. روى عنه ابنه محمد، وأبو عثمان المازني النحوي، والمأمون بن الرشيد وغيرهم، استشهد بطوس سنة 203. تهذيب التهذيب. وذكر ابن قتيبة في المعارف 169 أن المأمون بعث إلى علي بن موسى الرضا فحمله إلى خراسان فبايع له بولاية العهد بعده، وأمر الناس بلباس الخضرة. وذكر محمد بن علي بن حمزة العلوي أنه ليس للرضا من ولد من ذكر أو أنثى إلا محمد بن علي بن موسى، وقبره ببغداد بمقابر قريش. فيكون ما ذكره عرام هنا خطأ. البكري 787. وانظر ترجمة (محمد بن الرضا) في تاريخ بغداد 997.
(خيف ذي القبر)، وهو مشهور به وأسفل منه (خيف النعم
(1)
) به منبر، وأهله غاضرة وخزاعة وتجار بعد ذلك وناس. وبه نخيل ومزارع، وهو إلى والي عسفان، ومياهه عيون خرارة كثيرة.
ثم (عسفان)، وهو على ظهر الطريق لخزاعة خاصة، بها منبر ونخيل ومزارع كثيرة.
ثم [إن فصلت من عسفان لقيت
(2)
] البحر، وتذهب عنك الجبال والقرى، إلا أودية مسماة بينك وبين مر الظهران، يقال لواد منها مسيحة
(3)
وواد يقال له (مدركة
(4)
) وهما واديان كبيران بهما مياه كثيرة ونخيل، منها ماء يقال له (الحديبية) بأسفله، يصبان من رؤوس الحرة مستطيلين إلى البحر.
ثم (مر الظهران
(5)
). ومر هي القرية، والظهران الوادي، وفيه عيون كثيرة ونخيل وجميز، وهي لأسلم، وهذيل، وغاضرة.
ثم تخرج منه في (بحرين
(6)
)، ثم تؤم مكة منحدراً من ثنية يقال لها
(1)
وكذا عند ياقوت والقاموس (خيف). وعند البكري 787 «خيف النعمان» .
(2)
التكملة من ياقوت في رسم (مسيحة، المدركة).
(3)
رسم لها ياقوت، وأما البكري فقد ذكرها عرضا في 226، 1025. وضبطت خطأ في الموضع الأخير. وأنشد البكري وياقوت لأبى جندب الهذلي:
إلى أي نساق وقد بلغنا
…
ظماء من مسيحة ماء بثر
(4)
في الأصل «يقال أمدركه» تحريف. وقد رسم ياقوت للمدركة وضبطها بضم الميم وفتح الراء. ولم تذكر عند البكري لا رسما ولا عرضا.
(5)
وذكر ياقوت أنه يقال «مر الظهران» وقال كثير عزة: سميت مرا لمرارتها.
وقال أبو غسان: سميت بذلك لأن في بطن الوادي بين مر ونخلة كتابا بعرق من الأرض أبيض هجاء (مر) إلا أن الميم غير موصولة بالراء. البكري وياقوت. قال البكري: وببطن مر تخزعت خزاعة عن إخوتها، فبقيت بمكة وصارت إخوتها إلى الشام أيام سيل العرم، قال حسان:
فلما هبطنا بطن مر تخزعت
…
خزاعة عنا في الحلول الكراكر
والبيت نسبه ياقوت إلى عون بن أيوب الأنصاري.
(6)
كذا وردت مهملة بهذا الرسم. وقرأها الميمنى «طريق» وخط الأصل لا يسمح بذلك:
(الجفجف
(1)
) وبنجد في حد مكة وادٍ
(2)
يقال له (وادي تربة
(3)
) ينصب إلى (بستان ابن عامر
(4)
) واسفل تربة لبني هلال. وحواليه من الجبال (الشراة
(5)
) و (يسوم) و (قرقد
(6)
) و (معدن البرام
(7)
) وجبلان يقال لهما (شوانان
(8)
)
(1)
بفتح الجيمين. قال ياقوت: «وهو في اللغة القاع المستدبر الواسع» .
(2)
ياقوت: «وتنحدر في حد مكة في واد» . وكنت آثرت عبارة ياقوت في نشرتى الأولى. وقال الشيخ حمد تعليقا على عبارة ياقوت: ولكننا حينما نعلم ببعد وادى تربة عن مكة نستطيع أن ندرك الخلل هنا».
(3)
بضم ففتح، ومثلها في أسماء البلدان «عرنة» بمكة.
(4)
قال الأصمعي وأبو عبيدة وغيرهما: بستان ابن عامر إنما هو لعمر بن عبيد اللّه بن معمر بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، ولكن الناس غلطوا فقالوا بستان ابن عامر وبستان بنى عامر، وإنما هو بستان ابن معمر. وقوم يقولون: نسب إلى حضرمي بن عامر، وآخرون يقولون: نسب إلى عبد اللّه بن عامر بن كريز. وكل ذلك ظن وترجيم:
وقال البطليوسى في الاقتضاب: بستان ابن معمر غير بستان ابن عامر، فأما بستان ابن معمر فهو الذي يعرف ببطن نخلة، وابن معمر هو عمر بن عبيد اللّه بن معمر التيمي. وأما بستان ابن عامر فهو موضع آخر قريب من الجحفة، وابن عامر هذا هو عبيد اللّه بن عامر بن كريز. عن ياقوت.
(5)
ياقوت: الحجاز جبال تحجز بين تهامة ونجد، يقال لأعلاها السراة كما يقال لظهر الدابة السراة. والسراة: جبال تمتد من اليمن حتى أطراف بوادي الشام.
(6)
وجدت تعليقا للشيخ حمد بخطه على نسخة الأستاذ رشاد عبد المطلب من نشرة الميمنى هذا نصه: قرقد جبل تدعه وأنت متوجه إلى الطائف بعد أن تجوز قرية الزيمة على يسارك، ويسميه أهل تلك الجهة قردد، تحريفا».
(7)
وكذا في صفة جزيرة العرب 121 ومعجم البلدان (7: 35، 56) وعند ياقوت (في رسم معدن البرم) والزمخشري في كتاب الجبال 155 «البرم» بوزن قفل. وأنشد ياقوت للقحيف:
لقد نزلت في معدن البركة نزلة
…
فلأيا بلأى من أضاخ استقلت
وأنشد في اللسان لأبى صخر الهذلي:
ولو أن ما حملت حمله
…
شعفات رضوى أو ذرى برم
وقال الزمخشري: «وضاخ سوق بها بناء وجماعة ناس لبنى عميلة، وهي معدن البرم» .
و «وضاخ» التي ذكرها الزمخشري لغة في «أضاح» . انظر الزمخشري 5 ومعجم البلدان (أضاخ).
وسيأتي قبل الكلام على (الطائف) بلفظ «البرم» .
(8)
ذكره البكري في رسم (السين المهملة)، 765 وعرضا بالسين المهملة أيضا في 788.
وذكره الزمخشري 88 في السين المهملة، أما ياقوت فقد ذكره في الشين المعجمة مرة، وأخرى في السين المهملة، واستظهر أن يكون تصحيفا. وعند الهمداني 172 «شوان» بالمعجمة.
وأحدهما شوان. وهذه الجبال كلّها لغامد، ولخثعم ولسلول، ولسواءة بن عامر، ولعنزة. وكل هذه الجبال تنبت القرظ، وهي جبال متقاودة بينها فتوق.
وقال الشاعر يصف غيثاً:
أنجدَ غوريٌّ وحنَّ متهمهُ
واستنَّ بينَ ريقَّيهِ حنتمه
(1)
وقلت أطراف السَّراة مطعمهُ
وفي جبال السراة الأعناب، وقصب السكر، والقرظ، والإسحل وفي كلّ هذه الجبال نبات وشجر من الغرب والبشام، إلا يسوم وقرقد، فإنهما لا ينبتان غير النّبع والشّوحط، ولا يكاد أحد يرتقيهما إلا بعد جهد، وإليهما تأوى القرود، وإفسادها على أصحاب قصب السكر
(2)
كثير. وفي هذه الجبال أوشال عذاب وعيون، غير قرقد ويسوم فليس فيها إلا ما يجتمع في القلات
(3)
من مياه الأمطار، بحيث لا ينال ولا يعرف مكانه.
وقال الشاعر في يسوم وقرقد:
سمعتُ وأصحابي تحثُّ ركابهم
…
بنا بين ركنٍ من يسومَ وقرقد
(4)
فقلت لأصحابي قفوا لا أبا لكم
…
صدورَ المطايا إنَّ ذا صوتُ معبدِ
(5)
والطريق من بستان ابن عامر إلى مكة على (قفل). وقفل: الثنية التي
(1)
استن: مضى مسرعا. والريق: أول الشيء. وريق المطر: أول شؤبوبه.
والختم: سحاب. وفي الأصل: «عنتمة» صوابه في ياقوت (السراة).
(2)
ياقوت: «قصب السكر الذي ينبت في جبال السراة» .
(3)
القلات: جمع قلت بالفتح؛ وهي كالنقرة في الجبل يستنقع فيها الماء.
(4)
البكري 788: «تخب ركابهم .. من يسوم وبدبد» .
(5)
ياقوت في رسم (قرقد): «إنه صوت معبد» .
تطلعك على (قرن المنازل) حيال الطائف، تلهزك
(1)
من عن يسارك وأنت تؤمّ مكة، متقاودة، وهي جبال حمر شوامخ، أكثر نباتها القرظ.
ومن جبال مكة (أبو قبيس
(2)
). ومنها (الصفا) و (الجبل الأحمر
(3)
) وجبل أسود مرتفع يقال له (الهيلاء) يقطع منه الحجارة للبناء والأرحاء.
و (المروة) جبل إلى الحمرة ما هو
(4)
. و (ثبير
(5)
) جبل شامخ، يقابله (حراء) وهو جبل شامخ أرفع من ثبير، في أعلاه قلة شاهقة زلوج
(6)
. وذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتقى ذروته ومعه نفر من الصحابة فتحرك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسكن حراء فما عليك إلا نبيٌ أو صديق أو شهيد
(7)
». [وليس بهما نبات ولا في جميع جبال مكة إلا شيء يسير من
(1)
أصل اللهز الدفع والضرب. واللاهز: الجبل يلهز الطريق ويضربه، وكذلك الأكمة تضرب الطريق.
(2)
ساق ياقوت في (1: 94) أقوالا كثيرة في علة تسميته.
(3)
ذكره ياقوت في رسم (الأحمر).
(4)
هذا تعبير نادر، و «ما» فيه زائدة، أي «إلى الحمرة هو» . ومثله ما ورد في مشارق الأنوار للقاضي عياض ج 1 ص 324 من قوله في حديث تميم الداري عن الدجال. «لا، بل من قبل المشرق ما هو» قال: «ماهنا صلة وليست بنافية، أي من قبل المشرق هو» .
(5)
وفي مكة أثبرة أخرى، ثبير الزنج كانوا يلعبون عنده، وثبير الخضراء، وثبير النصع وهو جبل المزدلفة، وثبير الأحدب. عن ياقوت.
(6)
الزلوج: الملساء يزلج من يرتقيها.
(7)
انظر معجم البلدان (حراء). وفي معجم البكري 432: «أثبت حراء فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد» . والذي في صحيح البخاري في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن أنس بن مالك رضى اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وأبو بكر وعثمان وعمر، فرجف بهم فقال: أثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان».
وجاء في فتح الباري (7: 33) تعليقا عليه: «هو الجبل المعروف بالمدينة، ووقع في رواية لمسلم ولأبى يعلى من وجه آخر عن سعيد: حراء. والأول أصح. ولولا اتحاد المخرج لجوزت تعدد القصة، ثم ظهر لي أن الاختلاف فيه من سعيد؛ فإني وجدته في مسند الحارث بن أبي أسامة عن روح بن عبادة عن سعيد، فقال فيه: أحد أو حراء، بالشك. وقد أخرجه أحمد من حديث بريدة بلفظ: حراء، وإسناده صحيح، فقوى احتمال تعدد القصة. وتقدم في أواخر الوقف من حديث عثمان نحوه، وفيه حراء. وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة -
الضهياء يكون في الجبل الشامخ
(1)
]، وليس في شيء منها ماء. ثم جبال (عرفات) تتصل بها جبال الطائف، وفيها مياه كثيرة أوشال، وكظائم فقر
(2)
، منها
(3)
(المشاش) وهو الذي يخرج بعرفات ويتصل إلى مكة. [ومن قعيقعان إلى مكة
(4)
] اثنا عشر ميلا على طريق الحرف
(5)
إلى اليمن. و (قعيقعان):
قرية فيها مياه وزروع ونخيل وفواكه، وهي اليمانية
(6)
. وبين مكة والطائف قرية يقال [لها](راسب) لخثعم، و (الجونة
(7)
): قرية للأنصار، والمعدن (معدن البرم
(8)
)، وهي كثيرة النخيل والزرع، والمياه مياه آبار،
- ما يؤيد تعدد القصة، فذكر أنه كان على حراء ومعه المذكورون هنا، وزاد معهم غيرهم.
واللّه علم».
(1)
التكملة من ياقوت في رسم (حراء). ولم يثبتها الميمنى. وانظر للضهياء ما سبق في ص 396.
(2)
فقر: جمع فقير، وقد سبق تفسيره لعرام وقرأها الميمنى «يفر» محرفة، وفسرها بقوله «يزيد» ، حسبها من، الوفر، وهما.
(3)
في الأصل: «كضائم» تحريف. والكظائم: جمع كظامة بالكسر، وهي قناة في باطن الأرض يجرى فيها الماء. وقال الأصمعي: هي آبار متناسقة تحفر ويباعد ما بينها، ثم يخرق ما بين كل بئرين بقناة تؤدى الماء من الأولى إلى التي تليها تحت الأرض، فتجتمع مياهها جارية، ثم تخرج عند منتهاها فتسيح على وجه الأرض. والفقر سبق تفسيرها في ص 413.
والنص محرف عند ياقوت في رسم (المشاش).
(4)
التكملة من ياقوت في (قعيقعان). ولم يثبتها الميمنى.
(5)
كذا. وعند ياقوت «الحوف» بالواو.
(6)
وكذا في نقل ياقوت:، يعنى الفواكه اليمانية.
(7)
كذا أثبتها ياقوت في رسمها وقال: «قرية بين مكة والطائف» . ورسمت في الأصل «الجوية» معجمة الحروف، وقرأها الميمنى «الجوبة». قال الشيخ حمد:«وهي فيما أرى الحوية بالحاء المهملة المفتوحة فواو مكسورة فياء مثناة تحتية مشددة فتاء التأنيث: قرية من أشهر قرى الطائف لا تزال معروفة بهذا الاسم وإن لم يرد ذكرها في المعاجم القديمة كغيرها من كثير من مواضع بلاد العرب» . لكن تقييد ياقوت لها، وكونها بين مكة والطائف لا في الطائف نفسها، يعارض ما توهمه الشيخ.
(8)
سبق الكلام عليه في حواشي ص 416.
يسقون زروعهم بالزرانيق
(1)
.
و (الطائف
(2)
) ذات مزارع ونخيل وموز وأعناب وسائر الفواكه، وبها مياه جارية وأودية تنصب منها إلى تبالة. وجل أهل الطائف ثقيف وحمير، وقومٌ من قريش، وغوث من اليمن
(3)
، وهي من أمهات
(4)
القرى.
و (مطار
(5)
): قرية من قراها كثيرة الزّرع والموز. و (تبالة) أكبر منها،
(1)
جمع زرنوق بالضم أو الفتح. والزرنوقان: حائطان يبنيان على رأس البئر من جانبيها فتوضع عليهما النعامة، وهي خشبة تعرض عليهما ثم تعلق فيها البكرة يجرى فيها حبل الدلو فيستقى به. وقد زرنق زرنقة، أي سقى بالزرنوق .. ويقال أيضا في الفعل منه «تزرنق» .
وفي حديث على: «لا أدع الحج ولو تزرنقت» ، أي ولو خدمت زرانيق الآبار فسقيت لأجمع نفقة الحج.
(2)
ذكر ياقوت تعليلات كثيرة لتسميتها.
وقال البكري: وإنما سميت بالحائط الذي بنوا حولها وأطافوه بها تحصينا. وكان اسمها وج. قال أمية بن أبي الصلت:
نحن بنينا طائفا حصينا
…
يقارع الأبطال عن بنينا
ومصيفها معروف من قديم الزمان، قال النميري في زينب بنت يوسف أخت الحجاج، يصف نعمتها:
تشتو بمكة نعمة
…
ومصيفها بالطائف
(3)
«وغوث من اليمن» لم ترد فيما نقل ياقوت عن عرام (6: 11). وفي اليمن أغواث، أحدها غوث بن أنمار بن أراش بن عمرو بن لحيان بن عمرو بن مالك بن زيد ابن كهلان. والآخر غوث بن طيئ بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان.
وكذلك الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان. والغوث بن أدد بن زيد بن كهلان.
نهاية الأرب (2: 296، 310) والمعارف 53 والصحاح والتاج واللسان (غوث).
(4)
في الأصل (أميات) وإنما تجمع الأم، على (أمات) و (أمهات) ويغلب الجمع الأول في ما لا يعقل. لكن المعروف في مثل هذا التعبير (أمهات)، وقد سبق للمؤلف نفسه عند الكلام في (ودان) ص 405.
(5)
وقد ضبطها هو وياقوت بضم الميم. وانظر الهمداني 121، 241.
بينهما ليلتان. وبالطائف منبر، وبتبالة منبر. وأهلها سلول، وعقيل، وغامد، وعامر بن ربيعة، وقيس كبة
(1)
.
وفي حد تبالة قرية يقال لها (رنية
(2)
)، وقرية يقال لها (بيشة
(3)
)، و (تثليث) و (يبمبم
(4)
) و (العقيق، عقيق تمرة
(5)
) وكلها لعقيل، مياهها بثور
(6)
. والبثر يشبه الأحساء يجري تحت الحصى على مقدار ذراع وذراعين ودون الذراع، وربما أثارته الدواب بحوافرها.
(1)
قيس كبة: قبيلة من بجيلة، كما في اللسان (2: 192). وفي معجم ما استعجم 61:
«وكانت قيس كبة - وكبة فرس له - ابن الغوث بن أنمار، في بنى جعفر بن كلاب»
(2)
رسم لها ياقوت والبكري، وهي بفتح الراء، ثم عاد ياقوت ورسم لها في (زبية) بفتح الزاي المعجمة، وقال:«كذا هو مضبوط في كتاب عرام» .
(3)
وقد حذف الأحوص منها الهاء فقال:
تحل بخاخ أو بنعف سويقة
…
ورحلي ببيش أو تهامة أو نجد
وهي غير المأسدة الق تضاف إليها السباع، فتلك بيشة السماوة التي يقول فيها مزرد:
لأوفى بها شم كأن أباهم
…
ببيشة ضرغام غليظ السواعد
هذا ما ذكره البكري، أما ياقوت فجعل المأسدة بيشة تهامة لا بيشة السماوة. وكذا صنع الشيخ محمد بن بليهد في صحيح الأخبار (1: 176) وقال: «وفي هذا العهد يقيم بها قبيلتان، وهما بنو سلول وبنو معاوية، وهما فيها مدينتان، مدينة بنى سلول يقال لها الروشن، ومدينة بنى معاوية يقال لها نمران» .
(4)
ذكر هذا الموضع والموضعين قبله حميد بن ثور الهلالي في قوله:
إذا شئت غنتنى بأجزاع بيشة
…
أو النخل من تثليث أو من يبمبما
(5)
يقال لكل مسيل ماء شقه السيل في الأرض فأنهره ووسعه: (عقيق). وفي بلاد العرب أعقة كثيرة، منها هذا العقيق، ومنها عقيق اليمامة، ومنها عقيق المدينة وهو مشهور، سمى بذلك لأنه عق عن حرتها أي قطع، ومنها العقيق الذي ببطن وادى ذي الحليفة، ومنها عقيق القنان، تجرى فيه سيول قلل نجد وجباله. وفي العراق عقيق البصرة.
(6)
انظر ما سبق من الكلام على البثور في ص 410 س 7.
حد الحجاز
حد الحجاز قال عرام: حد الحجاز من (معدن النقرة
(1)
) إلى المدينة، فنصف المدينة حجازي ونصفها تهامي
(2)
. ومن القرى الحجازية (بطن نخل)، وبحذاء بطن نخل جبل يقال له (الأسود) نصفه نجدي ونصفه حجازي، وهو جبل شامخ، ولا ينبت غير الكلا
(3)
، نحو الصليان
(4)
، والغضور، والغرز
(5)
.
ثم (الطرف
(6)
) لمن أم المدينة، يكنفه ثلاثة جبال: أحدها (ظلم) وهو جبل أسود شامخ لا ينبت شيئاً، و (حزم بني عوال) وهما جميعاً لغطفان
(7)
. وفي عوال آبار منها (بئر آلية)، اسم آلية الشاة، و (بئر هرمة)
(1)
ياقوت: النقرة، بفتح النون وسكون القاف، ورواه الأزهري بفتح النون وكسر القاف. وفي اللسان:«ابن الأعرابي: كل أرض متصوبة في هبطة فهي النقرة، ومنها سميت نقرة بطريق مكة، التي يقال لها معدن النقرة» .
قال ياقوت: وهذا هو المعتمد عليه في اسم هذه البقعة.
(2)
وذكر ابن أبي شبة أن المدينة حجازية. وأما مكة فهي تهامية، والطائف حجازية.
(3)
في الأصل: «غيرا كلا» ، صوابه من ياقوت. وحذف لام التعريف يدور كثيرا في خط كاتب الأصل.
(4)
بكسر الصاد وتشديد اللام المكسورة وتخفيف الياء. وفيه المثل: «جذها جذ العير الصليانة» . انظر اللسان (صلل).
(5)
هذه الكلمة لم يثبتها ياقوت عن عرام في رسم (الأسود). ورسم الغين في الأصل بشبه الخاء فلذا قرأتها في النشرة الأولى «الخرز» ثم وجدت الميمنى قد صححها: «الغرف» .
قال الشيخ حمد: صواب الكلمة الغرز بالغين لا بالخاء، وهي كذلك في الأصل. والغرز.
نوع من النبات شبيه بالثمام موصوف في معاجم اللغة ومعروف في بلاد العرب.
(6)
الطرف، بالتحريك كما ضبط ياقوت في رسمه.
(7)
لم يذكر الجبل الثالث، وقد نبه على ذلك الأخ المحقق الشيخ سليمان الصنيع. قال:
«والثالث اللعباء ذكره ياقوت في معجمه عن ابن موسى» . انظر رسم (عوال) في معجم البلدان. وقال الشيخ حمد تعليقا على هذا الذي كتبته: «أقول: قد نبه على هذا السمهودي في وفاء الوفاء ج 2 ص 347 قبل الأستاذ الصنيع» .
و (بئر عمير)، و (بئر السدرة
(1)
) وليس بهؤلاء ماء ينتفع به
(2)
. و (السد) ماء سماء أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسده. ومنها (القرقرة
(3)
) ماء سماء، لا تنقطع هذه المياه لكثرة ما يجتمع فيها، ومن السد قناة إلى (قبا).
ويحيط بالمدينة من الجبال (عير): جبلان أحمران من عن يمينك وأنت ببطن العقيق
(4)
تريد مكة
(5)
: ومن عن يسارك (شوران
(6)
)، وهو جبل يطل على السد، كبير مرتفع.
وفي قبلى المدينة جبل يقال [له](الصّارى) واحد
(7)
، ليس على هذه
(1)
عند البكري 1326: «حفيرة السدرة» .
(2)
العبارة واضحة في الأصل مع إهمال الهمزة الأخيرة في «هؤلاء» و «ماء» .
وجعلها الميمنى: «وليس بها ما ينتفع [به]» .
(3)
في الأصل: «وهو القرقر» ، وصوابه «القرقرة» ، وهي التي يقال لها «قرقرة الكدر» .
(4)
هذا عقيق المدينة.
(5)
(6)
شوران بفتح الشين. ومما ورد فيه من الأخبار أن (البغوم)، صاحبة ريحان الخضري، نذرت أن تمشى من شوران حتى تدخل من أبواب المسجد كلها مزمومة بزمام من ذهب، فقال بعض الشعراء:
يا ليتني كنت فيهم يوم صبحهم
…
من نقب شوران ذو قرطين مزموم
تمشى على نجش تدمى أناملها
…
وحولها القبطريات العياهيم
فبات أهل نقيع الدار يفعمهم
…
مسك ذكى ويمشى بينهم ريم
(7)
أي ليس جبلين كما أن عيرا جبلان. قال ياقوت: «والصاري بلغة تجار المصريين هو شراع السفينة. قال الجوهري: الصاري الملاح» . وقول ياقوت إنها لغة تجار المصريين و، فإن هذا المعنى يعرفه العرب قديما. وفي حديث ابن الزبير:«فأمر بصوار فنصبت حول الكعبة» . وأنا أرى اشتقاقه من صرى يصرى، إذا علا. ويقولون: صرت الناقة عنقها، إذا رفعته من ثقل الوقر. وأنشد:
• والعيس بين خاضع وصارى *
نبت ولا ماء، غير شوران، فإن فيه مياه سماء كثيرة يقال لها البجرات
(1)
، و «كرم
(2)
» و «عين» وأمعاوهم ما يكون السنن
(3)
وفي كلها سمك أسود مقدار الذراع وما دون ذلك، أطيب سمك يكون.
وجبل حذاء شوران هذا يقال له (ميطان
(4)
) به ماء بئر يقال لها (ضفة
(5)
) وليس به شيء من النبات، وهو لسليم ومزينة. وبحذائه جبل يقال له (سن
(6)
) وجبال شواهق كبار يقال لها (الحلاء
(7)
)، واحدها حلاءة
(8)
(1)
ياقوت: «بالتحريك وقيل: البجيرات بالتصغير» . وهي عند البكري 906 (البحرات) بالحاء المهملة، وكذا في وفاء الوفاء 2:331.
(2)
انظر رسمه عند البكري.
(3)
كذا وردت هذه العبارة في الأصل، ومن الواضح أن السياق سرد أسماء لعيون. وقد علق عليها الشيخ حمد تعليقا عجيبا، قال حفظه اللّه: «للأستاذ العذر في جهل بعض المواضع التي لم يسر فيها ولم يجد من النصوص ما يوضح مواقعها توضيحا تاما، ولكن ما عذره في جهل الكلمات اللغوية - وهو اللغوي الذي عاتى نشر بعض المعجمات اللغوية - ونعنى بالكلمات ما نجده متداولا في معجمات اللغة المطبوعة؟ في ص 55 - من النشرة الأولى - ما هذا نصه:
(وامعاوهم ما يكون السنن) وعلق الأستاذ قائلا: كذا وردت هذه العبارة في الأصل.
ولو رجع إلى كتب اللغة لوجد أن الأمعاء هي أمكنة تجتمع فيها المياه وتبقى مدة طويلة» (كذا. ولست أدرى أي المعاجم المطبوعة ورد فيها هذا النص الغريب الذي ساقه الشيخ). ثم قال الشيخ: «وإذن فالجملة هي (وأمعاء وهو ماء يكون السنين)!؟ وهكذا وردت هذه الجملة فيما نقله السمهودي في وفاء الوفاء ج 2 ص 331 عن عرام» .
وأترك التعليق على هذا التعليق للقارئ المنصف.
(4)
ضبطه ياقوت بفتح الميم، والبكري بكسرها. وفيه يقول معن بن أوس المزنى:
كأن لم يكن يا أم حقة قبل ذا
…
بميطان مصطاف لنا ومرابع
(5)
في الأصل: «ضعة» ، صوابها من معجم البكري في رسمه وفي (ظلم) أيضا.
(6)
وهذا يطابق ما في ياقوت من قوله في رسمه: «والسن أيضا: جبل بالمدينة قرب أحد» . وقال أيضا في (الحلاءة): «وقال عرام: يقابل ميطان من جبال المدينة جبل يقال له السن» . لكن عند البكري 819، 906 «شى» ، بكسر الشين.
(7)
بفتح الحاء وكسرها، كما ذكر ياقوت، وهي عند البكري 389، 906:
«الجلاه» بكسر أوله على لفظ جمع جلهة). وقال الفيروزآبادي: «وبالكسر واحدة الحلاء، لجبال قرب ميطان تنحت منها الأرحية» ، وضبط في اللسان بالفتح.
(8)
أنشد الزمخشري في كتاب الجبال 50 لابن الرقاع: -
لا تنبت شيئاً ولا ينتفع بها، إلا ما يقطع للأرحاء والبناء، ينقل إلى المدينة وما حواليها.
ثمّ إلى (الرّحضية
(1)
) قرية للأنصار وبني سليم، من نجد
(2)
، وبها آبار عليها زروع كثيرة ونخيل. وحذاءها قرية أو أرض يقال لها (الحجر
(3)
)، وبها مياه عيون وآبار لبني سليم. وحذاءها جبيل ليس بالشامخ، يقال له (قنة الحجر
(4)
).
وهناك واد عال يقال له (ذو رولان
(5)
) لبني سليم، به قرى كثيرة تنبت النخيل، منها (قلهي
(6)
) وهي قرية كبيرة، و (تقتد
(7)
) قرية أيضاً.
وبينهما جبل يقال له (أديمة). وبأعلى هذا الوادي رياض تسمى (الفلاج) جامعة للناس أيام الربيع، وفيها مسك كثيرة
(8)
يكتفون به صيفهم وربيعهم إذا
-
كانت تحل ذا ما الغيث صبحها
…
بطن الحلاءة فالأمرار فالسررا
(1)
كذا ضبطها ياقوت. أما البكري فقد جعلها «الرحيضة» بهيئة مصغر (الرحضة). انظر 645، 874، 908.
(2)
وكذا في ياقوت (القنة). البكري: «وهي من نجد» .
(3)
بكسر الحاء، لكن ضبطت عند البكري (الحجر) بالتحريك، وهو خطأ.
(4)
فيها يقول الشاعر:
ألا ليت شعري هل تغيّرَ بعدنا
…
أروم فآرامٌ فشابةُ فالحضر
وهل تركت أبليَ سوادَ جبالها
…
وهل زالَ بعدي عن قنينته الحجر
(5)
في الأصل: «دورلان» تحريف، وصوابه من ياقوت في رسمه والزمخشري 69. ويقال أيضا (ذو ورلان) بكسر الواو كما عند البكري 1378، 907. والورلان:
جمع ورل، بالتحريك، وهو دابة على خلقة الضب إلا أنه أعظم منه.
(6)
بفتح اللام، ياقوت والبكري 1093. قال البكري في اشتقاقه: قال الأصمعي:
والعرب تقول: غدير قلهى، أي مملوء.
(7)
بفتح التاء الثانية وضمها، كما ذكر ياقوت؛ والضم للزمخشري فيما نقل ياقوت عنه، والبكري 317.
(8)
في الأصل: «مساك كثيرة» ، تحريف صوابه من ياقوت في (تقتد)، وجاء في ياقوت (الفلاج):«مساك كبير» وهو إنما يريد الجمع، لأنه سيسرد فيما بعد أسماء غدران كثيرة، وقد سبق تفسير (المساك) في ص 397 س 7.
أمطروا. وليس بها آبار ولا عيون. ومنها غدير يقال له (المختبي
(1)
) لأنه بين عضاه وسدر وسلم وخلاف
(2)
، وإنما يؤتى من طرفيه دون جنبيه، لأن له حرفاً لا يقدر عليه أحد
(3)
. ومنها قلت
(4)
يقال له (ذات القرنين) لأنه بين جبلين صغيرين، وإنما ينزع الماء منه نزعاً بالدلاء إذا انخفضت
(5)
قليلاً. ومنها غدير يقال له (غدير السدرة) من أنقاها ماء، وليس حواليه شجر.
ثم تمضي مصعداً نحو مكة فتميل إلى واد يقال له (عريفطان معن
(6)
) ليس به ماء ولا رعى. وحذاءه جبال يقال لها (أبلى
(7)
)، وحذاءه قنة يقال لها (السودة
(8)
) لبني خفاف من بنى سليم، وماؤهم
(1)
عند البكري 907، 1187:«المجني» ، والصواب ما هنا كما يفهم من التعليل، وهو المطابق لما عند ياقوت في (الفلاج).
(2)
الخلاف: شجر الصفصاف، ويسمى «السوجر» أيضا، وأصنافه كثيرة، كلها خوار ضعيف. قال الأسود:
كأنك صقب من خلاف يرى له
…
رواء وتأتيه الخئورة من عل
(3)
ذكر الشيخ حمد تعليقا أن في وفاء الوفاء 2: 369 نقلا عن عرام: «لأن له حرفين لا يقدر عليه من جهتهما» .
(4)
سبق تفسير (القلت) في ص 417.
(5)
جعلتها في نشرتى الأولى «انخفض» اعتمادا على ياقوت في (القرنين): أما الميمنى فجعلها «انخفضت» تصحيحا لما في الأصل وهو «انخفظت» . قال الشيخ الفاضل مصححا معلقا: «وأقول: إن الصواب - فيما أرى - ما جاء في الأصل (يعنى صواب الأصل، وهو «انخفضت» لا «انخفظت» ، فالماء كما يفهم من كلام عرام بين جبلين صغيرين، فوارده يحتاج إلى أن ينخفض قليلا لكي يصل إليه فينزعه بالدلو».
(6)
في الأصل: «معرن» بالإهمال، صوابها من ياقوت في (عريفطان، أبلى).
وقرأها الميمنى «عريفطان معرفة» وهو سهو في القراءة والتحقيق.
(7)
أبلى هذه بالقصر، وهي غير (أبلى) ككرسى، وهو جبل معروف عند أجأ وسلمى. وقرأها الميمنى سهوا:«جبل يقال له أبلى» .
(8)
كذا ضبطت في معجم البلدان. وهي عند البكري 99، 815 (الشورة) بفتح الشين.
(الصّعبية
(1)
) وهي آبار ينزع عليها، وهو ماء عذب وأرض واسعة. وكانت بها عين يقال لها (النازية
(2)
) بين بني خفاف وبين الأنصار، فتضاربوا
(3)
فسدوها، وهي عين ماؤها عذب كثير، وقد قتل ناس بذلك السبب كثير، وطلبها سلطان البلد مراراً بالثمن
(4)
الكثير فأبوا ذلك.
وفي أبلى مياه منها (بئر معونة) و (ذو ساعدة
(5)
) و (جماجم) أو (حماحم) شك
(6)
- و (الوسباء) وهذه لبني سليم، وهي قنان متصلة بعضها إلى بعض، قال فيها الشاعر:
ألا ليت شعري هل تغيّرَ بعدنا
…
أروم فآرامٌ فشابةُ والحضر
(7)
وهل تركت أبليَ سوادَ جبالها
…
[وهل زالَ بعدي عن قنينته الحجر]
(8)
(1)
في الأصل: «الصعيدة» ، صوابه من ياقوت في رسمها ورسم (السورة) وكذا القاموس (صعب) حيث يقول:«والصعبية: ماء لبنى خفاف» .
(2)
قال البكري: «على لفظ فاعلة من نزا ينزو» . ونزا ينزو: طفر ووثب.
(3)
قال الشيخ الفاضل تعليقا: «في وفاء الوفاء ج 2 ص 380: فتضاروا، وفي ياقوت:
فتضادوا، بالدال تصحيف. والأستاذ اختار كلمة تضاربوا كالأستاذ الميمنى، ولكني أرى فتضاروا أصوب». وأقول: إن كتابة الأصل تحتمل قراءتي وقراءته، فقد رسمت الكلمة «تضاربوا» ولكن وضع فوق الراء في الأصل ما يشبه الشدة وفوق الباء ضمة. ولا ريب أن التضارب ومعناه التنازع والاختلاف أدنى إلى قوة العبارة من «المضارة» بمعنى تبادل الصرر.
(4)
كلمة «بالثمن» ثابتة في الأصل. ولا أدرى كيف فاتت العلامة الميمنى فأثبتها زائدة على الأصل معتمدا على معجم ياقوت رسم (الصعبية) ومعجم ما استعجم ص 60 وذكر مع ذلك أن «الأصل بياض» مع ثبوتها واضحة في الأصل.
(5)
ساعدة، هي في الأصل علم من أعلام الأسد.
(6)
رسمت هذه الكلمة في الأصل رسما رديئا بحيث يظنها القارئ من عبث القلم. لذلك لم أثبتها في النشرة الأولى، ولكني وجدت بعد عثورى هذه المرة على نشرة العلامة الميمنى أنه استطاع قراءتها وقال تعليقا عليها:«كذا بالشك من السكوني في معجم ياقوت ومعجم ما استعجم 60، 22244» .
(7)
ياقوت في رسم (أبلى): «فالحضر» .
(8)
التكملة من ياقوت. وفي الأصل: «وهل تركت ليلى» .
[وحذاء أبلى جبل يقال له (ذو الموقعة
(1)
) من شرقيها، وهو جبل
(2)
] معدن بني سليم، يكون فيه الأروى
(3)
كثيراً، وفي أسفل من شرقيه بئر يقال [لها] (الشقيقة
(4)
). وحذاءه من عن يمينه من قبل القبلة جبل يقال له (برثم) وجبل يقال له (تعار)، وهما جبلان عاليان لا ينبتان، فيهما النّمران
(5)
كثيرة.
وفي أصل برثم ماء يقال له (ذنبان العيص
(6)
)، وليس قرب تعار ماء.
و [الخرب]: جبل بينه وبين القبلة، لا ينبت شيئاً ثابتاً
(7)
. قال الشاعر:
بليتُ ولا تبلي تعارُ ولا أرى
…
يرمرمَ إلاّ ثابتاً يتجدد
(8)
ولا الخرب الداني كأنَّ قلاله
…
بخات عليهنّ الأجلّة هجّد
(9)
(1)
هي عند البكري (الموقعة) في رسمها وفي ص 199.
(2)
وهذه التكملة أيضا من ياقوت في رسم (الموقعة).
(3)
بدله عند ياقوت نقلا عن عرام (اللازورد)، والوجه ما في الأصل والبكري 99.
واللازورد: حجر من الأحجار الكريمة.
وقال داود في تذكرته: معدن مشهور يتولد مستقلا بجبال أرمينية وفارس، ويوجد في وجوه المعادن، وأخلصه الكائن في الذهب. وأجوده الصافي الرزين الشفاف الضارب زرقته إلى خضرة ما وحمرة.
(4)
وفيه يقول ابن مقبل:
فحياض ذي بقر فحزم شقيقة
…
قفر وقد يغنين غير قفار
وجعلها ياقوت بلفظ (الشفيقة) في رسمها.
(5)
في الأصل: «النمر كثير» وصوابه من ياقوت في (برثم) و (تعار):
النمران جمع نمر، ومثله ذئب وذؤبان.
(6)
وكذا عند ياقوت. وعند البكري 616، 814:«ذنابة العيص» .
(7)
وقعت محرفة في النشرة الأولى: «نابتا» تحريفا مطبعيا.
(8)
كلمة (ثابتا) ليست واضحة في الأصل. وإثباتها من معجم ياقوت في (يرمرم).
(9)
قلال: جمع قلة، وهي قمة الجبل. والبخاتي: جمع بختى ككرسى، وهي جمال طوال الأعناق. والأجلة: جمع جلال، والجلال، بالكسر: هو غطاء كل شيء، وهو أيضا جمع جل الدابة الذي تلبسه لتصان به. وهجد: جمع هاجد وهاجدة، وفي الأصل:«جهد» صوابه من ياقوت (يرمرم، الخرب). وقد روى البكري 99 البيتين برواية مخالفة.
ويجاوز عين (النازية
(1)
) فيرد مياها
(2)
يقال لها (الهدبيّة
(3)
) وهي ثلاثة آبار ليس عليهن مزارع ولا نخل ولا شجر، وهي بقاع كبير
(4)
يكون ثلاثة فراسخ في طول ما شاء الله
(5)
، وهي لبني خفاف بين حرتين سوداوين، وليس ماؤهن بالعذب، وأكثر ما عندها من النّبات الحمض.
ثم ينتهى إلى (السّوارقية
(6)
) على ثلاثة أميال منها، قرية غناء كثيرة الأهل، فيها منبر ومسجد جماعة
(7)
وسوق كبيرة تأتيها التجار من الأقطار، لبني سليم خاصة. ولكل [من
(8)
] بني سليم منها شيء، وفي مائها بعض ملوحة. ويستعذبون
(9)
من آبار في واد يقال له (سوارق)، وواد يقال له (الأبطن
(10)
) ماء خفيفاً عذباً. ولهم مزارع ونخيل كثيرة وفواكه، من موز وتين، ورمان، وعنب، وسفرجل، وخوخ، ويقال له الفرسك
(11)
. ولهم
(1)
كلمة النازية لم يظهر في الأصل منها إلا (النا).
(2)
في الأصل (مياه)، وصوابه في البكري، وعند ياقوت (الهدبية):«ماءة» .
(3)
في الأصل: «العدمة» صوابه من ياقوت والبكري 99.
(4)
القاع: أرض واسعة سهلة مطمئنة مستوية لا حزونة فيها ولا ارتفاع، تنفرج عنها الجبال والآكام. وعند ياقوت:«بقاع كبيرة» ، جمع بقعة، وكذا عند البكري 99:
(5)
في الأصل: «ما سال منه» ، صوابه من ياقوت والبكري.
(6)
بضم السين وفتحها. ويقال أيضا: «السويرقية» ، بلفظ التصغير.
(7)
ياقوت عن عرام: «جامع» .
(8)
التكملة من ياقوت.
(9)
الاستعذاب: استقاء الماء العذب. وفي الحديث أنه «كان يستعذب له الماء من بيوت السقيا» ، أي يحضر له منها الماء العذب.
(10)
كذا ضبط بضم الطاء في ياقوت (السوارقية) والبكري (أبلى).
(11)
وقيل فاكهة مثل الخوخ في القدر. وقال الجوهري: «ضرب من الخوخ ليس يتفلق عن نواه» وقيل: هو التين. قال شمر: «سمعت حميرية فصيحة سألتها عن بلادها، فقالت: النخل قل، ولكن عيشتنا امقمح، امفرسك، امحماط. طوب - أي طيب - فقلت لها: ما الفرسك؟ قالت: هو أمتين عندكم» . ولفظ الفرسك ورد في الفارسية بمعنى الخوخ: APeach. استينجاس 618.
خيل وإبل وشاء كثير، وهم بادية
(1)
إلا من ولد بها فإنهم تانون
(2)
فيها، والآخرون بادون حواليها، ويميرون طريق الحجاز ونجد في طريقي الحاج.
والحد (ضرية) وإليها ينتهي حدهم على سبع مراحل، ولهم قرى من حواليهم، منها قرية يقال لها (القيّا) ماؤها مأج
(3)
ملح نحو ماء السّوارقية، وبينهما ثلاثة فراسخ. وبها سكان كثير ونخيل ومزارع وشجر. وقال الشاعر:
ما أطيبَ المذق بماء القيَّا
(4)
…
وقد أكلتُ بعده برنيَّا
(5)
وقرية يقال لها (الملحاء
(6)
) وهي ببطن واد يقال له (قوران) يصب من الحرة
(7)
، فيه مياه وآبار كثيرة عذاب طيبة، ونخل وشجر. وحواليها هضبات (ذي مجر
(8)
)، قال فيهن الشاعر:
• بذي مجرٍ أسقيت صوب الغوادى
(9)
…
(1)
في الأصل «ثلاثة» ؟؟؟ بدون إعجام، صوابه من ياقوت. على أن العبارة قبله محرفة عنده، إذ هي «وشاء وكبراؤهم بادية» .
(2)
كذا في الأصل. وكنت قرأتها في النشرة الأولى «ثابتون» . قال الشيخ الفاضل حمد: إن معنى «تانون» ماكثون، من تنأ، وسهلت الهمزة. نبه على هذا الأستاذ الشيخ عبد الرحمن المعلمى اليماني.
(3)
المأج: الملح. ياقوت: «أجاج» . وجعلها الميمنى «أجاج» ولم ينبه على الأصل، مع أن ما في الأصل صحيح.
(4)
المذق: اللبن الممذوق بالماء، أي الممزوج به. البكري:«بماء قيا» .
(5)
البكري: «قبله» بدل «بعده» . والبرنى: ضرب من التمر أصفر مدور،
(6)
قال البكري: 100 «سميت بالملحاة بطن من حيدان» .
(7)
هي حرة سليم التي تسمى حرة النار.
(8)
ضبطه ياقوت بفتح الميم وسكون الجيم، وجعل تحريكه في الشعر بعد للضرورة أما البكري فضبطه بالتحريك.
(9)
ياقوت: «غوادى» .
وذو مجر: غدير كبير في بطن وادي قوران هذا. وبأعلاه ماء يقال له (لقف
(1)
) ماء آبار كثيرة، عذب، ليس عليها مزارع ولا نخل، لغلظ موضعها وخشونته. وفوق ذلك ماء يقال له (شس
(2)
) ماء آبار عذاب. وفوق ذلك بئر يقال لها (ذات الغار) عذبة كثيرة الماء تسقي بواديهم. قال الشاعر - وهو عذيرة بن قطاب
(3)
السلمى:
لقد رعتموني يوم ذي الغار روعة
…
بأخبار سوء دونهنّ مشيبي
نعيتم فتى قيس بن عيلان غدوةَ
…
وفارسها تنعونه لحبيب
(4)
وحذاءها جبل يقال له (أقراح
(5)
) شامخ مرتفع أجرد لا ينبت شيئاً، كثير النمور والأراوى.
ثم تمضي من الملحاء فتنتهي إلى جبل يقال له (مغار
(6)
) في جوفه
(1)
بدله عند البكري 100: «ليث» . ووقعت في النشرة الأولى «القفا» ، سهواء.
(2)
أصل معنى الشس الأرض الصلبة التي كأنها حجر واحد، والجمع شساس وشسوس.
(3)
ياقوت وكذا ابن تغرى بردى: «غزيرة بن قطاب» . وعند البكري 100.
«قال ابن قطاب» . وعند الطبري: «عزيزة» . وغزيرة بن قطاب السلمى، كان مقدم سلم في ثورتهم على السلطان في خلافة الواثق، فكان يحمل ويرتجز ويقول:
لا بد من زحم وإن ضاق الباب
…
إني أنا غزيرة بن قطاب
للموت خير للفتى من العاب
وظل يقاتل إلى أن قتل وصلب. وذلك في سنة 230. النجوم الزاهرة (2: 257 - 258) والطبري (11: 12 - 14).
(4)
لم يروه ياقوت. وعند البكري: «عقوة» بدل «غدوة» . لحبيب أي تنعونه لمحب له. وعند البكري: «لحبيبى» ، وتوجه على أن التقدير: لهو حبيبي.
(5)
لم يرسم له ياقوت، ورسم له البكري وتكلم عليه في «أبلى» .
(6)
عند البكري 100: «معان» .
أحساء، منها حسى يقال له (الهدار
(1)
) يفور بماء كثير وهو في سبخ
(2)
بحذائه حاميتان
(3)
سوداوان في جوف إحداهما ماءة ملحة
(4)
يقال لها (الرفدة
(5)
)، وواديها يسمى (عريفطان)، وعليها نخيلات وآجام يستظل فيهن المار، وواحدها أجم
(6)
، وهي شبيهة بالقصور، وحواليها حموض
(7)
وهي لبني سليم. وهي على طريق (زبيدة) يدعوه بنو سليم (منفا زبيدة
(8)
).
وحذاءها جبل يقال له (شواحط) كثير النمور كثير الأراوى. وفيه الأوشال تنبت الغضور والثغام.
وبحذائه واد يقال له (برك) كثير النبات من السلم والعرفط وأصناف الشجر، وبه ماء يقال له (البويرة
(9)
) وهي عذبة طيبة من (بئر شك) وهي
(1)
الكلمة غير واضحة في الأصل فهي «المدار» مهملة، وإثباتها من ياقوت في (مغار، الهدار) والبكري 101 وكذا رسم (الهدار). والهدار أيضا: من نواحي اليمامة كان بها مولد مسيلمة الكذاب. قال ياقوت: «يجوز أن يكون من الهدر، وهو إبطال الدم، أو من هدر البعير، إذا شقشق بجرته» .
(2)
السبخ، بالتحريك: المكان يسبخ فينبت فيه الملح وتسوخ الأقدام.
(3)
سبق تفسير «الحامية» في ص 413.
(4)
ياقوت عن عرام: «مليحة» . والمليحة والملحة بمعنى واحد.
(5)
هكذا ضبطها البكري بالحروف في رسمها، ولم يضبطها ياقوت. وضبطت في القاموس بفتح الراء.
(6)
الأجم، بضمتين: الحصن، وبضم وضمتين: كل بيت مربع مسطح. وأنشدوا في لك قول امرئ القيس:
وتيماء لم يترك بها جذع نخلة
…
ولا أطما إلا مشيدا بجندل
(7)
في الأصل: «حموس» بالمهملة، صوابه بالضاد المعجمة. والحموض: جمع حمض، كما في القاموس. والحمض، بالفتح: ما ملح وأمر من النبات.
(8)
كذا في الأصل. وفي معجم ياقوت: «منقا زبيدة» . انظر رسم (مغار).
وقرأها الميمنى «مغفا» ، سهوا.
(9)
قال ياقوت: «تصغير البئر التي يستقى منها الماء» .
الغيقة الشّجوة
(1)
لكنّها لا تنزف. وهنالك (برثم) وهو جبل شامخ كثير النّمور والأروى، قليل النبات إلا ما كان من ثغام وغضور وما أشبهه.
وحذاءه واد يقال له (بيضان
(2)
) به مياه آبار كثيرة، وأشجار كثيرة، يزرع على هذه الآبار الحنطة والشعير والقت
(3)
.
وحذاءه واد يقال له (الصحن)، قال فيه الشاعر:
جلبنا من جنوب الصَّحنِ جرداً
…
عتاقاً شزّبا نسل النسل
(4)
فوافينا بها يومي حنينٍ
…
نبيَّ الله حدَّا غير هزلِ
به ماء يقال له (الهباءة)، وهي أفواه آبار كثيرة مخرقة الأسافل، يفرغ بعضها في بعض من موضع الماء عذبة طيبة
(5)
، يزرع عليها الحنطة والشعير وما أشبهه. وماء آخر، بئر واحدة، يقال لها (الرساس
(6)
) كثيرة الماء لا يزرع
(7)
عليها لضيق موضعها.
(1)
كذا وردت «بئر شك وهي الغيقة الشجوة» . ومما هو جدير بالذكر أن «شجوة» واد بتهامة، و «غيقة» بين مكة والمدينة.
(2)
رسم له البكري، ولم يرسم له ياقوت.
(3)
الكلمة مهملة في الأصل. والقت: الفصفصة والرطبة، وهي التي تسمى «البرسيم» في لسان المصريين. انظر تذكرة داود.
(4)
الجرد: جمع أجرد وجرداء، وهو الفرس القصير الشعر. والنسل: مصدر نسل ينسل، بمعنى أسرع. ياقوت:«سرها نسلا لنسل» . البكري: «سيرها نسلا لنسل» وشزبا: جمع شازب، وهو الضامر. وفي الأصل:«سربا؟؟؟» بالإهمال. وللشيخ حمد الفضل في هذا التصحيح الذي فاتنى في النشرة الأولى.
(5)
ياقوت «بعضها في بعض الماء الطيب العذب» .
(6)
كذا ضبطه البكري في رسمه، وذكره أيضا في «شواحط» ولم يرسم له ياقوت. وفي الأصل:«ارساس» وكثيرا ما يهمل كاتب النسخة لام التعريف.
(7)
البكري في (شواحط): «لا يزدرع» .
وبأسفل بيضان هذا موضع يقال له (العيص) به ماء، يقال له (ذنبان العيص
(1)
). والعيص: ما كثرت أشجاره من السلم والضال، يقال له عيص وخيس
(2)
.
وحذاءه جبل يقال له (الحراس
(3)
) أسود ليس به نبات حسن، وفي أصله أضاة
(4)
، يقال لها الحواق
(5)
تمسك الماء من السماء كثيراً، وهو كله لبني سليم.
وحذاء ذلك قرية يقال لها (صفينة
(6)
) بها مزارع ونخل
(7)
كثير، كل ذلك على الآبار. ولها جبل يقال له (الستار). وهي على طريق (زبيدة
(8)
) يعدل إليها الحاج إذا عطشوا.
وحذاءها مياه أخرى يقال لها (النّجير)، [وبحذائها ماءة يقال لها (النجارة) بئر واحدة
(9)
]، وكلاهما فيه ملوحة وليس بالشّديد
(10)
.
(1)
انظر ما سبق في حواشي ص 430.
(2)
الخيس والخيسة: الشجر الكثير الملتف. وفي الأصل: «حبس» تحريف.
(3)
ذكره البكري في رسمه، وفي (الستار)، وفي (شواحط). وفي إحدى نسخ أصله:
«الحراض» ، ولم يرسم له ياقوت، بل لم يذكره، بتتبع فهارس وستنفلد،
(4)
الأضاة: الغدير، والماء المستنقع من سيل أو غيره، والجمع أضوات وأضا.
(5)
في الأصل: «الحقائق» مهملة النقط. صوابه من البكري في رسمه وفي (شواحط) والزمخشري 49 والقاموس (حوق). وهو ككتاب وغراب، كما ذكر البكري وصاحب القاموس.
(6)
رسم لها ياقوت ولم يرسم البكري لها ولم يذكرها. وهي كالعيبة يكون فيها متاع الرجل وأداته.
(7)
وقعت في نسخة الميمنى: «ونخيل» محرفة عما في الأصل.
(8)
ياقوت: «الزبيدية» .
(9)
التكملة من ياقوت في رسم (النجير)، ومما سيأتي. وعند البكري 721 و 336، «الثجار» و «الثجير» . ولم يرسم لهما ياقوت في الثاء، بل جعلهما «النجارة» و «النجير» بالنون، في رسمهما وفي «نجل» .
(10)
كذا في الأصل وله وجه. وعند ياقوت: «وليست بالشديدة» .
وأسفل منهما بصحراء مستوية عمودان طويلان
(1)
لا يرقاهما أحد إلا أن يكون طائرا، يقال لأحدهما (عمود البان)، و (البان
(2)
): موضع، والآخر (عمود السفح)، وهو من عن يمين الطريق المصعد من الكوفة
(3)
على ميل من (أفيعية) و (أفاعية
(4)
) هضبة كبيرة شامخة، وإنّما اسم القرية (ذو النخل
(5)
)، وهي مرحلة من مراحل الطريق، وبها ملح، ويستعذب لها من النجارة والنجير
(6)
هاتين، ومن ماء يقال له (ذو محبلة
(7)
). وعن يسارها ماءة يقال لها (الصبحية
(8)
) وهي بئر واحدة ليس عليها مزارع،
(1)
وكذا وردت العبارة مطابقة في ياقوت (البان، وعمود) عن عرام. وعند البكري 721 ولم يصرح بالنقل: «وأسفل منهما هضبتان طويلتان» . وهذا تفسير للعمودين، أي إنهما هضبتان عاليتان يشبه كل منها عمود البيت. وإطلاق (العمود) على الهضبة لم تعرفه معاجم اللغة.
(2)
البان بلفظ ذلك النبات المعروف عند ياقوت. وعند البكري في رسمه وفي (الستار): «ألبان» كأنه جمع لبن.
(3)
عند البكري 722: «من الكوفة إلى مكة» .
(4)
ضبطه البكري بضم الهمزة ثم قال: «هكذا روى عن عمارة بن عقيل. وغيره يرويه أفاعية بفتح الهمزة، وكلا المثالين موجودان في الأسماء والصفات، وضم الهمزة في أفاعية أثبت، وهو الذي اختاره أبو حاتم وغيره» .
(5)
كذا في الأصل. وأنشد البكري 314 لجميل:
وقد حال أشباه المقطم دونها
…
وذو النخل من وادى قطاة وتعنق
وعند ياقوت: «ذو النجل» بالجيم، وكذا عند الزمخشري 67.
(6)
سبق تفسير الاستعذاب في ص 431. كما سبق الكلام على (النجارة) و (النجير) في الصفحة السابقة.
(7)
رسم لها ياقوت، وذكرها أيضا في (نجل)، ولم يذكرها البكري. وفي الأصل:«مجيلة» . وظنها الميمنى «ذو نخيلة» .
(8)
رسم لها البكري، ولم يرسم لها ياقوت ولم يذكرها في معجمه، بتتبع فهرس وستنفلد.
ويستعذب منها لأهل أفاعية. وحذاءها هضبة كبيرة يقال لها (خطمة
(1)
)، ولابة
(2)
- وهي حرشفة
(3)
حرة سوداء لا تنبت شيئاً - يقال لها (منيحة
(4)
)، وهي لجسر وبني سليم.
وقرية يقال لها (مران) قرية غناء كبيرة، كثيرة العيون والآبار والنخيل والمزارع، وهي على طريق البصرة لبني هلال وجسر
(5)
، ولبني ماعز
(6)
، وبها حصن ومنبر، وبها ناس كثير. وفيها يقول الشاعر
(7)
:
أبعدَ الطَّوالِ الشمَّ من آل ماعزٍ
يرجَّى بمرَّانَ القرى ابن سبيل
(8)
(1)
الذي عند البكري 722: «حدمة» بالضم وبضمتين.
(2)
اللابة: الحرة، والجمع لأب ولوب.
(3)
الحرشفة: الأرض الغليظة.
(4)
في الأصل: «سحه» بالإهمال، وإثباتها من البكري 722.
(5)
سقطت هذه الكلمة من النشرة الأولى.
(6)
ياقوت في رسم (مران): «وجزء لبنى ماعز» .
(7)
قال الشيخ الفاضل: لم يخرج الأستاذ البيتين لواردين في (مران) وهما من قصيدة من عيون المراثى تقع في 18 بيتا أوردها الهجري كاملة وذكر قائلها والمرثى بها قال:
وأنشدني أبو كليب حمر بن الأشهب، من بنى عامر بن ربيعة، للتميمى، في ماعز بن مالك البكائي، وهي تامة هاهنا:
أتاني نعى للأغر ابن مالك
…
فبت وليلى بالعراق طويل
فبت أعزى النفس أن يشمت العدى
…
وفي النفس من وجد عليه غليل
وقد أورد أبو تمام في الحماسة بعضها.
قلت: انظر أيضا شرح المرزوقي ص 1062 - 1063.
(8)
في الأصل: «حي بمران القرى» ، صوابه من ياقوت.
مررنا على مرَّان ليلاً فلم نعج
…
على أهل آجامٍ به ونخيلِ
(1)
ومن خلفه قرية يقال لها (قباء
(2)
) كبيرة عامرة لجسر ومحارب وعامر ابن ربيعة من هوازن، بها مزارع كثيرة على آبار، ونخيل ليس بكثير.
وبحذائها جبل يقال له (هكران)، وجبل يقال [له] (عن). قال الشاعر:
• أعيان هكرانَ الخداريَّات
(3)
…
وهو قليل النبات، في أصله ماء يقال له (الصنو
(4)
). وعن هذا في جوفه مياه وأوشال. قال فيه الشاعر:
فقالوا هلاليُّونَ جئنا منَ أرضنا
…
إلى حاجةٍ جبَّنا لها اللَّيلَ مدرعا
(5)
وقالوا خرجنا ملْ قفا وجنوبهِ
…
وعنَّ فهمَّ القلبُ أن يتصدَّعا
(6)
و (القفا
(7)
): جبل لبني هلال حذاء عن هذا. وحذاءه جبل آخر
(1)
ياقوت: «آجام بها» .
(2)
قباء هذه هي التي في الطريق من مكة إلى البصرة. وهي غير قباء المدينة.
(3)
أعيان، بالنون في أصل النسخة، ويطابقه ما رواه ياقوت من عرام في (هكران).
وعند البكري 722: «أعيار» جمع عير. والخدارى بضم الخاء: الأسود، يوصف به السحاب، والعقاب، والبعير، والشعر.
(4)
لم يرسم لها البكري ولا ياقوت، وذكرها الأول في (الستار) والآخر في (هكران).
(5)
أي دخلنا في جوفه كما يدخل اللابس في مدرعه. والمدرع كمنبر: جبة مشقوقة المقدم.
(6)
هذه الرواية تطابق رواية ياقوت في (عن). ورواية البكري، «في الفقا» .
(7)
رسم له البكري، وقال:«على لفظ قفا الإنسان» . ولم يرسم ياقوت.
يقال له (بس
(1)
)، وفي أصله ماء يقال له (بقعاء
(2)
) لبني هلال، بئر كثيرة الماء، ليس عليها زرع. وحذاءها أخرى يقال لها (الخدود
(3)
). وعكاظ منها على دعوة
(4)
.
و (عكاظ) صحراء مستوية ليس لها جبل ولا علم
(5)
إلا ما كان من الأنصاب التي كانت في الجاهلية. وبها الدماء من دماء البدن كالأرحاء
(6)
العظام.
وحذاءها عين يقال لها (خليص) للعمريين
(7)
. وخليص هذا رجل
(1)
وضع في الأصل علامة إهمال فوق السين توشك أن تكون ثلاث نقط، فظننتها «بيش» . وقد نبه الشيخ الفاضل على هذا الصواب.
(2)
البكري: «نقعاء» . وعند ياقوت بالباء، كما هنا. وقال:«نقعاء بين الحجاز وركبة، وهي من أرض ركبة» .
(3)
ياقوت: «الخدود: مخلاف من مخاليف الطائف» . وعند البكري:
«الجرو» .
(4)
البكري: «على دعوة وأكثر قليلا» .
(5)
حقق الشيخ محمد بن بليهد موضع سوق عكاظ اليوم في بحث مسهب في نهاية الجزء الثاني من كتابه «صحيح الاخبار» ، ولكنه نقل عن عرام نصا غريبا لست أدرى من أين نقله، وهو قوله «هو في أرض مستوية ليس بها جبال. وإذا كنت في عكاظ طلعت عليك الشمس على حرة سوداء، وبها عبيلات بيض، كان العرب يطيفون بها في جاهليتهم وينحرون عندها» .
(6)
في الأصل: «كالأدخال» ، وفي إحدى نسخ البكري:«كالأرحال» ، والوجه ما أثبت من أصول البكري. انظر رسم (عكاظ).
(7)
وكذا عند البكري 960. وكلمة (العمريين) ضبطت في معجم البكري بضم ففتح، وفي صفة جزيرة العرب للهمداني 120: «ويسكن شرقي الطائف قوم من ولد عمرو ابن العاص».
وهو ببلاد تسمى (ركبة
(1)
). قال الشاعر:
أقول لركبٍ ذاتَ يومٍ [لقيتهم]
…
يزجَّون أنضاءً حوافيَ ظلّعا
(2)
من أنتم فإنّا قد هوينا مجيئكم
…
وأن تّخبرونا حالَ ركبة أجمعا
(3)
تم كتاب أسماء جبال مكة والمدينة وما يتصل بها، بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، وصلى الله على سيدنا محمد كلما ذكره الذاكرون، وسها عن ذكره الغافلون.
(1)
ركبة بلفظ الركبة التي في الرجل. وهي بين مكة والطائف. وفي اللسان: «بين غمرة وذات عرق» . ويقال: إن ركبة أرفع الأراضي كلها، ويقال: إنها التي قال فيها ابن نوح:
«سآوى إلى جبل يعصمني من الماء» . وفي فضائل مكة للهمداني أن عمر بن الخطاب قال:
أن أخطئ سبعين خطيئة بركبة أحب إلى من أن أخطئ خطيئة واحدة بمكة.
وروى مالك في الموطأ أن عمر بن الخطاب قال: «لبيت بركبة أحب إلى من عشرة أبيات بالشام» : قال مالك: «يريد لطول الأعمار والبقاء، ولشدة الوباء بالشام» .
(2)
لم أجد مرجعا لتحقيق هذين البيتين على طول التنقيب. وكلمة «ليقتهم» ليست في الأصل، وبمثلها يلتئم الكلام. والتزجية: السوق. والأنضاء: جمع نضو، بالكسر، وهو البعير المهزول. والحوافى: التي حفيت أقدامها من السير. والظالع: الذي به الظلع، وهو غمز شبيه بالعرج.
(3)
ورد صدر البيت في الأصل بهذه الصورة:
• من اسم ىاىا قد هوينا مجيكم •
وأثبته كذلك في النشرة الأولى. وبعد اطلاعى هذه المرة على نشرة الميمنى وجدته قرأها هذه القراءة القريبة. فله الفضل. والحمد للّه على ما أنعم.
فهرس الكتب
التي وردت في أثناء نصوص النوادر
الإعلام، للسهيلى 65
الأوليات، للعسكرى 65
الأوراد 89 - 93، 95
أخبار قريش، لمحمد بن حبيب 149
أشعار الملاحم، لابن أبي عقب 173
تاج العروس بشرح جواهر القاموس، لمحمد مرتضى الزبيدي 65
تاريخ الإسلام، للذهبي 86
الجامع الصغير، للسيوطي 66
دلائل الخيرات 93
سورة الأنعام 90 - 93، 95
شرعة الإسلام، لإمام زاده 66، 67
الصحاح، للجوهري 86
تاريخ السخاوي (الضوء اللامع؟) 86
القاموس، للفيروزآبادي 64
المزهر، للسيوطي 65
منهج الإصابة، للزفتاوى 66
المواهب (اللدنية، للقسطلاني) 84
منهاج الإصابة، للزفتاوى 87
المصابيح، للبغوي 88
المشارق
(1)
للصغانى 88
وفيات الأعيان، لابن خلكان 65
(1)
مشارق الأنوار النبوية، من صحاح الأخبار المصطفوية.