الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سادسًا: أبواب صفة الوضوء وفرضه وسننه
الباب الأول: باب الدليل على وجوب النية له.
الباب الثاني: باب التسمية للوضوء.
الباب الثالث: باب استحباب غسل اليدين قبل المضمضة، وتأكيده لنوم الليل.
الباب الرابع: باب المضمضة والاستنشاق.
الباب الخامس: باب ما جاء في جواز تأخيرهما على غسل الوجه واليدين.
الباب السادس: باب المبالغة في الاستنشاق.
الباب السابع: باب غسل المسترسل من اللحية.
الباب الثامن: باب في إيصال الماء إلى باطن اللحية الكثة لا يجب.
الباب التاسع: باب استحباب تخليل اللحية.
الباب العاشر: باب تعاهد المآقين وغيرهما من غضون الوجه بزيادة ما.
الباب الحادي عشر: باب غسل اليدين مع المرفقين وإطالة الغرة.
الباب الثاني عشر: باب تحريك الخاتم وتخليل الأصابع ودلك ما يحتاج إلى ذلك.
الباب الثالث عشر: باب مسح الرأس كله وصفته وما جاء في مسح بعضه.
الباب الرابع عشر: باب هل يسن تكرار مسح الرأس أم لا.
الباب الخامس عشر: باب أن الأذنين من الرأس وأنهما يمسحان بمائه.
الباب السادس عشر: باب مسح ظاهر الأذنين وباطنهما.
الباب السابع عشر: باب مسح الصدغين وأنهما من الرأس.
الباب الثامن عشر: باب مسح العنق.
الباب التاسع عشر: باب جواز المسح على العِمامة.
الباب العشرون: باب ما يظهر من الرأس غالبا مع العِمامة.
الباب الحادي والعشرون: باب غسل الرجلين وبيان أنه فرض.
الباب الثاني والعشرون: باب التيمن في الوضوء.
الباب الثالث والعشرون: باب الوضوء مرة ومرتين وثلاثا، وكراهة ما جاوزها.
الباب الرابع والعشرون: باب ما يقول إذا فرغ من وضوئه.
الباب الخامس والعشرون: باب الموالاة في الوضوء.
الباب السادس والعشرون: باب جواز المعاونة في الوضوء.
الباب السابع والعشرون: باب المنديل بعد الوضوء والغسل.
سابعًا: أبواب المسح على الخفين
الباب الأول: باب في مشروعيته.
الباب الثاني: باب المسح على الموقين وعلى الجوربين والنعلين جميعا.
الباب الثالث: باب اشتراط الطهارة قبل اللبس.
الباب الرابع: باب توقيت مدة المسح.
الباب الخامس: باب اختصاص المسح بظهر الخف.
ثامنًا: أبواب نواقض الوضوء
الباب الأول: باب الوضوء بالخارج من السبيل.
الباب الثاني: باب الوضوء من الخارج النجس من غير السبيلين.
الباب الثالث: باب الوضوء من النوم إلا اليسير منه على إحدى حالات الصلاة.
الباب الرابع: باب الوضوء من مس المرأة.
الباب الخامس: باب الوضوء من مس القُبُل.
الباب السادس: باب الوضوء من لحوم الإبل،
الباب السابع: باب المتطهر يشك هل أحدث.
الباب الثامن: باب إيجاب الوضوء للصلاة، والطواف، ومس المصحف.
تاسعًا: أبواب ما يستحب لأجله الوضوء
الباب الأول: باب استحباب الوضوء مما مسته النار والرخصة في تركه.
الباب الثاني: باب فضل الوضوء لكل صلاة.
الباب الثالث: باب استحباب الطهارة لذكر الله عز وجل والرخصة في تركه.
الباب الرابع: باب استحباب الوضوء لمن أراد النوم.
الباب الخامس: باب تأكيد ذلك للجنب، واستحباب الوضوء له لأجل الأكل والشرب والمعاودة.
الباب السادس: باب جواز ترك ذلك.
عاشرًا: أبواب موجبات الغسل
الباب الأول: باب الغسل من المني.
الباب الثاني: باب إيجاب الغسل من التقاء الختانين ونسخ الرخصة فيه.
الثالث: باب من ذكر احتلامًا ولم يجد بللًا أو بالعكس.
الباب الرابع: باب وجوب الغسل على الكافر إذا أسلم.
الباب الخامس: باب الغسل من الحيض.
الباب السادس: باب تحريم القراءة على الحائض والجنب.
الباب السابع: باب الرخصة في اجتياز الجنب في المسجد ومنعه من اللبث فيه إلا أن يتوضأ.
الباب الثامن: باب طواف الجنب على نسائه بغسل وبأغسال.
حادي عشر: أبواب الأغسال المستحبة
الباب الأول: باب غسل الجمعة.
الباب الثاني: باب غسل العيدين.
الباب الثالث: باب الغسل من غسل الميت.
الباب الرابع: باب الغسل للإحرام وللوقوف بعرفة ودخول مكة.
الباب الخامس: باب غسل المستحاضة لكل صلاة.
الباب السادس: باب غسل المغمى عليه إذا أفاق.
الباب السابع: باب صفة الغسل.
الباب الثامن: باب تعاهد باطن الشعور وما جاء في نقضها.
الباب التاسع: باب استحباب نقض الشعر لغسل الحيض وتتبع أثر الدم فيه.
الباب العاشر: باب ما جاء في قدر الماء في الغسل والوضوء.
الباب الحادي عشر: باب من رأى التقدير بذلك استحبابًا وأن ما دونه يجزي إذا أسبغ.
الباب الثاني عشر: باب الاستتار عن الأعين للمغتسل وجواز تجرده في الخلوة.
الباب الثالث عشر: باب الدخول في الماء بغير إزار.
الباب الرابع عشر: باب ما جاء في دخول الحمام.
ثاني عشر: أبواب التيمم
الباب الأول: باب تيمم الجنب للصلاة إذا لم يجد ماء.
الباب الثاني: باب تيمم الجنب للجرح.
الباب الثالث: باب الجنب يتيمم لخوف البرد.
الباب الرابع: باب الرخصة في الجماع لعادم الماء.
الباب الخامس: باب اشتراط دخول الوقت للتيمم.
الباب السادس: باب من وجد ما يكفي بعض طهارته يستعمله.
الباب السابع: باب تعين التراب للتيمم دون بقية الجامدات.
الباب الثامن: باب صفة التيمم.
الباب التاسع: باب من تيمم في أول الوقت وصلى ثم وجد الماء في الوقت.
الباب العاشر: باب بطلان التيمم بوجدان الماء في الصلاة وغيرها.
الباب الحادي عشر: باب الصلاة بغير ماء ولا تراب عند الضرورة.
ثالث عشر: أبواب الحيض
الباب الأول: باب بناء المعتادة إذا استحيضت على عادتها.
الثاني: باب العمل بالتمييز.
الباب الثالث: باب من تحيض ستًا أو سبعًا لفقد العادة والتمييز.
الباب الرابع: باب الصفرة والكدرة بعد العادة.
الباب الخامس: باب وضوء المستحاضة لكل صلاة.
الباب السادس: باب تحريم وطء الحائض في الفرج وما يباح منها.
الباب السابع: باب كفارة من أتى حائضًا.
الباب الثامن: باب الحائض لا تصوم ولا تصلي، وتقضي الصوم دون الصلاة.
الباب التاسع: باب سؤر الحائض ومؤاكلتها.
الباب العاشر: باب وطء المستحاضة.
رابع عشر: أبواب النفاس
الباب الأول: باب أكثر النفاس.
الباب الثاني: باب سقوط الصلاة عن النفساء.
انتهى كتاب الطهارة.
[سادسًا]: أبواب صفة الوضوء فرضه وسننه
قال جمهور أهل اللغة: يقال: الوُضُوءُ بضم أوله إذا أريد به الفعل الذي هو المصدُر، ويقال: الوَضُوءُ: بفتح أوله إذا أريد به الماء الذي يُتطهر به، [كذا]
(1)
نقله ابن الأنباري وجماعاتٌ من أهلِ اللغةِ وغيرهم
(2)
، وذهبَ الخليلُ والأصمعيُّ وأبو حاتمٍ السجستاني والأزهري وجماعةٌ إلى أنه بالفتح فيهما
(3)
. قال صاحِبُ المطالعُ
(4)
: وحُكِي الضمُّ فيهما جميعًا، وأصل الوُضُوء من الوضاءَةِ وهي الحسنُ، والنظافةُ، وسمي وضُوء الصلاةِ وضوءً لأنه ينظفُ المتوضئَ ويحسنه.
[الباب الأول] باب الدليل علي وجوب النية له
1/ 163 - (عَنْ عُمَرَ بْنِ الخطابِ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّما الأعمالُ بالنيةِ وإنّما لامْرِئٍ ما نَوَى، فَمَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى الله ورسوله فَهِجْرَتُهُ إلى الله ورَسُوِلِه، وَمَنْ كانَتْ هِجْرَتهُ إلى دُنْيا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُها فهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إليهِ". رَواهُ الجمَاعَةُ)
(5)
. [صحيح]
(1)
في (جـ): هكذا.
(2)
انظر: "لسان العرب"(15/ 322 - 323) مادة: وضأ.
(3)
انظر: "تهذيب اللغة"(12/ 99).
(4)
صاحب المطالع" ابن قرقول، إبراهيم بن يوسف. (ت: 569 هـ).
وكتابه المطالع وضعه على منوال: "مشارق الأنوار" بل هو اختصار واستدراك عليه، كما في "كشف الظنون"(2/ 1715).
"معجم المصنفات"(ص 389 رقم 1255).
(5)
• أخرجه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن الشيباني رقم (983) عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري رقم (54) ورقم (5070) ومسلم رقم (1907) والنسائي (1/ 58) و (6/ 158) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 235) و (6/ 331) والبغوي في شرح السنة رقم (1). =
الحديثُ مدارُه على يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمةَ بن وقاص عن عمر بن الخطاب، ولم يبقَ من أصحاب الكتب المعتمدةِ من لم يخرجه سِوى مالك فإنه لم يخرجه في الموطأ
(1)
، ووهم ابنُ دِحْيَةَ فقال: إنه فيه، ولعل الوهم اتفق له لما رأى الشيخين والنسائي رَوَوْهُ من حديث مالك، وما وقع في الشِّهابِ
(2)
بلفظ: "الأَعْمالُ بِالنياتِ" بجمع الأعمال وحذف إنما فنقل
= • وأخرجه الحميدي رقم (28) وأحمد (1/ 25) والبخاري رقم (1) ورقم (2529) ومسلم رقم (1957) وأبو داود رقم (2201) وابن الجارود في المنتقى رقم (64). والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 41) و (7/ 341) من طريق سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.
• وأخرجه الطيالسي في المسند ص 9 والبخاري رقم (3898) ورقم (6953) ومسلم رقم (1907) والبيقي في السنن الكبرى (1/ 41) وفي "معرفة السنن والآثار"(1/ 265 رقم 585) من طريق حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.
• وأخرجه أحمد (1/ 43) ومسلم رقم (1907) وابن ماجه رقم (4227) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 298) و (2/ 14) و (4/ 112) و (5/ 39) و (7/ 341) وفي "معرفة السنن والآثار"(1/ 261 رقم 588) والدارقطني (1/ 50) والخطيب في "تاريخ بغداد"(4/ 244) من طريق يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.
• وأخرجه البخاري رقم (6689) ومسلم رقم (1957) والترمذي رقم (1647) من طريق عبد الوهب الثقفي، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.
• وأخرجه مسلم رقم (1907) والنسائي (1/ 58) والبغوي في شرح السنة رقم (1) ورقم (206) من طريق عبد الله بن المبارك، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.
• وأخرجه مسلم رقم (1907) والنسائي (7/ 13) من طريق أبي خالد الأحمر سليمان بن حيان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.
• وأخرجه مسلم رقم (1907) وابن ماجه رقم (4227) من طريق الليث بن سعد، عن يحيى الأنصاري، به.
• وأخرجه الطيالسي ص 9 من طريق زهير بن محمد التميمي، ومسلم رقم (1907) من طريق حفص بن غياث.
والدارقطني (1/ 50) من طريق جعفر بن عون.
وأبو نعيم في "الحلية"(8/ 42) من طريق إبراهيم بن أدهم، وابن جريج.
وفي "أخبار أصفهان"(2/ 115) من طريق أبي حنيفة.
كلهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.
(1)
بل أخرج مالك برواية محمد بن الحسن الشيباني رقم (983) كما تقدم آنفًا.
(2)
أي مسند الشهاب للقضاعي (1/ 35 رقم 1).
النووي
(1)
عن أبي موسى المديني الأصبهاني أنه لا يصح له إسناد، وأقره النووي. قال الحافظ
(2)
وهو وهم فقد رواه كذلك الحاكم
(3)
في الأربعين له من طريق مالك، وكذا أخرجه ابن حبان
(4)
من وجه آخر في مواضع تسعة من صحيحه منها في الحادي عشر من الثالث والرابع والعشرين منه والسادس والستين منه، ذكره في هذه المواضع بحذف إنما، وكذا رواه البيهقي في المعرفة
(5)
، وفي البخاري
(6)
"الأعمال بالنية" بحذف إنما وإفراد النية، قال الحافظ
(7)
أبو سعيد محمد بن علي الخشاب: رواه عن يحيى بن سعيد نحو مائتين وخمسين إنسانًا، وقال أبو إسماعيل الهروي عبد الله بن محمد الأنصاري: كتبت هذا الحديث عن سبعمائة نَفَرٍ من أصحاب يحيى بن سعيد قال الحافظ
(8)
: تتبعته من الكتب والأجزاء حتى مررت على أكثر من ثلاثة آلاف جزء فما استطعت أن أكمل له سبعين طريقًا، ثم رأيت في المستخرج لابن منده
(9)
عدة طرق فضممتها إلى ما عندي فزادت على ثلاثمائة.
وقال البزار والخطابي وأبو علي بن السكن ومحمد بن عتاب وابن الجوزي وغيرهم: إنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن عمر بن الخطاب. ورواه ابن عساكر
(10)
(1)
في كتابه "بستان العارفين" ص 13.
(2)
انظر "فتح الباري"(1/ 12).
(3)
الحاكم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن حمدويه النيسابوري، (ت 405 هـ) وكتابه الأربعين ذكره الذهبي في السير (20/ 197) وذكر السبكي في طبقاته (4/ 167) أنه رآه، فقال:"رأيته عقد في كتاب "الأربعين" بابًا لتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، واختصهم من بين الصحابة رضي الله عنهم" اهـ.
(4)
في صحيحه (2/ 113 رقم 388) و (2/ 115 رقم 389) و (11/ 210 رقم 4868).
(5)
(1/ 260 - 261 رقم 585).
(6)
في صحيحه (5/ 160 رقم 2529).
(7)
في "تلخيص الحبير"(1/ 55).
(8)
في "تلخيص الحبير"(1/ 55).
(9)
المستخرج من كتب الناس لأبي القاسم بن منده، عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق.
(ت 470 هـ) وأفاد المباركفوري أن منه نسخة مصححة من الحافظ ابن حجر، مكتوبة بخط عمر بن يحيى المصري، موجودة في الخزانة الجرمنية.
[معجم المصنفات (ص 366 رقم 1172)].
(10)
في ترجمة إبراهيم بن محمود بن حمزة النيسابوري بسند إليه كما في "تلخيص الحبير" =
من طريق أنس وقال: غريب جدًّا، وذكر ابن منده في مستخرجه
(1)
أنه رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين نفسًا، قال الحافظ
(2)
: وقد تتبعها شيخنا أبو الفضل بن الحسين في النكت التي جمعها على ابن الصلاح
(3)
وأظهر أنها في مطلق النية لا بهذا اللفظ.
وهذا الحديثُ قاعدةٌ من قواعد الإِسلام حتى قيلَ: إنه ثلثُ العلمِ. ووجههُ أن كَسْبَ العبدِ بقلبه وجوارِحِه ولسانِه. وعملُ القلب أرجحُها لأنه يكونُ عبادةَ بانفرادِهِ دونَ الآخرينَ.
[الكلام في النية]:
قوله: (إنما الأعمالُ) هذا التركيبُ يفيدُ الحصرَ من جِهتين.
الأولى: (إنما)، فإنها. من صيغِ الحصرِ واختُلِفَ هل تفيدُه بالمنطوقِ أو بالمفهومِ، وبالوضعِ أو العُرفِ، وبالحقيقةِ أم بالمجاز؟ ومذهبُ المحققينَ أنها تفيدُه بالمنطوقِ وضعًا. حقيقيًا قالَ الحافظ: ونقله شيخنا شيخُ الإِسلام عن جميعِ أهلِ الأصولِ من المذاهبِ الأربعةِ إلا اليسيرَ كالآمدي، وعلى العكسِ من ذلكَ أَهل العربية وموضع البحث عن بقية أبحاث، إنما الأصول وعلم المعاني فليرجع إليهما.
الجهةُ الثانيةُ: الأعمالُ لأنه جمعٌ محلى باللامِ المفيدِ للاستغراقِ، وهو مستلزمٌ للقصر لأن معناهُ؛ كلُّ عملٍ بنيةٍ فلا عملَ إلا بنية. وهذا التركيبُ من المقتضى المعروفِ في الأصول وهو ما احتمل أحد تقديرات لاستقامة الكلام ولا عموم له عند المحققين فلا بد من دليل في تعيين أحدها، وقد اختلف الفقهاء في تقديره ههنا فمن جعل النية شرطًا قدر صحة الأعمال ومن لم يشترط قدر كمال الأعمال.
= (1/ 55 - 56) وانظر: "مختصر تاريخ دمشق"(4/ 160 - 161 ت 160).
(1)
تقدم التعريف به (2/ 13) من كتابنا هذا.
(2)
في "تلخيص الحبير"(1/ 55).
(3)
أبو الفضل، عبد الرحمن بن الحسين العراقي، (ت 806 هـ).
له نكت على ابن الصلاح، اسمه:"التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح". وانظر صى 263 - 264.
قال ابن دقيق العيد
(1)
: "وقد رحج الأوَّل بأن الصحة أكثر لزومًا للحقيقة فالحمل عليها أولى لأن ما كان ألزم للشيء كان أقرب إلى خطوره بالبال" اهـ.
قال الحافظ
(2)
: وقد اتفق العلماء على أن النية شرط في المقاصد واختلفوا في الوسائل ومن ثم خالفت الحنفية في اشتراطها للوضوء. وقد نسب القول بفرضية النية المهدي عليه السلام في البحر
(3)
إلى علي عليه السلام وسائر العترة والشافعي ومالك والليث وربيعة وأحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه.
قوله: (بالنية) الباءُ للمصاحبةِ ويحتملُ أن تكونَ للسببيةِ بمعنى أنها مقومةٌ للعمل، فكأنها سببٌ في إيجادِهِ. قال النووي
(4)
: والنيةُ: القصدُ وهو عزيمةُ القلب، وتعقبهُ الكرمانيُّ
(5)
بأن عزيمة القلب قدرٌ زائدٌ على أصلِ القصدِ. وقال البيضاوي
(6)
: "النيةُ عبارة عن انبعاثِ القلبِ نحو ما يراهُ موافقًا لغرضِ من جلْبِ نفعٍ أو دفعِ ضررٍ حالًا أو مالًا"، والشرع خصصه بالإِرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضا الله وامتثال حكمه. والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي ليصح تطبيقه على ما بعده وتقسيمه أحوال المهاجر فإنه تفصيل لما أجمل. والجار والمجرور متعلق بمحذوف هو ذلك المقدر أعنى الكمال أو الصحة أو الحصول أو الاستقرار. قال الطيبي
(7)
: "كلام الشارع محمول على بيان الشرع لأن المخاطبين بذلك هم أهل اللسان فكأنهم خوطبوا بما ليس لهم به علم إلا من قبل الشارع فيتعين الحمل على ما يفيد الحكم الشرعي".
(1)
في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام"(1/ 10).
(2)
في "فتح الباري"(1/ 14).
(3)
البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (1/ 55).
(4)
في "بستان العارفين"(ص 13).
(5)
في "الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" له (1/ 18).
• وهو محمد بن يوسف بن علي الكرماني، واشتهر ببغداد، وأقام بمكة.
ولد سنة (717 هـ) وتوفي ببغداد سنة (786 هـ). [معجم المؤلفين 12/ 129].
(6)
ذكره الحافظ في "فتح الباري"(1/ 13) والعيني في "عمدة القاري"(1/ 26) والعلماء يستحسنون تعريف البيضاوي ويتناقلونه.
(7)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 13).
قوله: (وإنما لامرئ ما نوى) فيه تحقيق لاشتراط النية والإِخلاص في الأعمال قاله القرطبي فيكون على هذا جملة مؤكدة [للتي]
(1)
قبلها. وقال غيره: بل تفيد غير ما أفادته الأولى لأن الأولى نبهت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها فيترتب الحكم على ذلك. والثانية أفادت أن العامل لا يحصل له إلا ما نواه قال ابن دقيق العيد
(2)
: والجملة الثانية [تقتضي كون]
(3)
أن من نوى شيئًا يحصل له وكل ما لم ينوه لم يحصل فيدخل تحت ذلك ما لا ينحصر من المسائل [قال]
(4)
: ومن ههنا عظموا هذا الحديث إلى آخر كلامه.
ويدل على صحة كلامه أحاديث كثيرة واردة بثبوت الأجر لمن نوى خيرًا ولم يعمله كحديث: "رجلٌ آتاهُ الفهُ مالًا وعلمًا فهو يعملُ بعلمِهِ في مالِهِ وينفِقُه في حقه، ورجلٌ آتاهُ اللهُ عِلْمًا ولم يؤتِهِ مالًا فهوَ يقولُ: لو كانَ لي مِثْلَ هذا عملتُ فيه مثلَ العملِ الذي يعملُ فهُما في الأجرِ سواءْ"
(5)
. قال الحافظ
(6)
: "والمرادُ أنه يحصُلُ إذا عمله بشرائطه أو حال دون عمله له ما يعذر شرعًا بعدم عمله والمرادُ عدم الحصول إذا لم تقعِ النيةُ لا خصوصًا ولا عمومًا أما إذا لم يَنْوِ
(1)
في (ب): (الذي).
(2)
في "إحكام الأحكام"(1/ 10).
(3)
زيادة من (ب).
(4)
زيادة من (أ).
(5)
وهو جزء من حديث أبي كبشة الأنماري.
أخرجه ابن ماجه (2/ 1413 رقم 4228) واللفظ له.
وأخرجه أحمد في المسند (4/ 230) والطبراني في "الكبير"(22/ 345 رقم 868) من طريق وكيع، ثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد، عنه.
قال الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف على الأطراف"(9/ 274): "لم يسمع سالم من أبي كبشة، وقد أخرجه أبو عوانة في "صحيحة" من طريق جرير، عن منصور، عن سالم قال: حدثت عن أبي كبشة" اهـ.
قلت: وأخرجه أحمد في المسند (4/ 230) وفيه تصريح سالم بالسماع لهذا الحديث من أبي كبشة.
وخلاصة القول أن الحديث صحيح والله أعلم.
(6)
في "فتح الباري"(1/ 14).
شيئًا مخصُوصًا لكن كانت هناكَ نيةٌ تشملُه فهذا مما [اختلفَ]
(1)
فيه أنظارُ العلماءِ ويتخرَّجُ عليه من المسائلِ ما لا يُحصى".
قوله: (فمن كانت هِجرتُه إلى الله ورسوله) الهجرةُ: التَّرْكُ، وإلى الشيءِ: الانتقالُ إليهِ عن غيرِه. وفي الشرعِ: تركُ ما نهى اللهُ عنه، وقد وقعتْ في الإِسلامِ على وجوهِ
(2)
. الهجرةُ إلى الحبشةِ. والهجرةُ إلى المدينةِ، وهجرةُ القبائلِ. وهِجرةُ من أسلمَ من أهلِ مكةَ. وهجرةُ من كانَ مقيمًا بدارِ الكفر. والهجرةُ إلى الشام في آخر الزمان عندَ ظهورِ الفِتَنِ. وأخرج أبو داود
(3)
من حديث عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مُهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرضِ شرارُ أهلها" ورواه أيضًا أحمد في المسند
(4)
.
قوله: (فهجرتُه إلى الله ورسوله) وقعَ الاتحادُ بين الشرطِ والجزاءِ، وتغايرهُما لا بدَّ منه وإلا لم يكن كلامًا مفيدًا، وأجيب بأن التقديرَ فمن كانت هِجرتُه إلى الله ورسوله نيةَ وقصدًا فهجرتُه إلى الله ورسوله حكمًا وشرعًا فلا اتحادَ، وقيلَ يجوزُ الاتحادُ في الشرطِ والجزاءِ والمبتدأِ والخبرِ لقصدِ التعظيمِ أو التحقيرِ كأنتْ أنتَ؛ أي العظيمَ أو الحقيرَ. ومنه قولُ أبي النجم: وشِعريَ شِعريْ أي العظيمُ. وقيلَ: الخبرُ محذوفٌ في الجملة الأولى منهما، أي فهجرتُه إلى الله ورسوله محمودةٌ، أو
(1)
في "فتح الباري"(اختلفت).
(2)
انظر: "أحاديث الهجرة" جمع وتحقيق ودراسة. الدكتور: سليمان بن علي السعود.
(3)
في سننه (3/ 9 - 10 رقم 2482).
(4)
في المسند (2/ 199، 209) كليهما من طريق شهر بن حوشب وفيه ضعف من قبل حفظه.
لكن له طريق أخرى أخرجه الحاكم (1/ 510) وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وتعقبهما.
المحدث الألباني في مناقب الشام وأهله ص 79 التعليق رقم (1) بقوله: "وهو من أوهامهما فإن فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث ولم يخرج له مسلم، ثم هو ضعيف من قبل حفظه، وإن أخرج له البخاري، وقد أشار الحافظ المنذري في "الترغيب" (3/ 62) إلى الغمز من تصحيح الحاكم المذكور فإنه قال عقبه: (كذا قال) لكن الحديث قوي بمجموع الطريقين إن شاء الله" اهـ.
مثابٌ عليها، فَهجرتُه إلى ما هاجرَ إليه مذمومةً أو قبيحةً أو غيرَ مقبولةٍ.
قوله: (دُنيا يصِيبها) بضم الدال وحكى ابن قتيبة كسرهَا وهي فُعلَى من الدنُوِّ أي القُربِ سُميت بذلكَ لِسبقِها للأخرى. وقيلَ: لدنُوها إلى الزوالِ، واختُلِفَ في حقيقتِها فقيلَ: ما على الأرض من الهواء والجوِّ. وقيلَ: كلُّ المخلوقاتِ من الجواهِرِ والأعراضِ. وإطلاقُ الدُّنيا على بعضِها كما في الحديث مجاز.
قوله: (أو امرأةٍ يتزوجُها) إنما خصَّ المرأةَ بالذِّكْرِ بعد ذِكْرِ ما يعمُّها وغيرَها للاهتمام [بها]
(1)
، وتعقَّبَهُ النوويُّ
(2)
بأن لفظ دُنيا نكرة وهي لا تعم في الإِثبات فلا يلزمُ دخولُ المرأةِ فيها وتُعُقِّبَ بأنها نكرةٌ في سياقِ الشرطِ فَتَعُمُّ. ونكتةُ الاهتمام الزيادةُ في التحذير لأن الافتتان بها أشدُ. وحكى ابنُ بطالٍ (2) عن ابن سِرَاجٍ (2) أن السببَ في تخصيصِ المرأةِ بالذكرِ أن العربَ كانوا لا يزوجونَ الموالى العربيةَ ويراعُونَ الكفاءةَ في النسبِ فلما جاءَ الإِسلامُ سوَّى بين المسلمينَ في مُناكَحَتِهم فهاجرَ كثيرٌ من الناسِ إلى المدينةِ ليتزوَّجَ بها من كانَ لا يصِلُ إليها. وتعقَّبهُ ابن حجرٍ
(3)
بأنه يفتقر إلى نَقْلِ أن هذا المهاجرَ كان مولى وكانت المرأةُ عربيةً. ومنعَ أن تكونَ عادةُ العربِ ذلكَ ومنعَ أيضًا أن الإِسلامَ أبطلَ الكفاءةَ، ولو قيلَ: إن تخصيصَ المرأةِ بالذكْرِ لأنَّ السبَبَ في الحديثِ مهاجِرُ أم قيسٍ فذُكِرَتِ المرأةُ بعدَ ذكرِ ما يشملُها لما كانت هجرةُ ذلكَ المهاجرِ لأجلِها، لم يكن بعيدًا من الصوابِ وهذه نُكتةُ سِرِّيَّةٌ.
والحديثُ يدلُّ على اشتراطِ النية في أعمالِ الطاعاتِ وأن ما وقعَ من الأعمالِ بدونها غيرُ معتدٍّ به وقد سبقَ ذكرُ الخلافِ في ذلكَ، وفي الحديث فوائدُ مبسوطةٌ في المطولاتِ لا يتسع لها المقامُ وهو على انفرادِهِ حقيقٌ بأن يُفردَ له مصنفٌ مُستقلٌ
(4)
.
(1)
في "المخطوط" به والصواب ما أثبتناه.
(2)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 17).
(3)
في "فتح الباري"(1/ 17).
(4)
مثل: "النية وأثرها في الأحكام الشرعية" تأليف: الدكتور صالح بن غانم السدلان (1 - 2).
و"مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين" أو "النيات في العبادات""إنما الأعمال بالنيات" تأليف: الدكتور عمر سليمان الأشقر.
[الباب الثاني] باب التسمية للوضوء
2/ 164 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رضي الله عنه]
(1)
عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لا صَلاةَ لِمَنْ لا وضُوءَ لَهُ وَلا وُضُوءَ لِمَنْ لا يَذْكُرَ اسْمَ الله عَليْهِ". رَواهُ أحمدُ
(2)
وأَبُو دَاوُدَ
(3)
وابْنُ ماجَهْ
(4)
. [حسن لغيره]
ولأحمدَ وابْنِ ماجهْ مِنْ حَديث سعيد بْنِ زيدٍ
(5)
. [ضعيف جدًّا]
وأبي سعيدٍ
(6)
مِثْلُهُ. [حسن]
والجميعُ في أَسانِيدِها مَقالٌ قَرِيبٌ، وقالَ البخارِيُّ: أَحَسْنُ شَيءِ في هذا الباب حَدِيثُ رَباح بْنِ عَبْدِ الرَّحمن يَعْنِي حَدِيثَ: سَعِيد بن زَيْدٍ، وسُئلَ إسْحقُ بْنُ راهَوَيهِ أيُّ حَديثٍ أَصَحُّ في التَّسْمِيةَ؟ فذَكَرَ حدِيثَ أَبي سَعِيدٍ).
الحديثُ الأولُ أخرجَهُ أيضًا الترمذي في العللِ
(7)
، والدارقُطني
(8)
وابنُ السكن والحاكم
(9)
والبيهقيُّ
(10)
من طريقِ محمد بن موسى
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في المسند (2/ 418).
(3)
في السنن (1/ 75 رقم 101).
(4)
في السنن (1/ 140 رقم 399).
(5)
حديث سعيد بن زيد، حديث ضعيف جدًّا سيأتي تخريجه لاحقًا (2/ 23 - 24) من كتابنا هذا.
(6)
حديث أبي سعيد حديث حسن سيأتي تخريجه لاحقًا (2/ 21 - 22) من كتابنا هذا.
(7)
في "العلل الكبير" رقم (17).
"فسألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: محمد بن موسى المخزومي لا بأس به مقارب الحديث، ويعقوب بن سلمة مدني لا يُعرف له سماعٌ من أبيه، ولا يُعرف لأبيه سماعٌ من أبي هريرة.
قال أبو عيسى: سمعت إسحاق بن منصور يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا أعلم في هذا الباب حديثًا له إسناد جيدٌ" اهـ.
(8)
في السنن (1/ 79 رقم 1).
(9)
في المستدرك (1/ 146) وقال: "صحيح الإسناد، فقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة الماجشون، واسم أبي سلمة: دينار" ولم يوافقه الذهبي.
بل قال: صوابه ثنا يعقوب بن سلمة الليثي عن أبيه عن أبي هريرة وإسناده فيه لين".
قلت: وهم الحاكم بقوله يعقوب بن أبي سلمة الماجشون والصواب أنه الليثي.
(10)
في السنن الكبرى (1/ 41).
المخزومي
(1)
عن يعقوبَ بن سلمةَ
(2)
عن أبيهِ
(3)
عن أبي هريرةَ بهذا اللفظ. ورواهُ الحاكم من هذا الوجهِ فقالَ: يعقوبُ بن أبي سلمةَ وادَّعى أنه الماجشُون، وصححهُ لذلكَ فوهِمَ، والصوابُ أنه الليثي، قاله الحافظ
(4)
: قال البخاري
(5)
: "لا يعرف له سماع من أبيه ولا لأبيه من أبي هريرة"، وأبوه ذكره ابن حبان في الثقات
(6)
، وقال: ربما أخطأ، وهذه عبارة عن ضعفه، فإنه قليل الحديث جدًّا، ولم يرو عنه سوى ولده، فإذا كان يخطئ مع قلة ما روى، فكيف يوصف بكونه ثقة، قال ابن الصلاح
(7)
: انقلب إسناده على الحاكم فلا يحتج لثبوته بتخريجه له، وتبعه النووي
(8)
.
وله طريق أخرى عند الدارقطني
(9)
والبيهقي
(10)
عن أبي هريرة بلفظ: "ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه وما صلى من لم يتوضأ" وفي إسناده محمود بن محمد الظفري
(11)
(1)
محمد بن موسى بن أبي عبد الله الفِطْري المدني: صدوق رمي بالتشيع. أخرج له مسلم والأربعة. التقريب (2/ 211).
(2)
يعقوب بن سلمة الليثي مولاهم المدني، مجهول الحال. أخرج له أبو داود وابن ماجه التقريب (2/ 375).
وقال الذهبي في "الميزان"(4/ 452): "شيخ ليس بعمدة".
(3)
سلمة لين الحديث أخرج له أبو داود وابن ماجه "التقريب"(1/ 319).
أما المزي فلم يعرف سلمة هذا كما في "تهذيب الكمال"(1/ 528) ولا الذهبي، وإنما قال في الميزان (2/ 194)"لا يُعرف، ولا روى عنه سوى ولده يعقوب من طريق محمد بن موسى الفِطْري بحديث: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه".
(4)
في "تلخيص الحبير"(1/ 72).
(5)
نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" رقم (17).
(6)
(4/ 317).
(7)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 72).
(8)
في "المجموع"(1/ 385).
(9)
في السنن (1/ 71 رقم 2).
(10)
في السنن الكبرى (1/ 44) وأعله البيهقي بقوله: "وهذا الحديث لا يعرف من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة إلا من هذا الوجه، وكان أيوب بن النجار يقول: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثًا واحدًا وهو حديث التقى آدم وموسى أخرجه البخاري رقم (4738) ذكره يحيى بن معين - (التهذيب 1/ 362) - فيما رواه عنه ابن أبي مريم - ثقة ثبت فقيه (التقريب 1/ 293) - فكان حديثه هذا منقطعًا والله أعلم" اهـ.
(11)
ليس بالقوي. انظر: "الميزان"(4/ 79) و "لسان الميزان"(6/ 5).
وليس بالقوي، وفي إسناده أيضًا أيوب بن النجار
(1)
عن يحيى بن أبي كثير، وقد روى يحيى بن معين عنه أنه لم يسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثًا واحدًا غير هذا.
وأخرج الطبراني في الأوسط
(2)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا
هريرة إذا توضأت فقل: بسم الله والحمد لله فإن حفظتك لا تزال تكتب لك الحسناتِ حتى تحدث من ذلك الوضوء" قال: تفرد به عمرو بن أبي سلمة عن إبراهيم بن محمد عنه، وإسناده واه. وفيه
(3)
أيضًا من طريق الأعرج عن أبي هريرة رفعه: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإِناء حتى يغسلها ويسمي قبل أن يُدْخِلَها" تفردَ بهذهِ الزيادةِ عبدُ اللهِ بن محمد
(4)
عن هشام بن عروة وهو متروك.
وفي البابِ عن أبي سعيدٍ، وسعيدِ بن زيدٍ كما ذكره المصنفُ، وعائشة وسهلِ بن سعدٍ وأبي سبرة وأم سبرة وعلي وأنس.
فحديثُ أبي سعيدٍ رواهُ أحمد
(5)
والدارمي
(6)
والترمذي في العلل
(7)
وابن
(1)
قال عنه أحمد: شيخ ثقة. رجل صالح عفيف. وقال عنه ابن معين: ثقة صدوق
…
انظر "تهذيب التهذيب"(1/ 362 ت 760).
(2)
لم يخرجه الطبراني في الأوسط. بل أخرجه في "الصغير"(1/ 73).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 220) وقال: "رواه الطبراني في الصغير وإسناده حسن" اهـ.
وقد قال الحافظ في "لسان الميزان"(1/ 98) في ترجمة إبراهيم بن محمد: إن هذا الحديث منكر.
(3)
أي في معجم الطبراني الأوسط رقم (400 - مجمع البحرين).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 220) وقال: "رواه الطبراني في الأوسط - وهو في الصحيح خلا قوله: "ويسمي قبل أن يدخلها - وفيه عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة نسبوه إلى وضع الحديث" اهـ.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل"(4/ 1501) والعقيلي في الضعفاء (2/ 300) في ترجمة عبد الله بن محمد بن يحيى.
(4)
في حاشية المخطوط (هو ابن يحيى بن عروة) تمت تلخيص، (1/ 73).
(5)
في المسند (3/ 41).
(6)
في السنن (1/ 176).
(7)
الكبير (ص 33 رقم 18).
ماجه
(1)
وابن عدي
(2)
وابن السكن والبزار
(3)
والدارقطني
(4)
والحاكم
(5)
والبيهقي
(6)
بلفظ حديث الباب. وزعمَ ابنُ عديٍّ أن زيدَ بنَ الحُبَابِ تفرَّدَ بهِ عن كثير بن زيدٍ، قالَ الحافظُ
(7)
: وليس كذلكَ، فقد رواهُ الدارقطني
(8)
من حديث أبي عامرٍ العَقَدِيِّ
(9)
وابنُ ماجه
(10)
من حديث أبي أحمدَ الزبيري
(11)
وكثيرُ بنُ زيدٍ
(12)
. قالَ ابنُ معينٍ: ليس بالقويِّ، وقال أبو زرعة: صدوق فيه لين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث ليس بالقوي يكتب حديثه. وكثير بن زيد رواه عن رُبَيْح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد
(13)
وربيح قال أبو حاتم: شيخ وقال البخاري؛ منكر الحديث. وقال أحمد: ليس
(1)
في السنن (1/ 139 رقم 397).
(2)
في "الكامل"(3/ 1034).
(3)
عزاه إليهما الحافظ في "التلخيص"(1/ 73).
(4)
في سننه (1/ 71 رقم 3).
(5)
في المستدرك (1/ 147).
(6)
في السنن الكبرى (1/ 43).
قلت: وأخرجه أبو يعلى (2/ 324) وابن السني في "اليوم والليلة" رقم (26) وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 2 - 3).
من طريق كثير بن زيد، ثنا ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه".
قال أحمد بن حنبل: حين سئل عن التسمية؛ لا أعلم فيه حديثًا صحيحًا أقوى شيء فيه حديث كثير بن زيد، عن ربيح.
وقال إسحاق بن راهويه: هو أصح ما في الباب.
"تلخيص الحبير"(1/ 74).
وقال ابن قيم الجوزية في كتابه "المنار المنيف في الصحيح والضعيف"(ص 120 رقم 271): "أحاديث التسمية على الوضوء أحاديث حسان".
وخلاصة القول أن حديث أبي سعيد حديث حسن.
(7)
في "التلخيص"(1/ 73).
(8)
في السنن (1/ 71 رقم 3).
(9)
هو عبد الملك بن عمرو القيسي، أبو عامر العقدي، ثقة من التاسعة. "التقريب"(1/ 521).
(10)
في السنن (1/ 139 رقم 397).
(11)
هو محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمرو بن درهم الأسدي، أبو أحمد الزبيري الكوفي، ثقة ثبت إلّا أنَّه قد يخطئ في حديث الثوري من التاسعة "التقريب"(2/ 176).
(12)
حكى هذه الأقوال كلها الحافظ في "تهذيب التهذيب"(3/ 459).
(13)
حكى هذه الأقوال كلها الحافظ في "تهذيب التهذيب"(1/ 589).
بالمعروف. وقال المروزي
(1)
: لم يصححه أحمد. وقال: ليس فيه شيء يثبت
(2)
.
وقال البزار: كل ما روي في هذا الباب فليس بقوى، وذكر أنه روى عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة. وقال العقيلي
(3)
: الأسانيد في هذا الباب فيها لين.
وقد قال أحمد بن حنبل: إنه أحسن شيء في هذا الباب، وقد قال أيضًا: لا أعلم في التسمية حديثًا صحيحًا، وأقوى شيء فيه حديث كثير بن زيد عن ربيح. وقال إسحق
(4)
: هذا يعني حديثَ أبي سعيد، أصحُّ ما في الباب.
وأما حديثُ سعيد بن زيد فرواه الترمذي
(5)
والبزارُ
(6)
وأحمدُ
(7)
وابن ماجه
(8)
والدارقطني
(9)
والعقيلي
(10)
والحاكم
(11)
، وأعل بالاختلاف والإِرسال. وفي إسناده
(1)
أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج الفقيه، أجل أصحاب الإمام أحمد، لازمه دهرًا، كان إمامًا في السنة، شديد الاتباع، له جلالة عظيمة. "تذكرة الحفاط"(2/ 630 - 633).
(2)
انظر: "مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله" ص 25.
(3)
في "الضعفاء"(1/ 177).
(4)
إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، أبو محمد بن راهويه المروزي، ثقة حافظ مجتهد. قرين أحمد بن حنبل. ذكر أبو داود أنه تغير قبل موته بيسير "التقريب"(1/ 54).
(5)
في السنن (1/ 37 رقم 25) وقال: قال أحمد بن حنبل: "لا أعلم في هذا الباب حديثًا له إسناد جيد".
قلت: وفيما قاله الإمام أحمد رحمه الله نظر، فقد ثبت الحديث بذلك كما تقدم.
(6)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 74). ولم أجده في مسند البزار - البحر الزخار - من مسند سعيد بن زيد.
(7)
في المسند (4/ 70).
(8)
في السنن (1/ 140 رقم 398).
(9)
في السنن (1/ 72 رقم 10).
(10)
في "الضعفاء"(1/ 177).
(11)
في المستدرك (4/ 60).
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 3) والطيالسي في مسنده (ص 33 رقم 243) والطحاوي في "مشكل الآثار"(1/ 26) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 43) وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1/ 336).
من طريق أبي ثِفَال المري، عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب عن جدته عن أبيها سعيد بن زيد مرفوعًا:"لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه".
• أبو ثِفَال: اسمه ثمامة بن وائل بن حصين، وقد ينسب لجده، وقيل: اسمه وائل بن =
أبو ثِفَال
(1)
عن رباح مجهولان، فالحديث ليس بصحيح، قاله أبو حاتم وأبو زرعة
(2)
. وقد أطال الكلام على حديث سعيد بن زيد في التلخيص
(3)
.
وأما حديث عائشة فرواه البزار
(4)
وأبو بكر بن أبي شيبة
(5)
في مسنديهما وابن عدي
(6)
وفي إسناده حارثة بن محمد
(7)
وهو ضعيف.
وأما حديث سهل بن سعد فرواه ابن ماجه
(8)
والطبراني
(9)
وفيه
= عاشم بن حصين، مشهور بكنيته. مقبول من الخامسة. "التقريب"(1/ 120).
• رباح .. مقبول من الخامسة: "التقريب"(1/ 242).
جدته: أسماء بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوية، ويقال أن لها صحبة.
"التقريب"(2/ 589).
(1)
في حاشية المخطوط: بكسر الثاء المثلثة وضمها وبعدها فاء. تمت البدر المنير.
(2)
انظر: العلل لابن أبي حاتم (1/ 52 رقم 129).
(3)
لابن حجر (1/ 74).
وخلاصة القول أن حديث سعيد بن زيد حديث ضعيف جدًّا والله أعلم.
(4)
في مسنده (1/ 137 رقم 261 - كشف).
(5)
في المصنف (1/ 3).
(6)
في "الكامل"(2/ 198) في ترجمة حارثة بن محمد.
وقال ابن عدي: "وبلغني عن أحمد بن حنبل رحمه الله أنه نظر في جامع إسحاق بن راهويه فإذا أول حديث قد أخرج في جامعه هذا الحديث، فأنكره جدًّا، وقال: أول حديث في الجامع يكون عن حارثة" اهـ.
(7)
حارثة بن أبي الرجال، وأبو الرجال هو محمد بن عبد الرحمن المدني. له عن جدته، وعن أبيه، وعنه أبو معاوية وأبو أسامة. ضعفه أحمد وابن معين، وقال النسائي: متروك، وقال البخاري: منكر الحديث، لم يعتد به أحد. انظر:"ميزان الاعتدال"(1/ 415).
قلت: وأخرج حديث عائشة: أبو يعلى في المسند (8/ 142 رقم 331/ 4687) و (8/ 227 رقم 440/ 4796) و (8/ 278 رقم 508/ 4864) والدارقطني (1/ 72 رقم 4).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 220) وقال: "رواه أبو يعلى، ورى البزار بعضه": "إذا بدأ بالوضوء سمى" ومدار الحديثين على حارثة بن محمد وقد أجمعوا على ضعفه.
(8)
في السنن (1/ 140 رقم 400).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 111 رقم 166): "هذا إسناد ضعيف، لاتفاقهم على ضعف عبد المهيمن، رواه الدارقطني في سننه (1/ 71 رقم 3) والحاكم في المستدرك (1/ 269) من طريق عبد المهيمن، لكن لم ينفرد به عبد المهيمن، فقد تابعه عليه أبي أخو عبد المهيمن.
(9)
في الكبير (6/ 121 رقم 5698 و 5699).
عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد
(1)
وهو ضعيف، وتابعه أخوه أبي بن عباس
(2)
وهو مختلف فيه.
وأما حديث أبي سبرة وأم سبرة، فرواه الدولابي في الكني
(3)
، والبغوي في الصحابة. والطبراني في الأوسط
(4)
، وفيه عيسى بن سبرة بن أبي سبرة وهو ضعيف.
وأما حديث علي فرواه ابن عدي
(5)
وقال: إسناده ليس بمستقيم.
وأما حديث أنس فرواه عبد الملك بن حبيب الأندلسي
(6)
، وعبد الملك شديد الضعف.
قال الحافظ
(7)
: "والظاهرُ أن مجموع الأحاديثِ يحدثُ منها قوةٌ تدلُ على أن له أصلًا. وقال أبو بكر بنُ أبي شيبةَ: ثبتَ لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قالَهُ". قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي
(8)
: "ولا يخلو هذا الباب من حسن صريح وصحيح غير صريح"
(9)
.
(1)
عبد المهيمن بن عباس
…
المدني: ضعيف من الثامنة. "التقريب" رقم (4235).
(2)
أبي بن عباس. أخرج له البخاري حديثًا واحدًا رقم (2855).
(3)
(1/ 36).
(4)
رقم (1115). وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 228) وقال: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه يحيى بن أبي يزيد بن عبد الله بن أنيس ولم أر من ترجمه.
• وأما حديث أم سبرة فقد أخرجه أبو موسى في "المعرفة" كما في "تلخيص الحبير"(1/ 75) وضعفه.
(5)
في "الكامل"(5/ 1883) في ترجمة عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه عن جده عن علي. وقال: إسناده ليس بمستقيم.
(6)
كما في "تلخيص الحبير"(1/ 75).
قلت: وأخرج حديث أنس الدارقطني في السنن (1/ 71 رقم 1).
(7)
في "التلخيص"(1/ 75).
(8)
واسمه "النفح الشذي في شرح جامع الترمذي" ولم يطبع منه إلَّا جزء، فيما أعلم.
(9)
قلت: والخلاصة أن الحديث حسن بمجموع طرقه المتقدمة.
انظر: "تلخيص الحبير"(1/ 72 - 76) والإرواء (1/ 122 - 123).
[مذاهب العلماء في التسمية]:
والأحاديث تدل على وجوب التسمية في الوضوء لأن الظاهر أن النفي للصحة لكونها أقرب إلى الذات وأكثر لزومًا للحقيقة، فيستلزم عدمها عدم الذات وما ليس بصحيح لا يجزي ولا يقبل ولا يعتد به، وإيقاع الطاعة الواجبة على وجه يترتب قبولها وإجراؤها عليه واجب.
وقد ذهب إلى الوجوب والفرضية العترة والظاهرية وإسحاق، وإحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل. واختلفوا هل هي فرض مطلقًا أو على الذاكر؟ فالعترة على الذاكر، والظاهرية مطلقًا، وذهبت الشافعية والحنفية ومالك وربيعة، وهو أحد قولي الهادي إلى أنها سنة
(1)
.
احتج الأولون بأحاديث الباب، واحتج الآخرون بحديث ابن عمر مرفوعًا "من توضأ وذكر اسم الله عليه كان طهورًا لجميع بدنه، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهورًا لأعضاء وضوئه" أخرجه الدارقطني
(2)
والبيهقي
(3)
وفيه أبو بكر الداهري عبد الله بن الحكم
(4)
، وهو متروك ومنسوب إلى الوضع.
(1)
البحر الزخار (1/ 58).
وانظر: "المغني"(1/ 145 - 146) والفروع (1/ 143 - 144) والإنصاف (1/ 128 - 129) والمبدع (1/ 107) والهداية لأبي الخطاب (1/ 13).
وقال الإمام الشافعي وأصحابه: تسن التسمية، فيصح الوضوء مع تركها ولو عمدًا انظر:"حلية العلماء"(1/ 136) ومغني المحتاج (1/ 57) والأم (1/ 99) والمجموع (1/ 386 - 387).
(2)
في السنن (1/ 74، 75).
(3)
في السنن الكبرى (1/ 44) وقال: وهذا أيضًا ضعيف أبو بكر الداهري غير ثقة عند أهل العلم بالحديث.
(4)
قال يعقوب بن شيبة: متروك الحديث.
وقال إبراهيم بن أبي طالب: متروك يتكلمون فيه.
انظر: "لسان الميزان"(3/ 759 - 762) والميزان (2/ 410) والكامل لابن عدي (4/ 138) والضعفاء الكبير للعقيلي (2/ 241).
• الدَاهِري: بفتح الدال وكسر الهاء وفي آخرها راء - هذه النسبة إلى داهر والمشهور بهذه النسبة أبو بكر عبد الله بن حكيم الداهري. اللباب (1/ 488).
ورواه الدارقطني
(1)
والبيهقي
(2)
أيضًا من حديث أبي هريرة، وفيه مرداس بن محمد بن عبد الله بن أبان عن أبيه وهما ضعيفان
(3)
. ورواه الدارقطني
(4)
والبيهقي
(5)
أيضًا من حديث ابن مسعود، وفي إسناده يحيى بن [هشام]
(6)
السمسار
(7)
وهو متروك.
(1)
في السنن (1/ 74).
(2)
في السنن الكبرى (1/ 45) وقال البيهقي (1/ 44): "وروي من وجه آخر ضعيف عن أبي هريرة مرفوعًا.
وقال الذهبي في "الميزان"(4/ 88): مرداس لا أعرفه. وخبره منكر في التسمية على الوضوء.
(3)
قلت: هذا سهو من الإمام الشوكاني رحمه الله.
قال ابن الملقن في "البدر المنير"(3/ 261): وقال عبد الحق في "الأحكام": "محمد بن أبان لا أعرفه الآن. وأما أيوب فمعروف ثقة".
قال ابن القطان في "علله" - الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام (3/ 227)، "ولقد جعل من محمد بن أبان مجهولًا، وإن كان يغلب على الظن أنه محمد بن أبان الجعفي، جد مُشْكَدانة الحافظ، وهو كوفي ضعيف، كان رأسًا في المرجئه، فتُرِك لأجل ذلك حديثه".
ثم نقل عن البخاري - في التاريخ الكبير (1/ 420) - أنه قال في أيوب بن عائذ "كوفي مرجيء". قال: "ووراء هذا كلَّه أن في إسناد هذا الحديث من لا يعرف البتة، وهو مرداس بن محمد بن عبد الله بن أبي بردة".
قال الحافظ ابن حجر ردًا على ابن القطان في قوله بأنَّه لا يعرف البتة: هو مشهور بكنيته أبو بلال، من أهل الكوفة، يروي عن قيس بن الربيع والكوفيين روى عنه أهل العراق. وفي ترجمة أبي بلال الأشعري الكوفي قال: يقال اسمه مرداس بن محمد، روى عن أبي بكر النهشلي، ومالك بن أنس. وعنه أحمد بن أبي عزرة ومطين وجماعة. ضعفه الدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات" فقال اسمه: مرداس، يغرب ويتفرد. "الثقات"(9/ 199) و "اللسان"(6/ 14) و (7/ 22).
وقد فرق ابن أبي حاتم في الجرح التعديل (8/ 199 - 200) بين محمد بن أبان الجعفي الذي كان يقول بالإرجاء، وبين محمد بن أبان بن صالح جد مشكدانة. وقال الحافظ في اللسان (5/ 31) وهو الراجح.
(4)
في السنن (1/ 73 رقم 11) وقال: يحيى بن هاشم ضعيف.
(5)
في السنن الكبرى (1/ 44) وقال: هذا حديث ضعيف لا أعلم رواه عن الأعمش إلَّا يحيى بن هاشم ويحيى متروك الحديث.
(6)
في (ب): (هاشم) وهو الصواب.
(7)
كذبه ابن معين، وقال النسائي وغيره: متروك، وقال ابن عدي: كان ببغداد يضع الحديث ويسرقه.
"الميزان"(4/ 412) و "اللسان"(6/ 279) والجرح والتعديل (9/ 195).
قالوا: فيكون هذا الحديث قرينة لتوجه ذلك النفي إلى الكمال لا إلى الصحة كحديث "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد"
(1)
فلا وجوب ويؤيد ذلك حديث "ذكر الله على قلب المؤمن سمى أو لم يسم"
(2)
. واحتج البيهقي على عدم الوجوب بحديث "لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله"
(3)
وتقديره أن التمام لم يتوقف على غير الإِسباغ، فإذا حصل حصل. واستدل النسائي وابن خزيمة والبيهقي على استحباب التسمية بحديث أنس
(4)
قال: "طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءًا فلم يجد فقال: هل مع أحد منكم ماء؟ فوضع يده في الإِناء فقال [صلى الله عليه وسلم]
(5)
: توضئوا باسم الله" وأصله في الصحيحين
(6)
بدون قوله: "توضئوا باسم الله".
وقال النووي
(7)
: "يمكن أن يحتج في المسألة بحديث أبي هريرة "كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه ببسم الله فهو أجذم"
(8)
ولا يخفى على الفطن ضعف
(1)
وهو حديث ضعيف.
أخرجه الدارقطني (1/ 419 - 420) والعقيلي في الضعفاء (4/ 80 - 81).
وعلقه البخاري في تاريخه الكبير (1/ 111) وقال: في إسناده نظر.
وقال العقيلي: هذا يُروى بغير هذا الإسناد بوجه صالح.
ولمزيد من الكلام عليه انظر كتاب بيان الوهم والإيهام لابن القطان (3/ 342 رقم 1088).
(2)
فلينظر من أخرجه؟!
(3)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 44). وقال: احتج أصحابنا - الشافعية - في نفي وجوب التسمية بهذا الحديث.
(4)
أخرجه النسائي (1/ 61) وابن خزيمة في صحيحه (1/ 74 رقم 144) والدارقطني (1/ 71 رقم 1) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 43) من حديث معمر عن ثابت وقتادة عن أنس، به.
قال البيهقي: هذا أصح ما في التسمية.
وقال النووي في "المجموع"(1/ 385): "وإسناده جيد، واحتج به البيهقي في كتابه "معرفة السنن والآثار"، وضعف الأحاديث الباقية" اهـ.
وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم (76): بإسناد صحيح.
قلت: وهو كما قال حفظه الله، وإن كان قد تُلكم في رواية معمر عن ثابت خاصة، فروايته عنه هنا مقرونة بقتادة، مما يقويها والله أعلم.
وخلاصته القول أن الحديث صحيح.
(5)
زيادة من (ب).
(6)
البخاري (1/ 271 رقم 169) ومسلم رقم (2279).
(7)
في "المجموع"(1/ 385).
(8)
وهو حديث ضعيف. =
هذه المستندات وعدم صراحتها وانتفاء دلالتها على المطلوب، وما في الباب إن صلح للاحتجاج أفاد مطلوب القائل بالفرضية لما قدّمنا، ولكنه صرح ابن سيد الناس في شرح الترمذي بأنه قد روى في بعض الروايات لا وضوء كاملًا. وقد استدل به الرافعي، قال الحافظ
(1)
: لم أره هكذا انتهى. فإن ثبتت هذه الزيادة من وجه معتبر فلا أصرح منها في إفادة مطلوب القائل بعدم وجوب التسمية. وقد استدل من قال بالوجوب على الذاكر فقط بحديث "من توضأ وذكر اسم الله كان طهورًا لجميع بدنه"
(2)
وقد تقدم الكلام عليه، قالوا: فحملنا أحاديث الباب على الذاكر، وهذا على الناسي جمعًا بين الأدلة ولا يخفى ما فيه
(3)
.
= • أخرجه أبو داود (5/ 172 رقم 4840) وابن ماجه (1/ 610 رقم 1894) والنسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (494) وابن حبان في صحيحه رقم (1 - 2) والدارقطني (1/ 229 رقم 1 - 2) والبيهقي (3/ 208 - 209) والطبراني في الكبير (19/ 72 رقم 141).
وأحمد في المسند (2/ 359) والسبكي في "طبقات الشافعية"(1/ 7، 15، 16) من طرق موصولًا عن أبي هريرة.
• وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(رقم 495 - 496) عن الزهري مرسلًا من طريقين.
وذكره المزي في "تحفة الأشراف"(13/ 368) في قسم المراسيل. وقال أبو داود: رواه يونس، وعقيل، وشعيب، وسعيد بن عبد العزيز عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
وقال الدارقطني: والمرسلُ هو الصواب.
وقال المحدث الألباني في "الإرواء"(1/ 32): وجملة القول أن الحديث ضعيف؛ لاضطراب الرواة فيه على الزهري، وكل من رواه عنه موصولًا ضعيف، أو السند إليه ضعيف والصحيح عنه مرسلًا
…
" اهـ.
(1)
في "تلخيص الحبير"(1/ 76).
(2)
وهو حديث ضعيف تقدم تخريجه آنفًا (2/ 26) من كتابنا هذا.
(3)
وخلاصة القول في التسمية: أنها تجب على كل مكف إذا ذكر.
• لحديث أنس الصحيح المتقدم مع أن ابن الملقن قال في "البدر المنير"(3/ 253): "قلت: بل وجد في التسمية حديث صحيح من غير شك ولا مرية، لكن ليس بصريح بل يستدل بعمومه".
• وللحديث الذي أخرجه أبو داود (1/ 75 رقم 101) وابن ماجه (1/ 140 رقم 399) وغيرهما.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه" وقد تقدم برقم (2/ 164) من كتابنا هذا.
[الباب الثالث] باب استحباب غسل اليدين قبل المضمضة وتأكيده لنوم الليل
3/ 165 - (عَنْ أوْسٍ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِّي قالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ فاسَتَوْكَفْ ثَلاثًا أَيْ غَسَلَ كَفَّيْهِ. رَواهُ أَحْمَدُ
(1)
والنَّسائيُّ)
(2)
. [صحيح]
الحديث رجاله عند النسائي ثقات إلا حميد بن مسعدة فهو صدوق
(3)
.
قوله: (أوس بن أوس) ويقال ابن أبي أوس في صحبته خلاف، وقد ذكره أبو عمر
(4)
في الصحابة. وهذا الحديث معناه في الصحيحين
(5)
من حديث عثمان
(1)
في المسند (4/ 9).
(2)
في السنن (1/ 64) بسند حسن. وهو حديث صحيح.
(3)
حُميد بن مَسْعَده بن المبارك الساميُّ أو الباهليُّ، بصري؛ صدوق، من العاشرة أخرج له مسلم والأربعة "التقريب"(1559).
(4)
أي ابن عبد البر في "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" ت (112).
قلت: وذكره ابن الأثير في "أسد الغابة في معرفة الصحابة" ت: (287) وابن حجر في "الإصابة في تمييز الصحابة" ترجمة (315) وقال الحافظ: "نقل عباس عن ابن معين أن أوس بن أوس الثقفي، وأوس بن أبي أوس الثقفي واحد.
وقيل: إن ابن معين أخطأ في ذلك، وإن الصواب أنهما اثنان، وقد تبع ابن معين على ذلك أبو داود وغيره. والتحقيق أنهما اثنان، ومن قال في أوس بن أوس: أوس بن أبي أوس - أخطأ، كما قيل في أوس بن أبي أوس: أوس بن أوس، وهو خطأ، وأما أوس بن أبي أوس فاسم والده حذيفة" اهـ.
وقال الحافظ في "التقريب" رقم (572): أوس بن أوس الثقفي: صحابي، سكن دمشق أخرجه له الأربعة.
وفي رقم (573): أوس بن أبي أوس، واسم أبي أوس: حذيفة الثقفي: صحابي أيضًا، وهو غير الذي قبله على الصحيح.
أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
(5)
البخاري (1/ 259 رقم 159) و (1/ 261 رقم 160) و (1/ 266 رقم 164) و (4/ 158 رقم 1934) و (11/ 250 رقم 6433).
ومسلم (1/ 205 رقم 3 - 4/ 226).
بلفظ: "فأفرغ على كَفَّيْهِ ثلاثَ مَرَّاتٍ فغسلهما"، وقال في آخره "رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم توضَّأَ نحوَ وضُوئي هذا"، وسيأتي في هذا الكتاب
(1)
.
وأخرج أبو داود
(2)
من حديث عثمان أيضًا بلفظ: "أفرغ بيده اليمنى على اليسرى ثم غسلهما إلى الكوعين" وثبت نحوه أيضًا من حديث علي عليه السلام وعبد الله بن زيد عند أهل السنن
(3)
.
والحديث يدل على شرعية غسل الكفين قبل الوضوء، وقد اختلف الناس في ذلك فعند الهادي في أحد قوليه والمؤيد بالله وأبي طالب والمنصور بالله والشافعية والحنفية أنه مسنون ولا يجب
(4)
لحديث "توضأ كما أمرك الله"
(5)
ولم يذكر فيه غسل اليدين.
وقال القاسم: وهو أحد قولي الهادي وإليه ذهب ابنه أحمد بن يحيى أنه واجب
(6)
لخبر الاستيقاظ الذي سيأتي بعد هذا
(7)
. وأجيب بأنه لا يدل على الوجوب لقوله فيه "فإنه لا يدري أين باتت يده" وليعلم أن محلّ النزاع غسلهما قبل الوضوء، وحديث الاستيقاظ الغسل فيه لا للوضوء فلا دلالة له على المطلوب، ومجرد الأفعال لا تدل على الوجوب، وسيأتي الكلام على ما هو الحق في الحديث الذي بعد هذا إن شاء الله
(8)
.
(1)
برقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(2)
في السنن (1/ 81 رقم 109) بسند حسن.
(3)
• أخرجه أبو داود (1/ 81 رقم 111) والترمذي (1/ 67 رقم 48).
والنسائي (1/ 68 رقم 92) وابن ماجه (1/ 142 رقم 404) وهو حديث صحيح.
من حديث علي بن أبي طالب.
• أخرجه أبو داود (1/ 86 رقم 118) والترمذي (1/ 41 رقم 28) والنسائي (1/ 71 رقم 97) وابن ماجه (1/ 149 رقم 434) وهو حديث صحيح من حديث عبد الله بن زيد.
(4)
انظر البحر الزخار (1/ 76).
وانظر: "الفروع (1/ 144) والإنصاف (1/ 130) ومغني المحتاج (1/ 57) وروضة الطالبين (1/ 58) وحلية العلماء (1/ 136).
(5)
أخرجه أبو داود (1/ 538 رقم 861) من حديث رفاعة بن رافع وهو حديث صحيح.
(6)
انظر: البحر الزخار (1/ 76).
وانظر المغني (1/ 140) والفروع (1/ 144) والإنصاف (1/ 130) والمبدع (1/ 108).
(7)
و
(8)
برقم (4/ 166) و (5/ 167) من كتابنا هذا.
4/ 166 - (وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رضي الله عنه]
(1)
أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذا اسْتَيقَظَ أَحَدُكُمْ مِنَ نَوْمِهِ فَلا يَغْمِسْ يَدَهُ حَتَّى يَغْسِلها ثَلاثًا فإِنَّهُ لا يَدري أينَ باتَتْ يَدْهُ". رَواهُ الجمَاعَةُ
(2)
إلا أن البُخارِيَّ لَمْ يَذْكُرِ العَدَدَ، وفي لفْظِ التِّرْمذِي وابْنِ ماجهْ "إذا اسْتَيقَظَ أَحَدُكُمْ مِنَ الليْلِ"). [صحيح]
5/ 167 - (وعن ابْنِ عُمَرَ أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ منامِهِ فَلا يَدْخِلْ يَدَهُ في الإِناءِ حَتَّى يَغْسِلهَا ثَلاثَ مَرْات فإنَّهُ لا يَدْرِي أينَ باتَتْ يَدُهُ أوْ أينَ طَافَتْ يَدُهُ" رَواهُ الدَّارقُطْنِي
(3)
وقالَ: إسْنادٌ حسنٌ). [صحيح]
للحديث طرق (منها) ما ذكره المصنف (ومنها) عند ابن عدي
(4)
بزيادة "فليرقه" وقال: إنها زيادة منكرة. (ومنها) عند ابن خزيمة
(5)
وابن حبان
(6)
والبيهقي
(7)
بزيادة
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه مسلم (1/ 233 رقم 87/ 278) والترمذي (1/ 36 رقم 24) وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي (1/ 6 رقم 1) و (1/ 99 رقم 161) وأحمد في المسند (2/ 241، 265، 284، 382، 455) وأبو عوانة (1/ 263 - 264) وابن ماجه (1/ 138 رقم 393) والشافعي في الأم (1/ 39) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 98) والدارمي (1/ 196) وابن خزيمة (1/ 52 رقم 99) و (1/ 75 رقم 145) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 22) والخطيب في "تاريخ بغداد"(11/ 300) وابن الجاورد في المنتقى (رقم 9) والدراقطني (1/ 49 رقم 1) و (1/ 50 رقم 4) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 46) وأبو داود (1/ 76 رقم 103) و (1/ 77 رقم 104) و (1/ 78 رقم 105) والبغوي في "شرح السنة"(1/ 406 رقم 208) من طرق
…
عن أبي هريرة رضي الله عنه. (مع ذكر الثلاث).
• وأخرجه البخاري (1/ 263 رقم 162) ومسلم (1/ 233 رقم 88/ 278) وأحمد في المسند (2/ 465، 271، 403) والشافعي في الأم (1/ 26) ومالك (1/ 21 رقم 9) وأبو عوانة (1/ 263 - 264) والبيهقي (1/ 45، 47) والبغوي في "شرح السنة"(1/ 406 رقم 207) من طرق
…
عن أبي هريرة رضي الله عنه. (بدون ذكر الثلاث).
(3)
في سننه (1/ 49 - 50 رقم 3) وقال: إسناده حسن.
قلت: وأخرجه ابن ماجه (1/ 139 رقم 394) وابن خزيمة في "صحيحه"(1/ 75 رقم 146) والبيهقي (1/ 46).
وهو حديث صحيح.
(4)
في "الكامل"(6/ 374) ترجمة: معلى بن الفضل البصري. والزيادة (فليرقة) منكرة.
(5)
في صحيحه (1/ 52 رقم 100).
(6)
في صحيحه (3/ 347 رقم 1065).
(7)
في السنن الكبرى (1/ 46).
"أين باتت يده منه" قال ابن منده
(1)
: هذه الزيادة رواتها ثقات ولا أراها محفوظة.
وفي الباب عن جابر عند الدارقطني
(2)
وابن ماجه
(3)
. وابن عمر، رواه ابن ماجه
(4)
وابن خزيمة
(5)
بزيادة لفظ منه. وعائشة، رواه ابن أبي حاتم في العلل
(6)
وحكى عن أبيه أنه وهم.
قوله: (من نومه) أخذ بعمومه الشافعي
(7)
والجمهور فاستحبوه عقب كل نوم، وخصه أحمد
(8)
وداود بنوم الليل لقوله في آخر الحديث: "باتت يده" لأن حقيقة المبيت [تكون]
(9)
بالليل. ويؤيده ما ذكره المصنف رحمه الله في رواية الترمذي
(10)
وابن ماجه
(11)
، وأخرجها أيضًا أبو داود
(12)
وساق مسلم
(13)
إسنادها
(1)
ذكره الحافظ في "تليخص الحبير"(1/ 34). قلت: قوله: "منه" تفرَّد بها محمد بن الوليد البُسْري، وهو ثقة. كما في "التقريب"(2/ 216).
(2)
في سننه (1/ 49 رقم 2) وقال: إسناده حسن.
(3)
في سننه (1/ 139 رقم 395).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 164 رقم 164): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. رواه الدارقطني في سننه من هذا الوجه.
وله شاهد في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أبي هريرة.
وخلاصة القول أن حديث جابر صحيح.
(4)
في سننه (1/ 139 رقم 394).
(5)
في صحيحه (1/ 75 رقم 146).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 164 رقم 163): "هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، رواه الداقطني في سننه - (1/ 49 رقم 3) - وقال: إسناد حسن" اهـ.
وخلاصة القول أن حديث ابن عمر صحيح.
(6)
(1/ 62 رقم 162).
قال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عنه. فقال: إنَّه وهمٌ والصواب حديث أبي هريرة.
(7)
انظر: "المجموع"(1/ 389).
(8)
انظر: "المغني"(1/ 140) والفروع (1/ 144) والإنصاف (1/ 130 - .. ) والمبدع (1/ 108).
(9)
في (جـ): (يكون).
(10)
في سننه رقم (24) وقد تقدم.
(11)
في سننه رقم (393) وقد تقدم.
(12)
في سننه رقم (103) وقد تقدم.
(13)
في صحيحه رقم (87/ 278) وقد تقدم.
وما في رواية لأبي عوانة
(1)
ساق مسلم
(2)
إسنادها أيضًا "إذا قام أحدكم للوضوء حين يصبح" لكن التعليل بقوله: "فإنه لا يدري أين باتت يده" يقضي بإلحاق نوم النهار بنوم الليل، وإنما خص نوم الليل بالذكر للغلبة.
قال النووي
(3)
: "وحكى عن أحمد في رواية أنه إن قام من نوم الليل كره له كراهة تحريم، وإن قام من نوم النهار كره له كراهة تنزيه. قال: ومذهبنا ومذهب المحققين أن هذا الحكم ليس مخصوصًا بالقيام من النوم بل المعتبر الشك في نجاسة اليد، فمتى شك في نجاستها كره له غمسها في الإِناء قبل غسلها سواء كان قام من نوم الليل أو النهار أو شك" انتهى.
[اختلاف العلماء في إدخال اليد في الإناء عند الاستيقاظ]:
والحديث يدل على المنع من إدخال اليد إلى إناء الوضوء عند الاستيقاظ، وقد اختلف في ذلك، فالأمر عند الجمهور
(4)
على الندب، وحمله أحمد
(5)
على الوجوب في نوم الليل واعتذر الجمهور عن الوجوب بأن التعليل بأمر يقتضي الشك قرينة صارفة عن الوجوب إلى الندب، وقد دفع بأن التشكيك في العلة لا يستلزم التشكيك في الحكم وفيه أن قوله:"لا يدري أين باتت يده" ليس تشكيكًا في العلة بل تعليلًا بالشك وأنه يستلزم ما ذكر. ومن جملة ما اعتذر به الجمهور عن الوجوب حديث "أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من الشن
(6)
المعلق بعد قيامه من النوم ولم يُرْوَ أنه غسل يده" كما ثبت في حديث ابن عباس
(7)
وتعقب بأن قوله: "أحدكم" يقتضي اختصاص الأمر بالغسل بغيره فلا يعارضه ما ذكر، ورد بأنه صح عنه صلى الله عليه وسلم غسل يديه قبل إدخالهما في الإِناء حال اليقظة فاستحبابه بعد النوم أولى،
(1)
في مسنده رقم (735).
(2)
في صحيحه رقم (1/ 233 رقم 278 عقب 88).
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 180 - 181).
(4)
انظر: "حلية العلماء"(1/ 136 - 137).
(5)
انظر: "الشرح الممتع على زاد المستقنع" لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (1/ 137 - 138).
(6)
الشَنُّ: القربة. النهاية (2/ 506).
(7)
أخرجه البخاري رقم (1198).
ويكون تركه لبيان الجواز. ومن الأعذار للجمهور أن التقييد بالثلاث في غير النجاسة العينية يدل على الندبية وهذه الأمور إذا ضمت إليها البراءة الأصلية لم يبق الحديث منتهضًا للوجوب ولا لتحريم الترك، ولا يصح الاحتجاج به على غسل اليدين قبل الوضوء، فإن هذا ورد في غسل النجاسة وذاك سنة أخرى.
ويدل على هذا ما ذكره الشافعي وغيره من العلماء أن السبب في الحديث أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالأحجار وبلادهم حارة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن النائم أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس أو على قذر غير ذلك، فإذا كان هذا سبب الحديث عرفت أن الاستدلال به على وجوب عسل اليدين قبل الوضوء ليس على ما ينبغي. فإن قلت: هذا قصر على السبب، وهو مذهب مرجوح. قلت: سلمنا عدم القصر على السبب فليس في الحديث إلا نهى المستيقظ عن نوم الليل أو مطلق النوم فهو أخص من الدعوى أعني: مشروعية غسل اليدين قبل الوضوء مطلقًا فلا يصح للاستدلال به على ذلك ونحن لا ننكر أن غسل اليدين قبل الوضوء من السنن الثابتة بالأحاديث الصحيحة كما في حديث عثمان الآتي
(1)
وغيره، وكما في الحديث الذي في أول الباب
(2)
ولا منازعة في سنيته إنما النزاع في دعوى وجوبه والاستدلال عليها بحديث الاستيقاظ. وقد سبق ذكر الخلاف في ذلك في الحديث الذي قبل هذا
(3)
.
قوله: (فلا يدخل يده في الإناء) في رواية للبخاري
(4)
"في وضوئه". وفي رواية لابن خزيمة
(5)
"في إنائه أو وضوئه". والظاهر اختصاص ذلك بإناء الوضوء ويلحق به الغسل بجامع أن كل واحد منهما يراد التطهر به.
وخرج بذكر الإناء البرك والحياض التي لا تفسد بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها فلا يتناولها النهي.
(1)
برقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(2)
الباب الثالث: باب استحباب غسل اليدين قبل المضمضة وتأكيده لنوم الليل ..
رقم الحديث (3/ 165) من كتابنا هذا.
(3)
رقم (4/ 166) ورقم (5/ 167) من كتابنا هذا.
(4)
رقم (162).
(5)
رقم (100).
وفي الحديث أيضًا دلالة على أن الغسل سبع ليس عامًا لجميع النجاسات كما زعمه البعض بل خاصًّا بنجاسة الكلب باعتبار ريقه، والجمهور من المتقدمين والمتأخرين على أنه لا ينجس الماء إذا غمس يده فيه، وحكى عن الحسن البصري أنه [ينجس]
(1)
إن قام من نوم الليل، وحكى أيضًا عن إسحق بن راهوية ومحمد بن جرير الطبري، قال النووي
(2)
: "وهو ضعيف جدًّا فإن الأصل في اليد والماء: الطهارة فلا ينجس بالشك وقواعد الشريعة متظاهرة على هذا".
قال المصنف
(3)
رحمه الله: "وأكثر العلماء حملوا هذا على الاستحباب، مثل ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ أحدُكُم من مَنَامِهِ فليستَنْثِرْ ثلاث مراتٍ فإن الشيطان يَبِيتُ على خياشيمه" متفق عليه
(4)
انتهى.
[و]
(5)
إنما مثل المصنف محلّ النزاع بهذا الحديث لأنه قد وقع الاتفاق على عدم وجوب الاستنثار عند الاستيقاظ ولم يذهب إلى وجوبه أحد، وإنما شرع لأنه يذهب ما يلصق بمجرى النفس من الأوساخ وينظفه فيكون سببًا لنشاط القارئ وطرد الشيطان، والخيشوم أعلى الأنف، وقيل: هو الأنف كله وقيل: هو عِظامٌ رقاق لينة في أقصى الأنف بينه وبين الدماغ. وقد وقع في البخاري
(6)
في بدء الخلق بلفظ "إذا استيقَظَ أحدُكم من منامِهِ فتوضَّأ فليستنثِر ثلاثًا فإن الشيطانَ يبيتُ على خيشُومِهِ" فيحمَلُ المطلق على المقيدِ ويكون الأمرُ بالاستنثار باعتبارِ إرادةِ الوضوءِ وفي وجوبه خلافٌ سيأتي
(7)
.
[الباب الرابع] باب المضمضة والاستنشاق
6/ 168 - (عَنْ عُثْمان بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه أَنهُ دَعا بإناءٍ فأفْرَغَ على كَفَّيْهِ
(1)
في المخطوط: (نجس) وما أثبتناه من شرح مسلم للنووي (3/ 180).
(2)
في شرح صحيح مسلم (3/ 180).
(3)
أي ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 85).
(4)
البخاري (رقم 3295) ومسلم رقم (238).
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
في صحيحه رقم (3295).
(7)
في ثنايا شرح الحديث رقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
ثلاثَ مَرَّاتٍ فَغَسَلهُما ثمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ في الإِناءِ فَمضْمَضَ [واستنثر]
(1)
ثمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثلاثًا وَيَدَيْهِ إلى المِرْفَقَيْنِ ثلاثَ مَرَّاتٍ ثمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ثمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثلاثَ مَرَّاتٍ إلى الْكَعْبَين ثم قالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ نحْوَ وُضُوئِي هذا ثم قال: "مَنْ تَوَضَّأ نَحْوَ وضُوئي هذا ثمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدّثُ فيهما نَفْسَهُ غَفَرَ الله لهُ ما تقدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". مُتَّفق عَلْيهِ)
(2)
. [صحيح]
قوله: (فأفرغَ على كفَّيه ثلاثَ مرَّاتٍ) هذا دليلٌ على أن غسلَهما في أولِ الوضوءِ سنة. قال النووي
(3)
: وهو كذلكَ باتفاقِ العلماءِ، وقد أسلَفْنَا الكلامَ عليهِ في البابِ الذي قبلَ هذا.
قوله: (فمضمضَ) المضمضة: هي أن يجعَلَ الماءَ في فيهِ، ثم يُديره ثم يمجُّهُ قال النووي
(4)
: وأقلها أن يجعل الماء في فيه، ولا يُشترطُ إدارتُه على المشهور عند الجمهور، وعند جماعة من أصحاب الشافعي وغيرهم أن الإِدارةَ شرط، والمعوّلُ عليه في مثلِ هذا الرجوعُ إلى مفهومِ المضمضةِ لغةً، وعلى ذلكَ تنبني معرفةُ الحقِّ، والذي في القاموس
(5)
وغيره أن المضمضةَ: تحريكُ الماءِ في الفم.
قوله: (واستنثَرَ) في روايةِ للبخاري
(6)
"واستنشقَ" والاستنثارُ أعمُّ قاله في الفتح
(7)
، قال النووي
(8)
: "قال جمهور أهل اللغة والفقهاء والمحدثون: الاستنثار: هو إخرجُ الماءِ من الأنفِ بعدَ الاستنشاقِ. وقال ابن الأعرابيِّ وابنُ قُتيبةَ: الاستنثارُ: هو الاستنشاقُ، قالَ: قالَ أهلُ اللغةِ: هو مأخوذٌ من النثْرةِ وهي طرفُ
(1)
في "المخطوط"(واستنشق).
(2)
البخاري (4/ 158 رقم 1934) ومسلم (1/ 204 رقم 3/ 226) وأحمد (1/ 59، 60).
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 105).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 105).
(5)
المحيط ص 844.
(6)
في صحيحه (1/ 259 رقم 159).
(7)
(1/ 259).
(8)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 105).
الأنفِ. وقال الخطابي وغيره: هي الأنف، والمشهورُ الأوَّلُ، قال الأزهريُّ
(1)
: رَوَى سلمةُ عن الفرَّاءِ أنه يقال: نثرَ الرجلُ وانتثر واستنثر إذا حرَّكَ النثرةَ في الطهارةِ" انتهى. وفي القاموس
(2)
استَنْثَر: استنشقَ الماءَ، ثم استخرجَ ذلكَ بنفسِ الأنْفِ، كانتثرَ. وقال
(3)
في الاستنشاف: استنشقَ الماءَ: أدخلَهُ في أنفِهِ.
[اختلاف العلماء في المضمضة والاستنشاق]:
إذا تقرر لك معنى المضمضة والاستنثار والاستنشاق لغة فاعلم أنه قد اختُلِفَ في الوجوبِ وعدمِه، فذهبَ أحمدُ وإسحقُ وأبو عبيدِ وأبو ثَوْرٍ وابن المنذر، ومن أهل البيت الهادي والقاسم والمؤيد بالله إلى وجوب المضمضة والاسنتشاق والاستنثار، وبه قال ابن أبي ليلى وحماد بن سليمان
(4)
، وفي شرح مسلم للنووي
(5)
أن مذهبَ أبي ثورٍ وأبي عُبيدٍ وداودَ الظاهريِّ وأبي بَكْرٍ بن المنذرِ، وروايةً عن أحمدَ أن الاستنشاقَ واجبٌ في الغسل والوضوء، والمضمضة سنة فيهما
(6)
وما نقل من الإِجماع على عدم وجوب الاستنثار متعقب بهذا.
واستدلوا على الوجوب بأدلة (منها) أنها من تمام غسل الوجه فالأمر بغسله أمر بها
(7)
. وبحديث أبي هريرة المتفق عليه
(8)
: "إذَا تَوَضَّأ أحدُكم فليجعلْ في أنفِه ماءً ثم لينتثرْ". وبحديث سَلَمَة بن قَيْس عند الترمذي
(9)
والنسائي
(10)
بلفظ
(1)
في "تهذيب اللغة"(15/ 73 - 75).
(2)
المحيط ص 616.
(3)
المحيط ص 1195.
(4)
انظر: "الفروع"(1/ 144 - 145) والإنصاف (1/ 152 - 153) والمبدع (1/ 122 - 123) و "الكافي"(1/ 26). والبحر الزخار (1/ 61).
(5)
في شرح لصحيح مسلم (3/ 107).
(6)
انظر: "الفروع (1/ 144 - 145) والإنصاف (1/ 152 - 153) والمبدع (1/ 122 - 123).
(7)
لقوله تعالى في سورة المائدة الآية (6): { .. فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ .. } .
(8)
البخاري (1/ 263 رقم 162) ومسلم (1/ 212 - رقم 237).
(9)
في سننه (1/ 40 رقم 27) وقال: حديث حسن صحيح.
(10)
في سننه (1/ 67 رقم 89). قلت: وأخرجه ابن ماجه (1/ 142 رقم 406) وأحمد في المسند (4/ 313) و (4/ 339) وهو حديث صحيح.
"إذَا توضَّأتَ فانَتثِرْ" وبما أخرج أحمد
(1)
والشافعي
(2)
وابن الجارود
(3)
وابن خزيمة
(4)
وابن حبان
(5)
والحاكم
(6)
والبيهقي
(7)
وأهل السنن الأربع
(8)
من حديث لقيط بن صبرة في حديث طويل وفيه: "وبالِغْ في الاستنشاقِ إلَّا أن تكونَ صائمًا" وفي رواية من هذا الحديثِ: "إذا توضَّأْتَ فَمَضْمِضْ" أخرجها أبو داود
(9)
وغيره. قال الحافظ في الفتح
(10)
: إن إسنادَهَا صحيحٌ، وقد ردَّ الحافظ أيضًا في التلخيص
(11)
ما أعل به حديث لقيط من أنه لم يرو عن عاصم بن لقيط بن صبرة إلا إسماعيل بن كثير، وقال: ليس بشيء لأنه روى عنه غيره، وصححه الترمذي والبغوي وابن القطان، وقال النووي
(12)
: "هو حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة".
ومن أدِلَّةِ القائلينَ بالوجوبِ حديثُ أبي هريرةَ الذي سيذكره المصنف في هذا الباب بلفظ "أمرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالمضمضةِ والاستنشاقِ" عندَ الدارقطني
(13)
.
(1)
في المسند (4/ 211). بلفظ: "وإذا استنشقت فبالغ إلَّا أن تكون صائمًا".
(2)
في المسند رقم (80).
(3)
في "المنتقى" رقم (80).
(4)
في صحيحه (1/ 78 رقم 150).
(5)
في صحيحه (3/ 332 رقم 1054).
(6)
في المستدرك (1/ 147 - 148) قال الحاكم: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه
…
".
(7)
في السنن الكبرى (1/ 76).
(8)
أبو داود رقم (142) ورقم (2366) والترمذي رقم (788) والنسائي (1/ 66) وابن ماجه رقم (407).
وهو حديث صحيح.
(9)
في سننه (1/ 100 رقم 144).
(10)
(1/ 262).
(11)
(1/ 81).
(12)
في المجموع (1/ 393).
(13)
في سننه (1/ 116 رقم 9).
قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 52) وقال: "قال وقال مرة أخرى مرسلًا لم يقل عن أبي هريرة. (قال الشيخ) كذا في هذا الحديث أظنة هدبة أرسله مرة ووصله أخرى، وتابعه داود بن المحبر عن حماد في وصله، وغيرهما يرويه مرسلًا كذلك ذكره لي أبو بكر الفقيه عن أبي الحسن الدارقطني. =
وذهبَ مالك والشافعي والأوزاعي والليث والحسن البصري والزهري وربيعة ويحيى بن سعيد وقتادة والحكم بن عتيبة ومحمد بن جرير الطبري والناصر من أهل البيت إلى عدم الوجوب
(1)
.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه والثوري وزيد بن علي من أهل البيت عليهم السلام إلى أنهما فرض في الجنابة، وسنة في الوضوء، فإن تركهما في غسله من الجنابة أعاد الصلاة
(2)
، واستدلوا على عدم الوجوب في الوضوء بحديث:"عَشْرٌ مِنْ سُنَنِ المرسَلِيْنَ"
(3)
وقد رده الحافظ في التلخيص
(4)
وقال: إنه لم يرد بلفظ "عشر من السنن" بل بلفظ من الفطرة ولو ورد لم ينتهض دليلًا على عدم الوجوب، لأن المراد به السنة أي الطريقة لا السنة بالمعنى الاصطلاحي الأصولي، وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم. واستدلوا أيضًا بحديث ابن عباس مرفوعًا بلفظ:"المضمضة والاستنشاق سنة" رواه الدارقطني
(5)
، قال الحافظ
(6)
: "وهو حديث ضعيف". وبحديث: "توضأ كما أمرك الله"
(7)
وليس في القرآن ذكر المضمضة والاستنشاق والاستنثار. ورد بأن الأمر بغسل الوجه أمر بها كما سبق وبأن وجوبها
= (قال الشيخ): وخالفهما إبراهيم بن سليمان الخلال شيخ ليعقوب بن سفيان فقال عن حماد عن عمار عن ابن عباس وكلاهما غير محفوظ" اهـ.
وانظر: "نصب الراية"(1/ 77 - 78).
(1)
انظر: "روضة الطالبين"(1/ 47) وحلية العلماء (1/ 138) ومغني المحتاج (1/ 57).
والبحر الزخار (1/ 61) و "قوانين الأحكام الشرعية" ص 36.
(2)
انظر البحر الزخار (1/ 62). وانظر: "الفقه الإسلامي وأدلته"(1/ 396 - 398).
(3)
أخرج مسلم (1/ 223 رقم 261) والنسائي (8/ 126 رقم 5040) وأبو داود (1/ 44 رقم 53) والترمذي (5/ 91 رقم 2757). وقال: هذا حديث حسن. وابن ماجه (1/ 107 رقم 293) وأحمد في المسند (6/ 137) من حديث عائشة بلفظ "عشر من الفطرة".
(4)
(1/ 77).
(5)
في سننه (1/ 85 رقم 8) وقال: "إسماعيل بن مسلم ضعيف".
قلت: وأورده الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 77) وقال: "قال الدارقطني: والقاسم.
وإسماعيل بن مسلم ضعيفان" اهـ. وخلاصة القول أن الحديث ضعيف.
(6)
في "تلخيص الحبير"(1/ 78):
(7)
وهو جزء من حديث صحيح.
أخرجه أبو داود رقم (861) من حديث رفاعة بن رافع.
ثبت بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأمرُ منه أمر من الله [تعالى]
(1)
بدليل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}
(2)
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي}
(3)
وتمكن مناقشة هذا بأنه إنما يتم لو أَحاله فقط كما وقع لابن دقيق العيد وغيره، وأما بالنظر إلى تمام الحديث وهو "فاغسل وجهك ويديك وامسح رأسك واغسل رجليك" فيصير نصًا على أن المراد كما أمرك الله في خصوص آية الوضوء لا في عموم القرآن، فلا يكون أمره صلى الله عليه وسلم بالمضمضة داخلًا تحت قوله للأعرابي:"كما أمرك الله"
(4)
فيقتصر في الجواب على أنه قد صح أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، والواجب الأخذ بما صح عنه، ولا يكون الاقتصار على البعض في مبادئ [التعليم]
(5)
ونحوها موجبًا لصرف ما ورد بعده وإخراجه عن الوجوب، وإلا لزم قصر واجبات الشريعة بأسرها على الخمس المذكورة في حديث ضمام بن ثعلبة مثلًا لاقتصاره على ذلك المقدار في تعليمه. وهذا خرق للإِجماع وإطراح لأكثر الأحكام الشرعية، وعلى ما سلف من أن الأمر بغسل الوجه أمر بها، وهذا وإن كان مستبعدًا في بادئ الرأي باعتبار أن الوجه في لغة العرب معلوم المقدار لكنه يشد من عضد دعوى الدخول في الوجه، أنه لا موجب لتخصيصه بظاهره دون باطنه، فإن الجميع في لغة العرب يُسمى وجهًا فإن قلت: قد أطلق على خرق الفم والأنف اسم خاص فليسا في لغة العرب وجهًا. قلت: وكذلك أَطلق على الخدين والجبهة وظاهر الأنف والحاجبين وسائر أجزاء الوجه أسماء خاصة فلا تسمى وجهًا، وهذا في غاية السقوط لاستلزامه عدم وجوب غسل الوجه.
فإن قلت: يلزم على هذا وجوب غسل باطن العين. قلت: ملتزم لولا اقتصار الشارع في البيان على غسل ما عداه، وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نزل إلينا فداوم على المضمضة والاستنشاق، ولم يحفظ أنه أخل بهما مرة واحدةٍ، كما ذكره ابن القيم في الهدي
(6)
، ولم ينقل عنه أنه غسل باطن العين مرة واحدة على أنه قد ذهب إلى وجوب غسل باطن العين ابن عمر، والمؤيد بالله من أهل البيت،
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
سورة الحشر: الآية 7.
(3)
سورة آل عمران: الآية 31.
(4)
وهو جزء من حديث صحيح تقدم ص 40.
(5)
في (جـ): (التعاليم).
(6)
أي "زاد المعاد في هدي خير العباد"(1/ 187).
وروى في البحر
(1)
عن الناصر والشافعي أنه يستحب، واستدل لهم بظاهر الآية، وسيأتي متمسك لمن قال بذلك في باب تعاهد الماقِيْن
(2)
. وقد اعترفَ جماعة من الشافعية وغيرهم بضعف دليل من قال بعدم وجوب المضمضة والاستنشاق والاستنثار. قال الحافظ في الفتح
(3)
: "وذكر ابن المنذر أن الشافعي لم يحتج على عدم وجوب الاستنشاق مع صحة الأمر به إلا بكونه لا يعلم خلافًا في أن تاركه لا يعيد، وهذا دليل [فقهي]
(4)
فإنه لا يحفظ ذلك عن أحد من الصحابة والتابعين إلا عن عطاء"
(5)
، وهكذا ذكر ابن حزم في المحلى
(6)
. وذكر ابن سيد الناس في شرح الترمذي
(7)
بعد أن ساق حديث لقيط بن صبرة
(8)
ما لفظه. "وقال أبو بشر الدولابي فيما جمعه من حديث الثوري: حدثنا محمد بن بشار، أخبرنا ابن مهدي، عن سفيان، عن أبي هشام، عن عاصم بن لقيط، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا توضأت فأبلغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكونَ صائمًا" قال أبو الحسين بن القطان
(9)
: وهذا صحيح، فهذا أَمر صحيح صريح، وانضم إليه مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم فثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم قولًا وفعلًا مع المواظبة على الفعل" انتهى. ومن جملة ما أورده في شرح الترمذي من الأدلة القاضية بوجوب المضمضة والاستنشاق حديث عائشة عند البيهقي
(10)
بلفظ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه" وقد ضعف بمحمد بن الأزهر الجوزجاني
(11)
، وقد رواه
(1)
أي "البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار"(1/ 61).
(2)
الباب العاشر من كتاب الطهارة (رقم الحديث: 18/ 180) من كتابنا هذا.
(3)
(1/ 262).
(4)
في "فتح الباري"(1/ 262): "قوي".
(5)
وكمالة العبارة في "الفتح"(1/ 262): "وثبت عنه أنه رجع عن إيجاب الإعادة".
(6)
في "المحلى"(2/ 50 - 51).
(7)
المسمى "النفح الشذي في شرح جامع الترمذي" ولم يطبع المطلوب منه بعد؟! وقد ذكرها ابن القطان في "الوهم والإيهام"(5/ 593).
(8)
وهو حديث صحيح تقدم تخريجه ص 39 من كتابنا هذا.
(9)
في كتابه "الوهم والإيهام"(5/ 593).
(10)
في السنن الكبرى (1/ 52).
(11)
قال علي بن عمر الدارقطني: ضعيف.
البيهقي
(1)
لا من طريقه فرواه عن أبي سعيد أحمد بن محمد الصوفي، عن ابن عدي الحافظ، عن عبد الله بن سليمان الأشعث عن الحسين بن عليّ بن مهران عن عصام بن يوسف عن ابن المبارك عن ابن جريج عن سليمان بن يسار عن الزهري عن عروة عنها. إذا تقرَّرَ هذا علِمْتَ أَن المذهبَ الحقَّ وجوبُ المضمضةِ والاستنشاقِ والاستنثارِ
(2)
.
قوله: (ثم غَسَلَ وجْهَهُ ثلاثَ مرَّاتٍ) وكذلكَ سائر الأعضاء إلا الرأْسَ فإنَّه لم يذكر فيه العدد
(3)
، فيه دليل على أن السنة الاقتصار في مسح الرأس على واحدة
(1)
في السنن الكبرى (1/ 52) وقال الشيخ: "ورواه إسماعيل بن بشر البلخي عن عصام نحوه إلا أنه قال: من الوضوء الذي لا تتم الصلاة إلا به" اهـ.
وقال الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 17): "ثم أسند عن الدارقطني - (1/ 84 رقم 2) - أنه قال: تفرد به عصام ووهم فيه، والصواب عن ابن جريح عن سليمان بن موسى مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أخرجه الدارقطني كذلك. قال: والمرسل أصح، هكذا رواه السفيانان وغيرهما" اهـ.
وخلاصة القول أن حديث عائشة ضعيف والله أعلم.
(2)
وهذا هو الراجح. وانظر "اختيارات ابن قدامة الفقهية"(1/ 155 - 158).
وانظر كذلك "وبل الغمام على شفاء الأوام" للشوكاني بتحقيقي (1/ 95 - 96).
(3)
قلت: لقد ورد التثليث في مسح الرأس بأحاديث:
1 -
أخرج أبو داود رقم (107) عن حمران قال: رأيتُ عثمان بن عفان توضأ، .. وقال فيه: "ومسح رأسه ثلاثًا
…
، ثم قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ هكذا، وقال:"من توضأ دون هذا كفاه" وهو حديث صحيح.
2 -
وأخرج أبو داود رقم (110) عن شقيق بن سلمة قال: رأيتُ عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح رأسه ثلاثًا، ثم قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا. وهو حديث صحيح.
• وقال الحافظ في "الفتح"(1/ 260): "وقد روى أبو داود من وجهين - صحَّح أحدهما ابنُ خزيمة وغيرُه - في حديث عثمان تثليث مسح الرأس، والزيادة من الثقة مقبولة" اهـ.
• وذكر الحافظ في "التلخيص"(1/ 85): أن ابن الجوزي مال في "كشف المشكل"(1/ 160) إلى تصحيح التكرير.
• واختار الأمير الصنعاني في "سبل السلام" عند شرح الحديث رقم (3/ 31) بتخريجنا.
• وأيده الألباني في "تمام المنة" ص 91: "لأن رواية المرَّة الواحدة، وإن كثُرت لا تُعارض رواية التثليث، إذا الكلام في أنه سنه، ومن شأنها أن تُفعل أحيانًا وتترك أحيانًا.
لأن المطلق يصدق بمرة، وقد صرحت الأحاديث الصحيحة بالمرة، وفيه خلاف وسيأتي الكلام على ذلك في باب: هل يسن تكرار مسح الرأس
(1)
؟، وقد أجمع العلماء على أن الواجب غسل الأعضاء مرة واحدة، وأن الثلاث سنة لثبوت الاقتصار من فعله صلى الله عليه وسلم على مرة واحدة ومرتين، وسيأتي لذلك باب في هذا الكتاب
(2)
.
وقد استدل بما وقع في حديث الباب من الترتيب بثم على وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء، وقال ابن مسعود
(3)
ومكحول
(4)
ومالك
(5)
وأبو حنيفة
(6)
وداود
(7)
والمزني
(8)
والثوري
(9)
والبصري
(10)
وابن المسيب
(11)
وعطاء
(12)
والزهري
(13)
والنخعي
(14)
: إنه غير واجب ولا ينتهض الترتيب بثم في حديث الباب على الوجوب لأنه من لفظ الراوي، وغايته أنه وقع من النبي صلى الله عليه وسلم على تلك الصفة، والفعل بمجرده لا يدل على الوجوب. نعم قوله في آخر الحديث:"مَنْ توَضَّأ نحوَ وضُوئي هذا ثمَّ صَلَّى رَكْعتينِ لا يُحَدِّثُ فيهما نفْسَهُ غفَر الله لهُ ما تقدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"
(15)
يشعر بترتيب المغفرة المذكورة على وضوء مرتب على هذا الترتيب، وأما إنه يدل على الوجوب فلا.
(1)
الباب الرابع عشر عند الحديث رقم (29/ 191) من كتابنا هذا.
(2)
الباب الثالث والعشرون عند الحديث رقم (51/ 213) من كتابنا هذا.
(3)
ذكره البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(1/ 314) والنووي في "المجموع"(1/ 471).
وموسوعة فقه عبد الله بن مسعود (ص 491).
(4)
الأوسط لابن المنذر (1/ 422).
(5)
المدونة (1/ 15).
(6)
شرح فتح القدير (1/ 35).
(7)
المجموع (1/ 471).
(8)
المجموع (1/ 471).
(9)
موسوعة فقه سفيان الثوري (ص 815) والمصنف لعبد الرزاق (1/ 16).
(10)
الأوسط لابن المنذر (1/ 422).
(11)
شرح السنة للبغوي (1/ 446). والمجموع (1/ 471).
(12)
شرح السنة للبغوي (1/ 446). والمجموع (1/ 471).
(13)
الأوسط لابن المنذر (1/ 422).
(14)
موسوعة فقه إبراهيم النخعي (2/ 929).
(15)
وهو حديث الباب صحيح رقمه (6/ 168) من كتابنا هذا.
وقد استدل على الوجوب بظاهر الآية
(1)
وهو متوقف على إفادة الواو للترتيب، وهو خلاف ما عليه جمهور النحاة وغيرهم، وأصرح أدلة الوجوب حديث "أَنَّه صلى الله عليه وسلم توضأ على الولاء ثم قال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به"
(2)
وفيه مقال لا أظنه ينتهض معه. وقد خلط فيه بعض المتأخرين
(3)
فخرجه من طرق، وجعل بعضها شاهدًا لبعض، وليس الأمر كما ذكر فليراجع الحديث في
(1)
الآية (6) من سورة المائدة: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .. } .
(2)
وهو حديث ضعيف.
• أخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 145 رقم 419) من حديث ابن عمر.
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 171 رقم 173/ 419): "هذا إسناد فيه زيد العمي وهو ضعيف، وابنه عبد الرحيم متروك بل كذب، ومعاوية بن قرة لم يلق ابن عمر، قاله ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 45 رقم 100) وصرح به الحاكم في المستدرك (1/ 150) ورواه من طريق معاوية بن قرة عن ابن عمر شاهدًا لحديث أبي هريرة.
ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده (1/ 53 رقم 181 - منحة المعبود) عن سلام عن زيد العمي به:
ورواه الإمام أحمد في مسنده (2/ 49 رقم 302 - الفتح الرباني) والدارقطني في سننه (1/ 80 رقم 4) من هذا الوجه.
قلت: قال الدارقطني: تفرد به المسيب بن واضح، عن حفص بن ميسرة، والمسيب ضعيف.
ورواه أبو يعلى الموصلي (9/ 448 رقم 184/ 5598) ثنا أحمد بن بشير ثنا عبد الرحيم بن زيد العمي فذكره.
ورواه الترمذي (1/ 65 رقم 45) مختصرًا من حديث جابر بن عبد الله بلفظ "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة ومرتين مرتين وثلاثًا ثلاثًا".
وانظر ما ذكره الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 27 - 28) عن هذا الحديث.
• وأخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 145 - 146 رقم 420) من حديث أبي بن كعب.
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 172 رقم 174/ 420): "هذا إسناد ضعيف زيد أبو الحواري هو العمي ضعيف وكذا الراوي عنه، رواه الدارقطني في سننه (1/ 81 رقم 6) من هذا الوجه .. " اهـ.
قال الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 29): "وهو ضعيف. قال ابن معين في زيد بن الحواري: ليس بشيء. وقال النسائي: ضعيف، وقال أبو زرعة: واهي الحديث، وعبد الله بن عرادة قال فيه ابن معين أيضًا: ليس بشيء. وقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به" اهـ.
(3)
كالجلال.
مظانه، فإن التكلم على ذلك ههنا يفضي إلى تطويل يخرجنا عن المقصود. وسيأتي التصريح بما هو الحق في الباب الذي بعد
(1)
هذا.
قوله: (إلى المرفقين) المرفق فيه وجهان. أحدهما فتح الميم وكسر الفاء. والثاني عكسه لغتان. واتفق العلماء على وجوب غسلهما، ولم يخالف في ذلك إلا زفر
(2)
وأبو بكر بن داود الظاهري
(3)
، فمن قال بالوجوب جعل (إلى) في الآية
(4)
بمعنى مع
(5)
، ومن لم يقل به جعلها لانتهاء الغاية. واستدل لغسلهما أيضًا بحديث "إنه صلى الله عليه وسلم أدار الماء على مرفقيه ثم قال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به" عند الدارقطني
(6)
، والبيهقي
(7)
من حديث جابر مرفوعًا وفيه القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل وهو متروك، وقال أبو زرعة: منكر، وضعفه أحمد وابن معين، وانفرد ابن حبان بذكره في الثقات، ولم يلتفت إليه في ذلك، وصرح بضعفِ هذا الحديث المنذري وابن الجوزي وابن الصلاح والنووي
(8)
وغيرهم. واستدل لذلك أيضًا بما أخرجه مسلم
(9)
من حديث أبي هريرة بلفظ: "توضَّأ حتى أشْرَعَ في العضْدِ ثم قالَ: هكَذَا رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم " وفيه أنه فِعْل لا ينتهضُ بمجرده على الوجوب. وأَجيبَ بأنهُ بيانٌ للمجمَلِ فيفيدُ الوجوبَ، ورُدَّ بأنهُ لا
(1)
الباب الخامس عند الحديث (10/ 172) من كتابنا هذا.
(2)
انظر: "الإمام زفرو آراؤه الفقهية"(1/ 113 - 114).
(3)
المرجع السابق.
(4)
الآية (6) من سورة المائدة: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .. } .
(5)
انظر: "اختيارات ابن قدامة الفقهية"(1/ 163 - 164).
(6)
في سننه (1/ 83 رقم 15) وقال الدارقطني: ابن عقيل: ليس بالقوي.
قلت: القاسم محمد بن عبد الله، قال الذهبي: القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل الهاشمي الطالبي، قال أبو حاتم متروك، وقال أحمد: ليس بشيء، وقال أبو زرعة: أحاديثه منكرة. "الميزان"(5/ 459 رقم 6843/ 6706) والجرح والتعديل (7/ 119 والثقات (7/ 338).
(7)
في السنن الكبرى (1/ 56) وفيه القاسم بن محمد وخلاصة القول أن الحديث ضعيف.
(8)
في "المجموع"(1/ 419) والخلاصة (1/ 108).
(9)
في صحيحه (1/ 216 رقم 34/ 246).
قلت: وأخرجه أبو عوانة (1/ 243) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 57).
إجمالَ لأنَّ (إلى) حقيقة في انتهاء الغاية مجاز في معنى مع. وقد حقق الكلام في ذلك الرضي في "شرح الكافية" وغيره
(1)
فليرجع إليه. واستدل أيضًا لذلك أنه من مقدّمة الواجب فيكون واجبًا، وفيه خلاف في الأصول معروف وسيعقد المصنف لذلك بابًا
(2)
، سيأتي إن شاء الله.
قوله: (إلى الكعبين) هما العظمان الناتئان بين مفصل الساق والقدَم باتفاق العلماء ما عدا الإِمامية
(3)
ومحمد بن الحسن. قال النووي
(4)
: ولا يصح عنه. وقد اختلف هل الواجب الغسل أَو يكفي المسح؟ وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى
(5)
.
قوله: (لا يحدث فيهما نفسه) قال النووي
(6)
: المراد لا يحدثها بشيءٍ من أمور الدنيا، ولو عرض له حديث فأعرض عنه حصلت له هذه الفضيلة، لأن هذا ليس من فعله، وقد غفر لهذه الأمة ما حدثت به نفوسها هذا معنى كلامه. قال في الفتح
(7)
: "ووقع في رواية للحكيم الترمذي في هذا الحديث "لا يحدث نفسه بشيء من الدنيا" وهي في الزهد لابن المبارك والمصنف لابن أبي شيبة". قال المازري
(8)
والقاضي عياض: "المراد بحديث النفس المجتلب والمكتسب، وأما ما يقع في الخاطر غالبًا فليس هو المراد". قال عياض: وقوله: يحدث نفسه فيه إشارة إلى أَن ذلك الحديث مما يكتسبه لإِضافته إليه، قال ابن دقيق العيد
(9)
: "إن حديث النفس على قسمين. أحدهما: ما يهجم هجمًا يتعذر دفعه عن النفس.
(1)
كالمغني اللبيب لابن هشام (1/ 74 - 76).
(2)
الباب الحادي عشر عند الحديث (20/ 182) من كتابنا هذا.
(3)
انظر: "اللمعة الدمشقية" للعاملي (1/ 76): الكعب: قُبَّة القدم، وهي العظم النابت على ظهر القدم، وقيل إن الكعب مفصل الساق.
(4)
في المجموع (1/ 452 - 453).
(5)
الباب الحادي والعشرون عند الحديث (44/ 206) وحتى (48/ 210).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 108).
(7)
(1/ 260).
(8)
في "المعلم بفوائد مسلم"(1/ 235).
(9)
في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام"(1/ 39).
والثاني: ما تسترسل معه النفس، ويمكن قطعه ودفعه فيمكن أن يحمل الحديث على هذا النوع الثاني، فيخرج عنه الأول لعسر اعتباره، ويشهد لذلك لفظ يحدث نفسه فإنه يقتضي تكسبًا منه وتفعلًا لهذا الحديث، قال: ويمكن حمله على النوعين معًا" إلى آخر كلامه. والحاصل أن الصيغة مشعرة بشيئين. أحدهما: أن يكون غير مغلوب بورود الخواطر النفسية، لأن من كان كذلك لا يقال له: محدث لانتفاء الاختيار الذي لا بد من اعتباره. ثانيهما: أَن يكون مريدًا للتحديث طالبًا له على وجه التكلف، ومن وقع له ذلك هجومًا وبغتة لا يقال: إنه حدث نفسه.
قوله: (غفر الله له ما تقدم من ذنبه) رتب هذه المثوبة على مجموع الوضوء الموصوف بتلك الصفة. وصلاة الركعتين المقيدة بذلك القيد فلا تحصل إلا بمجموعهما. وظاهره مغفرة جميع الذُّنوب، وقد قيل: إنه مخصوص بالصغائر لورود مثل ذلك مقيدًا كحديث: "الصَّلَوَاتُ الخمسُ، والجمعةُ إلى الجمعةُ إلى الجمعةِ ورَمضانُ إلى رمضانَ كفاراتٌ لما بينهما ما اجتنبت الكبائر"
(1)
.
7/ 169 - (وعَنِ عَلي رَضِي عنه أنه دعا بِوَضُوءٍ فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ونَفَر بِيَدِهِ اليُسْرَى، ففَعَلَ هذا ثلاثًا ثمَّ قالَ: هذا طَهُورُ نَبي الله صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وَالنَّسائيُّ)
(3)
. [صحيح]
الحديث إسناده في سنن النسائي هكذا: حدثنا موسى بن عبد الرحمن قال: حدثنا حسين بن علي عن زائدة قال: حدثنا خالد بن علقمة عن عبد خير عن علي [رضي الله عنه]
(4)
فذكره. فموسى بن عبد الرحمن
(5)
إن كان ابن سعيد بن مسروق الكندي فهو ثقة، وإن كان الحلبي الأنطاكي
(6)
فهو صدوق يغرب،
(1)
أخرجه مسلم (1/ 209 رقم 233) والترمذي (1/ 418 رقم 214)
وابن ماجه (1/ 345 رقم 1086) وأحمد في المسند رقم (8700).
كلهم من حديث أبي هريرة وهو حديث صحيح.
(2)
في المسند (1/ 122، 125، 139) بسند صحيح.
(3)
في سننه (1/ 67 رقم 91) بسند صحيح.
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
انظر: "تهذيب التهذيب"(4/ 180 - 181).
(6)
انظر: "تهذيب التهذيب"(4/ 180).
وكلاهما روى عنه النسائي. وأَما خالد بن علقمة فهو الهمداني قال ابن معين: ثقة. وقال في التقريب
(1)
: صدوق، وبقية رجال الإِسناد ثقات وهو طرف من حديث علي عليه السلام، وسيأتي الكلام على المضمضة، والاستنشاق والاستنثار قد تقدم. قال المصنف
(2)
رحمه الله: "وفيه - مع الذي قبله - دليل على أن السنة أن يستنشق باليمين، ويستنثر باليسرى" انتهى.
8/ 170 - (وَعَن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذا تَوَضَّأ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ في أَنْفِهِ ماءً ثمّ لينتثر" مُتَّفَقٌ عليهِ)
(3)
. [صحيح]
قد تقدم الكلام على تفسير الاستنثار وعلى وجوبه في حديث عثمان
(4)
.
9/ 171 - (وعَن حَمَّادِ بَنِ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بِن أبي عَمارٍ عَنْ أبي هرَيرَةَ قالَ: أَمَرَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِالمَضْمَضَةِ والاسْتِنْشاقِ. رَواهُ الدارَقُطْني)
(5)
. [ضعيف]
قد سلف الكلام على المضمضة والاستنشاق تفسيرًا وحكمًا. قال المصنف
(6)
رحمه الله [تعالى]
(7)
"وقال: - يعني الدارقطني - لم يسنده عن حماد غير هدبة
(1)
رقم (1659).
وقال المحرران في "تحرير التقريب"(1/ 348 - 349): "بل ثقةٌ، وثَّقه يحيى بن معين، والنسائي، وابن حبان، وقال أبو حاتم وحده: شيخ. وقد روى عنه جمعٌ من الثقات، ولا نعلم فيه جرحًا، وحديثه الذي أخرجه أبو داود (111)، والنسائي (1/ 68) وابن ماجه (404) عن عبد خير، عن علي في الوضوء حديث صحيح" اهـ.
(2)
أي ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 86 - 87).
(3)
البخاري (1/ 263 رقم 162) ومسلم (1/ 212 رقم 20/ 237) وأحمد (2/ 242).
(4)
رقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(5)
في سننه (1/ 116).
قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 52) وقال: "كذا في هذا الحديث أظنه هدبة أرسله مرة ووصله أخرى، وتابعه داود بن المحبر عن حماد في وصله وغيرهما يرويه مرسلًا كذلك ذكره لي أبو بكر الفقيه عن أبي الحسن الدارقطني". وقال البيهقي أيضًا: "وخالفهما إبراهيم بن سليمان الخلال شيخ ليعقوب بن سفيان فقال عن حماد عن عمار عن ابن عباس وكلاهما غير محفوظ".
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف والله أعلم.
(6)
أي ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 87).
(7)
زيادة من (أ) و (ب).
وداود بن المحبر. وغيرهما يرويه عنه عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر أبا هريرة. قلت: وهذا لا يضر لأن هدبة ثقة مخرج عنه في الصحيحين فيقبل رفعه وما ينفرد به" انتهى.
وقد ذكر هذا الحديث ابن سيد الناس في شرح الترمذي
(1)
منسوبًا إلى أبي هريرة، ولم يتكلم عليه، وعادته التكلم على ما فيه وهن.
[الباب الخامس] باب ما جاء في جواز تأخيرهما على غسل الوجه واليدين
10/ 172 - (عَن المقدامِ بْنِ مَعدِي كَرِبَ قالَ: أُتِيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِوَضُوءٍ فَتَوضَّأ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثلاثًا، وَغَسَل وَجْهَهُ ثلاثًا، ثُمَّ غسلَ ذِراعَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا ثم مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلاثًا ثلاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْه ظَاهِرهِما وَبَاطِنهمِا. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(2)
وَأحَمدُ
(3)
وَزَادَ، وَغَسلَ رِجْلَيهِ ثلاثًا ثَلاثًا). [صحيح]
الحديث إسناده صالح، وقد أخرجه الضياء في المختارة
(4)
.
وهو يدل على عدم وجوب الترتيب بين المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه واليدين.
(1)
لم يطبع منه إلا لنهاية باب "النهي عن البول قائمًا".
(2)
في سننه (1/ 88 رقم 121).
(3)
في مسنده (4/ 132).
قلت: وأخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 151 رقم 442) و (1/ 156 رقم 457) مختصرًا.
والطبراني في المعجم الكبير (20/ 276 رقم 654) و (20/ 277 رقم 655) وفي مسند الشاميين (2/ 146 رقم 1076).
وعبد الرحمن بن ميسرة قال الحافظ: مقبول. (التقريب) رقم (4025) وقال العجلي في "الثقات"(2/ 89 رقم 1081) عبد الرحمن بن ميسرة، شامي تابعي ثقة.
وقال أبو داود: شيوخ حريز كلهم ثقات.
وقال المحدث الألباني عن هذا الحديث بأنه صحيح.
(4)
لم يطبع مسند المقدام بن معدي كرب من المختارة فيما أعلم.
وحديث عثمان
(1)
وعبد الله بن زيد
(2)
الثابتان في الصحيحين، وحديث علي الثابت عند أَبي داود
(3)
والنسائي
(4)
وابن ماجه
(5)
وابن حبان
(6)
والبزار
(7)
وغيرهم
(8)
مصرحة بتقديم المضمضة والاستنشاق على غسل الوجه واليدين.
والحديث من أدلة القائلين بعدم وجوب الترتيب، وقد سبق ذكرهم في شرح حديث عثمان
(9)
. وحديث الربيع
(10)
الآتي بعد هذا يدل أيضًا على عدم وجوب الترتيب بين المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه. قال النووي
(11)
: إنهم يتأوُّلون هذه الرواية على أن لفظة (ثم) ليست للترتيب بل لعطف جملة على جملة. وقد ذكر الفاضل الشلبي في صدر حواشيه على شرح المواقف أن المحققين من النحاة نصوا على أن وجوب دلالة ثم على التراخي مخصوص بعطف المفرد، وقد ذكره أيضًا في حواشي المطول. وقد ذكر الرضي في شرح الكافية، وابن هشام في المغني (11) أنها قد تأتي لمجرد الترتيب فظهر بهذا أنها مشتركة بين المعنيين لا أنها حقيقة في الترتيب ولكن لا يخفى عليك أن هذا التأويل وإن نفع القائل بوجوب الترتيب في حديث الباب وما بعده فهو يجري في دليله الذي عارض به حديثي الباب أعني حديث عثمان
(12)
وعبد الله بن زيد
(13)
(1)
تقدم تخريجه رقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(2)
أخرجه البخاري (1/ 302 رقم 197) ومسلم (1/ 210 رقم 18/ 235).
(3)
في سننه (1/ 81 رقم 111).
(4)
في سننه (1/ 68 رقم 92).
(5)
في سننه (1/ 155 رقم 456).
(6)
في صحيحه (3/ 337 رقم 1056).
(7)
في مسنده (2/ 310 - 311).
(8)
كالترمذي (1/ 67 رقم 48) وأحمد (1/ 114). وهو حديث صحيح.
(9)
تقدم تخريجه رقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(10)
سيأتي برقم (11/ 173) من كتابنا هذا.
(11)
أي في "مغني اللبيب"(1/ 117 - 119).
(12)
تقدم تخريجه رقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(13)
أخرجه البخاري (1/ 302 رقم 197) ومسلم (1/ 210 رقم 18/ 235).
وعليّ
(1)
، فلا يدل على تقديم المضمضة والاستنشاق كما لا يدل هذا على تأخيرهما، فدعوى وجوب الترتيب لا تتم إلا بإبراز دليل عليها يتعين المصير إليه، وقد عرفناك في شرح حديث عثمان
(2)
عدم انتهاض ما جاء به مدعى وجوب الترتيب على المطلوب، نعم حديث جابر عند النسائي
(3)
في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال صلى الله عليه وسلم: "ابدءوا بما بدأَ اللهُ بهِ" بلفظ الأمر وهو عند مسلم
(4)
بلفظ الخبر يصلح للاحتجاج به على وجوب الترتيب لأنه عام لا يقصر على سببه عند الجمهور كما تقرر في الأصول. وآيةُ الوضوء مُنْدرِجَةٌ تحت ذلك العمومِ.
11/ 173 - (وَعَن الْعبَّاسِ بْنِ يَزِيدَ
(5)
، عَنْ سُفْيانَ بْنِ عُيَيْنةَ
(6)
،
(1)
أخرجه أبو داود في سننه (1/ 81 رقم 111) وهو حديث صحيح.
(2)
تقدم تخريجه رقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(3)
في سننه (الكبرى (2/ 413 رقم 3968) وصححه ابن حزم وله طرق عند الدارقطني (2/ 254).
(4)
في صحيحه (رقم 147/ 1218).
قلت: وأخرجه أحمد (3/ 394) ومالك (1/ 372) وابن الجارود رقم (465) وأبو داود رقم (1905) والترمذي رقم (862) وابن ماجه رقم (3074) وابن حبان في صحيحه (رقم: 3943) والنسائي (5/ 235 - 236) أيضًا بلفظ: "نبدأ" بالنون. وهو حديث صحيح.
(5)
العباس بن يزيد بن أبي حَبيبٍ البحراني، (صدوق يخطئ) قاله ابن حجر في التقريب رقم (3194).
وقال المحرران (2/ 189): "بل صدوقٌ حسن الحديث، فقد قال أبو حاتم وابنه: صدوق، وقال أبو نعيم الأصبهاني: بصري من الحفاظ - وهو أعلم بأهل بلده والقادمين عليها -، وقال الدارقطني وابن السمعاني: ثقةٌ مأمونٌ، وذكره ابن حبان في "الثقات". وزعم أبو القاسم الأزهري أن الدارقطني سُئل عنه فقال: تكلموا فيه؛ وضعفه مسلمة بن قاسم الأندلسي، ونحن نعتقد أن الدارقطني وثقه، كما روى السلمي عنه.
(6)
سفيان بن عيينة أبو محمد الأعور الكوفي أحد أئمة الإسلام. قال العجلي في "معرفة الثقات"(1/ 417 رقم 631): "كوفي ثقة ثبت في الحديث، وكان بعض أهل الحديث يقول: هو أثبت الناس في حديث الزهري، وكان حسن الحديث، وكان يعد من حكماء أصحاب الحديث .. ".
"التقريب 1/ 312) وتاريخ بغداد (9/ 174) وشذرات الذهب (1/ 354) وسير أعلام النبلاء (8/ 458).
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ محَمْدِ
(1)
بْنِ عَقيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ معوِّذِ بْنِ عَفْراءَ قالَ: أتَيْتُها فأخْرَجت إليَّ إناءً، فقالَتْ: في هذَا كُنْتُ أُخْرِجُ الْوَضُوءَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَيِبْدَأْ فَيَغْسِل يَدَيْهِ قَبْلَ أنْ يدْخِلَهُما ثلاثًا، ثُمَّ يَتَوَضَّأ فيَغْسل وَجْههُ ثَلاثًا، ثمَّ يُمَضْمِضُ وَيَسْتنْشِقُ ثلاثًا، ثمَّ يَغْسلُ يَديْهِ، ثمَّ يَمْسَحُ بِرَأسِهِ مُقبلًا وَمُدْبِرًا، ثمَّ يَغْسلُ رِجْلَيهِ). [حسن]
قال العباس بن يزيد هذه المرأة التي حدثت عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه بدأ بالوجه قبل المضمضة والاستنشاق" وقد حدث به أهل بدر منهم عثمان وعلي أنه بدأ بالمضمضة والاستنشاق قبل الوجه والناس عليه
(2)
، رواه الدارقطني
(3)
. الحديث رواه الدارقطني عن شيخه إبراهيم بن حماد عن العباس المذكور، وأخرجه أيضًا أبو داود
(4)
والترمذي
(5)
وابن ماجه
(6)
وأحمد
(7)
وله عنها طرق وألفاظ مدارها على عبد الله بن محمد بن عقيل (1) وفيه مقال.
وهو يدل على عدم وجوب الترتيب بين المضمضة وغسل الوجه، وقد عرفت في الحديث الذي قبله ما هو الحق.
(1)
عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب. قال النسائي: ضعيف. وقال أبو حاتم: لين. وقال الترمذي: صدوق سمعت محمدًا البخاري يقول: كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديث ابن عقيل. وقال ابن عدي: روى عنه جماعة من المعروفين الثقات، يكتب حديثه. مات سنة (140 هـ).
انظر: "تهذيب التهذيب"(2/ 424 - 426).
والخلاصة: أن حديث عبد الله بن محمد بن عقيل في مرتبة الحسن.
(2)
أي وعلى قول أهل بدر، أي بجواز التقديم، لا على أنه سنة. قاله الآبادي في التعليق المغني (1/ 97).
(3)
في سننه (1/ 96 - 97 رقم 5) بسند حسن.
(4)
في سننه رقم (126، 127، 130).
(5)
في سننه رقم (33).
(6)
في سننه رقم (390) و (438) و (440).
(7)
في مسنده (6/ 358).
وهو حديث حسن والله أعلم.
[الباب السادس] باب المبالغة في الاستنشاق
12/ 174 - (عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ قالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله أَخْبِرْنِي عَنِ الوُضُوءِ، قال: "أسْبغ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَينِ الأصَابعِ، وَبَالِغْ في الاستِنْشاقِ إلَّا أنْ تَكُونَ صَائمًا". رَوَاهُ الخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرمِذِي)
(1)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا الشافعي
(2)
وابن الجارود
(3)
وابن خزيمة
(4)
وابن حبان
(5)
والحاكم
(6)
والبيهقي
(7)
من طريق إسماعيل بن كثير
(8)
المكي، عن عاصم بن لقيط
(9)
، عن أبيه مطولًا ومختصرًا، قال الخلال: عن أبي داود عن أحمد. عاصم لم يسمع عنه بكثير رواية انتهى.
ويقال: لم يرو عنه غير إسماعيل قال الحافظ
(10)
: "وليس بشيء لأنه روى عنه غيره، وصححه الترمذي والبغوي وابن القطان وهذا اللفظ عندهم من رواية
(1)
أخرجه أبو داود رقم (142) و (143) و (144) والترمذي (رقم: 788) ورقم (38) مختصرًا، والنسائي (1/ 66 رقم 87) وابن ماجه رقم (407) وأحمد (4/ 32 - 33).
(2)
في مسنده (1/ 32 رقم 80).
(3)
في المنتقى رقم (80).
(4)
في صحيحه (1/ 87 رقم 168) و (1/ 78 رقم 150).
(5)
في صحيحه (رقم 159 - موارد).
(6)
في المستدرك (1/ 147 - 148).
(7)
في السنن الكبرى (1/ 50) و (7/ 303).
قلت: وأخرجه البغوي في شرح السنة (1/ 415 رقم 213) والدارمي (1/ 179) والطيالسي (ص 191 رقم 1341) والطبراني في الكبير (9/ 216 - 217). وصححه الترمذي والبغوي وابن القطان كما في "تلخيص الحبير"(1/ 81) وكذلك صححه النووي في "المجموع"(1/ 393) والألباني في صحيح أبي داود.
(8)
قال ابن حجر في "التقريب" رقم (474): ثقة.
(9)
قال ابن حجر في "التقريب" رقم (3076): ثقة.
(10)
في "التلخيص"(1/ 81).
وكيع عن الثوري عن إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط عن أبيه، وروى الدولابي في حديث الثوري من
(1)
جمعه من طريق ابن مهدي عن الثوري ولفظه: "وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائمًا" وفي رواية لأبي داود
(2)
من طريق أبي عاصم عن ابن جريج عن إسماعيل بن كثير بلفظ: "إذا توضأت [فتمضمض]
(3)
".
قال الحافظُ في الفتح
(4)
: إسنادُ هذه الروايةِ صحيحٌ، وقال النوويُّ
(5)
: حديثُ لقيطِ بن صَبْرةَ أسانيدُه صحيحةٌ، وقد وثَّقَ إسماعيل بن كثيرٍ أحمدُ، وقالَ أبو حاتم: هو صالَحُ الحديثِ، وقال ابن سعدٍ: ثقةٌ كثيرُ الحديثِ
(6)
، وعاصِمٌ وثقهُ أبو حاتمٍ
(7)
، ومن عَدَا هذين من رجالِ إسنادِهِ فمخرَّجٌ له في الصحيحِ، قاله ابن سيدِ الناسِ في شرح الترمذي
(8)
.
وقد أخرج الترمذي
(9)
من حديثِ ابن عباسٍ "فخلل بينَ أصابعِكَ" وقال:
(1)
في حاشية المخطوط: "ولفظ البدر المنير قال أبو بشر الدولابي فيما جمع من حديث الثوري" تمت اهـ.
(2)
في سننه رقم (144) وهو حديث صحيح.
(3)
في (جـ): (فمضمض) وهو موافق لما في السنن.
(4)
(1/ 262).
(5)
في "المجموع"(1/ 393).
(6)
انظر: "بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم"(ص 72 رقم 84).
والتاريخ الكبير (1/ 1/ 370) و "تهذيب التهذيب"(1/ 165).
(7)
في "الجرح والتعديل"(6/ 350) لا يوجد توثيق له بل قال: "عاصم بن لقيط بن صبرة روى عن أبيه، روى عنه أبو هاشم إسماعيل بن كثير المكي سمعت أبي يقول ذلك".
(8)
لم يطبع منه إلا لنهاية باب "النهي عن البول قائمًا".
(9)
في سننه (1/ 57 رقم 39) وقال: حديث حسن غريب.
قلت: وأخرجه ابن ماجه (1/ 153 رقم 447) وأحمد (1/ 287) والحاكم (1/ 182) وقال: "صالح هذا أظنه مولى التوأمة، فإن كان كذلك فليس من شرط هذا الكتاب، وإنما أخرجته شاهدًا" اهـ.
قلت: هو مولى التوأمة قطعًا، لأنهُ وقع ذلك صريحًا عند الترمذي وأحمد، وهو صدوق اختلط بآخره. قال ابن عدي: لا بأس برواية القدماء عنه كابن أبي ذئب، وابن جريج - كما في "التقريب"(1/ 363 رقم 58). والحديث صحيح، لأن له شاهدًا من حديث لقيط بن صبرة =
هذا حديثٌ حسنٌ، وقد تقدَّمَ الترمذي إلى تحسينِ هذا الحديثِ البخاريُّ، روى ذلك عنه الترمذي في كتابِ العِلَلِ
(1)
وفيه صالح مولَى التوأمة وهو ضعيفٌ ولكنَّ الراوي عنه موسى بنُ عقبةَ وسماعه منه قبل أن يختلط.
وأخرج الترمذي
(2)
أيضًا من حديث المسْتَوْرِدِ قال: "رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ دلك أصابع رجليه بخنصره"
(3)
وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة وغرابته والذي قبله ترجع إلى الإِسناد فلا ينافي الحسن قاله ابن سيد الناس
(4)
، وقد شارك ابن لهيعة في روايته عن يزيد بن عمرو الليثُ بن سعد وعمرو بن الحارث فالحديث إذن صحيح سالم عن الغرابة
(5)
.
وفي الباب مما ليس عند الترمذي عن عثمان، وأبي هريرة، والربيع بنت معوذ بن عفراء، وعائشة، وأبي رافع، فحديث عثمان عند الدارقطني
(6)
وحديث
= المتقدم برقم (12/ 174) من كتابنا هذا. وأورده الألباني في "الصحيحة" رقم (1306) وانظر "تلخيص الحبير"(1/ 94 رقم 101).
(1)
في كتاب "علل الترمذي الكبير"(ص 34 رقم 21) حيث قال الترمذي: "سألت محمدًا - يعني البخاري - عن هذا الحديث. فقال: هو حديث حسنٌ، وموسى بن عقبة سمع من صالح مولى التوأمة قديمًا، وكان أحمد يقول: من سمع من صالح قديمًا فسماعه حسن، ومن سمع منه أخيرًا، فكأنه يُضَعِّف سمَاعَه.
قال محمد: وابن أبي ذئب سماعهُ منه أخيرًا، ويروي عنه مناكير" اهـ.
(2)
في سننه (1/ 57 رقم 40) وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة.
قلت: كلام الترمذي رحمه الله يصرح بانفراد ابن لهيعة به، ولكنه ليس كذلك، فقد قال الحافظ في "التلخيص" (1/ 94):"تابعه الليث بن سعد، وعمرو بن الحارث، أخرجه البيهقي (1/ 77) وأبو بشر الدولابي، والدارقطني في "غرائب مالك" من طريق ابن وهب عن الثلاثة، وصححه ابن القطان".
وخلاصة القول أن الحديث صحيح والله أعلم.
(3)
الخِنْصَرُ: الإصْبَعُ الصُّغرَى أو الوسطى "القاموس المحيط" ص 497.
(4)
لم يطبع منه إلا لنهاية باب "النهي عن البول قائمًا".
(5)
وهو كما قال رحمه الله.
(6)
في سننه (1/ 86 رقم 12). وقد أخرج الشيخان حديث عثمان في الوضوء من عدة طرق وليس في شيء منها ذكر التخليل.
قلت: وأخرجه حديث عثمان بالتخليل الحاكم (1/ 148 - 149) والترمذي في (31) وفي العلل الكبير رقم (19) وقال الترمذي قال محمد - يعني البخاري - أصح شيء عندي في =
أبي هريرة عند الدارقطني
(1)
أيضًا، وحديث الربيع عند الطبراني
(2)
، وحديث عائشة عند الدارقطني
(3)
، وحديث أبي رافع عند ابن ماجه
(4)
والدارقطني
(5)
.
والحديث يدل على مشروعية إسباغ الوضوء، والمراد به الإِنقاء واستكمال الأعضاء والحرص على أن يتوضأ وضوءٍ يصح عند الجميع، وغسل كل عضو ثلاث مرات هكذا قيل، فإذا كان التثليث مأخوذًا في مفهوم الإِسباغ فليس بواجب لحديث "أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرة ومرتين"
(6)
وإن كان مجرد الإِنقاء والاستكمال فلا نزاع
= التخليل حديث عثمان. قلت؛ أي الترمذي - إنهم يتكلمون في هذا الحديث. فقال أي البخاري: هو حسن.
(1)
في سننه (1/ 95 رقم 3) وفيه يحيى بن ميمون التمار، قال ابن أبي حاتم: قال عمرو بن علي: كان يحيى بن ميمون كذابًا حدث عن علي بن زيد بأحاديث موضوعة (الجرح والتعديل: 9/ 188).
وخلاصة القول أن حديث أبي هريرة ضعيف والله أعلم.
(2)
لم أجده؟!
(3)
في سننه (1/ 95 رقم 2). وفيه عمر بن قيس، ولقبه "سندل" قال فيه أحمد، وعمرو بن علي، وابن أبي حاتم: متروك. (الجرح والتعديل: 6/ 129).
و (التاريخ الكبير: 3/ 2/ 187) و (الميزان: 3/ 218) و (المجروحين: 2/ 85).
وخلاصة القول أن حديث عائشة ضعيف والله أعلم.
(4)
في سننه (1/ 153 رقم 449).
(5)
في سننه (1/ 94 رقم 11).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 181 رقم 184/ 449): "هذا إسناد ضعيف لضعف معمر وأبيه محمد بن عبيد الله.
قال البخاري: معمر بن محمد بن عبيد الله عن أبي رافع منكر الحديث
…
قال البيهقي: والاعتماد في هذا الباب على الأثر عن: علي، وعبد الله بن عمر.
قلت: أثر علي، وابن عمر، رواهما ابن أبي شيبة في مصنفه، ونقل أيضًا فعله عن: عروة، والحسن البصري، وعمرو بن دينار، وسلام بن عبد الله" اهـ.
وخلاصة القول أن حديث أبي رافع ضعيف والله أعلم.
(6)
• أخرج البخاري (1/ 258 رقم 157) والترمذي (1/ 60 رقم 42) وأبو داود (1/ 95 رقم 138) والنسائي (1/ 62) وابن ماجه (1/ 143 رقم 411).
عن ابن عباس قال: توضأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مرَّة مرَّة.
• أخرج البخاري (1/ 258 رقم 158) وأحمد (4/ 41) والبيهقي (1/ 79) والدارقطني (1/ 93 رقم 10).
عن عبدِ الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضَّأ مرَّتين مرَّتين.
في وجوبه، ويدل أيضًا على وجوب تخليل الأصابع فيكون حجة على الإِمام يحيى القائل بعدم الوجوب، ويدل أيضًا على وجوب الاستنشاق، وقد تقدم الكلام عليه في حديث عثمان
(1)
، وإنما كره المبالغة للصائم خشية أن ينزل إلى حلقه ما يفطره، واستدل به على عدم وجوب المبالغة لأن الوجوب يستلزم عدم جواز الترك وفيه ما لا يخفى.
13/ 175 - (وعَن ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم "اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَينِ بَالغَتينِ أَوْ ثلاثًا". رَوَاهُ أَحْمَدُ
(2)
وَأَبُو دَاوُدَ
(3)
وَابْنُ مَاجَهْ)
(4)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا الحاكم
(5)
وابن الجارود
(6)
وصححه ابن القطان
(7)
وذكره الحافظ في التلخيص
(8)
، ولم يذكره بضعف وكذلك المنذري في تخريج السنن
(9)
عزاه إلى ابن ماجه ولم يتكلم فيه.
والحديث يدل على وجوب الاستنثار، وقد تقدم ذكر الخلاف فيه في شرح حديث عثمان
(10)
، والمراد بقوله بالغتين: أنهما في أعلى نهاية الاستنثار من قولهم: بلغت المنزل، وأما تقييد الأمر بالاستنثار بمرتين أو ثلاثًا فيمكن الاستدلال على عدم وجوب الثانية والثالثة بحديث "الوضوء مرة"
(11)
ويمكن القول بإيجاب
(1)
رقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(2)
في مسنده (1/ 352).
(3)
في سننه (1/ 96 رقم 141).
(4)
في سننه (1/ 143 رقم 408).
(5)
في المستدرك (1/ 148) وقد سكت عنه الحاكم والذهبي.
(6)
في "المنتقى" رقم (77).
(7)
كما في "تلخيص الحبير"(1/ 82).
(8)
(1/ 82).
(9)
أي في "مختصر سنن أبي داود"(1/ 104 رقم 128).
قلت: وأخرجه النسائي في سننه الكبرى (1/ 83 رقم 97/ 2) والبخاري في "التاريخ الكبير (4/ 1/ 201) والطبراني في الكبير (10/ 391 رقم 10784) والطيالسي في مسنده (2725) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 49).
وخلاصة القول أن الحديث صحيح والله أعلم.
(10)
رقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(11)
تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (12/ 174) ص 513 من كتابنا هذا.
مرتين أو ثلاث، إما لأنه خاص وحديث الوضوء مرة عام، وإما لأنه قول خاص بنا فلا يعارضه فعله صلى الله عليه وسلم كما تقرر في الأصول، والمقام لا يخلو من مناقشة في كلا الطرفين.
[الباب السابع] باب غسل المسترسل من اللحية
14/ 176 - (عَن عَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله حَدِّثْنِي عَنِ الوُضُوءِ قالَ: "ما مِنْكُمْ مِنْ رَجلِ يُقَرِّبُ وُضُوءَهُ فَيتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ إلَّا خَرَّتْ خَطايَا فِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ مَعَ المَاءِ، ثُمَّ إذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كما أمَرَهُ الله إلَّا خَرَّتْ خَطايَا وَجْهِهِ مِنْ أطْرَافِ لحْيَتِهِ مَعَ المَاءِ، ثُمَّ يَغْسلُ يَدَيهِ إِلَى المرْفَقينِ إلَّا خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيهِ مِنْ أَنَامِلِه مَعَ الماءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِرَأسِهِ إلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رَأسِهِ مِنْ أطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ المَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إلى الكَعْبَيْنِ إلَّا خرَّتْ خَطَايا رِجليْهِ مِنْ أنَامِلهِ مَعَ المَاءِ"، أَخْرَجَهُ مُسْلمٌ
(1)
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ
(2)
وَقالَ فيه: "ثمَّ يَمْسَحُ رَأسَهُ كما أَمَرَهُ الله، ثُمَّ يَغْسلُ قَدَميهِ إلَى الْكَعْبَينِ كما أمَرَهُ الله"). [صحيح]
قوله: (خرت خطاياه) أي سقطت والخر والخرور: السقوط، أو من علوٍّ إلى سفل، والحديث من أحاديث فضائل الوضوء الدالة على عظم شأنه.
ومثله حديث أبي هريرة مرفوعًا عند مسلم
(3)
ومالك
(4)
والترمذي
(5)
بلفظ: "إذَا توضَّأَ العبدُ المسلمُ أو المؤمِنُ فغسلَ وجهَهُ، خرجَ مِنْ وجْهِهِ كُلُّ خطيئةٍ نظرَ
(1)
في صحيحه (1/ 569 - 571 رقم 294/ 832).
(2)
في المسند (4/ 111).
قلت: وأخرجه النسائي (1/ 91 - 92 رقم 147) والدارقطني في سننه (1/ 107 - 108 رقم 2) بسند صحيح من الطريقين وخلاصة القول أن الحديث صحيح.
(3)
في صحيحه (1/ 215 رقم 32/ 244).
(4)
في الموطأ (1/ 32 رقم 31).
(5)
في سننه (1/ 6 - 7 رقم 2) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وخلاصه القول أن حديث أبي هريرة صحيح.
إليها [بعينَيْهِ]
(1)
معَ الماء أو معَ آخِرِ قَطْرِ الماءِ، وإذا غسلَ يَدْيهِ خرجَ مِنْ يديْهِ كُلُّ خطيئةٍ بطشتها يداهُ معَ الماءِ أو معَ آخِرِ قَطْرِ الماءِ، فإذا غسلَ رِجْليهِ خرجَتْ كُلُّ خطيئةٍ مشَتْهَا رِجْلاهُ معَ الماءِ أو معَ آخِرِ قَطْرِ الماءِ حتى يخرُجَ نَقِيًا مِنَ الذنوبِ".
ومثله حديث عبد الله الصُّنَابِحي
(2)
عند مالك
(3)
والنسائي
(4)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضَّأ العبدُ المؤمنُ فمضمضَ خرجتِ الخطايا من فيهِ، فإذا استنْثَرَ خرجَتِ الخطايا من أنفِهِ، فإذا غسلَ وجهَهُ خرجَتِ الخطايا من وجهِهِ حتى تخرُجَ من تحتِ أشفارِ عينيه، فإذا غسلَ يديْهِ خرجَتِ الخطايا من يديْهِ حتى تخرُجَ من تحتِ أظفارِ يديْهِ، فإذا مسحَ رأسَهُ خرجَتِ الخطايا من رأسِهِ حتى تخرُجَ من أذنيهِ، فإذا غسلَ رِجْلَيهِ خرجتِ الخطايا من رِجْليهِ حتى تخرُجَ من تحتِ أظفارِ رِجليهِ، ثم كانَ مشيهُ إلى المسجد وصلاتُهُ نافلةً له" والمراد بالخطايا قال النووي
(5)
وغيره: الصغائر. وظاهر الأحاديث العموم، والتخصيص بما وقع في الأحاديث الآخر بلفظ:"ما لم تُغْشَ الكبائر"
(6)
وبلفظ: "ما اجتنبت الكبائر"
(7)
قد ذهب إليه
(1)
في (جـ): (بعينه).
(2)
الصُّنَابِحي: - بضم الصاد، وفتح النون، وبعد الألف باء موحدة مكسورة، ثم حاء - نسبة إلى: صنابح بن زاهر.
والصنابحي هنا هو: أبو عبد الله عبد الرحمن بن عُسَيْلَة. من كبار التابعين. وثقه، ابن حبان، والعجلي، وابن حجر، وقد قدم المدينة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أيام، مات في خلافة عبد الملك.
انظر "اللباب"(2/ 247) و "التقريب"(رقم 3952) و "تهذيب التهذيب"(532 - 533).
(3)
في "الموطأ"(1/ 31 رقم 30).
(4)
في سننه (1/ 74 رقم 103).
قلت: وأخرجه ابن ماجه (1/ 103 رقم 282) والحاكم (1/ 129).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وليس له علة، وإنما خرجا بعض هذا المتن من حديث حمران عن عثمان، وأبي صالح عن أبي هريرة غير تمام، وعبد الله الصنابحي صحابي
…
" وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: لا".
وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه لشواهده.
(5)
في شرحه لمسلم (3/ 133).
(6)
أخرجه مسلم في صحيحه (9/ 201 رقم 14/ 233). والترمذي رقم (214).
من حديث أبي هريرة.
(7)
أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 209 رقم 16/ 233) من حديث أبي هريرة.
جماعة من شراح الحديث وغيرهم، والمراد بالخرور والخروج مع الماء المجاز عن الغفران لأن ذلك مختص بالأجسام، والخطايا ليست متجسمة، وفي حديث الباب وما بعده رد لمذهب الإِمامية في وجوب مسح الرجلين.
وقد ساق المصنف رحمه الله تعالى الحديث للاستدلال به على غسل المسترسل من اللحية لقوله فيه: "إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء"
(1)
وفيه خلاف فذهب المؤيد بالله وأبو طالب وأبو حنيفة إلى عدم الوجوب إن أمكن التخليل بدونه
(2)
، وذهب أبو العباس إلى وجوبه وهو مذهب الشافعي في إحدى الروايات واستدلوا بالقياس على شعر الحاجبين، ورد بأن شعر الحاجب من الوجه لغة لا المسترسل
(3)
.
وقد استنبط المصنف
(4)
رحمه الله تعالى من الحديث فوائد فقال: فهذا يدلُ على أن غَسْلَ الوجهِ المأمورَ بهِ يشتمِل على وصولِ الماءِ إلى أطرافِ اللحيةِ. وفيه دليل على أن داخِلَ الفمِ والأنفِ ليس من الوجه حيثُ بيَّنَ أن غسلَ الوجهِ المأمور به غيرهما ويدل على مسح كل الرأس حيث بيَّنَ أن المسحَ المأمورَ بهِ يشتملُ على وصول الماءِ إلى أطرافِ الشعرِ. ويدل على وجوب الترتيب في الوضوء لأنه وصفه مرتبًا، وقال في مواضع منه:"كما أمره الله عز وجل" انتهى. وقد قدمنا الكلام على أن داخل الفم والأنف من الوجه وعلى الترتيب. وسيأتي الكلام على مسح الرأس
(5)
.
[الباب الثامن] باب في أن إيصال الماء إلى باطن اللحية الكثة لا يجب
15/ 177 - (عَنِ ابْنِ عَباس رضي الله عنهما أنهُ تَوَضَّأ فَغَسلَ وَجْهَهُ فَأخَذَ
(1)
وهو جزء من حديث الباب الذي أخرجه مسلم رقم (294/ 832) وقد تقدم ص 515.
(2)
انظر: "البحر الزخار"(1/ 60 - 61).
(3)
انظر: المرجع السابق (1/ 61).
(4)
أي ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 91).
(5)
الباب الثالث عشر، عند الحديث رقم (26/ 188) من كتابنا هذا.
غَرْفَةً مِنْ ماءٍ فَتَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ أخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَ بِها هكَذَا أضافَهَا إلى يَدِهِ الأُخرَى فَغَسَلَ بِهِا وَجْهَهُ، ثُمَّ أخَذَ غَرْفةً مِنْ مَاء فَغَسَل بِها يَدَهُ اليُمْنى، ثُمَّ أخَذَ غَرْفَةً مِنْ ماءٍ فَغَسَلَ بِها يَدَهُ اليُسْرى، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أخَذَ غرْفةَ مِنْ ماء فَرشَّ بِها على رِجْلِه اليُمني حَتَّى غَسَلها، ثُمَّ أخَذَ غَرْفةً مِنْ مَاءٍ فَغَسلَ بِها رِجْلهُ اليُسْرَى، ثُمَّ قالَ: هكَذا رَأيْتُ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَتَوضأ. رَوَاهُ البُخارِيُّ)
(1)
. [صحيح]
قوله: (فغسل وجهه) الفاء تفصيلية، لأنها داخلة بين المجمل والمفصل.
قوله: (فأخذ غرفة) هو بيان لقوله: "فغسل" قال الحافظ
(2)
: "وظاهره أن المضمضة والاستنشاق من جملة غسل الوجه، لكن المراد بالوجه أولًا ما هو أعم من المفروض والمسنون، بدليل أنه أعاد ذكره ثانيًا بعد ذكر المضمضة والاستنشاق بغرفة مستقلة، وفيه دليل الجمع بين المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة، وغسل الوجه باليدين جميعًا إذا كان بغرفة واحدة لأن اليد الواحدة قد لا تستوعبه".
قوله: (أضافها) بيان لقوله فجعل بها هكذا.
قوله: (فغسل بها) أي الغرفة، وفي رواية بهما أي اليدين.
قوله: (ثم مسح برأسه) لم يذكر له غرفة مستقلة قال الحافظ
(3)
: قد يتمسك به من يقول بطهورية الماء المستعمل، لكن في رواية أبي داود
(4)
"ثم قبض قبضة من الماء ثم نفض يده ثم مسح رأسه" زاد النسائي
(5)
"وأذنيه مرة واحدة".
قوله: (فرش) أي سكب الماء قليلًا قليلًا إلى أن صدق عليه مسمى الغسل بدليل قوله: "حتى غسلها"، وفي رواية لأبي داود
(6)
والحاكم
(7)
"فرش على رجله
(1)
في صحيحه (1/ 240 - 241 رقم 140).
(2)
في "فتح الباري"(1/ 241).
(3)
في "فتح الباري"(1/ 241).
(4)
في سننه (1/ 95 رقم 137).
(5)
في سننه (1/ 74 رقم 102). من حديث ابن عباس.
وحديث ابن عباس حسن، لكن مسح القدم شاذ. قاله الألباني في صحيح أبي داود.
(6)
في سننه رقم (137).
(7)
في المستدرك (1/ 147): وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم =
اليمنى وفيها النعل ثم مسحها بيديه، يد فوق القدم ويد تحت النعل" فالمراد بالمسح تسييل الماء حتى يستوعب العضو، وأما قوله: "تحت النعل" فإن لم يحمل على التجوز عن القدم فهي رواية شاذة وراويها هشام بن سعد لا يحتج بما تفرد به فكيف إذا خالف؟، قاله الحافظ
(1)
.
والحديث ساقه المصنف
(2)
للاستدلال به على عدم وجوب إيصال الماء إلى باطن اللحية، فقال: وقد علم أنه صلى الله عليه وسلم كان كث اللحية، وإن الغرفة الواحدة وإن عظمت لا تكفى غسل باطن اللحية الكثة مع غسل جميع الوجه، فعلم أنه لا يجب، وفيه أنه مضمض واستنشق بماء واحد انتهى.
أما الكلام على وجوب إيصال الماء إلى باطن اللحية فسيأتي في الباب الذي بعد هذا
(3)
، وأما أنه صلى الله عليه وسلم كان كث اللحية فقد ذكر القاضي عياض
(4)
، ورود ذلك في أحاديث جماعة من الصحابة بأسانيد صحيحة، كذا قال، وفي مسلم
(5)
من حديث جابر "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرَ شَعْرِ اللِّحيةِ"، وروى البيهقي في الدلائل من حديث علي
(6)
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم اللحية" وفي رواية
(7)
"كثّ اللحية" وفيها
(8)
من حديث هند بن أبي هالة، مثله، ومن
(9)
حديث عائشة
= يخرجاه بهذه اللفظ، إنما اتفقا على حديث زيد بن أسلم عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرةً مرةً. وهو مجمل، وحديث هشام بن سعد هذا مفسر" اهـ.
قلت: نقل الحافظ في "تهذيب التهذيب"(4/ 271) عن الحاكم أنه قال فيه: "أخرج له مسلم في الشواهد".
(1)
في "فتح الباري"(1/ 241).
(2)
أي ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 92).
(3)
أي في الباب التاسع عند الحديث رقم (16/ 178) من كتابنا هذا.
(4)
في كتابه "الشفا بتعريف حقوق المصطفى"(1/ 82).
(5)
في صحيحه (4/ 1823 رقم 109/ 2344) وأحمد في مسنده (5/ 104).
(6)
في دلائل النبوة للبيهقي (1/ 216).
(7)
في دلائل النبوة للبيهقي (1/ 217)، وأخرجه النسائي في سننه (8/ 183 رقم 5232) وأحمد في مسنده (1/ 89، 101) من حديث البراء وهو حديث صحيح.
(8)
أي دلائل النبوة للبيهقي (1/ 286 - 292).
(9)
أي دلائل النبوة للبيهقي (1/ 298 - 306).
مثله، وفي حديث أم معبد المشهور
(1)
"في لحيته كثافة"، قاله الحافظ في التلخيص.
[الباب التاسع] باب استحباب تخليل اللحية
16/ 178 - (عَنْ عُثْمانَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُخَلِّلُ لِحيَتهُ. روَاهُ ابْنُ ماجَهْ
(2)
وَالترمِذِيُّ وَصَحَّحهُ)
(3)
. [صحيح]
(1)
أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 9 - 10) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأخرجه الطبراني في الكبير رقم (3605) وأبو نعيم في "الدلائل" رقم (238) والبغوي في شرح السنة رقم (3704) وله شواهد: من حديث جابر أخرجه البزار (رقم 1742 - كشف). وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 55) وقال: رواه البزار وفيه من لم أعرفه.
ومن حديث أبي بكر أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 491 - 492) بسند حسن وقال البيهقي: وهذه القصة وإن كانت تنقص عما روينا في قصة أم معبد، ويزيد في بعضها فهي قريبة منها، ويشبه أن يكونا واحدة
…
".
وخلاصة القول أن الحديث قابل للتحسين والله أعلم.
(2)
في سننه (1/ 148 رقم 430).
(3)
في سننه (1/ 46 رقم 31). وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (151) و (152) والحاكم في المستدرك (1/ 148 - 149) والدارقطني (1/ 86 رقم 12) وابن حبان في صحيحه (3/ 362 - 363 رقم 1081) والترمذي في العلل الكبير رقم (19).
قال الترمذي: "قال محمد - يعني البخاري -: أصحُّ شيءٍ عندي في التخليل حديث عثمان. قلت: إنهم يتكلمون في هذا الحديث. فقال: هو حسن، اهـ. وقال الحاكم: هذا إسناد صحيح قد احتجا بجميع رواته غير عامر بن شقيق، ولا أعلم في عامر بن شقيق طعنًا بوجه من الوجوه" اهـ.
وللحديث شواهد: (الأول): من حديث أنس عند أبي داود رقم (145) والبيهقي (1/ 54) وسنده حسن. وهو حديث صحيح.
وله طريق أخرى صححها الحاكم (1/ 149) ووافقه الذهبي.
(الثاني): من حديث عمار بن ياسر عند الترمذي رقم (29) وابن ماجه رقم (429) والحاكم (1/ 149). وهو حديث صحيح. =
17/ 179 - (وَعَنْ أنَسٍ أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا تَوَضَّأ أخَذَ كَفًّا مِنْ ماءٍ فأدْخَلهُ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهِ لِحَيَتهُ وَقالَ: "هكَذَا أمَرَنِي رَبِّي عز وجل". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)
(1)
. [صحيح لغيره]
أَما حديث عثمان فأخرجه أيضًا ابن خزيمة
(2)
والحاكم
(3)
والدارقطني
(4)
وابن حبان
(5)
، وفيه عامر بن شقيق
(6)
ضعفه يحيى بن معين، وقال البخاري
(7)
: حديثه حسن، وقال الحاكم
(8)
: لا نعلم فيه طعنًا بوجه من الوجوه، وأورد له شواهد
(9)
.
وأما حديث أَنس المذكور في الباب ففي إسناده الوليد بن زوران
(10)
وهو
= (الثالث): من حديث عائشة عند الحاكم (1/ 150). وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 235) وقال: رواه أحمد (6/ 234) ورجاله موثقون. وهو حديث صحيح لغيره.
(الرابع): من حديث ابن عمر عند ابن ماجه رقم (432). وهو حديث ضعيف.
(الخامس): من حديث أبي أيوب الأنصاري عند ابن ماجه رقم (433) وهو حديث صحيح لغيره. وفي الباب.
حديث أبي رافع، وأبي هريرة، وعائشة وقد تقدم تخريجها عند شرح الحديث رقم (12/ 174) من كتابنا هذا.
وخلاصة القول أن حديث عثمان صحيح بهذه الشواهد والله أعلم.
(1)
في سننه (11/ 101 رقم 145) قلت: وأخرجه البيهقي (1/ 54) والبغوي في شرح السنة رقم (215) وهو حديث صحيح لغيره.
(2)
و
(3)
و
(4)
و
(5)
تقدمت في تخريج الحديث رقم (16/ 178) من كتابنا هذا.
(6)
قال الحافظ في "التقريب"(رقم: 3093) عامر بن شقيق بن جمرة، الأسدي الكوفي لين الحديث
…
قال ابن أبي خيثمة، عن ابن معين: ضعيف الحديث.
وقال أبو حاتم: ليس بقوي.
وقال النسائي: ليس به بأس.
وذكره ابن حبان في الثقات.
(تهذيب التهذيب)(2/ 265). والثقات (7/ 249).
(7)
ذكره الترمذي في "العلل الكبير"(ص 33 رقم 19).
(8)
في المستدرك (1/ 149).
(9)
من حديث عمار بن ياسر، وأنس بن مالك، وعائشة رضي الله عنهم أجمعين.
وانظر تخريجها وتخريج أحاديث أخر عند تخريج الحديث رقم (16/ 178) من كتابنا هذا.
(10)
قال الحافظ في "التقريب" رقم (7423): الوليد بن زَوْران، السُّلَمي الرقي: لين الحديث.
وذكره ابن حبان في "الثقات"(7/ 550).
مجهول الحال، قال الحافظ
(1)
: وله طرق أخرى ضعيفة عن أنس، منها ما رويناه في فوائد أبي جعفر بن [البَخْتَريّ]
(2)
، ومستدرك الحاكم
(3)
ورجاله ثقات، لكنه معلول فإنما رواه موسى بن أبي عائشة عن زيد بن أبي أنيسة عن يزيد الرقاشي عن أنس، أخرجه ابن عدي
(4)
، وصححه ابن القطان من طريق أخرى، وله طريق أخرى ذكرها الذهلي
(5)
في الزهريات
(6)
وهو معلول، وصححه الحاكم قبل ابن القطان، قال الحافظ
(7)
: "ولم تقدح هذه العلة عندهما فيه".
وفي الباب عن علي، وعائشة، وأم سلمة، وأبي أمامة، وعمار، وابن عمر، وجابر، وجرير، وابن أبي أوفى، وابن عباس، وعبد الله بن عكبرة، وأبي الدرداء.
أما حديث علي فرواه الطبراني فيما انتقاه عليه ابن مردويه، وإسناده ضعيف ومنقطع، قاله الحافظ
(8)
.
(1)
في "التلخيص"(1/ 86).
(2)
• فوائد أبي جعفر بن البختري، ذكرها الحافظ ابن حجر في "المعجم المفهرس أو تجريد أسانيد الكتب المشهورة والأجزاء المنثورة"(1008) وذكرها الحافظ أيضًا في "المجمع المؤسس للمعجم المفهرس" ص 173، 246، 276، 361. وانظر مخطوطاتها في (سزكين) (1/ 1/ 367).
• أبو جعفر محمد بن عمرو بن البَخْتَريّ، مسند العراق الثقة، ولد سنة (251 هـ) وتوفي سنة (339 هـ). قال الذهبي:"وقع لنا جملة صالحة من حديثه". وفي (جـ): (البُجيري) وهو خطأ.
انظر "سير أعلام النبلاء"(15/ 385) و "تاريخ بغداد"(3/ 132) و "الوافي بالوفيات"(4/ 291).
(3)
في "المستدرك"(1/ 149).
(4)
في "الكامل"(2/ 137).
(5)
الذُّهْلِي: هو محمد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري. (ت: 258 هـ).
انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء"(12/ 285 - 294 رقم 105) وتاريخ بغداد (14/ 217، 219) و "ميزان الاعتدال"(4/ 407) وشذرات الذهب (2/ 152).
(6)
يقول الكتاني في "الرسالة المستطرفة"(ص 110 - 111): "وأحاديث محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، لأبي عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الله .. (الذهلي) النيسابوري، أحد الحفاظ الأعيان، أمير المؤمنين في الحديث
…
وهي المسماة بالزهريات، في مجلدين، جمع فيها حديث ابن شهاب الزهري، وجوده، وكان قد اعتنى به وتعب عليه، وكان من أعلم الناس بحديثه" اهـ.
(7)
في "التلخيص"(1/ 86).
(8)
في "تلخيص الحبير"(1/ 87).
وأما حديث عائشة فرواه أحمد
(1)
قال الحافظ
(2)
: وإسناده حسن.
وأما حديث أم سلمة فرواه الطبراني
(3)
والعقيلي
(4)
والبيهقي
(5)
بلفظ:
"كان إذا توضى خلل لحيته" وفي إسناده خالد بن إلياس
(6)
وهو منكر الحديث.
وأما حديث أبي أمامة فرواه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه
(7)
، والطبراني في الكبير
(8)
، قال الحافظ
(9)
: وإسناده ضعيف.
(1)
في المسند (6/ 234) من رواية طلحة بن عبد الله بن كريز عنها. قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 150) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 235) وقال: "رواه أحمد ورجاله موثقون". وهو حديث صحيح لغيره.
(2)
في "تلخيص الحبير"(1/ 86).
(3)
في "المعجم الكبير"(23/ 298 رقم 664).
(4)
في "الضعفاء الكبير"(2/ 3) في ترجمة: خالد بن إلياس. وقال العقيلي عقب الحديث: لا يتابع عليه. وفي تخليل اللحية أحاديث لينة الأسانيد، وفيها ما هو أحسن مخرجًا من هذا.
(5)
في "السنن الكبرى"(1/ 54).
(6)
خالد بن إلياس القرشي العدوي: قال البخاري في التاريخ الكبير (2/ 1/ 140): ليس بشيء. وقال ابن حبان في "المجروحين"(1/ 279): يروي الموضوعات عن الثقات، حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، لا يحل أن يكتب حديثه إلا على جهة التعجب.
وقال أحمد والنسائي: متروك.
وانظر: "بحر الدم"(ص 131: رقم 247) و "الميزان"(1/ 634) و "الجرح والتعديل"(1/ 2/ 321).
وخلاصة القول أن حديث أم سلمة ضعيف والله أعلم.
(7)
في "المصنف"(1/ 13) من حديث زيد بن الحباب، عن عمر بن سليم الباهلي، قال حدثني أبو غالب قال: قلت: لأبي أمامة أخبرنا عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثلاثًا وخلل لحيته. وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل" قال ابن الملقن: إسناد هذا الطريق حسن.
(8)
في الكبير (8/ 333 رقم 8070).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 235).
وقال: "رواه الطبراني في الكبير وفيه الصلت بن دينار وهو متروك" قلت: ليس في إسناده الصلت كما توهم الهيثمي رحمه الله.
(9)
في "تلخيص الحبير"(1/ 86).
وأما حديث عمار فرواه الترمذي
(1)
وابن ماجه
(2)
وهو معلول.
وأما حديث ابن عمر فرواه الطبراني في الأوسط
(3)
وإسناده ضعيف. وأخرجه عنه ابن ماجه
(4)
والدارقطني
(5)
والبيهقي
(6)
وصححه ابن السكن
(7)
بلفظ
(8)
: "كان إذا توضأ عرك عارضيه بعضَ العَرْك ثم يشبك لحيته بأصابعه من تحتها" وفي إسناده عبد الواحد
(9)
وهو مختلف فيه، واختلف فيه على الأوزاعي.
وأما حديث جابر فرواه ابن عدي
(10)
وفيه أصرم بن غياث وهو متروك الحديث، قاله النسائي
(11)
، وفي إسناده انقطاع، قاله ابن حجر
(12)
.
وأما حديث جرير فرواه ابن عدي
(13)
وفيه ياسين الزيات
(14)
وهو متروك.
(1)
في سننه رقم (29).
(2)
في سننه رقم (429).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 149) وهو حديث صحيح.
(3)
(رقم: 423 - مجمع البحرين) و (1/ 235 - مجمع الزوائد). بسند ضعيف.
(4)
في سننه (1/ 149 رقم 432).
(5)
في سننه (1/ 106 - 107 رقم 53).
(6)
في سننه الكبرى (1/ 55).
(7)
كما في "تلخيص الحبير"(1/ 87).
(8)
هنا في المخطوط (جـ) نص زائد "كان يخلل لحيته، ويدلك عارضيه" ولكنه في المخطوط (أ) قد شطب على هذا النص.
(9)
عبد الواحد بن قيس: وثقة يحيى بن معين، ويحيى بن سعيد القطان، والبخاري، وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال أبو حاتم أيضًا: ليس بالقوى. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وقال أبو أحمد الحاكم: منكر الحديث.
انظر: "تهذيب التهذيب"(2/ 633).
وخلاصة القول أن حديث ابن عمر ضعيف مرفوعًا. انظر: "العلل" لابن أبي حاتم (1/ 31 رقم 58). وأخرجه الدارقطني (1/ 107 رقم 54) وقال: وهو الصواب. يعني الموقوف.
(10)
في "الكامل"(1/ 403) ترجمة: أصرم بن غياث.
(11)
في "الضعفاء والمتروكين" رقم (67).
(12)
في "تلخيص الحبير"(1/ 87) والانقطاع بين الحسن وجابر انظر "المراسيل" رقم (37).
(13)
في "الكامل"(7/ 184) ترجمة: ياسين الزيات.
(14)
ياسين الزيات: كان من كبار فقهاء الكوفة ومفتيها. قال البخاري؛ منكر الحديث وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات.
وقال النسائي: متروك الحديث.
انظر: "الضعفاء والمتروكين" للنسائي رقم (683) والكبير للبخاري (8/ 429) والميزان (4/ 358) والمجروحين (3/ 142) وكتاب الجرح والتعديل (9/ 312).
وأما حديث ابن أبي أَوفي فرواه أبو عبيد في كتاب الطهور
(1)
، وفي إسناده أبو الورقاء
(2)
وهو ضعيف وهو في الطبراني
(3)
.
وأما حديث ابن عباس فرواه العقيلي
(4)
، قال ابن حزم
(5)
: ولا يتابع عليه.
وأما حديث عبد الله بن عكبرة فرواه الطبراني في الصغير
(6)
بلفظ: "التخليل سنة" وفيه عبد الكريم أبو أمية وهو ضعيف
(7)
.
وأما حديث أبي الدرداء فرواه الطبراني
(8)
وابن عدي
(9)
بلفظ: "توضأ فخلل لحيته مرتين وقال: هكذا أَمرني ربي" وفي إسناده تَمّام بن نَجِيح
(10)
وهو لين الحديث.
(1)
ص 118 رقم (311) بسند ضعيف جدًّا.
(2)
واسمه (فائد بن عبد الرحمن الكوفي أبو الورقاء العطار) قال الحافظ في "التقريب" رقم (5373) متروك اتهموه من صغار الخامسة.
وانظر: "تهذيب التهذيب"(3/ 380).
(3)
عزاه إليه الحافظ في (تلخيص الحبير)(1/ 87).
(4)
في "الضعفاء الكبير"(4/ 285) في ترجمة نافع مولى يوسف بن عبد الله.
(5)
انظر: "المحلى"(2/ 35).
(6)
(2/ 149 رقم 941 - الروض الداني) بسند ضعيف.
(7)
عبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية المعلِّم، البصري، نزيل مكة، واسم أبيه: قيس، وقيل: طارق: ضعيف.
له في مقدمة مسلم رواية. وله في البخاري تعليق.
"التقريب" رقم (4156).
(8)
في الكبير كما في "مجمع الزوائد"(1/ 235). وقال الهيثمي: وفيه تمام بن نجيح وقد ضعفه البخاري وجماعة ووثقه يحيى بن معين.
(9)
في "الكامل"(2/ 84) في ترجمة: تمام بن نجيح.
(10)
قال الحافظ في "التقريب" رقم (798): تمام بن نجيح الأسدي الدمشقي، نزيل حلب: ضعيف.
وانظر: "تهذيب التهذيب"(1/ 258 - 259). قلت: بالإضافة لضعف تمام بن نجيح، فإن الحسن البصري لم يدرك أبا الدرداء. قال أبو زرعة:"الحسن عن أبي الدرداء، مرسل" ذكره ابن أبي حاتم في "المراسيل" ص 44.
وخلاصة القول أن حديث أبي الدرداء ضعيف والله أعلم.
قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس في تخليل اللحية شيء صحيح
(1)
، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية شيء، ولكنه يعارض هذا تصحيح الترمذي والحاكم وابن القطان لبعض أحاديث الباب، وكذلك غيرهم.
(2)
والحديثان يدلان على مشروعية تخليل اللحية، وقد اختلف الناس في ذلك فذهب إلى وجوب ذلك في الوضوء والغسل العترة والحسن بن صالح وأبو ثور والظاهرية كذا في البحر
(3)
، واستدلوا بما وقع في أحاديث الباب بلفظ:"هكذا أمرني ربي" وذهب مالك
(4)
والشافعي
(5)
والثوري
(6)
، والأوزاعي
(7)
إلى أن تخليل اللحية ليس بواجب في الوضوء، قال مالك
(8)
وطائفة من أهل المدينة: ولا في غسل الجنابة، وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري والأوزاعي والليث وأحمد بن حنبل وإسحق وأبو ثور وداود والطبري وأكثر أهل العلم: إن تخليل
(1)
انظر: "مسائل الإمام أحمد" رواية أبي داود ص 7.
(2)
كحديث عثمان الذي تقدم تخريجه رقم (16/ 178) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
وحديث أنس الذي تقدم تخريجه رقم (17/ 179) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح لغيره.
وحديث عائشة الذي تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (17/ 179) وهو حديث صحيح لغيره.
وحديث عمار الذي تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (17/ 179) وهو حديث صحيح.
(3)
في "البحر الزخار"(1/ 60).
قلت: أما ابن حزم الأندلسي فقد قال في "المحلى"(2/ 35) بعد أن سرد الأحاديث وتكلم عليها: وكل هذا لا يصح، ولو صح لقلنا به" اهـ.
(4)
انظر: "قوانين الأحاكم الشرعية" ص 35.
(5)
انظر: "الأم"(1/ 107 - 109 رقم 387).
(6)
وقد اختلفت حكاية مذهب الثوري في تخليل اللحية. فحكى ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 383) وابن عبد البر في "الاستذكار"(2/ 16) وغيرهما عدم الوجوب.
وحكى عنه ابن قدامة في "المغني"(1/ 105) الوجوب إن كان الشعر كثيفًا.
(7)
انظر: "الاستذكار"(2/ 16 رقم 1180).
(8)
انظر: "الاستذكار"(2/ 16 رقم 1181).
اللحية واجب في غسل الجنابة ولا يجب في الوضوء
(1)
، هكذا في شرح الترمذي لابن سيد الناس. قال: وأظنهم فرَّقوا بين ذلك، والله أعلم. لقوله صلى الله عليه وسلم:"تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابة فبلوا الشَّعرَ وأَنقُوا البشر"
(2)
. واستدلوا لعدم الوجوب في الوضوء بحديث ابن عباس المذكور في الباب الأول.
قال وقد روي عن ابن عباس
(3)
وابن عمر
(4)
وأنس
(5)
وعلي
(6)
وسعيدٍ بن جبير
(7)
وأبي قلابة
(8)
ومجاهد
(9)
وابن سيرين
(10)
والضحاك
(11)
وإبراهيم النخعي
(12)
أنهم كانوا يخللون لحاهم.
وممن روي عنه أنه كان لا يخلل إبراهيم النخعي
(13)
والحسن
(14)
وابن
(1)
ذكر ذلك ابن عبد البر في "الاستذكار"(2/ 17 رقم 1184).
(2)
وهو حديث ضعيف.
أخرجه أبو داود (1/ 171 - 172 رقم 248) والترمذي (1/ 178 رقم 106) وابن ماجه (1/ 196 رقم 597) من حديث أبي هريرة.
قال الترمذي: حديث الحارث بن وجيه حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديثه ..
وهو شيخ ليس بذاك. وفد روى عنه غيرُ واحد من الأئمة. وقد تفرد بهذا الحديث عن مالك بن دينار. ويقال: الحارث بن وجيه. ويقال: ابن وجْبَةَ.
وقال أبو داود: الحارث بن وجيه حديثهُ منكر، وهو ضعيف.
وقال الشافعي: هذا الحديث ليس بثابت.
وقال البيهقي: أنكره أهل العلم بالحديث - البخاري وأبو داود وغيرهما - "كما في "تلخيص الحبير" (1/ 142).
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 12).
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 12) و (1/ 13).
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 13).
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 13).
(7)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 13).
(8)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 13).
(9)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 13).
(10)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 13).
(11)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 13).
(12)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 13).
(13)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 14).
(14)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 14).
الحنفية
(1)
وأَبو العالية
(2)
وأبو جعفر الهاشمي
(3)
والشعبي
(4)
ومجاهد
(5)
والقاسم
(6)
وابن أبي ليلى
(7)
، ذكر ذلك عنهم ابن أبي شيبة بأسانيده إليهم، والإِنصاف أن أحاديث الباب بعد تسليم انتهاضها للاحتجاج وصلاحيتها للاستدلال لا تدل على الوجوب لأنها أفعال، وما ورد في بعض الروايات من قوله صلى الله عليه وسلم:"هكذا أمرني ربي" لا يفيد الوجوب على الأمة لظهوره في الاختصاص به، وهو يتخرج على الخلاف المشهور في الأصول هل يعم الأمة ما كان ظاهر الاختصاص به أم لا؟ والفرائض لا تثبت إلا بيقين، والحكم على ما لم يفرضه الله بالفرضية كالحكم على [ما فرضه]
(8)
بعدمها، لا شك في ذلك لأن كل واحد منهما من التقوّل على الله بما لم يقل، ولا شك أن الغرفة الواحدة لا تكفي [كث]
(9)
اللحية لغسل وجهه وتخليل لحيته، ودفع ذلك كما قال بعضهم
(10)
بالوجدان مكابرة منه، نعم. الاحتياط والأخذ بالأوثق لا شك في أولويته لكن بدون مجاراة على الحكم بالوجوب.
قوله: (الحنك) هو باطن أعلى الفم والأسفل من طرف مقدم اللحيين.
[الباب العاشر] باب تعاهد الماقين وغيرهما من غضون الوجه بزيادة ما
18/ 180 - (عَنْ أبِي أمامةَ أنَّهُ وَصَفَ وُضُوءَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فذَكَرَ ثلاثًا، ثلَاثًا، قال: وكانَ يَتَعاهَدُ المَاقَيْنِ. رَوَاهُ أحْمَدُ)
(11)
. [حسن]
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 14) بسند حسن.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 14) بسند حسن.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 14).
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 14).
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 14).
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 14).
(7)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 14).
(8)
في (ب): (ما فرضه الله).
(9)
في (جـ): (كثيف).
(10)
أي "المقبلي" انظر: "المنار في المختار من جواهر البحر الزخار"(1/ 50 - 51).
(11)
في المسند (5/ 258) و (5/ 264) و (5/ 268). =
الحديث أخرجه ابن ماجه
(1)
من حديث أبي أمامة أيضًا بلفظ: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الأذنان من الرأس وكان يمسح الماقين"، وذكره الحافظ في التلخيص
(2)
ولم يذكر له علة ولا ضعفًا. وقال في مجمع الزوائد
(3)
: "رواه الطبراني في الكبير من طريق سميع عن أبي أمامة، وإسناده حسن، وسميع ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: لا أدري من هو ولا ابن من هو؟ والظاهر أنه اعتمد في توثيقه على غيره".
قوله: (الماقين) موق العين مَجْرَى الدَّمْع منها أَو مُقَدَّمها ومُؤَخَّرُها كذا في القاموس
(4)
، قال الأزهري
(5)
: "أجمع أهل اللغة أن الموق والماق مؤخر العين الذي يلي الأنف "انتهى. والمراد بهما في الحديث مخصر العينين.
وذكر المصنف
(6)
رحمه الله تعالى في التبويب غضون الوجه،
= قلت: وأخرجه أبو داود (1/ 93 رقم 134) والترمذي (1/ 53 رقم 37) وابن ماجه (1/ 152 رقم 444) والدارقطني (1/ 103 رقم 37) والبيهقي (1/ 66) والطبراني في الكبير (8/ 142 - 143 رقم 7554) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 33) كلهم عن حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة مرفوعًا.
وهذا سند حسن في الشواهد.
وقال ابن دقيق العيد في الإمام: وهذا الحديث معلول بوجهين:
(أحدهما): الكلام في شهر بن حوشب. و (الثاني): الشك في رفعه. ولكن شهر وثقه أحمد، ويحيى، والعجلي، ويعقوب بن شيبة.
وسنان بن ربيعة، أخرجه له البخاري، وهو وإن كان قد لين، فقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وقال ابن معين: ليس بالقوي، فالحديث عندنا حسن، والله أعلم. كما في "نصب الراية" للزيلعي (1/ 18).
(1)
في سننه رقم (444) وقد تقدم في التعليقة السابقة.
(2)
(1/ 91). قلت: بل قال الحافظ في "التلخيص": "وقد بينت أنه مدرج في كتابي في ذلك" اهـ.
(3)
(1/ 230).
(4)
القاموس المحيط ص 1191.
(5)
في "تهذيب اللغة"(9/ 365).
(6)
أي ابن تيمية الجد في المنتقى" (1/ 92) "باب تعاهد الماقين وغيرهما من غضون الوجه بزيادة ماء".
وهي ما تعطف من الوجه، إما قياسًا على الماقين وإما استدلالًا بما في الحديث الآتي
(1)
من قوله: "ثم أخذ بيديه فصك بهما وجهه" والأول أظهر، وقد ورد من حديث أخرجه ابن حبان
(2)
، وابن أبي حاتم
(3)
، وغيرهما
(4)
بلفظ: "إذا توضأتم فأشربوا أعينكم من الماء" وهو من حديث البَخْتري بن عُبَيد
(5)
بالموحدة والمعجمة وقد ضعفوه كلهم فلا يقوم به حجة كذا قاله بعضهم
(6)
، وفيه أنه ذكر في الميزان
(7)
أنه وثقه وكيع، وقال ابن عبدقي: لا أعلم له حديثًا منكرًا انتهى، لكنه لا يكون ما تفرد به حجة لوقوع الاختلاف فيه فقد قيل: إنه ضعيف، وقيل: متروك الحديث، وقال البخاري: يخالف في حديثه على أنه لم ينفرد به البختري، فقد رواه ابن طاهر في صفوة التصوف
(8)
من طريق ابن أبي السري لكنه قال ابن الصلاح
(9)
: "لم أجد له أنا في جماعة اعتنوا بالبحث عن حاله أَصلًا" وتبعه النووي
(10)
.
19/ 181 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أن عَليًّا رضي الله عنهما قالَ: يَا ابْنَ عَباسٍ أَلا أتَوَضَّأ لَكَ وُضُوءَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قُلتُ: بَلَى فِدَاكَ أبِي وَأُمِّي قالَ: فَوَضَعَ إنَاءً
(1)
رقم (19/ 181) من كتابنا هذا.
(2)
في كتابه "المجروحين"(1/ 194).
(3)
في "العلل"(1/ 36 رقم 73).
(4)
كابن عدي في "الكامل"(2/ 57) والذهبي في "الميزان"(2/ 7).
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه؟ فقال: هذا حديث منكر، والبَخْتري ضعيف الحديث، وأبوه مجهول".
وكذا قال ابن عدي أن الحديث منكر.
(5)
ضعفه أبو حاتم وغيره تركه. "الميزان"(2/ 6 - 7 رقم 1135/ 2404).
والجرح والتعديل (2/ 427). والكامل لابن عدي (2/ 57).
(6)
كالجلال. وهو الصحيح.
(7)
(7/ 2 - 8 رقم 1136/ 2405) في ترجمة البختري بن المختار. وهو سبق نظر أو وهم منه رحمه الله.
(8)
عزاه إليه الحافظ في "تلخيص الحبير"(1/ 99 - 100) وقال "هذا إسناده مجهول. ولعل ابن أبي السري حدث به من حفظه في المذاكرة، فوهم في اسم البختري بن عُبيد والله أعلم" اهـ.
(9)
في "شرح مشكل الوسيط" لابن الصلاح (1/ 291). وهو ذيل "الوسيط في المذهب" للغزالي.
(10)
في "التنقيح في شرح الوسيط" للنووي (1/ 291). وهو ذيل "الوسيط في المذهب" للغزالي.
فَغَسَلَ يَدَيهِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشقَ وَاسْتَنثَرَ، ثُمَّ أخَذَ بِيَديْهِ فَصَكَّ بِهِما وَجْهَهُ وَأَلْقَمَ إبْهامَيهِ ما أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ قالَ: ثُمَّ عادَ في مِثْلِ ذَلِكَ ثَلاثًا ثم أَخَذ كَفَّا بِيدِهِ الْيُمْنى فأفْرَغَها على ناصِيتِهِ، ثُمَّ أَرْسَلها تَسيلُ على وَجههِ، ثمْ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنى إلى الْمِرْفَقِ ثلاثًا، ثُمْ يَدَهُ الأخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ. وَذَكَرَ بَقِيةَ الوُضُوءِ. رَواهُ أحْمَدُ
(1)
وأبُو دَاوُدَ)
(2)
. [حسن]
لعل هذا اللفظ الذي ساقه المصنف رحمه الله لفظ أحمد؛ وساقه أَبو داود في سننه بمعناه، وتمام الحديث "ثم مسح رأسه وظهور أُذنيه، ثم أدخل يديه جميعًا فأخذ حفنة من ماء فضرب يها على رجله وفيها النعل ففتلها بها، ثم الأخرى مثل ذلك، قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين قال: قلت وفي النعلين. قال: وفي النعلين قال: قلت: وفي النعلين قال: وفي النعلين" وفي رواية لأبي داود
(3)
"ومسح برأسه مرة واحدة" وفي رواية له
(4)
"ومسح برأسه ثلاثًا" قال المنذري
(5)
: في هذا الحديث مقال، وقال الترمذي
(6)
: "سألت محمد بن إسماعيل عنه فضعفه، وقال: ما أدري ما هذا".
والحديث يدل على أَنه يغسل ما أقبل من الأذنين مع الوجه ويمسح ما أدبر
(1)
في المسند (1/ 82).
(2)
في سننه (1/ 84 رقم 117).
بإسناد حسن. محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانه: ثقة (تهذيب التهذيب)(3/ 598).
وعبيد الله الخولاني: هو عبيد الله بن الأسود، ويقال ابن الأسد، وهو تابعي وثقه ابن حبان (تهذيب التهذيب)(3/ 5).
ومحمد بن إسحاق ثقة. وقد صرح بالتحديث عند أحمد (تهذيب التهذيب)(3/ 504 - 507).
وقال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - عنه - أي عن الحديث - فضعفه، وقال: ما أدري ما هذا.
وعقب أبو الأشبال في تخريج مسند أحمد (2/ 49) بقوله: "وليس الحديث في الترمذي، فلعل ما نقله الخطابي عنه - أي عن الترمذي - في كتاب آخر. وما أدري أنا وجه تضعيف البخاري إياه" اهـ.
وقد حسن المحدث الألباني الحديث في صحيح أبي داود.
(3)
و
(4)
قال أبو داود (1/ 86): "وحديث بن جريج عن شيبة يشبه حديث علي، لأنه قال فيه حجاج بن محمد عن جريج: ومسح برأسه مرة واحدة، وقال ابن وهب فيه عن ابن جريج: ومسح برأسه ثلاثًا" اهـ.
(5)
في "مختصر سنن أبي داود"(1/ 95).
(6)
ذكر ذلك الخطابي في "معالم السنن"(1/ 86 - هامش السنن).
منهما مع الرأس. وإليه ذهب الحسن بن صالح، والشعبي
(1)
، وذهب الزهري
(2)
وداود إلى أنهما من الوجه فيغسلان معه، وذهب من عداهم إلى أنهما من الرأس فيمسحان معه، وفيه أيضًا استحباب إرسال غرفة من الماء على الناصية لكن بعد غسل الوجه لا كما يفعله العامة عقب الفراغ من الوضوء، وفيه أنه لا يشترط في غسل الرجل نزع النعل وأَن الفتل كاف وقد قدمنا عن الحافظ في (باب إِيصال الماء إلى باطن اللحية الكثة)
(3)
أن رواية المسح على النعل شاذة لأنها من طريق هشام بن سعد، ولا يحتج بما تفرد به، وأبو داود
(4)
لم يروها من طريقه ولا ذكر المسح، ولكنه رواها من طريق محمد بن إسحق عنعنة وفيه مقال مشهور إذا عنعن
(5)
. وقد احتج من قال بتثليث مسح الرأس برواية أبي داود
(6)
التي ذكرناها، واحتج القائل بأنه يمسح مرة واحدة بإطلاق المسح في حديث الباب وتقييده بالمرة في رواية، وسيأتي الكلام عليه في باب هل يسن تكرار المسح
(7)
.
قوله: (وألقم إبهاميه)[أيْ]
(8)
جعل إبهاميه للبياض الذي بين الأذن والعذار كاللقمة للفم توضع فيه واستدل بذلك المارودي على أن البياض الذي بين [الآذان]
(9)
والعذار كاللقمة للفم توضع فيه واستدل بذلك الماوردي
(10)
على أن البياض الذي بين الآذان والعذار من الوجه كما هو مذهب الشافعية. وقال مالك
(11)
: ما بين الأذن واللحية ليس من الوجه، قال ابن عبد البر
(12)
: لا أعلم أحدًا من علماء الأمصار قال بقول مالك، وعن أبي يوسف
(13)
يجب على
(1)
المغني (1/ 150).
(2)
المغني (1/ 150).
(3)
الباب الثامن في شرح الحديث رقم (15/ 177) من كتابنا هذا.
(4)
في سننه رقم (117) وقد تقدم.
(5)
قلت: وقد صرح بالتحديث في رواية أحمد المتقدمة (1/ 117).
(6)
في سننه (1/ 79 رقم 107) و (1/ 81 رقم 110).
(7)
في الباب الرابع عشر عند الحديث (29/ 191) من كتابنا هذا.
(8)
زيادة من (ب) و (ج).
(9)
في (ج): (الأذن).
(10)
انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (1/ 162).
(11)
الاستذكار (2/ 15 رقم 1170). و"فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر"(3/ 218).
(12)
كما في "فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر"(3/ 219).
(13)
انظر: "شرح فتح القدير"(1/ 12).
الأمرد غسله دون الملتحي. قال المصنف
(1)
رحمه الله تعالى: "وفيه حجة لمن رأى ما أقبل من الأذنين من الوجه" انتهى. وقد تقدم.
[الباب الحادي عشر] باب غسل اليدين مع المرفقين وإطالة الغرة
20/ 182 - (عَنْ عُثْمانَ رضي الله عنه أنَّهُ قالَ: هَلُمَّ أتَوَضْأ لكُمْ وُضُوء رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيدَيْهِ حَتَّى مَسَّ أطرَافَ العَضْدَيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأسِهِ، ثُمَّ أَمَرَّ بِيَدَيهِ على أُذُنيهِ وَلِحيَتِهِ، ثُمَّ غَسلَ رِجْليهِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْني)
(2)
. [صحيح لغيره]
الحديث في إسناده ابن إسحق وقد عنعن.
قوله: (هلم) اسم فعل بمعنى قرب جاء لازمًا كقوله تعالى: {هَلُمَّ إِلَيْنَا}
(3)
ومتعديًا كقوله تعالى: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ}
(4)
ويستوي فيه عند الحجازيين [الواحد]
(5)
والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث فيقال: هلم يا رجل، وهلم يا رجال، وهلم يا امرأة، وفي لغة بنى تميم يتغير كتغير أمر المخاطب نحو هلما وهلموا وهلمي.
(1)
أي ابن تيمية الجد صاحب "المنتقى"(1/ 93).
(2)
في سننه (1/ 86 رقم 12).
قلت: وأخرجه ابن ماجه (1/ 148 رقم 430) والترمذي (1/ 46 رقم 31).
وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه رقم (151 و 152) والحاكم في المستدرك (1/ 148 - 149) وابن حبان في صحيحه (3/ 362 - 363 رقم 1081) والترمذي أيضًا في العلل الكبير رقم (19).
قال الترمذي: "قال محمد - يعني البخاري -: أصحُّ شيءٍ عندي في التخليل حديث عثمان. قلت: إنهم يتكلمون في هذا الحديث. فقال: هو حسن" اهـ.
وقال الحاكم: "هذا إسناد صحيح قد احتجا بجميع رواته غير عامر بن شقيق، ولا أعلم في عامر بن شقيق طعنًا بوجه من الوجوه" اهـ.
وللحديث شواهد من حديث أنس، وعمار بن ياسر، وعائشة، وابن عمر وأبي أيوب، وأبي رافع، وأبي هريرة.
وخلاصة القول أن حديث عثمان صحيح بهذه الشواهد والله أعلم.
(3)
سورة الأحزاب: الآية 18.
(4)
سورة الأنعام: الآية 150.
(5)
في (ب) و (جـ): (الموحد).
قوله: (حتى مس أطراف العضدين) فيه دليل على وجوب غسل المرفقين، وقد قدمنا طرفًا من الكلام عليه في شرح حديث عثمان
(1)
المتفق عليه.
وقوله: (ثم مسح برأسه) إطلاق المسح يشعر بعدم التكرار وسيأتي الكلام عليه.
قوله: (ثم أمرّ بيديه على أذنيه) دليل على مشروعية مسح الأذنين وسيأتي له باب في هذا الكتاب
(2)
.
قوله: (ولحيته) قد بسطنا البحث فيه في باب استحباب تخليل اللحية
(3)
.
21/ 183 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ [رضي الله عنه]
(4)
أنهُ تَوَضأ فَغسلَ وجْهَهُ فأسْبَغَ الوُضُوءَ، ثُمَّ غَسلَ يَدَهُ اليمْنى حتى أَشْرَعَ في العَضْدِ، ثُمَّ غَسلَ يَدَهُ اليُسْرى حَتَّى أَشْرَعَ في العَضدِ، ثُمَّ مَسحَ رأْسَهُ، ثُمَّ غَسلَ رِجْلهُ اليُمنَى حَتَّى أشْرَعَ في السّاق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق ثُمَّ قال: هكَذَا رأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَتَوَضأ وَقالَ: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أنْتُمْ الغُرُّ المُحَجَلونَ يَوْمَ القِيامَةِ مِنْ إسبْاغِ الوُضُوءِ فَمَنِ استْطَاعَ مِنْكُمْ فَليُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجيلهُ". رَواهُ مُسْلِمٌ)
(5)
. [صحيح]
قوله: (أشرع في العضد وأشرع في الساق) معناه أدخل الغسل فيهما، قاله النووي
(6)
.
قوله: (أنتم الغر المحجلون) قال أهل اللغة: الغرة
(7)
: بياض في جبهة الفرس، والتحجيل
(8)
: بياض في يدها ورجلها قال العلماء: سمي النور الذي يكون على مواضع الوضوء يوم القيامة: غرة وتحجيلًا تشبيها بغرة الفرس.
(1)
رقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(2)
الباب الخامس عشر عند الحديث رقم (32/ 194) من كتابنا هذا.
والباب السادس عشر عند الحديث رقم (34/ 196) من كتابنا هذا.
(3)
الباب التاسع عند الحديث رقم (16/ 178) من كتابنا هذا.
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في صحيحه (1/ 216 رقم 34/ 246).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 134).
(7)
انظر: "القاموس المحيط"(ص 577).
(8)
انظر: "القاموس المحيط (ص 1270).
وهذا الحديث وغيره مصرح باستحباب تطويل الغرة والتحجيل.
والغرة: غسل شيء من مقدم الرأس [أو]
(1)
ما يجاوز الوجه [زائدًا]
(2)
على الجزء الذي يجب غسله.
والتحجيل: غسل ما فوق المرفقين والكعبين وهما مستحبان بلا خلاف، واختلف في القدر المستحب على أوجه. أحدها: أنه [تستحب]
(3)
الزيادة فوق المرفقين والكعبين من غير تقدير: والثاني إلى نصف العضد والساق. والثالث: إلى المنكب والركبتين. قال النووي
(4)
: "وأَحاديث الباب تقتضي هذا كله. قال: وأما دعوى الإِمام أبي الحسن بن بطال المالكي والقاضي عياض، اتفاق العلماء على أنه لا يستحب الزيادة فوق المرفق والكعب فباطلة، وكيف تصح دعواهما وقد ثبت فعل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(5)
، وأبي هريرة
(6)
وهو مذهبنا لا خلاف فيه عندنا
(7)
، ولو خالف فيه من خالف كان محجوجًا بهذه السنن الصحيحة الصريحة، وأما احتجاجهما بقوله صلى الله عليه وسلم:"من زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم"
(8)
فلا يصح لأن المراد زاد في عدد المرات".
وقال الحافظ في التلخيص
(9)
: "وقد ادعى ابن بطال في شرح البخاري، وتبعه القاضي، تَفَرُد أبي هريرة بهذا - يعني الغسل إلى الآباط - وليس بجيد، [فقال: قد]
(10)
قال به جماعة من السلف ومن أصحاب الشافعي، وقال ابن أبي شيبة
(11)
: حدثنا وكيع عن العمرى عن نافع أَن ابن عمر كان ربما بلغ بالوضوء إبطيه، ورواه أبو عبيد بإسناد أَصح من هذا فقال: حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث عن محمد بن عجلان، عن نافع".
قوله: (فمن استطاع منكم) تعليق الأمر بإطالة الغرة والتحجيل بالاستطاعة
(1)
في (جـ) و (و).
(2)
في (جـ): (زائد) وهو خطأ.
(3)
في (جـ): (يستحب).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 134).
(5)
و
(6)
الحديث رقم (21/ 183) من كتابنا هذا.
(7)
أي الشافعية لأن الكلام للإمام النووي.
(8)
يأتي تخريجه رقم (54/ 216) من كتابنا هذا.
(9)
(1/ 88).
(10)
في (ب): (فقد).
(11)
في "المصنف"(1/ 55) بسند ضعيف. من أجل العمري وهو المكبر، واسمه عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم. قال الحافظ في "التقريب" رقم (3489): ضعيف.
قرينة قاضية بعدم الوجوب، ولهذا لم يذهب إلى إيجابه أحد من الأئمة.
قال المصنف
(1)
رحمه الله تعالى: "ويتوجه منه وجوب غسل المرفقين لأن نص الكتاب يحتمله وهو مجمل فيه، وفعله صلى الله عليه وسلم بيان لمجمل الكتاب ومجاوزته للمرفق ليس في محل الإجمال ليجب بذلك" انتهى. وقد أَسلفنا الكلام عليه في الكلام على حديث عثمان
(2)
في أول أبواب الوضوء.
[الباب الثاني عشر] باب تحريك الخاتم وتخليل الأصابع ودلك ما يحتاج إلى دلك
22/ 184 - (عَنْ أَبِي رَافِع أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ إذا تَوَضأ حَرَّك خَاتَمهُ. رَواهُ ابْنُ ماجَهْ
(3)
وَالدَّارَقُطْنِى)
(4)
. [ضعيف]
الحديث في إسناده معمَّر [بن محمد]
(5)
بن عبيد الله
(6)
عن أبيه
(7)
وهما ضعيفان، وقد ذكره البخاري
(8)
تعليقًا عن ابن سيرين، ووصله ابن أبي شيبة
(9)
،
(1)
أي ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 94).
(2)
برقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(3)
في سننه (1/ 153 رقم 449).
(4)
في سننه (1/ 83 رقم 16). قال الدارقطني: "معمر وأبوه ضعيفان، ولا يصح هذا" اهـ.
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 181 رقم 184/ 449): "هذا إسناد ضعيف لضعف معمر وأبيه محمد بن عبيد الله.
قال البخاري: معمر بن محمد بن عبيد الله عن أبي رافع منكر الحديث" اهـ.
(5)
زيادة من (أ) و (ب) وهو الصواب.
(6)
منكر الحديث قاله الحافظ في "التقريب" رقم (6816).
(7)
محمد بن عبيد الله بن أبي رافع الهاشمي مولاهم الكوفي: ضعيف "التقريب" رقم (6106).
(8)
(1/ 267 رقم الباب 29).
وقال الحافظ في "الفتح"(1/ 267): "وصله المصنف في التأريخ عن موسى بن إسماعيل عن مهدي بن ميمون عنه، وروى ابن أبي شيبة عن هشيم عن خالد عنه أنه كان إذا توضأ حرك خاتمه. والإسنادان صحيحان" اهـ.
(9)
في "المصنف"(1/ 39) بسند صحيح.
وهو يدل على مشروعية تحريك الخاتم ليزول ما تحته من الأوساخ. وكذلك ما يشبه الخاتم من الأسورة والحلية ونحوهما.
23/ 185 - (وَعَنِ ابْنِ عَباسٍ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذَا تَوَضأتَ فَخلْل أصَابعَ يَدَيكَ وَرِجْلَيكَ". رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وابْنُ مَاجَهْ
(2)
والتَّرْمِذِيّ)
(3)
. [صحيح]
24/ 186 - (وَعَنْ المُسْتَوردِ بْنِ شَدَّادٍ قالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم إذَا توَضَّأ خَلّلَ أَصَابعَ رِجلَيهِ بِخِنْصَرِهِ. رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلّا أحمَدَ)
(4)
. [صحيح]
25/ 187 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ زَيدِ بْنِ عاصِم أَنّ النبي صلى الله عليه وسلم تَوَضأ فجَعَلَ يَقُولُ هكذَا يَدْلُكُ. رَوَاهُ أحْمَدُ)
(5)
. [صحيح]
أما حديث ابن عباس فرواه أيضًا الحاكم
(6)
، وفيه صالح مولى التوأمة وهو ضعيف، ولكن حسنه البخاري لأنه من رواية موسى بن عقبة عن صالح، وسماع موسى منه قبل أن يختلط.
وأما حديث المستورد بن شداد ففي إسناده ابن لهيعة، لكن تابعه الليث بن سعد وعمرو بن الحارث أخرجه البيهقي
(7)
وأبو بشر الدولابي، والدَّارقطني في غرائب مالك، من طريق ابن وهب عن الثلاثة، وصححه ابن القطان
(8)
.
(1)
في المسند (1/ 287).
(2)
في سننه (1/ 153 رقم 447).
(3)
في سننه (1/ 57 رقم 39) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وهو حديث صحيح.
(4)
أبو داود (1/ 103 رقم 148) والترمذي (1/ 57 رقم 40) وقال: هذا حديث حسن غريب. وابن ماجه (1/ 152 رقم 446).
قلت: وأخرجه أحمد (4/ 229) بثلاثة أسانيد. كلهم من طريق ابن لهيعة وقد صرح الترمذي بانفراده به، ولكنه ليس كذلك، فقد قال الحافظ في "التلخيص"(1/ 94)"تابعه الليث بن سعد وعمرو بن الحارث، أخرجه البيهقي، وأبو بشر الدولابي، والدارقطني في غرائب مالك من طريق ابن وهب عن الثلاثة، وصححه ابن القطان".
(5)
في المسند (4/ 39) وهو حديث صحيح.
(6)
في المستدرك (1/ 182).
(7)
في السنن الكبرى (1/ 77).
(8)
ذكر ذلك الحافظ في "تلخيص الحبير"(1/ 94).
وأما حديث عبد الله بن زيد فهو إحدى روايات حديثه المشهور.
وفي الباب من حديث عثمان عند الدارقطني
(1)
بلفظ: "أنه خلل أصابع قدميه ثلاثًا وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت".
ومن حديث الربيع بنت معوذ عند الطبراني في الأوسط
(2)
، قال الحافظ
(3)
: وإسناده ضعيف.
ومن حديث عائشة عند الدارقطني
(4)
وفيه عمر بن قيس
(5)
وهو منكر الحديث.
ومن حديث وائل بن حجر عند الطبراني في الكبير
(6)
، قال الحافظ
(7)
: وفيه ضعف وانقطاع.
ومن حديث لقيط بن صبرة بلفظ: "إذا توضأت فخلل الأصابع"، وقد تقدم
(8)
.
ومن حديث ابن مسعود رواه زيد بن أبي الزرقاء، بلفظ:"لينهكن أحدكم أصابعه قبل أن تنهكه النار" قال ابن أبي حاتم: رفعه منكر
(9)
. قال الحافظ
(10)
: وهو في جامع الثوري موقوف، وكذا في مصنف عبد الرزاق
(11)
، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة
(12)
موقوفًا.
(1)
في سننه (1/ 86 رقم 13).
(2)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 94).
(3)
في "التلخيص"(1/ 94).
(4)
في سننه (1/ 95 رقم 2) بسند ضعيف جدًّا.
(5)
قال أحمد: متروك، وقال أبو حاتم: متروك الحديث، لم يكن حديثه بصحيح.
انظر: "الجرح والتعديل"(3/ 1/ 129) والمجروحين (2/ 85) والميزان (3/ 218).
(6)
في المعجم الكبير (22/ 49 - 50 رقم 118). وفيه ضعف وانقطاع.
(7)
في "التلخيص"(1/ 94).
(8)
برقم (12/ 174) من كتابنا هذا.
(9)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 94).
(10)
في "التلخيص"(1/ 94).
(11)
في "مصنفه"(1/ 22 - 23 رقم 68).
(12)
في "مصنفه"(1/ 11).
ومن حديث أبي أيوب عند أبي بكر بن أبي شيبة في المصنف
(1)
.
ومن حديث أبي هريرة عند الدارقطني
(2)
بلفظ: "خللوا بين أصابعكم، لا يخللها الله يوم القيامة بالنار".
ومن حديث أبي رافع عند أحمد
(3)
والدارقطني
(4)
من حديث معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، قال البخاري: هو منكر الحديث.
[مشروعية تخليل أصابع اليدين والرجلين]:
والأحاديث تدل على مشروعية تخليل أصابع اليدين والرجلين، وأحاديث الباب يقوى بعضها بعضًا فتنتهض للوجوب لا سيما حديث لقيط بن صبرة الذي قدمنا
(5)
الكلام عليه في باب المبالغة في الاستنشاق، فإنه صححه الترمذي والبغوي وابن القطان.
قال ابن سيد الناس: قال أصحابنا: من سنن الوضوء تخليل أصابع الرجلين في غسلهما، قال: وهذا إذا كان الماء يصل إليها من غير تخليل، فلو كانت الأصابع [ملتفة]
(6)
لا يصل الماء إليها إلا بالتخليل فحينئذ يجب التخليل لا لذاته لكن لأداء فرض الغسل انتهى.
والأحاديث - قد صرحت بوجوب التخليل وثبتت من قوله صلى الله عليه وسلم وفعله ولا فرق بين إمكان وصول الماء بدون تخليل وعدمه، ولا بين أصابع اليدين والرجلين، فالتقييد بأصابع الرجلين أو بعدم إمكان وصول الماء لا دليل عليه.
(1)
في "مصنفه"(1/ 12).
(2)
في سننه (1/ 95 رقم 3) وفيه يحيى بن ميمون التمار: كذاب.
انظر "الجرح والتعديل"(9/ 188).
(3)
لم أجده في المسند. وقد أخرجه ابن ماجه (1/ 153 رقم 449).
(4)
في سننه (1/ 94 رقم 11) وفي إسناده معمر بن محمد بن عبيد الله عن أبيه وهما ضعيفان وقد تقدم.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف والله أعلم.
(5)
برقم (12/ 174) من كتابنا هذا.
(6)
في المخطوط "ملفقة" ولعل الصواب ما أثبتناه.
[الباب الثالث عشر] باب مسح الرأس كله وصفته وما جاء في مسح بعضه
26/ 188 - (عَنْ عَبْدِ الله بْنِ زيَدِ [رضي الله عنه]
(1)
أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَسَحَ رَأسَهُ بيَدَيهِ فأقْبَلَ بِهما وَأدْبر بدأ بمُقَدّمِ رَأْسِهِ، ثمّ ذَهَبَ بِهما إلى قَفاهُ، ثُمْ رَدهُما إلى المَكان الذِي بَدَأَ مِنهُ. رَوَاهُ الجَمَاعَة)
(2)
[صحيح].
قوله: (مسح رأسه) زاد ابن الصباغ كله وكذا في رواية ابن خزيمة
(3)
.
قوله: (فأقبل بهما وأدبر) قد اختلف في كيفية الإقبال والإدبار المذكور في الحديث فقيل: يبدأ بمقدم الرأس الذي يلي الوجه، ويذهب بهما إلى القفا ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه وهو مبتدأ الشعر ويؤيد هذا قوله:"بدأَ بمقدمِ رأسِهِ" إلا أنه يشكل على هذه الصفة قوله: "فأقبلَ بهما وأَدْبر" لأن الواقع فيها بالعكس وهو أنه أدبر بهما وأقبل لأن الذهاب إلى جهة القفا إدبار.
وأجيب بأن الواو لا تقتضي الترتيب، والدليل على ذلك ما ثبت عند البخاري
(4)
من رواية عبد الله بن زيد بلفظ: "فأدبر بيديه وأقبل" ومخرج الطريقين متحد فهما بمعنى واحد.
وأجيب أيضًا بحمل قوله: أَقبل على البداءة بالقبل، وقوله: أدبر على البداءة بالدبر، فيكون من تسمية الفعل بابتدائه وهو أحد القولين لأهل الأصول في تسمية الفعل، هل يكون بابتدائه أو بانتهائه، قاله ابن سيد الناس في شرح الترمذي. وقد أجيب بغير ذلك.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أحمد (4/ 38) والبخاري رقم (185) وأطرافه رقم (186) و (191) و (192) و (197) و (199). ومسلم رقم (18/ 235) وأبو داود رقم (100 و 118 و 119) والترمذي رقم (28 و 32 و 47) والنسائي (1/ 71 - 72) وابن ماجه رقم (409 و 434 و 471).
وهو حديث صحيح.
(3)
في صحيحه (1/ 88 رقم 173).
(4)
في صحيحه (1/ 303 رقم 199).
وقيل: يبدأ بمؤخر رأسه. ويمر إلى جهة الوجه، ثم يرجع إلى المؤخر محافطة على قوله: أقبل وأَدبر، ولكنه يعارضه قوله: بدأ بمقدم رأسه. وقيل: يبدأ بالناصية ويذهب إلى ناحية الوجه، ثم يذهب إلى جهة مؤخر الرأَس، ثم يعود إلى ما بدأ منه وهو الناصية. وفي هذه الصفة محافظة على قوله:"بدأ بمقدم رأسه" وعلى قوله: "أقبل وأَدبر" فإن الناصية مقدم الرأس، والذهاب إلى ناحية الوجه إقبال.
[يستحب مسح جميع الرأس باتفاق العلماء]:
والحديث يدل على مشروعية مسح جميع الرأس، وهو مستحب باتفاق العلماء، قاله النووي
(1)
، وعلل ذلك بأنه طريق إلى استيعاب الرأس ووصول الماء إلى جميع شعره.
وقد ذهب إلى وجوبه أكثر العترة ومالك والمزني والجبائي
(2)
، وإحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل
(3)
وابن علية وقال الشافعي
(4)
: يجزي مسح بعض الرأس ولم يحدّه بحد.
قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: وهو قول الطبري.
وقال أَبو حنيفة
(5)
: الواجب الربع، وقال الثوري والأوزاعي والليث: يجزي مسح بعض الرأس ويمسح المقدم وهو قول أحمد وزيد بن علي والناصر والباقر والصادق
(6)
.
وأجاز الثوري والشافعي مسح الرأَس بأصبع واحدة. واختلفت الظاهرية
(7)
فمنهم من أوجب الاستيعاب، ومنهم من قال: يكفي البعض.
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 123).
(2)
ذكر ذلك الإمام المهدي في "البحر الزخار"(1/ 63 - 64). ومالك في المدونه (1/ 16).
(3)
انظر: "الكافي"(1/ 29 - 35) والفروع (1/ 147 - 148) والإنصاف (1/ 161 - 163) والمبدع (1/ 127 - 129).
(4)
انظر "الأم"(1/ 111) و (حلية العلماء)(1/ 148) وروضة الطالبين (1/ 53، 59).
(5)
انظر "شرح فتح القدير" لابن الهمام (1/ 34)
(6)
البحر الزخار (1/ 64).
(7)
انظر: "المحلى"(2/ 49).
[أدلة من أوجب استيعاب مسح الرأس]:
احتج الأولون بحديث الباب، وحديث "أنه مسح برأسه حتى بلغ القذال" عند أَحمد
(1)
وأبي داود
(2)
من حديث طلحة بن مصرف ورد بأن الفعل لمجرده لا يدل على الوجوب وفي حديث طلحة بن مصرف مقال سيأتي تحقيقه
(3)
.
قالوا قال الله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}
(4)
والرأس حقيقة اسم لجميعه والبعض مجاز. ورد بأن الباء للتبعيض. وأجيب بأنه لم يثبت كونها للتبعيض، وقد أنكره سيبويه
(5)
في خمسة عشر موضعًا من كتابه. ورد أيضًا بأن الباء تدخل في الآلة، والمعلوم أن الآلة لا يراد استيعابها كمسحت رأسي بالمنديل، فلما دخلت الباء في الممسوح كان ذلك الحكم أعني عدم الاستيعاب في الممسوح أيضًا، قاله التفتازاني
(6)
، قالوا: جعله جار الله
(7)
مطلقًا، وحكم على المطلق بأنه مجمل وبينه النبي صلى الله عليه وسلم بالاستيعاب، وبيان المجمل الواجب واجب. ورد بأنه المطلق ليس بمجمل لصدقه على الكل والبعض، فيكون الواجب مطلق المسح كلًا أو بعضًا وأَيًا ما كان وقع به الامتثال، ولو سلم أنه مجمل لم يتعين مسح الكل لورود البيان بالبعض عند أَبي داود
(8)
من حديث أَنس بلفظ: "إنه صلى الله عليه وسلم أدخل يده من تحت العمامة، فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة" وعند مسلم
(9)
وأبي داود
(10)
والترمذي
(11)
من حديث المغيرة بلفظ: "إنه صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى
(1)
في المسند (2/ 35 رقم 267 - الفتح الرباني).
(2)
في السنن (1/ 96 رقم 139). وهو حديث ضعيف.
(3)
عند الحديث رقم (36/ 198) من كتابنا هذا.
(4)
سورة المائدة: الآية 6.
(5)
في "الكتاب"(1/ 420 - 421) و (4/ 217) تحقيق عبد السلام هارون ط 2. ن: مكتبة الخانجي - القاهرة.
(6)
وهو سعد الدين مسعود بن عمرو بن عبد الله التفتازاني، من أئمة اللغة والبيان والمنطق من بلاد خراسان. توفي (793 هـ). في حاشيته (2/ 159 - 160).
(7)
الزمخشري:
(8)
في سننه (1/ 102 - 103 رقم 147). وهو حديث ضعيف.
(9)
في صحيحه (1/ 231 رقم 83/ 274) و (1/ 230 رقم 81/ 274).
(10)
(في سننه (1/ 104 رقم 150).
(11)
(في سننه (1/ 170 رقم 100) وقال حديث حسن صحيح. =
العمامة" قالوا: قال ابن القيم
(1)
: "إنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة، ولكن كان إذا مسح بناصيته أكمل على العمامة" قال: وأما حديث أنس فمقصود أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقض عمامته حتى يستوعب مس الشعر كله ولم ينف التكميل على العمامة، وقد أثبته حديث المغيرة، فسكوت أنس عنه لا يدل على نفيه. وأيضًا قال الحافظ: إن حديث أنس في إسناده نظر
(2)
. وأجيب بأن النزاع في الوجوب وأحاديث التعميم، وإن كانت أصح وفيها زيادة وهي مقبولة، لكن أين دليل الوجوب؟ وليس إلا مجرد أفعال، ورد بأنها وقعت بيانًا للمجمل فأفادت الوجوب. والإنصاف أن الآية ليست من قبيل المجمل وإن زعم ذلك الزمخشري
(3)
وابن الحاجب في مختصره
(4)
والزركشي
(5)
، والحقيقة لا تتوقف على مباشرة آلة الفعل لجميع أجزاء المفعول كما لا تتوقف في قولك: ضربت عمرًا على مباشرة الضرب لجميع أجزائه، فمسح رأسه يوجد المعنى الحقيقي بوجود مجرد المسح للكل أو البعض، وليس النزاع في مسمى الرأس فيقال: هو حقيقة في جميعه، بل النزاع في إيقاع المسح على الرأس، والمعنى الحقيقي للإيقاع يوجد بوجود المباشرة ولو كانت المباشرة الحقيقية لا توجد إلا بمباشرة الحالّ لجميع المحل لقل وجود الحقائق في هذا الباب، بل يكاد بلحق بالعدم فإنه يستلزم أن نحو ضربت زيدًا وأبصرت عمرًا من المجاز لعدم عموم الضرب والرؤية، وقد زعمه ابن جنى
(6)
منه وأورده مستدلًا به على كثرة
= قلت: وأخرجه النسائي (1/ 76 - 77، رقم 107 - 108 - 109) وأبو عوانة (1/ 259 - 260) وابن الجارود رقم (83) والطحاوي في شرح المعاني (1/ 30) والدارقطني (1/ 192) والبيهقي (1/ 58) وأحمد (4/ 244) والطيالسي (ص 95 رقم 699).
وهو حديث صحيح.
(1)
في "زاد المعاد"(1/ 193 - 194)
(2)
قلت بل هو حديث ضعيف. كما تقدم قريبًا ص 86.
(3)
في الكشاف (1/ 325 - 326).
(4)
(2/ 159).
(5)
في "البحر المحيط"(2/ 266 - 273) و (3/ 463 - 464).
(6)
ابن جني هو عثمان بن جني الموصلي أبو الفتح ولد بالموصل وتوفي في بغداد وهو من أئمة الأدب والنحو، توفي عام (392 هـ). "الخصائص"(2/ 247 - 250).
المجاز، والحاصل أن الوقوع لا يتوقف وجودَ معناه الحقيقي على وجود المعنى الحقيقي لما وقع عليه الفعل، وهذا هو منشأ الاشتباه والاختلاف، فمن نظر إلى جانب ما وقع عليه الفعل جزم بالمجاز، ومن نظر إلى جانب الوقوع جزم بالحقيقة، وبعد هذا فلا شك في أولوية استيعاب المسح لجميع الرأس، وصحة أحاديثه ولكن دون الجزم بالوجوب مفاوز [وعقبات]
(1)
.
27/ 189 - (وَعَنْ الرُّبَيِّعِ بنت مُعوِّذ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم تَوضَّأ عِنْدَها وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فَمَسَحَ الرَأْسَ كُلَّهُ مِنْ فَوْقِ فرق الشعْرِ كُل ناحِيَةٍ لمُنْصَبِّ الشَّعْرِ لَا يُحَرِّك الشَّعَرَ عَنْ هَيْئِتِه. رَوَاهُ أحَمْدُ
(2)
وأبُو دَاوُدَ
(3)
، وفي لفْظٍ: مسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ بَدَأَ بِمُؤَخرِه ثمَّ بِمُقَدّمِهِ وَبأُذُنيه كِلْتَيْهِما ظُهُورهِمَا وَبُطونِهما. رَوَاهُ أَبُو دَاودَ
(4)
والتِّرْمِذِيُّ
(5)
وقالا: حَدِيثٌ حسَنٌ). [حسن]
هذه الروايات مدارها على [عبد الله بن محمد]
(6)
ابن عقيل
(7)
، وفيه مقال مشهور لا سيما إذا عنعن، وقد فعل ذلك في جميعها. وأخرج هذا الحديث أحمد
(8)
بلفظ: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها قالت: فرأيته مسح على رأسه مجاري الشعر ما أقبل منه وما أدبر، ومسح صدغيه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما" وأخرجه بلفظ أحمد أبو داود
(9)
أيضًا في رواية، وأخرجه ابن ماجه
(10)
والبيهقي
(11)
، ومدار الكل على ابن عقيل (7).
(1)
في "المخطوط" وعقاب ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2)
في المسند (6/ 359).
(3)
في سننه (1/ 91 رقم 128). وهو حديث حسن.
(4)
في سننه (1/ 89 - 91 رقم 126).
(5)
في سننه (1/ 48 رقم 33) وقال: هذا حديث حسن. وهو كما قال.
(6)
زيادة من (ب).
(7)
قال يحيى بن معين: لا يحتج بحديثه. وقال أبو عيسى سألت البخاري عن عبد الله بن محمد بن عقيل فقال: رأيت أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجون بحديثه وهو مقارب الحديث، قاله البيهقي في السنن الكبرى (1/ 237).
(8)
في المسند (6/ 359).
(9)
في سننه (1/ 91 رقم 129). وهو حديث حسن.
(10)
في سننه (1/ 151 رقم 440، 441).
(11)
في السنن الكبرى (1/ 237). وهو حديث حسن.
والرواية الأولى من حديث الباب تدل على أنه مسح مقدم رأسه مسحًا مستقلًا، ومؤخره كذلك، لأن المسح مرة واحدة لا بد فيه من تحريك شعر أحد الجانبين، ووقع في نسخة من الكتاب مكان فوق فرق، وفي سنن أبي داود "ثلاث نسخ هاتان والثالثة قرن" والرواية الثانية من حديث الباب تدل على أن المسح مرتان، وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعد
(1)
هذا، وتدل على البداءة بمؤخر الرأس، وقد تقدم الكلام على الخلاف في صفته في حديث أول الباب.
قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: وهذه الرواية محمولة على الرواية بالمعنى عند من يسمى الفعل بما ينتهي إليه كأنه حمل قوله: ما أقبل وما أدبر على الابتداء بمؤخر الرأس فأداها بمعناها عنده وإن لم يكن كذلك
(2)
، قال: ذكر معناه ابن العربي
(3)
، ويمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا لبيان الجواز مرة، وكانت مواظبته على البداءة بمقدم الرأس، وما كان أكثر مواظبة عليه كان أفضل، والبداءة [بمؤخر]
(4)
الرأس محكية عن الحسن بن حيي ووكيع بن الجراح، قال أبو عمر بن عبد البر
(5)
: "قد توهم بعض الناس في حديث عبد الله بن زيد في قوله: ثم مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، أنه بدأ بمؤخر رأسه، وتوهم غيره أنه بدأ من وسط رأسه فأقبل بيديه وأدبر، وهذه ظنون لا تصح. وقد روي عن ابن عمر أنه كان يبدأ من وسط رأسه، ولا يصح". وأصح حديث في هذا الباب حديث عبد الله بن زيد. والمشهور المتداول الذي عليه الجمهور البداءة من مقدم الرأس إلى مؤخره انتهى.
(1)
في الباب الرابع عشر عند الحديث رقم (29/ 191) من كتابنا هذا.
(2)
قال أبو الأشبال في شرحه وتحقيقه (الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي)(1/ 48 - 49): "حديث الربيع حديث صحيح، وإنما اقتصر الترمذي على تحسينه ذهابًا منه إلى أنه يعارض حديث عبد الله بن زيد، ولكنهما عن حادثتين مختلفتين، فلا تعارض بينهما حتى يحتاج إلى الترجيح، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ بمقدم الرأس، وكان يبدأ بمؤخره، وكل جائز" اهـ.
(3)
في عارضة الأحوذي (1/ 51 - 52).
(4)
في (جـ): (بمقدم) وهو خطأ.
(5)
في "التمهيد"(20/ 124).
قوله: (كل ناحية لمنصبّ الشعر) المراد بالناحية جهة مقدم الرأس وجهة مؤخره أي مسح الشعر من ناحية انصبابه. والمنصث بضم الميم وتشديد الباء الموحدة آخره.
قوله: (لا يحرك الشعر عن هيئته) أي التي هو عليها قال ابن رسلان: وهذه الكيفية مخصوصة بمن له شعر طويل إذا رد يده عليه ليصل الماء إلى أصوله ينتفش، ويتضرر صاحبه بانتفاشه وانتشار بعضه، ولا بأس بهذه الكيفية للمحرم فإنه يلزمه الفدية بانتشار شعره وسقوطه.
وروي عن أحمد
(1)
أنه سئل كيف تمسح المرأة ومن له شعر طويل كشعرها؟ فقال: إن شاء مسح كما روي عن الربيع، وذكر الحديث ثم قال: هكذا ووضع يده على وسط رأسه ثم جرها إلى مقدمه ثم رفعها فوضعها حيث بدأ منه، ثم جرها إلى مؤخره.
28/ 190 - (وعَنْ أنَسٍ قالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَتَوضَّأْ وَعليهِ عِمَامَة قِطْرِيةٌ فأدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ العِمامَةِ فمسَحَ مُقَدَّمَ رَأسِهِ وَلمْ يَنْقُضِ العِمامَةَ. رَواهُ أبُو دَاوُدَ)
(2)
. [ضعيف]
الحديث قال الحافظ
(3)
: "في إسناده نظر" انتهى. وذلك لأن أبا معقل
(4)
الراوي عن أنس مجهول، وبقية إسناده رجال الصحيح. وأورده المصنف ههنا للاستدلال به على الاكتفاء بمسح بعض الرأس، وقد تقدم الكلام عليه في أول الباب.
قوله: (قِطْرية) بكسر القاف وسكون الطاء ويروى بفتحهما، وهي نوع من البرود فيها حمرة، وقيل: هي حلل تحمل من البحرين - موضع [قرب]
(5)
عُمَان -
(1)
انظر: "المغني"(1/ 178).
(2)
في سننه (2/ 101 - 103 رقم 147).
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (564) والحاكم (1/ 169).
(3)
في "تلخيص الحبير"(1/ 58).
(4)
قال الحافظ في "التقريب" رقم (8381): "أبو معقل، عن أنس، في المسح على العمامة: مجهول".
قلت: وخلاصة القول أن حديث أنس ضعيف.
(5)
في (ب): (قريب).
قال الأزهري
(1)
: ويقال لتلك القرية: قَطَر بفتح القاف والطاء، فلما دخلت عليها ياء النسبة كسروا القاف وخففوا الطاء.
قوله: (فأدخل يده) لفظ أبي داود فأدخل يديه، قال ابن رسلان: وفيه فضيلة مسح الرأس بالكفين جميعًا.
قوله: (فمسح مقدم رأسه) قال ابن حجر
(2)
: فيه دليل على الاجتزاء بالمسح على الناصية، وقد نقل عن سلمة بن الأكوع أنه كان يمسح مقدم رأسه، وابن عمر مسح اليافوخ
(3)
.
[الباب الرابع عشر] باب هل يسن تكرار مسح الرأس أم لا
29/ 191 - (عَنْ أبي حَيَّةَ [رضي الله عنه]
(4)
قالَ؛ رَأيْتُ عَليًا رضي الله عنه تَوضَّأ فَغَسلَ كَفَّيْهِ حَتى أنْقاهُما ثمَّ مَضْمَضَ ثلاثًا وَاستنْشَقَ ثَلاثًا وَغَسلَ وَجْهَهُ ثلاثًا وَذِرَاعَيْهِ ثلاثًا وَمَسَحَ بِرَأسِهِ مَرَّةً، ثمَّ غَسَلَ قَدَمَيْهِ إلى الكَعْبَيْنِ، ثمَّ قالَ: أحْببْتُ أنْ أُرِيكُمْ، كَيْفَ كانَ طُهُورُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ التِّرْمذِيُّ وَصَحَّحهُ)
(5)
. [صحيح]
وأخرجه أيضًا ابن ماجه
(6)
. وروي عن سلمة بن الأكوع
(7)
مثله. وعن ابن
(1)
في "تهذيب اللغة"(16/ 216).
(2)
في "تلخيص الحبير"(1/ 58).
(3)
ويقال فيه: اليأفوخ، وهو حيث التقى عظم مقدَّم الرأس، وعظم مؤخره، وهو الموضع الذي يتحرك من رأس الطفل. اهـ من لسان العرب (15/ 452).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في سننه (1/ 67 رقم 48).
(6)
في سننه (1/ 150 رقم 436).
قلت: وأخرجه أبو داود (1/ 83 - 84 رقم 116) مختصرًا وهو حديث صحيح.
(7)
أخرجه ابن ماجه (1/ 150 رقم 437).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 178 رقم 180/ 437): "هذا إسناد ضعيف لضعف يحيى بن راشد، ومحمد بن الحارث، قال فيه ابن حبان في "الثقات" يخطئ.
قلت: ورواه البيهقي في الكبرى من طريق يعقوب بن سفيان عن محمد بن الحارث القرشي مؤذن مسجد مصر به" اهـ.
وحكم المحدث الألباني على الحديث بأنه صحيح لغيره.
أبي أوفى
(1)
مثله أيضًا، ورواه الطبراني في الأوسط
(2)
من حديث أنس بلفظ: "ومسح برأسه مرة". قال الحافظ
(3)
: وإسناده صالح، ورواه أبو علي بن السكن
(4)
من حديث [زريق]
(5)
بن حكيم عن رجل من الأنصار مثله.
وأخرج الطبراني
(6)
من حديث عثمان مطوَّلًا وفيه: "مسح برأسه مرة واحدة" وهو في الصحيحن
(7)
مطلق غير مقيد، وكذا حديث عبد الله بن زيد في الصحيحين
(8)
فإنه أطلق مسح الرأس ولم يقيده. قال الحافظ
(9)
: وفي رواية يعنى من حديث عبد الله "ومسح برأسه مرة واحدة" وكذا حديث ابن عباس الآتي
(10)
بعد هذا فإنه قيد المسح فيه بمرة واحدة.
وأَخرج أبو داود
(11)
من طريق ابن أبي ليلى قال: "رأيت عليًا توضأ" وفيه ومسح برأسه واحدة ثم قال: هكذا توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
(12)
أَيضًا من طريق ابن جريج "أن عليًا مسح برأسه مرة واحدة".
(1)
أخرجه ابن ماجه (1/ 144 رقم 416).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 170 رقم 171/ 416): "هذا إسناد ضعيف، فايد بن عبد الرحمن قال فيه البخاري: منكر الحديث. وقال الحاكم: روى عن ابن أبي أوفى أحاديث موضوعة
…
" اهـ.
وحكم المحدث الألباني على الحديث بأنه صحيح.
(2)
كما في "مجمع البحرين" رقم (409) و"مجمع الزوائد"(1/ 231) وقال الهيثمي: إسناده حسن.
(3)
في "تلخيص الحبير"(1/ 84).
(4)
كما في "تلخيص الحبير"(1/ 84).
(5)
في (جـ): (ابن زريق) وهو خطأ، انظر "تهذيب التهذيب"(1/ 605).
(6)
لم أجده؟!.
(7)
البخاري رقم (159) وأطرافه رقم (160 و 164 و 1934 و 6433).
ومسلم رقم (226).
(8)
البخاري رقم (185) وأطرافه رقم (186 و 191 و 192 و 197 و 199).
ومسلم رقم (235).
(9)
في "تلخيص الحبير"(1/ 84).
(10)
(برقم (30/ 192) من كتابنا هذا.
(11)
في سننه (1/ 83 رقم 115). وهو حديث صحيح.
(12)
في سننه (1/ 84 - 86 رقم 117). وهو حديث حسن.
وأخرج الترمذي
(1)
من حديث الربيع بلفظ: "أنها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ قالت: مسح رأسه ما أقبل منه وما أَدبر وصدغيه وأذنيه مرة واحدة" وقال: حسن صحيح. وفي تصحيحه نظر فإنه رواه من طريق ابن عقيلٍ
(2)
.
وروى النسائي
(3)
من حديث الحسين بن علي عن أبيه "أنَّهُ مسح برأسِهِ مرةً واحدةً". ورواه الإِمام أحمد
(4)
والبيهقي
(5)
من حديث عبد خير عن علي بلفظ: مرة واحدة، ورواه البيهقي
(6)
من حديث زر بن حبيش بلفظ: "ومسح رأسه حتى لما يقطر الماء".
[وأخرجه]
(7)
النسائي
(8)
من حديث عائشة في تعليمها لوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال ومسحت رأسها مسحة واحدة".
والحديث يدل على أن السنة في مسح الرأس أن يكون مرة واحدة، وقد اختلف في ذلك فذهب عطاء وأَكثر العترة والشافعي
(9)
إلى أنه يستحب تثليث مسحه كسائر الأعضاء، واستدلوا على ذلك بما في حديث علي وعثمان "أنهما مسحا ثلاث مرات" وفي كلا الحديثين مقال.
أما حديث علي فهو عند الدارقطني
(10)
من طريق عبد خير من رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة عن خالد بن علقمة عنه، وقال
(11)
: إن أبا حنيفة خالف
(1)
في سننه (1/ 48 رقم 33) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه ابن ماجه (1/ 150 رقم 438) وأحمد (6/ 359). وهو حديث حسن.
(2)
تقدم الكلام عليه خلال شرح الحديث رقم (27/ 189) من كتابنا هذا.
(3)
في سننه (1/ 69 - 70 رقم 95) وهو حديث صحيح.
(4)
في زوائد المسند (2/ 24 رقم 242 - الفتح الرباني).
(5)
في "السنن الكبرى"(1/ 58).
(6)
في "السنن الكبرى"(1/ 58).
(7)
في (جـ): (وأخرج).
(8)
في سننه الكبرى (1/ 86 رقم 104).
(9)
في "البحر الزخار"(1/ 64). وانظر "الأم" للشافعي (1/ 115).
(10)
في سننه (1/ 89 - 90 رقم 1). وعبد خير: ثقة مخضرم، لا تصح له صحبة.
(11)
أي الدارقطني في سننه (1/ 90 - 91): "وخالفه جماعة من الحفاظ الثقات، منهم: زائدة بن قدامة، وسفيان الثوري، وشعبة، وأبو عوانة، وشريك، وأبو الأشهب جعفر بن الحارث، وهارون بن سعيد، وجعفر بن محمد، وحجاج بن أرطاة، وأبان بن تغلب، وعلي بن صالح بن حي، وجازم بن إبراهيم، وحسن بن صالح، وجعفر بن الأحمر" اهـ.
الحفاظ في ذلك فقال: ثلاثًا وإنما هو مرة واحدة، وهو أيضًا عند الدارقطني
(1)
من طريق عبد الملك بن سلع عن عبد خير بلفظ: "ومسح برأْسه وأُذنيه ثلاثًا"، ومنها عند البيهقي في الخلافيات
(2)
من طريق أبي حية عن علي، وأخرجه البزار
(3)
أيضًا. ومنها عند البيهقي في السنن
(4)
من طريق محمد بن علي بن الحسين عن أَبيه عن جده عن علي في صفة الوضوء، وعند الطبراني
(5)
وفيه عبد العزيز بن عَبيد الله، قال الحافظ
(6)
: وهو ضعيف.
وأما حديث عثمان فرواه أبو داود
(7)
والبزار
(8)
والدارقطني
(9)
بلفظ "فمسح رأسه ثلاثًا" وفي إسناده عبد الرحمن بن وردان
(10)
قال أبو حاتم: ما به بأس. وقال ابن معين: صالح، وذكره ابن حبان في الثقات، وتابعه هشام بن عروة، أخرجه البراز
(11)
، وأخرجه
(12)
أيضًا من طريق عبد الكريم عن حمران، وإسناده
(1)
في سننه (1/ 92 رقم 6).
(2)
(1/ 311 رقم 120) من طريق أبي حنيفة.
وقال البيهقي في "المعرفة"(1/ 300 رقم 713): "وهذه رواية الحسن بن زياد اللؤلؤي، وأبي يحيى الحماني، وأبي مطيع، عن أبي حنيفة" اهـ.
وانظر: "جامع المسانيد"(1/ 234 - 235) لأبي المؤيد الخوارزمي، فقد رواه جماعات عن أبي حنيفة.
(3)
في مسنده (9/ 302 رقم 734) من طريق أبي حية.
قلت: وأخرجه الترمذي (1/ 63 رقم 44) وأحمد من مسنده (1/ 125) و (1/ 148 - 149).
وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند (1/ 157) وأبو يعلى في مسنده (1/ 244 رقم 283).
(4)
في السنن الكبرى (1/ 63).
(5)
في مسند الشاميين له (2/ 278 رقم 1336) بسند ضعيف.
(6)
في "التلخيص"(1/ 85).
(7)
في سننه (1/ 79 رقم 107).
(8)
في مسنده (2/ 73 رقم 418).
(9)
في سننه (1/ 91).
(10)
انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب"(2/ 563 - 564) والميزان (2/ 596) و"الجرح والتعديل"(5/ 295).
(11)
في مسنده (2/ 76 رقم 423).
(12)
أي البزار في مسنده (2/ 88 رقم 441) بسند ضعيف. لضعف عبد الكريم بن أبي المخارق. انظر "تهذيب التهذيب"(2/ 603 - 604).
ضعيف، ورواه
(1)
أيضًا من حديث أبي علقمة مولى ابن عباس عن عثمان وفيه ضعف، ورواه أبو داود
(2)
وابن خزيمة
(3)
والدارقطني
(4)
من طريق عامر بن شقيق بلفظ: "ومسح برأسه ثلاثًا ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
(5)
فعل مثل هذا" وعامر بن شقيق
(6)
مختلف فيه، ورواه أحمد
(7)
والدارقطني
(8)
وابن السكن
(9)
، وفي إسناده ابن دارة: مجهول الحال
(10)
، ورواه البيهقي
(11)
من حديث عطاء بن أبي رباح عن عثمان وفيه انقطاع.
ورواه الدارقطني
(12)
وفيه ابن البيلماني وهو ضعيف جدًّا عن أبيه وهو أيضًا ضعيف
(13)
. ورواه أيضًا
(14)
بإسناد فيه إسحاق بن يحيى. وليس بالقوي
(15)
.
ورواه البزار
(16)
عن عثمان بلفظ: "إن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا" وإسناده
(1)
أي البزار في مسنده (2/ 89 رقم 443).
قلت: وأخرجه البيهقي (1/ 47) وأبو داود (رقم: 109) بسند حسن.
(2)
في سننه (1/ 81 رقم 110).
(3)
في صحيحه (1/ 86 رقم 167).
(4)
في سننه (1/ 91) بسند حسن.
(5)
في هامش المخطوط (جـ): "توضأ ثلاثًا ثلاثًا" إسناده حسن وهو عند مسلم والبيهقي. اهـ.
(6)
قال الحافظ في التقريب عنه رقم (3093): "لين الحديث".
(7)
في المسند (1/ 61).
(8)
في سننه (1/ 91 - 92 رقم 4).
(9)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 84).
(10)
قال الحافظ: في "التلخيص"(1/ 84). وذكره البخاري في التاريخ الكبير (3/ 393) وسكت عنه وسمَّاه زيدًا. وكذا ذكره ابن حبان في ثقاته (4/ 247).
(11)
في السنن الكبرى (1/ 63) مرسلًا.
(12)
في سننه (1/ 92 رقم 5)"وقال ابن القطان: في "كتابه" صالح بن عبد الجبار لا أعرفه إلا في هذا الحديث، وهو مجهول الحال. ومحمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، قال الترمذي: قال البخاري: منكر الحديث". "نصب الراية"(1/ 32).
(13)
ذكر ذلك الحافظ في "التلخيص"(1/ 84).
(14)
أي الدارقطني في سننه (1/ 91).
(15)
ذكر ذلك الحافظ في "التلخيص"(1/ 84).
(16)
في مسنده (2/ 7 رقم 343). وقال البزار: "وهذا الحديث حسن الإسناد، ولا نعلم روى زيد بن ثابت عن عثمان حديثًا مسندًا إلا هذا الحديث ولا له إسناد عن زيد بن ثابت إلا هذا الإسناد" اهـ.
حسن، وهو عند مسلم
(1)
والبيهقي
(2)
من وجه آخر هكذا بدون تعرُّض لذكر المسح. قال البيهقي
(3)
: "روي من أوجه غريبة عن عثمان وفيها مسح الرأس ثلاثًا إلا أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة، وإن كان بعض أصحابنا يحتج بها"، ومثله مقالة أبي داود
(4)
التي سيذكرها المصنف آخر الباب
(5)
.
ومال ابن الجوزي في كشف المشكل
(6)
إلى تصحيح التكرير، وقال أبو عبيد القاسم بن
(7)
سلام: "لا نعلم أحدًا من السلف جاء عنه استكمال الثلاث في مسح الرأس إلا عن إبراهيم التيمي" قال الحافظ
(8)
: "وقد رواه ابن أبي شيبة
(9)
عن سعيد بن جبير وعطاء وزاذان
(10)
وميسرة
(11)
، وأورده أيضًا من طريق أبي العلاء عن قتادة عن أنس. قال: وأَغرب ما يذكر هنا أن الشيخ أَبا حامد الإِسفراييني
(1)
في صحيحه رقم (230).
(2)
في السنن الكبرى (1/ 78).
(3)
في السنن الكبرى (1/ 62).
(4)
في سننه (1/ 80).
(5)
عند الحديث رقم (31/ 193) من كتابنا هذا.
(6)
(1/ 160).
(7)
في كتابه "الطَّهُور" ص 126. وتعقبه الحافظ في "الفتح" (1/ 260): فقال؛ "وبالغ أبو عبيد فقال: لا نعلم أحدًا من السلف استحب تثليث مسح الرأس إلا إبراهيم التيمي، وفيما قاله نظر، فقد نقله ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أنس وعطاء وغيرهما، وقد روى أبو داود من وجهين صحيح أحدهما ابن خزيمة وغيره في حديث عثمان تثليث مسح الرأس، والزيادة من الثقة مقبولة" اهـ.
(8)
في "تلخيص الحبير"(1/ 85).
(9)
في "المصنف"(1/ 16).
(10)
زاذان: أبو عمر الكوفي البزار الضرير، أحد العلماء الكبار، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وشهد خطبة عمر بالجابية، كان ثقة، صادقًا، روى جماعة من الأحاديث (ت: 82 هـ) بعد الجماجم.
انظر: سير أعلام النبلاء (4/ 280 - 281) والميزان (2/ 63) وشذرات الذهب (1/ 90).
(11)
ميسرة بن يعقوب أبو جميلة الطهوي الكوفي، صاحب راية علي، روى عن علي وعثمان والحسن بن علي، وعنه ابنه عبد الله، وعطاء بن السائب، وحصين بن. عبد الرحمن وغيرهم.
انظر الجرح والتعديل (8/ 252) والتاريخ الكبير (7/ 374) والمعرفة للفسوي (2/ 799).
حكى عن بعضهم أنه أوجب الثلاث، وحكاه صاحب الإِبانة عن ابن أبي ليلى" وذهب مجاهد
(1)
والحسن البصري
(2)
وأبو حنيفة
(3)
والمؤيد بالله وأبو نصر من أصحاب الشافعي
(4)
إلى أنه لا يستحب تكرار مسح الرأْس، واحتجوا بما في الصحيحين من حديث عثمان
(5)
وعبد الله بن زيد
(6)
من إطلاق مسح الرأس مع ذكر تثليث غيره من الأعضاء، وبحديث الباب
(7)
، وما ذكرناه بعده من الروايات المصرحة بالمرة والواحدة.
والإنصاف أن أحاديث الثلاث لم تبلغ إلى درجة الاعتبار حتى يلزم التمسك بها لما فيها من الزيادة، فالوقوف على ما صح من الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما من حديث عثمان
(8)
وعبد الله بن زيد
(9)
وغيرهما هو المتعين لا سيما بعد تقييده في تلك الروايات السابقة بالمرة الواحدة، وحديث "من زاد على هذا فقد أساء وظلم"
(10)
الذي صححه ابن خزيمة وغيره، قاض بالمنع من الزيادة على الوضوء الذي قال بعده النبي صلى الله عليه وسلم هذه المقالة، كيف وقد ورد في رواية سعيد بن منصور
(11)
في هذا الحديث التصريح بأنه مسح رأسه مرة واحدة، ثم
(1)
أخرج له عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 7 - 8 رقم 10) عن إسرائيل عن نوير بن أبي فاخته قال: "سمعت مجاهدًا يقول: لو كنت على شاطئ الفرات ما مسحت برأسي إلا واحدة".
(2)
أخرج له ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 16) عن وكيع عن الربيع عن الحسن قال: كان يأمر أن يمسح على الرأس مرة.
(3)
انظر المبسوط (1/ 7).
(4)
انظر "البحر الزخار"(1/ 65).
(5)
تقدم تخريجه برقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(6)
تقدم تخريجه.
(7)
رقم (29/ 191) من كتابنا هذا.
(8)
تقدم تخريجه برقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(9)
تقدم تخريجه.
(10)
أخرجه أبو داود (1/ 94 رقم 135) والنسائي (1/ 88 رقم 140)، وابن ماجه (1/ 146 رقم 422)، وأحمد (2/ 50 رقم 305 - الفتح الرباني).
وابن خزيمة (1/ 89 رقم 174) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مطولًا ومختصرًا.
بسند حسن دون قوله: "أو نقص" فإنه شاذ.
(11)
عزاه إليه الحافظ في "الفتح"(1/ 298).
قال: "من زاد"، قال الحافظ في الفتح
(1)
: ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح - إن صحت - على إرادة الاستيعاب بالمسح، لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جميعًا بين الأدلة".
(فائدة) ورد ذكر مسح الرأس مرتين عند النسائي
(2)
من رواية عبد الله بن زيد، ومن حديث الربيع عند الترمذي
(3)
وأبي داود
(4)
وفيه المقال الذي تقدم.
30/ 192 - (وعَنِ ابْنِ عَباسٍ رضي الله عنه أنهُ رَأَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَتَوضَّأُ فَذكَرَ الحَدِيثَ كُلَّهُ ثَلاثًا ثَلاثًا وَمَسَحَ بِرَأسِهِ وَأُذَنيهِ [مَسْحَةً]
(5)
واحِدَةً. رَوَاهُ أحْمَدُ
(6)
وأَبُو دَاوُدَ)
(7)
. [ضعيف جدًّا]
(1)
في "فتح الباري"(1/ 298).
(2)
في سننه (1/ 72 رقم 99) وهو حديث شاذ قاله الألباني في ضعيف النسائي. وقال الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 33): "وأخرجه البيهقي في سننه (1/ 63) ثم قال: خالفه مالك، ووهيب، وسليمان بن بلال، وخالد الواسطي وغيرهم، فرووه عن عمرو بن يحيى، فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة. وقال ابن عبد البر - كما في فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد بن عبد البر:(3/ 216) - ولم يذكر فيه أحد مرتين غير ابن عيينة، وأظنه - والله أعلم - تأول الحديث: قوله: فمسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، وما ذكرناه عن ابن عيينة، فمن رواية مسدد، ومحمد بن منصور، وأبي بكر بن أبي شيبة، كلهم ذكر فيه عن ابن عيينة ما حكيناه عنه.
وأما الحميدي، فإنه ميز ذلك فلم يذكره، أو حفظ عن ابن عيينة أنه رجع عنه، فذكر فيه عن ابن عيينة ومسح رأسه وغسل رجليه، فلم يصف المسح، ولا قال مرتين.
وقال في الإسناد عن عبد الله بن زيد - لم يزد: لم يقل ابن عاصم ولا ابن عبد ربه فتخلص" اهـ.
(3)
في سننه (1/ 48 رقم 33).
(4)
في سننه (1/ 89 رقم 126).
وقال الترمذي حديث حسن وهو كما قال.
(5)
في (جـ): (مرة) وهي خلاف ما في السنن.
(6)
في المسند (1/ 268).
(7)
في سننه (1/ 92 - 93 رقم 133).
وهو حديث ضعيف جدًّا.
فيه عباد بن منصور قال عنه ابن معين: ليس بشيء، وكان يُرمى بالقدر.
وقال أبو زرعة: لين.
وقال أبو حاتم: كان ضعيف الحديث، يكتب حديثهُ، ونرى أنه أخذ هذه الأحاديث عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود بن الحُصين، عن عكرمة. =
31/ 193 - (ولأبِي دَاوُدَ
(1)
عَنْ عُثْمانَ رضي الله عنه أنهُ تَوضَّأ مِثْلَ ذَلِكَ وقال: هكَذا رأيت رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَتَوضأ). [صحيح]
الحديث الأول أعله الدارقطني وتعقبه أبو الحسن بن القطان فقال: ما أعله به ليس علة وإنه إما صحيح أو حسن.
والحديث الثاني قد تقدم الكلام عليه في الذي قبله. قال المصنف
(2)
رحمه الله: "وقد سبق حديث - عثمان المتفق عليه - بذكر العَدد ثلاثًا ثلاثًا إلا في الرأس قال أبو داود
(3)
: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثًا وقالوا: فيها ومسح رأسه ولم يذكروا عددًا كما ذكروا في غيره" انتهى.
[الباب الخامس عشر] باب أن الأذنين من الرأس وأنهما يمسحان بمائه
(قَدْ سَبَقَ في ذلِكَ حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ
(4)
رضي الله عنه.
32/ 194 - وَلاِبْنِ مَاجَهْ
(5)
مِنْ غَير وَجْهٍ عَن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ: "الأُذُنانِ مِنَ الرَّأسِ"). [حسن]
= وقال النسائي: ليس بحجة.
وقال في موضع آخر: ليس بالقوي.
"تهذيب التهذيب"(2/ 282).
(1)
في سننه (1/ 78 رقم 106) وهو حديث صحيح.
(2)
أي ابن تيمية الجد في كتابه "المنتقى"(1/ 97).
(3)
في السنن (1/ 80) عقب حديث رقم (108).
وقال محمد بن إسماعيل الأمير في سبل السلام (1/ 237): "
…
وأجيب بأن كلامَ أبي داودَ ينقضه ما رواه هو وصححه ابن خزيمة كما ذكرناهُ. والقولُ بأنَّ المسحَ مبني على التخفيف قياسٌ في مقابلةِ النص فلا يسمعُ
…
" اهـ.
(4)
وهو برقم (35/ 192) من كتابنا هذا.
(5)
في سننه (1/ 152 رقم 443) من حديث عبد الله بن زيد. وهو حديث حسن.
و (1/ 152 رقم 444) من حديث أبي أمامة. وهو حديث حسن دون مسح المأقين.
و (1/ 152 رقم 445) من حديث أبي هريرة. وهو حديث حسن.
أراد بحديث ابن عباس الحديث الذي قبل هذا الباب بلفظ: "مسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة".
وفي الباب عن أبي أمامة عند أبي داود
(1)
والترمذي
(2)
وابن ماجه
(3)
قال الحافظ
(4)
: إنه مدرج قال الترمذي
(5)
: وليس إسناده بذلك القائم.
وعن عبد الله بن زيد
(6)
قواه المنذري وابن دقيق العيد قال
(1)
في سننه (1/ 93 رقم 134).
(2)
في سننه (1/ 53 رقم 37) وقال: هذا حديث حسن، ليس إسنادُهُ بذاك القائمِ.
(3)
في سننه (1/ 152 رقم 444).
قلت: وأخرجه الدارقطني (1/ 103 رقم 37) والبيهقي (1/ 66) والطبراني في الكبير (8/ 142 - 143) وأحمد (5/ 268) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 33) كلهم عن حماد بن زيد عن سنان به.
وهذا سند حسن في الشواهد.
وقال ابن دقيق العيد في "الإمام": وهذا الحديث معلول بوجهين:
(أحدهما): الكلام في شهر بن حوشب. و (الثاني): الشك في رفعه، ولكن شهر وثقه أحمد، ويحيى، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، وسنان بن ربيعة، أخرج له البخاري، وهو وإن كان قد لين فقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وقال ابن معين: ليس بالقوي، فالحديث عندنا حسن، والله أعلم.
"نصب الراية" للزيلعي (1/ 18).
(4)
في "التلخيص"(1/ 91).
(5)
في السنن (1/ 53).
وخلاصة القول أن حديث أبي أمامة حديث حسن. دون مسح المأقين.
ولحديث أبي أمامة طرق أخرى انظر تخريجها في تخريجنا لسبل السلام (1/ 259).
(6)
أخرجه ابن ماجه (1/ 152 رقم 443).
حدثنا سويد بن سعيد، ثنا يحيى بن زكريا بن أبى زائدة، عن شعبة عن حبيب بن زيد، عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد مرفوعًا.
قال الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 19): "وهذا أمثل إسناد في الباب لاتصاله وثقة رواته، فابن أبي زائدة، وشعبة، وعباد، احتج بهم الشيخان، وحبيب ذكره ابن حبان في "الثقات" في أتباع التابعين، وسويد بن سعيد احتج به مسلم" اهـ.
وتعقبه الحافظ في "الدراية"(1/ 21) بأن سويدًا هذا قد اختلط. وقال في "التقريب"(1/ 340 رقم 596): "صدوق في نفسه إلا أنه عمي، فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول" اهـ.
ولهذا قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 116 رقم 180): "هذا إسناد حسن إذا =
الحافظ
(1)
: وقد ثبت أنه مدرج.
وعن ابن عباس رواه البزار
(2)
وأعله الدارقطني
(3)
بالاضطراب وقال: إنه وهم، والصواب أنه مرسل.
= كان سويد بن سعيد حفظه".
وقال الألباني في "الصحيحة"(1/ 55): "ولكن ذلك لا يمنع أن يكون حسنًا لغيره، ما دام أن الرجال كلهم ثقات ليس فيهم متهم. وإذا ضم إليه طريق ابن عباس الصحيح، وطريقه الآخر الذي صححه ابن القطان
…
فلا شك حينئذٍ في ثبوت الحديث وصحته.
وإذا ضم إلى ذلك الطريق الأخرى عن الصحابة الآخرين ازداد قوة، بل إنه ليرتقي إلى درجة المتواتر عند بعض العلماء" اهـ.
(1)
في "التلخيص"(1/ 91).
(2)
كما في "النكت على ابن الصلاح" لابن حجر (1/ 412).
(3)
في سننه (1/ 99 رقم 12). وقال: "تفرد به أبو كامل عن غندر، وهو وهم.
تابعه الربيع بن بدر، وهو متروك، عن ابن جريج، والصواب: عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا" اهـ.
وقال الألباني في "الصحيحة"(1/ 51): "والحق أن هذا الإسناد صحيح، لأن أبا كامل ثقة، حافظ، احتج به مسلم، فزيادته مقبوله. إلا أن ابن جريج مدلس وقد عنعنه. فإن كان سمعه من سليمان فلا محيد من القول بصحته، وقد صرح بالتحديث في رواية له من الوجه المرسل (1/ 99 رقم 15)، لكن في الطريق إليه العباس بن يزيد وهو البحراني، وهو ثقة، ولكن ضعفه بعضهم، ووصف بأنه يخطئ، فلا تطمئن النفس لزيادته، ولا سيما والطريق كلها عن ابن جريج معنعنة. ثم رأيت الزيلعي نقل في "نصب الراية" (1/ 19) عن ابن القطان أنه قال: إسناده صحيح لاتصاله وثقة رواته".
• وله طريق آخر: عن عطاء، رواه القاسم بن غصن عن إسماعيل بن مسلم عنه، أخرجه الخطيب في "التاريخ (6/ 384) والدارقطني (1/ 103 رقم 26) وقال: إسماعيل بن مسلم ضعيف، والقاسم بن غصن مثله، خالفه علي بن هاشم فرواه عن إسماعيل بن مسلم المكي، عن عطاء، عن أبي هريرة، ولا يصح أيضًا.
وتابعه: جابر الجعفي عن عطاء عن ابن عباس. أخرجه الدارقطني (1/ 100 رقم 23) وقال: "جابر ضعيف وقد اختلف عنه، فأرسله الحكم بن عبد الله أبو مطيع عن إبراهيم بن طهمان، عن جابر عن عطاء، وهو أشبه بالصواب".
• وله طريق ثالث: عن محمد بن زياد اليشكري، ثنا ميمون بن مهران عنه. أخرجه العقيلي في الضعفاء (4/ 67) والدارقطني (1/ 101 رقم 28، 29، 30) وقال: محمد بن زياد متروك الحديث، ورواه يوسف بن مهران عن ابن عباس موقوفًا.
ثم ساقه الدارقطني (1/ 102 رقم 31) من طريق علي بن زيد، عن يوسف بن مهران عنه. =
وعن أبي هريرة عند ابن ماجه
(1)
وفيه عمرو بن الحصين وهو متروك
(2)
.
وعن أبي موسى عند الدارقطني
(3)
، واختلف في وقفه ورفعه وصوّب الوقف، قال الحافظ
(4)
: وهو منقطع.
وعن ابن عمر عند الدارقطني
(5)
وأعله أيضًا.
= وابن زيد فيه ضعف.
• وله طريق رابعة: عن قارظ بن شيبة، عن أبي غطفان عنه. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 391 رقم 10784). حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، نا وكيع عن ابن أبي ذئب عن قارظ بن شيبة به.
وقال الألباني في "الصحيحة"(1/ 52 - 53): وهذا سند صحيح ورجاله كلهم ثقات، ولا أعلم له علة، ومن الغرائب أن هذه الطريق مع صحتها أغفلها كل من خرج الحديث من المتأخرين، كالزيلعي، وابن حجر، وغيرهما ممن ليس مختصًا في التخريج.
بل أغفله أيضًا الحافظ الهيثمي فلم يورده في "مجمع الزوائد" مع أنه على شرطه
…
" اهـ.
(1)
في سننه (1/ 152 رقم 445).
قلت: وأخرجه الدارقطني (1/ 102 رقم 32) وقال: عمرو بن الحصين وابن عُلاثَةَ ضعيفان.
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 117 رقم 181): "هذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن عبد الله بن عُلاثَةَ، وعمرو بن الحصين
…
".
قلت: ولحديث أبي هريرة طرق أخرى انظر تخريجها في تخريجنا لسبل السلام (1/ 259 - 260).
(2)
قاله الحافظ في "التقريب" رقم (5012).
(3)
في سننه (2/ 101 رقم 35) و (1/ 103 رقم 36).
قلت: وأخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "المجمع"(1/ 234) وابن عدي في الكامل (1/ 364) كلهم من طرق عن أشعث عن الحسن عن أبي موسى.
قال الهيثمي: فيه أشعث بن سوار وهو ضعيف.
وكذا أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير"(1/ 32) عن أشعث به.
وقال: لا يتابع عليه، والأسانيد في هذا الباب لينة.
وقال الدارقطني: الصواب موقوف، والحسن لم يسمع من أبي موسى.
وقال الحافظ في "التلخيص"(1/ 92): حديث أبي موسى أخرجه الدارقطني، واختلف في وقفه ورفعه، وصوب الوقف، وهو منقطع أيضًا.
(4)
في "تلخيص الحبير"(1/ 92).
(5)
في سننه (1/ 97 رقم 1) وقد أعله بقوله: "كذا قال، وهو وهم، والصواب عن أسامة بن زيد عن هلال بن أسامة الفهري عن ابن عمر موقوفًا" اهـ. =
وعن عائشة عند الدارقطني
(1)
أيضًا وفيه محمد بن الأزهر وقد كذبه أحمد
(2)
.
= قلت: وأخرجه الخطيب في "الموضح"(1/ 196) عن ابن صاعد، وفي "التاريخ"(14/ 161) من طريقين آخرين عن الجراح بن مخلد به.
وقال الألباني في "الصحيحة"(1/ 49): "وهذا سند حسن عندي، فإن رجاله كلهم ثقات معروفون غير الهروي هذا، فقد ترجمه الخطيب ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، غير أنه وصفه بأنه كان محدثًا".
وتابعه في رفعه عبيد الله عن نافع:
أخرجه الدارقطني (1/ 97 رقم 3) وتمام في "الفوائد"(1/ 227 رقم 180 - الروض السام) من طريق محمد بن أبي السري. ثنا عبد الرزاق عن عبيد الله به.
وقال الدارقطني: رفعُهُ وهم.
وقال الألباني في "الصحيحه"(1/ 50): وعلته ابن السري وهو متهم. وتعقبه الدوسري في "الروض البسام"(1/ 227 - 228) بقوله: "محمد بن أبي السري صدوق كثير الغلط.
ووهم الألباني في "الصحيحة"(1/ 50) في إعلال هذه الطريق فقال: "وعلته ابن أبي السري وهو متهم". والذي اتهم هو الحسين أخو محمد كما في ترجمته من "التهذيب"(2/ 314 - 315) أما محمد فقد وثقه ابن معين. وأخذ عليه كثرة الغلط ولم يتهمه أحد" اهـ.
وتابعه يحيى بن سعيد عن نافع به.
أخرجه الدارقطني (1/ 97 رقم 2) وابن عدي في "الكامل"(1/ 295 - 296) عن إسماعيل بن عياش عن يحيى به.
قال ابن عدي: "لا يحدث به عن يحيى غير ابن عياش" وقال الألباني (1/ 50) وابن عياش ضعيف في الحجازين وهذا منها.
(1)
في سننه (1/ 100 رقم 20) عن محمد بن الأزهر الجوزجاني، نا الفضل بن موسى السيناني، عن ابن جريج، عن سلميان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. وقال:"كذا قال، والمرسل أصح".
يعني ابن جريج عن سليمان مرسلًا كما تقدم في الطريق الأول عن ابن عباس. ومحمد بن الأزهر قال الحافظ في "التلخيص"(1/ 92): "كذبه أحمد".
(2)
قاله الحافظ في "التلخيص"(1/ 92)
قلت: وقال أحمد في "العلل" رواية عبد الله رقم (5153): "لا تكتبوا عنه حتى يتوب وحتى لا يحدِّث عن الكذابين".
وقال ابن عدي في "الكامل"(5/ 2143): "ليس بالمعروف، وإذا لم يكن معروفًا ويحدث عن الضعفاء فسبيلهم سبيل واحد، لا يجب أن يشتغل برواياتهم وحديثهم".
وانظر "الجرح والتعديل"(3/ 2/ 209) والضعفاء الكبير للعقيلي (4/ 32).
والميزان (3/ 467) ولسان الميزان (5/ 64).
وعن أنس عند الدارقطني
(1)
أيضًا من طريق عبد الحكم عن أنس وهو ضعيف
(2)
. وحديث أبي أمامة وابن عباس أجود ما في الباب.
قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: وأما حديث أنس وابن عمر وأبي موسى وعائشة فواهية.
والحديث يدل على أن الأُذنين من الرأس فيمسحان معه وهو مذهب الجمهور.
ومن العلماء من قال: هما من الوجه. ومنهم من قال: المقبل من الوجه، والمدبر من الرأس. وقد ذكرنا نسبة ذلك إلى القائلين به في باب تعاهد الماقين
(3)
. قال الترمذي
(4)
: "والعملُ على هذا - يعني كون الأذنين من الرأس - عند أكَثر أهل العلم من أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدَهُم، وبهِ يقول سفيانُ وابنُ المبارك وأحمد وإسحاقُ". واعتذر القائلون بأنهما ليستا من الرأس بضعف الأحاديث التي فيها الأذنان من الرأَس حتى قال ابن الصلاح
(5)
: إن ضعفها كثير لا ينجبر بكثرة الطرق، ورد بأن حديث ابن عباس قد صرح أبو الحسن بن القطان أن ما أعله به الدارقطني ليس بعلة، وصرح بأنه إما صحيح أو حسن
(6)
.
واختلف في مسح الأذنين هل هو واجب أم لا؟ فذهبت القاسمية وإسحق بن راهويه وأحمد بن حنبل إلى أنه واجب
(7)
. وذهب من عداهم إلى عدم الوجوب
(8)
. واحتجوا بحديث ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم مسحَ داخِلهِمَا بالسَّبَّابتينِ،
(1)
في سننه (1/ 104 رقم 45).
قلت: وأخرجه ابن عدي في "الكامل"(2/ 450) من طرق عن عبد الحكم عن أنس.
قال الدارقطني: عبد الحكم لا يحتج به.
وقال المحافظ في "التلخيص"(1/ 92): "حديث أنس أخرجه الدارقطني من طريق عبد الحكم عن أنس، وهو ضعيف.
(2)
قاله الحافظ في "التلخيص"(1/ 92)،
(3)
الباب العاشر عند الحديث رقم (18/ 180) من كتابنا هذا.
(4)
في السنن (1/ 54 - 55).
(5)
في كتابه "علوم الحديث" ص 34.
(6)
وهو حديث حسن كما تقدم.
(7)
انظر: "البحر الزخار"(1/ 65) والمغني لابن قدامة (1/ 183).
(8)
انظر: "روضة الطالبين"(1/ 61) ومغني المحتاج (1/ 160).
وخالفَ بإبهامَيْهِ إلى ظاهِرهِما فمسحَ ظاهرهُمَا وباطِنُهمَا" أخرجه النسائي
(1)
وابن ماجه
(2)
وابن حبان
(3)
في صحيحه والحاكم
(4)
والبيهقي
(5)
، وصححه ابن خزيمة
(6)
وابن منده
(7)
، وقال ابن منده
(8)
: "لا يعرف مسح الأذنين من وجه يثبت إلا من هذه الطريق"
(9)
، وبحديث الربيع
(10)
، وطلحة بن مصرف
(11)
، والصنابحي
(12)
، وأجيب عن ذلك بأنها أفعال لا تدل على الوجوب. قالوا: أحاديث "الأذنان من الرأس" بعضها يقوي بعضًا وقد تضمنت أنهما من الرأس فيكون الأمر بمسح الرأس أمرًا بمسحهما فيثبت وجوبه بالنص القرآني. وأجيب بعدم انتهاض الأحاديث الواردة بذلك والمتيقن الاستحباب فلا يصار إلى الوجوب إلا بدليل ناهض، وإلا كان من التقول على الله بما لم يقل.
33/ 195 - (وعَنِ الصنَّابحِيِّ أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذَا تَوضَّأ العَبْدُ المؤمِنُ فَتَمَضْمَضَ خرَجَتْ الخَطَايَا مِنْ فِيهِ". وَذَكَرَ الحَديثَ، وَفيهِ:"فإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الخَطَايَا مِنْ رَأسِهِ حَتى تخْرُجَ مِنْ أُذُنَيهِ" رَواهُ مَالِك
(13)
والنسائيُّ
(14)
وَابْنُ ماجَهْ)
(15)
.
(1)
في السنن (1/ 74 رقم 102).
(2)
في السنن (1/ 151 رقم 439).
(3)
في صحيحه (3/ 367 رقم 1086)
(4)
في المستدرك (1/ 147) وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
(5)
في السنن الكبرى (1/ 55، 73).
(6)
في صحيحه (1/ 77 رقم 148).
(7)
كما في "التلخيص"(1/ 90).
(8)
ذكره الحافظ في "التخليص"(1/ 90).
(9)
كذا قال، وكأنه عنى بهذا التفصيل والوصف. قاله الحافظ في "التلخيص"(1/ 90).
(10)
وهو حديث حسن. تقدم رقم (27/ 189) من كتابنا هذا.
(11)
وهو حديث ضعيف. أخرجه أبو داود (1/ 96 رقم 139).
(12)
وهو حديث صحيح لشواهده. وسيأتي تخريجه رقم (33/ 195) من كتابنا هذا.
(13)
في الموطأ (1/ 31 رقم 30).
(14)
في سننه (1/ 74 رقم 103).
(15)
في سننه (1/ 103 رقم 282).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 129). وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم =
الحديث رجاله رجال الصحيح، وقد ذكرناه في باب غسل ما استرسل من اللحية
(1)
والكلام على أطرافه قد سبق هنالك. وقد ساقه المصنف هنا للاستدلال به على أن الأذنين يمسحان مع الرأس قال: فقوله: "تخرج من أذنيه إذا مسح رأسه" دليل على أن الأذنين داخلتان في مسماه ومن جملته انتهى. وقد اختلف الناس في ذلك، وقد تقدم ذكر الخلاف.
واختلفوا هل يمسحان ببقية ماء الرأس أو بماء جديد، فذهب مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور والمؤيد بالله إلى أنه يؤخذ لهما ماء جديد
(2)
، وذهب الهادي والثوري وأبو حنيفة إلى أنهما يمسحان مع الرأس بماء واحد
(3)
. قال ابن عبد البر
(4)
: وروي عن جماعة مثل هذا القول من الصحابة والتابعين، واحتج الأولون بما في حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنه توضأ فمسح أذنيه بماء غير الماء الذي مسح به الرأس"، أخرجه الحاكم
(5)
من طريق حرملة عن ابن وهب. قال الحافظ
(6)
: إسناده ظاهره الصحة. وأخرجه البيهقي
(7)
من طريق عثمان الدارمي عن الهيثم بن خارجة عن ابن وهب بلفظ: "فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه". وقال: هذا إسناد صحيح، لكن ذكر الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في الإِمام
(8)
أنه رأى في رواية ابن المقبري عن ابن قتيبة
= يخرجاه وليس له علّة، وإنما خرجا بعض هذا المتن من حديث حمران عن عثمان، وأبي صالح عن أبي هريرة غير تمام، وعبد الله الصنابحي صحابي
…
".
وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: لا".
وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه لشواهده.
(1)
الباب السابع في شرح الحديث رقم (14/ 176) من كتابنا هذا.
(2)
انظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 181) و"المجموع"(1/ 444).
(3)
انظر: شرح فتح القدير (1/ 27) والبحر الزخار (1/ 64) و"فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر"(3/ 209).
(4)
كما في "فتح البر"(3/ 209).
(5)
في المستدرك (1/ 151 - 152) بسند صحيح.
(6)
في "التلخيص"(1/ 89).
(7)
في السنن الكبرى (1/ 65) بسند صحيح.
(8)
كما في "التلخيص"(1/ 90).
عن حرملة بهذا الإِسناد ولفظه: "ومسح رأسه بماء غير فضل يديه لم يذكر الأذنين" قال الحافظ
(1)
: قلت: كذا هو في صحيح ابن حبان
(2)
عن ابن سلم عن حرملة، وكذا رواه الترمذي
(3)
عن علي بن خشرم عن ابن وهب، وقال عبد الحق
(4)
: ورد الأمر بتجديد الماء للأذنين من حديث نمران بن جارية عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتعقبه ابن القطان
(5)
بأن الذي في رواية جارية بلفظ: "خذ للرأس ماء جديدًا" رواه البزار
(6)
والطبراني
(7)
. وروي في الموطأ
(8)
عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا توضأ يأخذ الماء بأصبعيه لأذنيه، وصرح الحافظ في بلوغ المرام
(9)
بعد أن ذكر حديث البيهقي السابق أن المحفوظ ما عند مسلم
(10)
من هذا الوجه بلفظ: "ومسح برأسه بماء غير فضل يديه".
وأجاب القائلون أنهما يمسحان بماء الرأس بما سلف من إعلال هذا الحديث قالوا: فيوقف على ما ثبت من مسحهما مع الرأس كما في حديث ابن عباس
(11)
والربيع
(12)
وغيرهما، قال ابن القيم في الهدي
(13)
: لم يثبت عنه أنه أخذ لهما ماءً جديدًا وإنما صح ذلك عن ابن عمر.
(1)
في "التخليص"(1/ 90).
(2)
في صحيحه (3/ 366 رقم 1085).
(3)
في سننه (1/ 50 رقم 35) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(4)
في كتابه "الأحكام الوسطى"(1/ 171).
(5)
في "بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام"(2/ 235 - 236).
(6)
عزاه إليه ابن القطان في "الوهم والإيهام"(2/ 236).
(7)
في "المعجم الكبير"(2/ 260 - 261 رقم 2091) وفي سنده دهثم بن قُرّان متروك قاله الحافظ في "التقريب" رقم (1831). ونمران بن جارية مجهول لا يعرف. انظر "التقريب" رقم (7187).
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف جدًّا والله أعلم.
(8)
(1/ 34) بسند صحيح.
(9)
رقم (11/ 39) بتحقيقنا.
(10)
في صحيحه (1/ 211 رقم 19/ 236).
(11)
تقدم تخريجه في شرح الحديث (32/ 194) من كتابنا هذا.
(12)
تقدم تخريجه برقم (27/ 189) من كتابنا هذا وهو حديث حسن.
(13)
(1/ 187).
[الباب السادس عشر] باب مسح ظاهر الأذنين وباطنهما
34/ 196 - (عَنْ ابْنِ عَباس [رضي الله عنه]
(1)
أن النبي صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِرَأسِهِ وأُذنيه ظَاهِرِهما وبَاطِنِهما، رَوَاهُ الترْمِذِيُّ وَصَحَّحهُ
(2)
.
وللنَّسائيِّ
(3)
: مَسَحَ بِرَأسِهِ وأُذُنَيهِ بَاطِنِهِما بالمُسَبِّحَتَيْنِ وَظَاهِرهِما بِإبهامَيهِ). [حسن]
وصححه ابن خزيمة
(4)
وابن منده
(5)
وأخرجه ابن ماجه
(6)
والحاكم
(7)
والبيهقي
(8)
بألفاظ مقاربة للفظ الكتاب. قال ابن منده
(9)
: " [ولا يعرف]
(10)
مسح الأذن من وجه يثبت إلا من هذه الطريق". قال الحافظ
(11)
: وكأنه عنى بهذا التفصيل والوصف.
وفي المستدرك للحاكم
(12)
من حديث الربيع بنت معوّذ باللفظ الذي مر في باب مسح الرأس كله
(13)
. وأخرجه أيضًا
(14)
من حديث أنس مرفوعًا والصواب أنه عن ابن مسعود موقوفًا.
وأخرج أبو داود
(15)
والطحاوي
(16)
من حديث المقدام بن معد يكرب "أن
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في سننه (1/ 52 رقم 36) وقال: حديث حسن صحيح.
(3)
في سننه (1/ 74 رقم 102) بسند حسن.
(4)
في صحيحه (1/ 77 رقم 148).
(5)
كما في "التلخيص"(1/ 90).
(6)
في سننه (1/ 151 رقم 439).
(7)
في المستدرك (1/ 147) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
(8)
في السنن الكبرى (1/ 55، 67، 73) وانظر "إرواء الغليل"(رقم: 90).
(9)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 90).
(10)
في (جـ): (ولا نعرف).
(11)
في "التلخيص"(1/ 90).
(12)
(1/ 152) وهو حديث حسن.
(13)
الباب الثالث عشر عند الحديث (27/ 189) من كتابنا هذا. وهو حديث حسن.
(14)
أي الحاكم في المستدرك (1/ 150). وقال: زائدة بن قدامة ثقة مأمون، قد أسنده عن الثوري وأوقفه غيره.
(15)
في سننه (1/ 88 - 89 رقم 122، 123).
(16)
في "شرح معاني الآثار"(1/ 32). وهو حديث صحيح.
رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح في وضوئه رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما وأدخل أصبعيه في صماخي أذنيه" قال الحافظ
(1)
: وإسناده حسن. وعزاه النووي
(2)
تبعًا لابن الصلاح إلى النسائي وهو وهم
(3)
.
وفي الباب عن عثمان عند أحمد
(4)
والحاكم
(5)
والدارقطني
(6)
. وعن عمرو بن شعمب عن أبيه عن جده رواه الطحاوي
(7)
.
والحديث يدل على مشروعية مسح الأذنين ظاهرًا وباطنًا وقد تقدم الخلاف فيه في الباب الذي قبل هذا
(8)
ولم يذكر فيه للأذنين ماء جديدًا وبه تمسك من قال: يمسحان ببقية ماء الرأس، وقد تقدم الكلام فيه في الحديث الذي قبله.
[الباب السابع عشر] باب مسح الصدغين وأنهما من الرأس
35/ 197 - (عَن الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قالتْ: رَأَيْتُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم تَوضَّأ فَمسَحَ بِرَأْسِهِ وَمَسَحَ ما أَقْبَل مِنْه وما أَدْبَرَ وَصُدْغَيهِ وأُذُنَيهِ مَرَّةً واحِدَةً. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(9)
والتِّرْمِذِيُّ
(10)
. وقالَا: حَدِيثٌ حَسَنٌ). [حسن]
(1)
في "التلخيص"(1/ 89).
• الصِّماخ: بكسر الصاد، ويقال: السِّماخ.
(2)
في "المجموع"(1/ 441).
(3)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 89).
(4)
في المسند (1/ 68).
(5)
في المستدرك (1/ 149).
(6)
في سننه (1/ 86). وهو حديث صحيح بشواهده. انظر تخريج الحديث رقم (16/ 178) من كتابنا هذا.
(7)
في "شرح معاني الآثار"(1/ 33).
(8)
الباب الخامس عشر عند الحديث رقم (32/ 194) ورقم (33/ 195) من كتابنا هذا.
(9)
في سننه (1/ 91 رقم 129).
وحديث الربيع بنت معوذ حديث حسن.
(10)
في سننه (1/ 49 رقم 34) وقال: حديث حسن صحيح.
حديث الربيع قد تقدم الكلام عليه في باب مسح الرأس كله
(1)
، وتقدم أن مدار جميع رواياته على ابن عقيل وفيه مقال.
قوله: (وصُدْغَيه) الصُّدْغُ بضم الصاد المهملة وسكون الدل: الموضع الذي بين العين والأذن والشعر المتدلي على ذلك الموضع.
والحديث يدل على مشروعية مسح الصدغ والأذن. وأن مسحهما مع الرأس وأنه مرة واحدة، وقد تقدم الكلام على ذلك.
[الباب الثامن عشر] باب مسح العنق
36/ 198 - (عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَلْحَةَ بْن مصَرِّفِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدهِ أَنهُ رَأَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ رَأْسَهُ حَتى بَلَغَ الْقَذالَ وَما يَليهِ مِنْ مُقَدَّمِ الْعُنُقِ. رَواهُ أحْمَدُ)
(2)
. [ضعيف]
الحديث فيه ليث بن أبي سُلَيم وهو ضعيف
(3)
، قال ابن حبان
(4)
: كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم، تركه يحيى بن القطان وابن المهدي وابن معين وأحمد بن حنبل. قال النووي في تهذيب الأسماء
(5)
: اتفق العلماء على ضعفه، وأخرج الحديث أبو داود
(6)
وذكر له علة
(1)
الباب الثالث عشر عند الحديث (27/ 189) من كتابنا هذا. وهو حديث حسن.
(2)
في المسند (3/ 481).
(3)
قال النسائي، ويحيى: ضعيف. وقال أحمد: مضطرب الحديث. وقال ابن معين لا بأس به. وقال الدارقطني: كان صاحب سنة، وإنما أنكروا عليه الجمع من عطاء وطاوس ومجاهد حسب.
انظر "التاريخ الكبير"(7/ 246) والمجروحين (2/ 231 - 234) والجرح والتعديل (7/ 177 - 179) والميزان (3/ 420) ولسان الميزان (7/ 347).
(4)
في "المجروحين"(2/ 231).
(5)
(2/ 75).
(6)
في سننه (1/ 92 رقم 132). وذكر عن ابن عيينه أنه كان ينكره.
قال الألباني في "الضعيفة"(1/ 170): "إن له - أي للحديث - ثلاث علل، كل واحدة منها =
أخرى عن أحمد بن حنبل قال: "كان ابن عيينة ينكره ويقول: إيش هذا طلحة بن مُصَرِّف عن أبيه عن جده"، وكذا حكى عثمان الدارمي
(1)
عن علي بن المديني، وزاد سألت عبد الرحمن بن مهمدي عن اسم جده فقال: عمرو بن كعب - أو كعب بن عمرو - وكانت له صحبة، وقال الدوري (1) عن ابن معين: المحدثون يقولون: إن جد طلحة رأَى النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته يقولون: ليست له صحبة، وقال الخلال (1) عن أبي داود سمعت: رجلًا من ولد طلحة يقول: [إن طلحة يقول]
(2)
: إن لجده صحبة.
وقال ابن أبي حاتم في العلل
(3)
: "سألت أبي عنه فلم يثبته، وقال: إن طلحة هذا يقال: إنه رجل من الأنصار، ومنهم من يقول: طلحة بن مصرف، قال: ولو كان طلحة بن مصرف لم يختلف فيه". وقال ابن القطان (1): علة الخبر عندي الجهل بحال مصرف بن عمرو والد طلحة، وصرح بأنه طلحة بن مصرف. وكذلك صرح بذلك ابن السكن وابن مردويه في كتاب أولاد المحدثين، ويعقوب بن سفيان في تاريخه، وابن أبي خيثمة أيضًا وخلق (1).
[الكلام في مسح الرقبة]:
وفي الباب حديث "مسح الرقبة أمان من الغل" قال ابن الصلاح
(4)
: هذا الخبر غير معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو من قول بعض السلف. وقال النووي: في شرح المهذب
(5)
: هذا حديث موضوع ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقال في موضع آخر
(6)
: لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء، قال: وليس هو بسنة بل بدعة. وقال ابن القيم في الهدي
(7)
: لم يصح عنه في مسح العنق حديث البتة.
= كافية لتضعيفه، فكيف بها وقد اجتمعت، وهي الضعف، والجهالة، والاختلاف في صحبة والد مُصَرِّف. ولهذا ضعفه النووي وابن تيمية والعسقلاني وغيرهم
…
" اهـ.
(1)
ذكر ذلك الحافظ في "التلخيص"(1/ 79).
(2)
زيادة من (أ) و (ب).
(3)
(1/ 53 رقم 131).
(4)
في "شرح مشكل الوسيط" له وهو بهامش الوسيط للغزالي (1/ 288).
(5)
(1/ 489).
(6)
في "المجموع"(1/ 499).
(7)
في "زاد المعاد في هدي خير العباد"(1/ 187).
وروى القاسم بن سلام في كتاب الطهور
(1)
عن عبد الرحمن بن مهدي عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن عن موسى بن طلحة قال: "من مسح قفاه مع رأسه وُقِيَ الغل يوم القيامة" قال الحافظ ابن حجر في التلخيص
(2)
: "فيحتمل أن يقال هذا، وإن كان موقوفًا فله حكم الرفع، لأن هذا لا يقال من قبيل الرأي فهو على هذا مرسل" انتهى.
وأخرج أبو نعيم في تاريخ أصبهان
(3)
قال: حدثنا محمد بن أحمد حدثنا عبد الرحمن بن داود حدثنا عثمان بن خُرَّزاذ حدثنا عمر بن محمد بن الحسن حدثنا محمد بن عمرو الأنصاري عن أنس
(4)
بن سيرين عن ابن عمر أنه كان إذا توضأ مسح عنقه ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ ومسح عنقه لم يغل بالأغلال يوم القيامة" والأنصاري
(5)
هذا واه.
قال الحافظ
(6)
: قرأت جزءًا رواه أَبو الحسين بن فارس بإسناده، عن فليح بن سليمان، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من توضأ ومسح بيديه على عنقه وقي الغل يوم القيامة" وقال: [أي أبو الحسين]
(7)
إن شاء الله هذا حديث صحيح. قلت: بين ابن فارس وفليح مفازة فلينظر فيها" انتهى.
وهو في كتب أئمة العترة في أمالي أحمد بن عيسى
(8)
، وشرح التجريد
(9)
(1)
في كتاب الطهور (ص 131 رقم 368) بسند ضعيف.
(2)
(1/ 92).
(3)
(2/ 115) بسنده ضعيف.
(4)
في (ب): (عن أنس عن ابن سيرين) وهو خطأ.
(5)
قال عنه ابن حبان في "المجروحين" روى عنه أهل البصرة، وهو ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، يعتبر حديثه من غير احتجاج به.
وقال ابن معين، ويعقوب بن سفيان: ضعيف.
انظر "تهذيب التهذيب"(3/ 664).
(6)
في "التلخيص"(1/ 93). قلت: بل الحديث ضعيف جدًّا.
(7)
زيادة من (ب) و (جـ).
(8)
ويسمى أيضًا: "علوم آل محمد" و"بدائع الأنوار" لأبي عبد الله أحمد بن عيسى بن زيد الحسيني. (247 هـ).
(9)
تأليف: الإمام المؤيد أحمد بن الحسين الهاروني الديلمي (411 هـ).
الأصل: "التجريد في علم الأثر" للمؤلف أيضًا.
والشرح في أربع مجلدات اعتنى فيه بالأسانيد وأسماء الرواة الراوين عن علي رضي الله عنه، والأئمة من أهل البيت
…
".
بإسناد متصل بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن فيه الحسين بن علوان عن أَبي خالد الواسطي
(1)
بلفظ: "من توضأ ومسح سالفتيه وقفاه أمن من الغل يوم القيامة" وكذا رواه في أَصول الأحكام
(2)
، والشفاء
(3)
. ورواه في التجريد
(4)
عن علي عليه السلام من طريق محمد بن الحنيفة في حديث طويل، وفيه "أنه لما مسح رأَسه مسح عنقه وقال له. بعد فراغه من الطهور: "افعل [كفعالى]
(5)
هذا".
وبجميع هذا تعلم أن قول النووي
(6)
مسح الرقبة بدعة، وأَن حديثه موضوع مجازفة، وأعجب من هذا قوله: ولم يذكره الشافعي ولا جمهور الأصحاب، وإنما قاله ابن القاصِّ وطائفة يسيرة. فإنه قال الروياني
(7)
من أَصحاب الشافعي في كتابه المعروف بالبحر ما لفظه: قال أَصحابنا: وهو سنة، وتعقب النووي أيضًا ابن
(1)
عمرو بن خالد القرشي مولاهم، أبو خالد، كوفي، نزل واسط: متروك، ورماه وكيع بالكذب .. "التقريب" رقم (5021). وخلاصة القول أن الحديث ضعيف جدًّا.
(2)
أصول الأحكام في الحلال والحرام. تأليف: الإمام المتوكل أحمد بن سليمان الحسني اليمني (566 هـ).
فيه ما يزيد على ثلاثة آلاف وثلاثمائة حديث في الحلال والحرام من الأحكام الفقهية، وهو مقسم على الكتب مبدوءًا بكتاب الطهارة، والأخبار محذوفة الأسانيد، وربما يذكر المؤلف رأيه في الموضوع بعنوان "رأينا" وقد رجح مذهب الإمام الهادي على مذاهب فقهاء العامة
…
".
• "قلت: كان الأولى بالإمام الشوكاني أن يقول ذكره أو أورده في أصول الأحكام لأنه يذكر الحديث دون سند كما قد علمت آنفًا.
(3)
وهو "شفاء الأوام في أحاديث الأحكام للتمييز بين الحلال والحرام "تأليف الإمام الحسين بن بدر الدين الحسني (662 هـ) لم يكمله وأكمله الأمير صلاح الدين بن إبراهيم.
وهو من معتمدات الزيدية في الحديث، وفيه نصرة لمذهب الإمام الهادي (1/ 68).
• وعليه حاشية للإمام الشوكاني بعنوان، وبل الغمام على شِفاء الأُوام".
طبعت في مجلدين بتحقيقي. ط: دار ابن تيمية - القاهرة.
قلت: كان الأولى بالإمام الشوكاني أن يقول ذكره أو أورده في شفاء الأوام، لأن المؤلف يذكر الحديث دون سند.
(4)
ذكره الإمام القاسم في "الاعتصام بجبل الله المتين"(1/ 225).
(5)
في (ب): (كفعلي).
(6)
في "التنقيح في شرح الوجيز"(1/ 289) بهامش الوجيز للغزالي.
(7)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 93).
الرفعة
(1)
بأن البغوي وهو من أئمة الحديث قد قال باستحبابه، قال: ولا مأخذ لاستحبابه إلا خبر أو أثر لأن هذا لا مجال للقياس فيه، قال الحافظ
(2)
: ولعل مستند البغوي في استحباب مسح القفا ما رواه أَحمد وأبو داود، وذكر حديث الباب
(3)
، ونسب حديث الباب ابن سيد الناس في شرح الترمذي إلى البيهقي
(4)
أيضًا. قال: وفيه زيادة حسنة وهي مسح العنق. فانظر كيف صرح هذا الحافظ بأن هذه الزيادة المتضمنة لمسح العنق حسنة
(5)
، ثم قال: قال المقدسي: وليث متكلم فيه، وأَجاب عن ذلك بأن مسلمًا قد أخرج له
(6)
.
واختلف القائلون باستحباب مسح الرقبة هل تمسح ببقية ماء الرأس أو بماء جديد؟ فقال الهادي والقاسم: [تمسح]
(7)
ببقية ماء الرأس. وقال المؤيد بالله والمنصور بالله ونسبه في البحر
(8)
إلى الفريقين: إنها تمسح بماء جديد.
[الباب التاسع عشر] باب جواز المسح على العمامة
37/ 199 - (عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيةَ الضمْري قالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَمْسحُ
(1)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 92).
(2)
في "تلخيص الحبير"(1/ 92).
(3)
رقم (36/ 198) من كتابنا هذا. وهو حديث ضعيف.
(4)
في السنن الكبرى (1/ 60). وقال البيهقي بعد أن ذكر حديث طلحة عن أبيه عن جده المرفوع وأثر ابن عمر الموقوف. قال: "هذا موقوف. والمسند في إسناده ضعف والله أعلم" اهـ.
(5)
قلت: بل هذه الزيادة ضعيفة كما علمت.
(6)
قال الشيخ محمد أمين في "خلاصة القول المفهم على تراجم رجال مسلم"(1/ 466 - 467): "
…
وقال أحمد مضطربُ الحديثِ. وقال الفضل بن عِياض: ليثٌ أعلمُ أهلِ الكوفةِ بالمناسك. وقال في "التقريب": صدوق اختلط أخيرًا ولم يتميز حديثهُ فترك من السادسة مات سنة ثمانٍ وأربعين ومائة (148 هـ) "اهـ.
قلت: وخلاصة القول في مسح الرقبة: أنها لا تمسح، لأنه لم يثبت فيها شيء صحيح أصلًا.
(7)
في (جـ): (يمسح).
(8)
انظر: "البحر الزخار"(1/ 77).
على عِمَامَتهِ وَخُفَّيه. رَواهُ أحمَدُ
(1)
وَالبُخارِيُّ
(2)
وَابْنُ ماجَهْ)
(3)
. [صحيح]
38/ 200 - (وعَنْ بِلال قالَ: مَسَحَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم على الخُفَّيْنِ وَالخِمارِ. رَوَاهُ الجمَاعَةُ إلَّا البُخارِيَّ وَأَبَا داوُدَ
(4)
.
وفي رِوايَةٍ لِأحمَدَ
(5)
: أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "امْسَحُوا على الخُفَّيْنِ والخِمَارِ"). [صحيح]
39/ 201 - (وعَنْ المُغيرَةِ بْنِ شُعْبةَ قالَ: تَوضَّأ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَمَسَحَ على الخُفَّيْنِ والعِمامَةِ. رَواهُ الترْمِذيُّ وَصَحَّحَهُ)
(6)
. [صحيح]
أخرج حديث المغيرة [بن شعبة]
(7)
أيضًا مسلم في صحيحه
(8)
بلفظ: "فمسَحَ بناصِيتهِ وعلى العِمامَةِ وعلى الخفَّين" ولم يخرجه البخاري. قال الحافظ
(9)
: "وقد وهم المنذري فعزاه إلى المتفق عليه، وتبع في ذلك ابن الجوزي فوهم، وقد تعقبه ابن عبد الهادي، وصرح عبد الحق في الجمع بين الصحيحين أنه من أفراد مسلم"
(10)
.
(1)
في المسند (4/ 139) و (5/ 287).
(2)
في صحيحه (1/ 308 رقم 204 و 205).
(3)
في سننه (1/ 186 رقم 562). وهو حديث صحيح.
(4)
مسلم (1/ 231 رقم 84/ 275). والترمذي (1/ 172) رقم (101).
والنسائي (1/ 75 - 76 رقم 104، 105، 106). وابن ماجه (1/ 186 رقم 561).
وأحمد (6/ 12).
(5)
في المسند (6/ 14). وهو حديث صحيح.
(6)
في سننه (1/ 170 - 171 رقم 100) وقال: حديث حسن صحيح.
(7)
زيادة من (أ) و (ب).
(8)
(1/ 230 رقم 81/ 274) و (1/ 231 رقم 83/ 274).
قلت: وأخرجه أبو داود (1/ 104 رقم 150) والنسائي (1/ 76 - 77 رقم 107، 108، 109) وأبو عوانة (1/ 259 - 260) وابن الجارود في المنتقى رقم (83) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 30) والدارقطني (1/ 192) والبيهقي (1/ 58) وأحمد (4/ 255) والطيالسي (ص 95 رقم 699).
(9)
في "تلخيص الحبير"(1/ 58).
(10)
قلت: أصل الحديث عند البخاري (1/ 306 رقم 203) لكن في ذكر المسح على الخفين فقط، ليس فيه المسح على الناصية والعِمامة.
انظر: "تلخيص الحبير"(1/ 58)"ونصب الراية"(1/ 1). =
وقد أعل حديث عمرو بن أمية المذكور في الباب بتفرد الأوزاعي بذكر العِمامة حتى قال ابن بطال
(1)
: "إنه قال الأصيلي: ذكر العمامة في هذا الباب من خطأ الأوزاعي، لأن شيبان وغيره رووه عن يحيى بدونها فوجب تغليب رواية الجماعة على الواحد، قال وأما متابعة معمر فليس فيها ذكر العمامة، وهي أيضًا مرسلة لأن أبا سلمة لم يسمع من عمرو. قال الحافظ
(2)
: سماعه منه ممكن فإنه مات بالمدينة سنة ستين، وأبو سلمة مدني ولم يوصف بتدليس، وقد سمع من خلق ماتوا قبل عمرو".
وقد أَخرجه ابن منده
(3)
من طريق معمر بإثبات ذكر العمامة فيه، وعلى تقدير تفرد الأوزاعي بذكرها لا يستلزم ذلك تخطئته لأنها تكون من ثقة حافظ غير منافية لرواية رفقته فتقبل، ولا تكون شاذة ولا معنى لرد الروايات الصحيحة بهذه التعليلات الواهية"
(4)
، وقد أطال الكلام على ذلك ابن سيد الناس في شرح الترمذي فليرجع إليه.
وفي الباب عن أبي أمامة عند الطبراني
(5)
بلفظ: "مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخُفَّيْنِ والعِمامة في غزوة تبوك".
وعن أبي موسى الأشعري عند الطبراني
(6)
أيضًا بلفظ: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فمسح على الجوربين والنعلين والعمامة" قال الطبراني
(7)
: تفرد به عيسى بن سنان.
= قلت أيضًا: وقع للإمام مسلم في "صحيحه"(1/ 230 رقم 81/ 274) في سنده وهم، حيث جعله من رواية عروة بن المغيرة بن شعبة عن أبيه، وإنما هو من رواية أخيه حمزة بن المغيرة.
انظر: "صحيح مسلم" بشرح النووي (3/ 171) وانظر: "التتبع" للدارقطني (ص 311 - 312 رقم 82).
(1)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 308).
(2)
في "فتح الباري"(1/ 308).
(3)
في كتاب الطهارة من طريق معمر بإثباتها. كما في "الفتح"(1/ 308).
(4)
قاله الحافظ في "الفتح"(1/ 309).
(5)
في "المعجم الكبير" رقم (7710) وفي "الأوسط" رقم (459) وقال الهيثمي في "المجمع"(1/ 257): وفيه عُفَيْر بن مَعْدان وهو ضعيف. وضعفه أيضًا الحافظ في "التقريب" رقم (4626).
(6)
و
(7)
في "الأوسط" رقم (1108) وقال: لا يُروى هذا الحديث عن أبي موسى إلَّا بهذا الإسناد، تفرَّدَ به: عيسى بن سنان.
قلت: عيسى بن سنان. لين الحديث قاله الحافظ في "التقريب"(5295).
وعن خزيمة بن ثابت عند الطبراني
(1)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين والخمار".
وعن أبي طلحة في [كتاب]
(2)
مكارم الأخلاق للخرائطي بلفظ: "مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخمار والخفين" وقد روي عن جماعة من الصحابة.
وفي الباب عن سلمان
(3)
وثوبان
(4)
، وسيأتي ذلك.
[مذاهب الناس في المسح على العمامة]:
[وقد]
(5)
اختلف الناس في المسح على العمامة، فذهب إلى جوازه الأوزاعي
(6)
وأحمد بن حنبل
(7)
وإسحاق
(8)
وأبو ثور
(9)
وداود بن علي
(10)
، وقال الشافعي
(11)
: إن صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه [أقول]
(12)
. قال الترمذي
(13)
: "وهو قولُ غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم: أبو بكر، وعمرُ، وأنسٌ".
ورواه ابن رسلان عن أبي أمامة، وسعد بن مَالِك، وأبي الدَّرْدَاء، وعمرُ بن
(1)
في "الأوسط" رقم (1432) وقال: لم يروِ هذا الحديث عن سعيد بن مسروق - بهذا اللفظ - إلَّا عمَّار.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 256) وقال: "إسناده حسن".
(2)
زيادة من (أ).
وأخرجه الطبراني في "الصغير"(2/ 95)، وأورده الهيثمي في "المجمع" (1/ 255 - 256) وقال: ورجاله موثقون.
(3)
سيأتي برقم (40/ 202) من كتابنا هذا.
(4)
سيأتي برقم (41/ 203) من كتابنا هذا.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
حكاه عنه الترمذي في سننه (1/ 171).
(7)
انظر: "مسائل أحمد لأبي داود ص 8، ومسائل أحمد لعبد الله ص 35.
ومسائل أحمد لأبي هاني (1/ 18) ومسائل أحمد وإسحاق (1/ 5).
(8)
حكاه عنه الترمذي في سننه (1/ 171). وابن منصور في مسائل أحمد وإسحاق (1/ 5).
(9)
حكاه عنه ابن قدامة في "المغني"(1/ 379).
(10)
حكاه عنه ابن حزم في "المحلى"(1/ 61).
(11)
ذكره ابن حزم في "المحلى"(1/ 61) عنه. ثم قال: "قال علي: والخبر - ولله الحمد - قد صح فهو قوله" اهـ.
(12)
في (جـ): (أقوال).
(13)
في سننه (1/ 171).
عبد العزيز، والحسن، وقتادة، ومكحول
(1)
.
وروى الخَلَّالُ بإسناده عن عمر أنه قال: من لم يطهره المسح على العمامة فلا طهره الله
(2)
.
ورواه في الفتح
(3)
عن الطبري وابن خزيمة وابن المنذر.
واختلفوا هل يحتاج الماسح على العمامة إلى لبسها على طهارة أو لا يحتاج؟ فقال أبو ثور
(4)
: لا يمسح على العمامة والخمار إلا من لبسهما على طهارة قياسًا على الخفين، ولم يشترط ذلك الباقون، وكذلك اختلفوا في التوقيت، فقال: أبو ثور
(5)
أيضًا إن وقته كوقت المسح على الخفين، وروي مثل ذلك عن عمر
(6)
، والباقون لم يوقتوا.
قال ابن حزم
(7)
: "إن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على العمامة والخمار ولم يوقت ذلك بوقت". وفيه أَن الطبراني
(8)
قد روى من حديث أبي أمامة "أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان
(1)
وقال ابن قدامة في المغني (1/ 379): "ورُوِيَ عن سعيد بن مالك، وأبي الدرداء رضي الله عنهم. وبه قال عمرُ بن عبد العزيز، والحسنُ، وقتادة، ومكحول، والأوزاعي وأبو ثور وابن المنذر" اهـ.
(2)
وأخرجه ابن حزم في "المحلى"(1/ 60). وقال: سنده في غاية الصحة.
(3)
في "فتح الباري"(1/ 309) وعبارته كالتالي: "وإلى هذا ذهب الأوزاعي والثوري في رواية عند أحمد وإسحاق وأبو ثور والطبري وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهم، اهـ.
(4)
و
(5)
انظر: "فقه الإمام أبي ثور" لسعدي حسين علي جبر. ص 126 - 127. والمحلى لابن حزم (2/ 65).
(6)
ذكره ابن حزم في "المحلى"(2/ 65). وعقب بقوله: "ولا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقياس باطل، وقول القائل: لما كان المسح على الخفين موقتًا بوقت محدود في السفر، ووقت في الحضر وجب أن يكون المسح على العمامة كذلك -: دعوى بلا برهان على صحتها وقول لا دليل على وجوبه، ويقال له ما دليلك على صحة ما تذكر أن يحكم للمسح على العمامة بمثل الوقتين المنصوصين في المسح على الخفين؟ وهذا لا سبيل إلى وجوده بأكثر من الدعوى، وقد مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على العمامة والخمار، ولم يوقت في ذلك وقتًا، ووقت في المسح على الخفين فيلزمنا أن نقول ما قاله صلى الله عليه وسلم، وأن لا نقول في الدين ما لم يقله صلى الله عليه وسلم
…
" اهـ.
(7)
في "المحلى"(2/ 65).
(8)
في "المعجم الكبير" كما في "مجمع الزوائد"(1/ 260) وقال الهيثمي: وفيه مروان أبو سلمة قال الذهبي: مجهول.
يمسح على الخفين والعمامة ثلاثًا في السفر، ويوم وليلة في الحضر" لكن في إسناده مروان أبو سلمة. قال ابن أبي حاتم
(1)
: ليس بالقوي. وقال البخاري
(2)
: منكر الحديث. وقال الأزدي: ليس بشيء. وسئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: ليس بصحيح
(3)
.
استدل القائلون بجواز المسح على العمامة بما ذكره المصنف، وذكرناه في هذا الباب من الأحاديث.
وذهب الجمهور كما قاله الحافظ في الفتح
(4)
إلى عدم جواز الاقتصار على مسح العمامة، ونسبه المهدي في البحر
(5)
إلى الكثير من العلماء. قال الترمذي
(6)
: "وقال غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: لا يمسحُ على العمامة إلَّا أن يمسح برأسه مع العمامة وهو قولُ سفيانَ الثوريِّ، ومالك بن أنس
(7)
، وابن المبارك، والشافعي"
(8)
، وإليه ذهب أيضًا أبو حنيفة
(9)
، واحتجوا بأن الله فرض المسح على الرأس. والحديث في العمامة يحتمل التأويل فلا يترك المتيقن للمحتمل، والمسح على العمامة ليس بمسح على الرأس، ورد بأنه أجزأ المسح على الشعر ولا يسمى رأسًا. فإن قيل: يسمى رأسًا مجازًا بعلاقة المجاورة قيل: والعمامة كذلك بتلك العلاقة، فإنه يقال: قبلت رأسه، والتقبيل على العمامة.
والحاصل: أنه قد ثبت المسح على الرأس فقط وعلى العمامة فقط، وعلى
(1)
في "الجرح والتعديل"(8/ 274) وقد قال: "هو مجهول منكر الحديث".
(2)
في "التاريخ الكبير"(7/ 373).
(3)
وهو كما قال رحمه الله.
(4)
في "فتح الباري"(1/ 309).
(5)
في "البحر الزخار"(1/ 66).
(6)
في السنن (1/ 171).
(7)
في الموطأ (1/ 35): "وسُئل مالكٌ عن المسح على العِمامة والخمارِ، فقال: لا ينبغي أن يمسح الرجلُ ولا المرأةُ على عِمامةٍ ولا خمارٍ، وليمسحَا على رؤوسِهما".
(8)
قال الشافعي في "الأم"(1/ 113) "
…
وإن مسحَ على العمامةِ دونَ الرأس، لم يُجزئهُ ذلك، وكذلك لو مسحَ على برقعٍ أو قفازينِ دون الوجه والزراعين، لم يجزئه ذلك .. ".
(9)
انظر: "شرح فتح القدير"(1/ 159).
الرأس والعمامة، والكل صحيح ثابت فقصر الإجزاء على بعض ما ورد لغير موجب ليس من دأب المنصفين.
قوله: (والخِمار) هو بكسر الخاء المعجمة النَّصِيفُ، وكلُّ ما سترَ شيئًا فهو خِمارُهُ، كذا في القاموس
(1)
، والمراد به هنا العِمامة كما صرح بذلك النووي في شرح مسلم
(2)
قال: لأنها تخمر الرأس أي تغطيه. ويؤيده الحديث الذي بعد هذا.
40/ 202 - (وعَنْ سلمْانَ [رضي الله عنه]
(3)
أنه رَأى رَجُلًا قدْ أَحدثَ وَهُوَ يُرِيدُ أن يخْلَعَ خُفَّيْهِ فأمَرَه سَلْمانُ أنْ يَمْسَحَ على حُفيْهِ وعلى عِمامَتِهِ وقالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ على خُفَّيْه وعلى خِمارِهِ)
(4)
. [ضعيف]
41/ 203 - (وعَنْ ثَوْبَانَ [رضي الله عنه] (3) قالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم تَوضَّأ وَمَسَحَ على الخُفَّيْنِ والخِمَارِ. رَوَاهُما أحْمَدُ)
(5)
. [حسن لغيره]
42/ 204 - (وَعَنْ ثَوْبَانَ [رضي الله عنه] (3) قال: بَعَث رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم سَرِيةَ فأصَابَهُمُ البَرْدُ فَلَما قدِمُوا على النبي صلى الله عليه وسلم شكَوْا إليهِ ما أَصَابَهُمْ مِنَ البَرْدِ فأمَرَهمْ أنْ يَمْسحُوا على العَصَائِبِ والتَسَاخِينِ. رواهُ أحْمَدُ
(6)
وَأَبُو دَاوُدَ
(7)
. [صحيح]
(1)
القاموس المحيط (ص 495).
(2)
(3/ 174).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
أخرجه أحمد في المسند (5/ 440). قلت: وأخرجه الترمذي في، العلل الكبير رقم (71). وابن ماجه (1/ 186 رقم 563).
وقال أبو زُرعة: هذا حديث وهم فيه عبد السلام بن حرب "علل الحديث"(1/ 60 رقم 157). قلت: وهو حديث ضعيف.
(5)
في المسند (5/ 281).
قلت: وأخرجه البزار (1/ 154 رقم 822 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 255) وقال: "وفيه عتبة بن أبي أمية ذكره ابن حبان في الثقات. وقال: يروي المقاطيع.
قلت: ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 507) وليس عنده يروي المقاطيع.
وخلاصة القول أن الحديث حسن لغيره.
(6)
في المسند (5/ 277).
(7)
في سننه (1/ 101 رقم 146). قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 169) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم
…
وفي سنده راشد بن سعد؛ ثقة. إلّا أنه لم يسمع من =
والعَصَائِبُ: العَمَائمُ، والتَّسَاخِينُ: الخِفافُ).
حديث سلمان أخرجه أيضًا الترمذي في العلل
(1)
، ولكنه قال: مكان، وعلى خماره "وعلى ناصيته" وفي إسناده أبو شريح، قال الترمذي
(2)
: "سألت محمد بن إسماعيل عنه ما اسمه؟ فقال: لا أدري، لا أَعرف اسمه. وفي إسناده أيضًا أَبو مسلم مولى زيد بن صوحان، وهو مجهول. قال الترمذي: لا أعرف اسمه، ولا أعرف له غير هذا الحديث".
وأما حديث ثوبان الأول فأخرجه أيضًا الحاكم
(3)
والطبراني
(4)
.
وحديثه الثاني في إسناده راشد بن سعد عن ثوبان
(5)
. قال الخلال في علله
(6)
: إن أحمد قال: لا ينبغي أَن يكون راشد بن سعد سمع من ثوبان لأنه مات قديمًا.
والأحاديث تدل على أنه يجزيء المسح على العمامة، وقد تقدم الكلام عليه. وتدل على جواز المسح على الخف وسيأتي
(7)
.
قوله: (العصائب) هي العمائم كما قال المصنف، وبذلك فسرها أبو عبيد
(8)
، سميت بذلك لأن الرأس يعصب بها، فكل ما عصبت به رأسك من عمامة أو منديل أو عصابة فهو عصابة.
قوله: (والتَّسَاخِينُ) بفتح التاء الفوقية والسين المهملة المخففة
= ثوبان، كما قال الإمام أحمد فيما نقله عنه العلائي. (جامع التحصيل 174).
وقال البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 1/ 292) عكس قول الإمام أحمد: سمع ثوبان ويعلى بن مُرّة. وقد صحح الألباني الحديث في صحيح أبي داود.
وخلاصة القول أن الحديث صحيح والله أعلم.
(1)
و
(2)
في "العلل الكبير" رقم (71).
(3)
لم أعثر عليه في المستدرك.
(4)
في "المعجم الكبير"(2/ 91 رقم 1409). وفي مسند الشاميين (3/ 192 رقم 2060).
قلت: ولم ينسبه الهيثمي في "المجمع"(1/ 255) إلى الطبراني بل نسبه لأحمد والبزار فقط ..
(5)
هنا في المخطوط (جـ) زيادة: "فرواه أبو داود بلفظ: "العصايب والتساخين" وفي إسناده راشد بن أسعد عن ثوبان". اهـ.
(6)
ذكره الحافظ في "تهذيب التهذيب"(1/ 583).
وقد علمت أن البخاري قال عكس قول الإمام أحمد آنفًا.
(7)
في "أبواب المسح على الخفين" عند الأحاديث (1/ 223 - 15/ 237) من كتابنا هذا.
(8)
في "غريب الحديث"(1/ 188).
وبالخاء المعجمة هي: الخِفَافُ كما قال المصنف رحمه الله.
قال ابن رسلان: ويقال: أَصل ذلك كل ما يسخن به القدم من خف وجورب ونحوهما ولا واحد لها من لفظها، وقيل: واحدها تَسْخَانٌ وتَسْخَينٌ، هكذا في كتب اللغة
(1)
والغريب
(2)
.
[الباب العشرون] باب مسح ما يظهر من الرأس غالبًا مع العمامة
43/ 205 - (عَنِ المُغيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أن النبي صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ فمسَحَ بِناصِيِتَهِ وعلى العِمَامَةِ والخفَّيْنِ. مُتفَقٌ عَلَيْهِ)
(3)
. [صحيح]
قد قدمنا أن البخاري لم يخرِّجه، وأن المنذري وابن الجوزي وهما في ذلك كما قاله الحافظ
(4)
. والمصنف قد تبعهما في ذلك فتنبه.
وهو يدل على ما ذهب إليه الشافعي ومن معه من أنه لا يجوز الاقتصار على العمامة بل لا بد مع ذلك من المسح على الناصية وقد تقدم في الباب الأول
(5)
ذكر الخلاف والأدلة وما هو الحق.
[الباب الحادي والعشرون] باب غسل الرجلين وبيان أنه فرض
44/ 206 - (عَنْ عَبْدِ الله بن عمرو [رضي الله عنه]
(6)
قالَ: تخَلَّفَ عَنا
(1)
في "تهذيب اللغة" للأزهري (7/ 178).
(2)
في "غريب الحديث" لأبي عبيد (1/ 187).
(3)
أخرجه أحمد (4/ 255) ومسلم (1/ 230 رقم 81/ 274) و (1/ 231 رقم 83/ 274).
قلت: وأصل الحديث عند البخاري (1/ 306 رقم 203) وفيه ذكر المسح على الخفين فقط، وليس فيه المسح على الناصية والعمامة.
وقد تقدم تخريجه والكلام عليه عند الحديث رقم (39/ 201) من كتابنا هذا.
(4)
في "تلخيص الحبير"(1/ 58).
(5)
في الباب التاسع عشر عند الأحاديث رقم (37/ 199 - 42/ 204) من كتابنا هذا.
(6)
زيادة من (جـ).
رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في سَفْرَةٍ فأدْرَكنَا وَقَدْ أرْهقنا العَصْرُ فجَعَلنْا نَتَوَضَّأ وَنَمْسَحُ على أرْجُلِنا قالَ: فنادَى بأعْلَى صَوْتِهِ: "وَيْلٌ لِلأعْقَابِ مِنْ الضَّارِ" مَرَّتَينِ أوْ ثَلَاثًا. مُتَّفَقٌ عَليهِ
(1)
. [صحيح]
أَرْهَقَنا العَصْرُ: أخَّرْنَاهَا. ويُرْوَى أَرْهَقَتْنَا العَصْرُ بِمَعْنَى دَنَا وَقْتُها).
في الباب أحاديث غير ما ذكره المصنف في هذا الكتاب.
[ذكر بعض الأحاديث الدالة على وجوب غسل الرجلين]:
منها: عن عائشة عند مسلم
(2)
.
وعن معيقيب عند أحمد
(3)
وقد علل. وقيل: ليس بشيء.
وعن خالدِ بن الوليد، ويزيدَ بن أبي سفيانَ، وشُرحبيلَ بن حَسَنَةَ، وعمرو بن العاصِ عند ابن ماجه
(4)
بلفظ: "أَتِمُّوا الوُضوءَ ويلٌ للأعقابِ من النَّارِ".
وعن عبد الله بن عمر عند ابن أبي شيبة
(5)
.
(1)
أخرجه البخاري رقم (60) و (96) و (163) ومسلم رقم (27/ 241) وأحمد (2/ 211، 226).
قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 68) والبغوي في "شرح السنة" رقم (220) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 39).
(2)
في صحيحه (رقم 240).
قلت: وأخرجه أحمد (6/ 81، 84) والطيالسي رقم (1552) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 38) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 69). والطبري في "تفسيره" رقم (11505) و (11506) و (11507) من طرق. وهو حديث صحيح.
(3)
في المسند (3/ 426) و (5/ 425).
قلت: وأخرجه الطبري في "تفسيره" رقم (11519).
(4)
في سننه (1/ 155 رقم 455).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 182 رقم 186): "هذا إسناد حسن، ما علمت في رجاله ضعفًا، وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وفي صحيح مسلم من حديث عائشة. بلفظ: اسبغوا الوضوء" اهـ.
وقال الألباني في "الصحيحة"(2/ 529) عقب كلام البوصيري: "وهو كما قال، لولا أن الوليد بن مسلم كان يدلس تدليس التسوية! ولم يصرح بتحديث شيخه ومن فوقه. نعم الحديث صحيح لغيره .. " اهـ.
(5)
لم أعثر عليه.
وعن أبي أمامة عند ابن أبي شيبة
(1)
أيضًا. وقد روي من حديث أبي أمامة ومن حديث أخيه. ومن حديثهما معًا، ومن حديث أحدهما على الشك قاله ابن سيد الناس
(2)
.
وعن عمر بن الخطاب عند مسلم
(3)
. وعن أبي ذر الغفاري
(4)
وفيه أبو أمية وهو ضعيف. وعن خالد بن معدان
(5)
عند أحمد.
قوله: (في سفرة) وقع في صحيح مسلم
(6)
أنها كانت من مكة إلى المدينة.
قوله: (أرهقنا) قال الحافظ
(7)
: "بفتح الهاء والقاف، (والعصر) مرفوع بالفاعلية كذا لأبي ذر. وفي رواية كريمة بإسكان القاف (والعصر) منصوب بالمفعولية. ويقوي الأول رواية الأصيلي "أرهقَتنا" بفتح القاف بعدها مثناة ساكنة ومعنى الإِرهاق الإِدراك والغشيان. قال ابن بطال: كأن الصحابة أخروا الصلاة في أول الوقت طمعًا أن يلحقهم النبي صلى الله عليه وسلم فيصلوا معه فلما ضاق الوقت بادروا إلى الوضوء ولعجلتهم لم يسبغوه فأدركهم على ذلك فأنكر عليهم.
قوله: (ونمسح على أرجلنا) انتزع منه البخاري أن الإِنكار عليهم كان بسبب المسح لا بسبب الاقتصار على غسل بعض الرجل. قال الحافظ
(8)
: "وهذا ظاهر الرواية المتفق عليها، وفي أفراد مسلم: "فانتهينا إليهم وأعقابهم بيض تلوح لم يمسها الماء" فتمسك بهذا من يقول بإجزاء المسح، ويحمل الإِنكار على ترك
(1)
في مصنفه (1/ 26).
(2)
ورواه الطبراني في الكبير من طرق ففي بعضها عن أبي أمامة وأخيه، وفي بعضها عن أبي أمامة فقط. وفي بعضها عن أخيه فقط. وفي بعضها قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومًا يتوضؤن فبقي على أقدامهم قدر الدرهم فقال:"ويل للأعقاب من النار" ومدار طرقه كلها على ليث بن أبي سليم وقد اختلط. كما في "مجمع الزوائد"(1/ 240).
(3)
في صحيحه (1/ 215 رقم 31/ 243).
(4)
فلينظر من أخرجه.
(5)
في المسند (3/ 424) قلت: وأخرجه أبو داود رقم (175) وهو حديث حسن.
(6)
(1/ 214 رقم 26/ 241) من حديث عبد الله بن عمرو.
(7)
في "فتح الباري"(1/ 265).
(8)
في "الفتح"(1/ 265 - 266).
التعميم لكن الرواية المتفق عليها أرجح فتحمل هذه الرواية عليها بالتأويل وهو أن معنى قوله "لم يمسها الماء" أي ماء الغسل جمعًا بين الروايتين. وأصرح من ذلك رواية مسلم
(1)
عن أبي هريرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا لم يغسل عقبه فقال ذلك".
قوله: (ويل) جاز الابتداء بالنكرة لأنها دعاء والويل: واد في جهنم رواه ابن [حبان في صحيحه]
(2)
(3)
من حديث أبي سعيد مرفوعًا، والعقب: مؤخر القدم وهي مؤنثة [ويكسر القاف ويسكن]
(4)
وخص العقب بالعذاب لأنها التي لم تغسل أو أراد صاحب العقب فحذف المضاف.
والحديث يدل على وجوب غسل الرجلين وإلى ذلك ذهب الجمهور.
قال النووي
(5)
: "اختلف الناس على مذاهب فذهب جميع الفقهاء من أهل الفتوى في الأعصار والأمصار إلى أن الواجب غسل القدمين مع الكعبين ولا يجزيء مسحهما ولا يجب المسح مع الغسل، ولم يثبت خلاف هذا عن أحد يعتد به في الإِجماع".
(1)
في صحيحه (1/ 214 رقم 28/ 242) من حديث أبي هريرة.
(2)
في صحيحه (16/ 508 رقم 7467) بسند ضعيف لضعف رواية دراج عن أبي الهيثم.
قلت: وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" رقم (924) والترمذي رقم (2579) و (3164) و (3323) مفرقًا في المواضع الثلاث. وأبو يعلى رقم (409/ 1383) وأسد بن موسى في "الزهد" رقم (15) والبيهقي في "البعث" رقم (465) و (487) والطبري في تفسيره (1/ 378) والحاكم (4/ 596) وصححه ووافقه الذهبي. ونعيم بن حماد في "زوائد الزهد" لابن المبارك رقم (334) والبغوي في شرح السنة رقم (4409) من طرق. قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه مرفوعًا (إلَّا من حديث ابن لهيعة. قلت: لم ينفرد برفعه ابن لهيعة كما قال الترمذي بل تابعه عمرو بن الحارث. كما عند نعيم بن حماد والبغوي.
وقد قال ابن كثير في تفسيره (1/ 312): "لم ينفرد به ابن لهيعة كما ترى، ولكن الآفة ممن بعده. وهذا الحديث بهذا الإسناد مرفوعًا منكر. والله أعلم" اهـ.
• وقد جاء موقوفًا أخرجه الحاكم (2/ 534) والبيهقي في "البعث" رقم (464) وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي، وليس كما قالا للعلة السابقة.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف والله أعلم.
(3)
في (جـ): (ماجه في سننه) وهو خطأ.
(4)
في (جـ): (وتكسر القاف وتسكن).
(5)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 129).
قال الحافظ في الفتح
(1)
: "ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا عن علي وابن عباس وأنس، وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك. قال عبد الرحمن بن أبي ليلى:[أجمع]
(2)
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل القدمين. رواه سعيد بن منصور، وادعى الطحاوي
(3)
وابن حزم
(4)
أن المسح منسوخ".
وقالت الإِمامية
(5)
: الواجب مسحهما. وقال محمد بن جرير الطبري والجبائي والحسن البصري: إنه مخير بين الغسل والمسح. وقال بعض أهل الظاهر: يجب الجمع بين الغسل والمسح، واحتج من لم يوجب غسل الرجلين بقراءة الجر في قوله:{وَأَرْجُلَكُمْ}
(6)
وهو عطف على قوله: {بِرُءُوسِكُمْ} (5) قالوا: وهي قراءة صحيحة سبعية مستفيضة، والقول بالعطف على غسل الوجوه، وإنما قريء بالجر للجوار، وقد حكم بجوازه جماعة من أئمة الإِعراب كسيبويه والأخفش
(7)
، لا شك أنه قليل نادر مخالف للظاهر لا يجوز حمل المتنازع فيه عليه. قلنا: أوجب الحمل عليه مداومته صلى الله عليه وسلم على غسل الرجلين وعدم ثبوت المسح عنه من وجه صحيح وتوعده على المسح بقوله: "ويل للأعقاب من
(1)
في "فتح الباري"(1/ 266).
(2)
في (جـ): (اجتمع).
(3)
في "شرح معاني الآثار"(1/ 39).
(4)
في "المحلى"(2/ 57).
(5)
في "اللمعة الدمشقية"(1/ 76). وفي شرح صحيح مسلم (3/ 129).
(6)
سورة المائدة: الآية 6.
(7)
انظر: "معاني القرآن" للأخفش (2/ 466).
وانظر: "الدُّر المصون في علوم الكتاب المكنون" تأليف: أحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي. تحقيق: الدكتور أحمد محمد الخرَّاط (4/ 210 - 216) فقد أجاد وأفاد قلت: في قوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ} ثلاث قراءات: واحدة شاذة، واثنتان متواترتان.
• أما الشاذة: فقراءة الرفع، وهي قراءة الحسن.
• وأما المتواترتان: فقراءة النصب، وقراءة الخفض.
أ - أما النصب: فقراءة نافع، وابن عامر، والكسائي، وعاصم في رواية حفص من السبعة، ويعقوب من الثلاثة.
ب - وأما الجر: فهو قراءة ابن كثير، وحمزة، وأبي عمرو، وعاصم في رواية أبي بكر.
[أضواء البيان (2/ 8) وزاد المسير (2/ 301) وفتح القدير (2/ 18) وأحكام القرآن لابن العربي (2/ 576 - 579) وتفسير القرطبي (6/ 91 - 96) وتفسير الطبري (10/ 52 - 80 - شاكر)].
النار"
(1)
ولأمره بالغسل كما ثبت في حديث جابر عند الدارقطني
(2)
بلفظ: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأنا للصلاة أن نغسل أرجلنا" ولثبوت ذلك من قوله كما في حديث عمرو بن عبسة
(3)
وأبي هريرة
(4)
، وقد سلف ذكر طرف من ذلك في باب غسل المسترسل من اللحية. ولقوله صلى الله عليه وسلم بعد أن توضأ وضوءًا غسل فيه قدميه "فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم" أخرجه أبو داود
(5)
والنسائي
(6)
وابن ماجه
(7)
وابن خزيمة
(8)
من [طرق]
(9)
صحيحة، وصححه ابن خزيمة ولا شك أن المسح بالنسبة إلى الغسل نقص. وبقوله للأعرابي "توضأ كما أمرك الله"
(10)
ثم ذكر له صفة الوضوء وفيها غسل الرجلين. وبإجماع الصحابة على الغسل فكانت هذه الأمور موجبة لحمل تلك القراءة على ذلك الوجه النادر، قالوا: أخرج أبو داود
(11)
من حديث أوس بن أبي أوس الثقفي أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى كِظامَة
(12)
قوم "فتوضأ ومسح على نعليه وقدميه". قلنا: في رجال إسناده يَعْلى بن عطاء، عن أَبيه. وقد أعله ابن القطان بالجهالة في عطاء
(13)
،
(1)
وهو حديث صحيح تقدم تخريجه رقم (44/ 206) من كتابنا هذا.
(2)
في السنن (1/ 107 رقم 1).
(3)
وهو حديث صحيح تقدم تخريجه رقم (14/ 176) من كتابنا هذا.
(4)
وهو حديث صحيح تقدم تخريجه عند شرح الحديث (14/ 176) من كتابنا هذا.
(5)
في سننه رقم (135).
(6)
في سننه (1/ 88 رقم 140).
(7)
في سننه (1/ 146 رقم 422).
(8)
في صحيحه (1/ 89 رقم 174). كلهم من حديث عبد الله بن عمرو. بسند حسن.
(9)
في (ب): (طريق).
(10)
تقدم تخريجه.
(11)
في سننه (1/ 113 رقم 160) وفي سنده عطاء العامري الطائفي، لم يوثقه غير ابن حبان في "الثقات" (5/ 202) وقال أبو الحسن بن القطان: مجهول الحال، ما روى عنه غير ابنه يعلى. وتبعه الذهبي في "الميزان"(3/ 78 رقم 5662).
وانظر: "تهذيب الكمال"(2/ 939) والتاريخ الكبير (6/ 463) والجرح والتعديل (6/ 339) وصحح المحدث الألباني الحديث في صحيح أبي داود.
(12)
الكِظَامَة: بكسر الكاف، آبارٌ تُحفَر ويُباعَدُ بينها، ثم يُخرق ما بين كل بئرين بقَناةٍ تُؤِّي الماء من الأولى إلى التي تليها، حتى يجتمع الماءُ إلى آخرِهِنَّ، ويلقى في كل بئرٍ ما يحتاج إليه أهلُها.
هكذا شرحه الأزهري في "تهذيب اللغة"(10/ 161). وقد جاء في لفظ الحديث أنها الميضأة.
(13)
لم يوثقه غير ابن حبان (5/ 202) وقد تقدم الكلام عنه آنفًا.
وبأن في الرواة من يرويه عن أوس بن أَبي أَوسًا عن أبيه فزيادة "عن أبيه" توجب كون أوسًا من التابعين فيحتاج إلى النظر في حاله، وأَيضًا في رجال إسناده هُشيم عن يعلى قال أحمد
(1)
: لم يسمع هُشيم هذا من يعلى مع ما عرف من تدليس هُشيم، ويمكن الجواب على هذه الوجوه بأنه قد وثق عطاء هذا أبو حاتم
(2)
، وذكر أَوْس بن أبي أوس أبو عمر بن عبد البر في الصحابة
(3)
، وبأن هشيمًا قد صرح بالتحديث عن يعلى في رواية سعيد بن منصور فأزال إشكال عنعنة هُشيم ولكنه قال أبو عمر
(4)
في ترجمة أَوس بن أبي أَوس وله أحاديث: منها في المسح على القدمين وفي إسناده ضَعْف. فلا يكون الحديث مع هذا حجة لا سيما بعد تصريح أحمد بعدم سماع هُشيم من يعلى.
قالوا: أخرج الطبراني
(5)
عن عبادة بن تميم عن أبيه قال: "رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يتوضأ ويمسح على رجليه". قلنا: قال أبو عمر
(6)
: في صحبة تميم هذا نظر وضغف حديثه المذكور.
(1)
وقال في رواية مهنّا: سألت أبا عبد الله عن هُشيم، فقال: ثقة إذا لم يدلس، فقلت له أو التدليس عيب هو؟ قال: نعم" - كما في بحر الدم ص 441 وانظر "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 115) والتاريخ الكبير (4/ 2/ 242).
والميزان (4/ 306).
(2)
قلت: بل سكت عنه انظر الجرح والتعديل (6/ 339).
(3)
في "الاستيعاب"(1/ 209 رقم 113).
وكذلك ابن حجر في "الإصابة" رقم (327) وابن الأثير في "أسد الغاية" رقم (298).
(4)
في "الاستيعاب"(1/ 209).
(5)
• في "المعجم الكبير"(2/ 60 رقم 1285) بلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فبدأ فغسل وجهه وذراعيه، ثم تمضمض واستنشق، ثم مسح برأسه".
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 234) وقال: "وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف".
قلت: المقدام بن داود أولى أن يعل به الحديث من ابن لهيعة.
فقد قال النسائي في الكنى: ليس بثقة. وقال ابن يونس وغيره: تكلموا فيه.
وقال محمد بن يوسف الكندي: كان فقهيًا مُفتيًا، لم يكن بالمحمود في الرواية" اهـ.
الميزان (4/ 175 - 176).
• وأخرج الطبراني في المعجم الكبير" (2/ 60 رقم 1286) عن عباد بن تميم عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح بالماء على لحيته ورجليه".
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد" (1/ 234) وقال: "ورجاله موثقون".
(6)
في "الاستيعاب"(1/ 271 رقم 241).
قالوا: أخرج الدارقطني
(1)
عن رفاعة بن رافع مرفوعًا بلفظ: "لا تتم صلاة أحدكم" وفيه "ويمسح برأسه ورجليه". قلنا؛ إن صح فلا ينتهض لمعارضة ما أسلفنا فوجب تأويله لمثل ما ذكرنا في الآية.
قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: قال الحازمي
(2)
بعد ذكره حديث أوس بن أبي أوس المتقدم من طريق يحيى بن سعيد: "لا يُعرف هذا الحديث مجودًا متصلًا إلا من حديثِ يَعْلى، وفيه اختلاف، وعلى تقدير ثبوته ذهبَ بعضهم إلى نسخه" ثم أورده
(3)
من طريق هُشيم وفي آخره قال هُشيم: "كان هذا [في]
(4)
أَول الإِسلام". وأما الموجبون للمسح وهم الإِمامية فلم يأتوا مع مخالفتهم للكتاب والسنة المتواترة قولًا وفعلًا بحجة نيرة وجعلوا قراءة النصب عطفًا على محل قوله: برؤوسكم. ومنهم من يجعل الباء الداخلة على الرؤوس زائدة والأصل امسحوا رؤوسكم وأرجلكم وما أدري بماذا يجيبون عن الأحاديث المتواترة
(5)
.
(فائدة) قد صرح العلامة الزمخشري في كشافه
(6)
بالنكتة المقتضية لذكر
(1)
في سننه (1/ 95 - 96 رقم 4) بسند رواته ثقات.
(2)
في كتابِ "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار"(ص 185).
(3)
الحازمي في "المرجع السابق" ص 185.
(4)
زيادة من (أ) و (ب).
(5)
وقال الإمام الشوكاني في "وبل الغمام على شفاء الأوام"(1/ 119) بتحقيقنا بعدما أورد الأحاديث المتواترة: "وبهذا يتقرر أن الحق ما ذهب إليه الجمهور، من وجوب الغسل وعدم إجزاء المسح".
• وقال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن"(6/ 91): "
…
وهذا مذهب الجمهور والكافة من العلماء، وهو الثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، واللازم من قوله في غير ما حديث
…
" اهـ.
• وقال ابن عطية في "المحرر الوجيز"(5/ 48): "وذهب قوم ممن يقرأ بالكسر إلى أن المسح في الرجلين الغسل" اهـ.
• وقال القرطبي (6/ 92): مؤيدًا لكلام ابن عطية: "وهو الصحيح؛ فإن لفظ المسح مشترك يطلق بمعنى المسح، ونطلق بمعنى الغسل" اهـ.
• وقال ابن العربي: "اتفقت العلماء على وجوب غسلهما، وما علمت من رَدَّ ذلك سوى الطبري من فقهاء المسلمين، والرافضة من غيرهم، وتعلق الطبري بقراءة الخفض" كما في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (6/ 91).
(6)
(1/ 326).
الغسل والمسح في الأرجل فقال: هي توقي الإِسراف لأن الأرجل مظنة لذلك، وذكر غيره غيرها فليطلب ذلك في مظانه.
45/ 207 - (وعَنْ أبي هُرَيْرةَ [رضي الله عنه]
(1)
أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَهُ، فَقالَ:"ويْلٌ لِلأعْقابِ مِنَ النَّارِ". رَواهُ مُسْلِمٌ)
(2)
. [صحيح]
46/ 208 - (وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله [رضي الله عنه] (1) قالَ رأَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَوُمًا تَوَضؤا وَلَمْ يَمَسَّ أَعْقابَهُمُ المَاءُ، فَقالَ:"وَيْل لِلأعقابِ مِنَ النارِ". رَوَاهُ أَحْمَد)
(3)
. [صحيح]
47/ 209 - (وَعَنَ عَبْدِ الله بْنِ الحَارِثِ [رضي الله عنه] (1) قالَ: سَمِعْت رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "وَيْل لِلأعْقابِ، وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ". رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
والدارقطني)
(5)
[صحيح]
48/ 210 - (وَعَنْ جَرِيِر بْنِ حازِمٍ [رضي الله عنه] (1) عَنْ قَتادَةَ عَنْ أنسِ بْنِ مالِكٍ [رضي الله عنه](1)، أن رَجُلًا جاءَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ تَوضَّأَ، وَتَرَكَ على ظَهْرِ قَدَمِهِ مِثلَ مَوْضِعِ الطفْرِ، فقالَ له رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ارْجِعْ فأحْسَنْ وَضُوءَكَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ
(6)
وَأَبُو دَاوُدَ
(7)
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في صحيحه (1/ 214 - 215 رقم 28 و 29 و 30/ 242).
قلت: وأخرجه البخاري (1/ 267 رقم 165) وأحمد (2/ 228 و 284 و 389 و 406 و 482) والترمذي (1/ 58 رقم 41) والنسائي (1/ 77 رقم 110) وابن ماجه (1/ 154 رقم 453) والدارمي (1/ 179).
(3)
في المسند (3/ 369) ورجاله ثقات وأبو إسحاق صرح بالتحديث. وهو من رواية شعبة عنه. قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (454). وهو حديث صحيح.
(4)
في المسند (4/ 191) وفي إسناده ابن لهيعة وقد توبع من عبد الله بن وهب عند أحمد (4/ 190).
(5)
في سننه (1/ 95 رقم 1).
قلت: وأخرجه البيهقي (1/ 70) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 38) والحاكم (1/ 162).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 240) وقال: "ورجال أحمد والطبراني ثقات".
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح. ولم يخرجا ذكر بطون الأقدام".
وقال الذهبي في "المهذب في اختصار السنن الكبير"(1/ 88 رقم 272): "قلت: صحيح رواه أحمد في مسنده".
(6)
في المسند (3/ 146).
(7)
في سننه (1/ 120 رقم 173).
وَالدَّارَقُطْنِي
(1)
: وقالَ: تَفَرَّدَ بِهِ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ وَهُوَ ثِقَة). [صحيح]
حديث أبي هريرة هو في الصحيحين
(2)
من حديث محمد بن زياد. ورواه البخاري
(3)
عن آدم ومسلم
(4)
عن قتيبة وابن أبي شيبة. وأَخرجاه
(5)
أَيضًا من حديث ابن سيرين عنه، ورواه ابن ماجه
(6)
وغيره.
وحديث جابر رواه ابن ماجه
(7)
أيضًا بإسناد رجاله ثقات.
وحديث عبد الله بن الحارث رواه من ذكره المصنف ولم يتكلم عليه أحد بشيء في إسناده، وقد قال في مجمع الزوائد
(8)
: إن رجاله ثقات.
وحديث أنس رواه ابن ماجه
(9)
أيضًا وابن خزيمة
(10)
إلا أنه قال الحافظ
(11)
: إن أبا داود
(12)
رواه من طريق خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه،
(1)
في سننه (1/ 108 رقم 5) وقال الدارقطني: تفرد به جرير بن حازم عن قتادة وهو ثقة.
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (665) وأبو يعلى (5/ 322 رقم 2944) وابن خزيمة (1/ 84 - 85 رقم 164) والبيهقي (1/ 83).
وهو حديث صحيح.
(2)
البخاري رقم (165) ومسلم رقم (28/ 242).
(3)
لم أعثر عليه؟!
(4)
مسلم رقم (29/ 242).
(5)
أخرجه البخاري معلقًا (1/ 267 رقم الباب 29) قال الحافظ في الفتح: "وصله المصنف في "التاريخ" عن موسى بن إسماعيل عن مهدي بن ميمون عن ابن سيرين".
وصحح الحافظ الأثر في "تغليق التعليق"(2/ 105 - 106) ولم أجده في مسلم.
(6)
في سننه رقم (429) عن أبي رافع مرفوعًا بإسناد ضعيف. وضعفه ابن حجر في "تغليق التعليق"(2/ 106).
(7)
في سننه رقم (454) وقد تقدم.
(8)
(1/ 240) وقد تقدم.
(9)
في سننه رقم (665) وقد تقدم.
(10)
في صحيحه رقم (164) وقد تقدم.
(11)
في "التلخيص"(1/ 96).
(12)
في سننه (1/ 121 رقم 175) وهو حديث صحيح.
قلت: حديث خالد بن معدان، مغاير لحديث أنس في الحكم. فحديث أنس يدل على مذهب من قال بعدم وجوب الموالاة، وحديث خالد يدل على مذهب من قال بوجوب الموالاة. ولزيادة الإيضاح نثبت هنا نص الحديث. =
قال البيهقي
(1)
: هو مرسل وكذا قال ابن القطان، وفيه بحث، قال الأثرم
(2)
: "قلت لأحمد بن حنبل: هذا إسناد جيد قال: نعم. قال: فقلت له: إذا قال رجل من التابعين: حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمه فالحديث صحيح؟ قال: نعم". وأعله المنذري
(3)
بأن فيه بقية
(4)
، وقال عن بَحير
(5)
: وهو مدلس، وفي المستدرك تصريح بقية بالتحديث
(6)
، وأطلق النووي
(7)
أن الحديث ضعيف الإِسناد. [و]
(8)
قال الحافظ
(9)
: وفي هذا الإطلاق نظر.
وأما حديث ابن عمر عن أبي بكر وعمر قالا: "جاء رجل وقد توضأ وبقي على ظهر قدمه مثل ظفر إبهامه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارجعْ فأتِم وُضوءَكَ، ففعل. فرواه
= عن خالد بن معدان، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي وفي ظهر قدمه لُمْعَة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة".
(1)
في السنن الكبرى (1/ 83).
(2)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 96).
(3)
في "مختصر سنن أبي داود"(1/ 128)
قال ابن قيم الجوزية في "التهذيب"(1/ 128 - 129 - هامش المختصر): "هكذا علل أبو محمد المنذري وابن حزم هذا الحديث برواية بقية له. وزاد ابن حزم تعليلًا آخر، وهو أن راويه مجهول لا يدري من هو؟!
والجواب عن هاتين العلتين.
أما الأولى: فإن بقية ثقة في نفسه صدوق حافظ، وإنما نقم عليه التدليس، مع كثرة روايته عن الضعفاء، والمجهولين، وأما إذا صرح بالسماع فهو حجة، وقد صرح بالسماع عند أحمد - (2/ 46 رقم 391 - الفتح الرباني) -.
وأما الثانية: فباطلة أيضًا على أصل ابن حزم، وأصل سائر أهل الحديث، فإن عندهم جهالة الصحابي لا تقدح في الحديث، لثبوت عدالة جميعهم وأما أصل ابن حزم فإنه قال في كتابه في أثناء مسألة: كل نساء النبي صلى الله عليه وسلم ثقات فواضل عند الله عز وجل مقدسات بيقين اهـ.
(4)
بقية بن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعيُّ، أبو يُحْمِد: صدوق كثير التدليس عن الضعفاء. قاله الحافظ في "التقريب" رقم (734).
(5)
بجِير بن سَعْد السحوليُّ، أبو خالد الحِمْصيُّ: ثقة ثبتٌ. قاله الحافظ في "التقريب" رقم (640).
(6)
وصرح بالتحديث بقية عند أحمد كما تقدم.
(7)
في "المجموع شرح المهذب"(1/ 481).
(8)
زيادة من (ب).
(9)
في "التلخيص"(1/ 96).
الدارقطني
(1)
. ووواه الطبراني
(2)
عن أَبي بكر وفيه المغيرة بن صقلاب
(3)
عن الوازع بن نافع
(4)
، قال ابن أَبي حاتم عن أبيه
(5)
: "هذا باطل، والوازع ضعيف"، وذكره العقيلي في الضعفاء
(6)
في ترجمة المغيرة وقال: "لا يتابعه عليه إلا مثله". وأخرج الطبراني
(7)
عن ابن مسعود أن رَجُلًا سألَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الرجلِ يَغْتسلُ مِنَ الجَنابة فيخطئُ بعضَ جَسَدِه [الماء]
(8)
فقالَ: "ليَغْسِلْ ذلِكَ المكانَ ثم ليُصَل" وفي إسناده عاصم بن عبد العزيز
(9)
.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أَمر بإعادة الوضوء، وأعله بن أبي حاتم
(10)
بالإِرسال وأصله في صحيح مسلم
(11)
وأبهم المتوضيء ولفظه: فقال: "ارْجِعْ فأحْسِنْ وُضُوءَكَ" وهو يدل على وجوب الإِعادة إذا ترك غسل مثل ذلك المقدار من مواضع الوضوء، وسيأتي الكلام على ذلك في باب الموالاة
(12)
، وهذه الأحاديث تدل على وجوب غسل الرجلين
(13)
، وقد تقدم الكلام على ذلك في أول الباب.
(1)
في سننه (1/ 109 رقم 6).
(2)
في "الصغير"(1/ 18) وفي "الأوسط"(رقم 2219).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 141) وقال: "وفيه الوازع بن نافع وهو مجمع على ضعفه، وفيه - أيضًا غيره من الضعفاء" اهـ.
(3)
قال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال أبو زرعة: ليس به بأس. وضعفه الدارقطني وقال ابن عدي: منكر الحديث.
[الجرح والتعديل (8/ 223) ولسان الميزان (6/ 78)].
(4)
الوازع بن نافع العقيلي الجزري متروك الحديث.
[لسان الميزان (6/ 313) والميزان (4/ 327) والمجروحين (3/ 83)].
(5)
في "العلل"(1/ 67 رقم 176).
(6)
(4/ 182).
(7)
في "الأوسط" رقم (8084) وفي "الكبير"(10/ 284 رقم 10561).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 273): "ورجاله موثقون".
(8)
زيادة من المعجم الأوسط.
(9)
الأشجعي المدني. صدوق يهم. قاله الحافظ في "التقريب" رقم (3064).
(10)
في "العلل"(1/ 54 رقم 134).
(11)
(1/ 215 رقم 31/ 243).
(12)
الباب الخامس والعشرون عند الحديث (56/ 218) و (57/ 219) من كتابنا هذا.
(13)
انظر: "صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم " لفهد بن عبد الرحمن الشويب. ص 32 - 35. =
[الباب الثاني والعشرون] باب التيمن في الوضوء
49/ 211 - (عنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ التَّيامُنَ في تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطَهُورِهِ وَفي شَأْنِهِ كُلِّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ)
(1)
. [صحيح]
الحديث صححه ابن حبان
(2)
وابن منده
(3)
وله ألفاظ. ولفظ ابن حبان (2): "كانَ يُحِبُّ التيَامُنَ في كُل شيءٍ حَتى في التَّرجُّلِ والانتعَالِ". وفي لفظ ابن منده
(4)
: "كان يُحِبُّ التيَامُنَ في الوضوء والانتعَالِ". وفي لفظ لأبي داود
(5)
: "كان يُحِبُّ التَّيَامُنَ ما استطاع في شأنه كُلِّهِ".
[التيمن في كل ما كان من باب التكريم]:
وفي الحديث دلالة على مشروعية الابتداء باليمين في لبس النعال وفي ترجيل الشعر أي تسريحه وفي الطهور فيبدأ بيده اليمنى قبل اليسرى وبرجله اليمنى قبل اليسرى وبالجانب الأيمن من سائر البدن في الغسل قبل الأيسر، والتيامن سنة في جميع الأشياء لا يختص بشيء دون شيء كما أَشار إلى ذلك الحديث، بقوله:"وفي شأنه كله". وتأكيد الشأن بلفظ: كما يدل على التعميم. وقد خص من ذلك دخول الخلاء والخروج من المسجد
(6)
.
= تحت عنوان: "الرد على من قال المسح على الرجلين دون الغسل".
(1)
أخرجه أحمد (6/ 94) والبخاري رقم (168) وأطرافه رقم (426) و (5380) و (5854) و (5926). ومسلم (1/ 226 رقم 268).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (4140) والترمذي رقم (608) والنسائي (1/ 78) و (1/ 205) و (8/ 185) وابن ماجه رقم (401) وأبو عوانه (1/ 222) وأبو الشيخ في "أخلاق النبي"(ص 261) والطيالسي رقم (1410).
(2)
في صحيحه رقم (5456).
(3)
كما في "التلخيص"(1/ 87).
(4)
كما في "التلخيص"(1/ 87).
(5)
في سننه (رقم 4140).
(6)
انظر: "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق العيد (1/ 44).
قال النووي
(1)
: قاعدة الشرع المستمرة استحباب البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزيين وما كان بضدها استحب فيه التياسر قال: وأجمع العلماء على أن تقديم اليمين في الوضوء سنة من خالفها فاته الفضل وتم وضوؤه.
قال الحافظ في الفتح
(2)
"ومراده بالعلماء أهل السنة، وإلا فمذهب الشيعة الوجوب، وغلط المرتضى منهم فنسبه [للشافعي]
(3)
، وكأنه ظن أن ذلك لازم من قوله بوجوب الترتيب، لكنه لم يقل بذلك في اليدين ولا في الرجلين لأنهما بمنزلة العضو الواحد" قال
(4)
: "ووقع في البيان
(5)
للعِمْراني
(6)
نسبة القول بالوجوب إلى الفقهاء السبعة وهو تصحيف من الشيعة. وفي كلام الرافعي ما يوهم أن أحمد قال بوجوبه ولا يعرف ذلك عنه، بل قال الشيخ الموفق في المغني
(7)
: لا نعلم في عدم الوجوب خلافًا". وقد نسبه المهدي في البحر
(8)
إلى العترة والإِمامية، واستدل لهم بالحديث الذي بعد هذا
(9)
وسنذكر هنالك ما هو الحق.
50/ 212 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذَا لَبِسْتُمْ، وَإِذَا تَوَضَأتمْ فابْدَءُوا بِأيَامِنِكُمْ". رواه أحمد
(10)
وأبو داود)
(11)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا ابن ماجه
(12)
وابن خزيمة
(13)
وابن حبان
(14)
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 160).
(2)
(1/ 270).
(3)
في (ب): (إلى الشافعي).
(4)
أي الحافظ في "الفتح": (1/ 270).
(5)
واسمه: "البيان في المذهب".
(6)
العِمْراني: أبو الخير، يحيى بن سالم. ت:(558 هـ) وكان شيخ الشافعية في اليمن.
انظر ترجمته في "طبقات فقهاء اليمين"(174)، وشذرات الذهب (4/ 185).
(7)
لابن قدامة (1/ 153).
(8)
(1/ 59).
(9)
أي الحديث رقم (50/ 212) من كتابنا هذا.
(10)
في المسند (2/ 354).
(11)
في السنن رقم (4141).
(12)
في السنن رقم (402).
(13)
في صحيحه (1/ 91 رقم 178).
(14)
في صحيحه (3/ 370 رقم 1090).
والبيهقي
(1)
كلهم من طريق زهير عن الأعمش عن أبي صالح عنه قال ابن دقيق العيد
(2)
: هو حقيق بأن يصح.
وللنسائي
(3)
والترمذي
(4)
من حديث أبي هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لبس قميصًا بدأ بميامنه".
والحديث يدل على وجوب الابتداء باليد اليمنى والرجل اليمنى في الوضوء، وقد ذهب إليه من ذكرنا في الحديث الذي قبل هذا، ولكنه كما دل على وجوب التيامن في الوضوء يدل على وجوبه في اللبس وهم لا يقولون به. وأيضًا فقد روي عن علي عليه السلام أنه قال:"ما أبالي بدأت بيميني أو بشمالي إذا أكملت الوضوء". رواه الدارقطني
(5)
قال: "جاء رجل إلى علي [عليه السلام]
(6)
فسأله عن الوضوء فقال: ابدأ باليمين أو بالشمال فأضرط به على أي صوت بفيه مستهزئًا بالسائل ثم دعا بماء وبدأ بالشمال قبل اليمين".
وروى البيهقي
(7)
من هذا الوجه أنه قال: "ما أبالي بدأت بالشمال قبل اليمين إذا توضأت". وبهذا اللفظ رواه ابن أبي شيبة
(8)
. وروى أبو عبيد في الطهور
(9)
"أن أبا هريرة كان يبدأ بميامنه فبلغ ذلك عليًا فبدأ بمياسره"، ورواه أحمد بن حنبل
(10)
عن علي. قال الحافظ
(11)
: "وفيه انقطاع وهذه الطرق يقويّ بعضها بعضًا وكلام
(1)
في السنن الكبرى (1/ 86). وهو حديث صحيح.
(2)
كما في "التلخيص"(1/ 88).
(3)
في سننه الكبرى (5/ 482 رقم 9669/ 5).
(4)
في سننه (4/ 238 - 239 رقم 1766) وقال الترمذي: "وروى غير واحدٍ هذا الحديث عن شعبة بهذا الإسناد عن أبي هريرة موقوفًا. ولا نعلم أحدًا رفعه غير عبد الصمد بن عبد الوارث عن شعبة".
قلت: وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
(5)
في السنن (1/ 87 - 88 رقم 1).
(6)
زيادة من (جـ) والأفضل أن يقال: رضي الله عنه كما تقدم من أقوال العلماء. فلذا أهملتها فيما يأتي إذا كانت زيادة من (جـ).
(7)
في السنن الكبرى (1/ 87).
(8)
في "المصنف"(1/ 39) بسند ضعيف.
(9)
رقم (322) بسند ضعيف.
(10)
وأخرجه أبو عبيد في "الطهور" رقم (324) بسند ضعيف.
(11)
في "التلخيص"(1/ 88).
علي عند أكثر العترة الذاهبين إلى وجوب الترتيب بين اليدين والرجلين حجة وحديث عائشة
(1)
المصرح بمحبة التيمن في أمور قد اتفق على عدم الوجوب في جميعها إلا في اليدين والرجلين في الوضوء وكذلك حديث الباب المقترن بالتيامن في اللبس المجمع على عدم وجوبه صالح لجعله قرينة تصرف الأمر إلى الندب. ودلالة الاقتران وإن كانت ضعيفة لكنها لا تقصر عن الصلاحية للصرف لا سيما مع اعتضادها بقول علي عليه السلام وفعله وبدعوى الإِجماع على عدم الوجوب.
[الباب الثالث والعشرون] باب الوضوء مرة ومرتين وثلاثًا وكراهة ما جاوزها
51/ 213 - (عَنِ ابْنِ عَباسٍ رضي الله عنه قالَ: تَوضَّأ النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّةً مَرَّةً. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا مُسْلِمًا)
(2)
. [صحيح]
في الباب أحاديثُ عن عمر، وجابر، وبريدة، وأبي رافع، وابن [الفاكه]
(3)
، وعبد الله بن عمر، وعِكْرَاش بن ذُؤيب المرَّي.
فحديث عمر عند الترمذي
(4)
وقال: ليس بشيء. ورواه أيضًا ابن ماجه
(5)
.
(1)
تقدم رقم (49/ 211) من كتابنا هذا.
(2)
أخرجه البخاري رقم (157) وأبو داود رقم (138) والترمذي رقم (42).
وابن ماجه رقم (411) والنسائي (1/ 62) وأحمد (2/ 38، 39).
وهو حديث صحيح.
(3)
في (جـ): (الفاكهة) وهو خطأ.
(4)
في سننه (1/ 61) حيث قال: "وروى رِشْدينُ بنُ سَعْد وغيره هذا الحديثَ عن الضحاك بن شرحبيل عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرَّةً مرَّة".
قال: وليس هذا بشيء.
• ورشدين بن سعد بن مُفلح المَهْري، أبو الحجاج المصري: ضعيف. رجَّحَ أبو حاتم عليه ابن لهيعة
…
"التقريب" رقم (1942).
(5)
في سننه (1/ 143 رقم 412). قلت: وأخرجه أحمد في المسند (1/ 23) بسند ضعيف لضعف رشدين بن سعد قلت: وأخرجه أحمد في المسند (1/ 23) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 29) من طريق ابن لهيعة بسند حسن.
وخلاصة القول أن حديث عمر بن الخطاب حديث صحيح لغيره والله أعلم.
وحديث جابر أشار إليه الترمذي
(1)
.
وحديث بريدة عند البزار
(2)
.
وحديث أبي رافع عند البزار
(3)
أيضًا.
وحديث ابن [الفاكه]
(4)
عند البغوي في معجمه
(5)
وفيه عدي بن الفضل
(6)
وهو متروك.
(1)
في سننه (1/ 60).
قلت: وأخرجه الترمذي في سننه (1/ 65 رقم 45) عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرَّة مرَّةً، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا .. ".
وأخرجه ابن ماجه (1/ 143 رقم 410) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 9 - 10).
والدارقطني في سننه (1/ 81 رقم 8).
وفي سنده ثابت بن أبي صفية، أبو حمزة الثُمالي كوفي. ضعيف، رافضي. قاله الحافظ في "التقريب" رقم (818). وقال البرقاني في سؤالات الدارقطني رقم (63) عنه: متروك وانظر ترجمته في "المجروحين"(1/ 206) والتاريخ الكبير للبخاري (1/ 2/ 165) والجرح والتعديل (1/ 1/ 450 - 451).
وخلاصة القول أن حديث جابر بن عبد الله ضعيف والله أعلم.
(2)
مسند بريدة لم يطبع بعد من مسند البزار.
قلت: "أخرجه الطبراني في الأوسط رقم (3661) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 231) وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف".
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 271) والخوارزمي في جامع المسانيد (1/ 233).
قلت: وأخرجه مسلم في صحيحه (1/ 232 رقم 86/ 277) دون ذكر "توضأ مرة مرة".
(3)
في المسند (1/ 143 رقم 272).
قلت: وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1/ 317 رقم 937) وفي الأوسط (رقم: 404 - مجمع البحرين) والدارقطني في سننه (1/ 81 رقم 7) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 30).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 231): "رواه البزار والطبراني في الأوسط
…
ورجالهما رجال الصحيح" اهـ.
وخلاصة القول أن حديث أبي رافع حديث صحيح والله أعلم.
(4)
في (جـ): (الفاكهة) وهو خطأ.
(5)
كما في (عمدة القاري)(1/ 740). وفيه عدي بن الفضل وهو متروك.
وأخرجه ابن النجار كما في "كنز العمال"(5/ 103 رقم 2205). ط: الهندية.
(6)
قال يحيى بن معين في "التاريخ"(2/ 398): وعدي بن الفضل: ليس بشيء، وقال مرة أخرى ضعيف، وقال مرة ثالثة عندما سئل: يكتب حديث عدي بن الفضل؟ قال: لا. ولا كرامة له.
وحديث عبد الله بن عمر أخرجه البزار
(1)
.
وحديث عِكْراش ذكره أبو بكر الخطيب
(2)
.
والحديث يدل على أن الواجب من الوضوء مرة، ولهذا اقتصر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان الواجب مرتين أو ثلاثًا لما اقتصر على مرة. قال الشيخ محيي الدين النووي
(3)
: "وقد أجمع المسلمون على أن الواجب في غسل الأعضاء مرة مرة، وعلى أن الثلاث سنة، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالغسل مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا وثلاثًا، وبعض الأعضاء ثلاثًا، وبعضها مرتين والاختلاف دليل على جواز ذلك كله، وأن الثلاث هي الكمال والواحدة تجزيء".
52/ 214 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ زَيْدٍ [رضي الله عنه]
(4)
أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تَوضَّأ مَرَّتَينِ مَرَّتَينِ. رَوَاهُ أحمدُ
(5)
والبخَارِيُّ
(6)
. [صحيح]
(1)
مسند (ابن عمر) لم يطبع بعد من (مسند البزار).
قلت: أخرجه الدارقطني (1/ 80 رقم 4) من طريق المسيب بن واضح ثنا حفص بن ميسرة عن عبد الله بن دينار عنه.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 80) من طريق الدارقطني السابق، وقال هو والدارقطني:"تفرد به المسيب بن واضح وهو ضعيف".
• وأخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 145 رقم 419) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 80 - 81) والطيالسي في مسنده رقم (1924) والدارقطني (1/ 79 رقم 1).
من حديث عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عنه.
قال البيهقي: هكذا رواه عبد الرحيم بن زيد العمِّي عن أبيه، وخالفهما غيرهما، وليسا في الرواية بقويين.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 45): سألت أبي عن حديث رواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ البيهقي، فقال أبي: عبد الرحيم بن زيد متروك الحديث، وأبوه زيد ضعيف الحديث، ولا يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبي: وسئل أبو زرعة عن هذا الحديث، فقال: هو عندي حديث واهِ، ومعاوية بن قرة لم يلحق ابن عمر.
وخلاصة القول أن حديث ابن عمر ضعيف والله أعلم.
(2)
في تلخيص المتشابه في الرسم وحماية ما أشكل منه عن بواد التصحيف والوهم.
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 106).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في المسند (4/ 41).
(6)
في صحيحه (1/ 258 رقم 158). وهو حديث صحيح.
في البابِ عَنْ أبي هُرَيَرة وجَابِرٍ).
أما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو داود
(1)
والترمذي
(2)
وقال: حسن غريب، وفيه عبد الله بن الفضل
(3)
وقد روى له الجماعة، ولكنه تفرد [عنه]
(4)
عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان
(5)
، ومن أجله كان حسنًا، قال أبو داود
(6)
: لا بأس به وكان على المظالم ببغداد، وقال علي بن المديني: لا بأس به. وكذلك قال أحمد وأبو زرعة. وقال أبو حاتم
(7)
: يشوبه شيء من القدر، وتغير عقلُه في آخر حياته، وهو مستقيم الحديث. وقال النسائي
(8)
: ليس بالقوي، وقال يحيى مرة: ضعيف ومرة: لا بأس به، وفيه كلام طويل
(9)
.
وأما حديث جابر فأشار إليه الترمذي
(10)
.
والحديثُ يدل على أن التوضؤَ مرتين يجوز ويجزيء، ولا خلاف في ذلك.
(1)
في سننه (1/ 94 - 95 رقم 136) بسند حسن.
(2)
في سننه (1/ 62 رقم 43) وقال: هذا حديث حسن غريب.
(3)
"ثقة" قاله الحافظ في "التقريب" رقم (3533).
(4)
في (ب): (به).
(5)
"صدوق يخطئ ورُمي بالقدر وتغير بأخرة" قاله الحافظ في "التقريب" رقم (3820).
وتعقبه المحرران في "تحرير التقريب"(2/ 309): "بل: صدوق حسن الحديث، فقد وثقه أبو حاتم الرازي، ودحيم، وعبد الرحمن بن صالح، وعمرو بن علي الفلاس
…
وقال الخطيب: كان ممن يذكر بالزهد والعبادة والصدق في الرواية. وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة
…
وقد نفى أبو داود عنه تهمة القدر، وهو بكل حال جرح غير معتبر، أما اختلاطه فما ذكره أحد سوى أبي حاتم وقد أطلق توثيقه، قال: تغير عقله في آخر جاته، وهو مستقيم الحديث، ولذلك فإن ذكر اختلاطه لا معنى له
…
".
وخلاصة القول أن حديث أبي هريرة حديث صحيح والله أعلم.
(6)
في "سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود سليمان بن الأشعث السجستاني في معرفة الرجال وجرحهم وتعديلهم" رقم الترجمة (1679).
(7)
في "الجرح والتعديل"(5/ 219).
(8)
في كتابه "الضعفاء والمتروكين" رقم الترجمة (382).
(9)
انظر: "الكاشف"(2/ 141) والميزان (2/ 551) ولسان الميزان (7/ 278) والمغني (2/ 377) وخلاصة تهذيب بالكمال ص 225.
(10)
في سننه (1/ 62).
قلت: وأخرجه ابن ماجه (1/ 143 رقم 410) وقد تقدم تخريجه والكلام عليه عند شرح الحديث رقم (51/ 213) من كتابنا هذا وهو حديث ضعيف.
53/ 215 - (وَعَنْ عُثْمانَ رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضأ ثَلاثًا ثلاثًا. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَمُسْلمٌ)
(2)
. [صحيح]
الحديث أخرجه بهذا اللفظ
(3)
الترمذي
(4)
وقال: هو أَحسن شيء في الباب داود
(5)
والنسائي
(6)
وابن ماجه
(7)
من حديث علي عليه السلام.
وفي الباب عن الربيع
(8)
، وابن عمر
(9)
، وأبي أمامة
(10)
، وعائشة
(11)
، وأبي
(1)
في المسند (1/ 68).
(2)
في صحيحه (1/ 207 رقم 9/ 230). وهو حديث صحيح.
(3)
هنا في (ص) زيادة (أحمد و).
(4)
في السنن (1/ 63 رقم 44) وقال: حديث علي أحسن شيء في هذا الباب وأصح.
(5)
في السنن (1/ 83 - 84 رقم 116).
(6)
في السنن (1/ 70 - 71 رقم 96).
(7)
في سننه رقم (413) من حديث عثمان وعلي.
وهو حديث صحيح.
(8)
أخرجه أحمد (6/ 358) و (6/ 359) والحميدي في مسنده (1/ 163 - 164 رقم 342) والترمذي (1/ 48 رقم 33) وأبو داود (1/ 89 رقم 120) و (1/ 90 رقم 127) و (1/ 91 رقم 130). وابن ماجه (1/ 138 رقم 390) و (1/ 145 رقم 418) و (1/ 150 رقم 438) و (1/ 151 رقم 440) و (1/ 156 رقم 458) كلهم من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل به والروايات مطولة ومختصرة.
وخلاصة القول أن حديث الربيع حديث حسن والله أعلم.
(9)
أخرجه أحمد (1/ 372) و (2/ 28) و (2/ 8 و 39 و 132).
وابن ماجه (1/ 144 رقم 414) والنسائي (1/ 62 - 63 رقم 81).
وخلاصة القول أن حديث ابن عمر حديث صحيح لغيره والله أعلم.
(10)
(أخرجه أحمد (5/ 257) و (5/ 258) والطبراني في الكبير (8/ 303 - 304)(7990) من طريق حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن سميع، عنه.
قال ابن حجر في "تعجيل المنفعة" ص 169: "سميع: مجهول، ذكره ابن حبان في "الثقات" (4/ 342) وقال: لا أدري من هو ولا ابن من هو. قلت: قال البخاري - في التاريخ الكبير (4/ 190) -: لا يعرف لعمرو سماع من سميع ولا لسميع سماع من أبي أمامة" اهـ.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد (1/ 230) وعزاه للطبراني وحده. وقال: "رواه من طريق سميع عنه، وإسناده حسن، وسميع ذكره ابن حبان في "الثقات" - (4/ 342) - وقال: لا أدري من هو، ولا ابن من هو. والظاهر أنه اعتمد في توثيقه على غيره".
وخلاصة القول أن حديث أبي أمامة سنده ضعيف والله أعلم.
(11)
أخرجه ابن ماجه (1/ 144 رقم 415) من حديث عائشة وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا". وهو حديث صحيح لغيره.
رافع
(1)
، وعبد الله بن عمرو
(2)
، ومعاوية
(3)
، وأَبي هريرة
(4)
، وجابر
(5)
، وعبد الله بن زيد
(6)
، وأبي
(7)
. وقد بوّب البخاري
(8)
للوضوء ثلاثًا، وذكر حديث عثمان الذي شرحناه في أول أبواب الوضوء
(9)
، وقد قدمنا أن التثليب سنة بالإِجماع.
54/ 216 - (وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَن أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قال: جاءَ أعرَابى إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَسْألهُ عَنِ الوُضُوءِ فَأَرَاهُ ثلاثًا ثلاثًا، وقالَ:"هذا الوضوءُ، فمَنْ زَادَ على هذا فقَدْ أساءَ وتَعَدَّى وظَلَمَ". رَواهُ أحْمَدُ
(10)
وَالنسَائِي
(11)
وابْنُ ماجَهْ)
(12)
. [صحيح]
(1)
أخرجه الطبراني في الأوسط رقم (907) والكبير (ج 1/ رقم 937) والبزار (1/ 231 - كشف) والدارقطني (1/ 81 رقم 7) بسند صحيح.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 231) وقال: "رواه البزار، والطبراني في الأوسط والكبير
…
ورجالهما رجال الصحيح" اهـ.
(2)
أخرجه ابن الجارود في "المنتقى" رقم (75) وأبو داود (1/ 94 رقم 135) والنسائي (1/ 88 رقم 140) وابن ماجه (1/ 146 رقم 422) وأحمد (2/ 180) وابن خزيمة (1/ 89) والبيهقي (1/ 79) والبغوي في "شرح السنة"(1/ 444 - 445 رقم 229) بسند حسن.
(3)
أخرجه أحمد في المسند (4/ 94) وأبو داود في سننه (1/ 89 رقم 125).
والطبراني في الكبير (19/ 378 رقم 889). وهو حديث صحيح.
(4)
أخرجه أحمد في المسند (2/ 348) وابن ماجه (1/ 144 رقم 415) وهو حديث صحيح لغيره.
(5)
أخرجه ابن ماجه (1/ 143 رقم 410) والترمذي (1/ 65 رقم 45) والدارقطني (1/ 81 رقم 8). وقد تقدم.
وهو حديث ضعيف.
(6)
أخرجه أحمد (4/ 41) بسند ضعيف لضعف ابن لهيعة في غير العبادلة.
وهو حديث صحيح.
(7)
أخرجه ابن ماجه (1/ 145 رقم 420) والدارقطني (1/ 81 رقم 6).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 172 رقم 174/ 420): "هذا إسناد ضعيف، زيد أبو الحواري هو العمي ضعيف، وكذا الراوي عنه، رواه الدارقطني في سننه من هذا الوجه" اهـ.
وخلاصة القول أن حديث أبي بن كعب حديث ضعيف والله أعلم.
(8)
في صحيحه (1/ 259 رقم الباب 24)، مع الفتح.
(9)
رقم (6/ 168) من كتابنا هذا.
(10)
في المسند (2/ 180).
(11)
في السنن (1/ 88 رقم 140).
(12)
في السنن (1/ 146 رقم 422).
الحديث أخرجه أيضًا أبو داود
(1)
وابن خزيمة
(2)
. قال الحافظ
(3)
: "من طرق صحيحة"، وصرح في الفتح
(4)
أَنه صححه ابن خزيمة وغيره، وهو في رواية أبي داود
(5)
بلفظ: "فمَنْ زادَ على هذا أو نقصَ فقدْ أساءَ وظلمَ" بدون ذكر تعدى، وفي النسائي
(6)
بدون نقص، وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفيه مقال عند المحدثين
(7)
، ولم يتعرض له من تكلم على هذا الحديث.
وفي الحديث دليل على أن مجاوزة الثلاث الغسلات من الاعتداء في الطهور.
وقد أَخرج أبو داود
(8)
وابن ماجه
(9)
من حديث عبد الله بن مغفل أَنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّهُ سَيَكُونُ في هذِهِ الأمة قَوْمٌ يعتَدُونَ في الطُّهُورِ وَالدُّعَاءِ" وإن فاعله مسيء وظالم - أي أساء بترك الأولى، وتعدى حدّ السنة. وظلم: أي وضع الشيء في غيره موضعه. وقد أشكل ما في رواية أبي داود من زيادة لفظ "أَو نَقَّصَ" على جماعة.
قال الحافظ في التلخيص
(10)
: "تنبيه: يجوز أن تكون الإِساءة والظلم وغيرهما مما ذكر مجموعًا لمن نقص، ولمن زاد، ويجوز أَن يكون على التوزيع، فالإِساءة في النقص، والظلم في الزيادة، وهذا أَشبه بالقواعد، والأول أشبه بظاهر السياق، والله أعلم". انتهى. ويمكن توجيه الظلم في النقصان بأنه ظلم نفسه بما
(1)
في السنن (1/ 94 رقم 135).
(2)
في صحيحه (1/ 89 رقم 174).
(3)
في (تلخيص الحبير)(1/ 83).
(4)
(1/ 233).
(5)
في سننه رقم (135). وقوله: "نقص" فإنه شاذ.
(6)
في سننه رقم (140).
(7)
انظر تفصيل ذلك فيما كتبه أبو الأشبال في التعليق على الترمذي (2/ 141 - 144) فقد أجاد وأفاد. كما أنني قدمت ملخصًا لهذا الموضوع في كتابنا هذا.
(8)
في سننه (1/ 73 رقم 96).
(9)
في سننه (رقم: 3864): مختصرًا منه على الدعاء.
وحديث عبد الله بن مغفل حديث صحيح والله أعلم.
(10)
(1/ 83).
فوّتها من الثواب الذي يحصل بالتثليث، وكذلك الإساءة لأن تارك السنة مسيء وأما الاعتداء في النقصان فمشكل فلا بد من توجيه إلى الزيادة، ولهذا لم يجتمع ذكر الاعتداء والنقصان في شيء من روايات الحديث، ولا خلاف في كراهة الزيادة على الثلاث
(1)
.
قال ابن المُبَارَكِ
(2)
: لا آمَنُ إذَا زادَ في الوضوءِ على الثلَاثِ أنْ يَأْثَمَ.
وقال أحمدُ وإسحقُ
(3)
: لا يزيدُ على الثلاث إلا رَجُلٌ مُبْتَلًى.
[الباب الرابع والعشرون] باب ما يقول إذا فرغ من وضوئه
55/ 217 - (عَنْ عمَرَ بْنِ الخَطابِ رضي الله عنه قال: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْكُمْ مْن أحَدٍ يَتَوَضأُ فيسْبغُ الوُضُوءَ، ثم يَقُولُ: أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إلَّا الله وحَدْهُ لَا شَريكَ لهُ وأَشْهدُ أَن مُحمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولهُ إلا فُتِحَتْ لهُ أبْوابُ الجَنَّةِ الثَّمانِيةُ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّها شَاءَ". رَواهُ أحمَدُ
(4)
ومُسلِمٌ
(5)
وأبو دَاوُدَ
(6)
. [صحيح]
ولِأحمَدَ
(7)
وَأَبِي دَاوُدَ
(8)
في رواية: "مَنْ تَوضَّأ فأحْسَنَ الوُضوءَ ثمَّ رَفَعَ نَظَرَهُ إلَى السَّمَاءِ [فقَالَ]
(9)
". وَساقَ الحَدِيثَ). [ضعيف]
(1)
انظر: "فتح الباري"(1/ 233 - 234).
(2)
ذكره الترمذي في سننه (1/ 64).
(3)
ذكره الترمذي في سننه (1/ 64).
وقال الترمذي: "والعملُ على هذا عند عَامَّةِ أهل العلم: أن الوضوءَ يُجْزِئُ مرَّةً مرَّةً، ومرَّتينِ أفضلُ. وأفضَلُهُ ثلاثٌ. وليس بعدَهُ شيءٌ" اهـ.
(4)
في مسنده (4/ 153) و (4/ 145).
(5)
في صحيحه (1/ 209 رقم 17/ 234).
(6)
في سننه (1/ 118 رقم 169)، قلت: وأخرجه أبو عوانة (1/ 225) والنسائي (1/ 92 رقم 148) وابن ماجه (1/ 159 رقم 470) والبيهقي (1/ 78) و (2/ 280) من طرق عن عقبة بن عامر عن عمر بن الخطاب.
وخلاصة القول أن الحديث صحيح والله أعلم.
(7)
في مسنده (4/ 150).
(8)
في سننه (1/ 119 رقم 170)، وهو حديث ضعيف.
(9)
في (جـ): (قال).
[رواية أحمد وأَبي داود في إسنادها رجل مجهول
(1)
،
(2)
، والحديث أخرجه أيضًا الترمذي
(3)
بزيادة: "اللهمَّ اجعْلِني مِنَ التوّابينَ واجْعَلْنِي مِنَ المتطهريِنَ" لكن قال الترمذي
(4)
: "وفي إسناده اضطراب ولا يصح فيه كثير شيء".
قال الحافظ
(5)
لكن رواية مسلم سالمة عن هذا الاعتراض، والزيادة التي عند الترمذي رواها البزار
(6)
والطبراني في الأوسط
(7)
.
وأخرج الحديث أيضًا ابن حبان
(8)
. وأخرجه ابن ماجه
(9)
من حديث أنس، وزاد النسائي في عمل اليوم والليلة
(10)
بعد قوله: "من المتطهرين سُبحانَكَ اللهمَّ
(1)
وهو ابن عم زُهْرة بن معبد.
(2)
زيادة من (أ) و (ب).
(3)
في سننه (1/ 77 رقم 55).
قال الترمذي: "وهذا حديث في إسناده اضطراب. ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كبير شيء".
وقال أبو الأشبال في شرحه للترمذي (1/ 79) ردًا على الترمذي: "وقد أخطأ الترمذي فيما زعم من اضطراب الإسناد في هذا الحديث، ومن أنه لا يصح في الباب كبير شيء. وأصل الحديث مستقيم الإسناد، وإنما جاء الاضطراب في الأسانيد التي نقلها الترمذي منه أو ممن حدثه بها
…
" اهـ.
قلت: فإعلال الترمذي للحديث بالاضطراب ليس كذلك فإنه اضطراب مرجوح.
(4)
في السنن (1/ 78 - 79).
(5)
في "تلخيص الحبير"(1/ 101).
(6)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 101) وسكت عليه.
(7)
رقم (4895) وفي "المعجم الكبير" رقم (1441).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 239): "رواه الطبراني في الأوسط، والكبير باختصار، وقال في الأوسط: تفرد به مسور بن مورع ولم أجد من ترجمه، وفيه أحمد بن سهيل الوراق ذكره ابن حبان في "الثقات" (8/ 51) وفي إسناد الكبير أبو سعد البقال، والأكثر على تضعيفه، ووثقه بعضهم". وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (32) وفيه: أبو سعيد الأعور وهو ضعيف.
(8)
في "صحيحه"(3/ 325 رقم 1050) بسند صحيح على شرط مسلم.
(9)
في سننه (1/ 159 رقم 469).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 187 رقم 192/ 469): "هذا إسناد فيه زيد العمي وهو ضعيف. وهو حديث ضعيف.
(10)
رقم (81) مرفوعًا ورقم (82) موقوفًا. قلت: وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (30). وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 239) وقال: "رواه الطبراني في =
وبِحمْدِكَ أشهد أَن لا إله إلا أنتَ أَستغفركَ وأَتوبُ إليكَ" والحاكم في المستدرك
(1)
من حديث أَبي سعيد وزاد "كُتِبت في رَقٍّ ثم طبع بطابع فلم يُكْسَرْ إلى يومِ القيامةِ"، واختلف في رفعه ووقفه، وصحح النسائي الموقوف
(2)
، وضعف الحازمي الرواية المرفوعة، لأن الطبراني قال في الأوسط
(3)
: لم يرفعه عن شعبة إلى يحيى بن كثير.
قال الحافظ
(4)
: "ورواه أبو إسحاق المزكي في الجزء الثاني تخريج الدارقطني له، من طريق روح بن القاسم، عن شعبة، وقال: تفرد به عيسى بن شعيب، عن روح بن القاسم، ورحج الدارقطني في العلل
(5)
الرواية الموقوفة".
قال النووي في الأذكار
(6)
: حديث أبي سعيد هذا ضعيف الإسناد موقوفًا ومرفوعًا.
قال الحافظ
(7)
: "أما المرفوع: فيمكن أن يضعف بالاختلاف والشذوذ، وأما الموقوف فلا شك ولا ريب في صحته، ورجاله من رجال الصحيحين فلا معنى لحكمه عليه بالضعف".
والحديث يدل على استحباب الدعاء المذكور، ولم يصح من أحاديث الدعاء في الوضوء غيره.
= الأوسط - رقم (1455) - ورجاله رجال الصحيح. إلا أن النسائي قال بعد تخريجه في اليوم والليلة هذا خطأ والصواب موقوفًا ثم رواه من رواية الثوري وغندر عن شعبة موقوفًا" وأخرجه الطبراني في "الدعاء" (2/ 979 رقم 388) و (2/ 975 رقم 389) و (2/ 975 - 976 رقم 390).
(1)
(1/ 564) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
(2)
في "عمل اليوم والليلة" ص 173. وصحح الحافظ ابن حجر الحديث مرفوعًا وموقوفًا.
انظر "نتائج الأفكار"(1/ 249 - 250).
(3)
(2/ 123 رقم 1455).
(4)
في "التلخيص"(1/ 102).
(5)
(11/ 307 - 308 س 2301).
(6)
ص 80. وكذلك في "المجموع" (1/ 482).
(7)
في "التلخيص"(1/ 102).
[الدعاء عند كل عضو في الوضوء باطل]:
وأما ما ذكره أصحابنا والشافعية في كتبهم من الدعاء عند كل عضو كقولهم: يقال عند غسل الوجه: اللهم بيض وجهي إلخ. فقال الرافعي: ورد بهذه الدعوات الأثر عن الصالحين. وقال النووي في الروضة
(1)
: هذا الدعاء لا أصل له. وقال ابن الصلاح
(2)
: لا يصح فيه حديث.
وقال الحافظ
(3)
: "روي فيه من طرق عن علي ثلاث ضعيفة جدًّا، أوردها المستغفري في الدعوات، وابن عساكر في أماليه، وهو من رواية أحمد بن مصعب المروزي، عن حبيب بن أبي حبيب الشيباني، عن أبي إسحق السبيعي عن علي، وفي إسناده من لا يعرف، ورواه صاحب مسند الفردوس
(4)
من طريق أَبي زرعة الرازي عن أحمد بن عبد الله بن داود، وساقه بإسناده إلى علي، ورواه ابن حبان في الضعفاء
(5)
، من حديث أنس نحو هذا، وفيه عباد بن صهيب وهو متروك، ورواه المستغفري أيضًا من حديث البراء بن عازب وأنس بطوله، وإسناده واه " ولكنه وثق عبادًا
(6)
يحيى بن معين
(7)
، ونفى عنه الكذب أحمد بن حنبل
(8)
، وصدقه أبو داود، وتركه الباقون.
قال ابن القيم في الهدي
(9)
: "ولم يحفظ عنه أَنه كان يقول: على وضوئه
(1)
أي "روضة الطالبين وعمدة المفتين"(1/ 62).
وقال النووي أيضًا في "المجموع"(1/ 489): "وأما الدعاء المذكور فلا أصل له، وذكره كثيرون من الأصحاب ولم يذكره المتقدمون
…
" اهـ.
(2)
في "شرح مشكل الوسيط"(1/ 292) وهو بهامش الوسيط للغزالي.
(3)
في "التلخيص"(1/ 100).
(4)
الفردوس بمأثور الخطاب، المعروف بمسند الفردوس للديلمي (5/ 326 رقم 8830).
(5)
المجروجين (2/ 164 - 165) ترجمة: عباد بن صهيب.
(6)
عباد بن صهيب المدري، البصري، أبو بكر الكلبي.
تركه البخاري وأبو حاتم، وقال الذهبي: أحد المتروكين.
انظر: ترجمته في "التاريخ الكبير"(3/ 2/ 43) والجرح والتعديل (3/ 1/ 82).
والعقيلي (3/ 144) والميزان (2/ 367) ولسان الميزان (3/ 230 - 231).
(7)
انظر: "تاريخ ابن معين"(2/ 292).
(8)
كما في "بحر الدم" رقم الترجمة (499).
(9)
أي: "زاد المعاد في هدي خير العباد"(1/ 187 - 188).
شيئًا غيرَ التسمية، وَكُلُّ حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه، فكذِبٌ مُختلَق، لم يقُلْ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شيئًا منه، ولا عَلَّمه لأمته، ولا يثبت عنه غير التسيمة في أوله، وقوله: أشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولهُ اللهُم اجعلنِي من التوَّابينَ واجعلنِي من المتطهرينَ في آخرِه".
[الباب الخامس والعشرون] باب الموالاة في الوضوء
56/ 218 - (عَنْ خالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ بعْض أزْوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أن رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي في ظَفر قَدَمِه لُمْعَة قدْرَ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا المَاءُ فَأَمَرَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ. رَواهُ أحمدُ
(1)
وأَبُو دَاوُدَ
(2)
، وَزَادَ:"والصَلاةَ"، قالَ الأثْرَمُ
(3)
: قُلْتُ لأِحمدَ: هذا إسْنَادٌ جَيدٌ؟، قالَ: جيدٌ). [صحيح]
57/ 219 - (وعَن عُمَرَ بْنِ الخَطاب [رضي الله عنه]
(4)
، أَنَّ رَجلًا تَوضَّأ فَتَركَ مَوْضِعَ ظُفْرٍ على قدَمِهِ، فأبْصَرَهُ النبي صلى الله عليه وسلم فقالَ:"ارْجِعْ فأحْسِن وُضُوءَكَ"، قالَ: فَرَجَعَ فَتَوَضأ ثمَّ صَلَّى. رواهُ أحمدُ
(5)
ومُسْلِمٌ
(6)
وَلمْ يَذكُرْ فَتَوَضَّأ). [صحيح]
الحديث الأول أعله المنذري
(7)
ببقية بن الوليد
(8)
وقال عن بجير
(9)
وهو ضعيف إذا عنعن لتدليسه وفي المستدرك
(10)
تصريح بقية بالتحديث، وقال ابن
(1)
في المسند (3/ 424).
(2)
في سننه (1/ 121 رقم 175).
(3)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 96)
(4)
زيادة من (أ).
(5)
في المسند (1/ 21، 23).
(6)
في صحيحه (1/ 215 رقم 243).
(7)
في "مختصر سنن أبي داود"(1/ 128).
(8)
بقية بن الوليد: صدوق كثير التدليس عن الضعفاء. قاله الحافظ في "التقريب" رقم (734).
(9)
بَجِير بن سعد السحولي، أبو خالد الحمصي. ثقة ثبت. قاله الحافظ في "التقريب" رقم (640).
(10)
وصرح بالتحديث بقية عند أحمد أيضًا كما تقدم.
القطان والبيهقي: هو مرسل
(1)
، وقال الحافظ
(2)
: فيه بحث وكأن البحث في ذلك من جهة أن خالد بن معدان لم يرسله بل قال عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فوصله، وجهالة الصحابي غير قادحة. وتمام كلام الأثرم وبقية الكلام على الحديث أسلفناها في باب غسل الرجلين
(3)
.
وحديث عمر [قد]
(4)
قدمنا الكلام عليه في ذلك الباب
(5)
أيضًا.
وفي الباب عن أنس مرفوعًا عند أحمد
(6)
وأبي داود
(7)
وابن ماجه
(8)
وابن خزيمة
(9)
والدارقطني
(10)
، وقد تقدم لفظه هنالك أيضًا.
والحديث الأوّل يدل على وجوب إعادة الوضوء من أوّله على من ترك من غسل أعضائه مثل ذلك المقدار.
والحديث
(11)
الثاني لا يدل على وجوب الإِعادة لأنه أمره فيه بالإِحسان لا بالإِعادة، والإِحسان يحصل بمجرد إسباغ غسل ذلك العضو. وكذلك حديث أنس لم يأمر فيه بسوى الإِحسان.
فالحديث الأوّل يدل على مذهب من قال بوجوب الموالاة لأن الأمر بالإِعادة للوضوءِ كاملًا للإِخلال بها بترك اللمعة وهو الأوزاعي
(12)
ومالك
(13)
وأحمد بن
(1)
في السنن الكبرى (1/ 83).
(2)
في "التلخيص"(1/ 96).
(3)
الباب الحادي والعشرون عند الحديث رقم (46/ 208) و (47/ 209) و (48/ 210) من كتابنا هذا.
(4)
زيادة من (أ).
(5)
الباب الحادي والعشرون عتد الحديث (48/ 210) من كتابنا هذا.
(6)
في المسند (3/ 146).
(7)
في سننه (1/ 120 رقم 173).
(8)
في سننه (1/ 218 رقم 665).
(9)
في صحيحه (1/ 84 - 85 رقم 164).
(10)
في سننه (1/ 108 رقم 5) وقال الدارقطني: تفرد به جرير بن حازم عن قتادة وهو ثقة.
قلت: وأخرجه أبو يعلى (5/ 322 رقم 2944) والبيهقي (1/ 83).
وهو حديث صحيح.
(11)
الباب الحادي والعشرون عند الحديث (48/ 210).
(12)
حكاه عنه الحافظ نقلًا عن المنذري في فتح الباري (1/ 375).
(13)
انظر: "الهداية" لأبي الخطاب (1/ 14 - 15).
حنبل
(1)
والشافعي في قول له
(2)
.
والحديث الثاني وحديث أنس السابق يدلان على مذهب من قال بعدم الوجوب وهم العترة
(3)
وأبو حنيفة
(4)
والشافعي في قول له
(5)
، والتمسك لوجوب الموالاة بحديث ابن عمر
(6)
وأبيّ بن كعب
(7)
"أنه صلى الله عليه وسلم توضأ على الولاء وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به" أظهر من التمسك بما ذكره المصنف في الباب لولا أنه غير صالح للاحتجاج كما عرفناك في شرح حديث عثمان لا سيما زيادة قوله: "لا يقبل الله الصلاة إلا به، وقد روي بلفظ: "هذا الذي افترض الله عليكم" بعد أن توضأ مرة ولكنه قال ابن أبي حاتم
(8)
سألت: أبا زرعة عن هذا الحديث فقال: حديث واه منكر ضعيف وقال مرة: لا أصل له وامتنع من قراءته. ورواه الدارقطني في غرائب مالك
(9)
. قال الحافظ
(10)
: ولم يروه مالك قط وروي بلفظ "هذا وضوء لا يقبل الله غيره" أخرجه ابن السكن في صحيحه
(11)
من حديث أنس. وقد أجيب عن الحديث على تسليم صلاحيته للاحتجاج بأن الإِشارة هي إلى ذات الفعل مجرّدة عن الهيئة والزمان وإلا لزم وجوبهما ولم يقل به أحد.
(1)
انظر: "المغني"(1/ 192) و"المبدع"(1/ 115) والإنصاف (1/ 139).
(2)
انظر: "حلية العلماء"(1/ 157) وروضة الطالبين (1/ 64). وهذا القول في القديم.
(3)
انظر: "البحر الزخار"(1/ 75).
(4)
انظر: "المبسوط"(1/ 56).
(5)
انظر: "حلية العلماء"(1/ 156 - 157) وروضة الطالبين (1/ 64) ومغني المحتاج (1/ 61) وهذا القول في الجديد.
(6)
وهو حديث ضعيف. تقدم تخريجه خلال شرح الحديث (6/ 168) من كتابنا هذا.
(7)
وهو حديث ضعيف. تقدم تخريجه خلال شرح الحديث (6/ 168) من كتابنا هذا.
(8)
في "العلل"(1/ 45).
(9)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 82).
(10)
في "التلخيص"(1/ 82).
(11)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 82 - 83).
[الباب السادس والعشرون] باب جواز المعاونة في الوضوء
58/ 220 - (عَنِ المغِيَرةِ بْنِ شعْبَةَ أنهُ كانَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، وَأنهُ ذَهبَ لحَاجَةٍ لهُ، وأَن مغيرَةَ جَعَلَ يَصُبُّ المَاءَ عَليهِ وَهُوَ يَتَوضَّأ، فغسَلَ وَجههُ وَيَدَيهِ وَمسَحَ بِرَأْسِهِ، وَمَسَحَ على الخُفّيْنِ، أخْرَجاهُ)
(1)
.
الحديث اتفقا عليه بلفظ: "كُنْتُ معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ فقالَ لي: يا مغِيرةُ خُذِ الإِدَاوَةَ فأخذتُها ثم خرجت معه وانطلق حتى توارى عني حتى قضى حاجتَهُ ثم جاء وعليه جُبَّةٌ شامِيَّةٌ ضيقة الكمين فذهب يخرج يده من كمها فضاق، فأخرج يده من أسفلها فصببت عليه فتوضأ وضوءه للصلاة ثم مسحَ على خُفيْهِ" الحديث يدل على جواز الاستعانة بالغير في الوضوء، وقد قال بكراهتها العترة والفقهاء.
قال في البحر
(2)
: "والصب جائز إجماعًا إذ صبوا عليه صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ".
وقال الغزالي
(3)
وغيره من أَصحاب الشافعي إنه إنما استعان به لأجل ضيق الكمين وأنكره ابن الصلاح
(4)
وقال: الحديث يدل على الاستعانة مطلقًا لأنه غسل وجهه أيضًا وهو يصب عليه، وذكر بعض الفقهاء أن الاستعانة كانت بالسفر فأراد أن لا يتأخر عن الرفقة، قال الحافظ التلخيص
(5)
: وفيه نظر.
واستدل من قال بكراهة الاستعانة بقوله صلى الله عليه وسلم لعمر وقد بادر ليصب الماء على يديه: "أَنا لا أَستعين في وضوئي بأحد". قال النووي في شرح المهذب
(6)
: هذا
(1)
البخاري رقم (182) وأطرافه رقم (203 و 206 و 363 و 388 و 2918 و 4421 و 5798 و 5799).
ومسلم رقم (274).
(2)
(1/ 76).
(3)
في "الوسيط في المذهب"(1/ 290).
(4)
في "شرح مشكل الوسيط" له (1/ 290) هامش الوسيط.
(5)
(1/ 98).
(6)
(1/ 382).
حديث باطل لا أصل له
(1)
. وقد أخرجه البزار
(2)
وأبو يعلى في مسنده
(3)
من طريق النضر بن منصور عن أبي الجنوب عقبة بن علقمة، والنضر ضعيف مجهول لا يحتج به
(4)
، قال عثمان الدارمي، قلت لابن معين: النضر بن منصور عن
(1)
قولهم في الحديث: لا أصل له، له إطلاقات متعددة، أوجزها فيما يلي:
أ - تارة يقولون: هذا الحديث: لا أصل له، أو لا أصل له بهذا اللفظ، أو: ليس له أصل، أو: لا يُعرف له أصل، أو: لم يوجد له أصل، أو: لم يوجد. أو نحوَ هذه الألفاظ، يريدون بذلك أن الحديث المذكور ليس له إسناد يُنقل به.
قال الحافظ السيوطي في "تدريب الراوي"(1/ 297): "قولهم: هذا الحديث ليس له أصل. أو لا أصل له، قال ابن تيمية: معناه ليس له إسناد" اهـ.
ب - وتارة يقولون في الحديث المسْنَد: هذا الحديث لا أصل له. يعنون به أنه موضوع مكذوب على رسول صلى الله عليه وسلم أو على الصحابي أو التابعي الذي أُسْنِدَ قوله إليه، وذلك بأن يكون للحديث سند مذكور، ولكن في سنده كذاب أو وضاعٌ أو دلالة صريحة، أو قرينة ناطقة بكذب المنقول به، فقولهم فيه حنيئذٍ: لا أصل له، يعنون به، كذِبَ الحديث، لا نفيَ وجودِ إسناد له.
ومن أمثلة هذا هذا الإطلاق ما جاء في "تهذيب التهذيب" للحافظ ابن حجر (11/ 46 - 49) في ترجمة 9 هشام بن عماد الدمشقي": "قال أبو داود: حدَّث هشام بأربع مئةِ حديثٍ مسندةٍ ليس لها أصل".
جـ - وحينًا يقولون: هذا الحديث لا أصل له في الكتاب ولا في السنة الصحيحة ولا الضعيفة. يعنون بذلك أن معناه ومضمونه غريب عن نصوص الشريعة كل الغرابة، ليس فيها ما يشهد لصحة معناه في الجملة.
د - وتارة يقولون: هذا الحديث لا أصل له في الكتاب ولا في السنة الصحيحة.
يعنون أن معناه وما يتضمنه لفظه، لم يرد في القرآن الكريم ولا في الحديث الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالنفى منهم في هذا متوجه إلى نفي ثبوت مضمون الحديث في نصوص الشريعة الثابتة لا الضعيفة".
[انظر: كتابنا "مدخل إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة"](ص 134 - 135).
(2)
في مسنده (1/ 136 رقم 260 - كشف).
(3)
في مسنده (1/ 200 رقم 92/ 231).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 237) وقال رواه أبو يعلى والبزار، وأبو الجنوب ضعيف.
(4)
وقال البخاري: منكر الحديث.
انظر: ترجمته في "التاريخ الكبير"(7/ 91) و"المجروحين"(3/ 50) و"الجرح والتعديل"(8/ 479) والميزان (4/ 264).
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف جدًّا والله أعلم.
أبي الجنوب وعنه ابن أبي معشر تعرفه؟ قال: هؤلاء حمالة الحطب.
واستدلوا أيضًا بحديث ابن عباس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكل طهوره إلى أحد" أخرجه ابن ماجه
(1)
والدارقطني
(2)
وفيه مطهر بن الهيثم وهو ضعيف
(3)
.
وقد ثبت "أنه صلى الله عليه وسلم استعان بأسامة بن زيد في صب الماء على يديه في الصحيحين
(4)
.
وأنه استعان بالربيع بنت معوّذ في صب الماء على يديه "أخرجه الدارمى
(5)
وابن ماجه
(6)
وأبو مسلم الكجي من حديثها، وعزاه ابن الصلاح إلى أبي داود والترمذي. قال الحافظ
(7)
: "وليس في رواية أبي داود إلا أنها أحضرت له الماء حسب. وأما الترمذي فلم يتعرض فيه للماء بالكلية، نعم في المستدرك
(8)
"أنها صبت على [رسول الله صلى الله عليه وسلم]
(9)
الماء فتوضأ وقال لها: اسكبي فسكبت".
وروى ابن ماجه
(10)
عن أُمِّ عياشٍ أنها قالت: "كُنتُ أُوَضِّيءُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأنا قائمة وهو قاعدٌ" قال الحافظ
(11)
: وإسناده ضعيف. واستعان في الصب بصفوان بن عسال
(12)
وسيأتي.
(1)
في سننه (1/ 129 رقم 362). وهو حديث ضعيف جدًّا.
(2)
لم أجده في سنن الدارقطني.
(3)
مطهر بن الهيثم: متروك قاله الحافظ في "التقريب"(رقم 6713).
(4)
البخاري رقم (1669) ومسلم رقم (1280).
(5)
في سننه (1/ 186 رقم 694).
(6)
في سننه (1/ 138 رقم 390) وهو حديث حسن، دون (الماء الجديد) قاله الألباني في صحيح ابن ماجه.
(7)
في "التلخيص"(1/ 97).
(8)
(1/ 152) من طريقها وليس فيه صب الماء.
(9)
في (جـ): (يده).
(10)
في سننه (1/ 138 رقم 392) وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 163 رقم 162/ 392): "هذا إسناد مجهول وعبد الكريم مختلف فيه".
قلت: قال الذهبي في "الميزان"(2/ 644) مجهول.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف.
(11)
في "التلخيص"(1/ 98).
(12)
سيأتي رقم (59/ 221) من كتابنا هذا.
وغاية ما في هذه الأحاديث الاستعانة بالغير على صب الماء، وقد عرفت أنه مجمع على جوازه وأنه لا كراهة فيه، إنما النزاع في الاستعانة بالغير على غسل أعضاء الوضوء، والأحاديث التي فيها ذكر عدم الاستعانة لا شك في ضعفها ولكنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وكل غسل أعضاء وضوئه إلى أحد وكذلك لم يأت من أقواله ما يدل على جواز ذلك، بل فيها أمر المعلمين بأن يغسلوا وكل أحد منا مأمور بالوضوء. فمن قال: إنه يجزيء عن المكلف نيابة غيره في هذا الواجب فعليه الدليل، فالظاهر ما ذهبت إليه الظاهرية من عدم الإِجزاء وليس المطلوب مجرد الأثر كما قال بعضهم
(1)
. بل ملاحظة التأثير في الأمور التكليفية أمر لا بد منه لأن تعلق الطلب لشيء بذات قاض بلزوم إيجادها له، وقيامه بها لغة وشرعًا إلا لدليل يدل على عدم اللزوم فما وجد من ذلك مخالفًا لهذه الكلية فلذلك.
59/ 221 - (وعَنْ صَفُوَانَ بْنِ عَسال، قالَ: صَبَبْتُ الماءَ على النبِيِّ صلى الله عليه وسلم في السّفَرِ والحضَرِ في الوضُوء. رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ)
(2)
. [ضعيف]
الحديث أخرجه البخاري في التاريخ الكبير
(3)
، قال الحافظ
(4)
: وفيه ضعف.
قلت: ولعل وجه الضعف [كونه]
(5)
في إسناده حُذَيْفة بن أبي حُذيفة
(6)
.
وهو يدل على جواز الاستعانة بالغير في الصب، وقد تقدم الكلام عليه في الذي قبله
(7)
.
(1)
في حاشية المخطوط "الجلال".
(2)
في سننه (1/ 138 رقم 391).
(3)
(2/ 1/ 96) باب: حذيفة.
(4)
في "التلخيص"(1/ 98).
(5)
في (ب): (كون).
(6)
مقبول من الثالثة قاله الحافظ في "التقريب" رقم (1155).
وتعقبه المحرران (1/ 257): "بل: مجهول، تفرد بالرواية عنه الوليد بن عُقبة - وهو مجهولٌ أيضًا -، ولم يوثقه سوى ابن حبان على عادته في توثيق المجاهيل .. " اهـ.
وخلاصة القول أن حديث صفوان بن عسال ضعيف والله أعلم.
(7)
أي في شرح الحديث رقم (58/ 220) من كتابنا هذا.
[الباب السابع والعشرون] باب المنديل بعد الوضوء والغسل
60/ 222 - (عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ [رضي الله عنه]
(1)
قالَ: زَارَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في مَنْزِلِنا، فَأَمَرَ لهُ سَعْدٌ بِغُسْلٍ فَوُضِعَ لهُ فاغْتَسَلَ ثمَّ نَاوَلَهُ مِلْحَفَةً مَصْبُوَغةً بِزَعْفَرَانِ، أوْ وَرْسٍ فاشْتَمَل بِهَا. رَوَاهُ أحمَدُ
(2)
وَابْنِ ماجَهْ
(3)
وَأبُو دَاوُدَ)
(4)
. [ضعيف]
[رواية أحمد وأبي داود في إسنادها رجل مجهول
(5)
]
(6)
.
والحديث تمامه "فالتحف بها حتى رؤى أثر الوَرْسِ على عُكَنِهِ"
(7)
. ولفظ ابن ماجه "فكأني أنظرُ إلى أثرِ الوَرْسِ على عُكَنِهِ".
وأخرجه أيضًا النسائي في عمل اليوم والليلة
(8)
. قال الحافظ
(9)
: واختلف في وصله وإرساله ورجال إسناد أبي داود رجال [الصحيح]
(10)
، وصرح فيه الوليد
(11)
بالسماع
(12)
، ومع ذلك فذكره النووي في الخلاصة
(13)
في فصل الضعيف.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في المسند (3/ 421).
(3)
في سننه (1/ 158 رقم 466). و (2/ 1192 رقم 3604).
(4)
في سننه (5/ 372 رقم 5185) مطولًا.
• قلت: في سند الحديث الوليد بن مسلم: مدلس تدليس التسوية، وقد صرح بالتحديث فانتفت علة تدليسه، لكن بقيت علة التسوية، وذلك لعنعنة محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة.
وبين محمد بن عبد الرحمن وبين فيس بن سعد - محمد بن شرحبيل كما عند ابن ماجه وهو مجهول، أو عمرو بن شرحبيل - وقيل اسمه: محمد - كما عند النسائي.
(5)
وهو محمد بن شُرَحبيل وقيل: اسمه عَمْرو: مجهول. قاله الحافظ: في "التقريب" رقم (5956).
(6)
زيادة من (أ) و (ب).
(7)
العكنة: الطي الذي في البطن من السمن، والجمع عكن وأعكان. مختار الصحح ص 188.
(8)
رقم (324) ورقم (325).
(9)
في "التلخيص"(1/ 99).
(10)
في (ب): (الصحة).
(11)
الوليد بن مسلم القرشي مولاهم، أبو العباس الدمشقي: ثقةٌ لكنه كثيرُ التدليس والتسوية
…
"التقريب" رقم (7456).
(12)
قلت: انتفت علة تدليسه، لكن بقيت علة التسوية كما ذكرت آنفًا.
(13)
أي "خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام" للإمام يحيى بن شرف النووي =
والحديث يدل على عدم كراهة التنشيف، وقد قال بذلك الحسن بن علي
(1)
، وأنس
(2)
، وعثمان
(3)
، والثوري
(4)
ومالك
(5)
، وتمسكوا بالحديث.
وقال عمر وابن أبي ليلى
(6)
والإِمام يحيى والهادوية: يكره، واستدلوا بما رواه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ
(7)
عن أنس "أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لم يكن يمسح وجهَهُ بالمنديلِ بعد الوضوء ولا أبو بكرٍ ولا عمر ولا علي ولا ابن مسعود"، قال الحافظ
(8)
: "وإسناده ضعيف".
وفي الترمذي
(9)
ما يعارضه من حديث عائشة قالت: "كان للنبي صلى الله عليه وسلم خرقة ينشف بها بعد الوضوء" وفيه أبو معاذ وهو ضعيف. وقال الترمذي بعد أن روى الحديث: ليس بالقائم ولا يصح فيه شيء، وأخرجه الحاكم
(10)
.
= (1/ 124 - 125 رقم 235). وكذلك ضعفه النووي في "المجموع"(1/ 484).
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف والله أعلم.
(1)
أخرجه أثره ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 148 - 149) وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 183 رقم 716).
(2)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 415).
(3)
أخرجه أثره ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 148).
(4)
حكى عنه النووي في "المجموع"(1/ 486).
(5)
قال: "لا بأس بالمسح بالمنديل بعد الوضوء" المدونة (1/ 17).
(6)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 182 رقم 710) عن معمر عن أبي إسحاق أن ابن أبي ليلى، ومجاهدًا، وسعيد بن جبير، كانوا يكرهون المنديل بعد الوضوء للصلاة.
(7)
رقم (150) بسند ضعيف جدًّا. وفيه سعيد بن ميسرة، قال عنه ابن عدي في "الكامل" (3/ 1224): "عامة ما يرويه عن أنس أحاديث ينفرد هو بها عنه، وما أقل ما يقع فيها مما يرويها غيره، وهو مظلم الأمر.
وخلاصة القول أن حديث أنس ضعيف والله أعلم.
(8)
في "التلخيص"(1/ 98).
(9)
في سننه (1/ 74 رقم 53) قال الترمذي: حديث عائشة ليسَ بالقائم، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء. وأبو معاذ يقولون: هو "سليمان بن أرقم" وهو ضعيف عند أهل الحديث.
(10)
في المستدوك (1/ 154). وقال: أبو معاذ هذا هو الفضل بن ميسرة بصري، روى عنه يحيى بن سعيد وأثنى عليه.
قلت: وأخرجه البيهقي (1/ 185) وقال: "أبو معاذ هذا هو سليمان بن أرقم وهو متروك" اهـ.
وأخرجه الدارقطني (1/ 110 وقم 1) وقال: "وأبو معاذ هو سليمان بن أرقم وهو متروك" اهـ. =
وأخرج الترمذي
(1)
من حديث معاذ "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه" قال الحافظ
(2)
: وإسناده ضعيف.
وفي الباب عن سلمان أخرجه ابن ماجه
(3)
، قال ابن أبي حاتم
(4)
: وروي عن أنس ولا يحتمل أن يكون مسندًا، ورواه البيهقي
(5)
عن أَنس عن أبي بكر، وقال: المحفوظ المرسل، وأخرجه ابن أبي شيبة
(6)
موقوفًا على أنس، والخطيب
(7)
مرفوعًا كلاهما من طريق ليث عن رزيق عن أنس.
وفي الباب حديث "إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم فإنها مراوح الشيطان" ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل
(8)
من حديث البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة، وزاد في أوّله "إذا توضأتم فأشربوا أعينكم من الماء" ورواه ابن حبان في الضعفاء
(9)
في ترجمة البَخْتَري بن عبيد وقال: لا يحل الاحتجاج به ولم ينفرد به
= قلت: والظاهر أن الصواب فيما ذهب إليه الترمذي والبيهقي والدارقطني بأن أبا معاذ هو سليمان بن أرقم خلافًا للحاكم. لأن هؤلاء الثلاثة أقعد من الحاكم في معرفة الرجال.
والله أعلم.
وخلاصة القول أن حديث عائشة سنده ضعيف والله أعلم.
(1)
في السنن (1/ 75 رقم 54) وقال: هذا حديث غريبٌ، وإسناده ضعيف.
ورِشدين بن سعد وعبد الرحمن بن زياد بن أنعمٍ الإفريقي يُضعَّفانِ في الحديث" اهـ.
قلت: رشدين بن سعد بن مفلح المهري، أبو الحجاج المصري: ضعيفٌ .. انظر "التقريب" رقم (1942).
وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي ضعيف في حفظه .. انظر "التقريب" رقم (3862).
وخلاصة القول أن حديث معاذ سنده ضعيف والله أعلم.
(2)
(1/ 99).
(3)
في سننه (1/ 158 رقم 468) وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 186 رقم 191/ 468)"هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وفي سماع محفوظ بن علقمة من سلمان الفارسي نظر". وحسن الألباني الحديث في صحيح ابن ماجه.
(4)
في "العلل"(1/ 29 رقم 51).
(5)
في السنن الكبرى (1/ 185).
(6)
في "المصنف"(1/ 149).
(7)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 99).
(8)
في "العلل"(1/ 36 رقم 73).
(9)
في "المجروحين"(1/ 202، 203).
البختري، فقد رواه ابن طاهر في صفوة التصوف
(1)
من طريق ابن أبي السري. وقال ابن الصلاح
(2)
: لم أجد له أنا في جماعة اعتنوا بالبحث عن حاله أصلًا، وتبعه النووي
(3)
.
قوله: (بِغُسْل) بضم الغين اسم للماء الذي يغتسل به ذكره في النهاية
(4)
.
قوله: (مِلْحَفة) بكسر الميم.
(1)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 99).
(2)
في "شرح مشكل الوسيط"(1/ 291) هامش الوسيط.
(3)
في "التنقيح في شرح الوسيط"(1/ 291) هامش الوسيط.
وعبارة النووي: "هذا حديث باطل لا أصل له. وثبت في الصحيحين نفضه صلى الله عليه وسلم، والأصح دليلًا: أن النفض مباح، وإن كان الأشهر أنه خلاف الأولى كما جزم به المصنف، وقيل مكروه، ولم يذكره الشافعي والشيخ أبو حامد والمحاملي وإمام الحرمين والبغوي وآخرون، فلعلهم رأوه مباحًا كما هو الأصح" اهـ.
(4)
في غريب الحديث والأثر (3/ 367).
[سابعًا] أبواب المسح على الخفين
[الباب الأول] باب في شرعيته
1/ 223 - (عَنْ جَرِيرٍ، [رضي الله عنه]
(1)
أنهُ بَالَ ثمَّ تَوضَّأ ومسَحَ على خُفَّيْهِ فَقَيلَ لهُ: تَفعْلُ هكَذا؟ فقالَ: نَعَمْ، رأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بَالَ، ثمَّ تَوضَّأَ وَمَسَحَ على خُفَّيْهِ.
قالَ إبْراهيم: فكانَ يُعْجِبُهُمْ هذا الحَدِيثَ لأِنَّ إسْلَامَ جرِيرٍ كانَ بَعدَ نُزُولِ المَائِدَةِ. مُتفَقٌ عَليهِ)
(2)
. [صحيح]
ورواه أبو داود
(3)
وزاد "فقال جرير: لما سئل هل كان ذلك قبل المائدة أو بعدها؟ ما أسلمت إلا بعد المائدة".
وكذلك رواه الترمذي
(4)
من طريق شهر بن حوشب
(5)
قال: "فقلت له أقبل المائدة أم بعدها؟ فقال جرير: ما أسلمت إلا بعد المائدة". وعند الطبراني
(6)
من
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أحمد في مسنده (4/ 358) والبخاري في صحيحه (1/ 494 رقم 387) ومسلم (1/ 227 رقم 72/ 272).
(3)
في سننه (1/ 107 رقم 154). قلت: وأخرجه الترمذي (1/ 155 رقم 93) وابن ماجه (1/ 181 رقم 543) والحميدي في مسنده رقم (797) وابن خزيمة رقم (186).
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(4)
في سننه (1/ 156 - 157 رقم 94).
(5)
قال ابن حجر: صدوق كثير الإرسال والأوهام. التقريب (1/ 355).
(6)
في "الأوسط" رقم (7143).
وقال: "لم يروِ هذا الحديث عن محمد بن سيرين إلَّا خالدٌ الحذاء، ولا عن خالدٍ إلَّا حربُ بن سريج، تفرَّد به: شيبانُ بنُ فروخٍ" اهـ.
قلت: حرب بن سريج البصري: وثقه ابن معين، ولينه غيره. قال ابن حبان: يخطئ كثيرًا حتى خرج عن حدّ الاحتجاج به إذا انفرد
…
وقال البخاري: روى عنه ابن المبارك، فيه نظر .. قال ابن عدي: في حديثه غرائب وأفرادات، وأرجو أنه لا بأس به. "الميزان"(1/ 469 - 470) ". =
رواية محمد بن سيرين عن جرير أنه كان في حجة الوداع، قال الترمذي
(1)
: "هذا حديثٌ مُفَسِّرٌ لأنَّ بعضَ مَنْ أنكرَ المسحَ على الخفينِ تأوَّلَ مسحَ النبي صلى الله عليه وسلم على الخفينِ أنه كان قبل نزولِ آية الوضوء التي في المائدة فيكون منسوخًا".
والحديث يدل على مشروعية المسح على الخفين، وقد نقل ابن المنذر
(2)
عن ابن المبارك قال: ليس في المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف لأن كل من روى عنه منهم إنكاره، فقد روي عنه إثباته".
وقال ابن عبد البر
(3)
: "لا أعلم روي عن أحد من فقهاء السلف إنكاره إلا عن مالك، مع أن الروايات الصحيحة مصرحة عنه بإثباته" وقد أشار الشافعي
(4)
في الأم إلى إنكار ذلك عن المالكية، والمعروف المستقر عندهم الآن قولان: الجواز مطلقًا، ثانيهما: للمسافر دون المقيم. وعن ابن نافع في المبسوط أن مالكًا إنما كان يتوقف في خاصة نفسه مع إفتائه بالجواز.
قال ابن المنذر
(5)
: اختلف العلماء أيهما أفضل: المسح على الخفين، أو نزعهما وغسل القدمان؟ والذي أختاره أن المسح أفضل لأجل من طعن فيه من أهل البدع من الخوارج والروافض. قال: وإحياء ما طعن فيه المخالفون من السنن أفضل من تركه انتهى.
= وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" رقم (1164): "صدوق يخطئ" وتعقبه المحرران فقالا بل "ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد".
• وشيبان بن فروخ قال عنه الحافظ في "التقريب" رقم (2834): "صدوق يهم" وتعقبه المحرران فقالا: بل "صدوق حسن الحديث".
(1)
في سننه (1/ 157 - 158).
(2)
في "الأوسط"(1/ 434) وعبارته: "ليس في المسح على الخفين اختلاف أنه جائز، قال: وذلك أن كل من روى عنه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه كره المسح على الخفين، فقد روي عنه غير ذلك.
(3)
في "التمهيد"(11/ 141) وعبارته: "وكذلك لا أعلم في التابعين أحدًا ينكر ذلك ولا في فقهاء المسلمين إلّا رواية جابر عن مالك. والروايات الصحاح عنه بخلافه. وهي منكرة يدفعها موطاؤه وأصول مذهبه" اهـ. وانظر: "الاستذكار"(2/ 237 رقم 2182).
(4)
انظر: "المجموع"(1/ 500 - 501).
(5)
في "الأوسط"(1/ 439 - 440).
قال النووي في شرح مسلم
(1)
: وقد روى المسح على الخفين خلائق لا يحصون من الصحابة.
قال الحسن: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين" أخرجه عنه ابن أبي شيبة
(2)
، قال الحافظ في الفتح
(3)
: "وقد صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر، وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين منهم العشرة". وقال الإِمام أحمد
(4)
: فيه أربعون حديثًا عن الصحابة مرفوعة.
وقال ابن أبي حاتم
(5)
: فيه عن أحد وأربعين.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار
(6)
: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين
(1)
(3/ 164).
(2)
عزاه إليه الحافظ في "الفتح"(1/ 306). ولم أجده في "المصنف" المطبوع.
وذكره ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 430). والزيلعي في "نصب الراية"(1/ 162).
وابن عبد البر في "الاستذكار"(2/ 239 رقم 2191) وفي "التمهيد"(11/ 137).
(3)
في "الفتح"(1/ 306).
(4)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 158).
(5)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 158).
(6)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 158).
وقال في "الاستذكار"(2/ 237 رقم 2181): "والقائلون بالمسح على الخفين هم الجَمّ الغفيرُ، والعددُ الكثيرُ الذين لا يجوزُ عليهم الغلط ولا التشاغُر ولا التواطؤُ، وهم جمهورُ الصحابة، والتابعين، وهم فقهاء المسلمين" اهـ.
وقال أيضًا: "2/ 240 رقم 2192): "وعمل بالمسح على الخفين أبو بكر وعُمر وعثمانُ وعلى، وسائرُ أهل بدرٍ وأهلِ الحديبية وغيرهم من المهاجرينَ والأنصار" اهـ.
وقال أيضًا: (2/ 236 رقم 2177): "وفيه - أي حديث المغيرة - الحكم الجليل الذي فرّق بينَ أهل السنة وأهل البدع، وهو المسح على الخفين، لا ينكره إلا مبتدعٌ خارج عن جماعة المسلمين، فأهلُ الفقهِ والأثر لا خلافَ بينهم في ذلك بالحجازِ والعراقِ والشام وسائر البلدان، إلّا قومًا ابتدعوا، فأنكرو المسح على الخفين، وقالُوا: إنه خلاف القرآن، وعملُ القرآن ونسَخَه".
"2178 - ومعاذ الله أن يخالفَ رسولُ اللهِ كتابَ الله الذي جاءَ بهِ".
"2179 - قال الله تعالى: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].
نحو أربعين من الصحابة. وذكر أبو القاسم بن منده أسماء من رواه في تذكرته، فكانوا ثمانين صحابيًا. وذكر الترمذي
(1)
والبيهقي
(2)
في سننهما منهم جماعة. وقد نسب القول بمسح الخفين إلى جميع الصحابة، كما تقدم عن ابن المبارك، وما روي عن عائشة وابن عباس وأبي هريرة من إنكار المسح، فقال ابن عبد البر
(3)
: لا يثبت. قال أحمد
(4)
: لا يصح حديث أبي هريرة في إنكار المسح وهو باطل.
وقد روى الدارقطني
(5)
عن عائشة القول بالمسح، وما أخرجه ابن أبي شيبة
(6)
عن علي أنه قال: "سبق الكتاب الخفين" فهو منقطع. وقد روى عنه مسلم
(7)
والنسائي
(8)
القول به بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم. وما روي عن عائشة أنها
(1)
في السنن (1/ 156): "وفي الباب" عن عمر، وعلي، وحذيفة، والمغيرة، وبلالٍ، وسعدٍ، وأبي أيوبَ، وسلمانَ، وبُريدة، وعمرو بن أمية، وأنس، وسهل بن سَعدٍ، ويعلى بن مُرَّةَ، وعُبادةَ بن الصامتِ، وأسامةَ بن شريك، وأبي أُمامةَ، وجابر، وأسامةَ بن زيدٍ، وابنِ عبادة، ويقالُ ابنُ عمارة؛ وأُبي بنُ عمارة" اهـ.
(2)
في السنن الكبرى (1/ 272)"وروينا جواز المسح على الخفين عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وحذيفة بن اليمان، وأبي أيوب الأنصاري، وأبي موسى الأشعري، وعمار بن ياسر، وجابر بن عبد الله، وعمرو بن العاص، وأنس بن مالك، وسهل بن سعد، وأبي مسعود الأنصاري، والمغيرة بن شعبة، والبراء بن عازب، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن سمرة، وأبي أمامة الباهلي، وعبد الله بن الحارث بن جزء، وأبي زيد الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين" اهـ.
(3)
في "التمهيد"(11/ 138).
(4)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 158).
(5)
في سننه (1/ 194 رقم 6): عن عائشة أنها قالت: "ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح منذ أنزلت عليه سورة المائدة، حتى لحق بالله عز وجل".
(6)
في "المصنف"(1/ 186) بسند منقطع.
وذكرها البيهقي في "المعرفة"(2/ 106 رقم 1984)، ثم قال عقبها رقم (1985):"ولم يُرْوَ ذلك عنه بإسنادٍ موصول صحيح تقوم به الحجة" اهـ.
(7)
في صحيحه (1/ 232 رقم 85/ 276).
(8)
في سننه (1/ 84).
قلت: وأخرجه أبو داود الطيالسي رقم (92) وابن حبان (2/ 311 - 312 رقم 1328) والحميدي (1/ 25 رقم 46) وأحمد (1/ 96) وابن ماجه (1/ 183 رقم 552) وابن خزيمة =
قالت: "لأن أقطع رجلّي أحب إليَّ من أن أمسح [عليهما]
(1)
"ففيه محمد بن مهاجر، قال ابن حبان
(2)
: كان يضع الحديث.
وأما القصة التي ساقها الأمير الحسين في الشفاء
(3)
وفيها المراجعة الطويلة بين عليّ وعمر، واستشهاد علي لاثنين وعشرين من الصحابة فشهدوا بأن المسح كان قبل المائدة. فقال ابن بهران
(4)
: "لم أر هذه القصة في شيء من كتب الحديث". ويدل لعدم صحتها عند أئمتنا أن الإِمام المهدي نسب القول بمسح الخفين في البحر
(5)
إلى عليّ عليه السلام.
وذهبت العترة جميعًا والإِمامية والخوارج وأبو بكر بن داود الظاهري
(6)
إلى أنه لا يجزيء المسح عن غسل الرجلين، واستدلوا بآية المائدة
(7)
، وبقوله صلى الله عليه وسلم لمن علمه: "واغسل [رجلك]
(8)
"
(9)
ولم يذكر المسح. وقوله بعد غسلهما: "لا
= (1/ 97 رقم 194) وأبو يعلى في المسند (1/ 229 رقم 4/ 264) وغيرهم وهو حديث حسن عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم - يعني في المسح على الخفين -.
(1)
في (ب): (على الخفين).
(2)
في "المجروحين"(2/ 310 - 311). وانظر: "الميزان"(4/ 49 رقم 8218).
(3)
أي "شفاء الأوام في أحاديث الأحكام للتمييز بين الحلال والحرام" للأمير الحسين بن بدر الدين (1/ 65). قلت: لم تذكر هذه القصة في شيء من كتب الحديث فيما أعلم.
(4)
في "كتاب جواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار" له. واسمه: محمد بن يحيى بهران الصعدي المتوفى سنة (957 هـ). (1/ 70) وهو بذيل البحر الزخار.
(5)
(1/ 68).
(6)
انظر: "البحر الزخار"(1/ 69).
(7)
رقم (6): {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} .
وقال ابن عبد البر في "التمهيد"(11/ 137): "وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين نحو أربعين من الصحابة، واستفاض وتواتر وأتت به الفرق. إلا أن بعضهم زعم أنه كان قبل نزول المائدة وهذه دعوى لا وجه لها ولا معنى".
(8)
في (ب): (رجليك).
(9)
ذكره محمد بن يحيى بهران في جواهر الأخبار والآثار (1/ 65) ولفظه "توضأ كما أمرك الله، فاغسل وجهك ويديك وامسح رأسك واغسل رجليك" وقال ذكره القاضي حسين في الشفا. وهو تقدم الكلام عليه.
يقبل الله الصلاة من دونه"
(1)
وقوله: "ويل للأعقاب من النار"
(2)
قالوا: والأخبار بمسح الخفين منسوخة بالمائدة.
وأجيب عن ذلك، أما الآية فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم المسح بعدها كما في حديث جرير المذكور في الباب
(3)
. وأما حديث "واغسل [رجلك]
(4)
"فغاية ما فيه الأمر بالغسل وليس فيه ما يشعر بالقصر، ولو سلم وجود ما يدل على ذلك لكان مخصصًا بأحاديث المسح المتواترة. وأما حديثه: "لا يقبل الله الصلاة بدونه" فلا ينتهض للاحتجاج به، فكيف يصلح لمعارضة الأحاديث المتواترة مع أنا لم نجده بهذا اللفظ من وجه يعتد به. وأما حديث "ويل للأعقاب من النار" فهو وعيد لمن مسح رجله ولم يغسلها، ولم يرد في المسح على الخفين. فإن قلت: هو عام فلا يقصر على السبب. قلت: لا نسلم شموله لمن مسح على الخفين، فإنه يدع رجله كلها، ولا يدع العقب فقط سلمنا فأحاديث المسح على الخفين مخصصة للماسح من ذلك الوعيد.
وأَما دعوى النسخ فالجواب أن الآية عامة مطلقًا باعتبار حالتي لبس الخف وعدمه، فتكون أحاديث الخفين مخصصة أو مقيدة فلا نسخ. وقد تقرر في الأصول رجحان القول ببناء العام على الخاص مطلقًا. وأما من يذهب إلى أن العام المتأخر ناسخ، فلا يتم له ذلك إلا بعد تصحيح تأخر الآية وعدم وقوع المسح بعدها.
وحديث جرير
(5)
نص في موضع النزاع، والقدح في جرير بأنه فارق عليًا ممنوع فإفه لم يفارقه، وإنما أحتبس عنه بعد إرساله إلى معاوية لأعذار. على أنه قد نقل الإِمام الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير الإِجماع على قبول رواية فاسق
(1)
أخرجه أبو داود (1/ 536 - 537 رقم 858) وابن ماجه (1/ 156 رقم 460) عن رفاعة بن رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل: فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين
…
". وهو حديث صحيح.
(2)
حديث صحيح تقدم تخريجه رقم (44/ 206) و (45/ 207) و (46/ 208) و (47/ 209) من كتابنا هذا.
(3)
رقم (1/ 223) من كتابنا هذا.
(4)
في (ب): (رجليك).
(5)
وهو حديث صحيح. تقدم تخريجه رقم (1/ 223) من كتابنا هذا.
التأويل في عواصمه وقواصمه
(1)
من عشر طرق، ونقل الإِجماع أيضًا من طرق أكابر أئمة الآل وأتباعهم على قبول رواية الصحابة قبل الفتنة وبعدها، فالاسترواح إلى الخلوص عن أحاديث المسح بالقدح في ذلك الصحابي الجليل بذلك الأمر مما لم يقل به أحد من العترة وأتباعهم وسائر علماء الإِسلام.
وصرح الحافظ في الفتح
(2)
بأن آية المائدة نزلت في غزوة المريسيع
(3)
وحديث المغيرة الذي تقدم وسيأتي
(4)
، وكان في غزوة تبوك
(5)
، وتبوك متأخرة بالاتفاق. وقد صرح أبو داود في سننه
(6)
بأن حديث المغيرة في غزوة تبوك، وقد ذكر البزار
(7)
أن حديث المغيرة هذا رواه عنه ستون رجلًا. واعلم أن في المقام مانعًا من دعوى النسخ لم ينتبه له أحد فيما علمت، وهو أَن الوضوء ثابت قبل نزول المائدة بالإتفاق، فإن كان المسح على الخفين ثابتًا قبل نزولها فورودها بتقرير أحد الأمرين - أعني الغسل - مع عدم التعرض للآخر وهو المسح لا يوجب نسخ المسح على الخفين لا سيما إذا صح ما قاله البعض من أَن قراءة الجر في قوله في الآية {وَأَرْجُلَكُمْ}
(8)
مراد بها مسح
(1)
(1/ 369 - وما بعده)
قلت: وانظر رسالة للإمام الشوكاني بعنوان "سؤال وجواب عن عدالة جميع الصحابة هل هي مسلمة أم لا؟ " بتحقيقي.
(2)
(1/ 307 - 308).
(3)
المُرَيسيع: ماء لبني المصطَلِق يقالُ له: المُرَيسيع، من ناحية قُدَيد إلى الساحل، لقيهم التبي صلى الله عليه وسلم فيه واقتتلوا، فهزم الله بني المصطلق وكانت هذه الغزوة في شعبان سنة ست "السيرة النبوية" لابن هشام (3/ 401).
(4)
برقم (3/ 225) من كتابنا هذا.
(5)
تبوك: موضع بين وادي القُرى والشام، وقيل بركة لأبناء سعد بن بني عُذرة؛ وقال أبو زيد: تبوك بين الحِجر وأوله الشام على أَربع مراحل من الحجر نحو نصف طريق الشام وهو حصن به عين. ونخل وحافظ ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم
…
" معجم البلدان (2/ 14).
وكانت غزوة تبوك في رجب سنة تسع "السيرة النبوية" لابن هشام (4/ 215).
(6)
(1/ 116 وفي 165).
(7)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 158) وعبارته: "ذكر البزار أنه روى عنه من نحو ستين طريقًا، وذكر ابن مندة منها خمسة وأربعين" اهـ.
(8)
سورة المائدة: الآية 6.
الخفين، وأما إذا كان المسح غير ثابت قبل نزولها فلا نسخ بالقطع.
نعم، يمكن أن يقال على التقدير الأول: إن الأمر بالغسل نهي عن ضده، والمسح على الخفين من أضداد الغسل المأمور به، لكن كون الأمر بالشيء نهيًا عن ضده محل نزاع واختلاف
(1)
، وكذلك كون المسح على الخفين ضدًا للغسل، وما كان بهذه المثابة حقيق بأن لا يعول عليه لا سيما في إبطال مثل هذه السنة التي سطعت أنوار شموسها في سماء الشريعة المطهرة.
والعقبة الكؤود في هذه المسألة نسبة القول بعدم إجزاء المسح على الخفين إلى جميع العترة المطهرة، كما فعله الإِمام المهدي في البحر، ولكنه يهون الخطب بأن إمامهم وسيدهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب [رضي الله عنه]
(2)
من القائلين بالمسح على الخفين
(3)
، وأيضًا هو إجماع ظني، وقد صرح جماعة من الأئمة منهم: الإِمام يحيى بن حمزة
(4)
بأنها تجوز مخالفته
(5)
. وأيضًا فالحجة إجماع جميعهم، وقد تفرقوا في البسيطة وسكنوا الأقاليم المتباعدة، وتمذهب كل واحد منهم بمذهب أهل بلده، فمعرفة إجماعهم في جانب التعذر. وأيضًا لا يخفى على المنصف ما ورد على إجماع الأمة من الإِيرادات التي لا يكاد ينتهض معها للحجية بعد تسليم إمكانه ووقوعه. وانتفاء حجية الأعم يستلزم انتفاء حجية الأخص.
وللمسح شروط وصفات، وفي وقته اختلاف، وسيذكر المصنف رحمه الله
(1)
انظر رسالة الإمام الشوكاني بعنوان "بحث في كون الأمرِ بالشيء نهيًا عن ضده" بتحقيقي.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
تقدم تخريجه قريبًا.
(4)
هو يحيى بن حمزة بن علي الحسيني الموسوي الإمام العلامة صاحب المؤلفات الكثيرة منها "الانتصار" ومنها، الطراز في علوم البلاغة، وهو مطبوع بمصر. ومنها غير ذلك ولد بـ "حوث" في صفر سنة 667 هـ وقام بالدعوة سنة 729 هـ وتوفي بحصن هران" سنة 749 هـ. ونقل إلى "ذمار" فدفن بها.
[مقدمة البحر الزخار صفحة (ض)].
(5)
لأنه إجماع طائفة معينة وهي العترة، فلا يعد من الإجماع الاصطلاحي المقصود، على رأي جمهور الأصوليين.
انظر: "الإجماع" في "إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول" بتحقيقي.
جميع ذلك. والخف نعل من أدم يغطي الكعبين. والجرموق
(1)
أكبر منه يلبس فوقه، والجورب أكبر من الجرموق.
2/ 224 - (وعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عمَرَ [رضي الله عنه]
(2)
أن سَعْدًا حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أنهُ مسَح على الخفَّيْنِ، وَأَن ابْنِ عُمَرَ سأل عَنْ ذْلِكَ عُمَرَ، فقال: نعمْ إذا حَدَّثَكَ سَعْدٌ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شَيئًا فلا تَسألْ عَنْهُ غَيرهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ
(3)
والبُخاريُّ
(4)
. [صحيح]
وَفيه دَلِيلٌ على قبُولِ خَبرِ الواحدِ)
(5)
.
الحديث أخرجه أحمد
(6)
أيضًا من طريق أخرى عن ابن عمر، وفيها قال:"رأيت سعد بن أبي وقاص يمسح على خفيه بالعراق حين توضأ، فأنكرت ذلك عليه فلما اجتمعنا عند عمر قال لي سعد: سل أباك فذكر القصة" ورواه ابن خزيمة
(7)
أيضًا عن ابن عمر بنحوه وفيه أن عمر قال: "كنا ونحن مع نبينا نمسح على خفافنا لا نرى بذلك بأسًا.
قوله: (فلا تَسأل عنهُ غيرهُ) قال الحافظ
(8)
: "فيه دليل على أن الصفات الموجبة للترجيح إذا اجتمعت في الراوي كانت من جملة القرائن التي إذا حفت خبر الواحد قامت مقام الأشخاص المتعددة، وقد تفيد العلم عند البعض دون
(1)
الجُرمُوق: بضم الجيم والميم وهو أعجمي معرب. وهو شيء يشبه الخف فيه إتساع يلبس فوق الخف في البلاد الباردة. "المجموع"(1/ 531).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
في المسند (1/ 15) بسند صحيح.
(4)
في صحيحه (1/ 305 رقم 202). قلت: وأخرجه النسائي (1/ 82) وابن خزيمة رقم (182) مختصرًا ولم يذكرا فيه عمر.
(5)
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (13/ 235): "واحتج بعض الأئمة بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] مع أنَّه كان رسولًا إلى الناس كافة، ويجب عليه تبليغهم، فلو كان خبر الواحد غير مقبول لتعذّر إبلاغ الشريعة إلى الكل ضرورة لتعذر خطاب جميع الناس شفاهًا. وكذا تعذر إرسال عدد التواتر إليه، وهو مسلك جيد ينضم إلى ما احتج به الشافعي رحمه الله تعالى - في كتابه القيم: "الرسالة" ص 369 - 471) - ثم البخاري رحمه الله تعالى - في صحيحه "كتاب أخبار الآحاد" (13/ 231 - 244 - مع الفتح) - " اهـ.
(6)
في المسند (1/ 14 - 15). بسند حسن.
(7)
في صحيحه (1/ 93 رقم 184). بسند صحيح.
(8)
في "فتح الباري"(1/ 306).
البعض، وعلى أن عمر كان يقبل خبر الواحد، وما نقل عنه من التوقف، إنما كان عند وقوع ريبة له في بعض المواضع".
قال
(1)
: "وفيه أَن الصحابي قديم الصحبة قد يخفى عليه من الأمور الجليلة في الشرع ما يطلع عليه غيره، لأن ابن عمر أَنكر المسح على الخفين مع قديم صحبته، وكثرة روايته"، وقد روى القصة في الموطأ
(2)
أيضًا.
والحديث يدل على المسح على الخفين، وقد تقدم الكلام عليه في الذي قبله.
3/ 225 - (وَعَنِ المُغيَرةِ بْنِ شُعبةَ [رضي الله تعالى عنه وأرضاه]
(3)
قالَ: كُنْتُ مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم في سَفَر فقَضى حَاجَتَهُ، ثمَّ تَوضَّأ ومسَحَ على خُفيْهِ، قلْتُ: يا رَسُولَ الله أَنَسِيتَ؟ قالَ: "بَلْ أنْتَ نَسِيتَ بِهذا أمَرَنِي رَبِّي عز وجل". رَواهُ أَحمْدُ
(4)
وَأَبُو دَاوُدَ
(5)
. [ضعيف]
وقالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ
(6)
: رَوَى المَسَحَ سَبْعُونَ نَفسًا [من الصحابة]
(7)
فِعْلًا مِنهُ وَقَوْلًا).
الحديث إسناده [صحيح
(8)
]
(9)
، ولم يتكلم عليه أَبو داود ولا المنذرِي في تخريج السنن ولا غيرهما.
(1)
أي الحافظ ابن حجر في "الفتح"(1/ 306).
(2)
للإمام مالك (1/ 36 رقم 42). موقوفًا على عمر.
قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير (1/ 73 رقم 86) بسند حسن.
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في المسند (4/ 246).
(5)
في السنن (1/ 108 رقم 156).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 170) كلهم من طريق بُكَيْر بن عامر البَجَلي.
وقال الحاكم: قد اتفق الشيخان على إخراج حديث المغيرة بن شعبة في المسح، ولم يخرجا قوله صلى الله عليه وسلم:"بهذا أمرني ربي" وإسناده صحيح. ووافقه الذهبي.
قلت: بُكير بن عامر البَجَلي، أبو إسماعيل الكوفي: ضعيف. قاله الحافظ في "التقريب" رقم (759).
وضعف الألباني الحديث في ضعيف أبي داود.
(6)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 430) والزيلعي في "نصب الراية"(1/ 162) وابن عبد البر في "الاستذكار"(2/ 239 رقم 2191) وفي "التمهيد"(11/ 137) والحافظ في "الفتح"(1/ 306).
(7)
زيادة من (جـ).
(8)
بل سنده ضعيف كما تقدم.
(9)
في (جـ): (صالح).
وقد رواه أبو داود
(1)
في الطهارة عن هُدْبَة بن خالد، عن همام، عن قتادة، عن الحسن، وعن زُرَارَة بن أوْفى كلاهما عن المغيرة به. وفي رواية أَبي عيسى الرملي عن أبي داود عن الحسن بن أعين عن زرارة بن أوفى عن المغيرة، وهؤلاء كلهم رجال الصحيح، وما يظن من تدليس الحسن قد ارتفع بمتابعة زرارة [بن أوفى]
(2)
له. وقد تقدم الكلام عليه في أول الباب.
[الباب الثاني] باب المسح على الموقين وعلى الجوربين والنعلين جميعًا
4/ 226 - (عَنْ بِلَال [رضي الله عنه]
(3)
قالَ: رأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَح على المُوقَيْنِ والخِمَارِ. روَاهُ أَحَمدُ
(4)
.
ولِأبي دَاوُدَ
(5)
: كانَ يَخْرُجُ يَقْضِي حاجَتَهُ فآتِيهِ بِالمَاءِ فَيتوضَّأُ وَيَمْسَح على عِمامتِهِ وَمُوقَيْهِ.
ولِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُور في سُنِنِه
(6)
عَنْ بِلَالٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "امْسَحُوا على النَّصِيفِ
(7)
والمُوقِ". [صحيح]
(1)
في سننه (1/ 106 رقم 152) وهو حديث صحيح.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في المسند (6/ 12) عنه بلفظ: "مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين والخمار".
قلت: وأخرجه بهذا اللفظ الترمذي (1/ 172 رقم 101) والنسائي (1/ 75 رقم 104).
وابن ماجه (1/ 186 رقم 561) ومسلم (1/ 231 رقم 84/ 275).
(5)
في سننه (1/ 106 رقم 153) عنه بلفظ: "
…
ويمسح على عمامته ومُوقيْه".
قلت: وأخرجه بهذا الفظ الحاكم (1/ 170) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 289).
قال الحاكم: هذا حديث صحيح، فإن أبا عبد الله مولى بني تيم معروف بالصحة والقبول وأما الشيخان فإنهما لم يخرجا ذكر المسح على الموقين.
وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/ 95 رقم 189) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 178) عنه بلفظ: "أنه صلى الله عليه وسلم مسح على الموقين والخمار".
(6)
عزاه إليه علي المثقي الهندي في "كنز العمال"(9/ 405 رقم 26711)
(7)
النصيف: هو الخمار. [النهاية 5/ 66]. =
5/ 227 - (وَعنِ المُغيرَةِ بْنِ شعبَةَ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ وَمَسَحَ على الجَوُرَبَينِ والنَّعْليْنِ. رَواهُ الخَمْسَةُ إلَّا النَّسائِي وصحَّحهُ التِّرْمذِيُ)
(1)
. [صحيح]
= وخلاصة القول أن حديث بلال حديث صحيح والله أعلم.
(1)
أخرجه أحمد (4/ 252) وأبو داود (1/ 112 رقم 159) والترمذي (1/ 167 رقم 99) وابن ماجه (1/ 185 رقم 559) قلت: وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (1/ 92 رقم 130) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 283 - 284).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وقال أبو داود: وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث، لأن المعروف عن المغيرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين.
وقال أبو داود: وروي هذا أيضًا عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين وليس بالمتصل ولا بالقوي.
وقال أبو داود: ومسح على الجوربين: علي بن أبي طالب، وابن مسعود، والبراء بن عازب وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وسهل بن سعد، وعمرو بن حريث، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس.
وقال البيهقي: إنه حديث منكر، ضعفه سفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، ومسلم بن الحجاج. والمعروف عن المغيرة حديث المسح على الخفين ويروى عن جماعة أنهم فعلوه.
وقال النووي في "المجموع"(1/ 527) عقب كلام البيهقي: " .. فهؤلاء هم أعلام أئمة الحديث، وإن كان الترمذي قال: حديث حسن - صحيح - فهؤلاء مقدمون عليه بل كل واحد من هؤلاء لو انفرد قدم على الترمذي باتفاق أهل المعرفة" اهـ.
ورد الألباني في الإرواء (1/ 138) على من أعله بقوله: "وهذا ليس بشيء لأن السند صحيح ورجاله ثقات - رجال البخاري في صحيحه محتجًا بهم - كما ذكرنا، وليس فيه مخالفة لحديث المغيرة المعروف في المسح على الخفين فقط وقد سبق تخريجه. بل فيه زيادة عليه، والزيادة من الثقة مقبولة كما هو مقرر في "المصطلح" فالحق أن ما فيه حادثة أخرى غير الحادثة التي فيها المسح على الخفين. وقد أشار لهذا العلامة ابن دقيق العيد، وقد ذكر قوله في ذلك الزيلعي في "نصب الراية (1/ 184 - 185) ونقلته في "صحيح أبي داود"(147) فراجعه) ". وقد صححه الألباني في الإرواء رقم (101). وقال الزيلعي في "نصب الراية" (1/ 185): "
…
ومن يصححه يعتمد بعد تعديل أبي قيس على كونه ليس مخالفًا لرواية الجمهور مخالفة معارضة، بل هو أمر زائد على ما رووه، ولا يعارضه، ولا سيما وهو طريق مستقل برواية هذيل عن المغيرة لم يشارك المشهورات في سندها" اهـ.
وخلاصة القول أن حديث المغيرة حديث صحيح والله أعلم.
حديث بلال أخرجه أيضًا الترمذي
(1)
والطبراني
(2)
، وأخرجه [أيضًا]
(3)
الضياء في المختارة
(4)
باللفظ الأول.
وحديث المغيرة [أخرجه ابن ماجه
(5)
أيضًا] (3) قال أَبو داود
(6)
: "كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث؛ لأن المعروف عن المغيرة أَن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين".
قال أبو داود
(7)
: "ومسح على الجوربين: عليُّ بن أبي طالب
(8)
، وابن مسعود
(9)
، والبراء بن عازب
(10)
، وأنس بن مالك
(11)
، وأبو أمامة
(12)
، وسهل بن سعد
(13)
، وعمرو بن حُرَيْث. ورُويَ ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن عباس". قال
(14)
: "وروي هذا الحديث عن أَبي موسى الأشعري وليس بالمتصل ولا بالقوي"، ولكنه أخرجه عنه ابن ماجه
(15)
وإنما قال أبو داود: إنه ليس بمتصل لأنه رواه الضحاك بن عبد الرحمن
(16)
عن أبي موسى. قال
(1)
في سننه (1/ 167 رقم 99) وقال حديث حسن صحيح. وقد تقدم.
(2)
في "الكبير"(1/ 350 رقم 1060) قلت: وأخرجه مسلم رقم (84/ 275).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
لم يطبع مسند المغيرة من المختارة فيما أعلم
(5)
في سننه رقم (559).
(6)
في سننه (1/ 113).
(7)
في سننه (1/ 113). قلت: صحيح: عن أبي مسعود، والبراء، وأنس. وحسن: عن أبي أمامة.
(8)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 462) عن عمرو بن حريث، قال: رأيت عليًا بال ثم توضأ ومسح على الجوربين" بسند صحيح.
(9)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 462) عن أبي مسعود: "أنه كان يمسح على
الجوربين" بسند صحيح.
(10)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 463) عن رجاء بن ربيعة الزبيدي قال: "رأيت البراء توضأ فمسح على الجوربين" بسند صحيح.
(11)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 462) عن قتادة، عن أنس:"أنه كان يمسح على الجوربين" بسند صحيح.
(12)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 463) عن أبي غالب، عن أبي أمامة:"أنه كان يمسح على الجوربين، والخفين، والعمامة" بسند حسن.
(13)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 463) عن أبي حازم قال: رأيت سهلًا يمسح على الجوربين" بسند حسن.
(14)
أبو داود في سننه (1/ 113).
(15)
في سننه (1/ 186 رقم 560).
(16)
الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب ويقال بن عرزم، وعرزب أصح. =
البيهقي
(1)
: لم يثبت سماعه من أبي موسى وإنما قال: ليس بالقوي لأن في إسناده عيسى بن سنان
(2)
ضعيف لا يحتج به، وقد ضعفه يحيى بن معين.
وفي الباب عن ابن عباس عند البيهقي
(3)
، وأوس بن أبي أوس عند أَبي داود
(4)
بلفظ: "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على نعليه"، وعلي بن أبي طالب عند ابن خزيمة
(5)
وأحمد بن عبيد الصفار، وعن أنس عند البيهقي
(6)
.
= روى عن أبي موسى الأشعري، مرسل
…
سمعت أبي يقول ذلك.
[الجرح والتعديل (4/ 459 رقم 2027)].
(1)
في السنن الكبرى (1/ 284 - 285).
(2)
قال الحافظ في "التقريب"(رقم 5295) عيسى بن سِنَان الحَنَفي، أبو سنان القَسْمَلي، الفلسطيني، نزيل البصرة: لينُ الحديث.
وقد صححه الألباني في صحيح ابن ماجه رقم (560).
(3)
في السنن الكبرى (1/ 273) عن ابن عباس قال: "أنا عند عمر حين اختصم إليه سعد وابن عمر في المسح على الخفين فقضى لسعد. فقلت: لو قلتم بهذا في السفر البعيد، والبرد الشديد" قال البيهقي: فهذا تجويز منه للمسح في السفر البعيد والبرد الشديد، بعد أن كان ينكره على الإطلاق، وقد روى عنه أنه أفتى به للمقيم والمسافر جميعًا.
وأخرج البيهقي في السنن الكبرى (1/ 273) عن قتادة قال سمعت موسى بن سلمة قال: سألت ابن عباس عن المسح على الخفين فقال: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة" وهذا إسناد صحيح.
(4)
في سننه (1/ 113 - 114 رقم 160).
قلت: وأخرجه الطيالسي في المسند رقم (1113) وأحمد (4/ 8) والدولابي في الكنى (1/ 16) والبيهقي (1/ 286). وهو حديث صحيح.
(5)
في صحيحه (1/ 97 - 98 رقم 194).
قلت: وأخرجه أحمد (1/ 96) والنسائي (1/ 84) وابن ماجه (1/ 183 رقم 552) والطيالسي رقم (92) والحميدي (1/ 25 رقم 46) وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 202 - 203 رقم 788) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 177) وأبو عوانة (1/ 261) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 81) وأبو يعلى في المسند (1/ 229 رقم 4/ 264) والبيهقي (1/ 275) وأبو نعيم في "الحلية"(6/ 83). وهو حديث صحيح.
(6)
حديث أنس بن مالك ورد عنه من عدة طرق:
1 -
من رواية ابن المثني، عن عطاء الخراساني عنه، أخرجه ابن ماجه (1/ 182 رقم 548) وهو حديث ضعيف.
2 -
من رواية أبي عوانة عن أبي يعفور عنه، أخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (1318) وهو حديث صحيح.
3 -
من رواية علي بن الفضيل بن عبد العزيز الحنفي، حدثني سليمان التيمى عنه، أخرجه الطبراني في الأوسط رقم (4664). =
والحديث بجميع رواياته يدل على جواز المسح على الموقين وهما ضرب من الخفاف قاله ابن معيده والأزهري
(1)
وهو مقطوع الساقين قاله في الضياء، وقال الجوهري
(2)
: "الموق: الذي يلبس فوق الخف، قيل: وهو عربي، وقيل: فارسى معرّب" وعلى جواز المسج على الخمار وهو العمامة كما قاله النووي، وقد تقدم الكلام على ذلك في باب جواز المسح على العمامة
(3)
، وعلى جواز المسح على النصيف وهو أيضًا الخمار قاله في الضياء. وعلى جواز المسح على الجورب وهو لِفَافَة الرِّجْلِ قاله في الضياء والقاموس
(4)
وقد تقدم أنه الخف الكبير وقد قال بجواز المسح عليه من ذكره أبو داود
(5)
من الصحابة، وزاد ابن سيد الناس في شرح الترمذي
(6)
عبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وأبا مسعود البدري، وعقبة بن [عامر]
(7)
، وقد ذكر في الباب الأول
(8)
أن المسج على الخفين مجمع عليه بين الصحابة
(9)
. وعلى جواز المسح
= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 255) وقال: وفيه علي بن الفضل بن عبد العزيز، ولم أجد من ذكره.
4 -
من رواية حماد بن سلمة عن عبيد الله بن أبي بكر، وثابت، عنه. أخرجه الحاكم (1/ 181) والبيهقي (1/ 279).
قال الحاكم: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وعبد الغفار بن داود ثقة، غير أنه ليس عند أهل البصرة عن حماد. وقال الذهبي: على شرط مسلم، تفرد به عبد الغفار وهو ثقة، والحديث شاذ.
(1)
في "تهذيب اللغة"(9/ 363).
(2)
في "الصحاح"(4/ 1557).
(3)
الباب التاسع عشر: باب جواز المسح على العمامة. عند الحديث رقم (37/ 199) من كتابنا هذا.
(4)
القاموس المحيط (ص 86).
(5)
في سننه (1/ 113): قال أبو داود: ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب، وابن مسعود، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وسهلُ بن سعد، وعمرو بن حُريث، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن عباس.
(6)
طبع منه إلى باب النهي عن البول قائمًا فقط حتى الآن.
(7)
في المخطوط "عمرو" والصواب ما أثبتناه.
• وأما حديث عقبة بن عامر فقد أخرجه النيسابوري في الأبواب وتفرد به، كما في "البناية في شرح الهداية" للعيني (1/ 557).
(8)
باب في شرعيته عند الحديث رقم (1/ 223) من كتابنا هذا.
(9)
قال الشيخ صديق حسن خان في كتابه "الروضة الندية"(1/ 134) بتحقيقنا. "وقال ابن منده: إن الذين رووه من الصحابة رضي الله تعالى عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانون رجلًا" اهـ.
قلت: وإليك أسماءهم بالترتيب:
1 -
أبي بن عمار
2 -
أسامة بن زيد
3 -
أسامة بن شريك
4 -
أنس بن مالك
5 -
أوس بن أبي أوس الثففي
6 -
بديل =
على النعلين. قيل: وإنما يجوز على النعلين إذا لبسهما فوق الجوربين، قال الشافعي
(1)
: ولا يجوز مسح الجوربين إلا أن يكونا منعلين يمكن متابعة المشي فيهما.
[الباب الثالث] باب اشتراط الطهارة قبل اللبس
6/ 228 - (عَنِ المغِيَرة بْنِ شُعبةَ قال: كُنتُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ في
= 7 - البراء بن عازب
8 -
بُريدةُ بن الحُصيب
9 -
بلال
10 -
ثوبان
11 -
جابر بن سمرة
12 -
جابر بن عبد الله
13 -
جرير بن عبد الله البجلى
14 -
حذيفة
15 -
خالد بن عرفطة
16 -
خزيمة بن ثابت
17 -
ربيعة بن كعب الأسلمي
18 -
زيد بن خريم
19 -
سعد بن أبي وقاص
20 -
سلمان الفارسي
21 -
سهل بن سعد الساعدي
22 -
شبيب بن غالب
23 -
الشريد بن سويد
24 -
صفوان بن عَسَّال
25 -
عبادة بن الصامت
26 -
عبد الله بن رواحة
27 -
عبد الله بن عباس
28 -
عبد الله بن عمر
29 -
عبد الله بن مسعود
30 -
عبد الله بن مُغفَّل
31 -
عبد الرحمن بن بلال
32 -
عبد الرحمن بن حسنة
33 -
عصمة بن مالك
34 -
علي بن أبي طالب
35 -
عمار بن ياسر
36 -
عمر بن الخطاب
37 -
عمرو بن أمية الضمري
38 -
عمرو بن حزم
39 -
عمرو بن بلال
40 -
عوف بن مالك الأشجعي
41 -
عائشة
42 -
قيس بن سعد
43 -
كعب بن عَجْرَة
44 -
مالك بن ربيعة
45 -
مالك بن سعد
46 -
مسلم والد عوسجة
47 -
معقل بن يسار
48 -
المغيرةُ بن شعبة
49 -
ميمونة أم المؤمنين
50 -
يسار بن سويد الجهني
51 -
يعلى بن مُرَّة
52 -
أبو أمامة
53 -
أبو أمامة سهل بن حنيف
54 -
أبو أيوب الأنصاري
55 -
أبو بكر الصديق
56 -
أبو بَكْرَة
57 -
أبو بُردة
58 -
أبو برزة
59 -
أبو ذر
60 -
أبو زيد
61 -
أبو سعيد الخدري
62 -
أبو طلحة
63 -
أبو موسى الأشعري
64 -
أبو هريرة
65 -
أُمُّ سعد الأنصارية
66 -
عمرو بن الشريد
67 -
عوسجة بن حرملة
68 -
الشريد
69 -
عمرو بن حريث
70 -
أبو عمارة الأنصاري
71 -
أبو مسعود الأنصاري
72 -
عبد الله بن الحارث
73 -
عبد الرحمن بن عوف
74 -
فضالة بن عبيد
75 -
عقبة بن عامر
76 -
عثمان بن عفان
77 -
الزبير بن العوام
78 -
خالد بن سعيد بن العاص
79 -
عروة بن مالك
80 -
رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد قمت بتخريج أحاديثهم في كتابي "إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" جزء الطهارة.
(1)
انظر: "الأم (1/ 137 - 138 رقم 451) و"حلية العلماء" (1/ 165) و"روضة الطالبين" (1/ 126).
مَسِير فأفْرَغْتُ عَليهِ مِنَ الْإِدَاوَةِ فَغسلَ وَجهَهُ وغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَمسَحَ بِرَأسِهِ، ثمَّ أهْوَيْتُ لِأنْزِعَ خُفَّيْه، فقال:"دَعْهُما فإِني أدْخلتهُما طَاهِرَتَينِ" فمسَحَ عَلَيْهما. مُتَّفَق عَليْهِ
(1)
، ولِأَبِي دَاوُدَ
(2)
: "دَعِ الخُفَّينِ فَإِني أدْخلْتُ القَدَمَينِ الخفَّينِ وهُما طَاهِرتَانِ" فمَسَحَ عَلَيْهما). [صحيح]
7/ 229 - (وَعَنْ المغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قال: قُلنْا: يا رَسُولَ الله أيَمْسَحُ أحَدُنا على الخفَّيْنِ؟ قال: "نَعَمْ، إذا أدْخلَهُما وهُما طَاهِرَتانَ". رَواهُ الحُمَيدِي في مُسنَدهِ)
(3)
. [حسن]
حديث المغيرة ورد بألفاظ في الصحيحين وغيرهما
(4)
هذا أحدها، وقد ذكرنا فيما سلف أنه رواه ستون صحابيًا، كما صرح به البزار، وأنه في غزوة تبوك وهي بعد المائدة بالإتفاق
(5)
.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود
(6)
والترمذي وحسنه
(7)
.
وفي الباب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عند أبي داود
(8)
، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه عند ابن أبي شيبة
(9)
.
قوله: (ثم أهويت) أي مددت يدي، قال الأصمعي
(10)
: أهويت بالشيء: إذا أومأت به، وقال غيره: أهويت: قصدت الهويّ من القيام إلى القعود، وقيل: الإِهواءِ: الإِمالة.
(1)
البخاري (1/ 309 رقم 206).
ومسلم (1/ 230 رقم 79/ 274).
وأحمد في المسند (4/ 255).
(2)
في سننه (1/ 105 رقم 151). وهو حديث صحيح.
(3)
(2/ 335 رقم 758).
(4)
انظرها في "جامع الأصول"(7/ 228 - 233 رقم 5369).
(5)
تقدم الكلام على ذلك في نهاية شرح حديث رقم (3/ 225) من كتابنا هذا.
(6)
في سننه (1/ 114 رقم 161).
(7)
في سننه (1/ 165 رقم 98) وقال الترمذي: حديث المغيرة حديث حسن. وهو كما قال.
(8)
في سننه (1/ 114 - 115 رقم 162). وهو حديث صحيح.
(9)
في "المصنف"(1/ 178).
(10)
انظر: "لسان العرب"(15/ 166 - 167).
قوله: (فإني أدخلتهما طاهرتين) هو يدل على اشتراط الطهارة في اللبس لتعليله عدم النزع بإدخالهما طاهرتين وهو مقتض أن إدخالهما غير طاهرتين يقتضي النزع، وقد ذهب إلى ذلك الشافعي
(1)
ومالك
(2)
وأحمد
(3)
وإسحق. وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري ويحيى بن آدم والمزني وأبو ثور وداود
(4)
: يجوز اللبس على حدث ثم يكمل طهارته، والجمهور حملوا الطهارة على الشرعية وخالفهم داود فقال: المراد إذا لم يكن على رجليه نجاسة. وقد استدل به على أن إكمال الطهارة فيهما شرط حتى لو غسل أحدهما وأدخلها الخف ثم غسل الأخرى وأدخلها الخف لم يجز المسح، صرح بذلك النووي
(5)
وغيره.
قال في الفتح
(6)
: "عند الأكثر، وأجاز الثوري والكوفيون والمزني ومطرف وابن المنذر وغيرهم أنه يجزيء المسح إذا غسل أحدهما وأدخلها الخف ثم الأخرى لصدق أنه أدخل كلًا من رجليه الخف وهي طاهرة، وتعقب بأن الحكم المرتب على التثنية غير الحكم المرتب على الوحدة واستضعفه ابن دقيق العيد لأن الاحتمال باق. قال: لكن إن ضم إليه دليل يدل على أن الطهارة لا تتبعض، اتجه".
وصرح بأنه لا يمتنع أن يعبر بهذه العبارة عن كون كل واحد منهما أدخلت طاهرة قال: بل ربما يدعي أنه ظاهر في ذلك، فإن الضمير في قوله: أدخلتهما يقتضي تعليق الحكم بكل واحدة منهما، نعم من روى "فإني أدخلتهما وهما طاهرتان" قد يتمسك بروايته هذا القائل من حيث إن قوله: أدخلتهما [يقتضى]
(7)
كل واحدة منهما فقوله: "وهما طاهرتان" يصير حالًا من كل واحدة فيكون التقدير أدخلت كل واحدة منهما حال [طهارتهما]
(8)
.
(1)
انظر: "حلية العلماء"(1/ 170).
(2)
انظر: "الهداية" لأبي الخطاب (1/ 15).
(3)
انظر: "المغني"(1/ 361) والإنصاف (1/ 171 - 172) و"المبدع"(1/ 138 - 139).
(4)
انظر: "المحلى"(2/ 100 مسألة 215).
(5)
في "المجموع"(1/ 540 - 541).
(6)
(1/ 310).
(7)
في (جـ): (إذا اقتضى).
(8)
في (ب): (طهارتها).
8/ 230 - (وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ [رضي الله عنه]
(1)
أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ وَمَسَحَ على خُفَّيْهِ، فقُلْتُ: يا رَسُولَ الله رِجْلَيْكَ لَمْ تَغْسِلْهُما؟ قال: "إني أدْخلتُهُما وَهما طَاهرتَان". رَواهُ أحمدُ)
(2)
. [حسن لغيره]
9/ 231 - (وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّال [رضي الله عنه] (1) قالَ: أمَرَنَا يَعْنِي النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنْ نَمْسَحَ على الخُفيْنِ إذا نَحْنُ أدْخلْناهُما على طُهْرٍ ثَلاثًا إذا سَافَرْنا وَيَوُمًا وَلَيْلَةً إذَا أقْمْنا وَلَا نَخلَعَهُما مِنْ غائِطٍ وَلَا بَوْل وَلَا نَوْم ولَا نَخْلَعَهُما إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
وَابْنُ خُزَيْمةَ
(4)
. وَقالَ الخَطَّابيُّ
(5)
: هُو صَحيحُ الإِسْنَادِ). [حسن]
الحديث الأول قال في مجمع الزوائد
(6)
: "في إسناده رجل لم يسم"، وقد تقدم الكلام على فقهه.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا النسائي
(7)
والترمذي
(8)
وابن خزيمة
(9)
وصححاه، ورواه الشافعي
(10)
وابن ماجه
(11)
وابن حبان
(12)
والدارقطني
(13)
والبيهقي
(14)
. وحكى الترمذي
(15)
عن البخاري أنه حديث حسن، ومداره على
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في المسند (2/ 358) بسند ضعيف.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد (1/ 254) وقال: رواه أحمد وفيه رجل لم يسم".
(3)
في المسند (4/ 239).
(4)
في صحيحه (1/ 13 - 14 رقم 17) بسند حسن و (1/ 97 رقم 193) بسند حسن.
(5)
في "معالم السنن"(1/ 110 - 111 - هامش السنن).
(6)
(1/ 254).
(7)
في سننه (1/ 83 - 84 رقم 126 و 127).
(8)
في سننه (1/ 159 - 160 رقم 96) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(9)
في صحيحه رقم (17) وقد تقدم. ورقم (193) وقد تقدم أيضًا.
(10)
كما في ترتيب المسند (1/ 41 رقم 122).
(11)
في سننه (1/ 161 رقم 478).
(12)
في صحيح (رقم 179 - موارد)
(13)
في سننه (1/ 196 رقم 15)
(14)
في السنن الكبرى (1/ 276).
(15)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 157). =
عاصم بن أبي النجود
(1)
وهو صدوق سييء الحفظ وقد تابعه جماعة
(2)
، ورواه عنه أكثر من أربعين نفسًا، قاله ابن منده: والحديث يدل على توقيت المسح بالثلاثة الأيام للمسافر واليوم والليلة للمقيم، وقد اختلف الناس في ذلك فقال مالك
(3)
، والليث بن سعد
(4)
: لا وقت للمسح على الخفين ومن لبس خفيه وهو طاهر مسح ما بدا له، والمسافر والمقيم في ذلك سواء، وروي مثل ذلك عن عمر بن الخطاب، وعقبة بن عامر
(5)
، وعبد الله بن عمر
(6)
، والحسن البصري
(7)
.
وقال أبو حنيفة وأصحابه
(8)
، والثوري
(9)
والأوزاعي والحسن بن صالح بن
= وقال الترمذي في "العلل الكبير"(ص 54 رقم 66): "وسألت محمدًا - أي البخاري - فقلت أي الحديث عندك أصح في التوقيت في المسح على الخفين قال: حديث صفوان بن عسال" اهـ.
(1)
قال الحافظ في "التقريب" رقم (3054): "عاصمُ بن بَهْدَلة، وهو ابن أبي النَّجُود، صدوق له أوهامٌ، حجَّةٌ في القراءةِ، وحديثُه في "الصحيحين" مقرون .. " اهـ.
وتعقبه المحرران فقالا: "بل: ثقة يهم، فهو حسن الحديث، وقوله: صدوق له أوهام ليس بجيد. فقد وثقه يحيى بن معين، وأحمدُ بن حنبل، وأبو زرعة الرازي، ويعقوب بن سفيان، وابن حبان. وجعله ابن معين من نظراء الأعمش، وإن فَضَّل هو وأحمد الأعمش عليه. وكل هؤلاء وثقوه مع معرفتهم ببعض أوهامه اليسيرة" اهـ.
(2)
قلت: فقد توبع، تابعه إسماعيل بن أبي خالد، وطلحة بن مصرف، والمنهال بن عمرو، وغيرهم كما في "تلخيص الحبير"(1/ 175).
وخلاصة القول أن حديث صفوان حديث حسن.
وقد حسنه الألباني في الإرواء (1/ 140 رقم 104) وانظر "نصب الراية"(1/ 182 - 183).
(3)
و
(4)
ذكرهما ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 437).
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 185) وابن ماجه (1/ 185 رقم 558) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 280).
عن عقبة بن عامر الجهني، أنه قدم على عمر بن الخطاب من مصر، فقال: مُنذ كم لم تنزع خُفَّيك؟ قال: من الجمعة إلى الجمعة. قال: أصبتَ السنة".
وهو حديث صحيح.
قال الإمام الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 83): "فليس ينبغي لأحد أن يترك مثل هذه الآثار المتواترة إلى مثل حديث أُبي بن عمارة" اهـ.
(6)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 208 رقم 804).
(7)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 184).
(8)
حكاه عنهم محمد في كتاب "الحجة"(1/ 23).
(9)
حكاه عنه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 435).
حي والشافعي
(1)
وأحمد بن حنبل
(2)
وإسحق بن راهوية
(3)
وداود الظاهري ومحمد بن جرير الطبري بالتوقيت للمقيم يومًا وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن.
قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: وثبت التوقيت عن عمر بن الخطاب
(4)
، وعلي بن أبي طالب
(5)
، وابن مسعود
(6)
، وابن عباس
(7)
، وحذيفة
(8)
، والمغيرة
(9)
،
(1)
انظر: "المجموع"(1/ 508).
(2)
انظر: "المغني"(1/ 365).
(3)
حكاه عنه الترمذي في سننه (1/ 161).
(4)
أخرجه أبو يعلى في مسنده (1/ 158 - 159 رقم 32/ 171) والبزار (1/ 156 رقم 306 - كشف) عن عمر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالمسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهنَّ، وللمقيم يومٌ وليلةٌ" وإسناده لين.
ويشهد لمتنه حديث علي بن أبي طالب، وحديث صفوان بن عسال وغيرهما.
وخلاصة القول أن الحديث حسن لغيره والله أعلم.
(5)
حديث علي بن أبي طالب حديث صحيح وقد تقدم تخريجه.
(6)
أخرجه البزار (1/ 156 رقم 307) والطبراني في الكبير (9/ 288 رقم 9238 - 9247) عنه من طرق وبألفاظ متعددة، إلا أنها ضعيفة ففي بعضها "يوسف بن عطية" وهو متهم [الضعفاء للدارقطني رقم 602]، وفي بعضها سليمان بن بُشَيْر وهو ضعيف [الضعفاء للدارقطني رقم 257] وفي الثالثة أيوب بن سُويد وهو ضعيف [الضعفاء للنسائي رقم 30] وله عند الطبراني في المعجم الكبير (9/ 288 - 289 رقم 9240 - 9247) طرق أخرى موقوفة بعضها رجاله رجال الصحيح كما في "مجمع الزوائد"(1/ 260).
(7)
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 43 - 44 رقم 12423) عنه.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 259 - 260) وقال: فيه مسلم الملائي وهو ضعيف.
(8)
أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 228 رقم 73/ 273) عن حذيفة؛ قال: كنتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سباطة قومٍ، فبال قائمًا. فتنحيتُ. فقال:"ادنُه" فدنوتُ حتى قمتُ عند عقبيهِ، فتوضأت، فمسحَ على خفيه".
قال الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 163): "ورواه البخاري - (1/ 328 رقم 224) - لم يذكر فيه المسح على الخفين. وأخرجه أبو بكر الإسماعيلي في "صحيحه". وأبو نعيم في مستخرجه" - (1/ 326 - 327 رقم 625) - وفيه: "فتوضأ ومسح على خفيه" اهـ.
(9)
أخرجه الطبراني في الأوسط (رقم 8524) عن المغيرة قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب لحاجته، ثم أشار إليَّ، فذهبت، فأتيته بماء وعليه جبة شامية، ليس لها يدان، =
وأبي زيد الأنصاري
(1)
، هؤلاء من الصحابة، وروي عن جماعة من التابعين عنهم شريح القاضي
(2)
، وعطاء بن أبي رباح
(3)
، والشعبي
(4)
، وعمر بن عبد العزيز.
قال أبو عمر بن عبد البر
(5)
: "وأكثر التابعين والفقهاء على ذلك وهو الأحوط عندي لأن المسح ثبت بالتواتر، وأتفق عليه أهل السنة والجماعة، واطمأنت النفس إلى اتفاقهم. فلما قال أكثرهم: لا يجوز المسح للمقيم أكثر من خمس صلوات يوم وليلة. ولا يجوز للمسافر أكثر من خمس عشرة صلاة ثلاثة أيام ولياليها فالواجب على العالم أن يؤدي صلاته بيقين، واليقين الغسل حتى يجمعوا على المسح ولم يجمعوا فوق الثلاث للمسافر ولا فوق اليوم للمقيم" اهـ.
وحديث الباب يدل على ما قاله الآخرون ويرد مذهب الأولين. وكذلك حديث أبي بكرة
(6)
، وحديث علي
(7)
. وحديث خزيمة بن ثابت الآتي في هذا الكتاب
(8)
.
= فألقاها على عاتقه، قال: صبّ عليَّ، فصببت عليه فتوضأ ومسح على الخفين، فكانت سنة للمسافرين ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة".
قال الهيثمي في "مجمع البحرين"(1/ 373): "هو في الصحيح، خلا التوقيت. لم يرو هذه الزيادة، إلا داود، ولا عنه إلا مكي" اهـ.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 259): رواه الطبراني في الأوسط - وفي الصحيح طرف منه - وفيه داود بن يزيد الأودي وقد ضعفوه إلا ابن عدي فقال: لم أر له حديثًا منكرًا جاوز الحد إذا روى عنه ثقة وإن كان ليس بالقوي في الحديث فإنه يكتب حديثه ويقبل إذا روى عنه ثقة، وهذا روى عنه مكي بن إبراهيم وهو من رجال الصحيح فهو مقبول على ما قاله ابن عدي والله أعلم" اهـ.
(1)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 433 ث 456) عن أبي زيد الأنصاري، رجل فهو أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة".
(2)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 208 رقم 803)
(3)
حكاه عنه البغوي في "شرح السنة"(1/ 461).
(4)
حكاه عنه النووي في "المجموع"(1/ 508).
(5)
في "الاستذكار"(2/ 251 رقم 2242، 2243).
(6)
سيأتي تخريجه رقم (10/ 232) من كتابنا هذا.
(7)
تقدم تخريجه وهو حديث صحيح.
(8)
رقم (12/ 234) من كتابنا هذا.
وفي الباب أحاديث عن غيرهم ولعل متمسك أهل القول الأول ما أخرجه أبو داود
(1)
من حديث أُبَيِّ بن عَمَارة "أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسح على الخفين قال: نعم قال: يوما قال: ويومين قال: وثلاثة أيام قال: نَعم. وما شئت، وفي رواية "حتى بلَغ سبعًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم وما بدا لك" قال أبو داود
(2)
: "وقد اختلف في إسناده وليس بالقوي" اهـ. وقال البخاري نحوه. وقال الإِمام أحمد: رجاله لا يعرفون، وأخرجه الدارقطني
(3)
، وقال: "هذا إسناد لا يثبت وفي إسناده ثلاثة مجاهيل: عبد الرحمن
(4)
، ومحمد بن يزيد
(5)
، وأيوب بن قطن
(6)
، ومع هذا فقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب اختلافًا كثيرًا"، وقال ابن حبان: لست أعتمد على إسناد خبره، وقال ابن عبد البر
(7)
: "لا يثبت وليس له إسناد قائم"، وبالغ الجوزقاني فذكره في الموضوعات
(8)
، وما كان بهذه المرتبة لا يصلح للاحتجاج به على فرض عدم المعارض، فالحق توقيت المسح بالثلاث للمسافر، واليوم والليلة للمقيم. وفي الحديث دليل على
(1)
في سننه (1/ 109 رقم 158).
(2)
في سننه (1/ 111).
(3)
في سننه (1/ 198 رقم 19).
(4)
عبد الرحمن بن رَزِين. قال الدارقطني: مجهول (الميزان 2/ 560 رقم 4862).
(5)
محمد بن يزيد بن أبي الزَّناد: مجهول.
وقال البخاري: محمد بن يزيد بن أبي الزَّناد، روى عنه إسماعيل بن رافع حديث الصور، ولم يصح. (الميزان 4/ 67 رقم 8322).
(6)
أيوب بن قطن: قال الدارقطني: مجهول. (الميزان 1/ 292 رقم 1096).
(7)
في "الاستذكار"(2/ 248 رقم 2236).
(8)
"الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير" للجوزجاني (1/ 384 - 385 رقم 371) وقال: هذا حديث منكر
…
قلت: وقد أخرج حديث أبي بن عمارة ابن ماجه (1/ 184 رقم 557) والحاكم في المستدرك (1/ 170) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 278 - 279) والذهبي في الميزان (1/ 292 رقم 1096).
وتكلم عليه أبو الحسن بن القطان في "الوهم والإلهام" رقم (1070) و (1504) و (1515). وقال النووي في "المجموع"(1/ 506): "أما حديث أبي بن عمارة
…
واتفقوا على أنه ضعيف مضطرب لا يحتج به" اهـ.
أن الخفاف لا تنزع في هذه المدة المقدرة لشيء من الأحداث إلا للجنابة.
10/ 232 - (وعَنْ عَبْدِ الرَّحمنِ بْنِ أبِي بَكْرَةَ عَنْ أبِيهِ عَنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه رَخَّصَ لِلْمُسافِرِ ثَلاثَةَ أيامٍ وليَالِيهِنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إذا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أنْ يَمْسَحَ عَلَيْهما. رَوَاهُ الأثْرَمُ فِي سنِنِه وابْنُ خُزَيمَةَ
(1)
وَالدارَقُطنيُّ
(2)
، قالَ الخَطَّابيُّ
(3)
: هُوَ صَحِيحِ الإِسْنادِ). [حسن]
الحديث أخرجه الشافعي
(4)
وابن أبي شيبة
(5)
، وابن حبان
(6)
، وابن الجارود
(7)
، والبيهقي
(8)
، والترمذي في العلل
(9)
، وصححه الشافعي
(10)
وغيره، قاله الحافظ في الفتح، وكذلك نقل البيهقي عن الشافعي، وصححه ابن خزيمة، والحديث تقدم الكلام على فقهه في الذي قبله.
[الباب الرابع] باب توقيت مدة المسح
11/ 233 - (قَدْ أسْلَفنا فِيهِ عَنْ صَفْوَانَ
(11)
وَأَبي بَكْرَةَ
(12)
[رضي الله عنه]
(13)
.
وَرَوَى شُرَيحُ بْنُ هانئٍ قالَ: سَألْتُ عائِشةَ رضي الله عنها عن المَسْحِ على الخُفَّيْنِ، فقالَتْ: سَلْ عَلِيًّا فإِنهُ أعْلَمُ بِهذا مِنِّي، كان يُسافِرُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم
(1)
في صحيحه (1/ 96 رقم 192).
(2)
في سننه (1/ 194 رقم 1).
(3)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 157).
(4)
كما في ترتيب المسند (1/ 42 رقم 123).
(5)
في "المصنف"(1/ 179).
(6)
في صحيحه (4/ 153 - 154 رقم 1324).
(7)
في "المنتقى" رقم (87).
(8)
في "السنن الكبرى"(1/ 276).
(9)
في "العلل الكبير" رقم (67): وحديث أبي بكرة حسن قاله البخاري.
(10)
في سنن حرملة كما في "التلخيص"(1/ 157).
(11)
وهو حديث حسن. تقدم تخريجه رقم (9/ 231) من كتابنا هذا.
(12)
وهو حديث حسن. تقدم تخريجه رقم (10/ 232) من كتابنا هذا.
(13)
زيادة من (جـ).
فَسألْتُهُ فقالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لِلْمُسافِرِ ثَلاثةُ أيام ولَياليهنَّ، ولِلْمقيمِ يَومٌ وَليلةٌ". رَواهُ أحمدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ
(2)
والنسائي
(3)
وَابْنُ ماجَهْ)
(4)
. [صحيح]
12/ 234 - (وعَنْ خُزَيمَةَ بْنِ ثابِتٍ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنُهُ سُئِلَ عَنِ المَسْحِ على الخُفَّيْنِ فقالَ: "لِلْمُسافِرِ ثَلاثةُ أَيامٍ وَلياليهنَّ وَلِلمُقِيمِ يَوْمٌ ولَيلةٌ" رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وأَبُو دَاوُدَ
(6)
والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَه)
(7)
. [صحيح]
قد قدمنا الكلام على حديث صفوان وأبي بكرة في الباب الأوّل.
وحديث عليّ [رضي الله عنه]
(8)
أخرجه أيضًا الترمذي
(9)
وابن حبان
(10)
.
(1)
في المسند (1/ 96).
(2)
في صحيحه (1/ 232 رقم 85/ 676).
(3)
في سننه (1/ 84).
(4)
في سننه (1/ 183 رقم 552).
قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (92) والحميدي (1/ 25 رقم 46) وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 202 - 203 رقم 788) وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 177).
والدارمي (1/ 181) وابن خزيمة (1/ 97 - 98 رقم 194) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 81) وأبو عوانة (1/ 261) وأبو نعيم في "الحلية"(6/ 83 رقم الترجمة 331) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 275) وأبو يعلى في مسنده (1/ 229 رقم 4/ 264).
وابن حبان في صحيحه (4/ 157 رقم 1327). وهو حديث صحيح.
(5)
في المسند (5/ 213).
(6)
في سننه (1/ 109 رقم 157).
(7)
في سننه (1/ 158 رقم 95).
قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (1218) و (1219) وعبد الرزاق في المصنف (1/ 203) رقم (790) وابن ماجه (1/ 184 رقم 554) وابن حبان في صحيحه (رقم 181 و 182 و 183 - موارد) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 81) وابن الجاورد في المنتقى (رقم 86) وأبو عوانة (1/ 262) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 276).
(8)
زيادة من (جـ).
(9)
ألم أقف على الحديث في جامع الترمذي. ولم يعز المزي الحديث له راجع تحفة "الأشراف"(7/ 384).
(10)
في صحيحه رقم (1327) وقد تقدم.
وحديث خزيمة بن ثابت أَخرجه أيضًا ابن ماجه
(1)
وابن حبان
(2)
، وفيه زيادة تركها المصنف وهي ثابتة عند أبي داود
(3)
وابن ماجه
(4)
وابن حبان
(5)
وهي بلفظ: "ولو استزدناه لزادنا" وفي لفظ: "ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسًا" وأخرجه الترمذي
(6)
بدون الزيادة قال الترمذي
(7)
قال البخاري: "لا يصح عندي لأنه لا يُعرف للجدلي سماعٌ من خزيمة، وذُكر عن يحيى بن معين
(8)
أنه قال: هو صحيح".
وقال ابن دقيق العيد: الروايات متضافرة متكاثرة برواية التيمي له عن عمرو بن ميمون عن الجدلي عن خزيمة. وقال ابن أبي حاتم في العلل
(9)
: "قال أبو زرعة: الصحيح من حديث التيمي عن عمرو بن ميمون عن الجدلي عن خزيمة مرفوعًا، والصحيح عن النخعي عن الجدلي بلا واسطة". وادعى النووي في شرح المهذب
(10)
الاتفاق على ضعف هذا الحديث. قال الحافظ
(11)
: وتصحيح ابن حبان له [رَدٌّ]
(12)
عليه.
والحديثان يدلان على توقيت المسح بثلاثة أَيام للمسافر، ويوم وليلة للمقيم. وقد ذكرنا الخلاف فيه، وما هو الحق في الباب الذي قبل هذا
(13)
.
والزيادة التي لم يذكرها المصنف في حديث خزيمة تصلح للاستدلال بها
(1)
في سننه (رقم 554) وقد تقدم.
(2)
في صحيحه (رقم 181 و 182 و 183 - موارد) وقد تقدم.
(3)
في سننه (رقم 157) والزيادة لفظها: "ولو استزدناه لزادنا".
(4)
في سننه (رقم 553). والزيادة لفظها: "ولو مضى السائل على مسألتِهِ لجعلها خمسًا".
(5)
في صحيحه (رقم 183 موارد) والزيادة لفظها: "ولو استزدناه لزادنا".
(6)
في "العلل الكبير"(رقم 65) بدون الزيادة.
وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير"(رقم 64) بزيادة لفظها: "ولو استزدناه لزادنا".
(7)
في "العلل الكبير"(ص 53 - 54).
(8)
ذكر ذلك ابن طهمان عنه. (روايته)207.
(9)
(1/ 22 رقم 31).
(10)
(1/ 509 - 510).
(11)
في "التلخيص"(1/ 161).
(12)
في (أ): (يرد).
(13)
في الباب الثالث عند الحديث رقم (9/ 231).
على مذهب من لم يحد المسح بوقت لولا ما عارض تصحيح ابن حبان لها من الاتفاق ممن عداه على ضعفها، وأيضًا قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: لو ثبتت لم تقم بها حجة، لأن الزيادة على ذلك التوقيت مظنونة أنهم لو سألوا زادهم، وهذا صريح في أنهم لم يسألوا ولا زيدوا فكيف [تثبت]
(1)
زيادة بخبر دل على عدم وقوعها اهـ. وغايتها بعد تسليم صحتها أن الصحابي ظن ذلك ولم نتعبد بمثل هذا، ولا قال أحد: إنه حجة.
وقد ورد توقيت المسح بالثلاث، واليوم والليلة من طريق جماعة من الصحابة ولم يظنوا ما ظنه خزيمة.
وورد ذكر المسح بدون توقيت عن جماعة منهم أنس بن مالك عند الدارقطني
(2)
، وذكره الحاكم
(3)
وقال: قد رُوي عن أنس مرفوعًا بإسناد صحيح، رواته عن آخرهم ثقات.
وعن ميمونة بنت الحارث الهلالية عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند الدارقطني
(4)
أيضًا.
[الباب الخامس] باب اختصاص المسح بظهر الخف
13/ 235 - (عَنْ علي رضي الله عنه قالَ: لوْ كانَ الدينُ بِالرَّأي لَكَانَ أَسْفَلُ الخُفِّ أوْلَى بالمسْحِ مِنْ أَعْلاهُ، لَقَد رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خفَّيْهِ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(5)
والدَّارَقطْنِيُّ)
(6)
. [حسن]
(1)
في (ب): (تثبته).
(2)
في سننه (1/ 253 - 254 رقم 2).
(3)
في المستدرك (1/ 181) وقال الحاكم: إسناده صحيح، رواته عن آخرهم ثقات، إلَّا أنه شاذ بمرّة.
وانظر كلام الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 179).
(4)
في سننه (1/ 199 رقم 22).
(5)
في سننه (1/ 114 رقم 162).
(6)
في سننه (1/ 199 رقم 23).
قلت: وأخرجه الببيهقي في السنن الكبرى (1/ 292) والدارمي (1/ 181) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 181). وهو حديث حسن.
الحديث قال الحافظ في بلوغ المرام
(1)
: إسناده حسن، وقال في التلخيص
(2)
: إسناده صحيح، قلت: وفي إسناده عبد خَير بن يزيد الهمداني
(3)
وثقه يحيى بن معين وأحمد بن عبد الله العجلي
(4)
، وأما قول البيهقي
(5)
: لم يحتج به صاحبا الصحيح، فليس بقادح بالإتفاق.
والحديث يدل على أن المسح المشروع وهو مسح ظاهر الخف دون باطنه، وإليه ذهب الثوري
(6)
وأبو حنيفة
(7)
والأوزاعي
(8)
وأحمد بن حنبل
(9)
.
وذهب مالك
(10)
والشافعي
(11)
وأصحابهما، والزهري
(12)
وابن المبارك
(13)
، وروي عن سعد بن أبي وقاص
(14)
، وعمر بن عبد العزيز
(15)
، إلى أنه يمسح ظهورهما وبطونهما، قال مالك والشافعي: إن مسح ظهورهما دون بطونهما أجزأَه.
(1)
رقم الحديث (2/ 54) بتحقيقنا.
(2)
(160/ 1).
قلت: لكن البيهقي قال في السنن الكبرى (1/ 292): "وعبد خير لم يحتج به صاحبا الصحيح".
(3)
قال الحافظ في "التقريب" رقم (3781): "عبدُ خَير بن يزيد الهمداني، أبو عمارة الكوفي، مخضرم ثقة من الثانية، لم يصح له صحبة.
(4)
في كتابه "معرفة الثقات"(2/ 70 رقم 1012).
(5)
في السنن الكبرى (1/ 292).
(6)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 453).
(7)
حكاه عنه ابن قدامة في "المغني"(1/ 376).
(8)
حكاه عنه ابن هانئ في مسائل أحمد (1/ 21).
(9)
انظر: كتاب "الحجة"(1/ 35).
قلت: وروي هذا القول عن قيس بن سعد، وأنس بن مالك، وبه قال الحسن البصري، وعروة بن الزبير، وإبراهيم النخعي، وعطاء، والشعبي. وبه قال ابن المنذر.
"الأوسط"(1/ 452) والمغني (1/ 376). و"المجموع"(1/ 551).
(10)
انظر: "الاستذكار"(2/ 259 - 260).
(11)
انظر: "حلية العلماء"(1/ 175) وروضة الطالبين (1/ 130) ومغنى المحتاج (1/ 67).
(12)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 219 رقم 854) والبيهقي (1/ 391).
(13)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 452).
(14)
أخرجه ابن المنذر عنه في "الأوسط"(1/ 452 ث 471).
(15)
ذكره ابن قدامة في "المغني"(1/ 376) وابن المنذر في الأوسط (1/ 452).
قال مالك
(1)
: من مسح باطن الخفين دون ظاهرهما لم يجزه، وكان عليه الإِعادة في الوقت وبعده، وروى عنه غير ذلك. والمشهور عن الشافعي
(2)
أن من مسح ظهورهما، واقتصر على ذلك أجزأه، [ومن]
(3)
مسح باطنهما دون ظاهرهما لم يجزه، وليس بماسح. وقال ابن شهاب وهو قول للشافعي: إن من مسح بطونهما، ولم يمسح ظهورهما أجزأه، والواجب عند أبي حنيفة
(4)
مسح قدر ثلاث أصابع من أصابع اليد، وعند أحمد مسح أكثر الخف. وروي عن الشافعي أن الواجب ما يسمى مسحًا.
قال الحافظ في التلخيص
(5)
لما ذكر حديث علي: "والمحفوظ عن ابن عمر أنه كان يمسح أعلى الخف وأسفله، كذا رواه الشافعي
(6)
والبيهقي
(7)
"، وروي عنه في صفة ذلك أنه كان يضع كفه اليسرى تحت العقب، واليمنى على ظاهر الأصابع، ويمر اليسرى على أطراف الأصابعِ من أسفل، واليمنى إلى الساق.
واستدل من قال بمسح ظاهر الخف وباطنه بحديث المغيرة المذكور في آخر هذا الباب
(8)
، وفيه مقال سنذكره عند ذكره. وليس بين الحديثين تعارض غاية الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح تارة على باطن الخف وظاهره، وتارة اقتصر على ظاهره، ولم يرو عنه ما يقضي بالمنع من إحدى الصفتين، فكان جميع ذلك جائزًا وسنة.
14/ 236 - (وعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعبةَ [رضي الله تعالى عنه]
(9)
قالَ: رَأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَمسَحُ على ظُهُورِ الخُفَّيْنِ. رَواهُ أحْمَدُ
(10)
وَأَبُو دَاوُدَ
(11)
(1)
انظر: "بلغة السالك لأقرب المسالك"(1/ 110).
(2)
انظر: "المجموع"(1/ 547).
(3)
في (ب): (وإن).
(4)
انظر: "بدائع الصنائع"(1/ 12) للكاساني.
(5)
(1/ 160).
(6)
في الأم (1/ 32) والسنن الصغير للبيهقي (1/ 60).
(7)
في "المعرفة"(2/ 124) رقم (2064).
(8)
رقم الحديث (15/ 237) من كتابنا هذا.
(9)
زيادة من (جـ).
(10)
في المسند (4/ 254).
(11)
في سننه (1/ 114 رقم 161).
والتِّرْمِذِيُّ
(1)
وَلَفْظُهُ: على الخُفَّيْنِ على ظَاهِرِهِما، وقال: حَديثٌ. حَسَنٌ). [حسن لغيره]
الحديث قال البخاري في التاريخ
(2)
: هو بهذا اللفظ أصح من حديث رجاء بن حَيْوة الآتي.
وفي الباب عن عمر بن الخطاب عند ابن أبي شيبة
(3)
والبيهقي
(4)
.
واستدل بالحديث من قال بمسح ظاهر الخف، وقد تقدم الكلام عليه في الذي قبله.
15/ 237 - (وَعَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَن رجاءِ بْنِ حَيْوةَ عَنْ وَرَّادٍ كاتبِ المُغيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ المُغيرةِ بْنِ شُعْبَةَ أَن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ أعْلَى الخُفِّ وأَسْفَلَهُ. رَوَاهُ الخَمْسةُ إلَّا النَّسائيَّ
(5)
، وقالَ التِّرْمِذِيُّ
(6)
: "هذا حَدِيثْ مَعْلُولٌ لَمْ يُسنِدْهُ عَنْ ثَوْرٍ غَيرُ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَسألْتُ أبا زُرْعَةَ ومُحمَّدًا هو البخاري عَن هذا الحَديثِ فقالًا: لَيْسَ بِصَحيح"). [ضعيف]
الحديث أخرجه الدارقطني
(7)
والبيهقي
(8)
وابن الجارود
(9)
. قال الأثرم عن
(1)
في سننه (1/ 165 رقم 98) وقال: حديث حسن.
قلت: في سنده عبد الرحمن بن أبي الزناد: ثقة صدوق، ما حدَّث بالمدينة أصح، وما حدّث بالعراق فمضطراب لذل قال ابن عدي، في الكامل (4/ 1587): بعض ما يرويه لا يتابع عليه، يعني حديثه ببغداد. وانظر "تهذيب التهذيب"(2/ 504 - 505).
وخلاصة القول أن حديثه حسن لغيره والله أعلم.
(2)
(4/ 100).
(3)
في "المصنف"(1/ 178).
(4)
في "السنن الكبرى"(1/ 292).
(5)
أخرجه أحمد (4/ 251) وأبو داود (1/ 116 رقم 165) والترمذي (1/ 162 رقم 97) وابن ماجه (1/ 183 رقم 550).
(6)
في سننه (1/ 163).
(7)
في سننه (5/ 195).
(8)
في السنن الكبرى (1/ 290).
(9)
في المنتقى وقم (84).
قلت: وفي إسناد هذا الحديث علل:
1 -
في سنده مبهم لم يسم، وهو كاتب المغيرة، ولكنه ورد مفسرًا في رواية ابن ماجه رقم (550) - ققال: ورّاد كاتب المغيرة، وهو مشهور وحديثه في الصحيحين =
أحمد
(1)
: إنه كان يضعفه ويقول: ذكرته لعبد الرحمن بن مهدي فقال عن ابن المبارك عن ثور حدثت عن رجاء عن كاتب المغيرة ولم يذكر المغيرة، قال أحمد: وقد كان نعيم بن حماد حدثني به عن ابن المبارك كما حدثني الوليد بن مسلم به عن ثور، فقلت له: إنما يقول هذا الوليد، وأما ابن المبارك فيقول: حدثت عن رجاء، ولم يذكر المغيرة، فقال لي نعيم: هذا حديثي الذي أسأل عنه، فأخرج إليّ كتابه القديم بخط عتيق، فإذا فيه ملحق بين السطرين بخط ليس بالقديم عن المغيرة، فأوقفته عليه وأخبرته أن هذه زيادة في الإِسناد لا أصل لها فجعل يقول للناس بعد وأنا أسمع: اضربوا على هذا الحديث. وقال ابن أبي حاتم
(2)
عن أبيه وأبي زرعة "حديث الوليد ليس بمحفوظ". وقال موسى بن هارون لم يسمعه ثور من رجاء، ورواه أبو داود الطيالسي
(3)
عن عروة بن المغيرة عن أبيه. وكذا أخرجه البيهقي
(4)
. قال الحافظ بعد أن ذكر قول الترمذي: إنه لم يسنده عن ثور غير الوليد. قلت: رواه الشافعي في الأم
(5)
عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن ثور مثل الوليد، قال أبو داود: لم يسمعه ثور من رجاء، وقد وقع في سنن الدارقطني
(6)
من طريق داود بن رشيد تصريح ثور بأنه حدثه رجاء، قال الحافظ
(7)
: وهذا ظاهره أن ثورًا سمعه من رجاء، فتزول العلة، ولكن رواه أحمد بن عبيد
= 2 - في سنده: الوليد بن مسلم. وهو ثقة كثير التدليس والتسوية كما قاله الحافظ في "التقريب" رقم (7456). وهو وإن صرح بالتحديث فيما بينه وبين شيخه إلا أنه قد عنعن إسناده.
3 -
في سنده انقطاع.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف. قد ضعفه جهابذة الحديث ونقاده، مثل الشافعي، وأحمد، ونعيم بن حماد، والبخاري، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وأبو داود، والترمذي وابن حزم وغيرهم .. ذكره أبو إسحاق الحويني في "غوث المكدود"(1/ 84).
(1)
انظر: "نصب الراية" للزيلعى (1/ 181 - 182) و"تلخيص الحبير"(1/ 159).
(2)
في "العلل"(1/ 54 رقم 135).
(3)
في المسند (ص 95).
(4)
في السنن الكبر (1/ 291).
(5)
في الأم (1/ 32) و"المعرفة"(2/ 124 رقم 2063).
(6)
في السنن (1/ 195).
(7)
في "التلخيص"(1/ 160).
الصفَّار في مسنده من طريقه. فقال عن ثور عن رجاء، فهذا اختلاف على داود يمنع من القول بصحة وصله مع ما تقدم من كلام الأئمة.
والحديث استدل به من قال بمسح أعلى الخف وأسفله، وتقدم الكلام على ذلك
(1)
.
(1)
عند الحديث رقم (13/ 235) من كتابنا هذا.
[ثامنًا] أبواب نواقض الوضوء
[الباب الأول] باب الوضوء بالخارج من السبيل
1/ 238 - (عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ [رضي الله عنه]
(1)
قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَقْبَلُ الله صَلَاةَ أحَدِكمْ إذا أحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأ"، فقالَ رَجُلٌ منْ أَهْلِ حَضْرمَوْتَ: ما الحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيَرَةَ؟ قال: فُساءٌ أوْ ضُرَاطٌ. مُتَّفَقٌ عَلِيه
(2)
. [صحيح]
وفي حَدِيثِ صَفْوَانَ في المَسحِ لكْنِ مِنْ غائِطٍ وبَوْلٍ وَنَوْمٍ وسَنَذْكُرُهُ"
(3)
.
قوله: (لا يقبل) المراد بالقبول هنا وقوع الطاعة مجزئة رافعة لما في الذمة وهو معنى الصحة لأنها ترتب الآثار أو سقوط القضاء على الخلاف. وترتب الآثار موافقه الأمرٍ، ولما كان الإِتيان بشروط الطاعة مظنة إجزائها وكان القبول من ثمراته عبر عنه به مجازًا فالمراد بلا تقبلِ: لا تجزيء.
قال الحافظ في الفتح
(4)
: "وأما القبول المنفي في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافًا لم تقبل له صلاة"
(5)
فهو الحقيقي لأنه قد يصح العمل ويتخلف القبول لمانع، ولهذا كان بعض السلف يقول: "لأن تقبل لي صلاة واحدة أحب إليّ من
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 308) والبخاري (1/ 234 رقم 135) ومسلم (1/ 204 رقم 2/ 225).
قلت: وأخرجه أبو داود (1/ 49 رقم 60) والترمذي (1/ 110 رقم 76) وقال: هذا حديث غريب حسن صحيح.
(3)
رقم (5/ 242) من كتابنا هذا. كما تقدم تخريجه رقم (9/ 231) من كتابنا هذا أيضًا.
وهو حديث حسن.
(4)
(1/ 235).
(5)
وهو حديث صحيح.
أخرجه أحمد في المسند (4/ 68) ومسلم (1/ 1754 رقم 125/ 2230) عن صفية عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أتى عَرّافًا فسألَهُ عن شيء لم تُقبل لَهُ صلاةُ أربعين ليلةً" اهـ.
جميع الدنيا" قاله ابن عمر، قال لأن الله تعالى قال:{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}
(1)
ومن فسر الإِجزاء بمطابقة الأمر والقبول بترتب الثواب لم يتم له الاستدلال بالحديث على نفي الصحة لأن القبول أخص من الصحة، على هذا فكل مقبول صحيح وليس كل صحيح مقبولًا.
قال ابن دقيق العيد
(2)
: "إلا أن يقال: دل الدليل على كون القبول من لوازم الصحة، فإذا انتفى انتفت فيصح الاستدلال بنفي القبول على نفي الصحة، ويحتاج في الأحاديث التي نفي عنها القبول مع بقاء الصحة" كحديث "لا يقبَل اللهُ صلاة حائضٍ إلا بخمَار" عند أبي داود
(3)
والترمذي
(4)
. وحديث "إذَا أبَقَ العبدُ لم تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ" عند مسلم
(5)
. وحديث "من أتى عرافًا" عند أحمد
(6)
والبخاري
(7)
. وفي شارب الخمر عند الطبراني
(8)
إلى تأويل أو تخريج جواب، قال
(9)
: "على أنه يرد
(1)
سورة المائدة: 27.
(2)
في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام"(1/ 13).
(3)
في سننه (1/ 421 رقم 641).
(4)
في سننه (2/ 215 رقم 377) وقال: حديث حسن.
قلت: وأخرجه أحمد (6/ 150) وابن ماجه (1/ 215 رقم 655) وابن خزيمة في صحيحه (1/ 380 رقم 775) والحاكم في المستدرك (1/ 251) وقال: صحيح على شرط مسلم.
ولم يخرجاه، وأظن أنه لخلاف فيه على قتادة، ووافقه الذهبي.
ثم أخرجه من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن مرسلًا.
وهذا المرسل علقه أبو داود عقب الموصول (1/ 422) كأنه يعله به إذ ليس بعلة، فإن حماد بن سلمة ثقة وقد وصله عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية عن عائشة، فهذا إسناد آخر لقتادة، وهو غير إسناده المرسل عن الحسن، فهو شاهد جيد للموصول، لا سيما وقد تابع حماد بن سلمة على وصله سميه حماد بن زيد كما أخرجه ابن حزم في المحلى (3/ 219).
وخلاصة القول أن الحديث صحيح والله أعلم.
(5)
في صحيحه (1/ 83 رقم 124/ 70).
(6)
في المسند (4/ 68).
(7)
لم يخرجه البخاري في صحيحه. بل أخرجه مسلم (4/ 1751 رقم 125/ 2230) من حديث صفيه. وقد تقدم قريبًا ص 191.
(8)
في الأوسط كما في "مجمع الزوائد"(5/ 67 - 68) وقال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح خلا صالح بن داود التمار وهو ثقة".
(9)
ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام"(1/ 13).
على من فسر القبول بكون العبادة مثابًا عليها أو مرضية أو ما أشبه ذلك إذا كان مقصوده بذلك أنه لا يلزم من نفى القبول نفي الصحة أن يقال: القواعد الشرعية [تقتضي]
(1)
أن العبادة إذا أتى بها مطابقة للأمر كانت سببًا للثواب والدرجات والإِجزاء والظواهر في ذلك لا تحصى".
قوله: (إذا أحدث) المراد بالحدث الخارج من أحد السبيلين، وإنما فسره أبو هريرة بأخص من ذلك تنبيهًا بالأخف على الأغلظ ولأنهما قد يقعان في الصلاة أكثر من غيرهما وهذا أحد معاني الحدث.
الثاني: خروج ذلك الخارج.
الثالث: منع الشارع من قربان العبادة المرتب على ذلك الخروج. وإنما كان الأول هو المراد هنا لتفسير أبي هريرة له بنفس الخارج لا بالخروج ولا بالمنع.
والحديث استدل به على أن ما عدا الخارج من السبيلين كالقئ والحجامة ولمس الذكر غير ناقض، ولكنه استدلال بتفسير أبي هريرة وليس بحجة على خلاف في الأصول. واستدل به على أن الوضوء لا يجب لكل صلاة لأنه جعل نفي القبول ممتدًا إلى غاية هي الوضوء وما بعد الغاية مخالف لما قبلها فيقتضي ذلك قبول الصلاة بعد الوضوء مطلقًا وتدخل تحته الصلاة الثانية قبل الوضوء لها ثانيًا قاله ابن دقيق العيد
(2)
. واستدل به على بطلان الصلاة بالحدث سواء كان خروجه اختياريًا أو اضطراريًا.
قوله: (وفي حديث صفوان) ذكره المصنف [ههنا]
(3)
لمطابقته للترجمة لما فيه من ذكر البول والغائطَ، وذكره في باب الوضوء من النوم
(4)
لما فيه من ذكر النوم.
[الباب الثاني] باب الوضوء من الخارج النجس من غير السبيلين
2/ 239 - (عَنْ مَعْدانَ بْنِ أبِي طَلْحَةَ عن أبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قاءَ فَتَوضَّأ فَلقِيتُ ثَوْبانَ في مَسْجدِ دمِشْقَ فَذكَرْتُ لهُ ذِلكَ، فقالَ: صَدَقَ أنَا صَبَبْتُ لهُ
(1)
زيادة من "إحكام الأحكام" يقتضيها السياق.
(2)
انظر: "إحكام الأحكام" له (1/ 13 - 15).
(3)
في (ب): (هنا).
(4)
الباب الثالث عند الحديث رقم (5/ 242) من كتابنا هذا.
وَضُوءَهُ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
والتِّرْمِذِيُّ
(2)
وقالَ: هُوَ أصَحُّ شَيْء في هذا البَابِ). [صحيح]
الحديث هو عند أحمد (1) وأصحاب السنن الثلاث (2)، وابن الجاورد
(3)
، وابن حبان
(4)
، والدارقطني
(5)
والبيهقي
(6)
والطبراني
(7)
وابن منده
(8)
والحاكم
(9)
بلفظ: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاءَ فأفطر قال معدان: فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فقلت له: إن أبا الدرداء أخبرني فذكره، فقال: صَدَقَ أنا صَبَبْتُ عليه وضوءَه" قال ابن منده
(10)
: "إسناده صحيح متصل، وتركه الشيخان لاختلاف في إسناده". قال
(1)
في المسند (5/ 195، 277 - 278) و (6/ 449).
(2)
في سننه رقم (87) قلت وأخرجه أبو داود رقم (2381) والنسائي في الكبرى في الصوم (2/ 213 رقم 3120/ 1).
(3)
في "المنتقى" رقم (8).
(4)
في صحيحه (3/ 377 رقم 1097).
(5)
في سننه (1/ 158 - 159).
(6)
في السنن الكبرى (1/ 144) و (4/ 220).
(7)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 190 رقم 884).
(8)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 190 رقم 884).
(9)
في المستدرك (1/ 426). قلت: وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 189 رقم 82): وقال عقبة: "قال أبو بكر: وليس يخلو هذا الحديث من أحد أمرين: إما أن يكون ثابتًا، فإن كان ثابتًا فليس فيه دليل على وجوب الوضوء منه لأن في الحديث، أنه توضأ، ولم يذكر أنه أمر بالوضوء منه كما أمر بالوضوء من سائر الأحداث، وإن كان غير ثابت، فهو أبعد من أن يجب فيه فرض. وكان أحمد يثبت الحديث، وقال غير أحمد من أصحابنا: إن ثبت اشتهار "يعيش" و"أبيه" بالعدالة، جاز الاحتجاج بحديثهما، قال: ولم يثبت ذلك عندنا بعد، واستحب هذا القائل الوضوء فيه".
"قال أبو بكر: فإن ثبت الحديث لم يوجب فرضًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به فيما نعلم. والله أعلم" اهـ.
قلت: يعيش بن الوليد بن هشام: وثقه العجلي والنسائي وابن حجر العسقلاني كما ذكره ابن حبان في "الثقات".
انظر: "معرفة الثقات للعجلي (2/ 374 رقم 2054) و"التقريب" رقم (7852) و"تهذيب التهذيب" (4/ 452).
والوليد بن هشام: قال ابن معين والعجلي: ثقة. وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس بحديثه.
وقال البخاري: يعد من الشاميين.
انظر: "تهذيب التهذيب"(4/ 327) والتاريخ الكبير (8/ 158).
(10)
كما في "التلخيص"(1/ 190).
الترمذي
(1)
: "جَوَّده حسين المُعلِّم"، وكذا قال أحمد (2): وفيه اختلاف كثير ذكره الطبراني وغيره
(2)
، قال البيهقي
(3)
: "هذا حديث مختلف في إسناده" فإن صح فهو محمول على القيء عامدًا. وقال في موضع آخر
(4)
: إسناده مضطرب، ولا تقوم به حجة وهو باللفظ الذي ذكره المصنف في جامع الأصول
(5)
والتيسير
(6)
منسوبًا إلى أبي داود
(7)
والترمذي
(8)
.
والحديث استدل به على أن القيء من نواقض الوضوء وقد ذهب إلى ذلك العترة وأَبو حنيفة وأصحابه
(9)
وقيدوه بقيود. الأول: كونه من المعدة. الثاني: كونه ملء الفم. الثالث: كونه دفعة واحدة.
وذهب الشافعي وأصحابه والناصر والباقر والصادق
(10)
إلى أنه غير ناقض، وأجابوا عن الحديث بأن المراد بالوضوء غسل اليدين ويرد بأن الوضوء من الحقائق الشرعية وهو فيها لغسل أعضاء الوضوء وغسل بعضها مجاز فلا يصار إليه إلا بعلاقة وقرينة، قالوا: القرينة أنه استقاء بيده كما ثبت في بعض الألفاظ والعلاقة ظاهرة. وأجابوا أيضًا بأنه فعل وهو لا ينتهض على الوجوب
(11)
.
(1)
في سننه (1/ 146).
(2)
كما في "التلخيص"(1/ 190).
(3)
في سننه الكبرى (4/ 220).
قلت: إن هذا الخلاف لا يضر، لأن السند صحيح على الوجهين.
(4)
في سننه الكبرى (1/ 144).
قلت: إن اضطراب بعض الرواة لا يؤثر في ضبط غيره.
(5)
(7/ 202 رقم 5224).
(6)
(3/ 90 رقم 1).
(7)
في سننه رقم (2381) وقد تقدم.
(8)
في سننه رقم (87) وقد تقدم.
(9)
البحر الزخار (1/ 87) ومختصر اختلاف العلماء (1/ 162).
(10)
البحر الزخار (1/ 88) وحلية العلماء (1/ 193) وروضة الطالبين (1/ 72).
(11)
قال المحدث الألباني في "إرواء الغليل"(1/ 148): "الحديث لا يدل على نقض الوضوء بالقيء لأنه مجرد فعل منه صلى الله عليه وسلم، والأصل أن الفعل لا يدل على الوجوب، وغايته أن يدل على مشروعية التأسي به في ذلك، وأما الوجوب فلا بد له من دليل خاص. وهذا =
واستدل الأولون أيضًا بحديث إسماعيل بن عياش الآتي
(1)
بعد هذا، وسيأتي أنه لا يصلح لذلك لما فيه من المقال الذي سنذكره، واستدلوا بما في كتب الأئمة من حديث علي:"الوضوء كتبه الله علينا من الحدث، قال صلى الله عليه وسلم بل من سبع وفيها ودسعة تملأ الفم" قالوا: معارض بما في كتب الأئمة أيضًا في الانتصار
(2)
والبحر
(3)
وغيرهما من حديث ثوبان قال: "قلت يا رسول الله: هل يجب الوضوء من القيء؟ قال: لو كان واجبًا لوجدته في كتاب الله" قال في البحر
(4)
: "قلنا: مفهوم، وحديثنا منطوق، ولعله متقدم". انتهى.
والجواب الأول صحيح ولكنه لا يفيد إلا بعد تصحيح الحديث والجواب الثاني من الأجوبة التي لا تقع لمنصف ولا متيقظ فإن كل أحد لا يعجز عن مثل هذه المقالة وهي غير نافقة في أسواق المناظرة وقد كثرت أمثال هذه العبارة في ذلك الكتاب.
3/ 240 - (وَعَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ ابْنِ جريجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَن عائِشةَ رضي الله عنها قالتْ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أصَابهُ قْيءٌ أو رُعَافٌ أو قَلَسٌ أو مَذْيٌ فَلْيَنصَرِفْ فَليَتَوَضَّأ، ثُمَّ ليَبْن على صَلاتهِ وَهُو في ذلِكَ لَا يَتَكَلّمُ". رَواهُ ابْنُ ماجَهْ
(5)
= ما لا وجود له هنا
…
وقد ذهب كثير من المحققين إلى أن القيء لا ينقض الوضوء، منهم ابن تيمية في "الفتاوى" له وغيرها" اهـ.
(1)
رقم (3/ 240) من كتابنا هذا.
(2)
الانتصار الجامع لمذاهب علماء الأمصار.
تأليف: الإمام المؤيد يحيى بن حمزة الحسيني اليمني. مخطوط (986) و (991 - 994) بخط المؤلف. مكتبة الجامع الكبير.
(3)
(1/ 88).
(4)
(1/ 88).
(5)
في سننه (1/ 385 رقم 1221).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة (1/ 399 - 400 رقم 1221/ 428): "هذا إسناد ضعيف لأنه من رواته إسماعيل عن الحجازين وهي ضعيفة.
رواه الدارقطني في سننه - (1/ 154 رقم 15) - من طريق إسماعيل بن عياش به.
ورواه البيهقي في السنن الكبرى - (2/ 255) - من طريق داود بن رشيد عن إسماعيل عن ابن جريج عن أبيه وعن ابن أبي مليكة عن عائشة. وله شواهد في "مصنف" ابن أبي شيبة، عن الشعبي والحكم والقاسم وسلام وغيرهم. =
والدَّارقَطْنِي
(1)
.
وقالَ الحُفَّاظُ مِنْ أصْحابِ ابْنِ جُرَيْجٍ يَرْوُونَهُ عَنِ ابْنِ جُريْجٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا)
(2)
. [ضعيف]
الحديث أعله غير واحد بأنه من رواية إسماعيل بن عياش
(3)
عن ابن جريج وهو حجازي ورواية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفة، وقد خالفه الحفاظ من أصحاب ابن جريج فرووه مرسلًا كما قال المصنف
(4)
، وصحح هذه الطريقة المرسلة الذهلي والدارقطني في العلل
(5)
وأبو حاتم
(6)
: وقال، رواية إسماعيل خطأ. وقال ابن معين: حديث ضعيف. وقال أحمد: الصواب عن ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه الدارقطني
(7)
من حديث إسماعيل بن عياش أيضًا عن عطاء بن عَجلان
(8)
، وعَبّاد بن كَثِير
(9)
عن ابن أبي ملكية عن عائشة، وقال بعده: عطاء وعباد ضعيفان. وقال البيهقي: الصواب إرساله، وقد رفعه أيضًا سليمان بن أرقم وهو متروك
(10)
.
= وروى الترمذي في "الجامع" بعضه من حديث أبي الدرداء" اهـ.
(1)
في سننه (1/ 154 رقم 15).
(2)
كما في "التلخيص"(1/ 275).
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف والله أعلم.
(3)
صدوق في روايته عن أهل بلده مُخَلِّطٌ في غيرهم. (التقريب)(رقم 473).
(4)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 114).
(5)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 274 - 275).
(6)
كما في "العلل"(1/ 31 رقم 57).
(7)
في سننه (1/ 154 رقم 16).
(8)
عطاء بن عَجلان الحنفي، أبو محمد البصري، العَطّار: متروك، بل أطلق عليه ابنُ معين والفَلّاس وغيرُهما الكذبَ. "التقريب"(رقم 4594).
(9)
عَبّاد بن كَثِير الثقفي، البصري، متروك. قال أحمد: روى أحاديثَ كذبٍ. "التقريب"(رقم 3139).
(10)
سليمان بن أرقم أبو معاذ البصري. قال أحمد: لا يروى عنه. وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال الجوزجاني: ساقط. وقال أبو داود والدارقطني: متروك. وقال أبو زرعة ذاهب الحديث. وقال ابن حجر: ضعيف.
[الميزان (2/ 196 رقم 3427) و"التقريب" (رقم 2532). وأحوال الرجال رقم (158)].
وفي الباب عن ابن عباس عند الدارقطني
(1)
وابن عدي
(2)
والطبراني
(3)
بلفظ "إذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فيلغسل عنه الدم ثم ليعد وضوءه وليستقبل صلاته" قال الحافظ
(4)
: وفيه سليمان بن أرقم وهو متروك.
وعن أبي سعيد عند الدارقطني
(5)
بلفظ: "إذا قاء أحدكم أو رعف وهو في الصلاة أو أحدث فلينصرف فليتوضأ ثم ليجيء فليبن علي ما مضى" وفيه أبو بكر [الداهري]
(6)
وهو متروك
(7)
.
ورواه عبد الرزاق في مصنفه
(8)
موقوفًا على عليّ وإسناده حسن قاله الحافظ
(9)
.
وعن سلمان نحوه
(10)
، وعن ابن عمر عند مالك في الموطأ
(11)
"أنه كان
(1)
في سننه (1/ 152 - 153 رقم 8).
(2)
في "الكامل"(3/ 254) ترجمة سليمان بن أرقم.
(3)
في المعجم الكبير (11/ 651 رقم 11374).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 246): وقال: "وفيه محمد بن مسلمة ضعفه الناس، وقال الدارقطني: لا بأس به، ولكن رواه عن ابن أرقم عن عطاء ولا ندري من ابن أرقم". قلت: وهو سليمان بن أرقم متروك كما تقدم آنفًا.
(4)
في "التلخيص"(1/ 275).
(5)
في سننه (1/ 157 رقم 30) وقال: أبو بكر الداهري عبد الله بن حكيم. متروك الحديث.
(6)
في (أ) و (ب) و (جـ): (الزاهري) وهو خطأ والصواب من مصدر الحديث.
(7)
انظر ترجمته في الميزان (2/ 410) واللسان (3/ 255) والمجروحين (2/ 21) والجرح والتعديل (2/ 2/ 41). والضعفاء للدارقطني رقم الترجمة (318).
(8)
(2/ 338 - 339 رقم 3606).
قلت: وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 184 ث 77) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 256).
وإسناده ضعيف. لضعف الحارث الأعور انظر: "التقريب"(رقم 1029).
(9)
في "التلخيص"(1/ 275).
(10)
أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 170 ث 62) عن سلمان قال: إذا وجد أحدكم في الصلاة رِزًّا أو قيئًا، أو رعافًا، فلينصرف غير راع لصنيعته، ثم ليتوضأ، وليعد إلى بقية صلاته".
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 195) وعبد الرزاق في "المصنف"(2/ 339 رقم 3608) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 257) بعد ما روى أثر علي.
وإسناده ضعيف. لضعف عمران بن ظبيان. انظر: "المجروحين"(2/ 123).
• الرِزّ: بالكسر - الصوت من البطن من القرقرة ونحوها.
(11)
(1/ 38 رقم 46) وإسناد صحيح.
إذا رعف رجع فتوضأ ولم يتكلم ثم يرجع ويبني" وروى الشافعي
(1)
من قوله نحوه.
قوله: (قَلَس) هو بفتح القاف واللام ويروى بسكونها قال الخليل: هو ما خرجَ من الحلقِ ملءَ الفمِ أو دونَهُ وليس بقيءٍ وإن عادَ فهو القيءُ
(2)
، وفي النهاية
(3)
القلس: ما خرجَ من الجوف، ثم ذكر مثل كلام الخليل.
والحديث استدل به على أن القيء والرعاف والقلس والمذي نواقض للوضوء، وقد تقدم ذكر الخلاف في القيء
(4)
، والخلاف في القلس مثله، وأما الرعاف فهو ناقض للوضوء، وقد ذهب إلى أن الدم من نواقض الوضوء القاسمية وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل وإسحاق وقيدوه بالسيلان
(5)
.
وذهب ابن عباس والناصر ومالك والشافعي وابن أبي أوفى وأبو هريرة وجابر بن زيد وابن المسيب ومكحول وربيعة إلى أنه غير ناقص.
(6)
استدل الأولون بحديث الباب ورد بأن فيه المقال المذكور، واستدلوا بحديث "بل من سبع" الذي ذكرناه في الحديث الذي قبل هذا، ورد بأنه لم يثبت عند أحد من أئمة الحديث المعتبرين، وبالمعارضة بحديث أنس الذي سيأتي
(7)
، وأجيب بان حديث أنس حكاية فعل فلا يعارض القول، ولكن هذا يتوقف على صحة القول ولم يصح.
(1)
كما في "ترتيب المسند"(رقم 93) عن ابن عمر أنه كان يقول: من أصابه رعاف، أو من وجد رعافًا أو مذيًا أو قيئًا انصرف فتوضأ، ثم رجع فبنى.
وإسناده ضعيف. لعنعنة ابن جريج المدلس.
(2)
القاموس المحيط (ص 731).
(3)
(4/ 100).
(4)
الراجح كما تقدم أن القيء لا ينقض الوضوء وكذلك الفلس.
(5)
انظر: "البحر الزخار"(1/ 86 - 87). والمغني (1/ 248 - 249).
(6)
انظر: "البحر الزخار"(1/ 87). والمدونة (1/ 18) والأم (1/ 83 رقم 293).
والمغني (1/ 284) و"الأوسط" لابن المنذر (1/ 177).
(7)
برقم (4/ 241) من كتابنا هذا.
وقد أخرج أحمد
(1)
والترمذي
(2)
وصححه وابن ماجه
(3)
والبيهقي
(4)
من حديث أبي هريرة "لا وضوء إلا من صوت أو ريح" قال البيهقي
(5)
: هذا حديث ثابت، وقد اتفق الشيخان
(6)
على إخراج معناه من حديث عبد الله بن زيد.
ورواه أحمد
(7)
والطبراني
(8)
من حديث السائب بن خباب بلفظ: "لا وضوء إلا من ريح أو سماع" وقال ابن أبي حاتم
(9)
: "سمعت أبي، وذكر حديث شعبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا "لا وضوء إلا من صوت أو ريح" فقال أبي: هذا وهم اختصر شعبة متن الحديث، وقال: "لا وضوء إلا من صوت أو ريح" ورواه أصحاب سهيل بلفظ: "إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد ريحًا من نفسه فلا يخرج حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا"" وشعبة
(10)
إمام حافظ واسع الرواية، وقد روي هذا اللفظ بهذه الصيغة المشتملة على الحصر ودينه وإمامته
(1)
في المسند (2/ 410، 435، 471).
(2)
في سننه (1/ 109 رقم 74) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
في سننه (1/ 172 رقم 515).
(4)
في السنن الكبرى (1/ 117، 220).
(5)
ذكره ابن حجر في "التلخيص"(1/ 117).
(6)
البخاري (1/ 237 رقم 137) ومسلم (1/ 276 رقم 98/ 361).
قلت: وأخرجه الحميدي في المسند (رقم 413) وابن المنذر في "الأوسط"(1/ 137 رقم 28) والنسائي (1/ 98 - 99) وأبو داود (1/ 122 رقم 176) وابن ماجه (1/ 171 رقم 513) وابن الجارود في المنتقى رقم (3).
(7)
في المسند (3/ 426).
(8)
في المعجم الكبير (10/ 47 - 141 رقم 6622).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 242) وقال: "وفيه عبد العزيز بن عبيد الله. هو ضعيف الحديث، ولم أر أحدًا وثقه والله أعلم" اهـ.
وأخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 172 رقم 516) وخلاصة القول أن حديث السائب بن خباب صحيح بشواهده.
(9)
في "العلل"(1/ 47 رقم 107).
(10)
هو شعبة بن الحجاج بن الورد، أبو بسطام الواسطي ثم البصري، ثقة، حافظ متقن، كان الثوري يقول: هو أمير المؤمنين في الحديث، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال، وذبَّ عن السنة، وكان عابدًا. روى له الجماعة "التقريب" رقم (2790).
ومعرفته بلسان العرب يرد ما ذكره أبو حاتم، فالواجب البقاء على البراءة الأصلية المعتضدة بهذه الكلية المستفادة من هذا الحديث، فلا يصار إلى القول بأن الدم أو القيء ناقض إلا لدليل ناهض، والجزم بالوجوب قبل صحة المستند كالجزم بالتحريم قبل صحة الناقل والكل من التقول على الله بما لم يقل.
ومن المؤيدات لما ذكرنا حديث "أن عَبَّاد بن بِشْر أصيب بسهام وهو يصلي فاستمر في صلاته" عند البخاري تعليقًا
(1)
، وأبي داود
(2)
وابن خزيمة
(3)
ويبعد أن لا يطلع النبي صلى الله عليه وسلم على مثل هذه الواقعة العظيمة ولم ينقل أنه أخبره بأن صلاته قد بطلت
(4)
.
(1)
(1/ 280) تعليقًا. "ويُذكر عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوةِ ذات الرِّقاع فَرُمي رجلٌ بسهمٍ فنزفهُ الدَّمُ فركعَ وسجدَ ومضى في صلاته".
قال الحافظ في "الفتح"(1/ 281): "وصله ابن إسحاق في "المغازي" حدثني صدقة
…
".
قلت: وهو في "سيرة ابن هشام (3/ 290 - 291).
ثم قال ابن حجر: "وعقيل لا أعرف راويًا عن غير صدقة، ولهذا لم يجزم به المصنف، إما لكونه اختصره، أو للخلاف في ابن إسحاق" وقال: "صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم.
(2)
في سننه رقم (198).
(3)
في صحيحه (1/ 24 رقم 36).
قلت: وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 156 - 157) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 140) و (9/ 150) والصغرى (1/ 31 رقم 40) والدارقطني في السنن (1/ 223 - 224 رقم 1) وأحمد في المسند (3/ 343 - 344، 359) وابن حبان في صحيحه (3/ 375 - 376 رقم 1096).
في إسناده عقيل بن جابر لم يوثقه غير ابن حبان في "الثقات"(5/ 272) ولم يرو عنه غير صدقة بن يسار. قلت: وصدقة وثقه ابن معين وأحمد وأبو داود وابن سعد وغيرهم وروى له مسلم في "الصحيح""تهذيب التهذيب"(2/ 209)] وكذلك باقي رجال الحديث ثقات. وفي طريق أبي داود وغيره تصريح ابن إسحاق بالسماع له من صدقة وقد حسن الألباني الحديث في صحيح أبي داود.
(4)
قلت: الراجح في هذه المسألة أن (القيءَ، والرّعافَ، والدمَ) من غير مخرج الحدث ليس بناقضٍ للوضوء، إذ الأحاديث التي توجب لم تصح، والأصل البراءة، والآثار الصحيحة عن الصحابة تدلُّ على ذلك، وهذا مذهب الفقهاءِ السبعةِ من أهل المدينة، وهو اختيار المحققين من العلماء. والله أعلم.
وأما المذي فقد صحت الأدلة في إيجابه للوضوء، وقد أسلفنا الكلام على ذلك في باب ما جاء في المذي
(1)
من أبواب تطهير النجاسة.
وفي الحديث دلالة على أن الصلاة لا تفسد على المصلي إذا سبقه الحدث، ولم يتعمد خروجه، وقد ذهب إلى ذلك أبو حنيفة وصاحباه ومالك وروي عن زيد بن علي وقديم قولي الشافعي، والخلاف في ذلك للهادي والناصر والشافعي في أحد قوليه، فإن تعمد خروجه فإجماع على أنه ناقض، واستدل على النقض بحديث:"إذا فسا أحدُكم فلينصرف وليتوضأ وليستأنف الصلاة" أخرجه أبو داود
(2)
ولعله يأتي في الصلاة إن شاء الله [تعالى]
(3)
تمام تحقيق البحث.
4/ 241 - (وَعَنْ أنَس [رضي الله عنه] (3) قالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فصَلى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلمْ يَزِدْ عَلَى غَسْل مَحاجِمِهِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنيُّ)
(4)
. [ضعيف]
الحديث رواه أيضًا البيهقي
(5)
قال الحافظ
(6)
: "وفي إسناده صالح بن مقاتل، وهو ضعيفٌ، وادَّعى ابن العربيِّ أن الدارقطني صححه وليس كذلك، بل قال عقبه في السنن: صالح بن مقاتل ليس بالقويّ". وذكره النووي في فصل الضعيف
(7)
.
والحديث يدل على أن خروج الدم لا ينقض الوضوء، وقد تقدم الكلام عليه في الذي قبله.
قال المصنف
(8)
رحمه الله تعالى: "وقد صح عن جماعة من الصحابة ترك الوضوء من يسير الدم ويحمل حديث أنس عليه وما قبله على الكثير الفاحش
(1)
الباب الثامن عند رقم الحديث (20/ 38) من كتابنا هذا.
(2)
في سننه (1/ 141 - 142 رقم 205) من حديث علي بن طلق. وهو حديث ضعيف.
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في سننه (1/ 151 - 152 رقم 2) و (1/ 157 رقم 26) بسند ضعيف جدًّا.
(5)
في سننه الكبرى (1/ 141) وصدره بقوله: "إلا أن في إسناده ضعفًا".
(6)
في "التلخيص"(1/ 113).
قلت: وقال الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 43): "قال الدارقطني عن صالح بن مقاتل: ليس بالقوي، وأبوه غير معروف، وسليمان بن داود مجهولٌ" اهـ.
(7)
في "الخلاصة"(1/ 143 - 144 رقم 295). وقال عقبه: "وبالجملة ليس في نقض الوضوء بالقيء والدم والضحك في الصلاة، ولا عدم ذلك حديث صحيح" اهـ.
(8)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 115).
كمذهب أحمد ومن وافقه جمعًا بينهما" انتهى.
ويؤيد هذا الجمع ما أخرجه الدارقطني
(1)
من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "ليس في القطرة ولا في القطرتين من الدم وضوء إلا أن يكون دمًا سائلًا" ولكن فيه محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك
(2)
. قال الحافظ
(3)
: وإسناده ضعيف جدًّا.
ويؤيده أيضًا ما روي عن ابن عمر عند الشافعي
(4)
وابن أبي شيبة
(5)
والبيهقي
(6)
"أنه عصر بثرة في وجهه فخرج شيء من دمه فحكه بين أصبعيه ثم صلى ولم يتوضأ". وعلقه البخاري
(7)
.
وعنه أيضًا: "أنه كان إذا احتجم غسل أثر المحاجم" ذكره في التلخيص لابن حجر
(8)
.
وعن ابن عباس [رضي الله عنه]
(9)
أَنه قال: "اغسل أَثر [المحاجم]
(10)
عنك وحسبك" رواه الشافعي
(11)
.
وعن ابن أبي أوفى ذكره الشافعي
(12)
ووصله البيهقي في المعرفة
(13)
وكذا عن أَبي هريرة موقوفًا
(14)
.
(1)
في سننه (1/ 157 رقم 28).
(2)
قال أحمد: حديثهُ حديث أهل الكذب، وقال يحيى: لا يكتب حديثه. وقال غير واحد: متروك. "الميزان"(4/ 6 - 7 رقم 8056).
(3)
في "التلخيص"(1/ 113).
(4)
كما في "معرفة السنن والآثار"(2/ 418 رقم 1153).
(5)
في "المصنف"(1/ 138).
(6)
في السنن الكبرى (1/ 141).
(7)
في صحيحه (1/ 280) رقم الباب (34).
(8)
في "التلخيص"(1/ 114).
(9)
زيادة من (جـ).
(10)
في (جـ): (الحجامة).
(11)
كما في "معرفة السنن والآثار"(2/ 419 رقم 1157).
قلت: وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 44) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 140).
(12)
في "معرفة السنن والآثار"(2/ 420).
(13)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 114).
(14)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 114).
وعن جابر علقه البخاري
(1)
ووصله ابن خزيمة
(2)
وأَبو داود
(3)
من طريق عقيل بن جابر عن أَبيه وذكر قصة الرجلين اللذين حرسا فرمي أحدهما بسهام وهو يصلي وقد تقدم. وعقيل بن جابر قال في الميزان
(4)
: فيه جهالة. وقال في الكاشف
(5)
ذكره ابن حبان في الثقات
(6)
.
وقد روي نحو ذلك عن عائشة قال الحافظ
(7)
: لم أقف عليه فهؤلاء الجماعة من الصحابة هم المرادون بقول المصنف. وقد صح عن جماعة من الصحابة، وقد عرفت ما هو الحق في شرح الحديث الذي قبل هذا.
[الباب الثالث] باب الوضوء من النوم إلا اليسير منه على إحدى حالات الصلاة
5/ 242 - (عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّال [رضي الله عنه]
(8)
قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنا إِذَا كُنَّا سُفْرًا أَن لَا نَنْزعَ خِفافنا ثلاثةَ أيّامٍ وَليَاليهِنَّ إلَّا منْ جنابَةٍ لكِنْ مِنْ غائِطٍ وبَولٍ ونَوْمٍ. رَواهُ أحْمَدُ
(9)
والنَّسائي
(10)
والتِّرْمذِيُّ وصَحُحَهُ)
(11)
. [حسن]
الحديث روي بهذا اللفظ وروي باللفظ الذي ذكره المصنف في باب: اشتراط الطهارة قبل لبس الخف
(12)
، وقد ذكرنا هنالك أن مداره على عاصم بن
(1)
(1/ 280) تعليقًا. وقد تقدم آنفًا.
(2)
في صحيحه (1/ 24 رقم 36) وقد تقدم.
(3)
في سننه رقم (198). وقد تقدم. وهو حديث حسن.
(4)
(3/ 88 رقم 5702).
(5)
(2/ 239 رقم 3911).
(6)
(5/ 272).
(7)
في "التلخيص"(1/ 115).
(8)
زيادة من (جـ).
(9)
في المسند (4/ 2039).
(10)
في سننه (1/ 83 - 84 رقم 126 و 127).
(11)
في سننه (1/ 159 - 160 رقم 96) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وهو حديث حسن وقد تقدم تخريجه رقم (9/ 231) من كتابنا هذا.
(12)
الباب الثالث عند رقم الحديث (9/ 231).
أبي النجود
(1)
، وقد تابعه جماعة.
ومعنى قوله: "لكن من [غائط و] (2) بول" أي لكن لا ننزع خفافنا من [غائط و]
(2)
بول. ولفظ الحديث في باب: اشتراط الطهارة "ولا نخلعها من غائط ولا بول ولا نوم ولا نخلعها إلا من جنابة" فذكر الأحداث التي ينزع منها الخف، والأحداث التي لا ينزع منها، وعدّ من جملتها النوم، فأشعر ذلك بأنه من نواقض الوضوء لا سيما بعد جعله مقترنًا بالبول والغائط اللذين هما ناقضان بالإِجماع.
وبالحديث استدل من قال: بأن النوم ناقض.
[مذاهب العلماء في النقض بالنوم]:
وقد اختلف الناس في ذلك على مذاهب ثمانية، ذكرها النووي في شرح مسلم
(3)
.
الأول: أن النوم لا ينقض الوضوء على أي حال كان، قال: وهو محكي عن أبي موسى الأشعري
(4)
، وسعيد بن المسيب
(5)
، وأبي مِجْلَز
(6)
، وحُمَيْد الأعْرَج
(7)
، والشيعة يعني الإِمامية
(8)
، وزاد في البحر
(9)
عمرو بن دينار، واستدلوا
(1)
وهو ثقة يهم، فهو حسن الحديث انظر:"تحرير التقريب" رقم (3054) وقد تقدم الكلام عليه.
(2)
زيادة من (أ) و (ب).
(3)
(4/ 73 - 74).
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 133) عن منيعة ابنة وقاص عن أبيها أن أبا موسى كان ينام بينهن حتى يغط فننبهه فيقول قد سمعتموني أحدثت فنقول - لا - فيقوم فيصلي".
(5)
حكاه عنه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 155). وابن عبد البر في "الاستذكار"(2/ 74 رقم 1471).
(6)
حكاه عنه ابن قدامة في "المغني"(1/ 234).
• أبو مجلز لاحق بن حميد بن سعيد البصري، تابعي، ثقة، له أحاديث، وتوفي سنة مائة، أو بعد المائة. "تهذيب التهذيب"(4/ 335).
(7)
حكاه عنه ابن قدامة في "المعني"(1/ 234).
• أبو صفوان حميد بن قيس الأعرج المكي القارئ، ثقة صدوق، توفي سنة ثلاثين ومائة.
"تهذيب التهذيب"(1/ 497 - 498).
(8)
اللمعة الدمشقية (1/ 71).
(9)
(1/ 88).
بحديث أنس الآتي
(1)
.
المذهب الثاني: أن النوم ينقض الوضوء بكل حال قليله وكثيره قال النووي
(2)
: وهو مذهب الحسن البصري
(3)
، والمزني
(4)
، وأبي عبيد القاسم بن سلام
(5)
، وإسحق بن راهوية
(6)
: وهو قول غريب للشافعي، قال ابن المنذر
(7)
: وبه أقول، قال: وروى معناه عن ابن عباس
(8)
وأبي هريرة
(9)
، ونسبه في البحر
(10)
(1)
برقم (9/ 246) من كتابنا هذا.
(2)
في شرح مسلم (4/ 73).
(3)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 128 رقم 478) عن ابن التيمي عن أبيه قال: سألت الحسن عن الرجل نام وهو ساجد، قال: إذا خالطه النوم فليتوضأ. قال: ورأينا الحسن في المقصورة يخفق برأسه ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ".
(4)
قال المزني صاحب الشافعي: النومُ حدَثٌ كسائرِ الأحداثِ، قليلُهُ وكثيرُهُ يوجب الوضوء ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار"(2/ 74 رقم 1472).
وأفرد البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(1/ 366) بابًا مستقلًا أسماه: "اختيار المزني رحمه الله" في مسألة الوضوء من النوم، وفيه يستشهد بالأحاديث والآثار على أن من غلبه النوم توضأ بأي حالاته كان.
(5)
قال ابن عبد البر في "الاستذكار"(2/ 73 - 74 رقم 1467): "وروينا عن أبي عبيد أنَّهُ قالَ: كنتُ أفتي أن من نامَ جالسًا لا وضوءَ عليه حتى خرجَ إلى جنبي يومَ الجمعة رجلٌ فنامَ، فخرجَتْ منهُ ريحٌ، فقلتُ لَهُ: قم فتوضأ، فقال: لَمْ أنَمْ، فقلت: بلى، وقد خرجَتْ منكَ ريحٌ تنقضُ الوضوءَ فجعل يحلف أنه ما كان منه، وقال لي: بل منكَ خرجَتْ، فتركت ما كنتُ أعتقدُ في نوم الجالس، وراعيتُ غلبة النومِ ومخالطتِهِ للقلبِ".
• أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي، جبل من جبال العلم حجة، ثقة، واسع العلم في الفقه وغيره من العلوم. ولد بهراة سنة (157 هـ). من مؤلفاته: الأموال، وغريب الحديث [تاريخ بغداد (12/ 403 - 416). الميزان (3/ 371) غاية النهاية (2/ 17)].
(6)
ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار"(2/ 73 رقم 1466).
(7)
انظر: "الأوسط"(1/ 143 - 144 م 17).
(8)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 129 رقم 479) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 133) والبيهقي (1/ 119).
(9)
أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 145 ث 39).
(10)
(1/ 88).
إلى العترة إلا أنهم يستثنون الخفقة والخفقتين، واستدلوا بحديث الباب وحديث علي
(1)
ومعاوية
(2)
وسيأتيان، وفي حديث علي:"فمن نام فليتوضأ" ولم يفرق فيه بين قليل النوم وكثيره.
المذهب الثالث: أن كثير النوم ينقض بكل حال وقليله لا ينقض بكل حال، قال النووي
(3)
: وهذا مذهب الزهري
(4)
وربيعة
(5)
والأوزاعي
(6)
ومالك
(7)
وأحمد في إحدى الروايتين عنه
(8)
، واستدلوا بحديث أنس الآتي
(9)
فإنه محمول على القليل، وحديث:"من استحق النوم فعليه الوضوء" عند البيهقي
(10)
أي استحق أَن يسمى نائمًا، فإن أريد بالقليل في هذا المذهب ما هو أعم من الخفقة والخفقتين فهو غير مذهب العترة، وإن أريد به الخفقة والخفقتان فهو مذهبهم.
المذهب الرابع: إذا نام على هيئة من هيئات المصلي كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينتقض وضوؤه سواء كان في الصلاة أو لم يكن، وإن نام مضطجعًا أو مستلقيًا على قفاه انتقض، قال النووي
(11)
وهذا مذهب أبي حنيفة وداود، وهو قول للشافعي غريب. واستدلوا بحديث "إذا نام العبد في سجوده باهى الله [تعالى]
(12)
به الملائكة" رواه البيهقي
(13)
، وقد
(1)
رقم (6/ 243) من كتابنا هذا.
(2)
رقم (7/ 244) من كتابنا هذا.
(3)
في "شرح صحيح مسلم"(4/ 73).
(4)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 129 رقم 480).
(5)
حكاه عنه النووي في شرحه لصحيح مسلم (4/ 73).
(6)
نقله الدكتور الجبوري عن "الأوسط" لابن المنذر (1/ 148) في فقه الأوزاعي (1/ 44).
(7)
انظر: "بداية المجتهد"(1/ 98) بتحقيقنا.
(8)
انظر مسائل أحمد لابن عبد الله ص 22، ومسائل أحمد لابن هاني (1/ 8).
(9)
رقم (9/ 246) من كتابنا هذا.
(10)
في السنن الكبرى (1/ 119) عن أبي هريرة.
(11)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 73).
(12)
زيادة من (جـ).
(13)
في "الخلافيات"(2/ 143 رقم 412): من حديث أنس مرفوعًا بلفظ "إذا نام العبد في سجوده باهى الله تعالى به ملائكته يقول: "انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده في طاعتي".
وأخرجه تمام في "الفوائد"(2/ 255 رقم 1670). =
ضعف، [وقاسوا]
(1)
سائر الهيئات التي للمصلي على السجود.
المذهب الخامس: أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد. قال النووي
(2)
وروي مثل هذا عن أحمد، ولعل وجهه أن هيئة الركوع والسجود مظنة للانتقاض، وقد ذكر هذا المذهب صاحب البدر التمام
(3)
، وصاحب سبل السلام
(4)
بلفظ: "إنه ينقض إلا نوم الراكع والساجد" بحذف لا، واستدلا له بحديث:"إذا نام العبد في سجوده"
(5)
قالا: وأقاس الركوع على السجود، والذي في شرح مسلم للنووي
(6)
بلفظ: "إنه لا ينقض" بإثبات "لا" فلينظر.
المذهب السادس: أنه لا ينقض إلا نوم الساجد، قال النووي
(7)
: يروى أيضًا عن أحمد، ولعل وجهه أن مظنة الانتقاض في السجود أشد منها في الركوع.
المذهب السابع: أنه لا ينقض النوم في الصلاة بكل حال، وينقض خارج الصلاة، ونسبه في البحر
(8)
إلى زيد بن علي وأبي حنيفة، واستدل لهما صاحِبُه
= فيه داود بن الزّبرقان، قال عنه ابن حجر في "التقريب" رقم (1785)"متروك، وكذبه الأزديّ" فسنده ضعيف جدًّا.
وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" رقم (199) بسند ضعيف جدًّا. وفيه علل:
(الأولى): ضعف حجاج بن نُصير. "التقريب" رقم (1139).
(الثانية): عنعنة الحسن البصري.
(الثالثة): المبارك بن قضالة يدلس تدليس التسوية.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف والله أعلم.
وانظر: "تلخيص الحبير"(1/ 120 - 121) و"الضعيفة" رقم (953).
(1)
في "المخطوط"(وأقاسوا).
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 73).
(3)
لا يزال مخطوطًا فيما أعلم.
(4)
(1/ 323) بتحقيقنا. ط: دار ابن الجوزي.
(5)
وهو حديث ضعيف تقدم الكلام عليه آنفًا.
(6)
(4/ 73).
(7)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 73).
(8)
(1/ 88).
بحديث: "إذا نام العبد في سجوده"
(1)
ولعل سائر هيئات المصلي مقاسة على السجود.
المذهب الثامن: أنه إذا نام جالسًا ممكنًا مقعدته من الأرض لم ينقض، سواء قل أو كثر، وسواء كان في الصلاة أو خارجها، قال النووي
(2)
: وهذا مذهب الشافعي. وعنده أن النوم ليس حدثًا في نفسه وإنما هو دليل على خروج الريح، ودليل هذا القول حديث علي
(3)
وابن عباس
(4)
ومعاوية
(5)
وستأتي.
وهذا أقرب المذاهب عندي وبه يجمع بين الأدلة.
وقوله: إن النوم ليس حدثًا في نفسه هو الظاهر. وحديث الباب وإن أشعر بأنه من الأحداث باعتبار اقترانه بما هو حدث بالإِجماع فلا يخفى ضعف دلالة الاقتران وسقوطها عن الاعتبار عند أئمة الأصول، والتصريح بأن النوم مظنة استطلاق الوكاء، كما في حديث معاوية (5)، واسترخاء المفاصل كما في حديث ابن عباس
(6)
مشعر أتم إشعار بنفي كونه حدثًا في نفسه. وحديث "إن الصحابة [كانوا]
(7)
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون"
(8)
من المؤيدات لذلك، ويبعد جهل الجميع منهم كونه ناقضًا والحاصل أن الأحاديث المطلقة في النوم تحمل على المقيدة بالاضطجاع، وقد جاء في بعض الروايات بلفظ الحصر، والمقال الذي فيه منجبر بما له من الطرق والشواهد وسيأتي.
ومن المؤيدات لهذا الجمع حديث ابن عباس (4) الآتي بلفظ: "فجعلْتُ إذا أغْفَيْتُ يأخُذ بِشَحْمَةِ أذُني" وحديث: "إذا نامَ العبدُ في صلاته باهى اللهُ [تعالى]
(9)
به ملائكته" أخرجه الدارقطني
(10)
وابن شاهين
(11)
من حديث أبي هريرة،
(1)
وهو حديث ضعيف تقدم تخريجه آنفًا.
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 73).
(3)
رقم (6/ 243) من كتابنا هذا وهو حديث حسن.
(4)
رقم (8/ 245) من كتابنا هذا وهو حديث صحيح.
(5)
رقم (7/ 244) من كتابنا هذا وهو حديث ضعيف.
(6)
سيأتي برقم (10/ 247) من كتابنا هذا وهو حديث ضعيف.
(7)
زيادة من (أ).
(8)
سيأتي برقم (9/ 246) من كتابنا هذا وهو حديث صحيح بطرقه.
(9)
زيادة من (جـ).
(10)
في "العلل"(8/ 248 - 249 س 1552).
(11)
في "الناسخ والمنسوخ"(رقم 199) بسند ضعيف جدًّا وقد تقدم.
والبيهقي
(1)
من حديث أنس. وابن شاهين
(2)
أيضًا من حديث أبي سعيد، وفي جميع طرقه مقال. وحديث:"من استحق النوم وجب عليه الوضوء" عند البيهقي
(3)
من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح، ولكنه قال البيهقي
(4)
: روى ذلك مرفوعًا ولا يصح. وقال الدارقطني: وقفه أصح، وقد فسر استحقاق النوم بوضع الجنب.
(فائدة) قال النووي في شرح مسلم
(5)
بعد أن ساق الأقوال الثمانية التي أسلفناها ما لفظه: "واتفقوا على أن زوال العقل بالجنون والإِغماء والسكر بالخمر أو النبيذ أو البنج أو الدواء ينقض الوضوء، سواء قل أو كثر، وسواء كان ممكن المقعدة أو غير ممكنها" انتهى. وفي البحر
(6)
أن السكر كالجنون عند الأكثر، وعند المسعودي أنه غير ناقض إن لم يغش.
(فائدة أخرى) قال النووي في شرح مسلم
(7)
: "قال أَصحابنا: وكان من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا ينتقض وضوؤه بالنوم مضطجعًا للحديث الصحيح عن ابن عباس قال: "نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه، ثم صلى ولم يتوضأ"
(8)
انتهى.
وفيه أَنه أخرج الترمذي
(9)
من حديث أنس "لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى أني لأسمع لأحدهم غطيطًا، ثم يقومون فيصلون ولا يتوضؤون". وفي لفظ أبي داود
(10)
زيادة "على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " وسيأتي الكلام عليه
(11)
.
(1)
في "الخلافيات"(2/ 143 رقم 412) بسند ضعيف جدًّا وقد تقدم.
(2)
في الناسخ والمنسوخ رقم (200) بسند ضعيف لضعف عطية العوفي.
(3)
في السنن الكبرى (1/ 119).
(4)
في السنن الكبرى (1/ 119).
(5)
في شرح لصحيح مسلم (4/ 74).
(6)
(1/ 89).
(7)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 74).
(8)
أخرجه البخاري رقم (117) ومسلم رقم (184/ 763) وأبو داود رقم (1357) والترمذي رقم (77) والنسائي (2/ 218) وابن ماجه رقم (475). وله ألفاظ مختلفة مطولة ومختصرة، وفي أكثرها فنام حتى نفخ؛ وهو حديث مشهور.
(9)
في سننه (1/ 113 رقم 78) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(10)
في سننه (1/ 137 رقم 200).
(11)
في حديث رقم (9/ 246) من كتابنا هذا.
6/ 243 - (وَعَن عَلي رضي الله عنه قال: قال: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "الْعَينُ وِكاءُ السَّهِ فَمَنْ نام فليتَوَضأُ" رَوَاهُ أحمَدُ
(1)
وأبُو دَاوُدَ
(2)
وابْنُ ماجَهْ)
(3)
. [حسن]
7/ 244 - (وعَنْ مُعاوَيةَ قال: قال: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "الْعَينُ وِكاءُ اللهِ، فإِذَا نَامَت الْعَينانِ اسْتَطْلَقَ الوِكاءُ". رَوَاه أحمَدُ
(4)
وَالدارَقُطْنيُّ
(5)
. [ضعيف]
(1)
في المسند (1/ 111).
(2)
في سننه (1/ 140 رقم 203).
(3)
في سننه (1/ 161 رقم 477).
قلت: وأخرجه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 123، وأبو عبيد في غريب الحديث (3/ 81) وابن المنذر في الأوسط (1/ 144 رقم 36) وابن عدي في "الكامل"(7/ 2551).
والدارقطني في السنن (1/ 161 رقم 5) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 118) من طرق.
قال المنذري في "مختصر السنن"(1/ 145): "وفي إسناده بقيَّة بن الوليد والوضين، وفيهما مقال" اهـ.
قلت: بقية بن الوليد الحمصي: اختلف فيه كثيرًا، والحق أنه ثقة مأمون إذا حدث عن ثقة وصرح بالتحديث. وقد روى عنه شعبة، وهو لا يروي إلا عن ثقة. وقد ترجمة البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 150 رقم 2012) فلم يذكر فيه جرحًا، وقد صرح عند أحمد بالسماع من شيخه الوضين بن عطاء الخزاعي وهو ثقة. وانظر كلام الشيخ أحمد شاكر في تخريج المسند. (2/ 166 - 167). و"تلخيص الحبير"(1/ 118).
ولحديث علي شاهد من حديث معاوية سيأتي في الحديث الآتي.
وقد حسن الحديث ابن الصلاح والنووي والذكي كما في "خلاصة البدر المنير"(1/ 52 رقم 154). وكذلك حسنة الألباني في "الإرواء"(1/ 148 - 149 رقم 113).
وخلاصة القول أن حديث علي بن أبي طالب حديث حسن والله أعلم.
(4)
في المسند (4/ 96 - 97).
(5)
في سننه (1/ 160 رقم 2).
قلت: وأخرجه أبو يعلى في مسنده (13/ 362 رقم 8372) والطبراني في "الكبير"(19/ 372 رقم 875). والدارمي في سننه (1/ 184) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 118) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 247) وقال: "رواه أحمد وأبو يعلى، والطبراني في الكبير، وفيه بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف لاختلاطه".
وقال البيهقي في "المعرفة"(1/ 367): "932 - كذا رواه أبو بكر بن أبي مريم مرفوعًا وهو ضعيف، 933 - ورواه مروان بن جناح عطية عن معاوية موقوفًا عليه" اهـ.
وخلاصة القول أن حديث معاوية موقوف عليه والله أعلم. =
السَّهُ: اسْمٌ لِحلْقَةِ الدُّبُرِ
(1)
.
وَسُئِلَ أحْمَدُ عَنْ حَدِيثِ عليّ وَمعاوِيةَ في ذلِكَ، فقال: حَدِيثُ عَليّ أثْبَتُ وَأَقْوَى).
أما حديث علي فأخرجه أيضًا الدارقطني
(2)
، وهو عند الجميع من رواية بقية عن الوضين بن عطاء
(3)
، قال الجوزجاني
(4)
: واه، وأنكر عليه هذا الحديث عن محفوظ بن عَلْقَمة - وهو ثقة
(5)
- عن عبد الرحمن بن عائذ وهو تابعي ثقة معروف
(6)
عن علي، لكن قال أبو زرعة
(7)
: لم يسمع منه. قال الحافظ
(8)
: "وفي هذا النفي نظر، لأنه يروي عن عمر كما جزم به البخاري".
وأما حديث معاوية فأخرجه أيضًا البيهقي
(9)
، وفي إسناده بقية عن أبي بكر بن أبي مريم وهو ضعيف
(10)
، وقد ضعف الحديثين أبو حاتم
(11)
، وحسن المنذري وابن الصلاح [والنووي]
(12)
حديث علي
(13)
.
= انظر: "التلخيص الحبير"(1/ 118) و"نصب الراية"(1/ 46) والجوهر النقي (1/ 118 - 119) و"إرواء الغليل"(1/ 148 - 149).
(1)
انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (3/ 82) والنهاية (5/ 222) والفائق (4/ 77).
(2)
في السنن (1/ 161 رقم 5) وقد تقدم.
(3)
تقدم آنفًا الكلام على رواية بقية عن الوضين بن عطاء.
(4)
في "أحوال الرجال"(رقم 299).
(5)
قال عثمان الدَّراميّ، عن ابن معين، وعن دُحَيْم: ثقة.
وقال أبو زرعة: لا بأس به.
وذكره ابن حبان في الثقات. "تهذيب التهذيب"(4/ 33 - 34).
(6)
انظر: ترجمته في "تهذيب التهذيب"(2/ 520).
(7)
قال أبو حاتم: لَم يُدْرك النبي صلى الله عليه وسلم. وقال هو وأبو زُرعة: حديثه عن علي مُرْسل.
قال: ولم يدرك معاذًا.
وقال ابن أبي حاتم: روى عن عُمر مُرْسلًا. "المرجع السابق (2/ 520) ".
(8)
في "التلخيص"(1/ 118).
(9)
في السنن الكبرى (1/ 118) وقد تقدم.
(10)
انظر: "تهذيب التهذيب"(4/ 490).
(11)
في "العلل"(1/ 47 رقم 106).
(12)
زيادة من (أ) و (ب).
(13)
كما في "خلاصة البدر المنير"(1/ 52 رقم 154).
قوله: (وكاء السه) الوكاء بكسر الواو: الخيط الذي [يربط]
(1)
به الخريطة. والسْهَ بفتح السين المهملة وكسر الهاء المخففة: الدبر
(2)
والمعنى اليقظة وفيء الدبر أي حافظة ما فيه من الخروج، لأنه ما دام مستيقظًا أحس بما يخرج منه.
والحديثان يدلان على أن النوم مظنة للنقض لا أنه بنفسه ناقض، وقد تقدم الكلام على ذلك في الذي قبله.
8/ 245 - (وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رضي الله عنه]
(3)
قالَ: بِتُّ عِندَ خالتِي مَيْمُونَةَ فَقامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقُمْتُ إلى جَنْبهِ الأيْسَرِ فأخَذَ بِيدِي فَجَعَلَني منْ شِقِّهِ الْأيمَنِ فجَعَلْتُ إذا أغْفَيْتُ يَأْخُذ بِشَحْمَةِ أُذُنِي قالَ: فَصَلَّى إحْدَى عَشَرَةَ رَكْعَةً. رَواهُ مُسْلِمٌ)
(4)
. [صحيح]
هذا طرف من حديث ابن عباس. وقد اتفق الشيخان
(5)
على إخراجه، وفيه فوائد وأحكام ليس هذا محل بسطها.
قوله: (إذا أغفيت) الإِغفاء: النوم أو النعاس ذكر معناه في القاموس
(6)
.
وفي الحديث دلالة على أن النوم اليسير حال الصلاة غير ناقض، وقد تقدم الكلام على ذلك.
9/ 246 - (وعَنْ أنَسٍ [رضي الله عنه] (3) قالَ: كانَ أصْحابُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَنْتَظرُونَ العشاءَ الآخِرَةَ حَتَّى تَخْفَقَ رُؤُوسُهُمْ ثمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتوَضَّئُونَ، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(7)
. [صحيح بطرقه]
(1)
في (ب): (تربط).
(2)
انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (3/ 82) والنهاية (5/ 222) والفائق (4/ 77).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في صحيحه (1/ 528 رقم 185/ 763).
(5)
أخرجه البخاري (رقم 117 و 138 و 183 و 697 و 698 و 699 و 726 و 728 و 859 و 1124 و 1198 و 4569 و 4570 و 4571 و 4572 و 5919 و 6215 و 6316 و 7452).
ومسلم (1/ 525 - 531 رقم 181 و 182 و 183 و 184 و 185 و 186 و 187 و 188 و 189 و 190 و 191 و 192 و 193/ 763) من حديث ابن عباس.
(6)
القاموس المحيط ص 1700.
(7)
في سننه (1/ 137 رقم 200).
الحديث أخرجه أيضًا الشافعي في الأم
(1)
، ومسلم
(2)
والترمذي
(3)
. قال أبو داود
(4)
: "زاد شعبة عن قتادة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ". ولفظ الترمذي
(5)
من طريق شعبة، "لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى إني لأسمع لأحدهم غطيطًا ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون".
قال ابن المبارك
(6)
: هذا عندنا وهم جلوس.
قال البيهقي
(7)
: وعلى هذا حمله عبد الرحمن بن مهدي والشافعي.
وقال ابن القطان
(8)
: "هذا الحديث سياقه في مسلم يحتمل أن ينزل على نوم الجالس، وعلى ذلك نزله أكثر الناس، لكن فيه زيادة تمنع من ذلك رواها يحيى القطان عن شعبة عن قتادة عن أنس قال: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة").
وقال ابن دقيق العيد
(9)
: "يحمل على النوم الخفيف، لكن يعارضه رواية الترمذي التي ذكر فيها الغطيط، وقد رواه أحمد من طريق يحيى القطان، والترمذي عن بندار بدون يضعون جنوبهم. وأخرجه بتلك الزيادة البيهقي
(10)
والبزار والخلال".
(1)
(1/ 71 رقم 256).
(2)
(1/ 284 رقم 125/ 376).
(3)
في سننه (1/ 113 رقم 78) وقال: هذا حديث حسن صحيح. قلت: وأخرجه البيهقي (1/ 119) وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 130 رقم 483) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 132) وأحمد (3/ 268) والبغوي في شرح السنن (1/ 338 رقم 163) وهو حديث صحيح بطرقه.
(4)
في السنن (1/ 138).
(5)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 116).
(6)
قال ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 151): "وحكي عن ابن المبارك أنه كان يقول: فيمن نام وهو قاعد مستند لا وضوء عليه".
وكذلك حكاه عنه الرمذي في السنن (1/ 81) والبغوي في شرح السنة (1/ 338).
(7)
في السنن الكبرى (1/ 120).
(8)
في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 589).
(9)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 116).
(10)
في السنن الكبرى (1/ 120).
قوله: (تخفق رؤوسهم) في القاموس
(1)
خفق فلان: حرك رأسه إذا نعس.
والحديث يدل على أن يسير النوم لا ينقض الوضوء، إن ثبت التقرير لهم على ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم الكلام في الخلاف في ذلك.
10/ 247 - (وَعَنْ يَزِيِدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحمنِ عَنْ قَتادَةَ عَنْ أبِي العَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رضي الله عنه]
(2)
أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَيْسَ على مَنْ نامَ سَاجِدًا وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ فَإنَّه إذا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفاصِلُهُ". رَوَاهُ أحمْدُ
(3)
. [ضعيف]
وَيَزِيدُ هُوَ الدَّالانِي قالَ أَحْمَدُ: لَا بأسَ بِهِ
(4)
.
قُلْتُ
(5)
: وَقَدْ ضَعَّفَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ الدَّالانِي هَذا لإِرْسَالِهِ.
قالَ شُعْبَةُ: إنمَا سَمِعَ قَتادةُ مِنْ أبي العَاليَةِ أرْبعَةَ أحَادِيثَ
(6)
فَذَكَرَهَا وَلَيْسَ هذَا
(1)
القاموس المحيط ص 1136.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أخرجه أحمد وابنه عبد الله في المسند (1/ 256).
قلت: وأخرجه أبو داود (1/ 139 رقم 202) والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(1/ 361 رقم 911 ورقم 912) والترمذي (1/ 111 رقم 77) والطبراني في الكبير (12/ 157 رقم 12748) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 132) والدارقطني (1/ 159 - 160 رقم 1) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 121) وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ رقم (195) وابن عدي في الكامل (7/ 2730 - 2731) قال الدارقطني: "تفرد به أبو خالد عن قتادة، ولا يصح" اهـ.
وقال ابن عدي "وهذا بهذا الإسناد عن قتادة لا أعلم من يرويه عنه غير أبي خالد، وعن أبي خالد غير عبد السلام" اهـ.
وقال ابن شاهين: "تفرَّد بهذا الحديث عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني، لا أعلم رواه غيره" اهـ.
وسيأتي مزيدًا من الإثبات على ضعف هذا الحديث فيما يذكره الشوكاني أثناء شرحه.
(4)
كما في "بحر الدم"(ص 473 رقم 1175).
قلت: وانظر مزيدًا من الكلام حول الدالاني هذا في "المجروحين"(3/ 105) و"الميزان"(4/ 432) والجرح والتعديل (4/ 2/ 277) والتاريخ الكبير (4/ 2/ 346).
(5)
القائل هو ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 117).
(6)
الأول: حديث يونس بن متى: البخاري رقم (3395) ومسلم رقم (2377).
الثاني: حديث ابن عمر في الصلاة: البخاري رقم (581) ومسلم رقم (826) والترمذي رقم (183) وابن ماجه رقم (1250). =
مِنْهَا)
(1)
.
الحديث أخرجه أيضًا أبو داود
(2)
والترمذي
(3)
والدارقطني
(4)
بلفظ: "لا وضوء على من نام قاعدًا إنما الوضوء على من نام مضطجعًا، فإن من نام مضطجعًا استرخت مفاصله" وأخرجه البيهقي
(5)
بلفظ: "لا يجب الوضوء على من نام جالسًا أو قائمًا أو ساجدًا حتى يضع جنبه" ومداره على يزيد
(6)
أبي خالد الدالاني
(7)
وعليه اختلف في ألفاظه، وضعف الحديث من أصله أحمد
(8)
والبخاري فيما نقله الترمذي في العلل المفردة
(9)
. وضعفه أيضًا أبو داود في السنن
(10)
، وإبراهيم الحربي في علله والترمذي [في سننه]
(11)
وغيرهم
(12)
.
قال البيهقي في الخلافيات
(13)
: "تفرد به أبو خالد الدالاني، وأنكره عليه
= الثالث: حديث القضاة ثلاثة: أخبار القضاة لوكيع (1/ 18).
الرابع: حديث ابن عباس: حدثني رجال مرضيون منهم عمر وأرضاهم عند عمر.
البخاري رقم (581) ومسلم رقم (826).
(1)
ذكره أبو داود في السنن (1/ 139 - 140).
(2)
في سننه (1/ 139 رقم 202).
(3)
في سننه (1/ 111 رقم 77).
(4)
في سننه (1/ 159 - 160 رقم 1).
(5)
في السنن الكبرى (1/ 121).
(6)
في المخطوط (جـ) اسمه (ابن) زائدة فلذا حذفتها.
(7)
تقدم الكلام عنه قريبًا.
(8)
كما في سنن أبي داود (1/ 140)"قال أبو داود: وذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل فانتهرني استعظامًا له، وقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة؟ ولم يعبأ بالحديث" اهـ.
(9)
في علل الترمذي الكبير (ص 45 رقم 43): قال الترمذي: "سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هذا لا شيء.
رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس، قوله: ولم يذكر فيه أبا العالية، ولا أعرف لأبي خالد الدالاني سماعًا من قتادة.
قلت: أبو خالد كيف هو؟ قال: صدوق وإنما يهم في الشيء.
قال محمد - أي البخاري - وعبد السلام بن حرب: صدوق" اهـ.
(10)
(1/ 139): قال أبو داود: هو حديث منكر ..
(11)
زيادة من (ب).
(12)
ذكر ذلك الحافظ في "التلخيص"(1/ 120).
(13)
(2/ 137).
جميع أئمة الحديث". وقال في السنن
(1)
: أنكره عليه جميع الحفاظ، وأنكروا سماعه من قتادة. وقال الترمذي
(2)
: رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس من قوله، ولم يذكر أبا العالية ولم يرفعه، ويزيد الدالاني هذا الذي ضعف الحديث به، وثقه أبو حاتم
(3)
، وقال النسائي: ليس به بأس، وكذلك قال أحمد
(4)
كما حكاه المصنف، وقال ابن عدي
(5)
: في حديثه لين، وأفرط ابن حبان
(6)
فقال: لا يجوز الاحتجاج به، وقال الذهبي في المغني
(7)
: مشهور حسن الحديث.
وروى ابن عدي في الكامل
(8)
من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده حديث: "لا وضوء على من نام قائمًا أو راكعًا" وفيه مهدي بن هلال
(9)
وهو متهم بوضع الحديث ومن رواية عمر بن هارون البلخي
(10)
وهو متروك. ومن رواية مقاتل بن سليمان
(11)
وهو متهم.
ورواه البيهقي
(12)
من حديث حذيفة بلفظ قال: كنت في مسجد المدينة جالسًا أخفق، فاحتضنني رجل من خلفي، فالتفت فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت:
(1)
في السنن الكبرى (1/ 121).
(2)
في العلل الكبير (ص 45).
(3)
في "الجرح والتعديل"(4/ 2/ 277 رقم 1167).
(4)
كما في "بحر الدم"(ص 473 رقم 1175).
(5)
في "الكامل"(7/ 278).
(6)
في "المجروحين"(3/ 105).
(7)
(2/ 751 رقم 7122).
(8)
(6/ 468). وهو حديث ضعيف جدًّا.
(9)
مهدي بن هلال، أبو عبد الله البصري، قال عنه ابن عدي:"عامة ما يرويه لا يتابع عليه وليس على حديثه ضوء ولا نور، لأنه كان يدعو الناس إلى رأيه وبدعته" اهـ.
(10)
قال النسائي: عمر بن هارون البلخي متروك الحديث. انظر: "الميزان"(3/ 228 رقم 6237).
(11)
أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 438) في ترجمة "مقاتل بن سليمان أبو الحسن الأزدي، قال عنه الذهبي في "المغني" (2/ 675 رقم 6400) هالك كذّبه وكيع والنسائي، وقال الساجي والدارقطني والعجلي متروك كذاب" وانظر: "لسان الميزان"(6/ 82).
(12)
في السنن الكبرى (1/ 120) وهو حديث ضعيف جدًّا.
هل وجب عليّ الوضوء يا رسول الله؟ فقال: "لا حتى تضع جنبك" قال البيهقي
(1)
: تفرد به بَحْر بن كُنَيْز، وهو متروك لا يحتج به
(2)
. وروى البيهقي
(3)
من طريق يزيد بن قسيط عن أبي هريرة أنه سمعه يقول: "ليس على المحتبي النائم، ولا على القائم النائم وضوء حتى يضطجع، فإذا اضطجع توضأ" قال الحافظ
(4)
: إسناده جيد وهو موقوف.
والحديث يدل على أن النوم لا يكون ناقضًا إلا في حالة الاضطجاع، وقد سلف أنه الراجح.
[الباب الرابع] باب الوضوء من مس المرأة
11/ 248 - (قالَ الله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}
(5)
. وَقُرِئَ {أَوْ لَامَسْتُمُ} وَعَنْ معاذِ بْنِ جَبلِ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى النَّبى صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فقالَ: يا رَسُولَ الله ما تقُولُ في رَجُلٍ لَقِيَ امْرأَةً يَعْرِفُها فَلَيْسَ يَأتِي الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ شَيئًا إلَّا قَدْ أَتَاهُ مِنها غَيرَ أنهُ لَمْ يُجامِعْهَا؟ قالَ: فأنْزَلَ الله [تعالى]
(6)
هَذِهِ الآيَةُ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}
(7)
الآيةَ. فقالَ لهُ النَّبى صلى الله عليه وسلم: "تَوَضَّأْ ثُمَّ صَل". رَوَاه أَحمْدَ
(8)
وَالدَّارَقُطْنيُّ)
(9)
. [ضعيف]
(1)
في المرجع السابق (1/ 120).
(2)
بَحْر بن كُنَيْز، أبو الفضل السقاء الباهلي. قال النسائي والدارقطني: متروك. وقال البخاري: ليس بقوي عندهم. (الميزان)(1/ 298 رقم 1127).
(3)
في السنن الكبرى (1/ 122 - 123) وهو موقوف.
(4)
في "التلخيص"(1/ 120).
(5)
سورة النساء: الآية 43 والمائدة: الآية 6.
(6)
زيادة من (جـ).
(7)
سورة هود: الآية 114.
(8)
في المسند (5/ 244).
(9)
في السنن (1/ 134 رقم 4) وقال: صحيح.
[الحديث]
(1)
أخرجه أيضًا الترمذي
(2)
والحاكم
(3)
والبيهقي
(4)
جميعًا من حديث عبد الملك بن عمر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ هكذا عندهم جميعًا موصولًا بذكر معاذ وفيه انقطاع لأن عبد الرحمن لم يسمع من معاذ
(5)
. وأيضًا قد رواه شعبة عن عبد الرحمن قال: "إن رجلًا" فذكره مرسلًا كما رواه النسائي
(6)
. وأصل القصة في الصحيحين
(7)
وغيرهما بدون الأمر بالوضوء والصلاة.
والآية المذكورة استدل بها من قال بأن لمس المرأة ينقض الوضوء، وإلى ذلك ذهب ابن مسعود
(8)
وابن عمر
(9)
والزهري
(10)
والشافعي
(11)
وأَصحابه
(1)
في (ب): (و).
(2)
في السنن (5/ 291 رقم 3113).
(3)
في المستدرك (1/ 135) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. قلت: والصواب أن الحديث منقطع كما جزم به الترمذي والبيهقي.
(4)
في "الخلافيات"(2/ 163 رقم 434) وفي السنن الكبرى (1/ 125).
قال الترمذي: "هذا حديث ليس إسناده بمتصل.
عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، ومعاذ بن جبل مات في خلافة عمر، وقتل عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلام صغير ابنُ سِتّ سنين، وقد روي عن عمر.
وروى شعبة هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل" اهـ.
(5)
انظر: "جامع التحصيل في أحكام المراسيل" للعلائي ص (275 - 276). و"الاستذكار"(3/ 56 رقم 2676).
(6)
في "التفسير" رقم (267).
(7)
البخاري رقم (526) و (4687) ومسلم رقم (2763).
وابن ماجه رقم (1398) و (4254). كلهم من حديث ابن مسعود.
(8)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 117 ث 11) عن عبد الله بن مسعود قال: "القبلة من اللمس، فيها الوضوء".
وأخرجه الدراقطني (1/ 145) وقال: صحيح. وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 133 رقم 500) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 45، 166) والطبراني في الكبير (9/ 285 رقم 9227).
(9)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 117 ث 10) عن عبد الله بن عمر قال: قبلة الرجل امرأته، وجسها بيده، ملامسة، فمن قبل امرأته أو جسها بيده، فعليه الوضوء".
وأخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 50) والدارقطني (1/ 144) وقال: صحيح.
(10)
أخرج مالك في "الموطأ"(1/ 50) والدارقطني (1/ 135) عن الزهري أنه كان يقول: من قبلة الرجل امرأته الوضوء".
(11)
انظر: الأم للشافعي (1/ 74 - 76).
وزيد بن أسلم
(1)
وغيرهم
(2)
.
وذهب علي
(3)
وابن عباس
(4)
وعطاء
(5)
وطاوس
(6)
والعترة جميعًا
(7)
وأبو حنيفة
(8)
وأبو يوسف إلى أَنه لا ينقض. قال أَبو حنيفة وأَبو يوسف: إلا إذا تباشر الفرجان وانتشر وإن لم يمذ.
قال الأولون: الآية صرحت بأن اللمس من جملة الأحداث الموجبة للوضوء وهو حقيقة في لمس اليد. ويؤيد بقاءه على معناه الحقيقي قراءة {أَوْ لَامَسْتُمُ} فإنها ظاهرة في مجرد اللمس من دون جماع
(9)
.
(1)
حكاه عنه النووي في "المجموع"(2/ 34) والمغني لابن قدامة (1/ 257).
(2)
كعطاء بن السائب حكاه عنه النووي في "المجموع"(2/ 34).
ومكحول حكاه عنه النووي في "المجموع"(2/ 34) وابن قدامة (1/ 257).
• والشعبي: أخرج له ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 45) عنه قال: القبلة تنقض الوضوء.
• والنخعي: أخرج له ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 45) عنه أنه قال لامرأته: أَمَا إني أحمد الله يا هنيدة لولا أني أخذت وضوءًا لقبلتك".
• ويحيى الأنصاري: حكاه عنه النووي في "المجموع"(2/ 34) وابن قدامة في "المغني"(1/ 257).
• وربيعة بن أبي عبد الرحمن: حكاه عنه النووي في "المجموع (2/ 34) وابن قدامة في المغني"(1/ 257).
• والأوزاعي حكاه عنه الترمذي في السنن (1/ 134).
• وسعيد بن عبد العزيز حكاه عنه النووي في "المجموع"(2/ 34) وابن قدامة في "المغني"(1/ 257).
(3)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 115 ث 6): عن علي قال: "اللمس هو الجماع، ولكن الله كنى عنه".
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 166).
(4)
أخرج المنذري في الأوسط (1/ 116 ث 8) عن ابن عباس قال: "الملامسة هو الجماع" وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 166).
(5)
حكاه ابن المنذر في "الأوسط" عنه (1/ 115). وانظر: "المصنف" لعبد الرزاق (1/ 134 رقم 506).
(6)
حكاه عنه ابن قدامة في "المغني"(1/ 257). والنووي في "المجموع"(2/ 34).
(7)
حكاه عنهم الإمام المهدي في "البحر الزخار"(1/ 94).
(8)
انظر: "حاشية ابن عابدين"(1/ 249) بتحقيقنا.
(9)
قلت: وأما اللمس الوارد في الآية فهو - على أصح قولي العلماء - الجماع. =
قال الآخرون: يجب المصير إلى المجاز وهو أن اللمس مراد به الجماع لوجود القرينة وهي حديث عائشة الذي سيأتي في التقبيل
(1)
، وحديثها في لمسها
= وقد بين ابن رشد ذلك، فقال في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" بتحقيقي (1/ 102 - 104): "وسبب اختلافهم في هذه المسألة اشتراك اسم اللمس في كلام العرب، فإن العرب تطلقه مرة على اللمس الذي هو باليد، ومرة تكني به على الجماع، فذهب قوم إلى أن اللمس الموجب للطهارة في آية الوضوء هو الجماع في قوله تعالى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43].
وذهب آخرون إلى أنه اللمس باليد، ومن هؤلاء من رآه من باب العامّ أريد به الخاص فاشترط فيه اللذة، ومنهم من رآه من باب العامّ أريد به العام، فلم يشترط اللذة فيه، ومن اشترط اللذة فإنما دعاه إلى ذلك ما عارض عموم الآية من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلمس عائشة عند سجوده بيده، وربما لمسته، وخرج أهل الحديث حديث حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنه قبَّلَ بعضَ نسائِهِ، ثم خرجَ إلى الصلاةِ ولم يتوضأ" فقلتُ: من هي إلا أنتِ؟ فضحكت.
قال أبو عمر: هذا الحديث وهذه الحجازيون، وصححه الكوفيون، وإلى تصحيحه مال أبو عمر بن عبد البر قال: وروي هذا الحديث أيضًا من طريق معبد بن نباتة. وقال الشافعي: إن ثبت حديث معبد بن نباتة في القبلة لم أر فيها ولا في اللمس وضوءًا.
وقد احتج من أوجب الوضوء من اللمس باليد بأن اللمس ينطلق حقيقة على اللمس باليد وينطلق مجازًا على الجماع، وأنه إذا تردد اللفظ بين الحقيقة والمجاز؛ فالأولى أن يحمل على الحقيقة، حتى يدل الدليل على المجاز، ولأولئك أن يقولوا إن المجاز إذا كثر استعماله كان أدل على المجاز منه على الحقيقة، كالحال في اسم الغائط الذي هو أدل على الحدث الذي هو فيه مجاز منه على المطمئن من الأرض الذي هو فيه حقيقة.
والذي اعتقده أن اللمس وإن كانت دلالته على المعنيين بالسواء أو قريبًا من السواء أنه أظهر عندي في الجماع وإن كان مجازًا؛ لأن الله تبارك وتعالى قد كنى بالمباشرة والمس عن الجماع وهما في معنى اللمس، وعلى هذا التأويل في الآية يحتج بها في إجازة التيمم للجنب دون تقدير تقديم فيها ولا تأخير على ما سيأتي بعد، وترتفع المعارضة التي بين الآثار والآية على التأويل الآخر.
وأما من فهم الآية اللمسين معًا فضعيف، فإن العرب إذا خاطبت بالاسم المشترك إنما تقصد به معنى واحدًا من المعاني التي يدل عليها الاسم لا جميع المعاني التي يدل عليها وهذا بين بنفسه في كلامهم" اهـ. وقال الطبري في "جامع البيان" (4/ ج 5/ 105):"وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عنى الله بقوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} الجماع دون غيره من معاني اللمس لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قبَّل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ" اهـ.
وانظر: "سبل السلام"(1/ 332 - 335) بتحقيقي.
(1)
رقم (12/ 249) من كتابنا هذا.
لبطن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
، وأجيب بأن في حديث التقبيل ضعفًا، وأيضًا فهو مرسل ورد بأن الضعف منجبر بكثرة رواياته وبحديث لمس عائشة لبطن قدم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت مرفوعًا وموقوفًا، والرفع زيادة يتعين المصير إليها كما هو مذهب أهل الأصول، والاعتذار عن حديث عائشة في لمسها لقدمه صلى الله عليه وسلم بما ذكره ابن حجر في الفتح
(2)
من أن اللمس يحتمل أنه كان بحائل أو على أن ذلك خاص به تكلف ومخالفة للظاهر. قالوا: أَمر النبي صلى الله عليه وسلم السائل في حديث الباب بالوضوء
(3)
، وصرح ابن عمر بأن من قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء، رواه عنه مالك
(4)
والشافعي
(5)
.
وروى البيهقي
(6)
عن ابن مسعود بلفظ: "القبلة من اللمس وفيها الوضوء واللمس ما دون الجماع" واستدل الحاكم
(7)
على أن المراد باللمس ما دون الجماع بحديث عائشة "ما كان أو قل يومٌ إلا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا فيقبّل ويلْمِسُ" الحديث، واستدل البيهقي
(8)
بحديث أبي هريرة "اليد زناها اللمس"
(9)
وفي قصة ماعز: "لعلك قبلت أو لمست"
(10)
وبحديث عمر
(11)
: "القبلة من اللمس فتوضئوا منها".
(1)
سيأتي برقم (14/ 251) من كتابنا هذا.
(2)
(1/ 492).
(3)
قلت: حديث الباب ضعيف كما تقدم. فلا تقوم به حجة.
(4)
مالك في الموطأ (1/ 50).
(5)
كما في ترتيب المسند رقم (86) موقوف وسنده صحيح. قلت وأخرجه الدارقطني في سننه (1/ 144) وقال صحيح.
(6)
في "الخلافيات"(2/ 158 رقم 429). وفي السنن الكبرى (1/ 124) وفي المعرفة (1/ 214 رقم 175) ط: العلمية. بسند ضعيف للإنقطاع بين أبي عبيدة وأبيه.
(7)
في المستدرك (1/ 135).
(8)
في "الخلافيات"(2/ 155 رقم 425).
(9)
أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/ 20 رقم 30) وابن حبان في صحيحه (10/ 269 رقم 4422) بسند صحيح.
وأصل الحديث عند البخاري رقم (6243) ومسلم رقم (2657) وهو حديث صحيح.
(10)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6824) وأبو داود رقم (4427) والدارقطني (3/ 121) وأحمد في المسند (1/ 238) و (1/ 270).
ووهم الحاكم فاستدركه (4/ 361).
(11)
أخرجه البيهقي في "الخلافيات"(2/ 156 - 157 رقم 427) وفي الكبرى (1/ 124) وفي =
ويجاب عن ذلك بأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم للسائل بالوضوء ويحتمل أن ذلك لأجل المعصية. وقد ورد أن الوضوء من مكفرات الذنوب، أو لأن الحالة التي وصفها مظنة خروح المذي، أو هو طلب لشرط الصلاة المذكورة في الآية من غير نظر إلى انتقاض الوضوء وعدمه، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال
(1)
.
وأما ما روي عن ابن عمر وابن مسعود وما ذكره الحاكم والبيهقي فنحن لا ننكر صحة إطلاق اللمس على الجس باليد بل هو المعنى الحقيقى، ولكنا ندعى أن المقام محفوف بقرائن توجب المصير إلى المجاز
(2)
.
وأَما قولهم بأن القبلة فيها الوضوء فلا حجة في قول الصحابي لا سيما إذا وقع معارضًا لما ورد عن الشارع
(3)
.
وقد صرح البحر ابن عباس الذي علمه الله تأوبل كتابه واستجاب فيه دعوة رسوله بأن اللمس المذكور في الآية هو الجماع وقد تقرر أن تفسيره أرجح من تفسير غيره لتلك المزية
(4)
.
ويؤيد ذلك قول أكثر أهل العلم: إن المراد بقول بعض الأعراب للنبي صلى الله عليه وسلم: "إن امرأته لا تردّ يد لامس"
(5)
الكناية عن كونها زانية، ولهذا قال له صلى الله عليه وسلم:
= "المعرفة"(1/ 214 - 215 رقم 177) ط: العلمية. والدارقطني (1/ 144).
وقال الدارقطني: صحيح. وضعفه ابن عبد البر في الاستذكار (3/ 45 رقم 2610).
حيث قال: "وهذا عندهم خطأ، لأن أصحاب ابن شهاب يجعلونه عن ابن عمر لا عن عمر".
وانظر: "نصب الراية"(1/ 71).
(1)
قلت: أضف إلى ذلك ضعف الحديث.
(2)
كما تقدم في كلام ابن رشد في "بداية المجتهد"(1/ 102 - 104) وكلام الإمام الطبري في "جامع البيان"(4/ ج 5/ 105) وسبل السلام (1/ 332 - 335) ص 677.
(3)
انظر: كتابنا "مدخل إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة"(ص 228).
ففيه أن الصحابي إذا قال قولًا خالف المرفوع لا يكون حجة بل يكون مردودًا.
(4)
انظر: "زاد المسير في علم التفسير" لابن الجوزي (2/ 92).
(5)
وهو حديث صحيح.
أخرجه أبو داود (2/ 541 رقم 2049) والنسائي (6/ 67 رقم 3229).
وقال المنذري في "مختصر سنن أبي داود (3/ 6): ورجال إسناده محتج بهم في الصحيحين. =
"طلقها" وقد أبدى بعضهم - صاحب سبل السلام وقد سبقه إلى ذلك المقبلي - مناسبة في الآية تقضي بأن المراد بالملامسة الجماع ولم أذكرها هنا لعدم انتهاضها عندي.
وأما حديث الباب فلا دلالة فيه على النقض لأنه لم يثبت أنه كان متوضئًا قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء ولا ثبت أنه كان متوضئًا عند اللمس فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد انتقض وضوؤه.
12/ 249 - (وَعَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْميِّ عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُقَبِّلُ بَعْضَ أزْوَاجِهِ ثمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوضَّأ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ
(1)
وًالنسَائيُّ
(2)
، قالَ أبُو دَاوُدُ
(3)
: [هُو مُرْسَل]
(4)
إبْرَاهيِمُ التَّيْمِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عائِشةَ، وقالَ النَّسَائيُّ
(5)
: ليْسَ في البابِ أحْسَنُ مِنْ هذَا الحَدِيثِ وإنْ كانَ مُرْسَلًا). [صحيح لغيره]
وأخرجه أيضًا أحمد
(6)
والترمذي
(7)
وقال: "سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يضعف هذا الحديث". وقد رواه أبو داود
(8)
والترمذي
(9)
وابن ماجه
(10)
من طريق عروة بن الزبير عن عائشة. وأخرجه أيضًا أبو داود
(11)
من طريق عروة المزني عن عائشة. وقال القطان
(12)
: هذا الحديث شبه لا شيء. وقال الترمذي
(13)
: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة.
= • لا تمنع يد لامس: معناه: الريبة، وأنها مطاوعة لمن أرادها لا ترد يده.
(1)
في سننه (1/ 123 رقم 178).
(2)
في سننه (4/ 101 رقم 170).
(3)
في سننه (1/ 124). وتتمة كلامه: "قال أبو داود: مات إبراهيم التيمي ولم يبلغ أربعين سنة، وكان يكنى أبا أسماء" ا. هـ.
(4)
زيادة من (أ) و (ب).
(5)
في سننه (1/ 104).
(6)
في "المسند"(6/ 210).
(7)
في سننه (1/ 133 - 135 رقم 86).
(8)
في سننه (1/ 124 - 125 رقم 179).
(9)
رقم (86) وقد تقدم.
(10)
في سننه (1/ 168 رقم 502). وهو حديث صحيح.
(11)
في سننه (1/ 125 رقم 180).
(12)
ذكره أبو داود في سننه (1/ 125) والترمذي في سننه (1/ 134).
(13)
في سننه (1/ 135).
وقال ابن حزم
(1)
: "لا يصح في الباب شيء وإن صح فهو محمول على ما كان عليه الأمر قبل نزول الوضوء من اللمس".
ورواه الشافعي من طريق معبد بن نُباتة
(2)
عن محمد بن عمرو [عن ابن]
(3)
عطاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان يقبل بعض نسائه ولا يتوضأ"
(4)
قال: ولا أعرف حال معبد، فإن كان ثقة فالحجة فيما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحافظ
(5)
: رُويَ من عشرة أوجه أوردها البيهقي في الخلافيات
(6)
وضعفها انتهى. وصححه ابن عبد البر
(7)
وجماعة ويشهد له حديثها الآتي بعد هذا.
والحديث يدل على أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء، وقد تقدم ذكر الخلاف فيه.
13/ 250 - (وَعَنْ عائِشةَ رَضيَ الله [تعالى]
(8)
عنها قالت: إنْ كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ليُصَلي وَإنِّي لمُعْتَرِضَةٌ بَينَ يَدَيْهِ اعْتِرَاضَ الجَنازَةِ حَتَّى إذا أرَادَ أنْ يُوتِرَ مَسَّنِي بِرجْلِهِ رَواهُ النَّسائى)
(9)
. [صحيح]
(1)
انظر: "المحلى"(1/ 245 - 249) المسألة (165).
(2)
قال ابن عبد البر في "الاستذكار"(3/ 54 رقم 2667)"هو - أي معبد - مجهول الحال لا حجة فيما رواه عندنا" اهـ.
وقال البيهقي في المعرفة (1/ 26)"معبد بن نباتة هذا مجهول، ومحمد بن عمرو بن عطاء لم يثبت له عن عائشة شيء".
(3)
في حاشية المخطوط ما نصه: "كذا في نسخة السيد محمد بن إبراهيم، من التلخيص وفي نسخة مقروءة على المصنف وعليها خطه في مواضع (عمرو عن عطاء) بلفظ (عن) مكان (ابن) " اهـ.
قلت: والصواب: (عمرو بن عطاء) كما في النسخة المقروءة على المصنف.
(4)
إسناده ضعيف وفيه انقطاع.
(5)
في "التلخيص"(1/ 122).
(6)
(2/ 426، 435، 439، 440، 445، 446، 449، 450، 455، 457، 458، 459، 465، 468، 473، 478، 480، 485، 488، 490).
(7)
كما في "الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر"(3/ 347 - 348)، والاستذكار (3/ 51 - 52).
(8)
زيادة من (جـ).
(9)
في السنن (1/ 101 - 102 رقم 166) بسند صحيح.
قلت: وأخرج البخاري (1/ 491 رقم 382) ومسلم (1/ 367 رقم 272/ 512) عنها رضي الله عنها قالت: "كنتُ أنامُ بينَ يَديْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ورِجلايَ في قِبلتِهِ، فإذا سجد =
الحديث قال الحافظ في التلخيص
(1)
: "إسناده صحيح" وفيه دليل على أَن لمس المرأَة لا ينقض الوضوء وقد تقدم الكلام عليه وتأويل ابن حجر له بما سلف قد عرفناك أَنه تكلف لا دليل عليه.
14/ 251 - (وَعَنْ عائِشةَ [رضي الله تعالى عنها]
(2)
قالتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنَ الفِرَاشِ فالْتَمَسْتُهُ فَوَضعْتُ يَدِي على بَاطِنِ قَدَميهِ وَهُوَ في المَسْجِدِ وَهُما مَنْصُوبَتانِ وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِرِضاكَ مِنْ سَخطِكَ، وَبِمُعافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَناءً عَليكَ أنْتَ كما أثنَيْتَ عَلى نَفْسِكَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ
(3)
والتِّرْمذِيُّ
(4)
وَصَحَّحهُ)
(5)
. [صحيح]
الحديث رواه البيهقي
(6)
أيضًا. وذكره ابن أبي حاتم في العلل
(7)
من طريق يونس بن خباب عن عيسى بن عمر عن عائشة بنحو هذا. قال: لا أدري عيسى أدرك عائشة أم لا.
وروى مسلم
(8)
في آخر الكتاب عن عائشة قالت: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم من عندنا ليلًا فغرت عليه فجاء فرأى ما أصنع فقال: ما لك يا عائشة أَغرت؟ قالت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك فقال: لقد جاءك شيطانك فقالت: يا رسول الله أو معي شيطان؟ " الحديث.
= غمزني فقبضتُ رِجْليَّ. فإذا قام بسطتُهما. قالت: والبيوتُ يومئذٍ ليس فيها مصابيحُ".
(1)
(1/ 133).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
في صحيحه (1/ 352 رقم 222/ 486).
(4)
في سننه (5/ 524 رقم 3493).
(5)
قلت: بل قال الترمذي في سننه (5/ 524): هذا حديث حسن قد رُوِيَ من غير وجهٍ عن عائشة.
(6)
في السنن الكبرى (1/ 127).
قلت: وأخرجه النسائي (1/ 102 - 103) وأحمد (6/ 58) وأبو داود رقم (879) والبغوي في شرح السنة رقم (1366) من طرق. وهو حديث صحيح.
(7)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 121).
(8)
في صحيحه (4/ 2168 رقم 70/ 2815).
وروى الطبراني في المعجم الصغير
(1)
من حديث عمرة عن عائشة قالت: "فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقلت: إنه قام إلى جاريته مارية، فقمت ألتمس الجدار فوجدته قائمًا يصلي فأدخلت يدي في شعره لأنظر أغتسل أم لا، فلما انصرف، قال: أخذك شيطانك يا عائشة" وفيه محمد بن إبراهيم
(2)
عن عائشة. قال ابن أبي حاتم
(3)
: ولم يسمع منها.
والحديث يدل على أن اللمس غير موجب للنقض، وقد ذكرنا الخلاف فيه. قال المصنف
(4)
رحمه الله تعالى: "وأوسط مذهب يجمع بين هذه الأحاديث مذهب من لا يرى اللمس ينقض إلا لشهوة"
(5)
انتهى.
[الباب الخامس] باب الوضوء من مس القبل
15/ 252 - (عَنْ بُسْرَة بِنْتِ صَفْوانَ أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلَا يُصَلّي حَتى يَتَوضَّأ" رَوَاهُ الخَمْسَةُ
(6)
وَصَحَّحهُ الترمذِيُّ، وقالَ البُخارِيُّ
(7)
: هُو أَصَحُّ شَيْء في هذا البابِ، وفِي رِوَايَةٍ لِأحْمدَ
(8)
والنَّسائيِّ
(9)
عَنْ بُسْرَةَ أنَّها سَمِعَت رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
(1)
(1/ 288 رقم 476 - الروض الداني). بسند ضعيف.
(2)
محمد بن إبراهيم التيمي المدني من ثقات التابعين.
قال أحمد بن حنبل: في حديثه شيء، وَيْروي مناكير، أو قال: أحاديث منكرة.
قلت - أي الذهبي -: وثقة الناس، واحتج به الشيخان، وقفز القنطرة.
[الميزان (4/ 445 رقم 7097)].
(3)
في "المراسيل"(ص 188 رقم 691).
(4)
أي ابن تيمية الجد في كتابه "المنتقى"(1/ 120).
(5)
وقد تقدم أن الراجح في هذه المسألة أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء، سواء كان بشهوة أم بغير شهوة.
(6)
أحمد في المسند (6/ 406) وأبو داود (1/ 125 رقم 181) والترمذي (1/ 126 رقم 82) والنسائي (1/ 100 رقم 163) وابن ماجه (1/ 161 رقم 479).
(7)
ذكره الترمذي في سننه (1/ 129).
(8)
في المسند (6/ 407).
(9)
في سننه (1/ 100 - 101 رقم 164).
"وَيتَوضأُ مَنْ مَسَّ الذكَرَ"، وهذا يَشْمَلُ ذكرَ نَفْسهِ وَذكَرَ غَيرِهِ). [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا: مالك
(1)
والشافعي
(2)
وابن خزيمة
(3)
وابن حبان
(4)
والحاكم
(5)
وابن الجارود
(6)
.
قال أبو داود: قلت لأحمد: حديث بُسرة ليس بصحيح، قال: بل هو صحيح
(7)
، وصحَّحه الدارقطني
(8)
ويحيى بن معين، حكاه ابن عبد البر
(9)
، وأبو حامد بن الشرقي تلميذ مسلم
(10)
، والبيهقي والحازمي
(11)
. قال البيهقي
(12)
: هذا الحديث وإن لم يخرجه الشيخان لاختلاف وقع في سماع عروة منها أو من مروان فقد احتجا بجميع رواته.
(1)
في "الموطأ"(1/ 42 رقم 58).
(2)
في "المسند"(1/ 34 رقم 87 ترتيب).
(3)
في "صحيحه"(1/ 22 رقم 33).
(4)
في "صحيحه"(3/ 296 رقم 1112).
(5)
في "المستدرك"(1/ 136).
(6)
في "المنتقى"(رقم 16).
قلت: وأخرجه الطيالسي (ص 230 رقم 1657) وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 113 رقم 412) والدارمي (1/ 185) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 71) والدارقطني (1/ 146 - 147 رقم 1، 2، 3، 4) والحازمي في "الاعتبار"(ص 143 - 144) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 128 - 130) والخطيب في "تاريخ بغداد"(9/ 332) والطبراني في "الصغير"(2/ 250 رقم 1113 - الروض الداني) وابن حزم في "المحلى"(1/ 235 رقم المسألة 163).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح
…
قال محمد - أي البخاري - وأصح شيء في هذا الباب حديث بُسْرَة. وقد صحح الألباني الحديث في الإرواء رقم (116). وخلاصة القول أن الحديث صحيح بدون شبهة، ومن تكلم فيه فلا حجة له إلَّا شبهة واهية، ذكرها ابن حجر في "التلخيص"(1/ 123) وهي مدفوعة لا يلتفت إليها.
(7)
انظر: "فتح البرد"(3/ 333).
(8)
في "سننه"(1/ 146 رقم 2).
(9)
في "الاستذكار"(3/ 27 - 28 رقم 2525).
(10)
هو أحمد بن محمد بن الحسن أبو حامد النيسابوري، ابن الشّرقي، الإمام، العلامة الحافظ، الثبت، الثقة
…
حج مرات، وصنف "الصحيح"، قال الخطيب عنه:"كان ثقةً، ثبتًا، مثقنًا، حافظًا".
ولد سنة أربعين ومئتين، ومات في شهر رمضان سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد"(4/ 426) و"سير أعلام النبلاء"(15/ 37)، و"الوافي بالوفيات"(7/ 379) و"شذرات الذهب"(2/ 306).
(11)
في "الاعتبار"(ص 153).
(12)
انظر: "الخلافيات"(2/ 233) و (2/ 239).
وقال الإسماعيلي
(1)
: يلزم البخاري إخراجه، فقد أخرج نظيره، وغاية ما قدح به في الحديث أنه حدث به مروان عروة، فاستراب بذلك عروة فأرسل مروان إلى بسرة رجلًا من حرسه، فعاد إليه بأنها ذكرت ذلك، والواسطة بين عروة وبسرة إما مروان وهو مطعون في عدالته
(2)
، أو حَرَسِيِّه
(3)
وهو مجهولٌ.
والجواب: أنه قد جزم ابن خزيمة
(4)
وغير واحد من الأئمة بأن عروة سمعه من بسرة، وفي صحيح ابن خزيمة
(5)
وابن حبان
(6)
قال عروة: فذهبت إلى بسرة فسألتها فصدَّقته، وبمثل هذا أجاب الدارقطني
(7)
وابن حبان
(8)
.
قال الحافظ
(9)
: "وقد أكثر ابن خزيمة وابن حبان
(10)
والدارقطني
(11)
(1)
هو أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل، أبو بكر الإسماعيلي، حافظ من أهل جُرجان من مؤلفاته:"المعجم" و"الصحيح" و"مسند عمر"، ولد سنة (297 هـ) وتوفي (391 هـ).
انظر: "اللباب في تهذيب الأنساب"(1/ 58).
(2)
قال ابن حزم في "المحلى"(1/ 236): "مروان ما نعلم له جِرْحَةً قبل خروجه على أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما. ولم يلقه عروة إلَّا قبل خروجه على أخيه لا بعد خروجه، هذا مما لا شكَّ فيه" اهـ.
وقال ابن حبان في "صحيحه"(3/ 397): "وأما خبرُ بُسرة الذي ذكرناه، فإن عُروةَ بن الزبير سمعه من مروان بن الحكم، عن بُسرة، فلم يُقنِعْهُ ذلك حتى بعثَ مروان شرطيًا له إلى بسرة فسألها، ثم أتاهم، فَأخبرهم بمثل ما قالت بُسْرَةُ، فسمِعَه عروة ثانيًا عن الشُّرطي، عن بُسرة، ثم لم يُقنِعه ذلك حتى ذهب إلى بُسرة فسمع منها، فالخبر عن عروة، عن بسرة متصل ليس بمنقطع، وصار مروان والشرطيُّ كأنهما عاريتانِ يُسقطانِ من الإسناد" اهـ.
(3)
الحَرَسِيّ: واحد الحُرَّاس لحرس السلطان، وإنما قيل فيه: حرسيّ لأنه صار اسم جنس فنُسِبَ إليه، ولا تقل حارس إلا أن تذهب به إلى معنى الحراسة دون الجنس.
انظر: "لسان العرب"(3/ 122).
(4)
في "صحيحه"(1/ 23) قال: "وقول الشافعي أقول. لأن عروة قد سمع خبر بسرة منها، لا كما توهم بعض علمائنا أن الخبر واه لطعنه في مروان" اهـ.
(5)
في "صحيحه" رقم (33).
(6)
في "صحيحه"(3/ 398 رقم 1114).
(7)
في "سننه"(1/ 146 رقم 1).
(8)
في "صحيحه"(3/ 397) كما تقدم نقله آنفًا.
(9)
في "التلخيص الحبير"(1/ 122 - 123).
(10)
"صحيحه" رقم (1112 و 1113 و 1114 و 1115 و 1116 و 1117).
(11)
في "سننه"(1/ 146 - 147 رقم 1 و 2 و 3 و 4).
والحاكم
(1)
من سياق طرقه، وبسط الدارقطني
(2)
الكلام عليه في نحو من [كُرَّاستين]
(3)
، ونقل البعض بأن ابن معين قال: ثلاثة أحاديث لا تصح: حديث مس الذكر
(4)
، ولا نكاح إلا بولي
(5)
، وكل مسكر حرام"
(6)
.
قال الحافظ
(7)
: "ولا يعرف هذا عن ابن معين. قال ابن الجوزي: إن هذا لا يثبت عن ابن معين، وقد كان من مذهبه انتقاض الوضوء بمسِّه
(8)
. وروى عنه الميموني أنه قال: إنما يطعن في حديث بسرة من لا يذهب إليه"، وطعن فيه الطحاوي
(9)
بأن هشامًا لم يسمع من أبيه عروة، لأنه رواه عنه الطبراني
(10)
، فوسط بينه وبين أبيه أبا بكر بن محمد بن عمرو، وهذا مندفع، فإنه قد رواه تارة عن أبيه، وتارة عن أبي بكر بن محمد، وصرح في رواية الحاكم
(11)
بأن أباه حدَّثه. وقد رواه الجمهور من أصحاب هشام عنه عن أبيه فلعله سمعه عن أبي بكر عن أبيه، ثم سمعه من أبيه، فكان يحدث به تارة هكذا، وتارة هكذا.
وفي الباب عن جابر، وأبي هريرة، وأم حبيبة، وعبد الله بن عمرو، وزيد بن خالد، وسعد بن أبي وقاص، وعائشة، [وأم سلمة]
(12)
، وابن عباس، وابن عمر، وعلي بن طلق
(13)
، والنعمان بن بشير، وأنس، وأبيّ بن
(1)
في "المستدرك"(1/ 136 - 139).
وانظر المناظرة بين يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وابن المدينى، في حديث الوضوء من مس الذكر.
(2)
في "علله" كما في "التلخيص"(1/ 122).
(3)
في (ب) و (جـ): (كراسين).
(4)
وهو حديث صحيح. تقدم تخريجه رقم (15/ 252) من كتابنا هذا.
(5)
وهو حديث صحيح. سيأتي تخريجه رقم (37/ 2657) في الباب الحادي عشر باب لا نكاح إلا بولي، من كتابنا هذا.
(6)
وهو حديث صحيح. سيأتي تخريجه رقم (3697/ 14) في الباب الثاني باب ما يُتخذ منه الخمر وأن كل مسكر حرام.
(7)
في "التلخيص"(1/ 123).
(8)
كما في المناظرة التي جرت بين يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وابن المديني، أخرجها الحاكم في "المستدرك"(1/ 139).
(9)
في "شرح معاني الآثار"(1/ 73).
(10)
في "المعجم الكبير"(24 رقم 504).
(11)
في "المستدرك"(1/ 136 - 137).
(12)
زيادة من (أ) و (ب).
(13)
في حاشية المخطوط: =
كعب، ومعاوية بن حيدة، وقبيصة، وأروى بنت أنيس.
أما حديث أبي هريرة
(1)
، وأم حبيبة
(2)
، وعبد الله بن عمرو
(3)
، فسيذكرها المصنف بعد هذا الحديث.
وأما حديث جابر فعند الترمذي
(4)
وابن ماجه
(5)
والأثرم، قال ابن عبد البر
(6)
: إسناده صالح.
وأما حديث زيد بن خالد فعند الترمذي
(7)
وأحمد
(8)
والبزار
(9)
.
= "كذا في نسخ "التلخيص" فلعله "طلق بن علي" كما في سائر الكتب - فلعل ما في "التلخيص" سهو، فلينظر.
وذكر ابن الملقن في "البدر المنير" الذي هو أصل "التلخيص" حديث قيس بن طلق بن علي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره ..
وقد ترجم صاحب "التقريب" لطلق بن علي في باب الطاء، ولعلي بن طلق في باب العين، وذكر أنهما صحابيان فينظر" اهـ.
(1)
سيأتي تخريجه برقم (17/ 254) من كتابنا هذا.
(2)
سيأتي تخريجه برقم (16/ 253) من كتابنا هذا.
(3)
سيأتي تخريجه برقم (18/ 255) من كتابنا هذا.
(4)
أشار إليه الترمذي في "سننه"(1/ 128) حيث قال: وفي الباب
…
وجابر
…
(5)
في "سننه"(1/ 162 رقم 480).
قلت: وأخرجه الشافعي في "الأم"(1/ 88 رقم 303)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 134) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 74).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 122 رقم 195): "هذا إسناد فيه مقال: عقبة بن عبد الرحمن هو محمد بن ثوبان ذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن المديني: شيخ مجهول، وباقي رجال الإسناد ثقات، وله شاهد من حديث بسرة بنت صفوان
…
" اهـ.
وخلاصة القول أن حديث جابر صحيح بشواهده، والله أعلم.
(6)
في "التمهيد"(1/ 334 - 335 - فتح البر): "وهذا إسناد صحيح، كل مذكور فيه ثقة معروف بالعلم، إلا عقبة بن عبد الرحمن، فإنه ليس بمشهور بحمل العلم
…
" اهـ.
(7)
أشار إليه الترمذي في "سننه"(1/ 128) حيث قال وفي الباب
…
وزيد بن خالد
…
(8)
في "المسند"(5/ 194).
(9)
في "المسند"(1/ 148 رقم 283 - كشف).
قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير (5/ 243 رقم 5221، 5222) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 73) والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(1/ 391 رقم 1031) وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 244 - 245) وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في =
وأما حديث سعد بن أبي وقاص فأخرجه الحاكم
(1)
.
وأما حديث عائشة فذكره الترمذي
(2)
، وأعله أبو حاتم
(3)
، ورواه الدارقطني
(4)
.
وأما حديث أم سلمة فذكره الحاكم
(5)
.
وأما حديث ابن عباس فرواه البيهقي
(6)
، وفي إسناده الضحاك بن [حمزة]
(7)
، وهو منكر الحديث
(8)
.
= "الكبير"، ورجاله رجال الصحيح إلَّا أن ابن إسحاق مدلس، وقد قال: حدثني. قلت: أي في رواية أحمد والطحاوي.
وخلاصة القول أن الحديث صحيح بشواهده، والله أعلم.
(1)
قلت: بل ذكره الحاكم في "المستدرك"(1/ 138) في أسماء من روى الحديث مرفوعًا من الصحابة ولم يخرجه.
وأخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 42 رقم 59) عن سعد موقوفًا عليه. ومن طريق مالك أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 131).
(2)
في "سننه"(1/ 128) حيث قال: وفي الباب
…
وعائشة
…
(3)
في العلل (1/ 36 رقم 74).
(4)
في "سننه"(1/ 147 - 148 رقم 9) وقال: عبد الرحمن العمري ضعيف. قلت: بل عبد الرحمن كذاب.
انظر: "المجروحين"(2/ 53) ولسان الميزان (7/ 281) والجرح والتعديل (5/ 253).
• وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 73) وفي سنده رجل مبهم.
• وكذلك أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 74) وأبو نُعيم في "تاريخ أصبهان"(2/ 8) وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه" رقم (115) وسنده ضعيف جدًّا. وآفته: إبراهيم بن إسماعيل الأشهلي، قال البخاري في "الضعفاء الصغير" رقم (2): منكر الحديث.
وقال ابن حبان في "المجروحين (1/ 109): "وكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل".
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف.
• وأخرجه الحاكم (1/ 138) والبيهقي (1/ 133) عن عائشة موقوفًا بالسند الصحيح أنها قالت: "إذا مست المرأة فرجها بيدها فعليها الوضوء".
(5)
في "المستدرك"(1/ 138) في أسماء من روى الحديث مرفوعًا من الصحابة.
(6)
قال الحافظ في "التلخيص"(1/ 124): "رواه البيهقي من جهة ابن عدي - في الكامل (4/ 1418) - وفي إسناده الضحاك بن حمزة وهو منكر الحديث" اهـ.
(7)
كذا في المخطوط. والصواب "حجوة" كما في "الكامل" لابن عدي (4/ 1418) و"الميزان"(2/ 323 ترجمة 3930).
(8)
الضحاك بن حجوة عن ابن عيينة قال الدارقطني: كان يضع الحديث. المغني (1/ 311). =
وأما حديث ابن عمر فرواه [الدارقطني
(1)
]
(2)
والبيهقي
(3)
، وفيه عبد الله بن العمري وهو ضعيف
(4)
، وأخرجه الحاكم
(5)
من طريق [عبد العزيز بن أبان]
(6)
ضعيف
(7)
. وأخرجه ابن عدي
(8)
من طريق أيوب بن عُتْبَةَ، وفيه مقال
(9)
.
وأما حديث علي بن طلق فأخرجه الطبراني
(10)
وصحَّحه.
= وقال ابن عدي: هو أبو عبد الله المنبجِي، كل رواياته مناكير إما متنًا وإما إسنادًا. قلت: وحديث ابن عباس فقد أخرجه البيهقي في "الخلافيات"(2/ 264 رقم 541) بسند ضعيف جدًّا.
وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(13/ 425 - 426) من طريق آخر بسند واه.
(1)
في "سننه"(1/ 147).
(2)
في (جـ): (الطبراني).
(3)
في "الخلافيات"(2/ 251 رقم 528).
بسند ضعيف لضعف عبد الله بن عمر العمري.
(4)
قال ابن حبان في "المجروحين"(2/ 6 - 7): "غفل عن ضبط الأخبار وجَوْدة الحفظ للآثار، فرفع المناكير في روايته فلما فحشَ خطؤه استحق التَّرك".
وانظر: "الكامل"(4/ 1459) و"الضعفاء الكبير"(2/ 280 - 281).
(5)
وهو ساقط في الأصل المطبوع وفي محل ذكره بياض (1/ 138).
وعزاه الحافظ في "التلخيص"(1/ 124) إلى الحاكم.
قلت: وأخرجه البيهقي في "الخلافيات"(2/ 255 - 256 رقم 532) والخليلي في "الإرشاد"(2/ 485). وقال: "هذا منكر بهذا الإسناد، لا يصح من حديث أيوب، ولا من حديث سفيان، والحمل فيه على عبد العزيز بن أبان الكوفي، فإنهم ضعَّفوه" اهـ.
(6)
في (جـ): (أبان بن عبد العزيز) وهو خطأ، انظر المراجع في التعليقة التالية.
(7)
ضعّفه ابن معين، وقال البخاري في الضعفاء الصغير رقم (224):"تركوه". انظر: "الضعفاء والمتروكين للنسائي رقم (413) و"الضعفاء والمتروكين" للدارقطني رقم (348) وبه أعله ابن حجر في "التلخيص" (1/ 124).
(8)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 124) لابن عدي. ولم أجده عند ابن عدي في "الكامل"(1/ 343 - 346)، والله أعلم.
(9)
قال ابن حجر في "التقريب"(1/ 90 رقم 703): ضعيف. وقال ابن معين: ليس بالقوي. وقال النسائي: مضطرب الحديث.
انظر: "الميزان"(1/ 290) والتاريخ الكبير (1/ 420) و"الكاشف"(1/ 94) للذهبي.
(10)
في "الكبير"(8/ 401 - 402 رقم 2852) من حديث (طلق بن علي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مس ذكره فليتوضأ".
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أيوب بن عتبة إلا حماد بن محمد. وقد روى الحديث الآخر حماد بن محمد وهما عندي صحيحان، ويشبه أن يكون سمع الحديث الأول من النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذا، ثم سمع هذا بعد فوافق حديث بسرة، وأم حبيبة، وأبي =
وأما حديث النعمان بن بشير فذكره ابن منده
(1)
، وكذا حديث أنس، وأبيّ بن كعب، ومعاوية بن حيدة، وقبيصة
(2)
.
وأما حديث أروى بنت أنيس فذكره الترمذي
(3)
، ورواه البيهقي
(4)
.
والحديث يدل على أن لمس الذكر ينقض الوضوء.
وقد ذهب إلى ذلك عمر
(5)
، وابنه عبد الله
(6)
، وأبو هريرة
(7)
، وابن عباس
(8)
، وعائشة
(9)
، وسعد بن أبي وقاص
(10)
، وعطاء
(11)
، والزهري
(12)
، وابن المسيب
(13)
، ومجاهد
(14)
، وأبان بن عثمان
(15)
، وسليمان بن يسار
(16)
،
= هريرة، وزيد بن خالد الجهني وغيرهم ممن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالوضوء من مس الذكر فسمع المنسوخ والناسخ" اهـ.
(1)
عزاه إليه ابن حجر في "التلخيص"(1/ 124).
(2)
ذكرها ابن منده فيما نقله الحافظ في "التلخيص"(1/ 124).
(3)
في "العلل الكبير"(رقم: 53) قلت: - الترمذي - فحديث عروة، عن عائشة، وعروة عن أروى ابنة أنيس؟
قال: - البخاري - ما يُصنع بهذا؟ هذا لا يُشتغل به، ولم يعبأ بهما.
(4)
في "الخلافيات"(2/ 276 رقم 554).
وخلاصة الفول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 93 - 194 رقم 83).
(6)
أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 194 رقم 84) ومالك في "الموطأ"(1/ 50).
وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 115 رقم 419) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 131).
(7)
أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 194 رقم 87) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 134).
(8)
أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 194 - 195 رقم 88).
(9)
تقدم.
(10)
حكاه عنه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 193).
(11)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 115 رقم 420) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 164).
(12)
حكاه عنه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 195).
(13)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 163).
(14)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 164).
(15)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 121 رقم 441).
(16)
حكاه عنه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 195).
والشافعي
(1)
وأحمد
(2)
وإسحاق
(3)
، ومالك في المشهور
(4)
وغير هؤلاء.
واحتجوا بحديث الباب. وكذلك مس فرج المرأة لحديث أم حبيبة الآتي
(5)
، وكذلك حديث عبد الله بن عمرو الذي سيذكره المصنف في هذا الباب
(6)
.
وذهب عليّ
(7)
وابن مسعود
(8)
، وعمار
(9)
، والحسن البصري
(10)
، وربيعة
(11)
والعترة
(12)
والثوري
(13)
وأبو حنيفة وأصحابه
(14)
وغيرهم
(15)
إلى أنه غير ناقض.
وقد ذكر الحازمي في "الاعتبار"
(16)
جماعة من القائلين بهذه
(1)
انظر: "حلية العلماء"(1/ 195) وروضة الطالبين (1/ 76) والمجموع (2/ 34).
(2)
انظر: "المبدع"(1/ 162) و"الإنصاف"(1/ 204) والمغني لابن قدامة (1/ 242 - 243).
(3)
حكاه عنه ابن المنذر في "الأوسط" رقم (1/ 196).
(4)
انظر: "بلغة السالك لأقرب المسالك على الشرح الصغير لأحمد الدّردير (1/ 100 - 101).
(5)
برقم (16/ 253) من كتابنا هذا.
(6)
برقم (18/ 255) من كتابنا هذا.
(7)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 117 رقم 428).
(8)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 118 رقم 430) وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 164) والطبراني في "الكبير"(9/ 283).
(9)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 164).
(10)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 117 رقم 427).
(11)
و
(12)
ذكره المهدي في "البحر الزخار"(1/ 92).
(13)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 120 رقم 439).
(14)
قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 79): "فبهذا نأخذ، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، رحمهم الله تعالى" اهـ.
(15)
• كسعد بن أبي وقاص، أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 119 رقم 434) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 164) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 77).
• وأبي حذيفة أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 118 رقم 429) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 164) والدارقطني في ""سننه" (1/ 150) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 78).
• وعمران بن حصين، أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 119 رقم 433) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 164) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 79).
• وأبي الدرداء أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 201 - 202 رقم 98).
(16)
الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار، تصنيف: أبي بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني. ص 142 - 143.
المقالة
(1)
، وجماعة من القائلين بالمقالة الأولى من الصحابة
(2)
والتابعين
(3)
لم نذكرهم هنا، فليرجع إليه.
واحتج الآخرون بحديث طلق بن عليّ عند أبي داود
(4)
والترمذي
(5)
والنسائي
(6)
وابن ماجه
(7)
وأحمد
(8)
والدارقطني
(9)
مرفوعًا بلفظ: "الرجل يمس ذكره أعليه وضوء؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إنما هو بِضْعَة منك".
(1)
في ترك الوضوء من مسِّ الذكر.
رُوي ذلك عن علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وحذيفة بن اليمان، وعمران بن حصين، وأبي الدرداء، وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين، وسعيد بن المسيب في إحدى الروايتين، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وسفيان الثوري، وأبي حنيفة، وأصحابه، ويحيى بن معين، وأهل الكوفة. (الاعتبار: ص 142).
(2)
في إيجاب الوضوء من مسّ الذكر.
رُوي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وأبي أيوب الأنصاري، وزيد بن خالد، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر، وعائشة، وأم حبيبة، وبسرة بنت صفوان، وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين، وابن عباس في إحدى الروايتين. ("الاعتبار" ص 143).
(3)
ومن التابعين: عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وعطاء بن أبي رباح، وأبان بن عثمان، وجابر بن زيد، والزهري، ومصعب بن سعد، ويحيى بن أبي كثير عن رجال من الأنصار، وسعيد بن المسيب في أصح الروايتين، وهشام بن عروة، والأوزاعي، وأكثر أهل الشام، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. والمشهور من قول مالك أنه كان يوجب منه الوضوء. ("الاعتبار" ص 143).
(4)
في "سننه"(1/ 27 رقم 182).
(5)
في "سننه"(1/ 131 رقم 85).
(6)
في "سننه"(1/ 101).
(7)
في "سننه"(1/ 63 رقم 483).
(8)
في "المسند"(4/ 32).
(9)
في "سننه"(1/ 149 - 150 رقم 17 و 18).
قلت: وأخرجه المطيالسي (ص 147 رقم 1096) وابن حبان رقم (207 - 209 موارد) وابن الجارود رقم (20) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 76) والحاكم (1/ 139). والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 134) والحازمي في "الاعتبار"(ص 140 - 142). وصححه ابن حبان، والطبراني، وابن حزم. انظر:"التلخيص الحبير"(1/ 125)، و"نصب الراية"(1/ 61).
وخلاصة القول أن حديث طلق بن علي حديث صحيح.
"وصحَّحه عمرو بن علي الفلاسُ
(1)
وقال: هو عندنا أثبت من حديث بسرة. وروى عن علي بن المديني
(2)
أنه قال: هو عندنا أحسن من حديث بسرة.
قال الطحاوي
(3)
: إسناده مستقيم غير مضطرب بخلاف حديث بسرة، وصحَّحه أيضًا ابن حبان
(4)
والطبراني وابن حزم
(5)
. وأجيب بأنه قد ضعفه الشافعي
(6)
وأبو حاتم وأبو زرعة
(7)
والدارقطني
(8)
والبيهقي
(9)
وابن الجوزي
(10)
، وادعى فيه النسخ ابن حبان
(11)
والطبراني
(12)
وابن العربي والحازمي
(13)
، وآخرون، وأوضح ابن حبان وغيره ذلك".
وقال البيهقي
(14)
: يكفي في ترجيح حديث بسرة على حديث طلق أن
(1)
ذكره الحازمي في "الاعتبار" ص 149.
(2)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 125) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 76).
(3)
في "شرح معاني الآثار"(1/ 76).
(4)
في "صحيحه"(3/ 404 رقم 1121).
(5)
في "المحلى"(1/ 239). ثم قال: "إلَّا أنهم لا حجة لهم فيه لوجوه: أحدها: أن هذا الخبر موافق لما كان الناس عليه قبل ورود الأمر بالوضوء من مس الفرج، هذا لا شك فيه، فإذ هو كذلك فحكمه منسوخ يقينًا حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوضوء من مس الفرج، ولا يحل ترك ما تيقن أنه ناسخ والأخذ بما تيقن أنه منسوخ، وثانيها: أن كلامه عليه السلام "هل هو إلا بضعة منك" دليل بين على أنه كان قبل الأمر بالوضوء مه، لأنه لو كان بعده لم يقل عليه السلام هذا الكلام بل كان يبين أن الأمر بذلك قد نسخ، وقوله هذا يدل على أنه لم يكن سلف فيه حكم أصلًا وأنه كسائر الأعضاء" اهـ.
(6)
انظر: "المجموع"(2/ 48).
(7)
انظر: "العلل" لابن أبي حاتم (1/ 48 رقم 111).
(8)
في السنن (1/ 149 - 150).
(9)
في "الخلافيات"(2/ 282 - 284 رقم 565) و (2/ 284 - 285 رقم 566 و 567).
(10)
في "التحقيق في مسائل الخلاف"(1/ 216 - 220).
(11)
قال ابن حبان في "صحيحه"(3/ 405): "خبر طلق بن علي الذي ذكرناه خبر منسوخ، لأن طلق بن علي كان قدومُه على النبي صلى الله عليه وسلم أوَّل سنةٍ من سني الهجرة، حيث كان المسلمون يبنون مسجدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. وقد روى أبو هريرة إيجاب الوضوء من مسِّ الذكر، على حسب ما ذكرناه قبل، وأبو هريرة أسلم سنة سبعٍ من الهجرة، فدلَّ ذلك على أن خبرَ أبي هريرة كان بعدَ خبرَ طلق بن علي بسبع سنين" اهـ.
(12)
في "المعجم الكبير"(8/ 401 - 402 رقم 2852).
(13)
في "الاعتبار" ص 143.
(14)
انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (1/ 234) ط. دار الكتب العلمية.
حديث طلق لم يحتج الشيخان بأحد من رواته، وحديث بسرة قد احتجَّا بجميع رواته، وقد أيِّدت دعوى النسخ بتأخر إسلام بسرة وتقدم إسلام طلق، ولكن هذا غير دليل على النسخ عند المحققين من أئمة الأصول، وأَيد حديث بسرة أيضًا بأن حديث طلق موافق لما كان الأمر عليه من قبل، وحديث بسرة ناقل عنه فيصار إليه وبأنه أرجح لكثرة طرقه وصحتها، وكثرة من صححه من الأئمة ولكثرة شواهده، ولأن بسرة حدثت به في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون، وأيضًا قد روي عن طلق بن عليّ نفسه أنه روى:"من مس فرجه فليتوضأ"، أخرجه الطبراني
(1)
وصحَّحه، قال: يشبه أن يكون سمع الحديث الأول من النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذا، ثم سمع هذا بعد: فوافق حديث بسرة، وأيضًا حديث طَلْق بن علي من رواية قيس ابنه.
قال الشافعي: قد سألنا عن قيس بن طلق فلم نجد من يعرفه
(2)
.
وقال أبو حاتم وأبو زرعة
(3)
: قيس بن طلق ممن لا تقوم به حجة اهـ.
فالظاهر ما ذهب إليه الأولون، وقد روي عن مالك
(4)
القول بندب الوضوء، ويرده ما سيأتي من التصريح بالوجوب في حديث أبي هريرة
(5)
، وفي حديث عائشة:"ويل للذين يمسُّون فروجهم ولا يتوضأون"، أخرجه الدارقطني
(6)
، وهو
(1)
في "المعجم الكبير" رقم (2852) وقد تقدم.
(2)
بل قيس بن طَلْق بن علي الحنفي اليمامي: صدوق، من الثالثة، وهم من عَدَّه من الصحابة. "التقريب" رقم (5580).
(3)
في "العلل"(1/ 48 رقم 111).
(4)
"بداية المجتهد ونهاية المقتصد"(1/ 104) بتحقيقي. وقال ابن عبد البر في "التمهيد"(17/ 205): "النظر - عندي - في هذا الباب: أن الوضوء لا يجب إلَّا على من مسَّ ذكره أو فرجه قاصدًا مفضيًا، وأما غير ذلك - منه أو من غيره - فلا يوجب في الظاهر، والأصل أن الوضوء المجمع عليه لا ينقض إلَّا بإجماع أو سنةٍ ثابتةٍ غير محتملة التأويل، فلا عيب على القائل بقول الكوفيين، لأنَّ إيجابه عن الصحابة لهم فيه ما تقدم ذكره، وبالله التوفيق.
(5)
برقم (17/ 254) من كتابنا هذا.
(6)
في "سننه"(1/ 147 - 148 رقم 9)، وقال الدارقطني: عبد الرحمن العمري: ضعيف.
قلت: وهو حديث موضوع، لأن عبد الرحمن بن عبد الله كذاب.
[انظر: المجروحين (2/ 53) ولسان الميزان (7/ 281) والجرح والتعديل (5/ 253)].
دعاء بالشر لا يكون إلّا على ترك واجب، والمراد بالوضوء غسل جميع الأعضاء كوضوء الصلاة، لأنه الحقيقة الشرعية، وهي مقدمة على غيرها على ما هو الحق في الأصول، وقد اشترط في المس الناقض للوضوء أن يكون بغير حائل. ويدل له حديث أبي هريرة الآتي
(1)
، وسيأتي أنه لا دليل لمن اشترط أن يكون المس بباطن الكف، وقد روي عن جابر بن زيد
(2)
أنه قال بالنقض إن وقع المس عمدًا إلا إن وقع سهوًا.
وأحاديث الباب ترده، ورفع الخطأ بمعنى رفع إثمه لا حكمه.
16/ 253 - (وعَنْ أُمِّ حَبِيبةَ [رضي الله عنها]
(3)
قَالَتْ: سَمعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوضَّأْ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
(4)
والأثْرَمُ وصَحَّحَهُ أحْمدُ
(5)
وأبُو زُرْعَة)
(6)
. [حسن لغيره]
الحديث قال ابن السكن
(7)
: لا أعلم له علة. ولفظ "من" يشمل الذكر والأنثى. ولفظ الفرج يشمل القبل والدبر من الرجل والمرأة، وبه يرد مذهب من خصص ذلك بالرجال، وهو مالك.
وأخرج الدارقطني
(8)
من حديث عائشة: "إذا مسَّت إحداكن فرجها
(1)
برقم (17/ 254) من كتابنا هذا.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 163).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في "السنن"(1/ 162 رقم 481).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 122 رقم 196): "وهذا إسناد فيه مقال، مكحول الدمشقي مدلس وقد رواه بالعنعنة فوجب ترك حديثه لا سيما وقد قال البخاري وأبو زرعة وهشام بن عمار وأبو مسهر وغيرهم إنه لم يسمع من عنبسة ابن أبي سفيان فالإسناد منقطع
…
" اهـ. قلت: بل ذكر الحافظ في "التلخيص" (1/ 124): أن دحيمًا خالفهم؛ فأثبت سماع مكحول من عنبسة وهو أعلم بحديث الشاميين.
(5)
قاله الخلّال في "العلل" كما في "التلخيص"(1/ 124).
(6)
ذكره الترمذي في "السنن"(1/ 130).
(7)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 124).
وخلاصة القول أن حديث أم حبيبة حديث حسن لغيره، والله أعلم.
(8)
وهو حديث موضوع تقدم تخريجه آنفًا ص 694.
فلتتوضأ" وفيه عبد الرحمن بن عبد الله العمري وهو ضعيف، وكذا ضعفه ابن حبان
(1)
.
قال الحافظ: وله شاهد، وسيأتي حديث عمرو بن شعيب
(2)
وهو صحيح. وقد تقدم الكلام في الذي قبله.
17/ 254 - (وعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ أفْضى بِيدِهِ إلى ذَكَرِهِ ليسَ دُونَهُ سِتْرٌ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيهِ الوُضُوءُ". رَوَاهُ أحمَدُ)
(3)
. [حسن لغيره]
الحديث رواه ابن حبان في صحيحه
(4)
، وقال: حديث صحيح سنده، عدول نقلته. وصحَّحه الحاكم
(5)
وابن عبد البر
(6)
، وأخرجه البيهقي
(7)
والطبراني في الصغير
(8)
، وقال ابن السكن: هو أجود ما روي في هذا الباب. ورواه الشافعي
(9)
والبزّار
(10)
والدارقطني
(11)
من طريق يزيد بن عبد الملك، قال النسائي
(12)
: متروك، وضعفه
(13)
غيره.
(1)
في "المجروحين (2/ 53) وقد تقدم الكلام عليه آنفًا.
(2)
برقم (18/ 255) من كتابنا هذا.
(3)
في "المسند"(2/ 333).
(4)
(3/ 401 - 402 رقم 1118) قال ابن حبان: احثجا هنا في هذا الخبر بنافع بن أبي نعيم دون يزيد بن عبد الملك النوفلي لأن يزيد بن عبد الملك تبرأنا من عهدته في كتاب الضعفاء.
(5)
في "المستدرك (1/ 138) قال الحاكم: هذا حديث صحيح، وشاهده الحديث المشهور عن يزيد بن عبد الملك عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة. اهـ.
(6)
"التلخيص"(1/ 126).
(7)
في "السنن الكبرى"(2/ 131، 132) و"المعرفة"(1/ 220 رقم 187) ط: دار الكتب العلمية.
(8)
(1/ 42 - 43).
(9)
في "الأم"(1/ 87 رقم 301) وفي "المسند"(1/ 34 - 35 رقم 88).
(10)
لعله في الأجزاء التي لم تطبع من مسند البزار.
(11)
في "سننه"(1/ 147 رقم 6).
وخلاصة القول أن حديث أبي هريرة حديث حسن لغيره، والله أعلم.
(12)
في "الضعفاء والمتروكين"(ص 254 رقم 676).
(13)
ضعفه أحمد وغيره، قال البخاري: قال أحمد بن حنبل: عنده مناكير. وقال أبو زرعة: ضعيف. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ.
[التاريخ الكبير (8/ 348) والمجروحين (3/ 102) والجرح والتعديل (9/ 278) والميزان (4/ 433) ولسان الميزان (7/ 442)].
والحديث يدل على وجوب الوضوء، وهو يرد مذهب من قال بالندب، وقد تقدم. ويدل على اشتراط عدم الحائل بين اليد والذكر، وقد استدل به الشافعية في أن النقض إنما يكون إذا مس الذكر بباطن الكف لما يعطيه لفظ الإفضاء.
قال الحافظ في "التلخيص"
(1)
: "لكن نازع في دعوى أن الإفضاء لا يكون إلا ببطن الكف غير واحد، قال ابن سِيْدَه
(2)
في المحكم
(3)
: أفضى فلان إلى فلان: وصل إليه، والوصول أَعم من أن يكون بظاهر الكف أو باطنها. وقال ابن حزم
(4)
: الإِفضاء يكون بظاهر الكف كما يكون بباطنها، قال: ولا دليل على ما قالوه - يعني من التخصيص بالباطن - من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قول صاحب ولا قياس ولا رأي صحيح".
قال المصنف
(5)
رحمه الله تعالى - وهو يعني حديث أبي هريرة -: يمنع تأويل غيره على الاستحباب، ويُثبت بعمومه النقض ببطن كفه وظهره، وينفيه بمفهومه من وراء حائل وبغير اليد. وفي لفظ للشافعي
(6)
: "إذا أفضَى أحدُكم إلى ذكرِهِ ليسَ بينها وبينَهُ شيء فليتوضأ" اهـ.
18/ 255 - (وعَنْ عَمْرو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "أَيُّمَا رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَأَيُّمَا امْرأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَها فلتَتَوضَّأْ". رَوَاهُ أَحمدُ)
(7)
. [صحيح]
الحديث رواه الترمذي
(8)
أيضًا ورواه البيهقي
(9)
، قال الترمذي في العلل
(10)
(1)
(1/ 126).
(2)
أبو الحسن، علي بن إسماعيل الأندلسي، توفي سنة 458 هـ.
(3)
اسمه: (المحكم والمحيط الأعظم في اللغة) وهو مطبوع في (6) مجلدات.
حققه: مصطفى السقا، وحسين نصار، وعبد الستار أحمد فراج، وعائشة عبد الرحمن، وإبراهيم الأبياري، ومراد كامل. ونشر في القاهرة عن معهد المخطوطات العربية، مصطفى البابي الحلبي، سنة: 1958 م.
(4)
في "المحلى"(1/ 238).
(5)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 122).
(6)
في "الأم"(1/ 87 رقم 301) وقد تقدم.
(7)
في "المسند"(2/ 223).
(8)
أشار إليه الترمذي (1/ 128) رقم الباب (61).
(9)
في "السنن الكبرى"(1/ 132 - 133).
(10)
(ص 49 رقم 55). =
عن البخاري: وهذا عندي صحيح، وفي إسناده بقية بن الوليد
(1)
، ولكنه قال: حدثني محمد بن الوليد الزبيدي حدثني عمرو بن شعيب عن أَبيه عن جده.
والحديث صريح في عدم الفرق بين الرجل والمرأة، وقد عرفت أن الفرج يعم القبل والدبر، لأنه العورة كما في القاموس
(2)
. وقد أهمل المصنف ذكر حديث طلق بن علي في هذا الباب، ولم تجر له عادة بذلك فإنه يذكر الأحاديث المتعارضة وإن كان في بعضها ضعف، وقد ذكرناه في شرح حديث أول الباب
(3)
، وتكلمنا عليه بما فيه كفاية.
[الباب السادس] باب الوضوء من لحوم الإبل
19/ 256 - (عَنْ جَابِر بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا سَألَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أنَتَوضَّأ مِنْ لحُومِ الغنمِ؟ قالَ: "إنْ شِئْتَ تَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلا تَتَوضَّأْ"، قالَ: أتوَضَّأُ مِنْ لُحومِ الإِبِل؟ قالَ: "نَعَمْ، تَوَضَّأْ مِنْ لُحومِ الإِبِلِ"، قالَ: أصَلِّي في مَرابِضِ الغَنَمِ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قالَ: أصَلِّي في مَرَابضِ الإِبِلِ؟ قَالَ: "لَا". رَواهُ أحْمَدُ
(4)
ومُسْلِمٌ
(5)
. [صحيح]
= قلت: وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" رقم (19) والدارقطني في "السنن"(1/ 147) والحازمي في "الاعتبار" ص 145 والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 75).
قال الحازمي: هذا إسناد صحيح
…
وقد صححه أبو الأشبال رحمه الله في تحقيق المسند (12/ 31).
(1)
هو بقية بن الوليد الحمصي، محدِّث حمص، أحد المشاهير الأعلام، أخرجه له مسلم، والبخاري تعليقًا، والأربعة في "سننهم".
وقد اختلف في بقية، والمتفق عليه أنه صدوق، ثقة، حافظ، علم. الميزان (1/ 231 - 239 رقم 1250) والمجروحين (1/ 200 - 202) وتاريخ بغداد (7/ 123). وخلاصة القول أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(2)
ص 256 - 257.
(3)
عند الحديث رقم (17/ 254) من كتابنا هذا.
(4)
في "المسند"(5/ 86، 88، 93، 98، 100، 105، 106، 108).
(5)
في "صحيحه"(1/ 275 رقم 97/ 360).
الحديث روى ابن ماجه
(1)
نحوه من حديث محارب بن دثار عن ابن عمر.
وكذلك روى أبو داود
(2)
والترمذي
(3)
.
وهو يدل على أن الأكل من لحوم الإِبل من جملة نواقض الوضوء، وقد اختلف في ذلك فذهب الأكثرون إلى أنه لا ينقض الوضوء.
قال النووي
(4)
: ممن ذهب إلى ذلك الخلفاء الأربعة
(5)
، وابن مسعود (6)، وأبيّ بن كعب (6)، وابن عباس (6)، وأبو الدرداء
(6)
، وأبو طلحة
(7)
، وعامر بن ربيعة (6)، وأبو أمامة (6) وجماهير من التابعين ومالك
(8)
وأبو حنيفة
(9)
والشافعي
(10)
وأصحابهم.
(1)
في "سننه"(1/ 166 رقم 495) مختصرًا.
قلت: وأخرجه أبو عوانة (1/ 270 - 271) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 70) وابن خزيمة (1/ 21 رقم 31) والبيهقي (1/ 158) والطيالسي (ص 104 رقم 766).
قال ابن خزيمة: لم نر خلافًا بين علماء أهل الحديث، أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل .. وخلاصة القول أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(2)
في "سننه"(1/ 128 رقم 184).
(3)
في "سننه"(1/ 122 رقم 81).
قلت: وأخرجه ابن ماجه (1/ 166 رقم 494) وابن خزيمة (1/ 21 - 22 رقم 32) وأحمد (4/ 288، 303) والبيهقي (1/ 159) والطيالسي في "المسند"(ص 100 رقم 734، 735) وابن الجارود في "المنتقى" رقم (26). كلهم من حديث البراء بن عازب.
قال ابن خزيمة: "لم نر خلافًا بين علماء أهل الحديث، أن هذا الخبر أيضًا صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه" اهـ.
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(4)
في "المجموع"(2/ 66).
(5)
أخرج ابن عبد البر في التمهيد (3/ 348) بسنده عن الأوزاعي قال: سألت ابن شهاب عن الوضوء مما غيرت النار، فقال لي: توضأ، قلت: عمن؟ قال: عن ابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وزيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وعائشة، وأم سلمة، قلت: فأبو بكر؟ قال: لم يكن يتوضأ، قلت: فعمر؟ قال: لم يكن يتوضأ، قلت: فعثمان؟ قال لم يكن يتوضأ، قلت: فعلي؟ قال: لم يكن يتوضأ
…
(6)
حكاه عنهم ابن عبد البر في "التمهيد"(3/ 349).
(7)
حكاه عنه ابن عبد البر في "الاستذكار"(2/ 142).
(8)
انظر: "الاستذكار"(2/ 142) و"المنتقى" للباجي (1/ 65).
(9)
انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (1/ 24).
(10)
انظر: "الأم" للشافعي (1/ 91 رقم 322).
وذهب إلى انتقاض الوضوء به أحمد بن حنبل
(1)
وإسحاق بن راهويه
(2)
ويحيى بن يحيى
(3)
وأبو بكر بن المنذر
(4)
، وابن خزيمة
(5)
واختاره الحافظ أبو بكر البيهقي
(6)
، وحكي عن أصحاب الحديث مطلقًا، وحكي عن جماعة من الصحابة، كذا قال النووي: ونسبه في البحر
(7)
إلى أحد قولي الشافعي وإلى محمد بن الحسن.
قال البيهقي
(8)
: حكي عن بعض أصحابنا عن الشافعي أنه قال: إن صح الحديث في لحوم الإِبل قلت به. قال البيهقي
(9)
: قد صح فيه حديثان: حديث جابر بن سمرة وحديث البراء. قاله أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه.
احتج القائلون بالنقض بأحاديث الباب.
واحتج القائلون بعدمه بما عند الأربعة
(10)
وابن حبان
(11)
من حديث جابر
(1)
انظر: "المغني"(1/ 250).
(2)
حكاه عنه الترمذي في "السنن"(1/ 123).
(3)
هو يحيى بن يحيى بن قيس أبو عثمان الغساني، قال ابن سعد: عالم بالفتيا، وقال ابن معين: ثقة كان من فقهاء أهل الشام وقرائهم.
ولد سنة (64 هـ) وتوفي سنة (135 هـ).
انظر ترجمته في: "الجرح والتعديل"(8/ 197) و"ميزان الاعتدال"(4/ 413) و"التاريخ الكبير"(8/ 310).
(4)
في "الأوسط"(1/ 138) حيث قال: "والوضوء من لحوم الإبل يجب، لثبوت هذين الحديثين - أي حديث البراء بن عازب، وحديث جابر بن سمرة - وجودة إسنادهما" اهـ.
(5)
انظر: "صحيح ابن خزيمة"(1/ 21 - 22 رقم الباب 24) باب الأمر بالوضوء من أكل لحوم الإبل.
(6)
انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (1/ 444 - 455) رقم الباب (32).
(7)
"البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار"(1/ 96).
(8)
في "معرفة السنن والآثار"(1/ 451 رقم 1329).
(9)
في "معرفة السنن والآثار"(1/ 451 رقم 1330، 1331).
(10)
أخرجه أبو داود رقم (192) والنسائي (1/ 108).
(11)
في "صحيحه"(3/ 416 - 417 رقم 1134).
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (43) وابن الجارود رقم (24) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 67) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 155 - 156) وابن حزم في "المحلى"(1/ 243) وأحمد (3/ 307، 322) كلهم من حديث جابر بن عبد الله. =
"أنه كانَ آخِر الأمرين منه صلى الله عليه وسلم عدم الوضوء مما مَسَّت النار".
قال النووي في شرح مسلم
(1)
: "ولكن هذا الحديث عام وحديث الوضوء من لحوم الإِبل خاص والخاص مقدم على العام". وهو مبني على أنه يبنى العام على الخاص مطلقًا كما ذهب إليه الشافعي وجماعة من أئمة الأصول وهو الحق، وأما من قال إن العام المتأخر ناسخ فيجعل حديث ترك الوضوء مما مست النار ناسخًا لأحاديث الوضوء من لحوم الإبل، ولا يخفى عليك أن أحاديث الأمر بالوضوء من لحوم الإِبل لم تشمل النبي صلى الله عليه وسلم لا بالتنصيص ولا بالظهور بل في حديث سمرة
(2)
: "قال له الرجل أنتوضأ من لحوم الإِبل؟ قال: نعم"، وفي حديث البراء
(3)
: "توضأوا منها"، وفي حديث ذي الغرة الآتي
(4)
: "أفنتوضأ من لحومها؟ قال: نعم"، فلا يصلح تركه صلى الله عليه وسلم للوضوء مما مست النار ناسخًا لها لأن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بنا ولا ينسخه بل يكون فعله لخلاف ما أمر به أمرًا خاصًّا بالأمة دليل الاختصاص به.
= وقد أعله العلماء بعلل ثلاث:
الأولى: لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر. كما في "التلخيص"(1/ 116).
قلت: وقد صرح ابن المنكدر بسماعه من جابر عند أبي داود، والنسائي، وأحمد (3/ 322).
الثانية: هذا الخبر مختصر من حديث طويل .. كما في صحيح ابن حبان (3/ 417).
قلت: أجاب ابن حزم في المحلى (1/ 243) عن هذه العلة بقوله: "القطع بأن ذلك الحديث مختصر
…
قول بالظن
…
بل هما حديثان كما وردا" اهـ.
الثالثة: قال أبو حاتم في "العلل"(1/ 64 رقم 168): "هذا حديث مضطرب المتن، إنما هو: أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتفًا ولم يتوضأ
…
كذا رواه الثقات عن محمد بن المنكدر، عن جابر، ويحتمل أن يكون شعيب حدث به من حفظه فوهم فيه" اهـ.
قلت: لقد رد الشيخ أحمد شاكر في "شرحه سنن الترمذي"(1/ 117) على أبي حاتم بقوله: "شعيب بن حمزة الذي رواه عن ابن المنكدر ثقة متفق عليه، حافظ أثنى عليه الأئمة، كما قال الخليلي وعليُّ بن عياش، الذي رواه عن شعيب، ثقة حجة - كما قال الدارقطني
…
ونسبة الوهم إلى هذين الراويين، أو إلى أحدهما يحتاج إلى دليل صريح أقوى من روايتهما، وهيهات أن يوجد" اهـ.
وخلاصة القول أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(1)
(4/ 49).
(2)
وهو حديث صحيح، تقدم تخريجه برقم (19/ 256) من كتابنا هذا.
(3)
وهو حديث صحيح، سيأتي تخريجه برقم (20/ 257) من كتابنا هذا.
(4)
وهو حديث صحيح لغيره، سيأتي تخريجه برقم (21/ 258) من كتابنا هذا.
وهذه مسألة مدونة في الأصول مشهورة وقلّ من يتنبه لها من المصنفين في مواطن الترجيح، واعتبارها أمر لا بد منه وبه يزول الإِشكال في كثير من الأحكام التي تعد من المضايق، وقد استرحنا بملاحظتها عن التعب في جمل من المسائل التي عدها الناس من المعضلات، وسيمر بك في هذا الشرح من مواطن اعتبارها ما تنتفع به إن شاء الله تعالى. وقد أسلفنا التنبيه على ذلك. فإن قلت: هذه القاعدة توقعك في القول بوجوب الوضوء مما مست النار مطلقًا لأن الأمر بالوضوء مما مست النار خاص بالأمة، كما ثبت من حديث أبي هريرة مرفوعًا عند مسلم
(1)
وأبي داود
(2)
والترمذي
(3)
والنسائي
(4)
بلفظ: "توضأوا مما مست النار" وهو عند مسلم
(5)
من حديث عائشة مرفوعًا.
وفي الباب عن أبي أيوب
(6)
، وأبي طلحة
(7)
، وأم حبيبة
(8)
، وزيد بن ثابت
(9)
،
(1)
في "صحيحه (1/ 272 - 273 رقم 352).
(2)
في "سننه"(1/ 134 رقم 194).
(3)
في "سننه (1/ 114 - 115 رقم 79).
(4)
في "سننه"(1/ 106).
قلت: وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(ص 313 رقم 2376) وأحمد (2/ 265، 271)، وابن ماجه (1/ 163 رقم 485). وهو حديث صحيح.
(5)
في "صحيحه"(1/ 273 رقم 353).
قلت: وأخرجه أحمد في "مسنده"(6/ 89) وابن ماجه (1/ 164 رقم 486). وهو حديث صحيح.
(6)
أخرجه النسائي في "سننه"(1/ 106 رقم 176) والطبراني في "الكبير"(4/ 140 رقم 3929، 3930)، والحاكم في معرفة علوم الحديث ص 85.
وأورد الهيثمي الحديثين في "مجمع الزوائد"(1/ 249) وقال عند الأول: ورجاله رجال الصحيح.
وقال عند الثاني: ورجاله رجال الصحيح إلا أن عمرو بن دينار قال: أخبرني من سمع عبد الله بن عبد القاري، وسماه في الحديث قبله وهو يحيى بن جعدة. وابن عبد القاري هو: عبد الله بن عمرو بن عبد القاري نسبة إلى جده.
(7)
أخرجه النسائي في "سننه"(1/ 106 رقم 177) بسند صحيح.
(8)
أخرجه أبو داود في "سننه"(1/ 134 - 135 رقم 195) والنسائي (1/ 107) وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(ص 222 - 223 رقم 1592) وأحمد في "مسنده"(6/ 326 - 327). وهو حديث صحيح.
(9)
أخرجه مسلم (1/ 272 برقم 351) والنسائي (1/ 107) وأحمد (5/ 184) والدارمي (1/ 185) والطبراني في "الكبير"(5/ 27 رقم 4833). وهو حديث صحيح.
وغيرهم
(1)
فلا يكون تركه للوضوء مما مست النار ناسخًا للأمر بالوضوء منه ولا معارضًا لمثل ما ذكرت في لحوم الإِبل.
قلت: إن لم يصح منه صلى الله عليه وسلم إلا مجرد الفعل بعد الأمر لنا بالوضوء مما مست النار فالحق عدم النسخ وتحتم الوضوء علينا منه واختصاص رسول الله صلى الله عليه وسلم بترك الوضوء منه، وأي ضير في التمذهب بهذا المذهب، وقد قال به ابن عمر
(2)
، وأبو طلحة
(3)
، وأنس بن مالك
(4)
، وأبو موسى
(5)
،
(1)
• كحديث ابن عمر الذي أخرجه الطبراني في "الأوسط" رقم (1914) وفي "الكبير"(12/ 281 رقم 13117) و (12/ 371 رقم 13378) من طريقين.
وأخرجه البزار (1/ 150 رقم 290 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 249) وقال: "فيه العلاء بن سليمان الرقي وهو منكر الحديث" اهـ. ولم يتعرض الهيثمي لإسناد الأوسط وإسناد الكبير الثاني، ورجالهما ثقات.
• وكحديث أبي موسى الذي أخرجه أحمد في "المسند"(4/ 397) والطبراني في "الأوسط" رقم (2740).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 248) وقال: ورجاله موثقون.
قلت: فيه مبارك بن فضالة، وهو مدلس، وقد عنعن.
• وكحديث أنس بن مالك الذي أخرجه ابن ماجه (1/ 164 رقم 487) والبزار (1/ 150 رقم 289 - كشف) والطبراني في "الأوسط" رقم (6720).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 249) وقال: وفيه خالد بن يزيد بن أبي مالك - وهو كذاب. وخلاصة القول أن حديث أنس بن مالك حديث ضعيف، والله أعلم.
(2)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 51): عن ابن عمر: "أنه شرب سويقًا فتوضأ".
(3)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 51): عن سليمان: "أن أنسًا وأبا طلحة، وأبا موسى، وابن عمر، وزيد بن ثابت، وامرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: كانوا يتوضأون مما غيرت النار".
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 51) وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 173 رقم 670) عن أبي قلابة قال: "أتيت أنس بن مالك فلم أجده فقعدت أنتظره فجاء وهو مغضب، فقال: كنت عند هذا يعني الحجاج، فأكلوا ثم قاموا فصلوا ولم يتوضأوا فقلت: وما كنتم تفعلون هذا يا أبا حمزة، قال: ما كنا نفعله".
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 51) وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 173 رقم 669)، عن الحسن أن أبا موسى كان يتوضأ مما غيرت النار.
وعائشة
(1)
، وزيد بن ثابت
(2)
وأبو هريرة
(3)
، وأَبو غرة الهذلي
(4)
، وعمر بن عبد العزيز (1)، وأبو مِجْلِز
(5)
لاحق بن حميد، وأَبو قلابة
(6)
، ويحيى بن يعمر، والحسن البصري
(7)
، والزهري (1). صرح بذلك الحازمي في الناسخ والمنسوخ
(8)
. وقد نسبه المهدي في البحر
(9)
إلى أكثر هؤلاء [وزاد الحسن البصري وأَبا مجلز]
(10)
.
وكذلك النووي في شرح مسلم
(11)
قال الحازمي
(12)
: وذهب بعضهم إلى أن المنسوخ هو ترك الوضوء مما مست النار، والناسخ الأمر بالوضوء منه، قال: وإلى هذا ذهب الزهري وجماعة وذكر لهم متمسكًا
(13)
. ويؤيد وجوب
(1)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 51): عن الزهري: أن عائشة، وأبا سلمة وعمر بن عبد العزيز، كانوا يتوضؤون مما مست النار، وكان الزهري يتوضأ منه.
(2)
راجع الهامش رقم (3) من الصفحة السابقة.
(3)
سيأتي حديثه برقم (1/ 264).
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 51) عن رجل من هُذيل أراه قد ذكره أن له صحبة، قال:"يتوضأ مما غيرت النار".
(5)
في المخطوط (جـ): (أبو محمد) ثم صوِّب في الهامش بـ (أبو مجلز) وهو الصحيح.
(6)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 51) عن خالد، عن أبي قلابة أنه كان يأمر بالوضوء مما غيرت النار
…
".
(7)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 52): عن قرة بن خالد، عن الحسن، قال: توضأت مما غيرت النار.
وفي المخطوط (جـ): (أبو الحسين البصري) وهو خطأ.
(8)
(ص 157).
(9)
(1/ 96).
(10)
في المخطوط عليه شطب.
(11)
(4/ 43).
(12)
في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" ص 160.
(13)
أي الحازمي في "الاعتبار"(ص 160 - 163).
وأما الأدلة التي ذكرها الحازمي متمسكًا لهم:
1 -
حديث سلامة بن وقش: أخرجه الطبراني في "الكبير"(7/ 41 رقم 6326) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 249) وقال: "رواه الطبراني في "الكبير" وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث وثقه عبد الملك بن شعيب بن الليث، وضعفه أحمد وجماعه، واتهم بالكذب" اهـ.
الوضوء مما مست النار أن حديث ترك الوضوء منه له علتان ذكرهما الحافظ في التلخيص
(1)
، وحديث عائشة:"ما ترك النبي - الله عليه وسلم - الوضوء مما مست النار حتى قبض" وإن قال الجوزداني
(2)
: إنه باطل
(3)
، فهو متأيد بما كان منه صلى الله عليه وسلم من الوضوء لكل صلاة حتى كان ذلك [ديدنًا]
(4)
له وهجيرًا وإن خالفه مرة أو مرتين.
إذا تقرر لك هذا، فاعلم أن الوضوء المأمور به هو الوضوء الشرعي، والحقائق الشرعية ثابتة مقدمة على غيرها، ولا متمسك لمن قال: إن المراد به غسل اليدين.
وأما لحوم الغنم فهذه الأحاديث المذكورة في الباب مخصصة له من عموم ما مست النار، ففي حديث البراء الآتي
(5)
: "لا توضأوا منها"، وفي حديث ذي الغرة
(6)
: أفنتوضأ من لحومها؟ - يعني الغنم -، قال: لا. وفي حديث
= 2 - حديث جابر بن عبد الله وهو حديث صحيح. تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (19/ 256) من كتابنا هذا.
3 -
حديث سويد بن النعمان أخرجه البخاري (رقم 209).
(1)
(1/ 116). وانظر ما ذكرت ردًا على هذه العلل عند شرح الحديث رقم (19/ 256) من كتابنا هذا.
(2)
في حاشية المخطوط ما نصه: "منسوبًا إلى جُوزدان بالضم ثم السكون وزاي ودال مهملة وألف ونون. قرية كبيرة على باب أصبهان". تمت.
(3)
قاله الجوزقاني في "الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير"(1/ 349 - 350 رقم 336).
قلت: وتمام كلام الجوزقاني: "
…
لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن أبي أنيسة، ويحيى متروك الحديث".
وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" تحقيق وتعليق: إرشاد الحق الأثري (1/ 365 رقم 603). قال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يعرف إلا من حديث يحيى بن أنيسة وهو معروف بالكذب، قال أحمد والنسائي: لا يعرف إلَّا من حديث يحيى وهو متروك" اهـ.
(4)
في (ب): (دينًا).
(5)
برقم (20/ 257) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(6)
سيأتي تخريجه رقم (21/ 258) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح لغيره.
الباب
(1)
: "إن شئت توضأ وإن شئت فلا تتوضأ".
وسيأتي تمام الكلام على هذا في باب استحباب الوضوء مما مسته النار
(2)
.
20/ 257 - (وَعَنْ البَراءِ بن عازِبٍ قالَ: سُئِلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الوُضُوءِ مِنْ لحُومِ الإِبِلِ فقالَ: "تَوَضَّأوا مِنْها"، وَسُئِلَ عَنْ لُحُومِ الغَنمِ فقالَ:"لا تَوضَّأوا مِنْها"، وَسُئِل عَنِ الصَّلَاةِ في مَبَارِكَ الإِبِلِ فقالَ:"لا تُصَلُّوا فِيها فإِنَّها مِنَ الشَّياطِينِ"، وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ في مَرَابِضِ الغَنَمِ، فقالَ:"صَلُّوا فِيها فإنَّها بَرَكَةٌ". رَوَاهُ أَحْمَدُ
(3)
وَأَبُو دَاوُدَ)
(4)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا الترمذي
(5)
وابن ماجه
(6)
وابن حبان
(7)
وابن الجارود
(8)
وابن خزيمة
(9)
وقال في صحيحه
(10)
: "لم أر خلافًا بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه". وذكر الترمذي
(11)
الخلاف فيه على ابن أبي ليلى هل هو عن البراء أو عن ذي الغرة أو عن أسيد بن حضير؟ وصحح أنه عن البراء. وكذا ذكر ابن أبي حاتم في العلل
(12)
عن أبيه.
قال الحافظ
(13)
: "وقد قيل: إن ذا الغرة لقب البراء بن عازب، والصحيح أنه غيره وأنّ اسمه يعيش".
(1)
الباب السادس. رقم الحديث (19/ 256) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
(2)
الباب الأول: باب استحباب الوضوء مما مسته النار والرخصة في تركه. رقم الحديث (1/ 264 - 7/ 270) من كتابنا هذا.
(3)
في "المسند"(4/ 288) و (4/ 303).
(4)
في "سننه"(1/ 128 رقم 184).
(5)
في "سننه"(1/ 122 رقم 81).
(6)
في "سننه"(1/ 166 رقم 494).
(7)
في "صحيحه"(3/ 410 رقم 1128).
(8)
في "المنتقى" رقم (26).
(9)
في "صحيحه"(1/ 22 رقم 32).
قلت: وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 159) وابن حزم في "المحلى"(1/ 242) والطيالسي رقم (735) وعبد الرزاق في "المصنف" رقم (1596). وهو حديث صحيح.
(10)
(1/ 22).
(11)
في "سننه"(1/ 123).
(12)
(1/ 25 رقم 38).
(13)
في التلخيص (1/ 116).
والحديث يدل على وجوب الوضوء من لحوم الإِبل، وقد تقدم الكلام فيه وعدم وجوبه من لحوم الغنم وقد تقدم أيضًا. ويدل أيضًا على المنع من الصلاة في مبارك الإِبل والإِذن بها في مرابض الغنم، وسيأتي الكلام على ذلك في باب المواضع المنهي عنها والمأذون فيها للصلاة
(1)
، إن شاء الله تعالى.
21/ 258 - (وعَنِ ذِي الْغُرَّةِ [رضي الله عنه]
(2)
قالَ: عَرَضَ أعْرَابِيٌّ لِرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ الله يَسِيرُ فقالَ: يَا رَسُولَ الله تُدْرِكُنا الصلَاةُ ونَحْنُ في أَعْطانِ الإِبِلِ أفنُصَلي فِيها؟ فقالَ: "لا"، قال: أفَنَتَوضَّأُ مِنْ لحُومِها؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قالَ أَفنُصَلي في مَرَابِضِ الغَنَمِ؟ قالَ:"نعم"، قالَ: أفَنَتَوضَّأُ مِنْ لحُومِها؟ قالَ: "لا"، رَوَاهُ عَبْدُ الله بْنُ أحمَدَ في مُسْنَدِ أَبِيهِ)
(3)
. [صحيح لغيره]
الحديث أخرجه الطبراني
(4)
، قال في مجمع الزوائد
(5)
: ورجال أَحمد موثقون، وقد عرفت ما ذكره الترمذي
(6)
. وقد صرَّح أحمد والبيهقي بأن الذي صح في الباب حديثان: حديث جابر بن سمرة
(7)
، وحديث البراء
(8)
، وهكذا قال إسحاق، ذكره الحافظ في التلخيص
(9)
. وذكره المصنف
(10)
فقال: قال إسحاق بن راهويه: صح في الباب حديثان عن النبي صلى الله عليه وسلم: حديث جابر بن سمرة، وحديث البراء. اهـ.
وقد عرفت الكلام على فقه الحديث في أول الباب. وذو الغرَّة قد عرفت أنه غير البراء وأن اسمه يعيش.
(1)
الباب السادس: باب المواضع المنهي عنها والمأذون فيها للصلاة، عند الحديث رقم (23/ 616) ورقم (24/ 617) من كتابنا هذا.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
(4/ 67) بسند ضعيف. وهو حديث صحيح لغيره.
(4)
في "المعجم الكبير" كما في "مجمع الزوائد"(1/ 250).
(5)
(1/ 250).
(6)
في سننه (1/ 123).
(7)
وهو حديث صحيح تقدم تخريجه رقم (19/ 256) من كتابنا هذا.
(8)
وهو حديث صحيح تقدم تخريجه رقم (20/ 257) من كتابنا هذا.
(9)
(1/ 116).
(10)
أي ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 124).
[الباب السابع] باب المتطهر يشك هل أحدث
22/ 259 - (عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ [رضي الله عنه]
(1)
عَنْ عَمِّهِ
(2)
قالَ: شُكِيَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلُ يخَيَّلُ إليْهِ أَنهُ يَجِدُ الشَّيْءَ في الصلَاةِ، فقالَ:"لَا يَنْصَرِفُ حَتى يَسْمَعَ صَوْتًا أوْ يَجِدَ رِيحًا". رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إلَّا الترْمِذيُّ)
(3)
. [صحيح]
23/ 260 - (وعَنْ أبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذا وَجدَ أحَدُكُمْ في بَطْنِه شَيئًا فأشْكَلَ عَليهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا، فلَا يَخْرُجْ مِنَ المَسْجِدِ حَتى يَسْمَعَ صَوْتًا أوْ يَجِدَ رِيحًا". رَوَاهُ مُسِلمٌ
(4)
والتِّرْمِذِيُّ)
(5)
. [صحيح]
حديث أبي هريرة أيضًا، أخرجه أبو داود
(6)
.
وفي الباب
(7)
عن أبي سعيد عند أَحمد
(8)
والحاكم
(9)
وابن حبان
(10)
، وفي [إسناد أحمد
(11)
علي بن زيد بن جُدْعان]
(12)
.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
عمه هو/ عبد الله بن زيد/.
(3)
أخرجه أحمد (4/ 40) والبخاري رقم (137، 177) ومسلم رقم (361) وأبو داود رقم (176) والنسائي (1/ 98 - 99) وابن ماجه رقم (513). وهو حديث صحيح.
(4)
"صحيحه"(1/ 276 رقم 99/ 362).
(5)
في "سننه"(1/ 159 رقم 75) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(6)
في "سننه"(1/ 123 رقم 177). وهو حديث صحيح.
(7)
هنا زيادة من (جـ) وهي: "عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني بمعناه، وهو في الصحيحين".
(8)
في "المسند"(3/ 12) بسند ضعيف. وقد صح من طرق أخرى (3/ 42) و (3/ 72).
(9)
في "المستدرك"(1/ 134).
(10)
في "صحيحه" رقم (2665، 2666).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1029) والترمذي رقم (396) والنسائي في "الكبرى"(1/ 205، 206) وابن ماجه رقم (1254) وابن خزيمة رقم (29). وهو حديث حسن، والله أعلم.
(11)
أخرجه أحمد في "المسند"(3/ 96) بسند فيه علي بن زيد بن جُدْعان وهو ضعيف.
انظر: "التقريب" رقم (4734).
(12)
في (جـ): (إسناده علي بن أحمد بن جدعان)، وهو خطأ انظر "تهذيب التهذيب"(3/ 162 - 164).
وعن ابن عباس عند البزار
(1)
والبيهقي
(2)
وفي إسناده أبو أويس
(3)
لكن تابعه الدراوردي.
قوله: (يخيل إليه أنه يجد الشيء)، يعني خروج الحدث [منه]
(4)
.
قوله: (حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا) قال النووي
(5)
: "معناه يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين".
والحديث دليل على اطراح الشكوك العارضة لمن في الصلاة، والوسوسة التي جعلها صلى الله عليه وسلم من تسويل الشيطان وعدم الانتقال إلا لقيام ناقل متيقن كسماع الصوت وشم الريح ومشاهدة الخارج.
قال النووي في شرح مسلم
(6)
: "وهذا الحديث أصل من أصول الإِسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الدين، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها، فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث وهي أَن من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على الطهارة ولا فرق بين حصول هذا الشك في نفس الصلاة وحصوله خارج الصلاة، هذا مذهبنا
(7)
ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف، وحكي عن مالك روايتان إحداهما: أنه يلزم الوضوء إن كان شكه خارج الصلاة ولا يلزمه إن كان في الصلاة، والثانية: يلزمه بكل حال. وحكيت الرواية الأولى عن الحسن البصري وهو وجه شاذ محكي عن بعض أصحابنا (6) وليس بشيء. قال أصحابنا: ولا فرق في شكه بين أَن يستوي الاحتمالان في وقوع الحدث وعدمه، أو يترجح أحدهما ويغلب في ظنه، فلا وضوء عليه بكل حال".
(1)
في "مسنده"(1/ 167 رقم 171 - مختصر).
(2)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 128).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 242) وقال: رواه الطبراني في "الكبير"(رقم 11556) - والبزار بنحوه، ورجاله رجال الصحيح" اهـ.
(3)
هو عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي أبو أويس المدني ووالد إسماعيل أبي أويس
…
أخرج له مسلم في الشواهد ولم يحتج به، وقال في "التقريب": صدوق يهم .. ".
انظر: "خلاصة القول المفهم على تراجم الإمام مسلم"(1/ 294 رقم 799/ 67).
(4)
في "المخطوط"(عنه). والصواب ما أثبتناه.
(5)
في "شرحه لصحيح مسلم"(4/ 49).
(6)
(4/ 49 - 50).
(7)
أي الشافعية.
قال
(1)
: "أما إذا تيقن الحدث وشك في الطهارة فإنه يلزمه الوضوء بإجماعِ المسلمين".
قال
(2)
: "ومن مسائل القاعدة المذكورة أن من شك في طلاق زوجته، أو في عتق عبده، أو نجاسة الماء الطاهر، أَو طهارة النجس، أو نجاسة الثوب أَو الطعام أو غيره، أو أنه صلَّى ثلاث ركعات أم أربعًا، أم أنه ركع وسجد أم لا، أو أنه نوى الصوم أو الصلاة أو الوضوء أو الاعتكاف، وهو في أثناء هذه العبادات وما أَشبه هذه الأمثلة، فكل هذه الشكوك لا تأثير لها، والأصل عدم الحادث" اهـ.
وإلحاق غير حالة الصلاة بها لا يصح أن يكون بالقياس لأن الخروج حالة الصلاة لا يجوز لما يطرق من الشكوك بخلاف غيرها فاستفادته من حديث أبي هريرة لعدم ذكر الصلاة فيه.
وأما ذكر المسجد فوصف طردي لا يقتضي التقييد، ولهذا قال المصنف
(3)
عقب سياقه: وهذا اللفظ عام في حال الصلاة وغيرها. اهـ. على أن التقييد بالصلاة في حديث عباد بن تميم إنما وقع في سؤال السائل، وفي جعله مقيدًا للجواب خلاف في الأصول مشهور.
[الباب الثامن] باب إيجاب الوضوء للصلاة والطواف ومس المصحف
24/ 261 - (عن ابْنِ عُمَرَ [رضي الله عنهما]
(4)
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَا يَقْبَلُ الله صَلَاةً بِغير طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ". رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلَّا البُخارِيَّ)
(5)
. [صحيح]
(1)
أي النووي في "شرحه لصحيح مسلم"(4/ 50).
(2)
أي النووي في "شرحه لصحيح مسلم"(4/ 50).
(3)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 125).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
أخرجه أحمد (2/ 19 - 20، 39، 51، 57، 73) ومسلم (1/ 204 رقم 224) والترمذي (1/ 5 رقم 1) وابن ماجه (1/ 100 رقم 272).
قلت: وأخرجه أبو عوانة (1/ 234) والطيالسي رقم (1874) وابن خزيمة (1/ 8 رقم 8) وأبو نعيم في "الحلية"(7/ 176) والبيهقي (1/ 42) وابن الجارود رقم (65).
قال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن. وتعقبه أبو الأشبال في =
الحديث أخرجه الطبراني
(1)
أيضًا.
وفي الباب عن أسامة بن عمير والد أبي المليح
(2)
، وأَبي هريرة
(3)
، وأَنس
(4)
، وأبي بكر الصديق
(5)
، والزبير بن العوام
(6)
، وأَبي سعيد الخدري
(7)
، وغيرهم
(8)
= شرح الترمذي فقال: "سيأتي قريبًا أن في الباب عن أبي هريرة، وهو ما أخرجه البخاري ومسلم عنه مرفوعًا: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ"، وهو أصح من حديث ابن عمر هذا. فوصف الترمذي له بأنه أصح شيء في الباب: فيه نظر" اهـ.
قلت: وقد تابع شعبة عليه جماعة من الأئمة الثقات: كأبي عوانة عند أحمد ومسلم.
وإسرائيل بن يونس عند أحمد ومسلم والترمذي. وزائدة بن قدامة عند أحمد ومسلم والبيهقي.
وأما قول بعضهم: سماك يقبل التلقين. فقد أجاب عليهم الحافظ في "الفتح"(1/ 300): "
…
ولكن قد رواه عنه شعبة، وهو لا يحمل عن مثايخه إلا صحيح حديثهم
…
" اهـ.
وخلاصة القول أن حديث ابن عمر صحيح، والله أعلم.
(1)
في المعجم الصغير (1/ 60 - 61).
(2)
وهو حديث صحيح.
أخرجه أحمد (5/ 74) وأبو داود رقم (59) والنسائي (5/ 56، 57) وابن ماجه رقم (271) وأبو عوانة (1/ 235) والطبراني في "المعجم الكبير"(1/ 191 رقم 505) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 230) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 5) من طرق عن شعبة عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه، به. وأخرجه أحمد (5/ 75) عن يحيى بن سعيد، والنسائي (1/ 87، 88)، والطبراني في "المعجم الكبير"(1/ 191 رقم 506) من طريق أبي عوانة، كلاهما عن قتادة، به.
(3)
وهو حديث صحيح.
أخرجه البخاري (رقم 135) ومسلم رقم (225).
(4)
وهو حديث صحيح.
أخرجه ابن ماجه رقم (273) وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 5) وأبو عوانة (1/ 235).
(5)
أخرجه أبو عوانة (1/ 237).
(6)
أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع الزوائد"(1/ 227) وقال الهيثمي: "وفيه وهب بن حفص الحراني قيل فيه كذاب".
(7)
أخرجه الطبراني في "الأوسط" رقم (6897) والبزار (1/ 132 - كشف) وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 227) وفيه عبيد الله بن يزيد القردواني، لم يرو عنه غير ابنه محمد".
قلت: وفيه - أيضًا - سليمان بن أبي داود الحراني: وهو ضعيف. ضعفه أبو زرعة، وغيره.
وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث جدًّا.
[الجرح والتعديل (4/ 115) ولسان الميزان (3/ 90)].
(8)
كحديث أبي بكرة، وعبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين، وعائشة، وسعيد بن =
قال الحافظ
(1)
: وقد أوضحت طرقه وأَلفاظه في الكلام على أوائل الترمذي.
قوله: (لَا يقبل الله)، قد قدَّمنا الكلام عليه في باب الوضوء بالخارج من السبيل
(2)
.
قوله: (ولا صدقة من غلول)، الغُلول بضم الغين المعجمة: هو الخيانة، وأَصله السرقة من مال الغنيمة قبل القسمة
(3)
. قال النووي في شرح مسلم
(4)
: وقد أَجمعت الأمة على أن الطهارة شرط في صحة الصلاة. قال المّاضي عياض
(5)
: واختلفوا متى فرضت الطهارة للصلاة، فذهب ابن الجهم إلى أَن الوضوء كان في أول الإِسلام سنة، ثم نزل فرضه في آية التيمم. وقال الجمهور: بل كان قبل ذلك فرضًا، وقد استوفى الكلام على ذلك الحافظ في أول كتاب الوضوء في الفتح
(6)
، واختلفوا هل الوضوء فرض على كل قائم إلى الصلاة أم على المحدِث خاصة؟ فذهب ذاهبون من السلف إلى أن الوضوء لكل صلاة فرض، بدليل قوله تعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}
(7)
الآية، وذهب قوم إلى أن ذلك قد كان [واجبًا]
(8)
ثم نسخ، وقيل: الأمر به على الندب، وقيل: لا بل لم يشرع إلا لمن يحدث، ولكن تجديده لكل صلاة مستحب. قال النووي
(9)
حاكيًا عن القاضي: وعلى هذا أجمع أهل الفتوى بعد ذلك، ولم يبق بينهم خلاف ومعنى الآية عندهم: إذا قمتم محدِثين، وهكذا نسبه الحافظ في الفتح
(10)
إلى الأكثر.
ويدل على ذلك ما أخرجه أَحمد
(11)
وأبو داود
(12)
عن عبد الله بن حنظلَةَ
= زيد، وسهل بن سعد، وأبي سبرة وأبي الدرداء، وأبي روح ورفاعة بن رافع.
انظر تخريجها في كتابنا: "إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" جزء الطهارة.
(1)
في "التلخيص"(1/ 129)،
(2)
الباب الأول: باب الوضوء بالخارج من السبيل عند الحديث رقم (1/ 238).
(3)
انظر: "القاموس المحيط" ص 1343.
(4)
(3/ 102).
(5)
في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 10).
(6)
(1/ 232 - 234).
(7)
سورة المائدة: الآية 6.
(8)
زيادة من (ب).
(9)
في شرح صحيح مسلم (3/ 103).
(10)
(1/ 232).
(11)
في "المسند"(5/ 225).
(12)
في "سننه"(1/ 41 رقم 48). =
الأَنصاري "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمر بالوضُوءِ لكلِّ صلاةٍ طاهِرًا كان أو غيرَ طاهِرٍ، فلما شقَّ عليه وُضعَ عنه الوضوءُ إلَّا مِنْ حَدَثٍ". ولمسلم
(1)
من حديث بريدة: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ عند كل صلاة، فلمَّا كان يوم الفتح صلَّى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر: إنك فعلت شيئًا لم تكن تفعله، فقال: عمدًا فعلته" أي لبيان الجواز، واستدلَّ الدارمي في مسنده
(2)
على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا وُضوءَ إلا من حَدَثٍ". فالحق استحباب الوضوء عند القيام إلى الصلاة، وما شكك به صاحب المنار في ذلك غير نيِّر، فإن الأحاديث مصرّحة بوقوع الوضوء منه صلى الله عليه وسلم لكل صلاة إلى وقت الترخيص، وهو أَعم من أَن يكون لحدث ولغيره، والآية دلت على هذا وليس فيها التقييد بحال الحدث، وحديث:"لولا أَن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء بسواك" عند أَحمد
(3)
من حديث أبي هريرة مرفوعًا من أعظم الأدلة على المطلوب، وسيذكر المصنف هذا الحديث في باب: فضل الوضوء لكل صلاة
(4)
.
وقد أخرج الجماعة إلا مسلمًا
(5)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ عند كل صلاة"، زاد الترمذي
(6)
: "طاهرًا أو غيرَ طاهرٍ".
وفي حديث عدم التوضؤ من لحوم الغنم دليل على تجديد الوضوء على الوضوء، لأنه حكم صلى الله عليه وسلم بأن أكل لحومها غير ناقض، ثم قال للسائل عن الوضوء:"إن شئت".
= قلت: وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"(1/ 11 رقم 15) و (1/ 71 - 72 رقم 138) وهو حديث حسن.
(1)
في "صحيحه"(1/ 232 رقم 86/ 277).
(2)
رقم (664).
(3)
في "المسند"(2/ 259) بإسناد صحيح.
قلت: وأخرج النسائي (1/ 12 رقم 7) وابن خزيمة في "صحيحه"(رقم 140) والبخاري تعليقًا (4/ 158) بنحوه.
وهو حديث صحيح.
(4)
الباب الثاني عند رقم الحديث (8/ 271) من كتابنا هذا.
(5)
أخرجه البخاري رقم (214) وأبو داود رقم (171) والترمذي رقم (58) وابن ماجه رقم (509) وأحمد (3/ 260) والنسائي (1/ 85).
(6)
في "سننه" رقم (58).
وقد وردت الأحاديث الصحيحة في فضل الوضوء كحديث: "ما منكم من أحدٍ يتوضأ فيسبغُ الوضوءَ، ثم يقول: أشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وأَن محمدًا عبدُه ورسولُه، إلا فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخلُ من أَيها شاء"، أخرجه مسلم
(1)
وأهل السنن
(2)
من حديث عقبة بن عامر.
وحديث: "أنها تخرجُ خطاياه مع الماء أو مع آخِر قَطْرِ الماء" عند مسلم
(3)
ومالك
(4)
والترمذي
(5)
من حديث أبي هريرة.
وحديث: "من توضَّأ نحو وضوئي هذا غفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة"، أخرجه الشيخان
(6)
من حديث عثمان.
وحديث: "إذا توضَّأت اغتسلتَ من خطاياك كيوم ولدتكَ أُمُّكَ" عند مسلم
(7)
والنسائي
(8)
من حديث أبي أمامة، وغير ذلك كثير، فهل يجمل بطالب الحق الراغب في الأجر أَن يدع هذه الأدلة التي لا تحتجب أَنوارها على غير أَكمه، والمثوبات التي لا يرغب عنها إلا أَبله، ويتمسك بأذيال تشكيك منهار وشبهة مهدومة هي مخافة الوقوع بتجديد الوضوء لكل صلاة من غير حدث في الوعيد الذي ورد في حديث:"فمن زاد فقد أساء وتعدى وظلم"
(9)
بعد أن تتكاثر الأدلة على أن الوضوء لكل صلاة عزيمة، وأن الاكتفاء بوضوء واحد لصلوات متعددة رخصة بل ذهب قوم إلى الوجوب عند القيام للصلاة كما أسلفنا. دع عنك هذا كله، هذا ابن عمر يروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ على
(1)
في صحيحه (رقم 17/ 234).
(2)
أبو داود رقم (169) والنسائي (1/ 92) وابن ماجه رقم (470) والترمذي (1/ 78).
وهو حديث صحيح.
(3)
في صحيحه رقم (244).
(4)
في "الموطأ"(1/ 32).
(5)
في "سننه" رقم (2).
وهو حديث صحيح.
(6)
البخاري رقم (164) ومسلم رقم (227).
(7)
في "صحيحه" رقم (832).
(8)
في "سننه الكبرى"(3/ 101 - 104 رقم 3/ 177).
وهو حديث صحيح.
(9)
أخرجه ابن ماجه رقم (422) وأبو داود رقم (135) والنسائي (1/ 88) بسند حسن.
طهر كتب الله له به عشر حسنات" أَخرجه الترمذي
(1)
وأبو داود
(2)
، فهل أنص على المطلوب من هذا، وهل يبقى بعد هذا التصريح ارتياب؟
25/ 262 - (وَعَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحمَّدٍ بن عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ [رضي الله عنه]
(3)
عَنْ أبيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلى أَهْل الْيَمَنِ كِتابًا وَكَانَ فِيهِ: "لَا يَمسُّ القُرْآنَ إلا طَاهِرٌ". رَوَاهُ الْأثْرَمُ وَالدَّارَقُطْنيُّ
(4)
، وَهُوَ لِمالِكٍ في الموطأ
(5)
مُرْسَلًا عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحمَّدِ بْنِ عَمْرِو بن حَزمٍ إنَّ في الكِتاب الذِي كَتَبهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: "أَنْ لَا يَمَس القُرْآن إلا طَاهِرٌ". [حسن بشواهده]
وقالَ الْأثْرَمُ: وَاحْتَجَّ أبُو عَبدِ الله - يَعْنِي أحمَدَ - بِحَدِيثِ ابْنِ عمَرَ
(6)
: "ولَا يُمَسُّ المُصْحَفُ إلَّا على طَهَارَةٍ".
(1)
في "سننه"(1/ 87 رقم 59).
(2)
في "سننه"(1/ 50 رقم 62).
وهو حديث ضعيف.
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في "السنن"(1/ 122 رقم 5).
وفي "غرائب مالك" من حديث أبي ثور هاشم بن ناجية عن مبشر بن إسماعيل عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن جده، قال: كان فيما أخذ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يمس القرآن إلَّا طاهر".
قال الدارقطني: تفرد به أبو ثور عن مبشر عن مالك، فأسنده عن جده.
ثم رواه من حديث إسحاق الطباع، أخبرني مالك عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه، قال: كان في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يمس القرآن إلَّا طاهر".
قال: وهذا الصواب عن مالك، ليس فيه عن جده. انتهى.
قال الشيخ تقي الدين في "الإمام" وقوله فيه: عن جده يحتمل أن يراد به جده الأدنى، وهو/ محمد بن عمرو بن حزم، ويحتمل أن يراد به جده الأعلى، وهو عمرو بن حزم، وإنما يكون متصلًا إذا أريد الأعلى. لكن قوله: كان فيما أخذ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتضي أنه عمرو بن حزم لأنه الذي كتب له الكتاب" اهـ. "نصب الراية" (1/ 197).
(5)
في الموطأ (1/ 199 رقم 1) مرسلًا، وإسناده صحيح "ووصله النسائي (8/ 57 - 58 رقم 4853) وابن حبان (رقم 793 - موارد) وهو معلول". قاله الحافظ في بلوغ المرام رقم (11/ 71) بتحقيقي.
(6)
سيأتي تخريجه بعد قليل أثناء الشرح.
الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك
(1)
، والبيهقي في الخلافيات
(2)
، والطبراني
(3)
، وفي إسناده سويد بن أبي حاتم وهو ضعيف
(4)
. وذكر الطبراني في الأوسط
(5)
أنه تفرد به، وحسن [الحازمي]
(6)
إسناده، وقد ضعف النووي
(7)
، وابن كثير في إرشاده
(8)
، وابن حزم
(9)
حديث حكيم بن حزام، وحديث عمرو بن حزم جميعًا.
وفي الباب عن ابن عمر عند الدارقطني
(10)
والطبراني
(11)
، قال
(1)
في "المستدرك"(3/ 484) وصححه.
(2)
(1/ 500 رقم 296).
(3)
في "المعجم الكبير"(3/ 205 رقم 3135) و"الأوسط" رقم (3301).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 277) وقال: "وفيه سويد أبو حاتم: ضعفه النسائي وابن معين في رواية، ووثقه في رواية. وقال أبو زرعة: ليس بالقوي، حديثه حديث أهل الصدق".
(4)
سُوَيد بن إبراهيم الجَحْدَري أبو حاتم الحناط البصري، ضعفه النسائي والساجي، وابن عدي، وقال ابن معين والبزار: ليس به بأس، وقال ابن حجر: صدوق سيء الحفظ.
"التقريب" رقم (2687) و"تهذيب التهذيب"(4/ 237 - 238 رقم 478).
(5)
في "الأوسط"(3/ 327).
(6)
في (جـ): (الدارمي).
(7)
قال النووي في "المجموع"(2/ 78) وإسناده ضعيف ثم إن النووي في "الخلاصة"(1/ 208 - 209) ضعف حديث حكيم بن حزام وحديث عمرو بن حزم.
(8)
أي: "إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه"(1/ 52). وقال: وهذا مرسل.
(9)
في "المحلى"(1/ 81 - 82).
(10)
في "سننه"(1/ 121 رقم 3).
(11)
في "المعجم الكبير"(12/ 313 - 314 رقم 13217) وفي "الصغير"(2/ 277 رقم 1162).
قلت: وأخرجه البيهقي في "الخلافيات"(1/ 508 - 509 رقم 298) وفي "السنن الكبرى"(1/ 88). واللالكائي في "أصول اعتقاد أهل السنة"(2/ 344 رقم 573).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 276): وقال "رواه الطبراني في "الكبير" و"الصغير" و"رجاله موثقون" اهـ.
وقال ابن حجر في "التلخيص"(1/ 131): "وإسناده لا بأس به، ذكَر الأثرم أن أحمد احتج به" اهـ.
وقال الجوزقاني في "الأباطيل"(1/ 372): "هذا حديث مشهور حسن" اهـ.
وقال الأخ مشهور بن حسن آل سلمان في تحقيقه للخلافيات، (1/ 509 - 510): "وقد أعلّ الحديث بثلاث علل - وكلها مما ينازع فيه - وهي:
أولًا: فيه ابن جريج، وهو مدلس وقد عنعن. =
الحافظ
(1)
: وإسناده لا بأس به، لكن فيه سليمان الأشدق وهو مختلف فيه، رواه عن سالم عن أبيه ابن عمر، قال الحافظ (1): ذكر الأثرم أن أحمد احتج به.
وفي الباب أيضًا عن عثمان بن أَبي العاص عند الطبراني
(2)
، وابن أبي داود في المصاحف
(3)
، وفي إسناده انقطاع. وفي رواية الطبراني من لا يعرف.
وعن ثوبان أورده علي بن عبد العزيز في منتخَب مسنده
(4)
، وفي إسناده
= ثانيًا: فيه سليمان بن موسى. قال الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 198): "سليمان بن موسى الأشدق مختلف فيه، فوثَّقه بعضهم، وقال البخاري [في "الضعفاء الصغير" (53 - 54)]: "عنده مناكير". وقال النسائي [في "الضعفاء والمتروكين" (50)]: "ليس بالقوي".
ثالثًا: جهالة سعيد بن محمد بن ثواب، فترجمه الخطيب في "تاريخه"(9/ 94) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، فكأنه مجهول الحال قاله شيخنا في "إرواء الغليل"(1/ 159).
قلت: ومع هذا فهي مما لا توهن الحديث ولا تجعله مطروحًا؟ فعنعنة من أخرج لهم الشيخان متساهل فيها، وهي محمولة على السماع، وسليمان بن موسى وثَّقه ابن معين في "تاريخ الدارمي" (رقم: 26، 360) ودحيم، كما في "الجرح والتعديل"(4/ 141) والترمذي وابن عدي في "الكامل"(3/ 1119)، وسعيد بن محمد صحَّحَ له الدارقطني حديثًا في "سننه" في إتمام الصلاة في السفر.
وانظر: "نصب الراية"(1/ 178) و"التلخيص الحبير"(1/ 131)
…
وعلى كلِّ حال، ما قبله وبعده يشهد له" اهـ.
(1)
في "التلخيص"(/131).
(2)
في "المعجم الكبير"(9/ 33 رقم 8336) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 277) وقال الهيثمي:
…
وفيه إسماعيل بن رافع ضعفه يحيى بن معين والنسائي، وقال البخاري: ثقة مقارب الحديث.
(3)
كتاب المصاحف لابن أبي داود السجستاني (ص 185).
(4)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 131 - 132).
وقال ابن القطان في "الوهم والإيهام"(3/ 465 - 466): "وهذا الحديث يرويه: علي بن عبد العزيز هكذا: حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال: حدثنا مَسعدة البصري، عن خَصيب بن جحدر، عن النضر بن شفي، عن أبي أسماء الرَّحَبي، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمس القرآن إلا طاهر، والعمرة الحج الأصغر، وعمرةٌ خير من الدنيا وما فيها، وحجة أفضل من عمرة".
وذكر بهذا الإسناد أحاديث، وهو إسناد في غاية الضعف.
ولم أجد للنضر بن شفي ذكرًا في شيء من مظان وجوده، فهو جد مجهول. وأما الخصيب بن جحدر، فقد رماه ابن معين بالكذب [التاريخ (4/ 96)].
واتقى أحمد بن حنبل حديثه [العلل ومعرفة الرجال (3/ 267)]، وإنما كان يروي ثلاثةَ عشر أو أربعةَ عشر حديثًا. =
حصيب بن جحدر، وهو متروك
(1)
.
وروى الدارقطني
(2)
في قصة إسلام عمر أن أخته قالت له قبل أن يسلم: إنه رجس، ولا يمسه إلا المطهرون. قال الحافظ
(3)
: وفي إسناده مقال.
وفيه عن سلمان موقوفًا، أَخرجه الدارقطني
(4)
والحاكم
(5)
.
وكتاب عمرو بن حزم تلقاه الناس بالقبول، قال ابن عبد البر
(6)
، إنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول، وقال يعقوب بن سفيان: لا أَعلم كتابًا أصح من هذا الكتاب، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين يرجعون إليه ويدعون رأيهم. وقال الحاكم
(7)
: قد شهد عمر بن عبد العزيز والزهري لهذا الكتاب بالصحة.
= وقال أبو حاتم: له أحاديث مناكير [الجرح والتعديل (3/ 397) وعنده: ضعيف الحديث].
وأما مسعدة البصري، فهو ابن اليَسَع، خَرق أحمد بن حنبل حديثه وتركه.
[العلل ومعرفة الرجال (3/ 267)].
وقال أبو حاتم: إنه يكذب على جعفر بن محمد [الجرح والتعديل (8/ 370)].
فأما إسحاق بن إسماعيل، الذي يرويه عنه علي بن عبد العزيز، فهو ابن عبد الأعلى الأيلي، يكثر عنه، يروي عن ابن عيينة، وجرير، وغيرهما، وهو شيخ لأبي داود، وأبو داودُ لا يروي إلا عن ثقة عنده، فاعلمه. [التهذيب (1/ 167)] ".
وخلاصة القول أن حديث ثوبان ضعيف جدًّا. ولبعض فقراته سياق آخر تصح به والله أعلم.
(1)
تقدم الكلام عليه في التعليقة المتقدمة.
(2)
في "سننه"(1/ 123 رقم 7). قال الدارقطني: القاسم بن عثمان ليس بقوي.
وقال البخاري: له أحاديث لا يتابع عليها.
(3)
في "التلخيص"(1/ 132).
(4)
في "سننه"(1/ 123 رقم 8) بإسناد صحيح موقوف على سلمان.
(5)
في "المستدرك"(1/ 183). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه لتوقيفه، وقد رواه أيضًا جماعة من الثقات عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن سلمان" اهـ.
(6)
انظر: "فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد بن عبد البر"(3/ 556).
(7)
في "المستدرك"(1/ 397).
قلت: قال المحدث الألباني في "إرواء الغليل"(1/ 160): "وجملة القول: أن الحديث طرفه كلها لا تخلو من ضعف، ولكنه ضعف يسير إذ ليس في شيء منها من اتهم =
والحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا لمن كان طاهرًا، ولكن الطاهر يطلق بالاشتراك على المؤمن، والطاهر من الحدث الأكبر والأصغر، ومن ليس على بدنه نجاسة.
ويدل لإِطلاقه على الأول [قول الله]
(1)
تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}
(2)
.
وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة: "المؤمن لا ينجس"
(3)
.
وعلى الثاني: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}
(4)
.
وعلى الثالث قوله [صلى الله عليه وسلم] في المسح على الخفين: "دعهما فإني أَدخلتهما طاهرتين"
(5)
، وعلى الرابع الإِجماع على أن الشيء الذي ليس عليه نجاسة حسية ولا حكمية يسمى طاهرًا، وقد ورد إطلاق ذلك في كثير، فمن أجاز حمل المشترك على جميع معانيه حمله عليها هنا. والمسألة مدونة في الأصول، وفيها مذاهب. والذي يترجح أن المشترك مجمل فيها فلا يعمل به حتى يبين، وقد وقع الإِجماع على أَنه لا يجوز للمحدث حدثًا أكبر أَن يمس المصحف، وخالف في ذلك داود.
[أدلة المانعين من قراءة الجنب للقرآن]:
استدل المانعون للجنب بقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}
(6)
وهو لا يتم إلا بعد جعل الضمير راجعًا إلى القرآن، والظاهر رجوعه إلى الكتاب، وهو اللوح المحفوظ، لأنه الأقرب، والمطهرون الملائكة، ولو سلم عدم الطهور
= بالكذب، وإنما العلة الإرسال أو سوء الحفظ، ومن المقرر في "علم المصطلح" أن الطرق يقوي بعضها بعضًا، إذا لم يكن فيها متهم كما قرره النووي في تقريبه ثم السيوطي في شرحه، وعليه، فالنفس تطمئن لصحة هذا الحديث، لا سيما وقد احتج به إمام السنة أحمد بن حنبل
…
وصححه أيضًا صاحبه الإمام إسحاق بن راهويه .. " اهـ.
(1)
في (ب): (قوله).
(2)
سورة التوبة: الآية 28.
(3)
أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (285) ومسلم في "صحيحه" رقم (371).
(4)
سورة المائدة: الآية 6.
(5)
وهو حديث صحيح تقدم تخريجه برقم (6/ 228) من كتابنا هذا.
(6)
سورة الواقعة: الآية 79.
وانظر: "التبيان في أقسام القرآن" لابن القيم ص 140 - 143 فإنه مفيد وعميق.
فلا أقل من الاحتمال فيمتنع العمل بأحد الأمرين، ويتوجه الرجوع إلى البراءة الأصلية، ولو سلم رجوعه إلى القرآن على التعيين لكانت دلالته على المطلوب، وهو منع الجنب من مسه غير مسلمة، لأن المطهر من ليس بنجس، والمؤمن ليس بنجس دائمًا لحديث:"المؤمن لا ينجس" وهو متفق عليه
(1)
، فلا يصح حمل المطهر على من ليس بجنب أو حائض أو محدث أَو متنجس بنجاسة عينية، بل يتعين حمله على من ليس بمشرك كما في قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}
(2)
لهذا الحديث.
ولحديث النهي عن السفر بالقرآن إلى أَرض العدو
(3)
، ولو سلم صدق اسم الطاهر على من ليس بمحدث حدثًا أكبر أو أصغر، فقد عرفت أن الراجح كون المشترك مجملًا في معانيه فلا يعين حتى يبين. وقد دل الدليل ههنا أن المراد به غيره لحديث:"المؤمن لا ينجس"(1)، ولو سلم عدم وجود دليل يمنع من إرادته، لكان تعيينه لمحل النزاع ترجيحًا
(4)
بلا مرجح، وتعيينه لجميعها استعمالًا للمشترك في جميع معانيه، وفيه الخلاف، ولو سلم رجحان القول بجواز الاستعمال للمشترك في جميع معانيه، لما صح لوجود المانع وهو حديث:"المؤمن لا ينجس"(1)، واستدلوا أيضًا بحديث الباب.
وأجيب بأنه غير صالح للاحتجاج، لأنه من صحيفة غير مسموعة، وفي رجال إسناده خلاف شديد
(5)
، ولو سلم صلاحيته للاحتجاج لعاد البحث السابق في لفظ طاهر، وقد عرفته.
قال السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير: إن إطلاق اسم النجس على المؤمن الذي ليس بطاهر من الجنابة أو الحيض أَو الحدث الأصغر لا يصح لا حقيقة ولا مجازًا ولا لغة، صرح بذلك في جواب سؤال ورد عليه، فإن
(1)
وهو حديث صحيح تقدم تخريجه آنفًا.
(2)
سورة التوبة: الآية 28.
(3)
أخرجه البخاري رقم (2990) ومسلم رقم (1816) عن ابن عمر قال: نهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافَرَ بالقرآن إلى أرض العدو".
(4)
في (جـ): (ترجيح) وهو خطأ.
(5)
قلت: قد تبين لك مما سبق أن الحديث حسن بشواهده.
ثبت هذا فالمؤمن طاهر دائمًا فلا يتناوله الحديث سواء كان جنبًا أو حائضًا أو محدثًا، أو على بدنه نجاسة، فإن قلت: إذا تم ما تريد من حمل الطاهر على من ليس بمشرك فما جوابك فيما ثبت في المتفق عليه
(1)
من حديث ابن عباس "أنه صلى الله عليه وسلم كتب إلى هِرَقْل عظيم الروم: أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أَجرك مرتين، فإن توليت فإنَّ عليك إثم الأريسيين
(2)
، و {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} إلى قوله:{مُّسْلِمُونَ}
(3)
مع كونهم جامعين بين نجاستي الشرك والاجتناب، ووقوع اللمس منهم له معلوم. قلت: أَجعله خاصًّا بمثل الآية والآيتين فإنه يجوز تمكين المشرك من مس ذلك المقدار لمصلحة، كدعائه إلى الإِسلام. ويمكن أَن يجاب عن ذلك، بأنه قد صار باختلاطه بغيره لا يحرم لمسه ككتب التفسير فلا تخصص به الآية والحديث.
إذا تقرر لك هذا عرفت عدم انتهاض الدليل على منع من عدا المشرك، وقد عرفت الخلاف في الجنب.
وأَما المحدث حدثًا أصغر فذهب ابن عباس والشعبي والضحاك وزيد بن
(1)
أخرجه أحمد (1/ 263) والبخاري رقم (4553) ومسلم رقم (1773).
(2)
"الأريسيين: هكذا أوقع في هذه الرواية الأولى في مسلم: الأريسيين. وهو الأشهر في روايات الحديث وفي كتب أهل اللغة. وعلى هذا اختلف في ضبطه على أوجه: أحدها: بياءين بعد السين. والثاني: بياء واحدة بعد السين، وعلى هذين الوجهين الهمزة مفتوحة والراء مكسورة مخففة. والثالث: الإرِّيسيين بكسر الهمزة، وتشديد الراء وبياء واحدة بعد السين. ووقع في الرواية الثانية في مسلم، وفي أول صحيح البخاريّ: إثم اليَريسيين، بياء مفتوحة في قوله وبياءين بعد السين. واختلفوا في المراد بهم على أقوال: أصحها وأشهرها أنهم الأكارون، أي الفلاحون والزارعون. ومعناه إن عليك إثم رعاياك الذين يتبعونك وينقادون بانقيادك. ونبه بهؤلاء على جميع الرعايا لأنهم الأغلب، ولأنهم أسرع انقيادًا. فإذا أسلم أسلموا، وإذا امتنع امتنعوا. وهذا القول هو الصحيح.
الثاني: أنهم اليهود والنصارى، وهم أتباع عبد الله بن أريس الذي تنسب إليه الأروسية من النصارى، ولهم مقالة في كتب المقالات. ويقال لهم: الأروسيون.
الثالث: أنهم الملوك الذين يقودون الناس إلى المذاهب الفاسدة ويأمرونهم بها. اهـ.
[صحيح مسلم. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي (3/ 1396)].
(3)
سورة آل عمران: الآية 64.
علي والمؤيد بالله والهادوية وقاضي القضاة
(1)
وداود إلى أنه يجوز له مس المصحف
(2)
.
وقال القاسم وأكثر الفقهاء والإِمام يحيى: لا يجوز
(3)
، واستدلوا بما سلف، وقد سلف ما فيه.
26/ 263 - (وَعَنْ طَاوُسٍ [رضي الله عنه]
(4)
عَنْ رَجلٍ قَدْ أَدْرَكَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِنَّمَا الطَّوَافُ بِالبَيْتِ صَلاةٌ، فَإِذا طُفْتُمْ فأقِلُّوا الكَلامَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ
(5)
والنَّسائيُّ)
(6)
. [صحيح]
(1)
يُطلق هذا اللقب على نضر بن عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلاني، البغدادي، أبو صالح، وكان من فقهاء الحنابلة:(564 هـ - 633 هـ). أفاده الدكتور عبد الوهاب بن لطف الديلمي.
(2)
بوب البخاري في "صحيحه"(1/ 286) رقم الباب (36) لقراءَة المحدِث القرآن فقال: "باب قراءةِ القرآن بعد الحدث وغيره".
وأورد في هذا الباب حديث رقم (183) عن ابن عباس أنه باتَ ليلةً عندَ ميمونةَ زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالتُه - فاضطجعتُ في عَرضِ الوسادةِ، واضطجِعَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأهلُهُ في طُولِها، فنام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا انتصفَ الليل - أو قَبلهُ بقليلٍ أو بعده بقليل - استيقظ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فجلسَ يمسحُ النومَ عن وجههِ بيدِهِ، ثم قرأ العشر الآياتِ الخواتِم من سورة آل عمرانَ. ثم قام إلى شنٍّ معلقةٍ فتوضأ منها فأحسن وضوءَهُ، ثم قامَ يصلي
…
) الحديث. وأخرجه مسلم رقم (763).
قال الحافظ في "شرح الحديث"(1/ 288): "قال ابن بطال ومن تبعه: فيه دليل على رد من كره قراءة القرآن على غير طهارة، لأنه صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآيات بعد قيامه من النوم قبل أن يتوضأ
…
ثم رأيت في الحلبيات للسبكي الكبير - بعد أن ذكر اعتراض الإسماعيلي -: لعل البخاري احتج بفعل ابن عباس بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم
…
قلت: ويؤخذ من هذا الحديث توجيه ما قيدت الحديث به في ترجمة الباب، وأن المراد به الأصغر، إذ لو كان الأكبر لما اقتصر على الوضوء ثم صلى بل كان يغتسل" اهـ.
وانظر: "الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير" للقاضي الحسين بن أحمد السياغي (1/ 499 - 500).
(3)
انظر: "الروض النضير" للسياغي (1/ 500).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في "المسند"(3/ 414) و (4/ 64) و (5/ 377).
(6)
في "سننه"(5/ 222 رقم 2922).
وهو حديث صحيح.
الحديث أخرجه أيضًا الترمذي
(1)
والحاكم
(2)
والدارقطني
(3)
من حديث ابن عباس، وصحَّحه ابن السكن وابن خزيمة
(4)
وابن حبان
(5)
، وقال الترمذي
(6)
: روي مرفوعًا موقوفًا، ولا يعرف مرفوعًا إلا من حديث عطاء، ومداره على عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس، واختلف على عطاء في رفعه ووقفه، ورجح الموقوف النسائي والبيهقي وابن الصلاح والمنذري والنووي وزاد أن رواية الرفع ضعيفة".
قال الحافظ (7): وفي إطلاق ذلك نظر، فإن عطاء بن السائب صدوق، وإذا روي عنه الحديث مرفوعًا تارة وموقوفًا تارة، فالحكم عند هؤلاء الجماعة للرفع، والنووي ممن يعتمد ذلك، ويكثر منه، ولا يلتفت إلى تعليل الحديث به إذا كان الرافع ثقة. وقد أخرج الحديث الحاكم من رواية سفيان عن عطاء وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط بالاتفاق، ولكنه موقوف من طريقه. وقد أَطال الكلام في التلخيص
(7)
فليرجع إليه
(8)
.
والحديث يدل على أنه ينبغي أن يكون الطوافَ على طهارة كطهارة الصلاة، وفيه خلاف محله كتاب الحج.
* * *
(1)
في "سننه" رقم (960).
(2)
في "المستدرك"(1/ 459) و (2/ 266 - 267).
(3)
في "سننه"(1/ 459).
(4)
في "صحيحه" رقم (2739).
(5)
في "صحيحه" رقم (3836).
قلت: وأخرجه الدارمي (2/ 44) وابن الجارود رقم (461) وابن عدي في "الكامل"(5/ 2001) والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 85 و 87) والطبراني في "الكبير" رقم (10955).
(6)
ذكر الحافظ في "التلخيص"(1/ 129).
(7)
في "التلخيص"(1/ 129).
(8)
وقد أطال الكلام على الحديث المحدث الألباني في "الإرواء"(1/ 154 - 158 رقم 121)، فانظره فإنه مفيد.
[تاسعًا] أبواب ما يستحب [لأجله الوضوء]
(1)
[الباب الأول] باب استحباب الوضوء مما مسَّته النار والرخممة في تركه
1/ 264 - (عَنْ إبْراهِيمَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ قارِظ [رضي الله عنهما] (2) أنهُ وَجَدَ أبَا هُرَيْرَةَ [رضي الله عنه]
(2)
يَتَوضَّأ على المَسْجِدِ فقالَ: إنَّما أتَوضَّأ مِنْ أثْوارِ أقِطٍ أَكَلْتُها لِأنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "تَوضأوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ")
(3)
. [صحيح]
2/ 265 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله عنها] (2) عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "تَوضَّأوا مِما مَسَّتِ النَّارُ"
(4)
. [صحيح]
3/ 266 - (وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ [رضي الله عنه] (2) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلهُ رَوَاهُنَّ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ والنَّسائيُّ)
(5)
. [صحيح]
(1)
في (جـ): (الوضوء لأجله).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أخرجه أحمد في "المسند"(2/ 265، 271).
ومسلم في "صحيحه"(1/ 272 - 273 رقم (90/ 352).
والنسائي في "السنن"(1/ 106).
قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (2376) وأبو داود (1/ 134 رقم 194) والترمذي (1/ 114 - 115 رقم 79) وابن ماجه (1/ 163 رقم 485) وأبو نعيم في "الحلية"(5/ 362 - 363 رقم 324).
وهو حديث صحيح.
(4)
أخرجه أحمد في "المسند"(6/ 89).
ومسلم في "صحيحه"(1/ 273 رقم 90/ 353).
قلت: وأخرجه ابن ماجه (1/ 164 رقم 486).
وهو حديث صحيح.
(5)
أخرجه أحمد في "المسند"(5/ 184).
ومسلم (1/ 172 رقم 90/ 351).
والنسائي في "السنن"(1/ 107).
قلت: وأخرجه الدارمي (1/ 185). والطبراني في "الكبير"(5/ 127 رقم 4833)، وهو حديث صحيح.
قوله: (من أثوار أقط) الأثوار جمع ثور: وهي القِطعة من الأقِط، وهي المثلثة. والأقط: لَبَن جامد مُسْتَحْجِر
(1)
، وهو مما مسته النار.
قوله: (يتوضأ على المسجد)، استدل به على جواز الوضوء في المسجد.
نقل ابن المنذر
(2)
إجماع العلماء على جوازه ما لم يؤذ به أحدًا.
والأحاديث تدل على وجوب الوضوء مما مسته النار.
وقد اختلف الناس في ذلك فذهب جماعة من الصحابة منهم الخلفاء الأربعة
(3)
،
(1)
النهاية لابن الأثير (1/ 228).
(2)
ذكره النووي في "شرح مسلم"(4/ 44).
(3)
• أخرج أبو يعلى في "المسند"(1/ 32 - 33 رقم 24) والبزار رقم (292 - كشف) عن أبي بكر الصديق: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَسَ كَتِفًا، ثم صلى ولم يتوضأ"، إسناده ضعيف.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 251) وقال: "رواه أبو يعلى والبزار، وفيه حسام بن مصك، وقد أجمعوا على ضعفه".
قلت: إسناده ضعيف ولكن المتن صحيح، فقد أخرج البخاري رقم (207) ومسلم رقم (354) وأبو داود رقم (187) والنسائي (1/ 108) ومالك في "الموطأ"(1/ 25). عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ".
• وأخرج الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 67 - 68) من طرق كثيرة، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 157) عن جابر بن عبد الله، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه:"أنّه أكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمًا فصلّى ولم يتوضأ". وفي بعض طرقه زيادة عمر أيضًا.
• أخرج أحمد (1/ 62) والبزار (1/ 152 رقم 294).
عن عثمان: "أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل خبزًا ولحمًا ثم صلى ولم يتوضأ"، قال البزار: علته إسحاق بن عبد الله. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 251) ورجال أحمد ثقات".
• أخرج أبو يعلى في "المسند"(1/ 394 رقم 252/ 512) بسند حسن، عن علي بن أبي طالب قال:"كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يأكل الثَّريدَ، ويشربُ اللبنَ، ويصلي ولا يتوضَّأ".
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 251) وقال: "رواه أبو يعلى، وفيه عبد الأعلى بن عامر، ضعفه أحمد، وأبو حاتم، وقال ابن عدي: حدث عنه الثقات. وبقية رجاله رجال الصحيح" اهـ.
وعبد الله بن مسعود
(1)
، وأبو الدرداء
(2)
، وابن عباس
(3)
، وعبد الله بن عمر
(4)
، وأَنس بن مالك
(5)
، وجابر بن سمرة، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وأبو هريرة، وأُبي بن كعب. وأبو طلحة
(6)
، وعامر بن ربيعة
(7)
، وأبو أمامة
(8)
، والمغيرة بن شعبة
(9)
، وجابر بن عبد الله
(10)
، وعائشة
(11)
، وجماهير التابعين،
(1)
أخرج أحمد (1/ 400).
عن عبد الله بن مسعود: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل اللحم ثم يقوم إلى الصلاة، ولا يمس ماء". وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 251) وقال: "رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله موثقون".
(2)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 222 ث 122).
عن حسان بن عطية، أن أبا الدرداء كان لا يتوضأ مما غيرت النار".
(3)
تقدم تخريج حديث ابن عباس قريبًا وهو في الصحيحين.
(4)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (1/ 222 ث 121).
عن الربيع بن قريع قال: سمعت ابن عمر يقول: ما أبالي أن آكل لحمًا وخلًّا، وأصلي ولا أتوضأ".
(5)
أخرج أحمد في "المسند"(3/ 129) والدولابي في "الكنى"(1/ 131) عن أنس بن مالك قال: كنت أنا وأبي وأبو طلحة جلوسًا، فأكلنا لحمًا وخبزًا، ثم دعوت بوضوء فقالا: لم تتوضأ؟! فقلت: لهذا الطعام الذي أكلنا، ففالا: أتتوضأ من الطيبات؟! لم يتوضأ منه من هو خير منك.
وأورد الهيثمي الحديث في "مجمع الزوائد"(1/ 251) وقال: "رواه أحمد ورجاله ثقات" إلا أنه قال: كنت أنا وأمي بدل أبي. ولعلها تصحيف.
(6)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 220). وانظر التعليقة السابقة.
(7)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 222 ث 118): عن يحيى أنه سأل عبد الله بن عامر بن ربيعة عن الرجل يتوضأ ثم يصيب من الطعام وقد مسته النار، هل يتوضأ؟ فقال قد رأيت أبي يفعل ذلك ثم يصلي ولا يتوضأ، وكان أبوه من أصحاب بدر.
(8)
أخرج الطبراني في "الكبير"(8/ 140 - 141 رقم 7548) عن أبي أمامة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ مما مست النار".
وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 252) وقال: وفيه محمد بن سعيد المصلوب (أبو قيس) وهو كذاب.
(9)
أخرجه أبو داود (1/ 131 رقم 188)، وهو حديث صحيح.
(10)
أخرجه أحمد (3/ 375) وأبو داود (1/ 133 رقم 191) والترمذي (1/ 116 - 117 رقم 80) والنسائي (1/ 180) وابن ماجه (1/ 164 رقم 489) وابن الجارود رقم (24)، وهو حديث صحيح.
(11)
تقدم تخريج حديثها رقم (2/ 265) من كتابنا هذا.
وهو مذهب مالك
(1)
، وأبي حنيفة
(2)
والشافعي
(3)
وابن المبارك، وأحمد
(4)
، وإسحاق بن راهويه
(5)
، ويحيى بن يحيى، وأبي ثور
(6)
، وأبي خيثمة، وسفيان الثوري
(7)
، وأهل الحجاز، وأهل الكوفة، إلى أنه لا ينتقض الوضوء بأكل ما مسته [النار]
(8)
.
وذهبت طائفة إلى وجوب الوضوء الشرعي مما مسته النار، وقد ذكرناهم في باب الوضوء من لحوم الإِبل
(9)
.
استدل الأولون بالأحاديث التي سيأتي ذكرها في هذا الباب
(10)
.
واستدل الآخرون بالأحاديث التي فيها الأمر بالوضوء مما مسته النار، وقد ذكر المصنف بعضها ههنا
(11)
. وأجاب الأولون عن ذلك بجوابين: الأول: أنه منسوخ بحديث جابر الآتي. الثاني
(12)
: أَن المراد بالوضوء غسل الفم والكفين.
قال النووي
(13)
: ثم إن هذا الخلاف الذي حكيناه كان في الصدر الأول ثم
(1)
قال الباجي في "المنتقى"(1/ 65): "قول مالك بن أنس فيمن تبعه من أهل المدينة على ترك الوضوء مما مست النار جميع الفقهاء في زماننا، وقد وقع الإجماع على تركه" اهـ.
(2)
انظر: "الفقه الإسلامي وأدلته"(1/ 435).
(3)
انظر: "المجموع"(2/ 66 - 69).
(4)
انظر: مسائل أحمد لأبي داود ص 5، ومسائل أحمد لأبي هاني (1/ 9) ومسائل أحمد لعبد الله ص 19.
(5)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 223).
(6)
انظر: الاستذكار لابن عبد البر (2/ 150).
(7)
ذكره الترمذي في "السنن"(1/ 119).
(8)
قال أبو الأشبال في شرحه للترمذي (1/ 120): "
…
والذي نرجحه ونذهب إليه عدم الوجوب - إلَّا في لحوم الإبل - وأن أحاديث الرخصة ناسخة للأمر السابق لها بإيجاب الوضوء منه
…
" اهـ.
وما بين الحاصرتين زيادة ص (أ) و (ب).
(9)
الباب السادس عند شرح الحديث رقم (20/ 257) من كتابنا هذا.
(10)
رقم الحديث (4/ 267) و (5/ 268) و (6/ 269) و (7/ 270) من كتابنا هذا.
قلت: بالإضافة لما تقدم من الأحاديث الأخرى.
(11)
رقم (1/ 264) و (2/ 265) و (3/ 266) من كتابنا هذا.
(12)
رقم (7/ 270) من كتابنا هذا.
(13)
انظر: "المجموع"(2/ 66 - 69).
أجمع العلماء بعد ذلك أَنه لا يجب الوضوء من أكل ما مسته النار، ولا يخفاك أن الجواب الأول إنما يتم بعد تسليم أَن فعله صلى الله عليه وسلم يعارض القول الخاص بنا وينسخه، والمتقرر في الأصول خلافه وقد نبهناك على ذلك في باب الوضوء من لحوم الإِبل.
وأما الجواب الثاني فقد تقرر أن الحقائق الشرعية مقدّمة على غيرها، وحقيقة الوضوء الشرعية: هي غسل جميع الأعضاء التي تغسل للوضوء فلا يخالف هذه الحقيقة إلا لدليل. وأما دعوى الإِجماع فهي من الدعاوى التي لا يهابها طالب الحق ولا تحول بينه وبين مراده منه نعم، الأحاديث الواردة في ترك التوضؤ من لحوم الغنم مخصصة لعموم الأمر بالوضوء مما مست النار وما عدا لحوم الغنم داخل تحت ذلك العموم.
4/ 267 - (وعَنْ مَيْمُونَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(1)
قالتْ: أَكَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، ثمَّ قامَ فصَلى ولَمْ يَتَوضَّأْ)
(2)
. [صحيح]
5/ 268 - (وعَنْ عَمْرِو بْنِ أمَيَّةَ الضَّمرِي [رضي الله تعالى عنه] (1) قالَ: رأيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَحْتَزُّ مِنْ كَتِف شَاةٍ، فأكَل مِنها فَدُعيَ إلى الصلَاة، فقامَ وطَرَحَ السّكِّينَ وصَلَّى وَلمْ يَتَوضَّأْ. مُتَّفَقٌ عَليهِما)
(3)
. [صحيح]
قوله: (يجتزُّ من كتِف شاة)، قال النووي
(4)
: فيه جوازُ قطع اللحم بالسكين، وذلك قد تدعو الحاجةُ إليه لصلابة اللحم أو كِبر القِطعة. قالوا: ويُكره من غير حاجة.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه أحمد (6/ 331) والبخاري (1/ 312 رقم 210) ومسلم (1/ 274 رقم 93/ 356).
(3)
أخرجه أحمد (4/ 139) والبخاري (1/ 311 رقم 208) ومسلم (1/ 273 رقم 92/ 355).
قلت: وأخرجه أبو داود الطيالسي (ص 177 رقم 1255) والدارمي (1/ 185) وابن ماجه (1/ 165 رقم 490) وابن الجارود رقم (23) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 66) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 153).
(4)
في "شرح مسلم"(4/ 45).
قوله: (فدُعِيَ إلى الصلاة)، في هذا دليل على استحباب استدعاء الأئمة إلى الصلاة إذا حضر وقتها.
والحديث يدل على عدم وجوب الوضوء مما مسته النار
(1)
، وقد عرفت الخلاف والكلام فيه فلا نعيده.
6/ 269 - (وَعَنْ جَابِرٍ [رضي الله عنه]
(2)
قالَ: أَكَلْتُ مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَ أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ خُبْزًا ولحمًا فَصَلُّوْا وَلمْ يَتَوضأوا. رَوَاهُ أحْمَدُ)
(3)
. [صحيح]
7/ 270 - (وَعَنْ جابِرٍ [رضي الله عنه] (2) قالَ: كانَ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم تَرْكُ الوُضُوءِ مِمّا مَسَّتْهُ النَارُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ
(4)
وَالنَّسَائِيُّ)
(5)
. [صحيح]
[الحديثُ الأول أخرجه ابن أبي شيبة
(6)
والضياء في المختارة.
و]
(7)
الحديث الآخر أخرجه أيضًا ابن خزيمة
(8)
وابن حبان
(9)
، وقال أبو داود
(10)
: هذا اختصار من حديث: "قربت للنبي صلى الله عليه وسلم خُبزًا ولحمًا فأكله ثم دعا
(1)
وهو الراجح والله أعلم كما تقدم.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
في "المسند"(3/ 304) بسند ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان. ولكن تابعه سفيان بن عيينة عند أحمد أيضًا (3/ 307)، فهو صحيح.
قلت: وأخرجه أحمد (3/ 322) مطولًا. وأبو داود (1/ 133 رقم 191) من طريق ابن جريج، عن محمد بن المنكدر عن جابر، به.
وأخرجه أحمد (3/ 381) من طريق سفيان، عن ابن عقيل، عن جابر، به.
وأخرجه أيضًا أحمد (3/ 307) من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل، وابن المنكدر عن جابر، به.
وأخرجه ابن ماجه (1/ 164 رقم 489) من طريق سفيان، عن ابن المنكدر، وعمرو بن دينار وعبد الله بن محمد بن عقيل فذكروه عن جابر.
(4)
في "سننه"(1/ 133 رقم 192) وقال أبو داود: هذا اختصار من الحديث الأول.
(5)
في "سننه"(1/ 108 رقم 185).
وهو حديث صحيح.
(6)
في "المصنف"(1/ 49).
(7)
زيادة من (أ) و (ب).
(8)
في "صحيحه"(1/ 28 رقم 43).
(9)
في "صحيحه"(3/ 416 - 417 رقم 1134).
(10)
في "سننه"(1/ 133).
بالوضوء فتوضأ قبل الظهر ثم دعا بفضل طعامه فأكل ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ"
(1)
.
وقال ابن أبي حاتم في العلل
(2)
عن أبيه نحوه وزاد: ويمكن أن يكون شُعيب بن أبي حمزة حدث به من حفظه فوهم فيه، وقال ابن حبان
(3)
نحوًا مما قاله أَبو داود، وله علة أخرى، قال الشافعي في سنن حرملة
(4)
: لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر، إنما سمعه من عبد الله بن محمد بن عقيل، وقال البخاري في الأوسط
(5)
: حدثنا علي بن المديني قال: قلت لسفيان: إن أبا علقمة الفروي روى عن ابن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أكل لحمًا ولم يتوضأ" فقال: أحسبني سمعت ابن المنكدر قال: أَخبرني من سمع جابرًا. قال الحافظ
(6)
: [ويشهد]
(7)
لأصل الحديث ما أَخرجه البخاري في الصحيح
(8)
عن سعيد بن الحارث قلت لجابر: الوضوء مما مست النار؟ قال: لا، وللحديث شاهد من حديث محمد بن مسلمة، أَخرجه الطبراني في الأوسط
(9)
ولفظه: "أكل آخر أمره لحمًا ثم صلى ولم يتوضأ"، وقال النووي في شرح مسلم
(10)
: حديث جابر حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وغيرهما من أهل السنن بأسانيدهم الصحيحة.
(1)
وهو الحديث رقم (191) من سنن أبي داود. وقد تقدم تخريجه آنفًا.
قلت: لقد أورد ابن حزم في "المحلى"(2/ 243) هذين الحديثين، ومقولة أبي داود، ثم قال:"القطع بأن ذلك الحديث مختصر من هذا، قولٌ بالظن، والظن أكذب الحديث، بل هما حديثان كما وردا" اهـ.
ويعضد ما قاله ابن حزم ما أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (5457) من حديث جابر: سُئل عن الوضوء مما مست النار؟ فقال: لا، قد كنا زمان النبي صلى الله عليه وسلم لا نجد مثل ذلك من الطعام إلا قليلًا، فإذا نحن وجدناه لم يكن لنا مناديل إلَّا أكفنا وسواعدنا وأقدامنا، ثم نصلي ولا نتوضأ".
(2)
(1/ 64 رقم 168) و (1/ 66/ 174).
(3)
في "صحيحه"(3/ 417).
(4)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 116).
(5)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 116).
(6)
في "التلخيص"(1/ 116).
(7)
في "التلخيص"(1/ 116): (ويشيد).
(8)
رقم الحديث (5457).
(9)
بل في "المعجم الكبير"(19/ 234 رقم 521) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 252) وقال: "رواه الطبراني في "الكبير" وفيه يونس بن أبي خالد ولم أر من ذكره" اهـ.
(10)
(4/ 43).
والحديث يدل على عدم وجوب الوضوء مما مسته النار، وقد تقدم الكلام على ذلك.
قال المصنف
(1)
رحمه الله [تعالى]
(2)
: وهذه النصوص إنما تنفي الإِيجاب لا الاستحباب، ولهذا قال للذي سأله:"أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ"
(3)
. ولولا أن الوضوء من ذلك مستحب لما أذن فيه لأنه إسراف وتضييع للماء بغير فائدة، انتهى.
[الباب الثاني] باب فضل الوضوء لكل صلاة
8/ 271 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ [رضي الله عنه] (2) عَنْ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لوْلا أَنْ أشُقّ على أُمَّتي لأمَرْتُهُمْ عِندَ كُلِّ صلاةٍ بِوضُوءٍ، ومَعَ كُلِّ وُضُوءِ بِسِواكِ". رَوَاهُ أحمَدُ بإِسْنادٍ صَحِيحٍ)
(4)
. [صحيح]
الحديث أخرج نحوه النسائي
(5)
وابن خزيمة
(6)
، والبخاري تعليقًا
(7)
من حديثه.
وروى نحوه ابن حبان في صحيحه
(8)
من حديث عائشة، وهو يدل على عدم وجوب الوضوء عند القيام إلى الصلاة، وهو مذهب الأكثر، بل حكى النووي
(9)
عن القاضي عياض أنه أجمع عليه أَهل الفتوى، ولم يبق بينهم خلاف، وقد قدمنا الكلام على ذلك في باب: إيجاب الوضوء للصلاة والطواف ومس المصحف
(10)
.
(1)
أي ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 128).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
وهو حديث صحيح تقدم تخريجه رقم (19/ 256) من كتابنا هذا.
(4)
في "المسند"(2/ 259).
(5)
في "سننه"(1/ 12 رقم 7).
(6)
في "صحيحه" رقم (140).
(7)
(4/ 158 رقم الباب 27).
وهو حديث صحيح.
(8)
في "صحيحه"(3/ 352 رقم 1069) بسند حسن.
(9)
في "شرحه لصحيح مسلم"(3/ 103).
(10)
الباب الثامن عند الحديث رقم (24/ 261) من كتابنا هذا.
9/ 272 - (وعَنْ أنَسٍ [رضي الله عنه]
(1)
قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتوضَّأ عِندَ كُلِّ صَلاةٍ، قيلَ لهُ فأنْتُمْ كَيْفَ تَصْنَعُونَ؟ قالَ: كُنا نُصَلي الصَّلَواتِ بوُضُوءٍ واحِدٍ ما لَمْ نُحْدِثْ. رَوَاهُ الجمَاعَةُ إِلا مُسْلِمًا)
(2)
. [صحيح]
قوله: (عند كل صلاة)، قال الحافظ
(3)
: "أي مفروضة، زاد الترمذي
(4)
من طريق حُمَيْد عن أنس: "طَاهِرًا أو غيرَ طاهِرٍ"، وظاهره أن تلك كانت عادته.
قال الطحاوي
(5)
: يحتمل أن ذلك كان واجبًا عليه خاصة ثم نسخ يوم الفتح بحديث بريدة يعني الذي أخرجه مسلم
(6)
: "أنه صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد". قال: ويحتمل أنه كان يفعله استحبابًا، ثم خشي أَن يظن وجوبه فتركه لبيان الجواز.
قال الحافظ
(7)
: وهذا أقرب، وعلى تقدير الأول فالنسخ كان قبل الفتح بدليل حديث سويد بن النعمان، فإنه كان في خيبر، وهي قبل الفتح بزمان.
قوله: (كيف كنتم تصنعون) القائل عمرو بن عامر، والمراد الصحابة.
ولابن ماجه
(8)
: "وكُنَّا نصَلِّي الصلواتِ كُلَّها بوضُوءٍ واحدٍ".
والحديث يدل على استحباب الوضوء لكل صلاة وعدم وجوبه.
10/ 273 - (وَعَنْ عَبدِ الله بْنِ حَنْظَلَةَ [رضي الله عنه] (1) أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ أُمِرَ بِالوضُوء لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا كانَ أوْ غَيرَ طَاهِرٍ، فلمَا شَقَّ ذلِكَ عَليهِ أُمرَ بِالسِّوَاكِ عِندَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَوُضِعَ عَنهُ الوُضُوءُ إلَّا مِنْ حَدَثٍ، وكانَ عَبدُ الله بْنُ عُمَرَ يَرَى أن بِهِ قوَّةً على ذلِكَ، كانَ يَفْعَلُهُ حَتى مات. رَوَاهُ أحْمَدُ
(9)
وأبُو دَاوُدَ)
(10)
. [حسن]
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أحمد (3/ 265) والبخاري رقم (214) وأبو داود رقم (171) والترمذي رقم (60) والنسائي في (1/ 85) وابن ماجه رقم (509).
وهو حديث صحيح.
(3)
في "الفتح"(1/ 316).
(4)
في "سننه"(1/ 86 رقم 58).
(5)
انظر: "شرح معاني الآثار"(1/ 42).
(6)
في "صحيحه"(1/ 232 رقم 86/ 277).
(7)
في "الفتح"(1/ 316).
(8)
في "سننه"(1/ 170 رقم 509)، وهو حديث صحيح.
(9)
في "المسند"(5/ 225).
(10)
في "السنن"(1/ 41 رقم 48). =
11/ 274 - (وَرَوى أَبُو دَاوُدَ
(1)
والتِّرْمِذِيُّ
(2)
بإِسنْادٍ ضَعيفٍ عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ تَوضَّأ على طُهْرٍ كَتَبَ الله لهُ بِهِ عَشْرَ حَسناتٍ". [ضعيف]
أما الرواية الأولى عن عبد الله بن حنظلة، ففي إسنادها محمد بن إسحاق، [وقد عنعن]
(3)
، وفي الاحتجاج به خلاف
(4)
.
وأما الرواية الثانية عن ابن عمر ففي إسنادها الأفريقي
(5)
عن أبي غطيف
(6)
، ولهذا قال المصنف
(7)
: بإسناد ضعيف، وهكذا قال الترمذي في سننه.
والحديث الأول فيه دليل على عدم وجوب الوضوء لكل صلاة، وعلى
= قلت: وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"(1/ 11 رقم 15) و (1/ 71 - 72 رقم 138).
والحاكم في "المستدرك"(1/ 156).
قال الألباني في "تعليقه" على ابن خزيمة رقم الحديث (138): "قد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد والحاكم.
فالسند حسن، ولذلك خرجته في صحيح أبي داود" اهـ.
وخلاصة القول أن الحديث حسن، والله أعلم.
(1)
في "سننه"(1/ 50 رقم 62).
(2)
في "سننه"(1/ 87 رقم 59).
قلت: وأخرجه ابن ماجه مع ذكر القصة (1/ 170 - 171 رقم 512).
قال الترمذي: وهو إسنادٌ ضعيف.
وقال أبو الأشبال: "لانفراد أبي غطيف به، وهو مجهول الحال، لم أجد فيه جرحًا ولا تعديلًا، إلا قول البخاري في حديث هذا: "لم يتابع عليه" والحديث رواه أبو داود وابن ماجه من طريق الإفريقي" اهـ.
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 203 رقم 212/ 512): "هذا إسناد فيه عبد الرحمن بن زياد وهو ضعيف ومع ضعفه كان يدلس. رواه أبو داود الترمذي من هذا الوجه فلم يذكر القصة واقتصر على المرفوع منه، وقال الترمذي: إسناده ضعيف" اهـ.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(3)
زيادة من (أ) و (ب).
(4)
قلت: قد صرح ابن إسحاق بتحديث عند أحمد والحاكم كما تقدم أعلاه.
(5)
هو عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي قاضيها. ضعيف في خفظه
…
(التقريب) رقم (3862).
(6)
أبو غُطَيْف الهذلي: مجهول. وقيل: هو غطيف، أو غضيف. ليس له في الكتب الستة إلَّا، هذا الحديث. (التقريب: رقم 8303).
(7)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 130).
استحبابه لكل صلاة مع الطهارة، وقد تقدم الكلام عليه.
قوله: (عشر حسنات)، قال ابن رسلان: يشبه أن يكون المراد كتب الله له به عشر وضوءات، فإن أقل ما وعد به من الأضعاف الحسنة بعشر أمثالها، وقد وعد بالواحدة سبعمائة، ووعد ثوابًا بغير حساب.
[الباب الثالث] باب استحباب الطهارة لذكر الله عز وجل والرخصة في تركه
12/ 275 - (عَنِ المُهاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ [رضي الله عنه]
(1)
أنهُ سَلَّمَ على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُو يَتَوضَّأُ فَلَمْ يَرُدَّ عَليهِ حَتى فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ فَرَدَّ عليهِ، وَقالَ:"إنهُ لَمْ يَمْنَعني أنْ أرُدَّ عَلَيْكَ إلَّا أنّي كلرِهْتُ أنْ أذْكُرَ الله إلَّا على طَهارَةٍ". رَوَاهُ أحمدُ
(2)
وابْنُ ماجَهْ بِنَحْوِهِ)
(3)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا أبو داود
(4)
والنسائي
(5)
، وهو يدل على كراهة الذكر للمحدث حدثًا أصغر
(6)
،
…
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في "المسند"(5/ 80).
(3)
في "سننه"(1/ 126 رقم 350).
(4)
في "سننه"(1/ 234 رقم 330).
(5)
في "سننه"(1/ 37) رقم (38).
قلت: وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"(1/ 103 رقم 206) والحاكم (1/ 167) والبيهقي (1/ 90) والدارمي (2/ 278).
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
كذا قال: فإن الحضين بن المنذر من رجال مسلم. وعبد الأعلى - وهو ابن عبد الأعلى البصري السامي - قد سمع من سعيد قبل اختلاطه، والحسن البصري إنما تضر عنعنته ويعل الحديث بها إذا روي عن الصحابة، أما عن التابعين، فلا تضر عنعنته - وقد أفاده المحدث الألباني في الصحيحة عند الحديث رقم (834) -.
قلت: سعيد بن أبي عروبة تابعي فلا تضر عنعنة الحسن البصري. وخلاصة القول أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(6)
قال الألباني في "الصحيحة"(2/ 489):
"فائدة": لما كان "السلام" اسمًا من أسماء الله تعالى - كما في الحديث رقم (1894) =
[ولفظ أبي داود وهو يبول]
(1)
، ويُعارضه ما سيأتي من حديث علي
(2)
وعائشة
(3)
، [رضي الله عنهما]
(4)
فإن في حديث علي لا يَحْجُزُه من القرآنِ شيءٌ ليسَ الجنابةَ، فإذا كان الحدَثُ الأصغرُ لا يمنعُهُ عن قراءة القرآن وهو أفضلُ الذكرِ كان جوازُ ما عداهُ من الأذكارِ بطريق الأَولى، وكذلك حديثُ عائشة، فإنَّ قولها:"كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يذكُرُ اللَّهَ على كلِّ أحيانِهِ"، مُشْعِرٌ بوقوعِ الذكرِ منه حالَ الحدث الأصغر لأنه من جملة الأحيان المذكورة، فيمكن الجمع بأن هذا الحديث خاصٌ فيخصُّ به ذلكَ العمومُ، ويمكنُ حمل الكراهةِ على كراهة التنزيه، ومثلُه الحديثُ الذي بعدَهُ، ويمكنُ أن يقال: "إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إنما ترك الجوابَ لأنه لم يخش فوتَ من سلَّمَ عليه فيكونُ دليلًا على جواز التراخي مع عدم خشيةِ الفوتِ لمن كان مشتغلًا بالوضوءِ، ولكنَّ التعليلَ بكراهته لذكرِ الله في تلك الحالِ يدلُّ على أَن الحدَثَ سبب الكراهةِ من غيرِ نظرٍ إلى غيرِه.
13/ 276 - (وَعَنْ أبِي جُهَيْمٍ بن الحَارِثِ [رضي الله عنه] (4) قالَ: أقْبَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ علَيهِ فَلَمْ يَرُدَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حَتى أَقْبَلَ على الجدَار فمَسَحَ بِوَجهِهِ وَيدَيْهِ، ثمَّ رَدَّ عليه السلام. مُتَّفَق عَليَهِ
(5)
. [صحيح]
وَمِنَ الرُّخصَةِ في ذلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ الله بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيّ (1). [ضعيف]
وحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ
(6)
قالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتي مَيْمُونةَ. [صحيح]. وَسَنَذْكُرُهُما).
قوله: (بئر جَمَل)
(7)
بجيم وميم مفتوحتين، وفي رواية النسائي
(8)
:
= "السلام اسم من أسماء اللَّهِ وضعه في الأرض، فأفشوه بينكم
…
" - كره النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكره إلا على طهارة، فدل ذلك على أن تلاوة القرآن بغير طهارة مكروه من باب أولى، فلا ينبغي إطلاق القول بجواز قراءته للمحدث؛ كما يفعل بعض إخواننا من أهل الحديث" اهـ.
(1)
زيادة من (أ) و (ب).
(2)
وهو حديث ضعيف سيأتي تخريجه رقم (13/ 298) من كتابنا هذا.
(3)
وهو حديث صحيح سيأتي تخريجه رقم (14/ 277) من كتابنا هذا.
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
أخرجه أحمد (4/ 169) والبخاري رقم (337) ومسلم رقم (369) معلقًا.
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (329) والنسائي (1/ 165).
(6)
أخرجه البخاري رقم (183) ومسلم رقم (763).
(7)
موضع معروف بذلك في المدينة.
(8)
في "سننه"(1/ 165 رقم 311).
"بئر الجمل" بالألف واللام، وهو موضع بقرب المدينة.
قوله: (حتى أقبل على الجدار فمسحَ بوجهه)، هو محمول على أنه صلى الله عليه وسلم كان عادمًا للماء حال التيمم، فإن التيمم مع وجود الماء لا يجوز للقادرين على استعماله.
قال النووي
(1)
: ولا فرق بين أن يضيق وقت الصلاة وبين أن يتَّسع. ولا فرق أيضًا بين صلاة الجنازة والعيد إذا خاف فوتهما، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور.
وقال أبو حنيفة: يجوز أن يتيمم مع وجود الماء لصلاة الجنازة والعيد إذا خاف فوتهما، انتهى.
وهو أيضًا مذهب الهادوية.
وفي الحديث دلالة على جواز التيمم من الجدار إذا كان عليه غبار.
قال النووي (1): وهو جائز عندنا، وعند الجمهور من السلف والخلف.
واحتج به من جوز التيمم بغير تراب. وأجيب بأنه محمول على جدار عليه تراب.
وفيه دليل على جواز التيمم للنوافل والفضائل، كسجود التلاوة والشكر ومس المصحف ونحوها، كما يجوز للفرائض، وهذا مذهب العلماء كافة، قاله النووي (1).
وفي الحديث: إن المسلم في حال قضاء الحاجة لا يستحق جوابًا وهذا متفق عليه
(2)
. قال النووي
(3)
: ويكره للقاعد على قضاء الحاجة أن يذكر الله بشيء من الأذكار. قالوا: فلا يسبِّح ولا يهلِّل، ولا يرد السلام، ولا يشمِّت العاطس، ولا يحمد الله إذا عطس، ولا يقول مثل ما يقول المؤذن
(4)
.
وكذلك لا يأتي بشيء من هذه الأذكار في حال الجماع، وإذا عطس في هذه الأحوال يحمد الله تعالى في نفسه، ولا يحرك به لسانه، وهذا الذي ذكرناه من كراهة الذكر، هو كراهة تنزيه لا تحريم، فلا إثم على فاعله. وإلى هذا ذهبت
(1)
في "شرحه لصحيح النووي"(4/ 64).
(2)
قاله النووي في شرحه لصحيح مسلم، (4/ 65).
(3)
في "شرحه لصحيح مسلم"(4/ 65).
(4)
انظر: "الأم"(1/ 203 - 205).
الشافعية والأكثرون، وحكاه ابن المنذر عن ابن عباس وعطاء ومعبد الجهني وعكرمة، وقال إبراهيم النخعي وابن سيرين: لا بأس بالذكر حال قضاء الحاجة، ولا خلاف أن الضرورة إذا دعت إلى الكلام كما إذا رأى ضريرًا يقع في بئر أو رأى حية تدنو من أعمى كان جائزًا. وقد تقدم طرف من هذا الحديث، وطرف من شرحه في باب: كف المتخلي عن الكلام
(1)
.
قوله: (ومن الرخصة في ذلك حديث عبد الله بن سلمة عن علي)[رضي الله تعالى عنه]
(2)
، سيذكره المصنف في باب تحريم القرآن على الحائض والجنب
(3)
.
وفيه: "أنه كان لا يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة"، فأشعر بجواز قراءة القرآن في جميع الحالات إلا في حالة الجنابة والقرآن أشرف الذكر، فجواز غيره بالأولى. ومن جملة الحالات حالة الحدث الأصغر.
قوله: (وحديث ابن عباس
(4)
: بتُّ عند خالتي ميمونة)، محل الدلالة منه قوله: ثم قرأ العشر الآيات أولها {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
…
}
(5)
إلى آخر السورة.
"قال ابن بطال ومن تبعه
(6)
: فيه دليل على رد قول من كره قراءة القرآن على غير طهارة، لأنه صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآيات بعد قيامه من النوم قبل أن يتوضأ، وتعقبه ابن المنيِّر وغيره، بأن ذلك مفرع على أن النوم في حقه ينقض، وليس كذلك لأنه قال:"تنام عيناي ولا ينام قلبي"
(7)
. وأما كونه توضأ عقب ذلك، فلعله جدد الوضوء أو أَحدث بعد ذلك فتوضأ. قال الحافظ
(8)
: وهو تعقب جيد بالنسبة إلى قول ابن بطال بعد قيامه من النوم، لأنه لم يتعين كونه أحدث في النوم، لكن لما عقب ذلك بالوضوء كان ظاهرًا في كونه أحدث، ولا يلزم من
(1)
الباب الثالث عند الحديث رقم (5/ 79 و 6/ 80) من كتابنا هذا.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
الباب السادس عند الحديث رقم (13/ 298) من كتابنا هذا، وهو حديث ضعيف.
(4)
وهو حديث صحيح. تقدم تخريجه عند الحديث (13/ 276) من كتابنا هذا.
(5)
سورة آل عمران: الآية 190.
(6)
ذكره ابن حجر في "الفتح"(1/ 288).
(7)
أخرجه أحمد في "المسند"(2/ 251، 438) وابن حبان في "صحيحه"(14/ 297 - 298 رقم 6386) بإسناد حسن.
(8)
في "الفتح"(1/ 288).
كون نومه لا ينقض وضوءه أن لا يقع منه حدث وهو نائم نعم خصوصيته أنه إن وقع شعر به بخلاف غيره، وما ادّعوه من التجديد وغيره. الأصل عدمه، وقد سبق الإِسماعيلي إلى معنى ما ذكره ابن المنير".
14/ 277 - (وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: كانَ [رَسُولُ الله]
(1)
صلى الله عليه وسلم يَذْكرُ الله على كُلِّ أحيْانِه. رَواهُ الخَمْسَةُ إلَّا النَّسائيَّ وَذَكَرَهُ البُخارِيُّ بِغيرِ إسْنادٍ)
(2)
. [صحيح]
[الحديث أخرجه مسلم]
(3)
[أيضًا]
(4)
[وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب]
(5)
.
قال النووي في شرح مسلم
(6)
: "هذا الحديث أصل في ذكر الله بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد، وشبهها من الأذكار. وهذا جائز بإجماع المسلمين وإنما اختلف العلماء في جواز قراءة القرآن للجنب والحائض، وسيأتي الكلام على ذلك في باب: تحريم القراءة على الحائض والجنب
(7)
. واعلم أنه يكره الذكر في [حالة]
(8)
الجلوس على البول والغائط، وفي حالة الجماع. وقد ذكرنا ذلك في الحديث الذي قبل هذا، فيكون الحديث مخصوصًا بما سوى هذه الأحوال، ويكون المقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله تعالى متطهرًا ومحدثًا وجنبًا وقائمًا وقاعدًا ومضطجعًا وماشيًا، قاله النووي
(9)
.
(1)
في المخطوط "النبي".
(2)
أخرجه أحمد (6/ 70) والبخاري تعليقًا (2/ 114 رقم الباب 19).
ومسلم (1/ 282 رقم 373). وأبو داود (1/ 24 رقم 18). والترمذي: (5/ 463 رقم 3384) وابن ماجه (1/ 110 رقم 302). كلهم إلا البخاري من طريق زكريا بن أبي زائدة به.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن زكريا بن أبي زائدة. والبهيُّ اسمه عبد الله".
وهو حديث صحيح.
(3)
في "صحيحه" رقم (373) وقد تقدم، وما بين الحاصرتين زيادة من (أ) و (ب).
(4)
زيادة من (أ).
(5)
زيادة من (ب).
(6)
(4/ 68).
(7)
الباب السادس عند الحديث رقم (13/ 298 - 15/ 300) من كتابنا هذا.
(8)
في (ب): (حال).
(9)
في "شرحه لصحيح مسلم"(4/ 68).
[الباب الرابع] باب استحباب الوضوء لمن أراد النوم
15/ 278 - (عَنِ البَرَاء بْنِ عَازِبٍ [رضي الله عنه]
(1)
قالَ: قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثمَّ اضْطَجعْ على شِقكَ الأيْمَنِ، ثمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أسلمْتُ نَفْسي إليْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهي إلَيكَ، وَفوَّضْتُ أمْرِي إلَيكَ، وَأَلجَأْتُ ظَهْرِي إلَيكَ، رَغْبةً ورَهْبةً إلَيكَ، لَا مَلْجَأ وَلَا مَنْجى مِنْكَ إلَّا إلَيكَ، اللَّهُمَّ آمَنتُ بِكِتابِكَ الذِي أَنْزَلْتَ، وَنَبيكَ الذِي أَرْسَلْتَ، فإِنْ مِتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فأنت على الفطرةِ، وَاجْعَلهُنَّ آخِرَ ما تَتَكَلَّمُ بِهِ"، قالَ: فَرَدَّدَها عليَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلمَّا بَلغْتُ: اللهُمَّ آمَنْتُ بِكِتابِكَ الذِي أَنْزَلْتَ، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ، قَالَ:"لَا، وَنَبِيِّكَ الذِي أَرْسَلتَ". رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
والبُخارِيُّ
(3)
وَالتِّرْمِذِيّ)
(4)
. [صحيح]
قوله: (فتوضأ)، ظاهره استحباب تجديد الوضوء لكل من أراد النوم، ولو كان على طهارة، ويحتمل أن يكون مخصوصًا بمن كان محدثًا. وقد روى هذا الحديث الشيخان وغيرهما من طرق عن البراء ليس فيها ذكر الوضوء إلا في هذه الرواية، وكذا قال الترمذي.
وقد ورد في الباب حديث عن معاذ بن جبل أخرجه أبو داود
(5)
، وحديث عن علي أخرجه البزار
(6)
، وليس واحد منهما على شرط البخاري.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في "المسند"(4/ 285).
(3)
في "صحيحه"(1/ 357 رقم 247) وأطرافه رقم (6311، 6313، 6315، 7488).
(4)
في "سننه"(5/ 468 رقم 3394) وقال: هذا حديث حسن.
قلت: وأخرجه مسلم (4/ 2081 رقم 2710) وأبو داود رقم (5046) و (5047) و (5048) والنسائي في عمل اليوم والليلة رقم (781) وابن ماجه رقم (3876).
وهو حديث صحيح.
(5)
لم أعثر عليه؟!
(6)
(4/ 27 رقم 3112 - كشف) بسند ضعيف.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 123) وقال: "رواه البزار، وفيه يحيى بن كثير أبو النضر، وهو ضعيف". =
قوله: (فأنت على الفطرة)، المراد بالفطرة هنا السنة.
قوله: (واجعلهنّ آخر مما تتكلم به)، في رواية الكُشْمِيْهَنِي
(1)
: (من آخر)، وهي تبين أنه لا يمتنع أن يقول بعدهنّ شيئًا من المشروع من الذكر.
قوله: (لا، ونبيك)، قال الخطابي
(2)
: فيه حجة لمن منع رواية الحديث بالمعنى، قال: ويحتمل أَن يكون أَشار بقوله: ونبيك الذي أرسلت، إلى أنه كان نبيًا قبل أن يكون رسولًا، ولأنه ليس في قوله: ورسولك الذي أرسلت وصف زائد بخلاف قوله: ونبيك الذي أرسلت.
وقال غيره: ليس فيه حجة على منع ذلك، لأن لفظ الرسول ليس بمعنى لفظ النبي، ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى، فكأنه أراد أن يجمع الوصفين صريحًا، وإن كان وصف الرسالة يستلزم وصف النبوة، أو لأن ألفاظ الأذكار توقيفية في تعيين اللفظ، وتقدير الثواب، فربما كان في اللفظ سر ليس في الآخر، ولو كان يرادفه في الظاهر، أو لعله أوحي إليه بهذا اللفظ فرأى أن يقف عنده، أو ذكره احترازًا ممن أرسل من غير نبوة، كجبريل وغيره من الملائكة، لأنهم رسل لا أنبياء، فلعله أراد تخليص الكلام من اللبس، أو لأن لفظ النبي أمدح من لفظ الرسول، لأنه مشترك في الإِطلاق على كل من أرسل، بخلاف لفظ النبي فإنه لا اشتراك فيه عرفًا. وعلى هذا فقول من قال: كل رسول نبي من غير عكس، لا يصح إطلاقه، قاله الحافظ (3).
واستدل به بعضهم على أنه لا يجوز إبدال لفظ قال نبيّ الله مثلًا في الرواية بلفظ: قال رسول الله، وكذا عكسه. قال الحافظ
(3)
: ولو أجزنا الرواية بالمعنى فلا
= قلت: وفي الباب من حديث رافع بن خديج، أخرجه الترمذي رقم (3395)، وهو حديث حسن.
• وانظر: "الترغيب والترهيب" للمنذري (1/ 465 - 474 رقم 873 - 889)"الترغيب في كلمات يقولهنَّ حين يأوي إلى فراشه، وما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى".
• وانظر: "مجمع الزوائد"(15/ 120 - 125)"باب ما يقول إذا آوى إلى فراشه وإذا انتبه" اهـ.
(1)
بضم الكاف وسكون الشين وكسر الميم نسبة إلى قرية من قُرى مرو القديمة وقد خربت. والمراد به هنا: أبو الهيثم محمد بن مكي بن زراع بن هارون، اشتهر بروايته صحيح البخاري عن الفربري. توفي سنة (389 هـ). [اللباب في تهذيب الأنساب، لابن الأثير (3/ 99 - 100)].
(2)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 358).
(3)
في "فتح الباري"(1/ 358).
حجة له فيه، وكذا لا حجة فيه لمن أجاز الأول دون الثاني، لكون الأول أخص من الثاني، لأنا نقول الذات المخبر عنها في الرواية واحدة، فبأي وصف وصفت تلك الذات من أَوصافها اللائقة بها علم القصد بالمخبر عنه، ولو تباينت معاني الصفات، كما لو أبدل اسمًا بكنية أو كنية باسم فلا فرق.
وللحديث فوائد مذكورة في كتاب الدعوات من الفتح
(1)
.
[الباب الخامس] باب تأكيد ذلك للجنب واستحباب الوضوء له لأجل الأكل والشرب والمعاودة
16/ 279 - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله تعالى عنهما]
(2)
أنْ عُمَرَ قالَ: يا رسُولَ الله، أيَنامُ أحَدُنا وَهُو جُنُبٌ؟ قالَ:"نَعَمْ، إذا توضأ")
(3)
. [صحيح]
17/ 280 - (وعَنْ عَائِشةَ [رضي الله عنها] (2) قَالتْ: كانَ الِنبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أرَادَ أنْ يَنامَ وَهُوَ جُنُب غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوضَّأ وُضُوءَهُ للصَّلَاةِ. رَوَاهُما الجَماعَةُ)
(4)
. [صحيح]
18/ 281 - (ولأحمَدَ
(5)
وَمُسْلِمٍ
(6)
عَنْهَا قالتْ: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا كانَ جُنُبًا فأرَادَ أن يأكُلَ أوْ يَنامَ تَوضَّأ). [صحيح]
قوله: (قال: نعم إذا توضأ)، وفي رواية البخاري ومسلم
(7)
: "ليتوضأ ثم
(1)
(11/ 109 - 113).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أخرجه أحمد (2/ 17) والبخاري رقم (287) ومسلم رقم (306) وأبو داود رقم (221)
والترمذي رقم (120) والنسائي (1/ 140) وابن ماجه رقم (585)، وهو حديث صحيح.
(4)
أخرجه أحمد (6/ 102، 119، 200) والبخاري رقم (288) ومسلم رقم (305) وأبو داود رقم (222) والترمذي رقم (119) والنسائي (1/ 139 وابن ماجه (رقم 584).
وهو حديث صحيح.
(5)
في "المسند"(6/ 91).
(6)
في "صحيحه" رقم (22/ 305).
وهو حديث صحيح.
(7)
في "صحيحه"(رقم 24/ 306) من حديث ابن عمر.
لينم"، وفي رواية للبخاري
(1)
: "ليتوضأ ويرقد". وفي رواية لهما
(2)
: "توضأ واغسل ذكرك ثم نم"، وفي لفظ للبخاري
(3)
: "نعم [ويتوضأ]
(4)
".
وأحاديث الباب تدل على أنه يجوز للجنب أن ينام ويأكل قبل الاغتسال وكذلك يجوز له معاودة الأهل كما سيأتي في حديث أبي سعيد
(5)
، وكذلك الشرب كما يأتي في حديث عمار
(6)
، وهذا كله مجمع عليه، قاله النووي
(7)
. وحديث عمر جاء بصيغة الأمر وجاء بصيغة الشرط وهو متمسَّك لمن قال بوجوب الوضوء على الجنب إذا أراد أن ينام قبل الاغتسال، وهم الظاهرية
(8)
وابن حبيب من المالكية
(9)
.
وذهب الجمهور إلى استحبابه وعدم وجوبه.
وتمسكوا بحديث عائشة الآتي في الباب الذي بعد هذا
(10)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب ولا يمس ماء"، وهو غير صالح للتمسك به من وجوه:(أحدها): أن فيه مقالًا لا ينتهض معه للاستدلال، وسنبيِّنه في شرحه إن شاء الله تعالى. (وثانيها): أن قوله "لا يمس ماء"، نكرة في سياق النفي، فتعم ماء الغسل وماء الوضوء وغيرهما، وحديثها المذكور في الباب
(11)
بلفظ: "كان إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة" خاص بماء الوضوء، فيبنى
(1)
في "صحيحه"(رقم 287) من حديث ابن عمر.
(2)
البخاري رقم (290) ومسلم رقم (25/ 306) من حديث ابن عمر.
(3)
في "صحيحه" رقم (286) من حديث عائشة.
(4)
في (جـ): (وتتوضأ)، وهي مخالفة لما في البخاري.
(5)
رقم (2/ 2830) من كتابنا هذا.
(6)
رقم (19/ 282) من كتابنا هذا.
(7)
في "شرحه لصحيح مسلم"(3/ 217).
(8)
قلت: بل قال ابن حزم في "المحلى"(1/ 85) المسألة (118): "ويستحب الوضوء للجنب إذا أراد الأكل أو النوم، ولرد السلام، ولذكر الله تعالى، وليس ذلك بواجب
…
"، وانظر الأدلة الي ساقها ابن حزم في الموضوع فقد أجاد وأفاد.
(9)
ابن حبيب المالكي: هو عبد الملك بن حبيب بن سليمان القرطبي، عالم الأندلس وفقيهها في عصره، كان رأسًا في فقه المالكية:(174 - 238 هـ).
انظر: "الديباج المذهب"(/ 8 - 15 رقم 2) ونفح الطيب (1/ 331 - 332).
(10)
الباب السادس رقم الحديث (22/ 284) من كتابنا هذا.
(11)
رقم الحديث (17/ 280) من كتابنا هذا.
العام على الخاص، ويكون المراد بقوله:"لا يمس ماء" غير ماء الوضوء، وقد صرح ابن سريج والبيهقي بأن المراد بالماء ماء الغسل.
وقد أخرج أحمد
(1)
عن عائشة [رضي الله تعالى عنها]
(2)
قالت: "كان يُجنب من الليل ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ولا يمس ماء". (وثالثها) أن تركه صلى الله عليه وسلم لمس الماء لا يعارض قوله الخاص بنا كما تقرر في الأصول، فيكون الترك على تسليم شموله لماء الوضوء خاصًّا به.
وتمسكوا أيضًا بحديث ابن عباس مرفوعًا: "إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة" أخرجه أصحاب السنن
(3)
. وقد استدل به أيضًا على ذلك ابن خزيمة
(4)
وأبو عوانة في صحيحه
(5)
. قال الحافظ
(6)
: وقد قدح في هذا الاستدلال [ابن زبيد]
(7)
المالكي وهو واضح.
قلت: فيجب الجمع بين الأدلة بحمل الأمر على الاستحباب، ويؤيد ذلك أنه أخرج ابن خزيمة
(8)
وابن حبان
(9)
في صحيحيهما من حديث ابن عمر: "أنه سئل النبي صلى الله عليه وسلم أينام أحدنا وهو جنب، قال: نعم ويتوضأ إن شاء"، والمراد بالوضوء هنا وضوء الصلاة لما عرفناك غير مرة أَنه هو الحقيقة الشرعية وأنها مقدمة على غيرها.
وقد صرَّحت بذلك عائشة [رضي الله تعالى عنها](2) في حديث الباب المتفق عليه
(10)
فهو يرد ما جنح إليه الطحاوي
(11)
من أن المراد بالوضوء التنظيف، واحتج بأن ابن عمر راوي هذا الحديث وهو صاحب القصة:
(1)
في "مسنده"(6/ 224).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أخرجه أبو داود رقم (3760) والترمذي رقم (1847) والنسائي (1/ 85).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وهو حديث صحيح.
(4)
في "صحيحه"(1/ 23 رقم 35) بإسناد صحيح.
(5)
(1/ 236 رقم 799).
(6)
في "فتح الباري"(1/ 394).
(7)
في "فتح الباري"(ابن رشد).
(8)
في "صحيحه"(1/ 107 رقم 212).
(9)
في "صحيحه"(18/ 4 رقم 1216) بإسناد صحيح.
(10)
رقم (17/ 280) من كتابنا هذا.
(11)
في "شرح معاني الآثار"(1/ 128).
"كان يتوضأ وهو جنب ولا يغسل رجليه" كما رواه مالك في الموطأ
(1)
عن نافع.
ويرد أيضًا بأن مخالفة الراوي لما روى لا تقدح في المروي ولا تصلح لمعارضته. وأيضًا قد ورد تقييد الوضوء بوضوء الصلاة من روايته، ومن رواية عائشة فيعتمد ذلك، ويحمل ترك ابن عمر لغسل رجليه على أن ذلك كان لعذر. وإلى هذا ذهب الجمهور.
قال الحافظ
(2)
: "والحكمة في الوضوء أنه يخفف الحدث ولا سيما على القول بجواز تفريق الغسل. ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة
(3)
بسند رجاله ثقات عن شدّاد بن أوس الصحابي قال: "إذا أجنب أحدكم من الليل ثم أراد أن ينام فليتوضأ فإنه نصف غسل الجنابة". وقيل: الحكمة أنه أحد الطهارتين، وقيل: إنه ينشط إلى العود أو إلى الغسل".
19/ 282 - (وعَنْ عَمَّارِ بْنِ ياسِرٍ [رضي الله تعالى عنه]
(4)
أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِلْجنُبِ إذا أرَادَ أنْ يأكُلَ أوْ يَشْرَبَ أَوْ يَنامَ أنْ يَتَوضَّأ وضُوءَهُ للصلَاةِ. رَوَاهُ أحمدُ
(5)
وَالترْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)
(6)
. [حسن]
الوضوء عند إرادة الأكل والنوم ثابت من حديث عائشة [رضي الله تعالى عنها](4) ومتفق عليه
(7)
. وقد تقدم في الحديث الذي قبل هذا إحدى الروايات وعزاها المصنف إلى أحمد ومسلم
(8)
. وعند إرادة الشرب من حديث عائشة أيضًا عند النسائي
(9)
ولكن جميع ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم لا من قوله كما في حديث الباب.
وقد روى الوضوء عند الأكل من حديث جابر عند ابن ماجه
(10)
وابن
(1)
(1/ 48 رقم 78).
(2)
في "فتح الباري"(1/ 394).
(3)
في "المصنف"(1/ 60)"بسند رجاله ثقات".
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في "مسنده"(4/ 320).
(6)
في "سننه"(2/ 511 رقم 613) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه أبو داود (4/ 402 رقم 4176).
وهو حديث حسن.
(7)
تقدم تخريجه برقم (17/ 280) من كتابنا هذا.
(8)
تقدم تخريجه برقم (18/ 281) من كتابنا هذا.
(9)
في "سننه"(1/ 139 رقم 257).
(10)
في "سننه"(1/ 195 رقم 592).
خزيمة
(1)
، ومن حديث أم سلمة
(2)
وأبي هريرة
(3)
عند الطبراني في الأوسط.
والحديث يدل على أفضلية الغسل لأن العزيمة أفضل من الرخصة، والخلاف في الوضوء لمن أراد أن ينام وهو جنب قد ذكرناه في الحديث الذي قبل هذا
(4)
، وأما من أراد أن يأكل أو يشرب فقد اتفق الناس على عدم وجوب الوضوء عليه
(5)
، وحكى ابن سيد الناس في شرح الترمذي عن ابن عمر أنه واجب
(6)
.
20/ 283 - (وعنْ أبي سعيدٍ [رضي الله تعالى عنه]
(7)
عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذا أَتَى أحَدُكُمْ أَهْلهُ ثمّ أرادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضأْ". رَواهُ الجماعةُ إلا البُخاريُّ)
(8)
. [صحيح]
(1)
في "صحيحه"(1/ 108 رقم 217).
بسند ضعيف شُرحبيل بن سَعْد، صدوق اختلطَ بأخرة. "التقريب" رقم (2764) وأبو أويس المدني، واسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس، صدوق يهم. "التقريب" رقم (3412).
وخلاصة القول أن الحديث صحيح بشواهده، والله أعلم.
(2)
أخرجه الطبراني في "الصغير"(1/ 117) وفي "الأوسط" رقم (3368) وقال الهيثمي في "المجمع"(1/ 274): "فيه جابر الجعفي وقد اختلف في الاحتجاج به".
قلت: جابر الجعفي هو ابن يزيد بن الحارث أبو عبد الله الكوفي: ضعيف رافضي مات سنة (127) وقيل: (132). "التقريب" رقم (878).
(3)
أخرجه الطبراني في "الأوسط" رقم (8453).
وقال الهيثمي في "المجمع"(1/ 274): "وفيه إسحاق بن إبراهيم القَرْقَساني، وإسناده حسن".
قلت: إسحاق بن إبراهيم أبو يعقوب القَرْقَساني، ترجمه في "الجرح والتعديل" (2/ 209) وقال: روى عنه أبو زرعة. وذكره ابن حبان في "الثقات"(8/ 121).
(4)
يستحب للجنب إذا أراد النوم أن يتوضأ.
(5)
يستحب للجنب إذا أراد الأكل أن يتوضأ.
وانظر: "الشرح الممتع على زاد المستقنع" لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين. (1/ 309 - 311).
(6)
أخرج ابن حزم في "المحلى"(1/ 87 - 88): عن ابن عمر: أنه كان لا يقرأ القرآن، ولا يرد السلام، ولا يذكر الله إلا هو طاهر إلا معاودة الجنب للجماع فالوضوء عليه فرض بينهما".
(7)
زيادة من (جـ).
(8)
أحمد في "المسند"(3/ 21) ومسلم رقم (308) وأبو داود رقم (220) والترمذي رقم =
ورواه ابن خزيمة
(1)
وابن حبان
(2)
والحاكم
(3)
وزادوا: "فإنَّه أنشَطُ للعَوْدِ"، وفي رواية للبيهقي
(4)
وابن خزيمة
(5)
: "فليتوضَّأ وضُوءَهُ للصَّلاة"، ويقال: إن الشافعي قال: لا يثبت مثله. قال البيهقي: ولعله لم يقف على إسناد حديث أبي سعيد، ووقف على إسناد غيره، فقد روي عن عمر
(6)
وابن عمر
(7)
بإسنادين ضعيفين، قال الحافظ
(8)
: ويؤيد هذا حديث أنس الثابت في الصحيحين
(9)
: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يطوفُ على نسائه بغسل واحد".
= (141) والنسائي في "السنن"(1/ 142 رقم 262) وفي "عشرة النساء" رقم (152) وابن ماجه رقم (587).
(1)
في "صحيحه"(1/ 110 رقم 221).
(2)
في "صحيحه"(4/ 12 رقم 1211).
(3)
في "المستدرك"(1/ 152). وقال: هذا حديث "صحيح على شرط الشيخين" ولم يخرجاه بهذا اللفظ
…
".
(4)
في "سننه الكبرى"(1/ 204).
(5)
في "صحيحه"(1/ 109 - 110 رقم 220) بسند صحيح.
(6)
و
(7)
أخرج الطيالسي (1/ 5 رقم 18) ومن طريقه أبو عوانة (1/ 278) وابن حبان في "صحيحه"(4/ 13 رقم 1212) من طريق شعبة عن عبد الله بن دينار قال: سمعت ابن عمر يقول: إن عُمر أتى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: تُصيبني الجنابةُ من الليل، فكيف أصنع؟ قال:"اغسل ذكرك، ثم توضأ، ثم ارقُد".
وأخرجه عبد الله بن أحمد (2/ 46) وجادة عن أبيه، عن يزيد، وابن خزيمة في "صحيحه" رقم (214) عن أبي موسى محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، وأبو عوانة (1/ 278) من طريق بدل بن المحبر، وبشر بن عمر، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 127) عن ابن مرزوق، عن وهب بن جرير، كلهم عن شعبة، بهذا الإسناد.
• وأخرج البخاري في "صحيحه" رقم (290) ومسلم في "صحيحه" رقم (25/ 306) عن ابن عمر أنه قال: ذكر عمرُ بن الخطاب لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ تُصِيبُه الجِنابة من الليلِ، فقال له رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"توضَّأْ واغْسِلْ ذكركَ ثمَّ نَمْ".
وأخرجه أحمد (2/ 64) والنسائي (1/ 140) والطحاوي (1/ 127) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 199) والبغوي في "شرح السنة" رقم (263).
• وأخرج البخاري في صحيحه رقم (287) ومسلم رقم (23/ 306) عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أيرقُدُ أحدُنا وهو جُنبٌ؟ قال: نعم، إذا توضَّأ أحدُكم فليرقُدْ وهو جُنُب".
وأخرجه أحمد (2/ 17) والترمذي رقم (120) والنسائي (1/ 139) وابن ماجه رقم (585) والبيهقي "السنن الكبرى"(1/ 200) وأبو عوانة (1/ 277 و 279).
(8)
في "التلخيص الحبير"(1/ 141).
(9)
البخاري (1/ 377 رقم 268) ومسلم (1/ 249 رقم 28/ 309).
والحديث يدل على أن غسل الجنابة ليس على الفور وإنما يتضيق على الإِنسان عند القيام إلى الصلاة. قال النووي
(1)
: وهذا بإجماع المسلمين، ولا شك في استحبابه قبل المعاودة لما رواه أحمد
(2)
وأصحاب السنن
(3)
من حديث أبي رافع: "أنه صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه ذات ليلة يغتسل عند هذه وعند هذه، وقيل: يا رسول الله ألا تجعله غسلًا واحدًا فقال: هذا أزكى وأَطيب"، وقول أبي داود
(4)
: إن حديث أنس أصح منه لا ينفي صحته. وقد قال النووي
(5)
: هو محمول على أنه فعل الأمرين في وقتين مختلفين. وقد ذهبت الظاهرية
(6)
وابن حبيب إلى وجوب الوضوء على المعاود وتمسكوا بحديث الباب.
وذهب من عداهم إلى عدم الوجوب وجعلوا ما ثبت في رواية الحاكم
(7)
بلفظ: "إنه أنشط للعود" صارفًا للأمر إلى الندب. ويؤيد ذلك ما رواه الطحاوي
(8)
من حديث عائشة قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يجامع ثم يعود ولا يتوضأ" ويؤيده أيضًا الحديث المتقدم بلفظ: "إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة"
(9)
.
(فائدة): طوافه صلى الله عليه وسلم على نسائه محمول على أَنه كان برضاهنّ أو برضا صاحبة النوبة إن كانت نوبة واحدة، قال النووي
(10)
: وهذا التأويل يحتاج إليه من
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 217).
(2)
في "المسند"(6/ 8).
(3)
أبو داود رقم (219) وابن ماجه رقم (590) والنسائي في "عشرة النساء" رقم (149) والبيهقي (1/ 204) و (7/ 192).
وهو حديث حسن.
(4)
في "سننه"(1/ 149).
(5)
في "المجموع"(2/ 180). وانظر: "شرح صحيح مسلم"(3/ 217 - 218).
(6)
انظر: "المحلى"(1/ 88). وانظر: "فتح الباري"(1/ 394).
(7)
قال السيوطي في "زهر الربى على المجتبى"(1/ 143 - 144): "وفي رواية ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي زيادة: فإنه أنشط للعود، أي إلى الجماع، وهو تصريح بالحكمة فيه" اهـ.
(8)
في "شرح معاني الآثار"(1/ 127).
(9)
وهو حديث صحيح. وقد تقدم تخريجه أثناء شرح الحديث رقم (18/ 281) من كتابنا هذا.
(10)
في "شرحه لصحيح مسلم"(3/ 218).
يقول: كان القسم واجبًا عليه في الدوام كما يجب علينا، وأما من لا يوجبه فلا يحتاج إلى تأويل فإن له أن يفعل ما شاء.
[الباب السادس] باب جواز ترك ذلك
21/ 284 - (عَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(1)
قَالَتْ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أرَادَ أنْ يَأكُل أَوْ يَشْرَبَ وهُو جُنُبٌ يَغْسِلُ يَدَيه ثمَّ يأكُلُ وَيشَربُ. رَواهُ أحْمَدُ
(2)
والنَّسَائيُّ)
(3)
. [صحيح]
هو طرف من الحديث ولفظه في النسائي (2): "كانَ إذَا أرادَ أنْ ينامَ وهو جُنُبٌ توضَّأَ - وضوءه للصلاة - وإذَا أرادَ أن يأكُلَ أو يشربَ غسلَ يديْهِ ثم يأكلُ أو يشرَبُ". وقد ذكره الحافظ في التلخيص
(4)
، وابن سيد الناس في شرح الترمذي، ولم يتكلَّما عليه بما يوجب ضعفًا، وهو في سنن النسائي
(5)
من طريق محمد بن عبيد بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة فذكره. ومحمد بن عبيد
(6)
ثقة، وبقية رجال الإِسناد أئمة
(7)
.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في "المسند"(6/ 119).
(3)
في "سننه"(1/ 139). رقم (257).
وهو حديث صحيح. انظر "الصحيحة" رقم (390).
(4)
(1/ 140).
(5)
(1/ 139) رقم 256). وهو حديث صحيح.
(6)
محمد بن عبيد بن محمد بن واقد المحاربي الكندي أبو جعفر الكوفي: صدوق. قال النسائي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وكناه هو والسراج أبا جعفر، ووقع عند الترمذي تكنيته بأبي يعلى، مات سنة (245 هـ) وقيل:(251 هـ).
أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
"تهذيب التهذيب"(3/ 642).
(7)
• عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي ثقة ثبت حجة إمام."الخلاصة" للخزرجي. رقم الترجمة (3767).
• يونس بن يزيد الأيلي ثقة إلا أن في حديثه عن الزهري، وهمًا قليلًا، وفي غيره =
وأخرج ابن خزيمة في صحيحه
(1)
من حديثها أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا أراد أن يطعم وهو جنب غسل يده ثم يطعم"، وبه استدل من فرق بين الوضوء لإِرادة النوم والوضوء لإِرادة الأكل والشرب.
قال الشيخ أَبو العباس القرطبي
(2)
: هو مذهب كثير من أهل الظاهر وهو رواية عن مالك.
وروي عن سعيد بن المسيب
(3)
أَنه قال: إذا أراد الجنب أن يأكل غسل يديه ومضمض فاه.
وعن مجاهد
(4)
قال في الجنب: إذا أراد الأكل أنه يغسل يديه ويأكل.
وعن الزهري
(5)
مثله، وإليه ذهب أحمد
(6)
، وقال: لأن الأحاديث في الوضوء لمن أراد النوم، كذا في شرح الترمذي لابن سيد الناس.
وذهب الجمهور إلى أنه كوضوء الصلاة، واستدلوا بما في الصحيحين
(7)
من حديثها بلفظ: "كان إذا أَراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة" وبما سبق من حديث عمار
(8)
. ويجمع بين الروايات بأنه كان تارة يتوضأ وضوء
= خطأ، من كبار السابعة، مات سنة (159) على الصحيح "الخلاصة" للخزرجي. رقم الترجمة (8333).
• الزهري هو الإمام الحجة أبو بكر الفقيه الحافظ المتقن على جلالته وإتقانه، محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، القرشي الزهري المدني من رؤوس الطبقة الرابعة.
"الخلاصة" للخزرجي. رقم الترجمة (6653).
• أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أحد الفقهاء ثقة حجة.
"الخلاصة" للخزرجي.
(1)
(1/ 109 رقم 218) بسند صحيح.
(2)
في "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم"(1/ 565).
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 61).
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 61).
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 61).
(6)
حكى عنه الكوسج في مسائل أحمد وإسحاق (1/ 14).
وانظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 303).
(7)
تقدم تخريجه رقم (17/ 280) و (18/ 281) من كتابنا هذا.
(8)
وهو حديث حسن. تقدم تخريجه رقم (19/ 282) من كتابنا هذا.
الصلاة وتارة يقتصر على غسل اليدين، لكن هذا في الأكل والشرب خاصة، وأما في النوم والمعاودة فهو كوضوء الصلاة لعدم المعارض للأحاديث المصرحة فيهما بأنه كوضوء الصلاة.
22/ 285 - (وعَنها [رضي الله تعالى عنها]
(1)
أيْضًا قالتْ: كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذا كانَ لهُ حَاجَةٌ إلى أهْلِهِ أتَاهُمْ ثمَّ يَعُودُ ولَا يَمَسُّ ماءً. رَوَاهُ أحمَدُ
(2)
.
ولِأبي دَاوُدَ
(3)
والتِّرْمذِيِّ
(4)
عنها: كانَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَنامُ وهُوَ جُنُبٌ ولَا يَمَسُّ ماءً). [صحيح]
الحديث قال أحمد: ليس بصحيح. وقال أبو داود
(5)
: هو وهم. وقال يزيد بن هارون: هو خطأ. وقال مهنا عن أحمد بن صالح: لا يحل أن يروى هذا الحديث. وفي علل الأثرم لو لم يخالف أبا إسحاق
(6)
في هذا إلا إبراهيم
(7)
وحده لكفى، قال ابن مفوز: أجمع المحدثون أنه خطأ من أبي إسحاق.
قال الحافظ
(8)
: "وتساهل في نقل الإِجماع، فقد صححه البيهقي، وقال: إن أبا إسحاق قد بين سماعه من الأسود في رواية زهير
(9)
عنه".
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في "المسند"(6/ 109).
(3)
في "سننه"(1/ 154 رقم 228) وقال: هذا الحديث وهم.
(4)
في "سننه"(1/ 202 رقم 118).
وهو حديث صحيح.
(5)
في "سننه"(1/ 154 - 155).
(6)
أبو إسحاق: عمرو بن عبد الله السبيعي ثقة عابد اختلط بأخرة. "التقريب" رقم (5065).
وتعقب المحرران: "اختلط بأخرة" ليس بجيد، فإنه لم يختلط، لكنه شاخ ونسي - كما قال الإمام الذهبي -، وسمع منه سفيان بن عيينه في حال شيخوخته، فروايته عنه غير جيدة، ولذلك لم يخرج الشيخان من طريقه شيئًا عنه.
ولم يصفه المؤلف هنا بالتدليس مع أنه أورده في كتابه "المدلسين" في "الطبقة الثالثة" وهم الذين لا تقبل رواياتهم إلا إذا صرحوا بالتحديث من "طبقات المدلسين" ص 101 وقال: مشهور بالتدليس، وصفه النسائي وغيره بذلك" اهـ.
(7)
هو إبراهيم بن يزيد النخعي.
(8)
في "التلخيص الحبير"(1/ 141).
(9)
هو ابن معاوية بن حُدَيْج أبو خَيْثَمة، ثقة ثبت إلا أنَّ سماعه عن أبي إسحاق بأخرة.
"التقريب" رقم (2051).
قال ابن العربي في شرح الترمذي
(1)
: "تفسير غلط أبي إسحاق هو أن هذا الحديث رواه أبو إسحاق مختصرًا واقتطعه من حديث طويل فأخطأ في اختصاره إياه. ونص الحديث الطويل ما رواه أبو غسان
(2)
قال: "أتيت الأسود بن يزيد وكان لي أخًا وصديقًا فقلت: يا أبا عمر حدثني ما حدثتك عائشة أم المؤمنين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، "فقال: قالت: كان ينام أول الليل ويحيي آخره، ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته ثم ينام قبل أن يمس ماء، فإذا كان عند النداء الأول وثب وربما قالت: قام فأفاض عليه الماء وما قالت: اغتسل وأنا أعلم ما تريد، وإن نام جنبًا توضأ وضوء الرجل للصلاة". فهذا الحديث الطويل فيه:"وإن نام وهو جنب توضأ وضوء الرجل للصلاة"، فهذا يدلك على أن قوله:"ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته ثم ينام قبل أن يمس ماء" يحتمل أحد وجهين: إما أن يريد حاجة الإِنسان من البول والغائط فيقضيهما ثم يستنجي ولا يمس ماء وينام، فإن وطئ توضأ كما في آخر الحديث، ويحتمل أن يريد بالحاجة حاجة الوطء.
وبقوله: "ثم ينام ولا يمس ماء" يعني ماء الاغتسال، ومتى لم يحمل الحديث على أحد هذين الوجهين تناقض أوله وآخره، فتوهم أبو إسحاق أن الحاجة حاجة الوطء فنقل الحديث على معنى ما فهمه"، انتهى.
والحديث يدل على عدم وجوب الوضوء على الجنب إذا أراد النوم أو المعاودة وقد تقدم في الباب الأول
(3)
أنه غير صالح للاستدلال به على ذلك لوجوه ذكرناها هنالك. قال المصنف
(4)
رحمه الله تعالى: "وهذا لا يناقض ما
(1)
في "عارضة الأحوذي"(1/ 181 - 182).
(2)
صوابه: ما رواه أبو غسّان قال: حدثنا زهير، قال: ثنا أبو إسحاق، قال: أتيت
…
" الحديث.
• وأبو غسان هو مالك بن إسماعيل النَّهدي: ثقة متقن صحيح الكتاب، عابدٌ
…
" "التقريب" رقم (6324).
(3)
الباب الخامس: باب تأكيد ذلك للجنب واستحباب الوضوء له لأجل الأكل والشرب والمعاودة. رقم الحديث [(16/ 279) إلى (20/ 283)].
(4)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 134).
قبله بل يحمل على أنه كان يترك الوضوء أحيانًا لبيان الجواز ويفعله غالبا لطلب الفضيلة"، انتهى. وبهذا جمع ابن قتيبة
(1)
والنووي
(2)
.
(1)
في "تأويل مختلف الحديث" ص 241: "قال أبو محمد: ونحن نقول: إن هذا كله جائز، فمن شاء أن يتوضأ وضوءه للصلاة بعد الجماع ثم ينام.
ومن شاء غسل يده وذَكَرَهُ ونام.
ومن شاء نام من غير أن يمس ماء، غير أن الوضوء أفضل.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل هذا مرة، ليدل على الفضيلة، وهذا مرة ليدل على الرخصة، ويستعمل الناس ذلك.
فمن أحب أن يأخذ بالأفضل أخذ، ومن أحب أن يأخذ بالرخصة أخذ" اهـ.
(2)
في "المجموع"(2/ 180).
[عاشرًا]: أبواب موجبات الغسل
قال النووي
(1)
: الغُسل إذا أُريدَ به الماء فهو مضمومُ الغين، وإذا أُريدَ به المصدَرُ فيجوزُ بضمِّ الغينِ وفتحِها لغتان مشهورتان، وبعضهم يقول: إن كان مصدرًا لغَسَلتُ فهو بالفتحِ كضربْتُ ضربًا، وإن كان بمعنى الاغتسال فهو بالضمِّ كقولِنَا: غُسل الجمعةِ مسنون، وكذلك الغسل من الجنابةِ واجِبٌ وما أشبهه. وأما ما ذكره بعض من صنف في لحن الفقهاء من أن قولهم غسل الجنابة والجمعة ونحوهما بالضم لحن فهو خطأ منه، بل الذي قالوه صواب كما ذكرنا، وأما الغِسل بكسر الغين فهو اسم لما يغسل به الرأس من خطمي وغيره.
[الباب الأول] باب الغسل من المني
1/ 286 - (عَنْ عَليّ [رضي الله عنه]
(2)
قالَ: كُنتُ رَجُلًا مذَّاءً فَسَألتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: "في المَذْيِ الوُضُوءُ، وفي الْمَنِيِّ الْغُسْلُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ
(3)
وابْنُ مَاجَهْ
(4)
والتِّرْمذِيُّ
(5)
وصحَّحهُ. [صحيح]
ولِأحمَدَ
(6)
فقال: "إذا خَذَفْتَ المَاءَ فاغَتسِلْ مِنَ الجَنابَةِ وإذَا لَمْ [تَكْنْ]
(7)
خاذِفًا فَلَا تَغْتَسِلْ". [صحيح]
قال الترمذي
(8)
: "وقد رُويَ عن علي [رضي الله عنه](2) عن النبي صلى الله عليه وسلم من
(1)
في "تهذيب الأسماء واللغات"(3/ 59).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
في "المسند"(1/ 87).
(4)
في "سننه"(1/ 68 رقم 504).
(5)
في "سننه"(1/ 193 رقم 114)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
(6)
في "المسند"(1/ 107) بسند صحيح.
(7)
في (جـ): (يكن) وهي مخالفة لما في مسند أحمد.
(8)
في "سننه"(1/ 195 - 196).
غَيْرِ وَجْهٍ"، وأخرج الحديث أيضًا أبو داود
(1)
والنسائي
(2)
، وأخرجه البخاري
(3)
ومسلم
(4)
من حديث علي مختصرًا.
وفي إسناد الحديث الذي صحَّحه الترمذي (يزيد بن أَبي زياد) قال علي ويحيى: ضعيف لا يحتج به. وقال ابن المبارك: ارم به. وقال أبو حاتم الرازي
(5)
: "ضعيف الحديث كل أحاديثه موضوعة وباطلة". وقال البخاري
(6)
: منكر الحديث ذاهب. وقال النسائي
(7)
: متروك الحديث. وقال ابن حبان
(8)
: صدوق إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير وكان يتلقن ما لقن فوقعت المناكير في حديثه، فسماع من سمع منه قبل التغير صحيح، والترمذي قد صحح حديث يزيد المذكور في مواضع هذا أحدها. وفي حديث:"إن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم"
(9)
، وفي حديث: "إن العباس دخل على النبي [صلى الله عليه وسلم]
(10)
مغضبًا"
(11)
، وقد حسن أيضًا حديثه في حديث:"أنَّها دخلت العمرةُ في الحج"
(12)
، فلعل التصحيح والتحسين من مشاركة الأمور الخارجة عن نفس السند من اشتهار المتون ونحو ذلك وإلا فيزيد ليس من رجال الحسن فكيف الصحيح. وأيضًا الحديث من رواية ابن أبي ليلى عن علي، وقد قيل: إنه لم يسمع منه
(13)
.
(1)
في "سننه"(1/ 142 رقم 206).
(2)
في "سننه"(1/ 96).
(3)
في "صحيحه"(1/ 283 رقم 178).
(4)
في "صحيحه"(1/ 247 رقم 303) مختصرًا.
(5)
في "الجرح والتعديل"(9/ 262 - 263).
(6)
"التاريخ الكبير"(8/ 334).
(7)
في "الضعفاء والمتروكين" رقم (675).
(8)
في "المجروحين"(3/ 100).
(9)
أخرجه الترمذي في "السنن"(3/ 147 رقم 777) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه البخاري رقم (1939) وأحمد (1/ 215) وأبو داود رقم (2372) وابن ماجه رقم (1682).
(10)
زيادة من (جـ).
(11)
أخرجه الترمذي في "السنن"(5/ 652) رقم 3758) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه أحمد في "المسند"(4/ 165) والخطيب في "تاريخه"(3/ 386).
والحديث ضعفه المحدث الألباني في ضعيف الترمذي رقم (784). وقال: ضعيف؛ إلّا قوله: "عم الرجل
…
" فصحيح - الصحيحة - رقم (806).
(12)
أخرجه مسلم رقم (1240) و (1241) وأبو داود رقم (1987) والنسائي (5/ 180).
(13)
قال أبو الأشبال في تحقيقه وشرحه للترمذي (1/ 195): "وقد أخطأ الشوكاني خطأً =
وفي الباب عن المقداد بن الأسود عند أبي داود
(1)
والنسائي
(2)
وابن ماجه
(3)
.
وعن أبيّ بن كعب عند ابن أبي شيبة
(4)
وغيره.
والحديث يدل على عدم وجوب الغسل من المذي وأن الواجب الوضوء، وقد تقدم الكلام في ذلك في: باب ما جاء في المذي من أبواب تطهير النجاسات
(5)
. ويدل على وجوب الغسل من المني.
قال الترمذي
(6)
: "وهو قولُ عامَّة أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، وبه يقولُ سفيانُ والشافعيُّ وأحمدُ وإسحاق".
= شديدًا فيما قال: فإن عبد الرحمن بن أبي ليلى سمع من علي، كما صرح به ابن معين فيما نقله في التهذيب. وأيضًا فإن رواية أحمد في "المسند" (رقم 890) التي أشرنا إليها فيما مضى:"عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عليًا رضي الله عنه يقول" إلخ.
وابن أبي ليلى ولد قبل وفاة عمر بست سنين، كما نقله ابن أبي حاتم في المراسيل بإسناده (ص 47) وعمر قتل سنة (23) فيكون ابن أبي ليلى ولد سنة (17 تقريبًا). وعليّ قتل سنة (40) فكانت سن ابن أبي ليلى إذ ذاك نحو (23) سنة.
وأما ما نقله الشوكاني في الطعن في (يزيد بن أبي زياد) فإن أكثره لم نجده في كتب الرجال، وأظن أنه اشتبه عليه الأمر فنقل كلام بعضهم في (يزيد بن زياد)، ويقال: ابن أبي زياد القرشي الدمشقي" وهو خطأ. فإن الذي معنا (يزيد بن أبي زياد القرشي الهاشمي أبو عبد الله الكوفي) ويزيد هذا ضعفه بعضهم من قبل أنه شيعي، ومن قبل أنه اخثلط في آخر حياته، والحق أنه ثقة، قال ابن شاهين في الثقات: "قال أحمد بن صالح المصري: يزيد بن أبي زياد ثقة، ولا يعجبني قول من تكلم فيه". وقال ابن سعد في "الطبقات" (6/ 237):"وكان ثقة في نفسه، إلا أنه اختلط في آخر عمره فجاء بالعجائب". ونقل الذهبي في الميزان عن شعبة أنه قال: "كان يزيد بن أبي زياد رفاعًا". ونقل عنه أيضًا أنه قال: "ما أبالي إذا كتبت عن يزيد بن أبي زياد أن لا أكتب عن أحد" وهذا نهاية التوثيق من شعبة، وهو إمام الجرح والتعديل، والثقة إذا خالف غيره نظرنا في أمره، ولم يخالف يزيد أحدًا في هذا الحديث، بل رواه غيره كروايته، كما سيأتي، فقد أصاب الترمذي في تصحيحه، وأخطأ الشوكاني فيما صنع" اهـ.
(1)
في "سننه"(1/ 142 - 143 رقم 207).
(2)
في "سننه"(1/ 97 رقم 156).
(3)
في "سننه"(1/ 169 رقم 505).
وهو حديث صحيح.
(4)
في "المصنف"(1/ 90 - 91).
(5)
الباب الثامن عند الأحاديث (2/ 380)، (21/ 39)، (22/ 40).
(6)
في "سننه"(1/ 197).
قوله: (خذفت) يروى بالحاء المهملة والخاء المعجمة بعدها ذال معجمة
مفتوحة ثم فاء، وهو الرمي وهو لا يكون بهذه الصفة إلا لشهوة، ولهذا قال المصنف
(1)
: وفيه تنبيه على أن ما يخرج لغير شهوة إما لمرض أو أبردة لا يوجب الغسل. انتهى.
2/ 287 - (وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أن أُمَّ سُليمٍ قالتْ: يَا رَسُولَ الله، إنَّ الله لَا يَسْتَحِي مِنَ الحَقِّ فَهَلْ على المَرْأةِ الغُسل إذا احْتَلمَتْ؟ قالَ: "نَعَمْ إذا رَأَتِ المَاءَ"، فقالتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَتَحْتَلِمُ المرْأَةُ؟ فقالَ: "تَرِبَتْ يَدَاكِ فَبِما يُشْبِهُها ولدُها" مُتَّفَقٌ عَليهِ)
(2)
. [صحيح]
للحديث ألفاظ عند الشيخين
(3)
، ورواه مسلم
(4)
من حديث أنس عن أُم سليم، ومن حديث عائشة:"أن امرأة سألت"، وأخرجه الترمذي
(5)
والنسائي
(6)
وابن ماجه
(7)
.
وفي الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن بسرة سألت": أخرجه ابن أبي شيبة
(8)
.
وعن أبي هريرة أخرجه الطبراني في الأوسط
(9)
.
(1)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 135).
(2)
أخرجه أحمد (6/ 292) و (6/ 302) و (6/ 306) و (6/ 308) والبخاري رقم (130) و (282) و (3328) و (6091) و (6121) ومسلم رقم (32/ 313).
قلت: وأخرجه الترمذي رقم (122) والنسائي (1/ 114 - 115 رقم 197) وابن ماجه رقم (600).
وهو حديث صحيح.
(3)
انظر رقم (282) و (3328) و (6091) و (6121) عند البخاري.
ورقم (33/ 313) عند مسلم.
(4)
في "صحيحه"(1/ 250 رقم 30/ 311).
(5)
في "سننه"(رقم 122).
(6)
في "سننه"(1/ 114 - 115 رقم 197).
(7)
في "سننه" رقم (600).
وهو حديث صحيح.
(8)
في "المصنف"(1/ 81).
(9)
رقم (2267). =
وعن خولة بنت حكيم أخرجه النسائي
(1)
.
قولها: (إن الله لا يستحي [من الحق])
(2)
، جعلتْ هذا القول تمهيدًا لعذرها في ذكر ما يُستحيا منه، والمراد بالحياء هنا معناه اللغوي
(3)
إذ الحياء الشرعي خير كله، والمراد أن الله لا يأمر بالحياء في الحق، أو لا يمنع من ذكر الحق لأن الحياء تغيُّر وانكسار، وهو مستحيل عليه
(4)
، وقيل: إنما يحتاج إلى التأويل في الإِثبات ولا يحتاج إليه في النفي.
قوله: (احتلمتْ) الاحتلام: افتعال من الحُلْم بضم المهملة وسكون اللام وهو ما يراه النائم في نومه، والمراد به هنا أمر خاص هو الجماع. وفي رواية
= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 268) وقال: "وفيه محمد بن عبد الرحمن القشيري قال أبو حاتم: كان يكذب".
(1)
في "سننه"(1/ 115 رقم 198)، وهو حديث صحيح.
(2)
زيادة من (أ) و (ب).
(3)
قال الأزهري في "تهذيب اللغة"(5/ 288): "وقال الليث: الحياء من الاستحياء؛ ممدود
…
قلت: وللعرب في هذا الحرف لغتان: يُقال: استحى فلان يستحِي، بياء واحدة، واستحيا فلان يَستَحيْي، بياءين، والقرآن نزل باللغة التامَّة، يعني: الثانية" اهـ.
(4)
الحياء والاستحياء صفة ثابتة لله عز وجل بالكتاب والسنة، و (الحيي) من أسمائه تعالى:
• قال تعالى في سورة البقرة الآية (26): {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} .
• وقال تعالى في سورة الأحزاب الآية (53): {وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} .
• وأخرج الترمذي رقم (3551) وأبو داود رقم (1488) وحسنهُ الترمذي وهو كما قال عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ ربكُم حَيِيٌّ كريمٌ، يَستحي من عبده إذا رفعَ إليه يديه أن يَرُدَّهُما صفرًا خائبتين".
إلا أن أبا داود لم يذكر "خائبتين".
• وقال ابن القيم في "النونية"(2/ 80):
وهو الحَييُّ فليسَ يفضحُ عبدَهُ
…
عند التجاهُرِ منه بالعصيانِ
لكنَّهُ يُلْقِي عليه سِتْرَهُ
…
فهُو السِّتِّيرُ وصاحبُ الغفرانِ
وقال الهراس: "وحياؤه تعالى وصف يليق به، ليس كحياء المخلوقين، الذي هو تغيير وانكسار يعتري الشخص عند خوف ما يعاب أو يذم، بل هو ترك ما ليس يتناسب مع سعة رحمته وكمال جوده وكرمه وعظيم عفوه وحلمه، فالعبد يجاهر بالمعصية مع أنه أفقر شيء إليه وأضعفه لديه، ويستعين بنعمه على معصيته، ولكن الرب سبحانه مع كمال غناه وتمام قدرته عليه يستحي من هتك ستره وفضيحته، فيستره بما يهيؤه له من أسباب الستر، ثم بعد ذلك يعفو عنه ويغفر" اهـ.
أحمد
(1)
من حديث أم سليم أنها قالت: "إذا رأت أن زوجها يجامعها في المنام أتغتسل".
قوله: (إذا رأت الماء)، أي المني بعد الاستيقاظ.
قولها: (وتحتلم المرأة) بحذف همزة الاستفهام، وفي بعض فسخ البخاري
(2)
بإثباتها.
قوله: (ترِبَتْ يداك) أي افتقرت وصارت على التراب، وهو من الألفاظ التي تطلق عند الزجر ولا يراد بها ظاهرها.
قوله: (فبما يشبهها ولدها)، بالباء الموحدة وإثبات ألف ما الاستفهامية المجرورة وهو لغة.
والحديث يدل على وجوب الغسل على المرأة بإنزالها الماء. قال ابن بطال والنووي
(3)
: وهذا لا خلاف فيه، وقد روي الخلاف في ذلك عن النخعي. وفي الحديث رد على من قال: إن ماء المرأة لا يبرز.
[الباب الثاني] باب إيجاب الغسل من التقاء الختانين ونسخ الرخصة فيه
3/ 288 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ [رضي الله عنه]
(4)
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذا
(1)
في "المسند"(6/ 377) وهو مرسل.
قال ابن أبي حاتم في المراسيل ص 13: سالت أبي عن إسحاق بن أبي طلحة، عن جدته أم سليم هل سمع منها؟ قال: هو مرسل. وعكرمة بن عمار يدخل بينهما أنسًا.
وأورد الهيثمي الحديث في "مجمع الزوائد"(1/ 165) وعزاه لأحمد، وقال:"وهو في الصحيح باختصار، وفي إسناد أحمد انقطاع بين أم سليم وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة"، وانظر:"العلل"(1/ 62 رقم 163) لابن أبي حاتم.
(2)
انظر الحديث رقم (6091) في صحيح البخاري.
(3)
قال النووي في "شرحه لصحيح مسلم"(3/ 220): "اعلم أن المرأة إذا خرج منها المني وجب عليها الغسل، كما يجب على الرجل بخروجه. وقد أجمع المسلمون على وجوب الغسل على الرجل والمرأة بخروج المني؛ أو إيلاج الذكر في الفرج، وأجمعوا على وجوبه عليها بالحيض والنفاس
…
" اهـ.
(4)
زيادة من (جـ).
جَلَسَ بَينَ شُعَبِها الأرْبَعِ ثمَّ جَهَدَهَا فَقدْ وَجَبَ عَليهِ الْغُسْلُ". مُتَّفَقٌ عَلَيهِ
(1)
.
ولمُسْلِمٍ
(2)
وأحْمَدَ
(3)
: "وَإنْ لَمْ يُنْزِلْ"). [صحيح]
قوله: (إذا جلس) الضمير المستتر فيه، وفي قوله: ثم جهدها للرجل، والضمير البارز في قوله: شعبها وجهدها للمرأة.
قوله: (شعبها) الشعب جمع شعبة، وهي القطعة من الشيء، قيل: المراد هنا يداها ورجلاها، وقيل: رجلاها وفخذاها، وقيل: ساقاها وفخذاها، وقيل: فخذاها وأسكتاها، وقيل: فخذاها وشفراها، وقيل: نواحي فرجها الأربع، قاله في الفتح
(4)
: قال الأزهري: والأسكتان: ناحيتا الفرج، والشفران: طرفا الناحيتين.
قوله: (ثم جَهَدها) بفتح الجيم والهاء، يقال: جهد وأجهد أي بلغ المشقة، قيل: معناه كدها بحركته، أو بلغ جهده في العمل بها، والمراد به هنا معالجة الإِيلاج، كنى به عنها. والحديث يدل على أن إيجاب الغسل لا يتوقف على الإِنزال، بل يجب بمجرد الإِيلاج أو ملاقاة الختان الختان كما سيأتي، وقد ذهب إلى ذلك الخلفاء الأربعة
(5)
(1)
أحمد في "المسند"(2/ 393) بسند صحيح. والبخاري (1/ 395 رقم 291) ومسلم (1/ 271 رقم 87/ 348).
قلت: وأخرجه النسائي (1/ 110 رقم 191) وابن ماجه (1/ 200 رقم 610) والدارقطني (1/ 113 رقم 7) والدارمي (1/ 194) وأبو نعيم في "الحلية"(6/ 275) والبغوي في "شرح السنة"(2/ 4 - 5) والخطيب في "تاريخ بغداد"(2/ 74) وابن عدي في "الكامل"(1/ 365) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 163).
(2)
في "صحيحه"(1/ 271 رقم 87/ 348).
(3)
في "المسند"(2/ 347) بسند صحيح.
(4)
(5/ 395).
(5)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 79 رقم 576).
عن ابن المسيب قال: كان عمر، وعثمان، وعائشة، والمهاجرون الأولون يقولون: إذا مس الختان الختان وجب الغسل".
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 245 رقم 936) والبيهقي في "السنن الكبرى من طريق مالك"(1/ 166).
وقال ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 79): "قال أبو بكر: ومن مذهبه أن الاغتسال يجب إذا جاوز الختان الختان، أو إذا التقى الختانان، فيما روى عنهم: عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وأبو هريرة وعائشة وشريح، وعبيدة، والشعبي" اهـ.
والعترة
(1)
والفقهاء وجمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وروى ابن عبد البر
(2)
عن بعضهم أنه قال: "انعقد إجماع الصحابة على إيجاب الغسل من التقاء الختانين، قال: وليس ذلك عندنا كذلك، ولكنا نقول: إن الاختلاف في هذا ضعيف، وإن الجمهور الذين هم الحجة على من خالفهم من السلف والخلف، انعقد إجماعهم على إيجاب الغسل من التقاء الختانين أو مجاوزة الختان الختان"، انتهى.
وجعلوا أحاديث الباب ناسخة لحديث: "الماء من الماء"
(3)
، وخالف في ذلك أبو سعيد الخدري
(4)
، وزيد بن خالد
(5)
، وابن أبي وقاص
(6)
، ومعاذ، ورافع بن خديج
(7)
. وروي أيضًا عن علي
(8)
، ومن غير الصحابة عمر بن عبد العزيز، والظاهرية
(9)
، وقالوا: لا يجب الغسل إلا إذا وقع الإِنزال، وتمسَّكوا
(1)
كما في "البحر الزخار"(1/ 99).
(2)
في "التمهيد" (3/ 404 - "فتح البر في الترتيب الفقهي".
(3)
وهو حديث صحيح.
أخرجه مسلم (1/ 269 رقم 81/ 343) وأبو داود (1/ 148 رقم 217) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 54) من حديث أبي سعيد الخدري.
(4)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 77).
(5)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 78 ث 570) عن زيد بن خالد قال: سألت خمسة من المهاجرين كلهم قالوا: الماء من الماء".
(6)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 78 ث 573) عنه أنه كان يقول: تعزل عن امرأة فإذا لم تنزل لم تغتسل".
(7)
ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار"(3/ 95).
(8)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 77 ث 566) عن علي أن رجلًا قال له: الرجل يأتي أهله فلا ينزل؟ قال: ليس عليه غسل".
(9)
انظر: "المحلى"(2/ 7 رقم المسألة 175).
• قلت: واستمع لما قال ابن عبد البر في "الاستذكار"(3/ 95): "فإن قيل إنَّ رافع بن خديج، وأبا سعيد الخدري، وعبد الله بن عباس، وأبا مسعود، وسعد بن أبي وقاص، كانوا يقولون: الماءُ من الماءِ. قيل لقائل ذلك: قد قلنا: إنَّ الماءَ من الماءِ يحتملُ أن يكون معناه الاحتلامُ، وإن لم يُنزل في احتلامه فلا يضرُّهُ ما رأى من جماعِه.
وقد رُويَ عن ابن عباسٍ: وسعد بن أبي وقاصٍ، وابن مسعودٍ - إيجاب الغُسْلِ من التقاءِ الختانينِ على خلاف ما حكى هذا القائل عنهم.
ولا حجة في قولِ أحد مع السنة" اهـ.
بحديث: "الماء من الماء" المتفق عليه
(1)
، ويمكن تأييد ذلك بحمل الجهد المذكور في الحديث على الإِنزال، ولكنه لا يتم بعد التصريح بقوله:"وإن لم ينزل" في رواية مسلم
(2)
وأحمد
(3)
، وأصرح من ذلك حديث عائشة الآتي
(4)
بعد هذا، لتصريحه بأن مجرد مس الختان للختان موجب للغسل، ولكنها لا تتم دعوى النسخ التي جزم بها الأولون إلا بعد تسليم تأخر حديث أبي هريرة
(5)
وعائشة
(6)
وغيرهما، وقد ذكر المصنف حديث أبيّ بن كعب
(7)
، وحديث رافع بن خديج
(8)
للاستدلال بهما على النسخ، وهما صريحان في ذلك، وسنذكرهما، وقد ذكر الحازمي في الناسخ والمنسوخ
(9)
آثارًا تدل على النسخ، ولو فرض عدم التأخر لم ينتهض حديث:"الماء من الماء"
(10)
لمعارضة حديث عائشة (5) وأبي هريرة (6)، لأنه مفهوم، وهما منطوقان، والمنطوق أرجح من المفهوم.
قال النووي
(11)
: وقد أجمع على وجوب الغسل متى غابت الحشفة في الفرج، وإنما كان الخلاف فيه لبعض الصحابة ومن بعدهم، ثم انعقد الإِجماع على ما ذكرنا، وهكذا قال ابن العربي
(12)
، وصرح أنه لم يخالف في ذلك إلا داود.
قوله: (فقد وجب عليه الغسل) هو بضم الغين المعجمة اسم للاغتسال،
(1)
كذا قال. وليس مما اتفق عليه البخاري ومسلم.
والذي اتفقا عليه من حديث أبي بن كعب، أنه قال: يا رسول الله، إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزل، قال:"يغسِلُ ما مسَّ المرأةَ مِنْهُ ثم يتوضأ ويصلي"، أخرجه البخاري رقم (292) ومسلم رقم (346). في باب: إنما الماء من الماء.
(2)
في "صحيحه"(1/ 271 رقم 87/ 348).
(3)
في "المسند"(2/ 347) بسند صحيح.
(4)
برقم (4/ 289) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(5)
وهو حديث صحيح سيأتي برقم (4/ 289) من كتابنا هذا.
(6)
وهو حديث صحيح تقدم برقم (3/ 288) من كتابنا هذا.
(7)
وهو حديث صحيح سيأتي برقم (5/ 290) من كتابنا هذا.
(8)
وهو حديث حسن لغيره سيأتي برقم (7/ 92) من كتابنا هذا.
(9)
(ص 126 - 129).
(10)
وهو حديث صحيح تقدم تخريجه أثناء شرح حديث (3/ 288) من كتابنا هذا.
(11)
في "شرحه لصحيح مسلم"(4/ 40 - 41).
(12)
في "عارضة الأحوذي"(1/ 170).
وحقيقته: إفاضة الماء على الأعضاء، وزادت الهادوية
(1)
مع الدلك، ولم نجد في كتب اللغة ما يشعر بأن الدلك داخل في مسمى الغسل، فالواجب ما صدق عليه اسم الغسل المأمور به لغة، اللهم إلا أن يقال: حديث: "بُلُّوا الشعرَ وأنقُوا البشرَ"
(2)
- على فرض صحته - مشعر بوجوب الدلك، لأن الإِنقاء لا يحصل بمجرد الإِفاضة. لا يقال: إذا لم يجب الدلك لم يبق فرق بين الغسل والمسح، لأنا نقول: المسح الإِمرار على الشيء باليد يصيب ما أصاب ويخطئ ما أخطأ فلا يجب فيه الاستيعاب بخلاف الغسل، فإنه يجب
(3)
فيه الاستيعاب.
4/ 289 - (وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَعَدَ بَينَ شُعَبِهَا الأرْبَعِ، ثم مَسَّ الخِتانُ الخِتانَ فقدْ وَجبَ الْغُسْلُ". رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
ومُسْلِمٌ
(5)
والتِّرْمِذِيُّ
(6)
وصَحّحَهُ وَلَفْظُهُ: "إذا جاوَزَ الخِتانُ الخِتانَ وَجَبَ الْغُسْلُ". [صحيح]
[ولها حديث آخر بلفظ: "إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم واغتسلنا". و]
(7)
أخرجه [أيضًا]
(8)
الشافعي في الأم
(9)
والنسائي
(10)
،
(1)
"البحر الزخار"(1/ 106).
(2)
وهو حديث ضعيف.
أخرجه أبو داود (248) والترمذي رقم (106) وابن ماجه رقم (597) وفي إسناده الحارث بن وجيه، وهو ضعيف، وليس له في الكتب الستة إلا هذا الحديث.
وقال أبو داود: الحارث بن وجيه، حديثه منكر وهو ضعيف.
وانظر كلام البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 179).
(3)
في حاشية المخطوط ما نصه: "ذكرنا في السيل الجرار ما وجدناه في كتب اللغة وما يؤيد ذلك، فليرجع إليه".
(4)
في "المسند"(6/ 47).
(5)
في "صحيحه"(1/ 271 - 272 رقم 349).
(6)
في "سننه"(1/ 182 رقم 109) قال الترمذي: حديث عائشة حديث حسن صحيح. وهو حديث صحيح.
(7)
ما بين الحاصرتين زيادة من (أ) و (ب)، وعوضًا عما بين الحاصرتين في (جـ) لفظ (الحديث).
(8)
زيادة من (جـ).
(9)
أخرج الشافعي كما في مختصر المزني (1/ 20 - في هامش الأم).
(10)
في الكبرى كما في "التحفة"(12/ 272).
وصححه [أيضًا]
(1)
ابن حبان
(2)
وابن القطان
(3)
، وأعله البخاري بأن الأوزاعي أخطأ فيه. [ورواه]
(4)
غيره عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلًا، واستدل على ذلك بأن أبا الزناد قال: سألت القاسم بن محمد سمعت في هذا الباب شيئًا؟ قال: لا - وابنه عبد الرحمن قال عن أبيه - وأجاب من صححه بأنه يحتمل أن يكون القاسم كان نسيه، ثم ذكر أو حدث به ابنه عبد الرحمن ثم نسي. قال الحافظ
(5)
: ولا يخلو الجواب عن نظر.
قال النووي
(6)
: هذا الحديث أصله صحيح، ولكن فيه تغيير، وتبع في ذلك ابن الصلاح.
قوله: (بين شعبها)، قد تقدم تفسير الشعب.
قوله: (الختان) المراد به هنا موضع الختن، والختن في المرأة قطع جلدة في أعلى الفرج مجاورة لمخرج البول، كعرف الديك ويسمَّى: الخِفاض.
قوله: (جاوز) ورد بلفظ المجاوزة، وبلفظ الملاقاة، وبلفظ الملامسة، وبلفظ الإلزاق، والمراد بالملاقاة: المحاذاة، قال القاضي أبو بكر: إذا غابت الحشفة في الفرج فقد وقعت الملاقاة. قال ابن سيد الناس: وهكذا معنى مس الختان الختان أي قاربه وداناه، ومعنى إلزاق الختان بالختان إلصاقه به، ومعنى المجاوزة ظاهر. قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي حاكيًا عن ابن العربي: وليس المراد حقيقة اللمس ولا حقيقة الملاقاة، وإنما هو من باب المجاز والكناية عن الشيء بما بينه وبينه ملامسة أو مقاربة، وهو ظاهر وذلك أن ختان المرأة في أعلى الفرج، ولا يمسه الذكر في الجماع. وقد أجمع العلماء كما أشار إليه على أنه لو وضع ذكره على ختانها. ولم يولجه لم يجب الغسل على واحد منهما فلا بد من قدر زائد على الملاقاة، وهو ما وقع مصرحًا به في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ:"إذا التقى الختانان وتوارتِ الحشفةُ فقد وجبَ الغسلُ" أخرجه ابن أبي شيبة
(7)
، والتصريح بلفظ الوجوب في هذا الحديث
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في "صحيحه"(3/ 452 رقم 1176).
(3)
كما في "التلخيص الحبير"(1/ 134).
(4)
في (جـ): (وروى).
(5)
في "التلخيص"(1/ 134).
(6)
في "التنقيح"(1/ 338) في هامش الوسيط.
(7)
في "المصنف"(1/ 89).
والذي قبله مشعر بأن ذلك على وجه الحتم، ولا خلاف فيه بين القائلين بأن مجرد ملاقاة الختان الختان سبب للغُسل. قال المصنف
(1)
رحمه الله: وهو يفيد الوجوب وإن كان هناك حائل. انتهى. وذلك لأن الملاقاة والمجاوزة لا يتوقف صدقهما على عدمه.
5/ 290 - (وعَنْ أُبِيِّ بْنِ كَعْب قال: إنَّ الْفُتْيَا الَّتي كانوا يَقُولُونَ: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ رُخْصَةٌ كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ بِها في أوَّلِ الإِسْلَام ثمَّ أمَرَنَا بِالاغتِسالِ بَعْدَهَا". رَواهُ أحْمَدُ
(2)
وأَبُو دَاوُدَ
(3)
.
وفي لفْظٍ: "إنَّما كانَ الْمَاءُ مِنَ المَاءِ رُخْصَةً في أوَّلِ الإِسلَامِ ثم نُهِيَ عَنها". رَواهُ التّرْمِذِيُّ وصَححَهُ)
(4)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا ابن ماجه
(5)
وابن خزيمة
(6)
، ورواه الزهري عن سهل بن سعد عن أبي بن كعب.
وفي رواية ابن ماجه (5) عن الزهري قال: قال سهل بن سعد.
وفي رواية أبي داود
(7)
عن ابن شهاب حدثني بعض من أرضى أن سهل بن سعد أَخبره أن أبيّ بن كعب أخبره.
وجزم موسى بن هارون والدارقطني بأن الزهري لم يسمعه من سهل
(8)
.
(1)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 136).
(2)
في "المسند"(5/ 115).
(3)
في "السنن"(1/ 146 رقم 214) و (1/ 147 رقم 215).
(4)
في "سننه"(1/ 183 رقم 110).
قلت: وأخرجه الدارمي (1/ 194) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 89) وابن ماجه (1/ 200 رقم 609) وابن الجارود في "المنتقى" رقم (91) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 57) والدارقطني (1/ 126 رقم 1) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 165) والحازمي في "الاعتبار"(ص 125) وابن خزيمة في "صحيحه"(1/ 112 رقم 225).
وهو حديث صحيح. انظر: "فتح الباري"(1/ 397) و"نصب الراية"(1/ 82 - 83) و"التلخيص الحبير"(1/ 135).
(5)
في "سننه"(رقم 609) كما تقدم.
(6)
في "صحيحه" رقم (225) كما تقدم.
(7)
في "سننه" رقم (214) كما تقدم.
(8)
ذكر ذلك الحافظ في "التلخيص"(1/ 135).
وقال ابن خزيمة
(1)
: هذا الرجل الذي لم يسمه الزهري هو أبو حازم، ثم ساقه من طريق أبي حازم عن سهل بن سعد عن أبي قال:"إن الفتيا". وساقه بلفظ: الكتاب إلا أنه قال: "في بدء الإِسلام". وقد ساقه ابن خزيمة
(2)
أيضًا عن الزهري، قال: أخبرني سهل، قال الحافظ
(3)
: وهذا يدفع قول ابن حزم بأنه لم يسمعه منه، لكن قال ابن خزيمة
(4)
: "أهاب أن تكون هذه اللفظة غلطًا من محمد بن جعفر الراوي له عن معمر عن الزهري". قال الحافظ
(5)
: وأحاديث أهل البصرة عن معمر يقع الوهم فيها، لكن في كتاب ابن شاهين
(6)
من طريق [معلى]
(7)
بن منصور عن ابن المبارك عن يونس عن الزهري حدثني سهل، وكذا أخرجه بقي بن مخلد في مسنده
(8)
عن أبي كريب عن ابن المبارك، وقال ابن
(1)
ذكر ذلك الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 82).
(2)
في "صحيحه"(1/ 113 رقم 226).
(3)
في "التلخيص"(1/ 135).
(4)
في "صحيحه"(1/ 113).
(5)
في "التلخيص"(1/ 135).
(6)
في "الناسخ والمنسوخ من الحديث"(رقم: 18) بسند صحيح.
وفي هذا الإسناد تصريح الزهري بسماعه من سهل بن سعد، وفي ذلك رد على من ذهب إلى عدم سماع الزهري هذا الحديث من سهل.
وبإسناد ابن شاهين هذا احتج الحافظ في "التلخيص"(1/ 135) على صحة الحديث.
وقال الحافظ في "الفتح"(1/ 397): "وفي الجملة هو إسناد صالح لأن يحتج به، وهو صريح في النسخ" اهـ.
(7)
في "المخطوط"(يعلى)، والصواب (معلى).
(8)
مسند بقي بن مخلد: مدحه ابن حزم بقوله: "روى فيه عن ألف وثلاث مئة صاحب ونيف، ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه، فهو مسند ومصنف، وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله".
انظر: "سير أعلام النبلاء"(13/ 291)، و"معجم الأدباء"(7/ 78).
صرح أكثر من باحث أنه مفقود، منهم بروكلمان في "تاريخ الأدب العربي"(3/ 201) ونمى إليَّ أنه وجد في مكتبة لايبتسج، بألمانيا الشرقية، فالله أعلم.
وأفاد المباركفوري في مقدمة "تحفة الأحوذي"(1/ 331) أن منه نسخة في الخزانة الجرمنية.
وقال أبو عبد الرحمن بن عقيل في "الشروح والتعليقات على كتب الأحكام (1/ 181): "حدثني شيخي أبو تراب في مجلس شيخنا حمد الجاسر أن مسند بقي في سبعين جزءًا، يوجد في ألمانيا، ثم حدثني الدكتور عبد الله الجبوري أن هذا لا يستبعد بتجزئة الأصل الصغيرة، وأن منه صورة في ثلاث مجلدات عند أحد علماء الشام، وقد نسيت اسمه، ثم =
حبان
(1)
: يحتمل أن يكون الزهري سمعه من رجل عن سهل، ثم لقي سهلًا فحدثه، أو سمعه من سهل ثم ثبته فيه أبو حازم
(2)
، ورواه ابن أبي شيبة
(3)
من طريق شعبة عن سيف بن وهب عن أَبي حرب بن أبي الأسود عن عميرة بن يثربي عن أبي بن كعب نحوه.
والحديث يدل على ما قاله الجمهور من النسخ، وقد سبق الكلام عليه.
6/ 291 - (وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أن رَجُلًا سَألَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُل يُجامِعُ أَهْلَهُ ثم يُكْسِلُ وعَائشةُ جالِسَةٌ، فقالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لأفْعَلُ ذلِكَ أَنا وهذِهِ ثمَّ نَغْتَسِلُ". رَواهُ مُسْلمٌ)
(4)
. [صحيح]
قوله: (ثم يُكْسِل) قال النووي
(5)
: ضبطناه بضم الياء ويجوز فتحها، يقال: أكسل الرجل في جماعه إذا ضعف عن الإِنزال، وكَسِل بفتح الكاف وكسر السين، والأولى أفصح، وهذا تصريح بما ذهب إليه الجمهور، وقد سلف ذكر الخلاف فيه.
7/ 292 - (وَعَن رَافِعِ بْن خَدِيجٍ [رضي الله عنه]
(6)
قال: نَادَانِي رَسُولُ الله - الله عليه وسلم - وَأَنَا على بَطْنِ امْرأَتِي، فقُمْتُ وَلمْ أُنْزِلْ فاغْتَسَلْتُ وَخَرَجْتُ فأخْبرْتُهُ، فقالَ:"لَا عَلَيْكَ، الْمَاءُ مِنَ المَاءِ"، قالَ رَافِع: ثمَّ أمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَعْد ذلِكَ بالْغُسلِ. رَوَاهُ أَحمَدُ)
(7)
. [حسن لغيره]
= حدثني الشيخ أبو تراب أن الكتاب يعد الآن للطبع، فكانت بشرى تثلج الصدور" اهـ.
من "معجم المصنفات" لأبي عبيدة مشهور بن حسن، وأبي حذيفة رائد بن صبري ص 374 - 37.
(1)
في "صحيحه"(3/ 449).
(2)
وقد أخرج ابن حبان في "صحيحه" من طريق أبي حازم الحديث برقم (1179).
(3)
في "المصنف"(1/ 88).
(4)
في "صحيحه"(1/ 272 رقم 89/ 350).
(5)
في "شرحه لصحيح مسلم"(4/ 38).
(6)
زيادة من (جـ).
(7)
في "المسند"(4/ 143).
قلت: وأخرجه الحازمي في "الاعتبار" ص 125 - 126، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه" رقم (27).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 264 - 265) وقال: "رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وفيه رشدين بن سعد وهو ضعيف".
الحديث حسَّنه الحازمي
(1)
، وفي تحسينه نظر
(2)
لأن في إسناده رشدين
(3)
وليس من رجال الحسن. وفيه أيضًا مجهول لأنه قال: عن بعض ولد رافع بن خديج فلينظر، فالظاهر ضعف الحديث لا حسنه، وهو من أدلة مذهب الجمهور.
وفي الباب عن علي بن أبي طالب [رضي الله عنه]
(4)
، وعثمان
(5)
، والزبير، وطلحة، وأبي أيوب
(6)
وأبي سعيد
(7)
، وأبي هريرة، وغيرهم.
[الباب الثالث] باب من ذكر احتلامًا ولم يجد بللًا أَو بالعكس
8/ 293 - (عَنْ خَوَلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ [رضي الله عنها] (4) أنَّها سَألَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(1)
في "الاعتبار" ص 126.
(2)
وقد تعقبه الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 84) بقوله: "وهذا فيه نظر، فإن فيه رشدين بن سعد أكثر الناس على ضعفه، وبعض ولد رافع مجهول العين والحال، وحديث يشتمل سنده على ضعيف ومجهول كيف يكون حسنًا؟! .. " اهـ.
قلت: الحديث يتقوى بالشواهد التي في الباب، كما أن له طريقًا آخر فهو حديث حسن لغيره، والله أعلم.
(3)
رِشدِين بن سعد بن مفلح المَهْري، أبو الحجاج المصريّ: ضعيف،
…
"التقريب" رقم (1942).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
أخرج البخاري رقم (179) ومسلم رقم (347): عن أبي سلمةَ: أن عطاء بن يسار أخبره أن زيد بن خالد أخبره: أنه سألَ عثمان بن عفان رضي الله عنه قلت: أرأيتَ إذا جامعَ فلم يُمنِ؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاةِ، ويغسل ذكرهُ. قال عثمان: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألتُ عن ذلك عليًا، والزبير، وطلحة، وأُبي بن كعب، رضي الله عنهم فأمروه بذلك".
قلت: وقد ذهب الجمهور إلى أن ما دل عليه الحديث من الاكتفاء بالوضوء إذا لم ينزل المجامع منسوخ بما دل عليه حديث أبي هريرة وعائشة وغيرهما
…
(6)
أخرجه النسائي في "سننه"(1/ 115) عن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الماءُ من الماء" وهو حديث صحيح. وهو حديث منسوخ.
(7)
أخرجه البخاري رقم (180) ومسلم رقم (345).
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار، فأرسل إليه، فخرج ورأسه يقطرُ. فقال:"لعلنا أعجلناك"، قال: نعم يا رسول الله؟ قال: إذا أُعجلت أو أقحطت، فلا غسل عليك، وعليك الوضوء". وهو حديث منسوخ.
عَنِ الْمَرْأَةِ ترى في مَنامِها ما يَرَى الرَّجُلُ، فقال:"ليسَ عَليها كسلْ حتى تُنْزِلَ، كما أن الرَّجُلَ ليسَ عليهِ غُسلٌ حَتى يُنْزِلَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
والنَّسائيُّ
(2)
مُخْتَصرًا وَلَفْظُهُ: أنَّها سَألَتِ النبي صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَحْتَلِمُ [في مَنامِها]
(3)
، فقالَ:"إذا رَأتِ الماء فَلْتَغْتَسِلْ"). [حسن]،
الحديث أَخرجه أيضًا ابن ماجه
(4)
[وابن أبي شيبة
(5)
، قال السيوطي في الجامع الكبير: وهو صحيح،] (3) وذكره الحافظ في الفتح
(6)
ولم يتكلم عليه، وهو متفق على معناه من حديث أُم سلمة وقد تقدم
(7)
.
وعند مسلم من حديث أَنس
(8)
وعائشة
(9)
. وعند أَحمد
(10)
من حديث ابن عمر. والسائلة عند هؤلاء هي أم سليم.
وقد سألت عن ذلك خولة كما في حديث الباب.
وسهلة بنت سهل عند الطبراني
(11)
. وبسرة بنت صفوان عند ابن أبي شيبة
(12)
.
(1)
في "المسند"(6/ 409).
(2)
في سننه (1/ 115).
(3)
زيادة من (أ) و (ب).
(4)
في "سننه"(1/ 97 رقم 602).
(5)
في "المصنف"(1/ 80 - 81).
وهو حديث حسن "الصحيحة"(2187).
(6)
(1/ 389).
(7)
برقم (2/ 287) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
(8)
أخرجه مسلم في "صحيحه"(1/ 250 رقم 29/ 310).
(9)
أخرجه مسلم في "صحيحه"(1/ 251 رقم 314).
(10)
في "المسند"(2/ 118 رقم 431 - الفتح الرباني).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 267) وقال: "رواه أحمد، وفيه عبد الجبار بن عمر الأيلي ضعفه ابن معين وغيره، ووثقه محمد بن سعد، وبقيته رجاله ثقات" اهـ.
(11)
في "الكبير" كما في "مجمع الزوائد"(1/ 267) وقال الهيثمي: "فيه ابن لهيعة: وهو ضعيف".
(12)
في "المصنف"(1/ 81).
من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: قال: جاءت امرأة يقال لها بسرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إحدانا ترى أنها مع زوجها في المنام، فقال:"إذا وجدتِ بللًا فاغتسلي يا بُسرة".
وقد أَوَّل ابن عباس حديث: "الماء من الماء" بالاحتلام، أخرج ذلك عنه الطبراني
(1)
وأَصله في الترمذي
(2)
ولفظه: إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الماء من الماء في الاحتلام"، قال الحافظ
(3)
: وفي إسناده لين لأنه من رواية شريك
(4)
، عن أبي الجحاف
(5)
.
والحديث يدل على وجوب الغسل على الرجل والمرأة إذا وقع الإِنزال وهو إجماع إلا ما يحكى عن النخعي
(6)
، واشترطت الهادوية مع تيقن خروج المني تيقن الشهوة أَو ظنها، وهذا الحديث، وحديث أم سلمة السابق
(7)
، وحديث عائشة الآتي
(8)
يرد ذلك، وتأييده بأن المني إنما يكون عند الشهوة في جميع الحالات أو غالبها تقييدًا بالعادة وهو ليس بنافع، لأن محل النزاع من وجد الماء ولم يذكر شهوة، فالأدلة قاضية بوجوب الغسل عليه، والتقييد بتيقن الشهوة أو ظنها مع وجود الماء يقضي بعدم وجوب الغسل اللهم إلا أن يجعل مجرد وجود الماء محصلًا لظن الشهوة لجري العادة بعدم انفكاك أحدهما عن الآخر ولكنهم لا يقولون به.
9/ 294 - (وَعَنْ عائشةَ رضي الله عنها قالَتْ: سُئلَ رَسُولُ الله - الله عليه وسلم - عَنِ
(1)
في "المعجم الكبير"(11/ 304 رقم 11812).
(2)
في "سننه"(1/ 186 رقم 112).
قال أبو عيسى: سمعت الجارود يقول: سمعت وكيعًا يقول: لم نجد هذا الحديث إلا عند شريك.
وقال المحدث الألباني في ضعيف الترمذي: ضعيف الإسناد، موقوف، وهو صحيح.
دون قوله: "في الاحتلام".
(3)
في "التلخيص"(1/ 135).
(4)
شريك بن عبد الله القاضي: ضُعِفَ لسوء حفظه (الميزان 2/ 270).
(5)
أبو الجحاف: اسمه داود بن أبي عوف، وثقه أحمد، ويحيى، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وأما ابن عدي فقال: ليس هو عندي ممن يحتج به، شيعي، عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت. (الميزان 2/ 18).
(6)
روى ابن أبي شيبة أن النخعي كان ينكر احتلام المرأة، وبناء على ذلك قال:"ليس عليها غسل من الاحتلام" - المصنف (1/ 81) - وفي سنده مغيرة بن مقسم الضبي وكان يدلس كثيرًا عن إبراهيم كما قال الإمام أحمد، "تهذيب التهذيب"(10/ 241 - 242).
(7)
برقم (2/ 287) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
(8)
برقم (9/ 294) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
الرَّجُلِ يَجِدُ البْلَلَ وَلَا يَذْكُرُ احْتِلَامًا، فقالَ:"يَغْتَسِلُ"، وَعَن الرَّجُلِ يَرَى أنْ قَدِ احْتَلَمَ، وَلَا يَجِدُ الْبَلَلَ، فقالَ:"لَا غُسلَ عليهِ"، فقالتْ أُمُّ سُلَيمٍ: المَرْأَةُ تَرَى ذلِكَ عَليها الْغُسلُ؟ قالَ: "نَعَمْ، إنما النِّساءُ شَقَائِقُ الرِّجالِ"
(1)
. رَوَاهُ الخَمْسةُ إلَّا النسائيَّ)
(2)
. [صحيح]
الحديث رجاله رجال الصحيح إلا عبد الله بن عمر العمري
(3)
، وقد اختلف فيه فقال أحمد: هو صالح، وروي عنه أنه قال: لا بأس به، وكان ابن مهدي يحدث عنه، وقال يحيى بن معين: صالح وروى عنه أنه قال: لا بأس به يكتب حديثه. وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق، في حديثه اضطراب. أخرج له مسلم مقرونًا بأخيه عبيد الله. وقال ابن المديني: ضعيف. وقال يحيى القطان: ضعيف، وروى أنه كان لا يحدث عنه.
(1)
أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطباع فكأنهن شققن من الرجال.
وفيه من الفقه: إثبات القياس وإلحاق حكم النظير بالنظير وإن الخطاب إذا ورد بلفظ الذكور كان خطابًا للنساء إلا مواضع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها". قاله الخطابي في "معالم السنن" (1/ 162 - هامش السنن).
(2)
أخرجه أحمد في "المسند"(6/ 256) وأبو داود (1/ 161 رقم 236) والترمذي (1/ 189 - 192 رقم 113) وابن ماجه (1/ 200 رقم 612) قال الترمذي: إنما رَوَى هذا الحديث عبد الله بن عُمر، عن عُبيدِ الله بن عمر
…
وعبد الله بن عمر ضعفه يحيى بن سعيد من قبل حفظه في الحديث.
• قال أبو الأشبال في شرحه للترمذي (1/ 190): "أما عبد الله، وعبيد الله فهما ابنا عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب. وكلاهما من علماء المدينة، عبيد الله: اسمه مصغر، وهو الأكبر في العلم والسنّ، وهو أحد الفقهاء السبعة مات سنة (147 هـ). وعبد الله: اسمه مكبر، وهو أصغر من أخيه سنًا، وشاركه في كثير من شيوخه، وروى عنه أيضًا.
قال أحمد: "يروي عبد الله عن أخيه عبيد الله، ولم يرو عبيد الله عن أخيه عبد الله شيئًا.
كان عبد الله يسأل عن الحديث في حياة أخيه، فيقول: أما وأبوه عثمان حيّ فلا".
ومات عبد الله سنة (171 هـ) أو سنة (172 هـ) والحق أنه ثقة، وإن كان في حفظه شيء.
روى عثمان الدارمي عن ابن معين أنه قال فيه: "صالح ثقة" فهذا إسناد صحيح، اهـ.
وخلاصة القول أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(3)
انظر: "التاريخ الكبير"(5/ 145) والمجروحين (2/ 6) و"الجرح والتعديل"(5/ 109) و"الكاشف"(2/ 99) و"المغني"(1/ 348)، و"الميزان"(2/ 465)، و، التقريب" (1/ 434) و"لسان الميزان" (7/ 266) و"خلاصة تذهيب تهذيب الكمال" ص 207.
وقال صالح جزرة: مختلط الحديث. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن حبان: غلب عليه التعبد حتى غفل عن حفظ الأخبار وجودة الحفظ فوقعت المناكير في حديثه، فلما فحش خطؤه استحق الترك.
وقد تفرد به المذكور عند من ذكره المصنف من المخرّجين له ولم نجده عن غيره، وهكذا رواه أَحمد وابن أبي شيبة من طريقه، فالحديث معلول بعلتين الأولى: العمري المذكور، والثانية: التفرد وعدم المتابعات، فقصر عن درجة الحسن والصحة
(1)
، والله أعلم.
والحديث يدل على اعتبار مجرد وجود المني سواء انضم إلى ذلك ظن الشهوة أم لا، وقد تقدمت الإِشارة إلى ذلك. قال ابن رسلان
(2)
: أَجمع المسلمون على وجوب الغسل على الرجل والمرأة بخروج المني.
[الباب الرابع] باب وجوب الغسل على الكافر إذا أَسلم
10/ 295 - (عَنْ قيْسِ بْنِ عاصِمٍ [رضي الله عنه]
(3)
أنهُ أسْلَمَ فأمَرَه
(1)
قال أبو الأشبال في شرحه للترمذي (1/ 191) معقبًا على كلام الشوكاني هذا: "ولم يفعل الشوكاني شيئًا فيما قال، فإن العمري أقل حاله أن يكون حديثه حسنًا، وأما زعم التعليل بالتفرد فإنه غير صواب، لأن العبرة في ذلك بمخالفة الراوي غيره من الرواة ممن يكون مثله أو أوثق منه، وهناك ينظر في الجمع أو الترجيح، وأما الانفراد وحده فليس بعلة. ومع ذلك فإن العمري لم ينفرد بأصل القصة، وهي معرفة في الصحيحين وغيرهما من حديث أم سلمة.
- تقدم برقم (2/ 287) من كتابنا هذا -
…
" اهـ.
(2)
قلت: وممن وافق ابن رسلان على الإجماع هذا وذكره:
• ابن عبد البر في "التمهيد"(8/ 337) وفي "الاستذكار"(1/ 342، 366) ن: لجنة إحياء التراث الإسلامي.
• وابن حزم في "مراتب الإجماع"(1/ 21).
• والسمرقندي في "تحفة الفقهاء"(1/ 45) ط: دار الفكر.
• وابن قدامة في "المغني"(1/ 266).
• والنووي في "شرح صحيح مسلم"(4/ 36) و (3/ 220) و"المجموع"(2/ 149، 158).
• والعيني في "البناية"(1/ 274).
(3)
زيادة من (جـ).
النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يغْتَسِلَ بِماءٍ وَسِدرٍ. رَواهُ الخَمْسَةُ إلَّا ابنَ ماجه)
(1)
.
الحديث أَخرجه أيضًا ابن حبان
(2)
وابن خزيمة
(3)
وصححه ابن السكن
(4)
، وهو يدل على مشروعية الغسل لمن أسلم.
وقد ذهب إلى الوجوب مطلقًا أحمد بن حنبل
(5)
. وذهب الشافعي
(6)
إلى أنه يستحب له أن يغتسل فإن لم يكن جنبًا أجزأَه الوضوء، وأوجبه الهادي
(7)
وغيره على من كان قد أجنب حال الكفر سواء كان قد اغتسل أم لا لعدم صحة الغسل، وقال باستحبابه لمن لم [يجنب]
(8)
، وأوجبه أبو حنيفة
(9)
على من [أجنب]
(10)
ولم يغتسل حال كفره فإن اغتسل لم يجب. وقال المنصور بالله: لا يجب الغسل على الكافر بعد إسلامه من جنابة أصابته قبل إسلامه، وروي عن الشافعي نحوه.
احتج من قال بالوجوب مطلقًا بحديث الباب. وحديث ثمامة الآتي
(11)
،
(1)
أخرجه أحمد (5/ 61) وأبو داود (1/ 251 رقم 355) والنسائي (1/ 109 رقم 188) والترمذي (2/ 502 - 503 رقم 605).
قال الترمذي: هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
(2)
في "صحيحه"(4/ 45 رقم 1240).
(3)
في "صحيحه"(1/ 126 رقم 254 ورقم 255).
قلت: وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" رقم (9833) والطبراني في "الكبير"(18/ 338 رقم 866) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 171) وابن الجارود في "المنتقى" رقم (14).
وهو حديث صحيح.
(4)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 68).
(5)
انظر: المغني" لابن قدامة (1/ 274 - 275).
(6)
انظر: "الأم" للشافعي (1/ 157 رقم المسألة 508).
(7)
"البحر الزخار"(1/ 101).
(8)
في المخطوط "يجتنب" والصواب ما أثبتناه.
(9)
انظر: "حاشية ابن عابدين"(1/ 275) بتحقيقنا.
(10)
في المخطوط "اجتنب" والصواب ما أثبتناه.
(11)
برقم (11/ 296) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
وحديث أمره صلى الله عليه وسلم لواثلة
(1)
، وقتادة الرهاوي عند الطبراني
(2)
وعقيل بن أبي طالب عند الحاكم في تاريخ نيسابور
(3)
. قال الحافظ
(4)
وفي أسانيد الثلاثة ضعف.
واحتج القائلون بالاستحباب إلا لمن [أجنب]
(5)
بأنه لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم كل من أسلم بالغسل، ولو كان واجبًا لما خص بالأمر به بعضًا دون بعض فيكون ذلك قرينة تصرف الأمر إلى الندب، وأما وجوبه على [المجنب]
(6)
فللأدلة القاضية بوجوبه لأنها لم تفرق بين كافر ومسلم، واحتج القائل بالاستحباب مطلقًا لعدم وجوبه على [المجنب]
(7)
بحديث: "الإِسلام يجبّ ما قبله"
(8)
، والظاهر الوجوب لأن أمر البعض قد وقع به التبليغ ودعوى عدم الأمر لمن عداهم لا يصلح متمسكًا لأن غاية ما فيها عدم العلم بذلك وهو ليس علمًا بالعدم
(9)
.
(1)
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(22/ 82 رقم 199). قلت: وأخرجه في "الصغير"(2/ 42 - 43) والحاكم في "المستدرك"(3/ 570).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 283) وقال: وفيه منصور بن عمار الواعظ وهو ضعيف.
قلت: لكن للحديث شواهد فبها يكون الحديث حسنًا، والله أعلم.
(2)
في "المعجم الكبير"(14/ 19 رقم 20).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 283) وقال: رجاله ثقات.
قلت: هاشم (هشام) بن قتادة لا يعرف، واسم والده قتادة عباس أو (عياش) كما قال الحافظ في "الإصابة" قاله المحدث الألباني في "ضعيف الجامع (5/ 37).
(3)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 68).
(4)
في "التلخيص"(2/ 68).
(5)
في المخطوط: "اجتنب"، والصواب ما أثبتناه.
(6)
في المخطوط: "المجتنب"، والصواب ما أثبتناه.
(7)
في المخطوط: "المجتنب"، والصواب ما أثبتناه.
(8)
أخرجه أحمد في "المسند"(4/ 98) و (4/ 204) والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 123) مختصرًا.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 350) وذكره بطوله وعزاه إلى أحمد والطبراني ورجالهما ثقات.
(9)
قلت: الراجح أن إسلام الكافر موجب للغسل مطلقًا. للأدلة الآتية:
1 -
لحديث قيس بن عاصم الصحيح المتقدم برقم (10/ 295) من كتابنا هذا.
2 -
لحديث أبي هريرة الصحيح الآتي برقم (11/ 296) من كتابنا هذا.
3 -
لأن الكافر لا يسلم غالبًا من جنابة تلحقه، ونجاسة تصيبه، وهو لا يغتسل ولا يرتفع =
11/ 296 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ [رضي الله عنه]
(1)
أن ثُمامَةَ أسْلَمَ فقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "اذْهَبُوا بِهِ إلى حائطِ بَنِي فُلان فَمُرُوهُ أنْ يَغْتَسِلَ". رَوَاهُ أحْمَدُ)
(2)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا عبد الرزاق
(3)
والبيهقي
(4)
وابن خزيمة
(5)
وابن حبان
(6)
وأصله في الصحيحين
(7)
وليس فيهما الأمر بالاغتسال، وإنما فيهما أنه اغتسل، والحديث قد تقدم الكلام على فقهه.
[الباب الخامس] باب الغسل من الحيض
12/ 297 - (عَنْ عَائِشةَ [رضي الله عنها] (1) أن فاطِمَةَ بِنْتَ أبِي حُبَيش كانَتْ تُستْحَاضُ فسألَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: "ذلِكَ عِرْقٌ وَليسَتْ بالحَيْضَةِ، فإِذا أقْبَلَتِ الحَيضَةُ فَدَعي الصَّلاة وَإِذا أدْبَرَتْ فاغْتَسِلي وَصَلِّي". رَوَاهُ البُخاريُّ)
(8)
. [صحيح]
= حدثه إذا اغتسل فأقيمت مظنة ذلك مقام حقيقته، كما أقيم النوم مقام الحدث، والتقاء الختانين مقام الإنزال.
• أما خبر إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير حين أرادا الإسلام، سألا مصعب بن عمير وأسعد بن زرارة:"كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الأمر؟ قالا: نغتسل ونشهد شهادة الحق" فهو خبر ضعيف.
أخرجه الطبري في "التاريخ"(2/ 357 - 359) من طريق ابن إسحاق، وأخرجه ابن سعد في "طبقاته"(3/ 420 - 421) مختصرًا وفي سنده الواقدي وهو ضعيف.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 431 - 432) من طريق موسى بن عقبة وأخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوائد"(40/ 6 - 42) مرسلًا، وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وهو حسن الحديث، وبقيت رجاله ثقات قاله الهيثمي.
انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (2/ 88 - 90).
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في "المسند"(2/ 304) بسند صحيح.
(3)
في "المصنف" رقم (9834).
(4)
في "السنن الكبرى"(1/ 171).
(5)
في "صحيحه"(1/ 125 رقم 253).
(6)
في "صحيحه"(4/ 41 - 42 رقم 1238).
قلت: وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" رقم (15).
وهو حديث صحيح.
(7)
البخاري رقم (462) و (469) و (2422) و (2423) و (4372) ومسلم رقم (1764).
(8)
في "صحيحه"(1/ 409 رقم 306).
الحديث متفق عليه
(1)
بلفظ: "فاغسلي عنكِ الدَّم وصَلِّي".
قوله: (ذلكِ) بكسر الكاف.
قوله: (وليست بالحيضةِ)، الحَيضة بفتح الحاء كما نقله الخطابي
(2)
عن أكثر المحدثين أو كلهم وإن كان قد اختار الكسر على إرادة الحالة لكن الفتح هنا أظهر قاله الحافظ
(3)
. وقال النووي
(4)
هو متعين أو قريب من المتعين.
وأما قوله: (فإذا أقبلتِ الحيضة)، فيجوز فيه الوجهان معًا جوازًا حسنًا"، انتهى.
قال الحافظ
(5)
: والذي في روايتنا بفتح الحاء في الموضعين.
قوله: (وصلي) أي بعد الاغتسال، وقد وقع التصريح بذلك في بعض روايات البخاري في باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض.
والحديث يدل على أن المرأة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا انقضى قدره اغتسلت عنه ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث فتتوضأ لكل صلاة لا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة مؤداة أو مقضية لظاهر قوله:"توضئي لكل صلاة"، قال الحافظ (5): وبهذا قال الجمهور. وعند الحنفية أَن الوضوء متعلق بوقت الصلاة وكذا عند الهادوية
(6)
، ويدل على عدم وجوب الاغتسال لكل صلاة، وفيه خلاف، وسيأتي الكلام عليه في باب غسل المستحاضة
(7)
، وفي أبواب الحيض
(8)
لأن المصنف رحمه الله [تعالى]
(9)
سيورد هذا الحديث مع سائر رواياته هنالك، وإنما ساقه هنا للاستدلال به على غسل الحائض ولَم يأمرها صلى الله عليه وسلم بالاغتسال إلا لإِدبار الحيضة.
(1)
أخرجه البخاري (1/ 331 رقم 228) ومسلم (1/ 262 رقم 333).
(2)
في "إصلاح غلط المحدثين"(ص 21 رقم 4).
(3)
في "فتح الباري"(1/ 409).
(4)
انظر: "تهذيب الأسماء واللغات"(3/ 76) للنووي.
(5)
في "الفتح"(1/ 410).
(6)
"البحر الزخار"(1/ 144).
(7)
(الباب الخامس) عند الحديث رقم (17/ 325) - (1/ 3279).
(8)
(ثالث عشر) عند الحديث رقم (1/ 368).
(9)
زيادة من (جـ).
[الباب السادس] باب تحريم القراءة على الحائض والجنب
13/ 298 - (عَنْ عَليّ كَرّمَ الله وَجْهَهُ قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقْضِي حاجَتَهُ، ثمَّ يَخْرُجُ فَيَقْرأُ الْقُرْآنَ، وَيأْكل مَعَنَا اللَّحْمَ وَلَا يَحْجُبهُ، وَرُبَّما قالَ: لَا يَحْجُزُهُ مِنَ القُرْآن شَيْءٌ لَيْسَ الجَنَابَةَ. رَوَاهُ الخَمْسَةُ
(1)
لكِنْ لَفْظ التِّرْمِذيِّ مُخْتَصَرٌ: كانَ يُقْرِئُنا الْقُرآنَ على كُلِّ حالٍ ما لَمْ يَكُنْ جُنُبًا، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ). [ضعيف]
الحديث أَيضًا أخرجه ابن خزيمة
(2)
وابن حبان
(3)
والحاكم
(4)
والبزار
(5)
والدارقطني
(6)
والبيهقي
(7)
، وصحَّحه أيضًا ابن حبان (3)، وابن السكن، وعبد الحق
(8)
، والبغوي في شرح السنة
(9)
. وقال ابن خزيمة
(10)
: هذا الحديث ثلث رأس مالي. وقال شعبة
(11)
: ما أحدث بحديث أحسن منه، قال الشافعي
(12)
: أهل الحديث لا يثبتونه. قال البيهقي
(13)
: "إنما قال ذلك لأن عبد الله بن سلمة راويه كان قد تغير، وإنما روى هذا الحديث بعد ما كبر، قاله شعبة".
(1)
أحمد في "المسند"(1/ 83، 84، 107، 124، 134). وأبو داود (1/ 155 رقم 229) والنسائي (1/ 244 رقم 265، 266) وابن ماجه (1/ 195 رقم 594) والترمذي (1/ 273 رقم 146) وقال حديث حسن صحيح.
(2)
في "صحيحه"(1/ 104 رقم 208).
(3)
في "صحيحه"(3/ 79 رقم 799).
(4)
في "المستدرك"(4/ 107) وصححه ووافقه الذهبي.
(5)
في "المسند"(1/ 162 رقم 321 - كشف).
(6)
في "السنن"(9/ 111 رقم 10).
(7)
في "السنن الكبرى"(1/ 88 - 89).
(8)
كما في "التلخيص الحبير"(1/ 139).
(9)
في "شرح السنة"(2/ 42).
(10)
في "صحيحه"(1/ 104) قال: شعبة: هذا ثلث رأس مالي.
(11)
ذكره عنه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(1/ 325 رقم 783).
(12)
في "كتاب جماع الطهور" كما في "المعرفة"(1/ 323 رقم 776).
(13)
في "المعرفة"(1/ 323 رقم 777).
وقال الخطابي
(1)
: كان أحمد يوهن هذا الحديث. وقال النووي: خالف الترمذيَّ الأكثرون، فضعَّفوا هذا الحديث، وقد قدمنا من صححه مع الترمذي.
وحكى البخاري
(2)
عن عمرو بن مرة الراوي لهذا الحديث عنه أنه قال: كان عبد الله بن سلمة
(3)
يحدثنا فنعرف وننكر.
والحديث يدل على أن الجنب لا يقرأ القرآن، وقد ذهب إلى تحريم قراءة القرآن على الجنب القاسم والهادي والشافعي من غير فرق بين الآية وما دونها وما فوقها. وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجوز له قراءة دون آية إذ ليس بقرآن. وقال
(1)
في "معالم السنن"(1/ 156 - هامش السنن).
(2)
في "التاريخ الكبير"(1/ 99 رقم 285).
(3)
عبد الله بن سلمة المرادي الكوفي، تابعي، ثقة، يعد في الطبقة الأولى من فقهاء الكوفة، بعد الصحابة، وقد روى عن عمر، وعلي، ومعاذ، وعبد الله بن مسعود، وسلمان، وغيرهم.
ولم يرو عنه سوى: أبو إسحاق السبيعي، وعمرو بن مرة.
قال البخاري: لا يُتابع في حديثه. وقال أبو حاتم: تعرف وتنكر.
وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 12) و (5/ 31).
وانظر ترجمته في: "الجرح والتعديل"(2/ 2/ 73 - 74)، و"تاريخ بغداد"(9/ 460) و"تهذيب التهذيب"(2/ 347 - 348).
قلت: وأخرج الحديث أبو يعلى في "المسند"(1/ 247 رقم 27/ 287) و (1/ 288 رقم 88/ 348) و (1/ 346) رقم (146/ 406) و (1/ 436 رقم 319/ 579) و (1/ 459 رقم 363/ 623).
والبغوي في "شرح السنة"(2/ 41 رقم 273) وقال: حسن صحيح. والحميدي في "المسند"(1/ 31/ رقم 57) وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 104) وابن الجارود في "المنتقى" رقم (94) وابن عدي في "الكامل"(4/ 1487) والطيالسي (1/ 59 رقم 218 - منحة المعبود) وغيرهم من طرق.
وقال الحافظ في "الفتح"(1/ 408)"رواه أصحاب السنن، وصححه الترمذي وابن حبان، وضعف بعضهم أحد رواته، والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة".
وتعقبه المحدث الألباني في "الإرواء"(2/ 242) بقوله: "هذا رأي الحافظ في الحديث ولا نوافقه عليه، فإن الراوي المشار إليه وهو "عبد الله بن سلمة" قد قال الحافظ نفسه في ترجمته في "التقريب" (1/ 420) "صدوق تغير حفظه، وقد سبق أنه حدث بهذا الحديث في حالة التغير، فالظاهر أن الحافظ لم يستحضر ذلك حين حكم بحسن الحديث" اهـ.
والخلاصة أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
المؤيد بالله والإِمام يحيى وبعض أصحاب أبي حنيفة
(1)
: يجوز ما فعل لغير التلاوة كـ: يا مريم اقنتي، لا لقصد التلاوة.
احتج الأولون القائلون بالتحريم بحديث الباب
(2)
. وحديث ابن عمر الذي سيأتي
(3)
. وحديث: "اقرءوا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة فإن أصابته فلا، ولا حرفًا"
(4)
.
ويجاب عن ذلك بأن حديث الباب ليس فيه ما يدل على التحريم، لأن غايته أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك القراءة حال الجنابة، ومثله لا يصلح متمسكًا للكراهة، فكيف يستدل به على التحريم؟. وأما حديث ابن عمر ففيه مقال سنذكره عند ذكره، لا ينتهض معه للاستدلال. وأما حديث:"اقرأوا القرآن" إلخ، فهو غير مرفوع بل موقوف على عليّ عليه السلام، إلا أنه أخرج أبو يعلى
(5)
من حديث علي قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ثم قرأ شيئًا من القرآن ثم قال: هكذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب فلا، ولا آية "، قال الهيثمي
(6)
: ورجاله موثقون فإن صح [هكذا]
(7)
صلح للاستدلال به على التحريم.
(1)
"البحر الزخار"(1/ 103).
(2)
هو حديث ضعيف لا يحتج به.
(3)
برقم (14/ 299) من كتابنا هذا، وهو حديث ضعيف أيضًا.
(4)
أخرجه الدارقطني في "سننه"(1/ 118 رقم 6) وقال: هو صحيح عن علي - أي موقوفًا.
لكن أخرجه أحمد في "المسند"(1/ 110) مرفوعًا.
ولفظه: عن أبي الفريق قال: أُتى عليٌّ بوَضُوءٍ، فمضمض واستنشقَ ثلاثًا، وغسلَ وجهَه ثلاثًا، وغسل يديه وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ثم مسح برأسِه، ثم غسل رِجليه، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ثم قرأ شيئًا من القرآن، ثم قال:"هذا لمن ليس بجُنبٍ، فأما الجُنب فلا، ولا آية".
وأخرجه أبو يعلى (1/ 300 رقم 105/ 365) والبيهقي/ 1/ 79).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 276) وقال: "رواه أبو يعلى، ورجاله موثقون".
قلت: ولم يعزه الهيثمي في "المجمع" لأحمد وهو على شرطه.
والخلاصة أن الموتوت إسناده حسن، والله أعلم.
(5)
في "المسند" رقم (105/ 365) وقد تقدم.
(6)
في "مجمع الزوائد"(1/ 276) وقد تقدم.
(7)
في (ب): (هذا).
وقد أخرج البخاري
(1)
عن ابن عباس أنه لم ير في القراءة للجنب بأسًا، ويؤيده التمسك بعموم حديث عائشة
(2)
: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه"، وبالبراءة الأصلية حتى يصح ما يصلح لتخصيص هذا العموم، وللنقل عن هذه البراءة.
14/ 299 - (وعنِ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله عنه]
(3)
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَا يَقْرَأُ الجُنُبُ، وَلَا الحَائِضُ شيئًا مِنَ الْقُرْآنِ". رَواهُ أبو دَاوُدَ
(4)
والتّرْمِذِيُّ
(5)
وَابْنُ ماجَه)
(6)
. [ضعيف]
الحديث في إسناده إسماعيل بن عياش
(7)
وروايته عن الحجازيين ضعيفة، وهذا منها، وذكر البزار أنه تفرد به عن موسى بن عقبة، وسبقه إلى نحو ذلك البخاري، وتبعهما البيهقي
(8)
، لكن رواه الدارقطني
(9)
من حديث المغيرة بن
(1)
في "صحيحه"(1/ 407 رقم الباب 7) معلقًا.
(2)
أخرجه مسلم (1/ 282 رقم 373) وأبو داود (1/ 24 رقم 18) وابن ماجه (1/ 110 رقم 302). والترمذي (5/ 463 رقم 3384).
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
لم يعزه صاحب التحفة (6/ 239) لأبي داود.
(5)
في "سننه"(1/ 236 رقم 131).
(6)
في "سننه"(1/ 195 رقم 595).
قلت: وأخرجه البغوي في "شرح السنة"(2/ 42) والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 90) والخطيب في "تاريخ بغداد"(2/ 145) والبيهقي (1/ 89) والدارقطني (1/ 117).
قال الترمذي: حديث ابن عمر لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة
…
وسمعت محمد بن إسماعيل - البخاري - يقول: إن إسماعيل بن عياش يروي عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير كأنه ضعف روايته عنهم.
قلت: وهذا من روايته عنهم فهو منكر.
وانظر: "نصب الراية"(1/ 195) و"الإرواء" للألباني رقم (192).
(7)
قال الفسوي: تكلم قوم في إسماعيل، وإسماعيل ثقة عدل، أعلمُ الناس بحديث الشاميين، ولا يدفعه دافع، وأكثر ما تكلّموا قالوا: يغرب عن ثقات المدنيين والمكيين.
وقال الذهبي: حديث إسماعيل عن الحجازيين والعراقيين لا يحتج به، وحديثه عن الشاميين صالح من قيل الحسن، وُيحتج به إن لم يعارضه أقوى منه".
انظر: "المعرفة والتاريخ"(2/ 423، 424) و"تاريخ بغداد"(6/ 224). وميزان الاعتدال (1/ 241) و"السير الذهبي"(8/ 321).
(8)
ذكر ذلك ابن حجر في "التلخيص"(1/ 138).
(9)
في "سننه"(1/ 117 رقم 5)، وهو حديث ضعيف.
عبد الرحمن عن موسى، ومن وجه آخر
(1)
وفيه مبهم عن أبي معشر. وهو ضعيف عن موسى، قال الحافظ
(2)
: وصحح ابن سيد الناس طريق المغيرة، وأخطأ في ذلك، فإن فيها عبد الملك بن مسلمة وهو ضعيف
(3)
، فلو سلم منه لصح إسناده، وإن كان ابن الجوزي ضعفه بمغيرة بن عبد الرحمن فلم يصب في ذلك، فإن مغيرة ثقة. وقال أبو حاتم
(4)
: حديث إسماعيل بن عياش هذا خطأ، وإنما هو من قول ابن عمر. وقال أحمد بن حنبل
(5)
: هذا باطل أنكر على إسماعيل بن عياش.
والحديث يدل على تحريم القراءة على الجنب، وقد عرفت بما ذكرنا أنه لا ينتهض للاحتجاج به على ذلك، وقد قدمنا الكلام على ذلك في الحديث الذي قبل هذا، ويدل أيضًا على تحريم القراءة على الحائض، وقد قال به قوم. والحديث هذا والذي بعده لا يصلحان للاحتجاج بهما. على ذلك، فلا يصار إلى القول بالتحريم إلا [لدليل]
(6)
.
15/ 300 - (وعَنْ جَابِرٍ [رضي الله عنه]
(7)
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَقْرأُ
(1)
أخرجه الدارقطني (1/ 118 رقم 6).
وفيه علتان:
1 -
الرجل المبهم.
2 -
أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن، وهو ضعيف. انظر:"الميزان"(4/ 246) والمجروحين (3/ 60). وبهما أعله الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 195) والألباني في "الإرواء"(1/ 209 رقم 192)، وهو حديث ضعيف.
(2)
في "التلخيص"(1/ 138).
(3)
عبد الملك بن مسلمة المصري: روى عنه عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم في كتاب فتوح مصر كثيرًا. وهو ضعيف ترجمة ابن أبي حاتم (2/ 2/ 371) وذكر أن أباه روى عنه، وأنه قال:"هو مضطرب الحديث، ليس بقوي"، وأنه حدثه بحديث موضوع، وأن أبا زرعة قال:"ليس بالقوي، هو منكر الحديث"، وله ترجمة في "الميزان" و "لسان الميزان".
انظر: "رجال تفسير الطبري" ص 366 رقم الترجمة (1686).
(4)
في "العلل"(1/ 49 رقم 116).
(5)
في "العلل"(3/ 381 رقم 5675).
(6)
في المخطوط (ب): (بدليل) وفي حاشية المخطوط (أ) ما نصه: "قال المصنف رحمه الله في حاشية الأزهار أن هذا الحديث يدل على تحريم القراءة لكون له شواهد" اهـ.
(7)
زيادة من (جـ).
الحَائِضُ ولَا النُّفَساءُ مِنَ القرآنِ شَيئًا". رَوَاهُ الدَّارقُطْنيُّ
(1)
. [ضعيف جدًّا]
الحديث فيه محمد بن الفضل
(2)
وهو متروك، ومنسوب إلى الوضع، وقد روي موقوفًا، وفيه يحيى بن أَبي أُنَيْسَة
(3)
وهو كذاب. وقال البيهقي
(4)
: هذا الأثر ليس بالقوي، وصح عن عمر أَنه كان يكره أن يقرأ القرآن وهو جنب، وساقه عنه في الخلافيات
(5)
بإسناد صحيح.
[الباب السابع] باب الرخصة في اجتياز الجنب في المسجد ومنعه من اللبث فيه إلا أن يتوضأ
16/ 301 - (عَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(6)
قالتْ: قالَ لي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ"، فَقُلْتُ: إِنِّي حائِضٌ، فقالَ:"إنَّ حَيضَتَكِ لَيسَتْ في يَدِكِ"، رَوَاهُ الجَمَاعةُ إلَّا البُخاريَّ)
(7)
. [صحيح]
(1)
في "سننه"(2/ 87 رقم 7). قلت: وفيه إبراهيم بن أحمد بن مروان. قال الدارقطني: ليس بقوي. وكذلك فيه محمد بن الفضل: وهو متروك وأخرجه في "سننه" أيضًا (1/ 121 رقم 15) موقوفًا. قال الدارقطني: يحيى هو ابن أبي أنيسة ضعيف.
(2)
انظر: "التقريب" رقم (6225). و"تهذيب التهذيب"(3/ 674 - 675).
(3)
يَحْيى بن أبي أنيسة: متروك الحديث، جَزَري، أخو زيد، عن عمرو بن شعيب والزهري: قال البخاري: ليس بذاك، وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال أحمد والدارقطني: متروك. مات سنة (146 هـ).
انظر: ترجمته في "التاريخ الكبير"(7/ 262) و"المجروحين"(3/ 110) و"الجرح والتعديل"(9/ 129) و"الميزان"(4/ 364) و"خلاصة تذهيب تهذيب الكمال" ص 421.
(4)
في "سننه الكبرى"(1/ 89). قلت: وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 337 رقم 1307).
(5)
(2/ 38 رقم 325) بإسناد صحيح.
قلت: وأخرجه البيهقي في "المعرفة"(1/ 189 رقم 115).
وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 102) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 90) وابن المنذر في "الأوسط"(2/ 96 رقم 618) وإسناده صحيح. وصححه ابن حجر في "التلخيص الحبير"(1/ 138).
(6)
زيادة من (جـ).
(7)
أخرجه أحمد في "المسند"(6/ 45) ومسلم (2/ 244 - 245 رقم 298) وأبو داود =
الحديث حسنه الترمذي
(1)
، وهو صحيح بتصحيح مسلم إياه كما قاله ابن سيد الناس، وأخرجه له في صحيحه، وأما أبو الحسن الدارقطني
(2)
فإنه ذكر فيه اختلافًا على الأعمش في هذا الحديث وصوّب رواية من رواه عنه عن ثابت عن القاسم عن عائشة، وليس هذا الاختلاف الذي ذكره الدارقطني مانعًا من القول بصحته بعد أن بين فيه وجه الصواب ولكنه تفرد به ثابت بن عبيد (2) وهو وإن كان ثقة فليس في مرتبة الحفظ والإِتقان الذي يقبل معه تفرده، ويمكن أن يجاب عن إعلاله بالتفرد أن له طريقًا أخرى عند الدارقطني عن محمد بن فضيل عن الأعمش عن السائب عن محمد بن أبي يزيد عن عائشة. وعن عبد الوارث بن سعيد وعبد الرحمن المحاربي كلاهما عن ليث بن أبي سليم عن القاسم عن عائشة. وعن أبي عمر الحوضي عن شعبة عن سليمان الشيباني عن القاسم عن عائشة. وهذه متابعات لطريق ثابت بن عبيد وهي وإن كانت واهية فهي تحصل تقوية.
قوله: (الخُمرة)، الخُمْرة بضم الخاء المعجمة وإسكان الميم. قال الهروي
(3)
وغيره: وهي السجادة وهي ما يضع عليه الرجل حر وجهه في سجوده من حصير أو نسيجة من خوص. وقال الخطابي
(4)
: هي السجادة يسجد عليها المصلي وهي عند بعضهم قدر ما يضع عليه المصلي وجهه فقط، وقد [تكون]
(5)
عند بعضهم أكبر من ذلك.
= (1/ 179 رقم 261) والترمذي (1/ 241 رقم 134) وقال الترمذي: حديث عائشة حديث حسن صحيح. والنسائي (1/ 146 رقم 271) وابن ماجه (1/ 207 رقم 632).
(1)
في "سننه"(1/ 242).
(2)
ثابتُ بن عُبيد الأنصاريُّ الكوفي روى عن مولاه زيد بن ثابت والبراء وابن عُمر وعدّةٍ.
ويروي عنه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والأعمشُ ومسعرٌ والثوري، وثقه أحمد، وابن معين. وقال - الحافظ - في "التقريب": ثقة من الثالثة.
[خلاصة القول المفهم على تراجم رجال جامع الإمام مسلم (1/ 83 رقم الترجمة 3/ 182)].
(3)
في "غريب الحديث"(1/ 277).
(4)
في "معالم السنن"(1/ 179 - هامش السنن).
(5)
في (جـ): (يكون).
قوله: (إن حيضتك)، الحيضة قيدها الخطابي
(1)
بكسر الحاء المهملة يعني الحالة والهيئة. وقال المحدّثون: يفتحون الحاء وهو خطأ. وصوَّب القاضي عياض
(2)
الفتح وزعم أن كسر الحاء هو الخطأ لأن المراد الدم وهو الحيض بالفتح لا غير، وقد تقدّم كلام الحافظ والنووي في باب وجوب الغسل على الكافر
(3)
.
والحديث يدل على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة ولكنه يتوقف على تعلق الجار والمجرور، أعني:
قوله: (من المسجد) بقوله: "ناوليني"، وقد قال بذلك طائفة من العلماء، واستدلوا به على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة تعرض لها إذا لم يكن على جسدها نجاسة وأنها لا تمنع من المسجد إلا مخافة ما يكون منها، وعلقته طائفة أخرى بقولها:"قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد: ناوِليني الخُمْرة" على التقديم والتأخير. وعليه المشهور من مذاهب العلماء أنها لا تدخل لا مقيمة ولا عابرة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا أحل المسجد لحائض ولا جنب"
(4)
، وسيأتي الكلام عليه في هذا الباب.
قالوا: ولأن حدثها أغلظ من حدث الجنابة، والجنب لا يمكث فيه، وإنما اختلفوا في عبوره. والمشهور من مذاهب العلماء منعه، فالحائض أولى بالمنع، ويحتمل أن يكون المراد بالمسجد هنا مسجد بيته الذي كان يتنفل فيه فيسقط الاحتجاج به في هذا الباب.
وقد ذهب إلى جواز دخول الحائض المسجد وأنها لا تمنع إلا لمخافة ما يكون منها زيد بن ثابت، وحكاه الخطابي عن مالك
(5)
(1)
في "إصلاح غلط المحدثين"(ص 21 رقم 4).
(2)
في "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" للقاضي عياض (1/ 217).
(3)
بل في الباب الخامس: باب الغسل من الحيض عند الحديث رقم (12/ 297) من كتابنا هذا. وليس في الباب الرابع: باب وجوب الغسل على الكافر.
(4)
وهو حديث ضعيف. سيأتي تخريجه برقم (20/ 305) من كتابنا هذا.
(5)
قلت: بل المشهور من مذهب مالك أن الحائض لا يجوز لها المرور مطلقًا سواء أمنت التلويث أم لا. =
والشافعي
(1)
وأحمد
(2)
وأهل الظاهر
(3)
، ومنع من دخولها سفيان وأصحاب الرأي
(4)
وهو المشهور من مذهب مالك.
17/ 302 - (وعَنْ مَيْمُونَةَ [رضي الله عنها]
(5)
قالتْ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ على إحْدَانا وَهِيَ حائِضٌ فيَضَعُ رَأسَهُ في حِجْرِها فيقَرْأُ القُرآنَ وَهيَ حائِضٌ ثمّ تَقُومُ إحْدَانا بِخُمْرتِهِ فَتَضَعُها في الْمَسْجِد وَهيَ حائِضٌ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(6)
والنسائيُّ)
(7)
. [إسناده ضعيف]
الحديث إسناده في سنن النسائي هكذا، أَخبرنا محمد بن منصور عن سفيان عن منبوذ عن أمه أن ميمونة، فذكره. ومحمد بن منصور ثقة
(8)
، ومنبوذ
(9)
وثقه
= انظر: "الخرشي على مختصر خليل (1/ 209).
(1)
قال النووي في "المجموع"(2/ 389): "وأما عبورها - أي الحائض - بغير لبث فقال الشافعي رضي الله عنه في "المختصر: أكره ممر الحائض في المسجد. قال أصحابنا: إن خافت تلويثه لعدم الاستيثاق بالشد أو لغلبة الدم حرم العبور بلا خلاف. وإن أمنت ذلك فوجهان الصحيح منها جوازه وهو قول ابن سريج وأبي إسحاق المروزي، وبه قطع المصنف والبندنيجي وكثيرون، وصححه جمهور الباقين كالجنب وكمن على بدنه نجاسة لا يخاف تلويثه. وانفرد إمام الحرمين فصحح تحريم العبور وإن أمن لغلظ حدثها بخلاف الجنب والمذهب الأول" اهـ.
(2)
والمشهور من مذهب الحنابلة أنه يجوز عبور الحائض المسجد إذا أمنت التلويث، فإن خافت التلويث منعت.
انظر: "المغني"(1/ 200) والمبدع (1/ 206).
(3)
انظر: "المحلى"(1/ 184 - 187) رقم المسألة (262).
(4)
قال ابن قدامة في "المغني"(1/ 200): "وممن نُقِلت عنه الرُّخصةُ في العبورِ: ابنُ مسعود، وابن عباس، وابن المسيَّب، وابن جُبير، والحسن، ومالك، والشافعي.
وقال الثوريُّ وإسحاقُ: لا يمرُّ في المسجد إلَّا أن لا يجدَ بُدًّا، فيتيمم وهو قولُ أصحاب الرأي
…
" اهـ.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
في "المسند"(6/ 331).
(7)
في "سننه"(1/ 47 رقم 273).
(8)
محمد بن منصور بن ثابت بن خالد الخُزاعي، الجَوَّاز: ثقة، من العاشرة مات سنة اثنتين وخمسين ومائة. "التقريب" رقم (6325).
(9)
مَنْبُوذ بن أبي سليمان المكي، يقال: اسمه سليمان، ومنبوذ لقبه: مقبول من السادسة.
"التقريب" رقم (6880).
ابن معين
(1)
، [وقد أخرجه بنحو هذا اللفظ عنها عبد الرزاق
(2)
وابنِ أبي شيبة
(3)
والضياء في المختارة]
(4)
. وللحديث شواهد.
أما قراءة القرآن في حجر الحائض فهي ثابتة في الصحيحين
(5)
وغيرهما من حديث عائشة وليس فيها خلاف.
وأما وضع الخُمرة في المسجد فهو حجة لمن قال بجواز دخول الحائض المسجد للحاجة، ومؤيد لتعليق الجار والمجرور في الحديث الأول بقوله:"ناوليني"، لأن دخولها المسجد لوضع الخمرة فيه لا فرق بينه وبين دخولها إليه لإِخراجها، وقد تقدم الكلام على ذلك. وأخرج مالك في الموطأ
(6)
عن ابن عمر أَن جَوَارِيه كنّ يغسلنَّ رِجْلَيه ويُعْطِينه الخُمْرَةَ وهُنَّ حُيَّضٌ.
18/ 303 - (وعَنْ جابر [رضي الله تعالى عنه]
(7)
قالَ: كانَ أحَدُنا يمر في الْمَسْجِدِ جُنُبًا مُجْتازًا. رَواهُ سعِيد بْنُ مَنْصُور في سُننِهِ)
(8)
. [إسناده ضعيف]
19/ 304 - (وَعَنِ زَيدِ بْنِ أَسْلَمَ [رضي الله عنه] (7) قالَ: كانَ أصْحابُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَمْشُونَ في المَسجِدِ وهُمْ جُنُبٌ. رَواهُ ابْنُ المُنْذِرِ)
(9)
. [إسناده ضعيف]
(1)
كما في "الجرح والتعديل"(8/ 418) و"تهذيب التهذيب"(15/ 263) وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 524).
وقال الذهبي في "الكاشف"(3/ 153 رقم 5724): ثقة.
قلت: ومثل هذا لا يقال له مقبول: أي لين الحديث إذا انفرد. لكن علة الإسناد أم منبوذ، حيث لم يرو عنها إلا ابنها منبوذ، ولم يوثقها أحد فهي مجهولة.
(2)
في "المصنف"(1/ 325 رقم 1249)، وأخرجه من طريقه الطبراني في "الكبير"(ج 24 رقم 22) وأحمد في "المسند"(4/ 344).
(3)
في "المصنف"(1/ 202) والمرفوع صحيح لغيره والله أعلم.
(4)
زيادة من (أ) و (ب).
(5)
البخاري رقم (297) ومسلم رقم (15/ 301) عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله يتكئُ في حِجري وأنا حائضٌ فيقرأ القرآن".
(6)
(1/ 52 رقم 88) بسند صحيح.
(7)
زيادة من (جـ).
(8)
(4/ 1270 رقم 645) بسند ضعيف لأن أبا الزبير مدلس ولم يصرح بالسماع.
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 146) وابن المنذر في "الأوسط"(2/ 106 رقم 631) والبيهقي في "سننه الكبرى"(2/ 443) كلهم من طريق هشيمٍ، عن أبي الزبير، عن جابر، به.
(9)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 108) بدون سند معلقًا، وأخرجه ابن أبي شيبة في =
[الحديث الأول أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة
(1)
، وقد]
(2)
أراد المصنف بهذا الاستدلال لمذهب من قال: إنه يجوز للجنب العبور في المسجد، وهم ابن مسعود
(3)
وابن عباس
(4)
،
= "المصنف"(1/ 146) عنه بلفظ "كان الرجل منهم يجنب، ثم يدخل المسجد فيحدث فيه"، بسند ضعيف.
(1)
في "المصنف"(1/ 146) وقد تقدم.
(2)
زيادة من (أ) و (ب).
(3)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 412 رقم 1613): عنه أنه كان يرخص للجنب أن يمر في المسجد مجتازًا ولا أعلمه إلا قال: "ولا جنبًا إلا عابري سبيل".
وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره رقم (9554) وابن المنذر في "الأوسط"(2/ 107) والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 443).
بسند منقطع لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه.
(4)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 106) عنه قال: "ولا جنبًا إلا عابري سبيل"، قال: إلا وأنت مار فيه".
وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره رقم (9555).
بسند ضعيف لضعف أبي جعفر الرازي.
وقد فسر قوله تعالى: "عَابِرِى سَبِيلٍ" بالجنب يمر في المسجد جماعة من التابعين منهم عطاء: أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 146 - 147) بسند ضعيف لعنعنة ابن جريج. ومنهم الحسن: أخرجه ابن جرير في تفسيره رقم (9559) بسند ضعيف لعنعنة قتادة. ومنهم إبراهيم النخعي: أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 146) بسند صحيح.
• وقد ثبت عن ابن عباس في تفسير الآية خلاف هذا بسند صحيح عنه.
أخرج الطبري في "تفسيره" رقم (9537) عنه في قوله: "ولا جنبًا إلا عابري سبيل"، قال المسافر. وقال ابن المثنى: السفر.
بسند صحيح، ولا تضر عنعنة قتادة لأن حديثه جاء من طريق شعبة.
• وله شاهد من قول علي:
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 108 ث 634) عن علي في قوله: "ولا جنبًا إلا عابري سبيل" قال: لا يقرب الصلاة إلا أن يكون مسافرًا تصيبه الجنابة فيتيمم ولا يصلي حتى يجد الماء".
بسند ضعيف لأن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فيه ضعف من قبل حفظه. لكنه توبع. فقد أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 216).
عن علي قال: أنزلت هذه الآية في المسافر {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} .
قال: إذا أجنب فلم يجد الماء تيمم وصلى حتى يدرك الماء، فإذا أدرك الماء اغتسل.
وقد فسر قوله تعالى: {عَابِرِى سَبِيلٍ} بالمسافرين جماعة من التابعين. منهم: مجاهد. أخرجه ابن جرير في تفسيره رقم (9543) و (9544) و (9545) و (9546) من طرق عن مجاهد.
ومنهم: عمرو بن دينار. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" رقم (1614) بسند صحيح.
ومنهم: سعيد بن جبير. أخرجه ابن جرير في تفسيره رقم (9540) بسند صحيح. =
والشافعي
(1)
وأصحابه، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى:{إِلَّا عَابِرِى سَبِيلٍ}
(2)
، والعبور إنما يكون في محل الصلاة وهو المسجد لا في الصلاة، وتقييد جواز ذلك بالسفر لا دليل عليه بل الظاهر أن المراد مطلق المار، لأن المسافر ذكر بعد ذلك فيكون تكرارًا يصان القرآن عن مثله.
وقد أخرج ابن جرير
(3)
عن يزيد بن أبي حبيب أن رجالًا من الأنصار كانت أَبوابهم إلى المسجد فكانت تصيبهم جنابة فلا يجدون الماء ولا طريق إليه إلا من المسجد فأنزل الله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (2)، وهذا من الدلالة على المطلوب بمحل لا يبقى بعده ريب.
= ومنهم: سليمان بن موسى. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 157) بسند صحيح.
ومنهم: الحكم بن عتيبة. أخرجه ابن جرير في تفسيره رقم (9551) بسند صحيح.
ومنهم: الحسن بن مسلم. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 157) بسند صحيح.
قلت: فتحصل في معنى الآية قولان:
الأول: أن معنى الآية: لا يقرب الصلاة الجنب إلا أن يكون مسافرًا فيتيمم ويصلى هذا التفسير ثابت عن ابن عباس وعلي وجماعة من التابعين كما تقدم.
والثاني: أن معنى الآية: لا تقرب موضع الصلاة وأنت جنبًا إلا أن تكون مارًا في المسجد غير ماكث فيه.
والراجح أن المراد بالآية المجتاز، وليس المسافر، فيرجحه أن الله سبحانه قد بين حكم المسافر إذا عدم الماء وهو جنب في قوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] الآية. فلو كان يقصد بقوله: إلا عابري سبيل هو المسافر، لم يكن لإعادة ذكره معنى.
ورجح هذا القول ابن كثير في تفسيره (2/ 313).
(1)
انظر: "الأم"(1/ 211) رقم المسألة (719).
(2)
سورة النساء: الآية 43.
(3)
في "جامع البيان"(4/ ج 5/ 99).
وأورده ابن كثير في تفسيره (2/ 311) وقال عقبه: "ويشهد لصحة ما قاله يزيد بن أبي حَبيبٍ، رحمه الله، ما ثبت في صحيح البخاري (رقم: 298) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سُدُّوا كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر". وهذا قاله في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، علمًا منه أن أبا بكر رضي الله عنه، سيلي الأمر بعده، ويحتاج إلى الدخول في المسجد كثيرًا للأمور المهمة فيما يصلح للمسلمين، فأمر بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا بابه، رضي الله عنه.
ومن روى: "إلا باب علي" كما وقع في بعض "السنن"، فهو خطأ، والصحيح ما ثبت في الصحيح
…
" اهـ.
وأما ما استدل به القائلون بعدم جواز العبور وهم العترة ومالك
(1)
وأبو حنيفة
(2)
وأصحابه من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا أحل المسجد لحائض ولا جنب"
(3)
وسيأتي، فمع كونه فيه مقال سنبيّنه، هو عام مخصوص بأدلة جواز العبور.
وحمل الآية على من كان في المسجد [وأجنب]
(4)
تعسف لم يدل عليه دليل.
20/ 305 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله عنها]
(5)
قَالَتْ: جاءَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَوُجُوهُ بُيوتِ أصحْابهِ شَارِعةٌ في المَسْجِدِ، فقالَ:"وَجِّهُوا هذِهِ البيُوتَ عَنِ المسْجِدِ"، ثمَّ دَخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَلمْ يَصْنعِ القَوْمُ شَيئًا رَجاءَ أنْ يَنْزِلَ فِيهمْ رُخْصةٌ فَخَرَجَ إِليْهم فقالَ:"وَجِّهُوا هذِهِ البُيوتَ عَنِ المسْجِدِ فإني لَا أُحِلُّ المسْجِدَ لِحَائِض وَلَا جُنُب". رَوَاهُ أبُوَ دَاوُدَ)
(6)
. [ضعيف]
(1)
انظر: "الخرشي على مختصر خليل"(1/ 209).
(2)
انظر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق " للزيلعي (1/ 56) والمبسوط (3/ 153).
(3)
وهو حديث ضعيف سيأتي تخريجه رقم (20/ 305) من كتابنا هذا.
(4)
في "المخطوط""واجتنب" والصواب ما أثبتناه.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
في "سننه" رقم (232).
قلت: وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 442) وابن خزيمة رقم (1327) وفي سنده أفلت بن خليفة قال عنه ابن حزم في "المحلى"(2/ 186): "أفلت غير مشهور ولا معروف بالثقة، وحديثه هذا باطل".
وقال ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 110): وحديث عائشة وقد ذكرته في غير هذا الموضع، وهو غير ثابت، لأن أفلت مجهول، لا يجوز الاحتجاج بحديثه. وقال الخطابي في "معالم السنن" (1/ 158 - هامش السنن):"وضعفوا هذا الحديث، وقالوا: أفلتُ راويه مجهول لا يصح الاحتجاج بحديثه".
قلت: وقد قال أحمد في أفلت هذا: ما أرى به بأسًا - كما في "الجرح والتعديل"(2/ 346).
وقال الذهبي في "الكاشف" رقم (461): صدوق.
وقال الدارقطني: صالح. كما في "تهذيب الكمال"(3/ 320).
والحق أن أفلت: صدوق.
وفي إسناد الحديث جسرة بنت دجاجة:
قال البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 76): "عند جسرة عجائب". =
21/ 306 - (وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ [رضي الله عنها]
(1)
قالتْ: دخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم صَرْحَةَ هذا المسْجِد فَنَادَى بأعْلَى صَوْتِهِ: "إنَّ المسْجِد لَا يَحِلُّ لِحَائِضٍ وَلَا لِجُنُبٍ". رَواهُ ابنُ ماجَهْ)
(2)
. [ضعيف]
[الحديث الأول صحيح
(3)
كما سيأتي.
و]
(4)
أخرج الثاني أَيضًا الطبراني
(5)
قال أبو زرعة: الصحيح حديث عائشة، وكلاهما من حديث أَفلت بن خليفة عن جسرة، وضعف ابن حزم
(6)
هذا الحديث فقال: بأن أفلت مجهول الحال.
وقال الخطابي
(7)
: ضعَّفوا هذا الحديث. وأفلت راويه مجهول لا يصح الاحتجاج به وليس ذلك بسديد، فإن أَفلت وثقه ابن حبان
(8)
، وقال أبو حاتم
(9)
: هو شيخ، وقال أحمد بن حنبل
(10)
: لا بأس به. وروى عنه سفيان الثوري وعبد الواحد بن زياد. وقال في الكاشف
(11)
: صدوق. وقال في البدر المنير: بل هو مشهور ثقة، وأما جسرة فقال البخاري
(12)
إن عندها عجائب.
قال ابن القطان
(13)
: وقول البخاري في جسرة إن عندها عجائب لا يكفي في رد أخبارها.
= وقال الحافظ في "التقريب": مقبولة.
قلت: ولا أعلم أحدًا تابع جسرة، بل إنه قد اختلف عليها في هذا الحديث.
وخلاصة القول أن حديث عائشة ضعيف، والله أعلم.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في "سننه"(رقم 645).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 230): "هذا إسناد ضعيف. محدوج: لم يوثق. وأبو الخطاب: مجهول
…
" اهـ.
وخلاصة القول أن حديث أم سلمة ضعيف، والله أعلم.
(3)
بل حديث ضعيف كما تقدم آنفًا.
(4)
زيادة من (أ) و (ب).
(5)
في "المعجم الكبير"(23/ 373) رقم (883).
(6)
في "المحلى"(2/ 186).
(7)
في "معالم السنن"(1/ 158 - هامش السنن).
(8)
في "الثقات"(6/ 88).
(9)
في "الجرح والتعديل"(2/ 346).
(10)
كما في "الجرح والتعديل"(2/ 346).
(11)
رقم (461).
(12)
في "التاريخ الكبير"(2/ 76).
(13)
في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 332).
وقال العجلي
(1)
: تابعية ثقة.
وذكرها ابن حبان في الثقات
(2)
.
وقد حسَّن ابن القطان
(3)
حديث جسرة هذا عن عائشة وصحَّحه ابن خزيمة
(4)
. قال ابن سيد الناس: ولعمري إن التحسين لأقل مراتبه لثقة رواته ووجود الشواهد له من خارج. فلا حجة لأبي محمد يعني ابن حزم في رده، ولا حاجة بنا إلى تصحيح ما رواه في ذلك لأن هذا الحديث كاف في الرد.
قال الحافظ
(5)
: وأما قول ابن الرفعة في أواخر شروط الصلاة: إن أَفلت متروك فمردود لأنه لم يقله أحد من أئمة الحديث.
والحديثان يدلان على عدم حل اللبث في المسجد للجنب والحائض وهو مذهب الأكثر، واستدلوا بهذا الحديث وبنهي عائشة عن أن تطوف بالبيت، متفق عليه
(6)
، وقال داود
(7)
والمزني وغيرهم: إنه يجوز مطلقًا. وقال أحمد بن حنبل
(8)
وإسحق: إنه يجوز للجنب إذا توضأ لرفع الحدث لا الحائض فتمنع.
قال القائلون بالجواز مطلقًا: إن حديث الباب كما قال ابن حزم باطل، وأما حديث عائشة فالنهي لكون الطواف بالبيت صلاة وقد تقدم، والبراءة الأصلية قاضية بالجواز، ويجاب بأن الحديث كما عرفت إما حسن أو صحيح، وجزم ابن حزم بالبطلان مجازفةٍ، وكثيرًا ما يقع في مثلها، واحتج من قال بجوازه للجنب إذا توضأ بما قاله المصنف بعد أَن ساق هذا الحديث ولفظه وهذا يمنع بعمومه دخوله مطلقًا، لكن خرج منه المجتاز لما سبق، والمتوضئ كما ذهب إليه
(1)
في "الثقات"(2/ 450).
(2)
(2/ 121).
قلت العجلي، وابن حبان متساهلان.
(3)
في "الوهم والإيهام"(5/ 332).
(4)
في "صحيحه" رقم (1327).
(5)
في "التلخيص الحبير"(1/ 140).
(6)
البخاري رقم (294) ومسلم رقم (1211).
(7)
انظر: "المحلى" المسألة (262).
(8)
انظر: "المغني"(1/ 202) ومسائل أحمد وإسحاق (1/ 20، 91).
أحمد وإسحاق لما روى سعيد بن منصور في سننه
(1)
، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: "رأيت رجالًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضئوا وضوء الصلاة". وروى حنبل بن إسحاق صاحب أحمد قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون في المسجد وهم على غير وضوء، وكان الرجل يكون جنبًا فيتوضأ ثم يدخل المسجد فيتحدث"
(2)
انتهى. ولكن في كلا الإِسنادين هشام بن سعد
(3)
، وقد قال أبو حاتم
(4)
: إنه لا يحتج به، وضعفه ابن معين وأحمد والنسائي. وقال أبو داود
(5)
: إنه أثبت الناس في زيد بن أسلم، وعلى تسليم الصحة لا يكون ما وقع من الصحابة حجة ولا سيما إذا خالف المرفوع إلا أن يكون إجماعًا.
(1)
(4/ 1275 رقم 646) بسند حسن.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 146) بسند حسن.
وذكره المنذري في "الأوسط"(2/ 108).
(3)
هشام بن سعد القرشي، مولاهم، أبو عبّاد، ويقال: أبو سعد، المدني.
توفي في حدود سنة (160 هـ).
ضعفه ابن معين في رواية، وفي أخرى قال:"صالح، وليس بمتروك الحديث".
وقال ابن المديني: "صالح، وليس بالقوي".
وقال ابن سعد: "كان كثير الحديث يستضعف، وكان متشيعًا".
وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه ولا يحتج به، هو ومحمد بن إسحاق عندي سواء".
وقال أبو زرعة: "شيخ محلّه الصدق، وكذلك محمد بن إسحاق هو هكذا عندي، وهشام أحب إليّ من محمد بن إسحاق".
وقال العجلي: "جائز الحديث، حسن الحديث".
وقال الساجي: "صدوق".
انظر: "تهذيب التهذيب"(11/ 39 - 41 رقم 80) و"الجرح والتعديل"(9/ 61 - 62 رقم 241) وذهب الحافظ في "التقريب" رقم (7294) إلى أن هشام بن سعد صدوق له أوهام وذهب الحافظ الذهبي في "الكاشف"(3/ 222 رقم 6064) إلى أنه حسن الحديث.
قلت: والذي يترجح من أقوال أئمة "الجرح والتعديل" ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر، إلا في روايته عن زيد بن أسلم فإنه ثقة فيه لطول ملازمته له ومعرفته بحديثه. ولذا قال أبو داود:"أثبت الناس في زيد بن أسلم".
(4)
في "الجرح والتعديل"(9/ 61 - 62 رقم 241).
(5)
كما في "ميزان الاعتدال"(4/ 298 رقم 9224).
[الباب الثامن] باب طَوْف الجنب على نسائه بغسل وبأغسال
22/ 307 - (عَنْ أنَسٍ [رضي الله عنه]
(1)
أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَطُوفُ على نِسائِهِ بِغُسْلٍ واحِد. رَوَاهُ الجَمَاعَة إلا البُخارِيَّ
(2)
، ولأِحْمَدَ
(3)
والنَسائيِّ
(4)
: فِي لَيْلَةٍ بِغُسْلٍ واحِد). [صحيح]
الحديث أخرجه البخاري
(5)
أيضًا من حديث [قتادة عن]
(6)
أنس بلفظ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة، قال: قلت لأنس بن مالك: أو كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أَنه أعطي قوة ثلاثين". ولم يذكر فيه الغسل.
قال ابن عبد البر: ومعنى الحديث أنه فعل ذلك عند قدومه من سفر ونحوه في وقت ليس لواحدة منهن يوم معين معلوم فجمعهن يومئذ ثم دار بالقسم عليهن بعد، والله أعلم، لأنهن كن حرائر وسنته صلى الله عليه وسلم فيهن العدل بالقسم بينهن وأن لا يمس الواحدة في يوم الأخرى.
وقال ابن العربي
(7)
: إن الله أعطى نبيه ساعة لا يكون لأزواجه فيها حق
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه أحمد (3/ 189) ومسلم رقم (309) وأبو داود رقم (218) والترمذي رقم (140) والنسائي (1/ 143 - 144 رقم 264) وابن ماجه رقم (588). وهو حديث صحيح.
(3)
في "المسند"(3/ 99).
(4)
في "سننه"(1/ 43 رقم 263).
(5)
في "صحيحه"(رقم 268).
(6)
زيادة من (أ) و (ب).
(7)
في "عارضة الأحوذي شرح صحيح الترمذي"(1/ 231).
واستغرب الحافظ قول ابن العربي في "فتح الباري"(1/ 379) فقال: "وأغرب ابن العربي فقال: إن الله خص نبيه بأشياء: منها: أنه أعطاه ساعة في كل يوم لا يكون لأزواجه فيها حق، يدخل فيها على جميعهن فيفعل ما يريد ثم يستقر عند من لها النوبة، وكانت تلك الساعة بعد العصر، فإن اشتغل عنها، كانت بعد المغرب. ويحتاج إلى ثبوت ما ذكره مفصلًا
…
"اهـ.
تكون مقتطعة له من زمانه يدخل فيها على جميع أزواجه أو بعضهن. وفي مسلم إِن تلك الساعة كانت بعد العصر فلو اشتغل عنها كانت بعد المغرب أو غيره.
وقد أسلفنا في باب تأكيد الوضوء للجنب
(1)
تأويل النووي، فليرجع إليه.
والحديث يدل على عدم وجوب الاغتسال على من أراد معاودة الجماع.
قال النووي: وهذا بإجماع المسلمين، وأما الاستحباب فلا خلاف في استحبابه للحديث الآتي بعد هذا، ولكنه ذهب قوم إلى وجوب الوضوء على المعاود وذهب آخرون إلى عدم وجوبه، وقد ذكرنا ذلك في باب تأكيد الوضوء للجنب.
23/ 308 - (وَعَنْ أبي رَافِعٍ مَوْلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم طَافَ على نِسائِهِ في لَيلَةٍ، فاغتَسلَ عِندَ كُلِّ امْرَأة منْهُنَّ غسْلًا، فَقُلْت: يا رَسُولَ الله لَوِ اغْتَسَلْتَ غُسْلًا واحِدًا، فقالَ:"هذا أَطْهَرُ وَأطْيَبُ". رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وأبُو دَاوُدَ)
(3)
. [حسن]
الحديث أخرجه أَيضًا النسائي
(4)
وابن ماجه
(5)
[والترمذي]
(6)
، قال الحافظ
(7)
: وهذا الحديث طعن فيه أبو داود فقال: حديث أَنس أصح منه انتهى. وهذا ليس بطعن في الحقيقة لأنه لم ينف عنه الصحة.
قال النسائي: ليس بينه وبين حديث أنس اختلاف بل كان يفعل هذا مرة وذاك أخرى.
وقال النووي
(8)
: هو محمول على أَنه فعل الأمرين في وقتين مختلفين.
والحديث يدل على استحباب الغسل قبل المعاودة ولا خلاف فيه.
(1)
الباب الخامس عند الحديث رقم (16/ 279) - (18/ 281) من كتابنا هذا.
(2)
في "المسند"(6/ 8).
(3)
في "سننه" رقم (219).
(4)
في "عشرة النساء" له رقم (149) وفي "السنن الكبرى"(5/ 329 رقم 9035).
(5)
في "سننه"(1/ 194 رقم 590).
(6)
لم يخرجه الترمذي في "سننه" بل أشار إليه بقوله (1/ 260): وفي الباب عن أبي رافع، وما بين الحاصرتين ليس في (جـ).
(7)
في "التلخيص الحبير"(1/ 141).
(8)
في "شرحه لصحيح مسلم"(3/ 218).
[حادي عشر]: أبواب الأغسال المستحبة
[الباب الأول] باب غسل الجمعة
1/ 309 - (عَنْ ابْنِ عمُرَ [رضي الله تعالى عنهما]
(1)
قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءَ أحَدُكُمْ إلى الجُمُعَة فَلْيغتسل". رواهُ الجَماعَةُ
(2)
، وَلمسْلِمٍ
(3)
: "إذا أرَادَ أحَدُكُمْ أنْ يَأْتي الجُمعَةَ فَليَغْتسل"). [صحيح]
الحديث له طرق كثيرة، ورواه غير واحد من الأئمة، [وعدّ]
(4)
ابن منده
(5)
من رواه عن نافع فبلغوا فوق ثلاث مائة نفس، وعدّ من رواه من الصحابة غير ابن عمر، فبلغوا أَربعة، وعشرين صحابيًا
(6)
.
قال الحافظ
(7)
: وقد جمعت طرقه عن نافع فبلغوا مائة وعشرين نفسًا.
وفي الغسل في يوم الجمعة أحاديث غير ما ذكر المصنف منها عن جابر عند النسائي
(8)
.
وعن البراء عند ابن أبي شيبة في المصنف
(9)
.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 9) والبخاري رقم (877) ومسلم رقم (2/ 844) والترمذي رقم (492) والنسائي (3/ 93، 105، 106) وابن ماجه رقم (1088).
(3)
في "صحيحه" رقم (1/ 844).
(4)
في (جـ): (وعدَّه).
(5)
ذكر ذلك الحافظ في "التلخيص الحبير"(2/ 66).
(6)
سيأتي تخريج أحاديثهم في هذا الباب وأبواب الجمعة عند الحديث رقم (13/ 1191) و (14/ 1192) و (15/ 1193) و (16/ 1194).
(7)
في "التلخيص الحبير"(2/ 66).
(8)
في "سننه"(3/ 93 رقم 1378).
عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على كُلِّ رَجُلٍ مُسْلِمٍ في كُلِّ سبعةِ أيامٍ غُسْلُ يَوْمٍ وهو يومُ الجمعةِ"، وهو حديث حسن.
(9)
(2/ 92 - 93) عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الحق على =
وعن أنس عند ابن عدي في الكامل
(1)
.
وعن بريدة عند البزار
(2)
.
وعن ثوبان عند البزار
(3)
أيضًا.
وعن سهل بن حنيف عند الطبراني
(4)
.
وعن عبد الله بن الزبير عند الطبراني
(5)
أيضًا.
= المسلمين أن يغتسل أحدهم يوم الجمعة وأن يمس من طيب إن كان عند أهله، فإن لم يكن عنده طيب فالماء له طيب".
(1)
في "الكامل"(3/ 993) عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل". وفيه الربيع بن صبيح ضعيف.
وأخرجه أيضًا في "الكامل"(3/ 968) عن أنس.
وفيه الضحاك بن حمزة متروك الحديث.
(2)
(1/ 300 - 301 رقم 626 - كشف).
عن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أتى الجمعة فليغتسل".
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 173) وقال: "رواه البزار، وله عند الطبراني في "الأوسط" - (رقم: 5623) -: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغتسل في كل أسبوع مرة ما، يعني الجمعة". وفي إسنادهما: زكريا بن يحيى، قال العقيلي - (الضعفاء 2/ 85) - لا يتابع على حديثه، قال الذهبي - (الميزان 2/ 79) - وروى له حديثًا جيدًا، وذكره ابن حبان في "الثقات" - قلت: لم يذكره ابن حبان في "الثقات" بل ذكره غيره، انظر:"الثقات"(8/ 254) - وقال: يخطئ" اهـ.
(3)
(1/ 300 رقم 624 - كشف).
عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حقّ على كل مسلم السواك، وغسل يوم الجمعة، وأن يمس من طيب أهله إن كان".
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 172): "رواه البزار وفيه يزيد بن ربيعة ضعفه البخاري والنسائي، وقال ابن عدي أرجو أنه لا بأس به" اهـ.
(4)
أخرجه الطبراني في "الكبير" - كما في "مجمع الزوائد" - (2/ 173) عن سهل بن حنيف، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حق الجمعة السواك والغسل ومن وجد طيبًا فليمس منه"، وفيه: يزيد بن عياض وهو كذاب.
(5)
أخرجه الطبراني في "الكبير" - كما في مجمع الزوائد - (2/ 173) عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى الجمعة فليغتسل".
وفيه إبراهيم بن يزيد - وأظنه الجوزي - فإنه في طبقته روى عن التابعين وهو متروك.
وعن ابن عباس عند ابن ماجه
(1)
.
وعن عبد الله بن عمر حديث آخر عند الطبراني
(2)
.
وعن ابن مسعود عند البزار
(3)
.
وعن حفصة عند أَبي داود
(4)
.
وفي الباب عن جماعة من الصحابة يأتي ذكرهم في أبواب الجمعة
(5)
إن شاء الله [تعالى]
(6)
.
[غسل الجمعة واجب أم مندوب]:
والحديث يدل على مشروعية غسل الجمعة، وقد اختلف الناس في ذلك، قال النووي
(7)
: فحكى وجوبه عن طائفة من السلف، حكوه عن بعض الصحابة، وبه قال أَهل الظاهر. وحكاه ابن المنذر عن مالك، وحكاه الخطابي عن الحسن
(1)
في "سننه"(1/ 349 رقم 1098).
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ هذا يومُ عيدٍ: جعله اللَّهُ للمسلمينَ، فمن جاء إلى الجمعة فليغتسِلْ، وإنْ كان طِيبٌ فليمسَّ منه، وعليكم بالسواك".
وقال فيه صاحب الزوائد: في إسناده صالح بن أبي الأخضر، لينه الجمهور، وباقي رجاله ثقات.
وهو حديث حسن.
(2)
أخرجه الطبراني في "الأوسط" رقم (7399).
عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اغتسل يوم الجمعة، ثم مس من أطيب طيبه، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج ولم يفرق بين اثنين، حتى يقوم من مقامه، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، غفر له ما بين الجمعتين وزيادة ثلاثة أيام،، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 174 - 175) وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه محمد بن عبد الرحمن بن رداد وهو ضعيف".
(3)
(1/ 301 رقم 627 - كشف).
عن عبد الله بن مسعود قال: من السنة الغسل يوم الجمعة.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 173) وقال: رواه البزار ورجاله ثقات.
(4)
في "سننه" رقم (342).
عن حفصة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"على كل محتلم رواح الجمعة، وعلى كل من راح إلى الجمعة الغسل"، وهو حديث صحيح.
(5)
عند الحديث رقم (13/ 1191) و (14/ 1192) و (15/ 1193) و (16/ 1194).
(6)
زيادة من (ب).
(7)
في "شرحه لصحيح مسلم"(6/ 133).
البصري ومالك، وحكاه ابن المنذر أَيضًا عن أبي هريرة وعمار وغيرهما. وحكاه ابن حزم
(1)
عن عمر وجمع من الصحابة ومن بعدهم. وحكى عن ابن خزيمة، وحكاه شارح الغنية لابن سُرَيج قولًا للشافعي
(2)
. وقد حكى الخطابي
(3)
وغيره الإِجماع على أن الغسل ليس شرطًا في صحة الصلاة، وأنها تصح بدونه.
وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه مستحب. قال القاضي عياض
(4)
: وهو المعروف من مذهب مالك وأصحابه.
استدل الأولون على وجوبه بالأحاديث التي أوردها المصنف رحمه الله في هذا الباب، وفي بعضها التصريح بلفظ الوجوب، وفي بعضها الأمر به، وفي بعضها أنه حق على كل مسلم، والوجوب يثبت بأقل من هذا.
واحتج الآخرون لعدم الوجوب بحديث: "من توضَّأ فأحسنَ الوُضوءَ ثُم أتى الجمعةَ فاستمعَ وأنصتَ غُفِر له ما [بينهُ و]
(5)
بينَ الجمعةِ
(6)
وزيادةُ ثلاثةِ أيامٍ" أخرجه مسلم
(7)
من حديث أبي هريرة.
قال القرطبي
(8)
في تقرير الاستدلال بهذا الحديث على الاستحباب ما لفظه: ذكر الوضوء وما معه مرتبًا عليه الثواب المقتضي للصحة، يدل على أن الوضوء كاف.
قال ابن حجر في التلخيص
(9)
: إنه من أقوى ما استدل به على عدم فرضية
(1)
في "المحلى"(2/ 22).
(2)
"شرح الغنية" لابن سُريج أحمد بن عمر. ت 306 هـ. والكتاب في فروع الشافعية، وقد شرحه جماعة. "كشف الظنون"(2/ 1212).
انظر: معجم المصنفات الواردة في فتح الباري (ص 243 رقم 717).
(3)
انظر: "معالم السنن" له (1/ 243 - 244) هامش السنن.
(4)
في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(3/ 232).
(5)
زيادة من صحيح مسلم.
(6)
في المخطوط زيادة [إلى الجمعة] ليست في حديث مسلم.
(7)
في "صحيحه"(رقم: 27/ 857).
(8)
في "المفهم لما أَشكل من تلخيص كتاب مسلم"(2/ 479).
(9)
(2/ 67).
الغسل يوم الجمعة، واحتجوا أيضًا لعدم الوجوب بحديث سمرة الآتي
(1)
لقوله فيه: "ومن اغتسل فالغسل أفضل"، فدل على اشتراك الغسل والوضوء في أَصل الفضل وعدم تحتم الغسل. وبحديث الرجل الذي دخل وعمر يخطب، وقد ترك الغسل
(2)
، قال النووي:"وجه الدلالة أن الرجل فعله، وأقره عمر، ومن حضر ذلك الجمع، وهم أهل الحل والعقد، ولو كان واجبًا لما تركه ولألزموه به"
(3)
.
وبحديث أَبي سعيد الآتي
(4)
، ووجه دلالته على ذلك ما ذكره المصنف.
وبحديث أَوس الثقفي، وسيأتي في هذا الباب
(5)
. ووجه دلالته جعله قرينًا للتبكير والمشي والدنّوِّ من الإِمام، وليست بواجبة فيكون مثلها.
وبحديث عائشة الآتي
(6)
، ووجه دلالته أنهم إنما أمروا بالاغتسال لأجل تلك الروائح الكريهة، فإذا زالت زال الوجوب.
وأجابوا عن الأحاديث التي صرح فيها بالأمر، أنها محمولة على الندب والقرينة الصارفة عن الوجوب هذه الأدلة المتعاضدة، والجمع بين الأدلة ما أمكن هو الواجب، وقد أمكن بهذا.
وأما قوله: واجب، وقوله حق، فالمراد متأكد في حقه، كما يقول الرجل لصاحبه: حقك واجبٌ عليّ، ومواصلتك حق عليّ، وليس المراد الوجوب المتحتم المستلزم للعقاب، بل المراد أن ذلك متأكد حقيق بأن لا يخل به،
(1)
برقم (5/ 313) من كتابنا هذا. وهو حديث حسن بطرقه.
(2)
يشير المؤلف رحمه الله إلى الحديث الذي أخرجه مسلم رقم (4/ 845) عن أبي هريرة قال: بينما عمر بن الخطاب يخطب الناسَ يومَ الجمعةِ إذ دخل عثمانُ بنُ عفان فعرَّض به عمر، فقال: ما بالُ رجالٍ يتأخرونَ بعد النداء؟ فقال عثمانُ: يا أمير المؤمنين ما زِدْتُ حينَ سمعتُ النداءَ أن توضأتُ، ثم أقبلت. فقال عمرة والوضوء أيضًا، ألم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا جاء أحدُكم إلى الجمعة فليغتسل".
(3)
في "شرحه لصحيح مسلم"(6/ 133).
(4)
برقم (2/ 310) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
(5)
برقم (7/ 315) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
(6)
برقم (6/ 314) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
واستضعفه ابن دقيق العيد
(1)
وقال: إنما يصار إليه إذا كان المعارض راجحًا في الدلالة على هذا الظاهرة وأقوى ما عارضوا به حديث: "من توضأ يوم الجمعة"
(2)
، ولا يقاوم سنده سند هذه الأحاديث، انتهى.
وأما حديث: "من توضأ فأحسن الوضوء"
(3)
، فقال الحافظ في الفتح
(4)
: ليس فيه نفي الغسل، وقد ورد من وجه آخر في الصحيح بلفظ:"من اغتسل"، فيحتمل أن يكون ذكر الوضوء لمن تقدم غسله على الذهاب فاحتاج إلى إعادة الوضوء، انتهى.
وأما حديث الرجل الذي دخل وعمر يخطب وهو عثمان كما سيأتي
(5)
، فما أُراه إلا حجة على القائل بالاستحباب لا له، لأن إنكار عمر على رأس المنبر في ذلك الجمع على مثل ذلك الصحابي الجليل، وتقرير جميع الحاضرين الذين هم جمهور الصحابة لما وقع من ذلك الإنكار، من أعظم الأدلة القاضية بأن الوجوب كان معلومًا عند الصحابة، ولو كان الأمر عندهم على عدم الوجوب لما عول ذلك الصحابي في الاعتذار على غيره، فأي تقرير من عمر ومن حضر بعد هذا. ولعل النووي ومن معه ظنوا أنه لو كان الاغتسال واجبًا لنزل عمر من منبره، وأخذ بيد ذلك الصحابي وذهب به إلى المغتسل، أو لقال له: لا تقف في هذا الجمع أو اذهب فاغتسل فإنا سننتظرك أو ما أشبه ذلك، ومثل هذا لا يجب على من رأَى الإِخلال بواجب من واجبات الشرعية، وغاية ما كلفنا به في إنكار على من ترك واجبًا هو ما فعله عمر في هذه الواقعة على أَنه يحتمل أن يكون قد اغتسل في أَول النهار، كما قال الحافظ في الفتح، لما ثبت في صحيح مسلم عن حمران مولى عثمان أن عثمان لم يكن يمضي عليه يوم حتى يفيض عليه الماء، وإنما لم يعتذر لعمر بذلك كما اعتذر عن التأخر، لأنه لم يتصل غسله بذهابه إلى الجمعة.
(1)
في "إحكام الأحكام"(1/ 109 - 110).
(2)
وهو حديث حسن بطرقه يأتي تخريجه برقم (5/ 313) من كتابنا هذا.
(3)
وهو حديث صحيح أخرجه مسلم رقم (27/ 857) من حديث أبي هريرة.
(4)
في "فتح الباري"(2/ 362).
(5)
برقم (/ 312) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
وقد حكى ابن المنذر
(1)
عن إسحاق بن راهويه، أن قصة عمر وعثمان تدل على وجوب الغسل لا على عدم وجوبه من جهة ترك عمر الخطبة واشتغاله بمعاتبة عثمان وتوبيخ مثله على رؤوس الناس، ولو كان الترك مباحًا لما فعل عمر ذلك.
وأما حديث أبي سعيد الآتي
(2)
، فقد تقرر ضعف دلالة الاقتران ولا سيما بجنب مثل أَحاديث الباب.
وقد قال ابن الجوزي
(3)
في الجواب على المستدلين بهذا الحديث على عدم الوجوب: إنه لا يمتنع عطف ما ليس بواجب على الواجب لا سيما ولم يقع التصريح بحكم المعطوف.
وقال ابن المنيِّر إن سلم أن المراد بالواجب الفرض لم ينفع دفعه بعطف ما ليس بواجب عليه، لأن للقائل أن يقول: خرج بدليل، فبقي ما عداه على الأصل.
وأما حديث أوس الثقفي
(4)
فليس فيه أيضًا إلا الاستدلال بالاقتران.
وأما حديث عائشة
(5)
فلا نسلم أنها إذا زالت العلة زال الوجوب، مسندين ذلك بوجوب السعي مع زوال العلة التي شرع لها، وهي إغاظة المشركين
(6)
،
(1)
في "الأوسط"(4/ 43).
(2)
برقم (2/ 310) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(3)
في "التحقيق في مسائل الخلاف"(1/ 309). وانظر ما قاله ابن الجوزي في "كشف المشكل"(3/ 129 - 130).
(4)
وهو حديث صحيح سيأتي تخريجه برقم (7/ 315) من كتابنا هذا.
(5)
وهو حديث صحيح سيأتي تخريجه برقم (6/ 314) من كتابنا هذا.
(6)
يشير المؤلف رحمه الله إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (1602) ومسلم (240/ 1266).
عن ابن عباس قال: قدم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه مكةَ وقد وهنتهُم حُمّىَ يثرب، قال المشركون: إنه يقدَمُ عليكم غدًا قومٌ قد وهنتهُم الحمى ولقوا منها شِدّةً. فجلسوا مما يلي الحِجْر، وأمرهُم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرمُلُوا ثلاثةَ أشواطٍ، ويمشُوا ما بينَ الركنينِ. ليرى المشركون جلَدهُم. فقال المشركون: هؤلاءِ الذين زعمتم أنَّ الحمّى قد وهنتهم؟ هؤلاءِ أجلَدُ من كذا وكذا. قال ابن عباس: ولم يمنعْهُ أن يأمرهم أن يرملُوا الأشواطَ كُلّها، إلا الأبقاء عليهم.
وكذلك وجوب الرمي مع زوال ما شرع له، وهو ظهور الشيطان بذلك المكان
(1)
، وكم لهذا من نظائر لو تتبعت لجاءت في رسالة مستقلة.
قال في الفتح
(2)
: وأجيب عن حديث عائشة بأنه ليس في نفي الوجوب، وبأنه سابق على الأمر به، والإِعلام بوجوبه به، وبهذا يتبين لك عدم انتهاض ما جاء به الجمهور من الأدلة على عدم الوجوب، وعدم إمكان الجمع بينها وبين أحاديث الوجوب، لأنه وإن أمكن بالنسبة إلى الأوامر لم يكن بالنسبة إلى لفظ واجب وحق إلا بتعسف لا يلجئ طلب الجمع إلى مثله، ولا يشك من له أدنى إلمام بهذا الشأن أن أحاديث الوجوب أرجح من الأحاديث القاضية بعدمه، لأن أوضحها دلالة على ذلك حديث سمرة
(3)
، وهو غير سالم من مقال وسنبينه.
وأما بقية الأحاديث فليس فيها إلا مجرد استنباطات واهية، وقد دل حديث الباب أيضًا على تعليق الأمر بالغسل بالمجيء إلى الجمعة، والمراد إرادة المجيء وقصد الشروع فيه، وقد اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال:
اشتراط الاتصال بين الغسل والرواح، وإليه ذهب مالك
(4)
.
والثاني: عدم الاشتراط لكن لا يجزي فعله بعد صلاة الجمعة، ويستحب تأخيره إلى الذهاب، وإليه ذهب الجمهور
(5)
.
والثالث: أنه لا يشترط تقديم الغسل على صلاة الجمعة بل لو اغتسل قبل الغروب أجزأ عنه، وإليه ذهب داود، ونصره ابن حزم
(6)
، واستبعده ابن دقيق العيد
(7)
، وقال: يكاد يجزم ببطلانه، وادعى ابن عبد البر الإِجماع على أن من
(1)
يشير المؤلف رحمه إلى الحديث الذي أخرجه أحمد والطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات كما في "مجمع الزوائد"(3/ 259).
(2)
(2/ 363).
(3)
وهو حديث حسن بمجموع طرقه. سيأتي تخريجه رقم (5/ 313) من كتابنا هذا.
(4)
بُلغة السالك لأقرب المسالك على "الشرح الصغير لأحمد الدردير"(1/ 331).
(5)
انظر: "مختصر اختلاف العلماء"(1/ 158 - 160).
و"الإفصاح عن معاني الصحاح في مذاهب الأئمة الأربعة"(2/ 115 - 116).
(6)
انظر: "المحلى"(2/ 22).
(7)
في "إحكام الأحكام"(2/ 110).
اغتسل بعد الصلاة لم يغتسل للجمعة
(1)
، واستدل مالك بحديث الباب ونحوه.
واستدل الجمهور وداود بالأحاديث التي أَطلق فيها يوم الجمعة، لكن استدل الجمهور على عدم الاجتزاء به بعد الصلاة بأن الغسل لإِزالة الروائح الكريهة، والمقصود عدم تأذي الحاضرين، وذلك لا يتأتى بعد إقامة الجمعة.
والظاهر ما ذهب إليه مالك، لأن حمل الأحاديث التي أطلق فيها اليوم على حديث الباب المقيد بساعة من ساعاته واجب.
والمراد بالجمعة اسم سبب الاجتماع، وهو الصلاة لا اسم اليوم، كذا قيل، وفي القاموس
(2)
: والجمعة المجموعَةُ ويومُ الجمعةِ، وقيل: إنما سمي يوم الجمعة لأن خلق آدم جمع فيه.
أخرجه أحمد
(3)
وابن خزيمة
(4)
وغيرهما من حديث سلمان. وله شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه أحمد
(5)
بإسناد ضعيف، وابن أبي حاتم بسند قوي موقوف. قال الحافظ: إن هذا أَصح الأقوال، ولكنه لا يصح أَن يراد في الحديث إلا الصلاة لأن اليوم لا يؤتى، وكذلك غيره، وأخرج ابن خزيمة (4) وابن حبان
(6)
(1)
في "الاستذكار"(5/ 36 فقرة 5738).
وانظر: "التمهيد"(14/ 151).
(2)
"القاموس المحيط"(ص 917).
(3)
في "المسند"(5/ 439).
(4)
في "صحيحه"(3/ 118 رقم 1732).
قلت: وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6/ 237 رقم 6091).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 174) وقال: إسناده حسن.
(5)
في "المسند"(6/ 7 رقم 1509 - الفتح الرباني).
وأورده الهيثمي في "المجمع (2/ 164)، ورجاله رجال الصحيح.
قلت: في سنده انقطاع بين علي بن طلحة وأبي هريرة. ورجاله محتج بهم في الصحيح.
(6)
في "صحيحه"رقم (1752).
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل، ومن لم يأتها فليس عليه غسل من الرجال والنساء"، هذا حديث ابن رافع.
• أشار الحافظ في "الفتح"(2/ 358) إلى رواية ابن خزيمة وقال: "
…
ففي رواية عثمان بن واقد عن نافع عند أبي عوانة وابن خزيمة وابن حبان في صحاحهم .. ".
قال الألباني في "التعليق على صحيح ابن خزيمة"(3/ 126): "قلت: في إسناده ضعف، انظر: "الضعيفة" (3958).
وغيرهما مرفوعًا: "من أتى الجمعة فليغتسل"، زاد ابن خزيمة
(1)
، "ومن لم يأتها فلا يغتسل".
2/ 310 - (وَعَنْ أبي سَعيدٍ [رضي الله عنه]
(2)
أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ على كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَالسِّوَاكُ، وَأنْ يَمَسَّ مِنَ الطِّيبِ ما يَقْدِرُ عَليهِ". مُتَّفَقٌ عَليهِ)
(3)
. [صحيح]
وقد اتفق السبعة
(4)
على إخراج قوله: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم".
قول: (وأَن يَمَسَّ) يجوز فتح الميم وضمها، وزاد في رواية لمسلم
(5)
وغيره: "ولو من طيب المرأة" وهو المكروه للرجال، وهو ما ظهر لونه وخفي ريحه. فأباحه للرجل هنا للضرورة لعدم غيره، وهو يدل على تأكده.
وقوله: (مما يقدِر عليه): قال القاضي عياض
(6)
: محتمِل لتكثيره، ومحتمل لتأكيده حتى يفعله بما أمكنه.
(1)
في "صحيحه"(4/ 27 - 28 رقم 1226).
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى الجُمعةَ من الرِّجالِ والنساءِ فليغتسل بسند ضعيف لضعف عثمان بن واقد، قال الآجري عن أبي داود: ضعيف، قلت له: إن الدوري يحكي عن ابن معين أنه ثقة، فقال: هو ضعيف حدّث بحديث: "من أتى الجمعة
…
الحديث. ولا نعلم أحدًا قال هذا غيره. وبقية رجاله ثقات".
وأورده الحافظ في "الفتح"(2/ 358) وزاد نسبته إلى أبي عوانة، وقال: ورجاله ثقات، لكن قال البزار: أخشى أن يكون عثمان بن واقد وهم فيه.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد (3/ 60) والبخاري (2/ 364 رقم 880) ومسلم رقم (7/ 846).
(4)
أحمد (3/ 6) والبخاري (2/ 344 رقم 858) ومسلم (2/ 580 رقم 5/ 846) وأبو داود (1/ 243 رقم 341) والنسائي (3/ 93) وابن ماجه (1/ 346 رقم 1089) وأشار إليه الترمذي (2/ 364) في الباب (355).
قلت: وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى"(رقم: 284) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 116) والبيهقي (3/ 188) ومالك (1/ 102 رقم 4) والشافعي (1/ 133 رقم 394 - ترتيب المسند) والدارمي (1/ 361) وأبو نعيم في "الحلية"(8/ 138) و"البغوي في شرح السنة"(2/ 160) وابن خزيمة (3/ 122 رقم 1742) والحميدي (2/ 323 رقم 736). وهو حديث صحيح.
(5)
في "صحيحه" رقم (7/ 846).
(6)
في "إكمال المعلم"(3/ 236).
والحديث يدل على وجوب غسل يوم الجمعة للتصريح فيه بلفظ: واجب. وقد استدل به عدم الوجوب باعتبار اقترانه بالسواك ومس الطيب.
قال المصنف
(1)
رحمه الله تعالى: "وهذا يدل على أنه أراد بلفظ الوجوب تأكيد استحبابه كما تقول: حقك عليّ واجب، والعدة دين بدليل أنه قرنه بما ليس بواجب بالإِجماع، وهو السواك والطيب"، انتهى.
وقد عرفناك ضعف دلالة الاقتران عن ذلك، وغايتها الصلاحية لصرف الأوامر، وأما صرف لفظ واجب وحق فلا، والكلام قد سبق مبسوطًا في الذي قبله.
3/ 311 - (وَعَنْ أبي هرَيْرَةَ [رضي الله عنه]
(2)
عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: حَقٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ أنْ يَغْتَسِلَ في كُلِّ سَبْعَةِ أيامٍ يَوْمًا يَغْسلُ فيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيهِ)
(3)
. [صحيح]
الحديث من أدلة القائلين بوجوب غسل الجمعة، وقد تقدم الكلام عليه في أوّل الباب، [وقد بين في الرواية الأخرى أَن هذا اليوم هو يوم الجمعة]
(4)
.
4/ 312 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله عنه] (2) أن عُمَرَ بينا هُوَ قائمٌ في الخُطْبَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ إذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ الأوَّلينَ، فَنادَاهُ عُمَرُ: أيَّةُ سَاعَةٍ هذِهِ؟ فقالَ: إني شُغِلْتُ فَلَمْ أَنْقَلِبْ إلى أَهْلِي حَتى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ فَلَمْ أزِدْ على أنْ تَوَضَّأْتُ، قال: والوُضُوءَ أَيْضًا وَقَدْ عَلمْتَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يأْمُرُ بِالغُسْلِ. مُتَّفَقٌ عَليهِ)
(5)
. [صحيح]
الرجل المذكور هو عثمان كما بيَّن في رواية لمسلم وغيره، قال ابن عبد البر
(6)
: ولا أعلم خلافًا في ذلك.
قوله: (أية ساعة هذه)، قال ذلك توبيخًا له وإنكارًا لتأخره إلى هذا الوقت.
(1)
أي ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 144).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد (2/ 342) والبخاري رقم (897) ومسلم رقم (849).
(4)
زيادة من (أ) و (ب).
(5)
أحمد (1/ 29) والبخاري رقم (878) ومسلم رقم (845).
(6)
في "التمهيد" كما في "فتح البر في الترتيب الفقهي"(5/ 243).
قوله: (الوضوءَ أيضًا)، هو منصوب، أي توضأت الوضوء، قاله الأزهري
(1)
وغيره، فيه إنكار ثان مضافًا إلى الأوّل أي الوضوءِ أَيضًا اقتصرت عليه، واخترته دون الغسل. والمعنى ما اكتفيت بتأخير الوقت وتفويت الفضيلة حتى تركت الغسل، وافتصرت على الوضوء. وجوز القرطبي
(2)
الرفع على أنه مبتدأ وخبره محذوف، أي والوضوء أيضًا يقتصر عليه. قال في الفتح
(3)
: وأغرب السهيلي فقال: اتفق الرواة على الرفع لأن النصب يخرجه إلى معنى الإِنكار يعني والوضوء لا ينكر، وجوابه ما تقدم.
والحديث من أدلة القائلين بالوجوب لقوله: كان يأمر، وقد تقدم الكلام على ذلك، وفيه استحباب تفقد الإِمام لرعيته، وأمرهم بمصالح دينهم والإِنكار على مخالف السنة، وإن كان كبير القدر، وجواز الإِنكار في مجمع من الناس، وجواز الكلام في الخطبة، وحسن الاعتذار إلى ولاة الأمر. وقد استدل بهذه القصة على عدم وجوب غسل الجمعة، وقد عرفناك فيما سبق عدم صلاحيتها لذلك.
5/ 313 - (وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبِ [رضي الله تعالى عنه]،
(4)
أَنَّ نَبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ تَوضَّأ لِلْجُمُعِة فَبها وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسلَ فَذلِكَ أَفْضَلُ". رَوَاهُ الْخَمْسَةُ
(5)
إلَّا ابْنَ مَاجَهْ فإِنهُ رَواهُ مِنْ حدِيثِ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ). [حسن بمجموع طرقه]
الحديث أَخرجه ابن خزيمة
(6)
، وحسنه الترمذي، وقد روي عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
(1)
في "تهذيب اللغة"(12/ 99).
(2)
في "المفهم"(2/ 481).
(3)
(2/ 360).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
أحمد (5/ 8، 11، 16، 22) وأبو داود (1/ 251 رقم 354) والترمذي (2/ 369 رقم 497) والنسائي (3/ 94).
ولم يخرجه ابن ماجه من حديث سمرة بن جندب، إنما أخرجه من حديث أنس رقم (1091).
(6)
في "صحيحه"(3/ 128 رقم 1757).
قلت: وأخرج الحديث الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 119) وابن الجارود في "المنتقى" رقم (285) والبيهقي (3/ 195) والبغوي في "شرح السنة"(2/ 164) والخطيب في "تاريخ بغداد"(2/ 352) والطبراني في "الكيير"(7/ 199). =
قال في الإِمام
(1)
: "من يحمل رواية الحسن عن سمرة على الاتصال يصحح هذا الحديث، وهو مذهب علي بن المديني، كما نقله عنه البخاري والترمذي والحاكم وغيرهم، وقيل: لم يسمع منه إلا حديث العقيقة، وهو قول البزار وغيره
(2)
، وقيل: لم يسمع منه شيئًا، وإنما يحدث من كتابه".
وروي من طريق الحسن عن أبي هريرة، أَخرجه البزار، وهو وهم كما قال الحافظ
(3)
.
وروي من طريق قتادة عن الحسن عن جابر. ومن طريق إبراهيم بن مهاجر عن الحسن عن أنس. قال الحافظ
(4)
: وهذا الاختلاف فيه على الحسن وعلى قتادة لا يضر لضعف من وهم فيه، والصواب كما قال الدارقطني عن قتادة
(5)
عن الحسن
(6)
عن سمرة.
= وقال الترمذي: حديث حسن.
قلت: فيه عنعنة الحسن. ولكن له شواهد تقوّيه من حديث أنس، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وجابر، وعبد الرحمن بن سمرة، وابن عباس.
انظر تخريجها في: "نصب الراية"(1/ 91 - 93) وكتابنا: "إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" جزء الطهارة.
وخلاصة القول أن الحديث حسن بمجموع طرقه، والله أعلم.
(1)
انظر: "الإمام في معرفة أحاديث الأحكام"(3/ 49 - 50) و"التلخيص الحبير"(2/ 67).
(2)
النسائي في "السنن"(3/ 94).
(3)
في "التلخيص الحبير"(2/ 67).
(4)
في "التلخيص الحبير"(2/ 67).
(5)
قتادة هو ابن دعامة بن قتادة السدوسي، قال عنه في "التقريب" رقم (5518): ثقة ثبت.
وقال عنه صاحب "الميزان"(3/ 385 رقم 6864): "حافظ ثقة ثبت لكنه مدلس ورمي بالقدر قاله يحيى بن معين. ومع هذا فاحتج به أصحاب الصحاح لا سيما إذا قال حدثنا".
وقال العلائي في "جامع التحصيل" ص 312 عن قتادة أنه مشهور بالتدليس، والخلاصة أنه لا يحتج إلا بما صرح فيه بالتحديث.
(6)
الحسن هو ابن أبي الحسن البصري، قال عنه الحافظ في "التقريب" رقم (1227): ثقة فقيه فاضل مشهور وكان يرسل كثيرًا ويدلس
…
وقال العلائي في "جامع التحصيل" ص 194: أنه مكثر من الإرسال.
وأما رواية الحسن عن سمرة بن جندب ففي صحيح البخاري سماعه منه لحديث العقيقة.
وقد روى عنه نسخة كبيرة غالبها في السنن الأربعة، وعند علي بن المديني أن كلها سماع وكذلك حكى الترمذي عن البخاري نحو هذا. =
وكذا قال العقيلي
(1)
.
ورواه ابن ماجه
(2)
بسند ضعيف عن أنس.
رواه الطبراني من حديثه في الأوسط
(3)
بإسناد أمثل من ابن ماجه.
ورواه البيهقي
(4)
بإسناد فيه نظر من حديث ابن عباس، وبإسناد فيه انقطاع من حديث جابر
(5)
.
ورواه عبد بن حميد
(6)
والبزار
(7)
في مسنديهما.
وكذلك إسحاق بن راهويه
(8)
من حديثه بإسناد فيه ضعف من حديث أبي سعيد. وله طريق أَخرى في التمهيد
(9)
فيها الربيع بن بدر وهو ضعيف
(10)
.
والحديث دليل لمن قال بعدم وجوب غسل الجمعة، وقد ذكرنا تقرير الاستدلال به على ذلك، والجواب عليه في أول الباب.
قوله: (فبها ونعمت) قال الأزهري: معناه فبالسنة أَخذ ونعمت السنة، قال
= وقال يحيى بن سعيد القطان وجماعة كثيرون هي كتاب وذلك لا يقتضي الانقطاع. (جامع التحصيل: ص 198 - 199).
(1)
في "الضعفاء الكبير"(2/ 167).
(2)
في "سننه"(رقم: 1091).
(3)
في "الأوسط" رقم (4525).
(4)
في "السنن الكبرى"(1/ 295). وقال البيهقي: وهذا الحديث غريب من هذا الوجه، وإنما يعرف من حديث الحسن وغيره.
قلت: في سنده: عمرو بن طلحة: صدوق. "التقريب" رقم (5014).
وأسباط بن نصر: صدوق كثير الخطأ يُغرب: "التقريب" رقم (321).
والسدي وهو إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير، صدوق يهم. "التقريب" رقم (463).
(5)
في "السنن الكبرى"(1/ 296) بسند منقطع.
(6)
في "المنتخب" رقم (1077).
(7)
(1/ 290 رقم 439 - مختصر زوائد البزار).
(8)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 67).
(9)
(10/ 87) بسند ضعيف.
(10)
الربيع بن بدر بن عمرو بن جراد التميمي السعديُّ، أبو العلاء البصري، يُلقب عُلَيْلَةَ: متروك. "التقريب" رقم (1883).
الأصمعي: إنما ظهرت تاء التأنيث لإِضمار السنة، وقال الخطابي
(1)
: ونعمت الخصلة. وقيل: ونعمت الرخصة لأن السنة الغسل، قاله أبو حامد الشاركي
(2)
، وقال بعضهم: فبالفريضة أخذ، ونعمت الفريضة.
6/ 314 - (وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ [رضي الله عنها]
(3)
قَالَتْ: كانَ الناسُ يَنْتابُون الجُمُعَةَ مِنَ مَنازِلهمْ وَمِنَ الْعَوَالِي فَيأْتُونَ في الْعَبَاءِ فَيُصيبُهُمُ الْغُبارُ وَالْعَرَقُ فَتَخْرُجُ مِنْهُمُ الرِّيحُ فأتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنْسانٌ مِنْهُمْ وَهُو عِنْدِي، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لوْ أنَّكمْ تطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هذا". مُتَّفَقٌ عليهِ)
(4)
. [صحيح]
قوله: (يَنْتَابُونَ الجمعة) أي يأتونها، والعوالي
(5)
هي القرى التي حول المدينة على أربعة أميال
(6)
منها.
قوله: (في العباء)، هو بالمد وفتح العين المهملة: جمع عباءة بالمد وعباية بالياء لغتان مشهورتان.
قوله: (لو أنكم تطهرتم)، [لو للتمني فلا تحتاج]
(7)
إلى جواب، أو للشرط، والجواب محذوف تقديره لكان حسنًا.
الحديث استدل به من قال بعدم وجوب غسل الجمعة وقد قدمنا تقرير الاستدلال به، والجواب عليه في أول الباب.
7/ 315 - (وَعَنْ أوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ [رضي الله عنه] (3) قالَ: سَمِعْتُ
(1)
في "معالم السنن"(1/ 251 هامش السنن).
(2)
هو أحمد بن محمد بن شارك الهروي الشاركيّ، محدّث مفسر فقيه أديب من كتبه:"المخرَّج على صحيح مسلم"، وفاته عام (355 هـ). "معجم المؤلفين"(1/ 268) رقم (1950).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
البخاري (2/ 385 رقم 902) ومسلم (1/ 581 رقم 6/ 847) وأحمد (6/ 62 - 63).
(5)
العَوَالِي: بالفتح، وهو جمع العالي ضدّ السافل: وهو ضيعة بينها وبين المدينة أربعة أميال. وقيل ثلاثة، وذلك أدناها وأبعدُها ثمانية (معجم البلدان):(4/ 166).
(6)
الميل = 1848 م.
4 × 1848 = 7392 م = 7.392 كم.
انظر كتابنا: الإيضاحات العصرية.
(7)
في (جـ): (لو للمتمني فلا يحتاج).
رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ غَسلَ واغتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَابْتَكَرَ وَابْتَكَرَ ومَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنَ الإِمام فاسْتَمعَ وَلَمْ يَلْغُ كانَ لهُ - بِكُلِّ خطوَةِ عَملُ سنَةٍ أجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا" رَوَاهُ الخَمسَةُ
(1)
وَلَمْ يَذْكُرِ التِّرْمِذيُّ: "ومَشَى وَلَمْ يَرْكبْ"[صحيح لغيره]
الحديث حسنه الترمذي
(2)
، وسكت عليه أبو داود والمنذري، وقد اختلف فيه على أبي الأشعث، وعلى عبد الرحمن بن يزيد، وعلى عبد الله بن المبارك، وقد رواه الطبراني
(3)
بإسناد، قال العراقي: حسن عن أوس المذكور، ورواه أحمد في مسنده عنه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: (غسل) روي بالتخفيف والتشديد، قيل: أَراد غسل رأسه، واغتسل أي غسل سائر بدنه، وقيل: جامع زوجته فأوجب عليها الغسل، فكأنه غسلها واغتسل في نفسه، وقيل: كرر ذلك للتأكيد، ويرجح التفسير الأول ما في رواية أبي داود
(4)
في هذا الحديث بلفظ: "من غسل رأسه واغتسل"، وما في البخاري
(5)
عن طاوس قال: قلت لابن عباس: ذكروا "إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اغتسلوا واغسلوا رؤوسكم"، الحديث.
وقال صاحب المحكم
(6)
: غسل امرأته يغسلها غسلًا أكثر نكاحها. وقال الزمخشري
(7)
ويقال: غَسَّل المرأة بالتخفيف والتشديد إذا جامعها، وحكاه صاحب النهاية
(8)
وغيره أيضًا.
(1)
أحمد (4/ 8) وأبو داود رقم (345) والترمذي رقم (496) والنسائي (3/ 95) وابن ماجه رقم (1087).
قال الترمذي: حديث أوس بن أوس حديث حسن وهو كما قال، أو هو حديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(2)
في "سننه"(2/ 368).
(3)
في "المعجم الكبير"(4/ 211 - 216 رقم 581 و 582 و 583 و 584 و 585 و 586 و 587 و 588).
(4)
في "السنن"(1/ 247 رقم 346).
(5)
في "صحيحه" رقم (884).
(6)
هو "المحكم والمحيط الأعظم في اللغة" لابن سيده، أبو الحسن، علي بن إسماعيل الأندلسي.
(7)
في "الفائق في غريب الحديث"(3/ 66).
(8)
(3/ 367).
وقيل: المراد غسل أعضاء الوضوء، واغتسل للجمعة.
وقيل: غسل ثيابه واغتسل لجسده.
قوله: (بكَّر) بالتشديد على المشهور، أي راح في أول الوقت، وابتكر أي أدرك أول الخطبة، ورجَّحه العراقي، وقيل: كرره للتأكيد، وبه جزم ابن العربي
(1)
.
والحديث يدل على مشروعية الغسل يوم الجمعة وقد تقدم الخلاف فيه، وعلى مشروعية التبكير، والمشي والدنوّ من الإِمام، والاستماع وترك اللغو، وإنّ الجمع بين هذه الأمور سبب لاستحقاق ذلك الثواب الجزيل.
[الباب الثاني] باب غسل العيدين
8/ 316 - (عَنِ الْفاكِهِ بْنِ سَعْدٍ [رضي الله تعالى عنه]
(2)
وكانَ لَهُ صُحْبةٌ أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَغْتَسِلُ يَوم الجُمُعَةِ، [وَيَوْمَ عَرَفَةَ]
(3)
، وَيَومَ الفِطْرِ: وَيَوْمَ النَّحْرِ، وكانَ الفَاكِهُ بْنُ سَعدٍ يَأْمُرُ أهْلَهُ بالغُسلِ في هذِهِ الأيامِ. رَواهُ عَبد الله بنُ أَحمَدَ في المُسْنَدِ
(4)
وابْنُ ماجَهْ
(5)
وَلمْ يذكُرِ الجمُعَةَ). [موضوع]
الحديث رواه البزار والبغوي وابن قانع
(6)
. ورواه ابن ماجه
(7)
من حديث
(1)
في "عارضة الأحوذي"(2/ 279).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
زيادة من (أ) و (ب).
(4)
في "زوائد المسند"(4/ 78).
(5)
في "سننه" رقم (1316).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 431 رقم 465/ 1316): "هذا إسناد ضعيف فيه يوسف بن خالد قال فيه ابن معين: كذاب خبيث زنديق.
قلت: - أي البوصيري - وكذبه غير واحد، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث" اهـ.
(6)
في "معجم الصحابة"(2/ 336 رقم 874).
وأورده ابن عبد البر في "الاستيعاب"(3/ 323) بإسناد فيه اختلاف، ووهَّمه الحافظ ابن حجر في موضعين منه كما في "الإصابة"(5/ 268). وخلاصة القول أن حديث الفاكه بن سعد موضوع، والله أعلم.
(7)
في "سننه" رقم (1315). =
ابن عباس. قال الحافظ
(1)
: وإسنادهما ضعيفان.
ورواه البزار
(2)
من حديث أبي رافع وإسناده ضعيف أيضًا.
وفي رجال إسناد حديث الباب يوسف بن خالد السمتي
(3)
وهو متروك بالمرة، وكذبه ابن معين وأبو حاتم.
وفي إسناد حديث ابن عباس ضعيفان وهما جبارة بن المغلس
(4)
وحجاج بن تميم
(5)
.
= وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 431 رقم 464/ 1315): "هذا إسناد ضعيف لضعف جبارة وكذلك حجاج، ومع ضعفه قال فيه العقيلي: روى عن ميمون بن مهران أحاديث لا يتابع عليها.
ورواه البيهقي من طريق ابن ماجه - (3/ 278) - قال ابن عدي: جبارة ليس بمستقيم" اهـ.
قلت: وأعل البيهقي الحديث بحجاج بن تميم فقال: "ليس بقوي، قال ابن عدي: رواياته ليست بمستقيمة".
وتعقبه ابن التركماني في "الجوهر النقي" بقوله: "سكت عن جبارة وحاله أشد من حال الحجاج، قال البخاري: جبارة مضطرب الحديث، وقال النسائي وغيره: ضعيف. وقال ابن معين كذاب".
وخلاصة القول أن حديث ابن عباس ضعيف جدًّا، والله أعلم.
(1)
في "التلخيص"(2/ 80).
(2)
(1/ 298 - 299 رقم 456 - مختصر الزوائد).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 198) وقال: "رواه البزار ومندل فيه كلام ومحمد هذا ومن فوقه لا أعرفهم".
قلت: أما مِنْدل بن علي أبو عبد الله، العنزي، الكوفي، واسمه عَمرو.
ضعفه أحمد في "العلل" رقم (871) وضعفه الآخرون، وقال ابن معين في رواية وأبو حاتم: ليس به بأس. "التاريخ الكبير"(4/ 3/ 73). و"الجرح والتعديل"(4/ 1/ 434) و"المجروحين"(3/ 24) و"الميزان"(4/ 180).
(3)
يوسف بن خالد بن عمير السَّمتي، أبو خالد البصري، تركوه، وكذبه ابن معين وكان من فقهاء الحنفية مات سنة (189 هـ).
والسَّمتي نسبة إلى السَّمْت وهو الهيئة، وقد سمي بذلك لطول لحيته وسمته.
"التقريب"(2/ 280) و"تهذيب التهذيب"(11/ 361 - 363 رقم 704)
(4)
جبارة بن المغلس بن محمد الحماني كوفي، مات سنة (241 هـ).
قال ابن عدي في "الكامل"(2/ 182): "ولجبارة أحاديث يرويها عن قوم ثقات، وفي بعض حديثه ما لا يتابعه أحد عليه غير أنه كان لا يتعمد الكذب إنما كانت غفلة فيه، وحديثه مضطرب كما ذكره البخاري" اهـ.
(5)
حَجاج بن تَميم الجزريُّ، أو الواسطيُّ: ضعيف "التقريب" رقم (1120).
وفي الباب من الموقوف عن علي [رضي الله عنه]
(1)
عند الشافعي
(2)
، وابن عمر عند مالك في الموطأ
(3)
والبيهقي
(4)
.
وروي
(5)
عن عروة بن الزبير: "أنه اغتسل يوم عيد وقال: إنه السنة".
وقال البزار
(6)
: لا أحفظ في الاغتسال للعيد حديثًا صحيحًا. وقال في البدر المنير: أحاديث غسل العيدين ضعيفة وفيه آثار عن الصحابة جيدة.
والحديث استدل به على أَن غسل يوم العيد مسنون وليس في الباب ما ينتهض لإِثبات حكم شرعي
(7)
.
وأما اشتراط أَن يصلي به صلاة العيد فلا أَدري ما الدليل على ذلك، وقد ثبت في كتب أئمتنا كمجموع زيد بن علي، وأصول الأحكام، والشفاء
(8)
، عن
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
رقم (440 - ترتيب المسند) بسند ضعيف جدًّا، وهو منقطع بين محمد بن علي بن الحسين، وعلي بن أبي طالب.
(3)
في الموطأ (1/ 177).
عن نافع - مولى ابن عمر - أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفِطْر قبل أن يغدُوَ إلى المصلى". وإسناده صحيح.
(4)
في "السنن الكبرى"(3/ 278).
(5)
أي البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(3/ 28 رقم 1866).
(6)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 81).
(7)
قال المحدث الألباني في "الإرواء"(1/ 176 - 177): (فائدة: "وأحسن ما يستدل به على استحباب الاغتسال للعيدين ما روى البيهقي (3/ 278) من طريق الشافعي عن زاذان قال: سأل رجل عليًا رضي الله عنه عن الغسل؟ قال: اغتسل كل يوم إن شئت، فقال: لا، الغسل الذي هو الغسل، قال: يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم النحر، ويوم الفطر" وسنده صحيح) وحكم النووي في "المجموع" (5/ 10) على هذا الأثر بأنه ضعيف.
والأولى ما حكم به الإمام النووي في "المجموع".
(8)
(1/ 434).
وقال الشوكاني رحمه الله في "وبل الغمام على شفاء الأوام"(1/ 361 - 362) بتحقيقنا. "قد روي في ذلك أحاديث لم يصح منها شيء، ولا بلغ شيء منها إلى رتبة الحسن لذاته ولا لغيره، وأما اعتبار كون المغتسل يصلي صلاة العيد بذلك الغسل كما ذكره المصنف وغيره، أي من دون أن يتخلل بين الغسل وبين الصلاة شيء من الأحداث، فلا أحفظ فيه حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا قول صحابي، وما أحسن الاقتصار على ما ثبت وإراحة العباد مما لم يثبت" اهـ.
علي عليه السلام قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم[أن]
(1)
نغتسل يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم العيد"، وقال: ليس ذلك بواجب فإن صح إسناده صلح لإِثبات هذه السنة.
[الباب الثالث] باب الغسل من غسل الميت
9/ 317 - (عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ [رضي الله عنه]
(2)
عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ غسَّلَ مَيِّتًا فَلْيغْتَسِلْ وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوضَّأ". رَوَاهُ الخَمْسَةُ
(3)
ولَمْ يَذْكُرِ ابْنُ ماجَهْ الوُضُوءَ، وقال أبُو دَاوُدَ
(4)
: "هذا مَنْسُوخٌ". وقال بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ مَنْ أرَادَ حَمْلَهُ ومُتَابَعَتَهُ فَليَتَوَضَّأْ مِنْ أجْل الصَّلَاةِ عليهِ). [صحيح]
الحديث أخرجه البيهقي
(5)
وفيه صالح مولى التوأمة وهو ضعيف
(6)
.
ورواه البزار
(7)
من ثلاث طرق عن أبي هريرة.
ورواه أيضًا ابن حبان
(8)
، قال البيهقي
(9)
: والصحيح أنه موقوف. وقال البخاري: الأشبه موقوف.
(1)
زيادة يقتضيها السياق.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد (2/ 280، 433، 454، 472) وأبو داود، رقم (3161) و (3162) والترمذي، رقم (933) وابن ماجه، رقم (1463).
(4)
في "سننه"(3/ 512 - 513) وتمام كلامه: "وسمعت أحمد بن حنبل - وسئل عن الغسل من غسل الميت - فقال: يجزيه الوضوء".
(5)
في "سننه"(1/ 301).
(6)
قال البيهقي في (السنن الكبرى)(4/ 52) عنه: "مختلف في عدالته، كان مالك بن أنس يجرحه".
وانظر: ["الجرح والتعديل" (2/ 1/ 418) و"الكامل" (4/ 1373) و"المجروحين" (1/ 361) و"الميزان" (2/ 302 - 304)].
(7)
قال الحافظ في "التلخيص"(1/ 136): "رواه البزار، من رواية العلاء، عن أبيه. ومن رواية محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. ومن رواية أبي بحر البكراوي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، كلهم عن أبي هريرة" اهـ.
(8)
في "صحيحه"(3/ 435 - 436 رقم 1161).
(9)
في "السنن الكبرى"(1/ 301 - 303).
وقال علي بن المديني وأَحمد بن حنبل
(1)
: لا يصح في الباب شيء. وهكذا قال الذهبي فيما حكاه الحاكم في تاريخه: ليس فيمن غسل ميتًا فليغتسل حديث صحيح.
وقال الذهلي: لا أعلم فيه حديثًا ثابتًا ولو ثبت للزمنا استعماله.
وقال ابن المنذر
(2)
: ليس في الباب حديث يثبت.
وقال ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه
(3)
: لا يرفعه الثقات إنما هو موقوف. وقال الرافعي: لم يصحح علماء الحديث في هذا الباب شيئًا مرفوعًا. قال الحافظ
(4)
قد حسنه الترمذي وصححه ابن حبان، ورواه الدارقطني بسند رواته موثقون.
وقد صحح الحديث أيضًا ابن حزم
(5)
.
وقد روي من طريق سفيان، عن سهيل، عن أَبيه عن إسحاق مولى زائدة عن أبي هريرة
(6)
قال ابن حجر
(7)
: "إسحاق مولى زائدة أخرج له مسلم فينبغي أن يصحح الحديث، قال: وأَما رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة فإسنادها حسن إلا أن الحفاظ من أصحاب محمد بن عمرو روَوه عنه موقوفًا".
والحاصل أن الحديث كما قال الحافظ
(8)
: هو لكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسنًا، فإنكار النووي
(9)
على الترمذي تحسينه معترض. قال الذهبي
(10)
: هو أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء.
(1)
قاله البخاري عنهما كما في "علل الترمذي الكبير" ص 143 و"علل الحديث" لابن أبي حاتم رقم (1035).
(2)
في "الأوسط"(5/ 351).
(3)
(1/ 351 رقم 1035).
(4)
في "التلخيص"(1/ 137).
(5)
في "المحلى"(1/ 250).
(6)
أخرجه أبو داود رقم (3162) والبيهقي (1/ 301) وابن حزم في "المحلى"(1/ 250).
(7)
في "التلخيص"(1/ 137).
(8)
المرجع السابق (1/ 137).
(9)
في "المجموع"(5/ 144).
(10)
في "المهذب في اختصار السنن الكبير"(1/ 302) وعبارته: "قلت: بل هي غير بعيدة من القوة إذا ضم بعضها إلى بعض، وهي أقوى من حديث القلتين، وأقوى من أحاديث الأرض مسجد إلا المقبرة والحمام إلى غير ذلك مما احتج بأشباهه فقهاء الحديث" اهـ.
وفي الباب عن علي عند أحمد
(1)
وأبي داود
(2)
والنسائي
(3)
وابن أبي شيبة
(4)
وأبي يعلى
(5)
والبزار
(6)
والبيهقي
(7)
، وعن حذيفة قال ابن أبي حاتم
(8)
والدارقطني
(9)
: لا يثبت ورواته ثقات كما قال الحافظ، وأَخرجه البيهقي
(10)
وذكر الماوردي
(11)
أن بعض أصحاب الحديث خرّج لهذا الحديث مائة وعشرين طريقًا.
[اختلاف الناس في غسل من غسل ميتًا]:
والحديث يدل على وجوب الغسل على من غسل الميت والوضوء على من حمله، وقد اختلف الناس في ذلك فروي عن علي
(12)
وأَبي هريرة
(13)
وأَحد قولي الناصر والإمامية
(14)
أن من غسل الميت وجب عليه الغسل لهذا الحديث، ولحديث عائشة الآتي
(15)
.
(1)
في "المسند"(1/ 97، 103، 130 - 131).
(2)
في "سننه" رقم (3214).
(3)
في "سننه"(1/ 110 رقم 190).
(4)
في "المصنف"(3/ 269).
(5)
في "مسنده"(1/ 33 رقم 424).
(6)
في "مسنده البحر الزخار"(2/ 207 رقم 592).
(7)
في "السنن الكبرى"(1/ 340).
عن علي رضي الله عنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن عمَّكَ الشيخ الضال قد مات قال: "اذهب فوارِ أباكَ، ثم لا تُحْدِثنَّ شيئًا حتى تأتيني"، فذهبتُ فواريته، وجئته فأمرني فاغتسلت. ودعَا لي. وهو حديث صحيح.
(8)
في "العلل (1/ 354 رقم 1046).
(9)
في "العلل كما في "التلخيص" (1/ 137).
(10)
في "السنن الكبرى"(1/ 304).
(11)
ذكر ذلك الحافظ في "التلخيص"(1/ 137).
(12)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(5/ 351) عن علي رضي الله عنه قال: من غسل ميتًا فليغتسل.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" رقم (6108) و (6109) وابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 269).
(13)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(5/ 350) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: من غسل الميت الغسل".
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 269).
(14)
"البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار"(1/ 111).
(15)
برقم (10/ 318) من كتابنا هذا، وهو حديث ضعيف.
وذهب أكثر العترة ومالك وأصحاب الشافعي
(1)
إلى أنه مستحب وحملوا الأمر على الندب لحديث: "إن ميتكم يموت طاهرًا فحسبكم أن تغسلوا أيديكم"، أَخرجه البيهقي
(2)
وحسَّنه ابن حجر، ولحديث:"كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل"، أخرجه الخطيب
(3)
من حديث عمر، وصحَّح ابن حجر
(4)
أيضًا إِسناده. ولحديث أَسماء الآتي
(5)
. وقال الليث وأبَو حنيفة وأصحابه
(6)
: لا يجب ولا يستحب لحديث: "لا غسل عليكم من غسل الميت"، رواه الدارقطني
(7)
والحاكم
(8)
مرفوعًا من حديث ابن عباس، وصحح البيهقي وقفه وقال: لا يصح رفعه.
وقال ابن عطاء: "لا تنجسوا موتاكم فإن المؤمن ليس بنجس حيًا ولا ميتًا" إسناده صحيح، وقد روي مرفوعًا، أَخرجه الدارقطني
(9)
، وكذلك أخرجه الحاكم
(10)
، وورد أَيضًا مرفوعًا من حديث ابن عباس:"لا تنجسوا موتاكم"، أي لا تقولوا هم نجس، وقد تقدم حديث:"المؤمن لا ينجس"
(11)
، وسيأتي حديث أسماء (5) وهذه لا تقصر
(1)
"البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار"(1/ 111). و"المجموع" للنووي (5/ 144 - 145).
(2)
في "السنن الكبرى"(3/ 398) وقال البيهقي: هذا ضعيف، والحمل فيه على أبي شيبة.
قلت: (القائل ابن حجر): أبو شيبة، هو إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، احتج به النسائي ووثقه الناس، ومن فوقه احتج بهم البخاري، وأبو العباس الهمداني، هو ابن عقدة حافظ كبير، إنما تكلموا فيه بسبب المذهب ولأمور أخرى، ولم يضعفه بسبب المتون أصلًا، فالإسناد حسن. "التلخيص"(1/ 138).
(3)
في "تاريخ بغداد"(5/ 424) بسند صحيح.
(4)
في "التلخيص"(1/ 138).
(5)
برقم (11/ 319) من كتابنا هذا، وهو حديث حسن.
(6)
انظر: "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي، اختصار الجصاص (1/ 182 رقم المسألة 115).
(7)
لم أجده في "السنن".
(8)
في "المستدرك"(1/ 386).
قلت: وأخرجه البيهقي في "سننه الكبرى"(1/ 168).
(9)
في "سننه"(2/ 70).
(10)
في "المستدرك"(1/ 385).
(11)
وهو حديث صحيح.
أخرجه البخاري رقم (285) ومسلم رقم (371).
عن صرف الأمر عن معناه الحقيقي الذي هو الوجوب إلى معناه المجازي أعني الاستحباب، فيكون القول بذلك هو الحق لما فيه من الجمع بين الأدلة بوجه مستحسن.
وأما قول بعضهم
(1)
: الجمع حاصل بغسل الأيدي فهو غير ظاهر لأن الأمر بالاغتسال لا يتم معناه الحقيقي إلا بغسل جميع البدن، وما وقع من إطلاقه على الوضوء في بعض الأحاديث فمجاز لا ينبغي حمل المتنازع فيه عليه بل الواجب حمله على المعنى الحقيقي الذي هو الأعم الأغلب، ولكنه يمكن تأييده بما سلف من حديث:"فحسبكم أن تغسلوا أيديكم"
(2)
.
10/ 318 - (وعَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيبةَ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الله بن الزُّبيْرِ عَنْ عائِشةَ رَضِيَ الله [عَنها]
(3)
عَن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "يُغْتَسلُ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنَ الجُمُعَةِ، وَالجَنابَةِ، والحِجَامَةِ، وغُسل الْمَيتِ". رَوَاهُ أحمَدُ
(4)
وَالدَّارَقُطْنِيُّ
(5)
وأبُو دَاوُدَ
(6)
ولفْظُهُ: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَغْتسلُ. وهذا الإِسْنادُ على شرْطِ مُسْلِمٍ، لكِنْ قال الدَّارقَطْنِيُّ
(7)
: "مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ ليْسَ بالقَوِيِّ ولَا بالحَافِظِ". [ضعيف]
الحديث أخرجه أيضًا البيهقي
(8)
ومصعب
(9)
المذكور ضعفه أبو زرعة
(1)
في حاشية المخطوط "الجلال".
(2)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 398)، وقد سبق التعليق قريبًا.
(3)
في (جـ): (عنهم).
(4)
في "المسند"(6/ 152).
(5)
في سننه (1/ 113 رقم 8).
(6)
في "سننه"(رقم: 3160).
(7)
في "السنن عقب الحديث"(1/ 113 رقم 8).
(8)
في "السنن الكبرى"(1/ 299).
قال الحافظ في "النكت الظراف"(11/ 439) - بذيل تحفة الأشراف - عقب هذا الحديث ما يلي: "قلت: نقل ابن أبي حاتم عن أبي زرعة أنه قال: لا يصح هذا. قلت له: يروي عن عائشة من غير حديث مصعب؟ قال: لا" اهـ.
(9)
هو مصعب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان
…
المكي الحجبي.
قال الأثرم، عن أحمد: روى أحاديث مناكير.
وقال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: ثقة.
وقال أبو حاتم: لا يحمدونه، وليس بقوي.
وقال ابن سعد: كان قليل الحديث. =
وأحمد والبخاري، وصحح الحديث ابن خزيمة
(1)
وهو يدل على أن الغسل مشروع لهذه الأربع.
أما الجمعة فقد تقدم
(2)
.
وأما الجنابة فظاهر.
وأما الحجامة فهو سنة عند الهادوية
(3)
لهذا الحديث ولما روي عن علي [رضي الله عنه]
(4)
أنه قال: "الغسل من الحجامة سنة وإن تطهرت أجزأَك"
(5)
. وأخرج الدارقطني
(6)
، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم ولم يزد على غسل محاجمه"، وفيه صالح بن مقاتل وليس بالقوي.
وأما غسل الميت فقد تقدم قريبًا
(7)
.
11/ 319 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ أبي بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ [رضي الله تعالى عنهما] (4) أَنَّ أسْمَاءَ بِنْتَ عُميسٍ امْرأَةَ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ الله [عنهُ]
(8)
غَسّلَتْ أبا بَكْرٍ حِينَ تُوُفِّيَ ثمَّ خَرَجَتْ فسألتْ مَنْ حَضَرَها مِنَ المُهاجِرِينَ فقالتْ: إنَّ هذا يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ وَأنا صَائمةٌ فَهلْ عَلَيَّ مِنْ غُسْلٍ؟ قالوا: لَا. رَوَاهُ مالِكٌ في المُوَطَّأَ
(9)
عَنْهُ). [حسن]
الحديث هو من رواية عبد الله بن أَبي بكر، وأَخرجه البيهقي
(10)
من طريق
= وقال النسائي: منكر الحديث. وقال في موضع آخر: في حديثه شيء.
["تهذيب التهذيب" (4/ 85)].
وخلاصة القول أن حديث عائشة ضعيف، والله أعلم.
(1)
في "صحيحه"(1/ 126 رقم 256) بسند ضعيف. وفيه عنعنة زكريا بن أبي زائدة. ومصعب بن شيبة. ضعيف.
(2)
الباب الأول: باب غسل الجمعة عند الحديث (1/ 309) و (2/ 310) و (3/ 311) و (4/ 312) و (5/ 313) و (6/ 314) و (7/ 315).
(3)
"البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار"(1/ 111).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
ذكره محمد بن يحيى بهران الصعدي في كتاب: "جواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار"(1/ 111).
(6)
في "سننه"(2/ 182) من حديث أنس.
(7)
الباب الثالث: باب الغسل من غسل الميت عند الحديث رقم (9/ 317).
(8)
في (جـ): (عنهما).
(9)
في "الموطأ"(1/ 223)، وهو حديث حسن.
(10)
في "السنن الكبرى"(3/ 397). وقال البيهقي: "وهذا الحديث الموصول، وإن كان =
الواقدي عن ابن أخي الزهري عن عروة عن عائشة أن أَبا بكر أوصى أن تغسله أسماء بنت عميس فضعفت فاستعانت بعبد الرحمن، قال البيهقي: وله شواهد عن ابن أبي مليكة عن عطاء عن سعد بن إبراهيم وكلها مراسيل وهو من الأدلة الدالة على استحباب الغسل دون وجوبه، وهو أيضًا من القرائن الصارفة عن الوجوب فإنه يبعد غاية البعد أن يجهل أهل ذلك الجمع الذين هم أعيان المهاجرين والأنصار واجبًا من الواجبات الشرعية، ولعل الحاضرين منهم ذلك الموقف جلهم وأجلهم، لأن موت مثل أبي بكر حادث لا يظن بأحد من الصحابة الموجودين في المدينة أن يتخلف عنه وهم في ذلك الوقت لم يتفرقوا كما تفرقوا من بعد.
[الباب الرابع] باب الغسل للإحرام وللوقوف بعرفة ودخول مكة
12/ 320 - (عَنْ زَيدِ بن ثابِتٍ [رضي الله عنه]
(1)
أنهُ رَأَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَجَرَّدَ لإِهْلَالِهِ وَاغْتسلَ. رَوَاهُ الترمذِيُّ)
(2)
. [حسن بشواهده]
الحديث أخرجه الدارقطني
(3)
والبيهقي
(4)
والطبراني
(5)
من حديث زيد بن ثابت وحسنه الترمذي (2) وضعفه العقيلي
(6)
. ولعل الضعف لأن في رجال إسناده عبد الله بن يعقوب المدني
(7)
، قال ابن الملقن في شرح
= راويه محمد بن عمر الواقدي صاحب التاريخ والمغازي فليس بالقوي.
وله شواهد مراسيل عن ابن أبي مليكة، وعن عطاء بن أبي رباح، عن سعد بن إبراهيم أن أسماء بنت عميس غسلت زوجها أبا بكر رضي الله عنه، وذكر بعضهم أن أبا بكر رضي الله عنه أوصى بذلك" اهـ.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في "سننه"(3/ 192 رقم 830) وقال: هذا حديث حسن غريب.
(3)
في "سننه"(2/ 220 - 221 رقم 23) وقال الدارقطني: حديث غريب.
(4)
في "السنن الكبرى"(5/ 32).
(5)
في "المعجم الكبير"(5/ 135 رقم 4862).
(6)
في "الضعفاء الكبير"(4/ 138 رقم الترجمة 1699).
(7)
انظر ترجمته في: "تهذيب التهذيب"(6/ 78 رقم الترجمة 172) وقال عنه في "التقريب"(1/ 462): "مجهول الحال". قلت: وفيه أيضًا عبد الرحمن بن أبي الزناد ضعفه غير واحد.
وفيه عند الدارقطني أبو غزية: محمد بن موسى قال البخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 1/ 238): عنده مناكير. وقال ابن حبان في "المجروحين"(2/ 289): "كان يسرق الحديث =
المنهاج
(1)
جوابًا على من أنكر على الترمذي تحسين الحديث: "لعله إنما حسنه لأنه عرف عبد الله بن يعقوب الذي في إسناده"، أي عرف حاله.
والحديث يدل على استحباب الغسل عند الإِحرام وإلى ذلك ذهب الأكثر.
وقال الناصر
(2)
: إنه واجب، وقال الحسن البصري ومالك
(3)
: محتمِل.
وأخرج الحاكم
(4)
والبيهقي
(5)
من طريق يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس قال: "اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبس ثيابه، فلما أتى ذا الحليفة صلَّى ركعتين ثم قعد على بعيره، فلما استوى على البيداء أحرم بالحج"، ويعقوب ضعيف قاله الحافظ
(6)
.
13/ 321 - (وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَادَ أنْ يُحرِمَ غَسلَ رَأسَهُ بِخِطْميِّ وَأُشْنانٍ وَدَهَنَهُ بَشْيء مِنْ زيتٍ غَيرِ كَثيرٍ. رَوَاهُ أحمَدُ)
(7)
. [إسناده ضعيف]
الحديث قال في مجمع الزوائد
(8)
: "أخرجه البزار
(9)
، والطبراني في الأوسط
(10)
، وإسناد البزار حسن".
= ويروي عن الثقات الموضوعات"، وخلاصة القول أن الحديث حسن من أجل شواهده".
(1)
المسمى "تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج"(2/ 148).
(2)
هو أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الحسيني، الإمام الناصر الكبير الأطروش، لطرش أصابه في أذنيه، ولد سنة (230 هـ) وكان عالمًا شجاعًا ورعًا زاهدًا. توفي سنة (304 هـ) وإليه تنسب الناصرية.
[مقدمة البحر الزخار صفحة (ص)].
(3)
انظر: "الفقه الإسلامي وأدلته"(1/ 542).
(4)
في "المستدرك"(1/ 447).
(5)
في "السنن الكبرى"(5/ 33) وقال البيهقي عن يعقوب هذا: "غير قوي".
(6)
في "التلخيص الحبير"(2/ 235).
قلت: قال البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 318) عن يعقوب بن عطاء هذا: "لا يحتج بحديثه"، وقال أيضًا في "السنن الكبرى" (7/ 238) وفي "المعرفة" (5/ 328): عنه: "غير محتج به".
(7)
في "المسند"(6/ 78) بسند ضعيف.
(8)
(7/ 213).
(9)
(رقم 1085 - كشف).
(10)
رقم (1150).
قوله: (بخِطمي) نبات، قال في القاموس
(1)
: الخِطْمِيُّ، ويُفتحُ: نباتٌ مُحَلِّلٌ مفتح لين نافع لِعُسْرِ البول، وذكر له فوائد ومنافع.
قوله: (وأشنان)، هو بالضم والكسر للهمزة قاله في القاموس
(2)
، وهو نبات.
والحديث يدل على استحباب تنظيف الرأس بالغسل ودهنه عند الإِحرام وسيأتي الكلام على ذلك في الحج، وليس فيه الغسل لجميع البدن الذي بوّب المصنف له.
14/ 322 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(3)
قَالَتْ: نُفِسَتْ أسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أبي بَكْرٍ بالشَّجَرَةِ، فأمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أبَا بَكْرٍ أن يَأْمُرَها أَنْ تَغْتسلَ وتُهِلَّ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ
(4)
وابْنُ ماجَهْ
(5)
وأبُو دَاوُدَ)
(6)
. [صحيح]
الحديث أخرجه [مالك في]
(7)
الموطأ
(8)
عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أسماء: "أنها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مرها فلتغتسل ثم لتهل"، قال الحافظ
(9)
: وهذا مرسل. وقال الدارقطني
(10)
بعد أن ساق حديث عائشة الذي ذكره المصنف في العلل: الصحيح قول مالك ومن وافقه، يعني مرسلًا.
وأخرجه النسائي
(11)
من حديث القاسم بن محمد عن أبيه عن أبي بكر.
قال الحافظ
(12)
: وهو مرسل أيضًا لأن محمدًا لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من أبيه، نعم يمكن أن يكون سمع ذلك من أمه لكن قد قيل [أيضًا] (3): إن القاسم أيضًا لم يسمع من [أمه]
(13)
.
(1)
"القاموس المحيط"(ص 1426).
(2)
"القاموس المحيط"(ص 1559).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في صحيحه رقم (1209).
(5)
في "سننه" رقم (2911).
(6)
في "سننه" رقم (1743).
(7)
زيادة من (جـ).
(8)
(1/ 322).
(9)
في "التلخيص"(2/ 235).
(10)
كما في "التلخيص"(2/ 235 - 236).
(11)
في السنن الكبرى (2/ 331 رقم 3644).
(12)
في "التلخيص"(2/ 236).
(13)
في (جـ): (أبيه) وهو خطأ.
وقد أخرجه مسلم
(1)
من حديث جابر الطويل بلفظ: "فخرجْنَا حتى أتينا ذَا الحُلَيْفَةِ فولدَتْ أسماءُ بنتُ عُميسٍ محمَّدَ بنَ أبي بَكْرٍ فأرسلَت إلى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كيفَ أصنَعُ؟ قالَ: اغْتَسلِي واستثْفِري بثوبٍ وأَحْرِمِي"، الحديث.
قوله: (نُفِست) بضم النون وكسر الفاء: الولادة، وأما بفتح النون فالحيض وليس بمراد هنا.
الحديث يدل على مشروعية الغسل لمن أراد الإِهلال بالحج، ولكنه يحتمل أن يكون لقذر النفاس فلا يصلح للاستدلال به على مشروعية مطلق الغسل.
15/ 323 - (وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمدٍ عَنْ أبِيهِ أن عَلِيًّا كَرَّمَ الله وَجهَهُ كانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ العِيدَيْنِ، ويوْمَ الجمُعَةِ، وَيومَ عَرَفَةَ، وَإِذا أَرَادَ أنْ يُحْرِمَ. رَوَاهُ الشافِعِيُّ)
(2)
. [موقوف ضعيف]
16/ 324 - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله تعالى عنهما]
(3)
أنهُ كانَ لَا يَقْدُمُ مَكَّةَ إلا بَاتَ بَذِي طُوًى حَتى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ ثم يَدْخُلَ مَكةَ نَهارًا، ويُذْكَرُ عَنِ النبيّ صلى الله عليه وسلم أنهُ فَعَلهُ. أخْرَجهُ مُسلِمٌ
(4)
. [صحيح]
وللبُخارِيِّ
(5)
مَعْنَاهُ [صحيح]
وَلمالِكٍ في المُوَطَّأ
(6)
عَنْ نَافِعٍ أن عبْدَ الله بْنَ عُمرَ كانَ يَغْتسلُ لإِحْرَامِهِ قبْل أن يُحْرِمَ، ولدُخُولِ مَكَّةَ، ولوُقُوفِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ). [إسناده صحيح]
لفظ البخاري (5): "أنه كان إذا دخل [أدنى]
(7)
الحرم أمسك عن التلبية ثم يبيت بذي طُوىً ثم يُصلي الصبح ويغتسل"، ويُحَدِّث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل
(1)
في صحيحه رقم (147/ 1218).
(2)
في "المسند"(رقم: 440 - ترتيب السندي) موقوف بسند ضعيف منقطع.
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في صحيحه رقم (226/ 1259).
(5)
في صحيحه رقم (1573).
(6)
في "الموطأ"(1/ 322) بسند صحيح.
قلت: وأخرج الحاكم في "المستدرك"(1/ 447) عن ابن عمر أنه قال: إن من السنة أن يغتسل إذا أراد أن يحرم، وإذا أراد أن يدخل مكة.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(7)
في (جـ): (من).
ذلك، وأخرجه أيضًا أبو داود
(1)
والنسائي
(2)
.
الحديث يدل على استحباب الاغتسال لدخول مكة، قال في الفتح: قال ابن المنذر
(3)
: الاغتسال عند دخول مكة مستحب عند جميع العلماء وليس في تركه عندهم فدية. وقال أكثرهم: يجزي عنه الوضوء.
وفي الموطأ
(4)
أَن ابن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من احتلام، وظاهره أن غسله لدخول مكة كان لجسده دون رأسه. وقالت الشافعية
(5)
: إن عجز عن الغسل تيمَّم. وقال ابن التين: لم يذكر أصحابنا الغسل لدخول مكة وإنما ذكروه للطواف، والغسل لدخول مكة هو في الحقيقة للطواف.
قوله: (بذي طوى)
(6)
، بضم الطاء وفتحها.
[الباب الخامس] باب غسل المستحاضة لكل صلاة
17/ 325 - (عَنْ عَائشةَ رضي الله عنها قالتْ: استحيضَتْ زينَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، فقالَ لهَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اغتسلِي لكُلِّ صَلاةِ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(7)
. [صحيح]
الحديث فيه محمد بن إسحاق، وقد حسَّن المنذري بعض طرقه.
وأَخرجه ابن ماجه
(8)
.
(1)
في سننه رقم (1866).
(2)
في سننه (5/ 200)، وهو حديث صحيح.
(3)
انظر: "الإقناع"(1/ 220) لابن المنذر.
(4)
في "الموطأ"(1/ 324 رقم 7) بسند صحيح.
(5)
انظر: "كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار"(ص 60).
(6)
طُوَىً: وهو بضم الطاء وفتح الواو المخففة: موضع عند باب مكة يستحب لمن دخل مكة أن يغتسل به. (النهاية: 3/ 147).
(7)
في "سننه"(1/ 204 - 205 رقم 292).
قال المحدث الألباني في صحيح أبي داود: صحيح. دون قوله: زينب بنت جحش.
والصواب: أم حبيبة بنت جحش. كما تقدم - أي في القسم الأول من الحديث رقم 292.
(8)
في "سننه" رقم (622).
وفيه دلالة على وجوب الاغتسال عليها لكل صلاة، وقد ذهب إلى ذلك الإِمامية
(1)
. وروي عن ابن عمر، وابن الزبير، وعطاء بن أبي رباح، وروي هذا أيضا عن علي عليه السلام وابن عباس
(2)
، وروي عن عائشة أنها قالت:"تغتسل كل يوم غسلًا واحدًا"
(3)
. وعن ابن المسيب والحسن قالا: تغتسل من صلاة الظهر إلى صلاة الظهر، ذكر ذلك النووي
(4)
.
وقد ذكر أبو داود حجج هذه الأقوال في سننه، وجعلها أَبوابًا
(5)
.
(1)
انظر: "اللمعة الدمشقية"(1/ 112 - 113).
(2)
ذكر ذلك النووي في "المجموع"(2/ 553).
(3)
ذكر ذلك النووي في "المجموع"(2/ 553).
(4)
في "المجموع"(2/ 553).
(5)
الباب رقم (111): باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة.
ويشمل على الأحاديث الآتية:
رقم 288 - عن عائشة. وهو حديث صحيح.
رقم 289 - عن عائشة. وهو حديث صحيح.
ورقم 290 - عن عائشة. وهو حديث صحيح.
ورقم 291 - عن عائشة. وهو حديث صحيح.
ورقم 292 - عن عائشة. وهو حديث صحيح دون قوله: زينب بنت جحش. والصواب أم حبيبة بنت جحش.
ورقم 293 - عن أبي سلمة. وهو حديث صحيح.
• والباب رقم (112): باب من قال تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلًا. ويشمل على الأحاديث الآتية:
رقم 294 - عن عائشة. وهو حديث صحيح.
ورقم 295 - عن عائشة. وهو حديث ضعيف.
ورقم 296 - عن أسماء بنت عُميس. وهو حديث ضعيف.
• والباب رقم (113): باب من قال: تغتسل من طُهر إلى طُهر.
ويشمل على الأحاديث الآتية:
رقم 297 - عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده. وهو حديث صحيح.
ورقم 298 - عن عائشة. وهو حديث صحيح.
ورقم 299 - عن عائشة. وهو حديث صحيح.
ورقم 300 - عن عائشة. وهو حديث ضعيف.
• والباب رقم (114) باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر. ويشمل على الحديث الآتي: =
وذهب الجمهور إلى أنه لا يجب عليها الاغتسال لشيء من الصلوات، ولا في وقت من الأوقات إلا مرة واحدة في وقت انقطاع حيضها.
قال النووي
(1)
: وبهذا قال جمهور العلماء من السلف والخلف، وهو مروي عن علي [رضي الله عنه]
(2)
، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة، وهو قول عروة بن الزبير، وأَبي سلمة بن عبد الرحمن، ومالك، وأبي حنيفة، وأحمد. ودليل الجمهور، أن الأصل عدم الوجوب فلا يجب إلا بورود الشرع بإيجابه.
قال النووي
(3)
: ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمرها بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع حيضها وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي"، وليس في هذا ما يقتضي تكرار الغسل، قال: وأما الأحاديث الواردة
= رقم 301 - عن سُمَيِّ - مولى أبي بكر - وهو حديث صحيح.
• والباب رقم (115) باب من قال: تغتسل كل يوم مرة. ولم يقل: عند الظهر. ويشمل على الحديث الآتي:
رقم 302 - عن علي. وهو حديث ضعيف.
• والباب رقم (116) باب من قال: تغتسل بين الأيام. ويشمل على الحديث الآتي:
رقم 303 - عن محمد بن عثمان. وهو حديث صحيح.
• والباب رقم (117): باب من قال: توضأ لكل صلاة ويشمل على الحديث الآتي:
رقم 304 - عن فاطمة بنت أبي حبيش. وهو حديث حسن.
• والباب رقم (118) باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث. ويشمل على الحديثين:
رقم (305) - عن عكرمة. وهو حديث صحيح.
ورقم (306) - عن ربيعة. وهو حديث صحيح.
قال النووي في "المجموع"(2/ 553): "فرع: مذهبنا - أي الشافعية - أن طهارة المستحاضة الوضوء، ولا يجب عليها الغسل لشيء من الصلوات إلَّا مرة واحدة في وقت انقطاع حيضتها، وبهذا قال جمهور السلف والخلف وهو مروي عن علي، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم، وبه قال عروة بن الزبير وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو حنيفة ومالك وأحمد
…
وقال الشافعي رضي الله عنه: إنما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة قال: ولا أشك أن غسلها كان تطوعًا غير ما أمرت به وذلك واسع لها
…
" اهـ.
(1)
في "المجموع"(2/ 553).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
المرجع السابق (2/ 553).
في سنن أبي داود والبيهقي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل فليس فيها شيء ثابت. وقد بيَّن البيهقي ومن قبله ضعفها.
وإنما صح في هذا ما رواه البخاري
(1)
ومسلم
(2)
في صحيحيهما: "أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاغتسلي ثم صلي، فكانت تغتسل عند كل صلاة". قال الشافعي
(3)
رحمه الله: "إنما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن تغتسل وتصلي، وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، قال: ولا أشك إن شاء الله أن غسلها كان تطوعًا غير ما أُمرت به، وذلك واسع لها.
وكذا قال سفيان بن عيينة والليث بن سعد وغيرهما
(4)
.
وما ذهب إليه الجمهور من عدم وجوب الاغتسال إلا لإِدبار الحيضة هو الحق، لفقد الدليل الصحيح الذي تقوم به الحجة لا سيما في مثل هذا التكليف الشاق فإنه لا يكاد يقوم بما دونه في المشقة إلا خُلَّص العباد، فكيف بالنساء الناقصات الأديان بصريح الحديث، والتيسير وعدم التنفير من المطالب التي أكثر المختار صلى الله عليه وسلم الإِرشاد إليها، فالبراءة الأصلية المعتضدة بمثل ما ذكر لا ينبغي الجزم بالانتقال عنها بما ليس بحجة توجب الانتقال، وجميع الأحاديث التي فيها إيجاب الغسل لكل صلاة قد ذكر المصنف بعضها في هذا الباب، وأكثرها تأتي في أبواب الحيض وكل واحد منها لا يخلو عن مقال كما ستعرف ذلك، لا يقال إنها تنتهض للاستدلال بمجموعها، لأنا نقول: هذا مسلَّم لو لم يوجد ما يعارضها، وأما إذا كانت معارضة بما هو ثابت في الصحيح فلا. كحديث عائشة الآتي في أبواب الحيض
(5)
، فإن فيه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة بنت أبي حبيش بالاغتسال عند ذهاب الحيضة" فقط، وترك البيان في وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في الأصول.
(1)
في "صحيحه" رقم (320).
(2)
في "صحيحه" رقم (334).
(3)
في "الأم"(1/ 245 رقم المسألة 825).
(4)
ذكر ذلك النووي في "المجموع"(2/ 554).
(5)
رقم الحديث (2/ 369) من كتابنا هذا.
وقد جمع بعضهم بين الأحاديث بحمل أَحاديث الغسل لكل صلاة على الاستحباب، كما سيأتي في باب من تحيض ستًا أو سبعًا
(1)
وهو جمع حسن.
18/ 326 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله عنها]
(2)
أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرو اسْتُحيضَتْ فأتَتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَسَألَتْهُ عَنْ ذلِكَ فأمَرَها بِالْغُسْلِ عِندَ كُلِّ صلَاةٍ، فَلَمَا جَهَدَهَا ذلِكَ أَمَرَها أَنْ تَجْمَعَ بَينَ الظُّهْرِ وَالْعَصْر بِغُسْلٍ، وَالمَغْرِبِ وَالعشَاءِ بِغُسْلٍ، والصُّبْحَ بغُسْل. رَواهُ أحْمَدُ
(3)
وَأَبُو دَاوُدَ)
(4)
. [ضعيف]
الحديث في إسناده محمد بن إسحاق
(5)
عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة، وابن إسحاق ليس بحجة لا سيما إذا عنعن، وعبد الرحمن قد قيل: إنه لم يسمع من أبيه. قال الحافظ
(6)
: قد قيل: إن ابن إسحاق وهم فيه.
والحديث يدل على أنه يجوز الجمع بين الصلاتين، والاقتصار على غسل واحد لهما، وقد عرفت ما هو الحق في الذي قبله. وقد ألحق بالمستحاضة المريض وسائر المعذورين بجامع المشقة، ولهذا قال المصنف
(7)
: وهو حجة في الجمع للمرضى، انتهى.
19/ 327 - (وَعَن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ عَنْ أسْماءَ بِنْتِ عُميسٍ [رضي الله تعالى عنهم] (2) قالَتْ: قُلْتُ يا رَسُولَ الله إنَّ فاطِمَةَ بِنْتَ أَبي حُبَيشٍ اسْتُحيضَتْ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَلَمْ تُصَلِّ، فقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"هذا مِنَ الشَّيطَانِ لِتَجْلِسْ في مِرْكَن، فإِذَا رَأَتْ صُفرَةً فَوْقَ المَاءِ فَلْتَغْتَسِلْ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ غسلًا واحِدًا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلًا واحدًا، وتَغتسلْ لِلْفَجْرِ غُسْلًا وتتَوضَأَ فِيما بَينَ ذلِكَ". رَوَاهُ أَبُوَ دَاوُدَ)
(8)
. [ضعيف]
(1)
الباب الثالث عند الحديث رقم (6/ 373) من كتابنا هذا.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
في "المسند"(6/ 119).
(4)
في سننه رقم (295).
(5)
محمد بن إسحاق بن يسار، أبو بكر المُطلبي مولاهم، المدني، نزيل العراق، إمام المغازي: صدوق يُدلس، ورمي بالتشيع والقدر، .. "التقريب" رقم (5725).
(6)
في "التلخيص"(1/ 171).
(7)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 149).
(8)
في "السنن" رقم (296).
الحديث في إسناده [سهيل بن أبي صالح
(1)
]
(2)
، وفي الاحتجاج بحديثه خلاف.
وفي الباب عن حمنة بنت جحش وفيه: "فإن قَوِيتِ على أن تؤخِّري الظهرَ، وتُعَجِّلِي العصر، ثم تغتسلي [حتى]
(3)
[تطهرين]
(4)
، [وتصلين]
(5)
الظهر والعصر جمعًا، ثم تؤخرين المغرب [وتعجلين]
(6)
العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الصبح وتصلين". قال:"وهذا أعجب الأمرين إليّ"
(7)
.
أخرجه الشافعي
(8)
وأحمد
(9)
وأبو داود
(10)
والترمذي
(11)
وابن ماجه
(12)
والدارقطني
(13)
والحاكم
(14)
، وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل
(15)
، وهو مختلف
(1)
سهيل بن أبي صالح، ذكوان السمان أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظُه بأخرة، روى له البخاري مقرونًا - أي بغيره - وتعليقًا. "التقريب" رقم (2675).
قلت: الحديث ضعيف، خالف فيه سهيل بن أبي صالح جميع من رواه عن الزهري، واختلف عليه في لفظه.
• أخرج أبو داود رقم (281) من طريق جرير، عن سهيل، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، قال: حدثتني فاطمة بنت أبي حبيش أنها أمرت أسماء، أو أسماء حدثتني أنها أمرتها فاطمة بنت أبي حبيش أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد، ثم تغتسل".
• قال البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 353): "هكذا رواه سهيل بن أبي صالح، عن الزهري، عن عروة، واختلف فيه عليه والمشهور رواية الجمهور، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، في شأن أم حبيبة بنت جحش" اهـ.
قلت: حديث أبي داود رقم (281) ليس فيه الاغتسال لكل صلاة مجموعة، ولا الاغتسال لصلاتين. وهذا اللفظ قريب من لفظ البخاري رقم (325): عن عائشة في قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش، وفيه:"ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي".
(2)
في (جـ): (محمد بن إسحاق) وهو خطأ.
(3)
في (جـ): (حين).
(4)
في "المخطوط"(أ) و (ب): (تطهري)، والمثبت من كتب الحديث ومن (جـ).
(5)
في "المخطوط"(أ) و (ب): (وتصلي)، والمثبت من كتب الحديث ومن (جـ).
(6)
في "المخطوط"(أ) و (ب): (وتعجلي)، والمثبت من كتب الحديث وهي غير موجودة في (جـ).
(7)
قوله صلى الله عليه وسلم وهذا أعجب الأمرين إليَّ: أي أحسن الأمرين، مع أن كلا الأمرين حسن. وهذا أحسن. يعني الغسل مع الجمع.
(8)
رقم (141)"ترتيب المسند".
(9)
في المسند (6/ 381، 382، 439).
(10)
في سننه رقم (287).
(11)
في سننه رقم (128).
(12)
في سننه رقم (627).
(13)
في سننه (4/ 211).
(14)
في المستدرك (1/ 172 - 173).
(15)
عبد الله بن محمد بن عقيل. =
في الاحتجاج به. وقال ابن منده: لا يصح بوجه من الوجوه، وسيأتي بقية الكلام عليه في باب من تحيض ستًا أو سبعًا
(1)
.
وحديث الباب يدل على ما دل عليه الذي قبله، وقد عرفت الخلاف في ذلك، واختلف في وضوء المستحاضة هل يجب لكل صلاة أم لا؟ وسيأتي الكلام على ذلك في باب وضوء المستحاضة لكل صلاة
(2)
.
قوله: (في مِركن) هو بكسر الميم الإِجَّانة التي تغسل فيها الثياب، والميم زائدة، والإجانة بهمزة مكسورة فجيم مشددة فألف فنون، ويقال: الإِيجانة والإِنجانة بالياء المثناة من تحت بعد الهمزة أو بالنون.
قوله: (فإذا رأت صفرة فوق الماء)، أي الذي تقعد فيه. فإنها تظهر الصفرة فوقه، فعند ذلك يصب عليها الماء.
= لم يكن بالحافظ، وأهل العلم بالحديث مختلفون في جواز الاحتجاج بروايته، قاله البيهقي في السنن الكبرى (1/ 237).
وقال يحيى بن معين: لا يحتج بحديثه.
وقال البخاري: أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم، والحميدي يحتجون بحديثه.
انظر: تاريخ ابن معين (4/ 64) و"تقريب التهذيب"(1/ 447) و"تهذيب التهذيب"(6/ 13 - 15).
وقال الألباني في "إرواء الغليل"(1/ 203): "هذا إسناد حسن رجاله ثقات غير ابن عقيل وقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، وهو في نفسه صدوق، فحديثه في مرتبة الحسن، وكان أحمد وابن راهويه يحتجان به كما قال الذهبي" اهـ.
وقال الترمذي في "العلل الكبير"(ص 58)"74 - قال محمد - يعني البخاري -: حديث حمنة بنت جحش في المستحاضة هو حديث حسن، إلا أن إبراهيم بن محمد بن طلحة هو قديم لا أدري سمع منه عبد الله بن محمد بن عقيل أم لا".
وكان أحمد بن حنبل يقول: هو حديث صحيح" اهـ.
وصححه أبو الأشبال في "تحقيقه وشرحه لجامع الترمذي"(1/ 227).
وجاء في "العلل" لابن أبي حاتم (1/ 51 رقم 123): "سألت أبي عن حديث رواه ابن عقيل عن إبراهيم بن محمد، عن عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش في الحيض، فوهَّنه ولم يقوِّ إسناده" اهـ.
القول أن الحديث حسن، والله أعلم.
(1)
الباب الثالث عند الحديث رقم (6/ 373) من كتابنا هذا.
(2)
الباب الخامس عند الحديث رقم (9/ 376) و (10/ 377) من كتابنا هذا.
وفي شرح المغربي
(1)
لبلوغ المرام
(2)
ما لفظه: "أي صفرة الشمس، وفي نسخة: صفارة، أي إذا زالت الشمس وقربت من العصر حتى ترى فوق الماء من شعاع الشمس شبه صفارة، لأن شعاعها يتغير ويقل فيضرب إلى صفرة"، انتهى.
فينظر في صحة هذا التفسير.
[الباب السادس] باب غسل المغمى عليه إذا أفاق
20/ 328 - (عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: ثَقِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فقالَ: "أصلَّى النَّاس؟ "، فقلنا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُول الله، فقال:"ضَعُوْا لِي ماءً في المِخْضَبِ"، قالَتْ: فَفَعَلْنا، فاغْتسَلَ ثمَّ ذَهَبَ ليَنُوءَ فأُغْمِيَ عَليهِ ثمَّ أفاقَ، فقالَ:"أصَلَّى النَّاسُ؟ " فقُلنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يا رَسُولَ الله، فقالَ:"ضَعُوا لِي ماءَ في المِخْضَبِ"، قالَتْ: فَفَعَلْنَا، فاغْتَسلَ ثمَّ ذَهَبَ لِينوءَ فأُغْمِيَ عَلَيه ثمَّ أفاقَ، قالَ:"أصَلَّى الناسُ؟ " فقُلنا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يا رَسُولَ الله فَذَكَرَتْ
(1)
والمغربي: هو الحسين بن محمد اللاعي، نسبة إلى بلاد لاعة من أعمال بلاد كوكبان، قاضي صنعاء، وعالمها ومحدثها. ولد سنة (1048 هـ) وأخذ العلم عن السيد عز الدين العبالي، وعبد الرحمن بن محمد الحيمي، وعلي بن يحيى البرطي، وغيرهم.
وبرع في عدة علوم وأخذ عنه جماعة من العلماء: كالسيد عبد الله بن علي الوزير، وغيره.
وتوفي سنة (1119 هـ)، وقيل سنة (1115 هـ).
["البدر الطالع" (1/ 230 - 231 رقم 153)].
(2)
واسمه: "البدر التمام شرح بلوغ المرام" وهو شرح حافل نقل ما في "التلخيص" من الكلام على متون الأحاديث وأسانيدها، ثم إذا كان الحديث في البخاري نقل شرحه من "فتح الباري" وإذا كان في "صحيح مسلم" نقل شرحه من "شرح النووي" وتارة ينقل من "شرح السنن" لابن رسلان. ولكنه لا ينسب هذه الأقوال إلى أهلها غالبًا مع كونه يسوقها باللفظ، وينقل الخلافات من "البحر الزخار" للإمام المهدي: أحمد بن يحيى. وفي بعض الأقوال من: "نهاية ابن رشد" ويتركُ التعرض للترجيح في غالب الحالات، وهو ثمرة الاجتهاد، وعلى كل حال فهو شرح مفيد وقد اختصره العلامة: محمد بن إسماعيل الأمير وسمَّى المختصر: "سبل السلام
…
".
• و"البدر التمام شرح بلوغ المرام" لا يزال مخطوطًا وبحوزتي صورة له.
إرْسَالهُ إلى أبي بَكْرٍ. وتَمَامُ الحَديثِ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ"
(1)
. [صحيح]
قوله: (ثَقِل) بفتح الثاء وكسر القاف، قال في القاموس
(2)
: ثَقِلَ كَفَرِح، فهو ثَقيلٌ، وثاقِلٌ: اشتَدَّ مرضُهُ.
[وفي الفتح
(3)
في شرح هذا الحديث في باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح ما نصه: "قوله: لما ثقل، أي في المرض بضم القاف بوزن صفر قاله في الصَّحاح انتهى. والذي في الصَّحاح
(4)
ما لفظه: "والثقل ضد الخفة، ومنه ثقل الشيء ثقلًا مثل صغر الشيء صغرًا فهو ثقيل"]
(5)
.
قوله: (في المِخْضَب) كمِنْبَر قاله في القاموس
(6)
، وهو المِرْكَن وقد سبق تفسيره في الحديث الذي قبل هذا.
قوله: (لينوء)، أي لينهض بجهد ومشقة.
قوله: (فأغمي عليه) أي غشي عليه ثم أفاق. وتمام الحديث قالت: "والناسُ عُكُوفٌ في المسجدِ ينتظرونَ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاءِ الآخرةِ، قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكرٍ أن يصلي بالناس. فقال أَبو بكر - وكان رجلًا رقيقًا - يا عمر صلِّ بالناس. قالت: فقال عمر: أنت أحق بذلك، قالت: فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أَبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تتأخر، وقال لهما: "أجلساني إلى جنبه"، فأجلساه إلى جنب أبي بكر فكان أبو بكر يصلي وهو يأتم بصلاة النبي - الله عليه وسلم - والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد".
والحديث له فوائد مبسوطة في شروح الحديث، وقد ساقه المصنف ههنا للاستدلال به على استحباب الاغتسال للمغمى عليه، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات وهو مثقل بالمرض، فدل ذلك على تأكيد استحبابه.
(1)
أحمد (6/ 251) والبخاري رقم (687) ومسلم رقم (418).
(2)
في "القاموس المحيط" ص 1257.
(3)
(1/ 303).
(4)
(4/ 1647).
(5)
زيادة من (أ) و (ب).
(6)
في "القاموس المحيط" ص 103.
[الباب السابع] باب صفة الغسل
21/ 329 - (عَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(1)
أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا اغْتسَلَ مِنَ الجَنابةِ يَبْدَأُ فيَغْسِلُ يَديْهِ ثمَّ يُفْرخُ بِيَمِينِهِ على شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ ثمَّ يَتَوضَّأُ وُضُوءَهُ للصلَاةِ ثمَّ يأَخُذُ الماءَ ويُدْخِلُ أصَابِعَه في أُصُولِ الشَّعَرِ حَتى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ على رَأسِهِ ثَلَاثَ حَثَياتٍ، ثمَّ أفاضَ على سائِرِ جسَدِهِ، ثمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. أخْرَجاهُ
(2)
.
وفي رِوايَةٍ لَهُما
(3)
: ثمَّ يُخَلِّلُ بِيَدَيهِ شَعَرَهُ حَتى إذا ظَنَّ أنَّهُ قَدَ أَروَى بَشرَتَهُ أفاضَ عَليْه الماءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ). [صحيح]
قوله: (إذا اغتسل)، أي [إذا](1) أراد ذلك. وفي الفتح
(4)
: أي شرع في الفعل.
قوله: (وضوءه للصلاة) فيه احتراز عن الوضوء اللغوي، قال الحافظ
(5)
: "يحتمل أن يكون الابتداء بالوضوء قبل الغسل سنة مستقلة بحيث يجب غسل أعضاء الوضوء مع بقية الجسد، ويحتمل أن يكتفي بغسلها في الوضوء عن إعادته، وعلى هذا فيحتاج إلى نية غسل الجنابة في أول عضو، وإنما قدم غسل أعضاء الوضوء تشريفًا لها ولتحصل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى، وإلى هذا جنح الداودي شارح المخحصر، ونقل ابن بطال الإِجماع على أن الوضوء لا يجب مع الغسل وهو مردود، فقد ذهب جماعة منهم أبو ثور
(6)
وداود وغيرهما إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث، وهو قول أكثر العترة
(7)
، وإلى القول الأوّل أعني عدم وجوب الوضوء مع الغسل ودخول الطهارة الصغرى
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أحمد (6/ 52) والبخاري رقم (248) ومسلم رقم (35/ 316).
(3)
البخاري رقم (272) ومسلم (36/ 316).
قلت: وأخرجه مالك (1/ 44 رقم 67) وأبو داود (1/ 167 رقم 242) والترمذي (1/ 174 رقم 104) والنسائي (1/ 205) وابن ماجه (1/ 190 رقم 574) والدارمي (1/ 191).
(4)
(1/ 360).
(5)
(1/ 360).
(6)
انظر: "فقه الإمام أبي ثور" ص 147.
(7)
انظر: "البحر الزخار"(1/ 107).
تحت الكبرى، ذهب زيد بن علي
(1)
، ولا شك في شرعية الوضوء مقدمًا على الغسل كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحيحة.
وأما الوجوب فلم يدل عليه دليل، والفعل بمجرده [لا ينتهض]
(2)
للوجوب، نعم يمكن تأييد القول الثاني بالأدلة القاضية بوجوب الوضوء.
قوله: (في أصول الشعر)، أي شعر رأسه ويدل عليه رواية حماد بن سلمة عن هشام عند البيهقي
(3)
: "يخلِّل بها شق رأسه الأيمن"، قال القاضي عياض
(4)
: احتج به بعضهم على تخليل شعر اللحية في الغسل إما لعموم قوله أُصول الشعر، وإما بالقياس على شعر الرأس.
قوله: (ثلاث حثيات)، فيه استحباب التثليث في الغسل.
قال النووي
(5)
: ولا نعلم فيه خلافًا إلا ما انفرد به الماوردي فإنه قال: لا يستحب التكرار في الغسل.
قال الحافظ
(6)
: وكذا قال الشيخ أبو علي السنجي
(7)
، وكذا قال القرطبي
(8)
، وحمل التثليث في هذه الرواية على أن كل غرفة في جهة من جهات الرأس.
قوله: (ثم غسل رجليه)، يدل على أن الوضوء الأول وقع بدون غسل الرجلين.
قال الحافظ
(9)
: وهذه الزيادة تفرد بها أبو معاوية دون أصحاب هشام. قال البيهقي: غريبة صحيحة. لكن في رواية أبي معاوية عن هشام مقال،
(1)
"الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير" للقاضي الحسين بن أحمد السياغي (1/ 341).
(2)
في (ب): (لا ينهض).
(3)
في "السنن الكبرى"(1/ 175) من حديث عائشة.
(4)
في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 156).
(5)
انظر: "المجموع"(2/ 214).
• وهذا الذي انفرد به - أي الماوردي - ضعيف متروك. قاله النووي.
(6)
في "الفتح"(1/ 361).
(7)
في "شرح الفروع" كما في "الفتح"(1/ 361).
(8)
في "المفهم"(1/ 576).
(9)
في "الفتح"(1/ 361).
نعم له شاهد من رواية أبي سلمة عن عائشة عند أبي داود الطيالسي
(1)
وفيه: "فإذا فرغ غسل رجليه". ويحتمل أن يكون قوله في رواية أبي معاوية: "ثم غسل رجليه"، أي أعاد غسلهما لاستيعاب الغسل بعد أن كان غسلهما في الوضوء. وقد وقع التصريح بتأخير الرجلين في رواية للبخاري
(2)
بلفظ: "وضوءه للصلاة غير رجليه"، وهو مخالف لظاهر رواية عائشة.
قال الحافظ
(3)
: "ويمكن الجمع بينهما إما بحمل رواية عائشة على المجاز وإما بحملها على حالة أخرى، وبحسب اختلاف هاتين الحالتين اختلفت أنظار العلماء، فذهب الجمهور إلى استحباب تأخير غسل الرجلين في الغسل، وعن مالك إن كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما وإلا فالتقديم، وعند الشافعية في الأفضل قولان، قال النووي
(4)
: أصحهما وأشهرهما ومختارهما [أن]
(5)
يكمل وضوءه. قال: لأن أكثر الروايات عن عائشة وميمونة كذلك".
قوله: (ثم أفاض)، الإِفاضة: الإِسالة. وقد استدل بذلك على عدم وجوب الدلك وعلى أن مسمى غسل لا يدخل فيه الدلك لأن ميمونة عبرت بالغسل وعبرت عائشة بالإِفاضة والمعنى واحد. والإِفاضة لا دلك فيها فكذلك الغسل.
وقال [المازري]
(6)
: لا يتم الاستدلال بذلك لأن أفاض بمعنى غسل، والخلاف قائم، وقد قدمنا الكلام على ذلك في باب إيجاب الغسل من التقاء الختانين
(7)
.
قال الحافظ: قال القاضي عياض
(8)
: لم يأت في شيء من الروايات في وضوء الغسل ذكر التكرار، وقد ورد ذلك من طريق صحيحة أخرجها النسائي
(9)
والبيهقي
(10)
من رواية أبي سلمة عن عائشة: "أنها وصفت غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
في "المسند"(1/ 60 رقم 222 - منحة المعبود).
(2)
في "صحيحه" رقم (249).
(3)
في "الفتح"(1/ 361 - 362).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 229).
(5)
في (ب): (أنه).
(6)
في (جـ): (الماوردي).
(7)
الباب الثاني: عند الحديث رقم (3/ 288) - (7/ 292) من كتابنا هذا.
(8)
في "إكمال المعلم"(1/ 155).
(9)
في سننه (1/ 132 رقم 243).
(10)
في السنن الكبرى (1/ 177)، وهو حديث صحيح.
من الجنابة" الحديث، وفيه: "ثم يمضمض ثلاثًا، ويستشق ثلاثًا، ويغسل وجهه ثلاثًا ويديه ثلاثًا، ثم يفيض على رأسه ثلاثًا".
قال المصنف
(1)
رحمه الله [تعالى]
(2)
بعد أن ساق الحديث: وهو دليل على أن غلبة الظن في وصول الماءِ إلى ما يجب غسله كاليقين، انتهى.
22/ 330 - (وعَنْ عائشة [رضي الله تعالى عنها] (2) قالت: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنابَة دَعا بِشَيْء نَحْوَ الْحِلَابِ فأخَذَ بكَفِّه فَبَدَأَ بِشقِّ رأسِهِ الأيْمَنِ ثم الأيسر ثمَّ أخَذَ بِكَفَّيْهِ، فقالَ بِهِما على رَأَسِهِ. أخرَجاهُ)
(3)
. [صحيح]
قوله: (خو الحِلَاب)، بالحاء المهملة المكسورة واللام الخفيفة ما يحلب فيه.
قال المصنف [رحمه الله تعالى](2)
(4)
: قال الخطابي
(5)
: [الحلاب] [
(6)
: إناء يسع قدر حلبة ناقة، انتهى.
وعلى هذا الأكثر، وضبطه الأزهري
(7)
بالجيم المضمومة وتشديد اللام قال: وهو ماء الورد وأنكر ذلك عليه جماعة، وقد اختبط شراح البخاري وغيرهم في ضبط هذه اللفظة والسبب في ذلك أن البخاري قال: باب مَن بَدأ بالحِلابِ أو الطِّيبِ عند الغُسلِ
(8)
. فتكلف جماعة لمطابقة هذه الترجمة للحديث وجعل الحلاب بمعنى الطيب، وقد أَطال الحافظ في الفتح
(9)
الكلام على هذا.
قوله: (ثم أخذ بكفيه) أشار إلى الغَرفة الثالثة كما صرَّحت به رواية أبي عوانة
(10)
، ووقع في بعض روايات البخاري
(11)
بكفه بالإِفراد، وفي بعضها بالتثنية كما في الكتاب.
(1)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 151).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
البخاري رقم (258) ومسلم رقم (39/ 318).
(4)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 151).
(5)
في "معالم السنن"(1/ 166 هامش السنن).
(6)
زيادة من (أ) و (ب).
(7)
في "تهذيب اللغة"(11/ 91).
(8)
الباب السادس (1/ 369 - مع الفتح).
(9)
(1/ 369 - 371).
(10)
في "مسنده"(رقم 854).
(11)
في "صحيحه"(رقم 258).
والحديث يدل على استحباب البداءة بالميامن ولا خلاف فيه، وفي الاجتزاء بثلاث غرفات، وترجم على ذلك ابن حبان.
قوله: (فقال بهما)، هو من إطلاق القول على الفعل. وقد وقع إطلاق الفعل على القول في حديث:"لا حسد إلا في اثنتين"
(1)
، قال فيه:"لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت مثل ما يفعل"
(2)
، كذا في الفتح
(3)
.
23/ 331 - (وعَنْ مَيْمُونَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(4)
قالت: وَضَعْتُ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ماءً يَغْتَسِلُ بِهِ فأفَرَغَ على يَدَيْهِ فَغَسَلَهُما مَرَّتَينِ أوْ ثلاثًا، ثمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ على شِمالهِ فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ ثم دَلَكَ يَدَهُ بالأرْضِ، ثمَّ مَضمْضَ وَاسْتَنشَقَ، ثمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيدَيْهِ، ثمَّ غَسَلَ رَأَسَهُ ثلاثًا، ثمَّ أَفْرَغَ على جَسَدِهِ، ثمَّ تَنَحَّى مِنْ مُقامِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ. قالتْ: فأتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فلمْ يرِدْها وَجَعَلَ يَنْفُض المَاءَ بِيدِهِ. رَوَاهُ الجماعةُ، وليْسَ لأحمَدَ، والترْمِذِيِّ نفْضُ اليَدِ)
(5)
. [صحيح]
قوله: (فأفرغ على يديه)، يحتمِل أن يكون غسلهما للتنظيف مما بهما من مستقذر، ويحتمِل أن يكون هو الغسل المشروع عند القيام من النوم، ويدل عليه الزيادة التي رواها الترمذي
(6)
بلفظ: "قبلَ أَن يُدخِلَهُمَا الإِناءَ".
(1)
أخرجه البخاري رقم (73) ومسلم رقم (816) من حديث ابن مسعود. مرفوعًا بلفظ: "لا حسدَ إلَّا في اثتتين: رجل آتاهُ اللَّهُ مالًا فسُلِّط على هَلَكتهِ في الحق، ورجل آتاهُ اللهُ الحكمةَ فهو يقضي بها ويُعَلِّمُهَا".
(2)
أخرج البخاري في "صحيحه" رقم (5026).
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا حسدَ إلَّا في اثنتين: رجل علمهُ اللهُ القرآن فهو يتلوهُ آناء الليل وآناء النهار، فسَمِعَهُ جارٌ له فقال: ليتني أوتيتُ مثل ما أوتِيَ فلانٌ، فعَمِلتُ مثل ما يعملُ، ورجل آتاه اللهُ مالًا فهو يُهلِكُهُ في الحق فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أُوتيَ فلانٌ فعملتُ مثل ما يعملُ".
(3)
(1/ 167).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
أحمد في "المسند"(6/ 330) والبخاري رقم (265) ومسلم رقم (317) وأبو داود رقم (245) والترمذي رقم (103) والنسائي (1/ 200) وابن ماجه رقم (573).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(6)
في سننه رقم (104) من حديث عائشة. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قوله: (مذاكيره)، جمع ذكر على غير قياس، وقيل: واحده مذكار، قال الأخفش: هو من الجمع الذي لا واحد له. وقال ابن خروف
(1)
: إنما جمعه مع أنه ليس في الجسد إلا واحد بالنظر إلى ما يتصل به
(2)
، وأطلق على الكل اسمه فكأنه جعل كل جزء من المجموع كالذكر في حكم الغسل.
قوله: (ثم دلك يده بالأرض)، فيه أَنه يستحب للمستنجي بالماء إذا فرغ أن يغسل يده بتراب أَو أشنان أو يدلكها بالتراب أو بالحائط ليذهب الاستقذار منها.
قوله: (فغسل قدميه)، قد تقدم الكلام على ذلك في حديث أول الباب.
قوله: (ثم تنحى)
(3)
، أي تحوّل إلى ناحية.
قوله: (فلم يردهما) من الإِرادة لا من الرد، وقد تقدم الكلام في كراهة التنشيف وعدمها
(4)
.
قوله: (وجعل ينفض)، فيه جواز نفض اليدين من ماء الغسل، قال الحافظ: وكذا الوضوء، وفيه حديث ضعيف أورده الرافعى وغيره ولفظه:"لا تنفضوا أيديكم في الوضوء فإنها مراوح الشيطان"، قال ابن الصلاح
(5)
: لم أجده، وتبعه النووي
(6)
، وقد أخرجه ابن حبان في الضعفاء
(7)
، وابن أبي حاتم في العلل
(8)
من حديث أبي هريرة، ولو لم يعارضه هذا الحديث لم يعن صالحًا لأن يحتج به. قال المصنف
(9)
رحمه الله: وفيه دليل استحباب دلك اليد بعد الاستنجاء، انتهى.
(1)
ابن خروف. هو علي بن محمد بن علي بن محمد الحضرمي الرندي الأشبيلى الإندلسي أبو الحسن، أديب، نحوي، أصوليّ، فوضي، شرح كتاب سيبويه. (521 - 606 هـ).
(2)
يقصد بالذي يتصل به: الأنثيان والفرج.
(3)
كان الأولى تقديم شرح هذه الجملة على التي قبلها.
(4)
الباب السابع والعشرون: باب المنديل بعد الوضوء والغسل. عند الحديث رقم (60/ 222).
(5)
في "شرح مشكل الوسيط"(1/ 291) هامش الوسيط.
(6)
في "التنقيح في شرح الوسيط"(1/ 291) هامش الوسيط.
(7)
في "المجروحين"(1/ 202 - 203).
(8)
في "العلل"(1/ 36 رقم 73).
(9)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 151).
24/ 332 - (وعَنْ عائِشةَ [رضي الله تعالى عنها]
(1)
قالتْ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَا يَتَوَضَّأُ بَعدَ الغُسْلِ. رَواهُ الخَمْسةُ)
(2)
. [صحيح]
الحديث قال الترمذي
(3)
: حديث حسن صحيح.
وقال ابن سيد الناس: إنها تختلف نسخ الترمذي في تصحيحه.
وأخرجه البيهقي
(4)
بأسانيد جيدة.
وفي الباب عن ابن عمر مرفوعًا وعنه موقوفًا أنه قال: لما سئل عن الوضوء بعد الغسل: وأي وضوءٍ أعم من الغسل؟ رواه ابن أبي شيبة
(5)
. وروي عنه
(6)
أنه قال لرجل قال له: إني أتوضأ بعد الغسل، فقال: لقد تعمَّقت.
وروي عن حذيفة
(7)
أنه قال: "أما يكفي أحدكم أن يغسل من قرنه إلى قدميه حتى يتوضأ؟ ".
وقد روي نحو ذلك عن جماعة من الصحابة ومن بعدهم
(8)
حتى قال أبو بكر بن العربي
(9)
: إنه لم يختلف العلماء أن الوضوء داخل تحت الغسل وأن نية طهارة الجنابة تأتي على طهارة الحدث وتقضي عليها، لأن موانع الجنابة أَكثر من موانع الحدث، فدخل الأقل في نية الأكثر وأجزت نية الأكبر عنه. وقد تقدم كلام ابن بطال في أَول الباب وتقدم الرد عليه بأنه قول أبي ثور وداود وغيرهما.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أحمد في المسند (6/ 68) وأبو داود رقم (250) والترمذي رقم (107) والنسائي (1/ 209) وابن ماجه رقم (579). وهو حديث صحيح.
(3)
في "سننه"(1/ 180).
(4)
في "السنن الكبرى"(1/ 179).
(5)
في "المصنف"(1/ 68).
(6)
عن ابن عمر أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 68).
(7)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 68 - 69).
(8)
مثل عائشة أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 68).
وعلقمة، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 68).
وجابر بن زيد، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 68).
وسعيد بن جبير، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 68).
وعكرمة، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 68).
وإبراهيم النخعي، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 69).
وعبد الرحمن بن يزيد، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 69).
(9)
في "عارضة الأحوذي"(1/ 162).
قال ابن سيد الناس: إن داود الظاهري أوجب الوضوء في غسل الجنابة لا أنه بعده، لكن لا يخلو عنده من الوضوء، وحكاه عنه الشيخ محيي الدين النووي.
قال ابن سيد الناس: والذي رأيته عن أبي محمد بن حزم
(1)
أن ذلك عنده ليس فرضًا في الغسل وإنما هو كمذهب الجماعة.
25/ 333 - (وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعمٍ [رضي الله تعالى عنه]
(2)
قالَ: "تَذَاكَرْنا غُسْلَ الجَنابَةِ عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقالَ: "أمَّا أنا فآخُذُ مِلءَ كَفِّي فأصُبُّ عَلى رأسِي، ثمَّ أُفِيضُ بَعْدُ عَلى سائِرِ جَسَدِي"، رَوَاهُ أحْمَدُ)
(3)
. [صحيح]
الحديث [رجاله رجال الصحيح.
وقد]
(4)
أخرجه أيضًا أحمد
(5)
من حديث جبير بن مطعم بلفظ: "أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات ثم أفيض فإذا أنا قد طهرت"، قال الحافظ
(6)
: وقوله: "فإذا أنا قد طهرت" لا أصل له من حديث صحيح ولا ضعيف، لكنه وقع من حديث أم سلمة:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين الماء عليك فإذا أنت قد طهرت"
(7)
، وأصله في صحيح مسلم
(8)
.
وذكر الحافظ في التلخيص
(9)
في باب الغسل حديث جبير بن مطعم عند أحمد بلفظ: "أما أنا فآخذ ملء كفي ثلاثًا فأصبّ على رأسي ثم أفيض على
(1)
انظر: "المحلى"(2/ 44).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
في "المسند"(4/ 81). قلت وأخرجه البخاري رقم (254) ومسلم رقم (327) وأبو داود رقم (239) والنسائي (1/ 207) وابن ماجه رقم (575).
عن جُبير بن مُطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثًا"، وأشار بيديه كلتيهما. وهو حديث صحيح.
(4)
زيادة من (أ) و (ب).
ويظهر لي أن ناسخ المخطوط (جـ) لا يثبت الكلمات أو الجمل المضافة في الهامش أو خلال السطر الموجودة في المخطوط (أ)، وهي النسخة التي بخط المؤلف، إما لعدم وضوحها في النسخة التي نقل منها أو لضعف الناسخ وجهله، أو بتصرف منه.
(5)
في "المسند"(4/ 84).
(6)
في "التلخيص"(1/ 59).
(7)
أخرجه أحمد (6/ 289) وأبو داود رقم (251) والترمذي رقم (105) والنسائي (1/ 131) وابن ماجه رقم (603). وهو حديث صحيح.
(8)
(رقم: 330).
(9)
(1/ 143).
جسدي" ولم يتكلم عليه، وله شواهد في الصحيحين
(1)
وغيرهما.
قال المصنف
(2)
رحمه الله: فيه مستدل لمن لم يوجب الدلك ولا المضمضة والاستنشاق، انتهى.
وقد تقدم الكلام في ذلك.
[الباب الثامن] باب تعاهد باطن الشعور وما جاء في نقضها
26/ 334 - (عنْ عَليّ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعَرَةٍ مِنْ جَنابَةٍ لَمْ [يصلها]
(3)
المَاءُ فَعَلَ الله بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ، قالَ عَلِيّ: فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ شَعَرِي"، رَوَاهُ أَحْمَدُ
(4)
وأَبُو دَاوُدَ
(5)
، وزَادَ:"وكانَ يَجُزُّ شَعَرَهُ رضي الله عنه"). [ضعيف]
قال الحافظ
(6)
: وإسناده صحيح
(7)
لأنه من رواية عطاء بن السائب، وقد سمع منه حماد بن سلمة قبل الاختلاط. وأخرجه أبو داود (5) أيضًا وابن ماجه
(8)
من حديث حماد لكن قيل إن الصواب وقفه على عليّ.
قال عبد الحقّ
(9)
: الأكثرون قالوا بوقفه.
(1)
كحديث جابر عند البخاري رقم (256)، ومسلم رقم (329)، وحديث عائشة عند البخاري رقم (258)، ومسلم رقم (318).
(2)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 152).
(3)
في مسند أحمد (يُصِبْها) وفي أبي داود (يغسلها)، والمثبت من المخطوط (أ)(ب) و (ج).
(4)
في "المسند"(1/ 94، 101).
(5)
في "السنن" رقم (249).
(6)
في "التلخيص"(1/ 142).
(7)
قال المحدث الألباني في "الإرواء"(1/ 166 - 167 رقم 133): قلت: وهذا إسناد ضعيف، عطاء بن السائب كان اختلط، وقد روى حماد عنه بعد الاختلاط، كما شهد بذلك جماعة من الحفاظ، فسماعه منه قبل ذلك كما قال آخرون لا يجعل حديثه عنه صحيحًا بل ضعيفًا لعدم تميز ما رواه قبل الاختلاط، عما رواه بعد الاختلاط .. هذا خلاصة التحصق في هذه الرواية" اهـ.
(8)
في "سننه" رقم (599).
(9)
بل قال عبد الحق الأشبيلي في "الأحكام الوسطى"(1/ 200) عقبه: "هذا يروى مرفوعًا عن علي وهو أكثر" اهـ.
وقال النووي
(1)
: ضعيف وعطاء قد ضعف قبل اختلاطه
(2)
، ولحماد أوهام
(3)
، وفي إسناده أيضًا زاذان وفيه خلاف
(4)
.
(1)
في "المجموع"(2/ 213).
(2)
إن هذا التضعيف لا حجة عليه. فإن المعروف عند الأئمة أن عطاء بن السائب ثقة في نفسه، لم يصرح أحد منهم بتضعيفه مطلقًا، وإنما وصفوه بأنه اختلط في آخر عمره، فمن عرف من الرواة عنه أنه سمع منه قبل الاختلاط فحديثه عنه صحيح، وإلا فلا.
انظر: "تهذيب التهذيب"(7/ 183 - 186 رقم 386) و"الجرح والتعديل"(3/ 1/ 332 - 334) و"الميزان"(3/ 70 - 73).
(3)
إن حماد بن سلمة إمام من أئمة المسلمين ثقة حجة ما في ذلك شك ولا ريب. ولا يخرجه من ذلك أن له أوهامًا، وإلا فمن الذي ليس له أوهام؟!
ولذلك جرى علماء الحديث سلفًا وخلفًا على الاحتجاج بحديث حماد بن سلمة إلا إذا ثبت وهمه، وهيهات أن يثبت هنا على أنه قد روي له متابع
…
(4)
زاذان، أبو عمر الكندي، ويُكنى أبا عبد الله أيضًا. صدوق يُرسل، وفيه شيعية. "التقريب"(رقم 1976).
كما وثق زاذان الجمهور من الأئمة الفحول، الذين عليهم العمدة في باب الجرح والتعديل وحسبك منهم يحيى بن معين فقد قال فيه:"ثقة لا يسأل عن مثله".
ووثقه أيضًا ابن سعد وابن عدي والعجلي والخطيب
…
قلت: والعلة التي ضعف من أجلها الحديث أن حماد بن سلمة قد سمع من عطاء قبل الاختلاط وبعد الاختلاط، فلم يتميز ما رواه قبل الاختلاط عما رواه بعد الاختلاط فضعف الحديث.
• وأخرج المقدسي في "المختارة"(2/ 75 - 76 رقم 453) - بإسناد ظاهره الصحة - أخبرنا عبد الله بن ذُهيل بن علي بن كاره الحربيُّ - بها - أن أحمد بن الحسن بن أحمد بن البَنّاء أخبرهم، أنا الحسن بن علي الجوهري، أنا أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ، ثنا يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا علي بن سَهْل بن المغيرة، وعيسى بن جعفر، قالا: ثنا عفان بن مسلم، ثنا حماد بن سلمة، وشعبة، قالا: أنا عطاء بن السائب، عن زاذان، أن عليًا قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ ترك موضع شعرة من جسده لم يَمَسَّها الماء، فُعل به كذا وكذا من النار".
قال علي: فمن ثَمَّ عاديتُ رأسي.
رواه أبو داود - رقم (249) - عن موسى بن إسماعيل.
ورواه ابن ماجه - رقم (599) - عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن الأسود - كلاهما - عن حماد بن سلمة، بنحوه.
سئل الدارقطني - في "العلل"(3/ 207 - 208 س 365) - عنه، فذكر الاختلاف فيه.
قال: والمحفوظ عن عفان عن حماد بن سلمة - قال سمعته يذكر عن عطاء بن السائب فصحفه الراوي فقال: شعبة - اهـ.
قلت: أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده (1/ 101) عن عفان بن مسلم - وهو شيخه فيه - فلم يذكر شعبة فيه. =
وفي الباب من حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "بلُّوا الشعر وأنقوا البشر"، أخرجه أبو داود
(1)
والترمذي
(2)
وابن ما جه
(3)
والبيهقي
(4)
، ومداره على الحارث بن وجيه وهو ضعيف جدًّا
(5)
.
قال أبو داود
(6)
: والحارث هذا حديثه منكر، وهو ضعيف.
وقال الترمذي
(7)
: غريب لا نعرفه إلا من حديث الحارث وهو شيخ ليس بذاك.
وقال الدارقطني في العلل
(8)
: إنما يروي هذا عن مالك بن دينار عن الحسن مرسلًا، ورواه سعيد بن منصور
(9)
عن هشيم عن يونس عن الحسن قال: "نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " فذكره، ورواه أبان العطار عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة من قوله.
وقال الشافعي: هذا الحديث ليس بثابت.
= وكذلك أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 175) من طريق أخرى عن عفان.
وكذلك أخرجه الآخرون كالدارمي (1/ 192) وأحمد (1/ 94) وابنه عبد الله في "زوائد المسند"(1/ 133) عن غير عفان وهم جماعة عن حماد وحده.
فدل ذلك على أن ذكر (شعبة) في سند المقدسي المتقدم تصحيف كما قال المحدث الدارقطني في "علله".
وخلاصة القول أن الذي فرح بهذه المتابعة قد وهم، والله أعلم.
(1)
في "سننه" رقم (248) وقال أبو داود: الحارث بن وجيه حديثهُ منكر، وهو ضعيف.
(2)
في "سننه" رقم (106) وقال الترمذي: حديث الحارث بن وجيه حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديثه.
(3)
في "سننه" رقم (597).
(4)
في "السنن الكبرى"(1/ 179).
(5)
الحارث بن وجيه، الراسبي البصري: سمع مالك بن دينار. روى عنه زيد بن الحباب.
قال البخاري: في حديثه مناكير. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: ضعيف.
انظر ترجمته في: "التاريخ الكبير"(2/ 284) و"المجروحين"(1/ 224) و"الجرح والتعديل"(3/ 92) و"الكاشف"(1/ 141) و"الميزان"(1/ 445).
(6)
في "السنن"(1/ 173).
(7)
في "السنن"(1/ 178).
(8)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 142).
(9)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 142).
وقال البيهقي
(1)
: أنكره أهل العلم بالحديث: البخاري وأبو داود وغيرهما.
والحديث يدل على مشروعية تخليل الشعر بالماء في الغسل ولا أحفظ فيه خلافًا.
27/ 335 - (وَعَنْ أُمّ سَلَمَة [رضي الله تعالى عنها]
(2)
قَالَتْ: "قُلْتُ يَا رَسُولَ الله إني امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رأسِي أفأنْقُضُهُ لِغُسْلِ الجَنابَةِ؟ قالَ: لا إنمَا يَكْفِيكِ أنْ تَحْثِي عَلى رأسِكِ ثَلاثَ حَثَياتٍ، ثُمَّ تُفِيضِين عَلَيكِ الماءَ فَتَطْهُرِينَ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيَّ)
(3)
. [صحيح]
[الحديث]
(4)
قال الترمذي
(5)
: حسن صحيح.
قوله: (ضَفْرَ رأسي) بفتح الضاد المعجمة وإسكان الفاء، قال النووي
(6)
: هذا هو المشهور المعروف في رواية الحديث والمستفيض عند المحدثين وهو الشعر المفتول، ويجوز ضم الضاد والفاء جمع ضفيرة.
قوله: (أن تحثي) يقال: حثيت
(7)
وحثوت لغتان مشهورتان، والحثية: الحفنة، وهو يدل على أنه لا يجب على المرأة نقض الضفائر.
وقد اختلف الناس في ذلك. قال القاضي أبو بكر بن العربي
(8)
: "قال جمهورهم: لا ينقضه إلا أن يكون ملبدًا ملتفًا لا يصل الماء إلى أصوله إلّا بنقضه، فيجب حينئذ من غير فرق بين جنابة وحيض". وروي عن المؤيد بالله وأبي طالب والإِمام يحيى، وروى أيضًا عن القاسم
(9)
. وقال النخعي: تنقضه في الجنابة والحيض. وقال أحمد
(10)
: تنقضه في الحيض دون الجنابة، وروي عن
(1)
في "السنن الكبرى"(1/ 179).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد (6/ 315) ومسلم رقم (330) وأبو داود رقم (251) والترمذي رقم (105) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (1/ 131) وابن ماجه رقم (603). وهو حديث صحيح.
(4)
زيادة من (أ) و (ب).
(5)
في "السنن"(1/ 177).
(6)
في "شرحه لصحيح مسلم"(4/ 10).
(7)
انظر: "النهاية"(1/ 339).
(8)
في "عارضة الأحوذي"(1/ 160).
(9)
"البحر الزخار في مذاهب علماء الأمصار"(1/ 108).
(10)
"المغني" لابن قدامة (1/ 298).
الحسن البصري وطاوس
(1)
. وروي عن مالك
(2)
أنه لا يجب النقض لا على الرجال ولا على النساء. ووجه ما ذهب إليه عموم نهيه صلى الله عليه وسلم عن نقض الشعر ولم يخص رجلًا من امرأة، ولا يلزم من كون السائل عن ذلك من النساء أن يكون الحكم مختصًا بهن اعتبارًا بعموم النهي، كذا قاله ابن سيد الناس.
ووجه قول من ذهب إلى التفرقة حديث ثوبان: "أنهم استفتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أما الرجل فلينشر رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر، وأما المرأة فلا عليها أن لا تنقضه"، أخرجه أبو داود
(3)
، وأكثر ما علل به أن في إسناده إسماعيل بن عياش، والحديث من مروياته عن الشاميين، وهو قويّ فيهم فيقبل.
ووجه ما روي عن النخعي أن عموم الغسل يجب في جميع الأجزاء من شعر وبشر، وقد يمنع ضفر الشعر من ذلك ولعله لم تبلغه الرخصة في ذلك للنساء.
ووجه ما ذهب إليه أحمد ومن معه من التفرقة بين الحيض والجنابة ما سيأتي
(4)
، وما روى الدارقطني في أفراده
(5)
والبيهقي في سننه الكبرى
(6)
من حديث مسلم بن صبيح عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها نقضًا وغسلته بِخَطْمِيٍّ
(7)
وأُشْنَانٍ
(8)
،
(1)
حكاه عنهما ابن قدامة في "المغني"(1/ 299).
(2)
"قوانين الأحكام الشرعية" لابن جزيّ ص 40 - 41.
(3)
في "سننه" رقم (255). وهو حديث صحيح.
(4)
رقم الحديث (28/ 336) ورقم (29/ 337) من كتابنا هذا.
(5)
عزاه إليه الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 80).
(6)
في "السنن الكبرى"(1/ 182).
قلت: وأخرجه الضياء المقدسي في "المختارة"(5/ 68 - 69 رقم 1693) والطبراني في "الكبير"(1/ 260 رقم 755).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 273) وقال: "رواه الطبراني في "الكبير" وفيه: سلمة بن صبيح اليحمدى ولم أجد من ذكره" اهـ.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، لتفرد ابن صبيح به، وهو في عداد المجهولين.
وانظر: "الضعيفة" للمحدث الألباني رقم (937).
(7)
الخَطمي: والكسرُ أكثرُ. شجرةٌ من الفصيلةِ الخُبَّازيَّةِ، كثيرةُ النفعِ، يُدَق ورقها يابسًا، ويُجعل غسلًا للرأسِ، فينقِّيهِ. "القاموس الفقهي" لسعدي أبو جيب ص 118.
(8)
الأُشنان: هو بضم الهمزة وكسرها. حكاهما أبو عبيدة والجواليقي، قال: وهو فارسي =
فإذا اغتسلتْ من الجنابة صبَّتْ على رأسها الماء وعصرت"، وقد تفرد به مسلم بن صبيح
(1)
عن حماد.
قال المصنف
(2)
رحمه الله: وفي الحديث مستدل لمن لم يوجب الدلك باليد. وفي رواية لأبي داود
(3)
: أن امرأة جاءت إلى أم سلمة بهذا الحديث قالت: "فسألت لها النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه، قال فيه: واغمِزِي قرونَكِ عندَ كُلِّ حَفْنَةٍ"، وهو دليل على وجوب بلّ داخل الشعر المسترسل، انتهى.
وقد تقدم الكلام في ذلك.
28/ 336 - (وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ [رضي الله تعالى عنهما]
(4)
قالَ: "بَلَغَ عائِشَةَ أن عَبْد الله بْنَ عَمْرٍو يأْمُرُ النساءَ إذَا اغْتَسَلْنَ أنْ يَنْقُضْنَ رؤُوسَهُنَّ، فَقالَتْ: يا عَجَبًا لابْنِ عَمْرٍو وَهُوَ يأْمُرُ النِّساءَ إذَا اغْتَسَلْنَ بِنَقْضِ رُؤُوسِهنَّ أوَ ما يأْمُرُهُنَّ أنْ يَحْلِقْنَ رُؤُوسَهُنَّ، لَقَدْ كُنْتُ أغْتَسِلُ أنا وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ إناءٍ وَاحِدٍ، وَما أزِيدُ عَلى أنْ أُفْرغَ عَلى رأسِي ثَلاث إفْرَاغاتٍ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وَمُسْلِمُ)
(6)
. [صحيح]
الحديث يدل على عدم وجوب نقض الشعر على النساء، وقد تقدم الكلام فيه. وأما أمر عبد الله بن عمرو بالنقض فيحتمل أنه أراد إيجاب ذلك
= مُعرَّب، وهو بالعربية "حُرْض" تحرير ألفاظ "التنبيه" للنووي ص 32.
(1)
قال المحدث الألباني في "الضعيفة"(2/ 342): "فإني لم أجد من ترجمه، وقد يشتبه بمسلم بن صبيح الهمداني الذي أخرج له الستة، وليس به، فإن هذا متأخر من طبقة شيوخ الإمام أحمد، وذاك الهمداني تابعي يروي عن ابن عباس وغيره، وهو معروف ثقة، وله ترجمة في "التهذيب" للحافظ ابن حجر، وكان يحسن به أن يورد بعده مسلم بن صبيح هذا المجهول تمييزًا له عن الذي قبله، كما هي عادته في أمثاله، ولكنه لم يفعل، والله أعلم.
ثم رأيته قد ميَّزه في "تبصير المنتبه"(3/ 833) ولم يذكره بعدالة أو جرح، وقيده بضم الصاد المهملة.
(2)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 152 - 153).
(3)
في سننه رقم (252). وهو حديث حسن.
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في "المسند"(6/ 43).
(6)
في "صحيحه"(1/ 260 رقم 59/ 331). وهو حديث صحيح.
عليهن ويكون ذلك في شعور لا يصل إليها الماء، أو يكون مذهبًا له أنه يجب النقض بكل حال كما حكي عن غيره، ولم يبلغه حديث أم سلمة
(1)
وعائشة
(2)
، ويحتمِل أنه كان يأمرهن بذلك على الاستحباب والاحتياط [لا للإيجاب]
(3)
، قاله النووي
(4)
.
[الباب التاسع] باب استحباب نقض الشعر لغسل الحيض وتتبع أثر الدم فيه
29/ 337 - (عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: [رضي الله تعالى عنهما]
(5)
"أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لَهَا وكانَتْ حائِضًا: "انْقُضِي شعرَكِ وَاغْتَسِلي"، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بإسْنادٍ صَحِيحٍ)
(6)
. [صحيح]
الحديث هو عند الستة إلا الترمذي
(7)
بلفظ: "إنها قدمت مكة وهي حائض ولم تطف بالبيت إلا بين الصفا والمروة، فشكت ذلك إليه صلى الله عليه وسلم، فقال: انقضي رأسك وامشطي وأهلي بالحجّ"، وليس فيه ذكر الغسل.
(1)
وهو حديث صحيح. تقدم تخريجه في شرح الحديث رقم (25/ 333) من كتابنا هذا.
(2)
وهو حديث صحيح. تقدم تخريجه رقم (21/ 329) من كتابنا هذا.
(3)
في "المخطوط مطموسة بالمداد"، وقد أثبتها من "شرح مسلم للنووى".
(4)
في "شرحه لصحيح مسلم"(4/ 13).
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
في "سننه"(1/ 210 رقم 641) بإسناد صحيح.
قال الألباني في "الإرواء"(1/ 167): "
…
لكني أشك في صحة هذه اللفظة: "واغتسلي"، فإن الحديث في "الصحيحين" البخاري (1/ 417 رقم 317) ومسلم (2/ 872 رقم 115/ 1211) وغيرهما من طرق عن هشام به أتم منه بدونها". قالت: خرجنا موافين لهلال ذي الحجة، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"من أحب أن يهلَّ بعمرة فليهل، فإني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة"، فأهلَّ بعضهم بعمرة وأهلَّ بعضهم بحج، وكنت أنا ممن أهلَّ بعمرة. فأدركني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "دعي عمرتك، وانقضي رأسك وامتشطي، وأهلي بحج
…
".
وكذلك أخرجاه البخاري (1/ 417 رقم 316) ومسلم (2/ 870 رقم 112/ 1211) من طرق أخرى عن عروبة به، دون قوله:"واغتسلي"، بل إن مسلمًا أخرجه (2/ 872 رقم 117/ 1211) من طريق أخرى عن وكيع عن هشام به إلا أنه لم يسق لفظه بل أحال على لفظٍ غيره عن هشام وليس فيه هذه الزيادة، والله أعلم.
(7)
البخاري رقم (1556) ومسلم رقم (1211) وأبو داود رقم (1781) والنسائي (5/ 145 - 146) وابن ماجه رقم (641).
وقد ثبت عند ابن ماجه كما ذكره المصنف وهو دليل لمن قال بالفرق بين الغسل للجنابة والحيض والنفاس، وهو أحمد بن حنبل
(1)
والهادوية
(2)
[أيضًا]
(3)
وأجيب بأن الخبر ورد في مندوبات الإِحرام، والغسل في تلك الحال للتنظيف لا للصلاة والنزاع في غسل الصلاة.
30/ 338 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها] (3) أن امْرأةً مِنَ الأنْصَارِ سألَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الحَيْضِ، فأمَرَها كَيْفَ تَغْتَسِلُ ثُمَّ قالَ:"خُذي فِرْصةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا"، قالَتْ: كَيْفَ أتَطَهَّرُ بِها؟ قالَ: "سُبْحانَ الله تَطَهَّرِي بِهَا"، فَاجْتَذَبْتُهَا إليَّ فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِها أَثَرَ الدَّمِ" رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إلَّا الترْمِذِيَّ
(4)
، غَيْرَ أن ابْنَ مَاجَهْ وأبا دَاوُدَ قَالَا: "فِرْصَةً
(5)
مُمَسَّكَةً"
(6)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا الشافعي
(7)
، وسمَّاها مسلم
(8)
أسماء بنت شَكَل.
وقيل: إنه تصحيف والصواب أسماء بنت يزيد بن السكن، ذكره الخطيب في المبهمات
(9)
.
وقال المنذري: يحتمل أن تكون القصة تعددت وروى "فِرْصَةً مُمَسَّكَةً" في الصحيحين
(10)
أيضًا.
قوله: (فِرْصة)، هي بكسر الفاء وإسكان الراء وبالصاد المهملة: القطعة من كل شيء حكاه ثعلب. وقال ابن سيده: الفرصة من القطن أو الصوف مثلثة الفاء
(11)
.
والمسك: هو الطيب المعروف. وقال عياض: رواية الأكثر بفتح الميم
(1)
في "المغني" لابن قدامة (1/ 298).
(2)
"البحر الزخار"(1/ 108).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
أحمد (6/ 122) والبخاري رقم (314) ومسلم رقم (332) وأبو داود رقم (314) ورقم (315) والنسائي (1/ 136 - 137) وابن ماجه رقم (642).
(5)
فِرْصة: قطعة من قطن أو صوف.
(6)
ممسَّكة: أي مطلية بالمسك.
(7)
رقم (143) ترتيب المسند.
(8)
رقم (332).
(9)
ذكر ذلك الحافظ في "التلخيص"(1/ 144).
(10)
البخاري رقم (315) ومسلم رقم (332).
(11)
القاموس المحيط ص 807، "وغريب الحديث" للهروي (1/ 62).
وهو الجلد وفيه نظر لقوله في بعض الروايات: "فإن لم تجد فطيبًا غيره"، كذا أجاب به الرافعي
(1)
.
قال الحافظ
(2)
: وهو متعقب فإن هذا لفظ الشافعي في الأم، نعم في رواية عبد الرزاق
(3)
. يعني بالفرصة المسك أو الذريرة، وليس في الحديث ذكر نقض الشعر، وغاية ما فيه الدلالة على التنظيف والمبالغة في إذهاب أثر الدم.
قال النووي
(4)
: وقد اختلف العلماء في الحكمة في استعمال المسك، المختار الذي قاله الجماهير: إن المقصود من استعمال المسك تطييب المحل ودفع الرائحة الكريهة.
[الباب العاشر] باب ما جاء في قدر الماء في الغسل والوضوء
31/ 339 - (عَنْ سفيْنَةَ قالَ: "كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بالصَّاعِ وَيَتَطَهَّرُ بالمُدّ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وابْنُ مَاجَهْ
(6)
ومُسْلِمٌ
(7)
والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ)
(8)
. [صحيح]
قوله: (بالصاع)، الصاع
(9)
: أربعة أمداد بمد النبي صلى الله عليه وسلم، والمُد
(10)
: رطل وثلث بالبغدادي، فيكون الصاع خمسة أرطال [وثلثًا]
(11)
برطل بغداد، قال
(1)
في "شرح المسند" كما في "التلخيص"(1/ 144).
(2)
في "التلخيص"(1/ 144).
(3)
في "المصنف"(1/ 314 رقم 1207).
عن عائشة أنها كانت تأمر النساءَ إذا طهرن من الحيض أن يتَّبعن أثر الدم بالصفرة، يعني بالخلوق أو الذريرة الصفراء.
(4)
في "شرحه لصحيح مسلم"(4/ 13).
(5)
في "المسند"(5/ 222).
(6)
في "السنن" رقم (267).
(7)
في "صحيحه" رقم (326).
(8)
في "السنن" رقم (56).
(9)
الصاع = 2.751 كيلوغرامًا.
الصاع = 2.75 ليترًا.
(10)
المد = 687 غرامًا.
المد = 0.688 ليترًا.
(11)
في (جـ): (وثلث).
النووي
(1)
: هذا هو الصواب المشهور. وذكر جماعة من أصحابنا وجهًا لبعض أصحابنا أن الصاع هنا ثمانية أرطال والمد رطلان انتهى. والرطل البغدادي على ما قاله الرافعي وغيره مائة وثلاثون درهمًا، ورجح النووي أنه مائة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم.
والحديث يدل على كراهة الإِسراف في الماء للغسل والوضوء واستحباب الاقتصاد. وقد أجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء ولو كان على شاطئ النهر، قال بعض أصحاب الشافعي: إنه حرام. وقال بعضهم إنه مكروه كراهة تنزيه
(2)
.
32/ 340 - (وَعَنْ أنَسٍ [رضي الله تعالى عنه]
(3)
قالَ: "كانَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بالصاعِ إلى خَمْسَةِ أمْدَادٍ وَيتَوَضَّأ بالمُد"، مُتَّفَقُ عَلَيْهِ)
(4)
. [صحيح]
33/ 341 - (وَعَنْ أنَسٍ [رضي الله تعالى عنه] (3) قالَ: "كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بإناءٍ يَكُونَ رِطْلَيْنِ وَيَغْتَسِلُ بالصَّاعِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وأبُو دَاوُدَ)
(6)
. [ضعيف]
[الحديث الثاني أخرجه الترمذي
(7)
بنحوه وقال غريب، وهو من طريق
(1)
انظر شرح صحيح مسلم (4/ 3).
(2)
قال النووي في "المجموع"(2/ 220): " (فرع): اتفق أصحابنا - أي الشافعية - وغيرهم على ذم الإسراف في الماء في الوضوء والغسل. وقال البخاري في "صحيحه": كره أهل العلم الإسراف فيه.
والمشهور أنه مكروه كراهة تنزيه، وقال البغوي والمتولي: حرام ومما يدل على ذمه حديث عبد الله بن مغفل - بالغين المعجمة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء"، رواه أبو داود - رقم (96) - بإسناد صحيح". قلت: هو حديث صحيح.
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
البخاري رقم (201) ومسلم رقم (51/ 325) وأحمد (3/ 112، 116، 259، 282).
(5)
في "المسند"(3/ 179).
(6)
في "السنن" رقم (95).
(7)
في "السنن" رقم (609) وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريكٍ على هذا اللفظ.
وروى شُعبة عن عبد الله بن عبد الله بن جبر عن أنس بن مالك: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمكوكِ، ويغتسلُ بخمسةِ مَكَاكيَّ".
ورُويَ عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جَبْرٍ عن أنس:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمُدِّ ويغتسلُ بالصاعِ". قال الألباني في ضعيف أبي داود: ضعيف. إلا قوله: "كان يتوضأ بمكوك".
شريك عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جبر عن أنس وكلهم ثقات.
وقد]
(1)
ثبت في هذا الحديث إلى خمسة أمداد، وفي حديث عائشة الآتي
(2)
: "كُنْتُ أغتسِلُ أنا ورسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من إناءٍ يقال له: الفَرَقُ"، ووقع في رواية
(3)
: "ثلاثة أمدادٍ أو قريب من ذلك"، وفي رواية
(4)
: "أنه كان يغتسل من إناء واحد يقال له الفرق"، وفي أخرى:"فدعت بإناء قدر الصاع فاغتسلت به"، وفي أخرى
(5)
: "كان يغتسل بخمس مكاكيك ويتوضأ بمكوك"، وفي أخرى:"يغسله الصاع ويوضئه المد"، وفي أخرى:"يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع".
قال الشافعي وغيره: الجمع بين هذه الروايات أنها كانت اغتسالات في أحوال، والفرق سيأتي تقديره
(6)
.
وأما المَكُّوك فهو بفتح الميم وضم الكاف الأولى وتشديدها وجمعه مكاكيك ومكاكي. قال النووي
(7)
: ولعل المراد بالمكوك هنا: المد.
34/ 342 - (وَعَنْ مُوسَى الجُهَنيِّ [رضي الله تعالى عنه]
(8)
قَالَ: "أتى مُجَاهِدُ بَقَدَحٍ حَزَرْتُهُ ثَمَانِيَةَ أرْطالٍ فَقالَ: حَدَّثَتْنِي عائشَةُ أن رَسَولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَغْتَسِلُ بِمِثْلِ هَذَا"، رَوَاهُ النَّسائيُّ)
(9)
. [إسناده صحيح]
الحديث إسناده في سنن النسائي هكذا أخبرنا أحمد بن عبيد
(10)
قال:
(1)
زيادة من (أ) و (ب).
(2)
برقم (36/ 344) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(3)
سيأتي تخريجه برقم (37/ 345) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(4)
البخاري رقم (250) ومسلم رقم (319).
(5)
مسلم رقم (49/ 324).
(6)
في "شرح الحديث" رقم (36/ 334) من كتابنا هذا.
(7)
في "شرحه لصحيح مسلم"(4/ 7).
(8)
زيادة من (جـ).
(9)
في "السنن"(1/ 127 رقم 226) بسند صحيح.
(10)
في إسناد النسائي محمد بن عُبيد، وليس أحمد بن عُبيد.
وهو محمد بن عبيد بن محمد بن واقد المحاربي الكندي أبو جعفر الكوفي، صدوق.
قال النسائي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وكناه هو والسراج أبا جعفر، ووقع عند الترمذي تكنيته بأبي يعلى، مات سنة (245 هـ) وقيل:(251 هـ). =
حدثنا يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة عن موسى الجهني فذكره، وأحمد بن عبيد هو ابن حسان وهو من رجال الصحيح. قال أبو داود: وهو حجة. ويحيى بن زكريا
(1)
هو الإِمام الكبير وحديثه في الصحيحين وغيرهما. وموسى الجهني
(2)
أخرج له مسلم ووثقه أحمد وغيره، قد عرفت كيفية الجمع بين الروايات.
قوله: (حزرته) أي قدرته. قال الحافظ
(3)
: تمسك بهذا بعض الحنفية وجعل الفرق ثمانية أرطال، والصحيح أن الفرق مقداره ما سيأتي
(4)
، والحزر لا يعارض به التحديد، وأيضًا لم يصرح مجاهد بأن الإِناء المذكور صاع فيحمل على اختلاف الأواني مع تقاربها.
35/ 343 - (وَعَنْ جَابِرٍ [رضي الله تعالى عنه]
(5)
قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُجْزِي مِنَ الغُسْلِ الصَّاعُ، وَمِنَ الوُضُوءِ المُدُّ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(6)
والأثْرَمُ). [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا أبو داود
(7)
وابن خزيمة
(8)
وابن ماجه
(9)
بنحوه، وصححه ابن القطان.
= أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
انظر: "تهذيب التهذيب"(3/ 642).
(1)
يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، واسمه خالد بن ميمون بن مهران الهمداني الوادعي مولاهم الكوفي ثقة متقن.
قال علي بن المديني: مات بالمدينة سنة (182 هـ) وقال ابن سعد، وغيره: مات بالمدائن وهو قاض بها سنة (183 هـ).
أخرج له الستة.
انظر: "تهذيب التهذيب"(4/ 353 - 354).
(2)
موسى بن عبد الله، ويقال: ابن عبد الرحمن (الجهني) أبو سلمة، ويقال: أبو عبد الله الكوفي، وهو ثقة.
أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
انظر: "تهذيب التهذيب"(4/ 180).
(3)
انظر: "الفتح"(1/ 305).
(4)
في "شرح الحديث" رقم (36/ 344) من كتابنا هذا.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
في "المسند"(3/ 370) بسند ضعيف.
(7)
في "سننه" رقم (93).
(8)
في "صحيحه" رقم (117).
(9)
في "سننه" رقم (269).
وهو حديث صحيح.
وقوله: (يجزي
…
إلخ)، ظاهره أنه لا يجزي دون الصاع والمد ويعارضه ما سيأتي.
36/ 344 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(1)
قالَتْ: "كُنْتُ أغْتَسِلُ أنا وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ إناءٍ وَاحِدٍ مِنْ قَدَحٍ يُقالُ لَهُ الفَرَقُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(2)
. [صحيح]
والفَرَقُ
(3)
: سِتَةَ عَشَرَ رَطْلًا بالعِراقي).
قوله: (الفرق)، قال ابن التين: بتسكين الراء، قال الحافظ
(4)
: وروِّيناه بفتحها، وجوز بعضهم الأمرين.
قال النووي
(5)
: الفتح أفصح وأشهر. وزعم أبو الوليد الباجي أنه الصواب قال: وليس كما قال: بل هما لغتان. قال الحافظ (3): لعلّ مستند الباجي ما حكاه الأزهري
(6)
عن ثعلب وغيره الفرق بالفتح والمحدثون يسكنونه وكلام العرب بالفتح، انتهى.
وقد حكى الإِسكان أبو زيد
(7)
، وابن دريد
(8)
وغيرهما، وحكى ابن الأثير
(9)
أن الفرق بالفتح ستة عشر رطلًا وبالإِسكان مائة وعشرون رطلًا.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أحمد في "المسند"(6/ 199) والبخاري رقم (250) ومسلم رقم (319).
(3)
الفَرَقْ = 8.235 كيلو غرامًا.
(4)
في "الفتح"(1/ 364).
(5)
في "شرحه لصحيح مسلم"(4/ 3).
(6)
في "تهذيب اللغة"(9/ 108).
(7)
هو سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري، أبو زيد.
كان إمامًا، نحويًا، صاحب تصانيف أدبية ولغوية، وغلبت عليه اللغة والنوادر والغريب.
قال السِّيرافيّ: كان أبو زيد يقول: كلما قال سيبويه: "أخبرني الثقة، فأنا أخبرته به.
توفي سنة خمس عشرة ومائتين بالبصرة.
[بغية الوعاة 1/ 582 رقم الترجمة 1222).
(8)
هو محمد بن الحسن بن دريد بن عَتاهية الأزدي البصري، ولد سنة ثلاث وعشرين ومائتين بالبصرة. وقرأ على علمائها، ثم صار إلى عُمَان فأقام بها إلى أن مات سنة (321 هـ).
وله من التصانيف: الجمهرة في اللغة، أدب الكاتب.
[بغية الوعاة (1/ 76 - 81 رقم الترجمة 130).
(9)
في "النهاية"(3/ 437).
قال الحافظ
(1)
: وهو غريب، وقد ثبت تقديره في صحيح مسلم
(2)
عن سفيان بن عيينة فقال: هو ثلاثة آصع، قال النووي
(3)
: وكذا قال الجماهير.
وقيل: الفرق صاعان. قال الحافظ (1): لكن نقل أبو عبد الله الاتفاق على أن الفرق ثلاثة آصع وعلى أن الفرق ستة عشر رطلًا، ولعله يريد اتفاق أهل اللغة.
[الباب الحادي عشر] باب من رأى التقدير بذلك استحبابًا وأن ما دونه يجزي إذا أسبغ
37/ 345 - (عَنْ عَائِشَةَ: [رضي الله تعالى عنها]
(4)
"أنَّها كانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي إِناءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلاثَةَ أمْدَادٍ أَوْ [قَرِيبًا]
(5)
مِنْ ذلكَ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
(6)
. [صحيح]
القدر المجزئ من الغسل ما يحصل به تعميم البدن على الوجه المعتبر، وسواء كان صاعًا أو أقل أو أكثر ما لم يبلغ في النقصان إلى مقدار لا يسمى مستعمله مغتسلًا، أو إلى مقدار في الزيادة يدخل فاعله في حد الإسراف. وهكذا الوضوء القدر المجزي منه ما يحصل به غسل أعضاء الوضوء سواء كان مدًا أو أقل أو أكثر ما لم يبلغ في الزيادة إلى حد [السرف]
(7)
أو النقصان إلى حدّ لا يحصل به الواجب.
وقد أخرج ابن ماجه
(8)
من حديث ابن عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بسعد وهو يتوضأ فقال: "ما هذا السرف؟ فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: "نعم وإن كنت على نهر جار"، وفي إسناده ابن لهيعة.
(1)
في "الفتح"(1/ 364).
(2)
رقم (41/ 319).
(3)
في "شرحه لصحيح مسلم"(4/ 3).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في (جـ): (قريب) وهو خطأ.
(6)
في "صحيحه" رقم (321).
(7)
في (جـ): (الإسراف).
(8)
في "سننه" رقم (425) بسند ضعيف.
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 173 رقم 175): (هذا إسناد ضعيف لضعف حيي بن عبد الله المعافري - وعبد الله بن لهيعة"، وجزم ابن حجر في "التلخيص" (1/ 144) بضعف إسناده.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
وروى ابن عدي
(1)
من حديث ابن عباس مرفوعًا: "كان يتعوذ بالله من وسوسة الوضوء"، قال ابن حجر
(2)
: وإسناده واه.
38/ 346 - (وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ أُمّ عِمَارَةَ بِنْتِ كَعْبٍ: [رضي الله تعالى عنهم]
(3)
"أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ فأُتِيَ بِماءٍ في إناءٍ قَدْرَ ثُلُثَي المُدِّ"، رَوَاهُ أبُو دَاودَ
(4)
وَالنَّسائيُّ)
(5)
. [صحيح]
الحديث أخرجه ابن خزيمة
(6)
وابن حبان
(7)
من حديث عبد الله بن زيد بلفظ: "توضأ بنحو ثلثي مد"، وصحَّح حديث الباب أبو زرعة
(8)
.
وأما حديث: "إنه صلى الله عليه وسلم توضأ بنصف مد"، فأخرجه الطبراني
(9)
والبيهقي
(10)
من حديث أبي أمامة، وفي إسناده الصلت بن دينار
(11)
وهو متروك. وحديث: "أنه صلى الله عليه وسلم توضأ بثلث مد"، قال الحافظ
(12)
: لم أجده
(13)
.
(1)
في "الكامل"(6/ 165) في ترجمة محمد بن الفضل بن عطية.
والحديث فيه: بقية بن الوليد مدلس وقد عنعن.
وفيه: محمد بن الفضل بن عطية: قال ابن عدي: عامة أحاديثه ما لا يتابعه الثقات عليه.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(2)
في "التلخيص"(1/ 144).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في "سننه" رقم (94).
(5)
في "سننه"(1/ 58) رقم (74).
(6)
في "صحيحه" رقم (118).
(7)
في "صحيحه" رقم (1083).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 161) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 196).
وهو حديث صحيح.
(8)
كما في "العلل لابن أبي حاتم"(1/ 25 رقم 39).
(9)
في "الكبير" كما في "مجمع الزوائد"(1/ 219) وقال الهيثمي: "فيه الصلت بن دينار وقد أجمعوا على ضعفه".
(10)
"السنن الكبرى"(1/ 196). وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(11)
الصلت بن دينار، أبو شعيب: قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أحمد: متروك. وقال الجوزجاني والدارقطني: ليس بقوي. وقال البخاري: هو الذي يقال له المجنون.
انظر: "التاريخ الكبير"(4/ 304) و"المجروحين"(1/ 375) و"الجرح والتعديل"(4/ 437) و"الميزان"(3/ 318) و"لسان الميزان"(7/ 248).
(12)
في "التلخيص"(1/ 145).
(13)
قولهم في الحديث: لا أعرفه، أو: لم أعرفه، أو: لم أقف عليه، أو: لا أعرف له =
39/ 347 - (وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ [رضي الله تعالى عنهما] (1): "أن عائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(1)
قالَتْ: لَقَدْ رأيْتُنِي أغْتَسِلُ أنا وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذَا، فإذَا تَوْرٌ مَوْضُوعٌ مَثْلُ الصَّاعِ أوْ دُونَهُ فَنَشْرَعُ فِيهِ جمِيعًا فأفِيضُ عَلى رأسِي بِيَدِي ثَلاثَ مَرَّاتٍ ومَا أنْقُضُ لي شَعَرًا"، رَوَاهُ النَّسائيُّ)
(2)
. [صحيح]
الحديث إسناده في سنن النسائي هكذا: أخبرنا سُويد بنُ نَصرٍ قالَ: أخبرنا عبدُ اللهِ، عن إبراهيم بن طهمانَ، عن أبي الزبير، عن عُبيد بن عُمير فذكره، [وعبد الله شيخ سويد لا أدري من هو وبقية](1) رجاله ثقات.
وهو يدل على عدم وجوب الاغتسال بمقدار صاع من الماء الاشتراك للنبيّ صلى الله عليه وسلم وعائشة في صاع أو دونه والاكتفاء بمجرد الإِفاضة على الرأس من دون نقض للشعر، [و]
(3)
قد ورد في أحاديث كثيرة وقد سبق بعضها، وقد تقدم الكلام على عدم وجوب نقض الشعر على المرأة في غسل الجنابة
(4)
، وهذا الحديث من الأدلة الدالة على ذلك.
والتور قد تقدم الكلام عليه.
[الباب الثاني عشر] باب الاستتار عن الأعين للمغتسل وجواز تجرُّده في الخلوة
40/ 348 - (عَنْ يَعْلى بْنِ أُمَيَّةَ [رضي الله تعالى عنه] (1): "أن رَسُولَ الله رأى رَجُلًا يَغْتَسِلُ بالبِرَازِ، فَصَعَدَ المِنْبَرَ فَحَمِدَ الله [تعالى] (1) وأثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قالَ:
= أصلًا، أو: لم أجد له أصلًا، أو: لم أقف له على أصل، أو: لا أعرفه بهذا اللفظ، أو: لم أره بهذا اللفظ، أو: لم أجده، أو: لم أجده هكذا، أو: لم يرد فيه شيء، أو: لا يُعلم من أخرجه ولا إسنادُهُ، ونحو هذه العبارات إذا صدر من أحد الحفاظ المعروفين، ولم يتعقَّبه أحد كفى في الحكم على ذلك الحديث بالوضع.
انظر: "تدريب الراوي"(1/ 296 - 297) و"تنزيه الشريعة"(1/ 7 - 8). وكتابنا: "مدخل إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" ص 135 - 137.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في "سننه"(1/ 203 رقم 416). وهو حديث صحيح.
(3)
زيادة يقتضيها السياق.
(4)
الباب الثامن عند الحديث رقم (26/ 334) من كتابنا هذا.
الله عز وجل حَييٌّ سَتِيرٌ يُحب الحَياءَ وَالسَّتْرَ، فإذَا اغْتَسَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(1)
وَالنَّسائيُّ)
(2)
. [صحيح]
الحديث [رجال إسناده رجال الصحيح. وقد]
(3)
أخرج البزار
(4)
نحوه من حديث ابن عباس مطولًا، وقد ذكره الحافظ في الفتح
(5)
ولم يتكلم عليه.
وهو يدل على وجوب التستر حال الاغتسال، وقد ذهب إلى ذلك ابن أبي
(1)
في "سننه" رقم (4012).
(2)
في "سننه"(1/ 255 رقم 406).
قلت: وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 198).
كلهم من طريق زهير عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي عن عطاء بن يعلى، به.
وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال مسلم، وفي العرزمي هذا كلام لا يضر، وزهير هو ابن معاوية بن خديج أبو خيثمة، ثقة ثبت.
وللحديث شاهد من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يغتسل في صحن الدار، فقال: إن الله حيي حليم ستير فإذا اغتسل أحدكم فليستتر ولو بجذم حائط".
أخرجه السهمي في تاريخ جرجان
…
وأورده السيوطي في "الجامع الكبير"(1/ 144/ 2).
ثم ذكر له شاهدًا آخر (1/ 145/ 1) من رواية عبد الرزاق عن عطاء مرسلًا.
كما في "الإرواء للألباني"(7/ 367 - 368) رقم (2335).
وخلاصة القول أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(3)
زيادة من (جـ)
(4)
(1/ 160 - 161 رقم 317).
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ينهاكم عن التعري فاستحيوا من ملائكة الله الذين لا يفارقونكم إلَّا عند ثلاث حالات: الغائط، والجنابة، والغسل، فإذا اغتسل أحدكم بالعراء فليستتر بثوبه أو جذمة حائط أو ببعيره.
• العراء: الفضاء من الأرض.
• بجِذمة حائط: بكسر الجيم: قطعة منه.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 268) وقال: "رواه البزار وقال: لا يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه، وجعفر بن سليمان لين: قلت: جعفر بن سليمان من رجال الصحيح وكذلك بقية رجاله، والله أعلم".
قلت: - القائل الأعظمي - ليس في إسناده جعفر بل حفص، وحفص بن سليمان من رجال الصحيح.
(5)
(1/ 385).
ليلى
(1)
، وذهب أكثر العلماء إلى أنه أفضل وتركه مكروه وليس بواجب. واستدلوا على ذلك بما سيأتي. وقد ذهب بعض الشافعية أيضًا إلى تحريمه. قال الحافظ
(2)
: والمشهور عند متقدميهم كغيرهم الكراهة فقط.
قوله: (بالبِرَاز) المراد به هنا الفضاء
(3)
والباء للظرفية.
قوله: (سَتِيْر)
(4)
بسين مهملة مفتوحة، وتاء مثناة من فوق مكسورة، وياء تحتية ساكنة ثم راء مهملة. قال في النهاية
(5)
: فعيل بمعنى فاعل.
ومن الأدلة الدالة على استحباب الاستتار حال الغسل ما أخرجه النسائي
(6)
من حديث أبي السَّمح قال: "كنتُ أخْدُم النبي صلى الله عليه وسلم، فكانَ إذا أرادَ أن
(1)
"ونقل القاضي عياض جواز الاغتسال عريانًا في الخلوة عن جماهير العلماء. قال: ونهى عنه ابن أبي ليلى لأن للماء ساكنًا. واحتج فيه بحديث ضعفه العلماء"، قاله النووي في "المجموع"(2/ 228).
وقال البخاري في "صحيحه" باب رقم (20): "باب من اغتسل عُريانًا وحده في الخلوةِ، ومن تستَر فالتَّستر أفضل
…
قال الحافظ في "الفتح"(1/ 385)"ودل قوله: "أفضل" على الجواز وعليه أكثر العلماء، وخالف فيه ابن أبي ليلى، وكأنه تمسك بحديث يعلى بن أمية
…
(2)
في "الفتح"(1/ 386).
(3)
كما في "المصباح المنير" ص 17.
(4)
السِّتر: صفة فعلية لله عز وجل ثابتة بالسنة الصحيحة.
والسَّتِيْر: من أسمائه تعالى.
الدليل: حديث يعلى بن أمية الصحيح المتقدم برقم (40/ 348) من كتابنا هذا وحديث أبي هريرة عند مسلم رقم (2590) مرفوعًا بلفظ: "لا يستُرُ الله على عبدٍ في الدنيا، إلا سترَهُ اللهُ يوم القيامة".
قال ابن القيم في "النونية"(2/ 80):
وهو الحييُّ فليس يفضحُ عبدَهُ
…
عندَ التجاهُرِ منه بالعصيانِ
لكنَّهُ يُلقي عليه سِتْرَهُ .. فهو السِّتِّيرُ وصاحبُ الغفرانِ
تنبيه: اعلم أن (السَّتَّار) ليس من أسمائه تعالى، ولم يرد ما يدل على ذلك؛ خلاف ما هو شائع عند عوام الناس.
(5)
(2/ 341).
(6)
في سننه (1/ 126 رقم 224).
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (613)، وهو حديث صحيح.
يغتسلَ قالَ: "وَلِّنِي، فأوَلِّيه قَفَايَ فأسترهُ بهِ"
(1)
. وما أخرجه مسلم
(2)
من حديث أم هانئ قالت: "ذهبتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدتُه يغتسِلُ، وفاطمةُ رضي الله عنها تستُره بثوب".
ويدل على مشروعية مطلق الاستتار ما أخرجه أبو داود
(3)
، والترمذي
(4)
من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك، قلت: يا رسول الله فالرجل يكون خاليًا، قال: الله أحقّ أن يُستحيا منه من الناس".
41/ 349 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ [رضي الله تعالى عنه]
(5)
عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "بَينَا أيُّوبُ عليه السلام يَغْتَسِلُ عُرْيانًا فَخرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ أيُّوبُ يَحْثِي في ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ تبارك وتعالى: يا أيُّوبُ أَلَمْ أكُنْ أغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ وَلَكِنْ لا غِنَى بي عَنْ بَرَكَتِكَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(6)
وَالبُخارِيُّ
(7)
وَالنَّسائيُّ)
(8)
. [صحيح]
قوله: (يحثي)، في رواية البخاري: يحتثي، والحثية هي الأخذ باليد.
قوله: (لا غنى بي) بالقصر بلا تنوين. قال الحافظ
(9)
: وروّيناه بالتنوين أيضًا على أن "لا" بمعنى ليس. قال ابن بطال: ووجه الدلالة من الحديث أن الله تعالى
(1)
في (جـ) هنا زيادة (أخرجه النسائي)، حذفتها لأن المؤلف ذكرها في بداية الحديث.
(2)
في "صحيحه" رقم (336).
قلت: وأخرجه البخاري رقم (280، 357، 3171، 6158).
(3)
في "سننه"رقم (4017).
(4)
في "سننه" رقم (2769) وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
ورقم (2794) وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
قلت: وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5/ 313 رقم 8972) وابن ماجه رقم (1920) وذكره البخاري تعليقًا بصيغة الجزم (1/ 385 رقم الباب 20) مع الفتح. وأحمد في "المسند"(5/ 4).
والخلاصة أن حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده حديث حسن، والله أعلم.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
في "المسند"(2/ 315).
(7)
في "صحيحه" رقم (279).
(8)
في "سننه"(1/ 200 - 201 رقم 409)، وهو حديث صحيح.
(9)
في "الفتح"(1/ 387).
عاتبه على جمع الجراد ولم يعاتبه على الاغتسال عريانًا، فدل على جوازه.
وقال أيضًا: ووجه الاستدلال بهذا الحديث وحديث أبي هريرة الذي سيأتي أنهما: يعني أيوب وموسى ممن أمرا بالاقتداء به. قال الحافظ
(1)
: وهذا إنما يأتي على رأي من يقول: شرع من قبلنا شرع لنا، والذي يظهر أن وجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم قص القصتين ولم يتعقب شيئًا منهما فدل على موافقتهما لشرعنا، وإلا فلو كان فيهما شيء غير موافق لبينه، فيجمع بين الأحاديث بحمل الأحاديث التي فيها الإِرشاد إلى التستر على الأفضل.
42/ 350 - (وعن أبي هريرة [رضي الله تعالى عنه]
(2)
قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتِسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى عليه السلام يَغْتِسَلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَالله ما يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتِسَلَ مَعَنَا إِلَّا أنَّهُ آدَرُ، قَالَ: فَذَهَبَ مَرَةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الحَجَرُ بَثَوْبِهِ، قَالَ: فَجَمَحَ مُوسَى عليه السلام بَأَثَرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبي حَجَرُ، حَتَّى نَظَرتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلى سَوْأةِ مُوسَى عليه السلام فَقَالُوا: والله مَا بِمُوسى بَأْسٌ، قَالَ: فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بَالحَجَرِ ضَرْبًا"، متفق عليه)
(3)
. [صحيح]
قوله: (كانت بنو إسرائيل)، أي جماعتهم.
قوله: (يغتسلون عراة)، ظاهره أن ذلك كان جائزًا في شرعهم وإلا لما أقرهم موسى على ذلك، وكان هو عليه السلام يغتسل وحده أخذًا بالأفضل.
قال الحافظ
(4)
: وأغرب ابن بطال فقال: هذا يدل على أنهم كانوا عصاة له وتبعه على ذلك القرطبي فأطال في ذلك.
قوله: (آدر) هو بالمد وفتح الدال المهملة وتخفيف الراء. قال الجوهري
(5)
: الأدرة نفخة في الخصية.
قوله: (فجمح) بالجيم ثم الميم ثم الحاء المهملة، أي جرى مسرعًا، وفي رواية:"فخرج".
(1)
في "الفتح"(1/ 386).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد في "المسند"(2/ 315) والبخاري رقم (278) ومسلم رقم (339).
(4)
في "الفتح"(1/ 386).
(5)
في "الصحاح"(2/ 577).
قوله: (ثوبي حجر)، إنما خاطبه لأنه أجراه مجرى من يعقل لكونه فر بثوبه فانتقل من حكم الجماد إلى حكم الحيوان فناداه، فلما لم يرد عليه ثوبه ضربه. وقيل: يحتمل أن يكون أراد بضربه إظهار المعجزة بتأثير ضربه فيه، ويحتمِل أن يكون عن وحي.
قوله: (حتى نظرت) ظاهره أنهم رأوا جسده، وبه يتم الاستدلال على جواز النظر عند الضرورة.
وأبدى ابن الجوزي احتمال أن يكون كان عليه مئزر لأنه يظهر ما تحته بعد البلل، واستحسن ذلك ناقلًا له عن بعض مشايخه. قال الحافظ
(1)
: وفيه نظر.
والحديث قد تقدم الكلام على وجه دلالته في الذي قبله.
[الباب الثالث عشر] باب الدخول في الماء بغير إزار
43/ 351 - (عَنْ عَلِيّ بْنِ زيدٍ عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ [رضي الله تعالى عنهم]
(2)
قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ عليه السلام كانَ إذَا أَرَادَ أنْ يَدخُلَ المَاءَ لَمْ يُلْقِ ثَوْبَهُ حتَّى يُوَارِيَ عَوْرَتَهُ فِي المَاءِ"، رَوَاهُ أَحمَدُ)
(3)
. [إسناده ضعيف]
الحديث قال في مجمع الزوائد
(4)
: رجاله موثقون، إلا أن علي بن زيد مختلف في الاحتجاج به، وهذا نوع من الستر المندوب إليه، فهو مندرج تحت
(1)
في "الفتح"(1/ 386).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
في "المسند" 3/ 262) بسند ضعيف.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 269) وقال: "رواه أحمد ورجاله موثقون إلا أن علي بن زيد مختلف في الاحتجاج به".
قلت: بل الراجح أنه ضعيف.
قال البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 164): "لا يحتج بحديثه".
وقال ابن معين: "ليس بشيء".
انظر ترجمته في: "تاريخ ابن معين"(3/ 84) و (4/ 276) و "الجرح والتعديل"(6/ 186) و"الكامل"(5/ 1840) و "الميزان"(3/ 128).
قلت: ويشهد لمعناه حديث أبي هريرة عند البخاري رقم (3404) و (4799)، والترمذي رقم (3221).
(4)
(1/ 269).
عموم الأدلة القاضية بمشروعية الستر. قال المصنف
(1)
رحمه الله تعالى: وقد نص أحمد
(2)
على كراهة دخول الماء بغير إزار. وقال إسحاق: هو بالإِزار أفضل لقول الحسن والحسين رضي الله عنهما وقد قيل لهما وقد دخلا الماء وعليهما بُردان فقالا: إن للماء سكانًا. قال إسحاق: وإن تجرد رجونا أن لا يكون إثمًا، واحتج بتجرد موسى عليه السلام، انتهى.
[الباب الرابع عشر] باب ما جاء في دخول الحمام
44/ 352 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ [رضي الله تعالى عنه]
(3)
أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَن كانَ يُؤْمِنُ بالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ مِنْ ذُكُورِ أُمَّتي فَلا يَدْخُلِ الحَمَّامَ إلَّا بِمِئْزَرٍ، وَمَنْ كانَتْ تُؤْمِنُ بالله وَاليَوْمِ الآخِرِ مِنْ إناثِ أُمِّتِي فَلا تَدْخُلِ الحَمَّامَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)
(4)
. [حسن]
الحديث في إسناده أبو خيرة
(5)
، قال الذهبي: لا يعرف، وأحاديث الحمام لم يتفق على صحة شيء منها.
قال المنذري
(6)
: وأحاديث الحمام كلها معلولة، وإنما يصحّ منها عن الصحابة.
(1)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 158).
(2)
انظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 235).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في "المسند"(2/ 321).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 277) وقال: رواه أحمد وفيه أبو خيرة قال الذهبي: لا يعرف".
(5)
هو محب بن حذلم مولى ثابت بن زيد، يكنى أبا خيرة.
روى عن موسى بن وردان.
روى عنه سعيد بن أبي أيوب، وضمام بن إسماعيل، والليث بن عاصم. وكان فاضلًا، يقال: توفي سنة خمس وثلاثين ومائة، وليس له غير حديث واحد، - وهذا هو الحديث الذي أخرجه أحمد آنفًا (/ 321) - قال الحسيني في الكنى من "الإكمال": لا يعرف وتبعه من بعده، وزاد ابن شيخنا أن الذهبي قال: لا يعرف
…
عداده في المصريين.
وقال الحافظ: "جزم بذلك أعلم الناس بالمصريين، أبو سعيد بن يونس في "تاريخ مصر".
انظر: "تعجيل المنفعة"(2/ 242 - 243) و (2/ 449) و"التاريخ الكبير"(9/ 28) و"الجرح والتعديل"(8/ 444) و (9/ 367) و"الميزان"(4/ 521) و"اللسان"(7/ 23) و"ذيل الكاشف" ص 323 و"الإكمال" ص 505.
(6)
في "مختصر سنن أبي داود"(6/ 14).
قلت: بل قد صحت أحاديث في الحمام كما سيأتي.
ويشهد لحديث الباب عمر بن الخطاب الذي سيذكره المصنف في باب من دعي فرأى منكرًا
(1)
، من كتاب الوليمة؛ وقد أخرج الفصل الأول من هذا الحديث الترمذي
(2)
من حديث جابر وقال: حسن غريب، وفيه ليث بن أبي سليم
(3)
. وقد رواه أحمد
(4)
أيضًا من طريق ثانية من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر.
وأخرج معناه أبو داود
(5)
والترمذي
(6)
من حديث عائشة قالت: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء عن دخول الحمام، ثم رخص للرجال أن يدخلوه في المآزر"، لكنه من حديث حماد بن سلمة عن عبد الله بن شداد عن أبي عذرة عنها، وأبو عذرة مجهول
(7)
. قال الترمذي
(8)
: لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة، وإسناده ليس بذاك القائم.
(1)
الباب الخامس، رقم الحديث (18/ 2761) من كتابنا هذا.
(2)
في "سننه" رقم (2801) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريبٌ.
(3)
ليث بن أبي سُليم: ضعيف، كوفي.
قال أحمد: مضطرب الحديث. وقال يحيى: ضعيف. وقال ابن معين: لا بأس به.
انظر ترجمته في: "التاريخ الكبير"(7/ 246) و"المجروحين"(2/ 231 - 234) و"الجرح والتعديل"(7/ 177 - 179) و"الميزان"(3/ 420).
(4)
في "المسند"(3/ 339).
قلت: وأخرجه النسائي (11/ 98) والحاكم (4/ 288) من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه.
لكن تابعه طاووس عند الترمذي رقم (2801).
وقد حسن الألباني الحديث في "غاية المرام" رقم (190).
(5)
في "سننه" رقم (4009).
(6)
في "سننه" رقم (2802).
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (3749).
(7)
أبو عُذْرَة، له حديث في الحمَّام: وهو مجهول. من الثانية. ووهم من قال: له صحبة.
"التقريب" رقم (8250).
(8)
في "السنن"(5/ 114).
وخلاصة القول أن حديث عائشة حديث ضعيف، والله أعلم.
وأخرج أبو داود
(1)
والترمذي
(2)
من حديثها: "أنها قالت لنسوة دخلن عليها من نساء الشام: لعلكن من الكورة
(3)
التي يدخل نساؤها الحمام؟ قلن: نعم، قالت: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَا مِنْ امرأةٍ تخلع ثيابَها في غيرِ بيتِ زوجِهَا إلا هَتَكَت ما بينها وبين الله من حجاب"، وهو من حديث شُعبة عن منصُور عن سَالِم بن أبي الجَعد
(4)
عن أبي المَليح عنها، وكلهم رجال الصحيح. وروي عن جرير عن سالم عنها، وكان سَالم يدلس ويرسل. وقال الترمذي
(5)
بعد ذكر الحديث: حسن. وفي رواية للنسائي
(6)
عن جابر: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام إلا من عذر"، هكذا بلفظ:"إلا من عذر" في الجامع
(7)
، ولم يذكر هذا الاستثناء الترمذي، ولم يوجد الحديث في النسائي، ولعل ذلك في بعض النسخ.
قال العلامة محمد بن إبراهيم الوزير في بعض أجوبته: والظاهر أنه غلط، ولم يذكره الشريف أبو المحاسن
(8)
في كتابه في الحمام، ولم يذكر الاستثناء في حديث جابر ولا عزاه إلى النسائي.
وقد رواه من حديث جابر
(9)
بلفظ: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل
(1)
في "سننه"رقم (4010).
(2)
في "سننه" رقم (2803) وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (3750) والحاكم (4/ 289) وقال الحاكم: صحيح على شرطهما.
(3)
الكورة: بضم الكاف - المدينة والصقع، "لسان العرب" مادة: كور.
(4)
سالم بن أبي الجَعد: رافعٍ الغطفاني الأشجعي مولاهم الكوفي: ثقة، وكان يرسل كثيرًا.
"التقريب" رقم (2170) و"تهذيب التهذيب"(1/ 674 - 675).
وخلاصة القول أن حديث عائشة حديث صحيح، والله أعلم.
(5)
في "السنن"(5/ 114).
(6)
لم أجده في سنن النسائي الصغرى ولا الكبرى، والله أعلم.
(7)
أي في "جامع الأصول" لابن الأثير (7/ 340).
(8)
أبو المحاسن: هو محمد بن علي بن الحسن الحسيني الدمشقي، من حفاظ الحديث، ومن العلماء بالتاريخ (715 - 765 هـ).
وكتابه المشار إليه اسمه: "الإلمام بآداب دخول الحمام".
(9)
وهو حديث حسن تقدم تخريجه آنفًا.
الحمام إلا بمئزر"، ورواه الشريف أبو المحاسن في كتابه في الحمام من طريق سعيد بن أبي عروبة عن أبي الزبير عن جابر، وليس في شيء من الطرق ذكر العذر.
وحديث الباب يدل على جواز الدخول للذكور بشرط لبس المآزر، وتحريم الدخول بدون مئزر وعلى تحريمه على النساء مطلقًا واستثناء الدخول من عذر لهن لم يثبت من طريق تصلح للاحتجاج بها فالظاهر المنع مطلقًا. ويؤيد ذلك ما سلف من حديث عائشة الذي روته لنساء الكورة
(1)
، وهو أصح ما في الباب إلا لمريضة أو نفساء كما سيأتي في الحديث الذي بعد هذا إن صح
(2)
.
45/ 353 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عمرو [رضي الله تعالى عنهما]
(3)
أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنهَا سَتُفْتَحُ لَكُمْ أرْضُ العَجَمِ وَسَتَجِدُونَ فِيها بُيُوتًا يُقالُ لَهَا الحَمَّاماتُ فَلا يَدْخُلَنَّهَا الرّجالُ إلَّا بإِزَارٍ، وَامْنَعُوا النِّساءَ إلَّا مَرِيضَةً أوْ نُفَساءَ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(4)
وابْنُ مَاجَهْ)
(5)
. [ضعيف]
الحديث في إسناده عبد الرحمن بن أنعم الإِفريقي
(6)
وقد تكلم عليه غير واحد. وفي إسناده أيضًا عبد الرحمن بن رافع التنوخي قاضي إفريقية، وقد غمزه البخاري وابن أبي حاتم
(7)
، وهو يدل على تقييد الجواز للرجال بلبس الإِزار، ووجوب المنع على الرجال للنساء إلا لعذر المرض والنفاس، وهذا أعني استثناء المريضة والنفساء أخصّ من استثناء العذر المذكور في حديث النسائي فيقتصر عليهما وقد عرفت ما فيه. قال المصنف [رحمه الله تعالى](3)
(8)
: وفيه أن من حلف لا يدخل بيتًا فدخل حمامًا حنث، انتهى.
(1)
وهو حديث ضعيف تقدم تخريجه آنفًا.
(2)
برقم (45/ 353) من كتابنا هذا. وهو حديث ضعيف.
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في "سننه" رقم (4011).
(5)
في "سننه" رقم (3748).
(6)
عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، الإفريقي قاضيها: ضعيف في حفظه، "التقريب" رقم (3862).
(7)
عبد الرحمن بن رافع التنوخي المصري، قاضي إفريقية: ضعيف.
"التقريب" رقم (3856).
وخلاصة القول أن حديث عبد الله بن عمرو حديث ضعيف، والله أعلم.
(8)
أي ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 160).
قلت: وفي الباب أحاديث: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= • منها: حديث أبي أيوب الأنصاري، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليكرم جاره؛ ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلَّا بمئزرٍ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم فلا تدخُل الحمامَ" ....
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" رقم (5597) والحاكم (4/ 289) وقال الحاكم إسناده صحيح ووافقه الذهبي.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 278) وقال: "رواه الطبراني في "الكبير" - رقم (3873) - و"الأوسط" - رقم (8658) - وفيه عبد الله بن صالح، كاتب الليث؛ وقد ضعفه أحمد وغيره. وقال عبد الملك بن شعيب: ابن الليث: ثقة مأمون.
انظر: "ميزان الاعتدال"(2/ 440).
وخلاصة القول أن الحديث صحيح، والله أعلم.
• ومنها: عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخلنَّ الحمام إلا بمئزرٍ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلتهُ الحمامَ.
أخرجه الطبراني في "الكبير" كما في "مجمع الزوائد"(1/ 278 - 279) وقال الهيثمي: وفيه يحيى بن أبي سليمان المدني؛ ضعفه البخاري وأبو حاتم، ووثقه ابن حبان. وهو حديث حسن حسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" رقم (167).
• ومنها: عن أم الدرداء قالت: خرجت من الحمام، فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"من أين يا أم الدرداء؟ " قالت: من الحمام. قال: "والذي نفسي بيده ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها إلا وهي هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن".
أخرجه أحمد (6/ 361، 362) والطبراني في "الكبير"(24/ 252، 253، 255 رقم 645، 646، 652) من طرق عن أم الدرداء.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 277) وقال: "رواه أحمد والطبراني في "الكبير" بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح".
وخلاصة القول أن حديث أم الدرداء حديث حسن، والله أعلم.
• ومنها عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احذروا بيتًا يُقال له الحمام" قالوا: يا رسولَ اللهِ إنه يُنْقي الوسخَ؟ قال: "فاستتروا". أخرجه البزار رقم (319) كما في كشف الأستار. والطبراني في "الكبير" رقم (10932).
وقال البزار: وهذا رواه الناس عن طاوس مرسلًا.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 277) وقال: رواه البزار والطبراني في "الكبير"، ورجاله عند البزار رجال الصحيح.
وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" رقم (161).
• ومنها عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا بيتًا يقال له =
[ثاني عشر]: [أبواب]
(1)
التيمم
التيمم في اللغة: القصد. قال الأزهري
(2)
: التيمم في كلام العرب القصد، يقال: تيمَّمت فلانًا وتأمَّمته ويمَّمته وأمَّمته: أي قصدته.
وفي الشرع: القصد إلى الصعيد لمسح الوجه واليدين بنية استباحة الصلاة ونحوها، قاله في الفتح
(3)
. واعلم أن التيمم ثابت بالكتاب والسنة والإِجماع. وهي خصيصة خصص الله تعالى بها هذه الأمة. قال في الفتح
(4)
: واختلف هل التيمم عزيمة أو رخصة؟ وفصل بعضهم فقال: هو لعدم الماء عزيمة وللعذر رخصة.
[الباب الأول] باب تيمم الجنب للصلاة إذا لم يجد ماء
1/ 354 - (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ [رضي الله تعالى عنهما]
(5)
قالَ: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَصَلَّى بالنَّاسِ، فإذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعتَزِلٍ فَقالَ: "ما مَنَعَكَ أنْ تُصَلِّيَ؟ "، قالَ: أصَابَتْني جَنابَةٌ وَلا ماءَ، قالَ: "عَلَيْكَ بالصَّعِيدِ فإِنَّهُ يَكْفِيكَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(6)
. [صحيح]
= الحمام"، قالوا: يا رسول الله إنه يذهب الدرن وينفع المريض، قال: "فمن دخلَهُ فليستتر".
أخرجه الحاكم (4/ 288) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" رقم (10926) بنحو الحاكم، وقال في أوله:"شرُّ البيوتِ الحمَّامُ تُرفع فيه الأصواتُ وتكشف العوراتُ".
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 278) وقال: "وفيه يحيى بن عثمان التيمي ضعفه البخاري والنسائي، ووثقه أبو حاتم وابن حبان وبقية رجاله رجال الصحيح" اهـ.
وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" تحت رقم الحديث (161).
وهناك أحاديث ضعيفة ضربت الصفح عنها ولم أثبتها لأن في الصحيح غنية عن الضعيف.
(1)
في "الأصل"(كتاب) وحولته إلى "أبواب" الضرورة تقسيم كتاب الطهارة.
(2)
لم أجده في "تهذيب اللغة" ووجدته في "المصباح المنير" ص 261 مادة (يمم).
(3)
(1/ 431).
(4)
(1/ 432).
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
أحمد (4/ 434) والبخاري رقم (344، 348، 3571) ومسلم رقم (682). =
قوله: (فإذا هو برجُل) وقع في شرح العمدة
(1)
، للشيخ سراج الدين بن الملقن، أن هذا الرجل هو خلاد بن رافع بن مالك الأنصاري أخو رفاعة شهد بدرًا.
قال ابن الكلبي: وقتل يومئذ.
وقال غيره: له رواية، وهذا يدل على أنه عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ
(2)
: "أما على قول ابن الكلبي فيستحيل أن يكون هو صاحب هذه القصة لتقدم وقعة بدر على هذه القصة بمدة طويلة بلا خلاف
(3)
. وأما على قول غيره
(4)
فيحتمل أن يكون هو لكن لا يلزم من كون له رواية أن يكون عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لاحتمال أن تكون الرواية عنه منقطعة أو متصلة لكن نقلها عنه صحابي آخر، وعلى هذا فلا منافاة بين هذا وبين من قال: إنه قتل ببدر
(5)
.
قوله: (أصابتني جنابة ولا ماءَ) بفتح الهمزة: أي معي: أي موجود، وهو أبلغ في إقامة عذره لما فيه من عموم النفي كأنه نفى وجود الماء بالكلية.
قوله: (عليك بالصعيد) اللام للعهد المذكور في الآية الكريمة
(6)
. ودل
= قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (1298) والدارقطني (1/ 202) والنسائي (1/ 171) وابن خزيمة (1/ 137).
(1)
واسم الكتاب: "الإعلام بفوائد عُمدة الأحكام"(2/ 117 - 118).
(2)
في "فتح الباري"(1/ 451) بعد أن نقل كلام ابن الملقن.
(3)
وتمام الكلام في "الفتح": "فكيف يحضر هذه القصة بعد قتله؟ ".
(4)
أي على قول غير ابن الكلبي.
(5)
وتمام الكلام في "الفتح": إلا أن تجيء رواية عن تابعي غير مخضرم وصرح فيها بسماعه منه فحينئذٍ يلزم أن يكون عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم. لكن لا يلزم أن يكون هو صاحب هذه القصة إلَّا إن وردت رواية مخصوصة بذلك، ولم أقف عليها إلى الآن" اهـ.
(6)
قال الشيخ تقي الدين في "شرح الإلمام": "الألف واللام في قوله صلى الله عليه وسلم: "عليك بالصعيد" يحتمل أن تكون للعهد، إذ هنا صعيد معهود، وهو المكان الذي هم فيه.
ويحتمل أن يكون للجنس، فإذا حمل على العهد دل على جواز التيمم بما هو صعيد حينئذٍ لذلك المكان، ولا دليل لنا على تعيين ذلك الصعيد مما اختلف فيه من المسائل، ولا يمكن الاستدلال بهذا عليه. =
قوله: يكفيك على أن المتيمم في مثل هذه الحال لا يلزمه القضاء. ويحتمل أن يكون المراد بقوله: يكفيك: أي للأداء، فلا يدل على ترك القضاء والأوّل أظهر.
والحديث يدل على مشروعية التيمم للصلاة عند عدم الماء من غير فرق بين الجنب وغيره، وقد أجمع على ذلك العلماء، ولم يخالف فيه أحد من الخلف ولا من السلف إلا ما جاء عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود، وحكي مثله عن إبراهيم النخعي من عدم جوازه للجنب
(1)
، وقيل: إن عمر وعبد الله رجعا عن ذلك. وقد جاءت بجوازه للجنب الأحاديث الصحيحة.
وإذا صلى الجنب بالتيمم ثم وجد الماء وجب عليه الاغتسال بإجماع العلماء، إلا ما يحكى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن الإِمام التابعي أنه قال: لا يلزمه، وهو مذهب متروك بإجماع من بعده ومن قبله وبالأحاديث الصحيحة المشهورة في أمره صلى الله عليه وسلم للجنب بغسل بدنه إذا وجد الماء.
[الباب الثاني] باب تيمم الجنب للجرح
2/ 355 - (عَنْ جابِرٍ [رضي الله تعالى عنه]
(2)
قَالَ: "خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فأصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رأسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسألَ أصْحَابَهُ هَلْ تَجِدُونَ لي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقالُوا: ما نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وأنْتَ تَقْدِرُ عَلى المَاء، فاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: "قَتَلُوة قَتَلَهمُ الله، ألَّا سألُوا إذْ لَمْ يَعْلَمُوا؟ فإِنمَا شِفاءُ العِيّ السُّؤَالُ، إنَّمَا كانَ يَكْفِيهِ أنْ يَتَيمَّمَ وَيعْصِرَ، أوْ
= وإن حمل على الجنس، رجع الحال إلى معرفة ما يسمى صعيدًا، ويكون الحديث: كالآية في أخذ حكم التيمم منه، ولا شك في تناول اللفظ لذلك الصعيد إما بخصوصه أو بعمومه" اهـ. "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (2/ 123).
(1)
"المحلى"(2/ 144 - 146 رقم المسألة 249).
وانظر: "معجم فقه السلف: عترة، وصحابة، وتابعين" لمحمد المنتصر الكتاني (1/ 106 - 107).
(2)
زيادة من (جـ).
يَعْصِبَ على جُرْحِهِ ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيهِ وَيغْسِلَ سائِرَ جَسَدِهِ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(1)
وَالدَّارَقُطنِيُّ)
(2)
. [حسن بدون بلاغ عطاء]
الحديث [رواه أيضًا]
(3)
ابن ماجه
(4)
وصححه ابن السكن
(5)
، وقد تفرد به الزبير بن خُريق وليس بالقويّ، قاله: الدارقطني
(6)
وخالفه الأوزاعي فرواه عن عطاء عن ابن عباس وهو الصواب.
قال الحافظ
(7)
: رواه أبو داود
(8)
أيضًا من حديث الأوزاعي قال: بلغني عن عطاء عن ابن عباس. ورواه الحاكم
(9)
عن بشر بن بكر عن الأوزاعي، حدثني عطاء عن ابن عباس
(10)
.
وقال الدارقطني (5): اختلف فيه على الأوزاعي، والصواب أن الأوزاعي أرسل آخره عن عطاء.
وقال أبو زرعة وأبو حاتم: لم يسمعه الأوزاعي من عطاء إنما سمعه من إسماعيل بن مسلم عن عطاء
(11)
، ونقل ابن السكن عن [ابن]
(12)
أبي داود أن حديث الزبير بن خريق أصحّ من حديث الأوزاعي
(13)
.
(1)
في "سننه" رقم (336).
(2)
في "سننه"(1/ 189 رقم 3). حديث جابر حديث حسن بدون بلاغ عطاء.
(3)
في (جـ): (أيضًا رواه).
(4)
في "السنن"(1/ 189 رقم 572) من حديث ابن عباس.
(5)
كما في "التلخيص"(1/ 147).
(6)
في "سننه"(1/ 195).
(7)
في "التلخيص"(1/ 147).
(8)
في "سننه" رقم (337).
(9)
في "المستدرك"(1/ 178).
(10)
هذا إسناد صحيح إن كان - بشر بن بكر - حفظه.
فقد قال مسلمة بن قاسم - كما في "تهذيب التهذيب"(1/ 224).
"يروي - بشر - عن الأوزاعي أشياء انفرد بها".
ولخص الحافظ حاله في "التقريب" رقم (677) فقال: "ثقة يُغرب". وخلاصة القول أن الحديث حسن، والله أعلم.
(11)
بين ذلك ابن أبي العشرين في روايته عن الأوزاعي - كما في "التلخيص"(1/ 147).
(12)
زيادة من (أ) و (ب).
(13)
لم يقع في رواية عطاء هذه عن ابن عباس ذكر للتيمم فيه، فثبت أن الزبير بن خريق تفرد بسياقه، نبه على ذلك ابن القطان - كما في "التلخيص"(1/ 147).
وقد رواه ابن خزيمة
(1)
وابن حبان
(2)
والحاكم
(3)
من حديث الوليد بن عبيد
(4)
بن أبي رباح عن عمه عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعًا والوليد بن عبيد ضعفه الدارقطني
(5)
وقوّاه من صحح حديثه.
قوله: (العِي) بكسر العين: هو التحير في الكلام، قيل: هو ضد البيان.
والحديث يدل على جواز العدول إلى التيمم لخشية الضرر، وقد ذهب إلى ذلك العترة ومالك
(6)
وأبو حنيفة
(7)
والشافعي
(8)
في أحد قوليه. وذهب أحمد بن حنبل
(9)
والشافعي
(10)
في أحد قوليه إلى عدم جواز التيمم لخشية الضرر، قالوا: لأنه واجد. والحديث وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى}
(11)
الآية، يردان عليهما.
ويدل الحديث أيضًا على وجوب المسح على الجبائر؛ ومثله حديث علي عليه السلام قال: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمسح على الجبائر"
(12)
، وقد اتفق الحفاظ على ضعفه.
(1)
في "صحيحه"(1/ 138 رقم 273).
(2)
في "صحيحه"(4/ 140 رقم 1314).
(3)
في "المستدرك"(1/ 165) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(4)
الوليد بن عبيد الله: هو ابن أبي رباح ابن أخي عطاء بن أبي رباح، ترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(9/ 9) ونقل توثيقه عن يحيى بن معين.
(5)
كما في "الميزان"(4/ 341).
وخلاصة القول أن الحديث حسن، والله أعلم.
(6)
انظر: "الفقه المالكي في ثوبه الجديد" لمحمد بشير الشقفة (1/ 120 - 121).
(7)
انظر: "المبسوط" للسرخسي (1/ 104).
(8)
انظر: "الأم"(1/ 168 - 169) باب علة من يجب عليه الغسل والوضوء.
(9)
انظر: "الإنصاف" للمرداوي (1/ 265) وفيه: جواز التيمم لعذر كالجرح، أو البرد، أو
…
(10)
انظر: "مغني المحتاج"(1/ 92 - 93).
(11)
سورة المائدة: الآية (6).
(12)
أخرجه ابن ماجه في "سننه (1/ 215 رقم 657) والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/ 288) عن علي بن أبي طالب، قال: انكسرت إحدى زنديَّ. فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرني أن أمسح على الجبائر.
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 235): "هذا إسناد فيه عمرو بن خالد كذبه أحمد، وابن معين.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال أبو زرعة: وكيع يضع الحديث. =
وقد ذهب إلى وجوب المسح على الجبائر المؤيد بالله والهادي في أحد قوليه
(1)
. وروي عن أبي حنيفة والفقهاء السبعة فمن بعدهم، وبه قال الشافعي، لكن بشرط أن توضع على طهر وأن لا [يكون]
(2)
تحتها من الصحيح إلا ما لا بد منه، والمسح المذكور عندهم يكون بالماء لا بالتراب.
وذهب أبو العباس وأبو طالب وهو أحد قولي الهادي. وروي عن أبي حنيفة أنه لا يمسح ولا يحلّ بل يسقط كعبادة تعذرت ولأن الجبيرة كعضو آخر، وآية الوضوء لم تتناول ذلك، واعتذروا عن حديث جابر وعليّ بالمقال الذي فيهما، وقد تعاضدت طرق حديث جابر فصلح للاحتجاج به على المطلوب وقوي بحديث علي، ولكن حديث جابر قد دل على الجمع بين الغسل والمسح والتيمم
(3)
.
= وقال الحاكم: يروي عن زيد بن علي الموضوعات.
وخلاصة القول أن حديث علي بن أبي طالب حديث ضعيف، والله أعلم.
(1)
"البحر الزخار"(1/ 115).
(2)
في (جـ): (تكون).
(3)
قال ابن حزم في "المحلى"(2/ 74 رقم المسألة 209): مسألة: ومن كان على ذراعيه أو أصابعه أو رجليه جبائر، أو دواء ملصق لضرورة فليس عليه أن يمسح على شيء من ذلك، وقد سقط حكم ذلك المكان، فإن سقط شيء من ذلك بعد تمام الوضوء فليس عليه إمساس ذلك المكان بالماء، وهو على طهارته ما لم يحدث.
برهان ذلك قول الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"[متفق عليه البخاري رقم (7288) ومسلم رقم 1337) من حديث أبي هريرة].
فسقط بالقرآن والسنة كل ما عجز عنه المرء، وكان التعويض منه شرعًا، والشرع لا يلزم إلا بقرآن أو سنة، ولم يأت قرآن ولا سنة بتعويض المسح على الجبائر والدواء من غسل ما لا يقدر على غسله فسقط القول بذلك.
[قلت: وكل ما استدل به على جواز المسح على الجبيرة لا تقوم به الحجة. فحديث جابر حسن بدون قوله: "إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر - أو يَعْصِبَ - شك موسى - على جُرحِهِ خِرقةً ثم يمسح عليها ويغسِلَ سائر جسدِهِ". فهذه الزيادة ضعيفة كما تقدم في حديث الباب.
وكذلك حديث علي المتقدم حديث ضعيف.
وأما حديث ثوبان، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريةً، فأصابهم البردُ فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين"، وهو حديث صحيح أخرجه =
[الباب الثالث][باب الجنب يتيمم لخوف البرد]
3/ 356 - (عَنْ عَمْرِو بن العاصِ أنَّهُ لمَّا بُعِثَ في غَزْوَة ذَاتِ السَّلاسِلِ قالَ: احْتَلَمْتُ في لَيْلَةٍ بارِدَةٍ شَدِيدَةِ البَرْدِ، فأشْفَقْتُ إنِ اغْتَسَلْتُ أنْ أهْلِكَ فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بأصْحابي صَلاةَ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَدِمْنا عَلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ذَكَرُوا ذَلكَ لَهُ، فَقَالَ:"يا عَمْرُو صَلَّيْتَ بأصحابِكَ وأنْتَ جُنُبٌ"؟ فَقُلْتُ: ذَكَرْتُ قَوْلَ الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}
(1)
فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ، فَضَحِكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وأبُو دَاوُدَ
(3)
وَالدَّارَقُطْنِيُّ)
(4)
. [صحيح]
الحديث أخرجه البخاري تعليقًا
(5)
، وابن حبان
(6)
والحاكم
(7)
، واختلف فيه
= أبو داود رقم (146).
ليس فيه حجة لأن: العصائب: العمائم سميت عصائب لأن الرأس يعصب بها.
والتساخين: الخفاف ولا واحد لها.
انظر: "لسان العرب"(9/ 230) و"النهاية"(3/ 244)].
وإنما أوجب من أوجب المسبح على الجبائر قياسًا على المسح على الخفين، والقياس باطل، ثم لو كان القياس حقًّا لكان هذا منه باطلًا، لأن المسح على الخفين فيه توقيت، ولا توقيت في المسح على الجبائر، مع أن قول القائل: لما جاز المسح على الخفين وجب المسح على الجبائر: "دعوى بلا دليل، وقضية من عنده، ثم هي أيضًا موضوعة وضعًا فاسدًا، لأنه إيجاب فرض قياس على إباحة وتخيير، وهذا ليس من القياس في شيء
…
وممن رأى المسح على الجبائر أبو حنيفة ومالك والشافعي ولم ير ذلك داود وأصحابنا.
وبالله تعالى التوفيق". اهـ.
(1)
سورة النساء: الآية 29.
(2)
في "المسند"(4/ 203).
(3)
في "السنن" رقم (334) ورقم (335).
(4)
في "سننه"(1/ 178 رقم 12).
(5)
(1/ 454 - مع الفتح). وقال الحافظ: "هذا المعلق وصله أبو داود والحاكم
…
وإسناده قوي".
(6)
في "صحيحه"(رقم 202 - موارد).
(7)
في "المستدرك"(1/ 177) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
على عبد الرحمن بن جبير، فقيل: عنه عن أبي قيس
(1)
، عن عمرو، وقيل: عنه عن عمرو بلا واسطة، ولكن الرواية التي فيها أبو قيس ليس فيها إلا أنه غسل مغابنه
(2)
فقط. وقال أبو داود
(3)
: روى هذه القصة الأوزاعي عن حسان بن عطية وفيه "فتيمم"، ورجح الحاكم إحدى الروايتين؛ وقال البيهقي
(4)
: "يحتمل أن يكون فعل ما في الروايتين جميعًا، فيكون قد غسل ما أمكنه وتيمم للباقي"، وله شاهد من حديث ابن عباس
(5)
، ومن حديث أبي أمامة عند الطبراني
(6)
.
قوله: (ذات السَّلاسِل)، هي موضع وراء وادِي القرى، وكانت هذه الغزوة في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة
(7)
.
قوله: (فأشفقت)، أي خفت وحذرت.
قوله: (فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا)، فيه دليلان على جواز التيمم عند شدة البرد ومخافة الهلاك: الأول التبسم والاستبشار، والثاني عدم الإِنكار
(1)
أبو قيس مولى عمرو بن العاص: اسمه عبد الرحمن بن ثابت: ثقة. "التقريب" رقم (8316).
(2)
أبو داود في "سننه" رقم (335).
(3)
في "سننه"(1/ 239).
(4)
في "السنن الكبرى"(1/ 226).
(5)
أخرجه الطبراني في "الكبير" - كما في "مجمع الزوائد"(1/ 263 - 264): عن ابن عباس، أن عمرو بن العاص صلى بالناس وهو جنب، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فقال: يا رسول الله خشيت أن يقتلني البرد، وقد قال الله عز وجل:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
قال الهيثمي: "وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو كذاب".
(6)
في "الكبير" كما في "مجمع الزوائد"(1/ 263):
عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن عمرو بن العاص أصابته جنابة وهو أمير الجيش فترك الغسل من أجل أنه قال: إن اغتسلت مت من البرد، فصلى بمن معه جنبًا فلمَّا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم عرفه ما فعل فأنبأه بعذره فأقر وسكت".
قال الهيثمي: "وفيه أبو بكر بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، ولم أجد من ذكره، وبقية رجاله ثقات" اهـ.
قلت: أبو أمامة ليس الباهلي كما يوهم عند الإطلاق، بل هو:"أبو أمامة بن سهل بن حنيف" كما تقدم بيانه.
(7)
انظر: "طبقات ابن سعد"(2/ 131).
لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل، والتبسم والاستبشار أقوى دلالة من السكوت على الجواز، فإن الاستبشار دلالته على الجواز بطريق الأولى.
وقد استدل بهذا الحديث الثوري
(1)
ومالك
(2)
وأبو حنيفة
(3)
وابن المنذر
(4)
[على]
(5)
أن من تيمم لشدة البرد وصلى لا تجب عليه الإِعادة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بإلإِعادة، ولو كانت واجبة لأمره بها ولأنه أتي بما أمر به وقدر عليه، فأشبه سائر من يصلي بالتيمم.
قال ابن رسلان
(6)
: "لا يتيمم لشدة البرد من أمكنه أن يسخن الماء أو يستعمله على وجه يأمن الضرر مثل أن يغسل عضوًا ويستره، وكلما غسل عضوًا ستره ودفاه من البرد لزمه ذلك، وإن لم يقدر تيمم وصلى في قول أكثر العلماء".
وقال الحسن
(7)
وعطاء
(8)
: يغتسل وإن مات ولم يجعلا له عذرًا. ومقتضى قول ابن مسعود
(9)
: لو رخصنا لهم لأوشك إذا برد عليهم المَاء أن يتيمموا أنه لا يتيمم لشدة البرد.
(1)
روى عنه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 226 رقم 877).
(2)
حكاه عنه ابن القاسم في "المدونة الكبرى"(1/ 45).
(3)
انظر: "المبسوط"(1/ 122).
(4)
في "الأوسط"(2/ 26) وقال: "وبقول مالك وسفيان أقول، وذلك لحجج ثلاث (أحدها): قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوَا أَنفُسَكُم} [النساء: 29].
و (الثانية): خبر عمرو بن العاص الصحيح المتقدم برقم (3/ 356) من كتابنا هذا.
(وحجة ثالثة): وهو أنهم قد أجمعوا على أن من كان في سفر ومعه من الماء ما يغتسل به من الجنابة، وهو خائف على نفسه العطش إذا اغتسل بالماء، أن يتيمم ولا إعادة عليه، ولا يعرض نفسه للتلف، ولا فرق بين الخائف على نفسه من الحر والعطش، والخائف على نفسه من البرد، في أن كل واحد منهما خائف على نفسه أن يهلك من البرد إن اغتسل بالماء" اهـ.
(5)
زيادة من (ج).
(6)
انظر: "فتح المنان شرح زُبَد ابن رسلان" للمفتي الحبيشي الإبي (ص 88 - 89). وإليك ما قال ابن رسلان في زبده:
تَيَمُّمُ المُحدِثِ أو مَنْ أجنَبَا
…
يُبَاحُ في حالٍ وحَالٍ وَجَبَا
وَشَرْطُهُ خَوْفٌ من استعمالِ مَا
…
أوْ فَقْدُ مَاءٍ فاضِلٍ عن الظَّمَا
(7)
حكاه عنه ابن قدامة في "المغني"(1/ 339)، والمنذري في "الأوسط"(2/ 26).
(8)
حكاه عنه ابن قدامة في "المغني"(1/ 339)، والمنذري في "الأوسط"(2/ 26).
(9)
حكاه عنه ابن قدامة في "المغني"(1/ 339).
قال المصنف
(1)
رحمه الله تعالى بعد أن ساق الحديث ما لفظه: فيه من العلم إثبات التيمم لخوف البرد وسقوط الفرض به وصحة اقتداء المتوضئ بالمتيمم، وأن التيمم لا يرفع الحدث، وأن التمسك بالعمومات حجة صحيحة، انتهى.
وقوله: وأن التيمم لا يرفع الحدث، لعله مستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم:"صليت بأصحابك وأنت جنب"
(2)
؟]
(3)
.
[الباب الرابع] باب الرخصة في الجماع لعادم الماء
4/ 357 - (عَنْ أبي ذَرّ [رضي الله تعالى عنه]
(4)
قالَ: "اجْتَوَيْتُ المَدِينَةَ فأمَرَ لي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بإِبِلٍ فَكُنْتُ فِيها، فأتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: هَلَكَ أبُو ذَرّ، قال: "ما حالُكَ؟ " قلت: كُنْتُ أتَعَرَّضُ لِلْجنابَةِ وَلَيْسَ قُرْبِي ماءٌ، فَقَالَ: "إِنَّ الصَّعِيدَ طَهُورٌ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ المَاءَ عَشَرَ سِنِينَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وأبُو دَاوُدَ
(6)
وَالأثْرَمُ [وَهَذَا لَفْظُهُ]
(7)
. [حسن]
الحديث أخرجه [أيضًا](4) النَّسَائِي
(8)
وابن ماجه
(9)
[أيضًا](7)، وقد اختلف فيه على أبي قلابة
(10)
الذي رواه عن عمرو بن بجدان
(11)
عن أبي ذر، ورواه ابن حبان
(12)
(1)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 163).
(2)
وهو جزء من حديث الباب الصحيح.
(3)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في "المخطوط"(أ)(في الساقطة) أي ما بين الحاصرتين.
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في "المسند"(5/ 146 - 147، 155).
(6)
في "سننه" رقم (332) و (333).
(7)
زيادة من (أ) و (ب).
(8)
في "سننه"(1/ 171).
(9)
لم أجده في "السنن".
(10)
أبو قِلابة: اسمه عبد الله بن زيد الجَرْمي: ثقة فاضل كثيرٌ الإرسال، قال العِجلي: فيه نَصْب يسير .. "التقريب" رقم (3333).
(11)
عمرو بن بُجدان: ذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 171)، وقال: يروي عن أبي ذر، وأبي زيد الأنصاري، عداده في أهل البصرة، روى عنه أبو قلابة. ووثقه العجلي (ص 362)، وترجمه البخاري (6/ 317) وابن أبي حاتم (6/ 222) فلم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وصحح الترمذي والحاكم وابن حبان حديثه هذا.
(12)
في "صحيحه" رقم (1311 - 1313).
والحاكم
(1)
والدارقطني
(2)
، وصححه أبو حاتم
(3)
. وعمرو بن بجدان قد وثقه العجلي
(4)
. قال الحافظ: وغفل ابن القطان
(5)
فقال: إنه مجهول.
وفي الباب عن أبي هريرة عند البزار
(6)
والطبراني
(7)
، قال الدارقطني في العلل
(8)
: وإرساله أصح.
قوله: (اجتويت المدينة) بالجيم: أي استوخمتها ولم توافق طبعي، وهو افتعلت من الجوى وهو المرض.
والحديث يدل على جواز التيمم للجنب، وقد تقدم الكلام عليه أول الباب.
ويدل على أن الصعيد طهور يجوز لمن تطهر به أن يفعل ما يفعله المتطهر بالماء من صلاة وقراءة ودخول مسجد ومس مصحف وجماع وغير ذلك، وأن الاكتفاء بالتيمم ليس بمقدر بوقت محدود، بل يجوز وإن تطاول العهد بالماء، وذكر العشر سنين لا يدل على عدم جواز الاكتفاء بالماء بعدها؛ لأن ذكرها لم
(1)
في "المستدرك"(1/ 176 - 177).
(2)
في "سننه"(1/ 187).
(3)
في "العلل"(1/ 11 رقم 1).
(4)
في "الثقات" ص 362 كما تقدم.
(5)
في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 266).
كما أن ابن القطان ضعف الحديث أيضًا في "الوهم والإيهام"(3/ 327 رقم 1073) قل: وأخرج الحديث ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 156 - 157) والطيالسي في "المسند"(ص 66 رقم 484) والبيهقي (1/ 212) والبخاري في "التاريخ الكبير"(6/ 317).
وقد فصل الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 148 - 149) الكلام على الحديث.
وخلاصة القول أن حديث أبي ذر حديث حسن، والله أعلم.
(6)
(1/ 157 رقم 315 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 261) وقال: "رواه البزار وقال: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه. قلت: ورجاله رجال الصحيح".
(7)
في "المعجم الأوسط" رقم (1333).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 261) وقال: "ورجاله رجال الصحيح".
وقال ابن القطان في "الوهم والإيهام"(5/ 266) إسناده صحيح. وتعقبه الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 150) بقوله: "وهو غريب من حديث أبي هريرة، وله علة، والمشهور حديث أبي ذر الذي صححه الترمذي وغيره" اهـ.
(8)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 154).
يرد به التقييد بل المبالغة لأن الغالب عدم فقدان الماء وكثرة وجدانه لشدة الحاجة إليه، فعدم وجدانه إنما يكون يومًا أو بعض يوم.
[الباب الخامس] باب اشتراط دخول الوقت للتيمم
5/ 358 - (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "جُعلَتْ لِي الأرْضُ مَسْجدًا وَطَهُورًا أيْنَما أدْركَتْنِي الصَّلاة تَمَسَّحْتُ وَصَلَّيتُ")
(1)
. [صحيح]
6/ 359 - (وَعَنْ أبي أُمامَةَ [رضي الله عنه]
(2)
أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "جُعِلَتِ الأرْضُ كُلُّها لي ولأُمَّتِي مَسْجِدا وَطَهُورا، فأَيْنَما أَدْركَتْ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي الصَّلاةُ فَعنْدَهُ مَسْجدُهُ وَعَنْدَهُ طَهُورُهُ"، رَوَاهُما أحْمَدُ)
(3)
. [صحيح لغيره]
الحديث "الأوَّل"
(4)
أصله في الصحيحين
(5)
.
[والحديث الثاني إسناده في مسند أحمد هكذا: حدثنا محمد بن أبي عدي عن سليمان: يعني التيمي عن سيار عن أبي أمامة فذكره، وإسناده ثقات إلا سيارًا الأموي وهو صدوق](4).
وفي الباب عن علي عند البزار
(6)
.
وعن أبي هريرة عند مسلم
(7)
والترمذي
(8)
.
(1)
في "المسند"(2/ 222) بإسناد حسن.
وأصله في "الصحيحين" البخاري رقم (335) ومسلم رقم (521) من حديث جابر.
(2)
زيادة من (ج).
(3)
في "المسند"(5/ 248) بإسناد حسن.
قلت: وأخرجه الترمذي في "سننه"(رقم: 1553 - مختصرًا) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 222) و "الصغرى" رقم (239).
(4)
زيادة من (أ) و (ب).
(5)
البخاري رقم (438) ومسلم رقم (521) من حديث جابر.
(6)
لم أعثر عليه في "مسند البزار".
(7)
في "صحيحه" رقم (5/ 523).
(8)
أشار إليه الترمذي في "سننه"(1/ 212)، وهو حديث صحيح.
وعن جابر عند الشيخين
(1)
والنسائى
(2)
.
وعن ابن عباس عند أحمد
(3)
.
وعن حذيفة عند مسلم
(4)
والنسائي
(5)
.
وعن أنس أشار إليه الترمذي
(6)
.
ورواه السراج في مسنده بإسناد قال العراقي صحيح. ورواه الخطابي في معالم السنن، وسيأتي في الصلاة.
وعن أبي أمامة عند أحمد
(7)
والترمذي
(8)
في كتاب السير وقال: حسن صحيح ولكنه لم يذكر فيه المقصود.
وعن أبي ذر عند أبي داود
(9)
.
وعن أبي موسى عند أحمد
(10)
والطبراني
(11)
بإسناد جيد.
(1)
البخاري رقم (438) ومسلم رقم (521).
(2)
في "سننه"(9/ 201 - 211 رقم 432)، وهو حديث صحيح.
(3)
في "المسند"(1/ 250) و (1/ 301)، وهو حديث صحيح بشواهده.
(4)
في "صحيحه" رقم (4/ 522).
(5)
في "الكبرى" في "فضائل القرآن" كما في "تحفة الأشراف"(3/ 27 رقم 3314).
قلت: وأخرجه:
الفريابي في "فضائل القرآن" رقم (53) وابن المنذر في "الأوسط"(2/ 11 رقم 505) وابن حبان في "صحيحه" رقم (1697) واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة"(4/ 784 رقم 1445) من طرق.
وهو حديث صحيح.
(6)
لم يشر إليه الترمذي في "سننه".
(7)
في "المسند"(5/ 248) و (5/ 256).
(8)
في "السنن"(4/ 123 رقم 1553 - مختصرا) وقال: حديث حسن صحيح.
(9)
في "سننه" رقم (489) مقتصرا على قول: "وجعلت لي الأرض طهورًا ومسجدًا" قلت: وأخرجه أحمد في "المسند"(5/ 145).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 259) وقال "عند أبي داود طرف منه - رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح" اهـ.
وهو حديث صحيح.
(10)
في "المسند"(5/ 416).
(11)
كما في "مجمع الزوائد"(8/ 261) وقال الهيثمي: "رواه أحمد متصلًا ومرسلًا، والطبراني ورجاله رجال الصحيح". =
وعن ابن عمر عند البزار
(1)
والطبراني
(2)
، وفي إسناده إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل وهو ضعيف.
وعن السائب بن يزيد عند الطبراني
(3)
.
وعن أبي سعيد عند الطبراني
(4)
أيضًا.
قوله: (وجُعلت لي الأرض مسجدًا) أي موضع سجود لا يختصّ السجود منها بموضع دون غيره، ويمكن أن يكون مجازًا عن المكان المبني للصلاة. قال الحافظ
(5)
: وهو من مجاز التشبيه لأنَّه لما جازت الصلاة في جميعها كانت كالمسجد في ذلك، قال الداودي وابن [التين]
(6)
: والمراد أن الأرض جعلت للنبي صلى الله عليه وسلم مسجدًا وطهورًا وجعلت لغيره مسجدًا ولم تجعل له طهورًا؛ لأن عيسى كان يسيح في الأرض ويصلي حيث أدركته الصلاة، وقيل: إنما أبيح لهم موضع يتيقنون طهارته، بخلاف هذه الأمة فإنه أبيح لهم التطهر والصلاة إلا فيما تيقنوا نجاسته. والأظهر ما قاله الخطابي: وهو أن من قبله إنما أبيحت لهم الصلاة في أماكن مخصوصة كالبِيَع والصوامع.
قال الحافظ في الفتح (5): ويؤيده رواية عمرو بن شعيب
(7)
بلفظ: "وكان من قبلي. إنما يصلون في كنائسهم"، وهذا نص في موضع النزاع فثبتت الخصوصية.
= وهو حديث صحيح بشواهده.
(1)
(1/ 157 - 158 رقم 311 - كشف).
(2)
كما في "مجمع الزوائد"(1/ 261).
وقال الهيثمي في "المجمع" رواه البزار والطبراني وزاد: وكان كل نبي يبعث إلى قريته، وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن كهيل وهو ضعيف، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال في روايته عن أبيه بعض المناكير" اهـ.
(3)
كما في "مجمع الزوائد"(8/ 259) وقال الهيثمي: "رواه الطبراني وفيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهو متروك.
(4)
في "الأوسط" رقم (7439).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 269) وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن.
(5)
في "الفتح"(1/ 437).
(6)
في (ج): (التيمي) وهو خطأ.
(7)
تقدم تخريجه برقم (5/ 358) من كتابنا هذا وسنده حسن.
ويؤيده ما أخرجه البزار
(1)
من حديث ابن عباس وفيه: "ولم يكن أحد من الأنبياء يصلي حتى يبلغ محرابه".
قوله: (وطهورًا) بفتح الطاء: أي مطهرة، وفيه دليل على أن التراب يرفع الحدث كالماء لاشتراكهما في الطهورية. قال الحافظ
(2)
: وفيه نظر وعلى أن التيمم جائز بجميع أجزاء الأزض لعموم لفظ الأرض لجميعها، وقد أكده بقوله:"كلها" كما في الرواية الثانية. واستدل القائل بتخصيص التراب بما عند مسلم
(3)
من حديث حذيفة مرفوعًا بلفظ: "وجعلت تربتها لنا طهورًا"، وهذا خاص فينبغي أن يحمل عليه العام. وأجيب بأن تربة كل مكان ما فيه من تراب أو غيره فلا يتم الاستدلال. وردّ بأنه ورد في الحديث المذكور بلفظ التراب، أخرجه ابن خزيمة
(4)
وغيره.
وفي حديث علي: "وجعل التراب لي طهورًا"، أخرجه أحمد
(5)
والبيهقي
(6)
بإسناد حسن. وأجيب أيضًا عن ذلك الاستدلال بان تعليق الحكم بالتربة مفهوم لقب، ومفهوم اللقب ضعيف عند أرباب الأصول ولم يقل به: إلا الدقاق فلا ينتهض لتخصيص المنطوق، ورد بان الحديث سبق لإِظهار التشريف، فلو كان جائزًا بغير التراب لما اقتصر عليه، وأنت خبير بأنه لم يقتصر على التراب إلا في هذه الرواية، نعم الافتراق في اللفظ حيث حصل التأكيد في جعلها مسجدًا دون الآخر كما سيأتي في حديث مسلم
(7)
يدل على الافتراق في الحكم وأحسن من هذا أن قوله تعالى: في آية المائدة
(8)
منه يدل على أن المراد: التراب، وذلك
(1)
كما في "مجمع الزوائد"(8/ 258) وقال الهيثمي: "رواه البزار وفيه من لم أعرفهم".
(2)
في "الفتح"(1/ 438). وفي هامش الفتح: ليس للنظر المذكور وجه، والصواب أن التيمم رافع للحدث كالماء، عملًا بظاهر الحديث المذكور وما جاء في معناه. وهو قول جم غفير من أهل العلم. والله أعلم" اهـ.
(3)
في "صحيحه" رقم (4/ 522).
(4)
في "صحيحه"(1/ 233 رقم 264).
(5)
في "المسند"(1/ 98، 158).
(6)
في "السنن الكبرى"(1/ 213). بإسناد حسن. حسَّنه الحافظ في "الفتح (1/ 438) والهيثمي في "المجمع" (1/ 260 - 261).
(7)
في "صحيحه"(1/ 371 رقم 4/ 522).
(8)
سورة المائدة: الآية (6): {
…
وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ =
لأن كلمة من للتبعيض كما قال في الكشاف
(1)
: "إنه لا يفهم أحد من العرب من قول القائل: مسحت [برأسي]
(2)
من الدهن والتراب إلا معنى التبعيض"، انتهى.
فمن قلت: سلَّمنا التبعيض، فما الدليل على أن ذلك البعض هو التراب؟ قلت: التنصيص عليه في الحديث المذكور.
ومن الأدلة الدالة على أن المراد خصوص التراب ما ورد في القرآن والسنة من ذكر الصعيد والأمر بالتيمم منه وهو التراب، لكنه قال في القاموس
(3)
: والصعيد: التراب أو وجه الأرض. وفي المصباح
(4)
الصعيد: وجه الأرض ترابًا كان أو غيره.
قال الزجاج
(5)
؛ لا أعلم اختلافًا بين أهل اللغة في ذلك. قال الأزهري
(6)
: ومذهب أكثر العلماء أن الصعيد في قوله تعالى: {صَعِيدًا طَيِّبًا}
(7)
هو التراب. وفي كتاب فقه اللغة للثعالبي
(8)
: الصعيد: تراب وجه الأرض ولم يذكر غيره. وفي المصباح (3) أيضًا.
ويقال الصعيد في كلام العرب يطلق على وجوه: على التراب الذي على وجه الأرض، وعلى وجه الأرض، وعلى الطريق؛ ويؤيد حمل الصعيد على العموم تيممه صلى الله عليه وسلم من الحائط فلا يتم الاستدلال.
وقد ذهب إلى تخصيص التيمم بالتراب العترة والشافعي وأحمد وداود
(9)
؛ وذهب مالك وأبو حنيفة وعطاء والأوزاعي والثوري إلى أنه يجزئ بالأرض وما عليها
(10)
، وسيعقد المصنف لذلك
(11)
بابًا.
= الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ
…
}.
(1)
(1/ 270).
(2)
في (ج): (برأسه).
(3)
"القاموس المحيط" ص 374.
(4)
"المصباح المنير" ص 129 - 130.
(5)
في "معاني القرآن وإعرابه"(2/ 56).
(6)
في "تهذيب اللغة"(2/ 7).
(7)
سورة النساء: الآية 43. والمائدة: (6).
(8)
ص 287.
(9)
انظر: المغني لابن قدامة (1/ 324)، و"المجموع"(2/ 246).
(10)
انظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 324 - 325)، و"المجموع"(2/ 246).
(11)
الباب العاشر: باب بطلان التيمم بوجدان الماء في الصلاة وغيرها عند الحديث رقم (13/ 366) من كتابنا هذا.
قوله: (أينما أدركتني الصلاة)، في الرواية الثانية:"فأينما أدركت رجلًا من أمتي الصلاة"، وفي الصحيحين
(1)
: "فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل".
وقد استدل به على عموم التيمم بأجزاء الأرض لأن قوله: "فأينما أدركت رجلًا، وأيما رجل" صيغة عموم، فيدخل تحته من لم يجد ترابًا ووجد غيره من أجزاء الأرض. قال ابن دقيق العيد
(2)
: ومن خصص التيمم بالتراب يحتاج إلى أن يقيم دليلًا يخص به هذا العموم أو يقول: دل الحديث على أنه يصلي وأنا أقول بذلك: فيصلي على الحالة، ويرد عليه حديث الباب فإنه بلفظ:"فعنده مسجده وعنده طهوره".
وقد استدل المصنف بالحديث على اشتراط دخول الوقت للتيمم لتقييد الأمر بالتيمم إدراك الصلاة وإدراكها لا يكون إلا بعد دخول الوقت قطعًا.
وقد ذهب إلى ذلك الاشتراط العترة والشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وداود
(3)
، واستدلوا بقوله تعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}
(4)
ولا قيام قبله والوضوء خصه الإِجماع والسنة.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه
(5)
إلى أنه يجزئ قبل الوقت كالوضوء، وهذا هو الظاهر، ولم يرد ما يدل على عدم الإِجزاء، والمراد بقوله إذا قمتم: إذا أردتم القيام، وإرادة القيام تكون في الوقت وتكون قبله، فلم يدل دليل على اشتراط الوقت حتى يقال خصص الوضوء الإِجماع.
[الباب السادس] باب من وجد ما يكفي بعض طهارته يستعمله
7/ 360 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ [رضي الله تعالى عنه]
(6)
أن رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذَا أمَرْتُكُمْ بِأْمْرٍ فأْتُوا مِنْهُ ما اسْتَطَعْتُمْ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(7)
. [صحيح]
(1)
تقدم تخريجه عند الحديث رقم (6/ 359) من كتابنا هذا.
(2)
في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام"(1/ 117).
(3)
"المجموع"(2/ 279).
(4)
سورة المائدة: الآية (6).
(5)
"الاختيار لتعليل المختار"(1/ 29).
(6)
زيادة من (ج).
(7)
أحمد (2/ 428) والبخاري رقم (7288) ومسلم رقم (1337).
هذا الحديث أصل من الأصول العظيمة وقاعدة من قواعد الدين النافعة، وقد شهد له صريح القرآن، قال الله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطعْتُمْ}
(1)
فَلَكَ الاستدلال بالحديث على العفو عن كل ما خرج عن الطاقة، وعلى وجوب الإتيان بما دخل تحت الاستطاعة من المأمور به وأنَّه ليس مجرد خروج بعضه عن الاستطاعة موجبًا للعفو عن جميعه.
وقد استدل به المصنف على وجوب استعمال الماء الذي يكفي لبعض الطهارة وهو كذلك، وقد خالف في ذلك زيد بن علي والناصر والحنفية
(2)
، فقالوا: يسقط استعمال الماء لأن عدم بعض المبدل يبيح الانتقال إلى البدل.
[الباب السابع] باب تعين التراب للتيمم دون بقية الجامدات
8/ 361 - (عَنْ عَلِيّ كَرَّمَ الله [تعالى]
(3)
وَجْهَهُ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أُعْطِيتُ ما لَمْ يُعْطَ أحدٌ مِنَ الأَنْبِياء: نُصِرْتُ بالرُّعْب، وأُعْطِيتُ مَفاتِيحَ الأرْضِ، وسُمِّيتُ أحْمَدَ، وَجُعِلَ لي التُّرَابُ طَهُورًا، وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيرَ الأمُمِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)
(4)
. [حسن]
[الحديث أخرجه البيهقي في الدلائل
(5)
.
وأيضًا]
(6)
في حديث جابر المتفق عليه
(7)
"خمس: النصر بالرعب، وجعل
(1)
سورة التغابن: الآية (16).
(2)
"البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار"(1/ 117).
(3)
زيادة من (ج).
(4)
في "المسند"(1/ 98) بإسناد صحيح. وهو في "مجمع الزوائد"(1/ 260 - 261) وأعله بعبد الله بن محمد بن عقيل، ثم قال:"فالحديث حسن"، وقد رجحنا من قبل في "الحديث" رقم (6) أن عبد الله بن محمد بن عقيل ثقة. فالحديث صحيح. قاله أبو الأشبال في "المسند" (رقم 763). وقد قال الحافظ في "التقريب" رقم (3592): عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد المدني، أمه زينب بنت علي: صدوق في حديثه لين، ويقال: تغيم بأخرة من الرابعة
…
".
قلت: والراجح أن حديثه حسن كما قال الهيثمي رحمه الله.
(5)
(5/ 472).
(6)
زيادة من (أ) و (ب).
(7)
البخاري (335) ومسلم رقم (521).
الأرض مسجدًا وطهورًا، وتحليل الغنائم، وإعطاء الشفاعة، وعموم البعثة".
وزاد أبو هريرة في حديثه الثابت عند مسلم
(1)
"خصلتين وهما: وأعطيت جوامع الكلم، وختم بي النبيون"، فيحصل منه ومن حديث جابر سبع خصال.
ولمسلم
(2)
من حديث حذيفة: "فضلنا على الناس بثلاث: جُعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وذكر خَصْلة الأرض، قال: وذكر خَصْلة أخرى"، وهذه الخصلة المبهمة بينها ابن خزيمة
(3)
والنسائي
(4)
وهي: "وأعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش"، يشير إلى ما حطه الله [تعالى]
(5)
عن أمته من الإصر، فصارت الخصال تسعًا.
وفي حديث الباب زيادة: "أعطيت مفاتيح الأرض، وسمِّيت أحمد، وجعلت أمتي خير الأمم"، فصارت الخصال ثنتي عشر خصلة.
وعند البزار
(6)
من وجه آخر عن أبي هريرة رفعه: "فُضِّلتُ على الأنبياء بست: غُفر لي ما تقدَّم من ذنبي وما تأخر، وجُعِلتْ أمتي خير الأمم، وأعطيت الكوثر، وإن صاحبكم لصاحب لواء الحمد يوم القيامة تحته آدم فمن دونه"، وذكر ثنتين مما تقدم.
وله
(7)
من حديث ابن عباس
(8)
رفعه: "فضلت على الأنبياء بخَصْلَتين: كان شيطاني كافرًا فأعانني الله عليه فأسلم، قال: ونسيتُ الأخرى"، فينتظم بهذا سبع عشرة خصلة.
قال الحافظ في الفتح
(9)
: ويمكن أن يوجد أكثر من ذلك لمن أمعن التتبع.
(1)
رقم (523).
(2)
رقم (522).
(3)
في "صحيحه"(1/ 133 رقم 264).
(4)
في "سننه الكبرى"(رقم 8022).
(5)
زيادة من (ج).
(6)
(3/ 147 رقم 2442 - كشف).
وقال الهيثمي في "المجمع"(8/ 269): "رواه البزار، وإسناده جيد".
(7)
البزار (3/ 146 رقم 2438 - كشف) وقال الهيثمي في "المجمع"(8/ 269): "وفيه إبراهيم بن صرمة، وهو ضعيف".
(8)
من حديث أبي هريرة.
(9)
(1/ 439).
وقد ذكر أبو سعيد النيسابوري
(1)
في كتاب شرف المصطفى
(2)
أن الذي اختص به نبينا صلى الله عليه وسلم ستون خصلة.
والحديث ساقه المصنف رحمه الله للاستدلال به على تعين التراب للتصريح في الحديث بذكر التراب، وقد تقدم الكلام على ذلك في باب اشتراط دخول الوقت للتيمم.
قوله: (نصرت بالرعب) مفهومه أنه لم يوجد لغيره النصر بالرعب، لكن في مسيرة الشهر التي ورد التقييد بها في الصحيحين وفي أكثر منها بالأولى. وأما دونها فلا، ولكن ورد في رواية في البخاري:"ونصرت على العدوّ بالرعب ولو كان بيني وبينهم مسيرة شهر" وهي تشعر باختصاصه به مطلقًا، وإنما جعل الغاية شهرًا لأنَّه لم يكن بين بلده وبين أحد من أعدائه أكثر منه. قال الحافظ في الفتح
(3)
: وهل هي حاصلة لأمته من بعده؟ فيه احتمال، وقد نقل ابن الملقن في شرح العمدة
(4)
عن مسند أحمد
(5)
بلفظ: "والرعب يسعى بين يدي أمتي شهرًا".
قوله: (وأعطيت مفاتيح الأرض)، هي ما سهَّل الله [تعالى]
(6)
له ولأمته من افتتاح البلاد الممتنعة والكنوز المتعذرة.
قوله: (وجعلت أمتي خير الأمم) هو مثل ما نطق به القرآن، قال الله تعالى:{كُنتُم خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}
(7)
.
9/ 362 - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ [رضي الله تعالى عنه] (6) قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "فُضّلْنا عَلى الناسِ بِثَلاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنا كَصُفُوفِ المَلاِئكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الأرْض
(1)
في هامش "الفتح"(1/ 439): "في النسخ المطبوعة""أبو سعد" وفي مخطوطة الرياض أبو سعيد.
قال صاحب كشف الظنون: أبو سعيد عبد الملك بن محمد النيسابوري الخركوشي المتوفى سنة (406).
(2)
"شرف المصطفى" في ثمان مجلدات.
وقد جمع مؤلفه ما وقع من علامات النبوة قبل المبعث.
(3)
(1/ 437).
(4)
"الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" لابن دقيق العيد (2/ 159).
(5)
(5/ 393) من حديث حذيفة.
(6)
زيادة من (ج).
(7)
سورة آل عمران: الآية (110).
كُلُّها مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُها لَنا طَهُورًا إذَا لَمْ نَجِدِ المَاءَ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
(1)
. [صحيح]
قوله: (بثلاث) الثالثة مبهمة، وقد بينها ابن خزيمة
(2)
والنسائي
(3)
وهي: "وأعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة"، وقد تقدم التنبيه على ذلك.
والحديث يدل على قصر التيمم على التراب للتصريح بالتراب فيه، وقد عرفت البحث في ذلك في باب اشتراط دخول الوقت
(4)
.
قوله: (صفوفنا كصفوف الملائكة)، وهي أنهم يتمُّون المقدم ثم الذي يليه من الصفوف ثم يراصون الصف كما ورد التصريح بذلك في سنن أبي داود
(5)
وغيرها
(6)
.
[الباب الثامن] باب صفة التيمم
10/ 363 - (عَنْ عَمَّارِ بْنِ ياسِرٍ [رضي الله تعالى عنهما]
(7)
أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ فِي التَّيَمُّمِ: "ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ والكفين"، رَوَاهُ أحْمَدُ وأبُو دَاوُدَ. وفِي لَفْظٍ:"أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمَرَهُ بالتَّيمُّمِ لِلْوَجْهِ والكَفَّيْنِ"، رَوَاه التِّرْمِذِيُّ وصححه)
(8)
. [صحيح]
قال ابن عبد البر
(9)
: أكثر الآثار المرفوعة عن عمار ضربة واحدة، وما
(1)
مسلم في "صحيحه" رقم (522).
(2)
في "صحيحه" رقم (264) كما تقدم.
(3)
في "السنن الكبرى" رقم (8022) كما تقدم.
(4)
الباب الخامس عند الحديث رقم (5/ 358) من كتابنا هذا.
(5)
في "سننه" رقم (661) من حديث جابر بن سمرة.
(6)
كمسلم في "صحيحه" رقم (119/ 430) والنسائي (2/ 92 رقم 816) وابن ماجه رقم (992). وهو حديث صحيح.
(7)
زيادة من (ج).
(8)
في "سننه"(رقم: 144) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه أحمد (4/ 263) وأبو داود رقم (327) والبيهقي (1/ 210) والدارمي (1/ 190) وابن الجارود رقم (126) والدارقطني (1/ 183) وابن خزيمة رقم (266).
قال الدارمي: صحَّ إسناده.
والخلاصة إن حديث عمار حديث صحيح.
(9)
في "التمهيد"(3/ 545) كما في "فتح البر في الترتيب الفقهي لابن عبد البر".
روي عنه من ضربتين فكلها مضطربة، وقد جمع البيهقي
(1)
طرق حديث عمار فأبلغ. وقد روى الطبراني في الأوسط والكبير أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمار بن ياسر: "يكفيك ضربة للوجه وضربة للكفين"
(2)
، وفي إسناده إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى
(3)
وهو ضعيف وإن كان حجة عند الشافعي.
والحديث يدل على أن التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين، وقد ذهب إلى ذلك عطاء
(4)
ومكحول
(5)
والأوزاعي
(6)
وأحمد بن حنبل
(7)
وإسحاق
(8)
والصادق والإمامية
(9)
، قال في الفتح
(10)
: ونقله ابن المنذر عن جمهور العلماء واختاره وهو قول عامة أهل الحديث.
وذهب الهادي والناصر والمؤيد بالله وأبو طالب والإمام يحيى
(11)
والفقهاء إلى أن الواجب ضربتان: ضربة للوجه وأخرى لليدين.
وذهب ابن المسيب وابن سيرين
(12)
إلى أن الواجب ثلاث ضربات: ضربة للوجه، وضربة للكفين، وضربة للذراعين.
(1)
في "السنن الكبرى"(1/ 208 - 212).
و"المهذب في اختصار السنن الكبير" للذهبي (1/ 217 - 222).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط رقم (7122)، وقال: "لم يروِ هذا الحديث عن أبي عُميس عتبة بن عبد الله إلا إبراهيم بن محمد)، وهو حديث ضعيف.
(3)
إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلميُّ، أبو إسحاق المدني: متروك، من السابعة مات سنة "184 هـ" وقيل:(191 هـ). روى له ابن ماجه. "التقريب" رقم (241).
(4)
حكاه عنه الترمذي (1/ 133). وروى له عبد الرزاق في "المصنف" عن ابن جريج عن عطاء (1/ 211 رقم 816).
(5)
حكاه عنه الترمذي (1/ 133). وروى له ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 159) عن معتمر بن برد عن مكحول.
(6)
حكاه عنه ابن حزم في "المحلَّى"(2/ 212).
(7)
مسائل أحمد وإسحاق (1/ 19)، ومسائل أحمد لأبي داود (ص 15) ومسائل أحمد لابن هانئ (1/ 11).
(8)
حكاه عنه الترمذي في "السنن"(1/ 133).
(9)
مذهب الإمامية ضربة واحدة للتيمم بدل الوضوء، وضربتين للتيمم بدل الغسل. والمسح للوجه واليدين من طرف الذراع في الكتف إلى أطراف الأصابع. "اللمعة الدمشقية"(1/ 158).
(10)
(1/ 456 - 457).
(11)
"البحر الزخار"(1/ 127).
(12)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 159): "عن ابن سيرين، وصالح أبي الخليل، أنهما =
احتج الأولون بحديث الباب، وبالرواية الأخرى الآتية المتفق عليها من حديث عمار
(1)
، وأجابوا عن الأحاديث القاضية بالضربتين بما فيها من المقال المشهور.
واحتج أهل القول الثاني: بحديث ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين"، أخرجه الدارقطني
(2)
والحاكم
(3)
والبيهقي
(4)
، وفي إسناده علي بن ظبيان
(5)
. قال الدارقطني (2): [وقفه]
(6)
يحيى القطان وهشيم وغيرهما. قال الحافظ
(7)
: هو ضعيف ضعفه القطان وابن معين وغير واحد.
وقد روي أيضًا من طريق ابن عمر
(8)
مرفوعًا بلفظ: "تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ضربنا بأيدينا على الصعيد الطيب، ثم نفضنا أيدينا فمسحنا بها وجوهنا، ثم ضربنا ضربة أخرى فمسحنا من المرافق إلى الكف"، وفيه سليمان بن أرقم وهو متروك
(9)
.
= قالا: "التيمم للوجه والكفين"، وقال سعيد بن المسيب وابن عمر:"للوجه والذراعين".
(1)
برقم (11/ 364) من كتابنا هذا.
(2)
في "سننه"(1/ 180) وقال: كذا رواه علي بن ظبيان مرفوعًا، ووقفه يحيى بن القطان وهشيم وغيرهما وهو الصواب.
(3)
في "المستدرك"(1/ 179). وسكت عنه، وقال: لا أعلم أحدًا أسنده عن عبيد الله غير علي بن ظبيان، وهو صدوق.
(4)
في "السنن الكبرى"(1/ 207).
(5)
علي بن ظِبْيَان العبسي: قال أبو حاتم والنسائي: متروك الحديث.
وقال ابن معين: كذاب خبيث. وقال الدارقطني: ضعيف.
"المجروحين"(2/ 105) و "الجرح والتعديل"(6/ 191) و "الميزان"(3/ 143) و"تهذيب التهذيب"(3/ 172 - 173).
(6)
في (جـ): (وثقه) وهو خطأ ومخالف لما في سنن الدارقطني.
(7)
في "التلخيص"(1/ 151).
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(8)
أخرجه الدارقطني في "السنن"(1/ 181) والبيهقي (1/ 207) وفيه سليمان بن أرقم وهو متروك.
وقال البيهقي: رواه معمر وغيره عن الزهري موقوفًا وهو الصحيح. وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(9)
انظر ترجمته في: "التاريخ الكبير"(2/ 2/ 2) و "الجرح والتعديل"(4/ 100) و"المجروحين"(1/ 328) والميزان (2/ 196) و"لسان الميزان"(7/ 237) و"التقريب"(1/ 321) و "الخلاصة للخزرجي" ص 150.
وروي أيضًا عن ابن عمر
(1)
مرفوعًا من وجه آخر بلفظ حديث ابن ظبيان، قال أبو زرعة: حديث باطل.
ورواه الدارقطني
(2)
والحاكم
(3)
من حديث جابر، وفيه عثمان بن محمد وهو متكلم فيه قاله ابن الجوزي
(4)
. قال الحافظ
(5)
: "وأخطأ في ذلك. قال ابن دقيق العيد: لم يتكلم فيه أحد، نعم روايته شاذة". قال الدراقطني (2) بعد رواية حديث جابر: كلهم ثقات والصواب موقوف.
وفي الباب عن الأسلع بن شريك رواه الطبراني
(6)
والدارقطني
(7)
، وفيه الربيع بن بدر
(8)
وهو ضعيف.
(1)
أخرجه الدارقطني في "السنن"(1/ 181 رقم 21).
وفيه سليمان بن أبي داود الحراني وهو متروك. واسم ابن أبي داود: سالم، بومة، ضعيف.
انظر: "المجروحين"(1/ 335 - 336) و"الميزان"(2/ 206 - 208) و"المغني في الضعفاء"(1/ 679).
قال أبو زرعة: حديث باطل كما في "التلخيص"(1/ 152) وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(2)
في "السنن"(1/ 181 رقم 22). وقال: رجاله كلهم ثقات، والصواب موقوف.
(3)
في "المستدرك"(1/ 180) وقال الحاكم: إسناده صحيح.
قلت: فيه تدليس أبي الزبير ولم يصرح بالسماع.
(4)
في "التحقيق في مسائل الخلاف"(1/ 324).
"وتعقبه صاحب التنقيح تابعًا للشيخ تقي الدين في الإمام وقال ما معناه: إن هذا الكلام لا يُقبل منه لأنَّه لم يبين من تكلم فيه، وقد روى عنه أبو داود وأبو بكر بن أبي عاصم وغيرهما، وذكره ابن أبي حاتم في كتابه ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وقال الذهبي: فيه لين" اهـ من التعليق المغني على الدارقطني (1/ 181 - 182).
(5)
في "التلخيص الحبير"(1/ 152).
(6)
في "المعجم الكبير"(1/ 198 - 299 رقم 875، 876).
(7)
في "السنن"(1/ 179).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 262) وقال: "فيه الربيع بن بدر وقد أجمعوا على ضعفه".
(8)
ربيع بن بَدْر، ويقال له عُلَيْلَةَ بن بَدْر، متروك الحديث، بصري.
قال البخاري: ضعفه قتيبة، وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو داود وغيره: ضعيف.
انظر: "التاريخ الكبير"(3/ 279) و"المجروحين"(1/ 297) و "الجرح والتعديل"(3/ 455) و "الميزان"(2/ 38) و"التقريب"(1/ 243).
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
وعن أبي أمامة رواه الطبراني
(1)
، قال الحافظ
(2)
: وإسناده ضعيف.
وعن عائشة مرفوعًا رواه البزار
(3)
وابن عديّ
(4)
، وقد تفرّد به الحريش بن الخِرِّيت
(5)
ولا يحتجّ بحديثه، قال أبو حاتم: حديثه منكر.
وعن عمار رواه البزار
(6)
، وقد عرفت أن أحاديثه الصحاح ضربة واحدة.
وفي الباب أيضًا عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "إنه صلى الله عليه وسلم تيمم بضربتين مسح بإحداهما وجهه"، رواه أبو داود
(7)
بسند ضعيف لأن مداره على محمد بن ثابت
(8)
وقد
(1)
في "المعجم الكبير"(8/ 292 رقم 7959).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 262) وقال: "فيه جعفر بن الزبير قال شعبة فيه وضع أربعمائة حديث".
(2)
في "التلخيص الحبير"(1/ 153).
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(3)
(1/ 177 رقم 196 - مختصر زوائد البزار)، (رقم: 313 - كشف).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 263) وقال: "رواه البزار وفيه الحريش بن الخريت ضعفه أبو حاتم وأبو زرعة والبخاري" اهـ.
(4)
في "الكامل"(2/ 442) في ترجمة: الحريش بن الخريت.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
قال البخاري: فيه نظر.
وقال أبو زرعة: واهي الحديث.
وقال الدارقطني: يُعتبر به.
وقال الساجي: فيه ضعف.
انظر: "تهذيب التهذيب"(1/ 377).
(6)
في "البحر الزخار" المعروف: بمسند البزار (4/ 221 رقم 1383، 1384).
(7)
في "سننه"(1/ 234 رقم 330).
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: روى محمد بن ثابت حديثًا منكرًا في التيمم.
قال ابن داسة: قال أبو داود: لم يتابع محمد بن ثابت في هذه القصة على "ضربتين" عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورووه فعل ابن عمر.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(8)
محمد بن ثابت العبدي: بصري، قال البخاري في "الكبير": يخالف في بعض حديثه، وروى عباس عن ابن معين: ليس بشيء.
"التاريخ الكبير"(1/ 50) و"المجروحين"(2/ 251) و"الجرح والتعديل"(7/ 216) و"الميزان"(3/ 495) و"لسان الميزان"(7/ 353) و"التقريب"(2/ 149) و"الكامل"(6/ 2145).
ضعفه ابن معين وأبو حاتم والبخاري وأحمد. قال أبو داود
(1)
: لم يتابع محمد بن ثابت أحد.
وبهذا يتبين لك أن أحاديث الضربتين لا تخلو جميع طرقها من مقال
(2)
، ولو صحت لكان الأخذ بها [متعينًا]
(3)
لما فيها من الزيادة، فالحقّ الوقوف على ما ثبت في الصحيحين
(4)
من حديث عمار من الاقتصار على ضربة واحدة حتى تصحّ الزيادة على ذلك المقدار.
وأما أهل القول الثالث فلم أقف لهم على ما يصلح متمسكًا للوجوب بل قال الإمام يحيى: إنه لا دليل يدلّ على ندبية التثليث في التيمم، وقوّى ذلك الإمام المهدي والأمر كذلك.
11/ 364 - (وَعَنْ عَمَّارٍ [رضي الله تعالى عنه]
(5)
قالَ: " [أجْنَبْتُ]
(6)
فَلَمْ أُصِبِ المَاءَ، فَتَمَعَّكْتُ فِي الصَّعِيدِ وَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ ذلكَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ:"إنمَا كانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا"، وَضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَفَّيْهِ الأرْضَ وَنَفَخَ فِيهِما ثُمَّ مَسَحَ بِهِما وَجْهَهُ وكَفَّيْهِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(7)
.
وفي لَفْظٍ: "إنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أنْ تَضْرِبَ بِكَفَيكَ فِي التُّرَابِ، ثُمَّ تَنْفُخَ فِيهِما، ثمَّ تَمْسَحَ بِهما وَجْهَكَ وكَفيكَ إلى الرُّصْغَينِ"، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ)
(8)
. [صحيح]
قوله: (فتمعكت)، وفي رواية:"فتمرّغت"، أي تقلبت.
قوله: (إنما كان يكفيك)، فيه دليل على أن الواجب في التيمم هي الصفة المذكورة في هذا الحديث.
(1)
في "السنن"(1/ 234).
(2)
بل كلها ضعيفة كما تقدم خلال الأحاديث الموجودة ضمن حديث الباب.
(3)
في (ج): (متعين) وهو خطأ.
(4)
البخاري رقم (347) ومسلم رقم (368).
(5)
زيادة من (ج).
وأعني في (المخطوط) إذا لم أعينه أي (أ) و (ب) و (جـ) سابقًا ولاحقًا.
(6)
في المخطوط "اجتنبت" والصواب ما أثبتناه.
(7)
أحمد في "المسند"(4/ 265) والبخاري رقم (347) ومسلم رقم (368).
(8)
في "سننه"(1/ 183).
قوله: (وضرب بكفيه) المذكور في هذا الحديث ضربة واحدة، وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك في الحديث الذي قبل هذا.
قوله: (ثم مسح بهما وجهه وكفيه) فيه دليل لمذهب من قال: إنه يقتصر في مسح اليدين على الكفين، وإليه ذهب عطاء ومكحول والأوزاعي وأحمد
(1)
وإسحاق وابن المنذر وعامة أصحاب الحديث، هكذا في شرح مسلم
(2)
.
وذهب عليّ بن أبي طالب وعبد الله بن عمر والحسن البصري والشعبي وسالم بن عبد الله بن عمر وسفيان الثوري ومالك وأبو حنيفة وأصحاب الرأي وآخرون إلى أن الواجب المسح إلى المرفقين، رواه النووي في شرح مسلم
(3)
.
ورواه في البحر
(4)
أيضًا عن الهادي والقاسم والمؤيد بالله وأبي طالب والفريقين وذهب الزهري إلى أنه يجب المسح إلى الإبطين.
قال الخطابي
(5)
: لم يختلف أحد من العلماء في أنه لا يلزم مسح ما وراء المرفقين.
احتج الأوّلون بحديث الباب.
واحتج أهل القول الثاني: بحديث ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين"، وقد تقدم
(6)
عدم انتهاضه للاحتجاج من هذا الوجه ومن غيره. واحتجوا بالقياس على الوضوء وهو فاسد الاعتبار.
واحتج الزهري بما ورد في بعض روايات حديث عمار عند أبي داود
(7)
بلفظ: إلى الآباط، وأجيب بأنه منسوخ كما قال الشافعي
(8)
. واحتجّ أيضًا بان
(1)
تقدم العزو إليهم عند شرح الحديث رقم (10/ 363) من كتابنا هذا.
(2)
للنووي (4/ 56).
(3)
للنووي (4/ 56).
(4)
في "البحر الزخار"(1/ 127).
(5)
في معالم السنن: (1/ 224 - هامش السنن).
(6)
في شرح الحديث رقم (10/ 363) من كتابنا هذا، وهو حديث ضعيف.
(7)
في "السنن"(1/ 224 رقم 318)، وهو حديث صحيح.
(8)
أخرج الحازمي في "الاعتبار" ص 184: قال الشافعي رضي الله عنه: "ولا يجوز على عمار إذا كان ذكر تيممهم مع النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الآية إلى المناكب إن كان عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه منسوخ عنده إذ روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتيمم على الوجه والكفين".
ذلك حد اليد لغة. وأجيب بأنه قصرها الخبر وإجماع الصحابة على بعض حدها لغة.
قال الحافظ في الفتح
(1)
: وما أحسن ما قال: "إن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصحّ منها سوى حديث أبي جُهيم
(2)
وعمار
(3)
وما عداهما فضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه، والراجح عدم رفعه، فأما حديث أبي جُهيم فورد بذكر اليدين مجملًا، وأما حديث عمار فورد بذكر الكفين في الصحيحين وبذكر المرفقين في السنن، وفي رواية إلى نصف الذراع. وفي رواية إلى الآباط. فأما رواية المرفقين وكذا نصف الذراع ففيهما مقال. وأما رواية الآباط فقال الشافعي
(4)
وغيره: إن كان ذلك وقع بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فكل تيمم صح للنبي صلى الله عليه وسلم بعده فهو ناسخ له، وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما أمر به. ومما يقوي رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار [كان]
(5)
يفتي بعد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره، ولا سيما الصحابي المجتهد، انتهى.
فالحقّ مع أهل المذهب الأول حتى يقوم دليل يجب المصير إليه، ولا شكّ أن الأحاديث المشتملة على الزيادة أولى بالقبول ولكن إذا كانت صالحة للاحتجاج بها. وليس في الباب شيء من ذلك.
قوله: (وفي لفظ)، هذه الرواية ثبت عند البخاري
(6)
معناها، ولفظه:"وضرب بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه".
(1)
(1/ 444 - 445).
(2)
أخرجه البخاري (1/ 441 رقم 337) ومسلم (1/ 281 رقم 114/ 369) عن الأعرج، قال: سمعتُ عُميرًا مولى ابن عباس قال: أقبلت أنا وعبد اللهِ بن يسار حتى دخلنا على أبي الجُهَيْم بن الحارث بن الصِّفَةِ الأنصاريِّ فقال: أقبلَ النبي صلى الله عليه وسلم مِنْ نحوِ بِئْرِ حَمَلٍ فلقيَهُ رجلٌ فسلَّمَ عليهِ فلم يَرُدَّ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أقبلَ على الجدارِ فمسحَ بوجهِهِ ويديْه ثُمَّ رَدَّ عليه السلام".
(3)
وهو حديث صحيح. تقدم تخريجه برقم (11/ 364) من كتابنا هذا.
(4)
أخرج الحازمي في "الاعتبار" ص 184. قال الشافعي رضي الله عنه: "ولا يجوز على عمار إذا كان ذكر تيممهم مع النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الآية إلى المناكب إن كان عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه منسوخ عنده إذ روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتيمم على الوجه والكفين".
(5)
زيادة من (ج).
(6)
في "صحيحه" رقم (341).
قوله: (إلى الرصغين) هما لغة في الرسغين وهما مفصل الكفين
(1)
.
قال المصنف
(2)
بعد أن ساق الحديث: وفيه دليل على أن الترتيب في تيمم الجنب لا يجب، انتهى.
[الباب التاسع] باب من تيمَّم في أول الوقت وصلَّى ثم وجد الماء في الوقت
12/ 365 - (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسارٍ عَنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ [رضي الله تعالى عنهم]
(3)
قالَ: "خَرَجَ رَجُلانِ في سَفَرٍ فَحَضَرتِ الصَّلاةُ وَلَيْسَ مَعَهُما ماءٌ فَتَيَمَّما صَعِيدًا طيِّبًا فَصَلَّيا، ثُمَّ وَجَدَا المَاءَ فِي الوَقْتِ فأعادَ أحَدُهُما الوُضُوءَ وَالصَّلاةَ، ولَمْ يُعِدِ الآخَرُ، ثُمَّ أتَيا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَا ذلكَ لَهُ، فَقالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ: "أصَبْتَ السُّنَّةَ وأجْزأتْكَ صَلاتُكَ"؛ وَقالَ لِلَّذِي تَوَضَّأَ وأعادَ: "لَكَ الأجْرُ مَرَّتَينِ"، رَوَاه النَّسائي
(4)
وأبُو دَاوُدَ
(5)
وَهَذَا لَفْظُهُ؛ وَقَدْ رَوَياهُ أيْضًا عَنْ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا). [حسن]
الحديث أخرجه أيضًا الدارمي
(6)
والحاكم
(7)
، ورواه الدارقطني
(8)
موصولًا ثم قال: "تفرد به عبد الله بن نافع عن الليث عن بكر بن سوادة عن عطاء عنه موصولًا، وخالفه ابن المبارك فأرسله".
وكذا قال الطبراني في الأوسط
(9)
لم يروه متصلا إلا عبد الله بن نافع.
وقال موسى بن هارون: رفعه وهم من ابن نافع.
(1)
قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 227): "رصغ: هي لغة في الرُّسغ، وهو مَفْصِل ما بين الكَفِّ والسَّاعِد".
(2)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 167).
(3)
زيادة من (ج).
(4)
في "السنن"(1/ 213 رقم 433).
(5)
في "السنن"(1/ 241 رقم 338).
وقال أبو داود في "السنن"(1/ 242) والمنذري في "المختصر"(1/ 210): أخرجه النَّسَائِي مسندًا ومرسلًا.
(6)
في "سننه"(1/ 190).
(7)
في "المستدرك"(1/ 178) وقال: "صحيح علي شرط الشيخين". ووافقه الذهبي.
(8)
في "السنن"(1/ 188 - 189 رقم 1).
(9)
رقم (7922) وقال: لم يَروِ هذا الحديث - مُجوَّدًا - عن الليثِ بن سعدٍ إلَّا عبدُ اللهِ بن نافعٍ. =
وقال أبو داود
(1)
: رواه غيره
(2)
عن الليث عن عَمِيرة عن بكر عن عطاء مرسلًا. قال: وذِكْر أبي سعيد فيه ليس بمحفوظ
(3)
. وقد رواه ابن السكن في صحيحه
(4)
موصولًا من طريق أبي الوليد الطيالسي عن الليث عن عمرو بن الحارث وعميرة بن أبي ناجية جميعًا عن بكر موصولًا. ورواه ابن لهيعة عن بكر فزاد بين عطاء وأبي سعيد أبا عبد الله مولى إسماعيل بن عبيد الله وابن لهيعة ضعيف ولا يلتفت إلى زيادته، ولا تعل بها رواية الثقة عمرو بن الحارث ومعه عميرة بن أبي ناجية، وقد وثقه النَّسَائِي ويحيى بن بكير وابن حبان، وأثنى عليه أحمد بن صالح وابن يونس وأحمد بن سعيد بن أبي مرينم وله شاهد من حديث ابن عباس، رواه إسحاق بن راهويه في مسنده
(5)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم بال ثم تيمم، فقيل له: إن الماء قريب منك، قال: "فلعلي
(6)
لا أبلغه".
والحديث يدل على أن من صلَّى بالتيمم ثم وجد الماء بعد الفراغ من الصلاة [لا يجب]
(7)
عليه الإعادة وإليه ذهب أبو حنيفة
(8)
والشافعي
(9)
ومالك
(10)
= ورقم (1842) وقال: لم يَروِ هذا الحديث عن الليثِ متصل الإسناد إلا عبدُ الله، تفرد به: المُسَيَّبي. قلت: والمَسيَّبي هو محمد بن إسحاق.
(1)
في "السنن"(1/ 242).
(2)
وهو يحيى بن بكير، وابن المبارك.
(3)
وقال ابن القطان في "الوهم والإيهام"(2/ 433) مبينا كلام أبي داود: "ففي هذا من كلام أبي داود بيان أمرين:
أحدهما: أن ذِكْر أبي سعيد وهم، فهو إذن مرسل من مراسيل عطاء.
والآخر: أن بين الليث وبين بكر بن سوادة، عَمِيرةَ بنَ أبي ناجية، فلم يذكر أبو محمد - أي الأشبيلي في الأحكام الوسطى - هذا الانقطاع، الذين بين الليث وبين بكير
…
" اهـ.
(4)
ذكره ابن القطان في "الوهم والإيهام"(2/ 434).
(5)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 156). قلت: وأخرجه الحارث في "مسنده"(رقم: 95 - بغية الباحث).
وأخرجه أحمد في "المسند"(1/ 288) و (1/ 303) والطبراني في "الكبير" رقم (12987) من طرق، بلفظ مقارب.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف. وقد ضعفه ابن حجر في "المطالب العالية" رقم (158).
(6)
هنا في (ج) حرف (أن) زائد عما في مصادر الحديث فحذفته.
(7)
في (ج): (لا تجب).
(8)
انظر: "الاختيار لتعليل المختار" ص 30.
(9)
انظر: "المجموع"(2/ 350 - 353).
(10)
انظر: "أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه إمام الأئمة مالك" لأبي بكر بن =
وأحمد
(1)
والإمام يحيى. وقال الهادي والناصر والمؤيد بالله وأبو طالب
(2)
وطاوس
(3)
وعطاء
(4)
والقاسم بن محمد بن أبي بكر
(5)
ومكحول
(6)
وابن سيرين
(7)
والزهري
(8)
وربيعة
(9)
كما حكاه المنذري
(10)
وغيره إنها تجب الإعادة مع بقاء الوقت لتوجه الخطاب مع بقائه لقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ}
(11)
مع قوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}
(12)
، فشرط في صحتها الوضوء وقد أمكن في وقتها.
ولقوله: "فإذا وجد الماء فليتق الله [وليمسه]
(13)
بشرته"
(14)
الحديث، ورد [بأنه]
(15)
لا يتوجه الطلب بعد قوله: (أصبتَ السُّنةَ وأجزأتكَ صلاتُكَ)، وإطلاق قوله:(فإذا وجد الماء) مقيد بحديث الباب.
ويؤيد القول بعدم وجوب الإعادة حديث: "لا تصلوا صلاة في يوم مرّتين" عند أحمد
(16)
وأبي داود
(17)
والنسائي
(18)
وابن حبان
(19)
، وصححه ابن السكن؛
= حسن الكشناوي. (1/ 134).
(1)
انظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 343 المسألة 74).
(2)
انظر: "البحر الزخار"(1/ 129).
(3)
روى ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 433) عنه.
(4)
روى ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 433) عنه.
(5)
روى ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 433) عنه.
(6)
حكى عنه ابن المنذر في الأوسط (2/ 63).
(7)
حكى عنه ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 63).
(8)
روى ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 433) عنه.
(9)
حكى عنه ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 63).
(10)
في "الأوسط"(1/ 63) المسألة (193).
(11)
سورة الإسراء: الآية (78).
(12)
سورة المائدة: الآية (6).
(13)
في (ب): (وليمسسه).
(14)
وهو حديث حسن.
أخرجه أبو داود (1/ 235 رقم 332) و (1/ 237 رقم 333) والترمذي (1/ 211 - 213 رقم 124) والنسائي (1/ 171 رقم 322) من حديث أبي ذر.
وتقدم تخريجه برقم (4/ 357) من كتابنا هذا، وسيأتي برقم (13/ 366) من كتابنا هذا.
(15)
في (ج): (بأن).
(16)
في "المسند"(2/ 19، 41).
(17)
في "سننه" رقم (579).
(18)
في "سننه"(2/ 114).
(19)
في "صحيحه"(6/ 155 - 156 رقم 2396).
قلت: وأخرجه الطبراني في "الكبير" رقم (13270) والدارقطني (1/ 415 - 416) =
ويجاب عنه بأنهما عند القائل بوجوب الإعادة صلاة واحدة لأن الأول قد فسد بوجود الماء فلا يرد ذلك عليه. وما قيل: من تأويل الحديث بأنهما وجدا بعد الوقت فتعسف يخالف ما صرح به الحديث من أنهما وجدا ذلك في الوقت.
وأما إذا وجد الماء قبل الصلاة بعد التيمم وجب الوضوء عند العترة
(1)
والفقهاء. وقال داود [وأبو سلمة]
(2)
ابن عبد الرحمن
(3)
: لا يجب لقوله: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم}
(4)
.
وأما إذا وجد الماء بعد الدخول في الصلاة قبل الفراغ منها فإنه يجب عليه الخروج من الصلاة وإعادتها بالوضوء عند الهادي والناصر والمؤيد بالله وأبي طالب وأبي حنيفة والأوزاعي والثوري والمزني وابن سريج
(5)
. وقال
= والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 303) وابن خزيمة رقم (1641) عن عمرو بن شُعيب، عن سُليمانَ بن يسار أنَّه رَأى ابنَ عمر جالسًا بالبلاط والناس يصلون، فقلت: ما يُجلِسُكَ والناسُ يُصلونَ؟ قال: إني قد صليتْ، وإن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم نهانا أن نُعيدَ صلاةً في يومٍ مَرَّتَيْنِ". وخلاصة القول أن الحديث حسن، والله أعلم.
(1)
انظر: "البحر الزخار"(1/ 129).
(2)
في "المخطوط" وسلمة والصواب ما أثبتناه من المصادر الحديثية.
(3)
"المصنف" لعبد الرزاق (1/ 229 رقم 885). و"المصنف" لابن أبي شيبة (2/ 433).
(4)
سورة محمد: الآية (33).
قلت: وبه قال الشعبي. انظر: "المصنف العبد الرزاق"(1/ 229 رقم 882).
والنخعي. انظر: "المصنف" لعبد الرزاق (1/ 229 رقم 882).
ومالك. انظر: "المدونة"(1/ 42).
وسفيان. ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 64).
والشافعي. انظر: "الأم"(1/ 183).
وأحمد. انظر: "مسائل أحمد لأبي داود" ص 18.
وإسحاق. انظر: "مسائل أحمد وإسحاق"(1/ 19).
وقال ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 65)"قال أبو بكر: وكذلك نقول، وقد أدى هذا فرضه ما أمر فمن ادعى نقض ذلك وإيجاب الإعادة عليه، فليأت بحجة ولا حجة نعلمها مع من أوجب عليه الإعادة، ولا فرق بين من صلى جالسًا لعلة، ثم أفاق وقدر على القيام، ومن صلى عريانًا لا يقدر على ثوب ثم وجد الثوب في الوقت، وبين من صلى بالتيمم، حيث يجوز له أن يصلي ثم وجد الماء أن لا إعادة على أحد منهم" اهـ.
(5)
"البحر الزخار"(1/ 128 - 129).
مالك وداود
(1)
: لا يجب عليه الخروج بل يحرم والصلاة صحيحة، وسيأتي الكلام عليه.
قوله: (أصبت السنة) أي الشريعة الواجبة.
قوله: (وأجزأتك صلاتك) أي كفتك عن القضاء، والإجزاء عبارة عن كون الفعل مسقطًا للإعادة.
[الباب العاشر] باب بطلان التيمم بوجدان الماء في الصلاة وغيرها
13/ 366 - (عَنْ أبي ذَرّ [رضي الله تعالى عنه]
(2)
أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "إنَّ الصَّعِيدَ الطيِّبَ طَهُورُ المُسْلِمِ وَإنْ لَمْ يَجِدِ المَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فإِذَا وَجَدَ المَاءَ فَلْيَمَسَّهُ بَشْرَتَهُ فإنَّ ذلكَ خَيرٌ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ
(3)
وَالتّرْمِذِيُّ وَصحَّحَهُ)
(4)
. [حسن]
الحديث أخرجه أيضًا النَّسَائِي
(5)
وأبو داود
(6)
وابن ماجه
(7)
، وقد اختلف فيه على أبي قلابة
(8)
، وقد تقدم الكلام [عليه]
(9)
في باب الرخصة في الجماع لعادم الماء
(10)
.
والمصنف رحمه الله قد استدل بقوله، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، على وجوب الإعادة على من وجد الماء قبل الفراغ من الصلاة، وهو استدلال صحيح لأن هذا الحديث مطلق فيمن وجده بعد الوقت، ومن وجده قبل خروجه وحال
(1)
المرجع السابق (1/ 129).
(2)
زيادة من (ج).
(3)
في "المسند"(5/ 146 - 147، 155).
(4)
في "سننه"(1/ 211 - 213 رقم 124).
(5)
في "سننه"(1/ 171 رقم 322).
(6)
في "سننه"(1/ 235 رقم 332) و (1/ 237 رقم 333).
وهو حديث حسن.
(7)
لم أجده في "السنن".
(8)
أبو قِلابة: اسمه عبد الله بن زيد الجَرْمي؛ ثقة فاضل كثير الإرسال. قال العجلي: فيه نَصْب يسير. "التقريب" رقم (3333).
(9)
في (ج): (على الحديث).
(10)
الباب الرابع عند الحديث رقم (4/ 357) من كتابنا هذا.
الصلاة وبعدها. وحديث أبي سعيد السابق
(1)
مقيد بمن وجد الماء في الوقت بعد الفراغ من الصلاة، فتخرج هذه الصورة بحديث أبي سعيد وتبقى صورة وجود الماء قبل الدخول في الصلاة بعد فعل التيمم وبعد الدخول في الصلاة قبل الفراغ منها داخلتين تحت إطلاق الحديث. وفي كلا الصورتين خلاف قد ذكرناه في الباب الذي قبل هذا، ولكنه يشكل على الاستدلال بهذا الحديث.
قوله: (فإن ذلك خير)، فإنه يدل على عدم الوجوب المدعى.
[الباب الحادي عشر] باب الصلاة بغير ماء ولا تراب عند الضرورة
14/ 367 - (عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها: "أنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أسْماءَ قِلادَةً فَهَلَكَتْ، فَبَعَثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رِجالًا فِي طَلَبِها فَوَجَدُوها فأدْرَكَتْهُمُ الصَّلاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ ماءٌ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أتَوْا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم شَكَوْا ذلكَ إلَيْهِ، فأنْزَلَ الله عز وجل آيَةَ التَّيمُّمِ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا التِّرمِذِيَّ)
(2)
. [صحيح]
قوله: (أنها استعارت)، وفي بعض الروايات أنها قالت:"انقطع عقد لي" ولا مخالفة بينهما فهو حقيقة ملك لأسماء، وإضافته في الرواية الثانية إلى نفسها لكونه في يدها.
قوله: (فصلوا بغير وضوء) استدل بذلك جماعة من المحققين منهم المصنف على وجوب الصلاة عند عدم المطهرين الماء والتراب، وليس في الحديث أنهم فقدوا التراب، وإنما فيه أنهم فقدوا الماء فقط، ولكن عدم الماء في ذلك الوقت كعدم الماء والتراب لأنَّه لا مطهر سواه.
ووجه الاستدلال به أنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك ولو كانت الصلاة
(1)
وهو حديث حسن تقدم برقم (12/ 365) من كتابنا هذا.
(2)
أحمد (6/ 57) والبخاري رقم (336) ومسلم رقم (367) وأبو داود رقم (317) والنسائي (1/ 163 - 164) وابن ماجه رقم (568).
وهو حديث صحيح.
حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، وبهذا قال الشافعي
(1)
وأحمد
(2)
وجمهور المحدثين
(3)
وأكثر أصحاب مالك
(4)
.
لكن اختلفوا في وجوب الإعادة فالمنصوص عن الشافعي
(5)
وجوبها وصححه أكثر أصحابه، واحتجوا بأنه عذر نادر فلم يسقط الإعادة، والمشهور عن أحمد وبه قال المزني وسحنون
(6)
وابن المنذر
(7)
: لا تجب، واحتجوا بحديث الباب
(8)
لأنها لو كانت واجبة لبينها لهم النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وتعقب بأن الإعادة لا تجب على الفور، فلم يتأخر البيان عن وقت الحاجة، وعلى هذا فلا بد من دليل على وجوب الإعادة. وقال مالك
(9)
وأبو حنيفة
(10)
في المشهور عنهما: لا يصلي، لكن قال أبو حنيفة وأصحابه: يجب عليه القضاء، وبه قال:[الثوري]
(11)
والأوزاعي
(12)
. وقال مالك فيما حكاه عنه المدنيون: لا يجب عليه القضاء، وهذه الأقوال الأربعة هي المشهورة في المسألة وحكى النووي في شرح المهذب
(13)
عن القديم تستحب الصلاة وتجب الإعادة، وبهذا تصير الأقوال خمسة، قاله الحافظ في الفتح
(14)
.
(1)
انظر: "المجموع"(2/ 325).
(2)
انظر: "المغني"(1/ 348 - 349).
(3)
انظر: "فتح الباري"(1/ 440).
(4)
المرجع السابق (1/ 440).
(5)
"المجموع"(2/ 277).
(6)
سحنون: هو عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنوخي الملقب: سحنون. أصله شامي، ومولده ووفاته في القيروان. كان فقيهًا جريئًا في الحق عفيفًا أبيَّ النفس. وفاته (240 هـ).
["الديباج المُذهب في معرفة أعيان علماء المذهب لابن فرحون المالكي (2/ 30)].
(7)
انظر: الأوسط (2/ 46 - 47).
(8)
انظر: "المحلى"(2/ 138 - 139 رقم المسألة 246).
(9)
فاقد الماء والصعيد تسقط عنه الصلاة وقضاؤها معًا على المعتمد. (الفقه المالكي في ثوبه الجديد" (1/ 123).
(10)
انظر: "رد المحتار على الدُّر المختار المعروف بـ"حاشية ابن عابدين" 1/ 374 - 375) بتحقيقنا.
(11)
في "المخطوط""النووي" والصواب ما أثبتناه من "الأوسط" لابن المنذر (2/ 45).
- حكاه عن الثوري ابن حزم في "المحلى"(2/ 139).
- والحافظ في "فتح الباري"(1/ 440).
(12)
حكاه عنه ابن حزم في "المحلى"(2/ 139). والحافظ في "الفتح"(1/ 440).
(13)
(2/ 322).
(14)
(1/ 440).
[ثالث عشر]: أبواب الحيض
قال في الفتح
(1)
: أصله السيلان، وفي العرف: جريان دم المرأة. قال في القاموس
(2)
: حاضَتْ المرأةُ تحيضُ حَيضًا ومَحِيضًا ومحاضا فهي حائِضٌ وحائِضَةٌ: سالَ دَمُها، والمحِيضُ اسمٌ ومَصْدَرٌ ومنه الحوضُ؛ لأنَّ الماء يسيلُ إليه.
[الباب الأول] باب بناء المعتادة إذا استحيضت على عادتها
1/ 368 - (عَنْ عائِشَةَ [رضي الله عنها]
(3)
قالَتْ: "قالَتْ فاطِمَةُ بِنْتُ أبي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: إنّي امْرأةٌ أُسْتَحاضُ فَلا أطْهُرُ أَفَأدَع الصَّلاةَ؟ فَقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّمَا ذلِك عِرْقٌ وَلَيسَ بالحَيضَةِ، فإذَا أقْبَلَتِ الحَيضَةُ فاتْرُكي الصَّلاةَ، فإذا ذَهَبَ قَدْرُها فاغْسلِي عَنْكِ الدَّمَ وصَلِّي"، رَوَاهُ البُخارِيُّ
(4)
وَالنَّسائيُّ
(5)
وأبُو دَاوُدَ
(6)
. وفي رِوَايَة للْجَمَاعَةِ إلَّا ابْنَ ماجَهْ
(7)
: "فذَا أقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاةَ، فإِذَا أدْبَرَتْ فاغْسِلي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي"، زَادَ التِّرمِذِيُّ
(8)
في رِوَايَةٍ: "وَقَالَ: تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاةٍ حتَّى يَجِيءَ ذلكَ الوَقْتُ"، وفي رِوَايَةٍ للْبُخارِيّ
(9)
: وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاةَ قَدْرَ الأيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فيها، ثُمَّ اغْتَسلي وَصَلِّي"). [صحيح]
الحديث قد أسلفنا بعض الكلام عليه في باب الغسل من الحيض
(10)
،
(1)
(1/ 399).
(2)
ص 826.
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في "صحيحه" رقم (306).
(5)
في "سننه (1/ 184).
(6)
في "سننه" رقم (22). وهو حديث صحيح.
(7)
البخارى رقم (228) ومسلم رقم (333) وأبو داود رقم (282) والترمذي رقم (125) والنسائيّ (1/ 184).
(8)
في "السنن"(1/ 218).
(9)
في "صحيحه" رقم (325).
(10)
الباب الخامس عند الحديث رقم (12/ 297) من كتابنا هذا.
وعرّفناك هنالك أن فيه دلالة على أن المرأة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض وتعمل على إقباله وإدباره فإذا انقضى قدره اغتسلت منه ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث فتتوضأ لكل صلاة لا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة كما سيأتي في باب وضوء المستحاضة لكل صلاة
(1)
، وقد بينا في باب غسل المستحاضة لكل صلاة عدم انتهاض الأحاديث الواردة بوجوب الغسل عليها لكل صلاة أو للصلاتين، أو من ظهر إلى ظهر، وعرّفناك أن الحق أنه لا يجب عليها الاغتسال إلا عند إدبار الحيضة لهذا الحديث وقد ذكرنا الخلاف في ذلك هنالك.
والحاصل أنه لم يأت في شيء من الأحاديث الصحيحة ما يقضي بوجوب الاغتسال عليها لكل صلاة أو لكل يوم أو للصلاتين، بل لإدبار الحيضة كما في حديث فاطمة المذكور، فلا يجب على المرأة غيره، وقد أوضحنا هذا في باب غسل المستحاضة
(2)
.
وأحكام المستحاضة مستوفاة في كتب الفروع، والأحاديث الصحيحة منها ما يقضي بأن الواجب عليها الرجوع إلى العمل بصفة الدم كما في حديث فاطمة بنت أبي حبيش الآتي في الباب الذي بعد هذا
(3)
. ومنها ما يقضي باعتبار العادة كما في أحاديث الباب، ويمكن الجمع بأن المراد بقوله:"أقبلَتْ حيضتُك" الحيضة التي تتميز بصفة الدم، أو يكون المراد بقوله:"إذا أقبلتِ الحيْضَةُ" في حقّ المعتادة، والتمييز بصفة الدم في حق غيرها، وينبغي أن يُعلَمَ أن معرفة إقبال الحيضة قد يكون بمعرفة العادة، وقد يكون بمعرفة دم الحيض، وقد يكون بمجموع الأمرين.
وفي حديث حمنة بنت جحش
(4)
بلفظ: "فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أيّامٍ أو سبعةَ أيامٍ" وهو يدل على أنها ترجع إلى الحالة الغالبة في النساء وهو غير صالح للاحتجاج
(1)
الباب الخامس عند الحديث رقم (9/ 376) من كتابنا هذا.
(2)
الباب الخامس عند الحديث رقم (17/ 325) من كتابنا هذا.
(3)
الباب الثاني عند الحديث رقم (5/ 372) من كتابنا هذا.
(4)
وهو حديث حسن سيأتي تخريجه برقم (6/ 373) من كتابنا هذا. =
كما ستعرف ذلك في باب من قال تحيض ستًا أو سبعًا، ولو كان صالحًا لكن الجمع ممكنًا كما سيأتي.
وقد أطال المصنفون في الفقه الكلام في المستحاضة، واضطربت أقوالهم اضطرابًا يبعد فهمه على أذكياء الطلبة فما ظنك بالنساء الموصوفات بالعيّ في البيان والنقص في الأديان. وبالغوا في التعسير حتى جاءوا بمسألة المتحيرة فتحيروا
(1)
.
والأحاديث الصحيحة قد قضت بعدم وجودها لأن حديث الباب ظاهر في معرفتها إقبال الحيضة وإدبارها، وكذلك الحديث الآتي في الباب الذي بعد هذا
(2)
، فإنه صريح في أن دم الحيض يعرف ويتميز عن دم الاستحاضة، فطاحت مسألة المتحيرة ولله الحمد، ولم يبق هاهنا ما يستصعب إلا ورود بعض الأحاديث الصحيحة بالإحالة على صفة الدم، وبعضها بالإحالة على العادة، وقد عرفت إمكان الجمع بينها بما سلف.
قوله: (قال وتوضئي لكل صلاة)، سيأتي الكلام عليه في باب وضوء المستحاضة
(3)
.
قال المصنف
(4)
رحمه الله [تعالى]
(5)
بعد أن ساق الحديث: وفيه تنبيه على أنها إنما تبنى على عادة متكررة، انتهى.
2/ 369 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها] (5): "أن أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ التي كانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَكَتْ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الدَّمَ، فَقالَ لَهَا: "امْكُثِي قَدْرَ ما كانَتْ تَحْبسُكِ حَيضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي، فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلّ صَلاةٍ"، رَوَاهُ مُسْلِمُ
(6)
.
وَرَوَاهُ أحْمَدُ
(7)
وَالنَّسَائِيُّ
(8)
وَلَفْظُهُما قالَ: "فَلْتنظرْ قَدْرَ قُرُوئهَا الَّتِي كانَتْ تَحيضُ
(1)
انظر: "أحكام المتحيرة في الحيض"، للإمام أبي محمد الدارمي الشافعي.
(2)
الباب الثاني عند الحديث رقم (5/ 372)، وهو حديث حسن.
(3)
الباب الخامس عند الحديث رقم (1/ 376)، وهو حديث صحيح.
(4)
أي ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 172).
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
في "صحيحه" رقم (66/ 334).
(7)
في "المسند"(6/ 128).
(8)
في "سننه"(1/ 183). =
فَلْتَتْرُكِ الصَّلاةَ ثُمَّ لِتَنْظُرْ ما بَعْدَ ذلكَ فَلْتَغْتَسِلْ عِنْدَ كُلّ صَلاة وَتُصَلِّي"). [صحيح]
قوله: (ثم اغتسلي)، قال الشافعي
(1)
وسفيان بن عيينة والليث بن سعد
(2)
وغيرهم: "إنما أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تغتسلَ وتصلي، ولم يأمرها بالاغتسال لكلِّ صلاةٍ".
قال الشافعي
(3)
: "ولا أشك أن غسْلَها كان تطوعًا غير ما أُمِرَتْ بهِ". وقد قدمنا الكلام على هذا في باب غسل المستحاضة
(4)
.
والرواية الأولى من الحديث قد أخرج نحوها البخاري
(5)
وأبو داود
(6)
بزيادة: "وتوضئي لكل صلاة"، والحديث يدل على أن المستحاضة ترجع إلى عادتها [إذا]
(7)
كانت لها عادة وتغتسل عند مضيها. وقد تقدم الكلام على ذلك، وقوله في الرواية الأخرى
(8)
: "فلتغتَسِلْ عندَ كُلِّ صلاة" استدل به القائلون بوجوب الغسل لكل صلاة، وقد تقدم الكلام على ذلك أيضًا.
3/ 370 - (وَعَنِ القاسِمِ عَنْ زينَبَ بِنْتِ جَحْشٍ [رضي الله عنها]
(9)
: "أنهَا قالَتْ للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إنَّهَا مُسْتَحاضَةٌ، فَقالَ: "تَجْلِسُ أيَّامَ أقْرَائِها ثُم تَغْتَسِلُ وَتُؤَخِّرُ الظُّهْرَ وَتُعَجِّلُ العَصْرَ وَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، وَتُؤَخِّرُ المَغْرِبَ وَتُعَجِّلُ العِشاءَ وَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّيهما جَمِيعًا، وَتَغْتَسِلُ للْفَجْرِ"، رَوَاهُ النَّسائيُّ)
(10)
. [صحيح]
= وهو حديث صحيح.
(1)
في "الأم"(1/ 245 رقم المسألة 825).
(2)
"المجموع"(2/ 544).
(3)
في "الأم"(1/ 245 رقم المسألة 831).
(4)
الباب الخامس عند الحديث رقم (17/ 325) من كتابنا هذا.
(5)
البخاري في "صحيحه" رقم (228).
(6)
في سننه رقم (304). وهو حديث صحيح.
(7)
في (ب): (إن).
(8)
وهي رواية أحمد والنسائي في حديث الباب.
(9)
زيادة من (ج).
(10)
في "سننه"(1/ 184 - 185 رقم 361)، ورواته كلهم ثقات.
قال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي الوَلَّوِي في شرح سنن النَّسَائِي. المسمَّى: "ذخيرة العقبى في شرح المجتبى"(5/ 398 - 399):
"تنبيه: هذا الحديث بهذا السند من أفراد المصنف، أخرجه في هذا الباب فقط، وفيه انقطاع، فمن القاسم لم يسمع من زينب - قال الحافظ في: "تهذيب التهذيب" (12/ 449 =
الحديث إسناده في سنن النَّسَائِي هكذا: أخبرنا سُويدُ بن نَصْر قالَ: أخبرنا عبدُ اللَّهِ عن سفيانَ عن عبد الرحمن بن القاسمِ عن أبيه فذكره، [و]
(1)
رجاله ثقات.
قال النووي
(2)
: أحاديث الأمر بالغسل ليس فيها شيء ثابت، وحكي عن البيهقي ومن قبله تضعيفها، وأقواها حديث حمنة بنت جحش الذي سيأتي
(3)
وستعرف ما عليه. والحديث استدل به عن قال يجب الاغتسال على [المستحاضة]
(4)
لكل صلاة، أو تجمع بين الصلاتين بغسل واحد، وقد تقدم الكلام على ذلك في الغسل
(5)
.
4/ 371 - (وَعَنْ أُمّ سَلَمَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(6)
: "أنهَا اسْتَفْتَتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم في امْرأةٍ تُهَرَاقُ الدَّمَ، فَقالَ: "لِتَنْظُرْ قَدْرَ اللَّيالي وَالأيامِ الَّتِي كانَتْ تَحِيضُهُنَّ وَقَدْرَهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ، فَتَدَع الصَّلاةَ، ثُمَّ لتَغْتَسِلْ وَلْتَسْتَثْفرْ ثُمَّ تُصَلِّي"، رَوَاهُ
= - 450): أرسل عنها القاسم بن محمد -.
ويؤيده ما في سنن أبي داود قال، بعد حديث عائشة - (292):"أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت"
…
الحديث ما نصه: "قال أبو داود - في السنن (1/ 204 - 205) - ورواه أبو الوليد الطيالسي، ولم أسمعه منه، عن سليمان بن كثير، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: استحيضت زينب بنت جحش، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "اغتسلي لكل صلاة" وساق الحديث. قال أبو داود: ورواه عبد الصمد - يعني ابن عبد الوارث - عن سليمان بن كثير، قال: "توضئي لكل صلاة" وهذا وهم من عبد الصمد، والقول قول أبي الوليد.
لكن قال البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 350) -: رواية أبي الوليد غير محفوظة فقد رواه مسلم بن إبراهيم، عن سليمان بن كثير، كما رواه سائر الناس عن الزهري، ثم أخرج بسنده عن مسلم، عن سليمان بن كثير، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: "استحيضت أخت زينب بنت جحش سبع سنين
…
" الحديث.
وصحح الحديثَ الشيخُ الألباني - في صحيح أبي داود رقم (292) - وقال: الصواب أم حبيبة بنت جحش.
قال الجامع: فتبين بهذا أن المستحاضة هي أخت زينب لا زينب فتبصَّر.
وشرح الحديث واضح مما سبق اهـ.
(1)
في (ج): (وعبد الله المذكور لا أدري من هو وبقية).
(2)
في "المجموع"(2/ 554).
(3)
برقم (6/ 373) من كتابنا هذا.
(4)
في (ج): (الحائض) وهو خطأ.
(5)
الباب الخاص عند الحديث رقم (17/ 325) من كتابنا هذا.
(6)
زيادة من (ج).
الخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ)
(1)
. [صحيح]
الحديث [أيضًا]
(2)
أخرجه الشافعي
(3)
. قال النووي
(4)
: إسناده على شرطيهما. وقال البيهقي
(5)
: هو حديث مشهور إلا أن سليمان بن يسار لم يسمعه منها، وفي رواية لأبي داود
(6)
عن سليمان أن رجلًا أخبره عن أم سلمة. وقال المنذري
(7)
: لم يسمعه سليمان، وقد رواه موسى بن عقبة عن نافع عن سليمان عن مرجانة عنها، وساقه الدارقطني
(8)
وابن الجارود
(9)
بتمامه من حديث صخر بن جويرية عن نافع عن سليمان أنه حدثه رجل عنها.
قوله: (تُهَرَاق) على صيغة ما لم يسم فاعله وفتح الهاء.
قوله: (ولْتَسْتَثْفر) الاستثفار: إدخال الإزار بين الفخذين ملويًا كما في القاموس
(10)
وغيره.
والحديث يدل على أن المستحاضة ترجع إلى عادتها المعروفة قبل الاستحاضة.
ويدل على أن الاغتسال إنما هو مرة واحدة عند إدبار الحيضة، وقد تقدم الكلام على ذلك.
ويدل على استحباب اتخاذ الثفر ليمنع من خروج الدم حال الصلاة. وقد ورد الأمر بالاستثفار في حديث حمنة بنت جحش أيضًا كما سيأتي
(11)
إن شاء الله.
قوله: (لتستثفر) بسكون الثاء المثلثة بعدها فاء مكسورة: أي تشد ثوبًا على فرجها مأخوذ من ثفر الدابة بفتح الفاء وهو الذي يكون تحت ذنبها.
[الباب الثاني] باب العمل بالتمييز
5/ 372 - (عَنْ عُرْوَةَ عَنْ فاطِمَةَ بِنْتِ أبي حُبَيْشٍ: "أنهَا كانَتْ تُسْتَحاضُ،
(1)
أبو داود رقم (274) والنسائي (1/ 182) وابن ماجه رقم (623) وأحمد (6/ 320).
(2)
زيادة من (أ) و (ب).
(3)
في "المسند"(1/ 36 رقم 139 - ترتيب).
(4)
في "الخلاصة"(1/ 238 رقم 634).
(5)
في "السنن الكبرى"(1/ 332 - 334).
(6)
في "سننه" رقم (275).
(7)
عزّاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 170).
(8)
في "سننه"(1/ 217).
(9)
في "المنتقى" رقم (113).
(10)
"القاموس المحيط" ص 458.
(11)
برقم (6/ 373) من كتابنا هذا.
فَقالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إذَا كانَ دَمُ الحَيضَةِ فإنَّهُ أسْوَدُ يُعْرَفُ، فإذَا كانَ كَذَلِكَ فأمْسكي عَنِ الصَّلاةِ، فإذَا كانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئي وَصَلِّي فإنَّمَا هُوَ عِرْق"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(1)
وَالنَّسائيُّ)
(2)
. [حسن]
الحديث رواه ابن حبان
(3)
والحاكم
(4)
وصحَّحاه، وأخرجه الدارقطني
(5)
والبيهقي
(6)
والحاكم
(7)
أيضًا بزيادة: "فإنما هو داء عرض، أو ركضة من الشيطان، أو عرق انقطع"، وهذا يرد إنكار ابن الصلاح
(8)
والنووي
(9)
وابن الرفعة
(10)
لزيادة
(1)
في "سننه"(رقم 286).
(2)
في "سننه"(1/ 185). وقال النووي في "الخلاصة"(1/ 232 رقم 609): صحيح. رواه أبو داود والنسائي بأسانيد صحيحة.
(3)
في صحيحه رقم (1348).
(4)
في "المستدرك"(1/ 174). وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي".
(5)
في "السنن"(1/ 206 - 207).
(6)
في "السنن الكبرى"(1/ 325). وهو حديث حسن.
(7)
في "المستدرك"(1/ 175). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه بهذا اللفظ، وعثمان بن سعد الكاتب بصري ثقة عزيز الحديث يجمع حديثه.
(8)
قال ابن الصلاح في "شرح مشكل الوسيط" بهامش "الوسيط"(1/ 422): "قوله في المميزة: (روى أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت: إني أستحاض فلم أطهر: فقال صلى الله عليه وسلم: إنما هو دم عرق انقطع فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي" هذا الحديث ثابت في الصحيحين وغيرهما دون قوله: (انقطع)، فإنه زيادة لا تعرف، وإنما لفظه المتفق عليه:"إنما ذلك عرف وليس بالحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي غسل الدم وصلي"، وأما قوله:"فاغسلي" فرواه ابن عيينة، رواه البخاري عنه ومسلم من غير شك، والحميدي صاحبه عنه - خبيرًا بحديثه - أنه شك فيه، فقال:"وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي، أو قال: اغسلي عنك الدم وصلي".
وقوله: (عرق انقطع) كأنه رواه من توهم أن الكلام بذلك ينتظم ويتم، وذلك وهم فإن دم الحيض يخرج من قعر الرحم، ودم الاستحاضة يسيل من عرق يقال: العاذل، فيما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما بالعين المهملة والذال المنقوطة وهو عرق يقع فمه الذي يسيل منه في أدنى الرحم دون قعره، فقوله صلى الله عليه وسلم:"إنما ذلك عرق، وليس بالحيضة" إشارة إلى هذا، والعلم عند الله تعالى.
(9)
وقال النووي في "التنقيح في شرح الوسيط"(1/ 422) بهامش "الوسيط":
"وأما قوله: "عرق انقطع" فلفظة (انقطع) زيادة لا تعرف.
(10)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 169).
"انقطع" وقد استنكر هذا الحديث أبو حاتم لأنَّه من رواية عدي بن ثابت عن أبيه عن جده، وجده لا يعرف، وقد ضعف الحديث أبو داود
(1)
.
قوله: (فإنه أسود يعرف)، قاله ابن رسلان في شرح السنن: أي تعرفه النساء. قال شارح المصابيح
(2)
: هذا دليل التمييز، انتهى. وهذا يفيد أن الرواية "يُعْرَف" بضم حرف المضارعة وسكون العين المهملة وفتح الراء، وقد روي بكسر الراء: أي له رائحة تعرفها النساء.
قوله: (عِرْق) بكسر العين وإسكان الراء: أي أن هذا الدم الذي يجري منك من عرق فمه في أدنى الرحم، ويسمى العاذِل بكسر الذال [المعجمة]
(3)
.
والحديث فيه دلالة على أنه يعتبر التمييز بصفة الدم، فإذا كان متصفًا بصفة السواد فهو حيض وإلا فهو استحاضة. وقد قال بذلك الشافعي والناصر
(4)
في حق المبتدأة.
وفيه دلالة أيضًا على وجوب الوضوء على المستحاضة لكل صلاة وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى.
[الباب الثالث] باب من تحيض ستًا أو سبعًا لفقد العادة والتمييز
6/ 373 - (عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ [رضي الله تعالى عنها]
(5)
قالَتْ: "كُنْتُ أُسْتَحاضُ حَيْضَةً شَدِيدَة كَثِيرةً، فَجِئْتُ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أسْتَفْتِيهِ وأُخْبِرُهُ، فَوَجَدْتُهُ في بَيْتِ أُخْتِي زينَبَ بِنْتِ جَحْشٍ قالَتْ: قُلْتُ يا رَسُولَ الله إنّي أُسْتَحاضُ حَيْضَةً كَثِيرةً شَدِيدَةً فَمَا تَرَى فِيها قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلاةَ وَالصّيامَ، فَقالَ: "أنْعَتُ لكِ الكُرْسُفَ فإنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ"، قالَتْ: هُوَ أكْثَرُ مِنْ ذلكَ، قالَ: "فاتَّخذِي ثَوْبًا"، قَالَتْ هُوَ أكْثَرُ مِنْ ذلكَ، قالَ: "فَتَلَجَّمِي"، قالت: إنَّمَا أثُجُّ ثَجًّا، فَقالَ: "سآمُرُكِ
(1)
في "السنن"(1/ 197 - 198).
(2)
"شارح المصابيح هو العلامة الملا علي القاري"، والشرح: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصباح. (2/ 255 رقم الحديث 558).
(3)
زيادة من (أ) و (ب).
(4)
في "البحر الزخار"(1/ 130).
(5)
زيادة من (ج).
بأمْرَيْنِ أيهُما فَعَلْتِ فَقَدْ أجْزأَ عَنْكِ مِنَ الآخَرِ، فإنْ قَوِيتِ عَلَيهِمَا فأنْتِ أعْلَمُ"، فَقالَ لَهَا: "إِنَّمَا هَذِهِ رَكْضَةٌ مِنْ رَكَضَاتِ الشيطَانِ فَتَحَيَّضِي ستةَ أيَّامٍ أوْ سَبَعَة في عِلْم الله، ثُمَّ اغْتَسِلي حتَّى إذَا رأيْتِ أنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَيتِ فَصَلِّي أرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيلَةً أوْ ثَلاثا وَعِشْرِينَ لَيلَةً وأيامَها، وَصُومي فإنَّ ذلكَ يُجْزِيكِ، وكلذَلِكِ فافْعَلِي في كُلِّ شَهْرٍ كما تَحِيضُ النِّساءُ وكمَا يَطْهُرْنَ لِميقاتِ حَيضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ؛ وَإنْ قَوِيتِ عَلى أنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي العَصْرَ فَتَغْتَسِلِينَ ثُمَّ تُصَلِّينَ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ تُؤَخرِي المَغْرِبَ وَتُعَجِّلِي العِشَاءَ ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَينَ الصَّلاتينِ فافْعَلِي، وَتَغْتَسِلِينَ مَعَ الفَجْرِ وَتُصَلِّينَ، فكذَلِكِ فافْعَلِي وَصَلِّي وَصُومِي إنْ قَدَرْتِ على ذلك"؛ وقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"وَهَذَا أعْجَبُ الأمْرَيْنِ إليَّ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(1)
وأحْمَدُ
(2)
وَالتِّرْمِذِيُّ
(3)
وَصحَّحَاهُ). [حسن]
الحديث أخرجه أيضًا ابن ماجه
(4)
والدارقطني
(5)
والحاكم
(6)
، ونقل الترمذي
(7)
عن البخاري تحسينه، وفي إسناده ابن عقيل
(8)
، قال البيهقي
(9)
: تفرد
(1)
في "سننه"(1/ 99 رقم 287).
(2)
في "المسند"(6/ 439، 381 - 382، 439 - 440).
(3)
في "السنن"(1/ 221 رقم 128) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
ورواه عُبيد الله بن عمرٍو الرَّقي، وابن جريج، وشريك: عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عِمران عن أمه حمنةَ، إلَّا أن ابنَ جُريجٍ يقول:"عمر بن طلحةَ"، والصحيح "عمران بن طلحة".
قال: وسألت محمدًا عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث حسن صحيح.
وهكذا قال أحمدُ بن حنبلٍ: هو حديث حسن صحيح.
(4)
في "سننه"(1/ 205 رقم 627).
(5)
في "سننه"(1/ 214 رقم 48).
(6)
في "المستدرك"(1/ 172 - 173).
قلت: وأخرجه الشافعي رقم (141)"ترتيب المسند والبيهقي"(1/ 338) والطحاوي في "مشكل الآثار"(3/ 299 - 300).
(7)
في "سننه"(1/ 226).
(8)
عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد المدني، أمُّه زينب بنت عليٌّ: صدوق في حديثه لين، ويقال: تغيَّر بأخرة
…
"التقريب" رقم (3592).
(9)
في "السنن الكبرى"(1/ 237).
به وهو مختلف في الاحتجاج به. وقال ابن منده: لا يصح بوجه من الوجوه لأنهم أجمعوا على ترك حديث ابن عقيل، وتعقبه ابن دقيق العيد، واستنكر منه هذا الإطلاق؛ لأن ابن عقيل لم يقع الإجماع على ترك حديثه فقد كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون به
(1)
، وقد حمل على أن مراد ابن منده بالإجماع إجماع من خرّج الصحيح وهو كذلك.
قال ابن أبي حاتم
(2)
: سألت أبي عنه فوهنه ولم يقوّ إسناده.
وقال الترمذي في كتاب العلل
(3)
: إنه سأل البخاري عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن إلا أن إبراهيم بن محمد بن طلحة هو قديم لا أدري سمع منه ابن عقيل أم لا؟. وهذه علة للحديث أخرى. ويجاب على البخاري بأن إبراهيم بن محمد بن طلحة مات سنة عشر ومائة فيما قاله أبو عبيد القاسم بن سلام، وعلي بن المديني، وخليفة بن خياط، وهو تابعي سمع عبد الله بن عمرو بن العاص وأبا هريرة وعائشة؛ وابن عقيل سمع عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك والربيع بنت معوذ، فكيف ينكر سماعه من إبراهيم بن محمد بن طلحة لقدمه؟ وأين ابن طلحة من هؤلاء في القدم وهم نظراء شيوخه في الصحبة وقريب منهم في الطبقة، فينظر في صحة هذا عن البخاري
(4)
.
وقال الخطابي
(5)
: "قد ترك العلماء القول بهذا الحديث".
(1)
انظر: "تهذيب التهذيب"(2/ 425 - 426).
(2)
في "العلل"(1/ 51 رقم 123).
(3)
(ص 58 رقم 74).
(4)
قال أبو الأشبال في شرحه للترمذي (1/ 226 - 227): "وأما العلة الأخرى التي نقلها البيهقي عن الترمذي عن البخاري في الشك في سماع ابن عقيل من إبراهيم بن محمد بن طلحة: فإنها علة لا تقوم لها قائمة؛ لأن ابن عقيل تابعي سمع كثيرًا من الصحابة، ومات بين سنتي (140 و 145) ويقال سنة (142 هـ).
وإبراهيم بن محمد بن طلحة مات سنة (110 هـ) فهما متعاصران، وابن عقيل ممن هم أقدم موتًا من إبراهيم هذا
…
" اهـ.
(5)
في "معالم السنن"(1/ 201 - هامش السنن) ولفظه: "وقد ترك بعض العلماء القول بهذا الخبر".
وأما ابن حزم
(1)
فإنه رد هذا الحديث بأنواع من الردّ، ولم يعلله بابن عقيل بل علله بالانقطاع بين ابن جريج وابن عقيل، وزعم أن ابن جريج لم يسمعه من ابن عقيل وبينهما النعمان بن راشد، قال: وهو ضعيف
(2)
؛ ورواه أيضًا عن ابن عقيل شريك
(3)
وزهير بن محمد
(4)
وكلاهما ضعيف. وقال أيضًا: عمر بن طلحة
(1)
في "المحلى"(2/ 194 - 195).
(2)
ضعفه ابن حزم في "المحلى"(6/ 121).
وقال ابن حجر في "التقريب"(2/ 304): صدوق سيء الحفظ.
وانظر: "الكامل"(7/ 2479).
(3)
شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي أبو عبد الله.
ضعفه ابن حزم في "المحلى"(4/ 17) و (7/ 265) و (8/ 268) و (10/ 319) وقال: مدلس يدلس المنكرات عمن لا خير فيه إلى الثقات. "المحلى"(9/ 171) و (10/ 333) و (8/ 263).
وقال في "الإحكام"(1/ 142): ساقط العدالة غاش لأهل الإسلام.
قلت: قال الحافظ ابن حجر في "التقريب"(1/ 351): "صدوق يخطئ كثيرًا، تغير حفظه منذ أن ولي القضاء".
وقال الذهبي في "الكاشف"(2/ 10): "وثقه ابن معين، وقال غيره سيء الحفظ، وقال النَّسَائِي: ليس به بأس هو أعلم بحديث الكوفيين من الثوري".
وقال ابن عدي: والذي يفع في حديثه من النكرة إنما أتى من سوء حفظه.
وذكره ابن حجر في المرتبة الثانية من طبقات المدلسين (رقم 56) وقال: كان يتبرأ من التدليس، ونسبه عبد الحق في "الأحكام" إلى التدليس وسبقه إلى وصفه به الدارقطني.
• قلت: وأما رواية شريك بن عبد الله عن ابن عقيل:
فقد أخرجه أحمد (6/ 381) ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شريك بن عبد الله، عن ابن عقيل به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 128) ومن طريقه ابن ماجه رقم (627) حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا شريك به، ولم يذكر غسل الفجر.
وأخرجه الدارقطني (1/ 214) من طريق يزيد بن هارون به.
(4)
زهير بن محمد التميمي، أبو المنذر الخرساني المروزي الخرقي.
قال ابن حزم في "المحلى"(2/ 194) و (4/ 132): ضعيف.
قلت: قال الذهبي في "الكاشف"(1/ 327): "ثقة يغرب ويأتي بما ينكر".
وقال الحافظ في "هدي الساري مقدمة فتح الباري" ص 403: "مختلف فيه، وأفرط ابن عبد البر فقال أنه ضعيف عند الجميع، وتعقبه صاحب "الميزان" بأن الجماعة احتجوا به وهو كما قال" اهـ. =
الذي رواه إبراهيم بن محمد بن طلحة عنه غير مخلوق لا يعرف لطلحة ابن اسمه عمر.
وقد رد ابن سيد الناس ما قاله، قال: أما الانقطاع بين ابن جريج وابن عقيل فقد روي من طريق زهير بن محمد عن ابن عقيل؛ وأما تضعيفه لزهير هذا فقد أخرج له الشيخان محتجين به في صحيحيهما
(1)
. وقال أحمد
(2)
: مستقيم الحديث. وقال أبو حاتم
(3)
: محله الصدق وفي حفظه شيء وحديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق.
وقال البخاري في تاريخه الصغير
(4)
ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير، وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح.
وقال عثمان الدارمي
(5)
: ثقة صدوق وله أغاليط. وقال يحيى (5): ثقة.
وقال ابن عدي
(6)
: ولعل أهل الشام حيث رووا عنه أخطئوا عليه؛ وأما حديثه هاهنا فمن رواية أبي عامر العقدي عنه وهو بصري، فهذا من حديث أهل العراق. وأما عمر بن طلحة الذي ذكره فلم يسق الحديث من طريقه بل من طريق عمران بن طلحة، وقد نبه الترمذي
(7)
على أنه لم يقل: عمر في هذا الإسناد أحد من الرواة إلا ابن جريج وإن غيره يقول: عِمْران وهو الصواب.
= انظر: "الميزان"(2/ 84) والكامل (3/ 1073).
وقلت: وأما رواية زهير بن محمد عن ابن عقيل:
فقد أخرجها أحمد (6/ 439) حدثنا عبد الملك بن عمرو، قال: ثنا زهير - يعني ابن محمد الخرساني - عن عبد الله بن محمد - يعني ابن عقيل بن أبي طالب، به. وأخرجه أبو داود رقم (287) حدثنا زهير بن حرب وغيره، قالا: حدثنا عبد الملك بن عمرو به.
وأخرجه الترمذي رقم (128) حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عامر العقدي (عبد الملك بن عمرو) به.
وأخرجه الدارقطني (1/ 214) من طريق أبي عامر العقدي. ورواه الحاكم، ومن طريقه البيهقي (1/ 238) عن زهير بن محمد، وعبيد الله بن عمرو الرقي، عن ابن عقيل به.
وليس فيه الاغتسال لصلاة الفجر.
(1)
انظر: "هدي الساري" لابن حجر (ص 403).
(2)
"الجرح والتعديل"(3/ 590).
(3)
"الجرح والتعديل"(3/ 590).
(4)
رقم الترجمة (127).
(5)
"تهذيب التهذيب"(1/ 639).
(6)
في "الكامل"(3/ 1078).
(7)
في "سننه"(1/ 225 - 226).
وأما شريك الذي ضعفه أيضًا فرواه ابن ماجه
(1)
عن ابن عقيل من طريقه، وشريك مخرّج له في الصحيح
(2)
.
ومن جملة علل الحديث ما نقله أبو داود
(3)
عن أحمد أنه قال: إن في الباب حديثين، وثالثًا في النفس منه شيء، ثم فسر أبو داود الثالث بأنه حديث حمنة؛ ويجاب عن ذلك بأن الترمذي
(4)
قد نقل عن أحمد تصحيحه نصًا، وهو أولى مما ذكره أبو داود لأنَّه لم ينقل التعيين عن أحمد وإنما هو شيء وقع له ففسر به كلام أحمد، وعلى فرض أنه من كلام أحمد فيمكن أن يكون قد كان في نفسه من الحديث شيء ثم ظهرت له صحته.
قوله: (أنعتُ لكِ الكُرسفَ)، أي أصف لك القطن.
قوله: (فتلجَّمي)، قال في الصَّحاح
(5)
والقاموس
(6)
: اللِّجام ما تشدّ به الحائض. قال الخليل: معناه افعلي فعلًا يمنع سيلان الدم واسترساله كما يمنع اللجام استرسال الدابة. وأما الاستثفار: فهو أن تشد فرجها بخرقة عريضة توثق طرفيها في حَقَبٍ
(7)
تشده في وسطها بعد أن تحتشي كرسفًا فيمنع ذلك الدم. وقولها: "إنما أثجُّ ثجًّا"، الثجُّ: السيلان وقد استعمل في الحلب في الإناء، يقال: حلب فيه ثجًا، واستعمل مجازًا في الكلام، يقال للمتكلم مثجاج بكسر الميم.
قوله: (ركضة من [ركضات]
(8)
الشيطان) أصل الركض الضرب بالرجل والإصابة بها، وكأنه أراد الإضرار بالمرأة والأذى بمعنى أن الشيطان وجد بذلك سبيلًا إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطهرها وصلاتها حتى أنساها بذلك عادتها، فصار في التقدير كأنه ركض بآلة.
(1)
في "سننه" رقم (627). وهو حديث حسن.
(2)
في صحيح مسلم.
(3)
انظر: سنن أبي داود (1/ 202).
(4)
في "السنن"(1/ 226).
وخلاصة القول أن حديث حمنة بنت جحش حديث حسن وقد صحَّحه أبو الأشبال في شرحه وتحقيقه لسنن الترمذي (1/ 227) والألباني في "إرواء الغليل" رقم (188).
كما قد سبقهما الإمامان الجليلان البخاري وأحمد، والله أعلم.
(5)
للجوهري (5/ 2027).
(6)
في "القاموس المحيط"(ص 1493).
(7)
الحَقَبُ بالتحريك: الحزام الذي يلو حَقوَ البعير. "لسان العرب"(3/ 252).
(8)
زيادة من (أ) و (ب).
قوله: (فتحيَّضي) بفتح التاء الفوقية والحاء المهملة والياء المشددة: أي اجعلي نفسك حائضًا. والحديث استدل به من قال إنها ترجع المستحاضة إلى الغالب من عادة النساء، ولكنه كما عرفت مداره على ابن عقيل وليس بحجة
(1)
، ولو كان حجة لأمكن الجمع بينه وبين الأحاديث القاضية بالرجوع إلى عادة نفسها، والقاضية بالرجوع إلى التمييز بصفات الدم، وذلك بأن يحمل هذا الحديث على عدم معرفتها لعادتها وعدم إمكان التمييز بصفات الدم.
واستدل به أيضًا من قال: إنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد، وإليه ذهب ابن عباس وعطاء والنخعي، روى ذلك عنهم ابن سيد الناس في شرح الترمذي
(2)
: قال ابن العربي
(3)
والحديث في ذلك صحيح فينبغي أن يكون مستحبًا، انتهى. وعلى فرض صحة الحديث فهذا جمع حسن لأنه صلى الله عليه وسلم علق الغسل بقوتها فيكون ذلك قرينة دالة على عدم الوجوب، وكذا قوله في الحديث: أيُّهما فعلتِ أجزأ عنك"
(4)
.
قال المصنف
(5)
رحمه الله: فيه أن الغسل لكل صلاة لا يجب بل يجزئها الغسل لحيضها الذي تجلسه، وأن الجمع للمرض جائز، وأن جمع الفريضتين لها بطهارة واحدة جائز، وأن تعيين العدد من الستة والسبعة باجتهادها لا بتشهّيها لقوله صلى الله عليه وسلم:"حتى إذا رأيتِ أن قد طَهُرَتِ واستنقيتِ"(4)، انتهى.
[الباب الرابع] باب الصفرة والكدرة بعد العادة
7/ 374 - (عَنْ أُمّ عَطِيَّةَ [رضي الله تعالى عنها]
(6)
قالَتْ: "كُنَّا لا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(7)
وَالبُخَارِيُّ
(8)
ولم يَذْكُر بَعْدَ الطُّهْرِ). [صحيح]
(1)
قلت: الحديث حسن كما تقدم وعلمت آنفًا.
(2)
لم يطبع الكتاب كاملًا، وما طبع منه لم يصل إلى أبواب الحيض.
(3)
انظر: "عارضة الأحوذي"(1/ 202).
(4)
وهو جزء من حديث الباب رقم (6/ 373)، وهو حديث حسن.
(5)
ابن تيمية في "المنتقى"(1/ 175).
(6)
زيادة من (ج).
(7)
في "سننه" رقم (307).
(8)
في "صحيحه" رقم (326).
الحديث أخرجه أيضًا الحاكم
(1)
، وأخرجه الإسماعيلي في مستخرجه بلفظ:"كنا لا نعدّ الكدرة والصفرة شيئًا"، يعني في الحيض. وللدارمي
(2)
: "بعد الغسل".
قال الحافظ
(3)
: ووقع في النهاية
(4)
والوسيط
(5)
زيادة في هذا: "وراء العادة"، وهي زيادة باطلة.
وأما ما روي من حديث عائشة بلفظ: "كنا نعد الصُّفرةَ والكُدْرة حيضًا" فقال النووي في شرح المهذب
(6)
: لا أعلم من رواه بهذا اللفظ.
والحديث يدل على أن الصفرة والكدرة بعد الطهر ليستا من الحيض وأما في وقت الحيض فهما حيض، وقد نسب القول بذلك في البحر (7) إلى زيد بن علي والهادي والمؤيد بالله وأبي طالب وأبي حنيفة ومحمد ومالك والليث والعنبري. وفي رواية عن القاسم وعن الناصر وعن الشافعي قال في البحر
(7)
مستدلًا لهم إذ هو أذى، ولقوله تعالى:{حَتَّى يَطْهُرنَ}
(8)
، ولقوله صلى الله عليه وسلم لحمنةَ: "إذا
(1)
في "المستدرك"(1/ 174) وقال: "صحيح على شرط الشيخين". ووافقه الذهبي.
(2)
في "سننه"(1/ 215).
(3)
في "التلخيص"(1/ 171).
(4)
لعله: "نهاية المَطلَبْ في دراية المذهب"، لإمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني الشافعي المتوفى عام (478 هـ).
(5)
"الوسيط في المذهب"، للغزالي.
(6)
(2/ 416).
ثم قال الووي: "لكن صح عن عائشة رضي الله عنها قريب من معناه، فروى مالك في "الموطأ" - (1/ 59) عن عقبة بن أبي عقبة عن أمه مولاة عائشة قالت: "كانت النساء يبعثن إلى عائشة رضي الله عنها بالدُّرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيض فتقول لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، تريد بذلك الطهر من الحيضة".
هذا لفظه في "الموطأ" وذكره البخاري في "صحيحه" تعليقًا بصيغة الجزم - (1/ 420 رقم الباب 19) - فصح هذا اللفظ عن عائشة رضي الله عنها.
• والدُّرْجةُ: بضم الدال وإسكان الراء وبالجيم، وروي بكسر الدال وفتح الراء وهي خَرقة أو قطنة أو نحو ذلك تدخله المرأة فرجها ثم تخرجه لتنظر هل بقي شيء من أثر الدم أم لا؟.
• وقولها: القَصّة: هي بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة، وهي الجص شبهت الرطوبة النقية الصافية بالجص، فهذا موقوف على عائشة" اهـ.
(7)
(1/ 131 - 132).
(8)
سورة البقرة: الآية (222).
رأيتِ أنَّكِ قد طهرتِ واستنقيتِ فصلِّي"
(1)
، وفي رواية عن القاسم ليس حيضًا إذا توسطه الأسود، لحديث:"إذا رأيتِ الدَّمَ الأسود فأمسكي عن الصَّلاة، حتى إذا كان الصُّفرةَ فتوضئي وصلِّي"
(2)
ولحديث الباب؛ وعورضا بقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: "لا تصلي حتى تري القصَّة البيضاء"
(3)
. وقولها: "كُنَّا نَعُدُّ الكدرةَ والصفرةَ - في أيام الحيضِ - حَيْضًا"
(4)
ولكونهما أذى خرج من الرحم فأشبه الدم. وفي رواية عن الناصر والشافعي، وهو مَرْوِيٌّ عن أبي يوسف أنهما حيض بعد الدم لأنهما من آثاره لا قبله. وردّ بأن الفرق تحكم، وفي رواية عن الشافعي: إن رأتهما في العادة فحيض وإلا فلا، هذا حاصل ما في البحر
(5)
.
وحديث الباب إن كان له حكم الرفع كما قال البخاري وغيره من أئمة الحديث: إن المراد كنا في زمانه صلى الله عليه وسلم مع علمه فيكون تقريرًا منه. ويدل بمنطوقه أنه لا حكم للكدرة والصفرة بعد الطهر، وبمفهومه أنهما وقت الحيض حيض كما ذهب إليه الجمهور.
8/ 375 - (وَعَنْ عائِشَةَ رَضِيَ الله [تعالى]
(6)
عَنْها أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "في المَرأةِ الَّتي تَرَى ما يَرِيبُها بَعْدَ الطهْرِ إنَّمَا هُوَ عِرْقٌ، أوْ قَالَ عُرُوقٌ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(7)
وأبُو دَاوُدَ
(8)
وَابْنُ ماجَهْ)
(9)
. [صحيح]
[الحديث إسناده في سنن ابن ماجه
(10)
هكذا: حدثنا محمَّدُ بنُ يحيى، عن عُبيد اللَّهِ بن مُوسى، عن شيبانَ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمةَ، عن أم بَكْرٍ، عن عائشة، وأم بكر لا يعرف حالها، وبقية الإسناد ثقات.
(1)
تقدم تخريجه برقم (6/ 373) من كتابنا هذا. وهو حديث حسن.
(2)
أخرجه أبو داود رقم (286) والنسائي (1/ 185). وهو حديث حسن.
(3)
أخرجه مالك (1/ 59) والبخاري تعليقًا (1/ 420 رقم الباب 19) وقد تقدم آنفًا.
(4)
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 337) وابن أبي حاتم في "العلل"(1/ 50) بنحوه عن عائشة بسند ضعيف.
(5)
(1/ 131 - 132).
(6)
زيادة من (ج).
(7)
في "المسند"(6/ 71).
(8)
في "سننه" رقم (293).
(9)
في "سننه" رقم (646).
(10)
(1/ 212).
و]
(1)
الحديث حسنه المنذريّ
(2)
وهو من الأدلة الدالة على عدم الاعتبار بما ترى المرأة بعد الطهر، وقد تقدم الخلاف فيه.
قوله: (يريبها) بفتح الياء: أي تشك فيه هل هو حيض أم لا؟ يقال: رابني الشيء يريبني: إذا شككت فيه.
[الباب الخامس] باب وضوء المستحاضة لكل صلاة
9/ 376 - (عَنْ عَدِيّ بْنِ ثابِتٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ [رضي الله تعالى عنهم] (1) عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ فِي المُسْتَحاضَةِ: "تَدَع الصَّلاةَ أيامَ أقْرَائِها ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(3)
وَابْنُ ماجَهْ
(4)
وَالتّرْمِذِيُّ وَقالَ: حَسَنُ)
(5)
. [صحيح]
الحديث لم يحسنه الترمذي كما ذكره المصنف بل سكت عنه.
قال ابن سيد الناس في شرحه: وسكت الترمذي عن هذا الحديث فلم يحكم بشيء، وليس من باب الصحيح ولا ينبغي أن يكون من باب الحسن لضعف راويه عن عدي بن ثابت وهو أبو اليقظان واسمه عثمان بن عُمير بن قيس الكوفي وهو الذي يقال له عثمان بن أبي حميد وعثمان بن أبي زرعة وعثمان أبو اليقظان وأعشى ثقيف كله واحد. قال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء. وقال أبو حاتم
(6)
: ترك ابن مهدي حديثه. وقال أبو حاتم أيضًا: إنه ضعيف الحديث منكر الحديث، كان شعبة لا يرضاه. وقال أبو أحمد الحاكم
(7)
: ليس بالقويّ عندهم ولم يرضه يحيى بن سعيد. وقال النَّسَائِي
(8)
: ليس بالقويّ. وقال الدارقطني:
(1)
زيادة من (ج).
(2)
انظر: "مختصر سنن أبي داود"(1/ 188 - 189) لترى كلام ابن القيم رحمه الله حول هذا الحديث.
وخلاصة القول أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(3)
في "سننه" رقم (297).
(4)
في "سننه" رقم (625).
(5)
في "سننه" رقم (136) وسكت عته الترمذي ولم يحسنه.
(6)
في "الجرح والتعديل"(3/ 1/ 161).
(7)
انظر: "الميزان"(3/ 50) و"التاريخ الكبير"(3/ 2/ 245) و"لسان الميزان"(7/ 352) و"خلاصة تذهيب تهذيب الكمال" ص 262 و"الكاشف"(2/ 223) و"تهذيب التهذيب"(3/ 75).
(8)
في "الضعفاء والمتروكين" رقم (438).
ضعيف. وقال ابن حبان
(1)
: اختلط حتى لا يدري ما يقول لا يجوز الاحتجاج به. قال الترمذي
(2)
: "سألتُ محمدًا: يعني البخاري عن هذا الحديث فقلتُ عَديُّ بنُ ثابت عن أبيه عن جدّه، جَدُّ عديٍّ بن ثابت ما اسمه؟ فلم يَعْرفْ محمدٌ اسْمَهُ، وذكرتُ لمحمدٍ قولَ يحيى بن مَعينٍ أن اسمه (دينَارٌ) فلم يَعْبَأْ به".
وقال الدمياطي في عديّ المذكور
(3)
: هو عدي بن أبان بن ثابت بن قيس بن الخطيم الأنصاري، ووهم من قال اسم جده دينار، وعديّ هذا من الثقات المخرج لهم في الصحيح، وثقه أحمد بن حنبل. وقال أبو حاتم: صدوق.
وقال أبو داود في سننه
(4)
: حديث عدي بن ثابت والأعمش عن حبيب وأيوب أبي العلاء كلها لا يصحّ منها شيء، وذكر في آخر الباب الإشارة إلى صحة حديث قمير عن عائشة ومداره على أيوب بن مسكين وفيه خلاف، وقد اضطرب أيضًا فرواه عن ابن شبرمة عنها مرفوعًا، وعن حجاج عنها موقوفًا، وكذلك رواه الثوري عن فراس عن الشعبي عن قمير موقوفًا ذكره المزي في الأطراف.
والحديث يدل على أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة، وقد تقدم الكلام على ذلك. ويدل أيضًا أنها تتوضأ عند كل صلاة، وقد ذهب إلى ذلك الشافعي
(5)
وحكي عن عروة بن الزبير وسفيان الثوري وأحمد وأبي ثور، واستدلوا بحديث الباب وبالحديث الذي سيأتي بعده
(6)
، وبما ثبت في رواية للبخاري
(7)
بلفظ: "وتوضئي لكل صلاة" وغير ذلك، وذهبت العترة وأبو حنيفة
(8)
إلى أن طهارتها مقدرة بالوقت، فلها أن تجمع بين فريضتين وما شاءت من النوافل بوضوء واحد.
واستدل لهم في البحر
(9)
بحديث فاطمة بنت أبي حبيش
(10)
، وفيه: "أن
(1)
في "المجروحين"(2/ 95).
(2)
في "السنن"(1/ 220 - 221).
(3)
انظر: "تهذيب التهذيب"(3/ 85).
(4)
(1/ 210 - 211).
(5)
انظر: "المجموع"(2/ 553).
(6)
رقم (10/ 377) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
(7)
في "صحيحه" رقم (214).
(8)
(1/ 143 - 144).
(9)
(1/ 144).
(10)
تقدم تخريجه برقم (1/ 368) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: وتوضئي لوقت كل صلاة" وستعرف قريبًا أن الرواية لكل صلاة لا لوقت كل صلاة كما زعمه، فإن قيل إن الكلام على حذف مضاف والمراد لوقت كل صلاة، فيجاب بما قاله في الفتح
(1)
من أنه مجاز يحتاج إلى دليل، فالحقّ أنه يجب عليها الوضوء لكل صلاة لكن لا بهذا الحديث بل بحديث فاطمة الآتي
(2)
، وبما في حديث أسماء
(3)
بلفظ: " [وتتوضأ]
(4)
فيما بين ذلك" وقد تقدم، وبما ثبت في رواية البخاري من حديث عائشة، وقد تقدم
(5)
وسيأتي
(6)
.
10/ 377 - (وَعَنْ عائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(7)
قَالَتْ: "جاءَتْ فاطِمَةُ بِنْتُ أبي حُبَيْش إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إنّي امْرأةُ أُسْتَحاضُ فَلا أطْهُرُ أفأدَعُ الصَّلاةَ؟ فَقالَ لَهَا: "لا، اجْتَنِبِي الصَّلاةَ أيامَ مَحِيضِكِ، ثُمَّ اغْتَسِلي وَتَوَضَّئي لِكُلّ صَلاةٍ، ثُمَّ صَلِّي وإنْ قَطَرَ الدّمُ عَلى الحَصِيرِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(8)
وَابْنُ ماجَهْ)
(9)
. [صحيح دون قوله: "وإن قطر
…
"].
الحديث أخرجه أيضًا الترمذي
(10)
وأبو داود
(11)
والنسائي
(12)
وابن حبان
(13)
، ورواه مسلم
(14)
في الصحيح بدون قوله: "وتوضئي لكل صلاة"، وقال: وفي آخره حرف تركنا ذكره، قال البيهقي
(15)
: هو قوله: "وتوضئي" وتركها لأنها زيادة غير محفوظة، وقد روى هذه الزيادة من تقدم وكذا رواها الدارمي
(16)
(1)
(1/ 410).
(2)
بل المتقدم برقم (1/ 368) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(3)
أخرجه أبو داود رقم (296) وابن حزم في "المحلى"(1/ 418 رقم المسألة 269) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 100 - 101) والدارقطني (1/ 215 رقم 53) والبيهقي (1/ 353 - 354) عن أسماء بنتِ عميس مرفوعًا بلفظ: "ولتجلِس في مِركن، فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلًا واحدًا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلًا واحدًا وتغتسل للفجر غسلًا. وتتوضأ فيما بين ذلك". وهو حديث صحيح.
(4)
في (ج): (وتوضأ).
(5)
تقدم برقم (1/ 368) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(6)
سيأتي برقم (10/ 377) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(7)
زيادة من (ج).
(8)
في "المسند"(6/ 204).
(9)
في "سننه"(رقم: 624).
(10)
في "سننه"(رقم: 125).
(11)
في "سننه"(رقم: 282).
(12)
في "سننه"(1/ 181، 185).
(13)
في "صحيحه"(رقم: 1350).
(14)
في "صحيحه"(رقم: 333).
(15)
في "السنن الكبرى"(1/ 321).
(16)
في "سننه"(1/ 199).
والطحاوي
(1)
، وأخرجها أيضًا البخاري
(2)
.
وقد أعل الحديث بأن حبيبًا
(3)
لم يسمع من عروة بن الزبير
(4)
وإنما سمع من عروة المزني
(5)
، فإن كان عروة المذكور في الإسناد عروة بن الزبير كما صرح بذلك ابن ماجه وغيره فالإسناد منقطع؛ لأن حبيب بن أبي ثابت مدلس، وإن كان عروة هو المزني فهو مجهول
(6)
.
وفي الباب عن جابر رواه أبو يعلى
(7)
بإسناد ضعيف والبيهقي
(8)
. وعن
(1)
في "شرح معاني الآثار"(1/ 102).
(2)
في "صحيحه" رقم (228 و 320).
(3)
هو حبيب بن أبي ثابت: قيس - ويقال: هِند - بن دينار الأسديّ مولاهم، أبو يحيى الكوفي، ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس. من الثالثة مات: سنة (119 هـ). "التقريب" رقم (1084).
(4)
هو عُروة بن الزبير بن العوام بن خُويلد الأسديُّ، أبو عبد الله المدني: ثقة فقيه مشهور من الثالثة. مات سنة (194 هـ) على الصحيح، ومولده في أوائل خلافة عثمان. "التقريب" رقم (4561).
(5)
هو عروة المزني، شيخ لحبيب بن أبي ثابت: مجهول، من الرابعة. "التقريب" رقم (4571).
(6)
في رواية أبي داود: عروة غير منسوب، وقد نسبه ابن ماجه، والدارقطني، والبزار، وإسحاق بن راهويه، فقالوا: عروة بن الزبير، الأمر الذي دل على أن عروة في رواية أبي داود، هو عروة بن الزبير، لا عروة المزني. وعليه فإن سنده عند أبي داود صحيح.
وأما دعوى الانقطاع: بأن حبيب بن أبي ثابت لم يسمعه من عروة بن الزبير، فغير مسلَّمة كما جنح إلى ذلك الحافظ ابن عبد البر قائلًا: لا شك أن حبيب بن أبي ثابت أدرك عروة. وحبيب لا ينكر لقاؤه عروة لروايته عمن هو أكبر من عروة وأقدم موتًا منه، كما قال أبو داود في "سننه": وقد روى حمزة الزيات عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثًا صحيحًا. اهـ. وهو يشير إلى ما رواه الترمذي في الدعوات بسنده عن حبيب عن عروة عن عائشة وقال: حسن غريب. ومراد أبي داود بهذا الرد على الثوري القائل بعدم رواية حبيب عن عروة بن الزبير.
ويؤيد حديث حبيب ما أخرجه البخاري من طريق أبي معاوية قال: حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة، وفيه: وقال أبي: ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت" اهـ. من تعليق السيد عبد الله هاشم اليماني المدني على "التلخيص الحبير" (1/ 168).
(7)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(1/ 169) وضعف إسناد.
مع العلم أنني لم أجده في "المسند المطبوع".
(8)
في "السنن الكبرى"(1/ 347).
سودة بنت زمعة رواه الطبراني
(1)
.
والحديث يدلُّ على وجوب الوضوء لكل صلاة وقد تقدم الكلام فيه. ويدلُّ على أن الغسل لا يجب إلا مرة واحدة عند انقضاء الحيض، وكذلك الحديث الذي قبلَه يدلُّ على ذلك، وقد تقدَّم البحثُ فيه في مواضع.
[الباب السادس] باب تحريم وطء الحائض في الفرج وما يباح منها
11/ 378 - (عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ [رضي الله تعالى عنه]
(2)
: "أنَّ اليَهُودَ كانُوا إذَا حاضَت المَرأةُ منهم لَمْ يُوَاكِلُوها ولم يُجامعوهن في البُيُوتِ، فَسألَ أصْحابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فأنْزَلَ الله عز وجل:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}
(3)
إلى آخِرِ الآيَةِ، فَقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"اصْنَعُوا كُلَّ شَيء إلَّا النِّكاحَ"، وفي لَفْظٍ:(إلَّا الجِماعَ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخَارِيَّ)
(4)
. [صحيح]
قوله: (فسألَ) السائل عن ذلك أُسيد بن حُضير وعبَّاد بن بِشر، وقيل: إن السائل عن ذلك هو أبو الدَّحداح قاله الواقدي، والصواب الأوّل كما في الصحيح
(5)
.
والحديث يدل على حكمين: تحريم النكاح، وجواز ما سواه.
أما الأول فبإجماع المسلمين وبنص القرآن العزيز والسنة الصريحة ومستحله كافر، وغير المستحل إن كان ناسيًا أو جاهلًا لوجود الحيض أو جاهلًا لتحريمه
(1)
في "الأوسط" رقم (9184) عن سودةَ بنتِ زمعةَ، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المستحاضةُ تدع الصلاة أيامَ أقرَائها التي كانت تجلِسُ فيها، ثم تغتسلُ غسلًا واحدًا، ثم تتوضأُ لكل صلاة".
وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 281) وفيه جعفر عن سودة لم أعرفه.
(2)
زيادة من (ج).
(3)
سورة البقرة: الآية (222).
(4)
أخرجه أحمد (3/ 132) ومسلم رقم (302) وأبو داود رقم (258) والترمذي رقم (2977) والنسائي (1/ 152) وابن ماجه رقم (644).
(5)
أي في "صحيح مسلم" رقم (302).
أو مكرهًا فلا إثم عليه ولا كفارة، إن وطئها عامدًا عالمًا بالحيض والتحريم مختار فقد ارتكب معصية كبيرة نص على كبرها الشافعي
(1)
وتجب عليه التوبة، وسيأتي الخلاف في وجوب الكفارة.
وأما الثاني: أعني جواز ما سواه فهو قسمان:
(القسم الأول): المباشرة فيما فوق السرة وتحت الركبة بالذكر أو القبلة أو المعانقة أو غير ذلك، وذلك حلال باتفاق العلماء، وقد نقل الإجماع على الجواز جماعة
(2)
. وقد حكي عن عبيدة السلماني وغيره أنه لا يباشر شيئًا منها بشيء منه، وهو كما قال النووي
(3)
غير معروف ولا مقبول، ولو صح لكان مردودًا بالأحاديث الصحيحة وبإجماع المسلمين قبل المخالف وبعده.
(القسم الثاني): فيما بين السرة والركبة في غير القبل والدبر، وفيها ثلاثة وجوه لأصحاب الشافعي
(4)
: الأشهر منها التحريم. والثاني: عدم التحريم مع الكراهة. والثالث: إن كان المباشر يضبط نفسه عن الفرج إما لشدة ورع أو لضعف شهوة جاز وإلا لم يجز؛ وقد ذهب إلى الوجه الأوّل مالك
(5)
وأبو حنيفة
(6)
، وهو قول أكثر العلماء منهم سعيد بن المسيب
(7)
وشريح
(8)
وطاوس
(9)
(1)
في "الأم"(1/ 231).
(2)
قال النووي في "المجموع"(2/ 393): "
…
نقل الإجماع فيه الشيخ أبو حامد، والمحاملي في "المجموع"، وابن الصباغ، والعبدري وآخرون" اهـ.
(3)
في "المجموع"(2/ 393).
(4)
انظر هذه الوجوه بالتفصيل في "المجموع"(2/ 392 - 393).
(5)
"المدونة"(1/ 52).
(6)
"الاختيار لتعليل المختار"(1/ 39).
(7)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (4/ 255) عن عبد الرحمن بن حرملة أنه سمع رجلًا يسأل سعيد بن المسيب فقال: أباشر امرأتي وهي حائض؟ قال: اجعل بينك وبين ذلك منها ثوبًا ثم باشرها".
(8)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 323 رقم 1239) عن شريح قال: لك ما فوق السُّرَر
…
".
(9)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 324 رقم 1244) عن طاووس قال: يباشرها إذا كان عليها ثيابها".
وعطاء
(1)
وسليمان بن يسار (1) وقتادة
(2)
.
وممن ذهب إلى الجواز عكرمة
(3)
ومجاهد
(4)
والشعبي
(5)
والنخعي
(6)
والحكم
(7)
والثوري
(8)
والأوزاعي
(9)
وأحمد بن حنبل
(10)
ومحمد بن الحسن
(11)
وأصبغ
(12)
وإسحاق بن راهويه
(13)
وأبو ثور
(14)
وابن المنذر
(15)
(1)
حكاه عنه ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 206).
(2)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 323) رقم (1239): "
…
عن معمر قال: سمعت قتادة يقول: ما فوق الإزار".
(3)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 255): عن وكيع عن أبي مكين عن عكرمة قال: ما فوق الإزار.
(4)
ذكره النووي في "المجموع"(2/ 394).
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 255) من طريق الشيباني عن الشعبي قال: إذا لفت على فرجها خرقة يباشرها".
(6)
قال النخعي: إن أم عمران لتعلم أني أطعن بين أليتيها وهي حائض.
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 208) والكوسج في مسائل أحمد وإسحاق (1/ 14).
(7)
في "المخطوط" الحاكم والصواب ما أثبتناه وهو (الحكم). أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 255) من طريق غيلان عن الحكم قال: "لا بأس أن تضعه على الفرج ولا تدخله".
وذكره ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 207 - 208) والكوسج في مسائل أحمد وإسحاق (1/ 14).
(8)
قال سفيان الثوري: "لا بأس أن يباشرها زوجها إذا أنقى موضع الدم".
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 208).
(9)
ذكره النووي في "المجموع"(2/ 394).
(10)
قال أحمد بن حنبل: ما دون الجماع. ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 208) والكوسج في مسائل أحمد وإسحاق (1/ 14).
(11)
ذكره النووي في "المجموع"(2/ 394).
(12)
ذكره النووي في "المجموع"(2/ 394).
(13)
انظر: "مسائل أحمد وإسحاق"(1/ 14، 139).
(14)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 206).
(15)
قال أبو بكر: الأعلى والأفضل إتباع السنة، واستعمالها، ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة رحمها الله أن تتزر ثم يباشرها وهي حائف - وهو حديث متفق عليه يأتي تخريجه رقم (15/ 382) من كتابنا هذا - ولا يحرم، وعندي أن يأتيها دون الفرج إذا أنقى موضع الأذى، والفرج بالكتاب وباتفاق أهل العلم محرم في حال الحيض، وسائر البدن إذا =
وداود
(1)
.
وحديث الباب يدل على الجواز لتصريحه بتحليل كل شيء مما عدا النكاح، فالقول بالتحريم سد للذريعة لما كان الحوم حول الحمى مظنة الوقوع فيه، لما ثبت في الصحيحين
(2)
من حديث النعمان بن بشير مرفوعًا بلفظ: "مَنْ وقعَ حولَ الحِمى يُوشكُ أن يُواقِعَهُ"، وله ألفاظ عندهما وعند غيرهما، ويشير إلى هذا حديث:"لك ما فوق الإزار"
(3)
. وحديث عائشة الآتي
(4)
لما فيه من الأمر للمباشرة بأن تأتزر. وقولها في رواية لهما
(5)
: "وأيكم يملكُ إرْبَهُ كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملكُ إِرْبَهُ".
12/ 379 - (وَعَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ بَعْضِ أزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: [رضي الله تعالى عنهم]
(6)
"أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أرَادَ مِنَ الحائِضِ شَيْئًا ألْقَى عَلى فَرْجِها شَيْئًا"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(7)
. [صحيح]
13/ 380 - (وَعَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أجْدَعَ [رضي الله تعالى عنه] (6) قالَ: "سألْتُ عائِشَةَ رضي الله عنها: مَا للرَّجُلِ مِن امْرَأتِهِ إذَا كانَتْ حائِضًا؛ قالَتْ: كُلُّ شَيءٍ إلَّا الفَرْجَ"، رَوَاهُ البُخارِيُّ في تارِيخِهِ)
(8)
.
= اختلفوا فيه على الإباحة التي كانت قبل أن تحيض، وغير جائز تحريم غير الفرج إلا بحجة، ولا حجة مع من منع ذلك. قال الله تعالى:{وَلَا تَقرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} إلى قوله: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222]، فقال غير واحد من علماء الناس: من حيث أمركم الله أن يعتزلوهن في حال الحيض، والمباح منها بعد أن تطهر هو الممنوع منا قبل الطهارة، والفرج محرم في حال الحيض بالكتاب والإجماع، وسائر البدن على الإباحة التي كانت قبل الحيض" اهـ.
(1)
ذكره النووي في "المجموع"(2/ 394).
(2)
البخاري (1/ 126 رقم 52) وطرفه رقم (2051) ومسلم (رقم: 1599).
(3)
أخرجه أبو داود رقم (212) وهو حديث صحيح وسيأتي برقم (14/ 381) من كتابنا هذا.
(4)
برقم (15/ 382) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(5)
أخرجها البخاري رقم (302).
(6)
زيادة من (ج).
(7)
في "سننه" رقم (272). وهو حديث صحيح.
(8)
ترجم البخاري لمسروق بن الأجدع في تاريخه (8/ 35 - 36 رقم 2065) ولم يذكر الحديث. =
14/ 381 - (وعَنْ حِرَامِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَمِّهِ [رضي الله تعالى عنهم]
(1)
: "أنَّهُ سألَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: ما يَحِلُّ لي مِن امْرأتي وَهِيَ حائِضٌ؟ قالَ: "لكَ ما فَوْقَ الإزَارِ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(2)
. [صحيح]
قُلْتُ: عَمُّهُ هُوَ عَبْدُ الله بْنُ سَعْدٍ).
حديث عكرمة [إسناده في سنن أبي داود
(3)
هكذا: حدثنا موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة فذكره، ورجال إسناده ثقات محتج بهم في الصحيح، وقد]
(4)
سكت عنه أبو داود والمنذري، وقد قال ابن الصلاح
(5)
والنووي
(6)
وغيرهما: إنه يجوز الاحتجاج بما سكت عنه أبو داود، وصرح أبو داود نفسه
(7)
أنه لا يسكت إلا عن الحديث الصالح للاحتجاج
(8)
، ويشهد له حديث الأمر
= • ومسروق بن الأجدع الهمداني، أبو عائشة الكوفي الإمام القدوة، قال ابن معين: ثقة لا يسأل عن مثله. مات سنة (63 هـ).
"تهذيب التهذيب"(10/ 100 - 102).
(1)
زيادة من (ج).
(2)
في "سننه" رقم (212). وهو حديث صحيح.
(3)
(1/ 186).
(4)
زيادة من (أ) و (ب).
(5)
انظر: "علوم الحديث" لابن الصلاح (ص 36 - 37).
(6)
انظر: "إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق" للنووي (1/ 149).
(7)
في رسالة إلى أهل مكة في وصف سننه (ص 27 - 28) تحقيق الدكتور: محمد الصباغ.
(8)
قال ابن حجر في "النكت"(1/ 435، 438 - 443) "ومن هنا يتبين أن جميع ما سكت عليه أبو داود لا يكون من قبيل الحسن الاصطلاحي. بل هو على أقسام:
1 -
منه ما هو في الصحيحين أو على شرط الصحة.
2 -
ومنه ما هو من قبل الحسن لذاته.
3 -
ومنه ما هو من قبيل الحسن إذا اعتضد.
وهذان القسمان كثير في كتابه جدًّا.
4 -
ومنه ما هو ضعيف، لكنه من رواية من لم يجمع على تركه غالبًا. وكل هذه الأقسام عنده تصلح للاحتجاج بها" اهـ.
".. ومن هنا يظهر ضعف طريقة من يحتج بكل ما سكت عليه أبو داود فإنه يخرج أحاديث جماعة من الضعفاء في الاحتجاج ويسكت عنها مثل:
ابن لهيعة، وصالح مولى التوأمة، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وموسى بن وردان، وسلمة بن الفضل، ودلهم بن صالح وغيرهم. =
بالاتزار
(1)
، وحديث:"لك ما فوق الإزار"
(2)
. وأما حديث مسروق عن عائشة فهو مثل حديث أنس بن مالك السابق المتفق عليه
(3)
.
وأما حديث حرام بن حكيم فأورده الحافظ في التلخيص
(4)
ولم يتكلم عليه، [وإسناده في سنن أبي داود
(5)
فيه صدوقان وبقيته ثقات]
(6)
.
وقد روى أبو داود
(7)
من حديث معاذ بن جبل نحوه وقال: ليس بالقوي، وفي إسناده بقية
(8)
عن سعيد بن عبد الله الأغطش
(9)
. ورواه الطبراني
(10)
من رواية إسماعيل بن عياش عن سعيد بن عبد الله الخزاعي، فإن كان هو الأغطش فقد توبع بقية، وبقيت جهالة حال سعيد. قال الحافظ
(11)
: "لا نعرف أحدًا وثقه، وأيضًا عبد الرحمن بن عائذ راويه عن معاذ، قال أبو حاتم
(12)
: روايته عن علي
= فلا ينبغي للناقد أن يقلده في السكوت على أحاديثهم ويتابعه في الاحتجاج بهم، بل طريقه أن ينظر هل لذلك الحديث متابع فيعتضد به أو هو غريب فيتوقف فيه؟
لا سيما إن كان مخالفًا لرواية من هو أوثق منه، فإنه ينحط إلى قبيل المنكر وقد يخرج لمن هو أضعف من هؤلاء بكثير كالحارث بن وجيه، وصدقة الدقيقي، وعثمان بن واقد العمري، ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني، وأبي جناب الكلبي، وسليمان بن أرقم، إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وأمثالهم من المتروكين.
وكذلك ما فيه من الأسانيد المنقطعة وأحاديثهم المدلسين بالعنعنة والأسانيد التي فيها من أبهمت أسماؤهم، فلا يتجه الحكم لأحاديث هؤلاء بالحسن من أجل سكوت أبي داود، لأن سكوته تارة يكون اكتفاء بما تقدم له من الكلام في ذلك الراوي في نفس كتابه وتارة يكون لذهول منه
…
فالصواب عدم الاعتماد على مجرد سكوته لما وصفنا أنه يحتج بالأحاديث الضعيفة، ويقدمها على القياس إن ثبت ذلك عنه
…
" اهـ.
(1)
وهو حديث صحيح سيأتي تخريجه رقم (15/ 382) من كتابنا هذا.
(2)
وهو حديث صحيح تقدم تخريجه رقم (14/ 381) من كتابنا هذا.
(3)
بل أخرجه مسلم، ولم يخرجه البخاري انظره رقم (11/ 378) من كتابنا هذا.
(4)
(1/ 166).
(5)
(1/ 145).
(6)
زيادة من (أ) و (ب).
(7)
في "سننه" رقم (213).
(8)
بقية بن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعي، أبو يُحْمِد، صدوق كثير التدليس عن الضعفاء من الثامنة
…
"التقريب" رقم (734).
(9)
سعد بن عبد الله الأغطش، بمعجمتين، الخزاعي مولاهم، الشامي، ويقال: سعيد: لَيِّنُ الحديثِ، من الرابعة. د "التقريب" رقم (2246).
(10)
في "الكبير"(20/ 99 - 100 رقم 194).
(11)
في "التلخيص"(1/ 166).
(12)
في "الجرح والتعديل"(5/ 270 رقم 1278).
[رضي الله عنه]
(1)
مرسلة، وإذا كان كذلك فعن معاذ أشد إرسالًا".
والحديث الأول: يدل على جواز الاستمتاع من غير تخصيص بمحل دون محل من سائر البدن غير الفرج لكن مع وضع شيء على الفرج يكون حائلًا بينه وبين ما يتصل به من الرجل.
والحديث الثاني: يدل على جواز الاستمتاع بما عدا الفرج.
والحديث الثالث: يدل على جواز الاستمتاع بما فوق الإزار من الحائض وعدم جوازه بما عداه، فمن أجاز التخصيص بمثل هذا المفهوم خصص به عموم كل شيء المذكور في حديث أنس وعائشة؛ ومن لم يجوز التخصيص به فهو لا يعارض المنطوق الدال على الجواز والخلاف في جوازه وعدمه قد سبق في أول الباب.
15/ 382 - (وَعَنْ عائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها] (1) قالَتْ: "كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كانَتْ حائِضً فَأرَادَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُباشِرَها، أمَرَها أنْ تَأتَزِرَ بإزَارٍ في فَوْرِ حَيْضَتِها ثُمَّ يُباشِرُها"، مُتَّفَقُ عَلَيْهِ
(2)
.
قالَ الخَطَّابِيُّ
(3)
: فور الحيض: أوَّلُهُ وَمُعْظَمُهُ). [صحيح]
قوله: (أن يباشرها)، المراد بالمباشرة هنا: التقاء البشرتين لا الجماع.
قوله: (أن تأتزرَ)، في رواية للبخاري
(4)
: "تَتَّزِرَ"، قال في الفتح
(5)
: والأولى أفصح، والمراد بالاتزار: أن تشد إزارًا تستر به سرّتها وما تحتها إلى الركبة.
قوله: (في فَوْر حيضتها) هو بفتح الفاء وإسكان الواو. ومعناه كما قال الخطابي (2) كما ذكر المصنف. وقال القرطبي
(6)
: فور الحيضة: معظم صبها، من فوران القدر وغليانها، والكلام على فقه الحديث قد تقدم.
(1)
زيادة من (ج).
(2)
أحمد (6/ 235) والبخاري رقم (302) ومسلم رقم (293). قلت: وأخرجه أبو داود (1/ 184 رقم 268) والترمذي (1/ 239 رقم 132) وابن ماجه (1/ 208 رقم 635) والدارمي (1/ 242) والنسائي (1/ 185).
(3)
في "معالم السنن"(1/ 185 - هامش السنن).
(4)
رقم (302).
(5)
(1/ 404): "تأتزر" بهمزة ساكنة وهي أفصح.
(6)
في "المفهم" لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/ 555).
[الباب السابع] باب كفارة من أتى حائضًا
16/ 383 - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الَّذي يأتي امْرأتَهُ وَهِيَ حائِضٌ يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أوْ بِنِصْفِ دِينارٍ"، رَوَاهُ الخَمْسَةُ
(1)
.
وَقَالَ أبُو دَاوُدَ
(2)
: هَكَذَا الرّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ: "قالَ: دِينارٌ أوْ نِصْفُ دِينارٍ". [صحيح]
وفي لَفْظٍ للتِّرْمِذِيّ
(3)
: "إذَا كانَ دَمًا أحْمَرَ فَدِينارُ، وَإنْ كانَ دَمًا أصْفَرَ فَنِصْفُ دِينارٍ". [إسناده ضعيف]
وفي رِوَايَةٍ لأحْمَدَ
(4)
: "أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ فِي الحائِضِ تُصَابُ دِينارًا، فإنْ أصَابَها وَقَدْ أدْبَرَ الدَّمُ عَنْها وَلمْ تَغْتَسِلْ فَنِصْفُ دِينارٍ". [إسناده ضعيف]
كُلُّ ذلكَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم).
الرواية الأولى رواها أيضًا الدارقطني
(5)
وابن الجارود
(6)
، وكل رواتها مخرّج لهم في الصحيح إلا مقسمًا الراوي عن ابن عباس فانفرد به البخاري
(7)
لكن ما أخرج له إلا حديثًا واحدًا. وقد صحح حديث الباب الحاكم
(8)
وابن
(1)
أحمد (1/ 229 - 230، 237، 286، 312، 325) وأبو داود (1/ 181 رقم 264) والنسائي (1/ 153) والترمذي (1/ 244 رقم 136) وابن ماجه (1/ 210 رقم 640).
(2)
في "السنن"(1/ 182).
(3)
في "السنن"(1/ 245 رقم 137) بسند ضعيف.
(4)
في "المسند"(1/ 367).
(5)
في "السنن"(3/ 286 - 287 رقم 155).
(6)
في "المنتقى" رقم (108).
(7)
مِقْسَم بن بَجَرَة، أبو القاسم.
مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، الهاشميّ، ويقال: مولى عبد الله بن عباس الهاشمي.
سمع ابن عباس. روى عنه عبد الكريم بن الحارث بن مالك الجزريّ في "تفسير النساء" وفي "قصة بدر"، قال محمد بن سعد كاتب الواقدي: اجتمعوا على أنه توفي في سنة إحدى ومائة. (رجال صحيح البخاري)(2/ 733 رقم 1221).
(8)
في "المستدرك"(1/ 171 - 172) وقال: حديث صحيح
…
فأما عبد الحميد بن عبد الرحمن فإنه أبو الحسن عبد الحميد بن عبد الرحمن الجزري ثقة مأمون
…
=
القطان
(1)
وابن دقيق العيد
(2)
.
وقال أحمد
(3)
: ما أحسن حديث عبد الحميد
(4)
عن مِقْسَم عن ابن عباس فقيل تذهب إليه، فقال: نعم.
وقال أبو داود
(5)
: "وهي الرواية الصحيحة، وربما لم يرفعه شعبة". وقال قاسم بن أصبغ: رفعه غندر. قال الحافظ
(6)
: والاضطراب في إسناد هذا الحديث ومتنه كثير جدًّا.
ويجاب عنه بما ذكره أبو الحسن بن القطان
(7)
، وهو ممن قال بصحة الحديث إن الإعلال بالاضطراب خطأ، والصواب أن ينظر إلى رواية كل راو بحسبها ويعلم ما خرج عنه فيها، فإن صح من طريق قُبِل، ولا يضرّه أن يروى من طرق أخر ضعيفة، فهم إذا قالوا: روي فيه بدينار وروي بنصف دينار، وروي باعتبار صفات الدم. وروي دون اعتبارها، وروي باعتبار أول الحيض وآخره،
= ووافقه الذهبي. كذا قالا.
قلت: لقد وقع في كلام الحاكم خلط بين راويين اتفقا في اسميهما واسم أبيهما وهما:
"عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد الخطاب العدوي أبو عمر المدني الثقة" و"عبد الحميد بن عبد الرحمن، أبو الحسن، الجزري، مجهول".
والظاهر أنه أراد عبد الحميد بن عبد الرحمن العدوي، فاختلط عليه، فكناه بكنية الجزري والله أعلم. إذ أن كل من رواه من طريق شعبة عن الحاكم، إنما رواه عن عبد الحميد بن عبد الرحمن العدوي المدني، لا الجزري الشامي، وهوْ نفس طريق الحاكم ولكنه أخطأ في كنيته رحمه الله.
(1)
في "بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام"(5/ 271 - 280 رقم 2468) وقال الحافظ في "التلخيص"(1/ 166): "وقد أمعن ابن القطان القول في تصحيح هذا الحديث والجواب عن طرق الطعن فيه بما يراجع منه، وأقر ابن دقيق العيد تصحيح ابن القطان وقواه في الإمام وهو الصواب" اهـ.
(2)
في "الإمام في معرفة أحاديث الأحكام"(3/ 262 - 268).
(3)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 165) وابن دقيق العيد في الإمام (3/ 258).
(4)
عبد الحميد هذا هو ابن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، كان عاملًا لعمر بن عبد العزيز على الكوفة، وقد أخرج له الشيخان - كما في "تهذيب الكمال"(16/ 449 و 415) - في مواضع.
(5)
في "السنن"(1/ 182).
(6)
في "التلخيص"(1/ 166).
(7)
في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 271 - 280 رقم 2468).
وروي دون ذلك، وروي بخمسي دينار، وروي بعتق نسمة، وهذا عند التدين والتحقيق لا يضرّه، ثم أخذ في تصحيح حديث عبد الحميد، وأكثر أهل العلم زعموا أن هذا الحديث مرسل أو موقوف على ابن عباس. قال الخطابي
(1)
: والأصحّ أنه متصل مرفوع لكن الذمم بريئة إلا أن تقوم الحجة بشغلها.
ويجاب عن دعوى الاختلاف في رفعه ووقفه بأن يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر وابن أبي عدي رفعوه عن شعبة، وكذلك وهب بن جرير وسعيد بن عامر والنضر بن شميل وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف.
قال ابن سيد الناس: من رفعه عن شعبة أجلّ وأكثر وأحفظ ممن وقفه، وأما قول شعبة أسنده إلى الحكم مرة ووقفه مرّة فقد أخبر عن المرفوع والموقوف أن كلًا عنده، ثم لو تساوى رافعوه مع واقفيه لم يكن في ذلك ما يقدح فيه. قال أبو بكر الخطيب: اختلاف الروايتين في الرفع والوقف لا يؤثر في الحديث ضعفًا وهو مذهب أهل الأصول؛ لأن إحدى الروايتين ليست مكذبة للأخرى، والأخذ بالمرفوع أخذ بالزيادة وهي واجبة القبول: قال الحافظ
(2)
: وقد أمعن ابن القطان القول في تصحيح هذا الحديث والجواب عن طرق الطعن فيه بما يراجع منه.
وأقر ابن دقيق العيد تصحيح ابن القطان وقواه في الإمام
(3)
وهو الصواب
(4)
، فكم من حديث قد احتجوا به فيه من الاختلاف أكثر مما في هذا كحديث بئر بضاعة
(5)
وحديث القلتين
(6)
ونحوهما. وفي ذلك ما يرد على النووي
(1)
في "معالم السنن"(1/ 181 - هامش السنن). ولفظه: "
…
أن هذا الحديث مرسل، أو موقوف على ابن عباس ولا يصح متصلًا مرفوعًا. والذِّمَم بَريّةٌ إلا أن تقوم الحجة بشغلها
…
"اهـ.
(2)
في "التلخيص"(1/ 166).
(3)
"الإمام في معرفة أحاديث الأحكام"(3/ 257 - 270).
(4)
وقد صححه أيضًا ابن التركماني، وابن القيم، وابن حجر، والألباني. انظر:"إرواء الغليل" رقم (197) و"التلخيص الحبير"(1/ 165 - 166).
(5)
وهو حديث صحيح تقدم برقم (13) من كتابنا هذا.
(6)
وهو حديث صحيح تقدم برقم (14) من كتابنا هذا.
في دعواه في شرح المهذب
(1)
والتنقيح
(2)
؛ والخلاصة
(3)
أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم
(4)
في تصحيحه، وأن الحق أنه ضعيف باتفاقهم، وتبع النووي في بعض ذلك ابن الصلاح
(5)
.
وأما الرواية الثانية من حديث الباب فأخرجها مع الترمذي
(6)
البيهقي
(7)
والطبراني
(8)
والدارقطني
(9)
وأبو يعلى
(10)
والدارمي
(11)
، بعضهم من طريق سفيان
(1)
(2/ 391).
(2)
"التنقيح في شرح الوسيط"(1/ 415 بهامش الوسيط).
(3)
(1/ 231 - 232).
(4)
في "المستدرك"(1/ 271 - 272) وقال: هذا حديث صحيح
…
ووافقه الذهبي.
فلذا قال الحافظ في "التلخيص"(1/ 166): "وفي ذلك ما يرد على النووي في دعواه في شرح المهذب، والتنقيح، والخلاصة، أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم في تصحيحه" اهـ.
(5)
في "شرح مشكل الوسيط"(1/ 415 بهامش الوسيط).
(6)
في "السنن"(1/ 245 رقم 137) من طريق أبي حمزة السكري عن عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس، به.
(7)
في "السنن الكبرى"(1/ 317) من طريق سعيد عن عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس، به.
(8)
في "المعجم الكبير"(11/ 402 رقم 12135) من طريق أبي جعفر الرازي عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن مقسم عن ابن عباس، به.
(9)
في "سننه"(3/ 287) رقم (158) من طريق أبي جعفر الرازي عن عبد الكريم عن مقسم، عن ابن عباس، به.
ورقم (157) من طريق سفيان عن عبد الكريم وعلي بن بذيمة وخصيف عن مقسم عن ابن عباس به.
(10)
في "المسند"(4/ 320 - 321 رقم 105/ 2432) من طريق أبي جعفر عن عبد الكريم بن أبي المخارق، عن مقسم، عن ابن عباس، به.
(11)
في "السنن"(1/ 254) من طريق سفيان عن خصيف عن مقسم عن ابن عباس، به.
• قال ابن دقيق العيد في "الإمام"(3/ 252) "واعلم أن هذا الحديث يُروى عن عبد الكريم غير منسوب
…
فبلغني عن الوَقَّشِي - الظاهر أنه: أبو الوليد هشام بن أحمد الأندلسي، الوقَّشِي المترجم في "سير أعلام النبلاء"(19/ 134 - 136) فقد ذكر الذهبي أن له تنبيهات وردودًا؛ نبه على كتاب الكلاباذي في رجال البخاري، وعلى "المؤتلف" للدارقطني، وعلى "الكنى" لمسلم أنه قال:"عبد الكريم هو ابن مالك أبو سعيد الجزري".
قلت: و"عبد الكريم بن مالك" و"عبد الكريم أبو أمية" كلاهما يروي عن مِقْسَم وقد تبين =
عن خصيف وعليّ بن بذيمة وعبد الكريم ثلاثتهم عن مقسم، وبعضهم من طريق أبي جعفر الرازي عن عبد الكريم عن مقسم، وخصيف فيه مقال
(1)
، وعبد الكريم مختلف فيه، وقيل: مجمع على تركه
(2)
، وعلي بن بذيمة فيه أيضًا مقال
(3)
.
وأما الرواية الثالثة من حديث الباب فقد أخرج نحوها البيهقي
(4)
من حديث ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس.
= في رواية روح بن عبادة، عن سعيد بن أبي عروبة، فقال: عن عبد الكريم أبي أمية بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الذي يأتي امرأته وهي حائض .. " وسيأتي - (3/ 271) - وهذا يضعف قول الوَقَّشي" اهـ.
قلت: في سنده عبد الكريم أبو أمية وهو - فيما أرى - ابن أبي المخارق، مجمع على تركه. فلذا إسناد الحديث مرفوعًا ضعيف جدا.
وأخرجه أبو داود رقم (265) من حديث علي بن الحكم البُناني، عن أبي الحسن الجزَري عن مقسم عن ابن عباس موقوفًا عليه بلفظ:"إذا أصابها في أول الدم فدينار، إذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار".
وفي سنده. أبو الحسن الجزري: مجهول كما في "التقريب" رقم (8047).
(1)
خصيف بن عبد الرحمن الجزري أبو عون الحضرمي.
قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: خصيف ليس هو بقوي في الحديث، "العلل ومعرفة الرجال"(2/ 484 رقم 3187).
وقال علي بن المديني: سمعت يحيى القطان يقول: كنا نجتنب خصيفًا، "الكامل"(3/ 70).
وقال عثمان بن سعيد في "تاريخه"(ص 106 رقم 310): قلت ليحيى بن معين: فعبد الكريم أحب إليك أم خصيف؟ قال: عبد الكريم أحب إليّ، وخصيف ليس به بأس.
(2)
عبد الكريم بن أبي المخارق، أبو أمية البصري: نزل بمكة، كان يُعلّم بها، ليس هو بشيء، شبه المتروك، وضعفه الأكثرون، مات سنة (126 هـ).
انظر: "التاريخ الكبير"(3/ 2/ 89) و"الميزان"(2/ 646) و"المجروحين"(2/ 144) و"الجرح والتعديل (3/ 1/ 59) و"العلل رواية عبد الله" (820، 873).
(3)
علي بن بذيمة، الحرّاني: قال أحمد: صالح الحديث، لكنه رأس في التشيع. (العلل رواية عبد الله: 4489)، وعنه في "الجرح والتعديل"(3/ 1/ 176). وأطلق توثيقه غير واحد.
"التاريخ الكبير"(3/ 2/ 262) و"التقريب"(2/ 32).
(4)
في "السنن الكبرى"(1/ 316). وفيه عبد الكريم وقد تقدم الكلام عليه.
وفيه أمر آخر؛ وهو أن سعيد بن أبي عروبة، رواه عن عبد الكريم بسنده، فجعل التفسير =
والحديث يدل على وجوب الكفارة على من وطئ امرأته وهي حائض، وإلى ذلك ذهب ابن عباس
(1)
والحسن البصري
(2)
وسعيد بن جبير
(3)
وقتادة
(4)
والأوزاعي
(5)
وإسحاق
(6)
وأحمد في الرواية الثانية عنه
(7)
والشافعي في قوله القديم
(8)
. واختلف هؤلاء في الكفارة، فقال الحسن وسعيد: عتق رقبة؛ وقال الباقون: دينار
(9)
أو نصف دينار على اختلاف منهم في الحال الذي يجب فيه الدينار أو نصف الدينار بحسب اختلاف الروايات. واحتجوا بحديث الباب.
وقال عطاء
(10)
وابن أبي مليكة
(11)
= من قول مِقْسَمِ، أخرجه البيهقي (1/ 317)، ولفظه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يتصدق بدينار أو نصف دينَار. وفسر ذلك مقسم فقال: "إن غشيها في الدم فدينار، وإن غشيها بعد انقطاع الدم قبل أن تغتسل فنصف دينار".
• وأخرج أبو داود في "سننه"(2/ 622 - 623 رقم 2169) من حديث أبي الحسن الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"إذا أصابها في الدم فدينار، وإن أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار". [صحيح موقوف].
(1)
تقدم الأثر عند أبي داود رقم (2169) آنفًا.
(2)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 329 رقم 1267) عن الحسن أنه كان يقيسه بالذي يقع على أهله في رمضان.
(3)
قال ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 210): "وفيه قول رابع: وهو أن عليه عتق رقبة هذا قول سعيد بن جبير.
(4)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 210).
(5)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 210).
(6)
ذكره النووي في "المجموع"(2/ 391).
(7)
حكاه الكوسج في مسائل أحمد وإسحاق (1/ 139).
(8)
ذكره النووي في "المجموع"(2/ 390).
(9)
الدينار (ذهب) = 4.25 غ.
(10)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 330 رقم 1269) عن عطاء قال: "لم أسمع فيه بكفارة معلومة، فليستغفر الله".
(11)
ابن أبي ملكة: عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أبو بكر وأبو محمد القرشي المكي الإمام الحجة الحافظ، القاضي، تابعي فقيه، وكان عالمًا مفتيًا صاحب حديث وإتقان "سير أعلام النبلاء"(5/ 88 - 90)"شذرات الذهب"(1/ 153)"الجرح والتعديل"(5/ 99). "النجوم الزاهرة"(1/ 276).
• أخرج الدارمي (1/ 253) عن ابن أبي مليكة قال: سئل وأنا أسمع عن الرجل يأتي امرأته وهي حائض؟ قال: يستغفر الله".
والشعبي
(1)
والنخعي
(2)
ومكحول
(3)
والزهري
(4)
وأبو الزناد
(5)
وربيعة
(6)
وحماد بن أبي سليمان
(7)
وأيوب السختياني
(8)
وسفيان الثوري
(9)
والليث بن سعد
(10)
ومالك
(11)
وأبو حنيفة
(12)
، وهو الأصح عن الشافعي
(13)
وأحمد في إحدى الروايتين
(14)
وجماهير من السلف: أنه لا كفارة عليه، بل الواجب الاستغفار والتوبة. وأجابوا عن الحديث بما سبق من المطاعن، قالوا: والأصل البراءة فلا ينتقل عنها إلا بحجة، وقد عرفت انتهاض الرواية الأولى من حديث الباب، فالمصير إليها متحتم، وعرفت بما أسلفناه صلاحيتها للحجية وسقوط الاعتلالات الواردة عليها.
قال المصنف
(15)
بعد أن ساق الحديث: وفيه تنبيه على تحريم الوطء قبل الغسل. انتهى.
(1)
أخرج الدارمي (1/ 252) عن الشعبي قال: يستغفر الله ويتوب إليه ولا يعود.
(2)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 329 رقم 1269) عن النخعي قال: ليس عليه شيء، يستغفر الله.
(3)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 330 رقم 1271) عن مكحول قال: يستغفر الله ويتوب إليه.
(4)
حكاه ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 211).
(5)
ابن أبي الزناد: عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان أبو محمد المدني، الإمام الفقيه الحافظ، كان من أوعية العلم، وكان فقيهًا مفتيًا.
"سير أعلام النبلاء"(8/ 150 - 152) و"التاريخ الكبير"(5/ 315) و"تاريخ بغداد"(10/ 228).
(6)
حكاه ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 211) عنه، وانظر:"المجموع"(2/ 391).
(7)
حكاه ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 211) عنه، وانظر:"المجموع"(2/ 391).
(8)
حكاه ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 211) عنه، وانظر:"المجموع"(2/ 391).
(9)
حكاه ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 211) عنه، وانظر:"المجموع"(2/ 391).
(10)
حكاه ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 211) عنه، وانظر:"المجموع"(2/ 391).
(11)
انظر: "أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه إمام الأئمة مالك" لأبي بكر بن حسن الكشناوي. (1/ 144 - 145).
(12)
انظر "رد المحتار على الدر المختار المعروف بحاشية ابن عابدين" بتحقيقنا (1/ 424).
(13)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(2/ 391).
(14)
انظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 419 - 420).
(15)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 181).
[الباب الثامن] باب الحائض لا تصوم ولا تصلي وتقضي الصوم دون الصلاة
17/ 384 - (عَنْ أبي سَعِيدٍ [رضي الله تعالى عنه]
(1)
فِي حَديثٍ لَهُ: "أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لِلنّساء: "ألَيسَ شَهادَةُ المَرأةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهادَةِ الرَّجُلِ؟ " قُلْنَ: بَلى، قالَ: "فَذَلِكُنَّ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِها، ألَيسَ إذَا حاضَتْ لَمْ نُصَلّ وَلمْ تَصُمْ؟ " قُلْنَ: بَلَى، قالَ:"فَذَلِكُنَّ مِنْ نُقْصَان دِينها"، مُخْتَصَرٌ منَ البُخارِيُّ)
(2)
. [صحيح]
الحديث أخرجه مسلم
(3)
من حديثه، وأخرجه أيضًا مسلم
(4)
من حديث ابن عمر بلفظ: "تمكثُ اللياليَ ما تصلِّي، وتفطرُ في شهر رمضان، فهذا نقصانُ دينِها" واتفقا عليه من حديث أبي هريرة
(5)
. وأخرجه الحاكم في المستدرك
(6)
من حديث ابن مسعود.
قوله: (لم تصل ولم تصم)، فيه إشعار بأن منع الحائض من الصوم والصلاة كان ثابتًا بحكم الشرع قبل ذلك المجلس.
والحديث يدل على عدم وجوب الصوم والصلاة على الحائض حال حيضها وهو إجماع
(7)
، ويدل على أن العقل يقبل الزيادة والنقصان وكذلك الإيمان
(8)
، وليس المراد من ذكر نقصان عقول النساء لومهن على ذلك لأنَّه مما لا مدخل لاختيارهن فيه، بل المراد التحذير من الافتتان بهن، وليس نقص الدين منحصرًا فيما يحصل به الإثم بل في أعمّ من ذلك قاله في
(1)
زيادة من (ج).
(2)
في "صحيحه"(1/ 405 رقم 304).
(3)
في "صحيحه"(1/ 87 رقم 80).
(4)
في "صحيحه"(1/ 86 رقم 79/ 132).
(5)
أخرجه مسلم في "صحيحه"(1/ 87 رقم 80) عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثل معنى حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يخرجه البخاري.
(6)
في "المستدرك"(4/ 602 - 603) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
(7)
ذكره ابن المنذر في كتابه "الإجماع"(ص 37 رقم 29).
(8)
انظر: "الفصل العاشر" في كون الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وأن فاسقَ أهل الملة لا يُكفّر بذنب دون الشرك إلا إذا استحلَّه وأنَّه تحت المشيئة، وأن التوبة مقبولة ما لم يُغرغِرْ.
من كتاب "معارج القبول" للحكمي بتحقيقي (3/ 1177 - 1222).
الفتح
(1)
، ورواه عن النووي لأنَّه أمر نسبي، فالكامل مثلًا ناقص عن الأكمل، ومن ذلك الحائض لا تأثم بترك صلاتها زمن الحيض لكنها ناقصة عن المصلي. وهل تثاب على هذا الترك لكونها مكلفة به كما يثاب المريض على النوافل التي كان يعملها في صحته وشغل بالمرض عنها؟ قال النووي
(2)
: الظاهر أنها لا تثاب، والفرق بينها وبين المريض أنه كان يفعلها بنية الدوام عليها مع أهليته، والحائض ليست كذلك. قال الحافظ
(3)
: وعندي في كون هذا الفرق مستلزمًا لكونها لا تثاب وقفة.
18/ 385 - (وَعَنْ مُعاذَةَ [رضي الله تعالى عنها] (4) قالَتْ: "سألْتُ عائَشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(4)
فَقُلْتُ: ما بالُ الحائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ؟ قالَتْ: كانَ يُصِيبُنا ذلكَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ)
(5)
. [صحيح]
نقل ابن المنذر
(6)
والنووي
(7)
وغيرهما إجماع المسلمين على أنه لا يجب على الحائض قضاء الصلاة ويجب عليها قضاء الصيام.
وحكى ابن عبد البر
(8)
عن طائفة من الخوارج أنهم كانوا يوجبون على الحائض قضاء الصلاة.
وعن سمرة بن جندب أنه كان يأمر به فأنكرت عليه أم سلمة.
قال الحافظ: لكن استقر الإجماع على عدم الوجوب كما قاله الزهري
(9)
(1)
(1/ 406 - 407).
(2)
في "شرحه لصحيح مسلم"(2/ 68).
(3)
في "الفتح"(1/ 407).
(4)
زيادة من (ج).
(5)
أخرجه أحمد (6/ 232) والبخاري (1/ 421 رقم 321) ومسلم (1/ ج 265 رقم 69/ 335) وأبو داود (1/ 180 رقم 262) والترمذي (1/ 234 رقم 130) والنسائي (1/ 191) وابن ماجه (1/ 207 رقم 631).
(6)
في كتابه "الإجماع"(ص 37 رقم 29).
(7)
في "المجموع"(2/ 351، 355).
(8)
في "الاستذكار"(3/ 218 رقم 3524).
"وهذا إجماع من علماء المسلمين، نقلَتْهُ الكافةُ، كما نقلته الآحاد العدول، ولا مخالفَ فيه إلَّا طوائف من الخوارج، يرون على الحائض الصلاة" اهـ.
(9)
قال ابن عبد البر في "الاستذكار"(3/ 220 رقم 3541): "وعن معمر، عن الزهريِّ قال: الحائضُ تقضي الصومَ، ولا تقضي الصلاة. قلت: عمن؟ قال: اجتمع الناس =
وغيره، ومستند الإجماع هذا الحديث الصحيح، ولكن الاستدلال بعدم الأمر على عدم وجوب القضاء قد ينازع فيه لاحتمال الاكتفاء بالدليل العام على وجوب القضاء، والأولى الاستدلال بما عند الإسماعيلي من وجه آخر بلفظ:"فلم نكن نقضي" ذكر معناه في الفتح، ولا تتمّ المنازعة في الاستدلال بعدم الأمر على عدم وجوب القضاء إلا بعد تسليم أن القضاء يجب بدليل الأداء، أو وجود دليل يدل على وجوب قضاء الصلاة دلالة تندرج تحتها الحائض، والكل ممنوع.
وقد ذهب الجمهور كما قاله النووي
(1)
إلى أنه لا يجب القضاء على الحائض إلا بدليل جديد. قال النووي في شرح مسلم
(2)
: قال العلماء: والفرق بينهما: يعني الصوم والصلاة أن الصلاة كثيرة متكررة فيشق قضاؤها، بخلاف الصوم فإنه يجب في السنة مرة واحدة، وربما كان الحيض يومًا أو يومين.
واعلم أنه لا حجة للخوارج
(3)
إلا ما أسلفنا من أن عدم الأمر لا يستلزم عدم وجوب القضاء والاكتفاء بأدلة القضاء، فإن أرادوا بأدلة القضاء حديث:"مَنْ نامَ عن صلاتهِ أو نسيَها"
(4)
فأين هو من محل النزاع، وإن أرادوا غيره فما هو؟ وأيضًا أدلة القضاء كافية في الصوم فلأي شيء أمرهن الشارع به دونها؛ والخوارج لا يستحقون المطاولة والمقاولة، لا سيما في مثل هذه المقالة الخارقة للإجماع الساقطة عند جميع المسلمين بلا نزاع، لكنه لما رفع من شأنها بعض
= عليه، وليس في كل شيء تجد الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(1/ 332 رقم 1280).
(1)
انظر: "المجموع"(2/ 383 - 384).
(2)
(4/ 26).
(3)
قال ابن عبد البر في "الاستذكار"(3/ 221 رقم 3545 و 3546): "وروينا عن حذيفة أنه قال: ليكوننَّ قوم في آخر هذه الأمة يكذبون أولاهم ويلعنونهم، ويقولون: جَلدُوا في الخمر، وليس ذلك في كتاب اللَّهِ، ورجموا، وليس ذلكَ في كتاب الله، ومنعوا الحائض الصلاة، وليس ذلك في كتاب الله.
وهذا كلُّهُ قد قال به قوم من غالية الخوارج، على أنهم اختلفوا فيه أيضًا وكلهم أهل زيغ وضلال، أما أهل السنة والحق فلا يختلفون في شيء من ذلك والحمد لله" اهـ.
(4)
أخرج الدارقطني (1/ 423 رقم 1) والبيهقي (2/ 219). عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها" بسند ضعيف لضعف حفص بن أبي العطاف.
• وأخرج البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي صلاة فليصلِّ إذا ذكرهَا، لا كفارةَ لها إلَّا ذلك: "وأقم الصلاة لذكري" [طه: 14].
المتأخرين لمحبة الإغراب التي جُبل عليها ذكرنا طرفًا من الكلام في المسألة.
وقد اختلفَ السلفُ فيمن طَهُرت من الحيض بعد صلاة العصر وبعد صلاة العشاء هل تصلي الصلاتين أو الأخرى.
قال المصنف
(1)
رحمه الله [تعالى]
(2)
: وعن ابن عباس
(3)
أنه كان يقول: "إذا طهُرت الحائضُ بعد العصر صَلّت الظهرَ والعصرَ، وإذا طهُرت بعد العشاء صلت المغرب والعشاء. وعن عبد الرحمن بن عوف
(4)
قال: إذا طهرت الحائض قبل أن تغرب الشمس صلت الظهر والعصر، وإذا طهرت قبل الفجر صلت المغرب والعشاء رواهما سعيد بن منصور في سننه والأثرم، وقال: قال أحمد: عامة التابعين يقولون بهذا القول إلا الحسن وحده"، انتهى.
[الباب التاسع] باب سؤر الحائض ومؤاكلتها
19/ 386 - (عَنْ عائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها] (2) قالَتْ: "كُنْتُ أشْرَبُ وأنا حائِضٌ فأُناوِلُهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فيضع فاهُ عَلى مَوْضِعِ فِيَّ فَيَشْرَبُ، وأتَعَرَّقُ العَرْقَ وأنا حائضٌ فأُناوِلُهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فيضعُ فاهُ عَلى مَوْضِعِ فِيَّ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخَارِيَّ وَالترمِذِيَّ)
(5)
. [صحيح]
قوله: (أتعرَّقُ العَرْقَ)، العرق بعين مهملة مفتوحة وراء ساكنة بعدها قاف: العظم، وتعرّقه: أكل ما عليه من اللحم ذكر معنى ذلك في القاموس
(6)
.
والحديث يدل على أن ريق الحائض طاهر ولا خلاف فيه فيما أعلم، وعلى طهارة سؤرها من طعام أو شراب ولا أعلم فيه خلافًا.
(1)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 182).
(2)
زيادة من (ج).
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 337) بسند ضعيف.
(4)
أخرجه ابن شيبة في "المصنف"(2/ 337) وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 333 رقم 1285).
(5)
أخرجه أحمد (6/ 62) ومسلم رقم (300) وأبو داود رقم (259) والنسائي (1/ 148) وابن ماجه رقم (643).
(6)
"القاموس المحيط" ص 1172. و"النهاية" (3/ 220).
20/ 387 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ سَعْدٍ [رضي الله تعالى عنه]
(1)
قالَ: "سألْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ مُؤَاكلةِ الحائِضِ قالَ: "وَاكلْها"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وَالتّرْمِذِيُّ)
(3)
. [صحيح]
الحديث قال الترمذي
(4)
: حديث حسن غريب. وأخرجه أيضًا أبو داود
(5)
، رواته كلهم ثقات، وإنما غرّبه الترمذي لأنَّه تفرد به العلاء بن الحارث عن حكيم بن حزام، وحكيم بن حزام
(6)
عن عمه عن عبد الله بن سعد.
وفي الباب ما تقدم عن أنس عند مسلم
(7)
بلفظ: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح"، وهو شاهد لصحة حديث الباب، وكذلك حديث عائشة السابق
(8)
.
قال ابن سيد الناس إن حديث الباب: لما اعتضد به ارتقى في مراتب التحسين إلى مرتبة لم تكن له لولاه.
والحديث يدل على جواز مؤاكلة الحائض. قال الترمذي
(9)
: "وهو قولُ عامة أهل العلم: لم يَرَوْا بمؤاكلة الحائض بأسًا".
قال ابن سيد الناس في شرحه: وهذا مما أجمع الناس عليه، وهكذا نقل الإجماع محمد بن جرير الطبري
(10)
. وأما قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ}
(11)
، فالمراد اعتزلوا وطأهن.
(1)
زيادة من (ج).
(2)
في "المسند"(4/ 342).
(3)
في "سننه"(1/ 240 رقم 133). وقال: حديث حسن غريب.
(4)
في "السنن"(1/ 240).
(5)
في "السنن"(1/ 145 رقم 211 و 212). وهو حديث صحيح.
(6)
قال أبو الأشبال في "شرحه لجامع الترمذي"(1/ 240) إنه جاء هكذا في جميع الأصول "حرام بن معاوية" ورجح أنَّ اسمه "حرام بن حكيم بن خالد بن سعد بن الحكم الأنصاري" ووجدته في مسند أحمد (4/ 342) حرام بن حكيم عن عمه عبد الله بن سعد فيكون ما ذكره الشيخ أحمد شاكر هو الصحيح.
(7)
في "صحيحه" رقم (302).
وقد تقدم تخريج الحديث في كتابنا هذا برقم (11/ 378).
(8)
تقدم تخريجه برقم (19/ 386) من كتابنا هذا.
(9)
في "السنن"(1/ 241).
(10)
في "جامع البيان"(2/ ج 2/ 387).
(11)
سورة البقرة: الآية (222).
[الباب العاشر] باب وطء المستحاضة
21/ 388 - (عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ [رضي الله تعالى عنها]
(1)
: "أنها كانَتْ تُسْتحاضُ وكانَ زَوْجُهَا يجامِعُهَا")
(2)
. [حسن]
22/ 389 - (وَعَنْهُ أيْضًا قالَ: "كانَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ تُسْتَحَاضُ وكانَ زَوْجُهَا يغْشاها"، رَوَاهُما أبُو دَاوُدَ
(3)
. [صحيح]
وكانَتْ أُم حَبِيبَةَ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كذَا في صَحِيحِ مُسْلِمٍ
(4)
، وكانَتْ حَمْنَةُ تَحْتَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله).
أما حديثه الأول فأخرجه أيضًا البيهقي
(5)
، قال النووي
(6)
: وإسناده حسن.
وأما حديثه الثاني ففي إسناده معلَّى وهو ثقة، وكان أحمد لا يروي عنه لأنَّه كان ينظر في الرأي. وفي سماع عكرمة بن عمار من حمنة ومن أم حبيبة نظر، قاله المنذري
(7)
.
وهما يدلان على جواز مجامعة المستحاضة ولو حال جريان الدم، وهو قول الجمهور؛ وحكاه ابن المنذر
(8)
عن ابن عباس، وابن المسيب، والحسن البصري، وعطاء، وسعيد بن جبير، وقتادة، وحماد بن سليمان، وبكر بن عبد الله المزني، والأوزاعي، والثوري، ومالك، وإسحاق، والشافعي، وأبي ثور، واستدلوا بما في الباب.
وقال النخعي والحكم: إنه لا يأتيها زوجها، وكرهه ابن سيرين
(9)
، وروي
(1)
زيادة من (ج).
(2)
أخرجه أبو داود (1/ 216 رقم 310).
(3)
أخرجه أبو داود (1/ 216 رقم 309).
(4)
أخرجه مسلم في "صحيحه" 11/ 264 رقم 66/ 334).
(5)
في "السنن الكبرى"(1/ 329).
(6)
في "المجموع"(2/ 400).
(7)
"مختصر سنن أبي داود"(1/ 195 رقم 294).
(8)
في "الإشراف" كما في "المجموع"(2/ 399 - 400). ثم قال ابن المنذر: وبه أقول.
(9)
ذكره النووي في "المجموع"(2/ 400).
عن أحمد المنع أيضًا
(1)
. ولعلّ أهل القول الأول يقيدون ذلك بأن لا تعلم بالأمارات أو العادة أن ذلك الدم دم حيض؛ وفي احتجاجهم بروايتي عكرمة نظر لأن غايتهما أنه فعل صحابي ولم ينقل فيه التقرير من النبي صلى الله عليه وسلم ولا الإذن له بذلك، ولكنه ينبغي التعويل في الاستدلال على أن التحريم إنما يثبت بدليل، ولم يرد في ذلك شرع يقتضي المنع منه.
وقد استدلَّ القائلون بعدم الجواز أيضًا بما رواه الخلَّال بإسناده إلى عائشة قالت: "المستحاضةُ لا يغشاها زوجها"
(2)
، قالوا: ولأن بها أذى فيحرم وطؤها كالحائض، وقد منع الله [تعالى]
(3)
من وطء الحائض معللًا بالأذى، والأذى موجود في المستحاضة فثبت التحريم في حقها.
* * *
(1)
قال ابن قدامة في "المغني"(1/ 420): "اختلف - أي النقل - عن أحمد، رحمه الله، في وطء المستحاضةِ، فروي ليس له وطؤُها إلَّا أنْ يخافَ على نفسِهِ الوقُوعَ في محظور. وهو مذهب ابن سيرين، والشعبي، والنخعي والحاكم.
(2)
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 329).
(3)
زيادة من (ج).
[رابع عشر]: [أبواب]
(1)
النفاس
[الباب الأول] باب أكثر النفاس
1/ 390 - (عَنْ عَلِيّ بْنِ عَبْدِ الأعْلَى عَنْ أبي سَهْلٍ وَاسْمُهُ كَثِيرُ بْنُ زِيادٍ عَنْ مَسَّةَ الأزْدِيَّةَ عَنْ أمّ سَلَمَةَ [رضي الله تعالى عنهم]
(2)
قَالَتْ: " [كَانَتِ]
(3)
النُّفسَاءُ تَجْلِسُ عَلى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أرْبَعِينَ يَوْمًا وكُنَّا نَطْلِي وُجُوهَنا بالوَرْسِ مِنَ الكَلَفِ"، رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلَّا النَّسائيَّ
(4)
.
وَقَالَ البُخَارِيُّ
(5)
: عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى ثِقَةٌ، وأبُو سَهْلٍ ثِقَةٌ). [إسناده حسن]
الحديث أخرجه أيضًا الدارقطني
(6)
والحاكم
(7)
، وعلي بن عبد الأعلى ثقة، وأبو سهل وثقه البخاري وابن معين، وضعفه ابن حبان، [قال الحافظ
(8)
: لم يصب]
(9)
. ومسة الأزدية مجهولة الحال، قال ابن سيد الناس: لا يعرف حالها ولا عينها ولا تعرف في غير هذا الحديث
(10)
.
(1)
في "المخطوط"(كتاب) وأبدلتها بـ (أبواب) لضرورة التقسيم.
(2)
زيادة من (ج).
(3)
في المخطوط: (كان) والمثبت من مصادر الحديث.
(4)
أخرجه أحمد (6/ 300، 304) وأبو داود (1/ 217 رقم 311) والترمذي (1/ 256 رقم 139) وابن ماجه (1/ 213 رقم 648).
قال الترمذي: هذا حديث غريب.
قال محمد بن إسماعيل: عليُّ بن عبد الأعلى ثقةٌ، وأبو سهل ثقة. ولم يعرف محمد - يعني البخاري - هذا الحديث إلا من حديث أبى سهل.
(5)
ذكره الترمذي في "سننه"(1/ 257).
(6)
في "سننه"(1/ 221 رقم 76).
(7)
في "المستدرك"(1/ 175).
(8)
في "التلخيص"(1/ 171).
(9)
زيادة من (أ) و (ب).
(10)
قلت: مسَّةَ غير مجهولة العين لأنَّه رَوَى عنها هذا الحديث ثقتان: كثير بن زياد، والحكم بن عتبة وروايته عند الدارقطني (1/ 223 رقم 80) وجهالة العين ترتفع برواية =
قال النووي
(1)
: "قول جماعة من مصنفي الفقهاء: إن هذا الحديث ضعيف مردود عليهم وله شاهد أخرجه ابن ماجه
(2)
من طريق سلام [عن حُميد]
(3)
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وقت للنفساء أربعين يومًا إلا أن ترى الطهر قبل ذلك"، قال: لم يروه عن حُميد غير سلام وهو ضعيف، كذَّبه ابن مَعين وغيره من الأئمة.
ورواه عبد الرزاق
(4)
من وجه آخر عن أنس موقوفًا.
وروى الحاكم
(5)
من حديث الحسن عن عثمان بن أبي العاص قال: "وقَّتَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم للنساء في نفاسِهِنَّ أربعين يومًا، وقال: صحيح إن سلم من أبي بلال الأشعري.
قال الحافظ
(6)
: ضعفه الدارقطني
(7)
، والحسن عن عثمان منقطع، والمشهور عن عثمان موقوف.
وفي الباب عن أبي الدرداء وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تنتظرُ النُّفساءُ أربعينَ يومًا إلا أن ترى الطُّهرَ قبلَ ذلك، فإن بلغت أربعينَ يومًا ولم ترَ الطُّهرَ فلتغتسل" ذكره ابن عدي
(8)
، وفيه العلاء بن كثير وهو ضعيف جدًّا.
وفي الباب أيضًا عن عائشة
(9)
نحو حديث عثمان بن أبي العاص عند
= عدلين. وجهالة حالها لا تضر مع رواية الثقات عنها وكونها امرأة من التابعيات، وقد علم بالاستقراء عدم وجود كذابة أو متهمة في النساء.
(1)
في "الخلاصة"(1/ 241).
(2)
في "السنن"(1/ 213 رقم 649). وهو حديث ضعيف جدًّا.
(3)
زيادة من (أ) و (ب).
(4)
في "المصنف"(1/ 312 رقم 1198) موقوفًا عليه من حديث أنس، ولم أقف على الطريق المرفوع.
(5)
في "المستدرك"(1/ 176) قال الحاكم: إن سلم هذا الإسناد من أبي بلال فإنه مرسل صحيح. لأن الحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص.
(6)
في "التلخيص"(1/ 171).
(7)
في "السنن"(1/ 220 رقم 70).
(8)
في "الكامل"(5/ 1861).
قلت: وأخرجه البيهقي (1/ 342) وفي سنده العلاء بن كثير، الليثي، مولى بني أمية، قال الحافظ في "التقريب" رقم (5254): متروك رماه ابن حِبان بالوضع.
(9)
أخرجه ابن حبان في "المجروحين"(2/ 130) والدارقطني (1/ 220 رقم 71) وقال الدارقطني: "أبو بلال الأشعري هذا ضعيف، وعطاء هو ابن عجلان، متروك الحديث"، وأخرجه الدارقطني أيضًا (1/ 222 رقم 89) وقال الدارقطني:"عطاء متروك الحديث".
الدارقطني، وفيه أبو بلال الأشعري وهو ضعيف، وعطاء بن عجلان متروك الحديث.
وحديث الباب قال الحاكم بعد إخراجه في مستدركه
(1)
: إنه صحيح الإسناد.
وقال الخطابي
(2)
: أثنى البخاري على هذا الحديث.
وقد اختلف الناس في أكثر النفاس، فذهب علي وعمر
(3)
وعثمان
(4)
وعائشة وأم سلمة
(5)
وعطاء والثوري
(6)
والشعبي
(7)
والمزني وأحمد بن حنبل
(8)
ومالك
(9)
والهادي والقاسم والناصر والمؤيد بالله وأبو طالب
(10)
إلى أن أكثر النفاس أربعون يومًا.
واستدلوا بحديث الباب وما ذكرنا بعده. وقال الشافعي في قول (10):
(1)
(1/ 175). ولم أجد هذا التصحيح للسند.
(2)
في "معالم السنن"(1/ 219 - هامش السنن).
(3)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (2/ 249) وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 312 رقم 1197) والدارقطني (1/ 221) عن عمر قال: "النفساء تجلس أربعين ليلة ثم تغتسل وتصلي".
(4)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (2/ 249) والدارقطني (1/ 220) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 341). عن عثمان بن أبي العاص قال: "تمكث النفساء أربعين ليلة إلا أن ترى الطهر قبل ذلك".
(5)
انظر حديث الباب رقم (1/ 390) من كتابنا هذا.
(6)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (2/ 250).
(7)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 313 رقم 1199) والبيهقي (1/ 342) عن الشعبي قال: "تنتظر كأقصى ما ينتظر"، قال: حسبته قال شهرين.
(8)
حكاه عنه الكوسج في مسائل أحمد وإسحاق (1/ 140) وعبد الله في مسائل أبيه ص 49، وابن هانئ (1/ 34).
(9)
انظر: "الفقه المالكي في ثوبه الجديد"(1/ 138).
(10)
حكاه صاحب "البحر الزخار"(1/ 146) عن علي وعمر وعثمان وأم سلمة وعائشة والقاسم والهادي والمؤيد بالله وأبو طالب والناصر وقول للشافعي، ورواية عن أبي حنيفة وأحمد بن حنبل وسفيان الثوري وعطاء بن أبي رباح، ومالك والمزني والشعبي.
• قلت: أخرج ابن المنذر في الأوسط (2/ 249) والبيهقي (1/ 341) وغيرهما عن ابن عباس قال: "النفساء تنتظر أربعين يومًا أو نحوه". =
وروي عن إسماعيل، وموسى ابني جعفر بن محمد الصادق
(1)
بل سبعون قالوا: إذ هو أكثر ما وجد. وفي قول للشافعي: وهو الذي في كتب الشافعية
(2)
وروي أيضًا عن مالك
(3)
بل ستون يومًا لذلك.
وقال الحسن البصري
(4)
: خمسون لذلك.
وقالت الإمامية
(5)
: نيف وعشرون، والنصّ يرد عليهم، وقد أجابوا عنه بما تقدم من الضعف، وبأنه كما قال الترمذي في العلل: منكر المتن، فإن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما منهن من كانت نفساء أيام كونها معه إلا خديجة، وزَوْجِيَّتُها كانت قبل الهجرة، فإذًا لا معنى لقول أم سلمة: قد كانت المرأة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تقعد في النفاس هكذا. قال: وفيه أن التصريح بكونهن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ظاهر في كونهنّ من غير زوجاته فلا يشكل ما ذكره. وأيضًا نساؤه أعمّ من الزوجات لدخول البنات وسائر القرابات تحت ذلك، والأدلة الدالة على أن أكثر النفاس أربعون يومًا متعاضدة بالغة إلى حد الصلاحية والاعتبار فالمصير إليها متعين، فالواجب على النفساء وقوف أربعين [يومًا]
(6)
إلا أن ترى الطهر قبل ذلك كما دلت على ذلك الأحاديث السابقة.
= • وأخرج ابن المنذر في الأوسط (2/ 249) والدارقطني في السنن (1/ 221) أن امرأة لعائذ بن عمرو نفست فرأت الطهر في عشرين ليلة فتطهرت ثم جاءت فدخلت في لحافها فضربها برجله وقال لا تعزبني من ديني حتى تمضي الأربعون".
• وأخرج ابن المنذر في الأوسط (2/ 250) وعبد الرزاق في المصنف (1/ 312 رقم 1198) عن أنس قال: تنتظر البكر إذا ولدت وتطاول بها الدم، أربعين ليلة ثم تغتسل".
• وحكاه ابن المنذر في "الأوسط" عن إسحاق، وأبو عبيد والنعمان ويعقوب ومحمد.
(1)
حكاه عنهما صاحب "البحر الزخار"(1/ 146).
(2)
انظر آراء وأقوال الشافعية في ذلك في "المجموع"(2/ 539 - 540).
وقال النووي (2/ 541): "في مذاهب العلماء في أكثر النفاس وأقله، قد ذكرنا أن مذهبنا المشهور أن أكثره ستون يومًا
…
" اهـ.
(3)
انظر: "الفقه المالكي في ثوبه الجديد"(1/ 138).
(4)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 250) وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 313 رقم 1201) عن الحسن البصري قال: "أربعين أو خمسين، أو أربعين إلى خمسين فمن زاد فهي مستحاضة".
(5)
"البحر الزخار"(1/ 146).
(6)
زيادة من (أ) و (ب).
قال الترمذي في سننه
(1)
: "وقد أجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون ومن بعدهم على أن النفساء تَدَعُ الصلاةَ أربعين يومًا إلا أن ترى الطُّهرَ قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي"، انتهى.
وما أحسنَ ما قال المصنف
(2)
رحمه الله تعالى هاهنا ولفظه: قلت: ومعنى الحديث كانت تؤمر أن تجلس إلى الأربعين لئلا يكون الخبر كذبا، إذ لا يمكن أن تتفق عادة نساء عصر في نفاس أو حيض، انتهى.
وقد لخصت هذه المسألة في رسالة مستقلة
(3)
.
واختلف العلماء في تقدير أقل النفاس؛ فعند العترة والشافعي ومحمد لا حدَّ لأقلِّه
(4)
، واستدلوا بما سبق من قوله:"فإن رأت الطهر قبل ذلك"، وقال زيد بن علي
(5)
: ثلاثة أقراء، فإذا كانت المرأة تحيض خمسًا فأقل نفاسها خمسة عشر يومًا. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف
(6)
: بل أحد عشر يومًا كأكثر الحيض وزيادة يوم لأجل الفرق. وقال الثوري
(7)
: ثلاثة أيام، وجميع الأقوال ما عدا الأول لا دليل عليها ولا مستند لها إلا الظنون
(8)
.
[الباب الثاني] باب سقوط الصلاة عن النفساء
2/ 391 - (عَنْ أُم سَلَمةَ رضي الله عنها قالَتْ: "كانَتِ المَرأةُ مِنْ نِساءِ
(1)
(1/ 258).
(2)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 184).
(3)
لعلها: "القول الواضح في صلاة المستحاضة ونحوها من أهل العلل والجرائح". وهي ضمن "الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني" بتحقيقنا.
(4)
"البحر الزخار في مذاهب علماء الأمصار"(1/ 146).
(5)
المرجع السابق (1/ 146).
(6)
انظر: "المجموع"(2/ 542).
(7)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 253).
(8)
قال أبو بكر - ابن المنذر - في "الأوسط"(2/ 253): "بالقول الأول أقول، وذلك أن وجود دم النفاس هو الموجب لترك الصلاة، فإذا ارتفع الدم عاد الفرض بحاله كما كان قبل وجود دم النفاس، والله أعلم" اهـ.
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تَقْعُدُ فِي النِّفاسِ أرْبَعِينَ لَيْلَةً لا يأمُرُها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَضَاءِ صَلاةِ النِّفاسِ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(1)
. [حسن]
الحديث [أخرجه أيضًا الترمذي
(2)
وابن ماجه
(3)
، وهو عند أبي داود من طريق أحمد بن يونس عن زهير عن علي بن عبد الأعلى عن أبي سهل كثير بن زياد عن مسَّة عن أم سلمة فهو]
(4)
إحدى روايات حديث مسَّة السابق، وقد تقدم الكلام عليه، وهو يدل على أنها تترك الصلاة أيام النفاس، وقد وقع الإجماع من العلماء كما في البحر
(5)
أن النفاس كالحيض في جميع ما يحل ويحرم ويكره ويندب، وقد أجمعوا أن الحائض لا تصلي وقد أسلفنا ذلك.
تم ولله الحمد والمنة الجزء الثاني
من
"نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار"
ودليه:
الجزء الثالث منه، وأوله:
الكتاب الثاني: كتاب الصلاة
* * *
(1)
في "السنن"(رقم: 312).
(2)
في "السنن"(رقم: 139). وقال: غريب.
(3)
في "السنن"(رقم: 648).
(4)
زيادة من (أ) و (ب)، وفي (ج) بدلًا عما بَين الحاصرتين حرف (هو).
(5)
(1/ 145).