الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب الثاني: الصلاة
عاشرًا: أبواب السترة أمام المصلي وحكم المرور دونها.
حادي عشر: أبواب صلاة التطوع.
ثاني عشر: أبواب سجود التلاوة والشكر.
ثالث عشر: أبواب سجود السهو.
رابع عشر: أبواب صلاة الجماعة.
الكتاب الثاني: الصلاة
عاشرًا: أبواب السترة أمام المصلي وحكم المرور دونها:
الباب الأول: باب استحباب الصلاة إلى السترة والدنو منها والانحراف قليلا عنها والرخصة في تركها.
الباب الثاني: باب دفع المار وما عليه من الإثم والرخصة في ذلك للطائفين بالبيت.
الباب الثالث: باب من صلى وبين يديه إنسان أو بهيمة.
الباب الرابع: باب ما يقطع الصلاة بمروره.
حادي عشر: أبواب صلاة التطوع:
الباب الأول: باب سنن الصلوات الراتبة المؤكدة.
الباب الثاني: باب فضل الأربع قبل الظهر وبعدها، وقبل العصر وبعد العشاء.
الباب الثالث: باب تأكيد ركعتي الفجر وتخفيف قراءتهما والضجعة والكلام بعدهما وقضائهما إذا فاتتا.
الباب الرابع: باب ما جاء في قضاء سنتي الظهر.
الباب الخامس: باب ما جاء في قضاء سنّة العصر.
الباب السادس: باب أن الوتر سنّة مؤكدة وأنَّه جائز على الراحلة.
الباب السابع: باب الوتر بركعة وبثلاث وخمس وسبع وتسع بسلام واحد وما يتقدمها من الشفع.
الباب الثامن: باب وقت صلاة الوتر والقراءة والقنوت فيها.
الباب التاسع: باب لا وتران في ليلة وختم صلاة الليل بالوتر وما جاء في نقضه.
الباب العاشر: باب قضاء ما يفوت من الوتر والسنن الراتبة والأوراد.
الباب الحادي عشر: باب صلاة التراويح.
الباب الثاني عشر: باب ما جاء في الصلاة بين العشاءين.
الباب الثالث عشر: باب ما جاء قيام الليل.
الباب الرابع عشر: باب صلاة الضحى.
الباب الخامس عشر: باب تحية المسجد.
الباب السادس عشر: باب الصلاة عقيب الطهور.
الباب السابع عشر: باب صلاة الاستخارة.
الباب الثامن عشر: باب ما جاء في طول القيام وكثرة الركوع والسجود.
الباب التاسع عشر: باب إخفاء التطوع وجوازه جماعة.
الباب العشرون: باب أن أفضل التطوع مثنى مثنى.
الباب الحادي والعشرون: باب جواز التنفل جالسًا والجمع بين القيام والجلوس في الركعة الواحدة.
الباب الثاني والعشرون: باب النهي عن التطوع بعد الإقامة.
الباب الثالث والعشرون: باب الأوقات المنهي عن الصلاة فيها.
الباب الرابع والعشرون: باب الرخصة في إعادة الجماعة وركعتي الطواف في كل وقت.
ثاني عشر: أبواب سجود التلاوة والشكر:
الباب الأول: باب مواضع السجود في الحج و (ص) والمفصل.
الباب الثاني: باب قراءة السجدة في صلاة الجهر والسر.
الباب الثالث: باب سجود المستمع إذا سجد التالي وأنَّه إذا لم يسجد لم يسجد.
الباب الرابع: باب السجود على الدابة وبيان أنه لا يجب بحال.
الباب الخامس: باب التكبير للسجود وما يقول فيه.
الباب السادس: باب سجدة الشكر.
ثالث عشر: أبواب سجود السهو:
الباب الأول: باب ما جاء فيمن سلم من نقصان.
الباب الثاني: باب من شك في صلاته.
الباب الثالث: باب من نسي التشهد الأول حتى انتصب قائمًا لم يرجع.
الباب الرابع: باب من صلى الرباعية خمسًا.
الباب الخامس: باب التشهد لسجود السهو بعد السلام.
رابع عشر: أبواب صلاة الجماعة:
الباب الأول: باب وجوبها والحث عليها.
الباب الثاني: باب حضور النساء المساجد وفضل صلاتهن في بيوتهن.
الباب الثالث: باب فضل المسجد الأبعد والكثير الجمع.
الباب الرابع: باب السعي إلى المسجد بالسكينة.
الباب الخامس: باب ما يؤمر به الإمام من التخفيف.
الباب السادس: باب إطالة الإمام الركعة الأولى وانتظار من أحسّ به داخلًا يدرك الركعة.
الباب السابع: باب وجوب متابعة الإمام والنهي عن مسابقته.
الباب الثامن: باب انعقاد الجماعة باثنين أحدهما صبي أو امرأة.
الباب التاسع: باب انفراد المأموم لعذر.
الباب العاشر: باب انتقال المنفرد إمامًا في النوافل.
الباب الحادي عشر: باب الإمام ينتقل مأمومًا إذا استخلف فحضر مستخلفه.
الباب الثاني عشر: باب من مصلى في المسجد جماعة بعد إمام الحي.
الباب الثالث عشر: باب المسبوق يدخل مع الإمام على أي حال كان، ولا يعتد بركعة لا يدرك ركوعها.
الباب الرابع عشر: باب المسبوق يقضي ما فاته إذا سلم إمامه من غير زيادة.
الباب الخامس عشر: باب من صلى ثم أدرك جماعة فليصلها معهم نافلة.
الباب السادس عشر: باب الأعذار في ترك الجماعة.
[عاشرًا] أبواب السترة أمام المصلي وحكم المرور دونها
[الباب الأول] باب استحباب الصلاة إلى السترة والدنوّ منها والانحراف قليلًا عنها والرخصة في تركها
1/ 871 - (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ [رضي الله عنه]
(1)
قالَ: قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُم فَلْيُصَلّ إلى سُتْرَةٍ وَلْيَدْنُ مِنْها". رَوَاهُ أَبُو دَاودَ
(2)
وابْنُ مَاجَهْ)
(3)
. [حسن]
الحديث [في إسناده محمد بن عجلان
(4)
وبقية رجاله رجال الصحيح.
وقد أخرج أبو داود
(5)
من حديث سهل بن أبي حثمة بمعناه، و]
(6)
أخرجه أيضًا النَّسَائِي
(7)
.
(1)
زيادة من المخطوط (ج).
(2)
في سننه رقم (698).
(3)
في سننه رقم (954).
(4)
"وثقه أحمد، وابن معين، وابن عيينة، وأبو حاتم. وروى عباس، عن ابن معين، قال: ابن عجلان أوثق من محمد بن عمر، وما يشك في هذا أحد.
قال الحاكم: أخرج له مسلم في كتابه ثلاثة عشر حديثًا كلها شواهد. وقد تكلم المتأخرون من أئمتنا في سوء حفظه". "الميزان" (3/ 644 - 647 رقم 7938).
وحكم الألباني على حديث أبي سعيد بأنه حسن الإسناد.
(5)
في سننه رقم (695).
قلت: وأخرجه أحمد (4/ 2) والنسائي في "المجتبى"(2/ 62) وفي السنن الكبرى رقم (826) وابن خزيمة رقم (803) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 458) وفي "مشكل الآثار" رقم (2613) وابن حبان رقم (2373) والطبراني في الكبير رقم (5624) والحاكم (1/ 251 - 252) والبيهقي (2/ 272) وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وهو حديث صحيح.
(6)
ما بين الحاصرتين سقط من (ج).
(7)
في "المجتبى"(2/ 62)، وفي السنن الكبرى رقم (826) وقد تقدم.
قال أبو داود في سننه
(1)
: وقد اختلف في إسناده، وقد بيّن ذلك الاختلاف.
قوله: (فليصل إلى سترة) فيه أن اتخاذ السترة واجب
(2)
.
ويؤيده حديث أبي هريرة الآتي
(3)
.
وحديث سبرة بن معبد الجهني عند الحاكم
(4)
، وقال: على شرط مسلم بلفظ: "ليستتر أحدكم في الصلاة ولو بسهم".
قوله: (وليدن منها) فيه مشروعية الدنوّ من السترة حتى يكون مقدار ما بينهما ثلاثة أذرع كما سيأتي.
(1)
في سننه (1/ 447): "رواه واقد بن محمد، عن صفوان، عن محمد بن سهل عن أبيه.
أو عن محمد بن سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال بعضهم: عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد، واختلف في إسناده" اهـ.
وقال البيهقي (2/ 272): "قد أقام إسناده سفيان بن عيينة وهو حافظ حجة".
قلت: فلا يضر هذا الاختلاف في صحة الحديث، والله أعلم.
(2)
قال الشوكاني رحمه الله في "السيل الجرار"(1/ 393) بتحقيقي: "
…
وأكثرُ الأحاديث مشتملةٌ على الأمر بها، وظاهرُ الأمر الوجوبُ، فإن وُجِدَ ما يصرِفُ هذه الأوامِرَ عن الوجوب إلى الندب فذاك، ولا يصلُحُ للصَّرْفِ قولُه صلى الله عليه وسلم:"فإنه لا يضرُّه مما مرَّ بين يديه" - وهو حديث ضعيف سيأتي تخريجه رقم (6/ 876) من كتابنا هذا - لأنَّ تجنب المصلي لما يضرُّه في صلاته ويُذهِبُ بعضَ أجرِها واجب عليه" اهـ.
(3)
برقم (6/ 876) من كتابنا هذا.
(4)
في المستدرك (1/ 252) من طريق عبد الملك بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة الجهني، عن أبيه، عن جده.
فيه تحريف ولعل الصواب: من طريق عبد الملك وهو أخو عبد العزيز، فتحرفت أخو إلى ابن، والله أعلم.
قلت: وأخرجه أحمد (3/ 404) وابن خزيمة رقم (810) والطبراني في الكبير رقم (6539) و (6540) و (6541) والبغوي في شرح السنة رقم (502) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 270).
قلت: إسناده حسن من أجل عبد الملك بن الربيع، فقد روى عنه جمع، ووثقه العجلي، وقال الذهبي: صدوق إن شاء الله. وأخرج له مسلم متابعة. وضعفه ابن معين، وبقية رجاله ثقات رجال مسلم.
والحكمة في الأمر بالدنو أن لا يقطع الشيطان عليه صلاته، كما أخرجه أبو داود
(1)
في هذا الحديث متصلًا بقوله: "وليدن منها".
والمراد بالشيطان: المار بين يدي المصلي كما في حديث: "فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان"
(2)
.
قال في شرح المصابيح
(3)
: معناه: يدنو من السترة حتى لا يوسوس الشيطان عليه صلاته.
وسيأتي سبب تسمية المار شيطانًا والخلاف فيه.
2/ 872 - (وَعَنْ عَائِشةَ [رضي الله عنها]
(4)
أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ في غَزْوَةِ تبوكَ عَنْ سُتْرَةِ المصلي، فقالَ:"كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
(5)
. [صحيح]
قوله: (كمؤخرة الرحل) قال النوويُّ
(6)
: المؤخَّرةُ بضم الميم وكسر الخاء وهمزة ساكنة، ويقالُ: بفتح الخاءِ مع فتح الهمزة وتشديد الخاء، مع إسكان الهمزة وتخفيف الخاء، ويقالُ: آخِرةُ الرحْلِ، بهمزةٍ ممدودةٍ وكسر الخاء.
فهذه أربع لغات وهي: العودُ الذي في آخر الرحل الذي يستند إليه الراكب من كور البعير، وهي قدر عظم الذراع وهو نحو ثلثي ذراع.
والحديث يدل على مشروعية السترة.
قال النووي
(7)
: ويحصل بأي شيء أقامه بين يديه قال العلماء: والحكمة في السترة كف البصر عما وراءها ومنع من يجتاز بقربه.
3/ 873 - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله عنهما] (4) قالَ: كانَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا خَرَجَ يَوْمَ العيدِ يَأْمُرُ بالحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فيُصَلِّي إلَيْهَا والنَّاسُ وَرَاءَهُ وكان يَفْعَلُ ذلِكَ في السَّفَرِ. مُتَّفَقٌ عليهِ)
(8)
. [صحيح]
(1)
في سننه رقم (698).
(2)
وهو حديث صحيح. سيأتي تخريجه رقم (10/ 880).
(3)
"مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"(2/ 489 - 490).
(4)
زيادة من (ج).
(5)
في صحيحه رقم (244/ 500).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 216).
(7)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 216).
(8)
أخرجه أحمد (2/ 142) والبخاري رقم (494) ومسلم رقم (501). =
قوله: (يأمر بالحربة) أي يأمر خادمه بحمل الحربة. وفي لفظ لابن ماجه
(1)
: وذلك أن المصلَّى كان فضاءً ليس فيه شيء يستُره.
قوله: (والناس) بالرَّفع عطفًا على فاعِل فيصلي.
قوله: (وكان يفعلُ ذلكَ) أي نصبُ الحربة بين يديه حيثُ لا يكونُ جدارٌ.
والحديثُ يدلُّ على مشروعيَّةِ اتخاذِ السُّترةِ في الفضاءِ وملازمَةِ ذلكَ في السفرِ، وعلى أن السُّترةَ تحصل بكل شيء يُنْصَبُ تُجاهَ المصلِّي وإنْ دقَّ
(2)
.
4/ 874 - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ [رضي الله تعالى عنه]
(3)
قالَ: كانَ بَيْنَ مُصلَّى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الْجِدَارِ مَمَرُّ شَاةٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(4)
. [صحيح]
وفي حَديثِ بِلَالٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَصَلَّى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ
(5)
وَالنَّسائِيُّ
(6)
. [صحيح]
وَمَعْنَاهُ لِلْبُخَارِيّ
(7)
مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ). [صحيح]
[حديثُ بلال رجالُه رجالُ الصحيح]
(8)
.
قوله: (وبينَ الجدارِ) أي جدار المسجد مما يلي القبلة وقد صرح بذلك البخاري في الاعتصام
(9)
.
= قلت: وأخرجه أبو داود رقم (687) وابن ماجه رقم (1305) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 269) من طرق.
(1)
في سننه رقم (1305) وقد تقدم.
(2)
قال ابن قدامة في "المغني"(3/ 83): "فأما قدْرُها في الغِلَظِ والدِّقَّة فلا حدَّ له نعلمه، فإنه يجوز أن تكون دقيقة كالسهم والحربة، وغليظة كالحائِط
…
".
(3)
زيادة من (ج).
(4)
لم أقف عليه في مسند أحمد من حديث سهل بن سعد في الموضعين (3/ 433 -
…
) (5/ 330 -
…
).
وأخرجه البخاري رقم (496) ومسلم رقم (508).
(5)
في المسند (6/ 13).
(6)
في "المجتبى"(2/ 63)، وهو حديث صحيح.
(7)
في صحيحه رقم (506).
(8)
ما بين الحاصرتين سقط من (ج).
(9)
رقم الحديث (7334): "عن سهل أنه كان بين جدار المسجد مما يلي القبلة، وبين المنبر ممرٌّ للشاة".
قوله: (ممر شاة) بالرفع وكان تامة أو ناقصة والخبر محذوف أو الظرف الخبر، وأعربه الكرماني
(1)
بالنصب على أن الممر خبر كان واسمها نحو قدر المسافة. قال: والسياق يدل عليه.
وروى الإسماعيلي
(2)
من طريق أبي عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة: [قال]
(3)
: "كان المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بينه وبين حائط القبلة إلا قدر ما تمر العنز".
وأصله في البخاري
(4)
.
قال ابن بطال
(5)
: هذا أقل ما يكون بين المصلي وسترته يعني قدر ممر الشاة.
وقيل: أقل ذلك ثلاثة أذرع لحديث ابن عمر عن بلال الذي أشار إليه المصنف
(6)
. ولفظه في البخاري
(7)
عن نافع: "أن عبد الله كان إذا دخل الكعبة مشى قِبَلَ وجهِهِ حين يدخل وجَعلَ البابَ قِبَلَ ظهره فمشى حتى يكون بينَهُ وبين الجدار الذي قِبل وجهِهِ قريبٌ من ثلاثةِ أذرع صلى، يتوخَّى المكانَ الذي أخبره به بلالٌ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه".
وجمع الداوودي
(8)
بأن أقلَّه ممر الشاة وأكثرُهُ ثلاثةُ أذرع.
وجمع بعضهم بأن ممر الشاة في حال القيامِ، والثلاثةَ الأذرُعِ في حال الركوعِ والسجودِ، كذا قالَ ابنُ رسلانَ (8)، والظاهِرُ أن الأمر بالعكس.
قال ابن الصلاح (8): قدروا ممر الشاة بثلاثة أذرع.
قال الحافظ
(9)
: ولا يخفى ما فيه.
قال ابن رسلان: وثلث ذراع أقرب إلى المعنى من ثلاثة أذرع.
(1)
في شرحه للبخاري (2/ ج 4/ 152 - 153).
(2)
ذكر الحافظ في "الفتح"(1/ 575).
(3)
زيادة من المخطوط (ج).
(4)
في صحيحه رقم (497) ومسلم رقم (509) عن سلمة، به.
(5)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 130).
(6)
تقدم خلال الحديث (4/ 874) من كتابنا هذا.
(7)
في صحيحه رقم (506).
(8)
ذكر ذلك الحافظ في "الفتح"(1/ 575).
(9)
في "الفتح"(1/ 575).
قال البغوي
(1)
: استحب أهل العلم الدنوّ من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر إمكان السجود، وكذلك بين الصفوف. اهـ.
5/ 875 - (وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله [رضي الله عنه]
(2)
قالَ: كُنَّا نُصَلِّي وَالدَّوَابُّ تَمُرُّ بَيْنَ أيْدِيْنَا، فَذَكَرْنَا ذلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ:"مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ ما مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ". رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
وَمُسْلِمٌ
(4)
وَابْنُ مَاجَهْ)
(5)
. [صحيح]
قوله: (مثل مؤخرة الرحل) قد تقدم
(6)
ضبطه وتفسيره.
قوله: (بين يدي أحدكم) هذا مطلق والأحاديث التي فيها التقدير بممر الشاة وبثلاثة أذرع مقيدة لذلك.
قوله: (ثم لا يضره ما مر بين يديه) لأنَّه قد فعل المشروع من الإعلام بأنه يصلي.
والمراد بقوله: "لا يضره" الضرر الراجع إلى نقصان صلاة المصلي.
وفيه إشعار بأنه لا ينقص من صلاة من اتخذ سترة بمرور من مر بين يديه شيء وحصول النقصان إن لم يتخذ ذلك وسيأتي الكلام فيه.
وقد قيد بما إذا كان منفردًا أو إمامًا.
وأما إذا كان مؤتمًا فسترة الإمام سترة له. وقد بوَّب البخاري
(7)
وأبو داود
(8)
لذلك.
وأخرج الطبراني في الأوسط
(9)
عن أنس مرفوعًا: "سترة الإمام سترة لمن
(1)
في "شرح السنة"(2/ 447).
(2)
زيادة من (ج).
(3)
في المسند (1/ 161).
(4)
في صحيحه رقم (242/ 499).
(5)
في السنن رقم (940).
قلت: وأخرجه البزار رقم (939) وأبو يعلى رقم (630) وابن خزيمة رقم (805)(842) وابن حبان رقم (2380) والبيهقي (2/ 269).
وهو حديث صحيح.
(6)
عند الحديث رقم (2/ 872) من كتابنا هذا.
(7)
في صحيحه (2/ 571 - مع الفتح) رقم الباب (90): باب سترة الإمام سترة من خلفه.
(8)
في سننه (1/ 455) رقم الباب (111) عند الحديث رقم (708) باب سترة الإمام سترة من خلفه.
(9)
رقم (465). =
خلفه"، وفي إسناده سويد بن عاصم
(1)
، وقد تفرّد به وهو ضعيف.
وأخرج نحوه عبد الرزاق
(2)
عن ابن عمر موقوفًا عليه.
وروى عبد الرزاق
(3)
التفرقة بين من يصلي إلى سترة أو إلى غير سترة عن عمر.
لأن الذي يصلي إلى غير سترة مقصِّر بتركها، لا سيما إن صلَّى إلى شارع المشاة.
6/ 876 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رضي الله عنه]
(4)
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَل تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَاِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصَا فَلْيَخُطَّ خَطًّا وَلَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ". رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
، وَأبُو دَاودَ
(6)
، وابنُ مَاجَهْ
(7)
. [ضعيف]
= وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 62) وقال: "وفيه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف".
(1)
بل هو سويد بن عبد العزيز كما في الأوسط، ومجمع الزوائد، والميزان (2/ 251) والجرح والتعديل (4/ 239). وما في المخطوط (أ)، (ب) خطأ.
• سويد بن عبد العزيز بن نمير السلمي مولاهم الدمشقي: متروك. ضعفه غير واحد.
وقال أحمد: متروك الحديث. وقال ابن معين والنسائي: ليس بثقة، وقال البخاري: فيه نظر لا يحتمل توفي سنة (194 هـ).
(2)
في "المصنف"(2/ 18 رقم 2317).
(3)
في "المصنف"(5/ 12 رقم 2304).
(4)
زيادة من (ج).
(5)
في المسند (2/ 249).
(6)
في السنن رقم (689).
(7)
في السنن رقم (943).
قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (2361) والطيالسي (ص 338 رقم 2592) والبيهقي (2/ 270) والبغوي في "شرح السنة"(2/ 451 رقم 541) وقال: في إسناده ضعف.
قال السيوطي في "تدريب الراوي"(1/ 264): "وقد حكى تضعيف هذا الحديث عن ابن عيينة، فقال عنه: لم نجد شيئًا نشد به هذا الحديث، ولم يجئ إلا من هذا الوجه.
وضعفه الشافعي والبيهقي، والنووي في الخلاصة" اهـ.
وقال ابن عبد البر في "التمهيد"(4/ 199): "وهذا الحديث عند أحمد بن حنبل ومن قال بقوله: حديث صحيح. وإليه ذهبوا، ورأيت أن علي بن المديني كان يصحح هذا الحديث ويحتج به، وقال أبو جعفر الطحاوي إذا ذكر هذا الحديث: أبو عمرو بن محمد بن حُريث، هذا مجهول، وجده أيضًا مجهول. ليس لهما ذكر في غير هذا الحديث، ولا يحتج بمثل هذا من الحديث" اهـ.
الحديث أخرجه أيضًا ابن حبان وصححه
(1)
، والبيهقي
(2)
وصححه أحمد وابن المديني فيما نقله ابن عبد البر في الاستذكار
(3)
.
وأشار إلى ضعفه سفيان بن عيينة والشافعي والبغوي وغيرهم
(4)
.
قال الحافظ
(5)
: وأورده ابن الصلاح مثالًا للمضطرب، ونوزع في ذلك.
قال في بلوغ المرام
(6)
: ولم يصب من زعم أنه مضطرب بل حسن.
قوله: (فليجعل تلقاء وجهه شيئًا) فيه أن السترة لا تختص بنوع بل كل شيء ينصبه المصلي تلقاء وجهه يحصل به الامتثال كما تقدم.
قوله: (فلينصب) بكسر الصاد: أي يرفع [أو يُقيم]
(7)
.
قوله: (عصا) ظاهره عدم الفرق بين الرقيقة والغليظة
(8)
.
ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "استتروا في صلاتكم ولو بسهم"، الحديث المتقدم
(9)
.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "يجزي من السترة قدر مؤخرة الرحل ولو بدقةِ شعرة"، أخرجه الحاكم
(10)
وقال: على شرطهما.
(1)
في صحيحه رقم (2361) وقد تقدم.
(2)
في سننه الكبرى (2/ 270) وقد تقدم.
(3)
(6/ 175) رقم (8490) وفي "التمهيد"(4/ 199).
(4)
كما في "تدريب الراوي"(1/ 264) للسيوطي.
(5)
في "التلخيص"(1/ 518).
(6)
أثر الحديث رقم (8/ 222) بتحقيقي.
(7)
في المخطوط (ب): (أو يقم).
(8)
ذكره ابن قدامة في المغني (3/ 83).
(9)
من حديث سبرة بن معبد الجهني بسند حسن خلال شرح الحديث رقم (1/ 871) من كتابنا هذا.
(10)
في المستدرك (1/ 252) وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه مفسرًا بذكر دقة الشعر".
قلت: ليس على شرطهما، ولا قريبًا منه محمد بن القاسم الأسدي، لم يخرج له أحد منهما وهو ضعيف جدا.
قال أبو داود: غير ثقة ولا مأمون أحاديثه موضوعة، وقال الدارقطني: كذاب.
وقال أحمد: محمد بن القاسم أحاديثه موضوعة ليس بشيء.
والذهبي ترجمه في "الميزان"(4/ 11)، وأورد هذا الحديث فيما أنكر عليه.
انظر: التاريخ الكبير (1/ 1/ 214) والجرح والتعديل (4/ 1/ 65) والمجروحين (2/ 287) =
قوله: (فإن لم يكن معه عصا) هكذا لفظ أبي داود
(1)
وابن حبان
(2)
، ولفظ ابن ماجه
(3)
: "فإن لم يجد".
قوله: (فليخط) هذا لفظ ابن ماجه (3)، ولفظ أبي داود (1):"فليخطط".
وصفة الخط ما ذكره أبو داود في سننه
(4)
قال: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن وصف الخط غير مرة فقال: هكذا عرضًا مثل الهلال.
وسمعت مسددًا قال: بل الخط بالطول. اهـ.
فاختار أحمد
(5)
أن يكون مقوّسًا كالمحراب ويصلي إليه كما يصلي في المحراب.
واختار مسدد أن يكون مستقيمًا من بين يديه إلى القبلة.
قال النووي
(6)
في كيفيته: المختار ما قاله الشيخ أبو إسحاق أنه إلى القبلة لقوله في الحديث: "تلقاء وجهه".
واختار في التهذيب أن يكون من المشرق إلى المغرب.
ولم ير مالك ولا عامة الفقهاء الخط، كذا قال القاضي عياض
(7)
، واعتذروا عن الحديث بأنه ضعيف مضطرب.
وقالوا: الغرض الإعلام وهو لا يحصل بالخط.
واختلف قول الشافعي
(8)
، فروي عنه استحبابه، وروي عنه عدم ذلك. وقال جمهور أصحابه باستحبابه.
= والكامل (6/ 2273) والضعفاء الكبير للعقيلي (4/ 126) والتقريب (2/ 201).
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف جدًّا والله أعلم.
(1)
في سننه رقم (689) وقد تقدم.
(2)
في صحيحه رقم (2361) وقد تقدم.
(3)
في سننه رقم (943). وقد تقدم.
(4)
(1/ 444).
(5)
ذكره ابن قدامة في "المغني"(3/ 86).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 216 - 217).
(7)
في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 414).
(8)
قال البيهقي: هذا الحديث أخذ به الشافعي في القديم، وسنن حرملة، وقال في البويطي: =
قوله: (ولا يضره ما مرّ بين يديه)، لفظ أبي داود
(1)
: "ثم لا يضره ما مرَّ أمامه"، ولفظ ابن حبان
(2)
: "من مرَّ أمامه"، وقد تقدم الكلام على هذا.
7/ 877 - (وَعَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ [رضي الله عنه]
(3)
أَنَّهُ قالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى إلَى عُودٍ وَلَا عَمُودٍ، وَلَا شَجَرَةٍ إلَّا جَعَلَهُ على حاجِبِهِ الأيْسَرِ أَوِ الأَيْمَنِ، وَلَا يَصْمُدُ لَهُ صَمْدًا)
(4)
. [ضعيف]
8/ 878 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيءٌ
(5)
. رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ). [ضعيف]
الحديث الأول في إسناده أبو عبيدة الوليد بن كامل البجلي الشامي
(6)
.
= "ولا يخط بين يديه خطًا إلا أن يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع".
ثم قال البيهقي: إنما توقف الشافعي في الحديث لاختلاف الرواة عن إسماعيل بن أمية أحد رواته. "المجموع (3/ 225) والمهذب (1/ 234)].
• وقال ابن قدامة في "المغني"(3/ 86): "وقال الشافعي بالخط في العراق، وقال بمصر: لا يخط المصلي خطًا، إلا أن يكون فيه سنة تتبع" اهـ.
(1)
في سننه رقم (689) وقد تقدم.
(2)
في صحيحه رقم (2361) وقد تقدم.
(3)
زيادة من (ج).
(4)
أخرجه أحمد (6/ 4) وأبو داود رقم (693).
قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير (ج 20 رقم 610) والبغوي في شرح السنة رقم (538) وابن عدي في الكامل (7/ 2542) والبيهقي (2/ 272) من طرق.
بإسناد ضعيف جدًّا، الوليد بن كامل عنده عجائب، والمهلَّب بن حُجْر وضباعة مجهولان، وانظر:"بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام"(3/ 351 - 353 رقم 1099).
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
أخرجه أحمد (1/ 224).
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 278) وأبو يعلى في المسند رقم (2601) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 273). وفي سنده الحجاج بن أرطاة: مدلس وقد عنعن وباقي رجاله ثقات.
وأخرج أبو داود في سننه رقم (718) من حديث ابن عباس ولفظه: "فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة"، وضعفه المحدث الألباني رحمه الله.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف من طريق أحمد وكذلك من طريق أبي داود، والله أعلم.
(6)
ضعيف. انظر: "الميزان"(4/ 341) و"المغني"(2/ 723) ولسان الميزان (6/ 223).
قال المنذري
(1)
: وفيه مقال.
وقال في التقريب
(2)
: لين الحديث.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا النَّسَائِي
(3)
.
قال المنذري
(4)
: وذكر بعضهم أن في إسناده
(5)
مقالًا.
قوله: (إلى عود) هو واحد العيدان.
قوله: (ولا عمود) هو واحد العمد.
قوله: (الأيسر أو الأيمن) قال ابن رسلان: ولعل الأيمن أولى ولهذا بدأ به في الحديث، يعني في رواية أبي داود
(6)
وعكس ذلك المصنف، ولعلها رواية أحمد
(7)
.
ويكفي في دعوى الأولوية حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله
(8)
.
وفي الحديث استحباب أن تكون السترة على جهة اليمين أو اليسار.
قوله: (ولا يصمد) بفتح أوّله وضم ثالثه، والصمد في اللغة
(9)
: القصد، يقال: أصمد صمد فلان، أي [قصد]
(10)
قصده: أي لا يجعله قصده الذي يصلي إليه تلقاء وجهه.
(1)
في "المختصر"(1/ 341).
(2)
رقم الترجمة (7450).
(3)
في "المجتبى"(2/ 65) بنحوه.
(4)
في "المختصر"(1/ 350).
(5)
قلت: والمقال هو أن عباس بن عبيد الله بن عباس: لم يوثقه غير ابن حبان (5/ 258).
وقال ابن القطان: لا يعرف حاله.
وجزم ابن حزم في "المحلى"(4/ 13) بأنه لم يدرك عمه الفضل، ووافقه على ذلك الحافظ في "تهذيب التهذيب"(2/ 291).
وقال أبو الأشبال أحمد شاكر: وهذا عندي متجه؛ لأن الفضل مات سنة (12) أو (18) فكان سن أخيه عبيد الله حين وفاته (13) سنة أو (19) سنة على الأكثر، فأنى يكون له ولد مميز يُدرك عمَّه الفضل ويسمع منه.
(6)
في سننه رقم (693).
(7)
في المسند (6/ 4).
قلت: عند أبي داود وأحمد البدء باليمين والمصنف عكسها.
(8)
وهو حديث متفق عليه، تقدم برقم (49/ 211) من كتابنا هذا.
(9)
القاموس المحيط ص 375 والنهاية (3/ 52).
(10)
في (ب): (أقصد).
قوله: (صلى في فضاء ليس بين يديه شيء)، فيه دليل على أن اتخاذ السترة غير واجب فيكون قرينة لصرف الأوامر إلى الندب
(1)
.
ولكنه قد تقرّر في الأصول
(2)
أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاصّ بنا، وتلك الأوامر السابقة خاصة بالأمة فلا يصلح هذا الفعل أن يكون قرينة لصرفها.
(فائدة) أعلم أن ظاهر أحاديث الباب عدم الفرق بين الصحارى والعمران وهو الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من اتخاذه السترة سواء كان في الفضاء أو في غيره.
وحديث: "أنه كان بين مصلَّاه وبين الجدار ممرّ شاة"
(3)
، ظاهر أن المراد في مصلَّاه في مسجده؛ لأن الإضافة للعهد.
وكذلك حديث صلاته في الكعبة المتقدّم
(4)
، فلا وجه لتقييد مشروعية السترة بالفضاء
(5)
.
[الباب الثاني] باب دفع المارِّ وما عليه مِنَ الإثم والرخصةِ في ذلكَ للطائِفينَ بالبيتِ
9/ 879 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله عنهما]
(6)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِذَا كَانَ
(1)
قلت: لو صح الحديث لكان قرينة صارفة من الوجوب إلى الندب ولكنه ضعيف كما علمت.
(2)
قال الشوكاني رحمه الله في كتابه: "إرشاد الفحول" ص 170 بتحقيقي: "أن يكون القول مختصًا بالأمة، وحينئذٍ فلا تعارض لأن القول والفعل لم يتواردا على محل واحد".
وانظر: الإحكام للآمدي (1/ 248).
(3)
تقدم: برقم (874) من كتابنا هذا.
(4)
تقدم: برقم (874) من كتابنا هذا أيضًا.
(5)
قال المحدث الألباني رحمه الله تعالى في "تمام المنة"(ص 300): "
…
القول بالاستحباب ينافي الأمر بالسترة في عدة أحاديث
…
وفي بعضها النهي عن الصلاة إلى غير سترة، وبهذا ترجم له ابن خزيمة في صحيحه، فروى هو ومسلم عن ابن عمر مرفوعًا: "لا تصل إلا إلى سترة
…
". أن مما يؤكد وجوبها أنها سبب شرعي لعدم بطلان الصلاة بمرور المرأة البالغة، والحمار، والكلب الأسود، كما صح ذلك في الحديث، ولمنع المار من المرور بين يديه، وغير ذلك من الأحكام المرتطبة بالسترة، وقد ذهب إلى القول بوجوبها الشوكاني
…
وهو الظاهر من كلام ابن حزم في "المحلى"(4/ 8 - 15) "اهـ.
(6)
زيادة من (ج).
أحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَع أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِيْنَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ
(1)
ومُسْلِمٌ
(2)
وابْنُ مَاجَهْ)
(3)
. [صحيح]
10/ 880 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيْدٍ [رضي الله عنه]
(4)
قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان"، رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلَّا التّرْمِذِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ)
(5)
. [صحيح]
قوله: (إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع)، هذا مطلق مقيد بما في حديث أبي سعيد
(6)
من قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره"، فلا يجوز الدفع والمقاتلة إلا لمن كان له سترة.
قال النووي
(7)
: واتفقوا على أن هذا كله لمن لم يفرّط في صلاته بل احتاط وصلى إلى سترة أو في مكان يأمن المرور بين يديه.
قوله: (فلا يدع أحدًا يمر بين يديه) ظاهر النهي التحريم.
قوله: [(فإن أبى]
(8)
فليقاتله) [و](7) فيه أنه يدافعه أوّلًا بما دون القتل فيبدأ بأسهل الوجوه ثم ينتقل إلى الأشدّ فالأشدّ إلى حدّ القتل.
قال القاضي عياض
(9)
والقرطبي
(10)
: وأجمعوا على أنه لا يلزمه أن يقاتله
(1)
في المسند (2/ 86).
(2)
في صحيحه رقم (506).
(3)
في سننه رقم (955).
قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير رقم (13573) وأبو عوانة (2/ 43) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 461) وابن حبان رقم (2370) والحاكم (1/ 251) وابن خزيمة رقم (800)، (820) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 268) من طرق، وهو حديث صحيح.
(4)
زيادة من (ج).
(5)
أخرجه أحمد (3/ 34) و (3/ 43 - 44) والبخاري رقم (509) ومسلم رقم (258/ 505) وأبو داود رقم (697) والنسائي (2/ 66) وأبو عوانة (2/ 43) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 460) وفي "شرح مشكل الآثار" رقم (2610) وابن حبان رقم (2367) و (2368) والبيهقي (2/ 267) وغيرهم، وهو حديث صحيح.
(6)
رقم (10/ 880) من كتابنا هذا.
(7)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 223).
(8)
زيادة من المخطوط (أ).
(9)
في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 419).
(10)
في "المفهم"(2/ 105).
بالسلاح لمخالفة ذلك لقاعدة الإقبال على الصلاة والاشتغال بها.
وأطلق جماعة من الشافعية أن له أن يقاتله حقيقة، واستبعد ذلك ابن العربي
(1)
وقال: المراد بالمقاتلة المدافعة.
وأغرب الباجي
(2)
فقال: يحتمل أن يكون المراد بالمقاتلة اللعن أو التعنيف.
وتعقبه الحافظ
(3)
بأنه يستلزم التكلم في الصلاة وهو مبطل بخلاف الفعل اليسير.
وقد روى الإسماعيلي
(4)
بلفظ: "فإن أبى فليجعل يده في صدره وليدفعه" وهو صريح في الدفع باليد.
وكذلك فعل أبو سعيد بالغلام الذي أراد أن يجتاز بين يديه فإنه دفعه في صدره ثم عاد فدفعه أشدّ من الأولى كما في البخاري
(5)
وغيره.
ونقل البيهقي
(6)
عن الشافعي أن المراد بالمقاتلة دفع أشدّ من الدفع الأوّل.
قال القاضي عياض
(7)
: فإن دفعه بما يجوز فهلك فلا قود عليه باتفاق العلماء.
وهل تجب دية أم يكون هدرًا؟ مذهبان للعلماء، وهما قولان في مذهب مالك
(8)
.
وحكى القاضي عياض (7) وابن بطال
(9)
الإجماع على أنه لا يجوز له المشي
(1)
في كتابه "القبس"(1/ 344).
(2)
في كتابه "المنتقى"(1/ 275).
(3)
في "الفتح"(1/ 583).
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 583) ونسبه للإسماعيلي.
(5)
في صحيحه رقم (509) وقد تقدم في رقم (10/ 880) من كتابنا هذا.
(6)
في "معرفة السنن والآثار"(3/ 186) قال البيهقي: "قال الشافعي في الجديد: قوله "فليقاتله" يعنى فليدفعه".
وانظر: "فتح الباري"(1/ 583).
(7)
في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 419).
(8)
في الاستذكار (6/ 164 رقم 8417). وانظر: "المفهم"(2/ 105).
(9)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 137).
من مكانه ليدفعه ولا العمل الكثير في مدافعته؛ لأن ذلك أشدّ في الصلاة من المرور.
قال الحافظ
(1)
: وذهب الجمهور إلى أنه إذا مرّ ولم يدفعه فلا ينبغي له أن يردّه لأن فيه إعادة للمرور.
قال: وروى ابن أبي شيبة
(2)
عن ابن مسعود وغيره أن له ذلك.
قال النووي
(3)
: لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بوجوب هذا الدفع.
وتعقبه الحافظ
(4)
بأنه قد صرّح بوجوبه أهل الظاهر. اهـ.
وظاهر الحديث معهم.
قوله: (فإن معه القرين)، في القاموس
(5)
القرين: المقارن والصاحب، والشيطان المقرون بالإنسان لا يفارقه وهو المراد هنا.
قوله: (فإنما هو شيطان).
قال الحافظ
(6)
: إطلاق الشيطان على المارّ من الإنس شائع ذائع، وقد جاء في القرآن قوله تعالى:{شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ}
(7)
، وسبب إطلاقه عليه أنه فعل فعل الشيطان.
وقيل: معناه إنما حمله على مروره وامتناعه من الرجوع الشيطان.
وقال ابن بطال
(8)
: في هذا الحديث جواز إطلاق لفظ الشيطان على من يفتن في الدين.
قال الحافظ
(9)
: وهو مبني على أن لفظ الشيطان يطلق حقيقة على الإنسي ومجازًا على الجني، وفيه بحث.
وقيل: المراد بالشيطان القرين كما في الحديث الأوّل.
وقد استنبط ابن أبي [جمرة]
(10)
من قوله: "فإنما هو شيطان" أن المراد
(1)
في "فتح الباري"(1/ 583).
(2)
في "المصنف"(1/ 282).
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 223).
(4)
في "فتح الباري"(1/ 584).
(5)
القاموس المحيط (ص 1579).
(6)
في "الفتح"(1/ 584).
(7)
سورة الأنعام: الآية (112).
(8)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 137).
(9)
في "الفتح"(1/ 584).
(10)
في المخطوط (ب): (حمزة).
بالمقاتلة: المدافعة اللطيفة لا حقيقة القتال؛ لأن مقاتلة الشيطان إنما هي بالاستعاذة والتستر عنه بالتسمية ونحوها.
قال: وهل المقاتلة لخللٍ يقع في صلاة المصلي من المرور أو لدفع الإثم عن المار؟ الظاهر الثاني. اهـ.
قال الحافظ
(1)
: وقال غيره: بل الأوّل أظهر؛ لأن إقبال المصلي على صلاته أولى من اشتغاله بدفع الإثم عن غيره.
وقد روى ابن أبي شيبة
(2)
عن ابن مسعود أن المرور بين يدي المصلي يقطع نصف صلاته.
وروى أبو نعيم
(3)
عن عمر: "لو يعلم المصلي ما ينقص من صلاته بالمرور بين يديه ما صلى إلا إلى شيء يستره من الناس".
قال
(4)
: "فهذان الأثران مقتضاهما أن الدفع لخلل يتعلق بصلاة المصلي ولا يختص بالمار وهما وإن كانا موقوفين لفظًا فحكمهما حكم الرفع لأن مثلهما لا يقال بالرأي". اهـ.
11/ 881 - (وَعَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي جُهَيْمٍ عَبْدِ الله بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِيّ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَي المُصَلِّي ماذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ".
قالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِي قالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً. رَوَاهُ الجَمَاعَةُ)
(5)
. [صحيح]
(1)
في "الفتح"(1/ 584).
(2)
في "المصنف"(1/ 282) وقد تقدم.
(3)
نسبه الحافظ في "الفتح"(1/ 584) لأبي نعيم.
(4)
أي الحافظ في "الفتح"(1/ 584).
(5)
أخرجه أحمد (4/ 169) والبخاري رقم (510) ومسلم رقم (507) وأبو داود رقم (701) والترمذي رقم (336) والنسائي (2/ 66) وابن ماجه رقم (944).
قوله: (ماذا عليه) في رواية للبخاري: "من الإثم" تفرد بها الكشميهني
(1)
.
قال الحافظ
(2)
: ولم أرها في شيء من الروايات مطلقًا.
قال: فيحتمل أن تكون ذكرت في أصل البخاري حاشيةً فظنها الكشميهني أصلًا.
وقد أنكر ابن الصلاح في مشكل الوسيط
(3)
على من أثبتها.
قوله: (لكان أن يقف أربعين) يعني لو علم المار مقدار الإثم الذي يلحقه من مروره بين يدي المصلي لاختار أن يقف المدة المذكورة حتى لا يلحقه ذلك الإثم.
فجواب لو: قوله: "لكان أن يقف".
وقال الكرماني
(4)
: جواب لو ليس هو المذكور، بل التقدير: لو يعلم ما عليه لوقف أربعين، ولو وقف أربعين لكان خيرًا له.
قال الحافظ
(5)
: وليس ما قاله متعينًا.
قوله: (أربعين) ذكر الكرماني (4) لتخصيص الأربعين بالذكر حكمتين:
(إحداهما): كون الأربعة أصل جميع الأعداد، فلما أريد التكثير ضربت في عشرة. (ثانيهما): كون كمال أطوار الإنسان بأربعين كالنطفة والمضغة والعلقة، وكذا بلوغ الأشد.
قال الحافظ (5): ويحتمل غير ذلك.
وفي سنن ابن ماجه
(6)
وابن حبان في صحيحه
(7)
من حديث أبي هريرة: "لكان أن يقف مائة عام خيرًا له من الخطوة التي خطاها".
(1)
كما في "فتح الباري"(1/ 585).
(2)
في "الفتح"(1/ 585).
(3)
في "مشكل الوسيط"(2/ 182 - الوسيط).
(4)
في شرحه للبخاري (4/ 163).
(5)
في "الفتح"(1/ 585).
(6)
في سننه رقم (946).
(7)
في صحيحه رقم (2365).
قلت: وأخرجه أحمد (2/ 371) وابن خزيمة رقم (814) والطحاوي في مشكل الآثار رقم (87) من طرق عن عبيد الله بن عبد الرحمن، عن عمه عن أبي هريرة، به.
وهو حديث ضعيف لجهالة عبيد الله بن مَوْهَب.
وهذا مشعر بأن إطلاق الأربعين للمبالغة في تعظيم الأمر لا لخصوص عدد معين.
وفي مسند البزار
(1)
: "لكان أن يقف أربعين خريفًا".
قوله: (خيرًا له) روي بالنصب على أنه خبر كان وبالرفع على أنه اسم كان وهي رواية الترمذي
(2)
.
قال في الفتح
(3)
: ويحتمل أن يكون اسمها ضمير الشأن والجملة خبرها.
قوله: (قال أبو النضر إلى آخره) فيه إبهام ما على المارّ من الإثم زجرًا له.
والحديث يدل على أن المرور بين يدي المصلي من الكبائر الموجبة للنار وظاهره عدم الفرق بين صلاة الفريضة والنافلة.
12/ 882 - (وَعَنِ المُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ [رضي الله عنه]
(4)
أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِمَّا يَلِي بَابَ بَنِي سَهْمٍ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ
(5)
وَأَبُو دَاوُدَ
(6)
.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
(7)
وَالنَّسَائِيُّ
(8)
، وَلَفْظَهُما: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا فَرَغَ مِنْ سُبْعِهِ جَاءَ حَتَّى يُحَاذِيَ بِالرُّكْنِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ أَحَدٌ). [ضعيف]
الحديث من رواية كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة عن بعض أهله عن جدّه، ففي إسناده مجهول
(9)
.
والمطلب وأبوه لهما صحبة، وهما من مسلمة الفتح.
قوله: (والناس يمرون بين يديه)، فيه دليل على أن مرور المار بين يدي المصلي مع عدم اتخاذ السترة لا تبطل صلاته.
(1)
(1/ 62 - مجمع الزوائد) وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح.
(2)
في سننه رقم (336).
(3)
(1/ 586).
(4)
زيادة من (ج).
(5)
في المسند (6/ 399).
(6)
في السنن رقم (2016).
(7)
في السنن رقم (2958).
(8)
في السنن (5/ 235).
وهو حديث ضعيف لجهالة الواسطة بين كثير وجده.
(9)
وهي الواسطة بين كثير وجده.
قوله: (وليس بينهما سترة) قال سفيان: يعني ليس بينه وبين الكعبة سترة.
وفيه دليل على عدم وجوب السترة
(1)
، ولكن قد عرفت أن فعله صلى الله عليه وسلم لا رض القول الخاص بنا.
قوله: (من سُبْعِهِ)
(2)
بضم السين المهملة وسكون الباء بعدها عين مهملة: من أشواطه السبعة.
قوله: (في حاشية المطاف) أي جانبه.
[الباب الثالث] باب من صلى وبين يديه إنسان أو بهيمة
13/ 883 - (عَنْ عَائِشةَ قالَتْ: كانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ
(1)
الحديث ضعيف كما تقدم فلا تقوم به الحجة. فالسترة واجبة كما تقدم.
وقد استدل بعضهم بالحديث على جواز المرور بين يدي المصلي في مسجد مكة خاصة.
وبعضهم أطلق. ومن تراجم النَّسَائِي للحديث "باب الرخصة في ذلك"، يعني المرور بين يدي المصلي وسترته. ولا يخفى عليك فساد هذا الاستدلال وذلك لوجوه:
(الأول): ضعف الحديث.
(الثاني): مخالفة الحديث لعموم الأحاديث التي توجب على المصلي أن يصلي إلى سترة، وكذا الأحاديث التي تنهى عن المرور.
(الثالث): أن الحديث ليس فيه التصريح بأن الناس كانوا يمرون بينه صلى الله عليه وسلم وبين موضع سجوده، فإن هذا هو المقصود من المرور المنهي عنه على الراجح من أقوال العلماء.
ثم وقفتُ - أي الألباني رحمه الله بعد ذلك على بعض الآثار الصحيحة عن غير واحد من الصحابة تؤيد ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، وأنها تشمل المرور في مسجد مكة.
1 -
عن صالح بن كيسان قال: "رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة، ولا يدع أحدًا يمر بين يديه"، رواه أبو زرعة في "تاريخ دمشق"(1/ 91) وابن عساكر (8/ 206/ 2) بسند صحيح.
2 -
عن يحيى بن أبي كثير قال: "رأيت أنس بن مالك دخل المسجد الحرام فركز شيئا، أو هيأ شيئًا يصلي إليه"، رواه ابن سعد في "الطبقات"(7/ 18) بسند صحيح.
"سلسلة الأحاديث الضعيفة (2/ 327 - 328) باختصار".
(2)
ذكر ابن الهمام في "فتح القدير" رواية ابن ماجه لكن تحرف عليه قوله: "سُبْعِهِ" إلى "سعيه"! فاستدل على استحباب صلاة ركعتين بعد السعي. وهي بدعة محدثة لا أصل لها في السنة كما نبه على ذلك غير واحد من الأئمة كأبي شامة وغيره، كما ذكرته في رسالتي الجديدة "مناسك الحج والعمرة في الكتاب والسنة وآثار السلف" فقرة (69).
[الضعيفة](2/ 328)].
وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ اعْتِرَاضَ الجَنَازَةِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْتُ. رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ)
(1)
. [صحيح]
قوله: (صلاته من الليل) أي صلاة التطوع.
قوله: (وأنا معترضة بينه وبين القبلة)، زاد أبو داود
(2)
: "راقدة"، وفيه دلالة على جواز الصلاة إلى النائم من غير كراهة.
وقد ذهب مجاهد (3) وطاوس
(3)
ومالك
(4)
والهادوية
(5)
إلى كراهة الصلاة إلى النائم خشية ما يبدو منه مما يلهي المصلي عن صلاته.
واستدلوا بحديث ابن عباس عند أبي داود
(6)
وابن ماجه
(7)
بلفظ: "لا تصلوا خلف النائم والمتحدّث"، وقد قال أبو داود
(8)
: طرقه كلها واهية.
(1)
أخرجه أحمد (6/ 192) والبخاري رقم (512) ومسلم رقم (512) وأبو داود رقم (711) والنسائي (1/ 101) وابن ماجه رقم (956).
وهو حديث صحيح.
(2)
في سننه رقم (711).
(3)
ذكر ابن بطال في شرحه للبخاري (2/ 140) قول مجاهد وطاووس.
(4)
انظر: "التمهيد"(21/ 166 - 167)، و"الاستذكار"(5/ 194).
(5)
انظر: "البحر الزخار"(1/ 207).
(6)
في سننه رقم (694).
(7)
في سننه رقم (959).
(8)
قال ذلك في نهاية الحديث رقم (1485) وقال الخطابي: "عبد الله بن يعقوب لم يُسمِّ من حدَّثه عن محمد بن كعب، وإنما رواه عن محمد بن كعب رجلان كلاهما ضعيفان: تمام بن بزيع، وعيسى بن ميمون. وقد تكلم فيهما يحيى بن معين والبخاري.
ورواه أيضًا عبد الكريم أبو أمية عن مجاهد عن ابن عباس. وعبد الكريم متروك الحديث.
قال أحمد: ضربنا عليه فاضربوا عليه. قال يحيى بن معين: ليس بثقة ولا يحمل عنه.
وعبد الكريم هذا أبو أمية البصري وليس بالجزري، وعبد الكريم الجزري أيضًا ليس في الحديث بذلك إلا أن البصري تالف جدا.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى وعائشة نائمة معترضة بينه وبين القبلة.
وأما الصلاة إلى المتحدثين فقد كرهها الشافعي وأحمد، وذلك من أجل أن كلامهم يشغل المصلي عن صلاته.
وكان ابن عمر لا يصلي خلف رجل يتكلم إلا يوم الجمعة"، من معالم السنن للخطابي (1/ 445 - 446 - هامش السنن).
والحديث فيما يبدو ضعيف، وقد حسنه الألباني رحمه الله في الإرواء رقم (375).
وقال النووي
(1)
: هو ضعيف باتفاق الحفاظ.
وفي الباب عن أبي هريرة عند الطبراني
(2)
.
وعن ابن عمر عند ابن عديّ
(3)
وهما واهيان.
قوله: (فإذا أراد أن يوتر) فيه مشروعية جعل الوتر آخر صلاة الليل، وسيأتي الكلام عليه.
قوله: (فأوترت) فيه دليل على ما قاله النووي في شرح المهذّب
(4)
أن من لم يكن له تهجد ووثق باستيقاظه آخر الليل فيستحب له تأخير الوتر ليفعله آخر الليل، وسيأتي إن شاء الله تعالى البحث عن ذلك.
وفي الحديث دليل على أن المرأة لا تقطع الصلاة، وسيأتي أيضًا الكلام فيه.
قال المصنف
(5)
بعد أن ساقَ الحديث: وهو حجة في جواز الصلاة إلى النائم. اهـ.
14/ 884 - (وَعَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّها كانَتْ تَكُون حائِضًا لَا تُصَلِّي، وَهِيَ مُفْتَرِشَةٌ بِحِذَاء مَسْجِدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي على خُمْرَتِهِ، إِذَا سَجَدَ أَصَابَنِي بَعْضُ ثَوْبِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(6)
. [صحيح]
(1)
في شرح المهذب (3/ 231).
(2)
في "الأوسط" رقم (5246) مرفوعًا بلفظ: "نُهِيتُ أنْ أُصلِّيَ خلفَ المتحدِّثين، والنيام".
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 62) وقال: "وفيه محمد بن عمرو بن علقمة، واختلف في الاحتجاج به".
قال الحافظ في "التقريب" رقم (6188): محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، المدني: صدوق له أوهام
…
".
وقال المحرران: بل صدوق حسن الحديث، كما قال الذهبي، فقد وثقه النَّسَائِي، وابن معين في أكثر الروايات، وقال يحيى بن سعيد القطان: صالح ليس بأحفظ الناس للحديث. وقال أبو حاتم: صالح الحديث، يكتب حديثه،
…
وإنما روى له البخاري مقرونًا بغيره، ومسلم في المتابعات".
(3)
لم أقف عليه في الكامل.
(4)
(3/ 508).
(5)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 512).
(6)
أخرجه أحمد (6/ 330) والبخاري رقم (379) ومسلم رقم (513). =
قوله: (بحذاء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
في رواية للبخاري
(1)
: "حيال مصلى النبي صلى الله عليه وسلم"، وفي أخرى له
(2)
: "وأنا إلى جنبه نائمة"، ومعنى الروايات واحد.
قوله: (على خمرته) هي السجادة، وقد تقدم ضبطها وتفسيرها.
قوله: (أصابني بعض ثوبه) في رواية للبخاري
(3)
: "أصابني ثوبه"، وفي أخرى له
(4)
: "أصابني ثوبه"
(5)
، وفي أخرى له
(6)
: "فربما وقع ثوبه"، وفي أخرى له أيضًا
(7)
: "فربما وقع ثيابه".
والحديث يدل على أنه لا كراهة إذا أصاب ثوب المصلي امرأته الحائض.
وقد تقدم الكلام في ذلك.
وساقه المصنف هنا للاستدلال به على صحة صلاة من صلَّى وبين يديه إنسان، ولا دلالة في الحديث على ذلك لأن غاية ما فيه أنها كانت بحذاء مسجده صلى الله عليه وسلم وهو لا يستلزم أن تكون بين يديه.
وقد استدل به على أن المرأة لا تقطع الصلاة
(8)
.
قال ابن بطال
(9)
: هذا الحديث وشبهه من الأحاديث التي فيها اعتراض المرأة بين المصلي وقبلته تدل على جواز القعود لا على جواز المرور.
15/ 885 - (وَعَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ [رضي الله عنه]
(10)
قالَ: زارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
= قلت: وأخرجه أبو داود رقم (656) وابن ماجه رقم (958) والطبراني في الكبير (ج 24/ رقم 1، 2، 10، 51، 54)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 107) من طرق.
(1)
رقم (517).
(2)
للبخاري رقم (518).
(3)
رقم (379).
(4)
قال الحافظ في "الفتح"(1/ 593): وللمستملي والكشميهني "ثيابه" وللأصيلي: "أصابتني ثيابه".
(5)
في (ج): ثيابه.
(6)
للبخاري رقم (517).
(7)
قال الحافظ في "الفتح"(1/ 593): وللمستملي والكشميهني "ثيابه" وللأصيلي: "أصابتني ثيابه".
(8)
انظر: "المغني"(3/ 98 - 99).
(9)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 143).
(10)
زيادة من (ج).
عَبَّاسًا في بَادِيَةٍ لنَا وَلنَا كُلَيْبَةٌ وَحِمَارَةٌ تَرعى فَصَلَّى رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم العَصْرَ وَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمْ يُؤَخَّرَا وَلَمْ يُزْجَرَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ
(1)
وَالنَّسَائِيُّ
(2)
، وَلِأَبِي دَاوُدَ مَعْنَاهُ)
(3)
. [ضعيف]
الحديث [في إسناده عند أبي داود والنسائي: محمد بن عمر بن عليّ
(4)
، والعباس بن عبيد الله بن العباس
(5)
، وهما صدوقان.
و]
(6)
قال المنذري
(7)
: ذكر بعضهم أن في إسناده مقالًا
(8)
.
قوله: (زار النبي صلى الله عليه وسلم إلخ) فيه مشروعية زيارة الفاضل للمفضول.
قوله: (في بادية لنا) الباديةُ: البدْوُ، [وهو]
(9)
خلاف الحضر.
قوله: (كُلَيْبَةٌ) بلفظ التصغير، وروايةُ أبي داود
(10)
: "كَلْبَةٌ" بالتكبير.
قوله: (وحمارة) قال في المفاتيح
(11)
: التاء في حمارة وكلبة للإفراد كما يقال: تمر وتمرة، ويجوز أن تكون للتأنيث.
قال الجوهري
(12)
: وربما قالوا: حمارة، والأكثر أن يقال للأنثى: أتان.
الحديث استدل به على أن الكلب والحمار لا يقطعان الصلاة
(13)
.
وقد اختلف في ذلك.
وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعد هذا.
وليس في هذا الحديث ذكر نعت الكلب بكونه أسود، ولا ذكر أنهما مرّا بين يديه، وكونهما بين يديه لا يستلزم المرور الذي هو محل النزاع.
(1)
في المسند (1/ 211).
(2)
في سننه (2/ 65).
(3)
في سننه رقم (718).
(4)
قال الحافظ في "التقريب" رقم (6170): "محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب: صدوق، من السادسة، وروايته عن جدِّه مرسلةٌ
…
".
(5)
عباس بن عبيد الله بن عباس لم يوثقه غير ابن حبان (5/ 258) وقال ابن القطان: لا يعرف حاله. وجزم ابن حزم في المحلى (4/ 13) بأنه لم يدرك عمه الفضل.
(6)
ما بين الحاصرتين سقط من (ج).
(7)
في "المختصر"(1/ 350).
(8)
انظر تخريج الحديث رقم (778) من كتابنا هذا.
(9)
في (ب): (وهي).
(10)
في سننه رقم (718) وقد تقدم.
(11)
في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"(2/ 490).
(12)
في "الصحاح"(2/ 636).
(13)
انظر: "المغني"(3/ 100 - 102).
[الباب الرابع] باب ما يقطع الصلاة بمروره
16/ 886 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رضي الله عنه]
(1)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأةُ وَالْكَلْبُ وَالحِمَارُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ
(2)
وَابْنُ مَاجَهْ
(3)
وَمُسْلِمٌ
(4)
وَزَادَ: "وَيَقِي مِنْ ذَلِكَ مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ". [صحيح]
17/ 887 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُغَفَّلٍ [رضي الله عنه] (1) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأة وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ
(5)
وابْنُ مَاجَهْ)
(6)
. [صحيح لغيره]
18/ 888 - (وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ [رضي الله عنه] (1) قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا كانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتهُ، الْمَرْأةُ وَالْحِمَارُ والْكَلْبُ الأَسْوَدُ".
قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ: ما بَالُ الْكَلْبِ الأَسْوَدِ مِنَ الْكَلْبِ الأَحْمَرِ مِنَ الكَلْبِ الأَصْفَرِ؟ قالَ: يَا ابْنَ أَخِي سَأَلْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم كما سَأَلْتَنِي، فقالَ:"الْكَلْبُ الأَسْوَدُ شَيْطَان". رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ)
(7)
. [صحيح]
حديث عبد الله بن مغفل رواه ابن ماجه (5) من طريق جميل بن
(1)
زيادة من (ج).
(2)
في المسند (2/ 299).
(3)
في سننه رقم (950).
(4)
في صحيحه رقم (511).
وهو حديث صحيح.
(5)
في المسند (4/ 86).
(6)
في السنن رقم (951).
قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (2386).
وهو حديث صحيح لغيره.
(7)
أخرجه أحمد (5/ 149) ومسلم رقم (510) وأبو داود رقم (702) والترمذي رقم (338) والنسائي (2/ 63) وابن ماجه رقم (952).
الحسن
(1)
وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات.
وفي الباب عن الحكم الغفاري عند الطبراني في المعجم الكبير
(2)
بلفظ حديث عبد الله بن مغفل.
وعن أنس عند البزار
(3)
بلفظ: "يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة".
قال العراقي: ورجاله ثقات.
وعن أبي سعيد أشار إليه الترمذي
(4)
.
وعن ابن عباس عند أبي داود
(5)
وابن ماجه
(6)
بلفظ: "يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض" ولم يقل أبو داود: الأسود.
وقد روي موقوفًا على ابن عباس
(7)
.
وعن ابن عباس حديث آخر مرفوع عند أبي داود
(8)
، وزاد فيه:"الخنزير واليهودي والمجوسي".
وقد صرح أبو داود أن ذكر الخنزير والمجوسي فيه نكارة، قال
(9)
: ولم أسمع هذا الحديث إلا من محمد بن إسماعيل وأحسبه وهم لأنَّه كان يحدثنا من حفظه. اهـ.
(1)
قال الحافظ في "التقريب" رقم (970) جميل بن الحسن بن جميل العتكي الجهضمي، أبو الحسن البصري، نزيل الأهواز: صدوق يخطئ أفرط فيه عبدان
…
" وانظر: "الميزان" (1/ 423 رقم 1555).
(2)
(3/ 211 رقم 3161).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 60) وقال: "وفيه عمر بن رديح ضعفه أبو حاتم، ووثقه ابن معين وابن حبان، وبقية رجاله ثقات".
(3)
في المسند رقم (582 - كشف).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 60) وقال: (ورجاله رجال الصحيح).
(4)
في سننه (2/ 162).
(5)
في السنن رقم (703).
(6)
في السنن رقم (949).
وهو حديث صحيح.
(7)
أخرجه النَّسَائِي في السنن الكبرى (1/ 408 رقم 829) موقوفًا على ابن عباس.
(8)
في السنن رقم (704). وهو حديث ضعيف.
(9)
في السنن (1/ 453 - 454).
وعن عبد الله بن عمرو عند أحمد
(1)
قال: "بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض أعلى الوادي يريد أن يصلي قد قام وقمنا إذ خرج علينا حمار من شعب، فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكبر وأجرى إليه يعقوب بن زمعة حتى رده". قال العراقي: وإسناده صحيح.
وعن عائشة عند أحمد
(2)
قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقطع صلاة المسلم شيء إلا الحمار والكافر والكلب والمرأة، [فقالت عائشة]
(3)
: لقد قُرنَّا بدواب سوء". قال العراقي: ورجاله ثقات.
وأحاديث الباب تدل على أن الكلب والمرأة والحمار تقطع الصلاة، والمراد بقطع الصلاة إبطالها.
وقد ذهب إلى ذلك جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة وأنس
(4)
وابن عباس
(5)
في رواية عنه، وحكي أيضًا عن أبي ذر، وابن عمر، وجاء عن ابن عمر أنه قال به في الكلب
(6)
، وقال به الحكم بن عمرو الغفاري في الحمار.
وممن قال من التابعين بقطع الثلاثة المذكورة: الحسن البصري
(7)
، وأبو الأحوص
(8)
صاحب ابن مسعود.
(1)
في المسند (2/ 204) بسند ضعيف منقطع. عمرو بن شعيب لم يدرك عبد الله بن عمرو.
ونص على انقطاعه الحافظ ابن حجر في أطراف المسند (4/ 77).
(2)
في المسند (6/ 84 - 85) بسند ضعيف وفي متنه نكارة.
(3)
زيادة من (ب) و (ج).
(4)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 101 ث 2463) عن أن بن مالك قال: يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي داود وغندر عن شعبة (1/ 281).
(5)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 102 - 103 ث 2469): عن ابن عباس قال: يقطع الصلاة الكلب، والمرأة الحائض.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 27 رقم 2353).
(6)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 101 ث 2465) عن نافع أن ابن عمر مر بين يديه كلب أصفر وهو في الصلاة فأعاد الصلاة.
(7)
أخرج له ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 281) من طريق سالم عن الحسن قال: يقطع الصلاة الكلب والمرأة والحمار.
(8)
أخرج له ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 281) من طريق زياد بن فياض عنه قال: يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب.
ومن الأئمة أحمد بن حنبل
(1)
فيما حكاه عنه ابن حزم الظاهري
(2)
.
وحكى الترمذي
(3)
عنه أنه [يخصص]
(4)
بالكلب الأسود، ويتوقف في الحمار والمرأة.
قال ابن دقيق العيد
(5)
: وهو أجود مما دل عليه كلام الأثرم من جزم القول عن أحمد بأنه لا يقطع المرأة والحمار.
وذهب أهل الظاهر
(6)
أيضًا إلى قطع الصلاة بالثلاثة المذكورة إذا كان الكلب والحمار بين يديه، سواء كان الكلب والحمار مارًّا أم غيرَ مارّ، وصغيرًا أم كبيرًا، حيًّا أم ميتًا، وكون المرأة بين يدي الرجل مارة أم غيرَ مارةٍ، صغيرة أم كبيرة، إلا أن تكون مضطجعة معترضة.
وذهب إلى أنه يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض: ابن عباس
(7)
وعطاء بن أبي رباح
(8)
، واستدلا بالحديث السابق عند أبي داود
(9)
وابن ماجه
(10)
بلفظ: "يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض"، ولا عذر لمن يقول: يحمل المطلق على المقيد من ذلك، وهم الجمهور
(11)
.
وأما من يعمل بالمطلق وهم الحنفية وأهل الظاهر فلا يلزمهم ذلك
(12)
.
(1)
انظر: "المغني"(3/ 97 - 101)، و"الاستذكار"(6/ 179 - 181)، والمجموع (3/ 229).
(2)
في "المحلى"(4/ 11).
(3)
في السنن (2/ 163).
قلت: وانظر مسائل أحمد لأبي داود (ص 44)، ومسائل أحمد لابنه عبد الله (ص 102).
(4)
في المخطوط (ب)(يخصصه).
(5)
في "إحكام الأحكام"(2/ 44).
(6)
في "المحلى"(8/ 4 مسألة رقم 385).
(7)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 281) قال ابن عباس: يقطع الصلاة الكلب الأسود، والمرأة الحائض.
(8)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 26) رقم (2347) عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: ماذا يقطع الصلاة؟ قال: المرأة الحائض والكلب الأسود.
(9)
في السنن رقم (703).
(10)
في السنن رقم (949).
وهو حديث صحيح.
(11)
انظر: "إرشاد الفحول"(ص 542) بتحقيقي.
(12)
قاله ابن برهان في "الأوسط" كما في "البحر المحيط"(3/ 418).
وقال ابن العربي
(1)
: إنه لا حجة لمن قيد بالحائض لأن الحديث ضعيف.
قال: وليست حيضة المرأة في يدها ولا بطنها ولا رجلها.
قال العراقي
(2)
: إن أراد بضعفه ضعف رواته فليس كذلك فإن جميعهم ثقات، وإن أراد به كون الأكثرين وقفوه على ابن عباس فقد رفعه شعبة
(3)
، ورفع الثقة مقدم على وقف من وقفه، وإن كانوا أكثر على القول الصحيح في الأصول وعلوم الحديث. انتهى.
وروي عن عائشة أنها ذهبت إلى أنه يقطعها الكلب والحمار والسنور دون المرأة، ولعل دليلها على ذلك ما روته من اعتراضها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم
(4)
.
وقد عرفت أن الاعتراض غير المرور
(5)
.
وقد تقدم عنها أنها روت عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن المرأة تقطع الصلاة"، فهي محجوجة بما روت
(6)
.
ويمكن الاستدلال بحديث أم سلمة الآتي
(7)
وسيأتي ما عليه.
وذهب إسحاق بن راهويه إلى [أن]
(8)
يقطعها الكلب الأسود فقط، وحكاه ابن المنذر عن عائشة
(9)
.
ودليل هذا القول أن حديث ابن عباس الآتي
(10)
أخرج الحمار.
وحديث أم سلمة الآتي (7) أيضًا.
(1)
في "عارضة الأحوذي"(2/ 135).
(2)
انظر: "طرح التثريب"(2/ 602).
(3)
ذكره النسائي في السنن الكبرى (1/ 408 بإثر حديث 829).
(4)
برقم (13/ 883) من كتابنا هذا.
(5)
أخرج البخاري رقم (514) عن عائشة، ذكر عندها ما يقطعُ الصلاة: الكلب والحمار والمرأة، فقالت: شبهتمونا بالحمر والكلاب! واللهِ، لقد رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يُصلي وإني على السرير، بينه وبين القبلة مضطجعةً، فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس، فأوذي النبي صلى الله عليه وسلم فأنسلُّ من عند رجليه.
(6)
أخرج حديثها أحمد في المسند (4/ 84 - 85) بسند ضعيف وفي متنه نكارة. وقد تقدم.
(7)
برقم (19/ 889) من كتابنا هذا.
(8)
في جـ (أنه).
(9)
في الأوسط (5/ 102).
(10)
برقم (21/ 891) من كتابنا هذا.
وكذلك حديث عائشة المتقدم
(1)
أخرج المرأة.
والتقييد بالأسود أخرج ما عداه من الكلاب.
وحديث: "أن الخنزير والمجوسي واليهودي يقطع"[لا تقوم]
(2)
بمثله حجة كما تقدم
(3)
، وفيه أن حديث عائشة المتقدم مشتمل على ذكر الكافر، ورجال إسناده ثقات كما عرفت.
وذهب مالك
(4)
والشافعي
(5)
وحكاه النووي
(6)
عن جمهور العلماء من السلف والخلف، ورواه المهدي في البحر
(7)
عن العترة: أنه لا يبطل الصلاة مرور شيء.
قال النووي
(8)
: وتأوّل هؤلاء هذا الحديث على أن المراد بالقطع نقص الصلاة لشغل القلب بهذه الأشياء وليس المراد إبطالها.
ومنهم من يدّعي النسخ بالحديث الآخر: "لا يقطع الصلاة شيء وادرءوا ما استطعتم"
(9)
.
قال
(10)
: وهذا غير مرضيّ لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع بين الأحاديث وتأويلها وعلمنا التاريخ
(11)
وليس هنا تاريخ، ولا تعذر الجمع والتأويل، بل يتأول على ما ذكرناه، مع أن حديث:"لا يقطع. صلاة المرء شيء" ضعيف. انتهى.
وروي القول بالنسخ عن الطحاوي
(12)
وابن عبد البر
(13)
، واستدلا على
(1)
برقم (13/ 883) من كتابنا هذا.
(2)
في المخطوط (ب): (لا يقوم).
(3)
في حديث عائشة عند أحمد في المسند (4/ 84 - 85) بسند ضعيف وفي متنه نكارة. وقد تقدم.
(4)
الاستذكار (6/ 180 - 181).
(5)
الأم (15/ 125 - اختلاف الحديث).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 227).
(7)
في "البحر الزخار"(1/ 258 - 209).
(8)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 227).
(9)
سيأتي برقم (20/ 890) من كتابنا هذا، وهو حديث ضعيف.
(10)
أي: النووي في شرحه لصحيح مسلم (4/ 227).
(11)
انظر: "إرشاد الفحول"(ص 166 - 167) بتحقيقي، و"البحر المحيط"(4/ 192).
(12)
في شرح معاني الآثار (1/ 463 - 464).
(13)
في "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد"(4/ 120 - 123).
تأخُّرِ تاريخِ حديث ابن عباس الآتي
(1)
بأنه كان في حجة الوداع وهي في سنة عشر وفي آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى تأخر حديث عائشة
(2)
وحديث ميمونة
(3)
المتقدمين.
وحديث أم سلمة الآتي (4) بأن ما حكاه زوجاتُه عنه يعلم تأخره لكون صلاته بالليل عندهن، ولم يزل على ذلك حتى مات خصوصًا مع عائشة مع تكرر قيامه في كل ليلة، فلو حدث شيء مما يخالف ذلك لعلمن به.
وعلى تسليم صحة هذا الاستدلال على التأخر لا يتم به المطلوب من النسخ.
أما أولًا فقد عرفت أن حديث عائشة (2) وميمونة (3) خارجان عن محل النزاع وحديث أم سلمة (4) أخص من المتنازع فيه لأن الذي فيه مرور الصغيرة بين يديه صلى الله عليه وسلم وحديث ابن عباس (1) ليس فيه إلا مرور الأتان فهو أخص من الدعوى.
وأما ثانيًا فالخاص بهذه الأمور لا يصلح لنسخ ما اشتمل على زيادة عليها لما تقرر من وجوب بناء العام على الخاص مطلقًا.
وأما ثالثًا فقد أمكن الجمع بما تقدم.
وأما رابعًا فيمكن الجمع أيضًا بأن يحمل حديث عائشة (2) وميمونة (3) وأم سلمة
(4)
على صلاة النفل وهو يغتفر فيه ما لا يغتفر في الفرض
(5)
، على أنه لم ينقل أنه اجتزأ بتلك الصلاة، أو يحمل على أن ذلك وقع في غير حالة الحيض والحكم بقطع المرأة للصلاة إنما هو إذا كانت حائضًا كما تقدم.
وأيضًا قد عرفت أن وقوع ثوبه صلى الله عليه وسلم على ميمونة لا يستلْزم أنها بين يديه فضلًا عن أن يستلزم المرور.
(1)
برقم (21/ 891) من كتابنا هذا.
(2)
تقدم برقم (13/ 883) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم برقم (14/ 884) من كتابنا هذا.
(4)
برقم (19/ 889) من كتابنا هذا.
(5)
قال ابن قدامة في "المغني"(2/ 101): "فصل: ولا فرق في بُطلان الصلاة بين الفرض والتطوع، لعموم الحديث في كل صلاة، ولأن مبطلات الصلاة يتساوى فيها الفرض والتطوع في غير هذا، فكذلك في هذا، وقد روي عن أحمد كلام يدل على التسهيل في التطوع والصحيح التسوية، وقد قال أحمد: يحتجون في حديث عائشة بأنه في التطوع، وما أعلم بين التطوع والفريضة فرقًا إلَّا أن التطوع يصلى على الدابة" اهـ.
وكذلك اعتراض عائشة
(1)
لا يستلزم المرور.
ويحمل حديث ابن عباس
(2)
على أن صلاته صلى الله عليه وسلم كانت إلى [سترة]
(3)
، ومع وجود السترة لا يضر مرور شيء من الأشياء المتقدمة.
كما يدل على ذلك قوله في حديث أبي هريرة
(4)
: "ويقي من ذلك مثل مؤخرة الرحل".
وقوله في حديث أبي ذر
(5)
: "فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل".
ولا يلزم من نفي الجدار كما سيأتي في حديث ابن عباس (2) نفي سترة أخرى من حربة أو غيرها كما ذكره العراقي
(6)
.
ويدل على هذا أن البخاري بوّب على هذا الحديث باب سترة الإمام سترة لمن خلفه
(7)
. فاقتضى ذلك صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى سترة.
لا يقال: قد ثبت في بعض طرقه عند البزار بإسناد صحيح [قاله العراقي]
(8)
بلفظ: "ليس شيء بسترة تحول بيننا وبينه"، لأنا نقول: لم ينف السترة مطلقًا، إنما نفي السترة التي تحول بينهم وبينه كالجدار المرتفع الذي يمنع الرؤية بينهما، وقد صرح بمثل هذا العراقي
(9)
.
ولو سلم أن هذا يدل على نفي السترة مطلقًا لأمكن الجمع بوجه آخر ذكره ابن دقيق العيد
(10)
، وهو أن قول ابن عباس كما سيأتي (2) (ولم ينكر ذلك على أحد) ولم يقل: ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك يدل على أن المرور كان بين يدي بعض الصف، ولا يلزم من
(11)
ذلك اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم لجواز أن يكون الصف ممتدًا ولا يطلع عليه.
(1)
تقدم برقم (13/ 883) من كتابنا هذا.
(2)
الآتي برقم (21/ 891) من كتابنا هذا.
(3)
في المخطوط (ب): (سترته).
(4)
تقدم برقم (16/ 886) من كتابنا هذا.
(5)
تقدم برقم (18/ 888) من كتابنا هذا.
(6)
في طرح التثريب (2/ 599).
(7)
البخاري في صحيحه (2/ 571 - مع الفتح - رقم الباب 90).
(8)
زيادة من المخطوط (أ).
(9)
في طرح التثريب (2/ 599).
(10)
في "إحكام الأحكام"(2/ 43).
(11)
في المخطوط (جـ): (من) مكررة.
لا يقال: إن قوله: "أحد" يشمل النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لا معنى للاستدلال بعدم الإنكار من غير النبي صلى الله عليه وسلم مع حضرته.
ولو سلم اطلاعه صلى الله عليه وسلم على ذلك كما ورد في بعض روايات الصحيح
(1)
بلفظ: "فَلَمْ يُنْكَرْ ذلِكَ عليّ" بالبناء للمجهول لم يكن ذلك دليلًا على الجواز؛ لأن ترك الإنكار إنما كان لأجل أن الإمام سترة للمؤتمين كما تقدم وسيأتي.
ولا قطع مع السترة لما عرفت.
ولو سلم صحة الاستدلال بهذا الحديث على الجواز وخلوصه من شوائب هذه الاحتمالات لكان غايته أن الحمار لا يقطع الصلاة ويبقى ما عداه.
وأما الاستدلال بحديث: "لا يقطع الصلاة شيء"
(2)
فستعرف عدم انتهاضه للاحتجاج.
ولو سلم انتهاضه فهو عام مخصص بهذه الأحاديث.
أما عند من يقول: إنه يبنى العام على الخاص مطلقًا فظاهر
(3)
.
وأما عند من يقول: إن العام المتأخر ناسخ فلا تأخر لعدم العلم بالتاريخ
(4)
، ومع عدم العلم يبنى العام على الخاص عند الجمهور
(5)
.
وقد ادعى أبو الحسين
(6)
الإجماع على ذلك.
وأما على القول بالتعارض بين العام والخاص مع جهل التاريخ كما هو مذهب جمهور الزيدية
(7)
والحنفية والقاضي عبد الجبار والباقلاني
(8)
، فلا شك أن الأحاديث الخاصة فيما نحن بصدده أرجح من هذا الحديث العام.
(1)
البخاري رقم (76) ومسلم رقم (254/ 504) من حديث ابن عباس.
(2)
سيأتي برقم (20/ 890) من كتابنا هذا، وهو حديث ضعيف.
(3)
انظر: "البحر المحيط"(3/ 199).
(4)
انظر: "اللمع"(ص 22)، والمعتمد (1/ 256 - 258).
(5)
انظر: "إرشاد الفحول"(ص 458 - 459) بتحقيقي.
(6)
في "المعتمد"(1/ 262).
(7)
المصدر السابق (1/ 260 - 261).
(8)
"البحر المحيط"(3/ 199).
إذا تقرر لك ما أسلفنا عرفت أن الكلب الأسود والمرأة الحائض يقطعان الصلاة.
ولم يعارض الأدلة القاضية بذلك معارض إلا ذلك العموم وعلى المذهب الثاني، وقد عرفت أنه مرجوح.
وكذلك يقطع الصلاة الخنزير والمجوسي واليهودي إن صح الحديث الوارد بذلك
(1)
.
وقد تقدم ما يؤيده ويبقى النزاع في الحمار.
وقد أسلفنا في ذلك ما فيه كفاية. وأما المرأة غير الحائض والكلب الذي ليس بأسود فقد عرفت الكلام فيهما
(2)
. انتهى.
19/ 889 - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ [رضي الله عنها]
(3)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُصَلِّي في حِجْرَتِهَا، فَمَرَّ بَيْنَ يدَيْهِ عَبْدُ الله أَوْ عُمَرُ، فقالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَرَجَعَ، فَمَرَّتْ ابْنَةُ أُمّ سَلَمَةَ، فقالَ بِيدِهِ هكَذَا فَمَضَتْ؛ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قالَ:"هُنَّ أَغْلَبُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ
(4)
وابْنُ مَاجَهْ)
(5)
. [ضعيف]
(1)
وهو حديث ضعيف. تقدم تخريجه خلال الحديث رقم (18/ 888) من كتابنا هذا.
(2)
قال الألباني في تمام المنة (ص 307): "
…
وبهذا اتفقت الأحاديث، ووجب القول بأن الصلاة يقطعها الأشياء المذكورة عند عدم السترة. وهو مذهب إمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد قال في خاتمة بحث له في هذه المسألة:
"والذين خالفوا أحاديث القطع للصلاة لم يعارضوها إلا بتضعيف بعضهم، وهو تضعيف من لم يعرف الحديث، كما ذكر أصحابه، أو بأن عارضوها بروايات ضعيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يقطع الصلاة شيء"، أو بما روي في ذلك عن الصحابة، وقد كان الصحابة مختلفين في هذه المسألة، أو برأي ضعيف لو صح لم يقاوم هذه الحجة" اهـ.
القواعد النورانية (ص 9 - 12) وزاد المعاد (1/ 111).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في المسند (6/ 294).
(5)
في السنن رقم (948).
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 283) والطبراني في المعجم الكبير (ج 23 رقم 851).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 321): "هذا إسناد ضعيف، وقع في بعض =
الحديث في إسناده مجهول وهو قيس المدني
(1)
والد محمد بن قيس القاصّ
(2)
، وبقية رجاله ثقات.
قوله: (عبد الله أو عمر) يعني [ابن]
(3)
أبي سلمة.
[قوله: ابنة أبي سلمة: يعني زينب بنت أبي سلمة]
(4)
.
قوله: (هنّ أغلب) أي لا ينتهين لجهلهن.
والحديث يدل على أن مرور الجارية لا يقطع الصلاة، والاستدلال به على ذلك لا يتم إلا بعد تسليم أنه لم يكن له صلى الله عليه وسلم سترة عند مرورها وأنه اعتد بتلك الصلاة، وقد عرفت بقية الكلام على ذلك في شرح الأحاديث التي قبله.
20/ 890 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ [رضي الله عنه] (4) قالَ: قالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَىْءٌ وَادْرَءُوا ما اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ". رَوَاهُ أَبُو دَاود)
(5)
. [ضعيف]
الحديث في إسناده مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني الكوفي
(6)
، وقد تكلم فيه غير واحد، وأخرج له مسلم حديثًا مقرونًا بجماعة من أصحاب الشعبي.
وفي الباب عن ابن عمر عند الدارقطني
(7)
بلفظ: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر قالوا: لا يقطع صلاة المسلم شيء وادرأ ما استطعت"، وفيه إبراهيم بن يزيد
= النسخ عن (أمه) بدل عن "أبيه" واعتمد المزي ذلك، وأخرج الحديث في ترجمة أم محمد بن قيس عن أم سلمة ولم يسمها، وأبوه أيضًا لا يعرف والله أعلم" اهـ.
وضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه.
(1)
قال الحافظ في "التقريب" رقم الترجمة (5602) مجهول من الثالثة.
(2)
قال الحافظ في "التقريب" رقم الترجمة (6245) ثقة من السادسة، وحديثه عن الصحابة مرسل.
(3)
في المخطوط (أ) و (جـ): (ابني).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في سننه رقم (719) وهو حديث ضعيف.
(6)
ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره، التقريب رقم الترجمة (6478).
(7)
في سننه (1/ 367 - 368 رقم 4).
قلت: وأخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 449 رقم 761).
قال ابن الجوزي: إبراهيم الخوزي متروك قاله أحمد والنسائي، وقال يحيى: ليس بشيء.
والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
الخوزي وهو ضعيف
(1)
.
قال العراقي: والصحيح عن ابن عمر ما رواه مالك في الموطأ
(2)
من قوله: "إنه كان يقول: لا يقطع الصلاة شيء مما يمر بين يدي المصلي".
وأخرج الدارقطني
(3)
عنه بإسناد صحيح أنه قال: "لا يقطع صلاة المسلم شيء".
وفي الباب أيضًا عن أنس عند الدارقطني
(4)
بلفظ: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فمر بين أيديهم حمار، فقال عياش بن أبي ربيعة: سبحان الله سبحان الله؛ فلما سلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من المسبِّح آنفًا؟ "، قال: أنا يا رسول الله، إني سمعت أن الحمار يقطع الصلاة، قال: "لا يقطع الصلاة شيء"، وإسناده ضعيف كما قال الحافظ في الفتح
(5)
.
(1)
إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي، قال أحمد والنسائي: متروك، وقال ابن معين: ليس بثقة.
وقال البخاري: سكتوا عنه.
الميزان (1/ 75 رقم الترجمة 254) والكامل (1/ 227) والضعفاء للعقيلي (1/ 70).
(2)
(1/ 156) موقوفًا.
(3)
في السنن (1/ 368 رقم 7). وهو حديث ضعيف.
(4)
في السنن (1/ 367 رقم 3). وهو حديث ضعيف.
• قال ابن الجوزي في "التحقيق"(3/ 52): "
…
ففيه صخر بن عبد الله، قال ابنُ عديِّ: يُحدِّثُ عن الثقات بالأباطيل، عامةُ ما يرويه منكر، أو من موضوعاته. وقال ابن حبان: لا يحل الرواية عنه" اهـ.
وقال الذهبي في "تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق"(1/ 187 - 188): "
…
صخر بن عبد الله بن حرملة - واهٍ -
…
". وقال محققه في الهامش: كتب في حاشية "الأصل": "صخر بن عبد الله بن حرملة ليس بواه؛ بل قال النسائي: هو صالح".
وقال ابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق"(1/ 446): "
…
وصخر بن عبد الله بن حرملة الراوي عن عمر بن عبد العزيز لم يتكلم فيه ابن عدي ولا ابن حبان، بل ذكره ابن حبان في الثقات.
وقال النسائي: هو صالح، وإنما ضعف ابن عدي صخر بن عبد الله الكوفي المعروف بالحاجبي. وهو متأخر عن ابن حرملة، روى عن مالك والليث وغيرهما.
وعلى تقدير ثبوت قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يقطع الصلاة شيء" لا يعارض به حديث أبي ذر وأبي هريرة، وابن مغفل لأنها خاصة فيجب تقديمها على العام" اهـ.
(5)
(1/ 588).
وعن جابر عند الطبراني في الأوسط
(1)
بلفظ: قال صلى الله عليه وسلم: "لا يقطع الصلاة شيء وادرءوا ما استطعتم"، وفي إسناده يحيى بن ميمون التمار وهو ضعيف
(2)
.
وعن أبي أمامة عند الطبراني في الكبير
(3)
، والدارقطني
(4)
، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقطع الصلاة شيء"، وفي إسناده عفير بن معدان وهو ضعيف
(5)
.
وعن أبي هريرة عند الدارقطني
(6)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقطع صلاة المرء امرأة ولا كلب ولا حمار وادرأ ما استطعت".
(1)
رقم (7774) وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 62) وقال: "وفيه يحيى بن ميمون التمار
وهو ضعيف، وقد ذكره ابن حبان في الثقات".
(2)
قال الحافظ في "التقريب" رقم الترجمة (7656): يحيى بن ميمون بن عطاء القرشي، أبو أيوب التمار البصري، نزيل بغداد: متروك. من الثامنة
…
".
وانظر: تهذيب التهذيب (4/ 394).
وخلاصة القول: أن حديث جابر ضعيف، والله أعلم.
(3)
رقم (7688) وأورده الهيثمي في المجمع (2/ 62)، وقال:"إسناده حسن".
(4)
في سننه (1/ 368 رقم 6).
وقال ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق أحاديث التعليق"(1/ 446): وأما الرابع: ففيه عُفير، قال أحمد: ضعيف منكر الحديث، وقال يحيى: ليس بثقة، وقال أبو حاتم الرازي: ليس بشيء.
انظر: "تهذيب التهذيب"(3/ 119 - 120) والضعفاء الكبير للعقيلي (3/ 430) والجرح والتعديل (7/ 36) والمجروحين (2/ 198) والميزان (3/ 83).
والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
انظر: التعليقة المتقدمة آنفًا.
(6)
في سننه (1/ 368 رقم 8).
قلت: وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1/ 449) رقم (763) - قلت: في إسنادهما: إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة - وقال: "وأما الثالث فقال ابن حبان: إسحاق بن أبي فروة قلب إسناد هذا الخبر ومتنه جميعًا، إنما هو عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري - أخرجه البيهقي (2/ 267) - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم يصلي فلا يدعن أحدًا يمر بين يديه فإن أبى فليقاتل فإنما هو شيطان.
فجعل مكان أبي سعيد أبا هريرة، وقلب عنه وجاء بشيء فيه اختراعًا من عنده فضمه إلى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله: لا تقطع الصلاة امرأة ولا كلب ولا حمار .. " اهـ.
والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
وهو من رواية إسماعيل بن عياش، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة
(1)
، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة، فإن صح كان صالحًا للاستدلال به
(2)
على النسخ إن صح تأخُّر تاريخه.
وأما بقية أحاديث الباب فلا تصلح لذلك لأنها على ما فيها من الضعف عمومات مجهولة التاريخ.
وقد قدمنا كيفية العمل فيها على ما تقتضيه الأصول.
وقد أخرج سعيد بن منصور عن عليّ وعثمان
(3)
وغيرهما
(4)
من أقوالهم نحو أحاديث الباب بأسانيد صحيحة.
21/ 891 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رضي الله عنه]
(5)
قالَ: أقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزَتُ الاحْتِلَامَ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفّ فَنَزَلْتُ وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ فَدَخَلْتُ في الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ. رَوَاهُ الجَمَاعَةُ)
(6)
. [صحيح]
قوله: (على أَتان) الأَتان: بهمزة مفتوحة وتاء مثناة من فوق: الأنثى من الحمير، ولا يقال أتانة.
(1)
قال البخاري: تركوه، نهى أحمد عن حديثه، وقال الجوزجاني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا تحل الرواية عندي عن إسحاق بن أبي فروة. وقال أبو زرعة، وغيره: متروك.
انظر: "الميزان"(1/ 193) والتقريب (1/ 59) والمجروحين (1/ 131) والكامل (1/ 320) والتاريخ الكبير (1/ 1/ 396) وغيرهم.
(2)
بل هو ضعيف كما تقدم آنفًا.
(3)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 280) عن علي وعثمان قالا: "لا يقطع الصلاة شيء وادرؤهم عنكم ما استطعتم".
(4)
كابن عمر وحذيفة والقاسم أخرج آثارهم ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 280).
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
أخرجه أحمد (1/ 242) والبخاري رقم (493) ومسلم رقم (504) وأبو داود رقم (715) وابن ماجه رقم (947) والنسائي (2/ 64) والترمذي رقم (337).
قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (2382) وابن خزيمة رقم (833) والحميدي رقم (475) وابن أبي شيبة (1/ 278، 280) وأبو عوانة (2/ 54) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 459) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 276).
والحمار يطلق على الذكر والأنثى كالفرس.
وفي بعض طرق البخاري
(1)
على حمار أتان.
قوله: (ناهزتُ الاحتلام) أي قاربته، من قولهم: نَهَزَ نَهْزًا، أي نهض.
يقال: ناهز الصبي البلوغ: أي داناه.
وقد أخرج البزار
(2)
بإسناد صحيح أن هذه القصة كانت في حجة الوداع كما تقدم.
ففيه دليل على أن ابن عباس كان في حجة الوداع دون البلوغ.
قال العراقي: وقد اختلف في سنه حين توفي النبي صلى الله عليه وسلم.
فقيل: ثلاث عشرة، ويدل له قولهم: إنه ولد في الشِّعْبِ قبل الهجرة بثلاث سنين.
وقيل: كان عمره عشر سنين وهو ضعيف.
وقيل: خمس عشرة، قال أحمد: إنه الصواب
(3)
. انتهى.
وفي البخاري
(4)
عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس: مثل من أنت حين قبض رسول لله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أنا يومئذ مختون، وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك.
قوله: (بين يدي بعض الصف)، زاد البخاري
(5)
: في الحج حتى سرت بين يدي بعض الصف.
قوله: (فلم ينكر ذلك عليَّ أحد).
قال ابن دقيق العيد
(6)
: استدل ابن عباس بترك الإنكار على الجواز ولم يستدل بترك إعادتهم الصلاة؛ لأن ترك الإنكار أكثر فائدة.
(1)
في صحيحه رقم (76).
(2)
لم أقف عليه.
(3)
في المسند (1/ 373) وانظر ترجمة ابن عباس في: "الاستيعاب" رقم (1606) وأسد الغابة رقم (3037) والإصابة رقم (4799).
(4)
في صحيحه رقم (6299). وانظر: التاريخ الكبير (5/ 4 - 5).
(5)
في صحيحه رقم (1857).
(6)
في "إحكام الأحكام"(2/ 45).
قال الحافظ
(1)
: وتوجيهه أن ترك الإعادة يدل على صحتها فقط لا على جواز المرور وترك الإنكار يدل على جواز المرور وصحة الصلاة معًا.
والحديث استدل به على أن مرور الحمار لا يقطع الصلاة وأنه ناسخ لحديث أبي ذر المتقدم
(2)
ونحوه لكون هذه القصة في حجة الوداع.
وقد تعقب بما [قدمناه]
(3)
في شرح أحاديث أول الباب.
وحكى الحافظ
(4)
عن ابن عبد البر أنه قال: حديث ابن عباس هذا يخص حديث أبي سعيد
(5)
: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر بين يديه".
فإن ذلك مخصوص بالإمام والمنفرد.
فأما المأموم فلا يضره من مر بين يديه لحديث ابن عباس هذا
(6)
.
قال: وهذا كله لا خلاف فيه بين العلماء.
وكذا نقل القاضي عياض
(7)
الاتفاق على أن المأمومين يصلون إلى سترة.
لكن اختلفوا هل سترتهم سترة الإمام أو سترتهم الإمام بنفسه. انتهى.
إذا تقرر الإجماع على أن الإمام أو سترته سترة للمؤتمين وتقرر بالأحاديث المتقدمة أن الحمار ونحوه إنما يقطع مع عدم اتخاذ السترة تبين بذلك عدم صلاحية حديث ابن عباس (5) للاحتجاج به على أن الحمار لا يقطع الصلاة لعدم تناوله لمحل النزاع وهو القطع مع عدم السترة ولو سلم تناوله لكان المتعين الجمع بما تقدم.
(1)
في "الفتح"(1/ 572).
(2)
تقدم رقم (888) من كتابنا هذا.
(3)
في (جـ): (قدمنا).
(4)
"في فتح الباري"(1/ 573).
(5)
تقدم رقم (880) من كتابنا هذا.
(6)
تقدم رقم (891) من كتابنا هذا.
(7)
في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 417 - 418).
[حادي عشر] أبواب صلاة التطوع
[الباب الأول] باب سنن الصلوات الراتبة المؤكدة
1/ 892 - (عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ [رضي الله عنه]
(1)
قالَ: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ، كَانَتْ سَاعَةٌ لَا أَدْخُلُ عَلَى النبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيها، فَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ أَنَّهُ كانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَأَذَّنَ المُؤَذِّنُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(2)
. [صحيح]
2/ 893 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ شَقِيقٍ [رضي الله عنه] (1) قالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: كانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَها رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ، وَقَبْلَ الْفَجْرِ ثِنْتَيْنِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ
(3)
.
وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ
(4)
وَمُسْلِمٌ
(5)
وَأَبُو دَاودَ
(6)
بِمَعْنَاهُ لكِنْ ذَكَرُوا فِيهِ قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا). [صحيح]
قوله: (حفظت) في لفظ للبخاري
(7)
: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: (ركعتين) في رواية للبخاري
(8)
: "سجدتين" مكان ركعتين في جميع أطراف الحديث، والمراد بهما الركعتان.
وقد ساقه البخاري في باب الركعتين قبل الظهر
(9)
بنحو اللفظ الذي ذكره المصنف هنا.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 17، 51، 54) والبخاري رقم (1180) ومسلم رقم (104/ 729).
(3)
في سننه رقم (436).
(4)
في المسند (6/ 216، 217).
(5)
في صحيحه رقم (105/ 730).
(6)
في سننه رقم (1251).
(7)
في صحيحه رقم (1172).
(8)
في صحيحه رقم (1172).
(9)
في صحيحه (3/ 58 - مع الفتح) رقم الباب 34 ورقم الحديث (1180).
قوله: (ركعتين قبل الظهر) في الحديث الآخر
(1)
: "أربع قبل الظهر".
قال الداودي
(2)
: وقع في حديث ابن عمر
(3)
أن قبل صلاة الظهر ركعتين، وفي حديث عائشة
(4)
أربعًا، وهو محمول على أن كل واحد منهما وصف ما رأى.
قال: ويحتمل أن ينسى ابن عمر ركعتين من الأربع.
قال الحافظ
(5)
: وهذا الاحتمال بعيد، والأولى أن يحمل على حالين، فكان تارة يصلي ثنتين وتارة يصلي أربعًا.
وقيل: هو محمول على أنه كان في المسجد يقتصر على ركعتين وفي بيته يصلي أربعًا.
ويحتمل أنه كان يصلي إذا كان في بيته ركعتين ثم يخرج إلى المسجد فيصلي ركعتين، فرأى ابن عمر ما في المسجد دون ما في بيته، واطلعت عائشة على الأمرين.
ويقوّي الأول ما رواه أحمد
(6)
وأبو داود
(7)
من حديث عائشة: "أنه كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعًا ثم يخرج".
قال أبو جعفر الطبري
(8)
: الأربع كانت في كثير من أحواله والركعتان في قليلها.
قوله: (وركعتين بعد المغرب) زاد البخاري
(9)
: في بيته، وفي لفظ له
(10)
: "فأما المغرب والعشاء ففي بيته".
(1)
عند مسلم رقم (105/ 730) وأبو داود رقم (1251) وأحمد (6/ 216 - 217). وقد تقدم.
(2)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 58).
(3)
تقدم برقم (892) من كتابنا هذا.
(4)
تقدم برقم (893) من كتابنا هذا.
(5)
في الفتح (3/ 58).
(6)
في المسند (6/ 30).
(7)
في سننه رقم (1251). وهو حديث صحيح.
(8)
ذكره الحافظ في "الفتح"(9/ 53).
(9)
في صحيحه رقم (937).
(10)
أي للبخاري في صحيحه رقم (1172).
وقد استدل بذلك على أن فعل النوافل الليلية في البيوت أفضل من المسجد بخلاف رواتب النهار وحكي ذلك عن مالك
(1)
والثوري (1).
قال الحافظ
(2)
: وفي الاستدلال به لذلك نظر، والظاهر أن ذلك لم يقع عن عمد وإنما كان صلى الله عليه وسلم يتشاغل بالناس في النهار غالبًا وبالليل يكون في بيته غالبًا
(3)
.
وروي عن ابن أبي ليلى أنها لا تجزئ [صلاة]
(4)
سنة المغرب في المسجد. واستدل بحديث محمود بن لبيد مرفوعًا
(5)
: أن الركعتين بعد المغرب من صلاة البيوت، وحكى ذلك لأحمد فاستحسنه
(6)
.
(1)
ذكر ذلك القرطبي في المفهم" (2/ 366).
(2)
في "الفتح"(3/ 50).
(3)
قال ابن قدامة في "المغني"(2/ 543 - 544): "ويستحب فعل السنن في البيت، لما ذكرنا من حديث ابن عمر
…
".
(4)
زيادة من (أ).
(5)
أخرج أحمد في المسند (5/ 427) عن محمود بن لَبيد أخي بني عبد الأشهل قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا المغرب في مسجدنا، فلما سَلَّمَ منها، قال:"اركعُوا هاتينِ الركعتين في بيوتكم" للسُّبحة بعد المغرب. بسند حسن.
• وأخرج بنحوه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 246) وابن خزيمة في صحيحه رقم (1200) بسند حسن أيضًا.
• وأخرجه ابن ماجه رقم (1165) والطبراني في الكبير رقم (4295) عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج قال: أتانا النبي صلى الله عليه وسلم .. فذكره.
والخلاصة: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(6)
(أولًا): الأدلة على استحباب صلاة النافلة في البيت:
1 -
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا أيها الناس في بيوتكم؛ فإن أفضل صلاة المحرم في بيته إلَّا الصلاة المكتوبة".
أخرجه البخاري رقم (7290) ومسلم رقم (213/ 781).
• قال الإمام النووي في شرح مسلم (6/ 70): "هذا عام في جميع النوافل المرتبة مع الفرائض، والمطلقة، إلا في النوافل التي هي من شعائر الإسلام، وهي: العيد، والكسوف، والاستسقاء، وكذا التراويح على الأصح فإنها مشروعة في جماعة في المسجد، والاستسقاء في الصحراء، وكذا العيد إذا ضاق المسجد والله أعلم" اهـ.
• وقال في معارف السنن شرح سنن الترمذي: (4/ 110 - 111): "واستثنى العلماء من أداء المنزل تسعة، وصرّحوا بأفضلية أدائها في المسجد، جمعها ابن عابدين على ما ألحقه ابنه بمسودته فقال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= نوافلنا في البيت فاقت على التي
…
نقوم لها في مسجد غير تسعة
صلاة تراويح كسوف تحية
…
وسنة إحرام طواف بكعبة
ونفل اعتكاف أو قدوم مسافر
…
وخائف فوت ثم سنة جمعة
2 -
عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا.
أخرجه البخاري رقم (432) ومسلم رقم (208/ 777).
• قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي"(2/ 531): "ولا تتخذوها قبورًا" أي لا تكونوا كالموتى الذين لا يصلون في بيوتهم وهي القبور.
وقيل المراد: أن من لم يصل في بيته جعل نفسه كالميت وبيته كالقبر.
ويؤيده ما رواه مسلم في صحيحه رقم (779): "مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت".
(ثانيًا): الأدلة على أن أداء السنن الرواتب في البيت هي السنة:
1 -
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: صلاتان ما تركهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي قط سرًا ولا علانية؛ ركعتين قبل الفجر، وركعتين بعد العصر.
أخرجه البخاري رقم (592) ومسلم رقم (835).
2 -
عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تطوعه؟ فقالت: "كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعًا، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء ويدخل بيتي فيصلي ركعتين
…
".
أخرجه مسلم رقم (730).
قال ابن قيم الجوزية في "زاد المعاد"(1/ 304): "والمقصود أنَّ هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فعل عامة السنن والتطوع في بيته
…
" اهـ.
(ثالثًا): فوائد صلاة النافلة في البيت:
1 -
اتباع السنة.
2 -
امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
3 -
نيل الأفضلية.
4 -
الحصول على الخير والبركة.
5 -
تبعد بيتك عن مشابهتها للقبور.
6 -
تجلب لك الخشوع والإخلاص وتبعدك عن الرياء.
7 -
حصول الفصل بين الفريضة وبين النافلة.
8 -
تعليم الأهل والأولاد كيفية أداء الصلاة.
9 -
أداء النوافل في البيت تنفر الشيطان منه.
10 -
إحياء البيوت وعمارتها بذكر الله تعالى. =
قوله: (وركعتين بعد العشاء) زاد البخاري
(1)
في بيته وقد تقدم الكلام في ذلك.
قوله: (وركعتين قبل الغداة) إلخ .. فيه أنه إنما أخذ عن حفصة وقت إيقاع الركعتين لا أصل المشروعية، كذا قال الحافظ
(2)
.
والحديثان يدلان على مشروعية ما اشتملا عليه من النوافل وأنها مؤقتة واستحباب المواظبة عليها وإلى ذلك ذهب الجمهور
(3)
.
وقد روي عن مالك ما يخالف ذلك
(4)
. وذهب الجمهور أيضًا إلى أنه لا وجوب لشيء من رواتب الفرائض، وروي عن الحسن البصري
(5)
القول بوجوب ركعتي الفجر.
= • ومن أجل الحصول على هذه الفوائد:
اجعل في بيتك مسجدًا ومصلى لأداء النوافل فيه. وإن كنت بعيدًا عن بيتك فاجعل في مكان عملك مصلى لذلك.
انظر لمزيد الفائدة رسالة بعنوان: (الأدلة على أن أداء النافلة في البيت هي السنة) للشيخ خلف بن سليمان الحودي.
(1)
في صحيحه رقم (937).
(2)
في "الفتح"(3/ 51).
(3)
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (23/ 127): "من أصر على تركها - أي السنن - دلّ ذلك على قلة دينه، ورُدَّت شهادته في مذهب أحمد والشافعي وغيرهما".
وقال ابن قيم الجوزية في "زاد المعاد"(1/ 316): "وقد اختلف الفقهاء أي الصلاتين آكد: سنة الفجر أو الوتر؟ على قولين: ولا يمكن الترجيح باختلاف الفقهاء في وجوب الوتر، فقد اختلفوا أيضًا في وجوب سنة الفجر، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: سنة الفجر تجري مجرى بداية العمل، والوتر خاتمته ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي سنة الفجر والوتر بسورتي الإخلاص وهما الجامعتان لتوحيد العلم والعمل، وتوحيد المعرفة والإرادة، وتوحيد الاعتقاد".
(4)
انظر: "بلغة السالك لأقرب المسالك"(1/ 265 - 266).
(5)
كان الحسن البصري رحمه الله يرى أنه إذا أقيمت الصلاة فيكره للمرء أن يشتغل بنافلة، سواء كانت تحية المسجد أو غيرها. وإذا كان قد بدأ بنافلة قبل إقامة الصلاة فإنه يعجّل فيها ويُسلم على رأس ركعتين ثم يلتحق بالجماعة.
قال رحمه الله: إذا صلى في المسجد ركعتين ثم أقيمت الصلاة، يُسلم ويدخل معهم.
وحكى البغوي في شرح السنة (3/ 362) عنه عدم كراهة الصلاة بعد إقامة المكتوبة، وليس بصحيح، والله أعلم.
وعلى هذا يحمل ما رواه ابن أبي شيبة عن الحسن فيمن دخل المسجد وقد سُبِقَ أنَّهُ لا بأس أن يتطوع. =
3/ 894 - (وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بنتِ أَبِي سُفْيانَ [رضي الله عنه]
(1)
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ صَلَّى في يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَىْ عَشَرَةَ سَجْدَةً سِوَى الْمَكْتُوبَةِ، بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ في الْجَنَّةِ". رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلَّا البُخَارِيَّ
(2)
. [صحيح]
وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ
(3)
: "مَنْ صَلَّى في يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشَرَة رَكْعَةً بُنيَ لَهُ بَيْت في الْجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَها، وَرَكعَتين بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ". [صحيح]
وللنَّسائِيِّ
(4)
حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ كالتِّرْمِذِيِّ، لكِنْ قالَ:"وَرَكعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ"، وَلَمْ يَذْكُرْ رَكَعْتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ). [إسناده ضعيف]
الحديث قال الترمذي
(5)
بعد أن ساقه بهذا التفسير: حسن صحيح.
وقد فسره أيضًا ابن حبَّان
(6)
.
وقد ساقه بهذا التفسير الترمذي
(7)
والنسائي
(8)
وابن ماجه
(9)
من حديث عائشة.
= ولا يستثنى من ذلك إلَّا سنة الفجر، فقد كان الحسن إذا دخل المسجد فوجد الإمام قائمًا في صلاة الصبح صلى ركعتي الفجر ثم قام مع الإمام".
انظر: "موسوعة فقه الحسن البصري"(2/ 598) ومصنف عبد الرزاق (2/ 445 رقم 4025). والمجموع للنووي (3/ 550).
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه أحمد (6/ 326) ومسلم رقم (728) وأبو داود رقم (1255) والترمذي رقم (415) والنسائي (3/ 262) وابن ماجه رقم (1141). وهو حديث صحيح.
(3)
في السنن رقم (415) وقال: وحديث عنبسة عن أم حبيبة في هذا الباب حديث حسن صحيح.
(4)
في سننه (3/ 262 رقم 1801) بإسناد ضعيف.
(5)
في سننه (2/ 274).
(6)
في صحيحه رقم (2452).
(7)
في سننه رقم (414) وقال الترمذي: حديث عائشة حديث غريب من هذا الوجه.
ومغيرة بن زياد قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه".
وقال أحمد شاكر: المغيرة بن زياد البجلي وثقه وكيع وابن معين وغيرهما. فالحديث حسن أو صحيح.
(8)
في "المجتبى"(3/ 260) وفي الكبرى رقم (1471).
(9)
في سننه رقم (1140). وهو حديث صحيح.
وفي الباب عن أبي هريرة عند النسائي
(1)
وابن ماجه
(2)
بلفظ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتًا في الجنة: ركعتين قبل الفجر وركعتين قبل الظهر وركعتين بعد الظهر وركعتين أظنه قال: قبل العصر، وركعتين بعد المغرب أظنه قال: وركعتين بعد العشاء الآخرة".
وفي إسناده محمد بن سليمان الأصبهاني وهو ضعيف
(3)
.
وعن أبي موسى عند أحمد
(4)
والبزار
(5)
والطبراني في الأوسط
(6)
بنحو حديث أم حبيبة بدون التفسير.
وأحاديث الباب تدل على تأكيد صلاة هذه [الاثنتي]
(7)
عشرة ركعة وهي من السنن التابعة للفرائض.
وقد اختلف في حديث أم حبيبة كما ذكر المصنف، فالترمذي
(8)
أثبت ركعتين بعد العشاء، ولم يثبت ركعتين [قبل]
(9)
العصر.
والنسائي
(10)
عكس ذلك.
(1)
في "المجتبى"(3/ 264 رقم 1811) وفي الكبرى رقم (1482).
(2)
في سننه رقم (1142).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 381): "هذا إسناد فيه ابن الأصبهاني وهو ضعيف. ورواه النسائي في "الصغرى" عن محمد بن عبد الله بن المبارك المحرمي عن يحيى بن إسحاق عن محمد بن سليمان به منتصرًا على قوله:
"من صلى في يوم اثنتي عشرة ركعة سوى الفريضة بنى الله له بيتًا في الجنة".
وقال: هذا خطأ وابن الأصبهاني ضعيف" اهـ.
والخلاصة: أن حديث أبي هريرة صحيح لغيره بدون تفصيل الركعات، وأما تفصيل الركعات فضعيف، والله أعلم.
(3)
قال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال النسائي: ضعيف.
الميزان (3/ 569 رقم 7619).
(4)
في المسند (4/ 413).
(5)
في المسند (1/ 337 - 338 رقم 701 - كشف).
(6)
في الأوسط رقم (9436).
وهو حديث صحيح لغيره.
(7)
في المخطوط (أ): (الاثني).
(8)
في سننه رقم (415) وقد تقدم.
(9)
في (جـ): (بعد).
(10)
في سننه رقم (1801) وقد تقدم بسند ضعيف.
وحديث عائشة
(1)
فيه إثبات الركعتين بعد العشاء دون الركعتين قبل العصر.
وحديث أبي هريرة
(2)
فيه إثبات ركعتين [قبل]
(3)
العصر وركعتين بعد العشاء، ولكنه لم يثبت قبل الظهر إلا ركعتين، والمتعين المصير إلى مشروعية جميع ما اشتملت عليه هذه الأحاديث، وهو وإن كان أربع عشرة ركعة.
والأحاديث مصرحة بأن الثواب يحصل باثنتي عشرة ركعة، لكنه لا يعلم الإتيان بالعدد الذي نص عليه صلى الله عليه وسلم في الأوقات التي جاء التفسير بها إلا بفعل أربع عشرة ركعة لما ذكرنا من الإختلاف
(4)
.
[الباب الثاني] باب فضل الأربع قبل الظهر وبعدها وقبل العصر وبعد العشاء
4/ 895 - (عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ [رضي الله عنها]
(5)
قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأَرْبَعًا بَعْدَها حَرَّمَةُ الله عَلَى النَّارِ".
رَوَاهُ الخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التّرْمِذِيُّ)
(6)
. [صحيح]
الحديث من رواية مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة. وقد قال أبو زرعة وهشام بن [عمار]
(7)
وأبو عبد الرحمن النسائي
(8)
: إن مكحولًا لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان.
كذا قال المنذري
(9)
. وقد أعله ابن القطان، وأنكره أبو الوليد الطيالسي.
(1)
تقدم برقم (893) من كتابنا هذا.
(2)
تقدم آنفًا وهو حديث صحيح لغيره بدون تفصيل الركعات. وأما تفصيل الركعات فضعيف.
(3)
في (جـ): (بعد).
(4)
لعل الشوكاني أخذ بالأحوط عنده، ولكن الراجح إثبات الاثني عشرة، وجاء تفسير ذلك:(أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر).
انظر: "فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية"(23/ 123 - 126).
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
أخرجه أحمد (6/ 426) وأبو داود رقم (1269) والترمذي رقم (428) والنسائي (3/ 265 رقم 1815) وابن ماجه رقم (1160).
(7)
في (جـ): (عمارة).
(8)
في سننه (3/ 265) عقب الحديث رقم (1815).
(9)
في "الترغيب والترهيب"(1/ 451).
وأما الترمذي
(1)
فصححه كما قال المصنف لكن من [طرق]
(2)
[أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن]
(3)
صاحب أبي أمامة.
قال المنذري
(4)
: والقاسم هذا اختلف فيه، فمنهم من يضعف روايته، ومنهم من يوثقه. انتهى.
وقد روي عن ابن حبان أنه صححه
(5)
.
ورواه الترمذي
(6)
أيضًا عن محمد بن عبد الله الشُّعَيْثِي عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة وقال: حسن غريب.
وهذه متابعة لمكحول والشُعَيْثِي المذكور وثقه دحيم والمفضَّل بن غسَّان [العلائي]
(7)
والنسائي وابن حبان
(8)
.
قوله: (حرمه الله على النار).
في رواية
(9)
: "لم تمسه النار".
وفي رواية
(10)
: "حَرُمَ على النار".
وفي أخرى
(11)
: "حرم الله لحمه على النار".
وقد اختلف في معنى ذلك، هل المراد أنه لا يدخل النار أصلًا أو أنه وإن
(1)
في سننه (2/ 292) الحديث رقم (428).
(2)
في (جـ): (طريق).
(3)
في المخطوط (ب) و (جـ): (عبد الرحمن بن القاسم أبي عبد الرحمن) وهو خطأ.
والصواب ما أثبتناه من (أ).
(4)
في "الترغيب والترهيب"(1/ 451).
(5)
في صحيحه رقم (2452) ولم يذكر أربعًا بعد الظهر.
(6)
في سننه رقم (427).
(7)
في المخطوط (أ) و (ب)(العلائي) وهو خطأ، والصواب:(الغلابي).
انظر: "الثقات، لابن حبان (9/ 184) و"تهذيب التهذيب" (3/ 617).
(8)
ذكر ذلك الحافظ في "تهذيب التهذيب"(3/ 617).
وقال الحافظ في "التقريب" رقم الترجمة (6050): صدوق من السابعة.
(9)
عند النسائي في سننه (3/ 266 رقم 1817) وهو حديث صحيح.
(10)
عند أبي داود رقم (1269) وهو حديث صحيح.
(11)
عند النسائي في سننه (3/ 264 رقم 1812) وهو حديث صحيح.
قدر عليه دخولها لا تأكله النار، أو أنه يحرم على النار أن تستوعب أجزاءه؟ وإن مسَّت بعضه.
كما في بعض طرق الحديث عند النسائي بلفظ: "فتمس وجهه النار أبدًا"
(1)
، وهو موافق لقوله في الحديث الصحيح
(2)
: "وحرم على النار أن تأكل مواضع السجود"، فيكون قد أطلق الكل وأريد البعض مجازًا.
والحمل على الحقيقة أولى، وأن الله تعالى يحرم جميعه على النار، وفضل الله تعالى أوسع ورحمته أعم.
والحديث يدل على [تأكد]
(3)
استحباب أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعده، وكفى بهذا الترغيب باعثًا على ذلك.
وظاهر قوله: "من صلى"، أن التحريم على النار يحصل بمرة واحدة.
ولكنه قد أخرجه الترمذي
(4)
وأبو داود
(5)
وغيرهما
(6)
بلفظ: "من حافظ" فلا يحرم على النار إلا المحافظ.
5/ 896 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله عنهما]
(7)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "رَحِمَ الله امْرءًا صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا". رَوَاهُ أَحْمَدُ
(8)
، وَأَبُو دَاوُدَ
(9)
، وَالتِّرْمِذِيُّ)
(10)
. [حسن]
الحديث حسنه الترمذي
(11)
، وصححه ابن حبان
(12)
وابن خزيمة
(13)
.
(1)
عند النسائي في سننه (3/ 265 رقم 1813) وهو حديث صحيح بما قبله.
(2)
البخاري رقم (7437) ومسلم رقم (299/ 182) من حديث أبي هريرة.
(3)
في المخطوط (ب): (تأكيد).
(4)
في سننه رقم (428) وقال: حديث حسن صحيح غريب.
(5)
في سننه رقم (1269).
(6)
كالنسائي في سننه رقم (1816). كلهم من حديث أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا بلفظ: "من حافظ على أربع ركعات قبلَ الظهر، وأربع بعدها، حَرُمَ على النار"، وهو حديث صحيح.
(7)
زيادة من (جـ).
(8)
في المسند (2/ 117).
(9)
في سننه رقم (1271).
(10)
في سننه رقم (430) وقال: حديث غريب حسن.
(11)
في السنن (2/ 296).
(12)
في صحيحه رقم (2453).
(13)
في صحيحه رقم (1153).
وهو حديث حسن.
وفي إسناده محمد بن مِهران
(1)
وفيه مقال، ولكنه قد وثقه ابن حبان
(2)
وابن عدي
(3)
.
وفي الباب عن عليّ رضي الله عنه عند أهل السنن
(4)
بلفظ: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم"، وزاد الترمذي
(5)
والنسائي
(6)
وابن ماجه
(7)
: "على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين".
وله حديث آخر بمعناه عند الطبراني في الأوسط
(8)
.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند الطبراني في الكبير
(9)
والأوسط
(10)
(1)
محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مِهْران بن المثنى المؤذِّن، الكوفي، وقد يُنْسَب لجدِّه، ولجدِّ أبيه، ولجد جده: صدوق يخطئ. من السابعة. (د ت س). "التقريب" رقم (5701).
وقال المحرران: بل صدوق حسن الحديث، وقوله:"يخطئ" أخذها من ابن حبان. وهذا الشيخ روى عنه جمع من الثقات المتشددين في الرجال، منهم: يحيى بن سعيد القطان، وشعبة، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال الدارقطني: بصري يحدث عن جده، لا بأس بهما. وحسَّن الترمذي حديثه.
انظر: "تهذيب التهذيب"(3/ 493 - 494).
(2)
في "الثقات"(7/ 371).
(3)
في "الكامل"(6/ 2247 - 2248).
(4)
أخرجه الترمذي رقم 4291) وقال: حديث علي حديث حسن. والنسائى في السنن الكبرى رقم (343) وابن ماجه رقم (1161). قلت: وأخرجه أحمد في المسند (1/ 85) وهو حديث حسن، والله أعلم.
(5)
في سننه رقم (429) وقد تقدم.
(6)
في سننه الكبرى رقم (343) وقد تقدم.
(7)
في سننه رقم (1661) وقد تقدم.
(8)
(5/ 218 رقم 5131) وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 222) وقال: وفيه عبد الملك بن هارون بن عنترة وهو متروك.
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(9)
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 222): في الكبير مختصرًا بلفظ: "حرمه الله على النار".
(10)
في الأوسط رقم (2580) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 222) وقال الهيثمي: وفيه عبد الكريم أبو أمية وهو ضعيف.
قلت: وضعفه الحافظ في "التقريب"(1/ 516). وفيه أيضًا: اليمان بن المغيرة العنزي ويقال العبدي المصري ضعيف. ضعفه أبو زرعة وأبو حاتم وغيرهما، وقال البخاري منكر الحديث. [الجرح والتعديل (9/ 311) والميزان (4/ 460)].
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
مرفوعًا بلفظ: "من صلى أربع ركعات قبل العصر لم تمسه النار".
وعن أبي هريرة عند أبي نعيم
(1)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى أربع ركعات قبل العصر غفر الله له"، وهو من رواية الحسن عن أبي هريرة ولم يسمع منه.
وعن أُم حبيبة عند أبي يعلى
(2)
بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حافظ على أربع ركعات قبل العصر بنى الله له بيتًا في الجنة"، وفي إسناده محمد بن سعيد المؤذن
(3)
.
قال العراقي: لا أدري من هو.
وعن أم سلمة عند الطبراني في الكبير
(4)
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى أربع ركعات قبل العصر حرم الله بدنه على النار".
والأحاديث المذكورة تدل على استحباب أربع ركعات قبل العصر والدعاء منه
بالرحمة لمن فعل ذلك، والتصريح بتحريم بدنه على النار مما يتنافس فيه المتنافسون.
6/ 897 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله عنها]
(5)
قالَتْ: ما صلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم العِشَاءَ قَطُّ فَدَخَلَ عَلَيَّ إِلَّا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعاتٍ أَوْ سِتَّ رَكَعاتٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ
(6)
وَأَبُو دَاوُدَ)
(7)
. [ضعيف]
الحديث [رجال إسناده ثقات.
(1)
لم أقف عليه في الحلية.
(2)
في المسند رقم (7137).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 222) وقال: وفيه ابن سعد المؤذن ولم أعرفه.
قلت: وتحرف عند الهيثمي، والصواب "ابن سعيد المؤذن" وهو ثقة.
انظر ترجمته في: الجرح والتعديل (7/ 264) وتقريب التهذيب (2/ 165) وتحرير التقريب رقم (5916).
(3)
تقدمت ترجمته في التعليقة المتقدمة.
(4)
في المعجم الكبير (23/ 281 رقم 611).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 222) وقال: فيه نافع بن مهران وغيره ولم أجد من ذكرهم.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
في المسند (6/ 58).
(7)
في سننه رقم (1303).
ومقاتل بن بشير العجلي قد وثقه ابن حبان
(1)
.
وقد،
(2)
أخرجه أيضًا النسائي
(3)
.
وقد أخرج البخاري
(4)
وأبو داود
(5)
والنسائي
(6)
من حديث ابن عباس قال: "بت في بيت خالتي ميمونة" الحديث.
وفيه: "فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم جاء إلى منزله فصلى أربع ركعات".
وروى محمد بن نصر في قيام الليل
(7)
، والطبراني في الكبير
(8)
من حديث ابن عباس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من صلَّى أربع ركعات خلف العشاء الآخرة قرأ في الركعتين الأوليين: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وفي الركعتين الآخرتين: (تنزيل السجدة)، و {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}، كتبن له كأربع ركعات من ليلة القدر".
وفي إسناده أبو فروة يزيد بن سنان الرهاوي، ضعفه الجمهور
(9)
. وقال
(1)
في الثقات (7/ 509).
قلت: مقاتل بن بشير العجلي مجهول. فقد انفرد بالرواية عنه مالك بن مغول ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان.
وقال الذهبي في "الميزان"(4/ 171 رقم 8738): لا يعرف.
(2)
ما بين الحاصرتين سقط من (جـ).
(3)
في السنن الكبرى (1/ 231 - 232 رقم 390).
وخلاصة القول أن حديث عائشة ضعيف لجهالة مقاتل بن بشير هذا.
(4)
في صحيحه رقم (117).
(5)
في سننه رقم (1357).
(6)
في سننه (3/ 210 - 211).
وهو حديث صحيح.
(7)
في مختصر قيام الليل (ص 92).
(8)
في المعجم الكبير (11/ 437 رقم 12240).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 231) وقال: "وفيه يزيد بن سنان، أبو فروة الرهاوي، ضعفه أحمد، وابن المديني، وابن معين. وقال البخاري: مقارب الحديث.
وثبته مروان بن معاوية، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وكانت فيه غفلة".
والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(9)
انظر: المجروحين (3/ 106) والكاشف (3/ 244) والمغني (2/ 755) والميزان (4/ 427) والتقريب (2/ 366) ولسان الميزان (7/ 441) والخلاصة (ص 432).
أبو حاتم (1): محله الصدق. وقال البخاري (2): مقارب الحديث.
وروى محمد بن نصر (3) من حديث ابن عباس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العشاء الآخرة ثم صلى أربع ركعات حتى لم يبق في المسجد غيري وغيره"، وفيه المنهال بن عمرو، قد اختلف (4) فيه.
وروى الطبراني في الكبير (5) عن ابن عمر مرفوعًا: "من صلى العشاء الآخرة في جماعة وصلى أربع ركعات قبل أن يخرج من المسجد كان كعدل ليلة القدر".
قال العراقي (6): ولم يصح، وأكثر الأحاديث أن ذلك كان في البيت ولم يرد التقييد بالمسجد إلا في حديث ابن عباس (3) وحديث ابن عمر (5) المذكورين.
فأما حديث ابن عمر فقد تقدم ما قال العراقي (6) فيه.
وأما حديث ابن عباس ففي إسناده من تقدم (4).
قال العراقي: وعلى تقدير ثبوته فيكون قد وقع ذلك منه لبيان الجواز أو لضرورة له في المسجد اقتضت ذلك.
والحديث يدل على مشروعية صلاة أربع ركعات أو ست ركعات بعد صلاة العشاء، وذلك من جملة صلاة الليل، وسيأتي الكلام فيها.
1 -
في "الجرح والتعديل"(9/ 266).
2 -
انظر: "التاريخ الكبير"(8/ 235 - 236).
3 -
لم أقف عليه في المختصر للمروزي.
4 -
قال الحافظ في التقريب" رقم (6918): "المنهال بن عمرو الأسدي الكوفي" صدوق ربما وهم. من الخامسة (خ ع).
وقال المحرران: بل ثقة. فقد وثقه الأئمة: ابن معين، والنسائي، والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات":"ولم يجرح بجرح حقيقي. فقد روي عن شعبة أنه تركه عن عمد؛ لأنه سمع من داره صوت قراءة بالتطريب - أو غناء فيما قيل - وهذا كله الذي قيل فيه فكان ماذا؟ ولذلك أخرج له البخاري في الصحيح" اهـ.
وانظر: "تهذيب التهذيب"(4/ 162 - 163) والميزان (4/ 192).
5 -
في المعجم الكبير (2/ 231 - مجمع الزوائد) وقال الهيثمي: وفيه من ضعف الحديث.
والخلاصة أن حديث ابن عمر ضعيف.
6 -
في "طرح التثريب"(4/ 1141).
7/ 898 - (وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ [رضي الله عنه]
(1)
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا كانَ كأَنَّمَا تَهَجَّدَ مِنْ لَيْلَتِهِ وَمَنْ صَلَّاهُنَّ بَعْدَ الْعِشَاءِ كانَ كَمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ". رَوَاهُ سَعِيدُ [بْنُ مَنْصُورٍ]
(2)
في سُنَنِهِ)
(3)
. [ضعيف]
الحديث أخرجه الطبراني أيضًا في الأوسط
(4)
باللفظ الذي ذكره المصنف، وهو من رواية ناهض بن سالم الباهلي
(5)
قال: حدثنا عمار أبو هاشم عن الربيع بن لوط عن عمه البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعمار والربيع ثقتان.
وأما ناهض فقال العراقي: لم أر لهم فيه جرحًا ولا تعديلًا، ولم أجد له ذكرًا. انتهى.
وأخرج الطبراني
(6)
عن البراء حديثًا آخر، وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ
(7)
.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
زيادة من المخطوط (أ).
(3)
أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 254) رقم (6332).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 221) وقال: وفيه ناهض بن سالم الباهلي وغيره ولم أجد من ذكرهم.
وهو حديث ضعيف.
(4)
(8/ 20 رقم 7833).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 221) وقال: وفيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام.
• ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي: صدوق إمام سيءُ الحفظ، وقد وثق.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: كان فقيهًا صدوقًا، صاحب سنة، جائز الحديث
…
قال أحمد: مضطرب الحديث.
وقال شعبة: ما رأيت أسوأ من حفظه.
وقال يحيى القطان: سيء الحفظ جدًّا.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال الدارقطني: رديء الحفظ كثير الوهم.
وقال أبو أحمد الحاكم: عامة أحاديثه مقلوبة.
"الميزان"(3/ 613 - 614 رقم الترجمة 7825).
(5)
أخرجه الطبراني في الأوسط رقم (6332) وقد تقدم آنفًا.
(6)
أخرجه الطبراني في الأوسط رقم (7833) وقد تقدم آنفًا.
(7)
تقدم الكلام عليه مطولًا آنفًا. وانظر: الميزان (3/ 613 رقم 7825).
وفي الباب عن أنس عند الطبراني
(1)
أيضًا بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع قبل الظهر كعدلهنّ بعد العشاء وأربع بعد العشاء كعدلهنّ من ليلة القدر".
وفي إسناده يحيى بن عقبة وليس بثقة، قاله النسائي
(2)
وغيره. وقال ابن معين: ليس بشيء
(3)
.
والحديث يدل على مشروعية أربع قبل الظهر، وقد تقدم الكلام فيها.
وعلى مشروعية أربع بعد العشاء. وقد قدمنا ما في ذلك من الأحاديث.
[الباب الثالث] باب تأكيد ركعتي الفجر وتخفيف قراءتهما والضجعة والكلام بعدهما وقضائهما إذا فاتتا
8/ 899 - (عَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(4)
قالَتْ: لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ تَعَاهُدًا مِنْهُ عَلَى رَكَعْتَي الفَجْرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(5)
. [صحيح]
9/ 900 - (وَعَنْهَا [رضي الله تعالى عنها] (4) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا"، رَوَاهُ أَحْمَدُ
(6)
وَمُسْلِمٌ
(7)
والتِّرْمِذِي وصَحَّحَهُ)
(8)
. [صحيح]
(1)
في الأوسط (3/ 141) رقم (2733).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 230) وقال: وفيه يحيى بن عقبة بن أبي العيزار وهو ضعيف جدًّا.
(2)
في الضعفاء والمتروكين" (ص 249 رقم 659).
(3)
قال أبو حاتم: يفتعل الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث.
انظر: "التاريخ الكبير"(8/ 297) والمجروحين (3/ 117) والجرح والتعديل (9/ 179) والميزان (4/ 397) ولسان الميزان (6/ 270).
والخلاصة: أن حديث أنس حديث ضعيف، والله أعلم.
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
أحمد (6/ 43) والبخاري رقم (1169) ومسلم رقم (94/ 724).
(6)
في المسند (6/ 265).
(7)
في صحيحه رقم (96/ 725).
(8)
في سننه رقم (416) وقال: حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
وفي الباب عن علي عند ابن ماجه
(1)
.
وعن ابن عمر عند أحمد
(2)
وأبي داود
(3)
والطبراني
(4)
غير حديثه الآتي.
وعن ابن عباس عند ابن عدي في الكامل
(5)
.
وعن بلال عند أبي داود
(6)
.
قوله: (الضجعة) بكسر الضاد المعجمة: الهيئة، وبفتحها: المرة، ذكر معنى ذلك في الفتح
(7)
.
قوله: (أشد تعاهدًا) في رواية ابن خزيمة
(8)
: أشد معاهدة.
ولمسلم
(9)
: "ما رأيته إلى شيء من الخير أسرع منه إلى الركعتين قبل الفجر"، زاد ابن خزيمة
(10)
من هذا الوجه: "ولا إلى غنيمة".
(1)
في سننه رقم (1147).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 382): "هذا إسناد ضعيف، الحارث هو ابن عبد الله الأعور متفق على ضعفه
…
".
وقال الألباني رحمه الله: ضعيف الإسناد.
(2)
في المسند (2/ 82).
(3)
في سننه رقم (3597) و (3598) دون ذكر الشاهد المطلوب.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 218) وقال: رواه أحمد في حديث طويل. رواه أبو داود وفيه رجل لم يسم.
(4)
في المعجم الكبير (12/ 408 رقم 13502).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 217 - 218) وقال: "وفيه عبد الرحيم بن يحيى وهو ضعيف. وروى أحمد منه: "وركعتي الفجر حافظوا عليهما فإن فيهما الرغائب" وفيه رجل لم يسم".
وخلاصة القول أن الحديث صحيح لغيره.
(5)
في "الكامل" لابن عدي (7/ 213).
(6)
في سننه رقم (1257) وهو حديث صحيح.
(7)
الضجعة: بالكسر من الاضطجاع، وهو النوم، كالجلسة من الجلوس، وبفتحها المرَّة الواحدة. (النهاية: 3/ 74).
(8)
في صحيحه رقم (1109).
(9)
في صحيحه رقم (95/ 724).
(10)
في صحيحه رقم (1108).
والحديثان يدلان على أفضلية ركعتي الفجر وعلى استحباب التعاهد لهما وكراهة التفريط فيهما.
وقد استدل بهما على أن ركعتي الفجر أفضل من الوتر وهو أحد قولي الشافعي
(1)
.
ووجه الدلالة أنه جعل ركعتي الفجر خيرًا من الدنيا وما فيها، وجعل الوتر خيرًا من حُمُرِ النَّعَم، وحُمُرِ النَّعَم جزء ما في الدنيا.
وأصحّ القولين عن الشافعي أن الوتر أفضل
(2)
.
وقد استدل لذلك بما في صحيح مسلم
(3)
من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضل الصلاة بعد الفريضة الصلاة في جوف الليل".
وبالاختلاف في وجوبه كما سيأتي.
وقد وقع الإختلاف أيضًا في وجوب ركعتي الفجر؛ فذهب إلى الوجوب الحسن البصري، حكى ذلك عنه ابن أبي شيبة في المصنف
(4)
.
وحكى صاحب البيان
(5)
والرافعي
(6)
وجهًا لبعض الشافعية أن الوتر وركعتي الفجر سواء في الفضيلة.
10/ 901 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرةَ [رضي الله عنه]
(7)
قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَدَعُوا رَكْعَتَي الْفَجْرِ وَلَوْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ
(8)
وَأَبُو دَاوُد)
(9)
. [ضعيف]
الحديث في إسناده عبد الرحمن بن إسحاق المدني، ويقال فيه عباد بن
(1)
ذكره العراقي في "طرح التثريب"(2/ 645) والمهذب (1/ 279) والمجموع شرح المهذب (3/ 521).
(2)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(3/ 522).
(3)
في صحيحه رقم (203/ 1163).
(4)
(2/ 241) حدثنا معاذ عن أشعث قال: كان الحسن يرى الركعتين قبل الفجر واجبتين.
(5)
في "البيان في مذهب الإمام الشافعي شرح كتاب "المهذب" كاملًا والفقه المقارن تأليف أبي الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني الشافعي اليمني. (2/ 274).
(6)
في "العزيز شرح الوجيز، المعروف: بالشرح الكبير للرافعي"(2/ 131 - 132).
(7)
زيادة من (جـ).
(8)
في المسند (2/ 405).
(9)
في سننه رقم (1258).
إسحاق أخرج له مسلم، واستشهد به البخاري ووثقه يحيى بن معين.
وقال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به، وهو حسن الحديث وليس بثبت ولا قوي.
وقال يحيى بن سعيد القطان
(1)
: سألت عنه بالمدينة فلم يحمدوه، وقال بعضهم
(2)
: إنما لم يحمدوه في مذهبه فإنه كان قدريًا فنفوه من المدينة، فأما رواياته فلا بأس.
وقال البخاري
(3)
: مقارب الحديث.
وقال العراقي: إن هذا حديث صالح. والحديث يقتضي وجوب ركعتي الفجر
(4)
؛ لأن النهي عن تركهما حقيقة في التحريم، وما كان تركه حرامًا كان فعله واجبًا، ولا سيما مع تعقيب ذلك بقوله:"ولو طردتكم الخيل"، فإن النهي عن الترك في مثل هذه الحالة الشديدة التي يباح لأجلها كثير من الواجبات من الأدلة الدالة على ما ذهب إليه الحسن من الوجوب، فلا بد للجمهور من قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي للنهي بعد تسليم صلاحية الحديث للاحتجاج.
وأما الاعتذار عنه بحديث: "هل عليّ غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوّع"
(5)
فسيأتي الجواب عنه.
11/ 902 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله عنهما]
(6)
قالَ: رَمَقْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم
(1)
ذكره الذهبي في الميزان (2/ 547).
(2)
قاله ابن عيينة كما في الميزان (2/ 547).
وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" رقم الترجمة (3800): عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة المدني: صدوق رمي بالقدر من السادسة.
(3)
انظر كلام البخاري في: "تهذيب التهذيب"(2/ 487 - 488) وفي الميزان (2/ 547).
(4)
قال صاحب "البيان" العمراني (2/ 274): "
…
وركعتا الفجر مجمعٌ على كونهما سنة".
قلت: راتبة الفجر من آكد السنن الراتبة، وكان صلى الله عليه وسلم يتعاهدها ولا يدعها في حضر ولا سفر. ولم يصح عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على وجوبها.
أما حديث أبي هريرة المذكور في الباب فهو حديث ضعيف لا تقوم به حجة.
(5)
أخرجه أحمد (1/ 162) والبخاري رقم (46) ومسلم رقم (11).
من حديث طلحة بن عبيد الله. وقد تقدم برقم (4/ 395) من كتابنا هذا.
(6)
زيادة من (جـ).
شَهْرًا، فَكانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، رَوَاهُ الخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ)
(1)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا مسلم
(2)
.
وفي الباب عن ابن مسعود عند الترمذي
(3)
.
وعن أبي هريرة عند مسلم
(4)
وأبي داود
(5)
والنسائي
(6)
وابن ماجه
(7)
.
وعن أنس عند البزار
(8)
ورجال إسناده ثقات.
وعن عائشة عند ابن ماجه
(9)
.
وعن عبد الله بن جعفر عند الطبراني في الأوسط
(10)
.
(1)
أحمد (2/ 94) والترمذي رقم (417) وقال: حديث حسن. والنسائي (2/ 170 رقم 992) وابن ماجه رقم (1149). ولم يخرجه أبو داود من حديث ابن عمر بل أخرجه من حديث أبي هريرة رقم (1256) فالأولى أن يقول صاحب المنتقى أخرجه الخمسة إلا أبا داود. والله أعلم.
وهو حديث صحيح.
(2)
لم يخرجه مسلم من حديث ابن عمر، بل أخرجه من حديث أبي هريرة رقم (726).
(3)
أشار إليه الترمذي في سننه (2/ 276) بقوله: وفي الباب عن ابن مسعود
…
قلت: وأخرج حديث ابن مسعود ابن ماجه رقم (1166) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 298). وهو حديث صحيح لغيره، وانظر:"الصحيحة" رقم (3328).
(4)
في صحيحه رقم (726).
(5)
في سننه رقم (1256).
(6)
في سننه رقم (945).
(7)
في سننه رقم (1148).
وهو حديث صحيح.
(8)
في مسنده (1/ 338 رقم 704 - كشف).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 218) وقال: ورجاله ثقات.
(9)
في سننه رقم (1150).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 383): "هذا إسناد فيه مقال، الجريري اسمه: سعيد بن إياس، احتج به الشيخان في صحيحيهما، إلا أنه اختلط بأخرة، وقد قيل: إن يزيد بن هارون إنما سمع منه بعد التغير وباقي رجال الإسناد ثقات
…
".
وهو حديث صحيح. وانظر: الصحيحة رقم (646).
(10)
(7/ 372 - 373 رقم 7761) بسند تالف.
أصرم بن حوشب متروك. اللسان (1/ 461) والمجروحين (1/ 181).
وإسحاق بن واصل هالك. قال الذهبي عنه: من الهلكى [اللسان (1/ 377) والميزان (1/ 202)]. =
وعن جابر عند ابن حبان في صحيحه
(1)
.
قوله: (رمقت) في رواية للنسائي
(2)
: "رمقت النبي صلى الله عليه وسلم عشرين مرة".
وفي رواية ابن أبي شيبة في المصنف
(3)
: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين مرة".
وفي رواية ابن عدي في الكامل
(4)
: "رمقت النبي صلى الله عليه وسلم[خمسة]
(5)
وعشرين صباحًا".
وجميع هذه الروايات مشعرة بأنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر بقراءتهما.
والحديث يدل على استحباب قراءة سورتي [الكافرون
(6)
و] الإخلاص في ركعتي الفجر.
قال العراقي
(7)
: وممن روى عنه ذلك من الصحابة: عبد الله بن مسعود
(8)
.
ومن التابعين: سعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين، وعبد الرحمن بن يزيد النخعي، وسويد بن غفلة، وغنيم بن قيس.
ومن الأئمة: الشافعي
(9)
. وقال مالك
(10)
: أما أنا فلا أزيد على أم القرآن في كل ركعة.
= وأورده الهيثمي في "المجمع"(9/ 170) وقال: فيه أصرم بن حوشب وهو متروك.
(1)
في صحيحه (6/ 213 - 214 رقم 2460) وفي سنده طلحة بن خراش بن عبد الرحمن بن خراش بن الصمة الأنصاري السلمي. قال الذهبي: صالح الحديث. قال الأزدي: له ما ينكر. وقال النسائي: صالح.
الميزان (2/ 338).
(2)
في سننه (2/ 170 رقم 992) وقد تقدم.
(3)
(2/ 242).
(4)
(7/ 290) في ترجمة يحيى بن أبي أنيسة.
(5)
في المخطوط (أ) و (جـ): (خمسًا).
(6)
زيادة من الحديث يقتضيها السياق وقد سقط من (أ، ب و (جـ)).
(7)
في طرح التثريب (2/ 553).
(8)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" رقم (6339) ط: دار التاج. الدار السنية. وهو أثر حسن.
(9)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(3/ 349).
(10)
انظر: "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد"(2/ 204).
واحتج بحديث عائشة الآتي
(1)
، وسيأتي أنه مجرد شك منها فلا يصح الاحتجاج به
(2)
، [وروى]
(3)
عن الأصم وابن علية أنه لا يقرأ فيهما أصلًا
(4)
وهو مخالف للأحاديث الصحيحة. وفي الحديث أيضًا استحباب تخفيف ركعتي الفجر
(5)
، وسيأتي ذكر الحكمة في ذلك
(6)
.
12/ 903 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(7)
قالَتْ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
(1)
برقم (12/ 903) من كتابنا هذا.
(2)
بالإضافة إلى أنه مجرد شك منه رحمه الله، فهو مخالف للأحاديث الصحيحة التي ذكرت في المسألة.
فأصوب المذاهب أن يقرأ كما كان يقرأ صلى الله عليه وسلم في صلاته هذه.
(3)
في المخطوط (ب): (وفي رواية).
(4)
انظر: "المفهم"(2/ 363) وشرح معاني الآثار (1/ 296).
(5)
انظر: "التمهيد" في الموطأ من المعاني والأسانيد" (4/ 203 - 204) و"المغني" لابن قدامة (2/ 541) و"الأوسط" لابن المنذر (5/ 224 - 225).
(6)
قال ابن قيم الجوزية في "زاد المعاد"(1/ 306 - 307): "فسورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} متضمنة لتوحيد الاعتقاد والمعرفة، وما يجب إثباته للربِّ تعالى من الأحديّة المنافية لمطلق المشاركة بوجه من الوجوه، ونفي الولد والوالد الذي هو من لوازم الصمدية، وغناه وأحديَّته ونفي الكفء المتضمن لنفي التشبيه والتمثيل والتنظير، فتضمنت هذه السورة إثبات كل كمال له، ونفي كل نقص عنه، ونفيَ إثبات شبيه أو مثيل له في كماله، ونفي مطلق الشريك عنه، وهذه الأصول هي مجامع التوحيد العلمي الاعتقادي الذي يُباين صاحبُه جميع فرق الضلال والشرك، ولذلك كانت تعدِل ثلثَ القرآن، فإنَّ القرآن مدارُه على الخبر والإنشاء. والإنشاء ثلاثة: أمر، ونهي، وإباحة. والخبر نوعان: خبر عن الخالق تعالى وأسمائه وصفاته وأحكامه، وخبر عن خلقه.
فأخلصت سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} الخبر عنه، وعن أسمائه وصفاته، فعدلت ثلث القرآن وخلصت قارئها المؤمنَ بها من الشرك العلمي، كما خلَّصت سورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} من الشرك العملي الإرادي القصدي.
ولما كان العلم قبل العمل وهو إمامه وقائده وسائقه، والحاكم عليه ومنزله منازله، كانت سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن.
والأحاديث بذلك تكاد تبلغ مبلغ التواتر. و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} تعدل ربع القرآن، والحديث بذلك في "الترمذي" - برقم (2896) - من رواية ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه:"إذا زلزلت تعدل نصف القرآن، وقل هو الله أحدٌ، تعدل ثلث القرآن، وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن"، رواه الحاكم في المستدرك - (1/ 566 - وقال: صحيح الإسناد .... " اهـ.
(7)
زيادة من (جـ).
يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى إِنِّي لأَقُولُ: هَلْ قَرَأَ فِيْهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآن؟. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(1)
. [صحيح]
وفي الباب عن ابن عباس عند الجماعة
(2)
بلفظ: "فصلى ركعتين خفيفتين".
وله حديث آخر عند مسلم
(3)
وأبي داود
(4)
والنسائي
(5)
قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}
(6)
والتي في آل عمران: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}
(7)
.
وفي رواية لمسلم
(8)
: "وفي الآخرة بـ {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}
(9)
".
وعن حفصة عند الجماعة إلا أبا داود
(10)
بلفظ: "ركع ركعتين خفيفتين".
وعن الفضل بن عباس عند أبي داود
(11)
بلفظ: "فصلى سجدتين خفيفتين".
وعن أسامة بن عمير عند الطبراني
(12)
بلفظ: "فصلى ركعتين خفيفتين".
الحديث وما ذكر في الباب معه يدل على مشروعية التخفيف.
وقد ذهب إلى ذلك الجمهور
(13)
، وخالفت في ذلك الحنفية
(14)
فذهبت إلى استحباب إطالة القراءة، وهو مخالف لصرائح الأدلة.
(1)
أخرجه أحمد (6/ 164) والبخاري رقم (1171) ومسلم رقم (92/ 724).
(2)
أحمد (1/ 242) والبخاري رقم (183) ومسلم رقم (182/ 763) وأبو داود رقم (1367) والترمذي رقم (417) والنسائي رقم (1620) وابن ماجه رقم (1363).
(3)
في صحيحه رقم (727).
(4)
في سننه رقم (1259).
(5)
في سننه رقم (944).
(6)
سورة البقرة: الآية (136).
(7)
سورة آل عمران: الآية (64).
(8)
في صحيحه رقم (99/ 727).
(9)
سورة آل عمران: الآية (52).
(10)
أحمد (6/ 284) والبخاري رقم (618) ومسلم رقم (723) والترمذي رقم (417) والنسائي رقم (1760) وابن ماجه رقم (1145).
(11)
في سننه رقم (1355) وضعفه المحدث الألباني رحمه الله تعالى.
(12)
في المعجم الكبير (ج 1 رقم 520).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 219): وقال: "وفيه عباد بن سعيد، قال الذهبي: عباد بن سعيد عن مبشر لا شيء. قلت: قد زكاه ابن حبان في الثقات" اهـ. قلت: الصواب أن عباد بن سعيد: ضعيف.
(13)
انظر: "المغني" لابن قدامة (2/ 541).
(14)
انظر: حاشية ابن عابدين (2/ 226).
واستدلوا بالأحاديث الواردة في الترغيب في تطويل الصلاة نحو قوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة طول القنوت"
(1)
.
ونحو: "إن طول صلاة الرجل مئنة من فقهه"
(2)
.
وهو من ترجيح العام على الخاص.
وبهذا الحديث تمسك مالك
(3)
وقال بالاقتصار على قراءة فاتحة الكتاب في هاتين الركعتين، وليس فيه إلا أن عائشة شكَّت هل كان يقرأ بالفاتحة أم لا؟ لشدة تخفيفه لهما، وهذا لا يصلح التمسك به لرد الأحاديث الصريحة الصحيحة الواردة من طرق متعددة كما تقدم.
وقد أخرج ابن ماجه
(4)
عن عائشة نفسها أنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر، فكان يقول: نعم السورتان هما يقرأ بهما في ركعتي الفجر: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} " ولا ملازمة بين مطلق التخفيف والاقتصار على الفاتحة لأنه من الأمور النسبية.
وقد اختلف في الحكمة في التخفيف لهما؛ فقيل: ليبادر إلى صلاة الفجر في أول الوقت، وبه جزم القرطبي
(5)
.
وقيل: ليستفتح صلاة النهار بركعتين خفيفتين كما يصنع في صلاة الليل ليدخل في الفرض أو ما يشابهه بنشاط واستعداد تام، ذكره الحافظ في الفتح
(6)
، والعراقي في شرح الترمذي.
(1)
أخرجه أحمد في المسند (3/ 302) ومسلم رقم (164/ 756) والترمذي رقم (387) وابن ماجه رقم (1421) وهو حديث صحيح.
وسيأتي برقم (969) من كتابنا هذا.
(2)
أخرجه أحمد (4/ 263) ومسلم رقم (47/ 869) وهو حديث صحيح.
وسيأتي برقم (1244) من كتابنا هذا.
• المئنَّة: العلامة والمظنّة.
(3)
انظر: "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد"(2/ 204).
(4)
في سننه رقم (1150). وهو حديث صحيح.
تقدم تخريجه خلال شرح الحديث (902) من كتابنا هذا.
(5)
في "المفهم"(2/ 362).
(6)
في "الفتح"(3/ 46).
13/ 904 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رضي الله تعالى عنه]
(1)
قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُم الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى جَنْبِهِ [الأيْمَنِ]
(2)
". رَوَاهُ أَحْمَدُ
(3)
وَأَبُو دَاوُدَ
(4)
وَالتِّرْمِذِيُّ
(5)
وَصَحَّحَهُ). [صحيح]
14/ 905 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها] (1) قالَتْ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى رَكْعَتَي الْفَجْرِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: كانَ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَي الْفَجْرِ، فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي وَإلَّا اضْطَجَعَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(6)
. [صحيح]
الحديث الأول [رجاله رجال الصحيح.
وقد] (2) أخرجه أيضًا ابن ماجه
(7)
.
والحديث الثاني أخرجه الجماعة كلهم
(8)
.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد
(9)
والطبراني
(10)
بلفظ: "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن".
وفي إسناده حيي بن عبد الله المعافري وهو مختلف فيه
(11)
.
(1)
زيادة من المخطوط (جـ).
(2)
ما بين الحاصرتين سقط من (جـ).
(3)
في المسند (2/ 415).
(4)
في سننه رقم (1261).
(5)
في سننه رقم (420) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(6)
أحمد (6/ 48، 49) والبخاري رقم (1160) ومسلم رقم (133/ 743).
(7)
في سننه رقم (1199) وهو حديث صحيح.
(8)
أحمد (6/ 254) والبخاري رقم (1160، 1161) ومسلم رقم (133/ 743) وأبو داود رقم (1263) والترمذي رقم (420) والنسائي رقم (1762) وابن ماجه رقم (1198).
وهو حديث صحيح.
(9)
في المسند (2/ 173).
(10)
في المعجم الكبير (2/ 218 - 219 - مجمع الزوائد).
وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الكبير، وإسناد الطبراني ليس فيه ابن لهيعة، وهو في إسناد أحمد، وبقية رجاله موثقون، وإن كان اختلف في المعافري فقد وثق" اهـ.
قلت: ابن لهيعة ضعيف. والمعافري ضعيف يعتبر به. وخلاصة القول أن الحديث صحيح لغيره والله أعلم.
(11)
حُيّي بن عبد الله بن شريح المعافري الحبلي، أبو عبد الله.
قال البخاري: فيه نظر. وقال ابن معين ليس به بأس. وقال أحمد: أحاديثه مناكير. =
وفي إسناد أحمد أيضًا ابن لهيعة وفيه مقال مشهور
(1)
.
وعن ابن عباس عند البيهقي
(2)
بنحو حديث عبد الله بن عمرو، وفيه انقطاع واختلاف على ابن عباس.
وعن أبي بكرة عند أبي داود
(3)
بلفظ: "قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح فكان لا يمر برجل إلا ناداه بالصلاة أو حركه برجله".
أدخله أبو داود
(4)
والبيهقي
(5)
في باب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
والأحاديث المذكورة تدل على مشروعية الاضطجاع بعد صلاة ركعتي الفجر إلى أن يُؤذَن بالصلاة كما في صحيح البخاري من حديث عائشة
(6)
.
وقد اختلف في حكم هذا الاضطجاع على ستة أقوال
(7)
:
(الأول): أنه مشروع على سبيل الاستحباب
(8)
.
قال العراقي
(9)
: فممن كان يفعل ذلك أو يفتي به من الصحابة أبو موسى الأشعري، ورافع بن خديج، وأنس بن مالك
(10)
، وأبو هريرة
(11)
.
= وقال الحافظ صدوق يهم. التاريخ الكبير (3/ 76)، والجرح والتعديل (3/ 271)، والميزان (1/ 623)، والتقريب رقم (1605).
وقال ابن معين: ليس به بأس.
وقال أحمد: أحاديثه مناكير.
وما وثقه إلا ابن حبان.
والراجح أنه ضعيف يعتبر به كما قال المحرران للتقريب رقم (1605).
انظر: التاريخ الكبير (3/ 76) والجرح والتعديل (3/ 271) والميزان (1/ 623) ولسان الميزان (7/ 207) والخلاصة (ص 97).
(1)
تقدم الكلام عليه مرارًا.
(2)
في السنن الكبرى (3/ 45).
(3)
في سننه رقم (1264) وضعف المحدث الألباني رحمه الله الحديث.
(4)
في سننه (2/ 47).
(5)
في السنن الكبرى (3/ 44).
(6)
أحمد (6/ 48، 49) والبخاري رقم (1160) ومسلم رقم (133/ 743).
(7)
كما في "فتح الباري"(3/ 43).
(8)
المحلى لابن حزم (3/ 200).
(9)
في "طرح التثريب"(2/ 671 - 672).
(10)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 247): عن محمد أن أبا موسى الأشعري، ورافع بن خديج، وأنسًا كانوا يفعلونه - أي الاضطجاع بعد ركعتي الفجر - ".
(11)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 247) عن مجاهد أن مروان سأل أبا هريرة عن الاضطجاع بعد ركعتي الفجر فقال: لا حتى تضطجع".
واختلف فيه على ابن عمر، فروي عنه فعل ذلك كما ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه
(1)
، وروي عنه إنكاره كما سيأتي
(2)
.
وممن قال به من التابعين: ابن سيرين
(3)
، وعروة
(4)
، وبقية الفقهاء السبعة.
كما حكاه عبد الرحمن بن زيد في كتاب السبعة
(5)
، وهم: سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار.
قال ابن حزم
(6)
: وروينا من طريق يحيى بن سعيد القطان عن عثمان بن [غياث]
(7)
هو ابن عثمان أنه حدثه قال: كان الرجل يجيء وعمر بن الخطاب يصلي بالناس فيصلي ركعتين في مؤخر المسجد ويضع جنبه في الأرض ويدخل معه في الصلاة.
وممن قال باستحباب ذلك من الأئمة الشافعي
(8)
وأصحابه.
(1)
في المصنف (2/ 247).
(2)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 248) عن مجاهد قال: صحبت ابن عمر في السفر والحضر فما رأيته اضطجع بعد ركعتي الفجر.
(3)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 247 - 248): عن ابن عون عن محمد - بن سيرين - أنه كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع".
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 248) عن عبد الكريم أن عروة دخل المسجد والناس في الصلاة فركع ركعتين ثم أمسّ جنبه الأرض ثم قام فدخل مع الناس في الصلاة.
(5)
مذهب الفقهاء السبعة: أن الاضطجاع مشروع على سبيل الاستحباب، نسبه إليهم ابن حزم وغيره.
جاء في "المحلى": "وذكر عبد الرحمن بن زيد في كتاب السبعة: أنهم .. كانوا يضطجعون عن أيمانهم بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح".
[فقه الفقهاء السبعة وأثره في فقه الإمام مالك: تأليف: المهدي الوافي (2/ 458) وانظر: الإحكام لابن حزم: (4/ 432) والمحلى (3/ 199) وبذل المجهود (6/ 384)].
(6)
في "المحلى"(3/ 199).
(7)
في (ب) و (جـ): (عفان).
(8)
قال النووي في المجموع (3/ 523): "السنة أن يضطجع على شقه الأيمن بعد صلاة سنة الفجر ويصليها في أول الوقت، ولا يترك الاضطجاع ما أمكنه، فإن تعذر عليه فصل بينهما وبين الفريضة بكلام
…
" اهـ.
(القول الثاني): أن الاضطجاع بعدهما واجب مفترض لا بد من الإتيان به وهو قول أبي محمد بن حزم
(1)
.
واستدل بحديث أبي هريرة المذكور
(2)
وحمله الأولون على الاستحباب لقول عائشة: "فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع"
(3)
.
وظاهره أنه كان لا يضطجع مع استيقاظها، فكان ذلك قرينة لصرف الأمر إلى الندب.
وفيه أن تركه صلى الله عليه وسلم لما أمر به أمرًا خاصًّا بالأمة لا يعارض ذلك الأمر الخاص ولا يصرفه عن حقيقته كما تقرر في الأصول.
(القول الثالث): أن ذلك مكروه وبدعة، وممن قال به من الصحابة ابن مسعود
(4)
، وابن عمر
(5)
على اختلاف عنه.
فروى ابن أبي شيبة في المصنف (4) من رواية إبراهيم قال: قال ابن مسعود: ما بال الرجل إذا صلى الركعتين يتمعك كما تتمعك الدابة أو الحمار، إذا سلم [قعد فصلى]
(6)
.
وروى ابن أبي شيبة أيضًا
(7)
من رواية مجاهد قال: صحبت ابن عمر في السفر والحضر فما رأيته اضطجع بعد ركعتي الفجر.
وروى سعيد بن المسيب
(8)
عنه أنه رأى رجلًا يضطجع بعد الركعتين فقال: احصبوه.
(1)
في "المحلى"(3/ 200).
(2)
تقدم برقم (904) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم برقم (905) من كتابنا هذا.
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 248): "عن إبراهيم قال: قال عبد الله: ما بال الرجل إذا صلى الركعتين يتمعك كما تتمعك الدابة والحمار إذا سلم قعد فصلى".
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 247) أن ابن عمر صلى ركعتي الفجر ثم اضطجع.
(6)
في المخطوط (أ) و (ب) و (جـ): [فقد فصل] وما أثبتناه من المصنف وهو الصواب.
(7)
في المصنف (2/ 248) وقد تقدم.
(8)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 248): "عن سعيد بن المسيب قال: رأى عمر رجلا اضطجع بعد الركعتين فقال: احصبوه أو إلا حصبتموه".
وروى أبو مجلز عنه أنه قال: إن ذلك من تلعب الشيطان
(1)
.
وفي رواية زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عنه أنه قال: إنها بدعة
(2)
.
ذكر ذلك جميعه ابن أبي شيبة.
وممن كره ذلك من التابعين الأسود بن يزيد
(3)
، وإبراهيم
(4)
النخعي، وقال: هي ضجعة الشيطان، وسعيد بن المسيب
(5)
، وسعيد بن جبير
(6)
.
ومن الأئمة مالك، وحكاه القاضي عياض
(7)
عن جمهور العلماء.
(القول الرابع): أنه خلاف الأولى روى ابن أبي شيبة
(8)
عن الحسن أنه كان لا يعجبه الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
(القول الخامس): التفرقة بين من يقوم بالليل فيستحب له ذلك للاستراحة وبين غيره فلا يشرع له، واختاره ابن العربي
(9)
وقال: لا يضطجع بعد ركعتي الفجر لانتظار الصلاة إلا أن يكون أقام الليل فيضطجع استجمامًا لصلاة الصبح فلا بأس.
ويشهد لهذا ما رواه الطبراني
(10)
وعبد الرزاق
(11)
عن عائشة أنها كانت تقول: "إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضطجع لسنة، ولكنه كان يدأب ليله فيستريح".
(1)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 248): "عن أبي مجلز قال: سألت ابن عمر عن ضجعة الرجل على يمينه بعد الركعتين قبل صلاة الفجر فقال: يتلعب بكم الشيطان".
(2)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 249)"عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي قال: رأى ابن عمر قومًا اضطجعوا بعد ركعتي الفجر، فأرسل إليهم فنهاهم فقالوا: نريد بذلك السنة فقال ابن عمر: ارجع إليهم فأخبرهم إنها بدعة" اهـ.
(3)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 249)"عن الأسود بن يزيد أنه كان إذا صلى ركعتي الفجر احتبى".
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 248)"عن إبراهيم قال: هي ضجعة الشيطان".
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 248)"عن سعيد بن المسيب قال: ما بال أحدكم إذا صلى الركعتين يتمرغ كفاه التسليم".
(6)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 248)"عن سعيد بن جبير قال: لا تضطجع بعد الركعتين قبل الفجر، واضطجع بعد الوتر".
(7)
في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(3/ 83).
(8)
في "المصنف"(2/ 248 - 249).
(9)
في عارضة الأحوذي (2/ 216).
(10)
لم أقف عليه.
(11)
في المصنف رقم (4722) بسند ضعيف.
وهذا لا تقوم به حجة.
أما أولًا فلأن في إسناده راويًا لم يسم كما قال الحافظ في الفتح
(1)
.
وأما ثانيًا فلأن ذلك منها ظن وتخمين وليس بحجة، وقد روت أنه كان يفعله والحجة في فعله، وقد ثبت أمره به فتأكدت بذلك مشروعيته.
(القول السادس): أن الاضطجاع ليس مقصودًا لذاته، وإنما المقصود الفصل بين ركعتي الفجر وبين الفريضة، روى ذلك البيهقي
(2)
عن الشافعي.
وفيه أن الفصل يحصل بالقعود والتحول والتحدث وليس بمختص بالاضطجاع.
قال النووي
(3)
: والمختار الاضطجاع لظاهر حديث أبي هريرة.
وقد أجاب من لم ير مشروعية الاضطجاع عن الأحاديث المذكورة بأجوبة.
(منها) أن حديث أبي هريرة من رواية عبد الواحد بن زياد
(4)
عن الأعمش، وقد تكلم فيه بسبب ذلك يحيى بن سعيد القطان وأبو داود الطيالسي.
قال يحيى بن سعيد (4): "ما رأيتُه يطلب حديثًا بالبصرة ولا بالكوفة قطُّ، وكنتُ أجلس على بابه يوم الجمعة بعد الصلاة أُذاكِرُه بحديث الأعمش لا يعرف منه حرفًا".
وقال عمرو بن علي الفلاس (4): "سمعتُ أبا داود يقول: عمد عبدُ الواحد إلى أحاديث كان يُرْسِلُها الأعمش فوصلها، يقول: حدثنا الأعمش، حدثنا مجاهد في كذا وكذا". انتهى.
وهذا من روايته عن الأعمش، وقد رواه الأعمش بصيغة العنعنة وهو مدلس.
وقال عثمان بن سعيد الدارمي (4): "سألتُ يحيى بن معين عن عبد الواحد بن زياد، فقال: ليس بشيء".
(1)
في "الفتح"(3/ 43 - 44).
(2)
في السنن الكبرى (3/ 46 - 47).
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 20).
(4)
ميزان الاعتدال للذهبي (2/ 672) رقم الترجمة (5287).
والجواب عن هذا الجواب: أن عبد الواحد بن زياد قد احتج به الأئمة الستة
(1)
، ووثقه أحمد بن حنبل وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وابن حبان.
وقد روي عن ابن معين ما يعارض قوله السابق
(2)
فيه من طريق من روى عنه التضعيف له وهو عثمان بن سعيد الدارمي المتقدم، فروي عنه أنه قال: إنه ثقة، وروى معاوية بن صالح عن يحيى بن معين أنه صرح بأن عبد الواحد من أثبت أصحاب الأعمش.
قال العراقي: وما روي عنه من أنه ليس بثقة، فلعله اشتبه على ناقله بعبد الواحد بن زيد
(3)
وكلاهما بصري.
ومع هذا فلم ينفرد به عبد الواحد بن زياد ولا شيخه الأعمش، فقد رواه ابن ماجه
(4)
من رواية شعبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه، إلا أنه جعله من فعله لا من قوله.
ومن جملة الأجوبة التي أجاب بها النافون لشرعية الاضطجاع أنه اختلف في حديث أبي هريرة المذكور، هل من أمر النبي صلى الله عليه وسلم أو من فعله كما تقدم؟ وقد قال البيهقي
(5)
: إن كونه من فعله أولى أن يكون محفوظًا.
(1)
قال الحافظ في "هدي الساري مقدمة فتح الباري"(ص 422): "عبد الواحد بن زياد العبدي البصري، قال ابن معين أثبت أصحاب الأعمش: شعبة، وسفيان، ثم أبو معاوية، ثم عبد الواحد بن زياد.
وعبد الواحد ثقة، وأبو عوانة أحب إليّ منه، ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم وابن سعد والنسائي وأبو داود والعجلي والدارقطني. حتى قال ابن عبد البر: لا خلاف بينهم أنه ثقة ثبت كذا قال. وقد أشار يحيى بن القطان إلى لينه، فروى ابن المديني عنه أنه قال: ما رأيته طلب حديثًا قط وكنت أذاكره بحديث الأعمش فلا يعرف منه حرفًا.
قلت: (ابن حجر): وهذا غير قادح لأنه كان صاحب كتاب وقد احتج به الجماعة" اهـ.
وانظر ترجمته في: "تهذيب التهذيب"(2/ 631).
(2)
انظر: تهذيب التهذيب (2/ 631).
(3)
عبد الواحد بن زيد بصري متروك الحديث.
انظر: المجروحين (2/ 154) والجرح والتعديل (6/ 20) والميزان (2/ 672) ولسان الميزان (4/ 80) والتاريخ الكبير (6/ 62).
(4)
في سننه رقم (1199) بسند حسن وقد تقدم برقم (904) من كتابنا هذا.
(5)
في السنن الكبرى (3/ 44).
والجواب عن هذا الجواب: أن وروده من فعله صلى الله عليه وسلم لا ينافي كونه [ورد]
(1)
من قوله فيكون عند أبي هريرة حديثان:
حديث الأمر به.
وحديث ثبوته من فعله.
على أن الكل يفيد ثبوت أصل الشرعية فيرد نفي النافين.
ومن الأجوبة التي ذكروها أن ابن عمر لما سمع أبا هريرة يروي حديث الأمر به قال: أكثر أبو هريرة على نفسه.
والجواب عن ذلك: أن ابن عمر سئل: هل تنكر شيئًا مما يقول أبو هريرة؟ فقال: لا، وإن أبا هريرة قال: فما ذنبي إن كنت حفظت ونسوا. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بالحفظ
(2)
.
ومن الأجوبة التي ذكروها أن أحاديث الباب ليس فيها الأمر بذلك إنما فيها فعله، والاضطجاع من فعله المجرد إنما يدل على الإباحة عند مالك وطائفة.
والجواب: منع كون فعله لا يدل إلا على الإباحة، والسند أن قوله:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}
(3)
، وقوله:{فَاتَّبِعُونِي}
(4)
[يتناول]
(5)
الأفعال كما [يتناول](5) الأقوال.
وقد ذهب جمهور العلماء وأكابرهم إلى أن فعله يدل على الندب
(6)
، وهذا على فرض أنه لم يكن في الباب إلا مجرد الفعل، وقد عرفت ثبوت القول من وجه صحيح.
ومن الأجوبة التي ذكروها أن أحاديث عائشة في بعضها الاضطجاع قبل ركعتي الفجر، وفي بعضها بعد ركعتي الفجر.
(1)
في المخطوط (ب): (ورود).
(2)
أخرجه أحمد في المسند (2/ 274) ومسلم في صحيحه رقم (158/ 2491) وهو حديث صحيح.
(3)
سورة الحشر: الآية (7).
(4)
سورة آل عمران: الآية (31).
(5)
في المخطوط (أ): (تتناول).
(6)
انظر: البحر المحيط (4/ 183) وإرشاد الفحول (ص 165) بتحقيقي.
وفي حديث ابن عباس
(1)
قبل ركعتي الفجر.
وقد أشار القاضي عياض
(2)
إلى أن رواية الاضطجاع بعدهما مرجوحة فتقدم رواية الاضطجاع قبلهما ولم يقل أحد في الاضطجاع قبلهما أنه سنّة فكذا بعدهما.
ويجاب عن ذلك بأنا لا نسلم أرجحية رواية الاضطجاع بعد صلاة الليل وقبل ركعتي الفجر على رواية الاضطجاع بعدهما، بل رواية الاضطجاع بعدهما أرجح.
والحديث من رواية عروة عن عائشة، ورواه عن عروة محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة، والزهري، ففي رواية محمد بن عبد الرحمن إثبات الاضطجاع بعد ركعتي الفجر وهي في صحيح البخاري
(3)
، ولم تختلف الرواية عنه في ذلك.
واختلف الرواة عن الزهري فقال مالك في أكثر الروايات عنه: إنه كان إذا فرغ من صلاة الليل اضطجع على شقه الأيمن .. الحديث
(4)
، ولم يذكر الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
وقال معمر ويونس وعمرو بن الحارث والأوزاعي وابن أبي ذئب [وشعيب]
(5)
بن أبي حمزة عن عروة عن عائشة: كان إذا طلع الفجر صلى ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شقه الأيمن. وهذه الرواية اتفق عليها الشيخان، فرواها البخاري
(6)
من رواية معمر، ومسلم
(7)
من رواية يونس بن يزيد وعمرو بن الحارث.
قال البيهقي
(8)
عقب ذكرهما: والعدد أولى بالحفظ من الواحد.
قال: وقد يحتمل أن يكونا محفوظين، فنقل مالك أحدهما ونقل الباقون الآخر.
قال: واختلف فيه أيضًا على ابن عباس.
(1)
أخرجه البخاري رقم (6316) ومسلم رقم (181/ 763).
(2)
في إكمال المعلم (3/ 83).
(3)
رقم (1171).
(4)
في الموطأ (1/ 120 رقم 8).
(5)
في (جـ): (وسعيد) وهو خطأ.
(6)
في صحيحه رقم (1123).
(7)
في صحيحه رقم (122/ 736).
(8)
في السنن الكبرى (3/ 44).
قال: وقد يحتمل مثل ما احتمل في رواية مالك.
وقال النووي
(1)
: إن حديث عائشة وحديث ابن عباس لا يخالفان حديث أبي هريرة، فإنه لا يلزم من الاضطجاع قبلهما أن لا يضطجع بعدهما ولعله صلى الله عليه وسلم ترك الاضطجاع بعدهما في بعض الأوقات بيانًا للجواز.
ويحتمل أن يكون المراد بالاضطجاع قبلهما هو نومه صلى الله عليه وسلم بين صلاة الليل وصلاة الفجر كما ذكره الحافظ.
وفي تحديثه صلى الله عليه وسلم لعائشة بعد ركعتي الفجر دليل على جواز الكلام بعدهما، وإليه ذهب الجمهور.
وقد روي عن ابن مسعود أنه كرهه، روى ذلك الطبراني
(2)
عنه.
وممن كرهه من التابعين سعيد بن جبير
(3)
، وعطاء بن أبي رباح
(4)
، وحكي عن سعيد بن المسيب
(5)
.
وقال إبراهيم النخعي
(6)
: كانوا يكرهون الكلام بعد الركعتين.
وعن عثمان بن أبي سليمان قال: إذا طلع الفجر فليسكتوا وإن كانوا ركبانًا وإن لم يركعوهما فليسكتوا.
إذا عرفت الكلام في الاضطجاع تبين لك مشروعيته وعلمت بما أسلفنا لك من أن تركه صلى الله عليه وسلم لا يعارض الأمر للأمة الخاص بهم ولاح لك قوة القول بالوجوب والتقييد في الحديث بأن الاضطجاع كان على الشق الأيمن يشعر بأن حصول المشروع لا يكون إلا بذلك لا بالاضطجاع على الجانب الأيسر، ولا شك في ذلك مع القدرة.
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 19 - 20).
(2)
في المعجم الكبير (9/ 330 رقم 9438).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 222) وقال: "عطاء لم يسمع من ابن مسعود، وبقية رجاله ثقات".
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 250) عنه.
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 250) عنه.
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 250) عنه.
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 250) عنه.
وأما مع التعذّر فهل يحصل المشروع بالاضطجاع على الأيسر أم لا؟ بل يشير إلى الاضطجاع على الشق الأيمن.
جزم بالثاني ابن حزم
(1)
وهو الظاهر.
والحكمة في ذلك أن القلب معلق في الجانب الأيسر، فإذا اضطجع على الجانب الأيسر غلبه النوم، وإذا اضطجع على الأيمن قلق لقلق القلب وطلبه لمستقره
(2)
.
15/ 906 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رضي الله تعالى عنه]
(3)
قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكعَتَي الْفَجْرِ فَلْيُصَلِّهِمَا بَعْدَ مَا تَطْلُعُ الشمْسُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
(4)
. [صحيح]
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَاهُمَا مَعَ الْفَرِيضَةِ لَمَّا نَامَ عَنِ الْفَجْرِ فِي السَّفَرِ"
(5)
. [صحيح]
الحديث قال الترمذي
(6)
بعد إخراجه له: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه
(7)
والحاكم في المستدرك
(8)
، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه والدارقطني
(9)
والبيهقي
(10)
.
(1)
في "المحلى"(3/ 196).
(2)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 43). والنووي في شرحه لصحيح مسلم (6/ 20).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في السنن رقم (423).
قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (2463) والحاكم في المستدرك (1/ 274) وصححه ووافقه الذهبي، والدارقطني (1/ 382 - 383 رقم 6) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 484).
وهو حديث صحيح.
(5)
أخرج أحمد (5/ 298) ومسلم رقم (311/ 681) عن أبي قتادة في قصة نومهم عن صلاة الفجر، قال: ثم أذن بلال بالصلاة فصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم.
وهو حديث صحيح.
(6)
في السنن (2/ 288).
(7)
في صحيحه رقم (2463) وقد تقدم.
(8)
في المستدرك (1/ 274) وقد تقدم.
(9)
في السنن (1/ 382 - 383 رقم 6) وقد تقدم.
(10)
في السنن الكبرى (2/ 484) وقد تقدم.
والحديث الذي أشار إليه المصنف قد تقدم في باب قضاء الفوائت
(1)
من أبواب الأوقات.
والحديث استدل به على أن من لم يركع ركعتي الفجر قبل الفريضة فلا يفعل بعد الصلاة حتى تطلع الشمس ويخرج الوقت المنهي عن الصلاة فيه.
وإلى ذلك ذهب الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، حكى ذلك الترمذي
(2)
عنهم.
وحكاه الخطابي
(3)
عن الأوزاعي.
قال العراقي: والصحيح من مذهب الشافعي أنهما يفعلان بعد الصبح ويكونان أداء
(4)
.
والحديث لا يدل صريحًا على أن من تركهما قبل صلاة الصبح لا يفعلهما إلا بعد طلوع الشمس.
وليس فيه إلا الأمر لمن لم يصلهما مطلقًا أن يصليهما بعد طلوع الشمس.
ولا شك أنهما إذا تركا في وقت الأداء فعلا في وقت القضاء.
وليس في الحديث ما يدل على المنع من فعلهما بعد صلاة الصبح.
ويدل على ذلك رواية الدارقطني
(5)
والحاكم
(6)
والبيهقي
(7)
فإنها بلفظ: "من لم يصل ركعتي الفجر حتى تطلع الشمس فليصلِّهما".
ويدل على عدم الكراهة أيضًا حديث قيس بن عمرو أو ابن فهد أو ابن سهل على اختلاف الروايات عند الترمذي
(8)
وأبي داود
(9)
وابن ماجه
(10)
قال:
(1)
برقم (481) من كتابنا هذا.
(2)
في السنن (2/ 288).
(3)
في معالم السنن (2/ 51).
(4)
في معرفة السنن والآثار (4/ 21).
(5)
في السنن (1/ 382 - 383 رقم 6) وقد تقدم.
(6)
في المستدرك (1/ 274) وقد تقدم.
(7)
في السنن الكبرى (2/ 484) وقد تقدم.
(8)
في السنن رقم (422).
(9)
في السنن رقم (1267).
(10)
في السنن رقم (1154).
قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير (ج 18 رقم 937) والدارقطني (1/ 384 - 385) والحاكم (1/ 275) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 483) وابن أبي شيبة في المصنف =
"خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقيمت الصلاة فصليت معه الصبح، ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم فوجدني أصلي، فقال: "مهلًا يا قيس أصلاتان معًا؟ "، قلت: يا رسول الله إني لم أكن ركعت ركعتي الفجر، قال: فلا إذن".
ولفظ أبي داود
(1)
قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال: صلاة الصبح ركعتان، فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما فصليتهما الآن، فسكت".
قال الترمذي (2): إنما يروى هذا الحديث مرسلًا، وإسناده ليس بمتصل لأن فيه محمد بن إبراهيم عن قيس بن عمرو، ومحمد لم يسمع من قيس.
وقول الترمذي
(2)
: إنه مرسل ومنقطع ليس بجيد، فقد جاء متصلًا من رواية يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس، رواه ابن خزيمة في صحيحه
(3)
وابن حبان من طريقه
(4)
وطريق غيره، والبيهقي في سننه
(5)
عن يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس المذكور.
وقد قيل: إن سعيد بن قيس لم يسمع من أبيه، فيصح ما قاله الترمذي من الانقطاع.
وأجيب عن ذلك بأنه لم يعرف القائل بذلك.
وقد أخرجه أيضًا الطبراني في الكبير
(6)
من طريق أخرى متصلة فقال: حدثنا إبراهيم بن متُّويه الأصبهاني، حدثنا أحمد بن الوليد بن برد الأنصاري، حدثنا أيوب بن سويد عن ابن جريج عن عطاء أن قيس بن سهل حدثه: "أنه دخل
= (2/ 254) والحميدي رقم (868) وابن خزيمة رقم (1116) والطحاوي في شرح مشكل الآثار رقم (4138) و (4139) من طرق، وهو حديث صحيح.
(1)
في السنن رقم (1267) وقد تقدم.
(2)
في السنن (2/ 285).
(3)
في صحيحه رقم (1116).
(4)
في صحيحه رقم (1563) و (2471).
(5)
في السنن الكبرى (2/ 483).
قلت: وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (2/ 391) والطحاوي في مشكل الآثار رقم (4137) والدارقطني (1/ 383 - 384) والحاكم (1/ 274 - 275).
(6)
في المعجم الكبير (ج 18 رقم 939).
وفيه أيوب بن سويد الرملي ضعيف سيء الحفظ.
المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي ولم يكن صلى الركعتين فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلما قضى صلاته قام فركع".
وأخرجه ابن حزم في المحلى
(1)
من رواية الحسن بن ذكوان عن عطاء بن أبي رباح عن رجل من الأنصار قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي بعد الغداة فقال: يا رسول الله لم أكن صليت ركعتي الفجر فصليتهما الآن، فلم يقل له شيئًا".
قال العراقي: وإسناده حسن. ويحتمل أن الرجل هو قيس المتقدم.
ويؤيد الجواز حديث ثابت بن قيس بن شماس عند الطبراني في الكبير
(2)
قال: "أتيت المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم،
(3)
التفت إلي وأنا أصلي، فجعل ينظر إليّ وأنا أصلي؛ فلما فرغت قال: ألم تصل معنا؟ قلت: نعم، قال: فما هذه الصلاة؟ قلت: يا رسول الله ركعتا الفجر خرجت من منزلي ولم أكن صليتهما، قال: فلم يعب ذلك عليّ".
وفي إسناده الجراح بن منهال
(4)
وهو منكر الحديث، قاله البخاري ومسلم
(5)
، ونسبه ابن حبان إلى الكذب.
وفي الحديث مشروعية قضاء النوافل الراتبة، وظاهره سواء فاتت لعذر أو لغير عذر.
وقد اختلف العلماء في ذلك على أقوال:
(أحدها): استحباب [قضائهما]
(6)
مطلقًا، سواء كان الفوت لعذر أو لغير عذر لأنه صلى الله عليه وسلم أطلق الأمر بالقضاء ولم يقيده بالعذر.
(1)
في المحلى (3/ 112 - 113).
(2)
في المعجم الكبير (2/ 69 - 70 رقم 1319).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 228) وقال: وفيه راويان لم يسميا وبقية بن الوليد عن الجراح بن منهال بالعنعنة، والجراح منكر الحديث قاله البخاري ومسلم" اهـ.
وهو حديث ضعيف.
(3)
زيادة من المخطوط (ب).
(4)
انظر ترجمته في: "الضعفاء الصغير"(ص 54 رقم 51) والميزان (1/ 422) ولسان الميزان (2/ 99) والمجروحين (1/ 218).
(5)
في التاريخ الكبير (2/ 243).
(6)
في المخطوط (ب): (قضائها).
وقد ذهب إلى ذلك من الصحابة عبد الله بن عمر
(1)
.
ومن التابعين: عطاء وطاوس والقاسم بن محمد
(2)
.
ومن الأئمة ابن جريج، والأوزاعي، والشافعي في الجديد، وأحمد، وإسحاق، ومحمد بن الحسن، والمزني
(3)
.
والقول الثاني: إنها لا تقضى، وهو قول أبي حنيفة
(4)
ومالك
(5)
وأبي
(1)
في الموطأ (1/ 128 رقم 32) وحدثني عن مالك؛ أنَّهُ بلغَهُ أن عبد الله بن عمر فاتته ركعتا الفجر فقضاهما بعد أن طلعت الشمس".
(2)
في الموطأ (1/ 128 رقم 33) وحدثني عن مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم بن محمد: أنَّه صنعَ مثل الذي صنع ابن عمر.
(3)
قال النووي في "المجموع"(3/ 532 - 533): "قال أصحابنا: النوافل قسمان:
(أحدهما): غير مؤقت وإنما يفعل لعارض كالكسوف، والاستسقاء، وتحية المسجد، فهذا إذا فات لا يقضى.
(الثاني): مؤقت كالعيد، والضحى، والرواتب مع الفرائض كسنة الظهر وغيرها فهذه فيها ثلاثة أقوال:
الصحيح منها أنها يستحب قضاؤها، قال القاضي أبو الطيب وغيره: هذا القول هو المنصوص في الجديد.
والثاني: لا تقضى وهو نصه في القديم. وبه قال أبو حنيفة.
والثالث: ما استقل كالعيد والضحى قضي، وما لا يستقل كالرواتب مع الفرائض فلا يقضى. وإذا كانت تقضى فالصحيح الذي قطع به العراقيون وغيرهم أنها تقضى أبدًا.
وحكى الخراسانيون قولًا ضعيفًا أنه يقضى فائت النهار ما لم تغرب شمسه، وفائت الليل ما لم يطلع فجره، وعلى هذا تقضى سنة الفجر ما دام النهار باقيًا.
وحكوا قولًا آخر ضعيفًا أنه يقضى كل تابع ما لم يصل فريضة مستقلة، فيقضى الوتر ما لم يصل الصبح، ويقضى سنة الصبح ما لم يصل الظهر، والباقي هذا المثال
…
وهذا الخلاف كله ضعيف والصحيح استحباب قضاء الجميع أبدًا. ثم ذكر الأدلة
…
(4)
قال العيني في "البناية شرح الهداية"(2/ 687 - 689) "قال: وإذا فاتته ركعتا الفجر لا يقضيهما قبل طلوع الشمس؛ لأنه يبقى نفلًا مطلقًا وهو مكروه بعد الصبح. قال: ولا بعد ارتفاعها عند أبي حنيفة وأبي يوسف.
وقال محمد: أحب إليَّ أن يقضيهما إلى وقت الزوال لأنه عليه السلام قضاهما بعد ارتفاع الشمس غداة التعريس. ولهما أن الأصل في السنة أن لا تقضى لاختصاص القضاء بالواجب".
(5)
وأبى مالك أن تصلى ركعتا الفجر بعد سلام الإمام من صلاة الصبح وأكثر العلماء؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس. =
يوسف في أشهر الروايتين عنه وهو قول الشافعي في القديم
(1)
، ورواية عن أحمد
(2)
، والمشهور عن مالك
(3)
قضاء ركعتي الفجر بعد طلوع الشمس.
والقول الثالث: التفرقة بين ما هو مستقل بنفسه كالعيد والضحى فيقضى، وبين ما هو تابع لغيره كرواتب الفرائض فلا يقضى، وهو أحد الأقوال عن الشافعي
(4)
.
والقول الرابع: إن شاء قضاها وإن شاء لم يقضها على التخيير، وهو مروي عن أصحاب الرأي ومالك
(5)
.
والقول الخامس: التفرقة بين الترك لعذر نوم أو نسيان فيقضي، أو لغير عذر فلا يقضي، وهو قول ابن حزم
(6)
.
واستدل بعموم قوله: "من نام عن صلاته" الحديث
(7)
.
وأجاب الجمهور أن قضاء التارك [لها]
(8)
تعمدًا من باب الأولى، وقد قدمنا الجواب عن هذه الأولوية.
[الباب الرابع] باب ما جاء في قضاء سنتي الظهر
16/ 907 - (عَنْ عَائِشَةَ [رضي الله عنها]
(9)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا لَمْ يُصَلِّ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ صَلَّاهُنَّ بَعْدَها. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
(10)
وقالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ). [حسن]
= الاستذكار لابن عبد البر (5/ 309 رقم 5674).
(1)
في "الأم"(10/ 100 - 103 - اختلاف الحديث).
(2)
انظر: المغني لابن قدامة (2/ 544) والأوسط لابن المنذر (5/ 228).
(3)
انظر: المدونة (1/ 124) والمنتقى للباجي (1/ 228).
(4)
في "الأم"(10/ 101 - اختلاف الحديث).
(5)
الاستذكار لابن عبد البر (5/ 305 رقم 6939).
والأوسط لابن المنذر (5/ 228).
(6)
في المحلى (3/ 200).
(7)
تقدم برقم (478) و (479) من كتابنا هذا.
(8)
في المخطوط (ب) و (جـ): (لهما).
(9)
زيادة من (جـ).
(10)
في سننه رقم (426) وهو حديث حسن.
17/ 908 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(1)
قالَتْ: كانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا فَاتَتْهُ الأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ صَلَّاهُنَّ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ)
(2)
. [ضعيف]
الحديث الأول: [رجال إسناده ثقات إلا عبد الوارث بن عبيد الله العتكي، وقد ذكره ابن حبان في الثقات
(3)
.
وقد]
(4)
حسّنه الترمذي
(5)
كما قال المصنف وقال: إنه غريب، إنما نعرفه من حديث ابن المبارك من هذا الوجه. قال: وقد رواه قيس بن الربيع عن شعبة عن خالد الحذاء نحو هذا، ولا نعلم أحدًا رواه عن شعبة غير قيس بن الربيع.
والحديث الثاني: رواه ابن ماجه (1) عن محمد بن يحيى وزيد بن أخزم ومحمد بن معمر ثلاثتهم عن موسى بن داود الكوفي عن قيس بن الربيع [عن شعبة عن خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن عائشة، وكلهم ثقات إلا قيس بن الربيع
(6)
ففيه مقال وقد وثق] (4).
وفي الباب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلًا عند ابن أبي شيبة
(7)
قال: قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاتته أربع قبل الظهر صلاها بعدها".
والحديثان يدلان على مشروعية المحافظة على السنن التي قبل الفرائض وعلى امتداد وقتها إلى آخر وقت الفريضة.
وذلك لأنها لو كانت أوقاتها تخرج بفعل الفرائض لكان فعلها بعدها قضاء وكانت مقدمة على فعل سنّة الظهر.
وقد ثبت في حديث الباب أنها تفعل بعد ركعتي الظهر. ذكر معنى ذلك
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في سننه رقم (1158) وهو حديث ضعيف.
(3)
في الثقات (8/ 416).
(4)
ما بين الحاصرتين سقط من (جـ).
(5)
في السنن (2/ 391).
(6)
وهو ضعيف لسوء حفظه.
انظر: الميزان (3/ 393 - 396 رقم 6911).
(7)
في "المصنف"(2/ 203) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته أربع ركعات قبل الظهر صلاها بعدها.
وقال الألباني في الضعيفة (9/ 223): "وهذا مرسل حسن الإسناد في الشواهد".
العراقي قال: وهو الصحيح عند الشافعية قال: وقد يعكس هذا فيقال: لو كان وقت الأداء باقيًا لقدمت على ركعتي الظهر، وذكر أن الأول أولى.
18/ 909 - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(1)
قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْهُمَا تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِما. أَمَّا حِينَ صَلَّاهُما فَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَصَلَّاهُما، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الجَارِيَةَ، فَقُلْتُ: قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي لَهُ: تَقُولُ لَكَ أُمُّ سَلَمَةَ: يا رسُولَ الله سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ وَأَرَاكَ تُصَلِّيْهِمَا، فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأخِرِي عَنْهُ فَفَعَلَتِ الجَارِيَةُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:"يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَإِنَّهُ أتانِي نَاسٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُوني عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(2)
.
وَفِي رِوَايَةٍ لأَحْمَدَ
(3)
: مَا رَأَيْتُهُ صَلَّاهُمَا قَبْلَها وَلَا بَعْدَهَا). [صحيح]
قوله: (أما حين صلاهما فإنه صلى العصر) هذا لفظ مسلم
(4)
، ولفظ البخاري
(5)
: "ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر".
قوله: (من بني حرام) بفتح المهملتين.
قوله: (فصلاهما) يعني بعد الدخول.
قوله: (فأشار بيده) فيه جواز الإشارة باليد في الصلاة لمن كلم المصلي في حاجة وقد تقدم البحث في ذلك.
قوله: (يا بنت أبي أمية) هو والد أم سلمة، واسمه حذيفة، وقيل: سهيل بن المغيرة المخزومي.
قوله: (عن الركعتين) يعني اللتين صليتهما الآن.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه أحمد في المسند (6/ 310) والبخاري في صحيحه رقم (1233) ومسلم رقم (297/ 834).
(3)
في المسند (6/ 299 - 300).
وهو حديث صحيح.
(4)
في صحيحه رقم (297/ 834).
(5)
في صحيحه رقم (1233).
قوله: (فإنه أتاني ناسٌ من بني عبد القيس). زاد في المغازي
(1)
: "بالإسلام من قومهم فسألوني".
وفي رواية للطحاوي
(2)
: "فنسيتهما ثم ذكرتهما فكرهت أن أصليهما في المسجد والناس يرون فصليتهما عندك".
وله
(3)
من وجه آخر: "فجاءني مال فشغلني".
وله (3) من وجه آخر: "قدم عليَّ وفد من بني تميم، أو جاءتني صدقة".
قوله: (فهما هاتان) زاد الطحاوي
(4)
فقلت: أمرت بهما؟ فقال: "لا ولكن كنت أصليهما بعد الظهر فشغلت عنهما فصليتهما الآن".
قوله: (ما رأيته صلاهما قبلها ولا بعدها) لفظ الطحاوي
(5)
: "لم أره صلاهما قبل ولا بعد".
وعند الترمذي
(6)
وحسنه عن ابن عباس قال: "إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر؛ لأنه أتاهُ مالٌ فشغله عن الركعتين بعدَ الظهرِ فصلاهما بعد العَصْر ثم لم يعد".
ولكن هذا لا ينفي الوقوع. فقد ثبت في صحيح مسلم
(7)
أن عائشة قالت: كان يصليهما قبل العصر فشغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتهما، وكان إذا صلى صلاة أثبتها أي داوم عليها.
وفي البخاري
(8)
عنها أنها قالت: ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم السجدتين بعد العصر عندي قط.
وفيه
(9)
عنها: "ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعهما سرًا ولا علانيةً
(1)
في المغازي، باب وفد عبد القيس رقم (4370).
(2)
في شرح معاني الآثار (1/ 302).
(3)
أي الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 302).
(4)
في شرح معاني الآثار (1/ 301).
(5)
في شرح معاني الآثار (1/ 302).
(6)
في سننه رقم (184).
قال الألباني رحمه الله: ضعيف الإسناد. وقوله: "ثم لم يعدلهما" منكر.
(7)
في صحيح مسلم رقم (298/ 835).
(8)
في صحيح البخاري رقم (591).
(9)
أي في صحيح البخاري رقم (592).
ركعتانِ قبلَ صلاةِ الصُّبح، وركعتانِ بعدَ [صلاة]
(1)
العصر"، وفيه
(2)
أيضًا عنها: "ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين".
وقد جمع بين رواية النفي وروايات الإثبات بحمل النفي على المسجد: أي لم يفعلهما في المسجد، والإثبات على البيت.
وقد تمسك بحديث الباب من قال بجواز قضاء الفوائت في الأوقات المكروهة، ومن أجاز التنفل بعد العصر مطلقًا ما لم يقصد الصلاة عند غروب الشمس.
وأجاب من أطلق الكراهة بأن ذلك من خصائصه.
والدليل عليه ما أخرجه أبو داود
(3)
عن عائشة أنها قالت: "كان يصلي بعد العصر وينهى عنهما، ويواصل وينهى عن الوصال".
وما أخرجه أحمد
(4)
عن أم سلمة أنها قالت: "فقلت: يا رسول الله أتقضيهما إذا فاتا؟ فقال: لا".
قال البيهقي
(5)
: وهي رواية ضعيفة.
وقد احتج بها الطحاوي
(6)
على أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم.
قال البيهقي
(7)
: الذي اختص به صلى الله عليه وسلم المداومة على ذلك لا أصل القضاء.
وعلى تسليم عدم اختصاصه بالقضاء بل بمجرد المداومة كما دل عليه
(1)
زيادة من المخطوط (ب).
(2)
أي في صحيح البخاري رقم (593).
(3)
في سنن أبي داود رقم (1280).
وضعفه المحدث الألباني رحمه الله.
(4)
في المسند (6/ 315) ورجاله رجال الصحيح، قاله الهيثمي في المجمع (2/ 223 - 224).
وقوله: "أفنقضيهما، قال: لا" زيادة ضعيفة تفرد بها يزيد بن هارون من بين الرواة عن حماد بن سلمة.
(5)
انظر: "السنن الكبرى"(2/ 457).
ومعرفة السنن والآثار (3/ 427 - 429).
(6)
انظر: شرح معاني الآثار (1/ 301 - 303).
(7)
في معرفة السنن والآثار (3/ 429 رقم 5190).
حديث عائشة
(1)
المذكور فليس في حديث الباب إلا جواز قضاء الفائتة لا جواز التنفل مطلقًا.
وللعلماء في ذلك مذاهب يأتي ذكرها وبيان الراجح منها في باب الأوقات المنهي عن الصلاة فيها
(2)
.
وللحديث فوائد ليس هذا محل بسطها، وقد أشار في الفتح
(3)
قبيل كتاب الجنائز إلى بعض منها.
[الباب الخامس] باب ما جاء في قضاء سنّة العصر
19/ 910 - (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَتْ: كانَ يُصَلِّيهِما قَبْلَ العَصْرِ، ثُمَّ إِنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا أَوْ نَسِيَهُما، فَصَلَّاهُما بَعْدَ العَصْرِ ثُمَّ أَثْبَتَهُما، وكانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْها. رَوَاهُ مُسْلِمٌ
(4)
والنَّسَائِيُّ
(5)
. [صحيح]
20/ 911 - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(6)
قالَتْ: شُغِلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ العَصْرِ فَصَلَّاهُما بَعْدَ العَصْرِ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ
(7)
. [إسناده حسن]
21/ 912 - (وَعَنْ مَيْمُونَةَ [رضي الله تعالى عنها] (6) أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يُجَهِّزُ بَعْثًا وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ظَهْرٌ فَجَاءَهُ ظَهْرٌ مِنَ الصَّدَقَةِ فَجَعَلَ يُقَسِّمُهُ بَيْنَهُمْ، فَحَبَسُوهُ حَتَّى أَرْهَقَ الْعَصْرُ، وَكانَ يُصَلِّي قَبْلَ العَصْرِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ مَا شَاء الله، فَصَلَّى العَصْرَ
(1)
سيأتي برقم (19/ 910) من كتابنا هذا.
(2)
الباب الثالث والعشرون عند الحديث رقم (96/ 987) من كتابنا هذا.
(3)
فتح الباري (6/ 103 - 107).
(4)
في صحيحه رقم (298/ 835).
(5)
في سننه رقم (578).
وهو حديث صحيح.
(6)
زيادة من (جـ).
(7)
في سننه رقم (580) بسند حسن.
ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى ما كانَ يُصَلِّي قَبْلَها، وكانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَوْ فَعَلَ شَيْئًا يُحِبُّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ)
(1)
. [سناده ضعيف]
الحديث الأول له طرق وألفاظ هذا الذيْ ذكر المصنف أحدها.
والحديث الثاني رجاله رجال الصحيح، وقد أخرجه أيضًا البخاري
(2)
ومسلم
(3)
وغيرهما، لكن ليس فيه قوله: عن الركعتين قبل العصر، بل فيه التصريح بأن الركعتين اللتين شغل عنهما هما الركعتان اللتان بعد الظهر.
والحديث الثالث [في إسناده حنظلة السدوسي وهو ضعيف
(4)
.
وقد]
(5)
أخرجه أيضًا الطبراني
(6)
وأشار إليه الترمذي
(7)
.
وأحاديث الباب تدل على مشروعية قضاء ركعتي العصر بعد فعل الفريضة، فيكون قضاؤهما في ذلك الوقت مخصصًا لعموم أحاديث النهي.
وسيأتي البحث مستوفى في باب الأوقات المنهي عن الصلاة فيها
(8)
.
وأما المداومة على ذلك فمختصة به صلى الله عليه وسلم كما تقدم.
واعلم أنها قد اختلفت الأحاديث في النافلة المقضية بعد العصر
(9)
هل هي
(1)
في المسند (6/ 334 - 335) بسند ضعيف.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 223) وقال: "وفيه حنظلة السدوسي ضعفه أحمد وابن معين ووثقه ابن حبان" اهـ.
(2)
في صحيحه رقم (1233).
(3)
في صحيحه رقم (834).
(4)
حنظلة بن عبيد الله، وقيل: ابن أبي صفية، أبو عبد الرحيم السدوسي: ضعفه أحمد، وقال: منكر الحديث. وقال النسائي: ضعيف. وقال أخرى: ليس بالقوي.
التاريخ الكبير (3/ 43) المجروحين (1/ 266) والجرح والتعديل (3/ 240) والميزان (1/ 621) والتقريب (1/ 206) ولسان الميزان (7/ 206) والخلاصة (ص 96).
(5)
ما بين الحاصرتين سقط من (جـ).
(6)
في المعجم الكبير (ج 24 رقم 69).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 221): وقال: فيه حنظلة السدوسي ضعفه أحمد وابن معين ووثقه ابن حبان".
(7)
في السنن (1/ 345) عقب الحديث (184).
(8)
الباب الثالث والعشرون. عند الحديث رقم (96/ 987) من كتابنا هذا.
(9)
انظر: "الأم"(10/ 99 - 102 - اختلاف الحديث).
والمغني لابن قدامة (2/ 44).
الركعتان بعد الظهر المتعلقتان به، أو هي سنّة العصر المفعولة قبله؟.
ففي حديث أُم سلمة المتقدم في الباب الأول
(1)
.
وكذلك حديث ابن عباس المتقدم
(2)
التصريح بأنهما ركعتا الظهر.
وفي أحاديث الباب أنهما ركعتا العصر.
ويمكن الجمع بين الروايات
(3)
بأن يكون مراد من قال بعد الظهر، ومن قال قبل العصر: الوقت الذي بين الظهر والعصر، فيصح أن يكون مراد الجميع سنّة الظهر المفعولة بعده، أو سنّة العصر المفعولة قبله.
وأما الجمع بتعدد الواقعة وأنه صلى الله عليه وسلم شغل تارة عن [أحدهما]
(4)
وتارة عن الأخرى فبعيد؛ لأن الأحاديث مصرحة بأنه داوم عليهما، وذلك يستلزم أنه كان يصلي بعد العصر أربع ركعات ولم ينقل ذلك أحد.
[الباب السادس] باب أن الوتر سنّة مؤكدة وأنه جائز على الراحلة
22/ 913 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رضي الله تعالى عنه]
(5)
قالَ: قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَا". رَوَاهُ أَحْمَدُ)
(6)
. [حسن لغيره]
23/ 914 - (وَعَنْ عَلِيّ [رضي الله تعالى عنه] (5) قالَ: الْوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ
(1)
رقم الحديث (909) من كتابنا هذا.
(2)
رقم الحديث (910) من كتابنا هذا.
(3)
فتح الباري (2/ 64 - 65).
(4)
في المخطوط (أ) و (جـ): (إحداهما).
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
في المسند (2/ 443) بسند ضعيف لضعف الخليل بن مرة، وفي الإسناد انقطاع، معاوية بن قرة لم يسمع من أبي هريرة.
قلت: وأخرجه إسحاق بن راهويه رقم (97) وابن أبي شيبة (2/ 297) بإسناد أحمد وله شاهد من حديث بريدة أخرجه أبو داود رقم (1419) وأحمد في مسنده (5/ 357).
وفي إسناده عبيد الله بن عبد الله العتكي متكلم فيه، وقال الحافظ في التقريب رقم (4312): صدوق يخطئ.
والحديث حسن لغيره، وقد ضعفه المحدث الألباني في ضعيف أبي داود.
كَهَيْئَةِ الْمَكْتُوبةِ، وَلكِنَّهُ سُنَّةٌ سنَّها رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. روَاهُ أَحْمَدُ
(1)
وَالنَّسَائِيُّ
(2)
والتِّرْمِذِيُّ
(3)
وَابْنُ مَاجَهْ
(4)
وَلْفَظُهُ: إِنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ وَلَا كَصَلَاتِكُمْ الْمَكْتُوبَةِ، ولكِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَوْتَرَ فَقَال:"يَا أَهْلَ القُرْآنِ أَوْترُوا فإِنَّ الله وِتْرٌ يِحِبُّ الْوِتْرَ"). [صحيح]
24/ 915 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله تعالى عنهما]
(5)
أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَوْتَرَ عَلَى بَعِيرِهِ. رَوَاهُ الجَماعَةُ)
(6)
. [صحيح]
25/ 916 - (وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم "الْوِتْرُ حَقٌّ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوْتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ". رَوَاهُ الخَمْسَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ
(7)
.
وَفِي لَفْظٍ لأَبِي دَاوُدَ
(8)
: "الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كل مُسْلِمٍ". وَرَوَاهُ ابْنُ المُنْذِرِ
(9)
وقالَ فِيهِ: "الْوِتْرُ حَقٌّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ"). [صحيح]
أما حديث أبي هريرة فأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة
(10)
، وفي إسناده الخليل بن مرة
(11)
قال فيه أبو زرعة: شيخ صالح، وضعفه أبو حاتم والبخاري.
(1)
في المسند (1/ 86).
(2)
في السنن (3/ 228 - 22) رقم (1675).
(3)
في السنن رقم (453) وقال: حديث حسن.
(4)
في السنن رقم (1169).
وهو حديث صحيح.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
وهم أحمد (2/ 7) والبخاري رقم (999) ومسلم رقم (36/ 700) وأبو داود رقم (1226) والترمذي رقم (472) والنسائي (3/ 232) وابن ماجه رقم (1200).
(7)
أحمد (5/ 357) وأبو داود رقم (1422) والنسائي (3/ 238 رقم 1711) وابن ماجه رقم (1190).
(8)
في السنن رقم (1422) وقد تقدم.
(9)
في الأوسط (5/ 188 رقم 2666).
(10)
في المصنف (2/ 297).
(11)
وهو ضعيف. انظر: التقريب رقم (1757) وتهذيب التهذيب (1/ 555) والميزان (1/ 667 - 668 رقم 2572).
وأما حديث عليّ فحسنه الترمذي
(1)
وصححه الحاكم
(2)
.
وأما حديث ابن عمر، فأخرجه الجماعة كما ذكر المصنف
(3)
.
وأما حديث أبي أيوب، فأخرجه أيضًا ابن حبان
(4)
، والدارقطني
(5)
، والحاكم
(6)
، وله ألفاظ. وصحح أبو حاتم
(7)
، والذهلي
(8)
، والدارقطني في العلل
(9)
، والبيهقي
(10)
، وغير واحد وقفه.
قال الحافظ
(11)
: وهو الصواب.
وفي الباب عن أبي هريرة غير حديثه المذكور في الباب عند البيهقي في الخلافيات
(12)
بلفظ: "إن الله [تعالى]
(13)
وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن".
(1)
في السنن (2/ 316).
(2)
في المستدرك (1/ 300): وسكت عنه هو والذهبي.
(3)
تقدم بالحاشية رقم (5) في الصفحة السابقة.
(4)
في صحيحه (2407).
(5)
في السنن (2/ 22 - 23).
(6)
في المستدرك (1/ 302) وقال: صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(7)
في "العلل"(1/ 171 - 172 رقم 490).
(8)
ذكره ابن حجر في التلخيص (2/ 29)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 24)، واللخمي في مختصر الخلافيات (2/ 11 - 12).
(9)
في "العلل"(6/ 98).
(10)
في السنن الكبرى (3/ 24)، ومعرفة السنن والآثار (4/ 63).
(11)
في "التلخيص"(2/ 29).
قلت: وترجيح الحافظ وغيره وقفه مما لا وجه له؛ لأنه قد رفعه جماعة من الثقات، والرفع زيادة يجب قبولها كما تقرر في المصطلح.
فالحديث صحيح، وقد صححه النووي في المجموع (4/ 17، 22)، والحاكم ووافقه الذهبي، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجه.
(12)
أخرجه أحمد بن فرح اللخمي في مختصر خلافيات البيهقي (2/ 17 - 18).
وقال أبو إسماعيل السلمي الترمذي: اذاكرت به لبندار فلم يكن عنده، فكتبه عني، هذا الحديث إنما يرويه الناس من حديث علي، وعبد الله رضي الله عنهما.
وأما بهذا الإسناد فإنه تفرد به أبو إسماعيل الترمذي.
وأخبرنا الحاكم أبو عبد الله، قال: سألت أبا الحسن الدارقطني عن أبي إسماعيل الترمذي فقال: ثقة صدوق - انظر: تذكرة الحفاظ (2/ 604 - 605) - قال الحاكم: تكلم فيه أبو حاتم يعني الرازي - في الجرح والتعديل (2/ 190 - 191) - " اهـ.
(13)
زيادة من (جـ).
وعن ابن عمرو عند ابن أبي شيبة
(1)
وأحمد
(2)
بلفظ: "وزادكم صلاة حافظوا عليها وهي الوتر"، وفي إسناده ضعيفان
(3)
.
وعن بريدة عند أبي داود
(4)
بلفظ: "الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا"، ورواه الحاكم في المستدرك
(5)
ولم يكرر لفظه. وقال: هذا حديث صحيح.
وعن أبي بصرة عند أحمد
(6)
بلفظ: "إن الله [تعالى]
(7)
زادكم صلاة وهي الوتر فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى الفجر".
ورواه الطبراني
(8)
بلفظ: "فحافظوا عليها".
وعن سليمان بن صرد عند الطبراني في الأوسط
(9)
بلفظ: "وأوتروا فالله وتر يحب الوتر".
(1)
في المصنف (2/ 297) بسند ضعيف لضعف الحجاج بن أرطاة.
(2)
في المسند (2/ 206) بسند ضعيف لضعف المثنى بن الصباح.
قلت: وأخرجه المروزي في كتاب "الوتر"(ص 111) والطيالسي رقم (2263) وهو حديث حسن لغيره.
(3)
في سند ابن أبي شيبة (حجاج بن أرطاة) قال ابن معين: ليس بالقوي، وقال الدراقطني وغيره: لا يحتج به، وقال البخاري: مثروك الحديث لا نقر به.
التاريخ الكبير (2/ 378) والمجروحين (1/ 225) والميزان (1/ 458) والخلاصة ص 72.
وتابعه عند أحمد (المثنى بن الصباح) قال ابن عدي: الضعف على حديثه بيِّن وعن ابن معين قال: يكتب حديثه ولا يترك.
التاريخ الكبير (7/ 429) والمجروحين (3/ 20) والميزان (3/ 345) والخلاصة (ص 369).
(4)
في سننه رقم (1419).
(5)
في المستدرك (1/ 306) وقال: هذا حديث صحيح، وأبو المنيب العتكي مروزي ثقة يجمع حديثه ولم يخرجاه. وقال الذهبي: قال البخاري: أبو المنيب عنده مناكير.
وقد ضعف الألباني الحديث في ضعيف أبي داود.
(6)
في المسند (6/ 7) بسند صحيح.
(7)
زيادة من (جـ)
(8)
في المعجم الكبير (ج 2 رقم 2168).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 239) وقال: "له إسنادانا عند أحمد أحدهما رجاله رجال الصحيح خلا علي بن إسحاق السلمي شيخ أحمد، وهو ثقة" اهـ.
(9)
في الأوسط رقم (7442). =
وعن ابن عباس عند البزار
(1)
بلفظ: "إن الله قد أمدَّكم
(2)
بصلاة وهي الوتر".
وعن ابن عمر عند البيهقي
(3)
بلفظ: "إن الله [تعالى]
(4)
زادكم صلاة وهي الوتر"، وفي إسناده مقال.
وعن ابن مسعود عند البزار
(5)
بلفظ: "الوتر واجب على كل مسلم"، وفي إسناده جابر الجعفي
(6)
، وقد ضعفه الجمهور ووثقه الثوري.
= وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 240) وقال: "فيه إسماعيل بن عمرو البجلي ضعفه أبو حاتم والدارقطني وابن عدي، ووثقه ابن حبان، وإبراهيم بن أورمة ذكره فأحسن الثناء عليه"اهـ.
(1)
في المسند (رقم 734 - كشف) عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والبشر يعرف في وجهه فقال: "إن الله قد زادكم صلاة وهي الوتر".
قال البزار: لا نعلمه عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد.
• وأخرجه الدارقطني في سننه (2/ 30 رقم 2) عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ الكتاب.
وقال الدارقطني عقبه: النضر أبو عمر الخزاز ضعيف.
(2)
تنبيه: في معظم طبعات "النيل" صحفت كلمة (أمدكم) إلى أمركم.
(3)
أخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" - كما في نصب الراية (2/ 110) - عن حميد بن أبي الجون الإسكندراني، أخبرنا عبد الله بن وهب، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم محمرًا وجهه، يجر رداءه، فصعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:"يا أيها الناس، إن الله تعالى زادكم صلاة إلى صلاتكم، وهي الوتر".
قال الدارقطني: وحميد بن أبي الجون ضعيف.
وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1/ 451 رقم 766).
قال ابن حبان: لا يخفى هذا على من كتب حديث ابن وهب أنه موضوع، وأحمد بن عبد الرحمن - بن وهب بن أخي بن وهب - كان يأتي عن عمه بما لا أصل له.
والحديث ذكره ابن حبان في "المجروحين"(1/ 149)، وأورده الذهبي في الميزان (1/ 114).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في المسند (رقم 733 - كشف). وقال: لا نعلمه عن عبد الله إلَّا بهذا الإسناد.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 240) وقال: "رواه البزار والطبراني في الكبير وفيه النضر أبو عمر وهو ضعيف جدًّا" اهـ.
قلت: ليس في إسناد البزار (النضر أبو عمر).
(6)
جابر بن يزيد الجعفي. كوفي، قال شعبة: صدوق. وقال وكيع: ثقة. قال البخاري: اتهم بالكذب.
انظر: الميزان (2/ 379)، والتاريخ الكبير (2/ 215)، والمجروحين (1/ 208)، والجرح والتعديل (2/ 497)، والتقريب (1/ 123).
وله حديث آخر عند أبي داود
(1)
وابن ما جه
(2)
بلفظ حديث أبي هريرة الذي ذكرناه.
وعن عبد الله بن أبي أوفى عند البيهقي
(3)
بلفظ حديث أبي بصرة المتقدم وفي إسناده أحمد بن مصعب
(4)
وهو ضعيف.
وعن علي عند أهل السنن
(5)
بنحو حديث أبي هريرة الذي ذكرناه.
وعن عقبة بن عامر، وعمرو بن العاص عند الطبراني في الكبير
(6)
والأوسط
(7)
بنحو حديث أبي بصرة.
وعن معاذ عند أحمد
(8)
بنحو حديث أبي بصرة أيضًا.
وعن ابن مسعود حديث آخر عند الطبراني في الصغير
(9)
بلفظ: "الوتر على أهل القرآن".
(1)
في سننه رقم (1417).
(2)
في سننه رقم (1170).
وهو حديث صحيح لغيره.
(3)
أخرجه البيهقي (2/ 14 - 15 - مختصر الخلافيات) بسند ضعيف جدًّا.
(4)
أحمد بن مصعب بن بشر بن فضالة بن عبد بن راشد بن موات.
أبو بشر الفقيه من أهل مرو، كان ممن يضع المتون للآثار ويقلب الأسانيد للأخبار حتى غلب قلبه أخبار الثقات، ولعله قد قلب على الثقات أكثر من عشرة آلاف حديث، كتبت أنا منها أكثر من ثلاثة آلاف حديث.
انظر: "المجروحين"(1/ 156) والميزان (1/ 149).
(5)
وهو حديث صحيح تقدم برقم (23/ 914) من كتابنا هذا.
(6)
في المعجم الكبير (2/ 240 - مجمع الزوائد).
(7)
في الأوسط (رقم 7975).
وقال الهيثمي: وفيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك.
(8)
في المسند (5/ 242) بسند ضعيف، عبيد الله بن زحر، وعبد الرحمن بن رافع التنوخي: ضعيفان.
وعبد الرحمن بن رافع هذا لم يدرك معاذًا، فهو منقطع.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 239) وقال: "رواه أحمد وفيه عبيد الله بن زحر وهو ضعيف متهم".
وخلاصة القول أن المرفوع منه صحيح بشواهده والله أعلم.
(9)
في المعجم الصغير (2/ 78).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 240) وقال: "وفيه عمران الخياط. قال الذهبي: لا يكاد يعرف" اهـ.
وعن ابن عباس حديث آخر عند أحمد
(1)
والطبراني
(2)
والدارقطني
(3)
والبيهقي
(4)
بلفظ: "ثلاث عليّ فرائض وهي لكم تطوع: النحر، والوتر، وركعتا الفجر".
وأخرجه أيضًا الحاكم في المستدرك
(5)
شاهدًا على أن الوتر ليس بحتم وسكت عليه.
وقال البيهقي
(6)
في روايته؛ ركعتا الضحى، بدل ركعتي الفجر.
وعن أنس عند الدارقطني
(7)
بلفظ: "قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت بالوتر والأضحى ولم يعزم عليّ".
وفي إسناده عبد الله بن محرر
(8)
وهو ضعيف.
وعن جابر عند المروزي
(9)
بلفظ: "إني كرهت أو خشيت أن يكتب عليكم الوتر".
وعن عائشة عند الطبراني في الأوسط
(10)
بلفظ: "ثلاث هنّ عليّ فريضة، وهنّ لكم سنّة: الوتر، والسواك، وقيام الليل".
(1)
في المسند (1/ 231). بسند ضعيف.
(2)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 11802).
(3)
في سننه (2/ 21 رقم 1).
(4)
في السنن الكبرى (2/ 468) و (9/ 264).
(5)
(1/ 300) قال الذهبي: ما تكلم الحاكم عليه، وهو غريب مُنكر.
ويحيى ضعفه النسائي والدارقطني.
(6)
في السنن الكبرى (2/ 468) وقال: أبو جناب الكلبي واسمه يحيى بن أبي حية ضعيف، وكان يزيد بن هارون يصدقه ويرميه بالتدليس.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف والله أعلم.
(7)
في سننه (2/ 21 رقم 2) بسند ضعيف.
(8)
عبد الله بن المحرر (براء مهملة مكررة) الحراني، ويقال: الرقي، قاضي الجزيرة، قال أحمد: ترك الناس حديثه، وقال الجوزجاني: هالك، وقال الدارقطني وجماعة: متروك.
انظر: الجرح والتعديل (2/ 2/ 176) والكامل (4/ 1451) والضعفاء للعقيلي (2/ 309) والمجروحين (2/ 22) والميزان (2/ 500).
• تنبيه: في بعض طبعات "النيل"(محرز) وهو تصحيف والصواب (محرر) كما تقدم.
(9)
في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 274) قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1070) بسند حسن. عيسى بن جارية فيه لين.
(10)
برقم (3266). =
واعلم أن هذه الأحاديث فيها ما يدل على الوجوب كقوله: "فليس منا"
(1)
، وقوله:"الوتر حق"
(2)
، وقوله:"أوتروا"
(3)
و"حافظوا"
(4)
، وقوله:"الوتر واجب"
(5)
.
وفيها ما يدل على عدم الوجوب، وهو بقية أحاديث الباب فتكون صارفة لما يشعر بالوجوب.
وأما حديث "الوتر واجب"(5)، فلو كان صحيحًا لكان مشكلًا لما عرَّفناك في باب غسل يوم الجمعة من أن التصريح بالوجوب لا يصح أن يقال: إنه مصروف إلى غيره، بخلاف بقية الألفاظ المشعرة بالوجوب.
وقد ذهب الجمهور
(6)
إلى أن الوتر غير واجب بل سنّة.
وخالفهم أبو حنيفة
(7)
فقال: إنه واجب؛ وروي عنه أنه فرض.
وتمسك بما عرفت من الأدلة الدالة على الوجوب.
وأجاب عليه الجمهور بما تقدم.
قال ابن المنذر
(8)
: ولا أعلم أحدًا وافق أبا حنيفة في هذا.
وأورد المصنف في الباب حديث ابن عمر
(9)
: "أنه صلى الله عليه وسلم أوتر على بعيره" للاستدلال به على عدم الوجوب؛ لأن الفريضة لا تصلى على الراحلة.
وكذلك إيراده حديث أبي أيوب
(10)
للاستدلال بما فيه من التخيير على عدم الوجوب، وهو إنما يدل على عدم وجوب أحدها على التعيين لا على عدم الوجوب مطلقًا.
= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 267) وقال: "وفيه موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، وهو كذاب".
(1)
تقدم برقم (913) من كتابنا هذا.
(2)
تقدم برقم (915) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم برقم (914) من كتابنا هذا.
(4)
تقدم خلال شرح حديث (25/ 916)، من رواية الطبراني عن أبى بصرة. من كتابنا هذا.
(5)
تقدم خلال شرح حديث (25/ 916) من رواية البزار عن ابن مسعود.
(6)
انظر: "المغني" لابن قدامة (2/ 591). والمجموع (3/ 505 - وما بعدها)
(7)
البناية في شرح الهداية (2/ 565).
(8)
في الأوسط (5/ 167 - 168).
(9)
تقدم برقم (915) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح رواه الجماعة.
(10)
تقدم برقم (916) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
ويمكن أنه أورده للاستدلال به على الوجوب لقوله فيه: حق.
ومن الأدلَّةِ الدَّالَّةِ على عدمِ [وجوبِ الوتر]
(1)
ما اتفق عليه الشيخان
(2)
من حديث طلحة بن عبيد الله قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد، الحديث. وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خمس صلوات في اليوم والليلة"، قال: هل عليّ غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تطوّع".
وروى الشيخان
(3)
أيضًا من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا إلى اليمن، الحديث. وفيه: "فأعلمهم أن الله [تعالى]
(4)
افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة"، وهذا من أحسن ما يستدل به؛ لأن بعث معاذ كان قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بيسير.
وأجاب الجمهور
(5)
أيضًا عن أحاديث الباب المشعرة با لوجوب بأن أكثرها ضعيف وهو حديث أبي هريرة
(6)
وعبد الله بن عمرو
(7)
[و]
(8)
بريدة
(9)
وسليمان بن صرد
(10)
(1)
في المخطوط (ب): (الوجوب).
(2)
البخاري رقم (46) ومسلم رقم (8/ 11).
وقد تقدم برقم (395) من كتابنا هذا.
(3)
البخاري رقم (1395) ومسلم رقم (29/ 19).
وسيأتي برقم (1530) من كتابنا هذا.
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
انظر: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"(1/ 223 - 225) بتحقيقي.
والخلاصة أن الوتر سنة مؤكدة عند أحمد ومالك والشافعي خلافًا لأبي حنيفة في قوله: هو واجب.
انظر: "المغني" لابن قدامة (2/ 594 - 595) والكافي لابن عبد البر (1/ 255) وحلية العلماء (2/ 138) والمبسوط (1/ 155).
(6)
تقدم برقم (913) من كتابنا هذا.
(7)
تقدم خلال شرح حديث (25/ 916) من كتابنا هذا. وقد أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 297) وأحمد (2/ 206) وهو حديث حسن لغيره.
(8)
زيادة من المخطوط (أ).
(9)
وهو حديث ضعيف تقدم خلال شرح حديث (25/ 916). وقد أخرجه أبو داود رقم (1419) والحاكم (1/ 306).
(10)
وقد تقدم خلال شرح حديث (25/ 916) وقد أخرجه الطبراني في الأوسط رقم (7442).
وابن عباس
(1)
وابن عمر
(2)
وابن مسعود
(3)
وابن أبي أوفى
(4)
وعقبة بن عامر ومعاذ بن جبل
(5)
، كذا قال العراقي. وبقيتها لا يثبت [بها]
(6)
المطلوب لا سيما مع قيام ما أسلفناه من الأدلة الدالة على عدم الوجوب.
[الباب السابع] باب الوتر بركعة وبثلاث وخمس وسبع وتسع بسلام واحد وما يتقدمها من الشفع
26/ 917 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله تعالى عنهما]
(7)
قالَ: قامَ رَجُلٌ فقالَ: يا رسُولَ الله كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ؟ فقالَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ الليْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ"، رَوَاهُ الجَمَاعَةُ
(8)
. وَزَادَ أَحْمَدُ
(9)
في رِوَايَةٍ: "صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى تُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ"، وَذَكَرَ الحَدِيثَ. وَلمُسْلِمٍ
(10)
: قِيلَ لابْنِ عُمَرَ: ما مَثْنَى مَثْنَى؟ قالَ: [يُسَلِّمُ]
(11)
في كُلِّ رَكْعَتَيْنِ).
الحديث زاد فيه الخمسة
(12)
: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى".
(1)
وقد تقدم خلال شرح حديث (25/ 916) وقد أخرجه البزار (رقم 734 - كشف).
(2)
وقد تقدم خلال شرح حديث (25/ 916)، وقد أخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" كما في نصب الراية (2/ 110).
(3)
وقد تقدم خلال شرح حديث (25/ 916)، وقد أخرجه البزار (رقم 733 - كشف)، وحديث آخر أخرجه أبو داود رقم (1417) وابن ماجه رقم (1170) وهو "حديث صحيح لغيره.
(4)
وقد تقدم خلال شرح حديث (25/ 916)، وقد أخرجه البيهقي في الخلافيات (2/ 14 - 15 - مختصر الخلافيات).
(5)
وقد تقدم خلال شرح حديث (25/ 916)، وقد أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 240 مجمع) والأوسط رقم (7975).
(6)
في المخطوط (ب): (به).
(7)
زيادة من (جـ).
(8)
أحمد (2/ 102) والبخاري رقم (990) ومسلم رقم (147/ 749) وأبو داود رقم (1421) والترمذي رقم (461) والنسائي (3/ 233 رقم 1694) وابن ماجه رقم (1174).
(9)
في المسند (2/ 49).
(10)
في صحيحه رقم (159/ 749).
(11)
في (جـ): (تسلم).
(12)
سيأتي تخريجه برقم (82/ 973) من كتابنا هذا.
وقد اختلف في زيادة قوله: "والنهار" فضعفها جماعة لأنها من طريق علي البارقي الأزدي
(1)
عن ابن عمر وهو ضعيف عند ابن معين.
وقد خالفه جماعة من أصحاب ابن عمر فلم يذكروا فيه النهار.
وقال الدارقطني في العلل
(2)
: إنها وهم.
وقد صححها ابن خزيمة
(3)
وابن حبان
(4)
والحاكم في المستدرك
(5)
وقال: رواتها ثقات.
وقال الخطابي
(6)
: إن سبيل الزيادة من الثقة أن تقبل.
وقال البيهقي
(7)
: "هذا حديث صحيح. وعلي البارقي احتج به مسلم والزيادة من الثقة مقبولة.
وقد صححه البخاري لما سئل عنه، ثم روى ذلك بسنده إليه قال: وقد روي عن محمد بن سيرين عن ابن عمر مرفوعًا بإسناد كلهم ثقات". اهـ كلام البيهقي.
وله طرق وشواهد. وقد ذكر بعض ذلك الحافظ في التلخيص
(8)
.
(1)
علي بن عبد الله البارقي الأزديُّ، أبو عبد الله بن أبي الوليد: صدوق ربما أخطأ من الثالثة. (م 4). (التقريب رقم الترجمة: 4762).
وقال المحرران: بل صدوق حسن الحديث، فقد روى عنه جمع من الثقات، وأخرج له مسلم عن ابن عمر في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في السفر، وحسنه الترمذي.
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن عدي: لا بأس به.
وانظر: خلاصة القول المفهم على تراجم رجال جامع الإمام مسلم (1/ 400).
(2)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 48).
(3)
في صحيحه رقم (1210).
(4)
في صحيحه رقم (2482).
(5)
لم أقف عليه عند الحاكم في المستدرك.
(6)
في معالم السنن (2/ 65 - مع السنن).
وبقية كلامه رحمه الله: "
…
إلا أن سبيل الزيادات أن تقبل. وقد قال بهذا في النوافل: مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى يوم الفتح ثماني ركعات يسلم عن كل ركعتين، وصلاة العيد ركعتان، والاستسقاء ركعتان وهذه كلها من صلاة النهار" اهـ.
(7)
في السنن الكبرى (2/ 487).
(8)
(2/ 47 - 49).
قوله: (قام رجل) وقع في معجم الطبراني الصغير
(1)
أن السائل هو ابن عمر ولكنه يشكل عليه ما وقع في بعض الروايات عن ابن عمر بلفظ: "أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بينه وبين السائل" فذكر الحديث.
وفيه: "ثم سأله رجل على رأس الحول وأنا بذلك المكان منه قال: فما أدري أهو ذلك الرجل أم غيره؟ "
(2)
.
وعند النسائي
(3)
أن السائل المذكور من أهل البادية.
قوله: (كيف صلاة الليل؟) الجواب عن هذا السؤال يشعر بأنه وقع عن كيفية الوصل والفصل لا عن مطلق الكيفية.
قوله: (مثنى مثنى) أي اثنتين اثنتين، وهو غير منصرف للعدل والوصف وتكرار لفظ "مثنى" للمبالغة، وقد فسر ذلك ابن عمر في رواية أحمد
(4)
ومسلم
(5)
عنه كما ذكره المصنف.
وقد أخذ مالك بظاهر الحديث [فقال]
(6)
: لا تجوز الزيادة على [الركعتين]
(7)
.
قال ابن دقيق العيد
(8)
: وهو ظاهر السياق لحصر المبتدأ في الخبر، وحمله الجمهور على أنه لبيان الأفضل لما صح من فعله صلى الله عليه وسلم مما يخالف ذلك كما سيأتي.
ويحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخفِّ إذ السلام من الركعتين أخف على المصلي من الأربع فما فوقها لما فيه من الراحة غالبًا.
وقد اختلف السلف في الأفضل من الفصل والوصل، فقال أحمد
(9)
: الذي أختاره في صلاة الليل مثنى مثنى، وإن صلى بالنهار أربعًا فلا بأس.
(1)
المعجم الصغير للطبراني (1/ 25).
(2)
أخرجه أحمد في المسند (2/ 58) بسند صحيح. ومسلم رقم (148/ 749).
(3)
في سننه (3/ 232 - 233 رقم 1691).
(4)
في المسند (2/ 49) وقد تقدم.
(5)
في صحيحه رقم (159/ 749) وقد تقدم.
(6)
في المخطوط (ب): (يقال).
(7)
في المخطوط (أ): (ركعتين).
(8)
في "إحكام الأحكام"(2/ 83).
(9)
"المغني"(2/ 578، 579).
وقال محمد بن نصر
(1)
نحوه في صلاة الليل، قال: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرها
(2)
، إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على الوصل.
قوله: (فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة)، استدل به على خروج وقت الوتر بطلوع الفجر.
وأصرح منه ما رواه أبو داود
(3)
والنسائي
(4)
، وصححه أبو عوانة
(5)
وغيره عن ابن عمر أنه قال: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول،
(6)
: "من صلى الليل فليجعل آخر صلاته وترًا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك"، فإذا كان الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر.
وفي صحيح ابن خزيمة
(7)
عن أبي سعيد مرفوعًا: "من أدركه الصبح ولم يوتر فلا وتر له".
وسيأتي الكلام على هذا في باب وقت صلاة الوتر
(8)
.
والحديث يدل على مشروعية الإيتار بركعة واحدة عند مخافة هجوم الصبح.
وسيأتي ما يدل على مشروعية ذلك [من غير تقييد]
(9)
، وقد ذهب إلى ذلك الجمهور
(10)
.
(1)
في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 284 - 285).
(2)
سيأتي برقم (34/ 925) من كتابنا هذا.
(3)
في سننه رقم (1438).
(4)
في سننه رقم (1682).
(5)
في مسنده (2/ 310).
وهو حديث صحيح.
(6)
زيادة من (جـ).
(7)
في صحيحه رقم (1092) بسند صحيح.
قلت: وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 301 - 302) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 478).
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(8)
الباب الثامن عند الحديث رقم (36/ 927) من كتابنا هذا.
(9)
زيادة من (أ).
(10)
انظر: "رؤوس المسائل الخلافية بين جمهور الفقهاء" لأبي المواهب الحسين العكبري. =
قال العراقي
(1)
: وممن كان يوتر بركعة من الصحابة الخلفاء الأربعة
(2)
، وسعد بن أبي وقاص، ومعاذ بن جبل، وأبيّ بن كعب، وأبو موسى الأشعري
(3)
، وأبو الدرداء، وحذيفة، وابن مسعود، وابن عمر
(4)
، وابن عباس، ومعاوية
(5)
، وتميم الداري، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو هريرة، وفضالة بن عبيد، وعبد الله بن الزبير، ومعاذ بن الحارث القاري
(6)
. وهو مختلف في صحبته
(7)
.
وقد روي عن عمر
(8)
، وعلي
(9)
،
= تحقيق ودراسة: د. خالد بن سعد الخشلان (1/ 275 - 276 المسألة 133/ 249).
(1)
في "طرح التثريب"(2/ 694).
(2)
الأوسط لابن المنذر (5/ 177 م 765).
(3)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 179 ث 2643) عن أبي مجلز أن أبا موسى كان بين مكة والمدينة فصلى العشاء ركعتين، ثم قام فصلى ركعة أوتر بها".
(4)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 178 ث 2641) عن نافع عن ابن عمر أنه كان يوتر بركعة.
وأخرجه ابن أبي شيبة (2/ 292) من طريق بكر بن عبد الله، وابن شقيق عنه فذكر أنه أوتر بركعة.
(5)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 179 ث 2642) عن ابن أبي مليكة قال: قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية، والله ما أوتر إلا بركعة؟
قال: أصاب إنه فقيه.
وأخرجه ابن أبي شيبة (2/ 292) وعبد الرزاق في المصنف (3/ 24 رقم 4652) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 26).
(6)
معاذ بن الحارث القاري الأنصاري، أبو حليمة، روى عن أبي بكر، وعثمان وعمر وجماعة، ذكره ابن منده، وابن عبد البر، وأبو نعيم الأصبهاني في الصحابة، ويقال: لم يدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم إلَّا ست سنين، وهذا هو الذي أقامه عمر فيمن أقام في رمضان ليصلي التراويح.
وذكره ابن حبان في الثقات من التابعين. قتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين.
انظر ترجمته في: "الاستيعاب"(3/ 462 - 463 رقم 2446)، وأسد الغابة رقم الترجمة (4961) والثقات لابن حبان (5/ 422) وتاريخ الصحابة لابن حبان رقم الترجمة (1233) والجرح والتعديل (8/ 246).
(7)
انظر: التعليقة السابقة.
(8)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 181 ث 2650) وعبد الرزاق في المصنف (3/ 20 رقم 4639) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 293) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 293).
أن عمر بن الخطاب لما دفن أبا بكر وفرغ منه وقد كان صلى صلاة العشاء الآخرة، أوتر بثلاث ركعات، وأوتر معه ناس من المسلمين.
(9)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 181 ث 2651) عن أبي هارون الغنوي، قال: سمعت =
وأبيّ
(1)
، وابن مسعود
(2)
الإيتار بثلاث متصلة.
قال: وممن أوتر بركعة سالم بن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح
(3)
، وعقبة بن عبد الغافر، وسعيد بن جبير ونافع بن جبير بن مطعم، وجابر بن زيد، والزهري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن وغيرهم.
ومن الأئمة مالك
(4)
والشافعي
(5)
والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور
(6)
، وداود وابن حزم.
وذهبت الهادوية
(7)
وبعض الحنفية
(8)
إلى أنه لا يجوز الإيتار بركعة وإلى أن المشروع الإيتار بثلاث واستدلوا بما روي من حديث محمد بن كعب القرظي: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء"
(9)
.
= حطان بن عبد الله الرقاشي قال: سمعت علي بن أبي طالب قال: الوتر ثلاثة.
(1)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 180 ث 2648) عن أبي بن كعب كان يوتر بثلاث.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 26 رقم 4661).
(2)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 180 - 181 ث 2649) عن عبد الرحمن بن يزيد، قال عبد الله بن مسعود:"الوتر بثلاث كوتر النهار المغرب".
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 19 رقم 2633) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 30 - 31) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 294).
(3)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 25) رقم (465) ورقم (4642)).
وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 292).
عن ابن جريج قال: سأل إنسان عطاء عن أدنى ما يكفي للمسافر؟ قال: ركعة واحدة إن شاء، قال: قلت: فالمقيم؟ قال: وركعة تكفيه إن شاء، لم يزد عليه.
(4)
ومذهب مالك أن الوتر ركعة واحدة، قبلها شفع منفصل عنها، وأقل الشفع ركعتان، ولا حد لأكثره.
انظر: المدونة (1/ 126) والكافي لابن عبد البر (1/ 257 - 259).
(5)
انظر: "حلية العلماء"(2/ 142) والمجموع (3/ 518 - 519).
(6)
انظر: الأوسط لابن المنذر (5/ 180).
(7)
في البحر الزخار (2/ 30 - 31).
(8)
البناية في شرح الهداية (2/ 575) وتبيين الحقائق (1/ 170) والحجة (1/ 190).
(9)
حديث محمد بن كعب القُرَظي في النهي عن البتيراء، ذكره الحافظ الزيلعي في "نصب الراية" (1/ 173) وقال:(لم أجده).
وفي الباب عن أبي سعيد: =
قال العراقي: وهذا مرسل ضعيف.
وقال ابن حزم
(1)
: "لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن البتيراء، قال: ولا في الحديث على سقوطه بيان ما هي البتيراء.
قال: وقد روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: "الثلاث بتيراء"
(2)
يعني الوتر.
قال: فعاد البتيراء على المحتج بالخبر الكاذب فيها". اهـ.
واحتجوا أيضًا بما حكي عن ابن مسعود
(3)
أنه قال: ما أجزأت ركعة قط.
= أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد"(4/ 177) من طريق عثمان بن محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمر بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء، أن يصلي الرجل واحدةً، يوتر بها" اهـ.
وعثمان بن محمد بن أبي ربيعة بن عبد الرحمن، قال العقيلي: الغالب على حديثه الوهم.
وضعفه الدارقطني، وقال ابن القطان: هذا حديث شاذ لا يعرج على رواته (لسان الميزان 4/ 152) والميزان (3/ 53).
وقال الزيلعي في "نصب الراية": وذكره عبد الحق في "أحكامه" من جهة ابن عبد البر وقال: الغالب على حديث عثمان بن محمد بن ربيعة الوهم.
وقال النووي في "المجموع"(3/ 519): "حديث البتيراء ضعيف مرسل".
(1)
في "المحلى"(3/ 48).
(2)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" رقم (4648).
(3)
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" رقم (9422) من حديث أبي نُعيم: "حدثنا القاسم بن معن عن حُصَين قال: بلغ ابن مسعود أن سعدًا يوتر بركعة، قال: ما أجزأت ركعةٌ قط".
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 242) وقال: "وحصين لم يدرك ابن مسعود وإسناده حسن".
قلت: وفيه أبو نعيم ضِرارَ بن حُرَد، قال البخاري وغيره: متروك.
وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال الدارقطني: ضعيف.
انظر: التاريخ الكبير (3/ 440) والمجروحين (1/ 380) والجرح والتعديل (4/ 465) والميزان (2/ 327) ولسان الميزان (7/ 250) والخلاصة (ص 177).
وللحديث طريق أخرى عند محمد بن الحسن في "موطئه"(ص 96 رقم 264)"عن يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا حُصين بن إبراهيم، عن ابن مسعود قال: ما أجزأت ركعة واحدة قط". =
قال النووي في شرح المهذب
(1)
: "إنه ليس بثابت عنه. قال: ولو ثبت لحمل على الفرائض، فقد قيل: إنه ذكره ردًا على ابن عباس في قوله: إن الواجب من الصلاة الرباعية في حال الخوف ركعة واحدة، فقال ابن مسعود: ما أجزأت ركعة قط، أي عن المكتوبات". اهـ.
وقد روى ابن أبي شيبة في المصنف
(2)
ومحمد بن نصر في قيام الليل
(3)
من رواية محمد بن سيرين قال: سمر حذيفة وابن مسعود عند الوليد بن عقبة وهو أمير مكة فلما خرجا أوتر كل واحد منهما بركعة.
ومحمد بن سيرين لم يدرك ابن مسعود.
ولكن القائل بعدم صحة الإيتار بركعة من الهادوية
(4)
والحنفية يرى الاحتجاج بالمرسل
(5)
.
واحتج بعض الحنفية
(6)
على الاقتصار على ثلاث وعدم إجزاء غيرها بأن الصحابة أجمعوا على أن الوتر بثلاث موصولة حسن جائز.
واختلفوا فيما عداه، قال: فأخذنا بما أجمعوا عليه وتركنا ما اختلفوا فيه.
وتعقب بمنع الإجماع وبما سيأتي من النهي عن الإيتار بثلاث.
27/ 918 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله تعالى عنهما]
(7)
أَنَّهُ كانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ فِي الْوِتْرِ حَتَّى إِنَّهُ كانَ يأْمُرُ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ)
(8)
. [صحيح]
= قلت: إبراهيم النخعي لم يسمع من ابن مسعود، إنما روى عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، ولم يحدث إبراهيم عن أحد من الصحابة. وقد أدرك منهم جماعة.
انظر: "تهذيب الكمال"(2/ 233 - 240 رقم 265).
وقال النووي في "الخلاصة"(1/ 557 رقم 1889): موقوف، ضعيف.
(1)
(3/ 519).
(2)
(2/ 292).
(3)
في مختصر قيام الليل، كتاب "الوتر"(ص 287).
قلت: وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 25 رقم 4658).
(4)
في "البحر الزخار"(2/ 30 - 31).
(5)
انظر: تعريف المرسل لغة واصطلاحًا، وحكم العمل بالمرسل، وذكر بعض الأدلة في رد الحديث المرسل. من كتابي "مدخل إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة"(ص 124 - 127).
(6)
البناية على شرح الهداية (2/ 575 - 577).
(7)
زيادة من (جـ).
(8)
في صحيحه رقم (991).
28/ 919 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ [رضي الله تعالى عنهما]
(1)
أَنَّهُما سَمِعا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْوِتْرُ رَكْعَة مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ". رَواهُ أَحْمَدُ
(2)
وَمُسْلِمٌ)
(3)
. [صحيح]
الأثر والحديث يدلان على مشروعية الإيتار بركعة، وتعريف المسند [إليه]
(4)
من قوله: "الوتر ركعة"
(5)
مشعر بالحصر لولا ورود منطوقات قاضية بجواز الإيتار بغير ركعة وستأتي.
قال الحافظ: وظاهر الأثر المروي عن ابن عمر
(6)
أنه كان يصلي الوتر موصولًا، فإن عرضت له حاجة فصل.
وأصرح من ذلك ما رواه سعيد بن منصور
(7)
بإسناد صحيح عن بكر بن عبد الله المزني قال: صلى ابن عمر ركعتين ثم قال: يا غلام أرحل لنا، ثم قام وأوتر بركعة
(8)
.
وروى الطحاوي
(9)
عن ابن عمر أنه كان يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة، وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله وإسناده قوي.
وقد تقدم الكلام على الإيتار بركعة.
29/ 920 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها] (1) قَالَتْ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي ما بَيْنَ أَنْ يَفْرَغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلّ رَكْعَتَيْنِ، ويُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، فَإِذَا [سَكَبَ]
(10)
المُؤَذِّنُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَتَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ وَجَاءَهُ المُؤَذِّنُ قامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيْفَتَيْنِ ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيهُ المُؤَذِّنُ لِلْإِقَامَةِ. رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ)
(11)
. [صحيح]
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في المسند (1/ 311، 361).
(3)
في صحيحه رقم (155/ 753).
(4)
زيادة من المخطوط (أ).
(5)
تقدم برقم (919) من كتابنا هذا.
(6)
تقدم برقم (918) من كتابنا هذا.
(7)
عزاه إليه الحافظ في "الفتح"(2/ 482).
(8)
أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 279).
(9)
في شرح معاني الآثار (1/ 278 - 279).
(10)
أثبتها بالباء وفق الأصول المخطوطة، ولأن المصنف ضبطها وشرحها بالباء، وعند مسلم، وأبي داود:"سكت" بالتاء.
(11)
أحمد (6/ 34) والبخاري رقم (994) ومسلم رقم (122/ 736) وأبو داود رقم (1336) =
الحديث قد تقدم الكلام على أطراف منه: في ركعتي الفجر، وفي الاضطجاع، وفي الإيتار بركعة، وقد تقدم الكلام في دلالة "كان" على الدوام.
وقد ورد عن عائشة في الإخبار عن صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل روايات مختلفة.
(منها) هذه الرواية.
(ومنها) الرواية الآتية في هذا الباب
(1)
أنه كان يصلي ثلاث عشرة ركعة ويوتر بخمس.
(ومنها) عند الشيخين
(2)
أنه "ما كان يزيد صلى الله عليه وسلم في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهنّ وطولهن ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهنّ وطولهن ثم يصلي ثلاثًا".
(ومنها) أيضًا ما سيأتي في هذا الباب
(3)
"أنه كان يصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة ثم ينهض ولا يسلم فيصلي التاسعة ثم يسلم ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة فلما أسن أوتر بسبع".
ولأجل هذا الاختلاف نسب بعضهم إلى حديثها الاضطراب.
وأجيب عن ذلك بأنه لا يتم الاضطراب إلا على تسليم أن إخبارها عن وقت واحد وليس كذلك، بل هو محمول على أوقات متعددة وأحوال مختلفة بحسب النشاط.
ويجمع بين قولها: "أنه ما كان يزيد على إحدى عشرة ركعة"(2) وبين إثباتها لثلاث عشرة ركعة بأنها أضافت إلى الإحدى عشرة ما كان يفتتح به صلاته من الركعتين الخفيفتين كما ثبت في صحيح مسلم
(4)
.
= والنسائي (3/ 234) وابن ماجه رقم (1198).
(1)
برقم (34/ 925) من كتابنا هذا.
(2)
البخاري رقم (1147) ومسلم رقم (125/ 738).
(3)
برقم (35/ 926) من كتابنا هذا.
(4)
رقم (197/ 767) وسيأتي برقم (953) من كتابنا هذا.
ويدل على ذلك أنها قالت عند تفصيل الإحدى عشرة: كان يصلي أربعًا ثم أربعًا
(1)
، وتركت التعرض للافتتاح بالركعتين.
وكذلك قالت في الرواية الأخرى
(2)
: "إنه كان يصلي تسع ركعات ثم يصلي ركعتين".
والجمع بين الروايات ما أمكن هو الواجب.
قوله: (وسكب المؤذن)
(3)
، هو بفتح السين المهملة والكاف وبعدها باء موحدة: أي أسرع، مأخوذ من سكب الماءَ.
قوله: (قام فركع ركعتين) هما ركعتا الفجر وقد تقدم الكلام فيهما.
30/ 921 - (وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ [رضي الله تعالى عنه]
(4)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وَفِي الركْعَةِ الثَّانِيَةِ بِـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وفي الثَّالِثَةِ بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، وَلَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ. رَوَاهُ النَّسائِيُّ)
(5)
. [صحيح]
الحديث [رجال إسناده ثقات إلا عبد العزيز بن خالد
(6)
وهو مقبول.
(1)
أخرجه مسلم رقم (125/ 738) والترمذي رقم (439).
(2)
أخرجه الترمذي رقم (443) والنسائي رقم (1720).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
وهو حديث صحيح.
(3)
قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 382): أردت إذا أذَّن، فاستعير السَّكب للإفاضة في الكلام، كما يقال أفرغ في أذُني حديثًا. أي ألقى وصبَّ.
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في "المجتبى"(3/ 235، 244) وفي الكبرى رقم (446).
وفي "عمل اليوم والليلة"(9/ 268 رقم 10497).
قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (2436) و (2450) وأبو داود رقم (1423) وابن ماجه رقم (1171).
وهو حديث صحيح.
(6)
عبد العزيز بن خالد بن زياد الترمذي مقبول من التاسعة (س).
التقريب رقم (4089).
وقال المحرران: بل صدوق حسن الحديث، فقد روى عنه جمع، وقال أبو حاتم: شيخ، وقال الذهبي في "الكاشف": صدوق.
وقد]
(1)
أخرجه أيضًا أحمد
(2)
وأبو داود
(3)
وابن ماجه
(4)
بدون قوله: "ولا يسلم إلا في آخرهن".
وفي الباب عن ابن عباس عند الترمذي
(5)
والنسائي
(6)
وابن ماجه
(7)
وابن أبي شيبة
(8)
بلفظ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر بـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في ركعة ركعة" ولم يذكر فيه: "ولا يسلم إلا في آخرهن" أيضًا.
وعن عبد الرحمن بن أبزى
(9)
عند النسائي
(10)
بنحو حديث ابن عباس، وقد اختلف في صحبته وفي إسناد حديثه هذا وسيأتي
(11)
.
وعن أنس عند محمد بن نصر المروزي
(12)
بنحو حديث ابن عباس.
وعن عبد الله بن أبي أوفى عند البزار
(13)
بنحوه.
وعن عبد الله بن عمر عند الطبراني
(14)
والبزار
(15)
أيضًا بنحوه، وفي إسناده
(1)
ما بين الحاصرتين سقط من (جـ).
(2)
في المسند (5/ 123).
(3)
في سننه رقم (1423).
(4)
في سننه رقم (1171).
وهو حديث صحيح.
(5)
في سننه رقم (462).
(6)
في سننه رقم (1702).
(7)
في سننه رقم (1172).
(8)
في المصنف (2/ 299).
وهو حديث صحيح.
(9)
عبد الرحمن بن أبزى، الخزاعي مولاهم، صحابي صغير، وكان في عهد عمر رجلًا، وكان على خراسان لعليّ. التقريب رقم الترجمة (3794).
(10)
في سننه (3/ 244 رقم 1731) وهو حديث صحيح.
(11)
برقم (40/ 931) من كتابنا هذا.
(12)
أشار إليه المروزي في "المختصر"(ص 291) بعد حديث ابن عباس.
(13)
في المسند (رقم 737 - كشف).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 241) وقال: "فيه هاشم بن سعيد ضعفه ابن معين، ووثقه ابن حبان، وقال البزار: أخطأ هاشم في هذا الحديث" اهـ.
(14)
في "الكبير" و"الأوسط" كما في "مجمع الزوائد"(2/ 243) وقال الهيثمي: وفيه سعيد بن سنان وهو ضعيف.
(15)
في المسند (رقم 740 - كشف) والحديث ضعيف.
سعيد بن سنان وهو ضعيف جدًّا
(1)
وعن عبد الله بن مسعود عند البزار
(2)
وأبي يعلى
(3)
والطبراني في الكبير
(4)
والأوسط
(5)
بنحوه أيضًا وفي إسناده عبد الملك بن الوليد بن معدان
(6)
وثقه يحيى بن معين وضعفه البخاري وغير واحد.
وعن عبد الرحمن بن سبرة عند الطبراني في الكبير
(7)
والأوسط
(8)
بنحوه أيضًا وفي إسناده إسماعيل بن رزين
(9)
، ذكره الأزدي في الضعفاء
(10)
وابن حبان في الثقات
(11)
.
(1)
سعيد بن سنان أبو المهدي الحمصي الكندي الحنفي، قال البخاري: منكر الحديث.
ضعفه أحمد، وقال يحيى: ليس بثقة. وقال مرة: ليس بشيء.
انظر: التاريخ الكبير (3/ 477) والمجروحين (1/ 322) والجرح والتعديل (4/ 28) والميزان (2/ 143) والخلاصة (ص 139).
(2)
في المسند (رقم 738 - كشف).
(3)
في المسند رقم (5050).
(4)
في "المعجم الكبير"(ج 10 رقم 10249).
(5)
في "الأوسط" رقم (2846).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 243) وقال: وفيه عبد الملك بن الوليد بن معدان وثقه ابن معين، وضعفه البخاري وجماعة. والحديث ضعيف.
(6)
عبد الملك بن الوليد بن معدان، قال ابن معين: صالح، وقال أبو حاتم: ضعيف، وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد لا يحل الاحتجاج به، وقال البخاري: فيه نظر.
الميزان (2/ 666 رقم 5258).
(7)
في "المعجم الكبير" كما في "مجمع الزوائد"(2/ 243 - 244).
(8)
في الأوسط رقم (5633).
وأورده الهيثمي في "المجمع" وقال: "وفيه إسماعيل بن رزين ذكره ابن حبان في الثقات.
قال الأزدي: يتكلمون فيه".
(9)
إسماعيل بن رزين أو ابن أبي زَرْبي كوفي، عن الشعبي، قال الأزدي: يتكلمون فيه. اهـ.
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: روى عنه يونس بن بكير، وابن أبي زائدة. قلت: وذكره ابن أبي حاتم فلم يذكر فيه جرحًا، وقال: روى عنه أيضًا حفص بن غياث، وأبو أسامة.
(10)
ذكره ابن حجر في "لسان الميزان"(1/ 624 رقم الترجمة 1283).
(11)
في "الثقات"(6/ 41).
قلت: وانظر ترجمته في: الميزان (1/ 228) والمغني (1/ 81) والجرح والتعديل (1/ 1/ 170) والتاريخ الكبير (1/ 1/ 355).
وعن عمران بن حصين عند النسائي
(1)
والطبراني
(2)
بنحوه أيضًا.
وعن النعمان بن بشير عند الطبراني في الأوسط
(3)
بنحوه، وفي إسناده السري بن إسماعيل وهو ضعيف
(4)
.
وعن أبي هريرة عند الطبراني في الأوسط
(5)
بزيادة والمعوذتين في الثالثة، وفي إسناده المقدام بن داود وهو ضعيف
(6)
.
وعن عائشة عند أبي داود
(7)
والترمذي
(8)
بزيادة: "كل سورة في ركعة، وفي الأخيرة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين".
وفي إسناده خصيف الجزري وفيه لين
(9)
.
(1)
في سننه رقم (1743) وقال النسائي: لا أعلم أحدًا تابع شبابة على هذا الحديث. خالفه يحيى بن سعيد.
(2)
في المعجم الكبير (ج 18 رقم 537).
وهو حديث صحيح لغيره.
(3)
في الأوسط رقم (8799).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 243) وقال: وفيه السري بن إسماعيل وهو ضعيف جدًّا.
(4)
السّري بن إسماعيل الهمداني: قال البخاري: قال يحيى القطان: استبان له كذبه في مجلس. عن الشعبي قال: قال أحمد: ترك الناس حديثه. وروى عباس عن يحيى: ليس بشيء.
انظر: "التاريخ الكبير"(4/ 176) والمجروحين (1/ 355) والجرح والتعديل (4/ 282) والميزان (2/ 117) والتقريب (1/ 285) والخلاصة (ص 133).
(5)
في الأوسط رقم (8839).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 243) وقال: وفيه المقدام بن داود وهو ضعيف.
(6)
المقدام بن داود بن عيسى بن تليد الرعيني، أبو عمرو المصري.
قال النسائي في الكنى: ليس بثقة. وقال ابن يونس وغيره: تكلموا فيه.
وقال محمد بن يوسف الكندي: كان فقيهًا مفتيًا، لم يكن بالمحمود في الرواية.
"الميزان"(4/ 175 - 176 رقم الترجمة 8745).
(7)
في سننه رقم (1424).
(8)
في سننه رقم (463) وقال: هذا حديث حسن غريب.
وهو حديث صحيح.
(9)
انظر: الضعفاء الكبير للعقيلي (2/ 31 - 32).
ورواه الدارقطني
(1)
وابن حبان
(2)
والحاكم
(3)
من حديث يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة.
وتفرد به يحيى بن أيوب
(4)
عنه وفيه مقال ولكنه صدوق.
وقال العقيلي
(5)
: إسناده صالح.
قال ابن الجوزي
(6)
: وقد أنكر أحمد ويحيى زيادة المعوذتين.
وروى ابن السكن في صحيحه
(7)
لذلك شاهدًا من حديث عبد الله بن سرجس بإسناد غريب.
وروى المعوذتين محمد بن نصر
(8)
من حديث ابن ضميرة عن أبيه عن
(1)
في السنن (2/ 35 رقم 18).
(2)
في صحيحه رقم (2432).
(3)
في المستدرك (1/ 305) و (2/ 520).
قلت: وأخرجه البيهقي (3/ 37، 38) والبغوي في شرح السنة رقم (973) من طرق.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وقال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار"(1/ 498) بعد أن أخرجه من هذه الطريق: هذا حديث حسن.
(4)
يحيى بن أيوب الغافقي أبو العباس المصري: صدوق ربما أخطأ. من السابعة.
قاله الحافظ في "التقريب" رقم (7511).
وتعقبه المحرران بقولهما: "بل صدوق. كما قال البخاري، وقد وثقه ابن معين، ويعقوب بن سفيان، وإبراهيم الحربي، والدارقطني، وقال أبو داود: صالح.
وقال أحمد بن صالح المصري: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وقال ابن عدي: "وهو من فقهاء مصر وعلمائها، ولا أرى في حديثه إذا روى عنه ثقة، أو يروي هو عن ثقة حديثًا منكرًا فأذكره. وهو عندي صدوق لا بأس به.
واختلف فيه قول النسائي، فقال مرة: ليس به بأس. وقال مرة: ليس بالقوي.
وضعفه أبو زرعة، وابن سعد، والعقيلي، وقال أحمد: كان سيء الحفظ.
وقال أبو حاتم: محله الصدق، يكتب حديثه، ولا يحتج به.
وقد استشهد به البخاري في عدة أحاديث من روايته عن حميد الطويل، ما له عنده غيرها سوى حديثه عن يزيد بن أبي حبيب في صفة الصلاة بمتابعة الليث وغيره.
واحتج به مسلم في الصحيح" اهـ.
(5)
في الضعفاء الكبير (4/ 392)، أما المعوذتين فلا يصح.
(6)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 45).
(7)
أورد ذلك الحافظ في "التلخيص"(2/ 40).
(8)
لم أقف عليه في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر".
جده، وهو حسين بن عبد الله بن ضميرة بن أبي ضميرة
(1)
وهو ضعيف عند أحمد وابن معين وأبي زرعة وأبي حاتم وغيرهم. وكذبه مالك، وأبوه لا يعرف، وجده ضميرة يقال: إنه مولى النبي صلى الله عليه وسلم.
والأحاديث تدل على مشروعية قراءة هذه السورة في الوتر.
وحديث الباب يدل أيضًا على مشروعية الإيتار بثلاث ركعات متصلة، وسيأتي الكلام على ذلك.
31/ 922 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(2)
قالَتْ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ بِثَلاثٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ. رَوَاهُ أَحْمَدُ
(3)
وَالنَّسَائِي
(4)
وَلَفْظُهُ: كانَ لَا يُسَلِّمُ في رَكْعَتَي الْوِتْرِ. وَقَدْ ضَعَّفَ أَحْمَدُ إِسْنَادَهُ، وَإِنْ ثَبَتَ فَيَكُونُ قَدْ فَعَلَهُ أَحْيَانًا كَمَا أَوْتَرَ بِالخَمْسِ وَالسَّبْعِ وَالتِّسْعِ كما سَنَذْكُرُهُ). [ضعيف]
32/ 923 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رضي الله تعالى عنه] (2) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَا تُوتِرُوا بِثَلَاث، أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ وَلا تَشَبَّهُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ". رَوَاهُ الدَّارقُطْنِيُّ
(5)
بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ: كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ). [صحيح]
(1)
انظر ترجمته: في "اللسان"(2/ 534 - 536 رقم الترجمة 2758) والضعفاء للعقيلي (1/ 246 رقم الترجمة 294) والميزان (1/ 538) رقم الترجمة (2013).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
في المسند (6/ 155 - 156).
وفي سنده يزيد بن يَعْفُر، قال الدارقطني: يعتبر به، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في الميزان: ليس بحجة.
"تعجيل المنفعة"(2/ 381 رقم الترجمة 1190).
(4)
في السنن (3/ 234 - 235 رقم 1698).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 304) وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وتعقبهما الألباني في الإرواء (2/ 150): بقوله: "قلت: بل هو معلول".
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
في السنن (2/ 24 - 25 رقم 1).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 304) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 31).
وهو حديث صحيح.
أما حديث عائشة فأخرجه أيضًا البيهقي
(1)
والحاكم
(2)
بلفظ أحمد.
وأخرجه أيضًا البيهقي
(3)
والحاكم
(4)
بلفظ النسائي، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
وأخرج الحاكم
(5)
أيضًا من حديث عائشة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث"، وليس فيه لا يفصل بينهنّ، وصححه وقال: على شرط الشيخين.
وأخرجه أيضًا الترمذي
(6)
.
وأخرج الشيخان
(7)
وغيرهما
(8)
عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنّ، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهنّ وطولهنّ، ثم يصلي ثلاثًا".
وفي الباب عن علي عند الترمذي
(9)
بلفظ: "كان يوتر بثلاث".
وعن عمران بن حصين عند محمد بن نصر
(10)
بلفظ حديث علي.
وعن ابن عباس عند مسلم
(11)
وأبي داود
(12)
والنسائي
(13)
بلفظ: "أوتر بثلاث".
وعن أبي أيوب عند أبي داود
(14)
والنسائى
(15)
وابن ماجه
(16)
بلفظ: "ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل".
(1)
في السنن الكبرى (3/ 28).
(2)
في المستدرك (1/ 304).
(3)
في السنن الكبرى (3/ 31) وقد تقدم.
(4)
في المستدرك (1/ 304)، وصححه ووافقه الذهبي.
(5)
في المستدرك (1/ 305)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(6)
في سننه رقم (460) وسكت عنه.
(7)
البخاري رقم (1147) ومسلم رقم (125/ 738).
(8)
كأحمد في المسند (6/ 36).
(9)
في سننه رقم (460) وسكت عنه.
وهو حديث ضعيف.
(10)
أشار إليه المروزي في مختصر قيام الليل، كتاب "الوتر"(ص 291).
(11)
في صحيحه رقم (191/ 763).
(12)
في سننه رقم (1353).
(13)
في سننه رقم (1705).
وهو حديث صحيح.
(14)
في السنن رقم (1422).
(15)
في السنن رقم (1712).
(16)
في السنن رقم (1190). =
وعن أبيّ بن كعب عند أبى داود
(1)
والنسائى
(2)
وابن ماجه
(3)
أيضًا بنحو حديث علي.
وعن عبد الرحمن بن أبزى عند النسائي
(4)
بنحوه أيضًا.
وعن ابن عمر عند ابن ماجه
(5)
بنحوه أيضًا.
وعن ابن مسعود عند الدارقطني
(6)
بنحوه أيضًا وفي إسناده يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب وهو ضعيف
(7)
.
وعن أنس عند محمد بن نصر
(8)
بنحوه أيضًا.
وعن ابن أبي أوفى عند البزار
(9)
بنحوه أيضًا.
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه
(10)
والحاكم
(11)
وصححه.
قال الحافظ
(12)
: ورجاله كلهم ثقات ولا يضره وقف من وقفه.
= وهو حديث صحيح تقدم برقم (25/ 916) من كتابنا هذا.
(1)
في السنن رقم (1423).
(2)
في السنن رقم (1699).
(3)
في السنن رقم (1171).
وهو حديث صحيح وسيأتي برقم (40/ 931) من كتابنا هذا.
(4)
في سننه (3/ 246 - 247 رقم 1740). وهو حديث صحيح.
(5)
في سننه رقم (1174). وهو حديث صحيح.
(6)
في سننه (2/ 27 - 28 رقم 1) وقال الدارقطني عقبه: يحيى بن زكريا الكوفي هذا يقال له ابن أبي الحواجب ضعيف، ولم يروه عن الأعمش مرفوعًا غيره.
والخلاصة أن الحديث ضعيف والله أعلم.
(7)
ترجمه ابن الجوزي في "الضعفاء والمتروكين" رقم (3709).
(8)
أشار إليه المروزي في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 291).
(9)
في المسند (رقم 737 - كشف).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 241) وقال: فيه هاشم بن سعيد ضعفه ابن معين، ووثقه ابن حبان، وقال البزار: أخطأ هاشم في هذا الحديث".
(10)
في صحيحه رقم (2429).
(11)
في المستدرك (1/ 304) وصححه الحاكم على شرطهما ووافقه الذهبي.
(12)
في "التلخيص"(2/ 30).
وأخرجه أيضًا محمد بن نصر
(1)
من رواية عراك بن مالك
(2)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا توتروا بثلاث تشبهوا بالمغرب، ولكن أوتروا بخمس أو بسبع أو بتسع أو بإحدى عشرة أو أكثر من ذلك".
قال العراقي: وإسناده صحيح.
وأخرج أيضًا من رواية عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة، وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة
(3)
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"لا توتروا بثلاث، أوتروا بخمس أو سبع ولا تشبهوا بصلاة المغرب".
قال العراقي أيضًا: وإسناده صحيح.
ثم روى محمد بن نصر قول مقسم أن الوتر لا يصلح إلا بخمس أو سبع وأن الحكم بن عتيبة سأله عمن؟ فقال: عن الثقة عن الثقة عن عائشة وميمونة
(4)
.
وقد روى نحوه النسائي
(5)
عن ميمونة مرفوعًا.
وروى محمد بن نصر أيضًا بإسناده. قال العراقي: صحيح، عن ابن عباس قال:"الوتر سبع أو خمس ولا نحب ثلاثًا بتراء"
(6)
.
وروى أيضًا عن عائشة بإسناد. قال العراقي أيضًا: صحيح، أنها قالت:"الوتر سبع أو خمس وإني لأكره أن يكون ثلاثًا بتراء"
(7)
.
(1)
لم أقف عليه في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر".
وقد أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 304) من رواية عرّاك بن مالك عن أبي هريرة، به. قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (2729) والبيهقي (3/ 31)، وهو حديث صحيح.
(2)
عِرَاك بن مالك الغفاري الكناني، المدني، ثقة فاضل، من الثالثة. مات في خلافة يزيد بن عبد الملك
…
التقريب رقم الترجمة (4549).
(3)
تقدم تخريجه برقم (32/ 923).
(4)
أخرجه النسائي في "المجتبى"(3/ 239 رقم 1716) وفي السنن الكبرى (2/ 157 رقم 1409).
وهو حديث صحيح لغيره.
(5)
في السنن الكبرى (2/ 158 رقم 1410).
(6)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 23 رقم 4648) وقد تقدم.
(7)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 294) وقد تقدم.
وروى
(1)
أيضًا بإسناد صححه العراقي أيضًا عن سليمان بن يسار أنه سئل عن الوتر بثلاث فكره الثلاث وقال: لا تشبه التطوع بالفريضة أوتر بركعة أو بخمس أو بسبع.
قال محمد بن نصر: لم نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرًا ثابتًا صريحًا أنه أوتر بثلاث موصولة، قال: نعم، ثبت عنه أنه أوتر بثلاث لكن لم يبين الراوي هل هي موصولة أو مفصولة. اهـ.
وتعقبه العراقي والحافظ بحديث عائشة
(2)
الذي ذكره المصنف.
وبحديث [كعب بن عجرة]
(3)
المتقدم
(4)
.
قالا: ويجاب عن ذلك باحتمال أنهما لم يثبتا عنده. وقد قال البيهقي
(5)
في حديث عائشة المذكور: إنه خطأ.
وجمع الحافظ
(6)
بين الأحاديث بحمل أحاديث النهي على الإيتار بثلاث بتشهدين لمشابهة ذلك لصلاة المغرب، وأحاديث الإيتار بثلاث على أنها متصلة بتشهد في آخرها.
وروي فعل ذلك عن جماعة من السلف.
ويمكن الجمع بحمل النهي على الإيتار بثلاث على الكراهة، والأحوط ترك الإيتار بثلاث مطلقًا؛ لأن الإحرام بها متصلة بتشهد واحد في آخرها ربما حصلت به المشابهة لصلاة المغرب وإن كانت المشابهة الكاملة تتوقف على فعل التشهدين، وقد جعل الله [تعالى]
(7)
في الأمر سعة، وعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم الوتر على هيئات متعددة، فلا ملجئ إلى الوقوع في مضيق التعارض
(8)
.
33/ 924 - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ [رضي الله تعالى عنها] (7) قَالَتْ: كانَ
(1)
لم أقف عليه.
(2)
تقدم تخريجه برقم (31/ 922) من كتابنا هذا وهو حديث ضعيف.
(3)
كذا في المخطوط (أ) و (ب) والصواب (أبي بن كعب) كما تقدم.
(4)
برقم (30/ 921) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(5)
في السنن الكبرى (3/ 31) ولفظه: "ورواية أبان خطأ والله أعلم".
(6)
في "فتح الباري"(2/ 481).
(7)
زيادة من (جـ).
(8)
انظر: "المجموع"(3/ 506 - 507).
رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ بِسَبْعٍ وَبِخَمْسٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ وَلَا كَلَامٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ
(1)
وَالنَّسائيُّ
(2)
وَابْنُ مَاجَهْ)
(3)
. [صحيح]
34/ 925 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(4)
قالَتْ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاث عَشرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْ ذلِكَ بِخَمْسٍ، وَلَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ إِلَّا فِي آخِرِهِنَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(5)
. [صحيح]
الحديث الأول رواه النسائي (2) وابن ماجه (3) من رواية الحكم عن مِقْسَم
(6)
عن أم سلمة.
وقد روي في الإيتار بسبع وبخمس أحاديث.
(منها) عن عائشة عند محمد بن نصر
(7)
بلفظ: "أوتر بخمس وأوتر بسبع".
وعن ابن عباس عند أبي داود
(8)
بلفظ: "ثم صلى سبعًا أو خمسًا أوتر بهن لم يسلم إلا في آخرهن".
وعن أبي أيوب عند النسائي
(9)
بلفظ: "الوتر حق، فمن شاء أوتر بسبع، ومن شاء أوتر بخمس".
وعن ميمونة عند النسائي
(10)
بلفظ: "لا يصلح - يعني الوتر -[إلا بتسع]
(11)
أو خمس".
(1)
في المسند (6/ 290).
(2)
في سننه رقم (1714).
(3)
في سننه رقم (1192).
قلت: وأخرجه أبو يعلى في المسند رقم (6963) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 291) وعبد الرزاق في المصنف (3/ 27 رقم 4668) والطبراني في الكبير (ج 23 رقم 617).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
أحمد (6/ 50) والبخاري رقم (1140) ومسلم رقم (123/ 737).
(6)
وفي سماع الحكم من مِقْسَم كلام إلَّا أن شعبة قال: لم يسمع الحكم من مقسم إلا خمسة أحاديث وعدها يحيى القطان: حديث الوتر، وحديث القنوت، وحديث عزمة الطلاق، وجزاء ما قتل من النعم، والرجل يأتي امرأته وهي حائض. قالا وما عدا ذلك كتاب "جامع التحصيل" للعلائي (ص 200 - 201 رقم 141) وانظر: سنن الترمذي (2/ 406).
(7)
في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 290).
(8)
في سننه رقم (1356)، وهو حديث صحيح.
(9)
في سننه (3/ 238 - 239 رقم 1712)، موقوف بسند صحيح.
(10)
في سننه (3/ 239 رقم 1716)، وهو حديث صحيح.
(11)
في المخطوط (ب): (إلا سبع).
وعن أبي هريرة عند الدارقطني
(1)
وقد تقدم.
وفي الإيتار بخمس أو بسبع أحاديث كثيرة قد تقدم بعضها وسيأتي بعضها.
قال الترمذي
(2)
: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الوترُ بثلاثَ عشْرةَ وإحدى عشْرةَ وتسع، وسبعٍ، وخمسٍ، وثلاثٍ، وواحدة". اهـ.
وأخرج أبو داود
(3)
والنسائي
(4)
عن ابن عباس بلفظ: "ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن"، وأخرجه البخاري
(5)
عنه بلفظ: "ثم صلى خمس ركعات".
وأخرج الترمذي
(6)
وحسَّنه والنسائي
(7)
عن أم سلمة: "أنه صلى الله عليه وسلم أوتر بسبع".
وسيأتي عن عائشة
(8)
نحوه.
وعن أبي أمامة عند أحمد
(9)
والطبراني
(10)
نحوه بإسناد صحيح.
وعن ابن عباس عند محمد بن نصر
(11)
نحوه. والأحاديث المذكورة في الباب تدل على مشروعية الإيتار بخمس ركعات أو بسبع، وهي ترد على من قال بتعين الثلاث، وقد تقدم ذكرهم.
35/ 926 - (وَعَنْ سَعْد بْنِ هِشَامٍ [رضي الله تعالى عنه]
(12)
أنَّهُ قالَ لِعَائِشَةَ: أَنْبِئِيني عَنْ وِتْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالَتْ: كنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ فَيَبْعَثَهُ الله [تعالى](12) مَتى شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ ويتَوَضَّأُ وَيُصلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيها إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ فَيَذْكُرُ الله [تعالى](12) وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ ينْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ، ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ الله [تعالى](12) وَيحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ
(1)
تقدم برقم (32/ 923) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
(2)
في سننه (2/ 320).
(3)
في سننه رقم (1358).
(4)
في السنن الكبرى رقم (1344)، وهو حديث صحيح.
(5)
في صحيحه رقم (697).
(6)
في سننه رقم (458) وقال: حديث حسن.
(7)
في سننه (3/ 243 رقم 1727) بسند صحيح.
(8)
برقم (35/ 926) من كتابنا هذا.
(9)
في المسند (5/ 269).
(10)
في المعجم الكبير (ج 8 رقم 8064) وزاد في روايته في القراءة فيهما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 241) وقال: ورجال أحمد ثقات.
(11)
في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 289).
(12)
زيادة من (جـ).
يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ ما يُسَلِّمُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكعَةً يَا بُنَيَّ؛ فَلَمَّا أَسَنَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ أَوْتَرَ بِسبْعٍ وَصَنَعَ في الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنيعِهِ الأَوَّلِ، فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنَيَّ وكانَ نَبِيُّ الله إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْها، وكانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَي عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَلَا أَعْلَمُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ في لَيْلَةٍ، وَلَا قامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ، وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا غَيْرَ رَمَضَانَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ
(2)
وَأَبُو دَاوُد
(3)
والنَّسائِيُّ
(4)
.
وفِي رِوَايَةٍ لأَحْمَدَ
(5)
وَالنَّسائيِّ
(6)
وأَبِي دَاوُدَ
(7)
نَحْوُهُ، وَفِيهَا: فَلَمَّا أَسَنَّ وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ أَوْتَر بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ لَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي السَّادِسَةِ وَالسَّابِعَةِ وَلَمْ يُسَلِّمْ إِلَّا فِي السَّابِعَةِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ
(8)
قالَتْ: فَلَمَّا أَسَنَّ وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ صَلَّى سَبْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ). [صحيح]
الإيتار بتسع مروي من طريق جماعة من الصحابة غير عائشة.
والإيتار بسبع قد تقدم ذكر طرقه.
قوله: (فيتسوك ويتوضأ) فيه استحباب السواك عند القيام من النوم
(9)
.
قوله: (ويصلي تسع ركعات) إلخ، فيه مشروعية الإيتار بتسع ركعات متصلة لا يسلم إلا في آخرها، ويقعد في الثامنة ولا يسلم.
(1)
في المسند (6/ 53، 54).
(2)
في صحيحه رقم (139/ 746).
(3)
في سننه رقم (1342).
(4)
في المجتبى (3/ 241 رقم 1721) وفي السنن الكبرى رقم (448). وهو حديث صحيح.
(5)
في المسند (6/ 97) بنحوه.
(6)
في المجتبى (3/ 240 رقم 1719) وفي السنن الكبرى رقم (1412). وهو حديث صحيح.
(7)
في السنن رقم (1346).
(8)
في المجتبى (3/ 240 رقم 1718) وفي السنن الكبرى رقم (1413). وهو حديث صحيح.
(9)
ذكره النووي في شرحه لصحيح مسلم (6/ 27).
قوله: (ثم يسلم تسليمًا يسمعنا) فيه استحباب الجهر بالتسليم.
قوله: (ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد)، أخذ بظاهر الحديث الأوزاعي
(1)
وأحمد
(2)
فيما حكاه القاضي عنهما، وأباحا ركعتين بعد الوتر جالسًا.
قال أحمد (2): لا أفعله ولا أمنع من فعله.
قال: وأنكره مالك
(3)
.
قال النووي
(4)
: الصواب أن هاتين الركعتين فعلهما صلى الله عليه وسلم بعد الوتر جالسًا لبيان الجواز، ولم يواظب على ذلك بل فعله مرة أو مرات قليلة
(5)
.
(1)
ذكر ابن المنذر في الأوسط (5/ 202) عن الأوزاعي في مسألة الصلاة بعد الوتر. قال: إن شاء ركعة.
وأورد محمد بن نصر المروزي في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 310): "وقيل للأوزاعي فيمن أوتر في أول الليل ثم استيقظ آخر ليلته: أله أن يشفع وتره بركعة ثم يصلي شفعًا شفعًا حتى إذا تخوف الفجر أوتر بركعة؟
فكره ذلك، وقال: بل يصلي بقية ليلته شفعًا شفعًا حتى يصبح وهو على وتره الأول.
(2)
ذكر ابن المنذر في الأوسط (5/ 202) عن أحمد بن حنبل في مسألة الصلاة بعد الوتر.
قال: أرجو إن فعله إنسان لا يضيق عليه، وقال أحمد: لا أفعله".
وأورد محمد بن نصر المروزي في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 310):
"وسئل أحمد رحمه الله فيمن أوتر أول الليل ثم قام يصلي. قال: يصلي ركعتين ركعتين، قيل: وليس عليه وتر؟ قال: لا".
(3)
ذكر ابن المنذر في الأوسط (5/ 202) في مسألة قول أهل العلم في الصلاة بعد الوتر، عن مالك بن أنس: أنه كان لا يعرف الركعتين بعد الوتر.
وفي المدونة (1/ 98): قال: - ابن القاسم - وسألت مالكًا عن الرجل يوتر في المسجد ثم يريد أن يتنفل في المسجد، قال: يترك قليلًا ثم يقوم فيتنفل ما بدا له. قلت: فإن أوتر في المسجد ثم انقلب إلى بيته أيركع إن شاء؟ قال: نعم".
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 21). والمجموع شرح المهذب (3/ 511).
(5)
وعن قيس بن طلق بن علي؛ قال: زارنا طلق بن علي في يوم من رمضان، وأمسى عندنا وأفطر، ثم قام بنا الليلة وأوتر بنا، ثم انحدر إلى مسجده فصلى بأصحابه، حتى إذا بقي الوتر؛ قدَّم رجلًا، فقال: أوتر بأصحابك؛ فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا وتران في ليلة".
أخرجه أحمد (4/ 23) وأبو داود رقم (1493) والترمذي رقم (470) وقال: حديث =
قال: ولا يغتر بقولها: كان يصلي، فإن المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من الأصوليين أن [لفظة]
(1)
"كان" لا يلزم منها الدوام ولا التكرار، وإنما هي فعل ماض [تدل]
(2)
على وقوعه مرة، فإن دل دليل عمل به وإلا فلا تقتضيه بوضعها.
وقد قالت عائشة: "كنت أطيِّب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحلِّه قبل أن يطوف"
(3)
، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد أن صحبته عائشة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع.
قال: ولا يقال: لعلها طيَّبته في إحرامه بعمرة؛ لأن المعتمر لا يحل له الطيب قبل الطواف بالإجماع.
= حسن غريب. والنسائي (3/ 229) وابن خزيمة رقم (1101) وابن حبان رقم (671 - موارد) والبيهقي (3/ 36) وابن حزم في المحلى (3/ 50).
من طريق عبد الله بن بدر، عن قيس بن طلق، عن أبيه، به مرفوعًا.
وقد توبع عبد الله بن بدر:
أخرج هذه المتابعة الطيالسي رقم (1095) والطبراني في الكبير (ج 8 رقم 8247) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 342).
عن أيوب بن عتبة عن قيس به.
وتابعهم كذلك سراج بن عقبة عن قيس به أخرجه أحمد (4/ 23).
وقال الحافظ في "التلخيص"(2/ 36): قال عبد الحق وغيره يصححه. وصححه الألباني في "صحيح موارد الظمآن".
والخلاصة أن الحديث صحيح، والله أعلم.
وقال أبو عيسى الترمذي في السنن (2/ 334) معلقًا على قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا وتران في ليلة": "اختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم نفض الوتر، وقالوا: يُضيف إليها ركعة، ويصلي ما بدا له، ثم يوتر في آخر صلاته؛ لأنه: "لا وتران في ليلة" وهو الذي ذهب إليه إسحاق.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا أوتر من أول الليل، ثم نام ثم قام من آخر الليل؛ فإنه يصلي ما بدا له، ولا ينقض وتره، ويدع وتره على ما كان، وهو قول سفيان الثوري، ومالك بن أنس وابن المارك والشافعي وأهل الكوفة وأحمد.
وهذا أصح؛ لأنه قد روي من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بعد الوتر" اهـ.
قلت: وهذا هو الراجح، والله أعلم.
(1)
في المخطوط (ب) و (جـ): (لفظ).
(2)
في (جـ): (يدل).
(3)
أخرجه أحمد (6/ 39) والبخاري رقم (1539) ومسلم رقم (31/ 1189) والترمذي رقم (917) والنسائي رقم (2685) وابن ماجه رقم (3042).
فثبت أنها استعملت كان في مرة واحدة.
قال: وإنما تأولنا حديث الركعتين لأن الروايات المشهورة في الصحيحين مصرحة بأن آخر صلاته صلى الله عليه وسلم في الليل كانت وترًا.
وفي الصحيحين أحاديث كثيرة مشهورة بالأمر بجعل آخر صلاة الليل وترًا، فكيف يظن به صلى الله عليه وسلم مع هذه الأحاديث وأشباهها أنه يداوم على ركعتين بعد الوتر ويجعلهما آخر صلاة الليل.
قال: وأما ما أشار إليه القاضي عياض من ترجيح الأحاديث المشهورة ورد رواية الركعتين فليس بصواب؛ لأن الأحاديث إذا صحت وأمكن الجمع بينها تعين، وقد جمعنا بينها ولله الحمد. اهـ.
وأقول: أما الأحاديث التي فيها الأمر للأمة بأن يجعلوا آخر صلاة الليل وترًا فلا معارضة بينها وبين فعله صلى الله عليه وسلم للركعتين بعد الوتر، لما تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة
(1)
، فلا معنى للاستنكار.
وأما أحاديث أنه كان آخر صلاته صلى الله عليه وسلم من الليل وترًا فليس فيها ما يدل على الدوام لما قرره من عدم دلالة لفظ كان عليه.
فطريق الجمع باعتباره صلى الله عليه وسلم أن يقال: إنه كان يصلي الركعتين بعد الوتر تارة ويدعهما تارة.
وأما باعتبار الأمة فغير محتاج إلى الجمع لما عرفت من أن الأوامر بجعل آخر صلاة الليل وترًا مختصة بهم، وأن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض ذلك.
قال ابن القيم في الهدي
(2)
: "وقد أشكل هذا - يعني حديث الركعتين بعد الوتر - على كثير من الناس فظنوه معارضًا لقوله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا"
(3)
.
(1)
لأن القول والفعل لم يتواردا على محلٍ واحد.
انظر: "إرشاد الفحول"(ص 170) بتحقيقي، والإحكام للآمدي (1/ 248).
(2)
في زاد المعاد (1/ 322 - 323).
(3)
أخرجه أحمد (2/ 119، 135، 143، 150) والبخاري رقم (998) ومسلم رقم (151/ 751).
وسيأتي برقم (44/ 935) من كتابنا هذا.
ثم حكي عن مالك
(1)
وأحمد
(2)
ما تقدم.
وحكي عن طائفة ما قدمنا عن النووي
(3)
.
ثم قال: والصواب أن يقال: إن هاتين الركعتين تجري مجرى السنة وتكميل الوتر.
فإن الوتر عبادة مستقلة ولا سيما إن قيل بوجوبه فتجري الركعتين بعده مجرى سنّة المغرب من المغرب، فإنها وتر النهار، والركعتان بعدها تكميل لها فكذلك الركعتان بعد وتر الليل، والله أعلم". اهـ.
والظاهر ما قدمنا من اختصاص ذلك به صلى الله عليه وسلم، وقد ورد فعله صلى الله عليه وسلم لهاتين الركعتين بعد الوتر من طريق أم سلمة عند أحمد في المسند
(4)
، ومن طريق غيرها.
قال الترمذي
(5)
: روي نحو هذا عن أبي أمامة
(6)
وعائشة
(7)
وغير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
في المدونة (1/ 98) وقد تقدم.
(2)
كما في الأوسط لابن المنذر (5/ 202) وقد تقدم.
(3)
في شرحه لمسلم (6/ 21) وقد تقدم.
(4)
في المسند (6/ 298 - 299).
قلت: وأخرجه الترمذي رقم (471) وابن ماجه رقم 1195) والدارقطني (2/ 36 رقم 2) والبيهقي (3/ 32).
وهو حديث صحيح.
سيأتي برقم (47/ 938) من كتابنا هذا.
(5)
في السنن (2/ 335).
(6)
أخرجه أحمد (5/ 269) والطبراني في الكبير (ج 8 رقم 8064) وابن عدي في الكامل (5/ 1735) والبيهقي (3/ 34) من طرق عن عمارة بن زاذان عن أبي غالب عنه، به.
وعمارة بن زاذان ضعفه الدارقطني وأبو داود، وقال البخاري: ربما يضطرب في حديثه، ووثقه غيرهم. فهو ضعيف. [(تهذيب التهذيب 3/ 210)] وعمارة توبع.
أخرج المتابعة أحمد في المسند (5/ 260) والطبراني (ج 8 رقم 8065) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 341) والبيهقي (3/ 33) من طرق عن عبد العزيز بن صهيب عن أبي غالب، به.
وحسن الحديث الشيخ عبد القادر الأرنؤوط في جامع الأصول (6/ 63).
(7)
تقدم تخريجه برقم (35/ 926) من كتابنا هذا.
وفي المسند
(1)
أيضًا والبيهقي
(2)
عن أبي أمامة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس يقرأ فيهما بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} ، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} .
وروى الدارقطني
(3)
نحوه من حديث أنس.
وسيأتي ذكر القائلين باستحباب التنفل لمن استيقظ من النوم وقد كان أوتر قبله
(4)
.
وحديث أبي بكر وعمر
(5)
الدال على جواز ذلك في باب: "لا وتران في ليلة"
(6)
.
قوله: (صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة) فيه مشروعية قضاء الوتر وسيأتي
(7)
.
قوله: (ولا صام شهرًا كاملًا) سيأتي في باب ما جاء في صوم شعبان
(8)
من كتاب الصيام عن عائشة ما يدل على أنه كان يصوم شعبان كله، ويأتي الكلام هنالك إن شاء الله تعالى.
(1)
في المسند (5/ 260).
(2)
في السنن الكبرى (3/ 33) وقد تقدم آنفًا.
(3)
في سننه (2/ 41 رقم 19).
قلت: وأخرجه البيهقي (3/ 33) من طريقين عن بقية عن عتبة بن أبي حكيم عن قتادة عن أنس به، بسند ضعيف.
وله طريق آخر أخرجه ابن خزيمة رقم (158) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 341) والبيهقي (3/ 33) من طريق عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس به بسند ضعيف أيضًا.
ويتقوى حديث أنس بالشواهد عن أبي أمامة وأم سلمة وعائشة فهو حديث حسن لغيره والله أعلم.
(4)
انظر: المجموع شرح المهذب (3/ 521).
(5)
سيأتي برقم (48/ 939) من كتابنا هذا.
(6)
الباب التاسع عند الحديث (43/ 934) من كتابنا هذا.
(7)
الباب العاشر عند الحديث (49/ 940) من كتابنا هذا.
(8)
الباب الرابع عند الحديث (18/ 1722) و (19/ 1723) من كتابنا هذا.
قوله: (لم يجلس إلا في السادسة والسابعة)، وفي الرواية الثانية:"صلَّى سبع ركعات لا يقعد إلا في آخرهن".
الرواية الأولى تدل على إثبات القعود في السادسة، والرواية الثانية تدل على نفيه.
ويمكن الجمع بحمل النفي للقعود في الرواية الثانية على القعود الذي يكون فيه التسليم.
وظاهر هذا الحديث وغيره من الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يوتر بدون سبع ركعات.
وقال ابن حزم في المحلى
(1)
: إن الوتر وتهجد الليل ينقسم إلى ثلاثة عشر وجهًا أيها فعل أجزأه، ثم ذكرها، واستدل على كل واحد منها ثم قال: وأحبها إلينا وأفضلها أن يصلي ثنتي عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ثم يصلي ركعة واحدة ويسلم.
[الباب الثامن] باب وقت صلاة الوتر والقراءة والقنوت فيها
36/ 927 - (عَنْ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ [رضي الله عنه]
(2)
قالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ غَدَاةٍ فقالَ: "لَقَدْ أَمَدَّكُمْ الله بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ"، قُلْنَا: وَما هِيَ يا رسُولَ الله؟ قالَ: "الْوترُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ"، رَوَاهُ الخَمْسَةُ إِلَّا النَّسائيَّ)
(3)
. [صحيح]
(1)
في "المحلى"(3/ 42).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أخرجه أحمد في المسند (39/ 444 رقم
…
/9) الملحق المستدرك من مسند الأنصار وأبو داود رقم (1418) والترمذي رقم (452) وقال: حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي حبيب. وابن ماجه رقم (1168).
قلت: وأخرجه البغوي في شرح السنة (4/ 101 رقم 975) والطبراني في الكبير (ح 4 رقم 4136) والبيهقي (2/ 469).
الحديث أخرجه أيضًا الدارقطني
(1)
والحاكم وصححه
(2)
، وضعفه البخاري
(3)
وقال ابن حبان
(4)
: إسناده منقطع ومتنه باطل.
قال الخطابي
(5)
: فيه عبد الله بن أبي مرة الزوفي
(6)
عن خارجة.
وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد
(7)
وابن أبي شيبة
(8)
.
وعنه حديث آخر عند البيهقي
(9)
وفيه أبو إسماعيل الترمذي
(10)
وثقه الدارقطني. وقال الحاكم: تكلم فيه أبو حاتم.
(1)
في سننه (2/ 30 رقم 1).
(2)
في المستدرك (1/ 306) وقال: صحيح الإسناد، وأقره الذهبي في "تلخيصه"، لكنه قال في "الميزان" (2/ 501): عبد الله بن أبي مرة الزوفي، له عن خارجة في الوتر. لم يصح.
قال البخاري: لا يُعرف سماع بعضهم من بعض".
وقال الألباني رحمه الله في "الإرواء"(2/ 157 - 158): "أما الانقطاع فمجرّد دعوى لا دليل عليها"، وإنما العلة جهالة ابن راشد - الزوفي - هذا، وهو الذي وثقه ابن حبان وحده بناء على قاعدته الواهية في توثيق من لم يُعرف بجرح.
وأما أن المتن باطل فهو من عنت ابن حبان وغلوائه، وإلا فكيف يكون باطلًا وقد جاء له شواهد كثيرة يقطع الواقف عليها بصحته، كيف لا وبعض طرقه صحيح لذاته
…
" اهـ.
وانظر هذه الشواهد في "نصب الراية"(1/ 109).
وخلاصة القول أن الحديث صحيح دون قوله: "هي خير لكم من حمر النعم".
(3)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 34).
(4)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 34).
(5)
لم أعثر عليه في "معالم السنن".
(6)
عبد الله بن راشد الزوفي، قال عنه في "التقريب" رقم الترجمة (3303): مستور.
وتعقبه المحرران وقالا: بل ضعيف
…
• وفي حاشية المخطوط (أ) ما نصه: "
…
الزوفي: بفتح الزاي بعدها واو وفاء تمت خلاصة". وفي المخطوط (جـ): (الزورفي) وهو خطأ.
(7)
في المسند (2/ 258).
(8)
في المصنف (2/ 297) وهو حديث صحيح.
(9)
في السنن الكبرى (3/ 38).
(10)
محمد بن إسماعيل بن يوسف الحافظ الكبير الثقة، أبو إسماعيل السلمي الترمذي. روى عنه الترمذي والنسائي. وقال النسائي: ثقة.
وقال الدارقطني: ثقة، وتكلم فيه أبو حاتم، مات سنة (280 هـ).
تهذيب التهذيب (3/ 514 - 515).
وعن عبد الله بن عمرو عند أحمد
(1)
والدارقطني
(2)
وفي إسناده العرزمي
(3)
وهو ضعيف.
وعن بريدة عند أبي داود
(4)
والحاكم في المستدرك
(5)
وقال: صحيح.
وعن أبي بصرة الغفاري عند أحمد
(6)
والحاكم
(7)
والطحاوي
(8)
، وفيه ابن لهيعة
(9)
وهو ضعيف ولكنه توبع.
وعن سليمان بن صرد عند الطبراني في الأوسط
(10)
وفي إسناده إسماعيل بن عمرو
(11)
البجلي وثقه ابن حبان وضعفه أبو حاتم والدارقطني وابن عدي.
وعن ابن عباس عند البزار
(12)
والطبراني في الكبير
(13)
والدارقطني
(14)
وفي إسناده النضر أبو عمر الخزاز
(15)
وهو ضعيف متروك. وقال البخاري: منكر الحديث.
(1)
في المسند (2/ 206).
(2)
في سننه (2/ 31 رقم 3) وهو حديث صحيح.
(3)
تقدم مرارًا.
(4)
في سننه رقم (1419).
(5)
في المستدرك (1/ 306) قال الذهبي: قال البخاري: أبو المنيب عنده مناكير.
وحكم عليه الألباني رحمه الله بالضعف.
(6)
في المسند (6/ 7).
(7)
في المستدرك (3/ 593) وسكت عنه هو والذهبي.
(8)
في شرح معاني الآثار (1/ 430 - 431).
(9)
عبد الله بن لهيعة عالم مصر. وما رواه عنه العبادلة ابن المبارك، وابن وهب، وابن المقرئ فحديثه صحيح.
وما رواه عنه المتأخرون فحديثه ضعيف وقد تقدم الكلام عليه مرارًا.
(10)
رقم (7442). وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 240) وقال: وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي
…
" كما أورده المؤلف.
(11)
الميزان (1/ 239 - 240 رقم الترجمة 922).
(12)
في المسند (رقم 734 - كشف).
(13)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 11652).
(14)
في سننه (2/ 30 رقم 2).
(15)
الميزان (4/ 260 رقم الترجمة 9077).
وفي المخطوط (أ) و (ب) النضر أبو عمرو الخزاز وهو خطأ والصواب ما أثبتناه من الميزان والله أعلم.
وعن ابن عمر عند البيهقي في الخلافيات
(1)
وابن حبان في الضعفاء
(2)
، وفي إسناده حماد بن قيراط
(3)
وهو ضعيف. وقال أبو حاتم: لا يجوز الاحتجاج به، وكان أبو زرعة يُمرض القول فيه. وادعى ابن حبان أن الحديث موضوع.
وله حديث آخر عند الطبراني
(4)
، وفي إسناده أيوب بن نهيك ضعفه أبو حاتم وغيره.
وعن ابن مسعود عند البزار
(5)
وفي إسناده جابر الجعفي وقد ضعفه الجمهور.
وعن عبد الله بن أبي أوفى عند البيهقي في الخلافيات
(6)
، وفي إسناده أحمد بن محمد بن مصعب بن بشر بن فضالة
(7)
، وقد قيل: إنه كان يضع المتون والآثار ويقلب الأسانيد للأخبار. قال أبو حاتم: ولعله قد قلب على الثقات أكثر من عشرة آلاف حديث.
وعن عليّ عند أهل السنن
(8)
.
(1)
تقدم، وانظر: نصب الراية للزيلعي (2/ 110).
(2)
في المجروحين (1/ 149).
(3)
حماد بن قيراط من أهل نيسابور. كان أبو زرعة يمرِّض القول فيه، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه فيه نظر، انظر: المجروحين (1/ 254)، والميزان (1/ 599).
(4)
في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 241) وقال: وفيه أيوب بن نهيك ضعفه أبو حاتم، ووثقه ابن حبان. وقال: يخطئ.
(5)
في المسند (رقم 733 - كشف).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 240) وقال: وفيه النضر أبو عمر وهو ضعيف جدًّا.
قلت: ليس فيه أعني في إسناد البزار النضر أبو عمر، بل فيه جابر الجعفي كما قال الشوكاني وهو ضعيف وقد تقدم.
(6)
في الخلافيات كما في "المختصر"(2/ 14 - 15).
(7)
أحمد بن محمد بن مصعب بن بشر بن فضالة من أهل مرو، كان ممن يضع المتون للآثار، ويقلب الأسانيد للأخبار حتى غلب عليه قلبه أخبار الثقات
…
المجروحين (1/ 156) والميزان (1/ 149).
(8)
أبو داود رقم (1416) والترمذي رقم (453) وقال: حديث حسن. والنسائي رقم (1675) وابن ماجه رقم (1169).
وهو حديث صحيح.
وعن عقبة بن عامر عند الطبراني
(1)
وفيه ضعف.
وعن عمرو بن العاص عند الطبراني
(2)
أيضًا وفيه ضعف.
وعن معاذ بن جبل عند أحمد
(3)
وفي إسناده عبيد الله بن زحر وهو ضعيف، وفيه انقطاع.
وعن أبي أيوب عند الطبراني في الكبير
(4)
والأوسط
(5)
.
قوله: (أمدكم [الله])
(6)
، الإمداد
(7)
يكون بمعنى الإعانة، ومنه الإمداد بالملائكة، وبمعنى الإعطاء.
ومنه: {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ}
(8)
الآية، فيحتمل أن يكون هذا من الإعانة، أي أعانكم بها على الانتهاء عن الفحشاء والمنكر كما قال تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}
(9)
، ويحتمل أن يكون من الإعطاء.
قال العراقي: والظاهر أن المراد الزيادة في الإعطاء، ويدل عليه قوله في بعض طرق الحديث: "إن الله [تعالى]
(10)
زادكم صلاة"، كما في حديث عبد الله بن عمرو
(11)
، وأبي بصرة
(12)
، وابن عمر
(13)
،
(1)
في المعجم الكبير (ج 17 رقم 838).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 245) وقال: وفيه ابن لهيعة وفيه كلام.
قلت: تقدم قريبًا توضيح ذلك الكلام.
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط كما في "المجمع"(2/ 240) وقال: "وفيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك" اهـ. وقد تقدم.
(3)
في المسند (5/ 242) وقد تقدم خلال شرح الحديث رقم (916) من كتابنا هذا.
(4)
في المعجم الكبير (ج 4 رقم 3961).
(5)
في المعجم الأوسط رقم (1944).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 240) وقال: وفي إسناده أشعث بن سوار ضعفه أحمد وجماعة ووثقه ابن معين.
(6)
زيادة من المخطوط (أ).
(7)
انظر: "النهاية"(4/ 305 - 306) والقاموس المحيط (ص 407).
(8)
سورة الطور: الآية (22).
(9)
سورة العنكبوت: الآية (45).
(10)
زيادة من (جـ).
(11)
أخرجه أحمد في المسند (2/ 206) بسند ضعيف. وقد تقدم.
(12)
أخرجه أحمد في المسند (6/ 7) بسند صحيح. وقد تقدم.
(13)
ذكره ابن حبان في المجروحين (1/ 149). وتقد تقدم.
وابن أبي أوفى
(1)
، وعقبة بن عامر
(2)
.
قوله: (الوتر) بكسر الواو وفتحها لغتان، وقرئ بهما في السبعة.
قوله: (بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر) استدل به على أن أول وقت الوتر يدخل بالفراغ من صلاة العشاء ويمتد إلى طلوع الفجر كما قالت عائشة في الحديث الصحيح
(3)
: "وانتهى وِتْرُه إلى السَّحَر".
وفي وجه لأصحاب الشافعي أنه يمتد بعد طلوع الفجر إلى صلاة الصبح.
وفي وجه آخر يمتد إلى صلاة الظهر. وفي وجه آخر أنه يصح الوتر قبل العشاء، وكلها مخالفة للأدلة
(4)
.
واستدل بالحديث أيضًا أبو حنيفة
(5)
على وجوب الوتر، وقد تقدم الكلام على ذلك.
(1)
في مختصر الخلافيات (2/ 14 - 15) بسند ضعيف جدًّا. وقد تقدم.
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط رقم (7975) بسند ضعيف. وقد تقدم.
(3)
وهو حديث صحيح سيأتي برقم (37/ 928) من كتابنا هذا.
(4)
قال النووي رحمه الله في "المجموع"(3/ 508):
(فرع): في وقت الوتر: أما أوله ففيه ثلاثة أوجه:
(الصحيح): المشهور الذي قطع به المصنف والجمهور أنه يدخل بفراغه من فريضة العشاء سواء صلى بينه وبين العشاء نافلة أم لا، وسواء أوتر بركعة أم بأكثر، فإن أوتر قبل العشاء لم يصح وتره، سواء تعمده أم سها وظن أنه صلى العشاء أم ظن جوازه، وكذا لو صلى العشاء ظانًا أنه تطهر ثم أحدث فتوضأ فأوتر فبان أنه كان محدثًا في العشاء فوتره باطل.
(والوجه الثاني): يدخل وقت الوتر بدخول وقت العشاء وله أن يصليه قبلها، حكاه إمام الحرمين، وآخرون، وقطع به القاضي أبو الطيب. قالوا: سواء تعمد أم سها.
(والثالث): أنه إن أوتر بأكثر من ركعة دخل وقته بفعل العشاء، وإن أوتر بركعة فشرط صحتها أن يتقدمها نافلة بعد فريضة العشاء، فإن أوتر بركعة قبل أن يتقدمها نفل لم يصح وتره، وقال إمام الحرمين: ويكون تطوعًا.
قال الرافعي: ينبغي أن يكون في صحتها نفلًا وبطلانها بالكلية الخلاف السابق فيمن أحرم بالظهر قبل الزوال.
وأما آخر وقت الوتر فالصحيح الذي قطع به المصنف والجمهور أنه يمتد إلى طلوع الفجر ويخرج وقته بطلوع الفجر.
وحكى المتولي قولًا للشافعي أنه يمتد إلى أن يصلي فريضة الصبح.
وأما الوقت المستحب للإيتار فقطع المصنف والجمهور بأن الأفضل أن يكون الوتر آخر صلاة الليل، فإن كان لا يتهجد استحب أن يوتر بعد فريضة العشاء وسننها في أول الليل.
وإن كان له تهجد فالأفضل تأخير الوتر ليفعله بعد التهجد، ويقع وتره آخر صلاة الليل" اهـ.
(5)
في البناية شرح الهداية (2/ 569 - 570). =
واستدل به أيضًا على أن الوتر أفضل من ركعتي الفجر، وقد تقدمت الإشارة إليه.
واستدل به المصنف
(1)
أيضًا على أن الوتر لا يصح الاعتداد به قبل العشاء فقال ما لفظه: وفيه دليل على أنه لا يعتد به قبل العشاء بحال. انتهى.
37/ 928 - (وَعَنْ عَائِشةَ [رضي الله تعالى عنها]
(2)
قَالَتْ: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إلى السَّحَرِ. رَوَاهُ الجَمَاعَةُ)
(3)
. [صحيح]
38/ 929 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ [رضي الله تعالى عنه] (2) أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا". رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ وَأَبَا دَاوُد)
(4)
. [صحيح]
39/ 930 - (وَعَنْ جَابِرٍ [رضي الله تعالى عنه] (2) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "أَيُّكُمْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ، ثُمَّ ليَرْقُدْ، وَمَنْ وَثقَ بقِيَامٍ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ مِنْ آخِرِهِ، فَإن قِرَاءَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَحْضُورَةٌ وَذلِكَ أَفْضَلُ". روَاهُ أَحْمَدُ
(5)
وَمُسْلِمٌ
(6)
والتِّرمِذِيُّ
(7)
وَابْنُ مَاجَهْ)
(8)
. [صحيح]
في الباب أحاديث:
(منها): عن أبي هريرة عند البزار
(9)
والطبراني في الأوسط
(10)
قال: "سأل
= وقال الحافظ في "الفتح"(2/ 487): "حديث خارجة في السنن وهو الذي احتج به من قال بوجوب الوتر، وليس صريحًا في الوجوب".
(1)
ابن تيمية الجد في المنتقى (1/ 531).
(2)
زيادة من المخطوط (جـ).
(3)
أحمد (6/ 46) والبخاري رقم (996) ومسلم (136/ 745) وأبو داود رقم (1435) والترمذي رقم (456) والنسائي رقم (1682) وابن ماجه رقم (1185).
(4)
أحمد (3/ 37) ومسلم رقم (160/ 754) والترمذي رقم (468) والنسائي رقم (1683) وابن ماجه رقم (1189).
(5)
في المسند (3/ 348).
(6)
في صحيحه رقم (163/ 755).
(7)
في سننه رقم (456).
(8)
في سننه رقم (1187).
(9)
في المسند (رقم 736 - كشف).
(10)
في الأوسط رقم (5063). =
النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر كيف توتر؟ قال: أوتر أول الليل، قال: حذِر كيِّس، ثم سأل عمر كيف توتر؟ قال: من آخر الليل، قال: قوي معان".
وفي إسناده سليمان بن داود اليمامي وقد ضُعِّف.
وعن أبي مسعود عند أحمد
(1)
والطبراني
(2)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر من أول الليل وأوسطه وآخره".
قال العراقي: وإسناده صحيح.
وعن أبي قتادة عند أبي داود
(3)
بنحو حديث أبي هريرة المتقدم.
وصححه الحاكم
(4)
على شرط مسلم.
وقال العراقي: صحيح
(5)
.
وعن ابن عمر عند ابن ماجه
(6)
بنحو حديث أبي هريرة المتقدم وصححه الحاكم
(7)
.
وعن عقبة بن عامر عند الطبراني
(8)
بنحو حديث أبي هريرة المتقدم أيضًا.
وعن عليّ [عليه السلام]
(9)
عند ابن ماجه
(10)
بلفظ: "مِنْ كُلِّ اللَّيلِ أوترَ
= وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 245) وقال: وفيه سليمان بن داود اليمامي، وهو ضعيف جدًّا. انظر: الجرح والتعديل (4/ 110)، والمغني (1/ 279 رقم 2578).
(1)
في المسند (5/ 272).
(2)
في المعجم الكبير (ج 17 رقم 682).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 244) وقال: ورجاله ثقات.
(3)
في سننه رقم (1434).
(4)
في المستدرك (1/ 301) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(5)
وصححه المحدث الألباني في صحيح أبي داود.
(6)
في سننه رقم (1202). وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 398): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".
(7)
في المستدرك (1/ 301) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وهو حديث حسن.
(8)
في المعجم الكبير (ج 17 رقم 838).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 245) وقال: "وفيه ابن لهيعة وفيه كلام".
(9)
زيادة من (جـ).
(10)
في السنن رقم (1186). =
رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من أوَّلِهِ وأوسَطهِ، وانتهى وِتْرُهُ إلى السَّحَرِ".
قال العراقي: وإسناده جيد.
وعن أبي موسى عند الطبراني في الكبير
(1)
قال: "كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحيانًا أول الليل ووسطه ليكون سعة للمسلمين".
وعن ابن عمر عند أبي داود
(2)
والترمذي
(3)
وصححه والحاكم في المستدرك
(4)
بلفظ: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بادروا الصبح بالوتر".
وله حديث آخر عند الترمذي
(5)
بلفظ: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر".
وعن أبي ذر عند النسائي
(6)
بلفظ: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم، أوصاني بصلاة
= وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 392): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات
…
".
وهو حديث حسن.
(1)
كما في "مجمع الزوائد"(2/ 245) وقال الهيثمي: وفيه شخص ضعيف الحديث.
(2)
في سننه رقم (1436).
(3)
في سننه رقم (467) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(4)
في المستدرك (1/ 301) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
قلت: وقد أخرجه مسلم في صحيحه رقم (149/ 750) ووهم الحاكم باستدراكه وهو حديث صحيح.
(5)
في سننه رقم (469). وقال الترمذي: سليمان بن موسى تفرَّد به على هذا اللفظ.
وقال أبو الأشبال في تحقيقه لسنن الترمذي (2/ 332 - 333): "الحديث رواه ابن حزم في المحلى (3/ 101) من طريق عبد الرزاق. وسليمان بن موسى الأموي الأشدق، فقيه أهل الشام، ثقة صحيح الحديث.
وقد رواه الحاكم (1/ 302) والبيهقي (2/ 478) من طريق حجاج بن محمد قال: "قال ابن جريج: حدثني سليمان بن موسى، حدثنا نافع؛ أن ابن عمر كان يقول: من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترًا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أوتروا قبل الفجر"، وصححه الحاكم والذهبي.
وهو حديث مفسر، يحتمل أن يكون سليمان بن موسى وهم فأدخل الموقوف من كلام ابن عمر في المرفوع، ويحتمل أن يكون حفظ، وأن ابن عمر كان يذكره مرة هكذا ومرة هكذا" اهـ.
وانظر: الإرواء (2/ 154).
والخلاصة: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(6)
في سننه رقم (2404).
قلت: وأخرجه أحمد (5/ 173) وابن خزيمة رقم (1083، 1221، 2122) وابن المنذر =
الضحى والوتر قبل النوم وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر".
وعن سعد بن أبي وقاص عند أحمد
(1)
بلفظ: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الذي لا ينامُ حتى يُوتِرَ حازِمٌ".
وعن عليّ [عليه السلام]
(2)
عند البزار
(3)
قال: "نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنام إلا على وتر".
وفي إسناده إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وثقه أحمد وضعفه الجمهور
(4)
.
وعن عمر عند ابن ماجه
(5)
بلفظ: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تسأل الرجل فيم يضرب امرأته، ولا تنم إلا على وتر".
= في الأوسط (5/ 170).
وهو حديث صحيح.
(1)
في المسند (1/ 170).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 244): وقال: رجاله ثقات.
ولهذا اللفظ شواهد بمعناه.
(منها) حديث أبي قتادة الصحيح الذي أخرجه أبو داود رقم (1434) والحاكم (1/ 301) وفيه .. "وقال لعمر: "متى توتر" قال: آخر الليل، فقال لأبي بكر: "أخذ هذا بالحزم".
(ومنها) حديث ابن عمر الصحيح الذي أخرجه ابن حبان رقم (2446) والحاكم (1/ 301) وابن خزيمة رقم (1085) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: "متى توتر؟ "، قال: أوتر ثم أنام، قال:"بالحزم أخذت"
…
".
والخلاصة: أن حديث سعد بن أبي وقاص حديث حسن لغيره، والله أعلم.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
في المسند (رقم 735 - كشف).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 245) وقال: "وفيه عبد الملك بن شبيب وهو ضعيف".
(4)
إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة: وثقه أحمد. وضعفه النسائي، وقال ابن معين مرة: صالح الحديث، ومرة: ليس بشيء. وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
انظر: التاريخ الكبير (1/ 271) والمجروحين (1/ 109) والجرح والتعديل (2/ 83) والكاشف (1/ 33) والميزان (1/ 19) والتقريب رقم (146) والخلاصة (ص 15).
والخلاصة: أنه ضعيف، والله أعلم.
(5)
في سننه رقم (1986).
قلت: وأخرجه أحمد (1/ 20) والحاكم (4/ 175).
قال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
وتعقبه الألباني رحمه الله في الضعيفة رقم (4776): "كذا قال! مع أنه قال في ترجمة =
والحديث عند أبي داود
(1)
والنسائي
(2)
ولكنهما اقتصرا على النهي عن السؤال عن ضرب الرجل امرأته.
وعن أبي الدرداء عند مسلم
(3)
بنحو حديث أبي ذر المتقدم.
وأحاديث الباب تدل على أن جميع الليل وقت للوتر إلا الوقت الذي قبل صلاة العشاء، إذ لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم أوتر فيه، ولم يخالف في ذلك أحد لا أهل الظاهر
(4)
ولا غيرهم إلا ما قدمنا أنه يجوز ذلك في وجه لأصحاب الشافعي وهو وجه ضعيف، صرح بذلك العراقي وغيره
(5)
منهم.
وقد حكى صاحب المفهم
(6)
الإجماع على أنه لا يدخل وقت الوتر إلا بعد صلاة العشاء.
وورد في حديث عائشة الصحيح
(7)
: "أنه كان يصلي صلى الله عليه وسلم ما بين أن يصلي العشاء إلى أن يطلع الفجر إحدى عشرة ركعة".
واستدل بحديث أبي سعيد
(8)
وما شابهه من الأحاديث المذكورة في الباب على أن الوتر لا يجوز بعد الصبح.
وهو يرد على ما تقدم في أحد الوجوه لأصحاب الشافعي
(9)
أنه يمتد إلى صلاة الصبح أو إلى صلاة الظهر.
= - عبد الرحمن - المُسْلِي، هذا في "الميزان"(2/ 602 رقم 5020)"لا يعرف إلا في هذا الحديث، تفرد عنه داود بن عبد الله الأودي".
والخلاصة أن حديث عمر حديث ضعيف، والله أعلم.
(1)
في سننه رقم (2147).
(2)
في السنن الكبرى (8/ 264 رقم 9123).
وهو حديث ضعيف.
(3)
في صحيحه رقم (86/ 722).
(4)
المحلى (3/ 49).
(5)
كالإمام النووي في المجموع (3/ 508) وقد تقدم نقل كلامه بنصه.
وانظر: المغني (2/ 595 - 596).
(6)
المفهم (2/ 382).
(7)
أخرجه أحمد (6/ 34) والبخاري رقم (994) ومسلم رقم (122/ 736). وقد تقدم برقم (920) من كتابنا هذا.
(8)
تقدم برقم (929) من كتابنا هذا.
(9)
المجموع (3/ 508).
واستدل بحديث جابر
(1)
وما في معناه من الأحاديث المذكورة على مشروعية الإيتار قبل النوم لمن خاف أن ينام عن وتره.
وعلى مشروعية تأخيره إلى آخره لمن لم يخف ذلك.
ويمكن تقييد الأحاديث المطلقة التي فيها الوصية بالوتر قبل النوم والأمر به بالأحاديث المقيدة بمخافة النوم عنه.
40/ 931 - (وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ [رضي الله تعالى عنه]
(2)
قالَ: كانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ في الْوِتْر بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . [رواهُ الخمْسَةُ إلَّا الترْمِذِيَّ
(3)
]
(4)
. [صحيح]
وَللْخَمْسَةِ إلَّا أبَا دَاوُدَ
(5)
مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. [صحيح]
وَزَادَ أحمدُ
(6)
والنَّسائيَّ
(7)
في حَدِيثِ أُبَيٍّ، فَإِذَا سَلَّمَ قالَ:"سُبْحَانَ المَلِكِ الْقُدُّوسِ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. [صحيح]
وَلَهمَا
(8)
مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبْزَى، وَفِي آخِرِهِ: وَرَفَعَ صَوْتَهُ في الآخِرَةِ). [صحيح]
حديث أُبيّ بن كعب قد تقدم، وتقدم الكلام عليه، ولعل إعادة المصنف لذكره لهذه الزيادة التي ذكرها، أعني قوله:"فإذا سلم قال: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات".
(1)
تقدم برقم (930) من كتابنا هذا.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد (5/ 123) وأبو داود رقم (1423) والنسائي رقم (1730) وابن ماجه رقم (1171). وهو حديث صحيح.
(4)
ما بين الحاصرتين سقط من (جـ).
(5)
أحمد (1/ 300) والترمذي رقم (462) والنسائي رقم (1702) وابن ماجه رقم (1172) وهو حديث صحيح.
(6)
في المسند (5/ 123).
(7)
في السنن رقم (1729).
وهو حديث صحيح.
(8)
أي لأحمد في المسند (6/ 403، 407) وللنسائي رقم (1731).
وهو حديث صحيح.
قال العراقي: وهو مصرح بها في حديث أُبيّ بن كعب وعبد الرحمن بن أبزى، وكلاهما عند النسائي
(1)
بإسناد صحيح. انتهى.
وقد أخرجها أيضًا البزار
(2)
من حديث ابن أبي أوفى وقال: أخطأ فيه هاشم بن سعيد؛ لأن الثقات يروونه عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: وزاد هاشم: "فإذا سلم قال: سبحان الملك القدوس"، وليس هذا في حديث غيره.
قال العراقي: بل هذه الزيادة في حديث غيره من الثقات
(3)
. انتهى.
وعبد الرحمن بن أبزى قد وقع الاختلاف في صحبته كما قدمنا.
وقد اختلفوا هل هذا الحديث من روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو من روايته عن أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الترمذي: يروى عن عبد الرحمن بن أبزى عن أُبيّ بن كعب، ويروى عن عبد الرحمن بن أبزى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
41/ 932 - (وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَليّ [رضي الله تعالى عنهما]
(4)
قالَ: عَلَّمَنِي رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أقُولُهُنَّ في قُنُوتِ الْوتْرِ: "اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وعافِني فِيمَنْ عافَيْتَ، وَتَوَلَّني فِيمَنْ تَوَلَّيتَ، وَبَارِكْ لِي فِيما أَعْطَيْتَ، وَقِني شَرَّ ما قضَيْتَ، فإِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تبَارَكْتَ رَبَّنا وَتَعَالَيْتَ")
(5)
. [صحيح]
(1)
حديث أبي بن كعب عند النسائي برقم (1729) وقد تقدم.
وحديث عبد الرحمن بن أبزى عند النسائي برقم (1731) وقد تقدم.
(2)
في المسند رقم (737 - كشف).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 241) وقال: "فيه هاشم بن سعيد ضعفه ابن معين ووثقه ابن حبان".
(3)
في حديث أبي بن كعب المتقدم آنفًا. وحديث عبد الرحمن بن أبي أبزى المتقدم أيضًا.
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
أحمد (1/ 199) وأبو داود رقم (1425) والترمذي رقم (464) وقال: حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه. والنسائي رقم (1746) وابن ماجه رقم (1178). وانظر: إرواء الغليل رقم (429).
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
42/ 933 - (وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ [رضي الله تعالى عنه]
(1)
أَنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِمعافاتِكَ مِنْ عُقُوبَتكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أثنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ". رَوَاهُمَا الخَمْسَةُ)
(2)
. [صحيح]
أما حديث الحسن فأخرجه أيضًا ابن خزيمة
(3)
وابن حبان
(4)
والحاكم
(5)
والدارقطني
(6)
والبيهقي
(7)
من طريق بريد عن أبي الحوراء
(8)
بالحاء المهملة والراء عن الحسن.
وأثبت بعضهم الفاء في قوله: "فإنك تقضي" وبعضهم أسقطها.
وزاد الترمذي
(9)
قبل تباركت وتعاليت: "سبحانك".
وزاد البيهقي (6) قبل تباركت وتعاليت أيضًا: "ولا يَعُزُّ مَنْ عَادَيْتَ".
قال النووي في الخلاصة
(10)
: بسند ضعيف، وتبعه ابن الرفعة
(11)
فقال: لم تثبت هذه الرواية.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أحمد (1/ 96) وأبو داود رقم (1427) والترمذي رقم (3566) وقال: "حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه". والنسائي رقم (1747) وابن ماجه رقم (1179).
وانظر: إرواء الغليل رقم (430).
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(3)
في صحيحه رقم (1095).
(4)
في صحيحه رقم (512 و 513 - موارد).
(5)
في المستدرك (3/ 172) وصححه على شرط الشيخين.
(6)
لم أقف عليه في سنن الدارقطني المطبوعة.
(7)
في السنن الكبرى (2/ 209).
قلت: وأخرجه ابن الجارود في المنتقى رقم (272) والطبراني في الكبير رقم (2712) و (2713) وابن أبي عاصم في السنة رقم (375) وفي الآحاد والمثاني رقم (415).
وهو حديث صحيح.
(8)
أبو الحوراء: هو ربيعة بن شيبان السعدي البصري: ثقة من الثالثة. التقريب رقم الترجمة (1907).
(9)
في السنن رقم (464) وقد تقدم. قلت: لا توجد هذه الزيادة عند الترمذي.
(10)
(1/ 457 رقم 1506).
(11)
في "المطلب" كما في "التلخيص"(1/ 449).
قال الحافظ
(1)
: وهو معترض فإن البيهقي
(2)
رواها من طريق إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن أو الحسين بن عليّ، وهذا التردد من إسرائيل إنما هو في الحسن أو الحسين.
قال البيهقي (2): كأن الشك إنما وقع في الإطلاق أو في النسبة.
قال (1): ويؤيد الشك: أن أحمد بن حنبل أخرجه في مسند الحسين
(3)
من مسنده من غير تردد، ومن حديث شريك عن أبي إسحاق بسنده. قال: وهذا وإن كان الصواب خلافه، والحديث من حديث الحسن لا من حديث أخيه الحسين فإنه يدل على أن الوهم فيه من أبي إسحاق، فلعله ساء فيه حفظه فنسي هل هو الحسن أو الحسين.
قال
(4)
: ثم إن الزيادة أعني قوله: "ولا يعز من عاديت"، رواها الطبراني
(5)
أيضًا من حديث شريك، وزهير بن معاوية عن أبي إسحاق.
ومن حديث أبي الأحوص
(6)
عن أبي إسحاق.
= • والمطلب: اسمه: "المطلب العالي في شرح وسيط الغزالي". في ستين مجلدًا، ولم يكمله.
وابن الرفعة: هو نجم الدين، أحمد بن محمد (ت 710 هـ).
ونسخه الخطية: منه نسخة خطية في دار الكتب المصرية، وفي مكتبة أحمد الثالث، برقم (1130).
ومنه نسخة مصورة مع تتمة له للحموي، في معهد المخطوطات بالقاهرة. تحت أرقام (268 - 294) وتقع في (26) مجلدًا ضخمًا.
[معجم المصنفات الواردة في فتح الباري (ص 389 رقم 1251)].
(1)
في "التلخيص الحبير"(1/ 449).
(2)
تقدم بالحاشية رقم (6) في الصفحة السابقة.
(3)
مسند أحمد (1/ 201).
(4)
أي الحافظ ابن حجر في "التلخيص"(1/ 449).
(5)
في المعجم الكبير (ج 3 رقم 2703) من طريق شريك عن أبي إسحاق.
وفي المعجم الكبير (ج 3 رقم 2704) من طريق زهير بن معاوية عن أبي إسحاق.
(6)
في المعجم الكبير (ج 3 رقم 2705) من طريق أبي الأحوص عن أبي إسحاق.
ثم ذكره الحافظ
(1)
بإسناد له متصل وفيه تلك الزيادة.
وزاد النسائي
(2)
بعد قوله: تباركت وتعاليت: "وصلى الله على النبي".
قال النووي
(3)
: إنها زيادة بسند صحيح أو حسن وتعقبه الحافظ
(4)
بأنه منقطع.
وروى تلك الزيادة الطبراني
(5)
والحاكم
(6)
، وقد ضعف ابن حبان حديث الحسن هذا وقال: توفي النبي صلى الله عليه وسلم والحسن ابن ثماني سنين فكيف يعلمه صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء.
وقد أشار صاحب البدر المنير إلى تضعيف كلام ابن حبان، وقد نبه ابن خزيمة وابن حبان على أن قوله في قنوت الوتر تفرد به أبو إسحاق عن بريد بن أبي مريم، وتبعه ابناه يونس وإسرائيل، وقد رواه شعبة وهو أحفظ من مائتين مثل أبي إسحاق وابنيه فلم يذكر فيه القنوت ولا الوتر وإنما قال: كان يعلمنا هذا الدعاء.
وأيد ذلك الحافظ
(7)
برواية الدولابي
(8)
والطبراني
(9)
، فإن فيها التصريح بالقنوت.
وكذلك رواية البيهقي
(10)
عن ابن الحنفية، وكذلك رواية محمد بن نصر.
وروى البيهقي
(11)
عن ابن عباس وابن الحنفية أنهما كانا يقولان: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح وفي وتر الليل بهؤلاء الكلمات وفي إسناده عبد الرحمن بن هرمز
(12)
.
(1)
في "التلخيص"(1/ 449).
(2)
في سننه رقم (1745) وهو حديث ضعيف.
(3)
في "المجموع"(3/ 476).
(4)
في "التلخيص"(1/ 448).
(5)
في المعجم الكبير (ج 3 رقم 2701).
(6)
في المستدرك (3/ 172).
(7)
في التلخيص (1/ 447).
(8)
ذكره الحافظ في التلخيص (1/ 447).
(9)
في المعجم الكبير (ج 3 رقم 2708).
(10)
في السنن الكبرى (9/ 202).
(11)
في السنن الكبرى (2/ 210).
(12)
وهو ضعيف كما قال محمد بن إسماعيل الأمير في سبل السلام (2/ 229) بتحقيقي.
وليس هو الأعرج؛ لأن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أبو داود المدني مولى ربيعة بن الحارث ثقة - كما في التقريب (1/ 501 رقم 1142).
قال الحافظ: وهو محتاج إلى الكشف عن حاله.
وقال ابن حبان: إن ذكر صلاة الصبح ليس بمحفوظ. وقال ابن النحوي: إن إسنادها جيد، وصرح الحافظ في بلوغ المرام
(1)
أن إسنادها ضعيف.
وأخرجه الحاكم
(2)
من حديث أبي هريرة بلفظ حديث الحسن مقيدًا بصلاة الصبح، وقال: صحيح.
قال الحافظ
(3)
: وليس كما قال وهو ضعيف لأن في إسناده عبد الله بن سعيد المقبري
(4)
، ولولاه لكان صحيحًا، وكان الاستدلال به أولى من الاستدلال بحديث الحسن بن عليّ في قنوت الوتر.
وروى الطبراني في الأوسط
(5)
من حديث بريدة نحوه، وفي إسناده كما قال الحافظ
(6)
مقال.
(1)
رقم الحديث (42/ 293) بتحقيقي.
(2)
في المستدرك (3/ 172) باللفظ المذكور من غير طريق أبي هريرة فهو من طريق الحسن بن علي. وقال عنه الذهبي: ليس بصحيح.
(3)
في التلخيص (1/ 450).
(4)
عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقْبُرِي، يقال له أبو عَبَّاد: متروك الحديث، وقال البخاري: قال يحيى القطان: استبان لي كذبه في مجلس. وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال مرة: ليس بثقة. وقال الفلاس: منكر الحديث متروك.
انظر: التاريخ الكبير (5/ 105) المجروحين (2/ 9) والجرح والتعديل (5/ 71) والميزان (2/ 429) والتقريب (1/ 419) ولسان الميزان (7/ 263).
(5)
في الأوسط رقم (7360).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 138) وقال: "لم يروه عن علقمة إلا أبو حفص عمر، قلت: ولم أجد من ترجمه" اهـ.
• قلت: عمر أبو حفص هو ابن عبد الرحمن بن قيس الأبار: صدوق.
"التقريب" رقم الترجمة (4937).
وقال المحرران: بل ثقة، فقد وثقه ابن معين، وابن سعد، والدارقطني وعثمان بن أبي شيبة، وذكره ابن حبان وابن شاهين في "الثقات"، وقال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان: صدوق. وقال النسائي وأحمد: ليس به بأس، ولا يُعلم فيه جرح.
• قلت: ولكن في سنده محمد بن حماد الواسطي لم أجد من ترجمه.
(6)
في التلخيص (1/ 450).
وأما حديث عليّ المذكور فأخرجه أيضًا البيهقي
(1)
والحاكم
(2)
وصححه مقيدًا بالقنوت.
وأخرجه الدارمي
(3)
وابن خزيمة
(4)
وابن الجارود
(5)
وابن حبان
(6)
في كتبهم وليس فيه ذكر الوتر.
وفي الباب عن عليّ حديث آخر عند الدارقطني
(7)
بلفظ: "قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الوتر"، وفي إسناده عمرو بن شمر الجعفي
(8)
أحد الكذابين الوضَّاعين.
وعن أبي بكر وعمر وعثمان عند الدارقطني
(9)
أنهم كانوا يقولون: "قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الوتر وكانوا يفعلون ذلك"، وفى إسناده أيضًا عمرو بن شمر (8) المذكور.
وعن أبيّ بن كعب عند النسائي
(10)
وابن ماجه
(11)
: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع".
وعن ابن مسعود عند ابن أبي شيبة في المصنف
(12)
والدارقطني
(13)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الوتر قبل الركوع"، وفي إسناده أبان بن أبي عياش وهو ضعيف
(14)
.
(1)
في السنن الكبرى (3/ 42).
(2)
في المستدرك (1/ 306) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(3)
في المسند رقم (1632).
(4)
في صحيحه رقم (1095).
(5)
في "المنتقى" رقم (273).
(6)
في صحيحه رقم (945).
(7)
في سننه (2/ 32 رقم 6) بسند هالك.
(8)
عمرو بن شمر الجعفي الشيعي. قال البخاري: منكر الحديث، وقال الدارقطني: متروك الحديث.
انظر: التاريخ الكبير (6/ 344) والمجروحين (2/ 75) والجرح والتعديل (6/ 239) والميزان (3/ 268) ولسان الميزان (4/ 366).
(9)
في سننه (2/ 32 رقم 6) بسند هالك.
(10)
في سننه رقم (1699).
(11)
في سننه رقم (1182).
(12)
في المصنف (2/ 303).
(13)
في سننه (2/ 32 رقم 5).
(14)
أبان بن أبي عَيّاش: متروك الحديث، وهو أبان بن فيروز أبو إسماعيل.
انظر: المجروحين (1/ 96) والجرح والتعديل (2/ 295) والميزان (1/ 10).
وعن ابن عباس عند محمد بن نصر المِرْوَزِيِّ
(1)
قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح بهؤلاء الكلمات" وقد تقدم.
وعن ابن عمر عند الحاكم
(2)
في كتاب القنوت قال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم علم أحد ابنيه في القنوت: اللهم اهدني فيمن هديت" الحديث.
وعن عبد الرحمن بن أبزى عند محمد بن نصر
(3)
، وفيه ذكر القنوت في الوتر.
وعن أم عبد عن عبد الله بن مسعود عند ابن أبي شيبة
(4)
والدارقطني
(5)
والبيهقي
(6)
أنه صلى الله عليه وسلم "قنت قبل الركوع".
والأحاديث المذكورة تدل على مشروعية القنوت بهذا الدعاء المذكور في حديث الحسن وفي حديث علي.
وإلى ذلك ذهبت العترة
(7)
وأبو حنيفة
(8)
وبعض الشافعية
(9)
من غير فرق بين رمضان وغيره.
وروى ذلك الترمذي
(10)
عن ابن مسعود.
ورواه أيضًا عنه محمد بن نصر، قال العراقي: بأسانيد جيدة.
ورواه محمد بن نصر
(11)
أيضًا عن عليّ وعمر.
وحكاه ابن المنذر
(12)
عن الحسن البصري، وإبراهيم النخعي
(13)
، وأبي ثور، ورواية عن أحمد.
(1)
في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 313). وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 209 - 210). وهو حديث ضعيف.
(2)
لم أقف عليه عند الحاكم في المستدرك.
(3)
لم أقف عليه عنده في المختصر.
(4)
في المصنف (2/ 303).
(5)
في سننه (2/ 32 رقم 4).
(6)
في السنن الكبرى (3/ 41).
(7)
"شفاء الأوام"(1/ 292 - 293).
(8)
"البناية في شرح الهداية"(2/ 583).
(9)
انظر: "المغني" لابن قدامة (2/ 585 - 586).
(10)
في سننه (2/ 329).
(11)
في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 314).
(12)
في الأوسط (5/ 206).
(13)
أخرجه له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 305) من طريق ابن عون عن إبراهيم.
وروى محمد بن نصر
(1)
عن علي [عليه السلام]
(2)
أنه كان يقنت في النصف الأخير من رمضان وهو من رواية الحارث عنه.
وروى أبو داود
(3)
أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبيّ بن كعب فكان يصلي لهم عشرين ليلة ولا يقنت إلا في النصف الباقي من رمضان.
وروى محمد بن نصر
(4)
بإسناد صحيح أن ابن عمر كان لا يقنت في الصبح ولا في الوتر إلا في النصف الآخر من رمضان.
وروى العراقي عن معاذ بن الحارث الأنصاري أنه كان إذا انتصف رمضان لعن الكفرة
(5)
.
قال: وعن الحسن (4) كانوا يقنتون في النصف الأخير من رمضان.
وروي أيضًا عن الزهري
(6)
أنه قال: لا قنوت في السنة كلها إلا في النصف الأخير من رمضان.
وروي عن عثمان بن سراقة (4) نحوه.
وذهب مالك
(7)
فيما حكاه النووي في شرح المهذب
(8)
وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي كما قال العراقي إلى مشروعية القنوت في جميع رمضان دون بقية السنة.
وذهب الحسن وقتادة ومعمر كما روى ذلك محمد بن نصر (4) عنهم أنه
(1)
انظر: "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 314).
قلت: وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 206 ث 2710) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 305) عن علي.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
في سننه رقم (1429) وهو حديث ضعيف.
(4)
انظر: "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 315).
قلت: وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 206 ح 2709) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 305) عن ابن عمر.
(5)
ذكره المروزي في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 315).
(6)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 121 رقم 4995) عن الزهري.
(7)
قال الامام مالك في "المدونة"(1/ 224 - 225): قال - ابن القاسم - وقال مالك: في الحديث الذي يذكره ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان.
قال: ليس عليه العمل ولا أرى أن يعمل به ولا يقنت في رمضان لا في أوله ولا في آخره، ولا في غير رمضان، ولا في الوتر أصلًا" اهـ.
(8)
في "المجموع شرح المهذب"(3/ 474 - 475).
يقنت في جميع السنة إلا في النصف الأوّل من رمضان.
وقد روي عن الحسن
(1)
القنوت في جميع السنة كما تقدم.
وذهب طاوس
(2)
إلى أن القنوت في الوتر بدعة.
وروى ذلك محمد بن نصر عن ابن عمر
(3)
وأبي هريرة وعروة بن الزبير.
وروي عن مالك مثل ذلك
(4)
.
قال بعض أصحاب مالك: سألت مالكًا عن الرجل يقوم لأهله في شهر رمضان أترى أن يقنت بهم في النصف الباقي من الشهر؟ فقال مالك: لم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت ولا أحدًا من أولئك، وما هو من الأمر القديم، وما أفعله أنا في رمضان ولا أعرف القنوت قديمًا
(5)
.
وقال معن بن عيسى عن مالك: لا يقنت في الوتر عندنا.
وقال ابن العربي
(6)
: اختلف قول مالك فيه في صلاة رمضان، قال: والحديث لم يصح والصحيح عندي تركه إذا لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ولا قوله اهـ.
قال العراقي: قلت: بل هو صحيح أو حسن.
وروى محمد بن نصر
(7)
أنه سئل سعيد بن جبير عن بدء القنوت في الوتر فقال: بعث عمر بن الخطاب جيشًا فتورطوا متورطًا خاف عليهم؛ فلما كان النصف الآخر من رمضان قنت يدعو لهم.
فهذه خمسة مذاهب في القنوت، وبها يتبين عدم صحة دعوى المهدي
(1)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 121) رقم (4995، 4996) عنه.
(2)
ذكره ابن المنذر في الأوسط (5/ 207).
(3)
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 207 ث 2712) عن نافع أن ابن عمر كان لا يقنت في الصبح ولا في الوتر أيضًا.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 106 رقم 4950).
(4)
تقدم بالحاشية رقم (6) في الصفحة السابقة.
(5)
ذكره الباجي في "المنتقى"(1/ 210).
(6)
في عارضة الأحوذي (2/ 253).
(7)
ذكره في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 314).
في البحر
(1)
أنه مجمع عليه في النصف الأخير من رمضان
(2)
.
وقد اختلف في كونه قبل الركوع أو بعده، ففي بعض طرق الحديث عند البيهقي
(3)
التصريح بكونه بعد الركوع، وقال: تفرد بذلك أبو بكر بن شيبة الخزامي.
وقد روى عنه البخاري في صحيحه
(4)
، وذكره ابن حبان في الثقات
(5)
فلا يضر تفرده
(6)
.
وأما القنوت قبل الركوع فهو ثابت عند النسائي من حديث أُبيّ بن كعب (7) كما تقدم وعبد الرحمن بن أبزى (7)، وضعف أبو داود ذكر القنوت فيه، وثابت أيضًا في حديث ابن مسعود
(7)
كما تقدم.
قال العراقي: وهو ضعيف، قال: ويعضد كونه بعد الركوع أولى فعل الخلفاء الأربعة لذلك
(8)
.
والأحاديث الواردة في الصحيح كما تقدم في بابه.
وقد روى محمد بن نصر
(9)
عن أنس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت بعد الركعة، وأبو بكر وعمر، حتى كان عثمان فقنت قبل الركعة ليدرك الناس"، قال العراقي: وإسناده جيد.
(1)
في البحر الزخار.
(2)
وظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية التخيير بين القنوت في الوثر في جميع السنة وتركه.
حيث قال: "وإذا صلى قيام رمضان فإن قنت جميع الشهر، أو نصفه الأخير، أو لم يقنت بحال فقد أحسن".
الاختيارات (ص 64).
(3)
في السنن الكبرى (3/ 39 - 41).
(4)
رقم (3708) وله أطراف كثيرة.
(5)
في الثقات (8/ 375).
(6)
وانظر: كلام الحافظ ابن حجر في هدي الساري (ص 418).
(7)
تقدم تخريجها خلال شرح الحديث رقم (933) من كتابنا هذا.
(8)
قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 209): "وفيه قول ثانٍ: وهو أن القنوت بعد الركوع، روي هذا القول عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي".
(9)
انظر: "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 318).
قوله: في حديث علي: (وأعوذ بك منك) أي أستجير بك من عذابك
(1)
.
(1)
والخلاصة أن القنوت يكون في الركعة الأخيرة بعد القراءة وقبل الركوع، هذا الثابت من فعله صلى الله عليه وسلم غالبًا، وكان أحيانًا يقنت للوتر بعد الركوع لحديث أبي بن كعب، قال:"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع"، أخرجه ابن ماجه رقم (1182) وهو حديث صحيح، انظر الكلام عليه بالتفصيل في إرواء الغليل رقم (426).
• وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 313) وابن المنذر في الأوسط (5/ 209 ث 2719) عن البراء أنه كان يقنت قبل الركعة" وهو أثر حسن.
• وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 312) وابن المنذر في الأوسط (5/ 209 ث 2719) وعبد الرزاق في المصنف (3/ 113) عن أبي رجاء العطاردي قال: صلى بنا ابن عباس صلاة الغداة في إمارته على البصرة فقنت قبل الركوع. وهو أثر صحيح.
• وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 302) عن علقمة أن ابن مسعود وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقنتون في الوتر قبل الركوع" اهـ. وهو أثر صحيح.
وقال الألباني رحمه الله عن هذا الأثر في "إرواء الغليل"(2/ 166): وهذا سند جيد، وهو على شرط مسلم" اهـ.
• وقال ابن المنذر في الأوسط (8/ 205) مسألة (776): اختلف أهل العلم في القنوت قبل الركوع وبعده:
فممن روي عنه أنه قنت قبل أن يركع عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وابن عباس، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وحميد الطويل، وعبيدة السلماني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وكذلك قال إسحاق، وعامة من ذكرنا أنه رأى القنوت قبل الركوع أو بعده فإنما هو في صلاة الصبح.
• وأما الدليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقنت أحيانًا بعد الركوع في الوتر؛ فهو التالي: عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون - (يريد آخر الليل) - وكان الناس يقومون أوله.
"وزاد في رواية: وكانوا يلعنون الكفرة في النصف اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ولا يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم الرعب، وألق عليهم رجزك وعذابك، إله الحق.
ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير، ثم يستغفر للمؤمنين.
قال: وكان يقول إذا فرغ من لعن الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين =
[الباب التاسع] باب لا وتران في ليلة وختم صملاة الليل بالوتر وما جاء في نقضه
43/ 934 - (عَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ [رضي الله تعالى عنه]
(1)
قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا وترَانِ في لَيْلَةٍ". روَاهُ الخَمْسَةَ إلا ابْنَ مَاجَهْ)
(2)
. [صحيح]
= والمؤمنات ومسألته: اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، ونرجو رحمتك ربنا، ونخاف عذابك الجد، إنَّ عذابك لمن عاديت ملحق، ثم يكبر ويهوي ساجدًا" وهو أثر صحيح.
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2010) والزيادة في الرواية الأخرى أخرجها ابن خزيمة رقم (1100) بسند حسن.
ووجه الدلالة في قوله: "ثم يكبر ويهوي ساجدًا" إذ فيه أن دعاء القنوت في الوتر كان بعد الركوع، إذ لو كان الدعاء بعد القراءة، لكبر للركوع لا للسجود. والله أعلم.
• وقال ابن المنذر في الأوسط (5/ 209 - 210): وفيه قول ثانٍ: وهو أن القنوت بعد الركوع، روي هذا القول عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وقال أنس بن مالك: كل ذلك كنا نفعل قبل وبعد، وممن رأى أن يقنت بعد الركوع أيوب السختياني، وأحمد بن حنبل، وروي هذا القول عن الحسن والحكم وحماد وأبي إسحاق" اهـ.
• أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 210 ث 2722) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 318) مختصرًا.
عن عبد الرحمن بن مغفل أن علي بن أبي طالب قنت في المغرب فدعا على أناس وعلى أشياعهم، وقنت بعد الركعة. وهو أثر صحيح.
• وأخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 210 ث 2721) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 316) عن أبي عثمان أنه شهد عمر بن الخطاب يقنت في الفجر بعد الركوع. وهو أثر صحيح.
• وأخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 210 ث 2720) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 312) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 202).
عن أنس قال: أخبرنا العوام بن حمزة المازني عن أبي عثمان النهدي قال: سألته عن القنوت في صلاة الصبح، فقال: بعد الركوع. قال: قلت: عمن أخذته؟ قال: عن أبي بكر وعمر وعثمان.
قال العوام وذكر رابعًا فنسيت. وهو أثر حسن.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه أحمد (4/ 23) وأبو داود رقم (1493) والترمذي رقم (470) وقال: حديث حسن غريب والنسائي (3/ 229). =
44/ 935 - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله تعالى عنهما]
(1)
أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاِتكُمْ باللَّيْلِ وِتْرًا". رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ ماجهْ)
(2)
. [صحيح]
أما حديث طلق بن علي فحسنه الترمذي
(3)
، قال عبد الحق
(4)
: وغير الترمذي صححه
(5)
، وأخرجه [أيضًا](1) ابن حبان وصححه
(6)
، وقد احتج به على أنه لا يجوز نقض الوتر
(7)
.
ومن جملة المحتجين به على ذلك طلق بن علي الذي رواه كما قال العراقي.
قال: وإلى ذلك ذهب أكثر العلماء وقالوا: إن من أوتر وأراد الصلاة بعد ذلك لا ينقض وتره ويصلي شفعًا شفعًا حتى يصبح.
= قلت: وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه رقم (1101) وابن حبان رقم (671 - موارد) والبيهقي (3/ 36) وابن خزم في المحلى (3/ 50).
من طريق عبد الله بن بدر، عن قيس بن طلق، عن أبيه، به مرفوعًا.
وقد توبع عبد الله بن بدر: عند الطيالسي رقم (1095) والطبراني في الكبير (ج 8 رقم 8247) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 342) عن أيوب بن عتبة عن قيس به.
وتابعهم كذلك سراج بن عقبة عن قيس به، أخرجه أحمد (4/ 23) وقال الحافظ في "التلخيص" (2/ 36): وقال الترمذي: حسن. قال عبد الحق: وغيره يصححه. وصححه الألباني في "صحيح موارد الظمآن".
وخلاصة القول أن حديث طلق بن علي حديث صحيح.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 20، 102، 135) والبخاري رقم (998) ومسلم رقم (751/ 151) وأبو داود رقم (1438) والنسائي (3/ 230 رقم 1682).
قلت: وأخرجه البغوي في شرح السنة (4/ 86 رقم 965) وابن خزيمة في صحيحه (2/ 144 رقم 1582) وهو حديث صحيح.
(3)
في سننه (2/ 333).
(4)
ذكره الحافظ في التلخيص الحبير (2/ 36).
(5)
كابن خزيمة رقم (1101) وابن حبان رقم (671 - موارد) والألباني.
(6)
تقدم في التعليقة السابقة.
(7)
قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 199): "قال أبو بكر: ولا أعلم اختلافًا في أن رجلًا بعد أن أدى صلاة فرض كما فرضت عليه، ثم أراد بعد أن فرغ منها نقضها، أن لا سبيل له إليه، فحكم المختلف فيه من الوتر حكم ما لا نعلمهم اختلفوا فيه مما ذكرناه، وكذلك الحج، والصوم، والعمرة، والاعتكاف، لا سبيل إلى نقض شيء منها بعد أن يكملها
…
" اهـ.
قال: فمن الصحابة أبو بكر الصديق
(1)
، وعمار بن ياسر
(2)
، ورافع بن خديج
(3)
، وعائذ بن عمرو
(4)
، وطلق بن علي
(5)
، وأبو هريرة
(6)
، وعائشة
(7)
.
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن سعد بن أبي وقاص
(8)
، وابن عمر
(9)
، وابن عباس
(10)
.
وممن قال به التابعين سعيد بن المسيب
(11)
وعلقمة
(12)
والشعبي
(13)
وإبراهيم النخعي
(14)
وسعيد بن جبير
(15)
ومكحول
(16)
والحسن البصري
(17)
، روى ذلك ابن أبي شيبة عنهم في المصنف أيضًا.
وقال به من التابعين طاوس
(18)
وأبو مجلز
(19)
.
(1)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 285) عنه.
(2)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 284) عنه. وهو أثر صحيح.
(3)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 285) عنه.
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 284 - 285) عنه وعن ابن عباس. وهو أثر صحيح.
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 286) عنه.
(6)
لم أقف عليه؟!
(7)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 285) عنها. وهو أثر صحيح.
(8)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 284) عنه.
(9)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 29) وابن المنذر في الأوسط (5/ 197) عنه. وهو أثر صحيح.
(10)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 284) وابن المنذر في الأوسط (5/ 197) عنه وعن أسامة. وهو أثر صحيح.
(11)
انظر الحديث رقم (939) من كتابنا هذا.
(12)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 285) عنه.
(13)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 285) عنه.
(14)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 285) عنه.
(15)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 285) عنه.
(16)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 284) عنه.
(17)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 285) عنه.
(18)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 31 رقم 4689 ورقم 4690 عنه.
(19)
ذكره ابن المنذر في الأوسط (5/ 200).
ومن الأئمة سفيان الثوري ومالك
(1)
وابن المبارك وأحمد
(2)
، روى ذلك الترمذي عنهم في سننه
(3)
وقال: إنه أصح.
ورواه العراقي عن الأوزاعي والشافعي
(4)
وأبي ثور.
وحكاه القاضي عياض
(5)
عن كافة أهل الفتيا.
وروى الترمذي (3) عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم جواز نقض الوتر وقالوا: يضيف إليها أخرى ويصلي ما بدا له، ثم يوتر في آخر صلاته قال: وذهب إليه إسحق.
واستدلوا بحديث ابن عمر
(6)
المذكور في الباب وقالوا: إذا أَوتر ثم نام ثم قام فلم يشفع وتره وصلى مثنى مثنى كما قال الأولون ولم يوتر في آخر صلاته كان قد جعل آخر صلاته من الليل شفعًا لا وترًا، وفيه مخالفة لقوله صلى الله عليه وسلم:"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا"(6).
واستدل الأولون على جواز صلاة الشفع بعد الوتر بحديث عائشة المتقدم
(7)
وبحديث أم سلمة الآتي
(8)
، وقد قدمنا الكلام على ذلك في شرح حديث عائشة.
45/ 936 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله تعالى عنهما]
(9)
أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَن الوِتْرِ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَوْ أَوْتَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ، ثُمَّ أَرَدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ بِاللَّيْلِ شَفَعْتُ بِوَاحِدَةٍ مَا مَضَى مِنْ وِتْرِي، ثمَّ صَلَّيْتُ مَثْنَى مَثْنَى، فإِذَا قَضَيْتُ صَلَاتِي أَوْتَرْتُ بِوَاحِدَةٍ؛ لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا أَنْ نَجْعَلَ آخِرَ صَلاةِ اللَّيْلِ الْوِتْرِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ)
(10)
. [المرفوع صحيح]
(1)
انظر: المنتقى للباجي (1/ 224).
(2)
المغني لابن قدامة (2/ 598).
(3)
(2/ 334).
(4)
المجموع شرح المهذب (3/ 521).
(5)
في إكمال المعلم (3/ 101).
(6)
تقدم برقم (935) من كتابنا هذا.
(7)
تقدم برقم (926) من كتابنا هذا.
(8)
سيأتي برقم (938) من كتابنا هذا.
(9)
زيادة من (جـ).
(10)
في المسند (2/ 135).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 246) وقال: "رواه أحمد، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس، وهو ثقة، وبقية رجاله رجال الصحيح" اهـ.
قلت: محمد بن إسحاق قد صرح هنا بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه.
والخلاصة: أن المرفوع صحيح، والله أعلم.
46/ 937 - (وَعَنْ عَلِيٍّ [رضي الله تعالى عنه]
(1)
قَالَ: الْوِتْرُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ فَمَنْ شَاءَ أَنْ يُوتِرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَوْتَرَ، فإن اسْتَيْقَظَ فَشَاءَ أَنْ يُشْفِعَهَا بِرَكْعَةٍ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يُصْبِحَ ثُمَّ يُوتِرَ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يُصْبحَ، وَإِنْ شَاءَ آخِرَ اللَّيْلِ أَوْتَرَ. رَوَاهُ الشَافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ)
(2)
[موقوف بسند صحيح]
حديث ابن عمر، قال في مجمع الزوائد
(3)
: فيه ابن إسحق وهو مدلس وهو ثقة وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ.
والمرفوع من حديث ابن عمر متفق عليه كما تقدم
(4)
.
[وأثر عليَّ أخرجه البيهقي
(5)
أيضًا]
(6)
.
وقد استدل به ابن عمر ومن معه على جواز نقض الوتر، وقد قدمنا وجه دلالته على ذلك.
وقد ناقضهم القائلون بعدم الجواز فاستدلوا به على أنه لا يجوز النقض قالوا: لأن الرجل إذا أوتر أول الليل فقد قضى وتره، فإذا هو نام بعد ذلك ثم قام وتوضأ وصلى ركعة أخرى، فهذه صلاة غير تلك الصلاة، وغير جائز في النظر أن تتصل هذه الركعة بالركعة الأولى التي صلاها في أول الليل فلا يصيران صلاة واحدة
(7)
وبينهما نوم وحدث ووضوء وكلام في الغالب وإنما هما صلاتان متباينتان كل واحدة غير الأولى، ومن فعل ذلك فقد أوتر مرتين، ثم إذا هو أوتر أيضًا في آخر صلاته صار موترًا ثلاث مرات.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترًا"
(8)
وهذا قد جعل الوتر في مواضع من صلاة الليل.
وأيضًا قال صلى الله عليه وسلم: "لا وتران في ليلة"
(9)
وهذا قد أوتر ثلاث مرات.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
(رقم 550 - ترتيب) بسند صحيح وهو موقوف.
(3)
(2/ 246) وقد تقدم.
(4)
برقم (935) من كتابنا هذا.
(5)
في السنن الكبرى (3/ 37).
(6)
ما بين الحاصرتين سقط من (جـ).
(7)
انظر كلام ابن المنذر في الأوسط (5/ 198) وقد تقدم.
(8)
تقدم برقم (935) من كتابنا هذا.
(9)
تقدم برقم (934) من كتابنا هذا.
47/ 938 - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(1)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ. رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ
(2)
، وروَاهُ أحمدُ
(3)
وابْنُ مَاجَه
(4)
وَزَادَ: وَهُوَ جَالسٌ. [صحيح]
وقَدْ سَبَقَ هَذَا المَعْنَى مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ
(5)
. [صحيح]
وهُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ لَمْ يَرَ نَقْضَ الْوِتْرِ).
48/ 939 - (وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ المسيَّبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ تَذَاكَرَا الْوِتْرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا أَنَا فَأُصَلِّي ثُمَّ أَنَامُ عَلى وِتْرٍ، فإِذَا اسْتَيْقَظْتُ صَلَّيْتُ شَفْعًا شَفعًا حَتَّى الصَّبَاحِ؛ وَقالَ عُمَرُ: لكِنْ أنَامُ على شَفْع ثمَّ أُوتِرُ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ، فقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأبي بَكْرٍ: "حَذِرَ هَذَا"، وَقَالَ لِعُمَرَ: "قَوِيَ هَذَا". رَوَاهُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابيُّ بإِسْنَادِهِ)
(6)
. [مرسل وللمرفوع شواهد بمعناه]
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في سننه رقم (471).
(3)
في مسنده (6/ 398 - 399).
(4)
في سننه رقم (1195).
قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير (ج 23 رقم 859) والدارقطني في سننه (2/ 36) وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 254) و (2/ 336) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 32 - 33) والعقيلي في "الضعفاء"(4/ 186) وابن عدي في الكامل (6/ 2410).
قال الترمذي: وقد روي نحو هذا عن أبي أمامة وعائشة وغير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 394): "هذا إسناد فيه مقال ميمون بن موسى قال فيه أحمد: ما أرى به بأسًا. وقال أبو حاتم: صدوق.
وقال أبو داود: لا بأس به. ولينه غير واحد.
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وفي "الضعفاء" وقال: منكر الحديث يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الثقات. لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد" اهـ.
وقال أبو الأشبال في تحقيقه للترمذي أن الحديث حسن، وقال الألباني رحمه الله أن الحديث صحيح في صحيح ابن ماجه.
(5)
تقدم برقم (926) من كتابنا هذا.
(6)
لم أقف عليه عند أبي سليمان الخطابي.
وقد أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 14 رقم 4615) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 342) مرسلًا.
قلت: وأخرج أحمد في المسند (1/ 170) عن سعد بن أبي وقاص، أنه كان يصلي العشاء الآخرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يوتر بواحدةٍ لا يزيد عليها، قال: فيقال له: أتوتر بواحدة لا تزيدُ عليها يا أبا إسحاق؟ فيقول: نعم، إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"الذي لا ينامُ حتى يوترَ حازِمٌ". =
أما حديث أم سلمة فصححه الدارقطني في سننه
(1)
، ثبت ذلك في رواية محمد بن عبد الملك بن بشران عنه، وليس في رواية أبي طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم عن الدارقطني تصحيح له كذا قال العراقي.
قال الترمذي
(2)
: وقد روي نحو هذا عن أبي أمامة وعائشة
(3)
وغير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم اهـ
وأما حديث عائشة (3) الذي أشار إليه المصنف فقد تقدم وتقدم شرحه.
وأما حديث أبي بكر
(4)
وعمر
(5)
فقد ورد من طرق ليس فيها قول أبي بكر: فإذا استيقظت صليت شفعًا شفعًا.
منها عند البزار
(6)
والطبراني
(7)
عن أبي هريرة.
[ومنها عند ابن ماجه
(8)
عن جابر]
(9)
.
ومنها عند أبي داود
(10)
والحاكم
(11)
عن أبي قتادة.
= وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 244): وقال: رجاله ثقات.
ولهذا اللفظ شواهد بمعناه:
(منها) حديث أبي قتادة الصحيح الذي أخرجه أبو داود رقم (1434) والحاكم (1/ 301) وفيه
…
: "وقال لعمر: "متى توتر"؟ قال: آخر الليل، فقال لأبي بكر: "أخذ هذا بالحزم".
(ومنها) حديث ابن عمر الصحيح الذي أخرجه ابن حبان رقم (2446) والحاكم (1/ 301) وابن خزيمة رقم (1085): أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: "متى توتر"؟ قال: أوتر ثم أنام، قال:"بالحزم أخذت"
…
وخلاصة القول: أن حديث سعد بن أبي وقاص حديث حسن لغيره، والله أعلم.
(1)
في سننه (2/ 36 رقم 2).
(2)
في سننه (2/ 335).
(3)
تقدم برقم (926) من كتابنا هذا.
(4)
تقدم برقم (939) من كتابنا هذا.
(5)
تقدم برقم (939) من كتابنا هذا.
(6)
في المسند (رقم 736 - كشف).
(7)
في الأوسط رقم (5063).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 245) وقال: وفيه سليمان بن داود اليمامي وهو ضعيف جدًّا.
(8)
في سننه رقم (1202).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 397): "هذا إسناد حسن".
وهو حديث حسن.
(9)
زيادة من المخطوط (أ).
(10)
في سننه رقم (1434).
(11)
في المستدرك (1/ 301) وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
وهو حديث صحيح.
ومنها عند ابن ماجه
(1)
عن ابن عمر.
ومنها عند الطبراني في الكبير
(2)
ومحمد بن نصر عن عقبة بن عامر.
فإن صحت هذه الزيادة التي ذكرها الخطابي كانت صالحة للاستدلال بها على قول من أجاز التنفل بعد الوتر، وقد تقدم ذكرهم.
وإن لم تصح فالكلام ما قدمنا في شرح حديث عائشة
(3)
من اختصاص الركعتين بعد الوتر به صلى الله عليه وسلم لما سلف
(4)
.
[الباب العاشر] باب قضاء ما يفوت من الوتر والسنن الراتبة والأوراد
49/ 940 - (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ [رضي الله تعالى عنه]
(5)
قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّهِ إِذَا ذَكَرَهُ". رواهُ أبُو دَاوُدَ)
(6)
. [صحيح]
(1)
في سننه رقم (1202 م) قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 418): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".
وهو حديث صحيح تقدم قريبًا.
(2)
في المعجم الكبير (ج 17 رقم 838).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 245) وقال: وفيه ابن لهيعة وفيه كلام".
(3)
تقدم برقم (926) من كتابنا هذا.
(4)
قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 302): "قال أبو بكر: الصلاة في كل وقت جائز إلا وقتًا نهى رسول الله عن الصلاة فيه، والأوقات التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها: وقت طلوع الشمس، ووقت الزوال، ووقت غروب الشمس، والصلاة في سائر الأوقات طلق مباح، ليس لأحد أن يمنع فيها إلا بحجة، ولا حجة مع من كره الصلاة بعد الوتر، فدل فعله هذا على أن قوله: "اجعلوا آخر صلاتكم وترًا" على الاختيار لا على الإيجاب، فنحن نستحب أن يجعل المرء آخر صلاته وترًا، ولا نكره الصلاة بعد الوتر، وقائل هذا قائل بالخبرين جميعًا" اهـ.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
في السنن رقم (1431).
قلت: وأخرجه الدارقطني (2/ 22) والحاكم (1/ 302) والبيهقي (2/ 480) كلهم من طريق محمد بن مطرف المدني عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
الحديث أخرجه الترمذي
(1)
وزاد: "أو إذا استيقظ"، وأخرجه أيضًا ابن ماجه
(2)
والحاكم في المستدرك
(3)
وقال: صحيح على شرط الشيخين.
وإسناد الطريق التي أخرجه منها أبو داود صحيح كما قال العراقي.
وإسناد طريق الترمذي وابن ماجه ضعيف
(4)
، وأوردها ابن عدي
(5)
وقال: إنها غير محفوظة.
وكذا أوردها ابن حبان في الضعفاء
(6)
.
وأخرجه الترمذي
(7)
من طريق زيد بن أسلم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نام عن وتره فليصلّ إذا أصبح".
قال
(8)
: وهذا أصح من الحديث الأول، يعني حديث أبي سعيد.
وفي الباب عن عبد الله بن عمر عند الدارقطني
(9)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فاته الوتر من الليل فليقضه من الغد".
قال العراقي: وإسناده ضعيف.
وله حديث آخر عند البيهقي
(10)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح فأوتر".
وعن أبي هريرة عند الحاكم
(11)
والبيهقي
(12)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر"، وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
(1)
في سننه رقم (465).
(2)
في سننه رقم (1188).
(3)
في المستدرك (1/ 302) وقد تقدم.
(4)
لضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
(5)
في "الكامل"(4/ 1583).
(6)
في المجروحين (2/ 59).
(7)
في سننه رقم (466) وقال: هذا أصح من الحديث الأول رقم (465).
(8)
أي الترمذي في سننه (2/ 330).
(9)
في سننه (2/ 22 رقم 3) من طريق أبي عصام رواد، حدثنا نهشل، عن الضحاك، عن ابن عمر.
رواد فيه ضعف، ونهشل بن سعيد البصري عن الضحاك بن مزاحم، قال إسحاق بن راهويه: كان كذابًا، وقال أبو حاتم والنسائي: متروك، قال يحيى والدارقطني: ضعيف.
(10)
في السنن الكبرى (2/ 479).
(11)
في المستدرك (1/ 303 - 304) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(12)
في السنن الكبرى (2/ 478).
وعن أبي الدرداء عند الحاكم
(1)
والبيهقي
(2)
بلفظ: "ربما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر وقد قام الناس لصلاة الصبح"، وصححه الحاكم.
وعن الأغر المزني عند الطبراني في الكبير
(3)
بلفظ: "إن رجلًا قال: يا نبيَّ الله إني أصبحت ولم أوتر، فقال: إنما الوتر بالليل، فقال: يا نبيَّ الله إني أصبحت ولم أوتر، قال: فأوتر"، وفي إسناده خالد بن أبي كريمة، ضعفه معين وأبو حاتم، ووثقه أحمد وأبو داود والنسائي
(4)
.
وعن عائشة عند أحمد
(5)
والطبراني في الأوسط
(6)
بلفظ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح فيوتر"، وإسناده حسن.
الحديث يدل على مشروعية قضاء الوتر إذا فات، وقد ذهب إلى ذلك الصحابة عليّ بن أبي طالب
(7)
، وسعد بن أبي وقاص
(8)
، وعبد الله بن مسعود
(9)
،
(1)
في المستدرك (1/ 303) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(2)
في السنن الكبرى (2/ 479).
(3)
في المعجم الكبير (1/ 302 - 303 رقم 891).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 246): وقال: ورجاله موثقون وإن كان في بعضهم كلام لا يضر.
(4)
الميزان (1/ 638 - 639 رقم 2454).
(5)
في المسند (6/ 242 - 243).
(6)
في المعجم الأوسط رقم (2132).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 246) وقال: إسناده حسن.
(7)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 191 ث 2674) وعبد الرزاق في المصنف (3/ 10 - 11 رقم 4601 ورقم 4602).
عن عاصم بن ضمرة قال: جاء نفر إلى أبي موسى الأشعري فسألوه عن الوتر؟
فقال: لا وتر بعد الأذان، فأتوا عليًا فأخبروه فقال: لقد أغرق في النزع وأفرط في الفتيا، الوتر ما بيننا وبين صلاة الغداة.
• أغرق في النَزْع: أي بالغ في الأمر وانتهى فيه، وأصله: من نَزْع القَوْس ومدِّها ثم اسْتُعِير لمن بالغ في كل شيء. (النهاية: 3/ 361).
(8)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 12 رقم 4609) عن أبي نضرة قال: احتبس سعد بن أبي وقاص يومًا عن الصلاة، فقيل له: أبطأت على الناس، فقال له: أدركني الصبح قبل أن أوتر، فأوترت".
(9)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 287) وابن المنذر في الأوسط (5/ 191 - 192 =
وعبد الله بن عمر
(1)
، وعبادة بن الصامت
(2)
، وعامر بن ربيعة
(3)
، وأبو الدرداء
(4)
، ومعاذ بن جبل، وفضالة بن عبيد، وعبد الله بن عباس
(5)
. كذا قال العراقي.
قال: ومن التابعين عمرو بن شرحبيل
(6)
، وعبيدة السلماني
(7)
، وإبراهيم النخعي
(8)
، ومحمد بن المنتشر، وأبو العالية، وحماد بن أبي سليمان.
ومن الأئمة سفيان الثوري
(9)
، وأبو حنيفة
(10)
، والأوزاعي
= ث 2675): "عن الأسود بن هلال عن ابن مسعود قال: الوتر ما بين الصلاتين".
وهو أثر صحيح.
(1)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 192 ث 2676) عن لاحق عن ابن عمر قال يومًا: ما أوترت حتى أصبحت.
وهو أثر حسن.
(2)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 192 ث 2680): "أن عبادة بن الصامت خرج إلى المسجد وكان إمام قومه، وهو يظن أن عليه ليل، فلما رآه المؤذن ذهب يقيم، فكفه عبادة ثم أوتر، ثم تقدم فصلى الركعتين قبل الفجر، ثم أمر فأقام". وهو أثر ضعيف.
(3)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 12 - 13 رقم 4610) عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: ربما أوتر وإنه يسمع الإقامة".
(4)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 193 ث 2681) عن أبي قلابة أن أبا الدراء قال: لأني لأوتر وقد صف الناس في صلاة الفجر.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 286).
وهو أثر ضعيف.
(5)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 192 ث 2677) عن عطاء أن ابن عباس أوتر بعد طلوع الفجر.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 10 رقم 4596). وهو أثر صحيح.
(6)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 287) عن عمرو بن شرحبيل قال: سئل عبد الله عن الوتر بعد الأذان، فقال: نعم وبعد الإقامة.
(7)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 13 رقم 4611) عن إبراهيم قال: سألت عبيدة عن الرجل يستيقظ عند الإقامة ولم يوتر، قال: يوتر.
(8)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 288 - 289) حدثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم وعبد الملك عن عطاء أنهما قالا: إذا صليت الغداة فقد ذهب الوتر.
(9)
حكى الكوسج أنه قال لسفيان: أقضي الوتر إذا طلعت الشمس؟ قال: نعم. مسائل أحمد وإسحاق (1/ 92).
(10)
البناية في شرح الهداية (2/ 574).
ومالك
(1)
والشافعي
(2)
وأحمد
(3)
وإسحاق وأبو أيوب سليمان بن داود الهاشمي وأبو خيثمة.
ثم اختلف هؤلاء: إلى متى يقضي؟ على ثمانية أقوال:
(أحدها): ما لم يصل الصبح، وهو قول ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، ومسروق، والحسن البصري
(4)
، وإبراهيم النخعي
(5)
، ومكحول
(6)
، وقتادة (4)، ومالك (1)، والشافعي (2)، وأحمد (3)، وإسحاق وأبو أيوب وأبو خيثمة، حكاه محمد بن نصر
(7)
عنهم.
(ثانيها): أنه يقضي الوتر ما لم تطلع الشمس ولو بعد صلاة الصبح، وبه قال النخعي.
(ثالثها): أنه يقضي بعد الصبح وبعد طلوع الشمس إلى الزوال، روي ذلك عن الشعبي
(8)
، وعطاء، والحسن، وطاوس،
(1)
المدونة (1/ 126) والمنتقى للباجي (1/ 225 - 226).
(2)
الصحيح عند الشافعية قضاء السنن الراتبة مطلقًا. انظر: حلية العلماء (2/ 144 - 145) والمجموع (3/ 533).
(3)
قال المروزي في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 333 - 334).
"وسئل أحمد عن رجل عليه صلوات فوائت أيوتر؟ قال: إن فعل لم يضره وسئل عمن أصبح ولو لم يوتر؟ قال: يوتر ما لم يصل الغداة.
وفي رواية: ما أعرف الوتر بعد صلاة الغداة.
وفي أخرى: يصلي الوتر ما لم يصل الغداة، وليس عليه بعد صلاة الفجر أن يصليه.
وكذلك قال أيوب، وأبو خيثمة وإسحاق رحمهم الله " اهـ.
(4)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 10 رقم 4595)"عن معمر عن الحسن وقتادة قالا: لا وتر بعد صلاة الصبح".
وعند ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 288) من طريق منصور عن الحسن قال: إذا صليت الغداة وطلعت الشمس فقد ذهب الوتر.
(5)
تقدم بالحاشية رقم (8) في الصفحة السابقة.
(6)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 289) عن برد عن مكحول، قال:"من أصبح ولم يوتر فلا وتر عليه".
(7)
في "مختصر قيام الليل" كتاب "الوتر"(ص 333 - 334).
(8)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 290) من طريق ابن عون عن الشعبي.
قال: "لا تدع وترك ولو تنصف النهار".
ومجاهد
(1)
، وحماد بن أبي سليمان
(2)
، وروي أيضًا عن ابن عمر.
(رابعها): أنه لا يقضيه بعد الصبح حتى تطلع الشمس فيقضيه نهارًا حتى يصلي العصر فلا يقضيه بعده ويقضيه بعد المغرب إلى العشاء ولا يقضيه بعد العشاء لئلا يجمع بين وترين في ليلة، حكي ذلك عن الأوزاعي.
(خامسها): أنه إذا صلى الصبح لا يقضيه نهارًا لأنه من صلاة الليل، ويقضيه ليلًا قبل وتر الليلة المستقبلة ثم يوتر للمستقبلة. روي ذلك عن سعيد بن جبير.
(سادسها): أنه إذا صلى الغداة أوتر حيث ذكره نهارًا، فإذا جاءت الليلة الأخرى ولم يكن أوتر لم يوتر لأنه إن أوتر في ليلة مرتين صار وتره شفعًا، حكي ذلك عن الأوزاعي أيضًا.
(سابعها): أنه يقضيه أبدًا ليلًا ونهارًا، وهو الذي عليه فتوى الشافعية.
(ثامنها): التفرقة بين أن يتركه لنوم أو نسيان، وبين أن يتركه عمدًا، فإن تركه لنوم أو نسيان قضاه إذا استيقظ أو إذا ذكر في أي وقت كان ليلًا أو نهارًا، وهو ظاهر الحديث.
واختاره ابن حزم
(3)
واستدل بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها"
(4)
.
قال: وهذا عموم يدخل فيه كل صلاة فرض أو نافلة، وهو في الفرض أمر فرض، وفي النفل أمر ندب.
قال: ومن تعمد تركه حتى دخل الفجر فلا يقدر على قضائه أبدًا.
قال: فلو نسيه أحببنا له أن يقضيه أبدًا متى ذكره ولو بعد أعوام. وقد استدل بالأمر بقضاء الوتر على وجوبه، وحمله الجمهور على الندب وقد تقدم الكلام في ذلك.
(1)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 290) من طريق ليث عن عطاء، والشعبي، والحسن، وطاوس، ومجاهد، قالوا: لا تدع الوتر وإن طلعت الشمس.
(2)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 10 رقم 4600) عن معمر عن حماد قال: أوتر وإن طلعت الشمس.
وعند ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 290 - 291) من طريق شعبة عن حماد، به.
(3)
في المحلى (4/ 179 - 181).
(4)
تقدم برقم (478) من كتابنا هذا.
50/ 941 - (وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ [رضي الله تعالى عنه]
(1)
قَالَ: قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كأنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ"، رَواهُ الجَمَاعَةُ إِلَّا البُخَاريَّ
(2)
. [صحيح]
وَثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَنَعَهُ مِنْ قِيَامِ الليْلِ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثَنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً
(3)
. [صحيح]
وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُ قَضَاءَ السُّنَنِ فِي غَيْرِ حَدِيثِ).
قوله: (عن حزبه) الحزب بكسر الحاء المهملة وسكون الزاي بعدها باء موحدة: الورد
(4)
.
والمراد هنا الورد من القرآن.
وقيل: المراد ما كان يعتاده من صلاة الليل.
والحديث يدل على مشروعية اتخاذ ورد في الليل.
وعلى مشروعية قضائه إذا فات لنوم أو عذر من الأعذار وأن من فعله ما بين صلاة الفجر إلى صلاة الظهر كان كمن فعله [في]
(5)
الليل.
قوله: (وثبت عنه صلى الله عليه وسلم إلخ) هو ثابت من حديث عائشة عند مسلم
(6)
والترمذي وصححه
(7)
والنسائي
(8)
.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
مسلم في صحيحه رقم (142/ 747) وأبو داود رقم (1313) والترمذي (581) والنسائي (3/ 259) وابن ماجه رقم (1343).
(3)
تقدم برقم (926) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(4)
القاموس المحيط (ص 94).
وقال في "النهاية"(1/ 376): الحِزْب: ما يجعله الرجل على نفسه من قراءة أو صلاة كالورد.
والحزب: النَّوبة في ورُود الماء" اهـ.
(5)
زيادة من (أ).
(6)
في صحيحه رقم (140/ 746).
(7)
في سننه رقم (445).
(8)
في سننه (3/ 259 رقم 1789).
وهو حديث صحيح.
وفيه استحباب قضاء التهجد إذا فاته من الليل. ولم يستحب أصحاب الشافعي قضاءه إنما استحبوا قضاء السنن الرواتب، ولم يعدوا التهجد من الرواتب
(1)
.
قوله: (وقد ذكرنا عنه قضاء السنن في غير حديث) قد تقدم بعض من ذلك في باب القضاء وبعض في أبواب التطوع.
[الباب الحادي عشر] باب صلاة التراويح
51/ 942 - (عَنْ أبي هُرَيْرة [رضي الله تعالى عنه]
(2)
قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرَغّبُ في قِيَامِ رَمضانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ فِيهِ بِعَزِيمةٍ، فَيَقُولُ:"مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا واحتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". رَواهُ الجَمَاعَةُ)
(3)
. [صحيح]
52/ 943 - (وَعَنْ عَبْدِ الرَّحمنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الله عز وجل فَرَضَ صِيَامَ رَمَضَانَ، وَسَنَنْتُ قِيَامَهُ؛ فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إِيمَانًا واحتِسابًا، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ". رَوَاهُ أَحْمدُ
(4)
والنَّسائيُّ
(5)
وابْن مَاجَهْ
(6)
. [صحيح]
[حديث عبد الرحمن بن عوف في إسناده النضر بن شيبان وهو ضعيف
(7)
.
وقال النسائي
(8)
: هذا الحديث خطأ، والصواب حديث أبي سلمة عن أبي هريرة]
(9)
.
(1)
المجموع شرح المهذب (3/ 532 - 533).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد (2/ 289) والبخاري رقم (37) ومسلم رقم (174/ 759) وأبو داود رقم (1371) والترمذي رقم (683) والنسائي (4/ 156) وابن ماجه رقم (1326).
(4)
في المسند (1/ 194 - 195).
(5)
في سننه رقم (4/ 158).
(6)
في سننه رقم (1328).
وقد صححه أبو الأشبال رقم (1688) والمحدث الألباني في صحيح ابن ماجه.
(7)
انظر: الميزان (4/ 258) رقم الترجمة (9068).
(8)
في سننه (4/ 158).
(9)
ما بين الحاصرتين سقط من (جـ).
قوله: (من غير أن يأمر فيه بعزيمة) فيه التصريح بعدم وجوب القيام، وقد فسره بقوله:"من قام إلخ" فإنه يقتضي الندب دون الإيجاب.
وأصرح منه قوله في الحديث الآخر
(1)
: "وسننت قيامه" بعد قوله: "فرض صيام رمضان".
قوله: (من قام رمضان) المراد قيام لياليه مصليًا، ويحصل بمطلق ما يصدق عليه القيام، وليس من شرطه استغراق جميع أوقات الليل.
قيل: ويكون أكثر الليل.
وقال النووي
(2)
: إن قيام رمضان يحصل بصلاة التراويح: يعني أنه يحصل بها المطلوب من القيام لا أن قيام رمضان لا يكون إلا بها.
وأغرب الكرماني
(3)
فقال: اتفقوا على أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح.
قوله: (إيمانًا واحتسابًا) قال النووي (2): معنى إيمانًا: تصديقًا بأنه حق معتقدًا فضيلته، ومعنى احتسابًا: أن يريد الله تعالى وحده لا يقصد رؤية الناس ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص.
قوله: (غفر له ما تقدم من ذنبه) زاد أحمد
(4)
والنسائي
(5)
: "وما تأخر".
(1)
رقم (52/ 943) من كتابنا هذا.
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 39).
(3)
في شرحه لصحيح البخاري (10/ 152 - 153).
(4)
في المسند (2/ 385) بإسنادين.
الأول: حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة الليثي. انظر: المغني للذهبي رقم (5876) والديوان للذهبي أيضًا رقم (3912).
والثاني: مرسل ضعيف.
وأورده الهيثمي في المجمع (3/ 145) وقال: رواه أحمد ورجاله موثقون، إلا أن حمادًا شك في وصله وإرساله.
(5)
في السنن الكبرى (3/ 127 رقم 2523)، وقال الشيخ جاسم الفهيد الدوسري في تحقيق "معرفة الخصال المكفرة" (ص 59): وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وقال ابن عبد البر في (التمهيد" (7/ 105) وزيادة "وما تأخر": زيادة منكرة. والله أعلم.
قال الحافظ
(1)
: وقد ورد في غفران ما تقدم وما تأخر عدة أحاديث جمعتها في كتاب مفرد
(2)
اهـ.
قيل: ظاهر الحديث يتناول الصغائر والكبائر، وبذلك جزم ابن المنذر
(3)
.
وقيل: الصغائر فقط وبه جزم إمام الحرمين (3).
قال النووي
(4)
: وهو المعروف عند الفقهاء، وعزاه عياض
(5)
إلى أهل السنة، وقد ورد أن غفران الذنوب المتقدمة معقول، وأما المتأخرة فلا؛ لأن المغفرة تستدعي سبق ذنب
(6)
.
وأجيب عنه بأن ذلك كناية عن عدم الوقوع.
وقال الماوردي: إنها تقع منهم الذنوب مغفورة.
والحديث يدل على فضيلة قيام رمضان وتأكد استحبابه واستدل به أيضًا على استحباب صلاة التراويح؛ لأن القيام المذكور في الحديث المراد به صلاة التراويح كما تقدم عن النووي (4) والكرماني
(7)
.
قال النووي (4): اتفق العلماء على استحبابها.
قال: واختلفوا في أن الأفضل صلاتها في بيته منفردًا أم في جماعة في المسجد.
فقال الشافعي وجمهور أصحابه
(8)
وأبو حنيفة
(9)
وأحمد
(10)
وبعض المالكية
(11)
وغيرهم: الأفضل صلاتها جماعة كما فعله عمر بن الخطاب
(1)
في "الفتح"(4/ 252).
(2)
اسمه "معرفة الخصال المكفرة للذنوب المقدَّمة والمؤخَّرة" تحقيق وتعليق الشيخ جاسم الفهيد الدّوسري. ط: دار البشائر الإسلامية - بيروت.
(3)
ذكره الحافظ في الفتح (4/ 251).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 40).
(5)
في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(3/ 115 - 116).
(6)
الفتح (4/ 253).
(7)
في شرحه لصحيح البخاري (10/ 152 - 153).
(8)
المجموع شرح المهذب (3/ 526).
(9)
البناية في شرح الهداية (2/ 663).
(10)
في "المغني"(2/ 605 - 606).
(11)
المدونة (1/ 223).
والصحابة [رضي الله عنهم]
(1)
واستمر عمل المسلمين عليه؛ لأنه من الشعائر الظاهرة فأشبه صلاة العيد، وبالغ الطحاوي
(2)
فقال: إن صلاة التراويح في الجماعة واجبة على الكفاية.
وقال مالك
(3)
وأبو يوسف وبعض الشافعية وغيرهم: الأفضل فرادى في البيت لقوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"، متفق عليه
(4)
.
وقالت العترة
(5)
: إن التجميع فيها بدعة، وسيأتي تمام الكلام على صلاة التراويح.
53/ 944 - (وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِي ذَرّ [رضي الله تعالى عنه]
(6)
قَالَ: صمنا مَعَ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا في السادسة وَقامَ بنَا في الخَامِسَةِ، حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هذِهِ؟ فقالَ: "إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ"؛ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بنا حَتَّى بَقِيَ ثَلَاثٌ مِنَ الشَّهْرِ، فَصَلَّى بِنَا فِي الثَّالِثَةِ وَدَعا أَهْلَهُ وَنسَاءَهُ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الْفَلاحَ، قُلْتُ لَهُ: وَما الْفَلَاحَ؟ قَالَ: السَّحُوَرُ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ الترْمِذِيُّ)
(7)
. [صحيح]
(1)
زيادة من المخطوط (أ).
(2)
في شرح معاني الآثار (1/ 351 - 352).
(3)
في "الاستذكار"(5/ 158).
(4)
أحمد (5/ 186) والبخاري رقم (731) ومسلم رقم (213/ 781) من حديث زيد بن ثابت.
وسيأتي برقم (971) من كتابنا هذا.
(5)
في البحر الزخار (2/ 34).
(6)
زيادة من (جـ).
(7)
أحمد (5/ 159 - 160) وأبو داود رقم (1375) والترمذي رقم (806) والنسائي (3/ 203) وابن ماجه رقم (1327).
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (2206) والبغوي رقم (991). والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 349) وابن حبان رقم (2547).
وهو حديث صحيح، انظر: إرواء الغليل رقم (447).
• قال أبو حاتم رضي الله عنه: قول أبو ذر: لم يُقم بنا في السادسة، وقام بنا في الخامسة يريد: مما بقي من العَشر لا مما مضى منه، وكان الشهر الذي خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أمته بهذا الخطاب فيه تسعًا وعشرين، فليلةُ السادسة من باقي تسع وعشرين تكون ليلةَ أربعٍ وعشرينَ، وليلةُ الخامسة من باقي تسع وعشرين، تكونُ ليلةَ الخامس والعشرين" اهـ.
[الحديث رجال إسناده عند أهل السنن كلهم رجال الصحيح]
(1)
.
قوله: (فلم يصل بنا)، لفظ أبي داود
(2)
: "صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئًا من الشهر حتى بقي سبعٌ".
قوله: (لو نفلتنا) النفل محركة في الأصل الغنيمةُ والهبة، ونفله النفل وأنفله: أعطاه إياه، والمراد هنا لو قمت بنا طول ليلتنا ونفلتنا من الأجر الذي يحصل من ثواب الصلاة.
قوله: (فصلى بنا في الثالثة)، أي في ليلة ثلاث بقيت من الشهر، وكذا قوله: في السادسة، في الخامسة.
وفيه أنه كان يتخولهم بقيام الليل لئلا يثقل عليهم كما كان ذلك ديدنه صلى الله عليه وسلم في الموعظة، فكان يقوم بهم ليلة ويدع القيام أخرى.
وفيه تأكد مشروعية القيام في الأفراد من ليالي العشر الآخرة من رمضان لأنها مظنة الظفر بليلة القدر.
قوله: (ودعا أهله ونساءه) فيه استحباب ندب الأهل إلى فعل الطاعات وإن كانت غير واجبة.
وقد أخرج أبو داود
(3)
والنسائي
(4)
وابن ماجه
(5)
عن أبي هريرة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأَيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء".
وأخرج أبو داود
(6)
والنسائي
(7)
وابن ماجه
(8)
أيضًا من حديث أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصلَّيا أو صلى ركعتين جميعًا كتب في الذاكرين والذاكرات".
(1)
ما بين الحاصرتين سقط من (جـ).
(2)
في سننه رقم (1375) وقد تقدم.
(3)
في سننه رقم (1308) ورقم (1450).
(4)
في سننه رقم (3/ 205 رقم 1610).
(5)
في سننه رقم (1636).
قلت: وأخرجه أحمد (2/ 250) وهو حديث حسن.
(6)
في سننه رقم (1309) ورقم (1451).
(7)
في السنن الكبرى (2/ 119 رقم 1312).
(8)
في سننه رقم (1335).
وهو حديث صحيح.
قوله: (الفلاح) قال في القاموس
(1)
: الفلاح: الفوز والنجاة والبقاء في الخير.
والسحور
(2)
، قال: والسَّحور ما يتسحر به: أي ما يؤكل في وقت السحر وهو قبيل الصبح.
والحديث استدل به على استحباب صلاة التراويح لأن الظاهر منه أنه صلى الله عليه وسلم أمَّهم في تلك الليالي.
54/ 945 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(3)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى في المَسْجِدِ فَصَلَّى بصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثم اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أو الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَما أَصْبَحَ قَالَ:"رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ"، وَذلِكَ في رَمَضَانَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وفي رِوَايَةٍ: قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ فِي المَسْجِدِ فِي رَمَضَانِ بِاللَّيْلِ أوْزَاعًا، يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ الشيْءُ مِنَ القُرْآنِ، فَيَكُونُ مَعَهُ النَّفَرُ الْخَمْسَةُ أَوِ السَّبْعَةُ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذلِكَ أَوْ أَكْثَرُ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، قَالَتْ: فأمَرَنِي رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أنْصِبَ لَهُ حَصِيرًا على بَابِ حُجْرَتِي فَفَعَلْتُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنَّ صَلَّى عِشَاءَ الآخِرَةِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مَنْ فِي المَسْجِدِ فَصَلَّى بِهِمْ، وَذَكَرَتِ الْقِصَّةَ بِمَعْنَى ما تَقَدَّمَ غَيْرَ أَنَّ فِيهَا: أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ. رَوَاهُ أحمَدُ"
(4)
. [صحيح]
(1)
في القاموس (ص 519).
(2)
قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 347): السَّحور: بالفتح اسم ما يُتسخّر به من الطعام والشراب. وبالضَّم المصدر والفعل نفسه، وأكثر ما يروى بالفتح، وقيل: إنَّ الصواب بالضَّم لأنه بالفتح الطعام، والبركة والأجر والثواب في الفعل لا في الطعام.
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في المسند (6/ 177) بسند صحيح.
قلت: وأخرجه البخاري رقم (1129) و (2011) ومسلم رقم (177/ 761) وأبو داود رقم (1373) والنسائي (3/ 202) وابن حبان رقم (2542) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 492 - 493) وفي الشعب رقم (3267) وفي "فضائل الأوقات" رقم (119) والبغوي في شرح السنة رقم (989).
وهو حديث صحيح.
قوله: (صلى في المسجد إلخ) قال النووي
(1)
: فيه جواز النافلة جماعة، ولكن الاختيار فيها الانفراد إلا نوافل مخصوصة وهي العيد والكسوف والاستسقاء. وكذا التراويح عند الجمهور كما سبق.
وفيه جواز النافلة في المسجد وإن كان البيت أفضل ولعل النبي صلى الله عليه وسلم إنما فعلها في المسجد لبيان الجواز أو أنه كان معتكفًا.
وفيه جواز الاقتداء بمن لم ينو إمامته.
قال: وهذا صحيح على المشهور من مذهبنا ومذاهب العلماء، ولكن إن نوى الإمام إمامتهم بعد اقتدائهم حصلت فضيلة الجماعة له ولهم، وإن لم ينوها حصلت لهم فضيلة الجماعة ولا تحصل للإمام على الأصح لأنه لم ينوها والأعمال بالنيات وأما [المأمومون]
(2)
فقد نووها.
وفيه إذا تعارضت مصلحة وخوف مفسدة أو مصلحتان اعتبر أهمهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان رأى الصلاة في المسجد مصلحة لما ذكرناه فلما عارضه خوف الافتراض عليهم تركه لعظم المفسدة التي يخاف من عجزهم وتركهم للفرض.
وفيه أن الإمام وكبير القوم إذا فعل شيئًا خلاف ما يتوقعه أتباعه وكان له فيه عذر يذكره لهم تطييبًا لقلوبهم وإصلاحًا لذات البين لئلا يظنوا خلاف هذا، وربما ظنوا ظن السوء.
قوله: (أوزاعًا) أي جماعات.
والحديث استدل به المصنف على صلاة التراويح.
وقد استدل به على ذلك غيره كالبخاري فإنه ذكره من جملة الأحاديث التي ذكرها في كتاب التراويح من صحيحه
(3)
ووجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الصلاة
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 41).
(2)
في المخطوط (ب): (المأمون) وهو خطأ.
(3)
رقم الكتاب: 31 - كتاب صلاة التراويح. ورقم الباب: 1 - باب فضل من قام رمضان.
ورقم الأحاديث (2008) و (2009) و (2010) و (2011) و (2012) و (2013).
في المسجد وصلى خلفه الناس ولم ينكر عليهم وكان ذلك في رمضان ولم يترك إلا لخشية الافتراض، فصح الاستدلال به على مشروعية مطلق التجميع في النوافل في ليالي رمضان، وأما فعلها على الصفة التي يفعلونها الآن من ملازمة عدد مخصوص وقراءة مخصوصة في كل ليلة فسيأتي الكلام عليه.
ومن جملة ما استدل به البخاري
(1)
عليها حديث عائشة وهو أيضًا في صحيح مسلم
(2)
: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصُلِّي بصلاته؛ فلما كانت الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح؛ فلما قضى الصلاة أقبل على الناس فتشهد ثم قال: "أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم ولكن خشيت أن تفترض عليكم فتعجزوا عنها"، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك.
55/ 946 - (وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِي [رضي الله تعالى عنه]
(3)
قالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ إلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْط، فقالَ عُمَرُ: إني أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هؤُلَاءِ على قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ، ثمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ على أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثمّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى والنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئهِمْ، فقالَ عُمَرُ: نِعْمَتِ الْبِدْعَةِ هَذِهِ، والَّتِي يَنَامُونَ عَنْها أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ، يَعْنِي آخِرَ اللَّيْلِ، وكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ
(4)
. [صحيح]
وَلمَالِكٍ فِي المُوَطَّإِ
(5)
عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: كَانَ النَّاسُ في زَمَنِ عُمَرَ يَقُومُونَ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعةً). [منقطع]
(1)
في صحيحه رقم (2012).
(2)
في صحيحه رقم (761/ 178).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في صحيحه رقم (2010).
(5)
في الموطأ (1/ 115 رقم 5): ويزيد بن رومان لم يدرك عمرًا. فالأثر منقطع.
وانظر: "نصب الراية"(2/ 154).
قوله: (أوزاع) قد تقدم تفسيره.
قوله: (فقال عمر: نعمت البدعة) قال في الفتح
(1)
: البدعة أصلها ما أحدث على غير مثال سابق
(2)
، وتطلق في الشرع على مقابلة السنة
(3)
فتكون مذمومة، والتحقيق أنها إن كانت مما يندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة، وإن كانت مما يندرج تحت مستقبح في الشرْع فهي مستقبحة وإلَّا فهي من قسم المباح، وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة، انتهى.
قوله: (بثلاث وعشرينَ ركعة)، قال ابن إسحق: وهذا أثبت ما سمعت في ذلك
(4)
.
(1)
(4/ 253).
(2)
قال الراغب الأصفهاني في "مفردات ألفاظ القرآن"(ص 110 - 111): "الإبداعُ إنشاءُ صنعةٍ بلا احتذاءٍ واقتداء، ومنه قيل: رَكيَّة بديعٌ أي جديدة الحفر، وإذا استعمل في الله تعالى فهو إيجادُ الشيء بغيرِ آلةٍ ولا مادةٍ ولا زمانٍ ولا مكانٍ وليس ذلكَ إلا لله. والبديعُ يقالُ للمبدِع، نحو قولِه: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 117]. ويقالُ للمبدَع نحو رَكيَّة بديعٌ، وكذلك البِدْعُ يقال لهما جميعًا بمعنى الفاعِل والمفعولِ. قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 9] قيل: معناه مُبدَعًا لم يتقدمني رسولٌ، وقيل مبدِعًا فيما أقولُهُ" اهـ.
(3)
قال الشاطبي في الاعتصام (1/ 37) - ن: دار المعرفة -: "هي طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشريعة، يقصد بها التقرب إلى الله، ولم يقم على صحتها دليل شرعي صحيح أصلًا أو وضعًا" اهـ.
قلت: بقصد التقرب إلى الله خرجت البدع الدنيوية، كتصنيف الكتب في علم النحو، وأصول الفقه، ومفردات اللغة، وسائر العلوم الخادمة للشريعة؛ والسيارات، والأسلحة والآلات الزراعية والصناعية، فكلها وسائل مشروعة؛ لأنها تؤدي إلى ما هو مشروع بالنص.
وهي التي تقبل التقسيم إلى الأحكام الخمسة:
1 -
واجبة.
2 -
ومندوبة.
3 -
ومباحة.
4 -
ومكروهة.
5 -
ومحرمة.
• أما البدعة الدينية لا تقسم إلى الأحكام الخمسة للأدلة الواضحة التي أوردتها في كتابي "مدخل إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة"(ص 147 - 150) ط 1.
(4)
قلت: بل هو منقطع كما علمت.
ويقول السيوطي في "المصابيح في صلاة التراويح" تخريج الأخ علي حسن علي عبد الحميد (ص 15): "ولم يثبت أنه صلى عشرين ركعة، وإنما صلّى ليالي، صلاة لم يُذكر عددها - يعني في الصحيح - ثم تأخر في الليلة الرابعة، خشية أن تفرض عليهم =
ووهم في ضوء النهار
(1)
فقال: إن في سنده أبا شيبة وليس الأمر كذلك لأن مالكًا في الموطأ ذكره
(2)
كما ذكر المصنف.
والحديث الذي في إسناده أبو شيبة هو حديث ابن عباس
(3)
الآتي كما في البدر المنير والتلخيص
(4)
.
وفي الموطأ
(5)
أيضًا عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد أنها إحدى عشرة.
وروى محمد بن نصر
(6)
عن محمد بن يوسف أنها إحدى وعشرون ركعة.
وفي الموطأ
(7)
من طريق يزيد بن
= فيعجزوا عنها، وقد تمسك بعض من أثبت ذلك بحديث ورد فيه، لا يصلح الاحتجاج به، وأنا أورده وأبين [ضعفه و] وهاءه، ثم أبين ما ثبت بخلافه" اهـ.
(1)
لم أقف عليه.
(2)
تقدم بالحاشية رقم (4) في الصفحة قبل السابقة.
(3)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 496) عنه مرفوعًا: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في شهر رمضان في غير جماعة عشرين ركعة، والوتر". قال البيهقي: تفرد به أبو شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي وهو ضعيف.
قلت: انظر ترجمته في: "الجرح والتعديل"(2/ 115) والميزان (1/ 47) والتاريخ الكبير (1/ 310) والمجروحين (1/ 104) والتقريب (1/ 39) والخلاصة (ص 20).
(4)
"التلخيص"(2/ 45 - 46).
(5)
(1/ 115 رقم 4) وهو أثر صحيح.
(6)
لم أقف عليه.
(7)
عزوه لمالك وهم، فقد أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 496) من طريق يزيد بن خُصيفة، عن السائب بن يزيد قال:"كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة. قال: وكانوا يقرأون بالمئين، وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان رضي الله عنه من شدة القيام".
قال المحدث الألباني رحمه الله في "صلاة التراويح"(ص 57 - 59): "قلت: هذه الطريق بلفظ العشرين هي عمدة من ذهب إلى مشروعية العشرين في صلاة التراويح، وظاهر إسناده الصحة، ولهذا صححه بعضهم ولكن له علة بل علل تمنع القول بصحته، وتجعله ضعيفًا منكرًا. وبيان ذلك من وجوه:
(الأول): أن ابن خُصيفة هذا وإن كان ثقة فقد قال فيه الإمام أحمد في رواية عنه: منكر الحديث. لهذا أورده الذهبي في الميزان (4/ 430)، ففي قول أحمد هذا إشارة إلى أن ابن خصيفة قد ينفرد بما لم يروه الثقات، فمثله يرد حديثه إذا خالف من هو أحفظ منه يكون =
[خُصَيفة]
(1)
عن السائب بن يزيد أنها عشرون ركعة.
وروى محمد بن نصر
(2)
من طريق عطاء قال: أدركتهم في رمضان يصلون عشرين ركعة وثلاث ركعات الوتر.
قال الحافظ
(3)
: والجمع بين هذه الروايات ممكن باختلاف الأحوال، ويحتمل أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها، فحيث تطول القراءة تقلل الركعات وبالعكس.
وبه جزم الداودي
(4)
وغيره، قال: والاختلاف فيما زاد على العشرين راجع إلى الاختلاف في الوتر، فكأنه تارة يوتر بواحدة وتارة بثلاث.
وقد روى محمد بن نصر
(5)
من طريق [داود]
(6)
بن قيس قال: أدركت الناس في إمارة أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز، يعني بالمدينة يقومون بست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث.
= شاذًا كما تقرر في "مصطلح الحديث".
وهذا الأثر من هذا القبيل، فإن مداره على السائب بن يزيد كما رأيت، وقد رواه عنه محمد بن يوسف وابن خصيفة، واختلفا عليه في العدد فالأول قال عنه (11) والآخر قال:(20).
والراجح قول الأول لأنه أوثق منه، فقد وصفه الحافظ ابن حجر بأنه:"ثقة ثبت" واقتصر في الثاني على قوله: "ثقة" فهذا التفاوت من المرجحات عند التعارض كما لا يخفى على الخبير بهذا العلم الشريف.
(الثاني): أن ابن خصيفة اضطرب في روايته العدد
…
(الثالث): أن محمد بن يوسف هو ابن أخت السائب بن يزيد فهو لقرابته للسائب أعرف بروايته من غيره وأحفظ، فما رواه من العدد أولى مما رواه مخالفه ابن خصيفة، ويؤيده أنه موافق لما روته عائشة في حديثها أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد على إحدى عشرة ركعة، وحمل فعل عمر رضي الله عنه على موافقة سنته صلى الله عليه وسلم خير وأولى من حمله على مخالفتها.
وهذا بين لا يخفى إن شاء الله تعالى.
(1)
في المخطوط (أ) و (ب) و (جـ): (حفصة) وهو خطأ وما أثبتناه من مصادر الحديث والميزان (4/ 430).
(2)
ذكره المروزي في "مختصر قيام الليل"(ص 221).
(3)
في الفتح (4/ 253).
(4)
ذكره الحافظ في الفتح (4/ 253).
(5)
في مختصر قيام الليل (ص 221).
(6)
زيادة من "مختصر قيام الليل"(ص 221). ولا يوجد في (أ) و (ب) و (جـ).
وقال مالك
(1)
: الأمر عندنا بتسع وثلاثين وبمكة بثلاث وعشرين، وليس في شيء من ذلك ضيق.
قال الترمذي
(2)
: أكثر ما قيل: إنه يصلي إحدى وأربعين ركعة بركعة الوتر.
ونقل ابن عبد البر
(3)
عن الأسود بن يزيد: أربعين يوتر بسبع.
وقيل: ثمان وثلاثين، ذكره محمد بن نصر
(4)
عن ابن يونس عن مالك.
قال الحافظ
(5)
: وهذا يمكن رده إلى الأول بانضمام ثلاث الوتر، ولكن صرح في روايته بأنه يوتر بواحدة فتكون أربعين إلا واحدة.
قال مالك
(6)
: وعلى هذا العمل منذ بضع ومائة سنة.
وروي عن مالك
(7)
: ست وأربعون وثلاث الوتر.
قال في الفتح
(8)
: وهذا المشهور عنه، وقد رواه ابن وهب
(9)
عن العمري عن نافع قال: لم أدرك الناس إلا وهم يصلون تسعًا وثلاثين ويوترون منها بثلاث.
وعن زرارة بن أوفى أنه كان يصلي بهم بالبصرة أربعًا وثلاثين ويوتر.
وعن سعيد بن جبير أربعًا وعشرين، وقيل: ست عشرة غير الوتر، هذا حاصل ما ذكره في الفتح
(10)
من الاختلاف في ذلك.
وأما العدد الثابت عنه صلى الله عليه وسلم في صلاته في رمضان، فأخرج البخاري
(11)
وغيره عن عائشة أنها قالت: "ما كان صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة".
(1)
في الاستذكار (5/ 157).
(2)
في السنن (3/ 170).
(3)
في الاستذكار (5/ 157 رقم 6291).
(4)
انظر: مختصر قيام الليل (ص 222).
(5)
في "الفتح"(4/ 253).
(6)
انظر: "المنتقى" للباجي (1/ 207 - 208).
(7)
المرجع السابق (1/ 208).
(8)
في الفتح (4/ 254).
(9)
انظر: مختصر قيام الليل (ص 221).
(10)
الفتح (4/ 253 - 254).
(11)
في صحيحه رقم (2013).
وأخرج ابن حبان في صحيحه
(1)
من حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم "صلى بهم ثمان ركعات ثم أوتر".
وأخرج البيهقي
(2)
عن ابن عباس: " [أنه]
(3)
كان يصلي في شهر رمضان في غير جماعة عشرين ركعة والوتر"، زاد سليم الرازي في كتاب الترغيب له: "ويوتر بثلاث".
قال البيهقي
(4)
: تفرد به أبو شيبة إبراهيم بن عثمان وهو ضعيف.
وأما مقدار القراءة في كل ركعة فلم يرد به دليل.
والحاصل أن الذي دلت عليه أحاديث الباب وما يشابهها هو مشروعية القيام في رمضان والصلاة فيه جماعة وفرادى، فقصر الصلاة المسمَّاة بالتراويح على عدد معين، وتخصيصها بقراءة مخصوصة لم [يرد]
(5)
به سنة
(6)
.
[الباب الثاني عشر] باب ما جاء في الصلاة بين العِشَائَيْن
56/ 947 - (عَنْ قَتَادَةَ [رضي الله عنه]
(7)
عَنْ أَنَسٍ في قَوْلِهِ تَعالَى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}
(8)
قال: كانُوا يُصَلُّونَ فِيمَا
(9)
بَيْنَ المغربِ
(1)
رقم (2550) بسند ضعيف.
وهو في مسند أبي يعلى رقم (1801).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 74) وقال: "رواه أبو يعلى والطبراني بنحوه في الأوسط وإسناده حسن" اهـ.
(2)
في السنن الكبرى (2/ 496): بسند ضعيف.
(3)
زيادة من المخطوط (ب).
(4)
في السنن الكبرى (2/ 496).
(5)
في (جـ): (ترد).
(6)
انظر زيادة في العلم والمعرفة: رسالة المحدث الألباني رحمه الله "صلاة التراويح"، ورسالة السيوطي رحمه الله "المصابيح في صلاة التراويح" بتحقيق الأخ علي حسن علي عبد الحميد.
(7)
زيادة من (جـ).
(8)
سورة الذاريات: الآية (17).
(9)
في المخطوط (أ) و (ب) و (جـ) هنا كلمة (بينهما) ولا توجد في سنن أبي داود.
والْعِشَاءِ، وكذلِكَ:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}
(1)
. رَوَاهُ أَبُو دَاود)
(2)
. [صحيح]
57/ 948 - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ [رضي الله تعالى عنه]
(3)
قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ؛ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَامَ يُصَلِّي، فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي حَتى صَلى العِشَاءَ ثُمّ خَرَجَ. رَواهُ أحمَدُ
(4)
والتِّرْمِذِيُّ
(5)
. [صحيح]
أما قول أنس فرواه أيضًا ابن مردويه في تفسيره
(6)
من رواية الحارث بن وجيه قال: سمعت مالك بن دينار قال: سألت أنس بن مالك عن قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}
(7)
فقال: كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
سورة السجدة: الآية (16).
(2)
في سننه رقم (1322).
قلت: وأخرجه الحاكم (2/ 467) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 19) من طريق قتادة به.
قال الحاكم: إسناده صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ووافقهما الألباني رحمه الله في الإرواء (2/ 222) وقال: وقد تابعه يحيى بن سعيد وهو الأنصاري القاضي عن أنس بلفظ: "إن هذه الآية {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] نزلت في انتظار هذه الصلاة التي تدعى العتمة".
أخرجه الترمذي رقم (3196) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه.
وقال الألباني رحمه الله: "وإسناده صحيح، ورجاله رجال البخاري غير شيخ الترمذي عبد الله بن أبي زياد وهو ثقة.
وأما قوله: "لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، فقد عرفه أبو داود ومن ذكرنا معه من الوجه الأول".
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في المسند (5/ 404).
(5)
في سننه رقم (604) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة (12/ 96) وابن خزيمة رقم (1194) وابن حبان رقم (6960) والحاكم (1/ 312 - 313) وهو حديث صحيح.
وانظر: إرواء الغليل (2/ 222 - 223 رقم 470).
(6)
كما في "الدر المنثور"(6/ 545) وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(11/ ج 21/ 100) بسند ضعيف.
(7)
سورة السجدة: الآية (16).
يصلون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء الآخرة فأنزل الله [تعالى]
(1)
فيهم: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}
(2)
، والحارث بن وجيه ضعيف
(3)
.
ورواه أيضًا
(4)
من رواية أبان بن أبي عياش عن أنس نحوه وأبان
(5)
ضعيف أيضًا.
ورواه أيضًا من رواية الحسن بن أبي جعفر عن مالك بن دينار عنه.
ورواه
(6)
أيضًا من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس في هذه الآية قال: يصلون ما بين المغرب والعشاء.
قال العراقي: وإسناده جيد.
ورواه أيضًا من رواية خالد بن عمران الخزاعي عن ثابت عن أنس.
وأخرج نحوه أيضًا من رواية [زيد]
(7)
بن أسلم
(8)
عن أبيه
(9)
قال: قال
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
سورة السجدة: الآية (16).
(3)
قال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء.
وقال البيهقي: وأنكره غيره أيضًا من أهل العلم بالحديث: البخاري، وأبو داود السجستاني وغيرهما.
انظر: الجرح والتعديل (3/ 92) والكامل (2/ 611) والمجروحين (1/ 219) والميزان (1/ 445) والتقريب (1/ 145) والسنن الكبرى للبيهقي (1/ 179).
(4)
تقدم بالحاشية رقم (7) في الصفحة السابقة.
(5)
أبان بن أبي عياش أبو عباس فيروز، وقيل: دينار. تابعي صغير، وهو أحد الضعفاء.
قال أحمد: هو متروك الحديث، وقال يحيى: متروك، وقال مرة: ضعيف.
انظر: التاريخ الكبير (1/ 454) والمجروحين (1/ 96) والجرح والتعديل (2/ 295) والميزان (1/ 10) والتقريب (1/ 31) والخلاصة (ص 15).
(6)
أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(11/ ج 21/ 100) بسند جيد.
(7)
في المخطوط (ب)(يزيد) والصواب من (أ) ومصادر الترجمة.
(8)
زيد بن أسلم العدوي، مولى عمر، أبو عبد الله وأبو أسامة المدني: ثقة عالم، وكان يرسل. من الثالثة. مات سنة (136 هـ)(ع).
التقريب رقم (2117).
(9)
أسلم العدوي، مولى عمر، ثقة، مخضرم، مات سنة ثمانين، وقيل: بعد سنة ستين. وهو ابن أربع عشرة ومئة سنة (ع).
بلال لمّا نزلت هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}
(1)
: كنا نجلس في المجلس وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون بعد المغرب إلى العشاء فنزلت.
وأخرج محمد بن نصر
(2)
عن أنس في قوله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ}
(3)
قال: ما بين المغرب والعشاء.
قال: "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ما بين المغرب والعشاء".
وفي إسناده منصور بن شقير
(4)
كتب عنه أحمد بن حنبل.
وقال فيه أبو حاتم
(5)
: ليس بقوي وفي حديثه اضطراب.
وقال العقيلي
(6)
: في حديثه بعض الوهم.
وفي إسناده أيضًا عمارة بن زاذان
(7)
، وثقه الجمهور وضعفه الدارقطني.
وقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف
(8)
عن حميد بن عبد الرحمن عن عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس: "أنه كان يصلي ما بين المغرب والعشاء ويقول: هي ناشئة الليل"، هكذا جعله موقوفًا.
وهكذا رواه القاضي أبو الوليد يونس بن عبد الله بن مغيث في كتاب الصلاة من رواية حماد بن سلمة عن عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس: "أنه كان يحيي ما بين المغرب والعشاء ويقول: هي ناشئة الليل".
وممن قال بذلك من التابعين أبو حازم ومحمد بن المنكدر وسعيد بن جبير
(1)
سورة السجدة: الآية (16).
(2)
لم أقف عليه.
(3)
سورة المزمل: الآية (6).
(4)
في ميزان الاعتدال للذهبي (4/ 185) رقم (8780): منصور بن صُقير. ويقال ابن سُقَير الحراني. والمثبت من (أ) و (ب).
(5)
في "الجرح والتعديل"(8/ 172 رقم 761).
(6)
في الضعفاء الكبير (4/ 192) رقم (1770) وفيه اسم الرجل: منصور بن سُقَير الجزري الحراني.
(7)
تهذيب التهذيب (3/ 210).
(8)
في المصنف (2/ 197).
قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 19 - 20).
وزين العابدين، ذكره العراقي في شرح الترمذي
(1)
.
وروى محمد بن نصر عن أنس، قال العراقي: بإسناد صحيح، إن قوله تعالى:{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}
(2)
نزلت فيمن كان يصلي ما بين [العشاء والمغرب]
(3)
.
وأخرج محمد بن نصر عن سفيان الثوري أنه سئل عن قوله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}
(4)
فقال: بلغني أنهم كانوا يصلون ما بين العشاء والمغرب.
وقد روي عن محمد بن المنكدر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنها صلاة الأوَّابين"
(5)
.
وهذا وإن كان مرسلًا لا يعارضه ما في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال"
(6)
، فإنه لا مانع أن يكون كل من الصلاتين صلاة الأوَّابين.
وأما حديث حذيفة المذكور في الباب، فأخرجه الترمذي
(7)
في باب مناقب الحسن والحسين من آخر كتابه مطولًا وقال: حسن غريب.
وأخرجه أيضًا النسائي
(8)
مختصرًا.
وأخرج أيضًا ابن أبي شيبة
(9)
عنه نحوه.
(1)
لم يطبع بعد فيما أعلم.
(2)
سورة الذاريات: الآية (17).
(3)
في المخطوط (ب): (المغرب والعشاء).
(4)
سورة آل عمران: الآية (113).
(5)
أخرجه ابن نصر عن محمد بن المنكدر مرسلًا كما في كنز العمال (ج 7 رقم 19429).
(6)
أخرجه أحمد (4/ 366) ومسلم رقم (144/ 748) من حديث زيد بن أرقم وسيأتي برقم (961) من كتابنا هذا.
(7)
في سننه رقم (3781) وقال: هذا حديث حسن غريب.
وهو حديث صحيح.
(8)
في السنن الكبرى رقم (8169).
(9)
في المصنف (12/ 96 رقم 12225).
وفي الباب عن ابن عباس عند أبي الشيخ ابن حيَّان
(1)
في كتاب "الثواب وفضائل الأعمال"
(2)
.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحيا ما بين الظهر والعصر وما بين المغرب والعشاء غفر له وشفع له ملكان"
(3)
.
وفي إسناده حفص بن عمر القزاز
(4)
، قال العراقي: مجهول.
ولابن عباس [من]
(5)
حديث آخر، رواه الديلمي في مسند الفردوس
(6)
بلفظ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى أربع ركعات بعد المغرب قبل أن يتكلم رفعت له في علِّيين وكان كمن أدرك ليلة القدر في المسجد الأقصى، وهي خير من قيام نصف ليلة".
قال العراقي: وفي إسناده جهالة ونكارة.
وهو أيضًا من رواية عبد الله بن أبي سعيد، فإن كان الذي يروي عن الحسن ويروي عنه يزيد بن هارون قد جهله أبو حاتم
(7)
وذكره ابن حبان في الثقات
(8)
، وإن كان [أبا سعيد]
(9)
المقبري فهو ضعيف.
وعن ابن عمر عند محمد بن نصر في كتاب قيام الليل
(10)
بلفظ: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلى ستَّ ركعاتٍ بعد المغرب قبلَ أن يتكلم غُفِرَ له بها خمسين سنةً".
(1)
تنبيه: في معظم طبعات "نيل الأوطار" عند أبي الشيخ ابن حبان، وفي طبعة أخرى (عند أبي الشيخ وابن حبان) وهو مخالف للمخطوط (أ) و (ب) وللواقع. والصواب ما أثبتناه. من (أ) و (ب) و (جـ).
(2)
واسمه: ثواب الأعمال الزَّكية. وهو في خمس مجلدات.
ومؤلفه: أبو الشيخ، (أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيَّان. ت 369 هـ).
وعرض أبو الشيخ كتابه هذا على الطبراني، فاستحسنه، وكان يقول:"ما عملتُ فيه حديثًا إلا بعد أن استعملته" راجع: "السير"(1/ 2786) معجم المصنفات (ص 150 رقم 372).
(3)
ذكره صاحب كنز العمال (ج 7 رقم 19405) وعزاه للحاكم في تاريخه، ولأبي الشيخ ولأبي نعيم عن ابن عباس.
(4)
الميزان (1/ 564 رقم 2140) مجهول.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
عزاه إليه صاحب الكنز (ج 7 رقم 19455).
(7)
في الجرح والتعديل (9/ 295).
(8)
في الثقات (7/ 632).
(9)
في (جـ): (ابن أبي سعيد). وهو المقصود بالضعف.
(10)
عزاه إليه صاحب كنز العمال (ج 7 رقم 19430).
وفي إسناده محمد بن غزوان الدمشقي
(1)
، قال أبو زرعة: منكر الحديث وقال ابن حبان
(2)
: لا يحل الاحتجاج به.
وله حديث آخر عند الديلمي في مسند الفردوس
(3)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى أربع ركعات بعد المغرب كان [كالمعقب]
(4)
غزوة بعد غزوة في سبيل الله".
وفي إسناده موسى بن عبيدة الربذي
(5)
وهو ضعيف جدًّا.
قال العراقي: والمعروف أنه من قول ابن عمر غير مرفوع، هكذا رواه ابن أبي شيبة في المصنف
(6)
.
وعن ابن مسعود عند محمد بن نصر
(7)
، قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بين المغرب والعشاء أربع ركعات".
وهو منقطع لأنه من رواية معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن جده ولم يدركه.
وعن عبيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم عند أحمد
(8)
والطبراني
(9)
"أنه سئل أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصلاة بعد المكتوبة أو سوى المكتوبة؟ قال: نعم بين المغرب والعشاء".
وعن عمار بن ياسر عند الطبراني في معاجمه الثلاثة
(10)
وابن منده في
(1)
انظر: لسان الميزان (6/ 448).
(2)
في المجروحين (2/ 299).
(3)
عزاه صاحب كنز العمال لأبي الشيخ (ج 7 رقم 19451).
(4)
في المخطوط (ب)(المعتب).
(5)
تهذيب التهذيب (4/ 181 - 182).
(6)
(2/ 198) موقوفًا.
(7)
لم أقف عليه.
(8)
في المسند (5/ 431).
(9)
في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 229).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 229) وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير ومدار هذه الطرق كلها على رجل لم يسم، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح" اهـ.
وهو حديث ضعيف.
(10)
في الأوسط رقم (7245) وفي الصغير (2/ 48).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 230) وقال: "رواه الطبراني في الثلاثة، وقال: تفرد به صالح بن قطن التجاري. قلت: ولم أجد من ترجمه". =
معرفة الصحابة
(1)
: "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد المغرب ست ركعات، وقال: من صلى بعد المغرب ست ركعات غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر".
قال الطبراني
(2)
: تفرد به صالح بن قطن.
وقال ابن الجوزي
(3)
: إن في هذه الطريق مجاهيل.
وعن أبي هريرة عند الترمذي
(4)
وابن ماجه
(5)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهنّ عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة".
وفي إسناده عمر بن عبد الله بن أبي خثعم وهو ضعيف جدًّا
(6)
.
وعن عائشة عند الترمذي
(7)
عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من صلى بعد المغرب عشرين ركعة بنى الله له بيتًا في الجنة".
والآيات والأحاديث المذكورة في الباب تدل على مشروعية الاستكثار من الصلاة ما بين المغرب والعشاء.
= قلت: ترجمه ابن حجر في لسان الميزان (3/ 547 رقم 4215) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
(1)
عزاه إليه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (3/ 547) وقال: غريب، تفرد به صالح.
(2)
في الأوسط رقم (7245).
(3)
في "العلل المتناهية"(1/ 456) رقم (776) وفي إسناده مجاهيل.
(4)
في سننه رقم (435) وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث زيد بن الحباب، عن عمر بن أبي خثعم، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: عمر بن عبد الله بن أبي خثعم منكر الحديث وضعفه جدًّا".
(5)
في سننه رقم (1167).
وهو حديث ضعيف جدًّا.
(6)
تهذيب التهذيب (3/ 236).
(7)
علقه الترمذي في جامعه (2/ 299).
وأخرجه ابن ماجه في سننه رقم (1373).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 442): "هذا إسناد ضعيف.
يعقوب بن الوليد قال فيه الإمام أحمد: من الكذابين الكبار وكان يضع الحديث.
وقال الحاكم: يروي عن هشام بن عروة المناكير.
قلت: واتفقوا على ضعفه" اهـ.
وخلاصة القول: أن حديث عائشة حديث موضوع.
والأحاديث وإن كان أكثرها ضعيفًا فهي منتهضة بمجموعها لا سيما في فضائل الأعمال
(1)
.
قال العراقي: وممن كان يصلي ما بين المغرب والعشاء من الصحابة: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمرو، وسلمان الفارسى، وابن عمر، وأنس بن مالك، في ناس من الأنصار.
ومن التابعين الأسود بن يزيد، وأبو عثمان النهدي، وابن أبي مليكة، وسعيد بن جبير، ومحمد بن المنكدر، وأبو حاتم، وعبد الله بن سخبرة، وعلي بن الحسين، وأبو عبد الرحمن الحبلي، وشريح القاضي، وعبد الله بن مغفل، وغيرهم.
ومن الأئمة سفيان الثوري.
[الباب الثالث عشر] باب ما جاء في قيام الليل
58/ 949 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رضي الله تعالى عنه]
(2)
قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ"، قالَ: فأيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ رَمَضَانَ؟ قَالَ: "شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ". رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخاريَّ
(3)
.
وَلابْنِ مَاجَهْ
(4)
مِنْهُ فَضْلُ الصّوْمِ فَقَطْ). [صحيح]
وفي الباب عن بلال عند الترمذي
(5)
في كتاب الدعوات من سننه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم".
(1)
قال المحدث الألباني رحمه الله في "الضعيفة"(1/ 680): "واعلم أن كل ما جاء من الأحاديث في الحض على ركعات معينة بين المغرب والعشاء لا يصح. وبعضه أشد ضعفًا من بعض، وإنما صحت الصلاة في هذا الوقت من فعله صلى الله عليه وسلم دون تعيين عدد.
وأما من قوله صلى الله عليه وسلم فكل ما رُوي عنه واه لا يجوز العمل به" اهـ.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد (2/ 342) ومسلم رقم (203/ 1163) وأبو داود رقم (2429) والترمذي رقم (438) والنسائي (3/ 207 - 208 رقم 1613) وابن ماجه رقم (1742).
(4)
رقم (1742) وقد تقدم.
(5)
في سننه رقم (3549) وقال: "هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث بلال إلا من هذا الوجه، من قبل إسناده. =
وعن أبي أمامة عند ابن عدي في الكامل
(1)
والطبراني في الكبير
(2)
والأوسط
(3)
والبيهقي
(4)
مثل حديث بلال، وفي إسناده عبد الله بن صالح كاتب الليث وهو مختلف فيه
(5)
.
ولأبي أمامة حديث آخر عند محمد بن نصر والطبراني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث وفيه: "والصلاة بالليل والناس نيام".
وفي إسناده ليث بن أبي سليم وهو مختلف فيه
(6)
.
وعن جابر عند ابن ماجه
(7)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار".
= قال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: محمد القرشي هو محمد بن سعيد الشامى وهو ابن أبي قيس وهو محمد بن حسان وقد تُرِك حديثه" اهـ.
وهو حديث حسن.
(1)
في الكامل (4/ 207).
(2)
في المعجم الكبير (ج 8 رقم 7466).
(3)
في المعجم الأوسط رقم (3253).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 251) وقال: وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، قال عبد الملك بن شعيب بن الليث ثقة مأمون، وضعفه جماعة من الأئمة".
(4)
في السنن الكبرى (2/ 502).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 308) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وتعقبهما الألباني في الإرواء.
وهو حديث حسن بلفظ: "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم".
انظر: الإرواء رقم (452).
(5)
عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني المصري، كاتب الليث بن سعد على أمواله. وهو صاحب حديث وعلم، مكثر وله مناكير. قال أبو زرعة: لم يكن عندي ممن يتعمد الكذب وكان حسن الحديث. وقال ابن المديني: لا أروي عنه شيئًا.
انظر: التاريخ الكبير (5/ 121) والمجروحين (2/ 40) والجرح والتعديل (5/ 86) والميزان (2/ 440) والتقريب (1/ 423) ولسان الميزان (7/ 264) والخلاصة (ص 201) والكاشف (2/ 86).
(6)
ليث بن أبي سليم ضعيف. قاله النسائي ويحيى. وقال ابن معين: لا بأس به.
وقال الدارقطني: كان صاحب سنة.
انظر: الكبير (7/ 246) والمجروحين (2/ 231) والجرح والتعديل (7/ 177) والميزان (3/ 420) والتقريب (2/ 138) والخلاصة (ص 323).
(7)
في سننه رقم (1333). =
قال العراقي: وهذا حديث شبه الموضوع اشتبه على ثابت بن موسى وإنما قاله شريك القاضي لثابت عقب إسناد ذكره فظنه ثابت حديثًا.
ولجابر حديث آخر رواه الطبراني في الأوسط
(1)
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَدَعُنَّ صلاةَ الليلِ ولو حَلْبَ شاةٍ"، قال الطبراني
(2)
: تفرد به بقية.
ولجابر أيضًا حديث آخر عند ابن حبان في صحيحه
(3)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر حديثًا، وفيه:"وإنْ هو توضَّأ ثم قامَ إلى الصلاةِ أصبحَ نشيطًا قدْ أصابَ خَيْرًا، وقد انحلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّها".
وعن سلمان الفارسي عند ابن عدي في الكامل
(4)
والطبراني
(5)
بلفظ حديث بلال المتقدم.
= قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 433): "هذا حديث ضعيف. ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" من عدة طرق وضعفها كلها. وقال: هذا حديث باطل لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " اهـ
قلت: انظر طرق حديث جابر عند ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 410 - 413 رقم 984، 985، 986، 987، 988، 989).
وكذلك أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات رقم (990) من حديث أنس.
(1)
رقم (4114). وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 251) وقال: "وفيه بقية بن الوليد وفيه كلام كثير".
(2)
في المعجم الأوسط (4/ 251).
قلت: وبقية بن الوليد الكلاعي، أبو يحمد، ولد سنة (115 هـ): صدوق ولكنه كثير التدليس عن الضعفاء والمجهولين، قال أبو زرعة: بقية عَجَب إذا روى عن الثقات فهو ثقة. مات سنة (197 هـ).
انظر: التاريخ الكبير (1/ 1/ 150) والجرح والتعديل (1/ 1/ 434) والعقيلي (1/ 162) وابن عدي في الكامل (1/ 504) وطبقات المدلسين (ص 18).
(3)
رقم (2556) بسند صحيح.
(4)
في الكامل في ضعفاء الرجال (4/ 287).
(5)
في المعجم الكبير (ج 6 رقم 6154).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 251) وقال: وفيه عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون وثقه دحيم وابن حبان وابن عدي، وضعفه أبو داود وأبو حاتم" اهـ.
وهو حديث حسن لغيره.
وعن ابن عباس عند محمد بن نصر
(1)
والطبراني في الكبير
(2)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بقيام الليل ولو ركعة واحدة".
وفي إسناده حسين بن عبد الله
(3)
وهو ضعيف.
وله حديث آخر عند الترمذي في التفسير
(4)
مثل حديث أبي أمامة الثاني.
وعن عبد الله بن سلام عند الترمذي في الزهد
(5)
وصححه وابن ماجه
(6)
بنحو حديث أبي أمامة الثاني أيضًا.
وعن ابن عمر عند محمد بن نصر بنحو حديث أبي أمامة الثاني أيضًا.
وعن عبد الله بن عمرو عند محمد بن نصر بنحوه أيضًا.
وعن علي [عليه السلام]
(7)
عند الترمذي في البر
(8)
بنحوه أيضًا.
وعن أبي مالك الأشعري عند محمد بن نصر والطبراني
(9)
بنحوه أيضًا بإسناد جيد.
وعن معاذ عند الترمذي
(10)
في التفسير بنحو حديث ابن عباس.
(1)
عزاه إليه صاحب كنز العمال رقم (21408).
(2)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 11530).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 252) وقال: وفيه حسين بن عبد الله وهو ضعيف.
(3)
انظر ترجمته في: المجروحين (1/ 242) والجرح والتعديل (3/ 57) والميزان (1/ 537) والتقريب (1/ 176) والخلاصة (ص 83).
(4)
في سنن الترمذي رقم (3233) وهو حديث صحيح لغيره.
(5)
بل في (القيامة) كما في سنن الترمذي رقم (2485) وقال: هذا حديث صحيح.
(6)
في سننه رقم (1334).
وهو حديث صحيح. وانظر: الإرواء (3/ 239) والصحيحة رقم (569).
(7)
زيادة من (جـ).
(8)
بل في (صفة الجنة) كما في سنن الترمذي رقم (2527) وقال: هذا حديث غريب.
وهو حديث حسن.
(9)
في المعجم الكبير (ج 3 رقم 3467).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 254) وقال: رجاله ثقات.
(10)
في سننه رقم (3235) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
وعن ثوبان عند البزار
(1)
بنحو حديث أبي أمامة.
وعن ابن مسعود عند ابن حبان في صحيحه
(2)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عَجِبَ رَبُّنا من رَجُلينِ: رَجُلٍ ثارَ من وِطائِهِ ولحافهِ من بين حِبِّهِ وأهلِهِ إلى صلاته، فيقول الله تعالى: انظروا إلى عبدي ثار من وطائه وفراشه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبةً فيما عندي، وشفقةً مما عندي" الحديث.
ورواه أحمد
(3)
وأبو يعلى
(4)
والطبراني في الكبير
(5)
.
قال العراقي: وإسناده جيد.
وعن سهل بن سعد عند الطبراني في الأوسط
(6)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه:"واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل".
وعن أبي سعيد عند ابن ماجه
(7)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله [تعالى]
(8)
ليضحك إلى ثلاثة: للصف في الصلاة، وللرجل يصلي في جوف الليل، وللرجل يقاتل الكتيبة".
(1)
لم أقف عليه.
(2)
رقم (2557).
(3)
في المسند (1/ 416).
(4)
في المسند رقم (5361).
(5)
(ج 10 رقم 10383).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 255 - 256) وقال: رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن.
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (2536) وابن أبي عاصم في "السنة" رقم (569) والبيهقي (9/ 46) وصححه الحاكم (2/ 112).
وخلاصة القول أن الحديث حسن، والله أعلم.
(6)
في المعجم الأوسط رقم (4278).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 252 - 253) وقال: رواه الطبراني في الأوسط وفيه زافر بن سليمان وثقه أحمد وابن معين وأبو داود، وتكلم فيه ابن عدي وابن حبان بما لا يضر".
(7)
في سننه رقم (200).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 87): "هذا إسناد فيه مقال
…
".
قلت: وأخرجه أحمد في المسند (3/ 80) وابن أبي عاصم في السنة رقم (460) والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 221) والآجري في الشريعة (2/ 1055 رقم 635) ورقم (636).
وهو حديث ضعيف، وانظر: الضعيفة رقم (3453).
(8)
زيادة من (جـ).
وعن إياس بن معاوية المزني عند الطبراني في الكبير
(1)
مثل حديث جابر الثاني.
وهذه الأحاديث تدل على تأكُّدِ استحباب قيام الليل ومشروعية الاستكثار من الصلوات فيه.
وبها استدل من قال: إن الوتر أفضل من صلاة الصبح.
وقد قدمنا الخلاف في ذلك.
وحديث الباب أيضًا يدل على تفضيل الصيام في المحرم وأن صيامه أفضل من صيام بقية الأشهر، وهو مخصص لعموم ما عند البخاري
(2)
والترمذي وصححه
(3)
والنسائي
(4)
وأبو داود
(5)
من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيامٍ العملُ الصالح فيهن أحب إلى الله [تعالى]
(6)
من هذه الأيام العشر"، فقالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".
وهذا إذا كان كون الشيء أحب إلى الله [تعالى](6) يستلزم أنه أفضل من غيره، وإن كان لا يستلزم ذلك فلا حاجة إلى التخصيص لعدم التنافي.
59/ 950 - (وَعَنْ عَمْرو بْنِ عَبْسَةَ [رضي الله تعالى عنه] (6) أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أقْرَبُ ما بَكُونُ الرَّبُّ مِنَ الْعَبْدِ في جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِر، فإن استَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ بَذْكرُ الله [تعالى] (6) فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)
(7)
. [صحيح]
(1)
(ج 1 رقم 787).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 252) وقال: وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات.
(2)
في صحيحه رقم (969).
(3)
في سننه رقم (757).
(4)
لم يعزه المزي في "تحفة الأشراف"(4/ 445) رقم (5614) للنسائي.
(5)
في سننه رقم (2438).
قلت: وأخرجه أحمد (1/ 224) وابن ماجه رقم (1727).
وسيأتي الحديث برقم (1307) من كتابنا هذا.
وهو حديث صحيح.
(6)
زيادة من (جـ).
(7)
في سننه رقم (3579) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
[الحديث رجال إسناده رجال الصحيح، وأخرجه أيضًا أبو داود
(1)
والحاكم
(2)
]
(3)
.
وفي الباب عن أبي هريرة عند الجماعة كلهم
(4)
قال: قال صلى الله عليه وسلم: "ينزلُ الله [تعالى]
(5)
إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول: أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر".
وعن علي [رضي الله عنه]
(6)
عند أحمد
(7)
والدارقطني
(8)
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثًا وفيه: "فإنه إذا مضى ثلث الليل الأول هبط الله [تعالى] (5) إلى السماء الدنيا فلم يزل هنالك حتى يطلع الفجر، فيقول القائل: ألا سائل يعطى سؤله، ألا داع يجاب؟ ".
وعن أبي سعيد عند مسلم
(9)
والنسائي في اليوم والليلة
(10)
بنحو حديث أبي هريرة.
(1)
في سننه رقم (1277).
(2)
في المستدرك (1/ 309) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (1364) وابن خزيمة رقم (1147) بسند صحيح.
(3)
سقط من (جـ).
(4)
أخرجه أحمد (2/ 264 - 265) والبخاري رقم (1145) ومسلم رقم (169/ 758) وأبو داود رقم (4733) والترمذي رقم (446) وابن ماجه رقم (1366) والنسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (480) وابن أبي عاصم في السنة رقم (493) وابن خزيمة في التوحيد (1/ 299 - 300) والدارقطني في النزول (ص 106 - 107 وص 108 وص 120) وغيرهم من طرق.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
زيادة من المخطوط (ب) وفي (جـ): عليه السلام.
(7)
في المسند (1/ 120) بسند ضعيف.
(8)
في كتاب النزول (ص 89 - 90).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 221) وقال: رواه الطبراني في الأوسط وفيه ابن إسحاق وهو ثقة مدلس. وقد صرح بالتحديث وإسناده حسن".
وللحديث شواهد.
وخلاصة القول: إن حديث علي حديث حسن لغيره، والله أعلم.
(9)
في صحيحه رقم (172/ 758).
(10)
في السنن الكبرى (9/ 179 - 180 رقم 10242 ورقم 10243).
وهو حديث صحيح.
وعن جبير بن مطعم عند النسائي في اليوم والليلة
(1)
بنحو حديث أبي هريرة أيضًا.
وعن ابن مسعود عند أحمد
(2)
بنحوه.
وعن أبي الدرداء عند الطبراني
(3)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثًا وفيه: ثم يهبط آخر ساعة من الليل فيقول: "ألا مستغفر يستغفرني فأغفر له؟ ألا سائل يسألني فأعطيه؟ ألا داع يدعوني فأستجيب له؟ حتى يطلع الفجر".
قال الطبراني
(4)
: وهو حديث منكر.
وعن عثمان بن أبي العاص عند أحمد
(5)
والبزار
(6)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1)
في السنن الكبرى (9/ 181 - 182 رقم 10248).
قلت: وأخرجه أبو يعلى في المسند رقم (7408) و (7409) والدارمي رقم (1521) وابن خزيمة في التوحيد (1/ 315 رقم 39/ 197) وابن أبي عاصم في السنة رقم (507) من طرق.
وهو حديث صحيح.
(2)
في المسند (1/ 388).
قلت: وأخرجه أبو يعلى في المسند رقم (5319).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 153) وقال: رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح".
وهو حديث صحيح.
(3)
في المعجم الكبير، والأوسط - رقم (8635) - والبزار بنحوه كما في "مجمع الزوائد" (10/ 154 - 155) وقال الهيثمي: وفيه زياد بن محمد الأنصاري، وهو منكر الحديث.
قلت: وأخرجه الطبراني أيضًا في "الدعاء" رقم (135).
• وأورد العقيلي في "الضعفاء الكبير"(2/ 93) في ترجمة زياد بن محمد الأنصاري وقال: والحديث في نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا ثابت في أحاديث صحاح إلَّا أن زياد هذا جاء في حديثه بألفاظ لم يأت بها الناس، ولا يتابعه عليها منهم أحد".
والخلاصة أن حديث أبي الدرداء هذا حديث ضعيف، والله أعلم.
(4)
انظر: التعليقة السابقة.
(5)
في المسند (4/ 22).
(6)
في المسند رقم (3155 - كشف).
قلت: وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة رقم (508) والطبراني في المعجم الكبير رقم (8373) وفي الدعاء رقم (137) من طرق.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 153) وقال: رواه أحمد، والبزار بنحوه، إلا =
يُنَادِي مُنادٍ كل ليلة: هل من داعٍ فيستجابَ له؟ هل من سائلٍ فيعطَى؟ هل من مستغفرٍ فيغفرَ له؟ حتى يطلع الفجر".
وعن جابر عند الدارقطني
(1)
وأبي الشيخ
(2)
بنحو حديث أبي هريرة، وفي إسناده محمد بن إسماعيل الجعفري وهو منكر الحديث، قاله أبو حاتم
(3)
.
وعن عبادة بن الصامت عند الطبراني في الكبير
(4)
والأوسط
(5)
بنحو حديث أبي هريرة [أيضًا]
(6)
.
وعن عقبة بن عامر عند الدارقطني
(7)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مضى ثلث الليل - أو قال نصف الليل - ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا فيقول: لا أسأل عن عبادي أحدًا غيري".
= أنه قال: إن في الليل ساعة ينادي مناد. ورواه الطبراني بنحو لفظ أحمد، ورجالهما رجال الصحيح، غير علي بن زيد، وقد وثق وفيه ضعف".
وخلاصة القول: أن حديث عثمان بن أبي العاص حديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(1)
في كتاب النزول (ص 95 - 97) رقم (6) ورقم (7).
(2)
لم أعثر عليه.
(3)
في الجرح والتعديل (7/ 189 رقم 1072).
(4)
في المعجم الكبير كما في مجمع الزوائد (10/ 154).
(5)
في المعجم الأوسط رقم (6079).
وقال الهيثمي في "المجمع": "رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ويحيى بن إسحاق لم يسمع من عبادة، ولم يرو عنه غير موسى بن عقبة وبقية رجال الكبير رجال الصحيح" اهـ.
(6)
زيادة من المخطوط (أ).
(7)
في كتاب النزول (ص 140 - 141) رقم (65) وقال الدارقطني عقبه: "وروى هذا الحديث جماعة: منهم: هشام الدستوائي، وعبد الرحمن الأوزاعي، وأبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن رفاعة بن عرابة الجهني، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو المحفوظ" اهـ.
قلت: حديث رفاعة بن عرابة الجهني أخرجه الدارقطني أيضًا في "النزول"(ص 146 - 147) رقم (69).
وأخرجه أحمد في المسند (4/ 16) من طريق الأوزاعي قال: ثنا يحيى بن أبي كثير إلى قوله: إلا سلك به في الجنة، ثم قال: فذكر الحديث.
وهو حديث صحيح.
وعن عمرو بن عبسة حديث آخر غير المذكور في الباب عند الدارقطني
(1)
قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله جعلني الله فداك [علِّمني]
(2)
شيئًا تعلمه وأجهله، ينفعني ولا يضرك، ما ساعة أقرب من ساعة، فقال: يا عمرو لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، إن الرب عز وجل يتدلى من جوف الليل - زاد في رواية - فيغفر إلا ما كان من الشرك".
وله حديث آخر عند أحمد
(3)
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الليل مثنى مثنى، وجوف الليل الآخر أجوبه دعوة"، قلت: أوجبه، قال:"لا، أجوبه" يعني بذلك الإجابة.
وفي إسناده أبو بكر بن عبد الرحمن بن أبي مريم وهو ضعيف.
وعن أبي الخطاب عند أحمد
(4)
بنحو حديث أبي هريرة.
وهذه الأحاديث تدل على استحباب الصلاة والدعاء في ثلث الليل الآخر وأنه وقت الإجابة والمغفرة.
والنزول المذكور في الأحاديث قد طوَّل علماء الإِسلام الكلام في تأويله
(5)
، وأنكر الأحاديث الواردة به كثير من المعتزلة، والطريقة المستقيمة ما كان عليه التابعون [وتابعوهم]
(6)
كالزهري ومكحول والسفيانين
(7)
والليث وحماد بن سلمة
(1)
في كتاب النزول (ص 142 - 144) رقم (66) ورقم (67).
قلت: وأخرجه أحمد في المسند (4/ 385) وهو حديث صحيح لغيره.
(2)
زيادة يقتضيها السياق لأنها ساقطة من (أ) و (ب) و (جـ).
(3)
في المسند (4/ 387) بسند ضعيف.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 264) وقال: "رواه أحمد وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف
…
" اهـ.
وهو حديث صحيح لغيره.
(4)
لم أقف عليه؟ عند أحمد في المسند.
(5)
(منهم): من حمله على ظاهره وحقيقته، وهم المشبهة، تعالى الله عن قولهم.
(ومنهم): من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة وهم الخوارج والمعتزلة، وهو مكابرة.
(ومنهم): من أجراه على ما ورد مؤمنًا به على طريق الإجمال منزهًا الله تعالى عن الكيفية والتشبيه.
انظر تفصيل ذلك في: "الفتح"(3/ 30) وأصول السنة (ص 110) وعقيدة السلف أصحاب الحديث (ص 46).
والمعتزلة وأصولها الخمسة (ص 142 - 144).
(6)
زيادة من المخطوط (ب).
(7)
سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة.
وحماد بن زيد والأوزاعي وابن المبارك والأئمة الأربعة مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم فإنهم أمَرَّوها كما جاءت بلا كيفية ولا تعرض لتأويل
(1)
.
60/ 951 - (وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو [رضي الله تعالى عنه]
(2)
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إلَى الله صِيَامُ دَاوُدَ، وأَحَبَّ الصَّلَاةِ إلَى الله عز وجل صَلَاةُ دَاوُدَ، كانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا". رَوَاهُ الجَماعةُ
(3)
إلَّا التِّرْمِذِيُّ
(4)
فإِنَّهُ إِنَّمَا رَوَى [مِنْهُ]
(5)
فَضْلَ الصَّوْمِ فَقَطْ). [صحيح]
الحديث يدل على أن صوم يوم وإفطار يوم أحب إلى الله [تعالى]
(6)
من غيره وإن كان أكثر منه، وما كان أحب إلى الله جل جلاله فهو أفضل، والاشتغال به أولى.
وفي رواية لمسلم
(7)
: أن عبد الله بن عمرو قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم:"لا أفضل من ذلك".
وسيأتي ذكر الحكمة في ذلك في كتاب الصيام عند ذكر المصنف لهذا الحديث إن شاء الله [تعالى]
(8)
.
(1)
التأويل صرف للنصوص عن حقائقها إلى معانٍ لا تدل عليها، وهي طريقة محدثة على خلاف منهج السلف.
انظر كتاب: "ذم التأويل" لابن قدامة المقدسي.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(5/ 409): "والصواب أن جميع هذه التأويلات مبتدعة. لم يقل أحد من الصحابة شيئًا منها، ولا أحد من التابعين لهم بإحسان، وهي خلاف المعروف المتواتر عن أئمة السنة والحديث
…
".
ومذهب السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم هو إيراد أدلة الصفات على ظاهرها، من دون تحريف لها ولا تأويل متعسف لشيء منها.
ولا جبرٍ ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تنزيه بنفي حقيقة النزول.
انظر: "الرسالة في اعتقاد أهل السنة"(ص 4) ومجموع الفتاوى لابن تيمية (6/ 518).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد في المسند (2/ 160) والبخاري رقم (3420) ومسلم رقم (189/ 1159) وأبو داود رقم (2448) والنسائي (4/ 198 رقم 2344).
(4)
في سننه رقم (770) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(5)
سقط من (جـ).
(6)
زيادة من (جـ).
(7)
في صحيحه رقم (181/ 1159).
(8)
زيادة من المخطوط (ب).
ويدل على أفضلية قيام ثلث الليل بعد نوم نصفه، وتعقيب قيام ذلك الثلث بنوم السدس الآخر، ليكون ذلك كالفاصل ما بين صلاة التطوع والفريضة، ويحصل بسببه النشاط لتأدية صلاة الصبح؛ لأنه لو وصل القيام بصلاة الفجر لم يأمن أن يكون وقت القيام إليها ذاهب النشاط والخشوع لما به من التعب والفتور.
ويجمع بين هذا الحديث وحديث أبي هريرة المتقدم
(1)
بنحو ما سلف.
61/ 952 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها]
(2)
أَنَّهَا سُئِلَتْ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم باللَّيْلِ فَقَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّما أَسَرَّ، وَرُبَّمَا جَهَرَ. رَواهُ الخمْسَةُ وصحَّحَهُ الترْمِذِيُّ)
(3)
. [صحيح]
[الحديث رجاله رجال الصحيح]
(4)
.
وفي الباب عن أبي قتادة عند الترمذي
(5)
وأبي داود
(6)
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: "مررت بك وأنت تقرأ وأنت تخفض من صوتك، فقال: إني أسمعت من ناجيت، قال: ارفع قليلًا، وقال لعمر: مررت بك وأنت تقرأ وأنت ترفع صوتك، فقال: إني أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان، قال: اخفض قليلًا".
(1)
برقم (949) من كتابنا هذا.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد (6/ 149) وأبو داود رقم (1437) والترمذي (2924) وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه. والنسائي (3/ 224 رقم 1662) وابن ماجه رقم (1358).
وهو حديث صحيح.
(4)
سقط من (جـ).
(5)
في سننه رقم (447) وقال: هذا حديث غريب.
وإنما أسنده يحيى بن إسحاق عن حماد بن سلمة، وأكثر الناس إنما رووا هذا الحديث عن ثابت عن عبد الله بن رباح مرسلًا.
وقال أبو الأشبال في تحقيقه لسنن الترمذي: "هذا التعليل لا يؤثر في صحة الحديث فإن يحيى بن إسحاق ثقة صدوق كما قال أحمد. وقال ابن سعد: "كان ثقة حافظًا لحديثه".
ووصل الحديث زيادة يجب قبولها. والحديث رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري" اهـ.
(6)
في سننه رقم (1329).
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
وعن ابن عباس عند أبي داود
(1)
قال: كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم على قدر ما يسمعه من في الحجرة وهو في البيت.
وعن علي
(2)
نحو حديث أبي قتادة.
وعن عمار عند الطبراني
(3)
بنحو حديث أبي قتادة أيضًا.
وعن أبي هريرة عند أبي داود
(4)
بنحوه أيضًا.
وله حديث آخر عند أبي داود
(5)
، قال: كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل يرفع طورًا ويخفض طورًا.
وله حديث ثالث عند أحمد
(6)
والبزار
(7)
أن عبد الله بن حذافة قام يصلي فجهر بصلاته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا ابن حذافة لا تسمعني وسمّع ربك".
قال العراقي: وإسناده صحيح.
وعن أبي سعيد عند أبي داود
(8)
والنسائي
(9)
قال: "اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضًا، ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة أو قال: في الصلاة".
وعن ابن عمر عند أحمد
(10)
[والبزار
(11)
(1)
في سننه رقم (1327) بسند حسن.
(2)
أخرجه أحمد في المسند (1/ 109).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 266) وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات.
(3)
في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 266) وقال الهيثمي: وفيه أيوب بن جابر وثقه أحمد، وعمرو بن علي، وضعفه ابن المديني، وابن معين".
(4)
في سننه رقم (1330) وهو حديث حسن.
(5)
في سننه رقم (1328) وهو حديث حسن.
(6)
في المسند (2/ 326).
(7)
في المسند (رقم 727 - كشف).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 265): وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح".
(8)
في سننه رقم (1332).
(9)
في السنن الكبرى (7/ 288 - 289 رقم 8038).
وهو حديث صحيح.
(10)
في المسند (2/ 67).
(11)
في المسند رقم (726 - كشف).
والطبراني
(1)
]
(2)
بنحو حديث أبي سعيد.
وعن البياضي واسمه فروة بن عمرو عند أحمد
(3)
.
قال العراقي: بإسناد صحيح، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر بما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن".
وعن عقبة بن عامر عند أبي داود
(4)
والترمذي
(5)
والنسائي
(6)
قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة".
وعن أبي أمامة عند الطبراني في الكبير
(7)
بنحو حديث عقبة.
وفي إسناده إسحق بن مالك الحضرمي ضعفه الأزدي
(8)
.
(1)
في المعجم الكبير رقم (13572).
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (2237) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 488) من طرق.
وفي سنده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى سيء الحفظ ولكن تابعه معمر بن راشد عند أحمد (2/ 36).
وخلاصة القول أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(2)
في المخطوط (ب): (الطبراني والبزار).
(3)
في المسند (4/ 344).
قلت: وأخرجه النسائي في الكبرى (رقم 3346 و 8037) والبغوي في شرح السنة رقم (608) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 11 - 12) وفي الشعب رقم (2656).
وهو حديث صحيح.
(4)
في سننه رقم (1333).
(5)
في سننه رقم (2919) وقال: هذا حديث حسن غريب.
(6)
في السنن (5/ 80 رقم 2561).
وهو حديث صحيح.
(7)
في المعجم الكبير (ج 8 رقم 7742).
(8)
إسحاق بن مالك الحضرمي، شامي، من شيوخ بقية. قال الأزدي: ضعيف.
انظر: "لسان الميزان"(1/ 565 رقم 1171) والمغني في الضعفاء (1/ 73) والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/ 103).
ورواه الطبراني
(1)
من وجه آخر، وفيه بشر بن نمير وهو ضعيف جدًّا
(2)
.
وفي الباب أحاديث كثيرة، وفيها أن الجهر والإسرار جائزان في قراءة صلاة الليل، وأكثر الأحاديث المذكورة تدل على أن المستحب في القراءة في صلاة الليل التوسط بين الجهر والإسرار.
وحديث عقبة وما في معناه يدل على أن السر أفضل لما علم من أن إخفاء الصدقة أفضل من إظهارها
(3)
.
62/ 953 - (وَعَنْ عائِشَة [رضي الله تعالى عنها]
(4)
قالَتْ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افتَتَح صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. رَوَاهُ أحمَدُ
(5)
وَمُسْلِمٌ
(6)
. [صحيح]
63/ 954 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ [رضي الله تعالى عنه] (4) قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحْ صَلَاتهُ بِرَكعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ". رَوَاهُ أحمَدُ
(7)
ومُسلمٌ
(8)
وأبُو دَاودَ
(9)
. [صحيح]
الحديثان يدلان على مشروعية افتتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين لينشط بهما لما بعدهما
(10)
.
وقد تقدم الجمع بين روايات عائشة المختلفة في حكايتها لصلاته صلى الله عليه وسلم أنها ثلاث عشرة تارة، وأنها إحدى عشرة أخرى، بأنها ضمت هاتين الركعتين فقالت ثلاث عشرة، ولم تضمهما فقالت إحدى عشرة.
(1)
في المعجم الكبير (ج 8 رقم 7933).
(2)
قال يحيى بن معين والنسائي: ليس بثقة. وقال البخاري: منكر الحديث. انظر: تهذيب التهذيب (1/ 232 - 233).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 266) وقال: رواه الطبراني في الكبير من طريقين، في إحداهما بشر بن نمير وهو متروك. وفي الأخرى إسحاق بن مالك ضعفه الأزدي" اهـ.
(3)
المجموع شرح المهذب (3/ 357 - 358) والمغني (2/ 562 - 563).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في المسند (6/ 30).
(6)
في صحيحه رقم (197/ 767). وهو حديث صحيح.
(7)
في المسند (2/ 399).
(8)
في صحيحه رقم (198/ 768).
(9)
في سننه رقم (1323) وهو حديث صحيح.
(10)
انظر: "المغني"(2/ 560 - 561).
ولا منافاة بين هذين الحديثين وبين قولها في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم: صلى أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن
(1)
، لأن المراد: صلى أربعًا بعد هاتين الركعتين.
وقد استدل المصنف
(2)
بذلك على ترك نقض الوتر فقال: وعمومه حجة في ترك نقض الوتر، انتهى.
وقد قدمنا الكلام على هذا.
[الباب الرابع عشر] باب صلاة الضحى
64/ 955 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رضي الله تعالى عنه]
(3)
قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَي الضُّحَى، وأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(4)
.
وفي لَفْظٍ لأحمد
(5)
وَمُسْلِمٍ
(6)
: وَرَكْعَتَي الضُّحَى كُلَّ يَوْمٍ). [صحيح]
في الباب أحاديث.
(منها) ما سيذكره المصنف في هذا الباب.
(ومنها) غير ما ذكره عن أنس عند الترمذي
(7)
وابن ماجه
(8)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله [تعالى] (3) له قصرًا في الجنة".
وعن أبي الدرداء عند الترمذي
(9)
وحسنه مثل حديث نعيم بن همار الذي سيذكره المصنف.
(1)
أخرجه البخاري رقم (1147) ومسلم رقم (738).
(2)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 547).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
أحمد في المسند (2/ 258) والبخاري رقم (1981) ومسلم رقم (85/ 721).
(5)
في المسند (2/ 311).
(6)
لم أجده في مسلم بهذا اللفظ.
(7)
في سننه رقم (473). وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
(8)
في سننه رقم (1380).
وهو حديث ضعيف.
(9)
في سننه رقم (475) وقال: هذا حديث حسن غريب.
وهو حديث صحيح.
وعنه حديث آخر عند مسلم
(1)
بنحو حديث أبي هريرة المذكور.
وعن أبي هريرة حديث آخر عند الترمذي
(2)
وابن ماجه
(3)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حافظ على شفعة
(4)
الضحى غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر".
وعن أبي سعيد عند الترمذي
(5)
وحسنه قال: كان صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول: لا يدعها، ويدعها حتى نقول: لا يصليها.
وعن عائشة غير الحديث الذي سيذكره المصنف عنها عند مسلم
(6)
والنسائي
(7)
والترمذي في الشمائل
(8)
من رواية معاذة العدوية قالت: قلت لعائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: نعم أربعًا وَيزيد ما شاء الله.
وعن أبي أمامة عند الطبراني في الكبير
(9)
مثل حديث نعيم بن همار الذي سيذكره المصنف وفي إسناده القاسم بن عبد الرحمن
(10)
وثقه الجمهور وضعفه بعضهم.
(1)
في صحيحه رقم (86/ 722) وهو حديث صحيح.
(2)
في سننه رقم (476).
(3)
في سننه رقم (1382).
وهو حديث ضعيف.
(4)
في هامش المخطوط (أ) ما نصه: "بضم الشين مأخوذ من الشفع" تمت. اهـ.
(5)
في سننه رقم (477) وقال: هذا حديث حسن غريب.
وهو حديث ضعيف.
(6)
في صحيحه رقم (78/ 719).
(7)
في السنن الكبرى (1/ 265 رقم 481).
(8)
في الشمائل رقم (282).
وهو حديث صحيح.
(9)
في المعجم الكبير (ج 8 رقم 7746).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 236) وقال: وفيه سليمان بن سلمة الخبائزي وهو متروك". وهو حديث ضعيف.
(10)
القاسم بن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن، الدمشقي.
أطلق القول بتوثيقه عدة وضعفه غير واحد، قال الذهبي: صدوق.
وقال ابن حجر: صدوق يرسل كثيرًا. مات سنة (112 هـ).
انظر ترجمته في: التاريخ الكبير (4/ 1/ 159) والجرح والتعديل (3/ 2/ 113) والضعفاء للعقيلي (3/ 476) والميزان (3/ 373) والمجروحين (2/ 211).
وله حديث آخر عند الطبراني
(1)
بنحو حديث عائشة الذي سيذكره المصنف وفي إسناده ميمون بن زيد
(2)
، عن ليث بن أبي سليم
(3)
وكلاهما متكلم فيه.
وعن عتبة بن عَبْدٍ عند الطبراني
(4)
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى صلاة الصبح في جماعة ثم يثبت حتى يسبح سبحة الضحى كان له كأجر حاج ومعتمر تام له حجه وعمرته".
وفي إسناده الأحوص بن حكيم ضعفه الجمهور
(5)
ووثقه العجلي
(6)
.
وعن ابن أبي أوفى عند الطبراني في الكبير
(7)
أنه صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح ركعتين.
وعن ابن عباس عند الطبراني في الأوسط
(8)
بنحو حديث أبي ذر الذي سيذكره المصنف.
وعن جابر عند الطبراني في الأوسط
(9)
أيضًا أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ست ركعات.
(1)
في المعجم الكبير (ج 8 رقم 7790).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 239): وقال: وفيه ميمون بن زيد. قال الذهبي: لينه أبو حاتم وذكره ابن حبان في الثقات. وقال: يخطئ.
وبقية رجاله موثقون، إلا أن فيهم ليث بن أبي سليم وفيه كلام" اهـ.
(2)
انظر ترجمته في: "لسان الميزان"(7/ 151 - 152) والمغني (2/ 690) والجرح والتعديل (4/ 239).
(3)
انظر: "تهذيب التهذيب"(3/ 484).
(4)
في "مجمع الزوائد"(10/ 104 - 105) قال الهيثمي: "رواه الطبراني وفيه الأحوص بن حكيم وثقه العجلي وغيره، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات وفي بعضهم خلاف لا يضر" اهـ.
(5)
انظر: "تهذيب التهذيب"(1/ 99 - 105).
(6)
في معرفة الثقات (1/ 213 رقم 50) حيث قال: لا بأس به.
(7)
كما في مجمع الزوائد (2/ 238) وقال الهيثمي: رواه البزار والطبراني في الكبير ببعضه.
وفيه شعثًا ولم أجد من وثقها ولا جرحها" اهـ.
(8)
في المعجم الأوسط (ج 4 رقم 4449) وفي المعجم الصغير (1/ 229).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 237) وقال: رواه الطبراني في الصغير وفيه من لم أجد له ترجمة" اهـ.
(9)
في المعجم الأوسط (ج 4 رقم 4411). =
وعن حذيفة عند ابن أبي شيبة في المصنف
(1)
أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى ثمان ركعات طوّل فيهنّ.
وعن عائذ بن عمرو عند أحمد
(2)
والطبراني
(3)
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى.
وعن عبد الله بن عمر عند الطبراني في الكبير
(4)
مثل حديث نعيم بن همار الذي سيذكره المصنف.
وعن عبد الله بن عمرو بن العا ععند أحمد
(5)
والطبراني
(6)
قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فغنموا وأسرعوا الرجعة، فتحدث الناس بقرب مغزاهم وكثرة غنيمتهم وسرعة رجعتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكم على أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة، وأوشك رجعة؟. من توضأ ثم خرج إلى المسجد لسبحة الضحى فهو أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة".
وعن أبي موسى عند الطبراني في الأوسط
(7)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الضحى أربعًا وقبل الأولى أربعًا، بني له بيت في الجنة".
وعن عتبان بن مالك عند أحمد
(8)
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى في بيته.
= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 238) وقال:
…
من رواية محمد بن قيس عن جابر، وقد ذكره ابن حبان في الثقات" اهـ.
(1)
في المصنف (2/ 410).
(2)
في المسند (5/ 64) بسند ضعيف لإبهام الراوي عن عائذ بن عمرو.
(3)
في المعجم الكبير (ج 18 رقم 34).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 235) وقال: وفيه رجل لم يسم.
(4)
في المعجم الكبير كما في مجمع الزوائد (2/ 236) وقال الهيثمي: وفيه ليث بن أبي سليم وهو مدلس.
(5)
في المسند (2/ 175).
(6)
في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 235) وقال الهيثمي: وفيه ابن لهيعة وفيه كلام. ورجال الطبراني ثقات لأنه جعل بدل ابن لهيعة ابن وهب" اهـ.
والخلاصة: أن الحديث حسن لغيره، والله أعلم.
(7)
في الأوسط رقم (4753).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 238) وقال: "رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه جماعة لا يعرفون" اهـ.
(8)
في المسند (5/ 450) بسند صحيح.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 235) وقال: "ورجاله رجال الصحيح".
وقصة عتبان في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيته في الصحيح
(1)
، لكن ليس فيها ذكر سبحة الضحى.
وعن عقبة بن عامر عند أحمد
(2)
وأبي يعلى
(3)
بنحو حديث نعيم بن همار.
وعن علي [عليه السلام]
(4)
عند النسائي
(5)
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى.
قال العراقي: [وإسناده]
(6)
جيد.
وعن معاذ بن أنس عند أبي داود
(7)
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يسبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرًا غفر له خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر".
قال العراقي: وإسناده ضعيف.
وعن النواس بن سمعان عند الطبراني في الكبير
(8)
مثل حديث نعيم بن همار.
قال العراقي: وإسناده صحيح.
وعن أبي بكرة عند ابن عدي
(9)
: قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى فجاء الحسن وهو غلام فلما سجد ركب ظهره".
وفي إسناده عمرو بن عبيد وهو متروك
(10)
.
(1)
في صحيح البخاري رقم (424).
(2)
في المسند (4/ 153) بسند صحيح.
(3)
في المسند رقم (1757).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 235) وقال: ورجاله رجال ثقات.
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في السنن الكبرى (1/ 261 رقم 471).
قلت: وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه رقم (1232) وحسن الألباني إسناده.
(6)
سقط من (جـ).
(7)
في سننه رقم (1287) وهو حديث ضعيف.
(8)
في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 236) وقال: ورجاله ثقات.
(9)
في "الكامل"(5/ 110) بسند ضعيف جدًّا.
(10)
عمرو بن عُبيد بن باب بصري، متروك الحديث أبو عثمان.
انظر: المجروحين (2/ 69) والجرح والتعديل (6/ 246) والميزان (3/ 273) والتقريب (2/ 74) والمغني (2/ 486) والخلاصة (ص 291).
وعن أبي مرة الطائفي عند أحمد
(1)
مثل حديث نعيم بن همار.
وعن سعد بن أبي وقاص عند البزار
(2)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمكة يوم فتحها ثمان ركعات يطيل القراءة فيها والركوع".
قال السيوطي: وسنده ضعيف.
وعن قدامة وحنظلة الثقفيين عند ابن منده وابن شاهين قالا: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتفع النهار وذهب كل أحد وانقلب الناس خرج إلى المسجد فركع ركعتين أو [أربعًا]
(3)
ثم ينصرف".
وعن رجل من الصحابة عند ابن عدي (4): "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى".
وعن ابن عباس حديث آخر عند ابن أبي حاتم (4) أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت بالضحى ولم تؤمروا بها".
وعن الحسن بن علي عند البيهقي
(4)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الفجر ثم جلس في مصلَّاه يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى من الضحى ركعتين حرمه الله على النار أن تلحقه أو تطعمه".
وعن عبد الله بن جراد بن أبي جراد عند الديلمي
(5)
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المنافق لا يصلي الضحى ولا يقرأ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ".
وعن عمر بن الخطاب عند حميد بن زنجويه (4) بنحو حديث عبد الله بن عمرو بن العاص المتقدم.
(1)
في المسند كما في "مجمع الزوائد"(2/ 236) وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح.
ولم أجده في المسند المطبوع، والله أعلم.
(2)
في المسند (رقم 698 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 236) وقال: "رواه البزار وفيه عبد الله بن شبيب وهو ضعيف".
(3)
في المخطوط (ب): (أربع ركعات) وفي (جـ): (أربع).
(4)
لم أقف عليه.
(5)
في زهر الفردوس (4/ 95) كما في الفردوس بمأثور الخطاب رقم (6621) وأورده السيوطي في الجامع الصغير رقم (9236) ورمز لضعفه.
وحكم الألباني على الحديث بالضعف في ضعيف الجامع رقم (5846) وانظر: "الضعيفة" رقم (4682) فقد حكم عليه الألباني بالوضع.
وله حديث آخر عند ابن أبي شيبة
(1)
.
وعن أبي هريرة حديث آخر عند أبي يعلى
(2)
بسند رجاله ثقات بنحو حديث عبد الله بن عمرو بن العاص السابق.
وهذه الأحاديث المذكورة تدل على استحباب صلاة الضحى، وقد ذهب إلى ذلك طائفة من العلماء منهم الشافعية
(3)
والحنفية
(4)
. ومن أهل البيت
(5)
عليّ بن الحسين وإدريس بن عبد الله.
وقد جمع ابن القيم في الهدي
(6)
الأقوال فبلغت ستة.
(الأول): أنها سنة، واستدلوا بهذه الأحاديث التي قدمناها.
(الثاني): لا تشرع إلا لسبب واحتجوا بأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعلها إلا لسبب، فاتفق وقوعه وقت الضحى وتعددت الأسباب، فحديث أم هانئ في صلاته يوم الفتح، كان لسبب الفتح وأن سنة الفتح أن يصلي عنده ثمان ركعات، قال: وكان الأمراء يسمونها صلاة الفتح.
وصلاته عند القدوم من مغيبه كما في حديث عائشة
(7)
كان لسبب القدوم.
فإنه صلى الله عليه وسلم "كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين"
(8)
.
وصلاته في بيت عتبان بن مالك [كانت]
(9)
لسبب وهو تعليم عتبان
(10)
إلى
(1)
في المصنف (2/ 408).
(2)
نسبه الهيثمي في "المجمع"(2/ 235) لأبي يعلى وقال: ورجاله رجال الصحيح.
(3)
المجموع (2/ 529 - 530).
(4)
البناية شرح الهداية (2/ 619 - 620).
(5)
الروض النضير (2/ 237 - 238).
(6)
زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 340 - 345).
(7)
أخرج مسلم في صحيحه رقم (75/ 717)"عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضّحَى؟ قالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه".
(8)
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (74/ 716) وأبو داود رقم (2781) والنسائي رقم (731). وهو حديث صحيح.
(9)
في (جـ): (كان).
(10)
أخرجه أحمد (3/ 174 - 175) والبخاري رقم (425) ومسلم رقم (33/ 263) وسيأتي برقم (972) من كتابنا هذا.
أين يصلي في بيته لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
(1)
.
وأما أحاديث الترغيب فيها والوصية بها فلا [تدل]
(2)
على أنها سنة راتبة لكل أحد ولهذا خص بذلك أبا هريرة
(3)
وأبا ذر
(4)
، ولم يوص بذلك أكابر الصحابة.
(والقول الثالث): أنها لا تستحب أصلًا.
(والقول الرابع): يستحب فعلها تارة وتركها أخرى.
(والقول الخامس): تستحب صلاتها والمحافظة عليها في البيوت.
(والقول السادس): أنها بدعة.
روي ذلك عن ابن عمر وإليه ذهب الهادي والقاسم وأبو طالب
(5)
ولا
(1)
قال أبو بكر بن خزيمة في صحيحه (2/ 231 - 232) في الرد على المنكرين لشرعية صلاة الضحى:
"قال أبو بكر: خبر ابن عمر من الجنس الذي أعلمت في غير موضع من كتبنا أن المخبر والشاهد الذي يجب قبول خبره وشهادته من يخبر برؤية الشيء وسماعه وكونه، لا من ينفي الشيء، وإنما يقول العلماء: لم يفعل فلان كذا، ولم يكن كذا على المسامحة والمساهلة في الكلام وإنما يريدون أن فلانُا لم يفعل كذا علمي، وإن كذا لم يكن علمي، وابن عمر إنما أراد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي الضحى إلا أن يقدم من غيبة، أي لم أره صلَّى، ولم يخبرني ثقة أنه كان يصلي الضحى إلا أن يقدم من غيبة.
وهكذا خبر عائشة، رواه كهمس بن الحسن والجريري جميعًا عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: لا إلا أن يجيء من وقال أبو بكر ابن خزيمة أيضًا: فهذه اللفظة التي في خبر كهمس والجريري من الجنس الذي أعلمت أنها تكلمت بها على المسامحة والمساهلة.
وإنما معناها ما قالوا في خبر خالد الحذاء: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، والدليل على صحة ما تأوَّلت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلَّى صلاة الضحى في غير اليوم الذي كان يقدم فيه من الغيبة - سأذكر هذه الأخبار في موضعها من هذا الكتاب إن شاء الله - فالخبر الذي يجب قبوله ويحكم به هو خبر من أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى الضحى، لا خبر من قال إنه لم يصلِّ" اهـ.
(2)
في (جـ): يدل.
(3)
تقدم برقم (955) من كتابنا هذا.
(4)
أخرجه أحمد (5/ 173) والنسائي (4/ 217 - 218) وابن خزيمة رقم (1083) و (1221) و (2122) وهو حديث صحيح بشواهده.
(5)
البحر الزخار (1/ 34).
يخفاك أن الأحاديث الواردة بإثباتها قد بلغت مبلغًا لا يقصر البعض منه عن اقتضاء الاستحباب.
وقد جمع الحاكم الأحاديث في إثباتها في جزء مفرد
(1)
عن نحو عشرين نفسًا من الصحابة.
وكذلك السيوطي صنف جزءًا في الأحاديث الواردة في إثباتها.
وروى فيه عن جماعة من الصحابة أنهم كانوا يصلونها.
(منهم): أبو سعيد الخدري
(2)
، وقد روى ذلك عنه سعيد بن منصور وأحمد بن حنبل.
وعائشة
(3)
، وقد روى ذلك عنها سعيد بن منصور وابن أبي شيبة.
وأبو ذر
(4)
، وقد روى ذلك عنه ابن أبي شيبة.
(1)
"جزء مفرد في صلاة الضحى" الحاكم محمد بن عبد الله النيسابوري (ت 405 هـ).
جمع فيه الأحاديث الواردة في صلاة الضحى، وبلغ عدد رواة الحديث في إثباتها نحو العشرين نفسًا من الصحابة.
وذكره له الكتاني في "الرسالة المستطرفة"(ص 47).
معجم المصنفات (ص 170 رقم 459).
(2)
أخرج الحارث في مسنده (رقم 221 - البغية) عن أبي سعيد الخدري قال: ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى قط. قال عمر بن الحكم: فذكرت ذلك لسعد بن أبي وقاص، فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يترك العمل كراهية أن يراه الناس فيعمل به خاليًا، وإني لأصليها، سعد يقول ذلك" بسند ضعيف.
وذكره الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" رقم (659) وعزاه للحارث وقال: "محمد بن عمر: هو الواقدي، وقد خالفه غيره في هذا عن أبي سعيد رضي الله عنه".
ويشهد لهذا الحديث ما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1128) ومسلم في صحيحه رقم (77/ 718)"عن عائشة أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط. وإني لأسبحها وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدعُ العملَ، وهو يحب أن يعمل به، خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم".
(3)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 407)"عن القاسم بن محمد أن عائشة كانت تصلي الضحى صلاة طويلة" وهو أثر صحيح.
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 407) عن أبي الرباب أن أبا ذر صلى الضحى فأطال.
وعبد الله بن غالب، وقد روى ذلك عنه أبو نعيم.
وأخرج سعيد بن منصور
(1)
عن الحسن أنه سئل: هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلونها؟ فقال: نعم كان منهم من يصلي ركعتين، ومنهم من يصلي أربعًا، ومنهم من يمد إلى نصف النهار.
وأخرج سعيد بن منصور
(2)
أيضًا في سننه عن ابن عباس أنه قال: طلبت صلاة الضحى في القرآن فوجدتها ههنا {يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ}
(3)
.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف
(4)
والبيهقي في الإيمان من وجه آخر عن ابن عباس أنه قال: إن صلاة الضحى لفي القرآن وما يغوص عليها إلا غوّاص في قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}
(5)
.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب
(6)
عن عون العقيلي في قوله تعالى: {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا}
(7)
قال: الذين يصلون صلاة الضحى.
وأما احتجاج القائلين بأنها لا تشرع إلا لسبب بما سلف فالأحاديث التي ذكرها المصنف وذكرناها في هذا الباب ترده.
وكذلك ترد اعتذار من اعتذر عن أحاديث الوصية والترغيب بما تقدم من الاختصاص.
وترد أيضًا قول ابن القيم
(8)
: "إن عامة أحاديث الباب في أسانيدها مقال، وبعضها منقطع، وبعضها موضوع لا يحل الاحتجاج به"، فإن فيها الصحيح والحسن وما يقاربه كما عرفت.
قوله: (في حديث الباب وركعتي الضحى) قد اختلفت أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله في مقدار صلاة الضحى.
(1)
لم أقف عليه.
(2)
ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 151) ونسبه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني عن ابن عباس بنحوه.
(3)
سورة ص: الآية (18).
(4)
(2/ 407 - 408).
(5)
سورة النور: الآية (36).
(6)
(3/ 11 رقم 1969).
(7)
سورة الإسراء: الآية (25).
(8)
في "زاد المعاد"(1/ 346).
فأكثر ما ثبت من فعله ثمان ركعات
(1)
.
وأكثر ما ثبت من قوله اثنتي عشرة ركعة
(2)
.
وقد أخرج الطبراني
(3)
عن أبي الدرداء مرفوعًا: "من صلى الضحى لم يكتب من الغافلين، ومن صلى أربعًا كتب من القانتين، ومن صلى ستًا كفي ذلك اليوم، ومن صلى ثمانيًا كتب من العابدين، ومن صلى اثنتي عشرة بنى [تعالى]
(4)
له بيتًا في الجنة".
قال الحافظ
(5)
: وفي إسناده ضعف.
وله شاهد من حديث أبي ذر، رواه البزار
(6)
وفي إسناده ضعف أيضًا.
وحديث أنس المتقدم (2) فيه التصريح بأن الضحى اثنتا عشرة ركعة، وقد ضعفه النووي
(7)
.
قال الحافظ
(8)
: لكن إذا ضم حديث أبي ذر وأبي الدرداء إلى حديث أنس قوي وصلح للاحتجاج [به]
(9)
.
وقال أيضًا: إن حديث أنس ليس في إسناده من أطلق عليه الضعف، وبه يندفع تضعيف النووي له، ولكنه تابعه الحافظ في التلخيص
(10)
.
وقد ذهب قوم منهم أبو جعفر الطبري
(11)
وبه جزم الحليمي (11) والروياني
(1)
سيأتي برقم (69/ 960) من كتابنا هذا.
(2)
وهو حديث ضعيف تقدم من حديث أنس خلال شرح الحديث رقم (64/ 955) من كتابنا هذا.
(3)
في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 237)"وقال الهيثمي: وفيه موسى بن يعقوب الزمعي وثقه ابن معين وابن حبان، وضعفه ابن المديني وغيره، وبقية رجاله ثقات".
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في "التلخيص الحبير"(2/ 44).
(6)
في المسند (رقم 694 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 236 - 237) وقال: فيه حسين بن عطاء ضعفه أبو حاتم وغيره، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال: يخطئ ويدلس.
قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 48) بسند ضعيف أيضًا.
(7)
في "المجموع"(3/ 530).
(8)
في "الفتح"(3/ 54).
(9)
زيادة من المخطوط (ب).
(10)
(2/ 43 - 44).
(11)
ذكر ذلك الحافظ في "فتح الباري"(3/ 54).
من الشافعية
(1)
إلى أنه لا حد لأكثرها.
قال العراقي في شرح الترمذي
(2)
: لم أر عن أحد من الصحابة والتابعين أنه حصرها في اثنتي عشرة ركعة، وكذا قال السيوطي.
وقد اختلف في الأفضل؛ فقيل: ثمان، وقيل: أربع (2).
65/ 956 - (وَعَنْ أَبي ذَرٍّ [رضي الله تعالى عنه]
(3)
قالَ: قالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يُصْبحُ على كُلِّ سُلَامى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَة، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِي مِنْ ذلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى". رَواهُ أحمدُ
(4)
ومُسْلِمٌ
(5)
وأبُو دَاوُدَ
(6)
. [صحيح]
66/ 957 - (وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْد عَنْ أَبِيهِ [رضي الله تعالى عنهما] (3) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "فِي الإِنْسَانِ سِتُّونَ وَثلَاثُمائةِ مِفْصَلٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مِفْصَلٍ مِنْهَا صَدَقَةً"، قَالُوا: فَمَنِ الذِي يُطِيقُ ذلِكَ يا رَسُولَ الله؟ قالَ: "النُّخَامَةُ في المَسْجِدِ يَدْفِنُهَا أو الشَّيْءُ يُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ، فَإنْ لَمْ يَقْدِرْ فَرَكْعَتَا الضُّحى تُجْزِي عَنْكَ". رَوَاهُ أحْمَدُ
(7)
وأبُو دَاوُد
(8)
. [صحيح]
(1)
بل ذهب الروياني في كتابه، بحر المذهب في فروع مذهب الإمام الشافعي" (2/ 375 - 376) إلى أن أكثرها ثمان ركعات، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أقل ما كان يصليها أربع ركعات وأكثر ما كان يصليها ثمان ركعات" ا. هـ.
(2)
قلت: عدد ركعات الضحى كما ورد في السنة الصحيحة أو الحسنة: ركعتان، أربع ركعات، ست ركعات، ثمان ركعات.
وهذا من باب تنوع العبادات وليس من باب الاختلاف والاضطراب ولله الحمد والمنة.
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في المسند (5/ 167).
(5)
في صحيحه رقم (84/ 720).
(6)
في سننه رقم (1285).
وهو حديث صحيح.
(7)
في المسند (5/ 354، 359).
(8)
سننه رقم (5242).
وهو حديث صحيح. وانظر: الإرواء (2/ 212 - 213).
الحديث الأول أخرجه أيضًا النسائي
(1)
.
والحديث الثاني [أخرجه أبو داود
(2)
عن أحمد بن محمد المروزي وهو ثقة عن عليّ بن الحسين بن واقد، وهو من رجال مسلم عن أبيه، وهو أيضًا من رجال مسلم عن عبد الله بن بريدة فذكره.
وقد]
(3)
أخرجه أيضًا حميد بن زنجويه في "فضائل الأعمال"
(4)
ولم يعزه السيوطي
(5)
في جزء الضحى إلا إليه.
قوله: (سلامى) قال النووي
(6)
: بضم السين وتخفيف اللام، وأصله عظام الأصابع وسائر الكف ثم استعمل في عظام البدن ومفاصله.
ويدل على ذلك ما في صحيح مسلم
(7)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خُلِقَ الإِنسان على ستين وثلاثمائة مَفْصِل على كل مفصل صدقة".
وفي القاموس
(8)
: أنها عظام صغار طول أصبع وأقل في اليد والرجل انتهى.
وقيل: كل عظم مجوّف من صغار العظام
(9)
.
وقيل: ما بين كل مفصلين من عظام الأنامل
(10)
.
وقيل: العروق التي في الأصابع وهي ثلثمائة وستون أو أكثر
(11)
.
قوله: (ويجزي من ذلك ركعتان، إلخ).
(1)
في السنن الكبرى (8/ 204 - 205 رقم 8979).
قلت: وأخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم (227).
(2)
في سننه رقم (5242) وقد تقدم.
(3)
ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط (جـ).
(4)
فضائل الأعمال. لحميد بن زنجويه (ت 251 هـ).
ذكره له: حاجي خليفة في "كشف الظنون"(2/ 1274)، والكتاني في "الرسالة المستطرفة"(57).
كما في معجم المصنفات (ص 308 - 309 رقم 936).
(5)
وعزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 152) كذلك.
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 233).
(7)
رقم (54/ 1007) من حديث عائشة.
(8)
القاموس المحيط (ص 1449).
(9)
قاله ابن الأثير في "النهاية"(2/ 396).
(10)
ذكره صاحب اللسان (12/ 298).
(11)
انظر: "المصباح المنير"(ص 109).
قال النووي
(1)
: ضبطنا يجزي بفتح أوّله وضمه، فالضم من الإِجزاء، والفتح من جزى يجزي: أي كفى.
والحديثان يدلان على عظم فضل الضحى وكبر موقعها وتأكد مشروعيتها وأن ركعتيها تجزيان عن ثلاثمائة وستين صدقة، وما كان كذلك [فهو]
(2)
حقيق بالمواظبة والمداومة
(3)
.
ويدلان أيضًا على مشروعية الاستكثار من التسبيح والتحميد والتهليل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودفن النخامة، وتنحية ما يؤذي المار عن الطريق، وسائر أنواع الطاعات ليسقط بفعل ذلك ما على الإنسان من الصدقات اللازمة في كل يوم.
67/ 958 - (وَعَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ [رضي الله تعالى عنه]
(4)
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "قالَ رَبُّكُمْ عز وجل: بَا ابْنَ آدَمَ صلِّ لِي أَرْبَعَ رَكعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ". رَواهُ أحمدُ
(5)
وأبُو دَاوُدَ
(6)
. [صحيح]
وَهُوَ للتِّرْمِذِيِّ
(7)
مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وأَبِي الدَّرْدَاءِ). [صحيح]
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 233 - 234).
(2)
سقط من (جـ).
(3)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(22/ 284): "
…
بقي أن يقال: فهل الأفضل المداومة عليها؟ أو الأفضل ترك المداومة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. هذا مما تنازعوا فيه.
والأشبه أن يقال: من كان مداومًا على قيام الليل؛ أغناه عن المداومة على صلاة الضحى؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، ومن كان ينام عن قيام الليل، فصلاة الضحى بدل قيام الليل اهـ.
قلت: ظاهر النصوص تدل على استحباب المداومة على الإطلاق، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم؛ فهذا علة عدم مداومته عليه الصلاة والسلام، فتبقى النصوص على إطلاقها. وقد أشارت إلى شيء من هذا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. انظر:"جامع الأصول"(6/ 108 - 109).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
المسند (5/ 286 - 287) بسند رجاله ثقات، لكنه منقطع كما قال ابن عبد البر فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (4/ 238):"حديث مكحول عنه منقطع ولم يسمع منه، بينهما كثير بن مُرَّة".
(6)
في سننه رقم (1289) موصولًا من طريق مكحول، عن كثير، عن نعيم، وهو حديث صحيح.
(7)
في سننه رقم (475) وقال: هذا حديث حسن غريب.
وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي.
الحديث في إسناده اختلاف كثير.
قال المنذري
(1)
: وقد جمعت طرقه في جزء مفرد.
وقد اختلف أيضّا في اسم همَّار المذكور.
فقيل: هَبَّار بالباء الموحدة.
وقيل: هدار بالدال المهملة.
وقيل: همام بالميمين.
وقيل: خمار بالخاء المفتوحة المعجمة، وقيل: حمار بالحاء المهملة المكسورة والراء مهملة في همار وهبار وهدار وخمار وحمار
(2)
.
قوله: (وهو للترمذي من حديث أبي ذر وأبي الدرداء) هكذا في النسخ الصحيحة بدون إثبات الألف التي للتخيير بين أبي ذر وأبي الدرداء والصواب إثباتها.
لأن الترمذي إنما روى حديثًا واحدًا وتردد هل هو من رواية أبي ذر أو من رواية أبي الدرداء؟ ولم يرو لكل منهما حديثًا، ولا روى الحديث عنهما جميعًا.
ولفظ الحديث في الترمذي
(3)
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى: "إن الله تعالى قال: ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره".
قال أبو عيسى
(4)
: هذا حديث حسن غريب انتهى.
(1)
في "مختصر السنن"(2/ 85).
(2)
قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب"(4/ 238): "قلت: وصحح الترمذي، وابن أبي داود، وأبو القاسم البغوي، وأبو حاتم بن حبان، وأبو الحسن الدارقطني وغيرهم أن اسم أبيه "همَّار".
وقال الغلابيُّ: عن ابن معين: أهل الشام يقولون: نُعيم بن همَّار وهم أعلم به" اهـ.
وانظر ترجمته في: "الإصابة" رقم (8807)، وأسد الغابة رقم (5284) والاستيعاب رقم (2668) والثقات لابن حبان (3/ 413) والتاريخ الكبير (8/ 93 - 95) ومعجم الصحابة لابن قانع (3/ 151 رقم 1124).
(3)
في سننه رقم (475) وقد تقدم.
(4)
في سننه (2/ 340).
وفي إسناده إسماعيل بن عياش
(1)
، وقد صحح جماعة من الأئمة حديثه إذا كان عن الشاميين وهو هنا كذلك لأن بحير بن سعد شامي وإسماعيل رواه عنه.
وهذا الحديث قد روي عن جماعة من الصحابة قد قدمنا الإشارة إليهم في أول الباب.
واستدل به على مشروعية صلاة الضحى [و]
(2)
لكنه لا يتم إلا على تسليم أنه أُريد بالأربع المذكورة صلاة الضحى.
وقد قيل: يحتمل أن يراد بها فرض الصبح وركعتا الفجر لأنها هي التي في أول النهار حقيقة، ويكون معناه: كقوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الصبح فهو في ذمة الله [تعالى] (2) "
(3)
.
قال العراقي: وهذا ينبني على أن النهار هل هو من طلوع الفجر أو من طلوع الشمس؟
والمشهور الذي يدل عليه كلام جمهور أهل اللغة وعلماء الشريعة أنه من طلوع الفجر.
قال: وعلى تقدير أن يكون النهار من طلوع الفجر فلا مانع من أن يراد بهذه الأربع الركعات بعد طلوع الشمس؛ لأن ذلك الوقت ما خرج عن كونه أول النهار، وهذا هو الظاهر من الحديث وعمل الناس، فيكون المراد بهذه الأربع ركعات: صلاة الضحى انتهى.
وقد اختلف في وقت دخول الضحى
(4)
.
(1)
إسماعيل بن عياش أبو عتبة الحمصي، قال أبو حاتم: لين. وقال ابن حبان كثير الخطأ في حديثه، وقال عباس عن يحيى: ثقة. وقال ابن معين: ليس به بأس في أهل الشام.
انظر: المجروحين (1/ 124) والجرح والتعديل (2/ 191) والكاشف (1/ 76) والمغني (1/ 85) والميزان (1/ 240) والتقريب (1/ 73) والخلاصة (ص 35).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أخرجه أحمد في المسند (4/ 312) ومسلم رقم (261/ 657) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 464) والطبراني في المعجم الكبير رقم (1683) وأبو عوانة (2/ 10 - 11) وهو حديث صحيح.
(4)
قلت: وقت صلاة الضحى من بعد طلوع الشمس، إلى الاستواء. وأفضله حين ترمض الفصال وهو قبيل الاستواء. كما ثبت في السنة.
فروى النووي في الروضة
(1)
؛ عن أصحاب الشافعي أن وقت الضحى يدخل بطلوع الشمس ولكن [تستحب]
(2)
تأخيرها إلى ارتفاع الشمس.
وذهب البعض منهم إلى أن وقتها يدخل من الارتفاع، وبه جزم الرافعي
(3)
وابن الرفعة. وسيأتي ما يبين وقتها في حديث زيد بن أرقم
(4)
وحديث عليّ [عليه السلام]
(5)
(6)
.
68/ 959 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رضي الله تعالى عنها] (5) قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضحَى أرْبَعَ رَكَعاتٍ، وَيزِيدُ ما شَاءَ اللهُ [تعالى](5). رَوَاهُ أحمَدُ
(7)
ومُسْلِمٌ
(8)
وابْنُ مَاجَهْ)
(9)
. [صحيح]
الحديث يدل على مشروعية صلاة الضحى.
وقد اختلفت الأحاديث عن عائشة؛ فروي عنها أنه صلى الله عليه وسلم صلاها من غير تقييد كما في حديث الباب.
وروي عنها أنها سئلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه، أخرجه مسلم
(10)
.
وروي عنها أنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى سبحة الضحى قط وإني لأسبِّحها"، متفق عليه
(11)
.
وقد جمع بين هذه الروايات
(12)
بأن قولها: "كان يصلي الضحى أربعًا"، لا
(1)
في روضة الطالبين (1/ 332).
(2)
في (جـ): يستحب.
(3)
في الشرح الكبير (2/ 130) حيث قال: ووقتها من حين ترتفع الشمس إلى وقت الاستواء.
وانظر: "المغنى لابن قدامة"(2/ 550 - 551).
(4)
سيأتي برقم (70/ 961) من كتابنا هذا.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
تقدم خلال شرح الحديث (955) من كتابنا هذا.
(7)
في المسند (5/ 146).
(8)
في صحيحه رقم (78/ 719).
(9)
في سننه رقم (1381).
وهو حديث صحيح.
(10)
في صحيحه رقم (75، 76/ 717).
(11)
البخاري رقم (1177) ومسلم رقم (718).
(12)
المجموع شرح المهذب (3/ 530 - 531).
وفتح الباري (3/ 56).
يدل على المداومة، بل على مجرد الوقوع على ما صرح به أهل التحقيق من أن ذلك مدلول كان كما تقدم وإن خالف في ذلك بعض أهل الأصول.
ولا يستلزم هذا الإثبات أنها رأته يصلي لجواز أن تكون روت ذلك من طريق غيرها.
وقولها إلا أن يجيء من مغيبه يفيد تقييد ذلك المطلق بوقت المجيء من السفر.
وقولها: ما رأيته يصلي سبحة الضحى نفيٌ للرؤية ولا يستلزم أن لا يثبت لها ذلك بالرواية، أو نفيٌ لما عدا الفعل المقيد بوقت القدوم من السفر.
وغاية الأمر أنها أخبرت عما بلغ إليه [غاية]
(1)
علمها.
وغيرها من أكابر الصحابة أخبر بما يدل على المداومة وتأكد المشروعية، ومن علم حجة على من لا يعلم، لا سيما وذلك الوقت الذي تفعل فيه ليس من الأوقات التي تعتاد فيها الخلوة بالنساء، وقد تقدم تحقيق ما هو الحق.
69/ 960 - (وَعَنْ أُمِّ هَانِئٍ [رضي الله تعالى عنها]
(2)
أَنهُ لَمَا كَانَ عامُ الْفَتْحِ أَتَتْ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهوَ بأعْلَى مَكَّةَ، فقامَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلَى غُسْلِهِ فَسَتَرَتْ عَلَيْهِ فاطِمَةُ، ثمَّ أَخَذَ ثَوْبَهُ فالْتَحَفَ بهِ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى. متَّفَقٌ عَلَيْهِ
(3)
. [صحيح]
ولِأبِي دَاوُدَ
(4)
عنْها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى يَوْمَ الْفَتْحِ سُبْحَةَ الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ). [ضعيف]
(1)
زيادة من المخطوط (ب).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد (6/ 342) والبخاري رقم (357) ومسلم (71/ 336).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1291) والترمذي رقم (486) والبغوي في شرح السنة رقم (1000). وهو حديث صحيح.
(4)
في سننه رقم (1290).
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (1323) وابن خزيمة في صحيحه رقم (1234) وهو حديث ضعيف.
قوله: (وهو بأعلى مكة) في رواية للبخاري
(1)
ومسلم
(2)
أنها قالت: "إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل وصلى ثمان ركعات ويجمع بينهما بأن ذلك تكرر منه.
ويؤيده ما رواه ابن خزيمة
(3)
عنها أن أبا ذر ستره لما اغتسل.
ويحتمل أن يكون نزل في بيتها بأعلى مكة وكانت في بيت آخر بمكة، فجاءت إليه فوجدته يغتسل فيصح القولان، ذكر معنى ذلك الحافظ
(4)
.
قوله: (فسترت عليه فاطمة) فيه جواز الاغتسال بحضرة امرأة من محارم الرجل إذا كان مستور العورة عنها وجواز تستيرها إياه بثوب أو نحوه.
قوله: (ثمان ركعات) زاد ابن خزيمة
(5)
من طريق كريب عن أم هانئ "يسلم من كل ركعتين".
وزادها أيضًا أبو داود
(6)
كما ذكر المصنف.
وفي ذلك رد على من قال: إن صلاة الضحى موصولة سواء كانت ثمان ركعات أو أقل أو أكثر.
والحديث يدل على استحباب صلاة الضحى، وقد تقدم قول من قال: إن هذه صلاة الفتح لا صلاة الضحى. وتقدم الجواب عليه.
70/ 961 - (وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ [رضي الله تعالى عنه]
(7)
قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم على أَهْلِ قُبَاءَ وَهُمْ يُصَلُّونَ الضّحَى، فقالَ:"صَلَاة الأوَّابِينَ إِذَا رَمِضَتِ الْفِصَالُ مِنَ الضُّحَى". رَوَاهُ أحمدُ
(8)
ومسلمٌ)
(9)
. [صحيح]
(1)
و
(2)
أوردها ابن الأثير في "جامع الأصول"(6/ 110).
(3)
في صحيحه رقم (237) بسند ضعيف منقطع؛ لأن المطلب بن عبد الله كثير التدليس ولم يلق أم هانئ.
قلت: وأخرجه أحمد في المسند (6/ 341) بسند ضعيف منقطع كما تقدم.
والخلاصة: أن الحديث صحيح دون قصة أبي ذر مع النبي صلى الله عليه وسلم.
(4)
في "الفتح"(3/ 53).
(5)
في صحيحه رقم (1234) بسند ضعيف.
(6)
في سننه رقم (1290) وهو حديث ضعيف وقد تقدم.
(7)
زيادة من (جـ).
(8)
في المسند (4/ 366).
(9)
في صحيحه رقم (144/ 748). =
الحديث أخرجه أيضًا الترمذي
(1)
.
ولفظ مسلم
(2)
: "إن زيد بن أرقم رأى قومًا يصلون من الضحى فقال: أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الأوَّابين حين ترمض الفصال".
وفي رواية له
(3)
: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل قباء وهم يصلون فقال: صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال".
زاد ابن أبي شيبة في المصنف
(4)
: "وهم يصلون الضحى فقال: صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال من الضحى".
وفي رواية لابن مردويه في تفسيره (5): "وهم يصلون بعد ما ارتفعت الشمس".
وفي رواية له
(5)
: "أنه وجدهم قد بكروا بصلاة الظهر فقال ذلك".
وفي رواية للطبراني
(6)
: "أنه مر بهم وهم يصلون صلاة الضحى حين أشرقت الشمس".
= قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 406) والبغوي في شرح السنة رقم (1010) والطيالسي رقم (687) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 49) والدارمي رقم (1498) والطبراني في الكبير رقم (5113) من طرق.
وهو حديث صحيح.
• الأوابون: جمع، واحده: أوَّاب، وهو: المطيع، الكثير الرجوع إلى الله بالتوبة والاستغفار من الذنب لقبحه.
• رَمِضَ: - مثل علم - الشيء: اشتد حره. ورمضت الفصال: احترقت أقدامها من حرارة الرمضاء.
• الفصال: هي الصغار من أولاد الإبل.
(1)
أشار إليه الترمذي في سننه (2/ 338) تحت قوله وفي الباب.
(2)
في صحيحه رقم (143/ 748).
(3)
أي لمسلم في صحيحه رقم (144/ 748).
(4)
2/ 406 - 407).
(5)
كما الدر المنثور (7/ 150 - 151).
(6)
في المعجم الكبير (ج 5 رقم 5110) من حديث زيد بن أرقم.
قوله: (الأوابين) جمع أواب وهو الراجع إلى الله تعالى، من آب إذا رجع
(1)
.
قوله: (إذا رمضت) بفتح الراء وكسر الميم وفتح الضاد المعجمة، أي احترقت من حر الرمضاء وهي شدة الحر.
والمراد إذا وجد الفصيل حر الشمس ولا يكون ذلك إلا عند ارتفاعها
(2)
.
والحديث يدل على أن المستحب فعل الضحى في ذلك الوقت وقد توهم أن قول زيد بن أرقم: إن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل كما في رواية مسلم
(3)
يدل على نفي الضحى وليس الأمر كذلك، بل مراده أن تأخير الضحى إلى ذلك الوقت أفضل.
71/ 962 - (وَعَنْ عَاصِم بْنِ ضَمُرةَ [رضي الله تعالى عنه]
(4)
قالَ: سألنا عَلِيًّا عَنْ تَطَوُّعِ النبيّ صلى الله عليه وسلم بالنَّهَارِ فقالَ: كانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ أَمْهَلَ حَتى إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ مِنْ هَاهُنَا، يَعْنِي مِنَ المَشْرِقِ، مِقْدَارَهَا مِنْ صَلَاةِ العصْرِ مِنْ هَاهُنَا قِبَلَ المَغْرِبِ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتينِ ثم يُمْهِلُ حتى إذا كانت الشمسُ من هَاهُنَا، يعني من قبل المشرق مقدارها من صلاة الظهر من هاهُنا يعني من قبل المغرب، قامَ فصلى أَرْبَعًا، وأَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعدَها، وَأَرْبَعًا قَبْلَ الْعَصْرِ، يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بالتَّسْلِيمِ عَلى الْمَلَائِكَةِ المُقَرَّبِينَ والنَّبِيِّينَ وَمَنْ يَتْبَعُهمْ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ. رَوَاهُ الخَمسةُ إِلَّا أبا دَاوُدَ)
(5)
. [حسن]
الحديث حسنه الترمذي
(6)
[وأسانيده ثقات، وعاصم بن ضمرة فيه مقال
(7)
، ولكن قد وثقه ابن معين وعليّ بن المديني
(8)
]
(9)
.
(1)
لسان العرب (1/ 218).
(2)
النهاية (2/ 264).
(3)
في صحيحه رقم (144/ 748).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
أحمد (1/ 85) والترمذي رقم (598) وحسنه والنسائي (2/ 120) وابن ماجه رقم (1161).
وصححه أحمد شاكر رقم (650) وأورده الألباني في الصحيحة رقم (237).
وخلاصة القول: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(6)
في سننه (2/ 494).
(7)
انظر: "تهذيب التهذيب"(2/ 253 - 254).
(8)
كما في "تهذيب التهذيب"(2/ 253) وسنن الترمذي (2/ 494).
(9)
ما بين الحاصرتين سقط من (جـ).
قوله: (إذا كانت الشمس من ههنا، يعني من المشرق مقدارها من صلاة العصر من ههنا قبل المغرب).
المراد من هذا أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتي الضحى ومقدار ارتفاع الشمس من جهة المشرق كمقدار ارتفاعها من جهة المغرب عند صلاة العصر، وفيه تبيين وقتها.
قوله: (حتى إذا كانت الشمس، إلى قوله: قام فصلى أربعًا).
المراد: إذا كان مقدار بُعد الشمس من مشرقها [كمقدار]
(1)
بُعدها من مغربها عند صلاة الظهر قام فصلى ذلك المقدار.
قوله: (إذا زالت الشمس) هذا تبيين لما قبله.
وفيه دليل على استحباب أربع ركعات إذا زالت الشمس.
قال العراقي: وهي غير الأربع التي هي سنّة الظهر قبلها.
وممن نص على استحباب صلاة الزوال الغزالي في الإحياء
(2)
في كتاب الأوراد
(3)
.
ويدل على ذلك ما رواه أبو الوليد بن مغيث الصفار عن عبد الملك بن حبيب قال: بلغني عن ابن مسعود "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبد مسلم يصلي أربع ركعات حين تزول الشمس قبل الظهر يحسن فيها الركوع والسجود والخشوع يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب" وذكر حديثًا طويلًا.
ورواه الطبراني
(4)
موقوفًا على ابن مسعود.
(1)
في المخطوط (ب): (بمقدار).
(2)
(1/ 337).
(3)
وهو الكتاب العاشر من إحياء علوم الدين، وبه اختتم ربع العبادات.
• إحياء علوم الدين: أثار ضجة كبيرة من الناس، بين مادح له وقادح. وقد حلَّله تحليلًا علميًّا رائعًا شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (10/ 55) حيث قال:"الإحياء فيه فوائد كثيرة، لكن فيه مواد مذمومة، فإنه فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة، تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد، فإذا ذكر معارف الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدوًا للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين، وقد أنكر أئمة الدين على أبي حامد هذا في كتابه وقالوا: مرضه (الشفاء) يعني شفاء ابن سينا في الفلسفة وفيه أحاديث وآثار ضعيفة، بل موضوعة كثيرة، وفيه أشياء من أغاليط الصوفية وترَّهاتهم، وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنة" اهـ.
(4)
في المعجم الكبير للطبراني: (ج 9 رقم 9942).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 231 - 232) وقال: "وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه".
وما أخرجه الطبراني في الكبير
(1)
عن ابن عباس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى النهار خرج إلى بعض حيطان المدينة"، وفيه:"قام فصلى أربع ركعات لم يتشهد بينهن ويسلم في آخر الأربع".
وقد بوّب الترمذي
(2)
للصلاة عند الزوال، وذكر حديث عبد الله بن السائب
(3)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس"، وأشار إلى حديث عليّ
(4)
هذا، وإلى حديث أبي أيوب وهو عند ابن ماجه
(5)
وأبي داود
(6)
بلفظ: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع قبل الظهر ليس فيهنّ تسليم تفتح لهن أبواب السماء".
قوله: (وركعتين بعدها وأربعًا قبل العصر) قد تقدم الكلام على ذلك.
[الباب الخامس عشر] باب تحية المسجد
72/ 963 - (عَنْ أبي قَتَادَة [رضي الله تعالى عنه]
(7)
قالَ: قالَ
(1)
(ج 11 رقم 11364).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 220) وقال: "وفيه نافع أبو هرمز وهو متروك".
(2)
في السنن (2/ 342): 347 - باب ما جاء في الصلاة عند الزوال.
(3)
أخرجه الترمذي في السنن رقم (478) وقال: حديث عبد الله بن السائب حديث حسن غريب.
وتعقب أبو الأشبال الترمذي بقوله: بل هو حديث صحيح متصل الإسناد رواته ثقات.
ورواه أيضًا أحمد في المسند (3/ 411) عن الطيالسي.
ووقع في المسند المطبوع: "ثنا مسلم بن أبي الوضاح" (وهو خطأ مطبعي أو من الناسخ، صوابه:"محمد بن مسلم بن أبي الوضاح" كما في الترمذي هنا.
والخلاصة: أن الحديث صحيح.
(4)
تقدم برقم (71/ 962) من كتابنا هذا.
(5)
في سننه رقم (1157).
(6)
في سننه رقم (1270).
قلت: وأخرجه الحميدي رقم (385) وابن خزيمة رقم (1214) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 335) والطبراني في الكبير رقم (4032) و (4033) و (4034) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 488) من طرق.
وهو حديث حسن لغيره، وانظر: صحيح الترغيب والترهيب رقم (585).
(7)
زيادة من (جـ).
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حتَّى يُصَلِّي رَكعَتَيْنِ رَواهُ الجَماعةُ
(1)
. [صحيح]
والأَثْرَمُ في سُنَنِهِ، وَلَفْظُهُ:"أَعْطُوا المَسَاجِدَ حَقَّها"، قالُوا: وَمَا حَقُّها؟ قالَ: "أَنْ تُصَلُّوا رَكعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسُوا")
(2)
. [ضعيف]
حديث أبي قتادة أورده البخاري بلفظ النهي
(3)
كما ذكره المصنف وبلفظ الأمر
(4)
.
فروي من طريق عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس".
وأخرج البخاري
(5)
ومسلم
(6)
عن جابر بن عبد الله: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سليكًا الغطفاني لما أتى يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقعد قبل أن يصلي الركعتين أن يصليهما".
وأخرج مسلم
(7)
عن جابر أيضًا: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره لما أتى المسجد لثمن جمله الذي اشتراه منه صلى الله عليه وسلم أن يصلي الركعتين".
(1)
أحمد (5/ 295، 296، 303، 305، 311) والبخاري رقم (444) و (1163) ومسلم رقم (714) وأبو داود رقم (467) و (468) والترمذي رقم (316) والنسائي (2/ 53 رقم 730) وابن ماجه رقم (1012) و (1013) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 53) و (3/ 194) والدارمي رقم (1433).
وهو حديث صحيح.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 340) وابن خزيمة في صحيحه رقم (1824).
قال الألباني رحمه الله في "الضعيفة" رقم (1540): "قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، وعلته عنعنة ابن إسحاق، فإنه كان يُدلس. وقد خالفه في المتن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم به. باللفظ المذكور قبله.
والخلاصة: أن الحديث ضعيف.
(3)
في صحيح البخاري رقم (1163).
(4)
في صحيح البخاري رقم (444).
(5)
في صحيحه رقم (930).
(6)
في صحيحه رقم (58/ 875).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1115) والترمذي رقم (510) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. أصح شيء في هذا الباب.
والنسائي (3/ 103 رقم 1400) وابن ماجه رقم (1112) وهو حديث صحيح.
(7)
في صحيحه رقم (73/ 715).
والأمر يفيد بحقيقته وجوب فعل التحية والنهي يفيد بحقيقته أيضًا تحريم تركها.
وقد ذهب إلى القول بالوجوب الظاهرية كما حكى ذلك عنهم ابن بطال
(1)
.
قال الحافظ في الفتح
(2)
: والذي صرح به ابن حزم عدمه
(3)
.
وذهب الجمهور إلى أنها
(4)
سنة.
وقال النووي
(5)
: إنه إجماع المسلمين.
قال: وحكى القاضي عياض
(6)
عن داود وأصحابه وجوبها.
قال الحافظ في الفتح
(7)
: واتفق أئمة الفتوى على أن الأمر في ذلك للندب.
قال: ومن أدلة عدم الوجوب قوله صلى الله عليه وسلم للذي رآه يتخطى: "اجلس فقد آذيت، ولم يأمره بصلاة"
(8)
، كذا استدل به الطحاوي وغيره وفيه نظر، انتهى.
ومن جملة أدلة الجمهور على عدم الوجوب ما أخرجه ابن أبي شيبة
(9)
عن زيد بن أسلم قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلون المسجد ثم يخرجون ولا يصلون.
ومن أدلتهم أيضًا حديث ضمام بن ثعلبة عند البخاري
(10)
ومسلم
(11)
والموطأ
(12)
وأبي داود
(13)
والنسائي
(14)
: "لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما فرض الله [تعالى]
(15)
عليه
(1)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 93).
(2)
(1/ 537 - 538).
(3)
في "المحلى"(5/ 69 - 71).
(4)
المغني لابن قدامة (3/ 192 - 193).
(5)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 226).
(6)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 49).
(7)
(1/ 538).
(8)
وهو حديث صحيح.
أخرجه أحمد (4/ 190) وأبو داود رقم (1118) والنسائي (3/ 103).
وسيأتي برقم (1217) من كتابنا هذا.
(9)
في المصنف (1/ 340).
(10)
في صحيحه رقم (63).
(11)
في صحيحه رقم (1/ 120).
(12)
في الموطأ (1/ 75 رقم 94).
(13)
في سننه رقم (486).
(14)
في سننه (4/ 120 - 121 رقم 2090).
وهو حديث صحيح.
(15)
زيادة من (جـ).
من الصلاة، فقال: الصلوات الخمس، فقال: هل عليّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوّع".
وفي رواية للبخاري
(1)
ومسلم
(2)
والترمذي
(3)
والنسائي
(4)
وأبي داود
(5)
قال: "الصلوات الخمس إلا أن تطوع".
ويجاب عن عدم أمره صلى الله عليه وسلم للذي رآه يتخطى بالتحية بأنه لا مانع من أن يكون قد فعلها في جانب من المسجد قبل وقوع التخطي منه، أو أنه كان ذلك قبل الأمر بها والنهي عن تركها، ولعل هذا وجه النظر الذي ذكره الحافظ
(6)
.
ويجاب عن الاستدلال بأن الصحابة كانوا يدخلون ويخرجون ولا يصلون بأن التحية إنما تشرع لمن أراد الجلوس لما تقدم وليس في الرواية أن الصحابة كانوا يدخلون ويجلسون ويخرجون بغير صلاة تحية، وليس فيها إلا مجرد الدخول والخروج فلا يتم الاستدلال إلا بعد تبيين أنهم كانوا يجلسون، على أنه لا حجة في أفعالهم.
أما عند من لا يقول بحجية الإجماع فظاهر.
وأما عند القائل بذلك فلا يكون حجة إلا فعل جميعهم بعد عصره صلى الله عليه وسلم لا في حياته كما تقرر في الأصول
(7)
، وتلك الرواية محتملة. وأيضًا يمكن أن يكون صدور ذلك منهم قبل شرعيتها.
ويجاب عن حديث ضمام بن ثعلبة
(8)
أولًا بأن التعاليم الواقعة في مبادئ الشريعة لا تصلح لصرف وجوب ما تجدد من الأوامر وإلا لزم قصر واجبات الشريعة على الصلاة والصوم والحج والزكاة والشهادتين واللازم باطل فكذا الملزوم.
(1)
في صحيحه رقم (1891).
(2)
في صحيحه رقم (8/ 11).
(3)
في سننه رقم (619).
(4)
في سننه رقم (2090).
(5)
في سننه رقم (391).
وهو حديث صحيح.
(6)
في "الفتح"(2/ 409).
(7)
انظر: "إرشاد الفحول"(ص 303 - 304) بتحقيقي. وتيسير التحرير (3/ 225) والإحكام لابن حزم (4/ 509).
(8)
تقدم برقم (395) من كتابنا هذا.
وأما الملازمة فلأن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر في تعليم ضمام بن ثعلبة في هذا الحديث السابق نفسه على الخمس المذكورة كما في الأمهات، وفي بعضها على أربع ثم لما سمعه يقول بعد أن ذكر له ذلك: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، قال:"أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق"
(1)
.
وتعليق الفلاح ودخول الجنة بصدقه في ذلك القسم الذي صرح فيه بترك الزيادة على الأمور المذكورة مشعر بأن لا واجب عليه سواها.
إذ لو فرض بأن عليه شيئًا من الواجبات غيرها لما قرره الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك ومدحه به وأثبت له الفلاح ودخول الجنة، فلو صلح قوله:"لا، إلا أن تطوع" لصرف الأوامر الواردة بغير الخمس الصلوات لصلح قوله: "أفلح إن صدق، ودخل الجنة إن صدق" لصرف الأدلة القاضية بوجوب ما عدا الأمور المذكورة.
وأما بطلان اللازم فقد ثبت بالأدلة المتواترة وإجماع الأمة أن واجبات الشريعة قد بلغت أضعاف أضعاف تلك الأمور، فكان اللازم باطلًا بالضرورة الدينية وإجماع الأمة.
ويجاب ثانيًا بأن قوله: "إلا أن تطوع" ينفي وجوب الواجبات ابتداء، لا الواجبات بأسباب يختار المكلف فعلها كدخول المسجد مثلًا لأن الداخل ألزم نفسه الصلاة بالدخول فكأنه أوجبها على نفسه فلا يصح شمول ذلك الصارف لمثلها.
ويجاب ثالثًا بأن جماعة من المتمسكين بحديث ضمام بن ثعلبة (1) في صرف الأمر بتحية المسجد إلى الندب قد قالوا بوجوب صلوات خارجة عن الخمس كالجنازة وركعتي الطواف والعيدين والجمعة فما هو جوابهم في إيجاب هذه الصلوات فهو جواب الموجبين لتحية المسجد.
لا يقال الجمعة داخلة في الخمس لأنها بدل عن الظهر؛ لأنا نقول: لو كانت كذلك لم يقع النزاع في وجوبها على الأعيان ولا احتيج إلى الاستدلال لذلك.
(1)
تقدم برقم (395) من كتابنا هذا.
إذا عرفت هذا لاح لك أن الظاهر ما قاله أهل الظاهر من الوجوب
(1)
.
(1)
الذي قال بالوجوب هو داود الظاهري، وأن الإجماع منعقد على عدم الوجوب، وقول داود لا يخرق الإجماع، كما أن الإجماع منعقد قبل داود.
وممن قال بالوجوب من المتأخرين: محمد بن إسماعيل الأمير في كتابه سبل السلام (3/ 143) بتحقيقي حيث قال: "وأمره صلى الله عليه وسلم بها دليل على وجوبها، وإليه ذهب البعض".
ورجحه الشوكاني هنا في "نيل الأوطار" كما ترى. وفي "الدراري المضية، (1/ 229)
بتحقيقي قال: "
…
وقد وقع الاتفاق على مشروعية تحية المسجد. وذهب أهل الظاهر إلى أنهما واجبتان؛ وذلك غير بعيد، وقد حققت المقام في شرح المنتقى، وفي رسالة مستقلة" اهـ.
بينما قال الشوكاني رحمه الله في "السيل الجرار"(1/ 606 - 608) بتحقيقي: "أقول قد اشتملت السنة المطهرة على ذلك فمن جملة ما اشتملت عليه الإتيان إلى الجمعة بالسكينة والوقار وعدم تخطي الرقاب، وترك الجلوس في مجلس قد سبق إليه سابق، والتطيب بعد الاغتسال، وصلاة ركعتي التحية ولو في حال الخطبة
…
" اهـ.
قلت: والعبرة في آخر مؤلفات الشوكاني الفقهية وهو "السيل الجرار" الذي اعتبر فيه تحية المسجد من السنن، والله أعلم.
أما ابن حزم الظاهري، فقد قال في "المحلى" (5/ 69): "ولولا البرهان الذي قد ذكرنا قبلُ بأن لا فرض إلا الخمس، لكانت هاتان الركعتان فرضًا، لكنهما في غاية التأكيد، اهـ.
وإليك الأدلة على وجه الإجمال بأن تحية المسجد سنة وليست واجبة:
1 -
الإجماع.
قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(23/ 413): "أجمع فقهاء المذاهب الأربعة والظاهرية وغيرهم على أن صلاة تحية المسجد ليست بفرض ولا واجب، وأنها من النوافل، ولا يسن لها الجماعة"اهـ.
وقال النووي في "المجموع"(3/ 544): "وأجمع العلماء على استحباب تحية المسجد ويكره أن يجلس من غير تحية بلا عذر" اهـ.
2 -
الأحاديث التي تدل بظاهرها أو بنصها أن لا صلاة واجبة غير الخمس.
منها حديث (ضمام بن ثعلبة) ومنها حديث (طلحة بن عبيد الله). وغيرهما
…
3 -
إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة جلوسهم في المسجد دون تحية:
منها: حديث كعب بن مالك الطويل في قصة تخلفه عن غزوة تبوك والشاهد منه قوله: "فجئتُ حتى جلستُ بين يديه
…
وفي آخره: فقمتُ فمضيتُ. أخرجه البخاري رقم (4418) ومسلم رقم (2769) والنسائي رقم (731) وقد بوب النسائي لهذا الحديث باب الرخصة في الجلوس في المسجد والخروج منه بغير صلاة.
قال السندي في حاشيته على النسائي (2/ 54): "فجئت حتى
…
" أخذ منها المصنف أنه جلس بلا صلاة، وقوله: "فمضيتُ" أنه خرج بلا صلاة، وهو محتمل، فليتأمل". =
والحديث يدل على مشروعية التحية في جميع الأوقات، وإلى ذلك ذهب جماعة من العلماء منهم الشافعية
(1)
وكرهها أبو حنيفة
(2)
والأوزاعي والليث
(3)
في وقت النهي.
وأجاب الأولون بأن النهي إنما هو عما لا سبب له.
واستدلوا بأنه صلى بعد العصر ركعتي الظهر
(4)
.
وصلى ذات السبب، ولم يترك التحية في حال من الأحوال بل أمر الذي دخل المسجد وهو يخطب فجلس قبل أن يركع أن يقوم فيركع ركعتين مع أن الصلاة في حال الخطبة ممنوع منها إلا التحية ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قطع خطبته وأمره أن يصلي التحية، فلولا شدة الاهتمام بالتحية في جميع الأوقات لما اهتم هذا الاهتمام.
= قلت: هو الظاهر، والله أعلم.
4 -
دخول بعض الصحابة المسجد دون صلاة تحية:
أ - عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فقد أنكر عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، التأخر عن الحضور للجمعة وترك الغسل - البخاري رقم (878) ومسلم رقم (845) - ولم ينقل أنه أمره بركعتي التحية، ولم ينقل أنه صلاهما - بذل المجهود (6/ 129) -.
ب - عبد الله بن صفوان رضي الله عنه:
فقد دخل المسجد يوم الجمعة وعبد الله بن الزبير يخطب على المنبر، فاستلم الركن، ثم قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. ثم جلس ولم يركع - شرح معاني الآثار (1/ 370) بسند صحيح -.
وهذا فيه التصريح بعدم صلاة التحية، ولم ينكر عليه ابن الزبير ولا من حضر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل: فعل الصحابي ليس بحجة - على تفصيل في ذلك -.
قلنا: لم نحتج به هنا، بل هو قرينة صارفة من الوجوب إلى الندب، والله أعلم.
(1)
المجموع شرح المهذب (3/ 543 - 545) والمغني (3/ 192).
(2)
حاشية ابن عابدين (2/ 399).
(3)
قال القرطبي في "المفهم"(2/ 353): "
…
وقال بالمنع: أبو حنيفة، والليث والأوزاعي
…
".
(4)
تقدم برقم (909) من كتابنا هذا.
ذكر معنى ذلك النووي في شرح مسلم
(1)
.
والتحقيق أنه قد تعارض في المقام عمومان النهي عن الصلاة في أوقات مخصوصة من غير تفصيل، والأمر للداخل بصلاة التحية من غير تفصيل، فتخصيص أحد العمومين بالآخر تحكم.
وكذلك ترجيح أحدهما على الآخر مع كون كل واحد منهما في الصحيحين بطرق متعددة ومع اشتمال كل واحد منهما على النهي أو النفي الذي في معناه.
ولكنه إذا ورد ما يقضي بتخصيص أحد العمومين عمل عليه.
وصلاته صلى الله عليه وسلم سنة الظهر بعد العصر مختص به لما ثبت عند أحمد
(2)
وغيره ممن قدمنا ذكرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قالت له أم سلمة: أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: "لا".
ولو سلم عدم الاختصاص لما كان في ذلك إلا جواز قضاء سنة الظهر لا جواز جميع ذوات الأسباب.
نعم حديث يزيد بن الأسود
(3)
الذي سيأتي "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجلين: ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: قد صلينا في رحالنا، فقال: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة".
وكانت تلك الصلاة صلاة الصبح كما سيأتي.
يصلح لأن يكون من جملة المخصصات لعموم الأحاديث القاضية بالكراهة، وكذلك ركعتا الطواف.
وسيأتي تحقيق هذا في باب الأوقات المنهي عن الصلاة فيها
(4)
، وباب الرخصة في إعادة الجماعة وركعتي الطواف
(5)
.
وبهذا التقرير تعلم أن فعل تحية المسجد في الأوقات المكروهة وتركها لا
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 226).
(2)
في المسند (6/ 315) بسند صحيح.
(3)
سيأتي برقم (993) من كتابنا هذا.
(4)
الباب الثالث والعشرون عند الحديث (96/ 987) من كتابنا هذا.
(5)
الباب الرابع والعشرون عند الحديث (102/ 993) من كتابنا هذا.
يخلو عند القائل بوجوبها من إشكال، والمقام عندي من المضايق والأولى للمتورع ترك دخول المساجد في أوقات الكراهة.
قوله: (في حديث الباب فلا يجلس).
قال الحافظ
(1)
: صرح جماعة بأنه إذا خالف وجلس لا يشرع له التدارك.
قال: وفيه نظر لما رواه ابن حبان في صحيحه
(2)
من حديث أبي ذر: "أنه في خل المسجد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أركعت ركعتين؟ قال: لا، قال: قم فاركعهما".
ومثله قصة سليك المتقدم ذكرها
(3)
. وسيأتي ذكرها في أبواب الجمعة
(4)
.
وقال الطبري
(5)
: يحتمل أن يقال: وقتهما قبل الجلوس وقت فضيلة وبعده وقت جواز، أو يقال: وقتهما قبله أداء، وبعده قضاء.
قال الحافظ
(6)
: ويحتمل أن تحمل مشروعيتهما بعد الجلوس على ما إذا لم يطل الفصل وظاهر التعليق بالجلوس أنه ينتفي النهي بانتفائه فلا يلزم التحية من دخل المسجد ولم يجلس، ذكر معنى ذلك ابن دقيق العيد
(7)
.
وتعقب بأن الجلوس نفسه ليس هو المقصود بالتعليق عليه، بل المقصود الحصول في بقعته.
واستدل على ذلك بما عند أبي داود
(8)
بلفظ: "ثم ليقعد بعد إن شاء أو ليذهب لحاجته إن شاء".
والظاهر ما ذكره ابن دقيق العيد (7).
قوله: (حتى يصلي ركعتين)، قال الحافظ في الفتح
(9)
: هذا العدد لا مفهوم
(1)
في "الفتح"(1/ 538).
(2)
رقم (361) وهو حديث ضعيف جدًّا.
(3)
خلال شرح الحديث رقم (963) من كتابنا هذا.
(4)
سيأتي برقم (1224) من كتابنا هذا.
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 538).
(6)
في "الفتح"(1/ 538).
(7)
في إحكام الأحكام (2/ 52).
(8)
في سننه رقم (468) وهو حديث صحيح.
(9)
(1/ 537).
لأكثره باتفاق. واختلف في أقله، والصحيح اعتباره فلا تتأدى هذه السنة بأقل من ركعتين. انتهى.
وظاهر الحديث أن التحية مشروعة وإن تكرر الدخول إلى المسجد، ولا وجه لما قاله البعض من عدم التكرر قياسًا على المترددين إلى مكة في سقوط الإحرام عليهم.
(فائدة) ذكر ابن القيم
(1)
أن تحية المسجد الحرام، الطواف
(2)
؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ فيه بالطواف وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم لم يجلس، إذ التحية إنما تشرعَ لمن جلس كما تقدم.
والداخل إلى المسجد الحرام يبدأ بالطواف ثم يصلي صلاة المقام فلا يجلس إلا وقد صلى.
فأما لو دخل المسجد الحرام وأراد القعود قبل الطواف فإنه يشرع له أن يصلي التحية.
ومن جملة ما استثني من عموم التحية دخول المسجد لصلاة العيد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يصل قبلها ولا بعدها.
وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم لم يجلس حتى يتحقق في حقه ترك التحية.
(1)
في زاد المعاد (2/ 208).
(2)
قلت: لم يأت ما يخرج المسجد الحرام عن عموم حديث أبي قتادة المتقدم برقم (963) فليست للمسجد الحرام تحية خاصة تختلف عن سائر المساجد.
نعم؛ الآفاقي إذا دخل محرمًا أوَّل ما يبدأ به الطواف كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في حجته.
والحديث المشتهر على الألسنة: "تحية البيت الطواف" لا أصل له كما قال المحدث الألباني رحمه الله في "الضعيفة" رقم (1012) وعلَّق عليه بقوله: "ولا أعلم في السنة القولية أو العملية ما يشهد لمعناه بل إن عموم الأدلة الواردة في الصلاة قبل الجلوس في المسجد تشمل المسجد الحرام أيضًا، والقول بأن تحيته الطواف مخالف للعموم المشار إليه؛ فلا يُقبل إلا بعد ثبوته، وهيهات، لا سيما وقد ثبت بالتجربة أنه لا يمكن للداخل إلى المسجد الحرام الطواف كلما دخل المسجد في أيام المواسم؛ فالحمد لله الذي جعل في الأمر سعة {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [المؤمنون: 78].
وإن مما ينبغي التنبيه له أن هذا الحكم إنما هو بالنسبة لغير المحرم، وإلَّا؛ فالسنة في حقه أن يبدأ بالطواف ثم بالركعتين بعده" اهـ.
وأيضًا الجبانة ليست بمسجد فلا تحية لها فلا يلحق بذلك من دخل لصلاة العيد في مسجد وأراد الجلوس قبل الصلاة ولكنه سيأتي في أبواب صلاة العيد حديث مرفوع
(1)
يدل على منع التحية قبل صلاة العيد وبعدها.
ومن جملة ما استثني من عموم التحية من دخل المسجد وقد أقيمت الفريضة، فإنها لا تشرع له لحديث أبي هريرة عند مسلم
(2)
وأصحاب السنن
(3)
وابن خزيمة
(4)
وابن حبان
(5)
مرفوعًا بلفظ: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة".
[الباب السادس عشر] باب الصلاة عقيب الطهور
73/ 964 - (عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(6)
أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لِبِلَال عِنْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ: "يَا بِلَالُ حَدّثني بأرْجى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلَامِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ"، قالَ: ما عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أنِّي لَمْ أتَطَهَّرْ طُهُورًا في سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أوْ نَهَارٍ إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(7)
. [صحيح]
قوله: (قال لبلال) هو ابن رباح المؤذن.
قوله: (عند صلاة الصبح) فيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام لأن عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يعبِّر ما رآه، ويعبِّر ما رآه أصحابه بعد صلاة الفجر كما وردت بذلك الأحاديث
(8)
.
(1)
سيأتي برقم (1291) من كتابنا هذا.
(2)
في صحيحه رقم (63/ 710).
(3)
أبو داود رقم (1266) والترمذي رقم (421) والنسائي رقم (865) وابن ماجه رقم (1151).
(4)
في صحيحه رقم (1644).
(5)
في صحيحه رقم (1755).
وهو حديث صحيح وسيأتي برقم (985) من كتابنا هذا.
(6)
زيادة من (جـ).
(7)
أحمد في المسند (2/ 333) والبخاري في صحيحه رقم (1149) ومسلم في صحيحه رقم (108/ 2458).
(8)
منها حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يُكثر أن يقول =
ويدل على ذلك أن الجنة لا يدخلها أحد إلا بعد الموت.
قوله: (بأرجى عمل) بلفظ أفعل التفضيل، [وإضافة العمل إلى الرجاء]
(1)
لأنه السبب الداعي إليه.
قوله: (في الإسلام)، زاد مسلم
(2)
في روايته: "منفعة عندك".
قوله: (فإني سمعت)، زاد مسلم (2):"الليلة"، وفيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام كما تقدم.
قوله: (دَفَّ نعليك) بفتح المهملة وتثقيل الفاء
(3)
، وضبطه المحب الطبري (3) بالذال المعجمة.
= لأصحابه: "هل رأى أحد منكم من رؤيا"، قال فيقص عليه من شاء الله أن يقص، وإنه قال ذات غداة: "إنه أتاني الليلة آتيان. وإنهما ابتعثاني
…
" الحديث بطوله.
أخرجه البخاري رقم (7047) ومسلم رقم (2275).
(ومنها): ما أخرجه البخاري رقم (7038) عن عبد الله بن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيتُ كأنَّ امرأة سوداء ثائرة الرأس، خرجت من المدينة، حتى قامت بمهيعة - وهي الجحفة - فأوَّلْتُ أن وباءَ المدينة نُقِل إليها".
(ومنها): ما أخرجه مسلم في صحيحه رقم (18/ 2270) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ ذاتَ ليلةٍ، فيما يرى النائم، كأنَّا في دار عقبة ابن رافع، فأتينا برُطب من رطب ابن طاب - رجل من أهل المدينة - فأوَّلتُ الرفعةَ لنا في الدنيا والعاقبةَ في الآخرة، وأنَّ ديننا قد طاب".
(ومنها): ما أخرجه البخاري رقم (3621) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما أنا نائم، رأيت في يديَّ سوارين من ذهب، فأهمني شأنهما، فأوحيَ إليَّ في المنام: أن انفخهما، فنفختهما فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان بعدي، فكان أحدهما العَنسي، والآخر مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة.
وانظر:
• حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري رقم (246) ومسلم رقم (19/ 2271).
• وحديث أبي موسى الذي أخرجه البخاري رقم (3622) ومسلم رقم (20/ 2272).
• وحديث ثوبان الذي أخرجه مسلم رقم (19/ 2889).
• وحديث عائشة الذي أخرجه البخاري رقم (5765) و (5766) ومسلم رقم (43/ 2189).
• وحديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري رقم (3521) ومسلم (50/ 2856).
• وحديث أبي هريرة أيضًا الذي أخرجه مسلم رقم (129/ 1914).
(1)
في المخطوط (أ): (وإضافة إلى العمل).
(2)
في صحيحه رقم (108/ 2458).
(3)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 34).
قال الخليل
(1)
: دف الطائر إذا حرك جناحيه وهو قائم على رجليه.
وقال الحميدي
(2)
: الدف: الحركة الخفيفة.
ووقع في رواية مسلم
(3)
: "خشف نعليك" بفتح الخاء وسكون الشين المعجمتين وتخفيف الفاء.
قال أبو عبيد
(4)
وغيره
(5)
: الخشف: الحركة الخفيفة.
ووقع في رواية عند أحمد
(6)
والترمذي
(7)
وغيرهما "خشخشة" بمعجمتين مكررتين وهو بمعنى الحركة أيضًا.
قوله: (أني لم أتطَهَّرْ) بفتح الهمزة ومن مقدرة قبله صلة لأفعل التفضيل، وهي ثابتة في رواية مسلم (3).
قوله: (ما كتب لي) أي قدّر، وهو أعم من الفريضة والنافلة.
قال ابن التين
(8)
: إنما اعتقد بلال ذلك لأنه علم من النبي صلى الله عليه وسلم أن الصلاة أفضل الأعمال، وأن عمل السر أفضل من عمل الجهر.
وبهذا التقدير يندفع إيراد من أورد عليه غير ما ذكر من الأعمال الصالحة.
وللحديث فوائد
(9)
:
(منها) جواز الاجتهاد في توقيت العبادة، والحث على الصلاة عقب الوضوء، وسؤال الشيخ عن عمل تلميذه فيحضه عليه.
واستدل به على جواز الصلاة في الأوقات المكروهة لعموم قوله: "في ساعة من ليل أو نهار".
وتعقب بأن الأخذ بعمومه ليس بأولى من الأخذ بعموم النهي.
(1)
في كتابه "العين"(ص 296).
(2)
في تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم، له (ص 209).
(3)
في صحيحه رقم (108/ 2458).
(4)
الهروي في غريب الحديث (1/ 144 - 145) وفيه: الخشف: الصوت ليس بشديد.
(5)
لسان العرب (9/ 71) والنهاية (2/ 34).
(6)
في المسند (5/ 360).
(7)
في السنن رقم (3689) وقال: هذا حديث غريب.
(8)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 34).
(9)
الفتح (3/ 34).
[الباب السابع عشر] باب صلاة الاستخارة
74/ 965 - (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّها كما يُعَلِّمُنا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، يَقُولُ:"إِذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أن هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ؛ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وآجِلِه - فاصْرِفهُ عَني، واصْرِفْنِي عَنْهُ، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كانَ ثمَّ أرْضِني بِهِ، قالَ: ويُسَمِّي حَاجَتَهُ". رَواهُ الجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا)
(2)
. [صحيح]
الحديث مع كونه في صحيح البخاري
(3)
، ومع تصحيح الترمذي
(4)
وأبي حاتم له، قد ضعفه أحمد بن حنبل
(5)
وقال: إن حديث عبد الرحمن بن أبي الموالي، يعني الذي أخرجه هؤلاء الجماعة من طريقه منكر في الاستخارة.
قال ابن عدي في الكامل
(6)
في ترجمة عبد الرحمن المذكور: إنه أنكر عليه
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أحمد (3/ 344) والبخاري رقم (6382) وأبو داود رقم (1538) والترمذي رقم (480) والنسائي (6/ 80) وابن ماجه رقم (1383).
قال الترمذي: حديث جابر حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الموَالِي.
(3)
في صحيحه رقم (1162) و (6382) و (7390).
(4)
في السنن (2/ 348).
(5)
قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب"(2/ 558) في ترجمة عبد الرحمن بن أبي الموالي: "قلت: قال أبو طالب، عن أحمد: كان يروي حديثًا منكرًا عن ابن المنكدر عن جابر في الاستخارة ليس أحد يرويه غيره
…
" اهـ.
(6)
في الكامل (4/ 1616).
حديث الاستخارة، قال: وقد رواه غير واحد من الصحابة، انتهى.
وقد وثق عبد الرحمن بن أبي الموالي جمهور أهل العلم
(1)
كما قال العراقي، وقال أحمد بن حنبل وأبو زرعة وأبو حاتم: لا بأس به.
وفي الباب عن ابن مسعود عند الطبراني
(2)
قال: "علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستخارة قال: إذا أراد أحدكم أمرًا فليقل"، فذكر نحو حديث الباب.
وفي إسناده صالح بن موسى بن إسحاق بن طلحة التيمي وهو متروك كما ذكر في التقريب
(3)
.
وعن أبي أيوب عند الطبراني في الكبير
(4)
، وابن حبان في صحيحه
(5)
، وفيه ثم قُلْ:"اللهم إنك تقدر ولا أقدر" وذكر الحديث.
وعن أبي بكر الصديق عند الترمذي
(6)
في الدعوات: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا
(1)
قال أبو طالب، عن أحمد: لا بأس به.
وقال إسحاق بن منصور، عن ابن معين: صالح.
وقال الترمذي، والنسائي: ثقة.
وكذا قال الدوري عن ابن معين، والآجريُّ، عن أبي داود.
وقال أبو زرعة: لا بأس به، صدوق.
وقال أبو حاتم: لا بأس به، هو أحب إليَّ من أبي معشر.
انظر: تهذيب التهذيب (2/ 558) والجرح والتعديل (5/ 292) والمغني (2/ 388) والميزان (2/ 592) والتاريخ الكبير (3/ 1/ 355).
(2)
في المعجم الكبير (ج 7 رقم 10012).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 285) وقال: في إسناده صالح بن موسى الطلحي وهو ضعيف. قلت: بل صالح بن موسى الطلحي متروك.
(3)
رقم الترجمة (2891).
(4)
في المعجم الكبير (ج 4 رقم 3901).
(5)
في صحيحه رقم (4040).
قلت: وأخرجه أحمد (5/ 423) والحاكم في المستدرك (1/ 314) والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 147).
قال الحاكم: هذه سنة صلاة الاستخارة عزيزة، تفرد بها أهل مصر، ورواثه عن آخرهم ثقات، ووافقه الذهبي.
والخلاصة: أن حديث أبي أيوب حديث حسن لغيره، والله أعلم.
(6)
في سننه رقم (3516) وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث زنفل وهو ضعيف.
وهو حديث ضعيف. "الضعيفة" رقم (1515).
أراد أمرًا قال: "اللهم [خِرْ]
(1)
لي واختر لي" وفي إسناده ضعف.
وعن أبي سعيد عند أبي يعلى الموصلي
(2)
بلفظ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أراد أحدكم أمرًا فليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك" الحديث، وزاد في آخره:"لا حول ولا قوة إلا بالله".
قال العراقي: وإسناده جيد.
وعن سعد بن أبي وقاص عند أحمد
(3)
وأبي يعلى
(4)
والبزار
(5)
في مسانيدهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سعادة ابن آدم استخارته الله عز وجل".
قال البزار
(6)
: لا نعلمه بهذا اللفظ إلا عن سعد، ولا رواه عنه إلا ابنه محمد.
قال العراقي: قد رواه البزار أيضًا
(7)
من رواية عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه نحوه وكلاهما لا يصح إسناده.
(1)
في المخطوط (ب): (خره). وما أثبتناه من (أ) وهو موافق للترمذي.
(2)
في المسند رقم (1342).
قلت: وأخرجه الطبراني في "الدعاء" رقم (1304) والبزار (رقم 3185 - كشف) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 281) وقال: "رواه أبو يعلى ورجاله موثقون، ورواه الطبراني في الأوسط بنحوه" اهـ. ولم يعزه الهيثمي للبزار وهو على شرطه.
ويشهد له حديث جابر وأبي أيوب.
(3)
في المسند (1/ 168).
(4)
في المسند رقم (701).
(5)
في مسنده (رقم 750 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 279) وقال: وفيه محمد بن أبي حميد، وقال ابن عدي ضعفه بيِّن على ما يرويه وحديثه مقارب، وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وقد ضعفه أحمد والبخاري وجماعة" اهـ.
قلت: وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 518) والترمذي رقم (2151) والبيهقي في شعب الإيمان رقم (203) من طرق.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. فوهما.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبي حميد وليس هو بالقوي عند أهل الحديث.
(6)
في مسنده (1/ 359 - كشف).
(7)
في مسنده (رقم 751 - كشف) وقال البزار: عبد الرحمن - بن أبي بكر - لين الحديث.
وأصل الحديث عند الترمذي
(1)
في الرضا والسخط، وعن ابن عباس وابن عمر عند الطبراني في الكبير
(2)
قالا: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة كما يعلمنا السورة من القرآن: اللهم إني أستخيرك" الحديث، إلى قوله:"علام الغيوب".
وفي إسناده عبد الله بن هانئ بن عبد الرحمن بن أبي عبلة وهو متهم بالكذب
(3)
.
وعن ابن عمر حديث آخر عند الطبراني في الأوسط
(4)
بنحو حديثه الأول.
قوله: (في الأمور كلها) دليل على العموم، وأن المرء لا يحتقر أمرًا لصغره وعدم الاهتمام به فيترك الاستخارة فيه، فرُبَّ أمر يستخف بأمره فيكون في الإقدام عليه ضرر عظيم أو في تركه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"ليسأل أحدكم ربه حتى في شسع نعله"
(5)
.
قوله: (كما يعلمنا السورة من القرآن) فيه دليل على الاهتمام بأمر الاستخارة وأنه متأكد مرغب فيه.
(1)
في سننه رقم (2151) وقد تقدم.
(2)
في المعجم الكبير (ح 11 رقم 11477) بسند ضعيف جدًّا.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 281) وقال: وفيه عبد الله بن هانئ بن أبي عبلة وقد ذكره ابن حبان في الثقات وهو متهم" اهـ.
(3)
عبد الله بن هانئ ابن أبي عبلة، روى عن أبيه، أدركه أبو حاتم الرازي، متهم بالكذب.
الميزان (2/ 517 رقم 4665).
(4)
في المعجم الأوسط رقم (935) بسند ضعيف جدًّا.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 280 - 281) وقال: وفيه لم أجد من ترجمه".
قلت: بل رجال الإسناد كلهم مترجمون، لكن فيهم الحكم بن عبد الله الأيلي - وهو متروك، انظر: الميزان (1/ 572) والجرح والتعديل (3/ 120).
(5)
أخرجه الترمذي رقم (3612) والطبراني في "الدعاء" رقم (25) وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 289) وابن حبان في صحيحه رقم (866).
قال الترمذي: هذا حديث غريب وروى غير واحد هذا الحديث عن جعفر بن سليمان عن ثابت البناني عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا فيه عن أنس.
ثم أخرجه الترمذي رقم (3613) من طريق صالح بن عبد الله، عن جعفر بن سليمان، عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال: هذا أصح من حديث قطن، عن جعفر بن سليمان.
قلت: والحديث بطريقيه ضعيف، والله أعلم.
قال العراقي: ولم أجد من قال بوجوب الاستخارة مستدلًا بتشبيه ذلك بتعليم السورة من القرآن كما استدل بعضهم على وجوب التشهد في الصلاة بقول ابن مسعود: "كان يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن"
(1)
.
فإن قال قائل: إنما دل على وجوب التشهد الأمر في قوله: "فليقل التحيات لله"(1) الحديث.
قلنا: وهذا أيضًا فيه الأمر بقوله: فليركع ركعتين ثم ليقل"
(2)
.
فإن قال: الأمر في هذا تعلق بالشرط وهو قوله: "إذا همَّ أحدكم بالأمر"(2).
قلنا: إنما يؤمر به عند إرادة ذلك لا مطلقًا كما قال في التشهد: "إذا صلى أحدكم فليقل التحيات"(1).
قال: ومما يدل على عدم وجوب الاستخارة الأحاديث الصحيحة الدالة على انحصار فرض الصلاة في الخمس من قوله: هل عليَّ غيرها؟ قال: "لا إلا أن تطوّع"
(3)
، وغير ذلك انتهى
(4)
.
وفيه ما قدمنا لك في باب تحية المسجد.
قوله: (فليركع ركعتين) فيه أن السنة في الاستخارة كونها ركعتين فلا تجزئ الركعة الواحدة.
وهل يجزئ في ذلك أن يصلي أربعًا أو أكثر بتسليمة؟
يحتمل أن يقال: يجزئ ذلك لقوله في حديث أبي أيوب
(5)
: "ثم صلّ ما كتب الله لك"، فهو دال على أنها لا تضر الزيادة على الركعتين.
ومفهوم العدد في قوله: "فليركع ركعتين"(2) ليس بحجة على قول الجمهور.
قوله: (من غير الفريضة) فيه أنه لا يحصل التسنن بوقوع الدعاء بعد صلاة
(1)
تقدم برقم (774) من كتابنا هذا.
(2)
تقدم برقم (965) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم برقم (395) من كتابنا هذا.
(4)
أي كلام العراقي كما في "فتح الباري"(11/ 185).
(5)
وهو حديث حسن لغيره تقدم خلال شرح الحديث (74/ 965) من كتابنا هذا.
الفريضة والسنن الراتبة وتحية المسجد وغير ذلك من النوافل
(1)
.
وقال النووي في الأذكار
(2)
: إنه يحصل التسنن بذلك.
وتعقب
(3)
بأنه صلى الله عليه وسلم إنما أمره بذلك بعد حصول الهم بالأمر فإذا صلى راتبة أو فريضة ثم همّ بأمر بعد الصلاة أو في أثناء الصلاة لم يحصل بذلك الإتيان بالصلاة المسنونة عند الاستخارة.
قال العراقي: إن كان همه بالأمر قبل الشروع في الراتبة ونحوها ثم صلى من غير نية الاستخارة وبدا له بعد الصلاة الإتيان بدعاء الاستخارة فالظاهر حصول ذلك.
قوله: (ثم ليقل) فيه أنه لا يضر تأخر دعاء الاستخارة عن الصلاة ما لم يطل الفصل، وأنه لا يضر الفصل بكلام آخر يسير خصوصًا إن كان من آداب الدعاء لأنه أتى بثم المقتضية للتراخي.
قوله: (أستخيرك) أي أطلب منك الخير أو الخيرة.
قال صاحب المحكم
(4)
: استخار الله [تعالى]
(5)
: طلب منه الخير.
وقال صاحب النهاية
(6)
: خار الله [تعالى](5) لك: أي أعطاك الله [تعالى](5) ما هو خير لك، قال: والخيرة بسكون الياء الاسم منه، قال: فأما بالفتح فهي الاسم من قوله: اختاره الله [تعالى](5).
قوله: (بعلمك) الباء للتعليل، أي بأنك أعلم، وكذا قوله:(بقدرتك).
قوله: (ومعاشي) المعاش والمعيشة واحد يستعملان مصدرًا واسمًا.
قال صاحب المحكم
(7)
: العيش: الحياة، قال: والمعيش والمعاش والمعيشة ما يؤنس به انتهى.
(1)
فتح الباري (11/ 185).
(2)
الأذكار (ص 213).
(3)
من قبل الحافظ ابن حجر في "الفتح"(11/ 185).
(4)
في "المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده (5/ 256).
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
ابن الأثير في "النهاية"(2/ 91).
(7)
ابن سيدة في المحكم (2/ 213) حيث قال: المعاش والمعيش والمعيشة: ما يعاش به.
وهكذا جاء في "تاج العروس"(9/ 151): ما يعاش به. وليس ما يؤنس به.
وفتح الباري (11/ 186).
قوله: (أو قال عاجل أمري) هو شك من الراوي.
قوله: (فاصرفه عني واصرفني عنه) هو طلب الأكمل من وجوه انصراف ما ليس فيه خيرة عنه.
ولم يكتف بسؤال صرف أحد الأمرين لأنه قد يصرف الله [تعالى]
(1)
المستخير عن ذلك الأمر بأن ينقطع طلبه له، وذلك الأمر الذي ليس فيه خيرة بطلبه فربما أدركه وقد يصرف الله [تعالى](1) على المستخير ذلك الأمر، ولا يصرف قلب العبد عنه بل يبقى متطلعًا متشوقًا إلى حصوله، فلا يطيب له خاطر إلا بحصوله فلا يطمئن خاطره، فإذا صرف كل منهما عن الآخر كان ذلك أكمل.
ولذلك قال: (واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به)، لأنه إذا قدر له الخير ولم يرض به كان منكد العيش آثمًا بعدم رضاه بما قدره الله [تعالى](1) له مع كونه خيرًا له.
قوله: (ويسمي حاجته) أي في أثناء الدعاء عند ذكرها بالكناية عنها في قوله: "إن كان هذا الأمر".
والحديث يدل على مشروعية صلاة الاستخارة والدعاء عقيبها ولا أعلم في ذلك خلافًا.
وهل يستحب تكرار الصلاة والدعاء قال العراقي: الظاهر الاستحباب.
وقد ورد في حديث تكرار الاستخارة سبعًا، رواه ابن السني
(2)
من حديث أنس مرفوعًا بلفظ: "إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه".
قال النووي في الأذكار
(3)
: إسناده غريب فيه من لا أعرفهم.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في "عمل اليوم والليلة" رقم (598).
وقال الألباني رحمه الله في تحقيق الكلم الطيب: (ص 71): "أخرجه ابن السني بسند واه جدًّا. كما في "الفتح" (11/ 156). وفيه النضر بن أنس بن مالك كأنه وقع منسوبًا إلى جده. قال الذهبي: لا يعرف. وفيه أيضًا عبيد الله بن الحميري ولم أعرفه" اهـ.
والخلاصة: أن حديث أنس حديث ضعيف، والله أعلم.
(3)
الأذكار (ص 213) رقم (3/ 305).
قال العراقي: كلهم معروفون ولكن بعضهم معروف بالضعف الشديد وهو إبراهيم بن البراء بن النضر بن أنس بن مالك، وقد ذكره في الضعفاء العقيلي
(1)
وابن حبان
(2)
وابن عدي
(3)
والأزدي.
قال العقيلي: يحدث عن الثقات بالبواطيل.
وكذا قال ابن عدي.
وقال ابن حبان: شيخ كان يدور بالشام يحدث عن الثقات بالموضوعات، لا يجوز ذكره إلا على سبيل القدح فيه.
وقد رواه الحسن بن سعيد الموصلي فقال: حدثنا إبراهيم بن حبان بن النجار حدثنا أبي عن أبيه النجار عن أنس فكأنه دلسه وسماه النجار لكونه من بني النجار.
قال العراقي: فالحديث على هذا ساقط لا حجة فيه
(4)
.
نعم قد يستدل للتكرار "بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثًا" للحديث الصحيح
(5)
.
وهذا وإن كان المراد به تكرار الدعاء في الوقت الواحد، فالدعاء الذي [تسن]
(6)
الصلاة له تكرر الصلاة له كالاستسقاء.
قال النووي
(7)
: ينبغي أن يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان له فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسًا وإلا فلا يكون مستخيرًا لله [تعالى]
(8)
بل يكون مستخيرًا لهواه وقد
(1)
في "الضعفاء الكبير"(1/ 45).
(2)
في "المجروحين"(1/ 117).
(3)
في "الكامل"(1/ 255).
(4)
قال الحافظ في "الفتح"(11/ 187) ولكن سنده واه جدًّا.
(5)
• أخرج البخاري في صحيحه رقم (94)"عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سلم سلَّم ثلاثًا، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا".
• وأخرج مسلم في صحيحه رقم (107/ 1794) عن ابن مسعود وفيه: "وكان إذا دعا، دعا ثلاثًا وإذا سأل، سأل ثلاثًا .. ".
(6)
في (جـ): (يسن).
(7)
في الأذكار (ص 213).
(8)
زيادة من (جـ).
يكون غير صادق في طلب الخيرة وفي التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه
(1)
.
(1)
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(11/ 187) بعد أن ذكر كلام النووي وحديث أنس: "وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد ولكن سنده واه جدًّا. والمعتمد أنه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان له فيه هوى قوي قبل الاستخارة، وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر حديث أبي سعيد: "ولا حول ولا قوة إلا بالله".
• واعلم أن هناك من النوافل ما غفل عنها الشوكاني رحمه الله.
(أولًا): صلاة الدخول والخروج من المنزل:
يشرع للمسلم أن يصلي ركعتين إذا دخل بيته وإذا خرج من بيته.
للحديث الذي أخرجه البزار (2/ 357 رقم 746 - كشف) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخلت منزلك فصل ركعتين تمنعانك مدخل السوء، فإذا خرجت من منزلك فصلِّ ركعتين تمنعانك مخرج السوء".
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 283) وقال: "ورجاله موثقون".
وقال المناوي في "فيض القدير"(1/ 334): "
…
قال ابن حجر: حديث حسن ولولا شك بكر لكان على شرط الصحيح
…
ثم قال المناوي: وبه يعرف استرواح ابن الجوزي في حكمه بوضعه" اهـ.
وأورد الألباني الحديث في "الصحيحة" رقم (1323).
وخلاصة القول: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(ثانيًا): الصلاة بين الأذان والإقامة:
يستحب للمسلم أن يصلي بين الأذان والإقامة.
للحديث الذي أخرجه البخاري رقم (624) و (627) ومسلم رقم (838).
عن عبد الله بن مُغَفَّل قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (ثم قال في الثالثة) لمن شاء". وهو حديث صحيح.
(ثالثًا): صلاة التوبة:
ينبغي على المسلم أن يحرص على تقوى الله ومراقبته في كل أحيانه، وعدم الوقوع في المعصية، فإذا أذنب بادر إلى التوبة والإنابة.
وقد شرع الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الصلاة عند التوبة.
للحديث الذي أخرجه الترمذي رقم (406) و (3006) وأبو داود رقم (1521) وابن ماجه رقم (1395).
عن أسماء بن الحكم الفزاري؛ قال: سمعت عليًا يقول: إني كنت رجلًا إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا؛ نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني به، وإذا حدثني رجل من أصحابه، استحلفته، فإذا حلف لي؛ صدفته، وإنه حدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من رجل يذنب ذنبًا، ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ثم يستغفر الله؛ إلا غفر الله له، ثم قرأ هذه الآية:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135] وهو حديث حسن، والله أعلم.
(رابعًا): صلاة القادم من السفر:
يستحب للقادم من السفر أن يكون على وضوء، وأن يبدأ بالمسجد قبل بيته، فيصلي، ثم يجلس لمن يسلم عليه.
للحديث الذي أخرجه البخاري رقم (4418) ومسلم رقم (2769) عن كعب بن مالك؛ قال: "
…
كان (يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم) إذا قدم من سفر؛ بدأ بالمسجد، فيركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس"، وهو حديث صحيح.
(خامسًا): صلاة التسبيح:
صلاة التسبيح من الصلوات المشروعة وهي الآتية في حديث ابن عباس: عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب:"يا عباس! يا عماه! ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحْبوك؟ ألا أفعل بك؟ عشر خصال، إذا أنت فعلت ذلك؛ غفر الله لك ذنبك؛ أوَّله وآخره، قديمه وحديثه، خطأه وعمده، صغيره وكبيره، سرّه وعلانيته؛ عشر خصال: أن تصلي أربع ركعات؛ تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة. فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم، قلت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ خمس عشرة مرة؛ ثم تركع، فتقولها وأنت راكع عشرًا. ثم ترفع رأسك من الركوع، فتقولها عشرًا، ثم تهوي ساجدًا، فتقولها وأنت ساجد عشرًا؛ ثم ترفع رأسك من السجود، فتقولها عشرًا، ثم تسجد، فتقولها عشرًا. ثم ترفع رأسك، فتقولها عشرًا. فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات، إذا استطعت أن تصليها كل يوم مرة؛ فافعل، فإن لم تفعل؛ ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل؛ ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل؛ ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل؛ ففي عمرك مرة"، وهو حديث صحيح.
أخرجه أبو داود رقم (1297) وابن ماجه رقم (1387) وابن خزيمة رقم (1216) والحاكم (1/ 318) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 51 - 52).
وذكر الشيخ جاسم بن سليمان الفهيد الدوسري في كتابه "التنقيح لما جاء في صلاة التسبيح"(ص 64 - 70):
وقد صححه جماعة منهم أبو بكر الآجري، وأبو محمد عبد الرحيم المصري، وأبو الحسن المقدسي رحمهم الله.
وقال أبو بكر بن أبي داود سمعت أبي يقول: ليس في صلاة التسبيح حديث صحيح غير هذا.
وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله: "لا يُروى في هذا الحديث إسناد أحسن من هذا" اهـ.
وممن قال بتقويته أيضًا الدارقطني والبيهقي وابن السكن وابن ناصر الدين وابن حجر.
وصاحب تحفة الأحوذي، وصححه المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله.
[الباب الثامن عشر] باب ما جاء في طول القيام وكثرة الركوع والسجود
75/ 966 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "أَقْرَبُ ما يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ". رَواهُ أحمد
(2)
ومُسْلِمٌ
(3)
وأبو دَاوُدَ
(4)
والنَّسائيُّ
(5)
. [صحيح]
قوله: (من ربه) أي من رحمة ربه وفضله.
قوله: (وهو ساجد) الواو للحال: أي أقرب حالاته من الرحمة حال كونه ساجدًا.
وإنما كان في السجود أقرب من سائر أحوال الصلاة وغيرها؛ لأن العبد بقدر ما يبعد عن نفسه يقرب من ربه.
والسجود غاية التواضع وترك التكبر وكسر النفس، لأنها لا تأمر الرجل بالمذلة ولا ترضى بها ولا بالتواضع بل بخلاف ذلك.
فإذا سجد فقد خالف نفسه وبعد عنها، فإذا بعد عنها قرب من ربه.
قوله: (فأكثروا الدعاء) أي في السجود لأنه حالة قرب كما تقدم، وحالة القرب مقبول دعاؤها.
لأن السيد يحب عبده الذي يطيعه ويتواضع له ويقبل منه ما يقوله وما يسأله.
والحديث يدل على مشروعية الاستكثار من السجود ومن الدعاء فيه.
وفيه دليل لمن قال: السجود أَفضل من القيام
(6)
، وسيأتي ذكر الخلاف في ذلك.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في المسند (2/ 421).
(3)
في صحيحه رقم (215/ 482).
(4)
في سننه رقم (875).
(5)
في السنن (2/ 226).
وهو حديث صحيح.
(6)
انظر: تفصيل ذلك في شرح صحيح مسلم للنووي (4/ 200 - 201).
76/ 967 - (وَعَنْ ثَوْبانَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ فَإِنَّكَ لَنْ تَسْجُدَ لله سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللهُ [تعالى] (1) بِها دَرَجَةً، وَحَطَّ بِهَا عَنْكَ خَطِيئَةً". رَوَاهُ أحمدُ
(2)
ومُسْلِمٌ
(3)
وأبُو دَاوُدَ
(4)
. [صحيح]
الحديث لفظه في صحيح مسلم (3)، قال - يعني معدان بن أبي طلحة اليعمري -:"لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله [تعالى] (1) به الجنة، أو قال: بأحب الأعمال إلى الله [تعالى] (1)، فسكت، ثم سألته فسكت، ثم سألته الثالثة فقال: سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم " فذكر الحديث.
وهو يدل على أن كثرة السجود مرغب فيها والمراد به، السجود في الصلاة.
وسبب الحث عليه ما تقدم في الحديث الذي قبل هذا: "إن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"
(5)
، وهو موافق لقوله تعالى:{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}
(6)
، كذا قال النووي
(7)
.
وفيه دليل لمن يقول: إن السجود أفضل من القيام وسائر أركان الصلاة.
وفي هذه المسألة مذاهب.
(أحدها): أن تطويل السجود وتكثير الركوع والسجود أفضل، حكاه الترمذي
(8)
والبغوي
(9)
عن جماعة، وممن قال بذلك ابن عمر.
(والمذهب الثاني): أن تطويل القيام أفضل، لحديث جابر الآتي
(10)
، وإلى
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في المسند (5/ 276).
(3)
في صحيحه رقم (225/ 488).
(4)
لم يعزه المزي في "تحفة الأشراف"(2/ 140) لأبي داود.
قلت: وأخرجه الترمذي رقم (388) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وابن ماجه رقم (1423) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 51).
وهو حديث صحيح.
(5)
تقدم برقم (966) من كتابنا هذا.
(6)
سورة العلق: الآية (19).
(7)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 200 - 201).
(8)
في سننه (2/ 232).
(9)
في شرح السنة له (3/ 153).
(10)
برقم (969) من كتابنا هذا.
ذلك ذهب الشافعي وجماعة
(1)
وهو الحق كما سيأتي.
(والمذهب الثالث): أنهما سواء، وتوقف أحمد بن حنبل في المسألة
(2)
، ولم يقض فيها بشيء.
وقال إسحاق بن راهويه (1): أما في النهار فتكثير الركوع والسجود أفضل؛ وأما في الليل فتطويل القيام إلا أن يكون للرجل جزء بالليل يأتي عليه فتكثير الركوع والسجود أفضل؛ لأنه يقرأ جزأه ويربح كثرة الركوع والسجود.
قال ابن عدي
(3)
: إنما [قال]
(4)
إسحاق هذا لأنهم وصفوا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل بطول القيام ولم يوصف من تطويله بالنهار ما وصف من تطويله بالليل.
77/ 968 - (وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(5)
قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم آتيه بِوَضُوئِهِ وَحاجَتِهِ، فقالَ:"سَلْنِي"، فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الْجَنَّةِ، فقالَ:"أَوْ غَيْرَ ذلِكَ؟ "، فَقُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، فَقَالَ:"أَعِنِّي على نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجودِ". رواه أحْمَدُ
(6)
ومُسْلِمٌ
(7)
والنَّسائيُّ
(8)
وأبُو دَاوُدَ)
(9)
. [صحيح]
قوله: (سلني) فيه جواز قول الرجل لأتباعه ومن يتولى خدمته: سلوني حوائجكم.
قوله: (مرافقتك) فيه دليل على أن من الناس من يكون مع الأنبياء في الجنة.
وفيه أيضًا جواز سؤال الرتب [الرفيعة]
(10)
التي تكبر عن السائل.
قوله: (أعنِّي على نفسك بكثرة السجود) فيه أن السجود من أعظم القرب التي
(1)
المجموع شرح المهذب (3/ 238).
(2)
وقد قال ابن قدامة في "المغني"(2/ 564): "وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم تخفيفه أو تطويله، فالأفضل اتباعُه فيه، فإنه صلى الله عليه وسلم لا يفعل إلا الأفضل".
(3)
لم أقف عليه.
ونُقِل هذا القول عن الترمذي ذكره البغوي في شرح السنة (3/ 153) والنووي في شرح صحيح مسلم (4/ 200) والمجموع (3/ 238).
(4)
زيادة من المخطوط (أ).
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
في المسند (4/ 59).
(7)
في صحيحه رقم (226/ 489).
(8)
في سننه (2/ 227).
(9)
في سننه رقم (1320).
(10)
في المخطوط (ب): (الرفعية).
يكون بسببها ارتفاع الدرجات عند الله [تعالى]
(1)
إلى حدّ لا يناله إلا المقربون.
وبه أيضًا استدل من قال: إن السجود أفضل من القيام كما تقدم.
78/ 969 - (وَعَنْ جَابِرٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ] (1) أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "أفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ". رَوَاهُ أحمَدُ
(2)
وَمُسْلِمٌ
(3)
وابْنُ مَاجَهْ
(4)
والتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ
(5)
. [صحيح]
وفي الباب عن عبد الله بن حبشي عند أبي داود
(6)
والنسائي
(7)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم: سئل أيّ الأعمالِ أفضل؟ قال: إيمانٌ لا شكَّ فيه" الحديث. وفيه: "فأيُّ الصلاةِ أفضلُ؟ قال: طولُ القُنُوتِ".
وعن أبي ذر عند أحمد
(8)
وابن حبان في صحيحه
(9)
، والحاكم في المستدرك
(10)
عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل، قال فيه:"فأي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت".
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في المسند (3/ 302)، (3/ 391).
(3)
في صحيحه رقم (164/ 756).
(4)
في سننه رقم (1421).
(5)
في سننه رقم (387) وقال: حديث جابر بن عبد الله حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 8).
(6)
في سننه مختصرًا ومطولًا برقم (1325) و (1449).
(7)
في سننه (5/ 58) و (8/ 94).
قلت: وأخرجه أحمد في المسند (3/ 411 - 412) والدارمي (1/ 331) وابن أبي عاصم في "الجهاد" رقم (26) و (40) و (234) وفي الآحاد والمثاني رقم (2520) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 9، 4/ 180، 9/ 164) وأبو نعيم في الحلية (2/ 14).
وهو حديث صحيح.
(8)
في المسند (5/ 178) مختصرًا ولم يذكر الشاهد.
(9)
في صحيحه رقم (361) مطولًا وفيه ذكر الشاهد. بسند ضعيف جدًّا.
(10)
في المستدرك (2/ 282) مختصرًا ولم يذكر الشاهد.
قلت: وأخرجه مطولًا من طريق يحيى بن سعيد القرشي السعدي، عن ابن جريج عن عطاء، عن عبيد الله بن عمير، عن أبي ذر.
أخرجه من طريقه ابن عدي في "الكامل"(7/ 2699) والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 4) وأبو نعيم في الحلية (1/ 168).
ويحيى بن سعيد هذا، قال ابن حبان في المجروحين (3/ 129): شيخ يروي عن =
قوله: (طول القنوت) هو يطلق بإزاء معان قد قدمنا ذكرها، والمراد به هنا طول القيام.
قال النووي
(1)
: باتفاق العلماء، ويدل على ذلك تصريح أبي داود
(2)
في حديث عبد الله بن حبشي: "أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: طول القيام".
والحديث يدل على أن القيام أفضل من السجود والركوع وغيرهما، وإلى ذلك ذهب جماعة منهم الشافعي
(3)
كما تقدم وهو الظاهر ولا يعارض حديث الباب وما في معناه الأحاديث المتقدمة في فضل السجود؛ لأن صيغة أفعل الدالة على التفضيل إنما وردت في فضل طول القيام، ولا يلزم من فضل الركوع والسجود أفضليتهما على طول القيام.
وأما حديث: "ما تقرب العبد إلى الله [تعالى]
(4)
بأفضل من سجود خفي "
(5)
، فإنه لا يصح لإرساله كما قال العراقي، ولأن في إسناده أبا بكر بن أبي مريم وهو ضعيف
(6)
.
= ابن جريج المقلوبات، وعن غيره من الثقات الملزقات، لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد.
وقال ابن عدي: ويحيى بن سعيد يعرف بهذا الحديث وهذا حديث منكر من هذا الطريق عن ابن جريج
…
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 206).
(2)
في سننه رقم (1325) و (1449) وقد تقدم خلال شرح الحديث (78/ 969) من كثابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(3)
المجموع شرح المهذب (3/ 238).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
أخرجه ابن المبارك في الزهد رقم (154) والقضاعي في مسند الشهاب (2/ 250 رقم 1294).
من طريق أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب بن صهيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. الحديث.
إسناده ضعيف، أبو بكر بن أبي مريم، وهو أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني الشامي. قال الحافظ في "التقريب" رقم (7974): ضعيف، وكان قد سرق بيته فاختلط.
وضمرة بن حبيب بن صهيب تابعي ثقة "التقريب" رقم (2986).
فالحديث مرسل. "الضعيفة" رقم (1792).
(6)
تقدم في التعليقة السابقة.
وكذلك أيضًا لا يلزم من كون العبد أقرب إلى ربه حال سجوده أفضليته على القيام لأن ذلك إنما هو باعتبار إجابة الدعاء.
قال العراقي: الظاهر أن أحاديث أفضلية طول القيام محمولة على صلاة النفل التي لا تشرع فيها الجماعة وعلى صلاة المنفرد.
فأما الإمام في الفرائض والنوافل فهو مأمور بالتخفيف المشروع إلا إذا علم من حال المأمومين المحصورين إيثار التطويل، ولم يحدث ما يقتضي التخفيف من بكاء صبي ونحوه فلا بأس بالتطويل، وعليه يحمل صلاته في المغرب بالأعراف كما تقدم.
79/ 970 - (وَعَنْ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ليَقُومُ وَيُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ أَوْ سَاقَاهُ، فيقالُ لهُ، فَيَقُولُ: "أفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا". رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلَّا أَبَا دَاوُد)
(1)
. [صحيح]
في الباب عن أنس عند البزار
(2)
وأبي يعلى
(3)
والطبراني في الأوسط
(4)
مثل حديث المغيرة، قال العراقي: ورجاله رجال الصحيح.
وعن ابن مسعود عند الطبراني في الأوسط
(5)
بنحوه.
وعن النعمان بن بشير عند الطبراني في الأوسط
(6)
أيضًا بنحوه، وفي إسناده
(1)
أخرجه أحمد (4/ 251) والبخاري رقم (1130) ومسلم رقم (79/ 2819) والترمذي رقم (412) والنسائي (3/ 219 رقم 1944) وابن ماجه رقم (1419).
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(2)
في المسند (رقم 2380 - كشف).
(3)
في مسنده رقم (2900).
(4)
في الأوسط رقم (5737).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 271) وقال: رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح.
(5)
في الأوسط رقم (3347).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 271) وقال: "وفيه عبد الرحمن بن عثمان وهو ضعيف، وقد وثقه ابن حبان".
(6)
في الأوسط رقم (7199).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 271) وقال: "وفيه سليمان بن الحكم وهو =
سليمان بن الحكم وهو ضعيف
(1)
.
وعن [أبي]
(2)
جحيفة عند الطبراني في الكبير
(3)
بنحوه، وفي إسناده أبو قتادة عبد الله بن واقد الحراني ضعفه البخاري والجمهور، ووثقه ابن معين في رواية أحمد وقال: ربما أخطأ.
وعن عائشة عند البخاري
(4)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم حتى تنفطر قدماه" الحديث.
وعنها حديث آخر عند أبي داود
(5)
: "إن أول سورة المزمل نزلت، فقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخت أقدامهم".
وعن سفينة عند البزار
(6)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم تعبد قبل أن يموت واعتزل النساء حتى صار كأنه شن".
قوله: (حتى ترم قدماه) الورم الانتفاخ
(7)
.
قوله: (أفلا أكون عبدًا شكورًا)، فيه أن الشكر يكون بالعمل كما يكون باللسان. ومنه قوله تعالى:{اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا}
(8)
.
= ضعيف، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ. وروى عنه العقيلي وكان يزعم أنه ثقة" اهـ.
(1)
سليمان بن الحكم بن عوانة الكلبي ضعيف ضعفه الناس، ووثقه النفيلي، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك.
انظر: الجرح والتعديل (4/ 107) الميزان (2/ 99) واللسان (3/ 82).
(2)
سقط من (جـ).
(3)
في المعجم الكبير (ج 22 رقم 352).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 271) وقال: "وفيه أبو قتادة الحراني وثقه أحمد، وابن معين في رواية، وضعفه جماعة" اهـ.
(4)
في صحيحه رقم (4837).
(5)
في سننه رقم (1342) وهو حديث صحيح.
(6)
في سننه (رقم 2384 - كشف).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 270 - 271) وقال: رواه البزار من رواية محمد بن عبد الرحمن بن سفينة عن أبيه عن جده ولم أجد من ذكرهما، وفيه محمد بن الحجاج، قال يحيى بن معين: ليس بثقة" اهـ.
(7)
النهاية (5/ 177).
(8)
سورة سبأ: الآية (13).
والحديث يدل على مشروعية إجهاد النفس في العبادة من الصلاة وغيرها ما لم يؤده ذلك إلى الملال، وكانت حالته صلى الله عليه وسلم أكمل الأحوال، فكان لا يمل من عبادة ربه.
بل كان في الصلاة قرة عينه وراحته كما قال في الحديث الذي رواه النسائي
(1)
عن أنس: "وجعلت قرة عيني في الصلاة"، وكما قال في الحديث الذي رواه أبو داود
(2)
: "أرحنا بها يا بلال".
[الباب التاسع عشر] باب إخفاء التطوع وجوازه جماعة
80/ 971 - عَنْ زيدِ بْنِ ثَابِتٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(3)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوبَةَ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا ابْنَ مَاجَهْ
(4)
. [صحيح]
لكن له
(5)
مَعْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ). [صحيح]
حديث عبد الله بن سعد الذي أشار إليه المصنف [رحمه الله تعالى]
(6)
أخرجه أيضًا الترمذي في الشمائل
(7)
، ولفظه:"قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما أفضل: الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد؟ قال: ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد، فلأن أصلي في بيتي أحب إليّ من أن أصلي في المسجد إلا أن تكون صلاة مكتوبة".
(1)
في سننه (7/ 61 رقم 3939) بسند حسن.
(2)
في سننه رقم (4985) وهو حديث صحيح.
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
أحمد (5/ 182) والبخاري رقم (731) ومسلم رقم (213/ 781) وأبو داود رقم (1044) والترمذي رقم (455) والنسائي (3/ 197).
وهو حديث صحيح.
(5)
أي لابن ماجه في سننه رقم (1378).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 444): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات
…
" اهـ.
(6)
زيادة من المخطوط (أ) و (جـ).
(7)
في الشمائل رقم (290).
قلت: وأخرجه أحمد (4/ 342) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 412).
وهو حديث صحيح.
وفي الباب عن عمر بن الخطاب عند ابن ماجه
(1)
قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما صلاة الرجل في بيته فنور، فنوِّروا بيوتكم" وفيه انقطاع.
وعن جابر عند مسلم
(2)
في أفراده قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته، فإن الله عز وجل جاعل في بيته من صلاته خيرًا".
وعن أبي سعيد عند ابن ماجه
(3)
مثل حديث جابر. قال العراقي: وإسناده صحيح.
وعن أبي هريرة عند مسلم
(4)
والنسائي
(5)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان يفر من البيت الذي [يقرأ]
(6)
فيه سورة البقرة".
وعن ابن عمر عند الشيخين
(7)
وأبي داود
(8)
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا".
وفي لفظ متفق عليه
(9)
: "صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا".
وعن عائشة عند أحمد
(10)
: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: صلُّوا في بيوتكم ولا تجعلوها عليكم قبورًا".
وعن زيد بن خالد عند أحمد
(11)
والبزار
(12)
والطبراني
(13)
قال: قال
(1)
في سننه رقم (1375) وهو حديث ضعيف.
(2)
في صحيحه رقم (210/ 778). وهو حديث صحيح.
(3)
في السنن رقم (1176) وهو حديث ضعيف.
(4)
في صحيحه رقم (212/ 780).
(5)
في السنن الكبرى (7/ 257 رقم 7961). قلت: وأخرجه الترمذي رقم (2877) وأحمد (2/ 284، 363، 387، 388). وهو حديث صحيح.
(6)
في (جـ): (تقرأ).
(7)
البخاري رقم (432) ومسلم رقم (209/ 777).
(8)
في سننه رقم (1043). وهو حديث صحيح.
(9)
أحمد (2/ 122، 123) والبخاري رقم (1187) ومسلم رقم (208/ 777).
(10)
في المسند (6/ 65) بسند ضعيف لضعف ابن لهيعة.
(11)
في المسند (5/ 192).
(12)
في المسند (رقم 706 - كشف).
(13)
في المعجم الكبير (ج 5 رقم 5278).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 247) وقال: وفيه ابن لهيعة وفيه كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح.
[رسول الله]
(1)
صلى الله عليه وسلم: "صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا"، قال العراقي: وإسناده صحيح. وعن الحسن بن عليّ عند أبي يعلى
(2)
بنحو حديث زيد بن خالد.
وفي إسناده عبد الله بن نافع وهو ضعيف
(3)
.
وعن صهيب بن النعمان عند الطبراني في الكبير
(4)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس كفضل المكتوبة على النافلة".
وفي إسناده محمد بن مصعب وثقه أحمد بن حنبل، وضعفه ابن معين وغيره
(5)
.
الحديث يدل على استحباب فعل صلاة التطوع في البيوت، وأن فعلها فيها أفضل من فعلها في المساجد ولو كانت المساجد فاضلة. كالمسجد الحرام ومسجده صلى الله عليه وسلم ومسجد بيت المقدس.
وقد ورد التصريح بذلك في إحدى روايتي أبي داود
(6)
لحديث زيد بن ثابت
(1)
سقط من (جـ).
(2)
في المسند رقم (6761).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 247) وقال: وفيه عبد الله بن نافع وهو ضعيف.
(3)
عبد الله بن نافع مولى ابن عمر القرشي المدني أبو بكر. قال البخاري: منكر الحديث وقال أيضًا: يخالف في حديثه. قال ابن المديني: روى مناكير. عن يحيى ضعيف.
انظر: الضعفاء الصغير للبخاري رقم (197) والتاريخ الكبير (5/ 214) والمجروحين (2/ 20) والجرح والتعديل (5/ 183) والميزان (2/ 513) والخلاصة (ص 217).
(4)
في المعجم الكبير (ج 8 رقم 7322).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 247) وقال: "وفيه محمد بن مصعب القرقساني ضعفه ابن معين وغيره ووثقه أحمد".
(5)
محمد بن مصعب بن صدقة القرقساني، أبو عبد الله.
قال أحمد: حديثه عن الأوزاعي مقارب، وأما عن حماد بن سلمة ففيه تخليط، وقال مرة: لا بأس به. وضعفه الأكثرون، ووثقه ابن قانع، وقال ابن عدي: ليس عندي برواياته بأس.
انظر: التاريخ الكبير (1/ 1/ 239) والجرح والتعديل (4/ 1/ 102) والمجروحين (2/ 293) والميزان (4/ 42) وتاريخ بغداد (3/ 276، 277) والتقريب (2/ 208).
(6)
رقم (1044) وهو حديث صحيح.
فقال فيها: "صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا، إلا المكتوبة".
قال العراقي: وإسناده صحيح.
فعلى هذا لو صلى نافلة في مسجد المدينة كانت بألف صلاة على القول بدخول النوافل في عموم الحديث، وإذا صلاها في بيته كانت أفضل من ألف صلاة، وهكذا حكم المسجد الحرام وبيت المقدس.
وقد استثنى أصحاب الشافعي
(1)
من عموم أحاديث الباب عدة من النوافل فقالوا: فعلها في غير البيت أفضل، وهي ما تشرع فيها الجماعة كالعيدين والكسوف والاستسقاء وتحية المسجد وركعتي الطواف وركعتي الإحرام.
قوله: (إلا المكتوبة) قال العراقي: هو في حق الرجال دون النساء، فصلاتهنّ في البيوت أفضل وإن أذن لهنّ في حضور بعض الجماعات.
وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح
(2)
: "إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهنّ وبيوتهنّ خير لهنّ".
والمراد بالمكتوبة هنا الواجبات بأصل الشرع وهي الصلوات الخمس دون المنذورة.
قال النووي
(3)
: إنما حث على النافلة في البيت لكونه أخفى وأبعد من الرياء وأصون من محبطات الأعمال، وليتبرك البيت بذلك وتنزل فيه الرحمة والملائكة وينفر منه الشيطان كما جاءَ في الحديث.
81/ 972 - (وَعَنْ عُتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(4)
أَنَّهُ قَالَ: يا رَسُولَ اللهِ إنَّ السُّيُولَ لَتَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَسْجِدِ قَوْمِي، فَاُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَنِي فَتُصَلِّيَ في مكانٍ مِنْ بَيْتِي أتَّخِذُهُ مَسْجِدًا، فقالَ:"سَنَفْعَلُ"، فَلَمَّا دَخَلَ قالَ:"أَيْنَ تُرِيدُ؟ "
(1)
انظر: "المجموع"(3/ 539 - 540) والمغني (2/ 565 - 566).
(2)
سيأتي تخريجه برقم (1036) من كتابنا هذا.
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 67 - 68).
(4)
زيادة من (جـ).
فأشَرْتُ لَهُ إلى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ، فقامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَصُفِفْنَا خَلْفَهُ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(1)
. [صحيح]
وَقَدْ صَحَّ التَّنَفُّلُ جَمَاعَةً مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ
(2)
. [صحيح]
وَأَنَسٍ
(3)
[رضي الله عنهم]
(4)
. [صحيح]
حديث ابن عباس الذي أشار إليه المصنف له ألفاظ في البخاري
(5)
وغيره: أحدها أنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقمت عن يساره، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه.
وحديث أَنس المشار إليه أيضًا له ألفاظ كثيرة في البخاري
(6)
وغيره وأحدها أنه قال: "صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي أم سليم خلفنا".
الأحاديث ساقها المصنف ههنا للاستدلال بها على صلاة النوافل جماعة وهي كما ذكر، وليس للمانع من ذلك متمسك، تعارض به هذه الأدلة.
وفي حديث عتبان فوائد.
(منها) جواز التخلف عن الجماعة في المطر والظلمة ونحو ذلك.
(ومنها) جواز اتخاذ موضع معين للصلاة.
وأما النهي عن إيطان موضع معين من المسجد، ففيه حديث رواه أبو داود
(7)
(1)
أخرجه أحمد (4/ 44) والبخاري رقم (424) ومسلم رقم (33/ 263).
قلت: وأخرجه النسائي (3/ 64 - 65) وفي عمل اليوم والليلة رقم (1108) وفي التفسير رقم (514) وابن ماجه رقم (754) وغيرهم.
(2)
تقدم برقم (8/ 245) من كتابنا هذا.
(3)
سيأتي برقم (4/ 1114) من كتابنا هذا.
(4)
في (جـ): (رضي الله تعالى عنهما).
(5)
في صحيحه رقم (726) ومسلم رقم (187/ 763).
(6)
في صحيحه رقم (727) وأحمد (3/ 110).
(7)
في سننه رقم (862).
قلت: وأخرجه أحمد (3/ 428) والنسائي (2/ 214 - 215) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 118).
من طريق جعفر بن عبد الله الأنصاري عن تميم بن محمود، عن عبد الرحمن بن شِبل، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقرة الغراب، وافتراش السَّبع، وأن يوطن الرجلُ المكان في المسجد كما يوطن البعير. =
وهو محمول على ما إذا استلزم رياء ونحوه
(1)
.
وفيه تسوية الصفوف، وأن عموم النهي عن إمامة الزائر من زاره مخصوصةٌ بما إذا كان الزائر هو الإمام الأعظم فلا [يكره]
(2)
، وكذا من أذن له صاحب المنزل.
وفيه أنه يشرع لمن دعي من الصالحين للتبرك به الإجابة
(3)
، وإجابة الفاضل دعوة المفضول وغير ذلك من الفوائد.
= وأخرجه أحمد (3/ 428، 444) والدارمي (1/ 303) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 91) وابن ماجه رقم (1429) والحاكم (1/ 229) وابن خزيمة رقم (1319) وابن عدي في الكامل (2/ 515) والعقيلي في الضعفاء (1/ 170) والبغوي في شرح السنة رقم (666) من طريق عبد الحميد بن جعفر، به.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. وتعقبهما الألباني في الصحيحة رقم (1168): كذا قالا، وتميم بن محمد هذا أورده الذهبي نفسه في "الميزان" وقال:"قال البخاري: فيه نظر".
وأخرجه أحمد (5/ 446، 447) عن عثمان البتِّي عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه مرفوعًا.
ورجاله ثقات غير عبد الحميد هذا فهو مجهول كما في التقريب.
والحديث بمجموع الطريقين حسنه الألباني رحمه الله.
(1)
قال القاسمي: في "إصلاح المساجد من البدع والعوايد"(ص 185):
"يهوى بعض ملازمي الجماعات مكانًا مخصوصًا أو ناحية من المسجد إما وراء الإمام، أو جانب المنبر، أو أمامه، أو طرف حائطه اليمين أو الشمال، أو الصفة المرتفعة في آخره بحيث لا يلذ له التعبد ولا الإقامة إلا بها وإذا أبصر من سبقه إليها فربما اضطربه إلى أن يتنحى له عنها لأنها محتكرة، أو يذهب عنها مغضبًا، أو متحوقلًا، أو مسترجعًا، وقد يفاجئ الماكث بها بأنه مقامه من كذا وكذا سنة، وقد يستعين بأشكاله من جهلة المتنسكين على أن يقام منها إلى غير ذلك من ضروب الجهالات التي ابتليت بها أكثر المساجد.
ولا يخفى أن محبة مكان من المسجد على حده تنشأ من الجهل أو الرياء والسمعة وأن يقال إنه لا يصلي إلا في المكان الفلاني، أو أنه من أهل الصف الأول مما يحبط العمل ملاحظته ومحبته نعوذ بالله.
وهب أن هذا المتوطن لم يقصد ذلك فلا أقل أنه يفقد لذة العبادة بكثرة الألف والحرص على أن هذا المكان بحيث لا يدعوه إلى المسجد إلا موضعه.
وقد ورد النهي عن ذلك في الحديث الحسن المتقدم
…
" اهـ.
(2)
في (جـ): (تكره).
(3)
ولعل القارئ قد لاحظ أن الشوكاني - والحافظ ابن حجر من قبله - اعتمد على الأحاديث التي تدل على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبركون بالنبي صلى الله عليه وسلم، ففهم من ذلك جواز التبرك بغيره من الصالحين. =
وفي حديث ابن عباس فوائد كثيرة أيضًا ذكر بعضهم منها عشرين فائدة وهي تزيد على ذلك
(1)
.
= ولا شك أن التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم وبآثاره مشروع، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مبارك في ذاته وآثاره وأفعاله، وكان صحابته الكرام يعرفون ذلك، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
ولكن هل يقاس على النبي صلى الله عليه وسلم غيره من الصالحين فيُتبرّك به وبآثاره كما ذهب إليه الشوكاني - ومن قبله الحافظ ابن حجر -.
الواقع أنَّه لا يوجد هناك أي دليل على جواز التبرَّك بغير النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالتبرك بغيره من الصحابة رضي الله عنهم أو غيرهم، سواء بذواتهم، أو بآثارهم، أو أرشد إلى شيء من ذلك.
وكذا لم يُنقل حصول هذا النوع من التبرك من قبل الصحابة رضي الله عنهم بغيره صلى الله عليه وسلم، لا في حياته صلى الله عليه وسلم ولا بعد مماته عليه الصلاة والسلام.
ولهذا ذهب المحققون من علماء أهل السنة والجماعة إلى أن التبرك بذوات الصالحين وبآثارهم غير مشروع، بل هو من التبرك الممنوع.
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي: "
…
كذلك المبالغة في تعظيم الشيوخ وتنزيلهم منزلة الأنبياء هو المنهي عنه. وقد كان عمر وغيره من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم يكرهون أن يطلب منهم الدعاء، ويقولون:(أأنبياء نحن؟)، فدلّ على أن هذه المنزلة لا تنبغي إلَّا للأنبياء عليهم السلام، وكذلك التبرك بالآثار فإنما كان يفعله الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يفعلونه مع بعضهم ببعض ولا يفعله التابعون مع الصحابة، مع علو قدرهم. فدلّ على أن هذا لا يفعل إلا مع النبي صلى الله عليه وسلم، مثل التبرك بوضوئه وفضلاته وشعره، وشرب فضل شرابه وطعامه.
وفي الجملة فهذه الأشياء فتنة للمعظَّم وللمعظِّم لما يخشى عليه من الغلوّ المدخل في البدعة، وربما يترقّى إلى نوع من الشرك. كل هذا إنما جاء من التشبه بأهل الكتاب والمشركين الذي نهيت عنه هذه الأمة".
وبكل ما سبق يتبين أنّ ما رآه الشوكاني - ومن قبله الحافظ ابن حجر - من قياس الصالحين على الرسول صلى الله عليه وسلم في جواز التبرك بذواتهم وآثارهم غير صحيح، وأنَّ هذا النوع من التبرك ممنوع؛ لأنَّه يخالف إجماع السلف الصالح.
انظر: "التبرك أنواعه وأحكامه" للدكتور ناصر بن عبد الرحمن الجديع، (ص 261) و"الحكم الجديرة بالإذاعة" لابن رجب، بإشراف زهير الشاويش (ص 54 - 55) و"منهج الحافظ ابن حجر العسقلاني في العقيدة" تأليف د. محمد إسحاق كندو. (2/ 1022 - 1035) المبحث الخامس موقفه من التبرك.
(1)
للإمام الشوكاني رسالة بعنوان "رفع الأساس لفوائد حديث ابن عباس" رقمها (82)، الجزء (6)، الصفحة (2777 - 2799) وهي ضمن "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني" بتحقيقي، فانظرها لزامًا. =
وكذلك حديث أنس له فوائد
(1)
، وهما يدلان على أن الصبي يسد الجناح، وفي ذلك خلاف معروف.
[الباب العشرون] باب أن أفضل التطوّع مثنى مثنى
فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ
(2)
وَعائِشَةَ
(3)
وَأُمِّ هانِئ
(4)
وَقَدْ سَبَقَ.
82/ 973 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا]
(5)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "صَلَاةُ اللَّيْلِ والنَّهَارِ مَثنَى مَثْنَى". رَوَاهُ الخَمْسَةُ
(6)
. [صحيح]
وَلَيْسَ هَذَا بِمُنَاقِضٍ لِحَدِيثِهِ الَّذِي خَصَّ فِيهِ اللَّيْلَ بِذلِكَ لأَنَّهُ وَقَعَ جَوَابًا عَنْ سُؤّالِ سَائل عَيَّنَهُ في سؤَالِهِ).
حديث ابن عمر (2) الذي أشار إليه المصنف قد تقدم في باب الوتر بركعة.
وحديث عائشة (3) المشار إليه تقدم في باب الوتر بركعة أيضًا.
وحديث أم هانئ (4) تقدم في باب الضحى.
وحديث ابن عمر المذكور في الباب قد تقدم الكلام عليه أيضًا في شرح حديثه (2) المتقدم في باب الوتر بركعة.
وفي الباب عن عمرو بن عبسة عند أحمد
(7)
بدون ذكر النهار.
وعن ابن عباس عند الطبراني
(8)
.
= فقد أوصلها الشوكاني إلى (55) فائدة.
(1)
انظر: "الفتح"(2/ 346).
(2)
تقدم برقم (917) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم برقم (920) من كتابنا هذا.
(4)
تقدم برقم (960) من كتابنا هذا.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
أخرجه أحمد (2/ 26) وأبو داود رقم (1421) والترمذي رقم (437) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (3/ 227) وابن ماجه رقم (1322) وهو حديث صحيح.
(7)
في المسند (4/ 387).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 264) وقال: وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف وهو حديث صحيح لغيره.
(8)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 10963). =
وابن عدي
(1)
بنحو حديث عمرو بن عبسة.
وعن عمار عند الطبراني في الكبير
(2)
بنحوه، وفي إسناده الربيع بن بدر وهو ضعيف
(3)
.
والحديث يدل على أن المستحب في صلاة تطوّع الليل والنهار أن [يكون]
(4)
مثنى مثنى إلا ما خص من ذلك إما في جانب الزيادة كحديث عائشة
(5)
: "صلى أربعًا فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنّ، ثم صلى أربعًا فلا تسأل عن حسنهنّ وطولهنّ".
وإما في جانب النقصان كأحاديث الإيتار بركعة.
وقد أشار المصنف رحمه الله [تعالى]
(6)
إلى الجمع بين حديث ابن عمر
(7)
هذا وحديثه الذي تقدم الاقتصار فيه على صلاة الليل
(8)
بأن حديثه المتقدم وقع جوابًا لسؤال سائل.
وأيضًا حديثه هذا مشتمل على زيادة وقعت غير منافية فيتحتم العمل بها كما تقدم.
83/ 974 - (وَعَنْ أَبي أَيُّوبَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ] (6) أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا قامَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَأْمُرُ بِشَيْءٍ، وَيُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ)
(9)
. [ضعيف]
= وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 264) وقال: "وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس".
(1)
في "الكامل"(5/ 54).
(2)
في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 264) وقال الهيثمي: "وفيه الربيع بن بدر وهو ضعيف".
(3)
ربيع بن بدر، ويقال له عُلَيْلَةَ بن بَدْر، السعدي التميمي: أبو العلاء: قال النسائي: متروك الحديث. وقال البخاري: ضعفه قتيبة، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو داود وغيره: ضعيف.
انظر: التاريخ الكبير (3/ 279) والمجروحين (1/ 297) والجرح والتعديل (3/ 455) والميزان (2/ 38) والتقريب (1/ 243) والخلاصة (ص 114 - 115).
(4)
في (جـ): (تكون).
(5)
تقدم برقم (926) من كتابنا هذا.
(6)
زيادة من (جـ).
(7)
تقدم برقم (973) من كتابنا هذا.
(8)
تقدم برقم (917) من كتابنا هذا.
(9)
أخرجه أحمد في المسند (5/ 417) بسند ضعيف جدًّا. =
84/ 975 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا]
(1)
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْقُدُ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ تَسَوَّكَ ثُمَّ تَوَضأ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ يَجْلِسُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ويُسلّمُ، ثُمَّ يُوتِرُ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ وَلَا يُسَلِّمُ إلا في الْخَامِسَةِ)
(2)
. [إسناده صحيح]
85/ 976 - (وَعَنِ المُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ] (1) أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى وَتَشَهَّدُ وَتُسَلِّمُ في كلّ رَكْعَتَيْنِ وَتَبْأسُ وَتَمَسْكَنُ وَتُقْنِع يَدَيْك وَتَقُولُ: اللهُمَّ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَهِيَ خِدَاجٌ". رَواهُن ثَلَاثَتُهُنَّ أَحْمَدُ)
(3)
. [ضعيف]
أما حديث أبي أيوب فأخرجه أيضًا الطبراني في الكبير
(4)
، وفي إسناده واصل بن السائب وهو ضعيف
(5)
. وزاد أحمد
(6)
في رواية: "يستاك من الليل مرتين أو ثلاثًا".
وأما حديث عائشة فيشهد له ما أخرجه الطبراني في الأوسط
(7)
عن أنس
= قلت: وأخرجه عبد بن حميد رقم (219) والطبراني في الكبير رقم (4066) و (4067).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 99، 272) وقال: "رواه أحمد والطبراني في "الكبير" وفيه واصل بن السائب، وهو ضعيف".
قلت: وفيه أيضًا أبو سَورة ابن أخي أبي أيوب ضعيف. وقيل: لا يعرف له سماع من أبي أيوب.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه أحمد في المسند (6/ 123) بسند صحيح.
قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 28).
(3)
أخرجه أحمد في المسند (4/ 167) بسند ضعيف.
(4)
في الكبير رقم (4066) و (4067) وقد تقدم.
(5)
واصل بن السائب الرقاشي، عن عطاء وأبى سورة، قال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو زرعة: ضعيف.
انظر: التاريخ الكبير (8/ 173) والمجروحين (3/ 83) والجرح والتعديل (9/ 30 - 31) والميزان (4/ 328) والتقريب (2/ 328) والخلاصة (ص 414).
(6)
أخرجه أحمد في المسند (5/ 417) بسند ضعيف جدًّا.
(7)
في المعجم الأوسط رقم (4811).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 277) وقال: "وفيه جنادة بن مروان وقد اتهمه أبو حاتم".
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحيي الليل بثماني ركعات، ركوعهنّ كقراءتهنّ [وسجودهنّ كقراءتهنّ]
(1)
ويسلم بين كل ركعتين.
وفي إسناده جنادة بن مروان
(2)
اتهمه أبو حاتم.
وأما الإِيتار بخمس متصلة فهو ثابت عند مسلم
(3)
والترمذي
(4)
والنسائي
(5)
من حديثها وقد تقدم
(6)
.
وأما حديث المطلب بن ربيعة فأخرجه أيضًا أبو داود
(7)
قال: حدثنا محمد بن المثنى، حدّثنا معاذ، حدثنا شعبة، حدثني عبد ربه بن سعيد عن أنس بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع عن عبد الله بن الحارث عن المطلب فذكره.
وقال المنذري
(8)
: أخرجه البخاري وابن ماجه وفي حديث ابن ماجه المطلب بن أبي وداعة وهو وهم.
وقيل: هو عبد المطلب بن ربيعة.
وقيل: الصحيح فيه ربيعة بن الحارث عن الفضل بن عباس، وأخطأ فيه شعبة في مواضع.
وقال البخاري في التاريخ: إنه لا يصح اهـ.
[ويشهد]
(9)
لصحته الأحاديث المذكورة في أوّل الباب.
(1)
ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(2)
جنادة بن مروان الأزدي الحمصي. قال أبو حاتم: ليس بالقوي.
وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج له هو والحاكم في الصحيح.
انظر: الجرح والتعديل (2/ 516) ولسان الميزان (2/ 239).
(3)
في صحيحه رقم (123/ 737).
(4)
في سننه رقم (459) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(5)
في سننه (3/ 240).
وهو حديث صحيح.
(6)
تقدم برقم (925) من كتابنا هذا.
(7)
في سننه رقم (1296) وهو حديث ضعيف.
(8)
في "الترغيب والترهيب"(1/ 413).
وانظر: سنن الترمذي (2/ 226 - 227) فقد ذكر كلام البخاري مفصلًا.
(9)
في (جـ): وتشهد.
قوله: (وتبأس) قال ابن رسلان: بفتح المثناة الفوقانية وسكون الباء الموحدة وفتح الهمزة، والمعنى: أن تظهر الخضوع؛ وفي بعض النسخ تبايس بفتح التاء والباء وبعد الألف ياء تحتانية مفتوحة ومعناهما واحد
(1)
.
قال في القاموس
(2)
: التباؤس: التفاقر. ويطلق أيضًا على التخشع والتضرع.
قوله: (وتمسكن) قال في القاموس
(3)
: تمسكن صار مسكينًا، والمسكين من لا شيء له والذليل والضعيف.
قوله: (وتقنع يديك) بقاف فنون فعين مهملة: أي ترفعهما.
قال ابن رسلان: هو بضم التاء وكسر النون، قال: والإقناع رفع اليدين في الدعاء والمسألة
(4)
. والخداج
(5)
قد تقدم تفسيره.
والحديث الأول والثاني مقيدان بصلاة الليل.
والحديث الثالث مطلق وجميعها يدل على مشروعية أن تكون صلاة التطوع مثنى مثنى إلا ما خص كما تقدم، وفي هذه الأحاديث فوائد.
(منها) مشروعية التسوك عند القيام من النوم وقد تقدم الكلام عليه.
(ومنها) مشروعية التمسكن والتفاقر لأن ذلك من الأسباب للإجابة.
(ومنها) مشروعية رفع اليدين عند الدعاء وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في دعاء قط إلا في أمور مخصوصة
(6)
.
(1)
النهاية لابن الأثير (1/ 89).
(2)
القاموس المحيط (ص 684).
(3)
القاموس المحيط (ص 1556).
(4)
النهاية (4/ 114).
(5)
النهاية (2/ 12).
(6)
قلت: بل ثبت رفع يديه صلى الله عليه وسلم في مواضع مختلفة:
(منها): ما أخرجه البخاري رقم (4323) ومسلم رقم (2498):
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر على جيشٍ إلى أوطاس فلقي دريد بن الصمّة، فقُتل دريد وهزمَ اللهُ أصحابُه، قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر، فرُمِيَ أبو عامر في ركبتهِ، رماه جُشَمِيٌ بسهم فأثبتهُ في ركبتهِ، فانتهيتُ إليه فقلتُ: يا عمّ من رماك؟ فأشار إلى أبي موسى، فقال: ذاك قاتلي الذي رماني فقصدتُ له فلَحِقتُه، فلما رآني ولَّى، فاتبعتهُ وجعلتُ أقولُ له: ألا تستحي، ألا تثبت =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كفَّ، فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلتُهُ، ثم قلت لأبي عامر: قتل اللهُ صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنزعتهُ فنزا منه الماء، قال: يا ابن أخي، أقرئ النبي صلى الله عليه وسلم السلام، وقل له: استغفِرْ لي، واستخلفني أبو عامر على الناس، فمكث يسيرًا ثم مات، فرجعتُ فدخلتُ على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته على سرير مُرْمَل وعليه فراش، قد أثرَ رِمالُ السريرِ بظهره وجنبهِ، فأخبرتُهُ بخبرنا وخبر أبي عامر، وقال: قل له: استغفر لي، فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال:"اللهم اغفر لعبيد أبي عامر" ورأيت بياض إبطيه، ثم قال:"اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس"
…
الحديث.
(ومنها): أخرج البخاري في "الأدب المفرد" رقم (610).
عن عائشة رضي الله عنها أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو رافعًا يديه يقول: "إنما أنا بشر، فلا تعاقبني، أيما رجل من المؤمنين آذيته، أو شتمته، فلا تعاقبني فيه".
وهو حديث صحيح لغيره كما قال المحدث الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الأدب المفرد.
(ومنها): حديث أبي هريرة، قال: جاءَ الطفيل بن عمرو الدُّوسي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن دوسًا قد عصت وأبتْ، فادع الله عليهم، فاستقبل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ورفع يديه، فقال الناس: هلكوا. فقال: "اللهم اهْدِ دوسًا وائتِ بهم، اللهم اهدِ دوسًا وائتِ بهم". وهو حديث صحيح.
أخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم (611) وفي "رفع اليدين" رقم (153) والشافعي (2/ 199 - 200 - ترتيب المسند) والحميدي رقم (1050) والطبراني في الكبير رقم (8220) والبيهقي في دلائل النبوة (5/ 359) والبغوي في شرح السنة رقم (1352) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري رقم (2937) ومسلم رقم (2524) من طرق عن أبي الزناد، به.
قال الألباني رحمه الله في "صحيح الأدب المفرد"(ص 229 - 230): "قلت: ليس عندهما - أي البخاري ومسلم في صحيحيهما - قوله: "ورفع يديه" وقد صرح بذلك الحافظ في المكان المشار إليه آنفًا من "الفتح" (11/ 142) وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد عزاه البيهقي في "دلائل النبوة" للبخاري في "صحيحه" وهو من تساهله كما بينته في "الصحيحة" - (6/ 1063) -.
وفي الحديث فائدة هامة وهي: استقبال القبلة بالدعاء؛ ولذلك قال شيخ الإسلام في بعض كتبه: "لا يستقبل بالدعاء إلَّا ما يستقبل بالصلاة".
يشير بذلك إلى أنه لا يجوز استقبال القبور بالدعاء كما يفعل بعض الجهلة في المسجد النبوي، فإنهم يستقبلون قبره صلى الله عليه وسلم بالدعاء ومن بعيد. ونحوه استقبال الهلال بالدعاء عند إهلاله، فليتنبه لهذا" اهـ.
وانظر: "فضّ الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء" للسيوطي بتحقيق الأخ د. محمد شكور بن محمود الحاجي أمرير المياديني.
قال النووي في شرح مسلم
(1)
: إنه وجد منها في الصحيحين ثلاثين موضعًا، هذا معنى كلامه.
86/ 977 - (وَعَنْ أبي سَعِيدٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(2)
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "في كُلِّ رَكعَتَيْنِ تَسْلِيمَةٌ"، روَاهُ ابْنُ مَاجَهْ)
(3)
. [ضعيف]
87/ 978 - (وَعَنْ عَليّ [عليه السلام]
(4)
قالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي حِينَ تَزِيغُ الشَّمْسُ ركْعَتَيْنِ وَقَبْلَ نِصْفَ النَهَارِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَجْعَلُ التَّسْلِيمَ في آخِرِهِ. روَاهُ النَّسائيُّ
(5)
. [حسن]
الحديث الأول في إسناده أبو سفيان السعدي طريف بن شهاب، وقد ضعفه ابن معين
(6)
، ولكن له شواهد قد تقدم ذكرها.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا الترمذي
(7)
وابن ماجه
(8)
بألفاظ مختلفة في
(1)
(6/ 190): "قوله: (عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء حتى يُرى بياض إبطيه)، هذا الحديث يوهم ظاهره أنه لم يرفع صلى الله عليه وسلم إلا في الاستسقاء وليس الأمر كذلك، بل قد ثبت رفع يديه صلى الله عليه وسلم في الدعاء في مواطن غير الاستسقاء وهي أكثر من أن تحصر، وقد جمعت منها نحوًا من ثلاثين حديثًا من الصحيحين أو أحدهما، وذكرتها في أواخر باب صفة الصلاة من شرح المهذب - (3/ 487 - 490) -. ويتأول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث يرى بياض إبطيه إلَّا في الاستسقاء، أو أنَّ المراد: لم أره رفع وقد رآه غيره رفع، فيقدم المثبتون في مواضع كثيرة وهم جماعات على واحد لم يحضر ذلك، ولا بد من تأويله لما ذكرناه، والله أعلم" اهـ.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
في سننه برقم (1324).
وأورده البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 432) وقال: "هذا إسناد ضعيف، في إسناده أبو سفيان السعدي اسمه طريف بن شهاب. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ضعيف" اهـ.
والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(4)
زيادة من المخطوط (ب). وفي المخطوط (جـ): (رضي الله تعالى عنه).
(5)
في سننه (2/ 120 رقم 875).
(6)
طريف بن شهاب، أبو سفيان السعدي، ضعفه ابن معين، وقال أحمد: ليس بشيء.
انظر: التاريخ الكبير (4/ 357) والجرح والتعديل (4/ 492) والميزان (2/ 336) والتقريب (1/ 377) والمغني (1/ 315) والخلاصة (ص 179).
(7)
في سننه رقم (424) وقال: حديث حسن. وسيأتي بعضه برقم (429) وسيأتي مطولًا برقم (598) و (599).
(8)
في سننه برقم (1161).
بعضها كما ذكر المصنف، وفي بعضها أربعًا قبل الظهر وبعضها ركعتين، وفي بعضها غير ذلك.
وحديث أبي سعيد يدل على ما دلت عليه أحاديث صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، وقد تقدمت.
وحديث عليّ يدل على جواز صلاة أربع ركعات متصلة في النهار فيكون من جملة المخصصات لأحاديث صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.
وفيه جواز الصلاة عند الزوال وقد تقدم الكلام في ذلك.
[الباب الحادي والعشرون] باب جواز التنفل جالسًا والجمع بين القيام والجلوس في الركعة الواحدة
88/ 979 - (عَنْ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا]
(1)
قالَتْ: لَمَّا بَدَّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وثَقُلَ كانَ أكْثَرَ صَلَاتِهِ جالِسًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(2)
. [صحيح]
قوله: (لما بدَّن) قال أبو عبيدة
(3)
: بدَّن بفتح الدال المشددة تبدينًا إذا أسنّ، قال: ومن رواه بضم الدال المخففة فليس له معنى هنا؛ لأن معناه كثرة اللحم وهو خلاف صفته صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي عياض
(4)
: روايتنا في مسلم عن جمهورهم بدُن بالضم. وعن العذري
(5)
بالتشديد وأراه إصلاحًا، قال: ولا ينكر اللفظان في حقه صلى الله عليه وسلم.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أحمد (6/ 169) والبخاري رقم (4837) ومسلم رقم (117/ 732).
(3)
ذكره الحافظ في "الفتح"(8/ 585).
وتعقبه الحافظ في "الفتح" بقوله: وهو خلاف الظاهر، وفي استدلاله بأنه لم يشبع من خبز الشعير نظر، فإنه يكون من جملة المعجزات كما في كثرة الجماع وطوافه في الليلة الواحدة على تسع وإحدى عشرة مع عدم الشبع وضيق العيش، وأي فرق بين تكثير المني مع الجوع، وبين وجود كثرة اللحم في البدن مع قلة الأكل؟
(4)
في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(3/ 74 - 75).
(5)
ذكره صاحب إكمال المعلم (3/ 75).
وقد قالت عائشة: "فلما أسنّ وأخذه اللحم أوتر بسبع"، كما في صحيح مسلم
(1)
. وفي لفظ
(2)
: "ولحم"، وفي آخر
(3)
: "أسن وكثر لحمه".
والحديث يدل على جواز التنفل قاعدًا مع القدرة على القيام. قال النووي
(4)
: وهو إجماع العلماء.
89/ 980 - (وَعَنْ حَفْصَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا]
(5)
قالَتْ: ما رَأَيْتُ
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى في سُبْحَتِهِ قَاعِدًا حتى كانَ قَبْلَ وَفاتِهِ بِعَامٍ، فكانَ يُصَلِّي في سُبْحَته قاعِدًا، وَكَانَ يَقْرَأُ بالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا. رَوَاهُ أحمدُ
(6)
ومُسْلِمٌ
(7)
والنسائيّ
(8)
والتِّرْمِذِيُّ وَصحَّحَهُ)
(9)
. [صحيح]
قوله: (سُبحته) بضم السين المهملة وسكون الباء الموحدة: أي نافلته
(10)
.
والحديث يدل على جواز صلاة التطوع من قعود وهو مجمع عليه كما تقدم
(11)
.
وفيه استحباب ترتيل القراءة.
والمراد بقولها (حتى تكون أطول من أطول منها) أن مدة قراءته لها أطول من قراءة سورة أخرى أطول منها إذا قرئت غير مرتلة، وإلا فلا يمكن أن تكون السورة نفسها أطول من أطول منها من غير تقييد بالترتيل والإسراع.
والتقييد بقبل وفاته صلى الله عليه وسلم بعام لا ينافي قول عائشة في الحديث الأول. فلما بدن وثقل كان أكثر صلاته جالسًا. لاحتمال أن يكون صلى الله عليه وسلم بدن وثقل قبل موته بمقدار عام.
(1)
في صحيحه رقم (139/ 746). وتقدم برقم (926) من كتابنا هذا.
(2)
أخرجه أحمد (6/ 227) وهو حديث صحيح.
(3)
أخرجه أبو داود رقم (1352) وهو حديث صحيح.
(4)
في "المجموع"(3/ 239). وانظر: المغني (2/ 567).
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
في المسند (6/ 285).
(7)
في صحيحه رقم (118/ 733).
(8)
في سننه (3/ 223).
(9)
في سننه رقم (373) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(10)
"الغريبين في القرآن والحديث" لأبي عبيد (3/ 853).
(11)
المجموع (3/ 239) والمغني (2/ 567).
وكذلك لا ينافي حديثها الآتي أنه صلى قاعدًا حين أسن، ولو فرض أنه صلى جالسًا قبل وفاته بأكثر من عام فلا تنافي أيضًا؛ لأن حفصة إنما نفت رؤيتها لا وقوع ذلك.
90/ 981 - (وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
أَنَّهُ سَأَلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ قاعِدًا قالَ: "إِنْ صَلَّى قائمًا فَهوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نائمًا فَلَهُ نِصْفُ أجْرِ الْقَاعِدِ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا)
(2)
. [صحيح]
وفي الباب عن عبد الله بن السائب عند الطبراني في الكبير
(3)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الجالس على النصف من صلاة القائم".
وفي إسناده عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف
(4)
.
وعن عبد الله بن عباس عند ابن عدي في الكامل
(5)
مثل حديث عبد الله بن السائب.
وفي إسناده حماد بن يحيى. وقد اختلف فيه
(6)
.
وعن ابن عمر عند البزار في مسنده
(7)
والطبراني
(8)
وابن أبي شيبة
(9)
بنحوه.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أحمد في المسند (4/ 442) والبخاري رقم (1115) وأبو داود رقم (951) والترمذي رقم (371) والنسائي (3/ 223) وابن ماجه رقم (1231).
(3)
في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 149) وقال الهيثمي: "وفيه عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف".
(4)
انظر ترجمته في: التاريخ الكبير (6/ 89) والمجروحين (2/ 144) والجرح والتعديل (6/ 59) والميزان (2/ 646) والتقريب (1/ 516) والخلاصة (ص 242 - 243).
(5)
في "الكامل"(2/ 247).
(6)
حماد بن يحيى الأبحّ، السُلَمي، البصري، أبو بكر: صدوق، ثقة، وحسّن حاله غير واحد، وضعفه بعضهم في حفظه.
انظر: التاريخ الكبير (1/ 2/ 24) والميزان (1/ 601) والتقريب (1/ 198) والجرح والتعديل (1/ 2/ 152).
(7)
في مسنده كما في "مجمع الزوائد"(2/ 149).
(8)
في المعجم الكبير (ج 12 رقم 13122).
(9)
في "المصنف"(2/ 52). =
وعن المطلب بن أبي وداعة
(1)
بنحوه، وفي إسناده صالح بن أبي الأخضر وهو ضعيف
(2)
.
وعن عائشة عند النسائي
(3)
بنحوه.
والحديث يدل على جواز التنفل من قعود واضطجاع
(4)
، وهو المراد بقوله: ومن صلى نائمًا.
قال الخطابي في معالم السنن
(5)
: لا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه رخص في صلاة التطوع نائمًا كما رخصوا فيها قاعدًا، فإن صحت هذه اللفظة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم تكن من بعض الرواة مدرجة في الحديث قياسًا على صلاة القاعد أو اعتبارًا بصلاة المريض نائمًا إذا لم يقدر على القعود، دلت على جواز تطوع القادر على القعود مضطجعًا.
قال: ولا أعلم أني سمعت "نائمًا" إلا في هذا الحديث.
وقال ابن بطال
(6)
: وأما قوله: من صلى نائمًا فله نصف أجر القاعد فلا يصح معناه عند العلماء؛ لأنهم مجمعون أن النافلة لا يصليها القادر على القيام إيماء.
= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 149) وقال: "رواه البزار والطبراني في الكبير وإسناده حسن".
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 149 - 150) وقال الهيثمي: "وفيه صالح بن أبي الأخضر وقد ضعفه الجمهور، وقال أحمد يعتبر به" اهـ.
(2)
صالح بن أبي الأخضر اليمامي: مولى هشام بن عبد الملك، نزل البصرة.
قال أبو زرعة الدمشقي: قلت لأحمد: صالح يحتج به؟ قال: يُستند به ويُعتبر به.
وقال البخاري وأبو حاتم: لين.
وقال ابن عدي: وفي بعض حديثه ما ينكر، وهو من الضعفاء الذين يكتب حديثهم.
"تهذيب التهذيب"(2/ 188 - 189) والميزان (2/ 288) والتقريب (1/ 358).
(3)
في السنن الكبرى (2/ 144 رقم 1369) وهو حديث صحيح لغيره.
(4)
المجموع: (3/ 239
…
) والمغني (2/ 576 - 577).
(5)
في معالم السنن (1/ 584 - مع السنن).
(6)
في شرحه لصحيح البخاري (3/ 102).
قال: وإنما دخل الوهم على ناقل الحديث وتعقب ذلك العراقي فقال: أما نفي الخطابي وابن بطال للخلاف في صحة التطوع مضطجعًا للقادر فمردود، فإن في مذهب الشافعية
(1)
وجهين، الأصح منهما: الصحة.
وعند المالكية ثلاثة أوجه حكاها القاضي عياض في الإكمال
(2)
: أحدها الجواز مطلقًا في الاضطرار والاختيار للصحيح والمريض.
وقد روى الترمذي
(3)
بإسناده عن الحسن البصري جوازه، فكيف يدعي مع هذا الخلاف القديم والحديث الاتفاق؟ انتهى.
وقد اختلف شراح الحديث في الحديث هل هو محمول على التطوع أو على الفرض في حق غير القادر، فحمله الخطابي على الثاني، وهو محمل ضعيف؛ لأن المريض المفترض الذي أتى بما يجب عليه من القعود والاضطجاع يكتب له جميع الأجر لا نصفه.
قال ابن بطال
(4)
: لا خلاف بين العلماء أنه لا يقال لمن لا يقدر على الشيء: لك نصف أجر القادر عليه، بل الآثار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من منعه الله [تعالى]
(5)
وحبسه عن عمله بمرض أو غيره يكتب له أجر عمله وهو صحيح
(6)
اهـ.
وحمله سفيان الثوري وابن الماجشون على التطوّع
(7)
.
وحكاه النووي
(8)
عن الجمهور وقال: إنه يتعين حمل الحديث عليه.
وحكى الترمذي
(9)
عن سفيان الثوري أنه قال: إن تنصيف الأجر إنما هو
(1)
المجموع (3/ 240).
(2)
في إكمال المعلم (3/ 75 - 76).
(3)
في سننه (/ 209) حدثنا محمد بن بشَّار حدثنا بن أبي عدي عن أشعث بن عبد الملك عن الحسن قال: إن شاء الرجلُ صلَّى صلاةَ التطوع قائمًا وجالسًا ومضطجعًا" وإسناده صحيح.
(4)
في شرحه لصحيح البخاري (3/ 102).
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
أخرج أحمد (2/ 194) والبخاري رقم (2996) عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا".
(7)
ذكر ذلك الحافظ في "الفتح"(2/ 585).
(8)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 11) والمجموع (3/ 240).
(9)
في سننه (2/ 210).
للصحيح فأما من كان له عذر من مرض أو غيره فصلى جالسًا فإنه مثل أجر القائم.
91/ 982 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا]
(1)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قائمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قاعِدًا، وكانَ إِذَا قَرَأَ وَهوَ قَائِمٌ، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ؛ وَإِذَا قَرَأَ قاعِدًا، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ، رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلَّا البُخَاريَّ)
(2)
. [صحيح]
92/ 983 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا] (1) أنها لم تر النّبي صلى الله عليه وسلم يصلي صلاةَ الليل قاعدًا قط حتى أسَنَّ، وكان يقرأ قاعدًا، حتى إذا أرادَ أن يركع قام فقرأ نحوًا من ثلاثين أو أربعين آية ثم ركع. رواه الجماعة
(3)
وزادوا إلا ابن ماجه: ثم يفعل في الركعة الثانية كذلك). [صحيح]
الحديث الأول يدل على أن المشروع لمن قرأ قائمًا أن يركع ويسجد من قيام، ومن قرأ قاعدًا أن يركع ويسجد من قعود.
والحديث الثاني يدل على جواز الركوع من قيام لمن قرأ قاعدًا.
ويجمع بين الحديثين بحمل قولها: "وكان إذا قرأ وهو قائم، وإذا قرأ قاعدًا" في الحديث الأول، على أن المراد جميع القراءة، بمعنى أنه لا يفرغ من القراءة قاعدًا فيقوم للركوع والسجود، ولا يفرغ منها قائمًا فيقعد للركوع والسجود.
فأما إذا افتتح الصلاة قائمًا ثم قرأ بعض القراءة جاز له أن يقعد لتمامها ويركع ويسجد من قعود، وكذا إذا افتتح الصلاة قاعدًا ثم قرأ بعض القراءة جاز له أن يقوم لتمامها ويركع وشمجد من قيام كما في الحديث الثاني.
ويشكل على هذا الجمع ما ثبت في بعض طرق الحديث الأول عند مسلم
(4)
من حديث عائشة بلفظ: "فإذا افتتح الصلاة قائمًا ركع قائمًا، وإذا افتتح الصلاة قاعدًا ركع قاعدًا".
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه أحمد (6/ 166) ومسلم رقم (109/ 730) وأبو داود رقم (955) والترمذي رقم (375) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (3/ 219) وابن ماجه رقم (1228).
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1245) و (1247) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 471).
(3)
أخرجه أحمد (6/ 178) والبخاري رقم (1118) ومسلم رقم (111/ 731) وأبو داود رقم (953) والنسائي (3/ 220) والترمذي رقم (374) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجه رقم (1227).
(4)
في صحيحه رقم (110/ 730).
قال العراقي: فيحمل على أنه كان يفعل مرة كذا ومرة كذا، فكان مرة يفتتح قاعدًا ويتم قراءته قاعدًا ويركع قاعدًا، وكان مرة يفتتح قاعدًا ويقرأ بعض قراءته قاعدًا وبعضها قائمًا ويركع قائمًا، فإن لفظ كان لا يقتضي المداومة.
وقد جاء في رواية علقمة عن عائشة عند مسلم
(1)
ما يقتضي أنه يفتتح قاعدًا ويقرأ قاعدًا ثم يقوم فيركع، ولكن الظاهر أن هذا في الركعتين اللتين كان يصليهما بعد الوتر وهو جالس.
وقد جاء التصريح به عند مسلم
(2)
في حديث آخر من رواية أبي سلمة عنها، وفيه:"ثم يوتر ثم يصلي ركعتين وهو جالس فإذا أراد أن يركع قام فركع".
والحديثان يدلان على جواز صلاة التطوع من قعود.
والحديث الثاني يدل على أنه يجوز فعل بعض الصلاة من قعود وبعضها من قيام، وبعض الركعة من قعود وبعضها من قيام.
قال العراقي: وهو كذلك سواء قام ثم قعد، أو قعد ثم قام.
وهو قول جمهور العلماء كأبي حنيفة
(3)
ومالك
(4)
والشافعي
(5)
وأحمد
(6)
وإسحاق.
وحكاه النووي
(7)
عن عامة العلماء.
وحكي عن بعض السلف منعه قال: وهو غلط.
وحكى القاضي عياض
(8)
عن أبي يوسف ومحمد في آخرين كراهة القعود بعد القيام، ومنع أشهب من المالكية الجلوس بعد أن ينوي القيام وجوزه ابن القاسم والجمهور.
(1)
في صحيحه (114/ 731).
(2)
في صحيحه رقم (126/ 738).
(3)
في البناية في شرح الهداية (2/ 647 - 648).
(4)
الاستذكار (5/ 407 - 409) والمنتقى للباجي (1/ 242 - 243).
(5)
روضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي (1/ 239).
(6)
المغني لابن قدامة (2/ 567 - 568).
(7)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 11).
(8)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 75 - 76).
93/ 984 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا]
(1)
قالَتْ: رأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا. رَوَاهُ الدَّارقُطْنِيُّ)
(2)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا النسائي
(3)
وابن حبان
(4)
والحاكم
(5)
.
قال النسائي (2): ما أعلم أحدًا رواه غير أبي داود الحفري ولا أحسبه إلا خطأ.
قال الحافظ
(6)
: قد رواه ابن خزيمة
(7)
والبيهقي
(8)
من طريق محمد بن سعيد بن الأصبهاني بمتابعة أبي داود، فظهر أنه لا خطأ فيه.
وروى البيهقي
(9)
من طريق ابن عيينة عن ابن عجلان عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه [قال]
(10)
: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو هكذا، ووضع يديه على ركبتيه وهو متربع جالس".
ورواه البيهقي
(11)
عن حميد: رأيت أنسًا يصلي متربعًا على فراشه وعلقه البخاري
(12)
.
والحديث يدل على أن المستحب لمن صلى قاعدًا أن يتربع، وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة
(13)
ومالك
(14)
وأحمد
(15)
، وهو أحد القولين للشافعي
(16)
، وذهب الشافعي في أحد قوليه أنه يجلس مفترشًا كالجلوس بين السجدتين.
وحكى صاحب النهاية
(17)
عن بعض المصنفين أنه يجلس متوركًا.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في سننه (1/ 397 رقم 3).
(3)
في سننه (3/ 224 رقم 1661).
(4)
في صحيحه رقم (2512).
(5)
في المستدرك (1/ 258، 275). وهو حديث صحيح.
(6)
في "التلخيص الحبير"(1/ 409).
(7)
في صحيحه رقم (1238).
(8)
في السنن الكبرى (2/ 305).
(9)
في السنن الكبرى (2/ 305).
(10)
زيادة من المخطوط (ب).
(11)
في السنن الكبرى (2/ 305).
(12)
في صحيحه (1/ 491) فوق الحديث (382) ولم يذكر التربيع.
(13)
بل هناك ثلاث روايات عن أبي حنيفة:
1 -
كما يجلس للتشهد.
2 -
يتربع.
3 -
يحتبي. كما في البناية في شرح الهداية (2/ 649).
(14)
الاستذكار (5/ 414 - 415).
(15)
المغني لابن قدامة (2/ 568).
(16)
المعرفة للبيهقي (3/ 226 - 227).
(17)
انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد بتحقيقي (1/ 425 - 426).
وقال القاضي حسين من الشافعية
(1)
: إنه يجلس على فخذه اليسرى وينصب ركبته اليمنى كجلسة القارئ بين يدي المقرئ.
وهذا الخلاف إنما هو في الأفضل.
وقد وقع الاتفاق على أنه يجوز له أن يقعد على أي صفة شاء من القعود
(2)
لما في حديثي عائشة المتقدمين
(3)
من الإطلاق وما في حديث عمران بن حصين المتقدم
(4)
من العموم.
[الباب الثاني والعشرون] باب النهي عن التطوع بعد الإقامة
94/ 985 - (وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(5)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِذَا أقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا المَكْتُوبَةَ". رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَاريّ
(6)
. [صحيح]
وفي روَايَة لأحمَدَ
(7)
: "إِلَّا الَّتي أُقِيمَتْ"). [صحيح لغيره]
وفي الباب عن ابن عمر عند الدارقطني في الإفراد
(8)
مثل حديث أبي هريرة.
(1)
انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (2/ 443).
(2)
انظر: الأوسط لابن المنذر (4/ 376).
(3)
برقم (982) و (983) من كتابنا هذا.
(4)
برقم (981) من كتابنا هذا.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
أخرجه أحمد في المسند (2/ 455) ومسلم رقم (63/ 710) وأبو داود رقم (1266) والترمذي رقم (421) والنسائي (2/ 116) وابن ماجه رقم (1151).
قلت: وأخرجه أبو عوانة (2/ 32) والطحاوي في شرح مشكل الآثار رقم (4124) وأبو نعيم في الحلية (9/ 222) والبيهقي (2/ 482) وابن خزيمة رقم (1123) والدارمي رقم (1488) والخطيب في تاريخ بغداد (7/ 195) من طرق.
(7)
في المسند (2/ 352).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 5) وقال: "فيه ابن لهيعة وفيه كلام". وهو حديث صحيح لغيره.
(8)
أورده محمد بن طاهر في أطراف الغرائب والأفراد (2/ 360 - 361 رقم 1601) وقال عقبه: تفرد به فيض عن محمد عنه.
قلت: فيض بن إسحاق الرقي قال في الجرح والتعديل: خادم الفضيل بن عياض، قال أبي: أدركته ولم يفض لي السماع منه. قال أبو محمد روى عن سفيان بن عيينة. =
قال العراقي: وإسناده حسن.
وعن جابر عند ابن عدي في الكامل
(1)
مثله، وفي إسناده عبد الله بن ميمون القداح
(2)
. قال البخاري
(3)
: ذاهب الحديث.
والحديث يدل على أنه لا يجوز الشروع في النافلة عند إقامة الصلاة من غير فرق بين ركعتي الفجر وغيرهما.
وقد اختلف الصحابة والتابعون ومن بعدهم في ذلك على تسعة أقوال:
(أحدها): الكراهة، وبه قال من الصحابة عمر بن الخطاب
(4)
، وابنه عبد الله بن عمر
(5)
، على خلاف عنه في ذلك، وأبو هريرة (5).
ومن التابعين عروة بن الزبير (5)، ومحمد بن سيرين (5)، وإبراهيم النخعي
(6)
، وعطاء بن أبي رباح
(7)
، وطاوس
(8)
، ومسلم بن عقيل
(9)
= انظر: الجرح والتعديل (7/ 499) والتاريخ الكبير (7/ 139).
(1)
في الكامل (4/ 1504).
(2)
عبد الله بن ميمون القداح: ضعيف. وقال البخاري: ذاهب الحديث.
وقال أبو حاتم: متروك. وقال أبو زرعة: واهي الحديث.
انظر: التاريخ الكبير (5/ 206) والجرح والتعديل (5/ 172) والميزان (2/ 512) والتقريب (1/ 445) والمغني (1/ 359) والخلاصة (ص 216).
(3)
انظر: التعليقة السابقة.
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 77 - 78) عن سعيد بن المسيب، أن عمر رأى رجلًا يصلي ركعتين والمؤذن يقيم فانتهره، وقال: لا صلاة والمؤذن يقيم الصلاة التي تقام لها الصلاة".
وأخرج عبد الرزاق في "المصنف"(2/ 436 رقم 3988) عن سويد بن غفلة قال: كان عمر بن الخطاب يضرب على الصلاة بعد الإقامة".
(5)
حكاه عنه النووي في "المجموع"(4/ 109).
(6)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 77) عن إبراهيم قال: كانوا يكرهون الصلاة إذا أخذ المؤذن في الإقامة.
(7)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 78) عن عطاء قال: إذا كنت في المسجد وأقيمت الصلاة فلا تركع" بسند صحيح.
(8)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 437 رقم 3992) عن داود بن إبراهيم قال: سألت طاووسًا قلت: أركع ركعتين والمؤذن يقيم؟ قال: أو تطيق ذلك؟ بسند صحيح.
(9)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 436 رقم 3990) عن صفوان بن موهب سمع =
وسعيد بن جبير
(1)
.
ومن الأئمة سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، ومحمد بن جرير، هكذا أطلق الترمذي
(2)
الرواية عن الثوري.
وروى عنه ابن عبد البر
(3)
والنووي
(4)
تفصيلًا، وهو أنه إذا خشي فوت ركعة من صلاة الفجر دخل معهم وترك سنة الفجر وإلا صلاها. وسيأتي.
(القول الثاني): أنه لا يجوز صلاة شيء من النوافل إذا كانت المكتوبة قد قامت من غير فرق بين ركعتي الفجر وغيرهما، قاله ابن عبد البر في التمهيد
(5)
.
(القول الثالث): أنه لا بأس بصلاة سنة الصبح والإمام في الفريضة، حكاه ابن المنذر
(6)
عن ابن مسعود
(7)
ومسروق
(8)
والحسن البصري
(9)
ومجاهد
(10)
= مسلم بن عقيل يقول للناس وهم يصلون وقد أقيمت الصلاة: ويلكم لا صلاة إذا أقيمت الصلاة.
(1)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 77) عن سعيد بن جبير أنه رأى رجلًا يصلي عند إقامة العصر قال: يسرك أن يقال صلى ابن فلانة ستًا، قال: فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: كانت تكره الصلاة مع الإقامة.
(2)
في سننه (2/ 283 - 284).
(3)
في التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (4/ 207 - 209).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 221 - 223) والمجموع (3/ 550).
(5)
قال أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد"(4/ 206): "
…
فلا يجوز لأحد أن يصلي في المسجد ركعتي الفجر، ولا شيئًا من النوافل إذا كانت المكتوبة قد قامت، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ما هو أصح من هذا. وعليه المعول في هذه المسألة عند أهل العلم وذلك قوله عليه السلام:"إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة"
…
".
(6)
في الأوسط (5/ 232).
(7)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 231 ث 2762) عن عبد الله بن أبي موسى أن ابن مسعود دخل والناس يصلون الفجر فصلى ركعتين إلى سارية المسجد".
وأخرجه عبد الرزاق (2/ 444 رقم 4021) عن أبي إسحاق.
(8)
أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 250) من طريق الشعبي عن مسروق أنه فعل ذلك. وكذا عبد الرزاق في المصنف (2/ 444 رقم 4024).
(9)
أخرج له عبد الرزاق في المصنف (2/ 445 رقم 4025) من طريق هشام بن حسان عنه.
(10)
أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 251) من طريق عثمان بن الأسود عن مجاهد قال: اركعهما وإن ظننت أن الركعة الأولى تفوتك.
ومكحول
(1)
وحماد بن (1) أبي سليمان، وهو قول الحسن بن حي
(2)
ففرّق هؤلاء بين سنة الفجر وغيرها.
واستدلوا بما رواه البيهقي
(3)
من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة إلا ركعتي الصبح".
وأجيب عن ذلك بأن البيهقي (3) قال: هذه الزيادة لا أصل لها، وفي إسنادها حجاج بن نصر
(4)
، وعباد بن كثير
(5)
وهما ضعيفان.
على أنه قد روى البيهقي
(6)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، قيل: يا رسول الله ولا ركعتي الفجر؟ قال: ولا ركعتي الفجر".
وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي وهو متكلم
(7)
فيه، وقد وثقه ابن
(1)
ذكره ابن المنذر في الأوسط (5/ 232).
(2)
قال ابن عبد البر في "التمهيد"(4/ 208) عنه قال: إذا أخذ المقيم في الإقامة فلا تطوع إلا ركعتي الفجر.
(3)
في السنن الكبرى (2/ 483) وهو حديث ضعيف جدًّا بهذه الزيادة.
(4)
حجاج بن نصير الفساطيطي. ضعيف كما في التقريب (1/ 154) والميزان (1/ 465).
(5)
عباد بن كثير الثقفي. متروك كما في التقريب (1/ 393) والميزان (2/ 371).
قال ابن قيم الجوزية في "إعلام الموقعين"(2/ 356) في المثال المبين للأدلة الصريحة على منع اقنفل حال إقامة الصلاة: "فردت هذه السنن كلها بما رواه حجاج بن نصير المتروك عن عبادة بن كثير الهالك عن ليث عن عطاء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة"، وزاد: "إلا ركعتي الفجر"، فهذه الزيادة كاسمها، زيادة في الحديث لا أصل لها" اهـ.
وعليه فلا يصح الاستدلال بهذه الزيادة كمخصص، فيبقى الحكم على عمومه.
(6)
في السنن الكبرى (2/ 483) وهو حديث ضعيف.
قال البيهقي: "قال أبو أحمد لا أعلم ذكر هذه الزيادة في متنه غير يحيى بن نصر عن مسلم بن خالد عن عمرو. قال الشيخ: وقد قيل: عن أحمد بن سيار عن نصر بن حاجب وهو وهم. ونصر بن حاجب المروزي ليس بالقوي، وابنه يحيى كذلك، وفيما احتججنا به من الأحاديث الصحيحة كفاية عن هذه الزيادة وبالله التوفيق" اهـ.
(7)
مسلم بن خالد الزنجي المكي الفقيه، أبو خالد. قال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وضعفه أبو داود.
انظر: الجرح والتعديل (8/ 183) الميزان (4/ 102) والتقريب (2/ 245) ولسان الميزان (7/ 385) والمغني (2/ 655) والخلاصة (ص 377).
حبان
(1)
واحتج به في صحيحه.
(القول الرابع): التفرقة بين أن يكون في المسجد أو خارجه وبين أن يخاف فوت الركعة الأولى مع الإمام أو لا، وهو قول مالك
(2)
.
فقال: إذا كان قد دخل المسجد فليدخل مع الإمام ولا يركعهما، يعني ركعتي الفجر، وإن لم يدخل المسجد فإن لم يخف أن يفوته الإمام بركعة فليركع خارج المسجد، وإن خاف أن تفوته الركعة الأولى مع الإمام فليدخل وليصل معه.
(القول الخامس): أنه إن خشي فوت الركعتين معًا وأنه لا يدرك الإمام قبل رفعه من الركوع في الثانية دخل معه وإلا فليركعهما، يعني ركعتي الفجر [وإلا فليركعهما]
(3)
خارج المسجد ثم يدخل مع الإمام وهو قول أبي حنيفة
(4)
وأصحابه كما حكاه ابن عبد البر
(5)
.
وحكي عنه أيضًا نحو قول مالك وهو الذي حكاه الخطابي
(6)
وهو موافق لما حكاه عنه أصحابه.
وحكى النووي
(7)
عنه مثل قول الأوزاعي الآتي ذكره.
(القول السادس): أنه [يركعهما]
(8)
في المسجد إلا أن يخاف فوت الركعة الأخيرة، فأما الركعة الأولى فليركع وإن فاتته. وهو قول الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز
(9)
، وحكاه النووي
(10)
عن أبي حنيفة وأصحابه كما تقدم.
(القول السابع): [يركعهما]
(11)
في المسجد وغيره إلا إذا خاف فوت الركعة الأولى، وهو قول سفيان الثوري، حكى ذلك عنه ابن عبد البر
(12)
، وهو مخالف
(1)
في "الثقات"(7/ 448).
(2)
المدونة (1/ 124) والتمهيد (4/ 210) والمنتقى للباجي (1/ 227).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
البناية في شرح الهداية (2/ 682 - 686).
(5)
في التمهيد (8/ 204).
(6)
في معالم السنن (2/ 77 - 78 - المختصر).
(7)
في المجموع (3/ 550).
(8)
في (جـ): (يتركهما).
(9)
الأوسط لابن المنذر (5/ 233).
(10)
في المجموع (3/ 550).
(11)
في (جـ): (تركهما).
(12)
في التمهيد (4/ 208).
لما رواه الترمذي
(1)
عنه.
(القول الثامن): أنه يصليهما وإن فاتته صلاة الإمام إذا كان الوقت واسعًا قاله ابن الجلاب من المالكية
(2)
.
(القول التاسع): أنه إذا سمع الإقامة لم يحل له الدخول في ركعتي الفجر ولا في غيرهما من النوافل، سواء كان في المسجد أو خارجه، فإن فعل فقد عصى وهو قول أهل الظاهر.
ونقله ابن حزم
(3)
عن الشافعي وعن جمهور السلف، وكذا قال الخطابي
(4)
، وحكى الكراهة عن الشافعي، وأحمد.
وحكى القرطبي في المفهم
(5)
عن أبي هريرة وأهل الظاهر (3) أنها لا تنعقد صلاة تطوع في وقت إقامة الفريضة.
وهذا القول هو الظاهر إن كان المراد بإقامة الصلاة الإقامة التي يقولها المؤذن عند إرادة الصلاة وهو المعنى المتعارف.
قال العراقي: وهو المتبادر إلى الأذهان من هذا الحديث.
والأحاديث المذكورة في شرح الحديث الذي بعد هذا تدل على ذلك، إلّا إذا كان المراد بإقامة الصلاة فعلها كما هو المعنى الحقيقي.
ومنه قوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ}
(6)
فإنه لا كراهة في فعل النافلة عند إقامة المؤذن قبل الشروع في الصلاة؛ وإذا كان المراد المعنى الأول فهل المراد به الفراغ من الإقامة لأنه حينئذٍ يشرع في فعل الصلاة؟ أو المراد شروع المؤذن في الإقامة؟
قال العراقي: يحتمل أن يراد كل [من]
(7)
الأمرين، والظاهر أن المراد شروعه في الإقامة ليتهيأ المأمومون لإدراك التحريم مع الإمام.
(1)
في السنن (2/ 284).
(2)
حكاه عنه القرطبي في "المفهم"(2/ 350).
(3)
في المحلى (5/ 103).
(4)
في معالم السنن (2/ 78 - المختصر).
(5)
المفهم (2/ 350).
(6)
سورة المائدة: الآية (55).
(7)
زيادة من المخطوط (ب).
ومما يدل على ذلك قوله في حديث أبي موسى عند الطبراني
(1)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا صلى ركعتي الفجر حين أخذ المؤذن يقيم". قال العراقي: وإسناده جيد.
ومثله حديث ابن عباس الآتي
(2)
.
قوله: (فلا صلاة) يحتمل أن يتوجه النفي إلى الصحة أو إلى الكمال.
والظاهر توجهه إلى الصحة لأنها أقرب المجازين إلى الحقيقة وقد قدمنا الكلام في ذلك فلا تنعقد صلاة التطوع بعد إقامة الصلاة المكتوبة كما تقدم عن أبي هريرة وأهل الظاهر
(3)
.
قال العراقي: إن قوله: "فلا صلاة" يحتمل أن يراد فلا يشرع حينئذٍ في صلاة عند إقامة الصلاة
(4)
، ويحتمل أن يراد فلا يشتغل بصلاة وإن كان قد شرع فيها قبل الإقامة بل يقطعها المصلي لإدراك فضيلة [التحرّم]
(5)
، أو أنها تبطل بنفسها وإن لم يقطعها المصلي، يحتمل كلًّا من الأمرين.
وقد بالغ أهل الظاهر
(6)
فقالوا: إذا دخل في ركعتي الفجر أو غيرهما من النوافل فأقيمت صلاة الفريضة بطلت الركعتان، ولا فائدة له في أن يسلم منهما ولو لم يبق عليه منهما غير السلام، بل يدخل كما هو بابتداء التكبير في صلاة الفريضة فإذا أتم الفريضة فإن شاء ركعهما وإن شاء لم يركعهما.
قال: وهذا غلوّ منهم في صورة ما إذا لم يبق عليه غير السلام، فليت شعري أيهما أطول زمنًا مدة السلام أو مدة إقامة الصلاة، بل يمكنه أن يتهيأ بعد
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط كما في "مجمع الزوائد"(2/ 75) وقال الهيثمي: "ورجاله موثقون".
(2)
سيأتي تخريجه خلال شرح الحديث رقم (986) من كتابنا هذا.
(3)
في المحلى (3/ 105).
(4)
والحكمة من ذلك كما قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم (5/ 223): "الحكمة فيه أن يتفرغ للفريضة من أولها، فيشرع فيها عقب شروع الإمام، والمحافظة على مكملات الفريضة أولى من التشاغل بالنافلة" اهـ.
(5)
في (ب) و (جـ): (التحريم).
(6)
المحلى (3/ 112 - 113).
السلام لتحصيل أكمل الأحوال في الاقتداء قبل تمام الإقامة
(1)
.
نعم قال الشيخ أبو حامد من الشافعية
(2)
: إن الأفضل خروجه من النافلة إذا أداه إتمامها إلى فوات فضيلة التحريم وهذا واضح انتهى.
قوله: (إلّا المكتوبة) الألف واللام ليست لعموم المكتوبات، وإنما هي راجعة إلى الصلاة التي أقيمت.
وقد ورد التصريح بذلك في رواية لأحمد
(3)
بلفظ: "فلا صلاة إلا المكتوبة التي أقيمت"، وكذلك في رواية لأبي هريرة ذكرها ابن عبد البر في التمهيد
(4)
، وكما ذكره المصنف في حديث الباب.
95/ 986 - (وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(5)
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا وَقَدْ أُقِيمَت الصَّلَاةُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاثَ بِهِ النَّاسُ، فقالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"الصُّبْحُ أَرْبَعًا، الصُّبْحُ أَرْبَعًا"، متَّفَق عَليهِ)
(6)
. [صحيح]
وفي الباب عن عبد الله بن سرجس عند مسلم
(7)
وأبي داود
(8)
والنسائي
(9)
وابن ماجه
(10)
قال: جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح، فصلى ركعتين قبل أن يَدخل في الصلاة، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:"يا فلان بأي صلاتيك اعتددت، بالتي صليت وحدك أو بالتي صليت معنا؟ ".
(1)
قال العلامة المباركفوري في "مرقاة المفاتيح وشرح مشكاة المصابيح" ط: الهند (2/ 71): "الراجح عندي أن يقطع عند الإقامة إن بقيت عليه ركعة، فإنَّ أقل الصلاة ركعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة بعد الإقامة إلا المكتوبة" فلا يجوز له أن يصلي ركعة بعد الإقامة.
وأما إذا أقيمت الصلاة وهو في السجدة أو التشهد فلا بأس لو لم يقطعها لأنه لا يصدق عليه أنه صلى صلاة: أي ركعة بعد الإقامة
…
" اهـ.
(2)
المهذب (1/ 312) والمجموع (4/ 104).
(3)
تقدم برقم (985) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح لغيره.
(4)
في "التمهيد"(4/ 208) بسند ضعيف.
(5)
زيادة من (جـ).
(6)
أحمد (5/ 345) والبخاري رقم (663) ومسلم رقم (65/ 711).
(7)
في صحيحه رقم (67/ 712).
(8)
في سننه رقم (1265).
(9)
في سننه رقم (868).
(10)
في سننه رقم (1152). وهو حديث صحيح.
وعن ابن عباس عند أبي داود الطيالسي
(1)
قال: كنت أُصلي وأخذ المؤذن في الإقامة، فجذبني نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال:"أتصلي الصبح أربعًا؟ ".
ورواه أيضًا البيهقي
(2)
والبزار
(3)
وأبو يعلى
(4)
وابن حبان في صحيحه
(5)
والحاكم في المستدرك
(6)
وقال: إنه على شرط الشيخين، والطبراني
(7)
.
وعن أنس عند البزار
(8)
قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقيمت الصلاة فرأى ناسًا يصلون ركعتي الفجر، فقال: صلاتان معًا؟ ونهى أن تصليا إذا أقيمت الصلاة"، وأخرجه مالك في الموطأ
(9)
.
وعن زيد بن ثابت عند الطبراني في الأوسط
(10)
قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي ركعتي الفجر وبلال يقيم الصلاة، فقال: أصلاتان معًا؟ ".
وفي إسناده عبد المنعم بن بشير الأنصاري، وقد ضعفه ابن معين وابن حبان
(11)
.
(1)
في مسنده رقم (2376).
(2)
في السنن الكبرى (2/ 482).
(3)
في المسند رقم (518 - كشف).
(4)
في المسند رقم (2575).
(5)
في صحيحه رقم (2469).
(6)
في المستدرك (1/ 307) وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(7)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 11227).
قلت: وأخرجه أحمد (1/ 238) وابن خزيمة رقم (1124).
وهو حديث صحيح بشواهده.
(8)
في المسند (رقم 517 - كشف).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 75، 76) وقال: "هو من رواية شريك بن أبي نمر عنه، قال البخاري: والأصح عن شريك عن أبي سلمة مرسلًا. وفيه عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة ضعفه ابن القطان. وقال عبد الحق: الغالب على روايته الوهم".
(9)
في الموطأ (1/ 128 رقم 31).
(10)
في الأوسط رقم (251).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 76) وفيه عبد المنعم بن بشير وهو ضعيف.
(11)
عبد المنعم بن بشير، أبو الخير الأنصاري، المصري.
جرحه يحيى بن معين واتهمه. وقال ابن حبان: منكر الحديث جدًّا، لا يجوز الاحتجاج به. وقال الدارقطني: غير ثقة. وقال الخليلي في الإرشاد: هو وضاع على الأئمة.
انظر: لسان الميزان (4/ 477 رقم 5366) والضعفاء الكبير للعقيلي (3/ 112 رقم 1085) والمجروحين (2/ 158) والإرشاد للخليلي (1/ 158 - 159).
وعن أبي موسى عند الطبراني في الكبير
(1)
: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي ركعتي الغداة حين أخذ المؤذن يقيم، فغمز النبي صلى الله عليه وسلم منكبه وقال: ألا كان هذا قبل هذا؟ ".
قال العراقي: وإسناده جيد.
وعن عائشة عند ابن عبد البر في التمهيد
(2)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج حين أقيمت صلاة الصبح فرأى ناسًا يصلون، فقال: أصلاتان معًا؟ ".
وفي إسناده شريك بن عبد الله
(3)
، وقد اختلف عليه في وصله وإرساله.
قوله: (لاث به الناس) أي اختلطوا به والتفوا عليه. قال في القاموس
(4)
: والالتياث: الاختلاط والالتفاف.
والحديث يدل على كراهة صلاة سنة الفجر عند إقامة الصلاة المكتوبة.
وقد تقدم بسط الخلاف [في ذلك]
(5)
في شرح الحديث الذي قبله
(6)
.
(1)
في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 75) وقال الهيثمي: "ورجاله موثقون".
(2)
في التمهيد (4/ 205 - 206).
(3)
شريك بن عبد الله بن أبي نمر، القرشي، يكنى أبا عبد الله. وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو داود: ثقة.
انظر: الجرح والتعديل (4/ 363) والمغني (1/ 297) والميزان (2/ 269) والتقريب (1/ 351) والخلاصة (ص 166).
(4)
القاموس المحيط (ص 225).
قلت: في معظم طبعات "نيل الأوطار": والالتياث: الاختلاط والالتفات. وهو تصحيف والصواب كما في القاموس والمخطوط (أ) و (ب) و (جـ).
والالتياث: الاختلاط والالتفاف.
(5)
زيادة من (ب) و (جـ).
(6)
وأضيف لما تقدم بعض أقوال أهل العلم:
1 -
بوب الإمام البخاري في صحيحه (2/ 148 - مع الفتح) تبويبًا لحديث ابن بحينة - رقم (663) -: (38 - باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة).
وحديث ابن بحينة إنما هو في صلاة الصبح فدل على أن الحكم عام يشمل جميع النوافل دون تفريق أو استثناء.
2 -
بوب الإمام ابن حبان في صحيحه (6/ 222) تبويبًا لحديث أبي هريرة - رقم (2470) - (ذِكُر الخبر المدْحِضِ قولَ من زعم أن على الداخلِ المسجدَ بعد أن أقيمت صلاة الغداة أن يبدأ بركعتي الفجر وإن فاتته ركعة واحدة من فرضه). =
فإن قيل: قد روى ابن ماجه
(1)
من حديث علي أنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الركعتين عند الإقامة"، فكيف الجمع بينه وبين أحاديث الباب؟
فقيل: إن ذلك خاص بالإمام، وقيل: بالنبي صلى الله عليه وسلم.
والأولى أن يقال: إن في إسناد الحديث الحارث الأعور
(2)
، وهو ضعيف كما علم، بل قد رمي بالكذب فلا حاجة إلى تكلف الجمع.
[الباب الثالث والعشرون] باب الأوقات المنهي عن الصلاة فيها
96/ 987 - (عَنْ أبي سَعِيد [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(3)
أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا صلاةَ بَعْدَ صلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا صلَاةَ بَعْدَ صلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(4)
. [صحيح]
= 3 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(23/ 264): "
…
ولكن تنازعوا في سنة الفجر. والصواب أنه إذا سمع الإقامة فلا يصلي السنة لا في بيته ولا في غير بيته، بل يقضيها إن شاء بعد الفرض، والسنة أن يصلي بعد طلوع الفجر ركعتين سنة".
4 -
وفي مسائل الإمام أحمد لابن هانئ (1/ 103) ما لفظه: "سألته عن الرجل يجيء إلى الإمام وهو في صلاة الصبح، ولم يكن صلى الصبح، ولم يكن صلى الركعتين؟ فقال: يدخل مع القوم في صلاتهم، ولا يصلي الركعتين إلا بعدما يفرغ عند طلوع الشمس من الضحى،
…
" اهـ.
5 -
قال ابن عبد البر في "التمهيد"(4/ 212): "
…
والحجة عند التنازع: السنة.
فمن أدلى بها فقد أفلح، ومن استعملها فقد نجا، وما توفيقي إلا بالله" اهـ.
(1)
في السنن رقم (1147).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 382): "هذا إسناد ضعيف الحارث هو ابن عبد الله الأعور، متفق على ضعفه .. " اهـ.
وهو حديث ضعيف.
(2)
حارث بن عبد الله الأعور، أبو زهير الهمداني الكوفي، قال الدارقطني وابن معين: ضعيف، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ. وقال ابن المديني: كذاب.
انظر: التاريخ الكبير (2/ 273) والمجروحين (1/ 222) والجرح التعديل (3/ 78) والميزان (1/ 435) والتقريب (1/ 141) والخلاصة (ص 69).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
أحمد (3/ 34) والبخاري رقم (586) ومسلم رقم (827).
وفي لَفْظٍ: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاتيْنِ، بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ". رَوَاهُ أحمَدُ
(1)
والبُخَاريُّ)
(2)
. [صحيح]
97/ 988 - (وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ [رضي الله عنه]
(3)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ
(4)
. [صحيح]
وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مِثْلَ ذلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلْيِهِمَا
(5)
. [صحيح]
وفي لَفْظٍ عَنْ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
(6)
.
وَرَوَاهُ أحْمَدُ
(7)
وأبُو دَاوُدَ
(8)
وَقَالَا فِيهِ: بَعْدَ صَلَاة الْعَصْرِ). [صحيح]
في الباب عن جماعة من الصحابة.
(منهم): عمرو بن عبسة
(9)
، وابن عمر
(10)
وسيذكر ذلك المصنف.
وعن ابن مسعود عند الطحاوي
(11)
بلفظ: "كنا نُنهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ونصف النهار".
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند الطبراني في الأوسط
(12)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصلوا بعد الفجر حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس".
وعن معاذ بن عفراء أشار إليه الترمذي
(13)
وذكره ابن سيد الناس في شرحه بنحو حديث أبي سعيد.
(1)
في المسند (3/ 59 - 60).
(2)
في صحيحه رقم (1197) و (1864).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
أحمد (1/ 39) والبخاري رقم (581) ومسلم رقم (826).
(5)
أحمد (2/ 462) والبخاري رقم (584) ومسلم رقم (825).
(6)
في صحيحه رقم (581).
(7)
في المسند (1/ 39).
(8)
في السنن (رقم 1276) من حديث ابن عباس وهو حديث صحيح.
(9)
سيأتي برقم (989) من كتابنا هذا.
(10)
سيأتي برقم (990) من كتابنا هذا.
(11)
في شرح معاني الآثار (1/ 400).
(12)
في الأوسط رقم (5505).
(13)
في سننه (1/ 344).
وعن زيد بن ثابت عند الطبراني
(1)
: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر".
وعن كعب بن مرة عند الطبراني
(2)
أيضًا بنحو حديث عمرو بن عبسة الآتي.
وعن سلمة بن الأكوع أشار إليه الترمذي
(3)
.
وعن علي عند أبي داود
(4)
قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في أثر كل صلاة مكتوبة ركعتين إلا الفجر والعصر".
وفى الباب عن جماعة ذكرهم الترمذي (3) والحافظ في التلخيص
(5)
.
قوله: (لا صلاة) قال ابن دقيق العيد
(6)
: صيغة النفي إذا دخلت في ألفاظ الشارع على فعل كان الأولى حملها على نفي الفعل الشرعي لا الحسي، لأنا لو حملناه على نفي الحسي لاحتجنا في تصحيحه إلى إضمار والأصل عدمه، وإذا حملناه على الشرعي لم نحتج إلى إضمار فهذا وجه الأولوية، وعلى هذا فهو نفي بمعنى النهي.
(1)
في المعجم الكبير (ج 5 رقم 4900).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 224) وقال: رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه كلام، وروى الطبراني طرفًا من آخره في الكبير" اهـ.
(2)
في المعجم الكبير (ج 20 رقم 757).
وأورده الهيثمي في المجمع (2/ 225) وقال: "
…
وكذلك رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح إلا أن الإسناد الثاني فيه رجل لم يسم" اهـ.
(3)
في السنن (1/ 344).
(4)
في السنن رقم (1275) وهو حديث ضعيف.
(5)
في "التلخيص"(1/ 332 - 333)"وفي الباب عن علي، وابن مسعود، وأبي سعيد، وأبي هريرة، وعقبة بن عامر، وابن عمر، وسمرة بن جندب، وسلمة بن الأكوع، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، ومعاذ بن عفراء، وكعب بن مرة، وأبي أمامة، وعمرو بن عبسة، ويعلى بن أمية، ومعاوية والصنابحي، وفيه أيضًا: عن سعد بن أبي وقاص، وعائشة، وأبي ذر، وأبي قتادة، وحفصة، وأبي الدرداء، وصفوان بن المعطل وغيرهم" اهـ.
(6)
في إحكام الأحكام (1/ 150).
والتقدير: لا تصلوا، كما تقدم التصريح بذلك في حديث أبي هريرة
(1)
وابن عمرو بن العاص
(2)
، وسيأتي
(3)
[في]
(4)
حديث علي.
وحكى أبو الفتح اليعمري
(5)
عن جماعة من السلف أنهم قالوا: إن النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر إنما هو إعلام بأنه لا يتطوع بعدهما ولم يقصد الوقت بالنهي كما قصد به وقت الطلوع ووقت الغروب.
ويؤيد ذلك ما رواه أبو داود
(6)
والنسائي
(7)
بإسناد حسن كما قال الحافظ
(8)
عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصلوا بعد الصبح ولا بعد العصر إلا أن تكون الشمس نقية".
وفي رواية (5): "مرتفعة"، فدل على أن المراد بالبعدية ليس على عمومه، وإنما المراد وقت الطلوع ووقت الغروب وما قاربهما، كذا في الفتح
(9)
.
قوله: (بعد صلاة العصر وبعد صلاة الفجر)، هذا تصريح بأن الكراهة متعلقة بفعل الصلاة لا بدخول وقت الفجر والعصر.
وكذا قوله في الرواية الأخرى
(10)
: "لا صلاة بعد الصلاتين".
وكذا قوله في رواية ابن عمر
(11)
: "لا صلاة بعد صلاة الصبح".
وكذا قوله: في حديث عمرو بن عبسة الآتي
(12)
: "صل صلاة الصبح ثم اقصر". وقوله: "حتى تصلي العصر ثم اقصر"، فتحمل الأحاديث المطلقة على الأحاديث المقيدة بهذه الزيادة.
وقد اختلف أصل العلم في الصلاة بعد العصر وبعد الفجر، فذهب
(1)
تقدم برقم (988) من كتابنا هذا.
(2)
تقدم خلال شرح الحديث (988) من كتابنا هذا.
(3)
سيأتي لاحقًا بعد تعليقة واحدة.
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 61).
(6)
في السنن رقم (1274).
(7)
في المجتبى رقم (573) وفي الكبرى رقم (371) و (1564).
وهو حديث صحيح.
(8)
في "الفتح"(2/ 61).
(9)
(2/ 61 - 62).
(10)
تقدمت برقم (987) من كتابنا هذا.
(11)
تقدمت برقم (988) من كتابنا هذا.
(12)
الآتي برقم (989) من كتابنا هذا.
الجمهور
(1)
إلى أنها مكروهة.
وادعى النووي
(2)
الاتفاق على ذلك.
وتعقبه الحافظ
(3)
بأنه قد حكي عن طائفة من السلف الإباحة مطلقًا وأن أحاديث النهي منسوخة. قال: وبه قال داود وغيره من أهل الظاهر، وبذلك جزم ابن حزم
(4)
، وهو أيضًا مذهب الهادي والقاسم
(5)
.
وقد اختلف القائلون بالكراهة، فذهب الشافعي
(6)
والمؤيد بالله
(7)
إلى أنه يجوز من الصلاة في هذين الوقتين ما له سبب.
واستدلا بصلاته صلى الله عليه وسلم سنة الظهر بعد العصر.
وقد تقدم الجواب عن هذا الاستدلال في باب تحية المسجد
(8)
، وذهب أبو حنيفة
(9)
إلى كراهة التطوعات في هذين الوقتين مطلقًا.
وحكي عن جماعة منهم أبو بكرة وكعب بن عجرة المنع من صلاة الفرض في هذه الأوقات.
واستدل القائلون بالإباحة مطلقًا بأدلة.
(منها) دعوى النسخ لأحاديث الباب، صرح بذلك ابن حزم (4) وغيره وجعلوا الناسخ حديث:"من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس" وقد تقدم
(10)
.
ولكنه خاصّ بصلاة الفرض، فَلَا يصلح لنسخ أحاديث الباب على فرض تأخره، وغاية ما فيه تخصيص صلاة الفريضة من عموم النهي.
(1)
المغني لابن قدامة (2/ 525 - 526) والفتح (2/ 63).
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 110).
(3)
في "الفتح"(2/ 59) والتلخيص (1/ 343).
(4)
في المحلى (3/ 15).
(5)
في شفاء الأوام (1/ 219 - 220) والبحر الزخار (2/ 165 - 167).
(6)
الأم (10/ 101 - اختلاف الحديث).
(7)
شفاء الأوام (1/ 221).
(8)
الباب الخامس عشر عند الحديث (72/ 963) من كتابنا هذا.
(9)
في البناية شرح الهداية (2/ 58 - 59).
(10)
برقم (474) من كتابنا هذا.
واستدلوا أيضًا بحديث صلاته صلى الله عليه وسلم لركعتي الظهر بعد العصر
(1)
، وقد تقدم الجواب عنه.
واستدلوا أيضًا بحديث علي المتقدم
(2)
لتقييد النهي فيه بقوله: "إلا أن تكون الشمس بيضاء نقية".
وقد تقدم أن الحافظ قال في الفتح: إن إسناده حسن
(3)
، وقال في موضع آخر منه: إن إسناده صحيح
(4)
.
وهذا وإن كان صالحًا لتقييد الأحاديث المذكورة في الباب القاضية بمنع الصلاة بعد صلاة العصر على الإطلاق بما عدا الوقت الذي تكون الشمس فيه بيضاء نقية، لكنه أخص من دعوى مدعي الإباحة للصلاة بعد العصر وبعد الفجر مطلقًا.
واستدلوا أيضًا بما رواه مسلم
(5)
عن عائشة أنها قالت: وهم عمر إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها.
وبما رواه البخاري
(6)
عن ابن عمر أنه قال: أصلي كما رأيت أصحابي يصلون ولا أنهى أحدًا يصلي بليل أو نهار ما شاء غير أن لا تحروا طلوع الشمس ولا غروبها.
ويجاب عن الاستدلال بقول عائشة: بأن الذي رواه عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ثابت من طريق جماعة من الصحابة كما تقدم، فلا اختصاص له بالوهم وهم مثبتون وناقلون للزيادة، فروايتهم مقدمة وعدم علم عائشة لا يستلزم العدم، فقد علم غيرها بما لم تعلم.
ويجاب عن الاستدلال بقول ابن عمر بأنه قول صحابي لا حجة فيه ولا يعارض المرفوع. على أنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ما رآه كما سيأتي.
(1)
تقدم برقم (909) من كتابنا هذا.
(2)
خلال شرح حديث (988) من كتابنا هذا.
(3)
في الفتح (2/ 61).
(4)
في الفتح (2/ 63).
(5)
في صحيحه رقم (295/ 833).
(6)
في صحيحه رقم (589).
واستدلوا أيضًا بما أخرجه البخاري
(1)
وغيره
(2)
من حديث ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها".
قالوا: فتحمل الأحاديث المذكورة في الباب على هذا حمل المطلق على المقيد، أو تبنى عليه بناء العام على الخاص.
ويجاب بأن هذا من التنصيص على أحد أفراد العام وهو لا يصلح للتخصيص كما تقرر في الأصول
(3)
.
واعلم أن الأحاديث القاضية بكراهة الصلاة بعد صلاة العصر والفجر عامة، فما كان أخص منها مطلقًا كحديث يزيد بن الأسود
(4)
وابن عباس
(5)
الآتيين في الباب الذي بعد هذا وحديث علي المتقدم
(6)
، وقضاء سنة الظهر بعد العصر وسنة الفجر بعده للأحاديث المتقدمة في ذلك، فلا شك أنها مخصصة لهذا العموم.
وما كان بينه وبين أحاديث الباب عموم وخصوص من وجه كأحاديث تحية المسجد
(7)
وأحاديث قضاء الفوائت
(8)
، وقد تقدمت.
والصلاة على الجنازة لقوله صلى الله عليه وسلم: "يا علي ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت" الحديث، أخرجه الترمذي
(9)
.
(1)
في صحيحه رقم (582).
(2)
كأحمد في المسند (2/ 19).
(3)
قال الشوكاني رحمه الله في "إرشاد الفحول"(ص 460) بتحقيقي: "ذِكرُ بعض أفراد العام الموافق له في الحكم لا يقتضي التخصيص عند الجمهور. والحاصل أنه إذا وافق الخاصُّ العام في الحكم فإن كان بمفهومه ينفي عن غيره، فمن أخذ بمثل ذلك المفهوم خصَّص به على الخلاف في مسألة التخصيص بالمفهوم، وأما إذا لم يكن له مفهوم فلا يخصص به.
وانظر: البحر المحيط (3/ 212).
(4)
سيأتي برقم (993) من كتابنا هذا.
(5)
سيأتي برقم (995) من كتابنا هذا.
(6)
خلال شرح حديث (988) من كتابنا هذا.
(7)
تقدم برقم (963) من كتابنا هذا.
(8)
تقدم برقم (478) و (479) و (480) و (481) و (482) من كتابنا هذا.
(9)
في سننه برقم (171) وقال: هذا حديث غريب حسن.
وبرقم (1075) وقال: هذا حديث غريب، وما أرى إسناده بمتصل.
وهو حديث ضعيف.
وصلاة الكسوف لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيتموها فافزعوا إلى الصلاة"
(1)
.
والركعتين عقب التطهر لحديث أبي هريرة المتقدم
(2)
.
وصلاة الاستخارة للأحاديث المتقدمة
(3)
وغير ذلك.
فلا شك أنها أعم من أحاديث الباب من وجه وأخص منها من وجه، وليس أحد العمومين أولى من الآخر بجعله خاصًّا لما في ذلك من التحكم، والوقف هو المتعين حتى يقع الترجيح بأمر خارج.
98/ 989 - (وَعَنْ عَمْرو بْنِ عَبْسَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(4)
قَالَ: قُلْتُ: يا نَبِيَّ الله أَخْبِرْنِي عَن الصَّلَاةِ، قَالَ:"صَل صَلَاةَ الصُّبْحِ ثمَّ اقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَتَرْتَفِعَ، فَإنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بينَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكُفارُ، ثم صل فَإنَّ الصّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بالرُّمْحِ، ثُمَّ اقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ، فَإن حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمَ، فإِذَا أقبَلَ الْفَيْءُ فَصَل، فَإنَّ الصّلَاةَ مَشْهُودَة مَحْضُورَة حتى تُصَليَ الْعَصْرَ، ثم اقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حتى تَغْرُبَ فَإنَّهَا تَغْرُبُ بينَ قَرْنَي شَيْطَانٍ، وَحِينئذٍ يسْجُدُ لها الكُفارُ". رَوَاهُ أحمدُ
(5)
ومُسْلِمٌ
(6)
.
وَلأَبِي دَاوُدَ
(7)
نَحْوُهُ، وَأَوَّلُهُ عنْدَهُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أيُّ اللَّيْل أسْمَعُ؟ قَالَ: "جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَصَلِّ مَا شِئْتَ، فَإن الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ").
قوله: (وترتفع) فيه أن النهي عن الصلاة بعد الصبح لا يزول بنفس طلوع الشمس، بل لا بد من الارتفاع.
وقد وقع عند البخاري
(8)
من حديث عمر المتقدم
(9)
بلفظ: "حتى تشرق الشمس"، والإشراق: الإضاءة
(10)
.
(1)
أخرجه أحمد (6/ 87) والبخاري رقم (1046) ومسلم رقم (3/ 901) والنسائي (3/ 126)، وابن ماجه رقم (1261) وهو حديث صحيح.
(2)
برقم (964) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم برقم (965) من كتابنا هذا.
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في المسند (4/ 111).
(6)
في صحيحه رقم (294/ 832).
(7)
في سننه رقم (1277) صحيح دون جملة (جوف الليل) قاله الألباني رحمه الله.
(8)
في صحيحه رقم (581).
(9)
برقم (988) من كتابنا هذا.
(10)
القاموس المحيط (ص 1158).
وفي حديث عقبة الآتي
(1)
"حتى تطلع الشمس بازغة".
وذلك يبين أن المراد بالطلوع المذكور في حديث الباب وغيره الارتفاع والإضاءة لا مجرد الظهور، ذكر معنى ذلك القاضي عياض
(2)
.
قال النووي
(3)
: وهو متعين لا عدول عنه للجمع بين الروايات، وقد ورد مفسرًا في بعض الروايات بارتفاعها قدر رمح.
قوله: (فإنها تطلع بين قرني شيطان) قال النووي
(4)
: قيلَ: المراد بقرني الشيطان: حزبه وأتباعه.
وقيل: غلبة أتباعه وانتشار فساده.
وقيل: القرنان ناحيتا الرأس وأنه على ظاهره.
قال: وهذا الأقوى. ومعناه أنه يدني رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات ليكون الساجدون لها من الكفار كالساجدين له في الصورة، وحينئذٍ يكون له ولشيعته تسلط ظاهر وتمكن من أن يلبسوا على المصلين صلاتهم فكرهت الصلاة حينئذٍ صيانة لها كما كرهت في الأماكن التي هي مأوى الشيطان.
وفي رواية لأبي داود
(5)
والنسائي
(6)
: "فإنها تطلع بين قرني شيطان فيصلي لها الكفار
(7)
".
(1)
برقم (991) من كتابنا هذا.
(2)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 203) حيث قال: "حتى تشرق: بيان أنه ليس المراد بالطلوع ظهور قرصها، وإنما هو ارتفاعها وإشراقها
…
".
• وقال القاضي عياض في "المشارق" ص 249: ويقال: شرقت الشمس وأشرقت وشروقها طلوعها وإشراقها إضاءتها وامتداد ضوءها ومنه النهي عن الصلاة حتى تشرق الشمس، وضبطه بعضهم: تشرق من شرقت إذا طلعت ويؤيد ما في الرواية الأخرى حتى تطلع الشمس" اهـ.
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 111).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 112).
(5)
في سننه رقم (1277).
(6)
في السنن الكبرى (2/ 213 رقم 1556).
صحيح دون جملة "جَوْف الليل" كما تقدم.
(7)
انظر: معالم السنن للخطابي (1/ 289 - مع السنن).
قوله: (مشهودة محضورة) أي تشهدها الملائكة ويحضرونها، وذلك أقرب إلى القبول وحصول الرحمة.
قوله: (حتى يستقل الظل بالرمح) قال النووي
(1)
: معناه أنه يقوم مقابله في الشمال ليس مائلًا إلى المشرق ولا إلى المغرب وهذه حالة الاستواء انتهى.
والمراد أنه يكون الظل في جانب الرمح ولم يبق على الأرض من ظله شيء، وهذا يكون في بعض أيام السنة ويقدر في سائر الأيام عليه.
قوله: (تسجر جهنم)
(2)
بالسين المهملة والجيم والراء أي يوقد عليها إيقادًا بليغًا.
قوله: (فإذا أقبل الفيء) أي ظهر إلى جهة المشرق، والفيء
(3)
مختص بما بعد الزوال، وأما الظل فيقع على ما قبل الزوال وبعده.
قوله: (حتى تصلي العصر) فيه دليل على أن وقت النهي لا يدخل بدخول وقت العصر ولا بصلاة غير المصلي، وإنما يكره لكل إنسان بعد صلاته نفسه حتى لو أخرها عن أول الوقت لم يكره التنفل قبلها وقد تقدم الكلام في ذلك. وكذا قوله:"حتى تصلي الصبح".
قال المصنف
(4)
رحمه الله [تعالى]
(5)
: وهذه النصوص الصحيحة تدل على أن النهي في الفجر لا يتعلق بطلوعه بل بالفعل كالعصر. انتهى.
والحديث يدل على كراهة التطوّعات بعد صلاة العصر والفجر وقد تقدم ذلك.
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 112).
(2)
قال الخطابي: "قوله: تسجر جهنم، وبين قرني الشيطان وأمثالها من الألفاظ الشرعية التي أكثرها ينفرد الشارع بمعانيها، ويجب علينا التصديق بها والوقوف عند الإقرار بصحتها والعمل بموجبها".
(النهاية)(2/ 343) ولسان العرب (4/ 346).
(3)
أصل الفيء: الرجوع. يقال: فاءَ يَفيء فِئَةً وفُيُوءًا، كأنه كان في الأصل لهم فرجع إليهم.
ومنه قيل للظل الذي يكون بعد الزوال: فيء، لأنه يرجع من جانب الغرب إلى جانب الشرق.
(النهاية)(3/ 482).
(4)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 564).
(5)
زيادة من (جـ).
وعلى كراهتها أيضًا عند طلوع الشمس وعند قائمة الظهيرة وعند غروبها، وسيأتي الكلام على هذه الأوقات.
99/ 990 - (وعَنْ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا]
(1)
قَالَ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أُصَلِّي بَعْدَ ما طَلَعَ الْفَجْرُ، فقالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُصلِّي هَذه السَّاعَةَ، فقَالَ:"لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكمْ غَائِبَكُمْ أَنْ لا صلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ". رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وأبُو دَاوُدَ)
(3)
. [صحيح لمجموع طرقه]
وأخرجه أيضًا الدارقطني
(4)
والترمذي
(5)
وقال: غريب لا يعرف إلا من حديث قدامة بن موسى.
قال الحافظ
(6)
: وقد اختلف في اسم شيخه فقيل: أيوب بن حصين.
وقيل: محمد بن حصين. وهو مجهول
(7)
.
وأخرجه أبو يعلى
(8)
والطبراني
(9)
من وجهين آخرين عن ابن عمر نحوه.
ورواه ابن عدي
(10)
من طريق محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في المسند (2/ 104).
(3)
في سننه رقم (1278).
(4)
في سننه (1/ 419 رقم 1).
(5)
في سننه رقم (419) وقال: حديث ابن عمر حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث قدامة بن موسى. قلت: بل هو ثقة التقريب رقم (5530).
(6)
في "التلخيص الحبير"(1/ 342).
(7)
أيوب بن الحصين، ويقال محمد بن الحصين، عن أبي عَلْقَمة، عن يسار مولى بن عمر، عن ابن عمر - مرفوعًا:"لا تصلوا بعد الفجر إلَّا سجدتين"، رواه عنه قدامة بن موسى، ولا يعرف. وقال الدارقطني: مجهول.
(الميزان 1/ 285 - 286 رقم 1071).
قلت: وهو علة الحديث كما في الإرواء (2/ 233 - 234) ولكن للحديث عن ابن عمر طرق أخرى وهو بها صحيح إن شاء الله.
(8)
في المسند (رقم 5608) بسند صحيح.
(9)
في المعجم الكبير (ج 12 رقم 13291).
(10)
في "الكامل"(6/ 177). وقال ابن عدي: محمد بن الحارث عامة ما يرويه غير محفوظ.
قال الألباني رحمه الله في الإرواء (2/ 234): "قلت: وشيخه في هذا الحديث =
ورواه أيضًا الدارقطني
(1)
من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وفي إسناده الأفريقي.
ورواه أيضًا الطبراني
(2)
من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفى سنده روّاد بن الجراح
(3)
.
ورواه أيضًا البيهقي
(4)
من حديث سعيد بن المسيب مرسلًا وقال: روي موصولًا عن أبي هريرة ولا يصح.
ورواه موصولًا الطبراني
(5)
وابن عدي
(6)
وسنده ضعيف والمرسل أصح.
والحديث يدلّ على كراهة التطوّع بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر.
قال الترمذي
(7)
: وهو مما أجمع عليه أهل العلم كرهوا أن يصلي الرجل بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر.
قال الحافظ في التلخيص
(8)
: دعوى الترمذي الإجماع على الكراهة لذلك عجيب، فإن الخلاف فيه مشهور حكاه ابن المنذر
(9)
وغيره.
= محمد بن عبد الرحمن - وهو ابن البيلماني أشد ضعفًا منه. فقد اتهمه ابن عدي وابن حبان، وذهب بعضهم إلى أن الآفة منه في كل ما يرويه ابن الحارث عنه. والله أعلم" اهـ.
(1)
في سننه (1/ 246 رقم 2).
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 355) والبيهقي (2/ 465).
قال البيهقي: في إسناده من لا يحتج به. قلت: يعني الإفريقي هذا.
(2)
لم أقف عليه؟!
(3)
روَّاد بن الجراح، أبو عصام العسقلاني، أصله من خراسان: صدوق اختلط بأخرة فترك.
وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد.
انظر: التقريب رقم (1958) والجرح والتعديل (3/ 524) والميزان (2/ 55) والمغني (1/ 233) والخلاصة (ص 120).
(4)
في السنن الكبرى (2/ 466) وقال: وروى موصولًا بذكر أبي هريرة فيه ولا يصح وصله.
(5)
لم أقف عليه؟!
(6)
في "الكامل"(3/ 389).
(7)
في سننه (2/ 280).
(8)
في "التلخيص"(1/ 343).
(9)
في الأوسط (2/ 399 - 400). مسألة (336): "واختلفوا في التطوع بعد الفجر سوى ركعتي الفجر، فكرهت طائفة ذلك، وممن روي عنه أنه كره ذلك عبد الله بن عمرو، وابن عمر وفي إسنادهما مقال
…
=
وقال الحسن البصري
(1)
: لا بأس به، وكان مالك
(2)
يرى أن يفعله من فاتته صلاة الليل.
وقد أطنب في ذلك محمد بن نصر في قيام الليل انتهى.
وطرق حديث الباب يقوّي بعضها بعضًا، فتنتهض للاحتجاج بها على الكراهة.
وقد أفرط ابن حزم
(3)
فقال: الروايات في أنه لا صلاة بعد الفجر إلا ركعتا الفجر ساقطة مطروحة مكذوبة.
100/ 991 - (وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(4)
قَالَ: ثَلاثُ سَاعَاتٍ نَهانا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتانا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بازِغَةً حتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قائِم الظَّهِيرَةِ، وَحِينَ تَضَيَّفُ لِلْغُرُوبِ حتَّى تَغْرُبَ. رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلّا البُخَارِيّ)
(5)
. [صحيح]
قوله: (أن نَقْبُرَ)
(6)
وهو بضم الباء الموحدة وكسرها لغتان.
= وكره ذلك الحسن البصري، وقال: ما سمعت فيه بشيء. وقال النخعي: كانوا يكرهون ذلك.
وكره سعيد بن المسيب والعلاء بن زياد - بن مطر العدوي البصري - وحميد بن عبد الرحمن - الحميري - وأصحاب الرأي.
ورخصت طائفة في ذلك، وممن قال لا بأس بأن يتطوع الرجل بعد طلوع الفجر الحسن البصري، وكان مالك يرى أن يفعل ذلك من فاتته صلاته بالليل.
وروينا عن بلال أنه لم ينه عن الصلاة إلا عند طلوع الشمس، فإنها تطلع بين قرني الشيطان" اهـ.
(1)
تقدم في التعليقة السابقة.
(2)
انظر: المنتقى للباجي (1/ 228) والأوسط (2/ 400).
(3)
في "المحلى"(3/ 32).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
أحمد (4/ 152) ومسلم رقم (293/ 831) وأبو داود رقم (3192) والترمذي رقم (1030) والنسائي (1/ 275) وابن ماجه رقم (1519).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (1001) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 151) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 452).
(6)
من قبَره يقْبِره ويقبُره: دفنه، وأقبرَه جعل له قبرًا. وأقبَرَ: إذا أمر إنسانًا بحفر قبر.
لسان العرب (6/ 69) والقاموس المحيط (ص 590).
قال النووي
(1)
: قال بعضهم: المراد بالقبر: صلاةَ الجنازة، وهذا ضعيف؛ لأن صلاة الجنازة لا تكره في هذا الوقت بالإجماع فلا يجوز تفسير الحديث بما يخالف الإجماع، بل الصواب أن معناه تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات، كما يكره تعمد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بلا عذر وهي صلاة المنافقين.
قال: فأما إذا وقع الدفن بلا تعمد في هذه الأوقات فلا يكره". انتهى.
وظاهر الحديث أن الدفن في هذه الأوقات محرّم من غير فرق بين العامد وغيره إلا أن يخصّ غير العامد بالأدلة القاضية برفع الجناح عنه.
قوله: (بازغة)
(2)
أي ظاهرة.
قوله: (تَضَيّف) ضبطه النوَوي في شرح مسلم
(3)
بفتح التاء والضاد المعجمة وتشديد الياء، والمراد به الميل.
والحديث يدلّ على تحريم الصلاة في هذه الأوقات وكذلك الدفن.
وقد حكى النووي
(4)
الإجماع على الكراهة.
قال
(5)
: واتفقوا على جواز الفرائض المؤدّاة فيها.
واختلفوا في النوافل التي لها سبب كصلاة التحية وسجود التلاوة والشكر وصلاة العيد والكسوف وصلاة الجنازة وقضاء الفوائت.
ومذهب الشافعي
(6)
وطائفة جواز ذلك كله بلا كراهة.
ومذهب أبي حنيفة
(7)
وآخرين أنه داخل في النهي لعموم الأحاديث انتهى.
وجعله لصلاة الجنازة ههنا من جملة ما وقع فيه الخلاف ينافي [دعواه]
(8)
الإجماع على عدم كراهتها كما تقدّم عنه.
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 114).
(2)
بزغت الشمس بَزْغًا وبزوغًا: شرقَتْ. أو البزوغ: ابتداء الطلوع، القاموس المحيط (ص 1006).
(3)
(6/ 114).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 110).
(5)
أي النووي في شرح صحيح مسلم (6/ 110 - 111).
(6)
في "الأم"(10/ 101 - اختلاف الحديث).
(7)
في "البناية شرح الهداية"(2/ 59).
(8)
في المخطوط (ب): (دعوى).
ومن القائلين بكراهة قضاء الفرائض في هذه الأوقات زيد بن عليّ، والمؤيد بالله، والداعي والإمام يحيى، قالوا: لشمول النهي للقضاء؛ لأن دليل المنع لم يفصل
(1)
.
واحتجّ القائلون بجواز قضاء الفرائض في هذه الأوقات وهم الهادي والقاسم
(2)
والشافعي
(3)
ومالك بقوله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن صلاته أو سها عنها فوقتها حين يذكرها" الحديث المتقدم
(4)
، فجعلوه مخصصًا لأحاديث الكراهة وهو تحكم لأنه أعمّ منها من وجه وأخص من وجه، وليس أحد العمومين أولى بالتخصيص من الآخر، وكذلك الكلام في فعل صلاة المفروضة في هذه الأوقات أداء، إلا أن حديث: "من أدرك من الفجر ركعة قبل أن تطلع الشمس، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب [الشمس
(5)
]
(6)
"، أخصّ من أحاديث النهي مطلقًا فيقدم عليها.
وقد استثنى الشافعي وأصحابه
(7)
وأبو يوسف الصلاة عند قائمة الظهيرة يوم الجمعة خاصة، وهي رواية عن الأوزاعي وأهل الشام.
واستدلوا بما رواه الشافعي
(8)
عن أبي هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة"، وفي إسناده إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى
(9)
، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة
(10)
وهما ضعيفان.
(1)
البحر الزخار (1/ 166).
(2)
شفاء الأوام (1/ 219 - 220) والبحر الزخار (1/ 166).
(3)
في "الأم"(10/ 101 - اختلاف الحديث).
(4)
تقدم تخريجه برقم (480) من كتابنا هذا.
(5)
سقطت من المخطوط (ب).
(6)
تقدم تخريجه برقم (474) من كتابنا هذا.
(7)
المجموع شرح المهذب (4/ 81 - 82).
(8)
في مسنده (رقم 408 - ترتيب) بسند ضعيف جدًّا.
(9)
إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، كان قدريًا جهميًا، قال يحيى: كنا نتهمه بالكذب.
روى الشافعي عنه، وقال: كان ثقة في الحديث. وعن ابن معين: كذاب مات سنة (184 هـ).
انظر: التاريخ الكبير (1/ 323) والمجروحين (1/ 105) والجرح والتعديل (2/ 125) والكاشف (1/ 46) والميزان (1/ 57، 64) والتقريب (1/ 42).
(10)
إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، أبو سليمان، مولى عثمان بن عفان، قرشي مدني نهى ابن حنبل عن حديثه، وقال أبو زرعة والنسائي: متروك، مات سنة (136 هـ) انظر: =
ورواه البيهقي
(1)
من طريق أبي خالد الأحمر عن عبد الله؛ شيخ من أهل المدينة، عن سعيد عن أبي هريرة.
ورواه الأثرم
(2)
بسند فيه الواقدي وهو متروك.
ورواه البيهقي
(3)
أيضًا بسند آخر فيه عطاء بن عجلان
(4)
وهو متروك أيضًا.
وقد روى الشافعي
(5)
عن ثعلبة بن أبي مالك
(6)
عن عامة الصحابة أنهم كانوا يصلون نصف النهار يوم الجمعة.
وفي الباب عن واثلة عند الطبراني
(7)
، قال الحافظ
(8)
: بسند واه.
وعن أبي قتادة عند أبي داود
(9)
والأثرم
(10)
أنه صلى الله عليه وسلم كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة، وقال:"إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة".
= التاريخ الكبير (1/ 396) والجرح والتعديل (2/ 227) والكاشف (1/ 63) والميزان (1/ 193) والتقريب (1/ 59) والخلاصة (ص 29).
قلت: وحديث أبي هريرة حديث ضعيف وقد ضعفه النووي في المجموع (4/ 81).
(1)
في السنن الكبرى (2/ 464).
(2)
كما في "التلخيص" للحافظ ابن حجر (1/ 338 - 339).
(3)
في السنن الكبرى (3/ 193).
(4)
عطاء بن عجلان البصري. قال البخاري: نسبه عبد الوارث، منكر الحديث.
وقال ابن معين: ليس بشيء كذاب، وقال: أبو حاتم: متروك. وقال الدارقطني: ضعيف لا يعتبر به.
انظر: التاريخ الكبير (6/ 476) والمجروحين (2/ 129) الجرح والتعديل (6/ 335) الميزان (3/ 75) التقريب (2/ 22) الخلاصة (ص 226).
(5)
في مسنده (رقم 409 - ترتيب). وهو موقوف صحيح.
(6)
قال الحافظ في "التقريب" رقم (845): ثعلبة بن أبي مالك القُرظي، حليفُ الأنصار، أبو مالك، ويقال أبو يحيى المدني، مختلف في صحبته، وقال العجلي: - (1/ 261 رقم 196) - تابعي ثقة" اهـ.
(7)
في المعجم الكبير (ج 22 رقم 144) بسند واه.
(8)
في "التلخيص الحبير"(1/ 339). وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 228): وقال: وفيه بشير بن عون، قال ابن حبان: روى مائة حديث كلها موضوعة" اهـ.
(9)
في سننه رقم (1083).
(10)
كما في "التلخيص الحبير"(1/ 339).
وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف
(1)
، وهو أيضًا منقطع لأنه من رواية أبي الخليل عن أبي قتادة ولم يسمع منه
(2)
.
101/ 992 - (وَعَنْ ذَكْوَان مَوْلى عَائِشَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا]
(3)
أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ وينْهَى عنها، ويُوَاصِلُ وَينهَى عَنِ الْوِصَالِ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(4)
. [ضعيف]
الحديث في إسناده محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء وفيه مقال، إذا لم يصرّح بالتحديث وهو هنا قد عنعن، فينظر في عنعنته كما قال الحافظ
(5)
، وقد قدمنا في باب قضاء [سنة]
(6)
الظهر
(7)
ما يدلّ على اختصاص ذلك به صلى الله عليه وسلم.
[الباب الرابع والعشرون] باب الرخصة في إعادة الجماعة وركعتي الطواف في كل وقت
102/ 993 - (عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأسْوَدِ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ] (3) قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَجَّتَهُ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ؛ فَلَمَّا قَضَى
(1)
ليث بن أبي سليم كوفي: ضعيف، قاله النسائي ويحيى. وقال ابن معين: لا بأس به.
وقال الدارقطني: كان صاحب سنة، وإنما أنكروا عليه الجمع من عطاء وطاووس ومجاهد حسب. مات سنة (148 هـ).
انظر: المجروحين (2/ 231) والجرح والتعديل (7/ 177) والميزان (3/ 420) والتقريب (2/ 138) والخلاصة (ص 323).
(2)
انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزي (13/ 89 - 90 رقم 2837) وخلاصة القول: أن حديث أبي قتادة ضعيف، والله أعلم.
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
في سننه رقم (1280) ورجال إسناده ثقات ولكن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه.
والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
انظر: "الفتح"(2/ 64).
(6)
في (جـ): (سنتي).
(7)
الباب الرابع عند الحديث رقم (908) من كتابنا هذا.
وانظر: "إخبار أهل الرسوخ في الفقه والتحديث بمقدار المنسوخ من الحديث" لعبد الرحمن بن الجوزي (ص 55 - 57) الحديث الثامن: (في الركعتين بعد العصر والخلاف من ذلك) بتحقيقي. ط: دار ابن حزم.
صَلاتَهُ انحَرَفَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي أُخْرَى الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّيَا، فَقَالَ:"عَليَّ بِهِما"، فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُما، فَقالَ:"مَا مَنَعَكُما أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ " فَقالا: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّا كُنَّا قَدْ صَلَّيْنا فِي رِحَالِنا، قالَ:"فَلَا تَفْعَلَا، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أتيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصلِّيَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةً"، رَوَاهُ الخَمْسَةُ إِلَّا ابْنَ مَاجَهْ
(1)
.
وَفِي لَفْظٍ لأبي دَاوُدَ
(2)
: "إذَا صَلَّى أَحَدُكمْ فِي رَحْلِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ الصَّلاةَ مَعَ الإمَامِ فَلْيُصَلِّهَا مَعَهُ، فإنَّها لَهُ نَافِلَةٌ". [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا الدارقطني
(3)
وابن حبان
(4)
والحاكم
(5)
وصححه ابن السكن
(6)
، وقال الترمذي
(7)
: حسن صحيح.
وقد أخرجوه كلهم من طريق يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه.
قال الشافعي في القديم: إسناده مجهول.
قال البيهقي: لأن يزيد بن الأسود
(8)
ليس له راو غير ابنه، ولا لابنه جابر
(9)
راو غير يعلى.
(1)
أخرجه أحمد (4/ 160، 161) وأبو داود رقم (575) و (576) والترمذي رقم (219) والنسائي (2/ 112 - 113).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
في سننه رقم (575).
(3)
في سننه (1/ 413 رقم 1).
(4)
في صحيحه رقم (1564).
(5)
في المستدرك (1/ 244 - 245) وقال: هذا حديث رواه شعبة، وهشام بن حسان، وغيلان بن جامع، وأبو خالد الدالاني، وعبد الملك بن عمير، ومبارك بن فضالة، وشريك بن عبد الله وغيرهم، عن يعلى بن عطاء، وقد احتج مسلم بيعلى بن عطاء، ووافقه الذهبي.
(6)
كما في التلخيص الحبير (2/ 62).
قلت: وصححه ابن خزيمة رقم (1279).
(7)
في سننه (2/ 426).
(8)
يزيد بن الأسود، أو ابن أبي الأسود، الخزاعي، ويقال العامري: صحابي، نزل الطائف، ووهم من ذكره في الكوفيين. (د ت س) (التقريب: 7685).
(9)
جابر بن يزيد بن الأسود السوائي، ويقال الخزاعي: صدوق من الثالثة، ولأبيه صحبة.
(د ت س). (التقريب: 877).
قال الحافظ
(1)
: "يعلى من رجال مسلم، وجابر وثقه النسائي وغيره، وقد وجدنا لجابر بن يزيد راويًا غير يعلى، أخرجه ابن منده في "المعرفة" من طريق شيبة عن إبراهيم بن أبي أمامة عن عبد الملك بن عمير عن جابر".
وفي الباب عن أبي ذرّ عند مسلم
(2)
في حديث أوّله: "كيف أنت إذا كان عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ "، وفيه:"فإن أدركتها معهم فصلّ فإنها لك نافلة".
وعن ابن مسعود عند مسلم
(3)
بنحوه.
وعن شدَّاد بن أوس عند البزار
(4)
.
وعن محجن الديلمي عند مالك في الموطأ
(5)
والنسائي
(6)
وابن حبان
(7)
والحاكم
(8)
.
وعن أبي أيوب عند أبي داود
(9)
: "أنه سأله رجل من بني أسد بن خزيمة فقال: يصلي أحدنا في منزله الصلاة ثم يأتي المسجد وتقام الصلاة فأصلي معهم فأجد في نفسي من ذلك شيئًا، فقال أبو أيوب: سألنا عن ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "فذلك له سهم جمع"، وفي إسناده رجل مجهول.
(1)
في "التلخيص"(2/ 62).
(2)
في صحيحه رقم (238/ 648).
(3)
في صحيحه رقم (257/ 654).
(4)
في المسند (رقم 393 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 329 - 330) وقال: وفيه راشد بن داود، ضعفه الدارقطني، ووثقه ابن معين، ودحيم وابن حبان".
(5)
في الموطأ (1/ 132 رقم 8).
(6)
في سننه (2/ 112).
(7)
في صحيحه رقم (2405).
(8)
في المستدرك (1/ 244) قال الحاكم: هذا حديث صحيح. ومالك بن أنس الحكم في حديث المدنيين، وقد احتج به في الموطأ. وقال الذهبي في "المختصر":"ومحجن تفرد عنه ابنه".
قلت: وأخرجه أحمد (4/ 34) والطبراني في الكبير (ج 20 رقم 697) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 300) والبغوي في شرح السنة رقم (856) وحسنه.
والخلاصة: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(9)
في سننه رقم (578) وهو حديث ضعيف.
قوله: (ترعد)
(1)
بضم أوله وفتح ثالثه: أي تتحرّك، كذا قال ابن رسلان.
قوله: (فرائصهما) جمع فريصة بالصاد المهملة، وهي اللحمة من الجنب والكتف التي لا تزال ترعد: أي تتحرّك من الدابة، واستعير للإنسان لأن له فريصة وهي ترجف عند الخوف
(2)
.
وقال الأصمعي: الفريصة
(3)
: لحمة بين الكتف والجنب. وسبب ارتعاد فرائصهما ما اجتمع في رسول الله صلى الله عليه وسلم من [الهيبة]
(4)
العظيمة والحرمة الجسيمة لكل من رآه مع كثرة تواضعه.
قوله: (ثم أتيتما مسجد جماعة)، لفظ أبي داود
(5)
: "إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصلّ فليصل معه"، ولفظ ابن حبان
(6)
: "إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الصلاة فصليا".
قوله: (فإنها لكما نافلة) فيه تصريح بأن الثانية في الصلاة المعادة نافلة، وظاهره عدم الفرق بين أن تكون الأولى جماعة أو فرادى؛ لأن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال
(7)
.
قال ابن عبد البر
(8)
: قال جمهور الفقهاء: إنما يعيد الصلاة مع الإمام في
(1)
قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 234): تُرْعَدَ: أي تَرجُفُ وتضطرب من الخوف.
(2)
النهاية (3/ 430).
(3)
انظر: "لسان العرب"(7/ 64). والقاموس المحيط (ص 807).
(4)
في (جـ): (الهيئة).
(5)
تقدم برقم (993) من كتابنا هذا.
(6)
في صحيحه رقم (1564).
(7)
• قال الشافعي: "ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال يُنزّل منزلة العموم في المقال".
• وقال الرازي في "المحصول"(2/ 386 - 387) مثاله: أنّ ابن غيلان أسلم عن عشرة نسوةٍ فقال صلى الله عليه وسلم: "أمسك أربعًا منهنَّ وفارق سائرهنّ" ولم يسأل عن كيفية ورود عقده عليهنَّ في الجمع والترتيب فكان إطلاقه القول دالًّا على أنَّه لا فرق بين أن تتفق تلك العقود معا أو على الترتيب، وهذا فيه نظرٌ لاحتمال أنَّه صلى الله عليه وسلم عرف خصوص الحال فأجاب بناء على معرفته ولم يستفصل.
• وقال الشوكاني في "الإرشاد"(ص 452): "ويجاب عنه بأن هذا الاحتمال إنما يصار إليه إذا كان راجحًا، وليس بمساوٍ فضلًا عن أن يكون راجحًا".
وانظر: البحر المحيط (3/ 148) وتيسير التحرير (1/ 264).
(8)
في "التمهيد"(4/ 247).
جماعة من صلى وحده في بيته أو في غير بيته. وأما من صلى في جماعة وإن قلَّت فلا يعيد في أخرى قلَّت أو كثرت، ولو أعاد في جماعة أخرى لأعاد في ثالثة ورابعة إلى ما لا نهاية له، وهذا لا يخفى فساده.
قال: وممن قال بهذا القول مالك
(1)
وأبو حنيفة
(2)
والشافعي وأصحابهم
(3)
. ومن حجتهم قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تصلي صلاة في يوم مرّتين"
(4)
انتهى.
وذهب الأوزاعي
(5)
والهادي
(6)
وبعض أصحاب الشافعي وهو قول الشافعي القديم إلى أن الفريضة هي الثانية إذا كانت الأولى فرادى.
واستدلوا بما أخرجه أبو داود
(7)
عن يزيد بن عامر قال: "جئت والنبيّ صلى الله عليه وسلم في الصلاة فجلست ولم أدخل معهم في الصلاة، فانصرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه جالسًا، فقال: ألمْ تُسْلِم يا يزيد؟ قال: بلى يا رسول الله قد أسلمت، قال: فما منعك أن تدخل مع الناس في صلاتهم؟ قال: إني كنت قد صليت في منزلي وأنا أحسب أنْ قد صليتم، فقال: إذا جئت إلى الصلاة فوجدت الناس فصلّ معهم، وإن كنت قد صليت تكن لك نافلة وهذه مكتوبة"، ولكنه ضعفه النووي
(8)
.
وقال البيهقي
(9)
: إن حديث يزيد بن الأسود أثبت منه وأولى.
ورواه الدارقطني
(10)
بلفظ: "وليجعل التي صلى في بيته نافلة"، وقال: هي رواية ضعيفة شاذة. انتهى.
(1)
ذكره ابن عبد البر في التمهيد (4/ 256) وانظر: المنتقى للباجي (1/ 232 - 233).
(2)
البناية شرح الهداية (2/ 674 - 675).
(3)
الأم (8/ 561 - 563).
(4)
أخرجه أحمد (2/ 19، 41) والنسائي (2/ 114) وأبو داود رقم (579) وابن حبان رقم (2396) والطبراني رقم (13270) والدارقطني (1/ 415، 416) والبيهقي (2/ 303) وابن خزيمة رقم (1641).
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(5)
الأوسط لابن المنذر (2/ 404).
(6)
شفاء الأوام (1/ 360).
(7)
في سننه رقم (577) وهو حديث ضعيف.
(8)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 64).
(9)
في السنن الكبرى (2/ 302).
(10)
في السنن (1/ 414 رقم 5).
وعلى فرض صلاحية حديث يزيد بن عامر للاحتجاج به فالجمع بينه وبين حديث الباب ممكن بحمل حديث الباب على من صلى الصلاة الأولى في جماعة، وحمل هذا على من صلى منفردًا كما هو الظاهر من سياق الحديثين، ويكونان مخصصين لحديث ابن عمر عند أبي داود
(1)
والنسائي
(2)
وابن خزيمة
(3)
وابن حبان
(4)
بلفظ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تصلوا صلاة في يوم مرّتين" على فرض شموله لإعادة الفريضة من غير فرق بين أن تكون الإعادة بنية الافتراض أو التطوّع.
وأما إذا كان النهي مختصًا بإعادة الفريضة بنية الافتراض فقط فلا يحتاج إلى الجمع بينه وبين حديث الباب.
ومن جملة المخصصات لحديث ابن عمر
(5)
المذكور حديث أبي سعيد قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل رجل فقام يصلي الظهر، فقال:"ألا رجل يتصدّق على هذا فيصلي معه؟ "، أخرجه الترمذي
(6)
وحسنه وابن حبان
(7)
، [والحاكم]
(8)
والبيهقي
(9)
.
وحديث الباب يدلّ على مشروعية الدخول مع الجماعة بنية التطوّع لمن كان
(1)
في سننه رقم (579).
(2)
في سننه (2/ 114).
(3)
في صحيحه رقم (1641).
(4)
في صحيحه رقم (2396).
وهو حديث حسن وقد تقدم تخريجه آنفًا.
(5)
تقدم بالحاشية رقم (4) في الصفحة السابقة.
(6)
في سننه رقم (220) وقال: هذا حديث حسن.
(7)
في صحيحه رقم (2397).
(8)
زيادة من (جـ)، وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 209).
(9)
في السنن الكبرى (3/ 69).
قلت: وأخرجه أحمد (3/ 64) والدارمي (1/ 318) وأبو داود رقم (574) والبغوي في شرح السنة رقم (859) وصححه الحاكم (1/ 209).
• ووهم الحاكم وتابعه على ذلك الذهبي رحمهما الله فسمى: سليمان الناجي.
سليمان بن سحيم وإنما هو سليمان الأسود. ويقال: ابن الأسود الناجي.
قاله الشيخ شعيب في تحقيقه لصحيح ابن حبان (6/ 158).
والخلاصة: أن حديث أبي سعيد حديث صحيح، والله أعلم.
قد صلى تلك الصلاة وإن كان الوقت وقت كراهة للتصريح بأن ذلك كان في صلاة الصبح.
وإلى ذلك ذهب الشافعي
(1)
فيكون هذا مخصصًا لعموم الأحاديث القاضية بكراهة الصلاة بعد صلاة الصبح.
ومن جوّز التخصيص بالقياس
(2)
ألحق به ما سواه من أوقات الكراهة.
وظاهر التقييد بقوله صلى الله عليه وسلم: "ثم أتيتما مسجد جماعة"
(3)
أن ذلك مختصّ بالجماعات التي تقام في المساجد لا التي تقام في غيرها، فيحمل المطلق من ألفاظ الباب كلفظ [حديث]
(4)
أبي داود
(5)
وابن حبان
(6)
المتقدمين على المقيد بمسجد الجماعة.
ويؤيد ذلك ما أخرجه أبو داود
(7)
والنسائي
(8)
عن سليمان بن يسار مولى ميمونة قال: "رأيت ابن عمر جالسًا على البلاط وهو موضع مفروش بالبلاط بين المسجد والسوق بالمدينة وهم يصلون، فقلت: ألا تصلي معهم؟ فقال: قد صليت إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تصلوا صلاة في يوم مرّتين".
(1)
في الأم (8/ 562).
(2)
ذهب الجمهور إلى جوازه. قال الرازي في "المحصول"(3/ 96): "وهو قول أبي حنيفة والشافعي ومالك وأبي الحسين البصري والأشعري وأبي هاشم أخيرًا.
وحكاه ابن الحاجب في مختصر المنتهى (2/ 154) عن هؤلاء، وزاد معهم الإمام أحمد بن حنبل، وكذا حكاه ابن الهمام في التحرير (1/ 321).
قال الشوكاني في "إرشاد الفحول"(ص 528): "والحق الحقيق بالقول أنَّه يخصَّص بالقياس الجليّ لأنه معمولٌ به لقوة دلالته وبلوغها إلى حد يوازن النصوص، وكذلك يخصص بما كانت عِلته منصوصة أو مجمعًا عليها، وأما العلة المنصوصة فالقياس الكائن بها قوة النص.
وأما العلة المجمع عليها فلكون ذلك الإجماع قد دلَّ على دليل مجمع عليه، وما عدا هذه الثلاثة الأنواع من القياس فلم تقم الحجةُ بالعمل به من أصله" اهـ.
(3)
تقدم برقم (993) من كتابنا هذا.
(4)
زيادة من المخطوط (ب).
(5)
في سننه رقم (579) وقد تقدم.
(6)
في صحيحه رقم (2396). وقد تقدم.
(7)
في سننه رقم (579). وقد تقدم.
(8)
في سننه (2/ 114) وقد تقدم.
وهو حديث حسن وقد تقدم.
103/ 994 - (وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِم [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَا بَني عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى آيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ"، رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلّا البُخَارِيّ)
(2)
. [صحيح]
104/ 995 - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ] (1) أَنّ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، أَوْ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا يَطوفُ بالبَيْتِ وَيُصَلِّي، فَإنَّهُ لا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُع الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ إِلَّا عِنْدَ هَذَا الْبَيْتِ يَطُوفُونَ ويُصَلّونَ". رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ)
(3)
. [معلول]
الحديث الأوّل أخرجه أيضًا ابن خزيمة
(4)
وابن حبان
(5)
والدارقطني
(6)
وصححه الترمذي
(7)
، ورواه الدارقطني
(8)
من وجهين آخرين عن جابر.
قال الحافظ
(9)
: وهو معلول، فإن المحفوظ عن جبير لا عن جابر.
وقد عزا المصنف رحمه الله [تعالى](1) حديث الباب إلى مسلم لأنه لم يستثن من الجماعة إلا البخاري وهو خطأ.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه أحمد (4/ 80) وأبو داود رقم (1894) والترمذي رقم (868) والنسائي رقم (2924) وابن ماجه رقم (1254).
• لم يعزه المزي في "تحفة الأشراف"(2/ 410) إلى الإمام مسلم.
• وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص"(1/ 341 - 342): "تنبيه: عزا المجد بن تيمية حديث جبير لمسلم، فإنه قال: رواه الجماعة إلا البخاري، وهذا وهم منه، تبعه عليه المحب الطبري
…
".
والخلاصة: أن حديث جبير بن مطعم حديث صحيح، والله أعلم.
(3)
في سننه (1/ 425 - 426 رقم 10) عن ابن عباس من رواية مجاهد عنه، ورواه الطبراني - في المعجم الكبير (ج 11 رقم 11359) - من رواية عطاء عن ابن عباس.
ورواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" - (2/ 273) - والخطيب في "التلخيص"، من طريق ثمامة بن عبيدة، عن أبي الزبير، عن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، وهو معلول.
قاله الحافظ في "التلخيص"(1/ 341).
(4)
في صحيحه رقم (2747).
(5)
في صحيحه رقم (1552).
(6)
في سننه (1/ 424 رقم 2).
(7)
في سننه (3/ 220).
(8)
في سننه (1/ 424 رقم 3، 4).
(9)
في "التلخيص"(1/ 341).
قال الحافظ في التلخيص
(1)
: "عزا المجد بن تيمية حديث جبير لمسلم فإنه قال: رواه الجماعة إلا البخاري وهذا وهم منه تبعه عليه المحبّ الطبري، فقال: رواه السبعة إلا البخاريّ. وابن الرفعة وقال: رواه مسلم، وكأنه، والله أعلم، لما رأى ابن تيمية عزاه إلى الجماعة دون البخاري اقتطع مسلمًا من بينهم واكتفى به عنهم ثم ساقه باللفظ الذي أورده ابن تيمية فأخطأ مكرّرًا" انتهى.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا الطبراني
(2)
وأبو نعيم في تاريخ أصبهان
(3)
والخطيب في تلخيصه. قال ابن حجر في التلخيص
(4)
: وهو معلول.
وروى ابن عدي
(5)
عن أبي هريرة حديث: "لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس"، وزاد في آخره:"من طاف فليصلّ" أي حين طاف، وقال: لا يتابع عليه. وكذا قال البخاري.
وقد استدلّ بحديثي الباب على جواز الطواف والصلاة عقيبه في أوقات الكراهة، وإلى ذلك ذهب الشافعي
(6)
والمنصور بالله
(7)
، وذهب الجمهور
(8)
إلى العمل بالأحاديث القاضية بالكراهة على العموم ترجيحًا لجانب ما اشتمل على الكراهة.
وأنت خبير بأن حديث جبير بن مطعم لا يصلح لتخصيص أحاديث النهي المتقدمة لأنه أعمّ منها من وجه وأخصّ من وجه، وليس أحد العمومين أولى بالتخصيص من الآخر لما عرفت غير مّرة.
وأما حديث ابن عباس فهو صالح لتخصيص النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الفجر، لكن بعد صلاحيته للاحتجاج وهو معلول كما تقدّم.
(1)
(1/ 341 - 342).
(2)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 11359).
(3)
(2/ 273) ترجمة: محمد بن عبد الله بن أحمد بن أسيد.
(4)
في "التلخيص"(1/ 341).
(5)
في "الكامل"(3/ 1225) ترجمة سعيد بن أبي راشد.
(6)
في "الأم"(1/ 149 - الرسالة).
(7)
البحر الزخار (1/ 167) وشفاء الأوام (1/ 220 - 221).
(8)
انظر: المغني لابن قدامة (2/ 516 - 517).
ويؤيده حديث أبي ذرّ عند الشافعي
(1)
بلفظ: "لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس إلا بمكة" وكرّر الاستثناء ثلاثًا.
ورواه أيضًا أحمد
(2)
وابن عديّ
(3)
وفي إسناده عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف
(4)
.
وذكر ابن عديّ هذا الحديث من جملة ما أنكر عليه.
وقال البيهقي
(5)
: تفرّد به عبد الله ولكن تابعه إبراهيم بن طهمان وهو أيضًا من رواية مجاهد عن أبي ذرّ.
وقد قال أبو حاتم وابن عبد البرّ والبيهقي والمنذري وغير واحد: إنه لم يسمع منه
(6)
.
وقد رواه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه
(7)
وقال: أنا أشكّ في سماع مجاهد
(1)
أخرجه البيهقي في "المعرفة"(3/ 433 رقم 5207) من طريق الشافعي وأخرجه الدارقطني (1/ 424 رقم 6)، وقد ذكره البيهقي في السنن الكبرى (2/ 461) وقال: "هذا الحديث يعد في أفراد عبد الله بن المؤمل، وعبد الله بن المؤمل ضعيف، إلا أن إبراهيم بن طهمان قد تابعه في ذلك عن حميد وأقام إسناده.
ثم أخرج البيهقي في السنن الكبرى (2/ 461 - 462) هذا الحديث مرة أخرى بإسناد آخر من طريق ابن عدي، عن اليسع بن طلحة القرشي من أهل مكة.
قال: سمعت مجاهدًا يقول: بلغنا أن أبا ذر قال
…
ثم أورد الحديث وقال: اليسع بن طلحة ضعفوه، والحديث منقطع، مجاهد لم يدرك أبا ذر.
(2)
في المسند (5/ 165).
(3)
في "الكامل"(7/ 289).
(4)
عبد الله بن المؤمل المكي، قال يحيى: ضعيف. ومرة: ليس به بأس، ومرة: عامة حديثه منكر. وقال أحمد: أحاديثه مناكير. كما ضعفه الدارقطني وقال ابن عدي: عامة حديثه الضعف عليه بين.
انظر: الضعفاء للعقيلي (2/ 302) والمجروحين (2/ 27) والميزان (2/ 510) والتاريخ الكبير (5/ 209).
(5)
في السنن الكبرى (2/ 461).
(6)
ذكر ذلك الحافظ في "التلخيص"(1/ 340).
(7)
في صحيحه رقم (2748).
من أبي ذرّ
(1)
.
وهذا الحديث إن صحّ كان دالًا على جواز الصلاة في مكة بعد العصر وبعد الفجر من غير فرق بين ركعتي الطواف وغيرهما من التطوّعات التي لا سبب لها والتي لها سبب
(2)
.
(1)
قال ابن عبد البر في "التمهيد"(13/ 45) ط: ابن تيمية: "هذا حديث وإن لم يكن بالقوي لضعف حميد مولى عفراء، ولأن مجاهدًا لم يسمع من أبي ذر، ففي حديث جبير بن مطعم ما يقويه مع قول جمهور علماء المسلمين به، وذلك أن ابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، والحسن، والحسين، وعطاء، وطاووس، ومجاهدًا، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير كانوا يطوفون بعد العصر وبعضهم بعد الصبح أيضًا، ويصلون بإثر فراغهم من طوافهم ركعتين في ذلك الوقت، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود بن علي، وقال مالك بن أنس: من طاف بالبيت بعد العصر أخَّر ركعتي الطواف حتى تغرب الشمس، وكذلك من طاف بعد الصبح لم يركعهما حتى تطلع الشمس وترتفع، وقال أبو حنيفة يركعهما إلا عند غروب الشمس وطلوعها واستوائها" اهـ.
وخلاصة القول: أن حديث أبي ذر حديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(2)
صلوات مبتدعة:
1 -
صلاة الرغائب:
وهي صلاة تصلى في رجب بعد العشاء من ليلة الجمعة، وهي اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} ثلاثًا، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} اثنتي عشرة مرة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة. فإذا فرغ من صلاته صلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم سبعين مرة. ثم يقول: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آله، ثم يسجد، ويقول في سجوده: سُبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبعين مرة، ثم يرفع رأسه، فيقول: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك الأعز الأعظم، سبعين مرة، ثم يسجد الثانية فيقول مثل ما قال في السجدة الأولى.
[مساجلة علمية بين الإمامين العز بن عبد السلام، وابن الصلاح حول صلاة الرغائب. المدخل لابن الحاج (1/ 193) و (4/ 245، 248)، مجموع الفتاوى ابن تيمية (2/ 2) السنن والمبتدعات (ص 140 - 141)، كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة (ص 138 - 144)، والموضوعات (2/ 124) واللآلئ المصنوعة (2/ 57) وتنزيه الشريعة (2/ 92)].
2" - صلاة ودعاء لحفظ القرآن مبتدعة:
وهي عبارة عن أربع ركعات تصلى ليلة الجمعة يقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب و (يس) وفي الثانية: فاتحة الكتاب و (حم الدخان). وفي الثالثة: بفاتحة الكتاب و (السجدة).
وفي الرابعة: بفاتحة الكتاب و (تبارك) المفصل. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= [السنن والمبتدعات (ص 124) والفوائد المجموعة للشوكاني (ص 41 - 42)].
3" - صلاة الفرقان:
وهي ركعتين يقرأ في إحداهما من الفرقان من {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا
…
} حتى يختم. وفي الركعة الثانية أول سورة (المؤمنين) حتى يبلغ {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} ثم يقول في ركوعه: سبحان الله العظيم وبحمده ثلاث مرات، ومثل ذلك في سجوده، أعطاء الله عشرين خصلة
…
).
[الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 43)].
4" - الاجتماع في المساجد على صلاة مقدرة، كالاجتماع على مائة ركعة بقراءة ألف مرة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} دائمًا.
[الفتاوى (23/ 131، 132، 414)].
5" - صلاة العروس ركعتي التحية، عندما يقدم على ارتكاب هذه الجناية - وهي فض غشاء البكارة بأصبعه - يفعلها بين يديها، وربما سجد بين شعبها كما تأمره القابلة.
[الإبداع في مضار الابتداع: الشيخ علي محفوظ (ص 260)].
6" - وكذا سجودهم بعد صلاة الضحى كل يوم بدعة.
[السنن والمبتدعات: الشقيري (ص 77)].
7" - صلاة ركعتين بنية زيادة العمر.
[الإبداع في مضار الابتداع. الشيخ علي محفوظ (ص 54)].
8" - صلاة ركعتين بعد الفراغ من السعي.
[مناسك الحج والعمرة للألباني (ص 53) المسجد في الإسلام: خير الدين وانلي (ص 396)].
9" - تصدق ولي الميت له قبل مضي الليلة الأولى بشيء مما تيسر له، فإن لم يجد صلَّى ركعتين، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة، أو سورة التكاثر عشر مرات، فإذا فرغ قال: "اللهم صليت هذه الصلاة، وتعلم ما أردت بها، اللهم ابعث ثوابها إلى قبر فلان الميت".
[أحكام الجنائز للألباني (ص 256) رقم (119)].
10" - صلاة يوم عاشوراء:
وهي صلاة ما بين الظهر والعصر أربع ركعات يقرأ في كل ركعة (فاتحة الكتاب) مرة، و (آية الكرسي) عشر مرات. و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} إحدى عشرة مرة، و (المعوذتين) خمس مرات، فإذا سلَّم؛ استغفر الله سبعين مرة.
[السنن والمبتدعات. الشقيري (ص 124، 180) الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 47)].
11" - صلاة ركعتين بعد لبس المرقعة والتوبة.
[تلبيس إبليس (ص 174)]. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 12" - صلاة ركعتين من أجل دخول الرباط.
[المدخل لابن الحاج (3/ 190)].
13" - صلاة الضحى يوم الجمعة أربع ركعات:
يقرأ في كل ركعة (الحمد لله) عشر مرات، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} عشر مرات. و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} عشر مرات، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} عشر مرات. وآية الكرسي عشر مرات.
فإذا سلَّم قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبعين مرة. ثم يقول: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو
…
).
[الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 36)].
14" - الصلاة التي في ليلة سبع وعشرين من رجب.
[السنن والمبتدعات. الشقيري (ص 180). الباعث الحثيث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة (ص 174)].
15" - بدعة صلاة أم داود في نصف رجب.
[الباعث (ص 40)، الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 50)].
16" - صلاة ليلة النصف من شعبان. وهي مائة ركعة يقرأ في كل ركعة (فاتحة الكتاب)، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} عشر مرات.
[الباعث (ص 124 - 137 ص 174) المنار المنيف (ص 98 - 99) تنزيه الشريعة (2/ 92) واللآلئ المصنوعة (2/ 57) الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 50)].
17" - الصلاة الاثنى عشرية في أول ليلة الجمعة من رجب.
[السنن والمبتدعات: الشقيري (ص 179)].
18" - صلاة البراءة في شعبان.
[السنن والمبتدعات: الشقيري (ص 144)].
19" - صلاة الست ركعات في ليلة النصف من شعبان، بنية دفع البلاء وطول العمر، والاستغناء عن الناس. وقراءة (يس) والدعاء بين ذلك.
[السنن والمبتدعات: الشقيري (ص 145)].
20" - الصلوات الأسبوعية والحولية، كصلاة يوم الأحد، والاثنين، والثلاثاء والأربعاء، والخميس، والجمعة، والسبت.
[السنن والمبتدعات للشقيري (ص 179) والفوائد المجموعة للشوكاني (ص 44 - 46)].
21" - صلاة التوبة:
هي أن يغتسل المذنب ليلة الاثنين بعد الوتر. ويصلي اثنتي عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} مرة، وعشر مرات سورة (الإخلاص) ثم يقوم ويصلي أربع ركعات، ويسلم ويسجد، ويقرأ في سجوده (آية الكرسي) مرة، ثم يرفع =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رأسه ويستغفر مائة مرة، ويقول مائة مرة: لا حول ولا قوة إلا بالله، ويصبح من الغد صائمًا، ويصلي عند إفطاره ركعتين بفاتحة الكتاب، وخمسين مرة بالإخلاص، ويقول: يا مقلب القلوب تقبل توبتي كما تقبلت من نبيك داود، واعصمني كما عصمت يحيى بن زكريا، وأصلحني كما أصلحت أولياءك الصالحين، اللهم إني نادم على ما فعلت فاعصمني حتى لا أعصيك.
[الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 54 - 55)].
22" - صلاة دخول البيت:
وهي إذا دخل الداخل البيت فلا يجلس حتى يركع.
[الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 55)].
23" - صلاة الإشراق:
وهي أربع ركعات بعد صلاة الفجر في جماعة، فإذا ذلعت الشمس؛ صلى أربع ركعات، يقرأ في الأولى:(آية الكرسي) ثلاثًا، و (الإخلاص)، وفي الثانية:(الشمس). وفي الثالثة: (والسماء والطارق)، وفي الرابعة:(آية الكرسي) و (الإخلاص) ثلاث مرات.
[الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 57)].
24" - صلاة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم:
وهي ركعتان ليلة الجمعة يقرأ في كل ركعة خمس وعشرون مرة سورة الإخلاص، وبعد السلام يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة.
[الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 59)].
25" - صلاة قضاء الدين وحفظ النفس والمال والولد:
وهي أربع ركعات عند زوال الشمس، يقرأ في كل ركعة الفاتحة والإخلاص وآية الكرسي، فإذا سلّم قرأ:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} إلى {بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 26، 27] ثم يقول: يا فارج الهم، يا كاشف الغم، يا مجيب دعوة المضطرين، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، ارحمني رحمة واسعة تغنيني بها عن رحمة من سواك، واقض ديني.
[الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 59)].
26" - صلاة ليلتي العيدين، وليلة أول محرم.
[السنن والمبتدعات: للشقيري (ص 180) والباعث لأبي شامة (ص 239)].
27" - صلاة ليلة عيد الفطر ويومه:
وهي مائة ركعة يقرأ في كل ركعة بالفاتحة والإخلاص، عشر مرات. ويقول في ركوعه وسجوده عشرة مرات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
فإذا فرغ من صلاته استغفر الله مائة مرة، ثم يسجد، ثم يقول: يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يا رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما، يا أرحم الراحمين، يا إله الأولين والآخرين، اغفر لي ذنوبي، وتقبل صومي وصلاتي. =
[ثاني عشر] أبواب سجود التلاوة والشكر
[الباب الأول] باب مواضع السجود في الحج وص والمفصل
1/ 996 - (عَنْ عَمْرِو بن الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أقْرأهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَة فِي القُرآنِ، مِنْهَا ثَلاث فِي المُفَصَّلِ وَفِي الحَجّ سَجْدَتَانِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ
(1)
وابْنُ مَاجَهْ)
(2)
. [ضعيف]
= السنن والمبتدعات للشقيري ص 161].
28" - صلاة يوم عرفة:
وهي ركعتين يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب ثلاث مرات، ثم يقرأ:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} ثلاث مرات، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} مائة مرة.
[السنن والمبتدعات للشقيري (ص 172) والفوائد المجموعة للشوكاني (ص 53)].
29" - صلاة ليلة النحر:
وهي ركعتين يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب خمسة عشرة مرة، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} خمسة عشرة مرة، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} خمسة عشرة مرة و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} خمسة عشرة مرة، فإن سلم قرأ آية الكرسي ثلاث مرات، واستغفر الله خمس عشرة مرة.
[الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 53)].
30" - الصلاة التي يصلونها في أواخر رمضان، لتكفير الفوائت من صلوات العام الماضي.
[السنن والمبتدعات للشقيري (ص 17)].
31" - صلاة ليلة القدر الموضوعة.
[السنن والمبتدعات للشقيري (ص 156)].
32" - صلاة ليلة المعراج. [السنن والمبتدعات للشقيري (ص 143)].
33" - صلاة مونس القبور. [الإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ (ص 58)].
34" - صلاة بر الوالدين. [الإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ (ص 58)].
(1)
في السنن رقم (1401).
(2)
في السنن رقم (1057).
الحديث أخرجه أيضًا الدارقطني
(1)
والحاكم
(2)
وحسنه المنذري
(3)
والنووي
(4)
، وضعفه عبد الحقّ
(5)
وابن القطان
(6)
، وفي إسناده عبد الله بن مُنَيْن الكلابي
(7)
وهو مجهول، والراوي عنه الحارث بن سعيد العُتَقي المصري
(8)
وهو لا يعرف أيضًا، كذا قال الحافظ
(9)
.
وقال ابن ماكولا
(10)
: ليس له غير هذا الحديث.
قوله: (خمس عشرة سجدة) فيه دليل على أن مواضع السجود خمسة عشر موضعًا، وإلى ذلك ذهب أحمد
(11)
والليث
(12)
وإسحاق (12) وابن وهب وابن حبيب من المالكية
(13)
، وابن المنذر
(14)
وابن سريج من الشافعية
(15)
وطائفة من أهل العلم، فأثبتوا في الحجّ سجدتين وفي ص.
وذهب أبو حنيفة
(16)
وداود
(17)
والهادوية
(18)
إلى أنها أربع عشرة
(1)
في سننه (1/ 408 رقم 8).
(2)
في المستدرك (1/ 223) وقال: هذا حديث رواته مصريون قد احتج الشيخان بأكثرهم وليس في عدد سجود القرآن أتم منه ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(3)
في "مختصر أبي داود"(2/ 117).
(4)
في المجموع (3/ 554).
(5)
في الأحكام الوسطى (3/ 109).
(6)
في بيان الوهم والإيهام (3/ 159).
(7)
عبد الله بن مُنَيْن اليحصبي المصري من بني عبد كلال. وثقه يعقوب بن سفيان، "تهذيب التهذيب"(2/ 439).
وتصحف في الجرح والتعديل (5/ 170) إلى "
…
متين".
وانظر: الإكمال لابن ماكولا (7/ 295) والمؤتلف والمختلف (4/ 2111).
(8)
الحارث بن سعيد العُتَقي، وقيل: سعيد بن الحارث، وقيل الحارث بن يزيد. والأول أصح.
قال ابن القطان الفاسي - في بيان الوهم والإيهام (3/ 159) -: لا يعرف له حال.
وقرأت بخط الذهبي: لا يعرف - يعني حاله - كما قال ابن القطان.
"تهذيب التهذيب"(2/ 330). وقال في التقريب رقم (1023): مقبول.
(9)
في "التلخيص"(2/ 18).
(10)
في "الإكمال"(7/ 295).
وخلاصة القول: أن حديث عمرو بن العاص حديث ضعيف، والله أعلم.
(11)
المغني لابن قدامة (2/ 352).
(12)
الأوسط لابن المنذر (5/ 267).
(13)
المنتقى للباجي (1/ 351).
(14)
في الأوسط (5/ 267).
(15)
المجموع (3/ 557).
(16)
البناية شرح الهداية (2/ 786 - 787).
(17)
المحلى لابن حزم (5/ 105).
(18)
البحر الزخار (1/ 343).
[سجدة]
(1)
، إلا أن أبا حنيفة لم يعد في سورة الحجّ إلا سجدة وعدّ سجدة ص.
والهادوية
(2)
عدّوا في الحجّ سجدتين ولم يعدّوا سجدة ص.
وذهب الشافعي
(3)
في القديم والمالكية
(4)
إلى أنها إحدى عشرة، وأخرج سجدات المفصل وهي ثلاث كما يأتي.
وذهب في قوله
(5)
الجديد إلى أنها أربع عشرة سجدة، وعدّ منها سجدات المفصل ولم يعدّ سجدة ص.
واعلم أن أوّل مواضع السجود
(6)
: خاتمة الأعراف
(7)
.
وثانيها: عند قوله [تعالى]
(8)
في الرعد: {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}
(9)
.
وثالثها: عند قوله [تعالى](8) في النحل: {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}
(10)
.
ورابعها: عند قوله [تعالى](8) في بني إسرائيل: {وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}
(11)
.
وخامسها: عند قوله [تعالى](8) في مريم: {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا}
(12)
.
وسادسها: عند قوله [تعالى](8) في الحجّ: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}
(13)
.
وسابعها: عند قوله [تعالى](8) في الفرقان: {وَزَادَهُمْ نُفُورًا}
(14)
.
وثامنها: عند قوله [تعالى](8) في النمل: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}
(15)
.
وتاسعها: عند قوله [تعالى](8) في ألم تنزيل: {وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}
(16)
.
وعاشرها: عند قوله [تعالى](8) في ص: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}
(17)
.
والحادي عشر: عند قوله في حم السجدة: {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}
(18)
.
وقال أبو حنيفة والشافعي والجمهور عند قوله [تعالى](8): {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ}
(19)
.
(1)
زيادة من المخطوط (ب).
(2)
البحر الزخار (1/ 343).
(3)
المجموع (3/ 553).
(4)
المنتقى للباجي (1/ 351).
(5)
أي الشافعي المجموع (3/ 553 - 555).
(6)
انظر: المغني لابن قدامة (2/ 357).
(7)
سورة الأعراف: الآية (206).
(8)
زيادة من (جـ).
(9)
سورة الرعد: الآية (15).
(10)
سورة النحل: الآية (50).
(11)
سورة الإسراء: الآية (109).
(12)
سورة مريم: الآية (58).
(13)
سورة الحج: الآية (18).
(14)
سورة الفرقان: الآية (60).
(15)
سورة النمل: الآية (26).
(16)
سورة السجدة: الآية (15).
(17)
سورة ص: الآية (24).
(18)
سورة فصلت: الآية (37).
(19)
سورة فصلت: الآية (38).
والثاني عشر، والثالث عشر، والرابع عشر، سجدات المفصل
(1)
وستأتي.
والخامس عشر السجدة الثانية في الحج
(2)
.
قوله: (ثلاث في المفصل) هي سجدة النجم
(3)
، وإذا السماء انشقت
(4)
، واقرأ باسم ربك
(5)
.
وفي ذلك حجة لمن قال بإثباتها.
ويدلّ على ذلك أيضًا: حديث ابن مسعود
(6)
وابن عباس
(7)
وأبي هريرة
(8)
وأبي رافع
(9)
[وستأتي]
(10)
جميعًا.
واحتجّ من نفى سجدات المفصل بحديث ابن عباس عند أبي داود
(11)
وابن السكن في صحيحه
(12)
بلفظ: "لم يسجد صلى الله عليه وسلم في شيء من المفصل منذ تحوّل إلى المدينة".
وفي إسناده أبو قدامة الحارث بن عبيد
(13)
،
(1)
وتسميته بالمفصَّل لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة.
والمفصَّل: قيل: من أول سورة (ق)، وقيل: من أول {الْحُجُرَاتِ} وقيل: غير ذلك.
وأقسامه ثلاثة: طواله، وأوساطه، وقصاره.
- فطواله: من {ق} أو {الْحُجُرَاتِ} إلى {عَم} أو {البُرُوج} .
- وأوساطه: من {عَمَّ} أو {البُرُوج} إلى {وَالضُّحَى (1)} أو إلى {لَمْ يَكُنِ} .
- وقصاره: من {وَالضُّحَى (1)} أو إلى {لَمْ يَكُنِ} آخر القرآن - على خلاف في ذلك.
[مباحث علوم القرآن. للشيخ مناع القطان (ص 145 - 146)].
(2)
سورة الحج: الآية (77).
(3)
سورة النجم: الآية (62).
(4)
سورة الانشقاق: الآية (21)
(5)
سورة العلق: الآية (19).
(6)
سيأتي برقم (2/ 997) من كتابنا هذا.
(7)
سيأتي برقم (3/ 998) من كتابنا هذا.
(8)
سيأتي برقم (4/ 999) من كتابنا هذا.
(9)
سيأتي برقم (8/ 1003) من كتابنا هذا.
(10)
في المخطوط (ب): (سيأتي).
(11)
في سننه رقم (1403).
(12)
كما في "التلخيص الحبير"(2/ 15).
(13)
أبو قدامة؛ اسمه الحارث بن عبيد. قال أحمد: مضطرب الحديث، وقال ابن معين ضعيف. وقال مرة: ليس بشيء، وقال النسائي وغيره ليس بالقوي، وقال ابن حبان: كان ممن كثر وهمه. الميزان (1/ 438). =
ومطر الوراق
(1)
وهما ضعيفان وإن كانا من رجال مسلم.
قال النووي
(2)
: حديث ابن عباس ضعيف الإسناد لا يصحّ الاحتجاج به انتهى.
وعلى فرض صلاحيته للاحتجاج فالأحاديث المتقدمة مثبتة وهي مقدمة على النفي ولا سيما مع إجماع العلماء، على أن إسلام أبي هريرة كان سنة سبع من الهجرة
(3)
، وهو يقول في حديثه الآتي
(4)
: "سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} .
وأما الاحتجاج على عدم مشروعية السجود في المفصل بحديث زيد بن ثابت الآتي
(5)
فسيأتي الجواب عنه.
قوله: (وفي الحجّ سجدتان) فيه حجة لمن أثبت في سورة الحجّ سجدتين، ويؤيد ذلك حديث عقبة بن عامر عند أحمد
(6)
وأبي داود
(7)
والترمذي
(8)
وقال: إسناده ليس بالقويّ، والدارقطني
(9)
والبيهقي
(10)
والحاكم
(11)
بلفظ:
= الجرح والتعديل (1/ 2/ 81) والتاريخ الكبير (1/ 2/ 275) والكامل (2/ 607) والتقريب (2/ 149 - 150).
وخلاصة القول فيه أنه صدوق يخطئ كما قال ابن حجر.
(1)
مطر الورّاق، هو ابن طهمان، أبو رجاء، الخراساني السلمي، مختلف فيه.
قال الذهبي: مطر من رجال مسلم، حسن الحديث. وقال ابن حجر: صدوق كثير الخطأ وحديثه عن عطاء ضعيف.
انظر: الجرح والتعديل (4/ 1/ 287) والميزان (4/ 126) والتقريب (2/ 252).
(2)
في المجموع شرح المهذب (3/ 554).
(3)
الإصابة (7/ 355).
(4)
سيأتي برقم (4/ 999) من كتابنا هذا.
(5)
سيأتي برقم (12/ 1007) من كتابنا هذا.
(6)
في المسند (4/ 151، 155).
(7)
في سننه رقم (1402).
(8)
في سننه رقم (578) وقال: هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي.
(9)
في السنن (1/ 408 رقم 9).
(10)
في السنن الكبرى (2/ 317).
(11)
في المستدرك (1/ 221) و (2/ 390) وقال الحاكم: "هذا حديث لم نكتبه مسندًا إلا من هذا الوجه، وعبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي أحد الأئمة إنما نقم عليه اختلاطه في آخر عمره". اهـ.
قال أبو الأشبال في تحقيقه للترمذي (2/ 471): بل هو حديث صحيح
…
=
"قلت: يا رسول الله فضلت سورة الحجّ بأن فيها سجدتين؟ قال: نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما"، وفي إسناده ابن لهيعة ومشرح بن [عاهان]
(1)
وهما ضعيفان.
وقد ذكر الحاكم أنه تفرّد به، وأكده بأن الرواية صحت فيه من قول عمر
(2)
وابنه
(3)
وابن مسعود
(4)
= قلت: ابن لهيعة ضعيف ورواية العبادلة (ابن وهب، وابن يزيد المقرئ، وابن المبارك) عنه أحسن حالًا من رواية غيره.
وقد روى هذا الحديث عن ابن وهب كما عند الترمذي.
والمقرئ كما عند أحمد، وقد صرح بالتحديث.
وابن هاعان حسن الحديث كما سيأتي في ترجمته.
وخلاصة القول: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(1)
كذا في المخطوط (أ) و (ب) و (جـ) والصواب (هاعان) كما في مصادر الحديث المتقدمة.
ومصادر الترجمة الآتية:
• مِشْرَح بن هاعان المعافري، أبو المصعب المصري. قال حرب، عن أحمد: معروف.
وقال عثمان الدارمي، عن ابن معين: ثقة. وقال ابن عدي: وله غير ما ذكرت، وأرجو أنه لا بأس به.
"تهذيب التهذيب"(4/ 81).
وقال الحافظ في "التقريب" رقم (6679): "مقبول".
وقال المحرران: صدوق حسن الحديث
…
" اهـ.
(2)
أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 390) عن عبد الله بن ثعلبة أنه صلى مع عمر رضي الله عنه الصبح فسجد في الحج سجدتين.
(3)
أخرج الحاكم في المستدرك (2/ 390) عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سجد في الحج سجدتين.
• وأخرج عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 341) عن معمر عن أيوب عن نافع أن عمر وابن عمر كانا يسجدان في الحج سجدتين، قال: وقال ابن عمر: لو سجدت فيها واحدة كانت السجدة في الآخرة أحب إليَّ. قال: وقال ابن عمر: إن هذه السورة فضلت بسجدتين.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 264).
والأثر صحيح والله أعلم.
(4)
أخرج الحاكم في المستدرك (2/ 391) عن عبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر رضي الله عنهما، أنهما كانا يسجدان في الحج سجدتين.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 317).
والأثر حسن، والله أعلم.
وابن عباس
(1)
وأبي الدرداء
(2)
وأبي موسى
(3)
وعمار
(4)
ثم ساقها موقوفة عنهم.
وأكده البيهقي بما رواه في المعرفة
(5)
من طريق خالد بن معدان مرسلًا.
وحديث الباب يدلّ على مشروعية سجود التلاوة.
قال النووي في شرح مسلم
(6)
: قد أجمع العلماء على إثبات سجود التلاوة، وهو عند الجمهور
(7)
سنة، وعند أبي حنيفة
(8)
واجب ليس بفرض.
وسيأتي ذكر ما احتجّ به الجمهور وما احتجّ به أبو حنيفة.
2/ 997 - (وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(9)
: أَنَّ النَّبِيَّ قَرَأ والنَّجْمِ فَسَجَدَ فِيهَا وَسَجَدَ مَنْ كَانَ مَعَهُ، غَيْرَ أَنَّ شَيْخًا مِنْ قُرَيْش أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى أوْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إلى جَبْهَتِهِ وَقَالَ: يَكْفِيني هَذَا، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا. مُتَّفَق عَلَيْهِ)
(10)
. [صحيح]
(1)
أخرج الحاكم في المستدرك (2/ 390) عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: في سورة الحج سجدتين.
(2)
أخرج الحاكم في المستدرك (2/ 391) عن عبد الرحمن بن جبير قال: رأيت أبا الدرداء رضي الله عنه سجد في الحج سجدتين.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 11) من طريق وكيع عن شعبة عن يزيد بن خمير عن عبد الرحمن بن حبير عن أبيه أن أبا الدرداء سجد في الحج سجدتين.
وهو أثر حسن والله أعلم.
(3)
أخرج الحاكم في المستدرك (2/ 391) عن صفوان بن محرز أن أبا موسى رضي الله عنه سجد في الحج سجدتين، وأنه قرأ السجدة التي في آخر سورة الحج فسجد فسجدنا معه.
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 264) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 318) عن صفوان بن محرز أن أبا موسى قرأ سورة الحج على منبر البصرة فسجد بالناس سجدتين.
وهو أثر صحيح والله أعلم
(4)
تقدم بالحاشية رقم (4) في الصفحة السابقة.
(5)
في معرفة السنن والآثار (3/ 247 رقم 4444، 4445) مرسلًا.
ثم قال: وهذا المرسل إذا انضم إلى رواية ابن لهيعة صار قويًا.
(6)
في شرحه لمسلم (5/ 74).
(7)
انظر: المغني لابن قدامة (2/ 254).
(8)
البناية شرح الهداية (2/ 793 - 794).
(9)
زيادة من (جـ).
(10)
أحمد في المسند (1/ 388) والبخاري رقم (3853) ومسلم رقم (105/ 576).
قوله: (غير أن شيخًا من قريش) صرّح البخاري في التفسير من صحيحه
(1)
أنه أمية بن خلف.
ووقع في سيرة ابن إسحاق
(2)
أنه الوليد بن المغيرة.
قال الحافظ
(3)
: وفيه نظر لأنه لم يقتل.
وفي تفسير سُنَيْد
(4)
: الوليد بن المغيرة. أو عقبة بن ربيعة بالشكّ، وفيه نظر لما أخرجه الطبراني
(5)
من حديث مخرمة بن نوفل قال: "لما أظهر النبيّ صلى الله عليه وسلم الإسلام أسلم أهل مكة حتى إن كان ليقرأ السجدة فيسجدون فلا يقدر بعضهم أن يسجد من الزحام حتى قدم رؤساء قريش: الوليد بن المغيرة، وأبو جهل، وغيرهما وكانوا بالطائف، فرجعوا وقالوا: تدعون دين آبائكم".
ولكن في هذا نظر لقول أبي سفيان في حديثه الطويل الثابت في الصحيح
(6)
إنه لم يرتدّ أحد ممن أسلم.
قال في الفتح
(7)
: ويمكن الجمع بأن النفي مقيد بمن ارتدّ سخطًا لدينه لا لسبب مراعاة خاطر رؤسائه.
وروى الطبراني
(8)
عن سعيد بن جبير أن الذي رفع التراب فسجد عليه سعيد بن العاص بن أمية.
(1)
البخاري في صحيحه رقم (4863) وفيه أن الرجل الذي لم يسجد هو أمية بن خلف.
وقال الحافظ في "الفتح"(8/ 615): "هذا هو المعتمد".
(2)
لم أقف عليه؟!.
(3)
في الفتح (8/ 615).
(4)
تفسير سُنَيْد بن داود (الحسين بن داود المصيصي. ت (220 هـ)).
وهو من طبقة شيوخ الأئمة الستة، يروي عن حجاج بن محمد المصيصي كثيرًا، وعن أنظاره، وفيه لين. تفسيره كبير، في نحو ستة أسفار، وقد أكثر ابن جريج التخريج عنه.
ذكره له: الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(5/ 36، 13/ 318) وغيره. [معجم المصنفات الواردة في فتح الباري (ص 129 رقم 304)].
(5)
في المعجم الكبير (ج 20 رقم 2).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 284) وقال: وفيه ابن لهيعة وفيه كلام.
(6)
البخاري في صحيحه رقم (7).
(7)
في "الفتح"(2/ 551).
(8)
لم أقف عليه؟!
وذكر أبو حيان في تفسيره
(1)
أنه أبو لهب.
وفي مصنف ابن أبي شيبة
(2)
عن أبي هريرة أنهم سجدوا في النجم إلا رجلين من قريش أرادا بذلك الشهرة.
وللنسائي
(3)
من حديث المطلب بن أبي وداعة قال: "قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم فسجد وسجد من معه، فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد، ولم يكن المطلب يومئذ أسلم".
وإذا ثبت ذلك فلعلّ ابن مسعود لم يره أو [خصه وحده]
(4)
بذكره لاختصاصه بأخذ الكفّ من التراب دون غيره.
والحديث فيه مشروعية السجود لمن حضر عند القارئ للآية التي فيها السجدة.
قال القاضي عياض
(5)
: وكان سبب سجودهم فيما قال ابن مسعود: إنها أوّل سجدة نزلت.
وأما ما يرويه الإخباريون والمفسرون: أن سبب ذلك ما جرى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثناء على آلهة المشركين في سورة النجم فباطل لا يصحّ فيه شيء لا من جهة العقل ولا من جهة النقل؛ لأن مدح إله غير الله [تعالى]
(6)
كفر، ولا يصحّ نسبة ذلك إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أن يقوله الشيطان على لسانه، ولا يصحّ تسلط الشيطان على ذلك، كذا في شرح مسلم للنووي
(7)
.
(1)
في البحر المحيط (10/ 29) وفيه: (أمية بن خلف) وليس (أبو لهب).
(2)
في "المصنف"(2/ 8).
قلت: وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 353).
(3)
في "المجتبى"(2/ 160 رقم 958) وفي السنن الكبرى (2/ 5 رقم 1032) بسند حسن.
قلت: وأخرجه أحمد (3/ 420) الحاكم (3/ 633) وسكت عنه هو والذهبي.
وأخرجه عبد الرزاق رقم (5881) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني رقم (813) والطبراني في الكبير (ج 20 رقم 679) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 314).
وهو حديث صحيح لغيره والله أعلم.
(4)
في (جـ): (حَضَرَ وَاحِدٌ).
(5)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 525).
(6)
زيادة من (جـ).
(7)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 75).
3/ 998 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ بالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ المُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالجِنُّ وَالْإِنْسُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
(2)
والتِّرْمِذِي وَصَحَّحَهُ)
(3)
. [صحيح]
4/ 999 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ] (1) قالَ: سَجَدْنَا مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي إِذَا السَّماء انْشَقَّتْ، وَاقْرأ باسْمِ رَبّكَ، رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلَّا البُخَارِيَّ)
(4)
. [صحيح]
قوله: (سجد بالنجم) زاد الطبراني في الأوسط
(5)
: "من هذا الوجه بمكة".
قال الحافظ
(6)
: فأفاد اتحاد قصة ابن عباس وابن مسعود.
قوله: (والجنّ) كأن مستند ابن عباس في ذلك إخبار النبيّ صلى الله عليه وسلم إما مشافهة له وإما بواسطة لأنه لم يحضر القصة لصغره، وأيضًا فهو من الأمور التي لا يطلع عليها إلا بتوقيف. وتجويز أنه كشف له عن ذلك بعيد؛ لأنه لم يحضرها قطعًا قاله الحافظ
(7)
.
قوله: (في إذا السماء انشقت، واقرأ باسم ربك) فيه دليل على إثبات السجود في المفصل، وقد تقدم الخلاف في ذلك.
والحديثان يدلان على مشروعية سجود التلاوة، وقد تقدم أنه مجمع عليه.
5/ 1000 - (وَعَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ] (1) قَالَ: لَيْسَتْ ص مِنْ عَزَائِمِ السُجُودِ، وَلَقَدْ رأيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِيهَا، رَوَاهُ أحْمَدُ
(8)
والبُخَارِيّ
(9)
وَالتِّرمِذِيُّ وَصحَّحهُ)
(10)
. [صحيح]
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في صحيحه رقم (1071).
(3)
في سننه رقم (575) وقال: حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه البغوي في شرح السنة رقم (763) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 314) ووهم الحاكم فاستدركه (2/ 468).
(4)
أحمد (2/ 281) ومسلم رقم (108/ 578) وأبو داود رقم (1407) والترمذي رقم (573) والنسائي (2/ 161 رقم 963) وابن ماجه رقم (1058).
(5)
في الأوسط رقم (2910) وهذا الحديث ليس من الزوائد فقد تقدم برقم (998) من كتابنا هذا عند البخاري والترمذي فليعلم.
(6)
في "الفتح"(2/ 554).
(7)
المرجع السابق (2/ 554).
(8)
في المسند (1/ 360).
(9)
في صحيحه رقم (1069).
(10)
في سننه رقم (577) وقال: هذا حديث حسن صحيح. =
6/ 1001 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ فِي ص وَقَالَ" "سَجَدَهَا دَاوُدُ عليه السلام تَوْبَةً، وَنَسْجُدُها شُكْرًا"، رَوَاهُ النَّسائيُّ)
(2)
. [صحيح]
7/ 1002 - (وَعَنْ أبي سَعِيدٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ] (1) قالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ على المِنْبَرِ ص، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ آخَرُ قَرأها، فَلَمَّا بَلَغَ السجْدَةَ تَشَزَّنَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّما هِيَ تَوْبَةُ نَبِيّ، وَلَكِنِّي رأيْتُكمْ تَشَزَّنْتُمْ لِلسُّجُودِ"، فَنَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدُوا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)
(3)
. [صحيح]
الحديث الأوّل أخرجه أيضًا النسائي
(4)
.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا الشافعي في الأم
(5)
عن ابن عيينة عن أيوب عن عكرمة.
وأخرجه
(6)
أيضًا عن سفيان عن عمر بن ذرّ عن أبيه.
قال البيهقي
(7)
: وروي من وجه آخر عن عمر بن ذرّ عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موصولًا وليس بالقويّ.
= قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1409) والبيهقي (2/ 318) والبغوي في شرح السنة رقم (766) والدارمي رقم (1508).
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في سننه (2/ 159 رقم 957) وهو حديث صحيح.
(3)
في سننه رقم (1410).
قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (2765) والحاكم في المستدرك (2/ 431 - 432) وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. والدارمي رقم (1507). والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 318).
وهو حديث صحيح.
(4)
في السنن الكبرى (2/ 5 رقم 1031).
(5)
وفي المسند رقم (367 - ترتيب).
(6)
قال البيهقي في السنن الكبرى (2/ 319): وفيما روى الشافعي في القديم عن سفيان بن عيينة، عن عمر بن ذر، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سجدها داود عليه السلام توبة. ونسجدها نحن شكرًا" يعنى (ص).
(7)
في السنن الكبرى (2/ 319).
قال الحافظ
(1)
: وقد رواه النسائي
(2)
من حديث حجاج بن محمد عن عمر بن ذرّ موصولًا.
ورواه الدارقطني
(3)
من حديث عبد الله بن بزيغ
(4)
عن عمر بن ذرّ نحوه
(5)
.
وأعله ابن الجوزي به، يعني عبد الله بن بزيغ وقد توبع، وصححه ابن السكن
(6)
.
والحديث الثالث سكت عليه أبو داود
(7)
والمنذري
(8)
، [ورجال إسناده رجال الصحيح]
(9)
.
وأخرجه أيضًا الحاكم
(10)
، وذكر البيهقي
(11)
عن جماعة من الصحابة أنهم سجدوا في ص.
(1)
في "التلخيص"(2/ 17).
(2)
في سننه (2/ 59) رقم (957) وهو حديث صحيح تقدم.
(3)
في السنن (1/ 407) رقم (3).
(4)
عبد الله بن بزيغ: قال الدارقطني: لين ليس بمتروك. وقال ابن عدي: ليس بحجة عامة أحاديثه ليست بمحفوظة.
[الميزان (3/ 396) والكامل (4/ 1566)].
(5)
عمر بن ذر. قال الذهبي في الميزان (3/ 193 رقم 6098): صدوق ثقة. لكنه رأس في الإرجاء
…
(6)
كما في "التلخيص"(2/ 17).
(7)
في السنن (2/ 124).
(8)
في المختصر (2/ 119).
(9)
سقط من (جـ).
(10)
في المستدرك (2/ 431 - 432) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(11)
في السنن الكبرى (2/ 319).
• أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 336) وابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 9) وابن المنذر في الأوسط (5/ 254) من طريق الزهري عن السائب بن يزيد، قال: رأيت عثمان بن عفان يسجد في (ص).
وهو أثر صحيح.
• وأخرج عبد الرزاق (3/ 338) وابن أبي شيبة (2/ 8) وابن المنذر (5/ 254) من طريق سفيان بن عيينة عن عبدة بن أبي لبابة يقول: سمعت ابن عمر يقول: في (صَ) سجدة.
وهو أثر صحيح.
• وأخرج عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 336) عن ابن جريج، أخبرني سليمان الأحول =
قوله: (ليست من عزائم السجود) المراد بالعزائم: ما وردت العزيمة في فعله كصيغة الأمر مثلًا بناء على أن بعض المندوبات آكد من بعض عند من لا يقول بالوجوب.
وقد روى ابن المنذر
(1)
وغيره عن علي [عليه السلام]
(2)
أن العزائم حم والنجم واقرأ وألم تنزيل.
قال الحافظ في الفتح
(3)
: وإسناده حسن.
قال
(4)
: وكذا ثبت عن ابن عباس في الثلاثة الأخر.
وقيل: الأعراف وسبحان وحم وألم، أخرجه ابن أبي شيبة
(5)
.
قوله: (ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها) في البخاري
(6)
في تفسير ص من طريق مجاهد عن ابن عباس.
وكذا لابن خزيمة
(7)
أنه سأل ابن عباس: من أين أخذت السجود في ص؟
= عن مجاهد أنه سأل ابن عباس أفي (صَ) سجدة؟ قال: نعم. ثم تلا {وَوَهَبْنَا لَهُ} حتى بلغ {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 84 - 90] فقال: هم منهم. وقال ابن عباس: رأيت عمر قرأ (ص) على المنبر ثم نزل فسجد.
وهو أثر صحيح.
• أخرج الشافعي في مسنده (رقم 366 - ترتيب) من طريق عبدة، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود أنه كان لا يسجد في سورة (صَ) ويقول إنما هي توبة نبي.
وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 9).
وهو أثر صحيح.
• وأخرج عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 338) عن معمر عن ابن طاووس أن أباه كان يسجد في (صَ). وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 9).
بإسناد صحيح.
• وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 9) عن عباد بن العوام، عن سفيان بن حسين قال: شهدت الحسن وقرأ السجدة التي في (صَ) فسجد.
بإسناد صحيح.
(1)
في الأوسط (5/ 262 ث 2836).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
في "الفتح"(2/ 552).
(4)
أي الحافظ في الفتح (2/ 552).
(5)
في "المصنف"(2/ 17).
(6)
في صحيحه رقم (4807).
(7)
في صحيحه رقم (552).
فقال: من قوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} (1) إلى قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}
(1)
، ففي هذا أنه استنبط مشروعية السجود فيها من الآية.
والذي في الباب يدلّ على أنه أخذه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ولا تعارض بينهما لاحتمال أنه استفاده من الطريقين، وإنما لم تكن السجدة في صَ من العزائم لأنها وردت بلفظ الركوع، فلولا التوقيف ما ظهر أن فيها سجدة.
قوله: (سجدها داود توبة ونسجدها شكرًا)، استدلّ به الشافعي على أنه لا يشرع السجود فيها في الصلاة؛ لأن سجود الشكر غير مشروع فيها.
وكذلك استدلّ من قال بأن السجود فيها غير مؤكد بحديث أبي سعيد
(2)
المذكور في الباب.
لأن الظاهر من سياقه أنها ليست من مواطن السجود لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما هي توبة نبيّ"، ثم تصريحه بأن سبب سجوده تشزنهم للسجود.
قوله: (تشزن الناس)
(3)
[بالشين المعجمة والزاي والنون]
(4)
.
قال الخطابي
(5)
في المعالم: هو من الشزن، وهو القلق، يقال: بات على شزن، إذا بات قلقًا يتقلب من جنب إلى جنب، استشزنوا: إذا تهيئوا للسجود.
[الباب الثاني] باب قراءة السجدة في صلاة الجهر والسر
8/ 1003 - (عَنْ أبي رَافِع الصَّائِغِ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(6)
قالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبي هُرَيْرَةَ العَتَمَةَ، فَقَرَأَ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ فِيهَا، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ فَقالَ:
(1)
سورة الأنعام: الآيات (84 - 90).
(2)
تقدم برقم (7/ 1002) من كتابنا هذا.
(3)
قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 471): التّشزُّن: التأهب والتَّهيُّؤ للشيء والاستعداد له، مأخوذ عن عُرْض الشيء وجانبه، كأنَّ المتشزِّن يدع الطمأنينة في جلوسه ويعقد مُسْتوْفزًا على جانب.
(4)
ما بين الخاصرتين سقط من (جـ).
(5)
في معالم السنن (2/ 124 - مع السنن).
(6)
زيادة من (جـ).
صلى الله عليه وسلم سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أبي القاسِمِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا أزَالُ أسْجُدُ فِيهَا حَتَّى ألْقَاهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(1)
. [صحيح]
قوله: (فسجد فيها) في رواية للبخاري
(2)
: "فسجد بها" والباء ظرفية.
قوله: (فقلت ما هذه) قيل: هو استفهام إنكار.
وكذا وقع في البخاري
(3)
عن أبي سلمة أنه قال لأبي هريرة: "ألمْ أَرَكَ تَسْجُدُ؟ "، وحمل ذلك منه على استفهام الإنكار، وبذلك تمسك من رأى ترك السجود للتلاوة في الصلاة، ومن رأى تركه في المفصل.
ويجاب عن ذلك بأن أبا رافع وأبا سلمة لم ينكرا على أبي هريرة بعد أن أعلمهما بالسنة في هذه المسألة ولا احتجا عليه بالعمل على خلاف ذلك.
قال ابن عبد البرّ
(4)
: وأيّ عمل يُدَّعَى مع مخالفة النبيّ صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده.
والحديث يدلّ على مشروعية سجود التلاوة في الصلاة؛ لأن ظاهر السياق أن سجوده صلى الله عليه وسلم كان في الصلاة.
وفي الفتح
(5)
أن في رواية أبي الأشعث عن معمر التصريح بأن سجود النبيّ صلى الله عليه وسلم فيها كان داخل الصلاة.
وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء
(6)
، ولم يفرّقوا بين صلاة الفريضة والنافلة.
وذهب الهادي
(7)
والقاسم (7) والناصر (7) والمؤيد
(8)
بالله إلى أنه لا يسجد في الفرض، فإن فعل فسدت.
واستدلوا على ذلك بما أخرجه أبو داود
(9)
عن ابن عمر أنه قال: "كانَ
(1)
أحمد (2/ 229) والبخاري رقم (766) ومسلم رقم (111/ 578).
(2)
في صحيحه رقم (768).
(3)
في صحيحه رقم (1074).
(4)
في "التمهيد"(6/ 74 - 75).
(5)
(2/ 560).
(6)
المجموع شرح المهذب (3/ 568) والمغني (2/ 371).
(7)
البحر الزخار (1/ 345).
(8)
قال المؤيد بالله في البحر الزخار (1/ 345): "ويسجد في النافلة لخفة حكمها لا الفريضة فتفسد".
(9)
في سننه رقم (1412). وهو حديث صحيح.
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة"، زاد ابن نمير: "في غيرِ الصلاة، فيسجد ونسجدُ معه حتى لا يجد أحدنا مكانًا لموضع جبهته".
وفي مسلم
(1)
عنه أنه قال: "ربما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فيمرّ بالسجدة فيسجد بنا حتى ازدحمنا عنده حتى ما يجد أحدنا مكانًا يسجد فيه في غير صلاة".
والحديث في البخاري
(2)
بدون قوله: "في غير صلاة" كما سيأتي
(3)
.
وهذا تمسك بمفهوم قوله: "في غير صلاة" وهو لا يصلح للاحتجاج به؛ لأن القائل بذلك ذكر صفة الواقعة التي وقع فيها السجود المذكور.
وذلك لا ينافي ما ثبت من سجوده صلى الله عليه وسلم في الصلاة كما في حديث الباب، وحديث ابن عمر نفسه الآتي
(4)
.
وبهذا الدليل يردّ على من قال بكراهة قراءة ما فيه سجدة في الصلاة السريّة والجهرية كما روي عن مالك
(5)
، أو السرية فقط كما روي عن أبي حنيفة
(6)
وأحمد بن حنبل
(7)
.
9/ 1004 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا]
(8)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ فِي الرّكْعَةِ الأولى مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، فَرَأى أصْحابُهُ أنَّهُ قَرَأ تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ
(9)
وأبُو دَاوُدَ
(10)
، ولَفْظُهُ: سَجَدَ في صَلَاةِ الظُهْرِ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ فَرَأَيْنَا أنَّهُ قرأ ألم تَنْزِيلُ السَّجْدَة). [ضعيف]
الحديث أخرجه أيضًا الطحاوي
(11)
والحاكم
(12)
، وفي إسناده أمية
(13)
شيخ
(1)
في صحيحه رقم (104/ 575).
(2)
في صحيحه رقم (1075).
(3)
سيأتي برقم (10/ 1005) من كتابنا هذا وهو حديث صحيح.
(4)
برقم (9/ 1004) من كتابنا هذا.
(5)
المدونة (1/ 110) والمنتقي للباجي (1/ 351).
(6)
البناية في شرح الهداية (2/ 815).
(7)
المغني لابن قدامة (2/ 371).
(8)
زيادة من (جـ).
(9)
في المسند (2/ 83).
(10)
في سننه رقم (807) قال أبو داود: قال ابن عيسى: لم يذكر أمية أحد إلا معتمر.
(11)
في شرح معاني الآثار (1/ 207 - 208).
(12)
في المستدرك (1/ 221) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وهو سنة صحيحه غريبة، أن الإمام يسجد فيما يسر بالقراءة مثل سجوده فيما يعلن. ووافقه الذهبي على تصحيحه.
(13)
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب"(1/ 189): "قلت: قال أبو داود في رواية الرملي: =
لسليمان التيمي، رواه له عن أبي مجلز وهو لا يعرف، قاله أبو داود في رواية الرملي عنه، وفي رواية الطحاوي عن سليمان عن أبي مجلز، قال: ولم يسمعه منه ولكنه عند الحاكم بإسقاطه.
قال الحافظ
(1)
: ودلت رواية الطحاوي على أنه مدلس.
والحديث يدلّ على مشروعية سجود التلاوة في الصلاة السرّية، وقد تقدم الخلاف في ذلك.
[الباب الثالث] باب سجود المستمع إذا سجد التالي وأنه إذا لم يسجد لم يسجد
10/ 1005 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا]
(2)
قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرأُ عَلَيْنَا السّورَةَ فَيَقْرَأُ السَّجْد فيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ حَتَّى ما يَجِدُ أحَدُنا مَكَانًا لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(3)
. وَلمُسْلِمٍ
(4)
فِي رِوَايَةٍ: في غَيْرِ صَلَاة). [صحيح]
قوله: (يقرأ علينا السورة) زاد البخاري
(5)
في رواية: "ونحن عنده".
قوله: (لموضع جبهته) يعني من شدّة الزحام.
وقد اختلف فيمن لم يجد مكانًا يسجد عليه، فقال ابن عمر: يسجد على ظهر أخيه، وبه قال الكوفيون وأحمد وإسحاق.
وقال عطاء والزهري: يؤخر حتى يرفعوا، وبه قال مالك والجمهور.
وهذا الخلاف في سجود الفريضة. قال في الفتح
(6)
: وإذا كان هذا في سجود الفريضة فيجري مثله في سجود التلاوة؛ ولم يذكر ابن عمر في هذا الحديث ما كانوا يصنعون حينئذٍ، ولذلك وقع الخلاف المذكور.
= أمية هذا لا يُعرف، ولم يذكره إلا المعتمر" اهـ.
(1)
في "التلخيص"(2/ 20).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد في المسند (2/ 17) والبخاري رقم (1575) ومسلم رقم (103/ 575).
(4)
في صحيحه رقم (104/ 575).
(5)
في صحيحه رقم (1076).
(6)
الفتح (2/ 560).
ووقع في الطبراني
(1)
من طريق مصعب بن ثابت
(2)
عن نافع في هذا الحديث: "أن ذلك كان بمكة لما قرأ النبيّ صلى الله عليه وسلم النجم"، وزاد فيه: "حتى [سجد]
(3)
الرجل على ظهر الرجل".
قال الحافظ
(4)
: [و]
(5)
الذي يظهر أن هذا الكلام وقع من ابن عمر على سبيل المبالغة في أنه لم يبق أحد إلا سجد.
قال: وسياق حديث الباب مشعر بأن ذلك وقع مرارًا.
ويؤيد ذلك ما رواه الطبراني
(6)
من رواية المسور بن مخرمة عن أبيه قال: "أظهر أهل مكة الإسلام - يعني في أوّل البعثة - حتى أن كان النبيّ صلى الله عليه وسلم ليقرأ السجدة فيسجد وما يستطيع بعضهم أن يسجد من الزحام حتى قدم رؤساء مكة وكانوا في الطائف فرجعوهم عن الإسلام".
قوله: (في غير صلاة) قد تقدم أنه تمسك بهذه الرواية من قال: إنه لا سجود للتلاوة في صلاة الفرض وتقدم الجواب عليه.
والحديث يدلّ على مشروعية السجود لمن سمع الآية التي يشرع فيها السجود إذا سجد القارئ لها
(7)
.
(1)
في المعجم الكبير (ج 12 رقم 13358).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 285) وقال: رواه الطبراني في الكبير وفيه مصعب بن ثابت وقد وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه أحمد وغيره".
(2)
مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي: لين الحديث، وكان عابدًا من السابعة
…
التقريب رقم (6686).
وانظر: "تهذيب التهذيب"(4/ 83).
(3)
في (جـ): (يسجد).
(4)
في الفتح (2/ 560).
(5)
زيادة من المخطوط (ب).
(6)
في المعجم الكبير (ج 20 رقم 2).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 284) وقال: وفيه ابن لهيعة وفيه كلام.
(7)
قال النووي في "المجموع"(3/ 552 - 553): "
…
وسواء سجد القارئ أم لم يسجد يسن للمستمع أن يسجد. هذا هو الصحيح وبه قطع الجمهور .. ".
"فرع": المصلي إن كان منفردًا سجد لقراءة نفسه، فلو قرأ السجدة فلم يسجد ثم بدا له أن يسجد لم يجز لأنه تلبس بالفرض فلا يتركه للعود إلى سنة، ولأنه يصير زائدًا ركوعًا، فلو بدا له قبل بلوغ حد الركعتين جاز، ولو هوى لسجود التلاوة ثم بدا له فرجع جاز، =
11/ 1006 - (وَعَنْ عَطاءِ بْنِ يَسَار [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
: أَنَّ رَجُلًا قَرأ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم السَّجْدَةَ فَسَجَدَ فَسَجَدَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَرَأ آخَرُ عِنْدَهُ السَّجْدَةَ فَلَمْ يَسْجُدِ، فَلَمْ يَسْجُدِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَرأ فُلانٌ عِنْدَكَ السَّجْدَةَ فَسَجَدْتَ، وَقَرَأتُ فَلَمْ تَسْجُدْ؟ فَقَالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم:"كُنْتَ إمامَنا فَلَوْ سَجَدْتَ سَجَدْتُ" رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مسْنَدِهِ
(2)
هَكَذَا مُرْسَلًا. [إسناده ضعيف جدًّا]
قالَ البُخَارِيُّ
(3)
: وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِتَمِيمِ بْنِ حَذْلَم وَهُوَ غُلَامٌ فَقَرأ عَلَيْهِ
= كما لو قرأ بعض التشهد الأول ولم يتمه جاز بلا شك.
قال أصحابنا - أي الشافعية - ويكره للمصلي الإصغاء إلى قراءة غير إمامه، فإن أصغى المنفرد لقراءة قارئ في الصلاة أو غيرها لم يجز أن يسجد لأنه ممنوع من هذا الإصغاء، فإن سجد بطلت صلاته، وإن كان المصلي إمامًا فهو كالمنفرد فيما ذكرناه
…
وإذا سجد الإمام لزم المأموم السجود معه، فإن لم يسجد بطلت صلاته بلا خلاف لتخلفه عن الإمام، ولو لم يسجد الإمام لم يسجد المأموم، فإن خالف وسجد بطلت صلاته بلا خلاف.
ويستحب أن يسجد بعد سلامه ليتداركها ولا يتأكد.
ولو سجد الإمام ولم يعلم المأموم حتى رفع الإمام رأسه من السجود لا تبطل صلاة المأموم لأنه تخلف بعذر، ولكن لا يسجد، فلو علم والإمام بعد السجود لزمه السجود، ولو هوى المأموم ليسجد معه فرفع الإمام وهو في الهوي رجع معه ولم يسجد.
وكذا الضعيف البطيء الحركة الذي هو مع الإمام لسجود التلاوة فرفع الإمام رأسه قبل انتهائه إلى الأرض لا يسجد بل يرجع معه بخلاف سجود نفس الصلاة، فإنه لا بد أن يأتي به، وإن رفع الإمام لأنه فرض
…
" اهـ.
وانظر: شرح السنة للبغوي (3/ 315) الكافي في فقه الإمام أحمد (1/ 158).
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في المسند (رقم 359 - ترتيب) بسند ضعيف جدًّا.
وفيه إبراهيم بن محمد متروك وقد تقدم الكلام عليه.
(3)
في صحيحه معلقًا (2/ 556 - مع الفتح).
وقال الحافظ: "وهذا الأثر وصله سعيد بن منصور من رواية مغيرة عن إبراهيم قال: قال تميم بن حذلم: قرأت القرآن على عبد الله وأنا غلام، فمررت بسجدة فقال عبد الله: أنت إمامنا فيها.
وقد روي مرفوعًا أخرجه ابن أبي شيبة - في المصنف (2/ 19) - من رواية ابن عجلان عن زيد بن أسلم، أن غلامًا قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم السجدة، فانتظر الغلام النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد فلما لم يسجد، قال: يا رسول الله أليس في هذه السجدة سجود؟ قال: بلى. ولكنك كنت إمامنا فيها ولو سجدت لسجدنا"، رجاله ثقات إلا أنه مرسل.
وقد روى عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: بلغني. فذكر نحوه. أخرجه البيهقي =
سَجْدَةً فَقَالَ: "اسْجُدْ فإنَّكَ إمامُنا فيها"). [مرسل صحيح]
الحديث أخرجه أبو داود في المراسيل
(1)
.
وقال البيهقي
(2)
: رواه قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقرة ضعيف.
وأخرج ابن أبي شيبة
(3)
من رواية ابن عجلان عن زيد بن أسلم قال: "إن غلامًا قرأ عند النبيّ صلى الله عليه وسلم السجدة، فانتظر الغلام النبي صلى الله عليه وسلم فلمَّا لم يسجد قال: يا رسول الله ليس في هذه السجدة سجود؟ قال صلى الله عليه وسلم: "بلى ولكنك كنت إمامنا فيها ولو سجدت لسجدنا".
قال الحافظ في الفتح
(4)
: رجاله ثقات إلا أنه مرسل.
قوله: (قال البخاري) هذا الأثر ذكره البخاري
(5)
تعليقًا، ووصله سعيد بن منصور
(6)
من رواية مغيرة عن إبراهيم.
قوله: (ابن حذلم) بفتح المهملة واللام بينهما معجمة ساكنة.
والحديث يدلّ على أن سجود التلاوة لا يشرع للسامع إلا إذا سجد القارئ.
قال ابن بطال
(7)
: أجمعوا على أن القارئ إذا سجد لزم المستمع أن يسجد.
وقد اختلف العلماء في اشتراط السماع لآية السجدة، وإلى اشتراط ذلك ذهبت العترة
(8)
وأبو حنيفة
(9)
والشافعي وأصحابه
(10)
، لكن الشافعي شرط قصد الاستماع والباقون لم يشترطوا ذلك.
وقال الشافعي في البويطي
(11)
: لا أؤكد على السامع كما أؤكد على
= - في السنن الكبرى (2/ 324) -.
وخلاصة القول أنه مرسل صحيح، والله أعلم.
(1)
رقم (76 و 77).
(2)
في السنن الكبرى (2/ 324).
(3)
في "المصنف"(19/ 2).
(4)
في "الفتح"(2/ 556). وهو مرسل صحيح كما تقدم.
(5)
في صحيحه (2/ 556 - مع الفتح) معلقًا.
(6)
عزاه إليه الحافظ في "الفتح"(2/ 556) وقد تقدم.
(7)
في شرحه لصحيح البخاري (3/ 60).
(8)
البحر الزخار (1/ 342).
(9)
البناية في شرح الهداية (2/ 793).
(10)
مختصر خلافيات البيهقي (2/ 179 - 180).
(11)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 558).
المستمع. وقد روى البخاري
(1)
عن عثمان بن عفان
(2)
، وعمران بن حصين
(3)
، وسلمان الفارسي
(4)
، أن السجود إنما شرع لمن استمع، وكذلك روى البيهقي
(5)
وابن أبي شيبة
(6)
عن ابن عباس.
12/ 1007 - (وَعَنْ زيدِ بْنِ ثَابِتٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(7)
قالَ: قَرأْتُ على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا. رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ
(8)
.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
(9)
وَقَالَ: فَلَمْ يَسْجُدْ مِنَّا أَحَدٌ). [صحيح]
(1)
في صحيحه تعليقًا (2/ 557 - مع الفتح) رقم الباب: (10).
(2)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 334) عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب أن عثمان مرَّ بقاص فقرأ سجدة ليسجد معه عثمان، فقال عثمان: إنما السجدة على من استمع، ثم مضى.
وهو أثر صحيح.
(3)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 345) عن معمر عن قتادة عن مطرف بن عبد الله أن عمران بن الحصين مرَّ بقاص، فقرأ القاص سجدة، فمضى عمران ولم يسجد معه، وقال: إنما السجدة على من جلس لها.
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 282).
وهو أثر صحيح.
(4)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (5/ 288) والبيهقي (2/ 324) وابن المنذر في الأوسط (5/ 288) من طريق الثوري عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن قال: مرّ سلمان على قوم قعود يقرؤون السجدة فسجدوا فقيل له؟ فقال: ليس لها غدونا.
وهو أثر صحيح.
(5)
في السنن الكبرى (2/ 324).
(6)
في "المصنف"(2/ 5).
في طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: إنما السجدة على من جلس لها، فإن مررت فسجدوا فليس عليك سجود.
قلت: وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 281).
وهو أثر صحيح.
(7)
زيادة من (جـ).
(8)
أخرجه أحمد (5/ 186) والبخاري رقم (1073) ومسلم رقم (106/ 577) وأبو داود رقم (1404) والترمذي رقم (576) وقال: حديث حسن صحيح.
والنسائي (2/ 160 رقم 960).
(9)
في السنن (1/ 409 - 410 رقم 15).
الحديث احتجّ به من قال إن المفصل لا يشرع فيه سجود التلاوة وهم المالكية
(1)
والشافعي
(2)
في أحد قوليه كما تقدم.
واحتجّ به أيضًا من خصّ سورة النجم بعدم السجود وهو أبو ثور
(3)
.
وأجيب عن ذلك بأن تركه صلى الله عليه وسلم للسجود في هذه الحالة لا يدلّ على تركه مطلقًا لاحتمال أن يكون السبب في الترك إذ ذاك إما لكونه كان بلا وضوء، أو لكون الوقت كان وقت كراهة، أو لكون القارئ لم يسجد أو كان الترك لبيان الجواز.
قال في الفتح
(4)
: وهذا أرجح الاحتمالات، وبه جزم الشافعي.
وقد تقدم حديث ابن عباس
(5)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجنّ والإنس".
وروى البزار
(6)
والدارقطني
(7)
عن أبي هريرة أنه قال: "إن النبيّ صلى الله عليه وسلم سجد في سورة النجم وسجدنا معه".
قال [الحافظ]
(8)
في الفتح
(9)
: ورجاله ثقات.
وروى ابن مردويه
(10)
بإسناد حسنه الحافظ عن أبي هريرة أنه سجد في خاتمة النجم فسئل عن ذلك، فقال: إنه رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم سجد فيها. وقد تقدم أن أبا هريرة إنما أسلم سنة سبع من الهجرة.
واستدلّ المصنّف
(11)
رحمه الله [تعالى]
(12)
بحديث الباب على عدم وجوب السجود فقال ما لفظه: وهو حجة في أن السجود لا يجب اهـ.
(1)
المدونة (1/ 109).
(2)
الأم (8/ 549).
(3)
ذكره ابن عبد البر في "التمهيد"(6/ 80).
(4)
في "الفتح"(2/ 555).
(5)
برقم (998) من كتابنا هذا.
(6)
في المسند (رقم 753 - كشف) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 285) وقال: رواه البزار ورجاله ثقات.
(7)
في السنن (1/ 409 رقم 11).
(8)
زيادة من المخطوط (ب).
(9)
في الفتح (2/ 555).
(10)
في "التفسير" كما في "الفتح"(2/ 555) بإسناد حسن عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه رأى أبا هريرة سجد في خاتمة النجم فسأله، فقال: إنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها، وأبو هريرة إنما أسلم بالمدينة.
(11)
ابن تيمية الجد في المتقى (1/ 574).
(12)
زيادة من (جـ).
واستدلّ من قال بالوجوب بالأوامر الواردة به في القرآن كما في ثانية الحجّ وخاتمة النجم وسورة اقرأ.
ولا يخفى أن هذا الدليل أخصّ من الدعوى وأيضًا القائل بالوجوب، وهو أبو حنيفة
(1)
لا يقول بوجوب السجود في ثانية الحجّ كما تقدم، ومقتضى دليله هذا أن تكون واجبة.
[الباب الرابع] باب السجود على الدابة وبيان أنه لا يجب بحال
13/ 1008 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا]
(2)
: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرأ عامَ الفَتْحِ سَجْدَةً فَسَجَدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، مِنْهُمْ الرَّاكِبُ وَالسَّاجِدُ فِي الْأَرْضِ، حتى إن الراكِبَ لَيَسْجدُ على يَدِهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)
(3)
. [ضعيف]
الحديث في إسناده مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير وقد ضعفه غير واحد من الأئمة
(4)
.
قوله: (والساجد في الأرض) أي ومنهم الساجد في الأرض.
قوله: (ليسجد على يده) فيه جواز سجود الراكب على يده في سجود التلاوة، وهو يدلّ على جواز السجود [في التلاوة]
(5)
لمن كان راكبًا من دون نزول؛ لأن التطوّعات على الراحلة جائزة كما تقدم وهذا منها.
(1)
البناية في شرح الهداية (2/ 792 - 793).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
في سننه رقم (1411). قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 325) ثم قال: ويذكر عن علي، وابن الزبير رضي الله عنهما أنهما سجدا وهما راكبان بالإيماء. وعن ابن عمر أنه سئل عن السجود على الدابة؟ فقال أسجد وأوم
…
".
قلت: أثر ابن الزبير أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 4) وابن المنذر في الأوسط (5/ 275) وهو أثر حسن.
وأما أثر ابن عمر فقد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 4) وابن المنذر في الأوسط (5/ 275) وهو أثر صحيح.
(4)
انظر: "التقريب" رقم (6686) وحديث ابن عمر حديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
في المخطوط (ب): (للتلاوة).
14/ 1009 - (وَعَنْ عُمَرَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى المِنْبَرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ سُورَةَ النَّحْلِ حتَّى جاءَ السَّجْدَةَ فَنَزَلَ وَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ، حتَّى إِذَا كَانَتِ الجُمُعَةِ القَابِلَةُ قَرأ بِها حتَّى إذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا لَمْ نُؤْمَرْ بالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فلا إِثْمَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ (2).
وفِي لَفْظٍ
(2)
: إِنَّ الله [تعالى](1) لَمْ يَفْرِضْ عَلَيْنَا السجُودَ إِلَّا أَنْ نَشَاءَ. [أثر صحيح]
الأثر أخرجه أيضًا مالك في الموطأ
(3)
، والبيهقي
(4)
، وأبو نعيم في مستخرجه، وابن أبي شيبة
(5)
.
وقد استدلّ به القائلون بعدم الوجوب.
وأجابت الحنفية
(6)
على قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب بأن نفي الفرض لا يستلزم نفي الوجوب.
قال في الفتح
(7)
: وتعقب أنه اصطلاح لهم حادث، وما كان الصحابة يفرّقون بينهما ويغني عن هذا.
قوله: (ومن لم يسجد فلا إثم عليه) وتعقب أيضًا بقوله: "إلا أن نشاء"، فإنه يدلّ على أن المرء مخير في السجود فلا يكون واجبًا.
وأجاب من أوجبه بأن المعنى إلا أن نشاء قراءتها فتجب.
قال الحافظ
(8)
ولا يخفى بعده. ويردّه أيضًا قوله: "فلا إثم عليه" فإن انتفاء الإثم عمن ترك الفعل مختارًا يدلّ على عدم وجوبه.
واستدل بهذا الاستثناء على وجوب إتمام السجود على من شرع فيه؛ لأن الظاهر أنه استثناء من قوله: (لم يفرض).
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في صحيحه رقم (1077) موقوفًا.
(3)
في الموطأ (1/ 206 رقم 16).
(4)
في السنن الكبرى (2/ 321).
(5)
في المصنف (2/ 19).
وهو أثر صحيح. فإن هذا فعل عمر رضي الله عنه في جمع من الصحابة ولم ينكر عليه أحد.
(6)
البناية في شرح الهداية (2/ 793 - 794).
(7)
(2/ 559).
(8)
في "الفتح"(2/ 559).
وأجيب بأنه استثناء منقطع
(1)
، ومعناه: لكن ذلك موكول إلى مشيئة المرء بدليل قوله: "ومن لم يسجد فلا إثم عليه".
لا يقال الاستدلال بقول عمر على عدم الوجوب لا يكون مثبتًا للمطلوب لأنه قول صحابي ولا حجة فيه.
لأنه يقال أوّلًا: إن القائل بالوجوب وهم الحنفية
(2)
يقولون بحجية أقوال الصحابة
(3)
.
وثانيًا: أن تصريحه بعدم الفرضية وبعدم الإثم على التارك في مثل هذا
(1)
لأن الاتصال شرط من شروط صحة الاستثناء، أي الاتصال بالمستثنى منه لفظًا، بأن يكون الكلام واحدًا غير منقطع ويلحق به ما هو في حكم الاتصال وذلك بأن يقطعه لعذر كسُعال أو عطاس أو نحوهما مما لا يعدّ فاصلًا بين أجزاء الكلام.
فإن انفصل لا على هذا الوجه كان لغوًا ولم يثبت حكمه.
واعلم أن من شروط صحة الاستثناء أيضًا.
أ - أن يكون الاستثناء غير مستغرق فإن كان مستغرقًا فهو باطل بالإجماع.
قال ابن جني: لو قال له عندي مئة إلَّا تسعة وتسعين ما كان متكلمًا بالعربية، وكان عبثًا من القول.
وقال ابن قتيبة في كتاب المسائل: إن ذلك يعني استثناء الأكثر لا يجوز في اللغة لأن تأسيس الاستثناء على تدارك الأقل من كثير أغفلته أو نسبته لقلته ثم تداركته بالاستثناء.
[البحر المحيط (3/ 289) والتبصرة (ص 168)].
ب - أن يلي الكلام بلا عاطف، فأما إذا وليه بحرف العطف. نحو: عندي له عشرة دراهم إلا درهمًا أو فإلا درهمًا كان لغوًا.
[الإحكام للآمدي (2/ 319) والبحر المحيط (3/ 293) وإرشاد الفحول (ص 495 - 500) بتحقيقي.
(2)
انظر: المسودة (ص 276، 336، 470).
قلت: وممن قال بقول الحنفية: شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(33/ 136، 173). حيث قال: (والذي يتبين لي أنه واجب) واستدل بآيات قرآنية وخالفه العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع (4/ 129) بأن السجود ليس بواجب ورد على الآيات التي استدل بها ابن تيمية رحمه الله.
وسجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع بلا خلاف عند الشافعية كما في المجموع (3/ 551 - 552).
وكذلك سنة عند المالكية. انظر: الكافي لابن عبد البر (1/ 262) والإشراف (1/ 94).
وأيضًا سنة مؤكدة عند الحنابلة. انظر: المغني (2/ 364 - 366).
(3)
انظر: نزهة الخاطر العاطر للدوسي (1/ 403 - 406) وإرشاد الفحول (ص 795 - 799) بتحقيقي، وأثر الأدلة المختلف فيها للبغا (ص 338 - 352). الوجيز في أصول الفقه للدكتور عبد الكريم زيدان (ص 260 - 262).
الجمع من دون صدور إنكار يدلّ على إجماع الصحابة على ذلك.
والأثر أيضًا يدلّ على جواز قراءة القرآن في الخطبة وجواز نزول الخطيب عن المنبر وسجوده إذا لم يتمكن من السجود فوق المنبر.
وعن مالك أنه يقرأ في خطبته ولا يسجد، وهذا الأثر وارد عليه.
[الباب الخامس] باب التكبير للسجود وما يقول فيه
15/ 1010 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا]
(1)
قالَ: كانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْنَا القُرآنَ، فإذَا مَرَّ بالسَّجْدَةِ كَبَّرَ وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)
(2)
. [منكر بذكر التكبير
…
]
الحديث في إسناده العمري عبد الله المكبر وهو ضعيف
(3)
.
وأخرجه الحاكم
(4)
في رواية العمري أيضًا لكن وقع عنده مصغرًا والمصغَّر ثقة، ولهذا قال: على شرط الشيخين.
قال الحافظ
(5)
: وأصله في الصحيحين
(6)
من حديث ابن عمر بلفظ آخر.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في سننه رقم (1413) وقال المحدث الألباني رحمه الله: "منكر بذكر التكبير .. ".
(3)
عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن، العمري، المدني: ضعيف عابد. من السابعة
…
التقريب رقم (3489).
وقال المحرران: بل: ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد، فقد وثقه يعقوب بن شيبة، وأحمد بن يونس، والخليلي، وقال العجلي: لا بأس به، وقال ابن عدي: لا بأس به في رواياته، صدوق، واختلف فيه قول ابن معين. وضعفه غير واحد منهم: البخاري وابن المديني، ويحيى بن سعيد القطان، وصالح جزرة، والنسائي، وابن سعد، والترمذي، وابن حبان، والدارقطني، وأبو أحمد الحاكم. قلت: والراجح أنه ضعيف.
(4)
في المستدرك (2/ 222) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(5)
في "التلخيص"(2/ 19).
(6)
البخاري رقم (1075) ومسلم رقم (104/ 575). عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأُ علينا السورة فيها السجدة، فيسجد ونسجد، حتى ما يجد أحدنا موضع جبهته.
قال عبد الرزاق: كان الثوري يعجبه هذا الحديث، وقد أخرج مسلم لعبد الله العمري المذكور في صحيحه لكن مقرونًا بأخيه عبيد الله.
والحديث يدلّ على أنه يشرع التكبير لسجود التلاوة، وإلى ذلك ذهبت الهادوية
(1)
وبعض أصحاب الشافعي
(2)
.
قال أبو طالب: ويكبر بعد تكبيرة الافتتاح تكبيرة أخرى للنقل.
وحكي في البحر عن العترة
(3)
: أنه لا تشهد في سجود التلاوة ولا تسليم.
وقال بعض أصحاب الشافعي (4) بل يتشهد ويسلم كالصلاة. وقال بعض أصحاب الشافعي
(4)
: يسلم قياسًا للتحليل على التحريم ولا يتشهد إذ لا دليل.
ولهم في السائر وجهان: يومئ للعذر، ويسجد، إذ الإيماء ليس بسجود.
وفي الاستغناء عنه بالركوع قولان الهادوية
(5)
والشافعي
(6)
، لا يغني إذا لم يؤثر.
وقال أبو حنيفة
(7)
: يغني إذ القصد الخضوع
(8)
.
16/ 1011 - (وَعَنْ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا]
(9)
قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرآنِ باللَّيْلِ: "سَجَدَ وَجْهِي للَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، بِحَوْلهِ وَقُوَّتهِ"، رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجهْ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ)
(10)
. [صحيح]
(1)
الروض النضير للسياغي (2/ 379).
(2)
المجموع للنووي (3/ 560، 562).
(3)
البحر الزخار (1/ 345)
(4)
المجموع للنووي (3/ 562)
(5)
البحر الزخار (1/ 345).
(6)
المجموع (3/ 568).
(7)
البناية شرح الهداية (2/ 814).
(8)
قال المحدث الألباني رحمه الله في "تمام المنة"(ص 267): "وقد روى جمع من الصحابة سجوده صلى الله عليه وسلم للتلاوة في كثير من الآيات في مناسبات مختلفة، فلم يذكر أحد منهم تكبيره عليه السلام للسجود، ولذلك نميل إلى عدم مشروعية هذا التكبير. وهو رواية عن الامام أبي حنيفة رحمه الله". اهـ.
(9)
زيادة من (جـ).
(10)
أخرجه أحمد في المسند (6/ 30 - 31) والترمذي رقم (580) والنسائي (2/ 222) وأبو داود رقم (1414).
قلت: وأخرجه إسحاق بن راهويه رقم (1679) والحاكم (1/ 220) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 352) والبغوي في شرح السنة رقم (770) وابن أبي شيبة في المصنف =
17/ 1012 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا]
(1)
قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فأتاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إني رأَيْتُ البارِحَةَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كأني أصلِّي إلى أصْلِ شَجَرَةٍ، فَقَرأتُ السَّجْدَةَ، فَسَجَدَتِ الشَّجَرَةُ لِسُجُودِي، فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ: اللَّهُمَّ احْطُطْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاكْتُبْ لِي بِهَا أجْرًا، واجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرأَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ مِثْلَ الَّذِي أخْبَرَهُ الرَّجُلُ عَنْ قَوْلِ الشَّجَرَةِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
(2)
والتِّرْمِذِيُّ
(3)
، وَزَادَ فِيهِ: وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كما تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ عليه السلام. [حسن لغيره]
الحديث الأوّل أخرجه أيضًا الدارقطني
(4)
والحاكم
(5)
والبيهقي
(6)
وصححه ابن السكن
(7)
وقال في آخره "ثلاثًا"، وزاد الحاكم (4):"فتبارك الله أحسن الخالقين"، وزاد البيهقي (5):"وصوّره" بعد قوله: "خلقه".
ولمسلم
(8)
نحوه من حديث عليّ [عليه السلام](1) في سجود الصلاة وقد تقدم.
= (2/ 20) والدارقطني في السنن (1/ 406 رقم 2).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وصححه الألباني وهو كما قال رحمه الله.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في سننه رقم (1053).
(3)
في سننه رقم (579) وقال: هذا حديث غريب.
قلت: وأخرجه ابن حبان (رقم 691 - موارد) والحاكم (1/ 219) والبيهقي (2/ 320) والطبراني في الكبير (ج 11 رقم 11262).
قال الحاكم: هذا حديث صحيح، رواته مكيون، ولم يذكر واحد منهم بجرح"، ووافقه الذهبي.
قلت: فيه الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد المكي.
قال العقيلي: لا يتابع عليه، وقال غيره: فيه جهالة، ما روى عنه سوى ابن خُنيس.
(الميزان 1/ 520 رقم 1940).
لكن للحديث طريق وشاهد يتقوى بهما. انظر: "الصحيحة" اللألباني رقم (2710).
وخلاصة القول: أن حديث ابن عباس حديث حسن لغيره، والله أعلم.
(4)
في السنن (1/ 406 رقم 2) وقد تقدم.
(5)
في المستدرك (1/ 220) وقد تقدم.
(6)
في السنن الكبرى (2/ 352) وقد تقدم.
(7)
كما في "التلخيص"(2/ 20).
(8)
في صحيحه رقم (201/ 771). وتقدم برقم (682) من كتابنا هذا.
وللنسائي
(1)
أيضًا نحوه من حديث جابر في سجود الصلاة أيضًا.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا الحاكم
(2)
وابن حبان
(3)
، وفي إسناده الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد. قال العقيلي
(4)
: فيه جهالة.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند البيهقي
(5)
. واختلف في وصله وإرساله، وصوّب الدارقطني في العلل
(6)
رواية حماد عن حميد عن بكر أن أبا سعيد رأى فيما يرى النائم، وذكر الحديث.
والحديثان يدلان على مشروعية الذكر في سجود التلاوة بما اشتملا عليه.
(فائدة): ليس في أحاديث سجود التلاوة ما يدلّ على اعتبار أن يكون الساجد متوضئًا وقد كان يسجد [بعده]
(7)
صلى الله عليه وسلم من حضر تلاوته، ولم ينقل أنه أمر أحدًا منهم بالوضوء، ويبعد أن يكونوا جميعًا متوضئين.
وأيضًا قد كان يسجد معه المشركون كما تقدم وهم أنجاس لا يصحّ وضوؤهم.
وقد روى البخاري
(8)
عن ابن عمر أنه كان يسجد على غير وضوء. وكذلك روى عنه ابن أبي شيبة
(9)
.
وأما ما رواه البيهقي
(10)
عنه بإسناد قال في الفتح
(11)
: صحيح أنه قال: "لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر".
فيجمع بينهما بما قال الحافظ (10) من حمله على الطهارة الكبرى أو على حالة الاختيار، والأوّل على الضرورة، وهكذا ليس في الأحاديث ما يدلّ على اعتبار طهارة الثياب والمكان.
(1)
في المجتبى (2/ 221) وفي السنن الكبرى (1/ 358 رقم 716) بسند صحيح.
(2)
في المستدرك (1/ 219) وقد تقدم.
(3)
في صحيحه (رقم 691 - موارد) وقد تقدم.
(4)
ذكره الذهبي في الميزان (1/ 520 رقم 1940).
(5)
في السنن الكبرى (2/ 320).
(6)
علل الدارقطني (11/ 304).
(7)
في (جـ): (معه).
(8)
في صحيحه (2/ 553 - مع الفتح) رقم الباب (5) تعليقًا بصيغة الجزم. وهو أثر صحيح.
(9)
في المصنف (2/ 14).
(10)
في السنن الكبرى (2/ 325). وهو أثر صحيح.
(11)
في الفتح (2/ 554).
وأما ستر العورة والاستقبال مع الإمكان فقيل: إنه معتبر اتفاقًا.
قال في الفتح: لم يوافق ابن عمر أحد على جواز السجود بلا وضوء إلا الشعبي
(1)
.
أخرجه ابن أبي شيبة
(2)
عنه بسند صحيح.
وأخرج أيضًا
(3)
عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يقرأ السجدة ثم يسجد وهو على غير وضوء إلى غير القبلة، وهو يمشي يومئ إيماء.
ومن الموافقين لابن عمر من أهل البيت أبو طالب
(4)
والمنصور بالله
(5)
.
(فائدة أخرى): روي عن بعض الصحابة أنه يكره سجود التلاوة في الأوقات المكروهة
(6)
.
(1)
ذكره ابن المنذر في الأوسط (5/ 284).
(2)
في المصنف (2/ 14).
(3)
في المصنف (2/ 15).
(4)
البحر الزخار (1/ 346).
(5)
الروض النضير (2/ 383).
قلت: وانظر المغني لابن قدامة المسألة (205): ولا يسجد إلا وهو طاهر (2/ 358 - 359).
(6)
منهم ابن عمر:
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 151) عن معمر عن الزهري عن سالم قال: كان ابن عمر يصيح عليهم إذا رآهم - يعني القصاص - يسجدون بعد الصبح.
وهو أثر صحيح.
• ومنهم أبو أيوب الأنصاري.
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 16) وابن المنذر في الأوسط (5/ 273) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الله بن أبي عتبة أن أبا أيوب الأنصاري، كان يحدثهم حتى إذا بزغت الشمس قرأ السجدة فسجد.
وهو أثر صحيح.
• ومنهم أبو أمامة:
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 16) ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سليمان بن حبان عن أبي غالب أن أبا أمامة كان يكره الصلاة بعد العصر حتى تغرب، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس، وكان أهل الشام يقرأون السجدة وكان أبو أمامة إذا رأى أنهم يقرأون يعني سورة فيها سجدة بعد العصر لم يجلس معهم.
وهو أثر حسن.
والظاهر عدم الكراهة؛ لأن السجود المذكور ليس بصلاة، والأحاديث الواردة بالنهي مختصة بالصلاة.
[الباب السادس] باب سجدة الشكر
18/ 1013 - (عَنْ أبِي بَكْرَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا أَتَاهُ أَمْرٌ يَسُرُّهُ أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ ساجِدًا شُكْرًا للهِ تَعَالى. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِي
(2)
.
وَلَفْظُ أحْمَدَ
(3)
: أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أتاهُ بَشِيرٌ يُبَشره بِظَفْرِ جُنْدٍ لَهُ عَلَى عَدُوّهِمْ وَرَأْسُهُ في حِجْرِ عَائِشَةَ، فَقَامَ فَخَرَّ ساجِدًا فأطالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ رَاسَهُ فَتَوَجَّهَ نَحْوَ صَدَفَتِهِ، فَدَخَلَ فاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ). [حسن]
19/ 1014 - (وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ] (1) قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَتَوَجَّهَ نَحْوَ صَدَفَتِهِ، فَدَخَلَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَخَرَّ ساجِدًا فأطالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ رأسَهُ وَقَالَ:"إِنَّ جِبْرِيلَ أتانِي فَبَشَّرَنِي، فَقَالَ: إِنَّ الله عز وجل يَقُولُ لَكَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَسَجَدْتُ لله شُكْرًا"، رَوَاهُ أحْمَدُ)
(4)
. [صحيح لطرقه وشواهده]
حديث أبي بكرة قال الترمذي
(5)
: هو حسن غريب، وفي إسناده بكار بن
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
أخرجه أحمد (5/ 45) وأبو داود رقم (2774) والترمذي رقم (1578) وابن ماجه رقم (1394). وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
(3)
في المسند (5/ 45).
وهو حديث حسن. انظر: إرواء الغليل (رقم 474).
(4)
في المسند (1/ 191).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 287) وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات.
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 222 - 223) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وزاد: وما في سجدة الشكر أصح منه.
قلت: وهو حديث صحيح لطرقه وشواهده.
(5)
في سننه (4/ 141).
عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن جدّه، وهو ضعيف عند العقيلي
(1)
وغيره
(2)
.
وقال ابن معين: إنه صالح الحديث.
وحديث عبد الرحمن بن عوف أخرجه أيضًا البزار
(3)
وابن أبي عاصم
(4)
في فضل الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم والعقيلي في الضعفاء
(5)
والحاكم
(6)
.
وفي الباب عن أنس عند ابن ماجه
(7)
بنحو حديث أبي بكرة، وفي سنده ضعف واضطراب.
وعن جابر عند ابن حبان في الضعفاء
(8)
: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا نُغاشيًا فخرّ ساجدًا ثم قال: أسأل الله العافية".
والنُغاشي بضم النون وبالغين والشين المعجمتين: القصير الضعيف الحركة الناقص الخلق، قاله ابن الأثير
(9)
.
(1)
في الضعفاء الكبير (1/ 150 رقم 187).
(2)
في الميزان (1/ 341).
(3)
في المسند (رقم 749 - كشف).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 282) وقال: رواه البزار وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف.
(4)
عزاه إليه الحافظ في التلخيص (2/ 22).
(5)
(3/ 469).
(6)
في المستدرك (1/ 222 - 223) وقد تقدم.
(7)
في السنن رقم (1392).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 448 - 449): "هذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة
…
".
وهو حديث حسن. انظر: الإرواء (2/ 227 - 228).
(8)
في المجروحين (3/ 136).
وأورده الحافظ محمد بن طاهر القيسراني المقدسي في "تذكرة الحفاظ أطراف أحاديث كتاب المجروحين لابن حبان"(ص 237 رقم 577).
وقال: رواه يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر.
ويوسف يروي عن أبيه ما ليس من حديثه. قال النسائي: متروك.
قلت: والحديث أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 2612).
وهو حديث ضعيف جدًّا.
(9)
في "النهاية"(5/ 86).
وذكر حديث جابر الشافعي في المختصر
(1)
ولم يذكر له إسنادًا.
وكذا صنع الحاكم في المستدرك
(2)
، واستشهد به على حديث أبي بكرة.
وأسنده الدارقطني
(3)
والبيهقي
(4)
من حديث جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن عليّ مرسلًا، وزاد أن اسم الرجل زَنيم، وكذا هو في مصنف ابن أبي شيبة
(5)
من هذا الوجه.
وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص وسيأتي
(6)
.
قال البيهقي
(7)
في الباب عن جابر
(8)
، وابن عمر
(9)
وأنس
(10)
وجرير
(11)
وأبي جحيفة
(12)
اهـ.
قال المنذري
(13)
: وقد جاء حديث سجدة الشكر من حديث البراء
(14)
بإسناد صحيح، ومن حديث كعب بن مالك
(15)
وغير ذلك اهـ.
قوله: (صَدَفَتَه) بفتح الصاد والدال المهملتين والفاء. والصدفة من أسماء البناء المرتفع، وفي النهاية
(16)
ما لفظه: "كان إذا مرّ بصدف مائل أسرع المشي"
(1)
مختصر المزني (ص 17).
(2)
(1/ 276) وسكت عنه هو والذهبي.
(3)
في السنن (1/ 410 رقم 1).
(4)
في السنن الكبرى (2/ 371).
(5)
(2/ 482).
وهو حديث منقطع.
(6)
برقم (20/ 1015) من كتابنا هذا.
(7)
في السنن الكبرى (2/ 371).
(8)
وهو حديث ضعيف جدًّا تقدم قريبًا في شرح حديث الباب في الصفحة السابقة.
(9)
أخرجه الطبراني في الأوسط - كما في "مجمع الزوائد"(2/ 289) وقال الهيثمي: وفيه عبد العزيز بن عبيد الله وهو ضعيف.
(10)
وهو حديث حسن تقدم قريبًا في شرح حديث الباب في الصفحة السابقة.
(11)
أخرجه الطبراني في الكبير - كما في "مجمع الزوائد"(2/ 289) وقال الهيثمي: وفيه الحسن بن عمارة ضعفه شعبة وجماعة كثيرة، وقال عمر بن علي: صدوق كثير الخطأ والوهم.
(12)
لم أقف عليه.
(13)
في مختصر السنن (4/ 86).
(14)
أخرجه البيهقي (2/ 369) في جملة حديث طويل. وقال: هو صحيح على شرط البخاري.
(15)
أخرجه البخاري رقم (4418) ومسلم رقم (53/ 2769) من جملة حديث طويل.
(16)
النهاية (3/ 17).
قال: الصدف بفتحتين وضمتين: كل بناء عظيم مرتفع تشبيهًا بصدف الجبل، وهو ما قابلك من جانبه، واسم لحيوان في البحر اهـ.
وهذه الأحاديث تدلّ على مشروعية سجود الشكر، وإلى ذلك ذهبت العترة
(1)
وأحمد
(2)
والشافعي
(3)
. وقال مالك
(4)
وهو مرويّ عن أبي حنيفة
(5)
: إنه يُكْرَه إذا لم يُؤثَر عنه صلى الله عليه وسلم مع تواتر النعم عليه صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية عن أبي حنيفة (5) أنه مباح لأنه لم يؤثر.
وإنكار ورود سجود الشكر عن النبي صلى الله عليه وسلم من مثل هذين الإمامين مع وروده عنه صلى الله عليه وسلم من هذه الطرق التي ذكرها المصنف وذكرناها من الغرائب.
ومما يؤيد ثبوت سجود الشكر قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم
(6)
في سجدة صَ: "هي لنا شكر ولداود توبة".
وليس في أحاديث الباب ما يدلى على اشتراط الوضوء وطهارة الثياب والمكان.
وإلى ذلك ذهب الإمام يحيى
(7)
وأبو طالب (7).
وذهب أبو العباس
(8)
والمؤيد بالله (8) والنخعي وبعض أصحاب الشافعي
(9)
إلى أنه يشترط في سجود الشكر شروط الصلاة.
وليس في أحاديث الباب أيضًا ما يدلّ على التكبير في سجود الشكر.
وفي البحر
(10)
: أنه يكبر.
قال الإمام يحيى: ولا يسجد للشكر في الصلاة قولًا واحدًا إذ ليس من توابعها.
قال أبو طالب: ويستقبل القبلة.
(1)
البحر الزخار (1/ 345 - 346).
(2)
المغني لابن قدامة (2/ 371 - 372).
(3)
المجموع للنووي (3/ 564 - 565).
(4)
شرح الخرشي (1/ 351).
(5)
حاشية ابن عابدين (2/ 521 - 522).
(6)
برقم (1002) من كتابنا هذا.
(7)
البحر الزخار (1/ 346).
(8)
البحر الزخار (1/ 346).
(9)
المجموع شرح المهذب (3/ 564).
(10)
(1/ 346).
20/ 1015 - (وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ نُرِيدُ المَدِينَةَ؛ فَلَمَّا كُنَّا قَرِيبًا مِنْ عَزْوَرَاءَ، نَزَلَ ثم رَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعا الله [تعالى](1) ساعَةً، ثُمَّ خَرَّ ساجِدًا فَمَكَثَ طَوِيلًا، ثُمَّ قام فَرَفَعَ يَدَيْهِ ساعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا، فَعَلَهُ ثَلاثًا، وَقَالَ: "إني سألْتُ ري وَشَفَعْتُ لِأُمَّتي، فأعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتي، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي فَسَألْتُ رَبِّي لأمَّتي، فأعْطَاني ثُلُثَ أُمَّتي، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا شُكْرًا لِرَبِّي ثُمَّ رَفَعْتُ رَأسِي، فَسَألْتُ رَبِّي لأُمَّتى، فأعْطَاني الثُّلُثَ الآخَرَ، فَخَرَرْتُ ساجِدًا لِرَبِّي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ
(2)
[ضعيف]
وَسَجَدَ أبو بَكْرٍ حِينَ جَاءَهُ قَتْلُ مُسَيْلِمَةَ. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور
(3)
. [إسناده ضعيف]
وَسَجَدَ عَلِيّ حِينَ وَجَدَ ذَا الثّدَيَّةِ فِي الخَوَارجِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مَسْنَدِهِ
(4)
. [إسناده ضعيف]
وَسَجَدَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فِي عَهْدِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بُشِّرَ بِتَوْبَةِ اللهِ [تعالى](1) عَلَيْهِ، وَقِصَّتهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا
(5)
. [صحيح]
الحديث قال المنذري
(6)
: في إسناده موسى بن يعقوب الزمعي
(7)
وفيه مقال اهـ.
وأخرج أبو داود
(8)
عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل".
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في سننه رقم (2775) وهو حديث ضعيف، وانظر: الإرواء (2/ 228).
(3)
لم أقف عليه في سنن ابن منصور. وقد أخرج البيهقي (2/ 371) أن أبا بكر رضي الله عنه لما أتاه فتح اليمامة سجد. بسند ضعيف.
(4)
في المسند (1/ 107 - 108) بسند ضعيف لجهالة طارق بن زياد الكوفي.
(5)
أخرجه أحمد (3/ 459 - 460) والبخاري رقم (4418) ومسلم رقم (53/ 2769).
(6)
في مختصر السنن (4/ 86).
(7)
موسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب بن زَمْعة المطَّلِبي الزَّمعي، أبو محمد المدني: صدوق سيء الحفظ
…
التقريب رقم (7026).
وقال المحرران: بل ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد
…
".
(8)
في السنن (رقم 4278) وهو حديث صحيح.
وفي إسناده عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن [عبد الله بن]
(1)
مسعود
(2)
تكلم فيه غير واحد. وقال العقيلي: تغير في آخر عمره في حديثه اضطراب. وقال ابن حبان البستي: اختلط حديثه فلم يتميز فاستحقّ الترك. وقد استشهد بعبد الرحمن المذكور البخاري
(3)
.
قوله: (من عزوراء) بفتح العين المهملة وسكون الزاي وفتح الواو، وبالمدّ: ثنية الجحفة عليها الطريق من المدينة، ويقال فيها: عزور.
قال في القاموس
(4)
: وعزور ثنية الجحفة عليها الطريق.
قوله: (قتل مسيلمة) هو الكذّاب وقصته معروفة.
قوله: (ذا الثدية) هو رجل من الخوارج الذين قتلهم عليّ عليه السلام يوم النهروان
(5)
. ويقال له: المخدج، وكان في يده مثل ثدي المرأة على رأسه حلمة
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
قال الإمام أحمد في العلل رواية عبد الله (575): وهو ثقة اختلط، ومن سمع منه بالبصرة فسماعه صحيح.
وانظر: التاريخ الكبير (3/ 1/ 314) والجرح والتعديل (2/ 2/ 250).
والميزان (2/ 574) الكواكب النيرات (ص 282).
(3)
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب"(2/ 524): "قلت: علَّم عليه المصنف علامة تعليق البخاري ولم أر له في "صحيح البخاري" شيئًا معلقًا.
نعم له في "الاستسقاء" - رقم الحديث (1027) - زيادة رواها عنه سفيان ويتبين من سياق الحديث أنها ليس معلقة.
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا سفيان، عن عبيد الله بن أبي بكرة، سمع عباد بن تميم، عن عمّه خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى يستسقي واستقبل القبلة فصلى ركعتين وقلب رداءه.
قال سفيان: وأخبرني المسعودي عن أبي بكر قال: جَعل اليمين على الشمال. اهـ.
وقوله سفيان: وأخبرني المسعودي من جملة الحديث موصول عنده عن عبد الله بن محمد عن سفيان وهذا ظاهر واضح من سياقه.
والظاهر أنَّ البخاري لم يقصد التخريج له وإنما وقع اتفاق. وقد وقع له نظير ذلك في عمرو بن عبيد المعتزلي، وعبد الكريم بن أبي المخارق وغيرهما". اهـ.
(4)
القاموس المحيط (ص 564).
(5)
البداية والنهاية لابن كثير (7/ 328 - 329). والكامل في التاريخ لابن الأثير (3/ 241 - 242).
مثل حلمة الثدي عليه شعرات مثل سبالة السنور وقصته مشهورة ذكرها مسلم في صحيحه
(1)
وأبو داود
(2)
وغيرهما
(3)
.
قوله: (وقصته متفق عليها)
(4)
[و]
(5)
هي مطوّلة في الصحيحين وغيرهما.
وحاصلها أنه تخلف عن غزوة تبوك بلا عذر، واعترف بذلك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعتذر بالأعذار الكاذبة كما فعل ذلك المتخلفون من المنافقين، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تكليمه وأمره بمفارقة زوجته حتى ضاقت عليه وعلى صاحبيه - اللذين اعرّفا كما اعترف - الأرض بما رحبت، كما وصف الله [تعالى]
(6)
ذلك في كتابه
(7)
، ثم بعد خمسين ليلة تاب الله [تعالى](6) عليهم، فلما بشر بذلك سجد لله تعالى.
والحديث يدلّ على مشروعية سجود الشكر، وكذلك الآثار المذكورة، وقد تقدم الخلاف في ذلك.
(1)
في صحيحه رقم (156/ 1066).
(2)
في سننه رقم (4763).
(3)
كابن ماجه في سننه رقم (167).
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(4)
أخرجه أحمد (3/ 459 - 460) والبخاري رقم (4418) ومسلم رقم (53/ 2769).
(5)
زيادة من المخطوط (ب).
(6)
زيادة من (جـ).
(7)
قال تعالى في سورة التوبة الآية (118): {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)} .
[ثالث عشر] أبواب سجود السهو
(1)
[الباب الأول] باب ما جاءَ فيمن سلم من نقصان
1/ 1016 - (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(2)
قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم إحْدَى صَلَاتي العَشِيّ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إلى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فاتَّكأ عَلَيْهَا كأنَّهُ غَضْبَانٌ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى اليُسْرَى وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَوَضَعَ خَدَّهُ الأيْمَنَ عَلى ظَهْرِ كَفِّهِ اليُسْرى، وَخَرَجَتِ السُّرْعانُ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجِدِ، فَقَالُوا: قَصُرَتِ الصَّلَاةُ؟ وفي القَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابا أن يُكَلِّمَاهُ، وَفِي القَوْمِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ذُو اليَدَيْنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَسَيْتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلَاةُ؟ فَقَالَ: "لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ"، فَقَالَ:"أكمَا يَقُولُ ذُو اليَدَيْنِ؟ " فَقَالُوا: نَعَمْ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى ما تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رأسَهُ وَكَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ فَرُبَّمَا سَألُوهُ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَيَقُولُ: أُنْبِئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(3)
، وَلَيْسَ لِمُسْلِمٍ فِيهِ وَضْعُ اليَدِ عَلَى اليَدِ وَلا التَّشْبِيكُ. [صحيح]
(1)
سها. السَّهْوُ والسَّهْوَةُ: نسيان الشئ والغفلة عنه وذهاب القلب عنه إلى غيرِهِ، سها يَسْهُو سَهْوًا وسُهُوًا، فهو ساهٍ وسهوانُ وإنَّهُ لساهٍ بَيَّنَ السَّهْوِ والسُّهُوِّ.
والسَّهُو في الصلاة: الغفلة عن شيء منها. سها الرَّجُلُ في صلاتِهِ.
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سها في الصلاة.
قال ابن الأثير: السَّهْوُ في الشيء تركُهُ عن غير علم، والسهو عنه تركه مع العلم، ومنه قوله تعالى:{الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} [الماعون: 5].
لسان العرب لابن منظور (14/ 406 - 407).
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد (2/ 234 - 235) والبخاري رقم (1229) ومسلم رقم (97/ 573).
وفِي رِوَايةٍ قالَ: بَيْنَمَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الظُّهْرِ سَلمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ وَسَاقَ الحَدِيثَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ
(2)
. وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ القِصَّةَ كَانَتْ بِحَضْرَتِهِ وَبَعْدَ إِسْلَامِهِ. [صحيح]
وفي رِوَايَةٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا
(3)
لَمَّا قَالَ: "لَمْ أنسَ وَلَمْ تُقْصَرْ"، قَالَ:"بَلَى قَدْ نَسِيتَ"، وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ ذَا اليَدَيْنِ تَكَلَّمَ بَعْدَ مَا عَلِمَ عَدَمَ النَّسْخِ كَلَامًا لَيْسَ بِجَوَابِ سُؤَالٍ). [صحيح]
قال الحافظ في التلخيص
(4)
: لهذا الحديث طرق كثيرة وألفاظ، وقد جمع جميع طرقه الحافظ صلاح الدين العلائي
(5)
وتكلم عليه كلامًا شافيًا. انتهى.
وفي الباب عن ابن عمر عند أبي داود
(6)
وابن ماجه
(7)
.
(1)
في المسند (2/ 459 - 460).
(2)
في صحيحه رقم (100/ 573).
(3)
أحمد (2/ 423) والبخاري رقم (1229) ومسلم رقم (99/ 573).
(4)
(2/ 6).
(5)
هو أبو سعيد صلاح الدين خليل بن سيف الدين كيكلدي بن عبد الله العلائي الدمشقي الشافعي.
ولد سنة (694 هـ) في شهر ربيع الأول.
تلقى العلم عن مشايخ كثيرين، فقد ذكر ابن حجر العسقلاني أن عدد شيوخه بلغوا بالسماع سبعمائة
…
قال عنه الذهبي: الإمام المفتي المحدث عالم بيت المقدس اليوم، الفقيه الحافظ معدود في الأذكياء له يد طولى في الحديث ورجاله، حصَّل الأجزاء الجيدة والكتب النفسية.
وقال عنه ابن العماد الحنبلي: الإمام المحقق، بقية الحفاظ، فاق أهل عصره في الحفظ والإتقان.
وله مصنفات عديدة ومفيدة ومنها الكتاب الذي أشار إليه الحافظ في التلخيص: "نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد".
وقد طبع في بغداد سنة (1406 هـ - 1986 م) دراسة وتحقيق كامل شطيب الراوي. لنيل شهادة الماجستير في الفقه المقارن. وكذلك طبع في دار ابن الجوزي بالدمام سنة (1416 هـ - 1995 م) بتحقيق الأخ الفاضل: بدر بن عبد الله البدر.
[شذرات الذهب لابن العماد (6/ 190 - 191) والدرر الكامنة لابن حجر (2/ 212 - 215) تذكرة الحفاظ للذهبي (4/ 1507 - 1508) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي (10/ 35 - 38) والبدر الطالع للشوكاني (1/ 245)].
(6)
في سننه رقم (1017).
(7)
في سننه رقم (1213). =
وعن ذي اليدين عند عبد الله بن أحمد في زيادات المسند
(1)
والبيهقي
(2)
.
وعن ابن عباس عند البزار في مسنده
(3)
والطبراني
(4)
.
وعن عبد الله بن مسعدة عند الطبراني في الأوسط
(5)
.
وعن معاوية بن خديج عن أبي داود
(6)
والنسائي
(7)
.
وعن أبي العريان عند الطبراني في الكبير
(8)
.
قال ابن عبد البرّ في التمهيد
(9)
: وقد قيل: إن أبا العريان المذكور هو أبو هريرة.
= عن ابن عمر أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سها فسلَّمَ في الركعتين، فقال له رجلٌ يقال له: ذو اليدين: يا رسول الله؟ أقَصُرَت أو نَسِيتَ؟ قال: "ما قَصُرت وما نسيتُ"، قال: إذًا، فصلَّيتَ ركعتين قالَ:"أكما يقول ذو اليدين؟ " قالوا: نعم، فتقدم فصلى ركعتين ثم سلم، ثم سجدَ سجدتي السهوِ. وهو حديث صحيح.
(1)
(4/ 77) بسند ضعيف.
(2)
في السنن الكبرى (2/ 353).
قلت: وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني رقم (2655) والطبراني في الكبير رقم (4224) والدارقطني في المؤتلف والمختلف (3/ 1355 - 1356). وابن عبد البر في التمهيد (1/ 367) من طرق.
وهو حديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(3)
(رقم 578 - كشف).
(4)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 11673).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 151 - 152) وقال: وفيه إسماعيل بن أبان الغنوي العامري وهو متروك.
(5)
في الأوسط رقم (2302).
وأورده الهيثمي في المجمع (2/ 152 - 153) وقال: ورجاله رجال الصحيح، خلا شيخ الطبراني إبراهيم بن محمد بن برة.
قلت: ترجم الذهبي في سير أعلام النبلاء (13/ 351) لشيخ الطبراني إبراهيم هذا.
وقال: سمع من عبد الرزاق توفي سنة (286 هـ).
(6)
في سننه رقم (1023).
(7)
في سننه المجتبى (2/ 18) وفي سننه الكبرى (2/ 246 رقم 1640).
وهو حديث صحيح.
(8)
في المعجم الكبير (ج 22 رقم 930).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 152) وقال: ورجاله رجال الصحيح.
(9)
(3/ 255) تحقيق أسامة بن إبراهيم.
وقال النووي في الخلاصة
(1)
: إن ذا اليدين يكنى أبا العريان.
قال العراقي
(2)
: وكلا القولين غير صحيح.
وأبو العريان صحابي آخر لا يعرف اسمه
(3)
، ذكره الطبراني فيهم في الكنى، وكذلك أورده أبو موسى المديني في ذيله على ابن منده في الصحابة.
قوله: (صلى بنا) ظاهره أن أبا هريرة حضر القصة
(4)
وحمله الطحاوي على المجاز فقال: إن المراد به صلى بالمسلمين.
وسبب ذلك قول الزبيري إن صاحب القصة استشهد ببدر؛ لأنه يقتضي أن القصة وقعت قبل بدر وهي قبل إسلام أبي هريرة بأكثر من خمس سنين.
لكن اتفق أئمة الحديث كما نقله ابن عبد البر
(5)
وغيره على أن الزهري وهم في ذلك.
وسببه أنه جعل القصة لذي الشمالين، وذو الشمالين هو الذي قتل ببدر وهو خزاعي واسمه عُمير بن عبد عمرو بن نضلة.
وأما ذو اليدين فتأخر بعد موت النبيّ صلى الله عليه وسلم بمدّة، وحدّث بهذا الحديث بعد موت النبيّ صلى الله عليه وسلم كما أخرج ذلك الطبراني
(6)
واسمه الخرباق كما سيأتي.
وقد جوّز بعض الأئمة أن تكون القصة وقعت لكل من ذي الشمالين وذي
(1)
(2/ 635 رقم 2193).
(2)
انظر: طرح التثريب (2/ 611 - 612).
(3)
سماه الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب"(4/ 294): الهيثم بن الأسود النخعي المذحجي، أبو العريان الكوفي. أدرك عليًا، وروى عن معاوية وعبد الله بن عمرو.
(4)
قال العلائي في "نظم الفرائد"(ص 64) بعد أن ذكر الطرق الكثيرة والتي تفيد أن أبا هريرة كان حاضرًا هذه القصة: قال: فهذه طرق صحيحة ثابتة يُفيد مجموعها العلم النظري أن أبا هريرة كان حاضرًا القصة يومئذٍ. ولا خلاف أن إسلامه كان سنة سبع، أيام خيبر كما تقدم، ثم لا خلاف بين أهل السير أن ذا الشمالين استُشهد يوم بدر سنة اثنتين رضي الله عنه. كذلك قاله سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وموسى بن عقبة، وابن إسحاق وغيرهم". اهـ.
(5)
في التمهيد (3/ 259).
(6)
في المعجم الكبير (ج 4 رقم 4182). قلت: وأخرجه أحمد (4/ 427) ومسلم رقم (101/ 574) من حديث عمران بن حصين. وهو حديث صحيح.
اليدين، وأن أبا هريرة روى الحديثين فأرسل أحدهما وهو قصة ذي الشمالين، وشاهد الآخر وهو قصة ذي اليدين.
قال في الفتح
(1)
: وهذا محتمل في طريق الجمع. وقيل: [يحمل]
(2)
على أن ذا الشمالين كان يقال له أيضًا ذو اليدين وبالعكس، فكان ذلك سبب الاشتباه، ويدفع المجاز الذي ارتكبه الطحاوي الرواية الأخرى التي ذكرها المصنف بلفظ:"بينما أنا أصلي مع النبيّ صلى الله عليه وسلم "
(3)
.
قال الحافظ في الفتح
(4)
: وقد اتفق معظم أهل الحديث من المصنفين وغيرهم على أن ذا الشمالين غير ذي اليدين، ونصّ على ذلك الشافعي في اختلاف الحديث
(5)
.
قوله: (إحدى صلاتي العَشِي) قال النووي
(6)
: هو بفتح العين المهملة وكسر الشين المعجمة وتشديد الياء.
قال: قال الأزهري
(7)
: العشي عند العرب: ما بين زوال الشمس وغروبها.
ويبين ذلك ما وقع عند البخاري
(8)
من حديث أبي هريرة قال: "صلى بنا النبيّ صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر".
وفي رواية له
(9)
: قال محمد - يعني ابن سيرين -: "وأكثر ظني أنها العصر"، وفي مسلم
(10)
: "العصر" من غير شكّ.
وفي رواية له
(11)
: "الظهر" كذلك كما ذكر المصنف.
وفي رواية له
(12)
أيضًا: "إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر".
(1)
في "فتح البارى"(3/ 97).
(2)
في المخطوط (ب): (يحتمل).
(3)
في شرح معاني الآثار (1/ 444).
(4)
(3/ 97).
(5)
في الأم (10/ 227 - اختلاف الحديث).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 68).
(7)
في تهذيب اللغة (3/ 58) وذكره صاحب لسان العرب (15/ 60).
(8)
في صحيحه رقم (1227).
(9)
أي للبخاري في صحيحه رقم (1228).
(10)
في صحيحه رقم (99/ 573).
(11)
أي لمسلم في صحيحه رقم (100/ 573).
(12)
أي لمسلم أيضًا في صحيحه رقم (97/ 573).
قال في الفتح
(1)
: والظاهر أن الاختلاف فيه من الرواة.
وأبعد من قال: يحمل على أن القصة وقعت مرّتين، بل روى النسائي
(2)
من طريق ابن عون عن ابن سيرين أن الشكّ فيه من أبي هريرة، ولفظه:"صلى صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي"، قال أبو هريرة: ولكني نسيت.
فالظاهر أن أبا هريرة رواه كثيرًا على الشكّ، وكان ربما غلب على ظنه أنها الظهر فجزم بها، وتارة غلب على ظنه أنها العصر فجزم بها، وطرأ الشك أيضًا في تعيينها على ابن سيرين، وكأن سبب ذلك الاهتمام بما في القصة من الأحكام الشرعية.
قوله: (فقام إلى خشبة في المسجد) في رواية للبخاري
(3)
: "في مقدم المسجد"، ولمسلم
(4)
: "في قبلة المسجد".
قوله: (السَّرَعَان)
(5)
بفتح المهملات، ومنهم من يسكن الراء، وحكى عياض
(6)
أن الأصيلي ضبطه بضم ثم إسكان كأنه جمع سريع، والمراد بهم: أوّل الناس خروجًا من المسجد وهم أهل الحاجات غالبًا.
قوله: (فهابا) في رواية للبخاري
(7)
"فهاباه" بزيادة الضمير، والمعنى أنه غلب عليهما احترامه وتعظيمه عن الاعتراض عليه.
وأما ذو اليدين فغلب عليه حرصه على تعلم العلم.
قوله: (يقال له ذو اليدين) قال القرطبي
(8)
: هو كناية عن طولهما، وعن بعض شرّاح التنبيه أنه كان قصير اليدين، وجزم ابن قتيبة أنه كان يعمل بيديه جميعًا.
(1)
(3/ 97).
(2)
في سننه (3/ 20 - 22 رقم 1224). وهو حديث صحيح. انظر: الإرواء (2/ 130).
(3)
في صحيحه رقم (1229).
(4)
في صحيحه رقم (97/ 573).
(5)
قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 361): "السَّرَعان بفتح السين والراء أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء ويقبلون عليه بسرعة، ويجوز تسكين الراء.
(6)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 519).
(7)
في صحيحه رقم (1229).
(8)
في "المفهم"(2/ 188).
وذهب الأكثر إلى أن اسم ذي اليدين: الخِرباق بكسر المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة وآخره قاف، اعتمادًا على ما وقع في حديث عمران بن حصين الآتي
(1)
.
قال في الفتح
(2)
: وهذا موضع من يوحد حديث أبي هريرة بحديث عمران وهو الراجح في نظري، وإن كان ابن خزيمة
(3)
ومن تبعه جنحوا إلى التعدُّد، والحامل لهم على ذلك الاختلاف الواقع في السياقين.
ففي حديث أبي هريرة أن السلام وقع من اثنتين وأنه صلى الله عليه وسلم قام إلى خشبة في المسجد.
وفي حديث عمران أنه سلم من ثلاث ركعات وأنه دخل منزله لما فرغ من الصلاة.
فأما الأوّل فقد حكى العلائي
(4)
أن بعض شيوخه حمله على أن المراد: أنه سلم في ابتداء الركعة الثالثة واستبعده ولكن طريق الجمع يكتفى فيها بأدنى مناسبة، وليس بأبعد من دعوى تعدّد القصة؛ لأنه يلزم منه كون ذي اليدين في كلّ مرّة استفهم النبيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، واستفهم النبيّ صلى الله عليه وسلم الصحابة عن صحة قوله.
وأما الثاني فلعلّ الراوي لما رآه تقدّم من مكانه إلى جهة الخشبة ظنّ أنه دخل منزله لكون الخشبة كانت في جهة منزله، فإن كان كذلك وإلا فرواية أبي هريرة أرجح لموافقة ابن عمر له على سياقه كما أخرجه الشافعي
(5)
(1)
برقم (2/ 1017) من كتابنا هذا.
(2)
(3/ 100).
(3)
قال ابن خزيمة في صحيحه (2/ 129): "قال أبو بكر: هذه القصة غير قصة ذي اليدين؛ لأن المعْلِم النبي صلى الله عليه وسلم أنه سها في هذه القصة طلحة بن عبيد الله، ومخبر النبي صلى الله عليه وسلم في تلك القصة ذو اليدين، والسهو من النبي صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين إنما كان في الظهر أو العصر، وفي هذه القصة إنما كان السهو في المغرب لا في الظهر ولا في العصر.
وقصة عمران بن حصين قصة الخِرباق قصة ثالثة؛ لأن التسليم في خبر عمران من الركعة الثالثة. وفي قصة ذي اليدين من الركعتين، وفي خبر عمران دخل النبي صلى الله عليه وسلم حجرته ثم خرج من الحجرة، وفي خبر أبي هريرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم إلى خشبة معروضة في المسجد، فكل هذه أدلة أن هذه القصص هي ثلاث قصص
…
" اهـ.
(4)
في كتابه "نظم الفرائد"(ص 96 - 97).
(5)
في المسند (رقم 357 - ترتيب).
وأبو داود
(1)
وابن ماجه
(2)
وابن خزيمة
(3)
، ولموافقة ذي اليدين كما أخرجه أبو بكر الأثرم وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند
(4)
، وأبو بكر بن أبي خيثمة وغيرهم، انتهى.
قوله: (لم أنس ولم تقصر) هو تصريح بنفي النسيان ونفي القصر، وهو مفسر لما عند مسلم
(5)
بلفظ: "كلُّ ذلكَ لم يَكُن".
وتأييد لما قاله علماءُ المعاني
(6)
: أن لفظَ "كل" إذا تقدَّم وعقبه النفي كان نفيًا لكل فرد لا للمجموع، بخلاف ما إذا تأخر، ولهذا أجاب ذو اليدين بقوله:"قد كان بعض ذلك"، كما في صحيح مسلم
(7)
.
(1)
في السنن رقم (1008).
(2)
في السنن رقم (1213، 1214).
(3)
في صحيحه رقم (1042).
وهو حديث صحيح.
(4)
في المسند (4/ 77) بسند ضعيف.
قلت: وأخرجه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(4/ 386) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 367) والطبراني في المعجم الكبير (ج 4 رقم 4224).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 151) وقال: رواهما - أي هذا الحديث والذي قبله - عبد الله بن أحمد مما زاده في المسند، وفيه معدي بن سليمان، قال أبو حاتم: شيخ، وضعفه النسائي.
(5)
في صحيحه رقم (99/ 573).
(6)
ذكره علماء النحو والبيان الفرق بين أن يتقدم النفيُّ على (كل) وبين أن تتقدم هي عليه، فإذا تقدمت على حرف النفي نحو: كل القوم لم يقم. أفادت التنصيص على انتفاء قيام كل فردٍ فرد، وإن تقدم النفيُّ عليها مثل: لم يقم كلُّ القوم، لم تدلُّ إلا على نفي المجموع وذلك يصدق بانتفاء القيام عن بعضهم ويسمى الأول عموم السلب، والثاني سلب العموم من جهة أن الأول يحكم فيه بالسلب عن كلِّ فردٍ، والثاني لم يفدّ العموم في حقِّ كلِّ أحد، إنما أفاد نفي الحكم عن بعضهم. قال القرافي: وهذا شيءٌ اختصتْ به (كل) من بين سائر صيغ العموم. قال وهذه القاعدة متفق عليها عند أرباب البيان وأصلها قوله صلى الله عليه وسلم: "كل ذلك لم يكن".
انظر: البحر المحيط (3/ 64) وأصول السرخسي (1/ 158) وإرشاد الفحول (ص 406) بتحقيقي.
(7)
رقم (99/ 573).
وفي البخاري
(1)
ومسلم
(2)
أنه قال: "بلى قد نسيت" كما ذكر المصنف.
وفيه دليل على جواز دخول السهو عليه صلى الله عليه وسلم في الأحكام الشرعية.
وقد نقل عياض
(3)
والنووي
(4)
الإجماع على عدم جواز دخول السهو في الأقوال التبليغية وخصَّا الخلاف بالأفعال وقد تُعقبا.
قال الحافظ
(5)
: نعم اتفق من جوّز ذلك على أنه لا يقرّ عليه بل يقع له بيان ذلك إما متصلًا بالفعل أو بعده كما وقع في هذا الحديث. وفائدة جواز السهو في مثل ذلك بيان الحكم الشرعي إذا وقع مثله لغيره.
وأما من منع السهو مطلقًا منه صلى الله عليه وسلم، فأجابوا عن هذا الحديث بأجوبة:
(منها) أن قوله صلى الله عليه وسلم: "لم أنس" على ظاهره وحقيقته وأنه كان متعمدًا لذلك ليقع منه التشريع بالفعل لكونه أبلغ من القول، ويكفي في ردّ هذا تقريره صلى الله عليه وسلم لذي اليدين على قوله:"بلى قد نسيت"، وأصرح من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"إنما أنا بشر أنسى كما تنسون"، وهو متفق عليه
(6)
من حديث ابن مسعود كما سيأتي.
ومن أجوبتهم أن قوله صلى الله عليه وسلم: "إني لا أنسى، ولكن أنسى لأسنّ"
(7)
، يدلّ على عدم صدور النسيان منه.
وتعقب بما قاله الحافظ في الفتح
(8)
: إن هذا الحديث لا أصل له، فإنه في بلاغات مالك التي لم توجد موصولة بعد البحث الشديد.
وأيضًا هو أحد الأحاديث الأربعة التي تكلم عليها في الموطأ.
(1)
في صحيحه رقم (1229).
(2)
في صحيحه رقم (89/ 572).
(3)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 514).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 62).
(5)
في "الفتح"(3/ 101).
(6)
سيأتي برقم (6/ 1021) من كتابنا هذا.
(7)
أخرجه الإمام مالك في الموطأ (1/ 100 رقم 2).
وأورده ابن عبد البر في "تجريد التمهيد"(ص 253) وقال: "هذا لا يوجد في غير الموطأ، ولا يُحفظ بهذا اللفظ مُسْندًا ولا مُرْسلًا من غير رواية مالك هذه المنقطعة. والله أعلم. والخلاصة: أنه لا أصل له.
(8)
(3/ 101).
ومن أجوبتهم أيضًا حديث إنكاره صلى الله عليه وسلم على من قال: "نسيت آية كذا وكذا، وقال: بئسما لأحَدِكم أن يقول نسيت آية كذا وكذا"
(1)
.
وتعقب بأنه لا يلزم من ذمّ إضافة نسيان الآية ذمّ إضافة نسيان كلّ شيء، فإن الفرق بينهما واضح جدًّا.
ومن أجوبتهم أن قوله: "لم أنس"
(2)
راجع إلى السلام: أي سلمت قصدًا [بانيًا]
(3)
على ما في اعتقادي أني صليت أربعًا.
قال الحافظ
(4)
: وهذا جيد، وكأن ذا اليدين فهم العموم فقال:"بلى قد نسيت"(2).
والكلام في ذلك محله علم الكلام والأصول.
وقد تكلم عياض في الشفاء
(5)
بما يشفي، فمن أراد البسط فليرجع إليه، وهذا كله مبني على أن معنى السهو والنسيان واحد، وأما من فرق بينهما فله أن يقول: هذه الأدلة وإن دلت على أنه وقع النسيان منه صلى الله عليه وسلم فهي لا تستلزم وقوع السهو.
قوله: (فصلَّى ما تركَ) فيه جواز البناء على الصلاة التي خرج منها المصلي قبل تمامها ناسيًا، وإلى ذلك ذهب الجمهور
(6)
كما قال العراقي من غير فرق بين من سلم من ركعتين أو أكثر أو أقلّ.
وقال سحنون
(7)
: إنما يبني من سلم من ركعتين كما في قصة ذي اليدين؛ لأن ذلك وقع على غير القياس فيقتصر على مورد النصّ.
وحديث عمران بن حصين الآتي
(8)
يبطل ما زعمه من قصر الجواز على ركعتين على أنه يلزمه أن يقصر الجواز على إحدى صلاتي العشي ولا قائل به.
(1)
أخرجه أحمد (1/ 417) والبخاري رقم (5039) ومسلم رقم (229/ 790).
(2)
تقدم في حديث الباب رقم (1016) من كتابنا هذا.
(3)
في (جـ): (ثابتًا).
(4)
في "الفتح"(3/ 101).
(5)
(2/ 773 - 784).
(6)
انظر: "المغني"(3/ 402).
(7)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 102).
(8)
سيأتي برقم (1017) من كتابنا هذا.
وذهبت الهادوية
(1)
إلى أنه لا يجوز البناء على الصلاة التي خرج منها بتسليمتين من غير فرق بين العمد والسهو.
وأجابوا عن حديث الباب بأن قصة ذي اليدين كانت قبل نسخ الكلام اعتمادًا منهم على ما سلف عن الزهري، وقد قدمنا أنه وهم، على أنه قد روى البناء عمران بن حصين
(2)
كما سيأتي، وإسلامه متأخر.
ورواه أيضًا معاوية بن خديج
(3)
كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، وإسلامه قبل موت النبيّ صلى الله عليه وسلم بشهرين، ومع هذا فتحريم الكلام كان بمكة، وقد حققنا ذلك في باب تحريم الكلام (4).
وفي حديث الباب دليل على أن كلام الساهي لا يبطل الصلاة، وكذا كلام من ظنّ التمام، وقد تقدم الكلام على ذلك في باب تحريم الكلام [أيضًا
(4)
]
(5)
.
وفيه أيضًا دليل على أن الأفعال الكثيرة التي ليست من جنس الصلاة إذا وقعت سهوًا أو مع ظنّ التمام لا تفسد الصلاة وقد تقدم البحث في ذلك.
قوله: (ثم سلم ثم كبر وسجد) فيه دليل لمن قال إن سجود السهو بعد السلام.
وقد اختلف أهل العلم في ذلك على ثمانية أقوال كما ذكر ذلك العراقي في شرخ الترمذي.
(الأوّل): أن سجود السهو كله محله بعد السلام، وقد ذهب إلى ذلك جماعة من الصحابة وهم عليّ بن أبي طالب
(6)
، وسعد بن
(1)
البحر الزخار (1/ 340 - 341).
(2)
سيأتي برقم (1017) من كتابنا هذا.
(3)
وهو حديث صحيح تقدم في بداية شرح حديث رقم (1/ 1016) من كتابنا هذا.
(4)
خلال شرح الحديث رقم (822) من كتابنا هذا.
(5)
زيادة من المخطوط (أ).
(6)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(3/ 310 ث 1703) عن جعفر بن محمد عن أبيه أنَّ عليًا قال: سجدتا السهو بعد السلام قبل الكلام.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 29).
أبي وقاص
(1)
، وعمار بن ياسر
(2)
، وعبد الله بن مسعود
(3)
، وعمران بن حصين
(4)
، وأنس بن مالك
(5)
، والمغيرة بن شعبة
(6)
، وأبو هريرة
(7)
.
وروى الترمذي
(8)
عنه خلاف ذلك كما سيأتي
(9)
.
وروي أيضًا عن ابن عباس
(10)
(1)
أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(9/ 303 ث 1698) عن قيس بن حازم قال: صلى سعد بن أبي وقاص فسهى في ركعتين فقام في الثانية فسبح به القوم من خلفه، فمضى حتى فرغ ثم سجد سجدتين وهو جالس بعدما سلم.
(2)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (3/ 309 ث 1701) عن الشعبى أن سعدًا وعمارًا سجداهما بعد التسليم.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 29).
(3)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (3/ 309 ث 1699) عن علقمة أن عبد الله سجد سجدتي السهو بعد السلام. وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 29).
(4)
سيأتي حديثه رقم (1017) من كتابنا هذا.
(5)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (3/ 309 ث 1700) عن قتادة عن أنس والحسن أنهما قالا: في الرجل يشك في صلاته فلم يدر أزاد أو نقص، فليسجد سجدتين بعدما يسلم.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 442) من طريق قتادة عن أنس.
(6)
أخرج أبو داود رقم (1037) عن زيادة بن علاقة، قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة
…
فلما أتم صلاته وسلم سجد سجدتي السهو
…
" وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
(7)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (3/ 310 ث 1702) عن محمد بن إبراهيم بن الحارث أن أبا هريرة والسائب القاري، كانا يقولان: السجدتان قبل الكلام وبعد السلام.
وأخرج الترمذي في السنن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجدهما بعد السلام. (2/ 39 رقم 394) وهو حديث صحيح.
(8)
في سننه رقم (397) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الشيطان يأتي أحدكم في صلاته، فَيَلْبِسُ عليه، حتى لا يدري كم صلَّى؟ فإذا وجد ذلك أحدكم؛ فليسجد سجدتين وهو جالس. وهو حديث صحيح.
(9)
برقم (1022) من كتابنا هذا.
(10)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (3/ 308 ث 1696) عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا شك أحدكم في صلاته فلا يدري كم صلى ثلاثًا أو أربعًا؟ فليقم فليصل ركعة ويسجد سجدتين وهو جالس قبل السلام، فإن كانت الركعة التي صلى خامسة شفعها بهاتين، وإن كان رابعة فالسجدتين ترغيم للشيطان.
وأخرجه أبو داود في سننه رقم (1026) عن عطاء بن يسار وصححه الألباني.
ومعاوية
(1)
، وعبد الله بن الزبير
(2)
على خلاف في ذلك عنهم.
ومن التابعين أبو سلمة
(3)
بن عبد الرحمن، والحسن البصري
(4)
، والنخعي
(5)
، وعمر بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن أبي ليلى
(6)
، والسائب القاري
(7)
.
وروى الترمذي
(8)
عنه خلاف ذلك.
وهو قول الثوري
(9)
وأبو حنيفة
(10)
وأصحابه.
وحكى عن الشافعي
(11)
قولًا له. ورواه الترمذي
(12)
عن أهل الكوفة.
وذهب إليه من أهل البيت
(13)
الهادي والقاسم وزيد بن عليّ والمؤيد بالله.
واستدلوا بحديث الباب وبسائر الأحاديث التي ذكر فيها السجود بعد السلام.
(1)
ذكره أبو داود في سننه (1/ 630) عنه.
وضعف الألباني خبره كما في صحيح أبي داود (1/ 287).
(2)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (3/ 310 ث 1705) عن يوسف بن ماهل. قال: صلى بهم ابن الزبير فقام في الركعتين فسبحوا به فسبح بهم ومضى بهم حتى أتم صلاته وسجد سجدتين وهو جالس بعدما سلم.
(3)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 29) عن الزهري عن أبي سلمة أنه سجدهما بعد التسليم.
(4)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (رقم 3454) عن معمر عن الحسن وقتادة قالا: سجدتي السهو بعد التسليم.
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 30) عن ابن فضيل عن عقبة عن إبراهيم أنه سجدهما بعدما سلم.
(6)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 30) عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه سها فسلم ثم سجد سجدتين ثم سلم.
(7)
تقدم بالحاشية رقم (7) في الصفحة السابقة.
(8)
أخرجه الترمذي (2/ 236).
(9)
حكى عنه الترمذي (1/ 303).
(10)
انظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (1/ 310) وتبيين الحقائق (1/ 191 و 192).
(11)
انظر: حلية العلماء (2/ 178) والمجموع شرح المهذب (4/ 42).
(12)
في السنن (2/ 237).
(13)
انظر: البحر الزخار (1/ 340) وشفاء الأوام (1/ 366 - 367).
(القول الثاني): أن سجود السهو كله قبل السلام.
وقد ذهب إلى ذلك من الصحابة أبو سعيد الخدري
(1)
.
وروي أيضًا عن ابن عباس
(2)
ومعاوية
(3)
وعبد الله بن الزبير
(4)
على خلاف في ذلك.
وبه قال الزهري
(5)
ومكحول (5) وابن أبي ذئب والأوزاعي (6) والليث بن سعد
(6)
والشافعي في الجديد وأصحابه
(7)
. ورواه الترمذي
(8)
عن أكثر فقهاء المدينة وعن أبي هريرة.
واستدلوا على ذلك بالأحاديث التي ذكر فيها السجود قبل السلام وسيأتي بعضها.
(القول الثالث): التفرقة بين الزيادة والنقص، فيسجد للزيادة بعد السلام وللنقص قبله، وإلى ذلك ذهب مالك وأصحابه
(9)
والمزني وأبو ثور
(10)
، وهو قول للشافعي
(11)
، وإليه ذهب الصادق والناصر
(12)
من أهل البيت.
قال ابن عبد البر
(13)
: وبه يصحّ استعمال الخبرين جميعًا. قال: واستعمال الأخبار على وجهها أولى من ادّعاء النسخ، ومن جهة النظر الفرق بين الزيادة والنقصان بين في ذلك؛ لأن السجود في النقصان إصلاح وجبر، ومحال أن يكون الإصلاح والجبر بعد الخروج من الصلاة.
وأما السجود في الزيادة فإنما هو ترغيم للشيطان
(14)
، وذلك ينبغي أن يكون بعد الفراغ.
(1)
سيأتي حديثه برقم (5/ 1020) من كتابنا هذا.
(2)
و
(3)
و
(4)
تقدم قريبًا.
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 30) من طريق برد عن مكحول والزهري قالا: سجدتان قبل أن يسلم.
(6)
ذكره ابن المنذر في الأوسط (3/ 308) والمغني لابن قدامة (2/ 415).
(7)
المجموع (4/ 69).
(8)
في سننه (2/ 237).
(9)
قاله مالك في الموطأ (1/ 95).
(10)
حكاه عنه المنذري في الأوسط (3/ 311).
(11)
المجموع شرح المهذب (4/ 69).
(12)
شفاء الأوام (1/ 367).
(13)
في الاستذكار (4/ 356 رقم 5397).
(14)
الاستذكار (4/ 356 رقم 5398).
قال ابن العربي: مالك أسعد قيلًا وأهدى سبيلًا انتهى.
ويدلّ على هذه التفرقة ما رواه الطبراني
(1)
من حديث عائشة في آخر حديث لها، وفيه قال:"مَنْ سَهَا قبلَ التمامِ فليسجد سجدتي السهو قبل أن يُسلِّم، وإذا سها بعدَ التمامِ سجدَ سجدتي السهو بعد أن يُسلم".
ولكن في إسناده عيسى بن ميمون المدني المعروف بالواسطي
(2)
، وهو وإن وثقه حماد بن سلمة وقال فيه ابن معين مرّة: لا بأس به، فقد قال فيه مرّة: ليس بشيء، وضعفه الجمهور.
(القول الرابع): أنه يستعمل كل حديث كما ورد وما لم يرد فيه شيء يسجد قبل السلام، وإلى ذلك ذهب أحمد بن حنبل
(3)
كما حكاه الترمذي
(4)
عنه، وبه قال سليمان بن داود الهاشمي من أصحاب الشافعي
(5)
، وأبو خيثمة
(6)
.
(1)
في الأوسط رقم (7593).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 153) وقال: "
…
وفيه عيسى بن ميمون واختلف في الاحتجاج به وضعفه الأكثر". اهـ.
(2)
قال عبد القدوس بن محمد نذير في تحقيقه لمجمع البحرين (2/ 167): "قلت: هكذا قال الهيثمي رحمه الله في هذا الإسناد، وفيه نظر، فمن الرواة من يسمى عيسى بن ميمون في هذه الطبقة ثلاثة:
1 -
عيسى بن ميمون المدني مولى القاسم - (تهذيب التهذيب (3/ 370).
2 -
وعيسى بن ميمون أبو سلمة الخواص.
3 -
وعيسى بن ميمون المكي ابن داية.
فأما الأولان، فضعيفان متروكان باتفاق.
وأما عيسى بن ميمون بن داية، فهو ثقة بالاتفاق ولم يؤخذ عليه، إلا أنه يرى القدر (راجع تهذيب التهذيب) - (3/ 369 - 370) - والجرح (6/ 287) والمجروحين (2/ 118، 120) واللسان والميزان).
وبقي الكلام من المراد به في هذا الإسناد من هؤلاء الثلاثة، فالمراد به هو ابن داية، فإن ابن أبي حاتم صرح في ترجمة حاتم بن عبيد الله بأنه روى عن عيسى بن ميمون المكي، فتعين به أنه المراد.
وعلى هذا فالحديث إسناده حسن والله أعلم". اهـ.
(3)
المغني لابن قدامة (5/ 412).
(4)
في السنن (2/ 238).
(5)
المجموع شرح المهذب (4/ 41 - 42).
(6)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (3/ 312).
قال ابن دقيق العيد
(1)
: هذا المذهب مع مذهب مالك متفقان في طلب الجمع وعدم سلوك طريق الترجيح لكنهما اختلفا في وجه الجمع.
(القول الخامس): أنه يستعمل كل حديث كما ورد وما لم يرد فيه شيء فما كان نقصًا سجد له قبل السلام وما كان زيادة فبعد السلام، وإلى ذلك ذهب إسحق بن راهويه كما حكاه عنه الترمذي
(2)
.
(القول السادس): أن الباني على الأقلّ في صلاته عند شكه يسجد قبل السلام على حديث أبي سعيد الآتي
(3)
.
والمتحرّي في الصلاة عند شكه يسجد بعد السلام على حديث ابن مسعود الآتي أيضًا
(4)
، وإلى ذلك ذهب أبو حاتم بن حبان
(5)
.
قال: وقد يتوهم من لم يُحْكِمْ صناعةَ الأخبار، ولا تفقَّه في صحيح الآثار أن التحرّي في الصلاة والبناء على اليقين واحد وليس كذلك؛ لأن التحرّي هو أن يشكّ المرء في صلاته فلا يدري ما صلى، فإذا كان كذلك فعليه أن يتحرّى الصواب وليبن علي الأغلب عنده ويسجد سجدتي السهو بعد السلام على خبر ابن مسعود
(6)
، والبناء على اليقين هو أن يشكّ في الثنتين والثلاث، أو الثلاث والأربع، فإذا كان كذلك فعليه أن يبني على اليقين وهو الأقلّ، وَلْيُتمّ صلاته ثم يسجدُ سجدتي السهو قبل السلام على خبر عبد الرحمن بن عوف
(7)
وأبي سعيد
(8)
وما اختاره من التفرقة بين التجري والبناء على اليقين قاله أحمد بن حنبل
(9)
فيما ذكره ابن عبد البرّ في التمهيد
(10)
.
وقال الشافعي
(11)
وداود وابن حزم
(12)
: إن التحرّي هو البناء على اليقين،
(1)
في إحكام الأحكام (2/ 34 - 35).
(2)
في السنن (2/ 238).
(3)
برقم (5/ 1020) من كتابنا هذا.
(4)
برقم (12/ 1027) من كتابنا هذا.
(5)
في صحيحه (6/ 387).
(6)
الآتي برقم (12/ 1027) من كتابنا هذا.
(7)
الآتي برقم (4/ 1019) من كتابنا هذا.
(8)
الآتي برقم (5/ 1020) من كتابنا هذا.
(9)
المغني لابن قدامة (2/ 415 مسألة 216).
(10)
في التمهيد (3/ 277).
(11)
ذكره النووي في المجموع (4/ 41).
(12)
في المحلى (4/ 170).
وحكاه النووي
(1)
عن الجمهور.
(القول السابع): أنه يتخير الساهي بين السجود قبل السلام وبعده، سواء كان لزيادة أو نقص، حكاه ابن أبي شيبة في المصنف
(2)
عن عليّ عليه السلام، وحكاه الرافعي قولًا للشافعي.
ورواه المهدي في البحر
(3)
عن الطبري.
ودليلهم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صحّ عنه السجود قبل السلام وبعده، فكان الكل سنة.
(القول الثامن): أن محله كله بعد السلام إلا في موضعين فإن الساهي فيهما مخير.
(أحدهما): من قام من ركعتين ولم يجلس ولم يتشهد.
(والثاني): أن لا يدري أصلى ركعة أم ثلاثًا أم أربعًا، فيبني على الأقلّ ويخير في السجود، وإلى ذلك ذهب أهل الظاهر، وبه قال ابن حزم
(4)
.
وروى النووي في شرح مسلم
(5)
عن داود أنه قال: تستعمل الأحاديث في مواضعها كما جاءت.
قال القاضي عياض
(6)
وجماعة من أصحاب الشافعي: ولا خلاف بين هؤلاء المختلفين وغيرهم من العلماء أنه لو سجد قبل السلام أو بعده للزيادة أو للنقص أنه يجزئه ولا تفسد صلاته، وإنما اختلافهم في الأفضل.
قال النووي
(7)
: وأقوى المذاهب هنا مذهب مالك ثم الشافعي.
وقال ابن حزم
(8)
في مذهب مالك: إنه رأى لا برهان على صحته، قال: وهو أيضًا مخالف للثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمره بسجود السهو قبل السلام من شكّ فلم يدر كم صلى وهو سهو زيادة، ثم قال: ليت شعري من أين لهم أن
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 63).
(2)
في المصنف (2/ 29).
(3)
البحر الزخار (1/ 340).
(4)
المحلى (4/ 170 مسألة 473).
(5)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 56).
(6)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 508).
(7)
في شرح صحيح مسلم (5/ 56).
(8)
في المحلى (4/ 171).
جبر الشيء يكون إلا فيه لا بائنًا عنه، وهم مجمعون على أن الهدي والصيام يكونان جبرًا لما نقص من الحجّ وهما بعد الخروج عنه، وأن عتق الرقبة أو الصدقة أو صيام الشهرين جبر لنقص وطء التعمد في نهار رمضان، وفعل ذلك لا يجوز إلا بعد تمامه اهـ.
وأحسن ما يقال في المقام إنه يعمل على ما تقتضيه أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم من السجود قبل السلام وبعده فما كان من أسباب السجود مقيدًا بقبل السلام سجد له قبله، وما كان مقيدًا ببعد السلام سجد له بعده، وما لم يرد تقييده بأحدهما كان مخيرًا بين السجود قبل السلام وبعده من غير فرق بين الزيادة والنقص.
لما أخرج مسلم في صحيحه
(1)
عن ابن مسعود أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين".
وجميع أسباب السجود لا تكون إلا زيادة أو [نقصًا
(2)
] أو مجموعهما، وهذا ينبغي أن يعدّ مذهبًا تاسعًا؛ لأن مذهب داود وإن كان فيه أنه يعمل بمقتضى النصوص الواردة كما حكاه النووي
(3)
فقد جزم بأن الخارج عنها يكون قبل السلام، وإسحق بن راهويه
(4)
وإن قال إنها تستعمل الأحاديث كما وردت فقد جزم أنه يسجد لما خرج عنها إن كان زيادة بعد السلام وإن كان نقصًا فقبله كما سبق.
والقائلون بالتخيير لم يستعملوا النصوص كما وردت ولا شكّ أنه أفضل. ومحلّ الخلاف في الأفضل كما عرفت وإن كانت الهادوية
(5)
تقول بفساد صلاة من سجد لسهوه قبل التسليم مطلقًا، لكن قولهم مع كونه مخالفًا لما صرّحت به الأدلة مخالف للإجماع الذي حكاه عياض
(6)
وغيره.
قوله: (فربما سألوه ثم سلم) يعني سألوا محمد بن سيرين هل سلم النبيّ صلى الله عليه وسلم بعد سجدتي السهو؟ فروي عن عمران بن حصين
(7)
أنه أخبر "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم سلم بعدهما".
(1)
في صحيحه رقم (96/ 572).
(2)
في المخطوط (أ) و (ب): (نقص) والصواب ما أثبتناه.
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 56).
(4)
حكاه عنه الترمذي في السنن (2/ 238) كما تقدم.
(5)
البحر الزخار (1/ 340).
(6)
في إكمال المعلم (2/ 508).
(7)
تقدم تخريجه رقم (1016) من كتابنا هذا.
ولفظ أبي داود
(1)
: فقيل لمحمد: سلم في السجود؟ فقال: لم أحفظه من أبي هريرة، ولكن نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم.
وفيه دليل على مشروعية التسليم في سجود السهو، وقد نقل بعض المتأخرين عن النووي أن الشافعية لا يثبتون التسليم، وهو خلاف المشهور عن الشافعية والمعروف في كتبهم، وخلاف ما صرّح به النووي في شرح مسلم
(2)
فإنه قال: والصحيح في مذهبنا أنه يسلم ولا يتشهد.
2/ 1017 - (وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْن [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(3)
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى العَصْرَ فَسَلَّمَ فِي ثَلاثِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ، وفِي لَفْظٍ: فَدَخَلَ الحُجْرَةَ، فَقامَ إلَيْهِ رَجُل يُقالُ لَهُ: الخِرْباقُ، وكانَ فِي يَدِهِ طُولٌ، فَقالَ: يا رَسُولَ الله، فَذَكَرَ لَهُ صَنيعَهُ، فَخَرَجَ غَضْبانَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حتى انْتَهَى إلى النَّاسِ فَقالَ:"أصَدَقَ هَذَا؟ "، قالُوا: نَعَمْ، فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلا البُخارِي والترمذي)
(4)
. [صحيح]
الكلام على فقه الحديث قد تقدم.
وتقدم أيضًا الاختلاف بين أهل العلم: هل حديث عمران هذا وحديث أبي هريرة المتقدم حكاية لقصة واحدة أو لقصتين مختلفتين؟ والظاهر ما قاله ابن خزيمة ومن تبعه من التعدّد؛ لأن دعوى الاتحاد تحتاج إلى تأويلات متعسفة كما سلف.
وتقدم أيضًا ضبط الخرباق وأنه اسم ذي اليدين.
وفي الباب عن ابن عباس عند البزار
(5)
والطبراني في الكبير
(6)
: "أن
(1)
في سننه رقم (1010) وهو حديث صحيح.
(2)
(5/ 59).
(3)
زيادة من (جـ).
(4)
أخرجه أحمد (4/ 427) ومسلم رقم (101/ 574) وأبو داود رقم (1018) والنسائي (3/ 26 رقم 1237) وابن ماجه رقم (1215).
وهو حديث صحيح.
(5)
في المسند (رقم 578 - كشف).
(6)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 11673).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 150) وقال: وفيه إسماعيل بن أبان الغنوي وهو متروك.
رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم العصر ثلاثًا فدخل على بعض نسائه، فدخل عليه رجل من أصحابه يقال له: ذو الشمالين" الحديث.
3/ 1018 - (وَعَنْ عَطاءٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
أن ابْنَ الزُّبَيْر صَلَّى المَغْرِبَ فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، فَنَهَضَ لِيَسْتَلِمَ الحَجَرَ فَسَبَّحَ القَوْمُ، فَقالَ: ما شأنُكُمْ؟ قالَ: فَصَلّى ما بَقِيَ وسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، قالَ: فَذُكِرَ ذلكَ لابنِ عَبَّاسٍ، فَقالَ: ما أماطَ عَنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أحْمَدُ)
(2)
. [صحيح]
الحديث أخرجه [أيضًا]
(3)
البزار
(4)
والطبراني في الأوسط
(5)
والكبير
(6)
.
قال في مجمع الزوائد
(7)
: ورجال أحمد رجال الصحيح.
قوله: (ما أماط) أوّله همزة مفتوحة وآخره مهملة.
قال في القاموس
(8)
: ماط يميط ميطًا: جار وزجر - وعَنِّي - مَيَطانًا وميطًا: تنحى وبعد، ونحى وأبعد كأماط فيهما اهـ.
والمراد هنا أن ابن الزبير ما بعد ولا تنحى عن السنة، أو ما أبعد ولا نحَّى غيره عنها بما فعله، لما تقدم من ثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، والخلاف في جواز البناء قد مرّ.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في المسند (1/ 351) بسند ضعيف. لضعف مطر بن طهمان الورَّاق. لكن تابعه عن عطاء غير واحد، فالحديث صحيح.
(3)
زيادة من المخطوط (أ).
(4)
في المسند (رقم 577 - كشف).
(5)
في المعجم الأوسط رقم (4649).
(6)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 11484).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 155) وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح". اهـ.
قلت: وأخرجه الطيالسي في المسند رقم (2658) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 360) وعبد الرزاق في المصنف رقم (3492) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 36) وأبو يعلى رقم (2597) من طرق.
وهو حديث صحيح.
(7)
(2/ 150) وقد تقدم.
(8)
القاموس المحيط (ص 889).
[الباب الثاني] باب من شك في صلاته
4/ 1019 - (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاِتهِ فَلَمْ يَدْرِ أوَاحِدَةً صَلَّى أم ثِنتيْنِ فَلْيَجْعَلْها وَاحدَةً؛ وَإِذَا لَمْ يَدْرِ ثِنْتَيْنِ صَلَّى أم ثَلاثًا فَلْيَجْعَلْها ثِنْتَيْنِ؛ وَإِذَا لَمْ يَدرِ ثَلاثًا صَلَّى أمْ أرْبَعًا فَلْيَجْعَلها ثَلاثًا، ثُمَّ يَسْجُدُ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلاِتهِ وَهُوَ جالِسٌ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ سَجْدَتَيْنِ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ
(2)
وَابْنُ ماجَهْ
(3)
وَالتِّرمِذِيُّ وصَحَّحَهُ
(4)
. [صحيح]
وفِي رِوَايَةٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ صَلَّى صَلاةً يَشُكُّ فِي النُّقْصَانِ فَلْيُصَلِّ حَتى يَشُكَّ فِي الزّيادَةِ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ)
(5)
. [حسن]
الحديث معلول
(6)
لأنه من رواية ابن إسحق عن مكحول عن كُرَيْبٍ عن ابن عباس عن عبد الرحمن.
وقد رواه أحمد في المسند (4) عن ابن علية عن اين إسحق عن مكحول مرسلًا.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في المسند (1/ 190).
(3)
في سننه رقم (1209).
(4)
في سننه رقم (398) وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح.
قلت: وأخرجه البزار رقم (996) وأبو يعلى رقم (839) والشاشي رقم (234) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 433) والحاكم (1/ 324 - 325) والبيهقي (2/ 332) و (2/ 339) من طرق. وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(5)
في المسند (1/ 193).
بسند ضعيف لضعف حسين بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي.
قلت: وأخرجه بنحوه البزار رقم (995) والبيهقي (2/ 332) من طريق ابن علية.
وأخرجه البزار رقم (994) والدارقطني (1/ 369) وابن أبي شيبة (2/ 26 - 27) من طريق ابن إسحاق، به.
وخلاصة القول: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(6)
قاله الحافظ في "التلخيص"(2/ 10).
قال ابن إسحق: فلقيت حسين بن عبد
(1)
الله فقال لي: هل أسنده لك؟ قلت: لا، فقال: لكنه حدثني أن كريبًا حدثه به وحسين ضعيف جدًّا.
ورواه إسحق بن راهويه والهيثم بن كليب
(2)
، في مسنديهما من طريق الزهري عن الله بن عبيد الله عن ابن عباس مختصرًا، وفي إسنادهما إسماعيل بن مسلم المكي
(3)
ضعيف، وتابعه بحر بن كُنَيز السقاء
(4)
فيما ذكره الدارقطني في العلل
(5)
.
وقد رواه أيضًا أحمد بن حنبل
(6)
عن محمد بن يزيد عن إسماعيل بن مسلم الزهري وإسماعيل بن مسلم (3) ضعيف كما مرّ.
(1)
هو حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب. يكتب حديثه. وقال البخاري: قال علي - يعني ابن المديني - تركت حديثه، وتركه أحمدًا أيضًا. وقال أبو زرعة: ليس بقوي. وقال أبو حاتم: ضعيف يكتب حديثه ولا يحتج به. "تهذيب التهذيب"(1/ 424).
(2)
الشاشي رقم (234).
(3)
إسماعيل بن مسلم المكي، قال أبو زرعة: بصري ضعيف سكن مكة. قال أحمد وغيره: منكر الحديث، وقال النسائي وغيره: متروك الحديث.
[التاريخ الكبير (1/ 372) والمجروحين (1/ 120) والجرح والتعديل (2/ 198) الميزان (1/ 248) والتقريب (1/ 74) والخلاصة (ص 36)].
(4)
بحر بن كُنَيز السَّقَاء الباهلي، كان يسقي الحجاج في المفاوز. قال الدارقطني: متروك، وعن ابن معين قال: لا يكتب حديثه. وقال أبو حاتم: ضعيف.
[التاريخ الكبير (2/ 128) والمجروحين (1/ 192) والجرح والتعديل (1/ 418) والميزان (1/ 298) والتقريب (1/ 93) والخلاصة (ص 46)].
• في معظم طبعات النيل (كثير) وهو تصحيف، والصحيح (كنيز) كما في المخطوط (أ) و (ب) ومصادر الترجمة. فلتتنبه.
(5)
في علل الدارقطني (4/ 257 - 260).
وذكر الاختلاف فيه أيضًا علي بن إسحاق في الوصل والإرسال، وذكر أن إسحاق بن بهلول رواه عن عمار بن سلام، عن محمد بن يزيد الواسطي، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، وهو وهم، ورواه إسماعيل بن هود، عن محمد بن يزيد، عن ابن إسحاق، عن الزهري وهو وهم أيضًا.
(6)
في المسند (1/ 195) عن محمد بن يزيد، عن إسماعيل بن مسلم، عن الزهري، وهو الصواب، فرجع الحديث إلى إسماعيل وهو ضعيف.
قلت: وأخرجه البزار رقم (997) وأبو يعلى رقم (855) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 432) والشاشي رقم (231) و (232) و (233) والدارقطني (1/ 369) والبيهقي (2/ 332) من طريق إسماعيل بن مسلم بهذا الإسناد.
وهو حديث حسن، والله أعلم.
والزيادة التي رواها المصنف رحمه الله [تعالى]
(1)
عن أحمد أخرج نحوها ابن ماجه
(2)
، ولفظه:"ثم ليتمّ ما بقي من صلاته"، حتى يكون الوهم في الزيادة.
وفي الباب غير ما ذكره المصنف عن عثمان عند أحمد
(3)
، وفيه:"من صلى فلم يدر أشفع أم أوتر فليسجد سجدتين فإنهما إتمام صلاته".
قال العراقي: ورجاله ثقات إلا أن يزيد بن أبي كبشة لم يسمع من عثمان
(4)
.
وقد رواه أحمد
(5)
أيضًا عن يزيد بن أبي كبشة عن مروان عن عثمان.
وعن عائشة عند الطبراني في الأوسط
(6)
، وفيه:"إذا صليت فرأيت أنك أتممت صلاتك وأنت في بيتك" الحديث.
وعن أنس عند البيهقي
(7)
قال: قال صلى الله عليه وسلم: "إذا شكّ أحدكم في صلاته فلم يدر اثنتين صلى أو ثلاثًا فليلق الشكّ وليبن علي اليقين"، ورجال إسناده ثقات.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في السنن رقم (1209) وقد تقدم.
(3)
في المسند (1/ 63).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 150): "رواه من طريق يزيد بن أبي كبشة، ويزيد لم يسمع من عثمان".
قلت: وفي رواية أخرى عند أحمد (1/ 63) أن الواسطة بين يزيد بن أبي كبشة السكسكي الدمشقي، وبين عثمان هو مروان بن الحكم.
فالحديث حسن، والله أعلم.
(4)
قلت: الواسطة بينهما مروان بن الحكم كما تقدم.
(5)
في المسند (1/ 63) بسند حسن.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 150) وقال: "رواه ابنه عبد الله عن يزيد بن أبي كبشة عن مروان عن عثمان قال مثله أو نحوه، ورجال الطريقين ثقات".
(6)
رقم (4392).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 153) وقال: "لا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد، فلا أدري أهو هكذا في الأصل أو النسخة سقيمة؟ والله أعلم، وفيه موسى بن مطير، وهو متروك الحديث نسب إلى الوضع".
قلت: بل مسلسل بالضعفاء.
والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(7)
في السنن الكبرى (2/ 333).
وعن عبد الله بن جعفر عند أبي داود
(1)
بلفظ: "من شكّ في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم" وفي إسناده مصعب بن [عمير
(2)
]
(3)
. قال النسائي: منكر الحديث، وفي إسناده أيضًا عتبة بن محمد بن الحارث
(4)
.
قال العراقي: ليس بالمعروف.
وقال البيهقي
(5)
: لا بأس بإسناد هذا الحديث.
وحديث الباب قد استدلّ به وبما ذكر معه من قال: إن من شكّ في ركعة بنى على الأقل مطلقًا.
قال النووي
(6)
: وإليه ذهب الشافعي والجمهور، وحكاه المهدي في البحر
(7)
عن علي وأبي بكر وعمر وابن مسعود وربيعة والشافعي ومالك.
واستدلوا أيضًا بحديث أبي سعيد الآتي
(8)
.
وذهب عطاء والأوزاعي والشعبي وأبو حنيفة - وهو مرويّ عن ابن عباس وابن عمر "عبد الله بن عمرو بن العاص من الصحابة - إلى أن من شكّ في ركعة وهو مبتدأ بالشكّ لا مبتلي به أعاد، هكذا في البحر
(9)
.
وقال
(10)
: إن المبتلي الذي يمكنه التحرّي يعمل بتحرّيه.
وحكاه عن ابن عمر وأبي هريرة وجابر بن يزيد والنخعي وأبي طالب وأبي حنيفة.
(1)
في سننه رقم (1033) وهو حديث ضعيف.
(2)
مصعب بن شيبة بن جُبَيْر بن بيان الحجبي العبدري، ضعفه أكثر الأئمة. انظر: الجرح والتعديل (4/ 1/ 305) والضعفاء للعقيلي (4/ 196) والميزان (4/ 120) والتقريب (2/ 251).
(3)
كذا في المخطوط (أ) و (ب): والصواب (شيبة) كما في مصادر الترجمة.
• وفي معظم طبعات (النيل) هذا الخطأ فلتتنبه.
(4)
محمد بن الحارث البصري. متروك. ضعفه يحيى بن معين وغيره من أئمة أهل الحديث.
وقال أحمد، وابن عدي ضعيف.
انظر: الجرح والتعديل (7/ 231) والميزان (3/ 504) والتقريب (2/ 152).
(5)
في السنن الكبرى (2/ 336).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 63).
(7)
في البحر الزخار (1/ 338).
(8)
برقم (5/ 1020) من كتابنا هذا.
(9)
البحر الزخار (1/ 338).
(10)
أي المهدي في البحر الزخار.
والذي حكاه النووي في شرح مسلم
(1)
عن أبي حنيفة وموافقيه من أهل الكوفة وغيرهم من أهل الرأي أن من شكّ في صلاته في عدد ركعاته تحرّى وبنى على غالب ظنه، ولا يلزم الاقتصار والإتيان بالزيادة.
قال
(2)
: واختلف هؤلاء، فقال أبو حنيفة ومالك في طائفة: هذا لمن اعتراه الشكّ مرّة بعد أخرى، وأما غيره فيبني على اليقين.
وقال آخرون: هو على عمومه اهـ.
وحكى العراقي في شرح الترمذي عن عبد الله بن عمر
(3)
، وسعيد بن جبير
(4)
، وشريح القاضي
(5)
، ومحمد بن الحنفية، وميمون بن مهران (4)، وعبد الكريم الجزري (4)، والشعبي
(6)
والأوزاعي
(7)
أنهم يقولون بوجوب الإعادة مرّة بعد أخرى حتى [يستيقن]
(8)
، ولم يرو عنهم الفرق بين المبتدأ والمبتلى.
وروي عن عطاء
(9)
ومالك أنهما قالا: يعيد مرّة، وعن طاوس
(10)
كذلك.
وعن بعضهم يعيد ثلاث مرّات.
واحتجّ القائلون بالاستئناف بما أخرجه الطبراني في الكبير
(11)
عن عبادة بن
(1)
(5/ 62 - 63).
(2)
أي النووي في شرح صحيح مسلم (5/ 62).
(3)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (3/ 281).
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 28) من طريق فرات عن عبد الكريم، وسعيد بن جبير، وميمون أنهم كانوا إذا وهموا في الصلاة أعادوا.
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 28) من طريق أبي الضحى عنه.
(6)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 28) من طريق عاصم عن الشعبي. وأيوب عن سعيد بن جبير.
(7)
فقه الأوزاعي (1/ 237).
(8)
في المخطوط (ب): (يتيقن).
(9)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 28) من طريق عبد الملك عنه قال: يعيد مرة.
(10)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 308 رقم 3478) عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه قال: إذا لم تدرِ كَمْ صلّيت فعُدْ لصلاتك كلها، فإن أثبتَّ أنك صليت ركعتين، ولم تدر فيما سواهما كم صليت، فعد للذي شككت فيها ولا تعد للركعتين اللتين قد أثبتَّ، واسجد سجدتين وأنت جالس، فإن شككت الثانية فلا تَعُدْ، فإنما العودُ مرةً واحدة.
(11)
في الكبير كما في مجمع الزوائد (2/ 153) وقال: "رواه الطبراني في الكبير هكذا، وإسحاق بن يحيى لم يسمع من عبادة والله أعلم".
وهو حديث ضعيف.
الصامت: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل سها في صلاته فلم يدر كم صلى، فقال: ليعد صلاته وليسجد سجدتين قاعدًا"، وهو من رواية إسحق بن يحيى بن عبادة بن الصامت.
قال العراقي: لم يسمع إسحق من جدّه عبادة انتهى.
فلا ينتهض لمعارضة الأحاديث الصحيحة المصرّحة بوجوب البناء على الأقلّ، ومع هذا فظاهره عدم الفرق بين المبتدأ والمبتلى. والمدّعي اختصاص الإعادة بالمبتدأ.
واحتجوا أيضًا بما أخرجه الطبراني
(1)
عن ميمونة بنت سعد أنها قالت: "أفتنا يا رسول الله في رجل سها في صلاته فلا يدري كم صلى، قال: ينصرف ثم يقوم في صلاته حتى يعلم كم صلى، فإنما ذلك الوسواس يعرض فيسهيه عن صلاته".
وفي إسناده عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي الجزري
(2)
مختلف فيه وهو كبقية في الشاميين يروي عن المجاهيل.
وفي إسناده أيضًا عبد الحميد بن يزيد
(3)
وهو مجهول كما قال العراقي.
واحتجّ القائلون بوجوب العمل بالظنّ والتحرّي إما مطلقًا أو لمن كان مبتلى بالشكّ بحديث ابن مسعود الآتي
(4)
لما فيه من الأمر لمن شكّ بأن يتحرّى الصواب.
وأجاب عنهم القائلون بوجوب البناء على الأقلّ بأن التحرّي هو القصد ومنه قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا}
(5)
.
(1)
في المعجم الكبير (ج 25 رقم 67).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 151) وقال: في إسناده مجاهيل.
(2)
عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي المؤدب، أحد علماء الحديث بحران، قال ابن معين: صدوق، وقال أبو عروبة: متعبد لا بأس به، يأتي عن قوم مجهولين بالمناكير. وقال ابن عدي: يكنى أبا عبد الرحمن، عنده عجائب عن المجاهيل، فهو في الجزَرِيّين كبقية في الشاميين. الميزان (3/ 45 رقم 5532).
(3)
لم أعثر له على ترجمة، والله أعلم.
(4)
برقم (6/ 1021) من كتابنا هذا.
(5)
سورة الجن: الآية (14).
فمعنى الحديث: فليقصد الصواب فيعمل به، وقصد الصواب هو ما بينه في حديث أبي سعيد
(1)
وغيره.
وقد قدمنا طرفًا من الخلاف في كون التحرّي والبناء على اليقين شيئًا واحدًا أم لا.
وفي القاموس
(2)
أن التحرّي: التعمد وطلب ما هو أحرى بالاستعمال.
قال النووي
(3)
: فإن قالت الحنفية حديث أبي سعيد لا يخالف ما قلنا لأنه ورد في الشكّ وهو ما استوى طرفاه، ومن شكّ ولم يترجح له أحد الطريقين يبني على الأقلّ بالإجماع، بخلاف من غلب على ظنه أن صلى أربعًا مثلًا.
فالجواب أن تفسير الشكّ بمستوى الطرفين إنما هو اصطلاح طارئ للأصوليين.
وأما في اللغة
(4)
فالتردّد بين وجود الشيء وعدمه كله يسمى شكًا، سواء المستوي والراجح والمرجوح.
والحديث يحمل على اللغة ما لم يكن هناك حقيقة شرعية أو عرفية، ولا يجوز حمله على ما يطرأ للمتأخرين من الاصطلاح انتهى.
والذي يلوح لي أنه لا معارضة بين أحاديث البناء على الأقلّ والبناء على اليقين وتحرّي الصواب، وذلك لأن التحرّي في اللغة
(5)
كما عرفت هو طلب ما هو أحرى إلى الصواب، وقد أمر به صلى الله عليه وسلم، وأمر بالبناء على اليقين والبناء على الأقلّ عند عروض الشكّ، فإن أمكن الخروج بالتحرّي عن دائرة الشك لغة ولا
(1)
سيأتي برقم (5/ 1020) من كتابنا هذا.
(2)
القاموس المحيط (ص 1644).
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 63).
(4)
قال الراغب الأصفهاني في "المفردات"(ص 4601 - 4602): الشكُّ: اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما، وذلك قد يكون لوجود أمَارَتين متساويتين عنده في النقيضين أو لعدم الأمارة فيهما. والشكُّ ربما كان في الشيء هل موجود أو غير موجود؟ وربما كان في جنسه، من أي جنس هو؟ وربما كان في بعض صفاته وربما كان في الفرض الذي لأجله أُوجد.
(5)
قال ابن الأثير في النهاية (1/ 376).
التحري: القصد والاجتهاد في الطلب، والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول.
يكون إلا بالاستيقان بأنه قد فعل من الصلاة كذا ركعات، فلا شكّ أنه مقدّم على البناء على الأقلّ؛ لأن الشارع قد شرط في جواز البناء على الأقلّ عدم الدراية كما في حديث عبد الرحمن بن عوف
(1)
.
وهذا المتحرّي قد حصلت له الدراية؛ وأمر الشاكّ بالبناء على ما استيقن كما في حديث أبي سعيد
(2)
، ومن بلغ به تحرّيه إلى اليقين قد بنى على ما استيقن.
وبهذا تعلم أنه لا معارضة بين الأحاديث المذكور، وأن التحرّي المذكور مقدّم على البناء على الأقلّ، وقد أوقع الناس ظنّ التعارض بين هذه الأحاديث في مضايق ليس عليها أثارة من علم كالفرق بين المبتدأ والمبتلى [والركن والركعة]
(3)
.
قوله: (في حديث الباب قبل أن يسلم) استدلّ به القائلون بمشروعية سجود السهو قبل السلام، وقد تقدم الخلاف في ذلك وبيان ما هو الحقّ.
قوله: (فليصلّ حتى يشكّ في الزيادة) فيه أن جعل الشكّ في جانب الزيادة أولى من جعله في جانب النقصان.
5/ 1020 - (وَعَنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(4)
قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاِتهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أمْ أرْبَعًا فَلْيَطرَحِ الشَّكّ وَلْيَبْنِ على ما اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ، فإنْ كانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلاتهُ، وَإِنْ كانَ صَلَّى إتمَامًا لأرْبَعٍ كانَتا تَرْغيمًا لِلشَّيْطَانِ" رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وَمُسْلِمٌ)
(6)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا أبو داود
(7)
بلفظ: "فليلق الشكّ وليبن علي اليقين، فإذا استيقن التمام سجد سجدتين، فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة والسجدتان نافلة، وإن كانت صلاته ناقصة كانت الركعة تمامًا والسجدتان ترغيمًا للشيطان".
(1)
تقدم برقم (1/ 1019) من كتابنا هذا.
(2)
سيأتي برقم (5/ 1020) من كتابنا هذا.
(3)
ما بين الحاصرتين زيادة من (أ).
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
في المسند (3/ 83).
(6)
في صحيحه رقم (88/ 571).
(7)
في سننه رقم (1024).
وأخرجه أيضًا ابن حبان
(1)
والحاكم
(2)
والبيهقي
(3)
.
واختلف فيه على عطاء بن يسار فروي مرسلًا، وروي بذكر أبي سعيد فيه، وروي عنه عن ابن عباس.
قال الحافظ
(4)
: وهو وهم.
وقال ابن المنذر
(5)
: حديث أبي سعيد أصحّ حديث في الباب.
والحديث استدلّ به القائلون بوجوب اطراح الشكّ والبناء على اليقين وهم الجمهور كما قال النووي
(6)
والعراقي.
وقد تقدّم ما أجاب به القائلون بالبناء على الظنّ وما أجيب به عليهم وما هو الحقّ.
قوله: (قبل أن يسلم) هو من أدلة القائلين بأن السجود للسهو قبل السلام، وقد تقدم البحث عن ذلك أيضًا.
قوله: (فإن كان صلى خمسًا شفعن له صلاته) يعني أن السجدتين بمنزلة الركعة لأنهما ركناها، فكأنه بفعلهما قد فعل ركعة سادسة فصارت الصلاة شفعًا.
قوله: (كانتا ترغيمًا للشيطان) لأنه لما قصد التلبيس على المصلي وإبطال صلاته كان السجدتان لما فيهما من الثواب ترغيمًا له، فعاد عليه بسببهما قصده بالنقص.
وفي جعل العلة ترغيم الشيطان ردّ على من أوجب السجود للأسباب المتعمدة وهو أبو طالب والإمام يحيى والشافعي كما في البحر
(7)
؛ لأن إرغام
(1)
في صحيحه رقم (2669).
(2)
في المستدرك (1/ 322) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة.
ووافقه الذهبي.
(3)
في السنن الكبرى (2/ 339).
(4)
في "التلخيص"(2/ 9).
(5)
في الأوسط (3/ 280) ولفظه: "
…
ولا نعلم في شيء من الأخبار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم في باب سجود السهو خبرًا ثابتًا فيه ذكر الأمر بسجدتي السهو إلا حديث أبي سعيد هذا
…
". اهـ.
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 63).
(7)
البحر الزخار (1/ 332).
الشيطان إنما يكون بما حدث بسببه، والعمد ليس من الشيطان بل من المصلي.
وأما استدلالهم على ذلك بالقياس للعمد على السهو؛ لأنه إنما شرع في السهو للنقص، فالعمد مثله، فمردود بأن العلة ليست النقص بل إرغام الشيطان كما في الحديث.
وظاهر الحديث أن مجرّد حصول الشكّ موجب للسجود، ولو زال وحصلت معرفة الصواب وتحقق أنه لم يزد شيئًا، وإلى ذلك ذهب الشيخ أبو علي
(1)
والمؤيد بالله (1)، وذهب المنصور بالله (1) وإمام الحرمين أنه لا يسجد لزوال التردّد.
ويدلّ للمذهب الأوّل ما أخرجه أبو داود
(2)
عن زيد بن أسلم قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إذا شكّ أحدكم في صلاته، فإن استيقن أنه قد صلى ثلاثًا فليقم وليتمّ ركعة بسجودها ثم يجلس فيتشهد، فإذا فرغ فلم يبق إلا أن يسلم فليسجد سجدتين وهو جالس ثم يسلم".
وسيأتي في حديث ابن مسعود
(3)
ما يدلّ على مثل ما دلّ عليه هذا الحديث.
6/ 1021 - (وَعَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم]
(4)
قالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ إبْرَاهِيمُ: زَادَ أوْ نَقَصَ؛ فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يا رَسُولَ الله حَدَثَ فِي الصَّلاةِ شَيْءٌ؟ قالَ: "لَا، وما ذَاكَ؟ " قالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وكَذَا، فَثنى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ:"إنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلاةِ شَيْءٌ أنْبأتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إنَّمَا أنا بَشَرٌ أنْسَى كمَا تَنْسَوْنَ، فإذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي؛ وَإِذَا شَكَّ أحَدُكُمْ فِي صَلاِتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثمَّ لِيَسْجُدَ سَجْدَتينِ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ
(5)
. [صحيح]
(1)
البحر الزخار (1/ 339).
(2)
في سننه رقم (1027) وهو حديث صحيح وقد تقدم.
(3)
برقم (6/ 1021) من كتابنا هذا.
(4)
زيادة من (جـ).
(5)
أحمد في المسند (1/ 424) والبخاري رقم (401) ومسلم رقم (89/ 572) وأبو داود رقم =
وفِي لَفْظِ ابْنِ ماجَهْ
(1)
وَمُسْلِمٍ
(2)
فِي رِوَايَةٍ: "فَلْيَنْظُرْ أقْرَبَ ذَلِكَ إلى الصَّوَابِ"). [صحيح]
قوله: (وعن إبراهيم) هو النخعي.
قوله: (زاد أو نقص) في رواية للجماعة من طريق إبراهيم عن علقمة أنه صلى خمسًا على الجزم، [وستأتي]
(3)
في باب من صلى الرباعية خمسًا
(4)
.
وفي قوله: "زاد أو نقص" دليل على مشروعية سجود السهو [لمن]
(5)
تردّد بين الزيادة والنقصان إلا أن تجعل رواية الجزم مفسرة لرواية التردّد.
قوله: (فثنى رجليه) في رواية أبي داود
(6)
والنسائي
(7)
وابن ماجه
(8)
وابن حبان
(9)
بالإفراد. وهذه الرواية هي اللائقة بالمقام.
ومعنى ثنْي الرِّجل
(10)
: صرفها عن حالتها التي كانت عليها.
قوله: (لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به)، فيه أن الأصل في الأحكام بقاؤها على ما قرّرت عليه وإن جوّز غير ذلك، وأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز
(11)
.
= (1020) والنسائي (3/ 28 - 29 رقم 1243) وابن ماجه رقم (1211).
(1)
في سننه رقم (1212).
(2)
في صحيحه رقم (90/ 572).
(3)
في المخطوط (ب): (وسيأتي).
(4)
سيأتي برقم (1027) من كتابنا هذا.
(5)
في المخطوط (ب): (فيمن).
(6)
في سننه رقم (1020) وقد تقدم.
(7)
في سننه رقم (1243) وقد تقدم.
(8)
في سننه رقم (1211) وقد تقدم.
(9)
في صحيحه رقم (2656).
(10)
النهاية لابن الأثير (1/ 226).
(11)
قال الشوكاني في "إرشاد الفحول"(ص 579): "فهذه جملة المذاهب المروية في هذه المسألة، وأنت إذا تتبعتَ مواردَ هذه الشريعة المطهرة وجدتها قاضية بجواز تأخير البيان عن وقت الخطاب قضاءً ظاهرًا واضحًا لا يُنكِره من له أدنى خِبرةٍ بها وممارسة لها، وليس على هذه المذاهب المخالفة لما قاله المجوِّزون أثارَةٌ من علم.
وقد اختلف القائلون بجواز التأخير في جواز تأخير البيان على التدريج بأن يُبيِّنَ بيانًا أولًا، ثم يبيّن بيانًا ثانيًا كالتخصيص بعد التخصيص، والحقُّ الجوازُ لعدم المانعِ من ذلك لا من شرع ولا عقل فالكلُّ بيان". اهـ.
وانظر: الكوكب المنير (3/ 454 - 455) والإحكام للآمدي (3/ 49 - 50) ونهاية السول (2/ 161) ومختصر ابن الحاجب (2/ 167).
قوله: {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} هذا حصر له في البشرية
(1)
باعتبار من أنكر ثبوت ذلك ونازع فيه عنادًا وجحودًا؛ وأما باعتبار غير ذلك مما هو فيه فلا ينحصر في وصف البشرية، إذ له صفات أخرى، ككونه جسمًا حيًا متحركًا، نبيًا رسولًا، بشيرًا نذيرًا، سراجًا منيرًا، وغير ذلك.
وتحقيق هذا المبحث ونظائره محله علم [المعاني]
(2)
.
قوله: (أنسى كما تنسون)، زاد النسائي
(3)
: "وأذكر كما تذكرون"، وفيه دليل على جواز النسيان عليه صلى الله عليه وسلم فيما طريقه البلاغ.
وقد تقدم الكلام على هذا في شرح حديث ذي اليدين
(4)
.
قوله: (فإذا نسيت فذكروني) فيه أمر التابع بتذكير المتبوع.
وظاهر الحديث يدلّ على الوجوب على الفور.
قوله: (فليتحرّ الصواب)، فيه دليل لمن قال بالعمل على غالب الظنّ وتقديمه على البناء على الأقلّ، وقد قدمنا الجواب عليه من جهة القائلين بوجوب البناء على الأقل.
(1)
الحصر: تخصيص أمر بآخر بطريق مخصوص (وهو القصر). ويقال: إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه.
وينقسم القصر إلى:
أ - قصر الموصوف على الصفة.
ب - قصر الصفة على الموصوف.
وكل منهما إمَّا حقيقي أو مجازي، وينقسم باعتبار آخر إلى:
- قصر إفراد - وقصر قلب - وقصر تعيين.
[معترك الأقران 1/ 136 - 137) ومعجم البلاغة العربية (ص 194)].
وقوله: {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الكهف: 110] هو قصر الموصوف على الصفة (قصر قلب).
المقصور عليه (أنا)، والمقصور (البشرية مثل المخاطبين).
وهو على ما قيل مبني على تنزيلهم لاقتراحهم عليه الصلاة والسلام ما لا يكون من بشر مثلهم منزلةَ من يعتقد خلافة، أو على تنزيلهم منزلة من ذكر بزعمهم أن الرسالة التي يدعيها صلى الله عليه وسلم مبرهنة بالبراهين الساطعة تنافي ذلك.
[روح المعاني (16/ 53)].
(2)
في المخطوط (ب): (البيان).
(3)
في سنته (3/ 33 رقم 1259) بسند حسن.
(4)
تقدم برقم (1016) من كتابنا هذا.
قوله: (فليُتِمّ عليه) بضم التحتانية وكسر الفوقانية.
قوله: (ثم ليسجد سجدتين) فيه دليل لمن قال إن السجود بعد التسليم وقد مرّ تحقيقه.
وفيه أيضًا أن مجرّد النظر والتفكر من أسباب السجود لأنه قد لحق الصلاة بسبب الوسوسة نقص، وقد تقدم الكلام على ذلك.
7/ 1022 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ [رضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
أنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ بَيْنَ ابْنِ آدَمَ وبَيْنَ نَفْسِهِ فَلا يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فإذَا وَجَدَ أحَدُكُمْ ذلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَينِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(2)
وَابْنُ ماجَهْ
(3)
. [صحيح]
وَهُوَ لِبَقِيَّةِ الجَماعَةِ
(4)
إلا قَوْلَهُ: "قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ"). [صحيح]
8/ 1023 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَعْفَرٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ] (1) أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ شَكَّ فِي صَلاِتهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ ما يُسَلِّمُ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وأبو دَاوُدَ
(6)
وَالنَّسائيُّ
(7)
. [ضعيف]
حديث عبد الله بن جعفر في إسناده مصعب بن شيبة
(8)
، قال النسائي: منكر الحديث. وعنه: ليس بمعروف، وقد وثقه ابن معين واحتجّ به مسلم في صحيحه. وقال أحمد بن حنبل: إنه روى أحاديث مناكير. وقال أبو حاتم الرازي: لا يحمدونه وليس بالقويّ، وقال الدارقطني: ليس بالقويّ ولا بالحافظ.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في السنن رقم (1032).
(3)
في سننه رقم (1217) بسند حسن.
(4)
أحمد (2/ 283) والبخاري رقم (1232) ومسلم رقم (82/ 389) والترمذي (397) والنسائي (3/ 30 - 31 رقم 1252).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(5)
في المسند (1/ 204).
(6)
في سننه رقم (1033).
(7)
في سننه (3/ 30 رقم 1250).
وهو حديث ضعيف.
(8)
تقدم خلال شرح حديث رقم (4/ 1019) من كتابنا هذا.
وانظر: الجرح والتعديل (4/ 1/ 305) والضعفاء للعقيلي (4/ 196) والميزان (4/ 120) والتقريب (2/ 251).
قوله: (إن الشيطان يدخل بين ابن آدم وبين نفسه)، في لفظ للبخاري
(1)
وأبو داود
(2)
: "إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه".
وفي لفظ للبخاري
(3)
أيضًا: "أقبل" يعني الشيطان "حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول اذكر كذا اذكر كذا لما لم [يكن
(4)
] يذكر حتى يظلّ الرجل إن يدري كم صلى".
قوله: (فليسجد سجدتين قبل أن يسلم) فيه دليل لمن قال: إن سجود السهو قبل التسليم، وقد تقدم الكلام على ذلك.
قوله: (بعد ما يسلم) احتجّ به القائلون بأن سجود السهو بعد السلام وقد تقدم ذكرهم.
والأحاديث الصحيحة الواردة في سجود السهو لأجل الشكّ كحديث عبد الرحمن بن عوف
(5)
وأبي سعيد
(6)
[وابن مسعود
(7)
]
(8)
وأبي هريرة
(9)
وغيرها قاضية بأن سجود السهو لهذا السبب يكون قبل السلام.
وحديث عبد الله بن جعفر
(10)
لا ينتهض لمعارضتها لا سيما مع ما فيه من المقال الذي تقدّم ذكره، [ولكنه يؤيده حديث ابن مسعود
(11)
المذكور قريبًا فيكون الكلّ جائزًا]
(12)
.
وقد استدلّ بظاهر هذين الحديثين من قال: إن المصلي إذا شكّ فلم يدر زاد أو نقص فليس عليه إلّا سجدتان عملًا بظاهر الحديثين المذكورين.
وإلى ذلك ذهب الحسن البصري (13) وطائفة من السلف، وروي ذلك عن أنس
(13)
(1)
في صحيحه رقم (1232).
(2)
في سننه رقم (1030).
(3)
في صحيحه رقم (1231).
(4)
زيادة من المخطوط (أ).
(5)
تقدم برقم (4/ 1019) من كتابنا هذا.
(6)
تقدم برقم (5/ 1020) من كتابنا هذا.
(7)
تقدم برقم (6/ 1021) من كتابنا هذا.
(8)
زيادة من (جـ).
(9)
تقدم برقم (7/ 1022) من كتابنا هذا.
(10)
تقدم برقم (8/ 1023) من كتابنا هذا.
(11)
تقدم برقم (6/ 1021) من كتابنا هذا.
(12)
سقط من (ص).
(13)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (3/ 283 ث 1662) عن قتادة عن أنس بن مالك، والحسن، أنهما قالا: إذا شك في ثلاث أو أربع فإنه يسجد سجدتي الوهم.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 27) من طريق قتادة ولفظه: "وينتهي إلى آخر وهمه ثم يسجد سجدتين". وهو أثر صحيح.
وأبي هريرة
(1)
.
وخالف في ذلك الجمهور، العترة والأئمة الأربعة وغيرهم.
فمنهم من قال: يبني على الأقلّ.
ومنهم من قال: يعمل على غالب ظنه.
ومنهم من قال: يعيد، وقد تقدم تفصيل ذلك. وليس في حديثي الباب أكثر من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بسجدتين عند السهو في الصلاة وليس فيهما بيان ما يصنعه من وقع له ذلك، والأحاديث الآخرة قد اشتملت على زيادة وهي بيان ما هو الواجب عليه عند ذلك من غير السجود، فالمصير إليها واجب، وظاهر قوله:"من شكّ في صلاته".
وقوله: (فإذا وجد أحدكم ذلك) وقوله في حديث أبي سعيد المتقدم
(2)
: "إذا شكّ أحدكم في صلاته".
وقوله في حديث ابن مسعود المتقدم
(3)
أيضًا: "وإذا شكّ أحدكم فليتحرّ الصواب".
وقوله في حديث عبد الرحمن بن عوف
(4)
: "إذا شكّ أحدكم في صلاته" أن سجود السهو مشروع في صلاة النافلة كما هو مشروع في صلاة الفريضة، وإلى ذلك ذهب الجمهور من العلماء قديمًا وحديثًا
(5)
، لأن الجبران وإرغام الشيطان يحتاج إليه في النفل كما يحتاج إليه في الفرض.
وذهب ابن سيرين
(6)
وقتادة
(7)
وروي عن عطاء ونقله جماعة من أصحاب
(1)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (3/ 283 ث 1660) عن أبي سلمة.
عن أبي هريرة أنه قال: إذا خطر الشيطان بين قلب أحدكم وبين صلاته فلم يدر كم صلى، سجد سجدتي الوهم.
وهو أثر حسن.
(2)
برقم (1020) من كتابنا هذا.
(3)
برقم (1021) من كتابنا هذا.
(4)
برقم (1019) من كتابنا هذا.
(5)
المغني (2/ 443) وفتح الباري (3/ 104) والأوسط (3/ 325).
(6)
قال ابن سيرين: إذا أوهم في التطوع فلا سجود عليه.
أخرج له عبد الرزاق في المصنف (3/ 326 رقم 3552) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 29).
(7)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 326 رقم 3553) عن معمر عن قتادة قال: إذا كان =
الشافعي
(1)
عن قوله القديم إلى أن التطوّع لا يسجد فيه، وهذا ينبني على الخلاف في اسم الصلاة الذي هو حقيقة شرعية في الأفعال المخصوصة هل هو متواطئ فيكون مشتركًا معنويًا فيدخل تحته كل صلاة، أو هو مشترك لفظي بين صلاتي الفرض والنفل
(2)
.
فذهب الرازي
(3)
إلى الثاني لما بين صلاتي الفرض والنفل من التباين في بعض الشروط كالقيام واستقبال القبلة وعدم اعتبار العدد المعنوي وغير ذلك.
قال العلائي: والذي يظهر أنه مشترك معنوي لوجود القدر الجامع بين كل ما يسمى صلاة وهو التحريم والتحليل مع ما يشمل الكلّ من الشروط التي لا تنفكّ.
قال في الفتح
(4)
: وإلى كونه مشتركًا معنويًا ذهب جمهور أهل الأصول.
قال ابن رسلان: وهو أولى؛ لأن الاشتراك اللفظي على خلاف الأصل، والتواطؤ خير منه اهـ.
فمن قال: إن لفظ الصلاة مشترك معنوي قال بمشروعية سجود السهو في صلاة التطوّع، ومن قال: بأنه مشترك لفظي فلا عموم له حينئذٍ إلا على قول الشافعي: إن المشترك يعمّ جميع مسمياته، وقد ترجم البخاري
(5)
على باب السهو في الفرض والتطوّع، وذكر عن ابن عباس
(6)
أنه يسجد بعد وتره، وذكر حديث أبي هريرة المتقدّم
(7)
.
= وهمه في التطوع والوتر، فليبن إلى وهمه، وليسجد سجدتي السهو.
(1)
انظر: الأوسط لابن المنذر (3/ 326).
(2)
انظر: إرشاد الفحول (ص 99 - 105) بتحقيقي.
(3)
في المحصول (1/ 271).
(4)
في الفتح (3/ 104).
(5)
الباب رقم (7)(3/ 104 - مع الفتح).
(6)
أخرجه البخاري تعليقًا (3/ 104 رقم الباب 7).
(7)
برقم (1022) من كتابنا هذا.
[الباب الثالث] باب من نسي التشهد الأول حتى انتصب قائمًا لم يرجع
9/ 1024 - (عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فَقامَ في الرَّكْعَتَيْنِ فَسَبَّحُوا بِهِ فَمَضَى، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ. رَوَاهُ النَّسائيُّ)
(2)
. [صحيح]
10/ 1025 - (وعَنْ زِيادِ بْنِ عِلاقَةَ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ] (1) قالَ: صَلَّى بنا المُغيَرةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَامَ وَلَمْ يَجْلِسْ فَسَبَّح بهِ مَنْ خَلْفَهُ، فأشَارَ إليهم أَنْ قُومُوا فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَسَلَّمَ، ثمَّ قالَ: هَكَذَا صَنَعَ بِنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
وَالتِّرْمِذِيُّ وَصحَّحَهُ)
(4)
[حسن]
11/ 1026 - (وَعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا قامَ أحَدُكُمْ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَسْتَتِمَّ قائِمًا فَلْيَجْلِسْ، وَإن اسْتَتَمَّ قائِمًا فَلا يَجْلِسْ ويَسَجَدَ سَجْدَتي السَّهْوِ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ
(5)
وأبُو دَاوُدَ
(6)
وَابْنُ ماجَهْ)
(7)
. [صحيح بطرقه ومتابعاته]
الحديث الأوّل أخرجه بقية الأئمة الستة
(8)
بنحو لفظ النسائي الذي ذكره المصنف.
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في سننه (2/ 244 رقم 1178) وهو حديث صحيح.
(3)
في المسند (4/ 253).
(4)
في السنن رقم (365) وقال: حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1037) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 439) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 344).
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(5)
في المسند (4/ 253).
(6)
في سننه رقم (1036).
(7)
في سننه رقم (1208).
قلت: وأخرجه الدارقطني في سننه (1/ 378 رقم (1) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 343) وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جدًّا، لكن تابعه إبراهيم بن طهمان، وقيس بن الربيع عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 440).
الحديث صحيح بطرقه ومتابعاته. انظر: (إرواء الغليل)(2/ 109 - 111).
(8)
أحمد (5/ 345) والبخاري رقم (1224) ومسلم رقم (85/ 570) وأبو داود رقم (1034) =
والحديث الثاني أخرجه أيضًا أبو داود
(1)
، وفي إسناده المسعودي وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
(2)
، استشهد به البخاري وتكلم فيه غير واحد.
وأخرجه الترمذي
(3)
أيضًا من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الشعبي عن المغيرة. قال أحمد
(4)
: لا يحتجّ بحديث ابن أبي ليلى وقد تكلم فيه غيره.
والحديث الثالث أخرجه أيضًا الدارقطني
(5)
والبيهقي
(6)
، ومداره على جابر الجعفي
(7)
وهو ضعيف جدًّا، وقد قال أبو داود
(8)
: ولم أخرّج عنه في كتابي غير هذا.
قوله: (فقام في الركعتين) يعني أنه قام إلى الركعة الثالثة ولم يتشهد عقب الركعتين.
قوله: (فلما فرغ من صلاته) استدلّ به من قال: إن السلام ليس من الصلاة، وقد تقدم البحث عن ذلك، وتعقب بأن السلام لما كان للتحلل من الصلاة كان المصلي إذا انتهى إليه كمن فرغ من صلاته.
= والترمذي رقم (391) وابن ماجه رقم (1206).
(1)
في سننه رقم (1037) بسند ضعيف.
(2)
عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي.
قال أحمد: ثقة كثير الحديث، وقال: إنما اختلط ببغداد ومن سمع منه بالبصرة، والكوفة فسماعه جيد.
[تاريخ بغداد (10/ 220) والتاريخ الكبير (3/ 1/ 314) والجرح والتعديل (2/ 2/ 250) والميزان (2/ 574)].
(3)
في السنن رقم (364) وقال: "حديث المغيرة بن شعبة قد رُويَ من غير وجهٍ عن المغيرة بن شعبة، وقد تكلم بعض أهل العلم في ابن أبي ليلى من قِبَل حفظه".
(4)
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي، القاضي، أبو عبد الرحمن، أحد الأئمة:
قال أحمد: سيء الحفظ مضطرب الحديث وكان فقهه أحبَّ إلينا من حديثه.
[العلل رواية عبد الله (862) وعنه في الجرح والتعديل (3/ 323/2)].
وانظر ترجمته في: الميزان (3/ 613) والتقريب (2/ 184) والتاريخ الكبير (1/ 1/ 162).
(5)
في سننه (1/ 378 رقم 1).
(6)
في السنن الكبرى (2/ 343).
(7)
انظر ترجمته في: الجرح والتعديل (2/ 497) والميزان (2/ 379) وقد تقدم.
(8)
في سننه (1/ 629).
ويدل على ذلك قوله في رواية ابن ماجه
(1)
من طريق جماعة من الثقات عن يحيى بن سعيد عن الأعرج: حتى إذا فرغ من الصلاة إلا أن يسلم، فدلّ على أن بعض الرواة حذف الاستثناء لوضوحه والزيادة من الحافظ مقبولة.
قوله: (ثم سلم) استدلّ بذلك من قال: إن السجود قبل التسليم، وقد قدمنا الخلاف فيه وما هو الحقّ. وزاد الترمذي في الحديث:"وسجدهما الناس معه" مكان: "ما نسي من الجلوس".
وفي هذه الزيادة فائدتان:
[إحداهما
(2)
]: أن المؤتمّ يسجد مع إمامه لسهو الإمام، ولقوله في الحديث الصحيح
(3)
: "لا تختلفوا". وقد أخرج البيهقي
(4)
والبزار
(5)
عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الإمام يكفي من وراءه، فإن سها الإمام فعليه سجدتا السهو، وعلى من وراءه أن يسجدوا معه، وإن سها أحد ممن خلفه فليس عليه أن يسجد والإمام يكفيه"، وفي إسناده خارجة بن مصعب وهو ضعيف
(6)
، وأبو الحسين المدائني وهو مجهول
(7)
، والحكم بن [عبيد الله]
(8)
وهو أيضًا ضعيف
(9)
.
وفي الباب عن ابن عباس عند ابن عديّ
(10)
وفي إسناده عمر بن عمرو
(1)
في سننه رقم (1207) وهو حديث صحيح.
(2)
في المخطوط (ب): (أحدهم).
(3)
أخرجه البخاري رقم (722) ومسلم رقم (76/ 414) من حديث أبي هريرة.
(4)
في السنن الكبرى (2/ 352). وهو حديث ضعيف جدًّا.
(5)
لم أقف عليه في مسند البزار (مسند عمر) والله أعلم.
(6)
خارجة بن مصعب، الخراساني الضبعي أبو الحجاج، وهاه أحمد، وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال أيضًا: كذاب.
انظر: التاريخ الكبير (3/ 205) والمجروحين (1/ 288) والجرح والتعديل (3/ 375) والميزان (1/ 625) والتقريب (1/ 210) والخلاصة (ص 99).
(7)
الميزان (4/ 515 رقم 10107).
(8)
كذا في المخطوط (أ) و (ب) والصواب (عبد الله) كما في سنن البيهقي ومصادر ترجمته الآتية.
(9)
انظر ترجمته في: التاريخ الكبير (2/ 354) والمجروحين (1/ 248) والمغني (1/ 183) والميزان (1/ 572) ولسان الميزان (2/ 332).
(10)
في "الكامل"(5/ 1722). وهو حديث موضوع.
العسقلاني وهو متروك
(1)
.
وقد ذهب إلى أن المؤتم يسجد لسهو الإمام ولا يسجد لسهو نفسه الحنفية
(2)
والشافعية
(3)
ومن أهل البيت زيد بن عليّ، والناصر، والمؤيد بالله، والإمام يحيى
(4)
.
وروي عن مكحول
(5)
والهادي
(6)
أنه يسجد لسهوه لعموم الأدلة، وهو الظاهر لعدم انتهاض هذا الحديث لتخصيصها.
وإن وقع السهو من الإمام والمؤتم فالظاهر أنه يكفي سجود واحد من المؤتمّ إما مع الإمام أو منفردًا.
وإليه ذهب الفريقان والناصر والمؤيد بالله.
وذهب الهادي إلى أنه يجب عليه سجودان، لسهو الإمام ثم لسهو نفسه، والظاهر ما ذهب إليه الأوّلون.
(والفائدة الثانية): أن قوله: مكان ما نسي من الجلوس، يدلّ على أن السجود إنما هو لأجل ترك الجلوس لا لترك التشهد، حتى [لو أنه]
(7)
جلس مقدار التشهد ولم يتشهد لا يسجد.
وجزم أصحاب الشافعي
(8)
وغيرهم أنه يسجد لترك التشهد وإن أتى بالجلوس.
(1)
عمر بن عمرو أبو حفص الطحان العسقلاني. حدث بالبواطيل عن الثقات.
وقال ابن عدي: وهو في عداد من يضع الحديث.
الكامل (5/ 1721 - 1722) ولسان الميزان (4/ 320).
(2)
البناية في شرح الهداية. للعيني (2/ 739).
(3)
المجموع شرح المهذب للنووي (4/ 63 - 64).
(4)
البحر الزخار (1/ 341 - 342).
(5)
قال ابن المنذر في الأوسط (3/ 321): "وروينا عن مكحول أنه قام عن قعود الإمام فسجد سجدتي السهو"، ثم قال ابن المنذر: وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا" يدل على خلاف هذا القول، إذ لم يذكر سجود السهو.
(6)
البحر الزخار (1/ 342).
(7)
في المخطوط (ب): (أنه لو).
(8)
انظر: المجموع (4/ 52) والمغني (2/ 422 - 423).
قوله: (فليجلس) زاد في رواية
(1)
: "ولا سهو عليه"، وبها تمسك من قال: إن السجود إنما هو لفوات التشهد لا لفعل القيام.
وإلى ذلك ذهب النخعي
(2)
وعلقمة والأسود والشافعي
(3)
في أحد قوليه.
وذهبت العترة
(4)
وأحمد بن حنبل
(5)
إلى أنه يجب السجود لفعل القيام لما روي عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم: "تحرّك للقيام في الركعتين الآخرتين من العصر على جهة السهو، فسبحوا له فقعد ثم سجد للسهو"، أخرجه البيهقي
(6)
والدارقطني
(7)
موقوفًا عليه. وفي بعض طرقه أنه قال: "هذه السنة"، قال الحافظ
(8)
: ورجاله ثقات.
وأخرج الدارقطني
(9)
والحاكم
(10)
والبيهقي
(11)
عن ابن عمر من حديثه بلفظ: "لا سهو إلا في قيام عن جلوس أو جلوس عن قيام"، وهو ضعيف.
واستدلّ بأحاديث الباب أن التشهد الأوّل ليس من فروض الصلاة، إذ لو كان فرضًا لما جبر بالسجود، ولم يكن بدّ من الإتيان به كسائر الفروض، وبذلك قال أبو حنيفة
(12)
ومالك
(13)
والشافعي
(14)
والجمهور
(15)
. وذهب أحمد
(16)
وأهل الظاهر
(17)
إلى وجوبه.
وقد تقدم الكلام على هذا الاستدلال والجواب عنه في شرح أحاديث التشهد
(18)
.
(1)
عند الدارقطني (1/ 378) وقد تقدم.
(2)
أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 39) من طريق عبيد.
(3)
الأم (2/ 272).
(4)
البحر الزخار (1/ 333).
(5)
المغني (2/ 418 - 419).
(6)
في السنن الكبرى (2/ 343).
(7)
في "العلل" كما في التلخيص (2/ 12).
(8)
في "التلخيص"(2/ 12).
(9)
في سننه (1/ 377 رقم 2).
(10)
في المستدرك (1/ 324) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه لذهبي.
(11)
في السنن الكبرى (2/ 345).
(12)
في البناية في شرح الهداية (2/ 733 - 734).
(13)
المدونة (1/ 137).
(14)
المجموع (4/ 52 - 53).
(15)
التمهيد (3/ 289).
(16)
المغني (2/ 421 - 422).
(17)
المحلى (4/ 170).
(18)
عند الحديث رقم (766 - 768) من كتابنا هذا.
قوله: (وإن استتمّ قائمًا فلا يجلس) فيه أنه لا يجوز العود إلى القعود والتشهد بعد الانتصاب الكامل؛ لأنه قد تلبس بالفرض فلا يقطعه ويرجع إلى السنة.
وقيل: يجوز له العود ما لم يشرع في القراءة، فإن عاد عالمًا بالتحريم بطلت لظاهر النهي ولأنه زاد قعودًا. وهذا إذا تعمد العود، فإن عاد ناسيًا لم تبطل صلاته.
وأما إذا لم يستتمّ القيام فإنه يجب عليه العود لقوله في الحديث: "إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتمّ قائمًا فليجلس"
(1)
.
[الباب الرابع] باب من صلى الرباعية خمسًا
12/ 1027 - (عَن ابْنِ مَسْعُودٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(2)
أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَقِيلَ لَهُ: أزِيدَ فِي الصَّلاةِ؟ فَقَالَ: [لا]"وَمَا ذَلِكَ؟ "، قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتينِ بَعْدَ ما سَلَّمَ. رَوَاهُ الجَماعَةُ)
(3)
. [صحيح]
قوله: (صلى الظهر خمسًا (1) في هذه الرواية الجزم، وقد تقدّم عن إبراهيم النخعي التردّد
(4)
والكلّ من طريقه عن علقمة عن ابن مسعود.
قوله: (فقال: وما ذلك) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها: "فقيل: وما ذاك؟
(5)
"، وفي بعضها: "فقال: لا، وما ذلك؟ " بزيادة لا، وهي ثابتة في مسلم
(6)
وأبي داود
(7)
، وبها يتبين أن [إخبارهم]
(8)
كان بعد استفساره [صلى الله عليه وسلم لهم]
(9)
.
(1)
تقدم برقم (1026) من كتابنا هذا.
(2)
زيادة من (جـ).
(3)
أحمد (1/ 420) والبخاري رقم (1226) ومسلم رقم (91/ 572) وأبو داود رقم (1019) والترمذي رقم (392) والنسائي (3/ 32 رقم 1255) وابن ماجه رقم (1205).
(4)
تقدم برقم (1021) من كتابنا هذا.
(5)
مسلم رقم (91، 93/ 572) وأبو داود رقم (1020).
(6)
في صحيحه رقم (92/ 572).
(7)
في سننه رقم (1022).
(8)
في (جـ): (إخباره).
(9)
في المخطوط (ب): (لهم صلى الله عليه وسلم).
والحديث يدلّ على أن من صلى خمسًا ساهيًا ولم يجلس في الرابعة أن صلاته لا تفسد.
وقال أبو حنيفة
(1)
وسفيان الثوري
(2)
: إنها تفسد إن لم يجلس في الرابعة، قال أبو حنيفة
(3)
: فإن جلس في الرابعة ثم صلى خامسة فإنه يضيف إليها ركعة أخرى وتكون الركعتان له نافلة.
والحديث يردّ ما قالاه. وإلى العمل بمضمونه ذهب الجمهور
(4)
، وقد فرّق مالك
(5)
بين الزيادة القليلة والكثيرة من الساهي.
قال القاضي عياض
(6)
: إن مذهب مالك أنه إن زاد دون نصف الصلاة لم تبطل صلاته بل هي صحيحة، ويسجد للسهو، وإن زاد النصف وأكثر.
فذهب ابن القاسم ومطرِّف إلى بطلانها.
وقال عبد الرحمن بن حبيب وغيره: إن زاد ركعتين بطلت صلاته، وإن زاد ركعة فلا.
وحكي عن مالك أنها لا تبطل مطلقًا.
وقد استدلّ بالحديث على أن سجدتي السهو محلهما بعد التسليم مطلقًا وليس فيه حجة على ذلك؛ لأنه لم يعلم صلى الله عليه وسلم بزيادة الركعة إلا بعد السلام حين سألوه: "أزيد في الصلاة؟ ".
وقد اتفق العلماء في هذه الصورة على فعل ذلك بعد السلام لتعذره قبله.
(1)
في البناية في شرح الهداية (2/ 744).
(2)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (3/ 294) والكوسج في مسائل أحمد وإسحاق (1/ 87). وحكى الترمذي في السنن (2/ 240) عنه أنه قال: إذا صلى الظهر خمسًا ولم يقعد في الرابعة مقدار التشهد فسدت صلاته.
(3)
في البناية في شرح الهداية (2/ 745 - 746).
(4)
قال ابن المنذر في الأوسط (3/ 293 - 294)(م 471) وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب فقالت طائفة بظاهر هذا الحديث، وممن قال به علقمة، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والنخعي، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور
…
" اهـ.
(5)
في المدونة (1/ 134، 136).
(6)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 509 - 510).
[الباب الخامس] باب التشهد لسجود السهو بعد السلام
13/ 1028 - (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ [رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ]
(1)
أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهمْ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ تَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(2)
والتِّرْمِذِيُّ)
(3)
. [شاذ]
الحديث أخرجه أيضًا ابن حبان
(4)
والحاكم
(5)
وحسنه الترمذي
(6)
. وقال الحاكم (4): صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان (3) وضعفه البيهقي وابن عبد البرّ وغيرهما. قالوا: والمحفوظ في حديث عمران أنه ليس فيه ذكر التشهد، وإنما تفرّد به أشعث عن ابن سيرين، وقد خالف فيه غيره من الحفاظ عن ابن سيرين.
وقد أخرج النسائي
(7)
الحديث بدون ذكر التشهد.
وفي الباب عن ابن مسعود عند أبي داود
(8)
والنسائي
(9)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث وأربع [وأكثر]
(10)
ظنك على أربع تشهدت ثم سجدت سجدتين وأنت جالس قبل أن تسلم ثم تشهدت أيضًا ثم تسلم".
(1)
زيادة من (جـ).
(2)
في سننه رقم (1039).
(3)
في سننه رقم (395) وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح.
(4)
في صحيحه رقم (2670).
(5)
في المستدرك (1/ 323) وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(6)
في السنن (2/ 241)
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1062) والبيهقي (2/ 355). والبغوي في شرح السنة (3/ 297 رقم 761).
وهو حديث ضعيف شاذ كما حققه الحافظ في الفتح (3/ 98 - 99) والألباني رحمه الله في الإرواء (2/ 128 - 131، رقم 403).
(7)
في السنن (3/ 26 رقم 1236)، وهو حديث صحيح.
(8)
في سننه رقم (1028).
(9)
في سننه رقم (605)، وهو حديث ضعيف.
(10)
في المخطوط (ب): (وأكبر).
قال البيهقي
(1)
: هذا حديث مختلف في رفعه، ومتنه غير قويّ، وهو من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال البيهقي: مرسل. وقد ضعف الحافظ في الفتح
(2)
إسناد هذا الحديث.
وعن المغيرة بن شعبة عند البيهقي
(3)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي السهو".
قال البيهقي (3): تفرّد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الشعبي، ولا يفرح بما تفرّد به:
وقال في المعرفة
(4)
: [لا]
(5)
حجة فيما تفرّد به لسوء حفظه وكثرة خطئه في الروايات انتهى.
وقد أخرج حديث المغيرة الترمذي
(6)
من رواية هشام عن ابن أبي ليلى المذكور، ولم يذكر فيه التشهد بعد سجدتي السهو.
وعن عائشة عند الطبراني
(7)
، وفيه:"وتشهدي وانصرفي ثم اسجدي سجدتين وأنت قاعدة ثم تشهدي" الحديث.
وفي إسناده [موسى بن مطير]
(8)
عن أبيه وهو ضعيف قد نسب إلى وضع الحديث
(9)
.
(1)
في السنن الكبرى (2/ 336).
(2)
في الفتح (3/ 99).
(3)
في السنن الكبرى (2/ 355) وهو حديث ضعيف.
(4)
في معرفة السنن والآثار (3/ 282 رقم 4587).
(5)
في المخطوط (ب): (ولا).
(6)
في سننه رقم (364). وهو حديث صحيح.
(7)
في المعجم الأوسط رقم (4392).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 156) وقال: "لا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد، فيه موسى بن مطير متروك الحديث نسب إلى الوضع".
وهو حديث ضعيف.
(8)
في المخطوط (ب): (محمد بن مطير) وهو خطأ والصواب ما أثبتناه من (أ) والطبراني.
(9)
موسى بن مُطَير كذبه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم وجماعة: متروك. وقال الدارقطني ضعيف جدًّا.
[المجروحين (2/ 242) والجرح والتعديل (8/ 162) والميزان (4/ 223) ولسان الميزان (6/ 130) والمغني (2/ 687)].
وقد استدلّ بحديث عمران وما ذكر معه من الأحاديث على مشروعية التشهد في سجدتي السهو، فإذا كان بعد السلام كما في حديث عمران.
فقد حكى الترمذي
(1)
عن أحمد
(2)
وإسحق أنه يتشهد وهو قول بعض المالكية
(3)
والشافعية، ونقله أبو حامد الإسفراييني عن القديم من قولي الشافعي
(4)
.
وفي مختصر المزني
(5)
سمعت الشافعي يقول: إذا سجد بعد السلام تشهد، أو قبل السلام أجزأه التشهد الأوّل، وإذا كان قبل السلام فالجمهور على أنه لا يعيد التشهد.
وحكى ابن عبد البرّ
(6)
عن الليث أنه يعيده.
وعن البويطي
(7)
والشافعي مثله، وخطؤه في هذا النقل فإنه لا يعرف.
وعن عطاء
(8)
: يتخير. واختلف فيه عند المالكية
(9)
.
وحديث ابن مسعود
(10)
يدلّ على مشروعية التشهد في سجود السهو قبل السلام وفيه المقال الذي تقدّم.
قال الحافظ في الفتح
(11)
: قد يقال: إن الأحاديث الثلاثة، يعني حديث
(1)
في سننه (2/ 242).
(2)
حكاه أبو داود عن أحمد في مسائل أحمد (ص 53) وكذا في مسائل أحمد وإسحاق (1/ 50، 60).
(3)
التمهيد (3/ 298).
(4)
في معرفة السنن والآثار (3/ 281 رقم 4580).
(5)
انظر: "المهذب"(1/ 305) والمجموع (4/ 69 - 70).
(6)
في التمهيد (3/ 299).
(7)
المجموع شرح المهذب (4/ 69 - 70).
(8)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (3/ 316).
(9)
في التمهيد (3/ 298).
(10)
أخرجه أبو داود رقم (1028) والنسائي رقم (605).
وهو حديث ضعيف وقد تقدم.
(11)
(3/ 99).
عمران
(1)
وابن مسعود
(2)
والمغيرة
(3)
باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن
(4)
. قال العلائي
(5)
: وليس ذلك ببعيد، قد صحّ ذلك عن ابن مسعود من قوله: أخرجه ابن أبي شيبة
(6)
.
واعلم أن المراد بالتشهد المذكور في سجود السهو هو التشهد المعهود في الصلاة لا كما قال المهدي في البحر
(7)
: إنه الشهادتان في الأصحّ لعدم وجدان ما يدلّ على الاقتصار على البعض من التشهد الذي ينصرف إليه مطلق التشهد.
(8)
.
[وبحمد الله كان الفراغ من قصاصة هذا الجزء
ومقابلته على المسودة في ليلة الثلوث - الثلاثاء -
لست خلت من شهر رمضان سنة 1213
كتبه مؤلفه محمد بن علي الشوكاني غفر الله لهما.
والحمد لله رب العالمين على كل حال،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وأصحابه الراشدين. آمين]
(9)
(1)
تقدم برقم (1028) من كتابنا هذا. وهو ضعيف شاذ.
(2)
أخرجه أبو داود رقم (1028) والنسائي رقم (605) وهو حديث ضعيف وقد تقدم.
(3)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 355) وهو حديث ضعيف وقد تقدم.
(4)
بل كلها ضعاف لا ترتقي إلى درجة الحسن.
(5)
ذكره الحافظ في الفتح (3/ 99).
(6)
في المصنف (2/ 31): عن عبد الله بن مسعود أنه قال: فيهما تشهد.
وهو أثر صحيح.
(7)
في البحر الزخار (1/ 340).
(8)
الصفحات [225 ب / ب] و [226 أ / ب] و [226 ب / ب] بياض. إلا أن الكلام متصل.
(9)
ما بين الخاصرتين من (جـ). وبذلك انتهى ما توفر لدينا من المخطوط (جـ) ولله الحمد والمنة.
[رابع عشر] أبواب صلاة الجماعة
[الباب الأول] باب وجوبها والحث عليها
1/ 1029 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أثْقَلُ الصَلاةِ على المُنافِقِينَ صَلاةُ العِشاءِ وَصَلاةُ الفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لأتوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ بالصَّلاةِ فَتُقَامُ، ثُمَّ آمُرَ رَجَلًا فَيُصَلِّيَ بالنَاس، ثُمَّ أنْطَلِقُ مَعِي بِرِجالٍ مَعَهُمْ حِزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلى قَوْم لا يَشْهَدُونَ الصلاةَ فأُحَرّقُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بالنَّارِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(1)
. [صحيح]
وَلأحْمَدَ
(2)
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَوْلَا ما فِي البُيُوتِ مِنَ النِّساءِ وَالذُّرِّيَّةِ أقَمْتُ صَلاةَ العِشاءِ وأمَرْتُ فِتْيانِي يُحَرّقُونَ ما فِي البُيُوتِ بالنَّارِ"). [صحيح لغيره]
[الحديث الثاني في إسناده أبو معشر
(3)
وهو ضعيف
(4)
.
قوله: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر)، فيه أن الصلاة كلها ثقيلة على المنافقين.
(1)
أحمد (2/ 531) والبخاري رقم (657) ومسلم رقم (252/ 651).
قلت: وأخرجه مالك (1/ 129 رقم 3) وأبو داود رقم (548، 549) والنسائي (2/ 107) وابن ماجه رقم (791) والبيهقي (3/ 55) وغيرهم.
(2)
في المسند (2/ 367) بسند ضعيف لكن الحديث صحيح لغيره.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 42) وقال: "وأبو معشر ضعيف".
(3)
نجيح أبو معشر السندي الهاشمي، مولاهم المدني صاحب المغازي.
قال النسائي والدارقطني: ضعيف. وقال البخاري وغيره: منكر الحديث.
الميزان (4/ 246 رقم 9017).
(4)
في المخطوط (أ) كتب ما يلي: (إلى هنا انتهى الربع الأول).
ومنه قوله تعالى: {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى}
(1)
، وإنما كان العشاء والفجر أثقل عليهم من غيرهما لقوّة الداعي إلى تركهم لهما؛ لأن العشاء وقت السكون والراحة، والصبح وقت لذّة النوم.
قوله: (ولو يعلمون ما فيهما) أي من مزيد الفضل.
قوله: (لأتوهما) أي لأتوا المحلّ الذي يصليان فيه جماعة وهو المسجد.
قوله: (ولو حبوًا) أي زحفًا إذا منعهم مانع من المشي كما يزحف الصغير.
ولابن أبي شيبة
(2)
من حديث أبي الدرداء: "ولو حبوًا على المرافق والركب".
قوله: (ولقد هممت) اللام جواب القسم، وفي البخاري
(3)
وغيره: "والذي نفسي بيده لقد هممت"، والهم
(4)
: العزم، وقيل: دونه.
قوله: (فأحرِّق) بالتشديد، يقال: حرَّقه: إذا بالغ في تحريقه. وفيه جواز العقوبة بإتلاف المال
(5)
.
والحديث استدل به القائلون بوجوب صلاة الجماعة؛ لأنها لو كانت سنة لم يهدّد تاركها بالتحريق، ولو كانت فرض كفاية لكانت قائمة بالرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه.
ويمكن أن يقال: إن التهديد بالتحريق المذكور يقع في حقّ تاركي فرض الكفاية لمشروعية قتال تاركي فرض الكفاية.
(1)
سورة التوبة الآية (54).
(2)
في المصنف (1/ 332).
(3)
البخاري رقم (644) والنسائي رقم (848).
(4)
النهاية لابن الأثير (5/ 274).
(5)
انظر: رسالة "الجواب المنير على قاضي بلاد عسير" رقم (101) من الجزء (7) صفحة (3323 - 3330). الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.
• والرسالة "عقود الزبرجد في جيد مسائل علامة ضمد" رقم (130) من الجزء (8) صفحة (4062 - 4071). الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.
• وانظر: الرسالة "رفع منار حق الجار بالإجبار على البيع مع الضرار" رقم (126) من الجزء (8) صفحة (3951 - 3956) الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.
• وكتاب الحدود، فصل التعزير بالمال من كتابنا إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة.
فقد جُمع فيه الأحاديث والآثار وأقوال الصحابة والتابعين والفقهاء.
قال الحافظ
(1)
: وفيه نظر لأن التحريق الذي يفضي إلى القتل أخصّ من المقاتلة، ولأن المقاتلة إنما تشرع فيما إذا تمالأ الجميع على الترك.
وقد اختلفت أقوال العلماء في صلاة الجماعة؛ فذهب عطاء
(2)
والأوزاعي
(3)
وإسحاق وأحمد
(4)
وأبو ثور (5) وابن خزيمة (5) وابن المنذر (5) وابن حبان
(5)
وأهل الظاهر
(6)
وجماعة، ومن أهل البيت
(7)
أبو العباس إلى أنها فرض عين.
واختلفوا؛ فبعضهم قال: هي شرط، روي ذلك عن داود
(8)
ومن تبعه.
وروي مثل ذلك عن أحمد
(9)
.
وقال الباقون: إنها فرض عين غير شرط. وذهب الشافعي
(10)
في أحد قوليه.
قال الحافظ
(11)
: وهو ظاهر نصه وعليه جمهور المتقدمين من أصحابه، وبه قال كثير من المالكية
(12)
والحنفية
(13)
إلى أنها فرض كفاية.
وذهب الباقون إلى أنها سنة، وهو قول زيد بن عليّ (14) والهادي (14) والقاسم (14) والناصر (14) والمؤيد بالله (14) وأبي طالب
(14)
، وإليه ذهب
(1)
في "الفتح"(2/ 126).
(2)
قال عطاء بن أبي رباح: فحق واجب لا بد منه ولا يحل غيره إذا سمع الأذان أن يأتي فيشهد الصلاة. أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (1912) عن ابن جريج عنه.
(3)
قال الأوزاعي: لا طاعة للوالد في ترك الجمعة والجماعات سمع النداء أو لم يسمع.
شرح السنة للبغوي (3/ 350).
(4)
المغنى لابن قدامة (3/ 6).
(5)
قال الحافظ في "الفتح"(2/ 126) "وإلى القول بأنها فرض عين ذهب
…
وجماعة من محدثي الشافعية كأبي ثور، وابن خزيمة، وابن المنذر، وابن حبان
…
".
(6)
المحلى (4/ 194).
(7)
شفاء الأوام (1/ 328) والبحر الزخار (1/ 299).
(8)
في "المحلى"(4/ 194 - 195).
(9)
في "المغني"(3/ 6).
(10)
المهذب (1/ 309) والمجموع (4/ 84 - 85) وروضة الطالبين (1/ 339).
(11)
في الفتح (2/ 126).
(12)
المنتقى للباجي (1/ 228 - 229) والتمهيد (4/ 223).
(13)
البناية في شرح الهداية (2/ 381).
(14)
شفاء الأوام (1/ 329) والبحر الزخار (1/ 298).
مالك
(1)
وأبو حنيفة
(2)
.
وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة.
(الأوّل): أنها لو كانت شرطًا أو فرضًا لبين ذلك عند التوعد كذا قال ابن بطال
(3)
. وردّ بأنه صلى الله عليه وسلم قد دلّ على وجوب الحضور وهو كاف في البيان.
(والثاني): أن الحديث يدلّ على خلاف المدّعى وهو عدم الوجوب لكونه صلى الله عليه وسلم همّ بالتوجه إلى المتخلفين، ولو كانت الجماعة فرضًا لما تركها. وفيه أن تركه لها حال التحريق لا يستلزم الترك مطلقًا لإمكان أن يفعلها في جماعة آخرين قبل التحريق أو بعده.
(الثالث): قال الباجي (3) وغيره: إن الخبر ورد مورد الزجر وحقيقته غير مرادة، وإنما المراد: المبالغة، ويرشد إلى ذلك وعيدهم بعقوبة لا يعاقبها إلا الكفار. وقد انعقد الإجماع على منع عقوبة المسلمين بذلك.
وأجيب بأن ذلك وقع قبل تحريم التعذيب النار، وكان قبل ذلك جائزًا، على أنه لو فرض أن هذا التوعد وقع بعد التحريم لكان مخصصًا له فيجوز التحريق في عقوبة تارك الصلاة.
(الرابع): تركه صلى الله عليه وسلم لتحريقهم بعد التهديد ولو كان واجبًا لما عفا عنهم.
قال عياض
(4)
ومن تبعه: ليس في الحديث حجة لأنه صلى الله عليه وسلم همّ ولم يفعل.
زاد النووي
(5)
: ولو كانت فرض عين لما تركهم.
وتعقبه ابن دقيق العيد (3) بأنه لا يهمّ إلا بما يجوز له فعله لو فعله، والترك لا يدلّ على عدم الوجوب لاحتمال أن يكونوا انزجروا بذلك، على أن رواية أحمد
(6)
التي ذكرها المصنف فيها بيان سبب الترك.
(1)
المنتقى للباجي (1/ 228 - 229) والتمهيد (4/ 221).
(2)
البناية في شرح الهداية (2/ 381).
(3)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 126).
(4)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 622).
(5)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 153)
(6)
في المسند (2/ 367) بسند ضعيف لكن الحديث صحيح لغيره.
(الخامس): أن التهديد لقوم تركوا الصلاة رأسًا لا مجرّد الجماعة، وهو ضعيف لأن قوله:"لا يشهدون الصلاة" بمعنى لا يحضرون، وفي رواية لأحمد
(1)
عن أبي هريرة: "العشاء في [الجمع]
(2)
"أي في الجماعة.
وعند ابن ماجه
(3)
من حديث أسامة: "لينتهينّ رجال عن تركهم الجماعات أو لأحرقنّ بيوتهم".
(السادس): أن الحديث ورد في الحثّ على مخالفة أهل النفاق والتحذير من التشبه بهم لا لخصوص ترك الجماعة، ذكر ذلك ابن المنيِّر
(4)
.
(السابع): أن الحديث ورد في حق المنافقين فلا يتمّ الدليل، وتعقب باستبعاد الاعتناء بتأديب المنافقين على تركهم الجماعة مع العلم بأنه لا صلاة لهم وبأنه صلى الله عليه وسلم كان معرضًا عنهم وعن عقوبتهم مع علمه بطويتهم، وقال: لا يتحدّث الناس [بأن]
(5)
محمدًا يقتل أصحابه.
وتعقب هذا التعقب ابن دقيق العيد
(6)
بأنه لا يتمّ إلا [إن ادّعى
(7)
] أن ترك معاقبة المنافقين كان واجبًا عليه ولا دليل على ذلك، وليس في إعراضه عنهم ما يدلّ على وجوب ترك عقوبتهم.
قال في الفتح
(8)
: والذي يظهر لي أن الحديث ورد في المنافقين لقوله صلى الله عليه وسلم
(1)
في المسند (2/ 292).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 45) وقال: "ورجاله موثقون".
(2)
كذا في المخطوط (أ) و (ب). والصواب عند أحمد (الجميع).
(3)
في السنن رقم (795).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 279): هذا إسناد ضعيف، لتدليس الزبرقان بن عمر لم يسمع من الوليد بن يزيد بن الوليد بن مسلم وعثمان لا يعرف حاله. وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة.
وفي مسلم من حديث ابن مسعود.
قال الترمذي: وفي الباب عن ابن مسعود، وأبي الدرداء، ومعاذ، وأنس وجابر رضي الله عنهم. اهـ. والخلاصة: أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 126).
(5)
في المخطوط (أ): (إن).
(6)
في إحكام الأحكام (1/ 164).
(7)
في المخطوط (ب): (أن يدعي).
(8)
(2/ 127).
في صدر الحديث: "أثقل الصلاة على المنافقين"(1)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلمون إلخ
(1)
"، لأن هذا الوصف يليق بهم لا بالمؤمنين.
لكن المراد: نفاق المعصية لا نفاق الكفر. ويدل على ذلك قوله في رواية: "لا يشهدون العشاء في الجمع
(2)
".
وقوله في حديث أسامة
(3)
: "لا يشهدون الجماعات".
وأصرح من ذلك ما في رواية أبي داود
(4)
عن أبي هريرة: "ثم آتي قومًا يصلون في بيوتهم ليست بهم علة".
فهذا يدلّ على أن نفاقهم نفاق معصية لا كفر؛ لأن الكافر لا يصلي في بيته إنما يصلي في المسجد رياء وسمعة، فإذا خلا في بيته كان كما وصفه الله تعالى من الكفر والاستهزاء.
قال الطيبي
(5)
: خروج المؤمن من هذا الوعيد ليس من جهة أنهم إذا سمعوا النداء جاز لهم التخلف عن الجماعة، بل من جهة أن التخلف ليس من شأنهم بل هو من صفات المنافقين.
ويدلّ على ذلك قول ابن مسعود الآتي
(6)
: لقد رأيتنا وما يتخلف عن الجماعة إلا منافق.
وأخرج ابن أبي شيبة
(7)
وسعيد بن منصور بإسناد صحيح عن عمير بن أنس قال: حدثني عمومتي من الأنصار قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما شهدهما منافق" يعني العشاء والفجر.
(الثامن): أن فريضة الجماعة كانت في أوّل الأمر ثم نسخت، حكى ذلك القاضي عياض
(8)
.
(1)
تقدم برقم (1029) من كتابنا هذا.
(2)
أخرجه أحمد (2/ 292) ورجاله موثقون وقد تقدم.
(3)
أخرجه ابن ماجه برقم (795) بسند ضعيف لكن الحديث صحيح لغيره وقد تقدم.
(4)
في سننه رقم (549) صحيح دون قوله: "ليست بهم علة" قاله الألباني.
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 127).
(6)
برقم (1032) من كتابنا هذا.
(7)
في المصنف (1/ 332).
(8)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 625).
قال الحافظ
(1)
: ويمكن أن يتقوّى لثبوت النسخ بالوعيد المذكور في حقهم وهو التحريق بالنار.
قال: ويدلّ على النسخ الأحاديث الواردة في تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذّ كما سيأتي؛ لأن الأفضلية تقتضي الاشتراك في أصل الفضل ومن لازم ذلك الجواز.
(التاسع): أن المراد بالصلاة الجمعة لا باقي الصلوات. وتعقب بأن الأحاديث مصرّحة بالعشاء والفجر كما في حديث الباب وغيره ولا ينافي ذلك ما وقع عند مسلم
(2)
من حديث ابن مسعود أنها الجمعة لاحتمال تعدّد الواقعة كما أشار إليه النووي والمحبّ الطبري
(3)
.
وللحديث فوائد ليس هذا محلّ بسطها، وسيأتي التصريح بما هو الحقّ في صلاة الجماعة.
2/ 1030 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أن رَجُلًا أعْمَى قالَ: يا رَسُولَ الله لَيْسَ لي قائِدٌ يَقُودنِي إلى المَسْجِدِ، فَسألَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّي في بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَه؛ فَلَمَّا وَلَّى دَعاهُ فَقالَ:"هَلْ تَسْمَعُ النِّداءَ؟ "، قالَ: نَعَمْ، قالَ:"فأجِبْ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ
(4)
وَالنَّسائيُّ)
(5)
. [صحيح]
3/ 1031 - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ أُمّ مَكْتُومٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله أنا ضَرِيرٌ شاسِعُ الدَّارِ وَلي قائِدٌ لا يُلائِمُني فَهَلْ تَجِدُ لي رُخْصَةً أنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتي؟ قالَ: أتَسْمَعُ النِّدَاءَ؟! قالَ: نَعَمْ، قالَ:"ما أجِدُ لَكَ رُخْصَةً"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(6)
وأبُو دَاوُدَ
(7)
وَابْنُ ماجَهْ)
(8)
. [صحيح]
(1)
في الفتح (2/ 127).
(2)
في صحيحه رقم (254/ 652).
(3)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 128).
(4)
في صحيحه رقم (255/ 653).
(5)
في سننه (2/ 109 رقم 850). قلت: وأخرجه أبو عوانة (2/ 6) والبيهقي (3/ 57) وهو حديث صحيح.
(6)
في المسند (3/ 423) و (3/ 367).
(7)
في سننه رقم (552).
(8)
في سننه رقم (792).
الحديث الثاني أخرجه أيضًا ابن حبان
(1)
والطبراني
(2)
، وزاد ابن حبان (1) وأحمد
(3)
في رواية: "فأتها ولو حبوًا".
قوله: (أن رجلًا أعمى) هو ابن أمّ مكتوم كما في الحديث الثاني.
قوله: (ليس لي قائد) في الحديث الآخر: "ولي قائد لا يلائمنى" ظاهره التنافي إذا كان الأعمى المذكور في حديث أبي هريرة هو ابن أمّ مكتوم.
ويجمع بينهما إما بتعدّد الواقعة أو بأن المراد بالمنفي في الرواية الأولى القائد الملائم، والمثبت في الثانية القائد الذي ليس بملائم.
قوله: (فرخص له)، إلى قوله:(قال فأجب) قيل: إن الترخيص في أوّل الأمر اجتهاد منه صلى الله عليه وسلم، والأمر بالإجابة بوحي من الله تعالى.
وقيل: الترخيص مطلق مقيد بعدم سماع النداء.
وقيل: إن الترخيص باعتبار العذر والأمر للندب، فكأنه قال: الأفضل لك والأعظم لأجرك أن تجيب وتحضر فأجب.
قوله: (ولي قائد لا يلائمني) قال الخطابي
(4)
: يروى في هذا الحديث يلاومني بالواو، والصواب يلائمني
(5)
: أي يوافقني وهو بالهمزة المرسومة بالواو والهمزة فيه أصلية. وأما الملاومة بالواو فهي من اللوم وليس هذا موضعه.
قوله: (رخصة)
(6)
بوزن غرفة وقد تضم الخاء المعجمة بالاتباع، وهي التسهيل في الأمر والتيسير.
(1)
في صحيحه رقم (2063).
(2)
في المعجم الصغير (2/ 34 رقم 732، الروض الداني).
قلت: وأخرجه البغوي في شرح السنة رقم (796) والحاكم في المستدرك (1/ 247) وصححه ابن خزيمة رقم (1480).
(3)
في المسند (3/ 423) و (3/ 367).
(4)
في معالم السنن (1/ 374 - مع السنن).
(5)
قال ابن الأثير في "النهاية"(4/ 220 - 221): يلائمني: أي يوافقني ويساعدني، وقد تخفف الهمزة فتصير ياء، ويُروى "يلاومني" بالواو، ولا أصل له، وهو تحريف من الرواة لأنَّ الملاومة مفاعلةٌ من اللَّوْم.
(6)
القاموس المحيط (ص 800).
والحديثان استدلّ بهما القائلون بأن الجماعة فرض عين وقد تقدم ذكرهم.
وأجاب الجمهور عن ذلك بأنه سأل هل له رخصة في أن يصلي في بيته وتحصل له فضيلة الجماعة لسبب عذره؟ فقيل: لا.
ويؤيد هذا أن حضور الجماعة يسقط بالعذر بإجماع المسلمين، ومن جملة العذر العمى إذا لم يجد قائدًا كما في حديث عتبان بن مالك وهو في الصحيح وسيأتي
(1)
.
ويدلّ على ذلك حديث ابن عباس عند ابن ماجه
(2)
والدارقطني
(3)
وابن حبان
(4)
والحاكم
(5)
أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من سمع النداء فلم يأتي الصلاة فلا صلاة له إلا من عذر".
قال الحافظ
(6)
: وإسناده على شرط مسلم، لكن رجح بعضهم وقفه.
وأجاب البعض عن حديث الأعمى بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم علم منه أنه يمشي بلا قائد لحذقه وذكائه
(7)
كما هو مشاهد في بعض العميان بمشي بلا قائد، لا سيما إذا كان يعرف المكان قبل العمى أو بتكرّر المشي إليه استغنى عن القائد.
ولا بدّ من التأويل لقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ}
(8)
، وفي أمر الأعمى بحضور الجماعة مع عدم القائد ومع شكايته من كثرة السباع والهوامّ في طريقه كما في مسلم غاية الحرج.
ولا يقال الآية في الجهاد؛ لأنا نقول هو من القصر على السبب، وقد تقرّر
(1)
بل تقدم برقم (972) من كتابنا هذا.
(2)
في سننه رقم (793).
(3)
في السنن (1/ 420 رقم 4).
(4)
في صحيحه رقم (2064).
(5)
في المستدرك (1/ 245) قال الحاكم: هذا حديث قد أوقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة، وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهشيم وقراد أبو نوح - هو عبد الرحمن بن غزوان - ثقتان، فإذا وصلاه، فالقول فيه قولهما.
قلت: وأخرجه البغوي في شرح السنة رقم (795) والبيهقي (3/ 57) وهو حديث صحيح.
(6)
في "التلخيص"(2/ 65) وإسناده صحيح.
(7)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 128).
(8)
سورة النور: الآية (61).
في الأصول أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
(1)
.
واعلم أن الاستدلال بحديثي الأعمى (2) وحديث أبي هريرة
(2)
الذي في أوّل الباب على وجوب مطلق الجماعة فيه نظر.
لأن الدليل أخصّ من الدعوى، إذ غاية ما في ذلك وجوب حضور جماعة
النبيّ صلى الله عليه وسلم في مسجده لسامع النداء، ولو كان الواجب مطلق الجماعة لقال في المتخلفين إنهم لا يحضرون جماعته ولا يجمعون من منازلهم، ولقال لعتبان بن مالك
(3)
: انظر من يصلي معك، ولجاز الترخيص للأعمى بشرط أن يصلي في منزله جماعة.
4/ 1032 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: لَقَدْ رَأيْتُنا ومَا يَتَخَلَّفُ عَنْها إلا مُنافقٌ مَعْلُومُ النِّفاقِ، وَلَقَدْ كانَ الرَّجُلُ يُؤتى بِهِ يُهادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حتى يُقامَ فِي الصَّفّ. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلا البُخارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ)
(4)
. [صحيح]
هذا طرف من أثر طويل ذكره مسلم
(5)
مطوّلًا، وذكره غيره مختصرًا ومطوّلًا.
قوله: (ولقد رأيتنا) هذا فيه الجمع بين ضميري المتكلم، فالتاء له خاصة والنون له مع غيره.
قوله: (وما يتخلف عنه (1) يعني الصلوات الخمس المذكورة في أوّل الأثر.
(1)
قال الإمام الشوكاني في "إرشاد الفحول"(ص 459): "وهذا المذهب هو الحق الذي لا شك فيه ولا شبهة لأنَّ التعبُّد للعباد إنَّما هو باللفظ الوارد عن الشارع هو عامٌّ، ووروده على سؤال خاصٍّ لا يصلُحُ قرينةً لقصره على ذلك السبب، ومن ادعى أنه يصلح لذلك فليأت بدليل تقوم به الحجة ولم يأت أحدٌ من القائلين بالقصر على السبب بشيء يصلُح لذلك. وإذا ورد في بعض المواطن ما يقتضي قصرَ ذلك العائم الواردِ فيه على سببه لم يجاوَزْ به محلُّه، بل يُقْصَرُ عليه، ولا جامعَ بين الذي ورد فيه دليل يخصُّه وبين سائر العقوباتِ الواردةِ على أسباب خاصةٍ حتى يكونَ ذلك الدليلُ في ذلك الموطن شاملًا لها.
(وانظر: البحر المحيط (3/ 196) والمسودة ص 133).
(2)
تقدم برقم (1031) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم برقم (972) من كتابنا هذا.
(4)
أخرجه أحمد (1/ 382) ومسلم رقم (257/ 654) وأبو داود رقم (550) والنسائي رقم (849) وابن ماجه رقم (777) وهو حديث صحيح.
(5)
في صحيح رقم (257/ 654) وقد تقدم.
ولفظ مسلم
(1)
: "من سرّه أن يلقى الله غدًا سالمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهنّ".
ولفظ أبي داود
(2)
: "حافظوا على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهنّ"، ثم ذكر مسلم (1) للفظ الذي ذكره المصنف وذكر غيره نحوه.
قوله: (يؤتى به يهادى بين الرجلين) أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما.
قوله: (حتى يقام في الصفّ).
قال النووي
(3)
: في هذا كله تأكيد أمر الجماعة وتحمل المشقة في حضورها، وإذا أمكن المريض ونحوه التوصل إليها استحبّ له حضورها انتهى.
والأثر استدلّ به على وجوب صلاة الجماعة. وفيه أنه قول صحابي ليس فيه إلا حكاية المواظبة على الجماعة وعدم التخلف عنها، ولا يستدلّ بمثل ذلك على الوجوب. وفيه حجة لمن خص التوعد بالتحريق بالنار المتقدم في حديث أبي هريرة بالمنافقين.
5/ 1033 - (وَعَن ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "صَلاةُ الجَماعَةِ تَفْضُلُ على صَلاةِ الفَذّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً")
(4)
. [صحيح]
6/ 1034 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "صَلاةُ الرَّجُلِ فِي جَماعَةٍ تَزِيدُ على صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلاتِهِ فِي سُوقِه بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً"
(5)
، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِما). [صحيح]
(1)
في صحيح رقم (257/ 654) وقد تقدم.
(2)
في سننه رقم (550) وقد تقدم.
(3)
في شرحه لصحيح مسلم رقم (5/ 157).
(4)
أحمد (2/ 112) والبخاري رقم (645) ومسلم رقم (249/ 650).
قلت: وأخرجه مالك (1/ 129 رقم 1) وأبو عوانة (2/ 3) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 59) وابن ماجه رقم (789) والترمذي رقم (215) والنسائي في المجتبى (2/ 103) وفي السنن الكبرى (1/ 441 رقم 913).
(5)
أحمد (2/ 252) والبخاري رقم (2119) ومسلم رقم (272/ 649).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (559) وابن ماجه رقم (786).
وفي الباب عن ابن مسعود عند أحمد
(1)
بلفظ: "خمسًا وعشرين درجة كلها مثل صلاته".
وعن أبّي بن كعب عند أحمد
(2)
وأبي داود
(3)
والنسائي
(4)
وابن ماجه
(5)
بلفظ: "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحبّ إلى الله عز وجل".
وعن معاذ أشار إليه الترمذي
(6)
وذكر لفظ ابن سيد الناس في شرحه فقال: "فضل صلاة الجمع على صلاة الرجل وحده خمسًا وعشرين".
وعن أبي سعيد عند البخاري
(7)
بلفظ: "صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة".
وعنه أيضًا عند أبي داود
(8)
(1)
في المسند (1/ 376) و (1/ 452).
قلت: وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 479) والبزار رقم (458 - كشف) وأبو يعلى رقم (4995) و (5076) و (5190) والطبراني في الكبير رقم (15103) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 38) وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني في الكبير والأوسط، ورجال أحمد ثقات".
وهو حديث صحيح لغيره والله أعلم.
(2)
في المسند (5/ 140).
(3)
في سننه رقم (554).
(4)
في السنن رقم (843).
(5)
في السنن رقم (790). وسيأتي برقم (1043) من كتابنا هذا وهو حديث حسن.
(6)
في سننه (1/ 420).
قلت: حديث معاذ أخرجه البزار رقم (454 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 39) وقال: رواه البزار والطبراني في الكبير، وفيه عبد الحكيم بن منصور وهو ضعيف".
(7)
في صحيحه رقم (646).
قلت: وأخرجه أحمد (3/ 55) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 60).
وهو حديث صحيح.
(8)
في سننه رقم (565).
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (788) وأبو يعلى رقم (1011) وابن حبان رقم (1749) و (2055) وعبد بن حميد في "المنتخب" رقم (976) والحاكم (8/ 201) والبغوي في شرح السنة رقم (788). =
وسيأتي
(1)
.
وعن أنس عند الدارقطني
(2)
بنحو حديث أبي هريرة المذكور في الباب.
وعن عائشة عند أبي العباس السرّاج
(3)
بلفظ: "صلاة الرجل في الجمع تفضل على صلاته وحده خمسًا وعشرين درجة".
وعن صهيب
(4)
، وعبد الله بن زيد
(5)
، وزيد بن ثابت
(6)
عند الطبراني بطرق كلها ضعيفة.
واتفقوا على خمس وعشرين.
= قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد اتفقا على الحجة بروايات هلال بن أبي هلال، ويقال ابن أبي ميمونة، ويقال ابن علي، ويقال ابن أسامة وكله واحد. وتابعه الذهبي.
قلت: هلال هذا هو هلال بن ميمون، وثقه ابن معين، وقال النسائي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه، وقال الحافظ في "التقريب" (رقم 7347): صدوق. وانظر: تهذيب التهذيب (4/ 291) والخلاصة: أن الحديث صحيح والله أعلم.
(1)
برقم (1035) من كتابنا هذا.
(2)
لم أقف عليه عند الدارقطني في سننه.
وقد أخرجه البزار (رقم 459 - كشف) والطبراني في الأوسط رقم ص (2178) وأورده الهيثمي في المجمع (2/ 38) وقال: ورجال البزار ثقات.
(3)
في مسنده الذي لا يزال مخطوطًا فيما أعلم.
مسند أبي العباس السراج (محمد بن إسحاق بن إبراهيم الخراساني، ت 313 هـ) مسند كبير مرتب على الأبواب. راجع: سير أعلام النبلاء (14/ 389) وتاريخ التراث العربي (1/ 436).
وهو من موارد ابن حجر في "تغليق التعليق"(1/ 262).
ومنه نسخة في كوبرلي (423)؛ راجع: "تاريخ الأدب العربي"(3/ 154) ومنه مختارات في الظاهرية، مجموع (2)(67 أ - 76 ب).
[معجم المصنفات الواردة في فتح الباري: (ص 370 رقم 1183)].
(4)
أخرجه الطبراني في الكبير (ج 8 رقم 7305).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 38) وقال: وفيه من لم يسم.
(5)
أخرجه الطبراني في الأوسط رقم (5097).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 38) وقال: وفيه موسى بن عبيدة، وهو ضعيف".
(6)
أخرجه الطبراني في الكبير (ج 5 رقم 4936).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 39): وقال: "وفيه الربيع بن بدر، وهو ضعيف".
قال الترمذي
(1)
: وعامة من روى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم إنما قالوا خمسة وعشرين.
إلا ابن عمر فإنه قال: بسبع وعشرين.
قال الحافظ في الفتح
(2)
: لم يختلف عليه في ذلك إلا ما وقع عند عبد الرزاق
(3)
عن عبد الله العمري عن نافع قال: خمسًا وعشرين، لكن العمري ضعيف.
وكذلك وقع عند أبي عوانة في مستخرجه
(4)
، ولكنها شاذّة مخالفة لرواية الحفاظ.
وروي بلفظ سبع وعشرين عن أبي هريرة عند أحمد
(5)
، وفي إسناده شريك القاضي وفي حفظه ضعف
(6)
.
وقد اختلف هل الراجح رواية السبع والعشرين أو الخمس والعشرين؟ فقال: رواية الخمس لكثرة رواتها.
وقيل: رواية السبع لأن فيها زيادة من عدل حافظ.
وقد جمع بينهما بوجوه:
(منها) أن ذكر القليل لا ينفي الكثير، وهذا قول من لا يعتبر مفهوم العدد
(7)
.
(1)
في السنن (1/ 420 - 421).
(2)
(2/ 132).
(3)
في "المصنف" رقم (2005).
(4)
في مسند أبي عوانة (2/ 2).
(5)
في المسند (2/ 328) في إسناده شريك هذا وإن كان سيء الحفظ فقد توبع.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 38) وقال: ورجاله رجال الصحيح.
قلت: وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده رقم (259) من طريق أبي عوانة عن أشعث، به. والخلاصة: أن الحديث صحيح.
(6)
شريك بن عبد الله القاضي أبو عبد الله، مختلف فيه، قال الحافظ في "التقريب" رقم (2787): صدوق يخطئ كثيرًا، تغير حفظه منذ أن ولي القضاء بالكوفة وكان عادلًا فاضلًا عابدًا، شديدًا على أهل البدع.
وقال المحرران: بل صدوق حسن الحديث عن المتابعة
…
وانظر ترجمته في: "الكامل"(4/ 1321) والجرح والتعديل (4/ 367) وتاريخ ابن معين (3/ 369).
(7)
قال الشوكاني في "إرشاد الفحول"(ص 599 - 600) بتحقيقي: "النوع الرابع: مفهوم =
وقيل: إنه صلى الله عليه وسلم أخبر بالخمس، ثم أخبره الله بزيادة الفضل فأخبر بالسبع، وتعقب بأنه محتاج إلى التاريخ وبأن دخول النسخ في الفضائل مختلف فيه.
وقيل: الفرق باعتبار قرب المسجد وبعده.
وقيل: الفرق بحال المصلي كأن يكون أعلم أو أخشع.
وقيل: الفرق بإيقاعها في المسجد أو غيره.
وقيل: الفرق بالمنتظر للصلاة وغيره.
وقيل: الفرق لإدراكها كلها أو بعضها.
وقيل: الفرق بكثرة الجماعة وقلتهم.
وقيل: السبع مختصة بالفجر والعشاء.
وقيل: بالفجر والعصر والخمس بما عدا ذلك.
وقيل: السبع مختصة بالجهرية والخمسُ بالسرية، ورجحه الحافظ في الفتح
(1)
.
والراجح عندي أوّلها لدخول مفهوم الخمس تحت مفهوم السبع.
واعلم أن التخصيص بهذا العدد من أسرار النبوّة التي تقصر العقول عن
= العدد: وهو تعليقُ الحُكم بعدد مخصوص، فإنه يدل على انتفاء الحكم فيما عدا ذلك العدد زائدًا كان أو ناقصًا. وقد ذهب إليه الشافعيُّ كما نقله عنه أبو حامد وأبو الطيب الطبريُّ والماورديُّ وغيرهم.
ونقله أبو الخطّاب الحنبلي عن أحمد بن حنبل وبه قال مالكٌ وداودُ الظاهريُّ، وبه قال صاحبُ الهداية من الحنفية.
ومنع من العمل به المانعون بمفهوم الصفة. قال الشيخ أو حامد، وابنُ السمعاني وهو دليل كالصفة سواء.
والحقُّ ما ذهب إليه الأولون والعمل به معلومٌ من لغة العرب ومن الشرع، فإن من أمر بأمر وقيّده بعدد مخصوصٍ فزاد المأمور على ذلك العدد أو نقَصَ عنه فأنكر عليه الآمرُ الزيادةَ أو النقصَ كان هذا الإنكارُ مقبولًا عند كل من يعرف لغةَ العرب. فإن ادعى المأمور أنه قد فعلَ ما أُمِرَ به مع كونه نقصَ عنه أو زاد عليه كانت دعواه هذه مردودةٌ عند كلِّ من يعرف لغةَ العرب.
(1)
الفتح (2/ 132 - 133).
إدراكها، وقد تعرّض جماعة للكلام على وجه الحكمة وذكروا مناسبات، وقد طوّل الكلام في ذلك صاحب الفتح
(1)
، فمن أحبّ الوقوف على ذلك رجع إليه.
قوله: (درجة) هو مميز العدد المذكور وفي الروايات كلها التعبير بقوله "درجة" أو حذف المميز إلا طرق أبي هريرة ففي بعضها "ضعفًا" وفي بعضها "جزءًا" وفي بعضها "درجة" وفي بعضها "صلاة"، ووجد هذا الأخير في بعض طرق أنس.
والظاهر أن ذلك من تصرّف الرواة، ويحتمل أن يكون ذلك من التفنن في العبارة.
والمراد؛ أنه يحصل له من صلاة الجماعة مثل أجر صلاة المنفرد سبعًا وعشرين مرّة.
قوله: (على صلاته في بيته وصلاته في سوقه) مقتضاه أن الصلاة في المسجد جماعة تزيد على الصلاة في البيت والسوق جماعة وفرادى، ولكنه خرج مخرج الغالب في أن من لم يحضر الجماعة في المسجد صلى منفردًا.
قال ابن دقيق العيد
(2)
: وهو الذي يظهر لي.
وقال الحافظ
(3)
: وهو الراجح في نظري.
قال: ولا يلزم من حمل الحديث على ظاهره التسوية بين صلاة البيت والسوق، إذ لا يلزم من استوائهما في المفضولية أن لا تكون إحداهما أفضل من الأخرى، وكذا لا يلزم منه أن تكون الصلاة جماعة في البيت أو السوق لا فضل فيها على الصلاة منفردًا.
بل الظاهر أن التضعيف المذكور مختصّ بالجماعة في المسجد.
والصلاة في البيت مطلقًا أولى منها في السوق لما ورد من كون الأسواق موضع الشياطين.
والصلاة [جماعة]
(4)
في البيت وفي السوق أولى من الانفراد انتهى.
(1)
الفتح (2/ 132 - 133).
(2)
في إحكام الأحكام (1/ 161).
(3)
في "الفتح"(2/ 135).
(4)
زيادة من المخطوط (أ).
وقد استدلّ بالحديثين وما ذكرنا معهما القائلون بأن صلاة الجماعة غير واجبة، وقد تقدم ذكرهم لأن صيغة أفضل كما في بعض ألفاظ حديث ابن عمر
(1)
تدلّ على الاشتراك في أصل الفضل كما تقدّم، وكذلك قوله في حديث أبيّ بن كعب
(2)
: "أزكى"، والمشترك ههنا لا بد أن يكون هو الإجزاء والصحة، وإلا فلا صلاة فضلًا عن الفضل والزكاة.
ومن أدلتهم على عدم الوجوب حديث: "إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة"، وقد تقدم
(3)
في باب الرخصة في إعادة الجماعة.
ومن أدلتهم ما أخرجه البخاري
(4)
ومسلم
(5)
عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرًا من الذي يصليها ثم ينام".
وفي رواية أبي كريب عند مسلم
(6)
أيضًا: "حتى يصليها مع الإمام في جماعة".
ومن أدلتهم أيضًا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر جماعة من الوافدين عليه بالصلاة ولم يأمرهم بفعلها في جماعة"، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
وهذه الأدلة توجب تأويل الأدلة القاضية بالوجوب بما أسلفنا ذكره.
وكذلك تأويل حديث ابن عباس المتقدم
(7)
بلفظ: "من سمع النداء فلم يأت الصلاة فلا صلاة له إلا من عذر" بأن المراد لا صلاة له كاملة، على أن في إسناده يحيى بن أبي دحية الكلبي المعروف بأبي جِناب بالجيم المكسورة، وهو
(1)
تقدم برقم (1033) من كتابنا هذا.
(2)
سيأتي برقم (1043) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم برقم (993) من كتابنا هذا.
(4)
في صحيحه رقم (651).
(5)
في صحيح رقم (277/ 662).
وسيأتي برقم (1041) من كتابنا هذا.
(6)
في صحيحه رقم (277/ 662).
(7)
تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (3/ 1031) من كتابنا هذا.
كما قال الحافظ: ضعيف ومدلس وقد عنعن
(1)
، وقد أخرجه بقي بن مخلد
(2)
[وابن ماجه
(3)
وابن حبان
(4)
]
(5)
والدارقطني
(6)
والحاكم
(7)
من طريق أخرى بإسناد قال الحافظ
(8)
: صحيح بلفظ: "من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر".
ولكن قال الحاكم (7): وقفه أكثر أصحاب شعبة، ثم أخرج له
(9)
شاهدًا عن أبي موسى الأشعري بلفظ: "من سمع النداء فارغًا صحيحًا فلم يجب فلا صلاة له".
وقد رواه البزار موقوفًا. قال البيهقي: الموقوف أصح
(10)
.
ورواه العقيلي في الضعفاء
(11)
من حديث جابر.
ورواه ابن عديّ
(12)
من حديث أبي هريرة وضعفه.
وقد تقرّر أن الجمع بين الأحاديث ما أمكن هو الواجب، وتبقية الأحاديث المشعرة بالوجوب على ظاهرها من دون تأويل والتمسك بما يقضي به الظاهر فيه إهدار للأدلة القاضية بعدم الوجوب وهو لا يجوز.
فأعدل الأقوال وأقربها إلى الصواب أن الجماعة من السنن المؤكدة التي لا يخلّ بملازمتها ما أمكن إلا محروم مشؤوم، وأما أنها فرض عين أو كفاية أو شرط لصحة الصلاة فلا
(13)
.
ولهذا قال المصنف
(14)
رحمه الله بعد أن ساق حديث أبي هريرة ما لفظه:
(1)
في "التخليص"(2/ 65).
(2)
في مسنده كما في "التلخيص"(2/ 65).
(3)
في سننه رقم (793).
(4)
في صحيح رقم (2064).
(5)
في المخطوط (ب): (ابن حبان وابن ماجه).
(6)
في سننه (1/ 420 رقم 4).
(7)
في المستدرك (1/ 245).
(8)
في "التلخيص"(2/ 65).
(9)
الحاكم في المستدرك (1/ 246) وهو صحيح موقوفًا.
(10)
"التخليص"(2/ 65).
(11)
في الضعفاء الكبير (4/ 81) وهو حديث ضعيف.
(12)
في الكامل (3/ 277) وهو حديث ضعيف.
(13)
ونرجح ما رجح الإمام الشوكاني رحمه الله جمعًا بين الأدلة.
(14)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 597).
وهذا الحديث يردّ على من أبطل صلاة المنفرد لغير عذر وجعل الجماعة شرطًا؛ لأن المفاضلة بينهما تستدعي صحتهما، وحمل النصّ على المنفرد لعذر لا يصحّ لأن الأحاديث قد دلت على أن أجره لا ينقص عما يفعله لولا العذر، فروى أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا"، رواه أحمد
(1)
والبخاري
(2)
وأبو داود
(3)
. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله عز وجل مثل أجر مَن صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا"، رواه أحمد
(4)
وأبو داود
(5)
والنسائي
(6)
، انتهى.
استدلّ المصنف رحمه الله بهذين الحديثين على ما ذكره من عدم صحة حمل النصّ على المنفرد لعذر؛ لأن أجره كأجر المجمع.
والحديث الثاني سكت عنه أبو داود
(7)
والمنذري
(8)
، وفي إسناده محمد بن طَحْلاء
(9)
قال أبو حاتم
(10)
: ليس به بأس، وليس له عند أبي داود إلا هذا الحديث.
وأخرج أبو داود
(11)
عن سعيد بن المسيب قال: "حضر رجلًا من الأنصار الموت فقال: إني محدّثكم حديثًا ما أحدّثكموه إلا احتسابًا؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا توضأ أحدَكم فأحسن الوضوء"، وفيه:"فإن أتى المسجد فصلى في جماعة غفر له، وإن أتى المسجد وقد صلوا بعضًا وبقي بعض صلى ما أدرك وأتمّ ما بقي كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتمّ كان كذلك".
7/ 1035 - (وَعَنْ أبي سَعِيدٍ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الصَّلاةُ فِي
(1)
في المسند (4/ 410).
(2)
في صحيح رقم (2996).
(3)
في سننه رقم (3091) وهو حديث صحيح.
(4)
في المسند (2/ 380).
(5)
في سننه رقم 5641).
(6)
في سننه رقم (855) وهو حديث صحيح.
(7)
في سننه (1/ 381).
(8)
في المختصر (1/ 296).
(9)
محمد بن طَحْلاء صدوق من السابعة (د س) التقريب (5976).
(10)
في الجرح والتعديل (7/ 292 - 293 رقم 1584).
(11)
في سننه رقم (563) وهو حديث صحيح.
جَمَاعَةٍ تَعْدِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ صَلاةً، فإذَا صَلَّاها فِي فَلاةٍ فأتمَّ رُكُوعَها وسُجُودَها بَلَغَتْ خَمْسِينَ صَلاةً" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)
(1)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا ابن ماجه
(2)
.
قال أبو داود
(3)
: قال عبد الواحد بن زياد في هذا الحديث: "صلاة الرجل في الفلاة تُضَاعَف على صلاته في الجماعة" وساق الحديث.
قال المنذري
(4)
: في إسناده هلال بن ميمون الجهني الرملي
(5)
كنيته أبو المغيرة، قال يحيى بن معين: ثقة، وقال أبو حاتم الرازي: ليس بقويّ يكتب جديثه، وقد وثقه أيضًا غير ابن معين كما قال ابن رسلان.
قوله: (فإذا صلاها في فلاة) هو أعمّ من أن يصليها منفردًا أو في جماعة، قال ابن رسلان: لكن حمله على الجماعة أولى، وهو الذي يظهر من السياق انتهى.
والأولى حمله على الانفراد لأن مرجع الضمير في حديث الباب من قوله "صلاها" إلى مطلق الصلاة لا إلى المقيد بكونها في جماعة.
ويدلّ على ذلك الرواية التي ذكرها أبو داود (1) عن عبد الواحد بن زياد؛ لأنه جعل فيها صلاة الرجل في الفلاة مقابلة لصلاته في الجماعة.
والمراد بالفلاة: الأرض المتسعة
(6)
التي لا ماء فيها، والجمع: فلى مثل حصاة وحصى.
والحديث يدلّ على أفضلية الصلاة في الفلاة مع تمام الركوع والسجود وأنها تعدل خمسين صلاة في جماعة كما في رواية عبد الواحد، وعلى هذا الصلاة في الفلاة تعدل ألف صلاة ومائتين وخمسين صلاة في غير جماعة، وهذا
(1)
في سننه رقم (560).
(2)
في سننه رقم (788).
(3)
في السنن (1/ 379).
(4)
في المختصر (1/ 295).
(5)
قال عنه الحافظ ابن حجر في "التقريب" رقم (7347)(صدوق). وانظر: تهذيب التهذيب (4/ 291 - 292).
(6)
انظر: القاموس المحيط (ص 1704).
إن كانت صلاة الجماعة تتضاعف إلى خمسة وعشرين ضعفًا فقط، فإن كانت تتضاعف إلى سبعة وعشرين كما تقدم فالصلاة في الفلاة تعدل ألفًا وثلثمائة وخمسين صلاة، وهذا على فرض أن المصلي في الفلاة صلى منفردًا، فإن صلى في جماعة تضاعف العدد المذكور بحسب تضاعف صلاة الجماعة على الانفراد وفضل الله واسع.
والحكمة في اختصاص صلاة الفلاة بهذه المزية أن المصلي فيها يكون في الغالب مسافرًا، والسفر مظنة المشقة، فإذا صلاها المسافر مع حصول المشقة تضاعفت إلى ذلك المقدار، وأيضًا الفلاة في الغالب من مواطن الخوف والفزع لما جبلت عليه الطباع البشرية من التوحش عند مفارقة النوع الإنساني، فالإقبال مع ذلك على الصلاة أمر لا يناله إلا من بلغ في التقوى إلى حدّ يقصر عنه كثير من أهل الإقبال والقبول.
وأيضًا في مثل هذا الموطن تنقطع الوساوس التي تقود إلى الرياء، فإيقاع الصلاة فيها شأن أهل الإخلاص.
ومن ههنا كانت صلاة الرجل في البيت المظلم الذي لا يراه فيه أحد إلا الله عز وجل أفضل الصلوات على الإطلاق، وليس ذلك إلا لانقطاع حبائل الرياء الشيطانية التي يقتنص بها كثير من المتعبدين فكيف لا تكون صلاة الفلاة مع انقطاع تلك الحبائل وانضمام ما سلف إلى ذلك بهذه المنزلة؟
والحديث أيضًا من حجج القائلين بأن الجماعة غير واجبة، وقد قدمنا الكلام على ذلك.
[الباب الثاني] باب حضور النساء المساجد وفضل صلاتهن في بيوتهن
8/ 1036 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إذَا اسْتَأذَنَكُمْ نِساؤكُمْ باللَّيْلِ إلى المَسْجِدِ فأْذَنُوا لَهُنَّ"، رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلَّا ابْنَ مَاجَهْ
(1)
. [صحيح]
(1)
أخرجه أحمد (2/ 143) والبخاري رقم (865) ومسلم رقم (137/ 422) وأبو داود رقم (568) والترمذي (570) والنسائي رقم (706). =
وفِي لَفْظٍ: إلا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ أَنْ يَخْرُجْنَ إِلى المَساجِدِ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ" رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وأبُو دَاوُدَ
(2)
. [صحيح]
9/ 1037 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَمْنَعُوا إماءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلاتٍ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
وأبُو دَاوُدَ
(4)
. [صحيح]
حديث ابن عمر هو بنحو اللفظ الآخر في الصحيحين
(5)
أيضًا بدون قوله: "وبيوتهنّ خير لهنّ"، وهذه الزيادة أخرجها ابن خزيمة في صحيحه
(6)
.
وللطبراني
(7)
بإسناد حسن نحوها.
ولها شاهد من حديث ابن مسعود عند أبي داود
(8)
.
وحديث أبي هريرة أخرجه أيضًا ابن خزيمة
(9)
من حديثه، وابن حبان
(10)
من حديث زيد بن خالد.
= وهو حديث صحيح.
(1)
في المسند (2/ 76 - 77).
(2)
في سننه رقم (567).
قلت: وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه رقم (1684) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 131) والبغوي في شرح السنة رقم (864).
وهو حديث صحيح.
(3)
في المسند (2/ 438).
(4)
في السنن رقم (565).
قلت: وأخرجه الحميدي رقم (978) وعبد الرزاق في المصنف رقم (5121) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 383) وأبو يعلى رقم (5915) و (5933) وابن خزيمة رقم (1679) وابن حبان رقم (2214) والبيهقي (3/ 134) والبغوي في شرح السنة رقم (860).
وهو حديث صحيح.
(5)
البخاري رقم (900) ومسلم (رقم (136/ 442).
(6)
رقم (1684) وقد تقدم.
(7)
في المعجم الكبير (ج 23 رقم 709).
قلت: وأخرجه أحمد في المسند (6/ 301) وأبو يعلى رقم (7025). وهو حديث حسن بشواهده، وفيه ابن لهيعة وإن كان ضعيفًا فقد توبع.
(8)
في سننه رقم (570) وهو حديث صحيح.
(9)
في صحيحه رقم (1679) وإسناده حسن.
(10)
في صحيحه رقم (2211) بسند حسن.
وأخرج مسلم
(1)
من حديث زينب امرأة ابن مسعود: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمسّ طيبًا".
وأوّل حديث أبي هريرة متفق عليه
(2)
من حديث ابن عمر كما عرفت.
قوله: (إذا استأذنكم نساؤكم بالليل) لم يذكر أكثر الرواة: "بالليل"، كذا أخرجه مسلم وغيره.
وخصّ الليل بالذكر لما فيه من الستر بالظلمة.
قال النووي: واستدلّ به على أن المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه لتوجه الأمر إلى الأزواج بالإذن. وتعقبه ابن دقيق العيد بأن ذلك إن كان أخذًا بالمفهوم فهو مفهوم لقب ضعيف
(3)
.
لكن يتقوّى بأن يقال: إنّ منع الرجال نساءهم أمر متقرر، وإنما علق الحكم بالمسجد لبيان محلّ الجواز، فبقي ما عداه على المنع.
وفيه إشارة إلى أن الإذن المذكور لغير الوجوب؛ لأنه لو كان واجبًا لا يبقى معنى للاستئذان؛ لأن ذلك إنما هو متحقق إذا كان المستأذن مجيزًا في الإجابة، والردّ.
(1)
في صحيحه رقم (142/ 442).
(2)
البخاري رقم (900) ومسلم رقم (136/ 442).
(3)
مفهوم اللقب وهو تعليق الحكم بالاسم العلم نحُو: قام زيدٌ، أو اسم النوع نحو: في الغنم زكاة. ولم يعمل به أحد إلا أبو بكر الدقّاقُ كذا قيل
…
وقال إمام الحرمين الجويني في البرهان - (1/ 453 - 454) - وصار إليه الدقاق وصار إليه طوائف من أصحابنا، ونقله أبو الخطاب الحنبلي في التمهيد عن منصوص أحمد، قال: وبه قال مالكٌ وداودُ وبعض الشافعية. ونقل القول به عن ابن خُوازِ مَنْداد، والباجي، وابن القصّار، وحكى ابنُ برهان في الوجيز التفصيل عن بعض الشافعية وهو أنه يعمل به في أسماء الأنواع، لا في أسماء الأشخاص.
وحكى ابن حمدان، وأبو يعلى من الحنابلة تفصيلًا آخر، وهو العملُ بما دلت عليه القرينةُ دون غيره.
والحاصلُ أن القائلَ به كُلًّا أو بعضًا لم يأت بحجة لغويةٍ ولا شرعيةٍ ولا عقليةٍ، ومعلوم من لسان العرب أن من قال رأيتُ زيدًا لم يقتضِ أنه لم ير غيره قطعًا.
وأما إذا دلت القرينة على العمل به فذلك ليس إلا للقرينة فهو خارجٌ عن محل النزاع.
إرشاد الفحول. للشوكاني (ص 601 - 602) بتحقيقي.
أو يقال: إذا كان الإذن لهنّ فيما ليس بواجب حقًّا على الأزواج، فالإذن لهنّ فيما هو واجب من باب الأولى.
قولة: (لا تمنعوا النساء) مقتضى هذا النهي أن منع النساء من الخروج إلى المساجد إما مطلقًا في الأزمان كما في هذه الرواية وكما في حديث أبي هريرة
(1)
، أو مقيدًا بالليل كما تقدم، أو مقيدًا بالغلس كما في بعض الأحاديث يكون محرَّمًا على الأزواج.
وقال النووي
(2)
: إن النهي محمول على التنزيه وسيأتي الخلاف في ذلك.
قوله: (وبيوتهنّ خير لهنّ) أي صلاتهنّ في يوتهنّ خير لهنّ من صلاتهنّ في المساجد لو علمن ذلك، لكنهنّ لم يعلمن فيسألن الخروج إلى الجماعة يعتقدن أن أجرهن في المساجد أكثر.
ووجه كون صلاتهنّ في البيوت أفضل: الأمن من الفتنة، ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرّج والزينة، ومن ثم قالت عائشة ما قالت
(3)
.
قوله: (إماء الله) بكسر الهمزة والمدّ جمع أمة.
قوله: (وليخرجن تفلات) بفتح التاء المثناة وكسر الفاء: أي غير متطيبات
(4)
، يقال: امرأة تفلة إذا كانت متغيرة الريح، كذا قال ابن عبد البرّ
(5)
وغيره.
وإنما أمرن بذلك ونهين عن التطيب كما في رواية مسلم
(6)
المتقدمة عن زينب امرأة ابن مسعود لئلا يحركن الرجال بطيبهنّ.
ويلحق بالطيب ما في معناه من المحركات لداعي الشهوة كحسن الملبس والتحلي الذي يظهر أثره والزينة الفاخرة. وفرَّق كثير من الفقهاء المالكية
(7)
(1)
تقدم برقم (1037) من كتابنا هذا.
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 162).
(3)
سيأتي حديثها برقم (1040) من كتابنا هذا.
(4)
النهاية لابن الأثير (1/ 191).
(5)
في التمهيد (5/ 415).
(6)
في صحيحه برقم (443).
(7)
التمهيد (5/ 421).
وغيرهم
(1)
بين الشابة وغيرها، وفيه نظر؛ لأنها إذا عرت مما ذكر وكانت متسترة حصل الأمن عليها ولا سيما إذا كان ذلك بالليل.
10/ 1038 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أيُّمَا امْرَأَةٍ أصَابَتْ بَخُورًا فَلا تَشْهَدَنَّ مَعَنا العِشَاءَ الآخِرَةَ"، رَوَاهُ مُسْلِم
(2)
وأبُو دَاوُدَ
(3)
والنَّسائِيُّ)
(4)
. [صحيح]
11/ 1039 - (وَعَنْ أُمّ سَلَمَةَ أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّساء قَعْرُ بُيُوتهِنَّ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ)
(5)
. [حسن بشواهده]
12/ 1040 - (وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رأى مِنَ النِّسَاءِ ما رأيْنَا لَمَنَعَهُنَّ مِنَ المَسْجِدِ كَمَا مَنَعَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ نِسَاءَها، قُلْتُ لِعَمْرَةَ: وَمَنَعَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ نِسَاءَها؛ قالَتْ: نَعَمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(6)
. [صحيح]
حديث أمّ سلمة أخرجه أبو يعلى أيضًا
(7)
والطبراني في الكبير
(8)
، وفي إسناده ابن لهيعة وقد تقدّم ما يشهد له.
وأخرج أحمد
(9)
والطبراني
(10)
من حديث أمّ حُميد الساعدية: "أنها جاءت
(1)
البناية في شرح الهداية للعيني (2/ 420 - 421).
(2)
في صحيح برقم (143/ 444).
(3)
في سننه برقم (4175).
(4)
في السنن (8/ 154 رقم 5128).
(5)
في المسند (6/ 301).
قلت: وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(ج 23 رقم 709) وأبو يعلى في المسند رقم (7025) وفيه ابن لهيعة وإن كان ضعيفًا فقد توبع.
وهو حديث حسن بشواهده.
(6)
أخرجه أحمد (6/ 91) والبخاري رقم (869) ومسلم رقم (144/ 445).
(7)
في المسند رقم (725) وقد تقدم.
(8)
في الكبير (ج 23 رقم 709) وقد تقدم.
(9)
في المسند (6/ 371) بسند حسن.
(10)
في المعجم الكبير (ج 25 رقم 356).
قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (2217) وابن خزيمة رقم (1689) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 384 - 385) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني" رقم (3379) والبيهقي =
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحبُّ الصلاةَ معكَ فقال صلى الله عليه وسلم: قد علمتُ، وصلاتُكِ في بيتكِ خيرٌ لكِ من صلاتكِ في حجرتُكِ، وصلاتُكِ في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجد الجماعة".
قال الحافظ
(1)
: وإسناده حسن.
وأخرج أبو داود
(2)
من حديث ابن مسعود قال: قال صلى الله عليه وسلم: "صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها".
قوله: (أصابت بخورًا) فيه دليل على أن الخروج من النساء إلى المساجد إنما يجوز إذا لم يصحب ذلك ما فيه فتنة كما تقدم وما هو في تحريك الشهوة فوق البخور داخل بالأولى.
قوله: (فلا تشهدن)
(3)
في بعض النسخ هكذا بزيادة نون التوكيد، وفي بعضها بحذفها، وظاهر النهي التحريم.
قوله: (رأى من النساء ما رأينا لمنعهن) يعنى من حسن الملابس والطيب والزينة والتبرّج، وإنما كان النساء يخرجن في المروط
(4)
والأكسية
(5)
والشملات
(6)
الغلاظ.
= في السنن الكبرى (3/ 132 - 133) من طرق.
وهو حديث حسن والله أعلم.
(1)
في الفتح (2/ 350).
(2)
في سننه رقم (570) ومن طريقه البغوي رقم (865).
وصححه الحاكم في المستدرك (1/ 209) ووافقه الذهبي.
وصححه الألباني رحمه الله.
(3)
تقدم برقم (1038) من كتابنا هذا.
(4)
المروط: الأكيسة الواحد: مِرْط، ويكون من صوف، وربما كان من خَزٍّ أو غيره (النهاية 4/ 319).
(5)
الكسوة والكِساء: الثوب. القاموس المحيط (ص 1712).
(6)
الشملة: وهو كساء يُتغطَّئ به ويُتلَّفف فيه.
النهاية (2/ 501).
وقد تمسك بعضهم في منع النساء من المساجد مطلقًا بقول عائشة، وفيه نظر، إذ لا يترتب على ذلك تغيُّرُ الحكْمِ لأنها علَّقته على شرط لم يُوجَد في [زمانه]
(1)
صلى الله عليه وسلم، بل قالت ذلك بناء على ظنّ ظنته فقالت:"لو رأى لمنع" فيقال عليه لم ير ولم يمنع وظنها ليس بحجة.
قوله: (كما منعت بنو إسرائيل نساءها) هذا وإن كان موقوفًا فحكمه الرفع لأنه لا يقال بالرأي
(2)
، وقد روى نحوه عبد الرزاق
(3)
عن ابن مسعود بإسناد صحيح.
قوله: (قالت نعم) يحتمل أنها تلقته عن عائشة، ويحتمل أن يكون عن غيرها.
وقد ثبت ذلك من حديث عروة عن عائشة موقوفًا، أخرجه عبد الرزاق
(4)
بإسناد صحيح.
ولفظه: "قالت: كن نساء بني إسرائيل يتخذن أرجلًا من خشب يتشرّفن للرجال في المساجد، فحرّم الله تعالى عليهنّ المساجد وسلطت عليهنّ الحيضة".
وقد حصل من الأحاديث المذكورة في هذا الباب أن الإذن للنساء من الرجال إلى المساجد إذا لم يكن في خروجهنّ ما يدعو إلى الفتنة من طيب أو حليّ أو أيّ زينة واجب على الرجال، وأنه لا يجب مع ما يدعو إلى ذلك ولا يجوز، ويحرم عليهنّ الخروج لقوله:"فلا يشهدن"
(5)
وصلاتهنّ على كل حال في بيوتهنّ أفضل من صلاتهنّ في المساجد.
(1)
في المخطوط (ب): (زمنه).
(2)
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في تعليقه على الفتح (2/ 350 رقم التعليقة: (1)) هذا فيه نظر، والأقرب أنها تلقت ما ذكر عن نساء بني إسرائيل. ويدل على إنكار الرفع قولها: وسلطت عليهن الحيضة، والحيض موجود في بني إسرائيل وقبل بني إسرائيل، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة لما حاضت في حجة الوداع:"إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم" والكلام في أثر ابن مسعود المذكور كالكلام في أثر عائشة. والله أعلم.
(3)
في المصنف رقم (5115) بسند صحيح. قاله الحافظ في الفتح (2/ 350).
(4)
في المصنف رقم (5114) بسند صحيح. قاله الحافظ في الفتح (2/ 350).
(5)
تقدم برقم (1038) من كتابنا هذا.
[الباب الثالث] باب فضل المسجد الأبعد والكثير الجمع
13/ 1041 - (عَنْ أَبِي مُوسَى قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أعْظَمَ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ أَجْرًا أبْعَدُهُمْ إلَيْهَا مَمْشًى"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
(1)
. [صحيح]
14/ 1042 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الأبْعَدُ فالأبْعَدُ مِنَ المَسْجِدِ أعْظَمُ أجْرًا"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وأبُو دَاوُدَ
(3)
وابْنُ مَاجَهْ)
(4)
. [صحيح لغيره]
الحديث الثاني سكت عنه أبو داود
(5)
والمنذري
(6)
، وفي إسناده عبد الرحمن بن مهران مولى بني هاشم. قال في التقريب
(7)
: مجهول، وقال في الخلاصة
(8)
: وثقه ابن حبان انتهى. وبقية رجاله رجال الصحيح.
قوله: (إن أعظم الناس في الصلاة أجرًا أبعدهم إليها ممشى)، فيه التصريح بأن أجر من كان مسكنه بعيدًا عن المسجد أعظم ممن كان قريبًا منه، وكذلك:
قوله: (الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرًا)، وذلك لما ثبت عند البخاري
(9)
ومسلم
(10)
وأبي داود
(11)
والترمذي
(12)
وابن ماجه
(13)
من حديث أبي
(1)
في صحيح رقم (277/ 662).
(2)
في المسند (2/ 428).
(3)
في سننه رقم (556).
(4)
في سننه رقم (782).
(5)
في السنن (1/ 377). قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 52) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 64 - 65) والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 32 - 33). وسنده ضعيف، وهو حديث صحيح لغيره.
(6)
في المختصر (1/ 293).
(7)
في "التقريب" رقم (4020).
(8)
في الخلاصة للخزرجي (ص 235) تم تحقيقه على مخطوطة أعانني الله على نشره.
(9)
في صحيحه رقم (647).
(10)
في صحيحه رقم (272/ 649).
(11)
في سننه رقم (559).
(12)
في سننه رقم (216) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(13)
في سننه رقم (786).
وهو حديث صحيح.
هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمسًا وعشرين درجة، وذلك بأن أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة وحطّ عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد" الحديث.
ولما أخرجه أبو داود
(1)
عن سعيد بن المسيب عن رجل من الصحابة مرفوعًا، وفيه: "إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج إلى الصلاة لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله له عز وجل حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حطّ الله عنه [بها]
(2)
سيئة، فليقرب أحدكم أو ليبعد" الحديث.
ولما أخرجه مسلم
(3)
عن جابر قال: "خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد، قالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال: يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم".
15/ 1043 - (وَعَنْ أُبيّ بْنِ كَعْبٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أزْكَى مِنْ صلاِتهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أزْكَى مِنْ صَلَاِتهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَانَ أكْثَرَ فَهُوَ أحَبُّ إلى الله تعالى"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
وأبُو دَاوُدَ
(5)
والنسائي
(6)
. [حسن]
الحديث أخرجه أيضًا ابن ماجه
(7)
وابن حبان
(8)
وصححه ابن السكن
(9)
والعقيلي
(10)
والحاكم
(11)
، وأشار ابن المديني إلى صحته، وفي إسناده عبد الله بن
(1)
في سننه رقم (563) وهو حديث صحيح.
(2)
زيادة من المخطوط (ب).
(3)
في صحيحه رقم (280/ 665).
(4)
في المسند (5/ 140).
(5)
في السنن رقم (554).
(6)
في السنن (2/ 104 - 105 رقم 843)
(7)
في سننه رقم (790).
(8)
في صحيحه رقم (2056).
(9)
كما في "التلخيص"(2/ 55).
(10)
في الضعفاء الكبير (2/ 116).
(11)
في المستدرك (1/ 247 - 248).
قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (554) والدارمي (1/ 291) وابن خزيمة رقم (1477) والبيهقي (3/ 67، 68) وعبد الرزاق في المصنف (1/ 523 رقم 2004) من طرق.
أبي بَصير، قيل: لا يُعْرف لأنه ما روى عنه غير أبي إسحاق السبيعي
(1)
.
لكن أخرجه الحاكم
(2)
من رواية العَيْزَار بن حريث
(3)
عنه فارتفعت جهالة عينه.
وأورد له الحاكم
(4)
شاهدًا من حديث قَبَاث بن أشْيَم
(5)
وفي إسناده نظر.
وأخرجه البزار
(6)
والطبراني
(7)
. وعبد الله المذكور وثقه ابن حبان
(8)
.
قوله: (أزكى من صلاته وحده) أي أكثر أجرًا وأبلغ في تطهير المصلي وتكفير ذنوبه، لما في الاجتماع من نزول الرحمة والسكينة دون الانفراد.
قوله: (وما كان أكثر فهو أحبّ إلى الله تعالى) فيه أن ما كثر جمعه فهو أفضل مما قلّ جمعه، وأن الجماعات تتفاوت في الفضل، وأن كونها تعدل سبعًا وعشرين صلاة يحصل بمطلق الجماعة، والرجل مع الرجل جماعة كما رواه ابن أبي شيبة
(9)
عن إبراهيم النخعي أنه قال: الرجل مع الرجل جماعة لهما التضعيف خمسًا وعشرين، انتهى.
وقد أخرج ابن ماجه
(10)
عن أبي موسى والبغوي في معجم
(1)
الميزان للذهبي (2/ 398 رقم الترجمة 4228). قلت: ووثقه ابن حبان (5/ 15) والعجلي (ص 251).
(2)
في المستدرك (1/ 247 - 248).
(3)
العيزار بن حريث: ثقة.
(4)
في المستدرك (3/ 625).
(5)
له صحبة، وشهد اليرموك أميرًا، وعاش إلى أيام عبد الملك بن مروان، انظر ترجمته في:"الإصابة" رقم (7071 ز) وأسد الغابة رقم (4256) والاستيعاب رقم (2189).
فائدة: جعل الحافظ ابن حجر على كل اسم أورده في الإصابة زائدًا على ما في تجريد الذهبي وعلى ما في أصله حرف (ز) كما ذكر في المقدمة (1/ 166) والله أعلم.
(6)
في المسند (رقم 461 كشف).
(7)
في المعجم الكبير (ج 19 رقم 74).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 39) وقال: لأرجال الطبراني موثقون"، وقد حسن الألباني رحمه الله الحديث في الصحيح الجامع رقم (3836).
(8)
في الثقات (5/ 15) وقد تقدم.
(9)
في المصنف رقم (8812).
(10)
في سننه رقم (972).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 331 رقم 352/ 972): "هذا إسناد ضعيف لضعف الربيع ووالده بدر بن عمرو
…
". اهـ.
وهو حديث ضعيف. وانظر: الإرواء رقم (489).
الصحابة
(1)
عن الحكم بن عمير الثمالي أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "اثنان فما فوقهما جماعة".
وأحاديث التضاعف إلى هذا المقدار التي تقدم ذكرها لا ينافي الزيادة في الفضل لما كان أكثر، لا سيما مع وجود النصّ المصرّح بذلك كما في حديث الباب
(2)
.
[الباب الرابع] باب [السعي]
(3)
إلى المسجد بالسكينة
16/ 1044 - (عَنْ أَبي قَتَادَةَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: "مَا شأنَكُمْ؟ "، قالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إلى الصَّلاةِ، قالَ: "فَلا تَفْعَلُوا، إذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاةَ فعَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ فَمَا أدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فأتِمُّوا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(4)
. [صحيح]
17/ 1045 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فامْشُوا إلى الصَّلاةِ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ وَالوقَارَ، وَلَا تُسْرِعُوا فَمَا أدْرَكْتُمْ فَصَلّوا ومَا
(1)
لا يزال مخطوطًا، ومنه قطعة في مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة تحت رقم (791) مصورة عن المكتبة العامة بالرباط.
معجم المصنفات (ص 259 رقم 772).
(2)
قال محمد بن إسماعيل الأمير في سبل السلام (3/ 97) بتحقيقي: "وبوَّبَ البخاريُّ: (بابُ اثنانِ فما فوقهما جماعة) - (2/ 142 رقم الباب 35 - مع الفتح) - واستدل بحديث مالك بن الحويرث: "إذا حضرتِ الصلاةُ فأذِّنا، ثم أقيما، ثم ليؤمَّكُما أكبرُكما" - أخرجه البخاري رقم (658) ومسلم رقم (293/ 674) وأبو داود (589) والنسائي (2/ 77 رقم 781) وابن ماجه رقم (979) وغيرهم - وقد روى أحمد - في المسند (3/ 85) - من حديث أبي سعيد: أنهُ دخلَ رجلٌ المسجدَ وقد صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأصحابهِ الظهرَ، فقالَ له النبي صلى الله عليه وسلم: ما حبسكَ يا فلانُ عن الصلاةِ، فذكر شيئًا اعتلَّ بهِ، قالَ: فقامَ يصلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا رجلٌ يتصدقُ على هذا فيصلي معهُ، فقامَ رجلٌ معه" - وهو حديث صحيح دون قوله:"ما حبسك يا فلان عن الصلاة". اهـ.
(3)
في المخطوط (ب)(المشي).
(4)
أحمد (5/ 306) والبخاري رقم (635) ومسلم رقم (155/ 603).
فَاتَكُمْ فأتِمُّوا"، رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ
(1)
.
وَلَفْظُ النّسائيّ
(2)
وأحْمَدَ
(3)
فِي رِوَايَةٍ: "فاقْضُوا".
وفي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ
(4)
: "إِذَا ثُوّبَ بالصَّلَاةِ فَلا يَسْعَى إِلَيْهَا أحَدُكُمْ، وَلَكِنْ لِيَمْشِ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةَ وَالوِقَارُ، فَصَلّ ما أدْرَكْتَ، وَاقْضِ ما سَبَقَكَ"). [صحيح]
قوله: (جَلَبة) بجيم ولام وموحَّدة مفتوحات: أي أصواتهم حال حركتهم.
قوله: (فعليكم السكينة) ضبطه القرطبي
(5)
بنصب السكينة على الإغراء.
وضبطه النووي
(6)
بالرفع على أنها جملة في موضع الحال.
وفي رواية للبخاري
(7)
: "وعليكم بالسكينة" وقد استشكل بعضهم دخول الباء لأنه متعدّ بنفسه كقوله تعالى {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}
(8)
.
قال الحافظ
(9)
: وفيه نظر لثبوت زيادة الباء في الأحاديث الصحيحة كحديث: "عليكم برخصة الله"
(10)
، "فعليه بالصوم"
(11)
، "وعليك بالمرأة"
(12)
.
قوله: (فما أدركتم) قال الكرماني
(13)
: الفاء جواب شرط محذوف: أي إذا ثبت لكم ما هو أولى بكم فما أدركتم فصلوا.
(1)
أحمد (2/ 270) والبخاري رقم (636) ومسلم رقم (151، 153/ 602) وأبو داود رقم (572) والنسائي رقم (861) وابن ماجه رقم (775).
(2)
في السنن رقم (861).
(3)
في المسند (2/ 238).
(4)
في صحيحه رقم (154/ 602).
(5)
في المفهم (2/ 220).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 99).
(7)
في صحيح رقم (638).
(8)
سورة المائدة: الآية (105).
(9)
في الفتح (2/ 117).
(10)
أخرجه مسلم رقم (000/ 1115) من حديث جابر بن عبد الله.
(11)
أخرجه أحمد (1/ 378) والبخاري رقم (1905) ومسلم رقم (1/ 1400) وأبو داود رقم (2031) والترمذي رقم (1087) والنسائي رقم (3208) وابن ماجه رقم (1845) من حديث عبد الله بن مسعود.
(12)
أخرجه البخاري رقم (6185) من حديث أنس بن مالك.
(13)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 117) ولم أجده في شرح البخاري للكرماني (5/ 30).
قال في الفتح
(1)
: أو التقدير إذا فعلتم فما أدركتم فصلوا: أي فعلتم الذي آمركم به من السكينة وترك الإسراع.
قوله: (وما فاتكم فأتموا) أي أكملوا. وقد اختلف في هذه اللفظة في حديث أبي قتادة
(2)
، فرواية الجمهور "فأتموا". ورواية معاوية بن هشام عن شيبان:"فاقضوا"، كذا ذكره ابن أبي شيبة عنه
(3)
.
ومثله روى أبو داود
(4)
، وكذلك وقع الخلاف في حديث أبي هريرة
(5)
كما ذكر المصنف.
قال الحافظ
(6)
: والحاصل أن أكثر الروايات [وردت]
(7)
بلفظ: "فأتموا"، وأقلها بلفظ:"فاقضوا"، وإنما يظهر فائدة ذلك إذا جعلنا بين التمام والقضاء مغايرة.
لكن إذا كان مخرج الحديث واحدًا واختلف في لفظة منه وأمكن ردّ الاختلاف إلى معنى واحد كان أولى، وهذا كذلك لأن القضاء وإن كان يطلق على الفائتة غالبًا لكنه يطلق على الأداء أيضًا.
ويرد بمعنى الفراغ كقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا}
(8)
، ويرد لمعان أخر، فيحمل قوله هنا:"فاقضوا" على معنى الأداء، والفراغ فلا يغاير قوله:"فأتموا" فلا حجة لمن تمسك برواية "فاقضوا" على أن ما أدركه مع الإمام هو آخر صلاته حتى يستحبّ له الجهر في الركعتين الآخرتين وقراءة السورة وترك القنوت بل هو أوّلها وإن [كان]
(9)
آخر صلاة إمامه، لأن الآخر لا يكون إلا عن شيء تقدمه.
وأوضح دليل على ذلك أنه يجب عليه أن يتشهد في آخر صلاته على كل
(1)
في "الفتح"(2/ 118).
(2)
تقدم برقم (1044) من كتابنا هذا.
(3)
في المصنف (2/ 359).
(4)
في سننه رقم (573) وهو حديث صحيح.
(5)
تقدم برقم (1045) من كتابنا هذا.
(6)
في "الفتح"(2/ 119).
(7)
في المخطوط (أ): (ورد).
(8)
سورة الجمعة: الآية (10).
(9)
في المخطوط (ب): (كانت).
حال، فلو كان ما يدركه مع الإمام آخرًا له لما احتاج إلى إعادة التشهد.
وقول ابن بطال
(1)
: إنه ما تشهد إلا لأجل السلام؛ لأن السلام يحتاج إلى سبق تشهد ليس بالجواب الناهض على دفع الإيراد المذكور.
واستدلّ ابن المنذر
(2)
لذلك أيضًا أنهم أجمعوا على أن تكبيرة الافتتاح لا تكون إلا في الركعة الأولى، وقد عمل بمقتضى اللفظين الجمهور فإنهم قالوا: إن ما أدرك مع الإمام هو أوّل صلاته إلا أنه يقضي مثل الذي فاته من قراءة السورة مع أمّ القرآن في الرباعية، لكن لم يستحبوا له إعادة الجهر في الركعتين الباقيتين، وكأنَّ الحجة فيه قول عليّ عليه السلام
(3)
: "ما أدركت مع الإمام فهو أوّل صلاتك، واقض ما سبقك به من القرآن"، أخرجه البيهقي
(4)
.
وعن إسحق والمزني
(5)
: أنه لا يقرأ إلا أمّ القرآن فقط، قال الحافظ
(6)
: وهو القياس.
قوله: (إذا سمعتم الإقامة) هو أخص من قوله في حديث أبي قتادة
(7)
: "إذا أتيتم الصلاة"، لكن الظاهر أنه في مفهوم الموافقة.
وأيضًا سامع الإقامة لا يحتاج إلى الإسراع لأنه يتحقق إدراك الصلاة كلها فينتهي عن الإسراع من باب الأولى.
وقد لحظ بعضهم معنى غير هذا فقال: الحكمة في التقييد بالإقامة أن المسرع إذا أقيمت الصلاة يصل إليها فيقرأ في تلك الحال فلا يحصل تمام الخشوع في الترتيل وغيره، بخلاف من جاء قبل ذلك فإن الصلاة قد لا تقام حتى يستريح.
وفيه أنه لا يكره الإسراع لمن جاء قبل الإقامة، وهو مخالف لصريح قوله:
(1)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 262).
(2)
في الأوسط (4/ 238).
(3)
تقدم التعليق على ذلك.
(4)
في السنن الكبرى (2/ 298).
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 323) وعبد الرزاق في المصنف (2/ 226 رقم 3160).
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 119).
(6)
في "الفتح"(2/ 119).
(7)
تقدم برقم (1044) من كتابنا هذا.
"إذا أتيتم الصلاة". لأنه يتناول ما قبل الإقامة؛ وإنما قيد الحديث الثاني بالإقامة؛ لأن ذلك هو الحامل في الغالب على الإسراع.
قوله: (والوقار) قال عياض
(1)
والقرطبي
(2)
: هو بمعنى السكينة وذكر على سبيل التأكيد.
وقال النووي
(3)
: الظاهر أن بينهما فرقًا، وأن السكينة: التأني في الحركات واجتناب العبث. والوقار في الهيئة بغض البصر وخفض الصوت وعدم الالتفات.
قوله: (ولا تسرعوا) فيه زيادة تأكيد، فيستفاد منه الردّ على من أوّل قوله في حديث أبي قتادة
(4)
: "فلا تفعلوا"، بالاستعجال المفضي إلى عدم الوقار، وأما الإسراع الذي لا ينافي الوقار لمن خاف فوت التكبيرة فلا، كذا روي عن إسحق بن راهويه
(5)
.
والحديثان يدلان على مشروعية المشي إلى الصلاة على سكينة ووقار، وكراهية الإسراع والسعي.
والحكمة في ذلك ما نبه عليه صلى الله عليه وسلم كما وقع عند مسلم
(6)
من حديث أبي هريرة بلفظ: "فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة"، أي أنه في حكم المصلي، فينبغي له اعتماد ما ينبغي للمصلي اعتماده واجتناب ما ينبغي للمصلي اجتنابه.
وقد استدلّ بحديثي الباب أيضًا على أن من أدرك الإمام راكعًا لم تحسب له تلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته لأنه فاته القيام والقراءة فيه.
قال في الفتح
(7)
: وهو قول أبي هريرة وجماعة، بل حكاه البخاري في جزء
(1)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 553).
(2)
في "المفهم"(2/ 220) ولفظه: "السكينة والوقار: اسمان لمسمَّى واحد؛ لأنَّ السكينة من السكون، والوقار: من الاستقرار والتثاقل، وهما بمعنى واحد.
(3)
في شرحه لصحيح مسلم رقم (5/ 100).
(4)
تقدم برقم (1044) من كتابنا هذا.
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 118).
(6)
في صحيحه رقم (152/ 602).
(7)
في "الفتح"(2/ 119).
القراءة خلف الإمام
(1)
، عن كل من ذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام، واختاره ابن خزيمة والضبعي وغيرهما من الشافعية، وقوّاه الشيخ تقيّ الدين السبكي من المتأخرين.
وقد قدمنا البحث عن هذا في باب ما جاء في قراءة المأموم وإنصاته إذا سمع إمامه
(2)
.
قال المصنف
(3)
رحمه الله بعد أن ساق الحديثين ما لفظه: وفيه حجة لمن قال: إن ما أدركه المسبوق آخر صلاته، واحتجّ من قال بخلافه بلفظة الإتمام، انتهى.
وقد عرفت الجمع بين الروايتين
(4)
.
[الباب الخامس] باب ما يؤمر به الإمام من التخفيف
18/ 1046 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاس
(1)
(ص 10 - 25)(رقم 18 وحتى رقم 87) باب وجوب القراءة للإمام والمأموم وأدنى ما يجزي من القراءة.
(2)
الباب الحادي عشر عند الحديث رقم (35/ 696) من كتابنا هذا.
(3)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 602).
(4)
وإليك بعض الآثار الواردة عن الصحابة في السير إلى الصلاة:
1 -
أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 290) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 358) وابن المنذر في الأوسط (4/ 147) من طريق عمرو بن دينار، عن أبي نضرة، عن أبي ذر قال:(إذا أقيمت الصلاة فليمش إليها أحدكم كما كان يمشي قبل ذلك فما أدرك فليصل وما فاته فليتمه).
وهو أثر صحيح.
2 -
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 359) حدثنا وكيع نا جعفر بن حيان أبو الأشهب عن ثابت عن أنس قال: خرجت مع زيد بن ثابت إلى المسجد فاسرعت المشي فحبسني".
وهو أثر صحيح.
3 -
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 358) حدثنا وكيع نا سفيان عن عمرو بن قيس الملائي عن سلمة بن كهيل عن عمارة بن عمير عن عبد الله بن مسعود قال: أحق ما سعينا إليه الصلاة"، وهو أثر صحيح.
فَلْيُخَفِّفْ، فإنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، فإذا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ ما شاءَ" رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا ابْنَ ماجَهْ
(1)
. [صحيح]
لَكِنَّهُ لَهُ
(2)
مِنْ حَدِيثِ عُثْمانَ بْنِ أبي العاصِ). [صحيح]
19/ 1047 - (وَعَنْ أنَسٍ قَالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُوجزُ الصَّلاةَ وَيُكْمِلُها
(3)
. [صحيح]
وفي رِوَايَةٍ: ما صَلَّيْتُ خَلْفَ إمامٍ قَطُّ أخَفَّ صَلاةً وَلا أتمَّ صَلاةً مِنَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
(4)
. [صحيح]
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِما).
20/ 1048 - (وَعَنْ أنَسٍ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إنِّي لأدْخُلُ فِي الصَّلاةِ وأنا أُرِيدُ إطالَتها فأَسْمَعُ بُكاء الصَّبِيّ فأتجَوَّزُ فِي صَلاتِي مِمَّا أعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكائِهِ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا أبا دَاوُدَ وَالنَّسائيَّ
(5)
. [صحيح]
لَكِنَّهُ لَهُما
(6)
مِنْ حَدِيثِ أبي قَتادَةَ). [صحيح]
(1)
أخرجه أحمد (2/ 317) والبخاري رقم (703) ومسلم رقم (185/ 467) وأبو داود رقم (794) والترمذي رقم (236) والنسائي (2/ 94).
(2)
أي لابن ماجه في سننه رقم (988).
قلت: وأخرجه أحمد (4/ 22) ومسلم رقم (187/ 468) والطبراني في الكبير رقم (8337) و (8338) والطيالسي رقم (940) وأبو عوانة (2/ 87) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 116) من طرق.
وهو حديث صحيح.
(3)
أخرجه أحمد (3/ 101) والبخاري رقم (706) ومسلم رقم (188/ 469).
(4)
أخرجه أحمد (3/ 240) والبخاري رقم (708) ومسلم رقم (190/ 469).
(5)
أخرجه أحمد (3/ 109) والبخاري رقم (709) ومسلم رقم (192/ 470) والترمذي رقم (376) وابن ماجه رقم (989).
وهو حديث صحيح.
(6)
أي لأبي داود في سننه رقم (789) وللنسائي في سننه (2/ 95).
وهو حديث صحيح.
قوله: (فليخفف) قال ابن دقيق العيد
(1)
: التطويل والتخفيف من الأمور الإضافية، فقد يكون الشيء خفيفًا بالنسبة إلى عادة قوم، طويلًا بالنسبة إلى عادة آخرين.
قال
(2)
: وقول الفقهاء: لا يزيد الإمام في الركوع والسجود على ثلاث تسبيحات، لا يخالف ما ورد عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يزيد على ذلك؛ لأن رغبة الصحابة في الخير لا تقتضي أن يكون ذلك تطويلًا.
قوله: (فإن فيهم) في رواية في البخاري للكشميهني
(3)
: "فإن منهم"، وفي رواية
(4)
: "فإن خلفه"، وهو تعليل للأمر بالتخفيف، ومقتضاه أنه متى لم يكن فيهم من يتصف بإحدى الصفات المذكورات لم يضر التطويل.
ويرد عليه أنه يمكن أن يجيء من يتصف بأحدها بعد الدخول في الصلاة.
وقال اليعمري
(5)
: الأحكام إنما تناط بالغالب لا بالصورة النادرة، فينبغي للأئمة التخفيف مطلقًا.
قال: وهذا كما شرع القصر في صلاة المسافر، وهي مع ذلك تشرع ولو لم تشقّ عملًا بالغالب لأنه لا يدري ما يطرأ عليه وهنا كذلك.
قوله: (فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير)، المراد بالضعيف [هنا]
(6)
: ضعيف الخلقة، وبالسقيم من به مرض.
وفي رواية للبخاري
(7)
: "فإن منهم المريض والضعيف"، والمراد بالضعيف في هذه الرواية: ضعيف الخلقة بلا شكّ.
وفي رواية للبخاري
(8)
أيضًا عن ابن مسعود: "فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة".
وكذلك في رواية أخرى له
(9)
من حديثه، والمراد بالضعيف في هاتين
(1)
في "إحكام الأحكام"(1/ 209).
(2)
أي: ابن دقيق العيد في المرجع السابق.
(3)
كما في فتح الباري (2/ 199).
(4)
للبخاري رقم (704).
(5)
أي: ابن سيد الناس.
(6)
زيادة من المخطوط (أ).
(7)
في صحيحه رقم (90).
(8)
في صحيحه رقم (702).
(9)
أي للبخاري في صحيحه رقم (704).
الروايتين المريض، ويصحّ أن يراد من فيه ضعف، [وهو]
(1)
أعمّ من الحاصل بالمرض أو بنقصان الخلقة.
وزاد مسلم
(2)
من وجه آخر في حديث أبي هريرة: "والصغير".
وزاد الطبراني
(3)
من حديث عثمان بن أبي العاص: "والحامل والمرضع".
وله
(4)
من حديث عديّ بن حاتم: "والعابر السبيل".
قوله: (فليطوّل ما شاء)، ولمسلم
(5)
: "فليصلّ كيف شاء"، أي مخففًا أو مطوّلًا.
واستدلّ بذلك على جواز إطالة القراءة ولو خرج الوقت، وهو المصحح عند بعض الشافعية.
قال الحافظ
(6)
: وفيه نظر لأنه يعارضه عموم قوله في حديث أبي قتادة: إنما التفريط أن تؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى"، أخرجه مسلم
(7)
.
وإذا تعارضت مصلحة المبالغة في الكمال بالتطويل ومفسدة إيقاع الصلاة في غير وقتها كان مراعاة ترك المفسدة أولى.
واستدلّ بعمومه أيضًا على جواز تطويل الاعتدال من الركوع وبين السجدتين.
قوله: (لكنه له من حديث عثمان بن أبي العاص) في إسناده
(1)
في المخطوط (ب): وهم.
(2)
في صحيح رقم (183/ 467).
(3)
في الأوسط رقم (7978).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 73) وقال: (ورجا له موثقون) قلت: الحسن البصري لم يسمع من عثمان بن أبي العاص، صرح بذلك الحافظ في "تهذيب التهذيب"(1/ 388).
فالإسناد فيه انقطاع، والله أعلم.
(4)
أي للطبراني في المعجم الكبير (ج 17 رقم 222).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 73) وقال: رواه بطوله وهو عند الإمام أحمد باختصار
…
ورجال الحديثين ثقات.
(5)
في صحيحه رقم (183/ 467).
(6)
في "فتح الباري"(2/ 200).
(7)
في صحيحه رقم (311/ 681).
محمد بن عبد الله القاضي
(1)
، ضعفه الجمهور ووثقه ابن معين وابن سعد.
وقد أخرج حديث عثمان المذكور مسلم في صحيحه
(2)
.
قوله: (ويوجز الصلاة ويكملها) فيه أن مشروعية التخفيف لا تستلزم أن تبلغ إلى حدّ يكون بسببه عدم [تمام]
(3)
أركان الصلاة وقراءتها، وأن من سلك طريق النبيّ صلى الله عليه وسلم في الإيجاز والإتمام لا يشتكي منه تطويل
(4)
.
(1)
انظر: التقريب رقم (6046) وخلاصة القول المفهم على تراجم رجال جامع الإمام مسلم (2/ 26 - 27 رقم 1425/ 67) فهو ثقة.
(2)
في صحيحه رقم (186/ 468).
(3)
في المخطوط (ب): (إتمام).
(4)
قال الشيخ محمد بن رزق بن الطرهوني، في رسالته:"من أمَّ الناس فليخفف"، بعدما ذكر بعض الأحاديث في الأمر بالتخفيف، وأورد تطبيقه صلى الله عليه وسلم للتخفيف، كما بين مقدار قراءته في صلاة الفجر والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفي صلاة الجمعة، والعيدين، والجنازة، والكسوف، بالأدلة الثابتة قال (ص 57 - 58) "والخلاصة: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتخفيف فكان أول من التزم ذلك الأمر فبيَّن ما هو التخفيف الذي أراده بتطبيقه إياه في الصلاة. قال تعالى: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88]، فكان صلى الله عليه وسلم كما قال أنس أخف الناس صلاة في تمام.
- المقياس الأساسي لمقدار الصلاة على النحو التالي:
الصبح: من ستين إلى مائة آية من طوال المفصل في الركعتين، أي بما يعادل سورتي السجدة والإنسان على الأقل، وهما السورتان اللتان ينبغي أن يقرأ بهما في فجر يوم الجمعة.
الظهر: بنحو الفجر في الركعتين الأوليين، وبنصفه في الأمر الأُخريين على تقدير الفجر بأقل أحواله فيكون في كل من الأوليين بقدر سورة السجدة وفي كل من الأُخريين بنصف ذلك.
العصر: نصف الظهر في الركعات الأربع.
المغرب: بما يقرب من سورة الطور في الركعتين أي بنحو سورة عم يتساءلون.
العشاء: بنحو الشمس وضحاها وما يقاربها.
الجمعة: بسورتي الجمعة والمنافقون، أو سبح والغاشية، أو الجمعة والغاشية.
العيدين: بـ (قَ) و (اقتربت) أو (سبح) و (الغاشية).
الكسوف: بنحو (البقرة) أو (العنكبوت) في القيام الأول، وبنحوه في القيام الثاني من الركعة الأولى. وبنحو (آل عمران) أو (الروم) في القيام الأول، وبنحوه في القيام الثاني من الركعة الثانية.
الجنازة: بالفاتحة وسورة خفيفة للإسراع بالجنازة.
- مقدار الركوع، والسجود، والرفع منهما، بما يناسب القراءة حتى يقول القائل أن جميع الأركان سواء ويمكث في الرفع منهما حتى يقول القائل قد نسي. إلا الركوع والسجود في الكسوف فإنه طويل جدًّا" اهـ.
وروى ابن أبي شيبة
(1)
أن الصحابة كانوا يتمون ويوجزون ويبادرون الوسوسة، فبين العلة في تخفيفهم.
قوله: (إني أدخل في الصلاة)[و]
(2)
في رواية للبخاري
(3)
: "إني لأقوم في الصلاة".
قوله: (وأنا أريد إطالتها) فيه أن من قصد في الصلاة الإتيان بشيء مستحبّ لا يجب عليه الوفاء به خلافًا لأشهب.
قوله: (فأسمع بكاء الصبيّ) فيه جواز إدخال الصبيان المساجد، وإن كان الأولى تنزيه المساجد عمن لا يؤمن حدثه فيها لحديث:"جنبوا مساجدكم" وقد تقدم
(4)
.
قوله: (فأتجوّز) فيه دليل على مشروعية الرفق بالمأمومين وسائر الأتباع ومراعاة مصالحهم، ودفع ما يشقّ عليهم وإن كانت المشقة يسيرة وإيثار تخفيف الصلاة للأمر يحدث.
قوله: (لكنه لهما من حديث أبي قتادة) هو في البخاري
(5)
ولفظه: "إني لأدخل في الصلاة فأريد إطالتها فأسمع بكاء الصبيّ فأتجوّز مما أعلم من شدّة وجد أمه من بكائه".
وأحاديث الباب تدلّ على مشروعية التخفيف للأئمة وترك التطويل للعلل المذكورة من الضَّعفِ والسُّقْمِ والكِبَر والحاجَةِ واشتغالِ خاطرِ أمّ الصبيّ ببكائه، ويلحق بها ما كان فيه معناها.
قال أبو عمر بن عبد البر
(6)
: التخفيف لكل إمام أمر مجمع عليه، [مندوب عند العلماء إليه]
(7)
، إلا أن ذلك إنما هو أقلّ الكمال.
(1)
في المصنف (2/ 57).
(2)
زيادة من المخطوط (ب).
(3)
في صحيحه رقم (707).
(4)
خلال شرح الحديث رقم (48/ 641) - من كتابنا هذا - من حديث واثلة بن الأسقع عند ابن ماجه رقم (750) وهو حديث ضعيف والله أعلم.
(5)
في صحيحه رقم (707).
(6)
في التمهيد (4/ 262).
(7)
في المخطوط (ب): (مندوب إليه عند العلماء).
وأما الحذف والنقصان فلا "لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن نقر الغراب"
(1)
.
ورأى رجلًا يصلي فلم يتمّ ركوعه، فقال له:"ارجع فصلّ فإنك لم تصل"
(2)
.
وقال: "لا ينظر الله إلى من لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده"
(3)
.
ثم قال: لا أعلم خلافًا بين أهل العلم في استحباب التخفيف لكل من أمّ قومًا على ما شرطنا من الإتمام.
وقد روي عن عمر بن الخطاب
(4)
أنه قال: "لا تبغضوا الله إلى عباده، يطوّل أحدكم في صلاته حتى يشقّ على من خلفه" انتهى.
وقد ورد في مشروعية التخفيف أحاديث غير ما ذكره المصنف.
(منها): عن عديّ بن حاتم عند ابن أبي شية
(5)
.
وعن سمرة عند الطبراني
(6)
.
وعن مالك بن عبد الله الخزاعي عند الطبراني
(7)
أيضًا.
وعن أبي واقد الليثي عند الطبراني
(8)
أيضًا.
(1)
أخرجه أحمد في المسند (3/ 428) وأبو داود رقم (862)، والنسائي (2/ 214 رقم 1112) وابن ماجه رقم (1429) من حديث عبد الرحمن بن شبل وهو حديث حسن.
(2)
أخرجه أحمد في المسند (2/ 472) والبخاري رقم (793) ومسلم رقم (45/ 397) من حديث أبي هريرة.
(3)
أخرجه أحمد في المسند (2/ 525) وهو حديث حسن تقدم برقم (82/ 743) من كتابنا هذا.
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (9/ 70).
(5)
في المصنف (2/ 55) بسند حسن.
(6)
لم أجده عند الطبراني في حديث سمرة بل وجدته في الأوسط برقم (5492) من حديث جابر بن عبد الله.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 73) وقال: ورجاله رجال الصحيح.
(7)
في المعجم الكبير (ج 19 رقم 651).
(8)
في المعجم الكبير (ج 3 رقم 3314).
وعن ابن مسعود عند البخاري
(1)
ومسلم
(2)
.
وعن جابر بن عبد الله عند البخاري
(3)
ومسلم
(4)
أيضًا.
وعن ابن عباس عند ابن أبي شيبة
(5)
.
وعن حزم بن أبيّ [بن]
(6)
كعب الأنصاري عند أبي داود
(7)
.
وعن رجل من بني سلمة يقال له سليم من الصحابة عند أحمد
(8)
.
وعن بريدة عند أحمد
(9)
أيضًا.
وعن ابن عمر عند النسائي
(10)
.
[الباب السادس] باب إطالة الإمام الرّكعة الأولى وانتظار من أحسّ به داخلًا ليدرك الركعة
فِيهِ عَنْ أبي قَتَادَةَ وَقَدْ سَبَقَ
(11)
.
21/ 1049 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ [قَالَ]
(12)
: لَقَدْ كَانَتِ [صَلَاةَ الظُّهرِ]
(13)
تُقَامُ
(1)
في صحيحه رقم (702).
(2)
في صحيحه رقم (182/ 466).
(3)
في صحيحه رقم (705).
(4)
في صحيحه رقم (178/ 465).
(5)
في المصنف (2/ 55) عن عباس الجشمي وليس في الباب عن ابن عباس.
(6)
ساقطة من المخطوط (ب).
(7)
في سننه رقم (791) وقال الألباني رحمه الله: منكر بذكر المسافر.
(8)
في المسند (5/ 74) بسند منقطع؛ لأن معاذ بن رفاعة لم يسمع هذا الحديث من سليم.
فقد جاء في آخر الحديث أن سليمًا استشهد في أحد.
ولكن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(9)
في المسند (5/ 355) بسند حسن. وقوله: فقرأ فيها: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: 1]، شاذ من حديث بريدة الأسلمي؛ لأن المحفوظ أنه قرأ فيها (البقرة) كما في حديث جابر في "الصحيحين".
(10)
في سننه (2/ 95 رقم 826) وهو حديث صحيح.
(11)
برقم: (46/ 707) من كتابنا هذا وهو حديث متفق عليه.
(12)
زيادة من المخطوط (ب).
(13)
في المخطوط (أ): (الصلاة) والمثبت من المخطوط (ب) وهو موافق لصحيح مسلم.
فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلى البَقِيعِ فَيَقْضِي حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يَأْتي وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرَّكْعَةِ
الأُولى مِمَّا يُطَوِّلَهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ
(2)
وَابْنُ مَاجَهْ
(3)
وَالنّسَائِيُّ)
(4)
. [صحيح]
22/ 1050 - (وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبي أَوْفَى أَنّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: كَانَ يَقُومُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ حَتَّى لا يَسْمَعَ وَقْعَ قَدَمٍ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وأبُو دَاوُدَ)
(6)
. [ضعيف]
حديث أبي قتادة تقدم مع شرحه في باب السورة بعد الفاتحة في الأوليين من أبواب صفة الصلاة
(7)
، وفيه بعد ذكر أنه كان يطوّل في الأولى قال: فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى.
وحديث عبد الله بن أبي أوفى أخرجه أيضًا البزار
(8)
وسياقه أتمّ، وفي
(1)
في المسند (3/ 35).
(2)
في صحيحه رقم (161/ 454).
(3)
في سننه رقم (825).
(4)
في سننه (2/ 164 رقم 973).
وهو حديث صحيح.
(5)
في المسند (4/ 356).
(6)
في سننه رقم (802).
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 337) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 66) من طريق عفَّان بن مسلم الصفار، حدثنا همام، حدثنا محمد بن جُحَادة عن رجل عن عبد الله بن أبي أوفى، به.
قلت: سنده ضعيف لإبهام الراوي عن عبد الله بن أبي أوفى. وقد سمّي عند البيهقي في السنن الكبرى (2/ 66) من طريق يحيى الحمَّاني، عن أبي إسحاق الحُميسي، عن محمد بن جحادة، قال: عن طرفة الحضرمي، عند عبد الله بن أبي أوفى، به.
قلت: يحيى الحماني، وأبو إسحاق الحميسي ضعيفان.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف والله أعلم.
(7)
برقم: (46/ 707) من كتابنا هذا وهو حديث متفق عليه.
(8)
في المسند (رقم 529 - كشف).
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 133): "رواه البزار، والطبراني في الكبير إلا أنه قال لو جعلت جنبًا في الرمضاء لأنضجته مكان جنبيه، وطرفة الحضرمي قال الأزدي: لا يصح حديثه، وفيه من قيل أنه مجهول.
قلت: كأنه يشير إلى حازم بن حسين، وقد وقع في الأصل بالمهملة، والصواب بالمعجمة، وليس بمجهول. انظر: الميزان (1/ 626 رقم الترجمة 2398). =
إسناده رجل مجهول لا يعرف، وسماه بعضهم طرفة الحضرمي
(1)
وهو مجهول كما قال الأزدي.
وفيه حديث أبي قتادة
(2)
وأبي سعيد
(3)
مشروعية التطويل في الركعة الأولى من صلاة الظهر وغيرها.
وقد قدمنا الكلام على ذلك في أبواب صفة الصلاة.
وقد استدلّ القائلون بمشروعية تطويل - الركعة الأولى لانتظار الداخل ليدرك فضيلة الجماعة بتلك الرواية التي ذكرناها من حديث أبى قتادة
(4)
أعنى قوله: "فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى".
واستدلوا أيضًا بحديث ابن أبي أوفى
(5)
المذكور في الباب.
وقد حكى استحباب ذلك ابن المنذر
(6)
عن الشعبي
(7)
والنخعي
(8)
وأبي مجلز
(9)
وابن أبي ليلى
(10)
من التابعين.
وقد نقل الاستحباب أبو الطيب الطبري عن الشافعي في الجديد. وفى التجريد للمحاملي نسبة ذلك إلى القديم وأن الجديد كراهته
(11)
.
= فقد قال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو داود: روى مناكير، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه.
(1)
قال الذهبي في الميزان (2/ 335 رقم الترجمة 3982): طَرَفة الحضرمي. لا يصح حديثه. قاله الأزدي.
(2)
برقم: (46/ 707) من كتابنا هذا وهو حديث متفق عليه.
(3)
برقم (21/ 1049) من كتابنا هذا.
(4)
تقدم برقم (46/ 707) من كتابنا هذا.
(5)
تقدم برقم (22/ 1055) من كتابنا هذا ولكنه ضعيف لا تقوم به الحجة.
(6)
في الأوسط (4/ 235 - 236 مسألة رقم 603).
(7)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 337) من طريق (إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: إذا كنت إمامًا فدخل إنسان وأنت راكع فانتظره.
(8)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 235).
(9)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 337) من طريق عمران بن حدير عن أبي مجلز قال: إذا جاء أحدكم والإمام راكع فليسرع المشي فإنا ننتظره.
(10)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 337) من طريق عبد الله بن عيسى، عنه.
(11)
ذكر ذلك الحافظ في "الفتح"(2/ 203).
قلت: المذهب عند الشافعية استحب للإمام انتظار الداخل وهو راكع ما لم يشق على =
وذهب أبو حنيفة
(1)
ومالك
(2)
والأوزاعي
(3)
وأبو يوسف (3) وداود والهادوية إلى كراهة الانتظار، واستحسنه ابن المنذر
(4)
.
وشدّد في ذلك بعضهم وقال: أخاف أن يكون شركًا، وهو قول محمد بن الحسن
(5)
؛ وبالغ بعض أصحاب الشافعي
(6)
فقال: إنه مبطل للصلاة.
وقال أحمد وإسحق فيما حكاه عنهما ابن بطال
(7)
: إن كان الانتظار لا يضرّ بالمأمومين جاز، وإن كان مما يضرّ ففيه الخلاف.
وقيل: إن كان الداخل ممن يلازم الجماعة انتظره الإمام وإلا فلا روى ذلك النووي في شرح المهذّب
(8)
عن جماعة من السلف.
وقد استدلّ الخطابي في المعالم
(9)
على الانتظار المذكور بحديث أنس المتقدّم
(10)
في الباب الأوّل في التخفيف عند سماع بكاء الصبيّ فقال: فيه دليل على أن الإمام وهو راكع إذا أحسّ بداخل يريد الصلاة معه كان له أن ينتظره راكعًا ليدرك فضيلة الركعة في الجماعة؛ لأنه إذا كان له أن يحذف من طول
= المأمومين. انظر: "حلية العلماء"(2/ 191) وروضة الطالبين (1/ 342 - 343).
قال النووي في "المجموع"(4/ 126): "
…
والصحيح استحباب الانتظار مطلقًا بشروط: أن يكون المسبوق داخل المسجد حين الانتظار، وألا يفحش طول الانتظار، وأن يقصد به التقرب إلى الله تعالى لا التودد إلى الداخل وتمييزه؛ وهذا معنى قولهم: لا يميز بين داخل وداخل. فإن قلنا: لا ينتظر فانتظر لم تبطل صلاته على المذهب، وبه قطع الجمهور. وحكى جماعة الخراسانيين في بطلانها قولًا ضعيفًا غربيًا كالانتظار الزائد في صلاة الخوف" اهـ.
وأيضًا هذا مذهب الحنابلة، انظر: المغني (3/ 78) والإنصاف (2/ 240 - 421).
(1)
انظر: البناية في شراح الهداية (2/ 362).
(2)
انظر: الإشراف (1/ 111) وشرح الخرشي (2/ 20).
(3)
ذكره ابن المنذر في الأوسط (4/ 235 - 236).
(4)
قال ابن المنذر في "الأوسط"(4/ 236): "قال أبو بكر: ليس بحبس الإمام من سبق لمن يأتي بعد معنى، وربما اتصل مجيء الناس" اهـ.
(5)
رده النووي في المجموع (4/ 128 - 129).
(6)
تقدم الصحيح من المذهب آنفًا. وانظر: المجموع (4/ 126، 128).
(7)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 336).
(8)
المجموع (4/ 126، 128).
(9)
في معجم السنن (1/ 499).
(10)
برقم (1048) من كتابنا هذا.
الصلاة لحاجة إنسان في بعض أمور الدنيا كان له أن يزيد فيها لعبادة الله تعالى، بل هو أحقّ بذلك وأولى، وكذلك قال ابن بطال
(1)
.
وتعقبهما ابن المنير
(2)
والقرطبي
(3)
: بأن التخفيف ينافي التطويل فكيف يقاس عليه؟ قال ابن المنير: وفيه مغايرة للمطلوب لأن فيه إدخال مشقة على جماعة لأجل واحد، وهذا لا يردّ على أحمد وإسحاق لتقييدهما الجواز بعدم الضرّ للمؤتمين كما تقدم.
وما قالاه هو أعدل المذاهب في المسألة، وبمثله قال أبو ثور
(4)
.
[الباب السابع] باب وجوب متابعة الإمام والنهي عن مسابقته
23/ 1051 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إنمَا جُعِلَ الإِمامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى قاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أجمَعُونَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(5)
. [صحيح]
وفي لَفْظ: "إِنَّمَا الامَامُ ليُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَلَا تُكَبِّرُوا حَتَّى يُكَبِّرَ، وَإِذَا رَكَعَ فارْكَعُوا، وَلا تَرْكَعُوا حتَّى يَرْكَعَ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَلا تَسْجُدُوا حتَّى يَسْجُدَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(6)
وأبُو دَاوُدَ)
(7)
. [صحيح]
(1)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 336).
(2)
ذكره الحافظ في الفتح (2/ 203).
(3)
في "المفهم"(2/ 79).
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 203).
(5)
أحمد في المسند (2/ 314) والبخاري رقم (722) ومسلم رقم (86/ 414).
(6)
في المسند (2/ 341).
(7)
في سننه رقم (603).
قلت: وأخرجه مسلم رقم (415) وابن خزيمة رقم (1575) والبيهقي في السنن الصغرى رقم (544).
وهو حديث صحيح.
في الباب غير [ما ذكر]
(1)
المصنف عن عائشة عند الشيخين
(2)
وأبي داود
(3)
وابن ماجه
(4)
.
وعن جابر عند مسلم
(5)
وأبي داود
(6)
والنسائي
(7)
وابن ماجه
(8)
.
وعن ابن عمر عند أحمد
(9)
والطبراني
(10)
.
وعن معاوية عند الطبراني في الكبير
(11)
. قال العراقي: ورجاله رجال الصحيح.
وعن أسيد بن حضير عند أبي داود
(12)
وعبد الرزاق
(13)
.
وعن قيس بن قهد عند عبد الرزاق
(14)
أيضًا.
(1)
في المخطوط (ب): (ما ذكره).
(2)
البخاري رقم (688) ومسلم رقم (82/ 412).
(3)
في سننه رقم (605).
(4)
في سننه رقم (1237).
وهو حديث صحيح.
(5)
في صحيحه رقم (84/ 413).
(6)
في سننه رقم (602).
(7)
في سننه رقم (1200).
(8)
في سننه رقم (1240).
وهو حديث صحيح.
(9)
في المسند (2/ 93) بسند صحيح.
(10)
في المعجم الكبير (ج 12 رقم 13238).
قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (5450) وابن حبان رقم (2109) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 404) والخطيب في "تاريخه"(12/ 264 - 265) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 67) وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجاله ثقات.
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(11)
في المعجم الكبير (ج 19 رقم 764).
وأوده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 67) وقال: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.
(12)
في سننه رقم (607).
(13)
في المصنف رقم (4085) قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة (2/ 326) بسند صحيح. وهو حديثه صحيح.
(14)
في المصنف رقم (4084). قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 327) بسند صحيح.
وعن أبي أمامة عند ابن حبان في صحيحه
(1)
.
قوله: (إنما جعل الإمام ليؤتمّ به) لفظ (إنما): من صيغ الحصر
(2)
عند جماعة من أئمة الأصول
(3)
والبيان
(4)
.
ومعنى الحصر فيها: إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه.
واختار الآمدي
(5)
أنها لا تفيد الحصر وإنما تفيد تأكيد الإثبات فقط. ونقله أبو حيان عن البصريين.
وفي كلام الشيخ تقيّ الدين بن دقيق العيد
(6)
ما يقتضي نقل الاتفاق على إفادتها للحصر.
والمراد بالحصر هنا حصر الفائدة في الاقتداء بالإمام والاتباع له، ومن شأن التابع أن لا يتقدم على المتبوع، ومقتضى ذلك أن لا يخالفه في شيء من الأحوال التي فصلها الحديث ولا في غيرها قياسًا عليها، ولكن ذلك مخصوص بالأفعال الظاهرة لا الباطنة وهي ما لا يطلع عليه المأموم كالنية فلا يضرّ الاختلاف فيها، فلا يصحّ الاستدلال به على من جوّز ائتمام من يصلي الظهر بمن يصلي العصر، ومن يصلي الأداء بمن يصلي القضاء، ومن يصلي الفرض بمن يصلي النفل وعكس ذلك، وعامة الفقهاء على ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام، وترك مخالفته له في نية أو غيرها؛ لأن ذلك من الاختلاف، وقد نهى عنه صلى الله عليه وسلم بقوله:"فلا تختلفوا".
وأجيب بأنه صلى الله عليه وسلم قد بين وجوه الاختلاف فقال: "فإذا كبر فكبروا" إلخ، ويتعقب بإلحاق غيرها بها قياسًا كما تقدم.
وقد استدلّ بالحديث أيضًا القائلون بأن صحة صلاة المأموم لا تتوقف على
(1)
أشار إليه ابن حبان في صحيحه (5/ 464).
(2)
انظر: "معجم البلاغة العربية"(ص 56 - 57).
(3)
البحر المحيط (2/ 331).
(4)
معترك الأقران في إعجاز القرآن (1/ 138).
(5)
في إحكام الأحكام في أصول الأحكام (3/ 106 - 107).
(6)
في إحكام الأحكام (3/ 201). والبحر المحيط (2/ 330).
صحة صلاة الإمام إذا بان جنبًا أو محدثًا أو عليه نجاسة خفية، وبذلك صرّح أصحاب الشافعي
(1)
بناء على اختصاص النهي عن الاختلاف بالأمور المذكورة في الحديث، أو بالأمور التي يمكن المؤتمّ الاطلاع عليها.
قوله: (فإذا كبر فكبروا) فيه أن المأموم لا يشرع في التكبير إلا بعد فراغ الإمام منه، وكذلك الركوع والرفع منه والسجود.
ويدلّ على ذلك أيضًا قوله في الرواية الثانية: "ولا تكبروا ولا تركعوا ولا تسجدوا"، وكذلك سائر الروايات المشتملة على النهي وستأتي.
وقد اختلف في ذلك هل هو على سبيل الوجوب أو الندب؟
والظاهر الوجوب من غير فرق بين تكبيرة الإحرام وغيرها.
قوله: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهمَّ ربنا لك الحمد) فيه دليل لمن قال: إنه يقتصر المؤتمّ في ذكر الرفع من الركوع على قوله: ربنا لك الحمد، وقد قدمنا بسط ذلك في باب ما يقول: في رفعه من الركوع من أبواب صفة الصلاة
(2)
، وقدمنا أيضًا الكلام على اختلاف الروايات في زيادة الواو وحذفها.
قوله: (وإذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا) فيه دليل لمن قال: إن المأموم يتابع الإمام في الصلاة قاعدًا وإن لم يكن المأموم معذورًا
(3)
، وإليه ذهب أحمد
(4)
وإسحق والأوزاعي وأبو بكر بن المنذر وداود
(5)
وبقية أهل الظاهر.
وسيأتي الكلام على ذلك في باب اقتداء القادر على القيام بالجالس.
قوله: (أجمعون) كذا في أكثر الروايات بالرفع على التأكيد لضمير الفاعل في قوله: ["فصلوا"]
(6)
وفي بعضها بالنصب على الحال.
(1)
في الأم (8/ 541 - 542).
(2)
في الباب الرابع والعشرين منه عند الحديث رقم (79/ 740) من كتابنا هذا.
(3)
المجموع شرح المهذب (4/ 161 - 162).
(4)
المغني لابن قدامة (3/ 61 - 64).
(5)
في المحلى (3/ 65 - 66).
(6)
في المخطوط (أ)(صلوا).
24/ 1052 - (وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أما يَخْشَى أحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوّلَ اللهُ رأسَهُ رأسَ حِمارٍ، أَوْ يُحَوّل الله صُورَتَهُ صُورَةَ حِمارٍ؟ "، رَوَاهُ الجَماعَةُ)
(1)
. [صحيح]
25/ 1053 - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أيُّهَا النَّاسُ إِنِّي إمَامُكُمْ فَلا تَسْبِقُونِي بالرُّكُوعِ وَلا بِالسُّجُودِ وَلَا بِالقِيَامِ وَلَا بِالْقُعُودِ ولَا بالانْصِرَافِ" رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وَمُسْلِمٌ)
(3)
. [صحيح]
26/ 1054 - (وَعَنْهُ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَرْكَعُوا حَتَّى يَرْكَعَ، وَلَا تَرْفَعُوا حَتَّى يَرْفَعَ"، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)
(4)
. [صحيح]
قوله: (أما يخشى أحدكم) أما مخففة حرف استفتاح مثل ألا، وأصلها نافية دخلت عليها همزة الاستفهام وهي [ها]
(5)
هنا استفهام توبيخ
(6)
.
(1)
أحمد (2/ 260، 504) والبخاري رقم (691) ومسلم رقم (114، 115/ 427) وأبو داود رقم (623) والترمذي رقم (582) والنسائي (2/ 96 رقم 828) وابن ماجه رقم (961) قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (2490) وابن خزيمة رقم (1600).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
في المسند (3/ 102).
(3)
في صحيحه رقم (112/ 426).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (624).
(4)
في صحيحه رقم (689).
(5)
زيادة من المخطوط (ب).
(6)
الاستفهام هو من الإنشاء الطلبي، ومعناه طلب الفهم، أي طلب حصول صورة الشيء المستفهم عنه في ذهن المستفهم.
ومن الألفاظ الموضوعه للاستفهام: (الهمزة، وهل، وما، ومَنْ، وأيّ، وكم، وكيف، وأين، وأنَّى، وحتى، وأيّان).
والاستفهام التوبيخى: هو ما يكون ظاهره الاستفهام، ومعناه التوبيخ، كقوله تعالى:{أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [الأنعام: 130].
وأكثر ما يقع التوبيخ في أمر ثابت، وبّخ على فعله، كما يقع على ترك فعل ينبغي أن يقع كقوله تعالى:{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} [فاطر: 37]، وقوله تعالى:{أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: 97].
[معترك الأقران (1/ 329)، ومعجم البلاغة (ص 224)].
قوله: (إذا رفع رأسه قبل الإمام) زاد ابن خزيمة
(1)
: "في صلاته"، والمراد الرفع من السجود.
ويدلُّ على ذلك ما وقع في رواية حفص بن عمر
(2)
: "الذي يرفع رأسه والإمام ساجد".
وفيه تعقب على من قال: إن الحديث نصّ في المنع من تقدم المأموم في الرفع من الركوع والسجود معًا، وليس كذلك بل هو نصّ في السجود ويلتحق به الركوع لكونه في معناه.
ويمكن الفرق بينهما بأن السجود له مزيد مزية؛ لأن العبد أقرب ما يكون فيه من ربه.
وأما التقدم على الإمام في الخفض للركوع والسجود فقيل: يلتحق به من باب الأولى؛ لأن الاعتدال والجلوس بين السجدتين من الوسائل، والركوع والسجود من المقاصد، وإذا دلّ الدليل على وجوب الموافقة فيما هو وسيلة فأولى أن يجب فيما هو مقصد.
قال الحافظ
(3)
: ويمكن أن يقال: ليس هذا بواضح لأن الرفع من الركوع والسجود يستلزم قطعه عن غاية كماله.
قال: وقد ورد الزجر عن الرفع والخفض قبل الإمام [من]
(4)
حديث أخرجه البزار
(5)
عن أبي هريرة مرفوعًا: "الذي يخفض ويرفع قبل الإمام إنما ناصيته بيد شيطان".
وأخرجه عبد الرزاق
(6)
من هذا الوجه موقوفًا وهو المحفوظ.
(1)
في صحيحه رقم (1600) وقد تقدم.
(2)
عند أبي داود في السنن رقم (623) وقد تقدم.
(3)
في الفتح (2/ 183).
(4)
في المخطوط (ب): (في).
(5)
في المسند (رقم 475 - كشف).
قلت: وأخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 348 رقم 7692).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 78) وقال: رواه البزار والطبراني في الأوسط وإسناده حسن.
(6)
في المصنف (2/ 373 رقم 3753) موقوفًا.
والخلاصة: أن حديث أبي هريرة صحيح موقوف، والله أعلم.
قوله: (أو يحوّل الله صورته، إلخ) الشكّ من شعبة، وقد رواه الطيالسي
(1)
عن حماد بن سلمة وابن خزيمة
(2)
عن حماد بن زيد، ومسلم
(3)
عن يونس بن عبيد والربيع بن مسلم كلهم عن محمد بن زياد بغير تردّد، فأما الحمادان فقالا:"رأس"، وأما الربيع فقال:"وجه"، وأما يونس فقال:"صورة"
(4)
. والظاهر أنه من تصرف الرواة.
قال عياض
(5)
: هذه الروايات متفقة لأن الوجه في الرأس ومعظم الصورة فيه.
قال الحافظ
(6)
: لفظ الصورة يطلق على الوجه أيضًا. وأما الرأس فرواتها أكثر وهي أشمل فهي المعتمد، وخصّ وقوع الوعيد عليها لأن بها وقعت الجناية.
وظاهر الحديث يقتضي تحريم الرفع قبل الإمام لكونه توعد عليه بالمسخ وهو أشدّ العقوبات، وبذلك جزم النووي في شرح المهذّب
(7)
، ومع القول بالتحريم فالجمهور على أن فاعله يأثم وتجزئه صلاته، وعن ابن عمر: يبطل، وبه قال أحمد
(8)
في رواية، وأهل الظاهر
(9)
بناء على أن النهي يقتضي الفساد
(10)
والوعيد بالمسخ في معناه.
(1)
في مسنده رقم (2490) وقد تقدم.
(2)
في صحيحه رقم (1600) وقد تقدم.
(3)
في صحيحه رقم (115، 427/ 116) وقد تقدم.
(4)
في صحيح مسلم رقم (114، 115، 116/ 427).
(5)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 341)
(6)
في الفتح (2/ 183).
(7)
في المجموع شرح المهذب (4/ 366).
(8)
ذكره النووي في المجمع (4/ 367).
(9)
في المحلى (4/ 60 - 61).
(10)
ذهب الجمهور إلى أنه إذا تعلق النهي بالفعل بأن طلب الكفَّ عنه، فإن كان لعينه - أي لذات الفعل أو لجزئه وذلك بأن يكون منشأ النهي قبحًا ذاتيًا كان النهي مقتضيًا للفساد المرادف للبطلان سواءٌ كان ذلك الفعل حسّيًا كالزنا وشرب الخمر، أو شرعيًا كالصلاة والصوم، والمراد عندهم أنه يقتضيه شرعًا لا لغة، وقيل: إنه يقتضي الفساد لغةً كما يقتضيه شرعًا. وقيل: إن النهي لا يقتضي الفساد إلا في العبادات فقط دون المعاملات، وبه قال أبو الحسين البصري والغزالي والرازي وابن الملاحي والرَّصاص. [المعتمد (1/ 171) والمحصول (2/ 292 - 293)]. =
وقد ورد التصريح بالنهي في رواية أنس
(1)
المذكورة في الباب عن السبق بالركوع والسجود والقيام والقعود.
وقد اختلف في معنى الوعيد المذكور، فقيل: يحتمل أن يرجع ذلك إلى أمر معنوي، فإن الحمار موصوف بالبلادة فاستعير هذا المعنى للجاهل بما يجب عليه من فرض الصلاة ومتابعة الإمام، ويرجح هذا المجاز أن التحويل لم يقع مع كثرة الفاعلين، لكن ليس في الحديث ما يدلّ على أن ذلك يقع ولا بدّ، وإنما يدلّ على كون فاعله متعرّضًا لذلك، ولا يلزم من التعزض لبشيء وقوعه، وقيل: هو على ظاهره إذ لا مانع من جواز وقوع ذلك.
وقد وردت أحاديث كثيرة تدلّ على جواز وقوع المسخ في هذه الأمة
(2)
.
وأما ما ورد من الأدلة القاضية برفع المسخ عنها فهو المسخ العامّ
(3)
.
= وقال الشوكاني في إرشاد الفحول (ص 388) بتحقيقي: "أن كل نهي من غير فرق بين العبادات والمعاملات يقتضي تحريم المنهي عنه وفساده، المرادف للبطلان اقتضاءً شرعيا، ولا يخرج عن ذلك إلا ما قام الدليل على عدم اقتضائه لذلك فيكون هذا الدليل قرينةً صارفةً له من معناه الحقيقي إلى معناه المجازي. هذا إذا كان النهي عن الشيء لذاته أو لجزئه الذي لا يتم إلا به يقتضي فساده في جميع الأحوال والأزمنة. أما النهي عنه للوصف الملازم يقتضي فساده ما دام ذلك الوصف والنهي عنه. أما النهي عنه لوصف مفارق أو لأمر خارج يقتضي النهي عنه عند إيقاعه متصفًا بذلك الوصف، وعند عدم إيقاعه في ذلك الأمر الخارج عنه لأن النهي عن إيقاعه مقيدًا بهما، يستلزم فساده ما دام قيدًا له".
[انظر مزيد تفصيل في: البحر المحيط (2/ 450 - 452) وأصول السرخسى (1/ 81 - 85)].
(1)
تقدم برقم (1053) من كتابنا هذا.
(2)
منها حديث أبي مالك الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليكوننَّ من أمتي أقوام يستحلُّونَ الحِرَ والحريرَ والخمر والمعازف، ولينزلِنَّ أقوام إلى جَنب عَلم يَروحُ عليهم بسارحة لهم، يأتيهم - يعني الفقير - لحاجة فيقولوا: ارجع إلينا غدًا فيُبَيِّتُهُم الله، ويَضع العَلمَ، ويمسخ آخرين قردةً وخنازير إلى يوم القيامة".
أخرجه البخاري في صحيحه (10/ 51 رقم 5590) بصيغة الجزم.
قلت: وانظر الكلام عليه بالتفصيل في "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني"(10/ 5210 - 5218) بتحقيقي.
(3)
انظر: فتح الباري (8/ 291 - 293).
ومما يبعد المجاز المذكور ما عند ابن حبان
(1)
بلفظ: "أن يُحوِّلَ اللهُ رأسَهُ رأسَ كلب" لانتفاء المناسبة التي ذكروها من بلادة الحمار.
ومما يبعده أيضًا إيراد الوعيد بالأمر المستقبل، وباللفظ الدالّ على تغيير الهيئة الحاصلة، ولو كان المراد التشبيه بالحمار لأجل البلادة لقال مثلًا: فرأسه رأس حمار، ولم يحسن أن يقال له: إذا فعلت ذلك صرت بليدًا، مع أن فعله المذكور إنما نشأ عن البلادة.
واستدلّ بالأحاديث المذكورة على جواز المقارنة.
وردّ بأنها دلت بمنطوقها على منع المسابقة، وبمفهومها على طلب المتابعة، وأما المقارنة فمسكوت عنها.
قوله: (ولا بالانصراف) قال النووي
(2)
: المراد بالانصراف: السلام، انتهى.
ويحتمل أن يكون المراد النهي عن الانصراف من مكان الصلاة قبل الإمام لفائدة أن يدرك المؤتمّ الدعاء، أو لاحتمال أن يكون الإمام قد حصل له في صلاته سهو فيذكر وهو في المسجد [ويعود]
(3)
له كما في قصة ذي اليدين
(4)
.
وقد أخرج أبو داود
(5)
عن (ابن عباس)"أن النبيّ صلى الله عليه وسلم حضهم على الصلاة ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة".
وأخرج الطبراني في الكبير
(6)
عن ابن مسعود بإسناد رجاله ثقات أنه قال: "إذا سلم الإمام وللرجل حاجة فلا ينتظره إذا سلم أن يستقبله بوجهه، وإن فصل الصلاة التسليم".
(1)
في صحيحه رقم (2283) بسند صحيح.
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 150).
(3)
في المخطوط (ب): (فيعود).
(4)
تقدم برقم (1016) من كتابنا هذا.
(5)
في سننه رقم (624) وهو من حديث أنس وليس من حديث ابن عباس.
وهو حديث صحيح.
(6)
في المعجم الكبير (ج 9 رقم 9339).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 147) وقال: ورجاله ثقات.
وروي عنه أنه كان إذا سلم لم يلبث أن يقوم أو يتحوّل من مكانه
(1)
.
[الباب الثامن] باب انعقاد الجماعة باثنين أحدهما صبي أو امرأة
27/ 1055 - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، فَقُمْتُ أُصَلِّي مَعَهُ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فأخَذَ بِرأسِي وأقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ. رَوَاهُ الجَمَاعَةَ
(2)
. [صحيح]
وَفِي لفظ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأنا يَوْمَئِذٍ ابْنُ عَشْرٍ، وَقُمْتُ إِلى جَنْبِهِ عَنْ يَسَارِهِ، فأقامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، قَالَ: وأنا يَوْمَئِذٍ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
.
[صحيح دون قول ابن عباس: "وأنا ابن عشر سنين"]
قوله: (بِتُّ) في رواية: "نمت".
قوله: (يصلي من الليل) قد تقدّم الكلام في صلاة الليل.
(1)
أخرج البخاري في صحيحه رقم (849).
عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث في مكانه يسيرًا. قال ابن شهاب فنرى والله أعلم لكي ينفذ من ينصرف من النساء.
وأخرجه أبو داود رقم (1040) والنسائي (3/ 67 رقم 1333).
وابن ماجه رقم (932) وابن خزيمة رقم (1719) وأحمد (6/ 296 - 297).
وهو حديث صحيح.
• وانظر: حديث عائشة الذي أخرجه مسلم رقم (592) وأبو داود رقم (1512) والنسائي (3/ 69) والترمذي رقم (298) وقال: حسن صحيح.
وابن ماجه رقم (924) وأحمد (6/ 62، 184، 235).
• وكذلك حديث البراء بن عازب الذي أخرجه مسلم رقم (471) وأبو داود رقم (854) والنسائي (3/ 66 - 67) وأحمد (4/ 294).
(2)
أحمد (1/ 341) والبخاري رقم (699) ومسلم رقم (192/ 763) وأبو داود رقم (1357) والترمذي رقم (232) والنسائي رقم (842) وابن ماجه رقم (973).
(3)
في المسند (1/ 364) وهو حديث صحيح دون قول ابن عباس: "وأنا يومئذٍ ابن عشر سنين"، فقد تفرد بها رشدين بن كريب وهو ضعيف. "التقريب" رقم (1943).
قوله: (وأقامني عن يمينه) يحتمل المساواة ويحتمل التقدم والتأخر قليلًا.
وفي رواية
(1)
: "فقمت إلى جنبه" وهو ظاهر في المساواة.
وعن بعض أصحاب الشافعي
(2)
: يستحبّ أن يقف المأموم دونه قليلًا، وليس عليه فيما أعلم دليل.
وفي الموطأ
(3)
عن عبد الله بن مسعود قال: دخلت على عمر بن الخطاب بالهاجرة فوجدته يسبح، فقمت وراءه، فقرّبني حتى جعلني حذاءه عن يمينه.
والحديث له فوائد كثيرة:
(منها): ما بوّب له المصنف من انعقاد الجماعة باثنين أحدهما صبيّ، وليس على قول من منع من انعقاد إمامة من معه صبيّ فقط دليل، ولم يستدلّ لهم في البحر
(4)
إلا بحديث: "رفع القلم"
(5)
، ورفع القلم لا يدلّ على عدم صحة صلاته وانعقاد الجماعة به، ولو سلم لكان مخصصًا بحديث ابن عباس ونحوه.
وقد ذهب إلى أن الجماعة لا تنعقد بصبيّ: الهادي والناصر والمؤيد بالله (4) وأبو حنيفة
(6)
وأصحابه.
وذهب الشافعي والإمام يحيى (4) إلى الصحة من غير فرق بين الفرض والنفل.
وذهب مالك
(7)
وأبو حنيفة (6) في رواية عنه إلى الصحة في النافلة.
(ومنها): صحة صلاة النوافل جماعة، وقد تقدم بعض الكلام على ذلك وسيأتي بقيته.
(ومنها): أن موقف المؤتمّ عن يمين الإمام.
وقال سعيد بن المسيب
(8)
: إن موقف المؤتمّ الواحد عن يسار الإمام، ولم يتابع على ذلك لمخالفته للأدلة.
(1)
لمسلم في صحيحه رقم (182/ 763).
(2)
المجموع شرح المهذب (4/ 184).
(3)
في الموطأ (1/ 154 رقم 32).
(4)
البحر الزخار (1/ 314). وانظر: "شفاء الأوام"(1/ 334).
(5)
تقدم تخريجه برقم (25/ 416) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
(6)
البناية في شرح الهداية (6/ 402).
(7)
في المنتقى للباجي (1/ 235).
(8)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 87) من طريق حماد عنه قال: يقيمة عن يساره. =
وقد اختلف في صحة صلاة من وقف عن اليسار فقيل: لا تبطل بل هي صحيحة وهو قول الجمهور
(1)
، وتمسكوا بعدم بطلان صلاة ابن عباس بوقوفه عن اليسار لتقريره صلى الله عليه وسلم له على أوّل صلاته.
وقيل: تبطل وإليه ذهب أحمد
(2)
والهادوية
(3)
، قالوا: وتقريره صلى الله عليه وسلم لابن عباس لا يدلّ على صحة صلاة من وقف من أوّل الصلاة إلى آخرها عن اليسار عالمًا.
وغاية ما فيه تقرير من جهل الموقف، والجهل عذر، وسيأتي الكلام على الموقف للمؤتمّ الواحد والاثنين والجماعة في أبواب مواقف الإمام والمأموم
(4)
.
(ومنها) جواز الائتمام بمن لم ينو الإمامة، وقد بوّب البخاري
(5)
لذلك.
وفي المسألة خلاف، والأصحّ عند الشافعية
(6)
أنه لا يشترط لصحة الاقتداء أن ينوي الإمام الإمامة.
واستدلّ لذلك ابن المنذر
(7)
بحديث أنس: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلى في رمضان، قال: فجئت فقمت إلى جنبه، وجاء آخر فقام إلى جنبي حتّى كنا رهطًا، فلما أحس النبيّ صلى الله عليه وسلم بنا تجوّز في صلاته" الحديث، وسيأتي
(8)
.
وهو ظاهر في أنه لم ينو الإمامة ابتداء وائتموا هم به ابتداء وأقرّهم، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم
(9)
وعلقه البخاري
(10)
.
= قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 172) حديث ابن عباس يدل على خلاف هذا القول.
(1)
المغني لابن قدامة (3/ 52 - 53) والمجموع (4/ 185).
(2)
في المغني (3/ 52).
(3)
في البحر الزخار (1/ 319).
(4)
في الباب الأول عند الحديث (1/ 1111) والباب الثالث عند الحديث (10/ 1120) من كتابنا هذا.
(5)
في صحيحه رقم الباب (59)، (2/ 192 - مع الفتح).
(6)
المجموع (4/ 98) والمغني (3/ 73).
(7)
في الأوسط (4/ 210) تحت عنوان: ذكر الائتمام بالمصلي الذي لا ينوي الإمامة.
(8)
برقم (1059) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(9)
في صحيحه رقم (59/ 1104).
(10)
في صحيحه معلقًا (2/ 192 - مع الفتح).
وذهب أحمد
(1)
إلى الفرق بين النافلة والفريضة، فشرط أن ينوي في الفريضة دون النافلة، وفيه نظر لحديث أبي سعيد:"أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي وحده، فقال: ألا رجل يتصدّق على هذا فيصلي معه"، أخرجه أبو داود
(2)
وقد حسنه الترمذي
(3)
وصححه ابن خزيمة
(4)
وابن حبان
(5)
والحاكم
(6)
.
28/ 1056 - (وَعَنْ أبي سَعِيدٍ وأبي هُرَيْرَةَ قَالَا: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ وأيْقَظَ أَهْلَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ الله كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)
(7)
. [صحيح]
الحديث ذكر أبو داود
(8)
أن بعضهم لم يرفعه ولا ذكر أبا هريرة وجعله كلام أبي سعيد، وبعضهم رواه موقوفًا.
وقد أخرجه النسائي
(9)
وابن ماجه
(10)
مسندًا.
وفيه مشروعية إيقاظ الرجل أهله بالليل للصلاة، وقد أخرج أبو داود
(11)
والنسائي
(12)
وابن ماجه
(13)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله
(1)
في المغني (3/ 73).
(2)
في سننه رقم (574).
(3)
في سننه رقم (220).
(4)
في صحيحه رقم (1632).
(5)
في صحيحه رقم (2397).
(6)
في المستدرك (1/ 209) وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
قلت: وأخرجه أحمد (3/ 64) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 69) وفي المعرفة رقم (5628) والبغوي في شرح السنة رقم (859) من طرف.
وهو حديث صحيح.
(7)
في سننه رقم (1451).
(8)
في سننه (2/ 74) عقب الحديث رقم (1309).
(9)
في السنن الكبرى (2/ 119 رقم 1312).
(10)
في سننه رقم (1335).
قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (2568) و (2569) والبيهقي في سننه الكبرى (2/ 501).
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(11)
في سننه رقم (1308) و (1450).
(12)
في سننه رقم (1610).
(13)
في سننه رقم (1336).
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1148) وابن حبان رقم (2567) والحاكم (1/ 209) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 501) وأحمد (2/ 250، 436) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. =
رجلًا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء".
وفي إسناده محمد بن عجلان
(1)
، وقد وثقه أحمد ويحيى وأبو حاتم واستشهد به البخاري، وأخرج له مسلم في المتابعة وتكلم فيه بعضهم.
وحديث الباب استدلّ به على صحة الإمامة وانعقادها برجل وامرأة.
وإلى ذلك ذهب الفقهاء
(2)
ولكنه لا يخفى أن قوله: "فصليا ركعتين جميعًا" محتمل لأنه يصدق عليهما إذا صلى كل واحد منهما ركعتين منفردًا أنهما صليا جميعًا ركعتين، أي كل واحد منهما فعل الركعتين ولم يفعلهما أحدهما فقط، ولكن الأصل صحة الجماعة وانعقادها بالمرأة مع الرجل كما تنعقد بالرجل مع الرجل، ومن منع من ذلك فعليه الدليل.
ويؤيد ذلك ما أخرجه الإسماعيلي في مستخرجه عن عائشة أنها قالت: "كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا رجع من المسجد صلى بنا"، وقال: إنه حديث غريب.
وقد روى الشافعي
(3)
وابن أبي شيبة
(4)
والبخاري تعليقًا
(5)
عن عائشة أنها كانت تأتمّ بغلامها.
وحكى المهدي في البحر
(6)
عن العترة أنه لا يؤمّ الرجل امرأة، واستدل لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:"أخِّروهنّ حيث أخرهنّ الله"
(7)
، وقوله: "شرّ صفوف
= والخلاصة: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(1)
"تهذيب التهذيب"(3/ 646 - 647).
(2)
المغني (3/ 7 - 8). والمجموع (4/ 92).
(3)
في المسند رقم (314 - ترتيب).
(4)
في المصنف (2/ 338).
(5)
في صحيحه (2/ 184 رقم الباب 54 - مع الفتح) بصيغة الجزم.
وفي "تغليق التعليق"(2/ 290 - 291) وصححه الحافظ.
قلت: وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" رقم (795) عن علي بن محمد بن أبي الخصيب، عن وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبي بكر بن أبي مليكة، عن عائشة.
وأخرجه أيضًا في طريقين رقم (788) و (789) عن شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنه كان يؤمها عبدٌ لها في مصحف، فالحديث صحيح إن شاء الله.
(6)
البحر الزخار (1/ 315).
(7)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 149 رقم 5115) عن ابن مسعود، قال: كان =
النساء أوّلها"
(1)
، وليس في ذلك ما يدلّ على المطلوب.
واستدلّ أيضًا بأن عليًا منع من ذلك، قال: وهو توقيف. وجعله من التوقيف دعوى مجرّدة لأن المسألة من مسائل الاجتهاد، وليس المنع مذهبًا لجميع العترة، فقد صرّح الهادي
(2)
أنه يجوز للرجل أن يؤمّ بالمحارم في النوافل، وجوّز ذلك المنصور بالله مطلقًا.
[الباب التاسع] باب انفراد المأموم لعذر
ثَبَتَ أن الطَّائِفَةَ الأُولى فِي صَلَاةِ الخَوْفِ تُفارِقُ الإِمَامَ وَتُتِمّ، وَهِي مفارَقَة لِعُذْرٍ
(3)
. [صحيح]
= الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعًا، فكانت المرأة تلبس القالبين، فتقوم عليهما، فقواعد خليلها، فألقى عليهن الحيض، فكان ابن مسعود يقول:(أخروهن من حيث أخرهن الله) قيل: فما القالبان؟ قال: أرجل من خشب يتخذها النساء يتشرفن الرجال في المساجد". اهـ.
وقال الزيلعي في "نصب الراية"(2/ 36): "ومن طريق عبد الرزاق، رواه الطبراني في "معجمه" قال السروجي في "الغاية": كان شيخنا الصدر سليمان يرويه: (الخمر أم الخبائث، والنساء حبائل الشيطان، وأخروهن من حيث أخرهن الله) ويعزوه إلى "مسند رزين".
وقد ذكر هذا الجاهل أنه في "دلائل النبوة" للبيهقي. وقد تتبعته فلم أجده فيه، لا مرفوعًا، ولا موقوفًا. والذي فيه مرفوعًا:(الخمر جماع الإثم، والنساء حبالة الشيطان، والشباب شعبة من الجنون)، ليس فيه:"أخروهن من حيث أخرهن الله" أصلًا". اهـ.
قلت: والخلاصة أن الحديث غريب - أي ضعيف - مرفوعًا كما قال الزيلعي. وسنده صحيح موقوفًا كما قال الحافظ في "الفتح"(2/ 212).
(1)
أخرجه مسلم رقم (132/ 440) وأبو داود رقم (678) والترمذي رقم (224) والنسائي رقم (820) وابن ماجه رقم (1000) وأحمد (2/ 274).
وسيأتي برقم (1123) من كتابنا هذا.
(2)
شفاء الأوام (1/ 346).
(3)
البخاري رقم (4133) ومسلم رقم (305/ 839) من حديث ابن عمر.
وسيأتي برقم (1311) من كتابنا هذا.
وانظر: الحديث رقم (1310) أيضًا من كتابنا هذا.
29/ 1057 - (وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَؤُمَّ قَوْمَهُ، فَدَخَلَ حَرَامٌ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَ نَخْلَهُ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ مَعَ الْقَوْمِ؛ فَلَمَّا رأى مُعَاذًا طَوَّلَ تَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ وَلَحِقَ بِنَخْلِهِ يَسْقِيهِ؛ فَلَمَّا قَضَى مُعَاذٌ الصَّلَاةَ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ: إِنَّهُ لَمُنَافِقٌ أيَعْجَلُ عَنِ الصَّلَاةِ مِنْ أَجْلِ سَقْيِ نَخْلِهِ؟ قالَ: فَجَاءَ حَرَامٌ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَمُعَاذٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: يا نَبِيَّ اللهِ إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَسْقِيَ نَخْلًا لي، فَدَخَلْتُ المَسْجِدَ لأُصَلِّيَ مَعَ القَوْمِ، فَلَما طَوَّلَ تَجَوَّزْتُ فِي صَلاتِي وَلَحِقْتُ بِنَخْلِي أَسْقِيهِ، فَزَعَمَ أني مُنافِقٌ، فأقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم على مُعاذٍ فَقالَ: "أفَتَّان أَنْتَ، أفَتَانٌ أنْتَ؟ لا تُطَوّلْ بِهِمْ، اقْرَأ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى وَالشَّمْسِ وَضُحَاها وَنَحْوِهما")
(1)
. [صحيح لغيره]
30/ 1058 - (وَعَنْ بُرَيْدَةَ الأسْلَمِيِّ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ العِشَاءَ فَقَرأَ فِيهَا اقْتَرَبَتِ السَّاعةُ، فقامَ رَجُلٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْرَغَ فَصَلَّى وَذَهَبَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذ قَوْلًا شَدِيدًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فاعْتَذَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ: إني كُنْتُ أعْمَلُ فِي نَخْلٍ وَخِفْتُ على المَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَعْنِي لِمُعَاذٍ:"صَلّ بالشَّمْسِ وَضُحاها وَنَحْوها مِن السوَرِ"، رَوَاهُمَا أحْمَدُ
(2)
بإسْنَادٍ صَحِيح. [صحيح لغيره]
فإنْ قِيلَ فَفي الصَّحِيحَيْنِ
(3)
مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أن ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي فَارَقَ مُعَاذًا سَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ.
(1)
أخرجه أحمد في المسند (3/ 124) بسند صحيح.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 71) وقال: رجال أحمد رجال الصحيح.
قلت: وأخرجه الضياء في "المختارة" رقم (2292) و (2293).
والبزار في المسند رقم (481 - كشف).
وهو حديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(2)
في المسند (5/ 355).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 119) وقال: رجال أحمد رجال الصحيح.
وهو حديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(3)
البخاري رقم (701) ومسلم رقم (178/ 465).
قلت: وأخرجه أحمد (3/ 299).
وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّهُ مَا بَنَى بل اسْتَأنَفَ.
قِيلَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ: إِنَّ مُعاذًا اسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُمَا [قِصَّتَانِ]
(1)
وَقَعَتَا فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، إِمّا لِرَجُلٍ أَوْ لِرَجُلَيْنِ).
هذه القصة قد رويت على أوجه مختلفة، ففي بعضها لم يذكر تعيين السورة التي قرأها معاذ ولا تعيين الصلاة التي وقع ذلك فيها كما في رواية أنس
(2)
المذكورة.
وفي بعضها أن السورة التي قرأها {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}
(3)
والصلاة: العشاء، كما في حديث بريدة
(4)
المذكور.
وفي بعضها أن السورة التي قرأها: البقرة، والصلاة: العشاء، كما في حديث جابر الذي أشار إليه المصنف
(5)
.
وفي بعضها أن الصلاة: المغرب، كما في رواية أبي داود
(6)
والنسائي
(7)
وابن حبان
(8)
.
ووقع الاختلاف أيضًا في اسم الرجل، فقيل: حرام بن ملحان، وقيل: حزم بن أبي كعب، وقيل: حازم، وقيل: سليم، وقيل: سليمان، وقيل: غير ذلك. وقد جمع بين الروايات بتعدّد القصة، وممن جمع بينها بذلك ابن حبان في صحيحه
(9)
.
قوله: (ثبت أن الطائفة الأولى، إلخ) سيأتي بيان ذلك في كتاب صلاة الخوف.
(1)
في المخطوط (ب): (قضيتان).
(2)
برقم (1057) من كتابنا هذا.
(3)
سورة القمر: الآية (1).
(4)
برقم (1058) من كتابنا هذا.
(5)
عقب الحديث رقم (1058) من كتابنا هذا. وهو في الصحيحين.
وكذلك تقدم برقم (719) من كتابنا هذا أيضًا.
(6)
في سننه رقم (791).
(7)
في سننه رقم (984).
(8)
في صحيحه رقم (2402).
وقال المحدث الألباني رحمه الله: (منكر بذكر المسافر).
(9)
قلت: وانظر: "الفتح"(2/ 193 - 194).
قوله: (فدخل حرام) بالحاء والراء المهملتين ضد حلال، ابن ملحان بكسر الميم وسكون اللام [و]
(1)
بعدها حاء مهملة.
قوله: (فلما طوّل) يعني معاذًا وكذلك قوله: "فزعم".
قوله: (أني منافق) في رواية للبخاري
(2)
: "فكأن معاذًا نال منه"، وللمستملي
(3)
: "تناول منه"، وفي رواية ابن عيينة
(4)
: "فقال له: أنافقت يا فلان؟ فقال: لا والله. ولآتينّ رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وكأن معاذًا قال ذلك أوّلًا ثم قاله أصحابه للرجل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم أو بلغه الرجل كما في حديث الباب وغيره.
وعند النسائي
(5)
قال معاذ: "لئن أصبحت لأذكرنّ ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فأرسل إليه فقال: "ما حملك على الذي صنعت؟ " فقال: يا رسول الله عملت على ناضح لي" الحديث.
ويجمع بين الروايتين بأن معاذًا سبقه بالشكوى، فلما أرسل له جاء فاشتكى من معاذ.
قوله: (أفتان أنت؟) في رواية
(6)
مرّتين، وفي رواية
(7)
ثلاثًا، وفي رواية
(8)
: "أفاتن"، وفي رواية
(9)
: "أتريد أن تكون فاتنًا؟ "، وفي رواية
(10)
: "يا معاذ لا تكن فاتنًا"، ومعنى الفتنة هنا أن التطويل يكون سببًا لخروجهم من الصلاة ولترك الصلاة في الجماعة.
قوله: (لا تطوّل بهم) فيه أن التطويل منهيّ عنه فيكون حرامًا ولكنه أمر نسبي كما تقدم، فنهيه لمعاذ عن التطويل لأنه كان يقرأ بهم سورة البقرة، واقتربت الساعة.
(1)
زيادة من المخطوط (ب).
(2)
في صحيح رقم (701).
(3)
كما في "الفتح"(2/ 195).
(4)
كما في "الفتح"(2/ 195).
(5)
في سننه رقم (831) وهو حديث صحيح.
(6)
عند أبي داود في السنن (رقم 790) وعند أحمد (3/ 124).
(7)
عند البخاري رقم (6106) وأحمد (3/ 299).
(8)
عند البخاري رقم (705).
(9)
عند البخاري رقم (701).
(10)
عند أبي داود رقم (791).
قوله: (اقرأ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}) الأمر بقراءة هاتين السورتين متفق عليه
(1)
من حديث جابر كما تقدّم في أبواب القراءة.
وفي رواية للبخاري
(2)
من حديثه: "وأمره بسورتين من أوسط المفصل".
وفي رواية لمسلم
(3)
بزيادة: "والليل إذا يغشى".
وفي رواية له
(4)
بزيادة: "اقرأ باسم ربك الذي خلق".
وفي رواية لعبد الرزاق
(5)
بزيادة: "الضحى".
وفي رواية للحميدي
(6)
بزيادة: "والسماء ذات البروج".
وفيه أن الصلاة بمثل هذه السور تخفيف، وقد يعد ذلك من لا رغبة له في الطاعة تطويلًا.
قوله: (العشاء) كذا في معظم روايات البخاري وغيره.
وفي رواية: المغرب، كما تقدم
(7)
، فيجمع بما سلف من التعدّد، أو بأن المراد بالمغرب العشاء مجازًا وإلا فما في الصحيح أصحّ وأرجح.
قوله: (اقتربت الساعة) في الصحيحين
(8)
وغيرهما أنه قرأ بسورة البقرة كما أشار إلى ذلك المصنف. وفي رواية لمسلم
(9)
: "قرأ بسورة البقرة أو النساء" على الشكّ.
وفي رواية للسَّرَّاج
(10)
: "قرأ بالبقرة والنساء" بلا شكّ.
(1)
أخرجه أحمد (3/ 124) والبخاري رقم (755) ومسلم رقم (178/ 465).
وقد تقدم برقم (719) من كتابنا هذا.
(2)
في صحيحه رقم (701).
(3)
في صحيحه رقم (465/ 178).
(4)
أي لمسلم في صحيحه رقم (179/ 465).
(5)
في المصنف (رقم 3725).
(6)
في المسند (رقم 1246) بسند صحيح.
(7)
آنفًا عند أبي داود رقم (791) والنسائي وابن حبان وهو حديث منكر بذكر المسافر.
(8)
البخاري رقم (705) ومسلم رقم (178/ 465).
(9)
قال الحافظ في "الفتح"(2/ 193): "
…
وفي رواية محارب: "فقرأ بسورة البقرة أو النساء" على الشك.
(10)
قال الحافظ في "الفتح"(2/ 193): "
…
وللسراج من رواية مسعر عن محارب: "فقرأ بالبقرة والنساء" كذا رأيته بخط الزكي البرزالي بالواو، فإن كان ضبطه احتمل أن يكون قرأ في الأولى بالبقوة وفي الثانية بالنساء
…
" اهـ.
وقد قوّى الحافظ في الفتح
(1)
إسناد حديث بريدة
(2)
، ولكنه قال: هي رواية شاذّة
(3)
.
وطريقُ الجمعِ الحملُ على تعدُّدِ الواقعةِ كما تقدم.
أو ترجيحُ ما في الصحيحين مع عدم الإمكان كما قال بعضهم: إن الجمع بتعدُّدِ الواقعةِ مشكلٌ؛ لأنه لا يظنّ بمعاذ أن يأمره النبيّ صلى الله عليه وسلم بالتخفيف ثم يعود.
وأجيب عن ذلك باحتمال أن يكون معاذ قرأ أوّلًا بالبقرة، فلما نهاه قرأ اقتربت وهي طويلة بالنسبة إلى السور التي أمره بقراءتها.
ويحتمل أن يكون النهي وقع أوّلًا لما يخشى من تنفير بعض من يدخل في الإسلام، ثم لما اطمأنت نفوسهم ظنّ أن المانع قد زال فقرأ فاقتربت؛ لأنه سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور
(4)
، فصادف صاحب الشغل، كذا قال الحافظ
(5)
.
وجمع النووي باحتمال أن يكون قرأ في الأولى بالبقرة فانصرف رجل، ثم قرأ اقتربت في الثانية فانصرف آخر.
وقد استدلّ المصنف بحديث أنس (6) وبريدة (2) المذكورين على جواز صلاة من قطع الائتمام بعد الدخول فيه لعذر وأتمّ لنفسه.
وجمع بينه وبين ما في الصحيحين من أنه سلم من استأنف بتعدّد الواقعة.
ويمكن الجمع بأن قول الرجل: "تجوّزت في صلاتي" كما في حديث أنس
(6)
، وكذلك قوله:"فصلى وذهب" كما في حديث بريدة (2) لا ينافي الخروج من صلاة الجماعة بالتسليم واستئنافها فرادى والتجوّز فيها؛ لأن جميع الصلاة توصف بالتجوّز كما توصف به بقيتها.
(1)
(2/ 193).
(2)
تقدم برقم (1058) من كتابنا هذا.
(3)
قال الحافظ في "الفتح"(2/ 193): "
…
ووقع عند أحمد - في المسند (5/ 355) - من حديث بريدة بإسناد قوي، فقرأ "اقتربت الساعة" وهي شاذة إلا إن حمل على التعدد
…
" اهـ.
(4)
أخرجه البخاري رقم (765) ومسلم رقم (174/ 463). من حديث محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه.
(5)
في "الفتح"(2/ 194).
(6)
تقدم برقم (1057) من كتابنا هذا.
ويؤيد ذلك ما رواه النسائي
(1)
بلفظ: "فانصرف الرجل فصلى في ناحية المسجد"، وفي رواية لمسلم
(2)
: "فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده". وغاية الأمر أن يكون ما في حديثي الباب محتملًا، وما في الصحيحين وغيرهما مبينًا لذلك.
[الباب العاشر] باب انتقال المنفرد إمامًا في النوافل
31/ 1059 - (عَنْ أنَسٍ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ فَجِئْتُ فَقُمْتُ خَلْفَهُ، وَقَامَ رَجُلٌ فَقَامَ إلى جَنْبِي، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ حَتَّى كُنَّا رَهْطًا؟ فَلَمَّا أحَسَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّنَا خَلْفَهُ تَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَصَلَّى صَلاةً لَمْ يُصَلِّهَا عِنْدَنَا؛ فَلَمَّا أصْبَحْنَا قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أفَطِنْتَ بِنَا اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: "نَعَمْ، فَذَلِكَ الَّذِي حَمَلَني على ما صَنَعْتُ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ
(3)
وَمُسْلِمٌ)
(4)
. [صحيح]
32/ 1060 - (وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ؛ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ حُجْرَةً، قالَ: حَسِبْتُ أنَّهُ قالَ: مِنْ حَصِيرٍ فِي رَمَضَانَ فَصَلى فِيهَا لَيَالِي، فَصَلَّى بِصَلاتِهِ ناس مِنْ أصْحابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهمْ جَعَلَ يَقْعُدُ فَخَرَجَ إِلَيْهمْ فَقَالَ: "قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رأيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ فَصَلُّوا أيّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فإنَّ أفْضَلَ الصَّلاةِ صَلاةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا المَكْتُوبَةَ"، رَوَاهُ البُخارِيُّ)
(5)
. [صحيح]
33/ 1061 - (وَعَنْ عائِشَةَ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يُصَلِّي فِي حُجْرَتِهِ وَجِدَارُ الحُجْرَةِ [قَصِيرٌ]
(6)
فَرأى النَّاسُ شَخْصَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ نَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاتِهِ، فأصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا، فَقَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ، فَقامَ ناسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاتِهِ. رَوَاهُ البُخارِيُّ)
(7)
. [صحيح]
(1)
في سننه (2/ 97 - 98 رقم 831) وهو حديث صحيح.
(2)
في صحيحه رقم (178/ 465).
(3)
في المسند (3/ 193).
(4)
في صحيحه رقم (59/ 1104).
(5)
في صحيحه رقم (731).
(6)
في المخطوط (ب): (قصيرًا) وهو خطأ.
(7)
في صحيحه رقم (729).
قوله: (فقمت خلفه) فيه جواز قيام الرجل الواحد خلف الإمام.
وسيأتي في أبواب موقف الإمام والمأموم
(1)
ما يدلّ على خلاف ذلك.
قوله: (كما رهطًا) قال في القاموس
(2)
: الرهط: قوم الرجل وقبيلته، ومن ثلاثة أو سبعة إلى عشرة أو ما دون العشرة وما فيهم امرأة، ولا واحد له من لفظه، الجمع أرهط وأرهاط وأراهيط.
قوله: (فلما أحسَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أننا خلفه تجوّز في صلاته)، لعله فعل ذلك مخافة أن يكتب عليهم كما في سائر الأحاديث، وليس في تجوّزه صلى الله عليه وسلم ودخوله منزله ما يدلّ على عدم جواز ما فعلوه؛ لأنه لو كان غير جائز لما قرّرهم على ذلك بعد علمه به وإعلامهم له.
قوله: (اتخذ حجرة) أكثر الروايات بالراء وللكشميهني
(3)
بالزاي.
قوله: (جعل يقعد) أي يصلي من قعود لئلا يراه الناس فيأتموا به.
قوله: (من صنيعكم) بفتح الصاد وإثبات الياء وللأكثر بضم الصاد وسكون النون، وليس المراد صلاتهم فقط بل كونهم رفعوا أصواتهم وصاحوا به ليخرج إليهم، وحصب بعضهم الباب لظنهم أنه نائم كما ذكر البخاري في الاعتصام من صحيحه
(4)
.
وزاد فيه: "حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كتب عليكم ما قمتم به".
قوله: (فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته)، المراد بالصلاة الجنس الشامل لكل صلاة، فلا يخرج عن ذلك إلا المتكوبة لاستثنائها وما يتعلق بالمسجد كتحية وهل تدخل في ذلك ما وجب لعارض كالمنذورة؟ فيه خلاف.
والمراد بالمرء: جنس الرجال، فلا يدخل في ذلك النساء لما تقدّم من أن صلاتهنّ في بيوتهنّ المكتوبة وغيرها أفضل من صلاتهنّ في المساجد.
قال النووي
(5)
: إنما حثّ على النافلة في البيت لكونه أبعد من الرياء
(1)
(سادس عشر) عند الحديث رقم (1/ 1111) من كتابنا هذا.
(2)
في القاموس (ص 862).
(3)
كما في "فتح الباري"(2/ 215).
(4)
رقم (7290).
(5)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 67 - 68).
وأخفى، وليتبرك البيت بذلك وتنزل فيه الرحمة، وعلى هذا يمكن أن يخرج بقوله:"في بيته" غيره ولو أمن فيه من الرياء.
قوله: (إلا المكتوبة) المراد بها الصلوات الخمس، قيل: ويدخل في ذلك ما وجب بعارض كالمنذورة.
قوله: (في حجرته) ظاهره أن المراد حجرة بيته. ويدلّ عليه ذكر جدار الحجرة.
وأوضح منه رواية حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عند أبي نعيم
(1)
بلفظ: "كان يصلي في حجرة من حجر أزواجه صلى الله عليه وسلم ".
ويحتمل أن تكون الحجرة التي احتجرها في المسجد بالحصير كما في بعض الروايات، وكما تقدّم في حديث زيد بن ثابت
(2)
.
ولأبي داود
(3)
ومحمد بن نصر من وجهين آخرين عن أبي سلمة عن عائشة أنها هي التي نصبت له الحصير على باب بيتها.
قال في الفتح
(4)
: فإما أن يحمل على التعدد أو على المجاز في الجدار وفي نسبة الحجرة إليها.
والأحاديث المذكورة تدلّ على ما بوب له المصنف رحمه الله من جواز انتقال المنفرد إمامًا في النوافل وكذلك في غيرها لعدم الفارق.
وقد قدمنا الخلاف في ذلك في باب انعقاد الجماعة باثنين
(5)
.
وقد استدلّ البخاري في صحيحه
(6)
بحديث عائشة
(7)
المذكور على جواز أن يكون بين الإمام وبين القوم المؤتمين به حائط أو سترة.
(1)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 214).
(2)
فبرقم (1060) من كتابنا هذا.
(3)
في سننه رقم (1374).
قلت: وأخرجه أحمد (6/ 267 - 268) مطولًا وهو حديث صحيح لغيره.
(4)
في الفتح (2/ 214).
(5)
عند الحديث رقم (1055) من كتابنا هذا.
(6)
في صحيحه (2/ 213 رقم الباب 80 - مع الفتح).
(7)
تقدم برقم (1061) من كتابنا هذا.
[الباب الحادي عشر] باب الإمام ينتقل مأْمومًا إذا استخلف فحضر مستخلفه
34/ 1062 - (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ إلى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلحَ بَيْنَهُمْ، فَحانَتِ الصَّلاةُ فَجاءَ المُؤَذّنُ إلى أبي بَكْرٍ فَقالَ: أتُصَلِّي بالنَّاسِ فأُقِيمَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَصَلَّى أبُو بَكْرٍ، فَجاء رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ فِي الصَّلاةِ، فَتَخَلَّصَ حتَّى وَقَفَ فِي الصَّفّ، فَصَفَّقَ النَّاسُ، وكانَ أبُو بَكْرٍ لا يَلْتَفِتُ فِي الصَّلاةِ، فَلَمَّا أكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ، فَرَأى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأشارَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أن امْكُثْ مَكَانَكَ، فَرَفَعَ أبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ الله على ما أمَرَهُ بِه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتأخَرَ أبُو بَكْر حتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفّ، وتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ:"يا أَبا بَكْرٍ ما مَنَعَكَ أنْ تَثْبُتَ إذ أمَرْتُكَ؟ " فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: ما كانَ لابْنِ أَبي قُحافَةَ أنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ما لي رَأيْتُكُمْ كْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ، مَنْ نابَهُ شَيْءٌ في صَلاِتهِ فَلْيُسَبِّحْ، فإنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إلَيْهِ، وَإنَّمَا التَّصْفِيقُ للنِّساءِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(1)
. [صحيح]
وفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ
(2)
وأبي دَاوُدَ
(3)
وَالنَّسائي
(4)
قَال: كانَ قِتالٌ بينَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فأتاهُمْ بَعْدَ الظهْرِ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ وَقالَ:"يا بِلالُ إنْ حَضَرَتِ الصَّلاةُ ولَمْ آتِ فَمُرْ أبا بَكْرٍ فَلْيُصَلّ بالناسِ"؟ قالَ: فَلمَا حَضَرَتِ العَصْرُ أقامَ بِلالٌ الصَّلاةَ، ثُمَّ أمَرَ أبا بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ وَذَكَرَ الحَدِيثَ). [صحيح]
قوله: (ذهب إلى بني عمرو بن عوف)، أي ابن مالك بن الأوس، والأوس
(1)
أحمد (5/ 332 - 333) والبخاري رقم (684) ومسلم رقم (102/ 421).
(2)
في المسند (5/ 332).
(3)
في سننه رقم (941).
(4)
في سننه (2/ 82 رقم 793).
قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (7524) وابن خزيمة رقم (853) و (1517) و (1623) وابن حبان رقم (2261) والطبراني في المعجم الكبير رقم (5932) والبيهقي (3/ 123) من طرق
…
أحد قبيلتي الأنصار، وهما الأوس والخزرج، [وبنو]
(1)
عمرو بن عوف بطن كبير من الأوس.
وسبب ذهابه صلى الله عليه وسلم إليهم كما في الرواية التي ذكرها المصنف وقد ذكر نحوها البخاري في الصلح
(2)
من طريق محمد بن جعفر عن أبي حازم: "أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: اذهبوا نصلح بينهم".
وله
(3)
فيه من رواية [أبي]
(4)
غسان عن أبي حازم: "فخرج في ناس من أصحابه".
وله
(5)
أيضًا في الأحكام من صحيحه من طريق حماد بن زيد: "أن توجهه كان بعد أن صلى الظهر".
وللطبراني
(6)
أن الخبر جاء بذلك، وقد أذّن بلال بصلاة الظهر.
قوله: (فحانت الصلاة) أي صلاة العصر كما صرّح به البخاري في الأحكام من صحيحه
(7)
.
قوله: (فقال أتصلي بالناس؟) في الرواية الأخرى التي ذكرها المصنف
(8)
أن النبيّ صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بلالًا أن يأمر أبا بكر بذلك.
وقد أخرج نحوها ابن حبان
(9)
والطبراني
(10)
، ولا مخالفة بين الروايتين لأنه يحمل على أنه استفهمه: هل نبادر أوّل الوقت، أو ننتظر مجيء النبيّ صلى الله عليه وسلم، فرجح أبو بكر المبادرة لأنها فضيلة محققة فلا تترك لفضيلة متوهمة.
(1)
في المخطوط (أ): (وبني).
(2)
رقم الحديث (2693).
(3)
أي للبخاري في صحيحه رقم (2690).
(4)
سقطت من المخطوط (أ) والمثبت من المخطوط (ب) وصحيح البخاري.
(5)
أي للبخاري في صحيحه رقم (7190).
(6)
في المعجم الكبير (ج 6 رقم 5843) بسند ضعيف.
(7)
في صحيحه رقم (7190).
(8)
برقم (1062) من كتابنا هذا.
(9)
في صحيحه رقم (369 - موارد).
(10)
في المعجم الكبير (ج 6 رقم 5932).
وهو حديث صحيح.
قوله: (فأقيم) بالنصب لأنها بعد الاستفهام، ويجوز الرفع على الاستئناف.
قوله: (قال: نعم) في رواية للبخاري
(1)
"إن شئت" وإنما فوّض ذلك إليه لاحتمال أن يكون عنده زيادة علم من النبيّ صلى الله عليه وسلم في ذلك.
قوله: (فصلى أبو بكر) أي دخل في الصلاة.
وفي لفظ للبخاري (1): "فتقدّم أبو بكر فكبر"، وفي رواية:"فاستفتح أبو بكر".
وبهذا يجاب عن سبب استمراره في الصلاة في مرض موته صلى الله عليه وسلم وامتناعه من الاستمرار في هذا المقام؛ لأنه هناك قد مضى معظم الصلاة فحسن الاستمرار، وهنا لم يمض إلا اليسير فلم يحسن.
قوله: (فتخلص) في رواية للبخاري
(2)
: "فجاء يمشي حتى قام عند الصفّ"، ولمسلم
(3)
: "فخرق الصفوف".
قوله: (فصفق الناس) في رواية للبخاري
(4)
: "فأخذ الناس في التصفيح"، قال سهل: أتدرون ما التصفيح؟ هو التصفيق، وفيه أنهما مترادفان وقد تقدم التنبيه على ذلك.
قوله: (وكان أبو بكر لا يلتفت) قيل: كان ذلك لعلمه بالنهي وقد تقدم الكلام عليه.
قوله: (فرفع أبو بكر يديه فحمد الله، إلخ) ظاهره أنه تلفظ بالحمد، وادّعى ابن الجوزي
(5)
أنه أشار بالحمد والشكر بيده ولم يتكلم.
قوله: (أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم) تقرير النبيّ صلى الله عليه وسلم له على ذلك يدلّ على ما قاله البعض من أن سلوك طريقة الأدب خير من الامتثال
(6)
.
ويؤيد ذلك عدم إنكاره صلى الله عليه وسلم على علي لما امتنع من محو اسمه في قصة
(1)
في صحيحه رقم (1218) ورقم (1234) ورقم (2690).
(2)
في صحيحه رقم (1218).
(3)
في صحيحه رقم (104/ 421).
(4)
في صحيحه رقم (1201).
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 168).
(6)
انظر: الرسالة رقم (191) من الفتح الرباني (11/ 5805 - 5827) بتحقيقي حول بحث مشتمل على الكلام فيما يدور بين كثير من الناس هل الامتثال خير من الأدب أو الأدب خير من الامتثال؟
…
الحديبية
(1)
، وقد قدمنا الإشارة إلى هذا المعنى في أبواب صفة الصلاة.
قوله: (أكثرثم التصفيق) ظاهره أن الإنكار إنما حصل لكثرته لا لمطلقه، ولكن قوله:"إنما التصفيق للنساء" يدلّ على منع الرجال منه مطلقًا.
قوله: (التُفِت إليه) بضم المثناة على البناء للمجهول.
وفي رواية للبخاري
(2)
: "فإنه لا يسمعه أحد حين يقول سبحان الله إلا التفت".
والحديث يدلّ على ما بوَّبَ له المصنف من جواز انتقالِ الإمام مأمومًا إذا استخلف فحضر مستخلفه.
وادّعى ابن عبد البرّ أن ذلك من خصائص النبيّ صلى الله عليه وسلم، وادّعى الإجماع على عدم جواز ذلك لغيره.
ونوقض [أن]
(3)
الخلاف ثابت، وأن الصحيح المشهور عند الشافعية
(4)
الجواز.
وروي عن ابن القاسم الجواز أيضًا.
وللحديث فوائد ذكر المصنف
(5)
رحمه الله بعضها فقال فيه: من العلم أن المشي من صفّ إلى صفّ يليه لا يبطل.
وأن حمد الله لأمر يحدث والتنبيه بالتسبيح جائزان.
وأن الاستخلاف في الصلاة لعذر جائز
(6)
من طريق الأولى؛ لأن قصاراه وقوعها بإمامين. اهـ.
ومن فوائد الحديث جواز كون المرء في بعض صلاته إمامًا وفي بعضها مأمومًا.
وجواز رفع اليدين في الصلاة عند الدعاء والثناء.
(1)
أخرجه البخاري رقم (2698) ومسلم رقم (90/ 1783) من حديث البراء بن عازب.
(2)
في صحيحه رقم (1234).
(3)
في المخطوط (ب): (بأن).
(4)
الأم (2/ 351) ط: دار الوفاء.
(5)
ابن تيمية الجد في المنتقى (1/ 613).
(6)
انظر: المجموع شرح المهذب (4/ 138).
وجواز الالتفات للحاجة.
وجواز مخاطبة المصلي بالإشارة.
وجواز الحمد والشكر على الوجاهة في الدين.
وجواز إمامة المفضول للفاضل.
وجواز العمل القليل في الصلاة، وغير ذلك من الفوائد
(1)
.
35/ 1063 - (وَعَنْ عائِشَةَ قالَتْ: مَرِضَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقالَ: "مُرُوا أبا بَكْرٍ يُصَلّ بالناسِ"، فَخَرَجَ أبُو بَكْرٍ يُصَلِّي، فَوَجَد النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ يُهادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فأرَادَ أَبُو بَكْرٍ أنْ يَتأخَّرَ، فأوْمأ إلَيْهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنْ مَكانَكَ، ثُمَّ أتَيا بهِ حتَّى جَلَسَ إلى جَنْبِهِ عَنْ يَسارِ أبي بَكْرٍ، وكانَ أبُو بَكْر يُصَلِّي قائِمًا، وكانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي قاعِدًا؛ يَقْتَدِي أبُو بَكْرٍ بِصَلاةِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَالنَّاسُ بِصَلاةِ أبي بَكْرٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(2)
.
وَللبُخَارِيِّ فِي رِوَايَةٍ
(3)
: فَخَرَج يُهادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي صَلاةِ الظُّهْرِ.
وَلمُسْلِمٍ
(4)
: وكانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بالنَّاسِ وأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُهُم التَّكْبِيرَ). [صحيح]
قوله: (مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم) هو مرض موته صلى الله عليه وسلم.
قوله: (مروا أبا بكر) استدلّ بهذا على أن الأمر بالأمر بالشيء، يكون أمرًا به، كما ذهب إلى ذلك جماعة من أهل الأصول
(5)
.
وأجاب المانعون بأن المعنى: بلغوا أبا بكر أني أمرته، والمبحث مستوفى في الأصول (5).
(1)
انظر: فتح الباري (2/ 169).
(2)
أحمد (6/ 224) والبخاري رقم (713) ومسلم رقم (95/ 418).
قلت: وأخرجه النسائي (2/ 99 - 100) وابن ماجه رقم (1232).
وابن خزيمة رقم (1616) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 406) وفي شرح مشكل الآثار رقم (4206) وابن حبان رقم (2121) و (6873) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 304) و (3/ 81) وفي المعرفة رقم (5685) والبغوي في شرح السنة رقم (853).
وهو حديث صحيح.
(3)
في صحيحه رقم (687).
(4)
في صحيحه رقم (96/ 418).
(5)
انظر: تفصيل هذه المسألة في "إرشاد الفحول"(ص 376 - 379). =
قوله: (فخرج أبو بكر) فيه حذف دلّ عليه سياق الكلام، والتقدير فأمروه فخرج.
وقد ورد مبينًا في بعض [روايات البخاري]
(1)
بلفظ: "فأتاه الرسول فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر وكان رقيقًا: يا عمر صلّ بالناس، فقال له عمر: أنت أحقّ بذلك"
(2)
.
قوله: (فوجد النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة) يحتمل أنه وجد الخفة في تلك الصلاة بعينها، ويحتمل ما هو أعمّ من ذلك.
قوله: (يُهادى) بضمّ أوله وفتح الدال: أي يعتمد على الرجلين متمايلًا في مشيه من شدّة الضعف، والتهادي: التمايل في المشي البطيء
(3)
.
قوله: (بين رجلين) في البخاري
(4)
أنهما العباس بن عبد المطلب وعليّ بن أبي طالب.
وفي رواية له
(5)
: "أنه خرج بين بريرة [وثويبة]
(6)
".
= وانظر: كلام ابن حجر في "الفتح"(9/ 348) تعليقًا على كلام الفخر الرازي في المحصول (2/ 253).
وقال القرافي في شرح تنقيح الفصول (ص 149): "لأن الأمر بالأمر لا يكون أمرًا، لكن علم من الشريعة أن من أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر غيره، فإنما هو على سبيل التبليغ، ومتى كان على سبيل التبليغ صار الثالث مأمورًا إجماعًا" اهـ.
(1)
في المخطوط (ب): (الروايات للبخاري).
(2)
البخاري في صحيحه رقم (687).
(3)
النهاية لابن الأثر (5/ 255).
(4)
في صحيحه رقم (198) و (665).
(5)
قول الشوكاني رحمه الله: وفي رواية له: توهم أنها في البخاري وليس كذلك بل أخرجها ابن حبان في صحيحه رقم (2118) بسند حسن من طريق عاصم، عن شقيق، عن مسروق، عن عائشة، به. وقال الحافظ في "الفتح" (2/ 154): "
…
ووقع في رواية عاصم المذكورة: "وجد خفة من نفسه فخرج بين بريدة ونُوْبَة" اهـ. ثم قال الحافظ: "تنبيه: نُوْبَة: بضم النون وبالموحدة ذكره بعضهم في النساء الصحابيات فوهم، وإنما هو عبد أسود كما وقع عند سيف في كتاب الردة. ويؤيد حديث سالم بن عبيد في صحيح ابن خزيمة - (رقم 1624) بسند صحيح - بلفظ: "خرج بين بريرة ورجل آخر" اهـ.
(6)
كذا في المخطوط (أ) و (ب) وكل طبعات "نيل الأوطار"، والصواب:"نُوْبَة" كما في التعليقة المتقدمة.
قال النووي
(1)
: ويجمع بين الروايتين بأنه خرج من البيت إلى المسجد بين هاتين، ومن ثم إلى مقام المصلى بين العباس وعليّ، أو يحمل على التعدد.
ويدلّ على ذلك ما في رواية الدارقطني
(2)
" [أنه صلى الله عليه وسلم خرج]
(3)
بين أسامة بن زيد والفضل بن العباس".
قال الحافظ
(4)
: وأما ما في صحيح مسلم
(5)
: "أنه صلى الله عليه وسلم خرج بين الفضل بن العباس وعليّ"، فذلك في حال مجيئه صلى الله عليه وسلم إلى بيت عائشة.
قوله: (ثم أتيا به) في رواية للبخاري
(6)
: "ثم أتي به"، وفي رواية له
(7)
: "إن ذلك كان بأمره"، ولفظها فقال:"أجلساني إلى جنبه، فأجلساه".
قوله: (عن يسار أبي بكر) فيه ردّ على القرطبي
(8)
حيث قال: لم يقع في الصحيح بيان جلوسه صلى الله عليه وسلم هل كان عن يمين أبي بكرٍ أو عن يساره.
قوله: (يقتدي أبو بكر بصلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم) فيه: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إمامًا وأبو بكر مؤتمًا به"
(9)
.
وقد اختلف في ذلك اختلافًا شديدًا كما قال الحافظ
(10)
.
ففي رواية لأبي داود
(11)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان المقدّم بين يدي أبي بكر.
وفي رواية لابن خزيمة في صحيحه
(12)
عن عائشة أنها قالت: "من الناس من يقول كان أبو بكر المقدّم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يقول كان النبيّ صلى الله عليه وسلم المقدّم".
وأخرج ابن المنذر
(13)
من رواية مسلم بن إبراهيم عن شعبة بلفظ: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر.
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (4/ 138).
(2)
في سننه (1/ 402 رقم 4).
(3)
في المخطوط (ب): (أنه خرج صلى الله عليه وسلم).
(4)
في "الفتح"(2/ 154).
(5)
في صحيحه رقم (91/ 418).
(6)
في صحيحه رقم (664).
(7)
في صحيحه رقم (687).
(8)
في "المفهم"(2/ 51).
(9)
البخاري رقم (664).
(10)
في "الفتح"(2/ 155).
(11)
في سننه رقم (606) وهو حديث صحيح.
(12)
في صحيحه رقم (1617).
(13)
في الأوسط (4/ 203 رقم 2037).
وأخرج ابن حبان
(1)
عنها بلفظ: "كان أبو بكر يصلي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر".
وأخرج الترمذي
(2)
والنسائي
(3)
وابن خزيمة
(4)
عنها بلفظ: "إن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر".
قال في الفتح
(5)
: تضافرت الروايات عن عائشة بالجزم بما يدلّ على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام في تلك الصلاة، ثم قال بعد أن ذكر الاختلاف: فمن العلماء من سلك الترجيح فقدم الرواية التي فيها أن أبا بكر كان مأمومأ للجزم بها في رواية أبي معاوية وهو أحفظ في حديث الأعمش من غيره.
ومنهم من عكس ذلك فقدّم الرواية التي فيها أنه كان إمامًا.
ومنهم من سلك الجمع فحمل القصة على التعدّد.
والظاهر من رواية حديث الباب المتفق عليها
(6)
أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إمامًا وأبا بكر مؤتمًا؛ لأن الاقتداء المذكور المراد به الائتمام.
ويؤيد ذلك رواية مسلم
(7)
التي ذكرها المصنف بلفظ: "وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس وأبو بكر يسمعهم التكبير".
وقد استدلّ بحديث الباب القائلون بجواز ائتمام القائم بالقاعد، وسيأتي بسط الكلام في ذلك في باب اقتداء القادر على القيام بالجالس
(8)
.
قوله: (وأبو بكر يسمعهم التكبير) فيه دلالة على جواز رفع الصوت بالتكبير لإسماع المؤتمين، وقد قيل: إن جواز ذلك مجمع عليه.
(1)
في صحيحه رقم (2118) بسند حسن.
(2)
في سننه رقم (362) وقال: هذا حديث صحيح غريب.
(3)
في سننه رقم (786).
(4)
في صحيحه رقم (1619).
وهو حديث صحيح.
(5)
(2/ 155).
(6)
تقدم برقم (1063) من كتابنا هذا.
(7)
في صحيحه رقم (96/ 418) وقد تقدم.
(8)
الباب الثامن عند الحديث رقم (1100) من كتابنا هذا.
ونقل القاضي عياض
(1)
عن بعض المالكية أنه يقول ببطلان صلاة المسمع.
[الباب الثاني عشر] باب من صلى في المسجد جماعة بعد إمام الحي
36/ 1064 - (عَنْ أبي سَعِيد أن رَجُلًا دَخَلَ المَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بأصْحابِهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ يَتَصَدَّقُ على ذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ؟ " فَقامَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ فَصَلَّى مَعَهُ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وأبُو دَاوُدَ
(3)
وَالتِّرْمِذِيُّ
(4)
بِمَعْناهُ. [صحيح]
وفِي رِوَايَةٍ لِأحْمَدَ
(5)
: صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بأصْحابِهِ الظُّهْرَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ. وَذَكَرَهُ). [صحيح دون قوله: "ما حبسك
…
"]
الحديث أخرجه أيضًا الحاكم
(6)
(1)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 324).
(2)
في المسند (3/ 45).
(3)
في سننه رقم (574).
(4)
في سننه رقم (220) وقال: هذا حديث حسن.
(5)
في المسند (3/ 85) عن أبي سعيد الخدري قال: صلّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الظهر، قال: فدخل رجلٌ من أصحابه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما حبسك يا فلان عن الصلاة؟ " قال: فذكر شيئًا اعتلَّ به. قال: فقام يصلِّي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا رجل يتصدَّقُ على هذا فيُصلِّي معه؟، قال: فقام رجل من القوم فصلى معه، بسند ضعيف لضعف علي بن عاصم الواسطي. لكن الحديث صحيح دون قوله: "ما حبسك يا فلان عن الصلاة .. ".
وأورد الهيثمي الحديث في "مجمع الزوائد"(2/ 45) وقال: رواه أحمد - وروى أبو داود والترمذي بعضه - ورجاله رجال الصحيح.
قلت: علي بن عاصم الواسطي ضعيف لم يرو له الشيخان ولا أحدهما.
انظر ترجمته في: التاريخ الكبير (3/ 135) والمجروحين (2/ 113) والجرح والتعديل (6/ 198) والميزان (3/ 135) والخلاصة (ص 275).
وسليمان الأسود الناجي البصري، أبو محمد: صدوق من السادسة (دت). "التقريب" رقم (2621) لم يرو له أيضًا الشيخان ولا أحدهما.
(6)
في المستدرك (1/ 209) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، سليمان الأسود هذا هو سليمان بن سحيم، وقد احتج به وبأبي المتوكل، وهذا الحديث أصل في إقامة الجماعة في المساجد مرتين ووافقه الذهبي. =
والبيهقي
(1)
وابن حبان
(2)
وحسنه الترمذي
(3)
.
قال: وفي الباب عن أبي أمامة
(4)
وأبي موسى
(5)
والحكم بن عمير
(6)
انتهى.
= قلت: سليمان الأسود ليس سليمان بن سحيم، بل هو سليمان الأسود الناجي كما تقدم في الرواية المتقدمة (3/ 85) وهو لم يحتج به مسلم ولم يرو عنه.
(1)
في سننه الكبرى (3/ 69) وفي المعرفة رقم (5629).
(2)
في صحيحه رقم (2397) و (2398).
(3)
في السنن (1/ 439).
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(4)
أخرجه أحمد في مسنده (5/ 254) عن أبي أمامة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يُصلي، فقال:"أَلا رجل يتصدق على هذا، يُصلي معه"، فقام رجلٌ فصلَّى معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذان جماعة".
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير رقم (7974) وفي "مسند الشاميين" رقم (877) وابن عدي في "الكامل"(6/ 2316) بإسناد ضعيف جدًّا.
(5)
أخرجه ابن ماجه رقم (972) عن أبي موسى الأشعري؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اثنان فما فوقهما جماعة".
وأخرجه عبد بن حميد رقم (567) وأبو يعلى في المسند رقم (7223) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 308) وابن عدي في "الكامل"(3/ 989) والدارقطني (1/ 280) والبيهقي (3/ 69) والخطيب في "تاريخه"(8/ 415) و (11/ 45 - 46).
(6)
أخرجه ابن سعد في الطبقات (7/ 415) وابن عدي في "الكامل"(5/ 1890) عن الحكم بن عمير الثمالي بلفظ: "اثنان فما فوق ذلك جماعة".
قال ابن عدي: عيسى بن إبراهيم بن طهمان عامة رواياته لا يتابع عليه".
قلت: وفي الباب: عن عبد الله بن عمرو، وأنس بن مالك، والوليد بن أبي مالك.
• أما حديث عبد الله بن عمرو، فأخرجه الدارقطني (1/ 281 رقم 2) ولفظه:"اثنان فما فوقهما جماعة"، وإسناده ضعيف جدًّا.
• وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه ابن عدي في "الكامل" (3/ 1253) والبيهقي (3/ 69) بلفظ:"الاثنان جماعة، والثلاثة جماعة، وما كثر فهو خير"، وفي رواية البيهقي زيادة في أول الحديث.
قال البيهقي: ضعيف.
وقال الألباني رحمه الله في الإرواء (2/ 249): "وعلته سعيد بن زربي وهو واه جدًّا. قال البخاري: عنده عجائب، وكذا قال أبو حاتم وزاد: "من المناكير"، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن حبان: كان يروي الموضوعات عن الأثبات على قلة روايته".
قلت: وانظر: التاريخ الكبير (3/ 493) والمجروحين (1/ 318) والجرح والتعديل (4/ 23) والميزان (2/ 136) والتقريب (1/ 295) والخلاصة (ص 138). =
وأحاديثهم بلفظ: "الاثنان فما فوقهما جماعة".
قوله: (أن رجلًا دخل المسجد) لفظ أبى داود
(1)
: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر رجلًا يصلي وحده".
قوله: (من يتصدق) لفظ أبي داود (1): "ألا رجل يتصدّق"، ولفظ الترمذي:"أيكم يتجر على هذا؟ ".
قوله: (فقام رجل من القوم فصلى معه) هو أبي بكر الصدّيق كما بين ذلك ابن أبي شيبة
(2)
.
والحديث يدلّ على مشروعية الدخول مع من دخل في الصلاة منفردًا، وإن كان الداخل معه قد صلى في جماعة.
قال ابن الرفعة: وقد اتفق الكلّ على أن من رأى شخصًا يصلي منفردًا لم
= وأما حديث الوليد بن أبي مالك فقد أخرجه أحمد (5/ 269) بلفظ: "دخل رجل المسجد، فصلى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه" فقام رجل فصلى معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذان جماعة". إسناده صحيح لولا أنه مرسل فإن الوليد تابعي مات سنة (125 هـ).
وقد صح الحديث موصولًا من حديث أبي سعيد كما تقدم ولكن ليس فيه قوله: "هذان جماعة".
قال الألباني رحمه الله في "إرواء الغليل"(2/ 250): "والخلاصة أنه ضعيف من جميع طرقه، وليس فيها ما يقوي بعضه بعضًا لشدة ضعفها جميعها، وخيرها المرسل، فلو وجدنا في تلك الموصول ما فيه ضعف يسير لحكمنا بقوته، ولذلك قال الحافظ في "تخريج المختصر": "حديث غريب وقد جاء من رواية أبي موسى وأبي أمامة وأنس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأسانيدها كلها ضعيفة". وقال في موضع آخر كما في "الفيض":"اتفقوا على تضعيفه"، وقال القسطلاني في شرح البخاري: وطرقه كلها ضعيفة اهـ.
قلت: لكن يشهد لصحة معناه حديث مالك بن الحويرث ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ولصاحب له: "إذا حضرتِ الصلاةُ فأذِّنا وأقيما، ثم ليؤمَّكما أكبرُكما".
أخرجه أحمد (3/ 436) والبخاري رقم (630) و (658) ومسلم رقم (293/ 674) وأبو داود رقم (589) والترمذي رقم (205) والنسائي (2/ 8 - 9) وابن ماجه رقم (979) وابن خزيمة رقم (395) و (396) و (1510) وابن حبان رقم (2128) والطبراني في الكبير (ج 19 رقم 637، 638، 639) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 411) و (3/ 67، 120) والبغوي في شرح السنة رقم (431) من طرق
…
(1)
في سننه رقم (574).
(2)
في المصنف (2/ 277).
يلحق الجماعة فيستحبّ له أن يصلي معه وإن كان قد صلى في جماعة.
وقد استدلّ الترمذي
(1)
بهذا الحديث على جواز أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صلي فيه.
قال: وبه يقول أحمد
(2)
وإسحاق.
وقال آخرون من أهل العلم: يصلون فرادى، وبه يقول سفيان
(3)
، ومالك
(4)
، وابن المبارك، والشافعي
(5)
انتهى.
قال البيهقي: وقد حكى ابن المنذر
(6)
كراهية ذلك عن سالم بن عبد الله
(7)
، وأبي قلابة
(8)
وابن عون
(9)
، وأيوب (10) والبتي (10) والليث بن سعد (10)، والأوزاعي (10) وأصحاب الرأي
(10)
.
وقد استدلّ بهذا الحديث أيضًا على أن من صلى جماعة ثم رأى جماعة يصلون يستحبّ له أن يصليها معهم، وقد تقدم البحث عن ذلك.
واستدلّ به أيضًا على أن أقلّ الجماعة اثنان، وعلى أنها غير واجبة لعدم إنكاره على الرجل المتأخر عنها لما دخل وحده.
وقد قدمنا الكلام على ذلك.
والحديث في مخصصات حديث: "لا تعاد صلاة في يوم مرّتين"
(11)
كما تقدم
(12)
.
(1)
في السنن (1/ 430).
(2)
في المغني لابن قدامة (3/ 10).
(3)
أخرج عنه عبد الرزاق في المصنف (2/ 294 رقم 3426).
(4)
المدونة (1/ 89).
(5)
المجموع شرح المهذب (4/ 119).
(6)
في الأوسط (4/ 216 - 217).
(7)
المدونة (1/ 90) "روى ابن وهب عن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر قال: دخلت مع سالم بن عبد الله مسجد الجحفة وقد فرغوا من الصلاة، فقالوا: ألا تجمع الصلاة؟ فقال سالم: لا تجمع صلاة واحدة في مسجد مرتين.
(8)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 323) من طريق أيوب عنه قال: "يصلون فرادى".
(9)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 217).
(10)
حكاه عنه النووي في المجموع (4/ 120).
(11)
أخرجه أَبو داود رقم (579) بسند حسن.
(12)
انظر: الرسالة رقم (84) من "الفتح الرباني من فتاوي الشوكاني"(6/ 2829 - 2854) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بعنوان: (بحث في كثرة الجماعات في مسجد واحد). بتحقيقي.
تنبيه (1): قيود لمن قال بالمنع لقيام الجماعة الثانية:
ذهب مانعو الجماعة الثانية إلى تفصيل في المنع فمنعوها في حالات دون أخرى ومن هذه القيود:
أن يكون للمسجد إمام راتب، وهو من نصَّبه من له ولاية نصبه من واقفٍ أو سلطان أو نائبه في جميع الصلوات أو بعضها وذلك بأن يقول: جعلت إمام مسجدي هذا فلانًا.
(بلغة السالك لأقرب المسالك)(1/ 154).
قال الشيرازي في "التنبيه"(ص 38): وإن كان للمسجد إمام راتب كره لغيره إقامة الجماعة فيه.
وقال النووي في "المجموع"(4/ 222): "إذا لم يكن للمسجد إما راتب فلا كراهة في الجماعات الثانية والثالثة وأكثر بالإجماع".
وقال الشافعي في "الأم"(1/ 180): "وإنما أكره هذا - أي الجماعة الثانية - في كل مسجد له إمامٌ ومؤذنٌ. فأمَّا مسجدٌ بني على ظهر الطريق أو ناحيته لا يؤذن فيه مؤذن راتب، ولا يكون له إمام معلوم يصلي فيه المارّةُ ويستظلون فلا أكره ذلك فيه؛ لأنه ليس فيه المعنى الذي وضعتُ من تفرُّق الكلمة، وأن يرغب رجالٌ عن إمامةِ رجلٍ، فيتخذون إمامًا غيره".
وقال العيني في "عمدة القاري"(5/ 165): "وحاصل مذهب الشافعي أنَّه لا يكره أي: الجمع بعد صلاة الإمام الراتب في المسجد المطروق".
وانظر: روضة الطالبين (1/ 196) والمبسوط (1/ 136).
تنبيه (2): توضيح لأدلة المجيزين للجماعة الثانية في مسجد قد صُلي فيه مرة:
1 -
حديث: "صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة". قال المحدث الألباني رحمه الله: "استدلوا بإطلاق أي أنهم فهموا أن (أل) في كلمة (الجماعة) للاستغراق، أي أن كل صلاة جماعة في المسجد تفضل صلاة الفذ، ونحن نقول بناء على الأدلة السابقة - ذكرها الشوكاني - إنَّ (أل) هذه ليس للاستغراق، وإنما هي للعهد، أي أن صلاة الجماعة التي شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم وحض الناس عليهما، وأمر الناس بها، وهدَّد المتخلفين عنها بحرق بيوتهم، ووصف من تخلف عنها بأنه من المنافقين هي صلاة الجماعة التي تفضل صلاة الفذ وهي الجماعة الأولى.
انظر: مجلة "الأصالة" عدد (3، 14) 15/ رجب/ 1415 هـ (ص 190 - 101).
2 -
حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر رجلًا يصلي وحده فقال: "ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه؟ فصلى معه رجل".
والاستدلال به ممنوع، فإن هذا الحديث يدل على تكرار الجماعة التي هي جماعة صورية، فإن الذي فرغ من صلاته، إذا صلى مع من لم يصل صلاته، يكون متنفلًا ولم =
[الباب الثالث عشر] باب المسبوق يدخل مع الإمام على أي [حال]
(1)
كان ولا يعتد بركعة لا يدرك ركوعها
37/ 1065 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا جِئْتُمْ إلى الصَّلاةِ ونَحْنُ سُجُود فاسْجُدُوا وَلا تَعُدُّوها شَيْئًا، وَمَنْ أدْرَكَ الرَّكعَةَ فَقَدْ أدْرَكَ الصَّلاةَ مع رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(2)
. [حسن]
38/ 1066 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاةِ مَعَ الإمامِ فَقَدْ أدْرَكَ الصَّلاةَ"، أخْرَجاهُ)
(3)
. [صحيح]
39/ 1067 - (وَعَنْ عَلِيّ بْنِ أبي طالِب وَمُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قالا: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا أتى أحَدُكُمُ الصَّلاةَ وَالإمامُ على حالٍ فليصنع كما يصنع الإمامُ"، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ)
(4)
. [صحيح لغيره]
الحديث الأوّل أخرجه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه
(5)
والحاكم في المستدرك
(6)
وقال: صحيح.
= يكرهه أحدٌ من العلماء، وأما الجماعة الحقيقية، بأن الإمام والمقتدي يجمعون، وهم لم يصلوا قبل ذلك فلا يدل الحديث على جوازها.
• واعلم أن صلاة الجماعة عبادة في وقتٍ معين فلا تقضى (وقضاؤها هنا تكرارها) إلا بأمر جديد، والأمر الأول إنما هو متعلق بالإمام الراتب، ويؤيده هدي السلف وحرصهم على الجماعات معهم.
والراجح هو ما ذهب إليه المكرهون، ولكن مع تحقق العلة المذكورة حيث تفرقت الكلمة، أو تقاعد القوم عن الجماعة الأولى، ولا يكون ذلك إلا في مسجد له إمام ومؤذن راتب.
انظر تفصيل ذلك خلال الرسالة رقم (84) المشار إليها في أول التعليقة.
وانظر: المبدع (2/ 47).
(1)
في المخطوط (ب): (حالة).
(2)
في سنته رقم (893) وهو حديث حسن.
(3)
البخاري رقم (580) ومسلم رقم (162/ 607).
(4)
في سننه رقم (591) وقال: هذا حديث غريب، لا نعلم أحدًا أسنده إلا ما رُويَ من هذا الوجه.
(5)
في صحيحه رقم (1622).
(6)
في المستدرك (1/ 216) وصححه ووافقه الذهبي.
والحديث الثاني عزاه المصنف إلى الشيخين
(1)
، وقد طوّل الحافظ الكلام عليه في التلخيص
(2)
فليراجع.
والحديث الثالث قال في التلخيص
(3)
: فيه ضعف وانقطاع.
قوله: (فاسجدوا) فيه مشروعية السجود مع الإمام لمن أدركه ساجدًا.
قوله: (ولا تعُدُّوها شيئًا) بضم العين وتشديد الدال: أي وافقوه في السجود ولا تجعلوا ذلك ركعة.
قوله: (ومن أدرك الركعة) قيل: المراد بها هنا الركوع، وكذلك قوله في حديث أبي هريرة
(4)
: "من أدرك ركعة من الصلاة"، فيكون مدرك الإمام راكعًا مدركًا لتلك الركعة، وإلى ذلك ذهب الجمهور
(5)
.
(1)
البخاري رقم (580) ومسلم رقم (162/ 607).
(2)
(2/ 84 - 87).
(3)
(2/ 88).
قال أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على سنن الترمذي (2/ 486): "ويريد - أي الحافظ - بالضعف الإشارة إلى تضعيف حجاج بن أرطاة، وهو عندنا ثقة إلا أنه يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا. ويشير - أي الحافظ - بالانقطاع إلى أن ابن أبي ليلى لم يسمع من معاذ.
ولكن له شاهد من حديثه أيضًا عند أبي داود رقم (506) يقول فيه ابن أبي ليلى: "حدثنا أصحابنا"، ثم ذكر الحديث وفيه:"فقال معاذ: لا أراه على حال إلا كنت عليها. قال: فقال: إن معاذًا قد سنَّ لكم سنة، كذلك فافعلوا، وهذا متصل؛ لأن المراد بأصحابه الصحابة، كما صرح بذلك في رواية ابن أبي شيبة "حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ". اهـ.
والخلاصة أن الحديث صحيح لغيره. وانظر شواهده والكلام عليه في الصحيحه رقم (1188).
(4)
تقدم الرقم (1067) من كتابنا هذا.
(5)
نعم ذهب الجمهور على الاعتداد بالرَّكعة لمن أدرك الركوع كما في المجموع (4/ 113).
• وقال المقبلي في "المنار"(1/ 222): وقد بحثت هذه المسألة ولاحظتها في جميع بحثي فقهًا وحديثًا فلم أحصل منها على غير ما ذكرت، يعني من عدم الاعتداد بإدراك الركوع فقط.
• وحكى العراقي عن شيخه السبكي أنه كان يختار عدم الاعتداد بالركعة من لا يدرك الفاتحة.
• وقد ألف العلامة محمد بن إسماعيل الأمير رسالة بعنوان: (هل يعتد اللاحق بركعة لم =
وقد بسطنا الكلام في ذلك في باب ما جاء في قراءة المأموم وإنصاته
(1)
وبينا ما نظنه الصواب.
= يدرك إلا ركوعها مع الإمام) رقم (72) في المجلد الخامس من عون القدير من فتاوى ورسائل ابن الأمير.
• كما ألف الشيخ العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي رسالة بعنوان: هل يُدرك المأمومُ الركعة بإدراك الركوع مع الإمام. تحقيق/ عبد الرحمن بن عبد القادر المعلمي. وقال في نهاية الرسالة (ص 66): "نعم، لا يُنكر أن للقول بالإدراك قوة ما؛ لذهاب الجمهور، ومنهم جماعة من علماء الصحابة إليه، وما جاء مما يدل عليه على ما فيه، فلا لَوْم على من قوي عنده جدًّا وقال به.
فأما أنا فلا أرى له تلك القوة، والأصل بقاء النصوص على عمومها، واشتغال الذمة بالصلاة كاملة والله الموفق". اهـ.
قلت: وهذا الكلام منه رحمه الله يمثل منتهى الاعتدال الذي يجب أن يتحقق به المحققون والباحثون في المسائل الخلافية.
وأما إشارة المعلمي إلى أنَّه ذهب إلى القول بالاعتداد بالركعة جماعة من علماء الصحابة؛ فهذا صحيح. وإذا أردت التوسع في معرفتهم فعليك بـ (سنن البيهقي الكبرى) و (شرح معاني الآثار) للطحاوي و (مصنف ابن أبي شيبة) وغيرها من المصنفات.
ومن باب المثال أذكر بعض أقوال علماء الصحابة في المسألة:
1 -
ابن عمر:
أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 279) عن ابن جريج أخبرني نافع عن ابن عمر قال: إذا أدركت الإمام راكعًا فركعت قبل أن يرفع فقد أدركت، وإن رفع قبل أن تركع فقد فاتتك. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن المنذر (4/ 196).
وهو أثر صحيح.
2 -
ابن مسعود:
أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 196) حدثنا يحيى بن محمد، ثنا مسدد، حدثني بشر بن المفضل عن خالد الحذاء عن علي بن الأقمر: سمعت أبا الأحوص يحدث عن ابن مسعود قال: من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة.
3 -
أبو هريرة:
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 257) من طريق يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن الأعرج عن أبي هريرة في الرجل يدخل المسجد والقوم ركوع يكبر؛ قال: لا حتى تأخذ مقامك في الصف.
وهو أثر صحيح.
(1)
الباب الحادي عشر: خلال شرح الحديث (38/ 699) من كتابنا هذا.
قوله: (فقد أدرك الصلاة) قال ابن رسلان: المراد بالصلاة هنا الركعة: أي صحت له تلك الركعة وحصل له فضيلتها انتهى.
قوله: (فليصنع كما يصنع الإمام) فيه مشروعية دخول اللاحق مع الإمام في أيّ جزء من أجزاء الصلاة أدركه من غير فرق بين الركوع والسجود والقعود لظاهر قوله: والإمام على حال.
والحديث وإن كان فيه ضعف كما قال الحافظ
(1)
لكنه يشهد له ما عند أحمد
(2)
وأبو داود
(3)
من حديث ابن أبي ليلى عن معاذ قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، فذكر الحديث.
وفيه: "فجاء معاذ فقال: لا أجده على حال أبدًا إلا كنت عليها ثم قضيت ما سبقني"، قال:"فجاء وقد سبقه النبيّ صلى الله عليه وسلم ببعضها، قال: فقمت معه، فلما قضى النبيّ صلى الله عليه وسلم صلاته قام يقضي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد سنّ لكم معاذ فهكذا فاصنعوا".
وابن أبي ليلى وإن لم يسمع من معاذ، فقد رواه أبو داود
(4)
من وجه آخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدّثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث وفيه:"فقال معاذ: لا أراه على حال إلا كنت عليها" الحديث.
ويشهدُ له أيضًا ما رواه ابن أبي شيبة
(5)
عن رجل من الأنصار مرفوعًا: "من وجدني راكعًا أو قائمًا أو ساجدًا فليكن معي على حالتي التي أنا عليها".
وما أخرجه سعيد بن منصور عن أناس من أهل المدينة مثل لفظ ابن [أبي]
(6)
شيبة.
والظاهر أنه يدخل معه في الحال التي أدركه عليها مكبرًا معتدًا بذلك
(1)
في "التلخيص"(2/ 88). وقد تقدم الرد عليه آنفًا من كلام أحمد شاكر.
(2)
في المسند (5/ 246).
(3)
في السنن رقم (507).
وهو حديث صحيح بتربيع التكبير في أوله. وانظر: الإرواء (4/ 20 - 21).
(4)
في سننه رقم (506) وهو حديث صحيح، انظر شواهده في: الصحيحة رقم (1188).
(5)
في المصنف (1/ 253).
(6)
سقطت من المخطوط (ب).
التكبير وإن لم يعتدّ بما أدركه من الركعة كمن يدرك الإمام في حال سجوده أو قعوده.
وقالت الهادوية
(1)
: إنه يقعد ويسجد مع الإمام ولا يحرم بالصلاة، ومتى قام الإمام أحرم.
واستدلوا بقوله في حديث أبي هريرة
(2)
: "ولا تعدّوها شيئًا".
وأجيب عن ذلك بأن عدم الاعتداد المذكور لا ينافي الدخول بالتكبير والاكتفاء به.
[الباب الرابع عشر] باب المسبوق يقضي ما فاته إذا سلم إمامه من غير زيادة
40/ 1068 - (عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قالَ: تَخَلَّفْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَتَبَرَّزَ وَذَكَرَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ عَمَدَ النَّاسَ وَعَبْد الرَّحْمَنِ يُصَلِّي بِهمْ، فَصَلَّى مَعَ النَّاسِ الرَّكْعَةَ الأخيرَةَ؛ فَلَمَّا سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُتمُّ صَلاتَهُ، فَلمَّا قَضَاها أقْبَلَ عَلَيْهمْ فَقالَ:"قَدْ أحْسَنْتُمْ وأصَبْتُمْ" يَغْبِطُهُمْ أنْ صَلَّوا الصَّلاةَ لِوَقْتِها. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(3)
. [صحيح]
وَرَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(4)
قالَ فِيهِ: فَلَمَّا سَلَّمَ قامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الَّتِي سُبِقَ بِها لَمْ يَزِدْ عَلَيْها شَيْئًا. [صحيح]
قالَ أبُو دَوُادَ
(5)
: أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ
(6)
وَابْنُ الزُّبَيْرِ
(7)
(1)
البحر الزخار (1/ 328).
(2)
تقدم برقم (1065) من كتابنا هذا.
(3)
أحمد في المسند (4/ 249) والبخاري رقم (182) ومسلم رقم (274).
(4)
في سننه رقم (152) وهو حديث صحيح.
(5)
في سننه (1/ 106).
(6)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 210). ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن المنذر في الأوسط (3/ 306).
عن عطاء عن أبي سعيد الخدري، وابن عمر أنهما كان يفعلان ذلك. وهو أثر صحيح.
(7)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 210). ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن المنذر في الأوسط (3/ 306). =
وَابْنُ عُمَرَ
(1)
يَقُولُونَ: مَنْ أدْرَكَ الفَرْدَ مِنَ الصَّلاةِ عَلَيْهِ سَجْدَتا السَّهْوِ).
قوله: (في غزوة تبوك) هي آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، وذلك في سنة تسع من الهجرة.
قوله: (وذكر وضوءه) قد تقدم في باب المعاونة في الوضوء
(2)
. وفي باب اشتراط الطهارة قبل اللبس
(3)
.
قوله: (ثم عمد الناس) بفتح العين المهملة والميم بعدها دال مهملة: أي قصد والناس مفعول به.
قوله: (وعبد الرحمن يصلي بهم) جملة حالية.
وفيه دليل على أنه إذا خيف فوت وقت الصلاة أو فوت الوقت المختار منها لم ينتظر الإمام وإن كان فاضلًا.
وفيه أيضًا أن فضيلة أوّل الوقت لا يعادلها فضيلة الصلاة مع الإمام الفاضل في غيره.
قوله: (يصلي بهم) يعني صلاة الفجر كما وقع مبينًا في سنن أبي داود
(4)
.
قوله: (فصلى مع الناس الركعة الأخيرة) فيه فضيلة لعبد الرحمن بن عوف إذ قدّمه الصحابة لأنفسهم في صلاتهم بدلًا من نبيهم.
فيه فضيلة أخرى له وهي اقتداؤه صلى الله عليه وسلم به.
= عن ابن جريج قال: أخبرني مسلم بن مصبّح بن الزبير، قال: فأتت ابن الزبير ركعة من الظهر فلما سلم الإمام قام ابن الزبير فأتم الركعة، فلما سلم سجد سجدتي السهو.
وهو أثر ضعيف.
(1)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 210 - 211) ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (3/ 306).
عن نافع قال: رأيت ابن عمر تفوته ركعة فيجلس في وتره والإمام في شفع، فإذا سلم قام فأوفى ما بقي عليه، ثم سجد سجدتي السهو.
وهو أثر صحيح.
(2)
عند الحديث رقم (220) من كتابنا هذا.
(3)
عند الحديث رقم (228) من كتابنا هذا.
(4)
في سننه رقم (149).
قلت: وأخرجه أحمد (4/ 251) ومسلم (1/ 317 رقم 274). وهو حديث صحيح.
وفيه جواز ائتمام الإمام أو الوالي برجل من رعيته.
وفيه أيضًا تخصيص لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمنّ أحد في سلطانه إلا بإذنه"
(1)
يعني: أو إلا أن يخاف خروج أوّل الوقت.
قوله: (يتم صلاته) فيه متمسك لمن قال: إن ما أدركه المؤتمّ مع الإمام أوّل صلاته، وقد تقدم الكلام على ذلك.
قوله: (قد أصبتم وأحسنتم) فيه جواز الثناء على من بادر إلى أداء فرضه وسارع إلى عمل ما يجب عليه عمله.
قوله: (يغبطهم) فيه أن الغبطة جائزة وأنها مغايرة للحسد المذموم.
قوله: (لم يزد عليها شيئًا) أي لم يسجد سجدتي السهو.
فيه دليل لمن قال: ليس على المسبوق ببعض الصلاة سجود.
قال ابن رسلان: وبه قال أكثر أهل العلم.
ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "وما فاتكم فأتموا"
(2)
وفي رواية: "فاقضوا"
(3)
ولم يأمر بسجود سهو.
وذهب جماعة من أهل العلم منهم من ذكر المصنف راويًا عن أبي داود
(4)
.
ومنهم عطاء
(5)
وطاوس
(6)
ومجاهد
(7)
إسحاق
(8)
إلى أن كلّ من أدرك وترًا من صلاة إمامه فعليه أن يسجد للسهو لأنَّه يجلس للتشهد مع الإمام في غير موضع الجلوس.
(1)
وهو حديث صحيح سيأتي تخريجه برقم (1078) من كتابنا هذا.
(2)
وهو حديث متفق عليه تقدم برقم (1044) من كتابنا هذا.
(3)
وهو حديث صحيح تقدم برقم (1045) من كتابنا هذا.
(4)
في السنن (1/ 106).
(5)
أخر له عبد الرزاق في المصنف (2/ 210 رقم 3098).
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 58) عن معتمر عن ليث عن عطاء، وطاووس، ومجاهد.
(6)
أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 58).
(7)
أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 58).
(8)
مسائل أحمد وإسحاق (1/ 60).
ويجاب عن ذلك بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم جلس خلف عبد الرحمن ولم يسجد ولا أمر به المغيرة.
وأيضًا ليس السجود إلا للسهو ولا سهو هنا.
وأيضًا متابعة الإمام واجبة فلا يسجد لفعلها كسائر الواجبات
(1)
.
[الباب الخامس عشر] باب من صلى ثم أَدرك جماعة فليصلها معهم نافلة
فِيه عَن أبي ذَرّ
(2)
، وَعُبادَةَ
(3)
وَيَزِيدَ بْنِ الأسْوَدِ
(4)
عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ سَبَقَ.
41/ 1069 - (وَعَنْ مِحْجَنِ بْنِ الأدْرَعِ قالَ: أتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى، يَعْنِي ولَمْ أُصَلّ، فَقَالَ لي: "ألا صَلَّيْتَ؟ " قُلْتُ: يا رَسُولَ الله إني قَدْ صَلَّيْتُ فِي الرَّحْلِ ثُمَّ أتَيْتُكَ، قالَ: "فإذَا جئْتَ فَصَلّ مَعَهُمْ وَاجْعَلْها نافِلَةً"، رَواهُ أحْمَدُ)
(5)
. [حسن]
(1)
قال ابن المنذر في الأوسط (3/ 306): "وقال أكثر فقهاء الأمصار من المتأخرين: ليس عليه سجود السهو، هذا قول أهل المدينة، وأهل الكوفة، والشافعي وأصحابه، وروي ذلك عن أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، والحسن، ومحمد بن سيرين، واحتج محتجهم بحديث أبي هريرة - تقدم برقم (1045) -.
ثم قال ابن المنذر في الأوسط (3/ 307): "قال أبو بكر: وبهذا نقول، وليس في شيء من الأخبار أنهم سجدوا سجود السهود.
قال أبو بكر: ودل حديث المغيرة - المتقدم رقم (1068) - على أن المأموم إذا جاء إلى الإمام فدخل معه في صلاته، أن يقتدي به ويفعل كفعله، ومن ألزم من فعل هذا الفعل سجود السهو، وإنما يلزمه سجود العمد؛ لأن فاعله قاصد إلى دخوله معه، لا ساهيًا لفعل فعله". اهـ.
قلت: وهذا هو الراجح، والله أعلم.
(2)
تقدم تخريجه رقم (476) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم تخريجه رقم (477) من كتابنا هذا.
(4)
تقدم تخريجه رقم (993) من كتابنا هذا.
(5)
في المسند (4/ 338).
قلت: وأخرجه بنحوه عبد الرزاق في المصنف (3932) وابن أبي عاصم في "الآحاد =
42/ 1070 - (وَعَنْ سُلَيْمانَ مَوْلى مَيْمُونَةَ قالَ: أتَيْتُ على ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ بالبَلاطِ وَالقَوْمُ يُصَلُّونَ فِي المَسْجِدِ، فَقُلْتُ: مَا يَمْنَعُكَ أنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ؟ قالَ: إني سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا تُصَلوا صَلاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وأبُو دَاوُدَ
(2)
وَالنَّسائيُّ)
(3)
. [حسن]
حديث أبي ذرّ
(4)
وحديث عبادة
(5)
اللذين أشار إليهما المصنف تقدما في باب بيان أن من أدرك بعض الصلاة في الوقت فإنه يتمها، من أبواب الأوقات.
وحديث يزيد بن الأسود
(6)
تقدم في باب الرخصة في إعادة الجماعة.
وحديث محجن أخرجه أيضًا مالك في الموطأ
(7)
والنسائي
(8)
وابن حبان
(9)
والحاكم
(10)
.
وحديث ابن عمر أخرجه أيضًا مالك في الموطأ
(11)
وابن خزيمة
(12)
وابن حبان
(13)
.
= والمثاني" رقم (958) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 362 و 363) والحاكم (1/ 224) والدارقطني (1/ 415) والطبراني في الكبير [ج 20 رقم (698) و (700) و (701) و (702)] من طرق ..
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(1)
في المسند (2/ 19).
(2)
في سننه رقم (579).
(3)
في سننه رقم (860).
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1641) وابن حبان رقم (2396) والطبراني في الكبير رقم (13270) والدارقطني (1/ 415، 416) وأبو نعيم في الحلية (8/ 385) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 303) وابن عبد البر في التمهيد (4/ 244، 244 - 245) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 278 - 279).
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(4)
تقدم رقم (476) من كتابنا هذا.
(5)
تقدم رقم (477) من كتابنا هذا.
(6)
تقدم رقم (993) من كتابنا هذا.
(7)
في الموطأ (1/ 132 رقم 8).
(8)
في السنن رقم (857).
(9)
في صحيحه رقم (2405).
(10)
في المستدرك (1/ 224) وهو حديث حسن كما تقدم.
(11)
في الموطأ (1/ 133 رقم 9).
(12)
في صحيحه رقم (1641)
(13)
في صحيحه رقم (2396).
وهو حديث حسن كما تقدم.
وفي الباب أحاديث قدمنا ذكرها في باب الرخصة في إعادة الجماعة.
وحديث محجن وما قبله من الأحاديث التي أشار إليها المصنف تدلّ على مشروعية الدخول في صلاة الجماعة لمن كان قد صلى تلك الصلاة، ولكن ذلك مقيد بالجماعات التي تقام في المساجد.
لما في حديث يزيد بن الأسود
(1)
المتقدم بلفظ: "ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا".
وقد وقع الخلاف بين أهل العلم هل الصلاة المفعولة مع الجماعة هي الفريضة أم الأولى؟ وقد قدمنا بسط الكلام في ذلك في باب الرخصة في إعادة الجماعة
(2)
.
وقدمنا أيضًا أن أحاديث مشروعية الدخول في الجماعة مخصصة لعموم أحاديث النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الفجر لما تقدّم في حديث يزيد بن الأسود (1) أن ذلك كان في صلاة الصبح.
وقدمنا أيضًا أن أحاديث الدخول مع الجماعة مخصصة لحديث ابن عمر المذكور في الباب.
قوله: (وهو بالبلاط) هو موضع مفروش بالبلاط بين المسجد والسوق بالمدينة كما تقدّم.
قوله: (لا تصلوا صلاة في يوم مرّتين) لفظ النَّسَائِي
(3)
: "لا تعاد الصلاة في يوم مرّتين" قد تمسك بهذا الحديث القائلون أن من صلى في جماعة ثم أدرك جماعة لا يصلي معهم كيف كانت؛ لأن الإعادة لتحصيل فضيلة الجماعة وقد حصلت له، وهو مرويّ عن الصيدلاني
(4)
والغزالي وصاحب المرشد.
(1)
تقدم رقم (993) من كتابنا هذا.
(2)
عند الحديث رقم (993) من كتابنا هذا.
(3)
في السنن رقم (860) بسند حسن.
(4)
هو محمد بن داود بن محمد المروزي. وكان ابن داود يعرف بالداودي نسبة إلى أبيه، ويعرف أيضًا بـ (الصيدلاني)(ت نحو 427 هـ).
قال السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى"(4/ 148): "وقفتُ على مجلدين من شرحه =
قال في الاستذكار
(1)
: اتفق أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه على أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين
(2)
"، أن ذلك أن يصلي الرجل صلاة مكتوبة عليه ثم يقوم بعد الفراغ منها فيعيدها على جهة الفرض أيضًا.
وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها نافلة اقتداء بالنبيّ صلى الله عليه وسلم في أمره بذلك فليس ذلك من إعادة الصلاة في يوم مرتين؛ لأن الأولى فريضة والثانية نافلة فلا إعادة حينئذٍ.
[الباب السادس عشر] باب الأعذار في ترك الجماعة
43/ 1071 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَأمُرُ المُنَادِي فَيُنادِي بالصَّلاةِ، يُنادي: صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، فِي اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ، وَفِي اللَّيْلَةِ المَطِيْرَةِ فِي السَّفَرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(3)
. [صحيح]
44/ 1072 - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَمُطِرْنَا، فَقَالَ:"لِيُصَلّ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فِي رَحْلِهِ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ
(4)
وَمُسْلِمٌ
(5)
وأَبُو دَاوُدَ
(6)
وَالتِّرمِذِيُّ وَصحَّحَهُ)
(7)
. [صحيح]
45/ 1073 - (وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنَّه قالَ لِمُؤَذّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: إذَا قُلْتَ: أشْهَدُ أن مُحَمَّدًا رَسُولُ الله فَلا تَقُلْ: حَيَّ عَلى الصَّلاةِ، قُلْ: صَلُّوا في بُيُوتِكُمْ
= للمزني - أي شرح المختصر - وفي أوله اسمه أبو بكر محمد بن داود المروزي المعروف بـ (الصيدلاني).
وانظر: "طبقات الشافعية" لابن هداية الله (152 - 153).
(معجم المصنفات الواردة في فتح الباري (ص 245 - 246 رقم 724، 725، 726).
(1)
(5/ 357 رقم 7208).
(2)
أخرجه النَّسَائِي في السنن رقم (860) بسند حسن.
(3)
أحمد (2/ 4) والبخاري رقم (632) ومسلم رقم (23/ 697).
(4)
في المسند (2/ 313).
(5)
في صحيحه رقم (25/ 698).
(6)
في السنن رقم (1065).
(7)
في سننه رقم (409). وهو حديث صحيح.
قالَ: فكأنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذلكَ، فَقَالَ: أتَعْجَبُون مِنْ ذا؟ فَقَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْر مِنِّي، يَعْنِي النَّبي صلى الله عليه وسلم، إنَّ الجُمُعَةَ عَزْمَةٌ وإني كَرِهْتُ أنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْض). مُتَّفَق عَلَيْهِ
(1)
. [صحيح]
وَلمُسلِم
(2)
: أَنَّ ابْنَ عَباسٍ أمَرَ مُؤَذّنَهُ في يَوْمِ جُمُعةٍ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ بِنَحْوِهِ). [صحيح]
وفي الباب عن سمرة عند أحمد
(3)
.
وعن أسامة عند أبي داود
(4)
والنسائي
(5)
.
وعن عبد الرحمن بن سمرة أشار إليه الترمذي
(6)
.
وعن عتبان بن مالك عند الشيخين
(7)
والنسائي
(8)
وابن ماجه
(9)
. وعن [نعيم بن النحام]
(10)
عند أحمد
(11)
.
وعن أبي هريرة عند ابن عديّ في الكامل
(12)
.
وعن صحابي لم يسمّ عند النَّسَائِي
(13)
.
(1)
أحمد (1/ 277) والبخاري رقم (901) ومسلم رقم (26/ 699).
(2)
في صحيحه رقم (28/ 699).
(3)
في المسند (5/ 8) وهو حديث صحيح لغيره.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 47) وقال: رجال أحمد رجال الصحيح.
(4)
في سننه رقم (1059).
(5)
في سننه رقم (854).
(6)
أشار إليه الترمذي في السنن (2/ 263). وهو حديث صحيح.
(7)
البخاري رقم (280) ومسلم (1/ 455 رقم 33/ 263).
(8)
في السنن رقم (844).
(9)
في سننه رقم (754). وقد تقدم حديث عتبان برقم (982) من كتابنا هذا.
(10)
في المخطوط (ب): (نحيم النحام) وهو خطأ.
(11)
في المسند (4/ 220) قلت: وأخرجه عبد الرزاق رقم (1927) ومن طريقه الحاكم (3/ 259) بسند رجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة ابن جريج.
وهو حديث حسن.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 47) وقال: وفيه رجل لم يسم.
(12)
في "الكامل"(6/ 147).
(13)
في سننه رقم (653) بسند صحيح.
قوله: (يأمر المنادي) في رواية للبخاري
(1)
ومسلم
(2)
: "يأمر المؤذن"، وفي رواية للبخاري
(3)
: "يأمر مؤذنًا".
قوله: (ينادي صلوا في رحالكم)، في رواية للبخاري
(4)
: "ثم يقول على أثره" يعني أثر الأذان: "ألا صلوا في الرحال"، وهو صريح في أن القول المذكور كان بعد فراغ الأذان.
وفي رواية لمسلم
(5)
بلفظ: "في آخر ندائه".
قال القرطبي
(6)
: يحتمل أن يكون المراد في آخره قبل الفراغ منه، جمعًا بينه وبين حديث ابن عباس
(7)
المذكور في الباب.
وحمل ابن خزيمة حديث ابن عباس على ظاهره وقال: إنه يقال ذلك بدلًا من الحيعلة نظرًا إلى المعنى؛ لأن معنى حيّ على الصلاة: هلموا إليها، ومعنى الصلاة في الرحال: تأخروا عن المجيء فلا يناسب إيراد اللفظين معًا لأن أحدهما نقيض الآخر.
قال الحافظ
(8)
: ويمكن الجمع بينهما، ولا يلزم منه ما ذكره بأن يكون معنى الصلاة في الرحال رخصة لمن أراد أن يترخص.
ومعنى هلموا إلى الصلاة: ندب لمن أراد أن يستكمل الفضيلة ولو تحمل المشقة.
ويؤيد ذلك حديث جابر عند مسلم
(9)
قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمطرنا، فقال:"ليصلّ من شاء منكم في رحله".
قوله: (في رحالكم) قال أهل اللغة: الرحل
(10)
: المنزل وجمعه رحال،
(1)
البخاري في صحيحه رقم (666).
(2)
مسلم في صحيحه رقم (22/ 697).
(3)
في صحيحه رقم (632).
(4)
في صحيحه رقم (632).
(5)
في صحيحه رقم (23/ 697).
(6)
في "المفهم"(2/ 337).
(7)
في الباب رقم (45/ 1073) من كتابنا هذا.
(8)
في "الفتح"(2/ 113) وفي التلخيص (2/ 66).
(9)
في صحيحه رقم (25/ 698). وقد تقدم برقم (1072) من كتابنا هذا.
(10)
النهاية (2/ 209) والقاموس المحيط (ص 1298).
سواء كان من حجر أو مدر أو خشب أو وبر أو صوف أو شعر أو غير ذلك.
قوله: (في الليلة الباردة وفي الليلة المطيرة) في رواية للبخاري
(1)
: "في الليلة الباردة أو المطيرة".
وفي أخرى له
(2)
: "إذا كانت ليلة ذات برد ومطر".
وفي صحيح أبي عوانة
(3)
: "ليلة باردة أو ذات مطر أو ذات ريح"، وفيه أن كل من الثلاثة عذر في التأخر عن الجماعة.
ونقل ابن بطال
(4)
فيه الإجماع.
لكن المعروف عند الشافعية
(5)
أن الريح عذر في الليل فقط.
وظاهر الحديث اختصاص الثلاثة بالليل.
وفي السنن
(6)
من طريق أبي إسحاق عن نافع في هذا الحديث: "في الليلة المطيرة والغداة القَرَّة".
وفيها
(7)
بإسناد صحيح من حديث أبي المليح عن أبيه: "أنهم مطروا يومًا فرخص لهم".
وكذلك في حديث ابن عباس المذكور في الباب
(8)
: "في يوم مطير".
قال الحافظ
(9)
: ولم أر في شيء من الأحاديث الترخيص بعذر الريح في النهار صريحًا.
قوله: (ليصلّ من شاء منكم في رحله) فيه التصريح بأن الصلاة في الرحال لعذر المطر ونحوه رخصة وليست بعزيمة.
(1)
في صحيحه رقم (632).
(2)
أي للبخاري في صحيحه رقم (666).
(3)
في مسند أبي عوانة (2/ 348).
(4)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 291).
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 113).
(6)
في سننه أبي داود رقم (1064) من حديث ابن عمر. وهو حديث منكر قاله الألباني.
(7)
أي في سنن أبي داود رقم (1057) وهو حديث صحيح.
(8)
برقم (45/ 1073) من كتابنا هذا.
(9)
في "الفتح"(2/ 113).
قوله: (في يوم مطير) وفي رواية للبخاري
(1)
: "في يوم رَزْغ" بفتح الراء وسكون الزاي بعدها غين معجمة.
قال في المحكم
(2)
: الرزغ: الماء القليل، وقيل: إنه طين ووحل.
وفي رواية له
(3)
ولابن السكين: "في يوم ردغ" بالدال بدل الزاي.
قوله: (إذا قلت أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل حيّ على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم)، في رواية للبخاري
(4)
: "فلما بلغ المؤذّن حيّ على الصلاة، فأمره أن ينادي: الصلاة في الرحال".
وفيه دليل على أن المؤذّن في يوم المطر ونحوه من الأعذار لا يقول حيّ على الصلاة، بل يجعل مكانها: صلوا في بيوتكم.
وبوّب على حديث ابن عباس هذا ابن خزيمة
(5)
، وتبعه ابن حبان
(6)
ثم المحبّ الطبري باب حذف حيّ على الصلاة.
قوله: (إن الجمعة عزمة) بسكون الزاي ضدّ الرخصة
(7)
.
قوله: (أن أحرجكم) بالحاء المهملة ثم راء ثم جيم. وفي رواية
(8)
: "أن أخرجكم" بالخاء المعجمة.
وفي رواية البخاري
(9)
: "أَنْ أؤثمكم"، وهي ترجح رواية من روى بالحاء المهملة.
قوله: (فتمشوا) في رواية
(10)
: "فتجيئون فتدوسون الطين إلى ركبكم".
والأحاديث المذكورة تدلّ على الترخيص في الخروج إلى الجماعة والجمعة عند حصول المطر وشدّة البرد والريح.
46/ 1074 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إذَا كانَ أحَدُكُمْ على الطعامِ فَلا يَعْجَلْ حتَّى يَقْضِيَ حاجَتَهُ مِنْهُ، وَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ"، رَوَاهُ البُخارِيُّ
(11)
. [صحيح]
(1)
في صحيحه رقم (616).
(2)
لابن سيده (5/ 443).
(3)
أي للبخاري في صحيحه رقم (668).
(4)
في صحيحه رقم (616).
(5)
في صحيحه (3/ 81).
(6)
في صحيحه (5/ 435).
(7)
القاموس المحيط (ص 1468).
(8)
عند أبي داود في السنن رقم (1066) وهو حديث صحيح.
(9)
في صحيحه رقم (668).
(10)
عند البخاري في صحيحه رقم (668).
(11)
في صحيحه رقم (674).
47/ 1075 - وَعَنْ عائِشَةَ قالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا صَلاةَ بِحَضْرَةِ طَعامٍ، وَلا وَهُوَ يُدَافِعُ الأخْبَثَيْنِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ
(2)
وأبُو دَاوُدَ
(3)
. [صحيح].
48/ 1076 - وَعَنْ أبي الدَّرْدَاءِ قالَ: مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ إقْبَالُهُ على حاجَتِه حتَّى يُقْبِلَ على صَلاتِهِ وَقَلْبُهُ فارغٌ. ذَكَرَهُ البُخارِيُّ فِي صَحِيحِهِ
(4)
.
وفي الباب عن أنس عند الشيخين
(5)
والترمذي
(6)
والنسائي
(7)
.
وعن سلمة بن الأكوع عند أحمد
(8)
، والطبراني في معجميه
(9)
، وفي إسناده أيوب بن عتبة قاضي اليمامة ضعَّفه الجمهور
(10)
.
وعن أمّ سلمة عند أحمد
(11)
وأبي يعلى
(12)
والطبراني في الكبير
(13)
، وإسناده جيد.
(1)
في المسند (6/ 42).
(2)
في صحيحه رقم (67/ 560).
(3)
في سننه رقم (89).
(4)
في صحيحه (2/ 159 رقم الباب 42 - مع الفتح) وقال ابن حجر في "الفتح" وصله ابن المبارك في كتاب "الزهد"(ص 401 رقم 1142)، وأخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب تعظيم قدر الصلاة" اهـ.
(5)
البخاري في صحيحه رقم (672) ومسلم رقم (64/ 557).
(6)
في سننه رقم (353).
(7)
في سننه رقم (853).
وهو حديث صحيح.
(8)
في المسند (4/ 49).
(9)
في المعجم الكبير (ج 7 رقم 6250). والأوسط رقم (864).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 46) وقال: فيه أيوب بن عتبة وثقه أحمد، ويحيى بن معين في رواية عنهما، وضعه النَّسَائِي وأحمد وابن معين في روايات عنهما".
(10)
انظر ترجمته في: "التاريخ الكبير"(1/ 420) والجرح والتعديل (2/ 253) والكاشف (1/ 94) والمغني (1/ 97) والميزان (1/ 290) والتقريب (1/ 90) والخلاصة (ص 43).
قلت: لحديث سلمة بن الأكوع شاهد من حديث ابن عمر بلفظ: "إذا وُضع عَشاءُ أحدِكم وأقيمت الصلاةُ فلا يقوم حتى يفرغ". أخرجه أبو داود رقم (3757) وأحمد (2/ 20) وهو حديث صحيح.
وخلاصة القول: أن حديث سلمة بن الأكوع سنده ضعيف لكنه صحيح لغيره.
(11)
في المسند (6/ 291).
(12)
في المسند رقم (6993).
(13)
في المعجم الكبير (ج 23 رقم 660).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 46): وقال: "رجاله ثقات سمع بعضهم من بعض". =
وعن ابن عباس عند الطبراني في الكبير
(1)
أيضًا وإسناده حسن.
وعن أبي هريرة عند الطبراني في الصغير
(2)
والأوسط
(3)
.
وقد تقدم الكلام على الصلاة بحضرة الطعام، وذكر من ذهب إلى وجوب تقديم الأكل على الصلاة ومن قال إنه مندوب فقط، ومن قيد ذلك بالحاجة ومن لم يقيد، وما هو الحقّ في باب تقديم العشاء
(4)
إذا حضر على تعجيل صلاة المغرب من أبواب الأوقات فليرجع إلى هنالك
(5)
.
* * *
تم ولله الحمد والمنّة الجزء الخامس
من
نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار
ويليه
الجزء السادس منه وأوله:
[خامس عشر]: أبواب الإمامة وصفة الأئمة.
= قلت: إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق وقد صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه وبقية رجاله ثقات.
فالحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(1)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 12142).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 46). وقال: "رجاله ثقات".
(2)
في المعجم الصغير (2/ 49).
(3)
في المعجم الأوسط رقم (7451).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 46) وقال: فيه إسماعيل بن عمرو البجلي ضعفه أبو حاتم.
(4)
عند الحديث رقم (444، 445، 446) من كتابنا هذا.
(5)
قال ابن حزم في "المحلى"(4/ 202 - 206): "
…
ومن العذر للرجال في التخلف عن الجماعة في المسجد: المرض، والخوف، والمطر، والبرد، وخوف ضياع المال، وحضور الأكل، وخوف ضياع المريض أو الميت، وتطويل الإمام حتى يضر بمن خلفه، وأكل الثوم أو البصل أو الكراث، ما دامت رائحته باقية، ويمنع آكلها من حضور المسجد، ويؤمر بإخراجهم منه ولا بد، ولا يجوز أن يمنع من المساجد أحد غير هؤلاء، لا مجذوم، ولا أبخر، ولا ذو عاهة، ولا امرأة بصغير معها". اهـ.
ثم أورد رحمه الله الأحاديث والآثار الدالة على ذلك فأطال وأجاد.
• وانظر: صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان بتحقيق الشيخ شعيب الأرنؤوط (5/ 411 - 459 رقم الباب 13): فرض الجماعة والأعذار التي تُبيح تركها (رقم الحديث 2062 - 2101).