المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تابع الكتاب الثاني: الصلاة خامس عشر: أبواب الإمامة وصفة الأئمة. سادس عشر: - نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار - ت حلاق - جـ ٦

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

تابع الكتاب الثاني: الصلاة

خامس عشر: أبواب الإمامة وصفة الأئمة.

سادس عشر: أبواب موقف الإمام والمأموم، وأحكام الصفوف.

سابع عشر: أبواب صلاة المريض.

ثامن عشر: أبواب صلاة المسافر.

تاسع عشر: أبواب الجمع بين الصلاتين.

عشرون: أبواب الجمعة.

ص: 5

تابع الكتاب الثاني: الصلاة

خامس عشر: أبواب الإمامة وصفة الأئمة.

الباب الأول: باب من أحق بالإمامة.

الباب الثاني: باب إمامة الأعمى والعبد والمولى.

الباب الثالث: باب ما جاء في إمامة الفاسق.

الباب الرابع: باب ما جاء في إمامة الصبي.

الباب الخامس: باب اقتداء المقيم بالمسافر.

الباب السادس: باب هل يقتدي المفترض بالمتنفل أم لا؟.

الباب السابع: باب اقتداء الجالس بالقائم.

الباب الثامن: باب اقتداء القادر على القيام بالجالس وأنَّه يجلس معه.

الباب التاسع: باب اقتداء المتوضئ بالمتيمم.

الباب العاشر: باب من اقتدى بمن أخطأ بترك شرط أو فرض ولم يعلم.

الباب الحادي عشر: باب حكم الإمام إذا ذكر أنه محدث أو خرج لحدث سبقه أو غير ذلك.

الباب الثاني عشر: باب من أمَّ قومًا يكرهونه.

سادس عشر: أبواب موقف الإمام والمأموم وأحكام الصفوف.

الباب الأول: باب وقوف الواحد عن يمين الإمام والاثنين فصاعدًا خلفه.

الباب الثاني: باب وقوف الإمام تلقاء وسط الصف، وقرب أولي الأحلام والنُّهى منه.

ص: 7

الباب الثالث: باب موقف الصبيان والنساء من الرجال.

الباب الرابع: باب ما جاء في صلاة الرجل فذًّا، ومن ركع أو أحرم دون الصف ثم دخله.

الباب الخامس: باب الحث على تسوية الصفوف ورصِّها وسد خللها.

الباب السادس: باب هل يأخذ القوم مصافَّهم قبل الإمام أم لا؟

الباب السابع: باب كراهة الصف بين السواري للمأموم.

الباب الثامن: باب وقوف الإمام أعلى من المأموم وبالعكس.

الباب التاسع: باب ما جاء من الحائل بين الإمام والمأموم.

الباب العاشر: باب ما جاء فيمن يلازم بقعة بعينها من المسجد.

الباب الحادي عشر: باب استحباب التطوع في غير موضع المكتوبة.

سابع عشر: أبواب صلاة المريض.

الباب الأول: باب صلاة المريض على قدر استطاعته.

الباب الثاني: باب الصلاة في السفينة.

ثامن عشر: أبواب صلاة المسافر.

الباب الأول: باب اختيار القصر وجواز التمام.

الباب الثاني: باب الرد على من قال إذا خرج نهارًا لم يقصر إلى الليل.

الباب الثالث: باب أن من دخل بلدًا فنوى الإقامة فيه أربعًا يقصر.

الباب الرابع: باب من أقام لقضاء حاجته ولم يجمع.

الباب الخامس: باب من اجتاز في بلد فتزوج فيه أَوْ لَه فيه زوجة فليتم.

تاسع عشر: أبواب الجمع بين الصلاتين.

الباب الأول: باب جوازه في السفر في وقت إحداهما.

الباب الثاني: باب جمع المقيم لمطر أو غيره.

الباب الثالث: باب الجمع بأذان وإقامتين من غير تطوع بينهما.

ص: 8

عشرون: أبواب الجمعة.

الباب الأول: باب التغليظ في تركها.

الباب الثاني: باب من تجب عليه ومن لا تجب.

الباب الثالث: باب انعقاد الجمعة بأربعين وإقامتها في القرى.

الباب الرابع: باب التنظيف والتجمل للجمعة، وقصدها بسكينة والتبكير، والدنو من الإمام.

الباب الخامس: باب فضل يوم الجمعة وذكر ساعة الإجابة وفضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه.

الباب السادس: باب الرجل أحق بمجلسه، وآداب الجلوس، والنهي عن التخطي إلَّا لحاجة.

الباب السابع: باب التنفل قبل الجمعة ما لم يخرج الإمام. وأن انقطاعه بخروجه إلَّا تحية المسجد.

الباب الثامن: باب ما جاء في التجميع قبل الزوال وبعده.

الباب التاسع: باب تسليم الإمام إذا رقى المنبر، والتأذين إذا جلس عليه واستقبال المأمومين له.

الباب العاشر: باب اشتمال الخطبة على حمد الله، والثناء على رسوله صلى الله عليه وسلم، والموعظة، والقراءة.

الباب الحادي عشر: باب هيئات الخطبتين وآدابهما.

الباب الثاني عشر: باب المنع من الكلام والإمام يخطب والرخصة في تكلمه وتكليمه لمصلحة، وفي الكلام قبل أخذه في الخطبة وبعد إتمامها.

الباب الثالث عشر: باب ما يقرأ به في صلاة الجمعة وفي صبح يومها.

الباب الرابع عشر: باب انفضاض العدد في أثناء الصلاة أو الخطبة.

الباب الخامس عشر: باب الصلاة بعد الجمعة.

الباب السادس عشر: باب ما جاء في اجتماع العيد والجمعة.

ص: 9

[خامس عشر] أبواب الإِمامة وصفة الأئمة

[الباب الأول] باب من أحق بالإِمامة

1/ 1077 - (عَنْ أَبي سَعِيدٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وأَحَقُّهُم بالإمامَةِ أَقْرَؤهُمْ"، رَواهُ أَحْمَدُ

(1)

وَمُسْلِمٌ

(2)

وَالنَّسائيُّ)

(3)

. [صحيح]

2/ 1078 - (وَعَنْ أبي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرو قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَؤمُّ القَوْمَ أَقْرَؤهُمْ لِكتابِ الله، فإنْ كَانُوا فِي القِرَاءَةِ سَوَاءً فأعْلَمُهُمْ بالسُّنَّة، فإنْ كَانُوا فِي السُّنَّة سَوَاءً فأقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فإنْ كَانُوا في الهِجْرَةِ سَواءً فأقْدَمُهُمْ سِنًّا، وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطَانِهِ ولَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ على تَكْرِمَتِهِ إلَّا بِإذْنِهِ".

وَفِي لَفْظٍ: "لا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في أهْلِهِ وَلا سُلْطانِهِ".

وفِي لَفْظٍ: "سلْمًا" بَدَلَ "سِنًا". رَوَى الجَميعَ أَحْمَدُ

(4)

وَمُسْلِمٌ

(5)

. [صحيح]

(1)

في المسند (3/ 24).

(2)

في صحيحه رقم (672).

(3)

في سننه (2/ 77)، (2/ 103 - 104).

قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1508) وابن حبان رقم (2132) والطيالسي رقم (2152) وأبو عوانة (2/ 9) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 89، 119) والبغوي في شرح السنة رقم (836) من طرق.

وهو حديث صحيح.

(4)

في المسند (4/ 118)، (4/ 121).

(5)

في صحيحه رقم (673).

قلت: وأخرجه أبو داود رقم (582)، (583) والطيالسي رقم (618) وابن خزيمة رقم (1507)(1516) وأبو عوانة (2/ 36) والطحاوي في شرح مشكل الآثار رقم (3958) =

ص: 11

وَرَوَاه سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ

(1)

لَكِنْ قَالَ فِيهِ: "لا يَؤمُّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطانِهِ إِلَّا بإذْنِهِ، وَلَا يَقْعُدْ على تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إلَّا بإذِنِهِ").

قوله: (إذا كانوا ثلاثة) مفهوم العدد

(2)

هنا غير معتبر لما سيأتي في حديث مالك بن الحويرث.

قوله: (وأحقهم بالإمامة أقرؤهم)، وقوله في الحديث الآخر:"يؤمّ القوم أقرؤهم"، فيه حجة لمن قال: يقدّم في الإِمامة الأقرأ على الأفقه.

وإليه مذهب [الأحناف]

(3)

بن قيس

(4)

، وابن سيرين

(5)

،

= وابن حبان رقم (2144) والطبراني في المعجم الكبير (ج 17 رقم 613) والبيهقي (3/ 125) من طرق.

(1)

لم أقف عليه؟

وانظر ما تقدم في التعليقة السابقة.

(2)

مفهوم العدد: وهو تعليق الحكم بعدد مخصوص، فإنّه يدل على انتفاء الحكم فيما عدا ذلك العدد زائدًا كان أو ناقصًا.

وقد ذهب إليه الشافعي، وأحمد بن حنبل، وبه قال مالك وداود الظاهري، وبه قال صاحب الهداية من الحنفية.

ومنع من العمل به المانعون بمفهوم الصفة.

والحق ما ذهب إليه الأولون، والعمل به معلومٌ من لغة العرب ومن الشرع، ومثاله: قال تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4].

وقال ابن الرفعة في باب الجماعة من (المطلب): القول بمفهوم العدد هو العمدة عندنا في تنصيص الحجارة في الاستنجاء من الثلاثة، والزيادة على ثلاثة أيام في خيار الشرط.

[البحر المحيط (4/ 41) والكوكب المنير (3/ 508)].

(3)

كذا في المخطوط (أ)، (ب) والأقرب إلى الصواب (الأشعث بن قيس بن معديكرب بن معاوية أبو محمد، له صحبة ورواية، قال ابن سعد: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين رجلًا من كندة، وكان اسمه معدي كرب، ولقب الأشعث، لشعث رأسه.

حدّث عنه الشعبي، وأبو وائل وغيرهما، أصيبت عينه يوم اليرموك، وكان أكبر أمراء علي يوم صفين. قال خليفة: مات في آخر سنة أربعين بعد قتل علي بيسير).

[انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد (6/ 22) تاريخ خليفة ص 166، 193، 199. تاريخ بغداد (1/ 196 - 197) سير أعلام النبلاء (2/ 37 - 43) الخلاصة ص 39].

(4)

قال ابن المنذر في "الأوسط"(4/ 149): "وكان الأشعث بن قيس أميرًا على جيش فقدم كلامًا، فقيل له: تقدم كلامًا وأنت أمير؟ قال: إنما أقدِّم القرآن.

(5)

أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 344) عن ابن سيرين قال: "يؤم القوم أقرؤهم". =

ص: 12

والثوري

(1)

، وأبو حنيفة

(2)

، وأحمد

(3)

وبعض أصحابهما.

وقال الشافعي

(4)

ومالك

(5)

وأصحابهما والهادوية

(6)

: الأفقه مقدّم على الأقرأ.

قال النووي

(7)

: لأن الذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط، والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط، وقد يعرض في الصلاة أمر لا يقدر على مراعاة الصواب فيه إلا كامل الفقه.

وأجابوا عن الحديث بأن الأقرأ من الصحابة كان هو الأفقه.

قال الشافعي

(8)

: المخاطب بذلك الذين كانوا في عصره كان أقرؤهم أفقههم، فإنهم كانوا يسلمون كبارًا ويتفقهون قبل أن يقرأوا فلا يوجد قارئ منهم إلا وهو فقيه، وقد يوجد الفقيه وهو ليس بقارئ.

لكن قال النووي

(9)

وابن سيد الناس: إن قوله في الحديث: "فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة"، دليل على تقديم الأقرأ مطلقًا.

وبه يندفع هذا الجواب عن ظاهر الحديث؛ لأن التفقه في أمور الصلاة لا يكون إلا من السنة، وقد جعل القارئ مقدمًا على العالم بالسنة.

وأما ما قيل من أن الأكثر حفظًا للقرآن من الصحابة أكثرهم فقهًا فهو وإن صحّ باعتبار مطلق الفقه لا يصحّ باعتبار الفقه في أحكام الصلاة لأنها بأسرها مأخوذة من السنة قولًا وفعلًا وتقريرًا، وليس في القرآن إلا الأمر بها على جهة الإجمال وهو مما يستوي في معرفته القارئ للقرآن وغيره:

وقد اختلف في المراد من قوله: "يؤمّ القوم أقرؤهم" فقيل المراد

= وذكره النووي في "المجموع"(4/ 177). وابن المنذر في الأوسط (4/ 149).

(1)

ذكر ذلك عنه ابن المنذر في "الأوسط"(4/ 149).

(2)

انظر: "البناية في شرح الهداية" للعيني (2/ 387).

(3)

انظر: "المبدع"(2/ 60 - 61).

(4)

انظر: "المجموع"(4/ 177 - 178).

(5)

انظر: "المدونة"(1/ 85).

(6)

انظر: "البحر الزخار"(1/ 308).

(7)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 173).

(8)

في كتابه "الأم"(2/ 300 - 301).

(9)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 173).

ص: 13

أحسنهم قراءة وإن كان أقلهم حفظًا، وقيل: أكثرهم حفظًا للقرآن.

ويدلّ على ذلك ما رواه الطبراني في الكبير

(1)

ورجاله رجال الصحيح عن عمرو بن سلمة أنه قال: "انطلقت مع أبي إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم بإسلام قومه، فكان فيما أوصانا: ليؤمكم أكثركم قرآنًا، فكنت أكثرهم قرآنًا فقدّموني".

وأخرجه أيضًا البخاري

(2)

وأبو داود

(3)

والنسائي

(4)

وسيأتي في باب ما جاء في إمامة الصبي

(5)

.

قوله: (فإن كانوا في القراءة سواء)، أي استووا في القدر المعتبر منها إما في حسنها أو في كثرتها وقلَّتها على القولين.

ولفظ مسلم

(6)

: "فإن كانت القراءة واحدة".

قوله: (فأعلمهم بالسنة)، فيه أن مزية العلم مقدمة على غيرها من المزايا الدينية.

قوله: (فأقدمهم هجرة) الهجرة المقدّم بها في الإِمامة لا تختصّ بالهجرة في عصره صلى الله عليه وسلم، بل هي التي لا تنقطع إلى يوم القيامة كما وردت بذلك الأحاديث وقال به الجمهور

(7)

. وأما حديث: "لا هجرة بعد الفتح"

(8)

، فالمراد به الهجرة

(1)

(ج 17) رقم (55).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 63 - 64) وقال: "قلت: هو في الصحيح من حديثه عن أبيه وهنا عن نفسه والله أعلم - رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح" اهـ.

(2)

في صحيحه رقم (4302).

(3)

في سننه رقم (585).

(4)

في سننه رقم (789).

(5)

في الباب الرابع رقم الحديث (1091) من كتابنا هذا.

(6)

لم يخرجه مسلم بهذا اللفظ. وقد أخرجه الطبراني في الكبير (ج 17) رقم (606) عن أبي مسعود الأنصاري.

(7)

انظر: "المغني"(3/ 13 - 14).

(8)

وهو حديث صحيح.

أخرجه أحمد (1/ 226) والبخاري رقم (2783) ومسلم رقم (86/ 1864) وأبو داود رقم (2480) والترمذي رقم (1590) والنسائي رقم (4170). وسيأتي برقم (3455) من كتابنا هذا.

ص: 14

من مكة إلى المدينة، أو لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح، وهذا لا بدّ منه للجمع بين الأحاديث.

قال النووي

(1)

: وأولاد من تقدمت هجرته من المهاجرين أولى من أولاد من تأخرت هجرته، وليس في الحديث ما يدلّ على ذلك.

قوله: (فأقدمهم سنًا) أي يقدّم في الإِمامة من كبر سنه في الإِسلام؛ لأن ذلك فضيلة يرجح بها.

والمراد بقوله: "سلمًا" في الرواية التي ذكرها المصنف الإسلام، فيكون من تقدّم إسلامه أولى ممن تأخر إسلامه، وجعل البغوي

(2)

أولاد من تقدم إسلامه أولى من أولاد من تأخر إسلامه، والحديث لا يدل عليه.

قوله: (ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه).

قال النووي

(3)

: معناه أن صاحب البيت والمجلس وإمام المسجد أحقّ من غيره.

قال ابن رسلان: لأنَّه موضع سلطنته، انتهى والظاهر أن المراد به السلطان الذي إليه ولاية أمور الناس لا صاحب البيت ونحوه، ويدلّ على ذلك ما في رواية أبي داود

(4)

بلفظ: "ولا يُؤمّ الرجل في بيته ولا في سلطانه"، وظاهره أن السلطان مقدّم على غيره وإن كان أكثر منه قرانًا وفقهًا وورعًا وفضلًا، فيكون كالمخصص لما قبله.

قال أصحاب الشافعي

(5)

: ويقدّم السلطان أو نائبه على صاحب البيت وإمام المسجد وغيرهما لأن ولايته [وسلطنته]

(6)

عامة.

قالوا: ويستحبّ لصاحب البيت أن يأذن لمن هو أفضل منه.

(1)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 173).

(2)

في شرح السنة له (3/ 396 - 397).

(3)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 173).

(4)

في سننه رقم (582) وهو حديث صحيح.

(5)

الأم (2/ 298).

والمجموع (4/ 179 - 180).

(6)

في المخطوط (ب): (وسلطانه).

ص: 15

قوله: (على تكرمته)، قال النووي

(1)

وابن رسلان: بفتح التاء وكسر الراء: الفراش ونحوه مما يبسط لصاحب المنزل ويختصّ به دون أهله.

وقيل: هي الوسادة وفي معناها السرير ونحوه

(2)

.

3/ 1079 - (وَعَنْ مالِكِ بْن الحُوَيْرِثِ قالَ: أتَيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنا وصَاحِبٌ لي، فَلَمَّا أَرَدْنا الإِقْفالَ مِنْ عِنْدِهِ قالَ لنا:"إذا حَضَرتِ الصَّلاةُ فأذِّنَا وأَقِيما ولْيَؤمَّكُما كَبَرُكُمَا"، رَوَاهُ الجَماعَة

(3)

.

ولأَحْمَد

(4)

وَمُسْلِمٍ

(5)

: وكانا مُتَقارِبَيْنِ فِي القِرَاءةِ. [صحيح]

ولِأَبي دَاوُدَ

(6)

: وَكُنَّا يَوْمَئذٍ مُتقَارِبَيْنِ فِي العِلْمِ).

قوله: (فلما أردنا الإقفال) هو مصدر أقفل: أي رجع

(7)

.

وفي رواية للبخاري

(8)

أن مالك بن الحويرث قال: "قدمنا على النبيّ صلى الله عليه وسلم ونحن شببة، فلبثنا عنده نحوًا من عشرين ليلة، وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم رحيمًا فقال: "لو رجعتم إلى بلادكم فعلَّمتموهم".

قوله: (وليؤمكما أكبركما) فيه متمسك لمن قال بوجوب الجماعة، وقد ذكرنا فيما تقدم ما يدلّ على صرفه إلى الندب، وظاهره أن المراد كبر السنّ.

ومنهم من جوّز أن يكون مراده بالكبر ما هو أعمّ من السنّ والقدر، وهو

(1)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 174).

(2)

التَكْرمة: الموضع الخاص لجلوس الرجل من فراش أو سرير مما يُعدّ لإكرامه. وهي تفعِلة من الكرامة. "النهاية"(4/ 168)].

(3)

أحمد (5/ 53) والبخاري رقم (628) ومسلم رقم (292/ 674) وأبو داود رقم (589) والترمذي رقم (205) والنسائي رقم (781) وابن ماجه رقم (979). وهو حديث صحيح.

(4)

في المسند رقم (5/ 53) بسند صحيح.

(5)

في صحيحه رقم (000/ 674).

(6)

في سننه رقم (589) وهذه الرواية مدرجة.

(7)

أقفل: قفلَ يَقفِلُ إذا عاد من سفره، وقد يقال للسَّفر: قُفول، في الذهاب والمجيء، وأكثر ما يستعمل في الرُّجوع [النهاية (4/ 92 - 93)].

(8)

في صحيحه رقم (631).

ص: 16

مقيد بالاستواء في القراءة والفقه كما في الروايتين الأخريين.

وقد زعم بعضهم أنه معارض لقوله: "يؤمّ القوم أقرؤهم"

(1)

. ثم جمع بأن قصة مالك بن الحويرث واقعة عين غير قابلة للعموم، بخلاف قوله صلى الله عليه وسلم:"يؤمّ القوم أقرؤهم"، والتنصيص على تقاربهم في القراءة والعلم يردّ عليه

(2)

.

قوله: (وكنا يومئذٍ متقاربين في العلم) قال في الفتح

(3)

: أظنّ في هذه الرواية إدراجًا

(4)

، فإن ابن خزيمة

(5)

رواه من طريق إسماعيل بن عليه عن خالد قال: قلت لأبي قلابة: فأين القراءة؟ قال: فإنهما كانا متقاربين، ثم ذكر ما يدلّ على عدم الإِدراج.

4/ 1080 - (وَعَنْ مالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلا يَؤمّهُمْ، وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهَمُ"، رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ

(6)

. [صحيح لغيره]

(1)

تقدم برقم (1078) من كتابنا هذا.

(2)

الفتح (2/ 171 - 172).

(3)

فتح الباري (2/ 170).

(4)

المُدْرَج: هو زيادة الراوي الصحابي فمن دونه في متن الحديث أو سنده، يحسبها من يروي الحديث أنها منه - لعدم فصلها عن الحديث - وليست منه. ويعرف الإدراج:

أ - بورود الحديث من رواية أخرى تفصل القدر المدرج عمَّا أدرج فيه.

ب - بالتنصيص على ذلك من الراوي نفسه، أو من بعض الأئمة المطلعين.

ج - باستحالة كون ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

أما حكم الإدراج: فإن كان لتفسير ففيه التسامح كما فعله الزهري وغيره، والأولى أن ينص على ذلك. وإن كان خطأ أو سهوًا من غير تعمد فلا حرج على المخطئ إلَّا أَنَّه إذا كثر خطؤه فيكون جرحًا في ضبطه.

وأما إن كان الإدراج عن تعمد - وليس من قبيل التفسير - فهو حرام على اختلاف أنواعه.

لما في ذلك من التلبيس والتدليس.

[انظر: "الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث" لابن كثير، تأليف: أحمد محمد شاكر ص 69 - 73 لتشاهد الأمثلة على جميع أنواع المدرج].

(5)

في صحيحه رقم (1510).

(6)

أحمد (3/ 436، 436 - 437، 5/ 53) وأبو داود رقم (596) والترمذي رقم (356) والنسائي رقم (787).

قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1520) وابن أبي شيبة (2/ 219). =

ص: 17

وأكْثَرُ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّهُ لا بأسَ بإمامَةِ الزَّائِرِ بإذْنِ رَبّ المَكانِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أبي مَسْعُودُ

(1)

: "إِلَّا بإذْنِهِ").

5/ 1081 - (ويُعَضّدُهُ عُمومُ ما رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "ثَلاثةٌ على كُثْبانِ المِسْكِ يَوْمَ القِيامَةِ: عَبْدٌ أدَّى حَقَّ الله وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ أمّ قَوْمًا وَهُمْ بِهِ رَاضُونَ، وَرَجُلٌ يُنَادِي بالصَّلَوَاتِ الخَمْسِ فِي كُلّ لَيْلَةٍ"، رَوَاهُ التّرْمِذِيّ)

(2)

. [ضعيف]

6/ 1082 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لا يَحِلّ لَرَجُلٍ يُؤْمِنُ بالله وَاليَوْمِ الآخِرِ أنْ يَؤُمَّ قَوْمًا إلَّا بإذْنِهِمْ، وَلَا [يَخُصَّ]

(3)

نَفْسَهُ بِدَعْوةٍ دُونَهُمْ، فإنْ فَعَلَ فَقَدْ خانَهُمْ"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)

(4)

[صحيح دون جملة الدعاء]

أما حديث مالك بن الحويرث فحسنه الترمذي

(5)

، وفي إسناده أبو عطية، قال أبو حاتم

(6)

: لا يعرف ولا يسمى.

= وقال الترمذي حديث حسن صحيح.

قلت: في إسناده: (أبو عطية مولى بني عقل) قال عنه الحافظ في "التقريب" رقم (8255): مقبول.

ويشهد لهذا الحديث حديث أبي مسعود البدري المتقدم (1078) من كتابنا هذا - فهو بهذا الشاهد صحيح والله أعلم.

(1)

تقدم برقم (1078) من كتابنا هذا.

(2)

في سننه رقم (1986) و (2566) وفي العلل الكبير (2/ 799، 852) وقال الترمذي في السنن حديث حسن غريب.

قلت: وأخرجه الطبراني في المعجم الصغير رقم (1116 - الروض الداني) بلفظ: "ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر، ولا ينالهم الحساب، هم على كثيب من مسك حتى يفرغ الله من حساب الخلائق: رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله، وأمَّ به قومًا وهم يرضون به

".

وأخرجه بنحو هذا اللفظ الطبراني في الكبير رقم (13584) وأبو نعيم في الحلية (3/ 318) وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 327) وقال: وفيه بحر بن كنيز السقاء وهو ضعيف.

وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(3)

في المخطوط (ب): (يختص).

(4)

في سننه رقم (91). وقال الألباني رحمه الله: صحيح إلا جملة الدعوة.

(5)

في السنن (2/ 187).

(6)

في "الجرح والتعديل"(9/ 414 رقم 2019).

ص: 18

ويشهد له حديث [ابن]

(1)

مسعود عند الطبراني

(2)

بإسناد صحيح.

والأثرم

(3)

بلفظ: "من السنة أن يتقدم صاحب البيت".

وأخرجه أحمد في مسنده

(4)

.

وحديث عبد الله بن [حنطب]

(5)

عند البزار

(6)

والطبراني

(7)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرجل أحقّ بصدر فراشه، وأحقّ بصدر دابته، وأحقّ أن يؤمّ في بيته".

وما تقدم من حديث أبي مسعود عند أبي داود

(8)

بلفظ: "ولا يؤمّ الرجل في بيته".

وأما حديث أبي مسعود الذي أشار إليه المصنف فقد تقدم في أوّل الباب

(9)

.

(1)

في المخطوط (ب): (أبي) وهو خطأ والصواب (ابن).

(2)

في المعجم الكبير (ج 9 رقم 8493).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 65) وقال: ورجاله رجال الصحيح.

(3)

عزاه إليه الحافظ في "التلخيص الحبير"(2/ 77).

(4)

في المسند (1/ 461).

قلت: وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 9 رقم 9262).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 66) وقال: فيه راو لم يسم، ورواه الطبراني متصلًا برجال ثقات.

قلت: الرجل الذي لم يسم عند أحمد ليس من رجال الإسناد. ورواية الطبراني المتصلة هي برقم (8493) وقد تقدمت قريبًا.

وعلقمة بن قيس وإن لم يسمع منه أبو إسحاق السبيعي كما صُرِّح بذلك في الحديث تابعه أبو الأحوص عند عبد الرزاق (1/ 386 رقم 1507)، وسماع أبي إسحاق من أبي الأحوص صحيح. وسماع إسرائيل من أبي إسحاق صحيح أيضًا.

وخلاصة القول: أن حديث عبد الله بن مسعود صحيح، والله أعلم.

(5)

في المخطوط (أ، ب)(حنطب) وهو خطأ والصواب (حنظلة) كما في مصادر الحديث.

(6)

في مسنده رقم (470 - كشف).

(7)

في الأوسط والكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 65) وقال الهيثمي: "وفيه إسحاق بن يحيى بن طلحة ضعفه أحمد وابن معين والبخاري، ووثقه يعقوب بن شيبة ووثقه ابن حبان" اهـ.

(8)

في سننه رقم (582) وقد تقدم.

(9)

رقم (1078) من كتابنا هذا.

ص: 19

وأما حديث ابن عمر فقد حسنه الترمذي

(1)

، وفي إسناده أبو اليقظان عثمان بن عمير البجلي

(2)

، وهو ضعيف ضعفه أحمد وغيره، وتركه ابن مهدي.

وقد أخرجه أيضًا أحمد

(3)

.

وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو داود

(4)

من رواية ثور عن يزيد بن شريح الحضرمي عن أبي حيّ المؤذّن وكلهم ثقات عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه أيضًا الترمذي

(5)

بهذا الإسناد عن ثوبان ولكن لفظه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحلّ لامرئ أن ينظر في جوف بيت امرئ حتى يستأذن، فإن نظر فقد دخل، ولا يؤتم قومًا فيخصّ نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم، ولا يقوم إلى الصلاة وهو حقن"، وقال

(6)

: حديث حسن.

ثم قال: وقد روي هذا الحديث عن يزيد بن شريح عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكان حديث يزيد بن شريح عن أبي حيّ المؤذّن عن ثوبان في هذا أجود إسنادًا وأشهر، انتهى.

وأخرجه أيضًا أحمد

(7)

عن أبي أمامة، وفيه:"ولا يؤمنّ قومًا فيخصّ نفسه بالدعاء دونهم، فإن فعل فقد خانهم"، ورواه الطبراني

(8)

أيضًا بلفظ: "ومن صلى بقوم فخصّ نفسه بدعوة دونهم فقد خانهم". وفي حديث أبي أمامة اختلاف ذكره الدارقطني

(9)

.

(1)

في سننه (4/ 355).

(2)

انظر ترجمته في: الجرح والتعديل (3/ 1/ 161) والتاريخ الكبير (3/ 2/ 245) والمجروحين (2/ 95) والميزان (3/ 50).

(3)

في المسند (2/ 26) بسند ضعيف. وقد تقدم تخريجه برقم (1081) من كتابنا هذا.

(4)

في سننه رقم (91) وقد تقدم برقم (1082) من كتابنا هذا.

(5)

في سننه رقم (357) وقال: حديث حسن.

قال الألباني: ضعيف إلا الجملة الأخيرة منه سنة صحيحة.

(6)

أي الترمذي في السنن (2/ 190).

(7)

في المسند (5/ 260) بسند ضعيف.

(8)

في المعجم الكبير (ج 8 رقم 7507) وفي الشاميين رقم (1997).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 79) وقال: "وفيه السفر بن نسير وهو ضعيف، وقد وثقه ابن حبان".

(9)

في "العلل"(8/ 280 - 282 س 1568).

ص: 20

قوله: (من زار قومًا فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم)، فيه أن المزور أحقّ بالإِمامة من الزائر وإن كان أعلم أو أقرأ من المزور.

قال الترمذي

(1)

: "والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم، قالوا: صاحب المنزل أحقّ بالإِمامة من الزائر.

وقال بعض أهل العلم: إذا أذن له فلا بأس أن يصلي به.

وقال إسحاق: لا يصلي أحد بصاحب المنزل وإن أذن له، قال: وكذلك في المسجد إذا زارهم يقول: ليصلّ بهم رجل منهم"

(2)

، انتهى.

وقد حكى المصنف

(3)

عن أكثر أهل العلم: أنه لا بأس بإمامة الزائر بإذن ربّ المكان، واستدلّ بما ذكره.

وقد عرفت مما سلف أن أبا داود

(4)

زاد في حديث أبي مسعود: "ولا يؤمّ الرجل في بيته" فيصلح حينئذٍ قوله في آخر حديثه: "إلا بإذنه" لتقييد جميع الجمل المذكورة فيه التي من جملتها قوله: "ولا يؤمّ الرجل في بيته" على ما ذهب إليه جماعة من أئمة الأصول

(5)

، وقال به الشافعي

(1)

في السنن (2/ 190).

(2)

انظر: "المغني" لابن قدامة (3/ 42).

(3)

ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 623).

(4)

في سننه رقم (582) وقد تقدم.

(5)

قال الشوكاني رحمه الله في "إرشاد الفحول"(ص 503) بتحقيقي: "المسألة العاشرة: اختلفوا في الاستثناء الوارد بعد جُمل متعاطفة هل يعود إلى الجميع أو إلى الأخير كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} {إِلَّا مَن تَابَ} [الفرقان: 68 - 70].

فذهب الشافعي وأصحابه إلى أنه يعود إلى جميعها ما لم يُخصُّه دليلٌ، وقد نسبَ ابنُ القصّار هذا المذهب إلى مالك. قال الزركشي: - في البحر المحيط (3/ 308) -: وهو الظاهر من مذاهب أصحاب مالك، ونسبَه صاحب المصادر إلى القاضي عبد الجبار، وحكاه القاضي أبو بكر عن الحنابلة، قال: ونقلوه عن نصّ أحمد فإنه قال في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَؤُمنَّ الرجلَ في سلطانه ولا يقعُد على تكرِمته إلا بذنه"[أخرجه مسلم رقم (673)] قال: أرجو أن يكون الاستثناء على كلّه.

وذهب أبو حنيفة وجمهور أصحابه إلى عَوده إلى الجملة الأخيرة إلا أن يقوم الدليلُ على التعميم، واختاره الفخر الرازي - المحصول (3/ 43) - وقال الأصفهانيُّ في القواعد: "إنه الأشبه ونقله صاحبُ المعتمد - (1/ 245 - 246) عن الظاهرية

" اهـ.

ص: 21

وأحمد قالا: ما لم يقم دليل على اختصاص القيد ببعض الجمل.

ويعضد التقييد بالإِذن عموم قوله في حديث ابن عمر

(1)

: "وهم به راضون".

وقوله في حديث أبي هريرة

(2)

: "إلا بإذنهم" كما قال المصنف

(3)

، فإنه يقتضي جواز إمامة الزائر عند رضا المزور.

قال العراقي: ويشترط أن يكون المزور أهلًا للإِمامة، فمن لم يكن أهلًا كالمرأة في صورة كون الزائر رجلًا، والأمي في صورة كون الزائر قارئًا ونحوهما فلا حقّ له في الإِمامة.

[الباب الثاني] باب إِمامة الأَعمى والعبد والمولى

7/ 1083 - (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ ابن أُمّ مَكْتُومٍ على المَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ يُصَلِّي بِهِمْ وَهُوَ أَعْمَى. رَوَاهُ أَحْمَدُ

(4)

وأَبو دَاوُدَ)

(5)

. [صحيح]

8/ 1084 - (وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبيعِ أَنَّ عُتْبَانَ بْنَ مالِكٍ كانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهُوَ أَعْمَى، وأَنَّهُ قالَ: يا رَسُولَ الله إنَّهَا تَكُونَ الظُّلْمَةُ وَالسَّيْلُ وأنا رَجُلٌ ضَرِيرُ البَصَرِ، فصَلِّ يَا رَسُولَ الله فِي بَيْتي مَكَانًا أَتَّخذُه مُصَلَّى، فَجاءَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقالَ:"أَيْنَ تُحِبُّ أنْ أُصَلِّي؟ "، فأشارَ إلى مَكانٍ فِي البَيْتِ، فَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ بِهَذَا اللّفْظِ البُخارِيُّ

(6)

وَالنّسائيّ)

(7)

. [صحيح]

(1)

تقدم برقم (1801) من كتابنا هذا.

(2)

تقدم برقم (1802) من كتابنا هذا.

(3)

ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 623).

(4)

في المسند (3/ 132)، (3/ 192).

(5)

في سننه رقم (595)، (2931).

قلت: وأخرجه ابن الجارود في المنتقى رقم (310) وأبو يعلى رقم (3110) و (3138) والبيهقي (3/ 88).

وهو حديث صحيح.

(6)

في صحيحه رقم (667).

(7)

في سننه رقم (788). وهو حديث صحيح.

وانظر الحديث المتقدم برقم (972) من كتابنا هذا.

ص: 22

حديث أنس أخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه

(1)

، وأبو يعلى

(2)

، والطبراني

(3)

عن عائشة.

وأخرجه أيضًا الطبراني

(4)

بإسناد حسن عن ابن عباس.

وأخرجه

(5)

أيضًا من حديث ابن بحينة وفي إسناده الواقدي

(6)

.

وفي الباب عن عبد الله بن [عمر]

(7)

الخطمي أنه كان يؤم قومه بني خطمة وهو أعمى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده

(8)

، وابن أبي خيثمة

(9)

.

(1)

رقم (2134، 2135).

(2)

في مسنده رقم (4456).

(3)

في الأوسط رقم (2723).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 65) وقال: رجال أبو يعلى رجال الصحيح. وهو حديث صحيح.

(4)

في الأوسط رقم (5). قلت: وأخرجه البزار (رقم 469 - كشف).

وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 65) وقال: فيه عفير بن معدان. وهو ضعيف.

قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير (ج 11 رقم 11435) من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس بنحوه.

(5)

أي الطبراني في الكبير - كما في "مجمع الزوائد"(2/ 65) - وقال الهيثمي: وفيه الواقدي ضعيف.

(6)

محمد بن عمر الواقدي، قاضي بغداد عن مالك ومعمر. قال البخاري: متروك الحديث.

مات سنة (209 هـ) صاحب تصانيف.

قال أبو حاتم: متروك. وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال الدارقطني: فيه ضعف. [التاريخ الكبير (1/ 178) والجرح والتعديل (8/ 20) والمجروحين (2/ 290) والميزان (3/ 662) والكاشف (3/ 73) والمغني (2/ 619) والخلاصة ص 353].

(7)

كذا في المخطوط (أ، ب)، والصواب (عمير) كما في "المجمع".

وقد أخرجه الطبراني في الكبير - كما في "مجمع الزوائد"(2/ 65) وقال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح.

(8)

مسند الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز الخراساني ت (303 هـ). ذكره له الذهبي في سير أعلام النبلاء (14/ 157).

وقد جمع الحافظ ابن حجر زوائده على الكتب الستة في "المطالب العالية" وهو مطبوع.

(معجم المصنفات الواردة في فتح الباري (ص 375 رقم 1194).

(9)

تاريخ ابن أبي خيثمة، أحمد بن زهير بن حرب الحرشي النَّسَائِي، ت (279 هـ).

ذكره له الذهبي في سير أعلام النبلاء (11/ 492، 493) ومدحه بقوله: "أحسن تصنيفه، =

ص: 23

قوله: (يصلي بهم وهو أعمى) فيه جواز إمامة الأعمى، وقد صرّح أبو إسحاق المروزي والغزالي

(1)

بأن إمامة الأعمى أفضل من إمامة البصير لأنَّه أكثر خشوعًا من البصير لما في [البصر]

(2)

من شغل القلب بالمبصرات.

ورجح البعض أن إمامة البصير أولى لأنَّه أشدّ توقيًا للنجاسة، والذي فهمه الماوردي من نص الشافعي أن إمامة الأعمى والبصير سواء في عدم الكراهية لأن في كل منهما فضيلة، غير أن إمامة البصير أفضل؛ لأن أكثر من جعله النبيّ صلى الله عليه وسلم إمامًا البصراء. وأما استنابته صلى الله عليه وسلم لابن أمّ مكتوم في غزواته، فلأنه كان لا يتخلف عن الغزو من المؤمنين إلا معذور، فلعله لم يكن في البصراء المتخلفين من يقوم مقامه أو لم يتفرّغ لذلك، أو استخلفه لبيان الجواز

(3)

.

وأما إمامة عتبان بن مالك

(4)

لقومه، فلعله أيضًا لم يكن في قومه من هو في مثل حاله من البصراء.

= وأكثر فائدته، فلا أعرف أغزر فوائد منه".

منه المجلد الثالث مخطوط في جامعة القرويين تحت رقم (244/ 40) فاس، المغرب العربي، في (199 ورقة) راجع: تاريخ التراث العربي (1/ 512 - 513).

[معجم المصنفات (ص 100 رقم 207)].

(1)

قال الشافعي في الأم (2/ 324): وأحب إمامة الأعمى، والأعمى إذا سُدِّد إلى القبلة، كان أحرى ألا يلهو بشيء تراه عيناه، ومن أمَّ، صحيحًا كان أو أعمى، فأقام الصلوات أجزأته صلاته.

ولا أختار إمامة الأعمى على الصحيح؛ لأن أكثر من جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم إمامًا بصيرًا، ولا إمامة الصحيح على الأعمى لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجد عددًا من الأصحاء يأمرهم بالإمامة، أكثر من عدد من أمر بها من العُمْي" اهـ.

(2)

في المخطوط (ب): (البصير).

(3)

قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 154): "قال أبو بكر: إمامة الأعمى كمامة البصير لا فرق بينهما، وهما داخلان في ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله"، فأيهم كان أقرأ كان أحق بالإمامة

وإباحة إمامة الأعمى كالإجماع من أهل العلم .. " اهـ.

(4)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 153 ث 1938) عن محمود بن الربيع أن عِتْبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى".

وأخرجه الشافعي في الأم (2/ 323 رقم 321) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 214) من طريق الزهري.

ص: 24

قوله: (كان يؤمّ قومه وهو أعمى)، في رواية للبخاري

(1)

: "أنه قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي"، وهو أصرح من اللفظ الذي ذكره المصنف في الدلالة على المطلوب لما فيه من ظهور التقرير بدون احتمال.

قوله: (وأنا رجل ضرير البصر)، في رواية للبخاري

(2)

: "جعل بصري يكلّ"، وفي أخرى:"قد أنكرت بصري".

ولمسلم

(3)

: "أصابني في بصري بعض الشيء"، واللفظ الذي ذكره المصنف أخرجه البخاري

(4)

في باب الرخصة في المطر، وهو يدلّ على أنه قد كان أعمى.

وبقية الروايات تدلّ على أنه لم يكن قد بلغ إلى حدّ العمى.

وفي رواية لمسلم

(5)

بلفظ: "إنه عمي فأرسل".

وقد جمع بين الروايات بأنه أطلق عليه العمى لقربه منه ومشاركته له في فوات بعض البصر المعهود في حال الصحة.

وأما قول محمود بن الربيع أن عتبان بن مالك

(6)

كان يؤمّ قومه وهو أعمى، فالمراد أنه لقيه حين سمع منه الحديث وهو أعمى.

قوله: (مكانًا) هو منصوب على الظرفية.

وفي حديث عتبان فوائد.

(منها) إمامة الأعمى، وإخبار المرء عن نفسه بما فيه من عاهة، والتخلف عن الجماعة في المطر والظلمة، واتخاذ موضع معين للصلاة، وإمامة الزائر إذا كان هو الإِمام الأعظم، والتبرّك بالمواضع التي صلى فيها صلى الله عليه وسلم، وإجابة الفاضل دعوة المفضول وغير ذلك.

9/ 1085 - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ لَمَّا قَدِمَ المُهاجِرُونَ الأوَّلُونَ نَزَلُوا العَصْبَةَ، مَوضِعًا بِقُباءَ، قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَؤمُّهُمْ سالِمٌ مَوْلى أَبي حُذَيْفَةَ وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ

(1)

البخاري في صحيحه رقم (840).

(2)

البخاري في صحيحه رقم (1186).

(3)

في صحيحه رقم (54/ 33).

(4)

في صحيحه رقم (667).

(5)

في صحيحه رقم (55/ 33).

(6)

مر تخريجه في الصفحة السابقة. رقم التعليقة (4).

ص: 25

قُرآنًا، وكانَ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأسَدِ. رَوَاهُ البُخارِيُّ

(1)

وأَبُو دَاوُدَ

(2)

. [صحيح]

10/ 1086 - (وَعَنِ ابن أَبي مُلَيْكَةَ أَنَّهُمْ كانُوا يأتُونَ عَائِشَةَ بأعْلَى الوَادِي هُوَ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَالمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَناسٌ كَثِيرٌ، فَيَؤمُّهُمْ أَبُو عَمْرٍو مَوْلى عائِشَةَ وأَبُو عَمْرٍو غُلامُها حِينَئذٍ لَمْ يُعْتَقْ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ)

(3)

. [أثر صحيح]

ذكر الحافظ في التلخيص

(4)

رواية ابن أبي مليكة ونسبها إلى الشافعي

(5)

كما نسبها المصنف، وذكر في الفتح

(6)

أنها رواها أيضًا عبد الرزاق

(7)

.

قال: وروى ابن أبي شيبة في المصنف

(8)

عن وكيع عن هشام عن أبي بكر بن أبي مليكة أن عائشة أعتقت غلامًا لها عن دبر، فكان يؤمها في رمضان في المصحف. وعلقه البخاري

(9)

.

قوله: (قدم المهاجرون الأوّلون) أي من مكة إلى المدينة، وبه صرّح في رواية الطبراني

(10)

.

قوله: (العصبة) بالعين المهملة المفتوحة، وقيل مضمومة وإسكان الصاد المهملة، بعدها موحدة: اسم مكان بقباء. وفي النهاية

(11)

عن بعضهم بفتح

(1)

في صحيحه رقم (692).

(2)

في سننه رقم (588).

وهو حديث صحيح.

(3)

في مسند الشافعي رقم (314) ووصله ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 338) عن عائشة أنها أعتقت غلامًا لها عن دبر، فكان يؤمها في رمضان في المصحف. قلت: وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" رقم (795) كما عند ابن أبي شيبة. والخلاصة: أن الأثر صحيح، والله أعلم.

(4)

(2/ 89 رقم 600/ 47).

(5)

في المسند رقم (314) وفي الأم (2/ 324).

(6)

(2/ 185).

(7)

في المصنف رقم (3930).

(8)

(2/ 338).

(9)

في "الصحيح"(2/ 184 رقم الباب 54 - مع الفتح).

وصححه الحافظ في "تغليق التعليق"(2/ 291).

(10)

في المعجم الكبير (ج 7 رقم 6371).

(11)

النهاية (3/ 246).

ص: 26

العين والصاد المهملتين. قيل: والمعروف المعصَّب بالتشديد.

قوله: (وكان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة)، هو مولى امرأة من الأنصار فأعتقته، وكانت إمامته بهم قبل أن يعتق.

وإنما قيل له مولى أبي حذيفة لأنَّه لازم أبا حذيفة [بن عتبة بن ربيعة]

(1)

بعد أن أعتق فتبناه، فلما نهوا عن ذلك قيل له مولاه. واستشهد سالم باليمامة في خلافة أبي بكر.

قوله: (وكان أكثرهم قرآنًا) إشارة إلى سبب تقديمهم له مع كونهم أشرف منه.

وفي رواية للطبراني

(2)

: "لأنَّه كان أكثرهم قرآنًا".

قوله: (وكان فيهم عمر بن الخطاب) إلخ، زاد البخاري

(3)

في الأحكام: "أبا بكر الصدّيق وزيد بن حارثة وعامر بن ربيعة" واستشكل ذكر أبي بكر فيهم، إذ في الحديث أن ذلك كان قبل مقدم النبيّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر كان رفيقه. ووجَّهه البيهقي

(4)

باحتمال أن يكون سالم المذكور استقرّ على الصلاة بهم فيصحّ ذكر أبي بكر.

قال الحافظ

(5)

: ولا يخفى ما فيه.

وقد استدلّ المصنف رحمه الله بإمامة سالم بهؤلاء الجماعة على جواز إمامة العبد. ووجه الدلالة عليه إجماع أكابر الصحابة القرشيين على تقديمه.

وكذلك استدلّ بإمامة مولى عائشة لأولئك لمثل ذلك

(6)

.

(1)

زيادة من المخطوط (ب).

(2)

في المعجم الكبير (ج 7 رقم 6372).

(3)

13/ 167 رقم 7175.

(4)

في السنن الكبرى (3/ 89).

(5)

في الفتح (2/ 186).

(6)

• قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 157): "قال أبو بكر: إمامة العبد جائزة، وإذا استووا في القراءة فالحر أحق بالإمامة من العبد، وإن كان العبد أقرأ فهو أولى بالإمامة لحديث أبي سعيد - تقدم برقم (1077) من كتابنا هذا - ولم يذكر حرًا ولا عبدًا، ويدل حديث أبي مسعود - تقدم برقم (1078) من كتابنا هذا - عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرأهم" على مثل ما دل عليه حديث أبي سعيد والله أعلم" اهـ.

• قال الشافعي في "الأم"(2/ 324 - 325): "قال الشافعي رحمه الله: والاختيار أن يُقَدَّم أهل الفضل في الإمامة على ما وصفتُ، وأن يقدم الأحرار على المماليك، وليس =

ص: 27

[الباب الثالث] باب ما جاءَ في إِمامة الفاسق

11/ 1087 - (عَنْ جابِرٍ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لا تَؤمَّنَّ امْرأةٌ رَجُلًا، وَلا أعْرابِيٌّ مُهاجِرًا، وَلا يَؤمَّنَّ فاجِرٌ مُؤْمِنًا، إلَّا أنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطانٍ يَخافُ سَيْفَهُ أوْ سَوْطَهُ"، رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ)

(1)

. [ضعيف]

12/ 1088 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اجْعَلُوا أئمَّتَكُمْ خِيارَكُمْ، فإنَّهُمْ وَفْدُكُمْ فِيما بَيْنكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ"، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ)

(2)

. [ضعيف]

= بضيق أن يتقدم المملوك الأحرار، إمامًا في مسجد جماعة، ولا في طريق، ولا في منزل، ولا في جمعة، ولا عيد، ولا غيره من الصلوات.

فمن قال قائل: كيف يؤمُّ في الجمعة وليست عليه؟ قيل: ليست عليه ليس على معنى ما ذهبت إليه، إنما ليست عليه، ليس بضيق عليه أن يتخلف عنها، كما ليس بضيق على خائف، ولا مسافر، وأي هؤلاء صلى الجمعة أجزأت عنه، وبين أن كل واحد من هؤلاء، إذا كان، إذا حضر أجزأت عنه، وهي ركعتا الظهر التي هي أربع فصلاها بأهلها، أجزأت عنه وعنهم" اهـ.

وانظر ما قاله ابن قدامة في المغني (3/ 26 - 27).

(1)

في سننه رقم (1081).

قلت: وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(2/ 298)، وابن عدي في الكامل (4/ 181) والبيهقي (2/ 90، 171).

وهذا إسناد ضعيف جدًّا فيه: علي بن زيد بن جدعان ضعيف.

وعبد الله بن محمد العدوي متروك رماه وكيع بالوضع. قاله الحافظ في التقريب: رقم (3601). وبه أعله البيهقي، فقال عقب الحديث:"هو منكر الحديث، لا يتابع في حديثه، قاله محمد بن إسماعيل البخاري".

والوليد بن بُكير أبو جَنَاب: لين الحديث، قاله الحافظ في "التقريب رقم (7417). وقد خولف في إسناده وهي العلة.

وانظر: الإرواء رقم (591).

وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(2)

في سننه (2/ 87 - 88 رقم 10)، وقال الدارقطني: هذا عندي هو عمر بن يزيد قاضي المداين.

قلت: وأخرجه البيهقي (3/ 95)، وقال البيهقي: إسناد هذا الحديث ضعيف. =

ص: 28

13/ 1089 - (وَعَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الجِهادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ مَعَ كُلّ أمِيرٍ، بَرًّا كانَ أوْ فاجِرًا، وَالصَّلاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْكُمْ خَلْفَ كُلّ مُسْلِمٍ بَرًّا كانَ أوْ فاجِرًا، وَإنْ عَمِلَ الكَبائِرَ"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ

(1)

وَالدَّارقُطْنِيُّ بِمَعْناه

(2)

، وقَالَ: مَكْحُولٌ لَمْ يَلْقَ أبا هُرَيْرَةَ). [ضعيف]

14/ 1090 - (وَعَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ البَكَّاءِ قالَ: أدْرَكْتُ عَشْرَة مِنْ أَصْحابِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ يُصَلِّي خَلْفَ أئِمَّةِ الجَوْرِ. رَوَاهُ البخاري في تارِيخِهِ)

(3)

. [أثر ضعيف]

حديث جابر في إسناده عبد الله بن محمد التميمي وهو تالف

(4)

. قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. وقال وجميع: يضع الحديث، وقد تابعه عبد الملك بن حبيب

(5)

في

= وقال ابن عبد الهادي الحنبلي "التنقيح"(2/ 16): هذا الحديث منكر

" اهـ.

(1)

في سننه رقم (594).

(2)

في سننه رقم (2/ 56).

قلت: وأخرجه البيهقي (3/ 121) وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1/ 425) من طريق مكحول عن أبي هريرة.

وهذا منقطع لأن مكحول لم يسمع من أبي هريرة كما قال أبو داود والدارقطني.

فالحدث ضعيف، والله أعلم.

(3)

في التاريخ الكبير (6/ 90 رقم 1800).

وعبد الكريم البكاء هو ممن لا يحتج بروايته. قال أحمد بن حنبل: قد ضربتُ على حديثه هو شِبْه المتروك. وقال النَّسَائِي والدارقطني، متروك.

قال الذهبي: وقد أخرج له البخاري تعليقًا، ومسلم متابعة، وهذا يدل على أنه ليس بمطرح.

وقال أبو عمر بن عبد البر: بَصْري، لا يختلفون في ضعفه، إلا أن منهم من يقبله في غير الأحكام خاصة، ولا يحتج به، وكان مؤدّب كتاب، حسن السَّمْتِ، غرَّ مالكًا منه سَمْتُه، ولم يكن من أهل بلده فيعرفه، كما غرَّ الشافعي من إبراهيم بن أبي يحيى حِذْقُه ونباهته، وهو أيضًا مجمع على ضعفه؛ ولم يخرج مالك عنه حُكمًا بل ترغيبًا وفضلًا.

[الميزان (2/ 646 رقم الترجمة 5172)].

والخلاصة: أن الأثر ضعيف، والله أعلم.

(4)

انظر ترجمته في: الميزان (2/ 485) والجرح والتعديل (5/ 156) والتقريب رقم (360).

(5)

عبد الملك بن حبيب القرطبي أحدُ الأئمة ومصنِّف الواضحة، كثير الوهم صحفي. وكان =

ص: 29

"الواضحة"

(1)

لكنه متهم بسرقة الحديث وتخليط الأسانيد.

وقد صرّح ابن عبد البرّ بأن عبد الملك المذكور أفسد إسناد هذا الحديث.

وقد ثبت في كتب جماعة من أئمة أهل البيت

(2)

كأحمد بن عيسى والمؤيد وأبي طالب وأحمد بن سليمان والأمير الحسين

(3)

وغيرهم عن عليّ السلام مرفوعًا: "لا يؤمنكم ذو جرأة في دينه"

(4)

.

وفي إسناد حديث جابر أيضًا علي بن زيد بن جدعان

(5)

وهو ضعيف.

وحديث ابن عباس في إسناده سلام بن سليمان المدائني

(6)

وهو ضعيف.

وحديث أبي هريرة أخرجه أيضًا البيهقي

(7)

وهو منقطع، وأخرجه ابن حبان في الضعفاء

(8)

، وفي إسناده عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة وهو متروك.

وأخرجه الدارقطني

(9)

أيضًا من حديث الحارث عن عليّ.

= ابن حزم يقول: ليس بثقة

قال أبو بكر: وضعفه غير واحد، ثم قال: وبعضهم اتهمه بالكذب.

"الميزان"(2/ 652 رقم 5195).

(1)

"الواضحة" لـ "عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون، أبو مروان الأندلسي (ت: 238 هـ).

كتاب في عدة مجلدات في السنن والفقه، كان يصحف الأسماء، ولا يفهم طرق الحديث، ويحتج بالمناكير، كما قال ابن عبد البر. سير أعلام النبلاء (12/ 105 - 106).

[معجم المصنفات (ص 438 رقم 1418)].

(2)

انظر: البحر الزخار (1/ 311 - 312).

(3)

في كتابه "شفاء الأُوام"(1/ 335).

(4)

وهو حديث ضعيف.

(5)

انظر: الجرح والتعديل (6/ 186) والكامل لابن عدي (5/ 1840) والميزان (3/ 128).

(6)

سلّام بن سليم أو سلم، أبو سليمان، ويقال: له الطويل، المدائني. وعند الدارقطني: سلَّام بن سليمان، وقيل: ابن سلمان، وقيل: ابن سالم.

انظر: التاريخ الكبير (2/ 2/ 133) والجرح والتعديل (4/ 260) والكامل (3/ 1146) والمجروحين (1/ 339) والضعفاء للدارقطني رقم (265).

(7)

في سننه (3/ 121) وقد تقدم.

(8)

لم أقف عليه في المجروحين عند ترجمة عبد الله بن محمد (2/ 10 - 11).

(9)

في سننه (2/ 57). =

ص: 30

ومن حديث علقمة والأسود عن عبد الله

(1)

.

ومن حديث مكحول أيضًا عن واثلة

(2)

.

ومن حديث أبي الدرداء من طرق

(3)

= قلت: وأخرجه ابن الجوزي في العلل (1/ 421) وقال ابن الجوزي (1/ 426 - 427): وأما حديث علي ففيه الحارث، قال ابن المديني: كان كذابًا. وفيه فرات بن سليمان، قال ابن حبان: منكر الحديث جدًّا يأتي بما لا شك أنه معمول.

قلت: كلام ابن حبان هذا في فرات بن سليم كما في المجروحين (2/ 207) والميزان (3/ 342). وأما في الإسناد فهو بن سلمان، قال أبو حاتم في الجرح والتعديل (3/ 2/ 80): لا بأس به صالح الحديث. ووثقه أحمد، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به [لسان الميزان (4/ 431)].

وفي الإسناد أبو إسحاق القنسريني: مجهول كما في الميزان (4/ 489) والحارث ضعيف.

وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(1)

أخرجه الدارقطني في سننه (2/ 57) وابن الجوزي في العلل (1/ 422).

عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من السنة: الصف خلف كل إمام، لك صلاتك وعليه إثمه. والجهاد مع كل أمير، لك جهادك وعليه شره. والصلاة على كل ميت من أهل التوحيد وإن كان قاتل نفسه".

قال الدارقطني: عمر بن صبح متروك.

قال ابن الجوزي في "التحقيق"(2/ 20): وأما حديث ابن مسعود ففيه عمر بن صبح.

قال ابن حبان: كان يضع الحديث.

وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف جدًّا.

(2)

أخرجه ابن ماجه رقم (1525) والدارقطني (2/ 57) وابن الجوزي في العلل (1/ 425).

عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكفروا أهل ملتكم وإن عملوا بالكبائر، وصلوا مع كل إمام وجاهدوا مع كل أمير، وصلوا على ميت من أهل القبلة".

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 497 رقم 542/ 1525): "وهذا إسناد ضعيف: أبو سعيد هذا هو الصواب واسمه محمد بن سعيد، وعتبة بن يقظان، والحارث بن نبهان كلهم ضعفاء" اهـ. وانظر: العلل لابن الجوزي (1/ 428).

وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(3)

أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/ 90) والدارقطني (2/ 55) وابن الجوزي في العلل (1/ 426).

من طريقين عن مكرم بن حكيم عن سيف بن منير عنه.

- مكرم بن حكيم قال الذهبي في الميزان (4/ 177) روى خبرًا باطلًا، قال الأزدي: ليس حديثه بشيء. =

ص: 31

كلها - كما قال الحافظ

(1)

- واهية جدًّا.

قال العقيلي

(2)

: ليس في هذا المتن إسناد يثبت.

ونقل ابن الجوزي

(3)

عن أحمد أنه سئل عنه فقال: ما سمعنا بهذا.

وقال الدارقطني

(4)

: ليس فيها شيء يثبت.

قال الحافظ

(5)

: وللبيهقي في هذا الباب أحاديث كلها ضعيفة غاية الضعف.

وأصح ما قيل: حديث مكحول عن أبي هريرة على إرساله

(6)

. وقال أبو أحمد الحاكم: هذا حديث منكر.

وأما قول عبد الكريم البكاء أنه أدرك عشرة من أصحاب النبيّ، [إلخ]

(7)

، فهو ممن لا يحتجّ [بروايته]

(8)

وقد استوفى الكلام عليه في الميزان

(9)

.

ولكنه قد ثبت إجماع أهل العصر الأوّل من بقية الصحابة ومن معهم من التابعين إجماعًا فعليًا، ولا يبعد أن يكون قوليًا، على الصلاة خلف الجائرين؛ لأن الأمراء في تلك الأعصار كانوا أئمة الصلوات الخمس، فكان الناس لا يؤمهم إلا أمراؤهم في جمل بلدة فيها أمير، وكانت الدولة إذ ذاك لبني أمية وحالهم وحال أمرائهم لا يخفى

(10)

.

= - وسيف بن منير ضعفه الدارقطني.

• قال العقيلي: إسناده مجهول غير محفوظ. وانظر ما قاله ابن الجوزي عنه في العلل (1/ 427).

وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(1)

في التلخيص (2/ 75).

(2)

في الضعفاء (3/ 90).

(3)

في العلل (1/ 428).

(4)

في سننه (2/ 57 عقب الحديث رقم 7).

(5)

في التلخيص (2/ 75).

(6)

وهو حديث ضعيف وقد تقدم رقم (1089) من كتابنا هذا.

(7)

في المخطوط (ب)(صلى الله عليه وسلم).

(8)

في المخطوط (ب): (به فروايته).

(9)

(2/ 646).

(10)

قال النووي في "المجموع"(4/ 150): " .... قال أصحابنا: الصلاة وراء الفاسق =

ص: 32

وقد أخرج البخاري

(1)

عن ابن عمر: أنه كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف.

وأخرج مسلم

(2)

وأهل السنن

(3)

: أن أبا سعيد الخدري صلى خلف مروان صلاة العيد في قصة تقديمه الخطبة على الصلاة، وإخراج منبر النبيّ صلى الله عليه وسلم، وإنكار بعض الحاضرين.

وأيضًا قد ثبت تواترًا

(4)

: "أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه يكون على الأمة أمراء يميتون الصلاة ميتة الأبدان ويصلونها لغير وقتها، فقالوا: يا رسول الله بما تأمرنا؟ فقال: صلوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتكم مع القوم نافلة".

ولا شكّ أن من أمات الصلاة وفعلها في غير وقتها غير عدل.

وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة خلفه نافلة.

ولا فرق بينها وبين الفريضة في ذلك.

ومما يؤيد عدم اشتراط عدالة إمام الصلاة حديث: "صلوا خلف من قال لا إله إلا الله، وصلوا على من قال: لا إله إلا الله"، أخرجه الدارقطني

(5)

وفي إسناده عثمان بن عبد الرحمن، كذبه يحيى بن معين.

= صحيحة ليست محرمة، لكنها مكروهة. وكذا تكره وراء المبتاع الذي لا يكفر ببدعته، وتصح. فإن كفر ببدعته فقد قدمنا أنه لا تصح الصلاة وراءه كسائر الكفار.

ونص الشافعي في "المختصر" على كراهة الصلاة خلف الفاسق والمبتدع، فإن فعلها صحت.

وقال مالك: "لا تصح وراء فاسق بغير تأويل كشارب الخمر والزاني وذهب جمهور العلماء إلى صحتها" اهـ.

(1)

عزاه إليه الحافظ في التلخيص (2/ 90) وابن الملقن في "خلاصة البدر المنير"(1/ 198)

وابن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية"(2/ 530). ولم أقف على مكانه بعد البحث الطويل وقد قال الألباني في الإرواء (2/ 303): "لم أجده عنده حتى الآن". وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 121) وذكره ابن قدامة في المغني (3/ 20) وابن حزم في المحلى (4/ 213) والقلعه جي في موسوعة فقه ابن عمر (ص 512).

(2)

في صحيحه رقم (889).

(3)

الترمذي رقم (511) والنسائي رقم (1576) وابن ماجه رقم (1288). وهو حديث صحيح.

قلت: وأخرجه أيضًا البخاري في صحيحه رقم 956.

(4)

أخرجه أحمد (5/ 159) ومسلم رقم (648) وأبو داود رقم (431) وقد تقدم برقم (476) من كتابنا هذا.

(5)

في السنن (2/ 56 رقم 3).

قلت: وأخرجه ابن الجوزي في "العلل"(1/ 422) وفي "التحقيق"(2/ 19). =

ص: 33

ورواه

(1)

أيضًا من وجه آخر عنه، وفي إسناده خالد بن إسماعيل وهو متروك.

ورواه

(2)

أيضًا من وجه آخر عنه، وفي إسناده أبو الوليد المخزومي، وقد خفي حاله [أيضًا]

(3)

على الضياء المقدسي.

وتابعه أبو البختري وهب بن وهب وهو كذّاب

(4)

.

= من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن عطاء، عن ابن عمر، به.

وعثمان بن عبد الرحمن الوقاصي: واه متروك الحديث. [المجروحين (2/ 98) والميزان (3/ 43) والجرح والتعديل (6/ 157) والتقريب (2/ 11) والخلاصة ص 261].

• وله طريق آخر أخرجه الخطيب في تاريخه (6/ 403) وابن الجوزي في "التحقيق"(2/ 19 - 20) وفي العلل (1/ 423).

من طريق وهب بن وهب عن عبيد الله بن نافع عن ابن عمر به.

ووهب بن وهب. قال ابن الجوزي: كان كذابًا يضع الحديث بإجماعهم، [المجروحين (3/ 74) والجرح والتعديل (9/ 25) والميزان (4/ 353) واللسان (6/ 231)].

• وقد تابعه راويان:

1 -

أبو الوليد المخزومي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر به.

أخرجه الدارقطني (2/ 56 رقم 4) والخطيب في "تاريخه"(11/ 293) وابن الجوزي في التحقيق (1/ 20) وفي "العلل"(1/ 424).

وأبو الوليد المخزومي قال ابن عدي: كان يضع الحديث.

2 -

عثمان بن عبد الله العثماني عن مالك عن نافع عن ابن عمر به.

أخرجه الخطيب (11/ 283) وابن حبان في المجروحين (2/ 102) وابن الجوزي في "التحقيق"(1/ 20) وفي العلل (1/ 424).

وعثمان العثماني قال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات.

• وله طريق آخر عن ابن عمر. أخرجه الدارقطني (2/ 56 رقم 5) والطبراني في الكبير (ج 12 رقم 13622) وابن الجوزي في العلل (1/ 422) وفي التحقيق (1/ 19).

من طريق محمد بن الفضل حدثنا سالم عن مجاهد عن ابن عمر به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 67) وقال: فيه محمد بن الفضل بن عطية. وهو كذاب" اهـ.

وخلاصة القول: أن حديث ابن عمر ضعيف جدًّا.

(1)

ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 76 رقم 579) وقال: وفيه خالد بن إسماعيل عن العمري به. وخالد متروك" اهـ.

(2)

الدارقطني في سننه (2/ 56 رقم 4) وقد تقدم آنفًا.

(3)

زيادة من المخطوط (ب).

(4)

تقدم آنفًا.

ص: 34

ورواه أيضًا الطبراني

(1)

من طريق مجاهد عن ابن عمر، وفيه محمد بن الفضل وهو متروك.

وله طريق أخرى

(2)

عن ابن عمر وفيها عثمان بن عبد الله العثماني، وقد رماه ابن عديّ بالوضع.

ومما يؤيد ذلك أيضًا عموم أحاديث الأمر بالجماعة من غير فرق بين أن يكون الإِمام برًّا أو فاجرًا.

والحاصل أن الأصل عدم اشتراط العدالة، وأن كل من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره وقد اعتضد هذا الأصل بما ذكر المصنف وذكرنا من الأدلة، وبإجماع الصدر الأوّل عليه، وتمسك الجمهور من بعدهم به

(3)

، فالقائل بأن العدالة شرط كما روي عن العترة

(4)

ومالك وجعفر بن مبشر وجعفر بن حرب محتاج إلى دليل ينقل عن ذلك الأصل.

(1)

في الكبير (ج 12 رقم 13622) وقد تقدم آنفًا.

(2)

تقدم آنفًا.

(3)

قال ابن حزم في "المحلى"(4/ 214): "ما نعلم أحدًا من الصحابة رضي الله عنهم امتنع من الصلاة خلف المختار، وعبد الله بن زياد، والحجاج، ولا أفسق من هؤلاء.

وقد قال الله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، ولا بر أبر من الصلاة وجمعها في المساجد، فمن دعا إليها ففرض إجابته وعونه على البر والتقوى الذي دعا إليهما، ولا إثم بعد الكفر آثم من تعطيل الصلوات الخمس في المساجد فحرام علينا أن نعين على ذلك، وكذلك الصيام والحج والجهاد، من عمل شيئًا من ذلك عملناه معه، ومن دعانا إلى إثم لم نجبه ولم نعنه عليه. وكل هذا قول أبي حنيفة والشافعي وأبي سليمان" اهـ.

(4)

انظر: البحر الزخار (1/ 311 - 312).

وقال المقبلي في "المنار في المختار من جواهر البحر الزخار"(1/ 214): "أعلم أن البيِّنَ من الشروط ما فصله حديث: "إنما جعل الإمام ليؤتم به

إلخ". فعلى هذا كلُّ من صحت صلاته، صحت إمامته. ثم ننظر في كلِّ مانع يُدَّعى، فعلى هذا: تصلح إمامة من نقصت طهارته - كالمتيمم - أو صلاته - كالقاعد - ولم يقم دليل على خلاف ذلك. بل صلَّى عمرو بأصحابه وهو متيمم، وقرره صلى الله عليه وسلم، وصلوا خلفه صلى الله عليه وسلم وهو قاعد، ولم يصح نسخه.

وأما الأفضل، فوافد القوم أفضلهم، وقد فصَّلَتِ السنة مواضع من الخير والأولوية

" اهـ.

ص: 35

وقد أفردت هذا البحث برسالة مستقلة واستوفيت فيها الكلام على ما ظنه القائلون بالاشتراط دليلًا من العمومات القرآنية وغيرها

(1)

.

ولهم متمسك على اشتراط العدالة لم أقف على أحد استدلّ به ولا تعرّض له، وهو ما أخرجه أبو داود

(2)

وسكت عنه هو والمنذري

(3)

عن السائب بن خَلّاد: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا أمّ قومًا فبصق في القِبلة ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ: "لا يصلِّي لكم"، فأراد بعد ذلك أن يصلي بهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: نعم، قال الراوي: حسبت أنه قال له: "إنّك آذيت الله ورسوله".

واعلم أن محلّ النزاع إنما هو في صحة الجماعة بعد من لا عدالة له، وأما أنها مكروهة فلا خلاف في ذلك كما في البحر

(4)

.

وقد أخرج الحاكم

(5)

في ترجمة مرثد الغنوي عنه صلى الله عليه وسلم: "إن سرّكم أن تقبل

(1)

انظر: "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني (6/ 2927 - 2932) ضمن الرسالة رقم (88) بتحقيقي.

(2)

في سننه رقم (481).

(3)

في مختصره رقم (453).

قلت: وأخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (1636) وأحمد (4/ 56).

وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. قال: أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي بالناس الظهر، فتفَل في القِبلةِ وهو يصلّي للناس، فلما كانت صلاةُ العصر، أرسل إلى آخرَ، فأشفق الرجلُ الأول، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله! أأُنزلَ فيَّ شيء؟ قال: "لا، ولكنك تفلت بين يديك، وأنت قائم تؤم الناس، فآذيتَ الله والملائكةِ".

أخرجه الطبراني في الكبير (ج 13/ رقم 104) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 20) وقال: ورجاله ثقات. وأورده الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب"(1/ 275 رقم 439) وقال: إسناده جيد.

وأخرجه المحدث الألباني رحمه الله في "الصحيحة" رقم (3376).

وقال في "صحيح الترغيب والترهيب"(1/ 236 رقم 289/ 10): حسن صحيح. وانظر: صحيح أبي داود (2/ 385) رقم (501).

وخلاصة القول: أن حديث السائب بن خلاد حديث حسن. وكذلك حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن، والله أعلم.

(4)

البحر الزخار (1/ 312).

(5)

في المستدرك (3/ 222).

ص: 36

صلاتكم فليؤمكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم".

ويؤيد ذلك حديث ابن عباس

(1)

المذكور في الباب.

قوله: (لا تؤمنّ امرأة رجلًا) فيه أن المرأة لا تؤمّ الرجل.

وقد ذهب إلى ذلك العترة

(2)

والحنفية

(3)

والشافعية

(4)

وغيرهم.

وأجاز المزني وأبو ثور والطبري إمامتها في التراويح إذا لم يحضر من يحفظ القرآن

(5)

.

ويستدلّ للجواز بحديث أمّ ورقة: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤمّ أهل دارها"،

= قلت: وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(ج 20 رقم 777).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 64) وقال: وفيه يحيى بن يعلى الأسلمي وهو ضعيف وعزاه ابن حجر في "الإصابة"(6/ 56) لأحمد بن سنان القطان في "مسنده"، والبغوي في "شرح السنة" والحاكم في "المستدرك"، والطبراني في "الأوسط"، وقد اختلف في سنده. وصوب ابن حجر سند الحاكم ومن وافقه، وقال: مرسل. والقاسم الشيباني لم يدرك أحدًا ممن مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن وقع عنده عن القاسم حدثني مرثد فقد أخطأ.

(1)

تقدم برقم (1088) من كتابنا هذا.

(2)

البحر الزخار (3/ 311).

(3)

البناية شرح الهداية (2/ 395).

(4)

الأم (2/ 320) والمجموع (4/ 151 - 152).

(5)

• قال النووي في "المجموع"(4/ 152): "وقال أبو ثور، والمزني، وابن جرير: تصح صلاة الرجال وراءها - أي المرأة - حكاه عنهم القاضي أبو الطيب العبدري، وقال الشيخ أبو حامد: مذهب الفقهاء كافة أنه لا تصح صلاة الرجال وراءها إلا أبا ثور والله أعلم" اهـ.

• قال الشوكاني في "السيل الجرار"(1/ 527) بتحقيقي: "أقول: لم يثبُتْ عن النبي صلى الله عليه وسلم في جواز إمامة المرأة بالرجل أو الرجال شيء، ولا وقع في عصره ولا في عصر الصحابة والتابعين من ذلك شيء. وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوفَهُن بعد صفوف الرجال، وذلك لأنهنّ عوراتٌ وائتمامُ الرجلِ بالمرأةِ خلافُ ما يفيدُه هذا. ولا يقال: الأصلُ الصحةُ، لأنا نقولُ قد وردَ ما يدلُّ على أنهنَّ لا يصلُحْن لتولي شيء من الأمور، وهذا من جُملةِ الأمورِ بل هو أعلاها وأشرفُها، فعموم قوله: "لا يُفلحُ قومٌ ولَّوْا أمرَهُم امرأةً" كما في الصحيحين - البخاري قم (7099) - وغيرهما - أحمد (5/ 47، 51) والترمذي رقم (2262) والنسائي (8/ 227) - يفيد منعهن من أن يكون لهنَّ منصِبُ الإمامة في الصلاة للرجال" اهـ.

ص: 37

رواه أبو داود

(1)

وصححه ابن خزيمة

(2)

. وأخرجه أيضًا الدارقطني

(3)

والحاكم

(4)

.

وأصل الحديث: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما غزا بدرًا قالت: يا رسول الله أتأذن لي في الغزو معك؟ فأمرها أن تؤمّ أهل دارها وجعل لها مؤذّنًا يؤذّن لها، وكان لها غلام وجارية دبَّرَتهما"، فالظاهر أنها كانت تصلي ويأتمّ بها مؤذنها وغلامها وبقية أهل دارها.

وقال الدارقطني: إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها.

قوله: (ولا أعرابي مهاجرًا)

(5)

، فيه أنه لا يؤمّ الأعرابي الذي لم يهاجر بمن كان مهاجرًا، وقد تقدم أن المهاجر أولى من المتأخر عنه في الهجرة، وممن لم يهاجر أولى بالأولى.

[الباب الرابع] باب ما جاءَ في إِمامة الصبي

15/ 1091 - (عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَة قالَ: لَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ الفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بإسْلامِهِمْ، وبَادَرَ أبي قَوْمِي بإسْلامِهِمْ؛ فَلَمَّا قَدِمَ قالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حَقًّا، فَقَالَ: صَلُّوا صَلاةَ كَذا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلاةَ كَذَا فِي

(1)

في السنن رقم (592).

(2)

في صحيحه رقم (1676).

(3)

في السنن (1/ 403 رقم 1).

(4)

في المستدرك (1/ 203) وهو حديث حسن. انظر: صحيح أبي داود 3/ 144 رقم (606).

(5)

قال ابن المنذر في "الأوسط"(4/ 157 - 158 مسألة 570): "واختلفوا في الصلاة خلف الأعرابي، فكان أبو مجلز يكره إمامته. وقال مالك: لا يؤم الأعرابي مسافرين ولا حضريين وإن كان أقرأهم. وقال الأوزاعي: بلغنا أربعة لا يؤمون الناس: فذكر الأعرابي، إلا أن يغشاه مهاجر في منزله فيؤمه الأعرابي.

وقد اختلف فيه عن الحسن البصري: فروي عنه أنه كان يقول في مهاجر صلى خلف أعرابي: يعيد الصلاة؛ وروى عنه أنه كان لا يرى به بأسًا.

وفي قول سفيان الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، الصلاة خلف الأعرابي جائزة.

وكذلك نقول إذا قام الأعرابي بحدود الصلاة" اهـ.

وانظر: المغني لابن قدامة (3/ 15 - 16).

ص: 38

حينِ كَذَا؛ فإذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيؤَذّنْ أحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أكَثُركُمْ قُرآنًا، فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أكثرَ قُرآنًا مِنِّي لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وأنا ابْنُ سِتّ سِنِينَ، أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وكانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي، فَقالَتِ امْرأةٌ مِنَ الحَيِّ: ألا تُغطُّونَ عَنَّا اسْتَ قارئكُمْ، فاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لي قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَئٍ فَرَحِي بِذَلِكَ القَمِيصِ. رَوَاهُ البُخاريُّ

(1)

وَالنَّسائيّ

(2)

بِنَحْوِهِ، وقالَ فِيهِ: كُنْتُ أؤُمُّهُمْ وأنا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ.

وأبو دَاوُدَ

(3)

وَقَالَ فيه: وأَنا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أوْ ثَمَانِ سِنِينَ.

وأحْمَدُ

(4)

وَلَمْ يَذْكُرْ سِنَّهُ.

ولأَحْمَد

(5)

، وأَبي دَاوُدَ

(6)

: فَمَا شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إلَّا كُنْتُ إمامَهُمْ إلى يَوْمِي هذَا). [صحيح]

16/ 1092 - (وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: لا يَؤُمُّ الغُلامُ حتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ الحُدُودُ)

(7)

.

17/ 1093 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: لا يَؤُمُّ الغُلامُ حتَّى يَحْتَلِمَ. رَوَاهُمَا الأثْرَمُ فِي سُنَنِهِ)

(8)

. [موقوف بسند ضعيف]

(1)

في صحيحه رقم (4302).

(2)

في سننه رقم (789) وهو حديث صحيح.

(3)

في سننه رقم (585) وهو حديث صحيح.

(4)

في المسند (5/ 71). قلت: وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" رقم (2597) والدارقطني في "المؤتلف والمختلف"(3/ 1196) من طرق.

(5)

في المسند (5/ 29، 30).

(6)

في سننه رقم (587).

قلت: وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" رقم (2596) والطيالسي رقم (1363) والبزار رقم (468 - كشف) والطبراني في المعجم الكبير رقم (6354) والبيهقي (3/ 91 - 92، 225) من طرق.

وهو حديث صحيح. لكن قوله عن أبيه غير محفوظ.

(7)

لم أقف عليه.

(8)

أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 152 ث 1937) وعبد الرزاق في المصنف (2/ 398 =

ص: 39

عمرو بن سلمة قد اختلف في صحبته. قال في التهذيب

(1)

: لم يثبت له سماع من النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وروى الدارقطني ما يدلّ على أنه وفد مع أبيه.

وأثر ابن عباس رواه عبد الرزاق

(2)

مرفوعًا بإسناد ضعيف.

قوله: (وليؤمكم أكثركم) فيه أن المراد بالأقرأ في الأحاديث المتقدمة: الأكثر قرآنًا لا الأحسن قراءة وقد تقدم.

قوله: (فقدموني) فيه جواز إمامة الصبيّ ووجه الدلالة ما في قوله صلى الله عليه وسلم: "ليؤمكم أكثركم قرآنًا"

(3)

من العموم.

قال أحمد بن حنبل

(4)

: ليس فيه اطلاع النبيّ صلى الله عليه وسلم. وأجيب بأن إمامته بهم كانت حال نزول الوحي، ولا يقع حاله التقرير لأحد من الصحابة على الخطأ.

ولذا استدلّ بحديث أبي سعيد

(5)

وجابر

(6)

: "كنا نعزل والقرآن ينزل".

وأيضًا الذين قدّموا عمرو بن سلمة كانوا كلهم صحابة.

= رقم 3847) والبيهقي (3/ 225) وقال: موقوف مطلق.

قلت: وإسناده ضعيف.

(1)

تهذيب التهذيب (3/ 274 - 275).

(2)

تقدم برقم (3847) من المصنف بسند ضعيف.

(3)

تقدم برقم (1091) من كتابنا هذا.

(4)

انظر: المغني لابن قدامة (3/ 13 - 14).

(5)

وهو حديث صحيح.

أخرجه أحمد في المسند (3/ 26) وابن أبي عاصم في السنة رقم (364)، (365) والحميدي رقم (748) وسعيد بن منصور رقم (2219) من طرق.

(6)

وهو حديث صحيح.

أخرجه أحمد في المسند (3/ 309) والبخاري رقم (5208) ومسلم رقم (136/ 1440) والترمذي رقم (1137) وابن ماجه رقم (1927) والحميدي رقم (1257) والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 35) والبيهقي (7/ 228).

وانظر: شرح مشكل الآثار (5/ 168 - 177) وصحيح ابن حبان (8/ 509 - 509).

ص: 40

قال ابن حزم

(1)

: ولا نعلم لهم مخالفًا كذا في الفتح

(2)

.

وقد ذهب إلى جواز إمامة الصبيّ الحسن

(3)

وإسحاق

(4)

والشافعي

(5)

والإمام يحيى

(6)

.

ومنع من صحتها الهادي والناصر والمؤيد بالله من أهل البيت

(7)

.

وكرهها الشعبي

(8)

والأوزاعي

(9)

والثوري

(10)

ومالك

(11)

، واختلفت الرواية عن أحمد

(12)

وأبي حنيفة

(13)

قال في الفتح

(14)

: والمشهور عنهما الإِجزاء في النوافل دون الفرائض.

وقد قيل: إن حديث عمرو المذكور كان في نافلة لا فريضة. وردّ بأن قوله: "صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا"

(15)

، يدلّ على أن ذلك كان في فريضة.

وأيضًا قوله: "فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم"

(16)

لا يحتمل غير الفريضة؛ لأن النافلة لا يشرع لها الأذان.

ومن جملة ما أجيب به عن حديث عمرو المذكور ما روي عن أحمد بن

(1)

في المحلى (4/ 209) في هذا مخالفة لما اعتمده ابن حزم في المحلى حيث قال: ولا تجوز إمامة من لم يبلغ الحلم، لا في فريضة ولا نافلة

".

(2)

الفتح (8/ 23).

(3)

أخرج له ابن أبي شيبة في الصنف (1/ 349) من طريق هشام عن الحسن قال: "لا بأس أن يؤم الغلام قبل أن يحتلم".

(4)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 151).

(5)

الأم (2/ 326) والمجموع (4/ 146).

(6)

البحر الزخار (1/ 314).

(7)

شفاء الأوام للقاضي حسين (1/ 334).

(8)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 349) من طريق عبد العزيز عن الشعبي قال: لا يؤم الغلام حتى يحتلم.

(9)

فقه الأوزاعي (1/ 217).

(10)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 151).

(11)

المدونة (1/ 84).

(12)

المغني لابن قدامة (3/ 70).

(13)

البناية شرح الهداية (2/ 406).

(14)

الفتح (2/ 185).

(15)

تقدم برقم (1091) من كتابنا هذا.

(16)

تقدم برقم (486) من كتابنا هذا.

ص: 41

حنبل أنه كان يضعف أمر عمرو بن سلمة، روى ذلك عنه الخطابي في المعالم

(1)

.

وردّ بأن عمرو بن سلمة صحابي مشهور.

قال في التقريب

(2)

: صحابي صغير نزل بالبصرة، قد روي ما يدلّ على أنه وفد على النبيّ صلى الله عليه وسلم كما تقدم.

وأما القدح في الحديث بأن فيه كشف العورة في الصلاة وهو لا يجوز كما في ضوء النهار

(3)

فهو من الغرائب.

وقد ثبت أن الرجال كانوا يصلون عاقدي أزرهم، ويقال للنساء: لا ترفعن رؤوسكنّ حتى يستوي الرجال جلوسًا

(4)

، زاد أبو داود

(5)

: من ضيق الأزر.

قوله: (وكانت عليّ بردة)، في رواية أبي داود

(6)

: "وعليّ بردة لي صغيرة"، وفي أخرى

(7)

: "كنت أؤمهم في بردة موصلة فيها فتق".

والبردة

(8)

: كساء صغير مربع، ويقال: كساء أسود صغير، وبه كني أبو بردة.

قوله: (تقلصت عني)، في رواية أبي داود (7):"خرجت استي"، وفي أخرى له (6):"تكشفت".

قوله: (است قارِئكم) المراد هنا بالأست: العجز، ويراد به حلقة الدبر.

قوله: (فاشتروا فقطعوا لي قميصًا)، لفظ أبي داود (6):"فاشتروا لي قميصًا".

(1)

معالم السنن للخطابي (1/ 394 - مع السنن).

(2)

تقريب التهذيب رقم الترجمة (5042).

(3)

ضوء النهار للجلال (2/ 11).

(4)

وهو حديث صحيح.

أخرجه أحمد (3/ 433) والبخاري رقم (362) ومسلم رقم (133/ 441).

(5)

في سننه رقم (630)، وهو حديث صحيح.

(6)

في سننه رقم (585)، وهو حديث صحيح.

(7)

له في سننه رقم (586) وهو حديث صحيح.

(8)

قال ابن الأثير في النهاية (1/ 116): فالبرد نوع من الثياب معروف والجمع بُرُود وأبراد.

والبُرْدة الشمْلَةُ المخطَّطة، وقيل: كساء أسود مربَّع فيه صور تلبسه الأعراب وجمعها بُرَدٌ.

ص: 42

قوله: (من جرم) بجيم مفتوحة وراء ساكنة وهم قومه.

ومن جملة حجج القائلين بأن إمامة الصبيّ لا تصحّ [لحديث]

(1)

: "رفع القلم عن ثلاثة"

(2)

.

وردّ بأن رفع القلم لا يستلزم عدم الصحة.

ومن جملتها أن صلاته غير صحيحة؛ لأن الصحة معناها: موافقة الأمر والصبيّ غير مأمور.

وردّ بمنع أن ذلك معناها، بل معناها استجماع الأركان وشروط الصحة، ولا دليل على أن التكليف منها.

ومن جملتها أيضًا أن العدالة شرط لما مرّ والصبيّ غير عدل.

ورد بأن العدالة نقيض الفسق وهو غير فاسق؛ لأن الفسق فرع تعلق الطلب ولا تعلق، وانتفاء كون صلاته واجبة عليه لا يستلزم عدم صحة إمامته لما سيأتي من صحة صلاة المفترض خلف المتنفل

(3)

.

[الباب الخامس] باب اقتداء المقيم بالمسافر

18/ 1094 - (عَنْ عِمْرَان بْنِ حُصَيْنٍ قالَ: "ما سافَرَ رَسُولُ الله سَفَرًا إلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ حتَّى يَرْجعَ، وَإِنَّهُ أقام بِمَكَّةَ زَمَنَ الفَتْحِ ثَمَانَ عَشَرَةَ لَيْلَةً يُصَلِّي بالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إلَّا المَغْرِبَ، ثُمَّ يَقُولُ: "يا أَهْلَ مَكَّةَ قُومُوا فَصَلُّوا رَكعَتَينِ أُخْرَيَيْنِ فإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ)

(4)

. [صحيح لغيره]

(1)

زيادة من المخطوط (أ).

(2)

تقدم تخريجه برقم (416) من كتابنا هذا.

(3)

قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 152): "قال أبو بكر: إمامة غير البالغ جائزة إذا عقل الصلاة وقام بها، لدخوله في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم". لم يذكر بالغًا ولا غير بالغ. والأخبار على العموم لا يجوز الاستثناء فيها إلا بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إجماع، لا أعلم شيئًا يوجب بدفع حديث عمرو بن سلمة" اهـ.

(4)

في المسند (4/ 430)، (4/ 431)، (4/ 432)، (4/ 440).

قلت: وأخرجه مطولًا ومختصرًا أبو داود رقم (1229) والترمذي رقم (545) =

ص: 43

19/ 1095 - (وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهمْ رَكْعَتَيْنِ، ثمّ قال: يا أهْلَ مَكَّةَ أتِمُّوا صَلاتَكُمْ فإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ. رَوَاهُ مالِكٌ فِي المُوَطَّأ)

(1)

. [إسناده صحيح]

حديث عمران أخرجه أيضًا الترمذي وحسنه

(2)

والبيهقي

(3)

، وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف

(4)

.

وإنما حسن الترمذي حديثه لشواهده كما قال الحافظ

(5)

.

وأثر عمر

(6)

رجال إسناده أئمة ثقات.

قوله: (ما سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ) سيأتي الكلام عليه في أبواب صلاة المسافر.

قوله: (ثمان عشرة ليلة)[و]

(7)

قد روي أقلّ من ذلك، وقد روي أكثر [من ذلك]

(8)

وسيأتي بيان الاختلاف وكيفية الجمع بين الروايات في باب من أقام لقضاء حاجته.

والحديث يدل على جواز ائتمام المقيم بالمسافر وهو مجمع عليه كما في البحر

(9)

.

واختلف في العكس، فذهب الهادي والقاسم وأبو طالب وأبو العباس وطاوس وداود والشعبي والإِمامية

(10)

إلى عدم الصحة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تختلفوا

= والطيالسي رقم (840)(858) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 417) والطبراني في المعجم الكبير (ج 18/ رقم 513)، (514)، (516) وابن خزيمة رقم (1643) والبيهقي (3/ 135 - 136، 151، 153) من طرق.

وهو حديث صحيح لغيره، والله أعلم.

(1)

(1/ 149 رقم 19) والموطأ برواية محمد بن الحسن (ص 81 رقم 195).

قلت: وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 540) والبيهقي (3/ 126).

(2)

في سننه رقم (545) وقال: حديث حسن. وقد تقدم.

(3)

في السنن الكبرى (3/ 135 - 136) وقد تقدم.

(4)

الميزان (3/ 128) والكامل (5/ 1840) وقد تقدم.

(5)

في "التلخيص"(2/ 96).

(6)

تقدم برقم (1095) من كتابنا هذا.

(7)

و

(8)

زيادة من المخطوط (ب).

(9)

البحر الزخار (1/ 316).

(10)

المرجع السابق (1/ 316). وشفاء الأوام (1/ 340).

ص: 44

على إمامكم"

(1)

وقد خالف في العدد والنية.

وذهب زيد بن عليّ والمؤيد بالله والباقر وأحمد بن عيسى

(2)

، والشافعية

(3)

والحنفية

(4)

إلى الصحة إذ لم تفصل أدلة الجماعة، وقد خصت الهادوية عدم صحة صلاة المسافر خلف المقيم بالركعتين الأوليين من الرباعية، وقالوا بصحتهما في الآخرتين.

ويدلّ للجواز مطلقًا ما أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده

(5)

عن ابن عباس أنه سئل: "ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعًا إذا ائتمّ بمقيم؟ فقال: تلك السنة".

وفي لفظ

(6)

أنه قال له موسى بن سلمة: "إنا إذا كنا معكم صلينا أربعًا، وإذا رجعنا صلينا ركعتين فقال: تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم" [قال في البدر: وأخرجه الطبراني

(7)

إسناد رجاله كلهم محتج بهم في الصحيح، وقال في خلاصة البدر

(8)

: إسناده على شرط الصحيح]

(9)

. وقد أورد الحافظ هذا الحديث في التلخيص

(10)

ولم يتكلم عليه وقال: إن أصله في مسلم

(11)

والنسائي

(12)

بلفظ: "قلت لابن عباس: كيف أصلي إذا كنت بمكة إذا لم أصلّ مع الإمام؟ قال: ركعتين سنة أبي القاسم".

(1)

وهو حديث صحيح.

أخرجه أحمد (2/ 314) والبخاري رقم (722) ومسلم رقم (86/ 414).

(2)

شفاء الأوام (1/ 340 - 341).

(3)

الأم (2/ 318 - 320) والمجموع (4/ 236 - 237).

(4)

البناية شرح الهداية (3/ 28 - 29).

(5)

في المسند (1/ 226)، (1/ 290) بسند صحيح.

(6)

في مسند أحمد (1/ 216) بسند حسن.

(7)

الطبراني في المعجم الكبير رقم (12895) بسند حسن.

(8)

خلاصة البدر المنير (1/ 203).

(9)

زيادة من المخطوط (أ) وهي ساقطة من كل الطبعات التي وقفت عليها.

(10)

في التلخيص (2/ 98 - 99).

(11)

في صحيحه رقم (7/ 688).

(12)

في سننه رقم (1443).

قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (951) وابن حبان رقم (2755) من طرق، وهو حديث صحيح.

ص: 45

[الباب السادس] باب هل يقتدي المفترض بالمتنفل أم لا؟

20/ 1096 - (عَنْ جابِرٍ أن مُعاذًا كانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عشاءَ الآخِرَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى قَوْمِهِ فيُصلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلاةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

(1)

.

وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ

(2)

والدَّارَقُطْنيُّ

(3)

وزَادَا: هِيَ لَهُ تَطوُّعٌ وَلَهُمْ مَكْتُوبَةُ العِشاءِ). [صحيح]

21/ 1097 - (وَعَنْ مُعاذِ بْنِ رِفاعَةَ عَنْ سُلَيْمٍ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ أَنَّه أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقالَ: يا رَسُولَ الله إنَّ مُعاذَ بْنَ جَبَلٍ يأتِينَا بَعْدَ ما نَنامُ وَنَكُونُ فِي أعْمالِنَا فِي النَّهارِ فَيُنادِي بالصَّلاةِ فَنَخْرُجُ إلَيْهِ فَيُطَوِّلُ عَلَيْنا، فَقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا مُعاذُ لا تَكُنْ فَتَّانًا، إِمَّا أنْ تُصَلِّيَ مَعِي، وَإِمَّا أنْ تُخَفِّفَ على قَوْمِكَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)

(4)

. [صحيح لغيره]

حديث معاذ بن رفاعة إسناده كلهم ثقات.

وحديث معاذ قد روي بألفاظ مختلفة، وقد قدمنا في باب انفراد المأموم لعذر بعضًا من ذلك

(5)

.

(1)

أحمد في المسند (3/ 302) والبخاري رقم (6106) ومسلم رقم (465).

(2)

في مسنده رقم (305) بسند ضعيف، لأن ابن جريج مدلس ولم يصرح بالتحديث. قلت: بل قد صرح ابن جريج بالتحديث عند عبد الرزاق (2/ 365 رقم 3725)(2/ 8 رقم 2265)، وقد توبع على أصله كما تقدم.

(3)

في السنن (1/ 274 رقم 1).

قلت: وأخرجه أبو داود رقم (599) وابن خزيمة رقم (1632) وابن حبان رقم (2404) والبيهقي (3/ 86). وهو حديث صحيح.

(4)

في المسند (5/ 74) بسند منقطع.

وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة"(2/ 541) والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 110) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 409 - 410) والطبراني في الكبير رقم (6391) وهو حديث صحيح لغيره.

(5)

الباب التاسع عند الحديث رقم (29/ 1057) من كتابنا هذا.

ص: 46

والزيادة التي رواها الشافعي

(1)

والدارقطني

(2)

رواها أيضًا عبد الرزاق

(3)

والطحاوي

(4)

والبيهقي

(5)

وغيرهم.

قال الشافعي: هذا حديث ثابت لا أعلم حديثًا يروى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من طريق واحد أثبت منه.

قال في الفتح

(6)

بعد أن ذكر هذه الزيادة: وهو حديث صحيح ورجاله رجال الصحيح.

وقد رد في الفتح (6) على ابن الجوزي

(7)

، لما قال: إنها لا تصحّ. وعلى الطحاوي

(8)

لما أعلها وزعم أنها مدرجة.

والرواية الثانية التي رواها أحمد

(9)

رواها أيضًا الطحاوي

(10)

وأعلها ابن حزم

(11)

بالانقطاع لأن معاذ بن رفاعة لم يدرك النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا أدرك هذا الذي شكا إليه لأن هذا الشاكي مات قبل يوم أحد.

واعلم أنه قد استدلّ بالرواية المتفق عليها، وتلك الزيادة المصرّحة بأن صلاته بقومه كانت له تطوّعًا على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل.

وأجيب عن ذلك بأجوبة:

(منها) قوله صلى الله عليه وسلم: "إما أن تصلي معى، وإما أن تخفف على قومك"، فإنه ادّعى الطحاوي أن معناه: إما أن تصلي معي ولا تصلي مع قومك، وإما أن تخفف بقومك ولا تصلي معي.

ويردّ بأن غاية ما في هذا أنه أذن له بالصلاة معه والصلاة بقومه مع

(1)

في المسند رقم (305) وقد تقدم.

(2)

في السنن (1/ 274 رقم 1) وقد تقدم.

(3)

في المصنف (2/ 8 رقم 2265).

(4)

في شرح معاني الآثار (1/ 409).

(5)

في السنن الكبرى (3/ 86).

(6)

فتح الباري (2/ 196).

(7)

في التحقيق (2/ 25 عقب الحديث 796).

(8)

في شرح معاني الآثار (1/ 409).

(9)

في المسند (5/ 74) بسند منقطع وقد تقدم.

(10)

في شرح معاني الآثار (1/ 409 - 410).

(11)

في المحلى (4/ 230).

ص: 47

التخفيف، والصلاة معه فقط مع عدمه، وهو لا يدلّ على مطلوب المانع من ذلك

(1)

.

نعم قال المصنف

(2)

رحمه الله ما لفظه: وقد احتجّ به بعض من منع اقتداء المفترض بالمتنفل قال: لأنه يدلّ على أنه متى صلى معه امتنعت إمامته، وبالإِجماع لا تمتنع بصلاة النفل معه، فعلم أنه أراد بهذا القول صلاة الفرض وأن الذي كان يصلي معه كان ينويه نفلًا اهـ.

وعلى تسليم أن هذا هو المراد من ذلك القول، فتلك الزيادة أعني قوله:"هي له تطوّع ولهم مكتوبة". أرجح سندًا وأصرح معنى.

وقول الطحاوي إنها ظنّ من جابر مردود؛ لأن جابرًا كان ممن يصلي مع معاذ فهو محمول على أنه سمع ذلك منه، ولا يظنّ بجابر أنه أخبر عن شخص بأمر غير معلوم له إلا بأن يكون ذلك الشخص أطلعه عليه فإنه أتقى لله وأخشى.

(ومنها) أن فعل معاذ لم يكن بأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم ولا تقريره، كذا قال الطحاوي

(3)

. وردّ بأن النبي صلى الله عليه وسلم علم بذلك وأمر معاذًا به فقال: "صلِّ بهم صلاة أخفهم". وقال له لما شكوا إليه تطويله: "أفتان أنت يا معاذ؟ "، وأيضًا رأي الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة، والواقع ههنا كذلك، فإن الذين كان يصلي بهم معاذ كلهم صحابة، وفيهم كما قال الحافظ

(4)

ثلاثون عقبيًا وأربعون بدريًا، وكذا قال ابن حزم

(5)

قال: ولا نحفظ من غيرهم من الصحابة امتناع ذلك، بل قال معهم بالجواز عمر وابنه وأبو الدرداء وأنس وغيرهم.

(ومنها) أن ذلك كان في الوقت الذي تصلي فيه الفريضة مرتين، فيكون منسوخًا بقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تصلوا الصلاة في اليوم مرّتين"

(6)

، كذا قال الطحاوي

(7)

.

(1)

انظر: "سبل السلام الموصلة إلى بلوغ المرام"[3/ 72 رقم التعليقة (4)] بتحقيقي.

(2)

ابن تيمية الجد رحمه الله في المنتقى (1/ 633).

(3)

في شرح معاني الآثار (1/ 410).

(4)

في فتح الباري (2/ 196).

(5)

في المحلى (4/ 234).

(6)

تقدم تخريجه برقم (1070) من كتابنا هذا.

(7)

في شرح معاني الآثار (1/ 410).

ص: 48

وردّ بأن النهي عن فعل الصلاة مرّتين محمول على أنها فريضة في كل مرّة كما جزم بذلك البيهقي

(1)

جمعًا بين الحديثين.

قال في الفتح

(2)

: بل لو قال قائل: إن هذا النهي منسوخ بحديث معاذ لم يكن بعيدًا. ولا يقال: القصة قديمة وصاحبها استشهد بأحد؛ لأنا نقول: كانت أحد في [أواخر]

(3)

الثالثة فلا مانع أن يكون النهي في الأولى، والإِذن في الثانية مثلًا.

وقد قال صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين لم يصليا معه: "إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة"، أخرجه أصحاب السنن

(4)

من حديث يزيد بن الأسود، وصححه ابن خزيمة

(5)

وغيره وقد تقدم

(6)

، وكان ذلك في حجة الوداع في أواخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

ويدلّ على الجواز أمره صلى الله عليه وسلم لمن أدرك الأئمة الذين يأتون بعده ويؤخرون الصلاة عن ميقاتها أن يصلوها في بيوتهم في الوقت ثم يجعلوها معهم نافلة

(7)

.

(ومنها) أن صلاة المفترض خلف المتنفل من الاختلاف، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"لا تختلفوا على إمامكم"

(8)

.

وردّ بأنَّ الاختلاف المنهي عنه مبين في الحديث بقوله: "فإذا كبر [فكبروا]

(9)

(1)

في السنن الكبرى (3/ 85 - 86).

(2)

الفتح (2/ 196).

(3)

في المخطوط (ب): (آخر).

(4)

أبو داود رقم (575)، (576) والترمذي رقم (219) والنسائي (2/ 112 - 113) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(5)

في صحيحه رقم (1279).

(6)

برقم (102/ 993) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.

(7)

أخرج مسلم في صحيحه رقم (238/ 648) عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله: "كيفَ أنتَ إذا كانت عليكَ أُمراءُ يؤخرونَ الصلاة عن وقتها أو يميتُونَ الصلاة عن وقتِها؟ "، قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: "صلّ الصلاة لوقتِها. فإن أدركتها معهم فصلّ فإنها لك نافلةٌ".

(8)

أخرجه أحمد (2/ 314) والبخاري رقم (722) ومسلم رقم (86/ 414) وقد تقدم.

(9)

في المخطوط (أ)(فكبر).

ص: 49

إلخ"

(1)

، ولو سلم أنه يعمّ كل اختلاف لكان حديث معاذ ونحوه مخصصًا له.

ومن المؤيدات لصحة صلاة المفترض خلف المتنفل ما قاله أصحاب الشافعي

(2)

: إنه لا يظنّ بمعاذ أن يترك فضيلة الفرض خلف أفضل الأئمة في مسجده الذي هو أفضل المساجد بعد المسجد الحرام.

(ومنها) ما قاله الخطابي

(3)

أن العشاء في قوله: "كان يصلي مع النبيّ صلى الله عليه وسلم العشاء"

(4)

حقيقة في المفروضة فلا يقال كان ينوي بها التطوّع.

(ومنها) ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف: "أنه كان يصلي بكل طائفة ركعتين"

(5)

، وفي رواية أبي داود

(6)

: "أنه صلى الله عليه وسلم صلى بطائفة ركعتين وسلم، ثم صلى بطائفة ركعتين" وإحداهما نفل قطعًا، ودعوى اختصاص ذلك بصلاة الخوف غير ظاهرة.

(ومنها) ما رواه الإِسماعيلي عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم: "كان يعود من المسجد فيؤمّ بأهله" وقد تقدم

(7)

.

(1)

قال الشوكاني في "السيل الجرار"(1/ 533) بتحقيقي: "وأما الاستدلال بحديث: "لا تختلفوا على إمامكم" فوضعُ الدليل في غير موضعِه، فإن النهي على فرض شموله لغير ما هو مذكورٌ بعده من التفصيل لا يتناولُ إلا ما كان له أثرٌ ظاهرٌ في المخالفةِ من الأركان والأذكار، وفعلُ القلب لا يدخلُ في ذلك لعدم ظهورِ أثر المخالفة فيه. ولو قدَّرنا دخوله لكان مخصوصًا بدليل الجواز" اهـ.

(2)

المجموع (4/ 170 - 171).

(3)

في معالم السنن (1/ 401 - مع السنن).

(4)

تقدم برقم (1096) من كتابنا هذا.

(5)

أخرجه البخاري رقم (4136) ومسلم رقم (843) من حديث جابر.

(6)

في سننه رقم (1248) من حديث أبي بكرة. وهو حديث صحيح. وسيأتي برقم (1315) من كتابنا هذا.

(7)

انظر الرسالة رقم (82) من كتابنا "عون القدير من فتاوى ورسائل ابن الأمير" بعنوان (جواب سؤال في صحة صلاة المفترض خلف المتنفل والمختلفين فرضًا وهل يعتد اللاحق بركعة لم يدرك إلَّا ركوعها مع الإِمام".

• قال أبو عمر بن عبد البر في التمهيد (24/ 368): "وقد أجمعوا أنه جائز أن يصلي النافلة خلف من يصلي الفريضة إن شاء الله" اهـ.

• وحكى الإمام الشافعي - كما في "الحاوي"(2/ 318): "إجماع الصحابة على جواز صلاة المتنفل خلف المفترض" اهـ. =

ص: 50

[الباب السابع] باب اقتداءِ الجالس بالقائم

22/ 1098 - (عَنْ أَنَسٍ قالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ خَلْفَ أبي بَكْرٍ قاعِدًا فِي ثَوْبٍ مُتَوشِّحًا بِهِ)

(1)

. [صحيح]

23/ 1099 - (وَعَنْ عائِشَةَ قالَتُ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَلْفَ أبي بَكْرٍ فِي

= • وقال الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 410): "فإن قال قائل: فإنا قد رأيناهم لم يختلفوا أن للرجل أن يصلي تطوعًا خلف من يصلي فريضة

" اهـ.

• وقال الماوردي في "الحاوي"(2/ 317): "قد اختلف الفقهاء في اختلاف نية الإمام والمأموم عل ثلاثة مذاهب: (أحدها): وهو مذهب الشافعي يجوز للمتنفل أن يأتم بالمفترض، والمفترض بالمتنفل، والمفترض بالمفترض في فرضين مثلين، أو مختلفين. مثل الظهر خلف العصر، أو العصر خلف الظهر، وهذا أوسع المذاهب، وهو إجماع الصحابة رضي الله عنهم

" اهـ.

• وقال ابن هبيرة في "الإفصاح"(2/ 47): "واتفقوا على جواز صلاة المتنفل بالمفترض".

• وقال ابن قدامة في "المغني"(3/ 68): "ولا يختلف المذهب في صحة صلاة المتنفل وراء المفترض، ولا نعلم بين أهل العلم فيه اختلافًا" اهـ.

• وقال ابن جزي المالكي في "قوانين الأحكام الشرعية" ص (83 - 84)"ويجوز أن يؤم المفترض المتنفل اتفاقا" اهـ.

• وقال قاضي صفد العثماني في "رحمة الأمة" ص 112: "واتفقوا على جواز اقتداء المتنفل بالمفترض. واختلفوا في اقتداء المفترض بالمتنفل

" اهـ.

• وقال العيني في "البناية شرح الهداية"(2/ 436): "ويصلي المتنفل خلف المفترض" هذا بالاتفاق".

والخلاصة: ثبوت الإجماع على جواز صلاة النافلة خلف من يصلي الفريضة وصحته، والله أعلم.

(1)

أخرجه الترمذي رقم (363)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 406) والبيهقي في "دلائل النبوة"(7/ 192) والضياء في المختارة رقم (1706)، (1707)(1708)، (1709) من طرق.

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ورجح الترمذي هذه الرواية على رواية حميد عن أنس.

وهو حديث صحيح، والله أعلم.

ص: 51

مَرَضِهِ الَّذي ماتَ فِيهِ قاعِدًا

(1)

. رَوَاهُمَا التّرْمذِيُّ وَصحَّحَهُما). [صحيح]

حديث أنس أخرجه النسائي

(2)

أيضًا والبيهقي

(3)

.

وحديث عائشة أخرجه أيضًا النسائي

(4)

.

والحديثان يدلان على أن الإِمام في تلك الصلاة هو أبو بكر، وقد اختلفت الروايات في ذلك عن عائشة وغيرها. وقد قدمنا طرفًا من الاختلاف وأشرنا إلى الجمع بينها في باب الإِمام ينتقل مأمومًا

(5)

.

وفيهما دليل على جواز صلاة القاعد لعذر خلف القائم، ولا أعلم فيه خلافًا.

[الباب الثامن] باب اقتداءِ القادر على القيام بالجالس وأنه يجلس معه

24/ 1100 - (عَنْ عائِشَةَ أَنَّهَا قالَتْ: صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في بيتِهِ وَهُو شاكٍ، فَصَلَّى جالسًا وَصَلَّى وَرَاءه قَوْمٌ قيامًا، فأشارَ إلَيْهِمْ أن اجْلِسُوا؛ فَلَمَّا انْصَرَفَ قالَ: "إنَّمَا جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإذَا رَكَعَ فارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فارْفَعُوا، وَإذَا صلَّى جالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا")

(6)

. [صحيح]

(1)

أخرجه الترمذي في سننه رقم (362) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

قلت: وأخرجه النسائي رقم (797).

وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(2)

في سننه رقم (785).

(3)

في دلائل النبوة (7/ 192) وفي السنن الكبرى (1/ 83).

(4)

في سننه رقم (797) وقد تقدم.

(5)

الباب الحادي عشر الحديث رقم (35/ 1063).

(6)

أخرجه أحمد (6/ 148) والبخاري رقم (688) ومسلم رقم (82/ 412) وأبو داود رقم (605) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 404) وفي شرح مشكل الآثار رقم (5634) وابن حبان رقم (2104) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 79) وفي معرفة السنن والآثار (4/ 135) والبغوي في شرح السنة رقم (851) وغيرهم.

ص: 52

25/ 1101 - (وَعَنْ أنَسٍ قالَ: سَقَط النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَرَسٍ، فَجُحِشَ شِقهُ الأيمَنُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ، فَحَضَرَتِ الصلاةُ فَصَلَّى بِنا قاعِدًا، فَصَلَّيْنا وَرَاءَهُ قُعُودًا؛ فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ قالَ: "إنَّمَا جُعِلَ الامامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا سَجَدَ فاسْجُدُوا، وَإِذَا رَفَعَ فارْفَعُوا، وَإِذَا قالَ: سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ [الحَمْدُ]

(1)

، وَإِذَا صَلَّى قاعدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أجْمَعُونَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِما

(2)

. [صحيح]

وَلِلْبُخارِيّ

(3)

عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صرعَ عَنْ فَرَسِهِ، فَجُحِشَ شِقُّهُ أوْ كَتِفُهُ، فأتاهُ أصْحابُهُ يَعُودونَهُ، فَصلَّى بِهِمْ جَالِسًا وَهُمْ قِيامٌ؛ فَلَمَّا سَلَّمَ قالَ:"إِنّمَا جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإذَا صَلَّى قائِمًا فَصَلُّوا قِيامًا، وَإنْ صَلَّى قاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا". [صحيح]

ولِأحْمَدَ في مُسْنَدِهِ

(4)

: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هارُونَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ: أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم انْفَكَّتْ قَدَمُهُ، فَقَعَدَ في مَشْرُبَةٍ لَهُ دَرَجَتُها مِنْ جُذُوعٍ، فأتاه أصْحابُهُ يَعُودُونَهُ، فَصَلَّى بِهِمْ قاعِدًا وَهُمْ قِيامٌ؛ فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلاةُ الأُخْرَى قالَ لَهُمْ:"ائْتَمُّوا بإمامِكُمْ، فإذَا صَلَّى قائِمًا فَصَلُّوا قِيامًا، وَإذَا صلَّى قاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا". [صحيح]

(1)

لفظة (الحمد) ساقطة من المخطوط (ب).

(2)

أحمد (3/ 110) والبخاري رقم (689) ومسلم رقم (77/ 411).

قلت: وأخرجه أبو داود ورقم (601) والترمذي رقم (361) والنسائي (2/ 98 - 99) ومالك في الموطأ (1/ 135) والشافعي في الرسالة فقرة (696) وفي المسند (1/ 111 رقم 330 - ترتيب) والطيالسي رقم (2090) وأبو عوانة (2/ 106، 107) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 403) وفي شرح مشكل الآثار رقم (5637) وابن حبان رقم (2103) والبيهقي (3/ 79) والبغوي في شرح السنة رقم (850).

(3)

في صحيحه رقم (378).

(4)

في المسند (3/ 200) بسند صحيح.

قلت: وأخرجه مسلم رقم (84/ 413) والنسائي رقم (1200) وابن ماجه رقم (1240).

وهو حديث صحيح.

ص: 53

26/ 1102 - (وَعَنْ جَابِرٍ قالَ: رَكِبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَرَسًا بالمَدِينَةِ فَصَرَعَهُ على جِذْمِ نَخْلَةٍ فانْفَكَّتْ قَدَمُهُ، فأتَيْنَاهُ نَعُودُهُ فَوَجَدْنَاهُ فِي مَشْرُبَةٍ لِعائِشَةَ يُسَبِّحُ جالِسًا، قالَ: فَقُمْنا خَلْفَهُ فَسَكَتَ عَنَّا، ثُمَّ أتَيْناهُ مَرَّةً أُخْرَى نَعُودُهُ فَصَلَّى المَكْتُوبَة جالِسًا، فَقُمْنا خَلْفَهُ فأشارَ إلَيْنا فَقَعَدْنا؛ فَلمَّا قَضَى الصَّلاةَ قالَ: "إِذَا صَلَّى الامامُ جالسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا، وَإِذَا صَلَّى الإمامُ قائمًا فَصَلُّوا قِيامًا، وَلا تَفْعَلُوا كمَا يَفْعَلُ أهْلُ فارِسَ بِعُظمَائِها"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)

(1)

. [صحيح]

حديث عائشة أخرجه أيضًا أبو داود

(2)

وابن ماجه

(3)

.

وحديث أنس أخرجه أيضًا بقية الأئمة الستة

(4)

.

وحديث جابر أخرجه أيضًا مسلم

(5)

وابن ماجه

(6)

والنسائي

(7)

من رواية الليث عن أبي الزبير عن جابر بلفظ: "اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبيره، فالتفت إلينا فرآنا قيامًا، فأشار إلينا فقعدنا فصلينا بصلاته قعودًا، فلما سلَّم قال: إن كنتم آنفًا تفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم، إن صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا".

ورواه أيضًا مسلم

(8)

من رواية عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي عن أبي الزبير عن جابر.

ورواه أبو داود

(9)

من رواية الأعمش عن أبي سفيان عن جابر.

وفي الباب أحاديث قد قدمنا الإشارة إليها في باب وجوب

(1)

في سننه رقم (602) وهو حديث صحيح.

(2)

في سننه رقم (605) وقد تقدم.

(3)

في سننه رقم (1237).

(4)

أبو داود رقم (601) والترمذي رقم (361) والنسائي (2/ 98 - 99) وابن ماجه رقم (1238). وقد تقدم. وهو حديث صحيح.

(5)

في صحيحه رقم (84/ 413).

(6)

في سننه رقم (1240).

(7)

في سننه رقم (1200). وهو حديث صحيح تقدم.

(8)

في صحيحه رقم (85/ 413).

(9)

في سننه رقم (606). وهو حديث صحيح.

ص: 54

متابعة الإِمام

(1)

.

[وقد]

(2)

قدمنا الكلام على أكثر ألفاظ أحاديث الباب هنالك.

قوله: (مشربة)

(3)

بفتح الميم وبالشين المعجمة وبضم الراء وفتحها وهي الغرفة.

وقيل: كالخزانة فيها الطعام والشراب، ولهذا سميت مشربة، فإن المشربة بفتح الراء فقط: هي الموضع الذي يشرب منه الناس.

قوله: (على جذم)

(4)

بجيم مكسورة وذال معجمة ساكنة: وهو أصل الشيء، والمراد هنا أصل النخلة.

وفي رواية ابن حبان

(5)

: "على جذع نخلة ذهب أعلاها وبقي أصلها في الأرض".

وحكى الجوهري

(6)

فتح الجيم وهي ضعيفة، فإن الجذم بالفتح: القطع.

قوله: (فانفكت) الفك

(7)

: نوع من الوهن والخلع، وانفكّ العظم: انتقل من مفصله، يقال فككت الشيء: أبنت بعضه من بعض.

وقد استدلّ بالأحاديث المذكورة في الباب القائلون: إن المأموم يتابع الإِمام في الصلاة قاعدًا، وإن لم يكن المأموم معذورًا.

وممن قال بذلك: أحمد

(8)

وإسحاق

(9)

والأوزاعي وابن المنذر

(10)

وداود وبقية أهل الظاهر.

قال ابن حزم

(11)

: "وبهذا نأخذ، إلا فيمن يصلي إلى جنب الإِمام يذكر الناس ويعلمهم تكبير الإمام فإنه يتخير بين أن يصلي قاعدًا وبين أن يصلي قائمًا".

(1)

عند الحديث رقم (1051) من كتابنا هذا.

(2)

في المخطوط (أ): (و).

(3)

النهاية لابن الأثير (2/ 455).

(4)

الجِذْمَةُ: بالكسر: القطعةُ من الشيء يُقطعُ طرفه ويبقى أصله.

القاموس المحيط ص 1404.

(5)

في صحيحه رقم (2102).

(6)

في "الصحاح"(5/ 1884).

(7)

النهاية لابن الأثير (3/ 466).

(8)

المغني لابن قدامة (3/ 62 - 63).

(9)

إسحاق بن راهويه حكى عنه ابن حبان في صحيحه (5/ 465).

(10)

في الأوسط (4/ 207).

(11)

في المحلى (3/ 59 - 60).

ص: 55

قال

(1)

: "وبمثل قولنا يقول جمهور السل"، ثم رواه عن جابر

(2)

وأبي هريرة

(3)

وأسيد بن حضير

(4)

قال: ولا مخالف لهم يعرف في الصحابة.

ورواه

(5)

عن عطاء.

وروى

(6)

عن عبد الرزاق أنه قال: ما رأيت الناس إلا على أن الإِمام إذا صلى قاعدًا صلى من خلفه قعودًا، قال: وهي السنة عن غير واحد".

وقد حكاه ابن حبان

(7)

أيضًا عن الصحابة الثلاثة المذكورين.

وعن قيس بن قَهْد

(8)

أيضًا من الصحابة

(9)

.

(1)

أي ابن حزم في المحلى (3/ 70).

(2)

في المحلى (3/ 70).

قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 326) وابن المنذر في الأوسط (4/ 206 ث 2043) عن جابر بإسناد صحيح.

(3)

أخرجه ابن حزم في المحلى (3/ 70).

قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 326) عن أبي هريرة بإسناد صحيح.

وقال ابن حجر في "الفتح"(2/ 176) وعن أبي هريرة أنه أفتى بذلك. وإسناده صحيح.

(4)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 326 - 327) من طريق عبد الله بن هبيرة عن أسيد. بإسناد صحيح.

وقال ابن حجر في "الفتح"(2/ 176) رواه ابن المنذر بإسناد صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 462 رقم 4085) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن أسيد.

وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 206 - 207 ث 2046) من طريق كثير بن السائب عن أسيد.

(5)

أي ابن حزم في "المحلى"(3/ 71): "وروينا عن عطاء: أنه أمر الأصحاء بالصلاة خلف القاعد".

(6)

أي ابن حزم في "المحلى"(3/ 71).

(7)

في صحيحه (5/ 471).

(8)

قيس بن قَهْد بن عمرو بن سهل الأنصاري المدني، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنه قيس بن أبي حازم، ذكره ابن حبان في الثقات وقال: أن قيس بن عمرو هو قيس بن قهد وأن قهد لقب عمرو. وقيل غير ذلك.

[انظر ترجمته في: التاريخ الكبير (7/ 142) والثقات (3/ 339)].

(9)

أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 462 رقم 4084) عن ابن عيينة، وابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 327) عن وكيع، كلاهما عن إسماعيل بن خالد، عن قيس بن أبي حازم، =

ص: 56

وعن [أبي الشعثاء جابر بن زيد]

(1)

من التابعين"

(2)

.

وحكاه

(3)

أيضًا عن مالك بن أنس، وأبي أيوب سليمان بن داود الهاشمي، وأبي خيثمة، وابن أبي شيبة، ومحمد بن إسماعيل، ومن تبعهم من أصحاب الحديث مثل: محمد بن نصر، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة.

ثم قال بعد ذلك: وهو عندي ضربٌ من الإِجماع الذي أجمعوا على إجازته؛ لأن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أفتوا به.

والإِجماع عندنا إجماع الصحابة، ولم يُرْوَ عن أحد من الصحابة خِلافٌ لهؤلاء الأربعة، لا بإسنادٍ متصل ولا منقطع، فكأنَّ الصحابة أجمعوا على أن الإِمامَ إذا صلى قاعدًا، كان على المأمومين أن يصلوا قعودًا.

وقد أفتى به من التابعين جابر بن زيد

(4)

أبو الشعثاء، ولم يرو عن أحد من التابعين أصلًا خلافه لا بإسناد صحيح ولا واهٍ فكأن التابعين أجمعوا على إجازته".

قال

(5)

: وأوّلُ من أبطل في هذه الأمة صلاةَ المأموم قاعدًا إذا صلَّى إمامه جالسًا المغيرةُ بن مِقْسَم

(6)

صاحبُ النَّخعي، وأخذ عنه حمَّادُ بن أبي سليمان، ثم أخذ عن حمادٍ أبو حنيفة، وتبعه عليه مَنْ بَعْدَهُ من أصحابه، انتهى كلام ابن حبان.

= قال: أخبرني قيس بن قَهْد الأنصاري أن إمامهم اشتكى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فكان يؤمنا جالسًا ونحن جلوس وإسناده صحيح.

(1)

في المخطوط (ب): (أبي الشعثاء وجابر بن زيد) وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه من المخطوط (أ).

وللعلم كل مطبوعات (نيل الأوطار) التي وقفت عليها وقعت في هذا الخطأ.

(2)

قال أبو حاتم في صحيحه (5/ 472): "وقد أفتى به من التابعين: جابر بن زيد أبِو الشعثاء، ولم يُرْو عن أحد من التابعين أصلًا بخلافه لا بإسناد صحيح ولا واهٍ، فكأنَّ التابعين أجمعوا على إجازته" اهـ.

(3)

أي أبو حاتم في صحيحه (5/ 471 - 472).

(4)

أبو حاتم في صحيحه (5/ 471).

(5)

أي أبو حاتم في صحيحه (5/ 472).

(6)

المغيرة بن مقسم الضبي مولاهم الكوفي. توفي سنة (133 هـ) وهو متفق على توثيقه، احتج به الأئمة، لكن ضعف أحمد بن حنبل روايته عن إبراهيم النَّخعي خاصة، قال: كان يُدلسها، وإنما سمعها من حماد.

انظر: "سير أعلام النبلاء"(6/ 10 - 13)].

ص: 57

وحكى الخطابي في المعالم

(1)

، والقاضي عياض

(2)

عن أكثر الفقهاء خلاف ذلك.

وحكى النووي

(3)

عن جمهور السلف خلاف ما حكى ابن حزم عنهم.

وحكاه ابن دقيق العيد

(4)

عن أكثر الفقهاء المشهورين.

وقال الحازمي في الاعتبار

(5)

ما لفظه: وقال أكثر أهل العلم: يصلون قيامًا ولا يتابعون الإِمام في الجلوس.

وقد أجاب المخالفون لأحاديث الباب بأجوبة:

(أحدها) دعوى النسخ، قاله الشافعي

(6)

والحميدي

(7)

وغير واحد، وجعلوا الناسخ ما تقدّم من صلاته صلى الله عليه وسلم في مرض موته بالناس قاعدًا وهم قائمون خلفه ولم يأمرهم بالقعود.

وأنكر أحمد

(8)

نسخ الأمر بذلك. وجمع بين الحديثين بتنزيلهما على حالتين: إحداهما: إذا ابتدأ الإِمام الراتب الصلاة قاعدًا لمرض يرجى برؤه فحينئذٍ يصلون خلفه قعودًا.

[ثانيتهما]

(9)

: إذا ابتدأ الإِمام الراتب قائمًا لزم المأمومين أن يصلوا خلفه قيامًا، سواء طرأ ما يقتضي صلاة إمامهم قاعدًا أم لا كما في الأحاديث التي في مرض موته صلى الله عليه وسلم، فإن تقريره لهم على القيام دلّ على أنه لا يلزمهم الجلوس في تلك الحالة؛ لأن أبا بكر ابتدأ الصلاة قائمًا وصلوا معه قيامًا، بخلاف الحالة الأولى فإنه صلى الله عليه وسلم ابتدأ الصلاة جالسًا، فلما صلوا خلفه قيامًا أنكر عليهم.

ويقوّي هذا الجمع أن الأصل عدم النسخ لا سيما وهو في هذه الحالة يستلزم النسخ مرّتين؛ لأن الأصل في حكم القادر على القيام أن لا يصلي قاعدًا،

(1)

في معالم السنن (1/ 403 - مع السنن).

(2)

في إكمال المعلم فوائد مسلم (2/ 321).

(3)

في شرحه لصحيح مسلم (4/ 123).

(4)

في إحكام الأحكام (1/ 205).

(5)

ص 286.

(6)

في الرسالة ص 117. وانظر: المجموع (4/ 163).

(7)

ذكره الحافظ في الفتح (2/ 176).

(8)

المغني لابن قدامة (3/ 62 - 63).

(9)

في المخطوط (أ): (ثانيهما).

ص: 58

وقد نسخ إلى القعود في حقّ من صلى إمامه قاعدًا. فدعوى نسخ القعود بعد ذلك تقتضي وقوع النسخ مرّتين وهو بعيد.

والجواب الثاني من الأجوبة التي أجاب بها المخالفون لأحاديث الباب: دعوى التخصيص بالنبيّ صلى الله عليه وسلم في كونه يؤمّ جالسًا.

حكى ذلك القاضي عياض

(1)

، قال: ولا يصحّ لأحد أن يؤمّ جالسًا بعده صلى الله عليه وسلم. قال: وهو مشهور قول مالك

(2)

وجماعة [من]

(3)

أصحابه. قال: وهذا أولى الأقاويل لأنه صلى الله عليه وسلم لا يصحّ التقدّم بين يديه في الصلاة ولا في غيرها ولا لعذر ولا لغيره.

وردّ بصلاته صلى الله عليه وسلم خلف عبد الرحمن بن عوف

(4)

وخلف أبي بكر

(5)

، وقد تقدم ذلك.

وقد استدلّ على دعوى التخصيص بحديث الشعبي عن جابر مرفوعًا: "لا يؤمنّ أحد بعدي جالسًا"

(6)

.

وأجيب عن ذلك بأن الحديث لا يصحّ من وجه من الوجوه كما قال

(1)

في إكمال المعلم (2/ 321).

(2)

المدونة (1/ 81).

(3)

زيادة من المخطوط (ب).

(4)

أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 317 رقم 105/ 274) من حديث المغيرة بن شعبة.

(5)

تقدم تخريجه برقم (1063) من كتابنا هذا.

(6)

أخرج الدارقطني في سننه (1/ 398 رقم 6)، والبيهقي في سننه الكبرى (3/ 80) عن جابر الجعفي، عن الشعبي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمنَّ أحد بعدي جالسًا".

قال الدارقطني: لم يروه عن الشعبي غير جابر الجعفي وهو متروك، والحديث مرسل لا تقوم به حجة.

وقال عبد الحق في "أحكامه" - كما في نصب الراية (2/ 50) - ورواه عن الجعفي مجالد، وهو أيضًا ضعيف.

وقال البيهقي في "المعرفة" - كما في نصب الراية (2/ 50) - الحديث مرسل لا تقوم به حجة، وفيه جابر الجعفي وهو متروك في روايته، مذموم في رأيه، ثم قد اختلف عليه فيه، فرواه ابن عيينة عنه كما تقدم.

ورواه ابن طهمان عنه، عن الحكم، قال: كثب عمر: لا يؤمنَّ أحد جالسًا بعد النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا مرسل موقوف.

ص: 59

العراقي، وهو أيضًا عند الدارقطني

(1)

من رواية جابر الجعفي عن الشعبي مرسلًا، وجابر متروك

(2)

.

وروي أيضًا من رواية مجالد عن الشعبي، ومجالد ضعفه الجمهور

(3)

.

ولما ذكر ابن العربي

(4)

أن هذا الحديث لا يصحّ عقبه بقوله: بيد أني سمعت بعض الأشياخ أن الحال أحد وجوه التخصيص، وحال النبيّ صلى الله عليه وسلم والتبرُّك به وعدم العوض منه يقتضي الصلاة خلفه قاعدًا، وليس ذلك كله لغيره، انتهى.

قال ابن دقيق العيد

(5)

: وقد عرف أن الأصل عدم التخصيص حتى يدلّ عليه دليل انتهى.

على أنه يقدح في التخصيص ما أخرجه أبو داود

(6)

أن أسيد بن حضير كان يؤمّ قومه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده، فقيل: يا رسول الله، إن إمامنا مريض، فقال:"إذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا".

قال أبو داود: وهذا الحديث ليس بمتصل.

وما أخرجه عبد الرزاق

(7)

عن قيس بن قَهْد الأنصاري أن إمامًا لهم اشتكى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"فكان يؤمنا جالسًا ونحن جلوس".

قال العراقي: وإسناده صحيح.

والجواب الثالث من الأجوبة التي أجاب بها المخالفون لأحاديث الباب: أنه يجمع بين الأحاديث بما تقدم عن أحمد بن حنبل

(8)

.

(1)

في سننه (1/ 398 رقم 6) وقد تقدم.

(2)

انظر ترجمته في: "الكامل"(2/ 537 - 543) والجرح والتعديل (2/ 497 - 498) والمجروحين (1/ 208 - 209).

(3)

مجالد بن سعيد بن عمير الكوفي الهمداني، مشهور، قال البخاري: مجاهد مات سنة (144 هـ). وقال أحمد: ليس بشيء. وقال ابن معين وغيره: لا يحتج به. التاريخ الكبير (8/ 9) والمجروحين (3/ 10) والميزان (3/ 438).

(4)

في عارضة الأحوذي (1/ 159 - 160).

(5)

في إحكام الأحكام (1/ 205).

(6)

في سننه رقم (607) وهو حديث صحيح.

(7)

في المصنف (2/ 462 رقم 4084) وقد تقدم.

(8)

المغني لابن قدامة (2/ 62 - 63).

ص: 60

وأجيب عنه بأن الأحاديث تردّه لما في بعض الطرق أنه أشار إليهم بعد الدخول في الصلاة.

والجواب الرابع: تأويل قوله: "وإذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا"

(1)

، أي وإذا تشهَّد قاعدًا فتشهدوا قعودًا أجمعين. حكاه ابن حبان في صحيحه (2) عن بعض العراقيين، وهو كما قال ابن حبان

(2)

: تحريف للخبر عن عمومه بغير دليل.

ويردّه ما ثبت في حديث عائشة: "أنه أشار إليهم أن اجلسوا"

(3)

. وفيه تعليل ذلك بموافقة الأعاجم في القيام على ملوكهم.

إذا عرفت الأجوبة التي أجاب بها المخالفون لأحاديث الباب فاعلم أنه قد أجاب المتمسكون بها على الأحاديث المخالفة لها بأجوبة:

(منها) قول ابن خزيمة

(4)

: إن الأحاديث التي وردت بأمر المأموم أن يصلي قاعدًا لم يختلف في صحتها ولا في سياقها.

وأما صلاته صلى الله عليه وسلم في مرض موته فاختلف فيها هل كان إمامًا أو مأمومًا.

(ومنها) أن بعضهم جمع بين القصتين بأن الأمر بالجلوس كان للندب، وتقريره قيامهم خلفه كان لبيان الجواز.

(رمنها) أنه استمرّ عمل الصحابة على القعود خلف الإِمام القاعد في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد موته كما تقدم عن أسيد بن حضير

(5)

وقيس بن قهد

(6)

.

وروى ابن أبي شيبة

(7)

بإسناد صحيح عن جابر: "أنه اشتكى فحضرت الصلاة فصلى بهم جالسًا وصلوا معه جلوسًا".

وعن أبي هريرة أيضًا: أنه أفتى بذلك، وإسناده كما قال الحافظ

(8)

: صحيح.

ومنها ما روي عن ابن شعبان: أنه نازع في ثبوت كون الصحابة صلوا

(1)

تقدم برقم (1101) من كتابنا هذا.

(2)

(5/ 478).

(3)

تقدم برقم (1100) من كتابنا هذا.

(4)

في صحيحه (3/ 54).

(5)

و

(6)

تقدم تخريجهما خلال شرح الحديث رقم (1102) من كتابنا هذا.

(7)

في المصنف (2/ 326) بسند صحيح.

(8)

في "الفتح"(2/ 176).

ص: 61

خلفه صلى الله عليه وسلم قيامًا غير أبي بكر، [قال]

(1)

: لأن ذلك لم يرد صريحًا.

قال الحافظ

(2)

: والذي ادّعى نفيه قد أثبته الشافعي

(3)

وقال: إنه في رواية إبراهيم عن الأسود عن عائشة.

قال الحافظ

(4)

: ثم وجدته مصرّحًا به في مصنف عبد الرزاق

(5)

عن ابن جريج، أخبرني عطاء فذكر الحديث ولفظه:"فصلى النبيّ صلى الله عليه وسلم قاعدًا، وجعل أبا بكر وراءه بينه وبين الناس، وصلى الناس وراءه قيامًا".

قال (6): وهذا مرسل يعتضد بالرواية التي علقها الشافعي عن النخعي.

قال

(6)

: وهذا الذي يقتضيه النظر لأنهم ابتدأوا الصلاة مع أبي بكر قيامًا، فمن ادّعى أنهم قعدوا بعد ذلك فعليه البيان

(7)

.

(1)

زيادة من المخطوط (ب).

(2)

في "الفتح"(2/ 177).

(3)

في "الأم"(2/ 340 - 341).

(4)

في "الفتح"(2/ 177).

(5)

رقم (4074).

(6)

أي الحافظ في "الفتح"(2/ 177).

(7)

قال ابن رشد الحفيد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"(1/ 367 - 370) بتحقيقي: "حاصل القول في صلاة القائم خلف القاعد: أن العلماء اتفقوا على أنه ليس للصحيح أن يصلي فرضًا قاعدًا إذا كان منفردًا أو إمامًا لقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238].

واختلفوا إذا كان المأموم صحيحًا فصلى خلف إمام مريض، يصلي قاعدًا على ثلاثة أقوال:

(أحدها): أن المأموم يصلي خلفه قاعدًا وممن قال بهذا القول أحمد وإسحاق.

(الثاني): أنهم يصلون خلفه قيامًا. وعلى هذا جماعة: الشافعي وأصحابه، وأبو حنيفة وأصحابه، وأهل الظاهر، وأبو ثور وغيرهم. وزاد هؤلاء فقال: يصلون وراءه قيامًا وإن كان لا يقوى على الركوع والسجود بل يومئ إيماءً.

وروى ابن القاسم أنه لا تجوز إمامة القاعد، وأنه إن صلوا خلفه قيامًا أو قعودًا بطلت صلاتهم وهو المشهور عنه.

وسبب الاختلاف تعارض الآثار في ذلك ومعارضة العمل للآثار، أعني: عمل أهل المدينة عند مالك. وذلك أن في ذلك حديثين متعارضين:

أحدهما: حديث أنس تقدم برقم (1101) من كتابنا هذا - وحديث عائشة - تقدم برقم (1100) من كتابنا هذا.

والثاني: حديث عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في مرضه الذي توفي منه، فأتى المسجد فوجد أبا بكر وهو قائم يصلي بالناس، فاستأخر أبو بكر فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كما =

ص: 62

[الباب التاسع] باب اقتداء المتوضئ بالمتيمم

27/ 1103 - (فِيهِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ العاصِ عَنْ غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاسِلِ وَقَدْ سَبَق

(1)

. [صحيح]

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: كانَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي سَفَرٍ مَعَه ناسٌ مِنْ أصْحابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ عَمَّارُ بْنُ ياسِرٍ فَكانَوا يُقَدِّمُونَهُ لِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى بِهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ، فَضَحَكَ وأخْبَرَهُمْ أَنَّهُ أصَابَ مِنْ جارِيَةٍ لَهُ رُومِيَّةٍ، فَصَلَّى بِهِمْ وَهُوَ جُنُبٌ مُتَيَمِّمٌ. رَوَاهُ الأَثْرَمُ، وَاحْتَجَّ بِهِ أحْمَدُ فِي رِوَايَتهِ)

(2)

.

حديث عمرو بن العاص تقدّم في باب الجنب يتيمم لخوف البرد

(3)

من كتاب التيمم.

= أنت. فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب أبي بكر، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر"، أخرجه البخاري رقم (683) ومسلم رقم (97/ 418).

فذهب الناس في هذين الحديثين مذهبين: مذهب النسخ، ومذهب الترجيح. فأما من ذهب مذهب النسخ فإنهم قالوا: إن ظاهر حديث عائشة وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤم الناس، وأن أبا بكر كان مسمعًا؛ لأنه لا يجوز أن يكون إمامان في صلاة واحدة، وإن الناس كانوا قيامًا، وإن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسًا فوجب أن يكون هذا من فعله صلى الله عليه وسلم، إذ كان آخر فعله ناسخًا لقوله وفعله المتقدم.

وأما من ذهب مذهب الترجيح فإنهم رجحوا حديث أنس بأن قالوا: إن هذا الحديث قد اضطربت الرواية عن عائشة فيه فيمن كان الإمام، هل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أبو بكر؟.

وأما مالك فليس له مستند من السماع؛ لأن كلا الحديثين اتفقا على جواز إمامة القاعد، وإنما اختلفا في قيام المأموم أو قعوده" اهـ بتصرف.

قلت: وانظر الأوسط لابن المنذر (4/ 207 - 208) فقد مال لترجيح أحمد بن حنبل، وكذلك الأمير محمد بن إسماعيل في سبل السلام (3/ 68 - 69) قال عن مذهب أحمد في جمعه للأدلة في المسألة أنه جمع حسن. والله أعلم.

(1)

تقدم برقم (356) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 97) والبيهقي (1/ 218).

(3)

الباب الثالث رقم الحديث (356) من كتابنا هذا.

ص: 63

وفيه: "أنه احتلم في ليلة باردة فتيمم ثم صلى بأصحابه صلاة الصبح. فلما قدموا على النبيّ صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له، فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فقال: ذكرت قول الله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا".

وبهذا التقرير احتجّ من قال بصحة صلاة المتوضئ خلف المتيمم. ويؤيد ذلك ما أخرجه الدارقطني

(1)

عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صلى الإِمام بقوم وهو على غير وضوء أجزأتهم ويعيد"، وفي إسناده جويبر بن سعيد

(2)

وهو متروك وفي إسناده أيضًا انقطاع.

وما أخرجه أبو داود

(3)

وصححه ابن حبان

(4)

والبيهقي

(5)

من حديث أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "دخل في صلاة الفجر فأومأ بيده أن مكانكم، ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم".

وفي رواية له

(6)

: قال في أوّله: "وكبر"، وقال في آخره:"فلما قضى الصلاة قال: إنما أنا بشر مثلكم وإني كنت جنبًا".

وسيأتي الحديث قريبًا

(7)

.

(1)

في سننه (1/ 363 رقم 7) بسند ضعيف منقطع.

أما ضعف السند ففيه عيسى بن عبد الله، وجويبر بن سعيد ضعيفان. وأما الانقطاع فإن الضحاك لم يلق البراء.

والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(2)

جويبر بن سعيد الخراساني، مفسر: قال ابن معين: ليس بشيء. قال البخاري: ضُعّف، وقال الدارقطني والنسائي: متروك الحديث.

التاريخ الكبير (2/ 257) والمجروحين (1/ 218) والجرح والتعديل (2/ 540 - 541) والميزان (1/ 427) والتقريب (1/ 136) والخلاصة ص 66.

(3)

في سننه رقم (233).

(4)

في صحيحه رقم (2235).

(5)

في السنن الكبرى (2/ 397)، (3/ 94).

وصححه ابن خزيمة رقم (1629).

(6)

أي في سنن أبي داود رقم (234). وهو حديث صحيح.

(7)

برقم (1106) من كتابنا هذا.

ص: 64

وهو في الصحيحين

(1)

بلفظ: "أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف حتى قام النبيّ صلى الله عليه وسلم في مصلاه قبل أن يكبر، ذكر فانصرف وقال: مكانكم" الحديث

(2)

.

وعلى هذا فلا يكون الحديث مؤيدًا، ولكنه زعم ابن حبان

(3)

أنهما قضيتان: (إحداهما): ذكر النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه جنب قبل الإِحرام بالصلاة. (والثانية): بعد أن أحرم.

ومن المؤيدات لجواز صلاة المتيمم بالمتوضئ ما ذكره المصنف من الأثر المرويّ عن ابن عباس

(4)

.

وذهبت العترة إلى أنه لا يصحّ ائتمام المتوضئ بالمتيمم، واحتج لهم في البحر

(5)

بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمنّ المتيمم المتوضئين"

(6)

، وهذا الحديث لو صحّ لكان حجة قوية

(7)

.

[الباب العاشر] باب من اقتدى بمن أخطأَ بترك شرط أو فرض ولم يعلم

28/ 1104 - (عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُصَلُّونَ بِكُمْ،

(1)

البخاري رقم (275) ومسلم رقم (158/ 605).

(2)

سيأتي تخريجه برقم (1137) من كتابنا هذا.

(3)

في صحيحه (6/ 6).

(4)

تقدم تخريجه برقم (1103) من كتابنا هذا.

(5)

"البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار"(1/ 315).

وانظر: "شفاء الأوام"(1/ 338).

(6)

وهو حديث ضعيف.

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 234) والدارقطني في السنن (1/ 185 رقم 1) من حديث جابر.

قال الدارقطني: إسناده ضعيف.

وقال العلامة محمد بن يحيى بهران الصعدي المتوفى سنة (957 هـ) في كتاب جواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار (1/ 315):

"قوله: "لا يؤمنّ المتيمم المتوضئين" الخبر تقدم. وهو من كلام علي عليه السلام" اهـ.

(7)

انظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (4/ 159).

والمغني لابن قدامة (3/ 66 - 67).

والبناية في شرح الهداية للعيني (2/ 425).

ص: 65

فإنْ أصَابُوا فَلَكُمْ وَلهُمْ، وَإِنْ أخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهمْ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ

(1)

والبُخَارِيُّ)

(2)

. [صحيح]

29/ 1105 - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الإمامُ ضَامِنٌ، فإذَا أحْسَنَ فَلَهُ وَلَهُمْ، وَإنْ أساءَ فَعَلَيْهِ"، يَعْنِي: وَلا عَلَيْهِمْ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ

(3)

. [صحيح لغيره]

وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ

(4)

أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَمْ يَعْلَمْ فأَعادَ وَلَمْ يُعِيدُوا.

وَكَذَلِكَ عُثْمانُ

(5)

.

وَروِيَ عَنْ عَلِيّ مِنْ قَوْلِهِ

(6)

رضي الله عنهم.

حديث سهل بن سعد في إسناده عبد الحميد بن سليمان وهو ضعيف

(7)

(1)

في المسند (2/ 355).

(2)

في "صحيحه" رقم (694).

قلت: وأخرجه البيهقي (2/ 396 - 397) و (3/ 126 - 127) وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 53) والبغوي في شرح السنة رقم (839).

(3)

في سننه رقم (981).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 333): "هذا إسناد ضعيف عبد الحميد اتفقوا على تضعيفه. وأخرج الترمذي رقم (207) منه الجملة الأولى: الإمام ضامن من حديث أبي هريرة.

وهو حديث صحيح لغيره.

(4)

أخرجه الدارقطني في سننه (1/ 364 رقم 11) بسند رجاله ثقات.

(5)

أخرجه الدارقطني في سننه (1/ 364 - 365 رقم 12) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 400).

(6)

أخرجه الدارقطني في سننه (1/ 364 رقم 10). بسند ضعيف جدًّا.

وفي سنده عمرو بن خالد، هو أبو خالد الواسطي وهو متروك الحديث.

(7)

عبد الحميد بن سليمان بن عبد الله بن الحكم الأنصاري المدني. قال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال أحمد: ليس به بأس. وقال ابن معين: ثقة. الجرح والتعديل (6/ 10) الميزان (2/ 539) التاريخ الكبير 6/ 51) الكاشف (2/ 133) والمغني (1/ 368) والخلاصة ص 221.

ص: 66

قوله: (يصلون بكم)، لفظ البخاري

(1)

: "يصلون لكم" باللام التي للتعليل، والمراد الأئمة.

قوله: (فإن أصابوا فلكم) أي ثواب صلاتكم.

قوله: (ولهم) هذه اللفظة ليست في البخاري وهي في مسند أحمد

(2)

.

والمراد أن لهم ثواب صلاتهم.

وزعم ابن بطال

(3)

أن المراد بالإِصابة هنا إصابة الوقت.

واستدلّ بحديث ابن مسعود مرفوعًا: "لعلَّكُم تدركونَ أقوامًا يُصلُّونَ الصلاة لغيرِ وَقْتِها، فإذا أدركْتُمُوهم فصلُّوا في بيوتِكُم في الوقتِ ثم صلُّوا معهم، واجعَلُوها سُبْحَةً"، وهو حديث حسن أخرجه النسائي

(4)

وغيره

(5)

.

قال: فالتقدير على هذا: فإن أصابوا الوقت وإن أخطئوا الوقت فلكم، يعني الصلاة التي في الوقت.

وأجاب عنه الحافظ

(6)

بأن زيادة "لهم" كما في رواية أحمد (2) تدلّ على أن المراد صلاتهم معهم لا عند الانفراد.

وكذلك أخرجه الإِسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما

(7)

.

وكذلك أخرج هذه الزيادة ابن حبان

(8)

من حديث أبي هريرة، وأبو داود

(9)

من حديث عقبة بن عامر مرفوعًا بلفظ: "من أمّ الناس فأصاب الوقت فله ولهم".

(1)

في صحيحه رقم (694).

(2)

في المسند (2/ 355).

(3)

في شرحه لصحيح البخاري (2/ 321).

(4)

في سننه (2/ 75).

(5)

كابن ماجه رقم (1255) وابن الجارود في المنتقى رقم (331) وابن خزيمة في صحيحه رقم (1640) والبيهقي في "دلائل النبوة"(6/ 396) وفي السنن الكبرى (3/ 127 - 128) وأحمد في المسند (1/ 379) وابن عبد البر في التمهيد (8/ 57).

وهو حديث حسن، والله أعلم.

(6)

في "الفتح"(2/ 187).

(7)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 187).

(8)

كما في "موارد الظمآن" رقم (375) بسند حسن.

(9)

في سننه رقم (580) وهو حديث حسن.

ص: 67

وفي رواية لأحمد

(1)

في هذا الحديث: "فإن صلوا الصلاة لوقتها وأتموا الركوع والسجود فهي لكم ولهم".

قال في الفتح

(2)

: فهذا يبين أن المراد ما هو أعمّ من إصابة الوقت.

قال ابن المنذر

(3)

: هذا الحديث يردّ على من زعم أن صلاة الإِمام إذا فسدت فسدت صلاة من خلفه.

قوله: (وإن أخطئوا) أي ارتكبوا الخطيئة، ولم يرد الخطأ المقابل للعمد لأنه لا إثم فيه.

قال المهلب

(4)

: فيه جواز الصلاة خلف البرّ والفاجر.

واستدلّ به البغوي

(5)

على أنه يصح صلاة المأمومين إذا كان إمامهم محدثًا وعليه الإِعادة.

قال في الفتح

(6)

: واستدل به غيره على أعم من ذلك وهو صحة الائتمام بمن يخل بشيء من الصلاة ركنًا كان أو غيره إذا أتم المأموم، وهو وجه للشافعية

(7)

بشرط أن يكون الإِمام هو الخليفة أو نائبه.

والأصح عندهم صحة الاقتداء إلا لمن علم أنه ترك واجبًا.

ومنهم من استدل به على الجواز مطلقًا وهو الظاهر من الحديث.

ويؤيده ما رواه المصنف

(8)

عن الثلاثة الخلفاء رضي الله عنهم.

قوله: (الإمام ضامن) قد قدمنا الكلام على حديث أبي هريرة وعلى معنى

(1)

في المسند (4/ 146 - 147) بسند حسن.

(2)

في "الفتح"(2/ 187 - 188).

(3)

في الأوسط (4/ 214).

(4)

المهلب بن أبي صفرة الأزدي المتوفى سنة (435 هـ) وهو شارح البخاري راجع: إرشاد الساري (1/ 35) وكشف الظنون (1/ 365) والتعليق على رقم (10). [معجم المصنفات الواردة في فتح الباري (ص 232) رقم (681)].

• وقد ذكر الحافظ في "الفتح"(2/ 188) قول المهلب هذا.

(5)

في شرح السنة (3/ 450).

(6)

في "الفتح"(2/ 188).

(7)

انظر: المجموع (4/ 152 - 154).

(8)

تقدم تخريج الآثار عند الحديث رقم (1105) من كتابنا هذا.

ص: 68

[الضمان]

(1)

في باب الأذان.

قوله: (وإن أساء فعليه) فيه أن الإِمام إذا كان مسيئًا كأن يدخل في الصلاة مخلًّا بركن أو شرط عمدًا فهو آثم ولا شيء على المؤتمين من إساءته.

[الباب الحادي عشر] باب حكم الإِمام إِذا ذكر أنه محدث أَو خرج لحدث سبقه أَو غير ذلك

30/ 1106 - (عَنْ أَبي بَكْرَةَ: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَفْتَحَ الصَّلاةَ فَكَبَّرَ ثُمَّ أوْمأ إلَيْهِمْ أَنْ مَكانكُمْ، ثُمَّ دَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ ورأسُهُ يَقْطُرُ فَصَلَّى بِهِمْ؛ فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ قالَ:"إِنَّمَا أنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وإني كُنْتُ جُنبًا"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(2)

وأَبُو دَاوُدَ

(3)

، وَقالَ: رَوَاهُ أيُوب وَابْنُ عَوْنٍ وَهِشامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "فَكَبَّرَ ثُمَّ أوْمأ إلى القَوْمِ أنِ اجْلِسُوا، وَذَهَبَ فاغْتَسَلَ". [صحيح]

31/ 1107 - (وَعَنْ عَمْرو بْنِ مَيْمُونٍ قالَ: إني لَقائِمٌ ما بَيْني وَبينَ عُمَرَ غَداةَ أُصِيبَ إِلَّا عَبْدَ الله بْنَ عَبَّاسٍ فَمَا هُوَ إِلَّا أنْ كبَّرَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَتَلَنِي أوْ أكَلَنِي الكَلْبُ، حِينَ طَعَنَهُ، وَتَنَاوَلَ عُمَرُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ فَصَلَّى بِهِمْ صَلاةً خَفِيفَةً. مُخْتَصَرٌ مِنَ البُخارِيِّ)

(4)

. [صحيح]

32/ 1108 - (وَعَنْ أَبي رُزينٍ قالَ: صَلَّى عَلِيٌّ رضي الله عنه ذَاتَ يَوْمٍ فَرَعُفَ، فأخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ فَقَدَّمَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ. رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ

(5)

. [إسناده حسن]

(1)

في المخطوط (ب): (الضامن).

(2)

في المسند (5/ 41).

(3)

في سننه رقم (233)، (234).

قلت: وأخرجه الشافعي في الأم (2/ 329 رقم 329) وابن خزيمة رقم (1629) والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" رقم (623) وابن حبان رقم (2235) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 397)، (3/ 94) من طرق وهو حديث صحيح.

(4)

في صحيحه رقم (3700). وسيأتي مطولًا برقم (2536) من كتابنا هذا.

(5)

أخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 352 رقم 3670). والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 114) من حديث أبي رزين بسند حسن.

ص: 69

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِنِ اسْتَخْلَفَ الإِمامُ فَقَدْ اسْتَخْلَفَ عُمَرُ

(1)

وَعِليٌّ

(2)

، وإنْ صَلَّوْا وِحْدانًا فَقَدْ طُعِنَ مُعاوِيَةُ وَصَلَّى النَّاسُ وِحْدانًا مِنْ حَيْثُ طُعِنَ أتمُّوا صَلَاتهُمْ)

(3)

.

حديث أبي بكرة قال الحافظ

(4)

: اختلف في وصله وإرساله.

وفي الباب عن أنس عند الدارقطني

(5)

، واختلف في وصله وإرساله كما اختلف في وصل حديث أبي بكرة وإرساله.

وعن علي عند أحمد

(6)

والبزار

(7)

والطبراني في الأوسط

(8)

وفيه ابن لهيعة.

وعن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا عند أبي داود

(9)

ومالك

(10)

.

وعن أبي هريرة عند ابن ماجه

(11)

قال الحافظ

(12)

: وفي إسناده نظر.

(1)

تقدم تخريج أثر عمر عند الحديث (1105) من كتابنا هذا، بسند رجاله ثقات.

(2)

تقدم تخريج أثر علي عند الحديث (1105) من كتابنا هذا، بسند ضعيف جدًّا.

(3)

أخرج البيهقي في السنن الكبرى (3/ 114) عن الزهري قال: أخبرني خالد بن عبد الله بن رباح السلمي: أنه صلى مع معاوية يوم طعن بإيلياء ركعة وطعن معاوية حين قضاها فأراد أن يرفع رأسه من سجوده فقال معاوية للناس أتموا صلاتكم، فقام كل امرئ فأتم صلاته ولم يقدم أحد ولم يقدمه الناس".

(4)

في "التلخيص"(2/ 71).

(5)

في السنن (1/ 362 رقم 2).

قال الدارقطني: خالفه عبد الوهاب الخفاف.

(6)

في المسند (3/ 339).

(7)

في المسند (1/ 233 رقم 476 - كشف).

(8)

في المعجم الأوسط (6/ 272 رقم 6390).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 68) وقال: ومدار طرقه على ابن لهيعة وفيه كلام.

قلت: إسناده ضعيف، والله أعلم.

(9)

في سننه بإثر رقم (234).

(10)

في الموطأ (1/ 48 رقم 49).

(11)

في سننه رقم (1220).

وقال البوصيري في "الزوائد" ص 184: "هذا إسناد ضعيف لضعف أسامة. رواه الدارقطني في سننه من طريق أسامة بن زيد" اهـ.

(12)

في "التلخيص"(2/ 71).

ص: 70

وعن محمد بن سيرين عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا عند أبي داود

(1)

كما ذكر المصنف.

والحديث في الصحيحين

(2)

عن أبي هريرة بألفاظ ليس فيها ذكر أن ذلك كان بعد الدخول في الصلاة، وفي بعضها التصريح بأن ذلك كان قبل التكبير كما تقدم.

قال في الفتح

(3)

: يمكن الجمع بين رواية الصحيحين وغيرهما بأن يحمل قوله: "فكبر" في رواية أبي داود (1) وغيره على [أنه]

(4)

أراد أن يكبر أو بأنهما واقعتان كما تقدم عن ابن حبان

(5)

.

وذكره أيضًا لقاضي عياض

(6)

والقرطبي

(7)

.

وقال النووي

(8)

: إنه الأظهر، فإن ثبت ذلك وإلا فما في الصحيحين أصح.

قوله: (ثم أومأ) أي أشار، ورواية البخاري

(9)

: "فقال لنا"، فتحمل رواية البخاري على إطلاق القول على الفعل.

ويمكن أن يكون جمع بين الكلام والإِشارة.

قوله: (أن مكانكم) منصوب بفعل محذوف هو وفاعله، والتقدير: الزموا مكانكم.

قوله: (ورأسه يقطر) أي من ماء الغسل.

قوله: (فصلى بهم) في رواية للبخاري

(10)

. "فصلينا معه".

وفيه جواز التخلل الكثير بين الإِقامة والدخول في الصلاة.

قوله: (إنما أنا بشر) قد تقدم الكلام على مثل هذا الحصر.

(1)

في السنن بإثر رقم (234).

(2)

البخاري رقم (640) ومسلم رقم (157/ 605).

(3)

في "الفتح"(2/ 121).

(4)

زيادة من المخطوط (أ).

(5)

في "صحيحه" رقم (2235) و (2236) وانظر ما قاله أبو حاتم خلف كل من الحديثين.

(6)

في إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 559).

(7)

في "المفهم"(2/ 229).

(8)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 103).

(9)

في صحيحه رقم (275).

(10)

في صحيحه رقم (275).

ص: 71

قوله: (وإني كنت جنبًا) فيه دليل على جواز اتصافه صلى الله عليه وسلم بالجنابة وعلى صدور النسيان منه.

قوله: (عن محمد) هو ابن سيرين.

قوله: (أن اجلسوا) هذا دل على أنهم قد كانوا اصطفوا للصلاة قيامًا، وقد صرح بذلك البخاري

(1)

عن أبي هريرة، ولفظه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وقد أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف".

قوله: (وذهب)، في رواية لأبي داود

(2)

: "فذهب"، وللنسائي

(3)

: "ثم رجع إلى بيته".

قوله: (فقدمه فصلى بهم) سيأتي حديث عمر مطولًا في كتاب الوصايا

(4)

، ويأتي الكلام عليه [هنالك]

(5)

إن شاء الله تعالى.

وفيه جواز الاستخلاف للإِمام عند عروض عذرٍ يقتضي ذلك لتقرير الصحابة لعمر على ذلك، وعدم الإِنكار من أحد منهم فكان إجماعًا.

وكذلك فعل عليّ وتقريرهم له على ذلك.

وإلى ذلك ذهبت العترة

(6)

وأبو حنيفة

(7)

وأصحابه والشافعي

(8)

ومالك

(9)

وفي قول للشافعي

(10)

: أنه لا يجوز.

واستدل له في البحر

(11)

بتركه صلى الله عليه وسلم الاستخلاف لما ذكر أنه جنب.

وأجاب عن ذلك بأنه فعل ذلك ليدل على جواز الترك أو ذكر قبل دخولهم في الصلاة، قال: ولا قائل بهذا إلا الشافعي انتهى. وذهب أحمد بن حنبل

(12)

(1)

في صحيحه رقم (275).

(2)

في سننه رقم (234).

(3)

في سننه رقم (792).

(4)

سيأتي برقم (2536) من كتابنا هذا.

(5)

زيادة من المخطوط (أ).

(6)

البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (1/ 314).

(7)

البناية في شرح الهداية (2/ 437).

(8)

الأم للشافعي (2/ 329).

(9)

المدونة (1/ 33).

(10)

المجموع (4/ 137) و (4/ 152).

(11)

البحر الزخار (1/ 314).

(12)

قال النووي في المجموع شرح المهذب (4/ 141): "فرع في مذاهب العلماء في =

ص: 72

إلى التخيير كما روى عنه المصنف رحمه الله [تعالى]

(1)

.

[الباب الثاني عشر] باب من أَمَّ قومًا يكرهونه

33/ 1109 - (عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرو أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَقُولُ: "ثَلاثَةٌ لا يَقْبَلُ الله مِنْهُمْ صَلاةً: مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كارِهُونَ، وَرَجُلٌ أتى الصَّلاةَ دِبارًا - وَالدّبارُ أنْ يأتيَها بَعْدَ أنْ تَفُوتَهُ - وَرَجُلٌ اعتْبَدَ مُحَرَّرَهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ

(2)

وَابْنُ ماجَهْ

(3)

، وَقالَ فِيهِ: يَعْنِي بَعْدَ ما يَفُوتُهُ الوَقْتُ).

[ضعيف دون الجملة الأولى منه فصحيحة]

34/ 1110 - (وَعَنْ أبي أُمَامَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثةٌ لا تُجاوِزُ صَلاُتهُمْ آذَانَهُمْ: العَبْدُ الآبِقُ حتَّى يَرْجِعَ، وَامْرأةٌ باتَتْ وَزَوْجها عَلَيْها ساخِطٌ، وإمامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كارِهُونَ"، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ)

(4)

. [حسن]

حديث عبد الله بن عمرو، في إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي ضعفه الجمهور

(5)

.

= الاستخلاف: قد ذكرنا أن الصحيح في مذهبنا جوازه.

قال البغوي: وهو قول أكثر العلماء.

وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب، وعلي، وعلقمة، وعطاء، والحسن البصري، والنخعي، والثوري، ومالك، وأصحاب الرأي وأحمد، ولم يصرح ابن المنذر بحكاية منع الاستخلاف عن أحد" اهـ.

(1)

زيادة من المخطوط (ب).

(2)

في سننه رقم (593).

(3)

في سننه رقم (970).

وفي سند الحديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي. ضعيف.

والحديث ضعيف دون الجملة الأولى منه فصحيحه.

(4)

في سننه رقم (360) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وكذلك حسنه المحدث الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب رقم (486).

(5)

انظر ترجمته في: المجروحين (2/ 50) وكتاب الجرح والتعديل (5/ 234) والميزان (2/ 561). وخلاصة القول فيه: ضعيف.

ص: 73

وحديث أبي أمامة انفرد بإخراجه الترمذي وقال

(1)

: هذا حديث حسن غريب وقد ضعفه البيهقي

(2)

.

قال النووي في الخلاصة

(3)

: والأرجح هنا قول الترمذي، انتهى.

وفي إسناده أبو غالب الراسبي

(4)

البصري صحح الترمذي حديثه، وقال أبو حاتم: ليس بالقويّ، وقال النسائي: ضعيف ووثقه الدارقطني.

وفي الباب عن أنس عند الترمذي

(5)

بلفظ: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة: رجلًا أمّ قومًا وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، ورجلًا سمع حيّ على الفلاح ثم لم يجب".

قال الترمذي

(6)

: حديث أنس لا يصحّ لأنه قد روي عن الحسن عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وفي إسناده أيضًا محمد بن القاسم الأسدي.

قال الترمذي

(7)

: تكلم فيه أحمد بن حنبل وضعفه

(8)

وليس بالحافظ.

(1)

أي الترمذي في السنن (2/ 193).

(2)

في السنن الكبرى (3/ 128): "قال الشيخ: وهذا الحديث بهذا المعنى إنما يروى بإسنادين ضعيفين أحدهما مرسل، والآخر موصول" اهـ.

(3)

في "الخلاصة"(2/ 704).

(4)

قال الذهبي في "الميزان"(4/ 560) رقم الترجمة (10495): أبو غالب [د، ت، ق] صاحب أبي أمامة، حَزَوّر، مَرَّ. وقيل: سعيد بن الحزَوّر. وقيل: نافع. فيه شيء.

وقال ابن سعد في الطبقات (7/ 238): "أبو غالب الراسبي

كان ضعيفًا منكر الحديث" اهـ.

(5)

في سننه رقم (358) وقال الترمذي: حديث أنس لا يصح لأنه رُويَ هذا الحديث عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل. ومحمد بن القاسم تكلم فيه أحمد بن حنبل وضعفه وليس بالحافظ.

وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(6)

في السنن (2/ 191).

(7)

في السنن (2/ 192).

(8)

بل كذبه كما في العلل رواية عبد الله (1899): كان يكذب، أحاديثه موضوعة، ليس بشيء.

وهو شامي الأصل لقبه: كاوُ، كذبه وتركه غير واحد، وقال ابن معين: ثقة وقد كتبت عنه مات سنة (207 هـ).

التاريخ الكبير (1/ 1/ 214) والجرح والتعديل (4/ 1/ 65) والمجروحين (2/ 287) =

ص: 74

وضعف حديث أنس [هنا]

(1)

أيضًا البيهقي

(2)

، وقال بعد ذكر رواية الحسن له عن أنس: ليس بشيء، تفرد به محمد بن القاسم الأسدي عن الفضل بن دلهم عنه.

ثم قال

(3)

: ورُوي عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد عن أنس بن مالك يرفعه.

وفي الباب أيضًا عن ابن عباس عند ابن ماجه

(4)

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرًا: رجل أمّ قومًا وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان".

قال العراقي: وإسناده حسن.

وعن طلحة عند الطبراني في الكبير

(5)

قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أيما رجل أمّ قومًا وهم له كارهون لم تجز صلاته أذنيه"، وفي إسناده سليمان بن أيوب الطلحي. قال فيه أبو زرعة

(6)

: عامة أحاديثه لا يتابع عليها. وقال الذهبي في الميزان

(7)

: صاحب مناكير وقد وثق.

وعن أبي سعيد عند البيهقي

(8)

بلفظ: "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم رؤوسهم: رجل أمّ قومًا وهم له كارهون" الحديث.

= والكامل لابن عدي (6/ 2273) والميزان (4/ 11) والتقريب (2/ 201).

(1)

زيادة من المخطوط (أ).

(2)

في "معرفة السنن والآثار"(4/ 227 رقم 5965).

(3)

أي البيهقي في "المعرفة"(4/ 228 رقم 5968).

(4)

في السنن رقم (971) قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 330): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.

وقال الألباني رحمه الله: ضعيف بهذا اللفظ، وحسن بلفظ العبد الآبق، مكان "أخوان متصارمان".

(5)

المعجم الكبير (ج 1 رقم 210).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 67 - 68) وقال: "رواه الطبراني في الكبير من رواية سليمان بن أيوب الطلحي قال: فيه أبو زرعة عامة أحاديثه لا يتابع عليها، وقال صاحب الميزان: صاحب مناكير وقد وثق" اهـ.

(6)

ذكره الذهبي في الميزان (2/ 197 رقم 3428).

(7)

(2/ 197 رقم 3428).

(8)

في "معرفة السنن والآثار"(4/ 227 رقم 5963).

ص: 75

قال البيهقي

(1)

بعد ذكره: وهذا إسناد ضعيف.

وعن سلمان عند ابن أبي شيبة في المصنف

(2)

بنحو حديث أبي أمامة، وهو من رواية القاسم بن مخيمرة

(3)

عن سلمان ولم يسمع منه.

وأحاديث الباب يقوّي بعضها بعضًا، فينتهض للاستدلال بها على تحريم أن يكون الرجل إمامًا لقوم يكرهونه

(4)

.

ويدلّ على التحريم نفي قبول الصلاة وأنها لا تجاوز آذان المصلين ولعن الفاعل لذلك.

وقد ذهب إلى التحريم قوم وإلى الكراهة آخرون.

وقد روى العراقي ذلك عن عليّ بن أبي طالب والأسود بن هلال وعبد الله بن الحارث البصري.

(1)

في المرجع السابق (4/ 227 رقم 5964).

(2)

(4/ 307) بسند منقطع.

(3)

القاسم بن مخيمرة الهمداني، أبو عروة الكوفي، سكن دمشق.

قال ابن سعد: كان ثقة وله أحاديث.

وقال الدوري، عن ابن معين: لم يُسمع أنه سمع من أحد من الصحابة.

"تهذيب التهذيب"(3/ 421 - 422).

(4)

قال النووي في المجموع (4/ 172) "قال الشافعي وأصحابنا رحمهم الله يكره أن يؤم قومًا وأكثرهم له كارهون، ولا يكره إذا كرهه الأقل، وكذا إذا كرهه نصفهم لا يكره، صرح به صاحب الإبانة. وأشار إليه البغوي وآخرون، وهو مقتضى كلام الباقين، فإنهم خصوا الكراهة بكراهة الأكثرين.

قال أصحابنا - أي الشافعية - وإنما تكره إمامته إذا كرهوه لمعنى مذموم شرعًا كوال ظالم؛ وكمن تغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها، أو لا يتصون من النجاسات، أو يمحق هيئات الصلاة، أو يتعاطى معيشة مذمومة، أو يعاشر أهل الفسوق ونحوهم أو شبه ذلك؛ فإن لم يكن شيء من ذلك فلا كراهة والعتب على من كرهه.

هكذا صرح به الخطابي والقاضي حسين والبغوي وغيرهم

".

وقال ابن قدامة في "المغني"(3/ 71): "يكره أن يؤم قومًا أكثرهم له كارهون

قال أحمد رحمه الله: إذا كرهه واحد أو اثنان أو ثلاثة فلا بأس، حتى يكرهه أكثر القوم، وإن كان ذا دين وسنةٍ فكرهه القوم لذلك لم تكره إمامته

" اهـ.

ص: 76

وقد قيد ذلك جماعة من أهل العلم بالكراهة الدينية لسبب شرعي، فأما الكراهة لغير الدين فلا عبرة بها.

وقيدوه أيضًا بأن يكون الكارهون أكثر المأمومين ولا اعتبار بكراهة الواحد والاثنين والثلاثة إذا كان المؤتمون جمعًا كثيرًا لا إذا كانوا اثنين أو ثلاثة، فإن كراهتهم أو كراهة أكثرهم معتبرة.

وحمل الشافعي

(1)

الحديث على إمام غير الوالي؛ لأن الغالب كراهة ولاة الأمر.

وظاهر الحديث عدم الفرق والاعتبار بكراهة أهل الدين دون غيرهم حتى قال الغزالي في الإحياء

(2)

: لو كان الأقل من أهل الدين يكرهونه فالنظر إليهم.

قوله: (ورجل اعتبد محرره)، أي اتخذ معتقه عبدًا بعد إعتاقه، وذلك بأن ثم يكتمه [ذلك]

(3)

ويستعمله، يقال اعتبدته: اتخذته عبدًا.

قوله: (لا تجاوز صلاتهم آذانهم)، أي لا ترتفع إلى السماء، وهو كناية عن عدم القبول كما هو مصرح به في حديث ابن عمرو وغيره.

قوله: (العبد الآبق) فيه أن العبد الآبق لا تقبل له صلاة حتى يرجع من إباقه إلى سيده.

وفي صحيح مسلم

(4)

وسنن أبي داود

(5)

والنسائي

(6)

من حديث جرير بن عبد الله البجلي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة".

وروي القول بذلك عن أبي هريرة

(7)

.

وقد أول المازري

(8)

وتبعه القاضي عياض

(9)

حديث جرير على العبد

(1)

الأم (2/ 306 - 307).

(2)

(1/ 173).

(3)

سقط في المخطوط (ب).

(4)

في صحيحه رقم (70/ 124).

(5)

في السنن رقم (4360).

(6)

في سننه رقم (4049).

(7)

المجموع شرح المهذب للنووي (4/ 172 - 173).

(8)

في "المعلم بفوائد مسلم"(1/ 200).

(9)

في إكمال المعلم بفوائد مسلم (1/ 327).

ص: 77

المستحل للإِباق فيكفر ولا تقبل له صلاة ولا غيرها ونبه بالصلاة على غيرها.

وقد أنكر ابن الصلاح ذلك على المازري والقاضي وقال: إن ذلك جار في غير المستحل، ولا يلزم من عدم القبول عدم الصحة.

وقد قدمنا البحث عن هذا في مواضع.

قوله: (وامرأة، إلخ) فيه أن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطًا عليها من الكبائر، وهذا إذا كان غضبه عليها بحق.

وفي الصحيحين

(1)

من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبانًا عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح".

ولعل التأويل المذكور في عدم قبول صلاة العبد يجري في صلاة المرأة المذكورة.

* * *

(1)

البخاري رقم (5193) ومسلم رقم (122/ 1436) وسيأتي برقم (2815) من كتابنا هذا.

ص: 78

[سادس عشر] أبواب موقف الإِمام والمأموم وأحكام الصفوف

[الباب الأول] باب وقوف الواحد عن يمين الإِمام والاثنين فصاعدًا خلفه

1/ 1111 - (عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قالَ: قامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي المَغْرِبَ، فَجئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسارِهِ، فَنَهَانِي فَجَعَلَني عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جاءَ صَاحبٌ لِي فَصَفَّنا خَلْفَهُ، فَصَلَّى بِنا فِي ثَوْبٍ وَاحدٍ مُخالفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ. رَوَاهُ أحْمَدُ

(1)

. [صحيح]

وَفِي رِوَايَةٍ: قامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَيُصَلِّي، فَجِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فأخَذَ بِيَدِي فأدَارَني حَتَّى أقامَني عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَقامَ عَنْ يَسارِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأخَذَ بأيدِينا جَميعًا، فَدَفَعَنَا حتَّى أقَامَنَا خَلْفَهُ"، رَوَاهُ مُسْلمٌ

(2)

وأَبُو دَاوُدَ)

(3)

. [صحيح]

2/ 1112 - (وَعَنْ سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ قالَ: أمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا كُنَّا ثَلاثَةً أنْ يَتَقَدَّمَ أحَدُنا، رَوَاهُ التِّرْمذِيُّ)

(4)

. [إسناده ضعيف]

حديث جابر هو في صحيح مسلم

(5)

وسنن أبي داود

(6)

مطولًا، وهذا الذي ذكر المصنف بعض منه.

(1)

في المسند (3/ 326).

(2)

في صحيحه رقم (3010) ضمن حديث طويل.

(3)

في سننه رقم (634) ضمن حديث طويل.

قلت: وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" رقم (172) وابن حبان (2197) والحاكم (1/ 254) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 239) والبغوي في شرح السنة رقم (827) وابن خزيمة رقم (1536) و (1674) من طرق. وهو حديث صحيح.

(4)

في سننه رقم (233) وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

(5)

رقم (3010) وقد تقدم.

(6)

في سننه رقم (634) وقد تقدم.

ص: 79

وحديث سمرة بن جندب غرّبه الترمذي

(1)

.

وقال ابن عساكر في الأطراف إنه قال فيه: حسن غريب.

وذكر ابن العربي

(2)

أنه ضعفه، وليس فيما وقفنا عليه من نسخ الترمذي إلا أنه قال: إنه حديث غريب.

ولعلّ المراد بقول ابن العربي: إنه ضعفه، أي أشار إلى تضعيفه بقوله: وقد تكلم الناس في إسماعيل بن مسلم من قبل حفظه بعد أن ساق الحديث من طريقه.

وإسماعيل بن مسلم هذا هو المكي وأصله بصري سكن مكة فنسب إليها لكثرة مجاورته بها، وكان فقيهًا مفتيًا.

قال البخاري

(3)

: تركه ابن المبارك وربما روى عنه.

وقال يحيى بن سعيد

(4)

: لم يزل مختلطًا.

وقال أحمد بن حنبل

(5)

: ضعيف الحديث.

وقال السعدي (4): هو واه جدًّا.

وقال عمرو بن علي: كان ضعيفًا في الحديث يهم فيه، وكان صدوقًا كثير الغلط يحدّث عنه من لا ينظر في الرجال.

وقال ابن عديّ

(6)

: أحاديثه غير محفوظة، إلا أنه ممن يكتب حديثه

(7)

.

قوله: (فجعلني عن يمينه) فيه أن موقف الواحد عن يمين الإِمام

(8)

، وقد الأكثر إلى أن ذلك واجب.

(1)

في سننه رقم (1/ 453).

(2)

في عارضة الأحوذي (2/ 31 - 32).

(3)

التاريخ الكبير (1/ 1/ 372).

(4)

الميزان (1/ 248 - 249) رقم الترجمة (945).

(5)

كما في بحر الدم (ص 73 رقم الترجمة 86): ولكنه قال عنه: منكر الحديث.

(6)

في "الكامل"(1/ 282).

(7)

وانظر: المجروحين (1/ 120) والمغني في الضعفاء (1/ 87) وتهذب التهذيب (1/ 167 - 168).

(8)

قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 171 - 172): "وهذا قول عوام أهل العلم. وقد اختلف =

ص: 80

وروي عن ابن المسيب أن ذلك مندوب فقط.

وروي عن النخعي أن الواحد يقف خلف الإِمام بيانًا للتبعية، فإذا ركع الإِمام قبل مجيء ثالث اتصل بيمينه.

وفيه جواز العمل في الصلاة، وقد تقدم الكلام على ذلك.

قوله: (فصفَّنا خلفه)

(1)

وكذلك قوله: "فدفَعَنا حتى أقامنا خلفه"

(2)

، وقوله:"أمرنا صلى الله عليه وسلم إذا كنا ثلاثة أن يتقدم أحدنا"

(3)

.

في هذه الروايات دليل على أن موقف الرجلين مع الإِمام في الصلاة خلفه،

= فيه، فمن مذهبه أن يقوم المأموم الواحد عن يمين الإمام:

عمر بن الخطاب (المصنف لابن أبي شيبة 2/ 86).

وعبد الله بن عمر (المصنف لابن أبي شيبة 2/ 86) وعبد الرزاق (2/ 406 رقم 3869) وجابر بن زيد.

وعروة بن الزبير (المصنف لابن أبي شيبة 2/ 87) وعبد الرزاق (2/ 406 رقم 3867) وبه قال مالك (المدونة 1/ 86).

وسفيان الثوري.

والأوزاعي (فقه الأوزاعي 1/ 223 - 224).

والشافعي (الأم 1/ 333).

وإسحاق. وأصحاب الرأي (البناية شرح الهداية 2/ 402).

قال أبو بكر: وفي المسألة قولان آخران:

أحدهما: عن سعيد بن المسيب أنه قال: يقيمه عن يساره (المصنف لابن أبي شيبة 2/ 87).

والقول الثاني: عن النخعي: وهو إذا كان الإمام خلفه رجل واحد فليقم من خلفه ما بين وبين أن يركع، فإذا جاء أحد وإلا قام عن يمينه، فإذا كان اثنان قام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره. (عبد الرزاق في المصنف 2/ 410 رقم 3890).

قال أبو بكر: حديث ابن عباس [البخاري رقم (138) ومسلم رقم (186/ 763)] يدل على خلاف هذين القولين وبه نقول" اهـ.

وقال النووي في المجموع (4/ 186): "السنة عندنا - أي الشافعية: أن يقف المأموم الواحد عن يمين الإمام كما ذكرنا، وبهذا قال العلماء كافة إلا ما حكاه القاضي أبو الطيب وغيره عن سعيد بن المسيب، أنه يقف عن يساره، وعن النخعي أنه يقف وراءه إلى أن يريد الإمام أن يركع، فإن لم يجئ مأموم آخر تقدم فوقف عن يمينه".

وهذان المذهبان فاسدان. ودليل الجمهور حديث ابن عباس وحديث جابر وغيرهما" اهـ.

(1)

تقدم رقم (1/ 1111) من كتابنا هذا.

(2)

تقدم رقم (1/ 1111) من كتابنا هذا.

(3)

تقدم رقم (2/ 1112) من كثابنا هذا.

ص: 81

وبه قال عليّ بن أبي طالب

(1)

، وعمر

(2)

، وابنه

(3)

، وجابر بن زيد

(4)

، والحسن

(5)

، وعطاء

(6)

.

وإليه ذهب مالك

(7)

والشافعي

(8)

وأبو حنيفة

(9)

وجماعة من فقهاء الكوفة.

قال ابن سيد الناس: وليس ذلك شرطًا عند أحد منهم، ولكن الخلاف في الأولى والأحسن.

وإلى كون موقف الاثنين خلف الإِمام ذهبت العترة

(10)

.

وروي عن ابن مسعود: "أن الاثنين يقفان عن يمين الإِمام وعن شماله والزائد خلفه"، واستدلّ بما سيأتي

(11)

، وسيأتي الكلام على دليله.

قوله: (فصلى بنا في ثوب واحد) فيه جواز الصلاة في الثوب الواحد، وقد تقدم الكلام على ذلك.

قوله: (ثم جاء جبَّار بن صخر) هو الأنصاري السلمي، شهد العقبة وبدرًا وما بعدهما

(12)

.

(1)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 88) عن علي قال: إذا كانوا ثلاثة تقدم أحدهم.

(2)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 88) عن عبد الله قال: جئت إلى عمر وهو يصلي فجعلني عن يمينه فجاء يرفا فجعلنا خلفه.

(3)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 87) عن ابن عمر أنه كان إذا صلى ثالث ثلاثة جعل اثنين خلفه.

(4)

أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(2/ 408 رقم 3881) عن أبي الشعثاء مثل قول عمر: (إذا كانوا ثلاثة أقام رجلين خلفه).

(5)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 88) عن أنس وعن سعيد بن المسيب والحسن قالوا إذا كانوا ثلاثة تقدمهم أحدهم وصلى اثنان خلفه.

(6)

أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 408 رقم 3878) عن ابن جريج قال: قلت لعطاءٍ: أرأيت إن كانوا ثلاثة؟ قال: يقول ناس: يقوم اثنان إلى ركنه، ويقوم آخر وراءَه. قال: قلت: فكيف تقول أنت؟ قال: أقول: الثلاثة جماعة، فإذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وليتأخر اثنان، فليقوما.

(7)

المدونة (1/ 86).

(8)

الأم (2/ 333).

(9)

البناية في شرح الهداية (2/ 402).

(10)

البحر الزخار (1/ 320).

(11)

رقم (5/ 1115) من كتابنا هذا.

(12)

جبَّار بن صخر بن أمية بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غَنَّم بن كعب بن سلمة =

ص: 82

3/ 1113 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: صَلَّيْتُ إلى جَنْب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَعائشَةُ مَعَنا تُصَلِّي خَلْفَنا وأنا إلى جَنْبِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أُصَلِّي مَعَهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ

(1)

وَالنَّسائيُّ)

(2)

. [صحيح]

4/ 1114 - (وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِ وبَأُمِّهِ أوْ خالَتِهِ، قالَ: فأقامَني عَنْ يَمينهِ وأقامَ المَرأةَ خَلْفَنا. رَوَاهُ أحْمَدُ

(3)

وَمُسْلِمٌ

(4)

وأبُو دَاوُدَ)

(5)

. [صحيح]

حديث ابن عباس إسناده في سنن النسائي

(6)

هكذا: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، يعني ابن مقسم، وقد وثقه النسائي، قال: حدثنا حجاج، يعني ابن محمد مولى سليمان، أخرج حديثه الجماعة، قال: قال ابن جريج: أخبرني زياد أن قزعة، مولى لعبد القيس، أخبره أنه سمع عكرمة، قال: قال ابن عباس: فذكرَه. وزياد هو ابن سعد الخراساني أخرج له الجماعة، وقزعة وثقه أبو زرعة، فرجال هذا الإِسناد ثقات.

قوله: (صلى به وبأمه أو خالته).

= الأنصاري ثم السَّلمي.

يكنى أبا عبد الله.

ذكره موسى بن عُقبة عن ابن شهاب في أهل العقبة.

وذكره أبو الأسود عن عروة في أهل بَدْر.

[الإصابة ترجمة (1058) وأسد الغابة ترجمة (670) والاستيعاب ترجمة (310) والثقات (3/ 64) والوافي بالوفيات (11/ 42)].

(1)

في المسند (1/ 302).

(2)

في سننه (2/ 86، 104).

قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1537) وابن حبان رقم (2204) والطبراني في الصغير (رقم 503 - الروض الداني) والبيهقي (3/ 107). وهو حديث صحيح.

(3)

في المسند (3/ 195).

(4)

في صحيحه رقم (269/ 660).

(5)

في سننه رقم (609).

قلت: وأخرجه النسائي (2/ 86) وابن خزيمة رقم (1538) وابن حبان رقم (2206).

وهو حديث صحيح.

(6)

في السنن رقم (841).

ص: 83

وفي بعض الروايات

(1)

: "أن جدّته مليكة دعت النبيّ صلى الله عليه وسلم" ثم ذكر الصلاة، وسيأتي.

والحديثان يدلان على أنه إذا حضر مع إمام الجماعة رجل وامرأة كان موقف الرجل عن يمينه وموقف المرأة خلفهما

(2)

وأنها لا تصف مع الرجال.

والعلة في ذلك ما يخشى من الافتتان.

فلو خالفت أجزأت صلاتها عند الجمهور

(3)

.

وعند الحنفية

(4)

تفسد صلاة الرجل دون المرأة.

قال في الفتح

(5)

: وهو عجيب. وفي توجيهه تعسف حيث قال قائلهم: قال ابن مسعود: "أخِّروهنّ من حيث أخرهنّ الله"

(6)

، والأمر للوجوب، فإذا حاذت الرجل فسدت صلاة الرجل لأنه ترك ما أمر به من تأخيرها.

قال

(7)

: وحكاية هذا تغني عن جوابه.

وذهبت الهادوية

(8)

إلى فساد صلاتها إذا صفت مع الرجال، وفساد صلاة من خلفها، وفساد صلاة من في صفها إن علموا بكونها في صفهم.

ومن الأدلة الدالة على أن المرأة تقف وحدها حديث أنس المتفق عليه

(9)

بلفظ: "صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبيّ صلى الله عليه وسلم وأمي أمّ سليم خلفنا".

(1)

سيأتي رقم (1121) من كتابنا هذا.

(2)

انظر: المغني (3/ 53 - 54) والأوسط (4/ 176 - 177) والمجموع (4/ 184 - 186).

(3)

انظر: المغني (3/ 54).

(4)

البناية في شرح الهداية (2/ 410 - 413).

(5)

(2/ 212).

(6)

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" رقم (5115) موقوفًا على ابن مسعود بسند صحيح.

وانظر: "نصب الراية"(2/ 36).

(7)

أي الحافظ في "الفتح"(2/ 212).

(8)

البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (1/ 313). وشفاء الأوام للقاضي حسين (1/ 347).

(9)

أحمد (3/ 110) والبخاري رقم (727) ومسلم رقم (269/ 660).

ص: 84

وفي لفظ

(1)

: "فصففت أنا واليتيم خلفه والعجوز من ورائنا".

وأخرج ابن عبد البر

(2)

عن عائشة مرفوعًا بلفظ: "المرأة وحدها صفّ".

قال ابن عبد البر

(3)

: هو موضوع وضعه إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله التيمي

(4)

عن المسعودي عن ابن أبي مليكة عن عائشة، قال: وهذا لا يعرف إلا بإسماعيل.

5/ 1115 - (وَعَنِ الأسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قالَ: دَخَلْتُ أنا وعَمِّي عَلْقَمَةُ على ابْنِ مَسْعُودٍ بالهَاجِرَةِ، قَالَ: فأقامَ الظُّهْرَ ليُصَلِّيَ فَقُمْنا خَلْفَهُ، فأخَذَ بِيَدِي وَيَدِ عَمِّي، ثُمَّ جَعَلَ أحَدَنا عَنْ يَمِينِه والآخَرَ عَنْ يَسارِهِ، فَصَفَّنَا صَفًّا وَاحدًا، قالَ: ثمَّ قالَ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ إذَا كَانُوا ثَلاثَةً. رَوَاهُ أَحْمَدُ

(5)

. [صحيح لغيره]

ولِأَبي دَاوُدَ

(6)

وَالنَّسائيّ

(7)

مَعْناهُ). [صحيح]

الحديث في إسناده هارون بن عنترة

(8)

وقد تكلم فيه بعضهم.

(1)

أحمد (3/ 131) ومسلم رقم (266/ 658).

(2)

في التمهيد (5/ 27) وقال ابن عبد البر: حديث موضوع وضعه إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله.

(3)

في التمهيد (5/ 27).

(4)

إسماعيل بن يحيى بن عُبيد الله بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، أبو يحيى التيمي.

قال الأزدي: ركن من أركان الكذب، لا تحل الرواية عنه.

وقال ابن عدي: عامة ما يرويه بواطيل.

وقال أبو علي النيسابوري الحافظ والدارقطني والحاكم: كذاب.

وقال الذهبي: مُجمع على تركه.

الميزان (1/ 253 رقم الترجمة 965).

(5)

في المسند (1/ 451)، (1/ 455)، (1/ 459).

وهو حديث صحيح لغيره.

(6)

في سننه رقم (613).

(7)

في سننه رقم (800).

وهو حديث صحيح.

(8)

هارون بن عنترة بن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن بن أبي وكيع: وثقه أحمد في العلل =

ص: 85

قال أبو عمر

(1)

: هذا الحديث لا يصحّ رفعه، والصحيح فيه عندهم أنه موقوف على ابن مسعود، انتهى.

وقد أخرجه مسلم في صحيحه

(2)

والترمذي

(3)

موقوفًا على ابن مسعود.

وقد ذكر جماعة من أهل العلم منهم الشافعي

(4)

أن حديث ابن مسعود هذا منسوخ لأنه إنما تعلم هذه الصلاة من النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، وفيها التطبيق وأحكام أخر هي الآن متروكة، وهذا الحكم من جملتها، فلما قدم النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة تركه.

وعلى فرض عدم علم التاريخ لا ينتهض هذا الحديث لمعارضة الأحاديث المتقدمة في أوّل الباب.

وقد وافق ابن مسعود على وقوف الاثنين عن يمين الإِمام ويساره أبو

= رواية عبد الله (3092) وقال: وهو هارون بن أبي وكيع، ويكنى هارون أبا عمرو الشيباني.

وقال ابن إبراهيم: سمعتُ أبا عبد الله يقول: هارون بن عنترة ضعيف الحديث المسائل (2/ 213).

(1)

في "التمهيد"(5/ 26).

(2)

رقم (26/ 534).

(3)

في سننه بإثر رقم (233) موقوفًا على ابن مسعود.

قلت: وأخرجه مطولًا بنحوه مسلم رقم (26/ 534) وأبو عوانة (2/ 164 - 165) وابن خزيمة في صحيحه رقم (1636) وابن حبان رقم (1874) والبيهقي (2/ 83).

(4)

انظر: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي ص 280.

وقال العيني في "البناية"(2/ 403): "

. وقال الحارثي حديث ابن مسعود منسوخ وأراد به الحديث الذي أخرجه مسلم عنه في صحيحه رقم (26/ 534) .... فإن قلت: ما أجاب المصنف عن حديث ابن مسعود هذا.

قلت: أجيب بثلاثة أجوبة:

الأول: أن ابن مسعود لم يبلغه حديث أنس - رقم (4/ 1114) من كتابنا هذا.

والثاني: أنه قال لضيق المسجد، وبعذر آخر لا على أنه من السنة.

والثالث: ذكر البيهقي في المعرفة (4/ 178 رقم 5804) أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأبو ذر عن يمينه كل واحد يصلي لنفسه، فقام ابن مسعود خلفهما فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بشماله فظن عبد الله أن ذلك سنة الموقف، ولم يعلم أنه لا يؤمهما، وعلمه أبو ذر حتى قال فيما روي عنه يصلي كل رجل منا لنفسه" اهـ.

ص: 86

حنيفة

(1)

وبعض الكوفيين.

ومن أدلتهم ما رواه أبو داود

(2)

عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وسطوا الإِمام وسدّوا الخلل" وسيأتي

(3)

.

وهو محتمل أن يكون المراد اجعلوه مقابلًا لوسط الصفّ الذي تصفون خلفه.

ومحتمل أن يكون من قولهم فلان واسطة قومه: أي خيارهم.

ومحتمل أن يكون المراد اجعلوه وسط الصفّ فيما بينكم غير متقدم ولا متأخر، ومع الاحتمال لا ينتهض للاستدلال.

وأيضًا هو مهجور الظاهر بالإِجماع؛ لأن ابن مسعود ومن معه إنما قالوا بتوسط الإِمام في الثلاثة لا فيما زاد عليهم فيقفون خلفه. وظاهر الحديث عدم الفرق بين الثلاثة وأكثر منهم.

[الباب الثاني] باب وقوف الإِمام تلقاءَ وسط الصفِّ وقرْبَ أولي الأَحلام والنُّهى منه

6/ 1116 - (عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَسِّطُوا الامامَ، وَسُدُّوا الخَلَلَ"، رَوَاهُ أَبُو دَوُادَ)

(4)

. [ضعيف لكن الشطر الثاني صحيح]

7/ 1117 - (وَعَنْ أبي مَسْعُودٍ الأنْصَارِيّ قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ مَناكبنَا فِي الصَّلاةِ ويقُولُ: "اسْتَوُوا وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلفَ قُلُوبُكُمْ، ليَليَنِّي منكُمْ أُولُو الأحْلامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ". رَوَاهُ أَحْمَدُ

(5)

وَمُسْلِمٌ

(6)

وَالنَّسائى

(7)

وَابْنُ ماجَهْ)

(8)

. [صحيح]

(1)

البناية في شرح الهداية (2/ 402 - 403).

(2)

في سننه رقم (681) وهو حديث ضعيف، لكن الشطر الثاني منه صحيح.

(3)

برقم (6/ 1116) من كتابنا هذا.

(4)

في سننه رقم (681) بسند ضعيف.

(5)

في المسند (4/ 122).

(6)

في صحيحه رقم (122/ 432).

(7)

في سننه رقم (2/ 87 - 88).

(8)

في سننه رقم (976). =

ص: 87

8/ 1118 - (وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "ليَليني منْكُمْ أُولُو الأحْلامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلَونهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلَونهُمْ، وَإيَّاكُمْ وَهَيْشاتِ الأسْوَاقِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(1)

وَمُسْلِمٌ

(2)

وَأَبُو دَاوُدَ

(3)

وَالتِّرمذِيُّ)

(4)

. [صحيح]

9/ 1119 - (وَعَنْ أَنَسٍ قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُحبُّ أنْ يَليَهُ المُهاجرُونَ وَالأنْصَارُ ليأخُذُوا عَنْهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ

(5)

وَابْنُ ماجَهْ)

(6)

. [صحيح]

حديث أبي هريرة سكت عنه أبو داود

(7)

والمنذري

(8)

وهو من طريق جعفر بن مسافر

(9)

شيخ أبي داود. قال النسائي: صالح، وفي إسناده يحيى بن بشير بن خلاد

(10)

عن أمه واسمها أمَةُ الواحدِ

(11)

، ويحيى مستور وأمُّهُ مجهولةً.

= قلت: وأخرجه الحميدي رقم (456) وأبو داود رقم (674) والدارمي (1/ 290) وابن الجارود في المنتقى رقم (315) وابن خزيمة رقم (1542) وأبو عوانة (2/ 41 - 42) وابن حبان رقم (2178) والبيهقى (3/ 97) من طرق. وهو حديث صحيح.

(1)

في المسند (1/ 457).

(2)

في صحيحه رقم (123/ 432).

(3)

في سننه رقم (675).

(4)

في سننه رقم (228).

قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (5324) والدارمي (1/ 290) وابن خزيمة رقم (1572) وأبو عوانة (2/ 42) وابن حبان رقم (2180) والطبراني في الكبير رقم (10041) والبيهقي (3/ 96 - 97) والبغوي رقم (821) من طرق. وهو حديث صحيح.

(5)

في المسند (3/ 199).

(6)

في سننه رقم (977). وقال البوصيري: هذا إسناد رجاله ثقات.

قلت: وأخرجه عبد بن حميد رقم (1407) والضياء في المختارة رقم (1923) والبيهقي (3/ 97).

وهو حديث صحيح.

(7)

في السنن (1/ 439).

(8)

في "المختصر"(1/ 336).

(9)

"تهذيب التهذيب"(1/ 312) وقال الحافظ في التقريب رقم الترجمة (957) صدوق ربما أخطأ.

(10)

يحيى بن بشير بن خلَّاد الأنصاري المدني: مستور من التاسعة: د. التقريب رقم الترجمة (7515).

(11)

أمة الواحد بنت يامين بن عبد الرحمن بن يامين. والدة يحيى بن بشير بن خلّاد، روت عن محمد بن كعب القرظي، روى عنها ابنها، سماها بقيُّ بن مخْلَد في مسنده، ولم تسم في رواية (د): وهي مجهولة من السابعة: د. التقريب رقم الترجمة (8534).

ص: 88

وحديث أبي مسعود أخرجه [أيضًا]

(1)

أبو داود

(2)

.

وحديث ابن مسعود قال الترمذي

(3)

: حسن غريب.

وقال الدارقطني: تفرّد به خالد بن مِهْرَان الحَذَّاء

(4)

عن أبي معشر زيادُ بن كُلَيْب

(5)

.

وقال ابن سيد الناس: إنه صحيح لثقة رواته وكثرة الشواهد له.

قال: ولذلك حكم مسلم بصحته. وأما غرابته فليست تنافي الصحة في بعض الأحيان.

وأما حديث أنس فأخرجه أيضًا الترمذي

(6)

ولم يذكر له إسنادًا، والنسائي

(7)

ورجال إسناده عند ابن ماجه رجال الصحيح

(8)

.

وفي الباب عن أُبيّ بن كعب عندَ أحمدَ

(9)

من حديثِ قيس بن عُباد قال: "قدمت المدينة للقاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وما كان بينهم رجل ألقاه أحبّ إليّ من أُبيّ بن كعب، فأقيمت الصلاة فخرج عمر مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

زيادة من المخطوط (أ).

(2)

في سننه رقم (674) وقد تقدم.

(3)

في السنن (1/ 440).

(4)

قال الحافظ في "التقريب" رقم الترجمة (1680): "خالدُ بن مِهران أبو المنازل، البصري، الحذّاء، قيل له ذلك لأنه كان يجلس عندهم. وقيل: لأنه كان يقول أُحذُ على هذا النحو: وهو ثقة يرسل، من الخامسة، أشار حماد بن زيد إلى أن حِفظه تغيَّرَ لما قَدِمَ من الشام، وعاب عليه بعضُهم دخولَه في عمل السلطان. ع" اهـ.

(5)

زياد بن كُلَيب الحنظلي، أبو معشر الكوفي: ثقة، من السادسة. مات سنة (119 هـ) أو (120 هـ) م د ت س. التقريب رقم الترجمة (2096).

(6)

في السنن (1/ 442 بإثر الحديث رقم 228) موقوفًا.

(7)

في السنن الكبرى (7/ 373 رقم 8253).

(8)

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 332): هذا إسناد رجاله ثقات.

(9)

في المسند (5/ 140) بسند صحيح.

قلت: وأخرجه عبد بن حميد رقم (177) والحاكم (4/ 526 - 527) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 226) وفي شرح المشكل رقم (5833) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" رقم (1850) والطيالسي رقم (555) من طرق. ورواية عبد بن حميد، والطحاوي مقتصرة على المرفوع منه.

ص: 89

فقمتُ في الصفّ الأوّل، فجاءَ رجل فنظرَ في وجوه القومِ فعرفَهم غَيري، فنحَّاني وقامَ في مكاني، فما عقلتُ صلاتي، فلما صلى قال: يا بنيّ لا يَسُوْءك اللهُ، إني لم آت الذي أتيت بجهالة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا:"كونوا في الصفّ الذي يليني"، وإني نظرتُ في وجوه القوم فعرفتهم غيرَك، ثم حدَّثَ فما رأيتُ الرجالَ مَتَحَتْ أعناقَها إلى شيءٍ مُتُوحَها

(1)

إليه، قال: فسمعتُه يقول: هلكَ أهلُ العُقْدة وربّ الكعبة، ألا لا عليهم آسى، ولكن آسى على من يهلِكونَ من المسلمين، وإذا هو أبيّ، يعني ابن كعب"، هذا لفظ أحمد.

وقد أخرج الحديث أيضًا النسائي

(2)

وابن خزيمة

(3)

في صحيحه، "وَمَتَحَتْ"

(4)

بفتح الميم ومثناءين مثنَّاتين بينهما حاء مهملة: أي مدَّتْ، "وأهلُ العُقْدَةِ"

(5)

بضم العين المهملة وسكون القاف يريد البيعة المعقودة للولاية

(6)

.

وعن سمرة عند الطبراني في الكبير

(7)

أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ليقم الأعراب خلف المهاجرين والأنصار ليقتدوا بهم في الصلاة"، وهو من رواية الحسن عن سمرة.

(1)

في كل طبعات "نيل الأوطار" التي وقفت عليها حرفت هذه الكلمة من (مُتُوحَها) إلى (متوجهًا) فلتتنبه.

وقوله: مُتُوحَها: مصدر غير جار على فعلِه، أو يكون كالشُّكور والكُفور.

(2)

في سننه (2/ 88 رقم 808).

(3)

في صحيحه رقم (1573).

قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (2181) والخطابي في غريب الحديث (2/ 318).

وعبد الرزاق في المصنف رقم (2460) والحاكم (1/ 214)، (3/ 303) من طرق عن قيس بن عباد به.

ولم يذكر عند عبد الرزاق والحاكم (3/ 303) قول أبيّ: هلك أهل العقدة

، واقتصر عليه الخطابي.

وأخرج قولَ أُبيٍّ هذا الطبراني في الأوسط (7/ 217 رقم 7315) من طريق عتيّ بن ضمرة عن أُبيّ.

(4)

النهاية لابن الأثير (4/ 291).

(5)

النهاية لابن الأثير (3/ 270).

(6)

غريب الحديث للخطابي (2/ 318).

(7)

في المعجم الكبير (ج 7 رقم 6887).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 94) وقال: "وفيه سعيد بن بشير وقد اختلف في الاحتجاج به" اهـ.

ص: 90

وعن البراء أشار إليه الترمذي

(1)

.

وعن ابن عباس عند الدارقطني

(2)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتقدّم في الصفّ الأوّل أعرابي ولا أعجمي ولا غلام لم يحتلم"، وفي إسناده ليث بن أبي سليم وهو ضعيف

(3)

.

قوله: (وسطوا الإمام) فيه مشروعية جعل الإِمام مقابلًا لوسط الصفّ، وهو أحد الاحتمالات التي يحتملها الحديث، وقد تقدمت.

قوله: (وسدّوا الخلل) قال المنذري: هو بفتح الخاء المعجمة واللام وهو ما بين الاثنين من الاتساع، وسيأتي ذكر ما هي الحكمة في ذلك في باب الحثّ على تسوية الصفوف

(4)

.

قوله: (فتختلف قلوبكم) لأن مخالفة الصفوف مخالفة الظواهر، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن.

قوله: (ليليني) قال النووي

(5)

: هو بكسر اللامين وتخفيف النون من غير ياء قبل النون، ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التوكيد، واللام في أوّله لام الأمر المكسورة: أي ليقرب مني.

قوله: (أولو الأحلام والنهى)[قال ابن سيد الناس: الأحلام والنهى]

(6)

بمعنى واحد، والنهى بضم النون جمع نهية بالضم أيضًا وهي العقول لأنها تنهى عن القبح.

قال أبو عليّ الفارسي

(7)

: يجوز أن يكون النهى مصدرًا كالهدى وأن يكون جمعًا كالظلم.

(1)

أشار إليه الترمذي في سننه (1/ 442).

(2)

في السنن (1/ 281 رقم 1) بسند ضعيف. وذلك لضعف: الليث بن أبي سليم [المجروحين (2/ 231 - 234) والميزان (3/ 420)].

(3)

تقدم في التعليقة السابقة.

(4)

الباب الخامس عند الحديث (18/ 1128 - 20/ 1130) من كتابنا هذا.

(5)

في شرحه لصحيح مسلم (4/ 154 - 155).

(6)

ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).

(7)

ذكره النووي في شرحه لصحيح مسلم (4/ 155).

ص: 91

وقيل: المراد بأولي الأحلام: البالغون، وبأولي النهى: العقلاء، فعلى الأوّل يكون العطف فيه من باب:

• فأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَيْنًا

(1)

وهو أن ينزل تغاير اللفظ منزلة تغاير المعنى وهو كثير في الكلام. وعلى الثاني يكون لكل لفظ معنى مستقلّ.

وقد روي عن عمر بن الخطاب

(2)

: أنه كان إذا رأى صبيًا في الصفّ أخرجه.

وعن زرّ بن حبيش وأبي وائل مثل ذلك

(3)

.

وإنما خصّ النبيّ صلى الله عليه وسلم هذا النوع بالتقديم لأنه الذي يتأتى منه التبليغ،

(1)

هذا عجز بيت لـ "عدي بن زيد" وصدره:

• وقَدَّمَتِ الأدِيْمَ لِراهِشَيْهِ •

ومطلع القصيدة:

ألَا يا أيها المُثْرِي المُرَجَّى

أَلَمْ تَسْمَعْ بِخَطْب الأَوَّلينَا

قال عبد القادر بن عمر البغدادي في شرح أبيات مغني اللبيب (6/ 97):

وَأَلْفَى قولهَا كَذِبًا وَمَيْنَا

على أن العطف المراد إنما يكون بالوَاو، فإنَّ المين هو الكذب، ومثله قول طرفة - ديوانه ص 37، وشرح القصائد السبع ص 202:

فَمَا لِي أَرَانِي وابنَ عَمِّي مَالِكًا

مَتَى أدْنُ مِنْهُ يَنْأَ عَنِّي وَيَبْعُدِ

قال الفراء في معاني القرآن (1/ 37) - "تفسيره عند قوله تبارك وتعالى: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ} [البقرة: 53]: "إن العرب لتجمع بين الحرفين بمعنى واحد إذا اختلف لفظهما، كقول عدي بن زيد:

وَقَدَّمَتِ الأَدِيْمَ لِرَاهِشَيْهِ

وَأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا وَميْنَا

وقولهم: بعدًا وسحقًا، والبعد والسحق واحد" اهـ.

والبيت مثال عند علماء المعاني للتطويل، وهو أن يكون اللفظ زائدًا على أصل المراد لا لفائدة، وهو من قصيدة لعدي بن زيد العبادي، خاطب بها النعمان ابن المنذر لمَّا كان في حبسه، وعظه بها، وحذره تقلّب الدهر به، وذكر فيها ما آل إليه أمر جذيمة الوضاح، وغدر الزبَّاء به، وأخذ فصير الثأر منها.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 413).

(3)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 413).

ص: 92

ويستخلف إذا احتيج إلى استخلافه، ويقوم بتنبيه الإِمام إذا احتيج إليه.

قوله: (وإياكم وهيشات الأسواق)

(1)

بفتح الهاء وإسكان الياء المثناة من تحت وبالشين المعجمة، أي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن التي فيها. والهوشة: الفتنة والاختلاط.

والمراد النهي عن أن يكون اجتماع الناس في الصلاة مثل اجتماعهم في الأسواق متدافعين متغايرين مختلفي القلوب والأفعال.

قوله: (يحبّ أن يليه المهاجرون والأنصار)، فيه

(2)

وفي حديث أبيّ بن كعب

(3)

، وسمرة

(4)

مشروعية تقدّم أهل العلم والفضل ليأخذوا عن الإِمام ويأخذ عنهم غيرهم؛ لأنهم أمسّ بضبط صفة الصلاة وحفظها ونقلها وتبليغها

(5)

.

[الباب الثالث] باب موقف الصبيان والنساء من الرجال

10/ 1120 - (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ عَنْ أبي مالكٍ الأشْعَرِيّ عَنْ

(1)

انظر "غريب الحديث للهروي (4/ 84) والنهاية لابن الأثير (5/ 282) والفائق للزمخشري (4/ 119 - 120).

(2)

أي في حديث أنس الصحيح المتقدم برقم (9/ 1119) من كتابنا هذا.

(3)

المتقدم الذي أخرجه أحمد (5/ 140) بسند صحيح؛ وغيره.

(4)

تقدّم تخريجه صفحة (90).

(5)

قال النووي في "المجموع"(4/ 185 - 186): "إذا حضر كثيرون من الرجال والصبيان يقدم الرجال، ثم الصبيان، هذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور.

وفيه وجه حكاه الشيخ أبو حامد والبندنيجي والقاضي أبو الطيب وصاحبا المستظهري والبيان وغيرهم أنه يستحب أن يقف بين كل رجلين صبي ليتعلموا منهم أفعال الصلاة والصحيح الأول

" اهـ.

وقال ابن قدامة في "المغني"(3/ 57 - 58): " السنة أن يتقدم في الصف الأول أولُوا الفضل والسِّن، ويَلي الإمام أكملُهم وأفضَلُهم.

قال أحمد: يلي الإمامَ الشيوخ وأهل القرآن، وتؤخرُ الصبيان والغلمان، ولا يلون الإمام. لما روى أبو مسعود الأنصاري قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "ليلني منكم أولُو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم - تقدم برقم (1117) من كتابنا هذا .. .. " اهـ.

ص: 93

رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ كانَ يُسَوِّي بَيْنَ الأرْبَعِ رَكَعاتٍ فِي القِرَاءَةِ وَالقيامِ، وَيجْعَلُ الرَّكْعَةَ الأُولى هيَ أطْوَلهُنَّ لكَى يَثُوبَ النَّاسُ، وَيجْعَلُ الرّجالَ قُدَّامَ الغلْمانِ، وَالغلْمانَ خَلْفَهُمْ، وَالنِّساءَ خَلْفَ الغلْمانِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ

(1)

.

ولِأَبي دَاوُدَ

(2)

مَنْهُ قال: ألا أُحَدّثُكُمْ بصَلاةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: فأقامَ الصَّلاةَ وَصَفَّ الرِّجالَ وَصَفَّ خَلْفَهُمُ الغلْمانَ، ثُمَّ صَلَّى بِهمْ. فَذَكَرَ صَلاتَهُ). [ضعيف]

11/ 1121 - (وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لطَعامٍ صَنَعَتْهُ، فأكَلَ ثُمَّ قَالَ: "قُوموا فَلأُصَلِّيَ لَكُمْ"، فَقُمْتُ إلى حَصِيرٍ لَنا قَدْ اسودّ مِن طول ما لَبسَ، فَنضَحْتُهُ بماءٍ، فَقامَ عَلَيْهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَقُمْتُ أنا وَاليَتيمُ وَرَاءَهُ وَقَامَتِ العَجُوز مِنْ وَرَائنا، فَصَلَّى لنا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا ابْنَ ماجَهْ)

(3)

. [صحيح]

12/ 1122 - (وَعَنْ أنَسٍ قال: صَلَّيْتُ أَنا وَاليَتِيمُ فِي بَيْتنا خَلْفَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وأمّي خَلْفَنا أمُّ سُلَيْم. رَوَاهُ البُخارِيُّ)

(4)

. [صحيح]

13/ 1123 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْر صُفوفِ الرِّجَالِ أوَّلُهَا، وَشرُّها آخرها؛ وَخَيْر صُفُوفِ النِّساءِ آخِرُها، وَشرُّها أوَّلُهَا". رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إلا البُخاريَّ)

(5)

. [صحيح]

(1)

في المسند (5/ 343).

(2)

في سننه رقم (677).

وفي سند أحمد وأبي داود شهر بن حوشب، فإنه وإن كان ثقة في نفسه فهو ضعيف لسوء حفظه وكثرة أوهامه. وهذا ملخص مما قاله الأئمة فيه؛ فإنهم اختلفوا فيه. وانظر: ضعيف أبي داود (9/ 234 - 237 رقم 105). وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(3)

أخرجه أحمد (3/ 131) والبخاري رقم (860) ومسلم رقم (266/ 658) وأبو داود رقم (612) والترمذي رقم (234) والنسائي رقم (801). وهو حديث صحيح.

(4)

في صحيحه رقم (727). وهو حديث صحيح.

(5)

أخرجه أحمد (2/ 247) ومسلم رقم (132/ 440) وأبو داود رقم (678) والترمذي رقم (224) والنسائي رقم (820) وابن ماجه رقم (1000). وهو حديث صحيح.

ص: 94

حديث أبي مالك سكت عنه أبو داود

(1)

والمنذري

(2)

.

وفي إسناده شهر بن حوشب وفيه مقال

(3)

.

قوله: (يسوّي بين الأربع ركعات في القراءة والقيام)، قد قدمنا في أبواب القراءة الكلام في ذلك مبسوطًا.

قوله: (لكي يثوب)، أي يرجع الناس إلى الصلاة ويقبلوا إليها.

قوله: (ويجعل الرجال قدام الغلمان، إلخ)، فيه تقديم صفوف الرجال على الغلمان، والغلمان على النساء، هذا إذا كان الغلمان اثنين فصاعدًا فإن كان صبيّ واحد دخل مع الرجال ولا ينفرد خلف الصفّ، قاله السبكي.

ويدلّ على ذلك حديث أنس

(4)

المذكور في الباب، فإن اليتيم لم يقف منفردًا بل صفّ مع أنس.

وقال أحمد بن حنبل

(5)

: يكره أن يقوم الصبيّ مع الناس في المسجد خلف الإِمام إلا من قد أحتلم وأنبت وبلغ خمس عشرة سنة.

وقد تقدّم عن عمر أنه كان إذا رأى صبيًا في الصفّ أخرجه

(6)

.

وكذلك عن أبي وائل وزر بن حبيش

(7)

.

وقيل عند اجتماع الرجال والصبيان يقف بين كل رجلين صبيّ ليتعلموا منهم الصلاة وأفعالها.

قوله: (أن جدّته مليكة) قال ابن عبد البر

(8)

: إن الضمير عائد إلى إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الراوي للحديث عن أنس، فهي جدة إسحاق لا جدة أنس،

(1)

في سننه رقم (1/ 437 - 438).

(2)

في المختصر (1/ 335).

(3)

تقدم آنفًا وخلاصة القول فيه: أنه ضعيف لسوء حفظه وكثرة أوهامه.

(4)

تقدم برقم (1121) و (1122) من كتابنا هذا.

(5)

المغني لابن قدامة (3/ 57 - 58).

(6)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 413).

(7)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 413).

(8)

في "التمهيد"(5/ 23).

ص: 95

وهي أمّ سليم بنت ملحان زوج أبي طلحة الأنصاري وهي أم أنس بن مالك.

وقال غيره: الضمير يعود على أنس بن مالك وهي جدته أم أمه واسمها مليكة بنت مالك.

ويؤيد ما قاله ابن عبد البرّ ما أخرجه النسائي

(1)

عن إسحاق المذكور أن أمّ سليم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيها.

ويؤيده أيضًا قوله في الرواية المذكورة في الباب

(2)

: "وأمي خلفنا أم سليم".

وقيل: إنها جدة إسحق أم أبيه، وجدة أنس أم أمه.

قال ابن رسلان: وعلى هذا فلا اختلاف.

قوله: (فلأصلي لكم) روي بكسر اللام وفتح الياء من أصلي على أنها لام كي

(3)

والفاء زائدة كما في زيد فمنطلق.

وروي بكسر اللام وحذف الياء للجزم.

لكن أكثر ما يجزم بلام الأمر الفعل المبني للفاعل إذا كان للغائب ظاهرًا نحو {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7].

أو ضميرًا نحو: "مره فليراجعها"

(4)

.

وأقلّ منه أن يكون مسندًا إلى ضمير المتكلم نحو {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: 12] ومثله ما في الحديث

(5)

، وأقل من ذلك ضمير المخاطب (5) كقراءة {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} بتاء الخطاب.

(1)

في سننه رقم (737) بسند صحيح.

(2)

رقم الحديث (1122) من كتابنا هذا.

(3)

انظر: "مغني اللبيب" لابن هشام (1/ 223).

(4)

وهو حديث صحيح.

أخرجه أحمد (2/ 26) والبخاري رقم (5252) ومسلم رقم (1/ 1471).

(5)

أي دخول اللام على فعل المتكلم قليلٌ، سواء أكان المتكلم مفردًا، نحو قوله صلى الله عليه وسلم:"قوموا فَلْأُصَلِّ لكم"، أو معه غيره كقوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} ، وأقلُّ منه دخولُها في فعل الفاعل المخاطب كقراءة جماعة {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} وفي الحديث:"لتأخذوا مصافكم".

مغني اللبيب (1/ 224).

ص: 96

واللام في قوله: "لكم" للتعليل، وليس المراد: ألَا أُصَلِّي لِتَعْلِيْمِكُم وتبليغكم ما أمرني به ربي؟ وليس فيه تشريك في العبادة، فيؤخذ منه جواز أن يكون مع نية صلاته مريدًا للتعليم فإنه عبادة أخرى.

ويدلّ على ذلك ما رواه البخاري

(1)

عن أبي قلابة قال: جاءنا مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا فقال: إني لأصلي لكم وما أريد الصلاة.

وبوّب له البخاري

(2)

: بابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ وَهْوَ لا يُرِيدُ إلَّا أنْ يعلِّمهم.

قوله: (فنضحته) بالضاد المفتوحة والحاء المهملة وهو الرشّ كما قال الجوهري

(3)

. وقيل: هو الغسل

(4)

.

قوله: (وقمت أنا واليتيم وراءه) هو ضميرة بن أبي ضميرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جدّ حسين بن عبد الله بن ضميرة.

وفيه أن الصبيّ يسدّ الجناح، وإليه ذهب الجمهور من أهل البيت

(5)

وغيرهم. وذهب أبو طالب والمؤيد بالله في أحد قوليه إلى أنه لا يسدّ إذ ليس بمصلّ حقيقة

(6)

.

وأجاب المهدي عن الحديث في البحر

(7)

بأنه يحتمل بلوغ اليتيم فاستصحب الاسم.

وفيه أن الظاهر من اليتم الصغر فلا يصار إلى خلافه إلا بدليل.

ويؤيد ما ذهب إليه الجمهور جذبه صلى الله عليه وسلم لابن عباس من جهة اليسار إلى جهة اليمين وصلاته معه وهو صبيّ.

وأما ما تقدم من جعله صلى الله عليه وسلم للغلمان صفًا بعد الرجال ففعل لا يدلّ على فساد خلافه.

(1)

في صحيحه رقم (677).

(2)

في صحيحه رقم الباب (45) - مع الفتح (2/ 163).

(3)

في الصحاح (1/ 411).

(4)

قاله ابن الأثير في "النهاية"(5/ 70).

(5)

انظر: "شفاء الأُوام" للقاضي حسين (1/ 352).

(6)

انظر: "البحر الزخار"(1/ 322).

(7)

البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (1/ 322 - 323).

ص: 97

قوله: (خير صفوف الرجال أوّلها) فيه التصريح بأفضلية الصفّ الأوّل للرجال وأنه خيرها لما فيه من إحراز الفضيلة، وقد ورد في الترغيب فيه أحاديث كثيرة سيأتي ذكر بعضها

(1)

.

قوله: (وشرّها آخرها) إنما كان شرّها لما فيه من ترك الفضيلة الحاصلة بالتقدّم إلى الصفّ الأوّل.

قوله: (وخير صفوف النساء آخرها) إنما كان خيرها لما في الوقوف فيه من البعد عن مخالطة الرجال، بخلاف الوقوف في الصفّ الأوّل من صفوفهنّ، فإنه مظنة المخالطة لهم وتعلق القلب بهم المتسبب عن رؤيتهم وسماع كلامهم، ولهذا كان شرّها.

(1)

(منها): حديث أبي سعيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " .... وإنَّ خَيْرَ الصفوفِ صفوفُ الرجالِ المقدَّمُ، وشرها المؤخرُ. وخيرُ صفوفِ النساء المؤخَّرُ وشرها المقدَّم. يا معشر النساء إذا سجدَ الرجالُ فاغضضنَ أبصاركنَّ لا تَرَيْنَ عوراتِ الرجالِ من ضيق الأزر"، وهو حديث صحيح.

أخرجه أحمد (3/ 3) وابن خزيمة رقم (177) وابن ماجه رقم (427) و (766) وأبو يعلى رقم (1355) وعبد بن حميد رقم (984) والدارمي (1/ 177 - 178) وابن حبان رقم (402) والحاكم (1/ 191 - 192) والبيهقي (2/ 16) من طرق مختصرًا ومطولًا.

(ومنها) حديث جابر بن عبد الله: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ صفوفِ الرِّجالِ المقدَّمُ، وشرُّها المؤخَّرُ، وشرُّ صفوفِ النساء المقدَّمُ، وخيرها المؤخَّرُ.

ثم قال: يا معشر النساء إذا سجَدَ الرجال فاغضضنَ أبصاركُنَّ، لا ترينَ عوراتِ الرجال من ضيق الأزُر. وهو حديث صحيح لغيره.

أخرجه أحمد (3/ 293) وأبو نعيم في الحلية (9/ 23).

(ومنها) حديث ابن عباس عند البزار (رقم 513 - كشف) والطبراني في المعجم الكبير رقم (11497) والأوسط رقم (2425) وقال الهيثمي في (المجمع 2/ 93) ورجاله موثقون.

(ومنها) حديث أنس عند البزار (رقم 514 كشف) وقال الهيثمي في (المجمع 2/ 93): ورجاله ثقات.

(ومنها) حديث أبي أمامة عند الطبراني في المعجم الكبير رقم (7692).

وقال الهيثمي في (المجمع 2/ 93): وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف.

(ومنها) حديث ابن عمر عند الطبراني في الأوسط رقم (493).

وقال الهيثمي في (المجمع 2/ 93) وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي ضعفه الجمهور.

ووثقه ابن معين في رواية وضعفه في أخرى.

ص: 98

وفيه أن صلاة النساء صفوفًا جائزة من غير فرق بين كونهنّ مع الرجال أو منفردات وحدهنّ.

[الباب الرابع] باب ما جاءَ في صلاة الرجل فذًّا ومن ركع أَو أَحرم دون الصف ثم دخله

14/ 1124 - (عَنْ عَلِيّ بْنِ شَيْبان أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصفّ فَوَقَفَ حتَّى انْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَقال لَهُ:"اسْتَقْبِلْ صَلاتَكَ، فَلا صَلاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصفّ". رَوَاهُ أحْمَدُ

(1)

وَابْنُ ماجَهْ)

(2)

. [صحيح]

15/ 1125 - (وَعَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رأى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصفّ وَحْدَهُ، فأمَرَهُ أنْ يُعِيدَ صَلاتَهُ. رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلا النَّسائي

(3)

.

وفِي رِوَايَةٍ قالَ: سُئِلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ رَجُلٍ صَلَّى خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَهُ، فَقالَ:"يُعِيدُ الصَّلاةَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)

(4)

[صحيح]

16/ 1126 - (وَعَنْ أبي بَكْرَةَ أنهُ انْتَهَى إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ

(1)

في المسند (4/ 23).

(2)

في سننه رقم (1003).

قلت: وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 394) والبيهقي (3/ 105) وابن خزيمة في صحيحه رقم (1569) وابن حبان (رقم 401 - موارد).

وقال أحمد بن حنبل: إنه حديث حسن.

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 339): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".

وصححه المحدث الألباني رحمه الله.

(3)

أحمد (4/ 228) وأبو داود رقم (682) والترمذي رقم (231) وابن ماجه رقم (1004).

(4)

في المسند (4/ 228).

قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (1201) وابن الجاود في المنتقى رقم (319) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 393) والبيهقي (3/ 104) وابن خزيمة رقم (1570) وابن حبان (رقم 203، 404 - موارد).

وصححه الألباني في إرواء الغليل رقم (541).

ص: 99

قَبْلَ أنْ يَصِلَ إلى الصَّفّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ للنبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقالَ:"زَادَكَ الله حِرْصًا وَلا تَعُدْ"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(1)

وَالبُخَارِي

(2)

وأبُو دَاوَدَ

(3)

وَالنَّسائيّ)

(4)

. [صحيح]

17/ 1127 - (وَعَنْ ابْنِ عَباسٍ قالَ: أَتَيْتُ النبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَصَلَّيْتُ خَلْفَهُ، فأخَذَ بِيَدِي فَجَرَّنِي حتى جَعَلَنِي حِذَاءَهُ. رَوَاهُ أحْمَدُ)

(5)

. [صحيح]

حديث عليّ بن شيبان روى الأثرم

(6)

عن أحمد أنه قال: هو حديث حسن.

قال ابن سيد الناس: رواته ثقات معروفون. وهو من رواية عبد الرحمن بن عليّ بن شيبان عن أبيه وعبد الرحمن قال فيه ابن حزم

(7)

: وما نعلم أحدًا عابه بأكثر من أنه لم يرو عنه إلا عبد الرحمن بن بدر وهذا ليس جرحة، انتهى.

وقد روى عنه أيضًا ابنه محمد وَوُعْلَةُ بن عبد الرحمن بن [وثاب]

(8)

، ووثقه ابن حبان

(9)

. وروى له أبو داود وابن ماجه.

(1)

في المسند (5/ 39).

(2)

في صحيحه رقم (783).

(3)

في سننه رقم (684).

(4)

في سننه رقم (871).

قلت: وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 395) والبيهقي (3/ 106).

(5)

في المسند (1/ 330) بسند صحيح.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 283) وقال: "رجاله رجال الصحيح".

(6)

ذكر ذلك ابن قدامة في "المغني"(3/ 50).

(7)

في "المحلى"(4/ 53).

قلت: وقد قال الحافظ ابن حجر في التقريب (1/ 492) عن عبد الرحمن بن علي هذا أنه (ثقة).

وقال الذهبي في "الكاشف"(2/ 178) عنه بأنه (وثِّق).

(8)

في المخطوط (أ) و (ب): (رئاب) وفي الثقات لابن حبان (7/ 565): (ثابت) وفي هامشه رقم التعليقة (12) حيث قال: كذا في الأصول. وفي التاريخ الكبير - للبخاري (5/ 323) رقم التعليقة (1) - (وثاب) قاله ابن أبي حاتم - في الجرح والتعديل (9/ 50 رقم الترجمة 215). وهو الذي أثبته والله أعلم.

(9)

في "الثقات"(7/ 565).

ص: 100

ويشهد لحديث عليّ بن شيبان ما أخرجه ابن حبان

(1)

عن طلق مرفوعًا: "لا صلاة لمنفرد خلف الصفّ".

وحديث وابصة بن معبد أخرجه أيضًا الدارقطني

(2)

وابن حبان

(3)

وحسنه الترمذي

(4)

.

وقال ابن عبد البرّ

(5)

: إنه مضطرب الإسناد ولا يثبته جماعة من أهل الحديث.

وقال ابن سيد الناس: ليس الاضطراب الذي وقع فيه مما يضرّه، وبين ذلك في شرح الترمذي له وأطال وأطاب.

وحديث أبي بكرة أخرجه أيضًا ابن حبان

(6)

.

وحديث ابن عباس هو أحد الروايات التي وردت في صفة دخوله مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل في الليلة التي بات فيها عند خالته ميمونة، والذي في الصحيحين

(7)

وغيرهما: أنه قام عن يساره فجعله عن يمينه.

وقد اختلف السلف في صلاة المأموم خلف الصفّ وحده، فقالت طائفة: لا يجوز ولا يصحّ.

وممن قال بذلك النخعي

(8)

، والحسن بن صالح

(9)

، وأحمد

(10)

،

(1)

في صحيحه رقم (2202) من حديث علي بن شيبان. بسند صحيح.

(2)

في السنن (1/ 363 رقم 5).

(3)

في صحيحه رقم (2200).

(4)

في السنن (1/ 451).

(5)

في التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (5/ 27).

(6)

في صحيحه رقم (2195).

(7)

البخاري رقم (6316) ومسلم رقم (181/ 763).

(8)

أخرجه له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 193) من طريق عمرو بن مروان عنه قال: يعيد.

وعبد الرزاق في المصنف (2/ 59 رقم 2483) من طريق أبي معشر عنه قال يؤخر رجلًا، فإن لم يفعل لم تجز صلاته.

(9)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 183).

(10)

المغني (3/ 49 - 50).

ص: 101

وإسحاق

(1)

، وحماد، وابن أبي ليلى، ووكيع.

وأجاز ذلك الحسن البصري

(2)

، والأوزاعي

(3)

، ومالك

(4)

، والشافعي

(5)

وأصحاب الرأي

(6)

.

وفرق آخرون في ذلك فرأوا على الرجل الإِعادة دون المرأة.

وتمسك القائلون بعدم الصحة بحديث عليّ بن شيبان

(7)

ووابصة بن معبد

(8)

المذكورين.

وتمسك القائلون بالصحة بحديث أبي بكرة

(9)

قالوا: لأنه أتى ببعض الصلاة خلف الصفّ ولم يأمره النبيّ صلى الله عليه وسلم بالإِعادة، فيحمل الأمر بالإِعادة على جهة الندب مبالغة في المحافظة على الأولى.

ومن جملة ما تمسكوا به حديث ابن عباس

(10)

وجابر

(11)

، إذ جاء كل واحد منهما فوقف عن يسار رسول الله مؤتمًا به وحده، فأدار كل واحد منهما حتى جعله عن يمينه.

قالوا: فقد صار كل واحد منهما خلف رسول الله في تلك الإِدارة وهو تمسك غير مفيد للمطلوب؛ لأن المدار من اليسار إلى اليمن لا يسمى مصليًا خلف الصفّ وإنما هو مصلّ عن اليمين.

(1)

حكاه عنه ابن قدامة في المغني (3/ 49) وابن حجر في "الفتح"(2/ 268).

(2)

أخرج له ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 193) من طريق أشعث وعمرو عن الحسن، قال: يجزيه.

(3)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 183).

(4)

المدونة (1/ 105 - 106).

(5)

في الأم (2/ 345).

(6)

الأوسط لابن المنذر (4/ 183) والمجموع (4/ 189 - 190) والمغني (3/ 49 - 50).

(7)

تقدم برقم (14/ 1124) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.

(8)

تقدم برقم (15/ 1125) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.

(9)

تقدم برقم (16/ 1126) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.

(10)

تقدم برقم (17/ 1127) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.

(11)

تقدم برقم (1111) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.

ص: 102

ومن متمسكاتهم ما روي عن الشافعي

(1)

: أنه كان يضعف حديث وابصة ويقول: لو ثبت لقلت به.

ويجاب عنه بأن البيهقي وهو من أصحابه قد أجاب عنه فقال: الخبر المذكور ثابت.

قيل: الأولى الجمع بين أحاديث الباب بحمل عدم الأمر بالإِعادة على من فعل ذلك لعذر مع خشية الفوت لو انضمّ إلى الصفّ.

وأحاديث الإِعادة على من فعل ذلك لغير عذر.

وقيل: من لم يعلم ما في ابتداء الركوع على تلك الحال من النهي فلا إعادة عليه كما في حديث أبي بكرة

(2)

لأن النهي عن ذلك لم يكن تقدم، ومن علم بالنهي وفعل بعض الصلاة أو كلها خلف الصفّ لزمته الإِعادة.

قال ابن سيد الناس: ولا يعدّ حكم الشروع في الركوع خلف الصف حكم الصلاة كلها خلفه، فهذا أحمد بن حنبل

(3)

يرى أن صلاة المنفرد خلف الصفّ باطلة، ويرى أن الركوع دون الصفّ جائز.

قال: وقد اختلف السلف في الركوع دون الصفّ؛ فرخص فيه زيد بن ثابت

(4)

، وفعل ذلك ابن مسعود وزيد بن وهب

(5)

. وروي عن سعيد بن جبير

(6)

،

(1)

حكاه البيهقي في "المعرفة"(4/ 184 رقم 5829). وتمام عبارته: "ثم وهذه في الجديد بما حكينا".

(2)

تقدم برقم (1126) من كتابنا هذا.

(3)

المغني (3/ 76 - 77).

(4)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 186 ث 1998) عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال: دخل زيد بن ثابت المسجد فوجد الناس ركوعًا فركع ثم دب حتى وصل إلى الصف.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 256) عن ابن عيينة عن الزهري. والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 90).

(5)

حكاه ابن المنذر عنهما في الأوسط (4/ 185 - 186).

(6)

أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 256) من طريق وفاء، وعبيد الله بن أبي يزيد عنه.

وكذا عند عبد الرزاق في المصنف (2/ 284 رقم 3385).

ص: 103

وأبي سلمة بن عبد الرحمن

(1)

، وعروة

(2)

، وابن جريج

(3)

، ومعمر

(4)

، أنهم فعلوا ذلك.

وقال الزهري

(5)

: إن كان قريبًا من الصفّ فعل، وإن كان بعيدًا لم يفعل وبه قال الأوزاعي، انتهى.

قال الحافظ في التلخيص

(6)

: اختلف في معنى قوله: "ولا تعُدْ".

فقيل: نهاه عن العود إلى الإِحرام خارج الصفّ، وأنكر هذا ابن حبان

(7)

وقال: أراد لا تعُدْ في إبطاءِ المجيء إلى الصلاة.

وقال ابن القطان الفاسي

(8)

تبعًا للمهلب بن أبي صفرة: معناه لا تعد إلى دخولك في الصفّ وأنت راكع فإنها كمشية البهائم.

ويؤيده رواية حماد بن سلمة في مصنفه

(9)

عن الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة: "أنه دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وقد ركع، فركع ثم دخل الصفّ وهو راكع، فلما انصرف النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أيكم دخل في الصف وهو راكع؟ فقال له أبو بكرة: أنا، فقال: زادك الله حرصًا ولا تعد"

(10)

.

(1)

أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 256) من طريق يزيد بن أبي حبيب أنه رأى أبا سلمة دخل المسجد والقوم ركوع، فركع ثم دب راكعًا.

(2)

حكاه ابن المنذر في الأوسط (4/ 186) عن (عروة بن الزبير).

(3)

قال عبد الرزاق في المصنف (2/ 284 رقم 3386): رأيت معمرًا، وابن جريج، وإسماعيل بن زياد دخلوا والإمام راكع، فركعوا ومشوا راكعين حتى وصلوا الصف.

(4)

انظر التعليقة السابقة.

(5)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 187).

(6)

في التلخيص (1/ 515).

(7)

في صحيحه (5/ 570 - 571).

(8)

ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 515).

(9)

مصنف حماد بن سلمة بن دينار البصري (ت: 167 هـ) ذكره له الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(18/ 203) وهو في الحديث والفقه كما في فهرسة ابن خير (134) ولعله المتقدم برقم (377).

[معجم المصنفات الواردة في فتح الباري (ص 387 رقم 1242)].

(10)

أخرجه أحمد (5/ 39، 45) والبخاري رقم (783) وأبو داود رقم (684) وابن حبان =

ص: 104

وقال غيره: بل معناه: لا تعد إلى إتيان الصلاة مسرعًا.

واحتجّ بما رواه ابن السكن في صحيحه

(1)

بلفظ: "أقيمت الصلاة فانطلقت أسعى حتى دخلت في الصفّ، فلما قضى الصلاة قال: من الساعي آنفًا؟ قال أبو بكرة: فقلت: أنا، فقال: زادك الله حرصًا ولا تعد"

(2)

.

قال: في التلخيص

(3)

أيضًا: إنه روى الطبراني في الأوسط

(4)

من حديث ابن الزبير ما يعارض هذا الحديث، فأخرج من حديث ابن وهب عن ابن جريج عن عطاء سمع ابن الزبير على المنبر يقول: "إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوع فليركع حين يدخل ثم يدبّ راكعًا حتى يدخل في الصفّ، [فإن ذلك السنة]

(5)

".

قال عطاء: وقد رأيته يصنع ذلك، قال: وتفرّد به ابن وهب ولم يروه عنه غير حرملة، ولا يروى عن ابن الزبير إلا بهذا الإِسناد، انتهى.

وقد اختلف فيمن لم يجد فرجة ولا سعة في الصفّ ما الذي يفعل؟ فحكي عن نصه في البويطي

(6)

: أنه يقف منفردًا ولا يجذب إلى نفسه أحدًا؛ لأنه لو جذب إلى نفسه واحدًا لفوّت عليه فضيلة الصفّ الأوّل، ولأوقع الخلل في

= في صحيحه رقم (2195) وابن الجارود رقم (318) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 395) والبغوي في شرح السنة رقم (822) و (823) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 106) من طرق عن زياد الأعلم، به. وهو حديث صحيح.

(1)

صحيح ابن السكن: سعيد بن عثمان بن سعيد (ت: 353 هـ).

بقيت ورقتان من حديثه مخطوطة في مكتبة أحمد الثالث. تحت رقم (7/ 624). وأفاد المباركفوري في "مقدمة تحفة الأحوذي"(1/ 325): أن منه نسخة كاملة بخط السيوطي، موجودة في الخزانة الجرمنية.

وانظر: "تاريخ التراث العربي"(1/ 417).

[معجم المصنفات ص 267 - 268 رقم 797)].

(2)

ذكره في "التلخيص"(1/ 515).

(3)

(1/ 516).

(4)

رقم (7016).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 96) وقال: رجاله رجال الصحيح.

(5)

في المخطوط (ب): (فإن ذلك هو السنة).

(6)

المجموع شرح المهذب (4/ 189).

ص: 105

الصفّ، وبهذا قال أبو الطيب الطبري وحكاه عن مالك

(1)

.

وقال أكثر أصحاب الشافعي

(2)

وبه قالت الهادوية

(3)

: إنه يجذب إلى نفسه واحدًا.

ويستحبّ للمجذوب أن يساعده.

ولا فرق بين الداخل في أثناء الصلاة والحاضر في ابتدائها في ذلك.

وقد روي عن عطاء

(4)

وإبراهيم النخعي

(5)

أن الداخل إلى الصلاة والصفوف قد استوت واتصلت يجوز له أن يجذب إلى نفسه واحدًا ليقوم معه.

واستقبح ذلك أحمد وإسحاق

(6)

، وكرهه الأوزاعي

(7)

ومالك

(8)

.

وقال بعضهم: جذب الرجل في الصفّ ظلم.

واستدلّ القائلون بالجواز بما رواه الطبراني في الأوسط

(9)

والبيهقي

(10)

من حديث وابصة: "أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل صلى خلف الصفّ: أيها المصلي هلّا دخلت في الصفّ أو جررت رجلًا من الصفّ؟ أعد صلاتك".

وفيه السريّ بن إسماعيل وهو متروك

(11)

.

(1)

المدونة (1/ 105).

(2)

المجموع (4/ 189).

(3)

البحر الزخار (1/ 321 - 322).

(4)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 222) من طريق عبد الملك عنه قال: إن استطاع الرجل أن يدخل في الصف دخل، وإلا أخذ بيد رجل فأقامه معه ولم يقم وحده.

(5)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 222) من طريق عمرو بن ميمون عنه قال: مُرْ رجلًا فأقمه معك، فإن صليت وحدك فأعد.

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 59 رقم 2483) من طريق أبي معشر عنه.

(6)

حكاه عنهما ابن المنذر في الأوسط (4/ 185).

(7)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 185).

(8)

المدونة (1/ 105 - 106).

(9)

في الأوسط رقم (8416). وأورده الهيثمي في المجمع (2/ 96) وعزاه لأبي يعلى.

(10)

في السنن الكبرى (3/ 105) وقال البيهقي: تفرد به السري بن إسماعيل وهو ضعيف.

وهو حديث ضعيف.

(11)

السري بن إسماعيل الهمداني، قال البخاري: قال يحيى القطان: استبان له كذبه في =

ص: 106

وله طريق أخرى في تاريخ أصبهان لأبي نعيم

(1)

، وفيها قيس بن الربيع وفيه ضعف

(2)

.

ولأبي داود في المراسيل

(3)

من رواية مقاتل بن حيَّان مرفوعًا: "إن جاءَ رجل فلم يجد أحدًا فلْيختلِج إليه رجلًا من الصفّ فليقُم معه فما أعظمَ أجرَ المخْتَلَج".

وأخرج الطبراني

(4)

عن ابن عباس بإسناد قال الحافظ

(5)

: واه، بلفظ:"إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الآتي وقد تمت الصفوف أن يجتذب إليه رجلًا يقيمه إلى جنبه".

[الباب الخامس] باب الحث على تسوية الصفوف ورصها وسدّ خللها

18/ 1128 - (عَنْ أنَسٍ أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فإنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصّلاةِ"

(6)

. [صحيح]

= مجلس عن الشعبي. قال أحمد: ترك الناس حديثه. وروى عباس عن يحيى: ليس بشيء.

التاريخ الكبير (4/ 176) والمجروحين (1/ 355) والجرح والتعديل (4/ 282) والميزان (2/ 117) والتقريب (1/ 285) والمغني (1/ 252) والخلاصة ص 133.

(1)

في ترجمة يحيى بن عبد ربه البغدادي (2/ 364).

(2)

قيس بن الربيع أبو محمد الكوفي الأسدي: عن أبي حصين. أحد أوعية العلم. صدوق في نفسه، سيء في حفظه. قال البخاري: قال علي: كان وكيع يضعفه. وقال أبو حاتم: محله الصدق، وليس بالقوي. وقال الدارقطني ضعيف. مات سنة (167 هـ).

التاريخ الكبير (7/ 156) والمجروحين (2/ 216) والجرح والتعديل (7/ 96) والميزان (3/ 393) والتقريب (2/ 128) والخلاصة ص 317.

(3)

في المراسيل رقم (83) بسند حسن.

وقوله: فليختلج: من الخلج: وهو الجذب والنزع. [النهاية (2/ 59)]

(4)

في الأوسط رقم (7764) وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 96) وقال: "لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد وفيه بشر بن إبراهيم وهو ضعيف جدًّا".

(5)

في التلخيص (2/ 79).

(6)

أحمد (3/ 177) والبخاري رقم (723) ومسلم رقم (124/ 433) قلت: وأخرجه =

ص: 107

19/ 1129 - (وَعَنْ أَنَسٍ قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُقْبِلُ عَلَيْنا بِوَجْهِهِ قَبْلَ أنْ يُكبِّرَ فَيَقُولُ: "تَراصُّوا وَاعْتَدِلُوا"

(1)

. مُتَّفقٌ عَلَيْهمَا). [صحيح]

20/ 1130 - (وَعَنِ النُّعْمانِ بْنِ بَشيرٍ قالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُسَوّي صُفُوفَنَا كأنمَا يُسَوّي بِهِ القدَاحَ حتى رأى أَنَّا قَدْ عَقَلنا عَنْهُ، ثُمَّ خَرَجَ يوْمًا فَقامَ حتَّى كادَ أنْ يكبِّرَ فَرَأى رَجُلًا بادِيًا صَدْرُهُ مِنَ الصَّفَ، فَقالَ:"عِبادَ الله لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أوْ لَيُخالِفَنَّ الله بَيْنَ وُجُوهِكُمْ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيَّ

(2)

؛ فإنَّ لَهُ

(3)

مِنْهُ: "لَتُسوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أوْ لَيخالِفَنَّ الله بَيْنَ وُجُوهِكُمْ". [صحيح]

ولِأَحْمَدَ

(4)

وأبي دَاوُدَ

(5)

فِي رِوَايَةٍ قالَ: فَرأيْتُ الرجُلَ يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ، وَرُكْبَتَهُ بِرُكْبَتِهِ، وَمِنْكَبَهُ بِمِنْكَبِهِ). [صحيح]

وفي الباب غير ما ذكره المصنف عند أحمد

(6)

وأبي داود

(7)

والنسائي

(8)

[عن البراء بن عازب]

(9)

قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصفّ من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم" الحديث.

وعن أبي هريرة عند مسلم

(10)

.

= أبو يعلى رقم (2997) وابن خزيمة رقم (1543) والطيالسي رقم (1982) وأبو عوانة (2/ 38) و (2/ 38 - 39)، وأبو داود رقم (668) وابن ماجه رقم (993) وابن حبان رقم (2171) و (2174) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 99 - 100) من طرق.

(1)

أحمد (3/ 125) والبخاري رقم (719) ومسلم رقم (434).

(2)

أحمد (4/ 276) ومسلم رقم (128/ 436) والترمذي رقم (227) والنسائي (2/ 89) وأبو داود رقم (663) وابن ماجه رقم (994).

(3)

أي للبخاري في صحيحه رقم (717).

(4)

في المسند (4/ 276).

(5)

في سننه رقم (662).

وهو حديث صحيح.

(6)

في المسند (4/ 297).

(7)

في سننه رقم (664).

(8)

في سننه رقم (811).

وهو حديث صحيح.

(9)

زيادة من المخطوط (أ).

(10)

في صحيحه رقم (126/ 435).

ص: 108

وعن جابر بن عبد الله عند عبد الرزاق

(1)

. وعن ابن عمر عند أحمد

(2)

وأبي داود

(3)

.

قوله: (سوّوا صفوفكم) فيه أن تسوية الصفوف واجبة.

قوله: (فإن تسوية الصفّ من تمام الصلاة)، في لفظ البخاري (4):"من إقامة الصلاة"، والمراد بالصفّ: الجنس. وفي رواية

(4)

: "فإن تسوية الصفوف".

وقد استدلّ ابن حزم

(5)

بذلك على وجوب التسوية، قال: لأن إقامة الصلاة واجبة، وكل شيء من الواجب واجب، ونازَعَ من ادّعى الإِجماع على عدمِ الوجوب.

وروي عن عمر

(6)

وبلال

(7)

ما يدلُّ على الوجوب عندهما لأنهما كانا يضربان الأقدام على ذلك.

(1)

في المصنف رقم (2425).

(2)

في المسند (2/ 98).

(3)

في سننه رقم (666).

عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أقيموا الصفوفَ، فإنّما تَصُفُّونَ بصفوفِ الملائكة، وحاذوا بين المناكب، وسدُّوا الخلَلَ، ولينُوا في أيدي إخوانِكُم، ولا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ للشياطين، ومن وصل صفًا وصلَهُ الله تبارك وتعالى، ومن قطعَ صفًا قطعه الله تبارك وتعالى".

قلت: وأخرجه النسائي في السنن (2/ 93) وابن خزيمة رقم (1549) والحاكم (1/ 213) من طريقين عن ابن وهب، به.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

قلت: كثير بن مرة، وهو أبو شجرة، ويقال: أبو القاسم الحضرمي الحمصي، فقد روى له أصحاب السنن، والبخاري في "القراءة خلف الإمام" وهو ثقة.

والخلاصة: أن حديث ابن عمر صحيح، والله أعلم.

(4)

في صحيحه رقم (723).

(5)

في "المحلى"(4/ 55) ولفظه: "قال علي: تسوية الصف إذا كان من إقامة الصلاة فهو فرض؛ لأن إقامة الصلاة فرض، وما كان من الفرض فهو فرض" اهـ.

(6)

قال الحافظ في "الفتح"(2/ 210): "صح عن عمر أنه ضرب قدم أبي عثمان النهدي لإقامة الصف".

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف رقم (3530) عن أبي عثمان النهدي قال: كنت فيمن يقيم عمر قدامه لإقامة الصف" وهو أثر صحيح.

(7)

قال الحافظ في "الفتح"(2/ 210): "صح عن سويد بن غفلة قال: كان بلال يسوي مناكبنا ويضرب أقدامنا في الصلاة". =

ص: 109

قال في الفتح

(1)

: ولا يخفى ما فيه لا سيما وقد بينَّا أن الرواة لم يتفقوا على هذه العبارة، يعني أنه رواها بعضهم بلفظ:"من تمام الصلاة"

(2)

كما تقدم.

واستدلّ ابن بطال

(3)

بما في البخاري من حديث أبي هريرة بلفظ: "فإن إقامة الصفّ من حسن الصلاة" على أن التسوية سنة.

قال: لأنَّ حسن الشيء زيادة على تمامه. وأورد عليه رواية: "من تمام الصلاة"(2).

وأجاب ابن دقيق العيد

(4)

فقال: قد يؤخذ من قوله: "تمام الصلاة" الاستحباب؛ لأن تمام الشيء في العرف أمر خارج عن حقيقته التي لا يتحقق إلا بها، وإن كان يطلق بحسب الوضع على ما لا تتمّ الحقيقة إلا به.

وَرُدَّ بأن لفظ الشارع لا يُحمل إلا على ما دلّ عليه الوضع في اللسان العربي، وإنما يُحْمل على العرف إذا ثبت أنه عرف الشارع لا العرف الحادث.

قوله: (تراصُّوا)

(5)

بتشديد الصاد المهملة: أي تلاصقوا بغير خلل.

وفيه جواز الكلام بين الإِقامة والدخول في الصلاة.

قوله: (لَتُسوُّنَّ) بضم التاء المثناة من فوق وفتح السين وضمّ الواو وتشديد النون.

قال البيضاوي

(6)

: هذه اللام التي يتلقى بها القسم، والقسم هنا مقدّر ولهذا أكده بالنون المشددة

(7)

.

قوله: (أو ليخالفنَّ الله بين وجوهكم) أي إن لم تسوّوا، والمراد بتسوية

= وأخرج أثر بلال بن أبي شيبة في المصنف رقم (3534) وهو أثر صحيح.

(1)

(2/ 209).

(2)

رقم الحديث (1128) من كتابنا هذا.

(3)

في شرحه لصحيح البخاري (2/ 347).

(4)

في إحكام الأحكام (1/ 195).

(5)

النهاية (2/ 227). والقاموس المحيط (ص 800).

(6)

انظر هذا الكلام وتمامه في شرح صحيح البخاري للكرماني (5/ 93).

(7)

فتح الباري (2/ 207).

ص: 110

الصفوف: اعتدال القائمين بها على سمت واحد، ويراد بها أيضًا سدّ الخلل الذي في الصف.

واختلف في الوعيد المذكور فقيل: هو على حقيقته، والمراد تشويه الوجه بتحويل خلقه عن موضعه بجعله موضع القفا أو نحو ذلك، فهو نظير ما تقدّم فيمن رفع رأسه قبل الإِمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار

(1)

.

وفيه من اللطائف وقوع الوعيد من جنس الجناية وهي المخالفة.

قال في الفتح

(2)

: وعلى هذا فهو واجب والتفريط فيه حرام، ويؤيد الوجوب حديث أبي أمامة بلفظ:"لتسونّ الصفوف أو لتطمسنّ الوجوه"، أخرجه أحمد

(3)

وفي إسناده ضعف.

ومنهم من حمل الوعيد المذكور على المجاز.

قال النووي

(4)

: معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب كما تقول: تغير وجه فلان أي ظهر لي من وجهه كراهة؛ لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن.

ويؤيده رواية أبي داود

(5)

بلفظ: "أو ليخالفنّ الله بين قلوبكم".

وقال القرطبي

(6)

: معناه تفترقون فيأخذ كل واحد وجهًا غير الذي يأخذه

(1)

الحديث تقدم برقم (1052) من كتابنا هذا.

(2)

(1/ 207).

(3)

في المسند (5/ 258) بسند ضعيف.

فيه عُبيد الله بن زَحْر الأفريقي صدوق يخطئ، التقريب (4290).

وعلي بن يزيد الألهاني ضعيف، التقريب (4817).

وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (رقم: 7859).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 90) وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد وهما ضعيفان.

ويغني عنه حديث ابن مسعود عند مسلم رقم (123/ 432) وأبو داود رقم (675) والترمذي رقم (228) وأحمد (1/ 457).

وحديث أبي مسعود عند مسلم رقم (122/ 432) وأحمد (4/ 122).

(4)

في شرحه لصحيح مسلم (4/ 157).

(5)

في سننه رقم (663) وهو حديث صحيح.

(6)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 207).

ص: 111

صاحبه؛ لأن تقدم الشخص على غيره مظنة للتكبر المفسد للقلب الداعي إلى القطيعة.

والحاصل أن المراد بالوجه إن حمل على العضو المخصوص، فالمخالفة إما بحسب الصورة الإِنسانية أو الصفة أو جعل القدام وراء، وإن حمل على ذات الشخص فالمخالفة بحسب المقاصد، أشار إلى ذلك الكرماني

(1)

.

ويحتمل أن يراد المخالفة في الجزاء، فيجازي المسوّي بخير، ومن لا يسوّي بشرّ.

قوله: (كأنما يسوّي بها القداح)

(2)

هي جمع قدح بكسر القاف وإسكان الدال المهملة: وهو السهم قبل أن يراش ويركب فيه النصل.

قوله: (يلزق)

(3)

بضمّ أوّله يتعدى بالهمزة والتضعيف، يقال: ألزقته ولزَّقته.

قوله: (منكبه) المنكب

(4)

مجتمع العضد والكتف.

21/ 1131 - (وَعَنْ أبي أُمامَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، وَحاذُوا بَيْنَ مَناكبِكُمْ، وَلِينُوا فِي أيْدِي إخْوانِكُمْ، وَسُدُّوا الخلَلَ، فإنَّ الشَّيْطانَ يَدْخُلُ فيما بَيْنَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الحَذَفِ" - يَعْني أوْلادَ الضَّأن الصّغارِ - رَوَاهُ أَحْمَدُ)

(5)

. [صحيح لغيره]

الحديث قال المنذري في الترغيب والترهيب

(6)

: رواه أحمد بإسناد لا بأس به، والطبراني

(7)

.

(1)

في شرحه لصحيح البخاري (5/ 93).

(2)

قال ابن الأثير في "النهاية"(4/ 20) "القداح: جمع قدح وهو السَّهم الذي كانوا يستقسمون به، أو الذي يُرمى به عن القوس.

يقال للسَّهم أوّل ما يُقطع: قِطعٌ، ثم يُنْحتُ ويُبرى فيسمَّى بريّا، ثم يقوَّم فيسمَّى قِدْحًا، ثم يُرَاش ويُرَكب نصْلُه فيسمى سهمًا.

(3)

القاموس المحيط ص 1190.

(4)

القاموس المحيط ص 179.

(5)

في المسند (5/ 262) بسند ضعيف. لضعف فرج بن فضالة.

(6)

(1/ 384 رقم 687).

(7)

في المعجم الكبير رقم (7727) وفي مسند الشاميين رقم (587) بسند ضعيف لضعف فرج بن فضالة. التقريب رقم الترجمة (5383). وخلاصة القول: أن الحديث صحيح لغيره والله أعلم.

ص: 112

وأخرج نحوه أبو داود

(1)

والنسائي

(2)

من حديث ابن عمر.

وأخرجا

(3)

نحوه أيضًا من حديث أنس.

قوله: (وحاذوا بين مناكبكم) بالحاء المهملة والذال المعجمة: أي اجعلوا بعضها حذاء بعض بحيث يكون منكب كل واحد من المصلين موازيًا لمنكب الآخر ومسامتًا له، فتكون المناكب والأعناق على سمت واحد.

قوله: (ولينوا في أيدي إخوانكم)، لفظ أبي داود (1) عن ابن عمر:"ولينوا بأيدي إخوانكم"، أي إذا جاء المصلي ووضع يده على منكب المصلي فليلن له بمنكبه، وكذا إذا أمره من يسوّي الصفوف بالإِشارة بيده أن يستوي في الصفّ أو وضع يده على منكبه فليستو، وكذا إذا أراد أن يدخل في الصفّ فليوسع له.

قال في المفاتيح شرح المصابيح

(4)

: وهذا أولى وأليق من قول الخطابي

(5)

: إن معنى لين المنكب: السكون والخشوع.

قوله: (وسدّوا الخلل) هو بفتحتين: الفرجة بين الصفين كما تقدم.

قوله: (الحذف) قال النووي: بحاء مهملة وذال معجمة مفتوحتين ثم فاء، واحدتها حذفة مثل قصب وقصبة، وهي غنم سود صغار تكون باليمن والحجاز

(6)

.

(1)

في سننه رقم (666).

(2)

في سننه رقم (819). وهو حديث صحيح وقد تقدم.

(3)

أبو داود رقم (667) والنسائي رقم (815) وهو حديث صحيح وقد تقدم.

(4)

(3/ 177).

(5)

في معالم السنن (1/ 435 - مع السنن).

(6)

"كأنها الحذف" بفتح الحاء المهملة والذال المعجمة، وهو الغنم السود الصغار من غنم الحجاز.

وقيل: صغار جرد ليس لها آذان ولا أذناب، يجاء بها من اليمن أي: كأن الشيطان، وأنث باعتبار الخبر، وقيل: إنما أنث لأن اللام في الخبر للجنس، فيكون في المعنى جمعًا. وفي نسخة كأنه. وفي شرح الطيبي قال المظهر: الضمير في كأنها راجع إلى مقدار أي: جعل نفسه شاة أو ماعز كأنها الحذف. وقيل: ويجوز التذكير باعتبار الشيطان، ويجوز تأنيثه باعتبار الحذف لوقوعه بينهما فلا حاجة إلى مقدر. [مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3/ 175)].

ص: 113

22/ 1132 - (وَعَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قالَ: خَرَجَ عَلَيْنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقالَ: "ألَا تَصُفُّونَ كمَا تَصُفُّ المَلائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ "، فَقُلْنا: يَا رَسُولَ الله كَيْفَ تَصُفُّ المَلائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قالَ: "يُتِمُّونَ الصّفّ الأوَّلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصفّ". رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ)

(1)

. [صحيح]

23/ 1133 - (وَعَنْ أنَسٍ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَتِمُّوا الصَّفَّ الأوَّلَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فإنْ كان [نَقْصٌ]

(2)

فَلْيَكُنْ فِي الصَّفّ المُوَخَّرِ". رَوَاهُ أحْمَدُ

(3)

وأَبُو دَاودَ

(4)

وَالنَّسَائيُّ

(5)

[وَابْنُ مَاجَهْ])

(6)

(7)

. [صحيح]

24/ 1134 - (وَعَنْ عَائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِن الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى الَّذِين يُصَلّونَ على مَيامِنِ الصُّفُوفِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ

(8)

وَابْنُ ماجَهْ)

(9)

. [ضعيف]

25/ 1135 - (وَعَنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ: أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رأى فِي

(1)

أحمد في المسند (5/ 106) ومسلم رقم (119/ 430) وأبو داود رقم (661) والنسائي رقم (816) وابن ماجه رقم (992).

قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1544) وأبو عوانة (2/ 85) وابن حبان رقم (2154) و (2162) وأبو يعلى رقم (7474) و (7481) و (7482) والبيهقي (3/ 101) والبغوي رقم (809) وعبد الرزاق في المصنف رقم (2432) وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 353).

وهو حديث صحيح.

(2)

في المخطوط (ب): (نقصًا).

(3)

في المسند (3/ 132).

(4)

في سننه رقم (671).

(5)

في سننه رقم (818).

(6)

لم يخرجه ابن ماجه.

(7)

زيادة من المخطوط (أ).

قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (3163) وابن حبان رقم (2155) وابن خزيمة رقم (1546) والبيهقي (3/ 102) والبغوي في شرح السنة رقم (820) والضياء في المختارة رقم (2376)، (2377)، (2378)، (2380). وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(8)

في سننه رقم (676).

(9)

في سننه رقم (1005). قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1550) وابن حبان في صحيحه رقم (2163) والحاكم (1/ 214) والبيهقي (1/ 101).

وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

ص: 114

أصْحابِهِ تأخُّرًا فَقالَ لَهُمْ: "تَقَدَّمُوا فائْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتمَّ بِكُمْ مَنْ وَرَاءَكُمْ، لا يَزَالُ قَوْم يَتَأخَّرُونَ حتَّى يُؤَخِّرَهُمُ الله عز وجل". رَوَاهُ مُسْلِمٌ

(1)

وَالنَّسائيُّ

(2)

وأبُو دَاوُدَ

(3)

وَابْنُ ماجَهْ)

(4)

. [صحيح]

حديث أنس هو عند أبي داود

(5)

من طريق محمد بن سليمان الأنباري وهو صدوق، وبقية جاله رجال الصحيح.

وحديث عائشة رجاله رجال الصحيح على ما في معاوية بن هشام من المقال

(6)

.

قوله: (ألا تصفون) بفتح التاء المثناة من فوق وضمّ الصاد وبضم أوله مبني للمفعول والمراد الصفّ في الصلاة.

قوله: (كما تصفّ الملالكة) فيه الاقتداء بأفعال الملائكة في صلاتهم وتعبداتهم.

قوله: (عند ربها) كذا لفظ ابن حبان

(7)

، ولفظ أبي داود

(8)

والنسائي

(9)

: "عند ربهم".

قوله: (فقلنا)، لفظ أبي داود

(10)

وابن حبان

(11)

: "قلنا"، ولفظ النسائي

(12)

: "قالوا".

قوله: (يتمون الصفّ الأوّل)، لفظ أبي داود

(13)

: "يتمون الصفوف المتقدمة"، وفيه فضيلة إتمام الصفّ الأوّل.

(1)

في صحيحه رقم (130/ 438).

(2)

في سننه رقم (795).

(3)

في سننه رقم (680).

(4)

في سننه رقم (978).

وهو حدث صحيح، والله أعلم.

(5)

في سننه رقم (671) وقد تقدم.

(6)

معاوية بن هشام القصار أبو الحسن الكوفي، مولى بني أسدٍ، ويقال له معاوية بن أبي العباس: صدوق له أوهام من صغار التاسعة. مات سنة (204 هـ). التقريب رقم الترجمة (6771).

(7)

في صحيحه رقم (2162) وقد تقدم.

(8)

في سننه رقم (661) وقد تقدم.

(9)

في سننه رقم (816) وقد تقدم.

(10)

في سننه رقم (661) وقد تقدم.

(11)

في سننه رقم (2162) وقد تقدم.

(12)

في سننه رقم (816) وقد تقدم.

(13)

في سننه رقم (661) وقد تقدم.

ص: 115

قوله: (ويتراصون) تقدم تفسيره.

قوله: (أتموا الصفّ الأول) فيه مشروعية إتمام الصفّ الأوّل.

وقد اختلف في الصفّ الأوّل في المسجد الذي فيه منبر، هل هو الخارج بين يدي المنبر، أو الذي هو أقرب إلى القبلة؟

فقال الغزالي في الإِحياء

(1)

: إن الصّف الأوّل هو المتصل الذي في فناء المنبر وما عن طرفيه مقطوع.

قال: وكان سفيان يقول: الصفّ الأولّ هو الخارج بين يدي المنبر.

قال: ولا يبعد أن يقال: الأقرب إلى القبلة هو الأوّل.

وقال النووي في شرح مسلم

(2)

: الصفّ الأوّل الممدوح الذي وردت الأحاديث بفضله هو الصفّ الذي يلي الإِمام سواء جاء صاحبه مقدّمًا أو مؤخرًا، سواء تخلله مقصورة أو نحوها، هذا هو الصحيح الذي جزم به المحققون.

[وقالت]

(3)

طائفة من العلماء

(4)

: الصفّ الأوّل هو المتصل من طرف المسجد إلى طرفه لا تقطعه مقصورة ونحوها، فإن تخلل الذي يلي الإِمام فليس بأوّل بل الأوّل ما لم يتخلله شيء.

قال: وهذا هو الذي ذكره الغزالي.

وقيل: الصفّ الأوّل عبارة عن مجيء الإِنسان إلى المسجد أوّلًا وإن صلى في صفّ آخر. قيل لبشر بن الحارث: نراك تبكر وتصلي في آخر الصفوف، فقال: إنما يراد قرب القلوب لا قرب الأجساد، والأحاديث تردّ هذا

(5)

.

(1)

(1/ 173).

(2)

(4/ 160).

(3)

في المخطوط (أ): (قال).

(4)

ذكر ذلك النووي في شرحه لصحيح مسلم (4/ 160).

(5)

"قال العلماء في الحض على الصف الأول:

- المسارعة إلى خلاص الذمة.

- والسبق لدخول المسجد.

- والقرب من الإمام.

- واستماع قراءته والتعلم منه. =

ص: 116

قوله: (إن الله وملائكته يصلون، إلخ)، لفظ أبي داود

(1)

: "إن الله وملائكته

يصلون على ميامن الصفوف".

وفيه استحباب الكون في يمين الصفّ الأوّل وما بعده من الصفوف.

قوله: (وليأتمّ بكم من وراءكم) أي ليقتد بكم من خلفكم من الصفوف.

وقد تمسك به الشعبي على قوله: إن كل صف منهم إمام لمن وراءه، وعامة أهل العلم يخالفونه.

قوله: (لا يزال قوم يتأخرون)، زاد أبو داود

(2)

: "عن الصفّ الأوّل".

قوله: (حتى يؤخرهم الله) أي يؤخرهم الله عن رحمته وعظيم فضله، أو عن رتبة العلماء المأخوذ عنهم، أو عن رتبة السابقين.

وقيل: إن هذا في المنافقين، والظاهر أنه عامّ لهم ولغيرهم.

وفيه الحثّ على الكون في الصفّ الأولّ والتنفير عن التأخر عنه.

وقد ورد في فضيلة الصلاة في الصفّ الأوّل أحاديث غير ما ذكره المصنف.

(منها) عن أبي هريرة عند مسلم

(3)

والترمذي

(4)

وأبي داود

(5)

والنسائي

(6)

وابن ماجه

(7)

بلفظ: "خير صفوف الرجال أوّلها" الحديث. وقد تقدم

(8)

.

= - والفتح عليه.

- والتبليغ عنه.

- والسلامة من اختراق المارة بين يديه.

- وسلامة البال من رؤية من يكون قدامه.

- وسلامة موضع سجوده من أذيال المصلين" اهـ.

"الفتح" لابن حجر (2/ 208).

(1)

في سننه رقم (676) وقد تقدم.

(2)

لم توجد هذه الزيادة في سنن أبي داود رقم (680).

(3)

في صحيحه رقم (132/ 440).

(4)

في سننه رقم (224).

(5)

في سننه رقم (678).

(6)

في سننه رقم (820).

(7)

في سننه رقم (1000).

(8)

برقم (1123) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.

ص: 117

وله حديث آخر متفق عليه

(1)

: "لو أن الناس يعلمون ما في النداء والصفّ الأوّل". وقد تقدم

(2)

أيضًا.

وعن جابر عند ابن أبي شيبة

(3)

بنحو حديث أبي هريرة الأوّل.

وعن العرباض بن سارية عند النسائي

(4)

وابن ماجه

(5)

وأحمد

(6)

: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستغفر للصفّ المقدّم ثلاثًا، وللثاني مرّة".

وعن عبد الرحمن بن عوف عند ابن ماجه

(7)

بنحو حديث عائشة.

وعن النعمان بن بشير بنحوه عند أحمد

(8)

.

وعن البراء بن عازب عند أحمد

(9)

وأبى داود

(10)

والنسائى

(11)

من حديث فيه نحو حديث عائشة أيضًا.

[الباب السادس] باب هل يأْخُذ القوم مصافهم قبل الإِمام أَم لا؟

26/ 1136 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الصَّلاةَ كانَتْ تُقَامُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَيَأخُذُ النَّاسُ مَصَافَّهُم قَبْلَ أنْ يأخُذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُقامَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ

(12)

وأَبُو دَاوُدَ)

(13)

. [صحيح]

(1)

أحمد (2/ 278) والبخاري رقم (615) ومسلم رقم (129/ 437).

(2)

برقم (465) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.

(3)

في المصنف (1/ 379).

(4)

في سننه رقم (817).

(5)

في سننه رقم (996).

(6)

في المسند (4/ 126). وهو حديث صحيح.

(7)

في السنن رقم (999). وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 336): "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات".

(8)

في المسند (4/ 269) وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 91): وقال: رجاله ثقات.

(9)

في المسند (4/ 284 - 285).

(10)

في السنن رقم (664).

(11)

في السنن رقم (811) وهو حديث صحيح.

(12)

في صحيحه رقم (159/ 605).

(13)

في سننه رقم (541).

وهو حديث صحيح.

ص: 118

27/ 1137 - (وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ قِيامًا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ إلَيْنا، فَلَمَّا قامَ فِي مُصَلَّاهُ ذَكَرَ أنهُ جُنُبٌ، وَقَالَ لَنَا:"مَكانَكُمْ"، فَمَكَثْنا على هَيْئَتِنا - يَعْنِي قِيامًا -، ثُمَّ رَجَعَ فاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنا ورأسُهُ يَقْطُرُ، فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنا مَعَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

(1)

. [صحيح]

ولِأَحْمَدَ

(2)

وَالنسائي

(3)

: حتى إِذَا قامَ فِي مُصَلَّاهُ وانْتَظَرْنا أنْ يُكَبِّرَ انْصَرَفَ. وَذَكَرَ نَحْوَهُ). [صحيح]

28/ 1138 - (وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا تَقُومُوا حتَّى تَرَوْني قَدْ خَرَجْتُ". رَوَاهُ الجَماعَةُ إلا ابْنَ ماجَهْ (4)؛ ولَمْ يَذْكُرِ الْبُخارِيُّ فِيهِ: "قَدْ خَرَجْتُ"). [صحيح]

قوله: (إن الصلاة كانت تقام) المراد بالإِقامة ذكر الألفاظ المشهورة المشعرة بالشروع في الصلاة.

قوله: (فيأخذ الناس مصافهم) يعني مكانهم من الصفّ.

قوله: (قبل أن يأخذ النبيّ صلى الله عليه وسلم) فيه اعتدال الصفوف قبل وصول الإِمام إلى مكانه.

قوله: (قبل أن يخرج) فيه جواز قيام المؤتمين وتعديل الصفوف قبل خروج الإِمام، وهو معارض لحديث أبي قتادة

(4)

.

(1)

أحمد (2/ 237) والبخاري رقم (275) ومسلم رقم (157/ 605).

قلت: وأخرجه أبو داود رقم (235).

(2)

في المسند (2/ 238 - 239).

(3)

في سننه رقم (809).

وهو حديث صحيح.

(4)

أحمد (5/ 304) والبخاري رقم (637) ومسلم رقم (156/ 604) وأبو داود رقم (539) والترمذي رقم (592) والنسائي رقم (687).

قلت: وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه رقم (1526) وابن حبان في صحيحه رقم (2222) وأبو عوانة رقم (1336) والطحاوي في مشكل الآثار رقم (4199) والدولابي في الكنى (1/ 49) والعقيلي في الضعفاء (1/ 198 - 199) وأبو نعيم في الحلية (8/ 391) والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 277 - 278) من طرق. وهو حديث صحيح.

ص: 119

ويجمع بينهما بأن ذلك ربما وقع لبيان الجواز، أو بأن صنيعهم في حديث أبي هريرة كان سببًا للنهي عن ذلك في حديث أبي قتادة، وأنهم كانوا يقومون ساعة تُقام الصلاة ولو لم يخرج النبيّ صلى الله عليه وسلم، فنهاهم عن ذلك لاحتمال أن يقع له شغل يبطئ فيه عن الخروج فيشّق عليهم انتظاره.

قوله: (ذكر أنه جنب) قد تقدم الكلام على هذا في باب حكم الإِمام إذا ذكر أنه محدث

(1)

.

قوله: (مكانكم) قد تقدم أنه منصوب بفعل مقدّر.

قوله: (على هيئتنا)

(2)

بفتح الهاء بعدها ياء تحتانية ساكنة ثم همزة مفتوحة ثم مثناة فوقانية.

والمراد بذلك أنهم امتثلوا أمره في قوله: "مكانكم" فاستمرّوا على الهيئة: أي الكيفية التي تركهم عليها وهي قيامهم في صفوفهم المعتدلة.

وفي رواية للكشميهني

(3)

"على هِينتنا"

(4)

بكسر الهاء وبعد الياء نون مفتوحة، والهينة: الرفق.

قوله: (يقطر) في رواية للبخاري

(5)

: "ينطف"، وهي بمعنى الأولى.

قوله: (وانتظرنا أن يكبر) فيه أنه ذكر قبل أن يدخل في الصلاة، وقد تقدم الاختلاف في ذلك

(6)

.

قوله: (إذا أقيمت الصلاة) أي ذكرت ألفاظ الإِقامة كما تقدم.

(1)

الباب الحادي عشر عند الحديث رقم (30/ 1106) من كتابنا هذا.

(2)

النهاية (5/ 285).

(3)

ذكره الحافظ في "فتح الباري"(2/ 122). وقد صحفت في "الفتح" إلى "هيئتنا".

(4)

النهاية (5/ 290).

(5)

في صحيحه رقم (639).

(6)

انظر: "مشكل الآثار للطحاوي"(2/ 87 - 91) رقم الباب (89).

باب بيان مُشكل ما رُوي عنه عليه السلام في صفوف الناس وراءَهُ للصلاة، وفي قيامه منهم مقامَ المُصَلِّي بهم، وذكرِه بعد ذلك أنه كان جُنبًا وإشارتهِ إليهم: أي كما أنتم، حتى أتاهم قد اغتسل ورأسُه يقطُرُ ماء، هل كانَ ذلك منه بعد أن كبَّرَ للصلاة أو قبلَ تَكبيرة كان لها؟.

ص: 120

قوله: (حتى تروني قد خرجت) فيه أن قيام المؤتمين إلى الصلاة يكون عند رؤية الإِمام.

وقد اختلف في ذلك

(1)

؛ فذهب الأكثرون إلى أنهم يقومون إذا كان الإِمام معهم في المسجد عند فراغ الإِقامة.

وعن أنس أنه كان يقوم إذا قال المؤذّن: قد قامت الصلاة. رواه ابن المنذر

(2)

وغيره.

وعن سعيد بن المسيب

(3)

: إذا قال المؤذّن: الله أكبر، وجب القيام. فإذا قال: قد قامت الصلاة، كبر الإِمام.

وقال مالك في الموطأ

(4)

: لم أسمع في قيام الناس حين تقام الصلاة بحدّ محدود، إلا أني أرى ذلك على طاقة الناس فإن فيهم الثقيل والخفيف.

وأما إذا لم يكن الإِمام في المسجد؛ فذهب الجمهور إلى أنهم يقومون حين يرونه

(5)

، وخالف البعض في ذلك وحديث الباب حجة عليه.

وفي حديث الباب جواز الإِقامة والإِمام في منزله إذا كان يسمعها، وتقدّم

(1)

قال ابن قدامة في "المغني"(2/ 123): "ويستحبُّ أن يقوم إلى الصلاة عند قول المؤذن؟ قد قامت الصلاة.

وبهذا قال مالك. قال ابن المنذر: على هذا أهل الحرمين. وقال الشافعي يقوم إذا فرغ المؤذن من الإقامة.

وكان عمر بن عبد العزيز، ومحمد بن كعب، وسالم، وأبو قلابة، والزهري، وعطاء، يقومون في أول بدوةٍ من الإقامة.

وقال أبو حنيفة: يقوم إذا قال: حيَّ على الصلاة، فإذا قال: قد قامتِ الصلاة. كبّر.

وكان أصحاب عبد الله يكبرون إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة. وبه قال سويد بن غفلة، والنخعي

" اهـ.

(2)

في الأوسط (4/ 166 ث 1958): عن أبي يعلى، قال: رأيت أنس بن مالك إذا قيل: قد قامت الصلاة وثب فقام.

(3)

المجموع: (3/ 232 - 234).

(4)

في الموطأ (1/ 71) والمدونة (1/ 62).

(5)

قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 168): "وقال أبو بكر: إذا كان الإمام معهم في المسجد قاموا إذا قام، وإن كانوا ينتظرون خروجه ومجيئه قاموا إذا رأوه ولا يقوموا حتى يروه لحديث أبي قتادة" اهـ.

ص: 121

إذنه في ذلك وهو معارض لحديث جابر بن سمرة

(1)

؛ "أن بلالًا كان لا يقيم حتى يخرج النبيّ صلى الله عليه وسلم ".

ويجمع بينهما بأن بلالًا كان يراقب خروج النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلأوّل ما يراه يشرع في الإِقامة قبل أن يراه غالب الناس، ثم إذا رأوه قاموا، فلا يقوم في مقامه حتى تعتدل صفوفهم.

ويشهد له ما رواه عبد الرزاق

(2)

عن ابن جريج عن ابن شهاب: "أن الناس كانوا ساعة يقول المؤذّن: الله أكبر، يقومون إلى الصلاة فلا يأتي النبيّ صلى الله عليه وسلم مقامه حتى تعتدل الصفوف"، وقد تقدم مثل هذا في باب الأذان في أوّل الوقت.

[الباب السابع] باب كراهة الصف بين السواري للمأْموم

29/ 1139 - (عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْن مَحْمُودٍ، قالَ: صَلَّيْنا خَلْفَ أميرٍ مِنَ الأُمَرَاءِ فاضْطَرَّنا النَّاسُ فَصَلَّيْنَا بَيْن السَّارِيَتَيْنِ؛ فَلَمَّا صَلَّيْنَا قالَ أنَسُ بْنُ مالِكٍ: كُنَّا نَتَّقي هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ)

(3)

. [صحيح]

(1)

وهو حديث صحيح.

أخرجه مسلم رقم (160/ 606) وأبو داود رقم (537) والترمذي رقم (202).

(2)

في المصنف رقم (1942).

(3)

أخرجه أحمد (3/ 131) وأبو داود رقم (673) والترمذي رقم (229) والنسائي رقم (821).

قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 210، 218) وابن خزيمة رقم (1568) وابن حبان رقم (2215) وعبد الرزاق في المصنف (رقم (2489) وابن أبي شيبة (2/ 369) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 104).

قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وصححه ابن خزيمة والحاكم وابن حبان وكذا ابن حجر في "فتح الباري"(1/ 578) وقد ضعّف أبو محمد عبد الحق في "الأحكام الوسطى"(1/ 354) بعبد الحميد بن محمود.

وقال: ليس عبد الحميد ممن يحتج بحديثه".

وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 338 - 339) رادًّا عليه: "ولا أدري من أنبأه بهذا، ولم أر أحدًا ممن صنف الضعفاء ذكره فيهم، ونهايةُ ما يوجد فيه مما يُوهِم =

ص: 122

30/ 1140 - (وَعَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبيهِ قالَ: كُنَّا نُنْهَى أنْ نَصُفَّ بَيْنَ السَّوارِي عَلى عَهْدِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَنُطْرَدُ عَنْهَا طَرْدًا. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ

(1)

. [صحيح لغيره]

وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ الكَعْبَةَ صَلَّى بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ)

(2)

[صحيح]

حديث أنس حسَّنه الترمذي

(3)

. وعبد الحميد المذكور قال أبو حاتم

(4)

: هو شيخ.

= ضعفًا، قولُ أبي حاتم الرازي - وقد سئل عنه: هو شيخ - كما في الجرح والتعديل (6/ 18) - وهذا ليس تضعيفًا، وإنما هو إخبار بأنه ليس من أعلام أهل العلم، وإنما هو شيخ وقعت له روايات أخذت عنه.

وقد ذكره أبو عبد الرحمن النسائي، فقال: ثقة، على شُخهِ بهذه اللفظة - كما في تهذيب التهذيب (2/ 479).

والرجل بصري، يروي عن ابن عباس، وأنس، روى عنه يحيى بن هانئ - وهو أحد الثقات - وعمرو بن هرم، وابنه حمزة بن محمود فاعلمه" اهـ. وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.

(1)

في سننه رقم (1002).

قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (1073) والبزار في مسنده كما في نصب الراية (2/ 326) وابن خزيمة رقم (1567) وابن حبان رقم (2216) والطبراني في المعجم الكبير (ج 19 رقم 39) والحاكم (1/ 218) والبيهقي (3/ 104) والدّولابي في "الكنى"(2/ 113) كلهم من طريق هارون بن مسلم، حدثنا قتادة عن معاوية بن قرة، عن أبيه.

وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وكذا ابن خزيمة وابن حبّان.

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 338): قال أبو حاتم: هارون مجهول" اهـ.

قلت: وعبارته في "الجرح والتعديل"(9/ 94): "شيخ مجهول" وقد وثقه ابن حبان في "ثقاته"(7/ 581)، وروى عنه جماعة هم: يحيى بن حماد، وسَلْم بن قتيبة، وأبو داود الطيالسي، وعمر بن سنان الصُّغدي وصحح له الحاكم وابن حبان وابن خزيمة، ومع ذلك قال الحافظ في "التقريب" رقم الترجمة (7239):"مستور". وانظر: نصب الراية (2/ 326).

وله شاهد من حديث أنس وهو المتقدم برقم (29/ 1139) من كتابنا هذا.

وخلاصة القول: أن حديث قرة حديث صحيح لغيره، والله أعلم.

(2)

تقدم تخريج الحديث برقم (619) من كتابنا هذا.

(3)

في السنن (1/ 444).

(4)

في الجرح والتعديل (6/ 18) وقد تقدم.

ص: 123

وقال الدارقطني

(1)

: كوفي ثقة يحتجّ به.

وقد ضعف أبو محمد عبد الحق

(2)

هذا الحديث بعبد الحميد بن محمود المذكور، وقال: ليس ممن يحتجّ بحديثه.

قال أبو الحسن بن القطان

(3)

رادًّا عليه: ولا أدري من أنبأه بهذا، ولم أر أحدًا ممن صنف [في]

(4)

الضعفاء ذكره فيهم، ونهاية ما يوجد فيه مما يوهم ضعفًا قول أبي حاتم الرازي وقد سئل عنه: هو شيخ، وهذا ليس بتضعيف، وإنما هو إخبار بأنه ليس من أعلام أهل العلم، وإنما هو شيخ وقعت له روايات أخذت عنه.

وقد ذكره أبو عبد الرحمن النسائي (1) فقال فيه: ثقة، على شحه بهذه اللفظة" اهـ.

وأما حديث معاوية بن قرة عن أبيه ففي إسناده هارون بن مسلم البصري وهو مجهول كما قال أبو حاتم

(5)

.

ويشهد له ما أخرجه الحاكم

(6)

وصححه من حديث أنس بلفظ: "كنا ننهى عن الصلاة بين السواري ونطرد عنها، وقال: لا تصلوا بين الأساطين وأتموا الصفوف".

وأما صلاته صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة بين الساريتين فهو في الصحيحين

(7)

من حديث ابن عمر وقد تقدم

(8)

.

والحديثان المذكوران في الباب يدلان على كراهة الصلاة بين السواري.

(1)

ذكره الحافظ في "تهذيب التهذيب"(2/ 479).

(2)

في "الأحكام الوسطى"(1/ 354).

(3)

في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 338 - 339).

(4)

زيادة من المخطوط (ب).

(5)

في الجرح والتعديل (9/ 94).

(6)

في المستدرك (1/ 218) وقال: كلا الإسنادين صحيحان ولم يخرجا في هذا الباب شيئًا ووافقه الذهبي.

(7)

البخاري رقم (397) ومسلم رقم (388/ 1329).

(8)

برقم (618) من كتابنا هذا.

ص: 124

وظاهر حديث معاوية بن قرة عن أبيه وحديث أنس الذي ذكره الحاكم أن ذلك محرّم.

والعلة في الكراهة ما قاله أبو بكر بن العربي

(1)

من أن ذلك إما لانقطاع الصفّ، أو لأنه موضع جمع النعال.

قال ابن سيد الناس: والأوّل أشبه لأن الثاني محدث.

قال القرطبي

(2)

: روي أن سبب كراهة ذلك أنه مصلى الجنّ المؤمنين.

وقد ذهب إلى كراهة الصلاة بين السواري بعض أهل العلم. قال الترمذي

(3)

: وقد كره قوم من أهل العلم أن يصفّ بين السواري، وبه قال أحمد

(4)

وإسحاق.

وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك انتهى.

وبالكراهة قال النخعي

(5)

. وروى سعيد بن منصور في سننه النهي عن ذلك عن ابن مسعود

(6)

وابن عباس

(7)

وحذيفة

(8)

.

(1)

في عارضة الأحوذي (2/ 27 - 28).

(2)

في المفهم (2/ 108).

(3)

في السنن (1/ 444).

(4)

المغني لابن قدامة (2/ 220) ط: مصر: "لا يكره للإمام أن يقف بين السواري، ويكره للمأمومين؛ لأنها تقطع صفوفهم، وكرهه ابن مسعود والنخعي، وروي عن حذيفة وابن عباس. ورخص فيه ابن سيرين ومالك وأصحاب الرأي وابن المنذر؛ لأنه لا دليل على المنع. ولنا ما روي عن معاوية بن قرة عن أبيه .. ولأنها تقطع الصف، فإن كان الصف قدر ما بين الساريتين لم يكره لأنه لا ينقطع بها" اهـ.

(5)

أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 370) من طريق حسن بن صالح، وإبراهيم بن مهاجر عنه.

(6)

قال ابن مسعود: "لا تصطفوا بين السواري، ولا تأتموا بقوم يمترون ويلغون".

أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (3487)، (3488) وابن أبي شيبة (2/ 387) والطبراني في المعجم الكبير رقم (9293)، (9294)، (9295). وابن القاسم في المدونة (1/ 106) والبيهقي (3/ 104) كلهم من طريق أبي إسحاق، عن معدي كرب عنه.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 95) وقال: إسناده حسن.

(7)

قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 182): وروي ذلك عن ابن عباس.

(8)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 387) عن حذيفة أنه كره الصلاة بين الأساطين.

ص: 125

قال ابن سيد الناس: ولا يُعْرَفُ لهم مُخالف في الصحابة.

ورخص فيه أبو حنيفة

(1)

ومالك

(2)

والشافعي

(3)

وابن المنذر

(4)

قياسًا على الإِمام والمنفرد.

قالوا: وقد ثبت أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة بين ساريتين

(5)

.

قال ابن رسلان: وأجازه الحسن

(6)

وابن سيرين

(7)

.

وكان سعيد بن جبير

(8)

، وإبراهيم التيمي

(9)

، وسويد بن غفلة

(10)

، يؤمون قومهم بين الأساطين وهو قول الكوفيين.

قال ابن العربي

(11)

: ولا خلاف في جوازه عند الضيق، وأما عند السعة

(1)

نصب الراية (2/ 326).

(2)

في المدونة (1/ 105 - 106).

(3)

انظر: شرح السنة للبغوي (2/ 332 - 333).

(4)

في الأوسط (4/ 181).

(5)

لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يُضاد قوله في النهي من فعله. إنما ورد من فعله ما يُوضح نهيه، وهو أن النهي خاص بالصف والجماعة، أما المصلي وحده سواءٌ كان منفردًا أم إمامًا فجائز له ذلك.

(6)

• أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 370) من طريق ابن عُلَيَّة، عن يونس عن الحسن:"أنه كان لا يرى بأسًا بالصف بين السواري". بسند ضعيف.

• وأخرج عبد الرزاق في المصنف رقم (2490) من طريق أخرى عن هشام بن حسان عن الحسن: "أنه كره الصف بين السواري" بسند منقطع.

قلت: وما ورد عن الحسن فقولان مختلفان، وكلاهما ضعيف.

(7)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 370) عن محمد بن سيرين قال: "لا أعلم بالصلاة بين السواري بأسًا" بسند صحيح.

قلت: أما قول ابن سيرين فقيده بالعلم بقوله: "لا أعلم

"، والذي يعلم حجة على الذي لا يعلم، فالنهي صحيح صريح والله أعلم.

(8)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 370) عن وقاءٍ قال: كان سعيد بن جبير يؤمنا بين ساريتين". بسند ضعيف.

(9)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 370) عن يزيد بن أبي زياد، قال: رأيت إبراهيم التيمي يؤمُّ قومه بين أسطوانتين" بسند ضعيف.

(10)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 370) عن إبراهيم بن عبد الأعلى، قال: كان سُوَيد بن غَفلة يؤمنا بين أسطوانتين". بسند صحيح.

(11)

في عارضة الأحوذي (2/ 28).

ص: 126

فهو مكروه للجماعة، فأما الواحد فلا بأس به، وقد صلى صلى الله عليه وسلم في الكعبة بين سواريها، انتهى.

وفيه أن حديث أنس

(1)

المذكور في الباب إنما ورد في حال الضيق لقوله "فاضطرّنا الناس"، ويمكن أن يقال: إن الضرورة المشار إليها في الحديث لم تبلغ قدر الضرورة التي يرتفع الحرج معها.

وحديث

(2)

قرة ليس فيه إلا ذكر النهي عن الصفّ بين السواري، ولم يقل: كنا ننهى عن الصلاة بين السواري. ففيه دليل على التفرقة بين الجماعة والمنفرد.

ولكن حديث أنس الذي ذكره الحاكم

(3)

فيه النهي عن مطلق الصلاة، فيحمل المطلق على المقيد.

ويدلّ على ذلك صلاته صلى الله عليه وسلم بين الساريتين فيكون النهي على هذا مختصًا بصلاة المؤتمين بين السواري دون صلاة الإِمام والمنفرد، وهذا أحسن ما يقال، وما تقدم من قياس المؤتمين على الإِمام والمنفرد فاسد الاعتبار لمصادمته لأحاديث الباب

(4)

.

[الباب الثامن] باب وقوف الإِمام أعلى من المأموم وبالعكس

31/ 1141 - (عَنْ هَمَّامٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ أَمَّ النَّاسَ بالمَدائِنِ على دُكَّانٍ، فأخَذَ [أبو]

(5)

مَسْعُودٍ بِقَمِيصِهِ فَجَبَذَهُ؛ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ قالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّهُمْ كانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ؟ قالَ: بَلَى قَدْ ذَكَرْتُ حِينَ مَدَدْتَنِي. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)

(6)

. [صحيح]

(1)

تقدم برقم (1139) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.

(2)

تقدم برقم (1140) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح لغيره.

(3)

في المستدرك (1/ 218) وصححه الحاكم وقد تقدم.

(4)

وما ذهب إليه الشوكاني رحمه الله هو الراجح في هذه المسألة، والله أعلم.

(5)

في المخطوط (ب): (أبي) وهو خطأ.

(6)

في سننه رقم (597).

قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 210) وعنه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 108) وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. =

ص: 127

32/ 1142 - (وَعَنْ [أبي]

(1)

مَسْعُودٍ قالَ: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يَقومَ الإِمامُ فَوْقَ شَيْءٍ وَالنّاس خَلْفَهُ، يَعْنِي أسْفَلَ مِنْهُ. رَوَاهُ الدّارَقُطْنِيّ)

(2)

.

33/ 1143 - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ على المِنْبَرِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ وُضِعَ، فَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَيْهِ، ثُمّ رَكَعَ ثُمَّ نَزَلَ القَهْقَرَى، فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، ثُمَّ عادَ حتَّى فَرَغَ؛ فَلَمَّا انْصَرَفَ قالَ:"أيُّهَا النَّاسُ إنَّما فَعَلْتُ هَذا لتَأتَمُّوا بي، وَيتَعَلَّمُوا صَلاتي"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

(3)

. [صحيح]

وَمَنْ ذَهَبَ إلى الكَرَاهَةِ حَمَل هَذا على العُلوّ اليَسِيرِ وَرَخَّصَ فِيهِ).

34/ 1144 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ المَسْجِدِ لِصلاةِ الإِمَامِ)

(4)

[موقوف، سنده ضعيف جدًّا. وجاء من طريق آخر بسند حسن].

= وصححه ابن خزيمة رقم (1523) وابن حبان رقم (373 - موارد) وهو حديث صحيح.

(1)

في المخطوط (أ): (ابن) وهو خطأ والصواب ما أثبتناه من سنن الدارقطني. والمخطوط (ب).

(2)

في سننه (2/ 88 رقم 1) وقال الدارقطني: لم يروه غيرهما فيما نعلم وأورده الحافظ في "التلخيص"(2/ 91) وسكت عنه.

(3)

أحمد (5/ 339) والبخاري رقم (917) ومسلم رقم (44/ 544).

قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1080) والنسائي (2/ 57) وابن ماجه رقم (1416).

وهو حديث صحيح.

(4)

أخرجه الشافعي في المسند (رقم 318 - ترتيب) وأخرجه البيهقي (3/ 111) من طريق الشافعي به، وفيه زيادة في آخره: بصلاة الإمام في المسجد. وهو موقوف، سنده ضعيف جدًّا.

وأخرج البيهقي (3/ 111) أيضًا من طريق أخرى عن القعنبي، عن ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، قال: كنت أصلي أنا وأبو هريرة فوق ظهر المسجد، نصلي بصلاة الإمام للمكتوبة. بسند حسن.

وصالح مولى التوأمة؛ هو صالح بن نبهان. والتوأمة هي ابنة أمية بن خلف.

قال الحافظ في التقريب رقم (2892): صدوق اختلط. قال ابن عدي: لا بأس برواية القدماء عنه كابن أبي ذئب وابن جُريج ..

وقال المحرران: هو صدوق حسن الحديث بالنسبة لمن روى عنه قبل اختلاطه.

• قال الحافظ في "الفتح"(1/ 486): وهذا الأثر - أي أثر أبو هريرة - وصله ابن أبي شيبة (2/ 223) - من طريق صالح مولى التوأمة، وصالح فيه ضعف، لكن رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن أبي هريرة فاعتضد.

ص: 128

35/ 1145 - (وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ فِي دارِ أبي نَافِعٍ عَنْ يَمِينِ المَسْجِدِ فِي غُرْفَةٍ قَدْرَ قَامَةٍ مِنْها، لَهَا بابٌ مُشْرِفٌ على المَسْجِدِ بالبَصْرَةِ، فَكانَ أنَسٌ يَجْمَعُ فِيهِ ويأتَمُّ بالإِمامِ

(1)

. رَوَاهُمَا سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ).

الحديث الأول صححه ابن خزيمة

(2)

وابن حبان

(3)

والحاكم

(4)

.

وفي رواية للحاكم

(5)

التصريح برفعه.

ورواه أبو داود

(6)

من وجه آخر، وفيه أن الإِمام كان عمار بن ياسر والذي جبذه حذيفة، وهو مرفوع ولكن فيه مجهول، والأوّل أقوى كما قال الحافظ

(7)

.

وحديث ابن مسعود ذكره الحافظ في التلخيص

(8)

وسكت عنه.

وأثر أبي هريرة أخرجه أيضًا الشافعي

(9)

والبيهقي

(10)

وذكره البخاري

(11)

تعليقًا.

قوله: (بالمدائن)

(12)

هي مدينة قديمة على دجلة تحت بغداد.

قوله: (على دكان) بضم الدال المهملة وتشديد الكاف، الدكَّان

(13)

: الحانوت، قيل: النون زائدة.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 223).

(2)

في صحيحه رقم (1523) وقد تقدم.

(3)

في صحيحه رقم (373 - موارد) وقد تقدم.

(4)

في المستدرك (1/ 210) وقد تقدم.

(5)

في المستدرك (1/ 210) وسكت عنه الحاكم والذهبي.

(6)

في سننه رقم (598).

قال الألباني رحمه الله في "صحيح أبي داود"(3/ 151): "حديث حسن؛ إلَّا قوله أن الإمام كان عمار بن ياسر، وأن الذي جذبه كان حذيفة؛ فإنه منكر. والصواب أن الإمام حذيفة، والذي جبذه كان ابن مسعود، كما في الحديث الأول رقم (597). قال الحافظ وهو أقوى" اهـ.

(7)

في "التلخيص"(2/ 91).

(8)

(2/ 91).

(9)

في المسند (رقم 318 - ترتيب) وقد تقدم.

(10)

في السنن الكبرى (3/ 111) وقد تقدم.

(11)

في صحيحه (1/ 486 رقم الباب 18) معلقًا وقد تقدم.

(12)

معجم البلدان (5/ 74 - 75).

(13)

النهاية في غريب الحديث (2/ 128).

ص: 129

وقيل: أصلية، وهي الدَكَّة بفتح الدال: وهو المكان المرتفع يجلس عليه.

قوله: (كانوا ينهون) بفتح الياء والهاء، ورواية ابن حبان

(1)

: "أليس قد نُهِيَ عن هذا؟ ".

قوله: (حين مددتني) أي مددت قميصي وجبذته إليك.

ورواية ابن حبان (1): "ألم ترني قد تابعتك".

وفي رواية لأبي داود

(2)

: "قال عمار: لذلك اتبعتك حين أخذت على يدي".

وقد استدلّ بهذا الحديث على أنه يكره ارتفاع الإِمام في المجلس.

قال ابن رسلان: وإذا كره أن يرتفع الإِمام على المأموم الذي يقتدي به فلأن يكره ارتفاع المأموم على إمامه أولى.

ويؤيد الكراهة حديث ابن مسعود

(3)

. وظاهر النهي فيه أن ذلك محرّم لولا ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الارتفاع على المنبر.

وقد حكى المهدي في البحر

(4)

: الإِجماع على أنه لا يضرّ الارتفاع قدر القامة من المؤتمّ في غير المسجد إلا بحذاء رأس الإِمام أو متقدمًا

(5)

.

(1)

في صحيحه رقم (373 - موارد).

(2)

في سننه رقم (598). وقد تقدم.

(3)

تقدم برقم (1142) من كتابنا هذا والصواب (أبي مسعود) كما تقدم.

(4)

البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (1/ 322).

(5)

قال الشوكاني في السيل الجرار (1/ 544 - 545) بتحقيقي: "أقول: لا يضر قدرُ القامة ولا فوقَها لا في المسجدِ ولا في غيرِه من غير فرق بين الارتفاع والانخفاض والبعد والحائل. ومن زعم أن شيئًا من ذلك تفسُدُ به الصلاة فعليه الدليل. ولا دليل إلا ما روى عن حذيفة - تقدم برقم (1141) من كتابنا هذا - والحديث الآخر الذي أخرجه أبو داود رقم (598)

ففي هذا الحديث والحديث الأول دليل على منع الإمام من الارتفاع على المؤتم، ولكنّ هذا النهي يُحملُ على التنزيه لحديث صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر كما في الصحيحين وغيرهما - البخاري رقم (917) ومسلم رقم (544).

ومن قال إنه صلى الله عليه وسلم فعلَ ذلك للتعليم كما وقع في آخر الحديث فلا يُفيده ذلك لأنه لا يجوزُ له في حالِ التعليم إلا ما هو جائز في غيره ولا يصحُّ القولُ باختصاص ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم. =

ص: 130

واستدلّ لذلك أيضًا بفعل أبي هريرة

(1)

المذكور في الباب.

وقال

(2)

: المذهب أن ما زاد فسد.

واستدلّ على ذلك بأن أصل البعد التحريم للإِجماع في المفرط، ولا دليل على جواز ما تعدّى القامة.

ورد بأن الأصل عدم المانع، فالدليل على مدّعيه

(3)

.

وذهب الشافعي

(4)

إلى أنه يعفى قدر ثلثمائة ذراع؛ واختلف أصحابه في وجهه.

= وقد جمعنا في هذا البحث رسالة مستقلةً جوابًا عن سؤال بعض الأعلام - عنوانها: تحرير الدلايل على مقدار ما يجوز بين الإمام والمؤتم من الارتفاع والانخفاض والبعد والحايل - وهي ضمن "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني"(6/ 2801 - 2827) رقم (83) بتحقيقي - فمن أحب تحقيق المقام فليرجع إليها" اهـ.

(1)

تقدم برقم (1144) من كتابنا هذا.

(2)

أي المهدي في البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (1/ 322).

(3)

قال ابن حزم في "المحلى"(4/ 84): "وجائز للإمام أن يصلي في مكان أرفع من مكان جميع المأمومين وفي أخفض منه، سواء في كل ذلك العامة والأكثر والأقل فإن أمكنه السجود فحسن وإلا فإذا أراد السجود فلينزل حتى يسجد حيث يقدر، ثم يرجع إلى مكانه" اهـ.

(4)

قال النووي في "المجموع"(4/ 200 - 201):

1 -

يشترط أن لا تطول المسافة بين الإمام والمأمومين إذا صلوا في غير المسجد، وبه قال جماهير العلماء، وقدر الشافعي القرب بثلاثمائة ذراع، وقال عطاء: يصح مطلقًا، وإن طالت المسافة ميلًا وأكثر إذا علم صلاته.

2 -

لو حال بينهما طريق صح الاقتداء عندنا وعند مالك والأكثرين.

وقال أبو حنيفة: لا يصح؛ لحديث رووه مرفوعًا: "من كان بينه وبين الإمام طريق فليس مع الإمام". وهذا حديث باطل لا أصل له. وإنما يروى عن عمر من رواية ليث بن أبي سليم عن تميم، وليث ضعيف، وتميم مجهول.

3 -

لو صلى في دار أو نحوها بصلاة الإمام في المسجد وحال بينهما حائل لم يصح عندنا، وبه قال أحمد. وقال مالك: تصح إلا في الجمعة، وقال أبو حنيفة تصح مطلقًا.

4 -

يشترط لصحة الاقتداء علم المأموم بانتقالات الإمام، سواء صلينا في المسجد، أو في غيره أو أحدهما فيه والآخر في غيره؛ وهذا مجمع عليه

" اهـ.

ص: 131

وقال عطاء

(1)

: لا يضرّ البعد في الارتفاع مهما علم المؤتمّ بحال الإِمام.

وأما ارتفاع المؤتمّ في المسجد، فذهبت الهادوية

(2)

إلى أنه لا يضرّ ولو زاد على القامة، وكذلك قالوا: لا يضرّ ارتفاع الإِمام قدر القامة في المسجد وغيره، وإذا زاد على القامة كان مضرأ من غير فرق بين المسجد وغيره.

والحاصل من الأدلة منع ارتفاع الإِمام على المؤتمِّ من غير فرق بين المسجد وغيره وبين القامة ودونها وفوقها.

لقول أبي سعيد

(3)

: إنَّهم كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ.

وقول ابن مسعود

(4)

: "نهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " الحديث.

وأما صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر

(5)

، فقيل: إنه إنما فعل ذلك لغرض التعليم كما يدلّ عليه قوله: "ولتعلموا صلاتي" وغاية ما فيه جواز وقوف الإِمام على محل أرفع من المؤتمِّين إذا أراد تعليمهم.

قال ابن دقيق العيد

(6)

: من أراد أن يستدلّ به على جواز الارتفاع من غير قصد التعليم لم يستقم لأن اللفظ لا يتناوله، ولانفراد الأصل بوصف معتبر تقتضي المناسبة اعتباره فلا بد منه انتهى.

على أنه قد تقرّر في الأصول

(7)

أن النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا نهى عن شيء نهيًا يشمله بطريق الظهور ثم فعل ما يخالفه، كان الفعل مخصصًا له من [جهة]

(8)

العموم دون غيره، حيث لم يقم الدليل على التأسي به في ذلك الفعل، فلا تكون صلاته على المنبر معارضة للنهي عن الارتفاع باعتبار الأمة. وهذا على

(1)

المجموع شرح المهذب (4/ 200).

(2)

البحر الزخار (1/ 323).

(3)

الصواب: لقول أبي مسعود الوارد في الحديث رقم (1141) من كتابنا هذا.

(4)

الصواب: وقول أبي مسعود الوارد في الحديث رقم (1142) من كتابنا هذا. وقد تقدم تصويبه.

(5)

أخرجه البخاري رقم (917) ومسلم رقم (544).

(6)

في إحكام الأحكام (1/ 201 - 202).

(7)

انظر: "إرشاد الفحول" ص 442 - 444 بتحقيقي.

(8)

زيادة يقتضيها السياق ولم توجد في المخطوط (أ، ب).

ص: 132

فرض تأخر صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر عن النهي عن الارتفاع.

وعلى فرض تقدّمها أو التباس المتقدم من المتأخر فيه الخلاف المعروف في الأصول

(1)

في التخصيص بالمتقدم والمتلبس.

وأما ارتفاع المؤتمّ، فإن كان مفرطًا بحيث يكون فوق ثلثمائة ذراع على وجه لا يمكن المؤتمّ العلم بأفعال الإِمام فهو ممنوع للإِجماع من غير فرق بين المسجد وغيره، وإن كان دون ذلك المقدار فالأصل الجواز حتى يقوم دليل على المنع. ويعضد هذا الأصل فعل أبي هريرة المذكور

(2)

ولم ينكر عليه.

قوله: (فكبر وهو عليه ثم ركع) لم يذكر القيام بعد الركوع في هذه الرواية، وكذا لم يذكر القراءة بعد التكبير وقد بين ذلك البخاري

(3)

في رواية له عن سفيان عن أبي حازم، ولفظه: "كبر فقرأ وركع، ثم رفع رأسه ثم رجع القهقهرى - والقهقرى بالقصر: المشي إلى خلف

(4)

، والحامل عليه المحافظة على استقبال القبلة.

وفي الحديث دليل على جواز العمل في الصلاة وقد تقدم تحقيقه.

قوله: (ولتعلموا صلاتي) بكسر اللام وفتح المثناة الفوقية وتشديد اللام، وفيه أن الحكمة في صلاته في أعلى المنبر أن يراه من قد يخفى عليه ذلك إذا صلى على الأرض.

قوله: (أنه كان يجمّع، إلخ) فيه جواز كون المؤتمّ في مكان في خارج المسجد

(5)

.

قال في البحر

(6)

: ويصحّ كون المؤتمّ في داره والإِمام في المسجد إن كان يرى الإِمام أو المعلم ولم يتعدّ القامة انتهى.

(1)

انظر: "إرشاد الفحول": البحث السادس (ص 169 - 173) بتحقيقي.

(2)

تقدم برقم (1144) من كتابنا هذا.

(3)

في صحيحه رقم (377).

(4)

النهاية (4/ 129) وتمام العبارة: " .... من غير أن يعيد وجهه إلى جهة مشيه. قيل: إنّه من باب القَهْر" اهـ.

(5)

المغني لابن قدامة (3/ 44 - 45).

(6)

البحر الزخار (1/ 324).

ص: 133

[الباب التاسع] باب ما جاءَ في الحائل بين الإِمام والمأموم

36/ 1146 - (عَنْ عائشَةَ قالَتْ: كانَ لَنا حَصِيرَةٌ نَبْسُطُها بالنهارِ، وَنَحْتَجِزُها بالليْلِ، فَصَلَّى فيها رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ لَيْلَةٍ، فَسَمَعَ المُسْلِمُونَ قِرَاءَتَهُ فَصَلُّوا بِصَلاتِهِ؛ فَلَمَّا كانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ كثُروا فاطَّلَعَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: "اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ فإنَّ الله لا يَمَلّ حتى تَمَلُّوا". رَوَاهُ أَحْمَدُ)

(1)

. [صحيح]

الحديث قد تقدم نحوه عن عائشة عند البخاري

(2)

في باب انتقال المنفرد إمامًا في النوافل

(3)

. وفيه تصريح بأنه كان بينه وبينهم جدار الحجرة.

و [قد]

(4)

تقدم نحو الحديث أيضًا عنها في باب صلاة التراويح

(5)

.

وفيه: "أنها قالت: فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنصب له حصيرًا على باب حجرتي".

وقوله: (اكلفوا من الأعمال) إلى آخر الحديث هو عند الأئمة الستة

(6)

من حديثها بلفظ: "خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يملّ حتى تملوا".

والملال: [الاستثقال من]

(7)

الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته

(8)

، وهو مُحال على الله تعالى، فإطلاقه عليه من باب المشاكلة نحو:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] وهذا أحسن محامله.

(1)

في المسند (6/ 61)، (6/ 241).

قلت: وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" رقم (1115) وإسحاق بن راهويه رقم (1080).

وهو حديث صحيح.

(2)

في صحيحه رقم (729).

(3)

عند الحديث رقم (1061) من كتابنا هذا.

(4)

زيادة من المخطوط (ب).

(5)

رقم الحديث (945) من كتابنا هذا.

(6)

البخاري رقم (1151) ومسلم (215/ 827) وأبو داود رقم (1368) والنسائي رقم (1642) وابن ماجه رقم (4238).

ولم يخرجه الترمذي، انظر:"التحفة"(12/ 350).

(7)

في المخطوط (أ): (استثقال).

(8)

النهاية (4/ 360).

ص: 134

وفي بعض طرقه عن عائشة: "فإن الله لا يملّ من الثواب حتى تملوا من العمل"، أخرجه ابن جرير في تفسيره

(1)

.

وقيل: معناه: إن الله لا يمل أبدًا، مللتم أم لم تملوا، مثل قولهم: حتى يشيب الغراب

(2)

.

وقيل: معناه: إن الله لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله.

والحديث يدلّ على أن الحائل بين الإِمام والمؤتمين غير مانع من صحة الصلاة.

قال في البحر

(3)

: ولا يضرّ بُعد المؤتمّ في المسجد ولا الحائل ولو فوق القامة مهما علم حال الإِمام إجماعًا اهـ.

[وكذلك]

(4)

لا يضرّ الحائل في غير المسجد ولو فوق القامة إلا أن يمنع من ذلك مانع.

[الباب العاشر] باب ما جاءَ فيمن يلازم بقعة بعينها من المسجد

37/ 1147 - (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلِ أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى فِي الصَّلاةِ عَنْ ثَلاثٍ: عَنْ نَقْرَةِ الغُرَابِ، وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ، وأنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ المُقَامَ الوَاحِدَ كإيطانِ البَعِيرِ. رَوَاهُ الخَمْسةُ إلَّا التِّرْمِذيَّ)

(5)

. [حسن]

(1)

(29/ 50، 79). وذكره الحافظ في الفتح (1/ 102).

(2)

يتمثل به في اليأس عن الشيء.

جمهرة الأمثال (1/ 362).

(3)

البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (1/ 323).

(4)

في المخطوط (ب): (وكذا).

(5)

أحمد في المسند (3/ 428) وأبو داود رقم (862) والنسائي رقم (1112) وفي الكبرى رقم (700) وابن ماجه رقم (1429).

قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (662) و (1319) والطحاوي في شرح مشكل الآثار رقم (6179) وابن حبان رقم (2277) والحاكم (1/ 229) والبيهقي (2/ 118) والبغوي في شرح السنة رقم (666) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 91) والدارمي (1/ 303) =

ص: 135

38/ 1148 - (وَعَنْ سَلَمَة بْنِ الأكْوَعِ: أَنَّهُ كانَ يَتَحَرَّى الصَّلاةَ عنْدَ الأُسْطُوَانَةِ التِي عِنْدَ المُصْحَفِ، وَقَالَ: رأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَتَحَرَّى الصَّلاةَ عنْدَها. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

(1)

. [صحيح]

ولمُسْلِمٍ

(2)

: أن سَلَمَةَ كانَ يَتَحَرَّى مَوْضِعَ المُصْحَفِ يُسَبِّحُ فِيهِ، وَذَكَرَ أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَتَحَرَّى ذَلِكَ المَكانَ). [صحيح]

حديث عبد الرحمن بن شبل سكت عنه أبو داود

(3)

والمنذري

(4)

، والراوي له عن عبد الرحمن بن شبل هو تميم بن محمود، قال البخاري

(5)

: في حديثه نظر.

قوله: (عن نقرة الغراب) المراد بها كما قال ابن الأثير

(6)

: ترك الطمأنينة وتخفيف السجود، وأن لا يمكث فيه إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد الأكل منه كالجيفة.

قوله: (وافتراش السَّبُع) هو أن يضع ساعديه على الأرض كالذئب وغيره كما يقعد الكلب في بعض حالاته

(7)

.

قوله: (وأن يُوطن الرجل) قال ابن رسلان: بكسر الطاء المشددة.

وفيه أن قوله في الحديث "كإيطان" يدل على عدم التشديد؛ لأن المصدر على إفعال لا يكون إلا من أفعل المخفف.

= والعقيلي في الضعفاء (1/ 170) وابن عدي في الكامل (2/ 515) من طرق.

وهو حديث حسن، والله أعلم.

(1)

أحمد في المسند (4/ 48) والبخاري رقم (502) ومسلم رقم (264/ 509).

(2)

في صحيحه رقم (263/ 509).

(3)

في سننه رقم (1/ 539).

(4)

في المختصر (1/ 408).

(5)

حكاه عنه الحافظ في "تهذيب التهذيب"(1/ 260).

وقال الحافظ في "التقريب" رقم الترجمة (804): فيه لين.

(6)

في النهاية (5/ 104).

(7)

النهاية (3/ 429 - 430) وعبارته: هو أن يبسط ذراعيه في السجود ولا يرفعهما عن الأرض، كما يَبْسُط الكلب والذئب ذراعَيْه، والافتراش افتعال: من الفَرْش والفراش.

ص: 136

ومعناه كما قال ابن الأثير

(1)

: أن يألف الرجل مكانًا معلومًا في المسجد يصلي فيه ويختصّ به.

قوله: (كإيطان البعير)، المراد [كما]

(2)

يوطن البعير المَبْرك الدمث الذي قد أوطنه واتخذه مناخًا له فلا يأوي إلا إليه

(3)

.

وقيل معناه: أن يبرك على ركبتيه قبل يديه إذا أراد السجود مثل بروك البعير على المكان الذي أوطنه، يقال: أوطنت الأرض ووطنتها واستوطنتها: أي اتخذتها وطنًا ومحلًا.

قوله: (عند الأسطوانة) هي بضمّ الهمزة وسكون السين المهملة وضمّ الطاء وهي السارية.

قوله: (التي عند المصحف) هذا دالًّا على أنه كان للمصحف موضع خاصّ به

(4)

.

(1)

النهاية (5/ 204).

(2)

زيادة من المخطوط (أ).

(3)

قال القاسمي في "إصلاح المساجد" ص 185: "يهوى بعض ملازمي الجماعات مكانًا مخصوصًا أو ناحية من المسجد، إما وراء الإمام أو جانب المنبر أو أمامه أو طرف حائطه اليمين أو الشمال أو الصفَّة المرتفعة في آخره بحيث لا يلذ له التعبد ولا الإقامة إلا بها، وإذا أبصر من سبقه إليها فربما اضطره إلى أن يتنحى له عنها لأنها محتكرة أو يذهب عنها مغضبًا أو متحوقلًا أو مسترجعًا، وقد يفاجئ الماكث بها بأنها مقامه من كذا وكذا سنة، وقد يستعين بأشكاله من جهلة المتنسكين على أن يقام منها إلى غير ذلك من ضروب الجهالات التي ابتليت بها أكثر المساجد، ولا يخفى أن محبة مكان من المسجد على حده تنشأ من الجهل أو الرياء أو السممعة وأن يقال أنه لا يصلي إلا في المكان الفلاني، أو أنه من أهل الصف الأول مما يحبط العمل ملاحظته ومحبته نعوذ بالله.

وهب أن هذا المتوطن لم يقصد ذلك فلا أقل أنه يفقد لذة العبادة بكثرة الإلف والحرص على هذا المكان بحيث لا يدعوه إلى المسجد إلا موضعه، وقد ورد النهي عن ذلك كما في الحديث الحسن المتقدم" اهـ.

(4)

أسطوانة المصحف الشريف:

• عن يزيد بن أبي عُبيد، قال: كنتُ آتي مع سلمةَ بن الأكوع رضي الله عنه فيصلي عند الأُسطوانةِ التي عند المصحف، فقلت: يا أبا مُسلم، أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانةِ. قال: فإني رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها.

أخرجه البخاري رقم (502) ومسلم رقم (264/ 509) واللفظ للبخاري. =

ص: 137

ووقع عند مسلم

(1)

بلفظ: "يصلي وراء الصندوق"، وكأنه كان للمصحف صندوق يوضع فيه.

قال الحافظ

(2)

: "والأسطوانة المذكورةُ حقق لنا بعض مشايخنا أنها المتوسطةُ في الروضةِ المكرَّمةِ وأنها تعرف بأسطوانة المهاجرين.

قال (2): ورُوي عن عائشةَ أنها كانت تقول: لو عرفها الناسُ لاضطربوا عليها بالسهام، وأنها أسرّتها إلى ابن الزبير فكان يكثر الصلاةَ عندها.

قال (2): ثم وجدتُ ذلك في تاريخ المدينة لابن النجار، وزاد: أن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها، وذكره قبله محمدُ بنُ الحسن في

= • وفي رواية لمسلم رقم (263/ 509) عنه، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه كان يتحرى موضعَ مكانِ المصحفِ؛ يسبح فيه، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تحرى ذلك المكان، وكان بين المنبر والقبلةِ قدر مَمَرِّ الشاةِ.

والمراد بالتسبيح: صلاة النافلة.

وهذا الحديث يتعارض في ظاهره مع النهي عن إيطان الرجل موضعًا من المسجد يلازمه، ولكن الجمع ممكن بين الحديثين، وهو فيما إذا كان لا فضل فيه، أو لا حاجة إليه، أما إذا كان فيه فضلٌ فلا.

قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم (4/ 226): وفي هذا أنه لا بأس بإدامةِ الصلاةِ في موضع واحدٍ، إذا كان فيه فضل. وأما النهي عن إيطان الرجل موضعًا من المسجد يلازمه فهو فيما لا فضل فيه ولا حاجة إليه.

فأما ما فيه فضل فقد ذكرناه.

وأما من يحتاج إليه لتدريس علمٍ، أو للإفتاء، أو سماع الحديث، ونحو ذلك، فلا كراهة فيه، بل هو مستحب؛ لأنه من تسهيلِ طرقِ الخير.

وقد نقل القاضي عياض خلافَ السلفِ في كراهةِ الإيطانِ لغير حاجةٍ، والاتفاق عليه لحاجة، نحو ما ذكرناه. اهـ.

وأما قوله: "عند الأسطوانة التي عند المصحف". وقوله: "يتحرى موضع مكان المصحف" فهو يدل على أنه كان للمصحف الشريف موضعٌ خاصٌ به. وكان كذلك حيث وضع الصندوق الذي فيه المصحف على يمين المحراب اليوم، وهو عَلَمٌ على مُصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[فضائل المدينة المنورة. للدكتور خليل إبراهيم ملّا خاطر (2/ 326 - 327)].

(1)

في صحيحه رقم (263/ 509) وقد تقدم.

(2)

في "الفتح"(1/ 577).

ص: 138

أخبار المدينة

(1)

.

والحديث الأوّل يدلّ على كراهة اعتياد الرجل بقعة من بقاع المسجد.

ولا يعارضه الحديث الثاني لما تقرّر في الأصول

(2)

أن فعله صلى الله عليه وسلم يكون مخصصًا له من القول الشامل له بطريق الظهور كما تقدم غير مرّة إذا لم يكن فيه دليل التأسي، وعلة النهي عن المواظبة على مكان في المسجد ما سيأتي في الباب الذي بعد هذا من مشروعية تكثير مواضع العبادة.

قال المصنف

(3)

رحمه الله بعد أن ساق حديث سلمة ما لفظه: قلت: وهذا محمول على النفل، ويحمل النهي على من لازم مطلقًا للفرض والنفل. اهـ.

(1)

وَهِمَ بعض العلماء - ومنهم الحافظ ابن حجر - في تعيين الأسطوانة.

قال الدكتور خليل ملأ خاطر (2/ 328 - 329) في المرجع السابق: "ولعل مرجعه في ذلك ما ذكره الإمام المطري فقد ذكر في كتابه: "التعريف بما آنست الهجرة من معالم دار الهجرة" - (34) وأخبار مدينة الرسول - (91 - 92): الأسطوانة المخلَّقة، وبين أنها أسطوانةُ المهاجرين، وتعرف بأسطوانة عائشة، وهي متوسطة في الروضة وبنحوه قال ابن النجار من قبله.

وكونها مخلَّقةً لا يعني أنها الأسطوانة المذكورة، إذ يوجد ثلاثُ أسطوانات في الروضة الشريفة تدعى كلُّ واحدة منهن "مخلَّقة" وهي: أسطوانة المصحفِ، وأسطوانةُ التوبةِ، وأسطوانةُ عائشة أو المهاجرين.

وسبب إطلاق اسم المخلَّقة على هذه الأسطوانات لمَّا حجت الخيزرانُ، أمُّ هارون الرشيد سنة (170 أو 171 هـ) أمرت بالمسجد أن يُخلَّقَ - أي يطيَّب - وزيد في خلوق هذه الأسطوانات فعرفت بالمخلَّقة - انظر خبر تطييب المسجد: أخبار مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم (84) ووفاء الوفاء (369).

قال الإمام مالك رحمه الله فيما نقله ابن النجار - الدرة الثمينة (376) وأخبار مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم (106) ووفاء الوفاء (369) -: أرسل الحجاجُ بنُ يوسف إلى أمهات القرى بمصاحف، فأرسل إلى المدينة بمصحف منها كبير، وكان في صندوق، عن يمين الأسطوانة التي عملت على مقام النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يُفتح يوم الجمعة والخميس فيقرأ فيه إذا صليت الصبح. اهـ.

وهذا يدل على أن الأسطوانة المذكورة هي التي عن يمين المحراب، الذي هو مكان مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاء الوفاء (367 - 370) - والله أعلم.

(2)

انظر: إرشاد الفحول (ص 443) بتحقيقي.

(3)

ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 659).

ص: 139

[الباب الحادي عشر] باب استحباب التطوع في غير موضع المكتوبة

39/ 1149 - (عَنْ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُصَلِّي الإِمامُ فِي مُقامِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ المَكْتُوبَةَ حتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ"، رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ

(1)

وأبُو دَاوُدَ)

(2)

. [صحيح بشاهديه]

40/ 1150 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "أيَعْجِزُ أحَدُكُمْ إذَا صَلَّى أنْ يَتَقَدَّمَ أوْ يَتَأخَّرَ أوْ عَنْ يَمِينِهِ أوْ عَنْ شِمالِهِ" رَوَاهُ أحْمَدُ

(3)

وأبُو دَاوُدَ

(4)

، وَرَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ

(5)

وَقَالَا: يَعنِي في السّبْحَةِ). [صحيح بشاهديه]

الحديث الأوّل في إسناده عطاء الخراساني، ولم يدرك المغيرة بن شعبة، كذا قال أبو داود

(6)

.

قال المنذري

(7)

: وما قاله ظاهر فإن عطاء الخراساني ولد في السنة

(1)

في سننه رقم (1428).

(2)

في سننه رقم (616) قال أبو داود: عطاء الخراساني لم يدرك المغيرة بن شعبة.

وقال المنذري في المختصر (1/ 317): "وما قاله - أبو داود - ظاهر، فإنَّ عطاء الخراساني ولد في السنة التي مات فيها المغيرة بن شعبة، وهي سنة خمسين من الهجرة على المشهور، أو يكون ولد قبل وفاته بسنة على القول الآخر" اهـ.

ولكن الحديث صحيح بشواهده.

(منها) حديث أبو هريرة عند أبي داود رقم (1006) وسيأتي برقم (1150) من كتابنا هذا.

(ومنها) حديث معاوية بن أبي سفيان عند أبي داود رقم (1129) ومسلم رقم (883).

(3)

في المسند (2/ 425).

(4)

في سننه رقم (1006).

(5)

في سننه رقم (1427). قال المنذري في المختصر (1/ 461) وسئل أبو حاتم الرازي عن إبراهيم بن إسماعيل؟ فقال: مجهول.

ولكن الحديث صحيح بشاهديه، حديث المغيرة رقم (39/ 1149) من كتابنا هذا، وحديث معاوية بن أبي سفيان عند مسلم (883) وأبي داود رقم (1129).

(6)

في السنن (1/ 410).

(7)

في المختصر (1/ 317).

ص: 140

التي مات فيها المغيرة بن شعبة، وهي سنة خمسين من الهجرة على المشهور.

قال الخطيب

(1)

: أجمع العلماء على ذلك، وقيل: ولد قبل وفاته بسنة.

والحديث الثاني في إسناده إبراهيم بن إسماعيل، قال أبو حاتم الرازي

(2)

: هو مجهول.

قوله: (حتى يتنحى)، لفظ أبي داود

(3)

: "حتى يتحوّل".

قوله: (أيعجِز) بكسر الجيم.

قوله: (يعني: السبحة) أي التطوّع.

والحديثان يدلان على مشروعية انتقال المصلي عن مصلاه الذي صلى فيه لكل صلاة يفتتحها من أفراد النوافل.

أما الإِمام فبنصّ الحديث الأوّل وبعموم الثاني.

وأما المؤتمّ والمنفرد فبعموم الحديث الثاني وبالقياس على الإِمام.

والعلة في ذلك تكثير مواضع العبادة كما قال البخاري

(4)

والبغوي

(5)

، لأن مواضع السجود تشهد له كما في قوله تعالى:{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)} [الزلزلة: 4]، أي تخبر بما عمل عليها.

وورد في تفسير

(6)

قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: 29]: "إن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلَّاه من الأرض ومصعد عمله من السماء".

وهذه العلة تقتضي أيضًا أن ينتقل إلى الفرض من موضع نفله.

(1)

حكاه عنه الحافظ في "فتح الباري"(2/ 335).

(2)

في الجرح والتعديل (2/ 155) رقم الترجمة (518): ولم يورد كلمة مجهول. بل قال: يعد في المدنيين.

(3)

في سننه رقم (1006).

(4)

انظر: "الفتح"(2/ 336).

(5)

في تفسيره (8/ 502).

(6)

في جامع البيان للطبري (13/ ج 25/ 124 - 125).

ص: 141

وأن ينتقل لكل صلاة يفتتحها من أفراد النوافل، فإن لم ينتقل فينبغي أن يفصل بالكلام لحديث النهي عن أن توصل صلاة بصلاة حتى يتكلم المصلي أو يخرج، أخرجه مسلم

(1)

وأبو داود

(2)

.

(1)

في صحيحه رقم (73/ 883).

(2)

في سننه رقم (1129).

وهو حديث صحيح.

ص: 142

[سابع عشر][أبواب]

(1)

صلاة المريض

[الباب الأول] باب صلاة المريض على قدر استطاعته

1/ 1151 - (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ قالَ: كانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فسألْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلاةِ فَقَالَ:"صَلّ قائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقاعِدًا، فإن لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِكَ"، رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا

(2)

. [صحيح]

وَزَادَ النَّسائي

(3)

: "فإنْ لَمْ تَسْتطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا لا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إلَّا وُسْعَها").

2/ 1152 - (وَعَنْ عليّ بْنِ أبي طالب عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "يُصَلِّي المَرِيضُ قائِمًا إن اسْتَطَاعَ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى قاعِدًا، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَسْجُدَ أوْمأ بِرأسِهِ، وَجَعَلَ سُجُودَهُ أخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يُصَلِّيَ قاعِدًا صَلَّى عَلى جَنْبِهِ الأيمَنِ مُسْتَقْبِلَ القبْلَةِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يُصَلِّيَ على جَنْبِهِ الأيمَنِ، صَلَّى مُسْتَلْقِيًا رِجْلاهُ مِمَّا يَلي القبْلَةَ"، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ)

(4)

. [ضعيف]

(1)

في المخطوط (أ)، (ب) كتاب وأبدل بـ (أبواب) لضرورة التبويب، والله أعلم.

(2)

أحمد في المسند (4/ 426) والبخاري رقم (1117) وأبو داود رقم (952) وابن ماجه رقم (1223) والترمذي رقم (372).

قلت: وأخرجه البزار في مسنده رقم (3515) وابن الجارود في المنتقى رقم (231) وابن خزيمة رقم (979) و (1250) والطحاوي في شرح مشكل الآثار رقم (1693) والدارقطني (1/ 380) والحاكم (1/ 315) وابن عبد البر في التمهيد (1/ 135) والبغوي في شرح السنة رقم (983) والبيهقي (2/ 304) و (3/ 155) من طرق. وهو حديث صحيح.

(3)

لم يعزه صاحب "التحفة"(8/ 185) إلى النسائي وأورد هذه الزيادة الزيلعي في نصب الراية (2/ 175) وقد عزاها للنسائي.

(4)

في السنن (2/ 42 - 43 رقم 1).

الحديث فيه حسين بن زيد، ضعفه علي بن المديني، والحسن بن الحسين العرني، وقال =

ص: 143

حديث عليّ في إسناده حسين بن زيد ضعفه ابن المديني والحسن بن الحسين العُرَني. قال الحافظ

(1)

: وهو متروك. وقال [النووي

(2)

]

(3)

: هذا حديث ضعيف.

وفي الباب عن جابر عند البزار

(4)

، والبيهقي في المعرفة

(5)

: " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم عاد مريضًا فرآه يصلي على وسادة، فاخذها فرمى بها، وأخذ عودًا ليصلي عليه فأخذه فرمى به، وقال صلى الله عليه وسلم: صلّ على الأرض إن استطعت، وإلا فأوم إيماء واجعل سجودك أخفض من ركوعك".

قال البزار

(6)

: لا نعلم أحدًا رواه عن الثوري غير أبي بكر الحنفي.

قال الحافظ

(7)

: ثم غفل عنه فأخرجه من حديث عبد الوهاب بن عطاء عن سفيان نحوه.

وقد سئل أبو حاتم

(8)

فقال: الصواب عن جابر [موقوف]

(9)

ورفعه خطأ،

= الحافظ: هو متروك. وقال النووي هذا حديث ضعيف.

وقال الزيلعي في "نصب الراية"(2/ 176): وأعله عبد الحق في أحكامه بالحسن العرني، وقال: كان من رؤساء الشيعة، ولم يكن عندهم بصدوق، ووافقه ابن القطان، قال: وحسين بن زيد لا يعرف له حال" اهـ.

(1)

قال الحافظ في "التقريب" رقم الترجمة (1321): صدوق ربما أخطأ.

(2)

حكاه الحافظ في "التلخيص"(1/ 410).

(3)

زيادة من المخطوط (أ).

(4)

في المسند (رقم 568 - كشف).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 148): وقال: رجال البزار رجال الصحيح.

(5)

في معرفة السنن والآثار (3/ 225 رقم 4359) وقال:، هذا يُعدُّ في أفراد أبي بكر الحنفي، وقد تابعه عبد الوهاب بن عطاء عن الثوري به.

وهذا يحتمل أن يكون في وسادة مرفوعة إلى جبهته، ويحتمل أن تكون موضوعة على الأرض والله أعلم. اهـ.

وقال عبد الحق في أحكامه: رواه أبو بكر الحنفي، وكان ثقة عن الثوري عن أبي الزبير عن جابر، ولا يصح في حديثه إلا ما ذكر فيه السماع، أو كان من رواية الليث عن أبي الزبير. اهـ. (نصب الراية 2/ 175).

(6)

كما في كشف الأستار (1/ 275).

(7)

في "التلخيص"(1/ 410).

(8)

في العلل (1/ 272 - 273) رقم (307) ط: الفاروق الحديثة. بتحقيق أبي يعقوب نشأت بن كمال المصري. قدم له فضيلة الشيخ مصطفى بن العدوي.

(9)

في المخطوط (ب): (موقوفًا).

ص: 144

قيل له: فإنَّ أبا أسامة قد روى عن الثوري هذا الحديث مرفوعًا فقال: ليس بشيء. وقد قوّى إسناده في بلوغ المرام

(1)

.

وروى الطبراني

(2)

نحوه من حديث طارق بن شهاب عن ابن عمر قال: "عاد النبيّ صلى الله عليه وسلم رجلًا من أصحابه مريضًا" فذكره.

وروى الطبراني

(3)

أيضًا من حديث ابن عباس مرفوعًا: "يصلي المريض قائمًا، فإن نالته مشقة صلى نائمًا يومى برأسه، فإن نالته مشقة سبَّح".

قال في التلخيص

(4)

: وفي إسنادهما ضعف.

(1)

رقم (61/ 312) بتحقيقي.

(2)

في المعجم الكبير (ج 12 رقم 13082).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 148) وقال: "فيه حفص بن سليمان المنقري وهو متروك، واختلفت الرواية عن أحمد في توثيقه، والصحيح أنه ضعفه والله أعلم، وقد ذكره ابن حبان في الثقات".

قلت: حفص بن سليمان أبو عمر الأسدي: تركه غير واحد.

التاريخ الكبير (2/ 363) والميزان (1/ 558) والجرح والتعديل (3/ 173) وخلاصة القول: أن حديث ابن عمر حديث ضعيف، والله أعلم.

(3)

في الأوسط رقم (3997).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 149) وقال: "لم يروه عن ابن جريج إلا حَلْبَس بن محمد الضبعي. قلت - أي الهيثمي -: ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات" اهـ.

قلت: جاء في "المجمع": حلس بن محمد الضبعي. وصوابه: حَلْبَس بن محمد الضبعي. الكلابي أبو غالب البصري، متروك الحديث.

ترجم له ابن عدي في "الكامل"(2/ 457) وذكر له رواية عن ابن جريج - شيخه في هذا الحديث - وقال: منكر الحديث عن الثقات.

وذكره الدارقطني في "الضعفاء" رقم (193)، وقال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 273): شيخ يروي عن سفيان الثوري ما ليس من حديثه، لا يحل الاحتجاج به بحال.

وترجم له ابن ماكولا في "الإكمال"(2/ 498) وذكر له روايته عن ابن جريج. وتناول الحافظان الذهبي في الميزان (1/ 587) وابن حجر في اللسان (3/ 176).

[الفرائد على مجمع الزوائد] لخليل بن محمد العربي ص 96 - 97].

وخلاصة القول: أن حديث ابن عباس ضعيف، والله أعلم.

(4)

(1/ 411).

ص: 145

وحديث عمران

(1)

يدلّ على أنه يجوز لمن حصل له عذر لا يستطيع معه القيام أن يصلي قاعدًا، ولمن حصل له عذر لا يستطيع معه القعود أن يصلي على جنبه.

والمعتبر في عدم الاستطاعة عند الشافعية

(2)

هو المشقة أو خوف زيادة المرض أو الهلاك لا مجرّد التألم فإنه لا يبيح ذلك عند الجمهور.

وخالف في ذلك المنصور بالله، وظاهر قوله:"فقاعدًا" أنه يجوز أن يكون القعود على أيّ صفة شاء المصلي، وهو مقتضى كلام الشافعي في البويطي (2).

وقال الهادي والقاسم والمؤيد بالله

(3)

: إنه يتربع واضعًا ليديه على ركبتيه.

وقال زيد بن عليّ والناصر والمنصور

(4)

: إنه كقعود التشهد، وهو خلاف في الأفضل والكلّ جائز.

والمراد بقوله: "فعلى جنبك" هو الجنب الأيمن كما في حديث عليّ

(5)

، وإلى ذلك ذهب الجمهور، قالوا: ويكون كتوجه الميت في القبر.

وقال الهادي

(6)

: وهو مروي عن أبي حنيفة

(7)

وبعض الشافعية

(8)

: أنه يستلقي على ظهره ويجعل رجليه إلى القبلة.

وحديثا الباب يردّان عليهم لأن الشارع قد اقتصر في الأوّل (1) منهما على الصلاة على الجنب عند تعذر القعود، وفي الثاني قدّم الصلاة على الجنب على الاستلقاء.

وحديث عليّ (5) يدلّ على أن من لم يستطع أن يركع ويسجد قاعدًا أومَى للركوع والسجود ويجعل الإِيماء لسجوده أخفض من الإِيماء لركوعه، وأن من لم يستطع الصلاة على جنبه يصلي مستلقيًا جاعلًا رجليه مما يلي القبلة.

(1)

تقدم برقم (1151) من كتابنا هذا.

(2)

الأم (2/ 177 - 178).

(3)

شفاء الأوام (1/ 322).

(4)

شفاء الأوام (1/ 321 - 322).

(5)

تقدم برقم (1152) وهو حديث ضعيف من كتابنا هذا.

(6)

البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (1/ 176).

(7)

البناية في شرح الهداية (2/ 770).

(8)

المجموع شرح المهذب (4/ 204 - 205، 206 - 207).

ص: 146

وظاهر الأحاديث المذكورة في الباب أنه إذا تعذّر الإِيماء من المستلقي لم يجب عليه شيء بعد ذلك.

وقيل: يجب الإِيماء بالعينين.

وقيل: بالقلب.

وقيل: يجب إمرار القرآن على القلب والذكر على اللسان ثم على القلب، ويدلّ على ذلك قول الله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، وقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"

(1)

.

والبواسير

(2)

المذكورة في حديث عمران

(3)

قيل: هي بالباء الموحدة، وقيل: بالنون

(4)

، والأوّل ورم في باطن المقعدة، والثاني قرحة فاسدة.

[الباب الثاني] باب الصلاة في السفينة

3/ 1153 - (عَنْ مَيْمُون بْنِ مَهْرَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ أُصَلي فِي السَّفِينَةِ؟ قالَ: "صَلّ فيها قائِمًا إلَّا أنْ تَخافَ الغَرَقَ"، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِي

(5)

وأَبُو عَبْدِ الله الحاكِمُ

(6)

على شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ). [صحيح]

(1)

أخرجه أحمد (2/ 508) والبخاري رقم (7288) ومسلم رقم (412/ 1337)، والنسائي رقم (2619) وابن ماجه رقم (2) من حديث أبي هريرة. وهو حديث صحيح.

(2)

قال الجوهري في "الصحاح"(2/ 589): الباسُور: واحد البواسير وهي علَّةٌ تحدث في المقعدة وفي داخل الأنف أيضًا.

وانظر: لسان العرب (4/ 59).

(3)

تقدم برقم (1151) من كتابنا هذا.

(4)

قال الجوهري أيضًا في "الصحاح"(2/ 827): الناسور: بالسين والصاد جميعًا. علَّةٌ تحدث في مآقي العين، يَسْقى فلا ينقطع. وقد يحدث أيضًا في حوالي المقعدة وفي اللثة وهو معرَّب.

وقال صاحب القاموس المحيط ص 620 الناسُور: العِرق الغَبرُ الذي لا ينقطع، علَّةٌ في المآقي، وعلّةٌ في حوالي المقعدة، وعلَّةٌ في اللثة.

(5)

في سننه (1/ 395 رقم 4).

(6)

في المستدرك (1/ 275) وقال: صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. =

ص: 147

4/ 1154 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ أبي عُتْبَةَ قالَ: صَحِبْتُ جابِرَ بْنَ عَبْدِ الله وأبا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ وأبا هُرَيْرَةَ في سفينة فَصَلَّوا قِيامًا فِي جَماعَةٍ أمَّهُمْ بَعْضُهُمْ وَهُمْ يَقْدِرُونَ على الجُدّ. رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ)

(1)

. [إسناده حسن]

قوله: (صلّ فيها قائمًا إلا أن تخاف الغرق)، فيه أن الواجب على من يصلي في السفينة القيام، ولا يجوز له القعود إلا عند خشية الغرق.

ويؤيد ذلك الأحاديث المتقدمة الدالة على وجوب القيام في مطلق صلاة الفريضة، فلا يصار إلى جواز القعود في السفينة ولا غيرها إلا بدليل خاصّ.

وقد قدمنا ما يدلّ على الترخيص في صلاة الفريضة على الراحلة عند العذر، والرخص لا يقاس عليها، وليس راكب السفينة كراكب الدابة لتمكنه من الاستقبال.

ويقاس على مخافة الغرق المذكورة في الحديث ما سواها من الأعذار.

قوله: (وهم يقدرون على الجدّ) بضم الجيم وتشديد الدال: هو شاطئ البحر. والمراد أنهم: يقدرون على الصلاة في البرّ، وقد صحت صلاتهم في السفينة مع اضطرابها، وفيه جواز الصلاة في السفينة وإن كان الخروج إلى البرّ ممكنًا

(2)

.

= قلت: فيه بشر بن فافا، وضعفه الدارقطني كذا في الميزان - (1/ 323 رقم الترجمة 1215) - لكن ما بيَّن وجه الضعف فهو جرح مبهم.

وهو حديث صحيح. وقد صححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع رقم (3777) وأورده في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ص 79 ط: المعارف.

(1)

أخرجه البخاري في صحيحه (1/ 488 رقم الباب 20 - مع الفتح) معلقًا. ووصله ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 266) بسند حسن.

(2)

• حكم صلاة الفرض في السفينة إذا قدر على الخروج منها:

(القول الأول): لا تجوز صلاة الفرض في السفينة إذا كان المصلي قادرًا على الخروج منها. وهو إحدى الروايتين عند الحنابلة - المستوعب (2/ 98). والإنصاف (2/ 311).

(القول الثاني): تجوز الصلاة في السفينة إذا كانت مستقرة على الأرض، فإن لم تكن مستقرة على الأرض بأن كانت مربوطة ويمكنه الخروج منها لم تجز صلاته فيها، وهذا أحد القولين عند الحنفية، وهو قول المحققين من علماء مذهبهم - بدائع الصنائع (1/ 109) والدرر الثمينة في حكم الصلاة في السفينة للحموي ص 33. =

ص: 148

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (القول الثالث): تجوز الصلاة في السفينة ولو أمكنه الخروج منها، إذا استقبل القبلة وأتم أركانها.

وإلى هذا القول ذهب المالكية - المدونة (1/ 117) مواهب الجليل (2/ 516) - والشافعية - المجموع (3/ 241) وروضة الطالبين (1/ 213) - وهو الصحيح من مذهب الحنابلة - المستوعب (2/ 98) والإنصاف (2/ 311) - والراجح هو القول الثالث لتمكن المصلي من القيام والقعود والسجود والدوران إلى القبلة كلما دارت، فأشبه ما إذا كانت واقفة على الأرض والله أعلم.

• حكم استقبال القبلة في السفينة السائرة إذا انحرفت عن القبلة في صلاة الفريضة:

(القول الأول): لا يجب على المفترض أن يدور إلى القبلة كلما دارت السفينة فهو في هذه الحالة كالمتنفل. وهذا وجه عند الحنابلة.

وصرح الحنابلة بأن الملاح لا يلزمه الدوران إلى القبلة عند دوران السفينة، وذلك لحاجته إلى تسيير السفينة - الفروع وتصحيحها (1/ 380 - 381) وكشاف القناع (1/ 304).

(القول الثاني): يجب استقبال القبلة لمن يصلي الفريضة في السفينة، فإذا هبت الريح فتحول وجه السفينة وتحول وجهه عن القبلة أو تحولت السفينة عن القبلة لسبب آخر وجب عليه أن يرد وجهه إلى القبلة بقدر الإمكان.

وبهذا قال جمهور الفقهاء من الحنفية - المبسوط (2/ 3) ومراقي الفلاح مع حاشية الطحاوي (1/ 223) - والمالكية - التاج والإكليل (1/ 509) والشرح الكبير للدردير (1/ 226) - والشافعية - روضة الطالبين (1/ 210) ومغني المحتاج (1/ 144) - وهو الصحيح من مذهب الحنابلة - الإنصاف (2/ 4) وكشاف القناع (1/ 304) - لأن التوجه إلى القبلة فرضت عند القدرة، وهذا قادر ولا مشقة عليه في ذلك وهذا هو الراجح.

• حكم استقبال القبلة في صلاة النافلة في السفينة:

(القول الأول): يجب استقبال القبلة في صلاة النافلة عند ركوب السفينة إذا كان يمكنه ذلك.

وإلى هذا القول ذهب المالكية - التاج والإكليل (1/ 509) ومواهب الجليل (2/ 516) - والشافعية - الحاوي الكبير (1/ 74) وروضة الطالبين (1/ 210) واستثنى الشافعية الملاح فيجوز له ترك استقبال القبلة عندهم في حال تسييره للسفينة.

(القول الثاني): لا يجب استقبال القبلة في النافلة لراكب السفينة، ولا يلزمه أن يدور إلى جهة القبلة إذا تحولت السفينة، وهو المفهوم من عبارة الحنفية - حاشية ابن عابدين (2/ 500) بتحقيقنا. وهذا القول هو الصحيح من مذهب الحنابلة - المستوعب (2/ 99) والإنصاف (2/ 311).

والراجح هو القول الثاني لتوافقه مع ما عهد من الشريعة في التيسير على الناس.

• حكم الصلاة في السفينة السائرة قاعدًا مع القدرة على القيام في الفريضة: =

ص: 149

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (القول الأول): تصح صلاة من صلى في السفينة السائرة قاعدًا ولو كان قادرًا على القيام وبه قال أبو حنيفة - المبسوط (2/ 2) وبدائع الصنائع (1/ 109).

واستدل بحديث عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعدًا فقال: من صلى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا فله نصف أجر القائم

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1115).

وأجيب عن هذا الاستدلال بأنه محمول على النافلة؛ لأن صلاة القاعد فيها على النصف من صلاة القائم، فأما في الفريضة فلا؛ لأنه إذا كان قادرًا على القيام لم يجز، وإن كان عاجزًا أجزأه كالقائم وهما في الأجر سواء - الحاوي الكبير (2/ 382) -.

واستدل أيضًا بأثر سويد بن غفلة، وابن سيرين، ومجاهد. ويجاب أن فعل الصحابي إنما يحتج به إذا لم يكن في المسألة نص غيره، ولم يعارضه قول صحابي آخر. وكذلك قول النابعي إنما يروي ما كان يفعل في عهده مما رآه من الصحابة وكبار التابعين حيث عاصر كثيرًا منهم.

(القول الثاني): لا يجوز لمن يصلي الفريضة في السفينة ترك القيام ما دام يقدر على ذلك.

وإلى هذا القول ذهب أبو يوسف، ومحمد بن الحسن من الحنفية، المبسوط (2/ 2) وبدائع الصنائع (1/ 109) - وإليه ذهب المالكية - مواهب الجليل (2/ 516) - والشافعية - الحاوي الكبير (2/ 346، 381) - والحنابلة - المغني (2/ 572) والإنصاف (2/ 311) وكشاف القناع (1/ 502).

واستدلوا:

1 -

بقوله تعالى في سورة البقرة الآية (238): {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فالأمر بالقيام عام لكل مصل في السفينة وغيرها - الحاوي الكبير (2/ 382).

2 -

وبالحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1117) عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال:"صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب".

ووجه الاستدلال بهذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمران بن حصين بأن يصلي قائمًا، فإن لم يستطع فقاعدًا، والمصلي في السفينة قادر على القيام ومستطيع له، فليس له أن ينتقل إلى القعود إلَّا بعذر مانع من القيام - بدائع الصنائع (1/ 109).

3 -

وبالحديث الصحيح الذي تقدم برقم (3/ 1153) من كتابنا هذا.

4 -

وللأثر الذي تقدم برقم (4/ 1154) بسند حسن من كتابنا هذا.

5 -

والقيام ركن من أركان الصلاة لا يسقط إلا بعذر ولم يوجد - بدائع الصنائع (1/ 109) والحاوي الكبير (2/ 382).

والراجح والله أعلم القول الثاني لقوة أدلته المتقدمة.

ص: 150

[ثامن عشر] أبواب صلاة المسافر

[الباب الأول] باب اختيار القصر وجواز الإِتمام

1/ 1155 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: صَحِبْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وكانَ لا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ على رَكْعَتَيْنِ، وأبا بَكْرٍ وَعُمَرَ وعُثْمانَ كَذَلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

(1)

. [صحيح]

2/ 1156 - (وَعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الخطَّابِ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101]، فَقَدْ أمِنَ الناسُ، قالَ: عَجِبْتُ مِما عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسألْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقالَ: "صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ الله بِهَا عَلَيْكُمْ، فاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخاريَّ)

(2)

. [صحيح]

قوله: (وكان لا يزيد في السفر على ركعتين) فيه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لازم القصر في السفر ولم يصلّ فيه تمامًا.

ولفظ الحديث في صحيح مسلم

(3)

: "صحبتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل". [وظاهر]

(4)

هذه الرواية، [وكذا]

(5)

الرواية التي ذكرها المصنف أن عثمان لم يصلّ في السفر تمامًا.

(1)

أحمد (2/ 56) والبخاري رقم (1102) ومسلم رقم (8/ 689).

(2)

أحمد (1/ 25) ومسلم رقم (4/ 686) وأبو داود رقم (1199) والترمذي رقم (3034) والنسائي رقم (1433) وابن ماجه رقم (1065).

(3)

رقم (8/ 689) وقد تقدم.

(4)

في المخطوط (ب): (فظاهر).

(5)

في المخطوط (ب): (وكذلك).

ص: 151

وفي رواية لمسلم

(1)

عن ابن عمر أنه قال: "ومع عثمان صدرًا من خلافته ثم أتم".

وفي رواية

(2)

: "ثمان سنين أو ستّ سنين".

قال النووي

(3)

: وهذا هو المشهور أن عثمان أتمّ بعد ستّ سنين من خلافته.

وتأوّل العلماء هذه الرواية أن عثمان لم يزد على ركعتين حتى قبضه الله في غير منى.

والرواية المشهورة بإتمام عثمان بعد صدر من خلافته محمولة على الإِتمام بمنى خاصة.

وقد صرّح في رواية بأن إتمام عثمان كان بمنى.

وفي البخاري

(4)

ومسلم

(5)

أن عبد الرحمن بن يزيد قال: صلى بنا عثمان بمنى أربع ركعات، فقيل في ذلك لعبد الله بن مسعود فاسترجع، ثم قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر الصدّيق بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب بمنى ركعتين، فليت حظي من أربع، ركعتان متقبلتان.

قوله: (عجبت مما عجبت منه)، في رواية لمسلم

(6)

: "عجبتُ ما عجبتَ منه" والرواية الأولى هي المشهورة المعروفة كما قال النووي

(7)

.

قوله: (صدقة تصدّق الله بها عليكم) فيه جواز قول القائل: تصدّق الله علينا، واللهمّ تصدّق علينا، وقد كرهه بعض السلف.

قال النووي

(8)

: وهو غلط ظاهر.

(1)

في صحيحه رقم (16/ 694).

(2)

أي لمسلم في صحيحه رقم (18/ 694).

(3)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 198 - 199).

(4)

البخاري في صحيحه رقم (563).

(5)

مسلم في صحيحه رقم (19/ 695).

(6)

في صحيحه رقم (4/ 686).

(7)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 196).

(8)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 196) وتمام عمارته: "وقد أوضحته في أواخر كتاب الأذكار ص 588" اهـ. =

ص: 152

واعلم أنه قد اختلف أهل العلم: هل القصر واجب أم رخصة والتمام أفضل؟.

فذهب إلى الأوّل: الحنفية

(1)

والهادوية

(2)

، وروي عن عليّ

(3)

وعمر

(4)

ونسبه النووي

(5)

إلى كثير من أهل العلم.

قال الخطابي في المعالم

(6)

: كان مذهب أكثر علماء السلف وفقهاء الأمصار على أن القصر هو الواجب في السفر، وهو قول عليّ (3) وعمر (4) وابن عمر

(7)

وابن عباس

(8)

،

= وقال رحمه الله في أواخر الأذكار ما نصه: "فمن ذلك ما حكاهُ الإمام أبو جعفر النحاس في كتابه "شرح أسماء الله تعالى سبحانه" عن بعض العلماء أنه كره أن يُقال: تصدّق الله عليكَ، قال: لأن المتصدّقَ يرجو الثواب. قلت: هذا الحكم خطأ صريح، وجهل قبيح، والاستدلال أشدُّ فسادًا.

وقد ثبت في صحيح مسلم - وغيره - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في قصر الصلاة: "صدقةٌ تصدَّقَ اللهُ بها عليكم فاقبلوا صدقتهُ". وهو حديث صحيح.

- أخرجه مسلم رقم (686) وأبو داود رقم (1199) والترمذي رقم (3037) والنسائي (3/ 116).

(1)

البناية في شرح الهداية (3/ 40).

(2)

البحر الزخار (2/ 42).

(3)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 332) ث (2232) عن ثور بن أبي فاختة عن أبيه أن عليًا قال: "صلاة المسافر ركعتان".

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(2/ 519 رقم 4280).

(4)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 333) ث (2231) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عمر بن الخطاب قال: "صلاة المسافر ركعتان تمام ليس بقصر على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 519 رقم 4278) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 447).

(5)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 194، 197) والمجموع (4/ 219 - 220).

(6)

في معالم السنن (2/ 605 - مع السنن).

(7)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 333 ث 2235) عن مورق العجلي قال: سألت ابن عمر عن الصلاة في السفر فقال: ركعتين ركعتين، من خالف السنة كفر".

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 519 - 520 رقم 4281) وعن طريق عبد الرزاق أخرجه عبد بن حميد رقم (829) وهو أثر صحيح.

(8)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 333 ث 2237) عن أبي حمزة قال: قلت لابن عباس: ما تطيب نفسي أن أصلي بمكة ركعتين، قال: أفتطيب نفسك أن تصلي الصبح أربعًا؟ فإنه كذلك فإذا صليت ركعتين فصل بعدها ركعتين. وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار رقم (2186) وهو أثر صحيح.

ص: 153

وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز

(1)

، وقتادة

(2)

والحسن

(3)

.

وقال [حماد بن سليمان

(4)

]

(5)

: يعيد من يصلي في السفر أربعًا.

وقال مالك

(6)

: يعيد ما دام في الوقت اهـ.

وإلى الثاني: الشافعي

(7)

ومالك

(8)

وأحمد

(9)

.

قال النووي

(10)

: وأكثر العلماء، وروي عن عائشة

(11)

وعثمان

(12)

وابن عباس

(13)

.

قال ابن المنذر

(14)

: وقد أجمعوا على أنه لا يقصر في الصبح ولا في المغرب.

(1)

حكى ابن المنذر في الأوسط (4/ 334) عن عمر بن عبد العزيز قوله: الصلاة في السفر ركعتان حتمان لا يصلح غيرها.

(2)

و

(3)

أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 520 رقم 4282) من طريق معمر عن الحسن، وقتادة قالا: المسافر يصلي ركعتين حتى يرجع، إلا أن يدخل مصرًا من أمصار المسلمين فإنه يتم.

(4)

حكى ابن المنذر في الأوسط (4/ 334) عنه أنه كان يرى أن يعيد من صلى في السفر أربعًا.

(5)

كذا في المخطوط (أ)، (ب) والصواب (حماد بن أبي سليمان) المتوفى سنة (120 هـ)، انظر:"تهذيب التهذيب"(1/ 483 - 484).

(6)

حكى ابن القاسم عن مالك أنه قال: يعيد ما كان في وقت، فأما ما مضى وقته فلا إعادة. الأوسط لابن المنذر (4/ 334).

(7)

المجموع (4/ 224) والأم (2/ 356 - 357).

(8)

المدونة (1/ 119).

(9)

المغني لابن قدامة (3/ 142 - 143).

(10)

في المجموع (4/ 220).

(11)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 335 ث 2239) عن عروة عن عائشة قال: كانت تصوم في السفر، وتصلي أربعًا، وكانت تتم.

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 561 رقم 4461) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 452).

(12)

حكاه عنه النووي في المجموع شرح المهذب (4/ 225).

(13)

سبق تخريجه في الصفحة السابقة. رقم التعليقة (8).

(14)

في الأوسط (4/ 331 م 666) والإجماع له رقم (59).

ص: 154

قال النووي

(1)

: ذهب الجمهور إلى أنه يجوز القصر في كل سفر مباح. وذهب بعض السلف إلى أنه يشترط في القصر الخوف في السفر، وبعضهم كونه سفر [حج أو عمرة، وعن بعضهم كونه سفر]

(2)

طاعة.

احتج القائلون بوجوب القصر بحجج:

(الأولى): ملازمته صلى الله عليه وسلم للقصر في جميع أسفاره، كما في حديث ابن عمر

(3)

المذكور في الباب، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أتم الرباعية في السفر البتة كما قال ابن القيم

(4)

، وأما حديث عائشة الآتي

(5)

المشتمل على أنه صلى الله عليه وسلم أتمّ الصلاة في السفر فسيأتي أنه لم يصحّ.

ويجاب عن هذه الحجة بأن مجرّد الملازمة لا يدل على الوجوب كما ذهب إلى ذلك جمهور أئمة الأصول

(6)

وغيرهم.

(الحجة الثانية) حديث عائشة المتفق عليه

(7)

بألفاظ منها: "فرضت الصلاة ركعتين، فأقّرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر"، وهو دليل ناهض على الوجوب؛ لأن صلاة السفر إذا كانت مفروضة ركعتين لم تجز الزيادة عليها، كما أنها لا تجوز الزيادة على أربع في الحضر.

وقد أجيب عن هذه الحجة بأجوبة:

(منها): أن الحديث من قول عائشة غير مرفوع، وأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة، وأنه لو كان ثابتًا لنقل تواترًا.

وقد قدمنا الجواب عن هذه الأجوبة في أوّل كتاب الصلاة في الموضع الذي ذكر فيه المصنف حديث عائشة

(8)

.

(ومنها) أن المراد بقولها: "فرضت" أي قدّرت، وهو خلاف الظاهر.

(1)

في المجموع شرح المهذب (4/ 224).

(2)

ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).

(3)

تقدم برقم (1155) من كتابنا هذا.

(4)

في "زاد المعاد في هدي خير العباد" له (1/ 447).

(5)

برقم (1157، 1158) من كتابنا هذا.

(6)

إرشاد الفحول (ص 158) بتحقيقي والبحر المحيط (4/ 177).

(7)

أحمد (6/ 234) والبخاري رقم (1090) ومسلم رقم (1/ 685).

(8)

الباب الأول عند الحديث رقم (394) من كتابنا هذا.

ص: 155

(ومنها) ما قال النووي

(1)

أن المراد بقولها: "فرضت" يعني لمن أراد الاقتصار عليهما، فزيد في صلاة الحضر ركعتان على سبيل التحتم، وأقرّت صلاة السفر على جواز الاقتصار، وهو تأويل متعسف لا يعوّل على مثله.

(ومنها) المعارضة لحديث عائشة بأدلتهم التي تمسكوا بها في عدم وجوب القصر، وستأتي ويأتي الجواب عنها.

الحجة الثالثة ما في صحيح مسلم

(2)

عن ابن عباس أنه قال: "إن الله عز وجل فرض الصلاة على لسان نبيكم على المسافر ركعتين، وعلى المقيم أربعًا، والخوف ركعة"، فهذا الصحابي الجليل قد حكى عن الله عز وجل أنه فرض صلاة السفر ركعتين، وهو أتقى لله وأخشى من أن يحكي أن الله فرض ذلك بلا برهان.

والحجة الرابعة حديث عمر عند النسائي

(3)

وغيره: "صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الفجر ركعتان، وصلاة المسافر ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم " وسيأتي

(4)

، وهو يدلّ على أن صلاة السفر مفروضة كذلك من أوّل الأمر وأنها لم تكن أربعًا ثم قصرت.

وقوله: "على لسان محمد" تصريح بثبوت ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم.

الحجة الخامسة حديث ابن عمر الآتي

(5)

بلفظ: "أمرنا أن نصلي ركعتين في السفر".

واحتجّ القائلون بأن القصر رخصة. والتمام أفضل [بحجج]

(6)

:

(الأولى منها) قول الله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101]، ونفي الجناح لا يدلّ على العزيمة بل على الرخصة، وعلى أن الأصل التمام، والقصر إنما يكون من شيء أطول منه.

(1)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 194 - 195).

(2)

في صحيحه رقم (5، 6/ 687).

(3)

في سننه رقم (1420).

(4)

برقم (1159) من كتابنا هذا.

(5)

برقم (1160) من كتابنا هذا.

(6)

سقط من المخطوط (ب).

ص: 156

وأجيب بأن الآية وردت في قصر الصفة في صلاة الخوف لا في قصر العدد لما علم من تقدّم [شرعية]

(1)

قصر العدد.

قال في الهدي

(2)

- وما أحسن ما قال -: وقد يقال: "إن الآية اقتضت قصرًا يتناول قصرَ الأركان بالتخفيف، وقصر العدد بنُقصان ركعتين. وقُيِّدَ ذلك بأمرين: الضرب في الأرض، والخوفِ؛ فإذا وُجدَ الأمرانِ أبيحَ القصران، فيُصلُّون صلاةَ خوف مقصورًا عددُها وأركانُها، وإن انتفى الأمرانِ، وكانوا آمنين مقيمين، انتفى القصران، فيصلُّون صلاة تامة كاملة، وإن وُجدَ أحدُ السببين، ترتب عليه قصرُه وحدَه، فإن وُجِدَ الخوفُ والإِقامة قُصرت الأركانُ، واستوفي العدد، وهذا نوع قصر، وليس بالقصر المطلق في الآية، وإن وُجدَ السفرُ والأمنُ، قُصِرَ العددُ واستوفيت الأركان وصليت صلاة أمن، وهذا أيضًا نوع قَصْرٍ وليس بالقصر المطلق؛ وقد تُسمى هذه الصلاة مقصورة باعتبار نقصان العدد، وقد تُسمى تامة باعتبار تمام أركانها، وإن لم تدخل في الآية" اهـ.

(الحجة الثانية) قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب

(3)

: "صدقة تصدّق الله بها عليكم"، فإن الظاهر من قوله صدقة أن القصر رخصة فقط.

وأجيب بأن الأمر بقبولها يدلّ على أنه لا محيص عنها وهو المطلوب.

(الحجة الثالثة) ما في صحيح مسلم

(4)

وغيره

(5)

أن الصحابة كان يسافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنهم القاصر ومنهم المتمّ ومنهم الصائم ومنهم المفطر لا يعيب بعضهم على بعض.

كذا قال النووي في شرح مسلم

(6)

، ولم نجد في صحيح مسلم قوله:"فمنهم القاصر ومنهم المتتم" وليس فيه إلا أحاديث الصوم والإِفطار، وإذا ثبت ذلك فليس فيه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وقرّرهم عليه، وقد نادت أقواله وأفعاله بخلاف ذلك.

(1)

سقط من المخطوط (ب).

(2)

زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 449).

(3)

رقم (1156) من كتابنا هذا.

(4)

في صحيحه رقم" (97/ 1117).

(5)

كأبي داود في سننه رقم (2405).

(6)

(5/ 194 - 195).

ص: 157

وقد تقرّر أن إجماع الصحابة في عصره صلى الله عليه وسلم ليس بحجة

(1)

، والخلاف بينهم في ذلك مشهور بعد موته.

وقد أنكر جماعة منهم على عثمان لما أتم بمنى، وتأوّلوا له تأويلات: قال ابن القيم

(2)

: أحسنها أنه كان قد تأهَّل بمنى، والمسافر إذا أقام في موضع وتزوّج فيه، أو كان له به زوجة أتم.

وقد روى أحمد

(3)

عن عثمان أنه قال: أيها الناس لما قدمت منى تأهلت بها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا تأهل رجل ببلد فليصلّ به صلاة مقيم".

ورواه أيضًا عبد الله بن الزبير الحميدي في مسنده

(4)

أيضًا.

وقد أعله البيهقي

(5)

بانقطاعه وتضعيفه عكرمة بن إبراهيم، وسيأتي الكلام عليه.

(الحجة الرابعة) حديث عائشة الآتي

(6)

وسيأتي الجواب عنه.

وهذا النزاع في وجوب القصر وعدمه. وقد لاح من مجموع ما ذكرنا رجحان القول بالوجوب. وأما دعوى أن التمام أفضل فمدفوعة بملازمته صلى الله عليه وسلم للقصر في جميع أسفاره وعدم صدور التمام عنه كما تقدم، ويبعد أن يلازم صلى الله عليه وسلم طول عمره المفضول ويدع الأفضل

(7)

.

(1)

انظر: "إرشاد الفحول" ص 227، بتحقيقي والكوكب المنير (2/ 210).

(2)

في زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 453).

(3)

في المسند (1/ 62) بسند ضعيف.

وأخرجه الحميدي في مسنده رقم (36) وتكلم على الحديث أبو الأشبال في تخريجه لمسند أحمد (1/ 351 رقم 443) كلامًا طيبًا فانظره إن شئت.

(4)

رقم الحديث (36) وقد تقدم.

(5)

ذكر ذلك ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 453).

(6)

برقم (1157) من كتابنا هذا.

(7)

قال الشوكاني في "السيل الجرار"(1/ 621) بتحقيقي: "فهذه الأدلةُ قد دلتْ على أن القصرَ واجبٌ عزيمةٌ غيرُ رخصةٍ.

وأما قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ} [النساء: 101] فهو وارد في صلاة الخوف. =

ص: 158

3/ 1157 - (وَعَنْ عائِشَةَ قالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ النبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي عُمْرَة رَمَضَانَ فَأَفْطَرَ وَصُمْتُ، وقَصَرَ وأتمَمْتُ، فَقُلْتُ: بأبي وأُمِّي أفْطرْتَ وَصُمْتُ، وَقَصَرْتَ وأتمَمْتُ، فَقالَ:"أحْسَنْتِ يا عائشَةُ"، رَوَاهُ الدَّارَقُطْني

(1)

وَقالَ: هَذا إسْنادٌ حَسَنٌ). [ضعيف]

4/ 1158 - (وَعَنْ عائِشَةَ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَقْصُرُ في السَّفَر وَيُتِمُّ، وَيُفْطِرُ وَيَصُومُ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِي

(2)

وَقالَ: إسْنادٌ صَحيحٌ). [ضعيف]

= والمراد قصر الصِفةِ لا قصرُ العدد كما ذكر ذلك المحققون، وكما يدل عليه آخر الآية.

ولو سلَّمنا أنها في صلاةِ القصر لكان ما يفهمُ من رفعِ الجُناح غيرَ مراب به ظاهِرُه لدِلالةِ الأحاديث الصحيحة على أن القصر عزيمةٌ لا رخصة.

ولم يرِدْ في السُّنةِ ما يصلح لمعارضةِ ما ذكرناه من الأدلة الصحيحة" اهـ.

(1)

في "السنن"(2/ 188 رقم 39) وقال الدارقطني عقب الحديث (40): "الأول متصل وهو إسناد حسن، وعبد الرحمن قد أدرك عائشة، ودخل عليها وهو مراهق، وهو مع أبيه وقد سمع منها" اهـ.

قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 142) وقال: إسناده صحيح.

وذكر صاحب "التنقيح" أن هذا المتن منكر. فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان قط.

قلت: أخرج البخاري رقم (1778) ومسلم رقم (1253) عن قتادة: سألت أنسًا رضي الله عنه: كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع؛ عمرة الحديبية في ذي القعدة حيث صده المشركون، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة حيث صالحهم، وعمرة الجعرانة إذا قسمَ غنيمة - أُرَاهُ - حنين. قلت: كم حجَّ؟ قال: واحدة".

وقال النووي في "الخلاصة" - كما في نصب الراية (2/ 192) -: في هذا الحديث إشكال، فإن المعروف أنه صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا أربع عمر. كلهن في ذي القعدة.

• قال ابن القيم: في زاد المعاد (1/ 454 - 455):

"وسمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذا الحديث كذث على عائشة، ولم تكن عائشة لتصلي بخلاف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسائر الصحابة، وهي تشاهدهم يقصُرون، ثم تتم هي وحدها بلا موجب.

كيف وهي القائلة: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فزيد في صلاة الحضر، وأقِرَّت صلاةُ السفر.

فكيف يُظن أنها تزيد على ما فرض الله، وتُخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

(2)

في السنن (2/ 189 رقم 44) وقال: وهذا إسناد صحيح.

وتعقبه الحافظ في "بلوغ المرام" رقم (2/ 400) بتحقيقي: "ورواته ثقات إلا أنه معلول، والمحفوظ عن عائشة من فعلها. وقالت: إنه لا يشق عليَّ. أخرجه البيهقي - في السنن الكبرى (3/ 142) - وهو حديث ضعيف.

ص: 159

الحديث الأوّل أخرجه أيضًا النسائي

(1)

والبيهقي

(2)

بزيادة: "أن عائشة اعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة إلى مكة، حتى إذا قدمت مكة قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أتممت وقصرت" الحديث.

وفي إسناده العلاء بن زهير عن عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي عنها. والعلاء بن زهير قال ابن حبان

(3)

: كانَ يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات فبطل الاحتجاج به فيما لم يوافق الأثبات.

وقال ابن معين: ثقة

(4)

.

وقد اختلف في سماع عبد الرحمن منها

(5)

.

فقال الدارقطني: أدرك عائشة ودخل عليها وهو مراهق.

قال الحافظ

(6)

: وهو كما قال، ففي تاريخ البخاري

(7)

وغيره ما يشهد لذلك.

وقال أبو حاتم (5): أدخل عليها وهو صغير ولم يسمع منها؛ وادّعى ابن أبي شيبة والطحاوي ثبوت سماعه منها.

وفي رواية الدارقطني

(8)

عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشة، قال أبو بكر النيسابوري: من قال فيه: عن عائشة، فقد أخطأ.

واختلف قول الدارقطني فيه، فقال في السنن

(9)

: إسناده حسن، وقال في العلل

(10)

: المرسل أشبه.

قال في البدر المنير: إن في متن هذا الحديث نكارة وهو كون عائشة خرجت معه في عمرة رمضان.

(1)

في سننه رقم (1456).

(2)

في السنن الكبرى (3/ 142).

(3)

في "المجروحين"(2/ 183).

(4)

حكاه الذهبي في "الميزان"(3/ 101 رقم 5731).

(5)

المراسيل (ص 129 رقم 464) والجرح والتعديل (5/ 209 رقم 986).

(6)

في "التلخيص"(2/ 92 - 93).

(7)

في التاريخ الكبير (5/ 252 - 253).

(8)

في سنته (2/ 188 رقم 39) ورقم (40).

(9)

في السنن (2/ 188).

(10)

ذكره ابن حجر في "التلخيص"(2/ 92).

ص: 160

والمشهور أنه صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا أربع عمر ليس منهنّ شيء في رمضان بل كلهنّ في ذي القعدة، إلا التي مع حجته فكان إحرامها في ذي القعدة وفعلها في ذي الحجة. قال: هذا هو المعروف في الصحيحين

(1)

وغيرهما.

قال: وتمحل بعض شيوخنا الحفاظ بالجواب عن هذا الإِشكال فقال: لعل عائشة ممن خرج مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سفره عام الفتح، وكان سفره ذلك في رمضان، ولم يرجع من سفره ذلك حتى اعتمر عمرة [الجِعْرانَة]

(2)

، فأشارت بالقصر والإِتمام والفطر والصيام والعمرة إلى ما كان في تلك السفرة.

قال: قال شيخنا: وقد روي من حديث ابن عباس

(3)

: "أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر في رمضان"، ثم رأيت بعد ذلك القاضي عياضًا أجاب بهذا الجواب فقال: لعلّ هذه عملها في شوال وكان ابتداء خروجها في رمضان.

وظاهر كلام أبي حاتم بن حبان أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر في رمضان فإنه قال في صحيحه

(4)

: "اعتمر صلى الله عليه وسلم أربعَ عُمَر: الأولى عُمْرَةُ القَضاء سنةَ القابل مِنْ عام الحُديبية، وكان ذلك في رمضان، ثم الثانية حيث فتح مكة، وكان فتحها في رمضان، ثم خرج منها قِبَلَ هَوَازِنَ، وكان مِن أمره ما كان، فلما رجع وبلغ [الجِعْرَانَة] (2) قسم الغنائمَ بها، واعتمر منها إلى مكة وذلك في شوّال، واعتمر الرابعة في حجَّته، وذلك في ذي الحجة سنة عشر من الهجرة". اهـ.

واعترض عليه الحافظ أبو عبد الله بن محمد بن عبد الواحد المقدسي في

(1)

أخرجه البخاري رقم (1778) ومسلم رقم (1253) وقد تقدم.

(2)

في المخطوط (ب): (الجعرانية) وهو خطأ.

• الجِعْرَانَة: بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء، وقد تكسر العين وتشدد الراء: منزل بين الطائف ومكة.

(3)

أخرج البخاري في صحيحه رقم (1782) ومسلم رقم (1256) عن عطاء قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يُخبرنا يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لامرأةٍ من الأنصار سماها ابن عباس فنسيت اسمها: "ما منعك أن تحجي معنا"؟ قالت: كان لنا ناضح فركبَهُ أبو فلان وابنه، لزوجها وابنها، وترك ناضحًا نتضح عليه. قال:"فإذا كان رمضانُ اعتمري فيه، فإنَّ عمرة في رمضان حجة" أو نحو مما قال.

(4)

في صحيحه رقم (9/ 261) من كلامه رحمه الله.

ص: 161

كلام له على هذا الحديث وقال: وهم في هذا في غير موضع، وذكر أحاديث في الردّ عليه.

وقال ابن حزم

(1)

: هذا حديث لا خير فيه وطعن فيه، وردّ عليه ابن النحوي.

قال في الهدي

(2)

بعد ذكره لهذا الحديث: وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية

(3)

يقول: هذا حديث كذب على عائشة، ولم تكن عائشة لتصلي بخلاف صلاة النبيّ وسائر الصحابة وهي تشاهدهم يقصرون ثم تتمّ هي وحدها بلا موجب، كيف وهي القائلة:"فرضت الصلاة ركعتين؛ فزيدت في صلاة الحضر وأقرّت صلاة السفر"

(4)

، فكيف يظنّ بها أنها تزيد على فرض الله وتخالف رسول الله وأصحابه؟.

وقال الزهري

(5)

لهشام لما حدّثه عن أبيه عنها بذلك: فما شأنها كانت تتمّ الصلاه؟ قال: تأولت كما تأوّل عثمان، فإذا كان النبيّ صلى الله عليه وسلم قد حسن فعلها فأقرّها عليه فما للتأويل حينئذٍ وجه، ولا يصحّ أن يضاف إتمامها إلى التأويل على هذا التقدير.

وقد أخبر ابن عمر أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يزيد في السفر على ركعتين ولا أبو بكر ولا عمر

(6)

، أفيظنّ بعائشة أمّ المؤمنين مخالفتهم وهي تراهم يقصرون؟.

وأما بعد موته فإنها أتمت كما أتمّ عثمان، وكلاهما تأوّل تأويلًا، والحجة في روايتهم لا في تأويل الواحد منهم مع مخالفة غيره له اهـ.

والحديث الثاني صحح إسناده الدارقطني

(7)

كما ذكره المصنف.

قال في التلخيص

(8)

: وقد استنكره أحمد وصحته بعيدة فإن عائشة كانت تتمّ.

(1)

في المحلى (4/ 269).

(2)

في زاد المعاد (1/ 454 - 455).

(3)

فتاوى ابن تيمية (24/ 124).

(4)

أخرجه أحمد (6/ 234) والبخاري رقم (1090) ومسلم (1/ 685).

(5)

ذكره ابن القيم في زاد المعاد (1/ 455).

(6)

أخرجه أحمد (2/ 56) والبخاري رقم (1102) ومسلم رقم (8/ 689).

(7)

في السنن (2/ 189 رقم 44).

(8)

(2/ 92 - 93).

ص: 162

وذكر عروة أنها تأوّلت ما تأوّل عثمان كما في الصحيح، فلو كان عندها عن النبيّ صلى الله عليه وسلم رواية لم يقل عروة عنها: إنها تأوّلت.

قال في الهدي

(1)

بعد ذكر هذا الحديث: "وسمعت شيخ الإِسلام ابن تيمية يقول: هو كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال (1): وقد روي: كان يقصُرُ وتُتِمُّ الأوّل بالياء آخر الحروف، والثاني بالتاء المثناة من فوق، وكذلك يُفطر وتَصوم، قال شيخنا

(2)

: وهذا باطل". ثم ذكر نحو الكلام السابق من استبعاد مخالفة عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة.

وكذا ضبط الحافظ في التلخيص

(3)

لفظ تتمّ وتصوم في هذا الحديث بالمثناة من فوق.

وقد استدلّ بحديثي الباب القائلون: بأن القصر رخصة وقد تقدم ذكرهم.

ويجاب عنهم بأن الحديث الثاني

(4)

لا حجة فيه لهم لما تقدم من أن لفظ: تتمّ وتصوم بالفوقانية؛ لأن فعلها - على فرض عدم معارضته لقوله صلى الله عليه وسلم وفعله - لا حجة فيه، فكيف إذا كان معارضًا للثابت عنه من طريقها وطريق غيرها من الصحابة.

وأما الحديث الأول

(5)

فلو كان صحيحًا لكان حجة لقوله صلى الله عليه وسلم في الجواب عنها: أحسنت، ولكنه لا ينتهض لمعارضة ما في الصحيحين وغيرهما من طريق جماعة من الصحابة، وهذا بعد تسليم أنه حسن كما قال الدارقطني

(6)

[فكيف]

(7)

وقد طعن فيه بتلك المطاعن المتقدمة، فإنها بمجرّدها توجب سقوط الاستدلال به عند عدم المعارض.

5/ 1159 - (وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قالَ: صَلاةُ السَّفَر رَكْعَتَانِ، وَصَلاةُ الأضْحَى

(1)

في زاد المعاد (1/ 447).

(2)

ابن تيمية رحمه الله.

(3)

(2/ 92).

(4)

رقم (1158) من كتابنا هذا. وهو حديث ضعيف.

(5)

رقم (1157) من كتابنا هذا. وهو حديث ضعيف.

(6)

في السنن (2/ 188 رقم 39).

(7)

ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).

ص: 163

رَكْعَتانِ، وَصَلَاةُ الفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلاةُ الجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ مِن غَيْرِ قَصْرٍ، على لِسانِ مُحَمدٍ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أحمَدُ

(1)

وَالنَّسائي

(2)

وَابْنُ ماجَهْ)

(3)

. [صحيح]

6/ 1160 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرِ قالَ: إنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أتانا وَنحْنُ ضُلألٌ فَعَلَّمَنَا، فَكانَ فيما عَلَّمَنا أن الله عز وجل أمَرَنا أنْ نُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ. رَوَاهُ النَّسائي)

(4)

. [صحيح]

7/ 1161 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله يُحِبُّ أنْ تُؤتى رُخَصُهُ كما يَكْرَهُ أنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)

(5)

. [صحيح]

الحديث المروي عن عمر رجاله رجال الصحيح إلا زيد بن زياد بن أبي الجعد

(6)

، وقد وثقه أحمد وابن معين. وقد روي من طريق أخرى بأسانيد رجالها رجال الصحيح.

وقد قال ابن القيم في الهدي

(7)

: هو ثابت عنه.

قال (7): وهو الذي سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم: ما بالُنا نقصُر وقد أمِنَّا؟ فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "صدقةٌ تصدَّقَ اللهُ بها عليكم فاقبلُوا صدقتُهُ".

قال (7): ولا تناقضَ بين حديثيه، فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما أجابه بأن هذا صدقة الله

(1)

في المسند (1/ 37).

(2)

في سننه رقم (3/ 111).

(3)

في سننه رقم (1063).

قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (241) وابن حبان رقم (2783) والطيالسي رقم (48)، (136) وعبد الرزاق رقم (4278) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 421) وابن أبي شيبة (2/ 188، 447) وعبد بن حميد رقم (29) والبيهقي (3/ 199 - 200) وأبو نعيم في الحلية (4/ 353 - 354) والبزار في المسند رقم (331) من طرق.

وهو حديث صحيح والله أعلم.

(4)

في سننه رقم (457) وهو حديث صحيح.

(5)

في المسند (2/ 108).

قلت: وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه رقم (950) وابن حبان رقم (2742) وهو حديث صحيح.

(6)

يزيد بن زياد بن أبي الجعد الأشجعي الغطفاني الكوفيُّ، قال أحمد، وابن معين، والعِجْلي: ثقة. وقال النسائي: ليس به بأس صالح الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات."تهذيب التهذيب"(4/ 412).

(7)

في زاد المعاد (1/ 450).

ص: 164

عليكم، ودينُه اليسر السمح، عَلِم عمرُ أنه ليس المرادُ من الآية قصرَ العدد كما فهمه كثير من الناس، قال:"صلاة السفر ركعتان، تمامٌ غير قصر"

(1)

.

وعلى هذا فلا دلالة في الآية على أن قصر العدد مباح منفيّ عنه الجناح، فإن شاء المصلي فعله وإن شاء أتمه.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواظب في أسفاره على ركعتين ركعتين فلم يُربِّع قطُّ إلا شيئًا فعله في بعض صلاة الخوف".

وحديث ابن عمر الثاني أخرجه أيضًا ابن حبان

(2)

وابن خزيمة

(3)

في صحيحيهما.

وفي رواية

(4)

: "كما يحبّ أن تؤتى عزائمه".

وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن عديّ

(5)

.

وعن عائشة عنده

(6)

أيضًا.

والمراد بالرخصة

(7)

: التسهيل والتوسعة في ترك بعض الواجبات أو إباحة بعض المحرّمات.

(1)

أخرجه أحمد (1/ 37) وقد تقدم.

(2)

في صحيحه رقم (2742) وقد تقدم.

(3)

في صحيحه رقم (950) وقد تقدم.

(4)

في رواية لابن حبان في صحيحه رقم (3568) والبيهقي (3/ 140).

(5)

في الكامل لابن عدي (3/ 1191) بلفظ: "فإن الله يحب أن يعمل برخصه كما يعمل بسننه وفرائضه". وقال ابن عدي: إن روايات سعد بن سعيد المقبري عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة عامتها لا يتابعه أحد عليها.

(6)

أي عند ابن عدي في الكامل (5/ 1718).

وأخرجه القضاعي رقم (1079) وابن حبان في الثقات (2/ 200).

ولفظه: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه"، قالت: قلت: يا رسول الله، وما عزائمه؟ قال:"فرائضه". بسند ضعيف.

قلت: وفي الباب أيضًا حديث ابن عباس أخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (354) والطبراني في الكبير رقم (11880) وأبو نعيم في الحلية (8/ 276) والبزار رقم (990 - كشف).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(3/ 162) وقال: ورجال البزار ثقات وكذلك رجال الطبراني.

وهو حديث صحيح.

(7)

انظر: القاموس المحيط ص 800.

ص: 165

وهي في لسان أهل الأصول

(1)

: الحكم الثابت على خلاف دليل الوجوب أو الحرمة لعذر.

وفيه أن الله يحبّ إتيان ما شرعه من [الرخص]

(2)

. وفي تشبيه تلك المحبة بكراهته لإِتيان المعصية دليل على أن في ترك إتيان الرخصة ترك طاعة، كالترك للطاعة الحاصل بإتيان المعصية.

وحديث ابن عمر الأوّل

(3)

من أدلة القائلين بأن القصر واجب، لقوله: فكان فيما علمنا أن الله عز وجل أمرنا أن نصلي ركعتين في السفر. وقد تقدم الكلام على ذلك.

[الباب الثاني] باب الرد على من قال إِذا خرج نهارًا لم يقصر إلى الليل

8/ 1162 - (عَنْ أنَسٍ قالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أرْبَعًا، وَصَلَّيْتُ مَعَهُ العَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

(4)

. [صحيح]

9/ 1163 - (وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الهَنائيّ قالَ: سألْتُ أَنَسًا عَنْ قَصْرِ الصَّلاةِ فَقالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أمْيالٍ، أوْ ثَلاثَةِ فَراسِخَ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ - شُعْبَةُ الشَّاكُّ - رَوَاهُ أحْمَدُ

(5)

وَمُسْلِمٌ

(6)

وأَبُو دَاوُدَ)

(7)

. [صحيح]

(1)

الكوكب المنير (1/ 478) والموافقات (1/ 205) وتيسير التحرير (2/ 228).

(2)

في المخطوط (ب): (الرخصة).

(3)

رقم الحديث (1155) من كتابنا هذا.

(4)

أحمد (3/ 110) والبخاري رقم (1089) ومسلم (10/ 690).

قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1202) والترمذي رقم (546) والنسائي (1/ 235) وأبو يعلى رقم (3633) والبغوي في شرح السنة رقم (1020) وهو حديث صحيح.

(5)

في المسند (3/ 129).

(6)

في صحيحه رقم (12/ 691).

(7)

في سننه رقم (1201).

قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (4198) وأبو عوانة (2/ 346) وابن حبان رقم (2745) =

ص: 166

قوله: (وصليت معه العصر بذي الحليفة)، هكَذا في رواية للبخاري ذكرها الكشميهني

(1)

وهي ثابتة عند مسلم

(2)

وعند البخاري

(3)

أيضًا في كتاب الحجّ.

وقد استدلّ بذلك على إباحة القصر في السفر القصير؛ لأن بين المدينة وذي الحليفة ستة أميال

(4)

.

وتعقب بأنّ ذا الحليفة لم تكن منتهى السفر، وإنما خرج إليها حيث كان قاصدًا إلى مكة واتفق نزوله بها وكانت أوّل صلاة حضرت صلاة العصر فقصرها واستمرّ يقصر إلى أن رجع.

قوله: (إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال) اختلف في تقدير الميل، فقال في الفتح

(5)

: الميل هو من الأرض منتهى مدّ البصر؛ لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه، وبذلك جزم الجوهري

(6)

.

وقيل: أن ينظر إلى الشخص في أرض مستوية فلا يدري أرجل هو أم امرأة أو ذاهب أو آت؟.

قال النووي

(7)

: الميل ستة آلاف ذراع، والذراع أربعة وعشرون أصبعًا معترضة معتدلة، والأصبع ستّ شعيرات معترضة معتدلة.

قال الحافظ

(8)

: وهذا الذي قال هو الأشهر.

ومنهم من عبر عن ذلك باثنى عشر ألف قدم بقدم الإنسان.

وقيل: هو أربعة آلاف ذراع.

= والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 146).

وهو حديث صحيح.

(1)

كما في "الفتح"(2/ 570).

(2)

في صحيحه رقم (10/ 690).

(3)

في صحيحه رقم (1089).

(4)

الميل = 1848 م.

6 أميال = 1848 × 6 = 11088 م = 11.088 كم.

انظر كتابنا: الإيضاحات العصرية للمقاييس والمكاييل والأوزان الشرعية.

(5)

(2/ 567).

(6)

في الصحاح (5/ 1822).

(7)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 195).

(8)

في "الفتح"(2/ 567).

ص: 167

وقيل: ثلاثة آلاف ذراع، نقله صاحب البيان

(1)

.

وقيل: خمسمائة، وصححه ابن عبد البرّ

(2)

. وقيل: ألفا ذراع.

ومنهم من عبر عن ذلك بألف خطوة للجمل.

قال: ثم إن الذراع الذي ذكر النووي

(3)

تحريره قد حرّره غيره بذراع الحديث المشهور في مصر والحجاز في هذه الأعصار، فوجده ينقص عن ذراع الحديث بقدر الثمن، فعلى هذا فالميل بذراع الحديث في القول المشهور خمسة آلاف ذراع ومائتان وخمسون ذراعًا.

قوله: (أو ثلاثة فراسخ) الفرسخ في الأصل: السكون، ذكره ابن سيده

(4)

.

وقيل: السعة. وقيل: الشيء الطويل. وذكر الفراء

(5)

أن الفرسخ فارسي معرّب، وهو ثلاثة أميال

(6)

.

واعلم أنه قد وقع الخلاف الطويل بين علماء الإسلام في مقدار المسافة التي يقصر فيها الصلاة.

قال في الفتح

(7)

: فحكى ابن المنذر

(8)

وغيره فيها نحوًا من عشرين قولًا، أقلّ ما قيل في ذلك: يوم وليلة، وأكثره: ما دام غائبًا عن بلده.

وقيل: أقل ما قيل في ذلك الميل كما رواه ابن أبي شيبة

(9)

بإسناد صحيح عن ابن عمر.

(1)

البيان في مذهب الإمام الشافعي بشرح كتاب المهذب كاملًا والفقه المقارن.

لأبي الحسين يحيى بن أبي الخير العمراني اليمني (2/ 453).

(2)

لم أقف عليه في التمهيد ولا في الاستذكار والله أعلم.

(3)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 195).

(4)

في المحكم والمحيط الأعظم (5/ 333).

(5)

حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 567) وانظر: لسان العرب (3/ 44).

(6)

الفرسخ = 5544 م.

(7)

(2/ 567).

(8)

في "الأوسط"(4/ 346 - 351).

(9)

في المصنف (2/ 443) بإسناد صحيح عن ابن عمر موقوفًا ولفظه: "إذا خرج مسيرة ثلاث أميال".

ص: 168

وإلى ذلك ذهب ابن حزم الظاهري

(1)

، واحتجّ له بإطلاق السفر في كتاب الله تعالى كقوله:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} [النساء: 101] الآية، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فلم يخصّ الله ولا رسوله ولا المسلمون بأجمعهم سفرًا من سفر.

ثم احتجّ على ترك القصر فيما دون الميل بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى البقيع لدفن الموتى وخرج إلى القضاء للغائط والناس معه فلم يقصر [ولا]

(2)

أفطر.

وذكر في المحلى

(3)

من أقوال الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء في تقدير مسافة القصر أقوالًا كثيرة لم يحط بها غيره واستدلّ لها وردّ تلك الاستدلالات.

وقد أخذ بظاهر حديث أنس

(4)

المذكور في الباب الظاهرية كما قال النووي

(5)

.

فذهبوا إلى أن أقل مسافة القصر ثلاثة أميال.

قال في الفتح

(6)

: وهو أصحّ حديث ورد في ذلك وأصرحه، وقد حمله من خالفه على أن المراد المسافة التي يبتدأ منها القصر لا غاية السفر.

قال

(7)

: ولا يخفى بعد هذا الحمل مع أن البيهقي

(8)

ذكر في روايته من هذا الوجه أن يحيى بن يزيد راويه عن أنس قال: سألت أنسًا عن قصر الصلاة وكنت أخرج إلى الكوفة يعني من البصرة فأصلي ركعتين ركعتين حتى أرجع، فقال أنس، فذكر الحديث.

قال (7): فظهر أنه سأله عن جواز القصر في السفر لا عن الموضع الذي يبتدئ القصر منه.

وذهب الشافعي

(9)

ومالك

(10)

وأصحابهما والليث

(11)

والأوزاعي وفقهاء

(1)

في المحلى (3/ 5 - 22).

(2)

في المخطوط (ب): (ولم).

(3)

(2/ 3 - 22).

(4)

رقم الحديث (1162) من كتابنا هذا.

(5)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 195).

(6)

(2/ 567).

(7)

أي الحافظ في الفتح (2/ 567).

(8)

في السنن الكبرى (3/ 146).

(9)

"البيان" للعمراني (2/ 453) والمجموع للنووي (4/ 211).

(10)

المدونة (1/ 120).

(11)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 347).

ص: 169

أصحاب الحديث وغيرهم

(1)

إلى أنه لا يجوز إلا في مسيرة مرحلتين وهما ثمانية وأربعون ميلًا هاشمية كما قال النووي

(2)

.

وقال أبو حنيفة

(3)

والكوفيون: لا يقصر في أقلّ من ثلاث مراحل. وروي عن عثمان

(4)

وابن مسعود

(5)

وحذيفة.

وفي البحر

(6)

عن أبي حنيفة أن مسافة القصر أربعة وعشرون فرسخًا.

وحكى في البحر

(7)

أيضًا عن زيد بن عليّ والنفس الزكية

(8)

والداعي والمؤيد بالله وأبي طالب والثوري والكرخي وإحدى الروايات عن أبي حنيفة

(9)

أن مسافة القصر ثلاثة أيام بسير الإبل والأقدام.

وذهب الباقر والصادق وأحمد بن عيسى والقاسم والهادي إلى أن مسافته بريد فصاعدًا

(10)

.

وقال أنس وهو مرويّ عن الأوزاعي: إن مسافته يوم وليلة

(11)

.

قال في الفتح

(12)

: وقد أورد البخاري ما يدلّ على أن اختياره أن أقلّ مسافة القصر يوم وليلة يعني قوله في صحيحه

(13)

: وسَمَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم

(1)

انظر الأوسط لابن المنذر (4/ 348) والمجموع (4/ 211).

(2)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 195).

(3)

البناية في شرح الهداية (3/ 8).

(4)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 345 ث 2258) عن أبي المهلب أن عثمان بن عفان كتب أنه بلغني أن رجالًا يخرجون إما لجباية أو تجارة وإما لحشر، ثم لا يتمون الصلاة فلا تفعلوا، فإنما يقصر الصلاة من كان شاخصًا أو يحضره عدو. وهو أثر صحيح.

• الحشر: هو القوم الذين يخرجون بدوابهم إلى المرعى.

(5)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 446) وابن المنذر في الأوسط (4/ 345 ث 2257) عن عبد الرحمن بن يزيد - النخعي - عن ابن مسعود قال: لا تقصر الصلاة إلا في حج أو جهاد". وهو أثر صحيح.

(6)

البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (2/ 42).

(7)

البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (2/ 43).

(8)

شفاء الأوام (1/ 418).

(9)

البناية في شرح الهداية (3/ 4).

(10)

البحر الزخار (2/ 43) والشفاء (1/ 418).

(11)

انظر المغني لابن قدامة (3/ 106) والأوسط لابن المنذر (4/ 351).

(12)

(2/ 566).

(13)

(2/ 565 رقم الباب 4 - مع الفتح).

ص: 170

السفر يومًا وليلة بعد قوله: باب في كم تقصُرُ الصلاةَ.

وحجج هذه الأقوال مأخوذ بعضها من قصره صلى الله عليه وسلم في أسفاره، وبعضها من قوله صلى الله عليه وسلم:"لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم"، عند الجماعة إلا النسائي

(1)

.

وفي رواية للبخاري

(2)

من حديث ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم".

وفي رواية لأبي داود

(3)

: "لا تسافر المرأة بريدًا"، ولا حجة في جميع ذلك.

أما قصره صلى الله عليه وسلم في أسفاره فلعدم استلزام فعله لعدم الجواز فيما دون المسافة التي قصر فيها.

وأما نهي المرأة عن أن تسافر ثلاثة أيام بغير ذي محرم فغاية ما فيه إطلاق اسم السفر على مسيرة ثلاثة أيام وهو غير مناف للقصر فيما دونها.

وكذلك نهيها عن سفر اليوم بدون محرم، والبريد لا ينافي جواز القصر في ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ كما في حديث أنس

(4)

؛ لأن الحكم على الأقلّ حكم على الأكثر.

وأما حديث ابن عباس عند الطبراني

(5)

أنه صلى الله عليه وسلم قال: "يا أهل مكة لا

(1)

أحمد (2/ 237) والبخاري رقم (1088) ومسلم رقم (419/ 1339) وأبو داود رقم (1723) والترمذي رقم (1169) وابن ماجه رقم (2899). وسيأتي برقم (1805) من كتابنا هذا.

(2)

في صحيحه رقم (1087) وسيأتي برقم (1803) من كتابنا هذا.

(3)

في سننه رقم (1725).

(4)

تقدم رقم (1162) من كتابنا هذا.

(5)

في المعجم الكبير (ج 11 رقم 11162).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 157) وقال: رواه من رواية ابن مجاهد عن أبيه وعطاء ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات".

قلت: وأخرجه الدارقطني (1/ 387 رقم 1) والبيهقي (3/ 137 - 138) وسميا ابن مجاهد عبد الوهاب.

قال البيهقي: وهذا حديث ضعيف. إسماعيل بن عياش لا يحتج به، وعبد الوهاب بن مجاهد ضعيف بمرة. والصحيح أن ذلك من قول ابن عباس.

ص: 171

تقصروا في أقلّ من أربعة برد من مكة إلى عسفان"، فليس مما تقوم به حجة.

لأن في إسناده عبد الوهاب بن مجاهد بن جبير وهو متروك

(1)

، وقد نسبه النووي إلى الكذب. وقال الأزدي

(2)

: لا تحلّ الرواية عنه، والراوي عنه إسماعيل بن عياش وهو ضعيف في الحجازيين

(3)

وعبد الوهاب المذكور حجازي.

والصحيح أنه موقوف على ابن عباس كما أخرجه عنه الشافعي

(4)

بإسناد صحيح ومالك في الموطأ

(5)

.

إذا تقرّر لك هذا فالمتيقن هو ثلاثة فراسخ؛ لأن حديث أنس

(6)

المذكور في الباب متردّد ما بينها وبين ثلاثة أميال، والثلاثة الأميال مندرجة في الثلاثة الفراسخ، فيؤخذ بالأكثر احتياطًا.

ولكنه روى سعيد بن منصور عن أبي سعيد قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فرسخًا يقصر الصلاة". وقد أورد الحافظ هذا الحديث في التلخيص

(7)

ولم يتكلم عليه، فإن صحّ كان الفرسخ هو المتيقن ولا يقصر فيما دونه إلا إذا كان يسمى سفرًا لغة أو شرعًا.

وقد اختلف أيضًا فيمن قصد سفرًا يقصر في مثله الصلاة على اختلاف

(1)

الميزان (2/ 682) والمجروحين (2/ 146) والجرح والتعديل (6/ 69).

(2)

حكاه عنه ابن حجر في "تهذيب التهذيب"(2/ 640).

(3)

إسماعيل بن عياش أبو عتبة الحمصي. قال البخاري: أراه العنسي. وجزم في الميزان، وقال: عالم أهل الشام. مات ولم يخلف مثله. قال أبو حاتم: لين.

وقال ابن حبان: كثير الخطأ في حديثه. وقال عباس عن يحيى: ثقة. وعن ابن معين ليس به بأس في أهل الشام.

التاريخ الكبير (1/ 369) والمجروحين (1/ 124) والجرح والتعديل (2/ 191) المغني (1/ 85) والميزان (1/ 240) والتقريب (1/ 73) والخلاصة ص 35.

(4)

في المسند (رقم 524 و 525 و 526 - ترتيب) موقوفة على ابن عباس بأسانيد صحيحة والله أعلم.

(5)

في موطئه (1/ 148 رقم 15) بلاغًا.

(6)

تقدم رقم (1162) من كتابنا هذا.

(7)

التلخيص الحبير (2/ 98).

ص: 172

الأقوال من أين يقصر. فقال ابن المنذر

(1)

: أجمعوا على أن لمريد السفر أن يقصر إذا خرج عن جميع بيوت القرية التي يخرج منها.

واختلفوا فيما قبل الخروج من البيوت، فذهب الجمهور

(2)

إلى أنه لا بدّ من مفارقة جميع البيوت.

وذهب بعض الكوفيين

(3)

إلى أنه إذا أراد السفر يصلي ركعتين ولو كان في منزله.

ومنهم من قال: إذا ركب قصر إن شاء.

ورجح ابن المنذر

(4)

الأوّل بأنهم اتفقوا على أنه يقصر إذا فارق البيوت. واختلفوا فيما قبل ذلك فعليه الإِتمام على أصل ما كان عليه حتى يثبت أن له القصر.

قال (4): ولا أعلم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قصر في سفر من أسفاره إلا بعد خروجه من المدينة.

[الباب الثالث] باب أَن من دخل بلدًا فنوى الإِقامة فيه أَربعًا يقصر

10/ 1164 - (عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ فِي المَسِيرِ وَالمُقامِ بِمَكَّةَ إلى أنْ رَجَعُوا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ)

(5)

[بسند حسن منقطع]

(1)

في الأوسط (4/ 351). والإجماع له (ص 43 رقم 61).

(2)

انظر: الأوسط (4/ 351 - 352) والمغني (3/ 111 - 112) والمجموع (4/ 225).

(3)

حكاه عنهم الحافظ في "الفتح"(2/ 565).

(4)

في الأوسط (4/ 354).

(5)

في مسنده (ص 336 رقم 2576).

قلت: وأخرجه أبو يعلى في المسند رقم (22/ 5862) والطبراني في الأوسط رقم (4562).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 156) وقال الهيثمي: ورجال أبي يعلى رجال الصحيح. =

ص: 173

11/ 1165 - (وَعَنْ يَحْيَى بن أبي إسْحاقَ عَنْ أَنَسٍ قالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبْيّ صلى الله عليه وسلم منَ المَدِينَةَ إلى مَكَّةَ، فَصَلى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، حتى رَجَعْنا إلى المَدِينَةِ، قُلْتُ: أَقَمْتُمْ بها شَيْئًا؟ قالَ: أقَمْنا بِها عَشْرًا. مُتَّفقٌ عَلَيْهِ

(1)

[صحيح]

وَلمُسْلِمٍ

(2)

: خَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ إلى الحَجّ. ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. [صحيح]

وَقَالَ أَحْمَدُ

(3)

: إِنَّمَا وَجْهُ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنهُ حَسَبَ مُقامَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ وَإلَّا فَلا وَجْهَ لَهُ غَيْرُ هَذَا.

وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مَكَّةَ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الحِجةِ، فأقامَ بِها الرَّابعَ وَالخامِسَ وَالسَّادِسَ وَالسابعَ، وَصَلى الصُّبْحَ فِي اليَوْمِ الثَّامِنِ، ثُمَّ خَرَجَ إلى منًى، وَخَرَجَ مِنْ مَكةَ مُتَوجِّهًا إلى المَدِينَةِ، بَعْدَ أيامِ التشْرِيقِ

(4)

[إسناده صحيح]

وَمَعْنَى ذلكَ كُلِّهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِما).

قوله: (ركعتين ركعتين) زاد البيهقي

(5)

: "إلا المغرب".

= قلت: حبيب بن أبي حبيب الأنماطي قال الحافظ في "التقريب" رقم (1086): صدوق يخطئ. والخلاصة: إسناده حسن منقطع، والله أعلم.

(1)

أحمد (3/ 187) والبخاري رقم (1081) ومسلم رقم (15/ 693).

قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1233) والترمذي رقم (548) والنسائي (3/ 118، 121) وابن ماجه رقم (1077).

وابن خزيمة رقم (956) وأبو عوانة (2/ 347) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 418) وابن حبان رقم (2754) والبيهقي (3/ 136، 145، 153) والبغوي في شرح السنة رقم (1027) وابن حزم في المحلى (5/ 26) من طرق.

وهو حديث صحيح.

(2)

في صحيحه رقم (000/ 693).

(3)

حكاه ابن قدامة في "المغني"(3/ 150) عنه.

(4)

أخرجه ابن خزيمة في صحيحه رقم (957) بسند صحيح على شرط الشيخين.

وقد أخرجه مسلم وغيره. انظر الفقرة (19) من كتاب "حجة النبي صلى الله عليه وسلم " للمحدث الألباني رحمه الله.

(5)

في السنن الكبرى (3/ 145).

ص: 174

قوله: (أقمنا بها عشرًا) هذا لا يعارض حديث ابن عباس

(1)

وعمران بن حصين

(2)

الآتيين لأنهما في فتح مكة، وهذا في حجة الوداع.

[قوله]

(3)

: (وقال أحمد) إلخ، هذا لا بد منه لما في حديث جابر المذكور في الباب

(4)

.

ومثله أيضًا حديث ابن عباس عند البخاري

(5)

بلفظ: "قدم النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه لصبح رابعة يلبون بالحجّ، فأمرهم أن يجعلوها عمرة" الحديث.

قال في الفتح

(6)

: ولا شكّ أنه خرج من مكة صبح الرابع عشر، فتكون مدّة الإِقامة بمكة ونواحيها عشرة أيام بلياليها كما قال أنس: ويكون مدة إقامته بمكة أربعة أيام لا سوى؛ لأنه خرج منها في اليوم الثامن فصلى بمنى.

وقال الطبري

(7)

: أطلق على ذلك الإِقامة بمكة؛ لأن هذه المواضع مواضع النسك وهي في حكم التابع بمكة لأنها المقصود بالأصالة، لا يتجه سوى ذلك، كما قال أحمد (7).

وقال النووي في شرح مسلم

(8)

: "إن النبيّ صلى الله عليه وسلم قدم مكة في اليوم الرابع فأقام بها الخامس والسادس والسابع وخرج منها في الثامن إلى منى وذهب إلى عرفات في التاسع وعاد إلى منى في العاشر، فأقام بها الحادي عشر والثاني عشر، ونفر في الثالث عشر إلى مكة وخرج منها إلى المدينة في الرابع عشر" فمدّة إقامته صلى الله عليه وسلم في مكة وحواليها عشرة أيام" اهـ.

وقد أشار المصنف

(9)

بترجمة الباب إلى الردّ على الشافعي

(10)

حيث قال: إن المسافر يصير بنية إقامة أربعة أيام مقيمًا.

(1)

سيأتي رقم (1168) من كتابنا هذا.

(2)

سيأتي رقم (1167) من كتابنا هذا.

(3)

ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).

(4)

بإثر كلام أحمد من الحديث رقم (1165) من كتابنا هذا.

(5)

في صحيحه رقم (1085).

(6)

(2/ 562).

(7)

حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 562).

(8)

(5/ 202).

(9)

ابن تيمية الجد في المنتقى (1/ 668).

(10)

الأم (2/ 358) ومعرفة السنن والآثار (4/ 270 رقم 6114).

ص: 175

وقد زعم الطحاوي

(1)

أن الشافعي لم يُسْبق إلى ذلك، وردّ ذلك في الفتح

(2)

بأن أحمد قد قال بنحو ذلك وهي رواية عن مالك

(3)

.

ونسبه في البحر

(4)

إلى عثمان وسعيد بن المسيب وأبي ثور ومالك. واستدلّ لهم بنهيه صلى الله عليه وسلم للمهاجر عن إقامة فوق ثلاثة في مكة فتكون الزيادة عليها إقامة لا قدر الثلاث.

وردّه بأن الثلاث قدر قضاء الحوائج لا لكونها غير إقامة.

وذهبت القاسمية والناصر والإِمامية

(5)

والحسن بن صالح

(6)

وهو مرويّ عن ابن عباس

(7)

أنه لا يتمّ الصلاة إلا من نوى إقامة عشر.

واحتجوا بما روي عن عليّ

(8)

عليه السلام أنه قال: يتمّ الذي يقيم عشرًا والذي يقول: اليوم أخرج، غدًا أخرج؛ يقصر شهرًا، قالوا: وهو توقيف.

(1)

حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 563).

(2)

(2/ 563).

(3)

المدونة (1/ 119) والموطأ (1/ 149 رقم 18).

(4)

البحر الزخار (2/ 46).

(5)

البحر الزخار (2/ 45).

(6)

حكاه عنه ابن قدامة في المغني (3/ 148).

(7)

قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 356): وقالت طائفة: إذا عزم على مقام عشر ليال أتم الصلاة وهذا قول الحسن بن صالح، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب، وابن عباس وليس بثابت عنهما

" اهـ.

قلت: بل الثابت عن ابن عباس ما يلي:

1 -

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 453) عن أبي جمرة نصر بن عمران أنه قال: قلت لابن عباس: إنا نطيل المقام بالغزو في خراسان فكيف ترى؟ قال: صل ركعتين وإن أقمت عشر سنين. وهو أثر صحيح.

2 -

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 453) عن سماك بن سلمة عن ابن عباس قال: إذا أقمت في بلد خمسة أشهر فاقصر الصلاة. وهو أثر صحيح.

3 -

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 454) عن عكرمة عن ابن عباس قال: من أقام سبع عشرة قصر الصلاة، ومن أكثر من ذلك أتم. وهو أثر صحيح.

(8)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 455) وعبد الرزاق في المصنف (2/ 532 رقم 4333) والترمذي تعليقًا (2/ 432).

عن علي قال: إذا أقمت عشرًا فأتم. وهو أثر ضعيف.

ص: 176

وردّ بأنه من مسائل الاجتهاد.

وقال أبو حنيفة

(1)

: إنه يتمّ إذا عزم على إقامة خمسة عشرة يومًا. واحتجّ بما روي عن ابن عباس

(2)

وابن عمر

(3)

أنهما قالا: إذا أقمت ببلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم خمس عشرة ليلة فأكمل الصلاة.

وردّ بأنه لا حجة في أقوال الصحابة في المسائل التي للاجتهاد فيها مسرح وهذه منها وروي عن الأوزاعي

(4)

التحديد باثني عشر يومًا.

وعن رَبيعة

(5)

: يوم وليلة.

وعن الحسن البصري

(6)

أن المسافر يصير مقيمًا بدخول البلد.

وعن عائشة

(7)

: بوضع الرحل.

قال الإِمام يحيى

(8)

: ولا يعرف لهم مستند شرعي، وإنما ذلك اجتهاد من أنفسهم والأمر كما قال هذا الإِمام.

(1)

البناية في شرح الهداية (3/ 19).

(2)

مر تخريجه في الصفحة السابقة. رقم التعليقة (7).

(3)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 455) عن مجاهد قال: كان ابن عمر إذا أجمع على إقامة خمس عشر سرح ظهره وصلى أربعًا. وهو أثر صحيح.

قلت: وقد صح عنه أقوالًا أخرى:

1 -

أخرج عبد الرزاق في المصنف (2/ 538) عن أبي مجلز قال: كنت جالسًا عند ابن عمر فقلت: يا أبا عبد الرحمن آتي المدينة طالب حاجة فأقيم بها السبعة الأشهر والثمانية كيف أصلي؟ قال: ركعتين ركعتين. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 361) وهو أثر صحيح.

2 -

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 355) عن نافع عن ابن عمر قال: إذا أزمعت بالإقامة ثنتي عشرة فأتم الصلاة. وهو أثر صحيح.

3 -

أخرج مالك في الموطأ (1/ 148 رقم 17) عن نافع أن ابن عمر أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته وهو أثر صحيح.

(4)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 356).

(5)

حكاه عنه صاحب البيان العمراني (2/ 474) وابن المنذر في الأوسط (4/ 362).

(6)

حكاه عنه صاحب البيان العمراني (2/ 474).

(7)

حكاه عنها صاحب البيان العمراني (2/ 474). وأخرج أثر عائشة ابن أبي شيبة (2/ 455).

(8)

البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار. (1/ 47).

ص: 177

والحقّ أن من حطّ رحله ببلد ونوى الإِقامة بها أيامًا من دون تردّد لا يقال له: مسافر، فيتمّ الصلاة ولا يقصر إلا لدليل، ولا دليل ههنا إلا ما في حديث الباب من إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة أربعة أيام يقصر الصلاة.

والاستدلال به متوقف على ثبوت أنه صلى الله عليه وسلم عزم على إقامة أربعة أيام، إلا أن يقال: إن تمام أعمال الحجّ في مكة لا يكون في دون الأربع، فكان كلّ من يحجّ عازمًا على ذلك فيقتصر على هذا المقدار ويكون الظاهر، والأصل في حقّ من نوى إقامة أكثر من أربعة أيام هو التمام، وإلا لزم أن يقصر الصلاة من نوى إقامة سنين متعدّدة ولا قائل به.

ولا يرد على هذا قوله صلى الله عليه وسلم في إقامته بمكة في الفتح: "إنا قوم سفر" كما سيأتي

(1)

لأنه كان إذ ذاك متردّدًا ولم يعزم على إقامة مدة معينة

(2)

.

(1)

برقم (1167) من كتابنا هذا.

(2)

انظر المغني لابن قدامة (3/ 150 - 151).

• قال ابن قيم الجوزية في "زاد المعاد"(1/ 463): "ولم يحدَّ لأمتهِ مسافةً محدودة للقصر والفطر، بل أطلقَ لهم ذلك في مُطلق السفر والضرب في الأرض، كما أطلق لهم التيممَ في كل سفر، وأما ما يُروى عنه من التحديد باليوم أو اليومين أو الثلاثةِ، فلم يصحَّ عنه منها شيءٌ البتة. والله أعلم، اهـ.

• وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "كل اسم ليس له حدٌّ في اللغة، ولا في الشرع؛ فالمرجع فيه إلى العُرْف، فما كان سفرًا في عُرف الناس؛ فهو السفر الذي علق به الشارعُ الحكمَ" اهـ.

• وقال المحدث الألباني - رحمه الله تعالى - في "الصحيحة"(1/ 310 - 311):

"وقد اختلف العلماء في المسافة التي تُقصَر فيها الصلاةَ اختلافًا كثيرًا جدًّا، على نحو عشرين قولًا، وما ذكرناه عن ابن تيمية، وابن القيم أقربُها إلى الصواب، وأليقُ بُيْسر الإسلام، فإنَّ تكليفَ الناس بالقصر في سَفَر محدودٍ بيومٍ، أو بثلاثة أيام، وغيرها من التحديدات يستلزمُ تكليفهم بمعرفة مسافات الطرق التي قد يطرقونها، وهذا مما لا يستطيعه أكثر الناس، لا سيما إذا كانت مما لم تُطْرَق من قبل!.

• وقال المحدث الألباني رحمه الله في الصحيحة (1/ 307 - 308) معقبًا على حديث شعبة عن يحيى بن يزيد الهنائي قال: سألتُ أنسًا على قصر الصلاة، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاث أميال، أو ثلاثة فراسخ، صلَّى ركعتين، (شعبة الشاكُّ) وهو حديث صحيح.

"يدل هذا الحديث على أن المسافر إذا سافر مسافة ثلاثة فراسخَ والفرسخ نحو ثماني كيلومترات" جاز له القصر. =

ص: 178

[الباب الرابع] باب من أقام لقضاء حاجته ولم يجمع إقامة

12/ 1166 - (عَنْ جَابِرٍ قالَ: أَقامَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلاةَ. رَوَاهُ أحْمَدُ

(1)

وأَبُو دَاوُدَ)

(2)

. [صحيح]

13/ 1167 - (وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وشَهِدْتُ مَعَهُ الفَتْحَ، فأقامَ بمَكةَ ثمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لا يُصلِّي إلَّا رَكْعَتَيْنِ يَقُولُ:"يا أَهْلَ البَلْدَةِ صَلُّوا أرْبَعًا فإنا سَفْرٌ"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ

(3)

. [ضعيف]

= وقد قال الخطابي في "معالم السنن"(2/ 49): "إن ثبت الحديث، كانت الثلاثة الفراسخ حدًا فيما يقصرُ إليه الصلاةُ، إلَّا أني لا أعرف أحدًا من الفقهاء يقول به".

وفي هذا الكلام نظر من وجوه:

(الأول): أن الحديث ثابت، وحسبك أن مسلمًا أخرجه ولم يضعفه غيره.

(الثاني): أنه لا يضرُّ الحديثَ، ولا يمنعُ العملَ به عدمُ العلم بمن قال به من الفقهاء؛ لأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.

(الثالث): أنه قال به راويه أنس بن مالك رضي الله عنه، وأفتى به يحيى بن يزيد الهنائي راويه عنه كما تقدم

" اهـ.

قال الحافظ في "فتح الباري"(2/ 567): "وهو أصحُّ حديث ورد في ذلك وأصرحُهُ، وقد حمله من خالفه على أن المراد المسافةُ التي يبتدأ منها القصرُ لا غاية السفرِ، ولا يخفى بُعْدُ هذا الحمل

" اهـ.

(1)

في المسند (3/ 295).

(2)

في سننه رقم (1235).

قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (2749) وعبد الرزاق في "المصنف" رقم (4335) ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد رقم (1139) وابن حبان رقم (2752) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 152).

وهو حديث صحيح.

(3)

في سننه رقم (1229) في سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.

وبه أعله المنذري في "مختصره"(2/ 61) وقال: "وفي إسناده: علي بن زيد بن جدعان، وقد تكلم فيه جماعة من الأئمة، وقال بعضهم: هو حديث لا تقوم به حجة لكثرة اضطرابه" اهـ. =

ص: 179

وَفِيهِ دَلِيلٌ على أنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ إقامَةً).

14/ 1168 - (وَعَنْ ابْنِ عَباسٍ قَالَ: لَمَا فَتَحَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ أقامَ فِيها تِسْعَ عَشْرَةَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: فَنَحْنُ إذَا سَافَرْنَا فأقَمْنا تِسْعَ عَشَرَةَ قَصَرْنا، وَإِنْ زِدْنا أتمَمْنَا. [صحيح]

رَوَاهُ أحْمَدُ

(1)

وَالبُخارِيُّ

(2)

وَابْنُ مَاجَهْ

(3)

، وَرَوَاهُ أَبُو دَوُادَ

(4)

وَلَكِنَّهُ قالَ: سَبْعَ عَشْرَةَ.

وَقَالَ: قَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أقامَ تسْعَ عَشْرَةَ).

15/ 1169 - (وَعَنْ ثُمَامَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ قالَ: خَرَجْتُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقُلْتُ: ما صَلاةُ المُسافِرِ؟ فَقالَ: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إلَّا صَلاةَ المَغْرِبِ ثَلاثًا، قُلْتُ: أرأيْتَ إنْ كنَّا بِذِي المَجاز؟ قالَ: وَمَا ذِي المَجازِ؟ قُلْتُ: مَكانٌ نَجْتَمعُ فِيهِ، ونَبيعُ فِيهِ،

= وقوله: ثماني عشرة. منكر لمخالفته لرواية الصحيح: تسعة عشر.

وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف.

(1)

في المسند (1/ 224).

(2)

في صحيحه رقم (1080)، (4298)، (4299).

(3)

في سننه رقم (1075).

(4)

في سننه رقم (1230).

قلت: وأخرجه الترمذي رقم (549) وابن خزيمة رقم (955) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 416) والبيهقي (3/ 150) والبغوي رقم (1028) وابن حبان رقم (2750) وعبد الرزاق في المصنف رقم (4337) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 454) وعبد بن حميد رقم (582) والدارقطني (1/ 388) من طرق.

إلا أن بعضهم رواه بلفظ: "تسع عشرة" وبعضهم رواه بلفظ: "سبع عشرة" وقد جمع بعضهم بين الروايتين باحتمال أن يكون في بعضها لم يَعُدَّ يومي الدخول والخروج، وهي رواية "سبع عشرة" وعَدَّها في بعضها وهي رواية:"تسع عشرة"، قال الحافظ في "التلخيص" (2/ 96):"وهو جمع متين. ورواية: "خمسة عشر" شاذة لمخالفتها. ورواية "عشرين" وهي صحيحة الإسناد إلا أنها شاذة أيضًا اللهم إلا أن يحمل على جبر الكسر، ورواية: "ثمانية عشر" ليست بصحيحة من حيث الإسناد" اهـ.

قال البيهقي في السنن الكبرى (3/ 151): "وأصحها عندي - والله أعلم - رواية من روى تسع عشرة، وهي الرواية التي أودعها محمد بن إسماعيل البخاري في "الجامع الصحيح" اهـ.

ص: 180

وَنَمْكُثُ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، فَقالَ: يا أيُّها الرَّجُلُ كُنْتُ بأذْرَبِيجانِ - لا أدْرِي قالَ أرْبعَةَ أشْهُرٍ أوْ شَهْرَيْنِ - فَرَأيتُهُمْ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ أحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ)

(1)

. [إسناده حسن]

أما حديث جابر فأخرجه أيضًا ابن حبان

(2)

والبيهقي

(3)

وصححه ابن حزم

(4)

والنووي

(5)

، وأعله الدارقطني في العلل

(6)

بالإرسال والانقطاع، وأن عليّ بن المبارك وغيره من الحفاظ رووه عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مرسلًا، وأن الأوزاعي رواه عن يحيى عن أنس فقال:"بضع عشرة"، وبهذا اللفظ أخرجه البيهقي

(7)

وهو ضعيف.

وقد اختلف فيه على الأوزاعي، ذكره الدارقطني في العلل

(8)

وقال: الصحيح عن الأوزاعي عن يحيى أن أنسًا كَان يفعله. قال الحافظ

(9)

: ويحيى لم يسمع من أنس".

وأما حديث عمران بن حصين فأخرجه أيضًا الترمذي وحسنه

(10)

(1)

في المسند (2/ 83) بسند حسن.

وثمامة بن شراحيل اليمانيُّ: مقبول من الثالثة. ورواية النسائي له في "الكبرى"(د ت س). التقريب رقم (851).

وقال المحرران: بل صدوق حسن الحديث، فقد روى عنه اثنان، وقال الدارقطني: لا بأس به. وذكره ابن حبان في "الثقات"(4/ 98) و (8/ 157).

(2)

في صحيحه رقم (2749).

(3)

في السنن الكبرى (3/ 152).

(4)

في المحلى (5/ 25 - 26).

(5)

في "المجموع"(4/ 240).

(6)

حكاه الحافظ في "التلخيص"(2/ 94).

(7)

في السنن الكبرى (3/ 152).

(8)

حكاه الحافظ في "التلخيص"(2/ 95).

(9)

في "التلخيص"(2/ 95).

(10)

في سننه رقم (545) وقال: هذا حديث حسن صحيح. قال أبو الأشبال في شرحه وتحقيقه لسنن الترمذي (2/ 430 - 431) رقم التعليقة (3): "والحديث رواه أبو داود رقم (1229) مختصرًا من طريق حماد وابن عليَّة عن علي بن زيد. وقد نقل الحافظ في "التلخيص" (2/ 96) أن الترمذي حسَّن هذا الحديث. ولكن نفل المنذري - في المختصر (2/ 61) - أنه قال: "حسن صحيح" وقد تكلم الشارح في إسناد هذا الحديث وضعفه بعلي بن زيد بن جدعان، وأجاب عن تحسين الترمذي إياه بأنه حسنه لشواهده .... " اهـ.

والخلاصة: أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.

ص: 181

والبيهقي

(1)

، وفي إسناده عليّ بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.

قال الحافظ

(2)

: وإنما حسن الترمذي حديثه لشواهده ولم يعتبر الاختلاف في المدة كما عرف من عادة المحدّثين من اعتبارهم الاتفاق على الأسانيد دون السياق.

وأما حديث ابن عباس فأخرجه أيضًا بلفظ: "سبع عشرة" بتقديم السين، ابن حبان

(3)

.

وأما الأثر المرويّ عن ابن عمر فذكره الحافظ في التلخيص

(4)

ولم يتكلم عليه.

وأخرجه البيهقي

(5)

بسند، قال الحافظ (4): صحيح بلفظ: "إن ابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة".

وقد اختلفت الأحاديث في إقامته صلى الله عليه وسلم في مكة عام الفتح؛ فروي ما ذكر المصنف.

وروي عشرون، أخرجه عبد بن حميد في مسنده

(6)

عن ابن عباس.

وروي خمسة عشر، أخرجه النسائي

(7)

وأبو داود

(8)

وابن ماجه

(9)

والبيهقي

(10)

عن ابن عباس أيضًا.

قال البيهقي

(11)

: أصحّ الروايات في ذلك رواية البخاري، وهي رواية تسع عشرة بتقديم التاء.

(1)

في السنن الكبرى (3/ 151).

(2)

في "التلخيص"(2/ 96).

(3)

في صحيحه رقم (2750) وقد تقدم الجمع بين الروايات قريبًا.

(4)

في "التلخيص"(2/ 97).

(5)

في السنن الكبرى (3/ 152).

(6)

رقم (582) بسند صحيح إلا أنها شاذة، اللهم إلا أن يحمل على جبر الكسر.

قاله الحافظ في "التلخيص"(2/ 96).

(7)

في سننه رقم (1453).

(8)

في سننه رقم (1231).

(9)

في سننه رقم (1076).

(10)

في السنن الكبرى (3/ 151) وقال البيهقي: الصحيح مرسل.

قلت: الصواب في إسناده: أنه مرسل؛ ليس فيه ابن عباس. وإسناده ضعيف؛ لعنعنة ابن إسحاق، فإنه مدلس [ضعيف أبي داود (10/ 35 - 36)].

والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(11)

في السنن الكبرى (3/ 151).

ص: 182

وجمع إمام الحرمين والبيهقي بين الروايات باحتمال أن يكون في بعضها لم يعدّ يومي الدخول والخروج وهي رواية سبعة عشر بتقديم السين، وعدّها في بعضها وهي رواية تسع عشرة بتقديم التاء، وعدّ يوم الدخول ولم يعدّ يوم الخروج وهي رواية ثمانية عشر.

قال الحافظ

(1)

: وهو جمع متين، وتبقى رواية خمسة عشر شاذّة لمخالفتها، ورواية عشرين وهي صحيحة الإسناد إلا أنها شاذّةً أيضًا.

وقد ضعف النووي في الخلاصة

(2)

رواية خمسة عشر.

قال في الفتح

(3)

: وليس بجيد، لأن رواتها ثقات ولم ينفرد بها ابن إسحاق، فقد أخرجها النسائي

(4)

من رواية عراك بن مالك عن عبد الله كذلك.

وإذا ثبت أنها صحيحة فلتحمل على أن الراوي ظنّ أن الأصل سبع عشرة، فحذف منها يومي الدخول والخروج، فذكر أنها خمس عشرة، واقتضى ذلك أن رواية تسع عشرة أرجح الروايات.

وبهذا أخذ إسحاق بن راهويه

(5)

، ويرجحها أيضًا أنها أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة.

وأخذ الثوري وأهل الكوفة

(6)

برواية خمس عشرة لكونها أقلّ ما ورد، فيحمل ما زاد على أنه وقع اتفاقًا.

وأخذ الشافعي

(7)

بحديث عمران بن حصين

(8)

.

وقد اختلف العلماء في تقدير المدّة التي يقصر فيها المسافر إذا أقام ببلدة وكان مترددًا غير عازم على إقامة أيام معلومة.

(1)

في "التلخيص"(2/ 96).

(2)

في "خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام"(2/ 733 رقم 2563).

(3)

في "فتح الباري"(2/ 562).

(4)

في سننه رقم (1453) وقد تقدم.

(5)

انظر: الأوسط لابن المنذر (4/ 362).

(6)

المجموع شرح المهذب (4/ 241 - 242). وشرح صحيح البخاري لابن بطال (3/ 76).

(7)

الأم (2/ 369).

(8)

تقدم برقم (1167) من كتابنا هذا.

ص: 183

فذهب الهادي والقاسم

(1)

والإِمامية إلى أن من لم يعزم [على]

(2)

إقامة مدة معلومة كمنتظر الفتح يَقْصُر إلى شهر ويتمّ بعده.

واستدلوا بقول عليّ المتقدّم في شرح الباب [الأوّل]

(3)

، وقد تقدم الجواب عليه.

وذهب أبو حنيفة

(4)

وأصحابه والإِمام يحيى

(5)

وهو مرويّ عن الشافعي إلى أنه يقصر أبدًا؛ لأن الأصل السفر، ولما ذكره المصنف عن ابن عمر

(6)

.

قالوا: وما روي من قصره صلى الله عليه وسلم في مكة وتبوك دليل لهم لا عليهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قصر مدة إقامته، ولا دليل على التمام فيما بعد تلك المدة.

ويؤيد ذلك ما أخرجه البيهقي

(7)

عن ابن عباس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بحنين أربعين يومًا يقصر الصلاة".

ولكنه قال: تفرّد به الحسن بن عمارة

(8)

وهو غير محتجّ به.

وروي عن ابن عمر وأنس: أنه يتمّ بعد أربعة أيام

(9)

.

(1)

البحر الزخار (2/ 46).

(2)

ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط (ب).

(3)

ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط (ب).

(4)

البناية في شرح الهداية (3/ 22 - 23).

(5)

البحر الزخار (2/ 46 - 47).

(6)

تقدم برقم (1160) من كتابنا هذا.

(7)

في السنن الكبرى (3/ 152) وابن عدي في الكامل (2/ 283) وقال: لعل البلاء فيه من أيوب بن سويد لا من الحسن بن عمارة، قلت: إسناده ضعيف جدًّا.

(8)

الحسن بن عمارة، أبو محمد مولى بَجِيلة: قال البخاري: كان ابن عيينة يضعفه، وقال أحمد: متروك. وقال أبو حاتم ومسلم والدارقطني وجماعة: متروك.

وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء. وروى أبو داود عن شعبة قال: يكذب.

التاريخ الكبير (2/ 203) والمجروحين (1/ 229) والجرح والتعديل (3/ 27) والكاشف (1/ 164) والمغني (1/ 165) والميزان (1/ 513) والتقريب (1/ 169).

(9)

قال الشوكاني في "السيل الجرار"(1/ 625 - 626): "وأما من عزم على إقامة معينة فلم يثبت فيه إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قصرَ الصلاةَ في عام حَجِّه في أيام إقامته بمكة، وهو قدِمَ مكة صبيحة رابعةٍ من ذي الحجة فأقام بها الرابعَ والخامسَ والسادسَ والسابعَ وصلى الصبحَ في اليوم الثامن بمكة ثم خرجَ إلى منى، فقد عزم صلى الله عليه وسلم على إقامة هذه الأربعة الأيام بمكة وقصرَ الصلاة فيها. فمن عزم على إقامةِ أربعة أيام بمكة قصر، وإن عزم على إقامة أكثر منها أتم اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم ورجوعًا إلى الأصل. وهو أن المقيم يتم" اهـ.

ص: 184

والحق أن الأصل في المقيم الإِتمام؛ لأن القصر لم يشرعه الشارع إلا للمسافر، والمقيم غير مسافر، فلولا ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من قصره بمكة

(1)

وتبوك

(2)

مع الإِقامة لكان المتعين هو الإِتمام، فلا ينتقل عن ذلك الأصل إلا بدليل.

وقد دلّ الدليل على القصر مع التردّد إلى عشرين يومًا كما في حديث جابر (2)، ولم يصحّ أنه صلى الله عليه وسلم قصر في الإِقامة أكثر من ذلك فيقتصر على هذا المقدار.

ولا شك أن قصره صلى الله عليه وسلم في تلك المدة لا ينفي القصر فيما زاد عليها، ولكن ملاحظة الأصل المذكور هي القاضية بذلك.

فإن قيل: المعتبر صدق اسم المسافر على المقيم المتردّد، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"إنا قوم سفر"

(3)

فصدق عليه هذا الاسم، ومن صدق عليه هذا الاسم قصر؛ لأن المعتبر هو السفر لانضباطه لا المشقة لعدم انضباطها.

فيجاب عنه: (أوّلًا): بأن في الحديث المقال المتقدم

(4)

.

(وثانيًا) بأنه يعلم بالضرورة أن المقيم المتردّد غير مسافر حال الإِقامة، فإطلاق اسم المسافر عليه مجاز باعتبار ما كان عليه أو ما سيكون عليه.

[الباب الخامس] باب من اجتاز في بلد فتزوج فيه أَوْ لَه فيه زوجة فليتم

16/ 1170 - (عَنْ عُثمانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّه صَلَّى بِمِنَى أرْبَعَ رَكَعاتٍ فأنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يا أيُّهَا النَّاسُ إني تأهَّلْتُ بِمَكَّةَ مُنْذُ قَدِمْتُ، وإني سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "مَنْ تَأهَّلَ فِي بَلَدٍ فَلْيُصَلّ صَلاةَ المُقِيمِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ)

(5)

. [ضعيف]

(1)

كما في حديث ابن عباس المتقدم برقم (1168) من كتابنا هذا.

(2)

كما في حديث جابر المتقدم برقم (1166) من كتابنا هذا.

(3)

تقدم برقم (1167) من كتابنا هذا.

(4)

وهو حديث ضعيف.

(5)

في المسند (1/ 62) بسند ضعيف.

ص: 185

الحديث أيضًا أخرجه البيهقي

(1)

وأعله بالانقطاع، وفي إسناده عكرمة بن إبراهيم

(2)

وهو ضعيف كما قال البيهقي.

وأخرجه أيضًا عبد الله بن الزبير الحميدي

(3)

، قال في الهدي

(4)

: قال أبو البركات بن تيمية: ويمكن المطالبة بسبب الضعف، فإن البخاري

(5)

ذكر عكرمة المذكور في تاريخه ولم يطعن فيه، وعادته ذكر الجرح والمجروحين.

قال في الفتح

(6)

: هذا حديث لا يصحّ لأنه منقطع وفي رواته من لا يحتجّ به.

ويردّه قول عروة: إن عائشة تأوّلت ما تأوّل عثمان، ولا جائز أن [تتأهل]

(7)

عائشة أصلًا، فدلَّ على وَهْي ذلك الخبر.

قال: ثم ظهر أنه يمكن أن يكون مراد عروة بقوله: تأوّلت كما تأوّل عثمان، التشبيه بعثمان في الإِتمام بتأويل، لا اتحاد تأويلهما.

ويقوّيه أن الأسباب اختلفت في تأويل عثمان فتكاثرت، بخلاف تأويل عائشة.

(1)

في "معرفة السنن والآثار"(4/ 263 رقم 6099). وقال: فهذا منقطع، وعكرمة بن إبراهيم ضعيف.

(2)

عكرمة بن إبراهيم. قال الحسيني في "التذكرة"(2/ 1181): "ليس بمشهور".

وقال الحافظ في "تعجيل المنفعة"(2/ 22): "قلت: بل هو مشهور وحاله معروفة" اهـ.

قال البخاري في التاريخ الكبير (7/ 50): "كان على قضاء الري فيما زعموا" اهـ.

وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (7/ 11): "عكرمة بن إبراهيم الأزدي الموصلي أبو عبد الله قاضي الري، روى عن عاصم، يعني الأحول، وعبد الملك بن عمير، وإدريس بن يزيد الأودي، روى عنه أبو جعفر - النفيلي، وعمرو بن الربيع بن طارق - ثقة - وهشام بن عبيد الله الرازي - قال يحيى بن معين: عكرمة بن إبراهيم بصري ليس بشيء" اهـ.

وقال العقيلي في "الضعفاء الكبير"(3/ 377): عكرمة بن إبراهيم الأزدي الموصلي: يخالف في حديثه، وفي حفظه اضطراب" اهـ.

وقال النسائي في "الضعفاء" رقم (506): ضعيف.

(3)

في مسنده رقم (36).

(4)

زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 453).

(5)

في "التاريخ الكبير"(7/ 50).

(6)

"فتح الباري"(2/ 570 - 571).

(7)

في المخطوط (ب): (تأهل).

ص: 186

وقد أخرج ابن جرير

(1)

في تفسيره سورة النساء: "أن عائشة كانت تصلي في السفر أربعًا" فإذا احتجوا عليها تقول: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان في حروب وكان يخاف فهل تخافون أنتم

(2)

؟.

وقيل في تأويل عائشة: إنها إنما أتممت في سفرها إلى البصرة لقتال عليّ عليه السلام، والقصر عندها إنما يكون في سفر طاعة

(3)

.

قال في الفتح

(4)

: وهذان القولان باطلان، لا سيما الثاني.

قال: والمنقول في سبب إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصًا بمن كان شاخصًا سائرًا.

وأما من أقام في مكان أثناء سفره فله حكم المقيم فيتمّ. والحجة فيه ما رواه أحمد

(5)

بإسناد حسن عن عبَّاد بن عبد الله بن الزبير قال: لما قدِمَ علينا معاويةُ حاجًا صلى بنا الظُّهرَ ركعتين بمكة ثم انصرفَ إلى دار النَّدوةِ، فدخل عليه مروان وعمرو بن عثمان فقالا له: لقد عبت أمر ابن عمك لأنه كان قد أتمّ الصلاة، قال: وكان عثمان حيث أتمّ الصلاة إذا قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء أربعًا أربعًا، ثم إذا خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة، فإذا فرغ الحجّ وأقام بمنى أتمّ الصلاة".

وقال ابن بطال

(6)

: الوجه الصحيح في ذلك أن عثمان وعائشة كانا يريان أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصر لأنه أخذ بالأيسر من ذلك على أمته، وأخذا أنفسهما بالشدّة، وهذا رجحه جماعة من آخرهم القرطبي

(7)

.

(1)

في "جامع البيان"(4/ ج 5/ 245).

(2)

هذا تأويل باطل قاله الحافظ في "الفتح"(2/ 571).

(3)

وكذلك هذا التأويل باطل أيضًا كما قاله الحافظ في "الفتح"(2/ 571).

(4)

(2/ 571).

(5)

في المسند (4/ 94) بسند حسن قاله الحافظ في "الفتح"(2/ 571).

قلت: وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 19 رقم 765) مختصرًا.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 156 - 157) وقال: "رواه أحمد، وروى الطبراني بعضه في الكبير، ورجال أحمد موثقون".

(6)

في شرحه لصحيح البخاري (3/ 72 - 73).

(7)

في المفهم (2/ 327).

ص: 187

وروى عبد الرزاق

(1)

عن معمر عن الزهري عن عثمان: إنما أتمّ الصلاة لأنه نوى الإِقامة بعد الحجّ.

وأجيب بأنه مرسل وفيه أيضًا نظر؛ لأن الإِقامة بمكة على المهاجرين حرام.

وقد صحّ عن عثمان أنه كان لا يودّع البيت إلا على ظهر راحلته [ويسرع]

(2)

الخروج خشية أن يرجع في هجرته.

وثبت أنه قال له المغيرة لما حاصروه: اركب رواحلك إلى مكة، فقال: لن أفارق دار هجرتي.

وأيضًا قد روى أيوب عن الزهري ما يخالفه، فروى الطحاوي

(3)

وغيره من هذا الوجه عن الزهري أنه قال: "إنما صلى عثمان بمنى أربعًا لأن الأعراب كانوا [كثروا]

(4)

في ذلك العام، فأحبّ أن يعلمهم أن الصلاة أربع".

وروى البيهقي

(5)

من طريق عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن عثمان: أنه أتمّ بمنى ثم خطب فقال: "إن القصر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ولكنه حدث طَغَام

(6)

- يعني بفتح الطاء والمعجمة -: فخفت أن يستنوا".

وعن ابن جريج

(7)

أن أعرابيًا ناداه في منى: يا أمير المؤمنين ما زلت أصليها منذ رأيتك عام أوّل ركعتين.

وقد روي في تأوُّل عثمان غير ذلك

(8)

، والذي ذكرنا هنا أحسن ما قيل.

(1)

في المصنف (رقم: 4268) وهو مرسل قاله الحافظ في "الفتح"(2/ 571).

(2)

في المخطوط (ب): (ويشرع).

(3)

في شرح معاني الآثار (1/ 425).

(4)

في المخطوط (ب): (أكثر).

(5)

في السنن الكبرى (3/ 144).

(6)

طَغَام: جمع طَغَامة، وهو الأحمق. والتطغم: التجاهل: "النهاية"(3/ 128) والقاموس المحيط ص 1463).

(7)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 571).

(8)

انظر هذه التأويلات والردود عليها في "زاد المعاد"(1/ 451 - 453).

ص: 188

وأما تأوّل عائشة فأحسن ما قيل فيه ما أخرجه البيهقي

(1)

بإسناد صحيح من طريق هشام بن عروة عن أبيه: "أنها كانت تصلي في السفر أربعًا، فقلت لها: لو صليتِ ركعتين؟ فقالت: يا ابن أختي إنه لا يشقّ عليّ".

وهو دالّ على أنها تأوّلت أن القصر رخصة وأن الإِتمام لمن لا يشقّ عليه أفضل، وقد تقدم بسط الكلام في ذلك.

(1)

في السنن الكبرى (3/ 143) بسند صحيح وصححه الزيلعي في "نصب الراية"(2/ 192). وابن حجر في "الفتح"(2/ 571).

ص: 189

[تاسع عشر] أبواب الجمع بين الصلاتين

[الباب الأول] باب جوازه في السفر في وقت إحداهما

17/ 1171 - (عَنْ أنَسٍ قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا رَحَلَ قَبْلَ أنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أخَّرَ الظّهْرَ إلى وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ يَجْمَعُ بَيْنَهُما، فإنْ زَاغَتْ قَبْلَ أنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُم رَكِبَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

(1)

. [صحيح]

وفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِم

(2)

: كانَ إذَا أرَادَ أنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفَرِ يُؤخِّرُ الظُّهْرَ حتَّى يَدْخُلَ أولُ وَقْتِ العَصْرِ، ثُم يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا). [صحيح]

قوله: (تزيغ) بزاي وغين معجمة: أي تميل

(3)

.

قوله: (يجمع بينهما) أي في وقت العصر.

وفي الحديث دليل على جواز جمع التأخير في السفر سواء كان السير مجدًّا أم لا.

وقد وقع الخلاف في الجمع في السفر؛ فذهب إلى جوازه مطلقًا تقديمًا وتأخيرًا كثير من الصحابة

(4)

......

(1)

في المسند (3/ 247) والبخاري رقم (1112) ومسلم رقم (46/ 704).

قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1218) وأبو عوانة (2/ 351) والبيهقي (3/ 161 - 162) والنسائي (1/ 284 رقم 586).

(2)

في صحيحه رقم (47/ 704).

(3)

النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (2/ 324).

(4)

• أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 457) عن أبي عثمان قال: خرجت أنا وسعد إلى مكة فكان يجمع بين الصلاتين بين الظهر والعصر يؤخر من هذه ويعجل من هذه ويصليهما جميعًا، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء ثم يصليهما جميعًا حتى قدمنا مكة.

وهو أثر صحيح.

• وأخرج ابن المنذر في الأوسط (2/ 428) عن نافع قال: كان ابن عمر إذا سافر جمع =

ص: 190

والتابعين

(1)

، ومن الفقهاء الثوري

(2)

، والشافعي

(3)

، وأحمد

(4)

وإسحاق

(5)

وأشهب.

واستدلوا بالأحاديث الآتية في هذا الباب ويأتي الكلام عليها.

وقال قوم: لا يجوز الجمع مطلقًا إلا بعرفة ومزدلفة. وهو قول الحسن

(6)

والنخعي

(7)

وأبي حنيفة

(8)

وصاحبيه.

وأجابوا عما روي من الأخبار في ذلك بأن الذي وقع جمع صوري، وهو أنه أخر المغرب مثلًا إلى آخر وقتها وعجل العشاء في أوّل وقتها، كذا في الفتح

(9)

. قال: وتعقبه الخطابي

(10)

وغيره بأن الجمع رخصة، فلو كان على ما ذكروه لكان أعظم ضيقًا من الإِتيان بكل صلاة في وقتها؛ لأن أوائل الأوقات وأواخرها

= بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء يؤخر من هذه ويعجل من هذه.

وهو أثر صحيح.

• وأخرج ابن المنذر في الأوسط (2/ 423) وعبد الرزاق في المصنف (2/ 550) عن ابن عباس قال: إذا كنتم سائرين فنابكم المنزل فسيروا حتى تصيبوا منزلًا فتجمعوا بينهما، وإن كنتم نزولًا فعجل بكم أمر، فاجمعوا بينهما ثم ارتحلوا.

وهو أثر صحيح.

(1)

• أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 423) عن ابن طاوس عن أبيه كان يجمع بين الظهر والعصر في السفر.

وهو أثر صحيح.

• وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 458) عن وكيع عن زيد بن أبي أسامة قال: سألت مجاهدًا عن تأخير المغرب وتعجيل العشاء في السفر، فلم ير به بأسًا.

(2)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (2/ 422).

(3)

المجموع شرح المهذب (4/ 250 - 253). والبيان للعمراني (2/ 484 - 486).

(4)

المغني لابن قدامة (3/ 127 - 128).

(5)

مسائل أحمد وإسحاق (1/ 40).

(6)

أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 459) من طريق هشام عن الحسن ومحمد قالا: ما نعلم من السنة الجمع بين الصلاتين في حضر ولا سفر إلا بين الظهر والعصر بعرفة، وبين المغرب والعشاء بجمع.

(7)

حكاه النووي في المجموع (4/ 250) عنه.

(8)

اللباب في الجمع بين السنة والكتاب. للمنبجي (1/ 320 - 322).

والفقه الإسلامي وأدلته (2/ 349 - 351) وقوانين الأحكام الشرعية، لابن جزي ص 97 - 98.

(9)

فتح الباري (2/ 580).

(10)

في معالم السنن (2/ 12 - مع السنن).

ص: 191

مما لا يدركه أكثر الخاصة فضلًا عن العامة، وسيأتي الجواب عن هذا التعقب في الباب الذي بعد هذا الباب.

قال في الفتح

(1)

مؤيدًا لما قاله الخطابي: وأيضًا فإن الأخبار جاءت صريحة بالجمع في وقت إحدى الصلاتين، وذلك هو المتبادر إلى اللهم من لفظ الجمع.

قال: ومما يرد على الجمع الصوري جمع التقديم وسيأتي.

وقال الليث: وهو المشهور عن مالك

(2)

إن الجمع يختص بمن جدّ به السير.

وقال ابن حبيب

(3)

: يختصّ بالسائر.

ويستدلّ لهما بما أخرجه البخاري

(4)

وغيره

(5)

عن ابن عمر قال: "كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يجمع بين المغرب والعشاء إذا جدّ به السير".

ولما قاله ابن حبيب: بما في البخاري

(6)

أيضًا عن ابن عباس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين صلاة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير، ويجمع بين المغرب والعشاء".

فيفيد حديث أنس

(7)

المذكور في الباب بما إذا كان المسافر سائرًا سيرًا مجدًّا كما في هذين الحديثين.

وقال الأوزاعي

(8)

: إن الجمع في السفر يختص بمن له عذر.

وقال أحمد

(9)

واختاره ابن حزم

(10)

وهو مرويّ عن مالك

(11)

: إنه يجوز جمع التأخير دون التقديم.

واستدلوا بحديث أنس (7) المذكور في الباب. وأجابوا عن الأحاديث القاضية بجواز جمع التقديم بما سيأتي.

(1)

(2/ 580).

(2)

المدونة (1/ 116 - 117).

(3)

المنتقى للباجي (1/ 254).

(4)

في صحيحه رقم (1106).

(5)

كأحمد في المسند (2/ 8).

(6)

في صحيحه رقم (1107).

(7)

تقدم برقم (1/ 1171) من كتابنا هذا.

(8)

حكاه الحافظ في الفتح (2/ 580) عنه.

(9)

المغني لابن قدامة (3/ 137).

(10)

في المحلى (3/ 172).

(11)

المدونة (1/ 117).

ص: 192

18/ 1172 - (وَعَنْ مُعاذٍ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أخَّرَ الظُّهْرَ حتَّى يَجْمَعَهَا إلى العَصْرِ يُصَلِّيهِمَا جَمِيعًا، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيعًا ثُمّ سَارَ؛ وكانَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ المَغْرِبِ أخَّرَ المَغْرِبَ حتى يَصَلّيَها مَعَ العِشاء؛ وَإذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَجَّلَ العِشاءَ فَصَلَّاها مَعَ المَغْرِبِ. رَوَاهُ أحْمَدُ

(1)

وأبُو دَاوُدَ

(2)

والتِّرْمِذِيُّ)

(3)

. [صحيح]

19/ 1173 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: كانَ فِي السَّفَرِ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ فِي مَنْزِلِهِ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ قَبْلَ أنْ يَرْكَبَ، فإذَا لَمْ تَزغ لَهُ فِي مَنْزِلِهِ سارَ حتَّى إِذا حَانَتِ العَصْرُ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، وَإذَا حانَتْ لَهُ المَغْرِبُ فِي مَنْزِلِهِ جَمَعَ بَيْنها وَبَيْنَ العِشاءِ، وَإِذَا لَمْ تَحِنْ فِي مَنْزِلِهِ رَكِبَ حتَّى إِذَا كانَتِ العِشاءُ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنهُمَا. روَاهُ أحْمَدُ

(4)

. [صحيح لغيره]

(1)

في المسند (5/ 241).

(2)

في سننه رقم (1220).

(3)

في سننه رقم (553).

قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (1458)، (1593) والبيهقي (3/ 163) والدارقطني (1/ 392 - 393) والخطيب في التاريخ (12/ 466).

وهو حديث صحيح. وانظر: إرواء الغليل (3/ 28 - 31 رقم 578).

(4)

في المسند (1/ 367 - 368) بسند ضعيف لضعف حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس.

قلت: أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (4405) ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الترمذي كما في "تحفة الأشراف"(5/ 120) والطبراني في المعجم الكبير رقم (11522) والدارقطني (1/ 388) والبيهقي (3/ 164).

قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عباس.

قال المزي: هذا الحديث في رواية أبي حامد أحمد بن عبد الله بن داود التاجر المروزي عن الترمذي.

وقال الطبراني: قال عبد الرزاق: وقال لي ابن المقدام: ما سمعنا بهذا من ابن جريج، ولا جاء به غيرك.

وأخرجه مختصرًا عبد بن حميد رقم (613) والطبراني رقم (11523) و (11524 و (11526) والدارقطني (1/ 389) من طرق عن حسين بن عبد الله عن عكرمة وحده، به. =

ص: 193

وَرَوَاهُ الشَّافِعِي فِي مُسْنَدِهِ

(1)

بِنَحْوِهِ وَقَالَ فِيهِ: وإذَا سارَ قَبْلَ أنْ تَزُولَ الشَّمْس أخَّرَ الظُّهْرَ حتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ العَصْرِ فِي وَقْتِ العَصْرِ". [صحيح لغيره]

20/ 1174 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أنَّه اسْتُغِيثَ على بَعْضِ أهْلِهِ فَجَدَّ بِهِ السَّيْرُ فأخَّرَ المَغْرِبَ حتى غابَ الشَّفَقُ، ثم نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُما، ثم أخْبَرَهَمْ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَفْعَلُ ذلكَ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ

(2)

بِهَذا اللَّفْظِ وَصَحَّحَهُ، وَمَعْنَاهُ لِسائِرِ الجَماعَةِ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ)

(3)

. [صحيح]

أما حديث معاذ، فأخرجه أيضًا ابن حبان

(4)

والحاكم

(5)

والدارقطني

(6)

والبيهقي

(7)

.

قال الترمذي

(8)

: حسن غريب تفرّد به قتيبة.

والمعروف عند أهل العلم حديث معاذ من حديث أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ وليس فيه جمع التقديم، يعني الذي أخرجه مسلم

(9)

.

وقال أبو داود

(10)

: هذا حديث منكر، وليس في جمع التقديم حديث قائم.

= وخلاصة القول: أن الحديث صحيح لغيره، انظر:"التلخيص"(2/ 101) وفتح الباري للحافظ ابن حجر (2/ 583) وإرواء الغليل (3/ 31 - 32).

(1)

في مسنده رقم (530).

قلت: ومن طريق الشافعي أخرجه البغوي في شرح السنة رقم (1042) والطبراني في المعجم الكبير رقم (11525) من طريقين كلاهما عن حسين بن عبد الله، عن كريب وحده، به.

وهو حديث صحيح لغيره، انظر المراجع المتقدمة في التعليقة السابقة.

(2)

في سننه رقم (555).

(3)

أحمد في المسند (2/ 4) والبخاري رقم (1109) ومسلم رقم (43/ 703) وأبو داود رقم (1209) والنسائي رقم (596). وهو حديث صحيح.

(4)

في صحيحه رقم (1458) و (1593) وقد تقدم.

(5)

في معرفة علوم الحديث ص 119 - 120).

(6)

في سننه (1/ 392 - 393) وقد تقدم.

(7)

في السنن الكبرى (3/ 163) وقد تقدم.

(8)

في سننه رقم (2/ 440).

(9)

في صحيحه رقم (52، 53/ 706) من حديث معاذ.

(10)

حكاه عنه ابن العربي في عارضة الأحوذي (3/ 28).

ص: 194

وقال أبو سعيد بن يونس: لم يحدّث بهذا الحديث إلا قتيبة، ويقال: إنه غلط فيه وأعله الحاكم

(1)

وطوّل، وابن حزم

(2)

وقال: إنه معنعن بيزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل ولا يعرف له عنه رواية.

وقال أيضًا (2): إن أبا الطفيل مقدوح لأنه كان حامل راية المختار وهو يؤمن بالرجعة.

وأجيب عن ذلك بأنه إنما خرج مع المختار على قاتلي الحسين، وبأنه لم يعلم من المختار الإِيمان بالمرجعة.

قال في البدر المنير: إن للحفاظ في هذا الحديث خمسة أقوال:

(أحدها): أنه حسن غريب، قاله الترمذي

(3)

.

(ثانيها): أنه محفوظ صحيح، قاله ابن حبان

(4)

.

(ثالثها): أنه منكر، قاله أبو داود

(5)

.

(رابعها): أنه منقطع، قاله ابن حزم (2).

(خامسها): أنه موضوع، قاله الحاكم (1). وأصل حديث أبي الطفيل في صحيح مسلم

(6)

، وأبو الطفيل عدل ثقة مأمون اهـ.

وأما حديث ابن عباس فأخرجه أيضًا البيهقي

(7)

والدارقطني

(8)

، وروي أن الترمذي

(9)

حسنه.

قال الحافظ

(10)

: وكأنه باعتبار المتابعة. وغفل ابن العربي

(11)

فصحح إسناده وليس بصحيح؛ لأنه من طريق حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب.

(1)

في "معرفة علوم الحديث"(ص 119 - 120).

(2)

في المحلى (3/ 174 - 175).

(3)

في سننه رقم (2/ 440).

(4)

في صحيحه رقم (4/ 466).

(5)

حكاه عنه ابن العربي في عارضة الأحوذي (3/ 28).

(6)

في صحيحه رقم (52، 53/ 706) من حديث معاذ.

(7)

في السنن الكبرى (3/ 164) وقد تقدم.

(8)

في سننه رقم (1/ 388) وقد تقدم.

(9)

في السنن (2/ 441 - 442).

(10)

في "التلخيص"(2/ 101).

(11)

في شرحه المسمى "عارضة الأحوذي"(3/ 28).

ص: 195

قال فيه أبو حاتم

(1)

: ضعيف ولا يحتجّ بحديثه. وقال ابن معين: ضعيف. وقال أحمد: له أشياء منكرة. وقال النسائي

(2)

: متروك الحديث. وقال السعدي: لا يحتجّ بحديثه. وقال ابن المديني: تركت حديثه. وقال ابن حبان

(3)

: يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل.

ولكن له طريق أخرى أخرجها

(4)

يحيى بن عبد الحميد الحماني عن أبي خالد الأحمر عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس.

وله أيضًا طريق أخرى رواها إسماعيل القاضي في الأحكام

(5)

عن إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عن سليمان بن بلال عن هشام عن عروة عن كريب عن ابن عباس بنحوه.

وفي الباب عن عليّ عليه السلام عند الدارقطني

(6)

، وفي إسناده - كما قال الحافظ

(7)

- من لا يعرف.

وفيه أيضًا المنذر القابوسي

(8)

وهو ضعيف.

وأخرج عبد الله بن أحمد في زيادات المسند

(9)

بإسناد آخر عن عليّ أنه كان يفعل ذلك.

(1)

في الجرح والتعديل (3/ 57).

(2)

في "ضعفائه" رقم (147).

(3)

في "المجروحين"(1/ 242).

قلت: وانظر: التاريخ الكبير (2/ 388) والكاشف (1/ 170) والمغني (1/ 172) والميزان (1/ 537) والتقريب (1/ 176) والخلاصة ص 83.

(4)

الحماني في مسنده كما في "التلخيص"(2/ 101).

واسمه: يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن، أبو زكريا الحماني. قال البخاري: سكتوا عنه. وثقه يحيى بن معين وغيره. وقال أحمد: كان يكذب جهارًا. وقال ابن عدي: لم أر في مسنده وأحاديثه أحاديث مناكير، وأرجو أنه لا بأس به.

التاريخ الكبير (8/ 291) والجرح والتعديل (9/ 168) والمغني (2/ 739) والميزان (4/ 392) والتقريب (2/ 352) والخلاصة ص 425.

(5)

كما في "التلخيص"(2/ 101).

(6)

في سننه رقم (1/ 391 رقم 10).

(7)

في "التلخيص"(2/ 102).

(8)

المنذر بن محمد القابوسي. قال الدارقطني: مجهول. الميزان (4/ 182 رقم 8764).

(9)

زيادات مسند أحمد (1/ 136)(وفي الزوائد ص 188 رقم 36). =

ص: 196

وفي الباب أيضًا عن أنس عند الإِسماعيلي

(1)

والبيهقي

(2)

، وقال: إسناده صحيح بلفظ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر وزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعًا".

وله طريق أخرى عند الحاكم في الأربعين وهو في الصحيحين

(3)

من هذا الوجه، وليس فيه: والعصر.

قال في التلخيص

(4)

: وهي زيادة غريبة صحيحة الإسناد، وقد صححه المنذري

(5)

من هذا الوجه والعلائي، وتعجب من الحاكم كونه لم يورده في المستدرك.

وله طريق أخرى رواها الطبراني في الأوسط

(6)

.

وفي الباب أيضًا عن جابر عند مسلم

(7)

من حديث طويل، وفيه: "ثم أذّن

= قلت: والحديث في مصنف ابن أبي شيبة (2/ 458) ومن طريقه أبو يعلى رقم (464).

ولفظه: "أن عليًا كان يسيرُ حتى إذا غَرَبت الشمس، وأظلَمَ، نزل فصلَّى المغرب، ثم صلى العشاء على أثرها. ثم يقول: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع" اهـ.

• وأخرجه أبو داود رقم (1234) والبزار في المسند رقم (664) وأبو يعلى رقم (548) والنسائي في الكبرى (7/ 437 - كما في تحفة الأشراف).

ولفظه: "أن عليا رضي الله عنه كان إذا سافر سار بعدما تغرب الشمس حتى تكاد أن تظلم ثم ينزل فيصلي المغرب ثم يدعو بعشَائِه فيتعشى ثم يصلي العِشاء ثم يرتحل ويقول: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع" اهـ.

• قال الشيخ البنا في "الفتح الرباني"(5/ 124): "فلعل الواقعة تكررت فكان يفصل في بعض الأحيان، أو يكون المراد بقول الراوي في حديث الباب (على إثرها) أي قريبًا منها فيغتفر الفصل بنحو العشاء" اهـ.

وخلاصة القول: أن حديث علي رضي الله عنه حديث صحيح، والله أعلم.

(1)

عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 103).

(2)

في السنن الكبرى (3/ 162).

وقال النووي: إسناده صحيح.

(3)

البخاري رقم (1111) ومسلم رقم (46/ 704).

(4)

(2/ 103).

(5)

في "المختصر"(2/ 51).

(6)

في الأوسط رقم (7552).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 160) وقال: "ورجاله موثقون".

(7)

في صحيحه رقم (147/ 1218).

ص: 197

ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر ولم يصلّ بينهما شيئًا، وكان ذلك بعد الزوال".

وقد استدلّ القائلون بجواز جمع التقديم والتأخير في السفر بهذه الأحاديث، وقد تقدم ذكرهم.

وأجاب المانعون من جمع التقديم [عنها]

(1)

بما تقدم من الكلام عليها، وقد عرفت أن بعضها صحيح وبعضها حسن، وذلك يردّ قول أبي داود

(2)

: ليس في جمع التقديم حديث قائم.

وأما حديث ابن عمر

(3)

فقد استدلّ به من قال باختصاص رخصة الجمع في السفر بمن كان سائرًا لا نازلًا كما تقدم.

وأجيب عن ذلك بما وقع من التصريح في حديث معاذ بن جبل في الموطأ

(4)

بلفظ: "إن النبيّ صلى الله عليه وسلم أخر الصلاة في غزوة تبوك، خرج فصلى الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعًا".

قال الشافعي في الأمّ

(5)

: قوله: " [ثم]

(6)

دخل ثم خرج" لا يكون إلا وهو نازل، فللمسافر أن يجمع نازلًا ومسافرًا.

وقال ابن عبد البرّ: هذا أوضح دليل في الردّ على من قال: لا يجمع إلا من جدّ به السير وهو قاطع للالتباس.

وحكى القاضي عياض

(7)

أن بعضهم أوّل قوله: "ثم دخل" أي في الطريق مسافرًا "ثم خرج" أي عن الطريق للصلاة، ثم استبعده.

قال الحافظ

(8)

: ولا شك في بعده وكأنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لبيان الجواز، وكان أكثر عادته ما دلّ عليه حديث أنس

(9)

، يعني المذكور في أوّل الباب، ومن

(1)

في المخطوط (ب): (عليها).

(2)

ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 102).

(3)

تقدم برقم (1174) من كتابنا هذا.

(4)

في الموطأ (1/ 143 رقم 2).

(5)

(2/ 168).

(6)

ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط (ب).

(7)

في إكمال المعلم (3/ 33).

(8)

في "الفتح"(2/ 583 - 584).

(9)

المتقدم برقم (1171) من كتابنا هذا.

ص: 198

[ثمة]

(1)

قالت الشافعية

(2)

: ترك الجمع أفضل.

وعن مالك

(3)

رواية أنه مكروه.

وهذه الأحاديث تخصص أحاديث الأوقات التي بيَّنها جبريل وبيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي حيث قال في آخرها: "الوقت ما بين هذين الوقتين"

(4)

.

[الباب الثاني] باب جمع المقيم لمطر أو غيرِه

21/ 1175 - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بالمَدِينَةِ سَبْعًا وَثَمانِيًا الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالمَغْرِبَ والعِشَاءَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

(5)

.

وفِي لَفْظٍ للْجَمَاعَةِ إلَّا البُخاريَّ وَابْنَ مَاجَهْ

(6)

: جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْر وَالعَصْر وَبَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بالمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلا مَطَرٍ، قِيلَ لابْنِ عَبَّاسٍ: ما أرَادَ بِذَلِكَ؟ قالَ: أَرَادَ أنْ لَا يُحْرِجَ أمَّتَهُ). [صحيح]

الحديث ورد بلفظ

(7)

: "من غير خوف ولا سفر".

وبلفظ

(8)

: "من غير خوف ولا مطر".

قال الحافظ

(9)

: واعلم أنه لم يقع مجموعًا بالثلاثة في شيء من كتب الحديث، بل المشهور:"من غير خوف ولا سفر".

(1)

في المخطوط (ب): (ثم).

(2)

المجموع (4/ 258) وشرح صحيح مسلم للنووي (5/ 219).

(3)

المنتقى للباجي (1/ 252).

(4)

أحمد (4/ 416) ومسلم رقم (178/ 614) والترمذي رقم (149). وقد تقدم برقم (427) من كتابنا هذا.

(5)

البخاري رقم (543) ومسلم رقم (56/ 705).

(6)

أحمد (1/ 223) ومسلم رقم (54/ 705) وأبو داود رقم (1211) والترمذي رقم (187) والنسائي (602).

قلت: وأخرجه البيهقي (3/ 167) وأبو عوانة (2/ 353 - 354).

(7)

عند مسلم رقم (49/ 705).

(8)

عند مسلم رقم (54/ 705).

(9)

في "التلخيص"(2/ 104).

ص: 199

قوله: (سبعًا وثمانيًا) أي سبعًا جميعًا وثمانيًا جميعًا كما صرّح به البخاري

(1)

في رواية له ذكرها في باب وقت المغرب

(2)

.

قوله: (أراد أن لا يحرج أمته).

قال ابن سيد الناس

(3)

: قد اختلف في تقييده، فروي يحرج بالياء المضمومة آخر الحروف وأمته منصوب على أنه مفعوله، وروي تحرج بالتاء ثالثة الحروف مفتوحة، وضم أمته على أنها فاعله.

ومعناه: إنما فعل ذلك لئلا يشقّ عليهم ويثقل، فقصد إلى التخفيف عنهم.

وقد أخرج ذلك الطبراني في الأوسط

(4)

والكبير

(5)

، ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد

(6)

عن ابن مسعود بلفظ: "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فقيل له في ذلك، فقال: صنعت ذلك لئلا تحرج أمتي".

وقد ضعف بأن فيه ابن عبد القدوس وهو مندفع؛ لأنه لم يتكلم فيه إلا بسبب روايته عن الضعفاء وتشيعه.

(والأوّل) غير قادح باعتبار ما نحن فيه، إذ لم يروه عن ضعيف، بل رواه عن الأعمش كما قال الهيثمي.

(والثاني) ليس بقدح معتدّ به ما لم يجاوز الحدّ المعتبر ولم ينقل عنه ذلك. على أنه قد قال البخاري

(7)

: إنه صدوق. وقال أبو حاتم

(8)

: لا بأس به.

(1)

في صحيحه رقم (562).

(2)

رقم الباب (18) الفتح (2/ 40).

(3)

حكاه أبو الأشبال في تحقيقه للترمذي (1/ 355) عنه.

وأورده القرطبي في "المفهم"(2/ 347) دون عزوه لابن سيد الناس.

(4)

في الأوسط رقم (4830).

(5)

في الكبير (ج 12 رقم 12517).

(6)

(2/ 161) وقال: رواه الطبراني في الأوسط والكبير وفيه عبد الله بن عبد القدوس ضعفه ابن معين والنسائي ووثقه ابن حبان، وقال البخاري: صدوق إلا أنه يروي عن أقوام ضعفاء، قلت: وقد روى هذا عن الأعمش وهو ثقة" اهـ.

(7)

في "التاريخ الكبير"(5/ 141 رقم الترجمة 424). وسكت عنه، ولم يذكر جرحًا ولا تعديلًا له.

(8)

في "الجرح والتعديل"(5/ 104 رقم الترجمة 479) ولا توجد العبارة التي ذكرها الشوكاني عنه. =

ص: 200

وقد استدلّ بحديث الباب القائلون بجواز الجمع مطلقًا بشرط أن لا يتخذ ذلك خلقًا وعادة

(1)

.

قال في الفتح

(2)

: وممن قال به ابن سيرين

(3)

وربيعة

(4)

وابن المنذر

(5)

والقفَّال الكبير

(6)

، وحكاه الخطابي

(7)

عن جماعة من أصحاب الحديث.

وقد رواه في البحر

(8)

عن الإِمامية والمتوكل على الله أحمد بن سليمان والمهدي أحمد بن الحسين.

ورواه ابن مظفر في البيان

(9)

عن عليّ وزيد بن عليّ والهادي وأحد قولي الناصر وأحد قولي المنصور بالله، ولا أدري ما صحة ذلك، فإن الذي وجدناه في كتب بعض هؤلاء الأئمة وكتب غيرهم يقضي بخلاف ذلك.

وذهب الجمهور

(10)

إلى أن الجمع لغير عذر لا يجوز.

= قلت: قال النسائي في "ضعفائه" رقم (337): ليس بثقة.

وقال الحافظ في "التقريب" رقم (3446): صدوق رمِيَ بالرفض، وكان أيضًا يخطئ.

وقال المحرران: بل ضعيف يعتبر به، ضعفه يحيى بن معين، ومحمد بن عمرو الرازي زُنَيْج، ومحمد بن مهران الجمال، وأبو داود، والنسائي، والعقيلي، والدارقطني. وما حَسَّنَ الرأي فيه سوى البخاري حينما قال: هو في الأصل صدوق إلّا أنه يروي عن أقوام ضعاف. وقال ابن عدي: وعامة ما يرويه في فضائل أهل البيت.

وانظر: "الكاشف"(2/ 94) والمغني (1/ 346) والميزان (2/ 457) و"تهذيب التهذيب"(2/ 377 - 378) والخلاصة ص 205.

(1)

شرح صحيح مسلم للنووي (5/ 219).

(2)

فتح الباري (2/ 24).

(3)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (2/ 434).

(4)

حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 24).

(5)

في الأوسط (2/ 434).

(6)

حلية العلماء (2/ 242) والمجموع (4/ 263).

(7)

في معالم السنن (2/ 14 - 15 - مع السنن).

(8)

البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (1/ 169) وشفاء الأوام (1/ 205 - 206).

(9)

البيان الثاني المنتزع من البرهان الكافي. للقاضي يحيى بن أحمد المظفر الحميري.

[مؤلفات الزيدية (1/ 224)].

(10)

(شرح صحيح مسلم للنووي (5/ 219).

ص: 201

وحكي في البحر

(1)

عن البعض أنه إجماع، ومنع ذلك مسندًا بأنه قد خالف في ذلك مَنْ تقدّم.

واعترض عليه صاحب المنار

(2)

بأنه اعتداد بخلافٍ حادثٍ بعد إجماع الصدر الأوّل.

وأجاب الجمهور عن حديث الباب بأجوبة:

(منها) أن الجمع المذكور كان للمرض، وقوّاه النووي

(3)

.

قال الحافظ

(4)

: وفه نظر؛ لأنه لو كان جمعه صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين لعارض المرض لما صلى معه إلا من له نحو ذلك العذر.

والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم جمع بأصحابه، وقد صرّح بذلك ابن عباس

(5)

في روايته.

(ومنها) أنه كان في غيم فصلى الظهر، ثم انكشف الغيم مثلًا فبان أن وقت العصر قد دخل فصلاها.

قال النووي

(6)

: وهو باطل؛ لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء.

قال الحافظ

(7)

: وكأنّ نفيه لاحتمال مبنيّ على أنه ليس للمغرب إلا وقت واحد. والمختار عنه خلافه، وهو أن وقتها يمتدّ إلى العشاء وعلى هذا فالاحتمال قائم.

(ومنها) أن الجمع المذكور صوري بأن يكون أخر الظهر إلى آخر وقتها وعجل العصر في أوّل وقتها.

قال النووي

(8)

: وهذا احتمال ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل.

(1)

البحر الزخار (1/ 169).

(2)

المنار في المختار من جواهر البحر الزخار للمقبلي (1/ 133).

(3)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 218).

(4)

في "الفتح"(2/ 24).

(5)

تقدم برقم (1175) من كتابنا هذا.

(6)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 218).

(7)

في "الفتح"(2/ 24).

(8)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 218).

ص: 202

قال الحافظ

(1)

: وهذا الذي ضعفه قد استحسنه القرطبي

(2)

ورجحه إمام الحرمين، وجَزَمَ به من القدماء ابن الماجشون والطحاوي

(3)

، وقوّاه ابنُ سَيِّدِ الناس بأن أبا الشعثاء وهو راوي الحديث عن ابن عباس قد قال به.

قال الحافظ (1) أيضًا: ويقوّي [ما ذكر]

(4)

من الجمع الصوري أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرّض لوقت الجمع، فإما أن يحمل على مطلقها فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر، وإما أن يحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإِخراج، ويجمع بها بين مفترق الأحاديث، فالجمع الصوري أولى والله أعلم. اهـ.

ومما يدل على [تعيين]

(5)

حمل حديث الباب على الجمع الصوري ما أخرجه النسائي

(6)

عن ابن عباس بلفظ: "صليت مع النبيّ صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا، أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء"، فهذا ابن عباس راوي حديث الباب قد صرّح بأن ما رواه من الجمع المذكور هو الجمع الصوري.

ومما يؤيد ذلك ما رواه الشيخان

(7)

عن عمرو بن دينار أنه قال: يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء؟ قال: وأنا أظنه، وأبو الشعثاء هو راوي الحديث عن ابن عباس كما تقدم.

ومن المؤيدات للحمل على الجمع الصوري ما أخرجه مالك في الموطأ

(8)

والبخاري

(9)

وأبو داود

(10)

والنسائي

(11)

عن ابن مسعود قال: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين، جمع بين المغرب والعشاء

(1)

في "الفتح"(2/ 24).

(2)

في "المفهم"(2/ 346).

(3)

في شرح معاني الآثار (1/ 164).

(4)

في المخطوط (ب): (ما ذكرت).

(5)

في المخطوط (ب): (تعين).

(6)

في سننه رقم (601) وهو حديث صحيح.

(7)

البخاري رقم (1174) ومسلم رقم (55/ 705).

(8)

لم أقف عليه عند مالك في الموطأ.

(9)

في صحيحه رقم (1682).

(10)

في السنن رقم (1934).

(11)

في السنن (1/ 291)، (5/ 254، 260).

قلت: وأخرجه مسلم رقم (292/ 1289) والحميدي رقم (114) وأبو يعلى رقم (5176) وابن خزيمة رقم (2854) والبيهقي (5/ 124) وعبد الرزاق في المصنف رقم (4421).

وهو حديث صحيح.

ص: 203

بالمزدلفة، وصلى الفجر يومئذٍ قبل ميقاتها"، فنفى ابن مسعود مطلق الجمع وحصره في جمع المزدلفة، مع أنه ممن روى حديث الجمع بالمدينة كما تقدّم.

وهو يدلّ على أن الجمع الواقع بالمدينة صوري، ولو كان جمعًا [حقيقيًا]

(1)

لتعارض روايتاه، والجمع ما أمكن المصير إليه هو [الواجب]

(2)

.

ومن المؤيدات للحمل على الجمع الصوري أيضًا ما أخرجه ابن جرير

(3)

عن ابن عمر قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يؤخر الظهر ويعجل العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء فيجمع بينهما"، وهذا هو الجمع الصوري.

وابن عمر هو ممن روى جمعه صلى الله عليه وسلم بالمدينة كما أخرج ذلك عبد الرزاق

(4)

عنه.

وهذه الروايات معينة لما هو المراد [بلفظ]

(5)

جمع [لما تقرّر في الأصول

(6)

من أن لفظ: "جمع]

(7)

بين الظهر والعصر" لا يعمّ [وقتيهما]

(8)

كما في مختصر المنتهى

(9)

وشروحه والغاية

(10)

وشرحها وسائر كتب الأصول.

بل مدلوله لغة: الهيئة الاجتماعية، وهي موجودة في جمع التقديم والتأخير والجمع الصوري، إلا أنه لا يتناول جميعها ولا اثنين منها، إذ الفعل المثبت لا يكون عامًا في أقسامه كما صرّح بذلك أئمة الأصول

(11)

فلا يتعين واحد من صور

(1)

في المخطوط (أ): (حقيقًا).

(2)

في المخطوط (ب): (للواجب).

(3)

لم أقف عليه في جامع البيان للطبري والله أعلم.

(4)

في "المصنف" رقم (4441).

(5)

في المخطوط (ب): (من لفظ).

(6)

الكوكب المنير (3/ 215) وتيسير التحرير (1/ 247).

(7)

ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).

(8)

في المخطوط (أ): (وقتها).

(9)

(2/ 118).

(10)

غاية السول في علم الأصول. تأليف: شرف الدين الحسين بن القاسم. مخطوط.

[مؤلفات الزيدية (2/ 293)].

(11)

قال الشوكاني في "إرشاد الفحول"(ص 428): "الفعل المثبت إذا كان له جهات فليس بعامِّ في أقسامه لأنه يقع على صفة واحدة وإلَّا كان مجملًا يتوقَّفُ فيه

" اهـ.

وقال صاحب الكوكب المنير (3/ 213 - 214): "أي أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم المثبت، وإن انقسم إلى جهات وأقسام (لا يعمُّ أقسامه وجهاته): لأنَّ الواقع منها لا يكون إلا بعض هذه الأقسام. =

ص: 204

الجمع المذكور إلا بدليل، وقد قام الدليل على أن الجمع المذكور في الباب هو الجمع الصوري فوجب المصير إلى ذلك.

وقد زعم بعض المتأخرين أنه لم يرد الجمع الصوري في لسان الشارع وأهل عصره.

وهو مردود بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من قوله للمستحاضة: "وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين، ومثله في المغرب والعشاء"

(1)

.

وبما سلف عن ابن عباس

(2)

وابن عمر

(3)

.

وقد روي عن الخطابي

(4)

أنه لا يصحّ حمل الجمع المذكور في الباب على الجمع الصوري لأنه يكون أعظم ضيقًا من الإِتيان بكل صلاة في وقتها؛ لأن أوائل الأوقات وأواخرها مما لا يدركه الخاصة فضلًا عن العامة.

ويجاب عنه بأن الشارع قد عرّف أمته أوائل الأوقات وأواخرها، وبالغ في التعريف والبيان، حتى أنه عينها بعلامات حسية لا تكاد تلتبس على العامة فضلًا عن الخاصة، والتخفيف في تأخير إحدى الصلاتين إلى آخر وقتها وفعل الأولى

= من ذلك ما رُوي: (أنه صلى الله عليه وسلم صلى داخل الكعبة، فإنها احتملت الفرض والنفل، بمعنى أنه لا يتصور أنها فرضٌ ونفلٌ معًا، فلا يمكن الاستدلال به على جواز الفرض والنفل داخل الكعبة فلا يعمُّ أقسامُه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين في السفر، لا يعمَّ وقتيهما أي: وقت الصلاة الأولى، ووقت الصلاة الثانية، فإنَّه يحتمل وقوعهما في وقت الصلاة الأولى، ويحتمل وقوعهما في وقت الصلاة الثانية والتعيين موقوف على الدليل فلا يعمُّ وقتي الأولى والثانية إذ ليس في نفس وقوع الفعل المرويّ ما يدل على وقوعه في وقتيهما.

وانظر: الأحكام للآمدي (2/ 253) واللمع (ص 17).

(1)

أخرجه أحمد (6/ 172) وأبو داود رقم (294) والترمذي رقم (128) وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي رقم (213) وابن ماجه رقم (627).

وقد تقدم برقم (373) من كتابنا هذا.

(2)

تقدم، وقد أخرجه البخاري رقم (1174) ومسلم رقم (55/ 705).

(3)

أخرجه، ابن جرير عنه كما ذكر الشوكاني.

(4)

في معالم السنن (2/ 12 - مع السنن).

ص: 205

في أوّل وقتها متحقق بالنسبة إلى فعل كل واحدة منهما في أوّل وقتها.

كما كان ديدنه صلى الله عليه وسلم حتى قالت عائشة: "ما صلى صلاة لآخر وقتها مرّتين حتى قبضه الله تعالى"

(1)

.

ولا يشكّ منصف أن فعل الصلاتين دفعة والخروج إليهما مرّة أخفّ من خلافه وأيسر.

وبهذا يندفع ما قاله الحافظ في الفتح

(2)

: أن قوله صلى الله عليه وسلم: "لئلا تحرج أمتي" يقدح في حمله على الجمع الصوري؛ لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج.

فإن قلت: الجمع الصوري هو فعل لكل واحدة من الصلاتين المجموعتين

في وقتها فلا يكون رخصة بل عزيمة، فأيّ فائدة في قوله صلى الله عليه وسلم:"لئلا تحرج أمتي" مع شمول الأحاديث المعينة للوقت للجمع الصوري، وهل حمل الجمع على ما شملته أحاديث التوقيت إلا من باب الاطراح لفائدته وإلغاء مضمونه.

قلت: لا شك أن الأقوال الصادرة منه صلى الله عليه وسلم شاملة للجمع الصوري كما ذكرت، فلا يصحّ أن يكون رفع الحرج منسوبًا إليها بل هو منسوب إلى الأفعال ليس إلا لما عرّفناك من أنه صلى الله عليه وسلم ما صلى صلاة لآخر وقتها مرّتين، فربما ظنّ ظانّ أن فعل الصلاة في أوّل وقتها متحتم لملازمته صلى الله عليه وسلم لذلك طول عمره، فكان في جمعه جمعًا صوريًا تخفيف وتسهيل على من اقتدى بمجرّد الفعل.

وقد كان اقتداء الصحابة بالأفعال أكثر منه بالأقوال، ولهذا امتنع الصحابة رضي الله عنهم من نحر بدنهم يوم الحديبية بعد أن أمرهم صلى الله عليه وسلم بالنحر حتى دخل صلى الله عليه وسلم على أم سلمة مغمومًا، فأشارت عليه بأن ينحر ويدعو الحلاق يحلق له ففعل، فنحروا أجمع

(3)

وكادوا يهلكون غمًا من شدّة تراكم بعضهم على بعض حال الحلق.

(1)

أخرجه الترمذي في سننه رقم (174) وقال: حديث حسن غريب. وهو حديث حسن والله أعلم.

(2)

في "الفتح"(2/ 24 - 25).

(3)

يشير المؤلف رحمه الله إِلى الحديث الذي أخرجه البخاري (2731) و (2732) وابن حبان في صحيحه رقم (4872) والطبراني في الكبير (ج 2 رقم 13) والبيهقي في السنن =

ص: 206

ومما يدلّ على أن الجمع المتنازع فيه لا يجوز إلا لعذر: ما أخرجه الترمذي

(1)

عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر".

وفي إسناده حنش بن قيس وهو ضعيف

(2)

.

ومما يدلّ على ذلك ما قاله الترمذي في آخر سننه في كتاب العلل

(3)

منه ولفظه: جميع ما في كتابي هذا من الحديث [هو]

(4)

معمول به، وبه أخذ بعض أهل العلم، ما خلا حديثين:

حديث ابن عباس

(5)

: "أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بالمدينة، والمغرب العشاء من غير خوف ولا سفر".

وحديث أنه قال صلى الله عليه وسلم: "إذا شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه"

(6)

. انتهى.

لا يخفاك أن الحديث صحيح، وتَرْكُ الجمهور للعمل به لا يقدح في صحته ولا يوجب سقوط الاستدلال به.

وقد أخذ به بعض أهل العلم كما سلف وإن كان ظاهر كلام الترمذي أنه لم يأخذ به أحد.

ولكن قد أثبت ذلك غيره، والمثبت مقدّم، فالأولى التعويل على ما قدمنا

= الكبرى (7/ 171)، (10/ 109) وفي "الدلائل"(4/ 99 - 108) وغيرهم من حديث المِسْوَر بن مخرمة ومروان بن الحكم.

(1)

أخرجه الترمذي في سننه رقم (188) وقال الترمذي: وحنش هذا هو أبو علي الرحَبي، وهو حسين بن قيس وهو ضعيف عند أهل الحديث ضعفه أحمد وغيره.

والخلاصة: أن الحديث ضعيف جدًّا والله أعلم.

(2)

انظر ترجمته في: التاريخ الكبير (2/ 393) والمجروحين (1/ 242 - 243) و (3/ 206) والجرح والتعديل (3/ 63) والكاشف (1/ 172) والمغني (1/ 175) والميزان (1/ 546) والتقريب (1/ 178) والخلاصة ص 84.

(3)

في "العلل": (5/ 736 - مع السنن).

(4)

سقط من المخطوط (ب).

(5)

تقدم برقم (1175) من كتابنا هذا.

(6)

أخرجه الترمذي في سننه رقم (1444) وهو حديث صحيح.

ص: 207

من أن ذلك الجمع صوري، بل القول بذلك متحتم لما سلف.

وقد جمعنا في هذه المسألة رسالة مستقلة سميناها: تشنيف السمع بإبطال أدلة الجمع

(1)

، فمن أحبّ الوقوف عليها فليطلبها.

قال المصنف

(2)

رحمه الله [تعالى]

(3)

بعد أن ساق حديث الباب ما لفظه: قلت: وهذا يدل بفحواه على الجمع للمطر، وللخوف وللمرض، وإنما خولف ظاهر منطوقه في الجمع لغير عذر للإِجماع ولأخيار المواقيت [فتبقى]

(4)

فحواه على مقتضاه، وقد صحّ الحديث في الجمع للمستحاضة، والاستحاضة نوع مرض.

ولمالك في الموطأ

(5)

عن نافع أن ابن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم.

وللأثرم في سننه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: "من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء"

(6)

. اهـ.

(1)

لم تذكر هذه الرسالة في فهرس مخطوطات الجامع الكبير لا الشرقية ولا الغربية.

وقد أوردها الشيخ عبد الله الحبشي في "ثبت مؤلفات العلامة محمد بن علي الشوكاني" تحت رقم (103) وقال: انظر مقدمة فتح القدير. وهذا يعني أنه لم يجد لها مصدرًا مخطوطًا فيما يعلم.

وكذلك الدكتور عبد الغني قاسم غالب الشرجبي في كتابه "الإمام الشوكاني حياته وفكره ص 218 تحت رقم (140) ولم يذكر لها مصدرًا مخطوطًا كما فعل في معظم الرسائل التي أوردها وكذلك أوردها الدكتور إبراهيم إبراهيم هلال في تعريفه بالإمام الشوكاني - كتاب قطر الولي - ص 50 عن تفسير فتح القدير للشوكاني.

وهذا يعني أيضًا أنه لم يجد لها مصدرًا مخطوطًا فيما يعلم.

• ولهذا طبع "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني"(1 - 12) بتحقيقي ولم توجد فيه لعدم العلم بوجودها مخطوطة بعد البحث والتنقيب الطويل عنها.

(2)

أي ابن تيمية الجد في "المنتقى"(2/ 4).

(3)

زيادة من المخطوط (ب).

(4)

في المخطوط (ب): (فيبقى).

(5)

في الموطأ (1/ 145 رقم 5) وإسناده صحيح.

(6)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 234 - 235) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 166 - 167) ومعرفة السنن والآثار (4/ 301 رقم 6254).

ص: 208

[الباب الثالث] باب الجمع بأذان وإقامتين من غير تطوع بينهما

22/ 1176 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ بالمُزْدَلِفَةَ جَمِيعًا كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُما بإقامَةٍ وَلم يُسَبِّحْ بَيْنَهُما، وَلا عَلى أَثَرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُما. رَوَاهُ البُخارِيُّ

(1)

وَالنَّسائيُّ)

(2)

. [صحيح]

23/ 1177 - (وَعَنْ جَابِرٍ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ بأذانٍ وَاحِدٍ وَإقامَتَيْنِ، وأتى المُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِها المَغْرِبَ وَالعِشَاء بأذَانٍ وَاحِدٍ وإقامَتَيْنِ وَلَمْ يُسبِّحْ بَيْنَهُمَا، ثُم اضْطجَعَ حتَّى طَلَعَ الفَجْرُ. مُخْتَصَرٌ لأحْمَدَ

(3)

وَمُسْلِمٍ

(4)

وَالنَّسَائي)

(5)

. [صحيح]

24/ 1178 - (وَعَنْ أُسَامَةَ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا جَاءَ المُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأ فأسْبَغَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى المَغْرِبَ، ثُمّ أنَاخَ كُلُّ إنْسانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِه، ثُمَّ أُقِيمَتِ العِشاءُ فَصَلَّاها ولَمْ يُصَل بَيْنَهُمَا شَيْئًا. مُتفقٌ عَلَيْهِ

(6)

. [صحيح]

وفِي لَفْظ: رَكِبَ حتَّى جِئْنا المُزْدَلِفَةَ فأقامَ المَغْرِبَ، ثُمَّ أناخَ النَّاسُ فِي مَنازِلِهِمْ، ولَمْ يَحُلُّوا حتَّى أقامَ العِشاء الآخِرَةَ فَصَلَّى ثُمَّ حَلُّوا. رَوَاهُ أَحْمَدُ

(7)

(1)

في صحيحه رقم (1092).

(2)

في سننه رقم (607). وهو حديث صحيح.

(3)

لم أقف عليه عند أحمد في المسند.

(4)

في صحيحه رقم (147/ 1218).

(5)

في سننه رقم (604). وهو حديث صحيح.

(6)

أحمد في المسند (5/ 208) والبخاري رقم (1672) ومسلم رقم (276/ 1280) قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1925) وابن حبان رقم (1594) و (3857) والبغوي في شرح السنة رقم (1937) والبيهقي (5/ 122) والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 214).

وهو حديث صحيح.

(7)

في المسند (5/ 199 - 200).

ص: 209

وَمُسْلِمٌ

(1)

[صحيح]

وَفِي لَفْظٍ: أتى المُزْدَلِفَةَ فَصَلَّوا المَغْرِبَ، ثم حَلُّوا رحالَهُمْ وأعَنْتُهُ ثُمَّ صَلَّى العِشاءَ. رَوَاهُ أحْمَدَ

(2)

. [صحيح]

وَهُوَ حُجةٌ فِي جَوَازِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ المَجْمُوعَتَيْنِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ).

قوله: (صلى المغرب والعشاء) في رواية للبخاري

(3)

: "جمع النبيّ صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء".

وفي رواية له

(4)

: "جمع بين المغرب والعشاء".

قوله: (بإقامة) لم يذكر الأذان وهو ثابت في حديث جابر

(5)

المذكور بعده.

وفي حديث عبد الله بن مسعود عند البخاري

(6)

بلفظ: "فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبًا من ذلك، فأمر رجلًا فأذنّ وأقام ثم صلى المغرب" الحديث.

قوله: (ولم يسبح بينهما) أي لم يتنفل بين صلاة المغرب والعشاء ولا عقب كل واحدة منهما.

قال في الفتح

(7)

: ويستفاد منه أنه ترك النفل عقب المغرب وعقب العشاء، ولما لم يكن بين المغرب والعشاء مهلة صرّح بأنه لم يتنفل بينهما، بخلاف

(1)

في صحيحه رقم (279/ 1280).

قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1921) وأبو عوانة رقم (3480) وأبو القاسم البغوي في "مسند أسامة بن زيد" رقم (26) والبيهقي (5/ 122) من طرق.

وهو حديث صحيح.

(2)

في المسند (5/ 200).

قلت: وأخرجه الحميدي رقم (548) والنسائي (1/ 292) وابن خزيمة رقم (64)، (2847) و (2851) وأبو القاسم البغوي في مسند أسامة رقم (38)، (39)، (44)، (45).

وهو حديث صحيح.

(3)

في صحيحه رقم (1674).

(4)

أي للبخاري في صحيحه رقم (1673).

(5)

تقدم برقم (1177) من كتابنا هذا.

(6)

في صحيحه رقم (1675).

(7)

في "الفتح"(2/ 577).

ص: 210

العشاء فإنه يحتمل أن يكون المراد أنه لم يتنفل عقبها، لكنه تنفل بعد ذلك في أثناء الليل.

ومن ثم قال الفقهاء: [تؤخر]

(1)

سنة العشاءين عنهما.

ونقل ابن المنذر

(2)

الإِجماع على ترك التطوّع بين الصلاتين بالمزدلفة لأنهم اتفقوا على أن السنة الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، ومن تنفل بينهما لم يصحّ أنه جمع بينهما.

ويعكر على نقل الاتفاق ما في البخاري

(3)

عن ابن مسعود: "أنه صلى المغرب بالمزدلفة وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعش ثم أمر بالأذان والإِقامة ثم صلى العشاء.

وقد اختلف أهل العلم في صلاة النافلة في مطلق السفر.

قال النووي

(4)

: قد اتفق الفقهاء على استحباب النوافل المطلقة في السفر.

واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة، فتركها ابن عمر وآخرون، واستحبها الشافعي وأصحابه

(5)

والجمهور

(6)

.

ودليلهم الأحاديث العامة الواردة في ندب مطلق الرواتب

(7)

، وحديث صلاته صلى الله عليه وسلم الضحى في يوم الفتح

(8)

، وركعتي الصبح حين ناموا حتى طلعت الشمس

(9)

، وأحاديث أخر صحيحة ذكرها أصحاب السنن، والقياس على النوافل المطلقة.

(1)

في المخطوط (ب): (يؤخر).

(2)

في كتابه الإجماع (ص 65 رقم 190).

(3)

في صحيحه رقم (1675).

(4)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 198) والمجموع (4/ 285).

(5)

المجموع شرح المهذب (4/ 285).

(6)

المغني لابن قدامة (3/ 155 - 157).

(7)

كحديث رقم (892) و (893) و (895) و (896) و (898) من كتابنا هذا.

(8)

تقدم برقم (960) من كتابنا هذا.

(9)

ورد في ذلك أحاديث عدة:

(منها): حديث أبي قتادة عند أحمد (5/ 307) والبخاري رقم (595) ومسلم رقم (681) وأبو داود رقم (439) و (440) والنسائي (2/ 105 - 106) وابن خزيمة رقم (409) وابن حبان رقم (1579) والبغوي رقم (438) وغيرهم. =

ص: 211

وإمَّا في الصحيحين

(1)

عن ابن عمر أنه قال: "صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أره يسبح في السفر".

وفي رواية

(2)

: "صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك".

[فقال]

(3)

النووي

(4)

: لعلّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر، فإن النافلة في البيت أفضل، ولعله تركها في بعض الأوقات تنبيهًا على جواز تركها.

وأما ما يحتجّ به القائلون بتركها من أنها لو شرعت لكان إتمام الفريضة أولى.

فجوابه أن الفريضة متحتمة، فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها.

وأما النافلة فهي إلى خيرة المكلف، فالرفق به أن تكون مشروعة، ويتخير؛ إن شاء فعلها وحصل ثوابها، وإن شاء تركها ولا شيء عليه.

وقال ابن دقيق العيد

(5)

: إن قول ابن عمر: "فكان لا يزيد في السفر على ركعتين"، يحتمل أنه كان لا يزيد في عدد ركعات الفرض.

= (ومنها): حديث أبي هريرة عند أحمد (2/ 428 - 429) ومسلم رقم (310/ 680) والنسائي (1/ 298) وابن خزيمة رقم (988)، (999)، (1118)، (1252) وابن حبان رقم (2651) وابن عبد البر في التمهيد (5/ 251).

(ومنها): حديث ابن مسعود عند أحمد (1/ 450) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 83) والبزار رقم (399 - كشف) وأبو يعلى رقم (5010) وابن حبان رقم (1580) وهو حديث صحيح لغيره.

(ومنها): حديث ابن عباس عند أحمد (1/ 259) وابن أبي شيبة في المصنف رقم (2/ 82) ومن طريقه أبو يعلى رقم (2375) والطبراني في الكبير رقم (12225) وهو حديث حسن لغيره والله أعلم.

(1)

البخاري رقم (1101) ومسلم رقم (9/ 689).

(2)

البخاري رقم (1102) ومسلم رقم (8/ 689) وأحمد (2/ 56).

وقد تقدم برقم (1155) من كتابنا هذا.

(3)

في المخطوط (ب): (قال).

(4)

في شرحه لصحيح مسلم (5/ 198).

(5)

في "إحكام الأحكام"(2/ 103).

ص: 212

ويحتمل أنه كان لا يزيد نفلًا.

ويحتمل أعمّ من ذلك.

قال في الفتح

(1)

: وبدلّ على الثاني رواية مسلم

(2)

بلفظ: "صحبت ابن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلسنا معه، فحانت منه التفاتة فرأى ناسًا قيامًا، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون، قال: لو كنت مسبحًا لأتممت" ثم ذكر الحديث.

قال ابن القيم في الهدي

(3)

: وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في سفره الاقتصار على الفرض، ولم يحفظ عنه أنه صلى الله عليه وسلم صلى سنة الصلاة قبلها ولا بعدها إلا ما كان من سنة الوتر والفجر، فإنه لم يكن يدعها حضرًا ولا سفرًا انتهى.

وتعقبه الحافظ

(4)

بما أخرجه أبو داود

(5)

والترمذي

(6)

من حديث البراء بن عازب قال: "سافرت مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفرًا، فلم أره ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر".

قال: وكأنه لم يثبت عنده، وقد استغربه الترمذي

(7)

، ونقل عن البخاري أنه رآه حسنًا.

وقد حمله بعض العلماء على سنة الزوال لا على الراتبة قبل الظهر، انتهى.

وقد ذكر ابن القيم

(8)

هذا الحديث الذي تعقبه به الحافظ في الهدي في هذا البحث وأجاب عنه وذكر حديث عائشة

(9)

: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعًا قبل الظهر وركعتين بعدها" وأجاب عنه.

(1)

فتح الباري (2/ 577).

(2)

في صحيحه رقم (8/ 689).

(3)

في زاد المعاد (1/ 456).

(4)

في "الفتح"(2/ 579).

(5)

في سننه رقم (1222).

(6)

في سننه رقم (550) وقال الترمذي: حديث غريب. وسألت محمدًا عنه؛ فلم يعرفه إلا من حديث الليث بن سعد، ولم يعرف اسم أبي بسرة، ورآه حسنًا".

قلت: أبو بُسْرَةَ لا يعرف فهو علة الحديث.

والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(7)

في السنن (2/ 435).

(8)

في زاد المعاد (1/ 457).

(9)

أخرجه البخاري رقم (1182) ومسلم رقم (730).

ص: 213

واعلم أنه لا بدّ من حمل قول ابن عمر: فلم أره يسبح، على صلاة السنة، وإلا فقد صحّ عنه

(1)

أنه كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه.

وفي الصحيحين

(2)

عن ابن عمر قال: "كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به".

وفي الصحيحين

(3)

عن عامر بن ربيعة: "أنه رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلي السبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته".

قال في الهدي

(4)

: وقد سئل الإِمام أحمد (5) عن التطوّع في السفر فقال: أرجو أن لا يكون بالتطوّع في السفر بأس.

قال

(5)

: وروي عن الحسن

(6)

أنه قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون فيتطوعون قبل المكتوبة وبعدها.

قال (5): وروي هذا عن عمر

(7)

وعلي

(8)

وابن مسعود

(9)

وجابر

(10)

(1)

البخاري رقم (1098) ومسلم رقم (39/ 700).

(2)

البخاري رقم (1096) ومسلم رقم (37/ 700).

(3)

البخاري رقم (1097) ومسلم رقم (40/ 701).

(4)

في "زاد المعاد"(1/ 456).

(5)

المغني (3/ 156).

(6)

أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(5/ 243 ث 2794) عن الحسن قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون فيتطوعون قبل المكتوبة وبعدها.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 381).

وهو أثر صحيح.

(7)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 243 ث 2792) عن مجاهد أن أبا ذر، وعمر كانا يتطوعان في السفر.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 381) عن حفص.

(8)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 243 ث 2790) عن عاصم أن عليًا كان يتطوع في السفر.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 381) عن وكيع.

(9)

حكى عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 242).

(10)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 242 ث 2787) عن محمد بن قيس، قال: دخلت على جابر بن عبد الله وهو يتطوع في السفر.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 381) عن محمد بن أبى عدي عن حميد. وهو أثر صحيح.

ص: 214

وأنس

(1)

وابن عباس

(2)

وأبي ذرّ

(3)

.

قوله: (بأذان واحد وإقامتين) فيه أن السنة في الجمع بين الصلاتين الاقتصار على أذان واحد، والإِقامة لكل واحدة من الصلاتين.

وقد أخرج البخاري

(4)

عن ابن مسعود أنه أمر بالأذان والإقامة لكل صلاة من الصلاتين المجموعتين بمزدلفة.

قال ابن حزم

(5)

: لم نجده مرويًا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لقلت به.

ثم أخرج من طريق عبد الرزاق عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق في هذا الحديث.

قال أبو إسحاق

(6)

: فذكرته لأبي جعفر بن محمد بن عليّ فقال: أما نحن أهل البيت فهكذا نصنع.

قال ابن حزم

(7)

: وقد روي عن عمر من فعله وأخرجه الطحاوي

(8)

بإسناد صحيح عنه، ثم تأوّله بأنه محمول على أن أصحابه تفرّقوا عنه فأذن لهم ليجتمعوا ليجمع بهم.

قال الحافظ

(9)

: ولا يخفى تكلفه، ولو تأتى له ذلك في حقّ عمر لكونه كان الإِمام الذي يقيم للناس [حجتهم لم يتأتّ]

(10)

له في حقّ ابن مسعود.

(1)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 242 - 243 ث 2788) عن أبي اليمان قال: رأيت

أنس بن مالك يتطوع في السفر قبل الصلاة وبعدها.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 381) عن حفص بن غياث.

(2)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 243 ث 2789) عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يتطوع في السفر.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 381) عن حفص.

(3)

تقدّم تخريجه في الصفحة السابقة رقم التعليقة (7).

(4)

في صحيحه رقم (1675).

(5)

في المحلى (7/ 126).

(6)

انظر: المحلى لابن حزم (7/ 127).

(7)

في المحلى (7/ 127).

(8)

في شرح معاني الآثار (2/ 211).

(9)

في "الفتح"(3/ 525).

(10)

في المخطوط (ب): (حجهم لم يأت).

ص: 215

وقد ذهب إلى أن المشروع أذان واحد في الجمع وإقامة لكل صلاة الشافعي في القديم

(1)

، وهو مرويّ عن أحمد

(2)

وابن حزم وابن الماجشون

(3)

، وقوّاه الطحاوي

(4)

وإليه ذهبت الهادوية

(5)

.

وقال الشافعي في الجديد

(6)

والثوري وهو مرويّ عن أحمد

(7)

: إنه يجمع بين الصلاتين بإقامتين فقط.

وتمسك الأوّلون بحديث جابر

(8)

المذكور في الباب.

وتمسك الآخرون بحديث أسامة

(9)

المذكور في الباب أيضًا لأنه اقتصر فيه على ذكر الإِقامة لكل واحدة من الصلاتين.

والحق ما قاله الأوّلون؛ لأن حديث جابر مشتمل على زيادة الأذان وهي زيادة غير منافية فيتعين قبولها.

قوله: (ثم أناخ كل إنسان بعيره) فيه جواز الفصل بين الصلاتين المجموعتين بمثل هذا.

[وظاهر قوله]

(10)

: "ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة فصلى ثم حلوا" المنافاة لقوله في الرواية الأخرى: "ثم حلوا رحالهم وأعنته ثم صلى العشاء". فإن أمكن الجمع إما بأنه حلّ بعضهم قبل صلاة العشاء وبعضهم بعدها أو بغير ذلك فذاك، وإن لم يمكن فالرواية الأولى أرجح لكونها في صحيح مسلم.

ويرجحها أيضًا الاقتصار في الرواية المتفق عليها على مجرّد الإناخة فقط.

(1)

الأم (2/ 192) والمجموع (3/ 94 - 95).

(2)

المغني (5/ 279).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 525).

(4)

في شرح معاني الآثار (2/ 213).

(5)

البحر الزخار (2/ 335).

(6)

الأم (2/ 192).

(7)

المغني (5/ 278).

(8)

تقدم برقم (1177) من كتابنا هذا.

(9)

تقدم برقم (1178) من كتابنا هذا.

(10)

في المخطوط (ب): وظاهره.

ص: 216

[عشرون] أبواب الجمعة

[الباب الأول] باب التغليظ في تركها

1/ 1179 - (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الجُمُعَةِ: "لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ آمرَ رَجُلًا يُصَلِّي بالنَّاسِ، ثُمَّ أُحَرّقُ على رِجالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَن الجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(1)

ومُسْلِمٌ)

(2)

. [صحيح]

2/ 1180 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ وابْنِ عمَرَ أنَّهُما سَمِعَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُول على أعْوَادِ مِنْبَرِهِ: "لَيَنْتَهِيَنَّ أقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الجُمُعاتِ أوْ لَيَخْتِمَن الله عَلى قُلُوبِهِمْ، ثمَّ لَيَكُونُن مِنَ الغَافِلِينَ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ

(3)

. [صحيح]

وَرَوَاهُ أحْمَدُ

(4)

وَالنَّسائيُّ

(5)

مِنْ حَديثِ ابْنِ عمَرَ، وابْنِ عَبَّاسٍ). [صحيح]

3/ 1181 - (وَعَنْ أبي الجُعْدِ الضمَرِيّ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم

(1)

في المسند (1/ 402).

(2)

في صحيحه رقم (254/ 652).

قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 292) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 168) وابن خزيمة رقم (1853) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 191) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 56، 172) والطبراني في الصغير (2/ 143 رقم 931 - الروض الداني) وعبد الرزاق في المصنف (3/ 166). وهو حديث صحيح.

(3)

في صحيحه رقم (41/ 865). وهو حديث صحيح.

(4)

في المسند (1/ 239، 254، 335).

(5)

في السنن (3/ 88 - 89).

قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (2785) وابن ماجه رقم (794) والطيالسي رقم (2735) وابن أبي شيبة (2/ 154) كلهم من حديث ابن عمر وابن عباس.

وهو حديث صحيح.

ص: 217

قالَ: "مَنْ تَرَكَ ثَلاثَ جُمَعٍ تَهاوُنًا طَبَعَ الله عَلى قَلْبِهِ"، رَوَاهُ الخَمْسَةُ

(1)

. [صحيح]

ولأحْمَدَ

(2)

وابْنِ ماجَهْ

(3)

مِنْ حَدِيثِ جابِرٍ نَحْوَهُ). [صحيح لغيره]

حديث أبي الجعد أخرجه أيضًا ابن حبان

(4)

والحاكم

(5)

والبزار

(6)

وصححه ابن السكن

(7)

.

وأبو الجعد، قال الترمذي

(8)

عن البخاري: لا أعرف اسمه، وكذا قال أبو حاتم

(9)

.

وذكره الطبراني في الكنى من معجمه

(10)

، وقيل: اسمه أدرع، وقيل: جنادة، وقيل: عمرو.

وقد اختلف في هذا الحديث على أبي سلمة، فقيل: عن أبي الجعد.

قال الحافظ

(11)

: وهو الصحيح.

وقيل: عن أبي هريرة وهو وهم، قاله الدارقطني في العلل

(12)

.

(1)

أحمد في المسند (3/ 424 - 425) وأبو داود رقم (1052) والنسائي (3/ 88) والترمذي رقم (500) وابن ماجه رقم (1125).

قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1858) والحاكم (1/ 280) وابن أبي شيبة (2/ 154) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني رقم (975)، (976) وأبو يعلى رقم (1600) والدولابي في الكنى (1/ 21 - 22) والطحاوي في شرح مشكل الآثار رقم (3182) وابن حبان رقم (2786) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 172، 247) والبغوي في شرح السنة رقم (1053) من طرق وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(2)

في المسند (3/ 332).

(3)

في سننه رقم (1126).

قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1856) والطحاوي في شرح مشكل الآثار رقم (3183) والحاكم (1/ 292) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 247) وهو حديث صحيح لغيره، والله أعلم.

(4)

في صحيحه رقم (2786) وقد تقدم.

(5)

في المستدرك (1/ 280) وقد تقدم.

(6)

كما في "التلخيص الحبير"(2/ 108).

(7)

كما في "التلخيص"(2/ 108).

(8)

في السنن (2/ 374).

(9)

في "الجرح والتعديل"(9/ 355 رقم الترجمة 1598).

(10)

في المعجم الكبير (ج 22 رقم 915).

(11)

في "التلخيص"(2/ 108).

(12)

(8/ 20 - 21 س 1384).

ص: 218

ورواه الحاكم

(1)

من حديث أبي قتادة وهو حسن وقد اختلف فيه.

وحديث جابر الذي أشار إليه المصنف أخرجه أيضًا النسائي

(2)

وابن خزيمة

(3)

والحاكم

(4)

بلفظ: "مَنْ تَرَكَ الجمعةَ ثلاثًا من غيرِ ضرورَةٍ طُبعَ على قَلْبِهِ".

قال الدارقطني: إنه أصحّ من حديث أبي الجعد.

ولجابر حديث آخر بلفظ: "إن الله افترض عليكم الجمعة في شهركم هذا، فمن تركها استخفافًا بها وتهاونًا ألا فلا جمع الله له شمله، ألا ولا بارك الله له، ألا ولا صلاة له"، أخرجه ابن ماجه

(5)

. وفي إسناده عبد الله [العدوي]

(6)

وهو واهى الحديث

(7)

.

وأخرجه البزار

(8)

من وجه آخر وفيه عليّ بن زيد بن جدعان. قال الدارقطني: إن الطريقين [كلاهما]

(9)

غير ثابت.

وقال ابن عبد البرّ

(10)

: هذا الحديث واهي الإسناد انتهى.

وفي الباب عن ابن عمر حديث آخر غير ما ذكر المصنف عند الطبراني في الأوسط

(11)

(1)

في المستدرك (1/ 292) وصححه وقال الذهبي: صحيح. وهو من حديث عبد الله بن أبي قتادة عن جابر.

(2)

في السنن الكبرى (2/ 259 رقم 1669).

(3)

في صحيحه رقم (1856).

(4)

في المستدرك (1/ 292).

وهو حديث حسن.

(5)

في السنن رقم (1081). وهو حديث ضعيف. وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 358): هذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان، وعبد الله بن محمد العدوي.

(6)

في المخطوط (أ، ب): (البلوي) وهو خطأ. والصواب ما أثبتناه من كتب الرجال كالميزان للذهبي (2/ 485) وسنن ابن ماجه.

(7)

قال الحافظ في التقريب رقم الترجمة (3601): عبد الله بن محمد العدوي: متروك رماه وكيع بالوضع.

(8)

كما في "التلخيص"(2/ 110).

(9)

في المخطوط (ب): (كليهما).

(10)

في "التمهيد"(4/ 84).

(11)

في الأوسط رقم (336). =

ص: 219

بلفظ: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أَلا [هل]

(1)

عَسَى أحَدٌ منكم أنْ يَتَّخِذ [الضِّبنة]

(2)

من الغَنَمِ على رأس ميلينِ أو ثلاثة [تأتي]

(3)

الجمعةُ فلا يشهدُها ثلاثًا، فيطبعُ اللهُ على قلبِهِ".

وسيأتي

(4)

نحوه في الباب الذي بعد هذا من حديث أبي هريرة.

والضِّبْنة

(5)

بكسر الضاد المعجمة ثم باء موحدة [ساكنة ثم نون]

(6)

: هي ما تحت يدك من مال أو عيال.

وعن ابن عباس حديث آخر غير الذي ذكره المصنف عند أبي يعلى الموصلي

(7)

: "مَنْ تركَ ثلاثَ جُمَعِ متوالياتٍ فَقَدْ نبذَ الإِسلامَ وراءَ ظهرِهِ".

هكذا ذكره موقوفًا، وله حكم الرفع، لأن مثله لا يقال من قبل الرأي كما قال العراقي.

وعن سمرة عند أبي داود

(8)

والنسائي

(9)

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "من ترك الجمعة

= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 193) وقال: "وفيه جماعة لم أجد من ترجمهم".

(1)

زيادة من الأوسط وقد سقطت من (أ) و (ب).

(2)

في الأوسط: (الصُّبَّة) والصُّبَّة: الجماعة منها [النهاية 3/ 4)].

(3)

في (ب): (يأتي).

(4)

برقم (1185) من كتابنا هذا.

(5)

الضُّبْنَةُ، والضِّبنة: ما تحت يدك من مالٍ وعيالٍ ومن تلزمك نفقته.

سُمُّوا ضُبْنَةً؛ لأنهم من ضِبْن من يعولُهم.

والضِّبنُ: ما بين الكَشْح والإبْطِ

[النهاية (3/ 73)].

(6)

في المخطوط (ب): (ثم نون ساكنة).

(7)

في المسند (5/ 102 رقم 385/ 2712).

قلت: وأخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (5169).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 193) وقال: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.

وهو موقوف صحيح الإسناد.

(8)

في سننه رقم (1053).

(9)

في السنن الكبرى (2/ 260 رقم 1673)

قلت: وأخرجه أحمد (5/ 8) والعقيلي في "الضعفاء"(3/ 484) والطبراني في الكبير رقم =

ص: 220

من غير عذر فليتصدّق بدينار، فإن لم يجد فنصف دينار".

وعن أسامة بن زيد عند الطبراني في الكبير

(1)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ترك ثلاث جمع من غير عذر كتب من المنافقين".

وفي إسناده جابر الجعفي

(2)

، وقد ضعفه الجمهور.

وعن أنس عند الديلمي في مسند الفردوس

(3)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ترك ثلاث جمع متواليات من غير عذر طبع الله على قلبه".

وعن عبد الله بن أبي أوفى عند الطبراني في الكبير

(4)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمع النداء يوم الجمعة ولم يأتها ثم سمع النداء ولم يأتها ثلاثًا طبع على قلبه فجعل قلب منافق"، قال العراقي: وإسناده جيد.

وعن عقبة بن عامر عند أحمد

(5)

في حديث طويل فيه: "أناس يحبون اللبن

= (6979) وابن أبي شيبة (2/ 154) وابن خزيمة رقم (1861) والحاكم (1/ 280) والبيهقي (3/ 248) من طرق.

وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(1)

في المعجم الكبير (ج 1 رقم 422).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 193) وقال: وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف عند الأكثرين".

(2)

جابر بن يزيد الجعفي، كوفي. قال شعبة: صدوق، وقال وكيع: ثقة.

وقال البخاري: (اتهم بالكذب. قال أبو داود ليس عندي بالقوي في حديثه. توفي (128 هـ).

انظر: التاريخ الكبير (2/ 210) والمجروحين (1/ 208) والجرح والتعديل (2/ 497) والكاشف (1/ 122) والمغنى (1/ 126) والميزان (2/ 379) والتقريب (1/ 123) والخلاصة ص 59.

(3)

تخريج أحاديث إحياء علوم الدين. استخراج: محمود الحداد (1/ 411 - 412 رقم 469).

(4)

في المعجم الكبير كما في "المجمع"(2/ 193) وقال الهيثمي: "وفيه من لم يعرف".

(5)

في المسند (4/ 146)، (4/ 155).

قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير (ج 17/ رقم 815 ورقم 816 ورقم 817) والحاكم في المستدرك (2/ 374) والبيهقي في شعب الإيمان رقم (2964 - ط العلمية) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 193) من طرق.

وهو حديث حسن، والله أعلم.

ص: 221

[ويخرجون]

(1)

من الجماعات ويدعون الجمعات"، وفي إسناده ابن لهيعة

(2)

.

وعن أبي قتادة عند أحمد

(3)

أيضًا بنحو حديث جابر الأوّل.

وعن كعب بن مالك عند الطبراني في الكبير

(4)

بنحو حديث أبي هريرة وابن عمر المذكور في الباب.

قوله: (يتخلفون عن الجمعة) قال في الفتح

(5)

: قد اختلف في تسمية اليوم بالجمعة مع الاتفاق على أنه كان يسمى في الجاهلية: العَرُوبة، بفتح العين وضم الراء وبالموحدة.

(1)

في المخطوط (ب): (فيخرجون).

(2)

ابن لهيعة: عبد الله بن لهيعة بن عُقبة الحضرمي، أبو عبد الرحمن المصري، القاضي: صدوق، من السابعة، خلَّطَ بعد احتراق كُتبهِ، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما، وله في مسلم بعض شيءٍ مقرون

التقريب رقم الترجمة (3563).

وقال المحرران: بل ضعيف يُعتبر به، وحديثه صحيح إذا روى عنه العبادلة: ابن المبارك، وابن وهب، وابن يزيد المقرئ، وابن مسلمة القعنبي، فإنهم كانوا يتتبعون أصوله فيكتبون منها.

وقد أخرج له البخاري في صحيحه من رواية المقرئ وابن وهب عنه مقرونًا، لكنه أبهمه في جميع هذه المواضع، بقوله:(عن حيوة وغيره)، و (أخبرني فلان وحيوة)، و (عن عبد الرحمن بن شريح وغيره)

إلخ.

وروى له مسلم من رواية ابن وهب عنه مقرونًا بعمرو بن الحارث.

وروى النسائي أحاديث كثيرة من رواية ابن وهب وغيره ويقول فيها: (عن عمرو بن الحارث، وذكر آخر)، و (عن فلان، وذكر آخر) ونحو ذلك، وجاء كثير من ذلك مُبَينًا في رواية غيره أنه ابن لهيعة.

وكل هذا يشير إلى حسن رواية العبادلة عنه وقوتها. وممن سمع منه قبل احتراق كتبه: الوليد بن مزيد، وقتيبةُ بنُ سعيد، والأوزاعي، والثوريُّ، وشعبه، وعمرو بنُ الحارث، وعبدُ الرحمن بن مهدي، والوليد بن مسلم، وإسحاق بن عيسى الطباع.

(3)

في المسند (5/ 300).

قلت: وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" رقم (3184) والحاكم (2/ 488) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 193) وقال: إسناده حسن. والخلاصة: أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.

(4)

في المعجم الكبير (ج 19/ رقم 197).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 193 - 194) وقال: إسناده حسن.

(5)

في فتح الباري (2/ 353).

ص: 222

فقيل: سمي بذلك لأن كمال الخلق جمع فيه، ذكره أبو حذيفة

(1)

عن ابن عباس وإسناده ضعيف.

وقيل: لأن خلق آدم جمع فيه

(2)

. وردّ ذلك من حديث سلمان عند أحمد

(3)

وابن خزيمة

(4)

وغيرهما

(5)

، وله شاهد عن أبي هريرة ذكره ابن أبي حاتم

(6)

موقوفًا بإسناد قويّ.

وأحمد

(7)

مرفوعًا بإسناد ضعيف، وهذا أصحّ الأقوال.

ويليه ما أخرجه عبد بن حميد

(8)

عن ابن سيرين بسند صحيح إليه في قصة

(1)

ذكره أبو حذيفة النجار في "المبتدأ" عن ابن عباس بسند ضعيف كما في الفتح (2/ 353).

(2)

لحديث أوس بن أوس الذي سيأتي برقم (1205) من كتابنا هذا.

(3)

في المسند (5/ 439)، (5/ 440).

(4)

في صحيحه رقم (1732).

(5)

كالنسائي في "المجتبى"(3/ 104) والطبراني في المعجم الكبير رقم (6091) والحاكم في المستدرك (1/ 277) وصحح الحاكم إسناده.

عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتدرِي ما يومُ الجمعةِ؟ "، قلت: الله ورسوله أعلم، ثم قال:"أتدري ما يومُ الجمعةِ؟ " قلت: نعم - قال: لا أدري زَعَم سأله الرابعةَ أم لا - قال: قلت: هو اليومُ الذي جُمِعَ فيه أبوه أو أبوكم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أُحدِّثُك عن يوم الجمعة؟ لا يتطهرُ رجل مسلم ثم يمشي إلى المسجد، ثم يُنصِتُ حتى يقضيَ الإمامُ صَلاتَه إلا كان كفارة لما بينها وبين الجمعةِ التي بعدَها ما اجتُنبتِ المقتلةُ" وهو حديث صحيح.

(6)

عزاه إليه الحافظ في الفتح (2/ 353).

وقال ابن كثير في تفسيره (13/ 558) عقب حديث سلمان: "وقد روي عن أبى هريرة من كلامه نحو هذا، فالله أعلم.

(7)

في المسند (2/ 401) بسند صحيح.

قلت: وأخرجه مسلم رقم (17/ 854) والنسائي (3/ 89 - 90) والبيهقي في شعب الإيمان رقم (2970 - العلمية).

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ يومٍ طلعت عليه الشمسُ يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها"، وهو حديث صحيح.

(8)

عزاه إليه الحافظ في "الفتح"(2/ 353). وأخرج أبو داود رقم (1069) عن كعب بن مالك أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحَّمَ لأسعد بن زرارة، فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة، قال: لأنه أول من جمَّعَ بنا في هزْم النبيت من حرَّة بني =

ص: 223

تجميع الأنصار مع أسعد بن زرارة وكانوا يسمونه يوم العروبة، فصلى بهم وذكَّرهم فسموه الجمعة حين اجتمعوا إليه.

وقيل: لأن كعب بن لؤيّ

(1)

كان يجمع قومه فيه ويذكرهم ويأمرهم بتعظيم الحرم، ويخبرهم [بأنه]

(2)

سيبعث منه نبيّ.

روى ذلك الزبير في كتاب النسب

(3)

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف مقطوعًا، وبه جزم الفرّاء وغيره

(4)

.

وقيل: إن قُصيًا هو الذي كان يجمعهم، ذكره ثعلب في أماليه

(5)

.

وقيل: سمي بذلك لاجتماع الناس للصلاة فيه، وبهذا جزم ابن حزم

(6)

فقال: إنه اسم إسلامي لم يكن في الجاهلية، وأنه كان يسمى: يوم العروبة.

قال الحافظ

(7)

: وفيه نظر، فقد قال أهل اللغة

(8)

: إن العروبة اسم قديم كان للجاهلية.

= بياضة في نقيع يقال له: نقيع الخَضَماتِ. قلتُ: كم أنتم يومئذٍ؟ قال: أربعون.

ورجال إسناده ثقات، عدا محمد بن إسحاق فهو صدوق يدلس وقد عنعنه.

ولكنه قد صرَّح بالتحديث عند الدارقطني (2/ 5) والحاكم (1/ 281) والبيهقي (3/ 176 - 177) وخلاصة القول: أن الحديث حسن، والله أعلم.

(1)

الروض الأنف (2/ 196).

(2)

في المخطوط (ب): (أنه).

(3)

اسم الكتاب: نسب قريش.

المؤلف: الزبير بن بكار بن عبد الله بن أبى مصعب (ت: 256 هـ).

• وأعد الباحث غانم محسن عمران: دراسة عن الكتاب ومؤلفه، ونال بها درجة الماجستير، الجامعة المستنصرية سنة (1988 م).

معجم المصنفات (ص 428/ رقم 1383) وانظر: معجم المصنفات (ص 84/ رقم 156).

(4)

النهاية (3/ 203) ولسان العرب (1/ 38).

(5)

الأمالي لثعلب، أبو العباس، أحمد بن يحيى بن يزيد الشيباني (ت 291 هـ) ذكره له الذهبي في "السير"(14/ 6).

وطبع "مجالس ثعلب" بتحقيق عبد السلام هارون، في دار المعارف، القاهرة سنة 1945 م، وأعيد طبعه سنة 1956 م.

معجم المصنفات (ص 77 رقم 127).

(6)

في المحلى (5/ 45).

(7)

في "الفتح"(2/ 353).

(8)

النهاية (3/ 203) ولسان العرب (1/ 38).

ص: 224

وقالوا في الجمعة: هو يوم العروبة، فالظاهر أنهم غيروا أسماء الأيام السبعة بعد أن كانت تسمى: أوّل. أهون. جُبار. دُبَار. مونس. عَرُوبة. شِيّار.

قال الجوهري

(1)

: [وكانت]

(2)

العرب تسمي يوم الاثنين: أهون، في أسمائهم القديمة، وهذا يشعر بأنهم أحدثوا لها اسمًا، وهي هذه المتعارفة كالسبت والأحد، إلخ.

وقيل: إن أوّل من سمى الجمعة العروبة كعب بن لؤيّ

(3)

، وبه جزم بعض أهل اللغة

(4)

. والجمعة بضم الميم على المشهور وقد تسكَّن، وقرأ بها الأعمش

(5)

، وحكى الفراء

(6)

فتحها، وحكى الزجاج

(7)

وكسرها.

قال النووي

(8)

: ووجهوا الفتح بأنَّها تجمع الناس ويكثرون فيها كما يقال: هُمزة ولُمزة، لكثير الهمز واللمز ونحو ذلك.

قوله: (لقد هممت، إلخ) قد استدلّ بذلك على أن الجمعة من فروض الأعيان

(9)

.

وأجيب عن ذلك بأجوبة قدّمنا ذكرها في أبواب الجماعة، وسيأتي بيان ما هو الحقّ.

قوله: (وَدْعِهم) أي تَرْكِهم.

قوله: (أو ليختمنّ الله تعالى) الختم: الطبع والتغطية

(10)

.

قال القاضي عياض

(11)

: اختلف المتكلمون في هذا اختلافًا كثيرًا، فقيل: هو إعدام اللطف وأسباب الخير.

(1)

في الصحاح (6/ 2218).

(2)

في المخطوط (ب): لما كانت.

(3)

الروض الأنف (2/ 196).

(4)

لسان العرب (1/ 38).

(5)

زاد المسير (8/ 262).

(6)

في معاني القرآن (3/ 156).

(7)

في معاني القرآن وإعرابه (5/ 171).

(8)

في شرح صحيح مسلم (6/ 130).

(9)

المغني (3/ 158 - 159) والمجموع (4/ 84).

(10)

القابوس المحيط ص 1420 ومفردات ألفاظ القرآن ص 274 - 275.

(11)

في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 265).

ص: 225

وقيل: هو خَلْقُ الكفر في صدورهم، وهو قول أكثر [متكلِّمي]

(1)

أهل السنَّة، يعني [الأشعرية]

(2)

. وقال غيرهم: هو الشهادة عليهم.

وقيل: هو علامة جعلها الله في قلوبهم [ليعرف]

(3)

بها الملائكة من يمدح ومن يذّم

(4)

.

قال العراقي: والمراد بالطبع على قلبه أنه يصير قلبه قلب منافق

(5)

، كما تقدم في حديث ابن أبي أوفى

(6)

.

وقد قال تعالى في حقّ المنافقين: {فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: 3].

قوله: (ثلاث جمع) يحتمل أن يراد حصول الترك مطلقًا سواء توالت الجمعات أو تفرّقت، حتى لو ترك في كل سنة جمعة لطبع الله على قلبه بعد الثالثة وهو ظاهر الحديث.

ويحتمل أن يراد ثلاث جمع متوالية كما تقدم في حديث أنس

(7)

؛ لأن موالاة الذنب ومتابعته مشعرة بقلة المبالاة به.

قوله: (تهاونًا) فيه أن الطبع المذكور إنما يكون على قلب من ترك ذلك تهاونًا

(8)

.

(1)

في المخطوط (ب): (متكلم).

(2)

زيادة من المخطوط (ب) وقد شطب عليها في المخطوط (أ) وهو الأصح.

(3)

في المخطوط (ب): (لتعرف).

(4)

انظر: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفهاني ص 275.

فقد رد على أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة في زمانه، وعبد الجبار المعتزلي وغيرهما.

حينما قالوا: "يجعل الله ختمًا على قلوب الكفار، ليكون دلالةً للملائكة على كفرهم فلا يدعُونَ لهم"، فقال الأصبهاني: "وليس ذلك بشيء فإنَّ هذه الكتابة إن كانت محسوسةً فمن حقها أن يدركها أصحاب التشريح. وإن كانت معقولة غير محسوسة فالملائكة باطلاعهم على اعتقاداتهم مستغنية عن الاستدلال

".

(5)

مفردات ألفاظ القرآن ص 515.

(6)

في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 193) وقال الهيثمي: "وفيه من لم يعرف" وقد تقدم.

(7)

انظر تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (1/ 411 - 412 رقم 469) وقد تقدم.

(8)

قال ابن العربي المالكي في "عارضة الأحوذي"(2/ 285 - 286): =

ص: 226

فينبغي حمل الأحاديث المطلقة على هذا الحديث المقيد بالتهاون.

وكذلك تحمل الأحاديث المطلقة على المقيدة بعدم العذر كما تقدم.

وقد استدلّ بأحاديث الباب على أن الجمعة من فروض الأعيان.

وقد حكى ابن المنذر

(1)

الإِجماع على أنها فرض عين.

وقال ابن العربي

(2)

: الجمعة فرض بإجماع الأمة.

وقال ابن قدامة

(3)

في المغني: أجمع المسلمون على وجوب الجمعة.

وقد حكى الخطابي

(4)

الخلاف في أنها من فروض الأعيان أو من فروض الكفايات، وقال:[قال]

(5)

أكثر الفقهاء: هي من فروض الكفايات، وذكر ما يدلّ على أن ذلك قول للشافعي

(6)

، وقد حكاه المرعشي عن قوله القديم.

= "قال: تهاونًا؛ الترك للعبادة على ثلاثة أقسام:

(الأول): لعذر.

(الثاني): لجحد.

(الثالث): للإعراض عنها جهلًا فلا يقدرها.

فأما الأول: فيكتب له أجره.

وأما الثاني: فهو كافر.

وأما الثالث: فهو المتهاون وهي من جملة الكبائر، وسواء صلاها ظهرًا أو تركها أصلًا إلى غير ظهر، وهو أعظمه في المعصية، فإذا واظب على ذلك كان علامة على أن الله قد طبع على قلبه بطابع النفاق

والتمادي على المعاصي يوقع في سوء الخاتمة، ويذهب حلاوة الطاعة، فيذهب على المرء دينه وهو لا يشعر، فأما بنفس المعصية فلا يكون كافرًا، وإنما يكون معرضًا نفسه لسوء الخاتمة، أو لينفذ فيه ما شاء من عذابه أو عفوه" اهـ.

(1)

في "الأوسط"(4/ 17) وفي "الإجماع"(ص 41/ رقم 254).

(2)

في عارضة الأحوذي (2/ 286).

(3)

في "المغني"(3/ 158).

(4)

في معالم السنن (1/ 644 - مع السنن).

(5)

زيادة من المخطوط (أ).

(6)

قال النووي في "المجموع"(4/ 349): "فالجمعة فرض عين على كل مكلف غير أصحاب الأعذار والنقص المذكورين.

هذا هو المذهب وهو المنصوص للشافعي في كتبه، وقطع به الأصحاب في جميع الطرق، إلا ما حكاه القاضي أبو الطيب في تعليقه، وصاحب الشامل وغيرهما عن بعض الأصحاب أنه غلط. فقال: هي فرض كفاية، قالوا: وسبب غلطه أن الشافعي قال: من =

ص: 227

قال الدارمي: وغلّطوا حاكيه.

وقال أبو إسحاق المروزي

(1)

: لا يجوز حكاية هذا عن الشافعي.

وكذلك حكاه الروياني

(2)

عن حكاية بعضهم وغلطه.

قال العراقي: نعم هو وجه لبعض الأصحاب. قال: وأما ما ادّعاه الخطابي

(3)

من أن أكثر الفقهاء قالوا: إن الجمعة فرض على الكفاية ففيه نظر، فإن مذاهب الأئمة الأربعة

(4)

متفقة على أنها فرض عين لكن بشروط يشترطها أهل كل مذهب.

قال ابن العربي

(5)

: وحكى ابن وهب عن مالك

(6)

أن شهودها سنة، ثم قال: قلنا: له تأويلان؛ أحدهما: أن مالكًا يطلق السنة على الفرض. الثاني: أنه أراد سنة على صفتها لا يشاركها فيه سائر الصلوات حسب ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله المسلمون.

وقد روى ابن وهب عن مالك

(7)

: "عزيمة الجمعة على كل من سمع النداء" انتهى.

= وجبت عليه الجمعة وجبت عليه صلاة العيدين. قالوا: وغلط من فهمه لأن مراد الشافعي من خوطب بالجمعة وجوبًا خوطب بالعيدين متأكدًا، واتفق القاضي أبو الطيب وسائر من حكى هذا الوجه على غلط قائله. قال القاضي أبو إسحاق المروزي: لا يحل أن يحكى هذا عن الشافعي.

ولا يختلف أن مذهب الشافعي أن الجمعة فرض عين

" اهـ.

وانظر: "الأم" للشافعي (2/ 373).

وقال العمراني في "البيان"(2/ 542): "الجمعة: فرض من فروض الأعيان. وغلطَ بعضُ أصحابنا على الشافعي، أنَّهُ قال: هي من فروض الكفاية

" اهـ.

(1)

حكاه النووي في المجموع (4/ 349) عنه.

(2)

في كتابه "بحر المذهب"(3/ 90).

(3)

في معالم السنن (1/ 644 - مع السنن).

(4)

قال صاحب "رحمة الأمة في اختلاف الأئمة" ص 125 - 126:

"اتفق العلماء على أن صلاة الجمعة فرض واجب على الأعيان، وغلَّطوا من قال: هي فرضُ كفاية، و

" اهـ

(5)

في عارضة الأحوذي (2/ 286 - 287).

(6)

المدونة (1/ 142).

(7)

عيون المجالس (1/ 399).

ص: 228

ومن جملة الأدلة الدالة على أن الجمعة من فرائض الأعيان قول الله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [الجمعة: 9].

ومنها حديث طارق بن شهاب الآتي

(1)

في الباب الذي بعد هذا.

ومنها حديث حفصة الآتي

(2)

أيضًا.

ومنها ما أخرجه البخاري

(3)

وغيره

(4)

عن أبي هريرة: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نحنُ الآخرونَ السابِقُونَ يومَ القيامةِ، بَيْدَ أنهم أوتُوا الكتابَ من قَبْلِنا، ثم هذا يومُهم الذي فَرض الله عليهم واختلفوا فيه فهدانا اللهُ له فالناس لنا تبعٌ فيه" الحديث.

وقد استنبط منه البخاري فرضية صلاة الجمعة وبوّب عليه باب فرض الجمعة

(5)

، وصرّح النووي

(6)

والحافظ

(7)

بأنه يدلّ على الفرضية، [قالا]

(8)

لقوله: "فرض الله عليهم فهدانا له"، فإن التقدير: فرض عليهم وعلينا، فضلوا وهدينا.

وقد وقع عند مسلم

(9)

في رواية سفيان عن أبي الزناد بلفظ: "كتب علينا".

وقد أجاب عن هذه الأدلة من لم يقل بأنها فرض عين بأجوبة: إما عن حديث أبي هريرة الذي ذكره المصنف فيما تقدم في الجماعة

(10)

.

وإما عن سائر الأحاديث المشتملة على الوعيد

(11)

، فبصرفها إلى من ترك الجمعة تهاونًا حملًا للمطلق على المقيد، ولا نزاع في أن التارك لها تهاونًا مستحقّ للوعيد المذكور، وإنما النزاع فيمن تركها غير متهاون.

وأما عن الآية فبما يقضي به آخرها، أعني قوله:{ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [الجمعة: 9]، من عدم فرضية العين.

(1)

برقم (6/ 184) من كتابنا هذا.

(2)

برقم (5/ 183) من كتابنا هذا.

(3)

في صحيحه رقم (876).

(4)

كمسلم رقم (855) والدارقطني (2/ 3) والبيهقي (3/ 170).

(5)

الباب الأول: باب فرض الجمعة (2/ 353 - مع الفتح).

(6)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 143).

(7)

في "الفتح"(2/ 353 - 354).

(8)

في المخطوط (أ): قال.

(9)

في صحيحه رقم (19/ 855).

(10)

برقم (1029) من كتابنا هذا.

(11)

كرقم (1179) و (1180) و (1181) من كتابنا هذا.

ص: 229

وأما عن حديث طارق

(1)

فبما قيل فيه من الإِرسال وسيأتي.

وأما عن حديث أبي هريرة

(2)

الآخر فبمنع استلزام افتراض يوم الجمعة على من قبلنا افتراضه علينا. وأيضًا ليس فيه افتراض صلاة الجمعة عليهم [و]

(3)

لا علينا.

وقد ردّت هذه الأجوبة بردود.

والحقّ أن الجمعة من فرائض الأعيان على سامع النداء، ولو لم يكن في الباب إلا حديث طارق (1) وأمّ سلمة

(4)

الآتيين لكانا مما تقوم [به الحجة]

(5)

على الخصم.

والاعتذار عن حديث طارق بالإِرسال ستعرف اندفاعه.

وكذلك الاعتذار بأن مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم كان صغيرًا لا يتسع هو ورحبته لكل المسلمين، وما كانت تقام الجمعة في عهده صلى الله عليه وسلم بأمره إلا في مسجده، وقبائل العرب كانوا مقيمين في نواحي المدينة مسلمين ولم يؤمروا بالحضور مدفوع بأن تخلف المتخلفين عن الحضور بعد أمر الله به وأمر رسوله والتوعد الشديد لمن لم يحضر لا يكون حجة إلا على فرض تقريره صلى الله عليه وسلم للمتخلفين على تخلفهم واختصاص الأوامر بمن حضر جمعته صلى الله عليه وسلم من المسلمين، وكلاهما باطل.

أما الأوّل: فلا يصحّ نسبة التقرير إليه صلى الله عليه وسلم بعد همه بإحراق المتخلفين عن الجمعة وإخباره بالطبع على قلوبهم وجعلها كقلوب المنافقين.

وأما الثاني: فمع كونه قصرًا للخطابات العامة بدون برهان، تردّه أيضًا تلك التوعدات للقطع بأنه لا معنى لتوعد الحاضرين ولتصريحه صلى الله عليه وسلم بأن ذلك الوعيد للمتخلفين.

وضيق مسجده صلى الله عليه وسلم يدلّ على عدم الفرضية إلا على فرض أن الطلب

(1)

سيأتي برقم (1184) من كتابنا هذا.

(2)

الذي أخرجه البخاري برقم (876) وقد تقدم.

(3)

زيادة من المخطوط (أ).

(4)

لعله وهم ويقصد حديث حفصة الآتي برقم (5/ 1183) من كتابنا هذا.

(5)

في المخطوط (ب): (بالحجة).

ص: 230

مقصور على مقدار ما يتسع له من الناس أو عدم إمكان إقامتها في البقاع التي خارجه وفي سائر البقاع، وكلاهما باطل.

أما الأوّل فظاهر.

وأما الثاني فكذلك أيضًا لإِمكان إقامتها في تلك البقاع عقلًا وشرعًا.

لا يقال عدم أمره صلى الله عليه وسلم بإقامتها في غير مسجده يدلّ على عدم الوجوب.

لأنا نقول: الطلب العام يقتضي وجوب صلاة الجمعة على كل فرد من أفراد المسلمين، ومن لا يمكنه إقامتها في مسجده صلى الله عليه وسلم لا يمكنه الوفاء بما طلبه الشارع إلا بإقامتها في غيره، وما لا يتمّ الواجب إلا به واجب كوجوبه، كما تقرّر في الأصول

(1)

.

[الباب الثاني] باب من تجب عليه ومن لا تجب

4/ 1182 - (عَنْ عَبْدِ الله بن عَمْرو [رضي الله عنه]

(2)

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "الجُمُعَةُ على مَنْ سَمِعَ النِّداءَ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ

(3)

وَالدَّارقُطْنِيُّ

(4)

وقالَ فيه: "إِنَّمَا الجُمُعَةُ على مَنْ سَمِعَ النِّداءَ". [ضعيف والصحيح وقفه]

الحديث قال أبو داود في السنن

(5)

: رواه جماعة عن سفيان مقصورًا على عبد الله بن عمرو ولم يرفعوه وإنما أسنده قبيصة انتهى.

وفي إسناده محمد بن سعيد الطائفي، قال المنذري

(6)

: وفيه مقال.

وقال في التقريب

(7)

: صدوق.

وقال أبو بكر بن أبي داود

(8)

: هو ثقة.

(1)

الكوكب المنير (1/ 357) - والمسودة ص 61. واللمع ص 10.

(2)

زيادة من المخطوط (أ).

(3)

في سننه رقم (1056).

(4)

في السنن (2/ 6 رقم 2)

(5)

(1/ 640).

(6)

في المختصر (2/ 7).

(7)

رقم الترجمة (5916).

(8)

قال البيهقي في السنن الكبرى (3/ 173): ثقة. ونقل البيهقي، عن علي الدارقطني في السنن الكبرى (6/ 221) بأنه ثقة. =

ص: 231

قال: وهذه سنة تفرّد بها أهل الطائف، انتهى.

وقد تفرّد به محمد بن سعيد، عن شيخه أبي سلمة

(1)

، وتفرّد به أبو سلمة عن شيخه عبد الله بن هارون

(2)

.

وقد ورد من حديث عبد الله بن عمرو من وجه آخر أخرجه الدارقطني

(3)

من رواية الوليد

(4)

عن زهير بن محمد

(5)

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه مرفوعًا، والوليد وزهير كلاهما من رجال الصحيح.

قال العراقي: لكن زهير (5) روى عن أهل الشام مناكير منهم الوليد (4)، والوليد مدلس وقد رواه بالعنعنة فلا يصحّ.

= وقال عنه الألباني رحمه الله في "صحيح أبي داود"(4/ 223): "وجملة القول: أن الطائفي هذا بريء العهدة من هذا الحديث، وإنما العلة ممن فوقه أو من دونه" اهـ.

(1)

أبو سلمة بن نُبَيْه [د] عن تابعي. نكرة. عن عبد الله بن هارون، عن عبد الله بن عمرو - مرفوعًا:، الجمعة على من سمع النداء" تفرد عنه محمد بن سعيد الطائفي. الميزان [4/ 532 رقم الترجمة (10258)].

(2)

عبد الله بن هارون [د] عن عبد الله بن عمرو بن العاص في وجوب الجمعة. تفرد عنه أبو سلمة بن نُبَيْه.

الميزان (2/ 516 رقم الترجمة 4663).

• وقال ابن القيم في "تهذيب السنن"(2/ 7): "قال عبد الحق: الصحيح أنه موقوف.

وفيه: أبو سلمة بن نُبَيْه، قال ابن القطان: لا يعرف بغير هذا. وهو مجهول.

وفيه أيضًا الطائفي؛ مجهول عند ابن أبي حاتم، ووثقه الدارقطني - والراجح أنه ثقة كما تقدم.

وفيه أيضًا عبد الله بن هارون. قال ابن القطان: مجهول الحال.

وفيه أيضًا قبيصة - بن عقبة - قال النسائي: كثير الخطأ. وأطلق.

وقيل: كثير الخطأ على الثوري. وقيل: هو ثقة إلا في الثوري" اهـ.

قلت: انظر ترجمة قبيصة بن عقبة بن محمد أبو عامر الكوفي في: "ميزان الاعتدال"(3/ 383 - 384) وسير أعلام النبلاء (10/ 130، 133) وتهذيب الكمال (2/ 1119 - 1120) والجرح والتعديل (7/ 126).

(3)

في السنن (2/ 6 / رقم 2) بسند ضعيف.

(4)

الوليد بن مسلم القرشي مولاهم، أبو العباس الدمشقي: ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية

[التقريب: رقم الترجمة (7456)].

(5)

زهير بن محمد التميمي، أبو المنذر الخراساني، سكن الشام ثم الحجاز: روايةُ أهل الشام عنه غيرُ مستقيمة، فضُعّف بسببها، قال البخاري عن أحمد: كأن زهيرًا الذي يروي عنه الشاميون آخر؛ وقال أبو حاتم: حدَّث بالشام من حفظه فكثر غَلَطُه

[التقريب رقم الترجمة (2049)].

ص: 232

ورواه الدارقطني

(1)

أيضًا من رواية محمد بن الفضل بن عطية عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومحمد بن الفضل ضعيف

(2)

جدًّا، والحجاج هو ابن أرطاة

(3)

، وهو مدلس مختلف في الاحتجاج به.

ورواه أيضًا البيهقي

(4)

من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا.

والحديث يدلّ على أن الجمعة لا تجب إلا على من سمع النداء، وإليه

ذهب الشافعي

(5)

وأحمد

(6)

وإسحاق

(7)

، حكى ذلك الترمذي

(8)

عنهم.

وحكاه ابن العربي

(9)

عن مالك

(10)

، وروي ذلك عن عبد الله بن عمرو راوي الحديث.

(1)

في السنن (2/ 6 رقم 1) بسند واه.

(2)

محمد بن الفضل بن عطية بخاري، مروزي. قال البخاري: سكتوا عنه. وقال يحيى: لا يكتب حديثه. وقال الفلاس: كذاب. ورماه ابن أبي شيبة بالكذب، وقال عنه النسائي: متروك الحديث.

التاريخ الكبير (1/ 208) والمجروحين (2/ 278) والجرح والتعديل (8/ 56) والكاشف (2/ 79) والمغني (2/ 64) والميزان (4/ 6) والتقريب (2/ 200) والخلاصة ص 356 ولسان الميزان (7/ 371).

(3)

حجاج بن أرطاة النخعي، كوفي، ليس بالقوي. وقال البخاري متروك الحديث لا نقر به.

وقد تقدم أكثر من مرة.

التاريخ الكبير (2/ 378) والمجروحين (1/ 225) والميزان (1/ 458).

(4)

في السنن الكبرى (3/ 173) بسند ضعيف.

وخلاصة القول أن حديث عبد الله بن عمرو ضعيف والصحيح وقفه.

مع أن الألباني رحمه الله حكم عليه في الإرواء رقم (593) بأنه حديث حسن.

وفي صحيح أبي داود (4/ 221 - 224 رقم 966/ م) اعتمد أن الصحيح وقفه وهو الصواب والله أعلم.

(5)

في الأم (2/ 382).

(6)

في المغني (3/ 163).

(7)

حكاه عنه النووي في المجموع (4/ 354).

(8)

في السنن (2/ 376).

(9)

في عارضة الأحوذي (2/ 289).

(10)

المدونة (1/ 153).

ص: 233

وحديث الباب وإن كان فيه المقال المتقدم فيشهد لصحته قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] الآية.

قال النووي في الخلاصة

(1)

: إن البيهقي قال: له شاهد

(2)

، فذكره بإسناد جيد.

قال العراقي: وفيه نظر.

قال: ويغني عنه حديث أبي هريرة عند مسلم

(3)

وغيره

(4)

. قال: "أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب".

وروى نحوه أبو داود

(5)

بإسناد حسن عن ابن أمّ مكتوم.

قال: فإذا كان هذا في مطلق الجماعة فالقول به في خصوصية الجمعة أولى.

والمراد بالنداء المذكور في الحديث هو النداء الواقع بين يدي الإِمام في المسجد لأنه الذي كان في زمن النبوّة لا الواقع على المنارات

(6)

فإنه محدث كما سيأتي.

(1)

(2/ 765 رقم 2674).

(2)

والشاهد أخرجه البيهقي (3/ 173) بسند ضعيف وقد تقدم. وأخرجه البيهقي (4/ 314) موقوفًا بسند ضعيف. وأخرجه البيهقي في "المعرفة"(4/ 314 رقم 6289) من طريق آخر عن سعيد بن المسيب وفي سنده إبراهيم بن محمد وهو متروك.

(3)

في صحيحه رقم (255/ 653).

(4)

كالنسائي رقم (850). وهو حديث صحيح.

وقد تقدم برقم (1030) من كتابنا هذا.

(5)

في سننه رقم (552).

قلت: وأخرجه أحمد (3/ 423) وابن ماجه رقم (792)، وهو حديث صحيح.

وقد تقدم برقم (1031) من كتابنا هذا.

(6)

انظر: "الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة"، للمحدث الألباني رحمه الله بعنوان:(هل كانت المنارة في زمنه صلى الله عليه وسلم؟)(ص 31 - 36).

ص: 234

وظاهره عدم وجوب الجمعة على من لم يسمع النداء، سواء كان في البلد الذي تقام فيه الجمعة أو في خارجه.

وقد ادّعى في البحر

(1)

الإِجماع على عدم اعتبار سماع النداء في موضعها واستدلّ لذلك بقوله: إذا لم تعتبره الآية، وأنت تعلم أن الآية قد قيد الأمر بالسعي فيها بالنداء لما تقرّر عند أئمة البيان

(2)

من أن الشرط قيد لحكم الجزاء، والنداء المذكور فيها يستوي فيه من في المصر الذي تقام فيه الجمعة ومن خارجه، نعم إن صحّ الإِجماع كان هو الدليل على عدم اعتبار سماع النداء لمن في موضع إقامة الجمعة عند من قال بحجية الإِجماع.

وقد حكى العراقي في شرح الترمذي عن الشافعي

(3)

ومالك

(4)

وأحمد بن حنبل

(5)

أنهم يوجبون الجمعة على أهل المصر وإن لم يسمعوا النداء.

وقد اختلف أهل العلم فيمن كان خارجًا عن البلد الذي تقام فيه

(1)

البحر الزخار الجامع لمذهب علماء الأمصار (2/ 6).

(2)

قال مؤلف "معجم البلاغة العربية" ص 308 رقم 409 - الشرط: الشرط في عرف أهل العربية قيد كحكم الجزاء. فقوله: "إن جئتني أكرمتك" بمنزلة قولك: أكرمك وقت مجيئك إليّ.

ولا يخرج الكلام بهذا التقييد عمَّا كان عليه من الخبرية أو الإنشائية، بل إن كان الجزاء خبرًا فالجملة الشرطية خبرية كما في المثال السالف. وإن كانت الجزاء إنشاءٌ فالجملة إنشائية نحو:"إن جاءك زيد فأكرمه".

وعند المنطقيين أن كلًّا من الشرط والجزاء خارج عن الخبرية، واحتمال الصدق والكذب. وإنما الخبر هو مجموع الشرط والجزاء المحكوم به بلزوم الثاني للأول. فإذا قلت: إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، فعند أهل العربية (النهار) محكوم عليه، و (موجود) محكوم به، والشرط قيد له.

وعند المنطقيين المحكوم عليه الشرط، والمحكوم به هو الجزاء، ومفهوم القضية عندهم الحكم بلزوم الجزاء للشرط.

وعند أهل العربية ثبوت الجزاء على تقدير ثبوت الشرط" اهـ.

وانظر: "البلاغة العربية"(1/ 471).

(3)

المجموع (4/ 354) والبيان (2/ 548).

(4)

المدونة (1/ 152) والمنتقى (1/ 194).

(5)

المغني (3/ 244).

ص: 235

الجمعة، فقال عبد الله بن عمر

(1)

وأبو هريرة

(2)

وأنس

(3)

والحسن

(4)

وعطاء

(5)

ونافع

(6)

وعكرمة

(7)

والحكم

(8)

والأوزاعي

(9)

والإِمام يحيى إنها تجب على من يؤويه الليل إلى أهله، والمراد أنه إذا جمع مع الإِمام أمكنه العود إلى أهله آخر النهار وأوّل الليل.

واستدلوا بما أخرجه الترمذي

(10)

عن أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "الجمعة على من آواه الليل إلى أهله"، قال الترمذي

(11)

: وهذا إسناد ضعيف إنما يروى من حديث مُعَارك بن عبَّاد عن عبد الله بن سعيد المقبري، وضعَّف يحيى بن سعيد القطان عبد الله بن سعيد المقبري

(12)

في الحديث انتهى.

(1)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 35 ث 1756) عن ابن عمر قال: "الجمعة على من آواه الليل إلى أهله"، وهو أثر حسن.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 102) بلفظ: "الجمعة على من آواه المراح".

(2)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 35 ث 1757) عن أبي هريرة قال: "الجمعة على من آواه الليل إلى أهله".

(3)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 34 ث 1755) عن أنس وأيوب عن نافع قالا: تجب الجمعة على من آواه الليل إلى رحله"، وهو أثر صحيح.

(4)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 102) عن الحسن قال: "الجمعة على كل من آواه الليل إلى أهله".

وأخرجه عبد الرزاق من طريق قتادة عنه (3/ 162 رقم 5152).

(5)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 35).

(6)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 103) عن نافع قال: "الجمعة على من آواه الليل إلى أهله".

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 162 رقم 5152).

(7)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 102) عن عكرمة قال: "تؤتى الجمعة من أربع فراسخ".

(8)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 103) عن الحكم قال: "إذا كان يجيء ويذهب في يوم فعليه الجمعة".

(9)

أخرج البيهقي في السنن الكبرى عنه (3/ 175 - 176).

(10)

في السنن عقب الحديث (501) والحديث رقم (502).

وهو حديث ضعيف جدًّا.

(11)

في السنن (2/ 375 - 376).

(12)

عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، يقال له أبو عَبَّاد. =

ص: 236

وقال العراقي: إنه غير صحيح فلا حجة فيه.

وذهب الهادي والناصر

(1)

ومالك

(2)

إلى أنها تلزم من سمع النداء بصوت الصيِّت من سور البلد.

وقال عطاء

(3)

: تلزم من على عشرة أميال.

وقال الزهري

(4)

: من على ستة أميال.

وقال ربيعة

(5)

: من على أربعة.

وروي عن مالك

(6)

: ثلاثة.

وروي عن الشافعي: فرسخ، وكذلك روي عن أحمد.

قال ابن قدامة

(7)

: وهذا قول [أصحاب]

(8)

الرأي.

وروي في البحر

(9)

عن زيد بن علي والباقر والمؤيد بالله وأبي حنيفة

(10)

وأصحابه أنها لا تجب على من كان خارج البلد.

وقد استدلّ بحديث الباب على أن الجمعة من فروض الكفايات حتى قال في ضوء النهار

(11)

: إنه يدلّ على ذلك بلا شكّ ولا شبهة.

= قال البخاري: قال يحيى القطان: استبان لي كذبه في مجلس.

وقال الفلاس: منكر الحديث، متروك.

التاريخ الكبير (5/ 105) والمجروحين (2/ 9) والجرح والتعديل (5/ 71) والكاشف (2/ 82) والمغني (1/ 340) والميزان (2/ 429) والتقريب (1/ 419) ولسان الميزان (7/ 263) والخلاصة ص 199.

(1)

البحر الزخار (2/ 6 - 7).

(2)

المنتقى للباجي (1/ 194).

(3)

حكاه عنه العمراني في "البيان"(2/ 548).

(4)

أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 162 رقم 5154) عن ابن جريج قال: أخبرني ابن شهاب أن الناس كانوا ينزلون إلى الصلاة يوم الجمعة على رأس أربعة أميال، أو ستة.

(5)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 37).

(6)

المنتقى للباجي (1/ 195).

(7)

في المغني (3/ 246).

(8)

في المخطوط (ب): (أهل).

(9)

البحر الزخار (2/ 7).

(10)

البناية في شرح الهداية (3/ 91 - 92).

(11)

للجلال (2/ 105).

ص: 237

وردّ بأنه ليس في الحديث إلا أنها من فرائض الأعيان على سامع النداء فقط، وليس فيه أنها فرض كفاية على من لم يسمع، بل مفهومه يدلّ على أنها لا تجب عليه لا عينًا ولا كفاية.

5/ 1183 - (وَعَنْ حَفْصَةَ [رضي الله عنها]

(1)

أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "رَوَاحُ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ على كُل مُحْتَلِمٍ"، رَوَاهُ النَّسائيُّ)

(2)

. [صحيح]

6/ 1184 - (وَعَنْ طارِقِ بْنِ شِهابٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "الجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ على كُل مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أو امْرأةٌ، أوْ صَبِيٌّ، أوْ مَرِيضٌ"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ

(3)

. [صحيح]

وَقالَ

(4)

: طارِقُ بْنُ شِهابٍ قَدْ رأى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ولَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا)

(5)

.

الحديث الأوّل رجال إسناده رجال الصحيح إلا [عياش بن عَبَّاس]

(6)

وقد وثقه العجلي

(7)

.

والحديث [الآخر]

(8)

أخرجه أيضًا الحاكم

(9)

من حديث طارق هذا عن أبي موسى.

(1)

زيادة من المخطوط (ب).

(2)

في سننه رقم (1371) وهو حديث صحيح.

(3)

في سننه (1/ 644) رقم (1067). قلت: وأخرجه الدارقطني (2/ 3 رقم 2) والبيهقي (3/ 172).

(4)

أي أبو داود في سننه (1/ 644).

(5)

قلت: أي فهو صحابي، وحديثه مرسل صحابي، وهو حجة عند الجمهور، وقد أخرجه الحاكم (1/ 288) موصولًا من طريقه، عن أبي موسى.

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وقال الذهبي: صحيح.

وقد صحح الألباني الحديث في صحيح أبي داود، والله أعلم.

(6)

في المخطوط (أ، ب): عياش بن عياش وهو خطأ، والصواب من سنن النسائي ومن "تهذيب التهذيب"(3/ 351).

(7)

في "معرفة الثقات"(2/ 197 رقم الترجمة 1454).

(8)

في المخطوط (ب): (الثاني).

(9)

في المستدرك (1/ 288) وقد تقدم.

ص: 238

قال الحافظ

(1)

: وصححه غير واحد.

وقال الخطابي

(2)

: ليس إسناد هذا الحديث بذاك، وطارق بن شهاب لا يصحّ له سماع من النبيّ صلى الله عليه وسلم، إلا أنه قد لقي النبيّ.

قال العراقي: فإذا قد ثبتت صحبته، فالحديث صحيح، وغايته أن يكون مرسل صحابي وهو حجة عند الجمهور

(3)

، إنما خالف فيه أبو إسحاق الإسفراييني، بل ادّعى بعض الحنفية الإِجماع على أن مرسل الصحابي حجة اهـ.

على أنه قد اندفع الإِعلال بالإِرسال بما في رواية الحاكم

(4)

من ذكر أبي موسى.

وقد شدّ من عضد هذا الحديث حديث حفصة

(5)

المذكور في الباب.

ويؤيده أيضًا ما أخرجه الدارقطني

(6)

والبيهقي

(7)

من حديث جابر بلفظ: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة، إلا امرأة أو مسافرًا أو عبدًا أو مريضًا"، وفي إسناده ابن لهيعة

(8)

ومعاذ بن محمد الأنصاري

(9)

وهما ضعيفان.

وفي الباب عن تميم الداري عند العقيلي

(10)

والحاكم أبي أحمد وفيه أربعة ضعفاء على الولاء، قاله ابن القطان

(11)

.

(1)

في التلخيص (2/ 130).

(2)

في معالم السنن (2/ 644 - مع السنن).

(3)

إرشاد الفحول (ص 243) بتحقيقي، وعلوم الحديث لابن الصلاح ص 55 وقواعد التحديث للقاسمي (ص 133).

(4)

في المستدرك (1/ 288) وقد تقدم.

(5)

المتقدم برقم (5/ 1183) من كتابنا هذا.

(6)

في سننه (2/ 3 رقم 1).

(7)

في السنن الكبرى (3/ 184) بسند ضعيف. لضعف ابن لهيعة ومعاذ بن محمد الأنصاري.

(8)

تقدم الكلام عليه مرارًا.

(9)

معاذ بن محمد الأنصاري. قال العقيلي: في حديثه وهم. روى عن الأوزاعي، وعنه محمد بن أبي بكر المقدمي.

الميزان (4/ 132 رقم الترجمة 8610).

(10)

في الضعفاء الكبير (2/ 222) في ترجمة ضرار بن عمرو، عن أبي عبد الله الشامي. وقال العقيلي: لا يتابع عليه.

(11)

في الوهم والإيهام (3/ 160 - 161). وهم:

- أبو عبد الله الشامي: مجهول [الجرح والتعديل 9/ 401]. =

ص: 239

وعن ابن عمر عند الطبراني في الأوسط

(1)

.

وعن مولى لآل الزبير عند البيهقي

(2)

.

وعن أبي هريرة ذكره الحافظ في التلخيص

(3)

وذكره صاحب مجمع الزوائد

(4)

، وقال: فيه إبراهيم بن حماد ضعفه الدارقطني.

وعن أم عطية بلفظ: "نهينا عن اتباع الجنائز ولا جمعة علينا"، أخرجه ابن خزيمة

(5)

.

وقد استدل بحديثي الباب على أن الجمعة من فرائض الأعيان، وقد تقدم الكلام على ذلك.

قوله: (عبد مملوك) فيه أن الجمعة غير واجبة على العبد.

وقال داود

(6)

: إنها واجبة عليه لدخوله تحت عموم الخطاب.

قوله: (أو امرأة) فيه عدم وجوب الجمعة على النساء، أما غير العجائز فلا خلاف في ذلك.

وأما العجائز فقال الشافعي

(7)

: يستحبّ لهنّ حضورها.

قوله: (أو صبيّ) فيه أن الجمعة غير واجبة على الصبيان وهو مجمع عليه.

= والحكم أبو عمرو بن عمرو: شيخ مجهول [الجرح والتعديل 3/ 119].

- ومحمد بن طلحة بن مصرف: ضعيف [تهذيب التهذيب 3/ 597].

- وضرار بن عمرو: قال البخاري: فيه نظر [التاريخ الكبير 2/ 2/ 339].

(1)

رقم (818) بسند ضعيف لضعف عبد الله بن نافع مولى ابن عمر. التقريب رقم الترجمة (3661).

قلت: وأخرجه الدارقطني في سننه (2/ 4 رقم 4). وذكر الحافظ في "بلوغ المرام" رقم (27/ 440) بتحقيقي وقال: رواه الطبراني بإسناد ضعيف.

وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(2)

في السنن الكبرى (3/ 184) وسنده ضعيف.

(3)

(2/ 131).

(4)

(2/ 170) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفيه إبراهيم بن حماد ضعفه الدارقطني.

(5)

في صحيحه رقم (1722).

(6)

انظر: "المحلى" لابن حزم (5/ 49).

(7)

الأم (2/ 376) والبيان (2/ 543).

ص: 240

قوله: (أو مريض) فيه أن المريض لا تجب عليه الجمعة إذا كان الحضور يجلب عليه مشقة.

وقد ألحق به الإِمام يحيى

(1)

وأبو حنيفة

(2)

: الأعمى وإن وجد قائدًا لما في ذلك من المشقة.

وقال الشافعي

(3)

: إنه غير معذور عن الحضور إن وجد قائدًا.

وظاهر حديث أبي هريرة وابن أمّ مكتوم المتقدمين في شرح الحديث الذي في أوّل هذا الباب

(4)

أنه غير معذور مع سماعه للنداء وإن لم يجد قائدًا لعدم الفرق بين الجمعة وغيرها من الصلوات.

وقد تقدم الكلام على الحديثين في أوّل أبواب الجماعة

(5)

.

واختُلف في المسافر هل تجب عليه الجمعة إذا كان نازلًا أم لا؟ فقال الفقهاء وزيد بن عليّ والناصر والباقر والإِمام يحيى

(6)

: إنها لا تجب عليه ولو كان نازلًا وقت إقامتها.

واستدلوا بما تقدم في حديث جابر

(7)

من استثناء المسافر.

وكذا استثناء المسافر في حديث أبي هريرة

(8)

الذي أشرنا إليه.

وقال الهادي والقاسم أبو العباس

(9)

والزهري

(10)

والنخعي

(11)

: إنها

(1)

البحر الزخار (2/ 5).

(2)

البناية في شرح الهداية (3/ 80).

(3)

المجموع (4/ 357).

(4)

الباب الثاني في شرح الحديث رقم (4/ 1182).

(5)

عند الحديث رقم (1030) و (1031) من كتابنا هذا.

(6)

البحر الزخار (2/ 5).

(7)

تقدم خلال شرح الحديث رقم (1184) من كتابنا هذا، وسنده ضعيف.

(8)

تقدم خلال شرح الحديث رقم (1184) من كتابنا هذا، وسنده ضعيف.

(9)

البحر الزخار (2/ 5 - 6).

(10)

قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 20): "وقال الزهري: إذا سمع الأذان فليشهد الجمعة. وقد اختلف عنه".

(11)

قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 20): "وكان النخعي يقول: ليس لمن ترك الجمعة والجماعة عذر، إلا خائف أو مريض".

ص: 241

تجب على المسافر إذا كان نازلًا وقت إقامتها، لا إذا كان سائرًا.

ومحل الخلاف هل يطلق اسم المسافر على من كان نازلًا أو يختص بالسائر، وقد تقدم الكلام على ذلك في أبواب صلاة السفر.

7/ 1185 - (وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "ألا هَلْ عَسَى أحَدُكُمْ أنْ يَتَّخِذَ الصُّبَّةَ مِنَ الغَنَمِ على رأسِ ميلِ أوْ مِيْلَيْنِ فَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الكَلأُ فَيَرْتَفعُ، ثُمَّ تَجِيءُ الجُمُعَةُ فَلا يَجِيءُ وَلا يَشْهَدُها، وَتَجِيءُ الجُمُعَةُ فَلا يَشْهَدُها، وَتَجِيءُ الجُمُعَةُ فَلا يَشْهَدُها، حتَّى يَطْبَعَ الله على قَلْبِهِ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ)

(1)

. [حسن]

الحديث هو عند ابن ماجه (1) كما ذكر المصنف من رواية محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة.

وأخرجه الحاكم

(2)

أيضًا وفي إسناده معدي بن سليمان

(3)

وفيه مقال.

وروى نحوه الطبراني

(4)

وأحمد

(5)

من حديث حارثة بن النعمان.

وروى أيضًا نحوه الطبراني

(6)

من حديث ابن عمر وقد تقدم.

قوله: (أن يتخذ الصُّبَّة) بصاد مهملة مضمومة وبعدها باء موحدة مشددة. قال في النهاية

(7)

: هي من العشرين إلى الأربعين ضأنًا ومعزًا، وقيل:

(1)

في السنن رقم (1127).

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 375 - 376): "هذا إسناد ضعيف لضعف معدي بن سليمان.

(2)

في المستدرك (1/ 292) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

(3)

معدي بن سليمان، أبو سليمان صاحب الطعام: ضعيف وكان عابدًا

التقريب: رقم الترجمة (6788).

(4)

في المعجم الكبير رقم (3232).

(5)

في المسند (5/ 434).

إسناده ضعيف لضعف عمر مولى غُفْرة: وهو ابن عبد الله.

(6)

في الأوسط رقم (336).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 193) وقال: "فيه جماعة لم أجد من ترجمهم.

وقد تقدم خلال شرح الحديث رقم (1181) من كتابنا هذا.

(7)

(3/ 4).

ص: 242

معزًا خاصة، وقيل: ما بين الستين إلى السبعين.

ولفظ حديث ابن عمر: "أن يتخذ الضّبنة"

(1)

، قال العراقي: بكسر الضاد المعجمة ثم باء موحدة ساكنة ثم نون: هي ما تحت يدك من مال أو عيال اهـ.

وفي القاموس

(2)

في فصل الصاد المهملة من باب الباء الموحدة ما لفظه: والصبة بالضم: ما صبّ من طعام [وغيره]

(3)

.

ثم قال

(4)

: والسُّرْبَة من الخيل والإِبل والغنم، أو ما بين العشرة إلى الأربعين أو هي من الإبل ما دون المائة.

وقال

(5)

في فصل الضاد المعجمة من حرف النون: الضبنة مثلثة كفرجة؛ العيال ومن لا غناء فيه ولا كفاية من الرفقاء.

والحديث فيه الحثّ على حضور الجمعة والتوعد على التشاغل عنها بالمال.

وفيه أنها لا تسقط على من كان خارجًا عن بلد إقامتها وإن طلب الكلأ ونحوه لا يكون عذرًا في تركها.

8/ 1186 - (وَعَنِ الحَكَمِ عَنْ مُقسّمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: بَعَثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عبْدَ الله بْنَ رَوَاحَةَ في سَرِيَّةٍ فَوَافقَ ذلكَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، قال: فَتَقَدَّمَ أصْحابهُ وَقَالَ: أتَخَلَّفُ فأُصَلِّي مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الجُمُعَةَ ثُمَّ ألْحَقُهُمْ؛ قالَ: فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ الله رآهُ، فَقالَ:"ما مَنَعَك أنْ تَغدُوَ مَعَ أصْحابِكَ؟ " فَقالَ: أرَدْتُ أنْ أُصلِّيَ مَعَكَ الجُمُعَةَ ثُمَّ ألْحَقُهُمْ، قالَ: فَقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أنْفَقْتَ ما فِي الأرْضِ جَمِيعًا ما أدْرَكْتَ غُدْوَتَهُمْ"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(6)

وَالتِّرْمِذِيُّ

(7)

. [ضعيف]

(1)

النهاية (3/ 73).

(2)

في القاموس المحيط ص 133.

(3)

في المخطوط (ب): (أو غيره).

(4)

في القاموس المحيط ص 133.

(5)

في القاموس المحيط ص 1563.

(6)

في المسند (1/ 224).

(7)

في سننه رقم (527). وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (2699) وعبد بن حميد رقم (654) والطبراني في الكبير رقم (12081) والبيهقي (3/ 187) من طرق.

قلت: فيه عنعنة الحجاج بن أرطاة، والحكم بن عتيبة لم يسمعه من مقسم. =

ص: 243

وَقالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعِ الحَكَمُ مِنْ مُقَسّمٍ إلَّا خَمْسَةَ أحادِيثَ وَعدَّها، وَلَيْسَ هَذا الحَديثُ فِيما عَدَّهُ).

9/ 1187 - (وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَنَّه أبْصَرَ رَجُلًا عَلَيْهِ هَيْئَةُ السَّفَرِ فَسَمِعَهُ يَقُولُ: لَوْلا أن اليَوْمَ يَوْمُ جُمعَةٍ لَخَرَجْتُ، فَقَالَ عُمَرُ: اخْرُج فإنَّ الجُمُعَةَ لا تَحْبِسُ عَنْ سَفَرٍ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ في مُسْنَدِهِ)

(1)

. [موقوف صحيح]

أما حديث ابن عباس فقال الترمذي

(2)

: إنه غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

ثم قال

(3)

: قال يحيى بن سعيد: قال شعبة: وذكر الكلام الذي ذكره المصنف.

وفي إسناده الحجاج ابن أرطاة.

قال البيهقي

(4)

: انفرد به الحجاج وهو ضعيف.

وقال العراقي في شرح الترمذي: ضعفه الجمهور.

ومال ابن العربي

(5)

إلى تصحيح الحديث.

وقال: ما قاله شعبة لا يؤثر في الحديث.

وقال: هو صحيح السند صحيح المعنى؛ لأن الغزو أفضل من الجماعة في الجمعة وغيرها، وطاعة النبيّ صلى الله عليه وسلم في الغزو أفضل من طاعته في صلاة الجماعة.

وتعقبه العراقي فقال: هذا الكلام ليس جاريًا على قواعد أهل الحديث

(6)

.

ولا يلزم من كون المعنى صحيحًا أن يكون السند صحيحًا، فإن شرط صحة الإسناد اتصاله، فالمنقطع ليس من أقسام الصحيح عند عامة العلماء، وهم الذين

= وقال النووي في المجموع (4/ 366) ضعيف جدًّا، وليس في المسألة حديث صحيح.

(1)

في المسند رقم (435).

قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 105) بالسند نفسه. وهو أثر صحيح.

(2)

في السنن (2/ 405).

(3)

أي الترمذي في السنن (2/ 406).

(4)

في السنن الكبرى (3/ 187).

(5)

في عارضة الأحوذي (2/ 317).

(6)

لأن فيه تدليس الحجاج والانقطاع بين الحكم ومقسم.

ص: 244

لا يحتجون بالمرسل، فكل من لا يحتجّ بالمرسل لا يحتجّ بعنعنة المدلس.

بل حكى النووي في شرح المهذّب وغيره اتفاق العلماء، على أنه لا يحتجّ بعنعنة

(1)

المدلس مع احتمال الاتصال، فكيف مع تصريح شعبة وهو أمير المؤمنين في الحديث [بأن]

(2)

الحكم لم يسمعه من مقسم.

فلو ثبت الحديث لكان حجة واضحة، وإذا لم يثبت فالحجة قائمة بغيره من حيث تعارض الواجبات وأنه يقدم أهمها.

ولا شكّ أن الغزوّ أهمّ من صلاة الجمعة، إذ الجمعة لها خلف عند فوتها، بخلاف الغزو خصوصًا إذا تعين فإنه يجب تقديمه.

وأيضًا فالجمعة لم تجب قبل الزوال، وإن وجب السعي إليها قبله في حقّ من سمع النداء ولا يمكنه إدراكها إلا بالسعي إليها قبله.

ومن هذه حاله يمكن أن يكون حكمه عند ذلك حكم ما بعد الزوال اهـ.

وأما الأثر المرويّ عن عمر فذكره الحافظ في التلخيص

(3)

ولم يتكلم عليه.

وروى سعيد بن منصور

(4)

أن أبا عبيدة سافر يوم الجمعة ولم ينتظر الصلاة.

وأخرج أبو داود في المراسيل

(5)

وابن أبي شيبة

(6)

عن الزهري أنه أراد أن يسافر يوم الجمعة ضحوة، فقيل له في ذلك، فقال: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم سافر يوم الجمعة.

وفي مقابل ذلك ما أخرجه الدارقطني في الإفراد

(7)

عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "مَنْ سافرَ يوم الجمعة دَعَتْ عليه الملائكةُ أن لا يُصْحَب في سفرِهِ"، وفي

(1)

انظر: "التبصرة والتذكرة"(1/ 179 - 191).

وخلاصة الفكر للشنشوري ص 132 - 136.

(2)

في المخطوط (ب): (فإن).

(3)

(2/ 133) وهو أثر صحيح وقد تقدم.

(4)

عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 133).

قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 105) وهو أثر منقطع.

(5)

عزاه إليه الحافظ في التلخيص (2/ 133). لم أجده في المراسيل المطبوع.

(6)

في المصنف (2/ 105 - 106).

(7)

عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 132).

ص: 245

إسناده ابن لهيعة

(1)

وهو مختلف فيه.

وما أخرجه الخطيب في كتاب أسماء الرواة

(2)

عن مالك من رواية الحسين بن علوان عنه عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "من سافر يوم الجمعة دعا عليه ملكاه أن لا يصاحب في سفره ولا تقضى له حاجة"، ثم قال الخطيب: الحسين بن علوان

(3)

غيره أثبت منه.

قال العراقي: قد ألان الخطيب الكلام في الحسين، هذا وقد كذّبه يحيى بن معين ونسبه ابن حبان إلى الوضع، وذكر له الذهبي في الميزان

(4)

هذا الحديث، وأنه مما كذب فيه على مالك.

وقد اختلف العلماء في جواز السفر يوم الجمعة من طلوع الفجر إلى الزوال على خمسة أقوال:

(الأوّل): الجواز، قال العراقي: وهو قول أكثر العلماء.

فمن الصحابة عمر بن الخطاب

(5)

، والزبير بن العوّام، وأبو عبيدة بن

(1)

وهو ضعيف من قبل حفظه، وأشار الحافظ في "التلخيص" إلى إعلاله به.

والخلاصة: أن حديث ابن عمر ضعيف، انظر: الضعيفة رقم (218).

(2)

عزاه إليه العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين رقم (512) وقال: بسند ضعيف جدًّا.

وحكم على الحديث الألباني بالوضع في "الضعيفة" رقم (219).

وقال: "وليس في السنة ما يمنع من السفر يوم الجمعة مطلقًا، بل رُوي عنه صلى الله عليه وسلم أنه سافر يوم الجمعة من أول النهار، ولكنه ضعيف لإرساله

"، ثم ذكر أثر عمر الصحيح المتقدم.

(3)

الحسين بن علوان الكلبي.

قال يحيى: كذاب. وقال علي: ضعيف جدًّا. وقال أبو حاتم والنسائي والدارقطني: متروك الحديث. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على هشام وغيره وضعًا، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب

ومما كذب على مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - مرفوعًا -:"من سافر يوم الجمعة دعا عليه ملكاه" اهـ.

الميزان (1/ 542 - 543 رقم الترجمة 2027).

(4)

انظر التعليقة السابقة.

(5)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 21 ث 1737) عن الأسود بن قيس عن أبيه أن عمر بن الخطاب رأى رجلًا يريد السفر يوم الجمعة وهو ينتظر الصلاة، فقال عمر: إن الصلاة لا تحبس عن سفر. =

ص: 246

الجرّاح

(1)

وابن عمر.

ومن التابعين الحسن

(2)

وابن سيرين

(3)

والزهري.

ومن الأئمة أبو حنيفة

(4)

ومالك

(5)

في الرواية المشهورة عنه والأوزاعي وأحمد بن حنبل

(6)

في الرواية المشهورة عنه وهو القول القديم للشافعي

(7)

، وحكاه ابن قدامة (6) عن أكثر أهل العلم.

(والقول الثاني): المنع منه، وهو قول الشافعي في الجديد

(8)

وهو [إحدى]

(9)

الروايتين عن أحمد

(10)

وعن مالك (5).

(والثالث): جوازه لسفر الجهاد دون غيره، وهو إحدى الروايات عن أحمد

(11)

.

(والرابع): جوازه للسفر الواجب دون غيره، وهو اختيار أبي إسحاق المروزي

(12)

من الشافعية. ومال إليه إمام الحرمين.

(والخامس): جوازه لسفر الطاعة واجبًا كان أو مندوبًا وهو قول كثير من الشافعية وصححه الرافعي (12).

وأما بعد الزوال من يوم الجمعة فقال العراقي: قد ادّعى بعضهم الاتفاق على عدم جوازه وليس كذلك، فقد ذهب أبو حنيفة

(13)

والأوزاعي

(14)

إلى جوازه

= وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 105) وهو أثر صحيح.

(1)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 21 - 22 ث 1738) عن صالح بن كيسان قال: خرج أبو عبيدة في بعض أسفاره بكرة الجمعة ولم ينتظر الصلاة".

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 105) وهو أثر منقطع.

(2)

أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 105) من طريق يونس عنه.

(3)

أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 105) من طريق خالد عنه.

(4)

حاشية ابن عابدين (3/ 37) بتحقيقنا.

(5)

عيون المجالس (1/ 417).

(6)

في المغني (3/ 247 - 248).

(7)

الأم (2/ 375).

(8)

المجموع شرح المهذب (4/ 365).

(9)

في المخطوط (أ): (أحد).

(10)

المغني (3/ 247).

(11)

المغني (3/ 248).

(12)

المجموع شرح المهذب (4/ 365).

(13)

حاشية ابن عابدين (3/ 37) بتحقيقنا.

(14)

المغني (3/ 247) والمجموع (4/ 365).

ص: 247

كسائر الصلوات، وخالفهم في ذلك عامة العلماء، وفرّقوا بين الجمعة وبين غيرها من الصلوات بوجوب الجماعة في الجمعة دون غيرها، والظاهر جواز السفر قبل دخول وقت الجمعة وبعد خروجه لعدم المانع من ذلك.

وحديث أبي هريرة

(1)

وكذلك حديث ابن عمر

(2)

لا يصلحان للاحتجاج بهما على المنع لما عرفت من ضعفهما ومعارضة ما هو أنهض منهما ومخالفتهما لما هو الأصل فلا ينتقل عنه إلا بناقل صحيح ولم يوجد.

وأما وقت صلاة الجمعة فالظاهر عدم الجواز لمن قد وجب عليه الحضور إلا أن يخشى حصول مضرّة من تخلفه للجمعة كالانقطاع عن الرفقة التي لا يتمكن من السفر إلا معهم وما شابه ذلك من الأعذار.

وقد أجاز الشارع التخلف عن الجمعة لعذر المطر، فجوازه لما كان أدخل في المشقة منه أولى

(3)

.

[الباب الثالث] باب انعقاد الجمعة بأربعين وإقامتها في القرى

10/ 1188 - (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ وكان قَائِدَ أبِيهِ بَعْدَ ما ذَهَبَ بَصَرُهُ عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ أَنَّهُ كانَ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ يَوْمَ الجُمُعَةِ تَرَحَّمَ [لأسْعَدَ]

(4)

بْنِ زُرَارَة، قالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إذَا سَمعتَ النِّداءَ تَرَحَّمْتَ [لأسْعَدَ](4) بْنِ زُرَارَةَ؟ قالَ: لِأَنَّهُ أوَّلُ مَنْ جَمَّعَ بنا فِي هَزْمِ النَّبِيتِ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَياضَةَ فِي نَقيعٍ يُقالُ لَهُ: نَقيعُ

(1)

مر تخريجه في الصفحة 246، حاشية رقم (2). وهو حديث موضوع.

(2)

عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 132).

(3)

قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 23): "قال أبو بكر: لا أعلم خبرًا ثابتًا يمنع من السفر أول نهار الجمعة إلى أن تزول الشمس، وينادي المنادي، فإذا نادى المنادي وجب السعي إلى الجمعة على من سمع النداء، ولم يسعه الخروج عن فرض لزمه، فلو أبقى الخروج في يوم الجمعة إلى أن يمضي الوقت كان حسنًا

" اهـ.

وهذا هو الراجح، والله أعلم.

(4)

في المخطوط (ب): (سعد) وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه من (ب) ومصادر الحديث.

ص: 248

الخَضِماتِ، قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمئِذٍ؟ قالَ: أرْبَعُونَ رَجُلًا. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ

(1)

، وابْنُ ماجَهْ

(2)

وَقالَ فِيهِ: كانَ أوَّلَ مَنْ صَلَّى بِنا صَلاةَ الجُمُعَةِ قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ). [حسن]

الحديث أخرجه أيضًا ابن حبان

(3)

والبيهقي

(4)

وصححه.

قال الحافظ

(5)

: وإسناده حسن اهـ.

وفي إسناده محمد بن إسحاق وفيه مقال مشهور

(6)

.

قوله: (هَزْم النبيت) هو بفتح الهاء وسكون الزاي: المطمئنّ من الأرض

(7)

.

والنَّبِيْت بفتح النون وكسر الباء الموحدة وسكون الياء التحتية وبعدها تاء فوقية.

قال في القاموس

(8)

: هو أبو حيّ باليمن اسمه عمرو بن مالك اهـ.

والمراد به هنا موضع من حرّة بني بياضة، وهي قرية على ميل من المدينة.

وبنو بياضة بطن من الأنصار.

(1)

في السنن رقم (1069).

(2)

في السنن رقم (1082).

قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (7013) وابن خزيمة رقم (1724) والطبراني في الكبير رقم (900) والحاكم (1/ 281)، (3/ 187) والدارقطني (2/ 5 - 6)، (2/ 6) والبيهقي (3/ 176 - 177)، (3/ 177) من طرق.

وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي.

وقال البيهقي: حديث حسن الإسناد صحيح.

وحسنه المحدث الألباني رحمه الله.

(3)

في صحيحه رقم (7013) وقد تقدّم.

(4)

في السنن الكبرى (3/ 176 - 177)، (3/ 177) وقال: حديث حسن الإسناد صحيح.

(5)

في "التلخيص"(2/ 115).

(6)

قال البيهقي: محمد بن إسحاق إذا ذكر سماعه في الرواية، وكان الراوي ثقة استقام الإسناد، وهذا حديث حسن الإسناد صحيح.

وعند أبي داود قد عنعن الحديث وعند غيره صرح بالتحديث.

فالخلاصة: أن الحديث حسن والله أعلم كما تقدم.

(7)

القاموس المحيط ص 1510، والنهاية (5/ 263) ومعجم البلدان (5/ 404 - 405).

(8)

القاموس المحيط ص 206.

ص: 249

قوله: (في نقيع) هو بالنون ثم القاف ثم الياء التحتية بعدها عين مهملة

(1)

.

قوله: (الخضِمات) بالخاء المعجمة وكسر الضاد المعجمة موضع معروف

(2)

.

قوله: (أربعون رجلًا) استدلّ به من قال: إن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلًا.

وإلى ذلك ذهب الشافعي

(3)

وأحمد

(4)

في إحدى الروايتين عنه، وبه قال عُبيدِ الله بن عبدِ اللهِ بن عتبة

(5)

، وعمر بن عبد العزيز

(6)

.

ووجه الاستدلال بحديث الباب أن الأمة أجمعت على اشتراط العدد، والأصل الظهر، فلا تصحّ الجمعة إلا بعدد ثابت بدليل، وقد ثبت جوازها بأربعين فلا يجوز بأقلّ منه إلا بدليل صحيح.

وثبت أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي"

(7)

قالوا: ولم تثبت صلاته لها بأقل من أربعين.

وأجيب عن ذلك: بأنه لا دلالة في الحديث على اشتراط الأربعين؛ لأن هذه واقعة عين.

وذلك أن الجمعة فرضت على النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو بمكة قبل الهجرة كما أخرجه الطبراني

(8)

عن ابن عباس، فلم يتمكن من إقامتها هنالك من أجل الكفار، فلما

(1)

النهاية (5/ 108) ومعجم البلدان (5/ 301).

(2)

النهاية (2/ 44) ومعجم البلدان (2/ 377).

(3)

الأم (2/ 379) والمجموع (4/ 368 - 369).

(4)

المغني (3/ 202 - 203) والمسائل لابنه عبد الله ص 126.

(5)

حكاه عنه العمراني في "البيان"(2/ 561).

(6)

أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 169) رقم (5181) من طريق أيوب أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أهل المياه بين مكة والمدينة أن يجمعوا".

(7)

أخرجه البخاري رقم (631) وقد تقدم مرارًا.

(8)

لم أقف عليه عند الطبراني.

وعزا نحوه الحافظ في "التلخيص"(2/ 115) للدارقطني من طريق المغيرة بن عبد الرحمن عن مالك عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس

ولم أقف عليه في سنن الدارقطني المطبوعة، والله أعلم.

ص: 250

هاجر من هاجر من أصحابه إلى المدينة كتب إليهم يأمرهم أن يجمعوا فجمعوا، واتفق أن عدّتهم إذن كانت أربعين، وليس فيه ما يدلّ على أن من دون الأربعين لا تنعقد بهم الجمعة.

وقد تقرّر في الأصول

(1)

أن وقائع الأعيان لا يحتجّ بها على العموم.

وروى عبد بن حميد

(2)

وعبد الرزاق

(3)

عن محمد بن سيرين قال: جَمَعَ أهل المدينة قبل أن يقدم النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقبل أن تنزل الجمعة، قالت الأنصار: لليهود يوم يجمعون فيه كل أسبوع، وللنصارى مثل ذلك، فهَلُمّ فلنجعل يومًا نجمع فيه فنذكر الله تعالى ونشكره، فجعلوه يوم العروبة، واجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذٍ ركعتين وذكرهم فسموا الجمعة حين اجتمعوا إليه، فذبح لهم شاة فتغدّوا وتعشوا منها، فأنزل الله في ذلك بعد:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] الآية.

قال الحافظ

(4)

: ورجاله ثقات إلا أنه مرسل.

وقولهم: لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة بأقلّ من أربعين.

يردّه حديث جابر الآتي

(5)

في باب انفضاض العدد لتصريحه بأنه لم يبق معه صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلًا.

وما أخرجه الطبراني

(6)

عن ابن مسعود الأنصاري قال: أوّل من قدم المدينة من المهاجرين: مصعب بن عمير، وهو أوّل من جمع بها يوم الجمعة قبل أن يقدم النبيّ صلى الله عليه وسلم وهم اثنا عشر رجلًا، وفي إسناده صالح بن أبي الأخضر وهو ضعيف

(7)

.

(1)

انظر: إرشاد الفحول ص 457 بتحقيقي. والبحر المحيط (3/ 211).

(2)

في تفسيره كما في "التلخيص الحبير"(2/ 115).

(3)

في المصنف (3/ 159) رقم (5144).

(4)

في "الفتح"(2/ 355).

(5)

برقم (1263) من كتابنا هذا.

(6)

في المعجم الأوسط رقم (6294).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 176)"رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه صالح بن أبي الأخضر وفيه كلام".

(7)

صالح بن أبي الأخضر البصري. قال البخاري وأبو حاتم: لين. ضعفه يحيى بن معين =

ص: 251

قال الحافظ

(1)

: ويجمع بينه وبين حديث الباب بأن أسعد كان أميرًا وَمصعبًا كان إمامًا.

وما أخرجه الطبراني

(2)

أيضًا وابن عديّ

(3)

عن أمّ عبد الله الدوسية مرفوعًا: "الجمعة واجبة على كل قرية فيها إمام وإن لم يكونوا إلا أربعة".

وفي رواية: "وإن لم يكونوا إلا ثلاثة رابعهم الإمام"، وقد ضعفه الطبراني وابن عديّ وفيه متروك

(4)

.

قال في التلخيص

(5)

: وهو منقطع.

وأما احتجاجهم بحديث جابر عند الدارقطني

(6)

والبيهقي

(7)

بلفظ: "في كل أربعين فما فوقها جمعة وأضحى وفطر"، ففي إسناده بعد تسليم أنه مرفوع عبد العزيز بن عبد الرحمن.

قال أحمد

(8)

: اضرب على أحاديثه فإنها كذب أو موضوعة.

وقال النسائي

(9)

: ليس بثقة.

وقال الدارقطني

(10)

: منكر الحديث.

وكان ابن حبان

(11)

لا يجوّز الاحتجاج به.

= وأبو زرعة. وقال الحافظ: ضعيف يعتبر به.

التاريخ الكبير (4/ 273) والمجروحين (1/ 368) والكاشف (2/ 17) والمغني (1/ 302) والميزان (2/ 288) والتقريب (1/ 358).

(1)

في "التلخيص"(2/ 115).

(2)

لم أقف عليه عند الطبراني. ولعله عند الدارقطني (2/ 8) كما في "التلخيص"(2/ 116).

(3)

في "الكامل"(2/ 621) في ترجمة الحكم بن عبد الله بن سعد بن عبد الله الأيلي. وهو حديث موضوع.

(4)

وهو الحكم بن عبد الله بن سعد بن عبد الله الأيلي.

(5)

(2/ 116).

(6)

في سننه (2/ 3 - 4 رقم 1).

(7)

في السنن الكبرى (3/ 177) وهو حديث ضعيف.

(8)

انظر: "بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم"(ص 275 رقم 633).

(9)

في "الضعفاء والمتروكين"(ص 168 رقم 415).

(10)

في "الضعفاء والمتروكين"(ص 282 رقم 350) وسكت عنه.

(11)

في "المجروحين"(2/ 138). =

ص: 252

وقال البيهقي

(1)

: هذا الحديث لا يحتجّ بمثله.

ومن الغرائب ما استدلّ به البيهقي

(2)

على اعتبار الأربعين وهو حديث ابن مسعود، قال:"جمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت آخر من أتاه ونحن أربعون رجلًا، فقال: إنكم مصيبون ومنصورون ومفتوح لكم".

فإن هذه الواقعة قصد فيها النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يجمع أصحابه ليبشرهم، فاتفق أن اجتمع له منهم هذا العدد.

قال السيوطي: وإيراد البيهقي لهذا الحديث أقوى دليل على أنه لم يجد من الأحاديث ما يدلّ للمسئلة صريحًا اهـ.

واعلم أن الخلاف في هذه المسئلة منتشر جدًّا، وقد ذكر الحافظ في فتح الباري

(3)

خمسة عشر مذهبًا.

فقال: وجملة ما للعلماء في ذلك خمسة عشر قولًا:

(أحدها): تصحّ من الواحد نقله ابن حزم

(4)

.

قلت: وحكاه الدارمي عن القاشاني وصاحب البحر

(5)

عن الحسن بن صالح.

(الثاني): اثنان كالجماعة وهو قول النخعي

(6)

وأهل الظاهر

(7)

والحسن بن يحيى

(8)

.

(الثالث): اثنان مع الإِمام عند أبي يوسف

(9)

ومحمد.

= قلت: وانظر ترجمته في: "الميزان"(2/ 631) والجرح والتعديل (5/ 388) والمغني (2/ 398) ولسان الميزان (4/ 34) والضعفاء للعقيلي (3/ 5) والكامل (5/ 1927).

(1)

في السنن الكبرى (3/ 177).

(2)

في السنن الكبرى (3/ 180). وهو حديث منقطع لأن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه.

(3)

(2/ 423).

(4)

في المحلى (5/ 46).

(5)

البحر الزخار (2/ 13).

(6)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 423).

(7)

انظر: المحلى (5/ 46).

(8)

البحر الزخار (2/ 12).

(9)

البناية في شرح الهداية (3/ 76).

ص: 253

قلت: وحكاه في شرح المهذّب

(1)

عن الأوزاعي وأبي ثور، وحكاه في البحر

(2)

عن أبي العباس وتحصيله للهادي والأوزاعي والثوري.

(الرابع): ثلاثة معه عند أبي حنيفة

(3)

.

قلت: وإليه ذهب المؤيد بالله وأبو طالب

(4)

.

وحكاه ابن المنذر

(5)

عن الأوزاعي وأبي ثور.

واختاره المزني والسيوطي وحكاه عن الثوري والليث

(6)

.

(الخامس): سبعة، حكي عن عكرمة

(7)

.

(السادس): تسعة، عند ربيعة (6).

(السابع): اثنا عشر، عنه في روارة.

قلت: وحكاه عنه المتولي والماوردي في الحاوي

(8)

.

وحكاه الماوردي (8) أيضًا عن الزهري والأوزاعي ومحمد بن الحسن.

(الثامن): مثله، غير الإِمام، عند إسحاق

(9)

.

(التاسع) عشرون، في رواية ابن حبيب عن مالك.

(العاشر): ثلاثون، في روايته أيضًا عن مالك

(10)

.

(الحادي عشر): أربعون بالإِمام، عند الشافعي

(11)

.

(1)

المجموع (4/ 370).

(2)

البحر الزخار (2/ 12).

(3)

"البناية" للعيني (3/ 74).

(4)

البحر الزخار (2/ 12) وشفاء الأوام (1/ 391).

(5)

في الأوسط (4/ 29).

• قال الوليد: سألت الأوزاعي عن إمام الجمعة لم يحضره جماعة؟ قال: فليجمع بهم قلّوا أو كثروا. قيل له: وإن لم يكن إلا ثالث ثلاثة؟ قال: نعم.

وحكى غير الوليد عن الأوزاعي أنه قال: إذا كانوا ثلاثة فليجمعوا إذا كان فيهم أميرهم.

• وكان أبو ثور يقول: الجمعة كسائر الصلوات إلا أنَّ فيها خطبة وقصر من الأربع.

(6)

الحاوي (2/ 409).

(7)

الأوسط لابن المنذر (4/ 29).

(8)

(2/ 409).

(9)

الفتح (2/ 423).

(10)

المدونة (1/ 153).

(11)

المجموع (4/ 370).

ص: 254

قلت: ومعه من قدمنا ذكرهم كما حكى ذلك السيوطي.

(الثاني عشر): أربعون غير الإِمام، روي عن الشافعي

(1)

، وبه قال عمر بن عبد العزيز

(2)

وطائفة.

(الثالث عشر): خمسون، عند أحمد

(3)

، وفي رواية كليب عن عمر بن عبد العزيز.

(الرابع عشر): ثمانون، حكاه المازري

(4)

.

(الخامس عشر): جمع كثير بغير قيد.

قلت: حكاه السيوطي عن مالك

(5)

.

قال الحافظ

(6)

: ولعلّ هذا الأخير أرجحها من حيث الدليل.

واعلم أنه لا مستند لاشتراط ثمانين أو ثلاثين أو عشرين أو تسعة أو سبعة، كما أنه لا مستند لصحتها من الواحد المنفرد.

وأما من قال إنها تصحّ باثنين فاستدلّ بأن العدد واجب بالحديث والإِجماع، ورأى أنه لم يثبت دليل على اشتراط عدد مخصوص.

وقد صحت الجماعة في سائر الصلوات باثنين، ولا فرق بينها وبين الجماعة، ولم يأت نصّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الجمعة لا تنعقد إلا بكذا، وهذا القول هو الراجح عندي

(7)

.

(1)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 28).

(2)

أخرج البيهقي في السنن الكبرى (3/ 178) من طريق أبي المليح الرقّي، قال: أتانا كتاب عمر بن عبد العزيز إذا بلغ أهل القرية أربعين رجلًا فليجمعوا".

(3)

الأوسط (4/ 28).

(4)

حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 423).

(5)

المنتقى للباجي (1/ 198) ومواهب الجليل (2/ 162).

(6)

في "الفتح"(2/ 423).

(7)

وهو الراجح كما قال رحمه الله.

قال ابن المنذر في "الأوسط"(4/ 29 - 30): "قال أبو بكر: أوجب الله على الخلق اتباع كتابه وسنن نبيه صلى الله عليه وسلم، قال الله جل ذكره: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ

} [النساء: 59]. وقال الله جل ذكره: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا =

ص: 255

وأما الذي قال بثلاثة فرأى العدد واجبًا في الجمعة كالصلاة، فشرط العدد في المأمومين المستمعين للخطبة.

وأما الذي قال بأربعة فمستنده حديث أمّ عبد الله الدوسية المتقدم

(1)

، وقد تقدم أنه لا ينتهض للاحتجاج به. وله طريق أخرى عند الدارقطني

(2)

وفيها متروكون.

وله طريق ثالثة عنده

(3)

أيضًا وفيها متروك.

قال السيوطي: قد حصل من اجتماع هذه الطرق نوع قوّة للحديث.

وفيه أن الطرق التي لا تخلو كل واحدة منها من متروك لا تصلح للاحتجاج وإن كثرت.

وأما الذي قال باثني عشر فمستنده حديث جابر في الانفضاض وسيأتي

(4)

.

وفيه أنه يدلّ على صحتها بهذا المقدار، وأما أنها لا تصحّ إلا بهم فصاعدًا لا بما دونهم فليس في الحديث ما يدلّ على ذلك.

وأما من قال باشتراط الخمسين فمستنده ما أخرجه الطبراني في الكبير

(5)

= إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ

} [الجمعة: 9].

فاتباع ظاهر كتاب الله عز وجل يجب، ولا يجوز أن يستثني من ظاهر الكتاب جماعة دون عدد جماعة بغير حجة، ولو كان لله في عدد دون عدد مراد لبين ذلك في كتابه، أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فلما عم ولم يخص كانت الجمعة على كل جماعة في دار إقامة على ظاهر الكتاب، وليس لأحد مع عموم الكتاب أن يخرج قومًا من جملته بغير حجة يفزع إليها، وهذا يلزم من مذهبه القول بعموم الكتاب، وأن لا يحال ظاهر منه إلى باطن، ولا عام إلى خاص إلا بكتاب أو سنة أو اتفاق

" اهـ.

(1)

وهو حديث موضوع تقدم قريبًا.

(2)

في سننه (2/ 3 - 4 رقم 1) وهو حديث ضعيف تقدم قريبًا.

(3)

أي عند الدارقطني في السنن (2/ 4 رقم 2) من حديث أبي أمامة. وفيه جعفر بن الزبير متروك.

(4)

برقم (1263) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.

(5)

في المعجم الكبير (ج 8/ رقم 7952).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 176) وقال: فيه جعفر بن الزبير صاحب القاسم وهو ضعيف جدًّا.

ص: 256

والدارقطني

(1)

عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجمعة على الخمسين رجلًا، وليس على ما دون الخمسين جمعة".

قال السيوطي: لكنه ضعيف ومع ضعفه فهو محتمل للتأويل؛ لأن ظاهره أن هذا العدد شرط للوجوب لا شرط للصحة فلا يلزم من عدم وجوبها على ما دون الخمسين عدم صحتها منهم.

وأما اشتراط جمع كثير من دون تقييد بعدد مخصوص فمستنده أن الجمعة شعار وهو لا يحصل إلا بكثرة تغيظ أعداء المؤمنين.

وفيه أن كونها شعارًا لا يستلزم أن ينتفي وجوبها بانتفاء العدد الذي يحصل به ذلك، على أن الطلب لها من العباد كتابًا وسنة مطلق عن اعتبار الشعار فما الدليل على اعتباره، وكتبه صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير أن ينظر اليوم الذي يجهر فيه اليهود بالزبور فيجمع النساء والأبناء، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة تقرّبوا إلى الله بركعتين، كما أخرجه الدارقطني

(2)

من حديث ابن عباس.

غاية ما فيه أن ذلك سبب أصل المشروعية، وليس فيه أنه معتبر في الوجوب فلا يصلح للتمسك به على اعتبار عدد يحصل به الشعار وإلا لزم قصر مشروعية الجمعة على بلد تشارك المسلمين في سكونه اليهود وأنه باطل، على أنه يعارض حديث ابن عباس المذكور ما تقدم عن ابن سيرين

(3)

في بيان السبب في افتراض الجمعة وليس فيه إلا أنه كان اجتماعهم لذكر الله وشكره، وهو حاصل من القليل والكثير بل من الواحد لولا ما قدمنا من أن الجمعة يعتبر فيها الاجتماع وهو لا يحصل بواحد.

(1)

في السنن (2/ 4 رقم 2) وقال الدارقطني وفيه جعفر بن الزبير متروك. وهو حديث ضعيف جدًّا.

(2)

عزاه للدارقطني الحافظ في "التلخيص"(2/ 115).

ولم أقف عليه في سنن الدارقطني المطبوعة والله أعلم.

(3)

أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 159 رقم 5144) وعبد بن حميد في تفسيره كما في التلخيص الحبير (2/ 115). وقد تقدم.

ص: 257

وأما الاثنان فبانضمام أحدهما إلى الآخر يحصل الاجتماع وقد أطلق الشارع اسم الجماعة عليهما، فقال:"الاثنان فما فوقهما جماعة"

(1)

، كما تقدم في أبواب الجماعة

(2)

.

وقد انعقدت سائر الصلوات بهما بالإجماع.

والجمعة صلاة فلا تختصّ بحكم يخالف غيرها إلا بدليل، ولا دليل على اعتبار عدد فيها زائد على المعتبر في غيرها.

وقد قال عبد الحقّ: إنه لا يثبت في عدد الجمعة حديث.

وكذلك قال السيوطي: لم يثبت في شيء من الأحاديث تعيين عدد مخصوص.

11/ 1189 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: أَوَّلُ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ جُمِعَتْ، فِي مَسْجِدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِدِ عَبْدِ القَيْسِ بِجُواثَى مِنَ البَحْرَيْنِ. رَوَاهُ البُخاريُّ

(3)

وأَبُو دَاوُدَ

(4)

وَقالَ: بِجُواثَى: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى البَحْرَيْنِ). [صحيح]

قوله: (أوّل جمعة جمعت)، زاد أبو داود (4):"في الإسلام".

قوله: (في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم).

وقع في رواية: "بمكة"، قال في الفتح

(5)

: وهو خطأ بلا مرية.

قوله: (بجواثى) بضم الجيم وتخفيف الواو وقد تهمز ثم مثلثة خفيفة.

(1)

وهو حديث ضعيف.

أخرجه ابن ماجه رقم (972).

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 331 رقم 352/ 972):

"هذا إسناد ضعيف لضعف الربيع ووالده بدر بن عمرو

". وانظر: الإرواء رقم (489).

(2)

في نهاية شرح حديث رقم (1043) من كتابنا هذا.

(3)

في صحيحه رقم (892).

(4)

في سننه رقم (1068).

وهو حديث صحيح.

(5)

الفتح (2/ 380).

ص: 258

قوله: (من قرى البحرين) فيه جواز إقامة الجمعة في القرى، لأنَّ الظاهر أن عبد القيس لم يجمِّعوا إلا بأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم لما عرف من عادة الصحابة من عدم الاستبداد بالأمور الشرعية في زمن نزول الوحي.

ولأنه لو كان ذلك لا يجوز لنزل فيه القرآن كما استدلّ بذلك جابر

(1)

وأبو سعيد

(2)

في جواز العزل بأنهم فعلوا والقرآن ينزل فلم ينهوا عنه.

وحكى الجوهري

(3)

والزمخشري

(4)

وابن الأثير

(5)

: أن جواثى اسم حصن البحرين.

قال الحافظ

(6)

: وهذا لا ينافي كونها قرية.

وحكى ابن التين (4) عن أبي الحسن اللخمي أنها مدينة، وما ثبت في نفس الحديث من كونها قرية أصحّ مع احتمال أن تكون في أوّل الأمر قرية ثم صارت مدينة.

وذهب أبو حنيفة

(7)

وأصحابه، وبه قال زيد بن عليّ والباقر والمؤيد بالله

(8)

.

وأسنده ابن أبي شيبة عن عليّ

(9)

.

وحذيفة

(10)

وغيرهما أن الجمعة لا تقام إلا في المدن دون القرى.

واحتجوا بما روي عن عليّ عليه السلام مرفوعًا: "لا جمعة ولا تشريق إلا

(1)

أخرجه البخاري رقم (5208) ومسلم رقم (1440) من حديث جابر.

(2)

أخرجه البخاري رقم (4138) ومسلم رقم (1438). من حديث أبي سعيد.

(3)

في الصحاح (1/ 278).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 381).

(5)

في النهاية (1/ 311).

(6)

في "الفتح"(2/ 381).

(7)

البناية في شرح الهداية (3/ 49 - 50).

(8)

البحر الزخار (2/ 14).

(9)

أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 168) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 101) وابن المنذر في الأوسط (4/ 27) عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال: "لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع". وهو أثر صحيح.

(10)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 101) عن حذيفة قال: ليس على أهل القرى جمعة إنما الجمع على أهل الأمصار مثل المدائن.

ص: 259

في مصر جامع"، وقد ضعف أحمد رفعه وصحح ابن حزم وقفه

(1)

.

وللاجتهاد فيه مسرح فلا ينتهض للاحتجاج به.

وقد روى ابن أبي شيبة

(2)

عن عمر: أنه كتب إلى أهل البحرين أن جمعوا حيث ماكنتم.

وهذا يشمل المدن والقرى، وصححه ابن خزيمة

(3)

.

وروى البيهقي

(4)

عن الليث بن سعد: أن أهل مصر وسواحلها كانوا يجمعون على عهد عمر وعثمان بأمرهما وفيها رجال من الصحابة.

وأخرج عبد الرزاق

(5)

عن ابن عمر بإسناد صحيح أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون فلا يعيب عليهم.

فلما اختلفت الصحابة وجب الرجوع إلى المرفوع.

ويؤيد عدم اشتراط المصر، حديث أم عبد الله الدوسية المتقدّم

(6)

.

وذهب الهادي

(7)

إلى اشتراط المسجد، قال: لأنها لم تقم إلا فيه.

وقال أبو حنيفة

(8)

والشافعي

(9)

والمؤيد بالله

(10)

وسائر العلماء: إنه غير شرط، قالوا: إذ لم يفصل دليلها.

(1)

في المحلى (5/ 52). وهو الصواب كما تقدم في التعليقة المتقدمة.

(2)

في المصنف (2/ 101) وابن المنذر في الأوسط (4/ 32) عن أبي هريرة أنهم كتبوا إلى (عمر) يسألونه عن الجمعة، فكتب إليهم أن جمِّعوا حيث ما كنتم.

وهو أثر صحيح.

(3)

في صحيحه رقم (1860).

(4)

في السنن الكبرى (3/ 178).

(5)

في المصنف (3/ 170).

عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون فلا يعيب ذلك عليهم".

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 26)، وقال ابن حجر في "الفتح" (2/ 380): إسناده صحيح.

وهو أثر صحيح.

(6)

وهو حديث ضعيف كما تقدم لا تقوم به الحجة.

(7)

البحر الزخار (2/ 15).

(8)

البناية في شرح الهداية (3/ 54) وحاشية ابن عابدين (3/ 9).

(9)

المجموع شرح المهذب (4/ 368).

(10)

شفاء الأوام (1/ 396).

ص: 260

قال في البحر

(1)

: قلت: وهو قويّ إن صحت صلاته صلى الله عليه وسلم في بطن الوادي اهـ.

وقد روى صلاته صلى الله عليه وسلم في بطن الوادي ابن سعد وأهل السير، ولو سلم عدم صحة ذلك لم يدلّ فعلها في المسجد على اشتراطه

(2)

.

[الباب الرابع] باب التنظيف والتجمل للجمعة وقصدها بسكينة والتبكير والدنوّ من الإِمام

12/ 1190 - (عَنِ ابْنِ سَلامٍ أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ على المنْبَرِ فِي يوْمِ الجُمُعَةِ: "ما على أحَدِكُمْ لَوِ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبيْ مِهْنَتِهِ"، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ

(3)

وأبُو دَاوُدَ)

(4)

. [صحيح]

13/ 1191 - (وَعَنْ أبي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "على كُل مُسْلِمٍ الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَلْبَسُ مِنْ صَالِحِ ثِيابِهِ، وَإنْ كانَ طِيبٌ مَسَّ مِنْهُ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ)

(5)

. [حسن]

الحديث الأوّل له طرق عند أبي داود:

(1)

البحر الزخار (2/ 15).

(2)

قال الشوكاني رحمه الله في "السيل الجرار"(1/ 602 - 603) بتحقيقي:

قوله: "ومسجدٌ في مستوطن".

أقول: وهذا الشرط أيضًا لم يدل عليه دليل يصلح للتمسك به لمجرد الاستحباب فضلًا عن الشرطية. ولقد كثر التلاعب بهذه العبادة وبلغ إلى حد يقضي منه العجب.

والحق أن هذه الجمعة فريضة من فرائض الله سبحانه وشعارٌ من شعارات الإسلام وصلاةٌ من الصلوات، فمن زعم أنه يعتبر فيها ما لا يعتبر في غيرها من الصلوات لم يسمع منه ذلك إلا بدليل، وقد تخصصتْ بالخطبةِ وليست الخُطبة إلا مجردَ موعظة يتواعظ بها عباد الله فإذا لم يكن في المكان إلا رجلان قام أحدهما يخطُبُ واستمع له الآخر ثم قاما فصليا صلاة الجمعة

" اهـ.

(3)

في سننه رقم (1095).

(4)

في سننه بإثر الحديث رقم (1078).

وهو حديث صحيح.

(5)

في المسند (3/ 65 - 66) وهو حديث حسن.

ص: 261

(منها) عن موسى بن سعد عن ابن حبان عن ابن سلام عن النبيّ صلى الله عليه وسلم

(1)

.

(ومنها) عن موسى بن سعد عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن النبيّ صلى الله عليه وسلم

(2)

.

قال البخاري

(3)

: وليوسف صحبة، وذكر غيره

(4)

أن له [رواية]

(5)

.

(ومنها) عن محمد بن يحيى بن حبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلًا

(6)

.

وأخرجه ابن ماجه

(7)

من حديث عبد الله بن سلام.

وأخرجه في الموطأ

(8)

بلاغًا.

ووصله ابن عبد البرّ في التمهيد

(9)

من طريق يحيى بن سعيد الأموي عن بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة.

قال في الفتح

(10)

: وفي إسناده نظر.

(1)

أخرجه أبو داود في سننه بإثر الحديث رقم (1078)، وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجه أبو داود في سننه بإثر الحديث رقم (1078)، وهو حديث صحيح.

(3)

التاريخ الكبير (8/ 371 - 372 رقم الترجمة 3367).

وكذلك حكاه الحافظ في "تهذيب التهذيب"(4/ 457).

(4)

كأبي حاتم قال: ليست له صحبة بل له رؤية "الجرح والتعديل"(9/ 225 رقم الترجمة 942).

وكذلك حكاه الحافظ في "تهذيب التهذيب"(4/ 457).

(5)

كذا في المخطوط (أ) و (ب): ولعل الصواب كما ذكر البخاري وأبو حاتم: (رؤية).

(6)

أخرجه أبو داود في سننه رقم (1078) وهو حديث صحيح.

انظر: "صحيح أبي داود" للمحدث الألباني رحمه الله (4/ 244 - 246 رقم 989).

فقد قال: "وهذا إسناد صحيح من الوجهين: المرسل عن ابن حبان، والمسند عن ابن سلام، ورجاله ثقات رجال مسلم، غير أحمد بن صالح؛ فهو من رجال البخاري.

والحديث أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 242) من طريق المصنف" اهـ.

(7)

في سننه رقم (1095) وقد تقدم.

(8)

في الموطأ (1/ 110 رقم 17).

(9)

في "التمهيد"(24/ 35) ط: ابن تيمية.

قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (1096) وابن خزيمة رقم (1765) وابن حبان رقم (568 - موارد).

والحديث صححه عبد الحق الإشبيلي بإيراده في "الأحكام الشرعية الكبرى"(2/ 453).

وصححه الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجه وصحيح موارد الظمآن.

(10)

(2/ 374).

ص: 262

والحديث الثاني أخرجه أيضًا أبو داود

(1)

وهو عند البخاري

(2)

ومسلم

(3)

وأبي داود

(4)

والنسائي

(5)

بلفظ: "الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستنّ وأن يمسّ طيبًا إن وجد".

قال البخاري

(6)

: قال عمرو بن سليم الأنصاري راوي الحديث عن أبي سعيد: "أما الغُسلُ فأشهدُ أنه واجبٌ، وأما الاستنانُ والطِّيبُ فاللهُ أعلمُ: أواجبٌ أم لا؟ ولكنْ هكذا في الحديث".

والحديث الأوّل

(7)

يدلّ على استحباب لبس الثياب الحسنة يوم الجمعة، وتخصيصه بملبوس غير ملبوس سائر الأيام.

وحديث أبي سعيد

(8)

فيه مشروعية الغسل في يوم الجمعة واللبس من صالح الثياب والتطيب.

وقد تقدم الكلام على الغسل في أبوابه.

وأما لبس صالح الثياب والتطيب فلا خلاف في استحباب ذلك.

وقد ادّعى بعضهم الإِجماع على عدم وجوب الطيب وجعل ذلك دليلًا على عدم وجوب الغسل.

وأجيب عن ذلك بأنه قد روي عن أبي هريرة بإسناد صحيح كما قال الحافظ في الفتح

(9)

: إنه كان يوجب الطيب يوم الجمعة، وبه قال بعض أهل الظاهر

(10)

، وبأنه لا يمتنع عطف ما ليس بواجب على الواجب كما قال ابن الجوزي، وقد تقدم بسط الكلام على ذلك في أبواب الغسل.

(1)

في سننه رقم (343) وهو حديث حسن.

(2)

في صحيحه رقم (880).

(3)

في صحيحه رقم (7/ 846).

(4)

في سننه رقم (344).

(5)

في سننه رقم (1377).

وهو حديث صحيح.

(6)

في صحيحه الحديث رقم (880) وهو موصول بالإسناد المذكور.

(7)

رقم (1190) من كتابنا هذا.

(8)

رقم (1191) من كتابنا هذا.

(9)

(2/ 362).

(10)

انظر: المحلى لابن حزم (5/ 75 - 76).

ص: 263

14/ 1192 - (وَعَنْ سَلْمانَ الفارِسِيّ قالَ: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ بِمَا اسْتَطاعَ مَنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهنُ مِنْ دُهْنِهِ، أوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَرُوحُ إلى المَسْجِدِ وَلا يُفَرّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ للإمامِ إذَا تَكَلَّمَ إلَّا غُفِرَ لَهُ ما بَيْنَ الجُمُعَةِ إلى الجُمُعَةِ الأُخْرَى"، رَوَاهُ أَحْمَدُ

(1)

وَالبُخارِيُّ)

(2)

. [صحيح]

قوله: (ويتطهر بما استطاع من طهر)، في رواية الكشميهني

(3)

: "ممن طهره".

والمراد المبالغة في التنظيف، ويؤخذ من عطفه على (يغتسل) أن إفاضة الماء تكفي في حصول الغسل.

قال في الفتح

(4)

: المراد بالغسل غسل الجسد، وبالتطهر غسل الرأس.

قوله: (ويدهن) المراد به إزالة شعث الشعر به. وفيه إشارة إلى التزين يوم الجمعة.

قوله: (أو يمسّ من طيب بيته) أي إن لم يجد دهنًا.

قال الحافظ

(5)

: ويحتمل أن يكون أو بمعنى الواو، وإضافته إلى البيت تؤذن بأن السنة أن يتخذ المرء لنفسه طيبًا، ويجعل استعماله له عادة، فيدَّخره في البيت، وهذا مبنيٌّ على أن المراد بالبيت حقيقته.

لكن في حديث عبد الله بن [عمرو]

(6)

عند أبي داود

(7)

: "أو يمسّ من طيب امرأته".

(1)

في المسند (5/ 438) بسند صحيح.

(2)

في صحيحه رقم (883) و (910).

قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 152) والدارمي رقم (1582) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 369) وابن حبان رقم (2776) والطبراني في الكبير رقم (6190) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 464)(3/ 232)، (3/ 242 - 243) وفي معرفة السنن والآثار رقم (6653) وفي فضائل الأوقات رقم (267) والبغوي في شرح السنة رقم (1058) وأبو حاتم الرازي في العلل (1/ 202) وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 285). وهو حديث صحيح.

(3)

في "فتح الباري"(2/ 371).

(4)

(2/ 371).

(5)

في الفتح (1/ 372 - 372).

(6)

في المخطوط (أ، ب): (عمر) والصواب ما أثبتناه من سنن أبي داود.

(7)

في سننه رقم (347). وهو حديث حسن.

ص: 264

والمعنى على هذا أن من لم يتخذ لنفسه طيبًا فليستعمل من طيب امرأته.

وعند مسلم

(1)

من حديث أبي سعيد بلفظ: "ولو من طيب المرأة"، وفيه أن المراد بالبيت في الحديث امرأة الرجل.

قوله: (ثم يروح إلى المسجد)، في رواية للبخاري

(2)

: "ثم يخرج"، وفي رواية لأحمد

(3)

: "ثم يمشي وعليه السكينة"، زاد ابن خزيمة

(4)

: "إلى المسجد".

قوله: (ولا يفرّق بين اثنين) وفي حديث ابن [عمرو]

(5)

وأبي هريرة وأبي سعيد

(6)

: "ثم لم يتخطّ رقاب الناس".

وفي حديث أبي الدرداء

(7)

: "ولم يتخطّ أحَدًا ولم يُؤذِه"، وفيه كراهة التفريق وتخطي الرقاب وأذية المصلين.

قال الشافعي

(8)

: أكره التخطي إلا لمن لم يجد السبيل إلى المصلى إلا بذلك، انتهى.

قال في الفتح

(9)

: وهذا يدخل فيه الإمام، ومن يريد وصل الصفّ المنقطع إن أبى السابق من ذلك، ومن يريد الرجوع إلى موضعه الذي قام منه لضرورة.

واستثنى المتولي من الشافعية من يكون معظمًا لدينه وعلمه إذا ألف مكانًا يجلس فيه، وهو تخصيص بدون مخصص.

(1)

في صحيحه رقم (7/ 846). وهو حديث صحيح.

(2)

في صحيحه رقم (883).

(3)

في المسند (5/ 420 - 421).

(4)

في صحيحه رقم (1762).

(5)

في المخطوط (أ، ب): (عمر)، والصواب ما أثبتناه من سنن أبي داود.

(6)

حديث أبي هريرة، وأبي سعيد فهو حديث حسن.

أخرجه أبو داود رقم (343) وأحمد (3/ 81) والحاكم (1/ 283) والبيهقي (3/ 243).

(7)

وهو حديث صحيح لغيره.

أخرجه أحمد (5/ 198).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 171) وقال: "رواه أحمد والطبراني في الكبير عن حرب بن قيس، عن أبي الدرداء، وحرب لم يسمع من أبي الدرداء".

(8)

في الأم (2/ 401).

(9)

(2/ 372).

ص: 265

ويمكن أن يُستدلّ لذلك بحديث: "ليليني منكم أولو الأحلام والنهى"

(1)

، إذا كان المقصود من التخطي هو الوصول إلى الصفّ الذي يلي الإِمام في حقّ من كان كذلك.

وكان مالك

(2)

يقول: لا يكره التخطي إلا إذا كان الإِمام على المنبر، ولا دليل على ذلك.

وسيأتي بقية الكلام على التخطي في باب: الرجل أحقّ بمجلسه

(3)

.

قوله: (ثم يصلي ما كتب له) في حديث أبي الدرداء

(4)

: "ثم يركع ما قضي له". وفيه استحباب الصلاة قبل استماع الخطبة وسيأتي.

قوله: (ثم ينصت للإمام إذا تكلم) فيه أن من تكلم حال تكلم الإِمام لم يحصل له من الأجر ما في الحديث، وسيأتي الكلام على ذلك.

قوله: (غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة الأخرى).

وفي رواية

(5)

: "ما بينه وبين الجمعة الأخرى".

وفي رواية

(6)

: "ذنوب ما بينه وبين الجمعة الأخرى".

والمراد بالأخرى: التي مضت، بينه الليث عن ابن عجلان في روايته عند ابن خزيمة

(7)

.

ولفظه: "غفر له ما بينه وبين الجمعة التي قبلها".

ولابن حبان

(8)

: "غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وزيادة ثلاثة أيام من التي بعدها".

وزاد ابن ماجه

(9)

عن أبي هريرة: "ما لم تُغشَ الكبائر"، ونحو ذلك لمسلم

(10)

.

(1)

تقدم تخريجه برقم (1118) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.

(2)

المدونة (1/ 159).

(3)

الباب السادس عند الحديث (31/ 1209 - 35/ 1213) من كتابنا هذا.

(4)

مر تخريجه في الصفحة السابقة حاشية رقم (7).

(5)

عند البخاري رقم (883).

(6)

عند البخاري أيضًا رقم (910).

(7)

في صحيحه رقم (1763) بسند حسن.

(8)

في صحيحه رقم (2776) بسند صحيح.

(9)

في سننه رقم (1086) وهو حديث صحيح.

(10)

في صحيحه رقم (26، 27/ 857).

ص: 266

وظاهر الحديث أن تكفير الذنوب من الجمعة إلى الجمعة مشروط بوجود جميع ما ذكر في الحديث من الغسل والتنظيف والتطيب أو الدهن وترك التفرقة والتخطي والأذية والتنفل والإِنصات.

وكذلك لبس أحسن الثياب كما وقع في بعض الروايات، والمشي بالسكينة كما وقع في أخرى، وترك الكبائر كما في رواية أيضًا.

قال المصنف

(1)

رحمه الله تعالى بعد أن ساق حديث الباب: وفيه دليل على جواز الكلام قبل تكلم الإِمام، انتهى.

15/ 1193 - (وَعَنْ أبي أيُّوبَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إنْ كانَ عِنْدَهُ، وَلِبَسَ مِنْ أحْسَنِ ثِيابِهِ، ثُمَّ خَرَجَ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ حتَّى يأتِيَ المَسْجِدَ فَيَرْكَع إنْ بَدَا لَهُ وَلَمْ يُؤْذِ أحَدًا، ثُمَّ أنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إمامُهُ حتَّى يُصَلِّيَ كانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَينَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى"، رَوَاهُ أَحْمَدُ)

(2)

. [صحيح لغيره]

الحديث أخرجه أيضًا الطبراني

(3)

من رواية عبد الله بن كعب بن مالك عن أبي أيوب، وأشار إليه الترمذي

(4)

.

وقال في مجمع الزوائد

(5)

: رجاله ثقات.

وفي الباب أحاديث قد تقدَّم بعضها في أبواب الغسل:

(منها) عن أبي بكر عند الطبراني

(6)

بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اغتسل

(1)

ابن تيمية الجد في "المنتقى"(2/ 11).

(2)

في المسند (5/ 420).

قلت: وأخرجه أبو بكر المروزي في "الجمعة" رقم (37) وابن خزيمة رقم (1775) والطبراني في الكبير رقم (4006، 4007، 4008) من طرق.

وهو حديث صحيح لغيره.

(3)

في المعجم الكبير رقم (4007، 4008).

(4)

في سننه رقم (2/ 368).

(5)

(2/ 171).

(6)

في المعجم الكبير (ج 18/ رقم 292) والأوسط (ج 4/ رقم 4413) عن عتيق أبي بكر، وعن عمران بن الحصين الخزاعي. =

ص: 267

يوم الجمعة كُفِّرت عنه ذنوبه وخطاياه، فإذا أخذ في المسير كُتِبَ له بكلِّ خطوة عشرون حسنة، فإذا انصرف من الصلاة أجيز بعمل مائتي سنة".

وفي إسناده الضحاك بن حُمْرَة، وقد ضعفه ابن معين والنسائي والجمهور

(1)

، وذكره ابن حبان في الثقات

(2)

.

وللحديث طريق أخرى عند الطبراني

(3)

أيضًا.

وعن أبي ذرّ عند ابن ماجه

(4)

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من اغتسل يوم الجمعة فأحسن غسله وتطهر فأحسن طهوره ولبس من أحسن ثيابه ومسّ ما كتب الله له من طيب أهله، ثم أتى الجمعة ولم يلغ ولم يفرّق بين اثنين غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى".

وعن ابن عمر عند الطبراني في الأوسط

(5)

أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من اغتسل

= وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 174) وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه الضحاك بن حُمْرَة ضعفه ابن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات".

(1)

قال البخاري: منكر الحديث، مجهول. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال الدارقطنى: كان يضع الحديث. وقال ابن عدي: هو أبو عبد الله المنجي. وقال الحافظ: ضعيف.

انظر: التاريخ الكبير (4/ 336) والمجروحين (1/ 379) والجرح والتعديل (4/ 462) والكاشف (2/ 31) والمغني (1/ 311) والميزان (2/ 322) والتقريب (1/ 372) ولسان الميزان (7/ 249) والخلاصة. ص 176.

(2)

في "الثقات"(6/ 484).

• تنبيه: في طبعات "نيل الأوطار" التي وقفت عليها تحرف (الضحاك بن حُمْرَة) إلى (الضحاك بن حمزة) وهو خطأ. انظر مصادر ترجمته المتقدمة.

(3)

في المعجم الأوسط (ج 3/ رقم 3397).

• وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 174) وقال: "وفيه عباد بن عبد الصمد أبو معمر ضعفه البخاري وابن حبان".

• عباد بن عبد الصمد أبو معمر البصري ضعيف جدًّا. قال البخاري: منكر الحديث وقال مرة: فيه نظر. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث جدًّا منكر الحديث، لا أعرف له حديثًا صحيحًا.

[التاريخ الكبير (6/ 41) والميزان (2/ 369) والجرح والتعديل (6/ 82)].

(4)

في سننه رقم (1097).

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 366): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".

(5)

(ج 7/ رقم 7399). =

ص: 268

يوم الجمعة ثم مسّ من أطيب طيبه ولبس من أحسن ثيابه ثم راح ولم يفرّق بين اثنين حتى يقوم من مقامه ثم أنصت حتى يفرغ الإِمام من خطبته غفر له ما بين الجمعتين وزيادة ثلاثة أيام".

وعن ابن عباس عند البزار

(1)

والطبراني في الأوسط

(2)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من غسل واغتسل يوم الجمعة ثم دنا حيث يسمع خطبة الإِمام فإذا خرج استمع وأنصت حتى يصليها معه، كتب له بكل خطوة يخطوها عبادة سنة قيامها وصيامها".

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أبي داود

(3)

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من اغتسل يوم الجمعة ومسّ من طيب امرأته إن كان لها، ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخطّ رقاب الناس ولم يلغ عند الموعظة كانت كفارة لما بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرًا".

وللحديث طريق أخرى عند أحمد في مسنده

(4)

.

وعن نُبَيْشَةُ عند أحمد

(5)

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ المسلمَ إذا اغتسلَ يومَ

= وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 174 - 175) وقال: محمد بن عبد الرحمن بن رواد وهو ضعيف.

(1)

في المسند (رقم: 631 - كشف).

(2)

في الأوسط (رقم 4414).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 172) وقال: فيه عطاء بن عجلان وهو كذاب.

(3)

في سننه رقم (347) وهو حديث حسن.

(4)

في المسند (2/ 209) وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 171) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح".

قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 282) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 227).

عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ غسَّل واغتسل، وغَدَا وابتكر، ودنا فاقترب، واستمع وأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها أجرُ قيامِ سنةٍ وصيامها".

وهو حديث حسن لغيره.

(5)

في المسند (5/ 75) بسند منقطع؛ لأن رواية عطاء بن أبي مسلم الخراساني عن الصحابة مرسلة.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 171) وقال: رجاله رجال الصحيح، خلا شيخ أحمد وهو ثقة. =

ص: 269

الجمعة ثم أقبلَ إلى المسجد لا يُؤذي أحدًا فإن لم يجدِ الإِمامَ خرجَ صلَّى ما بَدَا له، وإن وجدَ الإِمامَ قد خرجَ جلسَ فاستمعَ وأنصتَ حتى يقضي الإِمامُ جمعَته وكلامَه إن لم يُغْفَر له في جمعته تلك ذنوبه كلها أن يكونَ له كفارةً للجمعةِ التي تليها".

وعن أبي أمامة عند الطبراني في الكبير

(1)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغتسلوا يوم الجمعة، فإنه من اغتسل يوم الجمعة فله كفارة ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام".

قال العراقي: وإسناده حسن.

ولأبي أمامة حديث آخر رواه الطبراني

(2)

أيضًا.

وعن أبي طلحة عند الطبراني أيضًا في الكبير

(3)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من غسل واغتسل وغدا وابتكر ودنا من الإِمام وأنصت ولم يلغ في يوم جمعته كتب الله له بكل خطوة خطاها إلى المسجد صيام سنة وقيامها".

وعن أبي قتادة عند الطبراني في الأوسط

(4)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة إلى الجمعة الأخرى".

وعن أبي هريرة عند أبي يعلى الموصلي

(5)

قال: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم

= قلت: وللحديث شواهد فهو بها صحيح لغيره والله أعلم.

(1)

(ج 8/ رقم 7740).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 173) وقال: "فيه سويد بن عبد العزيز ضعفه أحمد وابن معين، وغيرهما، ووثقه دحيم وغيره" اهـ.

(2)

في المعجم الكبير (ج 8/ رقم 7996).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 174) وقال: رجاله ثقات.

(3)

في المعجم الكبير (ج 5/ رقم 4726).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 178) وقال: فيه إبراهيم بن محمد بن جناح ولم أجد من ذكره وبقية رجاله ثقات".

(4)

في المعجم الأوسط (ج 8/ رقم 8180).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 174) وقال: فيه هارون بن مسلم. قال أبو حاتم: فيه لين. ووثقه الحاكم، وابن حبان، وبقية رجاله ثقات" اهـ.

(5)

في المسند رقم (386/ 6226) بسند منقطع لأن الحسن لم يسمع أبا هريرة. كما قال العراقي.

ص: 270

بثلاث لا أدعهنّ أبدًا: الوتر قبل النوم، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر، والغسل يوم الجمعة".

قال العراقي: ورجاله ثقات إلا أنه من رواية الحسن عن أبي هريرة ولم يسمع منه.

وفي الباب أحاديث أخر، وشرح حديث الباب قد تقدم في الذي قبله.

16/ 1194 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجنَابَةِ ثُم رَاحَ فَكأنمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكأنمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكأنمَا قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، وَمَن رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرابِعَةِ فَكأنمَا قَرَّبَ دَجاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخامِسَةِ فَكأنمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فإذَا خَرَجَ الإمامُ حَضَرَتِ المَلائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذّكْرَ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلا ابْنَ ماجَهْ)

(1)

. [صحيح]

قوله: (من اغتسل) يعمّ كل من يصحّ منه الغسل من ذكر وأنثى وحرّ وعبد.

قوله: (غسل الجنابة) بالنصب على أنه نعت لمصدر محذوف: أي غسلًا كغسل الجنابة.

وفي رواية لعبد الرزاق

(2)

: "فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة".

[قال في الفتح

(3)

]

(4)

: وظاهره أن التشبيه للكيفية لا للحكم وهو قول الأكثر، وقيل: فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة.

والحكمة فيه أن تسكن النفس في الرواح إلى الصلاة ولا تمتدّ عينه إلى شيء يراه.

وفيه حمل المرأة أيضًا على الاغتسال كما تقدم في حديث أوس بن

(1)

أخرجه أحمد (2/ 460) والبخاري رقم (881) ومسلم رقم (10/ 850) وأبو داود رقم (351) والترمذي رقم (499) والنسائي رقم (1387).

(2)

في المصنف (رقم: 5299) عن أبي ليلى أو عبد الرحمن بن أبزى.

(3)

(2/ 366).

(4)

ما بين الخاصرتين زيادة من المخطوط (أ).

ص: 271

أوس

(1)

في أبواب الغسل.

قال النووي

(2)

: ذهب بعض أصحابنا إلى هذا وهو ضعيف أو باطل.

قال الحافظ

(3)

: قد حكاه ابن قدامة

(4)

عن الإِمام أحمد. وقد ثبت أيضًا عن جماعة من التابعين.

وقال القرطبي

(5)

: إنه أنسب الأقوال، فلا وجه لادّعاء بطلانه وإن كان الأوّل أرجح، ولعله عنى أنه باطل في المذهب.

قوله: (ثم راح) زاد أصحاب الموطأ عن مالك

(6)

: "في الساعة الأولى".

قوله: (فكأنما قرّب بدنة) أي تصدّق بها متقرّبًا إلى الله تعالى.

وقيل: ليس المراد بالحديث إلا بيان تفاوت المبادرين إلى الجمعة، وأن نسبة الثاني من الأوّل نسبة البقرة إلى البدنة في القيمة مثلًا.

ويدل عليه أن في مرسل طاوس عند عبد الرزاق

(7)

: "كفضل صاحب الجزور، على صاحب البقرة" وهذا هو الظاهر، وقد قيل غير ذلك.

قوله: (ومن راح في الساعة الثانية) قد اختلف في الساعة المذكورة في الحديث ما المراد بها.

فقيل: إنها ما يتبادر إلى الذهن من العرف فيها.

قال في الفتح

(8)

: وفيه نظر، إذ لو كان ذلك المراد لاختلف الأمر في اليوم الشاتي والصائف؛ لأن النهار ينتهي في القصر إلى عشر ساعات، وفي الطول إلى أربع عشرة ساعة، وهذا الإشكال للقفال

(9)

.

وأجاب عنه القاضي حسين من أصحاب الشافعي

(10)

بأن المراد بالساعات

(1)

تقدم برقم (315) من كتابنا هذا.

(2)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 135).

(3)

في "الفتح"(2/ 366).

(4)

في "المغني"(3/ 228).

(5)

في "المفهم"(2/ 484).

(6)

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 101 رقم 1).

(7)

في المصنف رقم (5564)

(8)

(2/ 368).

(9)

حكاه الحافظ في "الفتح"(2/ 368).

(10)

حكاه الحافظ في "الفتح"(2/ 368).

ص: 272

ما لا يختلف عدده بالطول والقصر، فالنهار اثنتا عشرة ساعة، لكن يزيد كلّ منها وينقص والليل كذلك، وهذه تسمى الساعات الآفاقية عند أهل الميقات، وتلك التعديلية.

وقد روى أبو داود

(1)

والنسائي

(2)

وصححه الحاكم

(3)

من حديث جابر مرفوعًا: "يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة".

قال الحافظ

(4)

: وهذا وإن لم يرد في حديث التبكير فيستأنس به في المراد بالساعات.

وقيل: المراد بالساعات بيان مراتب التبكير من أوّل النهار إلى الزوال، وأنها تنقسم إلى خمس.

وتجاسر الغزالي

(5)

فقسمها برأيه فقال:

(الأولى): من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

(والثانية): إلى ارتفاعها.

(والثالثة): إلى انبساطها.

(والرابعة): إلى أن ترمض الأقدام.

(والخامسة): إلى الزوال.

واعترضه ابن دقيق العيد

(6)

بأن الردّ إلى الساعات المعروفة أولى وإلا لم يكن لتخصيص هذا العدد بالذكر معنى؛ لأن المراتب متفاوتة جدًّا.

وقيل: المراد بالساعات: خمس لحظات لطيفة: أوّلها زوال الشمس وآخرها قعود الخطيب على المنبر، روى ذلك عن المالكية

(7)

.

(1)

في سننه رقم (1048).

(2)

في سننه رقم (1389).

(3)

في المستدرك (1/ 279) وقال: صحيح على شرط مسلم، فقد احتج بالجلاح بن كثير ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

وهو حديث صحيح.

(4)

في "الفتح"(2/ 368 - 369).

(5)

في "الإحياء"(1/ 181).

(6)

في "إحكام الأحكام"(7/ 112).

(7)

في مواهب الجليل (2/ 537 - 538).

ص: 273

واستدلُّوا على ذلك بأن الساعة تطلق على جزء من الزمان غير محدود، وقالوا: الرواح لا يكون إلا من بعد الزوال.

وقد أنكر الأزهري

(1)

على من زعم أن الرواح لا يكون إلا من بعد الزوال، ونقل أن العرب تقول: راح في جميع الأوقات بمعنى ذهب، قال: وهي لغة أهل الحجاز، ونقل [أبو عبيد]

(2)

في الغريبين

(3)

نحوه.

وفيه ردّ على الزين بن المنير

(4)

حيث أطلق أن الرواح لا يستعمل في المضيّ في أوّل النهار بوجه، وحيث قال: إن استعمال الرواح بمعنى الغد، [و]

(5)

لم يسمع ولا ثبت ما يدلّ عليه، وقد روي الحديث بلفظ "غَدَا"

(6)

مكان "راح" وبلفظ: "المتعجل إلى الجمعة"

(7)

.

قال الحافظ

(8)

: ومجموع الروايات يدلّ على أن المراد بالرواح الذهاب، وما ذكرته المالكية أقرب إلى الصواب.

لأن الساعة في لسان الشارع وأهل اللغة الجزء من أجزاء الزمان كما في كتب اللغة

(9)

.

ويؤيد ذلك أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه ذهب إلى الجمعة قبل

(1)

في "تهذيب اللغة"(5/ 221).

(2)

في المخطوط (أ): (أبو عبيدة) والصواب ما أثبتناه من (ب).

(3)

(3/ 788) حيث قال: راح: أي: من خفَّ إليها ولم يُرِد رواح آخر النهار، يقال: تروَّح القومُ وراحُوا، إذا ساروا أي وقتٍ كان".

(4)

حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 369).

(5)

زيادة من المخطوط (ب).

(6)

أخرجه النسائي برقم (1384)، وهو حديث صحيح.

(7)

أخرجه الدارمي رقم (1584) بسند صحيح.

(8)

في "الفتح"(2/ 369).

(9)

قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 422):

"الساعةُ تطلق بمعنيين: (أحدهما): أن تكون عبارة عن جزء من أربعةٍ وعشرين جزءًا وهي مجموع اليوم والليلة.

(والثاني): أن تكون عبارة عن جزءٍ قليل من النهار أو الليل، يقال: جلستُ عندك ساعة من النهار. أي وقتًا قليلًا منه.

ص: 274

طلوع الشمس أو عند انبساطها، ولو كانت الساعة هي المعروفة عند أهل الفلك لما ترك الصحابة الذين هم خير القرون وأسرع الناس إلى موجبات الأجور الذهاب إلى الجمعة في الساعة الأولى من أوّل النهار أو الثانية أو الثالثة، فالواجب حمل كلام الشارع على لسان قومه إلا أن يثبت له اصطلاح يخالفهم.

ولا يجوز حمله على المتعارف في لسان المتشرّعة، الحادث بعد عصره، إلا أنه يعكر على هذا حديث جابر

(1)

المصرّح بأن يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة، فإنه تصريح منه باعتبار الساعات الفلكية.

ويمكن التقصي عنه بأن مجرّد جريان ذلك على لسانه صلى الله عليه وسلم لا يستلزم أن يكون اصطلاحًا له تجري عليه خطاباته.

ومما يشكل على اعتبار الساعات الفلكية وحمل كلام الشارع عليها استلزامه صحة صلاة الجمعة قبل الزوال.

ووجه ذلك أن تقسيم الساعات إلى خمس ثم تعقيبها بخروج الإِمام وخروجه عند أوّل وقت الجمعة يقتضي أنه يخرج في أوّل الساعة السادسة وهي قبل الزوال.

وقد أجاب صاحب الفتح

(2)

عن هذا الإشكال فقال: إنه ليس في شيء من طرق الحديث ذكر الإتيان من أوّل النهار، فلعلّ الساعة الأولى منه جعلت للتأهب بالاغتسال وغيره، ويكون مبتدأ المجيء من أوّل الثانية، فهي أولى بالنسبة إلى المجيء ثانية بالنسبة إلى النهار.

قال (2): وعلى هذا فآخر الخامسة أوّل الزوال فيرتفع الإِشكال، وإلى هذا أشار الصيدلاني

(3)

فقال: إن أوّل التبكير يكون من ارتفاع النهار وهو أوّل الضحى وهو أوّل الهاجرة.

قال (2): ويؤيده الحثّ على التهجير إلى الجمعة.

ولغيره من الشافعية (3) في ذلك وجهان:

(1)

المتقدم وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود رقم (1048) والنسائي رقم (1389) والحاكم في المستدرك (1/ 279).

(2)

وهو الحافظ ابن حجر (2/ 368).

(3)

حكاه الحافظ في الفتح (2/ 368).

ص: 275

(أحدهما): أن أوّل التبكير طلوع الشمس، (والثاني): طلوع الفجر.

قال

(1)

: ويحتمل أن يكون ذكر الساعة السادسة [ثابت]

(2)

كما وقع في رواية ابن عجلان عن سمي عند النسائي

(3)

من طريق الليث عنه، بزيادة مرتبة بين الدجاجة والبيضة وهي العصفور. وتابعه صفوان بن عيسى عن ابن عجلان، أخرجه محمد بن عبد السلام.

وله شاهد من حديث أبي سعيد، أخرجه حميد بن زنجويه في الترغيب

(4)

له بلفظ: "فكمهدي البدنة إلى البقرة إلى الشاة إلى الطير إلى العصفور" الحديث.

ونحوه في مرسل طاوس عند سعيد بن منصور.

ووقع أيضًا في حديث الزهري من رواية عبد الأعلى عن معمر عند النسائي

(5)

زيادة "البطة" بين الكبش والدجاجة.

لكن خالفه عبد الرزاق

(6)

، وهو أثبت منه في معمر، وعلى هذا فخروج الإِمام يكون عند انتهاء السادسة.

قوله: (دجاجة) بالفتح ويجوز الكسر، وحكى بعضهم جواز الضمّ.

والحديث يدلّ على مشروعية الاغتسال يوم الجمعة، وقد تقدم الكلام عليه وعلى فضيلة التبكير إليها.

(1)

وهو الحافظ ابن حجر (2/ 368).

(2)

في المخطوط (أ): (ثابتًا).

(3)

في سننه رقم (1387) قال الألباني رحمه الله: حديث حسن صحيح، لكن قوله "عصفور" منكر. والمحفوظ:"دجاجة" كما في الطرق المتقدمة.

(4)

الترغيب: حميد بن زَنْجَوَيه. (حميد بن مخلَد بن قتيبة الأزدي النسائي)(ت 251 هـ) اقتبس منه ابن حجر في "الإصابة" في مواضع بيَّنها سزكين في "تاريخ التراث العربي"(1/ 304).

وانظر مقدمة "الأموال" له (21 - 22).

معجم المصنفات (ص 115 رقم 257).

(5)

في سننه رقم (1385) وهو حديث صحيح.

(6)

في المصنف (3/ 257 - 258 رقم 5564).

ص: 276

قال المصنف

(1)

رحمه الله تعالى: وفيه دليل على أن أفضل الهدي الإِبل ثم البقر ثم الغنم، وقد تمسك به من أجاز الجمعة في الساعة السادسة، ومن قال إنه إذا نذر هديًا مطلقًا أجزأه إهداء أيّ مال كان، انتهى.

17/ 1195 - (وَعَنْ سَمُرَةَ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "احْضَرُوا الذّكْرَ، وَادْنُوا مِنَ الإِمامِ، فإنَّ الرَّجُلَ لا يَزَالُ يَتَباعَدُ حتَّى يُؤَخَّرَ فِي الجَنَّةِ وَإنْ دَخَلَها"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(2)

وأبُو دَاوُدَ)

(3)

[حسن]

الحديث قال المنذري

(4)

: في إسناده انقطاع، وهو يدلّ على مشروعية حضور الخطبة والدنوّ من الإِمام، لما تقدم في الأحاديث من الحضّ على ذلك والترغيب إليه.

وفيه أن التأخر عن الإِمام يوم الجمعة من أسباب التأخر عن دخول الجنة، جعلنا الله من المتقدمين في دخولها

(5)

.

[الباب الخامس] باب فضل يوم الجمعة وذكر ساعة الإِجابة وفضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه

18/ 1196 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ: أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عليه السلام، وَفِيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ،

(1)

ابن تيمية الجد في "المنتقى"(2/ 13).

(2)

في المسند (5/ 11) بسند صحيح.

(3)

في السنن رقم (1108).

قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 289) والبيهقي (3/ 238).

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وهو حديث حسن.

(4)

في المختصر (2/ 20).

(5)

قال الإمام النووي في "المجموع"(4/ 420): " .... يستحب الدنو من الإمام بالإجماع لتحصيل فضيلة التقدم في الصفوف واستماع الخطبة محققًا" اهـ.

وانظر: المغني (3/ 234).

ص: 277

وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا في يَوْمِ الجُمُعَةِ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ

(1)

وَالتّرْمِذِيُّ وصحَّحَهُ)

(2)

. [صحيح]

19/ 1197 - (وَعَنْ أبِي لُبابَةَ البَدْرِيّ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "سَيِّدُ الأَيَّام يَوْمُ الجُمُعَةِ وأعْظَمُها عِنْدَ الله وأعْظَمُ عِنْدَ الله مِنْ يَوْمِ الفِطْرِ وَيَوْمِ الأضْحَى؛ وَفِيهِ خَمْسُ خِلالٍ: خَلَقَ الله عز وجل فِيهِ آدَمَ عليه السلام، وأهْبَط الله فِيهِ آدَمَ إلى الأرْضِ، وَفيهِ تَوفى الله آدَمَ، وفيهِ ساعَةٌ لا يَسْألُ العَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إلا آتاهُ الله إيَّاهُ ما لَمْ يَسألْ حَرَامًا، وَفِيهِ تَقُوم السَّاعَةُ، ما مِنْ مَلَك مُقَرَّبٍ وَلا سَمَاءٍ وَلا أرْضٍ وَلا رِياحٍ وَلا جِبالٍ وَلا بَحْرٍ إلا هُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(3)

وَابْنُ مَاجَهْ)

(4)

[حسن]

20/ 1198 - (وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ فِي الجُمُعَةِ لَساعَةً لا يُوافِقُها مُسْلِمٌ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي يَسْألُ الله عز وجل خَيْرًا إلا أَعْطاهُ الله إيَّاهُ"، وَقَالَ بِيَدِهِ، قُلْنا يُقَلِّلُلها [و]

(5)

يُزَهِّدُها. رَوَاهُ الجَماعَةُ، إلا أن التِّرْمِذِيَّ وأبا دَاوُدَ

(6)

لَمْ يَذْكُرَا القِيامَ وَلا يُقَلِّلُه (1). [صحيح]

(1)

في صحيحه رقم (18/ 854).

(2)

في سننه رقم (488) وقال: وهو حديث حسن صحيح.

وهو حديث صحيح.

(3)

في المسند (3/ 430).

(4)

في سننه رقم (1084).

قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 150) والطبراني في الكبير رقم (4511) وأبو نعيم في الحلية (1/ 366) والبيهقي في الشعب رقم (2973) قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 360): "هذا إسناد حسن" اهـ. وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم (2276) وهو كما قال رحمه الله.

(5)

زيادة من المخطوط (أ).

(6)

أحمد (2/ 230) والبخاري رقم (935) ومسلم رقم (13/ 852) والنسائي رقم (1432) وابن ماجه رقم (1137).

والترمذي رقم (491) وأبو داود رقم (1046).

وهو حديث صحيح.

ص: 278

الحديث الأوّل أخرجه أيضًا النسائي

(1)

وأبو داود

(2)

.

والحديث الثاني قال العراقي: إسناده حسن.

والحديث الثالث زاد فيه الترمذي

(3)

وأبو داود

(4)

أن أبا هريرة قال: "ثم لقيت عبد الله بن سلام فحدّثته هذا الحديث فقال: أنا أعلم تلك الساعة، فقلت: أخبرني بها، فقال عبد الله: هي آخر ساعة من يوم الجمعة" كذا عند أبي داود (4)، وعند الترمذي (3):"هي بعد العصر إلى أن تغرب الشمس".

قوله: (خير يوم طلعت فيه الشمس) فيه أن أفضل الأيام يوم الجمعة، وبه جزم ابن العربي

(5)

.

ويشكل على ذلك ما رواه ابن حبان في صحيحه

(6)

من حديث عبد الله بن قرط أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الأيام عند الله يوم النحر"، وسيأتي في آخر أبواب الضحايا

(7)

.

ويأتي الجمع بينه وبين ما أخرج أيضًا ابن حبان في صحيحه

(8)

عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة هنالك إن شاء الله".

وقد جمع العراقي فقال: المراد بتفضيل الجمعة بالنسبة إلى أيام الجمعة، وتفضيل يوم عرفة أو يوم النحر بالنسبة إلى أيام السنة، وصرّح بأن حديث أفضلية يوم الجمعة أصحّ.

قال صاحب المفهم

(9)

: صيغة خير وشرّ يستعملان للمفاضلة ولغيرها، فإذا كانت المفاضلة فأصلها أخير وأشرر على وزن أفعل.

(1)

في سننه رقم (1430).

(2)

في سننه رقم (1046).

(3)

في سننه رقم (491).

(4)

في سننه رقم (1046).

(5)

في عارضة الأحوذي (2/ 274 - 275).

(6)

في صحيح ابن حبان رقم (2811).

قلت: وأخرجه أحمد (4/ 350) والحاكم (4/ 221) وصححه ووافقه الذهبي وأبو داود رقم (1765).

وهو حديث صحيح.

(7)

سيأتي برقم (2139) من كتابنا هذا.

(8)

في صحيح ابن حبان رقم (3853) وهو حديث صحيح.

(9)

(2/ 489).

ص: 279

وأما إذا لم يكونا للمفاضلة فهما من جملة الأسماء كما قال تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: 180]، وقال:{وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].

قال

(1)

: وهي في حديث الباب للمفاضلة ومعناها في هذا الحديث أن يوم الجمعة أفضل من كل يوم طلعت شمسه.

وظاهرُ قولِهِ: "طلعت عليه الشمس" أن يومَ الجمعةِ لا يكونُ أفضلَ أيام الجنة.

ويمكن أن لا يُعتبر هذا القيد ويكون يوم الجمعة أفضل أيام الجنة كما أنه أفضل أيام الدنيا، لما وردَ من أنَّ أهلَ الجنة يزورون ربهم فيه.

ويجاب بأنا لا نعلم أنه يسمى في الجنة يوم الجمعة، والذي ورد أنهم يزورون ربهم بعد مضي جمعة كما في حديث أبي هريرة عند الترمذي

(2)

وابن ماجه

(3)

قال: "أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم، فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيزورون" الحديث.

قوله: (فيه خلق آدم) فيه دليل على أن آدم لم يخلق في الجنة بل خلق خارجها ثم أدخل إليها.

قوله: (وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها، إلخ) قد اختلفت الأحاديث في تعيين هذه الساعة، واختلفت بحسب ذلك أقوال الصحابة والتابعين والأئمة بعدهم.

قال الحافظ في الفتح

(4)

: قد اختلف أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في هذه الساعة: هل هي باقية أو قد رفعت؟

وعلى البقاء: هل هي في كل جمعة أو في جمعة واحدة من كل سنة؟.

(1)

أي القرطبي في "المفهم"(2/ 490).

(2)

في سننه رقم (2549) وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

(3)

في سننه رقم (4336).

وهو حديث ضعيف.

(4)

(2/ 416).

ص: 280

وعلى الأوّل: هل هي وقت من اليوم معين أو مبهم؟

وعلى التعيين: هل تستوعب الوقت أو تبهم فيه؟

وعلى الإبهام: ما ابتداؤه وما انتهاؤه؟

وعلى كل ذلك: هل تستمرّ أو تنتقل؟

وعلى الانتقال: هل تستغرق اليوم أو بعضه؟

وذكر رحمه الله من الأقوال فيها ما لم يذكره غيره، وها أنا أشير إلى بسطه مختصرًا.

(القول الأوّل): أنها قد رفعت، حكاه [ابن المنذر]

(1)

عن قَوْمٍ وزَيَّفَهُ، وروى عبد الرزاق

(2)

عن أبي هريرة: أنه كذب من قال بذلك.

وقال صاحب الهدي

(3)

: إن قائله إن أراد أنها صارت مبهمة بعد أن كانت معلومة احتمل، وإن أراد حقيقة الرفع فهو مردود.

(الثاني): أنها موجودة في جمعة واحدة من السنة، روي عن [كعب بن مالك]

(4)

.

(1)

كذا في المخطوط (أ، ب). والصواب (ابن عبد البر) كما في "الفتح"(2/ 416) وزاد المعاد (1/ 376) والتمهيد ط: الفاروق) (4/ 53).

(2)

في المصنف (3/ 266 رقم 5586) بسند قوي كما قاله الحافظ في الفتح (2/ 417).

(3)

في "زاد المعاد"(1/ 384) ولفظه: "إن أراد أنها كانت معلومة، فرفع علمها عن الأمة، فيقال له: لم يرفع علمها عن كل الأمة، وإن رُفعَ عن بعضهم.

وإن أراد أن حقيقتها وكونها ساعة إجابة رُفِعتْ، فقول باطل مخالف للأحاديث الصحيحة الصريحة فلا يعول عليه" اهـ.

(4)

كذا في المخطوط (أ، ب) ولعل الصواب (كعب الأحبار) كما في "الفتح"(2/ 417) والأوسط لابن المنذر (4/ 13).

وأخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 261 رقم 5575) عن معمر قال: سألت الزهري عن الساعة التي يستجاب فيها الدعاء من يوم الجمعة. فقال: ما سمعت فيها بشيء أحدثه، إلا أن كعبًا كان يقول:(لو قسّم إنسان جمعة في جمع أتى على تلك الساعة).

قال أبو بكر بن المنذر في الأوسط (4/ 13): كان معناه (أن يبدأ فيدعو في جمعة من الجمع من أول النهار، إلى وقت معلوم ثم يقطع الدعاء، فإذا كانت جمعة أخرى ابتدأ في الدعاء في الوقت الذي كان قطع دعاءه في الجمعة التي قبلها، ثم كذلك يفعل حتى =

ص: 281

(الثالث): أنها مخفية في جميع اليوم كما أُخفيت ليلة القدر؛ وقد روى الحاكم

(1)

وابن خزيمة

(2)

عن أبي سعيد أنه قال: "سألت النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم عنها فقال: قد علمتها ثم أنسيتها كما أنسيت ليلة القدر"، وقد مال إلى هذا جمع من العلماء منهم الرافعي وصاحب المغني"

(3)

.

(الرابع): أنها تنتقل في يوم الجمعة ولا تلزم ساعة معينة، وجزم به ابن عساكر

(4)

ورجحه الغزالي

(5)

والمحبّ الطبري (4).

(الخامس): إذا أذّن المؤذّنون لصلاة الغداة، روي ذلك عن عائشة

(6)

.

(السادس): من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، روى ذلك ابن عساكر

(7)

عن أبي هريرة.

(السابع): مثله وزاد: "ومن العصر إلى المغرب" رواه سعيد بن منصور

(8)

عن أبي هريرة، وفي إسناده ليث بن أبي

(9)

سليم.

= يأتي على آخر النهار في آخر الأيام).

وذكره الحافظ نقلًا عن ابن المنذر في فتح الباري (2/ 417).

(1)

في المستدرك (1/ 279 - 280) وقال: هذا شاهد صحيح على شرط الشيخين لحديث يزيد بن الهاد ومحمد بن إسحاق ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

(2)

في صحيحه رقم (1741).

رجال إسناده ثقات رجال الشيخين، لكن فليح وهو ابن سليمان فيه ضعف من قبل حفظه أشار إليه الحافظ بقوله:"صدوق كثير الخطأ" وراجع له "الضعيفة (1177) ناصر. رحمه الله.

(3)

(3/ 238 - 239).

(4)

حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 417).

(5)

في الإحياء (1/ 186).

(6)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 10) وأخرجه ابن أبي شيبة (2/ 144) عن عائشة.

(7)

من طريق أبي جعفر الرازي عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن أبي هريرة. وليث بن أبي سليم ضعيف كما في التقريب (2/ 138).

(8)

عن خلف بن خليفة عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن أبي هريرة.

وتابعه فضيل بن عياض عن ليث عند ابن المنذر، وليث ضعيف وقد اختلف عليه فيه كما ترى.

(9)

انظر ترجمته في: "المجروحين"(2/ 231 - 234) والميزان (3/ 420) والخلاصة ص 323.

ص: 282

(الثامن): مثله وزاد: "وما بين أن ينزل الإِمام من المنبر إلى أن يكبر"، رواه حميد بن زنجويه

(1)

عن أبي هريرة.

(التاسع): أنها أوّلُ ساعةٍ بعد طُلُوع الشمس، حكاه [الجيلي]

(2)

في شرح التنبيه

(3)

، وتبعه المحبّ الطبري في شرحه

(4)

.

(العاشر): عند طلوع الشمس، حكاه الغزالي في الإِحياء

(5)

، وعزاه ابن المنير (4) إلى أبي ذرّ.

(الحادي عشر): أنها آخر الساعة الثالثة من النهار، حكاه صاحب المغني

(6)

وهو في مسند أحمد

(7)

عن أبي هريرة موقوفًا بلفظ: "وفي آخر ثلاث ساعات منه:

(1)

في "الترغيب" له من طريق عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة عن أبي هريرة قال: "التمسوا الساعة التي يجاب فيها الدعاء يوم الجمعة في هذه الأوقات الثلاثة" فذكرها.

(2)

في المخطوط (ب): (الحُبَلِّي) وهو خطأ.

والجيلي هو صائن الدين عبد العزيز بن عبد الكريم الجيلي.

(3)

للشيخ صائن الدين عبد العزيز بن عبد الكريم الجيلي كتاب "الموضح في شرح التنبيه".

مخطوط بدار الكتب المصرية، تحت رقم (76 - فقه شافعي).

والموجود منه الجزء الأول من نسخة، والجزء الثاني من نسخة أخرى تحت رقم (281)، وجزء من نسخة أخرى تبدأ بكتاب الجنايات تحت رقم (418).

قال حاجي خليفة في "كشف الظنون"(1/ 489): "لا يجوز الاعتماد على ما فيه من النقول؛ لأن بعض الحساد حسده عليه، فدسَّ فيه، فأفسده. صرح به النووي وابن الصلاح".

• ولرضي الدين سليمان بن المظفر الجيلي (ت 631 هـ) شرح على "التنبيه" أيضًا أودعه موسى بن يونس المصلي (ت 622 هـ) في شرحه المسمى: "غنية الفقيه في شرح التنبيه" منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية، ثحت رقم (182)، وقد سقط منه باب الطهارة والصلاة، ويبدأ بباب الزكاة، وهو مجلد كبير.

وانظر: "كشف الظنون"(1/ 489).

معجم المصنفات (ص 235 - 236 رقم 691).

(4)

حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 417).

(5)

في الإحياء (1/ 185).

(6)

لابن قدامة (3/ 238).

(7)

المسند (2/ 311) بسند ضعيف لضعف الفرج بن فضالة، وعلي بن أبي طلحة ليس بذاك، ولم يدرك أبا هريرة فهو منقطع.

ص: 283

ساعة من دعا الله فيها استجيب له"، وفي إسناده فرج بن فضالة وهو ضعيف

(1)

.

(الثاني عشر): من الزوال إلى أن يصير الظلّ نصف ذراع، حكاه المحبّ الطبري

(2)

والمنذري

(3)

.

(الثالث عشر): مثله، لكن زاد: إلى أن يصير الظلّ ذراعًا، حكاه عياض

(4)

والقرطبي

(5)

والنووي

(6)

.

(الرابع عشر): بعد زوال الشمس بشبر إلى ذراع، رواه ابن المنذر

(7)

وابن عبد البر

(8)

عن أبي ذرّ.

(الخامس عشر): إذا زالت الشمس، حكاه ابن المنذر

(9)

عن أبي العالية، وروي نحوه عن عليّ وعبد الله بن نوفل.

وروى ابن عساكر

(10)

عن قتادة أنه قال: كانوا يرون الساعة المستجاب فيها الدعاء إذا زالت الشمس.

(السادس عشر): إذا أذّن المؤذّن لصلاة الجمعة، رواه ابن المنذر

(11)

عن عائشة.

(1)

فرج بن فضالة الشامي الحمصي، قال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: صدوق لا يحتج به، وقال ابن معين: صالح الحديث. وقال النسائي: ضعيف.

المجروحين (2/ 206) والجرح والتعديل (7/ 85) والميزان (3/ 243).

(2)

حكاه الحافظ في الفتح (2/ 418).

(3)

في "الترغيب والترهيب"(1/ 555).

(4)

في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 244 - 245).

(5)

المفهم (2/ 494).

(6)

في شرح صحيح مسلم له (6/ 140).

(7)

في الأوسط (4/ 12 ث 1724) من طريق الحارث بن يزيد الحضرمي عن عبد الله بن حجيرة عن أبي ذر أن امرأته سألته عن الساعة التي يستجيب الله فيها للعبد المؤمن؛ فقال: إنها بعد زيغ الشمس بشبر إلى ذراع

".

(8)

في "التمهيد"(4/ 57).

وقال الحافظ في "الفتح"(2/ 418) رواه ابن المنذر وابن عبد البر بإسناد قوي إلى الحارث بن يزيد الحضرمي عن عبد الرحمن بن حجيرة عن أبي ذر، به.

(9)

حكاه ابن المنذر في الأوسط (4/ 9) عن أبي العالية.

(10)

حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 418).

(11)

حكاه ابن المنذر في الأوسط (4/ 10) عن عائشة.

ص: 284

(السابع عشر): من الزوال إلى أن يدخل الرجل في الصلاة، ذكره ابن المنذر

(1)

عن أبي السوار العدوي.

(الثامن عشر): من الزوال إلى خروج الإِمام، حكاه أبو الطيب الطبري

(2)

.

(التاسع عشر): من الزوال إلى غروب الشمس، حكاه أبو العباس أحمد بن علي [الأزْماري]

(3)

، بسكون الزاي وقبل ياء النسبة راء مهملة، ونقله عنه ابن الملقن (2).

(العشرون): ما بين خروج الإِمام إلى أن تقام الصلاة، رواه ابن المنذر

(4)

عن الحسن، ورواه المروزي

(5)

عن الشعبي.

(الحادي والعشرون): عند خروج الإِمام، رواه حميد بن زنجويه

(6)

عن الحسن.

(الثاني والعشرون): ما بين خروج الإِمام إلى أن تنقضي الصلاة. رواه ابن جرير

(7)

عن الشعبي، وروي عن أبي موسى

(8)

وابن عمر.

(1)

حكاه ابن المنذر في الأوسط (4/ 11) عن أبي السوار العدوي.

(2)

حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 418).

(3)

كذا في (أ، ب) وفي فتح الباري (2/ 418): (الدزماري).

(4)

حكاه ابن المنذر في الأوسط (4/ 9).

وروى له ابن أبي شيبة من طريق منصور عنه قال (2/ 143 - 144) وروى عبد الرزاق (3/ 261 - 262 رقم 5576) من طريق معمر عمن سمع الحسن أنه كان يتحراها عند زوال الشمس.

(5)

في كتاب "الجمعة وفضلها"(ص 35 رقم 8) عن الشعبي، عن عون بن حصيرة قال: "الساعة التي تُرجى في يوم الجمعة ما بين خروج الإمام إلى انقضاء الصلاة. بسند صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (2/ 143) وصححه الحافظ في "الفتح"(2/ 418).

(6)

في كتاب "الترغيب" عن الحسن "أن رجلًا مرت به وهو ينعس في ذلك الوقت". كما في "الفتح"(2/ 418).

(7)

رواه ابن جرير من طريق إسماعيل بن سالم عن الشعبي قوله. الفتح (2/ 418).

(8)

ومن طريق معاوية بن قرة عن أبي بردة عن أبي موسى قوله، وفيه: أن ابن عمر استصوب ذلك. الفتح (2/ 418).

ص: 285

(الثالث والعشرون): ما بين أن يحرم البيع إلى أن يحلّ، رواه سعيد بن منصور وابن المنذر عن الشعبي

(1)

.

(الرابع والعشرون): ما بين الأذان إلى انقضاء الصلاة، رواه حميد بن زنجويه

(2)

عن ابن عباس.

(الخامس والعشرون): ما بين أن يجلس الإِمام على المنبر إلى أن تنقضي الصلاة، رواه مسلم

(3)

وأبو داود

(4)

عن أبي موسى وسيأتي

(5)

، وهذا يمكن أن يتحد مع الذي قبله.

(السادس والعشرون): عند التأذين وعند تذكير الإِمام وعند الإِقامة، رواه حميد بن زنجويه

(6)

عن عوف بن مالك الأشجعي الصحابي.

(السابع والعشرون): مثله لكن قال: إذا أذّن وإذا رقى المنبر وإذا أقيمت الصلاة، رواه ابن أبي شيبة

(7)

وابن المنذر

(8)

عن أبي أمامة الصحابي.

(الثامن والعشرون): من حين يفتتح الإِمام الخطبة حتى يفرغها، رواه ابن عبد البر

(9)

عن ابن عمر مرفوعًا بإسناد ضعيف.

(التاسع والعشرون): إذا بلغ الخطيب المنبر وأخذ في الخطبة، حكاه الغزالي

(10)

.

(الثلاثون): عند الجلوس بين الخطبتين حكاه الطيبي

(11)

عن بعض شرّاح المصابيح.

(1)

ذكره الحافظ في الفتح (2/ 418).

(2)

كما في "الفتح"(2/ 418) وحكاه البغوي في شرح السنة عنه.

(3)

في صحيحه رقم (16/ 853).

(4)

في سننه رقم (1049).

(5)

برقم (1199) من كتابنا هذا.

(6)

كما في "الفتح"(2/ 419).

(7)

في المصنف (2/ 143).

(8)

في الأوسط (4/ 10).

(9)

في الاستذكار رقم (5983) بسند ضعيف.

وفي "التمهيد"(4/ 55) بسند ضعيف. وقد ضعفه الحافظ في الفتح (2/ 419).

(10)

في الإحياء (1/ 185).

(11)

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، المسمَّى:"الكاشف عن حقائق السنن"(3/ 208).

ص: 286

(الحادي والثلاثون): عند نزول الإِمام من المنبر، رواه ابن أبي شيبة

(1)

وابن جرير وابن المنذر

(2)

بإسناد صحيح عن أبي بردة.

(الثاني والثلاثون): حين تقام الصلاة حتى يقوم الإِمام في مقامه، حكاه ابن المنذر

(3)

عن الحسن. وروى الطبراني

(4)

من حديث ميمونة بنت سعد نحوه بإسناد ضعيف.

(الثالث والثلاثون): من إقامة الصلاة إلى تمام الصلاة، أخرجه الترمذي

(5)

وابن ماجه

(6)

من حديث عمرو بن عوف، وفيه: "قالوا: أية ساعة يا رسول الله؟ قال: حين تقام الصلاة إلى الانصراف [منها]

(7)

"وسيأتي

(8)

، وإليه ذهب ابن سيرين، رواه عنه ابن جرير

(9)

وسعيد بن منصور (9).

(الرابع والثلاثون): هي الساعة التي كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلي فيها الجمعة، رواه ابن عساكر

(10)

عن ابن سيرين.

قال الحافظ

(11)

: وهذا يغاير الذي قبله من جهة إطلاق ذلك وتقييد هذا.

(الخامس والثلاثون): من صلاة العصر إلى غروب الشمس، ويدلّ على ذلك حديث ابن عباس عند ابن جرير

(12)

.

(1)

في المصنف (2/ 143).

(2)

أخرجه في الأوسط (4/ 11 ث 1723).

وإسناده صحيح.

(3)

في الأوسط (4/ 10).

(4)

في المعجم الكبير (ج 25/ رقم 66).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 167) وقال: في إسناده مجاهيل.

(5)

في سننه رقم (490) وقال: حديث حسن غريب.

(6)

في سننه رقم (1138). وهو حديث ضعيف جدًّا.

(7)

زيادة من المخطوط (ب).

(8)

برقم (1200) من كتابنا هذا.

(9)

كما في "الفتح"(2/ 419).

(10)

عزاه إليه الحافظ في الفتح (2/ 419) وقال: إسناده صحيح.

(11)

في "الفتح"(2/ 419).

(12)

من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفًا. الفتح (2/ 419).

ص: 287

وحديث أبي سعيد عنده

(1)

بلفظ: "فالتمسوها بعد العصر"

(2)

.

وذكر ابن عبد البرّ

(3)

أن قوله: "فالتمسوها" إلى آخره مدرج.

ورواه الترمذي

(4)

عن أنس مرفوعًا بلفظ: "بعد العصر إلى غيبوبة الشمس" وإسناده ضعيف.

(السادس والثلاثون): في صلاة العصر، رواه عبد الرزاق

(5)

عن يحيى بن إسحاق بن أبي طلحة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

(السابع والثلاثون): بعد العصر إلى آخر وقت الاختيار، حكاه الغزالي في الإحياء

(6)

.

(الثامن والثلاثون): بعد العصر مطلقًا، رواه أحمد

(7)

وابن عساكر

(8)

(1)

أي عند ابن جرير من طريق صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن أبي سعيد مرفوعًا بلفظ: "فالتمسوها بعد العصر".

قلت: وأخرج أبو داود في سننه رقم (1048) والنسائي في سننه (3/ 99) وابن عبد البر في "التمهيد"(4/ 54) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 250) من حديث جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يوم الجمعة ثنتا عشرة - يريد ساعة - لا يوجد مسلم يسأل الله عز وجل شيئًا إلا أتاه الله عز وجل فالتمسوها آخر ساعةِ بعد العصر" وهو حديث صحيح. وصححه الحاكم (1/ 279) ووافقه الذهبي، وصححه أيضًا النووي وحسنه الحافظ ابن حجر.

(2)

انظر التعليقة السابقة.

(3)

في "التمهيد"(4/ 54).

(4)

في سننه رقم (489) وقال: غريب من هذا الوجه.

وهو حديث حسن.

(5)

في "المصنف"(3/ 262 رقم 5578).

(6)

الإحياء (1/ 186).

(7)

في المسند (2/ 272) بسند ضعيف.

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (5584) ومن طريقه العقيلي في "الضعفاء"(4/ 140).

وله شاهد من حديث جابر المتقدم آنفًا.

وهو حديث صحيح بشواهده.

(8)

من طريق محمد بن سلمة الأنصاري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وأبي سعيد مرفوعًا بلفظ: "وهي بعد العصر" كما في "فتح الباري"(2/ 425).

ص: 288

عن أبي هريرة وأبي سعيد مرفوعًا بلفظ: "وهي بعد العصر".

ورواه ابن المنذر

(1)

عن مجاهد مثله.

قال: وسمعته عن الحكم عن ابن عباس.

ورواه أبو بكر المروزي

(2)

عن أبي هريرة.

ورواه عبد الرزاق

(3)

عن طاوس.

(التاسع والثلاثون): من وسط النهار إلى قرب آخر النهار، روي ذلك عن أبي سلمة بن علقمة

(4)

.

(الأربعون): من حين تصفرّ الشمس إلى أن تغيب، رواه عبد الرزاق

(5)

عن طاوس.

(الحادي والأربعون): آخر ساعة بعد العصر، ويدلّ على ذلك حديث جابر الآتي

(6)

، ورواه مالك

(7)

وأهل السنن

(8)

وابن خزيمة

(9)

وابن حبان

(10)

عن عبد الله بن سلام من قوله.

(1)

في الأوسط (4/ 9 ث 1718).

وأخرجه ابن أبي شيبة (2/ 143) وعبد الرزاق في المصنف رقم (5577) كلاهما من طريق عطاء عن أبي هريرة فذكر الوقت الثاني فقط. وهو بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس.

(2)

في كتابه "الجمعة وفضلها"(ص 34 رقم 6): عن أبي هريرة قال: الساعة التي في الجمعة بعد العصر" بسند ضعيف جدًّا.

(3)

في المصنف (3/ 261 رقم 5574).

(4)

حكاه الحافظ في "الفتح"(2/ 420).

(5)

في المصنف رقم (5582).

(6)

برقم (1203) من كتابنا هذا.

(7)

في الموطأ (1/ 108 رقم 16).

(8)

أبو داود رقم (1046) والترمذي رقم (491) وقال: حسن صحيح. والنسائي رقم (1430) وابن ماجه رقم (1139).

(9)

في صحيحه رقم (1738).

(10)

في صحيحه رقم (2772).

قلت: وأخرجه أحمد (2/ 486) والبغوي في شرح السنة رقم (1050) والحاكم في المستدرك (1/ 278 - 279) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.

ص: 289

وروى ابن جرير

(1)

عن أبي هريرة مرفوعًا مثله.

(الثاني والأربعون): من حين يغرب قرص الشمس، أو من حين تدلّى قرص الشمس للغروب إلى أن يتكامل غروبها.

رواه الطبراني

(2)

والدارقطني

(3)

والبيهقي

(4)

من طريق زيد بن عليّ عن مرجانة مولاة فاطمة رضي الله عنها قالت: "حدثتني فاطمة عن أبيها صلى الله عليه وسلم وفيه: أية ساعة هي؟ قال: إذا تدلى نصف الشمس للغروب، وكانت فاطمة رضي الله عنها إذا كان يوم الجمعة أرسلت غلامًا لها يقال له زيد ينظر لها الشمس، فإذا أخبرها أنها تدلت للغروب أقبلت على الدعاء إلى أن تغيب".

قال الحافظ

(5)

: وفي إسناده اختلاف على زيد بن عليّ، وفي بعض رواته من لا يعرف حاله.

وأخرجه أيضًا إسحاق بن راهويه

(6)

ولم يذكر مرجانة.

(الثالث والأربعون): أنها وقت قراءة الإِمام الفاتحة في الجمعة إلى أن يقول: آمين، قاله الجزري في كتابه المسمى الحصن الحصين في الأدعية

(7)

ورجحه، وفيه أن يفوّت على الداعي الإنصات لقراءة الإِمام كما قال الحافظ

(8)

.

قال: وهذه الأقوال ليست كلها متغايرة من كل وجه، بل كثير منها يمكن أن يتحد مع غيره.

(1)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 420).

(2)

في الأوسط رقم (6440).

(3)

في العلل كما في "الفتح"(2/ 420).

(4)

في شعب الإيمان رقم (2977).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 166) وقال: مرجانة لم تدرك فاطمة وهي مجهولة. وفيه مجاهيل غيرها".

والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(5)

في "الفتح"(2/ 421).

(6)

في مسنده من طريق سعيد بن راشد عن زيد بن علي عن فاطمة لم يذكر مرجانة - الفتح (2/ 421).

(7)

ص (290 - 291).

(8)

في "الفتح"(2/ 421).

ص: 290

قال المحبّ الطبري

(1)

: أصحّ الأحاديث في تعيين الساعة حديث أبي موسى وسيأتي

(2)

، وقد صرّح مسلم

(3)

بمثل ذلك.

وقال بذلك البيهقي

(4)

وابن العربي

(5)

وجماعة والقرطبي

(6)

والنووي

(7)

.

وذهب آخرون إلى ترجيح حديث عبد الله بن سلام

(8)

، حكى ذلك الترمذي

(9)

عن أحمد أنه قال: أكثر الأحاديث على ذلك.

وقال ابن عبد البر

(10)

: إنه أثبت شيء من هذا الباب.

ويؤيده ما سيأتي

(11)

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن من أن ناسًا من الصحابة أجمعوا على ذلك، ورجحه أحمد (12) وإسحاق (12) وجماعة من المتأخرين

(12)

.

والحاصل أن حديث أبي هريرة المتقدّم

(13)

ظاهره يخالف الأحاديث الواردة في كونها بعد العصر؛ لأن الصلاة بعد العصر منهيّ عنها، وقد [ذكر]

(14)

فيه: "لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي".

وقد أجاب عنه عبد الله بن سلام بأن منتظر الصلاة في صلاة، وروي ذلك عن النبيّ صلى الله عليه وسلم كما سيأتي

(15)

.

ولكنه يشكل على ذلك قوله: "قائم"، وقد أجاب عنه القاضي عياض

(16)

(1)

حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 421).

(2)

برقم (1199) من كتابنا هذا.

(3)

في صحيحه رقم (16/ 853).

(4)

في السنن الكبرى (3/ 250).

(5)

في عارضة الأحوذي (2/ 275).

(6)

في المفهم (2/ 494) حيث قال: "وحديث أبي موسى نصٌّ في موضع الخلاف فلا يلتفت إلى غيره".

(7)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 140 - 141).

(8)

وهو حديث صحيح تقدم تخريجه آنفًا.

(9)

في سننه (2/ 361).

(10)

في "التمهيد"(4/ 66).

(11)

برقم (1204) من كتابنا هذا.

(12)

"المغني"(3/ 237 - 238).

(13)

تقدم برقم (1198) من كتابنا هذا.

(14)

في المخطوط (أ): (قال).

(15)

برقم (1201) من كتابنا هذا.

(16)

في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 244).

ص: 291

بأنه ليس المراد القيام الحقيقي، وإنما المراد به الاهتمام بالأمر.

كقولهم: فلان قام في الأمر الفلاني، ومنه قوله تعالى:{إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: 75].

وليس بين حديث أبي هريرة

(1)

وحديث أبي موسى الآتي

(2)

تعارض ولا اختلاف.

وإنما الاختلاف بين حديث أبي موسى (2) وبين الأحاديث الواردة في كونها بعد العصر أو آخر ساعة من اليوم وسيأتي.

فأما الجمع فإنما يمكن بأن يصار إلى القول بأنها تنتقل فيحمل حديث أبي موسى على أنه أخبر فيه عن جمعة خاصة، وتحمل الأحاديث الأخر على جمعة أخرى.

فإن قيل بتنقلها فذاك، وإن قيل بأنها في وقت واحد، لا تنتقل، فيصار حينئذٍ إلى الترجيح.

ولا شكّ أن الأحاديث الواردة في كونها بعد العصر أرجح لكثرتها واتصالها بالسماع، وأنه لم يختلف في رفعها والاعتضاد بكونه قول أكثر الصحابة، ففيها أربعة مرجحات.

وفي حديث أبي موسى (2) مرجح واحد وهو كونه في أحد الصحيحين دون بقية الأحاديث، ولكن عارض كونه في أحد الصحيحين أمران وسيأتي ذكرهما في شرحه.

وسلك صاحب الهدي

(3)

مسلكًا آخر، واختار أن ساعة الإجابة منحصرة في أحد الوقتين المذكورين وأن أحدهما لا يعارض الآخر لاحتمال أن يكون صلى الله عليه وسلم دلّ على أحدهما في وقت وعلى الآخر في وقت آخر.

وهذا كقول ابن عبد البر

(4)

: إنه ينبغي الاجتهاد في الدعاء في الوقتين المذكورين، وسبق إلى تجويز ذلك الإِمام أحمد.

(1)

تقدم برقم (1198) من كتابنا هذا.

(2)

برقم (1199) من كتابنا هذا.

(3)

زاد المعاد (1/ 382).

(4)

في التمهيد (4/ 57).

ص: 292

قال ابن المنير

(1)

: إذا علم أن فائدة الإبهام لهذه الساعة ولليلة القدر بعث الدواعي على الإكثار من الصلاة والدعاء، ولو وقع البيان لها لاتكل الناس على ذلك وتركوا ما عداها، فالعجب بعد ذلك ممن يتكل في طلب تحديدها.

وقال في موضع آخر

(2)

: يحسن جمع الأقوال فتكون ساعة الإِجابة واحدة منها لا بعينها، فيصادفها من اجتهد في الدعاء في جميعها.

21/ 1199 - (وَعَنْ أبي مُوسَى أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي ساعَة الجُمُعَةِ: "هِيَ ما بَيْنَ أنْ يَجْلِسَ الإِمامُ"، يَعْني على المِنْبَرِ "إلى أنْ يَقْضِيَ الصَّلاةَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ

(3)

وأبُو دَاوُدَ)

(4)

. [ضعيف والمحفوظ موقوف]

22/ 1200 - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ المُزَنِي، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"إِنَّ في الجُمُعَةِ ساعَةً لا يَسْألُ الله العبدُ فِيها شَيْئًا إلَّا آتاهُ إيَّاهُ"، قالُوا: يا رَسُولَ الله أيَّةُ ساعَةٍ هِيَ؟ قالَ: "حِينَ تُقامُ الصَّلاةُ إلى الانْصِرافِ مِنْها"، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ

(5)

وَالتِّرْمِذِيّ)

(6)

. [ضعيف جدًّا]

الحديث الأوّل مع كونه في صحيح مسلم

(7)

قد أعلّ بالانقطاع والاضطراب.

(1)

في "الحاشية" كما في "الفتح"(2/ 422).

(2)

أي ابن المنير كما في "الفتح"(2/ 421).

(3)

في صحيحه رقم (16/ 853).

(4)

في سننه رقم (1049).

قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1739). والييهقي في السنن الكبرى (3/ 250). وفي الشعب رقم (2980) وقال: وهذا أصح ما روي في بيان ساعة الجمعة.

والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والمحفوظ موقوف.

(5)

في سننه رقم (1138).

(6)

في سننه رقم (490) وقال: هذا حديث حسن غريب.

قلت: وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" رقم (291) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 150) والطبراني في الكبير (ج 17 رقم 7) والبغوي في شرح السنة (4/ 210 رقم 1052) والبيهقي في "الشعب" رقم (2981).

وهو حديث ضعيف جدًّا.

(7)

رقم (16/ 853).

ص: 293

أما الانقطاع فلأن مخرمة بن بُكَيْر رواهُ عن أبيه بكير بن عبد الله بن الأشجّ وهو لم يسمع من أبيه، قاله أحمد عن حمَّاد بن خالد عن مخرمة نفسه.

وقال سعيد بن أبي مريم: سمعت خالي موسى بن سلمة قال: أتيت مخرمة بن بُكَيْر فسألته أن يحدّثني عن أبيه فقال: ما سمعت من أبى شيئًا إنما هذه كتب وجدناها عندنا عنه ما أدركت أبي إلا وأنا غلام.

وفي لفظ: لم أسمع من أبي وهذه كتبه.

وقال عليّ بن المديني: سمعت معنًا يقول: مخرمة سمع من أبيه، قال: ولم أجد أحدًا بالمدينة يخبر عن مَخْرمة أنه كان يقول في شيءٍ: سمعتُ أبي، قال على: ومخرمةُ ثقةٌ.

وقال ابن معين: مخرمة ضعيف الحديث ليس حديثه بشيء.

قال في الفتح

(1)

: ولا يقال: مسلم يكتفي في المعنعن بإمكان اللقاء مع المعاصرة، وهو كذلك هنا. لأنا نقول: وجود التصريح من مخرمة بأنه لم يسمع من أبيه كاف في دعوى الانقطاع اهـ.

وأما الاضطراب فقال العراقي

(2)

: إن أكثر الرواة جعلوه من قول أبي بردة مقطوعًا، وأنه لم يرفعه غير مخرمة عن أبيه.

وهذا الحديث مما استدركه الدارقطني

(3)

على مسلم فقال: لم يسنده غير مخرمة عن أبيه عن أبي بردة.

قال: ورواه حماد عن أبي بردة من قوله.

ومنهم من بلغ به أبا موسى ولم يرفعه.

قال: والصواب أنه من قول أبي بردة وكذلك رواه: يحيى بن سعيد القطان عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة.

وتابعه واصل الأحدب ومجالد، روياه عن أبي بردة من قوله.

(1)

(2/ 422).

(2)

طرح التثريب (3/ 844).

(3)

في كتابه: التتبع ص 233 رقم الحديث (40) تحقيق وتخريج الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله.

ص: 294

وقال النعمان بن عبد السلام عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه موقوف، ولا يثبت قوله عن أبيه انتهى كلام الدارقطني

(1)

.

وأجاب النووي في شرح مسلم

(2)

عن ذلك بقوله: وهذا الذي استدركه بناه على القاعدة المعروفة له، ولأكثر المحدّثين أنه إذا تعارض في رواية الحديث وقف ورفع أو إرسال واتصال حكموا بالوقف والإرسال وهي قاعدة ضعيفة ممنوعة.

قال

(3)

: والصحيح طريقة الأصوليين والفقهاء والبخاري ومسلم ومحققي المحدّثين أنه يحكم بالرفع والاتصال لأنها زيادة ثقة

(4)

، انتهى.

(1)

من كتاب التتبع ص 233 - 235.

(2)

(6/ 141).

(3)

أي النووي في شرح صحيح مسلم (6/ 141).

(4)

قال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم (1/ 32): "إذا رواه بعض الثقات الضابطين متصلًا وبعضهم مرسلًا، أو بعضهم موقوفًا وبعضهم مرفوعًا، أو وصله هو أو رفعه في وقت وأرسله أو وقفه في وقت: فالصحيح الذي قاله المحققون من المحدثين وقاله الفقهاء وأصحاب الأصول وصححه الخطيب البغدادي: أن الحكم لمن وصله أو رفعه، سواء كان المخالف له مثله أو أكثر أو أحفظ؛ لأنه زيادة ثقة وهي مقبولة.

تدريب الراوي (1/ 217) وقواعد علوم الحديث للتهانوي ص 118.

وقد قام فضيلة الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي في كتابه: "بين الإمامين مسلم والدارقطني" بنقد كلام النووي ص 178 - 180.

"وفي كلام النووي نظر فليس استدراك الدارقطني مبنيًا على القاعدة التي أشار إليها بل هو ممن يقول بزيادة الثقة إذا لم يوجد مانع من قبولها وقد صرح بذلك في كتابه "التتبع" - الحديث الثاني والعشرين -، ثم إن الدارقطني قد صرح بما استدل به على ترجيحه لوقف الحديث على أبي بردة وهما دليلان:

1 -

عدم سماع مخرمة من أبيه.

2 -

أن جماعة قد خالفوه - فرووا الحديث موقوفًا على أبي بردة من قوله: وقد صرح بثلاثة منهم: أبو إسحاق، وواصل، ومجالد، وزاد الحافظ ابن حجر: معاوية بن قرة وغيرهم.

فالدارقطني بنى رأيه على عدد من المرجحات المعتبرة:

1 -

إن الذين وقفوه على أبي بردة جماعة (ترجيح بالكثرة).

2 -

أنهم كوفيون كأبي بردة فهم أخص به وأعلم بروايته من بكير على فرض سماع ابنه مخرمة منه (ترجيح بالأخصية وهو كونهم من أهل بلدته وملازميه). =

ص: 295

والحديث الثاني المذكور في الباب حسنه الترمذي

(1)

، وفي إسناده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف. وقد اتفق أئمة الجرح والتعديل على ضعفه

(2)

.

= 3 - إن هؤلاء الجماعة الذين خالفوا مخرمة كلهم أحفظ من مخرمة إلا مجالدًا (ترجيح بالحفظ).

مع أن مخرمة ليس بالحافظ وقد ضعفه ابن معين ووثقه غيره.

فواحد من هذه المرجحات كاف في تقديم الوقف على الرفع في رواية هذا الحديث فكيف إذا اجتمعت.

ثم إن النووي رحمه الله كثيرًا ما ينسب مذهب تقديم الرفع والوصل على الوقف والإرسال إلى المحققين من المحدثين بما فيهم البخاري.

وهذا غير سليم ولا صحيح يرده ما نقله السخاوي - فتح المغيث (1/ 166) - قال: - بعد أن ذكر أقوال العلماء في تقديم الوصل على الإرسال والرفع على الوقف والعكس - قال: "والظاهر أن محل هذه الأقوال فيما لم يظهر فيه ترجيح كما أشار إليه شيخنا وأومأ إليه ما قدمته على ابن سيد الناس، وإلا فالحق الاستقراء من صنيع متقدمي الفن كابن مهدي، والقطان، وأحمد، والبخاري، عدم اضطراد حكم كلي بل ذلك دائر مع الترجيح، فتارة يترجح الوصل، وتارة الإرسال، وتارة يترجح عدد الذوات على الصفات، وتارة العكس. ومن راجع أحكامهم الجزئية تبين له ذلك.

والحديث المذكور (يعني حديث لا نكاح إلا بولي) لم يحكم له البخاري بالوصل لمجرد أن الوصل معه زيادة بل لما انضم لذلك من قرائن رجحته

"، ثم قال: (وهذا حاصل ما أفاده شيخنا مع زيادة. وسبقه لكون ذلك مقتضى كلام الأئمة العلائي ومن قبله ابن دقيق العيد وغيرهما، وسيأتي في المعلل أنه كثر الإعلال بالإرسال والوقف للوصل والرفع إن قويا عليهما وهو شاهد لما قررناه".

فهؤلاء الأئمة المحققون من المحدثين لا يرجحون الرفع على الوقف ولا الوصل على الإرسال مطلقًا لمجرد أنه زيادة ثقة. بل يرجحون بالقرائن ويدورون معها، فليس الأمر - إذن - كما يقول النووي.

وما قاله الدارقطني من أن هذا الحديث مقطوع هو الصواب استنادًا إلى الأدلة التي أسلفنا، فهو حديث شاذ لمخالفته للأكثر والأحفظ" اهـ.

وانظر بقية كلامه على المتن ص 180 - 182.

(1)

في سننه (2/ 362).

(2)

كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: ليس بالمتين. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه.

[التاريخ الكبير (7/ 217) والمجروحين (2/ 221) والجرح والتعديل (7/ 154) والكاشف (3/ 5) والمغني (2/ 531) والميزان (3/ 406) ولسان الميزان (7/ 345) والتقريب (2/ 132) والخلاصة ص 320].

ص: 296

والترمذي قد شرط في حدّ الحَسَن أن لا يكون في إسناده من يُتَّهم بالكذب، وكثير هذا قال الشافعي فيه وأبو داود: إنه ركن من أركان الكذب.

وقد حسن له الترمذي مع هذا عدّة أحاديث وصحح له حديث: "الصلح جائز بين المسلمين"

(1)

.

قال الذهبي في الميزان

(2)

: فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي.

قال العراقي: لا يقبل هذا الطعن منه في حق الترمذي، وإنما جهَّل الترمذي من لا يعرفه كابن حزم

(3)

، وإلا فهو إمام معتمد عليه، ولا يمتنع أن يخالف اجتهاده اجتهاد غيره في بعض الرجال.

وكأنه رأى ما رآه البخاري، فإنه روي عنه أنه قال في حديث كثير عن أبيه عن جدّه في تكبير العيدين: إنه حديث حسن

(4)

.

ولعله إنما حكم عليه بالحسن باعتبار الشواهد، فإنه بمعنى حديث أبي موسى

(5)

المذكور في الباب، فارتفع بوجود حديث شاهد له إلى درجة الحسن.

وقد رواه البيهقي

(6)

، ورواه أيضًا ابن أبي شيبة

(7)

من طريق مغيرة عن واصل الأحدب عن أبي بردة من قوله، وإسناده قويّ.

والحديثان يدلان على أن ساعة الإجابة هي وقت صلاة الجمعة من عند [صعود]

(8)

الإِمام المنبر أو من عند الإِقامة إلى الانصراف منها، وقد تقدم أن الأحاديث المصرّحة بأنها بعد العصر أرجح وسيأتي ذكرها.

(1)

في سنن الترمذي رقم (1352) وصححه الألباني رحمه الله.

(2)

(3/ 407).

(3)

كما ذكر الحافظ في "تهذيب التهذيب"(3/ 668) حيث قال: "أما أبو محمد بن حزم فقد نادى على نفسه بعدم الاطلاع فقال في كتاب الفرائض من الإيصال: محمد بن عيسى بن سورة مجهول

" اهـ.

(4)

أخرجه الترمذي في سننه رقم (536) وحسنه.

(5)

تقدم برقم (1199) من كتابنا هذا.

(6)

في السنن الكبرى (3/ 250).

(7)

في المصنف (2/ 143).

(8)

في المخطوط (أ، ب)(سعوط) وهو خطأ والصواب ما أثبتناه.

ص: 297

23/ 1201 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ سَلامٍ قالَ: قُلْتُ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم جالِسٌ: إنَّا لنَجِدُ فِي كِتابِ الله في يَوْمِ الجُمُعَةِ ساعَة لا يُوَافِقُها عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يُصَلِّي يَسألُ الله عز وجل فِيها شَيْئًا إلَّا قَضَى لَهُ حاجَتَهُ، قالَ عَبْدُ الله: فأشارَ إليَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: أوْ بَعْضَ ساعَةٍ، فَقُلْتُ: صَدَقْتَ أوْ بَعْض سَاعَةٍ، قُلْتُ: أيُّ سَاعَةٍ هِيَ؟ قالَ: "آخِرُ ساعَةٍ مِنْ ساعاتِ النَّهارِ"، قُلْتُ: إنَّهَا لَيْسَتْ ساعَةَ صَلاةٍ؟ قالَ: "بَلَى إن العَبْدَ المُؤْمِنَ إِذَا صَلَّى ثُمَّ جَلَسَ لا يُجْلِسُهُ إلَّا الصَّلاةُ فَهُوَ فِي صَلاةٍ"، رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ)

(1)

. [صحيح]

24/ 1202 - (وَعَنْ أبي سَعِيدٍ وأبي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إنَّ فِي الجُمُعَةِ ساعَةً لا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسألُ الله عز وجل فِيهَا خَيْرًا إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ، وَهِيَ بَعْدَ العَصْرِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)

(2)

. [صحيح بشواهده]

25/ 1203 - (وَعَنْ جابِرٍ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "يَوْمُ الجُمُعَةِ [اثْنَتَا]

(3)

عَشْرَةَ ساعَةً، مِنْها ساعَةً لا يُوجَدُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْالُ الله شَيْئًا إلَّا آتاهُ إيَّاهُ، وَالْتَمِسُوها آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ العَصْر"، رَوَاهُ النَّسائيُّ

(4)

وأَبُو دَاوُدَ)

(5)

. [حسن]

(1)

في السنن رقم (1139).

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 380) "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات على شرط الصحيح

" اهـ.

والخلاصة: أن حديث عبد الله بن سلام صحيح والله أعلم.

(2)

في المسند (2/ 272) بسند ضعيف.

قلت: وأخرجه عبد الرزاق رقم (5584) والعقيلي في الضعفاء (4/ 140).

وهو حديث صحيح بشواهده.

(3)

في المخطوط (أ، ب): (اثنا) والصواب من السنن.

(4)

في سننه رقم (1388).

(5)

في سننه رقم (1048).

قلت: وأخرجه الطبراني في "الدعاء"(2/ 861 رقم 184) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 250) وفي "الشعب" رقم (2976) وقال البيهقي: وهذا إسناد ضعيف ولم يبين وجه الضعف فيه. وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(2/ 420) إسناده حسن.

والخلاصة: أن الحديث حسن، والله أعلم.

ص: 298

26/ 1204 - (وَعَنْ أبي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن أن ناسًا مِنْ أصْحاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اجْتَمَعُوا فَتَذَاكَرُوا السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أنَّهَا آخِرُ ساعَةٍ مِنْ يَوْم الجُمُعَةِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ

(1)

. [إسناده صحيح]

وَقالَ أحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ

(2)

: أكْثَرُ الأحادِيثِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي يُرْجَى فِيها إجابَةُ الدُّعاءِ أنَّهَا بَعْدَ صَلاةِ العَصْرِ، وَيُرْجَى بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ).

الحديث الأول رفعه ابن ماجه

(3)

كما ذكر المصنف، وهو من طريق أبي النضر عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال:"قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس" الحديث.

ورواه مالك

(4)

وأصحاب السنن

(5)

وابن خزيمة

(6)

وابن حبان

(7)

من طريق محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن عبد الله بن سلام من قوله.

والحديث الثاني رواه أيضًا البزار

(8)

عنهما بإسناد.

قال العراقي

(9)

: صحيح.

وقال في مجمع الزوائد

(10)

: ورجالهما رجال الصحيح.

والحديث الثالث أخرجه الحاكم في مستدركه

(11)

وقال: صحيح على شرط مسلم.

(1)

رواه سعيد بن منصور في سننه كما في "الفتح"(2/ 421) وقال الحافظ: إسناده صحيح.

(2)

في المغني (3/ 238).

(3)

في السنن رقم (1139) وقد تقدم.

(4)

في الموطأ (1/ 158 رقم 16).

(5)

أبو داود رقم (1046) والترمذي رقم (491) وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي رقم (1430).

(6)

في صحيحه رقم (1738).

(7)

في صحيحه رقم (2772).

قلت: وأخرجه أحمد (2/ 486) والحاكم (1/ 278 - 279) وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. والبيهقي (3/ 250 - 251) والبغوي في شرح السنة رقم (1050). وهو حديث صحيح.

(8)

في المسند رقم (619 - كشف) بسند صحيح.

(9)

طرح التثريب (7/ 842).

(10)

(2/ 166).

(11)

(1/ 279) وقال: صحيح على شرط مسلم فقد احتج بالجلاح بن كثير ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

ص: 299

وحسن الحافظ في الفتح

(1)

إسناده.

والأثر الذي رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جماعة من الصحابة، قال الحافظ في الفتح

(2)

: إسناده صحيح.

وفي الباب عن أنس عند الترمذي

(3)

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "التمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد العصر إلى غيبوبة الشمس"، وفي إسناده محمد بن أبي حميد وهو ضعيف

(4)

.

وقد تابعه ابن لهيعة كما رواه الطبراني في الأوسط

(5)

.

وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تقدّم أوّل الباب

(6)

.

وعن أبي ذرّ عند ابن عبد البرّ في التمهيد

(7)

وابن المنذر

(8)

.

وعن سلمان أشار إليه الترمذي

(9)

.

والأحاديث المذكورة في الباب تدلّ على أن الساعة التي تقدم الخلاف في تعيينها هي آخر ساعة من يوم الجمعة.

وقد تقدم بسط الخلاف في ذلك وبيان الجمع بين بعض الأحاديث والترجيح بين بعض آخر.

والقول بأنها آخر ساعة من اليوم هو أرجح الأقوال

(10)

.

(1)

فتح الباري (2/ 420).

(2)

فتح الباري (2/ 421).

(3)

في السنن رقم (489) وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه. وحسنه الألباني رحمه الله.

(4)

محمد بن أبي حميد: ضعيف التقريب رقم (5836).

(5)

رقم (137).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 166) وقال: فيه ابن لهيعة واختلف في الاحتجاج به، وبقية رجاله ثقاث".

(6)

وهو حديث ضعيف تقدم في (الثاني والأربعين) من الأقوال في تعيين ساعة الإجابة يوم الجمعة.

(7)

في "التمهيد"(4/ 57).

(8)

في الأوسط (4/ 12 ث 1724) وقوى إسناده الحافظ في الفتح (2/ 418).

(9)

في السنن (2/ 362 بإثر الحديث رقم 490).

(10)

قلت: وأرجح الأقوال أنها بعد العصر للأدلة الآتية: =

ص: 300

وإليه ذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة

(1)

.

ولا يعارض ذلك الأحاديث الواردة بأنها بعد العصر بدون تعيين آخر ساعة؛ لأنها تحمل على الأحاديث المقيدة بأنها آخر ساعة، وحمل المطلق على المقيد متعين كما تقرر في الأصول

(2)

.

وأما الأحاديث المصرّحة بأنها وقت الصلاة فقد عرفت أنها مرجوحة، ويبقى الكلام في حديث أبي سعيد الذي أخرجه أحمد

(3)

وابن خزيمة

(4)

والحاكم

(5)

بلفظ: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال: قد علمتها ثم أنسيتها كما أنسيت ليلة القدر".

قال العراقي

(6)

: ورجاله رجال الصحيح.

ويجاب عنه بأن نسيانه صلى الله عليه وسلم لها لا يقدح في الأحاديث الصحيحة الواردة بتعيينها لاحتمال أنه سمع منه صلى الله عليه وسلم التعيين قبل النسيان كما قال البيهقي، وقد بلغنا صلى الله عليه وسلم تعيين وقتها، فلا يكون إنساؤه ناسخًا للتعيين المتقدّم.

27/ 1205 - (وَعَنْ أوْسِ بْنِ أوْسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْ أفْضَلِ أيَّامِكُمْ يَوْمُ الجُمُعَةِ: فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ،

= 1 - الحديث الصحيح بشواهده رقم (24/ 1202) من كتابنا هذا.

وهو من حديث أبي سعيد، وأبي هريرة.

2 -

الحديث الحسن رقم (25/ 1203) من كتابنا هذا.

من حديث جابر.

3 -

الحديث صحيح الإسناد رقم (26/ 1204) من كتابنا هذا.

من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن.

4 -

الحديث الصحيح رقم (23/ 1201) من كتابنا هذا.

من حديث عبد الله بن سلام.

(1)

انظر: "المغني (3/ 237 - 239).

(2)

انظر: "إرشاد الفحول" بتحقيقي ص 542.

(3)

في المسند (3/ 65).

(4)

في صحيحه رقم (1741).

(5)

في المستدرك (1/ 279 - 280). وصححه الحاكم على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي دون ذكر شرط الشيخين.

قلت: لكن تفرد به فليح بن سليمان وقد تكلم فيه من قبل حفظه.

(6)

قال في طرح التثريب (7/ 849): وإسناده صحيح.

ص: 301

فأكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ فِيهِ فإنَّ صَلَاتكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ"؛ قالُوا: يا رَسُولَ الله وكَيْفَ تُعْرَضُ عَلَيْكَ صَلاتُنا وَقَدْ أرِمْتَ؟ يَعْنِي وَقَدْ بَلِيتَ، فَقالَ: "إن الله عز وجل حَرَّم على الأرْضِ أنْ تأكُلَ أجْسادَ الأنْبِيَاءِ"، رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ)

(1)

. [صحيح]

28/ 1206 - (وَعَنْ أبي الدرْدَاءِ قَالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أكثِرُوا الصَّلاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فإنَّهُ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ المَلائِكَةُ، وإنَّ أحَدًا لَنْ يُصَلِّيَ عَلَيَّ إلا عُرِضَتْ عَلَيَّ صَلاتُهُ حتَّى يَفْرُغَ مِنْها"، رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ)

(2)

. [ضعيف]

29/ 1207 - (وَعَنْ خالِدِ بْنِ مَعْدَانَ

(3)

عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "أكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ في كُلّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فإنَّ صَلاةَ أمَّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ في كُلّ يَوْمِ جُمعَةٍ" رَوَاهُ سَعِيدٌ في سُنَنِهِ). [مرسل]

30/ 1208 - (وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ لسُلَيْمٍ: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِذَا

(1)

أحمد في المسند (4/ 8) وأبو داود رقم (1047) و (1531) والنسائي في المجتبى (3/ 91) وفي السنن الكبرى (2/ 262 رقم 1678) وابن ماجه رقم (1085) و (1636).

قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 516) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" رقم (1577) والدارمي رقم (1613) وابن خزيمة رقم (1733) و (1734) وابن حبان رقم (910) والطبراني في الكبير رقم (589) والحاكم (1/ 278) و (4/ 560) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 248) وفي فضائل الأوقات رقم (275) من طرق وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصححه النووي في الأذكار، وصححه الألباني رحمه الله في الإرواء (1/ 34 رقم 4).

(2)

في سننه رقم (1637).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 545): "هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه منقطع في موضعين. عبادة بن نسي روايته عن أبي الدرداء مرسلة قاله العلائي. وزيد بن أيمن عن عبادة بن نسي مرسلة قاله البخاري" اهـ.

وهو حديث ضعيف.

(3)

خالد بن معدان بن أبي كريب، الكلاعي، أبو عبد الله الشامي الحمصي، تابعي ثقة، مات سنة (103 هـ) على خلاف.

الجرح والتعديل (1/ 2/ 351) والتاريخ الكبير (2/ 1/ 176) والتقريب (1/ 218) والدولابي في الكنى (2/ 57) والعلل رواية عبد الله (1194، 2502).

ص: 302

كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ وَلَيْلَةُ الجُمُعَةِ فأكْثِرُوا الصَّلاةَ عَلَيَّ"، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ في مُسْنَدِهِ

(1)

. [مرسل حسن بطرقه]

وَهَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ مُرْسَلانِ).

الحديث الأوّل أخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه

(2)

والحاكم في مستدركه

(3)

وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرّجاه.

وذكره ابن أبي حاتم في العلل

(4)

، وحكى عن أبيه أنه حديث منكر؛ لأن في إسناده عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وهو منكر الحديث.

وذكر البخاري في تاريخه

(5)

أنه عبد الرحمن بن يزيد بن تميم.

وقال ابن العربي: إن الحديث لم يثبت.

والحديث الثاني، قال العراقي في شرح الترمذي: رجاله ثقات إلَّا أن فيه انقطاعًا لأن في إسناده زيد بن أيمن عن عبادة بن نسي عن أبي الدرداء.

قال البخاري

(6)

: زيد بن أيمن عن عبادة بن نسي مرسل.

والحديث الثالث والرابع مرسلان كما قال المصنف؛ لأن خالد بن

(1)

في مسند الإمام الشافعي رقم (497) مرسل بسند ضعيف جدًّا.

• وأخرج ابن عدي في "الكامل"(3/ 969) في ترجمة درست بن زياد القشيري بلفظ: "أكثروا علي من الصلاة في يوم الجمعة وليلة الجمعة، فمن فعل ذلك كنت له شهيدًا - أو شافعًا - يوم القيامة".

وقال ابن عدي على درست هذا: أرجو أنه لا بأس به.

وقال الحافظ في التقريب رقم (1825): ضعيف.

وقال الألباني: وفي سنده أيضًا الرقاشي وهو ضعيف. وقال: وله شاهد من حديث عمر مرفوعًا بسند ضعيف، ذكره السخاوي في "القول البديع" ص 120. وقال: هو بهذه الطرق حسن على أقل الدرجات. وهو صحيح بدون ذكر ليلة الجمعة" اهـ. إرواء الغليل (1/ 34 رقم 4) ومشكاة المصابيح رقم (1361) و (1366).

(2)

رقم (910) وقد تقدم.

(3)

(1/ 278)، (4/ 560) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

(4)

(1/ 197).

(5)

في التاريخ الكبير (5/ 365).

(6)

حكاه عنه البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 545).

ص: 303

معدان

(1)

وصفوان بن سليم

(2)

لم يدركا النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وفي الباب عن شدّاد بن أوس عند ابن ماجه

(3)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة" بنحو حديث أوس بن أوس، هكذا وقع عند ابن ماجه في الصلاة.

ووقع عنده في الجنائز

(4)

أوس [بن]

(5)

أوس وهو الصواب.

وعن أبي مسعود الأنصاري عند البيهقي في كتاب "حياة الأنبياء في

(1)

خالد بن معدان لم يسمع من أبي الدرداء، ولم يصح سماعه من عبادة بن الصامت، قاله أبو حاتم.

وقال أبو حاتم أيضًا: خالد بن معدان عن معاذ بن جبل، مرسل. لم يسمع منه وربما كان بينهما اثنان.

وقال أبو زرعة: خالد بن معدان عن أبي عبيدة بن الجراح، مرسل.

وقال أبو زرعة أيضًا: خالد بن معدان لم يلق عائشة.

وقال أبو حاتم: خالد بن معدان أدرك أبا هريرة ولا يذكر سماع.

كثاب المراسيل ص 52 - 53. لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي.

وقد تقدمت ترجمة خالد بن معدان وأنه تابعي.

(2)

صفوان بن سُليم المدني، أبو عبد الله، وقيل: أبو الحارث القُرشي، الزهريُّ، مولاهم الفقيه.

قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث عابدًا.

قال أحمد: ثقة من خيار عباد الله الصالحين.

وقال العجلي، وأبو حاتم، والنسائي: ثقة.

وقال الكناني: قلت لأبي حاتم: هل رأى صفوان أنسًا؟ فقال: لا، ولا تصح روايته عن أنس.

وقال أبو داود السجستاني: لم ير أحدًا من الصحابة إلا أبا أمامة، وعبد الله بن بسر ["تهذيب التهذيب" (2/ 212) والعلل رواية عبد الله (3262)].

(3)

في سننه رقم (1085) وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 361): "قال المصنف وأخرج في الجنائز عن أبي بكر بن أبي شيبة بهذا الإسناد عن (أوس بن أوس) بدل (شداد بن أوس) وهو الصواب

" اهـ.

وقال الألباني: قلت: كذا الرواية هنا، والمشهور: أوس بن أوس. انظر رقم (1636).

وصححه الألباني رحمه الله.

(4)

في سنن ابن ماجه، كتاب الجنائز رقم الحديث (1636) وقد تقدم.

(5)

في المخطوط (أ): (أبي) والصواب ما أثبتناه من المخطوط (ب) ومن سنن ابن ماجه.

ص: 304

قبورهم"

(1)

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "أكثروا [عليّ من الصلاة]

(2)

في يوم الجمعة، فإنه ليس يصلي عليّ أحد يوم الجمعة إلا عرضت عليّ صلاته".

قال البيهقي: قال أبو عبد الله، يعني الحاكم

(3)

: أبو رافع هذا، يعني المذكور في السند، هو إسماعيل بن [نافع]

(4)

.

قال العراقي: وثقه البخاري وضعفه النسائي.

ورواه البيهقي أيضًا في شعب الإيمان

(5)

وابن أبي عاصم من هذا الوجه.

وأخرج البيهقي في السنن

(6)

أيضًا حديثًا آخر بلفظ: "أكثروا عليّ الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة، فمن صلى عليّ صلاة صلى الله عليه عشرًا".

قوله: (وقد أرمت)

(7)

بهمزة مفتوحة وراء مكسورة وميم ساكنة بعدها تاء المخاطب المفتوحة.

والأحاديث فيها مشروعية الإكثار من الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وأنها تعرض عليه صلى الله عليه وسلم وأنه حيّ في قبره

(8)

.

(1)

ص 90 - 92 رقم (11).

قلت: وأخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 421) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد فإن أبا رافع هذا هو إسماعيل بن رافع، ورده الذهبي في "التلخيص" بقوله: قلت: ضعفوه.

قال الألباني: لكنه في الشواهد لا بأس به، فإنه غير متهم في صدقه، وقد أشار إلى هذا الحافظ في "التقريب" رقم (442) بقوله: ضعيف الحفظ. "الصحيحة" رقم (1527).

وأخرجه البيهقي أيضًا في "الشعب" رقم (3030).

وجزم الألباني بصحة الحديث في صحيح الجامع رقم (1208/ 544).

(2)

كذا في المخطوط (أ)، (ب) وعند البيهقي في المصدرين:(الصلاة عليّ) واللفظ المذكور من مستدرك الحاكم.

(3)

في المستدرك (2/ 421).

(4)

كذا في المخطوط (أ، ب) وهو خطا والصواب (رافع). انظر التقريب رقم الترجمة (442) و"تهذيب التهذيب"(1/ 149 - 150) وكتب تخريج الحديث.

• تنبيه: في كل طبعات النيل التي وقفت عليها يوجد فيها هذا الخطأ فليعلم.

(5)

رقم الحديث (3030) وقد تقدم.

(6)

في السنن الكبرى (3/ 249).

(7)

أي: بَلِيَ. القاموس المحيط ص 1440.

(8)

القول الفصل في هذه المسألة الذي تجتمع عليه الأدلة ويتفق مع العقل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم =

ص: 305

وقد أخرج ابن ماجه

(1)

بإسناد جيد أنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي الدرداء: "إن الله عز وجل حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء".

وفي رواية للطبراني

(2)

"ليس من عبدٍ يصلِّي عليَّ إلا بلغني صلاته، قلنا:

= وبقية الأنبياء قبله قد جرت عليهم سنة الموت كبقية البشر. قال تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} [الزمر: 30] وقال: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34)} [الأنبياء: 34].

وقال سبحانه: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144].

فهذا قطع بموتهم، إلا أنه قد وردت أدلة أخرى، تصف الأنبياء بالحياة، فما هي هذه الحياة؟ هل هي حياة حقيقية كالحياة الدنيوية المعروفة؟ أم ما هي حقيقتها؟.

إن تلك الحياة الوارد ذكرها في تلك الأدلة إنما هي حياة برزخية تختلف عن الحياة المعروفة في الدنيا.

يقول الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله: (ومن المعلوم أنه لم يكن صلى الله عليه وسلم حيًا في قبره كالحياة الدنيوية المعهودة، التي تقوم فيها الروح بالبدن، وتدبره وتصرفه، ويحتاج معها إلى الطعام والشراب واللباس والنكاح وغير ذلك، بل حياته صلى الله عليه وسلم حياة برزخية، وروحه في الرفيق الأعلى، وكذلك أرواح الأنبياء، والأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت، فمنها أرواح في أعلا عليين في الملأ الأعلى، وهي أرواح الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهم متفاوتون في منازلهم كما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، ونبينا في المنزلة العليا التي هي الوسيلة. [الصواعق المرسلة الشهابية ص 82].

• قال ابن رجب الحنبلي في "أهوال القبور" ص 160: "أما الأنبياء عليهما السلام فليس فيهم شك أن أرواحهم عند الله في أعلى عليين، وقد ثبت في الصحيح أن آخر كلمة تكلم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته: "اللهم الرفيق الأعلى" وكررها حتى قبض - أخرجه البخاري رقم (3669) ومسلم رقم (2191) - وقال رجل لابن مسعود: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين هو، قال: في الجنة.

وانظر: شرح العقيدة الطحاوية ص 453 - 455 ط: المكتب الإسلامي.

(1)

في سننه رقم (1637).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 545 رقم 596/ 1637): "هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه منقطع في موضعين. عباد بن نسي روايته عن أبي الدرداء مرسلة قاله العلائي. وزيد بن أيمن عن عبادة بن نسي مرسلة قاله البخاري" اهـ.

وهو حديث ضعيف. وقد تقدم.

(2)

لم أقف عليه، وقد عزاه له السخاوي في "القول البديع"(ص 164) وللنميري، وقال: قال العراقي: إن إسناده لا يصح.

ص: 306

وبعد وفاتك؟ قال: وبعد وفاتي، إن الله عز وجل حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء".

وقد ذهب جماعة من المحققين إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيّ بعد وفاته، وأنه يسرّ بطاعات أمته، وأن الأنبياء لا يبلون، مع [أن]

(1)

مطلق الإدراك كالعلم

(2)

(1)

سقطت من المخطوط (ب).

(2)

وردت أحاديث ضعيفة وضعيفة جدًّا في علم الموتى في قبورهم بحال أهليهم وأقاربهم في الدنيا. والمعلوم أن الحديث الضعيف لا تقوم به حجة. من هذه الأحاديث. ما أخرجه أحمد في المسند (3/ 165) أخبرنا سفيان عمَّن سمعَ أنس بن مالك يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أعمالَكُم تُعْرضُ على أقاربكم وعشائِرِكم من الأمواتِ، فإن كان خيرًا، استبشروا به، وإن كان غيرَ ذلك، قالوا: اللهمَّ لا تُمِتهم حتى تهديهم كما هديتنا".

إسناده ضعيف لإبهام الواسطة بين سفيان وأنس. وهذا الحديث تفرد به الإمام أحمد.

وحكم عليه الألباني رحمه الله في "الضعيفة" رقم (863) بالضعف.

(ومنها) ما أخرجه الطبراني في الكبير رقم (3887) و (3888) والأوسط رقم (148) عن أبي أيوب الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ نفسَ المؤمن إذا قبضتْ تلقاها أهل الرحمة من عبادِ الله، كما تلقونَ البشيرَ من أهل الدُّنيا، فيقولونَ: أَنظِروا صاحبكم يسترح، فإنه في كَرْبٍ شديد، ثم يسألونَهُ: ما فعل فلان، وفلانةٌ هل تزوجتْ؟ فإذا سألوه عن الرجل قد مات قبلَهُ، فيقول: أَيْهَاتَ، قد ماتَ ذاكَ قبلي، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذُهِبَ به إلى أُمِّهِ الهاويةِ، بِئْسَتِ الأمُّ، وبئستِ المربِّية".

وقال: "إنَّ أعمالكم تعرضُ على أقاربكم وعشائِرِكم من أهلِ الآخرةِ، فإنْ كانَ خيرًا فرحوا واستبشروا، وقالوا: اللهم هذا فضلكَ ورحمتكَ، فأتمم نعمتكَ عليه، وأمتْهُ عليها، ويُعرض عليهم عملُ المسِيء فيقولونَ: اللهم ألهِمْهُ عملًا صالحًا ترضَى به، وتُقَرِّبُهُ إليك".

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 327) وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه مسلمة بن عليّ وهو ضعيف.

قلت: مسلمة بن علي الخُشني، أبو سعيد الشامي، قال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: "لا يشتغل به، وقال ابن عدي: عامة أحاديث غير محفوظة.

التاريخ الكبير (7/ 388) والمجروحين (3/ 33) والجرح والتعديل (8/ 268) والمغني (2/ 657) والميزان (4/ 109) والخلاصة ص 377.

• قلت: ورواه - أي الحديث - سلام الطويل عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي رهم به.

ذكره ابن حبان في "المجروحين"(1/ 336) في ترجمة سلام الطويل وقال: "روى عن الثقات الموضوعات". =

ص: 307

والسماع ثابت لسائر الموتى

(1)

.

= وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(2/ 428 - 429 رقم 1522).

وقال عقبه: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلام هو الطويل وقد أجمعوا على تضعيفه

".

وحكم المحدث الألباني رحمه الله على حديث أبي أيوب بأنه حديث ضعيف جدًّا في "الضعيفة" رقم (864).

• وانظر كتاب الترغيب والترهيب للحافظ أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الجوزي الأصبهاني المعروف بـ "قوّام السنة"(1/ 142 - 145 رقم 156 - 164).

• وكتاب "المنامات" لابن أبي الدنيا ص 18 - 22.

• و"أهوال القبور وأحوال أهل النشور" لأبي الفرج زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي ص 150 - 157.

(1)

في المسألة قولان:

• القول الأول: أنهم لا يسمعون، وهو مذهب الحنفية.

ومن أدلتهم على ذلك.

1 -

قوله تعالى في سورة فاطر الآية (22): {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُور} .

2 -

وقوله تعالى في سورة النمل الآية (80): {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80)} .

وأجاب الآخرون بأن الآيتين مجاز، وأنه ليس المقصود بـ (الموتى) وبـ (من في القبور) الموتى حقيقة في قبورهم، وإنما المراد بهم الكفار الأحياء، شبهوا بالموتى. "والمعنى من هم في حال الموتى، أو في حال من سكن القبر".

3 -

وقوله تعالى في سورة فاطر الآية (13 - 14): {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)} .

فهذه الآية صريحة في نفي السمع عن أولئك الذين كان المشركون يدعونهم من دون الله تعالى، وهم موتى الأولياء والصالحين الذين كان المشركون يمثلونهم في تماثيل وأصنام لهم ثم يعبدونهم فيها وليس لذاتها.

4 -

حديث قَلِيب بدر.

أخرج البخاري في صحيحه رقم (3980، 3981).

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قَلِيب بدر فقال: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا} [الأعراف: 44] ثم قال: "إنهم الآنَ يسمعونَ ما أقولُ" فذُكِرَ لعائشة، فقالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنهم الآنَ ليعلَمُونَ أن الذي كُنتُ أقولُ لهم هو الحقُّ". ثم قرأت: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] حتى قرأت الآية. =

ص: 308

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ووجه الاستدلال بما في هذه الرواية من تقييده صلى الله عليه وسلم سماع موتى القليب بقوله: "الآن" فإن مفهومه أنهم لا يسمعون من غير هذا الوقت، وهو المطلوب.

وقد نبه على ذلك العلامة الألوسي في كتابه: "روح المعاني"(6/ 455) بقوله: ففيه تنبيه قوي على أن الأصل في الموتى أنهم لا يسمعون، ولكن أهل القليب في ذلك الوقت قد سمعوا نداء النبي صلى الله عليه وسلم وبإسماع الله تعالى إياهم خرقًا للعادة ومعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم.

ووجه الاستدلال الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عمر وغيره من الصحابة على ما كان مستقرًا في نفوسهم واعتقادهم أن الموتى لا يسمعون.

وأقرهم صلى الله عليه وسلم على فهمهم للآية على ذلك الوجه العام الشامل لموتى القليب وغيرهم لأنه لم ينكره عليهم، ولا قال لهم: أخطأتم، فالآية لا تنفي مطلقًا سماع الموتى بل إنَّه أقرهم على ذلك، ولكن بين لهم ما كان خافيًا عليهم من شأن القليب وأنهم سمعوا كلامه حقًّا وأن ذلك أمر خاص مستثنى من الآية، معجزة له صلى الله عليه وسلم.

5 -

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن لِلَّهِ ملائكةً سيَّاحينَ في الأرضِ يبلِّغوني عن أمتي السلام" وهو حديث صحيح.

أخرجه أحمد (1/ 387)، (1/ 452) والنسائي (3/ 43) وفي عمل اليوم والليلة" رقم (66) وعبد الرزاق في المصنف رقم (3116) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 517) والطبراني في المعجم الكبير رقم (10528)، (10529)، (10530) والدارمي (2/ 317) وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 205) وإسماعيل القاضي (21) والبغوي في شرح السنة رقم (687) كلهم من طريق سفيان الثوري، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعود، به.

وصححه الحاكم (2/ 421) ووافقه الذهبي، وصححه أيضًا ابن القيم في "جلاء الأفهام" ص 24.

ووجه الاستدلال به: أنه صرح في أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمع سلام المسلمين عليه إذ لو كان يسمعه بنفسه، لما كان بحاجة إلى من يبلغه إليه كما هو ظاهر لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالى، وإذا كان الأمر كذلك فبالأولى أنه صلى الله عليه وسلم لا يسمع غير السلام من الكلام.

وإذا كان كذلك فلأن لا يسمع السلام غيره من الموتى أولى وأحرى.

• القول الثاني: أن الموتى يسمعون:

ومن أدلتهم على ذلك:

1 -

حديث قليب بدر وقد تقدم. وقد عرفت مما سبق أنه خاص بأهل قليب بدر من جهة، وأنه دليل على أن الأصل في الموتى أنهم لا يسمعون من جهة أخرى، وأن سماعهم، كان خرقًا للعادة.

2 -

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الميت ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا"، وهو حديث صحيح.

أخرجه البخاري رقم (1338) ومسلم رقم (2870) من حديث أنس رضي الله عنه. =

ص: 309

وقد صحّ عن ابن عباس

(1)

مرفوعًا: "ما من أحد يمرّ على قبر أخيه

= وهذا خاص بوقت وضعه في قبره ومجيء الملكين إليه لسؤاله فلا عموم فيه.

والخلاصة:

أن الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أئمة الحنفية وغيرهم - على أن الموتى لا يسمعون، وأن هذا هو الأصل، فإذا ثبت أنهم يسمعون في بعض الأحوال كما في حديث خفق النعال، أو أن بعضهم سمع في وقت ما، كما في حديث القليب، فلا ينبغي أن يجعل ذلك أصلًا، فيقال: إن الموتى يسمعون، كما فعل بعضهم كلا.

فإنها قضايا جزئية، لا تشكل قاعدة كلية، يعارض بها الأصل المذكور، بل الحق أنه يجب أن تستثنى منه، على قاعدة استثناء الأقل من الأكثر، أو الخاص من العام كما هو مقرر في علم الأصول. الآيات البيّنات في عدم سماع الأموات" حقّقه وقدم له وخرَّج أحاديثه وعلّق عليه المحدث: محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله، ص 5 - 41.

وقال الحافظ في "الفتح"(7/ 302): لا معارضة بين حديث ابن عمر - حديث القليب - والآية؛ لأن الموتى لا يسمعون بلا شك، لكن إِذا أراد الله تعالى إسماع ما ليس من شأنه السماع فلم يمتنع كقوله تعالى:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] الآية.

وقوله تعالى: {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} [فصلت: 11] الآية - وقد جاء في المغازي - قول قتادة: إن الله تعالى أحياهم حتى سمعوا كلام نبيه عليه الصلاة والسلام توبيخًا ونقمة.

انظر: "روح المعاني" للآلوسي (6/ 454 - 456) والدر المنثور (5/ 191) وفتح الباري (7/ 300 - 305).

(1)

أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 165 رقم 1858) وسكت عنه.

وأورده ابن كثير في تفسيره (11/ 40) وقال: رواه ابن عبد البر مصححًا.

وأورده (الحداد) في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (6/ 2611 - 2612 رقم 4031).

قال العراقي: "رواه ابن أبي الدنيا في كتاب القبور، وفيه/ عبد الله بن سمعان/ ولم أقف على حاله. ورواه ابن عبد البر في "التمهيد" من حديث ابن عباس وصححه عبد الحق الإشبيلي" اهـ.

قلت: لم أجده في "التمهيد" وأخرجه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الشرعية الكبرى"(2/ 546) بسند ابن عبد البر في الاستذكار وسكت عنه، ولم يصححه أو يضعفه.

وقال الزبيدي معقبًا على قول العراقي: "إن كان هو/ عبد الله بن محمد بن أبي يحيى، لقبه سحبل، واسم أبيه سمعان/ فهو ثقة وهو الظاهر فإنه ينسب إلى جده

ويحتمل أن يكون هو/ عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي المدني/ وهو أحد الضعفاء المشهورين اتهمه أبو داود بالكذب

وهو الذي استقر عليه رأي السيوطي في "أمالي الدرة" ولم يذكر الذي قبله

" اهـ.

قلت: عبد الله بن زياد بن سمعان هذا متروك.

انظر: الميزان (2/ 423) والمجروحين (2/ 7) والجرح والتعديل (5/ 60) والتاريخ الكير (5/ 6) والتقريب (1/ 416) والخلاصة ص 198. =

ص: 310

المؤمن"، وفي رواية: "بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه وردّ عليه".

ولابن أبي الدنيا

(1)

: "إذا مرّ الرجل بقبر يعرفه فيسلم عليه ردّ عليه السلام وعرفه، وإذا مرّ بقبر ولا يعرفه ردّ عليه السلام".

وصحّ أنه كان صلى الله عليه وسلم يخرج إلى البقيع لزيارة الموتى ويسلم عليهم

(2)

.

وورد النصّ في كتاب الله في حقّ الشهداء أنهم أحياء يرزقون

(3)

، وأن الحياة فيهم متعلقة بالجسد فكيف بالأنبياء والمرسلين.

= وأورده الصفدي اليمني في "النوافح العطرة في الأحاديث المشتهرة" رقم (1801) وعزاه للخطيب في تاريخه، ولابن عساكر في تاريخه. وحكم عليه بالضعف.

وخلاصة القول: أن حديث عبد الله بن عباس ضعيف، والله أعلم.

(1)

أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" رقم (9296 م) بسند ضعيف من حديث أبي هريرة.

وأورده (الحداد) في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (6/ 2612 رقم 4033)، وقد عزاه لابن أبي الدنيا في كتاب القبور، وللبيهقي في الشعب عن أبي هريرة مرفوعًا.

(2)

أخرج أحمد (6/ 180) ومسلم رقم (102/ 974) وابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (592) واللالكائي في الاعتقاد رقم (1761) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 78 - 79)، (5/ 249) والبغوي في شرح السنة رقم (1556).

عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلما كانَ ليلتُها من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم) يخرجُ في آخر الليل إلى البقيع. فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدًا مؤجلون، وإنّا إن شاءَ الله بكم لاحقونَ. اللهم اغفِرْ لأهل بقيع الغرقد"(ولم يُقم قتيبة قوله: "وأتاكم").

(3)

يشير المؤلف رحمه الله إلى الآية (169) من سورة آل عمران: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} .

واعلم أن حياة الشهداء ثابتة بالنص، وليس ثبوتها بالقياس المستوفي لأركانه، كما ورد النهي الصريح في القرآن عن تسمية الشهيد ميتًا، كما في قوله تعالى:{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)} [البقرة: 154]. ومع ذلك لم تقتض هذه الحياة شيئًا مما جعلتموه دليلًا على حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في قبره، فإن نساء الشهيد يجوز نكاحهن بعد موته، وماله مقسوم بين ورثته، ولحمه تأكله الأرض وسباع الوحش والطير والديدان، ومع ذلك فهو حي كما أخبر الله، فرح مستبشر بكرامة الله ورضوانه، فدل هذا على أن حياة الشهداء التي نص عليها القرآن ليست تلك الحياة الجسدية في القبر، ولكنها حياة لأرواحهم عند الله. كما في حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أصيب إخوانكم - يعني يوم أحد - جعل الله أرواحهم في أجواف =

ص: 311

وقد ثبت في الحديث: "أن الأنبياء أحياء في قبورهم"، رواه المنذري وصححه البيهقي

(1)

.

= طير خضر ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب مذللةٍ في ظل العرش

" الحديث. وهو حديث صحيح.

أخرجه أحمد (1/ 266) والحاكم (2/ 88، 297) وصححه ووافقه الذهبي.

وأخرجه مسلم رقم (1887) والترمذي رقم (3011) وابن ماجه رقم (2801) والدارمي (2/ 206) من حديث ابن مسعود.

فهم بذلك فرحين مستبشرين بكرامة الله كما في قوله تعالى: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} [آل عمران: 170].

ولا شك أن الرسل أولى بتلك الحياة عند الله مع موت جسومهم وهي طرية في التراب، وقد حرم الله على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء - كما في حديث أوس بن أوس الثقفي المتقدم برقم (1205) من كتابنا هذا.

وهذه مزية عظيمة للأنبياء. انظر مقدمة، حياة الأنبياء" للبيهقي ص 36 - 39.

وقد قال الإمام ابن القيم في نونيته (2/ 162 - 163 - مع شرحها لابن عيسى).

فيقال أصل دليلكم في ذاك

حجتنا عليكم وهي ذات بيان

إن الشهيد حياته منصوصة

لا بالقياس القائم الأركان

هذا مع النهي المؤكد أننا

ندعوه ميتًا ذاك في القرآن

ونساؤه حل لنا من بعده

والمال مقسوم على السهمان

هذا وإن الأرض تأكل لحمه

وسباعها مع أمة الديدان

لكنه مع ذاك حي فارح

مستبشر بكرامة الرحمن

فالرسل أولى بالحياة لديه مع

موت الجسوم وهذه الأبدان

وهي الطرية في التراب وأكلها

فهو الحرام عليه بالبرهان

ولبعض أتباع الرسول يكون ذا

أيضًا وقد وجدوه رأي عيان

(1)

وهو حديث حسن.

• أخرجه أبو يعلى في المسند (6/ 147 رقم 670/ 3425) من طريق أبي الجهم الأزرق بن علي، عن يحيى بن أبي بكير، عن المستلم بن سعيد، عن الحجاج، عن ثابت البناني عن أنس بن مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون" بسند صحيح.

ومن طريق أبي يعلى أخرجه البيهقي في "حياة الأنبياء" رقم (2).

وتابع الأزرق عن يحيى محمد بن يحيى بن أبي بكير، ثنا أبي، به.

أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 83).

قال المحدث الألباني في "الصحيحة"(2/ 190) فهذه متابعة قوية للأزرق تدل على أنه قد حفظ ولم يغرب.

والخلاصة: أن الحديث حسن بهذه المتابعة.

ص: 312

وفي صحيح مسلم

(1)

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "مررت بموسى ليلة أُسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره".

[الباب السادس] باب الرجل أحق بمجلسه وآداب الجلوس والنهي عن التخطي إلا لحاجة

31/ 1209 - (عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُقِيمُ أَحَدُكُم أَخاهُ يَوْمَ الجُمُعَةِ ثُمَّ يُخالِفُهُ إلى مَقْعَدِهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلِ: افْسَحُوا"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(2)

وَمُسْلِمٌ)

(3)

. [صحيح]

(1)

في صحيحه رقم (164/ 2375) من حديث أنس.

قلت: وأخرجه أبو يعلى في المسند (6/ 71 رقم 570/ 3325) وعنه ابن حبان في صحيحه رقم (50).

وأخرجه أيضًا أحمد (3/ 148، 248) وأبو نعيم في الحلية (6/ 253) وابن أبي شيبة في المصنف (14/ 307 - 308) والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 387) وفي "حياة الأنبياء" رقم (8).

وهو حديث صحيح.

• واعلم أن حصول مثل هذا الأمر لنبي الله موسى عليه السلام ولغيره من الأنبياء، إنما كان معجزة لنبينا عليه الصلاة والسلام، إلا أن ذلك لا يعني أن أرواحهم ردت إلى أجسادهم فأصبحوا أحياء كحياتهم الدنيا الفانية، أو أن أجسادهم الطاهرة فارقت أماكنها في قبورهم، ولا يعني أنها ردت إليهم ثم استمرت في أجسادهم كما يقوله أرباب الابتداع، وإنما يعني ذلك كما سبق في حياة الأنبياء أن هذا الأمر عبارة عن اتصال للروح بالبدن عندما يريد الله ذلك بالكيفية التي يريدها، دون علم منا بكنهها وحقيقتها، ولا يجوز لنا قياس ذلك على ما عرفناه في الدنيا، بل يجب علينا الإيمان بما أخبر به الله وبما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر، مع اعتقادنا أن ما عناه الرسول صلى الله عليه وسلم من حياة موسى وغيره ليس كالحياة الدنيا، بل هي حياة برزخية خاصة أكمل من حياة الشهداء كما أسلفت.

["حياة الأنبياء صلى الله عليه وسلم بعد وفاتهم" حققه وعلق عليه: د. أحمد بن عطية الغامدي ص 81].

(2)

في المسند (3/ 295)، (3/ 342).

(3)

في صحيحه رقم (2178).

وهو حديث صحيح.

ص: 313

32/ 1210 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ نَهَى: أنْ يُقامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

(1)

. [صحيح]

33/ 1211 - (ولأَحْمَدَ

(2)

وَمُسْلِمٍ

(3)

: كانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ لَمْ يَجْلِسْ فِيهِ). [صحيح]

34/ 1212 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قام أحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أحَقُّ بِهِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(4)

وَمُسْلِمٌ)

(5)

. [صحيح]

35/ 1213 - (وَعَنْ وَهْبِ بْنِ حُذَيْفَةَ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "الرَّجُلُ أحَقُّ بِمَجْلِسِهِ، وَإنْ خَرَجَ لِحاجَتِهِ ثُمَّ عادَ فَهُوَ أحَقُّ بِمَجْلِسِهِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(6)

(1)

أحمد في المسند (2/ 17) والبخاري رقم (911)، (6269)، (6270) ومسلم رقم (27، 28/ 2177).

قلت: وأخرجه الحميدي رقم (664) وابن أبي شيبة (8/ 584) والدارمي (2/ 281) والبخاري في الأدب المفرد رقم (1140) و (1153) وابن خزيمة رقم (1822) وابن حبان رقم (586) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 232) وفي "المعرفة" رقم (6618) وفي الآداب رقم (303) والبغوي في شرح السنة رقم (3332) من طرق.

(2)

في المسند (2/ 89).

(3)

في صحيحه رقم (29/ 2177).

قلت: وأخرجه البخاري رقم (6270) والترمذي رقم (2750) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (5593)، (19793) وابن أبي شيبة في المصنف (8/ 584) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 233). وهو حديث صحيح.

(4)

في المسند (2/ 283).

(5)

في صحيحه رقم (2179).

قلت: وأخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم (1138) وابن ماجه رقم (3717) وابن خزيمة رقم (1821) والطحاوي في شرح مشكل الآثار رقم (1280) والبيهقي (6/ 151) من طرق.

وهو حديث صحيح.

(6)

في المسند (3/ 422).

ص: 314

وَالتِّرْمِذِيُّ وَصحَّحَهُ)

(1)

. [صحيح]

قوله: (لا يقيم) بصيغة الخبر، والمراد به النهي.

وفي لفظ لمسلم

(2)

: "لا يقيمنّ أحدكم الرجل من مجلسه"، بصيغة النهي المؤكد

(3)

.

قوله: (يوم الجمعة) فيه التقييد بيوم الجمعة.

وفي لفظ من طريق أبي الزبير عن جابر

(4)

: "لا يقيمنّ أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده فيقعد فيه".

وقد بوّب لذلك البخاري

(5)

فقال: باب لا يُقيمُ الرَّجُلُ أخاهُ يومَ الجمعةِ ويقعُدُ في مكانِه).

وذكر يوم الجمعة في حديث جابر

(6)

من باب التنصيص على بعض أفراد العامّ

(7)

، لا من باب التقييد للأحاديث المطلقة، ولا من باب التخصيص للعمومات، فمن سبق إلى موضع مباح سواء كان مسجدًا أو غيره في يوم جمعة أو غيرها لصلاة أو لغيرها من الطاعات فهو أحقّ به.

ويحرم على غيره إقامته منه والقعود فيه، إلا أنه يستثنى من ذلك: الموضع [الذي]

(8)

قد سبق لغيره فيه حقّ، كأن يقعد رجل في موضع ثم يقوم منه لقضاء حاجة من الحاجات ثم يعود إليه، فإنه أحقّ به ممن قعد فيه بعد قيامه.

(1)

في سننه رقم (2751) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

قلت: وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني رقم (1595) والطحاوي في شرح مشكل الآثار رقم (1278) والطبراني في الكبير (ج 22/ رقم 359) من طرق.

وهو حديث صحيح.

(2)

في صحيحه رقم (27/ 2177).

(3)

انظر: "إرشاد الفحول" ص 385، والبحر المحيط (2/ 442).

(4)

في صحيح مسلم رقم (30/ 2178).

(5)

في صحيحه رقم الباب (20): (2/ 393 - مع الفتح).

(6)

تقدم برقم (31/ 1209) من كتابنا هذا.

(7)

ذكر بعض أفراد العام الموافق له في الحكم لا يقتضي التخصيص عند الجمهور.

انظر: إرشاد الفحول ص 460، 461، 462 والبحر المحيط (3/ 222) واللمع ص 22.

(8)

زيادة من المخطوط (أ).

ص: 315

لحديث أبي هريرة

(1)

وحديث وهب بن حذيفة

(2)

المذكورين في الباب.

وظاهرهما عدم الفرق بين المسجد وغيره، ويجوز له إقامة من قعد فيه.

وقد ذهب إلى ذلك الشافعية

(3)

والهادوية

(4)

.

ومثل ذلك الأماكن التي يقعد الناس فيها لتجارة أو نحوها، فإن المعتاد للقعود في مكان يكون أحقّ به من غيره إلا إذا طالت مفارقته له بحيث ينقطع معاملوه، ذكره النووي في شرح مسلم

(5)

.

وقال في الغيث

(6)

: يكون أحقّ به إلى العشي.

وقال الغزالي

(7)

: يكون أحقّ به ما لم يضرب.

وقال [بعض]

(8)

أصحاب الشافعي

(9)

: إن ذلك على وجه الندب لا على وجه الوجوب، وإليه ذهب مالك.

قال أصحاب الشافعي

(10)

: ولا فرق في المسجد بين من قام وترك له سجادة فيه ونحوها، وبين من لم يترك. قالوا: وإنما يكون أحقّ به في تلك الصلاة وحدها دون غيرها.

وظاهر الحديثين

(11)

عدم الفرق.

(1)

المتقدم برقم (34/ 1212) من كتابنا هذا.

(2)

المتقدم برقم (35/ 1213) من كتابنا هذا.

(3)

المجموع شرح المهذب (4/ 421 - 422).

(4)

البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (2/ 23).

(5)

(14/ 160).

(6)

الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار. لأحمد بن يحيى المرتضى الحسني.

وهو شرح على كتاب المؤلف: الأزهار في فقه الأئمة الأطهار. (مخطوط).

[مؤلفات الزيدية (2/ 297)].

(7)

في إحياء علوم الدين (1/ 185).

(8)

زيادة من المخطوط (أ).

(9)

المجموع (4/ 421 - 422). والبيان للعمراني (2/ 592).

(10)

المجموع (4/ 421).

(11)

برقم (1212) و (1213) من كتابنا هذا.

ص: 316

وظاهر حديث جابر

(1)

وحديث ابن عمر

(2)

أنه يجوز للرجل أن يقعد في مكان غيره إذا أقعده برضاه.

ولعلّ امتناع ابن عمر

(3)

عن الجلوس في مجلس من قام له برضاه كان تورعًا منه، لأنه ربما استحيا منه إنسان فقام له بدون طيبة من نفسه.

ولكن الظاهر أن من فعل ذلك قد أسقط حقّ نفسه، وتجويز عدم طيبة نفسه بذلك خلاف الظاهر.

ويكره الإيثار بمحلّ الفضيلة كالقيام من الصفّ الأوّل إلى الثاني؛ لأن الإِيثار وسلوك طرائق [الآداب]

(4)

لا يليق أن يكون في العبادات والفضائل، بل المعهود أنه في حظوظ النفس [وأمور]

(5)

الدنيا، فمن آثر بحظه في أمر من أمور الآخرة فهو من الزاهدين في الثواب.

36/ 1214 - (وَعَنِ ابْنِ عمَرَ قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا نَعَسَ أحَدُكُمْ في مَجْلِسِهِ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَلْيَتَحَوَّلْ إلى غَيْرِهِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(6)

والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ)

(7)

. [صحيح]

الحديث أخرجه أيضًا أبو داود

(8)

عن هناد عن عبدة بن سليمان، وفي إسناده محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن

(9)

.

وقد أخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه

(10)

معنعنًا.

(1)

تقدم برقم (1209) من كتابنا هذا.

(2)

تقدم برقم (1210) من كتابنا هذا.

(3)

تقدم برقم (1211) من كتابنا هذا.

(4)

في المخطوط (أ): (الأدب).

(5)

في المخطوط (ب): (وحظوظ).

(6)

في المسند (2/ 22)، (2/ 135).

(7)

في سننه رقم (526) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1119) والحاكم (1/ 291) وعبد بن حميد رقم (747) وابن خزيمة رقم (1819) وابن حبان رقم (2792) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 237) وفي "المعرفة" رقم (6632) والبغوي في شرح السنة رقم (1078) من طرق.

وهو حديث صحيح.

(8)

في سننه رقم (1119) وقد تقدم.

(9)

قلت: وقد صرح بالتحديث في إحدى روايات أحمد.

(10)

في صحيحه رقم (2792) وقد تقدم.

ص: 317

وأما ابن العربي

(1)

فمال إلى ضعف الحديث لذلك.

وفي الباب عن سمرة عند البزار

(2)

والطبراني في الكبير

(3)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا نعس أحدكم يوم الجمعة فليتحوّل إلى مكان صاحبه ويتحوّل صاحبه إلى مكانه".

وهو من رواية إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن سمرة.

قال البزار

(4)

: إسماعيل لا يتابع على حديثه، انتهى.

وفي سماع الحسن من سمرة خلاف قد تقدم ذكره.

وللحديث طريق أخرى عند البزار

(5)

وفيها خالد بن يوسف السمتي

(6)

وهو ضعيف.

وفيها أيضًا أبو يوسف بن خالد، وهو هالك، وبقية السند مجهولون كما قال ابن القطان.

قال الذهبي في الميزان: وبكل حال هذا إسناد مظلم.

قوله: (إذا نعس أحدكم يوم الجمعة) لم يرد بذلك جميع اليوم، بل المراد به إذا كان في المسجد ينتظر صلاة الجمعة كما في رواية أحمد في مسنده

(7)

بلفظ: "إذا نعس أحدكم في المسجد يوم الجمعة"، وسواء فيه حال الخطبة أو قبلها، لكن حال الخطبة أكثر.

(1)

في عارضة الأحوذي (2/ 316).

(2)

في المسند رقم (636 - كشف).

(3)

رقم (6956) و (7003) و (7004).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 180) وقال: وفيه إسماعيل المكي بن مسلم وهو ضعيف.

(4)

في كشف الأستار (1/ 305). قلت: رواه غير إسماعيل كما سيأتي.

(5)

في المسند (رقم 637 - كشف).

(6)

خالد بن يوسف بن خالد السمتي البصري، أما أبوه فهالك، وأما هو فضعيف

الميزان (1/ 648 رقم الترجمة 2488).

وخلاصة القول: أن حديث سمرة حديث ضعيف، والله أعلم.

(7)

(2/ 32) وقد صححه أبو الأشبال في مسند أحمد رقم (4875).

ص: 318

قوله: (يوم الجمعة) يحتمل أنه خرج مخرج الأغلب لطول مكث الناس في المسجد للتبكير إلى الجمعة ولسماع الخطبة.

وأن المراد انتظار الصلاة في المسجد في الجمعة وغيرها كما في رواية أبي هريرة

(1)

لحديث الباب بلفظ: "إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحوّل من مجلسه ذلك إلى غيره".

فيكون ذكر يوم الجمعة من التنصيص على بعض أفراد العامّ.

ويحتمل أن المراد يوم الجمعة [فقط]

(2)

للاعتناء بسماع الخطبة فيه.

والحكمة في الأمر بالتحوّل: أن الحركة تذهب النعاس.

ويحتمل أن الحكمة فيه انتقاله من المكان الذي أصابته فيه الغفلة بنومه وإن كان النائم لا حرج عليه، فقد أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم في قصة نومهم عن صلاة الصبح في الوادي بالانتقال منه كما تقدم

(3)

.

وأيضًا من جلس ينتظر الصلاة فهو في صلاة.

والنعاس في الصلاة من الشيطان، فربما كان الأمر بالتحوّل لإذهاب ما هو منسوب إلى الشيطان من حيث غفلة الجالس في المسجد عن الذكر، أو سماع الخطبة أو ما فيه منفعة.

37/ 1215 - (وَعَنْ مُعاذِ بْنِ أنَسٍ الجُهَنِيّ قالَ: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الحَبْوَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ والإِمامُ يَخْطُبُ. رَوَاهُ أحْمَدُ

(4)

وأَبُو دَاوُدَ

(5)

وَالتّرْمِذِيُّ

(6)

وَقالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ). [حسن]

(1)

لم أقف عليه من حديث أبي هريرة.

بل وجدته من حديث ابن عمر عند أحمد (2/ 32) وأبو داود رقم (1119) والترمذي رقم (526) وهو حديث صحيح.

(2)

في المخطوط (ب): (فيه).

(3)

أخرجه مسلم في صحيحه رقم (309، 310/ 680) من حديث أبي هريرة.

وقد تقدم برقم (479) من كتابنا هذا.

(4)

في المسند (3/ 439).

(5)

في سننه رقم (1110).

(6)

في سننه رقم (514) وقال: هذا حديث حسن. =

ص: 319

38/ 1216 - (وَعَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قالَ: شَهِدْتُ مَعَ مُعاوِيَةَ فَتْحَ بَيْتِ المَقْدِسِ، فَجَمَّعَ بِنَا، فإذَا جُلُّ مَنْ في المَسْجِدِ أصْحابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَرأيْتُهُمْ مُحْتَبِينَ والإِمامُ يَخْطُبُ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)

(1)

. [ضعيف]

حديث معاذ بن أنس هو من رواية ابنه سهل بن معاذ

(2)

، وقد ضعفه يحيى بن معين وتكلم فيه غير واحد.

وفي إسناده أيضًا أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون مولى بني ليث، ضعفه ابن معين. وقال أبو حاتم الرازي

(3)

: لا يحتجّ به.

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند ابن ماجه

(4)

قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاحتباء يوم الجمعة"، يعني والإِمام يخطب.

وفي إسناده بقية بن الوليد

(5)

وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة عن شيخه، عن عبد الله بن واقد.

= قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (1492)، (1496) وابن خزيمة رقم (1815) والطحاوي في شرح مشكل الآثار رقم (2905) والطبراني في الكبير (ج 20/ رقم 384) والبيهقي (3/ 235) والحاكم في المستدرك (1/ 289) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وهو حديث حسن قاله الألباني في صحيح أبي داود (4/ 273 - 274).

(1)

في سننه رقم (1111) وهو حديث ضعيف.

(2)

سهل بن معاذ [د، ت، ق] بن أنس الجهني عن أبيه: ضعفه ابن معين. الميزان (2/ 241 رقم الترجمة 3592).

(3)

في الجرح والتعديل (5/ 338) وعبارته: "شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به".

(4)

في سننه رقم (1134).

قال البوصري في "مصباح الزجاجة"(1/ 378): "هذا إسناد ضعيف بقية هو ابن الوليد مدلس، وشيخه إن كان الهروي فقد وثق وإلا فهو مجهول.

وله شاهد من حديث أنس بن مالك رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن" اهـ.

وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.

(5)

بقية بن الوليد بن صائد بن كعب بن حريز الكلاعي الميتمي أبو مُحْمِد الحمصي الحافظ أحد الأعلام، ولد سنة عشر ومائة.

قال ابن المبارك: صدوق، لكن يكتب عمن أقبل وأدبر. وقالوا بقية: ثقة، إذا حدث عن الثقات، وروايته عن أهل الشام ثبت فيها. وإذا قال حدثنا وأخبرنا فهو ثقة. رواه النسائي. =

ص: 320

قال العراقي: لعله من شيوخه المجهولين.

وعن جابر عند ابن عديّ في الكامل

(1)

: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإِمام يخطب".

وفي إسناده عبد الله بن ميمون القداح، وهو ذاهب الحديث كما قال البخاري

(2)

.

والأثر الذي رواه يعلى بن شدّاد عن الصحابة سكت عنه أبو داود

(3)

والمنذري

(4)

.

وفي إسناده سليمان بن عبد الله بن الزبرقان، وفيه لين، وقد وثقه ابن حبان

(5)

.

قال أبو داود

(6)

: وكان ابن عمر

(7)

يحتبي والإِمام يخطب وأنس بن مالك

(8)

،

= رمي بالتدليس، فإذا قال عن فليس بحجة

[انظر: "تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس" لابن حجر (ص 121 - 125 رقم 117).

(1)

• الكامل لابن عدي (3/ 1250) في ترجمة سفيان بن عقبة أخو قبيصة بن عقبة كوفي.

قال ابن عدي: "ولسفيان بن عقبة أحاديث ليست بالكثرة وهو أخو قبيصة بن عقبة وأقدم موتًا من قبيصة. وقول يحيى بن معين لا أعرفه إنما يعني أنه لم يره ولم يكتب عنه فلم يخبر أمره. وهو عندي سفيان بن عقبة لا بأس به وبرواياته" اهـ.

• وأخرجه ابن عدي أيضًا في الكامل (4/ 1505) في ترجمة عبد الله بن ميمون بن داود القداح.

قال ابن عدي: .... ولعبد الله بن ميمون غير ما ذكرت، عن جعفر وعن غيره، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه" اهـ.

(2)

في التاريخ الكبير (5/ 206 رقم 653).

(3)

في السنن (1/ 665).

(4)

في مختصر السنن (2/ 21).

(5)

في الثقات (6/ 382).

(6)

في السنن (1/ 665).

(7)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 119) وابن المنذر في الأوسط (4/ 83 ث 1823) عن نافع قال: كثيرًا ما كان ابن عمر يحتبي يوم الجمعة والإمام يخطب.

وهو أثر صحيح.

(8)

حكاه عنه ابن قدامة في المغني (3/ 202).

ص: 321

وشريح

(1)

، وصعصعة بن صوحان، وسعيد بن المسيب

(2)

، وإبراهيم النخعي، ومكحول

(3)

، وإسماعيل بن محمد بن سعد، ونعيم بن سلامة قال: لا بأس بها.

قال أبو داود

(4)

: لم يبلغني أن أحدًا كرهها إلا عبادة بن نُسي.

قوله: (عن الحبوة) هي أن يقيم الجالس ركبتيه ويقيم رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشدّ عليهما ويكون أليتاه على الأرض وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب

(5)

.

يقال: احتبى يحتبي احتباء، والاسم الحبوة بالضم والكسر معًا، والجمع حُبى وحِبى بالضم والكسر.

قال الخطابي

(6)

: وإنما نهى عن الاحتباء في ذلك الوقت لأنه يجلب النوم ويعرّض طهارته للانتقاض.

وقد ورد النهي عن الاحتباء مطلقًا غير مقيد حال الخطبة ولا بيوم الجمعة؛ لأنه مظنة لانكشاف عورة من كان عليه ثوب واحد.

وقد اختلف العلماء في كراهية الاحتباء يوم الجمعة؛ فقال بالكراهة قوم من أهل العلم كما قال الترمذي

(7)

، منهم عبادة بن نسي المتقدم.

قال العراقي: وورد عن مكحول وعطاء والحسن أنهم كانوا يكرهون أن يحتبوا والإِمام يخطب يوم الجمعة. رواه ابن أبي شيبة في المصنف

(8)

.

(1)

أخرج له عبد الرزاق في المصنف (3/ 254 رقم 5554) من طريق الشعبي عنه أنه كان يحتبي يوم الجمعة، ويستقبل الإمام، ولا يلتفت يمينًا ولا شمالًا.

(2)

أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 118) وعبد الرزاق في المصنف (3/ 254 رقم 5551).

(3)

روى له أبو داود تعليقًا (1/ 665) ومنه البيهقي (3/ 235).

قلت: وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 119) عن محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، عن مكحول، وعطاء، والحسن، أنهم كانوا يكرهون أن يحتبوا والإمام يخطب يوم الجمعة.

(4)

في السنن (1/ 665).

(5)

النهاية لابن الأثير (1/ 335).

(6)

في معالم السنن (1/ 664 - مع السنن).

(7)

في سننه رقم (2/ 391).

(8)

في المصنف (2/ 119) وفد تقدم آنفًا.

ص: 322

قال: ولكنه قد اختلف عن الثلاثة فنقل عنهم القول بالكراهة ونقل عنهم عدمها.

واستدلوا بحديث الباب وما ذكرناه في معناه، وهي [تقوّي]

(1)

بعضها بعضًا.

وذهب أكثر أهل العلم كما قال العراقي إلى عدم الكراهة منهم من تقدم ذكره في رواية أبي داود

(2)

. ورواه ابن أبي شيبة

(3)

عن سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وعطاء، وابن سيرين، والحسن، وعمرو بن دينار وأبي الزبير وعكرمة بن خالد المخزومي.

ورواه الترمذيّ

(4)

عن ابن عمر وغيره. قال

(5)

: وبه يقول أحمد

(6)

وإسحاق.

وأجابوا عن أحاديث. الباب أنها كلها ضعيفة وإن كان الترمذي قد حسن حديث معاذ بن أنس وسكت عنه أبو داود فإن فيه من تقدم ذكره.

39/ 1217 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُسْرٍ قالَ: جاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقابَ النَّاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَقالَ لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ

(7)

وَالنَّسائِيُّ

(8)

وأحْمَدُ

(9)

، وَزَادَ:"وآنَيْتُ"). [صحيح]

(1)

في المخطوط (ب): (يقوي).

(2)

في السنن (1/ 665).

(3)

في المصنف (2/ 118 - 119).

(4)

في سننه رقم (2/ 391).

(5)

أي الترمذي في السنن (2/ 391).

(6)

قال ابن قدامة في "المغني"(3/ 201 - 202): "ولا بأس بالاحتباء والإمام يخطب،

والأولى تركه لأجل الخبر، وإن كان ضعيفًا - قلت: بل حسنًا - ولأنه يكون متهيئًا للنوم والوقوع وانتقاض الوضوء، فيكون تركه أولى. والله أعلم.

ويحمل النهي في الحديث على الكراهة، ويحمل أحوال الصحابة الذين فعلوا ذلك على أنهم لم يبلغهم الخبر والله أعلم" اهـ.

• وقال ابن المنذر في "الأوسط"(4/ 84): "قال أبو بكر: فإن ثبت هذا الحديث فالقول به واجب، وإن لم يثبت فلا بأس بالحبوة والإمام يخطب" اهـ.

قلت: وقد ثبت الحديث كما تقدم ولله الحمد، فيصار إلى أن الحبوة والإمام يخطب مكروهة، والله أعلم.

(7)

في سننه رقم (1118).

(8)

في سننه رقم (3/ 103).

(9)

في المسند (4/ 188)، (4/ 190). =

ص: 323

40/ 1218 - (وَعَنْ أرْقَمِ بْنِ أبي الأرْقَمِ المَخْزُومِيّ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "الَّذِي يَتَخَطَّى رِقابَ النَّاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيُفَرّقُ بَيْنَ الاثْنَيْنِ بَعْدَ خُرُوجِ الإِمامِ، كالجارِّ قُصْبَهُ في النَّارِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)

(1)

. [إسناده ضعيف جدًّا]

41/ 1219 - (وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحارِثِ قالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بالمَدِينَةِ العَصْرَ، ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا فَتَخَطَّى رِقابَ النَّاس إلى بَعْضِ حُجَرِ نِسائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأى أنهُمْ قَدْ عجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقالَ:"ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ كانَ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أنْ يَحْبِسَني فأمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ". رَوَاهُ البُخارِيُّ

(2)

وَالنَّسائيُّ)

(3)

. [صحيح]

حديث عبد الله بن بسر سكت عنه أبو داود

(4)

والمنذري

(5)

، وصححه ابن

= قلت: وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه رقم (1811) والحاكم في المستدرك (1/ 288) وابن الجارود رقم (294) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 366) وابن حبان رقم (2790) والطبراني في "الشاميين" رقم (1953) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 231) من طرق.

قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. قلت: وهو كما قالا.

وانظر: صحيح أبي داود (4/ 281 - 282) للألباني.

(1)

في المسند (3/ 417).

قلت: وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1/ 324 رقم 1025) وابن الأثير في أسد الغابة (1/ 188) والإصابة (1/ 197).

كلهم من طريق هشام بن زياد، عن عثمان بن الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي، عن أبيه، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الذي يتخطى

" الحديث.

وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير رقم (908) والحاكم (3/ 504) وسكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: هشام واهٍ.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 178) وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه هشام بن زياد، وقد أجمعوا على ضعفه، اهـ.

(2)

في صحيحه رقم (851).

(3)

في سننه رقم (1365).

وهو حديث صحيح.

(4)

في السنن (1/ 668).

(5)

في المختصر (2/ 23).

ص: 324

خزيمة

(1)

وغيره

(2)

، وهو من رواية أبي الزاهرية

(3)

، وقد أخرج له مسلم

(4)

.

وحديث أرقم أخرجه أيضًا الطبراني في الكبير

(5)

، وفي إسناده هشام بن زياد، ضعفه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم.

وقد اضطرب فيه، فرواه مرّة عن عثمان بن الأرقم عن أبيه، ومرة عن عمار بن سعد عن عثمان بن الأزرق كما سيأتي

(6)

.

وفي الباب عن معاذ بن أنس عند الترمذي

(7)

وابن ماجه

(8)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرًا إلى جهنم"، وهو من رواية سهل بن معاذ عن أبيه.

وقد تقدم الكلام على سهل في شرح الحديث الذي قبل هذه الأحاديث

(9)

.

(1)

في صحيحه رقم (1811).

(2)

كابن حبان في صحيحه رقم (2790).

(3)

أبو الزاهرية: هو حدير بن كريب الحضرمي الحمصي.

قال ابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان والنسائي: ثقة.

وقال أبو حاتم: لا بأس به.

وقال الدارقطني: لا بأس به إن حدث عن ثقة.

وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله كثير الحديث.

"تهذيب التهذيب"(1/ 366 - 367) والتقريب (1/ 156).

(4)

انظر رجال صحيح مسلم (1/ 179 رقم الترجمة 369).

(5)

في المعجم الكبير رقم (908) وقد تقدم.

(6)

أخرج الطبراني في المعجم الكبير رقم (8399) من طريق هشام بن زياد، عن عمار بن سعد، عن عثمان بن الأزرق، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرفوعًا، فجعله من حديث عثمان بن الأزرق، وإنما هو تحريف عن عثمان بن أرقم، صحف بعض رواته في اسم أبيه وأسقط منه (يعني أسقط من السند الأرقم بن أبي الأرقم) والصواب الرواية الأولى المتقدمة في الحديث رقم (40/ 1218) من كتابنا هذا.

والحديث للأرقم بن أبي الأرقم لا لابنه عثمان، نبه على ذلك الحافظ في الإصابة (8/ 7) - كما في تحقيق مسند أحمد (24/ 183) ط: الرسالة.

(7)

في سننه رقم (513) وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن سعد.

(8)

في سننه رقم (1116).

وهو حديث ضعيف.

(9)

عند الحديث رقم (1215) من كتابنا هذا.

ص: 325

وفيه أيضًا رشدين بن سعد

(1)

وفيه مقال.

وعن جابر عند ابن ماجه

(2)

"أن رجلًا دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجعل يتخطى الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجلس فقد آذيت وآنيت".

وفي إسناده إسماعيل بن مسلم المكي

(3)

وهو ضعيف.

وقد رواه بأطول من هذا ابن أبي شيبة في المصنف

(4)

.

وعن عثمان بن الأزرق عند الطبراني في الكبير

(5)

بنحو حديث أرقم المذكور في الباب، وفي إسناده هشام بن زياد

(6)

وقد تقدم أنه ضعيف.

وعن أبي الدرداء عند الطبراني في الأوسط

(7)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

رِشدين بن سعد المصري، أبو الحجاج المهري. قال البخاري: عن الأوزاعي، في أحاديثه مناكير، قال أحمد: لا يبالي عمن روى، وليس به بأس في الرقاق. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: ضعيف.

التاريخ الكبير (3/ 337) والمجروحين (1/ 303) والجرح والتعديل (3/ 513) والميزان (2/ 49) والتقريب (1/ 251) والمغني (1/ 232) والخلاصة ص 117.

(2)

في سننه رقم (1115).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 370): "هذا إسناد رجاله ثقات".

وهو حديث صحيح.

(3)

إسماعيل بن مسلم، مكي. قال أبو زرعة: بصري ضعيف سكن مكة. قال أحمد وغيره: منكر الحديث. وعن ابن معين قال: ليس بشيء.

التاريخ الكبير (1/ 372) والمجروحين (1/ 120) والجرح والتعديل (2/ 198) والمغني (1/ 87) والميزن (1/ 248) والتقريب (1/ 74) والخلاصة ص 36.

(4)

(2/ 144 - 145).

(5)

مر تخريجه في الصفحة السابقة حاشية رقم (6).

(6)

هشام بن زياد - أبو المقدام - هو هشام بن أبي مولى آل عثمان بن عفان: ضعيف عن أبيه وأمه، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات، وقال أبو داود: كان غير ثقة.

التاريخ الكبير (8/ 199) والمجروحين (3/ 88) والجرح والتعديل (9/ 58) والمغني (2/ 710) والميزان (4/ 298) والتقريب (2/ 318) والخلاصة ص 409.

(7)

رقم (33).

ص: 326

"لا تتخطى رقاب الناس يوم الجمعة"، قال الطبراني

(1)

: تفرّد به أرطاة

(2)

انتهى.

وفي إسناده أيضًا عبد الله بن زريق، قال الأزدي

(3)

: لم يصحّ حديثه.

وعن أنس عند الطبراني في الصغير

(4)

والأوسط

(5)

: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: قد رأيتك تتخطى رقاب الناس وتؤذيهم، من آذى مسلمًا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله عز وجل".

وفي إسناده موسى بن خلف العجلي

(6)

والقاسم بن مطيب العجلي

(7)

ضعفهما ابن حبان.

واختلف قول ابن معين في موسى؛ فقال مرّة: ضعيف، ومرّة: ليس به بأس.

وفي الباب أحاديث غير هذه قد تقدم بعضها في باب التنظيف.

قوله: (يتخطى رقاب الناس) قد فرّق النووي

(8)

بين التخطي والتفريق بين الاثنين.

وجعل ابن قدامة في المغني

(9)

التخطي هو التفريق.

قال العراقي: والظاهر الأوّل؛ لأن التفريق يحصل بالجلوس بينهما وإن لم يتخطّ.

(1)

في الأوسط (1/ 15). وهو حديث ضعيف.

(2)

أرطاة بن المنذر بن الأسود الألهاني أبو عدي الحمصي، قال أحمد: ثقة ثقة. وقال ابن معين ثقة. وقال أبو حاتم لا بأس به

"تهذيب التهذيب"(1/ 102 - 103).

(3)

في "لسان الميزان"(3/ 285) والميزان (2/ 422).

(4)

في الصغير (1/ 168 - 169).

(5)

في الأوسط رقم (3607).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 179) وقال: فيه القاسم بن مطيب قال ابن حبان: كان يخطئ كثيرًا فاستحق الترك.

(6)

في المجروحين (2/ 240). وانظر: الميزان (4/ 203) والتاريخ الكبير (7/ 282).

(7)

في المجروحين (2/ 213). وانظر: الميزان (3/ 380) والتاريخ الكبير (7/ 169).

(8)

في المجموع (4/ 420).

(9)

المغني (3/ 231 - 232).

ص: 327

قوله: (وآنيت)

(1)

بهمزة ممدودة: أي أبطأت وتأخرت.

قوله: (قُصْبه في النار) بضمّ القاف وسكون الصاد المهملة، واحد الأقصاب وهي المعي كما في القاموس

(2)

وغيره

(3)

.

قوله: (ففزع الناس) أي خافوا وكانت تلك عادتهم إذا رأوا منه ما لا يعهدون خشية أن ينزل فيهم شيء يسوؤهم.

قوله: (من تِبْر) بكسر التاء المثناة وسكون الموحدة: الذهب الذي لم يصفّ ولم يضرب

(4)

.

قوله: (فكرهت أن يحبسني) أي يشغلني التفكر فيه عن التوجه والإِقبال على الله، كذا قال الحافظ

(5)

.

وفهم منه ابن بطال

(6)

معنى آخر فقال فيه: إن المعنى أن تأخير الصدقة يحبس صاحبها يوم القيامة.

قوله: (فأمرت بقسمته) في رواية: "فقسمته".

وأحاديث الباب تدلّ على كراهة التخطي يوم الجمعة، وظاهر التقييد بيوم الجمعة أن الكراهة مختصة به.

ويحتمل أن يكون التقييد خرج مخرج الغالب لاختصاص الجمعة بكثرة الناس، بخلاف سائر الصلوات فلا يختصّ ذلك بالجمعة، بل يكون حكم سائر الصلوات حكمها، ويؤيد ذلك التعليل بالأذية، وظاهر هذا التعليل أن ذلك يجري في مجالس العلم وغيرها.

(1)

النهاية (1/ 78).

(2)

القاموس المحيط ص 160.

(3)

النهاية (4/ 67). قال ابن الأثير: المعي وجَمعُه أقصاب. وقيل: القُصْب: اسم للأمعاء كلها. وقيل: هو ما كان أسفل من الأمعاء.

(4)

قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 179): "التبر: هو الذهب والفضة قبل أن يضرب دنانير ودراهم، فإذا ضُرِبا كانا عَيْنًا، وقد يطلق التبر على غيرهما من المعدنيات كالنحاس والحديد والرَصاص، وأكثر اختصاصه بالذهب، ومنهم من يجعله في الذهب أصلًا وفي غيره فرعًا ومجازًا.

(5)

في "الفتح"(2/ 337).

(6)

في شرحه لصحيح البخاري (2/ 463).

ص: 328

ويؤيده أيضًا ما أخرجه الديلمي في مسند الفردوس

(1)

من حديث أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تخطى حلق قوم بغير إذنهم فهو عاص".

ولكن في إسناده جعفر بن الزبير

(2)

، وقد كذّبه شعبة وتركه الناس.

وقد اختلف أهل العلم في حكم التخطي يوم الجمعة، فقال الترمذي

(3)

حاكيًا عن أهل العلم إنهم كرهوا تخطي الرقاب يوم الجمعة وشدّدوا في ذلك.

وحكى أبو حامد في تعليقه عن الشافعي التصريح بالتحريم.

وقال النووي في زوائد الروضة: إن المختار تحريمه للأحاديث الصحيحة.

واقتصر أصحاب أحمد

(4)

على الكراهة فقط.

وروى العراقي عن كعب الأحبار أنه قال: لأن أدع الجمعة أحبّ إليّ من أن أتخطى الرقاب.

وقال ابن المسيب

(5)

: لأن أصلي الجمعة بالحرّة أحبّ إليّ من التخطي.

وروي عن أبي هريرة

(6)

نحوه، ولا يصحّ عنه لأنه من رواية صالح مولى

(1)

الفردوس بمأثور الخطاب رقم (5743).

وأخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوائد"(8/ 63) وقال الهيثمي: وفيه جعفر بن الزبير وهو متروك".

وهو حديث ضعيف جدًّا.

(2)

جعفر بن الزبير الشامي، عن القاسم: كذبه شعبة واتهمه بالوضع.

وقال البخاري: هو متروك الحديث تركوه، وقال ابن معين: ليس بثقة.

وقال ابن عدي: الضعف على حديثه أبين.

التاريخ الكبير (1/ 192) والمجروحين (1/ 212) والجرح والتعديل (2/ 479) والميزان (1/ 406) والمغني (1/ 132) والتقريب (1/ 130) والخلاصة ص 63.

(3)

في سننه رقم (2/ 389).

(4)

في "المغني"(3/ 230).

(5)

أخرج له عبد الرزاق في المصنف (3/ 242) رقم (5504) من طريق عبد العزيز بن رفيع عنه قال: لأن أجمع بالروحاء أحب إليَّ من أن أتخطى رقاب الناس يوم الجمعة.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 145) من طريق عثمان بن عبد الله بن موهب عنه.

(6)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 84 - 85 ث 1826). عن أبي هريرة، قال: ما يسرني أني تركت الجمعة ولي حمر النعم، ولأن أصلي بالحرة أحب إليَّ من أن أمهل حتى إذا =

ص: 329

التوأمة

(1)

عنه.

قال العراقي: وقد استثني من التحريم أو الكراهة الإِمام أو من كان بين يديه فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي.

وهكذا أطلق النووي في الروضة

(2)

، وقيد ذلك في شرح المهذّب

(3)

فقال: إذا لم يجد طريقًا إلى المنبر أو المحراب إلا بالتخطي لم يكره لأنه ضرورة.

وروي نحو ذلك عن الشافعي

(4)

.

وحديث عقبة بن الحارث

(5)

المذكور في الباب يدلّ على جواز التخطي للحاجة في غير الجمعة.

فمن خصص الكراهة بصلاة الجمعة فلا معارضة بينه وبين أحاديث الباب عنده.

ومن عمم الكراهة لوجود العلة المذكورة سابقًا في الجمعة وغيرها فهو محتاج إلى الاعتذار عنه.

وقد خصّ الكراهة بعضهم بغير من يتبرّك الناس بمروره، وشرّهم ذلك ولا يتأذّون لزوال علة الكراهة التي هي التأذّي

(6)

.

= خرج الإمام وجلس الناس مجالسهم حيث أتخطى رقابهم. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 242 رقم 5505 من طريق صالح عن أبي هريرة نحوه.

وكذا عند ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 145).

(1)

صالح بن نبهان: مولى التوأمة. والتوأمة هي ابنة أمية بن خلف القرشي.

قال يحيى القطان: لم يكن بثقة. وروى عبد الله بن أحمد عن ابن معين: ليس بقوي، وروى عباس عن ابن معين: ثقة.

التاريخ الكبير (4/ 291) والمجروحين (1/ 365) والجرح والتعديل (4/ 416) والمغني (1/ 305 والميزان (2/ 302) والتقريب (1/ 363) والخلاصة ص 172.

(2)

في روضة الطالبين وعمدة المفتين (2/ 46).

(3)

المجموع شرح المهذب (4/ 420).

(4)

في الأم (2/ 401 - 402).

(5)

تقدم برقم (1219) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.

(6)

قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 86): "قال أبو بكر: تخطي رقاب الناس غير جائز لحديث عبد الله بن بسر - تقدم برقم (1217) من كتابنا هذا - ولا فرق بين القليل والكثير =

ص: 330

[الباب السابع] باب التنفل قبل الجمعة ما لم يخرج الإِمام [وأن انقطاعه]

(1)

بخروجه إلا تحية المسجد

42/ 1220 - (عَنْ نُبَيْشَةَ الهُذَلِيّ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِنَّ المُسْلِمَ إذَا اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ ثُمَّ أقْبَلَ إلى المَسْجِدِ لا يُؤْذِي أحَدًا، فإنْ لَمْ يَجِدِ الإِمامَ خَرَجَ صَلَّى ما بَدَا لَهُ، وَإِنْ وَجَدَ الإِمامَ قَدْ خَرَجَ جَلَسَ فاسْتَمَعَ وأنْصَتَ حتَّى يَقْضِيَ الإِمامُ جُمُعَتَهُ وكَلامَهُ، إنْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ فِي جُمُعَتِهِ تِلْكَ ذُنُوبُهُ كُلُّها أنْ تَكُونَ كَفَّارَةً لِلْجُمُعَةِ الَّتي تَلِيها"، رَوَاهُ أحْمَدُ)

(2)

. [صحيح لغيره]

الحديث في إسناده عطاء الخراساني

(3)

وفيه مقال، وقد وثقه الجمهور ولكنه قيل: إنه لم يسمع من نبيشة.

= منه؛ لأن الأذى لا يجوز منه شيء أصلًا، وإذا جاء فوسعوا له، فتخللهم ولم يتخطاهم، فهو غير داخل فيما نهي عنه والله أعلم" اهـ.

(1)

في المخطوط (ب): (وانقطاعه).

(2)

في المسند (5/ 75) بسند ضعيف لانقطاعه، فإن عطاء بن أبي مسلم الخراساني روايته عن الصحابة مرسلة.

ولكن للحديث شاهد من حديث أبي هريرة وأبي سعيد قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اغتسل يوم الجمعة واستاك، ومسَّ من طيبٍ، إن كان عندَهُ، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يَأتِيَ المسجدَ، فلم يتخطَّ رِقاب الناس حتى ركعَ ما شاءَ أن يركع، ثم أنصتَ إذا خرج الإمامُ فلم يتكلم حتى يفرغ من صلاته، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها".

قال: وكان أبو هريرة يقول: "وثلاثة أيام زيادة، إن الله جعل الحسنة بعشر أمثالها".

أخرجه أحمد في المسند (3/ 81) والحاكم (1/ 283) والبيهقي (3/ 243) وأبو داود رقم (343) وابن خيثمة رقم (1762). وهو حديث حسن.

والخلاصة: أن حديث نبيشة الهذلي حديث صحيح لغيره، والله أعلم.

(3)

عطاء بن أبي مسلم الخراساني، أبو أيوب، ويقال: أبو عثمان، ويقال: أبو محمد.

ويُقال: أبو صالح البلخي نزيل الشام، مولى المهلب بن أبي صفرة الأزدي، اسم أبيه عبد الله، ويقال: ميسرة.

روى عن الصحابة مرسلًا كابن عباس، وعدي بن عدي الكندي، والمغيرة بن شعبة وأبي =

ص: 331

وفيه مشروعية الغسل في يوم الجمعة وترك الأذية، وقد تقدم الكلام على ذلك.

وفيه أيضًا مشروعية الاستماع والإِنصات وسيأتي البحث عنهما.

وفيه مشروعية الصلاة قبل خروج الإِمام والكفّ عنها بعد خروجه.

وقد اختلف العلماء هل للجمعة سنة قبلها أو لا؟ فأنكر جماعة أن لها سنة قبلها وبالغوا في ذلك، قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يؤذّن للجمعة إلا بين يديه ولم يكن يصليها، وكذلك الصحابة؛ لأنه إذا خرج الإِمام انقطعت الصلاة

(1)

.

= هريرة، وأبي الدرداء، وأنس، وكعب بن عجرة، ومعاذ بن جبل، وغيرهم.

قال ابن معين: ثقة.

وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه: ثقة صدوق. قلت: يُحتج به؟ قال: نعم.

وقال النسائي: ليس به بأس

["تهذيب التهذيب" (3/ 108 - 109)].

(1)

قال ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 417 - 424): " .... الجمعة كالعيد، لا سُنَّة لها قبلها، وهذا أصحُّ قولي العلماء، وعليه تدل السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج من بيته، فإذا رَقِي المنبر، أخذ بلالٌ في أذان الجمعة، فإذا أكمله، أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة من غير فصل، وهذا كان رأيَ عين، فمتى كانوا يُصلون السنة؟! ومن ظن أنهم كانوا إذا فرغ بلال رضي الله عنه من الأذان، قاموا كلهم فركعوا ركعتين، فهو أجهلُ الناس بالسنة، وهذا الذي ذكرناه من أنه لا سنة قبلها، هو مذهب مالك وأحمد في المشهور عنه وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي.

والذين قالوا: إن لها سنة:

(منهم) من احتج أنها ظهرٌ مقصورة، فيثبت لها أحكامُ الظهر، وهذه حجة ضعيفة جدًّا ..

(ومنهم) من أثبت السنة لها هنا بالقياس على الظهر، وهو أيضًا قياس فاسد

(ومنهم) من احتج بما رواه ابن ماجه في سننه - رقم (1114) - عن أبي هريرة وجابر، قالا: جاء سُلَيك الغطفاني ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له: "أصليت ركعتين قبل أن تجيء؟ " قال: لا، قال:"فصلِّ ركعتي وتجوَّز فيهما" وإسناده ثقات - قلت: بل هو شاذ بهذه الزيادة -.

قال أبو البركات بن تيمية: وقوله: "قبل أن تجيء" يدل على أن هاتين الركعتين سنة الجمعة، وليستا تحية المسجد. قال شيخنا حفيدُه أبو العباس: وهذا غلط، والحديث المعروف في الصحيحين - البخاري رقم (931) ومسلم رقم (875) - عن جابر قال: دخل رجل يومَ الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال:"أصليتَ؟ "، قال: لا، قال: فصلِّ ركعتين"

فهذا هو المحفوظ في هذا الحديث

وقال شيخنا أبو الحجاج الحافظ المزي: هذا تصحيف من الرواة .... =

ص: 332

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (ومنهم) من احتج بما رواه أبو داود في سننه - رقم (1128) صحيح - عن نافع، قال: كان ابن عمر يُطيل الصلاة قبل الجمعة، ويُصلي بعدها ركعتين في بيته، وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. وهذا لا حجة فيه على أن للجمعة سنة قبلها ..

(ومنهم) من احتج على ثبوت السنة قبلها، بما رواه ابن ماجه في سننه - رقم (1129) - عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يركع قبل الجمعة أربعًا، لا يفصل بينهما في شيء منها"

وهذا الحديث فيه عدة بلايا:

(إحداها): بقية بن الوليد: إمام المدلسين وقد عنعنه ولم يصرح بالسماع.

(الثانية): مبشر بن عُبيد، المنكر الحديث

(الثالثة): الحجاج بن أرطاة الضعيف المدلس.

(الرابعة): عطية العوفي: ضعيف" اهـ.

قلت: حديث ابن عباس قد أخرجه أيضًا الطبراني في المعجم الكبير (12/ 129 رقم 12674).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 377): "هذا إسناد مسلسل بالضعفاء، عطية متفق على تضعيفه، وحجاج مدلس، ومبشر بن عبيد كذاب، وبقية بن الوليد يدلس تدليس التسوية، وصلاته صلى الله عليه وسلم بين الأذان والإقامة يوم الجمعة متعذر؛ لأنه كان بينهما الخطبة، فلا صلاة حينئذٍ بينهما، نعم بعد إحداث عثمان للأذان على الزوراء، يمكن أن يصلي سنة الجمعة قبل خروج الإمام للخطبة" اهـ.

قال الألباني معقبًا على كلام البوصيري في "الضعيفة"(3/ 45): "قلت: ولكنه لم يرد إطلاقًا أنه كان بين أذان عثمان والخطبة وقت لصلاة أربع ركعات سنة الجمعة المزعومة، ولا ورد أيضًا أنهم كانوا يصلونها في عهده رضي الله عنه، فبطل الاحتمال المذكور، على أنه لو ثبت وجود مثل هذا الوقت، لم دل ذلك على جواز إحداث عبادة لم تكن في عهده صلى الله عليه وسلم، بخلاف إحداث عثمان للأذان، فإنه كان من باب المصالح المرسلة، كما حققت ذلك كله في رسالتنا: "الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة"، فليراجعها من شاء

(ومنهم) من احتج بحديث عبد الله بن مسعود الذي أخرجه الطبراني في الأوسط رقم (3959) من طرق عتَّاب بن بشير عن خُصيف، عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا بلفظ:"كان يصلي قبل الجمعة أربعًا، وبعدها أربعًا". وهو حديث منكر.

قال الطبراني: لم يروِ هذا الحديث عن خصيف إلا عتاب بن بشير".

وسكت عليه الزيلعي في "نصب الراية"(2/ 206).

وقال الحافظ في "الدراية"(1/ 218): في سنده ضعف.

وقال الألباني رحمه الله في "الضعيفة" رقم (1016): وفيه خمس علل: =

ص: 333

وقد حكى ابن العربي

(1)

عن الحنفية

(2)

والشافعية

(3)

أنه لا يصلي قبل الجمعة.

وعن مالك

(4)

أنه يصلي قبلها.

واعترض عليه العراقي بأن الحنفية (2) إنما يمنعون الصلاة قبل الجمعة في وقت الاستواء لا بعده.

= (الأولى): الانقطاع بين ابن مسعود وابنه أبي عبيدة ..

(الثانية): ضعف خصيف بن عبد الرحمن الجزري الحراني

(الثالثة): خطأ عتاب بن بشير في رفعه، فإنه مع الضعف الذي في حفظه قد خالفه محمد بن فضيل، فقال: عن خصيف به موقوفًا على ابن مسعود. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 131، 133). وابن فضيل ثقة من رجال الشيخين. وانظر باقي ما قاله الألباني رحمه الله.

(ومنهم) من احتج أيضًا بحديث أبي هريرة الذي أخرجه الخطيب في، تاريخ بغداد" (6/ 365) في ترجمة: إسحاق بن سليمان البغدادي.

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلى قبل الجمعةِ ركعتين وبعدها ركعتين".

والحديث ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 426) بهذا اللفظ إلا أنه قال: "وبعدها أربعًا" وقال: "رواه البزار، وفي إسناده ضعف".

قلت: في إسناده الحسن بن قتيبة الخزاعي المدائني الخياط أبو علي، قال عنه العقيلي في الضعفاء (1/ 241 - 242):"كثير الوهم"، وقال الدارقطني (1/ 78):"ضعيف"، وقال ابن عدي في "الكامل" (2/ 739):"أرجو أنه لا بأس به"، وتعقبه الذهبي في الميزان (1/ 518 - 519) بقوله:"بل هو هالك".

وفي الحديث علة أخرى وهي جهالة "إسحاق بن سليمان" فقد أورده الخطيب لهذا الحديث ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وانظر: "الضعيفة" رقم (1017).

وخلاصة القول: أن حديث أبي هريرة حديث ضعيف جدًّا.

(1)

في عارضة الأحوذي (2/ 313).

(2)

الهداية (1/ 91) وبدائع الصنائع (1/ 263 - 264).

(3)

المجموع شرح المهذب (3/ 503 - 504).

(4)

المدونة (1/ 138 - 139). وقد ذكر ابن المنذر في الأوسط (4/ 91): عن مالك قال: "أدركنا الناس يصلون يوم الجمعة نصف النهار وقبله، وفد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي عن الصلاة نصف النهار يوم الجمعة، فأنا لا أنهى عن الصلاة نصف النهار يوم الجمعة للذي أدركت الناس عليه، ولست أحبّها للذي بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة وغير الجمعة في ذلك من الأيام سواء" اهـ.

ص: 334

وبأن الشافعية

(1)

تجوّز الصلاة قبل الجمعة بعد الاستواء، ويقولون: إن وقت سنة الجمعة التي قبلها يدخل بعد الزوال.

وبأن البيهقي (2) قد نقل عن الشافعي أنه قال: من شأن الناس التهجير إلى الجمعة والصلاة إلى خروج الإِمام.

قال البيهقي في المعرفة

(2)

: هذا الذي أشار إليه الشافعي موجود في الأحاديث الصحيحة، وهو أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رغب في التبكير إلى الجمعة والصلاة إلى خروج الإِمام.

فمن الأحاديث الدالة على ذلك حديث الباب

(3)

وحديث أبي هريرة الآتي

(4)

.

(ومنها) حديث ابن عباس عند ابن ماجه

(5)

والطبرانى

(6)

قال: "كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يركع قبل الجمعة أربعًا لا يفصل بينهنّ".

وقد ضعف النووي في الخلاصة

(7)

رجال إسناده وقال: إن مُبَشِّر بن عُبيد

(8)

أحد رجال إسناده وضاع صاحب أباطيل.

(ومنها) حديث عبد الله بن مغفل عن النبيّ صلى الله عليه وسلم عند الستة بلفظ: "بين كل أذانين صلاة"

(9)

.

(1)

الأم (2/ 397).

(2)

في "معرفة السنن والآثار"(4/ 338 - 340).

(3)

برقم (42/ 1220) وهو حديث صحيح لغيره من كتابنا هذا.

(4)

برقم (44/ 1222) وهو حديث صحيح من كتابنا هذا.

(5)

في سننه رقم (1129).

(6)

في المعجم الكبير (ج 12 رقم 12674).

وهو حديث ضعيف جدًّا تقدم الكلام عليه خلال كلام ابن القيم في التعليقة المتقدمة رقم (5).

(7)

(2/ 813) حيث قال: "وهو حديث باطل اجتمع فيه هؤلاء الأربعة - بقية بن الوليد، مبشر بن عبيد، حجاج بن أرطاة، عطية العوفي - وهم ضعفاء، ومبشر وضّاع صاحب أباطيل" اهـ.

(8)

الميزان (2/ 433 رقم الترجمة 7052) قال عنه أحمد: كان يضع الحديث.

(9)

وهو حديث صحيح.

أخرجه أحمد (4/ 86) والبخاري رقم (624) ومسلم رقم (304/ 838) وأبو داود رقم =

ص: 335

(ومنها) حديث عبد الله بن الزبير عند ابن حبان في صحيحه

(1)

والدارقطني

(2)

والطبراني

(3)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان".

وهذا والذي قبله تدخل فيهما الجمعة وغيرها.

(ومنها) الأحاديث الواردة في مشروعية الصلاة بعد الزوال وقد تقدَّمت، والجمعة كغيرها.

(ومنها) حديث استثناء يوم الجمعة من كراهة الصلاة حال الزوال وقد تقدَّم.

قال العراقي: لم ينقل عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي قبل الجمعة؛ لأنه كان يخرج إليها فيؤذّن بين يديه ثم يخطب.

وقد استدلّ المصنف

(4)

رحمه الله بحديث الباب على ترك التحية بعد خروج الإِمام فقال: وفيه حجة بترك التحية كغيرها اهـ.

وسيأتي الكلام على هذا.

= (1283) والترمذي رقم (185) والنسائي رقم (681) وابن ماجه رقم (1162).

من حديث عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن مغفل.

(1)

رقم (2455).

(2)

في سننه (1/ 267 رقم 7).

(3)

في الكبير والأوسط كما في "مجمع الزوائد"(2/ 231) وقال الهيثمي: وفيه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف.

قلت: وأخرجه ابن عدي في "الكامل"(2/ 524).

وأورد الألباني رحمه الله الحديث في الصحيحة برقم (232) وقال عقب تخريجه: "وقد استدل بالحديث بعض المتأخرين على مشروعية صلاة سنة الجمعة القبلية، وهو استدلال باطل؛ لأنَّه قد ثبت في "البخاري" وغيره أنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة سوى الأذان الأول والإقامة، وبينهما الخطبة

والحق أن الحديث إنما يدلُّ على مشروعية الصلاة بين يدي كل صلاة مكتوبة ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك أو أمر به أو أقرَّه؛ كصلاة المغرب؛ فقد صحَّ فيها الأمر والإقرار

، اهـ.

(4)

ابن تيمية الجد في "المنتقى"(2/ 20).

ص: 336

43/ 1221 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كانَ يُطِيلُ الصَّلاةَ قَبْلَ الجُمُعَةِ وَيُصلِّي بَعْدَها رَكْعَتَيْنِ، وَيُحَدِّثُ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَفْعَلُ ذَلكَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)

(1)

. [صحيح]

44/ 1222 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، ثُم أتى الجُمُعَةَ فَصَلَّى ما قدّرَ لَهُ ثُم أنْصَتَ حتَّى يَفْرُغَ الإِمامُ مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُم يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى وَفَضْلَ ثَلاثةِ أيَامٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ)

(2)

. [صحيح]

حديث ابن عمر قال العراقي: إسناده صحيح، وأخرجه النسائي

(3)

بدون قوله: "يطيل الصلاة قبل الجمعة".

قال المنذري

(4)

: وأخرجه مسلم

(5)

والترمذي

(6)

والنسائي

(7)

وابن ماجه

(8)

من وجه آخر بمعناه اهـ.

والحديثان يدلان على مشروعية الصلاة قبل الجمعة، ولم يتمسك المانع من ذلك إلا بحديث النهي عن الصلاة وقت الزوال، وهو مع [كون]

(9)

عمومه مخصصًا بيوم الجمعة كما تقدم ليس فيه ما يدلّ على المنع من الصلاة قبل الجمعة على الإِطلاق، وغاية ما فيه المنع في وقت الزوال وهو غير محلّ النزاع.

(1)

في سننه رقم (1130). وهو حديث صحيح.

(2)

في صحيحه رقم (26/ 857). وهو حديث صحيح.

(3)

في سننه رقم (1429). شاذ بذكر إطالتهما قاله الألباني رحمه الله.

(4)

في "مختصر السنن"(2/ 25).

(5)

في صحيحه رقم (7/ 8820).

(6)

في سننه رقم (522).

(7)

في سننه رقم (1427).

(8)

في سننه رقم (1130).

عن عبد الله أنه كان إذا صلى الجمعة، انصرفَ فسجد سجدتين في بيته. ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك.

وهو حديث صحيح.

(9)

زيادة من المخطوط (أ).

ص: 337

والحاصل أن الصلاة قبل الجمعة مرغب فيها عمومًا وخصوصًا، فالدليل على مدّعي الكراهة على الإِطلاق.

قوله: (فصلى ما قدّر له) فيه أن الصلاة قبل الجمعة لا حدّ لها.

قوله: (ثم أنصت) في رواية "ثم انتصت" بزيادة تاء فوقية، قال القاضي عياض

(1)

: وهو وهم.

وقال النووي

(2)

: ليس هو وهمًا بل هي لغة صحيحة.

قوله: (حتى يفرغ الإمام) قال النووي

(3)

: هو في الأصول بدون ذكر الإِمام وعاد الضمير إليه للعلم به وإن لم يكن مذكورًا.

قوله: (وفضل ثلاثة أيام) هو بنصب فضل على الظرف كما قال النووي

(4)

.

قال: قال العلماء: معنى المغفرة له ما بين الجمعتين وثلاثة أيام: أن الحسنة بعشرة أمثالها، وصار يوم الجمعة الذي فعل فيه هذه الأفعال الجميلة في معنى الحسنة التي تجعل بعشر أمثالها.

قال بعض العلماء: والمراد بما بين الجمعتين: من صلاة الجمعة وخطبتها إلى مثل ذلك الوقت حتى يكون سبعة أيام بلا زيادة ولا نقصان، ويضمّ إليها ثلاثة فتصير عشرة.

45/ 1223 - (وَعَنْ أبي سَعِيدٍ: أن رَجُلًا دَخَلَ المَسْجِدَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عَلى المِنْبَرِ، فأمَرَهُ أنْ يصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلا أبا دَاوُدَ

(5)

.

(1)

لم أجدها في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(3/ 252) وإنما قيدها الأبي في شرحه لصحيح مسلم المسمى "إكمال إكمال المعلم"(3/ 222): "انتصت".

وقال عقبها: "وهو وهم" مسندًا إياه للقاضي عياض.

(2)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 147).

(3)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 147).

(4)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 147).

(5)

أحمد في المسند (3/ 25) والترمذي رقم (511) والنسائي رقم (1408) وابن ماجه رقم (1113). وهو حديث حسن.

ص: 338

وَصحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ

(1)

وَلَفْظُهُ: أن رَجُلًا جاءَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي هَيْئَةٍ بذَّةٍ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فأمَرَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ. قُلْتُ: وَهَذَا يُصَرّحُ بِضَعْفِ ما رُوِي أنَّهُ أمْسَكَ عَنْ خُطْبَتِهِ حتَّى فَرَغَ مِنَ الركْعَتَيْنِ). [حسن]

46/ 1224 - (وَعَنْ جابِرٍ قالَ: دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَة وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَقالَ:"صَلَّيْتَ؟ "، قالَ: لا، قالَ:"فَصَلّ رَكْعَتَيْنِ"، رَوَاهُ الجَمَاعَةُ

(2)

. [صحيح]

وفِي رِوَايَةٍ: "إِذَا جاءَ أحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالإمامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(3)

وَمُسْلِمٌ

(4)

وَأَبُو دَاوُدَ

(5)

. [صحيح]

وَفِي رِوَايَةٍ: "إِذَا جاءَ أحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَقَدْ خَرَجَ الإمامُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

(6)

[صحيح]

وفي الباب عن سهل بن سعد عند ابن أبي حاتم في العلل

(7)

.

وأشار إليه الترمذي

(8)

بنحو حديث أبي سعيد.

(1)

في سننه رقم (2/ 385).

(2)

أحمد في المسند (3/ 297) والبخاري رقم (930) ومسلم رقم (55/ 875) وأبو داود رقم (1116) والترمذي رقم (510) والنسائي رقم (1400) وابن ماجه رقم (1112). وهو حديث صحيح.

(3)

في المسند (23/ 97).

(4)

في صحيحه رقم (59/ 875).

(5)

في سننه رقم (1117).

(6)

أحمد في المسند (3/ 369) والبخاري رقم (1166) ومسلم رقم (57/ 875).

(7)

في العلل (1/ 90).

وسألت أبي عن حديث: رواه ابن أبي فُديك، عن كثير بن زيد والضحاك بن عثمان، عن المطلب بن عبد الله، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدُكم المسجدَ فلا يجلِسْ حتى يصلي ركعتين".

ورواه غيرهما عن المطلب بن عبد الله، عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبي: وحديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلٌ.

قلت: المطلب بن عبد الله بن حنطب عامة أحاديثه مراسيل، لم يدرك أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلَّا سهل بن سعد وأنسًا وسلمة بن الأكوع، أو من كان قريبًا منهم. [جامع التحصيل (1/ 281)].

(8)

في سننه رقم (2/ 386).

ص: 339

وعن أبي قتادة عند الأئمة الستة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين" وقد تقدم

(1)

.

وعن أنس عند الدارقطني

(2)

قال: "جاء رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: قم فاركع ركعتين، وأمسك من الخطبة حتى فرغ من صلاته".

قال الدارقطني

(3)

: "أسنده عبيد بن محمد العبدي عن معتمر عن أبيه عن قتادة عن أنس، ووهم فيه، والصواب: عن معتمر عن أبيه [مرسل]

(4)

، كذلك رواه أحمد بن حنبل وغيره عن معتمر".

ثم رواه من طريق أحمد مرسلًا. وعبيد بن محمد هذا روى عنه أبو حاتم، وإنما حكم عليه الدارقطني بالوهم لمخالفته من هو أحفظ منه، أحمد بن حنبل وغيره، وهذا الحديث هو الذي أشار إليه المصنف.

وفي الباب أيضًا عن سليك عند أحمد

(5)

قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم والإِمام يخطب فليصلّ ركعتين خفيفتين".

ورواه أيضًا ابن عديّ في الكامل

(6)

.

قوله: (أن رجلًا) وكذلك قوله: "دخل رجل" هو سُلَيك، بمهملة مصغَّرًا، ابن هَدِيَّة، وقيل: ابن عمرو الغطفاني، وقع مسمى في هذه القصة عند مسلم

(7)

وأبي داود

(8)

والدارقطني

(9)

.

(1)

برقم (963) من كتابنا هذا.

(2)

في سننه رقم (2/ 15 رقم 9). وهو حديث ضعيف.

(3)

في سننه رقم (2/ 15).

(4)

زيادة من سنن الدارقطني.

(5)

في المسند (3/ 389).

(6)

في الكامل (3/ 465).

وهو حديث صحيح.

(7)

في صحيحه رقم (58/ 875).

(8)

في سننه رقم (1116).

(9)

في سننه رقم (2/ 13 رقم 1).

ص: 340

وقيل: هو النعمان بن قوقل، كذا وقع عند الطبراني

(1)

من رواية منصور بن أبي الأسود عن الأعمش.

قال أبو حاتم الرازي: وهم فيه منصور.

ووقع عند الطبراني

(2)

أيضًا من طريق أبي صالح عن أبي ذرّ: "أنه أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقال له: صليت ركعتين" الحديث، وفي إسناده ابن لهيعة.

قال الحافظ

(3)

: المشهور عن أبي ذرٍّ أنه جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد، كذا عند ابن حبان

(4)

وغيره

(5)

.

وعند الدارقطني

(6)

: "جاء رجل من قيس المسجد" فذكر نحو قصة سليك.

قال الحافظ

(7)

: لا يخالف كونه سليكًا، فإن غطفان من قيس.

قوله: (صليت) قال الحافظ

(8)

: كذا للأكثر بحذف همزة الاستفهام، [وثبت]

(9)

في رواية الأصيلي.

والأحاديث المذكورة في الباب تدلّ على مشروعية تحية المسجد حال الخطبة.

(1)

كما في "مجمع الزوائد"(2/ 184) وقال الهيثمي: ليس للنعمان بن قوقل في هذا الحديث ذكر في الصحيح.

(2)

في المعجم الأوسط رقم (4721).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 197) وقال: وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف.

(3)

في "الفتح"(2/ 408).

(4)

في صحيحه رقم (322 - موارد).

(5)

كالحاكم في المستدرك (2/ 597) وقال: إسناده عال. وقال الذهبي: السعدي ليس بثقة.

قال الألباني في صحيح موارد الظمآن (1/ 200 رقم 280/ 322): حسن لغيره، إلَّا جملة الأمر فهي صحيحة.

(6)

في سننه رقم (2/ 15 رقم 9) وقد تقدم.

(7)

في "الفتح"(2/ 408).

(8)

في "الفتح"(2/ 408).

(9)

في المخطوط (ب): (وثبتت).

ص: 341

وإلى ذلك ذهب الحسن

(1)

وابن عيينة

(2)

والشافعي

(3)

وأحمد

(4)

وإسحاق

(5)

ومكحول

(6)

وأبو ثور

(7)

وابن المنذر

(8)

.

وحكاه النووي

(9)

عن فقهاء المحدّثين.

وحكى ابن العربي

(10)

أن محمد بن الحسن حكاه عن مالك

(11)

.

وذهب الثوري

(12)

وأهل الكوفة إلى أنه يجلس ولا يصليهما حال الخطبة، حكى ذلك الترمذي

(13)

.

وحكاه القاضي عياض

(14)

عن مالك والليث وأبي حنيفة وجمهور السلف من الصحابة والتابعين.

وحكاه العراقي

(15)

عن محمد بن سيرين وشريح القاضي والنخعي وقتادة والزهري.

ورواه ابن أبي شيبة

(16)

عن علي وابن عمر وابن عباس وابن المسيب ومجاهد وعطاء بن أبي رباح وعروة بن الزبير.

ورواه [النووي]

(17)

عن عثمان، وإلى ذلك ذهبت الهادوية

(18)

.

(1)

أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 111) من طريق ابن عون عنه أنه كان يجيء والإمام يخطب فيصلي ركعتين.

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 244 رقم 5515) من طريق ربيع عنه.

(2)

حكاه عنه ابن حزم في المحلى (5/ 70).

(3)

في الأم للشافعي (2/ 400).

(4)

في المغني (3/ 192).

(5)

حكاه عنه ابن حزم في المحلى (5/ 70).

(6)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 94).

(7)

حكاه عنه ابن حزم في المحلى (5/ 70) والمغني (3/ 192).

(8)

في الأوسط (4/ 95 - 96).

(9)

المجموع شرح المهذب (4/ 429) والأم (2/ 399 - 400).

(10)

في "عارضة الأحوذي"(2/ 299).

(11)

المدونة (1/ 148).

(12)

حكاه عنه النووي في "المجموع"(4/ 429) والمغني (3/ 192).

(13)

في السنن (2/ 386).

(14)

في إكمال المعلم (3/ 278).

(15)

في طرح التثريب (3/ 814).

(16)

في المصنف (2/ 110 - 111).

(17)

في المخطوط (ب): (الثوري).

(18)

البحر الزخار (2/ 19).

ص: 342

وأجابوا عن أمره صلى الله عليه وسلم لسليك بأن ذلك واقعة عين لا عموم لها، فيحتمل اختصاصها بسليك.

قالوا: ويدلّ على ذلك ما وقع في حديث أبي سعيد

(1)

: "أن الرجل كان في هيئة بذّة، فقال له: أصليت؟ قال: لا، قال: صلّ الركعتين، وحضّ الناس على الصدقة"، فأمره أن يصلي ليراه الناس وهو قائم فيتصدقون عليه.

ويؤيده أن في هذا الحديث عند أحمد

(2)

: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا الرجل دخل في هيئة بذّة، وأنا أرجو أن يفطن له رجل فيتصدّق عليه".

ويؤيده أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم لسليك في آخر الحديث: "لا تعودنّ لمثل هذا" أخرجه ابن حبان

(3)

.

وردّ هذا الجواب بأن الأصل عدم الخصوصية، والتعليل بكونه صلى الله عليه وسلم قصد التصدّق عليه لا يمنع القول بجواز التحية، فإن المانعين لا يجوّزون الصلاة في هذا الوقت لعلة التصدّق، ولو ساغ هذا لساغ مثله في سائر الأوقات المكروهة ولا قائل به، كذا قال ابن المنير

(4)

.

ومما يردّ هذا التأويل ما في الباب من قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة"

(5)

، فإن هذا نصّ لا يتطرّق إليه التأويل.

قال النووي

(6)

: لا أظنّ عالمًا يبلغه هذا اللفظ صحيحًا فيخالفه اهـ.

قال الحافظ

(7)

: والحامل للمانعين على التأويل المذكور أنهم زعموا أن ظاهره معارض لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204].

وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قلت لصاحبك: أنصت، والإِمام يخطب فقد لغوت"، متفق عليه

(8)

.

(1)

تقدم برقم (1223) من كتابنا هذا.

(2)

في المسند (3/ 25).

(3)

في صحيحه رقم (2504).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 408).

(5)

تقدم برقم (1224) من كتابنا هذا.

(6)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 164).

(7)

في "الفتح"(2/ 409).

(8)

أحمد في المسند (2/ 532) والبخاري رقم (934) ومسلم رقم (11/ 851).

ص: 343

قالوا: فإذا امتنع الأمر بالمعروف وهو أمر اللاغي بالإِنصات فمنع التشاغل بالتحية مع طول زمنها أولى.

وعارضوا أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم للذي دخل يتخطى رقاب الناس وهو يخطب: "قد آذيت" وقد تقدم

(1)

.

قالوا: فأمره بالجلوس ولم يأمره بالتحية.

وبما أخرجه الطبراني

(2)

من حديث ابن عمر رفعه: "إذا دخل أحدكم المسجد والإِمام على المنبر فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الإِمام".

ويجاب عن ذلك كله بإمكان الجمع وهو مقدّم على المعارضة المؤدّية إلى إسقاط أحد الدليلين:

أما في الآية فليست الخطبة قرآنًا، وما فيها من القرآن الآمر بالإنصات حال قراءته عامّ مخصص بأحاديث الباب.

وأما حديث: "إذا قلت لصاحبك أنصت"

(3)

، فهو وارد في المنع من المكالمة للغير، ولا مكالمة في الصلاة، ولو سلم أنه يتناول كل كلام حتى الكلام في الصلاة لكان عمومًا مخصصًا بأحاديث الباب.

قال الحافظ

(4)

: وأيضًا فمصلي التحية يجوز أن يطلق عليه أنه منصت؛ لحديث أبي هريرة المتقدم

(5)

أنه قال: "يا رسول الله سكوتك بين التكبيرة والقراءة ما تقول فيه؟ " فأطلق على القول سرًا السكوت.

وأما أمره صلى الله عليه وسلم لمن دخل يتخطى الرقاب بالجلوس (1) فذلك واقعة عين ولا عموم لها.

فيحتمل أن يكون أمره بالجلوس قبل مشروعيتها، أو أمره بالجلوس بشرطه

(1)

برقم (1217) من كتابنا هذا.

(2)

في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 184) وقال الهيثمي: وفيه أيوب بن نهيك متروك، ضعفه جماعة وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ".

وهو حديث ضعيف.

(3)

أحمد في المسند (2/ 532) والبخاري رقم (934) ومسلم رقم (11/ 851). وقد تقدم.

(4)

في "الفتح"(2/ 409).

(5)

تقدم برقم (681) من كتابنا هذا.

ص: 344

وهو فعل التحية وقد عرفه قبل ذلك، أو ترك أمره بالتحية لبيان الجواز، أو لكون دخوله وقع في آخر الخطبة وقد ضاق الوقت عن التحية.

وأما حديث ابن عمر

(1)

فهو ضعيف لأن في إسناده أيوب بن نهيك

(2)

. قال أبو زرعة وأبو حاتم: منكر الحديث، والأحاديث الصحيحة لا تعارض بمثله.

وقد أجاب المانعون عن أحاديث الباب بأجوبة غير ما تقدم، وهي زيادة على عشرة أوردها الحافظ في الفتح

(3)

، بعضها ساقط لا ينبغي الاشتغال بذكره، وبعضها لا ينبغي إهماله.

فمن البعض الذي لا ينبغي إهماله قولهم: "إنه صلى الله عليه وسلم سكت عن خطبته حتى

فرغ سليك من صلاته"، قالوا: ويدلّ على ذلك حديث أنس المتقدم

(4)

.

ويجاب عن ذلك بأن الدارقطني

(5)

وهو الذي أخرجه قال: إنه مرسل أو معضل.

وأيضًا يعارضه اللفظ الذي أورده المصنف عن الترمذي

(6)

على أنه لو تمّ لهم الاعتذار عن حديث سليك بمثل هذا لما تمّ لهم الاعتذار بمثله عن بقية أحاديث الباب المصرّحة بأمر كل أحد إذا دخل المسجد والإِمام يخطب أن يوقع الصلاة، حال الخطبة.

ومنها أنه لما تشاغل صلى الله عليه وسلم بمخاطبة سليك سقط فرض الاستماع، إذ لم يكن منه صلى الله عليه وسلم خطبة في تلك الحال.

وقد ادّعى ابن العربي

(7)

أن هذا أقوى الأجوبة.

قال الحافظ

(8)

: وهو أضعفها لأن المخاطبة لما انقضت رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خطبته وتشاغل سليك بامتثال ما أمره به من الصلاة، فصحّ أنه صلى حال الخطبة.

(1)

مر تخريجه في الصفحة السابقة حاشية رقم (2).

(2)

الميزان (1/ 294 رقم الترجمة 1109).

(3)

(2/ 409 - 411).

(4)

تقدم خلال شرح الحديث رقم (1224) من كتابنا هذا.

(5)

في سننه رقم (2/ 15 رقم 9).

(6)

في السنن رقم (511) وهو حديث حسن.

(7)

في "عارضة الأحوذي"(2/ 302).

(8)

في "الفتح"(2/ 409).

ص: 345

ومنها أنهم اتفقوا على أن الإِمام يسقط عنه التحية مع أنه لم يكن قد شرع في الخطبة، فسقوطها على المأموم بطريق الأولى.

وتعقب بأنه قياس في مقابلة النص وهو فاسد الاعتبار.

(ومنها) عمل أهل المدينة خلفًا عن سلف من لدن الصحابة إلى عهد مالك أن التنفل [في]

(1)

حال الخطبة ممنوع مطلقًا.

قال الحافظ

(2)

: وتعقب بمنع اتفاق أهل المدينة، فقد ثبت فعل التحية عن أبي سعيد.

روى ذلك عنه الترمذي

(3)

وابن خزيمة

(4)

وصححاه وهو من فقهاء الصحابة من أهل المدينة.

وحمله عنه أصحابه من أهل المدينة.

ولم يثبت عن أحد من الصحابة صريحًا ما يخالف ذلك.

وأما ما نقله ابن بطال

(5)

عن عمر

(6)

وعثمان

(7)

وغير واحد من الصحابة من المنع مطلقًا، فاعتماده في ذلك على روايات عنهم فيها احتمال

(8)

، على أنه لا

(1)

ما بين الخاصرتين سقط من (ب).

(2)

في "الفتح"(2/ 411).

(3)

في سننه رقم (511) وقال: حديث حسن صحيح.

(4)

في صحيحه رقم (1830).

وهو حديث حسن.

(5)

في شرحه لصحيح البخاري (2/ 514 - 515).

(6)

أخرج مالك في الموطأ (1/ 103 رقم 7) عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يصلون حتى يخرج عمر، فإذا خرج وجلس على المنبر وأذن المؤذن جلسنا نتحدث فإذا سكت المؤذن وقام عمر يخطب أنصتنا فلا يتكلم منا أحد.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في الأم (2/ 398 رقم 412).

وهو أثر صحيح.

(7)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 111) عن ثعلبة بن أبي مالك قال: "أدركت عمر وعثمان فكان الإمام إذا خرج تركنا الصلاة".

وهو أثر صحيح.

(8)

قال الحافظ في "الفتح"(2/ 411): كقول ثعلبة بن أبي مالك: "أدركت عمر وعثمان =

ص: 346

حجة في فعل أهل المدينة ولا في إجماعهم على فرض ثبوته، كما تقرّر في الأصول

(1)

.

قوله: في حديث الباب (وليتجوّز فيهما) فيه مشروعية التخفيف لتلك الصلاة ليتفرّغ لسماع الخطبة، ولا خلاف في ذلك بين القائلين بأنها تشرع صلاة التحية حال الخطبة.

قوله: (فليصلّ ركعتين) فيه أن داخل المسجد حال الخطبة يقتصر على ركعتين.

قال المصنف

(2)

رحمه الله: ومفهومه يمنع من تجاوز الركعتين بمجرّد خروج الإِمام كان لم يتكلم.

وفي رواية عن أبي هريرة وجابر قال: "جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له: أصليت ركعتين قبل أن تجيء؟ قال لا، قال فصلّ ركعتين وتجوّز فيهما"، رواه ابن ماجه

(3)

ورجال إسناده ثقات.

وقوله: "قبل أن تجيء" يدلّ على أن هاتين الركعتين سنة للجمعة قبلها وليس تحية للمسجد اهـ.

حديث ابن ماجه هذا هو كما قال المصنف وصححه العراقي.

وقد أخرجه أيضًا أبو داود

(4)

من حديث أبي هريرة.

= - وكان الإمام - إذا خرج تركنا الصلاة".

ووجه الاحتمال أن يكون ثعلبة عنى بذلك من كان داخل المسجد خاصة.

قال شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي: "كل من نقل عنه - يعني من الصحابة - منع الصلاة والإمام يخطب محمول على من كان داخل المسجد لأنه لم يقع عن أحد منهم التصريح بمنع التحية. وقد ورد فيها حديث يخصها فلا تترك بالاحتمال" اهـ.

(1)

انظر: إرشاد الفحول ص 304 بتحقيقي، والكوكب المنير (2/ 237) وتيسير التحرير (3/ 244).

(2)

ابن تممية الجد في "المنتقى"(2/ 21 - 22).

(3)

في سننه رقم (1114).

قال الألباني رحمه الله: صحيح دون قوله: "قبل أن تجيء" فإنه شاذ.

(4)

في سننه رقم (1116) وهو حديث صحيح. ولفظه: "جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له: أصليت شيئًا؟ قال: لا، قال: صل ركعتين تجوَّز فيهما".

ص: 347

والبخاري

(1)

ومسلم

(2)

من حديث جابر.

وقد ذهب إلى مثل ما قال المصنف الأوزاعي

(3)

فقال: إن كان صلى في البيت قبل أن يجيء فلا يصلي إذا دخل المسجد.

وتعقب بأن المانع من صلاة التحية لا يجيز التنفل حال الخطبة مطلقًا.

قال في الفتح

(4)

: ويحتمل أن يكون معنى قبل أن تجيء: أي إلى الموضع الذي أنت فيه.

وفائدة الاستفهام احتمال أن يكون صلاها في مؤخر المسجد ثم تقدّم ليقرب من سماع الخطبة كما تقدم في قصة الذي تخطى.

ويؤيده أن في رواية لمسلم

(5)

: "أصليت الركعتين" بالألف واللام وهو للعهد، ولا عهد هناك أقرب من تحية المسجد.

[الباب الثامن] بابُ ما جاءَ في التَّجْمِيْعِ قبلَ الزَّوالِ وبَعْدَهُ

47/ 1225 - (عَنْ أنَسٍ قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الجُمُعَةَ حِينَ تَميلُ الشَّمْسُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ

(6)

وَالبُخارِيّ

(7)

وأبُو دَاوُدَ

(8)

وَالتِّرْمِذِيُّ)

(9)

. [صحيح]

48/ 1226 - (وَعَنْهُ قالَ: كُنَا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الجُمُعَةَ ثُم نَرْجعُ إلى

(1)

في صحيحه رقم (930).

(2)

في صحيحه رقم (54/ 875).

عن جابر بن عبد الله قال: جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة، فقال:"أصليت يا فلان"؟ قال: لا، قال:"قم فأركع". وهو حديث صحيح.

(3)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 95). وابن حزم في "المحلى"(5/ 70).

(4)

في "الفتح"(2/ 410).

(5)

في صحيحه رقم (55/ 875).

(6)

في المسند (13/ 28).

(7)

في صحيحه رقم (904).

(8)

في سننه رقم (1084).

(9)

في سننه رقم (503) وقال: حديث حسن صحيح.

وهو حديث صحيح.

ص: 348

القائِلَةِ فَنَقِيلُ. رَوَاهُ أحْمَدُ

(1)

وَالبُخَارِيُّ)

(2)

. [صحيح]

49/ 1227 - (وَعَنْهُ أيضًا قالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا اشْتَدَّ البَرْدُ بَكَّرَ بالصَّلاةِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ أبْرَدَ بالصَّلاةِ، يَعْنِي الجُمُعَةَ، رَوَاهُ البُخارِيُّ

(3)

هَكَذا). [صحيح]

50/ 1228 - "وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قالَ: كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إذَا زَالَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ نَرْجِعُ نتَتَبَّعُ الْفَئءَ، أَخْرَجاهُ)

(4)

[صحيح]

51/ 1229 - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: ما كُنَّا نَقِيلُ وَلا نَتَغَدَّى إلَّا بَعْدَ الجُمُعَةِ. رَوَاهُ الجَماعَةُ

(5)

، وَزَادَ أحْمَدُ

(6)

وَمُسْلِمٌ

(7)

وَالتِّرْمِذِيُّ

(8)

: فِي عَهْدِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم). [صحيح]

52/ 1230 - (وَعَنْ جابِرٍ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُصَلِّي الجُمُعَةَ ثُمَّ نَذَهْبُ إلى جمالنا فَنُرِيحُها حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، يَعْني النَّوَاضِحَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ

(9)

(1)

في المسند (3/ 237).

(2)

في صحيحه رقم (905) و (940).

قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (1102) وابن خزيمة رقم (1841) و (1877) وابن حبان رقم (2810) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 241).

وهو حديث صحيح.

(3)

في صحيحه رقم (906).

(4)

أخرجه البخاري رقم (4168) ومسلم رقم (31/ 860).

قلت: وأخرجه أحمد (4/ 46) وأبو داود رقم (1085) والنسائي رقم (1391) وابن ماجه رقم (1100).

وهو حديث صحيح.

(5)

أحمد في المسند (5/ 336) والبخاري رقم (939) ومسلم رقم (30/ 859) وأبو داود رقم (1086) والترمذي رقم (525) وابن ماجه رقم (1099).

(6)

في المسند (5/ 336) وقد تقدم.

(7)

في صحيحه رقم (30/ 859) وقد تقدم.

(8)

في سننه رقم (525) وقد تقدم.

(9)

في المسند (3/ 331).

ص: 349

وَمُسْلِمٌ

(1)

وَالنَّسَائِيُّ)

(2)

. [صحيح]

53/ 1231 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ سَيْدَانَ السُّلَمِيّ قالَ: شَهِدْتُ الجُمُعَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَتْ خُطْبَتُه وَصَلاتُهُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهارِ، ثمَّ شَهِدْتها مَعَ عمَرَ فَكانَتْ صَلاتُه وَخُطْبَتُه إلى أن أَقُولَ: انْتَصَفَ النَّهارُ، ثمَّ شَهِدْتها مَعَ عثمانَ فَكَانَتْ صَلاتُه وَخُطْبَتُه إلى أن أقُولَ زَالَ النَّهارُ، فَمَا رأيْتُ أَحَدًا عابَ ذلكَ وَلا أنْكَرَه. رَوَاهُ الدَّارقُطْنِيُّ

(3)

(1)

في صحيحه رقم (29/ 858).

(2)

في سننه رقم (1390).

وهو حديث صحيح.

(3)

في سننه رقم (2/ 17 رقم 1) ورواته كلهم ثقات إلا عبد الله بن سيدان فمتكلم فيه.

قال البخاري في "التاريخ الكبير"(5/ 110): عبد الله بن سِيدان المطرودي لا يتابع في حديثه.

وقال ابن عدي في "الكامل"(4/ 1537): وهو شبه المجهول.

وقال اللالكائي: مجهول لا خير فيه، كما في "لسان الميزان"(3/ 298 - 299).

وقال الذهبي في "الضعفاء"(1/ 341 رقم 3210): تابعي.

والحديث أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند، وأبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة له، وابن أبي شيبة، من رواية عبد الله بن سيدان، قال: شهدت الجمعة

" الحديث.

قال الحافظ في "الفتح"(2/ 387): رجاله ثقات إلا عبد الله بن سِيدان فإنه تابعي كبير إلا أنه غير معروف العدالة.

وقال النووي في "الخلاصة"(2/ 773): اتفقوا على ضعف ابن سيدان.

قال بعض فضلاء العرب: عبد الله بن سيدان صوابه عبد ربه، وهو مقبول من الثالثة كذا في "التقريب"(1/ 122 رقم 6) لكن من يشهد الجمعة مع أبي بكر يقتضي أنه مخضرم، وإلا فمن كبار التابعين، فتأمل عده من الثالثة القرن هم صغار التابعين. انتهى كلام البعض.

وما قال خطأ وليس بوارد على الحافظ؛ لأن الحافظ ابن حجر إنما عد عبد الله بن سيلان باللام بعد السين، أو عبد ربه بن سيلان من الطبقة الثالثة، وليس هو من المخضرمين، ولا من كبار التابعين.

وأما عبد الله بن سيدان أو سندان بالياء التحتانية أو النون بعد السين الذي هو من كبار التابعين، فليس له ذكر ولا ترجمة في "التقريب" ولا في "التهذيب". وما أخرج له أحد من الأئمة الستة في كتبهم فاحفظه.

التعليق المغني على الدارقطني (2/ 17 - 18).

وخلاصة القول: أن أثر عبد الله بن سيدان أثر ضعيف، والله أعلم.

ص: 350

والإِمامُ أحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ الله

(1)

. [أثر ضعيف]

وَاحْتَجَّ بِهِ وَقالَ: وكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ

(2)

وَجابِرٍ

(3)

وَسَعِيدٍ

(4)

وَمُعَاوِيَةَ

(5)

: أنَّهُمْ صَلَّوْها قَبْلَ الزَّوَالِ).

أثر عبد الله بن سيدان السلمي فيه مقال؛ لأن البخاري

(6)

قال: لا يتابع على حديثه. وحكى في الميزان

(7)

عن بعض العلماء أنه قال: هو مجهول لا حجة فيه.

قوله: (حين تميل الشمس) فيه إشعار بمواظبته صلى الله عليه وسلم على صلاة الجمعة إذا زالت الشمس.

(1)

انظر التعليقة السابقة.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 107) بسند حسن.

قال الألباني في الإرواء (3/ 63): "وهذا سند حسن رجاله كلهم ثقات، وفي عبد الله بن سلمة ضعف من قبل أنه كان تغيّر حفظه، لكنه هنا يروي أمرًا شاهده بنفسه، والغالب في مثل هذا أنه لا ينساه الراوي وإن كان فيه ضعف، بخلاف إذا كان يروي أمرًا لم يشاهده كحديث النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يخشى عليه أن يزيد فيه أو ينقص منه، وأن يكون موقوفًا في الأصل فتخونه ذاكرته فيرفعه" اهـ.

(3)

لم أقف عليه. قال الألباني في الإرواء (3/ 63): أما الرواية عن جابر، فلم أقف على إسنادها.

(4)

لم أقف عليه. قال الألباني في الإرواء (3/ 63): أما الرواية عن سعيد، فمن سعيد؟ وأنا أظن أنه تحرف على الطابع أو الناسخ، وأن الصواب:"سعد" وهو ابن أبي وقاص.

قال ابن أبي شيبة في - باب من كان يقيل بعد الجمعة ويقول: هي أول النهار - (2/ 106): عن مصعب بن سعد قال: "كان سعد يقيل بعد الجمعة".

ووجه إيراد هذا الأثر في الباب المذكور هو أن القيلولة إنما هي الاستراحة نصف النهار، وإن لم يكن معها نوم كما في "النهاية"، فينتج من ذلك أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل نصف النهار.

(5)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 107) بسند ضعيف.

قال الألباني في الإرواء (3/ 63) وهذا سند رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير سعيد بن سويد، ذكره ابن أبي حاتم - في الجرح والتعديل - (2/ 1/ 29) برواية عن معاوية ورواية عمرو عنه، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وكذلك ذكره ابن حبان في "الثقات"(1/ 361) .... " اهـ.

(6)

التاريخ الكبير (5/ 110).

(7)

الميزان (2/ 437 رقم الترجمة 4373).

ص: 351

قوله: (كنا نصلي الجمعة مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ثم نرجع إلى القائلة فنقيل).

وفي لفظ للبخاري

(1)

: "كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة".

وفي لفظ له

(2)

أيضًا: "كنا نصلي مع النبيّ صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم تكون القائلة"، وظاهر ذلك أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار.

قال الحافظ

(3)

: لكنَّ طريق الجمع أولى من دعوى التعارض، وقد تقرّر أن التبكير يطلق على فعل الشيء في أوّل وقته أو تقديمه على غيره وهو المراد هنا.

والمعنى: أنهم كانوا يبتدءون بالصلاة قبل القيلولة، بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحرّ، فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإبراد اهـ.

والمراد بالقائلة المذكورة في الحديث: نوم نصف النهار.

قوله: (إذا اشتدّ البرد بكَّر بالصلاة)، أي صلاها في أوّل وقتها.

قوله: (وإذا اشتدّ الحر أبرد بالصلاة، يعني الجمعة) يحتمل أن يكون قوله: "يعني الجمعة" من كلام التابعي أو من دونه، أخذه قائله مما فهمه من التسوية بين الجمعة والظهر عند أنس.

ويؤيده ما عند الإسماعيلي

(4)

عن أنس من طريق أخرى وليس فيه قوله: "يعني الجمعة".

قوله: (نجمِّع) هو بتشديد الميم المكسورة.

قوله: (نتتبع الفيء) فيه تصريح بأنه قد وجد في ذلك الوقت فيء يسير.

قال النووي

(5)

: إنما كان ذلك لشدّة التبكير وقصر حيطانهم.

وفي رواية للبخاري

(6)

: "ثم ننصرف وليس للحيطان ظلّ نستظلّ به".

وفي رواية لمسلم

(7)

: "وما نجد فيئًا نستظلّ به"، والمراد نفي الظلّ الذي

(1)

في صحيحه رقم (905).

(2)

أي البخاري في صحيحه رقم (940).

(3)

في "الفتح"(2/ 388).

(4)

كما في "الفتح"(2/ 389).

(5)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 149).

(6)

في صحيحه رقم (4168).

(7)

في صحيحه رقم (32/ 860).

ص: 352

يستظلّ به، لا نفي أصل الظلّ كما هو الأكثر الأغلب من توجه النفي إلى القيود الزائدة.

ويدلّ على ذلك قوله: "ثم نرجع نتتبع الفيء"، قيل: وإنما كان كذلك لأن الجدران كانت في ذلك العصر قصيرة لا يستظلّ بظلها إلا بعد توسط الوقت، فلا دلالة في ذلك على أنهم كانوا يصلون قبل الزوال.

قوله: (ما كنا نقيل ولا نتغدّى إلا بعد الجمعة).

فيه دليل لمن قال بجواز صلاة الجمعة قبل الزوال.

وإلى ذلك ذهب أحمد بن حنبل

(1)

: واختلف أصحابه في الوقت الذي تصحّ فيه قبل الزوال هل هو الساعة السادسة أو الخامسة أو وقت دخول وقت صلاة العيد.

ووجه الاستدلال به أن الغداء والقيلولة محلهما قبل الزوال.

وحكوا عن ابن قتيبة أنه قال: لا يسمَّى غداءً ولا قائلة بعد الزوال.

وأيضًا قد ثبت أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين ويجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس كما في مسلم

(2)

من حديث أمّ هشام بنت حارثة أخت عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت: "ما حفظت {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} إلا من فيِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرؤها على المنبر كل جمعة.

وعند ابن ماجة

(3)

من حديث أبيّ بن كعب: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ يوم الجمعة تبارك وهو قائم يذكر بأيام الله، وكان يصلي الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين".

كما ثبت ذلك عند مسلم من حديث عليّ (4) وأبي هريرة

(4)

وابن عباس

(5)

،

(1)

المغني لابن قدامة (9/ 153 - 160).

(2)

في صحيحه رقم (5/ 8720).

(3)

في سننه رقم (1111).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 371): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وأصله في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة .... " اهـ.

وهو حديث صحيح.

(4)

مسلم في صحيحه رقم (61/ 877).

(5)

مسلم في صحيحه رقم (64/ 879).

ص: 353

ولو كانت خطبته وصلاته بعد الزوال لما انصرف منها إلا وقد صار للحيطان ظلّ يستظلّ به وقد خرج وقت الغداء والقائلة.

وأصرح من هذا حديث جابر

(1)

المذكور في الباب، فإنه صرّح بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة ثم يذهبون إلى جمالهم فيريحونها عند الزوال.

ولا ملجئ إلى التأويلات المتعسفة التي ارتكبها الجمهور، واستدلالهم بالأحاديث القاضية بأنه صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة بعد الزوال لا ينفي الجواز قبله.

وقد أغرب ابن العربي

(2)

فنقل الإِجماع على أنها لا تجب حتى تزول الشمس، إلا ما نقل عن أحمد

(3)

وهو مردود فإنه قد نقل ابن قدامة

(4)

وغيره عن جماعة من السلف مثل قول أحمد.

وأخرج ابن أبي شيبة

(5)

من طريق عبد الله بن سلمة أنه قال: صلى بنا عبد الله بن مسعود الجمعة ضحى وقال: خشيت عليكم الحرّ.

وأخرج

(6)

من طريق سعيد بن سويد قال: صلى بنا معاوية الجمعة ضحى.

وكذلك روي عن جابر

(7)

وسعيد بن زيد

(8)

كما في رواية أحمد التي ذكرها المصنف.

وروى مثل ذلك ابن أبي شيبة في المصنف

(9)

عن سعد بن أبي وقاص.

قوله: (وعن عبد الله بن سيدان السُلَميِّ) أخرج هذا الأثر أيضًا أبو نعيم شخ البخاري في كتاب الصلاة

(10)

وابن أبي شيبة

(11)

.

(1)

تقدم برقم (1230) من كتابنا هذا.

(2)

في "عارضة الأحوذي"(2/ 292).

(3)

انظر: مسائل أحمد بن حنبل برواية ولده عبد الله (ص 125 - 126 رقم 459).

(4)

المغني (3/ 239 - 242).

(5)

في المصنف (2/ 107).

(6)

ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 107) بسند ضعيف وقد تقدم.

(7)

لم أقف عليه. وقد تقدم.

(8)

لم أقف عليه. وقد تقدم.

(9)

(2/ 106). وقد تقدم.

(10)

كما في "الفتح"(2/ 387) وقد تقدم.

(11)

في المصنف (2/ 107) وقد تقدم.

وهو أثر ضعيف.

ص: 354

قال الحافظ

(1)

: ورجاله ثقات إلا عبد الله بن سيدان فإنه تابعي كبير إلا أنه غير معروف العدالة.

قال ابن عدي

(2)

: يشبه المجهول.

وقال البخاري

(3)

: لا يتابع على حديثه، وقد عارضه ما هو أقوى منه.

وروى ابن أبي شيبة

(4)

من طريق سويد بن غفلة أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين تزول الشمس، وإسناده قويّ.

[الباب التاسع] باب تسليم الإِمام إذا رَقَى المنبر والتأْذِينِ إِذا جَلَسَ عليهِ واستقبالِ المأمومينَ لهُ

54/ 1232 - (عَنْ جابِرٍ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا صَعِدَ المِنْبَرَ سَلَّمَ. رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ

(5)

، وفِي إسْنادِهِ ابْنُ لَهِيعَة. [حسن]

وَهُوَ لِلأَثْرَمِ فِي سُنَنِهِ عَنِ الشَّعْبِي عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا)

(6)

.

الحديث أخرجه الأثرم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة عن مجالد عن الشعبي قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس فقال: السلام عليكم".

وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة (6) عن الشعبي مرسلًا.

(1)

في "الفتح"(2/ 387).

(2)

في الكامل (4/ 1537).

(3)

في التاريخ الكبير (5/ 110 رقم الترجمة 328).

(4)

في المصنف (2/ 107) بسند حسن.

(5)

في سننه رقم (1109).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 370): "هذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة .. " اهـ. وقال الحافظ في الدراية (1/ 217): إسناده ضعيف. وهو حديث حسن والله أعلم.

(6)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 114) وعبد الرزاق في المصنف (3/ 193 رقم 5282) عن الشعبي مرسلًا.

ص: 355

وإسناد ابن ماجه فيه ابن لهيعة

(1)

كما قال المصنف وهو ضعيف.

وفي الباب عن ابن عمر عند ابن عديّ

(2)

"أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا دنا من المنبر سلَّم على من عند المنبر ثم صعد، فإذا استقبل الناس بوجهه سلَّم ثم قعد"، وأخرجه أيضًا الطبراني

(3)

والبيهقي

(4)

، وفي إسناده عيسى بن عبد الله الأنصاري، وقد ضعفه ابن عديّ (2) وابن حبان

(5)

.

وفي الباب أيضًا عن عطاء

(6)

مرسلًا، كذا قال الحافظ في التلخيص

(7)

.

وقال الشافعي

(8)

: (بلغنا عن سلمةَ بن الأكْوَع أنه قال: "خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبتين وجلس جلستين"، وحكى الذي حدثني قال:"استوى صلى الله عليه وسلم على الدرجة التي تلي المستراح قائمًا، ثم سلم ثم جلس على المستراح حتى فرغ المؤذّن من الأذان، ثم قام فخطب ثم جلس، ثم قام فخطب الثانية".

(1)

تقدم تفصيل الكلام فيه كثيرًا.

(2)

في الكامل (5/ 253) وأعله بعيسى بن عبد الله الأنصاري. وقال: عامة ما يرويه لا يتابع عليه.

(3)

في الأوسط رقم (6677).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 184) وقال: وفيه عيسى بن عبد الله الأنصاري وهو ضعيف وذكره ابن حبان في الثقات".

(4)

في السنن الكبرى (3/ 205).

(5)

في المجروحين (2/ 121). وحديث ابن عمر حديث ضعيف، والله أعلم.

(6)

أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 192 رقم 5281) بسند صحيح إلى عطاء فهو مرسل لا بأس به في الشواهد.

(7)

في التلخيص الحبير (2/ 126).

(8)

في الأم (2/ 408 رقم 427).

قلت: الجزء الأول من الحديث وهو الخطبتان والجلوس بينهما، فهما ثابتتان من حديث ابن عمر الآتي برقم (63/ 1241) من كتابنا هذا وحديث جابر بن سمرة الآتي برقم (64/ 1242) من كتابنا هذا.

• أما السلام فقد ورد فيه حديث جابر الحسن المتقدم برقم (54/ 1232) من كتابنا هذا.

ومرسل عطاء المتقدم أيضًا.

• وأما الجلوس قبل الخطبتين وعند الأذان، فهو ثابت في الحديث الآتي برقم (55/ 1233) من كتابنا هذا.

ص: 356

والحديث يدّل على مشروعية التسليم من الخطيب على الناس بعد أن يرقى المنبر وقبل أن يؤذن المؤذّن.

وقال في الانتصار

(1)

بعد فراغ المؤذّن.

وقال أبو حنيفة

(2)

ومالك

(3)

: إنه مكروه قالا: لأن سلامه عند دخول المسجد مغن عن الإِعادة.

55/ 1233 - (وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قالَ: كانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أوَّلُه إذَا جَلَسَ الإِمام على المِنْبَرِ على عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وأبي بَكر وعمَرَ؛ فَلَمَّا كانَ عُثمانُ وكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ على الزَّوْرَاءِ، ولَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ مُؤَذّن غيرَ وَاحِدٍ. رَوَاهُ البخارِيُّ

(4)

وَالنَّسَائِيُّ

(5)

وأَبُو دَاوُدَ

(6)

.

وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمْ

(7)

: فَلَمَّا كانَتْ خِلافَةُ عثْمانَ وكَثرُوا، أمَرَ عُثْمانُ يَوْمَ الجُمُعَةِ بالأذَانِ الثالِثِ فأُذِّنَ بِهِ عَلَى الزَّوْرَاءِ، فَثبَتَ الأمْرُ على ذلكَ.

وَلِأَحْمَدَ

(8)

وَالنَّسائي

(9)

: كانَ بِلالٌ يُؤَذّنُ إذَا جَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم على المِنْبَرِ، وَيُقِيمُ إِذَا نَزَلَ). [صحيح]

56/ 1234 - (وَعَنْ عَدِيّ بْن ثابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ قالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ على المِنْبَرِ اسْتَقْبَلَه أصْحابُه بِوجُوهِهِمْ. رَوَاهُ ابْن ماجَهْ)

(10)

. [صحيح لغيره]

(1)

ذكره في البحر الزخار (2/ 18).

(2)

البناية في شرح الهداية للعيني (3/ 72).

(3)

المدونة (1/ 150).

(4)

في صحيحه رقم (912) و (916).

(5)

في سننه رقم (1392).

(6)

في سننه رقم (1087). وهو حديث صحيح.

(7)

انظر ما تقدم، وهو حديث صحيح.

(8)

في المسند (3/ 449، 450).

(9)

في سننه رقم (1394). وهو حديث صحيح.

(10)

في سننه رقم (1136).

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 379): "هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه مرسل. وله شاهد من حديث عبد الله بن مسعود رواه الترمذي. في جامعه. وقال: لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء. قال وفي الباب عن ابن عمر" اهـ. =

ص: 357

حديث عديّ بن ثابت قال ابن ماجه: أرجو أن يكون متصلًا، قال: ووالد عديّ لا صحبة له إلا أن يراد بأبيه جدّه أبو أبيه فله صحبة على رأي بعض الحفاظ من المتأخرين.

وأخرج نحوه الترمذي

(1)

عن ابن مسعود بلفظ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا".

وفي إسناده محمد بن الفضل بن عطية وهو ضعيف

(2)

.

قال الترمذي

(3)

: ذاهب الحديث، قال: ولا يصحّ في هذا الباب شيء.

قال الحافظ في بلوغ المرام

(4)

: وله شاهد من حديث البراء عند ابن خزيمة

(5)

اهـ.

= قلت: أما حديث عبد الله بن مسعود فقد أخرجه الترمذي رقم (509) وأبو يعلى في مسنده (3/ 1310 - 1311) والطبراني في المعجم الكبير رقم (9991) وقال الترمذي: "لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء". كذا قال، وفيه نظر لما تقدم من حديث ابن المبارك وللشاهد الآتي

قاله الألباني في "الصحيحة"(5/ 115).

وخلاصة القول: أن حديث عبد الله بن مسعود حديث صحيح لغيره، والله أعلم.

وكذلك حديث عدي بن ثابت عن أبيه عن جده حديث صحيح لغيره، والله أعلم.

(1)

في السنن رقم (509) وهو حديث صحيح لغيره تقدم في التعليقة السابقة.

(2)

التقريب رقم الترجمة (6225) والكامل (6/ 2174).

(3)

في السنن (2/ 383).

(4)

عقب الحديث رقم (28/ 441) بتحقيقي.

(5)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 198) من طريق ابن خزيمة، حدثنا إسماعيل بن إسحاق - أصله كوفي - في الفسطاط، حدثنا محمد بن علي بن غراب، حدثنا أبي، عن أبان بن عبد الله البجلي، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر - أو قال: قعد على المنبر - استقبلناه بوجوهنا. ثم قال ابن خزيمة: هذا الخبر عندي معلول، حدثنا عبد الله بن سعيد الأشج، حدثنا النضر بن إسماعيل، عن أبان بن عبد الله البجلي، قال: رأيت عدي بن ثابت يستقبل الإمام بوجهه إذا قام يخطب، فقال له: رأيتك تستقبل الإمام بوجهك، قال: رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلونه.

قال البيهقي: وكذلك رواه ابن المبارك عن أبان، عن عدي إلا أنه قال: هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلون

ذكره أبو داود في "المراسيل" - رقم (54) - عن أبي توبة، عن ابن المبارك. =

ص: 358

وفي الباب عن أبي سعيد عند البخاري

(1)

ومسلم

(2)

والنسائي

(3)

قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يومًا على المنبر وجلسنا حوله".

بوّب عليه البخاري

(4)

: باب استقبال الناس الإِمام إذا خطب.

وفي الباب أيضًا عن مطيع أبي يحيى عن أبيه عن جده قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام استقبلناه بوجوهنا"

(5)

، ومطيع هذا مجهول

(6)

.

وقد تقدم من حديث ابن عمرَ

(7)

: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يستقبلُ الناسُ بوجهه".

قوله: (كان النداءُ يومَ الجمعة) في رواية لابن خزيمة

(8)

: "كان ابتداء النداء الذي ذكره الله تعالى في القرآن يوم الجمعة".

وله

(9)

في رواية: "كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر أذانين يوم الجمعة"، وفسر الأذانين بالأذان والإقامة، يعني تغليبًا.

قوله: (إذا جلس الإمام) قال المهلب

(10)

: الحكمة في جعل الأذان في هذا

= وتعقبه ابن التركماني فقال: هذا مسند وليس بمرسل؛ لأن الصحابة كلهم عدول، فلا تضرهم الجهالة.

قال الألباني رحمه الله في "الصحيحة"(5/ 113 - 114) مؤيدًا ما قاله ابن التركماني: "قلت: وهو كما قال؛ لأن الظاهر أن عديًا تلقاه عن الصحابة، فهذه متابعة قوية من ابن المبارك لعلي بن غراب ترجح رواية هذا على رواية النضر بن إسماعيل، وبذلك تندفع العلة بالوقف .... ".

وخلاصة القول: أن حديث البراء بن عازب حديث صحيح لغيره والله أعلم.

(1)

في صحيحه رقم (921).

(2)

في صحيحه رقم (123/ 1052).

(3)

في سننه رقم (2581).

وهو حديث صحيح.

(4)

الباب رقم (28)، (2/ 402 - مع الفتح).

(5)

لم أقف عليه.

(6)

مطيع، أبو يحيى الأنصاري، عن نافع، مجهول الميزان (4/ 130 رقم 8601).

(7)

تقدم تخريجه خلال شرح حديث (54/ 1232) من كتابنا هذا.

وهو حديث ضعيف.

(8)

في صحيحه رقم (1773) بسند صحيح.

(9)

أي لابن خزيمة رقم (1774) بسند صحيح.

(10)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 394).

ص: 359

المحلّ ليعرف الناس جلوس الإِمام على المنبر فينصتون له إذا خطب.

قال الحافظ

(1)

: وفيه نظر لما عند الطبراني

(2)

وغير

(3)

في هذا الحديث: "أن بلالًا كان يؤذّن على باب المسجد".

فالظاهر أنه كان لمطلق الإِعلام لا لخصوص الإِنصات، نعم لما زيد الأذان الأوّل كان للإِعلام، وكان الذي بين يدي الخطيب للإنصات.

قوله: (فلما كان عثمان) أي خليفة.

قوله: (وكثر الناس) أي بالمدينة كما هو مصرّح به في رواية

(4)

، وكان أمره بذلك بعد مضيّ مدّة من خلافته كما عند أبي نعيم في المستخرج

(5)

.

قوله: (زاد النداء الثالث) في رواية

(6)

: "فأمر عثمان بالنداء الأوّل"، وفي رواية

(7)

: "التأذين الثاني أمر به عثمان"، ولا منافاة لأنه سمي ثالثًا باعتبار كونه مزيدًا، وأولًا باعتبار كون فعله مقدمًا على الأذان والإقامة، وثانيًا باعتبار الأذان الحقيقي لا الإِقامة.

قوله: (على الزوراء) بفتح الزاي وسكون الواو بعدها راء ممدود

(8)

.

(1)

في "الفتح"(2/ 394).

(2)

في المعجم الكبير (ج 7 رقم 6642).

(3)

كأبي داود في السنن رقم (1088) وهو حديث منكر. قاله الألباني رحمه الله.

(4)

البخاري رقم (912، 916).

(5)

المستخرج، أبو نعيم الأصبهاني (أحمد بن عبد الله بن أحمد: ت 430 هـ).

له مستخرج على صحيح البخاري - وهو المقصود هنا.

وآخر على صحيح مسلم. اسمه: المسند الصحيح المستخرج على صحيح مسلم.

ذكرهما له: الذهبي في السير (19/ 306).

ومن الأخير مخطوط في الظاهرية - وقد طبع بـ (4) مجلدات بدار الكتب العلمية -[معجم المصنفات (ص 363 رقم 1167)].

(6)

الطبراني (ج 7 رقم 6642) وقد تقدم.

(7)

في صحيح البخاري رقم (915).

(8)

الزوراء: موضع عند سوق المدينة قرب المسجد.

قال الداودي: هو مرتفع كالمنارة، وقيل الزوراء سوق المدينة نفسه. [معجم البلدان (3/ 156)].

• الزوراء: تأنيث الأزور، وهو المائل، والإزورار عن الشيء العدول عنه والانحراف، ومنه سميت القوس الزوراء لميلها. =

ص: 360

قال البخاري

(1)

: هي موضع بسوق المدينة. قال الحافظ (1): وهو المعتمد.

وقال ابن بطال

(2)

: هو حجر كبير عند باب المسجد.

وردّ بما عند ابن خزيمة

(3)

وابن ماجه

(4)

عن الزهري أنها دار بالسوق يقال لها الزوراء.

وعند الطبراني

(5)

: "فأمر بالنداء الأوّل على دار يقال لها الزوراء فكان يؤذّن عليها، فإذا جلس على المنبر أذّن مؤذّنه الأوّل، فإذا نزل أقام الصلاة".

قال في الفتح

(6)

: والذي يظهر أن الناس أخذوا بفعل عثمانَ في جميع البلاد إذ ذاك لكونه كان خليفة مطاع الأمر.

لكن ذكر الفاكهاني

(7)

أن أوّل من أحدث الأذان الأوّل بمكة الحجاج وبالبصرة زياد.

قال الحافظ

(8)

: وبلغني أن أهل الغرب الأدنى الآن لا تأذين عندهم سوى مرة.

وروى ابن أبي شيبة

(9)

من طريق ابن عمر قال: الأذان الأوّل يوم الجمعة بدعة.

= [معجم البلدان (3/ 156) ولسان العرب (4/ 334)].

(1)

قال الحافظ في "الفتح"(2/ 394): "وقوله: "قال أبو عبد الله" هو المصنف، وهذا في رواية أبي ذر وحده، وما فسر به الزوراء هو المعتمد، اهـ.

(2)

في شرحه لصحيح البخاري (5/ 502).

(3)

في صحيحه رقم (1837) بسند حسن.

(4)

في سننه رقم (1135) وقد تقدم.

(5)

في المعجم الكبير (ج 7 رقم 6642) وقد تقدم.

(6)

(2/ 394).

(7)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 394).

(8)

في "الفتح"(2/ 394).

(9)

في "المصنف"(2/ 140) وهو أثر صحيح.

قلت: وإليك بعض الآثار التي تؤيد أثر ابن عمر الصحيح رضي الله عنه.

• أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 140) عن الحسن البصري قال: النداء الأول يوم الجمعة الذي يكون عند خروج الإمام - أي جلوسه على المنبر - والذي قبل ذلك محدث. =

ص: 361

فيحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الإنكار.

ويحتمل أن يريد أنه لم يكن في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكل ما لم يكن في زمنه يسمى بدعة.

وتبين بما مضى أن عثمان أحدثه لإِعلام الناس بدخول وقت الصلاة قياسًا على بقية الصلوات، وألحق الجمعة بها وأبقى خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب

(1)

.

= وهو أثر صحيح.

• وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 140) عن الزهري قال: أول من أحدث الأذان الأول عثمان ليؤذن أهل السوق".

وهو أثر حسن.

• وأخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 206 رقم 5341) عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار أن عثمان أول من زاد الأذان الأول يوم الجمعة لما كثر الناس زاده.

وهو أثر صحيح.

• وأخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 206 رقم 5344) عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال: رأيت ابن الزبير لا يؤذَّن له حتى يجلس على المنبر، ولا يؤذن له إلَّا أذانًا واحدًا يوم الجمعة.

وهو أثر حسن.

(1)

قال الشافعي في الأم (2/ 390): "والأذان الذي يجب على من عليه فرض الجمعة أن يذر عنده البيع: الأذان الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك الأذان الذي بعد الزوال وجلوس الإمام على المنبر. فإن أذن مؤذن قبل جلوس الأمام على المنبر، وبعد الزوال، لم يكن البيع منهيًا عنه، كما ينهى عنه إذا كان الإمام على المنبر

".

• وقال ابن قدامة في "المغني"(3/ 162 - 163): "أما مشروعية الأذان عقب صعود الإمام فلا خلاف فيه، فقد كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان زاد النداء الثالث على الزوراء والأذان الذي يمنع البيع ويلزم السعي هو الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فتعلق الحكم به دون غيره" اهـ.

• وقال ابن رشد الحفيد في "بداية المجتهد"(1/ 382) بتحقيقي: "وأما الأذان فإن جمهور الفقهاء اتفقوا على أن وقته هو إذا جلس الإمام على المنبر" اهـ.

• وقال السرخسي في "المبسوط"(1/ 134): "واختلفوا في الأذان المعتبر الذي يوجب السعي إلى الجمعة ويحرم عنده البيع، فكان الطحاوي يقول: هو الأذان عند المنبر بعد خروج الإمام فإنه هو الأصل الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يخرج فيستوي على المنبر، وهكذا على عهد أبي بكر وعمر، ثم أحدث الناس الأذان على الزوراء" اهـ. =

ص: 362

وأما ما أحدث الناس قبل الجمعة من الدعاء إليها بالذكر والصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم فهو في بعض البلاد دون بعض

(1)

، واتباع السلف الصالح أولى، كذا في الفتح

(2)

.

وقد روي عن معاذ أن عمر هو الذي أحدث ذلك وإسناده منقطع، ومعاذ أيضًا خرج من المدينة إلى الشام في أوّل غزو الشام، واستمرّ في الشام إلى أن مات في طاعون عَمْوَاسَ.

قوله: (غير مؤذّن واحد) فيه أنه قد اشتهر أنه كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم جماعة من المؤذّنين منهم بلال، وابن أمّ مكتوم، وسعد القرظ، وأبو محذورة.

وأجيب بأنه أراد في الجمعة وفي مسجد المدينة، ولم ينقل أن ابن أمّ مكتوم كان يؤذّن يوم الجمعة، بل الذي ورد عنه التأذين يوم الجمعة بلال

(3)

،

= • وقال ابن رجب في "فتح الباري"(8/ 215) عقب الحديث (912) عن السائب بن يزيد: "وقد دلَّ الحديثُ على أن الأذان الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر هو النداء الذي بينَ يدي الإمام عند جلوسه على المنبر، وهذا لا اختلاف فيه بين العلماء؛ ولهذا قال أكثرهم: إنه هو الأذان الذي يمنعُ البيعَ ويوجب السعي إلى الجمعة حيثُ لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم سواه" اهـ.

• وقال ابن العربي المالكي صاحب "عارضة الأحوذي"(2/ 305) عند شرح حديث السائب بن يزيد: "الأذان الأول أول شريعة غيرت في الإسلام على وجه طويل ليس من هذا الشأن، وكان كما ذكر الأئمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أذانان: (الأول): الأذان عند صعود الإمام على المنبر للخطبة. و (الثاني): الإقامة. قال: فأما بالمشرق فيؤذنون كأذان قرطبة، وأما بالمغرب فيؤذنون ثلاثة من المؤذنين بجهل المفتين فإنهم لما سمعوا أنها ثلاثة لم يفهموا أن الإقامة هي النداء الثالث فجمعوها وجعلوها ثلاثة غفلة وجهلًا بالسنة، فإن الله تعالى لا يغير ديننا ولا يسلبنا ما وهبنا من نعمة" اهـ.

(1)

قال فقيه الحنابلة منصور بن يونس البهوتي: "وما سوى التأذين قبل الفجر ويوم الجمعة من التسبيح والنشيد ورفع الصوت بالدعاء ونحو ذلك في المآذن أو غيرها فليس بمسنون، وما أحد من العلماء قال: إنه يستحب، بل هو من جملة البدع المكروهة؛ لأنه لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم ولا عهد أصحابه، وليس له أصل فيما كان على عهدهم يرد إليه، ولا يعلق إستحقاق الرزق به؛ لأنه أعانه على بدعة ولا يلزم فعله ولو شرطه واقف" اهـ.

من "كشاف القناع عن متن الإقناع"(1/ 243).

• وانظر ما قاله ابن الحاج في "المدخل"(2/ 248).

(2)

(2/ 392).

(3)

"الفتح"(2/ 395).

ص: 363

وأبو محذورة جعله صلى الله عليه وسلم مؤذّنًا بمكة، وسعد جعله بقباء.

قوله: (استقبله أصحابه بوجوههم) مشروعية استقبال الناس للخطيب حال الخطبة.

وأحاديث الباب وإن كانت غير بالغة إلى درجة الاعتبار

(1)

فقد شدّ عضدها عمل السلف والخلف على ذلك

(2)

.

قال ابن المنذر

(3)

: وهذا كالإِجماع.

وقال الترمذي

(4)

: العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم يستحبون استقبال الإِمام إذا خطب.

وهو قول سفيان الثوري

(5)

والشافعي

(6)

وأحمد

(7)

وإسحاق

(8)

.

قال العراقي: وغيرهم عطاء بن أبي رباح

(9)

، وشريح

(10)

، ومالك

(11)

، والأوزاعي

(12)

، وسعيد بن عبد العزيز

(13)

، وابن جابر (13)، ويزيد بن أبي مريم (13)،

(1)

قلت: تقدم أن حديث عدي بن ثابت عن أبيه عن جده حديث صحيح لغيره.

وكذلك حديث عبد الله بن مسعود حديث صحيح لغيره أيضًا. وأخيرًا حديث البراء بن عازب حديث صحيح لغيره والله أعلم.

(2)

الأوسط (4/ 74) والمجموع (4/ 401).

(3)

في الأوسط (4/ 75).

(4)

في السنن (2/ 383).

(5)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 75).

(6)

المجموع شرح المهذب (4/ 401).

(7)

المغني (3/ 172).

(8)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 75).

(9)

أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 118) من طريق واصل بن السائب قال: رأيت عطاء، وطاوسًا، ومجاهدًا يستقبلون الإمام يوم الجمعة".

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 217 رقم 5393، 5394).

(10)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 117 - 118) من طريق الشعبي عن شريح أنه كان يستقبل الإمام يوم الجمعة إذا خطب ولا يقول هكذا ولا هكذا.

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 217 رقم 5392).

(11)

المدونة (1/ 148).

(12)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 75).

(13)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 75).

ص: 364

وأصحاب الرأي

(1)

.

وروي عن ابن المسيب

(2)

والحسن

(3)

أنهما كانا لا ينحرفان إليه.

وهل المراد باستقبال السامعين للخطيب أن يستقبله من يواجهه أو جميع أهل المسجد، حتى أن من كان في الصفّ الأوّل والثاني وإن طالت الصفوف ينحرفون بأبدانهم أو بوجوههم لسماع الخطبة.

قال العراقي: والظاهر أن المراد بذلك من يسمع الخطبة دون من بعد فلم يسمع، فاستقبال القبلة أولى به من توجهه لجهة الخطبة.

وروي عن الإمام شرف الدين أنه يجب على العدد الذين تنعقد بهم الجمعة المواجهة دون غيرهم (3)، وأوجب الاستقبال المذكور أبو الطيب الطبري، صرّح بذلك في تعليقه.

[الباب العاشر] بابُ اشتمالِ الخطبةِ على حمدِ الله والثناءِ على رسولِهِ والموعظةِ والقراءةِ

57/ 1235 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ كلامٍ لا يُبْدأ فِيهِ بالحَمْدِ لله فَهُوَ أجْذَم" رَوَاهُ أبُو دَاودَ

(4)

وأحْمَدَ

(5)

بِمَعْناه. [ضعيف]

وَفِي رِوَايةٍ: "الخُطْبَة الَّتِي لَيْسَ فِيها شَهَادَةٌ كالْيَدِ الجَذْماءِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(6)

وأبُو دَاودَ

(7)

والتِّرْمِذِيُّ

(8)

وَقالَ: "تَشَهُّدٌ" بَدَلَ "شَهَادَةٌ". [صحيح]

(1)

حكاه عنهم ابن قدامة في المغني (3/ 172).

(2)

حكاه عنهما ابن قدامة في المغني (3/ 172 - 173).

(3)

قلت: يفتقر هذا لدليل ولا دليل.

(4)

في سننه رقم (4840).

(5)

في المسند (2/ 359).

(6)

في المسند (2/ 302)، (2/ 343).

(7)

في سننه رقم (4841).

(8)

في سننه رقم (1106) وقال: حديث حسن صحيح غريب.

قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (579 - موارد). وهو حديث صحيح.

ص: 365

الحديث أخرجه أيضًا باللفظ الأوّل النسائي

(1)

وابن ماجه

(2)

وأبو عوانة

(3)

والدارقطني

(4)

وابن حبان

(5)

والبيهقي

(6)

.

واختلف في وصله وإرساله، فرجح النسائي

(7)

والدارقطني

(8)

الإرسال.

واللفظ الآخر من حديث الباب حسنه الترمذي

(9)

.

وأخرج ابن حبان

(10)

والعسكري وأبو داود

(11)

عن أبي هريرة مرفوعًا: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع".

وفي الباب عن كعب بن مالك عند الطبراني في الكبير

(12)

والرهاوي مرفوعًا: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد أقطع".

قوله: (أجذم) روي بالحاء المهملة وبالجيم المعجمة ثم بالذال المعجمة.

والأوّل: من الجذم وهو القطع

(13)

.

والثاني: المراد به الداء المعروف

(14)

.

(1)

في عمل اليوم والليلة رقم (494).

(2)

في سننه رقم (1894).

(3)

لم أقف عليه.

(4)

في سننه رقم (1/ 229) رقم (2).

(5)

في صحيحه رقم (579 - موارد).

(6)

في السنن الكبرى (3/ 208، 209).

(7)

أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (495) من طريق الوليد بن مسلم، عن سعيد بن عبد العزيز. ورقم (496) من طريق الليث عن عقيل ابن خالد، ورقم (497) من طريق الحسن بن عمر، ثلاثتهم عن الزهري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، وقال فيه:"بذِكر الله" مرسلًا.

(8)

رجح الدارقطني في سننه (1/ 229) وفي "العلل"(8/ 30) هذه الرواية المرسلة على الرواية الموصولة.

وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(9)

في السنن (3/ 414).

(10)

في صحيحه رقم (1).

(11)

في سننه رقم (4840). وهو حديث ضعيف.

(12)

في المعجم الكبير (ج 19 رقم 141).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 188) وقال: فيه صدقة بن عبد الله ضعفه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم، ووثقه أبو حاتم ودحيم في رواية".

(13)

النهاية (1/ 251).

(14)

النهاية (1/ 251). =

ص: 366

شبه الكلام الذي لا يبتدأ فيه بحمد الله بإنسان مجذوم تنفيرًا عنه وإرشادًا إلى استفتاح الكلام بالحمد.

قوله: (ليس فيها شهادة) أي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.

وقد استدلّ المصنف بالحديث على مشروعية الحمد لله في الخطبة؛ لأنها في الرواية الأولى داخلة تحت عموم الكلام، وسيأتي الخلاف في ذلك وبيان ما هو الحقّ.

58/ 1236 - (وَعَنِ ابْن مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذَا تَشَهَّدَ قالَ: "الحَمْدُ لله نَسْتَعِينُه وَنَسْتَغْفِرُه وَنَعُوذُ بالله مِنْ شُرور أنْفُسِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هاديَ لَهُ، وأشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا الله، وأشْهَدُ أن مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أرْسَلَهُ بالحَق بَشِيرًا وَنَذيرًا بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ، مَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشِدَ، وَمَنْ يَعْصهِما فإنَّهُ لا يَضُرُّ إلَّا نَفْسَهُ، وَلا يَضُرُّ الله شَيْئًا")

(1)

[ضعيف]

59/ 1237 - (وَعَنْ ابْنِ شِهابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَشَهُّدِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الجُمُعَةِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقالَ: وَمَن يَعْصهِما فَقدْ غَوَى. زوَاهُمَا أَبُو دَاوُدَ)

(2)

. [ضعيف]

= يقال: رجل أجذم ومجذومٌ، إذا تهافَتَتْ أطرافه من الجذام، وهو الداء المعروف.

(1)

أخرجه أبو داود رقم (1097) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 215) بسند ضعيف له علتان:

الأولى: أبو عياض مجهول؛ كما في "التقريب" رقم (8293).

والأخرى: عبد ربه - وهو ابن أبي يزيد، وقيل غير ذلك - وهو مجهول أيضًا - كما قال ابن المديني - وقال الحافظ:"مستور".

والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

وقد ضعفه الألباني رحمه الله في ضعيف أبي داود (10/ 6 رقم 202).

(2)

أخرجه أبو داود رقم (1098) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 215) بسند رجاله ثقات، ولكنه مرسل، وبه أعله المنذري في المختصر (2/ 19).

وهو حديث ضعيف.

وقد ضعفه الألباني رحمه الله في ضعيف أبي داود (10/ 7 رقم 203).

ص: 367

الحديث الأوّل في إسناده عمران بن دَاوَرْ أبو العوّام البصري

(1)

. قال عفَّان: كان ثقة واستشهد به البخاري. وقال يحيى بن معين والنسائي: ضعيف الحديث. وقال مرّة: ليس بشيء. وقال يزيد بن زريع: كان عمران حروريًا، وكان يرى السيف على أهل القبلة.

وقد صحح إسناد هذا الحديث النووي

(2)

في شرح مسلم.

والحديث الثاني مرسل.

قوله: (فقد رَشدَ) بكسر الشين المعجمة وفتحها.

قوله: (ومن يعصهما) فيه جواز التشريك بين ضمير الله ورسوله.

ويؤيد ذلك ما ثبت في [الصحيحين

(3)

]

(4)

عنه صلى الله عليه وسلم بلفظ: "أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما".

وما ثبت أيضًا: "أنه صلى الله عليه وسلم أمر مناديًا ينادي يوم خيبر: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية"

(5)

.

(1)

عمران بن دَاوَر القطان، أبو العوَّام العمي البصري.

قال أحمد: أرجو أن يكون صالح الحديث. وقال أبو داود: ضعيف.

وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه.

التاريخ الكبير (6/ 425) والجرح والتعديل (6/ 297) والكاشف (2/ 300) والمغني (2/ 478) والميزان (3/ 236) والتقريب (2/ 83) ولسان الميزان (7/ 322) والخلاصة ص 295.

• وأعل المنذري الحديث في "المختصر"(2/ 18) بعمران هذا، وليس بشيء، وإن تُكُلِّم فيه؛ فإن الراجح أنه حسن الحديث، وإنما العلة ما ذكرت آنفًا.

• تنبيه: وقع في أكثر من طبعة لنيل الأوطار تصحيفًا لـ "عمران بن داور" إلى "عمران بن داورن" وهو تصحيف شنيع للغاية.

(2)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 159).

(3)

البخاري رقم (16) ومسلم رقم (67/ 43).

(4)

ما بين الخاصرتين من (أ): وفي المخطوط (ب): (الصحيح).

(5)

أخرجه أحمد (3/ 111) والبخاري رقم (2991) ومسلم رقم (34/ 1940) من حديث أنس.

ص: 368

وأما ما في صحيح مسلم

(1)

وسنن أبي داود

(2)

والنسائي

(3)

من حديث عديّ بن حاتم: "أن خطيبًا خطب عند النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال له صلى الله عليه وسلم: "بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى".

فمحمول على ما قاله النووي

(4)

من أن سبب الإنكار عليه أن الخطبة شأنها البسط والإِيضاح واجتناب الإِشارات والرموز.

قال

(5)

: ولهذا ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا لتفهم عنه

(6)

.

قال

(7)

: وإنما ثنى الضمير في مثل قوله: "أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما"، لأنه ليس خطبة وعظ وإنما هو تعليم حكم، فكل ما قلّ لفظه كان أقرب إلى حفظه، بخلاف خطبة الوعظ فإنه ليس المراد حفظها وإنما يراد الاتعاظ بها.

ولكنه يرد عليه أنه قد وقع الجمع بين الضميرين منه صلى الله عليه وسلم في حديث الباب

(8)

، وهو وارد في الخطبة لا في تعليم الأحكام.

وقال القاضي عياض

(9)

وجماعة من العلماء: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم إنما أنكر على الخطيب تشريكه في الضمير المقتضي للتسوية وأمره بالعطف تعظيمًا لله

(1)

في صحيحه رقم (48/ 870).

(2)

في سننه رقم (1099).

(3)

في سننه رقم (3279).

وهو حديث صحيح.

(4)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 159 - 160).

(5)

أي النووي كما في المرجع السابق.

(6)

أخرج البخاري في صحيحه رقم (95): عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم، سَلَّم عليهم ثلاثًا".

(7)

أي النووي في شرحه لصحيح مسلم (6/ 160).

(8)

برقم (59/ 1237) وهو حديث ضعيف.

(9)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(3/ 275).

ص: 369

تعالى بتقديم اسمه كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر

(1)

: "لا يقل أحدكم: ما شاءَ الله وشاءَ فلانٌ، ولكن ليقل: ما شاءَ الله ثم ما شاءَ فلانٌ".

ويرد على هذا ما قدّمنا من جمعه صلى الله عليه وسلم بين ضمير الله وضميره.

ويمكن أن يقال: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم إنما أنكر على ذلك الخطيب التشريك لأنه فهم منه اعتقاد التسوية فنبهه على خلاف معتقده، وأمره [بتقديم]

(2)

اسم الله على اسم رسوله ليعلم بذلك فساد ما اعتقده

(3)

.

قوله: (فقد غوى) بفتح الواو وكسرها، والصواب الفتح كما في شرح

(1)

وهو حديث صحيح.

أخرجه أحمد في المسند (5/ 384) والطيالسي رقم (430) وأبو داود رقم (4980) والنسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (985) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 216) وغيرهم من حديث حذيفة.

(2)

في المخطوط (أ): (بتقدم).

(3)

قال الشافعي في "الأم"(2/ 415 - 416) كلامًا طيبًا حول هذه المسألة: فقال: "يجوز أن تقول: "ومن يعص الله ورسوله فقد غوى"، لأنك أفردت معصية الله جل وعز، وقلت: "ورسوله" استئناف كلام.

وقد قال الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]. وهذا وإن كان في سياق الكلام استئناف كلام.

قال: ومن أطاع الله فقد أطاع رسوله، ومن عصى الله فقد عصى رسوله، ومن أطاع رسوله فقد أطاع الله، ومن عصى رسوله فقد عصى الله، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد من عباده، قام في خَلْق الله بطاعة الله. وفرض الله تبارك وتعالى على عباده طاعته، لما وفقه الله تعال من رشده، ومن قال:"ومن يعصهما" كرهت ذلك القول له حتى يفرد اسم الله عز وجل، ثم يذكر بعده اسم رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يذكره إلا منفردًا

ثم قال الشافعي: وابتداء المشيئة مخالفة للمعصية؛ لأن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعصيته تبع طاعة الله تبارك وتعالى ومعصيته؛ لأن الطاعة والمعصية منصوصتان بفرض الطاعة من الله عز وجل، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاز أن يقال فيه: من يطع الله ورسوله، ومن يعص الله ورسوله لما وصفت، والمشيئة إرادة الله تعالى.

قال الشافعي: قال الله عز وجل: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} [التكوير: 29]، فأعلم خلقه أن المشيئة له دون خلقه، وأن مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء الله عز وجل. فيقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله ثم شئت. ويقال: من يطع الله ورسوله، على ما وصفتُ من أن الله تبارك وتعالى تَعبَّدَ الخَلْقَ بأن فرض طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أطيع الله بطاعة رسوله" اهـ.

• وانظر ما قاله القرطبي في "المفهم"(2/ 510 - 512) حول الموضوع نفسه فإنه مفيد.

ص: 370

مسلم

(1)

وهو من الغيّ، وهو الانهماك في الشرّ

(2)

.

وقد اختلف أهل العلم في حكم خطبة الجمعة؛ فذهبت العترة

(3)

والشافعي

(4)

وأبو حنيفة

(5)

ومالك

(6)

إلى الوجوب.

ونسبه القاضي عياض

(7)

إلى عامة العلماء.

واستدلوا على الوجوب بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم بالأحاديث الصحيحة ثبوتًا مستمرًا، أنه كان يخطب في كل جمعة، وقد عرفت غير مرّة أن مجرّد الفعل لا يفيد الوجوب.

واستدلوا أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي"

(8)

، وهو مع كونه غير صالح للاستدلال به على الوجوب لما قدَّمنا في أبواب صفة الصلاة، ليس فيه إلا الأمر بإيقاع الصلاة على الصفة التي كان يوقعها عليها، والخطبة ليست بصلاة.

واستدلوا أيضًا بقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]، وفعله للخطبة بيان للمجمل، وبيان المجمل الواجب واجب.

وردّ بأن الواجب بالأمر هو السعي فقط.

وتُعقِّب بأن السعي ليس مأمورًا به لذاته بل لمتعلَّقه وهو الذكر. ويتعقَّب هذا التعقب بأن الذكر المأمور بالسعي إليه هو الصلاة.

غاية الأمر أنه متردّد بينها وبين الخطبة، وقد وقع الاتفاق على وجوب الصلاة والنزاع في وجوب الخطبة فلا ينتهض هذا الدليل للوجوب.

(1)

(6/ 160) للنووي.

(2)

النهاية (3/ 397).

(3)

البحر الزخار (2/ 15).

(4)

المجموع (4/ 382) والبيان للعمراني (2/ 567).

(5)

البناية في شرح الهداية (3/ 63) وحاشية ابن عابدين (3/ 18).

(6)

المدونة (1/ 150) والمنتقى للباجي (1/ 198).

(7)

في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 256).

(8)

أخرجه أحمد في المسند (5/ 53) والبخاري رقم (631) من حديث مالك بن الحويرث.

وهو حديث صحيح.

ص: 371

فالظاهر ما ذهب إليه الحسن البصري

(1)

وداود الظاهري

(2)

والجويني

(3)

من أن الخطبة مندوبة فقط.

وأما الاستدلال للوجوب بحديث أبي هريرة المذكور في أوّل الباب

(4)

، وبحديثه أيضًا عند البيهقي في دلائل النبوّة

(5)

مرفوعًا حكاية عن الله تعالى بلفظ: "وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي" فوهم.

لأن غاية الأوّل عدم قبول الخطبة التي لا حمد فيها.

وغاية الثاني عدم جواز خطبة لا شهادة فيها بأنه صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله.

والقبول والجواز وعدمهما لا ملازمة بينها وبين الوجوب قطعًا.

60/ 1238 - (وَعَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ قائِمًا وَيَجْلِسُ بَيْنَ الخُطْبَتَيْنِ وَيَقْرأ آياتٍ وَيُذَكرُ النَّاسَ. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلا البُخارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ)

(6)

[صحيح]

قوله: (يخطب قائمًا) فيه أن القيام حال الخطبة مشروع، وسيأتي الخلاف في حكمه.

قوله: (ويجلس بين الخطبتين) فيه مشروعية الجلوس بين الخطبتين.

(1)

أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 172 رقم 5195) من طريق قتادة عن الحسن البصري قال: يصلي ركعتين على كل حال.

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 121 - 122) من طريق يونس عن الحسن البصري قال: إذا لم يخطب الإمام صلى أربعًا. وهذا قول الجمهور.

(2)

المحلى (5/ 57).

(3)

حكاه عنه صاحب البيان (2/ 567).

(4)

تقدم برقم (1235) من كتابنا هذا.

(5)

(7/ 63).

(6)

أحمد في المسند (5/ 87) ومسلم رقم (34/ 862) وأبو داود رقم (1094) والنسائي رقم (1415 وابن ماجه رقم (1105).

قلت: وأخرجه أبو داود والطيالسي رقم (787) وابن خزيمة رقم (1447) وابن حبان رقم (2803) وعبد الرزاق في المصنف رقم (5258) من طرق.

وهو حديث صحيح.

ص: 372

واختلف في وجوبه فذهب الشافعي

(1)

والإِمام يحيى

(2)

إلى وجوبه.

وذهب الجمهور

(3)

إلى أنه غير واجب.

استدلّ من أوجب ذلك بفعله صلى الله عليه وسلم، وقوله:"صلوا كما رأيتموني أصلي"

(4)

.

وقد قدمنا الجواب عن مثل هذا الاستدلال، وأنه غير صالح لإثبات الوجوب.

قوله: (بين الخطبتين) فيه أن المشروع خطبتان، وقد ذهب إلى وجوبهما العترة

(5)

والشافعي (1).

وحكى العراقي في شرح الترمذي

(6)

عن مالك

(7)

وأبي حنيفة

(8)

والأوزاعي

(9)

وإسحاق بن راهويه

(10)

وأبي ثور

(11)

وابن المنذر

(12)

وأحمد بن

(1)

الأم (2/ 406 - 407). والمجموع (4/ 384).

ومعرفة السنن والآثار (4/ 360 - 363). الأوسط لابن المنذر (4/ 57).

(2)

البحر الزخار (2/ 16).

(3)

انظر: المغني لابن قدامة (3/ 176).

(4)

وهو حديث صحيح تقدم قريبًا.

(5)

شفاء الأوام (1/ 396).

(6)

لم يطبع منه إلا جزء من الطهارة فيما أعلم.

(7)

المنتقى للباجي (1/ 198).

(8)

البناية في شرح الهداية (3/ 64).

(9)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 61).

(10)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 61).

(11)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 61 - 62).

(12)

قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 62 - 63): "قال أبو بكر: فأما ما قال النعمان - إن خطب يوم الجمعة بتسبيحة واحدة أجزأه - فلا معنى له، ولا أعلم أحدًا سبقه إليه، وغير معروف عند أهل المعرفة باللغة بأن يقال لمن قال سبحان الله، قد خطب، وإذا كان المقول هذا سبيله، فلا معنى للاشتغال به؛ وأما الذي قاله الشافعي فلست أجد دلالة توجب ما قال، وقد عارض الشافعي غيره من أصحابنا. فقال: يقال لمن قال بقوله: من أين أوجبت الجلسة بين الخطبتين فرضًا؟ أبطلت الجمعة بتركها وقد أتى بالجمعة والخطبتين، وليست الجلسة من الجمعة لأن الجمعة فرضها ركعتان، كذلك في حديث عمر، والخطبة معروفة، والجلسة غير هذا، ولو كانت الجلسة واجبة لم يجز أن تبطل الجمعة بتركها لأنها غير هذا، فإن اعتل بجلوس النبي صلى الله عليه وسلم بين الخطبتين، فالفعل عنده وعند غيره لا يوجب فرضًا. ولو ثبت أنه فرض لم يدل على إبطال الجمعة، ويقال له: =

ص: 373

حنبل في رواية

(1)

: أن الواجب خطبة واحدة. قال: وإليه ذهب جمهور العلماء.

ولم يستدلّ من قال بالوجوب إلا بمجرّد الفعل مع قوله: "صلوا كما رأيتموني"

(2)

الحديث. وقد عرفت أن ذلك لا ينتهض لإِثبات الوجوب.

قوله: (ويقرأ آيات ويذكر الناس) استدلّ به على مشروعية القراءة والوعظ في الخطبة.

وقد ذهب الشافعي

(3)

إلى وجوب الوعظ وقراءة آية، وإلى ذلك ذهب الإِمام يحيى

(4)

ولكنه قال: تجب قراءة سورة.

وذهب الجمهور

(5)

إلى عدم الوجوب وهو الحقّ.

61/ 1239 - (وَعَنهُ أيْضًا عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: أنهُ كانَ لا يُطِيلُ المَوْعِظَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إنمَا هِيَ كَلِماتٌ يَسِيراتٌ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)

(6)

. [حسن]

الحديث سكت عنه أبو داود

(7)

والمنذري

(8)

وهو من رواية شيبان بن عبد الرحمن النحوي عن سماك

(9)

، ورجال إسناده ثقات.

وفيه أن الوعظ في الخطبة مشروع، وأن إقصار الخطبعة أولى من إطالتها، وسيأتي الكلام على ذلك.

= ما الفرق بين الجلسة الأولى والجلسة بين الخطبتين؟ فإن اعتل بأن الجلسة بين الخطبتين من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فكذلك الجلسة الأولى من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وذكر كلامًا تركت ذكره ها هنا كراهية التطويل" اهـ.

(1)

المغني (3/ 173).

(2)

وهو حديث صحيح تقدم قريبًا.

(3)

المجموع (4/ 383 - 384).

(4)

البحر الزخار (2/ 16).

(5)

انظر: المغني (3/ 173).

(6)

في سننه رقم (1107) وهو حديث حسن.

(7)

في السنن (1/ 663).

(8)

في المختصر (2/ 20 رقم 1065).

(9)

قال المحدث الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود (4/ 271): "قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات إن كان شيبان سمعه من سماك، وهذا من جابر، فإن الوليد - وهو ابن مسلم الدمشقي - كان يدلس تدليس التسوية؛ فيُخشى - حين لا يكون إسناده مسلسلًا بالتحديث - أن يكون أسقط منه رجلًا فوق شيخه.

إلا أن الحديث على كل حال حسن، فإنه بمعنى حديث سماك أيضًا عن جابر المتقدم برقم (1009) - وهو في السنن برقم (1101) - " اهـ.

ص: 374

62/ 1240 - (وَعَنْ أُمّ هِشامٍ بِنْتِ حارِثَةَ بْنِ النُّعْمانِ قالتَ: ما أخَذْتُ ق وَالقُرآنِ المَجِيدِ إلا عَنْ لِسانِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَقْرَؤُها كُلَّ جُمُعَةٍ على المِنْبَرِ إذَا خَطَبَ النَّاسَ. رَوَاهُ أحْمَدُ

(1)

وَمُسْلِمٌ

(2)

وَالنَّسائيُّ

(3)

وأبُو دَاوُدَ)

(4)

. [صحيح]

وفي الباب عن يعلى بن أمية عند البخاري

(5)

ومسلم

(6)

وأبي داود

(7)

والنسائي

(8)

قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر {وَنَادَوْا يَامَالِكُ} [الزخرف: 77].

وعن أبي هريرة عند البزار

(9)

قال: "خطبنا النبيّ صلى الله عليه وسلم جمعة فذكر سورة".

وله حديث آخر عند ابن عديّ في الكامل

(10)

قال: "خطب النبيّ صلى الله عليه وسلم الناس على المنبر يقرأ آيات من سورة البقرة".

وعن أبيّ بن كعب عند ابن ماجه

(11)

: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ يوم الجمعة تبارك وهو قائم يذكِّر بأيام الله".

(1)

في المسند (6/ 463).

(2)

في صحيحه رقم (51/ 873).

(3)

في السنن رقم (1411).

(4)

في السنن رقم (1102).

وهو حديث صحيح.

(5)

في صحيحه رقم (4819).

(6)

في صحيحه رقم (49/ 871).

(7)

في سننه رقم (3992).

(8)

في السنن الكبرى (10/ 251 رقم 11415) قلت: وأخرجه الترمذي رقم (508).

وهو حديث صحيح.

(9)

في مسنده (رقم 642 - كشف).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 185) وقال: فيه محمد بن عمرو، وقد حسن الترمذي حديثه، وفيه اختلاف".

(10)

في الكامل (5/ 1704) في ترجمة عمر بن طلحة الليثي.

وفيه: فقرأ آيات من سورة التوبة.

(11)

في سننه رقم (1111).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 371): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وأصله في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة" اهـ.

وهو حديث صحيح.

ص: 375

وهو من رواية عطاء بن يسار عن أبيّ ولم يدركه.

وعن جابر بن عبد الله عند الطبراني في الأوسط

(1)

: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خطب فقرأ في خطبته آخر الزمر، فتحرّك المنبر مرّتين"، وفي إسناده أبو بحر [البكراوي]

(2)

، واسمه عبد الرحمن بن عثمان بن أمية، وقد طرح الناس حديثه.

وقال أبو داود: صالح.

وفي إسناده أيضًا عباد بن ميسرة المنقري

(3)

، ضعفه أحمد ويحيى.

وعن ابن عمر عند ابن عديّ في الكامل

(4)

بلفظ حديث جابر بن عبد الله، وفي إسناده عباد بن ميسرة وهو ضعيف (3) كما تقدم.

وله حديث آخر عند ابن عديّ

(5)

: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ على المنبر: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ} [الزمر: 67] الآية"، وفي إسناده المنكدر بن محمد، وقد ضعفه النسائي

(6)

.

(1)

في المعجم الأوسط (8306).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 190) وقال: رواه الطبراني في الأوسط من رواية أبي بحر البكراوي، عن عبادة بن ميسرة المنقري وكلاهما ضعيف. إلا أن أحمد قال في أبي بحر: لا بأس به" اهـ.

(2)

في (أ): (البكروئي) وهو خطأ. وفي (ب): (البكرواني) وهو خطأ أيضًا وما أثبتناه من الميزان (2/ 578) والجرح والتعديل (5/ 264) والتاريخ الكبير (5/ 331) والكاشف (2/ 156) والمغني (2/ 383) والتقريب (1/ 490) ولسان الميزان (7/ 282) والخلاصة ص 231.

(3)

ضعيف. الجرح والتعديل (6/ 86) والميزان (2/ 378).

(4)

في الكامل (4/ 341 - 342) بسند ضعيف.

(5)

في الكامل (6/ 455).

(6)

في الضعفاء والمتروكين رقم الترجمة (607).

وقال عنه ابن عيينة: لم يكن بالحافظ. وقال أبو حاتم: كان رجلًا صالحًا كثير الخطأ.

وقال أبو زرعة: ليس بالقوي.

وانظر: التاريخ الكبير (8/ 35) والجرح والتعديل (8/ 406) والمجروحين (3/ 23) والكاشف (3/ 156) والمغني (2/ 679) والميزان (4/ 190) والتقريب (2/ 277) ولسان الميزان (7/ 400) والخلاصة ص 398.

ص: 376

وعن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، عند الطبراني في الأوسط

(1)

: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ على المنبر: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد" وفي إسناده هارون بن عنترة. قال ابن حبان

(2)

: لا يجوز أن يحتجّ به، منكر الحديث، ووثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين

(3)

. وقال الدارقطني: يحتجّ به.

وعن أبي الدرداء عند الطبراني

(4)

أيضًا بنحو حديث أبي هريرة المتقدم.

وعن أبي ذرٍّ عند الطبراني (4) أيضًا بنحو حديث أبي هريرة أيضًا.

وعن أبي سعيد عند أبي داود

(5)

قال: "قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: ص، فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه".

قال العراقي: وإسناده صحيح.

وقد استدل بحديث الباب

(6)

وما ذكرناه من الأحاديث على مشروعية قراءة من القرآن في الخطبة، ولا خلاف في الاستحباب.

وإنما الخلاف في الوجوب كما تقدم.

وقد اختلف في محل القراءة على أربعة أقوال:

(1)

برقم (4045).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 190) وقال: تفرد به إسحاق بن رُزيق ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله موثقون.

(2)

في المجروحين (3/ 93).

(3)

كما في "الميزان"(4/ 284) والتاريخ الكبير (8/ 321).

(4)

الطبراني كما في "مجمع الزوائد"(2/ 186) وقال الهيثمي: وإسنادهما رجاله رجال الصحيح.

(5)

في سننه رقم (1410).

قلت: وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (4/ 31) وابن حبان رقم (690 - موارد) والحاكم (2/ 431) وعنه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 318) من طرق.

قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.

وقال البيهقي: حديث حسن الإسناد صحيح.

وخلاصة القول: أن الحديث صحيح.

(6)

رقم (62/ 1240) من كتابنا هذا.

ص: 377

(الأوّل): في إحداهما لا بعينها، وإليه ذهب الشافعي

(1)

وهو ظاهر إطلاق الأحاديث.

(والثاني): في الأولى وإلى ذلك ذهبت الهادوية وبعض أصحاب الشافعي

(2)

.

واستدلوا بما رواه ابن أبي شيبة

(3)

عن الشعبي مرسلًا قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه ثم قال: السلام عليكم ويحمد الله ويثني عليه ويقرأ سورة ثم يجلس ثم يقوم فيخطب ثم ينزل، وكان أبو بكر وعمر يفعلانه".

(والقول الثالث): أن القراءة مشروعة فيهما جميعًا، وإلى ذلك ذهب العراقيون من أصحاب الشافعي.

قال العراقي: وهو الذي اختاره القاضي من الحنابلة.

(والرابع): في الخطبة الثانية دون الأولى، حكاه العمراني

(4)

.

ويدلّ له ما رواه النسائي

(5)

عن جابر عن سمرة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائمًا ثم يجلس ثم يقوم ويقرأ آيات ويذكر الله عز وجل".

قال العراقي: وإسناده صحيح.

وأجيب عنه بأن قوله: "يقرأ" معطوف على قوله: "يخطب" لا على قوله: "يقوم".

والظاهر من أحاديث الباب أن النبيّ صلى الله عليه وسلم "كان لا يلازم قراءة سورة أو آية مخصوصة في الخطبة، بل كان يقرأ مرّة هذه السورة ومرّة هذه، ومرّة هذه الآية ومرّة هذه.

(1)

الأم (2/ 412).

(2)

المجموع شرح المهذب (4/ 389) وذكر فيها أربعة أوجه.

(3)

في المصنف (2/ 114).

(4)

في كتابه "البيان"(2/ 571 - 572) وقد فصل في مذهب الشافعي.

(5)

في سننه رقم (1418) وهو حديث حسن.

ص: 378

[الباب الحادي عشر] باب هيئات الخطبتين وآدابهما

63/ 1241 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ قائِمًا، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُم يَقُومُ كما يَفْعَلُونَ اليَوْمَ. رَوَاهُ الجَماعَةُ)

(1)

. [صحيح]

64/ 1242 - (وَعَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ قائِمًا، ثُمَّ يَجْلسُ، ثُم يَقُومُ فَيَخْطُبُ قائِمًا، فَمَنْ [نبأك]

(2)

قالَ: إنَّهُ يَخْطُبُ جالسًا فَقَدْ كَذَبَ، فَقَدْ والله صَلَّيْتُ مَعَهُ أكَثَرَ مِنْ ألْفَيْ صَلاةٍ. رَوَاهُ أحْمَدُ

(3)

وَمُسْلِمٌ

(4)

وأَبُو دَاوُدَ)

(5)

. [حسن]

قوله: (كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائمًا) فيه أن القيام حال الخطبة مشروع.

قال ابن المنذر

(6)

: هو الذي عليه عمل أهل العلم من علماء الأمصار اهـ.

واختلف في وجوبه، فذهب الجمهور إلى الوجوب

(7)

.

(1)

أحمد في المسند (2/ 35) والبخاري رقم (920) و (928) ومسلم رقم (861) والترمذي رقم (506) والنسائي (3/ 109) وابن ماجه رقم (1103) وأبو داود رقم (1092).

قلت: وأخرجه الدارقطني في السنن (2/ 20) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 197) وفي "المعرفة" رقم (6424) و (6427) وابن عبد البر في التمهيد (2/ 166) والبغوي في شرح السنة رقم (1072) وابن الجارود في المنتقى رقم (295) والطبراني في الكبير رقم (13296) وعبد الرزاق في المصنف رقم (5261) من طرق وهو حديث صحيح.

(2)

زيادة من المخطوط (ب).

(3)

في المسند (5/ 91).

(4)

في صحيحه رقم (35/ 862).

(5)

في سننه رقم (1093).

قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير رقم (2015) والحاكم (1/ 279) والبيهقي (3/ 207).

وهو حديث حسن والله أعلم.

(6)

في الأوسط (4/ 59).

(7)

انظر: المغني (3/ 170 - 171) والبيان للعمراني (2/ 569).

والمجموع شرح المهذب (4/ 384).

ص: 379

ونقل عن أبي حنيفة

(1)

أن القيام سنة وليس بواجب وإلى ذلك ذهبت الهادوية

(2)

.

واستدلّ الجمهور على الوجوب بحديثي الباب وبغيرهما من الأحاديث الصحيحة.

وأخرج ابن أبي شيبة

(3)

عن طاوس قال: "خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا وأبو بكر وعمر وعثمان، وأوّل من جلس على المنبر معاوية".

وروى ابن أبي شيبة

(4)

أيضًا عن الشعبي أن معاوية إنما خطب قاعدًا لما كثر شحم بطنه ولحمه.

ولا شك أن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء الراشدين هو القيام حال الخطبة، ولكن الفعل بمجرّده لا يفيد الوجوب كما عرفت غير مرّة.

قوله: (ثم يجلس) فيه مشروعية الجلوس بين الخطبتين وقد تقدم الخلاف في حكمه.

قوله: (فمن قال إنه يخطب)، رواية أبي داود

(5)

: "فمن حدّثك أنه كان يخطب"، ورواية مسلم

(6)

: "فمن نبأك أنه كان يخطب".

قوله: (أكثر من ألفي صلاة) قال النووي

(7)

: المراد: الصلوات الخمس لا الجمعة اهـ.

ولا بدّ من هذا لأن الجمع التي صلاها صلى الله عليه وسلم من عند افتراض صلاة الجمعة إلى عند موته لا تبلغ ذلك المقدار ولا نصفه.

65/ 1243 - (وَعَنِ الحَكَمِ بْنِ حَزَنٍ الكَلَفِيّ قالَ: قَدِمْتُ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سابعَ سَبْعَةٍ أوْ تاسِعَ تِسْعَةٍ، فَلَبِثْنا عِنْدَهُ أيَّامًا شَهِدْنا فِيها الجُمُعَةَ، فَقامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم

(1)

البناية في شرح الهداية للعيني (3/ 65).

(2)

التاج المذهب (1/ 138). والبحر الزخار (2/ 16).

(3)

في المصنف (2/ 112).

(4)

في المصنف (2/ 113).

(5)

في سننه رقم (1093) وقد تقدم.

(6)

في صحيحه رقم (35/ 862) وقد تقدم.

(7)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 150).

ص: 380

مُتَوَكِّئًا على قَوْسٍ، أوْ قالَ على عَصا، فَحَمِدَ الله وأثْنَى عَلَيْهِ كَلِمات خَفِيفَاتٍ طَيِّباتٍ مُبارَكَاتٍ، ثُمَّ قال:"أَيَّها النَّاسُ إنَّكُمْ لَنْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تُطِيقُوا كُلَّ ما أُمِرْتُمْ وَلَكِنْ سَدّدُوا وأبْشِرُوا"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(1)

وأَبُو دَاوُدَ)

(2)

. [حسن]

الحديث في إسناده شِهَابُ بنْ خَرَاشٍ أبو الصلت، وقد اختلف فيه، فقال ابن المبارك: ثقة. وقال أحمد ويحيى بن معين

(3)

، وأبو حاتم

(4)

: لا بأس به.

وقال ابن حبان

(5)

: كان رجلًا صالحًا وكان ممن يخطئ كثيرًا حتى خرج عن الاعتداد به.

قال الحافظ

(6)

: والأكثر وثقوه. وقد صحح الحديث ابن خزيمة وابن السكن، وحسن إسناده الحافظ.

قال

(7)

: وله شاهد من حديث البراء بن عازب عند أبي داود

(8)

أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أعطي يوم العيد قوسًا فخطب عليه.

وطوّله أحمد

(9)

والطبراني

(10)

وصححه ابن السكن

(11)

.

(1)

في المسند (4/ 212).

(2)

في سننه رقم (1096).

قلت: وأخرجه المزي في ترجمة الحكم بن حزن الكُلفي من تهذيب الكمال (7/ 92 - 93) وأبو يعلى في المسند رقم (6826) والبيهقي في دلائل النبوة" (5/ 354) وفي السنن الكبرى (3/ 206) والطبراني في الكبير رقم (3165) من طرق.

وهو حديث حسن، والله أعلم.

(3)

كما في "تهذيب التهذيب"(2/ 180 - 181).

(4)

في الجرح والتعديل (4/ 362).

(5)

في "المجروحين"(1/ 362).

قلت: وانظر: الميزان (2/ 281) والتاريخ الكبير (4/ 236).

(6)

في "التلخيص"(2/ 129).

(7)

أي الحافظ في المرجع السابق (2/ 129).

(8)

في السنن رقم (1145) وهو حديث حسن.

وله شاهد من الحكم بن حزن الكلفي المتقدم برقم (65/ 1243) من كتابنا هذا.

(9)

في المسند (4/ 282).

(10)

في المعجم الكبير (ج 2 رقم 1169).

وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده.

(11)

حكى ذلك الحافظ في "التلخيص"(2/ 130).

ص: 381

وفي الباب عن ابن عباس

(1)

وابن الزبير

(2)

عند أبي الشيخ ابن حبان في كتاب أخلاق النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وفي الباب أيضًا عن عطاء مرسلًا: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب يعتمد على عنَزته

(3)

اعتمادًا"، أخرجه الشافعي

(4)

وفي إسناده ليث بن أبي سليم وهو ضعيف.

الحديث فيه مشروعية الاعتماد على سيف أو عصا حال الخطبة.

قيل: والحكمة في ذلك الاشتغال عن العبث.

وقيل: إنه أربط للجأش.

وفيه أيضًا مشروعية اشتمال الخطبة على الحمد لله والوعظ وقد تقدم الخلاف في الوعظ.

وأما الحمد لله، فذهب الجمهور

(5)

إلى أنه واجب في الخطبة، وكذلك الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وحكي في البحر

(6)

عن الإِمام يحيى أنه لا بد في الخطبتين من الحمد والصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى آله إجماعًا.

66/ 1244 - (وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ ياسِرٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إن طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فأطِيلُوا الصَّلاةَ، واقْصُرُوا الخُطْبَةُ"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(7)

وَمُسْلِمٌ

(8)

. والمَئِنَّةُ: العَلامَةُ وَالمِظَنَّةُ). [صحيح]

(1)

أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه" رقم (757) بسند ضعيف جدًّا.

(2)

لم أجده في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه" بل عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 130).

(3)

العنَزة: مثل نصف الرمح أو أكبر شيئًا، وفيها سنان مثل سنان الرُّمح. والعكازةُ: قريب منها. النهاية (3/ 308) والقاموس المحيط ص 667.

(4)

في المسند رقم (422 - ترتيب) مرسلًا بسند ضعيف جدًّا.

(5)

المجموع شرح المهذب (4/ 388) والمغني (3/ 173) والأوسط لابن المنذر (4/ 60).

(6)

البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (2/ 16).

(7)

في المسند (4/ 263).

(8)

في صحيحه رقم (47/ 869).

قلت: وأخرجه البزار في مسنده رقم (1406) وأبو يعلى رقم (1642) وابن خزيمة رقم =

ص: 382

67/ 1245 - (وَعَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قالَ: "كانَتْ صَلاةُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَصْدًا، وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيَّ وأبا دَاوُدَ)

(1)

. [حسن]

68/ 1246 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ أبي أوْفَى قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُطِيل الصلاةَ، وَيَقْصُر الخُطْبَةَ. رَوَاهُ النَّسائيّ)

(2)

. [صحيح]

حديث ابن أبي أوفى قال العراقي في شرح الترمذي: إسناده صحيح.

وفي الباب عن عبد الله بن مسعود عند البزار

(3)

أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إن قصر الخطبة وطول الصلاة مَئِنَّة من فقه الرجل، فطوّلوا الصلاة واقصروا الخطبة، وإن من البيان لسحرًا، وإنه سيأتي بعدكم قوم يطيلون الخُطب ويقصرون الصلاة".

وقد رواه الطبراني في الكبير

(4)

موقوفًا على عبد الله.

قال العراقي: وهو أولى بالصواب لاتفاق سفيان وزائدة على ذلك وانفراد قيس برفعه.

وعن أبي أمامة عند الطبراني في الكبير

(5)

: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث

= (1782) وابن حبان رقم (2791) والحاكم (3/ 393) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 208) من طرق.

قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ولم يخرجاه بهذه السياقة. ووافقه الذهبي.

وهو حديث صحيح.

(1)

أخرجه أحمد (5/ 93، 94) ومسلم رقم (41/ 866) والترمذي رقم (507) والنسائي رقم (1583) وابن ماجه رقم (1106).

وهو حديث حسن.

(2)

في سننه رقم (1414) وهو حديث صحيح.

(3)

في المسند (رقم 638 - كشف).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 195): رواه البزار والطبراني بعضه موقوفًا في الكبير، ورجال الموقوف ثقات. وفي رجال البزار قيس بن الربيع وثقه شعبة والثوري وضعفه الناس".

(4)

انظر التعليقة السابقة.

(5)

في المعجم الكبير (ج 8 رقم 7640).

وأورده الهيثمي في المجمع (2/ 190) وقال: رواه من رواية جميع بن ثوب وهو متروك.

ص: 383

أميرًا قال: اقصر الخطبة وأقلل الكلام، فإن من الكلام سحرًا".

وفي إسناده جَمِيع بالفتح، ويقال بالضمّ مصغرًا ابن ثوب بضم المثلثة وفتح الواو بعدها.

قال البخاري

(1)

والدارقطني

(2)

: إنه منكر الحديث. وقال النسائي

(3)

: متروك الحديث.

قوله: (مئنة) قال النووي

(4)

: بفتح الميم ثم همزة مكسورة ثم نون مشدّدة: أي علامة.

قال: وقال الأزهري

(5)

والأكثرون: الميم فيها زائدة وهي مفعلة.

قال الهروي

(6)

: قال الأزهري (5): غلط أبو عبيد

(7)

في جعل الميم أصلية، وردّه الخطابي وقال: إنما هي فعيلة.

وقال القاضي عياض

(8)

: قال شيخنا ابن سراج: هي أصلية، انتهى.

وإنما كان إقصار الخطبة علامة من فقه الرجل؛ لأن الفقيه هو المطلع على جوامع الألفاظ، فيتمكن بذلك من التعبير باللفظ المختصر عن المعاني الكثيرة.

قوله: (فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة).

قال النووي

(9)

: الهمزة في اقصر همزة وصل. وظاهر الأمر بإطالة الصلاة

(1)

في التاريخ الكبير (1/ 243/2) والضعفاء الصغير رقم الترجمة (52).

(2)

في الضعفاء والمتروكين (ص 172 رقم 148).

(3)

في الضعفاء والمتروكين (ص 73 رقم 107).

قلت: وانظر: المجروحين (1/ 218) والجرح والتعديل (2/ 550). والمغني (1/ 136) والميزان (1/ 422) ولسان الميزان (2/ 134).

(4)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 158).

(5)

في "تهذيب اللغة"(15/ 562).

(6)

في الغريبين (6/ 1721) وفي غريب الحديث (4/ 61).

(7)

في "غريب الحديث"(2/ 196).

(8)

في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 673).

(9)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 158).

ص: 384

في هذا الحديث المخالفة لقوله في حديث جابر بن سمرة

(1)

: "كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصدًا وخطبته قصدًا".

وقال النووي

(2)

: لا مخالفة لأن المراد بالأمر بإطالة الصلاة بالنسبة إلى الخطبة لا التطويل الذي يشّق على المؤتمين.

قال العراقي: أو حيث احتيج إلى التطويل لإدراك بعض من تخلف.

قال: وعلى تقدير تعذّر الجمع بين الحديثين يكون الأخذ في حقنا بقوله لأنه أدلّ، لا بفعله لاحتمال التخصيص، انتهى.

وقد ذكرنا غير مرّة أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاصّ بالأمة

(3)

مع عدم وجدان دليل يدلّ على التأسي في ذلك الفعل بخصوصه وهذا منه.

قوله: (قصدًا) القصد في الشيء هو الاقتصاد فيه وترك التطويل

(4)

.

وإنما كانت صلاته صلى الله عليه وسلم وخطبته كذلك لئلا يملّ الناس

(5)

.

(1)

تقدم برقم (67/ 1245) من كتابنا هذا.

(2)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 158 - 159).

(3)

"إرشاد الفحول" بتحقيقي ص 169 - 170.

(4)

النهاية (4/ 67).

(5)

إليك أخي المسلم مواصفات الخطبة الموفقة والمفيدة:

1 -

أن تكون الخطبة ذات موضوع واحد، مشبعًا بالأدلة القرآنية، والأحاديث الصحيحة، والقصص الصادقة، حتى يخرج المستمع بفائدة مثمرة.

2 -

أن تمتاز الخطبة بسهولة العبارة، ووضوح الجملة، وسهولة اللغة والبعد عن التكلم بالعامية، واجتناب المفردات الغريبة، والجمل المعقدة، واللغة الصعبة. وبمعنى آخر: يخاطب الناس بالأسلوب الذي يفهمون وعلى المستوى الذي يعقلون، دون ارتفاع باللغة إلى مستوى الإعجاز، أو نزول بها إلى مستوى الإسفاف.

3 -

أن تكون الخطبة مرتبطة بالقرآن والسنة، والأحداث المعاصرة، والوقائع الهامة، والقضايا الضرورية في حياة الناس، بعيدة عن الخطب الأثرية التي تتحدث عن قضايا موغلة في القدم، ليس لها من الواقع نصيب.

وهنا يجدر بالخطيب أن يكون متابعًا لما يجري على الساحة الإسلامية العالمية والمحلية، مطلعًا على آخر الأخبار حتى يشعر المصلون بدور خطبة الجمعة في معالجة قضاياهم وإيصال حكم الإسلام فيها إليهم. =

ص: 385

وأحاديث الباب فيها مشروعية إقصار الخطبة ولا خلاف في ذلك.

واختلف في أقلّ ما يجزئ على أقوال مبسوطة في كتب الفقه.

69/ 1247 - (وَعَنْ جابِر قالَ: كانَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم إذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ

= 4 - أن تكون الخطبة بعيدة عن الأمور الخلافية، التي تورث البغض والفتنة، والتي تفرق ولا تجمع، وتفسد ولا تصلح.

5 -

أن تخلو الخطبة من الأحاديث الموضوعة والضعيفة، والقصص الخيالية الباطلة، والأخبار الإسرائيلية، لما لها من الأثر السيء في حياة الأمة، كما يؤدي ذلك إلى ضعف الثقة بالخطيب.

6 -

أن تكون الخطبة قصيرة ومفيدة، ومستوعبة لأفكار الموضوع حتى لا تبعث على السآمة والملل، والمخالفة للسنة. فخير الكلام ما قلّ ودل.

7 -

أن لا تقتصر خطبة الجمعة على جانب واحد من جوانب الإسلام العديدة بل ينوع خطبه بحيث تشمل جميع الجوانب: الروحية - والخلقية - والفكرية - والعقائدية - والاجتماعية - والسياسية - والأحداث التي غيرت وجه التاريخ: كالإسراء والمعراج - الهجرة النبوية

8 -

افتتاح الخطبة بالمأثور: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح خطبه بخطبة الحاجة الواردة عنه صلى الله عليه وسلم.

9 -

اجتناب الأفعال والأقوال التي لا دليل عليها أثناء الخطبة: كرفع اليدين عند الدعاء في الخطبة الثانية، وإطالة الخطبة، والوقوف عند أسفل المنبر للدعاء، والتباطؤ في الطلوع على المنبر، والاشتغال بالدعاء إذا صعد المنبر، مستقبل القبلة قبل الإقبال على الناس والسلام عليهم. والاعتماد على السيف في الخطبة، والمواظبة على قراءة حديث في آخر الخطبة دائمًا كحديث:"التائب من الذنب كمن لا ذنب له" والتسليم بعد الفراغ من الخطبة الأولى؛ والإسراع في الخطبة الثانية، وجعلها عارية عن الوعظ والإرشاد والتذكير، وتخصيصها بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء، والتزام ختم الخطبة بقوله:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل: 90].

10 -

أن تكون الخطبة على منبر.

واعلم أن السنة في المنبر أن يكون ثلاث درجات لا أكثر. والزيادة عليها بدعة. وكثيرًا ما تُعرِّض الصف للقطع؛ والفرار من ذلك بجعله في الزاوية الغربية من المسجد أو المحراب بدعة أخرى، وكذلك جعله مرتفعًا في الجدار الجنوبي كالشرفة يصعد إليه بدرج لصيق الجدار بدعة ثالثة.

11 -

أن يخطب قائمًا وأن يجلس بين الخطبتين.

12 -

أن تحتوي الخطبة على آيات قرآنية.

[من كتابي الفوائد المجتمعة لخطيب الجمعة. ط. دار ابن حزم ص 25 - 32].

ص: 386

عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حتَّى كأنَّه مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ

(1)

وَابْنُ ماجَهْ)

(2)

. [صحيح]

الحديث تمامه في صحيح مسلم (1): "ويقول: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة".

قوله: (إذا خطب احمّرت عيناه) فيه أنه يستحبّ للخطيب أن يفخم أمر الخطبة ويرفع صوته ويجزل كلامه ويظهر غاية الغضب والفزع؛ لأن تلك الأوصاف إنما تكون عند اشتدادهما.

قوله: (يقول) أي منذر [الجيش]

(3)

.

قوله: (صبحكم) فاعله ضمير يعود إلى العدوّ المنذر منه، ومفعوله يعود إلى المنذرين، وكذلك قوله:"ومساكم" أي أتاكم العدوّ وقت الصباح أو وقت المساء

(4)

.

(1)

في صحيحه رقم (43/ 867).

(2)

في سننه رقم (45).

وهو حديث صحيح.

(3)

في المخطوط (ب): (جيش).

(4)

مواصفات الخطيب الموفق إلى الخير:

1 -

أن يكون مخلصًا في خطبته مبتغيًا وجه الله تعالى، لا يبتغي شهرة ولا سمعة. وأن يعتقد أنه بخطبته يجاهد في سبيل الله تعالى، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

2 -

أن يوصل الحق إلى الناس بقوله وعمله معًا، وأن لا يرتكب ما نهى الناسَ عنه لتكون كلمته مؤثرة في السامعين، ونافعة لهم في الدنيا والآخرة.

3 -

أن يكون عالمًا بأمور الدين، واسع الاطلاع على تفسير القرآن الكريم والحديث النبوي، والفقه المدعم بالأدلة، والسيرة النبوية، والتاريخ الصحيح الخالي من الكذب والتحريف، حتى يقدم الحلول لمشكلات المسلمين ويجيب على تساؤلاتهم.

4 -

أن يكون جريئًا من غير تهور، وشجاعًا من غير حمق يناقش الخطأ والخلل دون تجريح أو تشهير بالأشخاص أو الجماعات، ويعرض الموضوع بذكاء وفطنة، ويقدم الحجة الدامغة لكشف الزيف والزلل ..

5 -

أن يكون حريصًا على سلوكه المستقيم، وسيرته الطيبة، وأخلاقه الحميدة، بعيدًا عن التملق والنفاق والخداع، والغش، والغدر، ومدح الباطل وأهله

وغير ذلك من الأمور المنفرة للناس، المضيعة لجهوده في إرشاد الناس ووعظهم. =

ص: 387

70/ 1248 - (وَعَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قالَ: كُنْتُ إلى جَنْبِ عِمَارَةَ بْنِ رُؤيْبَةَ، وَبِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ يَخْطبُنا؟ فَلَمَّا دَعَا رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقالَ عِمَارَةُ: يَعْنِي قَبَّحَ الله هاتَيْنِ اليَدَيْنِ، رأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ على المِنْبَرِ يَخْطبُ إذَا دَعَا يَقُولُ هَكَذَا، فَرَفَعَ السَّبَّابَةَ وَحْدَها. رَوَاهُ أحْمَدُ

(1)

وَالتِّرْمِذِيُّ بِمَعْنَاهُ وَصحَّحَهُ)

(2)

. [صحيح]

= 6 - أن يكون مؤمنًا بما يدعو الناس إليه، متحمسًا لفكرته والعمل لها ونشرها بصدق وإخلاص وثبات.

7 -

أن يكون مطبقًا لسنن الجمعة من غسل وتطيب ولباس جميل وقراءة سورة الكهف والإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

8 -

أن يبتعد ما أمكن عن الخطبة من الورقة ليستطيع أن يوزع نظراته على الحاضرين، ويؤثر فيهم.

9 -

أن يتجنب تقليد الخطباء المشهورين بالنبرات واللهجة، وغير ذلك، ليتجنب استهجان السامعين وانتقاداتهم اللاذعة.

ولا ضير عليه أن يستفيد منهم في ربط الموضوع بالواقع، وكيفية الدخول فيه، وطريقتهم في معالجة الأمراض الاجتماعية، وغير ذلك من فوائد ..

10 -

أن يجيد إلقاء الخطبة، كالوقف على الفواصل، ورفع الصوت عند اللزوم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اختطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، كأنه منذر جيش.

ولن يصل الخطيب إلى ذلك حتى يتفاعل مع الموضوع الذي يطرحه للناس، ويعايشه بقلبه وفكره، فتخرج كلماته معبرة عن شعور صادق وتأثر كامل؛ لأن ما خرج من القلب يصل إلى القلب، وما خرج من اللسان لا يجاوز الآذان، وقديمًا قالت العرب: ليست النائحة الثكلى كالمستأجرة. وقالوا حديثًا: فاقد الشيء لا يعطيه.

11 -

أن يكون متمكنًا لمعالجة أي موقف يطرأ أثناء الخطبة، كأن يتخطى أحدٌ رقاب المصلين، أو أن يتكلم اثنان، أو أن تدخل جنازة، فيكون من المناسب أن يعدل موضوعه ما أمكن ليتناسب مع الموقف الطارئ.

[من كتابي "الفوائد المجتمعة لخطيب الجمعة" (ص 17 - 24)].

(1)

في المسند (4/ 135 - 136).

(2)

في سننه رقم (515) وقال: حديث حسن صحيح.

قلت: وأخرجه مسلم رقم (874) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني رقم (1581) وابن حبان رقم (882) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 210) والدارمي (1/ 366) وأبو داود رقم (1104) وابن خزيمة رقم (1793) و (1794) والبغوي في شرح السنة رقم (1079) والنسائي رقم (1412) من طرق.

وهو حديث صحيح.

ص: 388

71/ 1249 - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: ما رأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم شاهِرًا يَدَيْهِ قطُّ يَدْعُو على مِنْبَرٍ وَلا غَيْرِهِ، ما كانَ يَدْعُو إلّا يَضَعُ يَدَهُ حَذو [مِنْكَبِهِ]

(1)

ويُشِيرُ بأصْبُعُهِ إشارَةً، رَوَاهُ أَحْمَدُ

(2)

وأَبُو دَاوُدَ

(3)

وَقالَ فِيهِ: لَكِنْ رأيْتُهُ يَقُولُ هَكَذَا، وأشارَ بالسَّبَّابَةِ وَعَقَدَ الوُسْطَى بالإِبْهَامِ). [ضعيف]

الحديث الأوّل أخرجه أيضًا مسلم

(4)

والنسائي

(5)

.

والحديث الثاني في إسناده عبد الرحمن بن إسحاق القرشي، ويقال له عبَّاد بن إسحاق وفيه مقال، كذا قال المنذري

(6)

.

وفي الباب عن [غُضَيْف]

(7)

بن الحارث الثمالي عند أحمد

(8)

والبزار

(9)

(1)

في المخطوط (ب): (منكبيه).

(2)

في المسند (5/ 337) بسند ضعيف.

(3)

في سننه رقم (1105).

قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1450) وأبو يعلى رقم (7551) وابن حبان رقم (883) والطبراني في الكبير رقم (6023) والحاكم (1/ 535 - 536) من طرق.

ولم يذكر ابن خزيمة وأبو يعلى وابن حبان والطبراني والحاكم فيه: "ما كان يدعو إلا يضع يديه حذو منكبيه".

وهو حديث ضعيف.

(4)

في صحيحه رقم (53/ 874) وقد تقدم.

(5)

في السنن رقم (1412) وقد تقدم.

(6)

في "مختصر السنن"(2/ 20).

(7)

غُضيْف: بالضاد المعجمة مصغَّر. ويقال: بالطاء. ابن الحارث السَّكُوني، ويقال: الثُمَالي، يكنى أبا أسماء، حمصي. مختلف في صحبته.

قال ابن حبان: من قال: الحارث بن غُطيف وَهِمَ، ومنهم من فَرَّقَ بين غُضيف بن الحارث فأثبت صحبته. وعُطيف بن الحارث. فقال: إنه تابعي وهو أشبه.

مات صاحب الترجمة سنة بضع وستين. (بخ د س ق).

[التقريب رقم الترجمة (5361)].

• في المخطوط (أ): (غُطيف). والمثبت من (ب).

(8)

في المسند (4/ 105).

(9)

في المسند (رقم 131 - كشف).

وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد" (1/ 188) وقال: "رواه أحمد والبزار وفيه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم وهو منكر الحديث".

ص: 389

قال: بعثَ إليَّ عبدُ الملك بنُ مروان فقال: يا أبا سليمان إنَّا قد جمعنا النَّاسَ على أمرينِ، فقال: وما هما؟ فقال: رفع الأيدي على المنابر يومَ الجُمعةِ، والقَصَصُ بعد الصُّبح، فقال: أَمَا إنَّهما أمثَلُ بِدعَتِكِم عندي، ولستُ بمجيبكم إلى شيء منها، قال: لِمَ؟ قال: لأنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ما أحدَثَ قومٌ بدعة إلَّا رُفعَ مثلُها من السنةِ"، فتمسكٌ بسنَّةٍ خير من إحداثِ بدعةٍ.

وفي إسناده ابن أبي مريم وهو ضعيف

(1)

، وبقية وهو مدلس

(2)

.

قوله: (فقال عمارة يعني) لفظ يعني ليس في مسلم

(3)

ولا في سنن أبي داود

(4)

ولا الترمذي

(5)

.

قوله: (قبح الله هاتين اليدين)، زاد الترمذي (5):"القصيرتين".

والحديثان المذكوران في الباب يدلان على كراهة رفع الأيدي على المنبر حال الدعاء وأنه بدعة.

وقد ثبت في الصحيحين

(6)

من حديث أنس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض [إبطيه]

(7)

".

وظاهره أنه لم يرفع يديه في غير الاستسقاء.

(1)

أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني الحمصي، ويقال اسمه: بكر، وقيل: بكير، وقيل: عمرو. وقيل: عامر، وقيل: عبد السلام. كان من العبّاد، ضعيف عندهم. ضعفه أحمد وغيره لكثرة ما يغلط. وقال ابن عدي: أحاديثه صالحة، ولا يحتج به.

التاريخ الكبير (9/ 9) والمجروحين (3/ 146) والكاشف (3/ 275) والمغني (2/ 774) والميزان (4/ 497) التقريب (2/ 398) والخلاصة ص 445.

(2)

ولكن تابعه المعافى بن عمران عند البزار.

قلت: حديث غضيف بن الحارث بسند ضعيف، والله أعلم.

(3)

رقم (53/ 874) وقد تقدم.

(4)

في سننه رقم (1104) وقد تقدم.

(5)

في سننه رقم (515) وقد تقدم.

(6)

البخاري رقم (1031) ومسلم رقم (7/ 895).

(7)

في (ب): (إبطه) وما أثبتناه من (أ) وهو موافق لما في الصحيحين.

ص: 390

قال النووي

(1)

: وليس الأمر كذلك، بل قد ثبت رفع يديه في الدعاء في مواطن وهي أكثر من أن تحصى.

قال: وقد جمعت منها نحوا من ثلاثين حديثًا من الصحيحين

(2)

انتهى.

وظاهر حديثي الباب أنها تجوز الإِشارة بالأصبع في خطبة الجمعة.

[الباب الثاني عشر] باب المنْعِ مِنَ الكلامِ والإِمامُ يخطبُ والرُّخْصَةِ في تكلُّمِهِ وتكليمِهِ لمصلحةٍ وفي الكلامِ قبلَ أخْذِهِ في الخطْبَةِ وبعدَ إتمامِهَا

72/ 1250 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: أنْصِتْ، وَالإِمامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا ابْنَ ماجَهْ)

(3)

. [صحيح]

73/ 1251 - (وَعَنْ عَلِيّ رضي الله عنه فِي حَدِيث لَهُ قالَ: مَنْ دَنا مِنَ الإِمامه فَلَغَا وَلَمْ يَسْتَمِعْ وَلَمْ [يَنْصِتْ]

(4)

كانَ عَلَيْهِ كِفل مِنَ الوِزْرِ، وَمَنْ قالَ: صَهْ، فَقَدْ لَغا، وَمَنْ لَغا فَلا جُمْعَةَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أحْمَدُ

(5)

وأَبُو دَاوُدَ)

(6)

. [ضعيف]

74/ 1252 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ

(1)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 190).

(2)

تقدم الإشارة إلى ذلك.

(3)

أخرجه أحمد في المسند (2/ 393) والبخاري رقم (3941) ومسلم رقم (11/ 851) وأبو داود رقم (1112) والترمذي رقم (512) والنسائي رقم (1401) وهو حديث صحيح.

(4)

في المخطوط (ب): (ينصب).

(5)

في المسند (1/ 93).

(6)

في سننه رقم (1051).

قال المنذري في "المختصر"(2/ 5): "فيه رجل مجهول، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني وثقه ابن معين، وأثنى عليه غيره، وتكلم فيه ابن حبان وكذَّبَه سعيد بن المسيب".

وهو حديث ضعيف.

ص: 391

الجُمُعَةِ والإمامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَمَثَل الحِمارِ يَحْمِلُ أسْفارًا، وَالَّذِي يَقُولُ لَه: أنْصِتْ، لَيْسَ لَهُ جُمعَة"، رَوَاهُ أحْمَدُ)

(1)

. [ضعيف]

75/ 1253 - (وَعَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ قالَ: جَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا على المِنْبَرِ فَخَطَبَ النَّاسَ وَتَلا آيةً، وَإلى جَنْبِي أبَيّ بْنُ كَعْبٍ، فَقُلْت لَه: يا أُبيُّ مَتَى أنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَة؟ فأبى أنْ يُكَلّمَنِي، ثُمَّ سألْتُه فأبَى أنْ يُكَلّمَنِي، حتَّى نَزَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقالَ لي أُبَيّ: ما لكَ مِنْ جُمعَتِكَ إلَّا ما لَغَيْتَ؛ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم جئْتُه فأخْبَرْتُه، فَقالَ: "صَدَقَ أُبيٌّ، فإذَا سَمِعْتَ إمامَكَ يَتَكَلَّمُ فانْصِتْ حتَّى يَفْرُغَ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ)

(2)

. [ضعيف]

حديث عليّ في إسناده رجل مجهول؛ لأن عطاء الخراساني رواه عن مولى امرأته أم عثمان [قالت]

(3)

: "سمعت عليًا" الحديث.

وعطاء الخراساني وثقه يحيى بن معين وأثنى عليه، وتكلم فيه ابن حبان، وكذبه سعيد بن المسيب

(4)

.

وحديث ابن عباس أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة في المصنف

(5)

والبزار في

(1)

في المسند (1/ 230).

قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 125) والبزار رقم (644 - كشف).

والرامهرمزي في "الأمثال" ص 91 والطبراني في الكبير رقم (12563).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 184) وقال: رواه البزار والطبراني في الكبير وفيه مجالد بن سعيد وقد ضعفه الناس ووثقه النسائي في رواية" اهـ.

والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(2)

في المسند (5/ 198).

قلت: وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 367).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 185) وزاد نسبته للطبراني في الكبير وقال: "رجال أحمد موثقون". وقال المنذري في "الترغيب والترهيب"(1/ 569): رواه أحمد من رواية حرب بن قيس عن أبي الدرداء، ولم يسمع منه.

والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.

(3)

في المخطوط (ب): (قال).

(4)

قاله المنذري في "المختصر"(2/ 5).

(5)

في المصنف (2/ 125) وقد تقدم.

ص: 392

مسنده

(1)

والطبراني في الكبير

(2)

، وفي إسناده مجالد بن سعيد، وقد ضعفه الجمهور

(3)

.

وقال الحافظ في بلوغ المرام

(4)

: لا بأس بإسناده.

وحديث أبي الدرداء أخرجه أيضًا الطبراني

(5)

من رواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن أبي الدرداء.

وروي أيضًا من رواية عبد الله بن سعد عن حرب بن قيس عن أبي الدرداء

(6)

. قال في مجمع الزوائد

(7)

: ورجال أحمد ثقات.

ويشهد له ما أخرجه أبو يعلى

(8)

والطبراني

(9)

عن جابر قال: "دخل ابن مسعود والنبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس إلى جنبه أبي"، فذكر نحو حديث أبي الدرداء.

قال العراقي: ورجاله ثقات.

ويشهد له أيضًا ما رواه الطبراني

(10)

عن أبي ذرّ بنحو حديث أبي الدرداء المذكور في الباب.

(1)

رقم (644 - كشف) وقد تقدم.

(2)

في المعجم الكبير رقم (12563) وقد تقدم.

(3)

مجالد بن سعيد بن عمير الكوفي الهمداني: مشهور، قال البخاري: مجاهد مات سنة (144)، وقال أحمد: ليس بشيء، وقال ابن معين وغيره: لا يحتج به.

التاريخ الكبير (8/ 9) والمجروحين (3/ 10) والكاشف (3/ 106) والمغني (2/ 542) والميزان (3/ 438) والتقريب (2/ 229) والخلاصة ص 369.

(4)

عقب الحديث رقم (10/ 423) بتحقيقي.

(5)

كما في مجمع الزوائد (2/ 185) وقد تقدم.

(6)

أخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائد المسند (5/ 143) وابن ماجه في سننه رقم (1111).

وهو حديث صحيح.

(7)

(2/ 185).

(8)

في المسند رقم (1799).

(9)

في الأوسط رقم (3728).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 185) وقال: رواه الطبراني في الأوسط بنحوه وفي الكبير باختصار ورجال أبي يعلى ثقات".

وهو حديث حسن، والله أعلم.

(10)

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 186): " .... لكن الطبراني روى هذا عن أبي =

ص: 393

وعن ابن أبي أوفى عند ابن أبي شيبة في المصنف

(1)

قال: "ثلاث من سلم منهنّ غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى: من أن يحدث حدثًا، يعني أذى، أو أن يتكلم، أو أن يقول: صه".

قال العراقي: ورجاله ثقات.

قال: وهذا وإن كان موقوفًا فمثله لا يقال من قبل الرأي فحكمه الرفع كما قاله ابن عبد البر

(2)

وغيره فيما كان من هذا القبيل.

ولابن أبي أوفى حديث آخر مرفوع عند النسائي

(3)

قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر ويقلّ اللغو ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة".

وعن جابر عند ابن أبي شيبة أيضًا في المصنف

(4)

قال: "قال سعد لرجل يوم الجمعة: لا جمعة لك، فذكر ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: لم يا سعد؟ قال: إنه يتكلم وأنت تخطب، قال: صدق سعد" يعني ابن أبي وقاص.

ورواه أيضًا أبو يعلى

(5)

والبزار

(6)

، وفي إسناده مجالد بن سعيد وهو ضعيف عند الجمهور كما تقدم

(7)

.

وعن عبد الله بن عمر عند أبي داود

(8)

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يحضر الجمعة

= الدرداء، وذكر بعده إسنادًا إلى أبي الدرداء وأبي ذر قال: فذكر الحديث وإسنادهما رجاله رجال الصحيح" اهـ.

(1)

(2/ 126).

(2)

في التمهيد (4/ 48 - 49).

(3)

في السنن رقم (1414) وهو حديث صحيح.

(4)

(2/ 125 - 126).

(5)

في المسند رقم (708).

(6)

في المسند (رقم 642 - كشف).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 185): وقال: رواه أبو يعلى والبزار وفيه مجالد بن سعيد وقد ضعفه الناس ووثقه النسائي في رواية.

(7)

تقدم قريبًا خلال شرح هذا الحديث رقم (75/ 1253) من كتابنا هذا.

(8)

في سننه رقم (1113).

قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 219) من طريق أبي داود. وأخرجه ابن خزيمة رقم (1813).

وهو حديث حسن، والله أعلم.

ص: 394

ثلاثة نفر: فرجل [حضرها]

(1)

يلغو فهو حظه منها، ورجل حضرها يدعو فهو رجل دعا الله إن شاء أعطاه وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخطّ رقبة مسلم ولم يؤذ أحدًا فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام".

قال العراقي: وإسناده جيد.

وعن ابن مسعود عند ابن أبي شيبة في المصنف

(2)

والطبراني في الكبير

(3)

قال: "كفى لغوًا إذا صعد الإِمام المنبر أن تقول لصاحبك: أنصت".

قال العراقي: ورجاله ثقات محتجّ بهم في الصحيح. قال: وهو وإن كان موقوفًا فمثله لا يقال من قبل الرأي فحكمه الرفع.

قوله: (أنصت) قال الأزهري

(4)

: يقال أنصت ونصت وانتصت.

قال ابن خزيمة

(5)

: والمراد بالإِنصات: السكوت عن مكالمة الناس دون ذكر الله.

وتعقب بأنه يلزم منه جواز القراءة والذكر حال الخطبة، والظاهر أن المراد السكوت مطلقًا، قاله في الفتح

(6)

.

وهو ظاهر الأحاديث، فلا يجوز من الكلام إلا ما خصه دليل كصلاة التحية، نعم الأمر بالصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم عند ذكره يعمّ جميع الأوقات، والنهي عن الكلام حال الخطبة يعمّ كل كلام، فيتعارض العمومان ولكنه يرجح مشروعية الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم عند ذكره حال الخطبة ما سيأتي في تفسير اللغو من اختصاصه بالكلام الباطل الذي لا أصل له، لولا ما سيأتي من الأدلة القاضية بالتعميم.

(1)

في المخطوط (ب): حضر.

(2)

(2/ 124).

(3)

في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 186) وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح.

(4)

في "تهذيب اللغة"(12/ 155).

(5)

حكاه عنه بن حجر في "الفتح"(2/ 414).

(6)

(2/ 414).

ص: 395

قوله: (والإمام يخطب) فيه دليل على اختصاص النهي بحال الخطبة، وردّ على من أوجب الإِنصات من خروج الإِمام.

وكذلك قوله: (يوم الجمعة) ظاهره أن الإِنصات في خطبة غير يوم الجمعة لا يجب.

قوله: (فقد لغوت) قال في الفتح

(1)

: قال الأخفش

(2)

: اللغو الكلام الذي لا أصل له من الباطل وشبهه.

وقال ابن عرفة

(3)

: اللغو: السقط من القول، وقيل: الميل عن الصواب. وقيل: اللغو: الإِثم، لقوله تعالى:{وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72].

وقال الزين بن المنير

(4)

: اتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو ما لا يحسُن من الكلام.

وأغرب أبو عبيد الهروي في الغريب

(5)

فقال: معنى لغا: تكلم، والصواب: التقييد.

وقال النضر بن شميل

(6)

: معنى لغوت: خبت من الأجر. وقيل: بطلت فضيلة جمعتك. وقيل: صارت جمعتك ظهرًا.

قلت: أقوال أهل اللغة متقاربة المعنى انتهى كلام الفتح.

وفي القاموس

(7)

: اللغو: السقط وما لا يعتدّ به من كلام أو غيره، انتهى.

ويؤيد قول من قال: إن اللغو صيرورة الجمعة ظهرًا، ما عند أبي داود

(8)

(1)

(2/ 414).

(2)

حكاه عنه ابن حجر في "الفتح"(2/ 414).

(3)

ذكره الهروي في الغريبين (5/ 1693).

(4)

ذكره الحافظ في الفتح (2/ 414).

(5)

(4/ 131) قال: اللغو: كثرة الحديث.

وقال في "الغريبين"(5/ 1693): لَغْوًا: أي كلامًا مُطْرحًا.

يقالُ: لَغى الإنسان إذا تكلم بالمطرح، وألغى أسقط.

(6)

ذكره ابن منظور في "لسان العرب"(15/ 251).

والأزهري في تهذيب اللغة (8/ 197).

(7)

القاموس المحيط (ص 1716).

(8)

في سننه رقم (347).

ص: 396

وابن خزيمة

(1)

من حديث ابن عمرو بن العاص مرفوعًا بلفظ: "من لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرًا".

قوله: (فلا جمعة له) قال العلماء

(2)

: معناه: لا جمعة له كاملة للإِجماع على إسقاط فرض الوقت عنه.

قوله: (فهو كمثل الحمار يحمل أسفارًا) شبه من لم يمسك عن الكلام بالحمار الحامل للأسفار بجامع عدم الانتفاع.

وظاهر قوله: "من تكلم يوم الجمعة"، المنع من جميع أنواع الكلام من غير فرق بين ما لا فائدة فيه وغيره. ومثله حديث جابر

(3)

الذي تقدم، وكذلك حديث أبيّ

(4)

لإِطلاق الكلام فيهما.

ويؤيده أنه إذا جعل قوله: "أنصت"

(5)

مع كونه أمرًا بمعروف لغوًا، فغيره من الكلام أولى بأن يسمى لغوًا.

وقد وقع عند أحمد

(6)

بعد قوله: "فقد لغوت عليك بنفسك" ويؤيد ذلك أيضًا ما تقدم من تسمية السؤال عن نزول الآية لغوًا.

وقد ذهب إلى تحريم كل كلام حال الخطبة الجمهور، ولكن قيد ذلك بعضهم بالسامع للخطبة، والأكثر لم يقيدوا.

قالوا: وإذا أراد الأمر بالمعروف فليجعله بالإِشارة.

(1)

في صحيحه رقم (1810).

وهو حديث حسن.

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 414).

(3)

وهو حديث حسن وقد تقدم قريبًا.

(4)

وهو حديث صحيح تقدم وقد أخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائد المسند (5/ 143) وابن ماجه رقم (1111).

(5)

في الحديث الصحيح رقم (1250) من كتابنا هذا. وقد تقدم.

(6)

في المسند (2/ 318) ولفظه: "إذا قُلتَ للناسِ: أنصتوا، وهم يتكلمون، فقد أَلْغَيْتَ على نفسك" بسند صحيح على شرط الشيخين.

وهو في مصنف عبد الرزاق رقم (5418) ولفظه: "إذا قلتَ للناس: أنصتوا، يومَ الجمعة وهم ينطقون، والإمام يخطب، فقد لغوتَ على نفسك".

ص: 397

قال الحافظ

(1)

: وأغرب ابن عبد البر

(2)

فنقل الإِجماع على وجوب الإِنصات للخطبة على من سمعها إلا عن قليل من التابعين منهم الشعبي.

وتعقبه بأن للشافعي

(3)

قولين، وكذلك لأحمد

(4)

.

وروي عنهما أيضًا التفرقة بين من سمع الخطبة ومن لم يسمعها، ولبعض الشافعية

(5)

التفرقة بين من تنعقد بهم الجمعة فيجب عليهم الإِنصات، وبين من زاد عليهم فلا يجب.

وقد حكى المهدي في البحر

(6)

عن القاسم وابنه محمد بن القاسم والمرتضى ومحمد بن الحسن أنه يجوز الكلام الخفيف حال الخطبة.

واستدلوا على ذلك بتقرير النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الساعة

(7)

، ولمن سأله في الاستسقاء

(8)

.

وردَّ بأن الدليل أخصّ من الدعوى، وغاية ما فيه أن يكون عموم الأمر بالإِنصات مخصصًا بالسؤال.

(1)

في "الفتح"(2/ 415).

(2)

في "التمهيد"(4/ 45).

(3)

قال الشافعي في "الأم"(2/ 420): "ومن لم يسمع الخطبة أحببتُ له من الإنصات ما أحببته للمستمع".

وقال الشافعي أيضًا في "الأم"(2/ 420): "وإذا كان لا يسمع من الخطبة شيئًا فلا أكره أن يقرأ في نفسه، ويذكر الله تبارك اسمه ولا يكلم الآدميين.

• وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 122) عن الحسن أنه كان لا يرى بأسًا في الرجل يوم الجمعة أن يذكر الله في نفسه والإمام يخطب.

• وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 122) أيضًا عن إبراهيم قال: قلت لعلقمة: أقرأ في نفسي؟ قال: لعل ذلك ألا يكون به بأس.

(4)

المغني (3/ 193 - 196).

(5)

المجموع (4/ 395).

(6)

البحر الزخار (2/ 19 - 20).

(7)

أخرجه أحمد (2/ 361) والبخاري رقم (59) وابن حبان رقم (104) والبغوي في شرح السنة رقم (4232) من طرق من حديث أبي هريرة.

(8)

أخرجه أحمد (3/ 256) والبخاري رقم (933) ومسلم رقم (8/ 897) والنسائي (3/ 166) وابن الجارود في المنتقى رقم (256) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 354) وفي دلائل النبوة (6/ 139) والبغوي في شرح السنة رقم (1167) من طرق. من حديث أنس بن مالك.

ص: 398

ونقلَ صاحبُ المغني

(1)

- هو ابن قدامة - الاتفاق على أن الكلام الذي يجوز في الصلاة يجوز في الخطبة كتحذير الضرير من البئر ونحوه.

وخصص بعضهم ردّ السلام وهو أعمّ من أحاديث الباب من وجه وأخصّ من وجه، فتخصيص أحدهما بالآخر تحكم، ومثله تشميت العاطس.

وقد حكى الترمذي

(2)

عن أحمد وإسحاق الترخيص في ردّ السلام وتشميت العاطس.

وحُكِيَ عن الشافعي

(3)

خلاف ذلك.

وحكى ابن العربي

(4)

عن الشافعي موافقة أحمد وإسحاق.

قال العراقي: وهو أولى مما نقله عنه الترمذي.

وقد صرّح الشافعي

(5)

في مختصر البويطي بالجواز فقال: ولو عطس رجل يوم الجمعة فشمَّته رجل رجوت أن يسعه؛ لأن التشميت سنة، ولو سلم رجل على رجل كرهت ذلك له ورأيت أن يردّ عليه؛ لأن السلام سنة [وردّه]

(6)

فرض، هذا لفظه.

وقال النووي في شرح المهذب

(7)

: إنه الأصحّ.

قال في الفتح

(8)

: وقد استثني من الإِنصات في الخطبة ما إذا انتهى الخطيب إلى كلام لم يشرع في الخطبة مثل الدعاء للسلطان مثلًا، بل جزم صاحب التهذيب

(9)

بأن الدعاء للسلطان مكروه.

(1)

(3/ 198 - 199).

(2)

في السنن (2/ 388).

قلت: ولأحمد روايتان عنه، انظر: المغني (3/ 198 - 199).

(3)

الأم (2/ 420) وقد تقدّم.

(4)

في "عارضة الأحوذي"(2/ 302).

(5)

في الأم (2/ 419).

(6)

السياق يقتضيها وهي ساقطة من المخطوط (أ) و (ب).

(7)

(4/ 394).

(8)

(2/ 415).

(9)

هو الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء، أبو محمد (ت: 516 هـ).

وكتاب "التهذيب" في المذهب الشافعي، وهو محرَّر مهذَّب، مجرَّد من الأدلة غالبًا، لخصه من "تعليقة" شيخه القاضي حسين - بن محمد بن أحمد الخراساني، أبو علي (ت: =

ص: 399

وقال النووي

(1)

: محله إذا جاوز، وإلا فالدعاء لولاة الأمر مطلوب.

قال الحافظ

(2)

: ومحل الترك إذا لم يخف الضرر، وإلا فيباح للخطيب إذا خشي على نفسه.

قوله: (إلا ما لغيت) بفتح اللام وكسر الغين المعجمة لغة في لغوت

(3)

.

76/ 1254 - (وَعَنْ بُرَيْدَةَ قالَ: كان رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُنا، فَجاءَ الحَسَنُ والحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أحْمَرَانِ يَمْشِيانِ وَيعْثُرَانِ، فَنَزَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنَ المِنْبَرِ فَحَمَلَهُما فَوَضَعَهُما بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "صَدَقَ الله وَرَسُولُهُ: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] نَظَرْتُ إلى هَذَيْنِ الصَّبِيَّيْنِ يَمْشِيانِ وَيَعْثُرَانِ فَلَمْ أصْبِرْ حتَّى قَطَعْتُ حَدِيثِي وَرَفَعْتُهُما"، رَوَاهُ الخَمْسَة)

(4)

. [صحيح]

= 462 هـ) المسماة "التعليقة الكبرى" - وزاد فيه ونقص، وهو مشهور متداول عند الشافعية.

وله نسخة خطية في أربع مجلدات ضخام. المجلد الرابع في الظاهرية بدمشق تحت رقم (292 - فقه شافعي) يرجع تاريخ نسخة إلى سنة (599 هـ).

[معجم المصنفات ص 143 رقم (351)، وص 117 - 118 رقم (268)].

• وقال النووي في المجموع (4/ 401): يكره في الخطبة أشياء:

(منها) ما يفعله بعض جهلة الخطباء من الدق بالسيف على درج المنبر في صعوده، وهذا باطل لا أصل له وبدعة قبيحة.

(ومنها): الدعاء إذا انتهى صعوده قبل جلوسه، وربما توهم بعض جهلتهم أنها ساعة إجابة الدعاء، وذلك خطأ، إنما ساعة الإجابة بعد جلوسه كما سنوضحه في موضعه من الباب الثاني إن شاء الله تعالى.

(ومنها): الالتفاف في الخطبة الثانية عند الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقد سبق بيان أنه باطل مكروه.

(ومنها): المجازفة في أوصاف السلاطين في الدعاء لهم، وكذبهم في كثير من ذلك، كقولهم السلطان العالم العادل ونحوه.

(ومنها): مبالغتهم في الإسراع في الخطبة الثانية وخفض الصوت بها.

(1)

في المجموع (4/ 401).

(2)

في "الفتح"(2/ 415).

(3)

قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 73): " .... والذي أرى أن يرد السلام إشارة، ويشمت العاطس إذا فرغ الإمام من خطبته"، وهذا الراجح والله أعلم.

(4)

أخرجه أحمد في المسند (5/ 354) وأبو داود رقم (1109) والترمذي رقم (3774) وقال: حديث حسن غريب. وابن ماجه رقم (3600) والنسائي رقم (1413).

وهو حديث صحيح.

ص: 400

77/ 1255 - (وَعَنْ أنَسٍ قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَنْزِلُ مِنْ المِنْبَرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَيُكَلِّمُهُ الرَّجُلُ فِي الحاجة وَيُكَلِّمُهُ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ إلى مُصَلَّاهُ فَيُصَلِّي. رَوَاهُ الخَمْسَةُ)

(1)

[شاذ]

78/ 1256 - (وَعَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أبي مالِكٍ قالَ: كانُوا يَتَحَدَّثُونَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وعُمَرُ جالِسٌ على المِنْبَرِ، فإذَا سَكَت المُؤَذّن قامَ عُمَرُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أحَدٌ حتَّى يَقْضيَ الخُطْبَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا، فإذَا قامَتِ الصلاةُ وَنَزَلَ عُمَرُ تَكَلَّمُوا. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ

(2)

[موقوف، صحيح]

وَسَنَذْكُرُ سُؤَالَ الأعْرَابِيِّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم الاسْتِسْقَاءَ فِي خُطْبَةِ الجُمُعَةِ).

حديث بريدة قال الترمذي

(3)

: حسن غريب إنما نعرفه من حديث الحسين بن واقد، انتهى.

والحسين المذكور هو أبو علي قاضي مرو، احتجّ به مسلم في صحيحه

(4)

.

وقال المنذري

(5)

: ثقة.

وحديث أنس قال الترمذي

(6)

: هذا حديث لا يعرف إلا من حديث جرير بن حازم وسمعت محمدًا، يعني البخاري يقول: وهم جرير بن حازم في هذا الحديث. والصحيح ما روى ثابت عن أنس قال: "أقيمت الصلاة، [يعني العشاء]

(7)

، فأخذ رجل بيد النبيّ صلى الله عليه وسلم، فما زال بكلمه حتى نعس بعض القوم"

(8)

.

(1)

أخرجه أحمد في المسند (3/ 127) وأبو داود رقم (1120) والترمذي رقم (517) والنسائي رقم (1419) وابن ماجه رقم (1117). وهو حديث شاذ.

(2)

في المسند رقم (409) وهو موقوف صحيح.

(3)

في السنن (5/ 658).

(4)

رجال صحيح مسلم (1/ 137 رقم الترجمة 264).

وانظر ترجمته في: "الجمع بين رجال الصحيحين"(1/ 88) والجرح والتعديل (3/ 66) والتقريب (1/ 180).

(5)

في المختصر (2/ 20).

(6)

في السنن (2/ 394 - 395).

(7)

زيادة من المخطوط (ب).

(8)

أخرجه البخاري رقم (6292) ومسلم رقم (376) من حديث أنس.

ص: 401

قال محمد: والحديث هو هذا، وجرير بن حازم ربما يهم في الشيء وهو صدوق"، انتهى كلام الترمذي.

وقال أبو داود

(1)

: الحديث ليس بمعروف وهو مما تفرد به جرير بن حازم.

وقال الدارقطني: تفرّد به جرير بن حازم عن ثابت.

قال العراقي: ما أعلّ به البخاري وأبو داود الحديث من أن الصحيح كلام الرجل له بعد ما أقيمت الصلاة لا يقدح ذلك في صحة حديث جرير بن حازم، بل الجمع بينهما ممكن بأن يكون المراد بعد إقامة صلاة الجمعة بعد نزوله من المنبر، فليس الجمع بينهما متعذّرًا، كيف وجرير بن حازم أحد الثقات المخرّج لهم في الصحيح فلا تضرّ زيادته في كلام الرجل له أنه كان بعد نزوله عن المنبر.

قوله: (فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه جواز الكلام في الخطبة للأمر يحدث.

وقال بعض الفقهاء: إذا تكلم أعاد الخطبة، قال الخطابي

(2)

: والسنة أولى ما اتبع.

قوله: (فيكلمه الرجل في الحاجة ويكلمه) فيه أنه لا بأس بالكلام بعد فراغ الخطيب من الخطبة وأنه لا يحرم ولا يكره، ونقله ابن قدامة في المغني

(3)

عن عطاء

(4)

وطاوس

(5)

والزهري

(6)

، وبكر المزني (7)، والنخعي

(7)

، ومالك

(8)

(1)

في سننه رقم (1/ 669).

(2)

في "معالم السنن"(1/ 667 - مع السنن).

(3)

المغني (4/ 199 - 200).

(4)

أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 127 من طريق حجاج عنه أنه كان لا يرى بأسًا بالكلام حتى يخطب وإذا فرغ من الخطبة حتى يدخل في الصلاة.

وكذا عند عبد الرزاق في المصنف (3/ 208 رقم 5354).

(5)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 127) من طريق إبراهيم بن ميسرة قال: كلمني طاوس بعد ما نزل سليمان من المنبر.

وكذا عند عبد الرزاق في المصنف (3/ 209 رقم 5356، 5357).

(6)

أخرج له عبد الرزاق في المصنف (3/ 208 رقم 5353) عن معمر عن الزهري.

(7)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 79) وابن قدامة في المغني (3/ 200).

(8)

المدونة (1/ 148).

ص: 402

والشافعي

(1)

وإسحق

(2)

ويعقوب (2) ومحمد (2) قال: وروي ذلك عن ابن عمر (2) انتهى.

وإلى ذلك ذهبت الهادوية

(3)

.

وروي عن أبي حنيفة

(4)

أنه يكره الكلام بعد الخطبة.

قال ابن العربي

(5)

: والأصحّ عندي أن لا يتكلم بعد الخطبة؛ لأن مسلمًا

(6)

قد روى أن الساعة التي في يوم الجمعة هي من حين يجلس الإِمام على المنبر إلى أن تقام الصلاة فينبغي أن يتجرّد للذكر والتضرّع.

والذي في مسلم (6): "إنها ما بين أن يجلس الإِمام إلى أن تقضى الصلاة!.

ومما يرجح ترك الكلام بين الخطبة والصلاة الأحاديث الواردة في الإنصات حتى تنقضي الصلاة كما عند النسائي

(7)

بإسناد جيد من حديث سلمان بلفظ: "فينصت حتى [يقضي]

(8)

صلاته".

وأحمد

(9)

بإسناد صحيح من حديث نبيشة بلفظ: "فاستمع وأنصت حتى يقضي الإِمام جمعته وكلامه" وقد تقدما.

ويجمع بين الأحاديث بأن الكلام الجائز بعد الخطبة هو كلام الإِمام لحاجة أو كلام الرجل للرجل لحاجة.

قوله: (وعمر جالس على المنبر) فيه جواز الكلام حال قعود الإِمام على المنبر قبل شروعه في الخطبة، لأن ظهور ذلك بين الصحابة من دون نكير يدلّ

(1)

الأم (2/ 413).

(2)

حكاه عنهم ابن المنذر في الأوسط (79/ 4) وابن قدامة في المغني (3/ 200).

(3)

البحر الزخار (2/ 19).

(4)

البناية في شرح الهداية (3/ 99).

(5)

في عارضة الأحوذي (2/ 308).

(6)

في صحيحه رقم (16/ 853).

(7)

في سننه رقم (1403) وهو حديث صحيح.

(8)

في المخطوط (ب): (تنقضي) والمثبت من المخطوط (أ) وهو موافق لما عند النسائي.

(9)

في المسند (5/ 75) وهو حديث صحيح لغيره.

وقد تقدم برقم (42/ 1220) من كتابنا هذا.

ص: 403

على أنه إجماع لهم

(1)

.

وروى أحمد

(2)

بإسناد قال العراقي: صحيح، أن عثمان بن عفَّان كان وهو على المنبر والمؤذّن يقيم يستخبر الناس عن أخبارهم وأسعارهم.

قوله: (وسنذكر سؤال الأعرابي، إلخ) سيذكره المصنف في كتاب الاستسقاء

(3)

.

[الباب الثالث عشر] باب ما يقرأ به في صلاة الجمعة وفي صبح يومها

79/ 1257 - (عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أبي رَافِعٍ قالَ: اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أبا هُرَيْرَةَ على المَدِينَةِ وَخَرَجَ إلى مَكَّةَ، فَصَلَّى لَنا أَبُو هُرَيْرَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَقَرأ بَعْدَ سُورَةِ الجُمُعَةِ في الركْعَةِ الآخِرَةِ {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} فقُلْتُ لَهُ حِينَ انْصَرَفَ: إنَّكَ قَرأتَ سُورَتَيْنِ كانَ عَليُّ بْنُ أبي طالب يَقْرأُ بِهِما فِي الكُوفَةِ، فَقالَ: إني سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقْرأُ بِهما فِي الجُمُعَةِ. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلا البُخارِيَّ وَالنَّسائيَّ)

(4)

. [صحيح]

80/ 1258 - (وَعَنِ النعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ: وَسألَهُ الضَّحَّاكُ: ما كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقْرأُ يَوْمَ الجُمُعَةِ على أَثَرِ سُورَةِ الجُمُعَةِ؟ قالَ: كانَ يَقْرأُ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ)

(5)

. [صحيح]

(1)

انظر: "طرح التثريب"(3/ 829) والمغني (3/ 199) والأم (2/ 418).

(2)

في زوائد المسند (1/ 73).

قلت: وأخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 59) وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 962).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 186) وقال: رجاله رجال الصحيح.

وهو حديث صحيح والله أعلم.

(3)

سيأتي برقم (1352) من كتابنا هذا.

(4)

أحمد في المسند (2/ 430) ومسلم رقم (61/ 877) وأبو داود رقم (1124) والترمذي رقم (519) وابن ماجه رقم (1118). وهو حديث صحيح.

(5)

أحمد في المسند (4/ 270) ومسلم رقم (63/ 878) وأبو داود رقم (1123) والنسائي =

ص: 404

81/ 1259 - (وَعَنِ النُّعْمان بْنِ بَشِيرٍ قالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرأُ في العِيدَيْن وَفِي الجُمُعَةِ: بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى وَهَل أتاك حَدِيثُ الغاشِيَةِ. قالَ: وَإذَا اجْتَمَعَ العِيدُ وَالجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَقْرأُ بِهِما في الصَّلاتَيْنِ. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيَّ وَابْنَ ماجَهْ)

(1)

. [صحيح]

82/ 1260 - (عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَقْرأُ فِي الجُمُعَةِ: بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى، وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الغاشِيَةِ. رَوَاهُ أحْمَدُ

(2)

- وَالنَّسائيُّ

(3)

وأبُو دَاوُدَ)

(4)

. [صحيح]

حديث سمرة قال العراقي: إسناده صحيح.

وفي الباب عن [أبي]

(5)

عنبة الخولاني عند ابن ماجه

(6)

: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية". وفي إسناده سعيد بن سنان، ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما

(7)

.

وأخرجه أيضًا الطبراني في الكبير

(8)

والبزار في مسنده

(9)

.

= رقم (1423) وابن ماجه رقم (1119). وهو حديث صحيح.

(1)

أحمد في المسند (4/ 271) ومسلم رقم (62/ 878) وأبو داود رقم (1122) والترمذي رقم (519) والنسائي (1424).

وهو حديث صحيح.

(2)

في المسند (5/ 7).

(3)

في سننه رقم (1422).

(4)

في سننه رقم (1125).

وهو حديث صحيح.

(5)

في المخطوط (ب): (بن) وهو خطأ.

(6)

في سننه رقم (1120).

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 372): "هذا إسناد فيه مقال أبو عنبة الخولاني مختلف في صحبته، وسعيد بن سنان ضعيف، والوليد بن مسلم مدلس.

وأصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة. وفي مسلم وغيره من حديث ابن عباس".

وهو حديث صحيح لغيره.

(7)

الميزان (2/ 143) والجرح والتعديل (2/ 28/1) والضعفاء الكبير للعقيلي (2/ 107).

(8)

في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 191) وزاد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى أقلع.

(9)

في المسند رقم (646 - كشف). =

ص: 405

وعن ابن عباس وسيأتي

(1)

.

وقد استدلّ بأحاديث الباب على أن السنة أن يقرأ الإِمام في صلاة الجمعة في الركعة الأولى بالجمعة وفي الثانية بالمنافقين.

أو في الأولى بسبح اسم ربك وفي الثانية بـ هل أتاك حديث الغاشية.

أو في الأولى بالجمعة وفي الثانية بـ هل أتاك حديث الغاشية

(2)

.

قال العراقي: والأفضل من هذه الكيفيات قراءة الجمعة في الأولى ثم المنافقين في الثانية كما نصّ عليه الشافعي

(3)

فيما رواه عنه الربيع.

وقد ثبتت الأوجه الثلاثة التي قدمناها فلا وجه لتفضيل بعضها على بعض، إلا أن الأحاديث التي فيها لفظ:"كان" مشعرة بأنه فعل ذلك في أيام متعدّدة كما تقرّر في الأصول.

وقال مالك

(4)

: إنه أدرك الناس يقرأون في الأولى بالجمعة والثانية بسبح، ولم يثبت ذلك في الأحاديث.

وقال الهادي والقاسم والناصر

(5)

: إنه يندب أن يقرأ في الجمعة مع الفاتحة سورة الجمعة في الأولى والمنافقين في الثانية، أو سبح والغاشية.

وقال زيد بن عليّ

(6)

: في الأولى السجدة وفي الثانية الدهر.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: ورواه ابن أبي شيبة في المصنف

(7)

عن الحسن البصري إنه يقرأ الإمام بما شاء.

وقال ابن عيينة: إنه يكره أن يتعمد القراءة في الجمعة بما جاء عن النبيّ صلى الله عليه وسلم لئلا يجعل ذلك من سننها وليس منها.

= وأورده الهيثمي في المجمع (2/ 191) وقال: وفيه أبو مهدي سعيد بن سنان وهو ضعيف.

(1)

برقم (83/ 1261) من كتابنا هذا.

(2)

المغني لابن قدامة (3/ 182).

(3)

الأم (2/ 422 - 423).

(4)

المدونة (1/ 158) مواهب الجليل (2/ 540).

(5)

البحر الزخار (2/ 20).

(6)

البحر الزخار (2/ 20).

(7)

في المصنف (2/ 143).

ص: 406

قال ابن العربي

(1)

: وهو مذهب ابن مسعود وقد قرأ فيها أبو بكر الصدّيق بالبقرة.

وحكى [ابن عبد البرّ]

(2)

في الاستذكار عن أبي إسحاق المروزي مثل قول ابن عيينة، وحكي عن ابن أبي هريرة مثله.

وخالفهم جمهور العلماء

(3)

، وممن خالفهم من الصحابة: عليّ وأبو هريرة

(4)

.

قال العراقي: وهو قول مالك

(5)

والشافعي

(6)

وأحمد بن حنبل

(7)

وأبي ثور

(8)

.

والحكمة في القراءة في الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين ما أخرجه الطبراني في الأوسط

(9)

عن أبي هريرة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الجمعة بالجمعة فيحرض به المؤمنين، وفي الثانية بسورة المنافقين فيفزع المنافقين".

قال العراقي: وفي إسناده من يحتاج إلى الكشف عنه

(10)

.

(1)

"في عارضة الأحوذي"(2/ 310).

(2)

في المخطوط (أ): (الدارمي). وكتب في المخطوط (ب) فوق ابن عبد البر: الدارمي.

(3)

المغني لابن قدامة (3/ 182 - 183).

والاستذكار (5/ 112 - 113 رقم 6119 - 6130).

والتمهيد (4/ 75 - 78).

(4)

كما تقدم في الحديث رقم (1257) من كتابنا هذا.

(5)

المدونة (1/ 158).

(6)

الأم (2/ 424).

(7)

المغني (3/ 183).

(8)

ذكره ابن المنذر في الأوسط (4/ 99).

(9)

المعجم الأوسط رقم (9279).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 191) وقال: إسناده حسن.

(10)

في سنده: الوليد بن أبان بن ثوبة الحافظ الثقة أبو العباس الأصبهاني صاحب التفسير والمسند الكبير. توفي سنة (310 هـ).

[أخبار أصبهان (2/ 334) وسير أعلام النبلاء (14/ 288)].

• ومحمد بن عمار بن الحارث أبو جعفر الرازي. قال ابن أبي حاتم: صدوق ثقة.

[الجرح والتعديل (8/ 43)].

• وعبد الصمد بن عبد العزيز أبو علي الرازي العطار، ذكره ابن حبان في "الثقات" =

ص: 407

قال الطبراني

(1)

: لم يروه عن أبي جعفر إلا منصور تفرّد به عنه عمرو بن أبي قيس. وقد اختلف فيه على منصور فرفعه عنه عمرو بن أبي قيس، وخالفه في إسناده جرير بن حازم، وأعضله فرواه عن منصور عن إبراهيم عن الحكم عن أناس من أهل المدينة.

83/ 1261 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَقْرأُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ {الم (1) تَنْزِيلُ} [السجدة]، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} [الإنسان: 1]، وفِي صَلاةِ الجُمُعَةِ بِسُورَةِ الجُمُعَةِ وَالمُنافِقِينَ. رَوَاهُ أحْمَدُ

(2)

ومُسْلِمٌ

(3)

وأبُو دَاوُدَ

(4)

وَالنَّسائيُّ)

(5)

. [صحيح]

84/ 1262 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَقْرأُ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الجُمُعَةِ الم تَنْزِيلُ، وَهَلْ أتى على الإنْسانِ. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ وأَبَا دَاوُدَ

(6)

. [صحيح]

لَكِنَّهُ لَهُما

(7)

مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ). [صحيح]

= (8/ 415) وقال ابن الجزري في غاية النهاية (1/ 390): مقرئ مصدر ثقة.

• وعمرو بن أبي قيس الرازي كوفي نزل الري: صدوق له أوهام.

[التقريب رقم الترجمة (5101)] وقال المحرران: "صدوق حسن الحديث

".

• وأبو جعفر هو محمد بن علي بن الحسين الباقر: ثقة فاضل من رجال الجماعة.

[التقريب رقم الترجمة (6151)].

والخلاصة: أن إسناده حسن بعد أن تم الكشف عنه، والله أعلم.

(1)

في المعجم الأوسط (9/ 112 رقم 9279).

(2)

في المسند (1/ 226).

(3)

في صحيحه رقم (64/ 879).

(4)

في سننه رقم (1074).

(5)

في سننه رقم (1421).

وهو حديث صحيح.

(6)

أحمد (2/ 430) والبخاري رقم (891) ومسلم رقم (65/ 880) والنسائي رقم (955) وابن ماجه رقم (823).

وهو حديث صحيح.

(7)

أي للترمذي وأبي داود من حديث ابن عباس. الترمذي رقم (520) وأبو داود رقم (1074).

وهو حديث صحيح.

ص: 408

وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص عند ابن ماجه

(1)

قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم تنزيل، وهل أتى على الإنسان".

وأورده ابن عديّ في الكامل

(2)

، وفي إسناده الحارث بن شهاب وهو متروك الحديث

(3)

.

وعن ابن مسعود عند ابن ماجه

(4)

أيضًا: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة الم تنزيل، وهل أتى"، وقد رواه الطبراني

(5)

ورجاله ثقات.

وعن عليّ بن أبي طالب عند الطبراني في معجميه الصغير

(6)

والأوسط

(7)

بنحو الذي قبله، وفي إسناده حفص بن سليمان الغاضري ضعفه الجمهور

(8)

.

(1)

في سننه رقم (822).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 288): "هذا إسناد ضعف، الحارث بن نبهان متفق على تضعيفه.

وله شاهد من حديث ابن عباس رواه مسلم في صحيحه، وأصحاب السنن الأربعة" اهـ.

والخلاصة: أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.

(2)

في الكامل (7/ 2679) في ترجمة يحيى بن عقبة بن أبي العيزار وهو منكر الحديث قاله البخاري. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه.

(3)

انظر: "لسان الميزان"(2/ 277 رقم الترجمة 2216) ط: إحياء التراث.

(4)

في سننه رقم (824).

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 289): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".

وهو حديث صحيح.

(5)

في المعجم الكبير (ج 10 رقم 10116).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 168) وقال: "رواه الطبراني في الصغير ورجاله موثقون" اهـ.

(6)

في المعجم الصغير (1/ 96).

(7)

في المعجم الأوسط رقم (2979).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 168 - 169) وقال: "فيه حفص بن سليمان الغاضري وهو متروك. لم يوثقه غير أحمد بن حنبل في رواية. وضعفه في روايتين وضعفه خلق" اهـ.

(8)

حفص بن سليمان، هو حفص بن أبي داود الكوفي الغاضري الأسدي، أبو عمر. =

ص: 409

وهذه الأحاديث فيها مشروعية قراءة تنزيل السجدة وهل أتى على الإنسان.

قال العراقي: وممن كان يفعله من الصحابة عبد الله بن عباس. ومن التابعين إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو مذهب الشافعي

(1)

وأحمد

(2)

وأصحاب الحديث وكرهه مالك

(3)

وآخرون.

قال النووي

(4)

: وهم محجوجون بهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة المروية من طرق.

واعتذر مالك عن ذلك بأن حديث أبي هريرة من طريق سعد بن إبراهيم وهو مردود.

(أما أوّلًا): فبأن سعد بن إبراهيم قد اتفق الأئمة على توثيقه.

قال العراقي: ولم أر من نقل عن مالك تضعيفه غير ابن العربي

(5)

، ولعلّ الذي أوقعه في ذلك هو أن مالكًا لم يرو عنه.

قال ابن عبد البرّ: وأما امتناع مالك عن الرواية عن سعد فلكونه طعن في نسب مالك

(6)

.

= صاحب القراءة، روى عن ابن معين قال: ليس بثقة، وقال أبو حاتم: متروك لا يصدق.

التاريخ الكبير (2/ 363) والمجروحين (1/ 255) والجرح والتعديل (3/ 173) والميزان (1/ 558) والتقريب (1/ 186) والخلاصة ص 87.

(1)

البيان للعمراني (2/ 581 - 582) والمجموع (4/ 402 - 403).

(2)

المغني (3/ 252).

(3)

الاستذكار (5/ 112 - 113) والتمهيد (4/ 76).

(4)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 168).

(5)

في "عارضة الأحوذي"(2/ 309).

(6)

قال الساجي: - سعد بن إبراهيم - ثقة، أجمع أهل العلم على صدقه والرواية عنه إلَّا مالكًا، وقد روى مالك عن عبد الله بن إدريس، عن شعبه، عن سعد بن إبراهيم، وصح باتفاقهم أنه حجة، ويقال: إنَّ سعدًا وعظ مالكًا فوجد عليه، فلم يرو عنه،

قال الساجى: ومالك إنما ترك الرواية عنه، فإما أن يكون يتكلم فيه فلا أحفظه، وقد روى عنه الثقات، والأئمة، وكان دينًا عفيفًا.

وقال أحمد ابن البَرْقي: سألت يحيى عن قول بعض الناس في سعد أنه كان يرى القدر، وإنما ترك مالك الرواية عنه لأنه تكلم في نسب مالك، فكان مالك لا يروي عنه. وهو ثبت لا شك فيه.

["تهذيب التهذيب" (1/ 689 - 690)].

ص: 410

(وأما ثانيًا): فغاية هذا الاعتذار سقوط الاستدلال بحديث أبي هريرة دون بقية أحاديث الباب.

قال الحافظ

(1)

: ليس في شيء من الطرق التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم سجد لما قرأ سورة تنزيل في هذا المحلّ إلا في "كتاب الشريعة"

(2)

لابن أبي داود من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "غدوت على النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة في صلاة الفجر، فقرأ سورة فيها سجدة فسجد" الحديث. وفي إسناده من ينظر في حاله.

وللطبراني في الصغير

(3)

من حديث عليّ: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الصبح في تنزيل السجدة" لكن في إسناده ضعف، انتهى.

العراقي: وقد فعله عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وابن مسعود، وابن عمر، وعبد الله بن الزبير، وهو قول الشافعي وأحمد.

وقد كرهه في الفريضة من التابعين أبو مجلز، وهو قول مالك وأبي حنيفة وبعض الحنابلة، ومنعته الهادوية.

وقد قدمنا بعض حجج الفريقين في أبواب سجود التلاوة

(4)

.

وقد اختلف القائلون باستحباب قراءة {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة في يوم الجمعة، هل للإِمام أن يقرأ بدلها سورة أخرى فيها سجدة فيسجد فيها أو يمتنع ذلك؟

(1)

في "الفتح"(2/ 379).

(2)

الشريعة: ابن أبي داود (عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني) توفي سنة (316 هـ).

ذكره له الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(13/ 223) بعنوان: "شريعة المقارئ" وكذا البغدادي في "هدية العارفين"(1/ 444) وذكر له أيضًا: شرعية التفسير.

وهذا الكتاب من مصادر ابن حجر في "الإصابة" و"تغليق التعليق" و"الفتح".

[معجم المصنفات ص 255 - 256 رقم 761)].

• حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 379).

(3)

في المعجم الصغير (1/ 170).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 169): وقال: فيه الحارث وهو ضعيف.

(4)

عند الحديث رقم (996 وما بعده) من كتابنا هذا.

ص: 411

فروى ابن أبي شيبة في المصنف

(1)

عن إبراهيم النخعي قال: كان يستحبّ أن يقرأ يوم الجمعة بسورة فيها سجدة.

وروى

(2)

أيضًا عن ابن عباس.

وقال ابن سيرين: لا أعلم به بأسًا.

قال النووي في الروضة

(3)

من زوائده: لو أراد أن يقرأ آية أو آيتين فيهما سجدة لغرض السجود فقط لم أر فيه كلامًا لأصحابنا.

قال

(4)

: وفي كراهته خلاف للسلف.

وأفتى الشيخ ابن عبد السلام بالمنع من ذلك وبطلان الصلاة به.

وروى ابن أبي شيبة

(5)

عن أبي العالية والشعبي

(6)

كراهة اختصار السجود، زاد الشعبي: وكانوا يكرهون إذا أتوا على السجدة أن يجاوزوها حتى يسجدوا.

وكره اختصار السجود ابن سيرين

(7)

.

وعن إبراهيم النخعي

(8)

: أنهم كانوا يكرهون أن تختصر السجدة.

وعن الحسن

(9)

: أنه كره ذلك.

وروي عن سعيد بن المسيب

(10)

وشهر بن حوشب

(11)

: أن اختصار السجود مما أحدث الناس وهو أن يجمع الآيات التي فيها السجود فيقرؤها ويسجد فيها.

(1)

في المصنف (2/ 140).

(2)

أي ابن أبي ضيبة في المصنف (2/ 141).

(3)

في روضة الطالبين وعمدة المفتين (1/ 323).

(4)

أي النووي في روضة الطالبين (1/ 323).

(5)

في المصمنف (2/ 3).

(6)

في المصمنف (2/ 3).

(7)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 4).

(8)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 4).

(9)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 4).

(10)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 3).

(11)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 4).

ص: 412

وقيل: اختصار السجود أن يقرأ القرآن إلا آيات السجود فيحذفها، وكلاهما مكروه لأنه لم يرد عن السلف.

[الباب الرابع عشر] باب انفضاض العدد في أَثناءِ الصلاة أو الخطبة

85/ 1263 - (عَنْ جابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَخْطُبُ قَائمًا يَوْمَ الجُمُعَةِ فَجاءَتْ عِيرٌ مِنَ الشَّامِ، فانْفَتَلَ النَّاسُ إلَيْها حتَّى لَمْ يَبْقَ إلَّا اثْنا عَشَر رَجُلًا، فأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ الَّتي في الجُمُعَةِ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11]. رَوَاهُ أحْمَدُ

(1)

وَمُسْلمٌ

(2)

وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ

(3)

. [صحيح]

وفِي رِوَايَةٍ: أقْبَلَتْ عِيرٌ وَنَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الجُمُعَةَ، فانْفَضَّ النَّاسُ إلَّا اثْنَي عَشَرَ رَجُلًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11]. رَوَاهُ أَحْمَدُ

(4)

وَالبُخارِيُّ)

(5)

. [صحيح]

قوله: (أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائمًا) ظاهره أن الانفضاض وقع حال الخطبة، وظاهر قوله في الرواية الأخرى:"ونحن نصلي مع النبيّ" أن الانفضاض وقع بعد دخولهم في الصلاة.

ويؤيد الرواية الأولى ما عند أبي عوانة

(6)

من طريق عباد بن العوام.

(1)

في المسند (3/ 313).

(2)

في صحيحه رقم (36/ 863).

(3)

في سننه بإثر الحديث رقم (3311) وقال: حديث حسن صحيح.

قلت: وأخرجه البخاري رقم (2064) و (4899) وابن الجارود رقم (292) وأبو يعلى رقم (1888) و (1979) وابن خزيمة رقم (1823) و (1852) وابن حبان رقم (6876) و (6877) والدارقطني (2/ 5) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 181، 182، 197) من طرق.

وهو حديث صحيح.

(4)

في المسند (3/ 370).

(5)

في صحيحه رقم (936).

وهو حديث صحيح.

(6)

لم أقف على رواية أبي عوانة في المطبوع من مسنده.

ص: 413

وعبد بن حميد

(1)

من طريق سليمان بن كثير.

كلاهما عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بلفظ: "يخطب".

وكذا وقع في حديث ابن عباس عند البزار

(2)

.

وفي حديث أبي هريرة عند الطبراني في الأوسط

(3)

.

وفي مرسل قتادة عند الطبراني

(4)

وغيره.

وعلى هذا فقوله "نصلي" أي ننتظر الصلاة، وكذا يحمل قوله:"بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة".

كما وقع في مستخرج أبي نعيم

(5)

على أن المراد بقوله في الصلاة: أي في الخطبة، وهو من تسمية الشيء باسم ما يقارنه. وبهذا يجمع بين الروايات.

ويؤيده استدلال ابن مسعود على القيام في الخطبة بالآية المذكورة كما أخرجه ابن ماجه

(6)

بإسناد صحيح.

وكذلك استدلال كعب بن عجرة كما في صحيح مسلم

(7)

على ذلك.

قوله: (فجاءت عير من الشام) العير بكسر العين: الإبل التي تحمل التجارة طعامًا كانت أو غيره، وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها

(8)

.

(1)

في المسند رقم (1110) و (1111).

(2)

في المسند رقم (2273 - كشف).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 124) وقال: رواه البزار عن شيخه عبد الله بن شبيب، وهو ضعيف".

(3)

لم أقف عليه؟

(4)

كما في "مجمع الزوائد"(7/ 124) وقال الهيثمي: وقتادة لم يدرك ابن مسعود ولكن رجاله ثقات.

(5)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 423).

(6)

في سننه رقم (1108).

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 369 - 370): "هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات وله شاهد من حديث ابن عمر رواه الترمذي في الجامع، وقال حسن صحيح" اهـ.

وهو حديث صحيح.

(7)

في صحيحه رقم (39/ 864).

(8)

العير: القوم الذين معهم جمال الميرة، وذلك اسم للرجال والجمال الحاملة للميرة، وإن =

ص: 414

ولابن مردويه

(1)

عن ابن عباس: "جاءت عير لعبد الرحمن بن عوف".

ووقع عند الطبراني

(2)

عن أبي مالك أن الذي قدم بها من الشام دحية بن خليفة الكلبي.

وكذلك في حديث ابن عباس عند البزار

(3)

وجمع بين الروايتين بأن التجارة كانت لعبد الرحمن وكان دحية السفير فيها أو كان مقارضًا.

ووقع في رواية ابن وهب

(4)

عن الليث أنها كانت لوبرة الكَلْبي، ويجمع بأنه كان رفيق دحية.

قوله: (فانفتل الناس إليها)، وفي الرواية الأخرى:"فانفضّ الناس إليها"، وهو موافق للفظ القرآن.

وفي رواية للبخاري

(5)

: "فالتفتوا إليها"، والمراد بالانفتال والالتفات: الانصراف، يدلّ على ذلك رواية "فانفض".

وفيه ردّ على من حمل الالتفات على ظاهره. وقال: لا يفهم منه الانصراف عن الصلاة وقطعها، وإنما يفهم منه التفاتهم بوجوههم أو بقلوبهم.

وأيضًا لو كان الالتفات على ظاهره لما وقع الإِنكار الشديد لأنه لا ينافي الاستماع للخطبة.

قوله: (إلا اثنا عشر رجلًا) قال الكرماني

(6)

: "ليس هذا الاستثناء مفرغًا فيجب رفعه، بل هو من ضمير "لم يبق العائد" إلى الناس فيجوز فيه الرفع والنصب. قال: وثبت الرفع في بعض الروايات.

= كان يستعمل في كلِّ واحدٍ من دون الآخر، قال تعالى:{وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} [يوسف: 94]، وقال تعالى:{أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يوسف: 70].

(1)

عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 165).

(2)

لم أقف عليه في المعاجم الثلاثة والله أعلم. وقال الحافظ في "الفتح"(2/ 423): ووقع عند الطبري (14/ ج 28/ 103) من طريق السدي عن أبي مالك ومرة فرقهما أن الذي قدم بها من الشام دحية بن خليفة الكلبي".

(3)

في المسند رقم (2273 - كشف) وقد تقدم آنفًا.

(4)

ذكرها الحافظ في "الفتح"(2/ 423).

(5)

في صحيحه رقم (2064).

(6)

في شرحه لصحيح البخاري (6/ 44).

ص: 415

ووقع عند الطبراني

(1)

: "إلا أربعين رجلًا". وقال: تفرد به عليّ بن عاصم

(2)

، وهو ضعيف الحفظ، وخالفه أصحاب حصين كلهم.

ووقع عند ابن مردويه

(3)

من رواية ابن عباس "وسبع نسوة" بعد قوله: "إلا اثنا عشر رجلًا".

وفي تفسير إسماعيل بن زياد الشامي

(4)

"وامرأتان" وقد سمى من الجماعة الذين لم ينفضوا أبو بكر وعمر عند مسلم

(5)

.

وفي رواية

(6)

له أن جابرًا قال: أنا فيهم.

وفي تفسير الشامي (4) أن سالمًا مولى أبي حذيفة منهم.

وروى العقيلي

(7)

عن ابن عباس أن منهم الخلفاء الأربعة وابن مسعود وأناسًا من الأنصار.

وروى السهيلي

(8)

بسند منقطع: إن الاثنى عشر هم العشرة المبشرون بالجنة وبلال وابن مسعود. قال: وفي رواية: عمار بدل ابن مسعود.

قال في الفتح

(9)

: ورواية العقيلي أقوى وأشبه.

(1)

لم أقف عليه عند الطبراني.

وقد أخرجه الدارقطني في السنن (2/ 4 رقم 5) وذكره الحافظ أيضًا في "الفتح"(2/ 424) وقال: أخرجه الدارقطني وقال: تفرد به علي بن عاصم وهو ضعيف الحفظ، وخالفه أصحاب حصين كلهم.

(2)

علي بن عاصم أبو الحسن، عني بالحديث وكتب منه ما لا يوصف كثرة.

قال البخاري: ليس بالقوي عندهم. مات سنة (201 هـ) وقال ابن معين: ليس بشيء.

التاريخ الكبير (3/ 135) والمجروحين (2/ 113) والجرح والتعديل (6/ 198) والكاشف (2/ 251) والمغني (2/ 450) والميزان (3/ 135) والتقريب (2/ 39) ولسان الميزان (7/ 312) والخلاصة ص 275).

(3)

عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 165).

وأورده الحافظ في "الفتح"(2/ 424) وقال: إسناده ضعيف.

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 424).

(5)

في صحيحه رقم (38/ 863).

(6)

أي لمسلم في صحيحه رقم (37/ 863).

(7)

في الضعفاء الكبير (1/ 24).

(8)

عزاه إليه الحافظ في "الفتح"(2/ 424).

(9)

(2/ 424).

ص: 416

قوله: (فأنزلت هذه الآية) ظاهر في أنها نزلت بسبب قدوم العير المذكورة.

والمراد باللهو على هذا ما ينشأ من رؤية القادمين وما معهم.

ووقع عند الشافعي

(1)

من طريق جعفر بن محمد عن أبيه مرسلًا: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة وكان لهم سوق كانت بنو سليم يجلبون إليه الخيل والإِبل والسمن، فقدموا فخرج إليهم الناس وتركوه قائمًا وكان لهم لهو يضربونه فنزلت، ووصله أبو عوانة في صحيحه

(2)

.

قوله: (انفضوا إليها) قيل النكتة في عود الضمير إلى التجارة دون اللهو أن اللهو لم يكن مقصودًا، وإنما كان تبعًا للتجارة.

وقيل: حذف ضمير أحدهما لدلالة الآخر عليه.

وقال الزجاج

(3)

: أعيد الضمير إلى المعنى: أي انفضوا إلى الرؤية.

والحديث استدلّ به من قال: إن عدد الجمعة اثنا عشر رجلًا.

وقد تقدم بسط الكلام في ذلك أو الجواب عن هذا الاستدلال]

(4)

.

وقد استشكل الأصيلي

(5)

حديث الباب فقال: إن الله تعالى قد وصف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بأنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، ثم أجاب باحتمال أن يكون هذا الحديث قبل نزول الآية.

قال الحافظ

(6)

: وهذا الذي يتعين المصير إليه مع أنه ليس في آية النور التصريح بنزولها في الصحابة وعلى تقدير ذلك فلم يكن تقدم لهم نهي عن ذلك، فلما نزلت آية الجمعة وفهموا منها ذمّ ذلك اجتنبوه، فوصفوا بعد ذلك بما في آية النور.

(1)

في المسند رقم (384 - ترتيب) بسند ضعيف جدًّا مع إعضاله.

(2)

لم أقف عليه في مسند أبي عوانة: مبتدأ كتاب الجمعة (2/ 125 - 140).

(3)

في "معاني القرآن وإعرابه"(5/ 172).

(4)

زيادة من المخطوط (أ).

(5)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 425).

(6)

في "الفتح"(2/ 425).

ص: 417

[الباب الخامس عشر] باب الصلاة بعد الجمعة

86/ 1264 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيُصَلّ بَعْدَها أَرْبَعَ رَكَعاتٍ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيَّ)

(1)

. [صحيح]

87/ 1265 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُصَلِّي بَعْدَ الجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ. رَوَاهُ الجَماعَةُ)

(2)

. [صحيح]

88/ 1266 - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كانَ إِذَا كانَ بِمَكَّةَ فَصَلَّى الجُمُعَةَ تَقَدَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَقَدّمَ فَصَلَّى أرْبَعًا؛ وَإِذَا كانَ بالمَدِينَةِ صَلَّى الجُمُعَةَ، ثُمَّ رَجَعَ إلى بَيْتِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ولَمْ يُصَلِّ فِي المَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذلكَ، فَقالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ ذلكَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)

(3)

. [صحيح]

حديث ابن عمر الآخر سكت عنه أبو داود

(4)

والمنذري

(5)

.

وقال العراقي: إسناده صحيح.

وفي الباب عن ابن عباس عند الطبراني

(6)

: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد

(1)

أحمد (2/ 499) ومسلم رقم (67/ 881) وأبو داود رقم (1131) والترمذي رقم (523) والنسائي رقم (1426) وابن ماجه رقم (1132).

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(2)

أحمد (2/ 63) والبخاري رقم (937) ومسلم رقم (71/ 882) وأبو داود رقم (1132) والترمذي رقم (522) والنسائي رقم (1428) وابن ماجه رقم (1130). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(3)

في سننه رقم (1130). وهو حديث صحيح.

وانظر: "صحيح أبي داود"(4/ 293 - 294 رقم 1035).

(4)

في سننه رقم (1/ 673).

(5)

في المختصر (2/ 26).

(6)

في المعجم الكبير (ج 12 رقم 12674).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 195) وقال: فيه الحجاج بن أرطاة، وعطية العوفي وكلاهما فيه كلام.

ص: 418

الجمعة أربعًا"، وفي إسناده مبشر بن عبيد

(1)

وهو ضعيف جدًّا. وفي السند ضعفاء غيره.

وعن ابن مسعود عند الترمذي

(2)

موقوفًا عليه: "أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعًا وبعدها أربعًا".

قوله: (إذا صلى أحدكم الجمعة فليصلّ بعدها، إلخ)، لفظ أبي داود

(3)

والترمذي

(4)

وهو أحد ألفاظ مسلم

(5)

: "من كان منكم مصليًا بعد الجمعة فليصلّ أربعًا".

قال النووي في شرح مسلم

(6)

: نبَّه بقوله: "من كان [منكم]

(7)

مصليًا" على أنها سنة ليست بواجبة، وذَكَرَ الأربع لفضلها، وفَعَلَ الركعتين في أوقات بيانًا لأن أقلها ركعتان.

قال

(8)

: ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في أكثر الأوقات أربعًا لأنه أمرنا بهنَّ وحثَّنا عليهن.

قال العراقي: [وما ادّعى]

(9)

من أنه معلوم فيه نظر، بل ليس ذلك بمعلوم ولا مظنون؛ لأن الذي صحّ عنه صلاة ركعتين في بيته، ولا يلزم من كونه أمر به أن يفعله.

وكون ابن عمر بن الخطاب كان يصلي بمكة بعد الجمعة ركعتين ثم أربعًا،

(1)

مُبَشّر بن عُبيد القرشي، الحمصي، أبو حفص. قال أحمد: كوفي كان بحمص، روى عنه بقية وأبو المغيرة أحاديث كذب.

وقال الذهبي في المغني: قال أحمد: كان يضع الحديث.

العلل رواية عبد الله (2639، 2696) وعنه في الجرح والتعديل (4/ 1/ 343) والعقيلي (4/ 235) والمغني (2/ 541). وبحر الدم (ص 394 رقم 954).

(2)

في سننه بإثر الحديث رقم (523).

(3)

في سننه رقم (1131) وقد تقدم.

(4)

في سننه رقم (523) وقد تقدم.

(5)

في صحيحه رقم (69/ 881).

(6)

(6/ 169).

(7)

ما بين الخاصرتين ليست في المخطوط (أ، ب) بل من شرح مسلم للنووي (6/ 169).

(8)

أي النووي في شرحه لصحيح مسلم (6/ 169).

(9)

في المخطوط (ب): (وما ادعاه).

ص: 419

وإذا كان بالمدينة صلى بعدها ركعتين في بيته، فقيل له فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.

فليس في ذلك علم ولا ظنّ أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل بمكة ذلك، وإنما أراد رفع فعله بالمدينة فحسب؛ لأنه لم يصحّ أنه صلى الجمعة بمكة، وعلى تقدير وقوعه بمكة منه فليس ذلك في أكثر الأوقات بل نادرًا.

وربما كانت الخصائص في حقه بالتخفيف في بعض الأوقات: "فإنه صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب احمرّت عيناه وعلا صوته واشتدّ غضبه كأنه منذر جيش"

(1)

الحديث.

فربما لحقه تعب من ذلك فاقتصر على الركعتين في بيته وكان يطيلهما كما ثبت في رواية النسائي

(2)

: "وأفضل الصلاة طول القنوت" أي القيام، فلعلها كانت أطول من أربع خفاف أو متوسطات، انتهى.

والحاصل أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر الأمة أمرًا مختصًا بهم بصلاة أربع ركعات بعد الجمعة، وأطلق ذلك ولم يقيده بكونها في البيت.

واقتصاره صلى الله عليه وسلم على ركعتين كما في حديث ابن عمر

(3)

لا ينافي مشروعية الأربع لما تقرّر في الأصول

(4)

من عدم المعارضة بين قوله الخاص بالأمة وفعله الذي لم يقترن بدليل خاصّ يدلّ على التأسي به فيه، وذلك لأن تخصيصه للأمة بالأمر يكون مخصصًا لأدلة التأسي العامة.

قوله: (ركعتين في بيته) استدلّ به على أن سنة الجمعة ركعتان.

وممن فعل ذلك عمران بن حصين، وقد حكاه الترمذي

(5)

عن الشافعي وأحمد.

قال العراقي: لم يرد الشافعي وأحمد بذلك إلا بيان أقلّ ما يستحبّ، وإلا فقد استحبا أكثر من ذلك.

(1)

تقدم تخريجه برقم (1247) من كتابنا هذا.

(2)

في سننه رقم (1429) وهو حديث شاذ بذكر إطالتهما.

(3)

تقدم برقم (87/ 1265) من كتابنا هذا.

(4)

"إرشاد الفحول" ص 169 بتحقيقي. والكوكب المنير (2/ 199 - 203).

(5)

في سننه (2/ 399).

ص: 420

فنصّ الشافعي في الأم

(1)

على أنه يصلي بعد الجمعة أربع ركعات، ذكره في باب صلاة الجمعة والعيدين.

ونقل ابن قدامة

(2)

عن أحمد أنه قال: إن شاء صلى بعد الجمعة ركعتين، وإن شاء صلى أربعًا. وفي رواية عنه: وإن شاء ستًا.

وكان ابن مسعود

(3)

والنخعي

(4)

وأصحاب الرأي

(5)

يرون أن يصلي بعدها أربعًا لحديث أبي هريرة.

وعن عليّ

(6)

وأبي موسى

(7)

وعطاء

(8)

ومجاهد

(9)

وحميد بن عبد الرحمن

(10)

والثوري

(11)

: أنه يصلي ستًا، لحديث ابن عمر

(12)

المذكور في الباب.

(1)

في "الأم"(8/ 407 - اختلاف علي وعبد الله بن مسعود).

وانظر: المجموع شرح المهذب (3/ 503).

(2)

في المغنى (3/ 248 - 250).

(3)

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 132) وعبد الرزاق في المصنف (3/ 247) والطبراني في المعجم الكبير (ج 9 رقم 9550) من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: كان عبد الله بن مسعود يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعًا، حتى جاءنا علي فأمرنا أن نصلي بعدها ركعتين ثم أربع.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 195) وقال: عطاء بن السائب ثقة ولكنه اختلط.

قلت: عطاء بن السائب اختلط، لكن ممن روى عنه هنا الثوري وهو سمع منه قبل الاختلاط.

والخلاصة: أن أثر عبد الله بن مسعود أثر صحيح، والله أعلم.

(4)

أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 133) من طريق الأعمش عن إبراهيم النخعي قال: كانوا يصلون بعدها أربعًا.

(5)

حكاه ابن المنذر في الأوسط (4/ 125) عنهم.

(6)

انظر أثر ابن مسعود المتقدم قبل تعليقتين.

(7)

أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 126) عن أبي بردة عن أبي موسى أنه كان يصلي بعد الجمعة ستًا.

(8)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 125) وابن قدامة في المغني (3/ 249).

(9)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 125) وابن قدامة في المغني (3/ 249).

(10)

حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 125) وابن قدامة في المغني (3/ 249).

(11)

مسائل أحمد لأبي داود (95) ومسائل أحمد لابن عبد الله (123).

(12)

تقدم برقم (88/ 1266) من كتابنا هذا.

ص: 421

وقد اختلف في الأربع الركعات هل تكون متصلة بتسليم في آخرها أو يفصل بين كل ركعتين بتسليم.

فذهب إلى الأوّل: أهل الرأي وإسحاق بن راهويه، وهو ظاهر حديث أبي هريرة

(1)

.

وذهب إلى الثاني: الشافعي

(2)

والجمهور

(3)

كما قال العراقي.

واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة النهار مثنى مثنى"، أخرجه أبو داود

(4)

وابن حبان في صحيحه

(5)

وقد تقدم

(6)

.

والظاهر القول الأوّل لأن دليله خاصّ ودليل القول الآخر عامّ، وبناء العامّ على الخاصّ واجب.

قال أبو عبد الله المازري

(7)

وابن العربي

(8)

: إن أمره صلى الله عليه وسلم لمن يصلي بعد الجمعة بأربع لئلا يخطر على بال جاهل أنه صلى ركعتين لتكملة الجمعة، أو لئلا يتطرّق أهل البدع إلى صلاتها ظهرًا أربعًا.

واختلف أيضًا: هل الأفضل فعل سنة الجمعة في البيت أو في المسجد؟ فذهب إلى الأوّل: الشافعي

(9)

ومالك

(10)

وأحمد

(11)

وغيرهم.

(1)

تقدم برقم (86/ 1264) من كتابنا هذا.

(2)

في الأم (8/ 407 - اختلاف علي وعبد الله بن مسعود).

(3)

المجموع شرح المهذب (3/ 503 - 504).

(4)

في سننه رقم (1295).

(5)

في صحيحه رقم (2482، 2483، 2494).

(6)

تقدم برقم (26/ 917) من كتابنا هذا.

(7)

في المعلم بفوائد مسلم (1/ 319) حيث قال: لعله إشارة إلى كراهة الاقتصار على ركعتين بعدها لئلا يلتبس بالظهر التي هي أربع.

وهذا التأويل على رواية: "من كان منكم مصليًا"، وأما رواية:"إذا صلى فليصل"، فلعله يكون معناه: إن شاء التنفل، بدليل الحديث الآخر.

(8)

في عارضة الأحوذي (2/ 311 - 312).

(9)

المجموع شرح المهذب (3/ 503 - 504).

(10)

قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية لابن جزي ص 105.

(11)

المغني لابن قدامة (3/ 248).

ص: 422

واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح

(1)

: "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة".

وأما صلاة ابن عمر في مسجد مكة فقيل: لعله كان يريد التأخر في مسجد مكة للطواف بالبيت فيكره أن يفوته بمضيه إلى منزله لصلاة سنة الجمعة.

أو أنه يشقّ عليه الذهاب إلى منزله ثم الرجوع إلى المسجد للطواف.

أو أنه كان يرى النوافل تضاعف بمسجد مكة دون بقية مكة، أو كان له أمر متعلق به.

[الباب السادس عشر] باب ما جاء في اجتماع العيد والجمعة

89/ 1267 - (عَنْ زَيْدِ بْنِ أرْقَمَ وَسألَهُ مُعاوِيَةُ: هَلْ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا؟ قالَ: نَعَمْ، صَلى العِيدَ أوَّلَ النَّهارِ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الجُمُعَةِ فَقَالَ:"من شاءَ أنْ يُجَمِّعَ فَلْيُجَمِّعْ"، رَوَاهُ أحْمَدُ

(2)

وأَبُو دَاوُدَ

(3)

وَابْنُ ماجَهْ)

(4)

[صحيح لغيره]

90/ 1268 - (وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: "قَدِ اجْتَمَعَ فِي

(1)

أخرجه البخاري رقم (731) ومسلم رقم (213/ 781).

(2)

في المسند (4/ 372).

(3)

في سننه رقم (1070).

(4)

في سننه رقم (1310).

قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (685) والطحاوي في شرح مشكل الآثار رقم (1153 و 1154) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 317) وفي معرفة السنن والآثار رقم (7023) وابن أبي شيبة (2/ 188) والدارمي رقم (1653) والطبراني في الكبير رقم (5120) والحاكم في المستدرك (1/ 288) والنسائي رقم (1591) من طرق

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وصححه علي بن المديني فيما حكاه عنه الحافظ في "التلخيص"(2/ 178). وقد أورد الذهبي في "الميزان"(1/ 282) إياس بن أبي رملة بهذا الحديث وقال: "قال ابن المنذر: لا يثبت هذا، فإن إياسًا مجهول".

وخلاصة القول: أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.

ص: 423

يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شاءَ أجْزأهُ مِنَ الجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ

(1)

وَابْنُ ماجَهْ)

(2)

. [صحيح]

91/ 1269 - (وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسانَ قالَ: اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فأخَّرَ الخُرُوجَ حَتَّى تَعالى النَّهارُ، ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى وَلَمْ يُصَلّ لِلنَّاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَذَكَرْتُ ذلكَ لابْنِ عَبَّاسٍ فَقالَ: أصَابَ السُّنَّةَ. رَوَاهُ النَّسائيُّ

(3)

وأبُو دَاوُدَ

(4)

بِنَحْوِهِ، لَكِنْ مِنْ رِوَايَةِ عَطاءٍ. [صحيح]

ولأبي دَاوُدَ

(5)

أيضًا عَنْ عَطاءٍ قالَ: اجْتَمَعَ يَوْمُ الجُمُعَةِ ويوْمُ الفِطْر على عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقالَ: عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَجَمَعَهُما جَمِيعًا فَصَلَّاهُما رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِما حتَّى صَلَّى العَصْرَ). [صحيح]

حديث زيد بن أرقم أخرجه أيضًا النسائي

(6)

والحاكم

(7)

وصححه عليّ بن

(1)

في سننه رقم (1073).

(2)

في سننه رقم (1311).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 429): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رواه أبو داود في سننه عن محمد بن المصفى بهذا الإسناد فقال عن أبي هريرة بدل ابن عباس وهو المحفوظ".

قلت: وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" رقم (1155) والحاكم في المستدرك (1/ 288 - 289) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 318).

وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.

والخلاصة: أن الحديث صحيح، والله أعلم.

(3)

في سننه رقم (1592).

(4)

في سننه رقم (1071).

وهو حديث صحيح. وانظر: صحيح أبي داود (4/ 238 رقم 982).

(5)

في سننه رقم (1072).

قال الألباني في صحيح أبي داود (4/ 239): "قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم، وابن جريج - واسمه عبد الملك بن عبد العزيز - وإن كان مدلسًا، فقد روى ابن أبي خيثمة بإسناد صحيح عنه أنه قال: إذا قلت: قال عطاء؛ فأنا سمعته منه، وإن لم أقل: سمعت

" اهـ.

(6)

في سننه رقم (1591) وقد تقدم.

(7)

في المستدرك (1/ 288) وقد تقدم.

ص: 424

المديني

(1)

، وفي إسناده إياس بن أبي رملة وهو مجهول

(2)

.

وحديث أبي هريرة أخرجه أيضًا الحاكم

(3)

، وفي إسناده بقية بن الوليد

(4)

، وقد صحح أحمد بن حنبل

(5)

والدارقطني

(6)

إرساله.

ورواه البيهقي

(7)

موصولًا مقيدًا بأهل العوالي وإسناده ضعيف.

وفعل ابن الزبير وقول ابن عباس: أصاب السنة رجاله رجال الصحيح.

وحديث عطاء رجاله رجال الصحيح.

وفي الباب عن ابن عباس عند ابن ماجه

(8)

. قال الحافظ

(9)

: وهو وهم منه نبَّه عليه هو.

(1)

كما في "التلخيص"(2/ 178).

(2)

الميزان (1/ 282).

(3)

في المستدرك (1/ 288 - 289) وقد تقدم.

(4)

بقية بن الوليد إنما يخشى منه إذا عنعن؛ لأنه مدلس. وقد صرح بالتحديث في رواية أبي داود فزالت شبهة تدليسه.

وفيه مدلسًا آخر هو المغيرة بن مِقْسَم الضبي، فإنه مع إتقانه كان يدلس كما في "التقريب" رقم (6851) - فهو علة هذا الإسناد، إلا أن الحديث صحيح بشواهده المتقدمة. [صحيح أبي دواد (4/ 240) للألباني رحمه الله].

• قال الحافظ في "التقريب" عن المغيرة هذا: "ثقة متقن إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم".

قال المحرران: قوله: "كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم فيه نظر من وجهين:

(الأول): أنه لم يذكر بتدليس عن غير إبراهيم.

(وثانيهما): أن أحمد ومحمد بن فضيل هما اللذان قالا بأنه يُدلس عن إبراهيم.

وهذا القول رده أبو داود، فذكر أن المغيرة لا يُدلس، وأنه سمع من إبراهيم مئة وثمانين حديثًا.

وقال ابن المديني: لا أعلم أحدًا يروي في المسند عن إبراهيم ما روى الأعمش، ومغيرة كان أعلم الناس بإبراهيم ما سمع منه وما لم يسمع، لم يكن أحد أعلم به منه، حمل عنه وعن أصحابه.

وقد أخرج الشيخان من روايته عن إبراهيم من غير تصريح بالسماع البخاري: رقم (3287) و (3742) و (3743) و (3761) و (6278) وقد توبع عليه عنده.

ومسلم رقم (133) و (824) و (283) و (2193).

فدل ذلك على قبول الشيخين لروايته من غير تصريح، والله أعلم" اهـ.

(5)

قال الحافظ في "التلخيص"(2/ 178): وكذا صحح ابن حنبل إرساله.

(6)

قال الحافظ في "التلخيص"(2/ 178): وصحح الدارقطني إرساله.

(7)

في السنن الكبرى (3/ 318).

(8)

في سننه رقم (1311) وقد تقدم.

(9)

في "التلخيص"(2/ 178).

ص: 425

وعن ابن عمر عند ابن ماجه

(1)

أيضًا وإسناده ضعيف.

ورواه الطبراني

(2)

من وجه آخر عن ابن عمر.

ورواه البخاري

(3)

من قول عثمان.

ورواه الحاكم

(4)

من قول ابن الخطاب كذا قال الحافظ

(5)

.

قوله: (ثم رخص في الجمعة، إلخ) فيه أن صلاة الجمعة في يوم العيد يجوز تركها.

وظاهر الحديثين عدم الفرق بين من صلى العيد ومن لم يصلّ، وبين الإِمام وغيره، لأن قوله:"لمن شاء" يدلّ على أن الرخصة تعمّ كل أحد.

وقد ذهب الهادي والناصر والأخوان

(6)

إلى أن صلاة الجمعة تكون رخصة لغير لإِمام وثلاثة.

واستدلوا بقوله في حديث أبي هريرة

(7)

: "وإنا مجمعون"، وفيه أن مجرّد هذا لإخبار لا يصلح للاستدلال به على المدعى، أعني الوجوب.

(1)

في سننه رقم (1312).

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 429): "هذا إسناد ضعيف لضعف جبارة ومندل" اهـ.

وهو حديث صحيح لغيره.

(2)

في المعجم الكبير (ج 12 رقم 13591).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 195) وقال: رواه الطبراني في الكبير من رواية إسماعيل بن إبراهيم التركي عن زياد بن راشد أبي محمد السماك ولم أجد من ترجمهما" اهـ.

قلت: الاسم قد تحرف عليه، ولذلك لم يعرفه.

وصوابه: عيسى بن إبراهيم البركي، كما جاء عند الطبراني في الكبير رقم (13591) وعيسى هذا من رواة التهذيب - تهذيب الكمال (22/ 580). [الفرائد على مجمع الزوائد (ص 52 رقم 62).

(3)

في صحيحه رقم (5572).

(4)

في المستدرك (1/ 296).

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

(5)

في التلخيص (2/ 178).

(6)

البحر الزخار (2/ 7).

(7)

تقدم برقم (90/ 1268) من كتابنا هذا.

ص: 426

ويدلّ على عدم الوجوب وأن الترخيص عام لكلّ أحد، تركُ ابن الزبير للجمعة وهو الإِمام إذ ذاك.

وقول ابن عباس: أصاب السنة. وعدم الإِنكار عليه من أحد من الصحابة. وأيضًا لو كانت الجمعة واجبة على البعض لكانت فرض كفاية وهو خلاف معنى الرخصة.

وحكي في البحر

(1)

عن الشافعي في أحد قوليه وأكثر الفقهاء أنه لا ترخيص؛ لأن دليل وجوبها لم يفصل، وأحاديث الباب تردّ عليهم.

وحكي عن الشافعي

(2)

أيضًا أن الترخيص يختص بمن كان خارج المصر.

واستدل له بقول عثمان: من [أراد]

(3)

من أهل العوالي أن يصلي معنا الجمعة فليصل، ومن أراد أن ينصرف فليفعل.

ورده بأن قول عثمان لا يخصص قوله صلى الله عليه وسلم.

قوله: (لم يزد عليهما حتى صلى العصر) ظاهره أنه لم يصل الظهر، وفيه أن الجمعة إذا سقطت بوجه من الوجوه المسوّغة لم يجب على من سقطت عنه أن يصلي الظهر.

وإليه ذهب عطاء، حكي ذلك عنه في البحر

(4)

.

والظاهر أنه يقول بذلك القائلون بأن الجمعة الأصل. وأنت خبير بأن الذي افترضه الله على عباده في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة فإيجاب صلاة الظهر على من تركها لعذر أو لغير عذر محتاج إلى دليل، ولا دليل يصلح للتمسك به على ذلك فيما أعلم.

قال المصنف

(5)

رحمه الله تعالى بعد أن ساق الرواية المتقدمة عن ابن الزبير: قلت إنما وجه هذا أنه رأى تقدمة الجمعة قبل الزوال، فقدمها واجتزأ بها عن العيد، انتهى.

(1)

(2/ 8).

(2)

الأم (2/ 515 - 517).

(3)

في المخطوط (ب): (أحب).

(4)

(2/ 8).

(5)

ابن تيمية الجد في "المنتقى"(2/ 35).

ص: 427

ولا يخفى ما في هذا الوجه من التعسف

(1)

.

* * *

(1)

بدع الجمعة:

1 -

التعبد بترك السفر يوم الجمعة.

• أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 105) عن قيس قال: قال عمر: "الجمعة لا تمنع من سفر"، وهو أثر صحيح.

• أما حديث: "من سافر بعد الفجر يوم الجمعة دعا عليه ملكاه

"، فهو حديث ضعيف الضعيفة رقم (216) و (217).

2 -

اتخاذه يوم عطلة. (الإحياء 1/ 169).

3 -

التجمل والتزين له ببعض المعاصي؛ كحلق اللحية، ولبس الحرير والذهب.

4 -

تقديم بعضهم مفارش إلى المسجد يوم الجمعة أو غيرها قبل ذهابهم إلى المسجد. [المدخل 2/ 124].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (2/ 39): "فهذا منهي عنه بالاتفاق".

5 -

التذكار يوم الجمعة بأنواعه. [المدخل (2/ 258 - 259) و"الإبداع في مضار الابتداع" ص 76، ومجلة المنار (31/ 57).

6 -

الأذان جماعة يوم الجمعة. [المدخل 2/ 208)].

7 -

تأذين المؤذنين مع المؤذن الراتب يوم الجمعة في صحن المسجد. [الاختيارات العلمية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 22].

8 -

الزيادة في هذا الأذان الثاني على واحد حيث يؤتى بمؤذن ثان يؤذن على الدكة؛ كالمجيب للأول. [الإبداع ص 75 والمدخل (2/ 208)].

9 -

صعود المؤذن يوم الجمعة على المنارة بعد الأذان الأول لينادي أهل القرية للحضور وتكميل عدد الأربعين. [إصلاح المساجد عن البدع والعوائد ص 69].

10 -

تفريق الربعة حين اجتماع الناس لصلاة الجمعة، فإذا كان عند الأذان قام الذي فرقها ليجمع ما فرق من تلك الأجزاء. [المدخل (2/ 223)].

11 -

السماح للرجل الصالح بتخطي رقاب الناس يوم الجمعة بدعوى أنه يُتبَرك به.

[لمخالفته الحديث الصحيح برقم (1217) من كتابنا هذا].

12 -

صلاة سنة الجمعة القبلية. [السنن والمبتدعات ص 51 والمدخل (2/ 239).

13 -

فرش درج المنبر يوم الجمعة [المدخل (2/ 166)].

14 -

جعل الأعلام السود على المنبر حال الخطبة. [المدخل (2/ 166)].

15 -

الستائر للمنابر. [السنن ص 53].

16 -

المواظبة على لبس السواد من الإمام يوم الجمعة. [الأحياء (1/ 162، 165) والمدخل (2/ 266) وشرح شرعة الإسلام ص 140].

17 -

تخصيص الاعتمام لصلاة الجمعة وغيرها. =

ص: 428

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 18 - لبس الخفين لأجل الخطبة وصلاة الجمعة. [المدخل (2/ 266)].

19 -

الترقية: وهي تلاوة آية: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ

} [الأحزاب: 56].

20 -

ثم قراءة حديث: "إذا قلت لصاحبك

".

يجهر بذلك المؤذنون عند خروج الخطيب حتى يصل إلى المنبر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات" ص 48: "هو مكروه أو محرم اتفاقًا". [المدخل (2/ 266) شرح الطريقة المحمدية (1/ 114 و 115) و (4/ 323) والمنار (5/ 951) و (19/ 541) والإبداع ص 75 والسنن ص 24].

21 -

جعل درجات المنبر أكثر من ثلاث.

- الجوهر في عدد درجات المنبر" تأليف محمد بن عبد الوهاب الوصابي (ص 49 - 96).

22 -

قيام الإمام عند أسفل المنبر يدعو.

23 -

تباطؤ الإمام في الطلوع على المنبر [الباعث ص 64].

24 -

إنشاد الشعر في مدح النبي صلى الله عليه وسلم عند صعود الخطيب المنبر أو قبله. [المنار (31/ 474)].

25 -

دق الخطيب عند صعوده بأسفل سيفه على درج المنبر. [الباعث ص 64 والمدخل (2/ 267) وإصلاح المساجد ص 50 والمنار (18/ 558)].

26 -

صلاة المؤذنين على النبي صلى الله عليه وسلم عند كل ضربة يضربها الخطيب على المنبر. [المدخل (2/ 250 و 267)].

27 -

صعود رئيس المؤذنين على المنبر مع الإمام وإن كان يجلس دونه. وقوله: آمين اللهم آمين، غفر الله لمن يقول: آمين. اللهم صل عليه

[المدخل (2/ 268)].

28 -

اشتغال الإمام بالدعاء إذا صعد المنبر، مستقبل القبلة قبل الإقبال على الناس والسلام عليهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات" ص 48: "دعاء الإمام بعد صعوده المنبر لا أصل له"[الباعث ص 64، والمدخل (2/ 267) وإصلاح المساجد ص 50، والمنار (18/ 558)].

29 -

ترك الخطيب السلام على الناس إذا خرج عليهم. [المدخل (2/ 166)].

30 -

الأذان الثاني داخل المسجد بين يدي الخطيب. [الاعتصام للشاطبي (2/ 207 - 208) والمنار (19/ 540)].

31 -

وجود مؤذنين بين يدي الخطيب في بعض الجوامع، يقوم أحدهما أمام المنبر، والثاني على السدة العليا. يلقن الأول الثاني ألفاظ الأذان يأتي الأول بجملة منه سرًا ثم يجهر بها الثاني. [إصلاح المساجد عن البدع والعوائد ص 143].

32 -

نداء رئيس المؤذنين عند إرادة الخطيب الخطبة بقوله للناس: أيها الناس صح عن =

ص: 429

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة: أنصت؛ فقد لغوت. أنصتوا رحمكم الله. [المدخل (2/ 268) والسنن ص 24].

33 -

قول بعض المؤذنين بين يدي الخطيب إذا جلس من الخطبة الأولى: غفر الله لك ولوالديك، ولنا ولوالدينا والحاضرين. [فتاوى ابن تيمية (1/ 129) وإصلاح المساجد (ص 75 - 76)].

34 -

اعتماد الخطيب على السيف في خطبة الجمعة [السنن ص 55].

أما حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على سيف أو عصا، كما وقع في "منار السبيل" وعزاه لأبي داود، فلا أصل له عنده، ولا عند غيره بذكر السيف.

وإنما هو بلفظ: " .... عصا أو قوس" كما تراه مخرجًا في "الإرواء"(3/ 616).

35 -

القعود تحت المنبر والخطيب يخطب يوم الجمعة للاستشفاء. [المنار (7/ 501 - 503)].

36 -

إعراض الخطباء عن خطبة الحاجة: "إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره

" وعن قوله صلى الله عليه وسلم في خطبه: "أما بعد، فإن خير الكلام كلام الله ....

37 -

إعراضهم عن التذكير بسورة {ق} في خطبهم مع مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه. [السنن: ص 57].

38 -

مواظبة الخطباء يوم الجمعة على قراءة حديث في آخر الخطبة دائمًا كحديث: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" وهو حديث حسن. [السنن: ص 56].

39 -

تسليم بعض الخطباء في هذا العصر بعد الفراغ من الخطبة الأولى.

40 -

قراءة سورة (الإخلاص) ثلاثًا أثناء الجلوس بين الخطبتين. [السنن: ص 56].

41 -

قيام بعض الحاضرين في أثناء الخطبة الثانية يصلون التحية. [المنار (18/ 559) والسنن: ص 51].

42 -

دعاء الناس ورفع اليدين عند جلوس الإمام على المنبر بين الخطبتين. [المنار (6/ 793 - 794) و (18/ 559)].

43 -

نزول الخطيب في الخطبة الثانية إلى درجة سفلى ثم العود. [حاشية ابن عابدين (1/ 770)].

44 -

مبالغتهم في الإسراع في الخطبة الثانية. [المنار (18/ 858)].

45 -

الالتفات يمينًا وشمالًا عند قوله: آمركم، وأنهاكم، وعند الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. [الباعث (ص 65) وإصلاح المساجد (ص 50) والمنار (18/ 558) وحاشية ابن عابدين (1/ 759)].

46 -

ارتقاؤه درجة من المنبر عند الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نزوله عند الفراغ منها. [الباعث ص 65].

47 -

التزامهم السجع والتثليث والتربيع والتخميس في دواوينهم وخطبهم، مع أن السجع =

ص: 430

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قد ورد النهي عنه في "الصحيح". [السنن ص 75].

48 -

التزام كثيرين منهم إيراد حديث: "إن لله عز وجل في كل ليلة من رمضان ستمائة ألف عتيق من النار، فإذا كان آخر ليلة أعتق الله بعدد من مضى". في آخر خطبة جمعة من رمضان، أو في خطبة عيد الفطر، مع أنه حديث باطل.

49 -

ترك تحية المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة. [المحلى لابن حزم (5/ 69)].

50 -

قطع بعض الخطباء خطبتهم ليأمروا من دخل المسجد وشرع في تحية المسجد بتركها خلافًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح وأمره بها.

51 -

جعل الخطبة الثانية عارية من الوعظ والإرشاد والتذكير والترغيب، وتخصيصها بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء [السنن ص 56، و"نور البيان في الكشف عن بدع آخر الزمان" 445].

52 -

تكلف الخطيب رفع الصوت في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فوق المعتاد في باقي الخطبة [الباعث ص 65].

53 -

المبالغة برفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند قراءة الخطيب: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56][بجيرمي (2/ 189)].

54 -

صياح بعضهم في أثناء الخطبة باسم الله أو أسماء بعض الصالحين. [المنار (18/ 559)].

55 -

إتيان الكافر الذي أسلم في أثناء الأسبوع إلى الخطيب وهو على المنبر، حتى يتلفظ بالإسلام على رؤوس الناس، ويقطع الخطيب الخطبة بسببه [المدخل (2/ 171)].

56 -

التزام ذكر الخطباء الخلفاء والملوك والسلاطين في الخطبة الثانية بالتنغيم. [الاعتصام (1/ 17 - 18) (2/ 177) والمنار (6/ 139) و (18/ 305 و 558) و (31/ 55)].

57 -

دعاء الخطيب للغزاة والمرابطين [الاعتصام (1/ 18)].

58 -

رفع المؤذنين أصواتهم بالدعاء للسلاطين وإطالتهم في ذلك، والخطيب مسترسل في خطبته. ونص ابن عابدين في "الحاشية (1/ 769) على كراهة ذلك؛ يعني كراهة تحريم. [المنار (18/ 558) والسنن ص 25].

59 -

سكتات الخطيب في دعائه على المنبر ليؤمن عليه المؤذنون. [شرح الطريقة المحمدية (3/ 323).

60 -

تأمين المؤذنين عند دعاء الخطيب للصحابة بالرضى، وللسلطان بالنصر. [شرح الطريقة المحمدية (3/ 323).

61 -

الترنم في الخطبة. [الإبداع ص 27]. =

ص: 431

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 62 - رفع الخطيب يديه بالدعاء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات العلمية" ص 48: "ويكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يشير بإصبعه إذا دعا".

63 -

رفع القوم أيديهم تأمينًا على دعائه [الباعث ص 64 و 65].

وذكر ابن عابدين في الحاشية (1/ 768): أنهم إذا فعلوا ذلك أثموا على الصحيح.

64 -

التزام ختم الخطبة بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ

} [النحل: 90] وبقوله: "اذكروا الله يذكركم

]. [المدخل (2/ 271) والسنن ص 57].

65 -

إطالة الخطبة وقصر الصلاة.

66 -

التمسح بكتف الخطيب وظهره عند نزوله من المنبر. . [الإبداع ص 79، وإصلاح المساجد ص 78 والسنن ص 54 ونور البيان ص 44].

67 -

المنبر الكبير الذي يُدخلونه في بيت إذا فرغ الخطيب من الخطبة. . [المدخل (2/ 212)].

68 -

عد الجماعة في بعض المساجد الصغيرة يوم الجمعة لينظر هل بلغ عددهم أربعين.

69 -

إقامة الجمعة في المساجد الصغيرة .. [إصلاح المساجد ص 63].

70 -

دخول الإمام في الصلاة قبل استواء الصفوف. . [إصلاح المساجد ص 99 - 100].

71 -

تقبيل اليد بعدها .. [إصلاح المساجد ص 99].

72 -

قولهم بعد الجمعة: يتقبل الله منا ومنكم. [السنن ص 54].

73 -

صلاة الظهر بعد الجمعة. [السنن (ص 10 وص 123) وإصلاح المساجد ص 51 - 53 والمنار (23/ 259 و 497) و (34/ 120)].

74 -

قيام بعض النساء على باب المسجد يوم الجمعة، تحمل طفلًا لها لا يزال يزحف، ولا يمشي، قد عقدت بين إبهامي رجليه بخيط، ثم تطلب قطعه من أول خارج من المسجد، يزعمن أن الطفل ينطلق ويمشي على رجليه بعد أسبوعين من هذه العملية.

75 -

تعطيل شعيرة الأذان من مئات المساجد بالأذان الموحد في أحد البلاد الإسلامية؛ خلافًا لإجماع سائر البلاد الإسلامية سلفًا وخلفًا.

76 -

الاستغناء عن آذان المؤذن بإذاعته مسجلًا في شريط في بعض البلاد الإسلامية. [من كتاب "الأجوبة النافعة" للمحدث الألباني رحمه الله ص 115 - 133].

ص: 432

تم ولله الحمد والمنة الجزء السادس

من

نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار

ويليه

الجزء السابع وأوّله [حادي وعشرون: أبواب] العيدين.

ص: 433