الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بقية الكتاب الثاني: كتاب الصلاة
حادي وعشرون: أبواب العيدين.
ثاني وعشرون: أبواب صلاة الخوف.
ثالث وعشرون: أبواب صلاة الكسوف.
رابع وعشرون: أبواب الاستسقاء.
الكتاب الثالث: كتاب الجنائز
أولًا: أبواب غسل الميت.
ثانيًا: أبواب الكفن وتوابعه.
ثالثًا: أبواب الصلاة على الميت.
رابعًا: أبواب حمل الجنازة والسير بها.
خمامسًا: أبواب الدفن وأحكام القبور.
خاتمة: بدع الجنائز.
بقية الكتاب الثاني: كتاب الصلاة
حادي وعشرون: أبواب العيدين:
الباب الأول: باب التجمل للعيد وكراهة حمل السلاح فيه إلا لحاجة.
الباب الثاني: باب الخروج إلى العيد ماشيًا والتكبير فيه وما جاء في خروج النساء.
الباب الثالث: باب استحباب الأكل قبل الخروج في الفطر دون الأضحى.
الباب الرابع: باب مخالفة الطريق في العيد والتعييد في الجامع للعذر.
الباب الخامس: باب وقت صلاة العيد.
الباب السادس: باب صلاة العيد قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، وما يقرأ فيها.
الباب السابع: باب عدد التكبيرات في صلاة العيد ومحلها.
الباب الثامن: باب لا صلاة قبل العيد ولا بعدها.
الباب التاسع: باب خطبة العيد وأحكامها.
الباب العاشر: باب استحباب الخطبة يوم النحر.
الباب الحادي عشر: باب حكم الهلال إذا غم، ثم علم به من آخر النهار.
الباب الثاني عشر: باب الحث على الذكر والطاعة في أيام العشر وأيام التشريق.
ثاني وعشرون: أبواب صلاة الخوف:
الباب الأول: باب الأنواع المروية في صفتها.
1 -
صلاة الإمام بكل طائفة ركعة وقضاء كل طائفة ركعة.
2 -
اشتراك الطائفتين مع الإمام وتقدم الثانية وتأخر الأولى والسلام جميعًا.
3 -
صلاة الإمام بكل طائفة ركعتين بسلام.
4 -
اشتراك الطائفتين مع الإمام في القيام والسلام.
5 -
صلاة الإمام بكل طائفة ركعة.
الباب الثاني: باب الصلاة في شدة الخوف بالإيماء، وهل يجوز تأخيرها أم لا؟.
ثالث وعشرون: أبواب صلاة الكسوف:
الباب الأول: باب النداء لها وصفتها.
الباب الثاني: باب من أجاز في كل ركعة ثلاثة ركوعات وأربعة وخمسة.
الباب الثالث: باب الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف.
الباب الرابع: باب الصلاة لخسوف القمر في جماعة مكررة الركوع.
الباب الخامس: باب الحث على الصدقة والاستغفار والذكر في الكسوف، وخروج وقت الصلاة بالتجلي.
رابع وعشرون: أبواب الاستسقاء:
الباب الأول: باب صفة صلاة الاستسقاء وجوازها قبل الخطبة وبعدها.
الباب الثاني: باب الاستسقاء بذوي الصلاح وإكثار الاستغفار، ورفع الأيدي بالدعاء، وذكر أدعية مأثورة في ذلك.
الباب الثالث: باب تحويل الإمام والناس أرديتهم في الدعاء وصفته ووقته.
الباب الرابع: باب ما يقول وما يصنع إذا رأى المطر وما يقول إذا كَثُر جدًّا.
الكتاب الثالث: كتاب الجنائز
الباب الأول: باب عيادة المريض.
الباب الثاني: باب من كان آخر قوله لا إله إلا الله، وتلقين المحتضر وتوجيهه وتغميض الميت والقراءة عنده.
الباب الثالث: باب المبادرة إلى تجهيز الميت وقضاء دَيْنه.
الباب الرابع: باب تسجية الميت والرخصة في تقبيله.
أولًا: أبواب غسل الميت:
الباب الأول: باب من يليه ورفقه به وستره عليه.
الباب الثاني: باب ما جاء في غسل أحد الزوجين للآخر.
الباب الثالث: باب ترك غسل الشهيد وما جاء فيه إذا كان جنبًا.
الباب الرابع: باب صفة الغسل.
ثانيًا: أبواب الكفن وتوابعه:
الباب الأول: باب التكفين من رأس المال.
الباب الثاني: باب استحباب إحسان الكفن من غير مغالاة.
الباب الثالث: باب صفة الكفن للرجل والمرأة.
الباب الرابع: باب وجوب تكفين الشهيد في ثيابه التي قتل فيها.
الباب الخامس: باب تطييب بدن الميت وكفنه إلَّا المحرم.
ثالثًا: أبواب الصلاة على الميت:
الباب الأول: باب من يُصلى عليه، ومن لا يُصلى عليه. الصلاة على الأنبياء.
الباب الثاني: باب ترك الصلاة على الشهيد.
الباب الثالث: باب الصلاة على السقط والطفل.
الباب الرابع: باب ترك الإمام الصلاة على الغال وقاتل نفسه.
الباب الخامس: باب الصلاة على من قُتل في حد.
الباب السادس: باب الصلاة على الغائب بالنية وعلى القبر إلى شهر.
الباب السابع: باب فضل الصلاة على الميت وما يُرجى له بكثرة الجمع.
الباب الثامن: باب ما جاء في كراهة النعي.
الباب التاسع: باب عدد تكبير صلاة الجنائز.
الباب العاشر: باب القراءة والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها.
الباب الحادي عشر: باب الدعاء للميت وما ورد فيه.
الباب الثاني عشر: باب موقف الإمام من الرجل والمرأة، وكيف يصنع إذا اجتمعت أنواع.
الباب الثالث عشر: باب الصلاة على الجنازة في المسجد.
رابعًا: أبواب حمل الجنازة والسير بها:
الباب الأول: باب الإسراع بها من غير رمل.
الباب الثاني: باب المشي أمام الجنازة وما جاء في الركوب معها.
الباب الثالث: باب ما يكره مع الجنازة من نياحة أو نار.
الباب الرابع: باب من اتبع الجنازة فلا يجلس حتى توضع.
الباب الخامس: باب ما جاء في القيام للجنازة إذا مرَّت.
خامسًا: أبواب الدفن وأحكام القبور:
الباب الأول: باب تعميق القبر واختيار اللحد على الشق.
الباب الثاني: باب من أين يُدخل الميت قبره، وما يقال عند ذلك، والحثي في القبر.
الباب الثالث: باب تسنيم القبر ورشه بالماء وتعليمه ليعرف وكراهة البناء والكتابة عليه.
الباب الرابع: باب من يستحب أن يدفن المرأة.
الباب الخامس: باب آداب الجلوس في المقبرة والمشي فيها.
الباب السادس: باب الدفن ليلًا.
الباب السابع: باب الدعاء للميت بعد دفنه.
الباب الثامن: باب النهي عن اتخاذ المساجد والسرج في المقبرة.
الباب التاسع: باب وصول ثواب القُرَب المهداة إلى الموتى.
الباب العاشر: باب تعزية المصاب، وثواب صبره وأمره به وما يقول لذلك.
الباب الحادي عشر: باب صنع الطعام لأهل الميت وكراهته منهم للناس.
الباب الثاني عشر: باب ما جاء في البكاء على الميت وبيان المكروه منه.
الباب الثالث عشر: باب النهي عن النياحة والندب وخمش الوجوه، ونشر الشعر ونحوه. الرخصة في يسير الكلام من صفة الميت.
الباب الرابع عشر: باب الكف عن ذكر مساوي الأموات.
الباب الخامس عشر: باب استحباب زيارة القبور للرجال دون النساء، وما يقال عند دخولها.
الباب السادس عشر: باب ما جاء في الميت ينقل أو ينبش لغرض صحيح.
[حادي وعشرون]: [أبواب]
(1)
: العيدين
العيدُ: مشتقٌّ من العَوْد
(2)
، فكل عيد يعود بالسرور، وإنما جمع على أعياد بالياء للفرق بينه وبين أعواد الخشب
(3)
، وقيل غير ذلك.
وقيل (2): أصله عِوْد بكسر العين وسكون الواو، فقلب الواو ياء لانكسار ما قبلها، مثل: ميعاد وميقات وميزان.
قال الخليل
(4)
: وكل يوم مجمع كأنهم عادوا إليه.
وقال ابن الأنباري
(5)
: يسمى عيدًا للعود في الفرح والمرح.
وقيل: سمي عيدًا لأن كل إنسان يعود فيه إلى قدر منزلته، فهذا يضيف وهذا يضاف، وهذا يَرحم وهذا يُرحم.
وقيل (5): سمي عيدًا لشرفه من العيد، وهو محلّ كريم مشهور في العرب تنسب إليه الإبل العيدية.
[الباب الأول] باب التَّجَمُّل للعيدِ وكراهةِ حملِ السِّلاحِ فيهِ إلَّا لحاجَةٍ
1/ 1270 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: وَجَدَ عُمَرُ حُلَّةً من إسْتَبْرَقٍ تُباعُ فِي السُّوقِ، فأخَذَها فأتى بها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقالَ: يا رَسُول الله، ابْتَعْ هَذِهِ فَتَجَمَّلْ بِها
(1)
في المخطوط (أ) و (ب): (كتاب) وبدلت بـ (أبواب) لضرورة التبويب في الكتاب.
(2)
قال ابن منظور في "لسان العرب"(3/ 319): "والعيد عند العرب: الوقت الذي يعود فيه الفرح والحزن، وكان في الأصل العِوْد، فلما سكنت الواو وانكسر ما قبلها صارت ياء.
وقيل: قلبت الواو ياء ليفرقوا بين الاسم الحقيقي وبين الصوري".
(3)
حكاه الجوهري في "الصحاح"(3/ 515).
(4)
في كتابه العين (ص 694): بل سُمِّيَ لأنَّهم اعتادوه.
(5)
تاج العروس (5/ 136).
لِلْعِيدِ وَالوَفْدِ، فَقالَ:"إِنَّمَا هَذِهِ لِباسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(1)
. [صحيح]
2/ 1271 - (وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدّهِ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَلْبَسُ بُرُدَ حِبَرَةٍ في كُلّ عِيدٍ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ)
(2)
. [مرسل بسند ضعيف]
3/ 1272 - (وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ حِينَ أصَابَهُ سِنانُ الرُّمْحِ فِي أَخْمَصِ قَدَمِهِ، فَلَزِقَتْ قَدَمُهُ بالرّكابِ، فَنَزَلْتُ فَنَزَعْتُها وذَلَكَ بِمنًى، فَبَلَغَ الحَجَّاجَ فَجاءَ يَعُودُهُ، فَقالَ الحَجَّاجُ: لَوْ نَعْلَمُ مَنْ أصَابَكَ؟ فَقالَ ابْنُ عُمَرَ: أنْتَ أصَبْتَنِي، قالَ: وكَيْفَ؟ قالَ: حَمَلْتَ السِّلاحَ فِي يَوْمٍ لَمْ يَكُنْ يُحْمَلُ فِيهِ، وأدْخَلْتَ السِّلاحَ الحَرَمَ، ولَمْ يَكُنِ السِّلاحُ يَدْخَلُ الحَرَمَ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ
(3)
[صحيح]
وَقَالَ: قالَ الحَسَنُ: نُهُوا أنْ يَحْمِلُوا السِّلاحَ يَوْمَ عِيدٍ إلَّا أنْ يَخافُوا عَدُوًّا)
(4)
.
حديث جعفر بن محمد رواه الشافعي (2) عن شيخه إبراهيم بن محمد
(5)
عن جعفر، وإبراهيمُ بن محمد المذكور لا يحتجُّ بما تفرَّد به.
ولكنه قد تابعه [سعيد]
(6)
بن الصَّلْتِ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده
(1)
أحمد في المسند (2/ 20) والبخاري رقم (886) ومسلم رقم (8/ 2068).
(2)
في المسند رقم (441 - ترتيب) سنده ضعيف مع إرساله.
(3)
في صحيحه رقم (966).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه (2/ 454 رقم الباب (9) - مع الفتح) معلقًا.
وقال الحافظ في "الفتح"(2/ 455): "لم أقف عليه موصولًا، إلا أنَّ ابن المنذر قد ذكر نحوه عن الحسن
…
" اهـ.
(5)
إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، مدني، كان قدريًا جهميًا. قال يحيى: كنا نتهمه بالكذب.
وعن ابن معين: كذاب. مات سنة (184 هـ)، روى الشافعي عنه، وقال: كان ثقة في الحديث.
التاريخ الكبير (1/ 323) والمجروحين (1/ 105) والجرح والعديل (2/ 125) والكاشف (1/ 46) والمغني (1/ 23) والميزان (1/ 57، 64) والتقريب (1/ 42) والخلاصة ص 21.
(6)
كذا في المخطوط (أ) و (ب) وهو تصحيف والصواب: (سعد) كما في "الأوسط" للطبراني (7/ 316) ومجمع البحرين (2/ 235) والجرح والتعديل (4/ 86) والثقات (6/ 378).
• سعد بن الصلت بن برد بن أسلم، ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وسكت عنه، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أغرب.
عن ابن عباس به، كذا أخرجه الطبراني
(1)
.
قال الحافظ
(2)
: فظهرَ أن إبراهيم لم ينفرد به، وأن رواية إبراهيم مرسلة.
وفي الباب عن جابر عند ابن خزيمة
(3)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يلبس برده الأحمر في العيدين وفي الجمعة".
قوله: (من إستبرق) في رواية للبخاري
(4)
: "رأى حلة سيراء"، والإِستبرق: ما غلُظ من الديباج
(5)
، والسيراء
(6)
قد تقدم الكلام عليه في اللباس.
قوله: (ابتع هذه فتجمل)، في رواية للبخاري
(7)
: "ابتَعْ هذه تجمَّل بها"، وفي رواية
(8)
: "ابتاع هذه وتجمل".
[قوله: (للعيد والوفد)، في لفظ للبخاري
(9)
: "للجمعة" مكان العيد.
قال الحافظ
(10)
: وكلاهما صحيح، وكان ابن عمر ذكرهما معًا فاقتصر كل راو على أحدهما]
(11)
.
[قوله: (إنما هذه لباس من لا خلاق له)، الخلاق: النصيب
(12)
.
(1)
في المعجم الأوسط رقم (7609) وهو حديث ضعيف.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 198) وقال: رجاله ثقات. ولفظه: "يلبس يوم العيد بردة حمراء".
• وأخرج البيهقي في السنن الكبرى (3/ 280) عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة. بسند ضعيف لعنعنة الحجاج بن أرطاة وهو مدلس.
(2)
في "التلخيص"(2/ 163).
(3)
في صحيحه رقم (1766) بسند ضعيف لعنعنة الحجاج بن أرطاة.
(4)
في "صحيحه" رقم (5841).
(5)
النهاية لابن الأثير (1/ 47).
(6)
نوع من البرود يخالطه حرير كالسُّبور (النهاية 2/ 433).
(7)
في صحيحه رقم (948).
(8)
للبخاري في صحيحه رقم (3054).
(9)
في صحيحه رقم (2619).
(10)
في الفتح (2/ 439).
(11)
في المخطوط (أ) و (ب)، ما بين الخاصرتين في هذه التعليقة (11) جاء بعد ما بين الخاصرتين في التعليقة (3) إلا أن في المخطوط (أ): أشار إلى هذا التبديل ليوافق شرح الحديث.
وقد تم ذلك كما في (أ) فليعلم.
(12)
النهاية (2/ 70): الخلاق: الحظ والنصيب.
وفيه دليل على تحريم لبس الحرير، وقد تقدم بسط الكلام على ذلك في اللباس.
ووجه الاستدلال بهذا الحديث على مشروعية التجمل للعيد تقريره صلى الله عليه وسلم لعمر على أصل التجمل للعيد، وقصر الإنكار على من لبس مثل تلك الحلة لكونها كانت حريرًا.
وقال الداودي
(1)
: ليس في الحديث دلالة على ذلك.
وأجاب ابن بطال
(2)
بأنه كان معهودًا عندهم أن يلبس المرء أحسن ثيابه للجمعة، وتبعه ابن التين، والاستدلال بالتقرير أولى كما تقدم]
(3)
.
قوله: (برد حِبَرة) كَعِنبة: ضرب من برود اليمن كما في القاموس
(4)
.
قوله: (أخمص قدمه)، الأخمص بإسكان الخاء المعجمة وفتح الميم بعدها صاد مهملة: باطن القدم وما رقّ من أسفلها
(5)
.
وقيل: هو ما لا تصيبه الأرض عند المشي من باطنها.
قوله: (بالركاب أي وهي في راحلته).
قوله: (فنزعتها)، ذكر الضمير مؤنثًا مع أنه أعاده على السنان وهو مذكر لأنه أراد الحديدة، ويحتمل أنه أراد القدم.
قوله: (فبلغ الحجاج)، أي ابن يوسف الثقفي، وكان إذ ذاك أميرًا على الحجاز، وذلك بعد قتل عبد الله بن الزبير سنة ثلاث وسبعين.
قوله: (فجاء يعوده)، في رواية للبخاري
(6)
: "فجَعَلَ يَعُودُهُ"، وفي رواية الإسماعيلي
(7)
: "فأتاه".
قوله: (لو تعلم) لو للتمني، ويحتمل أن تكون شرطية، والجواب محذوف لدلالة السياق عليه.
(1)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 374).
(2)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 485).
(3)
انظر التعليقة (11) المتقدمة.
(4)
القاموس المحيط ص 472.
(5)
النهاية (2/ 80).
(6)
في صحيحه رقم (966).
(7)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 455).
ويرجح ذلك ما أخرجه ابن سعد
(1)
بلفظ: "لو نعلم من أصابك عاقبناه"، وله من وجه آخر:"لو أعلم الذي أصابك لضربت عنقه".
قوله: (أنت أصبتني) نسبة الفعل إلى الحجاج لكونه سببًا فيه.
وحكى الزبير
(2)
في الأنساب
(3)
أن عبد الملك لما كتب إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر شقّ عليه، وأمر رجلًا معه حربة، يقال: إنها كانت مسمومة، فلصق ذلك الرجل به، فأمرّ الحربة على قدمه فمرض منها أيامًا ثم مات، وذلك في سنة أربع وسبعين، وقد ساق هذه القصة في الفتح
(4)
ولم يتعقبها، وصدور مثلها غير بعيد من الحجاج، فإنه صاحب الأفاعيل التي تبكي لها عيون الإسلام وأهله.
قوله: (حملت السلاح)، أي: فتبعك أصحابك في حمله.
قوله: (في يوم لم يكن يحمل فيه)، هذا محل الدليل على كراهة حمل السلاح يوم العيد، وهو مبني على أن قول الصحابي كان يفعل كذا على البناء للمجهول له حكم الرفع، وفيه خلاف معروف في الأصول
(5)
.
قوله: (قال الحسن: نهوا أن يحملوا السلاح)، قال الحافظ
(6)
: لم أقف عليه موصولًا، إلا أن ابن المنذر قد ذكر نحوه عن الحسن، وفيه تقييد لإطلاق قول ابن عمر إنه لا يحمل.
وقد ورد مثله مرفوعًا مقيدًا وغير مقيد، فروى عبد الرزاق
(7)
بإسناد مرسل قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج بالسلاح يوم العيد".
(1)
في الطبقات: (4/ 185 - 186).
(2)
هو الزبير بن بكار بن عبد الله بن أبي مصعب. توفي سنة (256 هـ).
(3)
واسم الكتاب هذا: جمهرة نسب قريش وأخبارها.
(4)
فتح الباري (2/ 456).
(5)
إرشاد الفحول (ص 234) بتحقيقي والبحر المحيط (4/ 380).
(6)
في الفتح (2/ 455).
(7)
في المصنف (3/ 289 رقم 5668) مرسلًا.
وقال البيهقي في السنن الكبرى (3/ 285): روينا عن الضحاك بن مزاحم عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا أنه نهى أن يخرج يوم العيد بالسلاح.
وروى ابن ماجه
(1)
بإسناد ضعيف عن ابن عباس: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى أن يلبس السلاح في بلاد الإسلام في العيدين إلا أن يكون بحضرة العدوّ وهذا كله في العيدين.
فأما الحرم، فروى مسلم
(2)
عن جابر قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمل السلاح بمكة"، وسيأتي الجمع بينه وبين أحاديث دخوله صلى الله عليه وسلم مكة بالسلاح في باب المُحرم يتقلد بالسيف
(3)
من كتاب الحجّ.
[الباب الثاني] باب الخروج إلى العيد ماشيًا والتكبير فيه وما جاءَ في خروج النساء
4/ 1273 - (عَنْ عَلِيّ رضي الله عنه قالَ: مِنَ السُّنَّةِ أنْ يَخْرُجَ إلى العِيدِ مَاشِيًا، وأنْ يأكُلَ شَيْئًا قَبلَ أنْ يَخْرُجَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ
(4)
وَقالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ) [حسن لغيره]
(1)
في سننه (1314).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 430): "هذا إسناد فيه نائل بن نجيح وإسماعيل بن زياد وهما ضعيفان".
وهو حديث ضعيف جدًّا.
(2)
في صحيحه رقم (449/ 1356).
(3)
الباب الرابع عند الحديث رقم (10/ 1888) من كتابنا هذا.
(4)
في سننه رقم (530) وقال: حديث حسن.
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (1296) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 281) بسند ضعيف من أجل الحارث الأعور.
وأخرج الشافعي في الأم (2/ 494) رقم (519) والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(5/ 57 رقم 6834) والفريابي في "أحكام العيدين"(ص 102 رقم 27).
عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يركب في جنازة قط، ولا في خروج أضحى ولا فطر"، وقال الألباني في "الإرواء" (3/ 104): "وهذا سند صحيح رجاله ثقات، لكنه مرسل".
ثم أخرج الفريابي في "أحكام العيدين"(ص 84 رقم 18) عن سعيد بن المسيب أنه قال: "سنة الفطر ثلاث: المشي إلى المصلَّى، والأكل قبل الخروج، والاغتسال"، وإسناده صحيح.
قلت: والمشي إلى المصلى ورد من حديث: سعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن حاطب، وابن عمر، وعلي بن أبي طالب، وسعد القرظ، وأبي رافع، وسيأتي تخريجها قريبًا.
وخلاصة القول: أن حديث علي حديث حسن لغيره، والله أعلم.
5/ 1274 - (وَعَنْ أُمِّ عَطيَّةَ قالَتْ: أمَرَنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الفِطْرِ وَالأضْحَى: العَوَاتِق وَالحُيّضَ وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فأمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ، وَفِي لَفْظٍ: المُصَلَّى، وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، قُلْتُ: يا رَسُولَ الله، إحْدَانا لا يَكُونُ لَهَا جِلْباب، قالَ:"لِتُلْبِسْها أُخْتُها مِنْ جِلْبابِها"، رَوَاهُ الجَماعَةُ
(1)
، وَلَيْسَ لِلنَّسَائِيّ فِيهِ أمْرُ الجِلْبَابِ. [صحيح]
وَلمُسْلِمٍ
(2)
وأَبِي دَاوُدَ
(3)
فِي رِوَايَةٍ: وَالحُيَّضُ يَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ يُكَبِّرْنَ مع النَّاسِ. [صحيح]
وَللْبُخَارِي
(4)
: قالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: كُنَّا نُؤْمَرُ أنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ فَيُكَبِّرنَ بِتَكْبِيرِهِمْ). [صحيح]
6/ 1275 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كانَ إِذَا غَدَا إلى المُصَلَّى كبَّرَ فَرَفَعَ صَوْتَهُ بالتَّكْبِيرِ
(5)
. [موقوف بسند ضعيف]
وَفِي رِوَايَةٍ: كانَ يَغْدُو إلى المُصَلَّى يَوْمَ الفطْرِ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَيُكِّبرُ حتَّى يَأتي المُصَلَّى، ثُمَّ يُكِّبرُ بالمُصَلَّى حتَّى إذَا جَلَسَ الإِمامُ تَرَكَ التَّكْبِيرَ
(6)
. رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ) [موقوت بسند ضعيف]
حديث عليّ أخرجه أيضًا ابن ماجه
(7)
، وفي إسناده الحارث الأعور، وقد اتفقوا على أنه كذّاب، كما قال النووي في الخلاصة
(8)
.
(1)
أحمد (5/ 84) والبخاري رقم (974) ومسلم رقم (12/ 890) وأبو داود رقم (1136) والترمذي رقم (539) والنسائي رقم (1559) وابن ماجه رقم (1308).
(2)
في صحيحه رقم (11/ 890).
(3)
في سننه رقم (1138).
وهو حديث صحيح.
(4)
في صحيحه رقم (971).
(5)
أخرجه الشافعي في المسند رقم (444 - ترتيب) موقوف بسند ضعيف.
(6)
أخرجه الشافعي في المسند رقم (445 - ترتيب) موقوف بسند ضعيف.
(7)
في "سننه"(1296) وقد تقدم.
(8)
الخلاصة للنووي (2/ 822 عقب الحديث 2895).
ودعوى الاتفاق غير صحيحة، فقد روى عثمان بن سعيد الدارمى عن ابن معين أنه قال فيه: ثقة
(1)
.
وقال النسائيّ
(2)
مرّة: ليس به بأس، ومرّة: ليس بالقويّ.
وروى عباس الدوري عن ابن معين أنه قال: لا بأس به
(3)
.
وقال أبو بكر بن أبي داود: كان أفقه الناس وأفرض الناس وأحسب الناس، تعلم الفرائض من عليّ، نعم كذّبه الشعبي وأبو إسحاق السبيعي وعليّ بن المديني
(4)
.
وقال أبو زرعة
(5)
: لا يحتجّ به.
وقال ابن حبان
(6)
: كان غاليًا في التشيع واهيًا في الحديث.
وقال الدارقطني
(7)
: ضعيف، وضرب يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي على حديثه.
قال في الميزان
(8)
: والجمهور على توهين أمره مع روايتهم لحديثه في الأبواب.
قال
(9)
: وحديثه في السنن الأربع، والنسائي مع تعنته في الجرح قد احتج به وقوّى أمره
(10)
.
قال (9): وكان من أوعية العلم.
(1)
كما في تهذيب التهذيب (1/ 331) وفي الميزان (1/ 435).
(2)
في الضعفاء والمتروكين رقم الترجمة (116).
(3)
كما في تهذيب التهذيب (1/ 331).
(4)
كما في "تهذيب التهذيب"(1/ 332).
(5)
في الجرح والتعديل (3/ 79).
(6)
في "المجروحين"(1/ 222).
(7)
الضعفاء والمتروكين للدارقطني رقم الترجمة (153) وذكر الذهبي في الميزان (1/ 435) أن الدارقطني قال عنه: ضعيف، وكذا في المغني (1/ 141).
(8)
الميزان (1/ 435) ولسان الميزان (7/ 192).
(9)
أي الذهبي في الميزان (1/ 437).
(10)
وتعقب الحافظ في تهذيب التهذيب (1/ 332) الذهبي بقوله: "قلت: لم يحتج به النسائي، وإنما أخرج له في السنن حديثًا واحدًا مقرونًا بابن مَيْسرة، وآخر في "اليوم والليلة" متابعة، هذا جميع ما عنده" اهـ.
وفي الباب عن ابن عمر عند ابن ماجه
(1)
قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى العيد ماشيًا ويرجع ماشيًا"، وفي إسناده عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري كذبه أحمد
(2)
. وقال أبو زرعة وأبو حاتم
(3)
والنسائي
(4)
: متروك.
وقال البخاري
(5)
: ليس ممن يروى عنه.
وعن سعد القرظ عند ابن ماجه
(6)
أيضًا بنحو حديث ابن عمر.
وفي إسناده أيضًا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد القرظ عن أبيه عن جده.
وقد ضعَّفه ابن معين، وأبوه سعد بن عمار. قال في الميزان
(7)
: لا يكاد يعرف.
وجده عمار بن سعد قال فيه البخاري
(8)
: لا يتابع على حديثه، وذكره ابن حبان في الثقات
(9)
.
(1)
في سننه رقم (1295).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 424): "هذا إسناد فيه عبد الرحمن بن عبد الله العمري وهو ضعيف".
(2)
في العلل رواية عبد الله (1508) و (4365) و (4803).
(3)
في الجرح والتعديل (5/ 253).
(4)
في الضعفاء والمتروكين رقم الترجمة (373).
(5)
في التاريخ الكبير (5/ 316).
قلت: وانظر: المجروحين (2/ 53) والكاشف (2/ 153) والمغني (2/ 382) والميزان (2/ 571) والتقريب (1/ 487) ولسان الميزان (7/ 281) والخلاصة ص 230.
والخلاصة: أن حديث ابن عمر حديث حسن لغيره، والله أعلم.
(6)
في سننه رقم (1294).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 424): "هذا إسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن وأبيه".
(7)
(2/ 566) بل قال الذهبي: ليس بذاك. ساق ابن عدي له أحاديث عن آبائه. روى عن أبيه، وابن المنكدر، وجماعة. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ضعيف.
(8)
في التاريخ الكبير (7/ 26) وسكت عنه. ولم توجد هذه العبارة.
(9)
في "الثقات"(5/ 267).
وخلاصة القول: أن حديث سعد القرظ حديث حسن لغيره، والله أعلم.
وعن أبي رافع عند ابن ماجه
(1)
أيضًا: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي العيد ماشيًا".
وفي إسناده مندل بن
(2)
علي، ومحمد بن [عبيد الله]
(3)
بن أبي رافع
(4)
.
ومندل متكلم فيه وقد ضعفه أحمد. وقال ابن معين: لا بأس به.
ومحمد قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء.
وعن سعد بن أبي وقاص عند البزار في مسنده
(5)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى العيد ماشيًا ويرجع في طريق غير الطريق الذي خرج منه" وفي إسناده خالد بن إلياس ليس بالقويّ، كذا قال البزار
(6)
.
وقال ابن معين والبخاري
(7)
: ليس بشيء. وقال أحمد والنسائي
(8)
: متروك.
(1)
في سننه رقم (1297).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 425): "هذا إسناد فيه مندل، ومحمد بن عبيد الله، وهما ضعيفان، وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب رواه الترمذي وقال: حديث حسن".
قلت: والخلاصة أن حديث أبي رافع حديث حسن لغيره، والله أعلم.
(2)
مندل بن علي العنزي الكوفي، أبو عبد الله. قال أبو حاتم: شيخ، وقال أبو زرعة: لين.
وقال أحمد: ضعيف.
التاريخ الكبير (8/ 73) والمجروحين (2/ 24) والجرح والتعديل (8/ 434) والكاشف (3/ 153) والمغني (2/ 676) والميزان (4/ 180) والتقريب (2/ 274) والخلاصة ص 398.
(3)
في المخطوط (أ) و (ب): (عبد الله) وهو تصحيف، والصواب ما أثبتناه من سنن ابن ماجه ومن مصادر ترجمته الآتية.
(4)
محمد بن عبيد الله بن أبي رافع المدني.
الميزان (3/ 634 - 635 رقم 7904) والجرح والتعديل (8/ 2).
(5)
(3/ 320 - 321 رقم 1115).
(6)
في المسند (3/ 321).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 200 - 201) وقال: رواه البزار وفيه خالد بن إلياس وهو متروك.
(7)
التاريخ الكبير (3/ 140 رقم 472).
(8)
في الضعفاء والمتروكين رقم (178).
قلت: وانظر ترجمته في: المجروحين (1/ 278) والجرح والتعديل (3/ 321) والكاشف (1/ 201) والمغني (1/ 207) والميزان (1/ 627) والتقريب (1/ 211) والخلاصة ص 99.
والخلاصة: أن حديث سعد بن أبي وقاص حديث حسن لغيره، والله أعلم.
وحديث أمّ عطية أخرجه من ذكر المصنف.
وفي الباب عن ابن عباس عند ابن ماجه
(1)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُخرج بناته ونساءه في العيدين"، وفي إسناده الحجاج بن أرطاة وهو مختلف فيه
(2)
.
وقد رواه الطبراني
(3)
من وجه آخر.
وعن جابر عند أحمد
(4)
قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في العيدين ويخرج أهله"، وفي إسناده الحجاج المذكور.
وعن ابن عمر عند الطبراني في الكبير
(5)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس للنساء نصيب في الخروج إلا مضطرة ليس لها خادم، إلا في العيدين: الأضحى والفطر".
وفي إسناده سوّار بن مصعب، وهو متروك
(6)
.
وعن ابن عمرو بن العاص عند الطبراني
(7)
أيضًا: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج العواتق والحيَّض".
وفي إسناده يزيد بن شدّاد
(8)
، وعتبة بن عبد الله
(9)
وهما مجهولان، قاله أبو حاتم الرازي.
(1)
في السنن رقم (1309).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 428): "هذا إسناد ضعيف لتدليس حجاج بن أرطاة".
وهو حديث ضعيف.
(2)
تقدم الكلام عليه أكثر من مرة.
(3)
في المعجم الكبير (ج 12 رقم 12714) بسند ضعيف.
(4)
في المسند (3/ 363) بسند ضعيف، حجاج بن أرطاة ليس بذاك وهو مدلس وقد عنعن.
(5)
كما في "مجمع الزوائد"(2/ 200) وقال الهيثمي: "وفيه سوار بن مصعب وهو متروك الحديث".
(6)
انظر ترجمته في: المجروحين (1/ 356) والجرح والتعديل (4/ 271) والميزان (2/ 246).
(7)
في "المعجم الكبير" كما في "مجمع الزوائد"(2/ 200) وقال: فيه يزيد بن شداد الهمامي مجهول، وكذلك عتبة بن عبد الله بن عمرو بن القاص مجهول".
(8)
الميزان (4/ 429 رقم الترجمة 9708) والجرح والتعديل (9/ 271).
(9)
في الجرح والتعديل (6/ 372).
وعن عائشة عند ابن أبي شيبة في المصنف
(1)
وأحمد في المسند
(2)
أنها قالت: "قد كانت الكَعاب
(3)
تخرج لرسول الله صلى الله عليه وسلم من خدرها في الفطر والأضحى".
قال العراقي: ورجاله رجال الصحيح، ولكنه من رواية أبي قلابة
(4)
عن عائشة.
وقد قال ابن أبي حاتم
(5)
: إنها مرسلة.
وفيه أن أبا قلابة أدرك عليّ بن أبي طالب.
وقد قال أبو حاتم: إن أبا قلابة لا يعرف له تدليس.
ولعائشة حديث آخر عند الطبراني في الأوسط
(6)
قالت: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تخرج النساء في العيدين؟ قال: نعم، قيل: فالعواتق؟ قال: نعم، فإن لم يكن لها ثوب تلبسه فلتلبس ثوب صاحبتها".
وفي إسناده مطيع بن ميمون
(7)
، قال ابن عدي
(8)
: له حديثان غير محفوظين.
(1)
في المصنف (2/ 182).
(2)
في المسند (6/ 184).
قلت: وأخرجه إسحاق بن راهويه في المسند رقم (1358)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 200) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(3)
الكَعَاب: بوزن سحاب، المراد بها الكاعب حين يبدو ثدياها، وجمعها كواعب.
(4)
أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي. لا يعرف له سماع من عائشة. جامع التحصيل (ص 257 رقم 362).
(5)
الجرح والتعديل (5/ 57 - 58).
وخلاصة القول: أن حديث عائشة حديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(6)
رقم (3764) وقال: لا يروى هذا الحديث عن عائشة إلا بهذا الإسناد، تفرد به: مطيع بن ميمون.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 200) وقال: فيه مطيع بن ميمون، قال ابن عدي: له حديثان غير محفوظين، وقال ابن المديني: ثقة.
(7)
قال الحافظ في "التقريب" رقم (6720) عنه: لين الحديث.
(8)
في الكامل (6/ 2455).
قال العراقي: وله هذا الحديث فهو ثالث.
وقال فيه عليّ بن المديني: ذاك شيخ عندنا ثقة.
وعن عمرة أخت عبد الله بن رواحة عند أحمد
(1)
وأبي يعلى
(2)
والطبراني في الكبير
(3)
أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "وجب الخروج على كل ذات نطاق"، زاد أبو يعلى (2):"يعني في العيدين"، وقال فيه:"سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وهو من رواية امرأة من عبد القيس عنها.
والأثر الذي ذكره المصنف عن ابن عمر أخرجه أيضًا الحاكم
(4)
والبيهقي
(5)
مرفوعًا وموقوفًا وصحح وقفه.
قوله: (من السنة أن يخرج ماشيًا)، فيه مشروعية الخروج إلى صلاة العيد والمشي إليها وترك الركوب.
وقد روى الترمذي
(6)
ذلك عن أكثر أهل العلم.
وحديث الباب وإن كان ضعيفًا فما ذكرنا من الأحاديث الواردة بمعناه تقوّيه، ولهذا حسنه الترمذي.
وقد استدلّ العراقي لاستحباب المشي في صلاة العيد بعموم حديث أبي هريرة المتفق عليه
(7)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتيتم الصلاة فأتوها وأنتم تمشون".
(1)
في المسند (6/ 358).
(2)
في المسند رقم (7152).
(3)
(ج 24 رقم 846).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 200) وقال: فيه امرأة تابعية لم يذكر اسمها قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (1622) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 306).
والخلاصة: أن سنده ضعيف لإبهام المرأة، والله أعلم.
(4)
في المستدرك (1/ 297، 298) مرفوعًا.
قال الحاكم: "حديث غريب الإسناد والمتن، وصحت به الرواية عن عبد الله بن عمر وغيره" يعني موقوفًا.
(5)
في السنن الكبرى (3/ 278، 279) مرفوعًا وموقوفًا.
(6)
في السنن (2/ 420).
(7)
أحمد (2/ 318) والبخاري رقم (908) ومسلم رقم (151/ 602).
قال: فهذا عامٌّ في كل صلاة تشرع فيها الجماعة، كالصلوات الخمس والجمعة والعيدين والكسوف والاستسقاء.
قال: وقد ذهب أكثر العلماء إلى أنه يستحبّ أن يأتي إلى صلاة العيد ماشيًا.
فمن الصحابة: عمر بن الخطاب
(1)
، وعليّ بن أبي طالب
(2)
.
ومن التابعين: إبراهيم النخعي
(3)
وعمر بن عبد العزيز
(4)
.
ومن الأئمة: سفيان الثوري
(5)
والشافعي
(6)
وأحمد
(7)
وغيرهم.
وروي عن الحسن البصري
(8)
: أنه كان يأتي صلاة العيد راكبًا.
ويستحبّ أيضًا المشي في الرجوع كما في حديث ابن عمر
(9)
وسعد القرظ
(10)
.
وروى البيهقي
(11)
في حديث الحارث عن عليّ أنه قال: "من السنة أن تأتي العيد ماشيًا ثم تركب إذا رجعت".
قال العراقي: وهذا أمثل من حديث ابن عمر وسعد القرظ، وهو الذي ذكره أصحابنا، يعني الشافعية.
(1)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 163) عن زر قال: خرج عمر بن الخطاب في يوم فطر أو في يوم أضحى خرج في ثوب قطن متلبيًا به يمشي.
(2)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 163) عن علي قال: من السنة أن يأتي العيد ماشيًا.
(3)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 163) عن إبراهيم أنه كره الركوب إلى العيدين والجمعة.
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 162) عن جعفر بن برقان قال: كتب إلينا عمر بن عبد العزيز من استطاع منكم أن يأتي العيد ماشيًا فليفعل. وكذا عبد الرزاق في المصنف (3/ 289 رقم 5664).
(5)
حكاه عنه ابن قدامة في المغني (3/ 262).
(6)
الأم (2/ 494 - 495).
(7)
المغني (3/ 262).
(8)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 163).
(9)
و
(10)
تقدم تخريجهما خلال شرح الحديث (1275) من كتابنا هذا.
(11)
في السنن الكبرى (3/ 281).
قوله: (وأن يأكل) فيه استحباب الأكل قبل الخروج إلى الصلاة، وهذا مختصّ بعيد الفطر.
وأما عيد النحر فيؤخر الأكل حتى يأكل من أضحيته لما سيأتي في الباب الذي بعد هذا.
قوله: (العواتق)
(1)
جمع عاتق، وهي المرأة الشابة أوّل ما تدرك.
وقيل: هي التي لم تبن من والديها ولم تزوّج بعد إدراكها.
وقال ابن دريد
(2)
: هي التي قاربت البلوغ.
قوله: (وذوات الخدور)
(3)
، جمع خِدر بكسر الخاء المعجمة: وهو ناحية في البيت يجل عليها سترة فتكون فيه الجارية البكر، وهي المخدّرة: أي خدرت في الخدر.
قوله: (لا يكون لها جلباب)، الجلباب
(4)
بكسر الجيم وبتكرار الموحدة وسكون اللام.
قيل: هو الإزار والرداء.
وقيل: الملحفة.
وقيل: المقنعة تغطي بها المرأة رأسها وظهرها.
وقيل: هو الخمار
(5)
.
والحديث وما في معناه من الأحاديث قاضية بمشروعية خروج النساء في العيدين إلى المصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض وغيرها ما لم تكن معتدّة أو كان في خروجها فتنة أو كان لها عذر.
وقد اختلف العلماء في ذلك على أقوال:
(أحدها) أن ذلك مستحبّ، وحملوا الأمر فيه على الندب ولم يفرّقوا بين
(1)
النهاية (5/ 178 - 179).
(2)
لسان العرب (10/ 236).
(3)
النهاية (2/ 13).
(4)
النهاية (1/ 283).
(5)
مفردات ألفاظ القرآن (ص 199).
الشابة والعجوز، وهذا قول أبي حامد من الحنابلة
(1)
، والجرجاني من الشافعية
(2)
، وهو ظاهر إطلاق الشافعي
(3)
.
(القول الثاني): التفرقة بين الشابة والعجوز. قال العراقي: وهو الذي عليه جمهور الشافعية تبعًا لنصّ الشافعي في المختصر
(4)
.
(والقول الثالث): أنه جائز غير مستحبّ لهنّ مطلقًا، وهو ظاهر كلام الإِمام أحمد فيما نقله عنه ابن قدامة
(5)
.
(والرابع): أنه مكروه، وقد حكاه الترمذي
(6)
عن الثوري وابن المبارك، وهو قول مالك
(7)
وأبي يوسف، وحكاه ابن قدامة
(8)
عن النخعي، ويحيى بن سعيد الأنصاري.
وروى ابن أبي شيبة
(9)
عن النخعي: أنه كره للشابة أن تخرج إلى العيد.
(القول الخامس): أنه حقّ على النساء الخروج إلى العيد، حكاه القاضي عياض
(10)
عن أبي بكر وعليّ وابن عمر.
وقد روى ابن أبي شيبة
(11)
عن أبي بكر وعليّ أنهما قالا: "حقّ على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين". اهـ.
(1)
حكاه السرخسي في المبسوط (2/ 41) عنه.
(2)
مختصر المزني (1/ 154).
(3)
الأم (2/ 493 - 494) والمجموع (5/ 113).
(4)
مختصر المزني (1/ 154).
(5)
في المغني (3/ 263).
(6)
في السنن (5/ 421).
(7)
المنتقى للباجي (1/ 319).
(8)
في المغني (3/ 265).
(9)
في المصنف (2/ 183).
(10)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 298).
(11)
في المصنف (2/ 182).
قلت: وأخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 263) عن نافع قال: كان ابن عمر يخرج إلى العيدين من استطاع من أهله.
وهو أثر صحيح.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 303) وابن المنذر في الأوسط (4/ 263) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 183).
عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يخرج نساءه في العيدين. وهو أثر صحيح. =
والقول بكراهة الخروج على الإطلاق ردّ للأحاديث الصحيحة بالآراء الفاسدة، وتخصيص الشواب يأباه صريح الحديث المتفق عليه
(1)
وغيره.
قوله: (يكبرن مع الناس)، وكذلك قوله:"يشهدن الخير ودعوة المسلمين".
يردّ ما قاله الطحاوي
(2)
: أن خروج النساء إلى العيد كان في صدر الإسلام لتكثير السواد ثم نسخ.
وأيضًا قد روى ابن عباس
(3)
خروجهنّ بعد فتح مكة، وقد أفتت به أمّ عطية بعد موت النبيّ صلى الله عليه وسلم بمدّة كما في البخاري
(4)
.
قوله: (إذا غدا إلى المصلى كبر)، فيه إن صحّ رفعه دليل على مشروعية التكبير حال المشي إلى المصلى.
وقد روى أبو بكر النجاد عن الزهري أنه قال: "كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر فيكبر من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى"، وهو عند ابن أبي شيبة
(5)
عن الزهري مرسلًا بلفظ: "فإذا قضى الصلاة قطع التكبير".
وأخرج الطبراني في الأوسط
(6)
عن أبي هريرة مرفوعًا: "زينوا أعيادكم بالتكبير"، وإسناده غريب كما قال الحافظ
(7)
.
وقد روى البيهقي
(8)
عن ابن عمر: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يرفع صوته بالتكبير
= قلت: ومما تقدم يظهر أن لابن عمر قولين في المسألة.
(1)
تقدم برقم (1274) من كتابنا هذا.
(2)
في شرح معاني الآثار له (1/ 387).
(3)
أخرجه ابن ماجه في سننه رقم (1309) وهو حديث ضعيف تقدم قريبًا.
(4)
في صحيحه رقم (974).
(5)
في المصنف (2/ 164) وسنده صحيح مرسلًا.
(6)
في الأوسط رقم (4373).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 197) وقال: "فيه عمر بن راشد ضعفه أحمد وابن معين والنسائي، وقال العجلي: لا بأس به".
قلت: وأخرجه الطبراني في الصغير (1/ 215).
والخلاصة: أن إسناده ضعيف لضعف عمر بن راشد.
(7)
في "التلخيص"(2/ 160).
(8)
في السنن الكبرى (3/ 279) وقال البيهقي: وقد روي من وجهين ضعيفين مرفوعًا. أما =
والتهليل حال خروجه إلى العيد يوم الفطر حتى يأتي المصلى".
وقد أخرجه أيضًا الحاكم
(1)
: قال البيهقي
(2)
: وهو ضعيف.
وأخرجه
(3)
موقوفًا على ابن عمر، قال: وهذا الموقوف صحيح.
قال الناصر
(4)
: إن تكبير الفطر واجب لقوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185]، والأكثر على أنه سنة، وهو من خروج الإِمام من بيته للصلاة إلى ابتداء الخطبة عند الأكثر
(5)
، وسيأتي الكلام على تكبير التشريق.
= الوجه الأول: فأخرجه الدارقطني في سننه (2/ 44) والحاكم في المستدرك (1/ 297).
عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر يوم الفطر من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى".
قال الحاكم: غريب الإسناد والمتن، غير أن الشيخين لم يحتجا بالوليد بن محمد المقري، ولا بموسى بن علماء البلقاوي، وهذه سنة تداولها أئمة أهل الحديث".
وقال الذهبي: قلت: هما متروكان.
وقال الزيلعي في "نصب الراية"(3/ 210): "والحديث ضعفه ابن القطان
…
".
وأما الوجه الثاني: فأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 279).
عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس، وعبد الله، والعباس، وعلي، وجعفر، والحسن، والحسين، وأسامة بن زيد، وزيد بن حارثة، وأيمن ابن أم أيمن، رضي الله عنهم. رافعًا صوته بالتهليل والتكبير، فيأخذ طريق الحدادين حتى يأتي المصلى، وإذا فرغ رجع على الحذائين حتى يأتي منزله".
وضعفه البيهقي إلَّا أنه قال: إنه أمثل من الوجه الأول.
(1)
في المستدرك (1/ 298).
(2)
في السنن الكبرى (3/ 279).
(3)
أي البيهقي: في السنن الكبرى (3/ 279) وقال: وهذا هو الصحيح موقوف.
(4)
في البحر الزخار (2/ 64).
(5)
أخرج الفريابي في أحكام العيدين (ص 110 رقم 40): حدثني أبو الأصبغ عبد العزيز بن يحيى قال: سألت عبد الله بن نافع، كيف كان مالك يفعل في التكبير؟ قال: كان مالك يكبر إذا أتى المصلى حتى يجيء الإمام" بسند حسن.
• وأخرج الفريابي في أحكام العيدين (ص 114 رقم 49): عن هشام بن عروة أن أباه كان يكبر في العيدين إذا خرج في الفطر والأضحى" بسند صحيح.
وأخرج الفريابي في أحكام العيد (ص 121 رقم 66) عن جرير قال: رأيت عبد الله بن الحسن وجعفر بن محمد يكبران يوم العيد وعبد الله قد علا صوته أصوات الناس" بسند صحيح.
[الباب الثالث] باب استحباب الأكل قبل الخروج في الفطر دون الأضحى
7/ 1276 - (عَنْ أَنَسٍ قالَ: كانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حتَّى يأكُلَ تَمَرَاتٍ، ويأكُلُهُنَّ وِتْرًا. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَالبُخارِيُّ)
(2)
. [صحيح]
8/ 1277 - (وَعَنْ بُرَيْدَةَ قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لا يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حتَّى يأكُلَ، وَلا يأكُلُ يَوْمَ الأضْحَى حتَّى يَرْجِعَ. رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ
(3)
وَالتِّرْمِذِيُّ
(4)
وأحْمَدُ
(5)
، وَزَادَ: فَيأكُلُ مِنْ أُضْحِيَتِهِ. [حسن]
(1)
في المسند (3/ 126).
(2)
في صحيحه معلقًا رقم (953).
قلت: وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه رقم (1429) والدارقطني في سننه (2/ 45) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 282) من طريق مُرَجَّى بن رجاء عن عُبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس بن مالك، به.
وأخرجه البخاري رقم (953) وابن ماجه رقم (1754) والبغوي في شرح السنة رقم (1105) من طريق هشيم بن بشير.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (2814) والحاكم في المستدرك (1/ 294) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 283) وفي معرفة السنن والآثار رقم (1885) من طريق عتبة بن حميد.
كلاهما عن عُبيد الله بن أبي بكر، به.
وفي رواية عتبة بن حميد: "يأكل تمرات ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أقل من ذلك أو أكثر من ذلك وترًا. ووقف ابن حبان في روايته إلى "سبعًا". وصححه الحاكم على شرط مسلم.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 160) وعبد بن حميد رقم (1237) والدارمي رقم (1642) والترمذي رقم (543) والبزار رقم (650 - كشف) وابن خزيمة رقم (1428)، ابن حبان رقم (2813) والحاكم (1/ 294) والبيهقي (3/ 282) من طريق حفص بن عبيد الله، عن أنس. وصححه الحاكم على شرط مسلم.
وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح.
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(3)
في سننه رقم (1756).
(4)
في سننه رقم (542).
(5)
في المسند (5/ 353). =
وَلمَالِكٍ فِي المُوَطَّأ
(1)
عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّب أن النَّاس كانُوا يُؤْمَرُونَ بالأكْل قَبْلَ الغُدُوّ يَوْمَ الفِطْرِ). [أثر صحيح]
الحديث الأوّل أخرجه أيضًا ابن حبان
(2)
والحاكم
(3)
.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا ابن حبان
(4)
والدارقطني
(5)
والحاكم
(6)
والبيهقي
(7)
وصححه ابن القطان
(8)
.
وفي الباب عن عليّ عند الترمذي
(9)
وابن ماجه
(10)
وقد تقدم.
= قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (811) وابن خزيمة رقم (1426) وابن المنذر في الأوسط (4/ 253) وابن حبان رقم (2812) وابن عدي في الكامل (2/ 528) والدارقطني (2/ 45) والحاكم (1/ 294) والبيهقي (3/ 283) والبغوي رقم (1104) من طرق.
قال الترمذي: حديث بُريدة بن حُصيب حديثٌ غريبٌ.
وقال محمد - أي البخاري -: لا أعرف لثواب بن عتبة غيرَ هذا الحديث.
وخلاصة القول: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(1)
(1/ 179 رقم 7).
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 162) من طريق مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب، به.
كما أخرجه الشافعي في الأم (2/ 491 رقم 512) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 283) وفي معرفة السنن والآثار (5/ 62 رقم 6851) من طريق إبراهيم بن سعد.
وهو أثر صحيح.
(2)
في صحيحه رقم (2813، 2814) وقد تقدم.
(3)
في المستدرك (1/ 294). وقد تقدم.
(4)
في صحيحه رقم (2812) وقد تقدم.
(5)
في سننه رقم (2/ 45).
(6)
في المستدرك (1/ 294).
(7)
في السنن الكبرى (3/ 283).
(8)
ذكره ابن حجر في "التلخيص"(2/ 169).
(9)
في السنن رقم (530) وقال الترمذي: هذا حديث حسن وهو كما قال.
(10)
لم يعزه الحافظ في التلخيص (2/ 169) إلى ابن ماجه. بل عزاه للعقيلي، قلت: وقد أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير"(2/ 168) في ترجمة سوار بن مصعب. وقال عقب الحديث: لا يتابع عليه ولا على كثير من حديثه، وفي الأكل يوم الفطر قبل الصلاة رواية صالحة عن أنس وغيره.
قلت: وحديث علي أخرجه أيضًا الطبراني في الأوسط رقم (5836) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 199) وقال: وفيه سوار بن مصعب وهو ضعيف جدًّا.
وعن ابن عباس عند الطبراني في الكبير
(1)
والدارقطني
(2)
بلفظ: "من السنة أن لا يخرج حتى يطعم ويخرج صدقة الفطر"، وفي إسناده الحجاج بن أرطاة
(3)
وهو مختلف فيه.
وفي لفظ: "من السنة أن يطعم قبل [أن]
(4)
يخرج"، رواه البزار
(5)
.
قال العراقي: وإسناده حسن.
وفي لفظ أن ابن عباس قال: "إن استطعتم أن لا يغدو أحدكم يوم الفطر حتى يطعم فليفعل"، رواه الطبراني
(6)
.
وعن أبي سعيد عند أحمد
(7)
والبزار
(8)
وأبي يعلى
(9)
والطبراني
(10)
قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر يوم الفطر قبل الخروج".
قال العراقي: وإسناده جيد.
(1)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 11296).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 199) وقال: إسناد الطبراني حسن.
(2)
في سننه رقم (2/ 44 رقم 1) وفي إسناد الحجاج بن أرطاة ليس بالقوي.
(3)
قال ابن معين: ليس بالقوي. وقال الدارقطني وغيره: لا يحتج به. وقال البخاري: متروك الحديث لا نقر به.
[التاريخ الكبير (2/ 378) والميزان (1/ 458) والجرح والتعديل (3/ 154).
(4)
ما بين الخاصرتين لا يوجد في المخطوط (أ) و (ب) وهي من الحديث والسياق يقتضيها.
(5)
في المسند (رقم 651 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 199) وقال: في إسناد البزار من لم أعرفه.
(6)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 11427).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 198) وسكت عليه.
(7)
في المسند (3/ 28).
(8)
في المسند رقم (652 - كشف).
(9)
في المسند رقم (1347).
(10)
في المعجم الأوسط رقم (4502) من طريق الواقدي.
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 162) وابن خزيمة رقم 1469).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 199) وقال رواه أبو يعلى وأحمد والبزار والطبراني في الأوسط
…
وفي إسناد الطبراني الواقدي وفيه كلام كثير، وفيما قبله - أي في إسناد أحمد وأبي يعلى والبزار - عبد الله بن محمد بن عقيل وفيه كلام وقد وثق" اهـ.
قلت: إسناده ضعيف، ولكن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
زاد الطبراني
(1)
من وجه آخر: "ويأمر الناس بذلك".
وعن جابر بن سمرة عند البزار في مسنده
(2)
قال: "كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم الفطر أكل قبل أن يخرج سبع تمرات، وإذا كان يوم الأضحى لم يطعم شيئًا".
وفي إسناده ناصح
(3)
أبو عبد الله وهو لين الحديث، وقد ضعفه ابن معين والفلاس والبخاري وأبو داود وابن حبان.
وعن سعيد بن المسيب مرسلًا عند مالك في الموطأ
(4)
باللفظ الذي ذكره المصنف.
وعن صفوان بن سليم مرسلًا عند الشافعي
(5)
أن الرجل كان يطعم قبل أن يخرجَ إلى الجبانة ويأمر به.
وعن السائب بن يزيد عند ابن أبي شيبة
(6)
قال: "مضت السنة أن نأكل قبل أن نغدو يوم الفطر".
وعن رجل من الصحابة عند ابن أبي شيبة
(7)
، أنه كان [يؤمر]
(8)
بالأكل يوم الفطر قبل أن نأتي المصلى.
(1)
في الأوسط رقم (4502) وقد تقدم.
(2)
رقم (649 - كشف).
قلت: وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير رقم (2039).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 199) وقال: وفيه ناصح بن عبد الله الحائك متروك.
(3)
ناصح بن عبد الله الحائك: قال ابن معين: ليس بشيء، وقال مرة: ليس بثقة، وقال النسائي: ضعيف.
التاريخ الكبير (8/ 122) والمجروحين (3/ 54) والجرح والتعديل (8/ 502) والكاشف (3/ 172) والمغني (2/ 692) والميزان (4/ 240) والتقريب (2/ 294) ولسان الميزان (7/ 407) والخلاصة ص 399.
(4)
(1/ 179 رقم 7) وقد تقدم.
(5)
في الأم (2/ 492 رقم 516) مرسلًا.
(6)
في المصنف (2/ 161).
(7)
في المصنف (2/ 162).
(8)
كذا في المخطوط (أ) و (ب) وفي المصنف (يأمر)، ولعله الصواب.
وعن ابن عمر عند العقيلي
(1)
وضعفه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يغدّي أصحابه من صدقة الفطر).
قوله: (كان صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات)، لفظ الإسماعيلي
(2)
وابن حبان
(3)
والحاكم
(4)
: "ما خرج يوم فطر حتى يأكل تمرات ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أقلّ من ذلك أو أكثر وترًا"، وهي أصرح في المداومة على ذلك.
قال المهلب
(5)
: الحكمة في الأكل قبل الصلاة أن لا يظنّ ظانّ لزوم الصوم حتى يصلي العيد، فكأنه أراد سدَّ هذه الذريعة.
وقال غيره: لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحبّ تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله سبحانه، أشار إلى ذلك ابن أبي [جمرة]
(6)
.
وقال ابن قدامة
(7)
: لا نعلم في استحباب تعجيل الأكل يوم الفطر اختلافًا، كذا في الفتح
(8)
.
قال الحافظ
(9)
: وقد روى ابن أبي شيبة
(10)
عن ابن مسعود التخيير فيه، وعن النخعي أيضًا مثله
(11)
.
(1)
في الضعفاء الكبير (3/ 173) في ترجمة عمر بن صُهبان الأسلمي المدني. وهو ضعيف.
وانظر: الجرح والتعديل (3/ 1/ 116) والميزان (3/ 207) والتاريخ الكبير (3/ 2/ 165).
• قلت: وقد أخرج الفريابي في "أحكام العيدين"(ص 100 رقم 21) عن نافع أن ابن عمر "كان لا يأكل ولا يشرب يوم الفطر حتى يغدو إلى المصلى، وليس بواجب على الناس" بسند صحيح.
(2)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 169).
(3)
في صحيحه رقم (2814) وقد تقدم في تخريج الحديث رقم (7/ 1276) من كتابنا هذا.
(4)
في المستدرك (1/ 294) وصححه الحاكم على شرط مسلم. وقد تقدم في تخريج الحديث رقم (7/ 1276) من كتابنا هذا.
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 447).
(6)
في المخطوط (أ): (حمزة).
(7)
في "المغني"(3/ 259)
(8)
(2/ 447).
(9)
في "الفتح"(2/ 447).
(10)
عزاه إليه الحافظ في الفتح كما تقدم.
وقد أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 307 رقم 5742) عن علقمة والأسود أن ابن مسعود قال: "لا تأكلوا قبل أن تخرجوا يوم الفطر إن شئتم".
(11)
في المصنف لابن أبي شيبة (2/ 162) عنه.
قال: والحكمة في استحباب التمر فيه لما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم، ولأن الحلو مما يوافق الإيمان ويعبر به المنام ويرقّ القلب وهو أسرّ من غيره.
ومن ثم استحبّ بعض التابعين أن يفطر على الحلو مطلقًا كالعسل، رواه ابن أبي شيبة
(1)
عن معاوية بن قرة وابن سيرين وغيرهما.
وقد أخرج الترمذي
(2)
عن سلمان: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور".
قوله: (ويأكلهن وترًا)، هذه الزيادة أوردها البخاري تعليقًا
(3)
، ووصلها أحمد بن حنبل
(4)
وغيره.
والحكمة في جعلهنّ وترًا الإشارة إلى الوحدانية، وكذلك كان يفعل صلى الله عليه وسلم في جميع أموره تبركًا بذلك، كذا في الفتح
(5)
.
قوله: (ولا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع).
(1)
في المصنف (2/ 162، 163).
(2)
في سننه رقم (658) وقال الترمذي: حديث سلمان بن عامر حديث حسن.
قلت: وأخرجه أحمد (4/ 17، 18، 18 - 19، 214) وأبو داود رقم (2355) والنسائي في الكبرى (4/ 25) كما في "تحفة الأشراف، وابن ماجه رقم (1699) وصححه ابن خزيمة رقم (2067) وابن حبان رقم (3515) والحاكم في المستدرك (1/ 431 - 432) وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي.
قلت: وأخرجه عبد الرزاق رقم (7587) والحميدي رقم (823) وابن أبي شيبة (3/ 107، 107 - 108) والدارمي (2/ 7) والبيهقي (4/ 238 و 239) والبغوي في شرح السنة رقم (743) و (1684) من طرق
…
وله شاهد من حديث أنس أخرجه أحمد (3/ 164) وأبو داود رقم (2356) والترمذي رقم (696) والدارقطني (2/ 185) والحاكم (1/ 432) وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
وقال الترمذي: حسن غريب.
وقال الدارقطني: إسناده صحيح.
والخلاصة: أن الحديث حسن لغيره، والله أعلم.
(3)
في صحيحه رقم (953) وقد تقدم.
(4)
في المسند (3/ 126) وقد تقدم.
(5)
(2/ 447).
في رواية للترمذي
(1)
: "ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي".
ورواه أبو بكر الأثرم بلفظ: "حتى يضحي".
وقد خصص أحمد بن حنبل
(2)
استحباب تأخير الأكل في عيد الأضحى بمن له ذبح.
والحكمة في تأخير الفطر يوم الأضحى أنه يوم تشرع فيه الأضحية والأكل منها، فشرع له أن يكون فطره على شيء منها، قاله ابن قدامة (2).
قال الزين بن المنيِّر
(3)
: وقع أكله صلى الله عليه وسلم في كل من العيدين في الوقت المشروع لإِخراج صدقتهما الخاصة بهما، فإخراج صدقة الفطر قبل الغدوّ إلى المصلى، وإخراج صدقة الأضحية بعد ذبحها.
[الباب الرابع] باب مخالفة الطريق في العيد والتعييد في الجامع للعذر
9/ 1278 - (عَنْ جابِرٍ قال: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا كانَ يَوْمُ عِيدٍ خالَفَ الطَّرِيقَ. رَوَاهُ البُخارِيُّ)
(4)
. [صحيح]
10/ 1279 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ إلى العِيدِ يَرْجِعُ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وَمُسْلِمٌ
(6)
وَالتِّرْمِذِيُّ)
(7)
. [صحيح]
11/ 1280 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ يَوْمَ العِيد فِي طَرِيقٍ ثُمَّ
(1)
في السنن رقم (542). وقد تقدم تخريجه برقم (8/ 1277) من كتابنا هذا.
(2)
في المغني (3/ 259).
(3)
كما في "الفتح"(2/ 448).
(4)
في صحيحه رقم (986).
(5)
في المسند (2/ 338).
(6)
لم يخرجه مسلم. كما لم يعزه صاحب" تحفة الأشراف"(9/ 466) لمسلم.
(7)
في سننه رقم (541) وقال الترمذي: حسن غريب.
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1468) وابن حبان رقم (2815) والحاكم (1/ 296) والبيهقي (3/ 308) والبغوي في شرح السنة رقم (1108) والدارمي رقم (1654) من طرق.
وهو حديث صحيح.
رَجَعَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(1)
وَابْنُ ماجَهْ)
(2)
. [صحيح]
حديث أبي هريرة أخرجه أيضًا ابن حبان
(3)
والحاكم
(4)
.
وقد عزاه المصنف إلى مسلم ولم نجد له موافقًا على ذلك، ولا رأينا الحديث في صحيح مسلم
(5)
.
وقد رجح البخاري في صحيحه
(6)
حديث جابر المذكور في الباب على حديث أبي هريرة وقال: إنه أصحّ.
وحديث ابن عمر رجال إسناده عند ابن ماجه ثقات، وكذلك عند أبي داود رجاله رجال الصحيح.
وفيه عبد الله بن عمر العمري وفيه مقال
(7)
، وقد أخرج له مسلم
(8)
.
وقد رواه أيضًا الحاكم
(9)
.
(1)
في سننه رقم (1156).
(2)
في سننه رقم (1299).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 296) والبيهقي (3/ 309) وأحمد (2/ 109) وهو حديث صحيح.
انظر: صحيح أبي داود (4/ 321 - 322) للمحدث الألباني رحمه الله.
(3)
في صحيحه رقم (2815) وقد تقدم.
(4)
في المستدرك (1/ 296) وقد تقدّم.
(5)
لم يخرجه مسلم. كما لم يعزه صاحب "تحفة الأشراف"(9/ 466) لمسلم.
(6)
عقب الحديث رقم (986).
(7)
عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن، العمري، المدني: ضعيف عابد، من السابعة
…
التقريب رقم (3489).
وقال المحرران: بل: ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد، فقد وثقه يعقوب بن شيبة، وأحمد بن يونس، والخليلي. وقال العجلي: لا بأس به، وقال ابن عدي: لا بأس به في رواياته، صدوق.
واختلف فيه قول ابن معين، وضعفه غير واحد، منهم: البخاري، وابن المديني، ويحيى بن سعيد القطان، وصالح جزرة، والنسائي، وابن سعد، والترمذي، وابن حبان، والدارقطني، وأبو أحمد الحاكم.
(8)
قلت: أخرج به مسلم مقرونًا بغيره. انظر: تهذيب الكمال (15/ 332).
(9)
في المستدرك (1/ 296) وقد تقدم.
وفي الباب عن أبي رافع عند ابن ماجه
(1)
، وقد تقدم في باب الخروج إلى العيد ماشيًا
(2)
.
وعن سعد بن أبي وقاص عند البزار في مسنده
(3)
، وقد تقدم أيضًا هنالك (2).
وعن بكر بن مبشر عند أبي داود
(4)
قال: "كنت أغدو مع أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الفطر ويوم الأضحى فنسلك بَطْنَ بَطْحَان حتى نأتي المصلى فنصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نرجع من بَطْنِ بطحان إلى بيوتنا".
قال ابن السكن: وإسناده صالح.
وعن سعد القرظ
(5)
وقد تقدم في باب الخروج إلى العيد ماشيًا أيضًا.
وعن عبد الرحمن بن حاطب عند الطبراني في الكبير
(6)
قال: قال "رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم يأتي العيد يذهب في طريق ويرجع في آخر"، وفي إسناده خالد بن إلياس وهو ضعيف.
وعن معاذ بن عبد الرحمن التيمي عن أبيه عن جدّه عند الشافعي
(7)
: "أنه رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم رجع من المصلى في يوم عيد فسلك على النجارين من أسفل
(1)
في سننه رقم (1297).
(2)
خلال شرح الحديث رقم (1275) من كتابنا هذا.
(3)
في المسند (653 - كثف).
(4)
في السنن رقم (1158) بسند ضعيف. إسحاق بن سالم مجهول الحال. والمتن منكر مخالف لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا خرج إلى العيد، رجع من غير الطريق الذي ذهب فيه.
والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
تقدم تخريجه خلال شرح الحديث (1275) من كتابنا هذا.
(6)
كما في "مجمع الزوائد"(2/ 201) وقال الهيثمي: وفيه خالد بن إلياس وهو متروك.
وقد تقدمت مراجع ترجمته خلال شرح الحديث (1275) من كتابنا هذا.
(7)
في المسند (رقم 467 - ترتيب).
قلت: وأخرجه البيهقي (3/ 309) بسند ضعيف.
قال ابن التركماني في "الجوهر النقي": وفي سنده إبراهيم الأسلمي حاله مكشوف.
السوق، حتى إذا كان عند مسجد الأعرج الذي هو موضع البركة التي بالسوق قام فاستقبل فجّ أسلم، فدعا ثم انصرف".
قال الشافعي
(1)
: فأُحبّ أن يصنع الإِمام مثل هذا، وأن يقف في موضع فيدعو الله مستقبل القبلة.
وفي إسناد الحديث إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، وثقه الشافعي وضعفه الجمهور
(2)
.
وأحاديث الباب تدلّ على استحباب الذهاب إلى صلاة العيد في طريق والرجوع في طريق أخرى للإِمام والمأموم، وبه قال أكثر أهل العلم كما في الفتح
(3)
.
وقد اختلف في الحكمة في مخالفته صلى الله عليه وسلم الطريق في الذهاب والرجوع يوم العيد على أقوال كثيرة.
قال الحافظ
(4)
: اجتمع لي منها أكثر من عشرين قولًا.
قال: قال القاضي عبد الوهاب المالكي: ذكر في ذلك فوائد بعضها قريب وأكثرها دعاوى فارغة اهـ.
قال في الفتح
(5)
: فمن ذلك أنه فعل ذلك ليشهد له الطريقان.
وقيل: سكانهما من الجنّ والإِنس.
وقيل: ليسوّي بينهما في مزية الفضل بمروره، أو في التبرّك به، أو لتشمّ رائحة المسك من الطريق التي يمرّ بها لأنه كان معروفًا بذلك.
وقيل: لأن طريقه إلى المصلى كانت على اليمين، فلو رجع منها لرجع إلى جهة الشمال فرجع من غيرها، وهذا يحتاج إلى دليل.
(1)
في الأم (2/ 496).
(2)
انظر ترجمته في: المجروحين (1/ 105) والميزان (1/ 57، 64) والتقريب (1/ 42)، وقد تقدم الكلام عنه.
(3)
(2/ 473).
(4)
في "الفتح"(2/ 473).
(5)
(2/ 473).
وقيل: لإظهار شعار الإسلام فيهما.
وقيل: لإظهار ذكر الله.
وقيل: ليغيظ المنافقين واليهود.
وقيل: ليرهبهم بكثرة من معه، ورجحه ابن بطال
(1)
.
وقيل: [حذرًا]
(2)
من كيد الطائفتين أو أحدهما، وفيه نظر لأنه لو كان كذلك لم يكرّره. قاله ابن التين
(3)
.
وتعقب أنه لا يلزم من مواظبته على مخالفة الطريق المواظبة على طريق منها معين.
لكن في رواية الشافعي
(4)
من طريق المطلب بن عبد الله بن حَنْطب مرسلًا: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يغدو يوم العيد إلى المصلى من الطريق الأعظم ويرجع من الطريق الآخر".
وهذا لو ثبت لقوّى بحث ابن التين.
وقيل: فعل ذلك ليعمهم بالسرور به والتبرّك بمروره ورؤيته والانتفاع به في قضاء حوائجهم في الاستفتاء أو التعليم أو الاقتداء أو الاسترشاد أو الصدقة أو السلام عليهم أو غير ذلك.
وقيل: ليزور أقاربه الأحياء والأموات.
وقيل: ليصل رحمه.
وقيل: للتفاؤل بتغيير الحال إلى المغفرة والرضا.
وقيل: كان في ذهابه يتصدّق، فإذا رجع لم يبق معه شيء فرجع من طريق آخر لئلا يردّ من سأله، وهذا ضعيف جدًّا مع احتياجه إلى الدليل.
(1)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 572).
(2)
في المخطوط (ب): (حذارًا).
(3)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 473).
(4)
في الأم (2/ 495 - 496) رقم (521) مرسلًا.
وقيل: فعل ذلك لتخفيف الزحام، وهذا رجحه الشيخ أبو حامد
(1)
، وأيده المحبّ الطبري
(2)
بما رواه البيهقي
(3)
من حديث ابن عمر فقال فيه: "ليسع الناس"، وتعقب بأنه ضعيف وبأن قوله:"يسع الناس " يحتمل أن يفسر ببركته وفضله، وهو الذي رجحه ابن التين (2).
وقيل: كان طريقه التي يتوجه منها أبعد من التي يرجع فيها، فأراد تكثير الأجر بتكثير الخطا في الذهاب.
وأما في الرجوع فليسرع إلى منزله وهذا اختيار الرافعي.
وتعقب بأنه يحتاج إلى دليل، وبأن أجر الخطا يكتب في الركوع أيضًا كما ثبت في حديث أبيّ بن كعب عند الترمذي
(4)
وغيره، فلو عكس ما قال لكان له اتجاه، ويكون سلوك الطريق القريبة للمبادرة إلى فعل الطاعة وإدراك الفضيلة أوّل الوقت.
وقيل: إن الملائكة تقف في الطرقات فأراد أن يشهد له فريقان منهم.
وقال ابن أبي [جمرة]
(5)
: هو في معنى قول يعقوب لبنيه: {لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ} [يوسف: 67]، وأشار إلى أنه فعل ذلك حذر إصابة العين.
وأشار صاحب الهدي
(6)
إلى أنه فعل ذلك لجميع ما ذكر من الأشياء المحتملة القريبة، انتهى كلام الفتح
(7)
.
(1)
المجموع (5/ 17 - 18).
(2)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 473).
(3)
في السنن الكبرى (3/ 308) وفي المعرفة (5/ 98 رقم 6961)، وهو ضعيف كما قال الشوكاني رحمه الله.
(4)
لم أقف عليه عند الترمذي.
بل أخرجه أحمد (5/ 133) ومسلم رقم (663) والحميدي رقم (376) عن أُبي قال: كان ابنُ عم لي شاسع الدارِ، فقلتُ: لو أنك اتخذتَ حمارًا أو شيئًا، فقال: ما يسرُّني أن بيتي مُطَنَّبٌ ببيتِ محمد صلى الله عليه وسلم، قال: فما سمعتُ عنه كلمةً أكرَهَ إليَّ منها، قال: فإذا هو يذكرُ الخطا إلى المسجد، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"إن له بكلِّ خَطْوةٍ درجةً".
وهو حديث صحيح.
(5)
في المخطوط (أ): (حمزة).
(6)
زاد المعاد (1/ 432 - 433).
(7)
(2/ 473).
12/ 1281 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ: أنَّهُمْ أصَابَهُمْ مَطَرٌ فِي يَوْم عِيدٍ فَصَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلاةَ العِيد فِي المَسْجِد: رَوَاهُ أبو دَاوُدَ
(1)
وَابْنُ ماجَهْ)
(2)
. [ضعيف]
الحديث أخرجه أيضًا الحاكم
(3)
، وسكت عنه أبو داود
(4)
والمنذري
(5)
.
وقال في التلخيص
(6)
: إسناده ضعيف، انتهى.
وفي إسناده رجل مجهول وهو عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فَرْوَة القَروي المدني. قال فيه الذهبي في الميزان (7): لا يكاد يعرف، وقال
(7)
: هذا حديث منكر.
وقال ابن القطان
(8)
: لا أعلم عيسى هذا مذكورًا في شيء من كتب الرجال ولا في غير هذا الإسناد.
الحديث يدلّ على أن ترك الخروج إلى الجبانة وفعل الصلاة في المسجد عند عروض عذر المطر غير مكروه.
وقد اختلف هل الأفضل فعل صلاة العيد في المسجد أو الجبانة.
فذهبت العترة
(9)
ومالك
(10)
إلى أن الخروج إلى الجبانة أفضل.
واستدلوا على ذلك بما ثبت من مواظبته صلى الله عليه وسلم على الخروج إلى الصحراء.
(1)
في سننه رقم (1160).
(2)
في سننه رقم (1313).
(3)
في المستدرك (1/ 295) وعنه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 310).
قال الحاكم: "صحيح الإسناد، وأبو يحيى التيمي صدوق"، ووقع في "تلخيص المستدرك" للذهبي:"على شرطهما".
قال الألباني في ضعيف أبي داود (10/ 18) معقبًا: "وأظنه خطأ من الطابع أو الناسخ، فإنه خطأ محض، وأما تصحيح الحاكم فمن تساهله الذي اشتهر به" اهـ.
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(4)
في سننه رقم (1/ 686).
(5)
في المختصر (2/ 34).
(6)
في التلخيص (2/ 166).
(7)
في الميزان (3/ 315 رقم 6576) للذهبي.
(8)
حكاه عنه الذهبي في الميزان المرجع السابق.
(9)
البحر الزخار (2/ 55).
(10)
المدونة (1/ 170) والمنتقى للباجي (1/ 321).
وذهب الشافعي
(1)
والإمام يحيى وغيرهما إلى أن المسجد أفضل.
قال في الفتح
(2)
: قال الشافعي في الأمّ
(3)
: "بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين إلى المصلى بالمدينة وهكذا من بعده إلا من عذر مطر ونحوه، وكذا عامة أهل البلدان إلا أهل مكة".
ثم أشار الشافعي
(4)
إلى أن سبب ذلك سعة المسجد وضيق أطراف مكة. قال: فلو عمر بلد وكان مسجد أهله يسعهم في الأعياد لم أر أن يخرجوا منه، فإن لم يسعهم كرهت الصلاة فيه ولا إعادة.
قال الحافظ
(5)
: ومقتضى هذا أن العلة تدور على الضيق والسعة لا لذات الخروج إلى الصحراء؛ لأن المطلوب حصول عموم الاجتماع، فإذا حصل في المسجد مع أولويته كان أولى، انتهى.
وفيه أن كون العلة الضيق والسعة مجرّد تخمين لا ينتهض للاعتذار عن التأسي صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى الجبانة بعد الاعتراف بمواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك.
وأما الاستدلال على أن ذلك هو العلة بفعل الصلاة في مسجد مكة.
فيجاب عنه باحتمال أن يكون ترك الخروج إلى الجبانة لضيق أطراف مكة لا للسعة في مسجدها
(6)
.
(1)
في الأم (2/ 496 - 497).
(2)
(2/ 450).
(3)
في الأم (2/ 496 رقم 523).
(4)
في الأم (2/ 497).
(5)
في "الفتح"(2/ 450).
(6)
صلاة العيدين في المصلى هي السنة:
- لما أخرجه البخاري رقم (956) ومسلم رقم (889) وغيرهما.
عن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يخرجُ يومَ الفِطر والأضحى إلى المصلى، فأوَّل شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف، فيقومُ مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فإن كان يريدُ أن يقطع بعثًا قطعه، أو يأمر بشيء أمرَ به، ثم ينصرف
…
".
- ولما أخرجه أيضًا البخاري رقم (494) ومسلم رقم (501) وغيرهما، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرجَ يومَ العيد، أمر بالحربةِ فتوضع بين يديه، فيصلي إليها والناس وراءه، و
…
". =
[الباب الخامس] باب وقت صلاة العيد
13/ 1282 - (عَنْ عَبْد الله بْن بُسْرٍ صَاحِبِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّاسِ يَوْمَ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أضْحَى، فأنْكَرَ إِبْطاءَ الإِمام وَقالَ: إِنَّا كُنَّا قَدْ فَرَغْنا ساعَتَنا هَذه، وَذلك حِينَ التَّسْبِيح. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(1)
وَابْنُ ماجَهْ)
(2)
. [صحيح]
14/ 1283 - (وللشَّافِعِيّ
(3)
فِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلى عَمْرِو بن حَزْمٍ وَهُوَ بِنَجْرَانَ: أنْ عَجِّلِ الأضْحَى وأخِّرِ الفِطْرَ وَذَكِّرِ النَّاسَ). [مرسل ضعيف]
الحديث الأوّل سكت عنه أبو داود
(4)
والمنذري
(5)
، ورجال إسناده عند أبي داود ثقات.
والحديث الثاني رواه الشافعي (3) عن شيخه إبراهيم بن محمد عن أبي
= • ولصلاة العيد في المصلى حكمة عظيمة بالغة:
- أن يكون للمسلمين يومان في السنة، يجتمع فيهما أهل كل بلدة، رجالًا ونساءً وصبيانًا، يتوجهون إلى الله بقلوبهم، تجمعهم كلمة واحدة، ويصلون خلف إمام واحد، يكبرون ويهللون، ويدعون الله مخلصين، كأنهم على قلب رجل واحد، فرحين مستبشرين بنعمة الله عليهم، فيكون العيد عندهم عيدًا.
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخروج النساء لصلاة العيد مع الناس، ولم يستثن منهم أحدًا، حتى أنه لم يرخص لمن لم يكن عندها ما تلبس في خروجها، بل أمر أن تستعير ثوبًا من غيرها، وحتى أنه أمر من كان عندهن عذر يمنعهن الصلاة، بالخروج إلى المصلى "ليشهدن الخير ودعوة المسلمين".
انظر كتاب: "صلاة العيدين في المصلى هي السنة"، للمحدث الألباني رحمه الله.
(1)
في سننه رقم (1135).
(2)
في سننه رقم (1317).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 295) والبيهقي (3/ 282) قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي.
بل هو على شرط مسلم، لأن يزيد بن خمير الرحبي، إنما روى له البخاري في "الأدب المفرد".
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(3)
في مسنده (رقم: 442 - ترتيب) وفي الأم (2/ 489 رقم 506) مرسلًا، بسند ضعيف.
(4)
في سننه رقم (1/ 675).
(5)
في المختصر (2/ 27).
الحويرث، وهو كما قال المصنف مرسل، وإبراهيم بن محمد ضعيف عند الجمهور كما تقدم
(1)
.
وقال البيهقي
(2)
: لم أر له أصلًا في حديث عمرو بن حزم.
وفي الباب عن جندب عند [أحمد بن حسن]
(3)
البناء في كتاب الأضاحي قال: "كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلي بنا يوم الفطر والشمس على قيد رمحين والأضحى على قيد رمح"، أورده الحافظ في التلخيص
(4)
ولم يتكلم عليه.
قوله: (حين التسبيح)، قال ابن رسلان: "يشبه أن يكون شاهدًا على جواز حذف اسمين مضافين.
والتقدير: وذلك حين وقت صلاة التسبيح كقوله تعالى: {فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، أي فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب.
وقوله: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} [طه: 96]، أي من أثر حافر فرس الرسول.
وقوله: (حين التسبيح)، يعني ذلك الحين حين وقت صلاة العيد، فدلّ ذلك على أن صلاة العيد سبحة ذلك اليوم" انتهى.
وحديث عبد الله بن بسر يدلّ على مشروعية التعجيل لصلاة العيد وكراهة تأخيرها تأخيرًا زائدًا على المعتاد.
وحديث عمرو بن حزم يدلّ على مشروعية تعجيل الأضحى وتأخير الفطر.
ولعلّ الحكمة في ذلك ما تقدّم من استحباب الإمساك في صلاة الأضحى حتى يفرغ من الصلاة، فإنه ربما كان ترك التعجيل لصلاة الأضحى مما يتأذى به منتظر الصلاة لذلك.
(1)
تقدم أكثر من مرة.
(2)
في السنن الكبرى (3/ 282) ولفظه: "هذا مرسل، وقد طلبته في سائر الروايات بكتابه إلى عمرو بن حزم فلم أجده، والله تعالى أعلم".
وقال الحافظ في "التلخيص"(2/ 166): "وهذا مرسل، قلت: وضعيف أيضًا".
(3)
كذا في المخطوط (أ) و (ب)، والصواب [الحسن بن أحمد] كما في "التلخيص"(2/ 167) وسير أعلام النبلاء (18/ 380).
(4)
(2/ 167).
وأيضًا فإنه يعود إلى الاشتغال بالذبح لأضحيته، بخلاف عيد الفطر فإنه لا إمساك ولا ذبيحة.
وأحسن ما ورد من الأحاديث في تعيين وقت صلاة العيدين حديث جندب
(1)
المتقدم.
قال في البحر
(2)
: وهى من بعد انبساط الشمس إلى الزوال، ولا أعرف فيه خلافًا، انتهى.
[الباب السادس] باب صلاة العيد قبل الخطبة بغير أذان ولا إِقامة وما يقرأ فيها
15/ 1284 - (عَنِ ابْنِ عُمَر قالَ: كان رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبُو بَكْرٍ وعُمَرُ يُصَلُّون العِيدَيْنِ قَبْلَ الخُطْبَةِ. رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إلَّا أبا دَاوُدَ)
(3)
. [صحيح]
وفي الباب عن جابر عند البخاري
(4)
ومسلم
(5)
وأبي داود
(6)
قال: "خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الفطر فصلى قبل الخطبة".
وعن ابن عباس عند الجماعة إلا الترمذي
(7)
قال: "شهدت العيد مع
(1)
الذي أخرجه الحسن بن أحمد في كتاب الأضاحي. وأورده الحافظ في التلخيص (2/ 167) وسكت عليه.
(2)
البحر الزخار (2/ 55).
ويسنُّ تقديم الأضحى ليتَّسع وقت التضحية، وتأخيرُ الفطر ليتسِعَ وقت إخراج صدقة الفطر - وهذا مذهب أحمد والشافعي - وقال ابن قدامة: ولا أعلم فيه خلافًا.
ولأنَّ لكل عيد وظيفة، فوظيفةُ الفِطر إخراجُ الفطرة، ووقتها قبل الصلاة، ووظيفة الأضحى التضحية، ووقتها بعد الصلاة، وفي تأخير الفطر وتقديم الأضحى توسيعٌ لوظيفة كل منهما. [المغني لابن قدامة (3/ 267)].
(3)
أحمد (2/ 38) والبخاري رقم (963) ومسلم رقم (8/ 888) والترمذي رقم (531) والنسائي رقم (1564) وابن ماجه رقم (1276). وهو حديث صحيح.
(4)
في صحيحه رقم (958).
(5)
في صحيحه رقم (3/ 885).
(6)
في سننه رقم (1141).
وهو حديث صحيح.
(7)
أحمد (1/ 345) والبخاري رقم (962) ومسلم رقم (1/ 884) وأبو داود (1147) =
النبيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة".
وفي لفظ
(1)
: " أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلى قبل الخطبة".
وعن أنس عند البخاري
(2)
ومسلم
(3)
: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم النحر ثم خطب".
وعن البراء عند البخاري
(4)
ومسلم
(5)
وأبي داود
(6)
قال: "خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى بعد الصلاة".
وعن جندب عند البخاري
(7)
ومسلم
(8)
: "صلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم النحر ثم خطب ثم ذبح".
وعن أبي سعيد عند البخاري
(9)
ومسلم
(10)
والنسائي
(11)
وابن ماجه
(12)
قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أضحى أو فطر إلى المصلى، فصلى ثم انصرف فقام فوعظ الناس" الحديث.
= مختصرًا، والنسائي رقم (1569) وابن ماجه رقم (1274) مختصرًا. وهو حديث صحيح.
(1)
أخرجه أحمد (1/ 220) والبخاري رقم (1449) ومسلم رقم (2/ 884) وأبو داود رقم (1142) و (1143) وابن ماجه رقم (1273). وهو حديث صحيح.
(2)
في صحيحه رقم (984).
(3)
في صحيحه رقم (5/ 1961).
وهو حديث صحيح.
(4)
في صحيحه رقم (983).
(5)
في صحيحه رقم (7/ 1961).
(6)
في سننه رقم (2800).
وهو حديث صحيح.
(7)
في صحيحه رقم (985).
(8)
في صحيحه رقم (3/ 1960).
وهو حديث صحيح.
(9)
في صحيحه رقم (956).
(10)
في صحيحه رقم (9/ 889).
(11)
في سننه رقم (1576).
(12)
في سننه رقم (1288).
وهو حديث صحيح.
وعن عبد الله بن السائب عند أبي داود
(1)
والنسائي
(2)
وابن ماجه
(3)
قال: "شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب فمن أحبّ أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحبّ أن يذهب فليذهب".
قال أبو داود
(4)
: وهو مرسل. وقال النسائي
(5)
: هذا خطأ، والصواب مرسل.
وعن عبد الله بن الزبير عند أحمد
(6)
: "أنه قال حين صلى قبل الخطبة ثم قام يخطب: أيها الناس كلٌ سنة الله وسنة رسوله".
قال العراقي: وإسناده جيد.
وأحاديث الباب تدلّ على أن المشروع في صلاة العيد تقديم الصلاة على الخطبة.
(1)
في سننه رقم (1155).
(2)
في المجتبى رقم (1571) وفي السنن الكبرى رقم (1792).
(3)
في سننه رقم (1290).
قلت: وأخرجه الفريابي في "أحكام العيدين" رقم (10) وابن الجارود في المنتقى رقم (264) والدارقطني (2/ 50) والحاكم (1/ 295) والبيهقي (3/ 301).
قال أبو داود: هذا مرسل.
قال الألباني في صحيح أبي داود (4/ 320 - 321): " قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين، وإنما أعله المصنف بالإرسال، لأن غير الفضل رواه عن ابن جريج عن عطاء مرسلًا
…
به، لم يذكر في سنده: ابن السائب.
لكن الفضل أوثق منه، وقد وصله، وهي زيادة منه، فهي مقبولة. وقد شرحت هذا في "إرواء الغليل" رقم (629) " اهـ.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. فالحديث صحيح والله أعلم.
(4)
في السنن (1/ 683).
(5)
لم أجده في المجتبى (3/ 185) عقب الحديث. ولا في السنن الكبرى (2/ 304 - 305) عقب الحديث أيضًا.
(6)
في المسند (4/ 4).
قلت: وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (رقم 319 - قطعة من الجزء 13). وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 201) وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات.
والخلاصة: أن الحديث حسن، والله أعلم.
قال القاضي عياض
(1)
: هذا هو المتفق عليه بين علماء الأمصار وأئمة الفتوى، ولا خلاف بين أئمتهم فيه، وهو فعل النبيّ صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده، إلا ما روي أن عمر
(2)
في شطر خلافته الآخر قدم الخطبة؛ لأنه رأى من الناس من تفوته الصلاة وليس بصحيح، ثم قال: وقد فعله ابن الزبير في آخر أيامه.
وقال ابن قدامة
(3)
: لا نعلم فيه خلافًا بين المسلمين إلا عن بني أمية.
قال
(4)
: وعن ابن عباس وابن الزبير أنهما فعلاه ولم يصحّ عنهما.
قال (4): ولا يُعتدّ بخلاف بني أمية لأنه مسبوق بالإجماع الذي كان قبلهم، ومخالف لسنة النبيّ صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وقد أنكر عليهم فعلهم وعدّ بدعة ومخالفًا للسنة.
(1)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 289).
(2)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 283) عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة يوم الفطر عمر بن الخطاب، لما رأى الناس ينقصون، فلما صلى حبسهم في الخطبة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 171) عنه بلفظ: "كان الناس يبدؤون بالصلاة ثم يثنون بالخطبة، حتى إذا كان عمر وكثر الناس في زمانه، فكان إذا ذهب يخطب ذهب حفاة الناس، فلما رأى ذلك عمر بدأ بالخطبة حتى ختم بالصلاة.
• وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/ 452) معلقًا على كلام القاضي عياض فيما رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق عن فعل عمر وعثمان: "لا يصح" فقال: "وفيما قاله نظر، لأن عبد الرزاق وابن أبي شيبة روياه جميعًا عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن يوسف بن عبد الله بن سلام، وهذا إسناد صحيح.
لكن يعارضه حديث ابن عباس المذكور في الباب رقم (962): "شهدتُ العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة".
وكذا حديث ابن عمر - رقم (963) -.
وقد أخرج الشافعي في الأم (2/ 503 رقم 537) عن عبد الله بن يزيد نحو حديث ابن عباس وزاد: "حتى قدم معاوية فقدَّم الخطبة"، قال: فهذا يشير إلى أن مروان إنما فعل ذلك تبعًا لمعاوية، لأنه كان أمير المدينة من جهته" اهـ.
(3)
في المغني (3/ 276).
(4)
أي ابن قدامة في المغني (3/ 276).
وقال العراقي: إن تقديم الصلاة على الخطبة قول العلماء كافة.
وقال: إن ما روي عن عمر وعثمان وابن الزبير لم يصحّ عنهم
(1)
.
أما رواية ذلك عن عمر فرواها ابن أبي شيبة
(2)
: أنه لما كان عمر وكثر الناس في زمانه، فكان إذا ذهب ليخطب ذهب أكثر الناس؛ فلما رأى ذلك بدأ بالخطبة وختم بالصلاة.
قال: وهذا الأثر وإن كان رجاله ثقات فهو شاذّ مخالف لما ثبت في الصحيحين عن عمر من رواية ابنه عبد الله
(3)
وابن عباس
(4)
وروايتهما عنه أولى.
قال: وأما رواية ذلك عن عثمان فلم أجد لها إسنادًا.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي
(5)
: يقال: إن أوّل من قدمها عثمان، وهو كذب لا يلتفتون إليه، انتهى.
ويرده ما ثبت في الصحيحين من رواية ابن عباس (4) عن عثمان كما تقدم.
وقال الحافظ في الفتح
(6)
: إنه روى ابن المنذر
(7)
ذلك عن عثمان بإسناد صحيح إلى الحسن البصري قال: أول من خطب الناس قبل الصلاة عثمان.
قال الحافظ
(8)
: ويحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك أحيانًا، وقال بعد أن ساق الرواية المتقدمة عن عمر وعزاها إلى عبد الرزاق
(9)
وابن أبي شيبة
(10)
وصحح إسنادها: إنه يحمل على أن ذلك وقع منه نادرًا.
قال العراقي: وأما فعل ابن الزبير فرواه ابن أبي شيبة في المصنف
(11)
، وإنما فعل ذلك لأمر وقع بينه وبين ابن عباس، ولعل ابن الزبير كان يرى ذلك جائزًا.
(1)
تقدم تخريج الآثار (ص 50) رقم التعليقة (2).
(2)
في المصنف (2/ 171) وقد تقدم.
(3)
البخاري رقم (963) ومسلم رقم (8/ 888) وقد تقدم.
(4)
البخاري رقم (962) ومسلم رقم (1/ 884) وقد تقدم.
(5)
في عارضة الأحوذي (3/ 5).
(6)
في "الفتح"(2/ 451).
(7)
في الأوسط (4/ 272 - 273 ث 2151) بسند صحيح إلى الحسن البصري.
قاله الحافظ في "الفتح"(2/ 451).
(8)
في "الفتح"(2/ 452).
(9)
في المصنف (3/ 283) وقد تقدم.
(10)
في المصنف (2/ 171) وقد تقدم.
(11)
في المصنف (2/ 170).
وقد تقدم عن ابن الزبير أنه صلى قبل الخطبة.
وثبت في صحيح مسلم
(1)
عن عطاء أن ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير أوّل ما بويع له أنه لم يكن يؤذّن للصلاة يوم الفطر فلا تؤذّن لها، قال: فلم يؤذّن لها ابن الزبير يومه، وأرسل إليه مع ذلك: إنما الخطبة بعد الصلاة، وإن ذلك قد كان يفعل، قال: فصلى ابن الزبير قبل الخطبة.
قال الترمذي
(2)
: ويقال: إن أوّل من خطب قبل الصلاة مروان بن الحكم، انتهى.
وقد ثبت في صحيح مسلم
(3)
من رواية طارق بن شهاب عن أبي سعيد قال: أوّل من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان.
وقيل: أوّل من فعل ذلك معاوية، حكاه القاضي عياض
(4)
.
وأخرجه الشافعي
(5)
عن ابن عباس بلفظ: "حتى قدم معاوية فقدّم الخطبة".
ورواه عبد الرزاق
(6)
عن الزهري بلفظ: "أول من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية".
وقيل: أوّل من فعل ذلك زياد بالبصرة في خلافة معاوية، حكاه القاضي عياض
(7)
أيضًا. وروى ابن المنذر
(8)
عن ابن سيرين أن أوّل من فعل ذلك زياد بالبصرة.
(1)
في صحيحه رقم (6/ 886).
(2)
في السنن (2/ 411).
(3)
في صحيحه رقم (9/ 889).
(4)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 289).
(5)
أخرجه الشافعي في الأم (2/ 503 رقم 537) وفي المسند رقم (454 - ترتيب).
ولفظه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يبدؤون بالصلاة قبل الخطبة، حتى قدم معاوية فقدم معاوية الخطبة" بسند ضعيف.
وقد صحح شطره الأول كما تقدم. وأما شطره الآخر: "حتى قدم معاوية فقدَّم معاوية الخطبة"، فهو منكر لمخالفته الحديث الذي أخرجه مسلم رقم (78/ 49) وفيه: "أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان
…
" الحديث.
(6)
في المصنف (3/ 284 رقم 5646) بسند ضعيف، لعنعنة ابن جريج عبد الملك فإنه مدلس. ومتنه منكر كما تقدم أعلاه.
(7)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 290).
(8)
حكاه الحافظ في "الفتح"(2/ 452) عنه.
قال
(1)
: ولا مخالفة بين هذين الأثرين وأثر مروان؛ لأن كل من مروان وزياد كان عاملًا لمعاوية فيحمل على أنه ابتدأ ذلك وتبعه عماله.
قال العراقي: الصواب أن أوّل من فعله مروان بالمدينة في خلافة معاوية كما ثبت ذلك في الصحيحين
(2)
عن أبي سعيد الخدري، قال: ولم يصحّ فعله عن أحد من الصحابة، لا عمر ولا عثمان ولا معاوية ولا ابن الزبير، انتهى.
وقد عرفت صحة بعض ذلك، فالمصير إلى الجمع أولى.
وقد اختلف في صحة صلاة العيدين مع تقدم الخطبة، ففي مختصر المزني عن الشافعي
(3)
ما يدلّ على عدم الاعتداد بها. وكذا قال النووي في شرح المهذّب
(4)
: إن ظاهر نص الشافعي أنه لا يعتدّ بها.
قال
(5)
: وهو الصواب.
16/ 1285 - (وَعَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم العِيدَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلا مَرَّتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلا إقَامَةٍ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(6)
وَمُسْلِمٌ
(7)
وأَبُو دَاوُدَ
(8)
وَالتِّرْمِذِيُّ)
(9)
. [صحيح]
17/ 1286 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ قالا: لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الفِطْرِ وَلا يَوْمَ الأضْحَى. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(10)
. [صحيح]
وَلمُسْلِمٍ
(11)
عَنْ عَطَاءٍ قالَ: أخْبَرَنِي جابِرٌ أنْ لا أذَانَ لِصَلاةِ يَوْمِ الفِطْرِ حِينَ يَخْرُجُ الإِمامُ، وَلا بَعْدَ ما يَخْرُجُ، وَلا إِقامَةَ، وَلا نِدَاءَ، وَلا شَيْء، لا نِدَاءَ يَوْمَئِذٍ وَلا إِقامَةَ). [صحيح]
(1)
أي القاضي عياض في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 289).
(2)
البخاري في صحيحه رقم (956) ومسلم رقم (889).
(3)
الأم (2/ 505) والمجموع (5/ 30).
(4)
(5/ 30).
(5)
أي النووي في المجموع (5/ 30).
(6)
في المسند (5/ 91).
(7)
في صحيحه رقم (7/ 887).
(8)
في سننه رقم (1148).
(9)
في سننه رقم (532) وقال: حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
(10)
أحمد في المسند (5/ 107) والبخاري رقم (960) ومسلم رقم (5/ 886).
(11)
في صحيحه رقم (5/ 886).
وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص عند البزار في مسنده
(1)
: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلى العيد بغير أذان ولا إقامة، وكان يخطب خطبتين قائمًا يفصل بينهما بجلسة".
وعن البراء بن عازب عند الطبراني في الأوسط
(2)
: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في يوم الأضحى بغير أذان ولا إقامة".
وعن أبي رافع عند الطبراني في الكبير
(3)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى العيد ماشيًا بغير أذان ولا إقامة"، وفي إسناده مندل
(4)
، وفيه مقال قد تقدم.
وأحاديث الباب تدلّ على عدم شرعية الأذان والإِقامة في صلاة العيدين.
قال العراقي: وعليه عمل العلماء كافة.
وقال ابن قدامة في المغني
(5)
: ولا نعلم في هذا خلافًا ممن يعتد بخلافه، إلا أنه روي عن ابن الزبير: أنه أذّن وأقام. قال: وقيل: إن أوّل من أذّن في العيدين زياد، انتهى.
(1)
رقم (657 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 203) وقال: في إسناده من لم أعرفه.
(2)
في المعجم الأوسط رقم (1295) بسند حسن.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 203) وقال: وفيه عبد الله بن عمر بن أبان ولم أعرفه".
قلت: هو عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان، المعروف بمشكدانة، وهو في رواية الطبراني - مجمع البحرين رقم (1012) - نسبَ أباه إلى جده ولذلك لم يعرفه الهيثمي.
وعبد الله بن عمر هذا من رجال التهذيب - تهذيب الكمال (15/ 345) - قال فيه الحافظ ابن حجر: صدوق فيه تشيع.
[الفرائد على مجمع الزوائد (ص 202 رقم 309)].
(3)
في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 203) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير من طريق محمد بن عبد الله بن أبي رافع، وقد ضعفه جماعة. وذكره ابن حبان في الثقات".
(4)
مندل بن علي العنزي الكوفي أبو عبد الله. ضعيف.
الميزان (4/ 180) والتقريب (2/ 274) والخلاصة ص 398.
(5)
(3/ 267 - مسألة 303).
وروى ابن أبي شيبة في المصنف
(1)
بإسناد صحيح عن ابن المسيب قال: أوّل من أحدث الأذان في العيد معاوية، وقد زعم ابن العربي
(2)
: أنه رواه عن معاوية من لا يوثق به.
قوله: (لا إقامة ولا نداء ولا شيء)، فيه: أنه لا يقال أمام صلاة العيد شيء من الكلام.
لكن روى الشافعي
(3)
عن الزهري قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذّن في العيدين فيقول: الصلاة جامعة"، قال في الفتح
(4)
: وهذا مرسل يعضده القياس على صلاة الكسوف لثبوت ذلك فيها، انتهى.
وأخرج هذا الحديث البيهقي
(5)
من طريق الشافعي.
18/ 1287 - (وَعَنْ سَمُرَةَ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَقْرأُ فِي العِيدَيْنِ: بِسَبِّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلَى، وَهَلْ أتاكَ حَدِيثُ الغاشِيَةِ. رَوَاهُ أحْمَدُ)
(6)
. [صحيح]
(1)
في المصنف (2/ 169).
(2)
في "عارضة الأحوذي"(3/ 5).
(3)
في الأم (2/ 500 - 501 رقم 532).
(4)
في الفتح (2/ 452)، وقال الشيخ ابن باز رحمه الله في تعليقه على الفتح:"مراسيل الزهري ضعيفة عند أهل العلم، والقياس لا يصح اعتباره مع وجود النص الثابت الدال على أنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة العيد أذان ولا إقامة ولا شيء. ومن هنا تعلم أن النداء للعيد بدعة بأي لفظ كان. والله أعلم" اهـ.
وقال ابن قيم الجوزية في "زاد المعاد"(1/ 427): "وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى، أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة، ولا قول: الصلاة جامعة.
والسنة أن لا يفعل شيء من ذلك" اهـ.
(5)
في "معرفة السنن والآثار"(5/ 64 رقم 6855). قال الشافعي: قال الزهري: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر في العيدين المؤذن فيقول: "الصلاة جامعة".
قلت: كما تقدم أن مراسيل الزهري ضعيفة عند أهل العلم فلا حجة فيه.
(6)
في المسند (5/ 7) بسند صحيح.
قلت: وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 413) والطبراني في المعجم الكبير رقم (6773) و (6777) و (6778) من طرق.
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
19/ 1288 - (وَلابْنِ ماجَهْ
(1)
مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. [صحيح لغيره]
وَحَدِيثِ النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ مِثْلُهُ
(2)
. [صحيح]
وَقَدْ سَبَقَ حَدِيثُ النُّعْمانِ لِغَيْرِه في الجُمُعَةِ
(3)
.
وَعَنْ أبي وَاقِدٍ اللَيْثيّ وَسألَهُ عُمَرُ: ما كانَ يَقْرأُ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في الأضْحَى والفِطْرِ؟ فَقالَ: كانَ يَقْرأُ فِيهِما بِـ ق وَالقُرآنِ المَجِيدِ، وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيَّ)
(4)
. [صحيح]
حديث سمرة أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة في المصنف
(5)
، والطبراني في الكبير
(6)
.
والحديث عند أبي داود
(7)
والنسائي
(8)
إلا أنهما قالا: الجمعة بدل العيد.
وحديث ابن عباس الذي أشار إليه المصنف لفظه كلفظ حديث سمرة، وفى إسناده موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف
(9)
.
(1)
في سننه رقم (1283) عن ابن عباس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية".
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 421): "هذا إسناد فيه موسى بن عبيدة الرَّبذي وقد ضعفوه
…
" اهـ.
والخلاصة: أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(2)
أخرجه ابن ماجه رقم (1281)، وهو حديث صحيح.
(3)
تقدم برقم (1259) من كتابنا هذا.
(4)
أحمد (5/ 217 - 218) ومسلم رقم (14/ 891) وأبو داود رقم (1154) والترمذي رقم (534) والنسائي (3/ 183 - 184) وابن ماجه رقم (1282).
قلت: وأخرجه مالك (1/ 180 رقم 8) والشافعي في المسند رقم (461 - ترتيب) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 413) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 294) من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل أبا واقد الليثي ..
وهو حديث صحيح.
(5)
(2/ 176).
(6)
(7 رقم 6773).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 203 - 204) وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال أحمد ثقات.
(7)
في سننه رقم (1125).
(8)
في سننه رقم (1422).
(9)
موسى بن عبيدة بن نسطاس الربذي. وقد قيل: موسى بن عبيدة بن نشيط. قال يحيى بن =
ولابن عباس حديث آخر عند البزار في مسنده
(1)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بعمّ يتساءلون، وبالشمس وضحاها".
وفي إسناده أيوب بن سيار
(2)
، قال فيه ابن معين: ليس بشيء. وقال ابن المديني والجوزجاني: ليس بثقة. وقال النسائي: متروك.
ولابن عباس أيضًا حديث ثالث عند أحمد
(3)
قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين ركعتين لا يقرأ فيهما إلا بأمّ الكتاب لم يزد عليها شيئًا". وفي إسناده شهر بن حوشب وهو مختلف فيه.
وحديث النعمان الذي أشار إليه المصنف أيضًا تقدم في باب ما يقرأ في صلاة الجمعة
(4)
، وقد تقدم حديث النعمان هذا لسمرة بن جندب في الجمعة في الباب المذكور
(5)
بدون ذكر العيدين.
وحديث أبي واقد
(6)
أخرجه من ذكرهم المصنف.
وفي الباب عن أنس عند ابن أبي شيبة في المصنف
(7)
عن مولى لأنس قد
= معين: ضعيف. وقال ابن عدي: لا يحتج بحديثه. الجرح والتعديل (8/ 151) والمجروحين (2/ 234) والكاشف (3/ 164) والمغني (2/ 685) والميزان (4/ 213) والتقريب (2/ 286) والخلاصة ص 391.
(1)
رقم (656 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 204) وقال: وفيه أيوب بن سيار وهو ضعيف.
(2)
هو أيوب بن سيار الزهري: أبو سيار، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ضعيف، وقال مرة: متروك.
التاريخ الكبير (1/ 436) والمجروحين (1/ 171) والجرح والتعديل (2/ 248) والمغني (1/ 96) والميزان (1/ 288) ولسان الميزان (1/ 482). والضعفاء والمتروكين للنسائي (رقم: 28).
(3)
في المسند (1/ 243) بسند ضعيف.
أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 203) وقال فيه شهر بن حوشب وفيه كلام وقد وثق.
قلت: وشهر بن حوشب الأكثر على تضعيفه.
(4)
برقم (1259) من كتابنا هذا.
(5)
برقم (1260) من كتابنا هذا.
(6)
برقم (1288) من كتابنا هذا.
(7)
(2/ 177) بسند ضعيف، ولكن له شواهد كما تقدم.
سماه، قال: انتهيت مع أنس يوم العيد حتى انتهينا إلى [الزاوية]
(1)
، فإذا مولى له يقرأ في العيد بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية، فقال أنس: إنهما للسورتان اللتان قرأ بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وعن عائشة عند الطبراني في الكبير
(2)
والدارقطني
(3)
: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالناس يوم الفطر والأضحى فكبر في الركعة الأولى سبعًا، وقرأ:{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)} ، وفي الثانية خمسًا، وقرأ:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} ، وفي إسناده ابن لهيعة وفيه مقال مشهور.
وأكثر أحاديث الباب تدلّ على استحباب القراءة في العيدين بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} والغاشية، وإلى ذلك ذهب أحمد بن حنبل
(4)
.
وذهب الشافعي
(5)
إلى استحباب القراءة فيهما بـ {ق} {اقْتَرَبَتِ} ، لحديث أبي واقد
(6)
.
واستحبّ ابن مسعود
(7)
القراءة فيهما بأوساط المفصل من غير تقييد بسورتين معينتين.
وقال أبو حنيفة
(8)
والهادوية
(9)
: ليس فيه شيء مؤقت.
وروى ابن أبي شيبة
(10)
: أن أبا بكر قرأ في يوم عيد بالبقرة حتى رأيت الشيخ [يميد]
(11)
من طول القيام.
(1)
في المخطوط (ب): (الزواية).
(2)
في المعجم الكبير (ج 3 رقم 3298).
(3)
في سننه رقم (2/ 47 رقم 18).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 349) وقال: وفيه ابن لهيعة وفيه كلام".
(4)
المغني لابن قدامة (3/ 269).
(5)
الأم (2/ 510).
(6)
برقم (1288) من كتابنا هذا.
(7)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 177) أن الوليد بن عقبة أرسل إلى ابن مسعود فقال: تقرأ بأم القرآن، وسورة من المفصل.
(8)
البناية في شرح الهداية (3/ 125).
(9)
البحر الزخار (2/ 59).
(10)
في المصنف (2/ 176).
(11)
كذا في المخطوط (أ) و (ب) وفي المصنف (يميل).
وقد جمع النووي
(1)
بين الأحاديث فقال: كان في وقت يقرأ في العيدين بـ {ق} و {اقْتَرَبَتِ} ، وفي وقت بـ {سَبِّحِ} و {هَلْ أَتَاكَ} ، وقد سبقه إلى مثل ذلك الشافعي
(2)
.
ووجه الحكمة في القراءة في العيدين بالسورة المذكورة أن في سورة {سَبِّحِ} الحثّ على الصلاة وزكاة الفطر على ما قال سعيد بن المسيب
(3)
، وعمر بن عبد العزيز في تفسير قوله تعالى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)} [الأعلى: 14، 15].
فاختصت الفضيلة بها كاختصاص الجمعة بسورتها.
وأما الغاشية فللموالاة بين سبح وبينها كما بين الجمعة والمنافقين.
وأما سورة {ق} و {اقْتَرَبَتِ} ؛ فنقل النووي في شرح مسلم
(4)
عن العلماء أن ذلك لما اشتملتا عليه من الإخبار بالبعث، والإخبار عن القرون الماضية وإهلاك المكذّبين، وتشبيه بروز الناس في العيد ببروزهم في البعث وخروجهم من الأجداث كأنهم جراد منتشر.
وقد استشكل بعضهم سؤال عمر لأبي واقد الليثي عن قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم في العيد مع ملازمة عمر له في الأعياد وغيرها.
قال النووي
(5)
: قالوا يحتمل أن عمر شك في ذلك فاستثبته، أو أراد إعلام الناس بذلك أو نحو ذلك.
قال العراقي: ويحتمل أن عمر كان غائبًا في بعض الأعياد عن شهوده، وأن ذلك الذي شهده أبو واقد كان في عيد واحد أو أكثر.
قال: ولا عجب أن يخفى على الصاحب الملازم بعض ما وقع من
(1)
في المجموع شرح المهذب (5/ 23).
(2)
قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 284): "قال أبو بكر: الإمام بالخيار إن شاء قرأ في صلاة العيدين بـ {ق} و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}، وإن شاء {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}. والاختلاف في هذا من جهة المباح، وإن قرأ بفاتحة الكتاب وسورة سوى ما ذكرناه أجزأه" اهـ.
(3)
الدر المنثور (8/ 486).
(4)
(6/ 182).
(5)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 182).
مصحوبه كما في قصة الاستئذان ثلاثًا
(1)
. وقول عمر: خفي عليّ هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألهاني الصفق بالأسواق، انتهى.
[الباب السابع] باب عدد التكبيرات في صلاة العيد ومحلها
20/ 1289 - (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدّهِ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كبَّرَ فِي عِيدٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً: سَبْعًا فِي الأُولَى، وخَمْسًا فِي الآخِرَةِ، ولَمْ يُصَلّ قَبْلَها وَلا بَعْدَها. رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وَابْنُ ماجَهْ
(3)
[حسن]
وَقالَ أحْمَدُ: أنا أذْهَبُ إلى هَذَا.
وَفِي رِوَايَةٍ قالَ: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "التَّكْبِيرُ فِي الفِطْرِ سَبْع فِي الأُولى، وخَمْسٌ فِي الآخِرَةِ، وَالقرَاءَةُ بَعْدَهُما كلْتَيْهما"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ
(4)
وَالدَّارَقُطْنيُّ
(5)
. [حسن]
21/ 1290 - (وَعَنْ عَمْرو بْن عَوْفٍ المُزَنِيّ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ فِي العِيدَيْنِ: فِي الأُولى سَبْعًا قَبْلَ القِرَاءَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا قَبْلَ القِرَاءَةِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
(6)
وَقَال: هُوَ أحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا البابِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَرَوَاهُ
(1)
أخرجه البخاري رقم (6245) ومسلم رقم (2153) من حديث أبي سعيد الخدري.
(2)
في المسند (2/ 180).
(3)
في سننه رقم (1278).
قلت: وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" رقم (5677) وابن الجارود رقم (262) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 343) والدارقطني (2/ 47 - 48) والبيهقي (3/ 285) والفريابي في "أحكام العيدين" رقم (135) من طرق.
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(4)
في سننه رقم (1151).
(5)
في سننه رقم (2/ 48).
وأورده الحافظ في "التلخيص"(2/ 171) وقال: وصححه أحمد، وعلي - ابن المديني - والبخاري فيما حكاه الترمذي - في العلل الكبير (1/ 288) -.
وخلاصة القول: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(6)
في سننه رقم (536).
ابْنُ ماجَهْ
(1)
وَلَمْ يَذْكُرِ القِرَاءَة. [صحيح لغيره]
لَكِنَّهُ رَوَاهُ وَفِيهِ القِرَاءَةُ كما سَبَقَ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ المُؤَذّنِ)
(2)
. [صحيح لغيره]
حديث عمرو بن شعيب، قال العراقي: إسناده صالح، ونقل الترمذي في العلل المفردة
(3)
عن البخاري أنه قال: إنه حديث صحيح.
وحديث عمرو بن عوف أخرجه أيضًا الدارقطني
(4)
وابن عديّ
(5)
والبيهقي
(6)
.
وفي إسناده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف
(7)
عن أبيه عن جده. قال الشافعي وأبو داود: إنه ركن من أركان الكذب. وقال ابن حبان: له نسخة موضوعة عن أبيه عن جده، وقد تقدم الكلام عليه.
قال الحافظ في التلخيص
(8)
: وقد أنكر جماعة تحسينه على الترمذي.
(1)
في سننه رقم (1279).
قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير (ج 17 رقم 15) والدارقطني (2/ 48) والبيهقي (3/ 286) وفي إسناده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف وهو ضعيف. ومع ذلك حسنه الترمذي. وصححه ابن خزيمة رقم (1438) و (1439).
ونقل الترمذي في العلل الكبير (1/ 288) عن البخاري قوله: ليس في هذا الباب شيء أصح من هذا، وبه أقول.
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(2)
أخرجه ابن ماجه رقم (1277) والدارمي (1/ 376) والدارقطني (2/ 47) والبيهقي (3/ 288) وفي إسناده ضعف.
وهو حديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(3)
في علل الترمذي الكبير (1/ 287 - 288) ط: مكتبة الأقصى - عمان.
(4)
في سننه رقم (2/ 46 - 47).
(5)
في "الكامل"(6/ 2579).
(6)
في السنن الكبرى (3/ 285).
(7)
انظر ترجمته في: المجروحين (2/ 221) والجرح والتعديل (7/ 154) والميزان (3/ 456) والتقريب (2/ 132) والخلاصة ص 320.
وخلاصة القول فيه: أنه متروك الحديث، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه.
(8)
(2/ 171).
وأجاب النووي في الخلاصة
(1)
عن الترمذي في تحسينه فقال: لعله اعتضد بشواهد وغيرها [انتهى]
(2)
.
قال العراقي والترمذي: إنما تبع في ذلك البخاري، فقد قال في كتاب العلل المفردة
(3)
: سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: ليس في هذا الباب شيء أصحّ منه وبه أقول، انتهى.
وحديث سعد، المؤذّن وهو سعد القرظ، أخرجه ابن ماجه
(4)
عن هشام بن عمار عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد مؤذّن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه عن جده: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين في الأولى سبعًا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسًا قبل القراءة".
قال العراقي: وفي إسناده ضعيف.
وفي الباب عن أبي موسى الأشعري وحذيفة عند أبي داود
(5)
أن سعيد بن العاص سألهما: "كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى: كان يكبر أربعًا، تكبيره على الجنازة، فقال حذيفة: صدق".
قال البيهقي
(6)
: "خولف راويه في موضعين: في رفعه، وفي جواب أبي موسى، والمشهور أنهم أسندوه إلى ابن مسعود فأفتاهم بذلك، ولم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم ".
وعن عبد الرحمن بن عوف عند البزار في مسنده
(7)
قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام (2/ 832).
(2)
زيادة من المخطوط (أ).
(3)
في علل الترمذي الكبير (1/ 288).
(4)
في سننه رقم (1277) وقد تقدم آنفًا.
(5)
في سننه رقم (1153) بسند ضعيف رجاله ثقات؛ غير أبي عائشة. قال الذهبي: غير معروف. وقال الحافظ في "التقريب" رقم (8202): "مقبول" يعني عند المتابعة.
وأخرج الطحاوي في شرح المعاني (4/ 345 - طبع مصر) من طريقين. فالحديث شاهد قوي بهذا الإسناد لما أخرجه أبو داود وغيره بإسناد حسن عن أبي عائشة جليس لأبي هريرة.
انظر: "الصحيحة" رقم (2997) وصحيح أبي داود (4/ 317 - 318 رقم 1046 م).
(6)
في السنن الكبرى (3/ 289 - 290).
(7)
رقم (655 - كشف). =
تخرج له العنزة في العيدين حتى يصلي إليها، فكان يكبر ثلاث عشرة تكبيرة، وكان أبو بكر وعمر يفعلان ذلك"، وفي إسناده الحسن البجلي وهو لين الحديث.
وقد صحح الدارقطني إرسال هذا الحديث.
وعن ابن عباس عند الطبراني في الكبير
(1)
: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين ثنتي عشرة تكبيرة: في الأولى سبعًا، وفي الآخرة خمسًا"، وفي إسناده سليمان بن أرقم
(2)
وهو ضعيف.
وعن جابر عند البيهقي
(3)
قال: مضت السنة أن يكبر للصلاة في العيدين سبعًا وخمسًا.
وعن ابن عمر عند البزار
(4)
والدارقطني
(5)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التكبير في العيدين في الركعة الأولى سبع تكبيرات، وفي الآخرة خمس تكبيرات".
وفي إسناده فرج بن فضالة
(6)
، وثقه أحمد. وقال البخاري ومسلم: منكر الحديث.
= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 254) وقال: فيه الحسن بن حماد البجلي ولم يضعفه أحد ولم يوثقه، وقد ذكره المزي للتمييز، وبقية رجاله ثقات".
(1)
في المعجم الكبير (ج 10 رقم 10708).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 204) وقال: وفيه سليمان بن أرقم وهو ضعيف.
(2)
سليمان بن أرقم، أبو معاذ. ضعيف قاله النسائي. وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو داود والدارقطني: متروك. وقال أبو زرعة: ذاهب الحديث.
التاريخ الكبير (4/ 2) والمجروحين (1/ 328) والجرح والتعديل (4/ 100) والميزان (2/ 196) والتقريب (1/ 321) والخلاصة ص 150.
(3)
في السنن الكبرى (3/ 292).
(4)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 171).
(5)
في سننه (2/ 48 - 49 رقم 24).
وفي سنده فرج بن فضالة ضعيف.
(6)
فرج بن فضالة الشامي الحمصي. قال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: صدوق لا يحتج به. وقال ابن معين: صالح الحديث. التاريخ الكبير (7/ 134) والجرح والتعديل (7/ 85) والمجروحين (2/ 206) والميزان (3/ 243) والتقريب (2/ 108) والخلاصة ص 308.
وعن عائشة عند أبي داود
(1)
: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى، في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات".
وفي إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف
(2)
.
وذكر الترمذي في كتاب العلل
(3)
أن البخاري ضعف هذا الحديث.
وزاد ابن وهب في هذا الحديث: "سوى تكبيرتي الركوع".
وزاد إسحاق: "سوى تكبيرة الافتتاح"، ورواه الدارقطني
(4)
أيضًا.
وقد اختلف العلماء في عدد التكبيرات في صلاة العيد في الركعتين وفي موضع التكبير على عشرة أقوال:
(أحدها): أنه يكبر في الأولى سبعًا قبل القراءة، وفي الثانية خمسًا قبل القراءة.
قال العراقي: هو قول أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة.
قال: وهو مرويّ عن عمر
(5)
وعليّ
(6)
وأبي هريرة
(7)
وأبي سعيد
(8)
(1)
في سننه رقم (1149).
وهو حديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(2)
تقدم الكلام عليه مرارًا.
(3)
في علل الترمذي الكبير (1/ 288 - 289).
(4)
في سننه رقم (2/ 46 رقم 12)، وهو حديث صحيح لغيره.
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 175) من طريق الأفريقي عن عبد الرحمن بن رافع أن عمر بن الخطاب كان يكبر في العيدين ثنتا عشرة، سبعًا في الأولى وخمسًا في الآخرة بسند ضعيف.
(6)
أخرج الشافعي في الأم (2/ 506 رقم 542) ومن طريقه البيهقي في السنن والآثار (5/ 72 رقم 6872) وعبد الرزاق في المصنف (3/ 292 رقم 5678) من طريق إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي رضي الله عنه أنه كبر في العيدين والاستسقاء سبعًا وخمسًا وجهر بالقراءة. بسند ضعيف.
(7)
أخرج مالك في الموطأ (1/ 180 رقم 9) ومن طريقه الشافعي في الأم (2/ 506 - 507 رقم 544) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 288). وفي معرفة السنن والآثار (5/ 72 رقم 6874) وعبد الرزاق في المصنف (3/ 292 رقم 5680) كلهم عن مالك عن نافع مولى ابن عمر قال: شهدت الفطر والأضحى مع أبي هريرة، فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخرة: خمس تكبيرات قبل القراءة. بسند صحيح.
(8)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 175) وابن المنذر في الأوسط (4/ 274 ث 2155). =
وجابر
(1)
وابن عمر
(2)
وابن عباس
(3)
وأبي أيوب
(4)
وزيد بن ثابت
(5)
وعائشة
(6)
، وهو قول الفقهاء السبعة من أهل المدينة
(7)
وعمر بن عبد العزيز
(8)
والزهري
(9)
ومكحول
(10)
، وبه يقول مالك
(11)
والأوزاعي
(12)
والشافعي
(13)
وأحمد
(14)
وإسحاق
(15)
.
قال الشافعي (13) والأوزاعي (12) وإسحاق (15) وأبو طالب
= عن أبي سعيد قال: التكبير في العيدين سبع وخمس، سبع في الأولى قبل القراءة وخمس في الآخرة قبل القراءة. وهو أثر صحيح.
(1)
قال ابن عبد البر في التمهيد (5/ 253): قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة حسان، أنه كبَّر في العيد سبعًا في الأولى، وخمسًا في الثانية. من حديث: عبد الله بن عمرو، وابن عمر، وجابر، وعائشة، وأبي واقد، وعمرو بن عوف المزني، ولم يُرو عنه من وجه قوي ولا ضعيف خلاف هذا، وهو أولى ما عُمل بها كما في المغني (3/ 272) وتقدم تخريجها خلال شرح الحديث (1290) من كتابنا هذا.
(2)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 175) عن نافع بن أبي نعيم قال: سمعت نافعًا قال: قال عبد الله بن عمر التكبير في العيدين سبع وخمسًا.
(3)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 176) عن عمار بن أبي عمار أن ابن عباس كبر ثنتي عشرة تكبيرة، سبعًا في الأولى وخمسًا في الآخرة.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 274) وهو أثر صحيح.
(4)
و
(5)
أخرج الشافعي في الأم (2/ 506 رقم 543) ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن والآثار (2/ 72 رقم 6873) عن إبراهيم بن محمد قال: حدثني إسحاق بن عبد الله عن عثمان بن عروة، عن أبيه، أن أبا أيوب وزيد بن ثابت أمرا مروان أن يكبر في صلاة العيد سبعًا وخمسًا. بسند ضعيف.
(6)
انظر: المغني (3/ 272).
(7)
فقه الفقهاء السبعة وأثره في فقه الإمام مالك (2/ 457).
(8)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 175 - 176) عن ثابت بن قيس قال: صليت خلف عمر بن عبد العزيز الفطر فكبر في الأولى سبعًا قبل القراءة وفي الثانية خمسًا قبل القراءة. بسند حسن.
(9)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 293) رقم (5683) عن معمر عن الزهري قال: سمعته يقول: التكبير يوم العيد قبل القراءة سبعًا وخمسًا. بسند حسن لغيره.
(10)
انظر: "فقه الفقهاء السبعة"(1/ 227).
(11)
المدونة (1/ 169).
(12)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 274) والنووي في "المجموع"(5/ 25).
(13)
(الأم (2/ 507).
(14)
(14) المغني لابن قدامة (3/ 271 - 272).
(15)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 274) والنووي في "المجموع"(5/ 25).
وأبو العباس
(1)
: إنَّ السبع في الأولى بعد تكبيرة الإحرام.
(القول الثاني): أن تكبيرة الإحرام معدودة من السبع في الأولى، وهو قول مالك
(2)
وأحمد
(3)
والمزني، وهو قول المنتخب
(4)
.
(القول الثالث): أن التكبير في الأولى سبع وفي الثانية سبع، روي ذلك عن أنس بن مالك والمغيرة بن شعبة وابن عباس وسعيد بن المسيب والنخعي
(5)
.
(القول الرابع): في الأولى ثلاث بعد تكبيرة الإحرام قبل القراءة، وفي الثانية ثلاث بعد القراءة، وهو مرويّ عن جماعة من الصحابة: ابن مسعود
(6)
وأبي موسى (6) وأبي مسعود الأنصاري (6)، وهو قول الثوري
(7)
وأبي حنيفة
(8)
.
(والقول الخامس): يكبر في الأولى ستًا بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة، وفي الثانية خمسًا بعد القراءة، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل
(9)
، ورواه صاحب البحر
(10)
عن مالك.
(القول السادس): يكبر في الأولى أربعًا غير تكبيرة الإحرام. وفي الثانية أربعًا، وهو قول محمد بن سيرين
(11)
، وروي عن الحسن ومسروق والأسود
(1)
البحر الزخار (2/ 60).
(2)
المدونة (1/ 169).
(3)
المغني (3/ 271).
(4)
انظر: البحر الزخار (2/ 60).
(5)
حكاه عنهم النووي في المجموع (2/ 25).
(6)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 174) عن كردوس قال: قدم سعيد بن العاص في ذي الحجة فأرسل إلى عبد الله، وحذيفة، وأبي مسعود الأنصاري، وأبي موسى الأشعري فسألهم عن التكبير فأسندوا أمرهم إلى عبد الله، فقال عبد الله: يقوم فيكبر ثم يكبر ثم يكبر، فيقرأ ثم يكبر ويركع، ويقوم فيقرأ ثم يكبر ثم يكبر ثم يكبر، ثم يكبر الرابعة ثم يركع". بسند ضعيف.
(7)
حكاه عنه ابن قدامة في المغني (3/ 272).
(8)
البناية في شرح الهداية (3/ 126).
(9)
المغني (3/ 271).
(10)
البحر الزخار (2/ 60).
(11)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 276 ث 2161) عن محمد بن سيرين عن أنس أنه كان يكبر في العيد تسعًا فذكر مثل حديث عبد الله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 174).
إسناده صحيح، والله أعلم.
والشعبي وأبي قلابة، وحكاه صاحب البحر
(1)
عن ابن مسعود
(2)
وحذيفة وسعيد بن العاص.
(القول السابع): كالقول الأول إلا أنه يقرأ في الأول بعد التكبير، ويكبر في الثانية بعد القراءة، حكاه في البحر
(3)
عن القاسم والناصر.
(القول الثامن): التفرقة بين عيد الفطر والأضحى، فيكبر في الفطر إحدى عشرة: ستًا في الأولى، وخمسًا في الثانية؛ وفي الأضحى: ثلاثًا في الأولى، وثنتين في الثانية، وهو مرويّ عن عليّ بن أبي طالب كما في مصنف ابن أبي شيبة
(4)
.
ولكنه من رواية الحارث الأعور
(5)
عنه.
(القول التاسع): التفرقة بينهما على وجه آخر، وهو أن يكبر في الفطر إحدى عشرة تكبيرة، وفي الأضحى تسعًا، وهو مرويّ عن يحيى بن يعمر
(6)
.
(القول العاشر): كالقول الأوّل إلا أن محلّ التكبير بعد القراءة، وإليه ذهب الهادي والمؤيد بالله وأبو طالب
(7)
.
(1)
البحر الزخار (2/ 60).
(2)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 277 ث 2165) عن أبي عطية قال: قال عبد الله بن مسعود: التكبير في العيدين أربع كالتكبير على الجنائز. بسند صحيح.
(3)
البحر الزخار (2/ 61 - 62).
(4)
(2/ 173) بسند ضعيف.
(5)
الحارث بن عبد الله الأعور: ضعيف، قاله ابن معين، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ.
المجروحين (1/ 222) والميزان (1/ 435) والمغني (1/ 141) وقد تقدم.
(6)
قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 278): "وفيه قول عاشر: روي عن يحيى بن يعمر أنه قال في الأضحى: إذا دخلت المسجد فكبر تكبيرتين ثم اقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، وأسمع من حولك لا ترفع صوتك، وفي الأخرى مثل ذلك.
وقال في الفطر مثل قول ابن مسعود: في الأولى أربع أربع وفي الأخرى ثلاث سوى تكبيرتي الركوع وأسمع من حولك" اهـ.
• وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 175) من طريق إسحاق بن سويد عنه قال: في أحدهما تسع تكبيرات، وفي الآخرة إحدى عشرة".
(7)
البحر الزخار (2/ 60 - 61) وشفاء الأوام (1/ 431).
احتجّ أهل القول الأوّل بما في الباب من الأحاديث المصرّحة بعدد التكبير وكونه قبل القراءة.
قال ابن عبد البر
(1)
: وروي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من طرق حسان أنه كبر في العيدين سبعًا في الأولى وخمسًا في الثانية من حديث عبد الله بن عمر
(2)
، وابن عمرو (3)، وجابر (3)، وعائشة
(3)
، وأبي واقد
(4)
، وعمرو بن عوف المزني
(5)
، ولم يرو عنه من وجه قويّ ولا ضعيف خلاف هذا، وهو أولى ما عمل به، انتهى.
وقد تقدم في حديث عائشة عند الدارقطني
(6)
: "سوى تكبيرة الافتتاح"، وعند أبي داود
(7)
: "سوى تكبيرتي الركوع"، وهو دليل لمن قال: إن السبع لا تعدّ فيها تكبيرة الافتتاح والركوع، والخمس لا تعدّ فيها تكبيرة الركوع.
واحتجّ أهل القول الثاني بإطلاق الأحاديث المذكورة في الباب.
وأجابوا عن حديث عائشة بأنه ضعيف كما تقدم.
وأما أهل القول الثالث فلم أقف لهم على حجة.
قال العراقي: لعلهم أرادوا بتكبيرة القيام من الركعة الأولى وتكبيرة الركوع في الثانية، وفيه بُعد، انتهى.
واحتجّ أهل القول الرابع بحديث أبي موسى وحذيفة المتقدم
(8)
، وفُتيا
(1)
التمهيد (5/ 253).
(2)
تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (1290) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم تخريجه برقم (1289) من كتابنا هذا.
(4)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 3 رقم 3298) من حديث أبي واقد وعائشة، وهو حديث باطل كما قال أبو حاتم في العلل (1/ 207).
(5)
تقدم تخريجه رقم (21/ 1290) من كتابنا هذا.
(6)
في سننه رقم (2/ 46 رقم 12).
(7)
في سننه رقم (1149).
قلت: وأخرجه أحمد في المسند (6/ 65) والحاكم (1/ 298) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 286) من طرق عن ابن لهيعة، به.
وخلاصة القول: أن سنده ضعيف، وهو حديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(8)
تقدم قريبًا في الصفحة 66 رقم التعليقة (6).
[ابن عباس]
(1)
السابقة، قالوا: لأن الأربع المذكورة في الحديث جعلت تكبيرة الإحرام منها، وهذا التأويل لا يجري في الثانية، وقد تقدم ما في حديث أبي موسى.
وصرّح الخطابي
(2)
بأنه ضعيف ولم يبين وجه الضعف
(3)
، وضعفه البيهقي في المعرفة
(4)
بعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وقد ضعف ثابتًا يحيى بن معين، وضعفه غير واحد بأن [راويه]
(5)
عن أبي موسى هو أبو عائشة ولا يعرف ولا نعرف اسمه.
ورواه البيهقي
(6)
من رواية مكحول عن رسول أبي موسى وحذيفة عنهما.
قال البيهقي
(7)
: هذا الرسول مجهول.
(1)
في المخطوط (أ): (ابن مسعود).
(2)
في معالم السنن (1/ 681 - مع السنن).
(3)
قلت: وإليك وجه الضعف: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 174) كما تقدم من طريق يزيد بن هارون عن المسعودي عن معبد بن خالد عن كردوس به. والمسعودي اختلط ويزيد بن هارون سمع منه بعد الاختلاط كما في الكواكب النيرات ص 288 خلال ترجمة المسعودي هذا.
لذا قلنا سابقًا بأن إسناد الأثر ضعيف، والله أعلم.
وكذلك أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(ج 9 رقم 9516) من طريق أبي إسحاق عن علقمة والأسود، قال: كان ابن مسعود جالسًا وعنده حذيفة وأبو موسى فسألهم سعيد بن العاص عن التكبير في صلاة الفطر والأضحى - الحديث. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (5687).
وأبو إسحاق مدلس وقد عنعنه فالإسناد ضعيف أيضًا.
(4)
في المعرفة (5/ 74 رقم 6883) بقوله: وعبد الرحمن قد ضعَّفَه يحيى بن معين.
قلت: هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الشامي، وقد قال فيه يحيى بن معين: ضعيف، ولما سُئل: يكتب حديثه؟ قال: نعم على ضعفه.
وقال في موضع آخر: عبد الرحمن: ضعيف، وأبوه ثقة.
[الضعفاء الكبير (2/ 326) والميزان (2/ 551)].
(5)
في المخطوط (ب): (رواية).
(6)
في المعرفة (5/ 73 رقم 6880) وفي السنن الكبرى (3/ 289 - 290) عن مكحول عن رسول أبي موسى، وحذيفة، عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:[الصلاة في العيدين كالتكبير على الجنائز أربع، وأربع سوى تكبيرة الافتتاح والركوع].
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1153) وأحمد (4/ 416).
(7)
في السنن الكبرى (3/ 290) وأضاف: "وقد خولف راوي هذا الحديث في موضعين:
(أحدهما): في رفعه. (والآخر): في جواب أبي موسى. =
ولم يحتجّ أهل القول الخامس بما يصلح للاحتجاج.
واحتجّ أهل القول السادس بحديث أبي موسى وحذيفة المتقدم
(1)
وقد تقدم ما فيه.
واحتجّ أهل القول السابع بما روي عن ابن مسعود: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم والى بين القراءتين في صلاة العيد"، ذكر هذا الحديث في الانتصار
(2)
، ولم أجده في شيء من كتب الحديث.
واحتجّ أهل القول الثامن على التفرقة بين [عيد]
(3)
الفطر والأضحى بما تقدم من رواية ذلك عن عليّ
(4)
، وهو مع كونه غير مرفوع في إسناده الحارث الأعور وهو ممن لا يحتجّ به.
وأما القول التاسع فلم يأت القائل به بحجة.
واحتجّ أهل القول العاشر بما ذكره في البحر
(5)
من أن ذلك ثابت في رواية لابن عمر
(6)
= ثم ذكر المشهور في هذه القصة" اهـ.
والخلاصة: أن الحديث حسن لغيره، والله أعلم.
(1)
تقدم قريبًا في الصفحة 66 رقم التعليقة (6).
(2)
الانتصار الجامع لمذاهب علماء الأمصار. ليحيى بن حمزة الحسيني اليمني. وهو في ثمانية عشر مجلدًا.
وهو في تقرير المختار من مذاهب الأئمة وأقاويل علماء الأمة في المباحث الفقهية، والمضطربات الشرعية. (مخطوط).
[مؤلفات الزيدية (1/ 142)].
• وانظر: البحر الزخار (2/ 61 - 62).
(3)
في المخطوط (ب): (عيدي).
(4)
تقدمت قريبًا. بسند ضعيف لضعف الحارث الأعور.
(5)
البحر الزخار (2/ 61 - 62).
(6)
قال ابن بهران في كتاب "جواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار" (2/ بهامش البحر الزخار.
قوله: "لرواية ابن عمر". قلت: لعل نسبة هذه الرواية إلى ابن عمر من سهو القلم أو نحوه. ولفظه في "الانتصار": والحجة على هذا ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص "أن الرسول صلى الله عليه وسلم كبر سبعًا في الأولى وخمسًا في الثانية، القراءة بعدهما كلاهما" اهـ.
وقد ضرب على لفظة: بعدهما، وجعل في الحاشية: قبلهما، والله أعلم.
وثابت من فعل عليّ
(1)
عليه السلام، ولا أدري ما هذه الرواية التي عن ابن عمر.
وقد ذكر في الانتصار
(2)
الدليل على هذا القول فقال: والحجة على هذا ما روى عبد الله بن عمرو بن العاص: "أن الرسول صلى الله عليه وسلم كبر سبعًا في الأولى وخمسًا في الثانية القراءة قبلهما كلاهما".
وهو عكس الرواية التي ذكرها المصنف عنه وذكرها غيره، فينظر هل وافق صاحب الانتصار على ذلك أحد من أهل هذا الشأن، فإني لم أقف على شيء من ذلك.
مع أن الثابت في أصل الانتصار لفظ بعدهما مكان قبلهما، ولكنه وقع التظنين على الأصل في حاشية بلفظ قبلهما، فلا مخالفة حينئذ.
وأرجح هذه الأقوال أوّلها في عدد التكبير وفي محلّ القراءة.
وقد وقع الخلاف هل المشروع الموالاة بين تكبيرات صلاة العيد أو الفصل بينها بشيء من التحميد والتسبيح ونحو ذلك.
فذهب مالك
(3)
وأبو حنيفة
(4)
والأوزاعي
(5)
إلى أنه يوالي بينها كالتسبيح في الركوع والسجود، قالوا: لأنه لو كان بينها ذكر مشروع لنقل كما نقل التكبير.
وقال الشافعي
(6)
: إنه يقف بين كل تكبيرتين؛ يهلِّل ويمجِّد ويكبِّر.
واختلف أصحابه
(7)
فيما يقوله بين التكبيرتين، فقال الأكثرون: يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
وقال بعضهم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وقيل غير ذلك.
وقال الهادي
(8)
وبعض أصحاب الشافعي
(9)
: إنه يفصل بينها بقوله: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا.
(1)
تقدم قريبًا وبينا ضعفه.
(2)
تقدم الكلام عليه (ص 70) رقم التعليقة (2).
(3)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 280) وابن قدامة في المغني (3/ 274).
(4)
البناية في شرح الهداية للعيني (3/ 136).
(5)
حكاه عنه ابن قدامة في المغني (3/ 274).
(6)
الأم (2/ 514).
(7)
المجموع شرح المهذب (5/ 23).
(8)
البحر الزخار (2/ 61).
(9)
المجموع (5/ 23).
وقال الناصر والمؤيد بالله والإِمام يحيى
(1)
: إنه يقول لا إله إلا الله إلى آخر الدعاء الطويل الذي رواه الأمير الحسين في الشفاء
(2)
عن عليّ عليه السلام.
وروي في البحر
(3)
عن مالك أنه يفصل بالسكوت.
وقد اختلف في حكم تكبير العيدين، فقالت الهادوية
(4)
: إنه فرض.
وذهب من عداهم إلى أنه سنة لا تبطل الصلاة بتركه عمدًا ولا سهوًا.
قال ابن قدامة
(5)
: ولا أعلم فيه خلافًا، قالوا: وإن تركه لا يسجد للسهو.
وروي عن أبي حنيفة
(6)
ومالك
(7)
أنه يسجد للسهو.
والظاهر عدم وجوب التكبير كما ذهب إليه الجمهور لعدم وجدان دليل يدل عليه.
[الباب الثامن] باب لا صلاة قبل العيد ولا بعدها
22/ 1291 - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: خَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عِيدٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلّ قَبْلَهُما وَلا بَعْدَهُما. رَوَاهُ الجَماعَهم
(8)
، وَزَادُوا إلّا التِّرْمِذِيَّ
(9)
وَابْنَ ماجَهِ
(10)
: ثُمّ أتَى النِّسَاءَ وَبِلَالٌ مَعَهُنَّ فأَمَرَهُنَّ بالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ المَرأةُ تَصَدَّقُ بِخُرْصِها وَسخَابها). [صحيح]
23/ 1292 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمَ عِيدٍ فَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَها وَلا
(1)
البحر الزخار (2/ 61).
(2)
شفاء الأوام (1/ 430).
(3)
البحر الزخار (2/ 61).
(4)
البحر الزخار (2/ 59).
(5)
المغني لابن قدامة (3/ 275).
(6)
لم أقف على هذه الرواية لأبي حنيفة في كتب الأحناف، كما لم أجد من حكاها عنهم.
ولعل الصواب (أبي ثور) كما في الأوسط لابن المنذر (4/ 281) والمغني (3/ 275).
(7)
المدونة (1/ 170).
(8)
أحمد (1/ 355) والبخاري رقم (989) ومسلم رقم (13/ 884) وأبو داود رقم (1159) والترمذي رقم (537) والنسائي (1588) وابن ماجه رقم (1291). وهو حديث صحيح.
(9)
في سننه رقم (537). وقد تقدم.
(10)
في سننه رقم (1291). وقد تقدم.
بَعْدَها، وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَالترْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ
(2)
. [صحيح]
وَللْبُخَارِيُّ
(3)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَرِهَ الصَّلاةَ قَبْلَ العِيدِ). [أثر صحيح]
24/ 1293 - (وَعَنْ أبي سَعِيدٍ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أنه كانَ لا يُصَلِّي قَبْلَ العِيدِ شَيْئًا، فإذَا رَجَعَ إلى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
(4)
وأحْمَدُ
(5)
بِمَعْنَاهُ) [حسن]
حديث ابن عمر أخرجه أيضًا الحاكم
(6)
وهو صحيح كما قال الترمذي
(7)
.
وله طريق أخرى عند الطبراني في الأوسط
(8)
، وفيها جابر الجعفي
(9)
وهو متروك.
وحديث أبي سعيد أخرجه أيضًا الحاكم
(10)
وصححه، وحسنه الحافظ في الفتح
(11)
.
(1)
في المسند (2/ 57).
(2)
في سننه رقم (538) وقال: حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 177) والحاكم (1/ 295) وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
والخلاصة: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(3)
في صحيحه رقم (2/ 476 رقم الباب 26 - مع الفتح) معلقًا. وهو أثر صحيح.
(4)
في سننه رقم (1293).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 423): "هذا إسناد حسن"، وفي الزوائد:"إسناده صحيح ورجاله ثقات".
(5)
في المسند (3/ 54) بسند صحيح.
والخلاصة: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(6)
في المستدرك (1/ 295) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(7)
في السنن (2/ 419).
(8)
في الأوسط رقم (7827) وقال: لم يروه عن أبي بكر إلا أبانٌ ولا عن أبان إلا الفضل.
(9)
قلت: ليس في هذه الطريق جابر الجعفي.
(10)
في المستدرك (1/ 297) وقال: هذه سنة عزيزة بإسناد صحيح ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(11)
(2/ 476).
وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل
(1)
وفيه مقال.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند ابن ماجه
(2)
بنحو حديث ابن عباس.
وعن عليّ عند البزار
(3)
من طريق الوليد بن سريع [عن]
(4)
مولى عمرو بن حريث قال: "خرجنا مع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب في يوم عيد، فسأله قوم من أصحابه عن الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها، فلم يردّ عليهم شيئًا، ثم جاء قوم فسألوه فما ردّ عليهم شيئًا، فلما انتهينا إلى الصلاة فصلى بالناس فكبر سبعًا وخمسًا ثم خطب الناس ثم نزل فركب، فقالوا: يا أمير المؤمنين هؤلاء قوم يصلون، قال: فما عسيت أن أصنع سألتموني عن السنة، إن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يصلّ قبلها ولا بعدها، فمن شاء فعل ومن شاء ترك، أتروني أمنع قومًا يصلون فأكون بمنزلة من منع عبدًا إذا صلى؟ ".
(1)
عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد المدني، أمه زينب بنت علي: صدوق في حديثه لين، ويقال: تغير بأخرَةٍ، من الرابعة
…
[التقريب رقم الترجمة (3592)].
(2)
في سننه رقم (1292).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 423): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، .... " اهـ.
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(3)
في المسند (2/ 129 - 130 رقم 487).
وأورده الهيثمي في "كشف الأستار" رقم (654) وفي "مجمع الزوائد"(2/ 203) وقال: "رواه البزار، وقال: لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد. قلت: وفيه من لم أعرفه".
(4)
ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط (أ) و (ب). وأيضًا من مسند البزار، وكذلك في كشف الأستار. والدليل على ذلك:
- أن البزار ذكر هذا الحديث تحت ترجمة "عمرو بن حريث عن علي" ويقول في آخره: "لا نعلمه يروى عن علي إلا من هذا الوجه متصلًا".
- لم يذكر الحافظ المزي في "تهذيب الكمال"(31/ 14) أن للوليد بن سريع رواية عن علي.
- الوليد بن سريع يروي عن عمرو بن حريث كما ذكر المزي في "تهذيب الكمال"(31/ 14).
وذهب إلى ذلك الشيخ محفوظ الرحمن في تحقيقه لمسند البزار.
قال العراقي: وفي إسناده إبراهيم بن محمد بن النعمان الجعفي لم أقف على حاله وباقي رجاله ثقات.
وعن ابن مسعود عند الطبراني في الكبير
(1)
قال: "ليس من السنة الصلاة قبل خروج الإمام يوم العيد"، ورجاله ثقات.
وعن كعب بن عجرة عند الطبراني في الكبير (2) أيضًا من طريق عبد الملك بن كعب بن عجرة قال: "خرجت مع كعب بن عجرة يوم العيد إلى المصلى، فجلس قبل أن يأتي الإمام ولم يصلّ حتى انصرف الإِمام والناس ذاهبون كأنهم عنق نحو المسجد، فقلت: ألا ترى؟ فقال: هذه بدعة وترك للسنة".
وفي رواية
(2)
له: "أن كثيرًا مما يرى جفاء وقلة علم، إن هاتين الركعتين سبحة هذا ليوم حتى تكون الصلاة تدعوك"، وإسناده جيد كما قال العراقي.
وعن ابن أبي أوفى عند الطبراني في الكبير
(3)
أيضًا أنه أخبر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصلّ قبل العيد ولا بعدها"، وفي إسناده فَائِد أبي الوَرْقَاء
(4)
وهو متروك.
قوله: (لم يصلّ قبلها ولا بعدها)، فيه: وفي بقية أحاديث الباب دليل على كراهة الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها.
(1)
في المعجم الكبير (ج 17 رقم 692) من حدث أبي مسعود.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 202): وقال: ورجاله ثقات.
(2)
(ج 19 رقم 325 و 326).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 202 - 203) وقال: رواهما الطبراني وعبد الملك ذكره ابن حبان في الثقات".
(3)
أي للطبراني في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 202) وقال الهيثمي: وفيه فائد متروك.
(4)
فَائِد أبو الوَرْقَاء: هو فائد بن عبد الرحمن العطار الكوفي، قال البخاري: عن ابن أبي أوفى، منكر الحديث تركه أحمد والناس. وروى عباس عن يحيى: ضعيف. وقال ابن عدي: مع ضعفه يكتب حديثه.
التاريخ الكبير (7/ 132) والمجروحين (2/ 203) والجرح والتعديل (7/ 83) الكاشف (2/ 325) والمغني (2/ 508) والميزان (3/ 339) والتقريب (2/ 106) والخلاصة ص 307.
وإلى ذلك ذهب أحمد بن حنبل، قال ابن قدامة
(1)
: وهو مذهب ابن عباس
(2)
وابن عمر
(3)
.
قال
(4)
: وروي ذلك عن عليّ
(5)
وابن مسعود (6) وحذيفة
(6)
وبريدة وسلمة بن الأكوع
(7)
وجابر
(8)
وابن أبي أوفى (8)، وقال به: شريح (8) وعبد الله بن مغفل (8) ومسروق
(9)
والضحاك
(10)
والقاسم (11) وسالم
(11)
ومعمر (12) وابن جريج
(12)
والشعبي ومالك
(13)
. وروي عن مالك أنه قال: لا يتطوّع في المصلى قبلها ولا بعدها، وله في المسجد روايتان.
(1)
في المغني (3/ 280).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه تعليقًا (2/ 476 رقم الباب 26 - مع الفتح) عن ابن عباس أنه كره الصلاة قبل العيد. وهو أثر صحيح.
(3)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 266 ث 2134) عن نافع أن ابن عمر لم يكن يصلي يوم الفطر قبل الصلاة ولا بعدها.
وأخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 181 رقم 10) والفريابي في "أحكام العيدين" رقم (158).
وهو أثر صحيح.
(4)
أي ابن قدامة في المغني (3/ 280).
(5)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 266 ث 2138) عن محمد بن علي أن عليًا كان لا يتطوع قبل العيدين ولا بعدهما. وكذلك تقدم ما أخرجه البزار برقم (487) عنه.
(6)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 266 ث 2135) عن أبي التياح ومعاوية بن قرة: أن ابن مسعود، وحذيفة، كانا ينهيان الناس يوم العيد عن الصلاة قبل خروج الإمام.
(7)
أخرج الفريابي في "أحكام العيدين" رقم (170) عن يزيد بن أبي عبيد. قال: "خرجت أقود سلمة بن الأكوع يوم عيد، فشهد صلاة الصبح مع الإمام في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرجنا إلى المصلى، ثم انصرفنا إلى بيوتنا، ولم نرجع إلى المسجد" بسند صحيح.
(8)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 266 ث 2136) عن الشعبي قال: رأيت ابن أبي أوفى، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وشريحًا وابن معقل لا يصلون قبل العيد ولا بعده".
(9)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 178) وعبد الرزاق (3/ 273 رقم 5608) من طريق الشعبي قال: كنت بين مسروق وشريح في يوم عيد فلم يصليا قبلها ولا بعدها.
(10)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 178) عن سلمة عن الضحاك، قال: لا صلاة قبلها ولا بعدها.
(11)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 267).
(12)
قال عبد الرزاق في المصنف (3/ 276 رقم 5624): ورأيت ابن جريج ومعمرًا لا يصليان قبلها ولا بعدها.
(13)
المدونة (1/ 170).
وقال الزهري
(1)
: لم أسمع أحدًا من علمائنا يذكر أن أحدًا من سلف هذه الأمة كان يصلي قبل تلك الصلاة ولا بعدها.
قال ابن قدامة
(2)
: وهو إجماع كما ذكرنا عن الزهري وعن غيره، انتهى.
ويردّ دعوى الإجماع ما حكاه الترمذي
(3)
عن طائفة من أهل العلم من الصحابة وغيرهم: أنهم رأوا جواز الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها.
وروى ذلك العراقي عن أنس بن مالك
(4)
، وبريدة بن الحصيب
(5)
، ورافع بن خديج (6)، وسهل بن سعد
(6)
، وعبد الله بن مسعود
(7)
، وعليّ بن أبي طالب
(8)
، وأبي برزة
(9)
.
قال: وبه قال من التابعين: إبراهيم النخعي
(10)
، وسعيد بن جبير
(11)
،
(1)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 275 رقم 5615) عن معمر عن الزهري قال: ما علمنا أحدًا كان يصلي قبل خروج الإمام يوم العيد ولا بعده.
(2)
في المغني (3/ 282).
(3)
في سننه رقم (2/ 418).
(4)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 267 ث 2139) عن أيوب قال: رأيت أنس بن مالك، والحسن، يصليان قبل العيد.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 180) وعبد الرزاق رقم (5601).
(5)
قال البيهقي في "المعرفة"(5/ 93 رقم 6953): وروينا عن ابن بُريدة، قال: كان بريدة يصلي يوم الفطر، ويوم النحر قبل الإمام.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 304).
(6)
قال البيهقي في "المعرفة"(5/ 92 رقم 6945): قال الشافعي في الأم (2/ 500 رقم 530): وروي عن سهل بن سعد، وعن رافع بن خديج، أنه كان يصلي قبل العيد وبعده.
(7)
أخرج ابن أبي شيبة (2/ 179): عن إبراهيم عن علقمة، وأصحاب عبد الله أنهم كانوا يصلون بعد العيد أربعًا.
(8)
أخرج الشافعي في الأم (2/ 500 رقم 531) عن محمد بن علي بن الحنفية، عن أبيه، قال: كنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر والأضحى لا نصلي في المسجد حتى نأتي المصلى، فإذا رجعنا مررنا بالمسجد فصلينا فيه.
(9)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 180) عن قتادة أن أبا برزة كان يصلي في العيد قبل.
(10)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 179 - 180) عن الحكم عن إبراهيم قال: كفاك بقول عبد الله يعني في الصلاة بعد العيد.
(11)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 179) عن أبي إسحاق قال: كان سعيد بن جبير، وإبراهيم، وعلقمة يصلون بعد العيد أربعًا.
والأسود بن يزيد
(1)
، وجابر بن زيد (2)، والحسن البصري (2)، وأخوه سعيد بن أبي الحسن
(2)
، وسعيد بن المسيب، وصفوان بن محرز
(3)
، وعبد الرحمن بن أبي ليلى
(4)
، وعروة بن الزبير، وعلقمة
(5)
، والقاسم بن محمد
(6)
، ومحمد بن سيرين
(7)
، ومكحول
(8)
، وأبو بردة، ثم ذكر من روى ذلك عن الصحابة المذكورين من أئمة الحديث.
قال: وأما أقوال التابعين فرواها ابن أبي شيبة
(9)
وبعضها في المعرفة
(10)
للبيهقي، انتهى.
ومما يدلّ على فساد دعوى ذلك الإجماع ما رواه ابن المنذر
(11)
عن أحمد أنه قال: الكوفيون يصلون بعدها لا قبلها، والبصريون يصلون قبلها لا بعدها، والمدنيون لا قبلها ولا بعدها.
قال في الفتح
(12)
: وبالأوّل قال الأوزاعي (13) والثوري
(13)
والحنفية
(14)
.
(1)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 180) عن الحكم عن الأسود أنه كان يصلي يوم العيد قبل خروج الإمام.
(2)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 180) عن التيمي أنه رأى أنسًا والحسن، وسعيد بن أبي الحسن، وجابر بن زيد يصلون قبل خروج الإمام في العيدين.
(3)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 180) عن خالد الأحدب عن عمه صفوان بن محرز، قال: كانت صلاة صفوان يوم الفطر والنحر عشر ركعات قبل خروج الإمام وركعتين بعد الإمام.
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 179) عن يزيد بن أبي زياد قال: رأيت إبراهيم، وسعيد بن جبير، ومجاهدًا، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى يصلون بعدها أربعًا.
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 179) عن أبي إسحاق قال: كان سعيد بن جبير، وإبراهيم، وعلقمة يصلون بعد العيد أربعًا.
(6)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 267).
(7)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 179) عن عاصم قال: رأيت الحسن وابن سيرين يصليان بعد العيد ويطيلان القيام.
(8)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 180) عن برد عن مكحول أنه كان يصلي يوم الفطر والنحر قبل خروج الإمام.
(9)
في المصنف (2/ 179 - 180).
(10)
في معرفة السنن والآثار (5/ 90 - 93).
(11)
في الأوسط (4/ 267).
(12)
(2/ 476).
(13)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 269).
(14)
البناية في شرح الهداية (3/ 122).
وبالثاني قال الحسن البصري
(1)
وجماعة.
وبالثالث قال الزهري
(2)
وابن جريج
(3)
وأحمد
(4)
.
وأما مالك
(5)
فمنعه في المصلى، وعنه في المسجد روايتان، انتهى.
وحمل الشافعي
(6)
أحاديث الباب على الإِمام قال: فلا يتنفل قبلها ولا بعدها.
وأما المأموم فمخالف له في ذلك، نقل ذلك عنه البيهقي
(7)
في المعرفة وهو نصه في الأمّ
(8)
.
وقال النووي في شرح مسلم
(9)
: قال الشافعي
(10)
وجماعة من السلف: لا كراهة في الصلاة قبلها ولا بعدها.
قال الحافظ
(11)
: أن حمل كلامه على المأموم وإلا فهو مخالف لنصّ الشافعي.
وقد أجاب القائلون بعدم كراهة الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها عن أحاديث الباب بأجوبة.
(منها): جواب الشافعي المتقدم.
(ومنها): ما قاله العراقي في شرح الترمذي من أنه ليس فيها نهي عن الصلاة في هذه الأوقات.
(1)
أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 180) وعبد الرزاق في المصنف (3/ 271) من طريق التيمي أنه رأى أنسًا، والحسن، وسعيد بن أبي الحسن وجابر بن زيد يصلون قبل خروج الإمام في العيدين.
(2)
أخرج له عبد الرزاق في المصنف (3/ 275 رقم 5615) عن معمر عنه قال: ما علمنا أحدًا كان يصلي قبل خروج الإمام يوم العيد ولا بعده.
(3)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 276 رقم 5624) قال عبد الرزاق: ورأيت ابن جريج ومعمرًا لا يصليان قبلها ولا بعدها.
(4)
مسائل أحمد لأبي داود (60) ومسائل أحمد لابنه عبد الله (128).
(5)
المدونة (1/ 170).
(6)
الأم (2/ 498 - 499).
(7)
في معرفة السنن والآثار (5/ 91 رقم (6941).
(8)
(2/ 499).
(9)
(6/ 181).
(10)
في الأم (2/ 499).
(11)
في الفتح (2/ 476).
ولكن لما كان صلى الله عليه وسلم يتأخر مجيئه إلى الوقت الذي يصلي بهم فيه ويرجع عقب الخطبة روى عنه من روى من أصحابه: أنه كان لا يصلي قبلها ولا بعدها.
ولا يلزم من تركه لذلك - لاشتغاله بما هو مشروع في حقه من التأخر إلى وقت الصلاة - أن غيره لا يشرع ذلك له ولا يستحبّ.
قد روى عنه غير واحد من الصحابة
(1)
: "أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي الضحى" وصحّ ذلك عنهم.
وكذلك لم ينقل عنه أنه: صلى الله عليه وسلم صلى سنة الجمعة قبلها، لأنه إنما كان يؤذّن للجمعة بين يديه وهو على المنبر.
قال البيهقي
(2)
: يوم العيد كسائر الأيام والصلاة مباحة إذا ارتفعت الشمس حيث كان المصلى.
ويدلّ على عدم الكراهة حديث أبي ذرّ قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "الصلاة خير موضوع، فمن شاء استكثر ومن شاء استقلّ"، رواه ابن حبان في صحيحه
(3)
والحاكم
(4)
في صحيحه.
قال الحافظ في الفتح
(5)
: والحاصل أن صلاة العيد لم تثبت لها سنة قبلها ولا بعدها خلافًا لمن قاسها على الجمعة.
وأما مطلق النفل فلم يثبت فيه منع بدليل خاصّ إلا إن كان ذلك في وقت الكراهة في جميع الأيام، انتهى.
(1)
أخرج البخاري في صحيحه رقم (1128) ومسلم رقم (718) عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل، وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم، وما صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها".
(2)
في السنن الكبرى (3/ 304).
(3)
رقم (361) مطولًا والشاهد في صدر الحديث.
(4)
في المستدرك (2/ 597).
وأخرج صدر الحديث الذي فيه الصلاة والصوم والصدقة وآية الكرسي وعدد الأنبياء، أحمد في المسند (9/ 180) والبزار رقم (160 - كشف) من طريق المسعودي، عن أبي عمر الشامي، عن عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 160) وقال: فيه المسعودي، وهو ثقة لكنه اختلط.
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
(2/ 472).
وكذا قال العراقي في شرح الترمذي، وهو كلام صحيح جار على مقتضى الأدلة فليس في الباب ما يدلّ على منع مطلق النفل ولا على منع ما ورد فيه دليل يخصه كتحية المسجد، إذا أقيمت صلاة العيد في المسجد.
وقد قدمنا الإشارة إلى مثل هذا في باب تحية المسجد
(1)
.
نعم في التلخيص
(2)
ما لفظه: وروى أحمد
(3)
من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "لا صلاة يوم العيد قبلها ولا بعدها"، فإن صحّ هذا كان دليلًا على المنع مطلقًا لأنه نفي في قوّة النهي، وقد سكت عليه الحافظ فينظر فيه.
قوله: (فجعلت المرأة) المراد بالمرأة جنس النساء.
قوله: (تصدّق بخرصها) هو الحلقة الصغيرة من الحليّ. وفي القاموس
(4)
: الخرص بالضمّ ويكسر: حلقة الذهب والفضة أو حلقة القرط أو الحلقة الصغيرة من الحليّ، انتهى.
قوله: (وسخابها)
(5)
بسين مهملة مكسورة بعدها خاء معجمة: وهو خيط تنظم فيه الخرزات. وفي القاموس
(6)
: إن السخاب ككتاب: قلادة من سكّ وقرنفل ومحلب بلا جوهر، انتهى.
ولهذا الحديث ألفاظ مختلفة، وفيه استحباب وعظ النساء وتعليمهنّ أحكام
(1)
عند الحدث رقم (963) من كتابنا هذا.
(2)
التلخيص الخبير (2/ 168).
(3)
في المسند (2/ 180) بسند حسن.
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (1292) وهو حديث حسن.
ويشهد له الأحاديث المتقدمة برقم (22/ 1291) و (23/ 1292) و (24/ 1293) من كتابنا هذا.
قلت: والراجح ما ذهب إليه القائلون بعدم الصلاة قبلها أو بعدها لصحة الأحاديث، والله أعلم.
(4)
القاموس المحيط ص 794.
(5)
قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 349): هو خيط ينظم فيه خرز ويلبسه الصَّبيان والجواري. وقيل: هو قلادة تتخذ من قرنفل ومَحْلب وسُكّ ونحوه وليس فيها من اللؤلؤ والجواهر شيء.
(6)
القاموس المحيط ص 123.
الإسلام وتذكيرهنّ بما يجب عليهنّ، واستحباب حثهنّ على الصدقة وتخصيصهن بذلك في مجلس منفرد.
[الباب التاسع] باب خطبة العيد وأحكامها
25/ 1294 - (عَنْ أبي سَعِيدٍ قالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالأضْحَى إلى المُصَلَّى، وأوَّلُ شَيْءٍ يَبْدأُ بِهِ الصَّلاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ على صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظُهُمْ ويُوَصِّيهِمْ ويأمُرُهُمْ، وَإنْ كانَ يُرِيدُ أنْ يَقْطَعَ بَعْثًا أوْ يأمُرَ بِشَيْءٍ أمَرَ بِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(1)
. [صحيح]
قوله: (إلى المصلى) هو موضع بالمدينة معروف.
وقال في الفتح
(2)
: بينه وبين باب المسجد ألف ذراع، قاله عمر بن شبة في "أخبار المدينة"
(3)
عن أبي غسان الكناني صاحب مالك.
قوله: (وأوّل شيء يبدأ به الصلاة)، فيه أن السنة تقديم الصلاة على الخطبة، وقد تقدم الكلام على ذلك مبسوطًا.
قوله: (ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس)، في رواية ابن حبان
(4)
: "فينصرف إلى الناس قائمًا في مصلاه"، ولابن خزيمة
(5)
في رواية مختصرة: "خطب يوم عيد على رجليه".
قوله: (فيعظهم ويوصيهم)، فيه استحباب الوعظ والتوصية في خطبة العيد.
قوله: (وإن كان يريد أن يقطع بعثًا)، أي يخرج طائفة من الجيش إلى جهة من الجهات.
وهذا الحديث يدلّ على أنه لم يكن في المصلى في زمانه صلى الله عليه وسلم منبر.
ويدلّ على ذلك ما عند البخاري (1) وغيره في هذا الحديث أن أبا سعيد
(1)
أحمد في المسند (3/ 36، 42) والبخاري رقم (956) ومسلم رقم (9/ 889).
قلت: وأخرجه: أبو يعلى رقم (1343) وابن حبان رقم (3321) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 297) وابن خزيمة رقم (1449) والنسائي (3/ 187) وابن ماجه رقم (1288) وابن أبي شيبة (2/ 188).
(2)
في الفتح (2/ 449).
(3)
(1/ 136).
(4)
في صحيحه رقم (3321).
(5)
في صحيحه رقم (1449).
قال: "فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر؛ فلما أتينا المصلى إذ منبر بناه كثير بن الصلت" الحديث.
26/ 1295 - (وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهابٍ قالَ: أخْرَجَ مَرْوَانُ المِنْبَرَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَبَدأ بالخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلاةِ، فَقامَ رَجُلٌ فَقالَ: يا مَرْوَانُ خالَفْتَ السُّنَّةَ أخْرَجْتَ المِنْبَرَ فِي يَوْمِ عِيدٍ وَلَمْ يَكُنْ يُخْرَجُ فِيهِ، وَبَدأتَ بالخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلاةِ، فَقالَ أبو سَعِيدٍ: أمَّا هَذَا فَقَدْ أدَّى ما عَلَيْهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنْ رأى مُنْكرًا فاسْتَطاعَ أنْ يُغَيِّرَهُ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلسَانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ
(2)
وأَبُو دَاوُدَ
(3)
وَابْنُ ماجَهْ)
(4)
. [صحيح]
قوله: (أخرج مروان المنبر، إلخ)، هذا يؤيد ما مرّ من أن مروان أوّل من فعل ذلك. ووقع في المدوّنة لمالك
(5)
.
ورواه عمر بن شبة
(6)
عن أبي غسان عنه. قال: أوّل من خطب الناس في المصلى على منبر: عثمان بن عفان.
قال الحافظ
(7)
: يحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك مرّة ثم تركه حتى أعاده مروان.
قوله: (فبدأ بالخطبة قبل الصلاة)، قد قدمنا الكلام على هذا في باب صلاة العيد قبل الخطبة.
وقد اعتذر مروان عن فعله لما قال له أبو سعيد: غيرتم والله، كما في البخاري
(8)
بقوله: "إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبلها".
(1)
في المسند (3/ 10).
(2)
في صحيحه رقم (78/ 49).
(3)
في سننه رقم (1140) و (4340).
(4)
في سننه رقم (1275) و (4013).
قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (1203) وابن حبان رقم (307) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 296 - 297) والنسائي (8/ 112) من طريقين وهو حديث صحيح.
(5)
المدونة (1/ 168 - 169).
(6)
في أخبار المدينة (1/ 136).
(7)
في الفتح (2/ 449) و (2/ 452).
(8)
في صحيحه رقم (956).
قال في الفتح
(1)
: وهذا يشعر بأن مروان فعل ذلك باجتهاد منه.
وقال
(2)
في موضع آخر: لكن قيل: إنهم كانوا في زمن مروان يتعمدون ترك سماع الخطبة لما فيها من سبّ من لا يستحقّ السبّ والإفراط في مدح بعض الناس، فعلى هذا إنما راعى مصلحة نفسه.
قوله: (فقام رجل)، في المهمات: أنه عمارة بن رؤيبة.
وقال في الفتح
(3)
: يحتمل أن يكون هو أبا مسعود كما في رواية عبد الرزاق
(4)
.
وفي البخاري
(5)
ومسلم
(6)
: أن أبا سعيد أنكر على مروان أيضًا، فيمكن أن يكون الإنكار من أبي سعيد وقع في أوّل الأمر ثم تعقبه الإِنكار من الرجل المذكور.
ويؤيد ذلك ما عند البخاري
(7)
في حديث أبي سعيد بلفظ: "فإذا مروان يريد أن يرتقيه، يعني المنبر قبل أن يصلي فجبذت بثوبه فجذبني، فارتفع فخطب فقلت له: غيرتم والله، فقال: يا أبا سعيد قد ذهب ما تعلم، فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم".
وفي مسلم
(8)
: "فإذا مروان ينازعني يده كأنه يجرّني نحو المنبر وأنا أجرّه نحو الصلاة؛ فلما رأيت ذلك منه قلت: أين الابتداء بالصلاة؟ فقال: لا يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم، فقلت: كلا والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم، ثلاث مرات ثم انصرف".
والحديث فيه مشروعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد إن استطاع ذلك، وإلا فباللسان وإلا فبالقلب، وليس وراء ذلك من الإيمان شيء.
(1)
(2/ 450).
(2)
أي الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 450).
(3)
(2/ 450).
(4)
في المصنف رقم (5648).
(5)
في صحيحه رقم (956).
(6)
في صحيحه رقم (889).
(7)
في صحيحه رقم (956).
(8)
في صحيحه رقم (9/ 889).
27/ 1296 - (وَعَنْ جابِرٍ قالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم العِيدِ، فَبَدأ بالصَّلاةِ قَبْلَ الخُطْبَةِ بِغَيْرِ أذَانٍ وَلا إقامَةٍ، ثمَّ قامَ مُتَوكِّئًا على بِلالٍ، فأمَرَ بِتَقْوَى الله، وَحَثَّ على طاعته وَوَعَظَ النَّاس وَذَكَّرَهُمْ، ثُمَّ مَضَى حتَّى أتى النِّساءَ، فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ
(1)
وَالنَّسَائي
(2)
.
وَفي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ
(3)
: فَلَمَّا فَرَغَ نَزَل فأتى النِّساءَ فَذَكَّرَهُنَّ). [صحيح]
الحديث فيه تقديم صلاة العيد على الخطبة وترك الأذان والإقامة لصلاة العيد، وقد تقدم بسط ذلك.
وفيه استحباب الوعظ والتذكير في خطبة العيد، واستحباب وعظ النساء وتذكيرهنّ وحثهنّ على الصدقة إذا لم يترتب على ذلك مفسدة وخوف فتنة على الواعظ أو الموعوظ أو غيرهما.
وفيه أيضًا تمييز مجلس النساء إذا حضرن مجامع الرجال، لأن الاختلاط ربما كان سببًا للفتنة الناشئة عن النظر أو غيره.
قوله: (فلما فرغ نزل)، قال القاضي عياض
(4)
: هذا النزول كان في أثناء الخطبة.
قال النووي
(5)
: وليس كما قال إنما نزل إليهنّ بعد خطبة العيد وبعد انقضاء وعظ الرجال، وقد ذكره مسلم
(6)
صريحًا في حديث جابر كما في اللفظ الذي أورده المصنف وهو صريح أنه أتاهنّ بعد فراغ خطبة الرجال.
(1)
في صحيحه رقم (4/ 885).
(2)
في سننه رقم (1575).
(3)
في صحيحه رقم (3/ 885).
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1460) والدارقطني (2/ 46 - 47). والدارمي رقم (1651) والفريابي في أحكام العيدين رقم (98) و (99). وأبو يعلى رقم (2033) وأبو نعيم في الحلية (3/ 324) والبيهقي (3/ 300). من طريق.
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(4)
في إكمال العلم بفوائد مسلم (3/ 290).
(5)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 172).
(6)
في صحيحه رقم (3/ 885).
قال المصنف
(1)
رحمه الله: وقوله: "نزل"، دلّ على أن خطبته كانت على شيء عال، انتهى.
28/ 1297 - (وَعَنْ سَعْدٍ المُؤَذّنِ قالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكَبّرُ بَيْنَ أضْعافِ الخُطْبَةِ، يُكْثِرُ التَّكْبِيرَ فِي خُطْبَةِ العِيدَيْنِ. رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ)
(2)
. [ضعيف]
29/ 1298 - (وَعَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُتْبَةَ قالَ: السُّنَّةُ أنْ يَخْطُبَ الإِمامُ فِي العِيدَيْنِ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ)
(3)
. [مرسل بسند ضعيف]
الحديث الأوَّل هو من رواية عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد القرظ المؤذّن، عن أبيه عن جده، وعبد الرحمن ضعيف.
وقد أخرج نحوه البيهقي
(4)
من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: "السنة أن تفتتح الخطبة بتسع تكبيرات تترى، والثانية بسبع تكبيرات تترى".
وأخرجه ابن أبي شيبة
(5)
من وجه آخر عن عبيد الله، وعبيد الله المذكور أحد فقهاء التابعين وليس قول التابعي: من السنة، ظاهرًا في سنة النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقد قال باستحباب التكبير على الصفة المذكورة في الخطبة كثير من أهل العلم.
(1)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(2/ 44).
(2)
في سننه رقم (1287).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 422): "هذا إسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن وأبيه وتقدم الكلام عليه غير مرة".
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(3)
في المسند (463 - ترتيب).
في سنده إبراهيم بن عبد الله متروك. وعبيد الله بن عبد الله تابعي، فقوله: من السنة كذا يعد مرسلًا.
والخلاصة: أنه مرسل بسند ضعيف، والله أعلم.
(4)
في السنن الكبرى (3/ 299 - 300) مرسل بسند ضعيف أيضًا.
(5)
في المصنف (2/ 190) مرسلًا أيضًا.
قال ابن القيم
(1)
: وأما قول كثير من الفقهاء: إنه تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار وخطبة العيدين بالتكبير فليس معهم فيها سنة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم البتة، والسنة تقتضي خلافه وهو افتتاح جميع الخطب بالحمد.
والحديث الثاني يرجحه القياس على الجمعة. وعبيد الله بن عبد الله تابعي كما عرفت فلا يكون قوله: "من السنة" دليلًا على أنها سنة النبيّ صلى الله عليه وسلم كما تقرّر في الأصول
(2)
.
وقد ورد في الجلوس بين خطبتي العيد حديث مرفوع رواه ابن ماجه
(3)
عن جابر، وفي إسناده إسماعيل بن مسلم
(4)
وهو ضعيف.
30/ 1299 - (وَعَنْ عَطاءٍ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ السَّائِبِ قالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم العِيدَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ قالَ:"إِنَّا نَخْطُبُ فَمَنْ أحَبَّ أنْ يَجْلِسَ للْخُطْبَة فَلْيَجْلِسْ، وَمَنْ أحَبَّ أنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ"، رَوَاهُ النَّسائيّ
(5)
وَابْنُ ماجَهْ
(6)
وأبُو دَاوُدَ)
(7)
. [صحيح]
الحديث قال أبو داود
(8)
: هو مرسل.
(1)
في زاد المعاد (1/ 431).
(2)
قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" ص 233 - 234: "وأما التابعي إذا قال من السنة كذا فله حكيم مراسيل التابعين، هذا أرجح ما يقال فيه
…
" اهـ. وانظر: المسودة (ص 294 - 295) وتيسير التحرير (3/ 69) والكوكب المنير (2/ 490).
(3)
في سننه رقم (1289).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 422 رقم 449/ 1289): "هذا إسناد فيه إسماعيل بن مسلم؛ وقد أجمعوا على ضعفه وأبو بحر ضعيف.
وقال الألباني: منكر سندًا ومتنًا، والمحفوظ أن ذلك في خطبة الجمعة، ومن حديث جابر بن سمرة.
(4)
إسماعيل بن مسلم المكي، قال أبو زرعة: بصري ضعيف سكن مكة. قال أحمد وغيره: منكر الحديث. وقال النسائي وغيره: متروك.
التاريخ الكبير (1/ 372) والمجروحين (1/ 120) والجرح والتعديل (2/ 198) والكاشف (1/ 78) والمغني (1/ 87) والميزان (1/ 248) والتقريب (1/ 74) والخلاصة ص 36.
(5)
في سننه رقم (1571).
(6)
في سننه رقم (1290).
(7)
في سننه رقم (1155).
(8)
في السنن (1/ 683).
وقال النسائي
(1)
: هذا خطأ، والصواب أنه مرسل.
وفيه أن الجلوس لسماع خطبة العيد غير واجب.
قال المصنف
(2)
رحمه الله: وفيه بيان أن الخطبة سنة، إذ لو وجبت وجب الجلوس لها، انتهى.
وفيه أن تخيير السامع لا يدلّ على عدم وجوب الخطبة بل على عدم وجوب سماعها، إلا أن يقال إنه يدلّ من باب الإشارة، لأنه إذا لم يجب سماعها لا يجب فعلها، وذلك لأن الخطبة خطاب، ولا خطاب إلا لمخاطب، فإذا لم يجب السماع على المخاطب لم يجب الخطاب.
وقد اتفق الموجبون لصلاة العيد وغيرهم على عدم وجوب خطبته ولا أعرف قائلًا يقول بوجوبها.
[الباب العاشر] باب استحباب الخطبة يوم النحر
31/ 1300 - (عَنِ الهِرْماس بْن زياد قالَ: رأيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ على ناقَتِه العَضْباء يَوْمَ الأضْحَى بِمِنًى. رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
وأبُو دَاوُدَ)
(4)
[حسن]
= قلت: وأخرجه الفريابي في "أحكام العيدين رقم (10) وابن الجارود في المنتقى رقم (264) والبيهقي (3/ 301) والحاكم (1/ 295) وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(1)
حكاه المزي في "تحفة الإشراف"(4/ 347) عقب رواية الفضل عن النسائي. قال الألباني في "صحيح أبي داود"(4/ 320 - 321): "قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين، وإنما أعله المصنف بالإرسال؛ لأن غير الفضل رواه عن ابن جريج عن عطاء مرسلًا .... به، لم يذكر في سنده: ابن السائب: لكن الفضل أوثق منه، وقد وصله، وهي زيادة منه، فهي مقبولة، وقد شرحت هذا في "إرواء الغليل" رقم (629) "اهـ.
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(2)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(2/ 44).
(3)
في المسند (3/ 485).
(4)
في السنن رقم (1954).
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (2953) وابن حبان رقم (3875) والبخاري في التاريخ الكبير (8/ 246) والنسائي في السنن الكبرى (4/ رقم 4080) وهو حديث حسن.
32/ 1301 - (وَعَنْ أبي أُمامةَ قالَ: سَمِعْتُ خُطْبَةَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(1)
. [صحيح]
33/ 1302 - (وَعَنْ عَبْدِ الرحْمنِ بْنِ مُعاذٍ [التَّيمِي]
(2)
قالَ: خَطَبَنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِمِنًى، فَفُتِحَتْ أسْماعُنَا حتَّى كُنَّا نَسْمَعُ ما يَقُول وَنحْنُ فِي مَنَازِلَنَا، فَطَفِقَ يُعَلِّمُهُمْ مَنَاسِكَهُمْ حَتَّى بَلَغَ الجِمارَ، فَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: بَحَصَى الخَذْفِ، ثُم أمَرَ المُهاجِرِين فَنَزَلُوا فِي مُقَدمِ المَسْجِدِ، وأمَرَ الأنْصَارَ فَنَزَلُوا مِنْ وَرَاءِ المَسْجِدِ، ثُمَّ نَزَلَ النَّاسُ بَعْدَ ذلكَ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(3)
وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاه)
(4)
. [صحيح]
الأحاديث الثلاثة سكت عنها أبو داود
(5)
والمنذري
(6)
، ورجال إسناد الحديث الأوَّل ثقات، وكذلك رجال إسناد الحديث الثاني، وكذلك رجال إسناد الحديث الثالث.
وفي الباب عن رافع بن عمرو المزني عند أبي داود
(7)
والنسائي
(8)
.
وعن أبي سعيد عند النسائي
(9)
وابن ماجه
(10)
وابن حبان
(11)
وأحمد
(12)
.
(1)
في سننه رقم (1955).
وهو حديث صحيح.
(2)
في المخطوط (أ) و (ب): (التميمي) والصواب ما أثبتناه من مصادر تخريج الحديث.
(3)
في سننه رقم (1957).
(4)
في سننه رقم (2996).
وهو حديث صحيح.
(5)
في السنن (1/ 684).
(6)
في المختصر (2/ 411).
(7)
في سننه رقم (1956).
(8)
في السنن الكبرى (4/ 190 - 191 رقم 4079).
وهو حديث صحيح.
(9)
في المجتبى (3/ 187 رقم 1576) وفي السنن الكبرى (2/ 307 رقم 1798).
(10)
في السنن رقم (1288).
(11)
في صحيحه رقم (3321).
(12)
في المسند (3/ 36).
وهو حديث صحيح.
وعن ابن عباس عند البخاري
(1)
.
وله
(2)
حديث آخر عند الطبراني
(3)
.
وعن أبي كاهل الأحمسي عند النسائي
(4)
وابن ماجه
(5)
.
وعن أبي بكرة وسيأتي
(6)
.
وعن ابن عمر عند البخاري
(7)
.
وعن ابن عمرو بن العاص عند البخاري
(8)
أيضًا وغيره.
وعن جابر عند أحمد
(9)
.
وعن أبي حرّة الرقاشي عن عمه عند أحمد
(10)
أيضًا.
وعن كعب بن [عاصم]
(11)
عند الدارقطني
(12)
.
وأحاديث الباب تدلّ على مشروعية الخطبة في يوم النحر، وهي تردّ على من زعم أن يوم النحر لا خطبة فيه للحاجّ، وأن المذكور في أحاديث الباب إنما هو من قبيل الوصايا العامة، لا أنه خطبة من شعار الحجّ.
ووجه الردّ أن الرواة سموها خطبة كما سموا التي وقعت بعرفات خطبة.
(1)
في صحيحه رقم (964).
(2)
أي لابن عباس.
(3)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 12294).
(4)
في المجتبى رقم (1573) وفي السنن الكبرى (2/ 306 رقم 1795).
(5)
في سننه رقم (1284).
قلت: وأخرجه أحمد (4/ 306) وابن حبان رقم (3874) والطبراني في الكبير (ج 18 رقم 924) والبيهقي (3/ 298).
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(6)
برقم (34/ 1303) من كتابنا هذا.
(7)
في صحيحه رقم (957).
(8)
في صحيحه رقم (1737)، ومسلم في صحيحه رقم (327/ 1306).
(9)
في المسند (3/ 313) بسند صحيح.
(10)
في المسند (5/ 72 - 73) بسند ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان.
(11)
في المخطوط (أ) و (ب): (عاهم) وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه من الإصابة رقم (7431) وأسد الغابة رقم (4469) والاستيعاب رقم (2222).
(12)
في سننه رقم (2/ 245 رقم 40).
وقد اتفق على مشروعية الخطبة بعرفات، ولا دليل على ذلك إلا ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه خطب بعرفات.
والقائلون بعدم مشروعية الخطبة يوم النحر هم المالكية
(1)
والحنفية
(2)
، وقالوا: خطب الحجّ ثلاث: سابع ذي الحجة، ويوم عرفة، وثاني يوم النحر.
ووافقهم الشافعي
(3)
إلا أنه قال بدل ثاني النحر: ثالثه، وزاد خطبة رابعة وهي يوم النحر.
قال: وبالناس إليها حاجة ليعلموا أعمال ذلك اليوم من الرمي والذبح والحلق والطواف، واستدلّ بأحاديث الباب.
وتعقبه الطحاوي (4) بأن الخطبة المذكورة ليست من متعلقات الحجّ لأنه لم يذكر فيها شيئًا من أعمال الحجّ، وإنما ذكر وصايا عامة كما تقدم.
قال: ولم ينقل أحد أنه علمهم فيها شيئًا مما يتعلق بالحجّ يوم النحر، فعرفنا أنها لم تقصد لأجل الحجّ.
وقال ابن القصار
(4)
: إنما فعل ذلك من أجل تبليغ ما ذكره لكثرة الجمع الذي اجتمع من أقاصي الدنيا، فظنّ الذي رآه أنه خطب.
قال: وأما ما ذكره الشافعي أن بالناس حاجة إلى [تعليمهم]
(5)
أسباب التحلل المذكورة فليس بمتعين؛ لأن الإمام يمكنه أن يعلمهم إياها بمكة أو يوم عرفة، انتهى.
وأجيب بأنه صلى الله عليه وسلم نبه في الخطبة المذكورة على تعظيم يوم النحر وعلى تعظيم عشر ذي الحجة، وعلى تعظيم البلد الحرام.
وقد جزم الصحابة المذكورون بتسميتها خطبة كما تقدم فلا تلتفت إلى تأويل غيرهم.
وما ذكره من إمكان تعليم ما ذكر يوم عرفة، يعكر عليه كونه يرى
(1)
حكاه عنه النووي في المجموع (8/ 118).
(2)
البناية في شرح الهداية (4/ 93).
(3)
المجموع شرح المهذب (8/ 118).
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 577).
(5)
في المخطوط (ب): (تعلمهم).
مشروعية الخطبة ثاني يوم النحر، وكان يمكن أن يعلموا يوم التروية جميع ما يأتي بعده من أعمال الحجّ، لكن لما كان في كل يوم أعمال ليست في غيره، شرع تجديد التعليم بحسب تجدّد الأسباب.
وقد بين الزهري - وهو عالم أهل زمانه - أن الخطبة ثاني يوم النحر نقلت من خطبة يوم النحر، وأن ذلك من عمل الأمراء يعني بني أمية، كما أخرج ذلك ابن أبي شيبة
(1)
عنه، وهذا وإن كان مرسلًا لكنه معتضد بما سبق، وبان به أن السنة الخطبة يوم النحر لا ثانيه.
وأما قول الطحاوي: إنه لم يعلمهم شيئًا من أسباب التحلل، فيردّه ما عند البخاري
(2)
من حديث ابن عمرو بن العاص: "أنه شهد النبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب يوم النحر"، وذكر فيه السؤال عن تقديم بعض المناسك.
وثبت أيضًا في بعض أحاديث الباب: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: خذوا عني مناسككم"
(3)
، فإنه وعظهم وأحال في تعليمهم على تلقي ذلك من أفعاله.
قوله: (ونحن بمنى) أيام منى أربعة: أيام يوم النحر وثلاثة أيام بعده.
وأحاديث الباب مصرّحة بيوم النحر فيحمل المطلق على المقيد ويتعين يوم النحر.
قوله: (ثم قال بحصى الخذف) فيه استعارة القول للفعل، وهو كثير في السنة، والمراد أنه وضع إحدى السبابتين على الأخرى ليريهم أنه يريد حصى الخذف، والخذف بالخاء والذال المعجمتين، ويروى بالحاء المهملة والأول أصوب.
قال الجوهري
(4)
في فصل الحاء: حذفته بالعصا: أي رميته بها، وفي فصل
(1)
لم أقف عليه.
(2)
في صحيحه رقم (1737).
(3)
وهو حديث صحيح.
أخرجه أحمد (3/ 318) ومسلم رقم (310/ 1297) وأبو داود رقم (1970) والنسائي (5/ 270) وابن خزيمة رقم (2877) والبيهقي (5/ 130) والبغوي في شرح السنة رقم (1946).
(4)
في الصحاح (4/ 1341).
الخاء
(1)
المعجمة الخذف بالحصى: الرمي به بالأصابع.
وسيأتي ذكر مقدار حصى الحذف في باب استحباب الخطبة يوم النحر من كتاب الحجّ
(2)
؛ لأن المصنف رحمه الله تعالى سيكرّر هذه الأحاديث المذكورة في هذا الباب جميعها هنالك.
وسنشرح هنالك ما لم نتعرّض لشرحه ههنا من ألفاظ هذه الأحاديث.
34/ 1303 - (وَعَنْ أبي بَكْرَةَ قال: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ فقالَ: "أَتَدْرُونَ أيَّ يَوْمٍ هَذَا؟ "، قُلْنا: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قالَ:"ألَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ "، قُلْنا: بَلى، قالَ:"أيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ "، قُلْنا: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقالَ:"أَليْسَ ذَا الحِجَّةِ؟ "، قُلْنا: بَلى، قالَ:"أيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ "، قُلْنا: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَننَّا أنه سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقالَ:"ألَيْسَتِ البَلْدَةَ؟ "، قُلْنا: بَلى، قالَ:"فَإِنَّ دِماءَكُمْ وأموَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إلى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، ألَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ "، قالُوا: نَعَمْ، قالَ:"اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغِ أوْعَى مِنْ سامِع، فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكمْ رِقابَ بَعْضٍ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
وَالبُخَارِيُّ)
(4)
. [صحيح]
قوله: (أتدرون أيّ يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم)، في البخاري
(5)
من
(1)
الجوهري في الصحاح (4/ 1347).
(2)
الكتاب السادس: المناسك. الباب التاسع عشر عند الحديث (88/ 2028 - 91/ 2031) من كتابنا هذا.
(3)
في المسند (5/ 49).
(4)
في صحيحه رقم (1741).
قلت: وأخرجه مسلم رقم (31/ 1679) والنسائي في السنن الكبرى (4/ 190) رقم (4078)، وابن خزيمة رقم (2952)، والبيهقي (5/ 140) و (8/ 19 - 20) وفي الشعب رقم (5488) و (5495).
وهو حديث صحيح.
(5)
في صحيحه رقم (1739).
حديث ابن عباس أنهم قالوا: يوم حرام، وقالوا عند سؤاله عن الشهر: شهر حرام، وعند سؤاله عن البلد: بلد حرام.
وعند البخاري
(1)
أيضًا من حديث ابن عمر بنحو حديث أبي بكرة إلا أنه ليس فيه قوله: "فسكت في الثلاثة المواضع".
وقد جمع بين حديث ابن عباس وحديث الباب ونحوه بتعدّد الواقعة.
قال في الفتح
(2)
: وليس بشيء لأن الخطبة يوم النحر إنما تشرع مرّة واحدة، وقد قال في كل منهما: إن ذلك كان يوم النحر.
وقيل في الجمع بينهما: إن بعضهم بادر بالجواب، وبعضهم سكت.
وقيل في الجمع إنهم فوّضوا الأمر أوّلًا كلهم بقولهم الله ورسوله أعلم؛ فلما سكت أجابه بعضهم دون بعض.
وقيل: وقع السؤال في الوقت الواحد مرّتين بلفظين، فلما كان في حديث أبي بكرة فخامة ليست في حديث ابن عباس لقوله فيه:"أتدرون؟ "، سكتوا عن الجواب بخلاف حديث ابن عباس لخلّوه عن ذلك، أشار إلى هذا الكرماني
(3)
.
وقيل: في حديث ابن عباس اختصار بينته رواية أبي بكرة، فكأنه أطلق قولهم قالوا:"يوم حرام"، باعتبار أنهم قرّروا ذلك حيث قالوا: بلى.
قال الحافظ
(4)
: وهذا جمع حسن.
والحكمة في سؤاله صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة وسكوته بعد كل سؤال منها ما قاله القرطبي
(5)
من أن ذلك كان لاستحضار فهومهم، وليقبلوا عليه بكليتهم ويستشعروا عظمة ما يخبرهم عنه، ولذلك قال بعد هذا:"فإن دماءكم، إلخ" مبالغة في بيان تحريم هذه الأشياء اهـ.
ومناط التشبيه في قوله: "كحرمة يومكم هذا"، وما بعده ظهوره عند السامعين لأن تحريم البلد والشهر واليوم كان ثابتًا في نفوسهم مقرّرًا عندهم،
(1)
في صحيحه رقم (1742).
(2)
(3/ 575).
(3)
في شرحه لصحيح البخاري (8/ 203).
(4)
في "الفتح"(3/ 575).
(5)
في المفهم (3/ 332 - 333).
بخلاف الأنفس والأموال والأعراض فكانوا يستبيحونها في الجاهلية، فطرأ الشرع عليهم بأن تحريم دم المسلم وماله وعرضه أعظم من تحريم البلد والشهر واليوم، فلا يرد كون المشبه به أخفض رتبة من المشبه؛ لأن الخطاب إنما وقع بالنسبة لما اعتاده المخاطبون قبل تقرير الشرع.
قوله: (أليست البلدة)، كذا وقع بتأنيث البلدة.
وفي رواية للبخاري
(1)
: "أليس بالبلدة الحرام؟ "، وفي أخرى له:"أليس بالبلد الحرام؟ ".
قال الخطابي
(2)
: يقال: إن البلدة اسم خاص لمكة، وهي المراد بقوله عز وجل:{إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ} [النمل: 91].
وقال الطيبي
(3)
: المطلق محمول على الكامل وهي الجامعة للخير المستحقة للكمال.
قوله: (فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام)، هكذا ساقه البخاري
(4)
في الحجّ، وذكره في كتاب العلم
(5)
بزيادة: "وأعراضكم".
وكذا ذكر هذه الزيادة في الحجّ من حديث ابن عباس
(6)
ومن حديث ابن عمر
(7)
، وهو على حذف مضاف: أي سفك دمائكم وأخذ أموالكم وثلب أعراضكم.
والعرض بكسر العين موضع المدح والذمّ من الإنسان سواء كان في سلفه أو نفسه
(8)
.
(1)
في صحيحه رقم (1741).
(2)
في أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري له (2/ 904).
(3)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 576).
(4)
رقم (1741).
(5)
البخاري في صحيحه رقم (67).
(6)
البخاري في صحيحه رقم (1739) من حديث ابن عباس.
(7)
البخاري في صحيحه رقم (1742) من حديث ابن عمر.
(8)
النهاية (3/ 209) وبقية التعريف: "أو من يلزمه أمره. وقيل: هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه، ويحامي عنه أن يُنتقص ويثلب.
وقال ابن قتيبة: عرض الرجل: نفسُه وبدنه لا غير" اهـ.
قوله: (اللهمّ اشهد) إنما قال ذلك لأنه كان فرضًا عليه أن يبلغ، فأشهد الله تعالى على أداء ما أوجبه عليه.
قوله: (فربّ مبلَغ) بفتح اللام: أي ربّ شخص بلغه كلامي فكان أحفظ له وأفهم لمعناه من الذي نقله له.
قال المهلب
(1)
: فيه أنه يأتي في آخر الزمان من يكون له من الفهم والعلم ما ليس لمن تقدمه إلا أن ذلك يكون في الأقلّ لأن ربّ موضوعة للتقليل.
قال الحافظ
(2)
: هي في الأصل كذلك إلا أنها استعملت في التكثير بحيث غلب على الاستعمال الأوّل.
قال: لكن يؤيد أن التقليل هنا مراد أنه وقع في رواية للبخاري
(3)
بلفظ: "عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه".
وقوله: (أوعى من سامع)، نعت لمبلغ، والذي يتعلق به ربّ محذوف، وتقديره يوجد أو يكون، ويجوز على مذهب الكوفيين في (أن) ربّ اسم أن تكون هي مبتدأ، وأوعى: الخبر، فلا حذف ولا تقدير.
قوله: (فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض).
قال النووي في شرح مسلم
(4)
: في معناه سبعةُ أقوالٍ:
(أحدُها): أن ذلك كفر في حقّ المستحِلِّ بغير حقّ.
(والثاني): المراد كفرُ النعمة وحقّ الإسلام.
(والثالثُ): أنه يَقْرُبُ من الكفر ويؤدّي إليه.
(والرابع): أنه فِعلٌ كفعل الكفَّار.
(والخامس): المرادُ حقيقةَ الكفر، ومعناه لا تكفرُوا بل دومُوا مسلمينَ.
(والسَّادسُ): حكاهُ الخطابي
(5)
وغيره أن المراد بالكفار: المتكفرون بالسلاح، يقال: تكفَّر الرجل بسلاحه إذا لبسَهُ.
(1)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 576).
(2)
في "الفتح"(3/ 576).
(3)
في صحيحه رقم (67).
(4)
في معالم السنن (5/ 63 - مع السنن).
(5)
(2/ 55 - 56).
قال الأزهري في كتاب تهذيب اللغة
(1)
: يقال للابس السلاح: كافر.
(والسابع) معناه لا يكفر بعضكم بعضًا فتستحلوا قتال بعضكم بعضًا، قاله الخطابي
(2)
.
قال النووي
(3)
: وأظهرُ الأقوال الرابعُ، وهو اختيار القاضي عياض
(4)
.
قال: والروايةُ يضرب برفع الباء هذا هو الصواب، وهكذا رواه المتقدمون والمتأخرون وبه يصحّ المقصود هنا.
ونقل القاضي عياض (4) أن بعض العلماء ضبطَهُ بإسكان الباء، والصوابُ الضمُّ.
وكذا قال أبو البقاء
(5)
: إنه يجوز جزمُ الباء على تقدير شرط مضمر: أي أن ترجعوا يضرب.
والمراد بقوله بعدي: أي بعد فراقي من موقفي هذا، كذا قال الطبريُّ
(6)
، أو يكون صلى الله عليه وسلم تحقق أن هذا الأمر لا يكون في حياته، فنهاهم عنه بعد مماته.
والحديث فيه استحباب الخطبة يوم النحر؛ وقد تقدم الكلام على ذلك.
[الباب الحادي عشر] باب حكم الهلال إذا غم ثم علم به من آخر النهار
35/ 1304 - (عَن [أَبي]
(7)
عُمَيرِ بْنِ أنسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِن الأنصَارِ
(1)
(10/ 197).
(2)
في معالم السنن (5/ 63 - مع السنن).
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (2/ 55).
(4)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (1/ 324).
(5)
حكاه عنه الحافظ في الفتح (3/ 576).
(6)
حكاه عنه النووي في شرح صحيح مسلم (2/ 56).
(7)
زيادة من مصادر تخريج الحديث لأنها ساقطة من المخطوط (أ) و (ب). وقد نبّه الشوكاني عليها حيث قال في الصفحة (98): "وقول المصنف عن (عمير) لعله من سقط القلم وهو (أبو عمير) كما في سائر كتب هذا الفن" اهـ.
قالُوا: غُمّ عَلَيْنا هِلالُ شَوالٍ فأصْبَحْنا صِيامًا، فَجاءَ رَكْبٌ مِنْ آخِرِ النَّهارِ فَشَهِدُوا عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أنهُمْ رأوْا الهِلالَ بالأمْسِ، فأمَرَ النَّاسَ أنْ يُفْطِرُوا مِنْ يَوْمِهِمْ، وأنْ يَخْرُجُوا لِعِيدِهِمْ مِنَ الغَدِ. رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلا التِّرْمِذِيّ)
(1)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه
(2)
، وصححه ابن المنذر
(3)
وابن السكن
(4)
وابن حزم
(5)
والخطابي
(6)
وابن حجر في بلوغ المرام
(7)
.
وعلق الشافعي
(8)
القول به على صحته.
وقال ابن عبد البرّ
(9)
: أبو عمير مجهول.
قال الحافظ
(10)
: كذا قال: وقد عرفه من صحح له اهـ
وقول المصنف عن عمير لعله من سقط القلم، وهو أبو عمير كما في سائر كتب هذا الفن.
والحديث دليل لمن قال إن صلاة العيد تصلى في اليوم الثاني إن لم يتبين العيد إلا بعد خروج وقت صلاته.
وإلى ذلك ذهب الأوزاعي (11) والثوري
(11)
وأحمد
(12)
وإسحاق (11)
(1)
أخرجه أحمد (5/ 57، 58) وأبو داود رقم (1157) والنسائي رقم (1557) وابن ماجه رقم (1653).
قلت: وأخرجه ابن الجارود في المنتقى رقم (266) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 386) والدارقطني (2/ 170) والبيهقي (3/ 316).
قال البيهقي: هذا إسناد صحيح.
وقال الدارقطني: إسناد حسن ثابت.
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(2)
في صحيحه رقم (3456).
(3)
في المختصر (2/ 33).
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 177).
(5)
في المحلى (5/ 92).
(6)
في معالم السنن (1/ 684 - مع السنن).
(7)
رقم (2/ 454) بتحقيقي.
(8)
في الأم (2/ 482).
(9)
في "التمهيد"(7/ 162).
(10)
في "التلخيص"(2/ 177).
(11)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 295).
(12)
المغني لابن قدامة (3/ 286).
وأبو حنيفة
(1)
وأبو يوسف (2) ومحمد
(2)
وهو قول للشافعي
(3)
.
ومن أهل البيت الهادي والقاسم والناصر والمؤيّد بالله وأبو طالب
(4)
، وقيد ذلك أبو طالب بشرط أن يكون ترك الصلاة في اليوم الأوّل للبس كما في الحديث.
وردّ بأن كون الترك للبس إنما هو للنبيّ صلى الله عليه وسلم ومن معه لا للركب؛ لأنهم تركوا الصلاة في يوم العيد عمدًا بعد رؤيتهم للهلال بالأمس، فأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم لهم كما في رواية أبي داود
(5)
.
يدلّ على عدم الفرق بين عذر اللبس وغيره كما ذهب إلى ذلك الباقون، فإنهم لا يفرّقون بين اللبس وغيره من الأعذار، إما لذلك وإما قياسًا لها عليه.
وظاهر الحديث أن الصلاة في اليوم الثاني أداء لا قضاء.
وروى الخطابي
(6)
عن الشافعي
(7)
أنهم إن علموا بالعيد قبل الزوال صلوا، وإلا لم يصلوا يومهم ولا من الغد لأنه عمل في وقت فلا يعمل في غيره، قال: وكذا قال مالك
(8)
وأبو ثور
(9)
.
قال الخطابي
(10)
: سنة النبيّ صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع. وحديث أبي عمير صحيح فالمصير إليه واجب اهـ.
وحكى في شرح القدوري
(11)
عن الحنفية أنهم إذا لم يصلوها في اليوم
(1)
البناية في شرح الهداية (3/ 140 - 141).
(2)
حكاه عنه النووي في المجموع (5/ 35).
(3)
الأم (2/ 482).
(4)
البحر الزخار (2/ 62 - 63).
(5)
في سننه رقم (1157) وهو حديث صحيح.
(6)
في معالم السنن (1/ 684 - مع السنن).
(7)
في الأم (2/ 482).
(8)
قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 295): "حكي عن مالك أنه قال: قد ذهب العيد لأول وقته أول نهارهم من يوم الفطر، فإذا ذهب يوم الفطر فقد ذهب يومه".
(9)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 295).
(10)
في معالم السنن (1/ 684 - مع السنن).
(11)
اللباب في شرح الكتاب (1/ 117).
الثاني حتى زالت الشمس صلوها في اليوم الثالث، فإن لم يصلوها فيه حتى زالت الشمس سقطت سواء كان لعذر أو لغير عذر اهـ.
والحديث وارد في عيد الفطر، فمن قال بالقياس ألحق به عيد الأضحى.
وقد استدل بأمره صلى الله عليه وسلم للركب أن يخرجوا إلى المصلى لصلاة العيد، الهادي والقاسم
(1)
وأبو حنيفة
(2)
، على أن صلاة العيد من فرائض الأعيان.
وخالفهم في ذلك الشافعي وجمهور أصحابه
(3)
.
قال النووي
(4)
وجماهير العلماء فقالوا: إنها سنة، وبه قال زيد بن عليّ والناظر
(5)
والإِمام يحيى
(6)
.
وقال أبو سعيد الإصطخري من الشافعية
(7)
: إنها فرض كفاية، وحكاه المهدي في البحر
(8)
عن الكرخي وأحمد بن حنبل
(9)
وأبي طالب
(10)
وأحد قولي الشافعي
(11)
.
واستدلّ القائلون بأنها سنة بحديث: "هل عليّ غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوّع"
(12)
، وقد قدمنا في باب تحية المسجد
(13)
الجواب عن هذا الاستدلال مبسوطًا فراجعه.
واستدلّ القائلون أنها فرض كفاية بأنها شعار كالغسل والدفن، وبالقياس عل صلاة الجنازة بجامع التكبيرات.
والظاهر ما قاله الأوّلون
(14)
لأنه قد انضمّ إلى ملازمته صلى الله عليه وسلم لصلاة العيد
(1)
البحر الزخار (2/ 54).
(2)
البناية في شرح الهداية (3/ 112).
(3)
المجموع شرح المهذب للنووي (5/ 5).
(4)
في المجموع (5/ 5).
(5)
شفاء الأوام (1/ 426 - 427).
(6)
البحر الزخار (2/ 54).
(7)
المجموع (5/ 5).
(8)
البحر الزخار (2/ 54).
(9)
المغني (3/ 253).
(10)
البحر الزخار (2/ 54).
(11)
المجموع (5/ 5 - 6).
(12)
وهو حديث صحيح. أخرجه البخاري رقم (63) ومسلم رقم (10/ 12) وأبو داود رقم (486) والنسائي رقم (2092) ومالك (1/ 175 رقم 94).
(13)
عند الحديث رقم (963) من كتابنا هذا.
(14)
قال أبو بكر - ابن المنذر - في الأوسط (4/ 295): "وحديث أبي عمير بن أنس ثابت والقول به يجب" اهـ.
على جهة الاستمرار وعدم إخلاله بها، الأمر بالخروج إليها.
بل ثبت كما تقدم أمره صلى الله عليه وسلم بالخروج للعواتق والحيض وذوات الخدور
(1)
، وبالغ في ذلك حتى أمر من لها جلباب أن تلبس من لا جلباب لها (1)، ولم يأمر بذلك في الجمعة ولا في غيرها من الفرائض.
بل ثبت الأمر بصلاة العيد في القرآن كما صرّح بذلك أئمة التفسير في تفسير قول الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} [الكوثر: 2]، فقالوا: المراد صلاة العيد ونحر الأضحية
(2)
.
ومن مقوّيات القول بأنها فرض إسقاطها لصلاة الجمعة كما تقدم، والنوافل لا تسقط الفرائض في الغالب.
36/ 1305 - (وَعَنْ عَائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَالأضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ" رَوَاهُ التِّرْمِذِي وَصححَهُ)
(3)
. [صحيح]
37/ 1306 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "الصوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، والأضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ"، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
(4)
أيْضًا، وَهُوَ لأبي دَاوُدَ
(5)
وَابْنِ ماجَهْ
(6)
"إلا فَصْلَ الصوْمِ") [صحيح]
الحديث الأوّل أخرجه أيضًا الدارقطني
(7)
وقال: وقفه عليها وهو الصواب.
(1)
تقدم الحديث برقم (1274) من كتابنا هذا.
(2)
انظر: "جامع البيان"(15/ ج 30/ 326) وتفسير ابن كثير (14/ 482).
(3)
في سننه رقم (802) قال: هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه.
وقال أبو عيسى: سألت محمدًا - يعني البخاري - قلت له: محمد بن المنكدر سمع من عائشة، قال: نعم يقول في حديثه: سمعت عائشة وهو حديث صحيح. انظر طرقه في: إرواء الغليل رقم (905).
(4)
في سننه رقم (697) وقال: هذا حديث حسن غريب.
(5)
في سننه رقم (2324).
(6)
في سننه رقم (1660).
وهو حديث صحيح.
(7)
في السنن (2/ 225 رقم 37).
والحديث الثاني حسنه الترمذي
(1)
وسكت عنه أبو داود
(2)
والمنذري
(3)
ورجال إسناده ثقات.
قال الترمذي (1): وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعظيم الناس.
وقال الخطابي
(4)
في معنى الحديث: إن الخطأ مرفوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قومًا اجتهدوا فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين فلم يفطروا حتى استوفوا العدد ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعًا وعشرين فإن صومهم وفطرهم ماض لا شيء عليهم من وزر أو عيب.
وكذلك في الحجّ إذا أخطئوا يوم عرفة ليس عليهم إعادة.
وقال غيره: فيه الإشارة إلى أن يوم الشكّ لا يصام احتياطًا، وإنما يصوم يوم يصوم الناس.
وقيل: فيه الردّ على من يقول إن من عرف طلوع القمر بتقدير حساب المنازل جاز له أن يصوم به ويفطر دون من لم يعلم.
وقيل: إن الشاهد الواحد إذا رأى الهلال ولم يحكم القاضي بشهادته أنه لا يكون هذا صومًا له كما لم يكن للناس.
ذكر هذه الأقوال المنذري في مختصر السنن
(5)
.
وقد ذهب إلى الأخير محمد بن الحسن الشيباني
(6)
قال: إنه يتعين على المنفرد برؤية هلال الشهر حكم الناس في الصوم والحجّ وإن خالف ما تيقنه.
وروي مثل ذلك عن عطاء والحسن، والخلاف في ذلك للجمهور فقالوا: يتعين عليه حكم نفسه فيما تيقنه، وفسروا الحديث بمثل ما ذكر الخطابي
(7)
.
(1)
في السنن (3/ 80).
(2)
في السنن (3/ 744).
(3)
في المختصر (3/ 213).
(4)
في معالم السنن (3/ 743 - مع السنن).
(5)
(3/ 221 - 222).
(6)
البناية في شرح الهداية (3/ 622 - 623) والمغني (4/ 330).
(7)
في معالم السنن (3/ 743 - مع السنن).
وقيل: في معنى الحديث: إنه إخبار بأن الناس يتحزّبون أحزابًا ويخالفون الهدي النبويّ.
فطائفة تعمل بالحساب وعليه أمة من الناس.
وطائفة يقدمون الصوم والوقوف بعرفة وجعلوا ذلك شعارًا وهم الباطنية.
وبقي على الهدي النبوي الفرقة التي لا تزال ظاهرة على الحقّ، فهي المرادة بلفظ الناس في الحديث، وهي السواد الأعظم ولو كانت قليلة العدد.
[الباب الثاني عشر] باب الحث على الذكر والطاعة في أيام العشر وأيام التشريق
38/ 1307 - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ أيَّامٍ العَمَلُ الصالِحُ فِيها أحَبُّ إلى الله عز وجل مِنْ هَذِهِ الأيَّامِ"، يَعْني أيَّامَ العَشْرِ، قالُوا: يا رَسُولَ الله وَلا الجِهادُ فِي سَبِيلِ الله؟ قالَ: "وَلا الجِهادُ فِي سَبِيلِ الله، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمالِهِ ثم لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ مِنْ ذلك"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلا مُسْلِمًا وَالنَّسائيَّ)
(1)
[صحيح]
39/ 1308 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ أَيَّامٍ أعْظَمُ عِنْدَ الله سُبْحانَهُ وَلا أحَبُّ إلَيْهِ العَمَلُ فِيهِن مِنْ هَذِهِ الأيَّامِ العَشْرِ، فأكْثرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)
(2)
. [صحيح]
40/ 1309 - (وَعَنْ نُبَيْشَةَ الهُذَلِيّ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ
(1)
أخرجه أحمد في المسند (1/ 224) والبخاري رقم (969) وأبو داود رقم (2438) والترمذي رقم (757) وابن ماجه رقم (1727) وقال الترمذي: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح غريب.
وهو حديث صحيح.
(2)
في المسند (2/ 131) بسند ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم الكوفي.
لكن الحديث صحيح، والله أعلم.
أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَذِكْرِ الله عز وجل"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ
(2)
وَالنَّسائيُّ
(3)
. [صحيح]
قالَ البُخاريُّ
(4)
: وَقالَ ابْنُ عَبَّاس: وَاذْكُرُوا الله فِي أيَّامٍ مَعْلُوماتٍ: أيَّامِ العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أيَّامُ التَّشْرِيقِ. [أثر صحيح]
قالَ: وكانَ ابْنُ عُمَرَ وأبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إلى السُّوقِ فِي أيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا.
قالَ
(5)
: وكانَ عُمَرُ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أهْلُ المَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أهْلُ الأسْوَاقِ حتَّى يَرْتَجَّ منى يكْبِيرًا).
(1)
في المسند (5/ 75).
(2)
في صحيحه رقم (144/ 1141).
(3)
في سننه رقم (4230).
وهو حديث صحيح.
(4)
في صحيحه رقم (2/ 457 رقم الباب 11 - مع الفتح) معلقًا.
• وأخرج مسدد [المطالب العالية رقم (754)] عن عمرو بن دينار، أن ابن عباس رضي الله عنهما يوم النفر كان يكبر، ويأمر من حوله أن يكبروا، عملًا بقوله تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [البقرة: 200].
وهو أثر صحيح، والله أعلم.
• وأخرج مسدد [المطالب العالية رقم (757)] عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما. أنه كان يُكبر من غداة عرفة إلى آخر أيام التشريق. وكان لا يكبر في المغرب، وكان تكبيره: الله أكبر كبيرًا
…
الله أكبر كبيرًا
…
الله أكبر كبيرًا
…
والحمد لله. الله أكبر أو قال: الله أكبر على ما هدانا".
وهو أثر صحيح، والله أعلم.
(5)
أي البخاري في صحيحه (2/ 461 رقم الباب 12 - مع الفتح) معلقًا.
• وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 166) والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 314).
من طريق شعبة عن الحجاج عن عطاء عن عبيد بن عمير قال: كان عمر بن الخطاب يكبر بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق".
وهو أثر ضعيف. لضعف الحجاج بن أرطاة.
وقال البيهقي في "المعرفة"(5/ 107): والرواية فيه عن عمر ضعيفة.
تنبيه: وقع تصحيف في الإسناد عند الحاكم هكذا (عن شعبة بن الحجاج) والصواب (عن شعبة عن الحجاج).
حديث ابن عمر أخرجه أيضًا ابن الدنيا
(1)
والبيهقي في الشعب
(2)
.
وأخرجه أيضًا الطبراني في الكبير
(3)
عن ابن عباس.
قوله: (ما من أيام العمل الصالح فيها)، في لفظ للبخاري
(4)
: "ما العمل الصالح في أيام".
وفي رواية كريمة
(5)
عن الكشميهني
(6)
: "ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه".
قال في الفتح
(7)
: وهذا يقتضي نفي أفضلية العمل في أيام العشر على العمل في هذه الأيام إن فسرت بأنها أيام التشريق، وعلى ذلك جرى بعض شرّاح البخاري وزعم أن البخاري فسر الأيام المبهمة في هذا الحديث بأنها أيام التشريق، وفسر العمل: بالتكبير، لكونه أورد الآثار المذكورة المتعلقة بالتكبير فقط.
وقال ابن أبي [جمرة]
(8)
: الحديث دال على أن العمل في أيام التشريق أفضل من العمل في غيرها.
قال: ولا يعكر على ذلك كونها أيام عيد كما في حديث عائشة
(9)
.
ولا ما صحّ من قوله: "إنها أيام أكل وشرب"، كما في حديث الباب
(10)
.
لأن ذلك لا يمنع العمل فيها، بل قد شرع فيها أعلى العبادات وهو ذكر الله تعالى، ولم يمتنع فيها إلا الصوم.
قال: وسرّ كون العبادات فيها أفضل من غيرها أن العبادة في أوقات الغفلة
(1)
في فضل عشر ذي الحجة كما في "كنز العمال"(12/ 318 رقم 35192).
(2)
في شعب الإيمان رقم (3751) بسند ضعيف.
(3)
(ج 2/ رقم 12328).
(4)
في صحيحه رقم (969).
(5)
هي كريمة بنت أحمد بن محمد المروزية. توفيت سنة (463 هـ).
[أعلام النساء (4/ 240)].
(6)
كما في "فتح الباري"(2/ 459).
(7)
(2/ 459).
(8)
في المخطوط (أ): (حمزة).
(9)
تقدم برقم (1305) من كتابنا هذا.
(10)
تقدم برقم (1309) من كتابنا هذا.
فاضلة على غيرها، وأيام التشريق أيام غفلة في الغالب، فصار للعابد فيها مزيد فضل على العابد في غيرها.
قال الحافظ
(1)
: وهو توجيه حسن إلا أن المنقول يعارضه، والسياق الذي وقع في رواية كريمة شاذّ مخالف لما رواه أبو ذرّ وهو من الحفاظ عن الكشميهني وهو شيخ كريمة بلفظ:"ما العمل في أيام أفضل منها في هذه العشر".
وكذا أخرجه أحمد
(2)
وغيره عن غندر عن شعبة بالإِسناد المذكور.
ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده
(3)
عن شعبة فقال: "
…
في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة".
وكذا رواه الدارمي
(4)
عن سعيد بن الربيع عن شعبة. ووقع في رواية وكيع باللفظ الذي ذكره المصنف.
وكذا رواه ابن ماجه
(5)
من طريق أبي معاوية عن الأعمش.
ورواه الترمذي
(6)
من رواية أبي معاوية وقال: من هذه الأيام العشر.
وقد ظنّ بعض الناس أن قوله في حديث الباب: يعني أيام العشر، تفسير من بعض الرواة، لكن ما ذكرنا من رواية الطيالسي (3) وغيره (4) ظاهر في أنه من نفس الخبر.
وكذا وقع في رواية القاسم بن أبي أيوب
(7)
بلفظ: "ما من عمل أزكى عندَ الله ولا أعظمَ أجرًا من خير يعملُهُ في عَشْرِ الأضْحَى".
(1)
في "الفتح"(2/ 459).
(2)
في المسند (1/ 346) بسند صحيح.
(3)
برقم (2631).
(4)
في المسند رقم (1814) بسند صحيح.
(5)
في سننه رقم (1727).
(6)
في سننه رقم (757).
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(7)
أخرجه الدارمي رقم (1815) بسند صحيح.
قلت: والحديث أخرجه البيهقي في شعب الإيمان رقم (3752) والطحاوي في مشكل الآثار (4/ 113 - 114).
وفي حديث جابر في [صَحِيحَيْ]
(1)
أبي عوانة
(2)
وابن حبان
(3)
: "ما من أيام أفضل عند الله من عشر ذي الحجة".
ومن جملة الروايات المصرّحة بالعشر حديث ابن عمر المذكور في الباب
(4)
.
فظهر أن المراد بالأيام في حديث الباب، عشر ذي الحجة.
قوله: (ولا الجهاد في سبيل الله)، يدلّ على تقرّر أفضلية الجهاد عندهم.
وكأنهم استفادوه من قوله صلى الله عليه وسلم في جواب من سأله عن عمل يعدل الجهاد فقال: "لا أجده" كما في البخاري
(5)
من حديث أبي هريرة.
قوله: (إلا رجل) هو على حذف مضاف: أي إلا عمل رجل.
قوله: (ثم لم يرجع بشيء من ذلك)، أي فيكون أفضل من العامل في أيام العشر أو مساويًا له.
قال ابن بطال
(6)
: هذا اللفظ يحتمل أمرين: أن لا يرجع بشيء من ماله وإن رجع هو، وأن لا يرجع هو ولا مالى بأن رزقه الله الشهادة.
وتعقبه الزين بن المنير
(7)
بأن قوله: "لم يرجع بشيء" يستلزم أن يرجع بنفسه ولا بد، انتهى.
قال الحافظ
(8)
: وهو تعقب مردود، فإن قوله:"لم يرجع بشيء"، نكرة في سياق النفي، فيَعَمّ ما ذكر.
(1)
في المخطوط (ب): (صحيح).
(2)
في مسند أبي عوانة (2/ 247 رقم 3030).
(3)
في صحيحه رقم (3853).
وهو حديث ضعيف، وقد ضعفه الألباني رحمه الله في ضعيف موارد الظمآن. وقال في "الضعيفة" (2/ 126): "قلت: إنما علة الحديث أبو الزبير، فإنه مدلس وقد عنعنه في جميع الطرق عنه
…
" اهـ.
(4)
تقدم برقم (1308) من كتابنا هذا.
(5)
في صحيحه رقم (2785).
(6)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 562).
(7)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 460).
(8)
في "الفتح"(2/ 460).
وقد وقع في رواية الطيالسي
(1)
وغندر وغيرهما عن شعبة، وكذا في أكثر الروايات:"فلم يرجع من ذلك بشيء".
قال: والحاصل أن نفي الرجوع بالشيء لا يستلزم إثبات الرجوع بغير شيء، بل هو على الاحتمال كما قال ابن بطال
(2)
انتهى.
ومبنى هذا الاختلاف على توجيه النفي المذكور إلى القيد فقط كما هو الغالب، فيكون هو المنتفي دون الرجوع الذي هو المقيد أو توجيهه إلى القيد والمقيد فينتفيان معًا.
ويدلّ على الثاني ما عند أبي عوانة
(3)
بلفظ: "إلا مَنْ عُقِر جواده وأُهريق دمه".
وفي رواية له
(4)
: "إلا من لا يرجع بنفسه ولا ماله".
وفي حديث جابر
(5)
: "إلا من عفّر وجهه [في]
(6)
التراب".
والحديث فيه تفضيل أيام العشر على غيرها من السنة، وتظهر فائدة ذلك فيمن نذر صيام أفضل الأيام.
وقد تقدم الجمع بين حديث أبي هريرة عند مسلم
(7)
: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة"، وبين الأحاديث الدالة على أن غيره أفضل منه.
والحكمة في تخصيص عشر ذي الحجة بهذه المزية اجتماع أمهات العبادة فيها: الحجّ، والصدقة، والصيام، والصلاة، ولا يتأتى ذلك في غيرها.
وعلى هذا هل يختص الفضل بالحاجّ أو يعمّ المقيم؟ فيه احتمال.
وقال ابن بطال
(8)
: المراد بالعمل في أيام التشريق: التكبير فقط؛ لأنه ثبت أنها أيام أكل وشرب وبعال. وثبت تحريم صومها، وورد فيها إباحة اللهو
(1)
في المسند برقم (2631).
(2)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 561).
(3)
في مسنده (2/ 245 رقم 3018) من حديث ابن عباس.
(4)
لأبي عوانة في مسنده (2/ 245 رقم 3019) من حديث ابن عباس.
(5)
أخرجه أبو عوانة في مسنده (2/ 246 رقم 3023) من حديث جابر.
(6)
ما بين الخاصرتين سقط من (أ) و (ب) وما أثبتناه من المسند.
(7)
في صحيحه رقم (854) وقد تقدم تخريجه برقم (1196) من كتابنا هذا.
(8)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 561).
بالحراب ونحو ذلك، فدلّ على تفريغها لذلك مع الحضّ على الذكر، والمشروع منه فيها التكبير فقط.
وتعقبه الزين
(1)
بأن العمل إنما يفهم منه عند الإِطلاق: العبادة، وهي لا تنافي استيفاء حظّ النفس من الأكل وسائر ما ذكر، فإن ذلك لا يستغرق اليوم والليلة.
وقال الكرماني
(2)
: الحثّ على العمل في أيام التشريق لا ينحصر في التكبير، بل المتبادر إلى الذهن منه أنه المناسك من الرمي وغيره الذي يجتمع مع الأكل والشرب، انتهى.
والذي يجتمع مع الأكل والشرب لكل أحد من العبادة الزائدة على مفروضات اليوم والليلة هو الذكر المأمور به، وقد فسر بالتكبير كما قال ابن بطال
(3)
.
وأما المناسك فمختصه بالحاجّ.
ويؤيد ذلك ما وقع في حديث ابن عمر المذكور في الباب
(4)
من الأمر بالإكثار فيها من التهليل والتكبير.
وفي البيهقي
(5)
من حديث ابن عباس: "فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير".
ووقع من الزيادة في حديث ابن عباس: "وإنّ صيام يوم منها يعدل صيام سنة، والعمل بسبعمائة ضعف".
وللترمذي
(6)
عن أبي هريرة: "يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة،
(1)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 460).
(2)
في شرحه لصحيح البخاري (6/ 75).
(3)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 561).
(4)
برقم (1308) من كتابنا هذا.
(5)
في شعب الإيمان رقم (3758) بسند ضعيف.
(6)
في سننه رقم (758) وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن واصل عن النَّهاس.
وهو حديث ضعيف.
وقيام كل ليلة فيها بقيام ليلة القدر" لكن إسناده ضعيف، وكذا إسناد حديث ابن عباس.
قوله: (قال ابن عباس) هذا الأثر وصله عبد بن حميد
(1)
، وفيه:"الأيام المعدودات: أيام التشريق، والأيام المعلومات أيام العشر".
وروى ابن مردويه
(2)
عن ابن عباس: أن الأيام المعلومات هي التي قبل يوم التروية ويوم التروبة وبوم عرفة، والمعدودات: أيام التشريق.
قال الحافظ
(3)
: وإسناده صحيح، وظاهره إدخال يوم العيد في أيام التشريق.
وقد روى ابن أبي شيبة
(4)
عن ابن عباس أيضًا: أن المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده، ورجح الطحاوي
(5)
هذا لقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 28]، فإنه يشعر بأن المراد أيام النحر.
قال في الفتح
(6)
: وهذا لا يمنع تسمية أيام العشر معلومات، ولا أيام التشريق: معدودات، بل تسمية أيام التشريق: معدودات، متفق عليه؛ لقوله تعالى:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] الآية.
وهكذا قال المهدي في البحر
(7)
: إن أيام التشريق هي الأيام المعدودات إجماعًا.
وقيل: إنها سميت معدودات لأنها إذا زيد عليها شيء عدّ ذلك حصرًا: أي في حكم حصر العدد.
(1)
قاله الحافظ في "الفتح"(2/ 458).
(2)
من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الأيام المعلومات التي قبل يوم التروية
…
الحديث بسند صحيح قاله الحافظ في "الفتح"(2/ 458).
(3)
في "الفتح"(2/ 458).
(4)
عزاه إليه الحافظ في "الفتح"(2/ 458).
(5)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 458).
(6)
(2/ 458).
(7)
البحر الزخار (2/ 68).
وقد وقع الخلاف في أيام التشريق، فمقتضى كلام أهل اللغة والفقه أن أيام التشريق: ما بعد يوم النحر، على اختلافهم: هل [هي]
(1)
ثلاثة أو يومان.
لكن ما ذكره من سبب تسميتها بذلك يقتضي دخول يوم العيد فيها.
وقد حكى أبو عبيد
(2)
أن فيه قولين:
(أحدهما): لأنهم كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي يقدّدونها ويبرزونها للشمس.
(ثانيهما): لأنها كلها أيام تشريق لصلاة يوم النحر فصارت تبعًا ليوم النحر.
قال: وهذا أعجب القولين إليَّ.
قال الحافظ
(3)
: وأظنه أراد ما حكاه غيره أن أيام التشريق سميت بذلك لأن صلاة العيد إنما تصلى بعد أن تشرق الشمس.
وعن ابن الأعرابي
(4)
. قال: سميت بذلك؛ لأن الهدايا والضحايا لا تنحر حتى تشرق الشمس.
وعن يعقوب بن السكيت
(5)
قال: هو من قول الجاهلية: أشرق ثبير [كيما]
(6)
نغير، أي ندفع للنحر.
قال الحافظ
(7)
: وأظنهم أخرجوا يوم العيد منها لشهرته بلقب يخصه وهو العيد، وإلا فهي في الحقيقة تبع له في التسمية كما تبين من كلامهم.
(1)
زيادة في المخطوط (أ).
(2)
في الغريبين (3/ 993) وفي غريب الحديث (3/ 453).
وانظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (2/ 264).
(3)
في "الفتح"(2/ 457).
(4)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 457).
(5)
حكاه عنه الجوهري في الصحاح (4/ 1501).
وقال ابن الأثير في النهاية (2/ 464) وفيه: (أن المشركين كانوا يقولون: أشرق ثَبير كيما نُغير"، ثبير: جبل، بمعنى: أي ادْخُل أيها الجبل في الشروق، وهو ضوء الشمس كيما نغير أي ندفع للنحر.
(6)
في المخطوط (ب): كما. والصواب ما في (أ) كما تقدم.
(7)
في "الفتح"(2/ 457).
ومن ذلك حديث عليّ: "لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع"، أخرجه أبو عبيد
(1)
بإسناد صحيح إليه موقوفًا.
ومعناه: لا صلاة جمعة ولا صلاة عيد.
قال: وكان أبو حنيفة
(2)
يذهب بالتشريق في هذا إلى التكبير في دبر الصلاة يقول: لا تكبير إلا على أهل الأمصار.
قال: وهذا لم [نجد]
(3)
أحدًا يعرفه ولا وافقه عليه صاحباه ولا غيرهما.
ومن ذلك حديث: "من ذبح قبل التشريق فليعد"، أي قبل صلاة العيد.
رواه أبو عبيد
(4)
من مرسل الشعبي، ورجاله ثقات.
وهذا كله يدل على أن يوم العيد من أيام التشريق.
قوله: (وكان ابن عمر وأبو هريرة، إلخ)، قال الحافظ
(5)
: لم أره موصولًا،
(1)
في غريب الحديث (3/ 452).
قال المحدث الألباني رحمه الله في "الضعيفة" رقم (917): "لا أصل له مرفوعًا، فيما علمت، إلا قول أبي يوسف في "كتاب الآثار" له رقم (297): "وزعم أبو حنيفة أنه بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
…
" فذكره مرفوعًا. وهذا وهم، واليه أشار أبو يوسف بقوله: "وزعم أبو حنيفة" مع أنه إمامه، على أنه معضل. وقد أشار إلى ما ذكرنا الحافظ الزيلعي في "نصب الراية" بقوله (2/ 195): "غريب مرفوعًا. وإنما وجدناه موقوفًا على علي".
وأوهم الحافظ ابن حجر أنه مرفوع، فقال في "التلخيص" (2/ 111):"حديث علي: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر، ضعفه أحمد".
وقال النووي في المجموع (4/ 488): ضعيف جدًّا.
كذا قالا ولم يذكرا من خرجه، ولا إسناده لينظر فيه، وما أظنه إلا وهمًا منهما. ومما يؤكد ذلك أن الإمام أحمد إنما ضعف الموقوف على علي، وأما المرفوع فما ذكره، ولا أعتقد أنه سمع به!.
قال إسحاق بن منصور المروزي في "مسائله عن الإمام أحمد" ص 219: "ذكرت له قول علي: "لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع"؟ قال الأعمش: لم يسمعه من سعد".
ثم ذكر الألباني رحمه الله متابعات لسعد هذا، وخلص إلى أن الأثر سنده صحيح موقوفًا. والله أعلم.
(2)
البناية في شرح الهداية (3/ 146).
(3)
في المخطوط ب (أجد).
(4)
في غريب الحديث (3/ 452 - 453).
(5)
في "الفتح"(2/ 458).
وقد ذكره البيهقي
(1)
معلقًا عنهما وكذا البغوي
(2)
.
قوله: (وكان عمر، إلخ) وصله سعيد بن منصور وأبو عبيد.
وقوله: (ترتجّ) بتثقيل الجيم: أي تضطرب وتتحرّك، وهي مبالغة في اجتماع رفع الأصوات.
وقد ورد فعل تكبير التشريق عن النبيّ صلى الله عليه وسلم عند البيهقي
(3)
والدارقطني
(4)
: "أنه صلى الله عليه وسلم كبر بعد صلاة الصبح يوم عرفة إلى العصر آخر أيام التشريق.
وفي إسناده عمرو بن [شَمِر]
(5)
وهو متروك
(6)
، عن جابر الجعفي وهو ضعيف
(7)
، عن عبد الرحمن بن سابط. قال البيهقي
(8)
: لا يحتجّ به عن جابر بن عبد الله.
(1)
في السنن الكبرى (3/ 311).
(2)
في شرح السنة (4/ 326).
(3)
في السنن الكبرى (3/ 315).
(4)
في سننه (2/ 49 رقم 28).
قال ابن القطان في كتابه كما في "نصب الراية"(1/ 224): جابر الجعفي سيء الحال، وعمرو بن شمر أسوأ حالًا منه، بل هو من الهالكين
…
" اهـ. وله شاهد أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 299) والبيهقي في "المعرفة" (5/ 107 - 108 رقم 7003) من طريق سعيد بن عثمان الخراز، حدثنا عبد الرحمن بن سعيد المؤذن حدثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن علي وعمار: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهَرُ في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم، وكان يقنت في صلاة الفجر، وكان يكبر من يوم عرفة صلاة الغداة ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق.
وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: قلت: بل خبرٌ واهٍ كأنه موضوع لأن عبد الرحمن صاحب مناكير، وسعيد إن كان هو الكربزي فهو ضعيف وإلا فهو مجهول.
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
في المخطوط (أ) و (ب): (بشر). وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه من مصادر الرجال وكتب الحديث.
(6)
عمرو بن شَمِر الجعفي الشيعي. قال البخاري: منكر الحديث، وقال الدارقطني: متروك الحديث.
[التاريخ الكبير (6/ 344) والمجروحين (2/ 75) والجرح والتعديل (6/ 239) والمغني (2/ 485) والميزان (3/ 268) ولسان الميزان (4/ 366).
(7)
جابر بن يزيد الجعفي ضعيف تقدم مرارًا.
(8)
في السنن الكبرى (3/ 315).
وروي من طريق أخرى مختلفة أخرجها الدارقطنى
(1)
مدارها على عبد الرحمن المذكور. واختلف فيها في شيخ جابر الجعفي.
ورواه الحاكم
(2)
من وجه آخر عن فطر بن خليفة عن أبي [الطفيل]
(3)
عن عليّ وعمار قال: وهو صحيح
(4)
.
وصحّ من فعل عمر
(5)
وعليّ
(6)
وابن عباس
(7)
وابن مسعود
(8)
.
وأخرج الدارقطني
(9)
عن عثمان: أنه كان يكبر من ظهر يوم النحر إلى صبح يوم الثالث من أيام التشريق.
(1)
في السنن (50 رقم 29).
(2)
في المستدرك (1/ 299) وقد تقدم آنفًا.
(3)
في المخطوط (أ)، (ب):(الفضيل) وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه من مراجع الحديث ومصادر الترجمة كتهذيب التهذيب (2/ 272).
(4)
بل هو حديث ضعيف كما تقدم آنفًا ولم يثبت في التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق حديث صحيح مرفوع.
بل ثبت عن علي، وابن مسعود، وابن عباس موقوفًا عليهم.
(5)
وهو أثر ضعيف.
تقدم تخريجه في أول شرح الحديث رقم (1309) من كتابنا هذا.
(6)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 165) وابن المنذر في الأوسط (4/ 301 ث 2201) والبيهقي (3/ 314).
من طريق زائدة عن عاصم عن شقيق قال: كان علي يكبر بعد الغداة يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق يكبر بعد العصر ثم يقطع.
وهو أثر صحيح.
(7)
وهو أثر صحيح.
تقدم تخريجه في أول شرح الحديث رقم (1309) من كتابنا هذا.
(8)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (4/ 301 ث 2204) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 168).
من طريق إسحاق عن الأسود عن عبد الله بن مسعود أنه كان يكبر صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر يقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
وهو أثر صحيح.
(9)
في سننه رقم (2/ 50 رقم 32) بسند ضعيف.
في سنده محمد بن عمر الواقدي، وهو ضعيف جدًّا لا يحتج بمثله.
وأخرج أيضًا
(1)
هو والبيهقي
(2)
عن ابن عمر وزيد بن ثابت: أنهما كانا يفعلان ذلك.
وجاء عن ابن عمر خلاف ذلك، رواه ابن أبي شيبة
(3)
.
وأخرج الدارقطني
(4)
عن جابر وابن عباس: أنهما كانا يكبران ثلاثًا ثلاثًا، بسندين ضعيفين.
وقال ابن عبد البرّ في الاستذكار
(5)
: صحّ عن عمر
(6)
، وعليّ
(7)
وابن مسعود
(8)
أنهم كانوا يكبرون ثلاثًا ثلاثًا: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
وقد حكي في البحر
(9)
الإِجماع على مشروعية تكبير التشريق إلا عن النخعي، قال: ولا وجه له.
وقد اختلف في محله فحكى في البحر
(10)
عن عليّ
(11)
وابن عمر
(12)
والعترة والثوري
(13)
وأحمد بن حنبل
(14)
وأبي يوسف
(15)
ومحمد (15) وأحد أقوال الشافعي
(16)
أن محله عقيب كل صلاة من فجر عرفة إلى آخر أيام التشريق.
وقال عثمان بن عفان
(17)
وابن عباس وزيد بن عليّ ومالك
(18)
والشافعي
(1)
أي الدارقطني في سننه (2/ 50 رقم 32).
(2)
في السنن الكبرى (3/ 313).
بسند ضعيف.
(3)
في المصنف (2/ 166).
(4)
في سننه رقم (2/ 50 رقم 32) بسند ضعيف.
(5)
(13/ 173 رقم 18491).
(6)
تقدم في الصفحة السابقة رقم الحاشية (5).
(7)
تقدم في الصفحة السابقة رقم الحاشية (6).
(8)
تقدم في الصفحة السابقة رقم الحاشية (7).
(9)
البحر الزخار (2/ 66).
(10)
البحر الزخار (2/ 66).
(11)
تقدم في الصفحة السابقة رقم الحاشية (7).
(12)
أخرجه البخاري (2/ 461 رقم الباب (12) - مع الفتح) معلقًا.
(13)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (4/ 300).
(14)
المغني (3/ 289).
(15)
البناية في شرح الهداية (3/ 146).
(16)
المجموع شرح المهذب (5/ 36).
(17)
تقدم في الصفحة السابقة رقم الحاشية (9).
(18)
المدونة (1/ 172).
في أحد أقواله
(1)
: بل من ظهر النحر إلى فجر الخامس.
وقال الشافعي في أحد أقواله
(2)
: بل من مغرب يوم النحر إلى فجر الخامس.
وقال أبو حنيفة
(3)
: من فجر عرفة إلى عصر النحر.
وقال داود والزهري
(4)
وسعيد بن جبير
(5)
: من ظهر النحر إلى عصر الخامس.
قال في الفتح
(6)
: وفيه اختلاف بين العلماء في مواضع.
فمنهم من خصّ التكبير على أعقاب الصلوات.
ومنهم من خصّ ذلك بالمكتوبات دون النوافل.
ومنهم من خصه بالرجال دون النساء، وبالجماعة دون المنفرد، وبالمؤداة دون المقضية، وبالمقيم دون المسافر، وساكن المصر دون القرية.
قال
(7)
: وللعلماء أيضًا اختلاف في ابتدائه وانتهائه.
فقيل: من صبح يوم عرفة.
وقيل: من ظهره.
وقيل: من عصره.
وقيل: من صبح يوم النحر.
وقيل: من ظهره.
وقيل: في الانتهاء إلى ظهر يوم النحر.
(1)
الأم (2/ 519) والمجموع (5/ 40).
(2)
الأم (2/ 520).
(3)
البناية في شرح الهداية (3/ 146).
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 167) عن ابن أبي ذئب عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر من صلاة الظهر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 166) عن عبد الكريم عن سعيد بن جبير قال: يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق.
(6)
(2/ 462).
(7)
أي الحافظ في "الفتح"(2/ 462).
وقيل: إلى عصره.
وقيل: إلى ظهر ثانيه.
وقيل: إلى صبح آخر أيام التشريق.
وقيل: إلى ظهره.
وقيل: إلى عصره.
قال: حكى هذه الأقوال كلها النووي
(1)
إلا الثاني من الانتهاء.
وقد رواه البيهقي
(2)
عن أصحاب ابن مسعود، ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث.
وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود: أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى أخرجهما ابن المنذر
(3)
وغيره.
وأما صفة التكبير فأصحّ ما ورد فيه ما أخرجه عبد الرزاق
(4)
بسند صحيح عن سلمان قال: "كبروا: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا".
ونقل عن سعيد بن جبير ومجاهد وعبد الرحمن بن أبي ليلى، أخرجه جعفر الفريابي في كتاب العيدين
(5)
من طريق يزيد بن أبي الزناد عنهم.
وهو قول الشافعي
(6)
وزاد: "ولله الحمد".
وقيل: يكبر ثلاثًا ويزيد: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلخ.
وقيل: يكبر ثنتين بعدهما: لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 180).
(2)
في السنن الكبرى (3/ 314).
(3)
في الأوسط (4/ 300 ث 2201) عن علي. وقد تقدم.
وفي الأوسط (4/ 301 ث 2204) عن ابن مسعود. وقد تقدم.
(4)
عزاه إليه الحافظ في الفتح (2/ 462).
(5)
(ص 119 رقم 62) بسند ضعيف، لضعف يزيد بن أبي الزناد.
(6)
الأم (2/ 520).
جاء ذلك عن عمر
(1)
وابن مسعود
(2)
، وبه قال أحمد
(3)
وإسحاق
(4)
.
وقد أحدث في هذا الزمان زيادة في ذلك لا أصل لها". انتهى كلام الفتح
(5)
.
وقد استحسن البعض زيادات في تكبير التشريق لم ترد عن السلف.
وقد استوفى ذلك الإمام المهدي في البحر
(6)
.
والظاهر أن تكبير التشريق لا يختصّ استحبابه بعقب الصلوات، بل هو مستحبّ في كل وقت من تلك الأيام كما تدلّ على ذلك الآثار المذكورة
(7)
.
(1)
تقدم تخريجه خلال شرح الحديث (1309) من كتابنا هذا.
(2)
تقدم تخريجه خلال شرح الحديث (1309) من كتابنا هذا.
(3)
المغني (3/ 290).
(4)
حكاه عنه ابن قدامة في المرجع السابق.
(5)
(2/ 462).
(6)
البحر الزخار (2/ 67).
(7)
أحكام تتعلق بالعيدين:
أولًا - عدم اختصاصه صلى الله عليه وسلم ليلة العيد بصلاة.
لم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم اختصاص ليلة الفطر أو الأضحى بقيام أو بصلاة معينة، وكل ما يروى في ذلك موضوع.
1 -
أخرج ابن الجوزي في الموضوعات رقم (1015).
عن عبد الله بن مسعود، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"والذي بعثني بالحق إن جبريل عليه السلام أخبرني عن إسرافيل عن ربه عز وجل: أنه من صلَّى ليلة الفطر مائة ركعة، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} عشرَ مرات، ويقول في كل ركوعه وسجوده عشر مرَّات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، فإذا فرغ من صلاته استغفر مائة مرة ثم يسجد، ثم يقول: يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، يا أرحمَ الراحمين، يا إله الأولين والآخرين اغفر لى ذنوبي، وتقبل صومي وصلاتي. والذي بعثني بالحق إنه لا يرفعُ رأسه من السجود حتى يغفر الله عز وجل له، ويتقبل منه شهر رمضان ويتجاوز عن ذنوبه، وإن كان قد أذنب سبعين ذنبًا كل ذنب أعظم من جميع أهل النار، ويتقبل من كُورَته شهر رمضان. قال: قلت: يا جبريل يتقبل منه خاصة ومن جميع أهل بلده عامة؟ قال: والذي بعثني بالحق إن كرامته على الله عز وجل أعظم منزلةً منهم. ويتقبل من جميع أهل المشرق والمغرب صلاتهم ويستجيبُ لهم دعاءَهُم، والذي بعثني بالحق نبيًا من صلى هذه الصلاة واستغفر هذا الاستغفار فإن الله عز وجل يتقبل صلاته ثم قال: {تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [هود: 3] وقال: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المزمل: 20] وقال: {وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذه هدية لأمتي الرجال والنساء لم يُعْطِها لمن كان قبلي". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه ابن الجوزي من طريق شيوخه، وأورده السيوطي في "اللآلئ" (2/ 60 - 61) وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 94) وأقرا عليه. قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يُشك في وضعه، وفيه جماعة لا يُعرفون أصلًا. وقال الشوكاني في "الفوائد المجموعة" رقم (149/ 109): هو موضوع، وفيه مجاهيل. وهو كما قال.
2 -
أخرج ابن الجوزي في الموضوعات رقم (1019).
عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى ليلة النحر ركعتين يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب خمس عشرة مرةً، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} خمس عشرة مرةً، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} خمس عشرة مرة، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} خمس عشرة مرة، فإذا سلّم قرأ آية الكرسي ثلاث مراتٍ، ويستغفر الله خمس عشرة مرة، جعل الله اسمه في أصحاب الجنة، وغفر له ذنوب السرّ، وذنوب العلانية، وكتب له بكل آية قرأها حجةً وعمرة، وكأنما أعتق ستين رقبة من ولدِ إسماعيل، فإن مات فيما بينه وبين الجمعة الأخرى مات شهيدًا".
أخرجه ابن الجوزي من طريق شيوخه؛ وأورده السيوطي في "اللآلئ"(2/ 62 - 63) وابن عراق في "تنزيه الشريعة"(2/ 95 - 96) وأقرّا عليه. قال الشوكاني في "الفوائد المجموعة" رقم (155/ 115): "في إسناده: أحمد بن محمد بن غالب، هو غلام خليل. وضاع".
وهو حديث موضوع، والله أعلم.
3 -
أورد الشوكاني في "الفوائد المجموعة" رقم (151/ 111) حديث: من السنة اثنتا عشرة ركعة بعد عيد الفطر. وست ركعات بعد عيد الأضحى، قال في "المختصر" - مختصر المجد صاحب القاموس -: لا أصل له.
4 -
أخرج ابن ماجه في سننه رقم (1782) عن أبي أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قام ليلتي العيدين محتسبًا لله لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(2/ 46): "هذا إسناد ضعيف لتدليس بقية، ورواته ثقات، لكن لم ينفرد به بقية عن ثور بن يزيد، فقد رواه الأصبهاني في "كتاب الترغيب" من طريق عمر بن هارون البلخي وهو ضعيف عن ثور به.
وله شاهد من حديث عبادة بن الصامت، رواه الطبراني في الأوسط والكبير والأصبهاني من حديث معاذ بن جبل، فيتقوى بمجموع طرقه" اهـ.
- قال الألباني في "الضعيفة"(2/ 11 رقم 521): "قلت: بقية سيء التدليس فإنه يروي عن الكذابين عن الثقات ثم يسقطهم من بينه وبين الثقات، ويدلس عنهم. فلا يبعد أن يكون شيخه الذي أسقطه في هذا الحديث من أولئك الكذابين .. رأيت الحديث من رواية عمر بن هارون الكذاب، والمذكور في الحديث السابق، يرويه عن ثور بن يزيد به.
فلا أستبعد أن يكون هو الذي تلقاه بقية عنه ثم دلسه وأسقطه، وسيأتي تخريج حديثه فيما بعد إن شاء الله تعالى برقم (5163) " اهـ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال الألباني رحمه الله (11/ ق 1/ 268): "فأقول الآن: فقد تعين الآن الكذاب الذي يمكن أن يكون بقية تلقاه عنه ثم دلسه ألا وهو البلخي - عمر بن هارون البلخي - هذا.
وخالفهما إبراهيم بن محمد؛ فقال: قال ثور بن يزيد: عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء موقوفًا به.
أخرجه البيهقي في الشعب (3/ 341/ 3711).
وإبراهيم هذا متهم" اهـ.
وأما الشاهد وهو حديث عبادة بن الصامت، فقد أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط كما في "مجمع الزوائد"(2/ 198) عن عبادة بن الصامت.
وفيه عمر بن هارون البلخي، قال ابن حبان في المجروحين (2/ 91):"كان ممن يروي عن الثقات المعضلات، ويدعي شيوخًا لم يرهم".
وخلاصته القول أن حديث أبي أمامة، وحديث عبادة بن الصامت. حديث موضوع.
(ثانيًا): استحباب الاغتسال والتطيب قبل الخروج إلى الصلاة:
1 -
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 309) والفريابي في "أحكام العيدين" رقم (83).
من طريق موسى بن عقبة عن نافع أن ابن عمر كان يغتسل ويتطيب يوم الفطر. بسند صحيح.
2 -
أخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده، كما في "المطالب العالية" رقم (753)، قال محمد بن إسحاق، قلت لنافع: كيف كان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي يوم العيد؟ قال: كان يشهد صلاة الفجر مع الإمام، ثم يخرج إلى بيته، فيغتسل غسله من الجنابة، ويلبس أحسن ثيابه، ويتطيب بأحسن ما عنده، ثم يخرج حتى يأتي المصلى، فيجلس فيه، حتى يجيء الإمام فإذا جاء الإمام صلى معه، ثم يرجع فيدخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي فيه ركعتين، ثم يأتي بيته. بسند حسن.
3 -
أخرج الفريابي في "أحكام العيدين" رقم (16)
عن الجعد بن عبد الرحمن، قال: رأيت السائب بن يزيد يغتسل قبل أن يخرج إلى المصلى. بسند حسن.
4 -
أخرج الفريابي في "أحكام العيدين" رقم (18) عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب قال: سنة الفطر ثلاث، المشي إلى المصلى، والأكل قبل الخروج، والاغتسال. بسند حسن.
• واعلم أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب حديث مرفوع.
أما الأحاديث الواردة فهي أربعة ضعيفة، من حديث ابن عباس، والفاكه بن سعد، وأبي هريرة، وراو مجهول.
1 -
أما حديث ابن عباس، فقد أخرجه ابن ماجه رقم (1315) عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 431): "هذا إسناد ضعيف لضعف جبارة، وكذلك حجاج ومع ضعفه، قال فيه العقيلي: روى عن ميمون بن مهران أحاديث لا يتابع عليها.
ورواه البيهقي - في السنن الكبرى (3/ 278) - من طريق ابن ماجه. قال ابن عدي - في "الكامل"(2/ 646) -: رواياته ليست بالمستقيمة" اهـ.
وأخرج الطبراني في "المعجم الكبير" كما في "مجمع الزوائد"(2/ 198) من حديث ابن عباس، قال:"كنا نأكل ونشرب ونغتسل ثم نخرج إلى المصلى".
وهو حديث ضعيف جدًّا.
2 -
وأما حديث الفاكه بن سعد، فقد أخرجه ابن ماجه رقم (1316) وأحمد (4/ 78) والطبراني في الكبير (ح 18 رقم 828) عنه وكانت له صحبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة وكان الفاكه يأمر أهله بالغسل في هذه الأيام.
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 431): هذا إسناد ضعيف، فيه يوسف بن خالد قال فيه ابن معين: كذاب خبيث زنديق، قلت: وكذبه غير واحد، وقال ابن حبان كان يضع الحديث" اهـ.
وهو حديث موضوع.
3 -
وأما حديث أبي هريرة فقد أخرجه الطبراني في الأوسط رقم (5784) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان، وغدا بغُسْل إلى المصلى، وختمه بصدقةٍ رجع مغفورًا له".
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 198) وقال: "وفيه نصر بن حماد وهو متروك".
4 -
وأما حديث المجهول فهو من رواية محمد بن عبيد الله عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل للعيدين.
أخرجه البزار في مسنده (رقم: 648 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 198) وقال: رواه البزار، ومندل فيه كلام، ومحمد هذا ومن فوقه لا أعرفهم". وهو حديث ضعيف جدًّا.
ثالثًا - لم يرد في التهنئة في العيد سنة مرفوعة أو موقوفة ثابتة:
أما الأحاديث الواردة فهي ضعيفة، من حديث واثلة بن الأسقع، وعبادة بن الصامت.
1 -
أما حديث واثلة بن الأسقع، فقد أخرجه ابن عدي في "الكامل"(6/ 2274) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 319).
من طريق محمد بن إبراهيم الشامي، حدثنا بقية، عن ثور، عن خالد بن معدان، عنه، قال:"لقيتُ النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عيد، فقلت: يا رسول الله تقبل الله منا ومنك، قال: "نعم تقبل الله منا ومنك".
قال ابن عدي: وهذا منكر لا أعلم يرويه عن بقية، غير محمد بن إبراهيم هذا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال البيهقي: قد رأيته بإسناد آخر عن بقية موقوفًا غير مرفوع ولا أراه محفوظًا.
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
2 -
وأما حديث عبادة بن الصامت، فقد أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 320) من طريق عبد الخالق بن زيد بن واقد الدمشقي، عن أبيه، عن مكحول، عنه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الناس في العيدين: "تقبل الله منا ومنكم" قال: "ذلك فعل أهل الكتابين، وكرهه".
قال البيهقي: عبد الخالق بن زيد منكر الحديث قاله البخاري.
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
• قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" وهو بذيل السنن الكبرى (3/ 319 - 320): "في هذا الباب حديث جيد أغفله البيهقي، وهو حديث محمد بن زياد، قال: كنت مع أبي أمامة وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنك.
قال أحمد بن حنبل: إسناده إسناد جيد" اهـ.
[ثاني وعشرون][أبواب]
(1)
صلاة الخوف
[الباب الأول] باب الأنواع المروية في صفتها
1/ 1310 - (عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ ذَاتِ الرّقاعِ أن الطَّائِفَةَ صَفَّتْ مَعَهُ، وَطائِفَةً وجاهَ العَدُوِّ، فَصَلَّى بالَّتي مَعَهُ رَكْعَةً، ثُم ثَبَتَ قائِمًا، فأتمُّوا لأنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وِجاهَ العَدُوِّ، وَجاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلاتِهِ فأتمُّوا لأنْفُسِهِمْ فَسَلَّمَ بِهِمْ. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ
(2)
. [صحيح]
وَفِي رِوَايَةٍ أخرى لِلْجَمَاعَةِ
(3)
عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أبي حَثْمَةَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ هَذه الصّفَةِ). [صحيح]
قوله: (عمن صلى مع النبيّ صلى الله عليه وسلم) قيل: هو سهل بن أبي حثمة كما وقع في الرواية الأخرى (3).
(1)
في المخطوط (أ) و (ب): (كتاب) وأبدلتها بـ (أبواب) لضرورة التبويب.
(2)
أخرجه أحمد (5/ 370) والبخاري رقم (4129) ومسلم رقم (310/ 842) وأبو داود رقم (1238) والنسائي (3/ 171) وفي الكبرى (2/ 368 رقم 1938) والترمذي رقم (567).
قلت: وأخرجه مالك في الموطأ (1/ 183) وأبو عوانة رقم (2426) والطحاوي في شرح مشكل الآثار رقم (4218) وفي شرح المعاني (1/ 312 - 313) والدارقطني (2/ 60) والبيهقي في المعرفة رقم (6702) وفي السنن الكبرى (3/ 252 - 253) وفي الدلائل (3/ 376 - 377) والبغوي في شرح السنة رقم (1094).
وهو حديث صحيح.
(3)
أخرجه أحمد (3/ 448) والبخاري رقم (4131) ومسلم رقم (309/ 841) والترمذي رقم (566) والنسائي (3/ 170 - 171) وفي الكبرى رقم (1937) وأبو داود رقم (1237) وابن ماجه رقم (1259).
قلت: وأخرجه الدارمي (1/ 358) وابن خزيمة رقم (1357) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 310) والطبراني في المعجم الكبير رقم (5632) والبيهقي (3/ 253 - 254، 254) وفي المعرفة رقم (6710) وفي الدلائل (3/ 377) من طرق.
وهو حديث صحيح.
وقد أخرج البيهقي
(1)
وابن منده في المعرفة
(2)
الحديث عن صالح بن خوّات عن أبيه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فيمكن أن يكون هو المبهم.
قوله: (يوم ذات الرقاع) هي غزوة نجد لقي بها النبيّ صلى الله عليه وسلم جمعًا من غطفان فتوافقوا ولم يكن بينهم قتال، وصلى النبيّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف، وسميت ذات الرقاع
(3)
لأنها نقبت أقدامهم فلفوا على أرجلهم الخرق.
وقيل: إن [في]
(4)
ذلك المحلّ الذي غزوا إليه حجارة مختلفة الألوان كالرقاع المختلفة.
والحديث يدلّ على أن من صفات صلاة الخوف أن يصلي الإِمام في الثنائية بطائفة ركعة، ثم ينتظر [قائمًا]
(5)
حتى يتموا لأنفسهم ركعة ويذهبوا فيقوموا وجاه العدوّ، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلون معه الركعة الثانية، ثم ينتظر [جالسًا]
(6)
حتى يتموا لأنفسهم ركعة ويسلم بهم.
وقد حكي في البحر
(7)
أن هذه الصفة لصلاة الخوف قال بها عليّ وابن عباس وابن مسعود وابن عمر وأبو هريرة وزيد بن ثابت وأبو موسى وسهل بن أبي حثمة والهادي والقاسم والمؤيد بالله وأبو العباس.
قال النووي
(8)
: وبها أخذ مالك
(9)
والشافعي
(10)
وأبو ثور
(11)
وغيرهم، انتهى.
(1)
في السنن الكبرى (3/ 252 - 253).
(2)
معرفة الصحابة، ابن منده (أبو عبد الله، محمد بن إسحاق ت (395 هـ). انظر: معجم المصنفات رقم (773 و 790 و 1282).
(3)
للحديث الذي أخرجه البخاري رقم (4128) ومسلم رقم (1816).
عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة ونحن ستَّةُ نفرٍ بيننا بعير نعتقِبُهُ، فَنَقِبَتْ أقدامُنَا، ونقبت قدماي وسقطت أظفاري، وكُنَّا نلفُّ على أرجُلِنا الخِرَق، فسميت غزوة ذاتِ الرقاع لما كُنَّا نعصِبُ من الخِرَق على أرجُلنا. وحدث أبو موسى بهذا، ثم كره ذاك، قال: ما كنتُ أصنَعُ بأن أذكرَهُ، كأنه كره أن يكونَ شيء من عملِهِ أفشاه".
(4)
و
(5)
و
(6)
زيادة من المخطوط (ب).
(7)
البحر الزخار (2/ 49).
(8)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 125).
(9)
المدونة (1/ 161).
(10)
الأم (2/ 438).
(11)
فقه أبي ثور ص 267 - 268.
وقد أخذ بكل نوع من أنواع صلاة الخوف الواردة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم طائفة من أهل العلم كما سيأتي.
والحق الذي لا محيص عنه أنها جائزة على كل نوع من الأنواع الثابتة.
وقد قال أحمد بن حنبل
(1)
: لا أعلم في هذا الباب حديثًا إلا صحيحًا، فلا وجه للأخذ ببعض ما صحّ دون بعض، إذ لا شكّ أن الأخذ بأحدها فقط تحكم محضٍ.
وقد اختلف في عدد الأنواع الواردة في صلاة الخوف.
فقال ابن القصار المالكي
(2)
: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلاها في عشرة مواطن.
وقال النووي
(3)
: إنه يبلغ مجموع أنواع صلاة الخوف ستة عشر وجهًا كلها جائزة.
وقال الخطابي
(4)
: صلاة الخوف أنواع صلاها النبيّ صلى الله عليه وسلم في أيام مختلفة وأشكال متباينة يتحرّى في كلها ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة، فهي على اختلاف صورها متفقة المعنى. وسرد ابن المنذر
(5)
في صفتها ثمانية أوجه.
(1)
المغني (3/ 311).
(2)
حكاه عنه النووي في شرحه لصحيح مسلم (6/ 126) والحافظ في الفتح (2/ 431).
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 126).
(4)
في "معالم السنن"(2/ 28 - مع النسن).
(5)
في الأوسط (5/ 27 - 36) في صفتها ثمانية أوجه هي:
الأول: ذكر صلاة الإمام في شدة الخوف لكل طائفة ركعة ليكون للإمام ركعتان ولكل طائفة ركعة.
الثاني: إذا كان العدو بين الإمام وبين القبلة وافتتاح الطائفتين الصلاة مع الإمام وركوعهما مع الإمام.
الثالث: يفتتح القوم جميعًا مع الإمام الصلاة غير أن الصف الثاني يفتتحون صلاتهم مع الإمام وهم قعود ويفتتح الصف الأول مع الإمام وهم قيام.
الرابع: العدو خلف القبلة وصلاة الإمام لكل طائفة ركعتين.
الخامس: إذا كان العدو خلف القبلة والرخصة للطائفة الأولى في ترك استقبال القبلة بعد فراغها من الركعة الأولى للحراسة وقضاء الطائفتين الركعة الثانية بعد تسليم الإمام.
السادس: إذا كان العدو خلف القبلة وإتمام الطائفة الأولى الركعة الثانية قبل الإمام وانتظار الإمام الطائفة الأولى قائمًا لتفرغ من صلاتها. =
وكذا ابن حبان
(1)
وزاد تاسعًا.
وقال ابن حزم
(2)
: صحّ فيها أربعة عشر وجهًا وبينها في جزء مفرد.
وقال ابن العربي
(3)
: جاء فيها روايات كثيرة أصحها ستّ عشرة رواية مختلفة ولم يبينها، وقد بينها العراقي في شرح الترمذي وزاد وجهًا آخر فصارت سبعة عشر وجهًا.
وقال في الهدي
(4)
: أصولها ستّ صفات، وبلّغها بعضهم أكثر. وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة جعلوا ذلك وجهًا فصارت سبعة عشر، لكن يمكن أن تتداخل أفعال النبيّ صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من اختلاف الرواة.
قال الحافظ
(5)
: وهذا هو المعتمد.
وقال ابن العربي أيضًا: صلاها النبيّ صلى الله عليه وسلم[أربعًا]
(6)
وعشرين مرّة.
وقال أحمد
(7)
: ثبت في صلاة الخوف ستة أحاديث أو سبعة، أيها فعل المرء جاز، ومال إلى ترجيح حديث سهل بن أبي حثمة، وكذا رجحه الشافعي
(8)
.
= السابع: الرخصة لإحدى الطائفتين أن تكبر مع الإمام وهي غير مستقبلة القبلة إذا كان العدو خلف القبلة، وانتظار الإمام قائمًا الطائفة التي كبرت غير مستقبلي القبلة لتصلي الركعة الأولى التي سبقهم بها الإمام، وانتظار الطائفة الأولى قاعدًا بعد فراغه من الركعتين قبل السلام، لتقضي الركعة الثانية فيسلمون إذا سلم الإمام.
الثامن: أن ينتظر الإمام الطائفة الأولى بعد سجدة بين الركعة الأولى لتسجد السجدة الثانية، وانتظار الثانية حتى تركع ركعة لتلحق بالإمام فتسجد معه السجدة الثانية، ثم ينتظرهم الإمام قائمًا ليسجدوا السجدة الثانية وجمع الإمام الطائفتين ليكون فراغهم جميعًا من الصلاة معًا.
(1)
في صحيحه رقم (7/ 123 - 147).
(2)
في جزء مفرد كما في "الفتح"(2/ 431).
(3)
في "عارضة الأحوذي"(3/ 45).
(4)
في زاد المعاد (1/ 512 - 513).
(5)
في "الفتح"(2/ 431).
(6)
في المخطوط (ب): أربعة.
(7)
المغني (3/ 302).
(8)
الأم (2/ 438 - 439).
ولم يختر إسحاق
(1)
شيئًا على شيء، وبه قال الطبري
(2)
وغير واحد منهم ابن المنذر
(3)
.
قال النووي
(4)
: ومذهب العلماء كافة أن صلاة الخوف مشروعة اليوم كما كانت، إلا أبا يوسف
(5)
والمزني فقالا: لا تشرع بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم، انتهى.
وقال بقولهما الحسن بن زياد واللؤلؤي من أصحابه وإبراهيم بن علية كما في الفتح
(6)
.
واستدلوا بمفهوم قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} [النساء: 102]، وأجاب الجمهور عن ذلك بأنَّ شرط كونه صلى الله عليه وسلم فيهم إنما ورد لبيان الحكم لا لوجوده.
والتقدير: بين لهم بفعلك لكونه أوضح من القول، كما قال ابن العربي
(7)
وغيره.
وقال ابن المنيِّر
(8)
: الشرط إذا خرج مخرج التعليم لا يكون له مفهوم كالخوف في قوله تعالى: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101].
وقال الطحاوي
(9)
: كان أبو يوسف قد قال مرّة: لا تصلى صلاة الخوف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزعم أن الناس إنما صلوها معه صلى الله عليه وسلم لفضل الصلاة معه.
قال: وهذا القول عندنا ليس بشيء اهـ.
(1)
قال إسحاق: كلها على أوجه خمسة أو أكثر، فأيها أخذت به أجزأك، وقول سهل يجزئ ولسنا نختار به على غيره.
حكاه الكوسج في مسائل أحمد وإسحاق (1/ 90).
(2)
حكاه الحافظ في "الفتح"(2/ 431) عنه.
(3)
في الأوسط (5/ 44) والمغني (3/ 311).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 226).
(5)
انظر: بدائع الصنائع (1/ 242) وعيون المجالس (1/ 422).
(6)
(2/ 430).
(7)
في "عارضة الأحوذي"(3/ 45).
(8)
حكاه عنه الحافظ في الفتح (2/ 430).
(9)
في شرح معاني الآثار (2/ 320).
وأيضًا لأصل تساوي الأمة في الأحكام المشروعة فلا يقبل التخصيص بقوم دون قوم إلا بدليل.
واحتجّ عليهم الجمهور بإجماع الصحابة على فعل هذه الصلاة بعد موت النبيّ صلى الله عليه وسلم، وبقوله صلى الله عليه وسلم:"صلوا كما رأيتموني أصلي"
(1)
، وعموم منطوق هذا الحديث مقدّم على ذلك المفهوم.
وقد اختلف في صلاة الخوف في الحضر؛ فمنع من ذلك ابن الماجشون
(2)
والهادوية
(3)
وأجازه الباقون
(4)
.
احتجّ الأولون بقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101].
وُردّ بما تقدم في أبواب صلاة المسافر.
واحتجوا أيضًا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلها إلا في سفر.
وُردّ بأن اعتبار السفر وصف طردي ليس بشرط ولا سبب، وإلا لزم أن لا تصلي إلا عند الخوف من العدوّ الكافر.
وأما الاحتجاج بأنه صلى الله عليه وسلم لم يصلها يوم الخندق وفات عليه العصران وقضاهما بعد المغرب، ولو كانت جائزة في الحضر لفعلها.
فيجاب عنه بأن ذلك كان قبل نزول صلاة الخوف كما رواه النسائي
(5)
وابن حبان
(6)
والشافعي
(7)
.
وقد تقدم الكلام على هذا في باب الترتيب في قضاء الفوائت.
(1)
أخرجه أحمد (5/ 53) والبخاري رقم (63) وهو حديث صحيح تقدم.
(2)
حكاه عنه الحافظ في الفتح (2/ 430).
(3)
البحر الزخار (2/ 49).
(4)
المغني (3/ 304 - 305) الأم (2/ 474) والمجموع (4/ 304)، والأوسط (5/ 45 - 46).
(5)
في سننه رقم (661).
(6)
في صحيحه رقم (2890).
(7)
في المسند (رقم 553 - ترتيب).
قلت: وأخرجه أحمد (3/ 25، 67 - 68) والدارمي (1/ 358) وأبو يعلى رقم (1296) وغيرهم كلهم من حديث أبي سعيد الخدري وهو حديث صحيح.
1 - نوع آخر [صلاة الإمام بكل طائفة ركعة وقضاء كل طائفة ركعة]
2/ 1311 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: صَلّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الخَوْفِ بإحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً، وَالطَّائِفَةُ الأخْرَى مُوَاجِهَةٌ لِلْعَدُوِّ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وَقامُوا فِي مُقامِ أصْحابِهِمْ مُقْبِلِين على العَدُوِّ وَجاءَ أُولَئِكَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ، ثم قَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَةً، وَهَؤُلَاءِ رَكْعَةً. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(1)
. [صحيح]
الحديث فيه أن من صفة صلاة الخوف أن يصلي الإمام بطائفة من الجيش ركعة، والطائفة الأخرى قائمة تجاه العدوّ، ثم تنصرف الطائفة التي صلّت معه الركعة [الأولى]
(2)
وتقوم وجاه العدوّ، وتأتي الطائفة الأخرى فتصلي معه ركعة، ثم تقضي كل طائفة لنفسها ركعة.
قال في الفتح
(3)
: وظاهر قوله: "ثم قضى هؤلاء ركالة وهؤلاء ركعة"، أنهم أتموا في حالة واحدة. ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب.
قال
(4)
: وهو الراجح من حيث المعنى، وإلا فيستلزم تضييع الحراسة المطلوبة وإفراد الإِمام وحده. ويرجحه ما رواه أبو داود
(5)
من حديث ابن مسعود ولفظه: "ثم سلم وقام هؤلاء"، أي الطائفة الثانية "فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا ثم ذهبوا ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا".
قال (4): وظاهره أن الطائفة الثانية والتي بين ركعتيها، ثم أتمت الطائفة الأولى بعدها.
قال النووي
(6)
: وبهذا الحديث أخذ الأوزاعي وأشهب المالكي، وهو جائز عند الشافعي.
(1)
أحمد (2/ 132، 147 - 148، 155) والبخاري رقم (4133) ومسلم رقم (305/ 839).
(2)
زيادة من المخطوط ط (ب).
(3)
(2/ 430 - 431).
(4)
أي الحافظ في الفتح (2/ 431).
(5)
في سننه رقم (1244) وهو حديث ضعيف.
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 125).
وقال في الفتح
(1)
: وبهذه الكيفية أخذ الحنفية
(2)
.
وحكى هذه الكيفية في البحر
(3)
عن محمد وإحدى الروايتين عن أبي يوسف.
واستدل بقوله: طائفة، على أنه لا يشترط استواء الفريقين في العدد، لكن لا بد أن تكون التي تحرس تحصل الثقة بها في ذلك.
قال في الفتح (1): والطائفة تطلق على القليل والكثير حتى على الواحد، فلو كانوا ثلاثة ووقع لهم الخوف جاز لأحدهم أن يصلي بواحد ويحرس واحد، ثم يصلي الآخر وهو أقلّ ما يتصوّر في صلاة الخوف جماعة، انتهى.
وقد رجح ابن عبد البر
(4)
هذه الكيفية الواردة في حديث ابن عمر على غيرها لقوّة الإسناد ولموافقة الأصول في أن المأموم لا يتمّ صلاته قبل سلام إمامه.
2 - نوع آخر [اشتراك الطائفتين مع الإمام وتقدم الثانية وتأخر الأولى والسلام جميعًا]
3/ 1312 - (عَنْ جابِرٍ قالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الخَوْفِ فَصَفَّنا صَفَّيْنِ خَلْفَهُ، وَالعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَكَبَّرَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَكَبَّرْنا جَمِيعًا، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنا جَمِيعًا، ثُمَّ انْحَدَرَ بالسّجُودِ وَالصَّف الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ الصَّفُّ المؤخر في نَحْرِ العَدُوّ؛ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السُّجُودَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ انْحَدَرَ الصَّفُّ المُؤَخرُ بالسُّجُودِ وَقامُوا، ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ المُؤَخَّرُ وَتأخَّرَ الصَّفُّ المُقَدمُ، ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَكَعْنا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رأسَهُ مِنَ الركُوعِ وَرَفَعْنا جَمِيعًا، ثُمَّ انْحَدَرَ بالسُّجُودِ والصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ الَّذِي كانَ
(1)
(2/ 431).
(2)
البناية في شرح الهداية للعيني (3/ 182).
(3)
البحر الزخار (2/ 50).
(4)
في "التمهيد"(5/ 265).
مُؤَخَّرًا فِي الرَّكْعَةِ الأُولى، وَقامَ الصَّفُّ المُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ العَدُوّ؛ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السُّجُودَ بالصَّفّ الَّذِي يَلِيهِ، انْحَدَرَ الصَّفُّ المُؤَخَّرُ بالسُّجُودِ فَسَجَدُوا، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمْنَا جَمِيعًا. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ
(2)
وَابْنُ مَاجَهْ
(3)
وَالنَّسَائيُّ)
(4)
. [صحيح]
4/ 1313 - (وَرَوَى أَحْمَدُ
(5)
وَأَبُو دَاوُدَ
(6)
وَالنَّسائِيُّ
(7)
هَذِهِ الصفَةَ مِنْ حديث أَبِي عَيَّاش الزرَقِيّ وقَالَ: فَصلّاها رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِعُسْفَانَ، وَمَرَّةً بأَرْضِ بَنِي سُلَيْم). [صحيح]
الحديث الثاني رجال إسناده عند أبي داود والنسائي رجال الصحيح.
وفي الحديثين أن صلاة الطائفتين مع الإِمام جميعًا واشتراكهم في الحراسة ومتابعته في جميع أركان الصلاة إلا السجود فتسجد معه طائفة وتنتظر الأخرى حتى تفرغ الطائفة الأولى ثم تسجد، وإذا فرغوا من الركعة الأولى تقدمت الطائفة المتأخرة مكان الطائفة المتقدمة وتأخرت المتقدمة.
قال النووي
(8)
: وبهذا الحديث قال الشافعي وابن أبي ليلى وأبو يوسف إذا كان العدوّ في جهة القبلة.
قال: ويجوز عند الشافعي تقدّم الصفّ الثاني وتأخر الأوّل كما في رواية جابر، ويجوز بقاؤهما على حالهما كما هو ظاهر حديث ابن عباس، انتهى.
قوله: (مرّة بعسفان) أشار البخاري
(9)
إلى أن صلاة جابر مع النبيّ صلى الله عليه وسلم كانت بذات الرقاع كما سيأتي، ويجمع بتعداد الواقعة وحضور جابر في الجميع.
(1)
في المسند (3/ 319).
(2)
في صحيحه رقم (307/ 840).
(3)
في سننه رقم (1260).
(4)
في سننه رقم (1547).
وهو حديث صحيح.
(5)
في المسند رقم (4/ 59، 60).
(6)
في السنن رقم (1236).
(7)
في سننه رقم (1550).
وهو حديث صحيح.
(8)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 126).
(9)
الحديث رقم (1314) من كتابنا هذا.
3 - نوع آخر [صلاة الإمام بكل طائفة ركعتين بسلام]
5/ 1314 - (عَنْ جَابِرٍ قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِذَاتِ الرّقاعِ وأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى بِطائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تأخَّرُوا، وصَلَّى بالطَّائِفَةِ الأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، فَكانَ للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أرْبَعٌ، وَللْقَوْمِ رَكْعَتَانِ. مُتّفَقٌ عَلَيْهِ
(1)
. [صحيح]
وَللشَّافِعِيّ
(2)
وَالنَّسِائِي
(3)
عَنِ الحَسَنِ عَنْ جابِرٍ: أنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلّى بِطَائِفَةٍ مِنْ أصْحابِهِ رَكعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى بِآخَرِينَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ). [صحيح]
6/ 1315 - (وَعَنِ الحَسَنِ عَنْ أبي يَكْرَةَ قالَ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الخَوْفِ، فَصَلَّى بِبَعْضِ أصْحابِهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ تأخَّرُوا وَجاءَ الآخَرُونَ فَكانُوا فِي مُقامِهِمْ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَصَارَ للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أرْبَعُ رَكعاتٍ، وَللْقَوْمِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
والنَّسَائِيُّ
(5)
وأَبُو دَاوُدَ
(6)
وَقالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أبي كَثِيرٍ عَنْ أبي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَذَلِكَ قالَ سُلَيْمَانُ اليَشْكُرِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم). [صحيح]
رواية الحسن عن جابر أخرجها أيضًا ابن خزيمة
(7)
.
وروايته عن أبي بكرة أخرجها أيضًا ابن حبان
(8)
والحاكم
(9)
(1)
أحمد في المسند (3/ 364) والبخاري رقم (4136) ومسلم رقم (311/ 843).
(2)
في المسند (506 - ترتيب) بسند ضعيف.
(3)
في سننه رقم (1554).
وهو حديث صحيح.
(4)
في المسند (5/ 39، 49).
(5)
في سننه رقم (1555).
(6)
في سننه رقم (1248).
وهو حديث صحيح.
(7)
في صحيحه رقم (1353).
(8)
في صحيحه رقم (2881).
(9)
في المستدرك (1/ 337) وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
والدارقطني
(1)
، وأعلها ابن القطان بأن أبا بكرة أسلم بعد وقوع صلاة الخوف بمدة.
قال الحافظ
(2)
: وهذه ليست بعلة فإنه يكون مرسل صحابي.
وحديث جابر وأبي بكرة يدلان على أن من صفات صلاة الخوف أن يصلي الإمام بكل طائفة ركعتين فيكون مفترضًا في ركعتين ومتنفلًا في ركعتين.
قال النووي
(3)
: وبهذا قال الشافعي
(4)
وحكوه عن الحسن البصري
(5)
.
وادّعى الطحاوي
(6)
أنه منسوخ، ولا تقبل دعواه إذ لا دليل لنسخه اهـ.
وهكذا ادّعى نسخ هذه الكيفية الإِمام المهدي في البحر
(7)
فقال: قلنا منسوخ أو في الحضر اهـ.
والحامل له وللطحاوي على ذلك أنهما لا يقولان بصحة صلاة المفترض خلف المتنفل، وقد قدمنا الاستدلال على صحة ذلك بما فيه كفاية.
قال أبو داود في السنن
(8)
: وكذلك المغرب يكون للإِمام ستّ ركعات وللقوم ثلاث، انتهى.
وهو قياس صحيح.
4 - نوع آخر [اشتراك الطائفتين مع الإمام في القيام والسلام]
7/ 1316 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ، قالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم صَلاةَ
(1)
في سننه (2/ 12 رقم (61).
قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 259).
وهو حديث صحيح.
(2)
في "التلخيص"(2/ 151).
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 126).
(4)
في "الأم"(2/ 475).
(5)
حكاه عنه ابن قدامة في "المغني"(3/ 313).
(6)
في شرح معاني الآثار (1/ 317).
(7)
البحر الزخار (2/ 52).
(8)
في السنن (2/ 41).
الخَوْفِ عامَ غَزْوَةِ نَجْدٍ، فَقَامَ إلى صَلاةِ العَصْرِ فَقامَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ، وَطائِفَةٌ أُخْرَى مُقابِلَ العَدُوّ وَظُهُورُهُمْ إلى القِبْلَةِ، فَكبَّرَ فَكبرُوا جَمِيعًا الَّذِينَ مَعَهُ وَالَّذِين مُقابِلَ العَدُوّ، ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَةً وَاحِدَةً وَرَكَعَتِ الطَّائِفَةُ الَّتي مَعَهُ؛ ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيهِ والآخَرُونَ قِيامٌ مُقابِلي العَدُوّ، ثُمَّ قامَ وَقَامَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَهُ، فَذَهَبُوا إلى العَدُوّ فَقابَلُوهُمْ وأقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كانَتْ مُقابِلَ العَدُوّ، فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كما هُوَ؛ ثُمَّ قامُوا فَرَكَعَ رَكْعَةً أُخْرَى وَرَكَعُوا مَعَهُ وَسَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ أقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كانَتْ مُقابِلَ العَدُوّ فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قاعِدٌ وَمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ كانَ السَّلامُ فَسَلَّم وَسَلَّمُوا جَمِيعًا، فَكانَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَانِ، وَلكُلّ [طائِفَةٍ]
(1)
رَكْعَتَانِ، رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وَأبُو دَاوُدَ
(3)
وَالنَّسَائِيُّ)
(4)
. [صحيح]
الحديث سكت عنه أبو داود
(5)
والمنذري
(6)
، ورجال إسناده ثقات عند أبي داود والنسائي.
وساقه أبو داود
(7)
أيضًا من طريق أخرى عن أبي هريرة، وفي إسنادها محمد بن إسحاق وفيه مقال مشهور إذا لم يصرّح بالتحديث وقد عنعن ههنا
(8)
.
والحديث فيه أن من صفة صلاة الخوف أن تدخل الطائفتان مع الإمام في الصلاة جميعًا، ثم تقوم إحدى الطائفتين بإزاء العدوّ وتصلي معه إحدى الطائفتين ركعة ثم يذهبون فيقومون في وجاه العدوّ، ثم تأتي الطائفة الأخرى فتصلي لنفسها ركعة والإِمام قائم، ثم يصلي بهم الركعة التي بقيت معه، ثم تأتي الطائفة القائمة
(1)
في المخطوط (ب): (الطائفتين).
(2)
في المسند (2/ 320).
(3)
في السنن رقم (1240).
(4)
في السنن رقم (1543).
وهو حديث صحيح.
(5)
في سننه رقم (2/ 34).
(6)
في المختصر (2/ 67).
(7)
في سننه رقم (1241).
(8)
قليت: وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث في رواية يونس بن بكير عنه عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 314) والبيهقي (3/ 264) بسند حسن.
والخلاصة: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
في وجاه العدوّ فيصلون لأنفسهم ركعة والإِمام قاعد، ثم يسلم الإِمام ويسلمون جميعًا.
وقد روى أبو داود في سننه
(1)
عن عائشة في هذه القصة أنها قالت: "كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرت الطائفة الذين صفوا معه، ثم ركع فركعوا، ثم سجد فسجدوا، ثم رفع فرفعوا، ثم مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا، ثم سجدوا هم لأنفسهم الثانية، ثم قاموا فنكصوا على أعقابهم يمشون القهقرى حتى قاموا من ورائهم، وجاءت الطائفة الأخرى فقاموا فكبروا، ثم ركعوا لأنفسهم، ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجدوا معه، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجدوا لأنفسهم الثانية ثم قامت الطائفتان جميعًا فصلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فركع فركعوا، ثم سجد فسجدوا جميعًا، ثم عاد فسجد الثانية وسجدوا معه سريعًا كأسرع الإسراع، ثم سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شاركه الناس في الصلاة كلها" وفي إسناده أيضًا محمد بن إسحاق، ولكنه صرّح بالتحديث.
وهذه الصفة ينبغي أن تكون صفة ثانية من صفات صلاة الخوف غير الصفة التي في حديث أبي هريرة
(2)
لمخالفتها لها في هيئات كثيرة.
5 - نوع آخر [صلاة الإمام لكل طائفة ركعة]
8/ 1317 - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِذِي قَرَدٍ فَصَفَّ
(1)
في سننه رقم (1242).
قلت: والحديث أخرجه ابن حبان رقم (2873) والحاكم (1/ 336) والبيهقي (3/ 265) وأحمد (6/ 275) من طرق.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده حسن، ورجاله كلهم ثقات غير ابن إسحاق، فأخرج له مسلم متابعة وقد صرح بالتحديث.
والخلاصة: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(2)
المتقدم برقم (7/ 1316) من كتابنا هذا.
النَّاسَ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ: صَفَّا خَلْفَهُ، وَصَفًّا مُوَازِيَ العَدُوّ، فَصَلَّى بالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ انْصَرَفَ هَؤُلَاءِ إلى مَكانِ هَؤُلَاءِ، وَجاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَة، ولَمْ يَقْضُوا رَكْعَةً. رَوَاهُ النَسائيُّ)
(1)
. [صحيح]
9/ 1318 - (وَعَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ قالَ: كُنَا مَعَ سَعِيدِ بْنِ العاصِ بِطَبْرَسْتَانَ فَقالَ: أيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الخَوْفِ؟ فَقالَ حُذَيْفَةُ: أنا، فَصَلَّى بِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَبِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً ولَمْ يَقْضُوا. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(2)
وَالنَّسائِيُّ
(3)
. [صحيح]
وَرَوَى النَّسائيُّ
(4)
بإسْنادِهِ عَنْ زِيدِ بْنِ ثابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ صَلاةِ حُذَيْفَةَ، كَذَا قالَ) [صحيح لغيره]
10/ 1319 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: فَرَضَ الله الصَّلاةَ على نَبِيكُمْ صلى الله عليه وسلم في الحَضَرِ أرْبَعًا، وفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وفِي الخَوْفِ رَكْعَةً. رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وَمُسْلِمٌ
(6)
وأبُو دَاوُدَ
(7)
وَالنَّسائيُّ)
(8)
. [صحيح]
حديث ابن عباس الأوّل ساقه النسائي بإسناد رجاله ثقات، وقد احتجّ به الحافظ في الفتح
(9)
ولم يتكلم عليه.
وقال الشافعي
(10)
: لا يثبت، واعترض عليه الحافظ
(11)
بأنه قد صححه ابن حبان
(12)
وغيره.
(1)
في سننه رقم (1533) وهو حديث صحيح.
(2)
في سننه رقم (1246).
(3)
في سننه رقم (1530).
وهو حديث صحيح.
(4)
في سننه رقم (1531)، وهو حديث صحيح لغيره.
(5)
في المسند (1/ 237، 243، 254، 355).
(6)
في صحيحه رقم (5/ 687).
(7)
في سننه رقم (1247).
(8)
في سننه رقم (1532).
وهو حديث صحيح.
(9)
(2/ 433).
(10)
في الأم (2/ 474).
(11)
في "الفتح"(2/ 433).
(12)
في صحيحه رقم (2871) بسند صحيح.
وحديث ثعلبة بن زهدم سكت عنه أبو داود
(1)
والمنذري
(2)
والحافظ في التلخيص
(3)
، ورجال إسناده رجال الصحيح.
وحديث زيد بن ثابت أخرجه أيضًا أبو داود
(4)
وابن حبان
(5)
ويشهد للجميع حديث ابن عباس المذكور.
وفي الباب عن جابر عند النسائي
(6)
.
وعن ابن عمر عند البزار
(7)
بإسناد ضعيف قال: قال صلى الله عليه وسلم: "صلاة الخوف ركعة على أيّ وجه كان".
وأحاديث الباب تدلّ على أن من صفة صلاة الخوف الاقتصار على ركعة لكل طائفة.
قال في الفتح
(8)
: وبالاقتصار على ركعة واحدة في الخوف يقول الثوري وإسحاق ومن تبعهما، وقال به أبو هريرة وأبو موسى الأشعري
(9)
وغير واحد من التابعين. ومنهم من قيد بشدّة الخوف.
وقال الجمهور
(10)
: قصر الخوف قصر هيئة لا قصر عدد.
وتأوّلوا هذه الأحاديث بأن المراد بها ركعة مع الإِمام، وليس فيها نفي الثانية.
(1)
في السنن (2/ 39).
(2)
في المختصر (2/ 70).
(3)
(2/ 158).
(4)
في سننه رقم (1246).
(5)
في صحيحه رقم (2870).
قلت: وأخرجه عبد الرزاق رقم (4250) وابن أبي شيبة (2/ 461) وأحمد (5/ 183) والنسائي (3/ 168) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 310) والطبراني في الكبير رقم (4919) والبيهقي (3/ 262 - 263) وهو حديث صحيح.
(6)
في سننه رقم (1545) بسند صحيح.
(7)
في المسند (رقم 678 - كشف).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 196) وقال: وفيه محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني وهو ضعيف جدًّا". وهو حديث ضعيف.
(8)
(2/ 433).
(9)
سبل السلام الموصلة إلى بلوغ المرام (3/ 173) بتحقيقي.
(10)
المغني لابن قدامة (3/ 121).
ويرد ذلك قوله في حديث ابن عباس
(1)
: "ولم يقضوا ركعة"، وكذا قوله في حديث حذيفة
(2)
: "ولم يقضوا"، وكذا قوله في حديث ابن عباس الثاني
(3)
: "وفي الخوف ركعة".
وأما تأويلهم قوله: "لم يقضوا"، بأن المراد منه لم يعيدوا الصلاة بعد الأمن فبعيد جدًّا.
(فائدة) وقع الإِجماع على أن صلاة المغرب لا يدخلها قصر.
ووقع الخلاف هل الأولى أن يصلي الإِمام بالطائفة الأولى ثنتين والثانية واحدة أو العكس.
فذهب إلى الأوّل أبو حنيفة
(4)
وأصحابه، والشافعي
(5)
في أحد قوليه، والقاسمية (6).
وإلى الثاني: الناصر
(6)
والشافعي
(7)
في أحد قوليه.
قال في الفتح
(8)
: لم يقع في شيء من الأحاديث المروية في صلاة الخوف تعرض لكيفية صلاة المغرب، انتهى.
وقد أخرج البيهقي
(9)
عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليًا [رضي الله عنه]
(10)
صلى المغرب صلاة الخوف ليلة الهرير
(11)
انتهى.
(1)
تقدم برقم (1317) من كتابنا هذا.
(2)
تقدم برقم (1318) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم برقم (1319) من كتابنا هذا.
(4)
البناية في شرح الهداية (3/ 197).
(5)
الأم (2/ 442) والمجموع (4/ 298).
(6)
البحر الزخار (2/ 52).
(7)
المجموع (4/ 298 - 299).
(8)
(2/ 434).
(9)
في السنن الكبرى (3/ 252).
(10)
زيادة من المخطوط (ب).
(11)
الهرير: بالفتح ثم الكسر، من هرير الفرسان بعضهم على بعض كما تهرّ السباع، وهو صوت دون النباح.
ويوم الهرير: من أيامهم، ما أظنه سمي إلا بذلك إلا أنه كان الأغلب على أيامهم أن يسمى بالمكان الذي يكون فيه ذلك. وهو من أيامهم القديمة قبل يوم الهرير بصفين كانت به وقعة بين بكر بن وائل، وبين بني تميم فيه الحارث بن بَيبَة المجاشعي، وكان الحارث من سادات بني تميم، فقتله قيس بن سباع من فرسان بكر بن وائل، فقال شاعرهم:
وعَمرًا وابن بَيْبَة كان منهم
…
وحاجب فاستكان على الصَّغَار
[معجم البلدان (5/ 403 - 404)].
وروي أنه صلى بالطائفة الأولى ركعة وبالثانية ركعتين
(1)
.
قال الشافعي
(2)
: وحفظ عن عليّ أنه صلى صلاة الخوف ليلة الهرير كما روى صالح بن خوّات عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد تقدمت رواية صالح.
وروي في البحر
(3)
عن عليّ أنه صلى بالطائفة الأولى ركعتين، قال: وهو توقيف.
واحتجّ لأهل القول الثاني بفعل عليّ. وأجاب عنه بأن الرواية الأولى أرجح.
وحكى عن الشافعي
(4)
التخيير. قال: وفي الأفضل وجهان، أصحهما: ركعتان بالأولى، واستدلّ له بفعل النبيّ صلى الله عليه وسلم، وليس للنبيّ صلى الله عليه وسلم فعل في صلاة المغرب ولا قول كما عرفت.
[الباب الثاني] باب الصلاة في شدة الخوف بالإِيماء وهل يجوز تأخيرها أم لا؟
11/ 1320 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَصَفَ صَلاةَ الخَوْفِ وَقالَ: "فَإِنْ كانَ خَوْفًا أشَدَّ مِنْ ذلك فرِجالًا وَرُكبانًا". رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ)
(5)
. [صحيح]
12/ 1321 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ أُنَيْسٍ قالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالِدِ بْنِ سُفْيان الهُذَليّ وكانَ نَحْوَ عَرَفَة وَعَرَفَاتٍ، فَقالَ:"اذْهَبْ فاقْتُلْهُ"، قالَ: فَرأيْتُهُ وَقَدْ حَضَرَتْ صَلَاةُ العَصْرِ فَقُلْتُ: إني لأخافُ أنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا يُؤَخِّرُ الصَّلاةَ، فانْطَلَقْتُ أمْشِي وأنا أُصَلِّي أُومِئُ إيمَاءً نَحْوَهُ؛ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ قالَ لِي: مَنْ أنْتَ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ بَلَغَنِي أنَّكَ تَجْمَعُ لِهَذَا الرَّجُلِ فَجِئْتُكَ في ذلكَ،
(1)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 252).
(2)
المجموع شرح المهذب (4/ 298 - 299).
(3)
البحر الزخار (2/ 52).
(4)
المجموع (4/ 299) والأم (2/ 442).
(5)
في سننه رقم (1258) وهو حديث صحيح.
وانظر: "رواء الغليل" للمحدث الألباني رحمه الله رقم (588).
فَقالَ: إني لَفِي ذلكَ، فَمَشَيْتُ مَعَهُ ساعَةً، حتَّى إذَا أمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِي حتَّى بَرَدَ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وأبُو دَاوُدَ)
(2)
. [ضعيف]
حديث ابن عمر هو في البخاري
(3)
في تفسير سورة البقرة بلفظ: "فإن كان خوف أشدّ من ذلك صلوا رجالًا قيامًا على أقدامهم أو ركبانًا، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها".
قال مالك
(4)
: قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في مسلم
(5)
من قول ابن عمر بنحو ذلك.
ورواه ابن خزيمة
(6)
من حديث مالك بلا شك.
ورواه البيهقي
(7)
من حديث موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر جزمًا.
قال النووي في شرح المهذّب
(8)
: هو بيان حكم من أحكام صلاة الخوف لا تفسير للآية.
وحديث عبد الله بن أنيس سكت عنه أبو داود
(9)
والمنذري
(10)
وحسن إسناده الحافظ في الفتح
(11)
.
والحديثان استدلّ بهما على جواز الصلاة عند شدّة الخوف بالإِيماء، ولكنه لا يتمّ الاستدلال على ذلك بحديث عبد الله بن أنيس إلا على فرض أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قرّره على ذلك، وإلا فهو فعل صحابي لا حجة فيه.
(1)
في المسند (3/ 496).
(2)
في سننه رقم (1249).
قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (905) وابن خزيمة رقم (983) وابن حبان رقم (7160) بسند ضعيف لجهالة ابن عبد الله بن أنيس.
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(3)
في صحيحه رقم (4535).
(4)
انظر: التمهيد (5/ 263).
(5)
في صحيحه رقم (306/ 839).
(6)
في صحيحه رقم (623).
(7)
في السنن الكبرى (3/ 255).
(8)
انظر: المجموع شرح المهذب (5/ 311).
(9)
في السنن (2/ 42).
(10)
في المختصر (2/ 73).
(11)
(2/ 437).
قال ابن المنذر
(1)
: كل من أحفظ عنه العلم يقول: إن المطلوب يصلي على دابته يومئ إيماء، وإن كان طالبًا نزل فصلى بالأرض.
قال الشافعي
(2)
: إلا أن ينقطع عن أصحابه فيخاف عود المطلوب عليه فيجزئه ذلك، وعرف بهذا أن الطالب فيه التفصيل، بخلاف المطلوب.
ووجه الفرق أن شدّة الخوف في المطلوب ظاهرة لتحقق السبب المقتضي لها، وأما الطالب فلا يخاف استيلاء العدوّ عليه، وإنما يخاف أن يفوته العدوّ.
قال في الفتح
(3)
: وما نقله ابن المنذر (1) متعقب بكلام الأوزاعي
(4)
، فإنه قيده بشدة الخوف، ولم يستثن طالبًا من مطلوب، وبه قال ابن حبيب
(5)
من المالكية.
وذكر أبو إسحاق الفزاري في كتاب "السير"
(6)
له عن الأوزاعي أنه قال: إذا خاف الطالبون إن نزلوا الأرض فوت العدوّ صلوا حيث وجهوا على كل حال.
والظاهر أن مرجع هذا الخلاف إلى الخوف المذكور في الآية، فمن قيده بالخوف على النفس والمال من العدو فرّق بين الطالب والمطلوب، ومن جعله أعمّ من ذلك لم يفرق بينهما، وجوّز الصلاة المذكورة للراجل والراكب عند حصول أيّ خوف.
(1)
في الأوسط (5/ 42 مسألة 712).
(2)
في الأم (2/ 473).
(3)
(2/ 437).
(4)
حكاه عنه ابن عبد البر في التمهيد (5/ 277).
(5)
المنتقى الباجي (1/ 325).
(6)
"السير" لأبي إسحاق الفزاري (إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء، ت 186 هـ).
قال الحميدي: "قال لي الشافعي: لم يُصنّفْ أحدٌ في السير مثل كتاب أبي إسحاق".
ولا يزال هذا الكتاب مخطوطًا في مكتبة القروين بفاس.
["سير أعلام النبلاء" (8/ 540، 10/ 215) والأعلام (1/ 55) ودراسات في الحديث النبوي" (1/ 226)].
معجم المصنفات (ص 220 - 221 رقم 644).
• في كل طبعات النيل الموجودة في الأسواق صحفت كلمة "السير" إلى "السنن"، وهو خطأ كما تقدم.
13/ 1322 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: نَادَى فِينا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ انْصَرَفَ عَنِ الأحْزَابِ أن لا يُصَلِّيَنَّ أحَدٌ العَصْرَ إلا في بَنِي قُرَيْظَةَ، فَتَخَوَّفَ ناسٌ فَوْتَ الوَقْتِ فَصَلَّوْا دُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ؛ وَقالَ آخَرُونَ: لا نُصَلِّي إلَّا حَيْثُ أمَرَنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَإنْ فاتَنا الوَقْتُ، قالَ: فَمَا عَنَّف وَاحِدًا مِنَ الفَرِيقَيْنِ. رَوَاهُ مُسْلمٌ
(1)
.
وَفِي لَفْظٍ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ قالَ: "لا يُصَلِّيَنَّ أحَدٌ العَصْرَ إلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ"، فأدْرَكَ بَعْضُهُمُ العَصْرَ في الطَّرِيقِ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: لا نُصَلِّي حتَّى نأتِيَها، وَقالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرِدْ ذلِكَ مِنَّا، فَذُكِرَ ذلِكَ للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ. رَوَاهُ البُخارِيُّ)
(2)
. [صحيح]
قوله: (لا يصلينّ أحد العصر)، في رواية لمسلم
(3)
عن عبد الله بن محمد بن أسماء شيخ البخاري في هذا الحديث: الظهر.
وقد بيَّن في الفتح
(4)
في كتاب المغازي ما هو الصواب.
قوله: (فما عنف واحدًا)، فيه دليل على أن كل مجتهد مصيب
(5)
.
والحديث استدلّ به البخاري وغيره على جواز الصلاة بالإِيماء وحال الركوب.
قال ابن بطال
(6)
: لو وجد في بعض طرق الحديث أن [الذين]
(7)
صلوا في الطريق صلوا ركبانًا لكان بيِّنًا في الاستدلال، وإن لم يوجد ذلك فالاستدلال
(1)
في صحيحه رقم (1770) بلفظ: "ألا لا يصلين أحد الظهر".
(2)
في صحيحه رقم (946).
(3)
في صحيحه رقم (69/ 1770).
(4)
(7/ 408) قال: (قوله: "لا يصلين أحد العصر" كذا وقع في جميع النسخ عند البخاري، ووقع في جميع النسخ عند مسلم "الظهر" مع اتفاق البخاري ومسلم على روايته عن شيخ واحد بإسناد واحد، وقد وافق مسلمًا أبو يعلى وآخرون
…
) اهـ.
(5)
انظر: "إرشاد الفحول"(ص 849 - 850) بتحقيقي.
(6)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 544 - 545).
(7)
في المخطوط (أ) و (ب): (الذي)، والصواب ما أثبتناه من الشرح لصحيح البخاري.
يكون بالقياس، يعني أنه كما ساغ لأولئك أن يؤخروا الصلاة عن وقتها المفترض كذلك يسوغ للطالب ترك إتمام الأركان والانتقال إلى الإيماء.
قال ابن المنيِّر (1): والأبين عندي أن وجه الاستدلال من جهة أن الاستعجال المأمور به يقتضي ترك الصلاة أصلًا كما جرى لبعضهم، أو الصلاة على الدوابّ كما وقع لآخرين؛ لأن النزول ينافي مقصود الجدّ في الوصول.
فالأوّلون بنوا على أن النزول معصية بمعارضته للأمر الخاصّ بالإسراع وكان تأخيرهم لها لوجود المعارض.
والآخرون جمعوا بين دليلي وجوب الإسراع ووجوب الصلاة في وقتها فصلوا ركبانًا.
فلو فرضنا أنهم نزلوا لكان ذلك مضادة للأمر بالإسراع، وهو لا يظنّ بهم لما فيه من المخالفة.
وهذا الذي حاوله ابن المنير
(1)
قد أشار إليه ابن بطال
(2)
بقوله: لو وجد في بعض طرق الحديث إلى آخره، فلم يستحسن الجزم في النقل بالاحتمال.
وأما قوله: لا يظنّ بهم المخالفة، فمعترض بمثله بأن يقال: لا يظنّ بهم المخالفة بتغيير هيئة الصلاة بغير توقيف.
قال الحافظ
(3)
: والأولى ما قال ابن المرابط ووافقه الزين بن المنيِّر أن وجه الاستدلال منه بطريق الأولوية؛ لأن الذين أخروا الصلاة حتى وصلوا إلى بني قريظة لم يعنفوا مع كونهم فوّتوا الوقت، وصلاة من لا يفوّت الوقت بالإِيماء أو كيفما يمكن أولى من تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها.
* * *
(1)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 437).
(2)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 544 - 545).
(3)
في "الفتح"(2/ 437).
[ثالث وعشرون] أبواب صلاة الكسوف
[الباب الأول] باب النداء لها وصفتها
1/ 1323 - (عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرو قالَ: لَمَّا كُسِفَتِ الشَّمْسُ على عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نُودِيَ أن الصَّلاةَ جامِعَةً، فَرَكَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ، ثُمَّ قامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي يسَجْدَةٍ، ثُمَّ جُلِيَ عَنِ الشَّمْسِ، قالَتْ عَائِشَةُ: ما رَكَعْتُ ركُوعًا قَط وَلا سَجَدْتُ سُجُودًا قَطُّ، كان أطْوَلَ مِنْهُ)
(1)
. [صحيح]
2/ 1324 - (وَعَنْ عائِشَةَ قالَتْ: خَسَفَتِ الشَمْسُ على عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ مُنادِيًا: الصَّلاةَ جامِعَةً، فَقامَ فَصَلَّى أرْبَعَ رَكَعاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وأرْبَعَ سَجَدَاتٍ)
(2)
. [صحيح]
3/ 1325 - (وَعَنْ عائِشَةَ أيضًا قالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْس فِي حياةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى المَسْجِدِ، فَقامَ فَكَبَّرَ وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا هُوَ أدْنَى مِنَ القِرَاءَة الأولى، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقالَ:"سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنا وَلَكَ الحَمْدُ"، ثُمَّ قامَ فاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أدْنى مِنَ القِرَاءَةِ الأولى، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا هُوَ أدْنَى من الركُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ قالَ:"سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنا وَلكَ الحَمْدُ"، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ فعلَ فِي الرَّكْعَةِ الأخْرَى مِثْلَ ذلكَ حتَّى اسْتَكْمَلَ أرْبَعَ رَكَعاتٍ، وأرْبَعَ سَجَدَاتٍ،
(1)
أحمد في المسند (2/ 175)، (2/ 220) والبخاري رقم (1051) ومسلم رقم (20/ 910). وهو حديث صحيح.
(2)
أحمد في المسند (6/ 53) والبخاري رقم (1066) ومسلم رقم (4/ 901). وهو حديث صحيح.
وانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ فأثْنَى عَلى الله بِمَا هُوَ أهْلُهُ ثمَّ قالَ:"إنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتانِ مِنْ آياتِ الله عز وجل لا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ وَلا لِحياتِهِ، فَإذَا رأيْتُمُوهُمَا فافْزَعُوا إلى الصَّلاةِ")
(1)
. [صحيح]
4/ 1326 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاس قالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ ركُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَقامَ قِيامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ القِيامِ الأوّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ قِيامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ القِيامِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيامًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ القِيامِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ سجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَقال:"إنَّ الشَّمْسَ والقَمَر آيَتانِ مِنْ آيات الله لا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ، فإذَا رأيْتُم ذلك فاذْكرُوا الله"
(2)
، متَّفقٌ على هَذِهِ الأحادِيثِ). [صحيح]
قوله: (لما كسفت الشمس)، الكسوف لغة
(3)
: التغير إلى سواد، ومنه كسف في وجهه، وكسفت الشمس: اسودّت وذهب شعاعها.
قال في الفتح
(4)
: والمشهور في استعمال الفقهاء أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر، واختاره ثعلب
(5)
، وذكر الجوهري
(6)
: أنه أفصح، وقيل: يتعين ذلك.
وحكى عياض
(7)
عن بعضهم عكسه، وغلَّطه لثبوته بالخاء في القمر في القرآن.
(1)
أحمد في المسند (6/ 87، 168)، والبخاري رقم (1046) ومسلم رقم (3/ 901) وهو حديث صحيح.
(2)
أحمد في المسند (1/ 298، 358) والبخاري رقم (1052) ومسلم رقم (17/ 907).
وهو حديث صحيح.
(3)
النهاية (4/ 174).
(4)
(2/ 535).
(5)
لسان العرب (9/ 67).
(6)
في "الصحاح"(4/ 1350، 1421).
(7)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 329).
وقيل: يقال بهما في كل منهما، وبه جاءت الأحاديث.
قال الحافظ (1): ولا شكّ أن مدلول الكسوف لغة غير مدلول الخسوف؛ لأن الكسوف التغير إلى سواد، والخسوف النقصان أو الذلّ.
قال
(1)
: ولا يلزم من ذلك أنهما مترادفان.
وقيل: بالكاف في الابتداء وبالخاء في الانتهاء.
وقيل: بالكاف لذهاب جميع الضوء، وبالخاء لبعضه.
وقيل: بالخاء لذهاب كل اللون، وبالكاف لتغيره، انتهى.
وقد روي عن عروة أنه قال: لا تقولوا أُكسفت الشمس، ولكن قولوا: أُخسفت
(2)
.
قال في الفتح
(3)
: وهذا موقوف صحيح، رواه سعيد بن منصور عنه.
وأخرجه مسلم
(4)
عن يحيى بن يحيى عنه، لكن الأحاديث الصحيحة المذكورة في الباب وغيرها تردّ ذلك.
قوله: (ركعتين في سجدة)، المراد بالسجدة هنا الركعة بتمامها، وبالركعتين الركوعان، وهو موافق لروايتي عائشة وابن عباس.
قوله: (قالت عائشة) الراوي لذلك عنها هو أبو سلمة، ويحتمل أن يكون عبد الله بن عمرو، فيكون من رواية صحابي عن صحابية.
قال في الفتح
(5)
: ووهم من زعم أنه معلق، فقد أخرجه مسلم
(6)
وابن خزيمة
(7)
وغيرهما
(8)
من رواية أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو، وفيه قول عائشة هذا.
(1)
في "الفتح"(2/ 535).
(2)
انظر: النهاية (2/ 31) ومفردات ألفاظ القرآن ص 282.
(3)
(2/ 535).
(4)
في صحيحه رقم (13/ 905).
(5)
(2/ 539).
(6)
في صحيحه رقم (20/ 910).
(7)
في صحيحه رقم (1375).
(8)
كالنسائي في سننه رقم (1479).
وهو حديث صحيح.
قوله: (ما ركعت، إلخ) ذكر الركوع لمسلم، والبخاري اقتصر على ذكر السجود.
وقد ثبت طول الركوع والسجود في الكسوف في أحاديث كثيرة منها المذكورة في الباب.
(ومنها) عن عبد الله بن عمرو من وجه آخر عند النسائي
(1)
.
وعن أبي هريرة عنده
(2)
.
وعن أبي موسى عند الشيخين
(3)
.
وعن سمرة عند أبي داود
(4)
والنسائي
(5)
.
وعن جابر
(6)
وعن أسماء
(7)
وسيأتيان.
وإلى مشروعية التطويل في الركوع والسجود في صلاة الكسوف كما يطول القيام ذهب أحمد
(8)
وإسحاق
(9)
والشافعي
(10)
في أحد قوليه، وبه جزم أهل العلم بالحديث من أصحابها، واختاره ابن سريج.
قوله: (خسفت الشمس) بالخاء المعجمة، وقد تقدم بيان معنى الخسوف.
قوله: (وصفَّ الناس) برفع الناس: أي اصطفوا، يقال صفّ القوم: إذا صاروا صفًا، ويجوز النصب، والفاعل ضمير يعود إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم.
(1)
في سننه رقم (1482)، وهو حديث صحيح.
(2)
في سننه رقم (1483) بسند حسن.
(3)
البخاري رقم (1059) ومسلم رقم (24/ 912).
وهو حديث صحيح.
(4)
في سننه رقم (1184).
(5)
في سننه رقم (1484).
وهو حديث ضعيف.
(6)
سيأتي برقم (1328) من كتابنا هذا.
(7)
سيأتي برقم (1327) من كتابنا هذا.
(8)
المغني لابن قدامة (3/ 324 - 325).
(9)
الأوسط لابن المنذر (5/ 303).
(10)
الأم (2/ 532).
قوله: (وانجلت الشمس قبل أن ينصرف) فيه أن الانجلاء وقع قبل انصراف النبيّ صلى الله عليه وسلم من الصلاة.
قوله: (ثم قام فخطب الناس) فيه استحباب الخطبة بعد صلاة الكسوف.
وقال صاحب الهداية
(1)
من الحنفية: ليس في الكسوف خطبة لأنه لم ينقل.
وتعقب بأن الأحاديث وردت بذلك، وهي ذات كثرة كما قال الحافظ
(2)
.
والمشهور عند المالكية
(3)
أنه لا خطبة في الكسوف مع أن مالكًا روى الحديث
(4)
وفيه ذكر الخطبة.
وأجاب بعضهم بأنه صلى الله عليه وسلم لم يقصد لها الخطبة بخصوصها، وإنما أراد أن يبين لهم الردّ على من يعتقد أن الكسوف لموت بعض الناس.
وتعقب بما في الأحاديث الصحيحة من التصريح بها وحكاية شرائطها من الحمد والثناء وغير ذلك مما تضمنته الأحاديث، فلم يقتصر على الإعلام بسبب الكسوف، والأصل مشروعية الاتباع، والخصائص لا تثبت إلا بدليل.
وقد ذهب إلى عدم استحباب الخطبة في الكسوف مع مالك (3) أبو حنيفة
(5)
والعترة
(6)
.
قوله: (لا ينخسفان)، في رواية "يخسفان" بدون نون كما سيأتي في حديث ابن عباس
(7)
.
قوله: (لموت أحد)، إنما قال صلى الله عليه وسلم كذلك لأن ابنه إبراهيم مات، فقال الناس: إنما كسفت الشمس لموت إبراهيم.
(1)
الهداية (1/ 88)، والبناية في شرح الهداية (3/ 171).
(2)
في "الفتح"(2/ 534).
(3)
المنتقى للباجي (1/ 327).
(4)
في الموطأ (1/ 186 رقم 1).
وهو حديث صحيح.
(5)
الهداية (1/ 88) والبناية (3/ 171).
(6)
البحر الزخار (2/ 73) وشفاء الأوام (1/ 442).
(7)
بل تقدم حديث ابن عباس برقم (1326) من كتابنا هذا.
ولأحمد
(1)
والنسائي
(2)
وابن ماجه
(3)
وصححه ابن خزيمة
(4)
وابن حبان
(5)
من حديث النعمان بن بشير قال: "كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج فزعًا يجرّ ثوبه حتى أتى المسجد، فلم يزل يصلي حتى انجلت، فلما انجلت قال: إن الناس يزعمون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من العظماء وليس كذلك" الحديث.
وفي هذا الحديث إبطال ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من تأثير الكواكب.
قال الخطابي
(6)
: كانوا في الجاهلية يعتقدون أن الكسوف يوجب حدوث تغير الأرض من موت أو ضرر، فأعلم النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه اعتقاد باطل، وأن الشمس والقمر خلقان مسخران لله تعالى ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما.
قوله: (ولا لحياته) استشكلت هذه الزيادة لأن السياق إنما ورد في حقّ من ظنّ أن ذلك لموت إبراهيم ولم يذكروا الحياة.
قال في الفتح
(7)
: والجواب أن فائدة ذكر الحياة دفع توهم من يقول: لا يلزم من نفي كونه سببًا للفقد أن لا يكون سببًا للإيجاد، فعمم الشارع النفي لدفع هذا التوهم.
قوله: (فإذا رأيتموهما) أكثر الروايات بصيغة ضمير المؤنث، والمراد رأيتم كسوف كل واحد في وقته لاستحالة اجتماعهما في وقت واحد.
قوله: (فافزعوا) بفتح الزاي: أي التجئوا أو توجهوا
(8)
.
وفيه إشارة إلى المبادرة وأنه لا وقت لصلاة الكسوف معين، لأن الصلاة
(1)
في المسند (4/ 267).
(2)
في سننه رقم (1485).
(3)
في سننه رقم (1262).
(4)
في صحيحه رقم (1403).
(5)
لم أقف عليه في صحيحه من حديث النعمان بن بشير.
(6)
في أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري (1/ 610).
(7)
(2/ 529).
(8)
قال ابن الأثير في "النهاية"(3/ 444): فافزعوا إلى الصلاة: أي الْجأوا إليها، واستغيثوا بها على دفع الأمر الحادث.
علقت برؤية الشمس أو القمر، وهي ممكنة في كل وقت، وبهذا قال الشافعي
(1)
ومن تبعه.
واستثنت الحنفية
(2)
أوقات الكراهة وهو مشهور مذهب أحمد
(3)
، وعن المالكية
(4)
: وقتها من وقت حلّ النافلة إلى الزوال. وفي رواية "إلى صلاة العصر". ورجح الأوّل بأن المقصود إيقاع هذه العبادة قبل الانجلاء.
وقد اتفقوا على أنها لا تقضى بعده، فلو انحصرت في وقت لأمكن الانجلاء قبله فيفوت المقصود.
قال في الفتح
(5)
: ولم أقف على شيء من الطرق مع كثرتها أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلاها إلَّا ضحًى، لكن ذلك وقع اتفاقًا فلا يدلّ على منع ما عداه، اتفقت الطرق على أنه بادر إليها، انتهى.
قوله: (نحوًا من سورة البقرة) فيه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أسرّ بالقراءة.
قوله: (وهو دون القيام الأوّل) فيه أن القيام الأول من الركعة الأولى أطول من القيام الثاني منها، وكذا الركوع الأوّل والثاني منها لقوله:"وهو دون الركوع الأوّل".
قال النووي
(6)
: اتفقوا على أن القيام الثاني وركوعه فيهما أقصر من القيام الأوّل وركوعه فيهما.
قوله: (ثم سجد) أي سجدتين.
قوله: (ثم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأوّل) فيه دليل لمن قال: إن القيام الأوّل من الركعة الثانية يكون دون القيام الثاني من الركعة الأولى.
وقد قال ابن بطال
(7)
: إنه لا خلاف أن الركعة الأولى بقيامها وركوعها تكون أطول من الركعة الثانية بقيامها وركوعها.
(1)
الأم (2/ 528).
(2)
المبسوط للسرخسي (2/ 76) والبناية في شرح الهداية للعيني (3/ 173).
(3)
المغني لابن قدامة (3/ 337).
(4)
المنتقى للباجي (1/ 329 - 330).
(5)
(2/ 528).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 199).
(7)
في شرحه لصحيح البخاري (3/ 50).
قوله: (ثم رفع فقام قيامًا طويلًا، إلخ) فيه أنه يشرع تطويل القيامين والركوعين في الركعة الآخرة، وقد ورد تقدير القيام في الثانية بسورة آل عمران كما في سنن أبي داود
(1)
.
وفيه أيضًا أن القيام الثاني دون الأوّل كما في الركعة الأولى، وكذلك الركوع، وقد تقدمت حكاية النووي
(2)
للاتفاق على ذلك.
والأحاديث المذكورة في الباب تدلّ على أن المشروع في صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان.
وقد اختلف العلماء في صفتها بعد الاتفاق على أنها سنة غير واجبة كما حكاه النووي في شرح مسلم
(3)
والمهدي في البحر
(4)
وغيرهما
(5)
.
فذهب مالك
(6)
والشافعي
(7)
وأحمد
(8)
والجمهور إلى أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان، وهي الصفة التي وردت بها الأحاديث الصحيحة المذكورة في الباب وغيرها.
وحكي في البحر
(9)
عن العترة جميعًا أنها ركعتان في كل ركعة خمسة ركوعات. واستدلوا بحديث أبيّ بن كعب وسيأتي
(10)
.
(1)
في سننه رقم (1187) من حديث عائشة وهو حديث حسن.
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 199).
(3)
(6/ 198).
(4)
البحر الزخار (2/ 70).
(5)
مرات الإجماع لابن حزم ص 32.
قلت: قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(2/ 527)"مشروعيتها أمر متفق عليه، لكن اختلف في الحكم وفي الصفة، فالجمهور على أنها سنة مؤكدة وصرح أبو عوانة في صحيحه - (2/ 366) - وجوبها، ولم أره لغيره، إلا ما حكي عن مالك أنه أجراها مجرى الجمعة، ونقل الزين بن المنير عن أبي حنيفة أنه أوجبها، وكذا نقل بعض مصنفي الحنفية أنها واجبة" اهـ. فبذلك يتضح عدم الاتفاق الذي ذكر على أنها سنة، والله أعلم.
(6)
المنتقى للباجي (1/ 326).
(7)
المجموع شرح المهذب (5/ 52).
(8)
المغني (3/ 323).
(9)
البحر الزخار (2/ 72).
(10)
برقم (1333) من كتابنا هذا.
وقال أبو حنيفة
(1)
والثوري والنخعي
(2)
: إنها ركعتان كسائر النوافل في كل ركعة ركوع واحد.
وحكاه النووي
(3)
عن الكوفيين.
واستدلوا بحديث النعمان
(4)
وسمرة
(5)
الآتيين.
وقال حذيفة
(6)
: في كل ركعة ثلاثة ركوعات.
واستدل بحديث جابر
(7)
وابن عباس
(8)
وعائشة
(9)
وستأتي.
قال النووي
(10)
: وقد قال بكل نوع جماعة من الصحابة.
وحكى النووي (10) عن ابن عبد البرّ
(11)
أنه قال: أصحّ ما في الباب ركوعان، وما خالف ذلك فمعلل أو ضعيف، وكذا قال البيهقي
(12)
ونقل صاحب الهدي
(13)
عن الشافعي وأحمد والبخاري أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطًا من بعض الرواة؛ لأن أكثر طرق الحديث يمكن ردّ بعضها إلى بعض.
(1)
البناية في شرح الهداية (3/ 159).
(2)
أخرج له عبد الرزاق في المصنف (3/ 103 رقم 4937) من طريق مغيرة عنه. وكذا عند ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 468).
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 198).
(4)
الآتي بإثر الرقم (1333) من كتابنا هذا.
(5)
الآتي برقم (1336) من كتابنا هذا.
(6)
أخرج البيهقي في السنن الكبرى (3/ 359) عن حذيفة مرفوعًا: "أربع ركعات في كل ركعة" وإسناده ضعيف.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 208) وقال: "رواه البزار وفيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام
…
وقال الحافظ في "التقريب": صدوق سيء الحفظ جدًّا".
(7)
الآتي برقم (1328) من كتابنا هذا.
(8)
الآتي برقم (1330) من كتابنا هذا.
(9)
الآتي برقم (1335) من كتابنا هذا.
(10)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 199).
(11)
التمهيد (5/ 288).
(12)
في السنن الكبرى (3/ 331).
(13)
في زاد المعاد (1/ 439).
ثم قال ابن القيم: "وهذا اختيار أبي بكر وقدماء الأصحاب، وهو اختيار شيخنا أبي العباس بن تيمية. وكان يُضَعِّفُ كُلَّ ما خالفه من الأحاديث، ويقول: هي غلط، وإنما صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم الكسوف مرة واحدة يوم مات ابنُه إبراهيم. والله أعلم" اهـ.
ويجمعها أن ذلك كان يوم موت إبراهيم، وإذا اتحدت القصة تعين الأخذ بالراجح، ولا شك أن أحاديث الركوعين أصحّ.
قال في الفتح
(1)
: وجمع بعضهم بين هذه الأحاديث بتعدّد الواقعة، وأن الكسوف وقع مرارًا فيكون كل من هذه الأوجه جائزًا، وإلى ذلك ذهب إسحاق
(2)
، لكن لم يثبت عنده الزيادة على أربعة ركوعات.
وقال ابن خزيمة
(3)
وابن المنذر
(4)
والخطابي
(5)
وغيرهم من الشافعية
(6)
: يجوز العمل بجميع ما ثبت من ذلك، وهو من الاختلاف المباح، وقوّاه النووي في شرح مسلم
(7)
، وبمثل ذلك قال الإِمام يحيى
(8)
.
والحق إن صحّ تعدد الواقعة أن الأحاديث المشتملة على الزيادة الخارجة من مخرج صحيح يتعين الأخذ بها لعدم منافاتها للمريد، وإن [كانت الواقعة ليست]
(9)
إلا مرّة واحدة، فالمصير إلى الترجيح أمر لا بدّ منه، وأحاديث الركوعين أرجح
(10)
.
5/ 1327 - (وَعَنْ أسْماء: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلاةَ الكُسُوفِ، فَقامَ فأطالَ القِيامَ، ثُم رَكَعَ فأطالَ الرُّكُوعَ، ثُم قامَ فأطالَ القِيامَ، ثُم رَكَعَ فأطال الرُّكُوعَ، ثُم رَفَعَ، ثُم سَجَدَ فأطالَ السُّجُودَ، ثُم قامَ فأطالَ القِيامَ، ثُم رَكَعَ فأطالَ
(1)
(2/ 532).
(2)
حكاه عنه ابن قدامة في المغني (3/ 329).
(3)
في صحيحه رقم (2/ 318): ولفظه: "قال أبو بكر: قد خرجت طرق هذه الأخبار في كتاب الكبير، فجائز للمرء أن يصلي في الكسوف كيف أحب وشاء مما فعل النبي صلى الله عليه وسلم من عدد الركوع، إن أحب ركع في كل ركعة ركوعين، وإن أحب ركع في كل ركعة ثلاث ركعات، وإن أحب ركع في كل ركعة أربع ركعات، لأن جميع هذه الأخبار صحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الأخبار دالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس مرات لا مرة واحدة" اهـ.
(4)
في الأوسط (5/ 303).
(5)
في معالم السنن (1/ 698 - مع السنن).
(6)
المجموع (5/ 67 - 68).
(7)
(6/ 199).
(8)
البحر الزخار (2/ 73).
(9)
في المخطوط (ب): (كان الواقعة ليس) والمثبت من (أ).
(10)
وهو اختيار ابن تيمية كما في زاد المعاد (1/ 439) وهو الراجح، والله أعلم.
الرُّكُوعَ، ثُم قام فأطالَ القيامَ، ثُم رَكَعَ فأطالَ الرُّكوعَ، ثُم رَفَعَ فَسَجَدَ فأطالَ السُّجُودَ، ثُم رَفَعَ، ثُم سَجَدَ فأطالَ السُّجُودَ، ثُم انْصَرَفَ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَالبُخَارِيُّ
(2)
وأبُو دَاوُدَ
(3)
وَابْنُ ماجَهْ)
(4)
. [صحيح]
6/ 1328 - (وَعَنْ جابِرٍ قالَ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ على عَهْد رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى بأصحْابِهِ فأطالَ القِيامَ حتَّى جَعَلُوا يَخرُّونَ، ثُم رَكَعَ فأطالَ، ثُم رَفَعَ فأطالَ ثُم رَكَعَ فأطالَ [ثم رفع فأطال]
(5)
، ثُم سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُم قامَ فَصَنَعَ نَحْوًا مِنْ ذلِكَ فَكَانَتْ أرْبَعَ رَكَعَاتٍ وأرْبَع سَجَدَاتٍ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(6)
وَمُسْلِمٌ
(7)
وأبُو دَاوُدَ)
(8)
. [صحيح]
ومن الأحاديث المصرّحة بالركوعين حديث عليّ عند أحمد
(9)
.
وحديث أبي هريرة عند النسائي
(10)
.
وحديث ابن عمر عند البزار
(11)
.
وحديث أمّ سفيان عند الطبراني
(12)
.
(1)
في المسند (6/ 350).
(2)
في صحيحه رقم (745).
(3)
في سننه رقم (1192) مختصرًا.
(4)
في سننه رقم (1265).
وهو حديث صحيح.
(5)
ما بين الخاصرتين سقط من (أ) و (ب) وما أثبتناه من مصادر الحديث.
(6)
في المسند (3/ 374).
(7)
في صحيحه رقم (4/ 909).
(8)
في سننه رقم (1179).
وهو حديث صحيح.
(9)
في المسند (1/ 143) بسند ضعيف، قلت: في حديث علي عند أحمد أربعة ركوعات.
قلت: وأخرجه البيهقي (3/ 330 - 331).
(10)
في سننه رقم (1483) بسند حسن.
(11)
في المسند رقم (668 - كشف) بسند ضعيف.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 208) وقال: "رواه من طريقين في إحداهما مسلم بن خالد وهو ضعيف، وقد وثق، وفي الأخرى عدي بن الفضل وهو متروك اهـ.
(12)
في المعجم الكبير (ج 25 رقم 391).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 211) وقال: موسى بن عبد الرحمن هذا التابعي لم أجده من ذكره، وبقية رجاله ثقات". =
قوله: (ثم رفع ثم سجد) لم يذكر فيه تطويل الرفع الذي يتعقبه السجود ولا في غيره من الأحاديث المتقدمة.
ووقع عند مسلم
(1)
من حديث جابر بلفظ: "ثم رفع فأطال ثم سجد"، قال النووي
(2)
: هي رواية شاذّة.
وتعقب بما رواه النسائي
(3)
وابن خزيمة
(4)
وغيرهما
(5)
من حديث عبد الله بن عمرو فيه: "ثم ركع فأطال حتى قيل: لا يرفع، ثم رفع فأطال. حتى قيل: لا يسجد، ثم سجد فأطال حتى قيل: لا يرفع، ثم رفع فجلس فأطال الجلوس حتى قيل: لا يسجد، ثم سجد"، وصحح الحديث الحافظ
(6)
.
قال: لم أقف في شيء من الطرق على تطويل الجلوس بين السجدتين إلا في هذا.
وقد نقل الغزالي
(7)
الاتفاق على ترك إطالته، فإن أراد الاتفاق المذهبي فلا كلام وإلا فهو محجوج بهذه الرواية.
والكلام على ألفاظ الحديثين قد سبق، وهما من حجج القائلين بأن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان.
[الباب الثاني] باب من أَجاز في كل ركعة ثلاثة ركوعات وأربعة وخمسة
7/ 1329 - (عَنْ جابِرٍ قالَ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ على عَهْد رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى
= قلت: ذكره البخاري في الكبير (7/ 292) وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 150) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 454).
[الفرائد على مجمع الزوائد (ص 353 رقم 582)].
(1)
في صحيحه رقم (9/ 904).
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 207).
(3)
في سننه رقم (1496).
(4)
في صحيحه رقم (1393).
(5)
كأبي داود رقم (1194).
وهو حديث صحيح لكن بذكر الركوع مرتين كما في الصحيحين.
(6)
في "الفتح"(2/ 539).
(7)
في الوسيط (2/ 184، 342).
سِت رَكَعاتٍ بأرْبَعٍ سَجَدَاتٍ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ
(2)
وأَبُو دَاوُدَ)
(3)
. [صحيح]
8/ 1330 - (وَعَنِ ابْن عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: أنَّه صَلَّى في كُسُوفٍ فَقَرَأَ ثُم رَكَعَ، ثُم قَرَأَ ثُم رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، والأُخْرَى مِثْلُها. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصحَّحَهُ)
(4)
. [صحيح]
9/ 1331 - (وَعَنْ عائِشَةَ: أن نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ وأرْبَعَ سَجْدَاتٍ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وَالنَّسائِيُّ)
(6)
. [شاذ]
حديث جابر أخرجه أيضًا البيهقي
(7)
، وقال عن الشافعي
(8)
: إنه غلط، وهذه الدعوى يردّها ثبوته في الصحيح، فإنه رواه مسلم
(9)
عن أبي بكر بن أبي شيبة عن ابن نمير عن عبد الملك عن عطاء عن جابر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وحديث ابن عباس رواه الترمذي (4) عن محمد بن بشار عن يحيى بن سعيد عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقد علل الحديث بأن حبيبًا لم يسمع من طاوس.
قال البيهقي
(10)
: حبيب وإن كان ثقة فإنه كان يدلس ولم يبين سماعه من طاوس
(11)
.
(1)
في المسند (3/ 318).
(2)
في صحيحه رقم (10/ 904).
(3)
في سننه رقم (1178).
وهو حديث صحيح.
(4)
في سننه رقم (560) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
(5)
في المسند (6/ 32، 53، 76، 87).
(6)
في سننه رقم (1471).
وقال الألباني رحمه الله: حديث شاذ.
(7)
في السنن الكبرى (3/ 325).
(8)
في المعرفة للبيهقي (5/ 145 رقم 7101).
(9)
في صحيحه رقم (10/ 904).
(10)
في "المعرفة"(5/ 149 رقم 7113).
(11)
وهذا ليس بتعليل، لأن حبيبًا سمع أيضًا من ابن عباس، فلو شاء أن يدلس لدلسه عن ابن عباس، وقد جاءت روايات بثلاث ركوعات وأربع وخمس، مجموعها يدل على =
وحديث عائشة هو أيضًا في صحيح مسلم
(1)
بهذا اللفظ الذي ذكره المصنف.
ولعائشة أيضًا حديث آخر في صحيح مسلم
(2)
ولفظه: "إن الشمس انكسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قيامًا شديدًا، يقوم قائمًا ثم يركع، ثم يقوم ثم يركع، ثم يقوم ثم يركع ركعتين في ثلاث ركعات وأربع سجدات، وانصرف وقد تجلت الشمس، وكان إذا ركع قال: الله أكبر ثم يركع، وإذا رفع رأسه قال: سمع الله لمن حمده، فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الشمس والقمر" الحديث.
وهذه الأحاديث الصحيحة تردّ ما تقدم عن ابن عبد البرّ
(3)
والبيهقي
(4)
من أن ما خالف أحاديث الركوعين معلل أو ضعيف، وما تقدم عن الشافعي وأحمد والبخاري من عدهم لما خالف أحاديث الركوعين غلطًا
(5)
.
وقد استدلّ بأحاديث الباب على أن المشروع في صلاة الكسوف في كل ركعة ثلاثة ركوعات، وقد تقدم الخلاف في ذلك.
قوله: (ستّ ركعات وأربع سجدات)، أي صلى ركعتين، في كل ركعة ثلاثة ركوعات وسجدتان.
10/ 1332 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى في كُسُوفٍ، قَرأ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرأ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرأ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأ ثُمَّ رَكَعَ، وَالأُخْرَى مِثْلُهَا
(6)
. [شاذ]
وَفِي لَفْظٍ: صَلَّى ثَمَانَي رَكَعَات في أرْبَعِ سَجَدَاتٍ. رَوَى ذلكَ أحْمَدُ
(7)
= صحة ذلك، ولعل صلاة الكسوف تكررت فتعددت صفاتها.
قاله أبو الأشبال في تحقيقه للترمذي (2/ 447) وانظر تعليقه على المحلى لابن حزم (5/ 105 - 103).
(1)
في صحيحه رقم (7/ 902).
(2)
في صحيحه رقم (6/ 902).
(3)
التمهيد (5/ 291 - 292).
(4)
في السنن الكبوى (3/ 329).
(5)
نقله في زاد المعاد (1/ 439) عنهم. وقد تقدم.
(6)
أخرجه أحمد (1/ 346) ومسلم رقم (19/ 909) وأبو داود رقم (1183) والنسائي رقم (1468). وهو حديث شاذ. وانظر: الإرواء (3/ 129).
(7)
في المسند (1/ 325).
وَمُسْلِمٌ
(1)
وَالنَّسائِيُّ
(2)
وأبُو دَاوُدَ)
(3)
. [شاذ]
الحديث مع كونه في صحيح مسلم، ومع تصحيح الترمذي
(4)
له، قد قال ابن حبان في صحيحه
(5)
: إنه ليس بصحيح.
قال
(6)
: لأنه من رواية حبيب بن أبي ثابت عن طاوس، ولم يسمعه حبيب من طاوس، وحبيب معروف بالتدليس كما تقدم، ولم يصرّح بالسماع من طاوس وقد خالفه سليمان الأحول فوقفه وروي عن حذيفة نحوه، قاله البيهقي
(7)
.
قوله: (ثماني ركعات، إلخ) أي ركع ثمان مرات كل أربع في ركعة، وسجد في كل ركعة سجدتين.
والحديث يدلّ على أن من جملة صفات صلاة الكسوف ركعتين في كل ركعة أربعة ركوعات.
11/ 1333 - (وَعَنْ أبيّ بن كَعْبٍ قال: كَسَفَت الشَّمْسُ على عَهْد رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى بهمْ فَقَرَأ بسُورَةٍ من الطّوَل، وَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجْدَتَيْن، ثُم قامَ إلى الثَّانِيَة فَقَرأ بسورَةٍ من الطوَل وَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجْدَتَيْن، ثُم جَلَسَ كما هُوَ مستَقْبَلَ القبْلَة يَدْعُو حتَّى انْجَلَى كُسُوفُها. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(8)
وَعَبْدُ الله بْن أحْمَدَ في المُسْنَدَ
(9)
. [ضعيف]
(1)
في صحيحه رقم (18/ 909).
(2)
في سننه رقم (1467).
(3)
لم أقف عليه عند أبي داود. وهو حديث شاذ.
(4)
في السنن (2/ 448).
(5)
(7/ 98).
(6)
أي ابن حبان في صحيحه (7/ 98).
(7)
في المعرفة (5/ 149 - رقم 7113).
(8)
في سننه رقم (1182).
(9)
في المسند (5/ 134).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 333) والبيهقي (3/ 329).
قال الحاكم: "رواته موثقون" وتعقبه الذهبي بقوله: "خبر منكر وعبد الله بن أبي جعفر ليس بشيء، وأبوه لين".
قال الألباني في الإرواء (3/ 130): "قلت: الحمل فيه على الأب، فإن ابنه قد توبع عليه عند غير الحاكم. وضعفه البيهقي بقوله: "وهذا إسناد لم يحتج بمثله صاحبا الصحيح". =
وَقَدْ رُويَ بأسانيدَ حسانٍ: منْ حَديث سَمُرَةَ
(1)
[ضعيف]
والنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ
(2)
[ضعيف]
وَعَبْد الله بْن عَمْرِو
(3)
أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلاها رَكْعَتَيْن كُل رَكْعَةٍ بِرُكُوعٍ). [ضعيف]
12/ 1334 - (وَفي حَديث قَبيصَةَ الهلاليّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِذَا رَأيْتُمْ ذلكَ فَصَلُّوها كأحْدَث صَلاةٍ صَلَّيْتُمُوها مِنَ المَكْتُوبَة"، والأحاديثُ بذَلِكَ كُلِّه لأحْمَدَ
(4)
وَالنَّسَائيّ
(5)
. [ضعيف]
وَالأحاديث المُتَقَدّمَةُ بتَكْرَار الركُوع أصَح وأشْهَرُ).
أما حديث أبيّ بن كعب، فأخرجه أيضًا الحاكم
(6)
والبيهقي
(7)
وقال: هذا سند لم يحتجّ الشيخان بمثله، وهذا توهين منه للحديث بأن سنده مما لا يصلح
= قلت: وذلك لضعف أبي جعفر الرازي. قال في "التقريب": "صدوق، سيء الحفظ، خصوصًا عن مغيرة" اهـ.
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(1)
أخرجه أحمد (5/ 11) والنسائي رقم (1495)، وأبو داود رقم (1184) والحاكم (1/ 329 - 330) وعنه البيهقي (3/ 339).
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي.
قلت: ثعلبة بن عباد العبدي مجهول. قال الذهبي في "المغني"(1/ 122): "لا يُدرى من هو".
وهو حديث ضعيف.
(2)
أخرجه أحمد (4/ 267) وأبو داود رقم (1193) والنسائي رقم (1485) والحاكم في المستدرك (1/ 332).
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ، ووافقه الذهبي.
والخلاصة: أن الحديث مضطرب الإسناد والمتن، فهو ضعيف. انظر تخريجه بإسهاب في:"صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الكسوف" للمحدث الألباني رحمه الله (ص 76 - 86 رقم 16).
(3)
أخرجه أبو داود رقم (1194)، والترمذي في الشمائل رقم (317).
وهو حديث صحيح لكن بذكر الركوع مرتين كما في الصحيحين. وقد تقدم.
وانظر الكلام عليه: في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الكسوف"(ص 30 - 34 رقم 3).
(4)
في المسند (5/ 60 - 61).
(5)
في سننه رقم (1486).
وهو حديث ضعيف.
(6)
في المستدرك (1/ 333). وقد تقدم.
(7)
في السنن الكبرى (3/ 329). وقد تقدم.
للاحتجاج به عند الشيخين، لا أنه تقوية للحديث وتعظيم لشأنه كما فهمه بعض المتأخرين.
وروي عن ابن السكن تصحيح هذا الحديث.
وقال الحاكم
(1)
: رواته صادقون، وفي إسناده أبو جعفر عيسى بن عبد الله بن ماهان الرازي
(2)
. قال الفلاس: سيء الحفظ. وقال ابن المديني: يخلط عن المغيرة. وقال ابن معين: ثقة.
وفي الباب عن عليّ عند البزار
(3)
وهو معلول كما قال في الفتح
(4)
.
وقد احتجّ بهذا الحديث القائلون بأن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة خمسة ركوعات وقد تقدم ذكرهم.
وأما حديث سمرة
(5)
، فأخرجه أيضًا مسلم وفيه:"قرأ بسورتين وصلى ركعتين".
وأما حديث النعمان بن بشير، فأخرجه أحمد
(6)
وأبو داود
(7)
والنسائي
(8)
والحاكم
(9)
وصححه ابن عبد البرّ، وهو عند بعض هؤلاء باللفظ الذي ذكره
(1)
في المستدرك (1/ 333). وقد تقدم.
(2)
"تهذيب التهذيب"(4/ 503 - 504).
و"التقريب" رقم الترجمة (8019): فقد قال الحافظ: "صدوق سيء الحفظ، خصوصًا في مغيرة".
(3)
في المسند (رقم 628).
وأورده الهيثمي في "كشف الأستار"(1/ 325 رقم 675، 676).
(4)
(2/ 532) ولفظه: "
…
ولا يخلو إسناد منها عن علة، وقد أوضح ذلك البيهقي وابن عبد البر .. ".
(5)
حديث سمرة تقدم تخريجه بإثر الحديث (1333) من كتابنا هذا.
وأما اللفظ المذكور فهو من حديث عبد الرحمن بن سمرة أخرجه مسلم في صحيحه رقم (26/ 913).
واعلم أنه ليس لسمرة في مسلم حديث في صلاة الكسوف.
(6)
في المسند (4/ 267).
(7)
في سننه رقم (1193).
(8)
في سننه رقم (1485).
(9)
في المستدرك (1/ 332).
وهو حديث مضطرب الإسناد والمتن فهو حديث ضعيف. وقد تقدم.
المصنف عن قبيصة، وأعله ابن أبي حاتم بالانقطاع
(1)
.
وأما حديث ابن عمرو، فأخرجه أيضًا أبو داود
(2)
والترمذي
(3)
ورجاله ثقات.
وأما حديث قبيصة، فأخرجه أبو داود
(4)
والنسائي
(5)
والحاكم
(6)
باللفظ الذي ذكره المصنف، وسكت عنه أبو داود
(7)
والمنذري
(8)
ورجاله رجال الصحيح.
وفي الباب عن أبي بكرة عند النسائي
(9)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين مثل صلاتكم هذه".
وقد احتجّ بهذه الأحاديث القائلون بأن صلاة الكسوف ركعتان بركوع واحد كسائر الصلوات، وقد تقدم ذكرهم.
وقد رجحت أدلة هذا المذهب باشتمالها على القول كما في حديث قبيصة، والقول أرجح من الفعل.
وأشار المصنف إلى ترجيح الأحاديث التي فيها تكرار الركوع، ولا شكّ أنها أرجح من وجوه كثيرة.
منها كثرة طرقها، وكونها في الصحيحين، واشتمالها على الزيادة.
[الباب الثالث] باب الجهر بالقراءَة في صلاة الكسوف
13/ 1335 - (عَنْ عَائشَةَ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَهَرَ في صَلاة الخُسُوف بقرَاءته
(1)
التلخيص (2/ 181).
(2)
في سننه رقم (1194). وقد تقدم.
(3)
لم يخرجه الترمذي في سننه، بل أخرجه في شمائله (ص 166 رقم 317).
(4)
في سننه رقم (1185).
(5)
في سننه رقم (1487).
(6)
في المستدرك (1/ 333) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
قلت: بل إسناده ضعيف له علتان: (الأولى): عنعنة أبي قلابة فقد ذكر بالتدليس، (والأخرى): الاضطراب عليه في إسناده على وجوه كثيرة.
وخلاصة القول: أنه حديث ضعيف.
انظر تفصيل الكلام عليه في: "ضعيف أبي داود" للألباني رحمه الله (10/ 24 - 27).
(7)
في السنن (1/ 699).
(8)
في المختصر (2/ 42).
(9)
في سننه رقم (1492)، وهو حديث صحيح.
فَصَلَّى أرْبَعَ رَكَعاتٍ في رَكْعَتَيْن، وأرْبَعَ لسَجَدَاتٍ. أخْرَجَاهُ)
(1)
. [صحيح]
وَفِي لَفْظٍ: صَلَّى صَلاةَ الكُسُوف فَجَهَرَ بالقرَاءَة فيها. رَوَاهُ التِّرْمذيُّ وصحَّحَهُ
(2)
. [صحيح]
وَفِي لَفْظٍ [قالَ]
(3)
: خَسَفَت الشَّمْسُ على عَهْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأتى المُصَلَّى فَكَبَّرَ فَكَبَّرَ النَّاسُ، ثُمَّ قَرأ فَجَهَرَ بالقِرَاءَة وأطالَ القِيامَ. وَذَكَرَ الحَديثَ. رَوَاهُ أحْمَدُ)
(4)
. [صحيح]
14/ 1336 - (وَعَنْ سَمُرَةَ قالَ: صَلَّى بِنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم في كُسُوفٍ رَكْعَتَيْن لا نَسْمَعُ لَهُ فِيها صَوْتًا. رَوَاهُ الخَمْسَةُ
(5)
وَصحَّحَهُ التِّرْمِذيُّ. [ضعيف]
(1)
البخاري في صحيحه رقم (1065) ومسلم في صحيحه رقم (5/ 901).
(2)
في سننه رقم (2/ 452 رقم 563) وقال: حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه أحمد في المسند (6/ 76) وابن خزيمة رقم (1379) والبيهقي (3/ 336) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 333) والدارقطني في السنن (2/ 64 رقم 7).
قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي"(3/ 148): "فإن قلت: روى هذا الحديث سفيان بن حسين عن الزهري وهو ثقة في غير الزهري، فكيف يكون حديثه هذا بلفظ: "وجهر بالقراءة فيها" حسنًا صحيحًا؟
قلت: لم يتفرد هو برواية هذا الحديث بهذا اللفظ عن الزهري، بل تابعه على ذلك سليمان بن كثير عند أحمد. وعقيل عند الطحاوي. وإسحاق بن راشد عند الدارقطني.
قال الحافظ: وهذه طرق يعد بعضها بعضًا يفيد مجموعها الجزم بذلك فلا معنى لتعليل من أعله بتضعيف سفيان بن حسين وغيره" اهـ.
وخلاصة القول: أن حديث عائشة حديث صحيح، والله أعلم.
(3)
في المخطوط (ب): (قالت).
(4)
في المسند (6/ 76). وهو حديث صحيح.
(5)
أحمد (5/ 16) وأبو داود رقم (1184) والترمذي رقم (562) والنسائي رقم (1495) وابن ماجه رقم (1264). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 329 - 330) وعنه البيهقي (3/ 339).
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
قلت: ثعلبة بن عباد العبدي لم يخرج له الشيخان وثعلبة هذا مجهول. وقد تقدم.
وخلاصة القول: أن حديث سمرة حديث ضعيف، والله أعلم.
وَهَذَا يَحْتَمِلُ أنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ لِبُعْده، لأنَّ في روَايَةٍ مَبْسوطَةٍ لَهُ: أتَيْنا وَالمَسْجِدُ قَد امْتَلأَ).
حديث عائشة أخرجه أيضًا ابن حبان
(1)
والحاكم
(2)
.
والرواية التي أخرجها أحمد، أخرجها أيضًا أبو داود الطيالسي في مسنده
(3)
. وأخرج نحوها ابن حبان
(4)
.
وحديث سمرة صححه أيضًا ابن حبان
(5)
والحاكم
(6)
، وأعله ابن حزم
(7)
بجهالة ثعلبة بن عباد، [راويه]
(8)
عن سمرة. وقد قال ابن المديني
(9)
: إنه مجهول.
وذكره ابن حبان في الثقات
(10)
مع أنه لا راوي له إلا الأسود بن قيس كذا قال الحافظ
(11)
.
وفي الباب عن ابن عباس عند الشافعي
(12)
وأبي يعلى
(13)
والبيهقي
(14)
(1)
في صحيحه رقم (2849) بسند صحيح على شرط الشيخين.
(2)
في المستدرك (1/ 334). وقال:. حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
(3)
في مسنده رقم (1466).
(4)
في صحيحه رقم (2850).
(5)
في صحيحه رقم (2851) بسند ضعيف.
(6)
في المستدرك (1/ 334) وقد تقدم الكلام عليه آنفًا.
(7)
في المحلى (5/ 102) ولفظه: "قلنا: هذا لا يصح، لأنه لم يروه إلا ثعلبة بن عباد العبدي، وهو مجهول، ثم لو صح لم تكن لهم فيه حجة، لأنه ليس فيه أنه عليه السلام لم يجهر وإنما فيه: "لا نسمع له صوتًا" وصدق سمرة في أنه لم يسمعه ولو كان بحيث يسمعه لسمعه كما سمعته عائشة رضي الله عنها التي كانت قريبًا من القبلة في حجرتها، وكلاهما صادقان.
ثم لو كان فيه "لم يجهر" لكان خبر عائشة زائدًا على ما في خبر سمرة، والزائد أولى، أو لكان كلا الأمرين جائزًا لا يبطل أحدهما الآخر فكيف وليس فيه شيء من هذا؟ " اهـ.
(8)
في المخطوط (ب): (رواية).
(9)
كما في "تهذيب التهذيب"(1/ 272).
(10)
في "الثقات"(4/ 98).
(11)
في "التلخيص"(2/ 186).
(12)
كما في "المعرفة" للبيهقي (5/ 154 رقم 7145).
(13)
في المسند رقم (2745).
(14)
في السنن الكبرى (3/ 335). =
قال: "كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف فما سمعت منه حرفًا من القرآن"، وفي إسناده ابن لهيعة.
وللطبراني
(1)
نحوه من وجه آخر، وقد وصله البيهقي
(2)
من ثلاث طرق أسانيدها واهية.
ولابن عباس حديث آخر متفق عليه
(3)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة"، وقد تقدم، وهو يدلّ على أنه صلى الله عليه وسلم لم يجهر.
قال البخاري
(4)
: حديث عائشة في الجهر أصحّ من حديث سمرة.، ورجح الشافعي
(5)
رواية سمرة بأنها موافقة لرواية ابن عباس المتقدمة ولروايته الأخرى.
والزهري قد انفرد بالجهر، وهو وإن كان حافظًا فالعدد أولى بالحفظ من واحد، قاله البيهقي
(6)
.
قال الحافظ
(7)
: وفيه نظر، لأنه مثْبِت وروايته مقدَّمة.
= بسند ضعيف لضعف ابن لهيعة.
• وتابع ابن لهيعة عبد الحميد بن جعفر، أخرجه أبو نعيم في الحلية (3/ 344) والبيهقي في المعرفة (5/ 154 رقم 7146) من طريق الواقدي. بسند ضعيف جدًّا، والواقدي قال عنه الحافظ في التقريب: متروك.
• وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 11 رقم 11612) والبيهقي في المعرفة (5/ 154 رقم 7147) من طريق موسى بن عبد العزيز.
بسند ضعيف، لضعف موسى بن عبد العزيز، قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق سيء الحفظ.
• وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط رقم (2700) من طريق حفص بن عمر العدني.
بسند ضعيف، لضعف حفص بن عمر، قال الحافظ عنه في التقريب: ضعيف.
وخلاصة القول: أن حديث ابن عباس ضعيف، والله أعلم.
(1)
تقدم في التعليقة السابقة.
(2)
في السنن الكبرى (3/ 335).
(3)
تقدم تخريجه برقم (1326) من كتابنا هذا.
(4)
حكاه عنه الحافظ في "التلخيص"(2/ 187) والبيهقي في المعرفة (5/ 153 رقم 7141).
(5)
المعرفة للبيهقي (5/ 154 رقم 7149).
(6)
في المعرفة (5/ 154 رقم 7150).
(7)
في التلخيص (2/ 187).
وجمع بين حديث سمرة
(1)
وعائشة
(2)
بأن سمرة كان في أخريات الناس، فلهذَا لم يسمع صوته، ولكن قول ابن عباس كنت إلى جنبه يدفع ذلك.
وجمع النووي
(3)
بأن رواية الجهر في القمر، ورواية الإسرار في كسوف الشمس، وهو مردود بالرواية [التي]
(4)
ذكرها المصنف في حديث عائشة منسوبة إلى أحمد
(5)
. وبما أخرجه ابن حبان
(6)
من حديثها بلفظ: "كسفت الشمس".
والصواب أن يقال: إن كانت صلاة الكسوف لم تقع منه صلى الله عليه وسلم إلا مرّة واحدة كما نصّ على ذلك جماعة من الحفاظ، فالمصير إلى الترجيح متعين.
وحديث عائشة أرجح لكونه في الصحيحين
(7)
ولكونه متضمنًا للزيادة، ولكونه مثبتًا، ولكونه معتضدًا بما أخرجه ابن خزيمة
(8)
وغيره عن عليّ مرفوعًا من إثبات الجهر.
وإن صحّ أن صلاة الكسوف وقعت أكثر من مرّة كما ذهب إليه البعض، فالمتعين الجمع بين الأحاديث بتعدد الواقعة، فلا معارضة بينها، إلا أن الجهر أولى من الإسرار لأنه زيادة.
وقد ذهب إلى ذلك أحمد
(9)
وإسحاق
(10)
وابن خزيمة
(11)
(1)
تقدم برقم (14/ 1336) من كتابنا هذا.
(2)
تقدم برقم (13/ 1335) من كتابنا هذا.
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 204).
(4)
في المخطوط (ب): (الذي).
(5)
في المسند (6/ 76).
(6)
في صحيحه رقم (2849) بسند صحيح على شرط الشيخين.
(7)
البخاري رقم (1065) ومسلم برقم (5/ 901).
(8)
في صحيحه برقم (1388) قال الألباني رحمه الله: "قلت: رجال إسناده ثقات؛ على ضعف في "حنش" وهو ابن المعتمر، قال الحافظ: صدوق له أوهام. قلت: فمثله لا يحتج بحديثه عند التفرد كما هنا" اهـ.
(9)
المغني (3/ 325).
(10)
قال إسحاق: لو لم يأت في ذلك سنة لكان أشبه الأمر من الجهر تشبيهًا بالجمعة والعيدين والاستسقاء وكل ذلك نهارًا. قال: وأما كسوف القمر فقد اجتمعوا على الجهر في صلاته، لأن قراءة الليل على الجهر. [الأوسط لابن المنذر (5/ 298)].
(11)
أورد ابن خزيمة في صحيحه (2/ 314 رقم الباب 634) باب الجهر بالقراءة من صلاة كسوف الشمس. وأخرج تحته حديث عائشة.
وابن المنذر
(1)
وغيرهما من محدثي الشافعية
(2)
، وبه قال صاحبا أبي حنيفة
(3)
وابن العربي من المالكية
(4)
.
وحكى النووي
(5)
عن الشافعي ومالك
(6)
وأبي حنيفة
(7)
والليث بن سعد
(8)
وجمهور الفقهاء
(9)
أنه يسر في كسوف الشمس، ويجهر في خسوف القمر، وإلى مثل ذلك ذهب الإِمام يحيى
(10)
.
وقال الطبري
(11)
: يخير بين الجهر والإسرار. وإلى مثل ذلك ذهب الهادي (10) ورواه في البحر
(12)
عن مالك، وهو خلاف ما حكاه غيره عنه.
واعلم أنه لم يرد تعيين ما قرأ به صلى الله عليه وسلم إلا في حديث لعائشة أخرجه الدارقطني
(13)
والبيهقي
(14)
أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في الأولى بالعنكبوت، وفي الثانية بالروم أو لقمان.
وقد ثبت الفصل بالقراءة بين كل ركوعين كما تقدم من حديث عائشة المتفق عليه
(15)
، فيتخير المصلي من القرآن ما شاء.
ولا بدّ من القراءة بالفاتحة في كل ركعة لما تقدم من الأدلة الدالة على أنها لا تصحّ ركعة بدون فاتحة.
(1)
الأوسط (5/ 298) حيث قال: "
…
يجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس والقمر".
(2)
الأوسط لابن المنذر (5/ 296 - 297).
(3)
البناية في شرح الهداية (3/ 168).
(4)
في عارضة الأحوذي (3/ 42).
(5)
في "المجموع"(5/ 57).
(6)
في "المنتقى" للباجي (1/ 326).
(7)
البناية في شرح الهداية (3/ 168 - 169).
(8)
حكاه عنه ابن عبد البر في "الاستذكار"(7/ 101 رقم 9789).
(9)
انظر: المغني (3/ 325) والمجموع (5/ 57 - 58).
(10)
البحر الزخار (2/ 72).
(11)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 550).
(12)
البحر الزخار (2/ 71).
(13)
في السنن (2/ 64 رقم 7).
(14)
في السنن الكبرى (3/ 336) كلاهما من طريق سعيد بن حفص: وسعيد بن حفص خال النفيلي، قال ابن القطان: لا أعرف حاله.
(15)
البخاري رقم (1065) ومسلم رقم (5/ 901).
قال النووي
(1)
: واتفق العلماء على أنه يقرأ الفاتحة في القيام الأوّل من كل ركعة. واختلفوا في القيام الثاني، فمذهبنا ومذهب مالك
(2)
وجمهور أصحابه أنها لا تصحّ الصلاة إلا بقراءتها فيه. وقال محمد بن مسلمة من المالكية (2): [لا تتعين]
(3)
الفاتحة في القيام الثاني، انتهى.
وينبغي الاستكثار من الدعاء لورود الأمر به في الأحاديث الصحيحة كما في حديث ابن عباس المتقدم
(4)
وغيره.
[الباب الرابع] باب الصلاة لخسوف القمر في جماعة مكررة الركوع
15/ 1337 - (عَنْ مَحْمُود بْن لَبِيدٍ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إن الشمْسَ وَالقَمَرَ آيَتان مِنْ آيات الله، وإنَّهُما لا يَنْكَسِفان لِمَوْت أحَدٍ وَلا لحَياتِهِ، فإذَا رأيْتُمُوهما كَذَلِكَ فافْزَعُوا إلى المَساجِد" رَوَاهُ أحْمَدُ)
(5)
. [بسند صحيح]
16/ 1338 - (وَعَن الحَسَن البِصْرِيّ قالَ: خَسَفَ القَمَرُ وَابْنُ عَباسٍ أميرٌ على البِصْرَة، فَخَرَجَ فَصَلَّى بِنا رَكْعَتَيْنِ في كل رَكعةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكِبَ وَقالَ: إنمَا صلَّيْتُ كما رأيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ في مُسْنَدِهِ)
(6)
. [مرسل بسند ضعيف]
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 199).
(2)
المنتقى للباجي (1/ 326).
(3)
في المخطوط (ب): (لا تعين).
(4)
تقدم برقم (1326) من كتابنا هذا.
(5)
في المسند (5/ 428) بسند رجاله رجال الصحيح.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 207) وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.
وقال الشيخ البنا في "بلوغ الأماني في شرح الفتح الرباني"(6/ 185): لم أقف عليه لغير الإمام أحمد.
(6)
في مسنده (رقم: 476 - ترتيب) مرسل وإسناده ضعيف.
قال الحافظ في "التلخيص"(2/ 184 - 185): "وإبراهيم - بن محمد - ضعيف، وقول الحسن: خطبنا، لا يصح، فإن الحسن لم يكن بالبصرة لما كان ابن عباس بها. وقيل: إن هذا من تدليساته، وإن قوله: خطبنا، أي: خطب أهل البصرة" اهـ.
حديث محمود أصله في الصحيحين
(1)
بدون قوله: "فافزعوا إلى المساجد".
وقد أخرج هذه الزيادة أيضًا الحاكم
(2)
وابن حبان
(3)
.
وحديث ابن عباس أخرجه الشافعي
(4)
كما ذكر المصنف عن شيخه إبراهيم بن محمد وهو ضعيف لا يحتجّ بمثله.
وقول الحسن: "صلى بنا" لا يصحّ، فإن الحسن لم يكن بالبصرة لما كان ابن عباس بها.
وقيل: إن هذا من تدليساته، وإن المراد بقوله:"صلى بنا": أي صلى بأهل البصرة
(5)
.
والحديثان يدلان على مشروعية التجميع في خسوف القمر.
أما الأوّل
(6)
فلقوله فيه: "فإذا رأيتموهما كذلك" إلخ، ولكنه لم يصرّح بصلاة الجماعة.
وأما الحديث الثاني
(7)
فبقول ابن عباس بعد أن صلى بهم جماعة في خسوف القمر: "إنما صليت كما رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلي".
(1)
وهم الشوكاني رحمه الله فنقل ما في "التلخيص"(2/ 180) عن حديث أبي بكرة، وجعله لحديث محمود بن لبيد فتنبه.
• وحديث أبي بكرة أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1040) وأطرافه: (1048 و 1062 و 1063 و 5785).
ولفظه: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكسفتِ الشمس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجرُّ رداءَهُ حتى دخلَ المسجدَ فدخلنا فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس، فقال: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد فإذا رأيتموهُما فصلُّوا وادعُوا حتى يُكشف ما بكم".
(2)
في المستدرك (1/ 334 - 335) من حديث أبي بكرة أيضًا، وقال الذهبي: إسناده حسن، وما هو على شرط واحدٍ منهما".
(3)
في صحيحه رقم (2837) من حديث أبي بكرة أيضًا.
(4)
تقدم في الصفحة السابقة رقم التعليقة (6). مرسل بسند ضعيف.
(5)
حكاه الحافظ في "التلخيص"(2/ 184 - 185) كما تقدم.
(6)
تقدم برقم (1337) من كتابنا هذا.
(7)
تقدم برقم (1338) من كتابنا هذا.
ولكنه يحتمل أن يكون المشبه بصلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم من صلاته هو صفتها من الاقتصار في كل ركعة على ركوعين ونحو ذلك، لا أنها مفعولة في خصوص ذلك الوقت الذي فعلها فيه لما تقدم من اتحاد القصة، وأنه صلى الله عليه وسلم يصلّ الكسوف إلا مرّة واحدة عند موت ولده إبراهيم.
نعم أخرج الدارقطني
(1)
من حديث عائشة: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات".
وأخرج أيضًا
(2)
عن ابن عباس: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف القمر ثماني ركعات في أربع سجدات"، وذكر القمر في الأوّل مستغرب كما قال الحافظ
(3)
.
والثاني في إسناده نظر لأنه من طرق حبيب عن طاوس ولم يسمع منه.
وقد أخرجه مسلم
(4)
بدون ذكر القمر. وإنما اقتصر المصنف في التبويب على ذكر القمر، لأن التجميع في كسوف الشمس معلوم من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الأحاديث الصحيحة المتقدمة وغيرها.
وقد ذهب مالك
(5)
والشافعي
(6)
وأحمد
(7)
وجمهور العلماء إلى أن صلاة الكسوف والخسوف تسنّ الجماعة [فيهما]
(8)
.
وقال أبو يوسف ومحمد
(9)
: بل الجماعة شرط فيهما.
وقال الإِمام يحيى
(10)
: إنها شرط في الكسوف فقط.
وقال العراقيون: إن صلاة الكسوف والخسوف فرادى.
(1)
في السنن (2/ 64 رقم 7) من طريق سعيد بن حفص.
وسعيد بن حفص خال النفيلي، قال ابن القطان: لا أعرف حاله.
(2)
أي الدارقطني في السنن (2/ 64/ رقم 6).
وقال الحافظ في "التلخيص"(2/ 185): في إسناده نظر، وهو في مسلم بدون ذكر القمر.
(3)
في "التلخيص"(2/ 185).
(4)
في صحيحه رقم (908).
(5)
المدونة (1/ 163).
(6)
الأم (2/ 523).
(7)
المغني (3/ 322).
(8)
في المخطوط (أ): (فيها).
(9)
الأوسط لابن المنذر (5/ 310).
(10)
البحر الزخار (2/ 71).
وحكي في البحر
(1)
عن أبي حنيفة ومالك: أن الانفراد شرط.
وحكى النووي في شرح مسلم
(2)
عن مالك: أنه يقول بأن الجماعة تسنّ في الكسوف والخسوف كما تقدم.
وحكي في البحر
(3)
عن العترة: أنه يصحّ الأمران.
احتجّ الأوّلون بالأحاديث الصحيحة المتقدمة، وليس لمن ذهب إلى أن الانفراد شرط أو أنه أولى من التجميع دليل.
وأما من جوّز الأمرين فقال: لم يرد ما يقتضي اشتراط التجميع؛ لأن فعله صلى الله عليه وسلم لا يدلّ على الوجوب فضلًا عن الشرطية وهو صحيح، ولكنه لا ينفي أولوية التجميع.
[الباب الخامس] باب الحث على الصدقة والاستغفار والذكر في الكسوف؛ وخروج وقت الصلاة بالتجلي
17/ 1339 - (عَنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبي بَكْرٍ قالَتْ: لَقَدْ أمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بالعتَاقَةِ في كُسُوفِ الشَّمْسِ)
(4)
. [صحيح]
18/ 1340 - (وَعَنْ عَائِشَةَ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتانِ مِنْ آياتِ الله، لَا يخْسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ وَلا لِحَياتِهِ، فَإذَا رأيْتُمْ ذلكَ فادْعُوا الله وكَبِّرُوا وَتَصَدَّقُوا وَصَلّوا")
(5)
. [صحيح]
19/ 1341 - (وَعَنْ أبي مُوسَى قالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فَقامَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى
(1)
البحر الزخار (2/ 71).
(2)
(6/ 198).
(3)
البحر الزخار (2/ 71).
(4)
أخرجه أحمد (6/ 345) والبخاري رقم (1054) ومسلم رقم (11/ 905).
وهو حديث صحيح.
(5)
أخرجه أحمد (6/ 76، 146) والبخاري رقم (1044) ومسلم رقم (1/ 901).
وهو حديث صحيح.
وقالَ: "إِذَا رأيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذلكَ فافْزَعُوا إلى ذِكْرِ الله وَدُعائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ")
(1)
. [صحيح]
20/ 1342 - (وَعَنِ المُغِيرَةِ قالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلى عَهْد رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ ماتَ إبْرَاهِيمُ، فَقال النَّاسُ: انْكَسَفَتْ لمَوْتِ إبْرَاهِيمَ، فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتانِ مِنْ آياتِ الله عز وجل، لا يَنْكَسِفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ وَلا لِحَياتِهِ، فإذَا رَأيْتُموهُمَا فادْعُوا الله تعالى وَصَلُّوا حتَّى يَنْجَلِيَ"
(2)
. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ). [صحيح]
قوله: (العتاقة) بفتح العين المهملة
(3)
.
وفي لفظ للبخاري
(4)
في كتاب العتق من طريق [عثَّام]
(5)
بن عليّ عن هشام: "كنا نؤمر عند الكسوف بالعتاقة"، وفيه مشروعية الإعتاق عند الكسوف.
قوله: (فادعوا الله، إلخ)، فيه الحثّ على الدعاء والتكبير والتصدّق والصلاة.
قوله: (فافزعوا إلى ذكر الله، إلخ)، فيه أيضًا الندب إلى الدعاء والذكر والاستغفار عند الكسوف لأنه مما يدفع الله [تعالى]
(6)
به البلاء.
ومنهم من حمل الذكر والدعاء على الصلاة لكونهما من أجزائها، وفيه نظر، لأنه قد جمع بين الذكر والدعاء وبين الصلاة في حديث عائشة المذكور في الباب
(7)
.
(1)
أخرجه البخاري رقم (1059) ومسلم رقم (24/ 912).
وهو حديث صحيح.
(2)
أخرجه أحمد (4/ 249، 253) والبخاري رقم (106) ومسلم رقم (29/ 915).
وهو حديث صحيح.
(3)
قال ابن الأثير في "النهاية"(3/ 179): من أعتقتُ العبد أُعتِقُه عتقًا وعتاقة، فهو معتق، وعتق فهو عتيق: أي حررته فصار حرًا. والصحاح للجوهري (4/ 1520).
(4)
في صحيحه رقم (2520).
(5)
في المخطوط (ب): (غنام) وهو خطأ، والمثبت من المخطوط (أ) والموافق لمراجع الترجمة مثل:"تهذيب التهذيب"(3/ 55).
(6)
زيادة من المخطوط (ب).
(7)
تقدم برقم (18/ 1340) من كتابنا هذا.
وفي حديث أبي بكرة عند البخاري
(1)
وغيره
(2)
ولفظه: "فصلوا وادعوا".
قوله: (يوم مات إبراهيم) يعني ابن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ
(3)
: وقد ذكر جمهور أهل السير
(4)
أنه مات في السنة العاشرة من الهجرة.
قيل: في ربيع الأوّل. وقيل: في رمضان.
وقيل: في ذي الحجة، والأكثر أنه في عاشر الشهر.
وقيل: في رابعه. وقيل: في رابع عشر.
ولا يصحّ شيء من هذا على قول ذي الحجة؛ لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذ ذاك بمكة في الحجّ، وقد ثبت أنه شهد وفاته وكانت بالمدينة بلا خلاف.
نعم قيل: إنه مات سنة تسع، فإن ثبت صحّ وجزم النووي بأنها كانت سنة الحديبية.
وقد استدلّ بوقوع الكسوف عند موت إبراهيم على بطلان قول أهل الهيئة لأنهم كانوا يزعمون أنه لا يقع في الأوقات المذكورة.
وقد فرض الشافعي
(5)
وقوع العيد والكسوف معًا، واعترضه بعض من اعتمد على قول أهل الهيئة، وردّ عليه أصحاب الشافعي.
قوله: (حتى ينجلي) فيه أن الصلاة والدعاء يشرعان إلى أن ينجلي الكسوف فلا يستحبّ ابتداء الصلاة بعده، وأما إذا حصل الانجلاء وقد فعل بعض الصلاة فقيل: يتمها.
وقيل: يقتصر على ما قد فعل.
(1)
في صحيحه رقم (1063).
وقد تقدم.
(2)
كالنسائي في سننه رقم (1502).
(3)
في "الفتح"(2/ 529).
(4)
تاريخ الطبري (5/ 347، 381)، ومروج الذهب (3/ 248) والإصابة (2/ 72) ومعرفة السنن والآثار رقم (7164) و (7167).
(5)
في الأم (2/ 528).
وقيل: يتمها على هيئة النوافل.
وإذا وقع الانجلاء بعد الفراغ من صلاة الكسسوف وقبل الخطبة فظاهر حديث عائشة المتقدم
(1)
بلفظ: "وانجلت الشمس قبل أن ينصرف ثم قام فخطب الناس"، إنها تشرع الخطبة بعد الانجلاء.
وفي الحديث أنها تستحبّ ملازمة الصلاة والذكر إلى الانجلاء.
وقال الطحاوي
(2)
: إن قوله "فصلوا وادعوا"، يدلّ على أن من سلم من الصلاة قبل الانجلاء يتشاغل بالدعاء حتى تنجلي.
وقرره ابن دقيق العيد
(3)
قال: لأنه جعل الغاية بمجموع الأمرين، ولا يلزم من ذلك أن يكون غاية لكل واحد منهما على انفراده، فجاز أن يكون الدعاء ممتدًا إلى غاية الانجلاء بعد الصهلاة فيصير غاية للمجموع، ولا يلزم منه تطويل الصلاة ولا تكريرها.
وأما ما وقع عند النسائي
(4)
من حديث النعمان بن بشير قال: "كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يصلي ركعتين ركعتين ويسأل عنها حتى انجلت".
فقال في الفتح
(5)
: إن كان محفوظًا احتمل أن يكون معنى قوله: "ركعتين": أي ركوعين، وقد وقع التعبير بالركوع عن الركعة في حديث الحسن المتقدم
(6)
في الباب الذي قبل هذا.
ويحتمل أن يكون السؤال بالإشارة فلا يلزم التكرار.
وقد أخرج عبد الرزاق
(7)
بإسناد صحيح عن أبي قلابة: "أنه صلى الله عليه وسلم كان كلما ركع ركعة أرسل رجلًا ينظر هل انجلت"، فتعين الاحتمال المذكور، وإن ثبت تعدّد القصة زال الإشكال.
(1)
برقم (1325) من كتابنا هذا.
(2)
في شرح معاني الآثار (1/ 331).
(3)
في "إحكام الأحكام"(2/ 138).
(4)
في سننه رقم (1485).
وهو حديث ضعيف.
(5)
(2/ 527).
(6)
برقم (1338) من كتابنا هذا.
(7)
في المصنف رقم (4944) بسند صحيح.
[رابع وعشرون]: [أبواب]
(1)
الاستسقاء
1/ 1343 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ في حدِيث لَه أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَمْ ينقُصْ قَوْمٌ المكْيالَ وَالميزَانَ، إلا أُخِذُوا بالسِّنينَ، وَشدةِ المَئُونةِ، وَجَوْرِ السُّلْطانِ عَلَيْهِمْ؛ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أمْوَالهمْ، إلا منعُوا القَطْرَ مِنَ السماءِ، ولَوْلا البَهائمُ لَمْ يُمْطَرُوا"، رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ)
(2)
. [حسن]
الحديث هذا ذكره ابن ماجه (2) في كتاب الزهد مطوّلًا، وفي إسناده خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك وهو ضعيف
(3)
، وقد ذكره الحافظ في التلخيص
(4)
ولم يتكلم عليه.
وفي الباب عن بريدة عند الحاكم
(5)
والبيهقي
(6)
[أبلفظ]
(7)
: "ما نقض قوم العهد إلا كان فيهم القتل، ولا منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر"، واختلف فيه على عبد الله بن بريدة؛ فقيل عنه هكذا. وقيل: عن ابن عباس.
قوله: (كتاب الاستسقاء)، قال في الفتح
(8)
: الاستسقاء لغة: طلب سقي
(1)
في المخطوط (أ) و (ب): كتاب وأبدلتها بـ[أبواب] لضرورة التبويب.
(2)
في سننه رقم (4019).
وفيه سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب، قال في التقريب: صدوق يخطئ. عن خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك وهو ضعيف. عن أبيه يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك وهو صدوق ربما وهم قاله الحافظ في التقريب، وفي الزوائد: "هذا حديث صالح للعمل به، وقد اختلفوا في ابن أبي مالك وأبيه. وحسنه المحدث الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجه.
(3)
التقريب رقم (1688).
(4)
(2/ 196).
(5)
في المستدرك (2/ 126) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(6)
في السنن الكبرى (3/ 346).
وهو حديث حسن.
(7)
زيادة من المخطوط (ب).
(8)
(2/ 492).
الماء من الغير للنفس أو للغير
(1)
. وشرعًا طلبه من الله تعالى عند حصول الجدب على وجه مخصوص، انتهى.
قال الرافعي
(2)
: هو أنواع أدناها الدعاء المجرّد، وأوسطها الدعاء خلف الصلوات، وأفضلها الاستسقاء بركعتين وخطبتين، والأخبار وردت بجميع ذلك انتهى، وسيأتي ذكرها في هذا الكتاب.
قوله: (لم ينقص قوم المكيال والميزان إلخ)، فيه أن نقص المكيال والميزان سبب للجدب وشدّة المئونة وجور السلاطين.
قوله: (ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلخ)، فيه أن منع الزكاة من الأسباب الموجبة لمنع قطر السماء.
قوله: (ولولا البهائم إلخ) فيه أن نزول الغيث عند وقوع المعاصي إنما هو رحمة من الله [تعالى]
(3)
للبهائم وقد أخرج أبو يعلى
(4)
والبزار
(5)
من حديث أبي هريرة بلفظ: "مهلًا عن الله مهلًا فإنه لولا شباب خُشَّع وبهائم رُتَّع
(1)
قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 381): "الاستسقاء هو استفعال من طلب السُّقيا: أي إنزال الغيث على البلاد والعباد. يقال: سقى الله عباده الغيث، وأسقاهم، والاسم السُّقيا بالضم، واستسقَيت فلانًا إذا طلبتَ منه أن يسقيك".
وانظر: مفردات ألفاظ القرآن ص 416.
(2)
حكاه الحافظ في "التلخيص"(2/ 192).
(3)
زيادة في المخطوط (أ).
(4)
في مسنده رقم (6402) بسند ضعيف لضعف إبراهيم بن خثيم بن عراك.
(5)
في مسنده (رقم 3212 - كشف) وقال: لا نعلم رواه إلا أبو هريرة بهذا الإسناد.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 227) وقال: "رواه البزار والطبراني في الأوسط
…
وأبو يعلى أخصر منه، وفيه إبراهيم بن خثيم وهو ضعيف".
قلت: وأورده الذهبي "في الميزان"(1/ 30) وتابعه ابن حجر في "اللسان"(1/ 53) من طريق أبي يعلى.
وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(6/ 64) وابن عدي في الكامل (1/ 243).
وأورده الحافظ في "المطالب العالية"(3/ 177 رقم 3185) وعزاه لأبي يعلى، ونقل الشيخ حبيب الرحمن عن البوصيري قوله: رواه أبو يعلى والبزار والبيهقي ومدار أسانيدهم على إبراهيم بن خثيم بن عراك وهو ضعيف".
وأطفال رُضَّع لصبّ عليكم العذاب صبًا"، وفي إسناده إبراهيم بن خثيم بن عراك بن مالك وهو ضعيف
(1)
.
وأخرجه أبو نعيم
(2)
من طريق مالك بن عبيدة بن مسافع عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا عِبَادٌ لله رُكَّع، وصبية رضع، وبهائم رُتَّع، لصبّ عليكم العذاب صبًا"، وأخرجه أيضًا البيهقي
(3)
وابن عديّ
(4)
.
ومالك بن عبيدة: قال أبو حاتم
(5)
وابن معين: مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات
(6)
. وقال ابن عديّ
(7)
: ليس له غير هذا الحديث.
وله شاهد مرسل أخرجه أبو نعيم أيضًا في معرفة الصحابة
(8)
عن أبي الزاهرية أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم إلا وينادي منادٍ: مهلًا أيها الناس مهلًا، فإن لله سطوات، ولولا رجال خشع، وصبيان رضع، ودوابّ رتع، لصبّ عليكم العذاب صبًا، ثم رضضتم به رضًا".
(1)
إبراهيم بن خيثم بن عِرَاك بن مالك الغفاري. الجرح والتعديل (2/ 98) المغني (1/ 14) والميزان (1/ 30) ولسان الميزان (1/ 53) والضعفاء للنسائي رقم (13) والضعفاء للعقيلي (1/ 52) والكامل (1/ 243).
(2)
في "المعرفة" كما في "التلخيص الحبير"(2/ 199).
قلت: وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(ج 22 رقم 785) و"المعجم الأوسط " رقم (6539) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 345) وابن عدي في الكامل (6/ 2377) والطيالسي وابن منده كما في "المقاصد" للسخاوي رقم (882).
وإسناده ضعيف، ففيه مالك بن عبيدة بن مسافع الدِّيلي، قال عنه في "الميزان" (3/ 427) وفي "اللسان" (5/ 5):"لا يُعرف"، وذكره ابن حبان في "الثقات"(7/ 461) ونقل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 213) عن ابن معين أنه لا يعرفه، أي أنه مجهول.
وقال المُنَاوي في "فيض القدير"(5/ 344): "قال الذهبي في "المهذب": ضعيف، ومالك وأبوه: مجهولان".
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 227): "رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه عبد الرحمن بن سعد بن عمَّار وهو ضعيف".
(3)
في السنن الكبرى (3/ 345). وقد تقدم.
(4)
في "الكامل"(4/ 1622) و (6/ 2377) في ترجمة عبد الرحمن بن سعد، ومالك بن عبيدة.
(5)
في "الجرح والتعديل"(8/ 213).
(6)
(7/ 461).
(7)
في الكامل (6/ 2377).
(8)
في "المعرفة" كما في "التلخيص الحبير"(2/ 199) مرسلًا.
وأخرج الدارقطني
(1)
والحاكم
(2)
من حديث أبي هريرة رفعه قال: "خرجَ نبيّ من الأنبياء يستسقي، فإذا هو بنملةٍ رافعةً بعضَ قوائِمها إلى السَّماء، فقال: ارجِعوا فقد استُجيبَ من أجل شأن النملة".
وأخرج نحوه أحمد
(3)
والطحاوي
(4)
.
2/ 1344 - (وَعَنْ عائشةَ قالَتْ: شَكا النَّاسُ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قُحُوطَ المَطَرِ، فأمَرَ بمنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ في المُصَلَّى، وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يخْرُجُونَ فِيهِ؛ قالتْ عائشةُ: فَخَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حينَ بَدَا حاجبُ الشَّمْسِ فَقَعَدَ على المِنْبَرِ فَكَبَّرَ وحَمَدَ الله عز وجل، ثُم قالَ:"إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيارِكُمْ وَاستئْخارَ المَطَرِ عَنْ إبّانِ زَمانِهِ عَنْكُمْ، وَقَدْ أمَرَكُمْ الله عز وجل أنْ تَدْعُوهْ، وَوَعَدَكمْ أنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ، ثُم قال: الحَمْدُ لله رَبّ العَالَمينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مالك يَوْمِ الدّينِ، لا إلَهَ إلا الله، يَفَعَلُ ما يُرِيدُ؛ اللَّهُم أنْتَ الله لا إلَهَ إلا أنْتَ، أنْتَ الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَرَاءُ، أنْزِلْ عَلَيْنا الغَيْثَ، وَاجْعَلْ ما أنْزَلْتَ لَنا قُوةً وَبَلاغًا إلى حِينٍ"، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ في الرَّفْعِ حتَّى بَدَا بَياضُ إبِطَيْهِ، ثُمَّ حَوَّلَ إلى النَّاس ظَهْرَهُ، وَقَلَبَ أوْ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَهُوَ رَافعٌ يَدَيْهِ، ثُمَّ أقْبَلَ على النَّاسِ، وَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فأنشأ الله تَعالى
(1)
في سننه رقم (2/ 66 رقم 1).
(2)
في المستدرك (1/ 325 - 326) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
قلت: في تصحيح الحاكم لإسناده وموافقة الذهبي له: نظر. حيث إنَّ في إسناده: (عون مولى أمِّ حكيم بنت يحيى بن الحكم) ترجم له البخاري في التاريخ الكبير" (7/ 16) وقال: "عن الزهري مرسل. كما ترجم له ابن حبان في "ثقاته، (7/ 281) وقال: "يروي عن الزهري، روى عنه عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون". ولم يوثقه إلا ابن حبان وهو معروف في توثيق المجاهيل.
وأيضًا ولده (محمد بن عون مولى أم حكيم لم يوثقه إلا ابن حبان في الثقات (7/ 411) وترجم له البخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 197) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
والخلاصة: أن إسناده ضعيف، والله أعلم.
(3)
في المسند المطبوع لم أجده، كما لم يورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"، فلعله من غير المسند، والله أعلم.
(4)
في "مشكل الآثار"(1/ 373) بسند ضعيف، لضعف سلامة بن روح.
سَحَابَةً، فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ، ثُمَّ أمْطَرَتْ بإذْنِ الله، فَلَمْ يأتِ مَسْجدَهُ حتى سالَتِ السيُولُ؛ فَلَمَّا رأى سُرْعَتَهُمْ إلى الكِنّ ضحِكَ حتَّى بَدَتْ نَوَاجذُه فَقالَ:"أشْهَد أن الله على كُلّ شَيْء قَدِيرُ، وأني عَبْد الله وَرَسُولُهُ"، رَوَاه أبُو دَاودَ)
(1)
[حسن]
الحديث أخرجه أيضًا أبو عوانة
(2)
وابن حبان
(3)
والحاكم
(4)
وصححه ابن السكن
(5)
.
وقال أبو داود
(6)
: هذا حديث غريب إسناده جيد.
قوله: (قحوط المطر) هو مصدر قحط
(7)
.
قوله: (فأمر بمنبر إلخ)، فيه استحباب الصعود على المنبر لخطبة الاستسقاء.
قوله: (ووعد الناس إلخ)، فيه أنه يستحبّ للإِمام أن يجمع الناس ويخرج بهم إلى خارج البلد.
قوله: (حين بدا حاجب الشمس) في القاموس
(8)
: حاجب الشمس: ضوؤها أو ناحيتها، انتهى.
وإنما سمي الضوء حاجبًا لأنه يحجب جرمها عن الإدراك.
وفيه استحباب الخروج لصلاة الاستسقاء عند طلوع الشمس.
(1)
في سننه رقم (1173) وقال: هذا حديث غريب إسناده جيد.
(2)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 195).
(3)
في صحيحه رقم (2860).
(4)
في المستدرك (1/ 328) وصححه الحاكم على شرطهما ووافقه الذهبي.
مع أن خالد بن نزار، والقاسم بن مبرور لم يخرج لهما الشيخان شيئًا.
قلت: وأخرجه أيضًا الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 325) والبيهقي (3/ 349) وخلاصة القول: أن حديث عائشة حديث حسن، والله أعلم.
(5)
حكاه عنه الحافظ في "التلخيص"(2/ 195).
(6)
في السنن (1/ 693).
(7)
قال ابن الأثير في "النهاية"(4/ 17) يقال: قُحِط المطر، وقَحَط إذا احتبس وانقطع، وأُقْحط الناس إذا لم يمطروا.
والقَحْط: الجَدْب؛ لأنه من أثرِه.
(8)
القاموس المحيط ص 92.
وقد أخرج الحاكم
(1)
وأصحاب السنن
(2)
عن ابن عباس: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صنع في الاستسقاء كما صنع في العيد" وسيأتي
(3)
؛ وظاهره أنه صلاها وقت صلاة العيد كما قال الحافظ
(4)
.
وقد حكى ابن المنذر
(5)
الاختلاف في وقتها.
قال في الفتح
(6)
: والراجح أنه لا وقت لها معين، وإن كان أكثر أحكامها كالعيد، لكنها مخالفة بأنها لا تختصّ بيوم معين.
ونقل ابن قدامة
(7)
الإِجماع على أنها لا تصلى في وقت الكراهة.
وأفاد ابن حبان بأن خروجه صلى الله عليه وسلم للاستسقاء كان في شهر رمضان سنة ستّ من الهجرة.
قوله: (عن إبان زمانه) بكسر الهمزة وبعدها باء موحدة مشدّدة. قال في القاموس
(8)
: إبان الشيء بالكسر: حينه أو أوّله، انتهى.
قوله: (وقد أمركم الله إلخ) يريد قول الله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].
قوله: (قوة لنا وبلاغًا إلى حين)، أي اجعله سببًا لقوّتنا ومدّه لنا مدًا طويلًا.
قوله: (ثم رفع يديه إلخ) فيه استحباب المبالغة في رفع اليدين عند الاستسقاء، وسيأتي
(9)
حديث أنس: "أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء".
(1)
في المستدرك (1/ 326، 327) وسكت عنه هو والذهبي.
(2)
أبو داود رقم (1165) والترمذي رقم (558) والنسائي رقم (1508، 1521) وابن ماجه رقم (1266).
(3)
برقم (1348) من كتابنا هذا.
(4)
في "الفتح"(2/ 499).
(5)
في الأوسط (4/ 316 مسألة 654): "اختلف أهل العلم في الوقت الذي يخرج فيه الإمام لصلاة الاستسقاء، فقال غير واحد منهم: يكون خروجه إلى صلاة الاستسقاء كالخروج إلى صلاة العيد، هذا قول مالك والشافعي وأبي ثور".
(6)
(2/ 499).
(7)
في المغني (3/ 337).
(8)
في القاموس (ص 1515).
(9)
برقم (1351) من كتابنا هذا.
قوله: (ثم حوّل إلى الناس ظهره)، فيه استحباب استقبال الخطيب - عند تحويل الرداء - القبلة.
والحكمة في ذلك التفاؤل بتحوّله عن الحالة التي كان عليها وهي المواجهة للناس إلى الحالة الأخرى وهي استقبال القبلة واستدبارهم ليتحوّل عنهم الحال الذي هم فيه، وهو الجدب بحال آخر وهو الخصب.
قوله: (وقلب أو حول رداءه)، سيأتي الكلام على تحويل الرداء في الباب الذي عقده المصنف
(1)
لذلك.
قوله: (ونزل فصلى ركعتين)، فيه استحباب الصلاة في الاستسقاء، وسيأتي الكلام على ذلك.
قوله: (إلى الكنّ) بكسر الكاف وتشديد النون. قال في القاموس
(2)
: الكنّ: وقاء كل شيء وستره، كالكنة والكنان بكسرهما، والبيت، الجمع أكنان وأكنة، انتهى.
قوله: (حتى بدت نواجذه) النواجذ على ما ذكره صاحب القاموس
(3)
أقصى الأضراس: وهي أربعة، أو هي الأنياب، أو التي تلي الأنياب، أو هي الأضراس كلها جمع ناجذ، والنجذ: شدة العضّ بها، انتهى.
[الباب الأول] باب صفة صلاة الاستسقاء وجوازها قبل الخطبة وبعدها
3/ 1345 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: خَرَجَ نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا يَسْتَسْقِي، فَصَلى بِنا رَكْعَتَيْنِ بِلا أذَان ولَا إقامَةٍ، ثُمَّ خَطَبَنا وَدَعَا الله عز وجل وَحَوَّل وَجْهَهُ نَحْوَ القِبْلَة رَافِعًا يَدَيْهِ، ثُمَّ قَلَبَ رِدَاءَهُ فَجَعَلَ الأَيْمَنَ على الأيْسَر، وَالأيْسَرَ على الأيمَنِ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
وابن ماجه)
(5)
. [ضعيف]
(1)
الباب الثالث عند الحديث رقم (14/ 1356) من كتابنا هذا.
(2)
القاموس المحيط ص 1584. وانظر: النهاية (4/ 206).
(3)
القاموس المحيط ص 432.
(4)
في المسند (2/ 326).
(5)
في سننه رقم (1268). =
4/ 1346 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ زيد قالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى المُصَلَّى فاسْتَسْقَى وَحَوَّل ردَاءَهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ القبْلَةَ وَبَدأَ بالصَّلاة قَبْل الخُطْبَةِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ فَدَعا. رَوَاهُ أحْمَدُ)
(1)
. [صحيح]
5/ 1347 - (وَعَنْهُ أيْضًا قالَ: رأيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَرَجَ يَسْتَقِي قالَ: فَحَوَّلَ إلى النَّاسِ ظَهْرَهُ وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ يَدْعُو، ثُمَّ حَوَّلَ ردَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فيهِما بالقِرَاءةِ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وَالبُخَارِيُّ
(3)
وأبُو دَاوُدَ
(4)
وَالنَّسائيُّ
(5)
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ
(6)
، ولَمْ يَذْكُرِ الجَهْرَ بالقِرَاءَةِ). [صحيح]
الحديث الأوّل أخرجه أيضًا أبو عوانة والبيهقي
(7)
، وقال: تفرّد به النعمان بن راشد
(8)
. وقال في الخلافيات
(9)
: رواته ثقات.
والرواية الأولى من حديث عبد الله بن زيد، ذكرها الحافظ في
= وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(2/ 416): "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات
…
" اهـ. قلت: بل النعمان بن راشد ضعيف.
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1409) و (1422) وابن المنذر في الأوسط رقم (2219) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 325) والبيهقي (3/ 347).
والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(1)
في المسند (4/ 39، 41) بسند صحيح.
وهو حديث صحيح.
(2)
في المسند (4/ 41).
(3)
في صحيحه رقم (1025).
(4)
في سننه رقم (1162).
(5)
في سننه رقم (1510).
(6)
في صحيحه رقم (4/ 894).
وهو حديث صحيح.
(7)
في السنن الكبرى (3/ 347).
(8)
وهو ضعيف كثير الغلط، قال البخاري: عن الزهري، في حديث وهم كثير، وقال أحمد: مضطرب الحديث، روى مناكير، وقال أبو حاتم: بتحسين حاله، وضعفه يحيى بن سعيد.
التاريخ الكبير (8/ 80) والجرح والتعديل (8/ 448) والكاشف (3/ 181) والمغني (2/ 699) والميزان (4/ 265) والتقريب (2/ 304) والخلاصة ص 402.
(9)
كما في مختصر الخلافيات (2/ 288).
التلخيص
(1)
والفتح
(2)
ولم يتكلم عليها مع معارضتها للرواية الأخرى المذكورة في الصحيحين.
وقد أخرج نحوها ابن قتيبة في الغريب
(3)
من حديث أنس.
وقد اختلفت الأحاديث في تقديم الخطبة على الصلاة أو العكس.
ففي حديث أبي هريرة
(4)
، وحديث أنس (3) وحديث عبد الله بن زيد عند أحمد
(5)
أنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة.
وفي حديث عبد الله بن زيد في الصحيحين
(6)
وغيرهما
(7)
.
وكذا في حديث ابن عباس عند أبي داود
(8)
.
وحديث عائشة المتقدم
(9)
: "أنه بدأ بالخطبة قبل الصلاة"، ولكنه لم يصرّح في حديث عبد الله بن زيد الذي في الصحيحين (6) أنه خطب، وإنما ذكر تحويل الظهر والدعاء ثم الصلاة.
قال القرطبي
(10)
: يعتضد القول بتقديم الصلاة على الخطبة بمشابهتها للعيد.
وكذا ما تقرّر من تقديم الصلاة أمام الحاجة.
قال في الفتح
(11)
: ويمكن الجمع بين ما اختلف من الروايات في ذلك "أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالدعاء ثم صلى ركعتين ثم خطب"، فاقتصر بعض الرواة على شيء، وعبر بعضهم بالدعاء عن الخطبة فلذلك وقع الاختلاف.
(1)
(2/ 193).
(2)
(2/ 500).
(3)
لم أقف عليه في غريب الحديث لابن قتيبة.
(4)
المتقدم برقم (3/ 1345) من كتابنا هذا.
(5)
في المسند (4/ 39، 41) بسند صحيح.
(6)
البخاري رقم (1012) ومسلم رقم (2/ 894).
(7)
كالنسائي (3/ 157) وابن ماجه رقم (1267) والحميدي رقم (415).
(8)
في سننه رقم (1165) وهو حديث حسن.
(9)
برقم (1344) من كتابنا هذا.
(10)
في "المفهم"(2/ 539).
(11)
(2/ 500).
والمرجح عند الشافعية
(1)
والمالكية
(2)
الشروع بالصلاة، وعن أحمد
(3)
رواية كذلك.
قال النووي
(4)
: وبه قال الجماهير. وقال الليث
(5)
: بعد الخطبة. وكان مالك يقول به ثم رجع إلى قول الجماهير.
قال
(6)
: قال أصحابنا: ولو قدّم الخطبة على الصلاة صحتا، ولكن الأفضل تقديم الصلاة كصلاة العيد وخطبتها. وجاء في الأحاديث ما يقتضي جواز التقديم والتأخير، واختلفت الرواية في ذلك عن الصحابة، انتهى.
وجواز التقديم والتأخير بلا أولوية هو الحقّ.
وحكى المهدي في البحر
(7)
عن الهادي والمؤيد بالله: أنه لا خطبة في الاستسقاء، واستدلا لذلك بقول ابن عباس الآتي
(8)
: "ولم يخطب كخطبتكم".
وهو غفلة عن أحاديث الباب، وابن عباس إنما نفى وقوع خطبة منه صلى الله عليه وسلم مشابهة لخطبة المخاطبين، ولم ينف وقوع مطلق الخطبة منه صلى الله عليه وسلم كما يدلّ على ذلك ما وقع في الرواية التي ستأتي
(9)
من حديثه "أنه صلى الله عليه وسلم رقي المنبر".
وقد دلت الأحاديث الكثيرة على مشروعية صلاة الاستسقاء، وبذلك قال جمهور العلماء من السلف والخلف، ولم يخالف في ذلك إلا أبو حنيفة
(10)
مستدلًا بأحاديث الاستسقاء التي ليس فيها صلاة.
واحتجّ الجمهور بالأحاديث الثابتة في الصحيحين
(11)
وغيرهما
(12)
"أن
(1)
الأم (2/ 543).
(2)
المدونة (1/ 166).
(3)
المغني (3/ 338).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 188).
(5)
حكاه عنه ابن عبد البر في التمهيد (5/ 322).
(6)
أي النووي في شرحه لصحيح مسلم (6/ 188).
(7)
البحر الزخار (1/ 79).
(8)
برقم (1348) من كتابنا هذا.
(9)
برقم (1348) من كتابنا هذا.
(10)
حاشية ابن عابدين (3/ 66)، والبناية في شرح الهداية (3/ 174 - 175).
(11)
البخاري رقم (1026) ومسلم رقم (2/ 894).
(12)
كالنسائي في سننه رقم (1505) وابن ماجه رقم (1267).
رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الاستسقاء ركعتين"، وهي مشتملة على الزيادة التي لم تقع منافية فلا معذرة عن قبولها، وقد وقع الإجماع من المثبتين للصلاة على أنها ركعتان كما حكى ذلك النووي في شرح مسلم
(1)
والحافظ
(2)
في الفتح للتصريح بذلك في أحاديث الباب وغيرها.
وقال الهادي
(3)
: إنها أربع [بتسليمتين]
(4)
، واستدل له بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم استسقى في الجمعة وهي بالخطبة أربع، ونَصْبُ مثل هذا الكلام الذي هو عن الدلالة على مطلوب المستدلّ بمراحل في مقابلة الأدلة الصحيحة الصريحة؛ من الغرائب التي يتعجَّب منها.
ووقع الاتفاق أيضًا بين القائلين بصلاة الاستسقاء على أنها سنة غير واجبة كما حكى ذلك النووي
(5)
وغيره.
واختلف في صفة صلاة الاستسقاء؛ فقال الشافعي
(6)
، وابن جرير، وروي عن ابن المسيب
(7)
، وعمر بن عبد العزيز
(8)
، أنه يكبر فيها كتكبير العيد، وبه قال زيد بن عليّ ومكحول
(9)
، وهو مرويّ عن أبي يوسف ومحمد
(10)
. وقال الجمهور: إنه لا تكبير فيها. واختلفت الرواية عن أحمد
(11)
في ذلك.
وقال داود
(12)
: إنه مخير بين التكبير وتركه.
استدلّ الأوّلون بحديث ابن عباس الآتي
(13)
بلفظ: "فصلى ركعتين كما يصلي في العيد".
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 189).
(2)
في "الفتح"(2/ 498).
(3)
البحر الزخار (2/ 78).
(4)
في المخطوط (ب): (بتسلِمين).
(5)
المجموع (5/ 94).
(6)
في الأم (2/ 545 - 546).
(7)
أخرج له عبد الرزاق في المصنف (3/ 85 رقم 4896) من طريق يحيى بن سعيد عنه.
(8)
حكاه ابن المنذر في الأوسط (4/ 321) عنه وكذلك ابن قدامة في المغني (3/ 335).
(9)
حكاه ابن المنذر في الأوسط (4/ 321) عنه وكذلك ابن قدامة في المغني (3/ 335).
(10)
كتاب الأصل المعروف بالمبسوط لأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني (1/ 400).
(11)
المغني (3/ 336).
(12)
انظر: المحلى (5/ 93).
(13)
برقم (1348) من كتابنا هذا.
وتأوّله الجمهور على أن المراد كصلاة العيد في العدد والجهر بالقراءة وكونها قبل الخطبة.
وقد أخرج الدارقطني
(1)
من حديث ابن عباس أنه يكبر فيها سبعًا وخمسًا كالعيد، وأنه يقرأ فيها: بسبح، وهل أتاك.
وفي إستاده محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري وهو متروك
(2)
.
وأحاديث الباب تدلّ على أنه يستحبّ للإِمام أن يستقبل القبلة ويحوّل ظهره إلى الناس ويحوّل رداءه، وسيأتي الكلام على ذلك
(3)
.
قوله: (جهر فيهما بالقراءة) قال النووي في شرح مسلم
(4)
: أجمعوا على استحبابه، وكذلك نقل الإِجماع على استحباب الجهر ابن بطال
(5)
.
6/ 1348 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسُئل عَنِ الصَّلاةِ في الاسْتِسْقاء فقَالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مُتَوَاضِعًا مُتَبَذِّلًا مُتَخَشِّعًا مُتَضَرّعًا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كما يُصَلِّي في العِيدِ لَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُم هَذِهِ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(6)
وَالنَّسائيُّ
(7)
وَابْنُ ماجَهْ
(8)
.
وفي رِوَايَةٍ: خَرَجَ مُتَبَذّلًا مُتَوَاضِعًا متَضَرّعًا حتى أتى المُصَلَّى فَرَقِيَ المنْبَرَ وَلَمْ يَخْطُبْ خُطبَتَكُمْ هَذِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ في الدُّعاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّكْبيرِ،
(1)
في السنن (2/ 66 رقم 4) بسند ضعيف لضعف محمد بن عبد العزيز.
(2)
محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف. قال البخاري: منكر الحديث وكان بمشورته جلد مالك، وقال الدارقطني: ضعيف. وقال أبو حاتم: هم ثلاثة أخوة: محمد وعبد الله وعمران ليس لهم حديث مستقيم.
التاريخ الكبير (1/ 167) والمجروحين (2/ 263) والجرح والتعديل (8/ 7) والمغني (2/ 608) والميزان (3/ 628) ولسان الميزان (5/ 259).
(3)
الباب الثالث عند الحديث رقم (14/ 1356) من كتابنا هذا.
(4)
(6/ 189).
(5)
في شرحه لصحيح البخاري (3/ 16).
(6)
في المسند (1/ 230).
(7)
في السنن (3/ 156)، (3/ 156 - 157).
(8)
في السنن رقم (1266).
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1405) و (1408) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 324) والطبراني في الكبير رقم (10818) وابن أبي شيبة (2/ 473) و (14/ 251) من طرق.
ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(1)
، وَكَذِلِكَ النَّسائيُّ
(2)
وَالتِّرْمذِيُّ وَصَحَّحَهُ
(3)
، لكن قالا: وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. وَلَمْ يَذْكُرِ التِّرْمذِيُّ رَقيَ المنْبَرَ). [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا أبو عوانة
(4)
وابن حبان
(5)
والحاكم
(6)
والدارقطني
(7)
والبيهقي
(8)
، وصححه أيضًا أبو عوانة (4) وابن حبان (5).
قوله: (متبذلًا)، أي لابسًا لثياب البذلة، تاركًا لثياب الزينة، تواضعًا لله تعالى
(9)
.
قوله: (متخشعًا) أي مظهرًا للخشوع ليكون ذلك وسيلة إلى نيل ما عند الله عز وجل، وزاد في رواية:"مترسلًا"
(10)
، أي غير مستعجل في مشيه.
قوله: (متضرّعًا)، أي مظهرًا للضراعة، وهي التذلل عند طلب الحاجة.
قوله: (فصلى ركعتين)، فيه دليل على استحباب الصلاة وأنها قبل الخطبة، وقد تقدم الكلام في ذلك.
قوله: (كما يصلي في العيد)، تمسك به الشافعي
(11)
ومن معه في مشروعية التكبير في صلاة الاستسقاء
(12)
، وقد تقدم الجواب عليه.
قوله: (ولم يخطب خطبتكم هذه) النفي متوجِّه إلى القيد لا إلى المقيَّد كما يدلّ على ذلك الأحاديث المصرّحة بالخطبة، ويدلّ عليه أيضًا قوله في هذا الحديث. "فرقي المنبر ولم يخطب خطبتكم هذه"، فلا يصحّ التمسك به لعدم مشروعية الخطبة كما تقدم
(13)
.
(1)
في السنن رقم (1165).
(2)
في السنن (3/ 163) رقم (1521).
(3)
في السنن رقم (558) وقال: حديث حسن صحيح.
(4)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص الحبير"(2/ 193).
(5)
في صحيحه رقم (2862).
(6)
في المستدرك (1/ 326 - 327).
(7)
في السنن (2/ 68 رقم 11).
(8)
في السنن الكبرى (3/ 344).
والخلاصة: أن حديث ابن عباس حديث صحيح، والله أعلم.
(9)
النهاية (1/ 111).
(10)
النهاية (2/ 223).
(11)
الأم (2/ 545).
(12)
المجموع (5/ 82).
(13)
قال الزيلعي في "نصب الراية"(2/ 242): "مفهومه أنه خَطب، لكنه لم يخطب خطبتين كما يفعل في الجمعة، ولكنه خطب واحدة، فلذلك نفى النوع ولم ينفِ الجنس. ويؤيد =
[الباب الثاني] باب الاستسقاء بذوي الصلاح وإكثار الاستغفار ورفع الأيدي بالدعاء وذكر أدعية مأثورة في ذلك
7/ 1349 - (عَنْ أنَسٍ أن عُمَرَ بْنَ الخَطَّاب كانَ إذَا قُحطُوا، اسْتَسْقى بالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلبِ فَقالَ: اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بنَبِيِّنا صلى الله عليه وسلم فَتُسْقِينا، وإنَّا نتَوَسَّلُ إلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّكَ فاسْقِنا، [قال]
(1)
فَيُسْقَوْنَ. رَوَاهُ البُخارِيُّ)
(2)
. [صحيح]
قوله: (كان إذا قحطوا) قال في الفتح
(3)
: قحطوا بضم القاف وكسر المهملة: أي أصابهم القحط.
قال: وقد بين الزبير بن بكار في "الأنساب"
(4)
صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة؛ والوقت الذي وقع فيه ذلك.
فأخرج بإسناده: "أن العباس لما استسقى به عمر قال: اللهمّ إنه لا ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث؛ فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس".
وأخرج أيضًا
(5)
من طريق داود بن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: "استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب"، وذكر الحديث.
= ما ذهب إليه الزيلعي حديث عائشة عند أبي داود رقم (1173) وغيره، فإن فيه:"أنَّهُ خطبَ خطبةً واحدةً"، وهو حديث حسن.
(1)
زيادة من المخطوط (ب) ومن صحيح البخاري.
(2)
في صحيحه رقم (1010).
(3)
(2/ 497).
(4)
واسم الكتاب: "جمهرة نسب قريش وأخبارها"، تأليف الزبير بن بكار، تحقيق محمود شاكر.
وذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 497).
(5)
أي الزبير بن بكار في كتابه: "جمهرة نسب قريش وأخبارها".
وذكره أيضًا الحافظ في "الفتح"(2/ 497).
وفيه: "فخطب الناس عمر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس، واتخذوه وسيلة إلى الله"، وفيه:"فما برحوا حتى سقاهم الله".
وأخرج البلاذري
(1)
من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم فقال عن أبيه بدل ابن عمر، فيحتمل أن يكون لزيد فيه شيخان.
وذكر ابن سعد
(2)
وغيره
(3)
أن عام الرمادة كان سنة ثماني عشرة، وكان ابتداؤه مصدر الحاج منها ودام تسعة أشهر.
والرمادة بفتح الراء وتخفيف الميم، سمي العام بها لما حصل من شدّة الجدب، فاغبرت الأرض جدًّا من عدم المطر
(4)
.
قال
(5)
: ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوّة
(6)
، وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته بحقه، انتهى كلام الفتح.
(1)
عزاه إليه الحافظ في "الفتح"(2/ 497).
(2)
في الطبقات (3/ 283).
(3)
كالطبري في تاريخه (4/ 96).
(4)
النهاية لابن الأئير (2/ 262).
وتهذيب اللغة للأزهري (14/ 120).
(5)
أي الحافظ في "الفتح"(2/ 497).
(6)
واعلم أن التوسل إلى الله عز وجل بالرجل الصالح ليس معناه التوسل بذاته وبجاهه وبحقه، بل هو التوسل بدعائه وتضرعه واستغاثته به سبحانه وتعالى.
وهذا هو بالتالي معنى قول عمر رضي الله عنه: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا".
أي كنا إذا قل المطر مثلًا نذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونطلب منه أن يدعو لنا الله جل شأنه.
واعلم أيضًا أن عمر رضي الله عنه وهو العربي الأصيل الذي صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولازمه في أكثر أحواله، وعرفه حق المعوفة، وفهم دينه حق الفهم، ووافقه القرآن في مواضع عدة، لجأ إلى توسل ممكن فاختار العباس رضي الله عنه لقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم من ناحية، ولصلاحه ودينه وتقواه من ناحية أخرى، وطلب منه أن يدعو لهم بالغيث والسقيا.
وما كان لعمر ولا لغير عمر أن يدع التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويلجأ إلى التوسل بالعباس أو غيره لو كان التوسل بالنبي ممكنًا. وما كان من المعقول أن يقر الصحابة رضوان الله عليهم عمر على ذلك أبدًا. لأن الانصراف عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى التوسل بغيره ما هو إلا كالانصراف عن الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة إلى الاقتداء بغيره سواء بسواء
…
=
وظاهر قوله: "كان إذا [قحطوا]
(1)
استسقى بالعباس"، أنه فعل ذلك مرارًا كثيرة كما يدلّ عليه لفظ كان، فإن صحّ أنه لم يقع منه ذلك إلا مرّة واحدة كانت (كان) مجرّدة عن معناها الذي هو الدلالة على الاستمرار.
8/ 1350 - (وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: خَرَجَ عُمَرُ يَسْتَسْقِي، فَلَمْ يَزِدْ على الاسْتِغْفَارِ، فَقالُوا: ما رأيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ، فَقالَ: لَقَدْ طَلَبْت الغَيْثَ بمجاديحِ السَّماءِ الَّذي يُسْتَنزَلُ بِهِ المَطَرُ، ثُم قَرأ: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 10، 11]، {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود: 90] الآية، رَوَاهُ سَعِيدٌ في سُنَنِهِ)
(2)
.
قوله: (فلم يزد على الاستغفار) فيه استحباب الاستكثار من الاستغفار، لأن منع القطر متسبب عن المعاصي والاستغفار يمحوها فيزول بزوالها المانع من الفطر.
قوله: (بمجاديح) بجيم ثم دال مهملة ثم حاء مهملة أيضًا، جمع مجدح كمنبر. قال في القاموس
(3)
: مجاديح السماء: أنواؤها، انتهى.
والمراد بالأنواء النجوم التي يحصل عندها المطر عادة، فشبه الاستغفار بها.
= وانظر كلامًا طيبًا ومفيدًا للمحدث الألباني رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه - في كتابه "التوسل" ص 51 - 68 الشبهة الأولى.
(1)
في المخطوط (أ): (أقحطو).
(2)
كما في "الدر المنثور"(3/ 337) ط دار المعرفة بيروت.
والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 352)، والمعرفة (5/ 174 رقم 7200).
(3)
القاموس المحيط ص 275.
وقال ابن الأثير في (النهاية" (1/ 243): "المجاديح: واحدها مِجْدَح والياء زائدة للإشباع، والقياس أن يكون واحدها مِجْداح، فأمّا مِجْدَح فجمعه مجادح.
والمِجْدَح: نجم من النجوم: قيل هو الدّبران. وقيل: هو ثلاثة كواكب كالأثافي تشبيهًا بالمِجْدح الذي له ثلاث شُعَب، وهو عند العرب من الأنواء الدَّالَّة على المطر، فجعل الاستغفار مُشبَّهًا بالأنواء مخاطبة لهم بما يعرفونه لا قولًا بالأنواء، وجاء بلفظ الجمع لأنه أراد الأنواء جميعها التي يزعمون أن من شأنها المطر" اهـ.
واستدلّ عمر بالآيتين على أن الاستغفار الذي ظنّ أن الاقتصار عليه لا يكون استسقاء من أعظم الأسباب التي يحصل عندها المطر والخصب.
لأن الله جل جلاله قد وعد عباده بذلك وهو لا يخلف الوعد.
ولكن إذا كان الاستغفار واقعًا من صميم القلب وتطابق عليه الظاهر والباطن وذلك مما يقلّ وقوعه.
9/ 1351 - (وَعَنْ أنَسٍ قالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْفَعُ يَدَيْهِ في شَيء مِنْ دُعائِهِ إلا في الاسْتِسْقَاءِ، فإنَّهُ كانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حتَّى يُرَى بَياضُ إبْطَيْه. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(1)
.
وَلِمُسْلِمٍ
(2)
: أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْقَى فأشارَ بظَهْرِ كَفِّهِ إلى السَّماءِ). [صحيح]
قوله: (إلا في الاستسقاء) ظاهره نفي الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء، وهو معارض للأحاديث الثابتة في الرفع في غير الاستسقاء وهي كثيرة، وقد أفردها البخاري بترجمة في [آخر]
(3)
كتاب الدعوات
(4)
وساق فيها عدّة أحاديث.
وصنف المنذري
(5)
في ذلك جزءًا. وقال النووي في شرح مسلم
(6)
: هي أكثر من أن تحصر.
قال: وقد جمعت منها نحوًا من ثلاثين حديثًا من الصحيحين أو أحدهما.
قال: وذكرتها في آخر باب صفة الصلاة في شرح المهذب
(7)
، انتهى.
(1)
أحمد (3/ 282) والبخاري رقم (1031) ومسلم رقم (7/ 895).
(2)
في صحيحه رقم (6/ 895).
(3)
زيادة من المخطوط (أ).
(4)
من فتح الباري (11/ 142 - 143).
(5)
"جزء في رفع اليدين في صلاة الاستسقاء" للمنذري: عبد العظيم بن عبد القوي. توفي سنة (656 هـ).
[معجم المصنفات (ص 162 رقم 419)].
(6)
(6/ 190).
(7)
المجموع (3/ 487 - 490).
وانظر: "فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء" للسيوطي. وقد تقدم.
فذهب بعض أهل العلم. إلى أن العمل بها أولى، وحمل حديث أنس على نفي رؤيته وذلك لا يستلزم نفي رؤية غيره.
وذهب آخرون إلى تأويل حديث أنس المذكور لأجل الجمع بأن يحمل النفي على جهة مخصوصة:
إما على الرفع البليغ، ويدلّ عليه قوله:"حتى يرى بياض إبطيه" ويؤيده أن غالب الأحاديث التي وردت في رفع اليدين في الدعاء إنما المراد بها مدّ اليدين وبسطهما عند الدعاء، وكأنه عند الاستسقاء زاد على ذلك فرفعهما إلى جهة وجهه حتى حاذتاه وحينئذٍ يرى بياض إبطيه.
وإما على صفة رفع اليدين في ذلك كما في رواية مسلم
(1)
المذكورة في الباب.
ولأبي داود
(2)
من حديث أنس: "كان يستسقي هكذا ومَدَّ يديْهِ وجعلَ بطونَهُما مما يلي الأرضَ حتى رأيتُ بياضَ إبطيه".
والظاهر أنه ينبغي البقاء على النفي المذكور عن أنس فلا [ترفع]
(3)
اليد في شيء من الأدعية إلا في المواضع التي ورد فيها الرفع، ويعمل فيما عداها بمقتضى النفي، وتكون الأحاديث الواردة في الرفع في غير الاستسقاء أرجح من النفي المذكور في حديث أنس.
إما لأنها خاصة فيبنى العامّ على الخاصّ، أو لأنها مثبتة وهي أولى من النفي.
وغاية ما في حديث أنس أنه نفى الرفع فيما يعلمه، ومن علم حجة على من لم يعلم.
قوله: (فأشار بظهر كفه إلى السماء).
قال في الفتح
(4)
: قال العلماء: السنة في كل دعاء لرفع بلاء أن يرفع يديه
(1)
في صحيحه رقم (6/ 895).
(2)
في السنن رقم (1171) وهو حديث صحيح.
(3)
في المخطوط (ب): (يرفع).
(4)
الفتح (2/ 518).
جاعلًا ظهور كفيه إلى السماء، وإذا دعا بحصول شيء أو تحصيله أن يجعل بطن كفيه إلى السماء.
وكذا قال النووي في شرح مسلم
(1)
حاكيًا لذلك عن جماعة من العلماء.
وقيل: الحكمة في الإِشارة بظهر الكفين في الاستسقاء دون غيره التفاؤل بتقلب الحال كما قيل في تحويل الرداء.
وقد أخرج أحمد
(2)
من حديث السَّائب بن خلادَّ عن أبيه: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا سألَ جعلَ [باطِنَ]
(3)
كفيه إليه، وإذا استعاذَ جعلَ ظاهِرَهُما إليه".
وفي إسناده ابن لهيعة وفيه مقال مشهور.
10/ 1352 - (وَعَنْ أنَسٍ قالَ: جاءَ أعْرَابِيٌّ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَقالَ: يا رَسُولَ الله هَلَكَتِ المَاشِيَةُ، وَهَلَكَت العيالُ، وَهَلَكَ النَّاسُ؛ فَرَفَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ يَدْعُو، وَرَفَعَ النَّاسُ أيْدِيهُمْ مَعَهُ يَدْعُونَ؛ قالَ: فَمَا خَرَجْنا مِنَ المَسْجد حتَّى مُطرْنا. مُخْتَصَرٌ مِنَ البُخاريّ)
(4)
. [صحيح]
قوله: (جاء أعرابي) لفظ البخاري (4): "أتى رجل أعرابي من أهل البادية"
(1)
(6/ 188).
(2)
في المسند (4/ 56) بسند ضعيف لضعف ابن لهيعة. وخلاد بن السائب مختلف في صحبته. وبقية رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني) رقم (2590) من طريق ابن أبي مريم، عن ابن لهيعة، عن حبان بن واسع، عن حفص بن هاشم بن عتبة، عن خّلد بن السائب، عن أبيه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا جعل راحتيه إلى وجهه) بسند ضعيف.
ابن لهيعة ضعيف، وحفص بن هاشم هذا مجهول.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" رقم (6625) من طريق عمرو بن خالد عن ابن لهيعة، عن حفص بن هاشم، عن خلَّاد بن السائب عن أبيه:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا رفع راحتيه إلى وجهه) بسند ضعيف.
وأخرجه أبو داود في سننه رقم (1492) من طريق ابن لهيعة عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن السائب بن يزيد عن أبيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه" بسند ضعيف.
وخلاصة القول: أن الحديث بطرقه كلها ضعيف، والله أعلم.
(3)
في المخطوط (ب): (بطن) والمثبت من (أ) وهو موافق لمصادر الحديث.
(4)
في صحيحه رقم (1029).
وفي لفظ
(1)
له: "جاء رجل".
وفي لفظ
(2)
: "دخل رجل المسجد يوم جمعة" وسيأتي
(3)
.
قال في الفتح
(4)
: لم أقف على تسمية هذا الرجل.
قوله: (هلكت الماشية)، في الرواية الآتية في باب ما يقول وما يصنع
(5)
"هلكت الأموال" وهي أعمّ من الماشية، ولكن المراد هنا الماشية كما سيأتي.
وفي رواية للبخاري
(6)
: "هلكت الكُراع" بضم الكاف، وهي تطلق على الخيل وغيرها.
قوله: (وهلكت العيال وهلك الناس)، هو من عطف العامّ على الخاصّ.
قوله: (فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم)، زاد مسلم
(7)
في رواية شريك: "حذاء وجهه".
ولابن خزيمة
(8)
: "حتى رأيت بياض إبطيه".
وزاد البخاري في رواية ذكرها في الأدب
(9)
: "فنظر إلى السماء"، والحديث سيأتي بطوله
(10)
، وإنما ذكره المصنف ههنا للاستدلال به على [مشروعية]
(11)
رفع اليدين عند الاستسقاء.
11/ 1353 - (وَعَن ابْن عَبَّاسٍ قالَ: جاء أعْرابي إلى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فَقالَ: يا رَسُولَ الله لَقَدْ جئْتُكَ مِنْ عِنْدِ قَوْمٍ مَا يَتَزَوَّدُ لَهُمْ رَاعٍ، وَلا يَخْطُرُ لَهُمْ فَحْلٌ، فَصعَدَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المنْبَرَ فَحَمِدَ الله ثُم قالَ:"اللَّهُم اسْقِنا غَيْثًا مُغِيثًا، مَريئًا مَريعًا، طَبَقًا غَدَقًا، عاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ"، ثُم نَزَلَ فمَا يأتِيه أحَدٌ مِنْ وَجهٍ مِنَ الوُجُوه إلا قالُوا:
(1)
في صحيحه رقم (1019).
(2)
في صحيحه رقم (1014).
(3)
برقم (17/ 1359) من كتابنا هذا.
(4)
(2/ 501).
(5)
الباب الرابع عند الحديث رقم (17/ 1359) من كتابنا هذا.
(6)
في صحيحه رقم (1029).
(7)
في صحيحه رقم (8/ 897).
(8)
في صحيحه رقم (1412) بسند صحيح.
(9)
كتاب الأدب: باب التبسم والضحك رقم الحديث (6093).
(10)
برقم (17/ 1359): من كتابنا هذا.
(11)
في المخطوط (ب): (مشرعية).
قَدْ أُحْيِينا. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ)
(1)
. [ضعيف]
الحديث إسناده في سنن ابن ماجه (1) هكذا: حدثنا محمّد بن أبي القاسم أبو الأحوص، حدثنا الحسن بن الربيع، حدثنا الربيع، حدثنا عبد الله بن إدريس، حدثنا حصين عن حبيب بن أبي ثابت
(2)
عن ابن عباس فذكره، ورجاله ثقات، [وقد]
(3)
أخرجه أيضًا أبو عوانة
(4)
وسكت عنه الحافظ في التلخيص
(5)
.
وقد رويت بعض هذه الألفاظ وبعض معانيها عن جماعة من الصحابة مرفوعة.
منها عن أنس وسيأتي
(6)
.
وعن جابر عند أبي داود
(7)
والحاكم
(8)
. وعن كعب بن مرّة عند الحاكم في المستدرك
(9)
.
(1)
في سننه رقم (1270).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 418): "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، روى أصحاب السنن الأربعة بعضه من حديث ابن عباس أيضًا" اهـ.
وقال الألباني رحمه الله في "تمام المنة"(ص 265 - 266): "قلت: رجاله ثقات كما قال، ولكن لا يلزم منه صحة الإسناد لما ذكرناه في "المقدمة" فإن فيه علة تقدح في صحته، وهي أنه من رواية/ حبيب بن أبي ثابت/ عن ابن عباس، وحبيب هذا كثير التدليس كما قال الحافظ في "التقريب" والمدلس لا يحتج بحديثه إذا عنعنه كما بيناه في المقدمة أيضًا.
فمن صحح هذا الحديث فقد ذهل عن علته، واغتر بظاهر إسناده فتنبه" اهـ.
وخلاصة القول: أن حديث ابن عباس ضعيف، والله أعلم.
(2)
حبيب بن أبي ثابت الكوفي تابعي مشهور، ويكثر من التدليس، وصفه بذلك ابن خزيمة والدارقطني وغيرهما، ونقل أبو بكر بن عياش عن الأعمش عنه أنه كان يقول: لو أن رجلًا حدثني عنك ما باليت إن رويته عنك، يعني وأسقطته من الوسط. [تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس. لابن حجر ص 84 - 85].
(3)
زيادة من المخطوط (ب).
(4)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 202) وسكت عنه.
(5)
(2/ 202).
(6)
برقم (1359) من كتابنا هذا.
(7)
في السنن رقم (1169).
(8)
في المستدرك (1/ 327) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وهو حديث صحيح.
(9)
في المستدرك (1/ 328 - 329) وقال: إسناده على شرط الشيخين وسكت عنه الذهبي. =
وعن عبد الله بن جراد عند البيهقي
(1)
وإسناده ضعيف جدًّا.
وعن عمرو بن شعيب، وسيأتي
(2)
.
وعن المطلب بن حنطب، وسيأتي
(3)
أيضًا.
وعن ابن عمر عند الشافعي
(4)
.
وعن عائشة بنت الحكم عن أبيها عند أبي عوانة
(5)
بسند واهٍ.
وعن عامر بن خارجة بن [سعد]
(6)
عن جده عند أبي عوانة
(7)
أيضًا.
وعن سمرة عند أبي عوانة
(8)
أيضًا وإسناده ضعيف.
وعن عمرو بن حريث، عن أبيه عند أبي عوانة
(9)
أيضًا.
وعن أبي أمامة عند الطبراني
(10)
وسنده ضعيف.
قوله: (ولا يخطر لهم فحل) بالخاء المعجمة ثم الطاء المهملة بعدها راء،
= قلت: وأخرجه أحمد (4/ 235) والطيالسي رقم (1199) وعبد بن حميد رقم (372) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 323) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 385) والطبراني في الكبير (ج 20 رقم 755 و 756) وفي الدعاء رقم (2191) و (2192) والبيهقي (3/ 355) وفي الدلائل (6/ 146) من طرق. وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(1)
في السنن الكبرى (3/ 396) بسند ضعيف جدًّا.
(2)
برقم (12/ 1354) من كتابنا هذا.
(3)
برقم (13/ 1355) من كتابنا هذا.
(4)
أخرجه الشافعي في "الأم"(2/ 548 رقم 579) تعليقًا.
قال الحافظ في "التلخيص"(2/ 201): " .... ولم نقف له على إسناد، ولا وصله البيهقي في مصنفاته بل رواه في المعرفة (5/ 177 رقم 7210).
(5)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 203) وقال: إسناده واهٍ.
(6)
في المخطوط (أ) و (ب): (سعيد) وهو تصحيف، والصواب ما أثبتناه من مسند أبي عوانة، والميزان للذهبي (2/ 359 رقم 4075) والتلخيص (2/ 203).
(7)
في مسنده (2/ 124 رقم 2530) وأورده الذهبي في الميزان (2/ 359 رقم 4075) وقال: في إسناده نظر.
(8)
في مسنده (2/ 122 رقم 2523).
(9)
في مسنده (2/ 123 - 124 رقم 2528).
(10)
في المعجم الكبير (ج 8 رقم 7822) بسند ضعيف، قاله الحافظ في التلخيص (2/ 203).
قال في القاموس
(1)
: خطر الفحل بذنبه يخطر خطرًا وخطرانًا وخطيرًا: ضرب به يمينًا وشمالًا، انتهى.
وأراد بقوله: "لا يخطر لهم فحل"، أن مواشيهم قد بلغت لقلة المرعى إلى حدّ من الضعف لا تقوى معه على تحريك أذنابها.
قوله: (غيثًا) الغيث
(2)
: المطر، ويطلق على النبات تسمية له باسم سببه.
قوله: (مُغِيثًا) بضم الميم وكسر الغين المعجمة وسكون الياء التحتية بعدها ثاء مثلثة، وهو المنقذ من الشدّة.
قوله: (مريئًا)
(3)
بالهمزة هو المحمود العاقبة المنمي للحيوان.
قوله: (مريعًا)
(4)
بضم الميم وفتحها وكسر الراء وسكون الياء التحتية بعدها عين مهملة: هو الذي يأتي بالريع وهو الزيادة، مأخوذ من المراعة وهي الخصب.
ومن فتح الميم جعله اسم مفعول أصله مريوع كمهيب، ومعناه مخصب.
ويروى بضم الميم وسكون الراء بعدها موحدة مكسورة من قولهم: أربع يربع
(5)
: إذا أكل الربيع.
ويروى بضم الميم والمثناة فوقية مكسورة من قولهم أرتع المطر
(6)
: إذا أنبت ما ترتع فيه الماشية.
قوله: (طبقًا) هو المطر العام كما في القاموس
(7)
.
قوله: (غدقًا) الغدق
(8)
: هو الماء الكثير، وأغدق المطر واغدودق:[كبر]
(9)
قطره، وغيدق: كثر بزاقه.
(1)
القاموس المحيط ص 494.
وقال ابن الأثير في النهاية (2/ 46): أي ما يُحرك ذنبهُ هُزالًا لشدةِ القحط، والجدب، ويقال: خطرَ البعير بذنبه يخْطِر إذا رفعه وحطَّه، وإنما يفعل ذلك عند الشَّبع والسِّمن".
(2)
النهاية (3/ 393).
(3)
النهاية (2/ 134).
(4)
لسان العرب (8/ 138).
(5)
لسان العرب (8/ 100).
(6)
لسان العرب (8/ 113).
(7)
في القاموس المحيط ص 1165.
(8)
النهاية (3/ 345).
(9)
في المخطوط (ب): (كثر).
قوله: (غير رائث)، الريث
(1)
: الإبطاء، والرائث: المبطئ.
قوله: (قد أحيينا) أي مطرنا، لما كان المطر سببًا للحياة عبر عن نزوله بالإِحياء.
12/ 1354 - (وَعَنْ عَمْرِو بْن شُعَيْبٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدّه قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا اسْتَسْقَى قالَ: "اللَّهُمَّ اسْق عبادَكَ وبَهائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ وأحْيي بَلَدَكَ المَيِّتَ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(2)
[حسن]
13/ 1355 - (وَعَنْ المُطَّلب بْن حَنْطَبٍ أن النَّبي صلى الله عليه وسلم كانَ يَقُولُ عِنْدَ المَطَر: "اللَّهُمَّ سُقْيا رَحْمَةٍ، وَلا سُقْيا عَذَابٍ، وَلا بَلاءٍ، وَلا هَدْمٍ، وَلا غَرَقٍ، اللَّهُم على الظِّرَاب وَمَنابِت الشَّجَر؛ اللَّهُم حَوَالَيْنا وَلا عَلَيْنا"، رَوَاهُ الشافِعِيُّ في مُسْنَده
(3)
وَهُوَ مُرْسَلٌ). [بل موصول بسند ضعيف، وشطره الأخير ثابت].
الحديث الأوّل أخرجه أبو داود
(4)
متصلًا، ورواه مالك
(5)
مرسلًا، ورجحه أبو حاتم
(6)
.
(1)
النهاية (2/ 287).
(2)
في سننه رقم (1176).
قال الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود (4/ 340 - 341): "قلت: وهذا إسناد حسن، وهو من طريق مالك مرسل. ومن طريق سفيان موصول. وقد قال ابن عبد البر.
"هكذا رواه مالك وجماعة عن يحيى مرسلًا. ورواه آخرون عن يحيى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مسندًا؛ منهم سفيان الثوري".
قلت: ومنهم عبد الرحيم بن سليمان الأشلُّ وهو ثقة" اهـ.
وخلاصة القول: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(3)
رقم (499 - ترتيب).
قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 356) وقال: هذا مرسل.
قلت: والراجح أنه ليس مرسلًا، لأن المطلب بن حنطب من الصحابة رضوان الله عليهم على الأرجح.
انظر: "تاريخ الصحابة الذين روي عنهم الأخبار" لابن حبان (ص 243 رقم 1339)، و"تجريد أسماء الصحابة" للذهبي (2/ 79 رقم 890).
ولكن إسناده ضعيف لضعف إبراهيم بن محمد، وأما شطره الأخير:"اللهم على الظراب ومنابت الشجر، اللهم حوالينا ولا علينا" فهو ثابت.
(4)
رقم (1176). وقد تقدم.
(5)
في الموطأ (1/ 190 - 191 رقم 2).
(6)
تقدم الكلام عليه آنفًا عند تخريج الحديث رقم (12/ 1354) من كتابنا هذا.
والحديث الثاني هو مرسل كما قال المصنف
(1)
، وأكثر ألفاظه في الصحيحين، وقد تقدم ما في الباب من الأحاديث.
قوله: (على الظِراب)
(2)
بكسر المعجمة وآخره موحدة جمع ظرب بكسر الراء وقد تسكن، قيل: هو الجبل المنبسط الذي ليس بالعالي.
وقال الجوهري
(3)
: الرابية الصغيرة.
قوله: (اللهمّ حوالَينا) بفتح اللام وفيه حذف تقديره اجعل أو أمطر، والمراد به صرف المطر عن الأبنية والدور.
قوله: (ولا علينا) فيه بيان للمراد بقوله "حوالينا"، لأنها تشمل الطرق التي حولهم، فأراد إخراجها بقوله:"ولا علينا".
قال الطيبي
(4)
: في إدخال الواو هنا معنى لطيف، وذلك لأنه لو أسقطها لكان مستسقيًا للآكام وما معها فقط ودخول الواو يقتضي أن طلب المطر على المذكورات ليس مقصودًا لعينه، ولكن ليكون وقاية من أذى المطر، فليست الواو محصلة للعطف ولكنها للتعليل كقولهم: تجوع الحرّة ولا تأكل بثديها، فإن الجوع ليس مقصودًا لعينه، ولكن [ليكون]
(5)
مانعًا من الرضاع بأجرة، إذ كانوا يكرهون ذلك أنفًا، انتهى.
والحديث الأوّل يدلّ على استحباب الدعاء بما اشتمل عليه عند الاستسقاء.
والحديث الثاني يدلّ على استحباب الدعاء بما فيه عند نزول المطر.
(1)
قلت: بل موصول ولكن سنده ضعيف. وشطره الأخير ثابت. كما تقدم.
(2)
النهاية (3/ 156).
(3)
في "الصحاح"(1/ 174).
(4)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 505).
(5)
زيادة من المخطوط (أ).
[الباب الثالث] باب تحويل الإِمام والناس أرديتهم في الدعاء وصفته ووقته
14/ 1356 - (عَنْ عَبْدِ الله بْن زَيْدٍ قالَ: رأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم حِينَ اسْتَسْقَى لَنا أطالَ الدُّعاءَ وأكْثَرَ المَسْألَةَ قالَ: ثم تَحَوَّل إلى القبْلَةَ وَحَوَلَ ردَاءَهُ فَقَلَبَهُ ظَهْرًا لبَطْنِ وَتَحَوَّلَ النَّاسُ مَعَهُ. رَوَاهُ أحْمدُ
(1)
.
وَفِي رِوَايَةٍ: خَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا يَسْتَسْقِي فَحَوَّلَ رِدَاءَه وَجَعَلَ عِطافَهُ الأيْمَنَ على عاتِقهِ الأيْسَر، وَجَعَلَ عِطافَهُ الأيَسَرَ على عاتِقِهِ الأيمَنِ، ثَم دعا الله عز وجل. رَوَاهُ أبُو دَاوُد
(2)
.
وَفِي رِوَايَةٍ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْقَى وَعَلَيْهِ خَميصَةٌ لَه سَوْدَاءُ، فأرَادَ أنْ يأخُذَ أَسْفَلَهَا فَيَجْعَلَهُ أعْلاها، فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ، فَقَلَبَها الأيمَنَ على الأيْسَرِ، وَالأيْسَرَ على الأيمَنِ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
وأبُو دَاوُدَ)
(4)
. [صحيح]
حديث عبد الله بن زيد أصله في الصحيح
(5)
وله ألفاظ:
منها هذه الروايات التي أوردها المصنف.
ومنها ألفاظ أخر، وقد سبق بعضها في باب صفة صلاة الاستسقاء.
(1)
في المسند (4/ 41) بسند حسن. وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه.
(2)
في السنن رقم (1163)
(3)
في المسند (1/ 44) بسند حسن.
(4)
في سننه رقم (1164).
قلت: وأخرجه النسائي (3/ 156) وابن خزيمة رقم (1415) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 324) والحاكم (1/ 327) والبيهقي (3/ 351) وابن عبد البر في التمهيد (17/ 174 - 175) من طرق
…
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(5)
البخاري رقم (1011) ومسلم رقم (894).
وانظر أطراف الحديث (1011) في (1005) و (1012) و (1023) و (1024) و (1025) و (1026) و (1027) و (1028) و (6343).
ورجال أبي داود رجال الصحيح.
قوله: (ثم تحوّل إلى القبلة)، في لفظ للبخاري
(1)
: "ثم حوّل إلى الناس ظهره".
فيه استحباب استقبال القبلة حال تحويل الرداء، وقد سبق بيان الحكمة في ذلك، ومحل هذا التحويل بعد الفراغ من الخطبة وإرادة الدعاء كما في الفتح
(2)
.
قوله: (وحول رداءه)، ذكر الواقدي أن طول ردائه صلى الله عليه وسلم كان ستة أذرع في عرض ثلاثة أذرع، وطول إزاره أربعة أذرع وشبر في ذراعين وشبر، انتهى.
وقد اختلفت الروايات، ففي بعضها أنه صلى الله عليه وسلم رداءه، وفي بعضها أنه قلبه، وفسر التحويل في هذه الرواية بالقلب فدلّ ذلك أنهما بمعنى واحد كما قال الزين بن المنير (3).
واختلف في حكمة التحويل؛ فجزم المهلب (3) أنه للتفاؤل بتحويل الحال عما هي عليه.
وتعقبه ابن العربي
(3)
بأن من شرط الفأل أن لا يقصد إليه. قال: وإنما التحويل أمارة بينه وبين ربه قيل له: حوّل رداءك لتحوّل حالك.
قال الحافظ
(4)
: وتعقب بأن الذي جزم به يحتاج إلى نقل، والذي ردّه ورد فيه حديث رجاله ثقات، أخرجه الدارقطني
(5)
والحاكم
(6)
من طريق جعفر بن محمد بن عليّ عن أبيه عن جابر، ورجح الدارقطني إرساله، وعلى كل حال فهو أولى من القول بالظنّ.
وقال بعضهم: إنما حوّل رداءه ليكون أثبت على عاتقه عند رفع يديه في الدعاء فلا يكون سنة في كل حال.
(1)
في صحيحه رقم (1025).
(2)
(2/ 498).
(3)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 499).
(4)
في "الفتح"(2/ 499).
(5)
في السنن (2/ 66 رقم 2) مرسلًا.
(6)
في المستدرك (1/ 326) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي: غريب عجيب صحيح".
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
وأجيب بأن التحويل من جهة إلى جهة لا يقتضي الثبوت على العاتق، فالحمل على المعنى الأوّل أولى، فإن الاتباع أولى من تركه لمجرد احتمال الخصوص، انتهى.
وقد اختلف في صفة التحويل، فقال الشافعي
(1)
ومالك
(2)
: هو جعل الأسفل أعلى مع التحويل.
وروى القرطبي
(3)
عن الشافعي أنه اختار في الجديد تنكيس الرداء لا تحويله، والذي في الأمّ هو الأوّل.
وذهب الجمهور
(4)
إلى استحباب التحويل فقط. واستدلّ الشافعي ومالك بهمه صلى الله عليه وسلم بقلب الخميصة لأنه لم يدع ذلك إلا لثقلها كما في الرواية المذكورة في الباب.
قال في الفتح
(5)
: ولا ريب أن الذي استحبه الشافعي أحوط، انتهى.
وذلك لأنه اختار الجمع بين التحويل والتنكيس كما تقدم، [وإذا]
(6)
كان مذهبه ما رواه عنه القرطبي (3) فليس بأحوط.
واستدلّ الجمهور بقوله في رواية حديث الباب: "فجعل عطافه الأيمن إلخ" وبقوله: "فقلبها الأيمن على الأيسر إلخ".
قال الغزالي
(7)
في صفة التحويل: أو يجعل الباطن ظاهرًا، وهو ظاهر قوله:"فقلبه ظهرًا لبطن"، أي جعل ظاهره باطنًا وباطنه ظاهرًا.
وقال أبو حنيفة
(8)
وبعض المالكية
(9)
: إنه لا يستحبّ شيء من ذلك، وخالفهم الجمهور.
قوله: (وتحوّل الناس معه)، هكذا رواه المصنف رحمه الله، ورواه غيره بلفظ:"وحوّل".
(1)
الأم (2/ 550).
(2)
المدونة (1/ 166) والاستذكار (7/ 138) رقم (9953).
(3)
في "المفهم"(2/ 540).
(4)
المغني لابن قدامة (3/ 340 - 341).
(5)
(2/ 498).
(6)
في المخطوط (ب:)(لا إذا).
(7)
في الوسيط (2/ 354).
(8)
البناية في شرح الهداية (3/ 182).
(9)
التمهيد (5/ 323).
وفيه دليل لما ذهب إليه الجمهور من استحباب تحويل الناس بتحويل الإمام.
وقال الليث (1) وأبو يوسف
(1)
: يحوّل الإِمام وحده، وظاهر قوله:"ويحوّل الناس" أنه يستحبّ ذلك للنساء.
وقال ابن الماجشون
(2)
: لا يستحبّ في حقهنّ.
قوله: (وعليه خميصة) قال في القاموس
(3)
: الخميصة: كساء أسود مربع له علمان، انتهى.
[الباب الرابع] باب ما يقول وما يصنع إذا رأى المطر وما يقول إذا كثر جدًّا
15/ 1357 - (عَنْ عَائِشَةَ قالَتْ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا رأى المَطَرَ قالَ: "اللَّهُمَّ صَيِّبًا نافعًا"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
وَالْبُخَارِيُّ
(5)
وَالنَّسائيُّ)
(6)
. [صحيح]
16/ 1358 - (وَعَنْ أنَسٍ قالَ: أصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَطَرٌ، قالَ: فَحَسَرَ ثَوْبَهُ حتَّى أصَابَهُ مِنَ المَطَر، فَقُلْنَا: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قالَ: "لأنَّهُ حَديثُ عَهْد برَبِّه"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(7)
وَمُسْلِمٌ
(8)
وأبُو دَاوُدَ)
(9)
. [صحيح]
(1)
الاستذكار (7/ 137 رقم 9951).
(2)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 499).
(3)
القاموس المحيط ص 797.
(4)
في المسند (6/ 41 - 42) بسند صحيح.
(5)
في صحيحه رقم (1032).
(6)
في سننه رقم (1532).
قلت: وأخرجه الحميدي رقم (270) وإسحاق بن راهويه رقم (1580) والنسائي (3/ 164) وابن حبان رقم (994) والبيهقي (3/ 362). وهو حديث صحيح.
(7)
في المسند (3/ 133) بسند صحيح.
(8)
في صحيحه رقم (898).
(9)
في سننه رقم (5100).
قلت: وأخرجه البخاري في "الأدب" رقم (571) وأبو يعلى رقم (3426) وابن أبي عاصم =
قوله: (صيِّبًا)
(1)
بالنصب بفعل مقدّر: أي اجعله صيِّبًا ونافعًا، صفة للصيب ليُخرج الضارّ منه، والصيب: المطر، [قاله]
(2)
ابن عباس وإليه ذهب الجمهور.
وقال بعضهم: الصيب: السحاب، ولعله أطلق ذلك مجازًا، وهو من صاب المطر يصوب إذا نزل فأصاب الأرض.
والحديث فيه استحباب الدعاء عند نزول المطر، وقد أخرج مسلم
(3)
من حديث عائشة قالت: "كان إذا كان يوم ريح عرف ذلك في وجهه فيقول إذا رأى المطر: رحمة".
وأخرجه أبو داود
(4)
والنسائي
(5)
عنها بلفظ: "كان إذا رأى ناشئًا من أفق السماء ترك العمل، فإن كشف حمد الله فإن مطر قال: اللهمّ صيِّبًا نافعًا".
قوله: (حسر)
(6)
أي كشف بعض ثوبه.
قوله: (لأنه حديث عهد بربه) قال العلماء: أي بتكوين ربه إياه.
قال النووي
(7)
: ومعناه أن المطر رحمة، وهو قريب العهد بخلق الله تعالى لها فيتبرّك بها.
وفي الحديث دليل أنه يستحبّ عند أوّل المطر أن يكشف بدنه ليناله المطر لذلك.
= في السنة رقم (622) وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم: ص 260 وابن حبان رقم (6135) والحاكم (4/ 285) وأبو نعيم في الحلية (6/ 291) والبيهقي (3/ 359) والبغوي في شرح السنة رقم (1171) من طرق.
وهو حديث صحيح.
(1)
قال ابن الأثير في "النهاية"(3/ 64): "صيّبًا: أي منهمرًا متدفقًا، وأصله الواو، لأنه من صاب يَصُوب إذا نزل.
وقال الهروي في "الغريبين"(4/ 1101) وكان في الأصل صيوبًا فأبدل فأدغم، وقال الفراء: هو صويبٌ مثل فعيل، وقال شمر: قال بعضهم: الصيب الغيم ذو المطر، وقال الأخفش: هو المطر، وصاب السهم أي قصد.
(2)
في المخطوط (ب): (قال).
(3)
في صحيحه رقم (4/ 899).
(4)
في سننه رقم (5099).
(5)
في سننه الكبرى رقم (10687).
(6)
القاموس المحيط (ص 479).
(7)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 195 - 196).
17/ 1359 - (وَعَنْ شَريكِ بْن أبي نمِرٍ عَنْ أنَسٍ أن رَجُلًا دَخَلَ المَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ مِنْ بابٍ كانَ نَحْوَ دَار القَضَاء وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ يَخْطُبُ، فاسْتَقْبَلَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قائمًا ثم قالَ: يا رَسُولَ الله هَلَكَت الأمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ فادْعُ الله يُغثْنَا، قالَ: فَرفَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَيْه ثُمَّ قالَ: "اللَّهُم أغثْنا، اللهُمَّ أغثْنا". قالَ أنَسٌ: وَلَا والله ما نَرَى في السَّماء مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةٍ وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْن سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ؛ قالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلَ التِّرْسِ: فَلَمَّا تَوَسَّطَت السَّماءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أمْطَرَتْ، قالَ: فَلَا وَالله ما رأيْنا الشَّمْسَ سَبْتًا؛ قالَ: ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذلكَ الباب في الجُمُعَة المُقْبِلَةِ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ يَخْطُبُ، فاسْتَقْبَلَهُ قائمًا فَقالَ: يا رَسُول الله هَلَكَتِ الأمْوَالُ، وانْقَطعَتِ السُّبُلُ فادْعُ الله يُمْسِكْهَا عَنَّا؛ قالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يدَيَهْ ثُمَّ قالَ: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ على الآكامِ وَالظِّرَاب وَبُطون الأوْدِيَةِ وَمَنَابِت الشَّجَر"؛ قالَ: فانْقَلَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي في الشَّمْسِ؛ قالَ شَريكٌ: فَسألْت أنَسًا أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ؟ قَالَ: لا أدْرِي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(1)
. [صحيح]
قوله: (أن رجلًا) في مسند أحمد ما يدلّ على هذا المبهم كعب بن مرّة.
وفي البيهقي
(2)
من طريق مرسلة ما يدلّ على أنه خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، وزعم بعضهم أنه أبو سفيان بن حرب.
قال في الفتح
(3)
: وفيه نظر لأنه جاء في واقعة أخرى.
وقال الحافظ
(4)
: لم أقف على تسميته كما تقدم.
قوله: (يوم جمعة) فيه دليل على أنه إذا اتفق ووقع الاستسقاء يوم جمعة اندرجت خطبة الاستسقاء وصلاتها في الجمعة، وقد بوّب لذلك البخاري
(5)
وذكر حديث الباب.
(1)
أحمد في المسند (3/ 104، 187، 194، 261، 271) والبخاري رقم (1014) ومسلم رقم (8/ 897).
(2)
في السنن الكبرى (3/ 344).
(3)
(2/ 502).
(4)
في "الفتح"(2/ 502).
(5)
في صحيحه الباب رقم (7) باب الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة - كما في الفتح (2/ 507).
قوله: (من باب كان نحو دار القضاء)، فسر بعضهم دار القضاء بأنها دار الإِمامة.
قال في الفتح
(1)
: وليس كذلك، وإنما هي دار عمر بن الخطاب. وسميت دار القضاء لأنها بيعت في قضاء دينه، فكان يقال لها: دار قضاء دين عمر، ثم طال ذلك فقيل لها: دار القضاء، ذكره الزبير بن بكار بسنده إلى ابن عمر. وقد قيل في تفسيرها غير ذلك
(2)
.
قوله: (ثم قال: يا رسول الله) هذا يدلّ على أن السائل كان مسلمًا، وبه يردّ على من قال: إنه أبو سفيان؛ لأنه حين سؤاله لذلك لم يكن قد أسلم.
قوله: (هلكت الأموال) المراد بالأموال هنا: الماشية لا الصامت.
قوله: (وانقطعت السبل) المراد بذلك أن الإبل ضعفت لقلة القوت عن السفر لكونها لا تجد في طريقها من الكلأ ما يقيم أودها.
وقيل: المراد نفاد ما عند الناس من الطعام أو قلته فلا يجدون ما يجلبونه ويحملونه إلى الأسواق.
قوله: (فادع الله يغثنا)، هكذا في رواية البخاري
(3)
بالجزم.
وفي رواية له
(4)
: "يغيثنا" بالرفع.
وفي رواية له
(5)
: "أن يغيثنا"، فالجزم ظاهر والرفع على الاستئناف: أي فهو يغيثنا.
قال في الفتح
(6)
: وجائز أن يكون من الغوث أو من الغيث، والمعروف في كلام العرب غثنا لأنه من الغوث.
(1)
(2/ 502).
(2)
قدمت هذه الفقرة على التي سبقتها في المخطوط (أ) و (ب) مع الإشارة في المخطوطتين إلى هذا الترتيب.
(3)
في صحيحه رقم (1014).
(4)
أي للبخاري في صحيحه رقم (1013).
(5)
أي للبخاري في صحيحه رقم (1015).
(6)
(2/ 503).
وقال ابن القطاع
(1)
: غاث الله عباده غيثًا وغياثًا: سقاهم المطر، وأغاثهم: أجاب دعاءهم، ويقال: غاث وأغاث بمعنى.
قال ابن دريد
(2)
: الأصل غاثه الله يغوثه غوثًا واستعمل أغاثه، ومن فتح أوّله فمن الغيث.
ويحتمل أن يكون معنى أغثنا أعطنا غوثًا وغيثًا.
قوله: (فرفع يديه)، فيه استحباب رفع اليد عند دعاء الاستسقاء، وقد تقدم الكلام عليه.
قوله: (من سحاب) أي مجتمع.
قوله: (ولا قَزَعة) بفتح القاف والزاي بعدها مهملة: أي سحاب متفرّق.
وقال ابن سيده
(3)
: القزع: قطع من السحاب رقاق.
قال أبو عبيدة
(4)
: وأكثر ما يجيء في الخريف.
قوله: (ومما بيننا وبين سَلْع) بفتح المهملة وسكون اللام: جبل معروف بالمدينة
(5)
، وقد حكي أنه بفتح اللام.
قوله: (من بيت ولا دار)، أي يحجبنا من رؤيته.
وأشار بذلك إلى أن السحاب كان مفقودًا لا مستترًا ببيت ولا غيره.
(1)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 503).
(2)
في جمهرة اللغة له (2/ 47).
(3)
في "المخصَّص"(2/ السفر التاسع/ 95).
(4)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 503).
قلت: وهذه العبارة في "غريب الحديث"(1/ 185) لأبي عبيد.
وقال: ابن الأثير في "النهاية"(4/ 59): "قزع الخريف أي قطع السحاب المتفرقة، وإنما خص الخريف لأنه أول الشتاء، والسحاب يكون متفرفًا غير متراكم ولا مُطبِق، ثم يجتمع بعضُه إلى بعض بعد ذلك".
(5)
قاله الجوهري في الصحاح (3/ 1230).
وانظر: معجم البلدان (3/ 236).
قوله: (فطلعت)، أي ظهرت من وراء سَلْع.
قوله: (مثل الترس)، أي مستديرة ولم يرد أنها مثله في القدر.
وفي رواية
(1)
: "فنشأت سحابة مثل رِجْل الطائر".
قوله: (فلما توسطت السماء انتشرت) هذا يشعر بأنها استمرّت مستديرة حتى انتهت إلى الأفق وانبسطت حينئذٍ، وكأن فائدته تعميم الأرض بالمطر.
قوله: (ما رأينا الشمس سبتًا)، هذا كناية عن استمرار الغيم الماطر وهو كذلك في الغالب وإلا فقد يستمرّ المطر والشمس بادية، وقد تحتجب الشمس بغير مطر.
وأصرح من ذلك ما وقع في رواية أخرى للبخاري
(2)
بلفظ: "فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد ومن بعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى" والمراد بقوله سبتًا: أي من السبت إلى السبت، قاله ابن المنير (3) والطبري
(3)
.
قال: وفيه تجوّز لأن السبت لم يكن مبتدأ ولا الثاني، منتهى.
وإنما عبر أنس بذلك لأنه كان من الأنصار، وقد كانوا جاوروا اليهود فأخذوا بكثير من اصطلاحهم، وإنما سموا الأسبوع سبتًا لأنه أعظم الأيام عند اليهود كما أن الجمعة عند المسلمين كذلك.
وفي تعبيره عن الأسبوع بالسبت مجاز مرسل والعلاقة الجزئية والكلية.
وقال صاحب النهاية
(4)
: أراد قطعة من الزمان، وكذا قال النووي
(5)
.
(1)
أخرجه أبو عوانة في مسنده (2/ 115 رقم 2499) وهو حديث صحيح.
قلت: وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (12/ 897) من طريق ابن وهب مختصرًا.
(2)
في صحيحه رقم (1033).
(3)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 504).
(4)
ابن الأثير (1/ 331).
(5)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 192).
ووقع في رواية
(1)
"ستًا" أي ستة أيام، ووقع في رواية
(2)
: "فمطرنا من جمعة إلى جمعة".
قوله: (ثم دخل رجل من ذلك الباب) ظاهره أنه غير الأوّل؛ لأن النكرة إذا تكرّرت دلت على التعدّد، وقد قال شريك في آخر هذا الحديث:"سألت أنسًا أهو الرجل الأول؟ فقال: لا أدري"، وهذا يقتضي أنه لم يجزم بالتغاير.
وفي رواية البخاري
(3)
عن أنس: "فقام ذلك الرجل أو غيره".
وفي رواية له
(4)
عنه: "فأتى الرجل فقال: يا رسول الله"، ومثلها لأبي عوانة
(5)
، وهذا يقتضي الجزم بكونه واحدًا، فلعل أنسًا تذكره بعد أن نسيه.
ويؤيد ذلك ما أخرجه البيهقي
(6)
عنه بلفظ: "فقال الرجل"، يعني الذي سأله يستسقي.
قوله: (هلكت الأموال وانقطعت السبل)، أي بسبب غير السبب الأوّل، والمراد أن كثرة الماء انقطع المرعى بسببها فهلكت المواشي من عدم المرعى أو لعدم ما يكنها من المطر.
ويدلّ على ذلك ما عند النسائي
(7)
بلفظ: "من كثرة الماء"، وأما انقطاع السبل فلتعذر سلوك الطريق من كثرة الماء.
(1)
قال الحافظ في "الفتح"(2/ 504): "وأن الداودي رواه بلفظ "ستًا" وهو تصحيف.
وتعقب بأن الداودي لم ينفرد بذلك فقد وقع في رواية الحموي والمستملي هنا ستًا. وكذا رواه سعيد بن منصور عن الدراوردي عن شريك، ووافقه أحمد من رواية ثابت عن أنس، وكأنَّ من ادعى أنه تصحيف استبعد اجتماع قوله ستًا مع قوله في رواية إسماعيل بن جعفر الآتية سبعًا، وليس بمستبعد لأن من قال ستًا أراد ستة أيام تامة، ومن قال سبعًا أضاف أيضًا يومًا ملفقًا من الجمعتين" اهـ.
قلت: رواية ثابت عن أنس عند أحمد في المسند (3/ 194): "سبعًا" فليعلم.
(2)
البخاري في صحيحه رقم (1016).
(3)
في صحيحه رقم (1015).
(4)
أي للبخاري في صحيحه رقم (1029).
(5)
في مسنده (2/ 113 - 114 رقم 2496).
(6)
في السنن الكبرى (3/ 343 - 344).
(7)
في سننه رقم (1818).
وفي رواية عند ابن خزيمة
(1)
: "واحتبس الركبان".
وفي رواية للبخاري
(2)
: "تهدمت البيوت"، وفي رواية له
(3)
: "هدم البناء وغرق المال".
قوله: (يمسكها) يجوز ضم الكاف وسكونها، والضمير يعود إلى الأمطار أو إلى السحاب أو إلى السماء.
قوله: (اللهمّ حوالينا ولا علينا) تقدم الكلام عليه.
قوله: (على الإكام) بكسر الهمزة وقد تفتح جمع أكمة مفتوحة الحروف جميعًا، قيل: هي التراب المجتمع. وقيل: هي الحجر الواحد، وبه قال الخليل
(4)
.
وقال الخطابي
(5)
: هي الهضبة الضخمة. وقيل: الجبل الصغير. وقيل: ما ارتفع من الأرض.
قوله: (والظراب) تقدم تفسيره وضبطه.
قوله: (وبطون الأودية) المراد بها ما يتحصل فيه الماء لينتفع به.
قوله: (فانقلعت) أي السماء أو السحابة الماطرة، والمعنى أنها أمسكت عن المطر على المدينة.
وفي الحديث فوائد: منها جواز المكالمة من الخطيب حال الخطبة وتكرار الدعاء وإدخال الاستسقاء في خطبة الجمعة والدعاء به على المنبر وترك تحويل الرداء والاستقبال والاجتزاء بصلاة الجمعة عن صلاة الاستسقاء كما تقدم.
وفيه علم من أعلام النبوّة في إجابة الله دعاء نبيه وامتثال السحاب أمره كما وقع في كثير من الروايات وغير ذلك من الفوائد.
(1)
لم أقف على هذه الرواية عند ابن خزيمة في صحيحه.
(2)
في صحيحه رقم (1016).
(3)
أي للبخاري في صحيحه رقم (1033).
(4)
في كتابه العين (ص 32).
(5)
في أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري (1/ 603).
[الكتاب الثالث] كتاب الجنائز
هي جمع جِنازة بكسر الجيم وفتحها.
قال ابن قتيبة
(1)
وجماعة: والكسر أفصح.
وحكى صاحب المطالع
(2)
أنه يقال بالفتح للميت، وبالكسر للنعش عليه الميت، ويقال عكس ذلك اهـ.
والجنازة مشتقة من جنز إذا ستر، قاله ابن فارس
(3)
وغيره
(4)
، والمضارع يجنِز بكسر النون، قاله النووي
(5)
.
والجنائز بفتح الجيم لا غَير، قاله النووي (5) والحافظ
(6)
وغيرهما.
[الباب الأول] باب عيادة المريض
1/ 1360 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلامِ، وَعيادَةُ المَرِيضِ، وَاتِّباعُ الجَنَائِزِ، وإجابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ العاطِسِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(7)
. [صحيح]
(1)
في "أدب الكاتب" له ص 392.
(2)
ذكره النووي في شرحه لصحيح مسلم (6/ 219).
• "المطالع" لابن قرقول، (إبراهيم بن يوسف، ت (569 هـ). وضعه على منوال: "مشارق الأنوار" بل هو اختصار واستدراك عليه، كما في "كشف الظنون"(2/ 1715).
[معجم المصنفات (ص 389 رقم 1250)].
(3)
في مقاييس اللغة (1/ 485).
(4)
كالفيروزآبادي صاحب القاموس المحيط (ص 650).
(5)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 219).
(6)
في "الفتح"(3/ 109).
(7)
أحمد (2/ 540) والبخاري رقم (1240) ومسلم رقم (4/ 2162).
2/ 1361 - (وَعَنْ ثَوْبانَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ المُسْلِمَ إذَا عادَ أخاهُ المُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ فِي مخْرَفَةِ الجَنَّةِ حتَّى يَرْجعَ". رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ
(2)
والتِّرْمِذِيُّ)
(3)
[صحيح]
قوله: (خمس) في رواية لمسلم
(4)
: "حقّ المسلم على المسلم ستّ"، وزاد:"وإذا استنصحك فانصح له".
وفي رواية للبخاري
(5)
من حديث البراء: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع"، وذكر الخمس المذكورة في حديث الباب وزاد:"ونصر المظلوم، وإبرار القسم".
والمراد بقوله: (حقّ المسلم) أنه لا ينبغي تركه، ويكون فعله إما واجبًا أو مندوبًا ندبًا مؤكدًا شبيهًا بالواجب الذي لا ينبغي تركه، ويكون استعماله في المعنيين من باب استعمال المشترك في معنييه، فإن الحقّ يستعمل في معنى الواجب، كذا ذكره ابن الأعرابي، وكذا يستعمل في معنى الثابت ومعنى اللازم ومعنى الصدق وغير ذلك.
وقال ابن بطال
(6)
: المراد بالحق هنا الحرمة والصحبة.
وقال الحافظ
(7)
: الظاهر أن المراد به هنا وجوب الكفاية.
قوله: (ردّ السلام) فيه دليل على مشروعية ردّ السلام.
ونقل ابن عبد البر
(8)
الإِجماع على أن ابتداء السلام سنة، وأن ردّه فرض.
وصفة الردّ أن يقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وهذه الصفة أكمل وأفضل، فلو حذف الواو جاز وكان تاركًا للأفضل، وكذا لو اقتصر على وعليكم السلام بالواو أو بدونها أجزأه، فلو اقتصر على عليكم لم يجزه بلا خلاف.
(1)
في المسند (5/ 279).
(2)
في صحيحه رقم (41/ 2568).
(3)
في سننه رقم (967) وقال: حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
(4)
في صحيحه رقم (5/ 2162).
(5)
في صحيحه رقم (1239).
(6)
في شرحه لصحيح البخاري (3/ 238 - 239).
(7)
في "الفتح"(2/ 113).
(8)
في "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد"(16/ 94).
ولو قال: وعليكم بالواو، ففي إجزائه وجهان لأصحاب الشافعي
(1)
.
وظاهر قوله: "حقّ المسلم" أنه لا يردّ على الكافر.
وأخرج البخاري في صحيحه
(2)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم".
وفي الصحيحين
(3)
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم".
وأخرج البخاري
(4)
نحوه من حديث ابن عمر، وقد قطع الأكثر بأنه لا يجوز ابتداؤهم بالسلام.
وفي الصحيحين
(5)
عن أسامة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين فسلم عليهم". وفي الصحيحين
(6)
أيضًا: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى".
قوله: (وعيادة المريض) فيه دلالة على شرعية عيادة المريض وهي مشروعة بالإِجماع، وجزم البخاري بوجوبها فقال: باب وجوب عيادة المريض
(7)
.
قال ابن بطال
(8)
: يحتمل أن يكون الوجوب للكفاية كإطعام الجائع وفك الأسير.
ويحتمل أن يكون الوارد فيها محمولًا على الندب، وجزم الداودي بالأوّل، وقال الجمهور بالندب
(9)
، وقد تصل إلى الوجوب في حقّ بعض دون بعض.
(1)
المجموع شرح المهذب (4/ 468).
(2)
بل مسلم في صحيحه رقم (13/ 2167) من حديث أبي هريرة.
(3)
البخاري رقم (6258) ومسلم رقم (6/ 2163) من حديث أنس.
(4)
في صحيحه رقم (6257).
قلت: وأخرجه مسلم رقم (8/ 2164) من حديث ابن عمر.
(5)
البخاري رقم (5663) ومسلم رقم (116/ 1798) من حديث أسامة.
(6)
البخاري رقم (2941) ومسلم رقم (74/ 1773).
(7)
في صحيحه رقم (10/ 112 رقم الباب (4) - مع الفتح).
(8)
في شرحه لصحيح البخاري (9/ 375).
(9)
المغني لابن قدامة (3/ 361).
وعن الطبري
(1)
تتأكد في حقّ من ترجى بركته، [وتسنّ]
(2)
فيمن يراعى حاله، وتباح فيما عدا ذلك وفي الكافر خلاف.
ونقل النووي
(3)
الإِجماع على عدم الوجوب.
قال الحافظ
(4)
: يعني على الأعيان وعامة في كل مرض.
قوله: (واتباع الجنائز) فيه أن اتباعها مشروع وهو سنَّة بالإِجماع.
واختُلِف في وجوبه وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله.
قوله: (وإجابة الدعوة) فيه مشروعية إجابة الدعوة، وهي أعمّ من الوليمة، وسيأتي الكلام على ذلك في كتاب الوليمة
(5)
إن شاء الله.
قوله: (وتشميت العاطس) التشميت بالسين المهملة والمعجمة لغتان مشهورتان.
قال الأزهري
(6)
: قال الليث: التشميت ذكر الله تعالى على كل شيء. ومنه قولك للعاطس: يرحمك الله.
وقال ثعلب: الأصل فيه المهملة فقلبت معجمة.
وقال صاحب المحكم
(7)
: تسميت العاطس معناه الدعاء له بالهداية إلى السمت الحسن.
(1)
حكاه الحافظ في "الفتح"(10/ 113).
(2)
في المخطوط (ب): (ويسن).
(3)
المجموع (5/ 103) وشرح صحيح مسلم له (16/ 124).
(4)
في "الفتح"(10/ 113).
(5)
أبواب الوليمة عند الحديث رقم (2744 - 2775) من كتابنا هذا.
(6)
في تهذيب اللغة (11/ 229 - 230) شمت (بالشين) و (12/ 389) سمت (بالسين).
(7)
في "المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيدة (8/ 34) حيث قال: "شمت العاطس وسمَّت عليه: دعا له بخير، وكل داع بخير مشمِّتٌ. قال أبو علي معناه: دعا له أن لا يكون في حال يُشمتُ به فيها. والسين لغةٌ عن يعقوب.
وقال ابن سيدة في "المحكم"(8/ 471): التَّسْميت: ذكر الله على الشيء والتسميتُ الدعاء للعاطس. معناه: هداك الله إلى السَّمت وذلك لما في العاطس من الانزعاج والقلق، هذا قول الفارسيِّ. وقد سمَّتهُ، وقال ثعلب: سمَّتَهُ إذا عطس فقال له: يرحمكَ الله، أخذ من السَّمت، أي الطريق والقصد، كأنَّه قصده بذلك الدُّعاء، وقد يجعلون السِّين شينًا كسمَّر السَّفينة وشمَّرها إذا أرسلها" اهـ.
وفيه دليل على مشروعية تشميت العاطس وهو أن يقول له: يرحمك الله.
وأخرج أبو داود
(1)
بإسناد صحيح عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله على كل حال، وليقل أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، ويقول هو: يهديكم الله ويصلح بالكم".
وأخرج البخاري
(2)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال: يرحمك الله فليقل له: يهديكم الله ويصلح بالكم".
وأخرج مالك في الموطأ
(3)
عن ابن عمر قال: "إذا عطس أحدكم فقيل له: يرحمك الله، يقول يرحمنا الله وإياكم ويغفر لنا وإياكم". والتشميت سنة على الكفاية، لو قاله بعض الحاضرين أجزأ عن الباقين، ولكن الأفضل أن يقول كل واحد لما في البخاري
(4)
عن أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقًّا على كل مسلم سمعه أن يقول: يرحمك الله تعالى".
وقال أهل الظاهر
(5)
: إنه يلزم كل واحد، وبه قال ابن [أبي]
(6)
مريم، واختاره ابن العربي
(7)
.
والتسميت إنما يكون مشروعًا للعاطس إذا حمد الله كما في حديث أبي هريرة
(8)
المذكور.
وفي الصحيحين
(9)
عن أنس قال: "عطس رجلان عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقال الذي لم يشمته: فلان عطس فشمته، وعطست فلم تشمتني، فقال: هذا حمد الله وأنت لم تحمد الله".
(1)
في السنن رقم (5033) وهو حديث صحيح.
(2)
في صحيحه رقم (6224).
(3)
في الموطأ (2/ 965 رقم 5) بسند صحيح.
(4)
في صحيحه رقم (6226).
(5)
المحلى (3/ 143).
(6)
سقط من المخطوط (ب).
(7)
في عارضة الأحوذي (10/ 200).
(8)
الذي أخرجه البخاري رقم (6224). وقد تقدم.
(9)
البخاري رقم (6225) ومسلم رقم (53/ 2991).
وفي صحيح مسلم
(1)
عن أبي موسى الأشعري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه".
وإذا تكرّر العطاس فهل يشرع تكرير التشميت أو لا؟ فيه خلاف.
وقد أخرج ابن السني
(2)
بإسناد فيه من لم يتحقق حاله عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه، وإن زاد على ثلاث فهو مزكوم، ولا يشمت بعد ثلاث".
وفي مسلم
(3)
عن سلمة بن الأكوع أنه قال له النبيّ صلى الله عليه وسلم في الثانية: "إنك مزكوم".
وأخرج أبو داود
(4)
والترمذي
(5)
من حديث سلمة: "أنه قال له في الثالثة: يرحمك الله، هذا رجل مزكوم".
(1)
رقم (54/ 2992).
(2)
في "عمل اليوم والليلة" رقم (251).
قال المحدث الألباني رحمه الله في "الصحيحة"(3/ 318 - 319 رقم 1330): "وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير سليمان بن أبي داود وهو الحراني الملقب بـ "بومة"، قال الذهبي: "ضعفه أبو حاتم، وقال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا يحتج به" اهـ.
وقال الإمام النووي رحمه الله في "الأذكار"(ص 431 رقم 16/ 690): "وروينا في "كتاب ابن السني" بإسناد فيه رجل لم أتحقق حاله، وباقي إسناده صحيح" اهـ.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري"(10/ 605) متعقبًا: "الرجل المذكور هو: سليمان بن أبي داود الحراني، والحديث عندهم من رواية محمد بن سليمان عن أبيه، ومحمد؛ موثق، وأبوه؛ يقال له: الحراني؛ ضعيف، قال فيه النسائي: ليس بثقة ولا مأمون" اهـ.
لكن للحديث طريق أخرى، فقد أخرجه الديلمي في مسند الفردوس (1/ 67/1) عن علي بن عاصم: حدثنا ابن جريج عن سعيد المقبري، به.
قال الألباني: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن عاصم، قال عنه الحافظ في التقريب رقم (4758):"صدوق يخطئ ويصرُّ" وقد تابعه ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري به مرفوعًا بلفظ: "تشميت المسلم إذا عطس ثلاث مرات، فإن عطس فهو مزكوم"، أخرجه أبو داود رقم (5034 و 5035) وابن السني رقم (250) واللفظ له، وانظر بقية الكلام على هذا الحديث في "الصحيحة".
وخلاصة القول: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(3)
في صحيحه رقم (55/ 2993).
(4)
في سننه رقم (5037).
(5)
في سننه رقم (2743) وقال: حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
وأخرج أبو داود
(1)
والترمذي
(2)
أيضًا عن عبيد بن رفاعة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تشميت العاطس ثلاثًا، فإن زاد فإن شئت شمته، وإن شئت فلا" ولكنه حديث ضعيف.
قال الترمذي
(3)
: إسناده مجهول.
قال ابن العربي: ومعنى قوله: "إنك مزكوم" أي إنك لست ممن يشمت بعد هذا؛ لأن هذا الذي بك زكام ومرض لا خفة العطاس، ولكنه يدعى له بدعاء المسلم للمسلم بالعافية والسلامة، ولا يكون من باب التشميت.
والسنة للعاطس أن يضع ثوبه أو يده على فيه عند العطاس لما أخرجه أبو داود
(4)
والترمذي
(5)
عن أبي هريرة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع ثوبه أو يده على فيه وخفض أو غضّ بها صوته"، وحسنه الترمذي
(6)
.
ويكره رفع الصوت بالعطاس لما أخرجه ابن السني
(7)
عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يكره رفع الصوت بالتثاؤب والعطاس".
وأخرج
(8)
أيضًا عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "التثاؤب الرفيع والعطسة الشديدة من الشيطان".
(1)
في سننه رقم (5036).
(2)
في سننه رقم (2744) وقال: حديث غريب وإسناده مجهول.
وهو حديث ضعيف.
(3)
في السنن (5/ 85).
(4)
في سننه رقم (5029).
(5)
في سننه رقم (2745) وقال: حديث حسن صحيح.
وهو حديث حسن.
(6)
في السنن (5/ 96).
(7)
في "عمل اليوم والليلة" رقم (267) بسند ضعيف جدًّا.
- عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي: ضعيف (الميزان 3/ 45 رقم 5532).
- وعلي بن عروة متروك الحديث قاله أبو حاتم، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث.
الميزان (3/ 145 رقم 5891).
(8)
أي ابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (264) بسند ضعيف منقطع.
- يحيى بن عبد الله بن محمد بن صيفي: لم يرو عن أحد من الصحابة. =
قوله: (لم يزل في مخرفة الجنة) بالخاء المعجمة على زنة مرحلة، وهي البستان، ويطلق على الطريق اللاحب:[أي الواضح]
(1)
.
ولفظ الترمذي
(2)
: "لم يزل في خرفة الجنة"، والخرف بالضم: المُخترَف والمجتنى، أفاده صاحب القاموس
(3)
.
3/ 1362 - (وَعَنْ عَلَيّ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا عادَ المُسْلِمُ أخاهُ مَشَى فِي خُرَافَةِ الجَنَّةِ حتَّى يَجْلِسَ، فإذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرحْمَةُ، فإنْ كان غُدْوَةً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ حَتى يُمْسِيَ، وَإنْ كانَ مَساءً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ حَتى يُصْبِحَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
وَابْنُ ماجَهْ
(5)
. وَللتِّرْمِذِيّ
(6)
وأبي دَاوُدَ
(7)
نَحْوُهُ). [صحيح].
= - وعمرو بن عبد الرحمن بن عمرو بن قيس العسقلاني، قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 245): عن أبيه: مجهول.
(1)
زيادة في المخطوط (أ).
(2)
في سننه رقم (967) وقال: حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
(3)
القاموس المحيط ص 1038.
قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 24): المخارف جَمْع مَخْرَف بالفتح وهو الحائط من النخل: أي أن العائد فيما يَحُوز من الثَّواب كأنه على نخل الجنة يَخترفُ ثمارَها. وقيل: المخارف جمع مَخْرَفة، وهي سكَّة بين صَفَّيْنِ مِن نخل يخترف من أيِّهما شاء، أي يَجتني. وقيل: المخرفة الطريق، أي أنه على طريق تؤديه إلى طريق الجنة" اهـ.
(4)
في المسند (1/ 81).
(5)
في سننه رقم (1442).
(6)
في سننه رقم (969).
(7)
في سننه رقم (3099).
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 234) وهناد في الزهد رقم (372) والبزار رقم (620) وأبو يعلى رقم (262) والحاكم (1/ 341 - 342، 349) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 380) وفي شعب الإيمان رقم (9173).
قال الحاكم: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه؛ لأن جماعة من الرواة أوقفوه عن الحكم بن عتبة ومنصور بن المعتمر، عن ابن أبي ليلى، عن علي رضي الله عنه، من حديث شعبة وأنا على أصلي في الحكم لراوي الزيادة. ووافقه الذهبي. =
4/ 1363 - (وَعَنْ أنَسٍ قالَ: كانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يَعُودُ مَرِيضًا إلَّا بَعْدَ ثَلاثٍ. رَوَاه ابنُ مَاجَه)
(1)
. [موضوع]
5/ 1364 - (وَعَنْ زيدِ بْنِ أرْقَمَ قالَ: عادَني رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ وَجَعٍ كانَ بعَيْنِي. رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وَأبُو دَاوُدَ)
(3)
. [حسن]
حديث عليّ قال أبو داود
(4)
: إنه أسند عن عليّ من غير وجه صحيح.
وقال الترمذي
(5)
: إنه حسن غريب.
وقال أبو بكر البزار
(6)
: "هذا الحديث رواه أبو معاوية عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ورواه شعبة عن الحكم عن عبد الله عن نافع، وهذا اللفظ لا يعلم رواه إلا عليّ، وقد روي عن عليّ من غير وجه".
وحِديث أنس في إسناده [مسلمة]
(7)
بن عليّ
(8)
وهو متروك.
= وانظر: "العلل" للدارقطني (3/ 267) والصحيحة رقم (1367).
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(1)
في سننه رقم (1437).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 463): "هذا إسناد فيه مسلمة بن علي، قال البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة: "منكر الحديث".
ومن مناكيره عن ابن جريج عن حميد عن أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يعود مريضًا إلا بعد ثلاثة أيام".
قال أبو حاتم - في "العلل"(2/ 315) -: هذا باطل منكر.
وقال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة
…
" اهـ.
وخلاصة القول: أن الحديث موضوع، والله أعلم.
(2)
في المسند (4/ 375).
(3)
في السنن رقم (3102).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 342) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 381). وقال المنذري في "المختصر"(4/ 279): حديث حسن، وهو كما قال.
(4)
في السنن (3/ 477).
(5)
في السنن (3/ 301).
(6)
في مسنده (2/ 224 - 225).
(7)
في المخطوط (أ) و (ب)(مسلم) والصواب ما أثبتناه من مصار الترجمة في التعليقة التالية.
(8)
مسلمة بن علي الخشني: متروك الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث وقال أبو حاتم: =
وحديث زيد بن أرقم سكت عنه أبو داود
(1)
والمنذري
(2)
.
وأخرجه أيضًا البخاري في الأدب المفرد
(3)
وصححه الحاكم
(4)
.
وفي الباب عن أبي موسى عند البخاري
(5)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عودوا المريض، وأطعموا الجائع، وفكوا العاني".
وعن جابر عند البخاري
(6)
وأبي داود
(7)
قال: "كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يعودني ليس براكب بغل ولا برذون".
وعن أنس غير حديث الباب عند أبي داود
(8)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء، وعاد أخاه المسلم محتسبًا، بُوعِد من جهنم مسير ستين خريفًا".
وفي إسناده الفضل بن دلهم
(9)
. قال يحيى بن معين: ضعيف الحديث. وقال أحمد: لا يحفظ. وقال مرّة: ليس به بأس. وقال ابن حبان: كان ممن يخطئ فلا يفحش خطؤه حتى يبطل الاحتجاج به، ولا اقتفى أثر العدول فنسلك به سنتهم، فهو غير محتجّ به إذا انفرد.
= لا يشتغل به. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة. التاريخ الكبير (7/ 388) والمجروحين (3/ 33) والجرح والتعديل (8/ 268) والميزان (4/ 109) واللسان (7/ 387) والخلاصة ص 377.
(1)
في السنن (3/ 477).
(2)
في المختصر (4/ 279). ولكنه حسنه ولم يسكت عنه.
(3)
برقم (532).
(4)
في المستدرك (1/ 342). وقد تقدم.
(5)
في صحيحه رقم (5649).
(6)
في صحيحه رقم (5664).
(7)
في سننه رقم (3096).
وهو حديث صحيح.
(8)
في سننه رقم (3097). وهو حديث ضعيف.
(9)
الفضل بن دلهم الواسطي القصاب.
انظر ترجمته في: الميزان (3/ 351) والجرح والتعديل (7/ 61) وتهذيب الكمال (2/ 1098) والمغني (2/ 511) والكاشف (2/ 328).
وعن عائشة عند البخاري
(1)
ومسلم
(2)
وأبي داود
(3)
والنسائي
(4)
قال: "لما أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق ضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب".
وعن عائشة بنت سعد عن أبيها قال: "اشتكيت فجاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني ووضع يده على جبهتي ثم مسح صدري وبطني ثم قال: "اللهمّ اشف سعدًا وأتمم له هجرته"، أخرجه البخاري
(5)
وأبو داود
(6)
.
وعن البراء أشار إليه الترمذي
(7)
.
وعن أبي هريرة عند الترمذي
(8)
وابن ماجه
(9)
بلفظ: "من عاد مريضًا نادى مناد من السماء: طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلًا".
قوله: (في خرافة) بزنة كناسة: المخترف والمجتنى، كذا في القاموس
(10)
.
قال في الفتح
(11)
: خرفة بضم المعجمة وسكون الشراء بعدها فاء: هي الثمرة.
(1)
في صحيحه رقم (4122).
(2)
في صحيحه رقم (65/ 1769).
(3)
في سننه رقم (3101).
(4)
في سننه رقم (710).
وهو حديث صحيح.
(5)
في صحيحه رقم (5659).
(6)
في سننه رقم (3104).
وهو حديث صحيح.
(7)
في إثر الحديث رقم (967) حيث قال: وفي الباب عن علي وأبي موسى والبراء وأبي هريرة وأنس وجابر.
وانظر تخريجها في: "لب اللباب في تخريج قول الترمذي وفي الباب"، أعانني الله على إتمامه واستيعاب ما فات الترمذي ثم نشره إن شاء الله.
(8)
في سننه رقم (2008) وقال: حديث حسن غريب.
(9)
في سننه رقم (1443).
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(10)
القاموس المحيط ص 1038.
(11)
(10/ 113).
وقيل: المراد بها هنا: الطريق.
والمعنى أن العائد يمشي في طريق يؤديه إلى الجنة.
والتفسير الأوّل أولى، فقد أخرجه البخاري في الأدب
(1)
من هذا الوجه.
وفيه: "قلت لأبي قلابة: ما خرفة الجنة؟ قال: جناؤها"، وهو عند مسلم
(2)
من جملة المرفوع.
قوله: (إلا بعد ثلاث) يدلّ على أن زيارة المريض إنما تشرع بعد مضى ثلاثة أيام من ابتداء مرضه فيقيد به مطلقات الأحاديث الواردة في الزيارة، ولكنه غير صحيح ولا حسن كما عرفت فلا يصلح لذلك.
قوله: (من وجع كان بعيني) فيه أن وجع العين من الأمراض التي تشرع لها الزيارة، فيردّ بالحديث على من لم يقل باستحباب الزيارة من كان مرضه الرمد ونحوه من الأمراض الخفيفة.
وأحاديث الباب تدلّ على تأكد مشروعية زيارة المريض.
وقد تقدم الخلاف في حكمها.
ويستحبّ الدعاء للمريض.
وقد ورد في صفته أحاديث.
(منها) حديث عائشة بنت سعد المتقدم
(3)
.
(ومنها) حديث ابن عباس عند أبي داود
(4)
والنسائي
(5)
والترمذي وحسنه
(6)
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من عاد مريضًا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرّات:
(1)
في الأدب المفرد رقم (521) وهو حديث صحيح. وقد صححه الألباني رحمه الله.
(2)
في صحيحه رقم (40/ 2568).
(3)
الذي أخرجه البخاري رقم (5659) وأبو داود رقم (3104) وهو حديث صحيح.
(4)
في سننه رقم (3106).
(5)
في عمل اليوم والليلة رقم (1043).
(6)
في سننه رقم (2083) وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث المنهال بن عمرو. وهو حديث صحيح، والله أعلم.
أسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض".
وفي إسناده يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد المعروف بالدالاني. وقد وثقه أبو حاتم
(1)
وتكلم فيه غير واحد.
(ومنها) حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أبي داود
(2)
قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء الرجل يعود مريضًا فليقل: اللهمّ اشف عبدك ينكأ لك عدوًّا أو يمش لك إلى جنازة".
[الباب الثاني] باب من كان آخر قوله لا إله إلا الله وتلقين المحتضر وتوجيهه وتغميض الميت والقراءة عنده
6/ 1365 - (عَنْ مُعَاذٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ كانَ آخِر قَوْلِهِ لا إلَهَ إلَّا الله دَخَلَ الجَنَّةَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
وأبو دَاوُدَ)
(4)
. [حسن]
الحديث أخرجه أيضًا الحاكم
(5)
، وفي إسناده صالح بن
(1)
في الجرح والتعديل (9/ 277 رقم 1167).
(2)
في سننه رقم (3107). وهو حديث صحيح.
(3)
في المسند (5/ 233).
(4)
في سننه رقم (3116).
(5)
في المستدرك (1/ 351) وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
قال الألباني في الإرواء (3/ 150) معقبًا: "قلت: ورجاله ثقات، غير صالح بن عَريب، قال ابن منده: "مصري مشهور". وقال ابن القطان: "لا يُعرف حاله، ولا يعرف من روى عنه غير عبد الحميد بن جعفر" قال الذهبي:"قلت: بلى، روى عنه حيوة بن شريح والليث وابن لهيعة، وغيرهم، له أحاديث، وثقه ابن حبان".
"قلت: فهو حسن الحديث إن شاء الله.
وقد وجدت له شاهدًا من حديث أبي هريرة، أخرجه ابن حبان في صحيحه (رقم 719 - موارد) من طريق محمد بن إسماعيل الفارسي حدثنا الثوري عن منصور عن هلال بن يساف عن الأغر عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ:"لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يومًا من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه".
"قلت: ورجاله كلهم ثقات معروفون غير محمد بن إسماعيل هذا، وقد ذكره ابن حبان =
أبي عَريب
(1)
. قال ابن القطان: لا يُعْرَف وأعلّ الحديث به، وتعقب بأنه روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات
(2)
.
وقد عزا هذا الحديث ابن مَعينٍ إلى الصحيحين فغلط فإنه ليس فيهما، والذي فيهما لم يقيد بالموت.
ولكنه روى مسلم
(3)
من حديث عثمان: "من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة".
وفي الباب عن أبي سعيد وأبي هريرة عند الطبراني
(4)
بلفظ: "من قال عند موته لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوّة إلا بالله لا تطعمه النار أبدًا"، وفي إسناده جابر بن يحيى الحضرمي
(5)
.
وأخرج النسائي
(6)
نحوه عن أبي هريرة وحده.
وأخرج مسلم
(7)
من حديث أبي ذرّ قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة".
وأخرج الحاكم
(8)
عن عمر مرفوعًا: "إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقًّا
= في الثقات وقال: "يغرب" كما في "اللسان" وقال: "وهذه الزيادة (يعني من كان آخر
…
) أخرجها البزار من وجه آخر وليس عنده التقييد بالآخرية" اهـ.
وخلاصة القول: أن حديث معاذ حديث حسن، والله أعلم.
(1)
الميزان (2/ 298) رقم الترجمة (3817).
(2)
الثقات (6/ 457).
(3)
في صحيحه رقم (43/ 26).
(4)
في الأوسط رقم (2958).
(5)
لم أقف على ترجمته، والله أعلم.
(6)
في عمل اليوم والليلة رقم (29) عن أبي هريرة يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال: لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يعقدهنَّ خمسًا بأصابعه، ثم قال: من قالهن في يوم أو ليلة، أو في شهر ثم مات في ذلك اليوم أو في تلك الليلة، أو في ذلك الشهر، غفر له ذنبه". وهو حديث حسن، والله أعلم.
(7)
في صحيحه رقم (154/ 94).
(8)
في المستدرك (1/ 351) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة. ووافقه الذهبي.
قلت: مسلم بن يسار لم يخرجا له ولا أحدهما، وهو ثقة عابد، قاله الحافظ في التقريب (6652). =
من قلبه فيموت على ذلك إلا حرم على النار: لا إله إلا الله".
وفي الباب أيضًا عن طلحة
(1)
وعبادة
(2)
وعمر
(3)
- عند أبي نعيم في الحلية.
وعن ابن مسعود عند الخطيب
(4)
مثل حديث الباب. وعن حذيفة عنده
(5)
أيضًا بنحوه.
وعن جابر
(6)
وابن عمر
(7)
عند الدارقطني في العلل بنحوه أيضًا.
والحديث فيه دليل على نجاة من كان آخر قوله لا إله إلا الله من النار واستحقاقه لدخول الجنة.
وقد وردت أحاديث صحيحة في الصحيحين
(8)
وغيرهما عن جماعة من
= وعبد الوهاب الخفاف من أفراد مسلم فقط.
(1)
لم أقف عليه في الحلية. وقد أخرجه أحمد في المسند (1/ 161) بسند صحيح.
(2)
لم أقف عليه في الحلية وقد عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 212).
(3)
في "الحلية"(7/ 202 - 203 رقم 10206) بسند صحيح.
(4)
في "تلخيص المتشابه" كما في "التلخيص"(2/ 212).
(5)
في "تلخيص المتشابه" كما في "التلخيص"(2/ 212).
(6)
في "علل الدارقطني" كما في "التلخيص"(2/ 212).
(7)
في "علل الدارقطني" كما في "التلخيص"(2/ 212).
(8)
(منها) ما أخرجه البخاري رقم (99).
عن أبي هريرة أنه قال: قيل: يا رسول الله من أسعدُ الناسِ بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد ظننتُ - يا أبا هريرة - أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أوَّلُ منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه أو نفسه".
(ومنها) ما أخرجه مسلم رقم (47/ 29) عن عبادة بن الصامت، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من شهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، حرم الله عليه النار".
(ومنها) ما أخرجه البخاري رقم (3435) ومسلم رقم (46/ 28) عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله وابن أمته، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، أن الجنة حق، وأنَّ النار حق، أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء".
(ومنها) ما أخرجه مسلم رقم (43/ 26) عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة". =
الصحابة أن مجرّد قول: لا إله إلا الله من موجبات دخول الجنة من غير تقييد بحال الموت، فبالأولى أن توجب ذلك إذا قالها في وقت لا تتعقبه معصية.
7/ 1366 - (وَعَنْ أبي سَعيدٍ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَقِّنُوا مَوْتاكُمْ لا إلَهَ إلَّا الله"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيّ)
(1)
[صحيح]
وفي الباب عن أبي هريرة عند مسلم
(2)
بمثل حديث أبي سعيد، ورواه ابن حبان
(3)
عنه وزاد: "فإنَّهُ مَنْ كان آخرَ كلامه لا إلهَ إلا الله دَخَلَ الجنةَ يومًا من الدَّهرِ، وإن أصابَهُ ما أصَابَهُ قبلَ ذلكَ".
وعنه أيضًا حديث آخر
(4)
بلفظ: "إذا ثقلت مرضاكم فلا تملوهم قول لا إله إلا الله، ولكن لقنوهم فإنه لم يختم به لمنافق قط"، وفي إسناده محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك
(5)
.
= (ومنها) ما أخرجه البخاري رقم (128) ومسلم رقم (32):
عن أنس بن مالك، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم، ومعاذ بن جبل رديفه على الرحل، قال:"يا معاذ"، قال: لبيك رسولَ اللهِ وسعديك. قال: "يا معاذ"، قال: لبيك رسول الله وسعديك، قال:"يا معاذ"، قال: لبيك رسول اللهِ وسعديك، قال:"ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبدُه ورسولُه إلَّا حرمَهُ الله على النار"، قال: يا رسول الله! أفلا أخبرُ بها الناس فيستبشروا، قال:"إذًا يتكلوا"، فأخبرَ بها معاذ عند موته تأثمًا.
(1)
أخرجه مسلم رقم (1/ 916) وأحمد (3/ 3) وأبو داود رقم (3117) والترمذي رقم (976) والنسائي في "المجتبى"(4/ 5) وفي السنن الكبرى رقم (1965) وابن ماجه رقم (1445).
قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (1096) و (1117) وابن حبان رقم (3003) والبغوي رقم (1465) وابن أبي شيبة (3/ 238) وعبد بن حميد في "المنتخب" رقم (973) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 383) وفي الشعب رقم (9233) من طرق.
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(2)
في صحيحه رقم (2/ 917).
(3)
في صحيحه رقم (3004).
وهو حديث صحيح.
(4)
أخرجه أبو القاسم القشيري في أماليه - كما في "التلخيص"(2/ 210) وقال القشيري: غريب. وقال الحافظ: "فيه محمد بن الفضل بن عطية: متروك".
(5)
محمد بن الفضل بن عطية بخاري، متروك الحديث، وقال يحيى: لا يكتب حديثه، وقال الفلاس: كذاب. ورماه اين أبي شيبة بالكذب. =
وعن عائشة عند النسائي
(1)
بنحو حديث الباب.
وعن عبد الله بن جعفر عند ابن ماجه
(2)
وزاد: "الحليم الكريم، سبحان الله ربّ العرش العظيم، الحمد لله ربّ العالمين".
وعن جابر عند الطبراني في الدعاء
(3)
والعقيلي في الضعفاء
(4)
، وفيه عبد الله بن مجاهد وهو متروك
(5)
.
وعن عروة بن مسعود الثقفي عند العقيلي
(6)
بإسناد ضعيف.
وعن حذيفة عند ابن أبي الدنيا
(7)
وزاد: "فإنها تهدم ما قبلها من الخطايا".
وعن ابن عباس عند الطبراني
(8)
.
= [التاريخ الكبير (1/ 208) والمجروحين (2/ 278) والجرح والتعديل (8/ 56). والميزان (4/ 6) والمغني (2/ 624) والخلاصة ص 356)].
(1)
في المجتبى رقم (1827) وفي السنن الكبرى (رقم 1966).
وهو حديث صحيح.
(2)
في سننه رقم (1446).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 468): "هذا إسناد حسن، كثير بن زيد مختلف فيه، وباقي رجال الإسناد ثقات".
قلت: موقوفًا على عبد الله بن جعفر.
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(3)
في "الدعاء" رقم (1141).
(4)
في الضعفاء الكبير (3/ 72 - 73).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 323) وقال: "رواه البزار وفيه عبد الوهاب بن مجاهد وهو ضعيف".
وقال الحافظ ابن حجر: هذا حديث غريب من هذا الوجه، الفتوحات الربانية (5/ 112).
وخلاصة القول: أن حديث جابر حديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
انظر: الضعفاء الكبير (2/ 71 - 73 رقم الترجمة 1037) والتاريخ الكبير (3/ 98/2) والميزان (2/ 682).
(6)
في الضعفاء الكبير (1/ 65) في ترجمة إبراهيم بن محمد بن عاصم.
وقد قال عنه العقيلي: مجهول في النقل، حديثه غير محفوظ. وقال: ولا يتيقن سماع بعضهم من بعض
…
وخلاصة القول: أن حديث عروة بن مسعود حديث ضعيف، والله أعلم.
(7)
في "المحتضرين" ص 18 رقم (2) بسند ضعيف.
(8)
في المعجم الكبير (ج 12 رقم 13024). =
وعن ابن مسعود عنده
(1)
أيضًا.
وعن عطاء بن السائب عن أبيه عن جده عنده
(2)
أيضًا.
قال العقيلي
(3)
: روي في الباب أحاديث صحاح عن غير واحد من الصحابة.
وروي فيه أيضًا عن عمر
(4)
وعثمان
(5)
وابن مسعود
(6)
وأنس
(7)
وغيرهم هكذا في التلخيص
(8)
.
قوله: (لقنوا موتاكم).
قال النووي
(9)
: أي من حضره الموت، والمراد: ذكروه لا إله إلا الله لتكون آخر كلامه، كما في الحديث:"من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"، والأمر بهذا التلقين أمر ندب.
وأجمع العلماء على هذا التلقين وكرهوا الإكثار عليه والموالاة لئلا يضجره لضيق حاله وشدة كربه فيكره ذلك بقلبه أو يتكلم بكلام لا يليق، قالوا: وإذا قاله مرّة لا يكرّر عليه إلا أن يتكلم بعده بكلام آخر فيعاد التعريض له به ليكون آخر كلامه.
ويتضمن الحديث الحضور عند المحتضر لتذكيره وتأنيسه وإغماض عينيه والقيام بحقوقه وهذا مجمع عليه. اهـ كلام النووي.
= وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 323): "رجاله ثقات إلا أن ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس".
(1)
في المعجم الكبير (ج 10/ رقم 10417).
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 323): إسناده حسن.
(2)
في المعجم الكبير - كما في "مجمع الزوائد"(2/ 323) وقال: عطاء فيه كلام.
(3)
في "الضعفاء الكبير"(1/ 65).
(4)
أخرجه ابن أبي الدنيا في "المحتضرين" رقم (8) وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 237).
(5)
أخرجه ابن أبي الدنيا في "المحتضرين" رقم (5).
(6)
أخرجه ابن أبي الدنيا في "المحتضرين" رقم (10).
(7)
أخرجه ابن أبي الدنيا في "المحتضرين" رقم (11).
(8)
في "التلخيص"(2/ 211).
(9)
في شرح صحيح مسلم (6/ 219).
ولكنه ينبغي أن ينظر ما القرينة الصارفة للأمر عن الوجوب
(1)
.
8/ 1367 - (وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عمَيْرٍ عَنْ أبِيهِ وكانَتْ لَهُ صحْبَةٌ أن رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ الله ما الكبَائِرُ؟ قالَ: "هِيَ سَبْعٌ"، فَذَكَرَ مِنْهَا: "وَاسْتِحْلالُ البَيْتِ الحَرَامِ قِبْلَتَكُمْ أحْياءً وأمْوَاتًا"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(2)
. [حسن]
الحديث أخرجه أيضًا النسائي
(3)
والحاكم
(4)
ولفظه عند أبي داود والنسائي: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وقد سأله رجل عن الكبائر فقال: "هنّ تسع: الشرك، والسحرّ، وقتل النفس، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات، وعقوق الوالدين، واستحلال البيت" الحديث.
وفي الباب عن ابن عمر عند البغوي في الجعديات
(5)
بنحو حديث الباب، ومداره على أيوب بن عتبة وهو ضعيف
(6)
، وقد اختلف عليه فيه.
(1)
قال الشوكاني في "السيل الجرار"(1/ 668) بتحقيقي: "وظاهرُ الأمر الوجوب ولا قرينة تصرفه عن ذلك. وظاهر الأحاديث أن مشروعية التلقين إنما هي لهذا اللفظ أعني: لا إله إلا الله" اهـ.
(2)
في سننه رقم (2875).
(3)
في سننه رقم (4012).
(4)
في المستدرك (1/ 59) و (4/ 259).
قلت: وأخرجه الطحاوي في "المشكل"(1/ 383) والبيهقى (3/ 408 - 409).
قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
وتعقبهما الألباني في الإرواء (3/ 155): بقوله: "كذا قالا. وعبد الحميد بن سنان قال الذهبي نفسه في "الميزان":
"لا يعرف، وقد وثقه بعضهم - يعني ابن حبان - قال البخاري: روى عن عبيد بن عمير، في حديثه نظر. قلت: حديثه عن أبيه: الكبائر تسع .. ".
وله شاهد من حديث ابن عمر، يرويه أيوب عن طيسلة بن علي .... أخرجه البيهقي.
وأيوب بن عتبة قال الحافظ في "التلخيص"(2/ 208)"وهو ضعيف، وقد اختلف عليه فيه".
قلت: وضعف عتبة من قبل حفظه، لا من أجل تهمة في نفسه، فحديثه حسن في الشواهد، وبقية رجاله ثقات كلهم غير طَيْسلة بن علي، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"(1/ 99) وروى عن جماعة، فالحديث حسن إن شاء الله تعالى" اهـ.
(5)
(2/ 480 رقم 3339).
(6)
انظر ترجمته في: التاريخ الكبير (1/ 420) والجرح والتعديل (2/ 253) والمغني (1/ 97) والميزان (1/ 290).
قوله: (قال هي سبع) بتقديم السين، هكذا وقع في نسخ الكتاب الصحيحة التي وقفنا عليها، والصواب تسع بتقديم التاء الفوقية.
والحديث استدلّ به على مشروعية توجيه المحتضر إلى القبلة لقوله: "واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتًا".
وفي الاستدلال به على ذلك نظر؛ لأن المراد بقوله أحياء عند الصلاة، وأمواتًا في اللحد، والمحتضر حيّ غير مصلّ فلا يتناوله الحديث وإلا لزم وجوب التوجه إلى القبلة على كلّ حيّ وعدم اختصاصه بحال الصلاة وهو خلاف الإجماع.
والأولى الاستدلال لمشروعية التوجيه بما رواه الحاكم
(1)
والبيهقي
(2)
عن أبي قتادة: "أن البراء بن معرور أوصى أن يوجه للقبلة إذا احتضر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصاب الفطرة"، وقد ذكر هذا الحديث في التلخيص
(3)
وسكت عنه.
وقد اختلف في صفة التوجيه إلى القبلة؛ فقال الهادي
(4)
والناصر (4)
(1)
في المستدرك (1/ 353 - 354).
(2)
في السنن الكبرى (3/ 384).
قال الحاكم: هذا حديث صحيح، فقد احتج البخاري بنعيم بن حماد، واحتج مسلم بالدراوردي، ولا أعلم في توجيه المحتضر إلى القبلة غير هذا الحديث"، ووافقه الذهبي.
وتعقبهما الألباني في الإرواء (3/ 153): فقال: "وليس كذلك، فإن فيه علتين:
(الأولى): نعيم بن حماد فإنه ضعيف، ولم يحتج به البخاري كما زعم الحاكم! وإنما أخرج له مقرونًا بغيره كما قال الذهبي نفسه في "الميزان").
قلت: قال ابن عدي في الكامل (7/ 2485) بعد أن أورد عامة ما أنكر عليه قال: وأرجو أن يكون باقي حديثه مستقيمًا. واعلم أنه لم يذكر هذا الحديث فيما أنكر عليه.
(الثانية): الإرسال. فإن عبد الله بن أبي قتادة أبو يحيى ليس صحابيًا بل هو تابعي ابن صحابي. وقد وهم في هذا الإسناد جماعة توهموه متصلًا أولهم الحاكم نفسه ثم الذهبي
…
وتبعه على ذلك الشوكاني هنا في "النيل" كما ترى
…
" اهـ.
وخلاصة القول أنه مرسل بسند حسن، والله أعلم.
(3)
(2/ 208).
(4)
البحر الزخار (2/ 87).
والشافعي
(1)
في أحد قوليه: إنه يوجه مستلقيًا ليستقبلها بكل وجهه.
وقال المؤيد
(2)
بالله وأبو حنيفة
(3)
والإِمام يحيى (2) والشافعي
(4)
في أحد قوليه: إنه يوجه على جنبه الأيمن.
وروي عن الإِمام يحيى أنه قال: الأمران جائزان، والأولى أن يوجه على جنبه الأيمن، لما أخرجه ابن عديّ في الكامل
(5)
ولم يضعفه من حديث البراء بلفظ: "إذا أخذ أحدكم مضجعه فليتوسد [يمينه]
(6)
"الحديث.
وأخرجه البيهقي في الدعوات
(7)
بإسناد قال الحافظ: حسن.
وأصل الحديث في الصحيحين
(8)
بلفظ: "إذا أويت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: اللهمّ إني أسلمت نفسي إليك"، وفي آخره:"فإن متّ من ليلتك فأنت على الفطرة".
وفي الباب عن عبد الله بن زيد عند النسائي
(9)
والترمذي
(10)
وأحمد
(11)
بلفظ: "كان إذا نام وضع يده اليمني تحت خده".
(1)
قال ابن الصلاح في "شرح مشكل الوسيط"(2/ 362 - مع الوسيط): "اختار أن المحتضر: يلقَى على قفاه، وأخمصاه إلى القبلة) وعلى هذا عمل العامة، وينبغي على هذا أن يرفع رأسه قليلًا حتى يكون توجيهه مستقبلًا للقبلة.
والوجه الآخر: (وهو أن يضجع على جنبه الأيمن مستقبل القبلة كالموضوع في اللحد) هو نص الشافعي، ومذهب أبي حنيفة، وهو الأصح عند الأكثر، ولم يذكر العراقيون أو جمهورهم غيره، فإن لم يتمكن من ذلك تعين وضعه على القفا، والله أعلم" اهـ.
(2)
البحر الزخار (2/ 87).
(3)
البناية في شرح الهداية للعيني (3/ 204).
(4)
المجموع شرح المهذب (5/ 105 - 106).
(5)
في "الكامل"(6/ 2199) في ترجمة محمد بن عبد الرحمن الباهلي السهمي.
(6)
في المخطوط (ب): (يمنه).
(7)
كما في "تلخيص الحبير"(2/ 208) بسند حسن.
(8)
البخاري رقم (247) ومسلم رقم (56/ 2710).
(9)
في "عمل اليوم والليلة" رقم (752) و (753) و (754) و (757) و 758).
(10)
في سننه رقم (3399) وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه.
(11)
في المسند (4/ 281، 290، 298، 300، 301، 303). =
وعن ابن مسعود عند النسائي
(1)
والترمذي
(2)
وابن ماجه
(3)
.
وعن حفصة عند أبي داود
(4)
.
وعن سلمى أمّ أبي رافع عند أحمد في المسند
(5)
بلفظ: "إن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موتها استقبلت القبلة ثم توسدت يمينها".
وعن حذيفة عند الترمذي
(6)
.
وعن أبي قتادة عند الحاكم
(7)
والبيهقي
(8)
بلفظ: "كان إذا عرّس وعليه ليل
= قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (9/ 76 رقم 6588) و (10/ 251 رقم 9360) والبخاري في الأدب المفرد رقم (1215) وابن حبان رقم (2350، 2351 - موارد) والطبراني في "الدعاء" رقم (249، 250) والبغوي في شرح السنة رقم (1310) وفي الحلية (8/ 215، 312) وفي تاريخ أصبهان (1/ 339) وغيرهم. من طريق أبي إسحاق، به.
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(1)
في "عمل اليوم والليلة" رقم (756).
(2)
في "الشمائل" بإثر الحديث رقم (252).
(3)
في سننه رقم (3877). كلهم من طريق أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود، به.
قلت: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه فهو منقطع. ولكن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(4)
في سننه رقم (5045). وهو حديث صحيح دون قوله "ثلاث مرار".
(5)
في المسند (6/ 461 - 462) بسند ضعيف لعنعنة ابن إسحاق، وضعف عبيد الله بن علي بن أبي رافع. وفي متنه نكارة أشار إليها الحسيني في "الإكمال" فقال: وهو منكر.
وأخرجه ابن شبَّة في "تاريخ المدينة"(1/ 108 - 109) وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه" رقم (646) وابن الجوزي في "العلل المتناهية" رقم (419) وفي "الموضوعات"(3/ 276 - 277) من طرق عن إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن عُبيد الله بن علي بن أبي رافع، عن أبيه، عن أمِّه سلمى، به.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 211) عن أم سلمى، وقال: رواه أحمد وفيه من لم أعرفه.
(6)
في سننه رقم (3417) وقال: حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه البخاري رقم (6314) و (6324) و (7394) وأبو داود رقم (5049) والنسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (747) و (748) و (749) و (856) و (857) وابن ماجه رقم (3880) كلهم من طريق عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حِرَاش، به.
وهو حديث صحيح.
(7)
في المستدرك (1/ 445) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقال الذهبي: صحيح على شرط مسلم، وأخرجه مسلم أيضًا.
(8)
في السنن الكبرى (5/ 256).
توسد يمينه"، وأصله في مسلم
(1)
.
ووجه الاستدلال بأحاديث توسد اليمين عند النوم على استحباب أن يكون المحتضر عند الموت كذلك أن النوم مظنة للموت، وللإِشارة بقوله صلى الله عليه وسلم:"فإن متّ من ليلتك فأنت على الفطرة بعد قوله: "ثم اضطجع على شقك الأيمن"، فإنه يظهر منها أنه ينبغي أن يكون المحتضر على تلك الهيئة
(2)
.
9/ 1368 - (وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أوْسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذا حَضَرْتُمْ مَوْتاكُمْ فأغْمضُوا البَصَرَ، فإنَّ البَصَرَ يَتْبَعُ الرُّوحَ، وَقُولُوا خَيْرًا فإنَّهُ يُؤَمَّنُ عَلَى ما قالَ أهْلُ المَيِّتِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
وَابْنُ مَاجَهْ)
(4)
. [حسن]
الحديث أخرجه أيضًا الحاكم
(5)
والطبراني في الأوسط
(6)
والبزار
(7)
، وفي إسناده قزعة بن سويد. قال في التقريب
(8)
: قَزَعة بفتح القاف والزاي والعين. قال في الخلاصة
(9)
: قال أبو حاتم: محله الصدق، ليس بذاك القويّ.
(1)
في صحيحه رقم (311/ 681).
(2)
قال الشوكاني في "السيل الجرار"(1/ 670) بتحقيقي: "والحاصلُ أنه لم يرِدْ في التوجُّهِ عند الموت إلى القبلة ما يدلُّ على مشروعيته إلا ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: "إن البراءَ بنَ معرورٍ "أصاب الفطرة" حيث أوصى بأنْ يُوجَّه إلى القبلة إذا احتُضر، ولو كان هذا مشروعًا لأرشد إليه صلى الله عليه وسلم من ماتَ في حياته. ولم يُسمع منه صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء معَ كثرةِ الأمواتِ من أهلهِ وأصحابه" اهـ.
(3)
في المسند (4/ 125).
(4)
في السنن رقم (1455).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 470 - 471): "هذا إسناد حسن. قزعة بن سويد مختلف فيه، وباقي رجال الإسناد ثقات".
وهو حديث حسن.
(5)
في المستدرك (1/ 352) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(6)
في "المعجم الأوسط" رقم (1015) ورقم (5975) وفي المعجم الكبير (ج 7 رقم 7168).
(7)
في المسند (8/ 402 - 403 رقم 3478).
(8)
رقم الترجمة (5546): قَزَعَة بن سُويد بن حُجَيْر الباهلي، أبو محمد البصري: ضعيف.
(9)
في "خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال" تأليف: العلامة صفي الدين أحمد بن عبد الله الخزرجي. رقم الترجمة (5855) بتحقيقي. =
وفي الباب عن أمّ سلمة قالت: "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شقّ بصره فأغمضه ثم قال: إن الروح إذا قبض تبعه البصر"، أخرجه مسلم
(1)
.
قوله: (فإن البصر يتبع الروح) قال النووي
(2)
: معناه إذا خرج الروح من الجسد تبعه البصر ناظرًا أين يذهب.
قال
(3)
: وفي الروح لغتان التذكير والتأنيث.
قال (3): وفيه دليل لمذهب أصحابنا المتكلمين ومن وافقهم أن الروح أجسام لطيفة متخللة في البدن، وتذهب الحياة عن الجسد بذهابها وليس عرضًا كما قاله آخرون، ولا دمًا كما قاله آخرون، وفيها كلام متشعب للمتكلمين اهـ.
قوله: (وقولوا خيرًا إلخ)، هذا في صحيح مسلم
(4)
من حديث أمّ سلمة بلفظ: "لا تَدْعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون".
والحديث فيه أن الندب إلى قول الخير حينئذٍ من الدعاء والاستغفار له وطلب اللطف به والتخفيف عنه ونحوه وحضور الملائكة حينئذٍ وتأمينهم.
وفيه أن تغميض الميت عند موته مشروع.
قال النووي
(5)
: وأجمع المسلمون على ذلك. قالوا: والحكمة فيه أن لا يقبح منظره لو ترك إغماضه.
10/ 1369 - (وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسارٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اقْرَءُوا يسَ عَلَى مَوْتاكُمْ"، رَواه أبُو دَاوُدَ
(6)
وَابْنَ مَاجَهْ
(7)
وأحْمَدُ
(8)
، ولَفْظُهُ:"يس قَلْبُ القُرآنِ لا يَقْرَؤُها رَجُلٌ يُريدُ الله وَالدَّارَ الاخِرَةَ إلَّا غُفِرَ لَهُ، وَاقْرَءُوها على مَوْتَاكُمْ"). [ضعيف]
= أعانني الله على نشرها. فقد قمت بتحقيقها على مخطوطة جيدة وهي التي أشار إليها الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله.
(1)
في صحيحه رقم (7/ 920).
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 223).
(3)
أي الإمام النووي في المرجع السابق (6/ 223).
(4)
في صحيحه رقم (7/ 920).
قلت: وأخرجه أحمد (6/ 297) والبيهقى (3/ 334).
(5)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 223).
(6)
في السنن رقم (3121).
(7)
في السنن رقم (1448).
(8)
في المسند (5/ 26، 27).
الحديث أخرجه أيضًا النسائي
(1)
وابن حبان
(2)
وصححه، وأعله ابن القطان
(3)
: بالاضطراب، وبالوقف، وبجهالة حال أبي عثمان وأبيه المذكورين في السند.
وقال الدارقطني
(4)
: هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن، ولا يصحّ في الباب حديث.
قال أحمد في مسنده
(5)
: حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان قال: كانت
(1)
في عمل اليوم والليلة رقم (1074).
(2)
في صحيحه رقم (720 - موارد).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 565) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 383) والطيالسي رقم (931) كلهم من حديث معقل بن يسار.
قال الحاكم: "أوقفه يحيى بن سعيد وغيره عن سليمان التيمي، والقول فيه قول ابن المبارك؛ إذ الزيادة من الثقة مقبولة".
ووافقه الذهبي.
ووافقهما الألباني رحمه الله في "الإرواء"(3/ 151) وقال: "ولكن للحديث علة أخرى قادحة أفصح عنها الذهبي في "الميزان" (4/ 550 رقم 10404) فقال في ترجمة (أبي عثمان) هذا: "عن أبيه، عن أنس لا يعرف. قال ابن المديني: لم يرو عنه غير سليمان التيمي. قلت: أما النهدي فثقة إمام".
قلت: وتمام كلام ابن المديني: "وهو مجهول".
وأما ابن حبان فذكره في "الثقات"(7/ 664) على قاعدته في تعديل المجهولين.
ثم إن الحديث له علة أخرى؛ وهي الاضطراب، فبعض الرواة يقول:"وعن أبي عثمان عن أبيه عن معقل" وبعضهم: "عن أبي عثمان عن معقل"، لا يقول:"عن أبيه" وأبوه غير معروف أيضًا.
فهذه ثلاث علل:
1 -
جهالة أبي عثمان.
2 -
جهالة أبيه.
3 -
الاضطراب. وقد أعلَّه بذلك ابن القطان كما في "التلخيص"(2/ 212 - 213) وقال: "ونقل أبو بكر بن العربي عن الدارقطني أنه قال: هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن.
(3)
في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 49 - 50 رقم 2288).
(4)
حكاه عنه الحافظ في "التلخيص"(2/ 213).
(5)
في المسند (4/ 105) من طريق صفوان: حدثني المشيخة أنهم حضروا غضيف بن الحارث الثمالي حين اشتد سوقه، فقال: هل منكم من أحد يقرأ {يس} قال: فقرأها صالح بن شريح السكوني، فلما بلغ أربعين منها قبض، قال: فكان المشيخة يقولون: إذا قرئت عند الميت خفف عنه بها. =
المشيخة يقولون: إذا قرئت - يعني يس - لميت خفف عنه بها، وأسنده صاحب مسند الفردوس
(1)
من طريق مروان بن سالم عن صفوان بن عمر.
وعن شريح عن أبي الدرداء وأبي ذرّ قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ميت يموت فيقرأ عنده يس إلَّا هوّن الله عليه"
(2)
.
وفي الباب عن أبي ذرّ وحده أخرجه أبو الشيخ في فضل القرآن، هكذا في التلخيص
(3)
.
قال ابن حبان في صحيحه
(4)
قوله: "اقرءوا يس على موتاكم"
(5)
، أراد به من حضرته المنية لا أن الميت يقرأ عليه، وكذلك:"لقنوا موتاكم لا إله إلا الله"
(6)
ورده المحبّ الطبري في القراءة وسلم له في التلقين اهـ.
واللفظ نصّ في الأموات، وتناوله للحيّ المحتضر مجاز، فلا يصار إليه إلا لقرينة.
= قال صفوان: "وقرأها عيسى بن المعتمر عند ابن معبد".
قال الألباني في "الإرواء"(3/ 152): "فهذا سند صحيح إلى غضيف بن الحارث رضي الله عنه، ورجاله ثقات غير المشيخة، فإنهم لم يسموا، فهم مجهولون، لكن جهالتهم تنجبر بكثرتهم لا سيما وهم من التابعين.
وصفوان هو ابن عمرو، وقد وصله ورفعه عنه بعض الضعفاء بلفظ: "إذا قرئت
…
" فضعيف مقطوع. وقد وصله بعض المتروكين المتهمين بلفظ: "ما من ميت يموت فيقرأ عنده (يس) إلّا هون الله عليه". رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 188) عن مروان بن سالم عن صفوان بن عمرو عن شريح عن أبي الدرداء مرفوعًا به.
ومروان هذا قال أحمد والنسائي: "ليس بثقة" وقال الساجي وأبو عروبة الحراني: "يضع الحديث""الميزان"(4/ 90) والمجروحين (3/ 13) ومن طريقه الديلمي إلا أنه قال: "عن أبي الدرداء وأبي ذر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ميت يموت فيقرأ عنده (يس)، إلا هون الله عليه" كما في "التلخيص" (2/ 213).
(1)
الفردوس بمأثور الخطاب (4/ 32 رقم 6099). وقد تقدم الكلام عليه آنفًا.
(2)
أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان"(1/ 188) بسند ضعيف جدًّا. فيه علتان: مروان بن سالم اتهم بالوضع. [(التقريب رقم (6570)].
وشريح، عن أبي الدرداء مرسل، لم يسمع منه. (جامع التحصيل ص 237). وهو حديث موضوع تقدم الكلام عليه قريبًا.
(3)
(2/ 213).
(4)
في صحيحه رقم (7/ 271).
(5)
تقدم برقم (1369) من كتابنا هذا.
(6)
تقدم برقم (1366) من كتابنا هذا.
[الباب الثالث] باب المبادرة إلى تجهيز الميت وقضاء دينه
11/ 1370 - (عَنِ الحُصَيْنِ بنَ وَحْوَحٍ: أن طَلْحَةَ بْنَ البراءِ مَرِضَ، فأتَاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فَقالَ: "إِنِّي لا أرَى طَلْحَةَ إلَّا قَد حَدَثَ فيهِ المَوْتُ فآذنُوني به وَعَجِّلُوا، فإنَّهُ لا يَنْبَغِي لجيفَةِ مُسْلِمٍ أنْ تُحْبَسَ بْينَ [ظَهْرَيْ]
(1)
أهْلِهِ"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)
(2)
[ضعيف]
الحديث سكت [عنه]
(3)
أبو داود
(4)
. وقال المنذري
(5)
: "قال أبو القاسم البغوي: ولا أعلم روى هذا الحديث غير سعيد بن عثمان البلوِيِّ، وهو غريب" اهـ.
وقد وثق سعيد المذكور ابن حبان
(6)
، ولكن في إسناد هذا الحديث عروة بن سعيد الأنصاري
(7)
، ويقال عزرة. عن أبيه وهو وأبوه مجهولان.
وفي الباب عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث يا عليّ لا يؤخرن: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤًا"، أخرجه أحمد
(8)
وهذا لفظه.
والترمذي
(9)
بهذا اللفظ ولكنه قال: "لا تؤخرها" مكان قوله: "لا يؤخرن"، وقال: هذا حديث غريب وما أرى إسناده بمتصل.
(1)
كذا في المخطوط (أ)، (ب) وفي سنن أبي داود (ظهراني).
(2)
في سننه رقم (3159). وهو حديث ضعيف.
(3)
سقط من المخطوط (ب).
(4)
في سننه رقم (3/ 511).
(5)
في المختصر (4/ 304).
(6)
في "الثقات"(6/ 361).
(7)
قال الذهبي في "الميزان"(3/ 64 رقم 5607): عروة بن سعيد [د] وقيل اسمه عَزْرَة.
يُعَدُّ من صغار التابعين. لا يُدرى مَنْ هو؟ روى عنه سعيد بن عثمان البَلَوي.
وانظر: التقريب، للحافظ ابن حجر (2/ 19 رقم 158).
(8)
في المسند (1/ 105).
(9)
في سننه رقم (1075) وقال: حديث غريب وما أرى إسناده بمتصل.
وأخرجه أيضًا ابن ماجه
(1)
والحاكم
(2)
وابن حبان
(3)
وغيرهم
(4)
.
وإعلال الترمذي له بعدم الاتصال لأنه من طريق عمر بن عليّ عن أبيه عليّ بن أبي طالب، قيل: ولم يسمع منه.
وقد قال أبو حاتم
(5)
: إنه سمع منه فاتصل إسناده.
وقد أعله الترمذي أيضًا بجهالة سعيد بن عبد الله الجهني
(6)
، ولكنه عده ابن حبان في الثقات
(7)
.
قوله: (عن الحصين بن وحوح) هو أنصاري وله صحبة
(8)
، ووحوح بفتح الواو وسكون الحاء المهملة وبعدها واو مفتوحة وحاء مهملة أيضًا.
وطلحة بن البراء أنصاري له صحبة
(9)
.
والحديث يدلّ على مشروعية التعجيل بالميت والإسراع في تجهيزه، وتشهد له أحاديث الإسراع بالجنازة وستأتي
(10)
.
(1)
في سننه رقم (1486).
(2)
في المستدرك (2/ 162) وقال الحاكم: غريب صحيح. وأقره الذهبي.
(3)
في "المجروحين"(1/ 323) في ترجمة سعيد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حميد الجمحي.
(4)
كالبيهقي في السنن الكبرى (7/ 132 - 133).
(5)
في الجرح والتعديل (6/ 131 رقم 716): "عمر بن محمد بن علي بن أبي طالب، روى عن جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه، مرسل. روى عنه أبو جعفر الرازي سمعت أبي يقول ذلك.
وانظر: المراسيل (ص 137 رقم 495).
(6)
قال الحافظ في "التقريب" رقم الترجمة (2350): "قاضي بغداد: صدوق له أوهام، وأفرط ابن حبان في تضعيفه" اهـ.
(7)
لم أقف عليه في "الثقات".
وخلاصة القول: أن حديث علي بن أبي طالب حديث ضعيف، والله أعلم.
(8)
الإصابة (2/ 81 رقم 1754) وتجريد أسماء الصحابة (1/ 133).
وأسد الغابة (رقم الترجمة: 1195) التحفة اللطيفة (1/ 518).
(9)
الإصابة (3/ 425) رقم (4277) وأسد الغابة رقم الترجمة (2618) والاستيعاب رقم الترجمة (1284) وتجريد أسماء الصحابة (1/ 277).
(10)
الباب الأول عند الحديث رقم (2/ 1444 - 5/ 1447) من كتابنا هذا.
12/ 1371 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "نَفْسُ المُؤْمِن مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حتَّى يُقضَى عَنْهُ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَابْنُ ماجَهْ
(2)
والتِّرْمِذِيُّ وَقالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ)
(3)
. [صحيح]
الحديث رجال إسناده ثقات إلا عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن وهو صدوق يخطئ
(4)
.
فيه الحثّ للورثة على قضاء دين الميت، والإِخبار لهم بأن نفسه معلقة بدينه حتى يقضى عنه، وهذا مقيد لمن له مال يقضى منه دينه.
وأما من لا مال له ومات عازمًا على القضاء فقد ورد في الأحاديث ما يدلّ على أن الله يقضي عنه، بل ثبت أن مجرّد محبة المديون عند موته للقضاء موجبة لتولي الله سبحانه لقضاء دينه وإن كان له مال ولم يقض منه الورثة.
أخرج الطبراني
(5)
عن أبي أمامة مرفوعًا: "من دان بدين في نفسه وفاؤه ومات تجاوز الله عنه وأرضى غريمه بما شاء، ومن دان بدين وليس في نفسه وفاؤه ومات اقتص الله لغريمه منه يوم القيامة".
وأخرج أيضًا
(6)
من حديث ابن عمر: "الدَّين دَينان، فمن مات وهو ينوي
(1)
في المسند (2/ 508).
(2)
في سننه رقم (2413).
(3)
في سننه رقم (1078) و (1079) وقال: حديث (1079) حسن، وهو أصح من حديث (1078).
قلت: وأخرجه الشافعي في المسند (2/ 190 - ترتيب) والبغوي في شرح السنة رقم (2147)، وقال: هذا حديث حسن.
وخلاصة القول: أن حديث أبي هريرة حديث صحيح، والله أعلم.
(4)
عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري. قاضي المدينة: صدوق يخطئ
…
التقريب رقم الترجمة (4910).
(5)
في المعجم الكبير (ج 8 رقم 7949).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4/ 132) وقال: وفيه جعفر بن الزبير وهو كذاب.
قلت: وأخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 23)، وقال الذهبي في "تلخيصه": بشر بن نمير متروك.
(6)
أي الطبراني في المعجم الكبير - كما في "مجمع الزوائد"(4/ 132) وقال: وفيه محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني وهو ضعيف. =
قضاءه فأنا وليه. ومن مات ولا ينوي قضاءه فذلك الذي يؤخذ من حسناته ليس يومئذٍ دينار ولا درهم".
وأخرج أيضًا
(1)
من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر: "يؤتى بصاحب الدين يوم القيامة فيقول الله: فيم أتلفت أموال الناس؟ فيقول: يا ربّ إنك تعلم أنه أتى عليّ إما حرق وإما غرق، فيقول: فإني سأقضي عنك اليوم، فيقضي عنه".
وأخرج أحمد
(2)
وأبو نعيم في الحلية
(3)
والبزار
(4)
والطبراني
(5)
بلفظ: "يُدعى بصاحب الدينِ يومَ القيامة حتى يوقف بين يدي الله فيقول: يا ابن آدم فيم أخذت هذا الدين، وفيم ضيَّعتَ حقوقَ الناس؟ فيقولُ: يا ربّ إنك تعلم أني أخذته فلم آكل ولم أشرب ولم أضيع، ولكن أتى على يدي إما حرق وإما سرق وإما وضيعة، فيقول الله: صدق عبدي وأنا أحقّ من قضى عنك، فيدعو الله بشيء فيضعه في كفة ميزانه فترجح حسناته على سيئاته فيدخل الجنة بفضل رحمته".
وأخرج البخاري
(6)
عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدّى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله".
وأخرج ابن ماجه
(7)
وابن حبان
(8)
والحاكم
(9)
من حديث ميمونة: "ما من
= قلت: وأخرج ابن ماجه في السنن رقم (2414) شطره الثاني: "ومن مات
…
". وهو حديث صحيح.
(1)
أي الطبراني في "المعجم الكبير" كما في "مجمع الزوائد"(4/ 133) وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير، وفيه صدقة الدقيقي، وثقه مسلم بن إبراهيم، وضعفه جماعة.
(2)
في المسند (1/ 197 - 198) بسند ضعيف.
(3)
في الحلية (4/ 141).
(4)
في المسند (2/ 114 - 115 رقم 1332 - كشف).
(5)
في الكبير كما في "مجمع الزوائد"(4/ 133).
(6)
في صحيحه رقم (2387).
(7)
في سننه رقم (2408).
(8)
في صحيحه رقم (5041).
(9)
في المستدرك (2/ 22 - 23) موقوفًا.
قلت: وأخرج الحديث النسائي (7/ 315، 315 - 316) والطبراني في الكبير (ج 24 رقم 61) والبيهقي (5/ 354) من طرق. =
مسلم يدّان دينًا يعلم الله أنه يريد أداءه إلا أدّى الله عنه في الدنيا والآخرة".
وأخرج الحاكم
(1)
بلفظ: "من تداين بدين في نفسه [وفاؤه]
(2)
ثم مات تجاوز الله عنه وأرضى غريمه بما شاء".
وقد ورد أيضًا ما يدلّ على أن من مات من المسلمين مديونًا فدينه على من إليه ولاية أمور المسلمين يقضيه عنه من بيت مالهم وإن كان له مال كان لورثته.
أخرج البخاري
(3)
من حديث أبي هريرة: "ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرءوا إن شئتم: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6]، فأيما مؤمن مات وترك مالًا فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينًا أو ضياعًا فليأتني فأنا مولاه".
وأخرج نحوه أحمد
(4)
وأبو داود
(5)
والنسائي
(6)
.
وأخرج أحمد
(7)
وأبو يعلى
(8)
من حديث أنس: "من ترك مالًا فلأهله، ومن ترك دينًا فعلى الله وعلى رسوله".
وأخرج ابن ماجه
(9)
من حديث عائشة: "من حمل من أمتي دينًا فجهد في قضائه فمات قبل أن يقضيه فأنا وليه".
= والخلاصة: أن الحديث صحيح دون قوله: "في الدنيا".
وانظر: "الصحيحة" رقم (1029).
(1)
في المستدرك (2/ 23) وسكت عنه. وقال الذهبي: "بشر متروك".
(2)
في المخطوط (ب): وفاءه.
(3)
في صحيحه رقم (4781).
(4)
في المسند (3/ 338).
(5)
في سننه رقم (2954).
(6)
لم يعزه صاحب "تحفة الأشراف"(2/ 276) للنسائي.
قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (1785) وابن حبان رقم (3062) والحاكم (4/ 523) والبيهقي (3/ 207) و (6/ 351) والبغوي في شرح السنة رقم (4295) وعبد الرزاق في المصنف رقم (15262). وهو حديث صحيح.
عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من ترك مالًا فلأهله، ومن ترك دينًا أو ضياعًا فإليَّ وعليَّ".
(7)
في المسند (3/ 215).
(8)
في مسنده رقم (4343).
قلت: وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان"(1/ 285).
إسناده ضعيف لضعف أعيَنَ البصري، ولكن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(9)
لم أقف عليه في سننه ابن ماجه. =
وأخرج ابن سعد
(1)
من حديث جابر يرفعه: "أحسن الهدي هدي محمد، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، من مات فترك مالًا فلأهله، ومن ترك دَينًا أو ضياعًا فإليّ وعليّ".
وأخرج أحمد
(2)
ومسلم
(3)
والنسائي
(4)
وابن ماجه
(5)
في حديث آخر.
"من ترك مالًا فلأهله، ومن ترك دينًا أو ضياعًا فإليّ وعليّ، وأنا أولى بالمؤمنين".
وفي معنى ذلك عدة أحاديث [ثبتت]
(6)
عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالها بعد أن كان يمتنع من الصلاة على المديون، فلما فتح الله عليه البلاد وكثرت الأموال صلى على من مات مديونًا وقضى عنه.
وذلك مشعر بأن من مات مديونًا استحق أن يقضى عنه دينه من بيت مال المسلمين، وهو أحد المصارف الثمانية فلا يسقط حقه بالموت. ودعوى من ادّعى اختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك ساقطة، وقياس الدلالة ينفي هذه الدعوى في مثل قوله صلى الله عليه وسلم:"وأنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه"، أخرجه أحمد
(7)
= بل أخرجه أحمد (6/ 74) وابن راهويه رقم (1063) وعبد بن حميد في المنتخب رقم (1522) وأبو يعلى في المسند رقم (4838) والطبراني في الأوسط رقم (9338) والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 22) وفي شعب الإيمان رقم (5551).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4/ 132) وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح.
وخلاصة القول: أن حديث عائشة حديث صحيح، والله أعلم.
(1)
في "الطبقات الكبرى"(1/ 2/ 98) ط: التحرير.
قلت: وأخرجه ابن ماجه في السنن رقم (45) من حديث جابر، وهو حديث صحيح.
(2)
في المسند (3/ 310 - 311).
(3)
في صحيحه رقم (43/ 867).
(4)
في السنن الكبرى (5/ 384) رقم (5861).
(5)
في سننه رقم (2416).
كلهم من حديث جابر بن عبد الله. وهو حديث صحيح.
(6)
في المخطوط (أ): (ثبت).
(7)
في المسند (4/ 131).
وابن ماجه
(1)
وسعيد بن منصور
(2)
والبيهقي
(3)
، وهم لا يقولون إن ميراث من لا وارث له مختصّ برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أخرج الطبراني
(4)
من حديث سلمان ما يدلّ على انتفاء هذه الخصوصية المدّعاة، ولفظه:"من ترك مالًا فلورثته، ومن ترك دَينًا فعليّ وعلى الولاة من بعدي من بيت المال".
[الباب الرابع] باب تسجية الميت والرخصة في تقبيله
13/ 1372 - (عَنْ عائشَةَ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِبُرْدٍ حَبِرَةٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(5)
. [صحيح]
14/ 1373 - (وَعَنْ عائِشَةَ أن أبَا بَكْرٍ دَخَلَ فَبَصُرَ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُو مُسَجَّى بِبُرْدِهِ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ وأكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(6)
وَالبُخاريُّ
(7)
وَالنَّسائيُّ)
(8)
. [صحيح]
15/ 1374 - (وَعَنْ عائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أن أبا بَكْرٍ قَبَّلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ
(1)
في سننه رقم (2738).
(2)
في سننه رقم (172).
(3)
في السنن الكبرى (6/ 214).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (2899) والنسائي في السنن الكبرى (6/ 116 رقم 6321) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 397 - 398) وفي شرح مشكل الآثار رقم (2749) والطبراني في الكبير (ج 20 رقم 625) من طرق.
كلهم من حديث المقدام أبي كريمة. وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(4)
في المعجم الكبير (ج 6 رقم 6103).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 332) وقال: "فيه أبو الصباح عبد الغفور وهو متروك".
(5)
أحمد (6/ 153) والبخاري رقم (5814) ومسلم رقم (48/ 942). وهو حديث صحيح.
(6)
في المسند (6/ 117).
(7)
في صحيحه رقم (1241، 1242).
(8)
في سننه رقم (1841).
وهو حديث صحيح.
مَوْتِهِ. رَوَاهُ البُخاريُّ
(1)
وَالنَّسائيُّ
(2)
وَابْنُ مَاجَهْ)
(3)
. [صحيح]
16/ 1375 - (وَعَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قَبَّلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عُثمانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ، حتَّى رأيْتُ الدُّمُوع تَسِيلُ على وَجْههِ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
وَابْنُ مَاجَهْ
(5)
وَالتِّرْمِذِيُّ وَصحَّحَهُ)
(6)
. [صحيح]
حديث عائشة الرابع في إسناده عاصم بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب وهو ضعيف
(7)
.
قوله: (سُجّي) بضم السين [المهملة]
(8)
وبعدها جيم مشدّدة مكسورة، أي: غطي
(9)
.
قوله: (حبرة) بكسر الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة بعدها راء مهملة: وهي ثوب فيه أعلام، وهي ضرب من برود اليمن
(10)
، وفيه استحباب تسجية الميت.
قال النووي
(11)
: وهو مجمع عليه. وحكمته صيانته من الانكشاف وستر عورته المتغيرة عن الأعين.
قال أصحاب الشافعي
(12)
: ويلفّ طرف الثوب المسجى به تحت رأسه،
(1)
في صحيحه رقم (5709).
(2)
في سننه رقم (1840).
(3)
في سننه رقم (1457).
وهو حديث صحيح.
(4)
في المسند (6/ 43) و (6/ 206).
(5)
في سننه رقم (1456).
(6)
في سننه رقم (989) وقال: حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه البغوي في شرح السنة رقم (1470) وابن راهويه رقم (922) والحاكم (1/ 361). وهو حديث صحيح.
(7)
التقريب رقم الترجمة (3065).
(8)
زيادة من المخطوط (ب).
(9)
النهاية (2/ 344).
(10)
النهاية (1/ 328).
(11)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 10).
(12)
"العباب المحيط بمعظم نصوص الشافعي والأصحاب"، تأليف: القاضي صفي الدين أبي العباس أحمد بن عمر بن عبد الرحمن. المعروف بابن المذحجي المزجد المرادي اليمني الشافعي (1/ 361).
وطرفه الآخر تحت رجليه لئلا ينكشف منه. قالوا: وتكون التسجية بعد نزع ثيابه التي توفي فيها لئلا يتغير بدنه بسببها.
قوله: (فقبله) فيه جواز تقبيل الميت تعظيمًا وتبركًا؛ لأنه لم ينقل أنه أنكر أحد من الصحابة على أبي بكر فكان إجماعًا.
قوله: (قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان)، فيه دلالة على جواز تقبيل الميت كما تقدم.
قوله: (حتى رأيت الدموع إلخ) فيه جواز البكاء على الميت، وسيأتي تحقيقه
(1)
.
* * *
(1)
الباب الثاني عشر عند الحديث قم (41/ 1501 - 47/ 1507) من كتابنا هذا.
[أولًا] أبواب غسل الميت
[الباب الأول] باب من يليه ورفقه به وستره عليه
1/ 1376 - (عَنْ عائِشَةَ قَالَتْ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غَسَّل مَيِّتًا فأدَّى فِيهِ الأمانَةَ وَلَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ ما يَكُونُ مِنْهُ عِنْدَ ذلكَ، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"، وَقالَ: "ليَلِهِ أقْرَبُكُمْ إنْ كانَ يَعْلَمُ، فإنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ، فَمَنْ تَرَوْنَ عِندَهُ حَظًّا مِنْ وَرَعٍ وأمانةٍ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)
(1)
. [إسناده ضعيف]
2/ 1377 - (وَعَنْ عَائِشَةَ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "إنَّ كَسْرَ عَظْمِ المَيِّتِ مِثْلُ كَسْرِ عَظْمِهِ حَيًّا"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وأبُو دَاوُدَ
(3)
وَابْنُ ماجَهْ)
(4)
. [صحيح]
(1)
في المسند (6/ 119 - 120) بسند ضعيف لضعف جابر بن يزيد الجعفي. ويحيى بن الخراز لم يذكروا له سماعًا من عائشة.
قلت: وأخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 1154 - 1155) و (7/ 2690) وأبو نعيم في الحلية (6/ 192) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 396) وفي شعب الإيمان رقم (9266) والطبراني في الأوسط رقم (7545).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 21) وقال: "رواه أحمد والطبراني في الأوسط وفيه جابر الجعفي وفيه كلام كثير".
(2)
في المسند (6/ 58).
(3)
في السنن رقم (3207).
(4)
في السنن رقم (1616).
قلت: وأخرجه ابن راهويه رقم (1006) وابن عدي في الكامل (3/ 1189) وابن حزم (11/ 40) وابن الجارود رقم (551) والدارقطني (3/ 188) وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 186) وابن عبد البر في "التمهيد"(13/ 143) من طرق.
ومدار الحديث على سعد بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، ولكنه توبع.
• وسعد بن سعيد من رجال مسلم قال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال الترمذي: تكلموا فيه من قبل حفظه.
[رجال صحيح مسلم لابن منجويه (1/ 234 رقم 501) والتقريب (1/ 287) والجمع (1/ 162) =
3/ 1378 - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ سَتَرَ مُسْلمًا، سَتَرَهُ الله يَوْمَ القيامَةِ"، مُتَّفقٌ عَلَيْهِ)
(1)
. [صحيح]
4/ 1379 - (وَعَنْ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ أن آدَمَ عليه السلام قَبَضَتْهُ المَلائكَةُ وَغَسَّلُوهُ وكَفَّنُوهُ وَحَنَّطُوه وَحَفَرُوا لَهُ وألْحَدُوا وَصَلَّوْا عَلَيْه، ثُمَّ دَخَلُوا قَبْرَهُ فَوَضَعُوهُ في قَبْرِهِ، وَوَضعُوا عَلَيْهِ اللَّبِنَ، ثُمَ خَرَجُوا منَ القَبْرِ، ثمَّ حَثَوْا عَلَيْهِ التُّرَابَ، ثُمَّ [قالُوا]
(2)
: يا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ. رَوَاهُ عَبْدُ الله بْنُ أحْمَدَ في المُسْنَدِ)
(3)
. [بسند ضعيف موقوفًا]
حديث عائشة الأوّل، أخرجه أيضًا الطبراني في الأوسط
(4)
، وفي إسناده جابر الجعفي
(5)
وفيه كلام كثير.
وحديث عائشة الثاني، رجاله رجال الصحيح على كلام في سعد بن سعيد الأنصاري
(6)
.
وحديث أبيّ بن كعب، أخرجه الحاكم في المستدرك
(7)
وقال: صحيح الإسناد ولم يخرّجاه.
قوله: (فأدّى فيه الأمانة ولم يفش عليه ما يكون منه عند ذلك) المراد بتأدية الأمانة إما كتم ما يرى منه مما يكرهه الناس ويكون قوله: "ولم يفش" عطف تفسيري، أو يكون المراد بتأدية الأمانة أن يغسله الغسل الذي وردت
= والكاشف (1/ 277) وخلاصة القول المفهم على تراجم رجال جامع الامام مسلم (1/ 190 رقم 3/ 479): صدوق].
وخلاصة القول: أن حديث عائشة حديث صحيح، والله أعلم.
(1)
أخرجه أحمد (2/ 91) والبخاري رقم (2442) ومسلم رقم (58/ 2580).
(2)
في المخطوط (ب): قال: والمثبت من المخطوط (أ) وهو موافق لما في المسند.
(3)
أخرجه عبد الله في زوائد المسند (5/ 136) بسند ضعيف موقوفًا.
(4)
رقم (7545). وقد تقدم.
(5)
جابر بن يزيد الجعفي ضعيف، انظر: التاريخ الكبير (2/ 210) والمجروحين (1/ 208) والميزان (2/ 379) والتقريب (1/ 123) والخلاصة ص 59.
(6)
تقدم الكلام عليه وخلاصته أنه صدوق.
(7)
في المستدرك (2/ 545) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
به الشريعة؛ لأن العلم عند حامله أمانة، واستعماله في مواضعه من تأديتها.
قوله: (لِيَلِهِ أقربكم) فيه الأحقّ بغسل الميت من الناس الأقرب إلى الميت
(1)
بشرط أن يكون عالمًا بما يحتاج إليه من العلم، وقد قال بتقديم القريب على غيره الإِمام يحيى
(2)
.
قوله: (فمن ترون عنده حظًا من ورع وأمانة)، فيه دليل لما [ذهبت]
(3)
إليه الهادوية
(4)
من اشتراط العدالة في الغاسل وخالفهم الجمهور؛ فإن صحّ هذا الحديث فذاك، وإلا فالظاهر عدم اختصاص هذه القربة بمن ليس فاسقًا لأنه مكلف بالتكاليف الشرعية وغسل الميت من جملتها، وإلا لزم عدم صحة كل تكليف شرعي منه، وهو خلاف الإِجماع، ودعوى صحة بعضها دون بعض بغير دليل تحكم.
وقد حكى المهدي في البحر
(5)
الإِجماع على أن غسل الميت واجب على الكفاية، وكذلك حكى الإِجماع النووي
(6)
.
وناقش دعوى الإِجماع صاحب ضوء النهار
(7)
مناقشة واهية. حاصلها أنه لا مستند له إلا أحاديث الفعل وهي لا تفيد الوجوب، وأحاديث الأمر بغسل الذي وقصته ناقته
(8)
، وأمر بغسل ابنته
(9)
صلى الله عليه وسلم والأمر مختلف في كونه للوجوب أو للندب.
ورد كلامه بأنه إن ثبت الإِجماع على الوجوب فلا يضرّ جهل المستند.
ويردّ أيضًا بأن الاختلاف في كون الأمر للوجوب لا يستلزم الاختلاف في كل مأمور به؛ لأنه ربما شهدت لبعض الأوامر قرائن يستفاد منها وجوبه، وهذا مما لا يخالف فيه القائل بأن الأمر ليس للوجوب لأن محلّ الخلاف الأمر
(1)
المجموع شرح المهذب (5/ 112).
(2)
البحر الزخار (2/ 98).
(3)
في المخطوط (ب): (ذهب).
(4)
البحر الزخار (2/ 98).
(5)
البحر الزخار (2/ 91).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 3).
(7)
الجلال في ضوء النهار (2/ 209 - 210).
(8)
أخرجه البخاري رقم (1267) ومسلم رقم (1206).
(9)
أخرجه البخاري رقم (1253) ومسلم رقم (939).
المجرّد كما تقرّر في الأصول
(1)
.
نعم قال في الفتح
(2)
: وقد نقل النووي
(3)
الإِجماع على أن غسل الميت فرض كفاية وهو ذهول شديد، فإن الخلاف مشهور جدًّا عند المالكية
(4)
. على أن القرطبي
(5)
رجح في شرح مسلم أنه سنة، ولكن الجمهور على وجوبه. وقد ردّ ابن العربي
(6)
على من لم يقل بذلك وقال: قد توارد به القول والعمل انتهى، وهكذا فليكن التعقب لدعوى الإِجماع
(7)
.
قوله: (إن كسر عظم الميت) إلخ، فيه دليل على وجوب الرفق بالميت في غسله وتكفينه وحمله وغير ذلك؛ لأن تشبيه كسر عظمه بكسر عظم الحي إن كان في الإِثم فلا شكّ في التحريم، وإن كان في التألم فكما يحرم تأليم الحي يحرم تأليم الميت.
وقد زاد ابن ماجه
(8)
من حديث أمّ سلمة لفظ: "في الإِثم"، فيتعين الاحتمال الأوّل.
(1)
إرشاد الفحول ص 341 - 343 والكوكب المنير (3/ 17).
(2)
(3/ 125).
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 3).
(4)
بداية المجتهد (2/ 9) بتحقيقي.
(5)
المفهم (2/ 592).
(6)
في عارضة الأحوذي (4/ 209).
(7)
قال الألباني رحمه الله في "أحكام الجنائز" ص 64 - 65:
"ويُراعى في غسل الميت الأمور الآتية:
أولًا: غسله ثلاثًا فأكثرُ على ما يرى القائمون على غَسْلِه.
ثانيًا: أن تكون الغسلاتُ وترًا.
ثالثًا: أن يُقْرَنَ مع بعضِها سِدْرٌ، أو ما يقوم مقامه من التنظيف، كالأُسْنانِ والصابون.
رابعًا: أن يُخَلَطَ مع آخِر غَسْلةٍ منها شيءٌ من الطِّيب، والكافور أوْلى.
خامسًا: نقضُ الضفائرِ وغسلُها جيدًا.
سادسًا: تسريح شعره.
سابعًا: جعلهُ ثلاثَ ضفائر للمرأةِ وإلقاؤها خَلْفَها.
ثامنًا: البدءُ بميامنهِ ومواضعِ الوضوء منه.
تاسعًا: أن يتولى غَسْلَ الذَّكَر الرجالُ، والأنثى النساءُ إلا ما استُثْني كما يأتي بيانه.
والدليل على هذه الأمور حديث أم عطية سيأتي برقم (10/ 1385) من كتابنا هذا.
(8)
في سننه رقم (1617).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 539): "هذا إسناد فيه عبد الله بن زياد مجهول، ولعله عبد الله بن زياد بن سمعان المدني أحد المتروكين، فإنه في طبقته".
والخلاصة: أن حديث أم سلمة حديث ضعيف، والله أعلم.
قوله: (من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة)، فيه الترغيب في ستر عورات المسلم.
وظاهره عدم الفرق بين الحيّ والميت، فيدخل في عمومه ستر ما يراه الغاسل ونحوه من الميت وكراهة إفشائه والتحدّث به.
وأيضًا قد صحّ أن الغيبة هي ذكرك لأخيك بما يكره. ولا فرق بين الأخ الحي والميت، ولا شك أن الميت يكره أن يذكر شيء من عيوبه التي تظهر حال موته، فيكون على هذا ذكرها محرَّمًا، وسيأتي بقية الكلام على هذا في باب الكفّ عن ذكر مساوي الأموات
(1)
.
قول: (وعن أبيّ بن كعب أن آدم إلخ)، سيأتي الكلام في تفاصيل ما اشتمل عليه حديث أبيّ بن كعب هذا في أبوابه من هذا الكتاب.
[الباب الثاني] باب ما جاءَ في غسل أحد الزوجين للآخر
5/ 1380 - (عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: رَجَعَ إليَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ جَنَازَةٍ بالبَقيعِ وأنا أجِدُ صُدَاعًا فِي رأسي وأقُولُ: وارَأسَاه، فَقالَ:"بَلْ أنا وَارأسَاهُ، ما ضَرَّكِ لَوْ مُت قَبْلِي فَغسلْتُك وَكَفَّنْتُكِ، ثُمَّ صلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وَابْنُ ماجَهْ)
(3)
. [حسن]
(1)
الباب الرابع عشر عند الحديث رقم (59/ 1519 - 60/ 1520) من كتابنا هذا.
(2)
في المسند (6/ 228).
(3)
في سننه رقم (1465).
قلت: وأخرجه الدارقطني (2/ 74) والدارمي رقم (81) وابن حبان رقم (6586) والنسائي في السنن الكبرى (رقم: 7042) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 396) وفي الدلائل (7/ 168 - 169) وأبو يعلى رقم (4579) من طرق.
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 475): "هذا إسناد رجاله ثقات رواه البخاري - في صحيحه رقم (5666) - من وجه آخر عن عائشة مختصرًا" اهـ.
والخلاصة: أن حديث عائشة حديث حسن، والله أعلم.
6/ 1381 - (وَعَنْ عائِشَةَ أَنَّها كانَتْ تَقُولُ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنَ الأَمْرِ ما اسْتَدبرْتُ ما غَسَّلَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم إلَّا نِسَاؤُهُ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَأَبُو دَوُادَ
(2)
وَابَنُ مَاجَهْ
(3)
. [صحيح]
وقد ذكرنا أن الصديق أوصى أسماء زوجته أن تُغسِّلَهُ فَغَسَّلَتْهُ)
(4)
. [ضعيف]
حديث عائشة الأول أخرجه أيضًا الدارمي
(5)
وابن حبان
(6)
والدارقطني
(7)
والبيهقي
(8)
، وفي إسناده محمد بن إسحاق وبه أعله البيهقي
(9)
.
قال الحافظ
(10)
: ولم يتفرد به بل تابعه عليه صالح بن كيسان
(1)
في المسند (6/ 267).
(2)
في سننه رقم (3141).
(3)
في سننه رقم (1464).
قلت: وأخرجه الحاكم (3/ 59 - 60) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 387) وفي الدلائل (7/ 242) وابن حبان رقم (6627).
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 474 رقم 519/ 1464): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. ومحمد بن إسحاق وإن كان مدلسًا ورواه بالعنعنة في هذا الإسناد - أي إسناد ابن ماجه - فقد رواه ابن الجارود وابن حبان في صحيحه، والحاكم في "المستدرك" من طريق ابن إسحاق مصرحًا بالتحديث فزالت تهمة تدليسه. ورواه الإمام الشافعي في مسنده من هذا الوجه. ورواه البيهقي من طريق الحاكم.
ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من طريق محمد بن إسحاق حدثنا يحيى بن عباد فذكره بزيادة طويلة كما بينته في زوائد المسانيد العشرة" اهـ.
والخلاصة: أن حديث عائشة حديث صحيح، والله أعلم.
(4)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 397). وهو حديث ضعيف.
(5)
في المسند رقم (81). وقد تقدم.
(6)
في صحيحه رقم (6586). وقد تقدم.
(7)
في السنن (2/ 74 رقم 11، 12، 13). وقد تقدم.
(8)
في السنن الكبرى (3/ 396).
(9)
وقد صرح بالتحديث في رواية النسائي في السنن الكبرى رقم (7042) وفي رواية البيهقي في الدلائل (7/ 168 - 169). كما تقدم فانتفت هذه العلة.
(10)
في "التلخيص"(2/ 219).
عند أحمد
(1)
والنسائي
(2)
.
وأما ابن الجوزي
(3)
فقال: لم يقل "غسلتك" إلا ابن إسحاق.
وأصل الحديث عند البخاري
(4)
بلفظ: "ذاك لو كان وأنا حيّ فأستغفر لك وأدعو لك".
وأثرها الثاني سكت عنه أبو داود
(5)
والمنذري
(6)
ورجاله ثقات إلا ابن إسحاق وقد عنعن، وغسل أسماء لأبي بكر الذي أشار إليه المصنف قد تقدم في باب الغسل من غسل الميت من أبواب الغسل
(7)
وليس فيه أن ذلك كان بوصية من أبي بكر.
قوله: (فغسلتك) فيه دليل على أن المرأة يغسلها زوجها إذا ماتت وهي تغسله قياسًا، وبغسل أسماء لأبي بكر كما تقدم، وعليّ لفاطمة كما أخرجه الشافعي
(8)
والدارقطني
(9)
وأبو نعيم
(10)
والبيهقي
(11)
بإسناد حسن، ولم يقع من سائر الصحابة إنكار على عليّ وأسماء فكان إجماعًا.
(1)
في المسند (6/ 267). وقد تقدم.
(2)
في السنن الكبرى رقم (7042). وقد تقدم.
(3)
حكاه عنه الحافظ في "التلخيص"(2/ 219).
(4)
في صحيحه رقم (5666).
(5)
في السنن (3/ 502).
(6)
في "المختصر"(4/ 299).
(7)
الباب الثالث رقم الحديث (11/ 319) من كتابنا هذا.
(8)
في المسند (رقم 571 - ترتيب).
(9)
في السنن (2/ 79 رقم 12).
(10)
في الحلية (2/ 43).
(11)
في السنن الكبرى (3/ 396).
• قال الحافظ في "التلخيص"(2/ 285): رواه الدارقطني من طريق عبد الله بن نافع، عن محمد بن موسى، عن عون بن محمد، عن أمه، عن أسماء.
وأبو نعيم: وسمى أم عون: أم جعفر بنت محمد بن جعفر.
والبيهقي (3/ 396) من وجه آخر عن أسماء بنت عميس، وإسناده حسن. ورواه من وجهين آخرين (3/ 396 - 397).
وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي" في سنده من يحتاج إلى كشف حاله.
قلت: لعله يريد أم جعفر وهي مقبولة كما في التقريب رقم الترجمة (8750)، وتعقبه المحرران: بل مجهولة الحال. فقد تفرد بالرواية عنها اثنان، ولم يوثقها أحد. =
وقد ذهب إلى ذلك العترة
(1)
والشافعية
(2)
والأوزاعي
(3)
وإسحاق
(4)
والجمهور.
وقال أحمد
(5)
: لا تغسله لبطلان النِّكاح ويجوز العكس عنده كالجمهور.
وقال أبو حنيفة
(6)
وأصحابه والشعبي
(7)
والثوري
(8)
: لا يجوز أن يغسلها لمثل ما ذكر أحمد (5). ويجوز العكس عندهم كالجمهور، قالوا: لأنه لا عدة عليه بخلافها.
ويجاب عن المذهبين الآخرين بأنه إذا سلم ارتفاع حلّ الاستمتاع بالموت وأنه العلة في جواز نظر الفرج فغايته تحريم نظر الفرج فيجب ستره عند غسل أحدهما للآخر.
وقد قيل: إن النظر إلى الفرج وغيره لازم من لوازم العقد فلا يرتفع بارتفاع جواز الاستمتاع المرتفع بالموت؛ والأصل بقاء حلّ النظر على ما كان عليه قبل الموت.
قوله: (لو استقبلت من الأمر إلخ) قيل: فيه أيضًا متمسك لمذهب الجمهور ولكنه لا يدلّ على عدم جواز غسل الجنس لجنسه مع وجود الزوجة، ولا على أنها أولى من الرجال لأنه قول صحابية ولا حجة فيه.
وقد تولى غسله صلى الله عليه وسلم علي والفضل بن العباس، وأسامة بن زيد يناول الماء والعباس واقف
(9)
.
= وقال الحافظ في "التلخيص"(2/ 285): "وقد احتج بهذا الحديث أحمد وابن المنذر، وفي جزمهما بذلك دليل على صحته عندهما" اهـ.
(1)
البحر الزخار (2/ 99).
(2)
المجموع شرح المهذب (5/ 213).
(3)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 336).
(4)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 336).
(5)
المغني (3/ 460 - 461).
(6)
البناية في شرح الهداية (3/ 223).
(7)
أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 250) من طريق أشعث عنه.
(8)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 409 رقم 6119) وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 250) عن الثوري قال: لا يغسل الرجل امرأته، لأنه لو شَاء تزوج أختها حين ماتت، وتغسل المرأة زوجها لأنها في عدة منه.
(9)
يشير إلى الحديث الذي أخرجه أحمد في المسند (1/ 260). =
قال ابن دحية
(1)
: لم يختلف في أن الذين غسلوه صلى الله عليه وسلم عليّ والفضل.
واختلف في العباس وأسامة وقثمٍ وشقران، انتهى.
وقد استوفى صاحب التلخيص
(2)
الطرق في ذلك، ولم ينقل إلينا أن أحدًا من الصحابة أنكر ذلك فكان إجماعًا منهم.
= عن ابن عباس، قال: لما أجمعَ القومُ لِغَسْلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في البيت إلا أهلُه: عمُّه العباسُ بنُ عبد المطلب، وعليُّ بن أبي طالب، والفضلُ بن العباس، وقُثَمُ بنُ العباس، وأسامةُ بنُ زيد بن حارثة، وصالحٌ مولاه، فلما أجمَعوا الغَسْلَ نادى من وراءِ الباب أوس بن خَوْلِيّ الأنصاري، ثم أحَدُ بني عوف بن الخزرج، وكان بدريًّا، عليَّ بن أبي طالب، فقال له: يا عليُّ، نشَدْتُكَ الله، وحَظَّنَا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فقال له عليٌّ: ادخُلْ. فدخلَ فحضرَ غسْلَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولم يَلِ من غَسْلِه شيئًا، قال: فأسندَه إلى صَدْرِه، وعليه قميصُه، وكان العباسُ والفضلُ وقُثَمُ يقلبونَه مع علي بن أبي طالب، وكان أسامةَ بنُ زيد، وصالح مولاهما يصُبَّانِ الماءَ، وجعل عليٌّ يَغْسِلُه، ولم يُرَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما يُرَاهُ من الميِّتِ وهو يقول: بأبي وأمي، ما أطيبكَ حيًّا ومَيتًا!
…
".
إسناده ضعيف لضعف حسين بن عبد الله - وهو ابن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب - الهاشمي المدني.
وأخرجه الطبري في تاريخه (3/ 211 - 212) بسند ضعيف.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(ج 1 رقم 629) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مقسم عن ابن عباس بقصة غسل النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه يزيد بن أبي زياد حسن الحديث على ضعفه.
وأخرج ابن سعد (2/ 277) والبيهقي في "الدلائل"(7/ 243) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، والفضل بن العباس، وأسامة بن زيد، وكان علي يغسله ويقول: بأبي أنت وأمي، طبت ميتًا وحيًّا.
وأخرج ابن سعد (2/ 277 - 278) من طريق المغيرة بن مقسم، عن إبراهيم النخعي قال: غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس وعلي والفضل، والعباس يسترهم.
وله شواهد أخرى مرسلة عند ابن سعد في طبقاته (2/ 277 - 280).
وخلاصة القول: أن حديث ابن عباس حديث حسن لغيره، والله أعلم.
(1)
حكاه عنه الحافظ في "التلخيص"(2/ 215).
(2)
(منها): ما أخرجه ابن ماجه رقم (1467) والحاكم (1/ 362) و (3/ 59) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 388) و (4/ 53).
عن علي بن أبي طالب قال: لما غَسَّلَ النبي صلى الله عليه وسلم ذهبَ يلتمسُ منه ما يَلتمِسُ من الميت فلم يجده فقال: بأبي الطيب طبت حيًا وطبتَ ميتًا. =
وروى البزار
(1)
من طريق يزيد بن بلال قال: قال عليّ: "أوصى النبيّ صلى الله عليه وسلم يغسله أحد غيري".
= قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 477): "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، يحيى بن خِذام ذكره ابن حبان في "الثقات" وباقي رجال الإسناد على شرط مسلم
…
" اهـ.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجا منه غير اللحد".
وقال الذهبي: "قلت: فيه انقطاع".
قلت: لا يوجد انقطاع والسند صحيح.
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(ومنها) ما أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 397 رقم 6077) وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 240) والبيهقي (3/ 395) من حديث ابن جريج: سمعت محمد بن علي أبا جعفر يقول: "غسل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا بالسدر، وغسل وعليه قميص، وغسل من سفلته علي، والفضل يحتضنه، والعباس يصب الماء، فجعل الفضل يقول: أرحني قطعت وتيني" وهو مرسل جيد قاله الحافظ في "التلخيص"(2/ 216).
(ومنها) ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" في ترجمة أحمد بن يحيى الحلواني، عن الحسن بن علي قال: غسل النبي صلى الله عليه وسلم علي والفضل بن العباس. وكان أسامة بن زيد يصب عليه الماء"، وسكت عنه الحافظ في "التلخيص" (2/ 216).
(1)
في المسند رقم (925).
وأورده الهيثمي في "كشف الأستار" رقم (848) وفي "مجمع الزوائد"(9/ 36) وقال: رواه البزار وفيه يزيد بن بلال. قال البخاري: فيه نظر، وبقية رجاله وثقوا وفيهم خلاف.
منهم: عبد الصمد بن النعمان البغدادي البزار، وثقه يحيى بن معين وغيره.
وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال العجلي: ثقة. وقال الدارقطني: ليس بالقوي، وكذا قال النسائي: ليس له في الكتب الستة شيء.
وقال تمام: مات سنة ست عشرة ومائتين.
[(الثقات: 8/ 415) والميزان (2/ 621) والجرح والتعديل (3/ 1/ 51).
وسؤالات ابن الجنيد ليحيى بن معين (ص 132 رقم الترجمة 709) واللسان (4/ 23)].
ومنهم: كيسان أبو عمر القصار مولى يزيد بن بلال الحارث الفزاري. ضعيف من السابعة التقريب (2/ 137).
ومنهم: يزيد بن بلال بن الحارث الفزاري، ضعيف من الثالثة. (التقريب (2/ 362) وانظر: اللسان (6/ 771).
قلت: وأخرج الحديث ابن سعد في "طبقاته"(2/ 278) والعقيلي في "الضعفاء الكبير"(4/ 13) والبيهقي في "الدلائل"(7/ 244) وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1/ 246 رقم 397). =
وروى ابن المنذر
(1)
عن أبي بكر: "أنه أمرهم أن يغسل النبي صلى الله عليه وسلم بنو أبيه وخرج من عندهم".
[الباب الثالث] باب ترك غسل الشهيد وما جاءَ فيه إذا كان جنبًا
7/ 1382 - (عَنْ جابرٍ قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُد في الثَّوْبِ الوَاحدِ ثُمَّ يَقُولُ: "أَيُّهُمْ أكْثَرُ أخْذًا للقُرآن؟ "، فإِذَا أُشِيرَ لَهُ إلى أَحَدِهما قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ، وأمَرَ بدَفْنهم في دِمائهمْ، ولمْ يُغَسَّلُوا ولمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ. رَوَاهُ البُخاريُّ
(2)
وَالنَّسائيُّ
(3)
وَابْنُ مَاجَهْ
(4)
وَالتِّرْمذيُّ وَصححَهُ
(5)
. [صحيح]
ولأَحمدَ
(6)
أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ: في قَتْلَى أُحُدٍ: "لا تُغَسِّلُوهُمْ، فإن كُلَّ جُرْحٍ أوْ كُلَّ دَمٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ القيامَةِ"، وَلْم يُصَلِّ عَلَيهِمْ). [صحيح]
قوله: (يجمع بين الرجلين إلخ) فيه جواز جمع الرجلين في كفن واحد عند الحاجة إلى ذلك، والظاهر أنه كان يجمعهما في ثوب واحد.
وقيل: كان يقطع الثوب بينهما نصفين.
= قال ابن الجوزي: وهذا لا يصح وقد ضعف يحيى بن معين كيسان، ويزيد بن بلال لا يُعرف - قلت: تقدم آنفًا -.
وخلاصة القول: أن حديث علي حديث ضعيف، والله أعلم.
(1)
في الأوسط (5/ 324 - 325) رقم (2934).
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 395) مختصرًا من طريق سلمة بن نبيط.
(2)
في صحيحه رقم (1347).
(3)
في سننه رقم (1955).
(4)
في سننه رقم (1514).
(5)
في سننه رقم (1036) وقال: حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" رقم (1119) وأبو دادو رقم (3138) و (3139) وابن الجارود رقم (552) والبغوي في شرح السنة رقم (1500) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 10).
وهو حديث صحيح.
(6)
في المسند (3/ 299). وهو حديث صحيح.
وقيل: المراد بالثوب القبر مجازًا.
ويردّه ما وقع في رواية
(1)
عن جابر: "فكفن أبي وعمي في نمرة واحدة"، وقد ترجم البخاري
(2)
على هذا الحديث باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر واحد.
وأورده
(3)
مختصرًا بلفظ: "كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد"، وليس فيه تصريح بالدفن.
قال ابن رشيد
(4)
: إنه جرى على عادته من الإشارة إلى ما ليس على شرطه أو اكتفى بالقياس، يعني على جمعهم في ثوب واحد، انتهى.
ولا يخفى أن قوله في هذا الحديث قدمه في اللحد يدلّ على الجمع بين الرجلين فصاعدًا في الدفن.
وقد أورد الحديث البخاري
(5)
باللفظ الذي ذكره المصنف في باب الصلاة على الشهيد
(6)
، فلعل البخاري أشار بما أورده مختصرًا إلى هذا، لا إلى ما ليس على شرطه ولا سيما مع اتصال باب دفن الرجلين والثلاثة بباب الصلاة على الشهيد بلا فاصل.
وقد ثبت عند عبد الرزاق
(7)
بلفظ: "وكان يدفن الرجلين والثلاثة في القبر الواحد"، وورد ذكر الثلاثة أيضًا في هذه القصة عند الترمذي
(8)
وغيره
(9)
.
وروى أصحاب السنن
(10)
من حديث هشام بن عامر الأنصاري: "أن
(1)
للبخاري في صحيحه رقم (1348).
(2)
في صحيحه (3/ 211 رقم الباب (73) - مع الفتح) باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر.
(3)
البخاري في صحيحه رقم (1345).
(4)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 211).
(5)
في صحيحه رقم (1347).
(6)
البخاري في صحيحه (2/ 209 رقم الباب (72) - مع الفتح) باب الصلاة على الشهيد.
(7)
في المصنف رقم (6633).
(8)
في سننه (4/ 213 رقم 1713) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(9)
كالنسائي في سننه رقم (2015 - 2017) وأحمد (4/ 20).
(10)
أبو داود رقم (3215) والترمذي رقم (1713) والنسائي رقم (2015) وابن ماجه رقم (1560) مختصرًا.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر الأنصار أن يجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر"، وصححه الترمذي.
قال في الفتح
(1)
: ويؤخذ من هذا جواز دفن المرأتين في قبر واحد.
وأما دفن الرجل مع المرأة. فروى عبد الرزاق
(2)
بإسناد حسن عن واثلة بن الأسقع: "أنه كان يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد، فيقدم الرجل ويجعل المرأة وراءه"، وكأنه كان يجعل بينهما حاجزًا لا سيما إذا كانا أجنبيين.
قوله: (أيهم كثر أخذًا للقرآن) فيه استحباب تقديم من كان أكثر قرآنًا، ومثله سائر أنواع الفضائل قياسًا.
قوله: (ولم يغسلوا) فيه دليل على أن الشهيد لا يغسل، وبه قال الأكثر، وسيأتي الكلام في بيان ماهية الشهيد الذي وقع الخلاف في غسله في الصلاة على الشهيد
(3)
.
وقال سعيد بن المسيب والحسن البصري حكاه عنهما ابن المنذر
(4)
وابن أبي شيبة
(5)
أنه يغسل، وبه قال ابن سريج
(6)
من الشافعية، والحقّ ما قاله الأوّلون.
(1)
في "الفتح"(3/ 211).
(2)
في المصنف رقم (6378) وهو أثر صحيح.
(3)
الباب الثاني عند الحديث رقم (2/ 1401) من كتابنا هذا.
(4)
في الأوسط (5/ 347).
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 253) من طريق قتادة عن سعيد بن المسيب والحسن أنهما قالا: الشهيد يغسل ما مات ميت إلا أجنب".
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 545 رقم 6650).
(6)
الإمام المشهور/ أبو العباس، أحمد بن عمر بن سريج البغدادي/ شيخ المذهب، وإمام الأصحاب ومقدمهم بعد الذين صحبوا الشافعي.
وعن ابن سريج انتشر فقه الشافعي في أكثر الآفاق.
كان يقال له: الباز الأشهب، والأسد الضاري، وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعي، حتى على المزني.
شرح المذهب ورد على المخالفين، وهو أول من فتح باب النظر، وعلم الناس طريق الجدل. [طبقات ابن السبكي 3/ 21) وتاريخ بغداد (4/ 287) وتهذيب الأسماء (2/ 251) وشذرات الذهب (2/ 247) وطبقات الشيرازي ص 89].
• وحكى الحافظ في "الفتح"(3/ 212) قول ابن سريج.
والاعتذار عن حديث الباب بأن الترك إنما كان لكثرة القتلى وضيق الحال مردود بعلة الترك المنصوصة كما في رواية أحمد
(1)
المتقدمة وهي رواية لا مطعن فيها.
وفي الباب أحاديث منها عن أنس عند أحمد
(2)
والحاكم
(3)
وأبي داود
(4)
والترمذي
(5)
وقال: غريب. وغلط بعض المتأخرين فقال: وحسنه "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يصلّ على قتلى أحد ولم يغسلهم".
وعن جابر حديث [آخر]
(6)
غير حديث الباب عند أبي داود
(7)
قال: "رمى رجل بسهم في صدره أو في حلقه فمات، فأدرج في ثيابه كما هو ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وإسناده على شرط مسلم.
وعن ابن عباس عند أبي داود
(8)
وابن ماجه
(9)
قال: "أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم"، وفي إسناده عليّ بن عاصم الواسطي
(10)
، وقد تكلم فيه جماعة وعطاء بن السائب
(11)
وفيه مقال.
وفي الباب أيضًا عن رجل من الصحابة وسيأتي
(12)
.
(1)
في المسند (3/ 299). وهو حديث صحيح.
(2)
في المسند (3/ 128).
(3)
في المستدرك (1/ 365) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(4)
في سننه رقم (3136).
(5)
في سننه رقم (1016) وقال: حديث أنس حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أنس إلا من هذا الوجه.
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(6)
في المخطوط (ب): (أخرجه).
(7)
في سننه رقم (3133) وهو حديث حسن.
(8)
في سننه رقم (3134).
(9)
في سننه رقم (1515).
(10)
علي بن عاصم بن صهيب الواسطي، التيمي مولاهم: صدوق يخطئ ويُصِرُّ، ورمُي بالتشيع من التاسعة. التقريب (رقم 4758).
(11)
تقدمت ترجمته والكلام عليه.
وخلاصة القول: أن حديث ابن عباس حديث ضعيف، والله أعلم.
(12)
سيأتي برقم (9/ 1384) من كتابنا هذا.
وقد اختلف في الشهيد إذا كان جنبًا أو حائضًا، وسيأتي الكلام على ذلك
(1)
.
وأما سائر من يطلق عليه اسم الشهيد كالطعين والمبطون والنفساء ونحوهم فيغسلون إجماعًا كما في البحر
(2)
.
(1)
خلال شرح الحديث الآتي برقم (8/ 1383) من كتابنا هذا.
(2)
البحر الزخار (2/ 96).
وقال النووي في "المجموع"(5/ 224): "الشهداء الذين لم يموتوا بسبب حرب الكفار كالمبطون، والمطعون، والغريق، وصاحب الهدم، والغريب، والميتة في الطلق، ومن قتله مسلم أو ذمي أو ما تم في غير حال القتال وشبههم، فهؤلاء يغسلون ويصلى عليهم بلا خلاف.
قال أصحابنا - أي الشافعية رحمهم الله: ولفظ الشهادة الواردة فيه المراد به أنهم شهداء في ثواب الآخرة، لا في ترك الغسل والصلاة" اهـ.
قلت: ومن المفيد بيان أن الغسل والصلاة على شهداء ثواب الآخرة، الذين لم يموتوا بسبب حرب الكفار، الواردة بذكرهم الأدلة الصحيحة أو الحسنة:
1 -
المبطون: هو الذي يشكو بطنه.
2 -
المطعون: وهو الذي عرض له الطاعون، وهو الداء المعروف.
3 -
الهدم: وهو الذي يقع عليه بناء أو حائط فيموت تحته.
4 -
الغَرِق: وهو الذي يموت بالماء.
5 -
الحرق: وهو الذي يموت بالنار.
6 -
ذات الجنب: دُمَّل أو قُرحة تعرض في جوف الإنسان، تتفجر إلى داخل فيموت صاحبها، وقد تنفجر إلى خارج.
7 -
المرأة تموتُ بِجُمْع: المرأة تموت وولدها في بطنها.
• أخرج البخاري رقم (652، 653) ومسلم رقم (164/ 1914).
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ، وجدَ غُصْنَ شوكٍ على الطريق، فأخَّره، فشكر الله له، فغفر الله له"، وقال:"الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرِق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله عز وجل".
• وأخرج مسلم رقم (165/ 1915).
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تعدُّون الشهيد فيكم؟ "، قالوا: يا رسول الله! من قُتل في سبيلِ الله فهو شهيد، قال:"إن شهداء أمتي إذًا لقليل"، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟! قال: "من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد".
قال ابنُ مِقْسَمٍ: أشهدُ على أبيك، في هذا الحديث: أنه قال: "والغريق شهيد". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= • وأخرج مالك في الموطأ (1/ 233 - 234) وأحمد (5/ 446) وأبو داود رقم (3111) والنسائي (4/ 13) والحاكم (1/ 351 - 352) وابن حبان في صحيحه رقم (3189) و (3190) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 69 - 70).
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
عن جابر بن عتيك قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت، فوجده قد غلب عليه، فصاح به، فلم يجبه فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:"غلبنا عليك يا أبا الربيع" فصاح النسوة وبكين، وجعل ابن عتيك يسكنهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دعهنَّ فإذا وجب، فلا تبكين باكية"، فقالوا: ما الوجوب يا رسول الله؟ قال: "إذا مات"، قالت ابنته: والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيدًا، فإنَّك كنت قد قضيت جهازك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته وما تعدون الشهادة؟ قالوا: القتل في سبيل الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المبطون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمطعون شهيد، والحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة بجمعٍ شهيد".
وهو حديث صحيح.
8 -
من قتل دون ماله.
9 -
من قتل دون دينه.
10 -
من قتل دون دمه.
11 -
من قتل دون أهله.
أخرج أبو داود رقم (4772) والنسائي رقم (4090) واقتصر على الجملة الأولى والترمذي رقم (1421) وابن ماجه رقم (2580). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
من حديث سعيد بن زيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد" وهو حديث صحيح.
• وأخرج البخاري رقم (2480) ومسلم رقم (226/ 141).
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد" وهو حديث صحيح.
12 -
من قتل دون مظلمته فهو شهيد.
• أخرج أحمد في المسند (1/ 305) بسند رجاله رجال الصحيح إلا أنه منقطع.
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"من قُتل دُونَ مظلمتهِ فهو شهيد".
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 244) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
وله شاهد عن سويد بن المقرن عند النسائي (7/ 117 رقم 4096). =
قوله: (ولم يصلّ عليهم)، قال في التلخيص
(1)
: هو بفتح اللام وعليه المعنى، قاله النووي
(2)
.
ويجوز أن يكون بكسرها ولا يفسد، لكنه لا يبقى فيه دليل على ترك الصلاة عليهم مطلقًا، لأنه لا يلزم من قوله:"لم يصلّ عليهم" أن لا يأمر غيره بالصلاة عليهم، انتهى.
وسيأتي الكلام في الصلاة على الشهيد
(3)
.
8/ 1383 - (وَرَوى مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاق فِي المَغَازِي
(4)
بإسْنادِهِ عَنْ عاصِمِ بْنِ
= والخلاصة أن الحديث صحيح لغيره والله أعلم.
13 -
طالب الشهادة بصدق أعطيها وإن مات على فراشه:
• أخرج مسلم في صحيحه رقم (156/ 1908) عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من طلب الشهادة صادقًا، أعطها، ولو لم تصبْهُ". وهو حديث صحيح.
• وأخرج مسلم في صحيحه رقم (157/ 1959) وأبو داود رقم (1520) والترمذي رقم (1653) والنسائي (6/ 36 - 37) وابن ماجه رقم (2797) وغيرهم عن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حُنيفٍ حدثَهُ عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سأل الله الشهادة بصدقٍ بلَّغَهُ الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه". وهو حديث صحيح.
• اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك مقبلًا غير مدبر، مخلصًا غير مرائي، ناصرًا لدينك وشريعتك. آمين. آمين. آمين. لا أكتفي بواحدة حتى أضيف ألف آمين.
• هذا وقد أعرضت عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي وردت في ذكر شهداء آخرين، لأنني لا أعتدُّ بالأحاديث الضعيفة حتى ولا في فضائل الأعمال.
(1)
(2/ 235).
(2)
في "المجموع"(5/ 220).
(3)
الباب الثاني عند الحديث رقم (2/ 1401) من كتابنا هذا.
(4)
أخرجه ابن إسحاق في السيرة ص 312.
وأخرجه من طريق ابن إسحاق عن عاصم بن عمر مرسلًا، البيهقي في السنن الكبرى (4/ 15) وفي "الدلائل"(3/ 246).
وأخرج ابن حبان في صحيحه رقم (7025) والحاكم (3/ 204 - 205) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 15) وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
من طريق ابن إسحاق، عن يحيى بن عبَّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وقد كان الناسُ انهزَموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى بعضهم إلى دون الأعراض إلى جبل بناحيةِ المدينة، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان حنظلةُ بن أبي عامر التَقَى هو وأبو سفيان بن حرب فلما استعلاه حنظلة رآه شداد بن الأسود، فعلاه شداد بالسيف حتى قتله، وقد كادَ يقتل أبا سفيان، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: =
عُمَرَ بْنِ قَتادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبيد أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ: "إن صَاحِبَكُمْ لَتُغَسِّلُهُ المَلائكَةُ"، يَعْني حَنْظَلَةَ، فَسألُوا أهْلَهُ: ما شأنُهُ؟ فَسُئلتْ صَاحبَتُهَ فَقالَتْ: خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ حينَ سَمعَ الهَائِعَةَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لذلكَ غَسَّلَتْهُ المَلائِكَةُ"). [صحيح]
الحديث قال في الفتح
(1)
: قصته مشهورة، رواها ابن إسحاق وغيره. انتهى.
وأخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه
(2)
والحاكم
(3)
والبيهقي
(4)
من حديث ابن الزبير.
والحاكم في الإكليل
(5)
من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف.
والسرقسطي
(6)
في غريبه من طريق الزهري مرسلًا.
والحاكم أيضًا في المستدرك
(7)
والطبراني
(8)
والبيهقي
(9)
عن ابن عباس أيضًا. وفي إسناد الحاكم معلى بن عبد الرحمن
(10)
وهو متروك. وفي إسناد
= "إن صاحبكُم حنظلةُ تغسلُهُ الملائكةُ، فسَلُوا صاحبتَهُ".
فقالت: خرجَ وهو جنبٌ لما سَمِعَ الهائعةَ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"فذاك قد غسلتْهُ الملائكة".
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(1)
(3/ 212).
(2)
في صحيحه رقم (7025). وقد تقدم.
(3)
في المستدرك (3/ 204 - 205). وقد تقدم.
(4)
في السنن الكبرى (4/ 15). وقد تقدم.
(5)
الإكليل. الحاكم (محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه النيسابوري (ت 405 هـ) انظر: "معجم المصنفات (ص 74 رقم 121) / ولا يزال مخطوطًا ..
(6)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 239).
(7)
في المستدرك (3/ 195) وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي بقوله: "معلى هالك".
(8)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 12094).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 23) وقال: إسناده حسن.
(9)
في السنن الكبرى (4/ 15).
(10)
معلى بن عبد الرحمن الواسطي. قال الدارقطني: ضعيف كذاب، وقال أبو حاتم: متروك الحديث، وذهب ابن المديني إلى أنه كان يضع الحديث. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وقد اعترف بوضع تسعين حديثًا أو سبعين في فضل علي رضي الله عنه.
[الميزان (4/ 148 - 149 رقم 8673) والضعفاء الكبير للعقيلي (4/ 215 رقم 1802)].
الطبراني حجاج
(1)
وهو مدلس، وفي إسناد البيهقي أبو شيبة الواسطي
(2)
وهو ضعيف جدًّا.
وفي الباب أيضًا عن ابن عباس عند الطبراني
(3)
بإسناد قال الحافظ
(4)
: لا بأس به عنه.
قال: "أصيب حمزة بن عبد المطلب وحنظلة بن الراهب وهما جنب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت الملائكة تغسلهما"، وهو غريب في ذِكر حمزة كما قال في الفتح
(5)
.
قوله: (الهائعة) هي الصوت الشديد
(6)
.
وقد استدل بالحديث من قال إنه يغسل الشهيد إذا كان جنبًا، وبه قال أبو حنيفة
(7)
والمنصور بالله.
وقال الشافعي
(8)
ومالك
(9)
وأبو يوسف (7) ومحمد (7) وإليه ذهب الهادي (10) والقاسم (10) والمؤيد بالله (10) وأبو طالب
(10)
: إنه لا يغسل لعموم الدليل وهو الحقّ، لأنه لو كان واجبًا علينا ما اكتفي فيه بغسل الملائكة، وفعلهم ليس من تكليفنا ولا أمرنا بالاقتداء بهم
(11)
.
9/ 1384 - (وَعَنْ أبي سَلّامٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أصْحابِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "أغَرْنا
(1)
حجاج بن أرطاة انظر: "تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس" ص 125 - 126 رقم (2/ 118).
(2)
أبو شيبة العَبْسي الكبير، اسمه: إبراهيم بن عثمان. متروك الحديث. "تهذيب التهذيب"(1/ 76 - 77) و"تقريب التهذيب"(رقم: 215).
وخلاصة القول: أن حديث ابن عباس حديث ضعيف، والله أعلم.
(3)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 12094).
(4)
في "الفتح"(3/ 212).
(5)
(3/ 212).
(6)
قال ابن الأثير في النهاية (5/ 288): الهائعة: الصِّياح والضَّجَّة.
(7)
البناية في شرح الهداية (3/ 317).
(8)
المجموع (5/ 223).
(9)
عيون المجالس (1/ 455).
(10)
البحر الزخار (2/ 94).
(11)
انظر: "السيل الجرار"(1/ 680 - 683) بتحقيقي.
على حَيّ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَطَلَبَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ فَضَرَبَهُ فأخْطَأهُ وأصابَ نَفْسهُ، فَقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أَخوكُمْ يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ"، فابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَوَجَدُوهُ قَدْ ماتَ، فَلَفَّهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِثِيابِهِ وَدِمائِهِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ، فَقالُوا: يا رَسُولَ الله أَشَهيدٌ هُوَ؟ قالَ: "نَعَمْ، وَأنا لَهُ شَهيدٌ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(1)
. [ضعيف]
الحديث سكت عنه أبو داود
(2)
والمنذري
(3)
، وفي إسناده سلام بن أبي سلام وهو مجهول.
وقال أبو داود بعد إخراجه عن سلام المذكور: إنما هو عن زيد بن سلام عن جَده أبي سلام، انتهى. وزيد ثقة.
قوله: (فلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بثيابه ودمائه) ظاهره أنه لم يغسله ولا أمر بغسله، فيكون من أدلة القائلين بأن الشهيد لا يغسل كما تقدم، وهو يدل على أن من قتل نفسه في المعركة خطأ حكمه حكم من قتله غيره في ترك الغسل.
وأما من قتل نفسه عمدًا فإنه لا يغسل عند العترة
(4)
والأوزاعي
(5)
لفسقه لا لكونه شهيدًا.
قوله: (وصلى عليه) فيه إثبات الصلاة على الشهيد، وسيأتي الكلام على ذلك
(6)
.
قوله: (قال نعم إلخ) فيه أن من قتل نفسه خطأ شهيدٌ.
وقد أخرج مسلم
(7)
والنسائي
(8)
وأبو داود
(9)
عن سلمة بن الأكوع قال:
(1)
في سننه رقم (2539).
(2)
في السنن (3/ 45).
(3)
في المختصر (3/ 383).
وهو حديث ضعيف.
(4)
البحر الزخار (2/ 95).
(5)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 409).
(6)
الباب الثاني عند الحديث رقم (2/ 1401) من كتابنا هذا.
(7)
في صحيحه رقم (124/ 1802).
(8)
في سننه رقم (3150).
(9)
في سننه رقم (2538) مختصرًا.
وهو حديث صحيح.
"لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالًا شديدًا، فارتدّ عليه سيفه فقتله، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وشكوا فيه رجل مات بسلاحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مات جاهدًا مجاهدًا"، وفي رواية:"كذبوا، مات جاهدًا مجاهدًا فله أجره مرّتين" هذا لفظ أبي داود
(1)
.
[الباب الرابع] باب صفة الغسل
10/ 1385 - (عَنْ أُمِّ عَطيَّةَ قالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ، فَقالَ:"اغسلْنَها ثلاثًا أوْ خَمْسًا أو أكْثَرَ مِنْ ذلكَ إنْ رأيْتُنَّ بِمَاءٍ وَسدْرٍ، وَاجْعَلْنَ في الْأخِيرَةِ كافُورًا أوْ شَيْئًا مِنْ كافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فآذِنَّني"، فَلَمَّا فَرَغْنا آذَنَّاهُ، فأَعْطانا حَقْوَهُ، فَقالَ:"أشْعِرْنَها إيّاهُ"، يَعْني إزَارَهُ. رَوَاهُ الجَماعَةُ
(2)
. [صحيح]
وفي رِوَايَةَ لَهُمْ
(3)
[قال]
(4)
"ابْدأنَ بمَيامنها وَمَوَاضِعَ الوُضُوءِ مِنْها". [صحيح]
وفي لَفْظٍ
(5)
: "اغْسِلْنَها وِتْرًا ثَلاثًا أوْ خَمْسًا أوْ سَبْعًا أوْ كْثَرَ مِنْ ذلكِ إنْ رأيْتُنَّ".
وَفِيهِ قالَتْ: فَضَفَرْنا شَعْرَها ثَلاثَةَ قُرُونٍ فألْقَيْنَاهَا خَلْفَها
(6)
. مُتَّفَقٌ عَلْيهمَا، لَكِنْ لَيْسَ لِمُسْلِمٍ فِيهِ:"فألْقَيْناها خَلْفَها"). [صحيح]
(1)
في سننه رقم (2538).
(2)
أحمد (6/ 407) والبخاري رقم (1254) ومسلم رقم (36/ 939) وأبو داود رقم (3142) والترمذي رقم (990) والنسائي رقم (1881) وابن ماجه رقم (1458).
وهو حديث صحيح.
(3)
أحمد (6/ 408) والبخاري رقم (1255) ومسلم رقم (43/ 939). وأبو داود رقم (3145) والترمذي رقم (990) والنسائي رقم (1884) وابن ماجه رقم (1459).
وهو حديث صحيح.
(4)
زيادة من المخطوط (ب).
(5)
أخرجه أحمد (5/ 84) والبخاري رقم (1253) ومسلم رقم (39/ 939).
(6)
أخرجه أحمد (6/ 408) والبخاري رقم (1263) ومسلم رقم (41/ 939).
قوله: (حين توفيت ابنته) في رواية متفق عليها
(1)
: "ونحن نغسل ابنته"، قال في الفتح
(2)
: ويجمع بينهما بأن المراد أنه دخل حين شرع النسوة في الغسل. وابنته المذكورة هي زينب زوج أبي العاص بن الربيع كما في مسلم
(3)
.
وقال الداودي
(4)
: إنها أمّ كلثوم زوج عثمان. ويدل عليه ما أخرجه ابن ماجه
(5)
بإسناد على شرط الشيخين كما قال الحافظ
(6)
، ولفظه: "دخل علينا ونحن نغسل ابنته أمّ كلثوم - وكذا وقع لابن بشكوال في المبهمات
(7)
عن أمّ عطية والدولابي في الذرّية الطاهرة
(8)
.
قال في الفتح
(9)
: فيمكن ترجيح أنها أمّ كلثوم بمجيئه من طرق متعددة. ويمكن الجمع بأن تكون أمّ عطية حضرتهما جميعًا، فقد جزم ابن عبد البرّ
(10)
في ترجمتها بأنها كانت غاسلة الميتات، انتهى.
قوله: (اغسلنها) قال ابن [بريدة]
(11)
: استدلّ به على وجوب غسل الميت.
قال ابن دقيق العيد
(12)
: لكن قوله: ثلاثًا إلخ، ليس للوجوب على المشهور
(1)
البخاري رقم (1254) ومسلم رقم (38/ 939).
(2)
(3/ 128).
(3)
في صحيحه رقم (40/ 939). وانظر: شرح صحيح مسلم للنووي (7/ 4).
(4)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 128).
(5)
في سننه رقم (1458). وهو حديث صحيح.
(6)
في "الفتح"(3/ 128).
(7)
هو كتاب "غوامض الأسماء المبهمة الواقعة في متون الأحاديث المسندة"، تأليف: أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال (1/ 71 - 73 - رقم الخبر 6) وذكر أنها زينب وذكر الحجة في ذلك، كما ذكر بأنها أم كلثوم وأورد الشاهد لذلك.
قلت: والذي تميل إليه النفس أن أم عطية حضرت زينب وأم كلثوم وهذا الجمع أقوى لإعمال الأدلة الصحيحة في المسألة.
(8)
"الذرية الطاهرة" تأليف أبي بشر، محمد بن أحمد بن حماد، تحقيق: سعد المبارك الحسن.
(9)
(3/ 128).
(10)
في "الاستيعاب"(4/ 502).
(11)
في المخطوط (أ) و (ب): (بريدة) وفي "الفتح"(بزيزة).
(12)
في "إحكام الأحكام"(2/ 164).
من [مذاهب]
(1)
العلماء، فيتوقف الاستدلال به على تجويز إرادة المعنيين المختلفين بلفظ واحد، لأن قوله ثلاثًا غير مستقلّ بنفسه، فلا بد أن يكون داخلًا تحت صيغة الأمر فيراد بلفظ الأمر الوجوب بالنسبة إلى أصل الغسل والندب بالنسبة إلى الإيتار، انتهى.
فمن جوز ذلك جوّز الاستدلال بهذا الأمر على الوجوب، ومن لم يجوّزه حمل الأمر على الندب لهذه القرينة، واستدلّ على الوجوب بدليل آخر.
وقد ذهب الكوفيون وأهل الظاهر
(2)
والمزني إلى إيجاب الثلاث.
وروي ذلك عن الحسن وهو يردّ ما حكاه في البحر
(3)
من الإجماع على أن الواجب مرّة فقط.
قوله: (من ذلك) بكسر الكاف لأنه خطاب للمؤنث.
قال في الفتح
(4)
: ولم أر في شيء من الروايات بعد قوله: "سبعًا" التعبير بأكثر من ذلك إلا في رواية لأبي داود
(5)
، وأما سواه، فإما:"أو سبعًا"، وإما:"أو أكثر من ذلك". انتهى.
وهو ذهول منه عما أخرجه البخاري
(6)
في باب يجعل الكافور. فإنه روى حديث أمّ عطية هنالك بلفظ: "اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك"، وقد صرّح المصنف رحمه الله بأن الجمع بين التعبير بسبع [وأكثر]
(7)
متفق عليه
(8)
كما وقع في حديث الباب.
لكن قال ابن عبد البرّ
(9)
: لا أعلم أحدًا قال بمجاوزة السبع، وصرّح بأنها مكروهة: أحمد
(10)
، والماوردي
(11)
، وابن المنذر
(12)
.
(1)
في المخطوط (ب): (مذهب).
(2)
المحلى (5/ 121).
(3)
البحر الزخار (2/ 102).
(4)
(3/ 129).
(5)
في السنن رقم (3146). وهو حديث صحيح.
(6)
في صحيحه رقم (1259).
(7)
في المخطوط (ب): (أو أكثر).
(8)
أحمد (5/ 84) والبخاري رقم (1253) ومسلم رقم (39/ 939).
(9)
في "التمهيد"(6/ 191).
(10)
المغني (3/ 378 - 379).
(11)
الحاوي (3/ 11).
(12)
في الأوسط (5/ 333).
قوله: (إن رأيتنّ ذلك) فيه دليل على التفويض إلى اجتهاد الغاسل، ويكون ذلك بحسب الحاجة لا التشهي كما قال في الفتح
(1)
.
قال ابن المنذر
(2)
: إنما فوّض الرأي إليهنّ بالشرط المذكور وهو الإيتار.
قوله: (بماء وسدر) قال الزين بن المنير
(3)
: ظاهره أن السدر يخلط في كل مرة من مرات الغسل؛ لأن قوله: "بماء وسدر" يتعلق بقوله "اغسلنها". قال: وهو مشعر بأن غسل الميت للتنظيف - لا للتطهير؛ لأن الماء المضاف لا يتطهر به.
وتعقبه الحافظ
(4)
بمنع لزوم مصير الماء مضافًا بذلك لاحتمال أن لا يغير السدر وصف الماء بأن يمعك بالسدر ثم يغسل بالماء في كل مرّة، فإن لفظ الخبر لا يأبى ذلك.
قوله: (واجعلن في الأخيرة كافورًا أو شيئًا من كافور)، هو شكّ من الراوي.
قال في الفتح
(5)
: الأوّل محمول على الثاني لأنه نكرة في سياق الإثبات فيصدق بكل شيء منه، وقد جزم البخاري
(6)
في رواية باللفظ الأوّل، وظاهره أنه يجعل الكافور في الماء، وبه قال الجمهور
(7)
.
وقال النخعي والكوفيون: إنما يجعل الكافور في الحنوط، والحكمة في الكافور كونه طيب الرائحة، وذلك وقت تحضر فيه الملائكة.
وفيه أيضًا تبريد وقوّة نفوذ، وخاصة في تصلب بدن الميت وطرد الهوامّ عنه وردع ما يتحلل من الفضلات، ومنع إسراع الفساد إليه، وإذا عدم قام غيره مقامه مما فيه هذه الخواصّ أو بعضها.
قوله: (فآذنني) أي أعلمنني.
قوله: (فأعطانا حقوه) قال: في الفتح
(8)
: بفتح المهملة ويجوز كسرها،
(1)
(3/ 129).
(2)
في الأوسط (5/ 333).
(3)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 126).
(4)
في "الفتح"(3/ 129).
(5)
(3/ 129).
(6)
في صحيحه رقم (1254).
(7)
المغني (3/ 378).
(8)
(3/ 129).
وهي لغة هذيل بعدها قاف ساكنة، والمراد به هنا الإزار كما وقع مفسرًا في آخر هذه الرواية. والحقوة في الأصل
(1)
: معقد الإزار، وأطلق على الإزار مجازًا.
وفي رواية للبخاري
(2)
"فنزع عن حقوه إزاره"، والحقو على هذا حقيقته.
قوله: (فقال أشعرنها إياه) أي ألففنها فيه؛ لأن الشعار ما يلي الجسد من الثياب، والمراد اجعلنه شعارًا لها
(3)
.
قال في الفتح
(4)
: قيل الحكمة في تأخير الإزار معه إلى أن يفرغن من الغسل ولم يناولهنّ إياه أولًا ليكون قريب العهد من جسده حتى لا يكون بين انتقاله من جسده إلا جسدها فاصل وهو أصل في التبرّك بآثار الصالحين
(5)
.
وفيه جواز تكفين المرأة في ثوب الرجل. وقد نقل ابن بطال
(6)
الاتفاق على ذلك.
قوله: (ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)، ليس بين الأمرين تناف لإمكان البداءة بمواضع الوضوء وبالميامن معًا.
(1)
النهاية لابن الأثير (1/ 417).
(2)
في صحيحه رقم (1257).
(3)
النهاية (2/ 480) والمفهم (2/ 594 - 595).
(4)
(3/ 129).
(5)
الواقع الذي يجب فهمه ومعرفته أن التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم وبآثاره مشروع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم مبارك في ذاته وآثاره وأفعاله، وكان صحابته الكرام يعرفون ذلك وأقرَّهم النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
ولكن هل يقاس على النبي صلى الله عليه وسلم غيره من الصالحين، فيُتبرّك به وبآثاره كما ذهب إليه الحافظ ابن حجر.
الواقع أنه لا يوجد هناك أيّ دليل على جواز التبرك بغير النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالتبرك بغيره من الصحابة رضي الله عنهم أو غيرهم، سواء بذواتهم، أو بآثارهم، أو أرشد إلى شيء من ذلك. وكذا لم يُنقل حصول هذا النوع من التبرك من قبل الصحابة رضي الله عنهم بغيره صلى الله عليه وسلم، لا في حياته صلى الله عليه وسلم ولا بعد مماته صلى الله عليه وسلم.
ولهذا ذهب المحققون من علماء أهل السنة والجماعة إلى أن التبرك بذوات الصالحين وبآثارهم غير مشروع، بل هو من التبرك الممنوع.
[انظر: "التبرك أنواعه وأحكامه" د. ناصر بن عبد الرحمن الجديع ص 261 و"منهج الحافظ ابن حجر في العقيدة من خلال "فتح الباري" د. محمد إسحاق كندو (2/ 1026 - 1028)].
(6)
في شرحه لصحيح البخاري (3/ 255).
قال الزين بن المنيِّر
(1)
: قوله "ابدأن بميامنها"، أي في الغسلات التي لا وضوء فيها ومواضع الوضوء منها: أي في الغسلة المتصلة بالوضوء، وفي هذا ردّ على من لم يقل باستحباب البداءة بالميامن وهم الحنفية
(2)
.
واستدلّ به على استحباب المضمضة والاستنشاق في غسل الميت خلافًا للحنفية
(3)
.
قوله: (اغسلنها وترًا ثلاثًا إلخ)، استدلّ به على أن أقلّ الوتر ثلاث.
قال الحافظ
(4)
: ولا دلالة فيه لأنه سيق مساق البيان للمراد، إذ لو أطلق لتناول الواحدة فما فوقها.
قوله: (فضفرنا شعرها ثلاثة قرون) هو بضاد وفاء خفيفة. وفيه استحباب ضفر شعر المرأة وجعله ثلاثة قرون وهي ناصيتها وقرناها: أي جانبا رأسها كما وقع في رواية وكيع عن سفيان عن البخاري
(5)
تعليقًا، ووصل ذلك الإسماعيلي
(6)
، وتسمية الناصية قرنًا تغليب.
وقال الأوزاعي
(7)
والحنفية
(8)
: أنه يرسل شعر المرأة خلفها وعلى وجهها مفرقًا.
قال القرطبي
(9)
: وكأنّ سبب الخلاف أن الذي فعلته أمّ عطية هل استندت فيه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فيكون مرفوعًا، أو هو شيء رأته ففعلته استحبابًا؟ كلا الأمرين
(1)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 131).
(2)
البناية في شرح الهداية (3/ 217) وفيها أن السنة عند الأحناف البداية بالميامن. خلافًا لما ذُكر.
(3)
البناية في شرح الهداية (3/ 214) وفيه: " .... قلنا: المضمضة إدارة الماء في داخل الفم، والاستنشاق: إدخال الماء في الأنف وجذبه إلى الخياشيم، وهذا كله متعذر
…
" اهـ.
(4)
في "الفتح"(3/ 130).
(5)
(3/ 133 بإثر الحديث رقم 1262): "
…
وقال وكيعٌ: قال سفيان: "ناصِيَتَها وقَرَنيْها".
(6)
كما في "الفتح"(3/ 130).
(7)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 333).
(8)
البناية في شرح الهداية للعيني (3/ 237 - 238).
(9)
في المفهم (2/ 595).
محتمل، لكن الأصل أن لا يفعل [في الميت]
(1)
شيء من جنس القرب إلا بإذن الشرع ولم يرد ذلك مرفوعًا كذا قال.
وقال النووي
(2)
: الظاهر عدم اطلاع النبيّ صلى الله عليه وسلم وتقريره له.
وتعقب ذلك الحافظ
(3)
بأن سعيد بن منصور روى عن أمّ عطية أنها قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغسلنها وترًا واجعلن [شعرها]
(4)
ضفائر"، وأخرج ابن حبان في صحيحه
(5)
عن أمّ عطية مرفوعًا بلفظ: "واجعلن لها ثلاثة قرون".
قوله: (فألقيناها خلفها) فيه استحباب جعل ضفائر المرأة خلفها. وقد زعم ابن دقيق العيد
(6)
أن الوارد في ذلك حديث غريب.
قال في الفتح
(7)
: وهو مما يتعجب منه مع كون الزيادة في صحيح البخاري
(8)
، وقد توبع رواتها عليها، وقد استوفى تلك المتابعات، وذكر للحديث فوائد غير ما تقدم.
11/ 1386 - (وَعَنْ عائِشَةَ قَالَتْ: لَمّا أرَادُوا غُسْلَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقالُوا: وَالله ما نَدْرِي كَيْفَ نَصْنَعُ، أَنُجَرّدُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كما نُجَرّدُ مَوْتانا، أمْ نُغَسِّلُهُ وَعَلَيْهِ ثيابُهُ؟ قالَتْ: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أرْسَلَ الله عَلَيْهِمُ السِّنَةَ، حتَّى وَالله ما مِنْ القَوْمِ مِنْ رَجُلٍ إلا ذَقْنُهُ في صَدْرِهِ نائِمًا، قالَتْ: ثُم كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ ناحِيةِ البَيْتِ لا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ فَقالَ: اغْسِلُوا النَّبي صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ ثِيابُهُ، قالَتْ: فَثارُوا إلَيْهِ فَغَسَّلُوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ في قَمِيصِهِ يُفاضُ عَلَيْهِ المَاءُ وَالسِّدْرُ وَيَدْلُكُ الرّجالُ بالقَمِيصِ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(9)
وَأَبُو دَاوُدَ
(10)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا ابن حبان
(11)
والحاكم
(12)
.
(1)
ما بين المعكوفتين مكرر في المخطوط (أ).
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 4).
(3)
في "الفتح"(3/ 134).
(4)
في المخطوط (ب): (أشعرها).
(5)
في صحيحه (رقم 3033) بسند صحيح.
(6)
في إحكام الأحكام (2/ 166).
(7)
في "الفتح"(3/ 134).
(8)
رقم الحديث (1263).
(9)
في المسند (6/ 267).
(10)
في سننه رقم (3141).
(11)
في صحيحه رقم (6627).
(12)
في المستدرك (3/ 59 - 60).
وفي رواية لابن حبان
(1)
: "فكان الذي أجلسه في حجره عليّ بن أبي طالب".
وروى الحاكم
(2)
عن عبد الله بن الحارث قال: "غسل النبيّ صلى الله عليه وسلم عليّ وعلى يده خرقة فغسله، فأدخل يده تحت القميص فغسله والقميص عليه".
وفي الباب عن بريدة عند ابن ماجه
(3)
والحاكم
(4)
والبيهقي
(5)
قال: "لما أخذوا في غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناداهم منادٍ من الداخل: لا تنزعوا عن النبيّ [صلى الله عليه وسلم]
(6)
قميصه".
وعن ابن عباس عند أحمد
(7)
أن عليًا أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدره وعليه [قميصه]
(8)
، وفي إسناده حسين بن عبد الله
(9)
وهو ضعيف.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه عند عبد الرزاق
(10)
وابن أبي شيبة
(11)
(1)
في صحيحه رقم (6628).
قلت: وأخرجه إسحاق بن راهويه رقم (914) وابن ماجه رقم (1464) وابن الجارود رقم (517) والبيهقي (3/ 387) وفي الدلائل (7/ 242) من طرق.
قال الحاكم: صحيح، على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عنه الذهبي.
وهو حديث صحيح والله أعلم.
(2)
في المستدرك (1/ 362).
(3)
في السنن رقم (1466).
(4)
في المستدرك (1/ 354).
(5)
في السنن الكبرى (3/ 387).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 476): "هذا إسناد ضعيف لضعف أبي بردة واسمه عمر بن يزيد التميمي".
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وقال الألباني: منكر.
(6)
زيادة من المخطوط (أ).
(7)
في المسند (1/ 260) بسند ضعيف. لضعف حسين بن عبد الله الهاشمي المدني. وقد تقدم خلال شرح الحديث (6/ 1381) من كتابنا هذا (حاشية).
(8)
في المخطوط (ب): (قميص).
(9)
تقدم الكلام عليه وهو ضعيف.
(10)
في المصنف رقم (6077).
(11)
في المصنف (3/ 245).
والبيهقي
(1)
والشافعي
(2)
قال: "غسل النبيّ صلى الله عليه وسلم ثلاثًا بسدر، وغسل وعليه قميص، وغسل من بئر يقال لها: الغرس بقبا كانت لسعد بن خيثمة وكان يشرب منها، وولي سفلته عليّ والفضل محتضنه والعباس يصبّ الماء، فجعل الفضل يقول: "أرحني قطعت وتيني إني لأجد شيئًا يترطل عليّ".
قال الحافظ
(3)
: وهو مرسل جيد.
قوله: (السنة)
(4)
بسين مهملة مكسورة بعدها نون وهي ما يتقدم النوم من الفتور الذي يسمى النعاس.
قال عديّ بن الرقاع العاملي
(5)
:
وَسْنانُ أَقْصَدَهُ النُّعاسُ فَرَنَّقَتْ
…
في عينِهِ سِنَةٌ وليسَ بِنَائمِ
(6)
* * *
(1)
في السنن الكبرى (3/ 395).
(2)
في المسند رقم (562 - ترتيب).
تقدم خلال شرح الحديث (6/ 1381) من كتابنا هذا (حاشية).
(3)
في "التلخيص"(2/ 216).
(4)
قال ابن الأثير في "النهاية"(5/ 186): "الوسنان أي النائم الذي ليس بمستغرق في نومه، والوسن أوّل النّوم، وقد وَسِنَ يوسَنُ سِنَةٌ، فهو وَسِنٌ ووسنانٌ، والهاء في السِّنة عِوضٌ عن الواو المحذوفة" اهـ.
(5)
هو عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع بن علي بن شعل بن معاوية بن الحارث العاملي شاعر مغمور من حاضرة الشام (ت 75 هـ، 714 م).
(6)
هذا البيت من قصيدة قالها في وصف عيني امرأة، وهي من البحر الكامل، والقافية من المتدارك. الديوان ص 99 - 100 - البيت رقم (3) وذكره ابن منظور في اللسان (13/ 449).
[ثانيا]
[*]
أبواب الكفن وتوابعه
[الباب الأول] باب التكفين من رأس المال
1/ 1387 - (عَنْ خَبَّاب بْنِ الأرَتّ أن مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَلْم يَتْرُكْ إلا نَمِرَةً، فَكُنَّا إذَا غَطَّيْنا بِها رأسَهُ بَدَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنا رجْلَيْهِ بَدَا رأسُهُ، فأمَرَنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ نُغَطِّي بِها رأسَه وَنَجْعَلَ على رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الإذْخِرِ. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلا ابْنَ ماجَهْ)
(1)
. [صحيح]
2/ 1388 - (وَعَنْ خَبّابٍ أيْضًا أن حَمْزَةَ لَمْ يُوجَدْ لَهُ كَفَنٌ إلا بُرْدَةٌ مِلْحاءُ إذَا جُعِلَتْ على قَدَمَيْهِ قَلَصَتْ عَنْ رأسِهِ حتَّى مُدَّتْ على رأسِهِ وَجُعِلَ على قَدَمَيْهِ الإذْخِرِ. رَوَاه أحْمَدُ)
(2)
. [إسناده صحيح]
الحديث الثاني أخرجه أيضًا الحاكم
(3)
عن أنس.
قوله: (أن مصعب بن عمير قتل)، في رواية للبخاري
(4)
أن عبد الرحمن بن عوف قال: "قتل مصعب بن عمير وكان خيرًا مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة، وقتل حمزة أو رجل آخر فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة".
قال في الفتح
(5)
: قوله: "أو رجل آخر" لم أقف على اسمه، ولم يقع في أكثر الروايات إلا بلفظ حمزة ومصعب فقط.
(1)
أحمد (5/ 109) والبخاري رقم (4047) ومسلم رقم (44/ 940) وأبو داود رقم (3155) والترمذي رقم (3853) والنسائي رقم (1903). وهو حديث صحيح.
(2)
في المسند (5/ 111) بسند صحيح.
(3)
في المستدرك (2/ 120) وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
قلت: وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 3 رقم 2939) والخطيب في التلخيص (1/ 44). وإسناده صحيح، والله أعلم.
(4)
في صحيحه رقم (1274).
(5)
(7/ 354).
[*](تعليق الشاملة): في المطبوع «ثالثا»
قوله: (إلا نمرة) هي شَمْلَةٌ فيها خطوط بيض وسود، أو بردة من صوف يلبسها الأعراب، كذا في القاموس
(1)
.
قوله: (فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي بها رأسه)، فيه دليل على أنه إذا ضاق الكفن عن ستر جميع البدن ولم يوجد غيره جعل مما يلي الرأس وجعل النقص مما يلي الرجلين.
قال النووي
(2)
: "فإن ضاق عن ذلك سترت العورة. فإن فضل شيء جعل فوقها، وإن ضاق عن العورة سترت السوأتان لأنهما أهمّ، وهما الأصل في العورة.
قال
(3)
: وقد يستدلّ بهذا الحديث على أن الواجب في الكفن ستر العورة فقط، ولا يجب استيعاب البدن عند التمكن.
فإن قيل: لم يكونوا متمكنين من جميع البدن لقوله: لم يوجد له غيرها، فجوابه أن معناه لم يوجد مما يملكه الميت إلا نمرة، ولو كان ستر جميع البدن واجبًا لوجب على المسلمين الحاضرين تتميمه إن لم يكن له قريب يلزمه نفقته، فإن كان وجبت عليه.
فإن قيل: كانوا عاجزين عن ذلك لأن القضية جرت يوم أحد وقد كثرت القتلى من المسلمين واشتغلوا بهم وبالخوف من العدوّ عن ذلك.
وجوابه أنه يبعد من حال الحاضرين المتولين دفنه أن لا يكون مع واحد منهم قطعة من ثوب ونحوها"، انتهى
(4)
.
وقد استدلّ بالحديثين على أن الكفن يكون من رأس المال؛ لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر بالتكفين في النمرة ولا مال غيرها.
قال ابن المنذر
(5)
: قال بذلك جميع أهل العلم إلا رواية شاذّة عن
(1)
القاموس المحيط ص 627.
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 6).
(3)
أي النووي في المرجع السابق (7/ 7).
(4)
أي كلام النووي في شرحه لصحيح مسلم (6/ 7 - 7).
(5)
في الأوسط (5/ 362 - 363).
خلاس بن عمرو
(1)
، قال: الكفن من الثلث
(2)
. وعن طاوس
(3)
قال: من الثلث إن كان قليلًا.
وحكى في البحر
(4)
عن الزهري وطاوس أنه من الثلث إن كان معسرًا.
وقد أخرج الطبراني في الأوسط
(5)
من حديث عليّ: "أن الكفن من جميع المال"، وإسناده ضعيف.
وأخرجه ابن أبي حاتم في العلل
(6)
من حديث جابر، وحكى عن أبيه أنه منكر، وقد أخرجهما عبد الرزاق
(7)
.
قوله: (ونجعل على رجليه شيئًا من الإذخر) فيه أنه يستحبّ إذا لم يوجد ساتر البتة لبعض البدن أو لكله أن يغطى بالإذخر، فإن لم يوجد فما تيسر من نبات الأرض. وقد كان الإذخر مستعملًا لذلك عند العرب كما يدلّ عليه قول العباس: إلا الإذخر فإنه لبيوتنا وقبورنا.
(1)
خلاس بن عمرو الهجري، حدث عن علي، وعمار بن ياسر، وعائشة، بصري ثقة، وكان قديمًا كثير الحديث، كانت له صحيفة يحدث عنها، وثقه أحمد وغيره.
[سير أعلام النبلاء (4/ 491)].
(2)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 363).
(3)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 363) ونقل الحافظ في "الفتح"(3/ 141) هذا القول عن المؤلف، عن طاوس.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 436 رقم 6226) عن ابن التيمي عن أبيه عن طاوس قال: "الكفن من جميع المال، قال: فإن كان المال قليلًا فهو من الثلث".
(4)
البحر الزخار (2/ 104).
(5)
رقم (7401) بسند ضعيف.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 23) وقال: "فيه عبد الله بن هارون الفروي، وهو ضعيف" اهـ.
(6)
(1/ 370). وقال أبو حاتم: منكر.
(7)
في المصنف (3/ 435 رقم 6225) عن خلاس. وقد تقدم.
وكذلك (3/ 436 رقم 6226) عن طاووس.
[الباب الثاني] باب استحباب إحسان الكفن من غير مغالاة
3/ 1389 - (عَن أبي قَتَادَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا وَلِيَ أحَدُكُمْ أخاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ"، رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ
(1)
وَالتِّرْمِذيُّ)
(2)
. [صحيح]
4/ 1390 - (وَعَنْ جابِرٍ أن النَّبي صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْمًا فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أصحْابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طائِلٍ وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُقْبَر الرَّجلُ لَيْلًا حتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إلا أنْ يَضْطَرَّ إنْسانٌ إلى ذلِكَ، وَقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِذَا كَفَّنَ أحَدُكُمْ أخاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
وَمُسْلِمٌ
(4)
وأبُو دَاوُدَ)
(5)
. [صحيح]
حديث أبي قتادة حسنه الترمذي
(6)
ورجال إسناده ثقات.
وفي الباب عن أمّ سلمة عند الديلمي
(7)
أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "أحسنوا الكفن، ولا تؤذوا موتاكم بعويل ولا بتزكية ولا بتأخير وصية ولا بقطيعة، وعجلوا بقضاء دينه، واعدلوا عن جيران السوء وإذا حفرتم فأعمقوا وأوسعوا".
وعن جابر غير حديث الباب عند الديلمي
(8)
أيضًا قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "أحسنوا كفن موتاكم فإنهم يتباهون ويتزاورون بها في قبورهم".
(1)
في سننه رقم (1474).
(2)
في سننه رقم (995) وقال: حسن غريب.
وهو حديث صحيح.
(3)
في المسند (3/ 295).
(4)
في صحيحه رقم (49/ 943).
(5)
في السنن رقم (3148).
وهو حديث صحيح.
(6)
في السنن (3/ 321) وقال: هذا حديث حسن غريب.
(7)
في "الفردوس"(1/ 98 رقم 318) بدون سند.
(8)
في "الفردوس"(1/ 98 رقم 317) بدون سند.
وانظر: "تنزيه الشريعة" لابن عراق (2/ 373 رقم 32).
قوله: (فليحسن كفنه) ضبط بفتح الحاء وإسكانها.
قال النووي
(1)
: وكلاهما صحيح، والمراد بإحسان الكفن: نظافته [ونقاؤه]
(2)
وكثافته وستره وتوسطه، وكونه من جنس لباسه في الحياة لا أفخر منه ولا أحقر.
قال العلماء
(3)
: وليس المراد بإحسانه السرف فيه والمغالاة ونفاسته، وإنما المراد ما تقدم.
قوله: (غير طائل) أي حقير غير كاملٍ.
قوله: (حتى يصلى عليه) هو بفتح اللام كما قال النووي (1) وإنما نهى عن القبر ليلًا حتى يصلّي عليه؛ لأن الدفن نهارًا يحضره كثيرون من الناس ويصلون عليه، ولا يحضره في الليل إلا أفراد.
وقيل: لأنهم كانوا يفعلون ذلك بالليل لرداءة الكفن فلا يبين في الليل.
ويؤيده أوّل الحديث وآخره.
قال القاضي (4): العلتان صحيحتان. قال
(4)
: والظاهر أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قصدهما معًا. قال: وقد قيل غير هذا.
قوله: (إلا أن يضطرّ الإنسان إلى ذلك) يدلّ على أنه لا بأس به في وقت الضرورة.
وقد اختلف العلماء في الدفن بالليل
(5)
، فكرهه الحسن البصري
(6)
إلا لضرورة.
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 11).
(2)
في المخطوط (ب): (ونقاته).
(3)
حكاه النووي عنهم في شرحه لصحيح سلم (7/ 11).
(4)
عياض في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 399).
(5)
الأوسط لابن المنذر (5/ 460).
(6)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 461).
وأخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 347) من طريق أبي حرة عن الحسن.
وقال جماعة العلماء من السلف والخلف: لا يكره، واستدلوا بأن أبا بكر الصدّيق وجماعة من السلف دفنوا ليلًا من غير إنكار
(1)
.
وبحديث: "المرأة السوداء [أو الرجل]
(2)
والرجل الذي كان يقمّ المسجد، فتوفي بالليل فدفنوه ليلًا، وسألهم النبيّ صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا: توفي فدفناه في الليل، فقال: ألا آذنتموني؟ قالوا: كانت ظلمة ولم ينكر عليهم"، أخرجه البخاري
(3)
. وسيأتي في باب الدفن
(4)
ليلًا.
وأجابوا عن حديث الباب بأن النهي كان لترك الصلاة لا لمجرّد الدفن بالليل، أو عن إساءة الكفن أو عن المجموع، وتأتي بقية الكلام إن شاء الله في باب الدفن ليلًا (4).
5/ 1391 - (وَعَنْ عائِشَةَ أن أبا بَكْرٍ نَظَرَ إلى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كانَ يَمْرَضُ فِيهِ بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ، فَقالَ: اغْسِلوا ثَوْبي هَذَا، وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ فَكَفِّنونِي فِيها، قلْتُ: إن هَذَا خَلَقٌ؟ قالَ: إنَّ الحَيَّ أَحَقُّ بالجَديدِ مِنَ المَيِّتِ إنمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ. مُخْتَصَرٌ مِنَ البُخاريّ)
(5)
. [صحيح]
قوله: (به ردْع)
(6)
بسكون المهملة بعدها عين مهملة: أي لطخ لم يعمه كله.
قوله: (وزيدوا عليه ثوبين)، في رواية:"جديدين".
(1)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 460) وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 346) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن أبا بكر مات ليلة الثلاثاء ودفن من ليلته قبل أن يصبح.
وهو أثر صحيح، والله أعلم.
• وأخرج ابن سعد في الطبقات (8/ 78) أخبرنا عفان بن مسلم، ثنا حماد بن سلمة، أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن الزبير دفن عائشة ليلًا.
وهو أثر صحيح. والله أعلم.
(2)
في المخطوط (ب): (والرجل).
(3)
في صحيحه رقم (1337).
(4)
الباب السادس عند الحديث رقم (20/ 1480 - 22/ 1482) من كتابنا هذا.
(5)
في صحيحه رقم (1387).
(6)
النهاية (2/ 215).
قوله: (فكفنوني فيها) رواية أبي ذرّ "فيهما"، وفسَّر الحافظ
(1)
ضمير المثنى بالمزيد والمزيد عليه. وفي رواية غير أبي ذرّ "فيها" كما وقع عند المصنف.
قوله: (خلق) بفتح المعجمة واللام: أي غير جديد
(2)
.
وفي رواية عند ابن سعد
(3)
: "ألا نجعلها جددًا كلها؟ قال: لا"، وظاهره أن أبا بكر كان يرى عدم المغالاة في الأكفان ويؤيده قوله:"إنما هو للمهلة".
وروى أبو داود
(4)
من حديث عليّ مرفوعًا: "لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سريعًا".
ولا يعارضه حديث جابر
(5)
في الأمر بتحسين الكفن كما تقدم فإنه يجمع بينهما بحمل التحسين على الصفة وحمل المغالاة على الثمن.
وقيل: التحسين حق للميت، فإذا أوصى بتركه اتبع كما فعل الصديق، ويحتمل أن يكون اختار ذلك الثوب بعينه لمعنى فيه من التبرّك لكونه صار إليه من النبيّ صلى الله عليه وسلم، أو لكونه كان قد جاهد فيه أو تعبد فيه.
ويؤيده ما رواه ابن سعد
(6)
من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: قال أبو بكر: "كفنوني في ثوبيّ اللذين كنت أصلي فيهما".
قوله: (إنما هو أي الكفن للمهلة) قال القاضي عياض
(7)
: روي بضم الميم وفتحها وكسرها، وبذلك جزم الخليل
(8)
.
وقال ابن حبيب
(9)
: هو بالكسر: الصديد، وبالفتح: التمهل، وبالضم: عكر الزيت، والمراد هنا الصديد، [ويحتمل]
(10)
أن يكون المراد بقوله: "وإنما
(1)
في "الفتح"(3/ 253).
(2)
القاموس المحيط ص 1137.
(3)
في الطبقات الكبرى (3/ 197).
(4)
في سننه رقم (3154) وهو حديث ضعيف.
(5)
المتقدم برقم (1390) من كتابنا هذا.
(6)
في الطبقات الكبرى (3/ 196).
(7)
في "مشارق الأنوار على صحاح الآثار"(1/ 389).
(8)
في كتابه "العين" ص 928.
(9)
ذكره ابن عبد البر في "التمهيد"(6/ 202).
(10)
في المخطوط (ب): (ويحمل).
هو "أي الجديد، وأن يكون المراد بالمهلة على هذا التمهل: أي الجديد لمن يريد البقاء.
قال الحافظ
(1)
: والأوّل أظهر.
وفي هذا الأثر استحباب التكفين في ثلاثة أكفان، وجواز التكفين في الثياب المغسولة وإيثار الحيّ بالجديد.
ويدلّ على استحباب أن يكون الكفن جديدًا، ما أخرجه أبو داود
(2)
وابن حبان
(3)
والحاكم
(4)
من حديث أبي سعيد أنه لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الميت يبعث في ثيابه التي مات فيها".
ورواه ابن حبان (3) بدون القصة، وقال: أرادَ بذلك أعمالَهُ لقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)} [المدثر: 4]، يريد وعَمَلَكَ فأصْلِحْهُ.
قال: والأخبار الصحيحة صريحة أن الناس يحشرون حفاة عراة
(5)
.
وحكى الخطابي
(6)
في الجمع بينهما أنه يبعث في ثيابه ثم يحشر عريانًا.
[الباب الثالث] باب صفة الكفن للرجل والمرأة
6/ 1392 - (عَنِ ابْنِ عَباسٍ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كُفِّن في ثَلاثَةِ أثْوَابٍ: قَمِيصِهِ
(1)
في "الفتح"(3/ 254).
(2)
في سننه رقم (3114).
(3)
في صحيحه رقم (7316) بسند صحيح.
(4)
في المستدرك (1/ 340) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وهو حديث صحيح.
(5)
يشير المؤلف رحمه الله إلى الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري رقم (6527) ومسلم رقم (56/ 2859).
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يُحْشَرُ الناسُ حُفاةً عُراةً غُرْلًا" قالت عائشة: فقلت: الرجال والنساء جميعًا ينظُرُ بعضهم إلى بعض؟ قال: الأمرُ أشدُّ من أن يُهِمَّهُمْ ذلك"، وفي رواية: "من أن ينظر بعضهم إلى بعض".
(6)
في معالم السنن (3/ 485 - مع السنن).
الذِي ماتَ فيهِ، وَحُلَّةٍ نَجْرانِية، الحُلةُ ثَوْبان. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وأبُو دَاوُدَ)
(2)
. [ضعيف]
7/ 1393 - (وَعَنْ عائِشَةَ قالَتْ: كُفِّنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في ثَلاثَةِ أثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيةٍ جُدَدٍ يَمَانِيَّةٍ لَيْسَ فِيها قَمِيصٌ وَلَا عِمامَةٌ أُدْرِجَ فِيهَا إدْرَاجًا. رَوَاهُ الجَمَاعَةُ
(3)
. [صحيح]
وَلَهُمْ إلَّا أحْمَدَ وَالبُخارِيَّ
(4)
وَلَفْظهُ لمُسْلِمٍ: وأما الحُلَّةُ فإنَّمَا شُبِّهَ على النَّاسِ فِيها إنَّمَا اشْتُرِيَتْ لِيُكَفَّنَ فِيها فتُرِكَتِ الحُلُّةُ وكُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أثْوابٍ بيضٍ سَحُوليَّة. [صحيح]
ولمُسْلِمٍ
(5)
: [قالَتْ]
(6)
: أُدْرِجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في حُلَّةٍ يَمَنِيَّةٍ كانَتْ لِعَبْدِ الله بْنِ أبي بَكْرٍ ثَم نُزِعَتْ عَنْه وكُفِّنَ في ثَلاثَةِ أثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ يَمَانِيَّةٍ ليس فِيها عِمامَةٌ وَلا قَمِيصٌ). [صحيح]
حديث ابن عباس في إسناده يزيد بن أبي زياد
(7)
وقد تغير، وهذا من أضعف حديثه.
وقال النووي
(8)
: إنه مجمع على ضعف يزيد المذكور، وقد بين مسلم أنه صلى الله عليه وسلم لم يكفن في الحلة، وإنما شبه على الناس كما ذكر المصنف.
(1)
في المسند (1/ 222).
(2)
في السنن رقم (3153).
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (1471) وابن أبي شيبة (3/ 258) والطبراني رقم (12146) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 400).
وهو حديث ضعيف والله أعلم.
(3)
أحمد (6/ 45، 118، 132) والبخاري رقم (1273) ومسلم رقم (45/ 941) وأبو داود رقم (3151) والترمذي رقم (996) والنسائي رقم (1897) وابن ماجه رقم (1469).
(4)
مسلم رقم (45/ 941) وأبو داود رقم (3152) والترمذي رقم (996) والنسائي رقم (1899) وابن ماجه رقم (1469).
(5)
في صحيحه رقم (46/ 941).
(6)
في المخطوط (ب): (قال).
(7)
يزيد بن أبي زيادٍ الهاشميُّ مولاهم، الكوفي: ضعيف، كَبِرَ فتغيَّرَ وصار يتلَّقنُ، وكان شيعيًا، من الخامسة
…
التقريب رقم (7717).
(8)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 8).
وفي الباب عن جابر بن سمرة عند البزار
(1)
وابن عديّ في الكامل
(2)
: "أنه كفن صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب: قميص، وإزار، ولفافة"، وفي إسناده ناصح وهو ضعيف.
وعن ابن عباس غير حديث الباب عند ابن عديّ
(3)
قال: "كفن صلى الله عليه وسلم في قطيفة حمراء"، وفي إسناده قيس بن الربيع وهو ضعيف.
قال الحافظ
(4)
: وكأنه اشتبه عليه بحديث: "جعل في قبره قطيفة حمراء"، فإنه يروى بالإسناد المذكور بعينه.
وعن عليّ عند ابن أبي شيبة
(5)
وأحمد
(6)
والبزار
(7)
قال: "كفن النبيّ صلى الله عليه وسلم في سبعة أثواب"، وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل وهو سيء الحفظ لا يصلح [الاحتجاج]
(8)
بحديثه إذا خالف الثقات كما هنا.
وقد خالف ههنا رواية نفسه، فإنه روى عن جابر:"أنه صلى الله عليه وسلم كفن في ثوب نمرة"
(9)
.
(1)
في المسند (رقم 811 - كشف) وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 23): فيه ناصح المُحَلِّمي وهو ضعيف.
(2)
في "الكامل"(7/ 2511) في ترجمة "ناصح بن عبد الله أبو عبد الله المُحَلِّمي".
(3)
في "الكامل"(6/ 2068) في ترجمة "قيس بن الربيع أبو محمد الأسدي الكوفي ".
(4)
في "التلخيص"(2/ 221).
(5)
في المصنف (3/ 262).
(6)
في المسند (1/ 94، 102).
(7)
في المسند رقم (646).
قلت: وأخرجه ابن حبان في المجروحين (2/ 3) في ترجمة عبد الله بن محمد بن عقيل.
وابن عدي في "الكامل"(4/ 1448) في ترجمة ابن عقيل أيضًا. وذكره ابن الجوزي في "العلل المتناهية" رقم (1498) وقال: حديث لا يصح
…
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 23) وقال: رواه أحمد وإسناده حسن والبزار.
قلت: وهو حديث ضعيف لتفرد عبد الله بن محمد بن عقيل به، ولمخالفته الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري رقم (1264) ومسلم رقم (941) عن عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كُفِّن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية من كرسُف".
(8)
في المخطوط (أ): (للاحتجاج).
(9)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 222).
قال الحافظ
(1)
: وروى الحاكم من حديث أيوب عَن نافع عن ابن عمر ما يعضد رواية ابن عقيل عن ابن الحنفية عن عليّ يعني أنه صلى الله عليه وسلم كفن في سبعة.
وعن جابر عند أبي داود
(2)
: "أنه صلى الله عليه وسلم كفن في ثوبين وبرد حبرة".
وفي رواية للنسائي
(3)
فذكر لعائشة قولهم: "في ثوبين وبرد حبرة، فقالت: قد أتي بالبرد ولكنهم ردّوه [ولم يكفنوه به]
(4)
.
وأخرج مسلم
(5)
والترمذي
(6)
عنها أنها قالت: "إنهم نزعوها عنه".
وروى عبد الرزاق
(7)
عن معمر عن هشام بن عروة: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لفّ في برد حبرة جفف فيه ثم نزع عنه".
قال الترمذي
(8)
: تكفينه في ثلاثة أثواب أصحّ ما ورد في كفنه.
قوله: (قميصه الذي مات فيه) دليل لمن قال: باستحباب القميص في الكفن وهم الحنفية
(9)
، ومالك
(10)
، وزيد بن عليّ
(11)
، والمؤيد (11) بالله. وذهب الجمهور
(12)
إلى أنه غير مستحبّ.
واستدلوا بقول عائشة: "ليس فيها قميص ولا عمامة".
وأجابوا عن حديث ابن عباس بأنه ضعيف الإسناد كما تقدم.
وأجاب القائلون بالاستحباب أن قول عائشة: "ليس فيها قميص ولا عمامة" يحتمل نفي وجودهما.
(1)
في "التلخيص"(2/ 222).
(2)
في سننه رقم (3152) من حديث عائشة. وهو حديث صحيح.
(3)
في سننه رقم (1899). وهو حديث صحيح.
(4)
ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (أ).
(5)
في صحيحه رقم (45/ 941).
(6)
في سننه رقم (996). وهو حديث صحيح.
(7)
في المصنف رقم (6173).
(8)
في السنن (3/ 322).
(9)
البناية في شرح الهداية (3/ 233).
(10)
التمهيد (6/ 201).
(11)
البحر الزخار (2/ 107).
(12)
حكاه النووي في شرحه لصحيح مسلم (7/ 8).
ويحتمل أن يكون المراد نفي المعدود: أي الثلاثة خارجة عن القميص والعمامة وهما زائدان، وأن يكون معناه ليس فيها قميص جديد، أو ليس [فيها]
(1)
القميص الذي غسل فيه، أو ليس فيها قميص مكفوف الأطراف.
ويجاب بأن الاحتمال الأوّل هو الظاهر، وما عداه متعسف فلا يصار إليه.
قوله: (جدد) هكذا وقع عند المصنف، وكذلك رواه البيهقي
(2)
، وليس في الصحيحين لفظ:"جدد"، ووقع في رواية لهما
(3)
بدل "جدد""من كرسف" وهو القطن.
قوله: (بيض) فيه دليل على استحباب التكفين في الأبيض.
قال النووي
(4)
: وهو مجمع عليه.
قوله: (سحولية)
(5)
بضم المهملتين، ويروى بفتح أوّله: نسبة إلى سحول قرية باليمن.
قال النووي
(6)
: والفتح أشهر وهو رواية الأكثرين.
قال ابن الأعرابي
(7)
وغيره: هي ثياب بيض نقية لا تكون إلا من القطن.
وقال ابن قتيبة
(8)
: ثياب بيض ولم يخصها بالقطن.
وفي رواية للبخاري
(9)
"سحول" بدون نسبة، وهو جمع سحل، والسحل: الثوب الأبيض النقيّ، ولا يكون إلا من قطن كما تقدم.
وقال الأزهري
(10)
: بالفتح: المدينة، وبالضم: الثياب. وقيل: النسبة إلى القرية بالضم، وأما بالفتح فنسبة إلى القصار لأنه يسحل الثياب: أي ينقيها، كذا في الفتح
(11)
.
(1)
زيادة من المخطوط (أ).
(2)
في السنن الكبرى (3/ 399).
(3)
أي للبخاري رقم (1271) ومسلم رقم (45/ 941).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 8)
(5)
النهاية (2/ 347).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 10).
(7)
حكاه النووي في شرحه لصحيح مسلم (7/ 7) عنه.
(8)
حكاه النووي في شرحه لصحيح مسلم (7/ 8) عنه.
(9)
في صحيحه رقم (1271).
(10)
في "تهذيب اللغة"(4/ 305).
(11)
(2/ 140).
قوله: (يمانية) بتخفيف الياء على اللغة الفصيحة المشهورة.
وحكى سيبويه
(1)
والجوهري
(2)
وغيرهما لغة في تشديدها. ووجه الأوّل أن الألف بدل من ياء النسبة فلا يجتمعان، فيقال: يمنية بالتشديد أو يمانية بالتخفيف وكلاهما نسبة إلى اليمن.
قوله: (فإنما شُبِّه على الناس) بضم الشين المعجمة وكسر الباء المشدّدة، ومعناه اشتبه عليهم.
واعلم أنه قد اختلف في أفضل الكفن بعد الاتفاق على أنه لا يجب أكثر من ثوب واحد يستر جميع البدن.
فذهب الجمهور
(3)
إلى أن أفضلها ثلاثة أثواب بيض.
واستدلوا بحديث عائشة
(4)
المذكور.
قال في الفتح
(5)
: وتقرير الاستدلال به أن الله عز وجل لم يكن ليختار لنبيه إلا الأفضل.
وعن الحنفية
(6)
أن المستحبّ أن يكون في أحدها ثوب حبرة. وتمسكوا بحديث جابر المتقدم
(7)
، وإسناده كما قال الحافظ
(8)
: حسن، ولكنه معارض بالمتفق عليه من حديث عائشة
(9)
، على أنا قد قدمنا عن عائشة:"أنهم نزعوا عنه ثوب الحبرة"، وبذلك يجمع بين الروايات.
وقال الهادي: إن المشروع إلى سبعة ثياب. واستدلوا بحديث عليّ المتقدم
(10)
.
وأجيب عنه بأنه لا ينتهض لمعارضة حديث عائشة الثابت في الصحيحين (9) وغيرهما.
(1)
في "الكتاب" له (3/ 371 - 372).
(2)
في الصحاح (6/ 2219).
(3)
المغني (3/ 383) والمجموع (5/ 153).
(4)
تقدم برقم (1393) من كتابنا هذا.
(5)
(3/ 135).
(6)
في "البناية شرح الهداية"(3/ 320).
(7)
تقدم آنفًا.
(8)
في "الفتح"(3/ 135).
(9)
أخرجه البخاري رقم (1264) ومسلم رقم (941). وقد تقدم آنفًا.
(10)
وقد تقدم آنفًا وهو حديث ضعيف.
وقد قال الحاكم
(1)
: إنها تواتر الأخبار عن عليّ وابن عباس وابن عمر وعبد الله بن مغفل وعائشة في تكفين النبيّ صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة، ولكنه لا يخفى أن إثبات ثلاثة ثياب لا ينفي الزيادة عليها، وقد تقرّر أن ناقل الزيادة أولى بالقبول على أنه لو تعرّض رواة الثلاثة لنفي ما زاد عليها لكان المثبت أولى من النافي، نعم حديث عليّ فيه المقال المتقدم
(2)
، فإن صلح [الاحتجاج]
(3)
معه فالمصير إلى الجمع بما ذكرنا متعين، وإن لم يصلح فلا فائدة في الاشتغال به لا سيما وقد اقتصر على رواية الثلاثة جماعة من الصحابة ويبعد أن يخفى على جميعهم الزيادة عليها.
وقد قال الإِمام يحيى
(4)
: إن السبعة غير مستحبة إجماعًا.
8/ 1394 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "الْبَسَوا مِنْ ثيابِكُمُ البَياضَ فإنَّها مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيها مَوْتاكُمْ"، رَوَاهُ الخمْسَةُ إلا النَّسائيَّ وَصححَهُ الترْمِذِيّ)
(5)
. [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا الشافعي
(6)
وابن حبان
(7)
والحاكم
(8)
والبيهقي
(9)
وصححه ابن القطان
(10)
.
(1)
لم أقف عليه في المستدرك، والله أعلم.
(2)
وهو حديث ضعيف وقد تقدم آنفًا.
(3)
في المخطوط (أ): (للاحتجاج).
(4)
البحر الزخار (2/ 107).
(5)
أخرجه أحمد (1/ 247) وأبو داود رقم (3878) والترمذي رقم (994) وابن ماجه رقم (1472) و (3566).
(6)
في المسند رقم (573 - ترتيب).
(7)
في صحيحه رقم (5423).
(8)
في المستدرك (1/ 354).
(9)
في السنن الكبرى (3/ 245)(5/ 33).
قال الحاكم: وهو حديث صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
وقال الترمذي: وهو حديث حسن صحيح.
(10)
في الوهم والإيهام رقم (160).
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
وأخرجه أيضًا الترمذي وصححه
(1)
، وابن ماجه
(2)
والنسائي
(3)
والحاكم
(4)
من حديث سمرة، واختلف في وصله وإرساله، وقد تقدم في اللباس
(5)
.
وفي الباب عن عمران بن الحصين عند الطبراني
(6)
. وعن أنس عند أبي حاتم في العلل
(7)
والبزار في مسنده
(8)
.
وعن ابن عمر عند ابن عديّ في الكامل
(9)
.
وعن أبي الدرداء عند ابن ماجه
(10)
يرفعه: "أحسن ما زرتم الله به في قبوركم ومساجدكم البياض".
والحديث يدلّ على مشروعية لبس البياض، وقد تقدم الكلام على ذلك في أبواب اللباس وعلى مشروعية تكفين الموتى في الثياب البيض، وهو إجماع كما تقدم في شرح الحديث الذي قبله.
وقد تقدم أيضًا عن الحنفية
(11)
أنهم يستحبون أن يكون في الأكفان ثوب حبرة، واستدلوا بما سلف.
(1)
في سننه رقم (2810) وقال: حديث حسن صحيح. وفي الشمائل رقم (66).
(2)
في سننه رقم (3567).
(3)
في سننه رقم (5322، 5323).
(4)
في المستدرك (1/ 354 - 355) وسكت عنه الحاكم والذهبي.
(5)
الباب السابع عند الحديث رقم (22/ 565) من كتابنا هذا.
(6)
في المعجم الكبير (ج 18 رقم 560).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 128) وقال: وفيه من لم أعرفه.
(7)
في العلل (1/ 365 رقم 1079) قال ابن أبي حاتم: قال أبي: هذا حديث منكر جدًّا.
باطل بهذا الإسناد.
(8)
كما في "مجمع الزوائد"(5/ 128) وقال الهيثمي: رواه البزار ورجاله ثقات.
(9)
في "الكامل"(7/ 73).
(10)
في سننه رقم (3568).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(3/ 148): "هذا إسناد ضعيف، شريح بن عبيد لم يسمع من أبي الدرداء. قاله المزي في "التهذيب"، كذا قال العلائي في المراسيل، والذي في "التهذيب" لم يذكر أن روايته عن أبي الدرداء مرسلة بل ذكرها ساكتًا عليها".
وقال المحدث للألباني رحمه الله في ضعيف ابن ماجه: "موضوع".
(11)
البناية في شرح الهداية (3/ 227).
ومن أدلتهم حديث جابر عند أبي داود
(1)
بإسناد حسن كما قال الحافظ
(2)
بلفظ: "إذا توفي أحدكم فوجد شيئًا فليكفن في ثوب حبرة".
والأمر باللباس والتكفين في الثياب البيض محمول على الندب لما قدمنا في أبواب اللباس.
9/ 1395 - (وَعَنْ لَيْلَى بِنْتِ قانِفٍ الثَّقَفِيَّةِ قالَتْ: كُنْتُ فِيمَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عِنْدَ وَفاتها، وكانَ أوَّلُ ما أعْطانا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْحِقا ثُمَّ الدَّرْعَ ثُمَّ الخِمارَ ثُمَّ المَلْحَفَةَ ثمَّ أُدرِجَتْ بَعْدَ ذلكَ في الثَّوْبِ الآخَرِ. قالَتْ: وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عِنْدَ البابِ مَعَهُ كَفَنُها، يُناوِلْنا ثَوْبًا ثَوْبًا"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
وَأبُو دَاوُدَ
(4)
. [ضعيف]
قالَ البُخاريُّ
(5)
: قالَ الحَسَنُ: الخِرْقَةُ الخامِسَةُ يُشَدُّ بِها الفَخِذَانِ وَالورِكَانِ تَحْتَ الدِّرْعِ).
الحديث في إسناده ابن إسحاق ولكنه صرّح بالتحديث
(6)
، وفي إسناده أيضًا نوح بن حكيم. قال ابن القطان
(7)
: مجهول، ووثقه ابن حبان
(8)
، وقال ابن إسحاق: كان قارئًا للقرآن.
(1)
في سننه رقم (3150). وهو حديث صحيح.
(2)
في "التلخيص"(2/ 220).
(3)
في المسند (6/ 380).
(4)
في سننه رقم (3157).
قال الحافظ المنذري في "المختصر"(4/ 304): "في إسناده: محمد بن إسحاق بن يسار، وقد تقدم الكلام عليه. وفيه أيضًا من ليس بمشهور. والصحيح: أن هذه القصة إنما كانت لزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم " اهـ.
والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
في صحيحه معلقًا (3/ 133 في الباب رقم (15) - مع الفتح).
(6)
فانتفت شبهة تدليسه.
(7)
في "بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام"(5/ 52): "
…
فإن نوح بن حكيم، رجل مجهول الحال، ولم تثبت عدالته، ولا يعرف بغير رواية ابن إسحاق عنه، وروايته عن رجل يقال له داود، وقد ذكر ابن أبي حاتم - في الجرح والتعديل (8/ 482) - فلم يزد فيما ذكره به على ما أخذ من هذا الإسناد" اهـ.
(8)
في الثقات (7/ 541).
وفي إسناده أيضًا داود
(1)
رجل من بني عروة بن مسعود، فإن كان داود بن عاصم بن عروة بن مسعود فهو ثقة، وقد جزم بذلك ابن حبان وإن كان غيره فينظر فيه.
قوله: (ليلى بنت قانف)، بالقاف بعد الألف نون ثم فاء.
قوله: (الحقا) بكسر المهملة وتخفيف القاف مقصور، قيل: هو لغة في الحقو، وهو الإزار.
والحديث يدلّ على أن المشروع في كفن المرأة أن يكون إزارًا ودرعًا وخمارًا وملحفة ودرجًا، ولم يقع تسمية أمّ عطية في هذا الحديث فيمن حضر وقد وقع عند ابن ماجه
(2)
أن أمّ عطية قالت: "دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته أمّ كلثوم" الحديث.
ورواه مسلم
(3)
فقال: "زينب" ورواته أَتقن وأثبت، وقد تقدم الكلام على هذا الاختلاف في باب صفة الغسل
(4)
.
قوله: (قال البخاري: قال الحسن إلخ) وصله ابن أبي شيبة
(5)
.
قال في الفتح
(6)
: وهذا يدلّ على أن أوّل الكلام أن المرأة تكفن في خمسة أثواب.
وروى [الخوارزمي]
(7)
من طريق إبراهيم بن حبيب بن الشهيد عن هشام بن حسان عن حفصة عن أمّ عطية أنها قالت: "وكفناها في خمسة أثواب، وخمرناها كما نخمر الحيّ".
قال الحافظ
(8)
: وهذه الزيادة صحيحة الإسناد.
(1)
قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام الواقعين في كثاب الأحكام"(5/ 53): "وأما هذا الرجل الثقفي الذي يقال له: داود من بني عروة بن مسعود، وقد ولدته أم حبيبة، فنحدِس فيه حدسًا لا يقطع النزاع، ولا يدخله في باب من يقبل حديثه
…
ثم قال في النهاية: فالله أعلم من هو" اهـ.
(2)
في سننه رقم (1458).
(3)
في صحيحه رقم (40/ 939).
(4)
خلال شرح الحديث رقم (10/ 1385) من كتابنا هذا.
(5)
في المصنف (3/ 263).
(6)
(3/ 133).
(7)
في المخطوط (أ) و (ب) الخوارزمي وفي الفتح" (3/ 133): (الجوزقي).
(8)
في "الفتح"(3/ 133).
وقول الحسن: إن الخرقة الخامسة يشدّ بها الفخذان والوركان، قال به زفر.
وقالت طائفة: تشدّ على صدرها ليضمّ [أكفانها]
(1)
ولا يكره القميص للمرأة على الراجح عند الشافعية
(2)
والحنابلة
(3)
.
[الباب الرابع] باب وجوب تكفين الشهيد في ثيابه التي قتل فيها
10/ 1396 - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: أمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أحُدٍ بالشُّهَدَاءِ أنْ نَنْزِعَ عَنْهُمُ الحَدِيدَ وَالجُلُودَ وَقَالَ: "ادْفِنُوهُم بِدمائِهِمْ وَثيَابِهِمْ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
وَأبو دَاوُدَ
(5)
وَابْنُ ماجَهْ)
(6)
. [ضعيف]
11/ 1397 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ ثَعْلَبَةَ أن رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ يَوْمَ أُحُدٍ: "زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيابِهِمْ"، وَجَعَلَ يَدْفِنُ فِي القَبْرِ الرَّهْطَ وَيَقُولُ: "قَدّمُوا أكْثَرَهُمْ قُرآنًا" رَوَاهُ أحْمَدُ)
(7)
. [صحيح]
الحديث الأوّل في إسناده عطاء بن السائب
(8)
، وهو مما حدّث به بعد الاختلاط.
(1)
في المخطوط (ب): (أكنافها).
(2)
المجموع (5/ 161).
(3)
المغني (3/ 391). والأوسط لابن المنذر (5/ 356).
(4)
في المسند (1/ 247).
(5)
في سننه رقم (3134).
(6)
في سننه رقم (1515).
وهو حديث ضعيف، علي بن عاصم سيء الحفظ، وعطاء بن السائب قد اختلط.
(7)
في المسند (5/ 431).
بسند حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث في (5/ 432) وباقي رجال الإسناد ثقات.
وعبد الله بن ثعلبة لم يشهد هذه القصة لأنه لم يكن مولودًا بعدُ، وإنما رواه عن جابر بن عبد الله كما يأتي (5/ 431) فهو مرسل صحابي. وخلاصة القول: أن حديث عبد الله بن ثعلبة حديث صحيح، والله أعلم.
(8)
عطاء بن السائب: صدوق اختلط التقريب رقم الترجمة (4592). وقد تقدم الكلام عليه.
وحديث عبد الله بن ثعلبة أخرجه أيضًا أبو داود
(1)
بإسناد رجاله رجال الصحيح.
وفي الباب أحاديث قد تقدم ذكرها في باب ترك غسل الشهيد
(2)
.
والحديثان المذكوران في الباب وما في معناهما فيها مشروعية دفن الشهيد بما قتل فيه من الثياب ونزع الحديد والجلود عنه وكل ما هو آلة حرب.
وقد روى زيد بن عليّ عن أبيه عن جدّه عن عليّ أنه قال: "ينزع من الشهيد الفرو والخفّ والقلنسوة والعمامة والمنطقة والسراويل إلا أن يكون أصاب السراويل دم"
(3)
، وفي إسناده أبو خالد الواسطي
(4)
والكلام فيه معروف.
وقد روى ذلك أحمد بن عيسى في أماليه
(5)
من طريق الحسين بن علوان عن أبي خالد (4) المذكور عن زيد بن علي، والحسين بن علوان
(6)
متكلم فيه أيضًا.
(1)
في سننه رقم (3138).
(2)
عند الحديث رقم (1382) من كتابنا هذا.
(3)
في "مجموع الفقه الكبير"(2/ 459 - الروض النضير) بسند ضعيف جدًّا.
(4)
أبو خالد الواسطي، يقال: اسمه عمرو. حدث عن زيد بن علي. ضعفه أبو حاتم. الميزان (4/ 519 رقم الترجمة 10142).
وقال الإمام أحمد في "العلل رواية عبد الله"(330، 4548): ليس بشيء متروك الحديث. و (3635): حديثه ليس بشيء. و (3945): لا يسوي حديثه شيئًا، وتركه وكذبه ووضّعه غير واحد، مات سنة (140 هـ).
وانظر: "التاريخ الكبير"(3/ 2/ 328) والجرح والتعديل (3/ 1/ 230) والضعفاء للعقيلي (3/ 268) والمجروحين (2/ 72).
(5)
كما في "الاعتصام بحبل الله المتين"(2/ 163) للإمام القاسم بن محمد بن علي. بسند ضعيف جدًّا.
(6)
الحسين بن علوان الكلبي، قال يحيى: كذاب. وقال علي: ضعيف جدًّا. وقال: أبو حاتم والنسائي والدارقطني: متروك الحديث. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على هشام وغيره وضعًا لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل التعجب.
[الميزان (1/ 542) والجرح والتعديل (1/ 2/ 61) والضعفاء للعقيلي (1/ 251 - 252) والمجروحين (1/ 244 - 246)].
والظاهر أن الأمر بدفن الشهيد بما قتل فيه من الثياب للوجوب.
قوله: (وجعل يدفن في القبر إلخ) قد تقدم الكلام على هذا في باب ترك غسل الشهيد.
[الباب الخامس] باب تطييب بدن الميت وكفنه إلا المحرم
12/ 1398 - (عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أجْمَرْتُمُ المَيِّتَ، فأَجْمِرُوهُ ثَلاثًا"، رَوَاهُ أحْمَدُ)
(1)
. [حسن]
13/ 1399 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: بَيْنَما رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ إذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ، فَذُكِرَ ذلك للنبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقالَ:"اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلا تَحَنِّطُوه وَلَا تُخَمِّرُوا رأسَهُ، فإنَّ الله تَعالى يَبْعَثُهُ يَوْم القيامَةِ مُلَبِّيًا". رَوَاه الجَمَاعَة
(2)
. [صحيح]
وَللنَّسائي
(3)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اغْسِلُوا المُحْرِمَ فِي ثَوْبَيْهِ اللَّذَيْنِ أحْرَمَ فِيهِمَا وَاغْسِلُوهُ بِماءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلَا تُمِسُّوهُ بِطِيب وَلا تُخَمِّرُوا رأسَهُ فإنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيامَةِ مُحْرِمًا"). [صحيح]
حديث جابر أخرجه أيضًا البيهقي
(4)
والبزار
(5)
، قيل: ورجاله رجال الصحيح.
(1)
في المسند (3/ 331).
قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (2350) وابن حبان رقم (3031) وفيه عندهما مكان قوله: "فأجمروا ثلاثًا": "فأوتروه".
وأخرجه البيهقي (3/ 405) والبزار في المسند (رقم 813 - كشف) وابن أبي شيبة (3/ 265) والحاكم (1/ 355) وصححه ووافقه الذهبي. والخلاصة: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(2)
أحمد (1/ 215) والبخاري رقم (1851) ومسلم رقم (99/ 1206) وأبو داود رقم (3238) والترمذي رقم (951) والنسائي رقم (2855) وابن ماجه رقم (3084).
وهو حديث صحيح.
(3)
في سننه رقم (2853 - 2858). وهو حديث صحيح.
(4)
في السنن الكبرى (3/ 405). وقد تقدم.
(5)
في المسند رقم (813 - كشف). وقد تقدم.
وأخرج نحوه أحمد بن حنبل
(1)
أيضًا عن جابر مرفوعًا بلفظ: "إذا أجمرتم الميت فأوتروا".
قوله: (إذا أجمرتم الميت) أي بخَّرتموه، وفيه استحباب تبخير الميت ثلاثًا.
قوله: (بينما رجل).
قال في الفتح
(2)
: "لم أقف في شيء من الطرق على تسمية المحرم المذكور، ووهم بعض المتأخرين فزعم أن اسمه واقد بن عبد الله، وعزاه إلى ابن قتيبة في ترجمة عمر من كتاب المغازي. وسبب الوهم أن ابن قتيبة لما ذكر ترجمة عمر ذكر أولاده، ومنهم عبد الله بن عمر، ثم ذكر أولاد عبد الله فذكر فيهم واقد بن عبد الله بن عمر، فقال: وقع عن بعيره وهو محرم فهلك، فظنّ هذا المتأخر أن لواقد بن عبد الله صحبة وأنه صاحب القصة التي وقعت في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم وليس كما ظنّ، فإن واقدًا المذكور لا صحبة له، فإن أمه صفية بنت أبي عبيد، وإنما تزوّجها أبوه في خلافة عمر، وفي الصحابة أيضًا واقد بن عبد الله آخر، ولكنه مات في خلافة عمر كما ذكر ابن سعد".
قوله: (فوقصته) بفتح الواو بعدها قاف ثم صاد مهملة.
وفي رواية للبخاري
(3)
"فأقصعته".
وفي أخرى له
(4)
"أقعصته".
وفي أخرى له
(5)
أيضًا: "أوقصته"، والوقص: الكسر كما في القاموس
(6)
، والقصع: الهشم، وقيل: هو خاص بكسر العظم.
قال الحافظ
(7)
: ولو سلم فلا مانع أن يستعار لكسر الرقبة؛ والقعص: القتل
(1)
في المسند (3/ 331) واللفظ عنده: "إذا أجمرتم الميت، فأجمروه ثلاثًا"، أما اللفظ:"إذا أجمرتم الميت فأوتروا"، فقد أخرجه أبو يعلى في المسند رقم (2300) وابن حبان في صحيحه رقم (3031). وقد تقدم.
(2)
(4/ 55).
(3)
في صحيحه رقم (1266).
(4)
في صحيحه رقم (1268).
(5)
في صحيحه رقم (1265).
(6)
القاموس المحيط ص 818.
(7)
في "الفتح"(3/ 137).
في الحال، ومنه قعاص الغنم: وهو موتها كذا في الفتح
(1)
.
قوله: (اغسلوه بماء وسدر) فيه دليل على وجوب الغسل بالماء والسدر، وقد تقدم الكلام على ذلك.
قوله: (وكفنوه في ثوبيه) فيه أنه يكفن المحرم في ثيابه التي مات فيها.
وقيل: إنما اقتصر على تكفينه في ثوبيه لكونه مات فيهما وهو متلبس بتلك العبادة الفاضلة. ويحتمل أنه لم يجد غيرهما.
قوله: (ولا تحنطوه) هو من الحنوط بالمهملة، وهو الطيب الذي يوضع للميت.
قوله: (ولا تخمروا رأسه)، أي لا تغطوه، وفيه دليل على بقاء حكم الإحرام، وكذلك قوله:"ولا تحنطوه"، وأصرح من ذلك التعليل بقوله:"فإن الله يوم القيامة يبعثهُ ملبيًا".
وقوله في الرواية الأخرى: "فإنه يبعث يوم القيامة محرمًا".
وخالف في ذلك المالكية
(2)
والحنفية
(3)
وقالوا: إن قصة هذا الرجل واقعة عين لا عموم لها فتختص به.
وأجيب بأن الحديث ظاهر في أن العلة هي كونه في النسك وهي عامة في كل محرم.
والأصل أن كل ما ثبت لواحد في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم ثبت لغيره حتى [يثبت]
(4)
التخصيص. وما أحسن ما اعتذر به الداودي
(5)
عن مالك فقال: إنه لم يبلغه الحديث.
(1)
(3/ 138).
(2)
عيون المجالس (1/ 451).
(3)
البناية في شرح الهداية (4/ 58).
(4)
في المخطوط (ب): (ثبت).
(5)
حكاه الحافظ في "الفتح"(3/ 137).
قوله: (ولا تمسوه) بضم أوله وكسر الميم من أمسّ.
قال ابن المنذر
(1)
: وفي الحديث إباحة غسل المحرم الحيّ بالسدر خلافًا لمن كرهه، وأن الوتر في الكفن ليس بشرط، وأن الكفن من رأس المال لأمره صلى الله عليه وسلم بتكفينه في ثوبيه، ولم يستفصل هل عليه دين مستغرق أم لا؟
وفيه استحباب تكفين المحرم في ثياب إحرامه، وأن إحرامه باق، وأنه لا يكفن في المحنط كما تقدم، وأنه يجوز التكفين في الثياب الملبوسة، وأن الإحرام يتعلق بالرأس.
* * *
(1)
في الأوسط (5/ 345).
[ثالثًا] أبواب الصلاة على الميت
[الباب الأول] باب من يصلى عليه، ومن لا يُصلى عليه، الصلاة على الأنبياء
1/ 1400 - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: دَخَلَ النَّاسُ على رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أرْسالًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حتى إذَا فَرَغُوا أدْخَلوا النِّساءَ، حتى إِذَا فرغُوا أدْخَلوا الصبيان، ولم يَؤُمَّ النَّاسَ على رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أحَدٌ، رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ)
(1)
. [ضعيف]
الحديث أخرجه أيضًا البيهقي
(2)
، قال الحافظ
(3)
: وإسناده ضعيف لأنه من حديث حسين بن عبد الله بن ضميرة.
وفي الباب عن أبي عَسِيب عند أحمد
(4)
: "أنه شهد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كيف نصلي عليك؟ قال: ادخلوا أرسالًا"، كذا في التلخيص
(5)
.
وعن جابر وابن عباس أيضًا عند الطبراني
(6)
، وفي إسناده عبد المنعم بن
(1)
في سننه رقم (1628).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 542): "هذا إسناد فيه الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس الهاشمي تركه الإمام أحمد بن حنبل وعلي بن المديني والنسائي.
وقال البخاري: يقال: إنه كان يتهم بالزندقة، وقواه ابن عدي. وباقي رجال الإسناد ثقات
…
" اهـ.
وهو حديث ضعيف.
(2)
في السنن الكبرى (4/ 30).
(3)
في "التلخيص"(2/ 250).
(4)
في المسند (5/ 81) بسند صحيح.
(5)
(2/ 251).
(6)
في المعجم الكبير (ج 3 رقم 2676).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 31) وفيه عبد المنعم بن إدريس وهو كذاب وضاع.
ومن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم في الحلية (4/ 73) ومن طريقه أورده ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 295 - 301) وقال: هذا حديث موضوع محال كافأ الله من وضعه وقبح من يشين الشريعة بمثل هذا التخليط البارد والكلام الذي لا يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم =
إدريس
(1)
وهو كذاب، وقد قال البزار
(2)
: إنه موضوع.
وعن ابن مسعود عند الحاكم
(3)
بسند واه.
وعن نبيط بن شريط عند البيهقي
(4)
، وذكره مالك
(5)
بلاغًا.
وفي الحديث أن الصلاة كانت عليه صلى الله عليه وسلم فرادى، الرجال ثم النساء ثم الصبيان.
قال ابن عبد البر
(6)
: وصلاة الناس عليه أفرادًا مجمع عليه عند أهل السير وجماعة أهل النقل لا يختلفون فيه.
وتعقبه ابن دِحْية
(7)
بأن ابن القصار حكى الخلاف فيه هل صلوا عليه الصلاة المعهودة أو دعوا فقط؟ وهل صلوا فرادى أو جماعة؟ واختلفوا فيمن أمّ بهم، فقيل: أبو بكر روي بإسناد.
قال الحافظ
(8)
: لا يصحّ وفيه حرام وهو ضعيف جدًّا.
قال ابن دِحْية (7): هو باطل بيقين لضعف رواته وانقطاعه.
قال (7): والصحيح أن المسلمين صلوا عليه أفرادًا لا يؤمهم أحد، وبه جزم الشافعي
(9)
قال: وذلك لعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي، وتنافسهم في أن لا يتولى الإمامة عليه في الصلاة واحد. قال ابن دحية: كان المصلون عليه ثلاثين ألفًا.
= ولا بالصحابة. والمتهم به عبد المنعم بن إدريس، قال أحمد بن حنبل: كان يكذب على وهب، وقال يحيى: كذاب خبيث، وقال ابن المديني وأبو داود: ليس بثقة. وقال الدارقطني: هو وأبوه متروكان. وقال النسائي في الضعفاء: ليس بثقة
…
وانظر ترجمته في: التاريخ الكبير (6/ 138) والمجروحين (2/ 157) والجرح والتعديل (6/ 67) والمغني (2/ 409) والميزان (2/ 668) ولسان الميزان (4/ 73).
(1)
تقدمت ترجمته في التعليقة السابقة.
(2)
حكاه عنه الحافظ في "التلخيص"(2/ 251).
(3)
كما في "التلخيص"(2/ 251).
(4)
في السنن الكبرى (4/ 30).
(5)
في الموطأ (1/ 231 رقم 27).
(6)
في "التمهيد"(6/ 255).
(7)
حكاه الحافظ في "التلخيص"(2/ 251) عنه.
(8)
في "التلخيص"(2/ 251).
(9)
انظر: السنن الكبرى (4/ 30).
قال المصنف
(1)
رحمه الله بعد أن ساق الحديث: وتمسك به من قدّم النساء على الصبيان في الصلاة على جنائزهم وحال دفنهم في القبر الواحد اهـ.
[الباب الثاني] باب ترك الصلاة على الشهيد
2/ 1401 - (عَنْ أنَسٍ أن شهَدَاءَ أحد لَمْ يُغَسَّلُوا وَدفنُوا بدمائِهِمْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ. رَوَاهُ أحْمَد
(2)
وأبُو دَاودَ
(3)
والتِّرْمذيّ
(4)
، وَقَدْ أسْلَفْنا هَذَا المَعْنَى مِنْ رِوَايَةِ جابِرٍ، وَقَدْ رُوِدتِ الصَّلاةُ عَلَيْهمْ بأسانِيدَ لا تَثْبُتُ). [صحيح]
أما حديث أنس، فأخرجه أيضًا الحاكم
(5)
.
وقال الترمذي
(6)
: إنه حديث غريب لا نعرفه من حديث أنس إلا من هذا الوجه.
وأخرجه أبو داود في المراسيل
(7)
والحاكم
(8)
من حديثه قال: "مرّ النبيّ صلى الله عليه وسلم على حمزة وقد مثل به، ولم يصلّ على أحد من الشهداء غيره".
وأعله البخاري
(9)
والترمذي (9) والدارقطني بأنه غلط فيه أسامة بن زيد فرواه عن الزهري عن أنس.
(1)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(2/ 78).
(2)
في المسند (3/ 299).
(3)
في سننه رقم (3135).
(4)
في السنن رقم (1016) وقال: حديث أنس حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أنس إلا من هذا الوجه.
وهو حديث صحيح.
(5)
في المستدرك (1/ 365 - 366) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(6)
في السنن (3/ 336).
(7)
في سننه رقم (3137) وليس في المراسيل.
(8)
لم أقف عليه في المستدرك.
وهو حديث حسن.
(9)
قال الترمذي (3/ 336): "وقد خولف أسامة بن زيد في رواية هذا الحديث، فروى الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله بن زيد.
وروى معمر عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة عن جابر. =
ورجحوا رواية الليث عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر.
وأما حديث جابر فقد تقدم في باب ترك غسل الشهيد
(1)
.
وأما الأحاديث الواردة في الصلاة على شهداء أحد التي أشار إليها المصنف وقال: إنها بأسانيد لا تثبت فستعرف الكلام عليها، وفي الصلاة على الشهيد أحاديث.
(منها) ما أخرجه الحاكم
(2)
من حديث جابر قال: "فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة حين جاء الناس من القتال، فقال رجل: رأيته عند تلك الشجيرات، فلما رآه ورأى ما مثل به شهق وبكى، فقام رجل من الأنصار فرمى عليه بثوب، ثم جيء بحمزة فصلى عليه" الحديث.
وفي إسناده أبو حماد الحنفي وهو متروك
(3)
.
وعن شدّاد بن الهاد عند النسائي
(4)
بلفظ: "إن رجلًا من الأعراب جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه"، وفي الحديث:"أنه استشهد فصلى عليه صلى الله عليه وسلم فحفظ من دعائه صلى الله عليه وسلم له: اللهمّ إن هذا عبدك خرج مهاجرًا في سبيلك فقتل في سبيلك".
= ولا نعلم أحدًا ذكره عن الزهري عن أنس إلا أسامة بن زيد.
وسألت محمدًا - أي البخاري - عن هذا الحديث، فقال: حديث الليث عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر أصح" اهـ.
وانظر: علل الترمذي الكبير (1/ 411 - 412).
(1)
تقدم برقم (1382) من كتابنا هذا.
(2)
في المستدرك (2/ 119 - 120) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقال الذهبي: أبو حماد هو المفضل بن صدقة، قال النسائي: متروك.
(3)
مفضل بن صدقة، أبو حماد الحنفي، كوفي. قال النسائي: متروك.
وقال ابن عدي: ما أرى بحديثه بأسًا، وكان أحمد بن محمد بن شعيب يثني عليه ثناءً تامًّا. وقال أبو حاتم: ليس بقوي، يكتب حديثه.
["الجرح والتعديل" (4/ 1/ 315) الكامل (6/ 409) الميزان (4/ 168) واللسان (7/ 31 - 32 رقم الترجمة 8602)].
(4)
في السنن رقم (1953). وهو حديث صحيح.
وحمل البيهقي
(1)
هذا على أنه لم يمت في المعركة.
وعن أنس عند أبي داود في المراسيل
(2)
والحاكم
(3)
وقد تقدم لفظه.
وعن عقبة بن عامر في البخاري
(4)
وغيره
(5)
: "أنه صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين صلاته على الميت كالمودّع للأحياء والأموات".
وفي رواية لابن حبان
(6)
: "ثم دخل بيته ولم يخرج حتى قبضه الله".
وعن ابن عباس عند ابن إسحاق
(7)
قال: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة فسجي ببرده ثم صلى عليه وكبر سبع تكبيرات، ثم أتي بالقتلى فيوضعون إلى حمزة فيصلى عليهم وعليه معهم حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة".
وفي إسناده رجل مبهم؛ لأن ابن إسحاق قال: حدثني من لا أتهم عن مقسم مولى ابن عباس عن ابن عباس.
قال السهيلي
(8)
: إن كان الذي أبهمه ابن إسحاق هو الحسن بن عمارة فهو ضعيف، وإلا فهو مجهول لا حجة فيه.
(1)
في السنن الكبرى (4/ 16).
(2)
في سننه رقم (3137) وليس في المراسيل.
(3)
لم أقف عليه في المستدرك.
وهو حديث حسن.
(4)
في صحيحه رقم (4042).
(5)
كمسلم في صحيحه رقم (30/ 2296) وأبو داود رقم (3224) والنسائي رقم (1954).
وهو حديث صحيح.
(6)
في صحيحه رقم (6595) بسند صحيح.
(7)
كما في السيرة النبوية لابن هشام (3/ 140 - 141) صرح ابن إسحاق بالسماع وسنده منقطع. وقال ابن كثير في البداية والنهاية (4/ 40): هذا غريب وسنده ضعيف، وأخرجه أحمد في مسنده (21/ 56 - الفتح الرباني) وفيه: سبعين صلاة. قال ابن كثير في "البداية والنهاية"(4/ 41): تفرد به أحمد وهذا إسناد فيه ضعف أيضًا من جهة عطاء بن السائب.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 16) وفيه عطاء
…
وأخرجه الطبراني في "مجمع الزوائد"(6/ 120) وقال الهيثمي: "وفيه أحمد بن أيوب بن راشد وهو ضعيف".
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(8)
أورد السهيلي في "الروض الأنف"(3/ 171) الحديث ولم يذكر هذا القول.
قال الحافظ
(1)
: الحامل للسهيلي على ذلك ما وقع في مقدمة مسلم
(2)
عن شعبة أن الحسن بن عمارة حدثه عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد، فسألت الحكم فقال: لم يصلّ عليهم" اهـ.
لكن حديث ابن عباس روي من طرق أخرى.
منها ما أخرجه الحاكم
(3)
وابن ماجه
(4)
والطبراني
(5)
والبيهقي
(6)
من طريق يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس مثله وأتمّ منه، ويزيد فيه ضعف يسير.
وفي الباب أيضًا عن أبي مالك الغفاري عند أبي داود في المراسيل
(7)
من طريقه وهو تابعي اسمه غزوان، ولفظه:"أنه صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد عشرة عشرة في كل عشرة حمزة حتى صلى عليه سبعين صلاة".
(1)
في "التلخيص"(2/ 238).
(2)
في مقدمة مسلم لصحيحه (1/ 71 رقم 74 -
…
/ 42) ط: دار المعرفة بيروت تحقيق الشيخ خليل مأمون شيحا.
(3)
في المستدرك (3/ 197 - 198) وسكت عنه. وقال الذهبي: سمعه أبو بكر بن عياش من يزيد (قلت) ليسا بمعتمدين.
(4)
في سننه رقم (1513).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 495 رقم 540/ 1513): "هذا إسناد صحيح".
(5)
في المعجم الكبير (ج 11 رقم 12152).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 24) وقال: فيه عثمان الجزري الشاهد، ولم أر من ترجمه، وبقية رجاله ثقات".
قلت: عثمان الجزري الشاهد: ترجم له البخاري في تاريخه (6/ 258) روى له حديثًا في سياق ترجمته للدلالة على وهذه. وكذلك ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 174) وذكر عن الإمام أحمد قوله: روى أحاديث مناكير، وزعموا أنه ذهب كتابه. وقال أبو حاتم: لا أعلم روى عنه غير معمر، والنعمان.
(الفرائد على مجمع الزوائد ص 230 رقم 362).
(6)
في السنن الكبرى (4/ 12).
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(7)
في المراسيل لأبي داود رقم (427).
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 291) والدارقطني (2/ 78 رقم 9) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 503).
وخلاصة القول: أن المتن منكر وإن صح إسناده.
قال الحافظ
(1)
: ورجاله ثقات.
وقد أعله الشافعي
(2)
بأنه متدافع؛ لأن الشهداء كانوا سبعين فإذا أتي بهم عشرة عشرة يكون قد صلى سبع صلوات فكيف تكون سبعين؟ قال: وإن أراد التكبير فيكون ثمانية وعشرين تكبيرة.
وأجيب بأن المراد صلى عل سبعين نفسًا وحمزة معهم كلهم، فكأنه صلى عليه سبعين صلاة.
وعن ابن مسعود عند أحمد
(3)
بلفظ: " [رفع]
(4)
الأنصاري وترك حمزة فصلى عليه ثم جيء برجل من الأنصار ووضعوه إلى جنبه فصلى عليه، فرفع الأنصاري وترك حمزة حتى صلى عليه يومئذٍ سبعين صلاة".
وفي الباب أيضًا حديث أبي سلام عن رجل من الصحابة عند أبي داود
(5)
، وقد تقدم في باب ترك غسل الشهيد.
هذا جملة ما وقفنا عليه في هذا الباب من الأحاديث المتعارضة.
وقد اختلف أهل العلم في ذلك، قال الترمذي
(6)
: قال بعضهم: يصلى على الشهيد وهو قول الكوفيين وإسحاق.
وقال بعضهم: لا يصلى عليه وهو قول المدنيين والشافعي وأحمد" اهـ.
(1)
في "التلخيص"(2/ 238).
(2)
في الأم (2/ 597).
(3)
في المسند (1/ 463) بسند ضعيف؛ لأن الشعبي عامر بن شراحيل لم يسمع من ابن مسعود.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 109 - 110) وقال: رواه أحمد، وفيه عطاء بن السائب، وفد اختلط.
قلت: إن حماد بن سلمة قد سمع من عطاء قبل اختلاطه، انظر:"تحرير التقريب". (3/ 14 رقم الترجمة 4592).
وعلة الحديث من جهة الانقطاع كما تقدم.
وخلاصة القول: أن الحديث حسن لغيره، والله أعلم.
(4)
في المخطوط (أ): (وضع) والمثبت من (ب) وهو موافق لما في المسند.
(5)
في سننه رقم (2539). وقد تقدم برقم (9/ 1384) من كتابنا هذا.
(6)
في سننه عقب الحديث رقم (1033).
وبالأوّل قال أبو حنيفة
(1)
وأصحابه والثوري
(2)
والمزني
(3)
والحسن البصري (2) وابن المسيب (2)، وإليه ذهبت العترة
(4)
.
واستدلوا بالأحاديث التي ذكرناها.
وأجاب عنها القائلون بأنه لا يصلى على الشهيد، فقالوا: أما حديث جابر ففيه متروك كما تقدم (5).
وأما حديث شدّاد بن الهاد فهو مرسل؛ لأن شدادًا تابعي (5).
وقد أجيب عنه بما تقدم عن البيهقي، وبأن المراد بالصلاة الدعاء.
وأما حديث أنس
(5)
فقد تقدم أن البخاري والترمذي والدارقطني قالوا: بأنه مخلط فيه أسامة.
وقد قال البيهقي
(6)
عن الدارقطني إن قوله فيه: "ولم يصلّ على أحد من الشهداء غيره ليست بمحفوظة"، على أنه يقال: الحديث حجة عليهم لا لهم لأنها لو كانت واجبة لما خص بها واحدًا من سبعين.
وأما حديث عقبة
(7)
فلنبدأ بتقرير الاستدلال به ثم نذكر جوابه.
وتقريره ما قاله الطحاوي
(8)
: إن معنى صلاته صلى الله عليه وسلم عليهم لا يخلو من ثلاثة معان:
إما أن يكون ناسخًا لما تقدم من ترك الصلاة عليهم.
أو يكون من سنتهم أن لا يصلى عليهم إلا بعد هذه المدة.
أو تكون الصلاة عليهم جائزة بخلاف غيرهم فإنها واجبة.
(1)
البناية في شرح الهداية (3/ 308).
(2)
حكاه صاحب المغني (3/ 467) عنهم.
(3)
حكاه عنه صاحب البناية في شرح الهداية (3/ 312).
(4)
البحر الزخار (2/ 122).
(5)
تقدم الكلام على ذلك خلال شرح الحديث رقم (1401) من كتابنا هذا.
(6)
انظر: السنن الكبرى (4/ 11).
(7)
تقدم تخريجه خلال شرح حديث (1401) من كتابنا هذا.
(8)
في شرح معاني الآثار (1/ 504).
وأيها كان فقد ثبت بصلاته عليهم الصلاة على الشهداء.
ثم الكلام بين المختلفين في عصرنا إنما هو في الصلاة عليهم قبل دفنهم، وإذا ثبت الصلاة عليهم بعد الدفن كانت قبل الدفن أولى اهـ.
وأجيب بأن صلاته عليهم تحتمل أمورًا أخر:
(منها) أن تكون من خصائصه.
(ومنها) أن تكون بمعنى الدعاء، ثم هي واقعة عين لا عموم لها فيها، فكيف ينتهض الاحتجاج بها لدفع حكم قد ثبت.
وأيضًا لم يقل أحد من العلماء بالاحتمال الثاني الذي ذكره الطحاوي
(1)
، كذا قال الحافظ
(2)
.
وأنت خبير بأن دعوى الاختصاص خلاف الأصل، ودعوى أن الصلاة بمعنى الدعاء يردّها قوله في الحديث:"صلاته على الميت".
وأيضًا قد تقرّر في الأصول
(3)
أن الحقائق الشرعية مقدمة على اللغوية، فلو فرض عدم ورود هذه الزيادة لكان المتعين المصير إلى حمل الصلاة على حقيقتها الشرعية وهي ذات الأذكار والأركان.
ودعوى أنها واقعة عين لا عموم لها يردّها أن الأصل فيما ثبت لواحد أو لجماعة في عصره صلى الله عليه وسلم ثبوته للغير على أنه يمكن معارضة هذه الدعوى بمثلها.
فيقال: ترك الصلاة على الشهداء في يوم أحد واقعة عين لا عموم لها، فلا تصلح للاستدلال بها على مطلق الترك بعد ثبوت مطلق الصلاة على الميت.
ووقوع الصلاة منه على خصوص الشهيد في غيرها كما في حديث شدّاد بن الهاد
(4)
وأبي سلام
(5)
.
(1)
في شرح معاني الآثار (1/ 504).
(2)
في "الفتح"(3/ 211).
(3)
إرشاد الفحول ص 90 والبحر المحيط (2/ 158 - 159) ونهاية السول (2/ 152 - 154).
(4)
تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (1401) من كتابنا هذا.
(5)
تقدم تخريجه برقم (9/ 1384) من كتابنا هذا.
وأما حديث ابن عباس
(1)
وما ورد في معناه من الصلاة على قتلى أحد قبل دفنهم.
فأجاب عن ذلك الشافعي
(2)
بأن الأخبار جاءت كأنها عيان من وجوه متواترة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يصلّ على قتلى أحد. قال: وما روى أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليهم وكبر على حمزة سبعين تكبيرة لا يصحّ، وقد كان ينبغي لمن عارض بذلك هذه الأحاديث أن يستحي على نفسه اهـ.
وأجيب أيضًا بأن تلك الحالة الضيقة لا تتسع لسبعين صلاة وبأنها مضطربة، وبأن الأصل عدم الصلاة؛ ولا يخفى عليك أنها رويت من طرق يشد بعضها بعضًا، وضيق تلك الحالة لا يمنع من إيقاع الصلاة، فإنها لو ضاقت عن الصلاة لكان ضيقها عن الدفن أولى.
ودعوى الاضطراب غير قادحة؛ لأن جميع الطرق قد أثبتت الصلاة وهي محلّ النزاع.
ودعوى أن الأصل عدم الصلاة مسلمة قبل ورود الشرع؛ وأما بعد وروده فالأصل الصلاة على مطلق الميت والتخصيص ممنوع.
وأيضًا أحاديث الصلاة قد شدّ من عضدها كونها مثبتة والإثبات مقدّم على النفي، وهذا مرجح معتبر، والقدح في اعتباره في المقام يبعد غفلة الصحابة عن إيقاع الصلاة على أولئك الشهداء معارض بمثله وهو بعد غفلة الصحابة عن الترك الواقع على خلاف ما كان ثابتًا عنه صلى الله عليه وسلم من الصلاة على الأموات، فكيف يرجح ناقله وهو أقل عددًا من نقلة الإثبات الذي هو مظنة الغفول عنه لكونه واقعًا على مقتضى عادته صلى الله عليه وسلم من الصلاة على مطلق الميت.
ومن مرجحات الإثبات الخاصة بهذا المقام أنه لم يرو النفي إلا أنس
(3)
وجابر
(4)
، وأنس عند تلك الوقعة من صغار الصبيان، وجابر قد روى أنه صلى الله عليه وسلم
(1)
تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (1401) من كتابنا هذا.
(2)
في الأم (2/ 597).
(3)
تقدم تخريجه برقم (1401) من كتابنا هذا.
(4)
تقدم تخريجه برقم (1382) من كتابنا هذا.
صلى على حمزة، وكذلك أنس كما تقدم فقد وافقا غيرهما في وقوع مطلق الصلاة على الشهيد في تلك الواقعة.
ويبعد كل البعد أن يخص النبيّ صلى الله عليه وسلم بصلاته حمزة لمزية القرابة ويدع بقية الشهداء، ومع هذا فلو سلمنا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يصلّ عليهم حال الوقعة، وتركنا جميع هذه المرجحات لكانت صلاته عليهم بعد ذلك مفيدة للمطلوب؛ لأنها كالاستدراك لما فات مع اشتمالها على فائدة أخرى وهي أن الصلاة على الشهب لا ينبغي أن تترك بحال وإن طالت المدة وتراخت إلى غاية بعيدة.
وأما حديث أبي سلام
(1)
فلم أقف للمانعين من الصلاة على جواب عليه، وهو من أدلة المثبتين لأنه قتل في المعركة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه شهيدًا وصلى عليه، نعم لو كان النفي عامًا غير مقيد بوقعة أحد ولم يرد في الإثبات غير هذا الحديث لكان مختصًا بمن قتل على مثل صفته.
واعلم أنه قد اختلف في الشهيد الذي وقع الخلاف في غسله والصلاة عليه، هل هو مختصّ بمن قتل في المعركة أو أعمّ من ذلك.
فعند الشافعي
(2)
أن المراد بالشهيد قتيل المعركة في حرب الكفار، وخرج بقوله: في المعركة، من جرح في المعركة وعاش بعد ذلك حياة مستقرّة وخرج بحرب الكفار من مات في قتال المسلمين كأهل البغي، وخرج بجميع ذلك من يسمى شهيدًا بسبب غير السبب المذكور، ولا خلاف أن من جمع هذه القيود شهيد.
وروي عن أبي حنيفة
(3)
وأبي يوسف ومحمد: أن من جرح في المعركة إن مات قبل الارتثاث فشهيد.
والارتثاث
(4)
: أن يحمل ويأكل أو يشرب أو يوصي أو يبقى في المعركة يومًا وليلة حيًا.
(1)
تقدم تخريجه برقم (9/ 1384) من كتابنا هذا.
(2)
الأم (2/ 596).
(3)
البناية في شرح الهداية (3/ 309).
(4)
القاموس المحيط ص 217. والنهاية (2/ 195).
وذهبت الهادوية
(1)
إلى أن من جرح في المعركة يقال له: شهيد وإن مات بعد الارتثاث.
وأما من قتل مدافعًا عن نفس أو مال أو في المصر ظلمًا فقال أبو حنيفة
(2)
وأبو يوسف والهادوية
(3)
: إنه شهيد.
وقال الإِمام يحيى (3) والشافعي
(4)
: إنه وإن قيل له شهيد فليس من الشهداء [الذين]
(5)
لا يغسلون وذهبت العترة (3) والحنفية (2) والشافعي (4) في قول له: إن قتيل البغاة شهيد، قالوا: إذ لم يغسل عليّ أصحابه، وهو توقيف.
فائدة: لم يرد في شيء من الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم صلى على شهداء بدر ولا أنه لم يصلّ عليهم. وكذلك في شهداء سائر المشاهد النبوية إلا ما ذكرناه في هذا البحث فليعلم ذلك
(6)
.
[الباب الثالث] باب الصلاة على السقط والطفل
3/ 1402 - (عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَة عَنِ النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "الراكبُ خَلْفَ الجنَازَةِ وَالمَاشِي أمامَها قَرِيبًا مِنْها عَنْ يَمِينها أوْ عَنْ يَسارِها وَالسِّقْطُ يُصَلى عَلَيْهِ وَيُدْعى لِوَالِدَيْهِ بالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(7)
وأبو دَاوُدَ
(8)
، وَقالَ فِيهِ:
(1)
البحر الزخار (2/ 93).
(2)
البناية في شرح الهداية (3/ 309).
(3)
البحر الزخار (2/ 95).
(4)
الأم (2/ 655).
(5)
في المخطوط (ب): (الذي).
(6)
قال ابن قيم الجوزية في "تهذيب سنن أبي داود"(4/ 296): "والذي يظهر من أمر شهداء أحد أنه لم يُصل عليهم عند الدفن، وقد قتل معه بأحد سبعون نفسًا فلا يجوز أن تخفى الصلاة عليهم، وحديث جابر بن عبد الله في ترك الصلاة عليهم صحيح صريح، وأبوه عبد الله أحد القتلى يومئذٍ فله من الخبرة ما ليس لغيره" اهـ.
وقد استعرض الزيلعي في "نصب الراية"(2/ 308 - 314) وكذا الحافظ ابن حجر في "التلخيص"(2/ 236 - 240) أحاديث كثيرة تدل على صلاته صلى الله عليه وسلم على الشهداء يوم أحد ولكنها معلة ولا تصح.
(7)
في المسند (4/ 248 - 249).
(8)
في سننه رقم (3180).
وهو حديث صحيح.
"وَالمَاشِي يَمْشي خَلْفَها وأمامَها وَعَنْ يَمِينها وَيَسارِها قَرِيبًا منها". [صحيح]
وَفِي رِوَايَةٍ: "الراكبُ خَلْفَ الجَنَازَةِ وَالمَاشِي حَيْثُ شاءَ مِنْها وَالطفْلُ يصَلَّى عَلَيْهِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَالنَّسائيُّ
(2)
وَالتِّرْمِذِيّ وَصحّحَه)
(3)
[صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا ابن حبان
(4)
وصححه والحاكم
(5)
وقال: على شرط البخاري بلفظ: "السقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالعافية والرحمة".
وأخرجه بهذا اللفظ الترمذي
(6)
وصححه، ولكن رواه الطبراني
(7)
موقوفًا على المغيرة، ورجح الدارقطني في العلل
(8)
الموقوف.
وفي الباب عن عليّ عند ابن عدي
(9)
، وفي إسناده عمرو بن خالد
(10)
وهو متروك.
وعن ابن عباس عنده
(11)
أيضًا من رواية شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عنه، وقوّاه ابن طاهر في الذخيرة
(12)
، وقد ذكره البخاري
(13)
من قول الزهري
(1)
في المسند (4/ 247).
(2)
في سننه رقم (1948).
(3)
في سننه رقم (1031) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير (ج 20 رقم 1046) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 482) والحاكم في المستدرك (1/ 355) وابن حبان رقم (3049). وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي.
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(4)
في صحيحه رقم (3049). وقد تقدم.
(5)
في المستدرك (1/ 355). وقد تقدم.
(6)
في سننه رقم (1031).
(7)
في المعجم الكبير (ج 20 رقم 1043).
(8)
(7/ 134، 135، 136 س 1258).
(9)
في "الكامل"(5/ 1777) في ترجمة عمرو بن خالد أبو خالد الكوفي.
(10)
عمرو بن خالد أبو خالد القرشي مولى بني هاشم أصله من الكوفة ثم انتقل إلى واسط. متروك تقدم قريبًا.
(11)
أي في "الكامل" عند ابن عدي (4/ 1329).
(12)
وهي "ذخيرة الحفاظ المخرّج على الحروف والألفاظ"، للحافظ محمد بن طاهر المقدسي. (1/ 277 - 278 رقم 201) وقال: ورواه شريك عن أبي إسحاق، عن عطاء، عن ابن عباس.
قال ابن طاهر المقدسي: هذا إسناد جيد متصل.
(13)
في صحيحه تعليقًا رقم (1358) حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، قال ابن شهاب: يصلى =
تعليقًا ووصله ابن أبي شيبة
(1)
.
وعن أبي هريرة عند ابن ماجه
(2)
يرفعه بلفظ: "صلوا على أطفالكم فإنهم في أفراطكم"، وإسناده ضعيف.
قوله: (الراكب خلف الجنازة) أي يمشي، وسيأتي الكلام على المشي مع الجنازة
(3)
.
قوله: (والسقط يصلى عليه)، فيه دليل على مشروعية الصلاة على السقط، وإليه ذهبت العترة
(4)
والفقهاء
(5)
.
ولكنها إنما تشرع الصلاة عليه إذا كان قد استهلّ.
والاستهلال: الصياح أو العطاس أو حركة تعلم بها حياة الطفل.
وقد أخرج البزار
(6)
عن ابن عمر مرفوعًا: "استهلال الصبيّ العطاس"، قال الحافظ
(7)
: وإسناده ضعيف.
ويدلّ على اعتبار الاستهلال حديث جابر عند الترمذي
(8)
والنسائي
(9)
= على كلّ مولودٍ متوفى وإن كان لِغَيَّهٍ، من أجل أنه وُلدَ على فطرةِ الإسلام، يَدَّعِي أبواه الإسلامَ أو أبوهُ خاصَّة، وإنْ كانت أمُّهُ على غير الإسلام، إذا استهل صارخًا صُلِّي عليه، ولا يُصَلَّى على من لا يستهل من أجل أنه سقط
…
" اهـ.
(1)
في "المصنف"(3/ 318).
(2)
في سننه رقم (1509).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 492): "هذا إسناد ضعيف البختري بن عبيد ضعفه أبو حاتم وابن عدي وابن حبان، والدارقطني، وكذبه الأزدي، وقال فيه أبو نعيم الأصبهاني والحاكم والنقاش: روى عن أبيه موضوعات" اهـ.
وهو حديث ضعيف جدًّا، والله أعلم.
(3)
سيأتي عند الحديث رقم (1448) من كتابنا هذا.
(4)
البحر الزخار (2/ 92).
(5)
المغني (3/ 458 - 460) والمجموع (5/ 214).
(6)
في مسنده كما في "مجمع - الزوائد"(4/ 225) وقال الهيثمي: وفيه محمد بن عبد الرحمن البيلماني وهو ضعيف.
(7)
في "التلخيص"(2/ 231).
(8)
في سننه رقم (1032) وقال: هذا حديث قد اضطرب الناس فيه.
(9)
في السنن الكبرى رقم (6324).
وابن ماجه
(1)
والبيهقي
(2)
بلفظ: "إذا استهل السقط صُلِّيَ عليه وورث". وفي إسناده إسماعيل بن مسلم المكي
(3)
عن أبي الزبير [عنه]
(4)
وهو ضعيف.
قال الترمذي
(5)
: رواه أشعث بن سوّار وغير واحد عن أبي الزبير عن جابر.
ورواه النسائي
(6)
أيضًا وابن حبان
(7)
في صحيحه والحاكم
(8)
من طريق إسحاق الأزرق عن سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر، وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
قال الحافظ
(9)
: ووهم لأن أبا الزبير ليس من شرط البخاري وقد عنعن فهو علة هذا الخبر إن كان محفوظًا عن سفيان.
قال: ورواه الحاكم
(10)
أيضًا من طريق المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير مرفوعًا وقال: لا أعلم أحدًا رفعه [عن]
(11)
أبي الزبير غير المغيرة، وقد وقفه ابن جريج وغيره.
وروي أيضًا من طريق بقية عن الأوزاعي عن أبي الزبير مرفوعًا.
وقال الشافعي
(12)
: إنما يغسل لأربعة أشهر إذ يكتب في الأربعين الرابعة رزقه وأجله وإنما ذلك للحيّ.
(1)
في السنن رقم (1508).
(2)
في السنن الكبرى (4/ 8). وهو حديث صحيح.
(3)
إسماعيل بن مسلم المكي، أبو إسحاق، كان من البصرة، ثم سكن مكة، وكان فقيهًا: ضعيف الحديث، من الخامسة. (ت. ق) [التقريب: رقم 484].
(4)
ما بين الخاصرتين سقط من (ب).
(5)
في السنن (3/ 351).
(6)
في السنن الكبرى رقم (6324).
(7)
في صحيحه رقم (6032).
(8)
في المستدرك (4/ 348 - 349) وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وهو حديث صحيح.
(9)
في "التلخيص"(2/ 231).
(10)
في المستدرك (4/ 348).
(11)
في المخطوط (ب): (غير).
(12)
المجموع شرح المهذب (5/ 214 - 215) والمغني (3/ 458).
وقد رجح المصنف
(1)
رحمه الله تعالى هذا واستدلّ له فقال: قلت وإنما يصلى عليه إذا نفخت فيه الروح، وهو أن يستكمل أربعة أشهر، فأما إن سقط لدونها فلا لأنه ليس بميت إذ لم ينفخ فيه روح.
وأصل ذلك حديث ابن مسعود قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: "إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكًا بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله وشقيّ أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح" متفق عليه
(2)
اهـ.
ومحل الخلاف فيمن سقط بعد أربعة أشهر ولم يستهلّ.
وظاهر حديث الاستهلال أنه لا يصلى عليه وهو الحقّ لأنه الاستهلال يدلّ على وجود الحياة قبل خروج السقط كما يدلّ على وجودها بعده، فاعتبار الاستهلال من الشارع دليل على أن الحياة بعد الخروج من البطن معتبرة في مشروعية الصلاة على الطفل وأنه لا يكتفى بمجرّد العلم بحياته في البطن فقط.
[الباب الرابع] باب ترك الإِمام الصلاة على الغال وقاتل نفسه
4/ 1403 - (عَنْ زيدِ بْنِ خالِدٍ الجُهَنِيّ أنَّ رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِين تُوُفّي بِخَيْبَرَ، وأَنَّه ذُكرَ لرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقالَ: "صَلُّوا على صَاحِبِكُمْ"، فَتَغَيَرتْ وُجُوهُ القَوْمِ لِذَلِكَ؟ فَلَمَّا رأى الَّذِي بِهِمْ قالَ: "إن صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ الله"، فَفَتَّشْنَا مَتاعَهُ فَوَجَدْنَا فِيهِ خَرَزًا مِنْ خَرزِ اليهُودِ ما يُساوِي دِرْهَمَيْنِ. رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلا التَّرْمِذِيَّ)
(3)
. [ضعيف]
(1)
ابن تيمية الجد في "المنتقى"(2/ 80).
(2)
أحمد في المسند (1/ 382) والبخاري رقم (3208) ومسلم رقم (1/ 2643).
(3)
أحمد في المسند (4/ 114) وأبو داود رقم (2710) والنسائي رقم (1959) وابن ماجه رقم (2848).
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
5/ 1404 - (وَعَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أن رَجُلًا قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشاقِصَ، فَلَمْ يُصَلّ عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخَارِيّ)
(1)
. [صحيح]
الحديث الأوّل سكت عنه أبو داود
(2)
والمنذري
(3)
، ورجال إسناده رجال الصحيح.
قوله: (فقال: صلوا على صاحبكم) فيه جواز الصلاة على العصاة، وأما ترك النبيّ صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه فلعله للزجر عن الغلول كما امتنع من الصلاة على المديون وأمرهم بالصلاة عليه.
قوله: (ففتشنا متاعه إلخ) فيه معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لإخباره بذلك وانكشاف الأمر كما قال.
قوله: (ما يساوي درهمين)، فيه دليل على تحريم الغلول وإن كان شيئًا حقيرًا.
وقد ورد في الوعيد عليه أحاديث كثيرة ليس هذا محل بسطها
(4)
.
قوله: (بمشاقص) جمع مشقص كمنبر: نصل عريض أو سهم فيه ذلك، والنصل الطويل أو سهم فيه ذلك ترمى به الوحش كذا في القاموس
(5)
.
قوله: (فلم يصلّ عليه) فيه دليل لمن قال: إنه لا يصلى على الفاسق وهم
(1)
أحمد في المسند (5/ 87، 92، 94، 97). ومسلم رقم (107/ 978) وأبو داود رقم (3185) والترمذي رقم (1068) والنسائي رقم (1964) وابن ماجه رقم (1526). وهو حديث صحيح.
(2)
في السنن (3/ 155).
(3)
في المختصر (4/ 38).
(4)
بل أذكر من أخرجها وأسم راويها ليسهل الوصول إليها:
1 -
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. أخرجه البخاري رقم (3074).
2 -
حديث عبد الله بن عباس. أخرجه مسلم رقم (182/ 114).
3 -
حديث أبي هريرة. أخرجه البخاري رقم (3573) ومسلم رقم (24/ 1831).
4 -
حديث أبي هريرة. أخرجه البخاري رقم (6707) ومسلم رقم (183/ 115).
(5)
القاموس المحيط ص 802.
العترة
(1)
وعمر بن عبد العزيز (2) والأوزاعي
(2)
، فقالوا: لا يصلى على الفاسق تصريحًا أو تأويلًا، ووافقهم أبو حنيفة
(3)
وأصحابه في الباغي والمحارب، ووافقفم الشافعي في قول له في قاطع الطريق.
وذهب مالك
(4)
والشافعي
(5)
وأبو حنيفة
(6)
وجمهور العلماء
(7)
إلى أنه يصلى على الفاسق.
وأجابوا عن حديث جابر بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم إنما لم يصل عليه بنفسه زجرًا للناس وصلت عليه الصحابة.
ويؤيد ذلك ما عند النسائي
(8)
بلفظ: "أما أنا فلا أصلي عليه"، وأيضًا مجرّد الترك لو فرض أنه لم يصلّ عليه هو ولا غيره لا يدل على الحرمة المدّعاة.
ويدلّ على الصلاة على الفاسق حديث: "صلوا على من قال لا إله إلا الله" وقد تقدم
(9)
الكلام عليه في باب ما جاء في إمامة الفاسق من أبواب الجماعة.
[الباب الخامس] باب الصلاة على من قتل في حد
6/ 1405 - (عَنْ جابِرٍ أن رَجُلًا مِنْ أسْلَمَ جاءَ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فاعْتَرَفَ بالزّنا فأعْرَضَ عَنْهُ حتَّى شَهِدَ على نَفْسِهِ أرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَقالَ:"أبِكَ جُنُونٌ؟، قال: لا، قالَ: "أحْصَنْتَ؟ "، قالَ: نَعَمْ، فأمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بالمصَلَّى؟ فَلَما أذْلَقَتْهُ الحجارَةُ
(1)
البحر الزخار (2/ 122).
(2)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 409).
(3)
البناية في شرح الهداية (3/ 326).
(4)
المنتقى للباجي (2/ 11 - 12).
(5)
المجموع شرح المهذب (5/ 229).
(6)
البناية في شرح الهداية (3/ 325 - 326).
(7)
قال النووي في "المجموع"(5/ 230): "فرع: من قتل نفسه أو غل من الغنيمة يغسل ويصلى عليه عندنا، وبه قال أبو حنيفة، ومالك وداود. وقال أحمد: لا يصلي عليهما الإمام وتصلي بقية الناس" اهـ.
(8)
في سننه رقم (1964). وهو حديث صحيح.
(9)
تقدم خلال شرح الحديث (1090) من كتابنا هذا.
فَرَّ، فأُدْرِكَ فَرُجِمَ حتَّى ماتَ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا وَصَلَّى عَلَيْهِ، رَوَاهُ البُخاريُّ فِي صَحِيحِهِ
(1)
. [صحيح]
وَرَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وأبُو دَاوُدَ
(3)
وَالنَّسائيُّ
(4)
وَالتِّرْمِذِيُّ وَصحَّحَهُ
(5)
وقالُوا: وَلمْ يُصَلّ عَلَيْهِ، ورِوَايَةُ الإثْباتِ أوْلَى [صحيح]
وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام أنَّهُ صَلَّى على الغامِدِيَّةِ
(6)
[صحيح]
وَقَالَ الإِمام أحْمَدُ: ما نَعْلَمُ أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ الصَّلاةَ على أحَدٍ إلَّا على الغالّ وَقاتِلِ نَفْسِهِ).
حديث جابر أخرجه البخاري (1) باللفظ الذي ذكره المصنف عن محمود بن غيلان، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة عنه، وقال (1): لم يقل يُونس وابن جريج عن الزهري: "وصلَّى عليه".
وعلل بعضهم هذه الزيادة، أعني قوله:"فصلى عليه"، بأن محمد بن يحيى لم يذكرها، وهو أضبط من محمود بن غيلان. قال: وتابع محمد بن يحيى نوح بن حبيب.
وقال غيره: كذا روي عن عبد الرزاق والحسن بن عليّ ومحمد بن المتوكل ولم يذكروا الزيادة.
وقال: ما أرى مسلمًا ترك حديث محمود بن غيلان إلا لمخالفته هؤلاء.
وقد خالف محمودًا أيضًا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه
(1)
في صحيحه رقم (6820).
(2)
في المسند (3/ 323).
(3)
في السنن رقم (4430).
(4)
في السنن رقم (1956).
(5)
في السنن رقم (1429) وقال: حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه ابن الجارود رقم (813) والطحاوي "في مشكل الآثار" رقم (431) وابن حبان رقم (3094) والدارقطني (3/ 127 - 128) والبيهقي (8/ 218). وهو حديث صحيح.
(6)
أخرجه مسلم رقم (23/ 1695) وأبو داود رقم (4442) وأحمد في المسند (5/ 348).
من حديث بريدة بن الحصيب.
وهو حديث صحيح.
وحميد بن زنجويه وأحمد بن منصور الرمادي وإسحاق بن إبراهيم الدَّبَرِي، فهؤلاء ثمانية من أصحاب عبد الرزاق خالفوا محمودًا، وفيهم هؤلاء الحفاظ إسحاق بن راهويه ومحمد بن يحيى الذهلي وحميد بن زنجويه
(1)
.
وقد أخرجه مسلم في صحيحه
(2)
عن إسحاق عن عبد الرزاق ولم يذكر لفظه غير أنه قال نحو رواية عُقَيْل.
وحديث عقيل الذي أشار إليه ليس فيه ذكر الصلاة
(3)
.
وقال البيهقي
(4)
: ورواه البخاري عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق إلا أنه قال: "فصلى عليه"، وهو خطأ لإجماع أصحاب عبد الرزاق على خلافه، ثم إجماع أصحاب الزهري على خلافه، انتهى.
وعلى هذا تكون زيادة قوله: "وصلى عليه" شاذّة
(5)
.
(1)
قال الحافظ في "الفتح"(12/ 130): " .... أكثر من عشرة أنفس خالفوا محمودًا منهم من سكت عن الزيادة، ومنهم من صرح بنفيها" اهـ.
(2)
في صحيح مسلم (3/ 1318 رقم ( .... ) /1691):
وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى. قالا: أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس. ح
وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عبد الرزاق. أخبرنا معمر وابن جريج، كلهم عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحو رواية عُقَيْلٍ عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة.
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1318 رقم 16/ 1691) .... حدثني عُقَيْل عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أنَّه قال: أتى رجلٌ من المسلمين رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه، فقال: يا رسول الله! إني زنيتُ. فأعرضَ عنه، فتنحَّى تلقاءَ وجههِ. فقال له: يا رسول الله! إني زنيتُ فأعرضَ عنه، حتى ثَنى ذلكَ عليه أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:"أبك جنون؟! قال: لا، قال: "لأفهل أَحْصَنَت؟ " قال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذهبُوا به فارجموهُ".
قال ابن شهاب: فأخبرني من سمع جابر بن عبد الله يقول: فكنتُ فيمن رجمهُ. فرجمناه بالمصلى، فلما أذلقتهُ الحجارةُ هرب، فأدركناه بالحرة فرجمناه.
(4)
في السنن الكبرى (8/ 218).
(5)
"إذا روى الثقة شيئًا قد خالفه فيه الناس فهو الشاذ، يعني المردود. وليس من ذلك أن يروي الثقة ما لم يرو غيرُه، بل هو مقبول إذا كان عدلًا ضابطًا حافظًا. فإنَّ هذا لو وُدَّ رُدَّتْ أحاديث كثيرة من هذا النمط، وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل" اهـ. =
ولكنه قد تقرّر في الأصول أن زيادة الثقة إذا وقعت غير منافية كانت مقبولة
(1)
، وهي ها هنا كذلك باعتبار رواية الجماعة المذكورين لأصل الحديث.
وأما باعتبار ما وقع عند أحمد وأهل السنن من أنه لم يصلّ عليه، فرواية الصلاة أرجح من جهات:
(الأولى): كونها في الصحيح.
(الثانية): كونها مثبتة.
(الثالثة): كونها معتضدة بما أخرجه مسلم في صحيحه
(2)
وأبو داود
(3)
والترمذي
(4)
والنسائي
(5)
وابن ماجه
(6)
من حديث عمران بن حصين: "أن امرأة من جهينة أتت النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت إنها قد زنت وهي حبلى، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وليها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسن إليها فإذا وضعت فجيء بها؛ فلما وضعت جاء بها، فأمر بها النبيّ صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت. ثم أمرهم فصلوا عليها" الحديث.
وبما أخرجه مسلم
(7)
وأبو داود
(8)
والنسائي
(9)
من حديث بريدة: "أن امرأة من غامد أتت النبيّ صلى الله عليه وسلم"، فذكر نحو حديث عمران وقال:"فأمر بها فصلي عليها" الحديث.
وبما أخرجه أبو داود
(10)
والنسائي
(11)
من حديث أبي بكرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم
= [اختصار علوم الحديث (2/ 182)] وانظر: النكت (2/ 671)].
(1)
انظر: "التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح". للعراقي. ص 111 - 112.
(2)
في صحيحه رقم (24/ 1696).
(3)
في سننه رقم (4420).
(4)
في سننه رقم (1435) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(5)
في سننه رقم (1957).
(6)
في سننه رقم (2555).
وهو حديث صحيح.
(7)
في صحيحه رقم (22/ 1695).
(8)
في سننه رقم (4434)
(9)
في سننه الكبرى رقم (7148).
وهو حديث صحيح.
(10)
في سننه رقم (4443).
(11)
في سننه الكبرى رقم (7158) بسند ضعيف.
رجم امرأة"، وفيه: "فلما طفئت أخرجها فصلى عليها"، وفي إسناده مجهول.
ومن المرجحات أيضًا الإجماع على الصلاة على المرجوم
(1)
.
(1)
قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 408): "قال أبو بكر: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة على المسلمين ولم يستثن منهم أحد، وقد دخل في جملهم الأخيار والأشرار، ومن قتل في حد، ولا نعلم خبرًا وجب استثناء أحدٍ ممن ذكرناه، فيصلى على من قتل نفسه، وعلى من أصيب في أي حد أصيب فيه، وعلى شارب الخمر، وولد الزنا، لا يستثنى منهم إلا من استثناه النبي صلى الله عليه وسلم من الشهداء الذين أكرمهم الله بالشهادة، وقد ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى على من أصيب في حد" اهـ.
• وأما ما ادعاه الشوكاني رحمه الله من الإجماع على الصلاة على المرجوم فهو غير دقيق.
فقد قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 406 - 408): "واختلفوا في الصلاة على من قتل في حد، فروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال لأولياء شراحة - الهمدانية - المرجومة: اصنعوا بها ما تصنعون بموتاكم
…
وقال جابر بن عبد الله: صل على من قال لا إله إلا الله.
وممن رأى أن يصلى على جميع من أصيب في حد: الأوزاعي، والشافعي، وإسحاق.
وقال عطاء: في ولد الزنا: إذا استهل، وأمه، والمتلاعنين، والذي يقاد منه، وعلى المرجوم، والذي يزاحف فيفر فيقتل، وعلى الذي يموت موتة سوء، لا أدع الصلاة على من قال: لا إله إلا الله، قال:"من بعد ما تبين لهم أنهم من أصحاب الجحيم؟ قال: فمن يعلم أن هؤلاء من أصحاب الجحيم".
وقال عمرو - بن دينار - مثل قول عطاء. وقال النخعي: "لم يكونوا يحجبون الصلاة على أحد من أهل القبلة". وقال الأوزاعي: يصلى على المرجوم وعلى المصلوب إذا أرسل من خشبة. وقال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي في المرجوم: يغسل ويكفن ويصلى عليه. وقال الشافعي: لا تترك الصلاة على أحد ممن يصلي القبلة برًا كان أو فاجرًا.
وفيه قول ثانٍ: كان الزهري يقول: يصلى الذي يقاد منه في حد، إلا من أقيد منه في رجم.
وقال مالك في الرجل يقتل قودًا: لا يصلي عليه الإمام، ويصلي عليه أهله إن شاء، أو غيرهم
…
وقال أحمد في ولد الزنا والذي يقاد منه في حد: "يصلى عليه، إلا أن الإمام لا يصلي على قاتل نفس، ولا على غال".
قال إسحاق: يصلى على كل، وكان الحسن البصري يقول في امرأة ماتت في نفاسها من الزنا: "لا يصلى عليها، ولا على ولدها ..
وقال يعقوب: من قتل من هؤلاء المحاربين، أو صلب لم يصل عليه، وإن كان يدعي الإسلام، وكذلك الفئة الباغية لا يصلى على قتلاها. وكذلك قال النعمان" اهـ.
قال النووي
(1)
: قال القاضي
(2)
مذهب العلماء كافة الصلاة على كل مسلم ومحدود ومرجوم وقاتل نفسه وولد الزنا اهـ.
ويتعقب بأن الزهري
(3)
يقول: لا يصلى على المرجوم، وقتادة
(4)
يقول: لا يصلى على ولد الزنا.
وأما قاتل نفسه فقد تقدم الخلاف فيه.
ومن جملة المرجحات ما حكاه المصنف عن أحمد أنه قال: ما نعلم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على أحد إلا الغالّ وقاتل نفسه.
وأما ما أخرجه أبو داود
(5)
من حديث أبي برزة الأسلمي: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصلّ على ماعز، ولم ينه عن الصلاة عليه"، ففي إسناده مجاهيل.
وبقية الكلام على حديث ماعز والغامدية يأتي إن شاء الله [تعالى]
(6)
في الحدود
(7)
، وهذا المقدار هو الذي تدعو إليه الحاجة في المقام.
[الباب السادس] باب الصلاة على الغائب بالنية وعلى القبر إلى شهر
7/ 1406 - (عَنْ جَابِرٍ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلّى على أصحَمَةَ النَّجاشِيّ فَكبَّرَ عَلَيْهِ أرْبَعًا
(8)
. [صحيح]
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 47).
(2)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 454).
(3)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 535 رقم 6618) عن معمر عن الزهري قال: سألت الزهري أيصلَّى على الذي يقاد منه في حد؟ قال: نعم، إلا من أُقيد منه في رجم".
(4)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 534 رقم 6613) عن معمر عن قتادة في ولد الزنا إذا مات طفلًا صغيرًا لا يصلَّى عليه".
(5)
في سننه رقم (3186) بسند حسن.
(6)
زيادة من المخطوط (ب).
(7)
عند الحديث رقم (3105) و (3106) و (3121) و (3122) و (3123) من كتابنا هذا.
(8)
أحمد (3/ 319) والبخاري رقم (1245) ومسلم رقم (64/ 952).
وَفِي لَفْظٍ قالَ: "تُوفي اليَوْمَ رَجُلٌ صالِحٌ مِنَ الحَبَشِ فَهَلُموا فَصَلُّوا عَلَيْهِ" فَصُفِفْنا خَلْفَهُ، فَصَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ صُفُوفٌ
(1)
. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا). [صحيح]
8/ 1407 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَعَى النَّجاشِيَّ فِي اليَوْمِ الَّذِي ماتَ فِيهِ وَخَرَجَ بِهِمْ إلى المُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أرْبَعَ تَكْبِيرَات. رَوَاهُ الجَمَاعَةُ
(2)
. [صحيح]
وَفِي لَفْظ: نَعَى النَّجاشِيَّ لأصْحابِهِ ثُم قالَ: "اسْتَغْفِرُوا لَهُ"، ثُمَّ خَرَجَ بأصْحابِهِ إلى المُصَلَّى، ثُمَّ قامَ فَصَلَّى بِهِمْ كمَا يُصَلّى عَلى الجَنَازَةِ. رواه أحمد)
(3)
. [صحيح]
9/ 1408 - (وَعَنْ عمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "إن أخاكُمُ النَّجاشِيَّ قَدْ ماتَ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ"، قالَ: فَقُمْنا فَصُفِفْنا عَلَيْهِ كما يُصَفُّ على المَيِّتِ، وَصَلَّيْنا عَلَيْهِ كما يُصَلَّى على الميتِ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
وَالنَّسائيُّ
(5)
وَالتِّرمِذِيّ وَصحَّحَهُ)
(6)
. [صحيح]
قوله: (على أصحمة) قال في الفتح
(7)
: وقع في جميع الروايات التي اتصلت بنا من طريق البخاري أصحمة بمهملتين بوزن أفعلة مفتوح العين.
ووقع في مصنف ابن أبي شيبة
(8)
صحمة بفتح الصاد وسكون الحاء.
وحكى الإسماعيلي أن في رواية عبد الصمد أصخمة بخاء معجمة وإثبات
(1)
أحمد (3/ 295) والبخاري رقم (1320) ومسلم رقم (65/ 952).
(2)
أحمد (2/ 280 - 281) والبخاري رقم (1333) ومسلم رقم (62/ 951) وأبو دإود رقم (3204) والترمذي رقم (1022) والنسائي رقم (1972) وابن ماجه رقم (1534)، وهو حديث صحيح.
(3)
في المسند (2/ 529) إسناده حسن.
وهو حديث صحيح.
(4)
في المسند (4/ 439).
(5)
في سننه رقم (1975).
(6)
في سننه رقم (1039) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
وهو حديث صحيح.
(7)
(3/ 203).
(8)
(3/ 363).
الألف. قال: وهو غلط. وحكى الكرماني
(1)
أن في بعض النسخ صحبة بالموحدة بدل الميم اهـ. وهو اسم النجاشي.
قال ابن قتيبة
(2)
وغيره: ومعناه بالعربية عطية.
والنجاشي بفتح النون وتخفيف الجيم وبعد الألف شين معجمة ثم ياء كياء النسب، وقيل: بالتخفيف، ورجحه الصغاني
(3)
: لقب لمن ملك الحبشة.
وحكى المطرزي (4) تشديد الجيم عن بعضهم وخطأه.
قال المطرزي
(4)
وابن خالويه وآخرون: إن كل من ملك المسلمين يقال له أمير المؤمنين، ومن ملك الحبشة النجاشي، ومن ملك الروم قيصر، ومن ملك الفرس كسرى، ومن ملك الترك خاقان، ومن ملك القبط فرعون، ومن ملك مصر العزيز، ومن ملك اليمن تبع، ومن ملك حمير القَيل بفتح القاف، وقيل: القَيل أقلّ درجة من الملك.
قوله: (فكبر عليه أربعًا) فيه دليل على أن المشروع في تكبير الجنازة أربع، وسيأتي الكلام في ذلك
(5)
.
قوله: (وخرج بهم إلى المصلى) تمسك به من قال بكراهة صلاة الجنازة في المسجد، وسيأتي البحث في ذلك
(6)
.
وقد استدلّ بهذه القصة القائلون بمشروعية الصلاة على الغائب عن البلد.
(1)
في شرحه للبخاري (7/ 115).
(2)
في "أدب الكاتب" ص 73: "النَّجاشِيُّ: هو الناجش، والنَّجْشُ: استثارة الشيء، ومنه قيل للزائد في ثمن السلعة: ناجشٌ، ونجَّاشٌ، ومنه قيل للصائد: ناجشٌ.
قال محمد بن إسحاق: النَّجَاشِيُّ اسمه أصْحَمَةُ، وهو بالعربية عَطِيَّةُ، وإنما النجاشي اسم الملك، كقولك: هِرَقْلُ، وقَيْصَرُ ولست أدري أبالعربية هو، أم وفاق وقع بين العربية وغيرها؟! اهـ.
(3)
حكاه عنه الزبيدي عن "تاج العروس"(9/ 204).
(4)
حكاه عنه الزبيدي عن "تاج العروس"(9/ 204).
(5)
الباب التاسع الحديث رقم (24/ 1423) من كتابنا هذا.
(6)
الباب الثالث عشر عند الحديث رقم (41/ 1440 - 43/ 1442) من كتابنا هذا.
قال في الفتح
(1)
: وبذلك قال الشافعي
(2)
وأحمد
(3)
وجمهور السلف حتى قال ابن حزم
(4)
: لم يأت عن أحد من الصحابة منعه.
قال الشافعي
(5)
: الصلاة على الميت دعاء له، فكيف لا يدعى له وهو غائب أو في القبر.
وذهبت الحنفية
(6)
والمالكية
(7)
وحكاه في البحر
(8)
عن العترة أنها لا تشرع الصلاة على الغائب مطلقًا.
قال الحافظ
(9)
: وعن بعض أهل العلم: إنما يجوز ذلك في اليوم الذي يمت فيه أو ما قرب منه لا إذا طالت المدّة، حكاه ابن عبد البرّ
(10)
.
وقال ابن حبان
(11)
: إنما يجوز ذلك لمن كان في جهة القبلة.
قال المحبّ الطبري
(12)
: لم أر ذلك لغيره، واعتذر من لم يقل
(1)
(3/ 188).
(2)
المجموع (1/ 215).
(3)
المغني (3/ 446).
(4)
في المحلى (5/ 139).
(5)
المعرفة (5/ 315 رقم 7675).
(6)
حاشية ابن عابدين (3/ 99).
(7)
التمهيد (6/ 223).
(8)
البحر الزخار (2/ 117).
(9)
في "الفتح"(3/ 188).
(10)
في "التمهيد"(6/ 223).
(11)
في صحيحه (7/ 367).
قال أبو حاتم رضي الله عنه: "العلةُ في صلاة المصطفى صلى الله عليه وسلم على النجاشي وهو بأرضه: أن النجاشيَّ أرضُه بحِذَاءِ القِبلة، وذاك أن بلدَ الحبشةِ إذا قام الإنسانُ بالمدينة كانَ وراءَ الكعبةِ، والكعبةُ بينه وبين بلادِ الحبشة، فإذا مات الميتُ ودُفِنَ، ثم عَلِمَ المرءُ في بلدٍ آخرَ بموته، وكان بَلَدُ المدفونِ بين بلدهِ والكعبة وراءَ الكعبة جاز له الصلاةُ عليه، فأما من مات ودفن في بلدٍ، وأرادَ المصلِّي عليه الصلاة في بلده، وكان بلدُ الميت وراءَه فمستحيلٌ حينئذٍ الصلاةُ عليه" اهـ.
وقال البغوي في شرح السنة (5/ 341 - 342): "ومن فوائد الحديث جواز الصلاة طى الميت الغائب، ويتوجهون إلى القبلة، لا إلى بلد الميت إن كان في غير جهة القبلة، وهو قول أكثر أهل العلم، وذهب بعضُهم إلى أن الصلاة عل الميت الغائب لا تجوز، وهو قول أصحاب الرأي، وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخصوصًا به، وهذا ضعيف؛ لأن الاقتداء به في أفعاله واجب على الكفاية ما لم يقم دليل التخصيص، ولا تجوز دعوى التخصيص ها هنا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه وحده، إنما صلى مع الناس
…
" اهـ.
(12)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 188).
بالصلاة على الغائب عن هذه القصة بأعذار منها أنه كان بأرض لم يصلّ عليه بها أحد.
ومن ثم قال الخطابي
(1)
: لا يصلى على الغائب إلا إذا وقع موته بأرض ليس فيها من يصلي عليه، واستحسنه الروياني.
وترجم بذلك أبو داود في السنن
(2)
فقال: باب الصلاة على المسلم يليه أهل الشرك في بلد آخر.
قال الحافظ
(3)
: وهذا محتمل إلا أنني لم أقف في شيء من الأخبار أنه لم يصلّ عليه في بلده أحد، انتهى.
وممن اختار هذا التفصيل شيخ الإسلام ابن تيمية
(4)
حفيد المصنف والمحقق المقبلي
(5)
.
واستدلّ له بما أخرجه الطيالسي
(6)
وأحمد
(7)
وابن ماجه
(8)
وابن قانع
(9)
(1)
في معالم السنن (3/ 542).
قال الخطابي: النجاشي رجل مسلم قد آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه على نبوته إلا أنه كان يكتم إيمانه، والمسلم إذا مات وجب على المسلمين أن يصلوا عليه، إلا أنه كان بين ظهراني أهل الكفر ولم يكن بحضرته من يقوم بحقه في الصلاة عليه، فلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك إذ هو نبيه ووليه وأحق الناس به، فهذا - والله أعلم - هو السبب الذي دعاه إلى الصلاة عليه بظهر الغيب، فعلى هذا إذا مات المسلم ببلد من البلدان وقد قضى حقه في الصلاة عليه فإنه لا يصلي عليه من كان ببلد آخر غائبًا عنه، فإن علم أنه لم يصل عليه لعائق أو مانع عذر كانت السنة أن يصلي عليه، ولا يترك ذلك لبعد المسافة، فإذا صلوا عليه استقبلوا القبلة ولم يتوجهوا إلى بلد الميت إن كان في غير جهة القبلة
…
" اهـ.
(2)
في السنن (3/ 541 رقم الباب 62) باب في الصلاة على المسلم يموت في بلاد الشرك.
(3)
في "الفتح"(3/ 188).
(4)
ذكره ابن قيم الجوزية في "زاد المعاد"(1/ 501).
(5)
في "المنار في المختار من جواهر البحر الزخار"، حاشية العلامة صالح بن مهدي المقبلي. (1/ 271).
(6)
في المسند رقم (1068).
(7)
في المسند (4/ 7).
(8)
في سننه رقم (1537).
(9)
في معجم الصحابة (1/ 192).
والطبراني
(1)
والضياء المقدسي. وعن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخاكم مات بغير أرضكم فقوموا فصلوا عليه".
ومن الأعذار قولهم: إنه كشف له صلى الله عليه وسلم رآه، فيكون حكمه حكم الحاضر بين يدي الإمام الذي لا يراه المؤتمون ولا خلاف في جواز الصلاة على من كان كذلك.
قال ابن دقيق العيد
(2)
: هذا يحتاج إلى نقل ولا يثبت بالاحتمال. وتعقبه بعض الحنفية بأن الاحتمال كاف في مثل هذا من جهة المانع.
قال الحافظ
(3)
: وكأن مستند القائل بذلك ما ذكره الواحدي في أسباب النزول
(4)
بغير إسناد عن ابن عباس قال: "كشف للنبيّ صلى الله عليه وسلم عن سرير النجاشي حتى رآه وصلى عليه".
ولابن حبان
(5)
من حديث عمران بن حصين: "فقاموا وصفوا خلفه وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه".
ولأبي عوانة
(6)
من طريق أبان وغيره عن يحيى: "فصلينا خلفه ونحن لا نرى إلا أن الجنازة قدامنا".
ومن الأعذار أن ذلك خاصّ بالنجاشي؛ لأنه لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى على ميت غائب غيره.
وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم صلى على معاوية بن معاوية الليثي وهو مات بالمدينة والنبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذ ذاك بتبوك ذكر ذلك في الاستيعاب
(7)
.
(1)
في المعجم الكبير رقم (3046) و (3047) و (3048).
وهو حديث صحيح.
(2)
في إحكام الأحكام (2/ 159).
(3)
في "الفتح"(3/ 188).
(4)
ص 139 - 140.
(5)
في صحيحه رقم (3102) بسند صحيح.
(6)
عزاه إليه الحافظ في "الفتح"(3/ 188).
(7)
لابن عبد البر (3/ 476 رقم 2467) وقال: أسانيد هذه الأحاديث ليست بالقوية، ولو أنها في الأحكام لم يكن في شيء منها حجة،
…
" اهـ. =
وروي
(1)
أيضًا عن أبي أمامة الباهلي مثل هذه القصة في حقّ معاوية بن مقرن.
وأخرج
(2)
مثلها أيضًا عن أنس في ترجمة معاوية بن معاوية المزني، ثم قال بعد ذلك: أسانيد هذه الأحاديث ليست بالقوية، ولو أنها في الأحكام لم يكن شيء منها حجة.
وقال الحافظ في الفتح
(3)
متعقبًا لمن قال إنه لم يصلّ على غير النجاشي.
قال: وكأنه لم يثبت عنده قصة معاوية بن معاوية الليثي، وقد ذكرت في ترجمته في الصحابة
(4)
أن خبره قويّ بالنظر إلى مجموع طرقه، انتهى.
وقال الذهبي
(5)
: لا نعلم في الصحابة معاوية بن معاوية، وكذلك تكلم فيه البخاري.
= • وأخرج البيهقي في السنن الكبرى (4/ 50) عن أنس بن مالك قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك فطلعت الشمس بضياء ونور وشعاع لم أرها طلعت فيما مضى فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا جبريل ما لي أرى الشمس طلعت بضياء ونور وشعاع لم أرها طلعت فيما مضى فقال: ذاك أن معاوية بن معاوية الليثي مات بالمدينة اليوم فبعث الله عز وجل إليه سبعين ألف ملك يصلون عليه، قال: وفيم ذلك؟ قال: كان يكثر قراءة قل هو الله أحد بالليل والنهار، وفي ممشاه وقيامه وقعوده، فهل لك يا رسول الله أن أقبض لك الأرض فتصلي عليه، قال: نعم. فصلى عليه ثم رجع.
قال البيهقي: العلاء هذا هو ابن زيد، ويقال: ابن زيدل يحدث عن أنس بن مالك بمناكير.
وقال الحافظ في "التقريب" رقم الترجمة (5239): العلاء بن زيد، ويقال: زيدل، الثقفي، أبو محمد البصري: متروك، ورماه أبو الوليد بالكذب من الخامسة.
• وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 51) من طريق محبوب بن هلال، عن عطاء بن أبي ميمون، عن أنس به.
ومحبوب بن هلال مجهول. قال الذهبي: لا يعرف، وحديثه منكر.
والخلاصة: أن حديث أنس حديث ضعيف جدًّا.
(1)
ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 477) حديث أبي أمامة.
(2)
ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 476) حديث أنس.
وعقب على حديث أبي أمامة وحديث أنس بقوله: "قال أبو عمر: أسانيد هذه الأحاديث ليست بالقوية، ولو أنها في الأحكام لم يكن في شيء منها حجة" اهـ.
(3)
(3/ 188).
(4)
في الإصابة (ج 6 رقم الترجمة 8099).
(5)
قال الذهبي في "تجريد أسماء الصحابة"(2/ 83 رقم الترجمة 936): معاوية بن معاوية =
وقال ابن القيم
(1)
: لا يصح حديث صلاته صلى الله عليه وسلم على معاوية بن معاوية لأن في إسناده العلاء بن يزيد. قال ابن المديني: كان يضع الحديث.
وقال النووي
(2)
مجيبًا على من قال بأن ذلك خاصّ بالنجاشي: إنه لو فتح باب هذا الخصوص لانسدّ كثير من ظواهر الشرع، مع أنه لو كان شيء مما ذكروه لتوفرت الدواعي إلى نقله.
وقال ابن العربي
(3)
: قال المالكية: ليس ذلك إلا لمحمد، قلنا: وما عمل به محمد تعمل به أمته، يعني لأن الأصل عدم الخصوص، قالوا: طويت له الأرض وأحضرت الجنازة بين يديه. قلنا: إن ربنا عليه لقادر وإن نبينا لأهل لذلك، ولكن لا تقولوا إلا ما رويتم، ولا تخترعوا حديثًا من عند أنفسكم، ولا تحدثوا إلا بالثابتات ودعوا الضعاف، فإنه سبيل إتلاف إلى ما ليس له تلاف.
وقال الكرماني
(4)
: قولهم رفع الحجاب عنه ممنوع، ولئن سلمنا فكان غائبًا عن الصحابة الذين صلوا عليه مع النبيّ صلى الله عليه وسلم.
والحاصل أنه لم يأت المانعون من الصلاة على الغائب بشيء يعتدّ به سوى الاعتذار بأن ذلك مختصّ بمن كان في أرض لا يصلى عليه فيها، وهو أيضًا جمود على قصة النجاشي يدفعه الأثر والنظر.
10/ 1409 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: انْتَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى قَبْرٍ رَطْب فَصلَّى عَلَيْهِ وَصَفّوا خَلْفَهُ وكَبَّرَ أرْبَعًا)
(5)
. [صحيح]
11/ 1410 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ: أنَّ امْرأةً سَوْدَاءَ كانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ أوْ شابًّا، فَفَقَدَها رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَسألَ عَنْها أوْ عَنْهُ، فَقالوا: ماتَ، قالَ: "أفَلا
= المزني، ويقال: معاوية بن مقرن، توفي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إن صح فهو الذي قيل توفي بالمدينة فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو بتبوك ورفع له جبريل الأرض، وله طرق كلها ضعيفة" اهـ.
(1)
في زاد المعاد (1/ 501).
(2)
في المجموع شرح المهذب (5/ 211).
(3)
في "عارضة الأحوذي"(4/ 259).
(4)
في شرحه لصحيح البخاري (7/ 56).
(5)
أحمد في المسند (1/ 224، 283) والبخاري رقم (1336) ومسلم رقم (68/ 954)،
آذَنْتُمُونِي؟ "، قالَ: فَكأنَّهُمْ صَغَّرُوا أمْرَها أو أمْرَهُ، فَقالَ: "دُلونِي على قَبْرِهِ" فَدَلّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْها ثُمَّ قالَ: "إنَّ هَذه القُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أهْلها، وَإنَّ الله يُنَوّرُها لَهُمْ بِصَلاِتي عَلَيْهِمْ"
(1)
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِما، وَلَيْسَ للبُخاريّ:"إنَّ هَذِهِ القُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظلمَةً" إلى آخِرِ الخَبَرِ). [صحيح]
12/ 1411 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم على قَبْرٍ بَعْدَ شَهْرٍ
(2)
[شاذ]
13/ 1412 - (وَعَنْهُ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى على مَيِّتٍ بَعْدَ ثَلاثٍ
(3)
. رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِي). [شاذ]
14/ 1413 - (وَعَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيَّبِ أن أُمَّ سَعْدٍ ماتَتْ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غائبٌ، فَلَمَّا قَدِمَ صَلَّى عَلَيْها وَقَدْ مَضَى لذَلِكَ شَهْرٌ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ)
(4)
. [ضعيف]
حديث ابن عباس الآخر أخرج الدارقطني (2) الرواية الأولى منه من طريق بشر بن آدم عن أبي عاصم عن سفيان الثوري عن الشيباني عن الشعبي عن ابن عباس، وأخرجه أيضًا البيهقي
(5)
.
وأخرج الثانية (3) من طريق سفيان عن الشيباني به.
ووقع في الأوسط للطبراني
(6)
من طريق محمد بن الصباح الدولابي عن إسماعيل بن زكريا عن الشيباني به أنه صلى بعد دفنه بليلتين.
(1)
أحمد في المسند (2/ 353، 388) والبخاري رقم (1337) ومسلم رقم (71/ 956).
(2)
أخرجه الدارقطني في سننه (2/ 78 رقم 8).
قال الدارقطني: تفرد به بشر بن آدم، وخالفه غيره عن أبي عاصم.
(3)
أخرجه الدارقطني في سننه (2/ 78 رقم 7).
قال الحافظ في "الفتح"(3/ 205) على رواية الدارقطني رقم (7) ورقم (8): بأنها روايات شاذة، وسياق الطرق الصحيحة يدل على أنه صلى عليه في صبيحة دفنه" اهـ.
(4)
في سننه رقم (1038) وهو حديث ضعيف ..
(5)
في السنن الكبرى (4/ 46).
(6)
الطبراني في "المعجم الكبير"(ج 12 رقم 12580).
وهو حديث صحيح.
حديث سعيد بن المسيب أخرجه البيهقي
(1)
.
قال الحافظ
(2)
: وإسناده مرسل صحيح.
وقد رواه البيهقي
(3)
عن ابن عباس، وفي إسناده سويد بن سعيد
(4)
.
وفي الباب عن أبي هريرة عند الشيخين
(5)
بنحو حديث الباب.
وعن أنس عند البزار
(6)
نحوه.
وعن أبي أمامة بن سهل عند مالك في الموطأ
(7)
نحوه أيضًا.
وعن (زيد بن ثابت) عند أحمد
(8)
والنسائي
(9)
. نحوه أيضًا.
وعن أبي سعيد عند ابن ماجه
(10)
وفي إسناده ابن لهيعة.
(1)
في السنن الكبرى (4/ 48).
(2)
في "التلخيص"(2/ 253). وقال النووي في المجموع (5/ 205) أيضًا: هذا مرسل صحيح.
(3)
في السنن الكبرى (4/ 48) بسند ضعيف.
(4)
سويد بن سعيد الحدثاني الأنباري (أبو محمد الهروي): تغير بأخرة فكثر الخطأ في رواياته. وقال أيضًا: سويد تغير في آخر عمره، كثرت المناكير في حديثه. ["الدر النقي من كلام الإمام البيهقي في الجرح والتعديل" ص 137 رقم الترجمة (448)].
(5)
البخاري رقم (1337) ومسلم رقم (71/ 956).
(6)
عزاه للبزار الحافظ في "التلخيص"(2/ 252).
(7)
في الموطأ (1/ 227 رقم 15) وقال ابن عبد البر: لم يختلف على مالك في الموطأ، في إرسال هذا الحديث، وقد جاء معناه موصولًا عن أبي هريرة في "الصحيحين".
(8)
في المسند (4/ 388).
(9)
في المجتبى رقم (2022) وفي السنن الكبرى رقم (2160).
قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (937) وابن قانع (3/ 228 - 229) وابن حبان رقم (3083) والطبراني في الكبير (ج 22 رقم 627) والحاكم في المستدرك (3/ 591) من طرق.
كلهم من حديث (يزيد بن ثابت) فلتتنبه؟!.
(10)
في سننه رقم (1533).
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 499): "هذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن لهيعة، ومتن الحديث ثابت في الصحيحين من حديث أبي هريرة" اهـ.
وهو حديث صحيح لغيره، والله أعلم.
وعن عقبة بن عامر عند البخاري
(1)
.
وعن عمران بن حصين عند الطبراني في الأوسط
(2)
.
وعن ابن عمر عنده
(3)
أيضًا.
وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة عند النسائي
(4)
.
وعن أبي قتادة عند البيهقي
(5)
أنه صلى الله عليه وسلم: "صلى على قبر البراء". وفي رواية: "بعد شهر".
قال حرب الكرماني
(6)
: وفي الباب أيضًا عن عامر بن ربيعة وعبادة وبريدة بن الحصيب.
قوله: (إلى قبر رطب)، أي لم ييبس ترابه لقرب وقت الدفن فيه.
قوله: (وكبر أربعًا) فيه أن المشروع في تكبير صلاة الجنازة أربع وسيأتي
(7)
.
قوله: (أن امرأة سوداء) سماها البيهقي أمّ محجن، وذكر ابن منده في الصحابة خرقاء: اسم امرأة سوداء كانت تقمّ المسجد، فيمكن أن يكون اسمها خرقاء وكنيتها أمّ محجن.
قوله: (أو شابًا) هكذا وقع الشكّ في ألفاظ الحديث.
وفي حديث أبي هريرة
(8)
الجزم بأن صاحبة القصة امرأة، وجزم بذلك
(1)
في صحيحه رقم (4042).
(2)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 252).
(3)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 252).
(4)
كذا قال الشوكاني رحمه الله تبعًا للحافظ في "التلخيص"(2/ 252)، ولكن الحديث أخرجه ابن ماجه رقم (1529) بسند حسن. من طريق عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه.
ولم يعزه المزي في "تحفة الأشراف"(4/ 362) سوى لابن ماجه وفي مسند عبد الله بن عامر في "التحفة" حديث واحد لأبي داود في "الأدب" "دعتني أمي يومًا
…
" الحديث.
(5)
في السنن الكبرى (4/ 48، 49).
(6)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 253).
(7)
في الباب التاسع عند الحديث رقم (24/ 1423 - 27/ 1426) من كتابنا هذا.
(8)
تقدم برقم (11/ 1410) من كتابنا هذا.
ابن خزيمة
(1)
في روايته لحديث أبي هريرة.
قوله: (كانت تقمّ) بضم القاف: أي تجمع القمامة وهي الكُناسة.
قوله: (ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة إلخ)، احتجّ بهذه الرواية من قال بعدم مشروعية الصلاة على القبر وهو النخعي
(2)
ومالك
(3)
وأبو حنيفة
(4)
والهادوية
(5)
، قالوا: إن قوله صلى الله عليه وسلم: "وإن الله ينوّرها بصلاتي عليهم"، يدلّ على أن ذلك من خصائصه.
وتعقب ذلك ابن حبان
(6)
فقال في ترك إنكاره صلى الله عليه وسلم على من صلى معه على القبر بيان جواز ذلك لغيره وأنه ليس من خصائصه.
وتعقب هذا التعقب بأن الذي يقع بالتبعية لا ينتهض دليلًا للأصالة.
ومن جملة ما أجاب به الجمهور عن هذه الزيادة أنا مدرجة في هذا الإسناد، وهي من مراسيل ثابت بين ذلك غير واحد من أصحاب حماد بن زيد قال الحافظ: وقد أوضحت ذلك بدلائله في كتاب (بيان المدرج)
(7)
.
(1)
في صحيحه رقم (1299).
(2)
أخرج له ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 362) من طريق مغيرة عن إبراهيم قال: لا يصلى على الميت مرتين.
وكذا أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 519 رقم 6544).
(3)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 413).
(4)
البناية في شرح الهداية (3/ 48 - 49).
(5)
البحر الزخار (2/ 117).
(6)
في صحيحه رقم (7/ 357): "قال أبو حاتم رضي الله عنه: قد يتوهَّمُ غيرُ المتبحرِ في صناعة العِلم أن الصلاة على القبر غيرُ جائزة لِلَّفْظَةِ التي في خبر أبي هريرة: "فإن الله ينوِّرُها عليهم رحمةً بصلاتي". واللفظة التي في خبر يزيد بن ثابت: "فإنَّ صلاتي عليهم رحمةً". وليست العلةُ ما يتوهَّمُ المتوهمون فيه أن إباحَة هذه السنة للمصطفى صلى الله عليه وسلم خاصٌّ دونَ أمته، إذ لو كان ذلك لزجرهم صلى الله عليه وسلم عن أن يصطفُّوا خلفهُ، ويصلُّوا معه على القبر، ففي تركِ إنكاره صلى الله عليه وسلم على من صَلَّى على القبر أبينُ البيانِ لمن وفقهُ اللهُ للرشادِ والسدادِ أنه فِعْلٌ مباح له ولأمته معًا دونَ أن يكونَ ذلك بالفعل لهم دونَ أمته" اهـ.
(7)
بيان المدرج: ابن حجر. أحمد بن علي العسقلاني. ت (852 هـ). اسمه: "تقريب المنهج بترتيب المدرج". =
قال البيهقي
(1)
: يغلب على الظنّ أن هذه الزيادة من مراسيل ثابت كما قال أحمد، انتهى.
وقد عرفت غير مرّة أن الاختصاص لا يثبت إلا بدليل، ومجرّد كون الله ينوّر القبور بصلاته صلى الله عليه وسلم على أهلها لا ينفي مشروعة الصلاة على القبر لغيره.
لا سيما بعد قوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي"
(2)
، وهذا باعتبار من كان قد صلى عليه قبل الدفن.
وأما من لم يصلّ عليه ففرض الصلاة عليه الثابت بالأدلة وإجماع الأمة باق، وجعل الدفن مسقط لهذا الفرض محتاج إلى دليل.
وقد قال بمشروعية الصلاة على القبر الجمهور كما قال ابن المنذر
(3)
،
= عرفه السيوطي في "تدريب الراوي"(ص 178) بأنه تلخيص لكتاب (الفَصْل للوصل المُدْرَج في النقل) للخطيب البغدادي، وزاد عليه ابن حجر قدره مرتين أو أكثر.
انظر: "ابن حجر ودراسة مصنفاته"(339 - 340) والموقظة للذهبى (ص 54 - 55) والتعليق عليها.
[معجم المصنفات الواردة في فتح الباري (ص 96 رقم 198)].
(1)
في السنن الكبرى (4/ 47): " والذي يغلب على القلب أن تكون هذه الزيادة في غير رواية أبي رافع عن أبي هريرة.
فإما تكون عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة كما رواه أحمد بن عبدة ومن تابعه، أو عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه خالد بن خداش.
وقد رواه غير حماد عن ثابت عن أبي رافع فلم يذكرها" اهـ.
(2)
تقدم تخريجه مرارًا.
(3)
الأوسط (5/ 412 - 413).
وقال النووي في "المجموع"(5/ 210): "ذكرنا أن مذهبنا أنه يصلى على القبر. ونقلوه عن علي وغيره من الصحابة رضي الله عنهم.
قال ابن المنذر رحمه الله وهو قول ابن عمر، وأبي موسى، وعائشة، وابن سيرين، والأوزاعي، وأحمد.
وقال النخعي ومالك وأبو حنيفة: لا يصلى على الميت إلا مرة واحدة. ولا يصلى على القبر إلا أن يدفن بلا صلاة، إلا أن يكون الولي غائبًا فصلى غيره عليه ودفن فللولي أن يصلي على القبر.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا يصلى على القبر بعد ثلاثة أيام من دفنه. =
وبه قال الناصر
(1)
من أهل البيت.
وقد استدلّ بحديث الباب على ردّ قول من فصل فقال: يصلى على قبر من لم يكن قد صلى عليه قبل الدفن لا من كان قد صلى عليه؛ لأن القصة وردت فيمن قد صلى عليه، والمفصل هو بعض المانعين الذين تقدم ذكرهم.
واختلفوا في أمد ذلك، فقيده بعضهم إلى شهر.
وقيل: ما لم يبل الجسد.
وقيل: يجوز أبدًا وقيل: إلى اليوم الثالث، وقيل: إلى [أن]
(2)
يترب.
ومن جملة ما اعتذر به المانعون من الصلاة على القبر أن النبيّ صلى الله عليه وسلم إنما فعل ذلك حيث صلى من ليس بأولى بالصلاة مع إمكان صلاة الأولى.
وهذا تمحل لا تردّ بمثله هذه السنة، لا سيما مع ما تقدم من صلاته صلى الله عليه وسلم على البراء بن معرور، مع أنه مات والنبيّ صلى الله عليه وسلم غائب في مكة قبل الهجرة، وكان ذلك بعد موته بشهر
(3)
. وعلى أم سعد
(4)
وكان أيضًا عند موتها غائبًا وعلى غيرهما.
[الباب السابع] باب فضل الصلاة على الميت وما يرجى له بكثرة الجمع
15/ 1414 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطان"، قيلَ: وَما
= وقال أحمد رحمه الله: إلى شهر.
وإسحاق: إلى شهر للغائب، وثلاثة أيام للحاضر. دليلنا في الصلاة على القبر وإن صلى عليه الأحاديث السابقة في المسألة الثانية" اهـ.
وانظر: "المغني" لابن قدامة (3/ 444 - 446 رقم المسألة 370).
(1)
البحر الزخار (2/ 117).
(2)
ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(3)
تقدم في الحديث رقم (1411) من كتابنا هذا.
(4)
تقدم في الحديث رقم (1413) من كتابنا هذا.
القِيرَاطانِ؟ قالَ: "مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(1)
.
ولأَحْمَدَ
(2)
وَمُسْلِمٍ
(3)
: "حَتَّى تُوضَع فِي اللَّحْدِ" بَدَلَ "تُدْفَنَ"، وَفِيهِ دَلِيلُ فَضِيلَةِ اللَّحْدِ على الشَّقّ). [صحيح]
وفي الباب عن عائشة عند البخاري
(4)
.
وعن ثوبان عند مسلم
(5)
.
وعن عبد الله بن مغفل عند النسائي
(6)
.
وعن أبي سعيد عند أحمد
(7)
.
وعن ابن مسعود عند أبي عوانة
(8)
، قال الحافظ
(9)
: وأسانيد هذه صحاح.
وعن أبيّ بن كعب عند ابن ماجه
(10)
.
وعن ابن مسعود
(11)
عند البيهقي في الشعب
(12)
وأبي عوانة
(13)
.
(1)
أحمد (2/ 233) والبخاري رقم (1325) ومسلم رقم (52/ 945).
(2)
في المسند (2/ 246)، (2/ 272)، (2/ 320 - 321)، (2/ 387)، (1/ 402)(2/ 430)، (2/ 458)، (2/ 470)(2/ 474 - 475)، (2/ 521). من حديث أبي هريرة ولا توجد هذه الجملة.
(3)
في صحيحه رقم (000/ 945).
(4)
في صحيحه رقم (1324).
(5)
في صحيحه رقم (57/ 946).
(6)
في سننه رقم (1941). وهو حديث صحيح.
(7)
في المسند (3/ 20)، (3/ 27)، (3/ 96 - 97). وهو حديث صحيح.
(8)
عزاه إليه الحافظ في "الفتح"(3/ 196).
قلت: وأخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 2452) في ترجمة مهاجر بن مخلد مولى أبي بكر.
(9)
في "الفتح"(3/ 196).
(10)
في سننه رقم (1541).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 502): "هذا إسناد ضعيف لتدليس حجاج بن أرطاة
…
".
وهو حديث صحيح لغيره.
(11)
كذا في المخطوط (أ) و (ب)، ولعل الصواب (ابن عباس) كما في الفتح (3/ 196).
(12)
في شعب الإيمان رقم (9245) بسند ضعيف.
(13)
عزاه إليه الحافظ في "الفتح"(3/ 196).
وعن أنس عند الطبراني في الأوسط
(1)
.
وعن واثلة بن الأسقع عند ابن عدي
(2)
.
وعن حفصة عند حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال
(3)
.
قال الحافظ
(4)
: وفي كل من أسانيد هؤلاء الخمسة ضعف.
قوله: (من شهد) في رواية للبخاري: "من شيع".
وفي أخرى له
(5)
: "من تبع".
وفي رواية لمسلم
(6)
: "من خرج مع جنازة من بيتها ثم تبعها حتى تدفن".
فينبغي أن تكون هذه الرواية مقيدة لبقية الروايات، فالتشييع والشهادة والاتباع يعتبر في كونها محصلة للأجر المذكور في الحديث أن يكون ابتداء الحضور من بيت الميت.
ويدلّ على ذلك ما وقع في رواية لأبي هريرة عند البزار
(7)
بلفظ: "من أهلها" وما عند أحمد
(8)
من حديث أبي سعيد الخدريّ بلفظ: "فمشى معها من
(1)
رقم (7128).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 30) وقال: فيه روح بن عطاء وهو ضعيف.
(2)
في "الكامل"(6/ 2327) في ترجمة معروف بن عبد الله الخياط الدمشقي يكنى أبو الخطاب.
قلت: وأخرجه الطيالسي في المسند رقم (985).
(3)
عزاه إليه الحافظ في "الفتح"(3/ 196).
(4)
في "الفتح"(3/ 196).
(5)
أي البخاري في صحيحه رقم (1323).
(6)
في صحيحه رقم (56/ 645).
(7)
في المسند رقم (823 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 30) وقال: رواه البزار وفيه معدي بن سليمان صحح له الترمذي ووثقه أبو حاتم وغيره، وضعفه أبو زرعة والنسائي، وبقية رجاله رجال الصحيح" اهـ.
(8)
في المسند (3/ 27) بسند حسن.
أهلها"، ومقتضاه أن القيراط يختص بمن حضر من أوّل الأمر إلى انقضاء الصلاة، وبذلك جزم الطبري
(1)
.
قال الحافظ
(2)
: والذي يظهر لي أن القيراط يحصل لمن صلى فقط؛ لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها، لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط من شيع وصلى.
واستدلّ بما عند مسلم
(3)
بلفظ: "من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط".
وبما عند أحمد
(4)
عن أبي هريرة: "ومن صلى ولم يتبع فله قيراط".
فدلّ على أن الصلاة تحصل القيراط وإن لم يقع اتباع.
قال: ويمكن أن يحمل الاتباع هنا على ما بعد الصلاة، انتهى.
وهكذا الخلاف في قيراط الدفن هل يحصل بمجرّد الدفن من دون اتباع أو لا بدّ منه.
قوله: (حتى يصلى عليها) قال في الفتح
(5)
: اللام للأكثر مفتوحة. وفي بعض الروايات بكسرها، ورواية الفتح محمولة عليها، فإن حصول القيراط متوقف على وجود الصلاة من الذي يحصل له، انتهى.
قال ابن المنير
(6)
: إن القيراط لا يحصل إلا لمن اتبع وصلى أو اتبع وشيع وحضر الدفن، لا لمن اتبع مثلًا وشيع ثم انصرف بغير صلاة، وذلك لأن الاتباع إنما هو وسيلة لأحد مقصودين: إما الصلاة، وإما الدفن، فإذا تجرّدت الوسيلة عن المقصد لم يحصل المترتب على المقصود، وإن كان يترجى أن يحصل لذلك فضل ما يحتسب.
وقد روى سعيد بن منصور
(7)
عن مجاهد أنه قال: اتباع الجنازة أفضل النوافل.
(1)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 197).
(2)
في "الفتح"(3/ 197).
(3)
في صحيحه رقم (53/ 945).
(4)
في المسند (2/ 273) بسند صحيح.
(5)
(3/ 196 - 197).
(6)
حكاه الحافظ في الفتح (3/ 193) عنه.
(7)
عزاه إليه الحافظ في الفتح (3/ 193).
وفي رواية عبد الرزاق
(1)
عنه: "اتباع الجنازة أفضل من صلاة التطوّع".
قوله: (فله قيراط) بكسر القاف. قال في الفتح
(2)
: قال الجوهري
(3)
: القيراط نصف دانق.
قال
(4)
: والدانق سدس الدرهم، فهو على هذا نصف سدس الدرهم كما قال ابن عقيل
(5)
.
وذكر القيراط تقريبًا للفهم لما كان الإنسان يعرف القيراط ويعمل العمل في مقابلته، فضرب له المثل بما يعلم، ثم لما كان مقدار القيراط المتعارف حقيرًا، نبه على عظم القيراط الحاصل لمن فعل ذلك فقال:"مثل أحد" كما في بعض الروايات
(6)
، وفي أخرى:"أصغرهما مثل أحد"
(7)
، وفي حديث الباب
(8)
: "مثل الجبلين العظيمين".
قوله: (ومن شهدها حتى تدفن) ظاهره أن حصول القيراط متوقف على فراغ الدفن، وهو أصحّ الأوجه عند الشافعية
(9)
وغيرهم.
وقيل: يحصل بمجرّد الوضع في اللحد.
وقيل: عند انتهاء الدفن قبل إهالة التراب.
وقد وردت الأخبار بكل ذلك، فعند مسلم
(10)
: "حتى يفرغ منها"، وعنده في أخرى
(11)
: "حتى توضع في اللحد"، وعنده
(12)
أيضًا: "حتى توضع في القبر"
(1)
في المصنف رقم (6274).
(2)
(3/ 194).
(3)
في "الصحاح"(3/ 1151).
(4)
أي الجوهري في "الصحاح"(3/ 1477).
(5)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 194).
(6)
في المسند (2/ 273) ومسلم رقم (54/ 945).
(7)
في المسند (5/ 276) ومسلم رقم (53/ 945).
(8)
برقم (1414) من كتابنا هذا.
(9)
المجموع (5/ 236).
(10)
في صحيحه رقم ( .... / 945).
(11)
في صحيحه رقم ( .... / 945)
(12)
في صحيحه رقم (54/ 945).
وعند أحمد
(1)
: "حتى يقضى قضاؤها"، وعند الترمذي
(2)
: "حتى يقضى دفنها"، وعند أبي عوانة
(3)
: "حتى يسوّى عليها" أي التراب.
وقيل: يحصل القيراط بكل من ذلك ولكن يتفاوت.
والظاهر أنها تحمل الروايات المطلقة عن الفراغ من الدفن وتسوية التراب بالمقيدة بهما.
قوله: (مثل الجبلين)، في رواية
(4)
: "مثل أحد"، وفي رواية للنسائي
(5)
: "كُلُّ واحدٍ منهما أعظَمُ مِن أُحُدٍ"، وعند مسلم
(6)
: "أصغرهما مثل أحد"، وعند ابن عديّ
(7)
: "أثقل من أحد".
فأفادت هذه الرواية بيان وجه التمثيل بجبل أحد، وأن المراد به زنة الثواب المرتب على ذلك.
قوله: (حتى توضع في اللحد) استدلّ به المصنف على أن اللحد أفضل من الشق، وسيأتي الكلام على ذلك
(8)
.
16/ 1415 - (وَعَنْ مَالِكِ بْنِ هُبَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ مُؤْمِنٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، يَبْلُغُونَ أنْ يَكُونُوا ثَلاثةَ صُفُوفٍ إلا غُفِرَ لَهُ"، فَكانَ مالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ يَتَحَرى إذَا قَلَّ أهْلُ الجَنَازَةِ أنْ يَجْعَلَهُمْ ثَلاثَةَ صُفُوفٍ. رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلَّا النَّسائيَّ)
(9)
. [ضعيف]
(1)
في المسند (2/ 233).
(2)
في السنن رقم (1040) وقال: هذا حديث حسن صحيح، قد روى عنه من غير وجه.
(3)
عزاه إليه الحافظ في "الفتح"(3/ 198).
(4)
في المسند (2/ 31 - 32) بسند صحيح.
(5)
في المجتبى (4/ 77) وفي السنن الكبرى رقم (2135).
(6)
في صحيحه رقم (53/ 945).
(7)
في "الكامل"(4/ 1570).
(8)
الباب الخامس عند الحديث رقم (3/ 1463 - 5/ 1465) من كتابنا هذا.
(9)
أحمد في المسند (4/ 79)، وأبو داود رقم (3166) والترمذي رقم (1028) وابن ماجه رقم (1490).
قلت: وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(7/ 303) والطبراني في الكبير =
17/ 1416 - (وَعَنْ عائِشَةَ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مائَةٍ كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إلَّا شُفعُوا فِيهِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ
(2)
وَالنَّسَائيُّ
(3)
وَالتِّرْمِذِيُّ وَصحَّحَهُ)
(4)
. [صحيح]
18/ 1417 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ على جَنَازَتِهِ أرْبَعُونَ رَجُلًا لا يُشْرِكُونَ بالله شَيْئًا، إلَّا شَفَّعهُمُ الله فِيهِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وَمُسْلِمٌ
(6)
وأبُو دَاوُدَ)
(7)
. [صحيح]
19/ 1418 - (وَعَنْ أنَسٍ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "ما مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أربَعَةُ أبْيَاتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الأدْنَيْن إلَّا قَالَ الله تَعالى: قَدْ قَبِلْتُ عِلْمَهُمْ فِيهِ وَغَفَرْتُ لَهُ مَا لا يَعْلَمُونَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)
(8)
. [صحيح بشواهده]
= (ج 19 رقم 665) وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 321 - 322) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2816) من طرق.
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(1)
في المسند (6/ 40).
(2)
في صحيحه رقم (58/ 947).
(3)
في السنن رقم (1029).
(4)
في السنن رقم (1991).
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 321) وإسحاق بن راهويه رقم (1329) وأبو يعلى رقم (4398، 4874) وابن حبان رقم (3081) من طرق.
وهو حديث صحيح.
(5)
في المسند (1/ 277).
(6)
في صحيحه رقم (59/ 948).
(7)
في السنن رقم (3170).
قلت: وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان رقم (9249) وفي السنن الكبرى (4/ 30) والطحاوي في "مشكل الآثار" رقم (271) وابن حبان رقم (3082) والبغوي في شرح السنة رقم (1505).
وهو حديث صحيح.
(8)
في المسند (3/ 242) بسند ضعيف، لضعف مؤمل بن إسماعيل.
قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (3481) وابن حبان رقم (3026) والحاكم (1/ 378) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 4) وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح.
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح بشواهده.
حديث مالك بن هبيرة في إسناده محمد بن إسحاق، رواه عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد عن مالك. وفيه مقال معروف إذا عنعن
(1)
.
وقد حسن الحديث الترمذي
(2)
، وقال
(3)
: "رواه غير واحد عن محمد بن إسحاق، وروى إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق هذا الحديث، وأدخل بين مرثد ومالك بن هبيرة رجلًا، ورواية هؤلاء أصحّ عندنا".
قال (3): وفي الباب عن عائشة وأمّ حبيبة وأبي هريرة، ثم ذكر
(4)
حديث عائشة بنحو اللفظ الذي ذكره المصنف من طريق ابن أبي عمر عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب.
وعن أحمد بن منيع وعليّ بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة ثم قال
(5)
: "حسن صحيح، وقد وقفه بعضهم ولم يرفعه".
قال النووي
(6)
: من رفعه ثقة، وزيادة الثقة مقبولة.
وحديث ابن عباس أخرجه أيضًا ابن ماجه
(7)
.
وحديث أنس أخرجه أيضًا ابن حبان
(8)
والحاكم
(9)
من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعًا.
ولأحمد
(10)
من حديث أبي هريرة نحوه وقال: ثلاثة بدل أربعة. وفي إسناده رجل لم يسمّ.
(1)
محمد بن إسحاق مدلس، وقد تفرد به، وعنعنه.
(2)
في السنن (3/ 347).
(3)
أي الترمذي في السنن (3/ 347).
(4)
أي الترمذي في سننه (3/ 348 رقم 1029) حديث عائشة.
وهو حديث صحيح.
(5)
أي الترمذي في السنن (3/ 348).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 18).
(7)
في سننه رقم (1489). وهو حديث صحيح.
(8)
في صحيحه رقم (3026). وقد تقدم.
(9)
في المستدرك (1/ 378). وقد تقدم.
(10)
في المسند (2/ 408).
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 4): وفيه راوٍ لم يسم.
وله شاهد من مراسيل بشير بن كعب، أخرجه أبو مسلم الكجي
(1)
.
قوله: (يبلغون أن يكونوا ثلاثة صفوف) فيه دليل على أن من صلى عليه ثلاثة صفوف من المسلمين غفر له، وأقلّ ما يسمى صفًا رجلان، ولا حدّ لأكثره.
قوله: (يبلغون مائة) فيه استحباب تكثير جماعة الجنازة وتطلّب بلوغهم إلى هذا العدد الذي يكون من موجبات الفوز، وقد قيد ذلك بأمرين:
(الأوّل): أن يكونوا شافعين فيه: أي مخلصين له الدعاء، سائلين له المغفرة.
(الثافي): أن يكونوا مسلمين ليس فيهم من يشرك بالله شيئًا كما في حديث ابن عباس
(2)
.
قال القاضي: قيل: هذه الأحاديث خرجت أجوبة لسائلين سالوا على ذلك، فأجاب كل واحد عن سؤاله.
قال النووي
(3)
: ويحتمل أن يكون النبيّ صلى الله عليه وسلم أخبر بقبول شفاعة مائة فأخبر به، ثم بقبول شفاعة أربعين فأخبر به ثم [بقبول]
(4)
ثلاثة صفوف وإن قلّ عددهم فأخبر به.
قال (3): ويحتمل أيضًا أن يقال: هذا مفهوم عدد، ولا يحتجّ به جماهير الأصوليين
(5)
، فلا يلزم من الإخبار عن قبول شفاعة مائة منع قبول ما دون ذلك، وكذا في الأربعين مع ثلاثة صفوف، وحينئذٍ كلّ الأحاديث معمول بها، وتحصل الشفاعة بأقلّ الأمرين من ثلاثة صفوف وأربعين.
قوله: (أربعة أبيات) ليس عند ابن حبان
(6)
والحاكم
(7)
لفظ أبيات.
(1)
كما في "الفتاح"(3/ 231).
(2)
تقدم برقم (1417) من كتابنا هذا.
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 17).
(4)
زيادة من المخطوط (ب).
(5)
إرشاد الفحول ص 599 - 600 بتحقيقي.
(6)
في صحيحه رقم (3026). وقد تقدم.
(7)
في المستدرك (1/ 378). وقد تقدم.
وفيه أن شهادة أربعة من جيران الميت من موجبات مغفرة الله تعالى له.
ويؤيد ذلك ما أخرجه البخاري
(1)
وغيره
(2)
عن عمر أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، فقلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة، فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان، ثم لم نسأله عن الواحد".
قال الزين بن المنير (3): إنما لم يسأله عمر عن الواحد استبعادًا منه أن يكتفي في مثل هذا المقام العظيم بأقل من النصاب.
قال الداودي
(3)
: المعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل والصدق لا الفسقة؛ لأنهم قد يثنون على من [يكون]
(4)
مثلهم، ولا من بينه وبين الميت عداوة؛ لأن شهادة العدوّ لا تقبل.
وقد أخرج الشيخان
(5)
وغيرهما
(6)
من حديث أنس قال: "مرّ بجنازة فأثنوا عليها خيرًا، فقال: وجبت ثم مرّ بأخرى فأثنوا عليها شرًّا، فقال: وجبت، فقال عمر: ما وجبت؟ قال: هذا أثنيتم عليه خيرًا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرًّا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض"، هذا لفظ البخاري.
وفي مسلم
(7)
: "وجبت وجبت وجبت ثلاثًا في الموضعين".
قال النووي (8): قال بعضهم: معنى الحديث أن الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل وكان ذلك مطابقًا للواقع فهو من أهل الجنة. فإن كان غير مطابق فلا، وكذا عكسه.
قال
(8)
: والصحيح أنه على عمومه، وإن مات فألهم الله تعالى الناس الثناء عليه بخير كان دليلًا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم
(1)
في صحيحه رقم (1368).
(2)
كالترمذي رقم (1059) والنسائي رقم (1934).
(3)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 230).
(4)
في المخطوط (ب)(كان).
(5)
البخاري رقم (1367) ومسلم رقم (60/ 949).
(6)
كالترمذي رقم (1058) والنسائي رقم (1933).
(7)
في صحيحه رقم (60/ 949).
(8)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 19).
لا، فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة، وهذا الإلهام يستدلّ به على تعيينها، وبهذا تظهر فائدة الثناء، انتهى.
قال الحافظ
(1)
: وهذا في [جانب]
(2)
الخير واضح.
وأما في جانب الشرّ فظاهر الأحاديث أنه كذلك، لكن إنما يقع ذلك في حقّ من غلب شرّه على خيره.
وقد وقع في رواية
(3)
من حديث أنس المتقدم: "إن لله عز وجل ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشرّ"
(4)
.
[الباب الثامن] باب ما جاءَ في كراهة النعي
20/ 1419 - (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إيَّاكمْ وَالنَّعْيَ، فإنّ النَّعْيَ عَمَلُ الجاهِلِيَةِ"، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
(5)
كَذَلِكَ، وَرَوَاهُ مَوْقُوفًا وَذَكَرَ أنَّهُ أصَح).
[ضعيف مرفوعًا وموقوفًا]
(1)
في "الفتح"(3/ 231).
(2)
في المخطوط (ب): (أحاديث).
(3)
أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 377). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذا اللفظ. ووافقه الذهبي.
قلت: وهو حديث صحيح لغيره.
(4)
واعلم أن مجموع الأحاديث المتقدمة يدل على أن هذه الشهادة لا تختص بالصحابة، بل هي أيضًا لمن بعدهم من المؤمنين الذين هم على طريقتهم في الإيمان والعلم والصدق.
وبهذا جزم الحافظ ابن حجر في "الفتح".
وأما قول بعض الناس عقب صلاة الجنازة: "ما تشهدون فيه؟ اشهدوا له بالخير"، فيجيبونه بقولهم: صالح، أو: من أهل الخير، ونحو ذلك، فليس هو المراد بالحديث قطعًا، بل هو بدعةٌ قبيحة؛ لأنه لم يكن من عمل السَّلفِ، ولأن الذين يشهدون بذلك لا يعرفونَ الميتَ في الغالب، بل قد يشهدون بخلاف ما يعرفونه استجابة لرغبةِ طالبِ الشهادة بالخير، ظنًا منهم أن ذلك ينفعُ الميتَ، وجهلًا منهم بأنَّ الشهادة النافعة إنما هي التي توافق الواقع في نفس المشهود له، كما يدلُّ على ذلك قولهُ في الحديث:"إن لله ملائكة تنطِقُ على ألسنةِ بني آدم بما في المرءِ من الخير والشر"، وهو حديث صحيح لغيره.
[أحكام الجنائز وبدعها. للمحدث الألباني رحمه الله ص 61 - 62].
(5)
في سننه رقم (984). وهو حديث ضعيف. =
21/ 1420 - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ أنَّهُ قالَ: إذَا مِتُّ فَلا تُؤْذِنُوا بِي أحَدًا إني أخافُ أنْ يَكُونَ نَعْيًا، إني سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنِ النَّعْي. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَابْنُ ماجَه
(2)
وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)
(3)
. [حسن]
22/ 1421 - (وَعَنْ إبْرَاهِيمَ أنَّهُ قالَ: لا بأسَ إذَا ماتَ الرَّجُلُ أنْ يُؤْذَنَ صَدِيقُهُ وأصْحابُهُ، إنَّمَا كانَ يُكْرَهُ أنْ يُطافَ فِي المَجالِسِ فَيُقَالُ: أنْعى فُلانًا، فِعْلَ أهل الجاهِليَّة. رَوَاهُ سَعِيد فِي سُنَنِهِ)
(4)
.
23/ 1422 - (وَعَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَخَذَ الرَّايَةَ زيدٌ فأُصِيبَ، ثمَّ أخَذَها جَعْفَرُ فأُصِيبَ، ثُمَّ أخَذَها عَبْدُ الله بْنُ رَوَاحَةَ فأُصِيبَ - وإنَّ عَيْنيْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لَتَذْرِفانِ - ثُمَّ أخَذَها خالِدُ بْنُ الوَليدِ مِنْ غَيْرِ إمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ". رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وَالبُخاري)
(6)
. [صحيح]
حديث ابن مسعود في إسناده أبو حمزة ميمون الأعور
(7)
، وليس بالقويّ عند أهل الحديث.
= وأخرجه أيضًا موقوفًا رقم (985). وهو حديث ضعيف.
(1)
في المسند (5/ 406).
(2)
في سننه رقم (1476).
(3)
في سننه رقم (986) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وهو حديث حسن. وقد حسن إسناده الحافظ في "الفتح"(3/ 117).
(4)
كما في "فتح الباري"(3/ 17) وسكت عنه.
(5)
في المسند (3/ 113).
(6)
في صحيحه رقم (1246).
قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (4190) والطحاوي في "مشكل الآثار" رقم (5171) والبيهقي في "دلائل النبوة"(4/ 366 - 367) والبغوي في شرح السنة رقم (2667).
وهو حديث صحيح.
(7)
ميمون القصاب الأعور الكوفي، أبو حمزة. قال البخاري: ليس بذاك. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. وقال الدارقطني: ضعيف.
التاريخ الكبير (7/ 643) والمجروحين (3/ 5) والجرح والتعديل (8/ 235) والكاشف (3/ 171) والمغني (2/ 690) والميزان (4/ 334) والتقريب (2/ 292) ولسان الميزان (7/ 407) والخلاصة ص 394.
وقد اختلف في رفعه ووقفه، ورجح الترمذي
(1)
وقفه كما قال المصنف.
وقال (1): إنه حديث غريب.
وحديث حذيفة قال الحافظ في الفتح
(2)
: إسناده حسن.
وكلام إبراهيم الذي رواه سعيد بن منصور هو من طريق ابن علية عن ابن عون قال: قلت لإبراهيم: هل كانوا يكرهون النعي؟ قال: نعم، ثم ذكره.
وروى أيضًا سعيد بن منصور
(3)
بهذا الإسناد إلى ابن سيرين أنه قال: لا أعلم بأسًا أن يؤذن الرجل صديقه وحميمه.
قوله: (إياكم والنعي)، النعي: هو الإخبار بموت الميت كما في الصحاح
(4)
والقاموس
(5)
وغيرهما من كتب اللغة
(6)
.
قال في القاموس
(7)
: نَعاهُ له نَعْيًا ونَعِيًا ونُعْيانًا: أَخْبَرَهُ بمَوْتِهِ.
وفي النهاية
(8)
: نَعَى الميِّت نَعْيًا: إذا أذاعَ موته، وأخْبَرَ بِهِ، انتهى.
فمدلول النعي لغة هو هذا، وإليه يتوجه النهي لوجوب حمل كلام الشارع على مقتضى اللغة العربية عند عدم وجود اصطلاح له يخالفها.
وقال في الفتح
(9)
: إنما نهى عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، وكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق.
وقال ابن المرابط
(10)
: إن النعي الذي هو إعلام الناس بموت قريبهم مباح وإن كان فيه إدخال الكرب والمصاب على أهله، لكن في تلك المفسدة مصالح جمة لما يترتب على معرفة ذلك من المبادرة لشهود جنازته وتهيئة أمره والصلاة عليه والدعاء له والاستغفار وتنفيذ وصاياه وما يترتب على ذلك من الأحكام انتهى.
(1)
في السنن (3/ 312).
(2)
(3/ 117).
(3)
كما في "الفتح"(3/ 117).
(4)
للجوهري (6/ 2512).
(5)
القاموس المحيط ص 1726.
(6)
لسان العرب (15/ 334).
(7)
القاموس المحيط ص 1726.
(8)
لابن الأثير (5/ 85).
(9)
(3/ 116).
(10)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 116 - 117).
ويستدلّ لجواز مجرّد الإعلام بحديث أنس
(1)
المذكور في الباب، فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم أخبر بقتل الثلاثة الأمراء المقتولين بمؤتة، وقصتهم مشهورة، وهم زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة.
وبحديث أبي هريرة
(2)
: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه" كما تقدم.
وقد بوّب عليه البخاري
(3)
: باب الرجل ينعي إلى أهل الميت بنفسه.
وبحديث أبي هريرة
(4)
وغيره: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال عند أن أخبر بموت السوداء أو الشاب الذي كان يقمّ المسجد: ألا آذنتموني؟ " وقد تقدم.
وفي حديث ابن عباس
(5)
: "ما منعكم أن تعلموني".
وقد بوّب عليه البخاري
(6)
: باب الإذن بالجنازة.
وبحديث الحصين بن وحوح، وقد تقدم في باب المبادرة إلى تجهيز الميت
(7)
.
فهذه الأحاديث تدلّ عل أن مجرّد الإعلام بالموت لا يكون نعيًا محرّمًا، وإن كان باعتبار اللغة مما يصدق عليه اسم النعي كما تقدم.
ويؤيد ذلك ما رواه سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي وابن سيرين كما سلف.
وقال ابن العربي
(8)
: يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات:
(الأولى) إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح فهذا سنة.
(1)
تقدم برقم (1422) من كتابنا هذا.
(2)
تقدم تخريجه رقم (1407) من كتابنا هذا.
(3)
في صحيحه (3/ 116 رقم الباب (4) - مع الفتح).
(4)
تقدم تخريجه رقم (1410) من كتابنا هذا.
(5)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1247).
(6)
في صحيحه رقم (3/ 117 رقم الباب (5) - مع الفتح).
(7)
رقم الحديث (1370) من كتابنا هذا.
(8)
في "عارضة الأحوذي"(4/ 206).
(الثانية) الدعوة للمفاخرة بالكثرة فهذا مكروه.
(الثالثة) الإعلام بنوع آخر كالنياحة ونحو ذلك فهذا يحرم" انتهى.
فالحاصل أن الإعلام للغسل والتكفين والصلاة والحمل والدفن مخصوص من عموم النهي؛ لأن إعلام من لا تتمّ هذه الأمور إلا به مما وقع الإجماع على فعله في زمن النبوّة وما بعده، وما جاوز هذا المقدار فهو داخل تحت عموم النهي
(1)
.
[الباب التاسع] باب عدد تكبير صلاة الجنائز
قَدْ ثَبَتَ الأرْبَعُ من رِوَايَةِ أبي هُرَيْرَةَ
(2)
وَابْنِ عَبَّاسٍ
(3)
وَجَابِرٍ
(4)
.
24/ 1423 - ([عَنْ]
(5)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي لَيْلَى قالَ: كانَ زيدُ بْنُ أرْقَمَ يُكبِّرُ على جَنائِزِنا أرْبَعًا، وَإنَّهُ كبَّرَ خَمْسًا على جَنازةٍ فَسألْتُهُ فَقالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُها. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيَّ)
(6)
. [صحيح]
(1)
اعلم "أن النعيَ ليس ممنوعًا كلُّه، وإنما نهى عما كان أهلُ الجاهلية يصنعونه، فكانوا يُرسلون من يُعلن بخبر موتِ الميتِ على أبواب الدُّور والأسواق" اهـ. "الفتح"(3/ 116).
قال الألباني رحمه الله في "الجنائز"(ص 46): "قلت: وإذا كان هذا مسلمًا، فالصياح بذلك على رؤوس المنابر يكون نعيًا من باب أولى، ولذلك جزمنا به في الفقرة التي قبل هذه (ص 44: ز) وقد يقترن به أمور أخرى هي في ذاتها محرمات أُخر، مثل أخذ الأجرة على هذا الصياح! ومدح الميت بما يُعلم أنه ليس كذلك، كقولهم: "الصلاة على فخر الأماجدِ المكّرمين، وبقية السلف الكرام الصالحين
…
".
"ويستحب للمخبر أن يطلب من الناس أن يستغفروا للميت. لحديث أبي قتادة عند أحمد (5/ 299، 300 - 301) وإسناده حسن" اهـ.
(2)
تقدم تخريجه برقم (1407) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم تخريجه برقم (1459) من كتابنا هذا.
(4)
تقدم تخريجه برقم (1456) من كتابنا هذا.
(5)
في المخطوط (أ): (وعن).
(6)
أحمد (4/ 367) ومسلم رقم (72/ 957) وأبو داود رقم (3197) والترمذي رقم (1023) والنسائي رقم (1982) وابن ماجه رقم (1505).
حديث أبي هريرة
(1)
وابن عباس
(2)
وجابر
(3)
تقدم في الصلاة على الغائب.
وممن روى الأربع كما قال البيهقي
(4)
عقبة بن عامر
(5)
، والبراء بن عازب
(6)
، وزيد بن ثابت
(7)
، وابن مسعود
(8)
.
وروى ابن عبد البرّ في الاستذكار
(9)
من طريق أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن أبيه: "كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يكبر على الجنائز أربعًا وخمسًا وسبعًا وثمانيًا حتى جاء موت النجاشي فخرج فكبر أربعًا، ثم ثبت النبيّ صلى الله عليه وسلم على أربع حتى توفاه الله تعالى".
وكذا قال القاضي عياض
(10)
.
وأخرج الطبراني في الأوسط
(11)
عن جابر مرفوعًا: "صلوا على موتاكم بالليل والنهار والصغير والكبير والدنيء والأمير أربعًا"، وفي إسناده عمرو بن
(1)
تقدم تخريجه برقم (1407) من كتابنا هذا.
(2)
تقدم تخريجه برقم (1409) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم تخريجه برقم (1406) من كتابنا هذا.
(4)
في السنن الكبرى (4/ 38).
(5)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 432 ث 3147).
عن عقبة بن عامر: سأله رجل كم الصلاة على الميت؟ فقال: أربعًا بالليل، والنهار سواء.
(6)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 431 ث 3143).
عن مهاجر أبي الحسن قال: صليت خلف البراء بن عازب على جنازة، قال: اجتمعتم؟ قلنا: نعم فكبر أربعًا.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 301) من طريق مسعر عن مهاجر.
(7)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 430 ث 3139).
عن الشعبي قال: كبر زيد بن ثابت على أمه أربع تكبيرات، وما حسدها خيرًا.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 480 رقم 6396) عن الثوري.
(8)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 300) عن إبراهيم، قال: سئل عبد الله عن التكبير على الجنائز فقال: كل ذلك قد صنع، ورأيت الناس قد أجمعوا على أربع".
(9)
(8/ 239 رقم 11244).
(10)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 416).
(11)
في المعجم الأوسط (رقم: 3236).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 35) وقال: فيه ابن لهيعة. وفيه كلام.
هشام البيروتي
(1)
، تفرد به عن ابن لهيعة.
وإلى مشروعية الأربع التكبيرات في الجنازة ذهب الجمهور.
قال الترمذي
(2)
: العمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم يرون التكبير على الجنازة أربع تكبيرات، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، انتهى.
وقال ابن المنذر
(3)
: ذهب أكثر أهل العلم إلى أن التكبير أربع، انتهى.
وقد اختلف السلف في ذلك؛ فروي عن زيد بن أرقم
(4)
، أنه كان يكبر خمسًا كما في حديث الباب. وروى ابن المنذر
(5)
عن ابن مسعود أنه صلى على جنازة رجل من بني أسد فكبر خمسًا.
وروي أيضًا
(6)
عن ابن مسعود عن عليّ أنه كان يكبر على أهل بدر ستًا وعلى الصحابة خمسًا وعلى سائر الناس أربعًا.
وروى ذلك أيضًا ابن أبي شيبة
(7)
والطحاوي
(8)
والدارقطني
(9)
عن عبد خير عنه.
وروى ابن المنذر
(10)
أيضًا بإسناد صحيح عن ابن عباس: "أنه كبر على جنازة ثلاثًا".
(1)
قال الذهبي في "الميزان"(3/ 290 رقم الترجمة 6462): عمرو بن هاشم البيروتي، صاحب الأوزاعي، صدوق، وقد وثق. وقال ابن وَارة: ليس بذاك. كتب عن الأوزاعي صغيرًا. وقال ابن عدي: ليس به بأس.
(2)
في السنن (3/ 343).
(3)
في "الأوسط"(5/ 434).
(4)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 432 ث 3149).
عن الشعبي عن زيد بن أرقم أنه صلى على ميت فكبر عليه خمسًا.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 302) عن هشيم.
(5)
في الأوسط (5/ 432 ث 3148) عن ابن مسعود.
(6)
أي ابن المنذر في الأوسط (5/ 433 ث 3150).
(7)
في المصنف (3/ 303).
(8)
في شرح معاني الآثار (1/ 497).
(9)
في السنن (2/ 73 رقم 7).
(10)
في الأوسط (5/ 429 ث 3133) بسند صحيح.
عن أبي معبد، قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة فكبر ثلاثًا. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 481 رقم 6402) وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 303). =
قال القاضي عياض
(1)
: اختلفت الصحابة في ذلك من ثلاث تكبيرات إلى تسع.
قال ابن عبد البر
(2)
: وانعقد الإجماع بعد ذلك على أربع.
وأجمع الفقهاء وأهل الفتوى بالأمصار على أربع على ما جاء في الأحاديث الصحاح
(3)
، وما سوى ذلك عندهم مشذوذ لا يلتفت إليه.
وقال: لا نعلم أحدًا من فقهاء الأمصار يخمس إلا ابن أبي ليلى.
وقال علي بن الجعد: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرّة سمعت سعيد بن المسيب يقول: إن عمر قال: كل ذلك قد كان أربعًا وخمسًا فاجتمعنا على أربع، رواه البيهقي
(4)
.
ورواه ابن عبد البرّ
(5)
من وجه آخر عن شعبة.
وروى البيهقي
(6)
أيضًا عن أبي وائل قال: "كانوا يكبرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعًا وخمسًا وستًا وسبعًا، فجمع عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر كل رجل منهم بما رأى، فجمعهم عمر على أربع تكبيرات".
وروى
(7)
أيضًا من طريق إبرهيم النخعي أنه قال: "اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي مسعود، فاجتمعوا على أن التكبير على الجنازة أربع".
وروى
(8)
أيضًا بسنده إلى الشعبي قال: "صلى ابن عمر على زيد بن عمر وأمه أمّ كلثوم بنت عليّ فكبر أربعًا"، وخلفه ابن عباس والحسين بن عليّ وابن الحنفية.
= وقال ابن حجر في "الفتح"(3/ 202): رواه ابن المنذر بإسناد صحيح.
(1)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 416).
(2)
الاستذكار (8/ 241 رقم 11262).
والتمهيد (6/ 226 - 227).
(3)
المجموع (5/ 187 - 188) والمغني (3/ 410).
(4)
في السنن الكبرى (4/ 37).
(5)
في التمهيد (6/ 227).
(6)
في السنن الكبرى (4/ 37).
(7)
أي البيهقي في السنن الكبرى (4/ 37) وانظر: التمهيد (6/ 228).
(8)
أي البيهقي في السنن الكبرى (4/ 38).
قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها) استدلّ به من قال: إن تكبير الجنازة خمس، وقد حكاه في البحر
(1)
عن العترة جميعًا وأبي ذرّ وزيد بن أرقم وحذيفة وابن عباس ومحمد بن الحنفية وابن أبي ليلى.
وحكاه في المبسوط
(2)
عن أبي يوسف. وفي دعوى إجماع العترة نظر؛ لأن صاحب الكافي [حكى]
(3)
عن زيد بن عليّ القول بالأربع.
واستدلوا أيضًا بحديث حذيفة الآتي
(4)
وبما تقدم عن جماعة من الصحابة قالوا: والخمس زيادة يتحتم قبولها لعدم منافاتها.
وأورد عليهم أنه كان يلزمكم الأخذ بأكثر من خمس لأنها زيادة، وقد وردت كما أخرجه البيهقي
(5)
عن أبي وائل، وقد تقدم.
ورجح الجمهور ما ذهبوا إليه من مشروعية الأربع بمرجحات أربعة:
(الأوّل): أنها ثبتت من طريق جماعة من الصحابة أكثر عددًا ممن روى منهم الخمس.
(الثاني): أنها في الصحيحين.
(الثالث): أنه أجمع على العمل بها الصحابة كما تقدم.
(الرابع): أنها آخر ما وقع منه صلى الله عليه وسلم كما أخرج الحاكم
(6)
من حديث ابن عباس بلفظ: "آخر ما كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجنائز أربع"، وفي إسناده الفرات بن سلمان
(7)
.
(1)
البحر الزخار (2/ 118).
(2)
للسرخسي (2/ 63).
(3)
في المخطوط (ب): (روى).
(4)
برقم (25/ 1424) من كتابنا هذا.
(5)
في السنن الكبرى (4/ 37).
(6)
في المستدرك (1/ 386). وقال: "لست ممن يخفى عليه أن الفرات ابن السائب ليس من شرط هذا الكتاب، إنما أخرجته شاهدًا". ووافقه الذهبي.
(7)
فرات بن السائب: أبو سليمان.
قال البخاري: عن ميمون بن مهران: تركوه. وقال في الكبير: تركوه، منكر الحديث.
وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال الدارقطني وغيره: متروك.
التاريخ الكبير (7/ 130) والمجروحين (2/ 207) والجرح والتعديل (7/ 80) والمغني (2/ 509) والميزان (3/ 341).
وقال الحاكم بعد ذكر الحديث: ليس من شرط الكتاب.
ورواه أيضًا البيهقي
(1)
بإسناد فيه النضر بن عبد الرحمن
(2)
وهو ضعيف، وقد تفرّد به كما قال البيهقي.
قال الحافظ
(3)
: وروي هذا اللفظ من وجوه أخر كلها ضعيفة.
وقال الأثرم
(4)
: رواه محمد بن معاوية النيسابوري عن أبي المليح عن ميمون بن مهران عن ابن عباس. وقد سألت أحمد عنه فقال: محمد هذا راوي أحاديث موضوعة منها هذا واستعظمه.
وقال: كان أبو المليح أتقى لله وأصح حديثًا من أن يروي مثل هذا.
وقال حرب عن أحمد: هذا الحديث إنما رواه محمد بن زياد الطحان، وكان يضع الحديث.
وقال ابن القيم
(5)
: قال: أحمد: هذا كذب ليس له أصل اهـ. ورواه ابن الجوزي في الناسخ والمنسوخ
(6)
من طريق ابن شاهين عن ابن عمر، وفي إسناده زافر بن الحارث
(7)
عن أبي العلاء
(8)
عن ميمون بن مهران عنه. قال ابن الجوزي: وخالفه غيره ولا يثبت فيه شيء
(9)
.
(1)
في السنن الكبرى (4/ 37).
(2)
النضر بن عبد الرحمن أبو عمر الخزاز: ضعيف.
الجرح والتعديل (8/ 475) والمجروحين (3/ 49) والميزان (4/ 260) والتاريخ الكبير (8/ 91) والمغني (2/ 698) والكاشف (3/ 185) والتقريب (2/ 302) والخلاصة ص 402.
(3)
في "التلخيص"(2/ 245).
(4)
حكاه عنه الحافظ في "التلخيص"(2/ 245).
(5)
في زاد المعاد (1/ 489).
(6)
ص 302 - 304 رقم (251).
(7)
زافر بن سليمان القهستاني أبو سليمان، عنده حديث منكر عن مالك. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه.
التاريخ الكبير (2/ 451) المجروحين (1/ 315) والجرح والتعديل (3/ 624) والكاشف (1/ 246) والمغني (1/ 236) والميزان (2/ 63) والتقريب (1/ 256).
(8)
أبو المعلى هو فرات بن السائب الجزري تقدم قريبًا.
(9)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 245).
ورواه الحارث بن أبي أسامة
(1)
عن جعفر بن حمزة عن فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر بنحوه.
ويجاب عن الأوّل من هذه المرجحات والثاني منها بأنه إنما يرجح بهما عند التعارض، ولا تعارض بين الأربع والخمس؛ لأن الخمس مشتملة على زيادة غير معارضة.
وعن الرابع بأنه لم يثبت، ولو ثبت لكان غير رافع للنزاع لأن اقتصاره على الأربع لا ينفي مشروعية الخمس بعد ثبوتها عنه، وغاية ما فيه جواز الأمرين.
نعم المرجح الثالث، أعني إجماع الصحابة على الأربع هو الذي يعوّل عليه في مثل هذا المقام إن صحّ، وإلا كان الأخذ بالزيادة الخارجة من مخرج صحيح هو الراجح.
وفي المسألة أقوال أخر:
(منها) ما روي عن أحمد بن حنبل
(2)
أنه لا ينقص عن أربع ولا يزاد على سبع.
(ومنها) ما روي عن بكر بن عبد الله المزني
(3)
أنه لا ينقص عن ثلاث ولا يزاد على سبع.
(ومنها) ما روي عن ابن مسعود
(4)
أنه قال: "التكبير تسع وسبع وخمس
(1)
أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "نصب الراية"(2/ 268 - 269) و "التلخيص"(2/ 245) وفي المطالب العالية رقم (866) وأخرجه ابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه" رقم (297) وقال ابن حجر في المطالب العالية: (5/ 414): هذا إسناد ضعيف.
(2)
مسائل الإمام أحمد لأبي داود (152 - 153) وذكر ذلك ابن المنذر في الأوسط (4/ 433).
(3)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 304) من طريق إسحاق بن سويد عن بكر بن عبد الله - المزني - قال: لا تنقص من ثلاث تكبيرات ولا تزاد على سبع".
وذكره ابن المنذر في الأسط (4/ 432).
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 303) من طريق علقمة بن قيس أنه قدم من الشام فقال لعبد الله: إني رأيت معاذ بن جبل وأصحابه بالشام يكبرون على الجنائز خمسًا، =
وأربع وكبر ما كبر الإمام"، روى ذلك جميعه ابن المنذر.
(ومنها) ما روي عن أنس أن تكبير الجنازة ثلاث كما روى عنه ابن المنذر
(1)
أنه قيل له: إن فلانًا كبر ثلاثًا فقال: وهل التكبير إلا ثلاث؟.
وروى عنه ابن أبي شيبة
(2)
أنه كبر ثلاثًا لم يزد عليها.
وروى عنه عبد الرزاق
(3)
أنه كبر على جنازة ثلاثًا ثم انصرف ناسيًا، فقالوا له: يا أبا حمزة إنك كبرت ثلاثًا، قال: فصفوا، فصفوا فكبر الرابعة.
وروى عنه البخاري
(4)
تعليقًا نحو ذلك.
وجمع بين الروايات عنه الحافظ
(5)
بأنه إما كان يرى الثلاث مجزئة والأربع أكمل منها، وإما بأن من أطلق عنه الثلاث لم يذكر الأولى لأنها افتتاح الصلاة.
25/ 1424 - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صَلَّى على جَنازَةٍ فَكَبَّرَ خَمسًا، ثُمَّ الْتَفَتَ فَقالَ: ما نَسِيتُ وَلا وَهِمْتُ، وَلَكِنْ كبَّرْتُ كما كَبَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، صَلَّى على جَنازَةٍ فَكَبَّر خَمْسًا. رَوَاهُ أحْمَدُ)
(6)
. [صحيح لغيره]
= فوقتها لنا وقتها نتابعك عليه. قال: فأطرق عبد الله ساعة ثم قال: كبروا ما كبر إمامكم، لا وقت ولا عدد".
وذكره ابن المنذر في الأوسط (5/ 433).
(1)
في الأوسط (5/ 429 ث 3134).
عن يحيى بن أبي إسحاق أنه قيل لأنس: إنَّ فلانًا كبر ثلاثًا فقال: وهل التكبير إلا ثلاثًا؟.
(2)
في المصنف (3/ 303) من طريق معاذ بن معاذ عن عمران بن جدير قال: صليت مع أنس بن مالك على جنازة فكبر عليها ثلاثًا لم يزد عليها ثم انصرف.
(3)
في المصنف (3/ 486 رقم 6417).
(4)
في صحيحه رقم (3/ 202 رقم الباب (64) - مع الفتح) تعليقًا.
(5)
في "الفتح"(3/ 202 - 203).
(6)
في المسند (5/ 406) بسند ضعيف.
قلت: وأخرجه الخطيب في "تاريخه"(11/ 142) والطحاوي في شرح المعاني (1/ 494) والدارقطني (2/ 73) من طرق.
وهو حديث صحيح لغيره، والله أعلم.
26/ 1425 - (وَعَنْ عَلِيّ أنهُ كَبَّرَ على سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ سِتًا وَقَالَ: إنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا. رَوَاهُ البُخارِيُّ)
(1)
.
27/ 1426 - (وَعَنِ الحَكَمِ بْنِ عُتيْبَةَ أنَّهُ قالَ: كانُوا يُكَبّرُونَ على أهْلِ بَدْر خَمْسًا وَسِتًّا وَسَبْعًا. رَوَاهُ سَعيدٌ فِي سُنَنِهِ)
(2)
.
حديث حذيفة ذكره الحافظ، في التلخيص
(3)
وسكت عنه، وفي إسناده يحيى بن عبد الله الجابري
(4)
وهو متكلم عليه.
والأثر المذكور عن عليّ هو في البخاري
(5)
بلفظ: "أنه كبر على سهل بن حنيف"، زاد البرقاني في مستخرجه
(6)
: "ستًا"، وكذا ذكره البخاري في تاريخه
(7)
وسعيد بن منصور (6).
ورواه ابن أبي خيثمة من وجه آخر عن يزيد بن أبى زياد عن عبد الله بن مغفل فقال خمسًا.
وروى البيهقي
(8)
عنه أنه كبر على أبي قتادة سبعًا، وقال: إنه غلط لأن أبا قتادة عاش بعد ذلك.
قال الحافظ
(9)
: وهذه [علة]
(10)
غير قادحة؛ لأنه قد قيل: إن أبا قتادة مات في خلافة عليّ وهذا هو الراجح اهـ.
وقول الحكم بن عتيبة أورده الحافظ في التلخيص
(11)
ولم يتكلم عليه.
(1)
في التاريخ الكبير (4/ 97) رقم الترجمة (2090).
وأصله عند البخاري في صحيحه رقم (4004) دون ذكر عدد التكبير.
(2)
كما في "التلخيص الحبير"(2/ 244).
(3)
في "التلخيص"(2/ 243).
(4)
يحيى بن عبد الله الجابر. ضعيف.
التاريخ الكبير (8/ 286) والمجروحين (3/ 123) والجرح والتعديل (9/ 161) والميزان (4/ 389) والتقريب (2/ 351) والخلاصة ص 425.
(5)
في صحيحه رقم (4004).
(6)
كما في "التلخيص"(2/ 244).
(7)
(4/ 97) رقم الترجمة (2090).
(8)
في السنن الكبرى (4/ 36 - 37).
(9)
في "التلخيص"(2/ 244).
(10)
في المخطوط (ب): (علته).
(11)
(2/ 244).
وقد تقدم الخلاف في عدد التكبير وما هو الراجح. وفي فعل عليّ دليل على استحباب تخصيص من له فضيلة بإكثار التكبير عليه، وكذلك في رواية الحكم بن عتيبة عن السلف.
وقد تقدم من فعله صلى الله عليه وسلم بصلاته على حمزة ما يدل على ذلك.
[الباب العاشر] باب القراءة والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها
28/ 1427 - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَقَرَأ بِفاتِحَةِ الكِتاب وقالَ: لِتعْلَمُوا أنَّهُ مِنَ السنَّةِ. رَوَاهُ البُخارِيُّ
(1)
وأبُو دَاوُدَ
(2)
وَالتِّرْمِذِيُّ وَصحَّحَهُ
(3)
وَالنَّسائيُّ
(4)
وَقَالَ فِيهِ: فَقَرأ بِفَاتِحَةِ الكِتابِ وَسُورَةٍ وَجَهَرَ، فَلَمَّا فَرَغَ قالَ: سُنَّة وَحَقٌّ). [صحيح]
29/ 1428 - (وَعَنْ أبي أمامة بْنِ سَهْلٍ أنَّهُ أخْبَرَهُ رَجُل مِنْ أصْحابِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أن السَّنَةَ فِي الصَلاةِ على الجَنازَةِ أنْ يُكبِّرَ الإمامُ ثُمّ يَقْرأُ بِفاتِحَةِ الكِتابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولى سِرًّا فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ويخلِصُ الدُّعاءَ للجَنَازَةِ في التكْبِيراتِ، ولَا يَقْرأُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ، ثُمَّ يُسَلِّمُ سِرًّا فِي نَفْسِهِ. رَوَاهُ الشَّافِعِيّ فِي مُسْنَد)
(5)
. [صحيح لغيره]
(1)
في صحيحه رقم (1335).
(2)
في سننه رقم (3198).
(3)
في سننه رقم (1027).
(4)
في سننه رقم (1987).
وهو حديث صحيح.
(5)
في المسند رقم (581 - ترتيب) بسند ضعيف، لكن الحديث صحيح لغيره.
قلت: وأخرج البيهقي في السنن الكبرى (4/ 39) من طريق الشافعي وقال: وهكذا رواه الحجاج بن أبي منيع عن جده - وهو عبيد الله بن زياد الرصافي - عن الزهري، عن أبي أمامة، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فقويت بذلك رواية مطرف في ذكر الفاتحة" اهـ.
قلت: إسناده حسن.
ويشهد له ما أخرجه ابن الجارود في "المنتقى" رقم (540) بإسناده صحيح.
30/ 1429 - (وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ أبي أُمَيَّةَ قالَ: قَرأ الَّذِي صَلَّى على أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ بِفاتحةِ الكتابِ. رَوَاهُ البُخارِيّ فِي تارِيخِهِ)
(1)
.
حديث ابن عباس أخرجه أيضًا ابن حبان
(2)
والحاكم
(3)
.
وحديث أبي أمامة بن سهل في إسناده مطرف
(4)
، ولكنه قد قوّاه البيهقي
(5)
بما رواه في المعرفة من طريق [عبيد الله]
(6)
بن أبي زياد الرصافي عن الزهري بمعناه.
وأخرج نحوه الحاكم
(7)
من وجه آخر.
وأخرجه أيضًا النسائي
(8)
وعبد الرزاق
(9)
.
قال في الفتح
(10)
: وإسناده صحيح وليس فيه قوله: "بعد التكبيرة"، ولا قوله:"ثم يسلم سرًّا في نفسه"، ولكنه أخرج الحاكم نحوها.
وفي الباب عن ابن عباس حديث آخر عند الترمذي
(11)
وابن ماجه
(12)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب"، وفي إسناده إبراهيم بن عثمان أبو شيبة الواسطي وهو ضعيف
(13)
جدًّا.
(1)
في التاريخ الكبير (4/ 125).
(2)
في صحيحه رقم (3071) بسند صحيح.
(3)
في المستدرك (1/ 358) و (1/ 386) وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(4)
مطرف بن مازن الصنعاني: كذبه يحيى بن معين، وقال بعضهم: واه. وقال ابن عدي: لم أر له شيئًا منكرًا.
التاريخ الكبير (7/ 398) والمجروحين (3/ 29) والجرح والتعديل (8/ 314) والميزان (4/ 125) والمغني (1/ 662).
(5)
في "معرفة النسن والآثار"(5/ 300 رقم 7605) والسنن الكبرى (4/ 39).
(6)
في المخطوط (أ) و (ب): عبد الله، والصواب ما أثبتناه من مراجع الحديث والميزان (3/ 8).
(7)
في المستدرك (1/ 358) وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(8)
في سننه رقم (1988).
(9)
في المصنف رقم (6427). وهو حديث صحيح.
(10)
(3/ 204).
(11)
في سننه رقم (1026).
(12)
في سننه رقم (1495).
(13)
إبراهيم بن عثمان أبو شيبة، كوفي. قال أحمد: ضعيف. وقال النسائي: متروك الحديث، وعن ابن معين: ليس بثقة. =
وقال الترمذي
(1)
: لا يصحّ هذا عن ابن عباس، والصحيح عنه قوله:"من السنة".
وعن أمّ شريك عند ابن ماجه
(2)
قالت: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب"، وفي إسناده ضعف يسير كما قال الحافظ
(3)
.
وعن ابن عباس حديث آخر أيضًا عند الحاكم
(4)
: "أنه صلى على جنازة بالأبواء فكبر ثم قرأ الفاتحة رافعًا صوته، ثم صلى على النبيّ صلى الله عليه وسلم ثم قال: اللهمّ هذا عبدك وابن عبدك أصبح فقيرًا إلى رحمتك، فأنت غنيّ عن عذابه، إن كان زاكيًا فزكه، وإن كان مخطئًا فاغفر له، اللهمّ لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده، ثم كبر ثلاث تكبيرات ثم انصرف فقال: أيها الناس إني لم أقرأ عليها: أي جهرًا إلا لتعلموا أنه سنة".
وفي إسناده شرحبيل بن سعد
(5)
وهو مختلف في توثيقه.
= التاريخ الكبير (1/ 310) والمجروحين (1/ 104) والجرح والتعديل (2/ 115)، والكاشف (1/ 43) والمغني (1/ 20) والميزان (1/ 47) والتقريب (1/ 39).
(1)
في السنن (3/ 346).
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(2)
في سننه رقم (1496).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 487): "هذا إسناد حسن، شهر والراوي عنه مختلف فيهما".
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(3)
في "الفتح"(3/ 204).
(4)
في المستدرك (1/ 359) وقال: "لم يحتج الشيخان بشرحبيل بن سعد وهو من تابعي أهل المدينة. ووافقه الذهبي.
(5)
شرحبيل بن سعد، أبو سعد المدني، مولى الأنصارِ: صدوق اختلط بأخرَة، من الثالثة
…
التقريب رقم الترجمة (2764).
وقال المحرران: بل: ضعيف، ضعَّفه ابن أبي ذئب، ومالك بن أنس، ويحيى بن معين، وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، والنسائي، والدارقطني وما علمنا أحدًا ذكره في الثقات سوى ابن حبان، بل خبر ابن عدي أحاديثه، وقال: "وفي عامة ما يرويه إنكار
…
وهو إلى الضعف أقرب".
وعن جابر عند النسائي في المجتبى
(1)
والحاكم
(2)
والشافعي
(3)
وأبي يعلى
(4)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ فيها بأم القرآن"، وفي إسناد الشافعي (3) والحاكم (2) إبراهيم بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل.
وعن محمد بن مسلمة عند ابن أبي حاتم في العلل
(5)
أنه قال: السنة على الجنائز أن يكبر الإمام ثم يقرأ أم القرآن في نفسه ثم يدعو ويخلص الدعاء للميت ثم يكبر ثلاثًا ثم يسلم وينصرف ويفعل من وراءه ذلك، وقال: سألت أبي عنه فقال: هذا خطأ إنما هو حبيب بن مسلمة.
قال الحافظ
(6)
: حديث حبيب في المستدرك
(7)
من طريق الزهري عن أبي أمامة بن سهل باللفظ السابق.
قوله: (لتعلموا أنه من السنة)، فيه وفي بقية أحاديث الباب دليل على مشروعية قراءة فاتحة الكتاب في صلاة الجنازة.
وقد حكاه ابن المنذر
(8)
عن ابن مسعود
(9)
والحسن بن عليّ
(10)
وابن الزبير
(1)
لم يخرجه النسائي، والله أعلم.
(2)
في المستدرك (1/ 358).
(3)
في المسند رقم (578 - ترتيب).
(4)
لم أقف عليه في المسند؟!
قلت: وأخرجه البيهقي (4/ 39) من طريق الشافعي، به.
وإبراهيم بن محمد: متروك. وعبد الله بن محمد بن عقيل: ضعيف.
والخلاصة: أن السند ضعيف جدًّا، والله أعلم.
(5)
في العلل (1/ 356 - 357).
(6)
في "التلخيص"(2/ 244).
(7)
في المستدرك (1/ 360) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وليس في التسليمة الواحدة على الجنازة أصح منه. ووافقه الذهبي.
(8)
في الأوسط (5/ 437، 438، 439).
(9)
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 297).
عن رجل من همدان أن عبد الله بن مسعود قال: قرأت عليها بفاتحة الكتاب. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 39) وابن المنذر في الأوسط (5/ 438) ث (3167).
(10)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 297).
عن أبي القهان الحذاء قال: صليت خلف الحسن بن علي، على جنازة، فلما فرغ أخذت بيده فقلت: كيف صنعت؟ قال: قرأت عليها بفاتحة الكتاب.
والمسور بن مخرمة
(1)
، وبه قال الشافعي
(2)
وأحمد
(3)
وإسحاق
(4)
، وبه قال الهادي والقاسم والمؤيد بالله
(5)
.
ونقل ابن المنذر
(6)
أيضًا عن أبي هريرة
(7)
وابن عمر
(8)
أنه ليس فيها قراءة، وهو قول مالك
(9)
وأبي حنيفة
(10)
وأصحابه وسائر الكوفيين، وإليه ذهب زيد بن
(11)
عليّ والناصر.
وأحاديث الباب تردّ عليهم.
واختلف الأوّلون هل قراءة الفاتحة واجبة أم لا؟ فذهب إلى الأوّل الشافعي
(12)
وأحمد
(13)
وغيرهما.
واستدلوا بحديث أمّ شريك المتقدم وبالأحاديث المتقدمة في كتاب الصلاة كحديث: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب"
(14)
ونحوه؛ وصلاة الجنازة صلاة وهو الحقّ.
قوله: (وسورة) فيه مشروعية قراءة سورة مع الفاتحة في صلاة الجنازة، ولا محيص عن المصير إلى ذلك لأنها زيادة خارجة من مخرج صحيح.
ويؤيد وجوب قراءة السورة في صلاة الجنازة الأحاديث المتقدمة في باب وجوب قراءة الفاتحة من كتاب الصلاة فإنها ظاهرة في كل صلاة.
(1)
قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 439 - 440): وروينا عن المسور بن مخرمة أنه صلى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب في التكبيرة الأولى وسورة قصيرة، ورفع بها صوته فلما فرغ قال: لا أجهل أن تكون هذه صلاة عجماء، ولكني أردت أن أعلمكم أن فيها قراءة.
وأشار الحافظ في "الفتح"(3/ 203) إلى هذه الرواية. وقال: نقل ابن المنذر عن المسور بن مخرمة مشروعيتها.
(2)
في الأم (2/ 606).
(3)
في المعني (3/ 411).
(4)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 438).
(5)
البحر الزخار (2/ 120).
(6)
في الأوسط (5/ 439).
(7)
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 439 ث 3169).
(8)
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (439/ 5 ث 3168).
(9)
المدونة (1/ 174).
(10)
البناية في شرح الهداية (3/ 251).
(11)
البحر الزخار (2/ 120).
(12)
في الأم (2/ 606) والمجموع (5/ 191).
(13)
في المغني (3/ 411).
(14)
تقدم برقم (32/ 693) من كتابنا هذا.
قوله: (وجهر) فيه دليل على الجهر في قراءة صلاة الجنازة. وقال بعض أصحاب الشافعي
(1)
: إنه يجهر بالليل كالليلية.
وذهب الجمهور
(2)
إلى أنه لا يستحبّ الجهر في صلاة الجنازة. وتمسكوا بقول ابن عباس المتقدم
(3)
: "لم أقرأ: أي جهرًا إلا لتعلموا أنه سنة"، وبقوله في حديث أبي أمامة
(4)
: "سرًّا في نفسه".
قوله: (بعد التكبيرة الأولى) فيه بيان محل قراءة الفاتحة.
وقد أخرج الشافعي
(5)
والحاكم
(6)
عن جابر مرفوعًا بلفظ: "وقرأ بأمّ القرآن بعد التكبيرة الأولى"، وفي إسناده إبراهيم بن محمد وهو ضعيف جدًّا.
وقد صرّح العراقي في شرح الترمذي بأن إسناد حديث جابر ضعيف.
قوله: (ثم يصلي على النبيّ)[فيه]
(7)
مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجنازة.
ويؤيد ذلك الأحاديث المتقدمة في الصلاة كحديث: "لا صلاة لمن لم يصلّ عليّ"
(8)
ونحوه.
وروى إسماعيل القاضي في كتاب الصلاة
(9)
على النبيّ عن أبي أمامة أنه قال: "إن السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ بفاتحة الكتاب، ويصلي على
(1)
المجموع (5/ 193).
(2)
قال ابن قدامة في المغني (3/ 412): فصل: ويُسرُّ القراءة والدعاء في صلاة الجنازة، لا نعلم بين أهل العلم فيه خلافًا. ولا يقرأ بعد أم القرآن شيئًا وقد روي عن ابن عباس أنه جهر بفاتحة الكتاب. قال أحمد: إنما جهر ليعلمهم" اهـ.
(3)
برقم (1427) من كتابنا هذا.
(4)
تقدم برقم (1428) من كتابنا هذا.
(5)
في المسند (رقم: 578 - ترتيب). وقد تقدم قريبًا.
(6)
في المستدرك (1/ 358). وقد تقدم قريبًا.
وإسناده ضعيف جدًّا.
(7)
في المخطوط (أ): مكررة.
(8)
أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 355 رقم 5) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 379).
(9)
في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضمي القاضي المالكي تحقيق المحدث الألباني رحمه الله ص 79 وإسناده صحيح.
النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم يخلص الدعاء للميت حتى يفرغ ولا يقرأ إلا مرّة ثم يسلم" وأخرجه ابن الجارود في المنتقى
(1)
.
قال الحافظ
(2)
: ورجاله مخرّج لهم في الصحيحين.
قوله: (ثم يسلم سرًّا في نفسه) فيه دليل على مشروعية السلام في صلاة الجنازة والإسرار به وهو مجمع عليه، حكي ذلك في البحر
(3)
.
وأخرج البيهقي
(4)
عن ابن مسعود قال: "ثلاث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهن تركهنّ الناس، إحداهنّ التسليم على الجنائز مثل التسليم في الصلاة".
وله
(5)
أيضًا نحوه عن عبد الله بن أبي أوفى.
فحصل من الأحاديث المذكورة في الباب أن المشروع في صلاة الجنازة قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى وقراءة سورة، وتكون أيضًا بعد التكبيرة الأولى مع الفاتحة لقوله في حديث أبي أمامة بن سهل
(6)
: ويخلص الدعاء للميت في
(1)
في "المنتقى" رقم (540) بسند صحيح.
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 360) وعنه البيهقي (4/ 39 - 40).
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ووافقهما الألباني. وهو حديث صحيح.
(2)
في "التلخيص"(2/ 247).
• قال الألباني رحمه الله في "أحكام الجنائز" ص 156: "أما صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الجنازة فلم أقف عليها في شيء من الأحاديث الصحيحة، فالظاهرُ أن الجنازة ليس لها صيغة خاصة، بل يؤتى فيها بصيغة من الصيغ الثابتة في التشهد في المكتوبة" اهـ.
ثم قال في الحاشية: (1): رُوي عن ابن مسعود صيغة قريبة من الصلاة الإبراهيمية، لكن سندها ضعيف جدًّا، فلا يُشتغل به. وقد ساقها السخاوي في "القول البديع" ص 153 - 154، وابن القيم في "جلاء الأفهام" وقال: " (255):
"فالمستحب أن يصلَّى عليه صلى الله عليه وسلم في الجنازة كما يصلَّى عليه في التشهد لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم علَّم ذلك أصحابه لما سألوه عن كيفية الصلاة عليه" اهـ.
(3)
البحر الزخار (2/ 119).
(4)
في السنن الكبرى (4/ 43).
(5)
أي البيهقي في السنن الكبرى (4/ 43).
(6)
في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضمي القاضي المالكي تحقيق المحدث الألباني رحمه الله ص 79 وإسناده صحيح. وقد تقدم.
التكبيرات، ولا يقرأ في شيء منهنّ، ثم يصلي على النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولم يرد ما يدلّ على تعيين موضعها.
والظاهر أنها تفعل بعد القراءة، ثم يكبر بقية التكبيرات ويستكثر من الدعاء بينهنّ للميت مخلصًا له، ولا يشتغل بشيء من الاستحسانات التي وقعت في كتب الفقه فإنه لا مستند لها إلا التخيلات، ثم بعد فراغه من التكبير والدعاء المأثور يسلم.
وقد اختلف في مشروعية الرفع عند كل تكبيرة؛ فذهب الشافعي
(1)
إلى أنه يشرع مع كل تكبيرة.
وحكاه ابن المنذر
(2)
عن ابن عمر
(3)
، وعمر بن عبد العزيز
(4)
وعطاء
(5)
، وسالم بن عبد الله
(6)
، وقيس بن أبي حازم
(7)
، والزهري
(8)
، والأوزاعي
(9)
، وأحمد
(10)
، وإسحاق
(11)
، واختاره ابن المنذر
(12)
.
(1)
الأم (2/ 610) والمعرفة للبيهقي (5/ 301 رقم 7613).
(2)
في الأوسط (5/ 426 - 427).
(3)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 426 ث 3130) عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة على الجنازة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 296) وعبد الرزاق في المصنف (3/ 470 رقم 6360). وهو أثر صحيح.
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 296) من طريق غيلان بن أنس عنه. وكذا في المدونة (1/ 176).
(5)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 296) من طرق ابن جريج عنه. وكذا عبد الرزاق في المصنف (3/ 469 رقم 6358).
(6)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 296) من طريق خالد بن أبي بكر عنه.
(7)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 296) من طريق عمران بن أبي زائدة عنه، وعبد الرزاق في المصنف (2/ 469 - 470 رقم 6359) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عنه.
(8)
أخرج له عبد الرزاق في المصنف (3/ 469 رقم 6357)، وكذا في المدونة (1/ 176).
(9)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (427/ 5).
(10)
قال أبو داود: رأيت أحمد يرفع يديه في كل تكبيرة على الجنازة إلى حذاء أذنيه. (مسائل أحمد لأبي داود: 153).
(11)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 427).
(12)
قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 428): "قال أبو بكر: بقول ابن عمر أقول اتباعًا له، =
وقال الثوري
(1)
وأبو حنيفة
(2)
وأصحاب
(3)
الرأي: إنه لا يرفع عند سائر التكبيرات بل عند الأولى فقط.
وعن مالك
(4)
ثلاث روايات: الرفع في الجميع، وفي الأولى فقط، وعدمه في كلها.
وقالت العترة
(5)
بمنعه في كلها.
احتجّ الأولون بما أخرجه البيهقي
(6)
عن ابن عمر، قال الحافظ
(7)
بسند صحيح.
وعلقه البخاري
(8)
ووصله في جزء رفع اليدين
(9)
: إنه كان يرفع يديه في جميع تكبيرات الجنازة.
ورواه الطبراني في الأوسط
(10)
في ترجمة موسى بن عيسى مرفوعًا.
= ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما بين رفع اليدين في كل تكبيرة يكبرها المرءُ وهو قائم، وكانت تكبيرات العيدين والجنائز في موضع القيام، ثبت رفع اليدين فيها، قياسًا على رفع اليدين في التكبير في موضع القيام، ولما أجمعوا أن لا يدري فرفع في أول تكبيرة واختلفوا فيما سواها، كان حكم ما اختلفوا فيه حكم ما أجمعوا عليه" اهـ.
(1)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 428).
(2)
المبسوط للسرخسي (2/ 64).
(3)
كتاب الأصل لأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني (1/ 379).
(4)
المدونة (1/ 176) والمنتقى للباجي (2/ 12).
(5)
البحر الزخار (2/ 119).
(6)
في السنن الكبرى (4/ 44) بسند صحيح.
قال الألباني رحمه الله في "أحكام الجنائز"(ص 148): "نعم روى البيهقي (4/ 44) بسند صحيح عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه على كل تكبيرة من تكبيرات الجنازة. فمن كان يظن أنه لا يفعلُ ذلك إلا بتوقيفٍ من النبي صلى الله عليه وسلم، فله أن يرفع" اهـ.
(7)
في "التلخيص"(2/ 290).
(8)
في صحيحه رقم (3/ 189 رقم الباب (56) - مع الفتح).
(9)
(ص 155 رقم 184) للإمام البخاري، وبهامشه: جلاء العينين بتخريج روايات البخاري في "جزء رفع اليدين" لبديع الدين الراشدي.
(10)
في الأوسط رقم (8417).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 32) وقال: وفيه عبد الله بن محرر - وهو مجهول".
وقال: لم يروه عن نافع إلا عبد الله بن محرّر
(1)
، تفرّد به عباد بن صهيب
(2)
.
قال في التلخيص
(3)
: وهما ضعيفان.
ورواه الدارقطني
(4)
من طريق يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن نافع عنه مرفوعًا، لكن قال في العلل: تفرّد برفعه عمر بن شَبَّة عن يزيد بن هارون.
ورواه الجماعة عن يزيد موقوفًا وهو الصواب.
وروى الشافعي
(5)
عمن سمع سلمة بن وردان
(6)
يذكر عن أنس أنه كان يرفع يديه كلما كبر على الجنازة.
وروى أيضًا الشافعي
(7)
عن عروة وابن المسيب مثل ذلك. قال: وعلى ذلك أدركنا أهل العلم ببلدنا.
واحتجّ القائلون بأنه لا يرفع يديه إلا عند تكبيرة الافتتاح بما رواه الدارقطني من حديث ابن عباس
(8)
وأبي هريرة
(9)
: "أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى على الجنازة رفع يديه في أوّل تكبيرة ثم لا يعود".
(1)
عبد الله بن مُحَرَّر الجزري القاضي: متروك. من السابعة. مات في خلافة أبي جعفر (ق). التقريب رقم الترجمة (3573).
(2)
عباد بن صهيب البصري أحد المتروكين. قال البخاري والنسائي وغيرهما: متروك. وقال ابن حبان: كان قدريًا داعية، ومع ذلك يروي أشياء إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة شهد لها بالوضع .. الميزان (2/ 367 رقم 4122).
(3)
(2/ 291).
(4)
في "العلل" كما في نصب الراية (2/ 285).
(5)
في "المعرفة"(5/ 302 رقم 7617).
(6)
سلمة بن وردان الليثي أبو يعلى المدني: ضعيف من الخامسة. التقريب رقم الترجمة: (2514).
وانظر ترجمته في: التاريخ الكبير (2/ 2/ 77) والجرح والتعديل (2/ 1/ 174) والمجروحين (1/ 338) والضعفاء الكبير (2/ 147).
(7)
في الأم (2/ 611 رقم 684) و"المعرفة"(5/ 302 رقم 7615).
(8)
في السنن (2/ 75 رقم 3) بسند ضعيف.
وفيه "الفضل بن سكن" قال العقيلي: إنه مجهول، ولم يذكره ابن حبان في الضعفاء".
نصب الراية (2/ 285).
(9)
في السنن (2/ 74 رقم 1) بسند ضعيف. لضعف أبي فروة يزيد بن سنان، ويحيى بن يعلى الراوي عن أبي فروة.
قال الحافظ
(1)
: ولا يصحّ فيه شيء.
وقد صحّ عن ابن عباس: "أنه كان يرفع يديه في تكبيرات الجنازة"، رواه سعيد بن منصور
(2)
اهـ.
واحتجوا أيضًا بما أخرجه الترمذي
(3)
عن أبي هريرة: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كبر على جنازة فرفع يديه في أول تكبيرة ووضع اليمنى علي اليسرى" وقال: غريب، وفي إسناده يزيد بن سنان الرهاوي
(4)
وهو ضعيف عند أهل الحديث.
والحاصل أنه لم يثبت في غير التكبيرة الأولى شيء يصلح للاحتجاج به عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وأفعال الصحابة وأقوالهم لا حجة فيها، فينبغي أن يقتصر على الرفع عند تكبيرة الإحرام؛ لأنه لم يشرع في غيرها إلا عند الانتقال من ركن إلى ركن كما في سائر الصلوات، ولا انتقال في صلاة الجنازة.
[الباب الحادي عشر] باب الدعاء للميت وما ورد فيه
31/ 1430 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِذَا صَلّيْتُمْ على المَيِّتِ فأخْلِصُوا لَهُ الدّعاء"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(5)
وَابْنُ ماجَهْ)
(6)
. [حسن]
(1)
في "التلخيص"(2/ 290).
(2)
كما في "التلخيص"(2/ 291).
(3)
في سننه رقم (1077) وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
قال الزيلعي في "نصب الراية"(2/ 285): "
…
وأعله ابن القطان في "كتابه" بأبي فروة، ونقل تضعيفه عن أحمد، والنسائي، وابن معين، والعقيلي.
قال: وفيه علة أخرى، وهو أن يحيى بن يعلى الراوي عن أبي فروة، وهو أبو زكريا القطواني الأسلمي، هكذا صرح به عند الدارقطني، وهو ضعيف. ولهم آخر في طبقته يكنى "أبا المحيا" ذاك ثقة، وليس هو هذا" اهـ.
(4)
يزيد بن سنان، أبو فروة، رُهَاوي. ضعفه أحمد وابن معين وابن المديني. وقال البخاري: مقارب الحديث.
[التاريخ الكبير (8/ 235) والمجروحين (3/ 106) والجرح والتعديل (9/ 266) والكاشف (3/ 244) والمغني (2/ 750) والميزان (4/ 427) والتقريب (2/ 366) والخلاصة ص 432)].
وخلاصة القول: إن حديث أبي هريرة حديث حسن لغيره، والله أعلم.
(5)
في سننه رقم (3199).
(6)
في سننه رقم (1497). =
32/ 1431 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى على جَنازَةٍ قالَ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَحَيِّنا وَمَيِّتِنَا، وَشاهِدِنا وَغائِبِنا، وَصَغِيرِنا وَكَبِيرِنا، وَذَكَرِنا وأُنْثانا؛ اللَّهُمَّ مَنْ أحْيَيْتَهُ مِنَّا، فأحْيِهِ على الإسْلامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ على الإيمَانِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَالتِّرْمِذِيُّ
(2)
، وَرَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(3)
وَابْنُ ماجَهْ
(4)
، وَزَادَ:"اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنا أجْرَهُ، وَلَا تُضِلَّنا بَعْدَهُ"). [صحيح]
الحديث الأوّل أخرجه أيضًا ابن حبان وصححه
(5)
والبيهقي
(6)
، وفي إسناده ابن إسحاق وقد عنعن، ولكن أخرجه ابن حبان
(7)
من طريق أخرى عنه مصرّحًا بالسماع.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا النسائي
(8)
وابن حبان
(9)
والحاكم
(10)
وقال: وله شاهد صحيح من حديث عائشة
(11)
نحوه.
= قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (3076) والبيهقي (4/ 40) وحسنه الألباني في الإرواء (3/ 179 رقم 732).
(1)
في المسند (2/ 368).
(2)
في سننه رقم (1024) وقال: حديث حسن صحيح.
(3)
في سننه رقم (3201).
(4)
في سننه رقم (1498).
قلت: وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (1080) والحاكم (1/ 358) والبيهقي (4/ 41) وابن حبان رقم (3070).
وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ووافقهما الألباني في "الأحكام" ص 158 وقال: أعل بما لا يقدح
…
وخلاصة القول: أن حديث أبي هريرة حديث صحيح، والله أعلم.
(5)
في صحيحه رقم (3076). وقد تقدم.
(6)
في السنن الكبرى (4/ 41). وقد تقدم.
(7)
في صحيحه رقم (3077).
(8)
في عمل اليوم والليلة رقم (1080).
(9)
في صحيحه رقم (3070).
(10)
في المستدرك (1/ 358) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ووافقهما الألباني.
(11)
أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 358 - 359).
وأخرج هذا الشاهد الترمذي
(1)
وأعله بعكرمة بن عمار، وفي إسناد حديث الباب يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قال أبو حاتم
(2)
: الحفاظ لا يذكرون أبا هريرة إنما يقولون أبو سلمة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ولا يوصله بذكر أبي هريرة إلا غير متقن، والصحيح أنه مرسل.
وقال الترمذي
(3)
: روى هذا الحديث هشام الدستوائي وعليّ بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا اهـ.
وقد رواه يحيى بن أبي كثير من حديث أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مثل حديث أبي هريرة، أخرجه من هذا الوجه أحمد
(4)
والنسائي
(5)
والترمذي
(6)
وقال: حسن صحيح، وقال: أصحّ الروايات في هذا يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه، وسألته عن اسم أبي إبراهيم فلم يعرفه. وقال أبو حاتم
(7)
: أبو إبراهيم مجهول اهـ.
ولكن جهالة الصحابي غير قادحة.
(1)
في سننه رقم (1024).
(2)
في "العلل"(1/ 357 رقم 1058).
(3)
في السنن (3/ 344).
(4)
في المسند (4/ 170).
(5)
في "عمل اليوم والليلة" رقم (1084).
(6)
في سننه رقم (1024).
قلت: وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" رقم (2187) والطبراني في "الدعاء" رقم (1167) و (1168) و (1170) والبيهقي (1/ 44) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي إبراهيم - شيخ من الأنصار - عن أبيه، به.
وإسناده ضعيف، أبو إبراهيم وأبوه لا يعرفان، وقد اختُلف فيه على يحيى بن أبي كثير.
والخلاصة: إن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(7)
قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(9/ 332) رقم الترجمة (1456): "أبو إبراهيم الأشهلي الأنصاري، روى عن أبيه، روى عنه يحيى بن أبي كثير، سمعت أبي يقول ذلك. أخبرنا عبد الرحمن قال: سمعت أبي يقول: أبو إبراهيم الأنصاري الذي روى عنه يحيى بن أبي كثير لا يدرى من هو ولا أبوه" اهـ.
وقد أخرجه الترمذي
(1)
والحاكم
(2)
عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة، ولكن في إسناد هذه الطريق عكرمة بن عمار كما تقدم.
وأخرجه أيضًا الترمذي
(3)
عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد توهم بعض الناس أن أبا إبراهيم الأشهلي هو عبد الله بن أبي قتادة.
قال الحافظ
(4)
: وهو غلط؛ لأن أبا إبراهيم من بني عبد الأشهل وأبو قتادة من بني سلمة.
وفي الباب عن أبي هريرة حديث آخر عند أبي داود
(5)
والنسائي
(6)
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته على الجنازة يقول: "اللهمّ أنت ربها وأنت خلقتها وأنت هديتها وأنت قبضت روحها وأنت أعلم بسرّها وعلانيتها جئنا شفعاء فاغفر لها".
وعن عوف بن مالك
(7)
وواثلة
(8)
وسيأتيان.
قوله: (فأخلصوا له الدعاء) فيه دليل على أنه لا يتعين دعاء مخصوص من هذه الأدعية الواردة.
وأنه ينبغي للمصلي على الميت أن يخلص الدعاء له، سواء كان محسنًا أو مسيئًا، فإن مُلابس المعاصي أحوج الناس إلى دعاء إخوانه المسلمين وأفقرهم إلى شفاعتهم ولذلك قدموه بين أيديهم، وجاءوا به إليهم، لا كما قال بعضهم: إن المصلي يلعن الفاسق ويقتصر في [الملتبس]
(9)
على قوله: "اللهم إن كان محسنًا فزده إحسانًا، وإن كان مسيئًا فأنت أولى بالعفو عنه"
(10)
.
(1)
في السنن رقم (1024) وقال: حديث حسن صحيح.
(2)
في المستدرك (1/ 358 - 359) وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(3)
في سنن الترمذي (3/ 344).
(4)
في "التلخيص"(2/ 249).
(5)
في سننه رقم (3200).
(6)
في السنن الكبرى رقم (10850).
وإسناده ضعيف.
(7)
سيأتي برقم (33/ 1432) من كتابنا هذا.
(8)
سيأثي برقم (34/ 1433) من كتابنا هذا.
(9)
في المخطوط (ب): (الملبس).
(10)
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 228 رقم 17).
فإن الأوّل من إخلاص السب لا من إخلاص الدعاء.
والثاني من باب التفويض باعتبار المسيء لا من باب الشفاعة والسؤال وهو تحصيل للحاصل، والميت غني عن ذلك.
قوله: (فأحيه على الإسلام) هذا اللفظ هو الثابت عند الأكثر، وفي سنن أبي داود
(1)
: "فأحيه على الإيمان وتوفه على الإسلام".
واعلم أنه قد وقع في كتب الفقه ذكر أدعية غير المأثورة عنه صلى الله عليه وسلم والتمسك بالثابت عنه أولى
(2)
.
واختلاف الأحاديث في ذلك محمول على أنه كان يدعو لميت بدعاء ولآخر بآخر، والذي أمر به صلى الله عليه وسلم إخلاص الدعاء.
فائدة: إذا كان المصلى عليه طفلًا استحبّ أن يقول المصلي: "اللهمّ اجعله لنا سلفًا وفرطًا وأجرًا"، روي ذلك عن البيهقي
(3)
من حديث أبي هريرة.
وروى مثله سفيان في جامعه
(4)
عن الحسن.
33/ 1432 - (وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مالِكٍ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى على جَنازَةٍ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَاعْفُ عَنهُ وعافِهِ وكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسعْ مَدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بَمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، وَنقِّهِ مِنَ الخطايا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارر، وأهْلًا خَيرًا مِنْ أهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ". قالَ عَوْفُ: فَتَمَنَّيْتُ أنْ لَوْ كُنْتُ أنا المَيِّتَ لِدُعاءِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ المَيِّتِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ
(5)
وَالنَّسائيُّ)
(6)
. [صحيح]
(1)
في سننه رقم (3201). وهو حديث صحيح.
(2)
وتعقبه الألباني رحمه الله في "أحكام الجنائز" ص 161: بقوله: (قلت: بل أعتقدُ أنه واجب على مَنْ كان على علم بما ورَدَ عنه صلى الله عليه وسلم، فالعدول عنه حينئذٍ يُخشى أن يحقَّ فيه قولُ الله تبارك وتعالى:{أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة: 61]؟! " اهـ.
(3)
في السنن الكبرى (4/ 10).
(4)
كما في "التلخيص"(2/ 250) ولفظه: "اللهم اجعله لنا سلفًا، واجعله لنا فرطًا، واجعله لنا أجرًا".
(5)
في صحيحه رقم (86/ 963).
(6)
في سننه رقم (1984). =
34/ 1433 - (وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأسْقَعِ قالَ: صَلَّى بنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم على رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إنَّ فُلانَ ابْنَ فُلانٍ فِي ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ، وأنْتَ أهْل الوَفاءِ وَالحَمْدِ، اللَّهُمَّ فاغفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، إنّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرّحِيمُ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(1)
. [صحيح]
الحديث الأوّل أخرجه أيضًا الترمذي
(2)
مختصرًا.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا ابن ماجه
(3)
، وسكت عنه أبو داود
(4)
والمنذري
(5)
، وفي إسناده مروان بن جناح
(6)
وفيه مقال.
قوله: (سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم)، وكذلك قوله:"فسمعته".
وفي رواية لمسلم
(7)
من حديث عوف: "فحفظت من دعائه"، جميع ذلك يدلّ على أن النبيّ صلى الله عليه وسلم جهر بالدعاء، وهو خلاف ما صرّح به جماعة من استحباب الإسرار بالدعاء.
وقد قيل: إن جهره صلى الله عليه وسلم بالدعاء لقصد تعليمهم.
= قلت: وأخرجه أحمد (6/ 23، 28) وابن ماجه رقم (1500) والترمذي مختصرًا رقم (1025) وقال: حديث حسن صحيح. قال محمد - البخاري - أصح شيء في هذا الباب هذا الحديث. وهو حديث صحيح.
(1)
في سننه رقم (3202).
قلت: وأخرجه أحمد (3/ 491) وابن ماجه رقم (1499) وابن حبان رقم (3074).
وفيه الوليد بن مسلم مدلس، ولكنه صرح بالتحديث عند أبي داود وابن ماجه وغيرهما فانتفت شبهة تدليسه.
وخلاصة القول: إن الحديث صحيح، والله أعلم.
(2)
في سننه رقم (1025) مختصرًا. وقد تقدم.
(3)
في سننه رقم (1499). وقد تقدم.
(4)
في السنن (3/ 540).
(5)
في المختصر (4/ 331).
(6)
مروان بن جَنَاح الأموي مولاهم، الدمشقي، أصله كوفي: لا بأس به من السادسة (دق) التقريب رقم الترجمة (6566).
(7)
في صحيحه رقم (85/ 963).
وأخرج أحمد
(1)
عن جابر قال: "ما [أباح]
(2)
لنا في دعاء الجنازة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر"، وفسر [أباح]
(3)
بمعنى قدر [أنه عيّن]
(4)
.
قال الحافظ
(5)
: والذي وقفت عليه باح بمعنى جهر، والظاهر أن الجهر والإسرار بالدعاء جائزان.
قوله: (واغسله بماء وثلج إلخ) هذه الألفاظ قد تقدم شرحها في الصلاة.
واعلم أنه لم يرد تعيين موضع هذه الأدعية، فإن شاء المصلي جاء بما يختار منها دفعة، إما بعد فراغه من التكبير، أو بعد التكبيرة الأولى أو الثانية أو الثالثة، أو يفرقه بين كل تكبيرتين، أو يدعو بين كل تكبيرتين بواحد من هذه الأدعية ليكون مؤدّيًا لجميع ما روي عنه صلى الله عليه وسلم.
وأما حديث عبد الله بن أبي أوفى الآتي
(6)
فليس فيه أنه لم يدع إلا بعد التكبيرة الرابعة، إنما فيه أنه دعا بعدها، وذلك لا يدلّ على أن الدعاء مختصّ بذلك الموضع.
قوله: (إن فلان ابن فلان) فيه دليل على استحباب تسمية الميت باسمه واسم أبيه، وهذا إن كان معروفًا.
وإلا جعل مكان ذلك: اللهمّ إن عبدك هذا أو نحوه.
والظاهر أنه يدعو بهذه الألفاظ الواردة في هذه الأحاديث سواء كان الميت ذكرًا أو أنثى، ولا يحوّل الضمائر المذكرة إلى صيغة التأنيث إذا كان الميت أنثى لأن مرجعها الميت، وهو يقال على الذكر والأنثى.
35/ 1434 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ أبي أوْفى أنَّهُ ماتَتِ ابْنَةٌ لَهُ، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أرْبَعًا ثُمَّ قامَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَدْرَ ما بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ يَدْعُو، ثُمَّ قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم
(1)
في المسند (3/ 357) بسند ضعيف، حجاج بن أرطاة مدلس وقد عنعن.
وأخرجه ابن ماجه رقم (1501) وابن أبي شيبة (3/ 294، 415).
(2)
في المخطوط (ب): (أتاح) وهو خطأ مخالف لما في الحديث.
(3)
في المخطوط (ب): (أتاح).
(4)
زيادة من المخطوط (ب).
(5)
في "التلخيص"(2/ 249).
(6)
برقم (35/ 1434) من كتابنا هذا.
يَصْنَعُ فِي الجنَازَةِ هَكَذَا. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَابْنُ ماجَهْ بمَعْناهُ)
(2)
. [حسن]
الحديث أخرجه أيضًا البيهقي في السنن الكبرى
(3)
.
وفي رواية
(4)
كبر أربعًا حتى ظننت أنه سيكبر خمسًا ثم سلم عن يمينه وعن شماله، فلما انصرف قلنا له: ما هذا؟ فقال: إني لا أزيد على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، وهكذا كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الحاكم
(5)
: هذا حديث صحيح.
وفيه دليل على استحباب الدعاء بعد التكبيرة الآخرة قبل التسليم. وفيه خلاف، والراجح الاستحباب لهذا الحديث.
وقال الشافعي في كتاب البويطي
(6)
: إنه يقول بعدها: "اللهمّ لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده".
وقال أبو علي بن أبي هريرة: كان المتقدمون يقولون في الرابعة: اللهمّ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وقال الهادي والقاسم
(7)
: إنه يقول بعد الرابعة: سبحان من سبَّحت له السموات والأرضون، سبحان ربنا الأعلى سبحانه وتعالى، اللهمّ هذا عبدك وابن
(1)
في المسند (4/ 356).
(2)
في سننه رقم (1503).
قلت: وأخرجه الطيالسي في المسند رقم (825) وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" رقم (628) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 495) وابن عدي في الكامل (1/ 215) والحاكم (1/ 359 - 360) والبيهقي (4/ 42 - 43) من طرق عن شعبة عن إبراهيم الهجري، عنه.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، وإبراهيم بن مسلم الهجري لم ينقم عليه بحجة. وتعقبه الذهبي بقوله: ضعفوا إبراهيم. وحسن الألباني رحمه الله الحديث في صحيح ابن ماجه.
(3)
في السنن الكبرى (4/ 42، 43).
(4)
في السنن الكبرى (4/ 35).
(5)
في المستدرك (1/ 360).
(6)
حكاه النووي في المجموع (5/ 198) عنه.
(7)
البحر الزخار (2/ 120).
عبديك وقد صار إليك، وقد أتيناك مستشفعين له، سائلين له المغفرة، فاغفر له ذنوبه وتجاوز عن سيئاته، وألحقه بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، اللهمّ وسع عليه قبره، وأفسح له أمره، وأذقه عفوك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، اللهمّ ارزقنا حسن الاستعداد لمثل يومه، ولا تفتنا بعده، واجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقاك، ثم يكبر الخامسة ثم يسلم.
[الباب الثاني عشر] باب موقف الإِمام من الرجل والمرأة وكيف يصنع إذا اجتمعت أنواع
36/ 1435 - (عَنْ سَمُرَةَ قالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم على امْرأةٍ ماتَتْ فِي نِفاسِها، فَقامَ عَلَيْها رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي الصلاةِ وَسَطَها. رَوَاهُ الجَماعَةُ)
(1)
. [صحيح]
37/ 1436 - (وَعَنْ أبي غالِبٍ الحَنَّاطِ قالَ: شَهِدْتُ أنَسَ بْنَ مالِكٍ صَلَّى على جَنَازَةِ رَجُلٍ فَقَامَ عِنْدَ رأسِهِ؛ فَلَمَّا رُفِعَتْ أُتِيَ بِجَنَازَةِ امرْأةٍ فَصَلَّى عَلَيْهَا فَقامَ وَسْطَها، وَفِينا العَلاءُ بْنُ زِيَادٍ العَلَوِيُّ؛ فَلَمَّا رأى اخْتِلافَ قِيامِهِ على الرَّجُلِ وَالمَرأةِ قالَ: يا أبا حَمْزَةَ هَكَذَا كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُوم مِنَ الرَّجُلِ حَيْثُ قُمْتَ، وَمَنِ المَرأةِ حَيْثُ قُمْتَ؟ قالَ: نعمْ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وَابْنُ ماجَهْ
(3)
وَالتِّرْمِذِيُّ
(4)
وأبُو دَاوُدَ
(5)
، وفِي لَفْظِهِ: فَقَالَ العَلاءُ بْنُ زِيادٍ: هَكَذَا كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي على
(1)
أحمد (5/ 14) والبخاري رقم (1331) ومسلم رقم (88/ 964) وأبو داود رقم (3195) والترمذي رقم (1035) والنسائي رقم (1976) وابن ماجه رقم (1493).
قلت: وأخرجه ابن الجارود في المنتقى رقم (544) والبيهقي (4/ 33، 34) وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 312) والبغوي في شرح السنة رقم (1497) والطيالسي رقم (902) وغيرهم.
وهو حديث صحيح.
(2)
في المسند (3/ 204).
(3)
في سننه رقم (1494).
(4)
في سننه رقم (1034).
(5)
في سننه رقم (3194). قلت: وأخرجه البيهقي (4/ 33) والطيالسي رقم (2149). وهو حديث صحيح.
الجَنازَةِ كَصَلاتِكَ يُكَبِّرُ عَلَيْهَا أرْبَعًا وَيَقُومُ عِنْدَ رأس الرَّجُلِ، وَعجِيزَةِ المرأةِ؟ قالَ: نَعَمْ). [صحيح]
الحديث الثاني حسنه الترمذي
(1)
وسكت عنه أبو داود
(2)
والمنذري
(3)
والحافظ في التلخيص
(4)
، ورجال إسناده ثقات.
قوله: (وسطها) بسكون السين، وفيه دليل على أن المصلي على المرأة الميتة يستقبل وسطها.
ولا منافاة بين هذا الحديث وبين قوله في حديث أنس: "وعجيزة المرأة" لأن العجيزة يقال لها: وسط.
وأما الرجل فالمشروع أن [يقف]
(5)
الإِمام حذاء رأسه لحديث أنس المذكور
(6)
.
ولم يصب من استدلّ بحديث سمرة
(7)
على أنه يقام حذاء وسط الرجل والمرأة وقال: إنه نصّ في المرأة، ويقاس عليها الرجل؛ لأن هذا قياس مصادم للنصّ وهو فاسد الاعتبار، ولا سيما مع تصريح من سأل أنس بالفرق بين الرجل والمرأة، وجوابه عليه بقوله: نعم.
وإلى ما يقتضيه هذان الحديثان من القيام عند رأس الرجل ووسط المرأة ذهب الشافعي
(8)
وهو الحقّ.
وقال أبو حنيفة
(9)
: حذاء صدرهما، وفي رواية: عنه حذاء وسطهما.
وقال مالك
(10)
: حذاء الرأس منهما.
(1)
في السنن (3/ 352).
(2)
في السنن (3/ 535).
(3)
في المختصر (4/ 329).
(4)
في "التلخيص"(2/ 241).
(5)
في المخطوط (ب): (يقوم).
(6)
في الباب رقم (37/ 1436) من كتابنا هذا.
(7)
في الباب رقم (36/ 1435) من كتابنا هذا.
(8)
المجموع (5/ 182 - 183) والأوسط (5/ 418 - 419).
(9)
البناية في شرح الهداية (3/ 262).
(10)
المدونة (1/ 182).
وقال الهادي
(1)
: حذاء رأس الرجل وثدي المرأة. واستدلّ بفعل عليّ عليه السلام. قال أبو طالب
(2)
: وهو رأي أهل البيت لا يختلفون فيه.
وحكي في البحر
(3)
عن القاسم أنه يستقبل صدر المرأة وبينه وبين السرّة من الرجل.
قال في البحر
(4)
بعد حكاية الخلاف مؤيدًا لما ذهب إليه الهادي: لنا إجماع العترة أولى من استحسانهم، انتهى.
وقد عرفت أن الأدلة دلت على ما ذهب إليه الشافعي، وأن ما عداه لا مستند له من المرفوع إلا مجرّد الخطأ في الاستدلال أو التعويل على محض الرأي أو ترجيح ما فعله الصحابي على ما فعله النبيّ صلى الله عليه وسلم
(5)
. وإذا جاءَ نهرُ اللهِ بطل نهرُ مَعْقِل
(6)
.
نعم لا ينتهض مجرّد الفعل دليلًا للوجوب، ولكن النزاع فيما هو الأولى والأحسن، ولا أولى ولا أحسن من الكيفية التي فعلها المصطفى صلى الله عليه وسلم.
قوله: (العلاء بن زياد العلوي) الذي في غير هذا الكتاب كجامع الأصول
(7)
والكاشف
(8)
وغيرهما (العدوي) وهو الصواب.
(1)
البحر الزخار (2/ 123).
(2)
البحر الزخار (2/ 124).
(3)
البحر الزخار (2/ 123).
(4)
البحر الزخار (2/ 124).
(5)
قال الشوكاني رحمه الله في "السيل الجرار"(1/ 712) بتحقيقي: "أقول: الذي صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو استقبال رأس الرجل، وعجيزة المرأة ولا منافاة بين رواية استقبال وسط المرأة، ورواية استقبال عجيزتها فإن عجيزتها هي وسطُها، ولم يرد ما يصلُح لمعارضةِ هذا فلا وجه لما قاله الجلال - في ضوء النهار (2/ 243 - 245) - إن الكل واسعٌ وما ذكره عقِبَ هذا فهو هَوَسٌ منه" اهـ.
(6)
مثل يضرب في الاستغناء عن الأشياء الصغيرة إذا وجد ما هو أكبر منها، وأعظم نفعًا.
ونهْرُ معقل: في البصرة، وقد احتفره معقل بن يسار المزني المتوفى بالبصرة في ولاية عبد الله بن زياد، زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فنسب إليه.
[الأمثال اليمانية: للقاضي إسماعيل الأكوع (1/ 95)].
(7)
لابن الأثير (6/ 228) وفيه: "العلاء بن زياد" فقط.
(8)
الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة. للذهبي (2/ 309 رقم الترجمة (4399): العلاء بن زياد أبو نصر العدوي،
…
" اهـ.
38/ 1437 - (وَعَنْ عَمَّارٍ مَوْلى الحارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قالَ: حَضَرَتْ جَنَازَة صَبِيٍّ وَامْرأةٍ، فَقُدِّمَ الصَّبِيُّ مما يَلي القَوْمَ، وَوُضِعَتِ المَرأةُ وَرَاءَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِما، وفِي القَوْمِ أبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وأبُو قَتادَةَ وأبُو هُرَيْرَةَ فَسألْتُهمْ عَنْ ذلكَ فَقالُوا: السُّنَّة. رَوَاهُ النَّسائي
(1)
وأبُو دَاوُدَ)
(2)
. [صحيح]
39/ 1438 - (وَعَنْ عَمَّارٍ أيْضًا أن أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عليّ وَابْنَها زيدَ بْنَ عُمَرَ أُخْرِجَتْ جَنَازَتَاهُمَا، فَصَلَّى عَلَيْهِما أمِيرُ المَدِينَةِ، فَجَعَلَ المَرأةَ بَيْنَ يَدَي الرَّجُلِ وأصحْاب رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمئذٍ كَثِيرٌ، وثَمَّ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ)
(3)
.
40/ 1439 - (وَعَنِ الشَّعْبِيّ أنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيّ وَابْنَها زيدَ بْنَ عُمَرَ تُوُفِّيا جَمِيعًا فأُخْرِجَتْ جَنازَتاهُمَا فَصلَّى عَلَيْهِما أميرُ المَدِينَةِ فَسَوَّى بَيْنَ رُؤوسِهِما وأرْجُلِهِما حِينَ صَلَّى عَلَيْهِمَا
(4)
: رَوَاهُمَا سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ).
الحديث [الأول]
(5)
سكت عنه أبو داود
(6)
والمنذري
(7)
ورجال إسناده ثقات، وأخرجه أيضًا البيهقي
(8)
وقال: وفي القوم الحسن والحسين وابن عمر وأبو هريرة ونحو من ثمانين نفسًا من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية للبيهقي
(9)
أن الإِمام في هذه القصة ابن عمر.
وفي أخرى له
(10)
وللدارقطني
(11)
، والنسائي في المجتبى
(12)
من رواية نافع عن ابن عمر: "أنه صلى على سبع جنائز رجال ونساء، فجعل الرجال مما يلي الإِمام، وجعل النساء مما يلي القبلة وصفَّهم صفًا واحدًا، ووضعت جنازة أمّ
(1)
في سننه رقم (1978).
(2)
في سننه رقم (3193).
وهو حديث صحيح.
(3)
و
(4)
لم أقف عليهما؟!
(5)
زيادة من المخطوط (ب).
(6)
في السنن (3/ 533).
(7)
في المختصر (4/ 327).
(8)
في السنن الكبرى (4/ 33).
(9)
في السنن الكبرى (4/ 33).
(10)
أي للبيهقي في السنن الكبرى (4/ 33).
(11)
في السنن (2/ 79 - 80 رقم 13).
(12)
في سننه رقم (1978).
كلثوم بنت عليّ امرأة عمر وابن لها يقال له: زيد والإِمام يومئذٍ سعيد بن العاص، وفي الناس يومئذٍ ابن عباس وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة، فوضع الغلام مما يلي الإِمام، فقلت: ما هذا؟ قالوا: السنة".
وكذلك رواه ابن الجارود في المنتقى
(1)
.
قال الحافظ
(2)
: وإسناده صحيح.
قوله: (أمير المدينة) هو سعيد بن العاص كما وقع مبينًا في سائر الروايات.
ويجمع بينه وبين ما وقع فيه أن الإِمام كان ابن عمر بأن ابن عمر أمّ بهم بإذنه.
قال الحافظ
(3)
: ويحمل قوله: إن الإِمام يومئذٍ سعيد بن العاص، يعني الأمير لا أنه كان إمامًا في الصلاة، ويردّه قوله في حديث الباب:"فصلى عليهما أمير المدينة".
قال الحافظ
(4)
: أو يحمل على أن نسبة ذلك إلى ابن عمر لكونه أشار بترتيب وضع تلك الجنائز.
والحديث يدلّ على أن السنة إذا اجتمعت جنائز أن يصلى عليها صلاة واحدة، وقد تقدم في كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد
(5)
"أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلى على كل واحد منهم صلاة وحمزة مع كل واحد وأنه كان يصلي على كل عشرة صلاة".
وأخرج ابن شاهين
(6)
أن عبد الله بن معقل بن مقرن أتي بجنازة رجل وامرأة فصلى على الرجل ثم صلى على المرأة، وفيه انقطاع.
(1)
في "المنتقى" رقم (545).
(2)
في "التلخيص"(2/ 289).
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(3)
في "التلخيص"(2/ 289).
(4)
في "التلخيص"(2/ 289).
(5)
خلال شرح الحديث رقم (1401) من كتابنا هذا.
(6)
لم أقف عليه في "ناسخ الحديث ومنسوخه" لابن شاهين.
وكذلك لم أقف عليه في "الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك" باب مختصر - من كتاب الجنائز (ص 332 - 349) لابن شاهين أيضًا.
وفي الحديث أيضًا أن الصبيّ إذا صلى عليه مع امرأة كان الصبيّ مما يلي الإِمام والمرأة مما يلي القبلة، وكذلك إذا اجتمع رجل وامرأة أو أكثر من ذلك كما تقدم عن ابن عمَر.
وقد ذهب إلى ذلك الهادي (1) والقاسم (1) والمؤيد بالله (1) وأبو طالب
(1)
والشافعية
(2)
والحنفية
(3)
.
وقال القاسم
(4)
بن محمد بن أبي بكر، والحسن البصري
(5)
وسالم بن عبد الله
(6)
: بل الأولى العكس، ليلي القبلة الأفضل.
وفيه أيضًا دليل على أن الأولى بالتقدم للصلاة على الجنازة ذو الولاية ونائبه.
ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمّ الرجل في سلطانه"
(7)
، وقد تقدم
(8)
في الصلاة.
وقد وقع الخلاف إذا اجتمع الإِمام والوليّ أيهما أولى، فعند أكثر العترة
(9)
وأبي حنيفة وأصحابه
(10)
أن الإِمام وواليه أولى.
وعند الشافعي
(11)
والمؤيد بالله والناصر في رواية عنه
(12)
: أن الوليّ أولى.
(1)
البحر الزخار (2/ 124 - 125).
(2)
الأم (2/ 626) والمجموع (5/ 186).
(3)
البناية في شرح الهداية (3/ 242).
(4)
و
(6)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 315) من طريق عبيد الله بن عمر عن سالم والقاسم قالا: النساء مما يلي الإمام والرجال مما يلي القبلة.
(5)
أخرج له عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 466 رقم 6341) عن معمر عن رجل عن الحسن قال: "الرجال يلون القبلة والنساء يلون الإمام".
(7)
أخرجه مسلم رقم (290/ 673) والترمذي رقم (235) والنسائي رقم (780) وابن ماجه رقم (980) من حديث أبي مسعود، وهو حديث صحيح.
(8)
عند الحديث رقم (1078) من كتابنا هذا.
(9)
البحر الزخار (2/ 115).
(10)
البناية في شرح الهداية (3/ 242، 266).
(11)
الأم (2/ 625).
(12)
البحر الزخار (2/ 115).
[الباب الثالث عشر] باب الصلاة على الجنازة في المسجد
41/ 1440 - (عَنْ عائِشَةَ أنها قالَتْ لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أبي وَقَّاصٍ: ادْخُلُوا بِهِ المسْجِدِ حتى أصَلِي عَلَيْهِ، فأنْكَرُوا ذلكَ عَلَيْها، فَقالَتْ: وَالله لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم على ابْنَي بَيْضَاءَ فِي المَسْجِدِ: سُهَيْلٍ وأخِيهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ
(1)
.
وَفِي رِوَايَةٍ: ما صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم على سُهَيْلِ بْنِ البَيْضَاء إلَّا فِي جَوْفِ المَسْجِدِ. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيَّ)
(2)
. [صحيح]
42/ 1441 - (وَعَنْ عُرْوَةَ قالَ: صُلِّيَ على أبي بَكْرٍ فِي المَسْجِدِ)
(3)
. [إسناده صحيح]
43/ 1442 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: صُلِّيَ على عُمَرَ فِي المَسْجِدِ رَوَاهُمَا سَعِيدٌ، وَرَوَى الثَّانِي مالِكٌ)
(4)
. [إسناده صحيح]
وأخرج الصلاة على أبي بكر وعمر أيضًا في المسجد ابن أبي شيبة
(5)
بلفظ: "إن عمر صلى على أبي بكر في المسجد وإن صهيبًا صلى على عمر في المسجد".
(1)
في صحيحه رقم (101/ 973).
(2)
أحمد (6/ 79) ومسلم رقم (99/ 973) وأبو داود رقم (3189) والترمذي رقم (1033) والنسائي رقم (1967 وابن ماجه رقم 1518). وهو حديث صحيح.
(3)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف" رقم (6576) من حديث هشام بن عروة. قال رأى أبي الناس يخرجون من المسجد ليصلوا على جنازة فقال: ما يصنع هؤلاء؟ ما صُلِّي على أبي بكر إلا في المسجد". وإسناده صحيح.
(4)
أخرج مالك في الموطأ (1/ 230 رقم 23) وعنه عبد الرزاق في "المصنف" رقم (6577) عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: صُلِّي على عمر بن الخطاب في المسجد" وإسناده صحيح.
(5)
في المصنف (3/ 364).
قوله: (على ابني بيضاء) قال النووي
(1)
: قال العلماء: بنو بيضاء ثلاثة إخوة سهل وسهيل وصفوان، وأمهم البيضاء اسمها دعد، والبيضاء وصف، وأبوهم وهب بن ربيعة القرشي الفهري.
والحديث يدلّ على جواز إدخال الميت إلى المسجد والصلاة عليه فيه.
وبه قال الشافعي
(2)
وأحمد
(3)
وإسحاق
(4)
والجمهور
(5)
قال ابن عبد البّر
(6)
: ورواه المدنيون في رواية عن مالك، وبه قال ابن حبيب المالكي
(7)
.
وكرهه ابن أبي ذئب وأبو حنيفة
(8)
ومالك في المشهور عنه
(9)
والهادوية
(10)
وكل من قال بنجاسة الميت.
وأجابوا عن حديث الباب بأنه محمول على أن الصلاة على ابني بيضاء وهما كانا خارج المسجد والمصلون داخله، وذلك جائز بالاتفاق وردّ بأن عائشة استدلت بذلك لما أنكروا عليها أمرها بإدخال الجنازة المسجد.
وأجابوا أيضًا بأن الأمر استقرّ على ترك ذلك لأن الذين أنكروا على عائشة كانوا من الصحابة.
وردّ بأن عائشة لما أنكرت ذلك الإنكار سلموا لها، فدلّ على أنها حفظت ما نسوه وأن الأمر استقرّ على الجواز. ويدل على ذلك الصلاة على أبي بكر وعمر في المسجد كما تقدم
(11)
.
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 39).
(2)
المجموع (5/ 170 - 171).
(3)
المغني (3/ 421 - 423) ومسائل أحمد لأبي داود (157).
(4)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 416).
(5)
الأوسط (5/ 415 - 416) والمجموع (5/ 170) والمغني (3/ 421 - 422).
(6)
في الاستذكار (8/ 274 رقم 11431).
(7)
المنتقى للباجي (2/ 18).
(8)
البناية في شرح الهداية (3/ 267).
(9)
في المدونة (1/ 177) قال: "لا يصلى على الجنازة في المسجد إلا أن يتضايق المكان، وكره أن توضع الجنازة في المسجد".
(10)
البحر الزخار (2/ 115).
(11)
برقم (1441) و (1442) من كتابنا هذا.
وأيضًا العلة التي لأجلها كرهوا الصلاة على الميت في المسجد هي زعمهم أنه نجس، وهي باطلة لما تقدم أن المؤمن لا ينجس حيًا ولا ميتًا.
وأنهض ما استدلوا به على الكراهة ما أخرجه أبو داود
(1)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له" وأخرجه ابن ماجه
(2)
ولفظه: "فليس له شيء" وفي إسناده صالح مولى التوأمة
(3)
، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة.
قال النووي
(4)
: "وأجابوا عنه، يعني الجمهور بأجوبة:
(أحدها): أنه ضعيف لا يصحّ الاحتجاج به. قال أحمد بن حنبل: هذا حديث ضعيف تفرّد به صالح مولى التوأمة وهو ضعيف.
(والثاني): أن الذي في النسخ المشهورة المحققة المسموعة من سنن أبي داود (1): "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه"، فلا حجة لهم حيئنذٍ.
(1)
في سننه رقم (3191) ولفظه: "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه". وهو حديث حسن بلفظ: "فلا شيء له".
(2)
في سننه رقم (1517) ولفظه: "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له". وهو حديث حسن.
(3)
صالح بن نبهان المدني، مولى التوأَمة: صدوق اختلط. قال ابن عدي: لا بأس برواية القُدماء عنه كابن أبي ذئب، وابن جريج. من الرابعة مات سنة خمس - أو ست - وعشرين، وقد أخطأ من زعم أن البخاري أخرج له. (د ت ق). التقريب رقم الترجمة (2892).
قال المحرران: "صدوق حسن الحديث بالنسبة لمن روى عنه قبل اختلاطه، وهم: أسيد بن أبي أسيد البراد، وزياد بن سعد، وسعيد بن أبي أيوب، وعبد الله بن علي الإفريقي، وعبد الملك بن جريج، وعمارة بن غزية، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وموسى بن عقبة.
أما الآخرون فروايته ضعيفة لسماعهم منه بعد الاختلاط" اهـ.
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 40).
(والثالث): أنه لو ثبت الحديث وثبت أنه "فلا شيء له" لوجب تأويله بأن "له" بمعنى "عليه" ليجمع بين الروايتين.
قال
(1)
: وقد جاء بمعنى عليه كقوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7].
(الرابع): أنه محمول على نقص الأجر في حقّ من صلى في المسجد ورجع ولم يشيعها إلى المقبرة لما فاته من تشييعه إلى المقبرة وحضور دفنه" انتهى.
* * *
(1)
أي النووي في شرحه لصحيح مسلم (7/ 40).
[رابعًا] أبواب حمل الجنازة والسير
1/ 1443 - (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال: مَنِ اتَّبعَ جَنازَةً فَلْيَحْمِلْ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ كُلِّها فإنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ، ثُمَّ إنْ شاءَ فَلْيَتَطَوَّعْ، وَإنْ شاءَ فَلْيَدَعْ. رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ)
(1)
. [ضعيف]
الحديث أخرجه أيضًا أبو داود الطيالسي
(2)
والبيهقي
(3)
من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه.
قال الدارقطني في العلل
(4)
: اختلف في إسناده على منصور بن المعتمر.
وفي الباب عن أبي الدرداء عند ابن أبي شيبة في مصنفه
(5)
.
وعن ثوبان عند ابن الجوزي في العلل
(6)
وإسناده ضعيف.
وعن أنس عنده أيضًا
(7)
فيها وإسناده ضعيف.
(1)
في سننه رقم (1478).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 481): "هذا إسناد موقوف رجاله ثقات وحكمه الرفع إلا أنه منقطع، فإن أبا عبيدة واسمه عامر، وقيل اسمه كنيته، لم يسمع من أبيه شيئًا" اهـ.
(2)
في المسند رقم (332).
(3)
في السنن الكبرى (4/ 19، 20).
(4)
في العلل (5/ 305 س 902).
وخلاصة القول: أن حديث ابن مسعود حديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
(3/ 283).
(6)
قال الحافظ في "التلخيص"(2/ 226): "وفي العلل لابن الجوزي مرفوعًا عن ثوبان، وأنس وإسنادهما ضعيفان.
قال محقق العلل المتناهية: إرشاد الحق الأثري: (2/ 416 رقم التعليقة 3): "قلت: حديث ثوبان لم يوجد في هذه النسخة، والله أعلم" اهـ.
(7)
في "العلل المتناهية"(2/ 416) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حمل قوائم السرير الأربع إيمانًا واحتسابًا حط الله عز وجل عنه أربعين كبيرة".
قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح. قال ابن حبان: غلبت المناكير على رواية علي بن أبي سارة.
وأخرجه الطبراني في الأوسط
(1)
مرفوعًا بلفظ: "من حمل جوانب السرير الأربع كفَّر الله عنه أربعين كبيرة".
وعن بعض الصحابة عند الشافعي
(2)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين".
ورواه أيضًا ابن سعد
(3)
عن الواقدي عن ابن أبي حبيبة عن شيوخ من بني عبد الأشهل.
وروي حمل الجنازة عن جماعة من الصحابة والتابعين.
فأخرج الشافعي
(4)
عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال: "رأيت سعد بن أبي وقاص في جنازة عبد الرحمن بن عوف قائمًا بين العمودين المقدّمين واضعًا للسرير على كاهله".
ورواه الشافعي
(5)
أيضًا بأسانيد من فعل عثمان
(6)
وأبي هريرة
(7)
وابن الزبير
(8)
وابن عمر
(9)
أخرجها كلها البيهقي
(10)
.
وروى ذلك البيهقي
(11)
أيضًا من فعل المطلب بن عبد الله بن حنطب وغيره.
وفي البخاري
(12)
أن ابن عمر حمل ابنًا لسعيد بن زيد.
وروى ابن سعد ذلك عن عثمان وأبي هريرة ومروان وروى ابن
(1)
رقم (5920).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 26) وقال: فيه علي بن أبي سارة، وهو ضعيف.
(2)
في الأم (2/ 602 - 603 رقم 659).
(3)
في الطبقات الكبرى (3/ 329).
(4)
في الأم (2/ 603 رقم 660).
(5)
في الأم (2/ 603 - 604).
(6)
في الأم (2/ 603 - رقم 662).
(7)
في الأم (2/ 603 رقم 663).
(8)
في الأم (2/ 604 رقم 664).
(9)
في الأم (2/ 603 رقم 661).
(10)
في معرفة السنن والآثار (5/ 263 - 265).
(11)
في السنن الكبرى (4/ 20 - 21).
(12)
في صحيحه رقم (2/ 125 رقم الباب (8) - مع الفتح) معلقًا ووصله مالك في الموطأ.
أبي شيبة
(1)
وعبد الرزاق
(2)
من طريق علي الأزدي قال: رأيت ابن عمر في جنازة يحمل جوانب السرير الأربع.
وروى عبد الرزاق
(3)
عن أبي هريرة أنه قال: "من حمل الجنازة بجوانبها الأربع فقد قضى الذي عليه".
وأخرج الترمذي
(4)
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من تبع الجنازة وحملها ثلاث مرار فقد قضى ما عليه من حقها"، قال الترمذي
(5)
: هذا حديث غريب.
ورواه بعضهم بهذا الإسناد ولم يرفعه.
والحديث يدلّ على مشروعية الحمل للميت، وأن السنة أن يكون بجميع جوانب السرير
(6)
.
[الباب الأول] باب الإسراع بها من غير رمل
2/ 1444 - (عَنِ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أسْرِعُوا بالجَنَازَةِ، فإنْ كانَتْ صَالحَةً قَرَّبْتُمُوها إلى الخَيْرِ، وَإنْ كانَتْ غَيْرَ ذلكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقابِكُمْ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ)
(7)
. [صحيح]
(1)
في المصنف (3/ 283).
(2)
في المصنف رقم (6520). وهو أثر صحيح.
(3)
في المصنف رقم (6518).
(4)
في السنن رقم (1041) وقال: هذا حديث غريب.
وهو حديث ضعيف.
(5)
في السنن (3/ 359).
(6)
انظر: "المجموع"(5/ 233 - 234) فرع في مذاهب العلماء في كيفية حمل الجنازة.
والمغني (3/ 402 - 453) والأوسط لابن المنذر (5/ 374 - 377).
(7)
أخرجه أحمد (2/ 240) والبخاري رقم (1315) ومسلم رقم (51/ 944) وأبو داود رقم (3181) والترمذي رقم (1015) والنسائي رقم (1912) وابن ماجه رقم (1477). وهو حديث صحيح.
3/ 1445 - (وَعَنْ أبي مُوسَى قالَ: مَرَّتْ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم جَنازَةٌ تَمْخَضُ مَخْضَ الزّقّ، فَقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُمْ القَصْدَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)
(1)
. [منكر]
4/ 1446 - (وَعَنْ أبي بَكْرَةَ قَالَ: لَقَدْ رأيْتُنا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وإنَّا لَنَكادُ نَرْمُلُ بالجَنَازَةِ رَمَلًا. رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وَالنَّسائيّ)
(3)
. [صحيح]
5/ 1447 - (وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِع قالَ: أسْرَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم حتَّى تَقَطَّعَتْ نِعالُنا يَوْمَ ماتَ سَعْدُ بْنُ مُعاذ أخْرَجَهُ البُخارِيُّ فِي تارِيخِهِ)
(4)
. [إسناده حسن]
حديث أبي موسى أخرجه أيضًا ابن ماجه
(5)
والبيهقي
(6)
وقاسم بن أصبغ، وفي إسناده ضعف كما قال الحافظ
(7)
.
وأخرج البيهقي
(8)
عن أبي موسى من قوله: "إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا في المشي".
(1)
في المسند (4/ 406).
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (1479) وأبو القاسم البغوي في الجعديات رقم (612) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 478) والبيهقي (4/ 22) والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 323) من طرق. وهو حديث منكر، والله أعلم.
(2)
في المسند (5/ 36).
(3)
في سننه رقم (1913).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (3182) و (3183) والبزار في مسنده رقم (3680) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 477) وابن حبان رقم (3043) والحاكم (3/ 446) والطيالسي رقم (883) والبيهقي (4/ 22) من طرق ..
ورواية أبي داود والبيهقي في جنازة عثمان بن أبي العاص. بدل عبد الرحمن بن سمرة.
ورواية الطحاوي على الشك. عثمان بن أبي العاص أو عبد الرحمن بن سمرة.
قال البخاري: وعثمان وهم.
والخلاصة: إن الحديث صحيح. لكن قوله عثمان بن أبي العاص: شاذ. والمحفوظ عبد الرحمن بن سمرة.
(4)
في التاريخ الكبير (7/ 402) بسند حسن.
(5)
في سننه رقم (1479). وقد تقدم.
(6)
في السنن الكبرى (4/ 22). وقد تقدم.
(7)
في "التلخيص الحبير"(2/ 230).
(8)
في السنن الكبرى (4/ 22).
قال: وهذا يدلّ على أن المراد كراهة شدّة الإسراع.
وحديث أبي بكرة أخرجه أيضًا أبو داود
(1)
والحاكم
(2)
.
وفي الباب عن ابن مسعود عند الترمذي
(3)
وأبي داود
(4)
قال: "سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المشي خلف الجنازة فقال: "ما دون الخبب، فإن كان خيرًا عجلتموه، وإن كان شرًّا فلا يبعد إلا أهل النار"، وقد ضعف هذا الحديث البخاري
(5)
والترمذي (3) وابن عديّ
(6)
والنسائي
(7)
والبيهقي
(8)
وغيرهم؛ لأن في إسناده أبا ماجدة. قال الدارقطني
(9)
: مجهول.
وقال يحيى الرازي وابن عدي (6): منكر الحديث، والراوي عنه يحيى الجابر بالجيم والباء الموحدة. قال البيهقي (8) وغيره: إنه ضعيف.
قوله: (أسرعوا) قال ابن قدامة
(10)
: هذا الأمر للاستحباب بلا خلاف بين العلماء.
وشذّ ابن حزم
(11)
فقال: بوجوبه، والمراد بالإسراع شدّة المشي، وعلى ذلك حمله بعض السلف وهو قول الحنفية.
قال صاحب الهداية
(12)
: ويمشون بها مسرعين دون الخبب.
وفي المبسوط
(13)
: ليس فيه شيء مؤقت غير أن العجلة أحبّ إلى أبي حنيفة.
(1)
في سننه رقم (3182، 3183). وقد تقدم.
(2)
في المستدرك (3/ 446). وقد تقدم.
(3)
في سننه رقم (1011) وقال: لا يعرف من حديث عبد الله بن مسعود إلا من هذا الوجه.
(4)
في سننه رقم (3184). وقال أبو داود: وهو ضعيف، وهو يحيى بن عبد الله وهو يحيى الجابر.
قال أبو داود: وهذا كوفي، وأبو ماجدة بصري. قال أبو داود: أبو ماجدة هذا لا يعرف.
وهو حديث ضعيف.
(5)
كما حكاه عنه الترمذي في سننه (3/ 332) حيث قال: سمعت محمد بن إسماعيل يضعف حديث أبي ماجدٍ، لهذا".
(6)
في الكامل (7/ 2658 - 2659).
(7)
المختصر للمنذري (4/ 319).
(8)
في السنن الكبرى (4/ 22).
(9)
الميزان (4/ 567).
(10)
في "المغني"(3/ 394).
(11)
في المحلى (5/ 154 مسألة 592).
(12)
الهداية (1/ 93).
(13)
للسرخسي (2/ 56).
وعن الجمهور المراد بالإسراع ما فوق سجية المشي المعتاد.
قال في الفتح
(1)
: والحاصل أنه يستحبّ الإسراع بها لكن بحيث لا ينتهي إلى شدّة يخاف معها حدوث مفسدة الميت أو مشقة على الحامل أو المشيع لئلا يتنافى المقصود من النظافة وإدخال المشقة على المسلم.
قال القرطبي
(2)
: مقصود الحديث أن لا يتباطأ بالميت عن الدفن؛ لأن التباطؤ ربما أدّى إلى التباهي والاختيال اهـ.
وحديث أبي بكرة
(3)
وحديث محمود بن لبيد
(4)
يدلان على أن المراد بالسرعة المأمور بها في حديث أبي هريرة
(5)
هي السرعة الشديدة المقاربة للرمل.
وحديث ابن مسعود
(6)
يدلّ على أن المراد بالسرعة ما دون الخبب، والخبب على ما في القاموس
(7)
هو ضرب من العدو أو كالرمل أو السرعة، فيكون المراد بالخبب في الحديث ما هو كالرمل بقرينة الأحاديث المتقدمة لا مجرّد السرعة.
وحديث أبي موسى
(8)
يدلّ على أن المشي المشروع بالجنازة هو القصد، والقصد ضد الإفراط كما في القاموس
(9)
، فلا منافاة بينه وبين الإسراع ما لم يبلغ إلى حدّ الإفراط، ويدلّ على ذلك ما رواه البيهقي
(10)
من قول أبي موسى كما تقدم.
قوله: (بالجنازة) أي بحملها إلى قبرها، وقيل: المعنى الإسراع بتجهيزها فهو أعم من الأوّل.
قال القرطبي
(11)
: والأوّل أظهر.
وقال النووي
(12)
: الثاني باطل مردود بقوله في الحديث: "تضعونه عن رقابكم".
(1)
(3/ 184).
(2)
في المفهم (2/ 603).
(3)
تقدم برقم (1446) من كتابنا هذا.
(4)
تقدم برقم (1447) من كتابنا هذا.
(5)
تقدم برقم (1444) من كتابنا هذا.
(6)
تقدم خلال شرح الحديث (1447) من كتابنا هذا.
(7)
القاموس المحيط ص 99.
(8)
تقدم برقم (1445) من كتابنا هذا.
(9)
القاموس المحيط ص 396.
(10)
في السنن الكبرى (4/ 22).
(11)
في "المفهم"(2/ 603).
(12)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 13).
وقد قوّى الحافظ
(1)
الثاني بما أخرجه الطبراني
(2)
بإسناد حسن عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره".
وبما أخرجه أيضًا أبو داود
(3)
من حديث الحصين بن وحوح مرفوعًا: "لا ينبغي لجيفة مسلم أن تبقى بين ظهراني أهله" الحديث تقدم.
قوله: (فإن كانت صالحة) أي الجثة المحمولة.
قوله: (تضعونه) استدل به على أن حمل الجنازة يختصّ بالرجال للإتيان فيه بضمير الذكور ولا يخفى ما فيه.
قال الحافظ
(4)
: والحديث فيه استحباب المبادرة إلى دفن الميت لكن بعد أن يتحقق أنه مات.
أما مثل المطعون
(5)
والمفلوج
(6)
والمسبوت
(7)
، فينبغي أن لا يسرع في تجهيزهم حتى يمضي يوم وليلة ليتحقق موتهم، نبه على ذلك ابن بزيزة.
ويؤخذ من الحديث ترك صحبة أهل البطالة وغير الصالحين اهـ.
(1)
في "الفتح"(3/ 184).
(2)
في المعجم الكبير (ج 12 رقم 13613).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 44) وقال: "فيه يحيى بن عبد الله البابلتي وهو ضعيف".
(3)
في سننه رقم (3159). وقد تقدم برقم (1370) من كتابنا هذا.
(4)
في "الفتح"(3/ 184).
(5)
الطعن: القتل بالرِّماح، والطاعون: المرضُ العامُّ والوباء الذي يفسد له الهواء، فتفسد به الأمزجة والأبدان. أراد أن الغَالِب على فناءِ الأمةِ بالفتن التي تُسفك فيها الدماء، وبالوباء
…
ويقال: طُعِنَ الرجُل فهو مَطعُون، وطَعِين، إذا أصابه الطاعون. "النهاية"(3/ 127).
(6)
المفلوج: الذي يصاب بداء الفالج، وهو داء معروف يُرْخي بعض البدن. "النهاية"(3/ 469).
وقال في القاموس المحيط ص 258: "الفالج: استرخاءٌ لأحد شقَّي البدنِ".
(7)
السُّبات من النوم: شبهُ غشية، يقال: سُبِتَ المريض فهو مسبوت.
وقال أبو عبيد عن أبي عمرو: المسبت الذي لا يتحرك وقد أسبَت. "تهذيب اللغة" للأزهري (12/ 387).
[الباب الثاني] باب المشي أمام الجنازة وما جاء في الركوب معها
قَدْ سَبَقَ فِي ذلكَ حَدِيثَ المُغِيرَة
(1)
.
6/ 1448 - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رأى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأبا بَكرٍ وعمَرَ يمْشونَ أمامَ الجَنازَةِ. رَوَاهُ الخمْسَةُ
(2)
، وَاحْتَجَّ بِهِ أحْمَدُ). [صحيح]
حديث المغيرة (1) تقدم في الصلاة على السقط.
وحديث ابن عمر أخرجه أيضًا الدارقطني
(3)
وابن حبان وصححه
(4)
، والبيهقي
(5)
(1)
تقدم تخريجه برقم (1402) من كتابنا هذا.
(2)
أحمد في المسند (2/ 122) وأبو داود رقم (3179) والترمذي رقم (1007) والنسائي رقم (1944) وابن ماجه رقم (1482).
(3)
في السنن (2/ 70 رقم 1).
(4)
في صحيحه رقم (3045).
(5)
في السنن الكبرى (4/ 23).
قلت: وأخرجه البغوي في شرح السنة رقم (1488) والطيالسي كما في منحة المعبود (1/ 165 رقم 788) وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 277) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 479).
قلت: لم يتفرد ابن عيينة بوصله، بل تابعه عليه: زياد بن سعد، ومنصور، وبكر بن وائل.
أخرج متابعتهم: أحمد (2/ 37) والترمذي رقم (1008) والنسائي (4/ 56) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 23).
وتابعه أيضًا ابن أخي ابن شهاب عند أحمد (2/ 122).
ويونس عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 479).
وعقيل عند أحمد (2/ 140) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 479 - 480).
وابن جريج عند الشافعي في المسند رقم (591 - ترتيب) وأحمد (2/ 37) ويحيى بن سعيد، وموسى بن عقبة، وعباس بن الحسن الحراني. أخرج متابعتهم ابن عبد البر في "التمهيد".
فهؤلاء أحد عشر حافظًا ثقة تابعوه على وصله، فلم يبق أدنى شك في صوابه وخطأ من وهَّمه؛ وإن كان معمر، وابن جريج، ويونس، وعقيل، قد اختلف عليهم أيضًا فرُوي عنهم مرسلًا وموصولًا، لأنهم سمعوا من الزهري كذلك، لأنه كما هو معلوم عنه كان يوصل الحديث مرة ويرسله مرارًا اختصارًا واعتمادًا على معرفة أصله وإسناده.
وخلاصة القول: إن الحديث صحيح، والله أعلم.
من حديث ابن عيينة عن الزهري عن أسلم عن أبيه، به.
قال أحمد: إنما هو عن الزهري مرسل. وحديث سالم فعل ابن عمر. وحديث ابن عيينة وهم. قال الترمذي
(1)
: أهل الحديث يرون المرسل أصحّ قاله ابن المبارك.
قال: وروى معمر ويونس ومالك عن الزُّهري: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يمشي أمام الجنازة"
(2)
.
قال الزهري
(3)
: وأخبرني سالم أن أباه كان يمشي أمام الجنازة.
قال الترمذي
(4)
: ورواه ابن جريج عن الزهري مثل ابن عيينة، ثم روى عن ابن المبارك أنه قال: أرى ابن جريج أخذه عن ابن عيينة.
وقال النسائي
(5)
: وصله خطأ والصواب مرسل.
وقال أحمد
(6)
: حدثنا حجاج قرأت على ابن جريج، حدثنا زياد بن سعد أن ابن شهاب أخبره، حدثني سالم عن ابن عمر:"أنه كان يمشي بين يدي الجنازة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يمشون أمامها".
وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه
(7)
من فعل ابن عمر وأبي بكر وعمر وعثمان. قال الزهري: وكذلك السنة.
قال الحافظ في التلخيص
(8)
فهذا أصح من حديث ابن عيينة، وصحح
(1)
في السنن (3/ 330).
(2)
أخرجه الترمذي في السنن رقم (1009) وقال: حديث الزهري في هذا مرسل، أصح من حديث ابن عيينة.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 277).
(4)
في السنن (3/ 330).
(5)
في السنن (4/ 56).
(6)
في المسند (2/ 140) بسند صحيح.
قلت: وأخرجه ابن حبان رقم (3048) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 479 - 480) والطبراني في المعجم الكبير (ج 12 رقم (13133) و (13136) من طرق عن الزهري.
(7)
لم أقف عليه؟!
(8)
(2/ 227).
الدارقطني بعد ذكر الاختلاف أنه فعل ابن عمر ورجح البيهقي
(1)
الموصول؛ لأن ابن عيينة ثقة حافظ، وقد أتى بزيادة على من أرسل، والزيادة مقبولة. وقد قال لما قال له ابن المديني: إنه قد خالفه الناس في هذا الحديث: إن الزهري حدثه به مرارًا عن سالم عن أبيه.
قال الحافظ
(2)
: وهذا لا ينفي الوهم لأنه ضبط أنه سمعه منه عن سالم عن أبيه وهو كذلك إلا أن فيه إدراجًا، وقد جزم بصحة الحديث ابن المنذر
(3)
وابن حزم.
وفي الباب عن أنس عند الترمذي
(4)
مثله، وقال
(5)
: سألت عنه البخاري فقال: هذا خطأ أخطأ فيه محمد بن بكر.
وقد اختلف أهل العلم هل الأفضل لمتبع الجنازة أن يمشي خلفها أو أمامها؟ فقال الزهري
(6)
ومالك
(7)
والشافعي
(8)
وأحمد
(9)
والجمهور، وجماعة من الصحابة منهم أبو بكر
(10)
وعمر (10) وعثمان
(11)
وابن عمر (12) وأبو هريرة
(12)
: إن المشي أمام الجنازة أفضل.
(1)
في السنن الكبرى (4/ 24).
(2)
في "التلخيص"(2/ 227).
(3)
في الأوسط (5/ 384).
(4)
في سننه رقم (1010). وهو حديث صحيح.
(5)
أي الترمذي في سننه (3/ 331).
(6)
أخرج له مالك في الموطأ (1/ 226 رقم 11) أنه قال: المشي خلف الجنازة من خطأ السنة. وكذا في المدونة (1/ 177).
(7)
المدونة (1/ 177).
(8)
المجموع (5/ 240).
(9)
المغني (3/ 397 - 398).
(10)
أخرج عبد الرزاق في المصنف (3/ 445) وابن المنذر في الأوسط (5/ 383) عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال: كنت مع علي في جنازة قال: وعلي آخذ بيدي ونحن خلفها، وأبو بكر، وعمر، يمشيان أمامها كفضل صلاة الجماعة على صلاة الفرد، وإنهما يعلمان من ذلك مما أعلم، ولكنهما سهلان يسهلان على الناس.
ولهذا الأثر طريق آخر عند ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 278). وهو أثر حسن، والله أعلم.
(11)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 381).
(12)
• أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 277) وابن المنذر في الأوسط (5/ 382).
عن صالح مولى التوأمة، قال: رأيت أبا هريرة وأبا قتادة وابن عمر وأبا أسيد يمشون أمام الجنازة. =
واستدلوا بحديث ابن عمر المذكور في الباب
(1)
.
وقال أبو حنيفة وأصحابه
(2)
، وحكاه الترمذي
(3)
عن سفيان الثوري وإسحاق
(4)
وحكاه في البحر
(5)
عن العترة: إن المشي خلفها أفضل، واستدلوا بما تقدم من حديث ابن مسعود
(6)
عند الترمذي
(7)
وأبي داود
(8)
قال: "سألنا النبيّ صلى الله عليه وسلم عن المشي خلف الجنازة، فقال: ما دون الخبب"، فقرر قولهم: خلف الجنازة ولم ينكره.
واستدلوا أيضًا بما روي عن طاوس أنه قال: "ما مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات إلا خلف الجنازة"، وهذا مع كونه مرسلًا لم أقف عليه في شيء من كتب الحديث
(9)
.
= وهو أثر حسن، والله أعلم.
• وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 278) وابن المنذر في الأوسط (5/ 382).
عن أبي حازم قال: رأيت أبا هريرة والحسن بن علي، يمشيان أمام الجنازة.
وهو أثر صحيح، والله أعلم.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 278) ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (5/ 382).
عن أبي حازم قال: مشيت مع الحسين بن علي، وأبي هريرة، وابن الزبير أمام الجنازة.
وهو أثر صحيح، والله أعلم.
(1)
تقدم برقم (1448) من كتابنا هذا.
(2)
المبسوط (2/ 57) وكتاب الأصل لأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني (1/ 371).
(3)
في السنن (3/ 333).
(4)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 383).
(5)
البحر الزخار (2/ 111).
(6)
تقدم تخريجه خلال شرح الحديث (1447) من كتابنا هذا.
(7)
في سننه رقم (1011). وقد تقدم.
(8)
في سننه رقم (3184). وقد تقدم.
(9)
بل أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 445 رقم 6262) عن ابن طاووس عن أبيه قال: ما مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، حتى مات إلا خلف الجنازة، وبه نأخذ".
وقد ذكره ابن التركماني في الجوهر النقي (4/ 25 - هامش السنن الكبرى) والزيلعي في "نصب الراية"(2/ 292) أيضًا، وهو مرسل. وقال الحافظ في "الدراية" (1/ 238): مرسل بإسناد صحيح.
وروي في البحر
(1)
عن عليّ أنه قال: المشي خلف الجنازة أفضل.
وحكي في البحر
(2)
عن الثوري أنه قال: الراكب يمشي خلفها والماشي أمامها.
ويدلّ لما قاله: حديث المغيرة المتقدم
(3)
أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "الراكب خلف الجنازة والماشي أمامها قريبًا منها عن يمينها أو عن يسارها"، أخرجه أصحاب السنن
(4)
وصححه ابن حبان
(5)
والحاكم
(6)
.
وهذا مذهب قويّ لولا ما سيأتي من الأدلة الدالة على كراهة الركوب لمتبع الجنازة
(7)
.
وقال أنس بن مالك: إنه يمشي بين يديها وخلفها وعن يمينها وعن شمالها،
رواه البخاري عنه تعليقًا
(8)
ووصله عبد الوهاب بن عطاء في كتاب الجنائز، ووصله أيضًا ابن أبي شيبة
(9)
وعبد الرزاق
(10)
.
7/ 1449 - (وَعَنْ جابِرِ بن سَمُرَةَ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اتَّبَعَ جَنازَةَ ابْنِ الدّحْدَاحِ ماشِيًا، وَرَجَعَ على فَرَسٍ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
(11)
.
وَفِي رِوَايَةٍ: أُتِيَ بِفَرَسٍ [مُعْرَوْرٍ]
(12)
فَرَكِبَهُ حِينَ انْصَرفْنَا مِنْ جَنازَةِ ابْنِ الدَّحْدَاحِ وَنَحْن نَمْشِي حَوْلَهُ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(13)
وَمُسْلْمٌ
(14)
والنَّسائيّ)
(15)
. [صحيح]
(1)
و
(2)
البحر الزخار (2/ 111).
(3)
برقم (1402) من كتابنا هذا.
(4)
أبو داود رقم (3180) والترمذي رقم (1031) والنسائي رقم (1948) وابن ماجه رقم (1481).
(5)
في صحيحه رقم (3049).
(6)
في المستدرك (1/ 355).
(7)
ستأتي برقم (1450) و (1451) من كتابنا هذا.
(8)
في صحيحه رقم (3/ 182 رقم الباب (51) - مع الفتح) معلقًا.
(9)
في المصنف (3/ 278).
(10)
في المصنف رقم (6261).
(11)
في السنن رقم (1014).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(12)
في المخطوط (ب): (معرورة).
(13)
في المسند (5/ 90).
(14)
في صحيحه رقم (89/ 965).
(15)
في سننه رقم (2026).
وهو حديث صحيح.
8/ 1450 - (وَعَنْ ثَوْبانَ قالَ: خَرَجْنا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جَنازَةٍ فَرأى ناسًا رُكْبانًا فَقَالَ: "ألا تَسْتَحْيُونَ إنَّ مَلائِكَةَ الله على أقْدَامِهِمْ وأنْتُمْ على ظُهُورِ الدَّوَابّ؟ "، رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ
(1)
وَالتّرْمِذِيُّ)
(2)
. [ضعيف]
9/ 1451 - (وَعَنْ ثَوْبانَ أيْضًا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِدَابَّةٍ وَهُوَ مَعَ جَنازَةٍ فأبى أنْ يَرْكَبها فَلَمَّا انْصَرَفَ أُتِيَ بِدَابَّةٍ فَرَكبَ فَقِيلَ لَهُ، فَقالَ: "إن المَلائِكَةَ كانَتْ تَمْشِي فَلم أكُنْ لأرْكَبَ وَهُمْ يَمْشُونَ، فَلَمَّا ذَهَبُوا رَكِبْتُ". رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(3)
. [صحيح]
حديث جابر بن سمرة قال الترمذي
(4)
: حسن صحيح.
وفي لفظ له
(5)
: "وهو على فرس له يسعى ونحن حوله وهو يتوقص به".
وحديث ثوبان الأوّل. قال الترمذي
(6)
: قد روي عنه مرفوعًا ولم يتكلم عليه بحسن ولا ضعف
(7)
، وفي إسناده أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف.
وحديث ثوبان الثاني سكت عنه أبو داود
(8)
والمنذري
(9)
، ورجال إسناده رجال الصحيح.
قوله: (ابن الدحداح) بدالين مهملتين وحاء بين مهملتين، [ويقال: أبو الدحداح]
(10)
، ولقال: أبو الدحداحة.
(1)
في سننه رقم (1480).
(2)
في سننه رقم (1012) قال الترمذي: حديث ثوبان قد روي عنه موقوفًا. قال محمد: الموقوف منه أصح.
وهو حديث ضعيف.
(3)
في سننه رقم (3177). وهو حديث صحيح.
(4)
في السنن (3/ 334).
(5)
أي الترمذي رقم (1013). وهو حديث صحيح.
(6)
في السنن (3/ 333).
(7)
قلت: بل هو حديث ضعيف كما تقدم.
(8)
في السنن (3/ 521).
(9)
في المختصر (4/ 314).
(10)
سقط من المخطوط (ب).
قال ابن عبد البر
(1)
: لا يعرف اسمه.
قوله: (ورجع على فرس) فيه أنه لا بأس بالركوب عند الرجوع من دفن الميت.
قوله: (مُعَرور) بضم الميم وفتح الراء.
قال أهل اللغة
(2)
: اعروريت الفرس إذا ركبته عريانًا، فهو معروري.
قال النووي
(3)
: ولم يأت أفعوعل معدّى إلا قولهم اعروريت الفرس واحلوليت الشيء اهـ.
قوله: (ونحن نمشي حوله) فيه جواز مشي الجماعة مع كبيرهم الراكب، وأنه لا كراهة [فيه]
(4)
في حقه ولا في حقهم إذا لم يكن فيه مفسدة وإنا يكره ذلك إذا حصل فيه انتهاك للتابعين أو خيف إعجاب أو نحوه ونحو ذلك من المفاسد.
قوله: (ألا تستحيون) فيه كراهة الركوب لمن كان متبعًا للجنازة.
ويعارضه حديث المغيرة المتقدم
(5)
من إذنه للراكب أن يمشي خلف الجنازة.
ويمكن الجمع بأن قوله صلى الله عليه وسلم "الراكب خلفها" لا يدلّ على عدم الكراهة، وإنما يدلّ على الجواز، فيكون الركوب جائزًا مع الكراهة
(6)
.
(1)
في الاستيعاب (4/ 210 رقم الترجمة 2969).
(2)
قال ابن الأثير في "النهاية"(3/ 225) وفيه: "أنَّه أُتِيَ بفرسٍ معرورٍ"، أي لا سَرْجَ عليه ولا غيره، واعْرَوْرَى فرسَه إذا ركِبَه عُرْيًا، فهو لازمٌ ومتعدٍ، أو يكون أُتِيَ بفرس مُعْرَوْري على المفعول. ويقال: فرس عُرْيٌ، وخيلٌ أَعْراء.
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 32) وفي المجموع (5/ 239).
(4)
زيادة من المخطوط (أ).
(5)
برقم (1402) من كتابنا هذا.
(6)
قال ابن قدامة في المغني (3/ 399): و"يكره الركوب في اتباع الجنائز".
قال النووي في "المجموع"(5/ 240): "قال أصحابنا رحمهم الله: يكره الركوب في الذهاب مع الجنازة إلا أن يكون له عذر كمرض أو ضعف ونحوهما، فلا بأس بالركوب.
واتفقوا على أنه لا بأس بالركوب في الرجوع" اهـ.
أو بأن إنكاره صلى الله عليه وسلم على من ركب وتركه للركوب إنما كان لأجل مشي الملائكة، ومشيهم مع الجنازة التي مشى معها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستلزم مشيهم مع كل جنازة لإمكان أن يكون ذلك منهم تبركًا به صلى الله عليه وسلم الركوب على هذا جائز غير مكروه، والله أعلم
(1)
.
(1)
• أما حمل الجنازة على عَرَبةٍ أو سيارةٍ مخصصةٍ للجنائز، وتشييع المُشيِّعين لها وهم في السيارات، فهذه الصورة لا تُشرع البتةَ، وذلك لأمور:
1 -
أنها من عادات الكفار. وقد تقرَّر في الشريعة أنَّه لا يجوز تقليدهُم فيها. وفي ذلك أحاديث كثيرة جدًّا
…
2 -
أنها بدعة في عبادة. مع معارضتها للسُّنَّةِ العملية في حمل الجنازة، وكل ما كان كذلك من المحدثات، فهو ضلالةٌ اتفاقًا.
3 -
أنها تفوّتُ الغاية من حملها وتشييعها، وهي تَذَكُّرُ الآخرة، كما نص على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
وإن تشييعها على تلك الصورة مما يفوِّت على الناس هذه الغاية الشريفة تفويتًا كاملًا أو دونَ ذلك، فإنه مما لا يخفى على البصير أن حمل الميت على الأعناق، ورؤية المشيعين لها وهي على رؤوسهم، أبلغ في تحقيق التذكُّرِ والاتعاظِ من تشييعها على الصورة المذكورة
…
4 -
أنها سبب قوي لتقليل المشيعين لها والراغبين في الحصول على الأجر.
5 -
أن هذه الصورة لا تتفق من قريب ولا بعيد مع ما عُرِفَ عن الشريعة المطهرة السمحة من البعد عن الشكليات والرسميات، لا سيما في مثل هذا الأمر الخطر: الموت! والحق أقول: إنه لو لم يكن في هذه البدعة إلا هذه المخالفة لكفى ذلك في ردها، فكيف إذا انضم إليها ما سبق بيانه من المخالفات والمفاسد وغير ذلك مما لا أذكرهُ!
[أحكام الجنائز وبدعها. للألباني رحمه الله ص 99 - 100].
• أما رفع الصوت في حال السير مع الجنازة بقراءة أو ذكر أو غير ذلك فهو حرام:
1 -
قال الإمام النووي في "الأذكار" ص 271: "يستحب له - الماشي مع الجنازة - أن يكون مشتغلًا بذكر الله تعالى، والفكر فيما يلقاه الميت، وما يكون مصيره، وحاصل ما كان فيه، وأن هذا وقت فكر يقبح فيه الغفلة والاشتغال بالحديث الفارغ فإن الكلام بما لا فائدة فيه منهي عنه في جميع الأحوال فكيف في هذا الحال.
واعلم أن الصواب المختار ما كان عليه السلف رضي الله عنهم، السكوت في حال السير مع الجنازة فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك.
والحكمة فيه ظاهرة وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة وهو المطلوب في هذا الحال، فهذا هو الحق فلا تغترَّن بكثرة من يخالفه
…
وأما ما يفعله الجهلة من القراءة على الجنازة بدمشق وغيرها من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلام عن موضعه فحرام بإجماع العلماء. =
[الباب الثالث] باب ما يكره مع الجنازة من نياحة أو نار
10/ 1452 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ نَتَّبعَ جَنازَةً مَعَها رَانَّةٌ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَابْنُ ماجَهْ)
(2)
[حسن]
= وقد أوضحت قبحه وغِلَظَ تحريمه وفسق من تمكن من إنكاره ولم ينكره في كتاب "آداب القراءة" والله المستعان" اهـ.
وانظر: "المجموع"(5/ 290 - 291) وروضة الطالبين (2/ 116) والتبيان في آداب حملة القرآن ص 88 - 89.
2 -
قال الموفق بن قدامة المقدسي في كتابه "المغني"(2/ 476، 2/ 364 - مع الشرح الكبير):
"ويكره رفع الصوت عند الجنازة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تتبع الجنازة بصوت، قال ابن المنذر - في الأوسط (5/ 389 - 390) -: روينا عن قيس بن عبّاد أنه قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند ثلاث: عند الجنائز، وعند الذكر، وعند القتال. وذكر الحسن عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يستحبون خفض الصوت عند ثلاث
…
وذكر نحوه. وذكر سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن، والنخعي وإمامنا - الإمام أحمد - وإسحاق قول القائل خلف الجنازة: استغفروا له، وقال الأوزاعي: بدعة. وقال عطاء: محدثة. وقال سعيد بن المسيب في مرضه: إياي وحاديهم هذا الذي يَحدوا لهم، يقول: استغفروا له غفر الله لكم، وقال فضيل بن عمرو: بينا ابن عمر في جنازة إذا سمع قائلًا يقول: استغفروا له غفر الله لكم، فقال ابن عمر: لا غفر الله لك" اهـ.
3 -
قال ابن عبد البر في الاستذكار (8/ 223): بعد ذكر قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار". ولا أعلم بين العلماء خلافًا في كراهية ذلك.
4 -
جاء في الفتاوى الهندية (1/ 162): "وعلى متبعي الجنازة الصمت، ويكره لهم رفع الصوت بالذكر وقراءة القرآن. كذا في شرح الطحاوي، فإن أراد أن يذكر الله يذكره في نفسه، كذا في فتاوى قاضيخان" اهـ.
5 -
ستأتي الأحاديث والآثار في الباب الثالث الآتي عند الحديث (10/ 1452)(11/ 1453) من كتابنا هذا.
(1)
في المسند (2/ 92).
(2)
في سننه رقم (1583).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 520): "هذا إسناد فيه أبو يحيى وهو القتات =
11/ 1453 - (وَعَنْ أبي بُرْدَةَ قالَ: أوْصَى أبُو مُوسَى حِينَ حَضَرَهُ المَوْتُ فَقالَ: لا تَتَّبِعُونِي بِمَجْمَرٍ، قالُوا: أوَ سَمِعْتَ فِيهِ شَيْئًا؟ قالَ: نَعَمْ مِنْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ ابْنُ ماجَهُ)
(1)
. [حسن]
الحديث الأوّل إسناده عند ابن ماجه هكذا: "حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا عبيد الله، أخبرنا إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عمر"، وأبو يحيى هو القتات وفيه مقال، وبقية رجاله ثقات.
والحديث الثاني في إسناده أبو حريز مولى معاوية. قال في التقريب
(2)
: شامي مجهول. وقال في الخلاصة
(3)
: مجهول.
قوله: (معها رانَّة) هي بالراء المهملة وبعد الألف نون مشددة: أي مصوّتة.
قال في القاموس
(4)
: رنّ يرنّ رنينًا: صاح اهـ. وفيه دليل على تحريم اتباع الجنازة التي معها النائحة وعلى تحريم النوح وسيأتي الكلام عليه.
قوله: (بمجمر) المجمر
(5)
كمنبر الذي يوضع فيه الجمر.
وفيه دليل على أنه [لا]
(6)
يجوز اتباع الجنائز بالمجامر وما يشابهها لأن
= الكوفي: زادان، وقيل: دينار. قال أحمد: روى عنه إسرائيل أحاديث كثيرة مناكير جدًّا.
وقال ابن معين: في حديثه ضعف. وقال يعقوب بن سفيان والبزار: لا بأس به
…
" اهـ.
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(1)
في سننه رقم (1487).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 484): "هذا إسناد حسن: أبو حريز اسمه عبد الله بن حسين مختلف فيه .. " اهـ.
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(2)
حريز، ويقال: أبو حريز، مولى معاوية، وبه جزم ابنُ عساكر، وسمَّاه: كيسان: شامي مجهول من الثالثة. ق [التقريب رقم الترجمة 1185)].
(3)
رقم الترجمة (1294) بتحقيقي.
(4)
القاموس المحيط ص 1551.
(5)
قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 293):
المِجْمَر: بكسر الميم هو الذي يُوضع فيه النار للبخور.
(6)
ما بين الخاصرتين سقطت من المخطوط (ب).
ذلك من فعل الجاهلية، وقد هدم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وزجر عنه
(1)
.
[الباب الرابع] باب من اتبع الجنازة فلا يجلس حتى توضع
12/ 1454 - (عَنْ أبي سَعِيدٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رأيْتُمُ الجَنازَةَ فَقُومُوا لَها، فَمَنِ اتَّبَعَها فَلَا يجْلِس حتّى تُوضَعَ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا ابْنَ
(2)
ماجَهْ، لَكِنْ إنَّمَا لأبي دَاوُدَ
(3)
مِنْهُ: "إِذَا اتبعْتُمُ الجَنازَةَ فلَا تجْلِسُوا حتى تُوضَعَ"[صحيح]
وَقالَ
(4)
: رَوَى هذَا الحَدِيثَ الثَّوْرِيُّ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ
(1)
• أخرج وكيع في كتاب الزهد رقم (212) بإسناد صحيح.
عن سعيد بن جبير: أنه كره رفع الصوت عند الجنازة وعند قراءة القرآن، وعند القتال.
• وأخرج وكيع في كتاب الزهد رقم (211) والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 91) وأبو نعيم في الحلية (9/ 58) بإسناد صحيح.
عن قيس بن عبّاد، أنه قال:"كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند الجنائز وعند القتال وعند الذكر".
وأخرجه ابن المبارك في الزهد رقم (83) وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 274) عنه بلفظ: "كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يستحبون خفض الصوت عند ثلاثة .... وذكرها".
وبهذا اللفظ أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (6281) من طريق الحسن البصري. ثم قال: وبه نأخذ.
• وأخرج وكيع في الزهد رقم (209) وأبو نعيم في الحلية (2/ 285). بإسناد صحيح.
عن أبي قلابة أنه سمع قاصًا رافعًا صوته في جنازة، فقال: إن كانوا ليعظمون الموت بالسكينة".
• قال الشاطبي في "الاعتصام"(2/ 103 - 104): باب مأخذ أهل البدع بالاستدلال.
ثم ذكر عن أبي الحسن القرافي أنه قال: سئل مالك عن الذكر الجهوري أمام الجنازة، فأجاب بأنَّ السنَّة في اتباع الجنائز الصمتُ والتفكُر والاعتبار وأن ذلك فعل السلف. قال: واتباعُهم سنة، ومخالفتهم بدعةٌ، وقد قال مالك: لن يأتي آخرُ هذهِ الأمة بأهدى مما كان عليه أوَّلها".
(2)
أحمد (3/ 41) والبخاري رقم (1310) ومسلم رقم (77/ 959) وأبو داود رقم (3173) والترمذي رقم (1042) والنسائي رقم (1998). وهو حديث صحيح.
(3)
في سننه رقم (3173).
(4)
أي أبو داود عقب الحديث السابق.
فِيهِ: "حتّى تُوضَعَ فِي الأرْضِ"، وَرَوَاهُ أبُو مُعاوِيةَ عَنْ سُهَيْل:"حتى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ"، وَسُفْيانُ أحْفَظُ مِنْ أبي مُعاوِيةَ).
13/ 1455 - (وَعَنْ عَلِيّ بْنِ أبي طالبٍ أنَّهُ ذَكَرَ القِيامَ فِي [الجَنائِزِ]
(1)
حتى تُوضَعَ، فَقال عَلِيٌّ: قامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَعَدَ. رَوَاهُ النَّسائيُّ
(2)
وَالتِّرْمِذِيّ
(3)
وَصحَّحَهُ، وَلمُسْلِم مَعْناهُ)
(4)
. [صحيح]
ولفظ مسلم (4) من حديث عليّ: "قام النبيّ صلى الله عليه وسلم، يعني في الجنازة ثم قعد".
قوله: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها) فيه مشروعية القيام للجنازة إذا مرّت لمن كان قاعدًا، وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعد هذا
(5)
.
قوله: (فمن اتبعها فلا يجلس) فيه النهي عن جلوس الماشي مع الجنازة قبل أن توضع على الأرض، وقد اختلف [الفقهاء]
(6)
في ذلك، فقال الأوزاعي (7) وإسحاق
(7)
وأحمد
(8)
ومحمد بن الحسن
(9)
: إنه مستحبّ.
حكى ذلك عنهم النووي
(10)
والحافظ في الفتح
(11)
، ونقله ابن المنذر
(12)
عن أكثر الصحابة والتابعين.
قالوا: والنسخ إنما هو في قيام من مرّت به لا في قيام من شيعها.
وحكى في الفتح
(13)
عن الشعبي (14) والنخعي
(14)
أنه يكره القعود قبل أن توضع.
(1)
في المخطوط (ب): (الجنازة).
(2)
في سننه رقم (1999).
(3)
في سننه رقم (1044) وقال: حديث علي حديث صحيح وفيه رواية أربعة من التابعين بعضهم عن بعض".
(4)
في صحيحه رقم (82/ 962).
وهو حديث صحيح.
(5)
الباب الخامس عند الحديث رقم (14/ 1456 - 16/ 1458) من كتابنا هذا.
(6)
زيادة من المخطوط (ب).
(7)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 393) وابن قدامة في المغني (3/ 404).
(8)
المغني لابن قدامة (3/ 404 - 405).
(9)
في كتابه الأصل (1/ 371).
(10)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 27).
(11)
(3/ 179).
(12)
في الأوسط (5/ 392 - 393).
(13)
(3/ 179).
(14)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 309) من طريق مغيرة عن النخعي والشعبي.
قال: وقال بعض السلف: يجب القيام، واحتجّ له برواية النسائي
(1)
عن أبي سعيد وأبي هريرة أنهما قالا: "ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد جنازة قط فجلس حتى توضع" انتهى.
ولا يخفى أن مجرّد الفعل لا ينتهض دليلًا للوجوب، فالأولى الاستدلال له بحديث الباب، فإن فيه النهي عن القعود قبل وضعها، وهو حقيقة للتحريم وترك الحرام واجب.
ومثل ذلك حديث أبي هريرة عند أحمد
(2)
مرفوعًا: "من صلى على جنازة ولم يمش معها فليقم حتى تغيب عنه، فإن مشى معها فلا يقعد حتى توضع".
وروى الحافظ
(3)
عن الشعبي (4) والنخعي
(4)
أن القعود مكروه قبل أن توضع.
ومما يدلّ على الاستحباب ما رواه البيهقي
(5)
عن أبي هريرة وابن عمر وغيرهما أن القائم مثل الحامل، يعني في الأجر.
قوله: (حتى توضع في الأرض) قد ذكر المصنف كلام أبي داود
(6)
في ترجيح هذه الرواية على الرواية الأخرى، أعني قوله: حتى توضع في اللحد.
وكذلك أشار البخاري
(7)
إلى ترجيحها بقوله: باب من شهد جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال.
وأخرج أبو نعيم
(8)
عن سهيل قال: رأيت أبا صالح لا يجلس حتى توضع عن مناكب الرجال وهذا يدلّ على أن الرواية الأولى أرجح لأن أبا صالح راوي الحديث وهو أعرف بالمراد منه.
(1)
في السنن رقم (1918) بسند حسن.
(2)
في المسند (2/ 265) بسند ضعيف، لكن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(3)
في "الفتح"(3/ 179).
(4)
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 309) من طريق مغيرة عن النخعي والشعبي.
(5)
في السنن الكبرى (4/ 27).
(6)
عقب الحديث رقم (3173).
(7)
في صحيحه (3/ 178 باب رقم (48) - مع الفتح).
(8)
لم أقف عليه في الحلية؟!.
وقد تمسك بالرواية الثانية صاحب المحيط
(1)
من الحنفية فقال: الأفضل أن لا يقعد حتى يهال عليها التراب، انتهى.
وإذا قعد الماشي مع الجنازة قبل أن توضع فهل يسقط القيام أو يقوم؟ الظاهر الثاني لأن أصل مشروعية القيام تعظيم أمر الموت وهو لا يفوت بذلك.
وقد روى البخاري في صحيحه
(2)
أن أبا هريرة ومروان كانا مع جنازة فقعدا قبل أن توضع، فجاء أبو سعيد فأخذ بيد مروان فأقامه وذكر أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فقال أبو هريرة: صدق.
ورواه الحاكم
(3)
بنحو ذلك، وزاد أن مروان لما قال له أبو سعيد: قم قام ثم قال له: لم أقمتني؟ فذكر له الحديث، فقال لأبي هريرة: فما منعك أن تخبرني؟ فقال: كنتَ إمامًا فجلستَ فجلستُ.
وقد استدلّ المهلب
(4)
بقعود أبي هريرة ومروان على أن القيام ليس بواجب وأنه ليس عليه العمل.
قال الحافظ
(5)
: إن أراد أنه ليس بواجب عندهما فظاهر، وإن أراد في نفس الأمر فلا دلالة فيه على ذلك.
قوله: (وعن عليّ ..... إلخ) ذكر المصنف هذا الحديث للاستدلال به على نسخ مشروعية القيام لمن تبع الجنازة حتى توضع لقوله فيه: "حتى توضع"، فإنه يدلّ على أن المراد به قيام التابع للجنازة لا قيام من مرّت به لأنه لا يشرع حتى توضع بل حتى تخلفه كما سيأتي.
ولكنه سيأتي في باب القيام للجنازة من حديث عامر بن ربيعة عند
(1)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 178).
(2)
رقم (1309).
(3)
في المستدرك (1/ 356 - 357) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة. ووافقه الذهبي.
وهو حديث صحيح.
(4)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 178).
(5)
في "الفتح"(3/ 178).
الجماعة
(1)
بلفظ: "حتى تخلفكم أو توضع، "فذكر الوضع في حديث عليّ
(2)
لا يكون نصًا على أن المراد قيام التابع.
وقد استدلّ به الترمذي على نسخ قيام من رأى الجنازة، فقال بعد إخراجه له
(3)
: وهذا ناسخ للأوّل: "إذا رأيتم الجنازة فقوموا" اهـ.
ولو سلم أن المراد بالقيام المذكور في حديث عليّ هو قيام التابع للجنازة فلا يكون تركه صلى الله عليه وسلم ناسخًا مع عدم ما يشعر بالتأسي به في هذا الفعل بخصوصه لما تقرّر في الأصول
(4)
من أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة ولا ينسخه.
[الباب الخامس] باب ما جاء في القيام للجنازة إذا مرَّت
14/ 1456 - (عَنِ ابْنِ عمَرَ عَنْ عامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِذَا رَأيْتُمُ الجَنازَةَ فَقُومُوا لَهَا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أوْ تُوضَعَ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ
(5)
.
ولأحْمَدَ
(6)
: وكانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا رأى جَنَازَةً قامَ حتَّى تُجَاوِزَهُ.
وَلَهُ
(7)
أيْضًا عَنْهُ: أنَّهُ رُبَّمَا تَقَدَّمَ الجنَازَةَ فَقَعَدَ حتَّى إذَا رآها قَدْ أشْرَفَتْ قامَ حتَّى تُوضَعَ). [صحيح]
15/ 1457 - (وَعَنْ جابِرٍ قال: مُرَّ بِنا جَنازَةٌ، فَقامَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقُمْنا
(1)
سيأتي برقم (14/ 1456) من كتابنا هذا.
(2)
تقدم برقم (13/ 1455) من كتابنا هذا.
(3)
أي للحديث رقم (1044).
(4)
تقدم توضيحه، وانظر إذا رغبت "إرشاد الفحول"(ص 169) بتحقيقي.
(5)
أحمد (3/ 445، 446) والبخاري رقم (1307) ومسلم رقم (73/ 958)، وأبو داود رقم (3172) والترمذي رقم (1042) والنسائي رقم (1916)، وابن ماجه رقم (1542). وهو حديث صحيح.
(6)
في المسند (3/ 445) بسند صحيح.
(7)
في المسند (3/ 445) بسند صحيح.
مَعَهُ، فَقُلْنا: يا رَسُولَ الله إنَّها جَنَازَةُ يَهُودِيّ، فَقالَ:"إِذَا رأيْتُمُ الجَنازَةَ فَقُومُوا لَهَا")
(1)
. [صحيح]
16/ 1458 - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُمَا كانا قَاعِدَيْنِ بالقادِسِيَّة فَمَروا عَلَيْهِما بجَنَازَةٍ فَقاما، فَقِيلَ لَهُما: إنَّها مِنْ أهْلِ الأرْضِ، أيْ مِنْ أهْلِ الذّمَّةِ، فَقالا: إنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ جَنازَةٌ فَقامَ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّها جَنازَةُ يَهُوديٍّ، فَقالَ:"أَليْسَتْ نَفْسًا"
(2)
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِما.
وللْبُخارِيّ
(3)
عَنِ ابْنِ أبي لَيْلَى قالَ: كانَ أبُو مَسْعُودٍ وَقَيْسُ يَقُومانِ للْجَنازَةِ). [صحيح]
قوله: (حتى تخلفكم) بضمّ أوّله وفتح المعجمة وتشديد اللام المكسورة: أي تترككم وراءها.
قوله: (مرّ بنا) في رواية الكشميهني
(4)
: "مرّت"، بفتح الميم.
قوله: (فقال إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها) زاد البيهقي
(5)
: "إن الموت فزع"، وكذا لمسلم
(6)
من وجه آخر.
قال القرطبي
(7)
: معناه أن الموت يفزع. قال البيضاوي: وهو مصدر جرى مجرى الوصف للمبالغة أو فيه تقدير: أي الموت ذو فزع.
ويؤيد ذلك ما رواه ابن ماجه
(8)
عن أبي هريرة بلفظ: "إن للموت فزعًا"، وعن ابن عباس مثله عند البزار
(9)
.
(1)
أحمد في المسند (3/ 354) والبخاري رقم (1311) ومسلم رقم (78/ 960). وهو حديث صحيح.
(2)
أحمد في المسند (6/ 6) والبخاري رقم (1312) ومسلم رقم (81/ 961).
(3)
في صحيحه رقم (1313).
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 180).
(5)
في السنن الكبرى (4/ 26).
(6)
في صحيحه رقم (78/ 960).
(7)
في "المفهم"(2/ 620).
(8)
في سننه رقم (1543). وهو حديث صحيح.
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 503): "إسناده صحيح ورجال ثقات".
(9)
في المسند رقم (838 - كشف). =
قوله: (أليست نفسًا) هذا لا يعارض التعليل المتقدم حيث قال: "إن للموت فزعًا"، وكذا ما [أخرج]
(1)
الحاكم
(2)
عن أنس مرفوعًا: "إنما قمنا للملائكة".
ونحوه لأحمد
(3)
من حديث أبي موسى.
ولأحمد
(4)
وابن حبان
(5)
والحاكم
(6)
من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "إنما يقومون إعظامًا للذي يقبض النفوس".
ولفظ ابن حبان
(7)
: "إعظامًا لله تعالى الذي يقبض الأرواح"، فإن ذلك لا يناف التعليل السابق، لأن القيام للفزع من الموت فيه تعظيم لأمر الله تعالى وتعظيم للقائمين بأمره في ذلك وهم الملائكة.
فأما ما أخرجه أحمد
(8)
من حديث الحسن بن عليّ قال: "إنما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم تأذيًا بريح اليهودي"، زاد الطبراني
(9)
: "فآذاه ريح بخورها"،
= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 27) وقال: وفيه قيس بن الربيع الأسدي وفيه كلام.
(1)
في المخطوط (ب): (أخرجه).
(2)
في المستدرك (1/ 357)، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذا اللفظ، ووافقه الذهبي.
(3)
في المسند (4/ 391) بسند ضعيف، لضعف ليث بن أبي سليم. لكن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(4)
في المسند (2/ 168).
(5)
في صحيحه رقم (3053).
(6)
في المستدرك (1/ 357) قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
قلت: وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" رقم (340) والبزار رقم (836 - كشف) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 486) والبيهقي (4/ 27).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 27) وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير ورجال أحمد ثقات.
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(7)
في صحيحه رقم (3053). وقد تقدم.
(8)
في المسند (1/ 200) بسند ضعيف، لتدليس الحجاج بن أرطاة، ولانقطاعه فإن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لم يدرك الحسن بن علي عم أبيه؛ لأنه ولد سنة (56 هـ) والحسن مات سنة (50 هـ).
(9)
في الأوسط كما في "مجمع البحرين" رقم (1276) بسند ضعيف.
وللطبراني
(1)
والبيهقي
(2)
من وجه آخر عنه كراهية أن يعلو على رأسه، فإن ذلك لا يعارض الأخبار الأولى الصحيحة.
أما أوّلًا فلأن أسانيد هذه لا تقاوم تلك في الصحة.
وأما ثانيًا فلأن التعليل بذلك راجع إلى ما فهمه الراوي، والتعليل الماضي صريح من لفظ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكأن الراوي لم يسمع التصريح بالتعليل منه صلى الله عليه وسلم فعلل باجتهاده، ومقتضى التعليل بقوله:"أليست نفسًا"، أن ذلك يستحبّ لكل جنازة.
واختلف العلماء في هذه المسألة، فذهب أحمد
(3)
وإسحاق
(4)
وابن حبيب (5) وابن الماجشون
(5)
[إلى]
(6)
أن القيام للجنازة لم ينسخ، والقعود منه صلى الله عليه وسلم كما في حديث عليّ الآتي
(7)
إنما هو لبيان الجواز، فمن جلس فهو في سعة، ومن قام فله أجر.
وكذا قال ابن حزم
(8)
: إن قعوده صلى الله عليه وسلم بعد أمره بالقيام يدلّ على أن الأمر للندب، ولا يجوز أن يكون نسخًا.
قال النووي
(9)
: والمختار أنه مستحبّ، وبه قال المتولي وصاحب المهذّب
(10)
من الشافعية.
(1)
لم أقف عليه عند الطبراني. بل أخرجه النسائي في سننه رقم (1927).
(2)
في "معرفة السنن والآثار"(5/ 279) رقم (7533).
من طريق جعفر وهو ابن محمد، عن أبيه، قال: كان الحسن بن علي جالسًا في نفر فَمرَّ عليه بجنازة فقام الناس حين طلعت. فقال الحسن بن علي: أنه مر بجنازة يهودي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان النبي صلى الله عليه وسلم على طريقها فقام حين طلعت كراهية أن تعلو على رأسه".
بسند منقطع لأن محمد بن علي
…
لم يدرك الحسن
…
كما تقدم آنفًا.
(3)
في المغني (3/ 403)، ومسائل أحمد لأبي داود (152) باب كفن المرأة.
(4)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 395).
(5)
في المنتقى للباجي (2/ 24).
(6)
زيادة من المخطوط (ب).
(7)
برقم (17/ 1459) من كتابنا هذا.
(8)
في المحلى (5/ 154).
(9)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 29). والمجموع (5/ 242).
(10)
أبو إسحاق الشيرازي المتوفى سنة (476 هـ)، المهذب (1/ 444).
وممن ذهب إلى استحباب القيام ابن عمر
(1)
وابن مسعود
(2)
وقيس بن سعد (3) وسهل بن حنيف
(3)
كما يدلّ على ذلك الروايات المذكورة في الباب.
وقال مالك
(4)
وأبو حنيفة
(5)
والشافعي
(6)
: إن القيام منسوخ بحديث عليّ الآتي
(7)
.
قال الشافعي
(8)
: إما أن يكون القيام منسوخًا أو يكون لعلة، وأيهما كان فقد ثبت أنه تركه بعد فعله والحجة في الآخر من أمره صلى الله عليه وسلم والقعود أحبّ إليّ انتهى.
وسيأتي بيان ما هو الحقّ.
وظاهر أحاديث الباب أنه يشرع القيام لجنازة المسلم والكافر كما تقدم.
17/ 1459 - (وَعَنْ عَليّ بْنِ أبي طالب قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أمَرَنا بالقِيامِ فِي الجَنازَةِ، ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذلكَ وأمَرَنا بالجُلُوسِ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(9)
(1)
أخرج عبد بن حميد كما في المطالب العالية رقم (819) عن نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا رأى جنازة قام حتى تُجاوِزه
…
قال الحافظ ابن حجر: إسناده صحيح، وهو موقوف.
(2)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 394) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كنت مع أبي مسعود البدري عند قنطرة الصالحين فمرت جنازة يهودي فقام وقمنا حتى مضت.
وهو أثر صحيح.
• ولم أقف عليه لابن مسعود، والله أعلم.
(3)
أخرج ابن المنذر في الأوسط (5/ 394 ث 3071).
عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن سهل بن حنيف، وقيس بن سعد بن عبادة كانا قاعدين بالقادسية فمرا بجنازة فقام فقيل: إنما هو من أهل الأرض؟ فقالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه جنازة فقيل: إنها يهودية. فقال: أليست نفسًا.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 358) من طريق غندر عن شعبة.
(4)
المنتقى للباجي (2/ 24).
(5)
حاشية ابن عابدين (3/ 127).
(6)
الأم (2/ 636).
(7)
برقم (17/ 1459) من كتابنا هذا.
(8)
معرفة السنن والآثار (5/ 279 رقم 7532).
(9)
في المسند (1/ 82).
وأبُو دَاوُدَ
(1)
وَابْنُ ماجَهْ
(2)
بِنَحْوِهِ). [صحيح]
18/ 1460 - (وَعَنْ ابْنِ سِيرِينَ أن جَنازَةً مَرَّتْ بالحَسَنِ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَقامَ الحَسَنُ وَلْم يَقُمِ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقالَ الحَسَنُ لابْنِ عَبَّاسٍ: أما قامَ لَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فَقالَ: قامَ وَقعَدَ رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
وَالنّسائي)
(4)
. [حسن لغيره]
الحديث الأوّل رجال إسناده ثقات عند أبي داود (1) وابن ماجه (2)، وقد أخرج ابن حبان
(5)
بهذا اللفظ، والبيهقي
(6)
بلفظ: ثم قعد بعد ذلك وأمرهم بالقعود"، وقد أخرج حديث عليّ مسلم
(7)
باللفظ الذي تقدم في الباب الأوّل.
والحديث الثاني رجال إسناده ثقات، وقد أشار إليه الترمذي
(8)
أيضًا.
وفي الباب عن عبادة بن الصامت عند أبي داود
(9)
والترمذي
(10)
وابن ماجه
(11)
والبزار
(12)
أن يهوديًا قال: - لما كان النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقوم لجنازة - هكذا يُفعل،
(1)
في سننه رقم (3175).
(2)
في سننه رقم (1544).
قلت: وأخرجه مسلم رقم (82/ 962) ومالك (1/ 232 رقم 33) والترمذي رقم (1044) والنسائي (4/ 46) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 488) والبيهقي (4/ 27) وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 309) والشافعي في المسند رقم (595 - ترتيب). وهو حديث صحيح.
(3)
في المسند (1/ 337).
(4)
في سننه رقم (1924) بسند صحيح.
إلا أنه منقطع لأن محمد بن سيرين لم يسمع من ابن عباس والحسن بن علي. لكن الحديث حسن لغيره، والله أعلم.
(5)
في صحيحه رقم (3056) بسند حسن.
(6)
في السنن الكبرى (4/ 27).
(7)
في صحيحه رقم (82/ 962). وقد تقدم.
(8)
في السنن رقم (3/ 340).
(9)
في سننه رقم (3176).
(10)
في سننه رقم (1020) وقال الترمذي: حديث عبادة غريب.
(11)
في سننه رقم (1545).
(12)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 228).
فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "اجلسوا وخالفوهم"، وفي إسناده بشر بن رافع وليس بالقويّ كما قال الترمذي
(1)
.
وقال البزار
(2)
: تفرّد به بشر وهو لين.
قال الترمذي (1): حديث عبادة غريب.
وقال أبو بكر الهمداني
(3)
: لو صحّ لكان صريحًا في النسخ، غير أن حديث أبي سعيد
(4)
أصحّ وأثبت فلا يقاومه هذا الإسناد، وقد تمسك بهذه الأحاديث من قال إن القيام للجنازة منسوخ. وقد تقدم ذكرهم.
قال القاضي عياض
(5)
: ذهب جمع من السلف إلى أن الأمر بالقيام منسوخ بحديث عليّ هذا.
وتعقبه النووي
(6)
بأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذّر الجمع، وهو ههنا ممكن.
واعلم أن حديث عليّ
(7)
باللفظ الذي سبق في الباب الأوّل لا يدلّ على النسخ لما عرّفناك من أن فعله لا ينسخ القول الخاصّ بالأمة.
وأما حديثه
(8)
باللفظ الذي ذكره هنا فإن صحّ صلح النسخ لقوله فيه: "وأمرنا بالجلوس"، ولكنه لم يخرّج هذه الزيادة مسلم
(9)
ولا الترمذي
(10)
ولا أبو داود
(11)
بل اقتصروا على قوله: "ثم قعد".
(1)
في السنن (3/ 340).
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(2)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 228).
(3)
الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار (ص 310).
(4)
تقدم برقم (1454) من كتابنا هذا.
(5)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 422).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 29).
(7)
برقم (1455) من كتابنا هذا.
(8)
أي حديث علي برقم (17/ 1459) من كتابنا هذا.
(9)
في صحيحه رقم (82/ 962).
(10)
في سننه رقم (1044).
(11)
في سننه رقم (3175).
وأما حديث ابن عباس
(1)
، فكذلك أيضًا لا يدل على النسخ لما عرفت.
وأما حديث عبادة بن الصامت
(2)
، فهو صريح في النسخ لولا ضعف إسناده.
فلا ينبغي أن يستند في نسخ تلك السنة الثابتة بالأحاديث الصحيحة من طريق جماعة من الصحابة إلى مثله.
بل المتحتم الأخذ بها واعتقاد مشروعيتها حتى يصحّ ناسخ صحيح ولا يكون إلا بأمر بالجلوس أو نهي عن القيام أو إخبار من الشارع بأن تلك السنة منسوخة بكذا.
واقتصار جمهور المخرجين لحديث عليّ
(3)
وحفاظهم على مجرّد القعود بدون ذكر زيادة الأمر بالجلوس مما يوجب عدم الاطمئنان إليها والتمسك بها في النسخ لما هو من الصحة في الغاية.
لا سيما بعد أن شدّ من عضدها عمل جماعة من الصحابة بها يبعد كل البعد أن يخفى على مثلهم الناسخ ووقوع ذلك منهم بعد عصر النبوّة.
ويمكن أن يقال: إن الأمر بالجلوس لا يعارض بفعل بعض الصحابة بعد أيام النبوّة؛ لأن من علم حجة على من لم يعلم.
وحديث عبادة (2) وإن كان ضعيفًا فهو لا يقصر عن كونه شاهدًا لحديث الأمر بالجلوس.
* * *
(1)
تقدم برقم (18/ 1460) من كتابنا هذا. وهو حديث حسن لغيره.
(2)
وهو حديث حسن. تقدم تخريجه قريبًا.
(3)
وهو حديث صحيح. تقدم برقم (17/ 1459) من كتابنا هذا.
[خامسًا] أبواب الدفن وأحكام القبور
[الباب الأول] باب تعميق القبر واختيار اللحد على الشق
1/ 1461 - (عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَار قالَ: خَرَجْنا في جَنازَةٍ فَجَلَسَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم على حَفِيرَة القَبْرِ فَجَعَلَ يُوَصِّي الحافِرَ وَيَقُولُ: "أوْسِعْ مِنْ قِبَلِ الرأسِ، وأوْسَعْ مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَيْنِ، رُبِّ عَذْقٍ لَهُ فِي الجَنَّةِ"، رَوَاهُ أحمد
(1)
وأبُو دَاوُدَ)
(2)
. [صحيح]
2/ 1462 - (وَعَنْ هِشامِ بْنِ عامرٍ قالَ: شَكَوْنا إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، فَقُلْنا: يا رَسُولَ الله الحَفْرُ عَلَيْنَا لِكُلِّ إنْسانٍ شَديد، فَقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"احْفُرُوا وأعْمِقُوا وأحْسِنُوا وادْفِنُوا الاثْنَيْنِ والثَّلاثة فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ"، فَقالُوا: فَمَنْ نُقَدِّمُ يا رَسُولَ الله؟ قالَ: "قَدِّمُوا أكْثَرَهُمْ قُرْآنًا"، وكانَ أبي ثالِثَ ثَلاثَةٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ رَوَاهُ النَّسائي
(3)
وَالتِّرْمِذِيّ بِنَحْوِهِ وَصحَّحَهُ)
(4)
. [صحيح]
الحديث الأوّل أخرجه أيضًا البيهقي
(5)
.
قال الحافظ
(6)
: [و]
(7)
إسناده صحيح.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا أبو داود
(8)
وابن ماجه
(9)
.
(1)
في المسند (5/ 408).
(2)
في سننه رقم (3332).
وهو حديث صحيح.
(3)
في سننه رقم (2015 - 2018).
(4)
في سننه رقم (1036) وقال: حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
(5)
في السنن الكبرى (3/ 414).
(6)
في "التلخيص الحبير"(2/ 256).
(7)
زيادة من المخطوط (ب).
(8)
في السنن رقم (3215).
(9)
في السنن رقم (1560).
واختلف فيه على حميد بن هلال راويه عن هشام، فمنهم من أدخل بينه وبين سعد بن هشام ابنه، ومنهم [ابن ماجه]
(1)
من أدخل بينهما أبا الدهماء، ومنهم من لم يذكر بينهما أحدًا.
قوله: (يوصي) بالواو والصاد من التوصية؛ وذكر ابن الموّاق
(2)
أن الصواب يرمي بالراء والميم وأطال في ذلك.
وفيه مشروعية التوصية من الحاضرين للدفن بتوسيع القبر وتفقد ما يحتاج إلى التفقد.
قوله: (ربّ عذق) العذق
(3)
بفتح العين: النخلة، والجمع أعذق وأعذاق، وبكسر العين القنو منها والعنقود من العنب، والجمع أعذاق وعذوق.
قوله: (وأعمقوا وأحسنوا) فيه دليل على مشروعية إعماق القبر وإحسانه.
وقد اختلف في حدِّ الإعماق، فقال الشافعي
(4)
: قامة.
وقال عمر بن عبد العزيز
(5)
: إلى السرّة.
وقال الإِمام يحيى
(6)
: إلى الثدي، وأقله ما يواري الميت ويمنع السبع.
وقال مالك
(7)
: لا حدّ لإعماقه.
وأخرج ابن أبي شيبة
(8)
وابن المنذر
(9)
عن عمر بن الخطاب أنه قال: "أعمقوا القبر إلى قدر قامة وبسطة".
قوله: (وادفنوا الاثنين إلخ) فيه جواز الجمع بين جماعة في قبر واحد، ولكن إذا دعت إلى ذلك حاجة كما في مثل هذه الواقعة، وإلا كان مكروهًا كما
(1)
زيادة من المخطوط (ب).
(2)
حكاه عنه الحافظ في "التلخيص"(2/ 256).
(3)
القاموس المحيط ص 1171.
(4)
في الأم (2/ 627).
(5)
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (5/ 454).
(6)
البحر الزخار (2/ 128).
(7)
المنتقى للباجي (2/ 22).
(8)
في المصنف (3/ 326).
(9)
في الأوسط (5/ 454 ث 3200).
ذهب إليه الهادي (1) والقاسم
(1)
وأبو حنيفة
(2)
والشافعي
(3)
.
قال المهدي في البحر
(4)
: أو تبركًا كقبر فاطمة فيه خمسة، يعني فاطمة والحسن بن عليّ، وعليّ بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر وولده جعفر بن محمد الصادق، وهذا من المجاورة لا من الجمع بين جماعة في قبر واحد الذي هو المدعى.
وقد قدمنا في باب ترك غسل الشهيد طرفًا من الكلام على دفن الجماعة في قبر
(5)
.
قوله: (قدموا أكثرهم قرآنًا)، فيه دليل على أنه يقدم في اللحد من كان أكثرهم أخذًا للقرآن، ويلحق بذلك سائر المزايا الدينية لعدم الفارق.
3/ 1463 - (وَعَنْ عامِرِ بن سَعْدٍ قالَ: قالَ سَعْدٌ: ألحِدُوا لي لَحْدًا، وَانْصبُوُا عَلَيَّ اللّبِنَ نَصْبًا كما صُنِعَ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أحْمَدُ
(6)
وَمُسْلِمٌ
(7)
وَالنَّسائيُّ
(8)
وَابْنُ ماجَهْ)
(9)
. [صحيح]
4/ 1464 - (وَعَنْ أنَسٍ قالَ: لَمَّا تُوفِّي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كانَ رَجُلٌ يَلْحَدُ، وَآخَرُ يَضْرَحُ، فَقالُوا: نَسْتَخِيرُ رَبَّنا وَنَبْعَثُ إلَيْهِما، فأيهُما سَبَقَ تَرَكْنَاهُ، فأرْسِلَ إلَيْهِما فَسَبَقَ صَاحِبُ اللَّحْدِ فَلَحَدُوا له. رَوَاهُ أحْمَدُ
(10)
وَابْنُ ماجَهْ
(11)
. [حسن]
(1)
البحر الزخار (2/ 127).
(2)
المبسوط للسرخسي (2/ 65).
(3)
في الأم (2/ 627).
(4)
البحر الزخار (2/ 127).
(5)
عند الحديث رقم (1382) من كتابنا هذا.
(6)
في المسند (1/ 169).
(7)
في صحيحه رقم (90/ 966).
(8)
في السنن رقم (2008).
(9)
في السنن رقم (1556).
وهو حديث صحيح.
(10)
في المسند (3/ 139).
(11)
في السنن رقم (1557).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 507): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".
وحسَّن الحافظ في التلخيص (2/ 257) إسناده.
وهو حديث حسن، والله أعلم.
وَلابْنِ مَاجَهْ
(1)
هَذَا المَعْنَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ: إنَّ أبا عُبَيْد بنَ الجَرَّاحِ كانَ يَضْرَحُ، وإنَّ أبا طَلْحَةَ كانَ يَلْحَدُ). [حديث ضعيف، لكن الشقاق واللحد ثابتة]
5/ 1465 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اللَّحْدُ لَنا، وَالشَّق لغَيْرِنَا"، رَوَاهُ الخَمْسَةُ
(2)
، قالَ التِّرْمِذِيُّ
(3)
: غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ إلَّا مَنْ هَذَا الوَجْهِ). [صحيح]
حديث أنس قال الحافظ
(4)
: إسناده حسن.
وحديث ابن عباس الأوّل قال الحافظ
(5)
: أيضًا في إسناده ضعف.
وحديثه الثاني
(6)
أخرجه من ذكره المصنف عن سعيد بن جبير عنه قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم. وصححه ابن السكن وحسنه الترمذي (3) كما وجدنا ذلك في بعض النسخ الصحيحة من جامعه. وفي إسناده عبد الأعلى بن عامر وهو ضعيف.
وفي الباب عن جرير بن عبد الله عند أحمد
(7)
والبزار
(8)
وابن ماجه
(9)
بنحو
(1)
في السنن رقم (1628).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 542): هذا إسناد فيه الحسين عبد الله بن عبيد الله بن عباس الهاشمي تركه الإمام أحمد بن حنبل وعلي بن المديني والنسائي.
وقال البخاري: يقال إنه كان يتهم بالزندقة، وقواه ابن عدي، وباقي رجال الإسناد ثقات. وهو حديث ضعيف، لكن قصة الشقاق واللحد ثابتة والله أعلم.
(2)
أبو داود رقم (3208) والترمذي رقم (1045) والنسائي رقم (2009) وابن ماجه رقم (1554).
وعزاه الحافظ في "التلخيص"(2/ 256). وقال الحافظ في إسناده عبد الأعلى بن عامر وهو ضعيف وصححه ابن السكن.
وهو حديث صحيح.
(3)
في السنن (3/ 363) ولفظه: حديث ابن عباس حديث حسن غريب من هذا الوجه.
(4)
في التلخيص (2/ 257).
(5)
في التلخيص (2/ 256).
(6)
المتقدم برقم (5/ 1465) من كتابنا هذا.
(7)
في المسند (4/ 358، 4/ 362 - 363) بسند ضعيف لضعف أبي اليقظان عثمان بن عمير البجلي.
(8)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 257).
(9)
في سننه رقم (1555). =
حديث ابن عباس الثاني وفيه عثمان بن عمير وهو ضعيف
(1)
. وزاد أحمد بعد قوله لغيرنا: "أهل الكتاب".
وعن ابن عمر عند أحمد
(2)
وفيه عبد الله العمري بلفظ: "إنهم ألحدوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم لحدًا".
وأخرجه ابن أبي شيبة
(3)
عنه بلفظ: "ألحدوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر وعمر".
وعن جابر عند ابن شاهين
(4)
بنحو حديث سعد بن أبي وقاص.
وعن بريدة عند ابن عديّ في الكامل
(5)
.
وعن عائشة عند ابن ماجه
(6)
بنحو حديث أنس وإسناده ضعيف.
= قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (669) وابن أبي شيبة (3/ 322). والطحاوي في مشكل الآثار رقم (2831) والطبراني في الكبير رقم (2322) و (2323) و (2324) وابن عدي في الكامل (4/ 1329) و (5/ 1814) وأبو نعيم في الحلية (4/ 203) من طرق.
وهو حديث صحيح بطرقه، والله أعلم.
(1)
عثمان بن عمير، أبو اليقظان، الثقفي الكوفي البجلي، ويقال له: عثمان بن أبي زرعة، وعثمان بن قيس، وغير ذلك. قال الدارقطني وغيره: ضعيف.
(التاريخ الكبير (6/ 245) والمجروحين (2/ 95) والجرح والتعديل (6/ 161) والكاشف (2/ 223) والمغني (2/ 428) والميزان (3/ 50) والتقريب (3/ 10) والخلاصة ص 262).
(2)
في المسند (2/ 24) بسندين ضعيفين لضعف العمري وهو عبد الله بن عمر بن حفص المدني.
فقد رواه عن نافع، عن ابن عمر. ورواه عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 42) وقال: تفرد به أحمد، ورجاله رجال الصحيح".
والخلاصة: إن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(3)
في المصنف (3/ 323).
(4)
لم أقف عليه عند ابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه، ولا في فضائل الأعمال، والله أعلم. وقد عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 257).
(5)
في "الكامل"(5/ 138).
(6)
في سننه رقم (1558).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 507): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. وهو حديث حسن.
وله طريق أخرى عند ابن أبي حاتم في العلل
(1)
وقال: إنها خطأ والصواب المحفوظ مرسل، وكذا رجح الدارقطني المرسل.
قوله: (ألحدوا) قال النووي في شرح مسلم
(2)
: هو بوصل الهمزة وفتح الحاء، ويجوز بقطع الهمزة وكسر الحاء، يقال: لحد يلحد كذهب يذهب، وألحد يلحد: إذا حفر القبر، واللحد بفتح اللام وضمها معروف وهو الشقّ تحت الجانب القبلي من القبر، انتهى.
قال الفراء
(3)
: الرباعي أجود. وقال غيره: الثلاثي أكثر.
ويؤيده حديث عائشة
(4)
في قصة دفن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "فأرسلوا إلى الشقاق واللاحد".
وسمي اللحد لحدًا؛ لأنه شقّ يعمل في جانب القبر فيميل عن وسطه.
والإلحاد في أصل اللغة
(5)
: الميل والعدول. ومنه قيل للمائل عن الدين: ملحد.
قوله: (وانصبوا عليّ اللبن نصبًا)، فيه استحباب نصب اللبن لأنه الذي صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم باتفاق الصحابة.
قال النووي
(6)
: وقد نقلوا أن عدد لبناته صلى الله عليه وسلم تسع.
قوله: (كان يضرح) أي يشقّ في وسط القبر.
قال الجوهري
(7)
: الضرح: الشقّ.
والأحاديث المذكورة في الباب تدلّ على استحباب اللحد وأنه أولى من الضرح، وإلى ذلك ذهب الأكثر كما قال النووي
(8)
.
(1)
في العلل (1/ 350 رقم 1033).
(2)
(7/ 34).
(3)
حكاه الحافظ في "الفتح"(3/ 213) عنه.
(4)
أخرجه ابن ماجه رقم (1558). وهو حديث حسن. وقد تقدم.
(5)
القاموس المحيط ص 404.
ولسان العرب (3/ 389).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 34).
(7)
في الصحاح (1/ 386).
(8)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 34).
وحكاه في شرح مسلم
(1)
إجماع العلماء على جواز اللحد والشقّ، انتهى.
وجه ذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قرّر من كان يضرح ولم يمنعه.
ولا يقدح في صحة حديث ابن عباس الثاني
(2)
وما في معناه تحير الصحابة عند موته صلى الله عليه وسلم هل يلحدون له أو يضرحون بأن يقال: لو كان عندهم علم بذلك لم يتحيروا؛ لأنه يمكن أن يكون من سمع منه صلى الله عليه وسلم ذلك لم يحضر عند موته.
[الباب الثاني] باب من أين يدخل الميت قبره، وما يقال: عند ذلك، والحثي في القبر
6/ 1466 - (عَنْ أبي إسْحاقَ قالَ: أوْصَى الحارِثُ أنْ يُصَلِّيَ عَلَيْه عَبْدُ الله بْنُ يَزِيدَ فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُم أدْخَلَهُ القَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَي القَبْرِ وَقالَ: هَذَا مِنَ السُّنَّةِ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(3)
وَسَعِيدٌ في سُنَنِهِ وَزَادَ ثُمَّ قالَ: أنْشِطُوا الثَّوْبَ فإنَّمَا يُصْنَعُ هَذَا بالنِّسَاءِ)
(4)
. [صحيح]
(1)
(7/ 34).
(2)
تقدم برقم (5/ 1465) من كتابنا هذا.
(3)
في سننه رقم (3211).
قال المنذري في مختصر السنن (4/ 336): "قال البيهقي: هذا إسناد صحيح، وقد قال: "هذا من السنة" فصار كالمسند. وقد روينا هذا القول عن ابن عمر وأنس بن مالك" اهـ.
(4)
أخرج البيهقي في السنن الكبرى (4/ 54) بإسناد صحيح إلى أبي إسحاق السبيعي أنه حضر جنازة الحارث الأعور، فأمر عبد الله بن يزيد أن يبسطوا عليه ثوبًا.
لكن روى الطبراني من طريق أبي إسحاق أيضًا عبد الله بن يزيد صلى على الحارث الأعور، ثم تقدم إلى القبر فدعا بالسرير فوضع عند رجل القبر، ثم أمر به فسل سلًا، ثم لم يدعهم يمدون ثوبًا على القبر، وقال: هكذا السنة.
فيحرر هذا، فلعل الحديث كان فيه: وأمر ألا يبسطوا فسقطت لا، أو كان فيه فأبى، بدل فأمر.
وقد رواه ابن أبي شيبة - في المصنف (3/ 326) - من طريق الثوري، عن أبي إسحاق: شهدت جنازة الحارث فمدوا على قبره ثوبًا، فجبذه عبد الله بن يزيد، وقال: إنما هو رجل، فهذا هو الصحيح.
وروى أبو يوسف القاضي بإسناد له عن رجل، عن علي: أنه أتاهم ونحن ندفن قيسًا، وقد بسط الثوب على قبره، فجذبه وقال: إنما يصنع هذا بالنساء" اهـ.
[التلخيص (2/ 259 - 260)].
7/ 1467 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "كانَ إِذَا وُضِعَ المَيتُ فِي القَبْرِ قالَ: بِسْمِ الله، وَعلى ملَّةِ رَسُولِ الله"، وفِي لَفْظِ: "وَعلى سُنَّة رَسُولِ الله"، رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلَّا النَّسائيَّ)
(1)
. [صحيح]
8/ 1468 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى على جَنَازَةٍ ثُمَّ أتى قَبْرَ المَيِّتِ فَحَثى عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ رأسِهِ ثَلاثًا. رَوَاهُ ابْنُ ماجَهْ)
(2)
. [صحيح]
الحديث الأوّل سكت عنه أبو داود
(3)
والمنذري
(4)
والحافظ في التلخيص
(5)
ورجال إسناده رجال الصحيح.
وفي الباب عن ابن عباس عند الشافعي
(6)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم سلّ من قبل رأسه سلًا".
وعن ابن عمر عند أبي بكر النجاد
(7)
مثله.
(1)
أحمد (2/ 27، 40 - 41، 59، 69، 127 - 128) وأبو داود رقم (3213) والترمذي رقم (1046) وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه. وابن ماجه رقم (1550).
قلت: وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (1088) وابن الجارود رقم (548) والحاكم (1/ 366) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 55) من طرق عن همام. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
ووافقهما الألباني في "أحكام الجنائز" ص 193 حيث قال: "قلت: وهو كما قالا، ولا يضره رواية بعضهم له موقوفًا لأمرين:
الأول: أن الذي رفعه ثقة، وهي زيادة منه، فيجب قبولها، ويؤيده:
الأمر الثاني: أنه رُوِى مرفوعًا من الطريق الآخر.
وانظر: نصب الراية (2/ 301 - 302) و"التلخيص"(2/ 260 - 261).
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(2)
في سننه رقم (1565).
قال البوصيري في، مصباح الزجاجة" (1/ 511):"هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".
وهو حديث صحيح.
(3)
في السنن (3/ 545).
(4)
في مختصر السنن (4/ 336).
(5)
في التلخيص (2/ 258).
(6)
في المسند (رقم 598 - ترتيب) بسند ضعيف.
(7)
فوائد أبي بكر النجاد. [معجم المصنفات (ص 313 رقم 958)].
وعن أبي رافع عند [ابن]
(1)
ماجه
(2)
قال: "سلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ سلًا ورشّ على قبره الماء"، وأما الزيادة التي زادها سعيد فسيأتي الكلام فيها.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا ابن حبان
(3)
والحاكم
(4)
.
وفي الباب عن ابن عمر عند النسائي
(5)
والحاكم
(6)
وغيرهما وفيه الأمر به.
وقد اختلف في رفعه ووقفه، ورجح الدارقطني والنسائي الوقف، ورجح غيرهما الرفع.
وقد وراه ابن حبان
(7)
من طريق سعيد عن قتادة مرفوعًا.
وروى البزار
(8)
والطبراني
(9)
عن ابن عمر نحوه.
وابن ماجه
(10)
عنه مرفوعًا، وفي إسناده حماد بن عبد الرحمن الكلبي
(11)
وهو مجهول.
(1)
ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(2)
في سننه رقم (1551).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 504): "هذا إسْناد ضعيف لضعف مندل بن علي، ومحمد بن عبيد الله بن أبي رافع" اهـ.
وهو حديث ضعيف.
(3)
في صحيحه رقم (3109).
(4)
في المستدرك (1/ 366) وقال: صحح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(5)
في "عمل اليوم والليلة" رقم (1088). وقد تقدم.
(6)
في المستدرك (1/ 366). وقد تقدم.
انظر تخريج الحديث رقم (7/ 1467) من كتابنا هذا.
(7)
في صحيحه رقم (3109) بسند صحيح.
(8)
و
(9)
كما في "التلخيص"(2/ 261) وقالا: تفرد به سعيد بن عامر.
قلت: وأخرج الطبراني في المعجم الكبير (ج 12 رقم 13094) عن سعيد بن المسيب.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 44) وقال: وفيه يحيى بن عبد الله البابلتي وهو ضعيف".
(10)
في سننه رقم (1553).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 505): "هذا إسناد فيه حماد بن عبد الرحمن، وهو متفق على ضعفه".
وهو حديث ضعيف.
(11)
انظر ترجمته في: "الميزان"(1/ 597) والكامل (2/ 659).
وعن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه عند الطبراني
(1)
قال: "قال لي اللجلاج: يا بُنيّ إذا أنا متّ فألحدني، فإذا وضعتني في لحدي فقل: بسم الله وعلى ملة رسول الله، ثم شنّ عليَّ التراب شنًا، ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك". واللجلاج بجيمين وفتح اللام الأولى.
وعن أبي حازم مولى الغفاري، حدثني البياضي وهو صحابي كما في الكاشف وغيره
(2)
عند الحاكم
(3)
يرفعه بلفظ: "الميت إذا وضع في قبره فليقل الذين يضعونه حين يوضع في اللحد: بسم الله وبالله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وعن أبي أمامة عند الحاكم
(4)
والبيهقي
(5)
بلفظ: "لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)} [طه: 55]، بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله" الحديث. وسنده ضعيف كما قال الحافظ
(6)
.
والحديث الثالث قال أبو حاتم في العلل
(7)
: هذا حديث باطل. وقال الحافظ
(8)
: إسناده ظاهر الصحة.
قال ابن ماجه
(9)
: حدثنا العباس بن الوليد، حدثنا يحيى بن صالح، حدثنا سلمة بن كلثوم، حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة فذكره ورجاله ثقات.
(1)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد"(2/ 44) ورجاله موثقون.
(2)
قال الحاكم في المستدرك (1/ 366): " .... البياضي وهو مشهور في الصحابة
…
"
قلت: البياضي مختلف في صحبته.
(3)
في المستدرك (1/ 366).
(4)
في المستدرك (2/ 379). وقال الذهبي: لم يتكلم عليه وهو خبر واهٍ؛ لأن علي بن يزيد متروك.
(5)
في السنن الكبرى (3/ 409) وقال: هذا إسناد ضعيف.
(6)
في "التلخيص"(2/ 261).
(7)
في العلل (1/ 169 رقم 483) وقد قال الحافظ في "التلخيص"(2/ 264): "إسناد ظاهره الصحة. ثم قال: ليس لسلمة بن كلثوم في سنن ابن ماجه غيرها إلا هذا الحديث الواحد، ورجاله ثقات.
(8)
في "التلخيص"(2/ 264).
(9)
في السنن رقم (1565).
وقد رواه ابن أبي داود
(1)
من هذا الوجه وصححه.
قال الحافظ
(2)
: لكن أبو حاتم إمام لم يحكم عليه بالبطلان إلا بعد أن تبين له، وأظن العلة فيه عنعنة الأوزاعي وعنعنة شيخه، وهذا كله إن كان يحيى [بن]
(3)
صالح هو الوحاظي شيخ البخاري
(4)
.
وفي الباب عن عامر بن ربيعة عند البزار
(5)
والدارقطني
(6)
قال: "رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم حين دفن عثمان بن مظعون صلى عليه وكبر عليه أربعًا وحثى على قبره بيديه ثلاث حثيات من التراب وهو قائم عند رأسه"، وزاد البزار (5):"فأمر فرشّ عليه الماء".
قال البيهقي
(7)
: وله شاهد من حديث جعفر بن محمد عن أبيه مرسلًا، رواه الشافعي
(8)
عن إبراهيم بن محمد عن جعفر.
وعن أبي المنذر عند أبي داود في المراسيل
(9)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى في قبر ثلاثًا"، قال أبو حاتم في العلل: أبو المنذر مجهول.
وعن أبي أمامة عند البيهقي
(10)
قال: "توفي رجل فلم تصب له حسنة إلا ثلاث حثيات حثاها على قبر فغفرت له ذنوبه".
(1)
في كتاب "التفرد" له كما في "التلخيص"(2/ 264).
(2)
في "التلخيص"(2/ 264).
(3)
ما بين الخاصرتين ساقط من المخطوط (ب).
(4)
انظر كلام المحدث الألباني في الإرواء (3/ 200 - 201) حول ذلك.
(5)
في مسنده كما في "مجمع الزوائد"(3/ 45) وقال الهيثمي: رواه البزار ورجاله موثقون إلا أن شيخ البزار محمد بن عبد الله لم أعرفه.
(6)
في السنن (2/ 76 رقم 1).
قلت: وفيه القاسم العمري، وعاصم بن عبيد الله، وهما ضعيفان.
(7)
في السنن الكبرى (3/ 410).
(8)
في المسند رقم (601 - ترتيب) مرسل. إسناده ضعيف.
(9)
المراسيل لأبي داود رقم (420) بسند ضعيف، مرسله أبو المنذر والراوي عنه مجهولان.
انظر: الجرح والتعديل (3/ 557 - 558).
(10)
في السنن الكبرى (3/ 410).
وعن أبي هريرة غير حديث الباب عند أبي الشيخ
(1)
مرفوعًا: "من حثى على مسلم احتسابًا كتب له بكل ثراة حسنة" قال الحافظ
(2)
: إسناده ضعيف.
قوله: (وقال هذا من السنة)، فيه وفيما قدمنا دليل على أنه يستحبّ أن يدخل الميت من قبل رجلي القبر: أي موضع رجلي الميت منه عند وضعه فيه.
وإلى ذلك ذهب الشافعي
(3)
وأحمد
(4)
والهادي والناصر والمؤيد بالله
(5)
.
وقال أبو حنيفة
(6)
: إنه يدخل القبر من جهة القبلة معرضًا إذ هو أيسر، واتباع السنة أولى من الرأي.
وقد استدلّ لأبي حنيفة بما رواه البيهقي
(7)
من حديث ابن عباس وابن مسعود وبريدة: "أنهم أدخلوا النبيّ صلى الله عليه وسلم من جهة القبلة"، ويجاب بأن البيهقي ضعفها.
وقد روي عن الترمذي تحسين حديث ابن عباس منها، وأنكر ذلك عليه لأن مداره على الحجاج بن أرطاة
(8)
.
قال في ضوء النهار
(9)
: على أنه لا حاجة إلى التضعيف بذلك، لأن قبر
(1)
في "مكارم الأخلاق" كما في التلخيص (2/ 264).
(2)
في "التلخيص"(2/ 264).
(3)
المجموع شرح المهذب (5/ 256 - 257).
(4)
المغني (3/ 425 - 426).
(5)
البحر الزخار (2/ 129).
(6)
البناية في شرح الهداية للعيني (3/ 290).
(7)
في السنن الكبرى (4/ 55):
• عن ابن عباس، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبرًا ليلًا وأسرج له سراج وأخذه من قبل القبلة وكبر عليه أربعًا ثم قال: رحمك الله إن كنت لأواها تاليًا للقرآن - هذا إسناد ضعيف.
• وروي من وجه آخر ضعيف، عن ابن مسعود، والذي ذكره الشافعي أشهر في أرض الحجاز، يأخذه الخلف عن السلف فهو أولى بالاتباع، والله أعلم.
• وعن ابن بريدة عن أبيه قال: أدخل النبي صلى الله عليه وسلم قبل القبلة وألحد له لحدًا، ونصب عليه اللبن نصبًا. - أبو بردة هذا هو عمرو بن يزيد التيمي الكوفي وهو ضعيف في الحديث ضعفه يحيى بن معين وغيره.
(8)
تقدم الكلام عليه وانظر: الميزان (1/ 458) والمجروحين (1/ 225).
(9)
للجلال (2/ 248).
النبيّ صلى الله عليه وسلم كان عن يمين الداخل إلى البيت لاصقًا بالجدار، والجدار الذي ألحد تحته هو القبلة فهو مانع من إدخال النبيّ صلى الله عليه وسلم من جهة القبلة ضرورة، انتهى.
قال في البدر المنير: بعد أن ذكر أنه أدخل صلى الله عليه وسلم من جهة القبلة وهو غير ممكن كما ذكره الشافعي في الأمّ
(1)
، وأطنب في الشناعة على من يقول ذلك ونسبه إلى الجهالة ومكابرة الحس، انتهى.
قوله: (ثم قال: أنشطوا الثوب) بهمزة فنون فشين معجمة فطاء مهملة، أي اختلسوه، ذكر معناه في القاموس
(2)
.
وقد أخرج نحو هذه الزيادة يوسف القاضي
(3)
بإسناد له عن رجل عن عليّ: "أنه أتاهم وهم يدفنون قيسًا وقد بسط الثوب على قبره فجذبه وقال: إنما يصنع هذا بالنساء.
[وللطبراني (3)]
(4)
عن أبي إسحاق أيضًا أن عبد الله بن يزيد صلى على الحارث الأعور، وفيه:"ثم لم يدعهم يمدّون ثوبًا على القبر وقال: هكذا السنة".
وقد رواه ابن أبي شيبة
(5)
من طريق الثوري عن أبي إسحاق بلفظ: "شهدت جنازة الحارث فمدّوا على قبره ثوبًا فجذبه عبد الله بن يزيد، وقال: إنما هو رجل".
ورواه البيهقي
(6)
بإسناد صحيح إلى أبي إسحاق السبيعي أنه حضر جنازة الحارث الأعور، فأمر عبد الله بن يزيد أن يبسطوا عليه ثوبًا.
قال الحافظ
(7)
: لعلّ الحديث كان فيه؛ فأمر أن لا يبسطوا، فسقطت لا، أو كان فيه: فأبى بدل فأمر.
وروى البيهقي
(8)
من حديث ابن عباس قال: "جلل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر سعد بثوبه".
قال البيهقي (8): لا أحفظه إلا من حديث يحيى بن عقبة بن أبي العيزار وهو
(1)
الأم (2/ 617 - 618). والمعرفة للبيهقي (5/ 324 رقم 7699).
(2)
القاموس المحيط ص 890.
(3)
كما في "التلخيص"(2/ 260). وقد تقدم.
(4)
في المخطوط (أ): (والطبراني).
(5)
في المصنف (3/ 326). وقد تقدم.
(6)
في السنن الكبرى (4/ 54) بسند صحيح. وقد تقدم.
(7)
في التلخيص (2/ 260).
(8)
في السنن الكبرى (4/ 54).
وروى عبد الرزاق
(1)
عن الشعبي عن رجل أن سعد بن مالك قال: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فستر على القبر حتى دفن سعد بن معاذ فيه، فكنت ممن أمسك الثوب"، وفي إسناده هذا المبهم.
وقد أوّله القائلون باختصاص ذلك بالمرأة على أنه إنما فعل صلى الله عليه وسلم ذلك بقبر سعد لأنه كان مجروحًا وكان جرحه قد تغير.
قوله: (قال: بسم الله إلخ)، فيه استحباب هذا الذكر عند وضع الميت في قبره.
قوله: (من قبل رأسه)، فيه دليل على أن المشروع أن يحثى على الميت من جهة رأسه.
ويستحبّ أن يقول عند ذلك: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)} [طه: 55]، ذكره أصحاب الشافعي
(2)
.
وقال الهادي
(3)
: بلغنا عن أمير المؤمنين كرّم الله وجهه أنه كان إذا حثى على ميت قال: اللهمّ إيمانًا بك وتصديقًا برسلك وإيقانًا ببعثك، هذا ما وعد الله ورسوله وصدق الله ورسوله، ثم قال: من فعل ذلك كان له بكلّ ذرّة حسنة.
[الباب الثالث] باب تسنيم القبر، ورشه بالماء، وتعليمه ليعرف وكراهة البناء والكتابة عليه
9/ 1469 - (عَنْ سُفْيان التَّمَّارِ أنَّهُ رأى قَبْرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مُسَنَّمًا. رَوَاهُ البُخارِيُّ فِي صَحِيحِهِ)
(4)
. [صحيح]
10/ 1470 - (وَعَنِ القاسِمِ قالَ: دَخَلْتُ على عائِشَةَ فَقُلْتُ: يا أُمَّهْ، بالله اكْشِفي لي عَنْ قَبْرِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لَهُ عَنْ ثَلاثَةِ قُبُورٍ لا مُشْرِفَةٍ، وَلا
(1)
في المصنف رقم (6477) بسند ضعيف.
(2)
المجموع شرح المهذب (5/ 259).
(3)
شفاء الأوام (1/ 507).
(4)
البخاري في صحيحه رقم (1390).
لاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحاءِ العَرْصَة الحَمْرَاءِ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(1)
. [ضعيف]
الرواية الأولى أخرجها أيضًا ابن أبي شيبة
(2)
من طريق سفيان المذكور، وزاد: وقبر أبي بكر وقبر عمر كذلك.
وكذلك أخرجه أبو نعيم، وذكر هذه الزيادة التي ذكرها ابن أبي شيبة.
والرواية الثانية أخرجها أيضًا الحاكم
(3)
من هذا الوجه، وزاد:"ورأيت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمًا، وأبو بكر رأسه بين كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر رأسه عند رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وفي الباب عن صالح بن أبي صالح [السمان]
(4)
عند أبي داود في المراسيل
(5)
قال: "رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم شبرًا أو نحو شبر".
وعن عثيم بن بسطام المديني عند أبي بكر الآجري في كتاب صفة قبر النبي
(6)
صلى الله عليه وسلم قال: رأيت قبره صلى الله عليه وسلم في إمارة عمر بن عبد العزيز فرأيته مرتفعًا نحوًا
(1)
في سننه رقم (3220) وهو حديث ضعيف.
(2)
في المصنف (3/ 334).
(3)
في المستدرك (1/ 369 - 370) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(4)
ما بين الخاصرتين زيادة من (ب).
قلت: وهذه الزيادة خطأ لأن صالح بن أبي صالح السمان، أبو عبد الرحمن واسم أبيه ذكوان. ثقة من الخامسة (م ت).
[التقريب رقم الترجمة (2866)].
وأما الصواب فهو صالح بن أبي صالح الكوفي، مولى عمرو بن حُريث، واسم أبيه مهران: ضعيف من الرابعة (مد ت).
[التقريب رقم الترجمة (2867)].
(5)
في مراسيل أبي داود رقم (421) عن صالح بن أبي الأخضر. وهو خطأ.
والصواب ما ذكرته بأنه صالح بن أبي صالح الكوفي كما في المخطوط (أ)، والتلخيص (2/ 265).
وإسناده ضعيف، والله أعلم.
(6)
"صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم " أبو بكر الآجري (محمد بن الحسين ت 360 هـ).
ذكره البغدادي في "هدية العارفين"(2/ 47).
[معجم المصنفات (ص 273 رقم 808)].
من أربع أصابع، ورأيت قبر أبي بكر وراء قبره، ورأيت قبر عمر وراء قبر أبي بكر أسفل منه.
قوله: (مسنمًا) أي مرتفعًا. قال في القاموس
(1)
: التسنيم ضد التسطيح، وقال: سطحه كمنعه بسطه.
قوله: (ولا لاطئة) أي ولا لازقة بالأرض. وقد اختلف أهل العلم في الأفضل من التسنيم والتسطيح بعد الاتفاق على جواز الكلّ، فذهب الشافعي
(2)
وبعض أصحابه والهادي والقاسم
(3)
والمؤيد بالله إلى أن التسطيح أفضل.
واستدلوا برواية القاسم بن محمد بن أبي بكر المذكورة وما وافقها قالوا: وقول سفيان التمار لا حجة فيه، كما قال البيهقي
(4)
، لاحتمال أن قبره صلى الله عليه وسلم لم يكن في الأوّل مسنمًا، بل كان في أول الأمر مسطحًا، ثم لما بني جدار القبر في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة من قبل الوليد بن عبد الملك صيروها مرتفعة. وبهذا يجمع بين الروايات.
ويرجح التسطيح ما سيأتي
(5)
من أمره صلى الله عليه وسلم عليًا: "أن لا يدع قبرًا مشرفًا إلا سوّاه".
وذهب أبو حنيفة
(6)
ومالك
(7)
وأحمد
(8)
والمزني وكثير من الشافعية
(9)
، وادعى القاضي حسين اتفاق أصحاب الشافعي عليه، ونقله القاضي عياض
(10)
عن أكثر العلماء أن التسنيم أفضل، وتمسكوا بقول سفيان التمار
(11)
. والأرجح أن الأفضل التسطيح لما سلف.
11/ 1471 - (وَعَنْ أبي الهَيَّاجِ الأسديّ عَنْ علي قالَ: أبْعَثُكَ على ما
(1)
القاموس المحيط ص 1452.
(2)
المجموع (5/ 264).
(3)
البحر الزخار (2/ 131).
(4)
في السنن الكبرى (4/ 4).
(5)
برقم (11/ 1471) من كتابنا هذا.
(6)
البناية في شرح الهداية (3/ 301).
(7)
المنتقى للباجي (2/ 22).
(8)
المغني (3/ 437).
(9)
المجموع (5/ 265).
(10)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 438).
(11)
تقدم برقم (9/ 1469) من كتابنا هذا.
بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: لا تَدَعْ تِمْثالًا إلَّا طَمَسْتَهُ وَلا قَبرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيَّ وَابْنَ ماجَهْ"
(1)
. [صحيح]
قوله: (عن أبي الهياج) هو بفتح الهاء وتشديد الياء، واسمه حيان بن حصين.
قوله: (لا تدع تمثالًا إلا طمسته) فيه الأمر بتغيير صور ذوات الأرواح.
قوله: (ولا قبرًا مشرفًا إلا سوّيته) فيه أن السنة أن القبر لا يرفع رفعًا كثيرًا من غير فرق بين من كان فاضلًا ومن كان غير فاضل.
والظاهر أن رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرّم.
وقد صرّح بذلك أصحاب أحمد
(2)
وجماعة من أصحاب الشافعي
(3)
ومالك
(4)
.
والقول بأنه غير محظور لوقوعه من السلف والخلف بلا نكير كما قال الإِمام يحيى
(5)
والمهدي في الغيث
(6)
لا يصحّ لأن غاية ما فيه أنهم سكتوا عن ذلك، والسكوت لا يكون دليلًا إذا كان في الأمور الظنية. وتحريم رفع القبور ظني.
ومن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخولًا أوّليًا: القبب والمشاهد
(1)
أحمد في المسند (1/ 96، 129) ومسلم رقم (93/ 969) وأبو داود رقم (3218) والترمذي رقم (1049) وقال الترمذي: حديث علي حديث حسن. والنسائي رقم (2031).
قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (614) والحاكم (1/ 369) والطيالسي رقم (155) وعبد الرزاق في المصنف رقم (6487).
وهو حديث صحيح.
(2)
المغني (3/ 435 - 436).
(3)
المجموع (5/ 264).
(4)
المنتقى للباجي (2/ 22).
(5)
البحر الزخار (2/ 130).
(6)
"الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار". تأليف الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى الحسني. شرح على كتاب المؤلف: "الأزهار في فقه الأئمة الأطهار" في أربع مجلدات، وقد تحدث فيه عن كل مسألة وردت في وصل مع ذكر الأدلة والأقوال. (مخطوط).
مؤلفات الزيدية (2/ 297 رقم 2330).
المعمورة على القبور
(1)
، وأيضًا هو من اتخاذ القبور مساجد، وقد لعن النبيّ صلى الله عليه وسلم فاعل ذلك كما سيأتي
(2)
، وكم قد سرّي عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام:
(منها) اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام، وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع [الضر]
(3)
فجعلوها مقصدًا لطلب قضاء الحوائج وملجأ لنجاح المطالب وسألوا منه ما يسأله العباد من ربهم، وشدّوا إليها الرحال وتمسحوا بها واستغاثوا
(4)
.
وبالجملة إنهم لم يدعوا شيئًا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا نجد من يغضب لله ويغتار حمية للدين الحنيف لا عالمًا ولا متعلمًا ولا أميرًا ولا وزيرًا ولا ملكًا، وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه أن كثيرًا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجرًا، فإذا قيل له بعد ذلك: احلف بشيخك ومعتقدك الوفي الفلاني تلعثم وتلكأ وأبى واعترف بالحقّ.
وهذا من أبين الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال: إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة، فيا علماء الدين ويا ملوك المسلمين، أيّ رزء للإسلام أشدّ من الكفر، وأيّ بلاء لهذا الدين أضرّ عليه من عبادة غير الله؟ وأيّ مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة؟ وأيّ منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجبًا:
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيًا
…
ولكن لا حياةَ لمن تُنَادي
ولو نارًا نفخْتَ بها أضاءَتْ
…
ولكن أنتَ تَنْفُخُ في رَمَادِ
(1)
سيأتي حديث جابر برقم (1474) من كتابنا هذا.
(2)
برقم (1485 و 1486) من كتابنا هذا.
(3)
في المخطوط (أ): (الضرر).
(4)
انظر: "شرح الصدور في تحريم رفع القبور" ضمن "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني"(6/ 3075 - 3114 رقم الرسالة 94).
12/ 1472 - (وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أبِيه أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَشَّ على قَبْرِ ابْنِهِ إبْرَاهيمَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ حَصْبَاءَ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ)
(1)
. [مرسل إسناده ضعيف]
13/ 1473 - (وَعَنْ أَنسٍ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم[أعْلَمَ]
(2)
قَبْرَ عُثْمانَ بْنَ مَظْعُونٍ بصَخْرَةٍ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ)
(3)
. [حسن]
الحديث الأوّل مرسل، وأخرجه أيضًا سعيد بن منصور، والبيهقي
(4)
من هذا الوجه مرسلًا بهذا اللفظ، وزاد:"ورفع قبره قدر شبر".
وفي الباب عن جابر عند البيهقي
(5)
قال: "رشّ على قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم بالماء رشًا؛ فكان الذي رشّ على قبره بلال بن رباح بدأ من قبل رأسه من شقه الأيمن حتى انتهى إلى رجليه"، وفي إسناده الواقدي والكلام فيه معروف.
وفي الباب عن عامر بن ربيعة تقدم في الباب الأوّل
(6)
.
وروى سعيد بن منصور أن الرشّ على القبر كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
(7)
.
وإلى مشروعية الرشّ على القبر ذهب الشافعي
(8)
(1)
في مسنده رقم (599 - ترتيب) مرسل إسناده ضعيف.
(2)
في المخطوط (أ): (عَلَّم).
(3)
في سننه رقم (1561).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 509): "هذا إسناد حسن، كثير بن زيد مختلف فيه، وله شاهد من حديث المطلب بن أبي وداعة رواه أبو داود في سننه - رقم 3206 - " اهـ.
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(4)
في السنن الكبرى (3/ 411) والمعرفة (5/ 329 رقم 7722).
(5)
في السنن الكبرى (3/ 411). والواقدي متروك.
(6)
تقدم تخريج حديث عامر بن ربيعة خلال شرح الحديث (1468) من كتابنا هذا.
(7)
أخرج أبو داود في "المراسيل" رقم (424) عن عبد الله بن محمد بن عمر عن أبيه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رَشَّ قبر ابنه إبراهيم".
زاد ابن عمر في حديثه:
"وإنه أولُ قبر رُش عليه، وإنه قال حين دفن وفرغ منه عند رأسه: "سلام عليكم"، ولا أعلمه إلا قال: حَثَا عليه بيده، ولم يقل القعنبي يعني ابن عمر".
مرسل إسناده حسن، والله أعلم.
(8)
المجموع شرح المهذب (5/ 632).
وأبو حنيفة
(1)
والقاسمية
(2)
.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا ابن عدي
(3)
. قال أبو زرعة: هذا خطأ والصواب رواية من روى عن المطلب بن حنطب وسيأتي
(4)
.
وقد رواه الطبراني في الأوسط
(5)
من حديث أنس بإسناد آخر فيه ضعف.
ورواه الحاكم في المستدرك
(6)
في ترجمة عثان بن مظعون بإسناد آخر فيه الواقدي من حديث أبي رافع فذكر معناه.
وروى أبو داود
(7)
من حديث المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: "لما مات عثمان بن مظعون [خرج]
(8)
بجنازته فدفن، فأمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلًا أن يأتي بحجر، فلم يستطع حمله، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسر عن ذراعيه، قال المطلب: قال الذي أخبرني: كأني أنظر إلى بياض ذراعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حسر عنهما. ثم حملها فوضعها عند رأسه وقال: أعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي".
(1)
حاشية ابن عابدين (3/ 134) بتحقيقنا.
(2)
الاعتصام بحبل الله المتين (2/ 189).
(3)
في "الكامل"(6/ 69) من حديث أنس، في ترجمة كثير بن زيد.
(4)
بعد أسطر في شرح حديث أنس هذا.
(5)
أخرجه الطبراني في الأوسط كما في "التلخيص"(2/ 267) من حديث أنس - بإسناد آخر - فيه ضعف.
وأخرجه الطبراني في الأوسط كما في "مجمع البحرين"(2/ 434 رقم 1311) عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 45) وقال: رجاله رجال الصحيح خلا شيخ الطبراني.
(6)
في المستدرك (3/ 189 - 190) وسكت عنه. وقال الذهبي: "سنده واه كما تراه".
(7)
في سننه رقم (3206).
قال المنذري في "المختصر"(4/ 335): "في إسناده: كثير بن زيد، مولى الأسلميين، مدني، كنيته: أبو محمد. وقد تكلم فيه غير واحد" اهـ.
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(8)
في المخطوط (ب): (أخرج).
قال الحافظ
(1)
: وإسناده حسن ليس فيه إلا كثير بن زيد راويه عن المطلب وهو صدوق، انتهى.
والمطلب ليس صحابيًا ولكنه بيَّن أن مخبرًا أخبره ولم يسمه، وإبهام الصحابي لا يضرّ.
وفيه دليل على جواز جعل علامة على قبر الميت كنصب حجر أو نحوها.
قال الإِمام يحيى
(2)
: فأما نصب حجرين على المرأة واحدة على الرجل فبدعة.
قال في البحر
(3)
: قلت: لا بأس به لقصد التميز لنصبه على قبر ابن مظعون.
14/ 1474 - (وَعَنْ جابِرٍ قالَ: نَهَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ وأنْ يُقْعَدَ عَلَيْه وأنْ يُبَنى عَلَيْهِ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
وَمُسْلِمٌ
(5)
وَالنَّسائيُّ
(6)
وأبُو دَاودَ
(7)
وَالترمِذِيُّ وَصحَّحَهُ
(8)
وَلَفْظُهُ: نَهَى أن تُجَصَّصَ القُبُورُ، وأن يُكْتبَ عَلَيْهَا، وأنْ يُبنى عَلَيْها، وأنْ تُوطأَ. وفِي لَفْظِ النَّسائيّ: نَهَى أنْ يُبْنَى على القَبْرِ أوْ يُزَادَ عَلَيْهِ أو يجَصَّصَ أوْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ). [صحيح]
الحديث أخرجه أيضًا ابن ماجه
(9)
وابن حبان
(10)
والحاكم
(11)
. وقال الحاكم: "الكتابة" وإن لم يذكرها مسلم فهي على شرطه وهي صحيحة غريبة.
وقال أهل العلم من أئمة المسلمين: من المشرق إلى المغرب على خلاف ذلك.
(1)
في "التلخيص"(2/ 267).
(2)
البحر الزخار (2/ 131).
(3)
البحر الزخار (2/ 131 - 132).
(4)
في المسند (3/ 295، 332).
(5)
في صحيحه رقم (94/ 970).
(6)
في السنن رقم (2027).
(7)
في سننه رقم (3225).
(8)
في سننه رقم (1052).
(9)
في سننه رقم (1562).
(10)
في صحيحه رقم (3162، 3163).
(11)
في المستدرك (1/ 370) وقال: هذا حديث على شرط مسلم، وقد خرج بإسناده غير الكتابة. فإنها لفظة صحيحة غريبة
…
" اهـ.
وفي الباب عن ابن مسعود ذكره صاحب مسند الفردوس
(1)
عن الحاكم مرفوعًا: "لا يزال الميت يسمع الأذان ما لم يطين عليه"، قال الحافظ
(2)
: وإسناده باطل، فإنه من رواية محمد بن القاسم الطايكاني
(3)
وقد [رموه]
(4)
بالوضع.
قوله: (أن يجصص القبر)، في رواية لمسلم
(5)
: "عن تقصيص القبور" والتقصيص بالقاف وصادين مهملتين هو التجصيص.
والقَصَّة بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة: هي الجصّ، وفيه تحريم تجصيص القبور.
وأما التطيين فقال الترمذي
(6)
: وقد رخص قوم من أهل العلم في تطيين القبور، منهم الحسن البصري والشافعي
(7)
.
وقد روى أبو بكر النجاد من طريق جعفر بن محمد عن أبيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع قبره من الأرض شبرًا وطين بطين أحمر من العرصة".
وحكي في البحر
(8)
عن الهادي والقاسم أنه لا بأس بالتطيين لئلا ينطمس.
وقال الإِمام يحيى
(9)
وأبو حنيفة
(10)
: يكره.
(1)
رقم (7587) بسند باطل.
(2)
في "التلخيص"(2/ 266).
(3)
محمد بن القاسم بن مجمع الطايكاني من أهل بلخ.
قال ابن حبان: روى عن أهل خراسان أشياء لا يحلُّ ذكرها في الكتب.
وقال الحاكم: كان يضع الحديث.
[الميزان (4/ 11 - 12) رقم الترجمة (8069)].
(4)
في المخطوط (ب): (رمزه) وهو خطأ.
(5)
في صحيحه رقم (95/ 970).
(6)
في السنن (3/ 369).
(7)
في الأم (2/ 631) والمجموع (5/ 266).
وفي المغني لابن قدامة (3/ 439): دافصل: سُئِل أحمد عن تطيين القبور. فقال: أرجو أن لا يكون به بأس، ورخَّصَ في ذلك الحسن، والشافعي
…
فصل: ويكره البناء على القبر، وتجصيصه، والكتابة عليه
…
ونهى عمر بن عبد العزيز أن يبنى على القبر بآجُرٍّ، وأوصى بذلك. وأوصى الأسود بن يزيد أن لا تجعلوا على قبري آجُرًا. وقال إبراهيم: كانوا يكرهون الآجر في قبورهم. وكره أحمد أن يُضرب على القبر فسطاط، وأوصى أبو هريرة حين حضره الموت أن لا تضربوا عليَّ فسطاطًا" اهـ.
(8)
البحر الزخار (2/ 131).
(9)
البحر الزخار (2/ 132).
(10)
حاشية ابن عابدين (3/ 134 - 135) بتحقيقنا.
قوله: (وأن يقعد عليه) فيه دليل على تحريم القعود على القبر، وإليه ذهب الجمهور
(1)
.
وقال مالك في الموطأ
(2)
: المراد بالقعود الحدث.
قال النووي
(3)
: وهذا تأويل ضعيف أو باطل، والصواب أن المراد بالقعود الجلوس، ومما يوضحه الرواية الواردة بلفظ:"لا تجلسوا على القبور" كما سيأتي
(4)
.
قوله: (وأن يبنى عليه) فيه دليل على تحريم البناء على القبر. وفصل الشافعي
(5)
وأصحابه فقالوا: إن كان البناء في ملك الباني فمكروه، وإن كان في مقبرة مسبلة فحرام، ولا دليل على هذا التفصيل
(6)
.
وقد قال الشافعي (5): رأيت الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما يبنى، ويدلّ على الهدم حديث عليّ
(7)
المتقدم.
قوله: (وأن يكتب عليها) فيه تحريم الكتابة على القبور، وظاهره عدم الفرق بين كتابة اسم الميت على القبر وغيرها.
وقد استثنت الهادوية
(8)
رسم الاسم فجوّزوه لا على وجه الزخرفة قياسًا على وضعه صلى الله عليه وسلم الحجر على قبر عثمان كما تقدم
(9)
وهو من التخصيص بالقياس، وقد قال به الجمهور، لا أنه قياس في مقابلة النصّ كما قال في "ضوء النهار"
(10)
ولكن الشأن في صحة هذا القياس.
(1)
المجموع (5/ 287) والمغني (3/ 440).
(2)
(1/ 233 رقم 34) والمنتقى للباجي (2/ 24).
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 37).
(4)
أخرجه مسلم رقم (97، 98/ 972) وأبو داود رقم (3229) والترمذي رقم (1050) والنسائي رقم (760) من حديث أبي مرثد الغنوي.
وهو حديث صحيح.
(5)
في الأم (2/ 631).
(6)
اعلم أن رفع القبور، ووضع القباب والمساجد والمشاهد عليها قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله تارة، وغضب عليه أخرى، كما أمر بهدمه، وجعله من فعل اليهود والنصارى.
(7)
تقدم برقم (1471) من كتابنا هذا.
(8)
البحر الزخار (2/ 132).
(9)
تقدم برقم (13/ 1473) من كتابنا هذا.
(10)
للجلال (2/ 256).
قوله: (وأن توطأ) فيه دليل على تحريم وطء [القبر]
(1)
والكلام فيه كالكلام في القعود عليه، ولعلّ مالكًا لا يخالف هنا.
قوله: (أو يزاد عليه) بوّب على هذه الزيادة البيهقي
(2)
[وأبو داود
(3)
]
(4)
: باب لا يزاد على القبر أكثر من ترابه لئلا يرتفع.
وظاهره أن المراد بالزيادة عليه الزيادة على ترابه، وقيل: المراد بالزيادة عليه أن يقبر ميت على قبر ميت آخر.
[الباب الرابع] باب من يستحب أن يدفن المرأة
15/ 1475 - (عَنْ أنَسٍ قال: شَهِدْتُ بِنْتَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تُدْفَنُ وَهُوَ جالِس عَلى القَبْرِ، فَرأيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعانِ، فَقال:"هَلْ فِيكُمْ مِنْ أحَدٍ لَمْ يُقَارَفِ اللَّيْلَةَ؟ "، فَقالَ أبُو طَلْحَةَ: أنا، قالَ:"فانْزِلْ فِي قَبْرِها"، فَنَزَل فِي قَبْرِها. رَوَاهُ أحْمَدُ
(5)
وَالبُخاريُّ
(6)
.
ولأحْمَدَ
(7)
عَنْ أنَسٍ أن رُقَيَّةَ لَمَّا ماتَتْ قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا يَدْخُلُ القَبْرَ رَجُلٌ قارَفَ اللَّيْلَةَ أهْلَهُ"، فَلَمْ يَدْخُلْ عُثْمانُ بْنُ عَفَّانَ القَبْرَ). [صحيح]
قوله: (بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم) هي أمّ كلثوم زوج عثمان، رواه الواقدي عن [طُلَيح]
(8)
بن سليمان، وبهذا الإسناد أخرجه ابن سعد في الطبقات
(9)
في ترجمة
(1)
في المخطوط (ب)(القبور).
(2)
في السنن الكبرى (3/ 410).
(3)
لم أجد عنوان هذا الباب عند أبي داود، بل عند النسائي في السنن (4/ 87): الزيارة على القبر.
(4)
زيادة من المخطوط (ب).
(5)
في المسند (3/ 126) بسند حسن.
(6)
في صحيحه رقم (1285) قلت: وأخرجه الترمذي في الشمائل رقم (320).
والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" رقم (2514) والطيالسي رقم (2116) وابن سعد (8/ 38) والبخاري في التاريخ الأوسط (1/ 92 - 93) والدولابي في "الذرية الطاهرة" رقم (82) والبيهقي (4/ 53) من طرق وهو حديث صحيح.
(7)
في المسند (3/ 229) بسند صحيح.
(8)
كذا في المخطوط (أ) و (ب). وفي "فتح الباري"(3/ 158) وفي "الطبقات" لابن سعد (8/ 31): (فُلَيح) وهو الصواب.
(9)
الطبقات لابن سعد (8/ 38). وقد تقدم.
أمّ كلثوم، وكذا الدولابي في "الذريّة الطاهرة"
(1)
، والطبري والطحاوي
(2)
من هذا الوجه.
ورواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس فسماها رقية كما ذكر المصنف عن أحمد.
وكذلك أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط
(3)
والحاكم في المستدرك
(4)
.
قال البخاري
(5)
: ما أدري ما هذا؟ فإن رقية ماتت والنبيّ صلى الله عليه وسلم ببدر لم يشهدها.
قال الحافظ
(6)
: وهِم حماد في تسميتها فقط.
ويؤيد أنها أم كلثوم ما رواه ابن سعد
(7)
أيضًا في ترجمة أم كلثوم من طريق عمرة بنت عبد الرحمن قالت: نزل في حفرتها أبو طلحة.
وأغرب الخطابي
(8)
فقال: هذه البنت كانت لبعض بنات النبيّ صلى الله عليه وسلم فنسبت إليه.
قوله: (لم يقارف) بقاف وفاء، زاد ابن المبارك عن فليح:(أراه يعني الذنب) ذكره البخاري
(9)
في باب من يدخل قبر المرأة تعليقًا، ووصله الإسماعيلي
(10)
، وكذا قال شريح بن النعمان عن فليح أخرجه أحمد عنه.
(1)
رقم (82). وقد تقدم.
(2)
في شرح مشكل الآثار رقم (2514). وقد تقدم.
(3)
(1/ 92 رقم 55).
(4)
(4/ 47) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وسكت عليه الذهبي.
(5)
في "التاريخ الأوسط"(1/ 91) عقب الحديث رقم (51): "ولا أرى حفظه، - أي أبو هريرة - لأن رُقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم ماتت أيام بدر، وأبو هريرة هاجر بعد ذلك بنحو من خمس سنين أيام خيبر، ولا يُعرف للمطلب، سماع من أبي هريرة ولا لمحمد بن المطلب، ولا تقوم به حجة" اهـ.
(6)
في "الفتح"(3/ 158).
(7)
في "الطبقات الكبرى"(8/ 38).
(8)
حكاه الحافظ في "الفتح"(3/ 158) عنه.
(9)
في صحيحه رقم (3/ 208) رقم الباب (71) معلقًا بإثر الحديث رقم (1342) مع الفتح.
(10)
كما في "الفتح"(3/ 158).
وقيل معناه: لم يجامع تلك الليلة، وبه جزم ابن حزم
(1)
قال: معاذ الله أن يتبجح أبو طلحة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لم يذنب تلك الليلة، انتهى.
ويقوّيه أن في رواية ثابت
(2)
المذكور بلفظ: "لا يدخل القبر أحد قارف أهله البارحة"، فتنحى عثمان.
وقد استبعد أن يكون عثمان جامع تلك الليلة التي حدث فيها موت زوجته لحرصه على مراعاة الخاطر الشريف.
وأجيب عنه باحتمال أن يكون مرض المرأة طال واحتاج عثمان إلى الوقاع ولم يكن يظنّ موتها تلك الليلة، وليس في الخبر ما يقتضي أنه واقع بعد موتها بل ولا حين احتضارها.
والحديث يدلّ على أنه يجوز أن يدخل المرأة في قبرها الرجال دون النساء لكونهم أقوى على ذلك، وأنه يقدم الرجال الأجانب الذين بعد عهدهم بالملاذ في المواراة على الأقارب الذين قرب عهدهم بذلك كالأب والزوج.
وعلل بعضهم تقدم من لم يقارف بأنه حينئذٍ يأمن من أن يذكره الشيطان بما كان منه تلك الليلة.
وحكي عن ابن حبيب أن السرّ في إيثار أبي طلحة على عثمان أن عثمان كان قد جامع بعض جواريه في تلك الليلة، فتلطف صلى الله عليه وسلم في منعه من النزول قبر زوجته بغير تصريح.
ووقع في رواية حماد المذكورة: "فلم يدخل عثمان القبر".
وفي الحديث أيضًا جواز الجلوس على شفير القبر وجواز البكاء بعد الموت.
وحكى ابن قدامة
(3)
عن الشافعي أنه يكره لخبر: "فإذا وجب فلا تبكين باكية"
(4)
، يعني إذا مات، وهو محمول على الأولوية.
(1)
في المحلى (5/ 145).
(2)
أخرجه أحمد في المسند (3/ 270) بسند صحيح.
(3)
في "المغني"(3/ 487).
(4)
وهو حديث صحيح. =
والمراد لا ترفع صوتها بالبكاء، ويمكن الفرق بين النساء والرجال في ذلك؛ لأن بكاء النساء قد يفضي إلى ما لا يحلّ من النوح لقلة صبرهنّ.
[الباب الخامس] باب آداب الجلوس في المقبرة والمشي فيها
16/ 1476 - (عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ قالَ: خَرَجْنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي جَنازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ، فانْتَهَيْنَا إلى القَبْرِ وَلَمْ يُلْحَدْ بَعْدُ، فَجَلَسَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ وَجَلَسْنَا مَعَهُ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(1)
[صحيح]
17/ 1477 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَجْلِسَ أحَدُكُمْ عَلى جمْرَةٍ فَتَحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إلى جلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَجْلِسَ على قَبْرٍ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ)
(2)
. [صحيح]
18/ 1478 - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قالَ: رآنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئًا على قَبْرٍ فَقالَ: "لَا تُؤْذِ صَاحِبَ هَذَا القَبْرِ، أوْ لا تُؤْذِهِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)
(3)
. [إسناده صحيح]
19/ 1479 - (وَعَنْ بَشِيرِ بْنِ الخَصَاصِيَّةِ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رأى رَجُلًا
= أخرجه أبو داود رقم (3111) والنسائي رقم (1846) ومالك (1/ 233 رقم 36) من حديث جابر بن عتيك.
(1)
في السنن رقم (3212).
قلت: وأخرجه النسائي رقم (2001) وابن ماجه رقم (1548) وأحمد (4/ 297) والحاكم (1/ 37 - 40).
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وأقره الذهبي، وهو كما قالا.
(2)
مسلم رقم (971) وأحمد (2/ 311) وأبو داود رقم (3228)، والنسائي رقم (2044) وابن ماجه رقم (1566).
وهو حديث صحيح.
(3)
كما في أطراف المسند (5/ 131 رقم 6790).
وعزاه الحافظ في "الفتح"(3/ 224 - 225) إلى أحمد وقال: إسناده صحيح.
يَمْشِي فِي نَعْلَيْنِ بَيْنَ القُبُورِ فَقالَ: "يا صَاحِبَ السَّبْتِيَّتَيْنِ ألْقِهِما"، رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلَّا الترْمِذِيَّ)
(1)
. [حسن]
حديث البراء سكت عنه أبو داود
(2)
والمنذري
(3)
، ورجال إسناده رجال الصحيح على كلام في المنهال بن عمرو
(4)
، وشيخه زاذان
(5)
.
وقد أخرجه من هذه الطريق النسائي
(6)
وابن ماجه
(7)
.
وحديث عمرو بن حزم قال الحافظ في الفتح
(8)
: إسناده صحيح.
وحديث بشير سكت عنه أبو داود
(9)
والمنذري
(10)
، ورجال إسناده ثقات إلا خالد بن سمير
(11)
فإنه يهم. وأخرجه أيضًا الحاكم
(12)
وصححه.
(1)
أحمد (5/ 83) وأبو داود رقم (3230) والنسائي رقم (2048) وابن ماجه رقم (1568).
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(2)
في السنن (3/ 555).
(3)
في المختصر (4/ 343).
(4)
المنهال بن عمرو الأسدي مولاهم، الكوفي. صدوق ربما وهم من الخامسة (خ 4)[التقريب رقم الترجمة (6918)].
وقال المحرران: بل ثقة، فقد وثقه الأئمة: ابن معين، والنسائي، والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات. ولم يجرح بجرح حقيقي
…
ولذا أخرج له البخاري في صحيحه.
(5)
زاذان أبو عمر الكندي البزاز، ويكنى أبا عبد الله أيضًا. صدوق يُرسل، وفيه شيعية. من الثانية. مات سنة اثنتين وثمانين. (بخ م ع).
[التقريب رقم الترجمة (1976)].
وقال المحرران: بل ثقة. وثقه يحيى بن معين، وابن سعد، والعجلي وابن شاهين، والخطيب، والذهبي. وانفرد ابن حبان فقال: كان يخطئ كثيرًا. ولعلَّ الخطأ ممن روى عنه، فقد قال ابن عدي: أحاديثه لا بأس بها إذا روى عنه ثقة.
(6)
في سننه رقم (2001). وقد تقدم.
(7)
في سننه رقم (1548). وقد تقدم.
(8)
(3/ 224 - 225).
(9)
في السنن (3/ 555).
(10)
في المختصر (4/ 343).
(11)
خالد بن سُمَيْرٍ، بالتصغير، السدوسي، البصري، صدوق يهم قليلًا. من الثالثة (بخ دس ق).
[التقريب رقم الترجمة (1642)].
وقال المحرران: بل ثقة. وثقه النسائي - وناهيك به - وابن حبان والعجلي، والذهبي.
وما علمنا فيه جرحًا سوى حديث واحد أخطأ في لفظه منه، فكان ماذا؟ ".
• تنبيه: في كل طبعات النيل (خالد بن نمير) وهو تصحيف، والصواب ما أثبتناه (خالد بن سمير) والله أعلم.
(12)
في المستدرك (1/ 373) وصححه، ووافقه الذهبي.
قوله (مستقبل القبلة) فيه دليل على استحباب الاستقبال في الجلوس لمن كان منتظرًا دفن الجنازة.
قوله: (لأن يجلس أحدكم إلخ)، فيه دليل على أنه لا يجوز الجلوس على القبر، وقد تقدم النهي عن ذلك وذهاب الجمهور إلى التحريم، والمراد بالجلوس القعود.
وروى الطحاوي
(1)
من حديث محمد بن كعب قال: إنما قال أبو هريرة: "من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوّط فكأنما جلس على جمرة".
قال في الفتح
(2)
: لكن إسناده ضعيف.
وقال نافع": كان ابن عمر يجلس على القبور
(3)
ومخالفة الصحابي لما روى لا [تعارض]
(4)
المروي.
قوله: (لا تؤذ صاحب القبر)، هذا دليل لما ذهب إليه الجمهور من أن المراد بالجلوس القعود، وفيه بيان علة المنع من الجلوس: أعني التأذي.
قوله: (السبتيتين) قد تقدم تفسير ذلك في باب تغيير الشيب
(5)
والمراد بها جلود البقر وكل جلد مدبوغ، وإنما قيل لها السبتية أخذًا من السبت وهو الحلق لأن شعرها قد حلق عنها.
وفي ذلك دليل على أنه لا يجوز المشي بين القبور بالنعلين ولا يختصّ عدم الجواز بكون النعلين سبتيتين لعدم الفارق بينها وبين غيرها.
وقال ابن حزم
(6)
: يجوز وطء القبور بالنعال التي ليست سبتية لحديث: "إن
(1)
في شرح معاني الآثار (1/ 517) بسند ضعيف.
(2)
(3/ 224).
(3)
أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 517) بسند حسن.
(4)
في المخطوط (ب)(يعارض).
(5)
الباب الثامن خلال شرح الحديث (24/ 141) من كتابنا هذا.
• السِبتية: بكسر السين "جلودُ البقرِ، وكُلُّ جِلْدٍ مدبوغ، أو بالقرظ"، ذكره في القاموس (ص 195) وإنما قيل لها سبتية أخذًا من السبت، وهو الحلق؛ لأن شعرها قد حلق عنها وأزيل. (النيل 1/ 447) بتحقيقي.
(6)
في المحلى (5/ 136 - 137).
الميت يسمع خفق نعالهم"
(1)
، وخصّ المنع بالسبتية وجعل هذا جمعًا بين الحديثين وهو وهم؛ لأن سماع الميت لخفق النعال لا يستلزم أن يكون المشي على قبر أو بين القبور فلا معارضة.
وقال الخطابي
(2)
: إن النهي عن السبتية لما فيها من الخيلاء، ورد بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يلبسها كما تقدم في باب تغيير الشيب
(3)
.
[الباب السادس] باب الدفن ليلًا
20/ 1480 - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: مات إنْسانٌ كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعُودُه، فَمَاتَ باللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ ليْلًا؛ فَلَمَّا أصْبَحَ أخْبَرُوهُ، فَقالَ:"ما مَنعكُمْ أنْ تُعْلِمونِي؟ "، قالُوا: كانَ اللَّيْلَ فَكَرِهْنا، وكانَتْ ظُلْمَةٌ، أنْ نَشُق عَلَيْكَ، فأتى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيهِ. رَوَاهُ البُخارِيُّ
(4)
وَابْنُ ماجَهْ
(5)
. [صحيح]
قَالَ البُخارِيُّ
(6)
: وَدُفِنَ أبُو بَكْرٍ لَيْلًا). [أثر صحيح]
(1)
وهو جزء من حديث أبي هريرة الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (3113) وعبد الرزاق في المصنف رقم (6703) وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 383 - 384) وهناد في الزهد رقم (338) والحاكم (1/ 379 - 380، 380 - 381) وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي وهو جزء من حديث أنس أيضًا أخرجه أحمد (2/ 347)
والبخاري رقم (1338) ومسلم رقم (71/ 2870).
(2)
في معالم السنن (3/ 555 - مع السنن).
(3)
الباب الثامن خلال شرح الحديث (24/ 141) من كتابنا هذا.
(4)
في صحيحه رقم (1340).
(5)
في سننه رقم (1530).
وهو حديث صحيح.
(6)
في صحيحه رقم (3/ 207 رقم الباب (69) - مع الفتح) معلقًا.
ووصله البخاري في صحيحه برقم (1387) وفيه (ودفن - أبو بكر - قبل أن يصبح) وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 346).
وابن المنذر في الأوسط (5/ 460) عن عائشة.
21/ 1481 - (وَعَنْ عَائِشَةَ قالَتْ: ما عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حتَّى سَمِعْنا صَوْتَ المَساحِي مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ لَيْلَةَ الأرْبَعاءِ، قالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ: وَالمَساحِي: المُرُورُ. رَوَاهُ أحْمَدُ)
(1)
. [إسناده حسن]
22/ 1482 - (وَعَنْ جابِرٍ قالَ: رأى ناسٌ نارًا فِي المَقْبَرَةِ فأتَوْها، فإذَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي القَبْرِ يَقُولُ: "وِلُونِي صَاحِبَكُمْ"، وَإِذَا هُوَ الَّذِي كانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بالذّكْرِ. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ)
(2)
. [ضعيف]
حديث ابن عباس أخرجه أيضًا مسلم
(3)
، وقد روي نحوه عن جماعة من الصحابة
(4)
قدّمنا ذكرهم في باب الصلاة على الغائب، وقدمنا شرح هذا الحديث، والاختلاف في اسم هذا الإنسان المبهم هنالك.
ودفن أبي بكر بالليل ذكره البخاري
(5)
تعليقًا في باب الدفن بالليل، ووصله في آخر كتاب الجنائز في باب موت يوم الاثنين من حديث عائشة
(6)
.
ولابن أبي شيبة
(7)
من حديث القاسم بن محمد قال: دفن أبو بكر ليلًا.
ومن حديث عبيد بن السباق أن عمر دفن أبا بكر بعد العشاء الأخيرة
(8)
.
قال الحافظ في الفتح
(9)
: وصحّ أن عليًا دفن فاطمة ليلًا.
(1)
في المسند (6/ 274) بسند حسن.
(2)
في سننه رقم (3164). وهو حديث ضعيف.
(3)
في صحيحه رقم (71/ 956).
(4)
كالحديث رقم (1409) عن ابن عباس، و (1410) من حديث أبي هريرة. ورقم (1411) و (1412) و (1413) من كتابنا هذا.
(5)
في صحيحه رقم (3/ 207 رقم الباب (69) - مع الفتح) معلقًا.
(6)
البخاري في صحيحه رقم (1387) وفيه: (ودفن - أبو بكر - قبل أن يصبح).
(7)
في المصنف (3/ 346).
قلت: وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 460).
وهو أثر صحيح، والله أعلم.
(8)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 346) بسند ضعيف.
(9)
(2/ 208).
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 346).
وحديث جابر سكت عنه أبو داود
(1)
والمنذري
(2)
، ورجال إسناده ثقات إلا محمد بن مسلم الطائفي
(3)
ففيه مقال.
وأخرج الترمذي
(4)
من حديث ابن عباس نحوه، ولفظه:"أن النبيّ صلى الله عليه وسلم دخل قبرًا ليلًا فأسرج له بسراج فأخذه من قبل القبلة وقال: رحمك الله أن كنت لأوّاهًا تلَّاءً للقرآن"، قال الترمذي
(5)
: حديث ابن عباس حديث حسن.
قوله: (صوت المساحي) هي جمع مسحاة، والمسحاة: آلة من حديد يجرف بها الطين، مشتقة من السحو وهو كشف وجه الأرض، والميم فيها زائدة.
قوله: (المرور) جمع مر بفتح الميم بعدها راء مهملة، هو المسحاة على ما في القاموس
(6)
: وقيل: صوت المسحاة على الأرض.
والأحاديث المذكورة في الباب تدلّ على جواز الدفن بالليل، وبه قال الجمهور
(7)
، وكرهه الحسن البصري واستدلّ بحديث أبي قتادة المتقدم في باب استحباب إحسان الكفن
(8)
، وفيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر أن يقبر الرجل ليلًا حتى يُصلِي عليه [بكسر اللام أي النبي]
(9)
".
وأجيب عنه أن الزجر منه صلى الله عليه وسلم إنما كان لترك الصلاة لا للدفن بالليل، أو لأجل أنهم كانوا يدفنون بالليل لرداءة الكفن، فالزجر إنما هو لما كان الدفن بالليل مظنة إساءة الكفن كما تقدم، فإذا لم يقع تقصير في الصلاة على الميت وتكفينه فلا بأس بالدفن ليلًا.
(1)
في السنن (3/ 514).
(2)
في المختصر (4/ 309).
(3)
محمد بن مسلم الطائفي .. صدوق يخطئُ من حفظه. من الثامنة
…
التقريب رقم الترجمة (6293).
(4)
في السنن رقم (1057) وقال الترمذي: حديث حسن. وقال الألباني: وهو حديث ضعيف لكن موضع الشاهد منه حسن. وانظر ما علقته على هذا الحديث في تحقيقي "لسبل السلام"(3/ 330 رقم التعليقة (1) ط: 3.
(5)
في السنن (3/ 372).
(6)
القاموس المحيط ص 1669. وانظر: "النهاية" (2/ 349).
(7)
المغني (3/ 503 - 504).
(8)
عند الحديث رقم (1389) من كتابنا هذا.
(9)
زيادة من المخطوط (ب).
وقد قيل في تعليل كراهة الدفن بالليل: أن ملائكة النهار أرأف من ملائكة الليل، ولم يصحّ ما يدلّ على ذلك.
[الباب السابع] باب الدعاء للميت بعد دفنه
23/ 1483 - (عَنْ عُثْمانَ قالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا فَرَغ مِنْ دَفْنِ المَيتِ وَقَفَ علَيْهِ فَقالَ: "اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيت فإنَّهُ الآنَ يُسألُ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ)
(1)
. [صحيح]
24/ 1484 - (وَعَنْ رَاشِدِ بن سَعْدٍ وَضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ وَحَكِيمِ بْنِ عمَيْرٍ قالُوا: إذَا سُوّيَ على المَيتِ قَبْرُهُ وَانْصَرَفَ النَّاسُ عَنْهُ كانُوا يَسْتَحِبُّونَ أنْ يُقالَ لِلْمَيِّتِ عِنْدَ قَبْرِهِ: يا فُلانُ قُلْ: لا إلَهَ إلَّا الله، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا الله ثَلاثَ مَراتٍ، يا فُلانُ قُلْ: رَبِّي الله، وَدِينِي الإسْلامُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، ثم يَنْصَرِفُ. رَوَاهُ سَعِيدُ فِي سُنَنِهِ)
(2)
. [أثر ضعيف]
الحديث الأوّل أخرجه أيضًا الحاكم
(3)
وصححه والبزار
(4)
وقال: لا يروى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه.
والأثر المروي عن راشد وضمرة وحكيم ذكره الحافظ في التلخيص
(5)
وسكت عنه.
(1)
في السنن رقم (3221).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 370) والبيهقي (4/ 56) والبغوي في شرح السنة (5/ 418) وابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (584).
وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، ووافقهما الألباني في أحكام الجنائز (ص 198).
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(2)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 270) وابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 523) وهو أثر ضعيف.
(3)
في المستدرك (1/ 370). وقد تقدم.
(4)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 269 - 270).
(5)
(2/ 270).
وراشد المذكور شهد صفين مع معاوية، ضعفه ابن حزم
(1)
، وقال الدارقطني
(2)
: يعتبر به.
والثلاثة كلهم من قدماء التابعين حمصيون.
وقد روي نحوه مرفوعًا من حديث أبي أمامة عند الطبراني
(3)
وعبد العزيز الحنبلي في الشافي أنه قال: "إذا أنا متّ فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصنع بموتانا، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إذا مات أحد من إخوانكم فسوّيتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة فإنه يستوي قاعدًا، ثم يقول يا فلان ابن فلانة فإنه يقول: أرشدنا يرحمك الله ولكن لا تشعرون، فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًا، وبالقرآن إمامًا، فإنَّ منكرًا ونكيرًا يأخذ كل واحد بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا ما يقعدنا عند من لقن حجته، فقال رجل: يا رسول الله فإن لم يعرف أمه؟ قال: ينسبه إلى أمه حواء يا فلان ابن حواء".
قال الحافظ في التلخيص
(4)
: وإسناده صالح. وقد قوّاه الضياء في
(1)
في المحلى (7/ 413).
(2)
كما في "الميزان"(2/ 35) رقم الترجمة (7206).
وقال ابن حجر في "التقريب"(1/ 240): ثقة كثير الإرسال.
وقال الذهبي في "الكاشف"(1/ 299): ثقة.
وقال العلائي، قال أحمد بن حنبل: لم يسمع من ثوبان، وقال أبو زرعة: راشد بن سعد بن أبي وقاص مرسل. (جامع التحصيل ص 210 رقم 181).
(3)
في المعجم الكبير (ج 8 رقم 7979).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 324) و (3/ 45) وقال: في إسناده جماعة لم أعرفهم.
وقال ابن قيم الجوزية في "زاد المعاد"(1/ 523): "فهذا حديث لا يصح رفعه".
والخلاصة: أن حديث أبي أمامة حديث ضعيف، والله أعلم.
(4)
(2/ 270).
أحكامه. وفي إسناده سعيد الأزدي بيض له أبو حاتم. وقال الهيثمي
(1)
بعد أن ساقه: في إسناده جماعة لم أعرفهم، انتهى.
وفي إسناده أيضًا عاصم بن عبد الله وهو ضعيف.
قال الأثرم
(2)
: قلت لأحمد
(3)
: هذا الذي يصنعونه إذا دفن الميت: يقف الرجل ويقول يا فلان ابن فلان، قال: ما رأيت أحدًا يفعله إلا أهل الشام حين مات أبو المغيرة يروي فيه عن أبي بكر بن أبي مريم عن أشياخهم أنهم كانوا يفعلونه، وكان إسماعيل بن عياش يرويه يشير إلى حديث أبي أمامة
(4)
، انتهى.
وقد استشهد في التلخيص
(5)
لحديث أبي أمامة بالأثر الذي رواه سعيد بن منصور
(6)
.
ذكر له شواهد أخر خارجة عن البحث لا حاجة إلى ذكرها
(7)
.
(1)
في "مجمع الزوائد"(2/ 324) و (3/ 45).
(2)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 271).
(3)
المغني (3/ 437 - 438).
(4)
وهو حديث ضعيف تقدم تخريجه آنفًا ص 445.
(5)
(2/ 270).
(6)
تقدم تخريجه برقم (1484) من كتابنا هذا. وهو أثر ضعيف.
(7)
• قال النووي في "المجموع"(5/ 273 - 274):
"قال جماعات من أصحابنا: يستحب تلقين الميت عقب دفنه، فيجلس عند رأسه إنسان ويقول: "يا فلان ابن فلان أو يا عبد الله
…
الحديث" فهذا التلقين عندهم مستحب، وممن نص على استحبابه القاضي حسين والمتولي، والشيخ نصر المقدسي والرافعي وغيرهم.
ونقله القاضي حسين عن أصحابنا مطلقًا، وسئل الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله عنه فقال:"التلقين هو الذي نختاره ونعمل به، قال: وروينا فيه حديثًا من حديث أبي أمامة ليس إسناده بالقائم، لكن اعتضد بشواهد، وبعمل أهل الشام قديمًا"
…
قلت: - أي النووي - حديث أبي أمامة رواه أبو القاسم الطبراني في معجمه بإسناد ضعيف
…
قلت: - أي النووي - فهذا الحديث وإن كان ضعيفًا فيستأنس به، وقد اتفق علماء المحدثين وغيرهم على المسامحة في أحاديث الفضائل
…
" اهـ.
• قال محققه الشيخ محمد نجيب المطيعي تعليقًا على كلام النووي:
"ليس هذا من مرسل الفضائل، وإنما حدد حكمًا بالاستحباب وبدلالة الخطاب هو =
قوله: (إذا فرغ من دفن الميت) إلخ، فيه مشروعية الاستغفار للميت عند الفراغ من دفنه وسؤال التثبيت له لأنه يسأل في تلك الحال.
وفيه دليل على ثبوت حياة القبر. وقد وردت بذلك أحاديث كثيرة بلغت حدَّ التواتر.
= مستحب على الكفاية، ولا يقوم الضعيف حجة في ثبوت الأحكام فضلًا عن أمر تعم به البلوى وتوفر على القيام به أناس بدلوا ماء وجوههم في سؤال الناس إلحافًا بمثل هذه الأحاديث التي تبلغ في وهنها حد الوضع، وسؤال التثبيت ليس من قبيل التلقين، وإنما هو من قبيل الدعاء له بالثباث واليقين، كصلاة الجنازة فإنما هي دعاء له وليست خطابًا موجهًا إليه، والله أعلم" اهـ.
• وقال ابن قيم الجوزية في "زاد المعاد"(1/ 503): "ولم يكن يجلس يقرأ - أي النبي صلى الله عليه وسلم عند القبر، ولا يُلقن الميت كما يفعله الناس اليوم" اهـ.
• وقال محمد بن إسماعيل الأمير في "سبل السلام"(3/ 319) بتحقيقي: "ويتحصَّل من كلام أئمة التحقيق أنه - أي حديث التلقين - حديث ضعيف، والعمل به بدعة، ولا يغتر بكثرة من يفعله" اهـ.
• وقال المحدث الألباني رحمه الله في "أحكام الجنائز"[ص 198 تعليقة (1)] معجبًا بكلام محمد بن إسماعيل الأمير: "ويعجبني منه قوله: "والعمل به بدعة"، وهذه حقيقة طالما ذهل عنها كثير من العلماء، فإنهم يَشْرَعون بمثل هذا الحديث كثيرًا من الأمور ويستحبونها اعتمادًا منهم على قاعدةِ "يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال" ولم ينتبهوا إلى أن محلَّها فيما ثبت بالكتاب والسنة مشروعيته وليس بمجرد الحديث الضعيف
…
" اهـ.
• وحكم الألباني على الحديث في "الضعيفة" رقم (599) بأنه منكر إذ لم يكن موضوعًا.
• وقال العلامة صالح بن مهدي المقبلي في "المنار في المختار من جواهر البحر الزخار"(1/ 277 - 278).
"ورووا في ذلك - أي تلقين الميت - حديثًا لا يشكُّ الحديثيُّ - بل العاقل - أن ألفاظ ذلك الحديث تدل على وضعه، مثل قوله: يا فلان ابن فلانة، وإن لم يعرف اسمها، قال: يا فلان ابن حوَّاء، وكذلك فإن منكرًا ونكيرًا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه، ويقول: انطلق بنا ما مقعدنا عند من لُقِّنَ حُجَّتَهُ ....
وجعل ابن حجر من شواهده - أي حديث التلقين - أيضًا: أمر عمرو بن العاص أصحابه أن يقفوا على قبره مقدار نحر جزور ليستأنس بهم عند مراجعة رسل ربِّه.
وهذا الشاهد مختل من وجوه:
(منها): أنه لا دلالة على التلقين.
(ومنها): أنه لا حجة في قول عمرو، فإنه لم يسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، وإنما هو كفريق يتعلق بما لا ينجي
…
" اهـ.
وفيه أيضًا دليل على أن الميت يسأل في قبره، وقد وردت به أيضًا أحاديث صحيحة في الصحيحين
(1)
وغيرهما.
وورد أيضًا ما يدلّ على أن السؤال في القبر مختصّ بهذه الأمة كما في حديث زيد بن ثابت عند مسلم
(2)
: "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها"، وبذلك جزم الحكيم الترمذي
(3)
.
وقال ابن القيم
(4)
: السؤال عام للأمة وغيرها وليس في الأحاديث ما يدلّ على الاختصاص.
قوله: (وعن راشد وضمرة) هما تابعيان قديمان. وكذلك حكيم بن عمير وكل الثلاثة من حمص.
قوله: (كانوا يستحبون) ظاهره أن المستحبّ لذلك الصحابة الذين أدركوهم، وقد ذهب إلى استحباب ذلك أصحاب الشافعي
(5)
.
[الباب الثامن] باب النهي عن اتخاذ المساجد والسرج في المقبرة
25/ 1485 - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "قاتلَ الله اليَهُودَ اتخَذُوا قُبُورَ أنْبِيائِهِمْ مَساجِدَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(6)
. [صحيح]
26/ 1486 - (وَعَنِ ابْنِ عَباسٍ قال: لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم زَائِرَات
(1)
انظر أحاديث في الصحيحين وغيرهما عن الحياة في القبور، وأن الميت يسأل في قبره في "معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول"، للشيخ العلامة حافظ الحكمي (2/ 872 - 910) بتحقيقي، فهو بحث مفيد بعون الله.
(2)
في صحيحه رقم (67/ 2867).
(3)
في نوادر الأصول (ص 404).
(4)
في كتاب الروح (ص 102 - 104).
(5)
المجموع (5/ 273 - 274). وقد تقدم الرد عليه آنفًا.
(6)
أحمد في المسند (1/ 284، 396) والبخاري رقم (437) ومسلم رقم (20/ 530).
القُبُورِ وَالمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا المساجِدَ وَالسّرُجَ. رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ ماجَهْ)
(1)
. [حسن بشواهده دون قوله: "السرج"]
الحديث الثاني حسنه الترمذي
(2)
، وفي إسناده أبو صالح باذام
(3)
ويقال: باذان مولى أمّ هانئ بنت أبي طالب وهو صاحب الكلبي، وقد قيل: إنه لم يسمع من ابن عباس، وقد تكلم فيه جماعة من الأئمة، قال ابن عدي
(4)
: ولا أعلم أحدًا من المتقدمين رضيه. وقد روي عن يحيى بن سعيد أنه كان يحسن أمره.
قوله: (قاتل الله اليهود)، زاد مسلم
(5)
: "والنصارى"، ومعنى قاتل: قتل. وقيل: لعن فإنه قد ورد بلفظ اللعن.
قوله: (اتخذوا) جملة مستأنفة على سبيل البيان لموجب المقاتلة كأنه قيل: ما سبب مقاتلتهم؟ فأجيب بقوله: اتخذوا.
قوله: (مساجد) ظاهره أنهم كانوا يجعلونها مساجد يصلون فيها، وقيل: هو أعم من صلاة عليها وفيها.
وقد أخرج مسلم
(6)
: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها أو عليها".
وروى مسلم
(7)
أيضًا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال ذلك في مرضه الذي مات منه قبل موته بخمس، وزاد فيه:"فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك".
(1)
أحمد (1/ 229، 287، 337) وأبو داود رقم (3236) والترمذي رقم (320) والنسائي رقم (2043) وقال الترمذي: حديث حسن.
قلت: وأخرجه البغوي في شرح السنة (2/ 416 رقم 510) والطيالسي رقم (2733) والبيهقي (4/ 78). وحسنه البغوي والترمذي لشواهده، قلت: دون قوله: "السرج".
(2)
في السنن (1/ 429).
(3)
باذام، بالذال المعجمة، ويقال آخره نون، أبو صالح، مولى أم هانيء: ضعيف يُرسل، من الثالثة. (4).
التقريب رقم الترجمة (634)].
(4)
ذكر الحافظ في "تهذيب التهذيب"(1/ 211).
(5)
في صحيحه رقم (21/ 530).
(6)
في صحيحه رقم (97، 98/ 972).
(7)
في صحيحه رقم (23/ 532).
وفيه دليل على تحريم اتخاذ القبور مساجد، وقد زعم بعضهم أن ذلك إنما كان في ذلك الزمان لقرب العهد بعبادة الأوثان، وردّه ابن دقيق العيد
(1)
.
قوله: (لعن الله زائرات القبور) فيه تحريم زيارة القبور للنساء، وسيأتي الكلام على ذلك
(2)
.
قوله: (والسّرج) فيه دليل على تحريم اتخاذ السرج على المقابر لما يفضي إليه ذلك من الاعتقادات الفاسدة كما عرفت مما تقدم.
[الباب التاسع] باب وصول ثواب القرب المهداة إلى الموتى
27/ 1487 - (عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو أن العاصَ بْنَ وَائِلٍ نَذَرَ فِي الجاهِلِيَّة أنْ يَنْحَرَ مائَةَ بدَنَةٍ، وأن هشامَ بْنَ العاصِ نَحَرَ حِصَّتَهُ خَمْسينَ، وأنَّ عَمْرًا سألَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذلِكَ فَقالَ: "أمَّا أبُوكَ فَلَوْ أقَرَّ بالتَّوْحِيدِ فَصُمْتَ وَتَصَدَّقْتَ عَنْهُ نَفَعَهُ ذلكَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)
(3)
. [حسن]
28/ 1488 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أن رَجُلًا قالَ للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أبي ماتَ وَلْم يُوَصّ أفَيَنْفَعُهُ أنْ أتَصَدَّقَ عَنْهُ؟ قالَ: "نَعَمْ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
وَمُسْلمٌ
(5)
وَالنَّسائيُّ
(6)
وَابْنُ ماجَهْ)
(7)
. [صحيح]
(1)
في إحكام الأحكام (2/ 171).
(2)
في الباب الخامس عشر عند الحديث (61/ 1521 - 64/ 1524).
(3)
في المسند (2/ 182) بسند حسن. هُشيم، وحجاج صرَّحا بالتحديث.
وقد تابع حجاج بن أرطاة، حسان بن عطية - وهو ثقة من رجال الشيخين - عند أبي داود رقم (2883) والبيهقي (6/ 279) بسند حسن.
وخلاصة القول: أن حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن، والله أعلم.
(4)
في المسند (1/ 372).
(5)
في صحيحه رقم (11/ 1630).
(6)
في سننه رقم (2652).
(7)
في سننه رقم (2716).
وهو حديث صحيح.
29/ 1489 - (وَعَنْ عَائِشَةَ أن رَجُلًا قالَ للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وأُرَاها لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أجْرٌ إنْ تَصَدَّقْتُ عَنْها؟ قالَ: "نَعَمْ" مُتفَق عَلَيْهِ)
(1)
. [صحيح]
30/ 1490 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أن رَجُلًا قالَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ أمِّي تُوُفِّيَتْ أيَنْفَعُها إنْ تَصَدَّقْتُ عَنْها؟ قالَ: "نَعَمْ"، قالَ: فإنّ لِي مخْرَفًا، فأنا أُشْهِدُكَ أني قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا. رَوَاهُ البُخارِيّ
(2)
وَالتِّرْمِذِيّ
(3)
وأبُو دَاوُدَ
(4)
وَالنَّسَائيُّ)
(5)
. [صحيح].
31/ 1491 - (وَعَنِ الحَسَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُباد أن أُمَّهُ ماتَتْ فَقالَ: يا رَسُولَ الله إنَّ أُمِّي ماتَتْ أفأتَصَدَّقُ عَنْها؟ قالَ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: فأيُّ الصّدَقَةِ أفْضَلُ؟ قالَ: "سَقْيُ المَاءِ". قالَ الحَسَنُ: فَتِلْكَ سِقايَةُ آلِ سَعْدٍ بالمَدِينَةِ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(6)
وَالنَّسائي)
(7)
. [حسن لغيره]
حديث سعد رجال إسناده عند النسائي ثقات، ولكن الحسن لم يدرك سعدًا، وقد أخرجه أيضًا أبو داود
(8)
وابن ماجه
(9)
.
(1)
أحمد (6/ 51) والبخاري رقم (2760) ومسلم رقم (51/ 1004).
(2)
في صحيحه رقم (2770).
(3)
في سننه رقم (969) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
(4)
في سننه رقم (2882).
(5)
في سننه رقم (3655).
وهو حديث صحيح.
(6)
في المسند (5/ 284 - 285).
(7)
في سننه رقم (3666).
قلت: الحسن البصري لم يدرك سعدًا ولم يسمع منه، فهو منقطع. لكن الحديث حسن لغيره، والله أعلم.
(8)
في سننه رقم (2881).
(9)
في سننه رقم (2717).
عن عائشة أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي افتلتت نفسها ولم توص وإني أظنها لو تكلمت لتصدقت، فلها أجر إن تصدقت عنها ولي أجرٌ؟ قال: نعم.
وهو حديث صحيح.
قوله: (نحر حصته خمسين) إنما كانت حصته خمسين؛ لأنّ العاص بن وائل خلف ابنين هشامًا وعمرًا، فأراد هشام أن يفي بنذر أبيه فنحر حصته من المائة التي نذرها وحصته خمسون، وأراد عمرو أن يفعل كفعل أخيه فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره أن موت أبيه على الكفر مانع من وصول نفع ذلك إليه، وأنه لو أقرّ بالتوحيد لأجزأ ذلك عنه ولحقه ثوابه.
وفيه دليل على أن نذر الكافر بما هو قربة لا يلزم إذا مات على كفره.
وأما إذا أسلم وقد وقع منه نذر في الجاهلية ففيه خلاف، والظاهر أنه يلزمه الوفاء بنذره لما أخرجه الشيخان
(1)
من حديث ابن عمر: "أن عمر قال: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال له صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك".
وفي ذلك أحاديث يأتي ذكرها في باب من نذر وهو مشرك من كتاب النذور
(2)
.
قوله: (نفعه ذلك) فيه دليل على أن ما فعله الولد لأبيه المسلم من الصوم والصدقة يلحقه ثوابه.
قوله: (افتُلِتت) بضم المثناة بعد الفاء الساكنة وبعدها لام مكسورة على صيغة المجهول: ماتت فجأة، كذا في القاموس
(3)
، وقوله: نفسها بالضمّ على الأشهر نائب مناب الفاعل.
قوله: (وأُراها) بضم الهمزة بمعنى أظنها.
قوله: (فإن لي مخرفًا)، [و]
(4)
في رواية مخرافًا، والمخرف والمخراف
(5)
: الحديقة من النخل أو العنب أو غيرهما.
قوله: (قال: سقي الماء) فيه دليل على أن سقي الماء أفضل الصدقة.
(1)
البخاري رقم (2042) ومسلم رقم (27/ 1656).
(2)
كتاب النذور عند الحديث رقم (17/ 3859 - 20/ 3862). من كتابنا هذا.
(3)
القاموس المحيط ص 200.
(4)
زيادة من المخطوط (ب).
(5)
النهاية (2/ 24).
ولفظ أبي داود
(1)
: "فأيّ الصدقة أفضل؟ قال: الماء، فحفر بئرًا وقال: هذه لأمّ سعد".
وأخرج هذا الحديث الدارقطني في غرائب مالك.
وقد أخرج الموطأ
(2)
من حديث سعيد بن سعد بن عبادة: "أنه خرج سعد مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه وحضرت أمه الوفاة بالمدينة، فقيل لها: أوصي، فقالت: فيم أوصي والمال مال سعد؟ فتوفيت قبل أن يقدم سعد" فذكر الحديث.
وقد قيل: إن الرجل المبهم في حديث عائشة وفي حديث ابن عباس هو سعد بن عبادة، ويدلّ على ذلك أن البخاري
(3)
أورد بعد حديث عائشة حديث ابن عباس بلفظ: "إن سعد بن عبادة قال: إن أمي ماتت وعليها نذر"، وكأنه رمز إلى أن المبهم في حديث عائشة هو سعد.
وأحاديث الباب تدلّ على أن الصدقة من الولد تلحق الوالدين بعد موتهما بدون وصية منهما ويصل إليهما ثوابها فيخصص بهذه الأحاديث عموم قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)} [النجم: 39].
ولكن ليس في أحاديث الباب إلا لحوق الصدقة من الولد، وقد ثبت أن ولد الإنسان من سعيه فلا حاجة إلى دعوى التخصيص.
وأما من غير الولد فالظاهر من العمومات القرآنية أنه لا يصل ثوابه إلى الميت، فيوقف عليها حتى يأتي دليل يقتضي تخصيصها
(4)
.
(1)
في السنن رقم (1681). وهو حديث حسن.
(2)
في الموطأ (2/ 760 رقم 52).
(3)
في صحيحه رقم (2761).
(4)
قال علي بن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية"(2/ 664 - 671): "اتفق أهل السنة أن الأموات ينتفعون من سعي الأحياء بأمرين:
أحدهما: ما تسبَّب إليه الميتُ في حياته.
والثاني: دعاءُ المسلمين واستغفارُهم له، والصدقة والحج، على نزاعٍ فيما يصل من ثواب الحج، فعن محمد بن الحسن رحمه الله: أنه إنما يَصِلُ إلى الميت ثوابُ النفقة، والحجُّ للحاجِّ، وعند عامة العلماء: ثوابُ الحج للمحجوج عنه، وهو الصحيح.
واختُلِفَ في العبادات البدنية، كالصوم، والصلاةِ، وقراءة القرآن، والذكر، فذهب =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أبو حنيفة، وأحمد، وجمهور السلف إلى وصولها؛ والمشهور من مذهب الشافعي، ومالك عدمُ وصولها.
وذهب بعضُ أهل البدع من أهل الكلام إلى عدم وصول شيء البتة، لا الدعاء، ولا غيره. وقولهم مردود بالكتاب والسنة، لكنهم استدلوا بالمتشابه من قوله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)} [النجم: 39]، وقوله:{وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [يس: 54]، وقوله:{لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286].
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا مات ابن آدم، انقطعَ عملُهُ إلَّا من ثلاثٍ: صدقة جاريةٍ، أو ولدٍ صالح يدعو له، أو علم ينتفع به من بعده".
[أخرجه مسلم رقم (1631) والترمذي رقم (1376) وأبو داود رقم (2280) والنسائي (6/ 251) وأحمد (2/ 382) والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (38) من حديث أبي هريرة. وهو حديث صحيح].
فأخبر أنه إنما ينتفع بما كان تسبب فيه في الحياة، وما لم يكن تسبَّب فيه في الحياة فهو منقطع عنه.
واستدل المقتصرون على وصول العبادات التي تدخلها النيابة كالصدقة والحجَّ بأن النوع الذي لا تدخله النيابةُ بحال، كالإسلام والصلاة والصوم، وقراءة القرآن، يختص ثوابه بفاعله لا يتعداه، كما أنه في الحياة لا يفعلُه أحدٌ، ولا ينوبُ فيه عن فاعله غيره.
وقد روى النسائي بسنده أفي الكبرى (4/ 43/ 1) والطحاوي في "مشكل الآثار"(3/ 141) موقوفًا على ابن عباس، وسنده صحيح، ولا يعرف في المرفوع] عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا يصلِّي أحدٍ عن أحدٍ، ولا يصومُ أحدٌ عن أحدٍ، ولكن يُطعِمُ عنه مكان كُلِّ يومٍ مُدًّا من حنطةِ".
والدليلُ على انتفاع الميت بغير ما تسبب فيه: الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح.
أما الكتاب: فقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: 10]، فأثنى عليهم باستغفارهم للمؤمنين قبلهم، فدلَّ على انتفاعهم باستغفار الأحياء، وقد دل على انتفاع الميت بالدعاءِ إجماعُ الأمة على الدعاء له في صلاة الجنازة، والأدعية التي وردت بها السنة في صلاة الجنازة مستفيضة، وكذا الدعاء له بعد الدفن، ففي سنن أبي داود -[رقم (3221) والبيهقي (4/ 56)، والبغوي في شرح السنة رقم (1523) وسنده قوي، حسَّنه النووي في الأذكار، والحافظ في "أماليه"، والحاكم (1/ 370) ووافقه الذهبي]- من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال:"استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل".
وكذلك الدعاءُ لهم عند زيارة قبورهم، كما في صحيح مسلم -[رقم (975) والنسائي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (4/ 94) وابن ماجه رقم (1547) والبغوي في شرح السنة رقم (1555) وأحمد في المسند (5/ 353، 360)]- من حديث بُريدة بن الحصيب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا: "السلامُ عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنَّا إن شاءَ اللهُ بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية".
وفي صحيحه أيضًا - (رقم: 974) - عن عائشة رضي الله عنها، سألت النبي صلى الله عليه وسلم: كيف تقول إذا استغفرت لأهل القبور؟ قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم اللهُ المستقدمين منا والمستأخرين، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون".
وأما وصول ثواب الصدقة، ففي الصحيحين -[البخاري رقم (1388) و (2760) ومسلم رقم (1004) والنسائي (6/ 250) وابن ماجه رقم 2717) ومالك في الموطأ (2/ 760) والبغوي رقم (1690) والبيهقي (4/ 62) وأبو داود رقم (2881) وفيه أن امرأة
…
والرجل المبهم هو (سعد بن عبادة) كما في الحديث الذي بعده، وانظر:"الفتح"(5/ 389)].
عن عائشة رضي الله عنها: أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنَّ أمي افتُلِتت نفسها ولم توصِ، وأظنها لو تكلَّمت تصدَّقت، أفلَها أجرٌ إن تصدقتُ عنها؟ قال: نعم".
وفي صحيح البخاري -[رقم (2756) و (2762) و (2870)]- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنَّ سعد بن عُبادة توفيت أمُّهُ وهو غائب عنها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللهِ، إنَّ أمي توفيت وأنا غائب عنها، فهل ينفعها إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: نعم. قال: فإني أشهدُك أن حائطي المِخْرَاف صدقة عنها.
وأمثال ذلك كثير في السنة.
وأما وصول ثواب الصوم، ففي "الصحيحين" -[البخاري رقم (1952) ومسلم رقم (1147)]- عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من مات وعليه صيام صامَ عنه وليهُ".
وله نظائر في "الصحيح".
ولكن أبو حنيفة قال بالإطعام عن الميت دون الصيام عنه، لحديث ابن عباس المتقدم، والكلامُ على ذلك معروف في كتب الفروع.
وأما وصول ثواب الحج، ففي "صحيح البخاري" -[رقم (1852) و (6699) و (7315)]- عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن امرأة من جُهينةَ جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دَينٌ، أكنتِ قاضيته؟ اقضُوا الله، فاللهُ أحقَّ بالوفاء".
ونظائره أيضًا كثيرة.
وأجمع المسلمون على أن قضاء الدين يسقِطُه من ذمةِ الميت، ولو كان من أجنبي، ومن غير تركته، وقد دلَّ على ذلك حديثُ أبي قتادة، حيث ضمن الدينارين عن الميت، فلما =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قضاهما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الآن بَرَّدْتَ عليه جلدتَهُ" -[أخرجه أحمد (3/ 330) والطيالسي رقم (1673) والبيهقي (6/ 75) والبزار رقم (1334) من حديث جابر بن عبد الله، وسنده حسن، وصححه الحاكم (2/ 58) ووافقه الذهبي. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 39) ونسبه لأحمد والبزار وحسن إسناده].
وكُلُّ ذلك جار على قواعد الشرع وهو محضُ القياس، فإن الثواب حقُّ العامل، فإذا وهبه لأخيه المسلم، لم يمنع من ذلك، كما لم يُمنع من هبة ماله له في حياته وإبرائه له منه بعد وفاته.
وقد نبَّه الشارعُ بوصول ثواب الصوم وعلى وصول ثواب القراءة ونحوها من العبادات البدنية، يوضحُهُ: أن الصومَ كفُّ النفس عن المفطرات بالنية، ونص الشارع على وصول ثوابه إلى الميت، فكيف بالقراءة التي هي عملٌ ونية؟.
• وأما الجواب عما استدلوا به من قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)} [النجم: 39]، قد أجاب العلماء بأجوبة أصحها جوابان:
(أحدهما): أن الإنسان بسعيه وحُسنِ عشرته اكتسب الأصدقاءَ وأولدَ الأولاد، ونكح الأزواج، وأسدى الخير، وتودَّد إلى الناس، فترحَّموا عليه، ودعوا له، وأهدوا له ثوابَ الطاعات، فكان ذلك أثرَ سعيه، بل دخولُ المسلم مع جملةِ المسلمين في عَقْدِ الإسلام من أعظم الأسباب في وصول نفع كلٍّ من المسلمين إلى صاحبه، في حياته وبعد مماته، ودعوة المسلمين تحيطُ من ورائهم.
يُوضحه: أن الله تعالى جعل الإيمان سببًا لانتفاع صاحبه بدُعاء إخوانه من المؤمنين وسعيهم، فإذا أتى به، فقد سعى في السبب الذي يُوصلُ إليه ذلك.
(الثاني): وهو أقوى منه - أنَّ القرآن لم ينفِ انتفاعَ الرجلِ بسعي غيره، وإنما نفى مِلْكه لغير سعيه، وبينَ الأمرين من الفرق ما لا يخفى، فأخبر تعالى أنه لا يملكُ إلا سعيه، وأما سعي غيره، فهو ملكٌ لساعيه فإن شاء أن يبذله لغيره وإن شاء أن يبقيَهُ لنفسه.
وقوله سبحانه: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)} [النجم: 38 - 39] آيتان محكمتان تقتضيان عدل الرب تعالى:
فالأولى: تقتضي أنه لا يُعاقِبُ أحدًا بجرم غيره، ولا يؤاخذ بجريرة غيره، كما يفعله ملوك الدنيا.
والثانية: تقتضي أنه لا يُفلحُ إلا بعمله، ليقطعَ طمعه من نجاته بعمل آبائه وسلَفِه ومشايخه، كما عليه أصحاب الطمع الكاذب، وهو سبحانه لم يقل: لا ينتفع إلا بما يسعى.
وكذلك قوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ} [البقرة: 286] وقوله: {وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [يسَ: 54]، على أن سياق هذه الآية يدل على أن المنفي عقوبَةُ العبد بعمل غيره، فإنه تعالى قال:{فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (54)} . =
وقد اختلف في غير الصدقة من أعمال البرّ، هل يصل إلى الميت؟ فذهبت المعتزلة إلى أنه لا يصل إليه شيء واستدلوا بعموم الآية
(1)
.
وقال في شرح الكنز: إن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة كان أو صومًا أو حجًا أو صدقة أو قراءة قرآن أو غير ذلك من جميع أنواع البرّ، ويصل ذلك إلى الميت وينفعه عند أهل السنة، انتهى.
والمشهور من مذهب الشافعي
(2)
وجماعة من أصحابه أنه لا يصل إلى الميت ثواب قراءة القرآن.
وذهب أحمد بن حنبل
(3)
وجماعة من العلماء وجماعة من أصحاب الشافعي إلى أنه يصل، كذا ذكره النووي في الأذكار
(4)
.
وفي شرح المنهاج لابن النحوي: لا يصل إلى الميت عندنا ثواب القراءة على المشهور.
والمختار الوصول إذا سأل الله إيصال ثواب قراءته، وينبغي الجزم به لأنه دعاء، فإذا جاز الدعاء للميت بما ليس للداعى، فلأن يجوز بما هو له أولى، ويبقى الأمر فيه موقوفًا على استجابة الدعاء.
وهذا المعنى لا يختصّ بالقراءة بل يجري في سائر الأعمال، والظاهر أن
= وأما استدلالهم بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا ماتَ ابنُ آدمَ انقطع عملُهُ" -[أخرجه مسلم رقم (1631) وأبو داود رقم (2880) والترمذي رقم (1376) والنسائي (6/ 251) وأحمد (2/ 382) والبخاري في الأدب المفرد رقم (38) وابن الجارود رقم (370)]- من حديث أبي هريرة فاستدلال ساقط، فإنه لم يقل انقطع انتفاعه، وإنما أخبر عن انقطاع عمله، وأما عملُ غيره فهو لعامله، فإن وهبه له، وصل إليه ثواب عمل العامل، لا ثواب عمله هو، وهذا كالدَّين يوفيه الإنسان عن غيره، فتبرأ ذمته، ولكن ليس له ما وفَّى به الدين
…
" اهـ.
[وانظر: المجموع شرح المهذب (16/ 509) والمغني لابن قدامة (3/ 519) وحاشية ابن عابدين (3/ 143) والمفهم (4/ 554) ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (24/ 306 - 313، 324، 366) والروح لابن القيم (159 - 193) فقد بسط القول في المسألة].
(1)
تقدم في التعليقة السابقة الرد على ذلك.
(2)
المجموع (16/ 509).
(3)
المغني (3/ 519 - 523).
(4)
ص 278.
الدعاء متفق عليه أنه ينفع الميت والحيّ القريب والبعيد بوصية وغيرها. وعلى ذلك أحاديث كثيرة، بل كان أفضل الدعاء أن يدعو لأخيه بظهر الغيب، انتهى.
وقد حكى النووي في شرح مسلم
(1)
الإجماع على وصول الدعاء إلى الميت، وكذا حكى الإجماع على أن الصدقة تقع عن الميت ويصله ثوابها ولم يقيد ذلك بالولد.
وحكى أيضًا الإِجماع على لحوق قضاء الدين، والحقّ أنه يخصص عموم الآية بالصدقة من الولد كما في أحاديث الباب.
وبالحجّ من الولد كما في خبر الخثعمية
(2)
، ومن غير الولد أيضًا كما في حديث المحرم عن أخيه شبرمة
(3)
، ولم يستفصله صلى الله عليه وسلم هل أوصى شبرمة أم لا؟.
وبالعتق من الولد كما وقع في البخاري
(4)
في حديث سعد خلافًا للمالكية على المشهور عندهم.
وبالصلاة من الولد أيضًا لما روى الدارقطني
(5)
"أن رجلًا قال: يا رسول الله
(1)
في شرح صحيح مسلم له (5/ 90).
(2)
أخرج البخاري رقم (1513) ومسلم رقم (407/ 1334) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: كان الفضلُ رديفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت امرأة من خثعَمَ فجعل الفضلُ ينظرُ إليها وتنظر إليه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرِفُ وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة اللهِ على عبادِهِ في الحج أدركَتْ أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلةِ، أفأحج عنه؟ قال: نعم. وذلك في حجة الوداع.
قلت: وأخرجه مالك في الموطأ (1/ 359 رقم 97) والترمذي رقم (928) وأبو داود رقم (1809) والنسائي رقم (2635) وابن ماجه رقم (2909).
(3)
أخرج أبو داود رقم (1811) وابن ماجه رقم (2903) وابن الجارود في "المنتقى" رقم (499) والدارقطني (2/ 267 رقم 142) والبيهقي (4/ 336) وابن حبان رقم (162 - موارد) كلهم من حديث ابن عباس.
أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: لبيك عن شُبرمُةَ، قال من شُبرمة؟ قال: أخٌ لي أو قريب لي، قال: حججتَ عن نفسك؟ قال: لا، قال: حُج عن نفسك ثم حُجَّ عن شُبرمة"، وهو حديث صحيح.
(4)
في صحيحه رقم (2761).
(5)
لم أقف عليه في سنن الدارقطني ولا في الأجزاء المطبوعة من علله.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 387).
إنه كان لي أبوان أبرّهما في حال حياتهما، فكيف لي ببرّهما بعد موتهما؟ فقال صلى الله عليه وسلم:"إن من البرّ بعد البرّ أن تصلي لهما مع صلاتك وأن تصوم لهما مع صيامك"، وبالصيام من الولد لهذا الحديث.
ولحديث عبد الله بن عمرو
(1)
المذكور في الباب.
ولحديث ابن عباس عند البخاري
(2)
ومسلم
(3)
: "إن امرأة قالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر. فقال: أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي ذلك عنها؟ قالت: نعم، قال: فصومي عن أمك".
وأخرج مسلم
(4)
وأبو داود
(5)
والترمذي
(6)
من حديث بريدة أن امرأة قالت: "إنه كان على أمي صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: صومي عنها".
ومن غير الولد أيضًا لحديث: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه"، متفق عليه
(7)
من حديث عائشة.
وبقراءة يس من الولد وغيره لحديث: "اقرءوا على موتاكم يس"
(8)
(1)
تقدم برقم (1487) من كتابنا هذا.
(2)
في صحيحه رقم (1953).
(3)
في صحيحه رقم (156/ 1148).
(4)
في صحيحه رقم (157/ 1149).
(5)
في السنن رقم (2877).
(6)
في السنن رقم (667).
وهو حديث صحيح.
(7)
البخاري رقم (1952) ومسلم رقم (153/ 1147).
(8)
أخرجه أبو داود رقم (3121) وابن ماجه رقم (1447) والنسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (1074) والحاكم (1/ 565) والبيهقي (3/ 383) وأحمد (5/ 26، 27) وابن حبان رقم (720 - موارد) والطيالسي رقم (931) كلهم من حديث معقل بن يسار.
قال الحاكم: "أوقفه يحيى بن سعيد وغيره عن سليمان التيمي، والقول فيه قول ابن المبارك، إذ الزيادة من الثقة مقبولة" ووافقه الذهبي، ووافقهما الألباني في الإرواء (3/ 151) وقال:"ولكن للحديث علة أخرى قادحة أفصح عنها الذهبي في الميزان (4/ 550 رقم 10404) فقال في ترجمة أبي عثمان هذا: "عن أبيه، عن أنس لا يعرف. قال ابن المديني: لم يرو عنه غير سليمان التيمي. قلت: أما النهدي فثقة إمام".
قلت: وتمام كلام ابن المديني: "وهو مجهول". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات"(7/ 664) على قاعدته في تعديل المجهولين.
ثم إن الحديث له علة أخرى. وهي الاضطراب، فبعض الرواة يقول: وعن أبي عثمان عن أبيه عن معقل"، وبعضهم: "عن أبي عثمان عن معقل" لا يقول: "عن أبيه"، وأبوه =
وقد تقدم
(1)
.
وبالدعاء من الولد لحديث: "أو ولد صالح يدعو له"
(2)
، ومن غيره لحديث:؟ "استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسئل" وقد تقدم
(3)
.
= غير معروف أيضًا. فهذه ثلاث علل:
1 -
جهالة أبي عثمان.
2 -
جهالة أبيه.
3 -
الاضطراب.
وقد أعله ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 49 - 50 رقم 2288)" .... ولا يصح، لأن أبا عثمان هذا لا يعرف، ولا روى عنه غير سليمان التيمي، وإذا لم يكن هو معروفًا، فأبوه أبعد من أن يعرف، وهو إنما روى عنه" اهـ.
قال الدارقطني كما في "التلخيص"(2/ 212 - 213): هذا حديث ضعيف الإسناد، مجهول المتن، ولا يصح في الباب حديث.
وأما في مسند أحمد (4/ 105) من طريق صفوان: حدثني المشيخة أنهم حضروا غضيف بن الحارث الثمالي حين اشتد سوقه، فقال: هل منكم من أحد يقرأ (يس) قال: فقرأها صالح بن شريح السكوني، فلما بلغ أربعين منها قبض، قال: فكان المشيخة يقولون: إذا قرئت عند الميت خفف عنه بها. قال صفوان: "وقرأها عيسى بن المعتمر عند ابن معبد".
قال الألباني في "الإرواء"(3/ 152): "فهذا سند صحيح إلى غضيف بن الحارث رضي الله عنه، ورجاله ثقات غير المشيخة، فإنهم لم يسمَّوا، فهم مجهولون، لكن جهالتهم تنجبر بكثرتهم لا سيما وهم من التابعين، وصفوان هو ابن عمرو وقد وصله ورفعه عنه بعض الضعفاء بلفظ: "إذا قرئت
…
" فضعيف مقطوع. وقد وصله بعض المتروكين والمتهمين بلفظ: "ما من ميت يموت فيقرأ عنده (يس) إلا هَوّنَ الله عليه".
رواه أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 188) عن مروان بن سالم عن صفوان بن عمرو عن شريح عن أبي الدرداء مرفوعًا به.
ومروان هذا قال أحمد والنسائي: "ليس بثقة"، وقال الساجي وأبو عروبة الحراني:"يضع الحديث"[الميزان (4/ 90) والمجروحين (3/ 13)] ومن طريقه رواه الديلمي إلا أنه قال: "عن أبي الدرداء وأبي ذر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
" كما في "التلخيص" (2/ 213).
(1)
برقم (1369) من كتابنا هذا.
(2)
أخرجه مسلم رقم (14/ 1631) وأبو داود رقم (2880) والترمذي رقم (1376) وغيرهم وقد تقدم.
(3)
برقم (1483) من كتابنا هذا.
ولحديث: "فضل الدعاء للأخ بظهر الغيب"
(1)
.
ولقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: 10].
ولما ثبت من الدعاء للميت عند الزيارة كحديث بريدة عند مسلم
(2)
وأحمد
(3)
وابن ماجه
(4)
قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية".
وبجميع ما يفعله الولد لوالديه من أعمال البرّ لحديث: "ولد الإنسان من سعيه"
(5)
.
وكما تخصص هذه الأحاديث الآية المتقدمة كذلك يخصص حديث أبي هريرة عند مسلم
(6)
وأهل السنن
(7)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
فإن ظاهره أن ينقطع عنه ما عدا هذه الثلاثة كائنًا ما كان. وقد قيل: إنه يقاس على هذه المواضع التي وردت بها الأدلة غيرها فيلحق الميت كل شيء فعله غيره.
(1)
أخرجه مسلم رقم (86/ 2732) وأبو داود رقم (1534) من حديث أبي الدرداء. وهو حديث صحيح.
(2)
في صحيحه رقم (104/ 975).
(3)
في المسند (5/ 353).
(4)
في سننه رقم (1547).
وهو حديث صحيح.
(5)
أخرجه أحمد في المسند (6/ 202 - 203) وأبو داود رقم (3529) والطيالسي رقم (1580) وابن أبي شيبة (7/ 158) وابن راهويه في مسنده رقم (1655) و (1656) والإسماعيلي في معجمه (2/ 657 - 658) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 480) والحاكم (2/ 45 - 46) وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. ووقع في مطبوعه: عن أبيه، وهو تحريف. وهو حديث حسن، والله أعلم.
(6)
في صحيحه رقم (1631).
(7)
أبو داود رقم (2280) والترمذي رقم (1376) والنسائي (6/ 251).
وقال في شرح الكنز: إن الآية منسوخة بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ} [الطور: 21] الآية، وقيل: الإنسان أريد به الكافر، وأما المؤمن فله ما سعى إخوانه، وقيل ليس له من طريق العدل وهو له من طريق الفضل، وقيل اللام بمعنى على كما في قوله تعالى:{وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} [غافر: 52] أي: وعليهم، انتهى.
[الباب العاشر] باب تعزية المصاب وثواب صبره وأمره به وما يقول لذلك
32/ 1492 - (عَنْ عَبْدِ الله بن أبي بكر بن محمد بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدّهِ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "ما مِنْ مُؤمِنٍ يُعَزي أخاهُ بمُصِيبَةٍ إلَّا كَساهُ الله عز وجل مِنْ حُلَلِ الكَرَامَةِ يَوْمَ القِيامَةِ"، رَوَاه ابْنُ ماجَهْ)
(1)
. [حسن]
33/ 1493 - (وَعَنِ الأسْوَدِ عَنْ عَبْدِ الله عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أجْرِهِ"، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
(2)
وَالتِّرْمِذِيُّ)
(3)
. [ضعيف]
34/ 1494 - (وَعَنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَليّ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "ما مِنْ مُسْلِمٍ وَلا مُسْلِمَةٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فَيَذْكُرُها وَإنْ قَدِمَ عَهْدُها فَيحْدِث لِذَلِكَ اسْتِرْجاعًا إلَّا جَدَّدَ الله تبارك وتعالى لَهُ عِنْدَ ذلكَ فأعْطاهُ مِثْلَ أجْرِها يَوْمَ أصِيبَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
وَابْنُ ماجَهْ)
(5)
. [ضعيف جدًّا]
(1)
في سننه رقم (1601).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 529): "هذا إسناد فيه مقال: قيس أبو عمارة ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في الكاشف: ثقة، وقال البخاري: فيه نظر.
قلت: وباقي رجال الإسناد على شرط مسلم" اهـ.
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(2)
في سننه رقم (1602).
(3)
في سننه رقم (1073) وقال: غريب لا نعرفه مرفوعًا (لا من حديث علي بن عاصم).
وهو حديث ضعيف. وانظر: الإرواء (3/ 217 رقم 765).
(4)
في المسند (1/ 201).
(5)
في سننه رقم (1600).
قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (6777) و (6778) وابن حبان في "المجروحين"(3/ 88) =
حديث بن عمرو بن حزم رواه ابن ماجه
(1)
من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا خالد بن مخلد، حدثني قيس أبو عمارة مولى الأنصار قال: سمعت عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فساقه، وهؤلاء كلهم ثقات إلا قيس أبو عمارة [ففيه]
(2)
لين
(3)
، وقد ذكره الحافظ
(4)
في التلخيص وسكت عنه.
وحديث ابن مسعود أخرجه أيضًا الحاكم
(5)
، وقال الترمذي
(6)
: غريب لا نعرفه إلا من حديث عليّ بن عاصم.
ورواه بعضهم عن محمد بن سوقة بهذا الإسناد مثله موقوفًا ولم يرفعه، ويقال: أكثر ما ابتلي به عليّ بن عاصم هذا الحديث نقموه عليه اهـ.
قال البيهقي
(7)
: تفردّ به عليّ بن عاصم.
وقال ابن عدي
(8)
: قد رواه مع عليّ بن عاصم محمد بن الفضل بن عطية وعبد الرحمن بن مالك بن مغول. وروى عن إسرائيل وقيس بن الربيع والثوري وغيرهم.
= وابن السني في عمل اليوم والليلة رقم (559) ووقع عند ابن حبان، وابن السني: عن أبيه، بدل: عن أمه. وهو تحريف. والطبراني في الكبير رقم (2895) من طرق عن هشام بن أبي هشام - قال عباد: ابن زياد - عن أمه، عن فاطمة ابنة الحسين عن أبيها الحسين بن علي، به.
قلت: إسناده ضعيف جدًّا، هشام بن أبي هشام متروك، وأمه لا يعرف حالها.
والخلاصة: أن الحديث ضعيف جدًّا والله أعلم.
(1)
تقدم في الصفحة السابقة رقم الحاشية (أ).
(2)
في المخطوط (ب): (وفيه).
(3)
قيس، أبو عُمارة الفارسي، مولى الأنصار: فيه لينٌ. من السابعة
…
التقريب رقم الترجمة (5598).
وقال المحرران: بل ضعيف، قال البخاري: فيه نظر. وذكره العقيلي في "الضعفاء" وساق له حديثين، وقال: لا يُتابع عليهما جميعًا. وقال الذهبي: لا يصح حديثه. وذكره ابن حبان وحده في "الثقات".
(4)
في "التلخيص"(2/ 275).
(5)
عزاه إليه الحافظ في التلخيص (2/ 275).
(6)
في السنن (3/ 385).
(7)
في السنن الكبرى (4/ 59).
(8)
في الكامل (5/ 1838) في ترجمة علي بن أبي عاصم.
وروى ابن الجوزي في الموضوعات
(1)
من طريق نصر بن حماد عن شعبة نحوه. وقال الخطيب
(2)
: رواه عبد الحكم بن منصور والحارث بن عمران الجعفري وجماعة مع عليّ بن عاصم وليس شيء منها ثابتًا.
ويحكى عن أبي داود
(3)
قال: عاتب يحيى بن سعيد القطان عليّ بن عاصم في وصل هذا الحديث، وإنما هو عندهم منقطع، وقال له: إن أصحابك الذين سمعوه معك لا يسندونه فأبى أن يرجع.
قال الحافظ
(4)
: ورواية الثوري مدارها على حماد بن الوليد وهو ضعيف جدًّا، وكل المتابعين لعليّ بن عاصم أضعف منه بكثير، وليس فيها رواية يمكن التعلق بها إلا طريق إسرائيل، فقد ذكرها صاحب الكمال من طريق وكيع عنه، ولم أقف على إسنادها بعد.
قال في التلخيص (4) وله شاهد أضعف منه من طريق محمد بن عبيد الله العَرْزَميُّ عن أبي الزبير عن جابر، ساقه ابن الجوزي في الموضوعات
(5)
.
وله أيضًا شاهد آخر من حديث أبي برزة مرفوعًا: "من عزّى ثكلى كُسي بردًا في الجنة"
(6)
، قال الترمذي
(7)
: غريب.
ومن شواهده حديث عمرو بن حزم الذي قبله
(8)
.
(1)
في الموضوعات (3/ 223) وقال: وأما طريقه الثاني ففيه: نصر بن حماد وقد تفرد به عن شعبة. قال يحيى: هو كذاب، وقال مسلم بن الحجاج: هو ذاهب الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. (الميزان (4/ 250).
(2)
ذكر الخطيب في تاريخ بغداد (11/ 450 - 453) طرق الحديث وأقوال العلماء فيه.
(3)
حكاه عنه الحافظ في "التلخيص"(2/ 275).
(4)
في "التلخيص"(2/ 275).
(5)
(3/ 223). وقال: أما حديث جابر ففيه: محمد بن عُبيد الله وهو العرزمي، قال يحيى: لا يكتب حديثه. وقال النسائي: متروك الحديث. [الميزان (3/ 635 - 636)].
وانظر: "النقد الصريح لأجوبة الحافظ ابن حجر عن أحاديث المصابيح"، تأليف الأخ عمرو عبد المنعم ص 39 - 46. وقال في الختامِ: "فهذه هي شواهد حديث ابن مسعود رضي الله عنه أو لها ليس له أصل، وثانيها ضعيف جدا، ولا يستبعد وضعه، وثالثها منكر غير معروف.
فهل يرتقي حديث ابن مسعود إلى درجة الضعف المحتمل بمثل هذه الشواهد الواهية" اهـ.
(6)
أخرجه الترمذي في السنن (رقم 1076) وقال: هذا حديث غريب وليس إسناده بالقوي.
(7)
في السنن (3/ 388). وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(8)
تقدم برقم (1492) من كتابنا هذا.
قال السيوطي في التعقبات
(1)
: وأخرج البيهقي في الشعب
(2)
عن محمد بن هارون الفأفاء وكان ثقة صدوقًا قال: رأيت في المنام النبيّ صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله حديث عليّ بن عاصم الذي يرويه عن ابن سوقة: "من عزى مصابًا"، هو عنك؟ قال: نعم (*)، فكان محمد بن هارون كلما حدّث بهذا الحديث بكى.
وقال الذهبي
(3)
: أبلغ ما شنع به على عليّ بن عاصم هذا الحديث، وهو مع ضعفه صدوق في نفسه وله صورة كبيرة في زمانه، وقد وثقه جماعة.
قال يعقوب بن شيبة
(4)
: كان من أهل الدين والصلاح والخير والتاريخ، وكان شديد التوقي، أنكر عليه كثرة الغلط مع تماديه على ذلك.
وقال وكيع
(5)
: ما زلنا نعرفه بالخير، فخذوا الصحاح من حديثه ودعوا الغلط. وقال أحمد
(6)
: أما أنا فأحدّث عنه كان فيه لجاج ولم يكن متهمًا. وقال الفلاس
(7)
: صدوق.
وحديث الحسين في إسناده هشام بن زياد
(8)
وفيه ضعف عن أمه وهي لا تعرف.
قوله: (من عزّى مصابًا إلخ) فيه دليل على أنَّ تعزية المصاب من موجبات الكسوة من الله تعالى لمن فعل ذلك من حلل كرامته.
قوله: (فله مثل أجره) فيه دليل على أنه يحصل للمعزّي بمجرّد التعزية مثل أجر المصاب.
(1)
في "تعقبات السيوطي على الموضوعات لابن الجوزي" خلال الحديث رقم (96) بتحقيقي أعانني الله على نشره.
(2)
في شعب الإيمان (رقم: 9286) بسند حسن.
قلت: وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(11/ 452) من طريق الحارث بن محمد بن المعافى العابد وكان ثقة صدوقًا - قال
…
فذكره.
(*) كيف يستساغ قبول هذا الكلام الذي تُهْدرُ به علوم المحدثين، وقواعد الحديث والدين؟ ويُصبح به أمر التصحيح والتضعيف من علماء الحديث شيئًا لا معنى له بالنسبة إلى من يقول إن الكشف والإلهام والأحلام يثبت بها الحكم على الأحاديث. فحذارِ أن تغتر بهذا الكلام البدعي الباطل.
[انظر كتابي: "مدخل إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" ص 101 - 102: "صحة الأحاديث لا تثبت بالكشف والإلهام والأحلام"].
(3)
في "الميزان"(3/ 138).
(4)
كما في الميزان (3/ 135).
(5)
و
(6)
و
(7)
كما في الميزان (3/ 136).
(8)
تهذيب التهذيب (4/ 270).
وقد يستشكل ذلك باعتبار أن المشقة مختلفة ويجاب عنه بجوابات ليس هذا محلّ بسطها.
وثمرة التعزية الحثّ على الرجوع إلى الله تعالى ليحصل الأجر.
قال في البحر
(1)
: والمشروع مرّة واحدة لقوله صلى الله عليه وسلم: "التعزية مرّة"
(2)
، انتهى.
قال الهادي والقاسم
(3)
والشافعي
(4)
: وهي بعد الدفن أفضل لعظم المصاب بالمفارقة.
وقال أبو حنيفة
(5)
والثوري
(6)
: إنما هي قبله لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا وجب فلا تبكين باكية"، أخرجه مالك
(7)
والشافعي
(8)
وأحمد
(9)
وأبو داود
(10)
والنسائي
(11)
وابن حبان
(12)
والحاكم
(13)
.
(1)
البحر الزخار (2/ 133).
(2)
رواه الديلمي كما في "كنز العمال" رقم (42628).
(3)
البحر الزخار (2/ 133).
(4)
المجموع شرح المهذب (5/ 278) وروضة الطالبين (2/ 144) وكذلك قالت المالكية وقت التعزية بعد الموت، قبل الدفن وبعده، انظر: الكافي لابن عبد البر (1/ 283).
(5)
"والذي نص عليه بعض علماء الحنفية: أن التعزية تستحب قبل الدفن، وأما بعده فلا بأس بها. وكلمة - لا بأس - تستعمل عند الحنفية غالبًا فيما تركه أولى، كما نبه على ذلك ابن عابدين (1/ 119).
هذا وقد ذهب بعض الحنفية إلى استحباب التعزية قبل الدفن وبعده، بل وإلى أفضليتها بعد الدفن. انظر: الفتاوى الهندية (1/ 167) وحاشية ابن عابدين (2/ 241) ".
[رؤوس المسائل الخلافية بين جمهور الفقهاء، لأبي المواهب الحسين بن محمد العكبري تحقيق: "د. خالد بن سعد الخشلان. [(1/ 405) تعليقة رقم (3)].
(6)
وكان الثوري يرى أن التعزية مشروعة قبل دفن الميت، أما بعد الدَّفن فإنها غير مشروعة؛ لأن أمر الميت قد انتهى، ويجب أن يُساعَد ولي الميت على النسيان، وفي تعزيته تجديد لحزنه".
[موسوعة فقه سفيان الثوري ص 254].
(7)
في الموطأ (1/ 233 رقم 36).
(8)
في مسنده رقم (556 - ترتيب).
(9)
في المسند (5/ 446).
(10)
في سننه رقم (3111).
(11)
في سننه رقم (1846).
(12)
في صحيحه رقم (1616 - موارد).
(13)
في المستدرك (1/ 352) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وهو حديث صحيح.
وسيأتي برقم (1507).
والمراد بالوجوب دخول القبر كما وقع في رواية لأحمد
(1)
، ولأن وقت الموت حال الصدمة الأولى كما سيأتي.
والتعزية تسلية فينبغي أن يكون وقت الصدمة التي يشرع الصبر عندها.
قوله: (فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب) فيه دليل على أن استرجاع المصاب عند ذكر المصيبة يكون سببًا لاستحقاقه لمثل الأجر الذي كتبه الله له في الوقت الذي أصيب فيه بتلك المصيبة وإن تقادم [عهدها]
(2)
ومضت عليها أيام طويلة، والاسترجاع هو قول القائل:{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156].
35/ 1495 - (وَعَنْ أنَسٍ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّما الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأولى"، رَوَاهُ الجَماعَةُ)
(3)
. [صحيح]
36/ 1496 - (وَعَنْ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدّهِ قالَ: لَمَّا تُوُفّيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وجَاءَتِ التَّعْزِيَةُ سَمِعُوا قائِلًا يَقُولُ: إنّ فِي الله عَزَاءً مِنْ كُلّ مُصِيبَةٍ، وَخَلَفًا مِنْ كُلّ هالِكٍ، وَدَرَكًا مِنْ كُلّ فائِتٍ، فَبالله فَثِقُوا وإيَّاهُ فارْجُوا، فإنَّ المُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوابَ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ)
(4)
(1)
في المسند (5/ 446).
(2)
في المخطوط (ب): (عدها).
(3)
أحمد (3/ 130) والبخاري رقم (1302) ومسلم رقم (14/ 626) وأبو داود رقم (3124) والترمذي رقم (988) والنسائي رقم (1870) وابن ماجه رقم (1596).
وهو حديث صحيح.
(4)
في الأم (2/ 634 - 635 رقم 714).
وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 57 - 58) من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. ثم أخرجه (3/ 58) من طريق كامل بن طلحة عن عباد بن عبد الصمد عن أنس، ثم قال: هذا شاهد لما تقدم، وإن كان عباد بن عبد الصمد ليس من شرط هذا الكتاب".
فسند الحاكم صحيح على شرط مسلم - وإن كان البخاري روى لجعفر تعليقًا فيكون هذا السند متابعًا لما رواه الشافعي، ويكون حديث أنس شاهدًا.
وتكون التعزية بما ذكر صحيحة السند، والله أعلم.
37/ 1497 - (وَعَنْ أمّ سَلَمَة قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِنْ عَبْدٍ تُصيبُهُ مُصِيبَة فَيَقُولُ: إنَّا لله وإنَّا الِيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أجُرْنِي في مُصيبَتي وأَخْلِفْ لي خَيْرًا مِنْها، إلا أجَرَهُ الله في مُصِيبَتِهِ وأخْلَفَ لَهُ خَيْرًا منها"، قالَتْ: فَلَمَّا تُوُفي أبُو سَلَمَةَ قالَتْ: مَنْ خَيْرٌ مِنْ أبي سَلَمَة صَاحِبِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، قالَتْ: ثُمَّ عَزَمَ الله لي فَقُلْتُها، اللَّهُمَّ اؤْجُرنِي فِي مُصِيبَتي وأخْلِفْ لي خَيْرًا مِنْهَا، قالَتْ: فَتَزَوَّجْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ
(2)
وَابْنُ ماجَهْ)
(3)
. [صحيح]
حديث جعفر بن محمد في إسناده القاسم بن عبد الله بن عمر وهو متروك
(4)
، وقد كذّبَه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. وقال أحمد أيضًا: كان يضع الحديث.
ورواه الحاكم عن أنس في مستدركه
(5)
وصححه، وفي إسناده عباد بن عبد الصمد
(6)
وهو ضعيف جدًّا، وزاد:"فقال أبو بكر وعمر: هذا الخضر"
(7)
.
(1)
في المسند (6/ 309).
(2)
في صحيحه رقم (4، 5/ 918).
(3)
في سننه رقم (1598). وهو حديث صحيح.
(4)
قال الحافظ في "التقريب" رقم الترجمة (5468): القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، المدني: متروك رماه أحمد بالكذب، مات بعد الستين من الثامنة. (ق).
(5)
في المستدرك (3/ 58) ثم قال: هذا شاهد لما تقدم، وإن كان عباد بن عبد الصمد ليس من شرط هذا الكتاب.
(6)
عباد بن عبد الصمد، أبو معمر، عن أنس بن مالك، بصري واهٍ. قال البخاري: منكر الحديث
…
ووهَّاه ابن حبان. قال أبو حاتم: عباد ضعيف جدًّا.
وقال ابن عدي: عامة ما يرويه في فضائل علي، وهو ضعيف غالٍ في التشيع. الميزان (2/ 369 رقم الترجمة (4128).
(7)
الخضر:
قال الحافظ في "الفتح"(6/ 433): "وقد اختلف في اسمه قبل ذلك، وفي اسم أبيه، وفي نسبه، وفي نبوته، وفي تعميره
…
" اهـ.
وقد أفرد الحافظ ابن حجر لذلك مؤلفًا ذكر فيه تفصيل ذلك كله وهو: "الزهر النضر في نبأ الخضر".
أخرج البخاري في صحيحه رقم (3402) عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنما سُمِّي الخضر لأنه جلس على فروةٍ بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء".
• الفروة: أرض بيضاء لا نبات فيها. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= واعلم أن اسم الخضر لم يذكر في القرآن، وإنما ذكرت فيه قصته مع نبي الله موسى عليه السلام، وصرحت السنة باسمه، كما في حديث ابن عباس عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر القصة.
كما في صحيح البخاري رقم (74 و 78 و 2267 و 2728 و 3278 و 3400 و 3401 و 4725، و 4726 و 4727 و 6672 و 7478).
أما تعميره:
قال الحافظ في "الفتح"(6/ 434 - 435): "قال ابن الصلاح: هو حيٌّ عند جمهور العلماء والعامة معهم في ذلك. وإنما شذ بإنكاره بعض المحدثين وتبعه النووي، وزاد أن ذلك متفق عليه بين الصوفية، وأهل الصلاح وحكاياتهم في رؤيته والاجتماع به أكثر من أن تحصر".
ثم ذكر الحافظ كثيرًا من هذه الروايات وقد حكم عليها الحافظ بالضعف ولهم في ذلك أيضًا حكايات غريبة لا تثبت أمام التحقيق العلمي (الزهر النضر ص 33 - 48).
وقال الحافظ في (6/ 434 - 435): وأخرج النقاش أخبارًا كثيرة تدل على بقائه - الخضر - لا تقوم بشيء منها حجة.
وقال الحافظ: والذي تميل إليه النفس، من حيث الأدلة القوية ما يعتقده العوام من استمرار حياته، لكن ربما عرضت شبهة من جهة كثرة الناقلين للأخبار الدالة على استمراره، فيقال: هب أن أسانيدها واهية، إذ كل طريق منها لا يسلم من سبب يقتضي تضعيفها، فإذا يصنع في المجموع؟ فإنه على هذه الصورة قد يلتحق بالتواتر المعنوي الذي مثلوا به بجود "حاتم" فمن هنا مع احتمال التأويل في أدلة القائلين بعدم بقائه.
أ - كآية: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} [الأنبياء: 34].
ب - وحديث ابن عمر وجابر وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في آخر حياته:"لا يبقى على وجه الأرض بعد مائة سنة ممن هو عليها اليوم أحد"[البخاري رقم (601) ومسلم رقم (217)] قال ابن عمر: أراد بذلك انخرام قرنه.
جـ - وحديث ابن عباس: "ما بعث الله نبيًا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه".
ولم يأت في خبر صحيح أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قاتل معه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: يوم بدر: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض"، فلو كان الخضر موجودًا لم يصح هذا النفي.
وقال صلى الله عليه وسلم: "رحم الله موسى لوددنا لو كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما".
فلو كان الخضر موجودًا لما حسن هذا التمني ولأحضره بين يديه وأراه العجائب وكان لإيمان الكفرة لا سيما أهل الكتاب.
وقال الحافظ في "الزهر النضر في نبأ الخضر" ص 115: "وأقوى الأدلة على عدم بقائه عدم مجيئه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانفراده بالتعمير بين أهل الأعصار المتقدمة بغير دليل شرعي".
قوله: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى)، في رواية للبخاري
(1)
: "عند أوّل صدمة"، ونحوها لمسلم
(2)
.
والمعنى إذا وقع الثبات أوّل شيء يهجم على القلب من مقتضيات الجزع فذلك هو الصبر الكامل الذي يترتب عليه الأجر، وأصل الصدم ضرب الشيء الصلب بمثله، فاستعير للمصيبة الواردة على القلب.
وقال الخطابي
(3)
: المعنى أن الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة بخلاف ما بعد ذلك.
وقال غيره
(4)
: إن المراد لا يؤجر على المصيبة لأنها ليست من صنع، وإنما [هو]
(5)
يؤجر على حسن تثبته وجميل صبره.
وأوّل الحديث: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرّ بامرأة تبكي عند قبر فقال: "اتقي الله واصبري"، فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبيّ صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوّابي، فقالت: لم أعرفك يا رسول الله، فقال: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى".
قوله: (إن في الله عزاء من كل مصيبة) إلخ، فيه دليل على أنه تستحبّ التعزية لأهل الميت بتعزية الخضر عليه السلام.
وأصل العزاء في اللغة
(6)
: الصبر الحسن، والتعزية: التصبرة، وعزّاه: صبره، فكل ما يجلب للمصاب صبرًا يقال له: تعزية بأيّ لفظ كان، ويحصل به للمعزي الأجر المذكور في الأحاديث السابقة.
وأحسن ما يعزّى به ما أخرجه البخاري
(7)
ومسلم
(8)
من حديث أسامة بن
(1)
في صحيحه رقم (7154) من حديث أنس.
(2)
في صحيحه رقم (15/ 926) من حديث أنس.
(3)
في أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري (1/ 690).
(4)
في المرجع السابق (1/ 690) عن بعض الحكماء.
(5)
زيادة من المخطوط (أ).
(6)
القاموس المحيط ص 1690. والنهاية (3/ 233).
(7)
في صحيحه رقم (1284).
(8)
في صحيحه رقم (11/ 923).
زيد قال: "كنا عند النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبيًا لها أو ابنًا لها في الموت، فقال للرسول: ارجع إليها وأخبرها أن لله ما أخذ ولله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب، الحديث" وسيأتي
(1)
.
وهذا لا يختصّ بالصغير باعتبار السبب؛ لأن كل شخص يصلح أن يقال له وفيه ذلك.
ولو سلم أن أوّل الحديث يختصّ بمن مات له صغير كان الأمر بالصبر والاحتساب المذكور [آخرَ]
(2)
الحديث غير مختصّ به.
قوله: (اللهم أجُرْني) قال القاضي
(3)
: يقال: أجرني بالقصر والمدّ حكاهما صاحب الأفعال
(4)
.
قال الأصمعي
(5)
وأكثر أهل اللغة
(6)
: قالوا: هو مقصور لا يمدّ، ومعنى أجره الله: أعطاه أجره وجزاء صبره وهمه في مصيبته.
قوله: (وأخلف لي) قال النووي
(7)
هو بقطع الهمزة وكسر اللام.
قال أهل اللغة
(8)
: يقال لمن ذهب له مال أو ولد أو قريب أو شيء يتوقع حصول مثله. أخلف الله عليك: أي ردّ عليك مثله. فإن ذهب ما لا يتوقع مثله
(1)
برقم (1504) من كتابنا هذا.
(2)
في المخطوط (ب): (آخره).
(3)
القاضي عياض في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 358 - 359).
(4)
انظر: كتاب الأفعال ص 9. لأبي بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز بن إبراهيم بن عيسى بن مزاحم، المعروف بابن القوطية (ت: 367 هـ).
(5)
حكاه عنه القاضي عياض في إكمال المعلم (3/ 359).
(6)
انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (11/ 179 - 180).
(7)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 220).
(8)
قال ابن الأثير في النهاية (2/ 66): "يقال: خَلَفَ الله لك خَلَفًا بخير، وأخلف عليك خيرًا: أي أبدلك بما ذهب منك وعَوَّضك عنه، وقيل: إذا ذهب للرَّجل ما يَخْلُفه مثل المال والولد، قيل: أخلف الله لك وعليك، وإذا ذهب له ما لا يخلفه غالبًا: كالأب والأم، قيل: خلف الله عليك.
وقد يقال: خلفَ الله عليك، إذا مات لك ميِّت أي كان الله خليفة عليك، وأخلف الله عليك: أي أبدلك.
بأن ذهب والد أو عمّ قيل له: خلف الله عليك بغير ألف: أي كان الله خليفة منه عليك.
قوله: (إلا أجره الله) قال النووي
(1)
: هو بقصر الهمزة ومدها، والقصر أفصح وأشهر كما سبق.
قوله: (ثم عزم الله لي فقلتها) أي خلق فيَّ عزمًا.
[الباب الحادي عشر] باب صنع الطعام لأهل الميت وكراهته منهم للناس
38/ 1498 - (عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جعْفَرٍ قالَ: لَمَّا جاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ حِينَ قُتِلَ قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعامًا، فَقَدْ أتاهُمْ ما يَشْغَلُهُمْ"، رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلَّا النَّسائيُّ)
(2)
. [حسن]
39/ 1499 - (وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الله البَجَلِي قالَ: كُنَّا نَعُدُّ الاجْتِماعَ إلى أهْلِ المَيِّتِ وَصَنَعَةَ الطَّعامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنَ النِّياحَةِ. رَوَاهُ أحْمَدُ)
(3)
. [صحيح]
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 220).
(2)
أحمد (1/ 205) وأبو داود رقم (3132) والترمذي رقم (998) وابن ماجه رقم (1610).
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه الشافعي في المسند (رقم: 602 - ترتيب) والبغوي في شرح السنة (5/ 460 رقم 1552) والحاكم (1/ 372) والدارقطني (2/ 78) رقم (11) وصححه ابن السكن.
وخلاصة القول: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(3)
في المسند (2/ 204) بإسناد صحيح.
وأخرجه ابن ماجه من طريقين رقم (1612).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 535): "هذا إسناد صحيح. رجال الطريق الأولى على شرط البخاري، والطريق الثانية على شرط مسلم" اهـ.
وقول الصحابي كنا نعد كذا من كذا هو بمنزلة رواية إجماع الصحابة رضي الله عنهم، أو تقرير النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى الثاني فحكمه الرفع. وعلى التقريرين فهو حجة.
والخلاصة: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
40/ 1500 - (وَعَنْ أنسٍ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لا عقْرَ فِي الإسْلامِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وأبُو دَاوُدَ
(2)
.
وَقَالَ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كانُوا يَعْقِرُونَ عِنْدَ القَبْرِ بَقَرَةً أوْ شاةً فِي الجاهِلِيَّةِ). [صحيح]
حديث عبد الله بن جعفر أخرجه أيضًا الشافعي
(3)
، وصححه ابن اسكن
(4)
وحسنه الترمذي
(5)
.
وأخرجه أيضًا أحمد
(6)
والطبراني
(7)
وابن ماجه
(8)
من حديث أسماء بنت عميس وهي والدة عبد الله بن جعفر.
وحديث جرير أخرجه أيضًا ابن ماجه
(9)
وإسناده صحيح.
وحديث أنس سكت عنه أبو داود
(10)
والمنذري
(11)
ورجال إسناده رجال الصحيح.
قوله: (اصنعوا لآل جعفر) فيه مشروعية القيام بمؤنة أهل الميت مما
(1)
في المسند (3/ 197).
(2)
في سننه رقم (3222).
قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 57) بإسناد صحيح.
وهو حديث صحيح.
(3)
في المسند رقم (602 - ترتيب). وقد تقدم.
(4)
في "التلخيص"(2/ 276).
(5)
في السنن (3/ 323).
(6)
في المسند (1/ 205).
(7)
في المعجم الكبير (ج 24 رقم 380، 381).
(8)
في سننه رقم (1611).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 534): "هذا إسناد ضعيف أم عيسى مجهولة لم تسم، وكذلك أم عون، رواه مسدد في "مسنده" من طريق عبد الله بن أبي بكر، عن أم عيسى، عن أسماء فذكره بإسناده ومتنه وزيادة.
وله شاهد من حديث عبد الله بن جعفر، رواه أصحاب السنن الأربعة" اهـ.
والخلاصة: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(9)
في السنن رقم (1612). وقد تقدم.
(10)
في السنن (3/ 551).
(11)
في المختصر (4/ 339).
يحتاجون إليه من الطعام لاشتغالهم عن أنفسهم بما دهمهم من المصيبة.
قال الترمذي
(1)
: وقد كان بعض أهل العلم يستحبّ أن يوجه إلى أهل الميت شيء لشغلهم بالمصيبة وهو قول الشافعي
(2)
، انتهى.
قوله: (كنا نعدّ الاجتماع إلى أهل الميت إلخ)، يعني أنهم كانوا يعدون الاجتماع عندَ أهل الميت بعد دفنه، وأكل الطعام عندهم نوعًا من النياحة لما في ذلك من التثقيل عليهم وشغلهم مع ما هم فيه من شغلة الخاطر بموت الميت وما فيه من مخالفة السنة، لأنهم مأمورون بأن يصنعوا لأهل الميت طعامًا فخالفوا ذلك وكلفوهم صنعة الطعام لغيرهم.
قوله: (لا عقر في الإسلام) فيه دليل على عدم جواز العقر في الإسلام كما كان في الجاهلية.
قال الخطابي
(3)
: كان أهل الجاهلية يعقرون الإبل على قبر الرجل الجواد يقولون: نجازيه على فعله لأنه كان يعقرها في حياته فيطعمها الأضياف، فنحن نعقرها عند قبره حتى تأكلها السباع والطير فيكون مُطعمًا بعد مماته كما كان مُطعمًا في حياته.
قال: ومنهم من كان يذهب في ذلك إلى أنه إذا عقرت راحلته عند قبره حشر في القيامة راكبًا، ومن لم يعقر عنده حشر راجلًا، انتهى.
(1)
في السنن (3/ 323).
(2)
قال النووي في "المجموع"(5/ 290): "واتفقت نصوص الشافعي في الأم والمختصر والأصحاب على أنه يستحب لأقرباء الميت وجيرانه أن يعملوا طعامًا لأهل الميت، ويكون بحيث يشبعهم في يومهم وليلتهم
…
ويلح عليهم في الأكل ولو كان الميت في بلد آخر يستحب لجيران أهله أن يعملوا لهم طعامًا.
قال أصحابنا رحمهم الله: ولو كان النساء ينحن لم يجز اتخاذ طعام لهن؛ لأنه إعانة على المعصية.
قال صاحب الشامل وغيره: وأما إصلاح أهل الميت طعامًا وجمع الناس عليه، فلم ينقل فيه شيء، وهو بدعة غير مستحبة" اهـ.
وانظر: الأم للشافعي (2/ 635).
(3)
في معالم السنن (1/ 551 - مع السنن).
وهذا إنما يتمّ على فرض أنهم كانوا يعقرون الإبل فقط لا على ما نقله أبو داود
(1)
عن عبد الرزاق أنهم كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة
(2)
.
[الباب الثاني عشر] باب ما جاء في البكاء على الميت وبيان المكروه منه
41/ 1501 - (عَنْ جابِرٍ قالَ: أُصِيبَ أبي يَوْمَ أحُدٍ فَجَعَلْت أبْكي، فَجَعَلُوا يَنْهَوْنِي وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَا يَنْهانِي، فَجَعَلَتْ عَمَّتِي فاطمَةُ تَبْكِي، فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَبْكِينَ أوْ لا تَبكِينَ ما زَالَتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بأجْنِحَتِهَا حتَّى رَفَعْتُمُوهُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
(3)
. [صحيح]
42/ 1502 - (وَعَنِ ابْنِ عَباسٍ قالَ: ماتَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَبَكَتِ النِّسَاءُ فَجَعَلَ عُمَرُ يَضْرِبُهُنَ بِسَوْطِهِ، فأخَذَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وَقَالَ: "مَهْلًا يا عُمَرُ"، ثُمَّ قالَ: "إيَّاكُنَّ وَنَعِيقَ الشَّيْطانِ"، ثُمَّ قالَ: "إنَّهُ مَهْمَا كانَ مِنَ العَيْنِ وَالقَلْبِ فَمِنَ الله عز وجل وَمِنَ الرَّحْمَةِ، وَمَا كانَ مِنَ اليَدِ وَاللِّسانِ فَمِنَ الشَّيْطانِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ)
(4)
. [إسناده ضعيف]
حديث ابن عباس فيه عليّ بن زيد وفيه كلام
(5)
، وهو ثقة. وقد أشار إلى الحديث الحافظ في التلخيص
(6)
وسكت عنه.
(1)
في السنن رقم (3222). وقد تقدم.
(2)
قال ابن تيمية "في اقتضاء الصراط المستقيم"(2/ 745 - 746): "وأما الذبح هناك - أي على القبور - فمنهي عنه مطلقًا. ذكره أصحابنا وغيرهم
…
قال أصحابنا: وفي معنى هذا ما يفعله كثير من أهل زماننا في التصدق عند القبر بخبز أو نحوه، فهذه أنواع العبادات البدنية، أو المالية، أو المركبة منهما" اهـ.
وقال النووي في "المجموع"(5/ 290): أما الذبح والعقر عند القبر فمذموم لحديث أنس .. " اهـ.
(3)
أحمد (3/ 298) والبخاري رقم (1293) ومسلم رقم (130/ 2471).
(4)
في المسند (1/ 237 - 238) بإسناد ضعيف.
قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (2694) وابن سعد في الطبقات (3/ 398 - 399) والطبراني في الكبير رقم (8317) و (12931) وأبو نعيم في الحلية (1/ 105) والحاكم (3/ 190) من طرق.
(5)
وهو ضعيف تقدم مرارًا.
(6)
(2/ 278).
قوله: (فجعلت أبكي)، في لفظ للبخاري
(1)
: "فجعلت أكشف الثوب عن وجهه أبكي"، وفي لفظ آخر له
(2)
: "فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي، ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي".
قوله: (ينهوني)، في رواية للبخاري
(3)
: "وينهونني".
قوله: (ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينهاني)، فيه دليل على جواز البكاء الذي لا صوت معه، وسيأتي تحقيق ذلك.
قوله: (فجعلت عمتي فاطمة تبكي) قال في الفتح
(4)
: [هي]
(5)
شقيقة أبيه عبد الله بن عمرو.
وفي لفظ للبخاري
(6)
: "فسمع صوت صائحة فقال: من هذه؟ فقالوا: بنت عمرو أو أخت عمرو" والشكّ من سفيان، والصواب: بنت عمرو. ووقع في الإكليل للحاكم
(7)
تسميتها هند بنت عمرو، فلعلّ لها اسمين أو أحدهما اسمها والآخر لقبها، أو كانتا جميعًا حاضرتين.
قوله: (تبكين أو لا تبكين) قيل: هذا شكّ من الراوي هل استفهم أو نهى، والظاهر أنه ليس بشك، وإنما المراد به التخيير.
والمعنى أنه مكرّم بصنيع الملائكة وتزاحمهم عليه لصعودهم بروحه، ومن كان بهذه المثابة تظله الملائكة بأجنحتها لا ينبغي أن يبكي عليه بل يفرح له بما صار إليه.
وفيه إذن بالبكاء المجردّ مع الإرشاد إلى أولوية الترك لمن كان بهذه المنزلة.
قوله: (إياكنّ ونعيق الشيطان) هو النوح والصراخ المنهي عنه بالأحاديث الآتية.
(1)
في صحيحه رقم (1244).
(2)
أي للبخاري في صحيحه رقم (1293).
(3)
في صحيحه رقم (1244).
(4)
(3/ 116).
(5)
في الخطوط (ب): (اسمها).
(6)
في صحيحه رقم (1293).
(7)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 163).
قوبه: (إنه مهما كان من العين والقلب إلخ)، فيه دليل على جواز البكاء المجرّد عما لا يجوز من فعل اليد كشقّ الجيب واللطم، ومن فعل اللسان كالصراخ ودعوى الويل والثبور ونحو ذلك.
43/ 1503 - (وَعَنِ ابْنِ عمَرَ قالَ: "اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَة شَكوى لَهُ، فأتاهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَعودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أبي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ فِي غَشِيِّهِ، فَقالَ: "قَدْ قُضِيَ"، فَقالُوا: لا يا رَسُولَ الله، فَبَكَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ فَلَمَّا رأى القَوْمُ بُكاءَهُ بَكَوْا؛ قالَ: "ألَا تَسْمَعُونَ إنَّ الله لا يُعَذّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ وَلا بِحُزْنِ القَلْبِ وَلَكِنْ يُعَذّبُ بِهَذَا"، وأشارَ إلى لِسانِهِ "أوْ يَرْحَمُ"
(1)
[صحيح]
44/ 1504 - (وَعَنْ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ قالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فأرْسَلَتْ إلَيْهِ إحْدَى بَناتِهِ تَدْعوهُ وَتخْبرُهُ أن صَبِيًّا لَهَا فِي المَوْتِ، فَقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ارْجِعْ إلَيْها فأخْبِرها أن لله ما أخَذَ وَلَهُ ما أعْطَى، وكُل شَيْء عِنْدَهُ بأجَلٍ مُسَمَّى، فَمُرْها فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ"، فَعادَ الرَّسُولُ فَقالَ: إنَّها أقْسَمتْ لَتأتِيَنَّها، قالَ: فَقامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقامَ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبادَةَ وَمُعاذُ بْنُ جَبَلٍ، قالَ: فانْطَلَقْتُ مَعَهُمْ، فَرُفِعَ إلَيْهِ الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كأنَّها فِي شَنَّةٍ فَفاضَتْ عَيْناهُ، فَقالَ سَعْدٌ: ما هَذَا يا رَسُولَ الله؟ قالَ: "هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا الله فِي قُلُوبِ عِبادِهِ، وإنَّمَا يَرْحَمُ الله مِنْ عِبادِهِ الرُّحَمَاءَ"
(2)
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا). [صحيح]
قوله: (اشتكى)، أي ضعف، وشكوى بغير تنوين.
قوله: (فلما دخل عليه)، زاد مسلم
(3)
: "فاستأخر قومه من حوله حتى دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين معه".
قوله: (وجده في غشيه) قال النووي
(4)
: بفتح الغين وكسر الشين المعجمتين وتشديد الياء.
(1)
أخرجه البخاري رقم (1304) ومسلم رقم (12/ 924).
(2)
أخرجه أحمد (5/ 204) والبخاري رقم (1284) ومسلم رقم (11/ 923).
(3)
في صحيحه رقم (13/ 925).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 226).
قال القاضي
(1)
: هكذا رواية الأكثرين. قال: وضبطه بعضهم بإسكان الشين وتخفيف الياء.
وفي رواية البخاري
(2)
"في غاشية" وكله صحيح.
وفيه قولان
(3)
: (أحدهما) من يغشاه من أهله. (والثاني) ما يغشاه من كرب الموت.
قوله: (فلما رأى القوم بكاءه بكوا) هذا فيه إشعار بأن هذه القصة كانت بعد قصة إبراهيم ابن النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ لأن عبد الرحمن بن عوف كان معهم في هذه، ولم يعترض بمثل ما اعترض به هناك، فدلّ على أنه تقرّر عنده العلم بأن مجرّد البكاء بدمع العين من غير زيادة على ذلك لا يضرّ.
قوله: (ألا تسمعون) لا يحتاج إلى مفعول لأنه جعل كالفعل اللازم: أي لا توجدون السماع.
وفيه إشارة إلى أنه فهم من بعضهم الإنكار فبين لهم الفرق بين الحالتين.
قوله: (إن الله) بكسر الهمزة لأنه ابتداء كلام.
وفيه دليل على جواز البكاء والحزن اللذين لا قدرة للمصاب على دفعهما.
قوله: (ولكن يعذّب بهذا)، أي إن قال سوءًا، أو يرحم إن قال خيرًا.
ويحتمل أن يكون معنى قوله أو يرحم: أي إن لم ينفذ الوعيد.
قوله: (إحدى بناته) هي زينب كما وقع عند ابن أبي شيبة
(4)
.
قوله: (أن صبيًا لها) قيل: هو عليّ بن أبي العاص بن الربيع وهو من زينب.
(1)
القاضي عياض في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 366).
(2)
في صحيحه رقم (1304).
(3)
قال الخطابي في أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري (1/ 691 - 692): "قوله: في غاشية، يحتمل وجهين:
(أحدُهما): أن يكون أرادَ بها القوم الذين كانوا حضروا عنده، الذين هم غاشيته.
(والوجه الآخر): أن يكون معنى ذلك ما يتغشاه من كرب الوَجع الذي به، فخاف أن يكون قد هَلَك، ولذلك سأل فقال: قضى قد قضى؟ يقال: قضى الرجلُ: إذا مات" اهـ.
(4)
في المصنف (3/ 392).
وفيه نظر لأن الزبير بن بكار وغيره من أهل العلم بالأخبار ذكروا أن عليًا المذكور عاش حتى ناهز الحلم، وأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أردفه على راحلته يوم فتح مكة، وهذا لا يقال في حقه صبيًا عرفًا وإن جاز من حيث اللغة.
وفي "الأنساب" للبلاذري
(1)
أن عبد الله بن عثمان بن عفان من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مات وضعه النبيّ صلى الله عليه وسلم في حجره وقال: "إنما يرحم الله من عباده الرحماء".
وفي مسند البزار
(2)
من حديث أبي هريرة قال: "ثقل ابن لفاطمة، فبعثت إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فذكر نحو حديث الباب"، وفيه مراجعة سعد بن عبادة في البكاء، فعلى هذا الابن المذكور محسن بن عليّ.
وقد اتفق أهل العلم بالأخبار أنه مات صغيرًا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا أولى إن ثبت أن القصة كانت لصبيّ ولم يثبت أن المرسلة زينب، لكن الصواب في حديث الباب أن المرسلة زينب كما قال الحافظ
(3)
وأن الولد صبية كما في مسند أحمد
(4)
، وكذا أخرجه أبو سعيد بن الأعرابي في معجمه
(5)
.
ويدلّ على ذلك ما عند أبي داود
(6)
بلفظ: "إن ابنتي أو ابني"، وفي رواية:"إن ابنتي قد حُضرت".
قوله: (إن لله ما أخذ)، قدم ذكر الأخذ على الإعطاء وإن كان متأخرًا في الواقع لما يقتضيه المقام.
(1)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 156).
(2)
في المسند (رقم 807 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 18) وقال: "وفيه إسماعيل بن موسى المكي، وفيه كلام وقد وثق".
(3)
في "الفتح"(3/ 156).
(4)
(5/ 207).
(5)
في "المعجم" رقم (622).
قلت: وأخرجه مسلم رقم (923) وابن حبان رقم (3158) والبيهقي (4/ 68 - 69) من طرق.
وهو حديث صحيح.
(6)
في سننه رقم (3125) ولفظه: "
…
أن ابني أو بنتي قد حُضِرَ
…
".
وهو حديث صحيح.
والمعنى أن الذي أراد أن يأخذ هو الذي كان أعطاه، فإن أخذه أخذ ما هو له فلا ينبغي الجزع؛ لأن مستودع الأمانة لا ينبغي له أن يجزع إذا استعيدت منه.
ويحتمل أن يكون المراد بالإعطاء إعطاء الحياة لمن بقي بعد الموت أو ثوابهم على المصيبة أو ما هو أعم من ذلك.
و"ما" في الموضعين مصدرية، ويجوز أن تكون موصولة والعائد محذوف.
قوله: (وكل شيء عنده بأجل مسمى)[في رواية البخاري وكلٌ عنده]
(1)
أي كل من الأخذ والإعطاء أو من الأنفس أو ما هو أعمّ من ذلك، وهي جملة ابتدائية معطوفة على الجمل المذكورة ويجوز في كل النصب عطفًا على اسم إن فينسحب التأكيد عليه، ومعنى العندية العلم فهو من مجاز الملازمة، والأجل يطلق على الحدّ الأخير وعلى مطلق العمر.
قوله: (مسمى) أي معلوم أو مقدر أو نحو ذلك.
قوله: (ولتحتسب) أي تنوي بصبرها طلب الثواب من ربها.
قوله: (ونفسه تقعقع) بفتح التاء والقافين، والقعقعة
(2)
: حكاية صوت الشنّ اليابس إذا حرّك.
قوله: (كأنها في شنة)
(3)
بفتح الشين [المعجمة]
(4)
وتشديد النون: القربة الخلقة اليابسة، شبه البدن بالجلد اليابس وحركة الروح فيه بما يطرح في الجلد من حصاة ونحوها.
قوله: (ففاضت عيناه) أي النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد صرّح به في رواية [شعبة]
(5)
.
قوله: (هذه رحمة) أي الدمعة أثر رحمة.
وفيه دليل على جواز ذلك، وإنما النهي عنه الجزع وعدم الصبر.
(1)
ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(2)
النهاية لابن الأثير (4/ 88).
وانظر: "المفهم"(2/ 575) فقد فصل معناها.
(3)
النهاية لابن الأثير (2/ 56).
(4)
زيادة من المخطوط (ب).
(5)
في المخطوط (ب): (شبعة) وهو خطأ.
قوله: (وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)، الرحماء: جمع رحيم وهو من صيغ المبالغة، ومقتضاه أن رحمة الله تعالى تختصّ بمن اتصف بالرحمة وتحقق بها، بخلاف من فيه أدنى رحمة.
لكن ثبت عند أبي داود
(1)
وغيره
(2)
من حديث عبد الله بن عمرو: "الراحمون يرحمهم الرحمن".
والراحمون جمع راحم فيدخل فيه من فيه أدنى رحمة. و"من" في قوله: "من عباده" بيانية، وهي حال من المفعول قدمت ليكون أوقع.
45/ 1505 - (وَعَنْ عائِشَةَ: أن سعدَ بْنَ مُعاذٍ لَمَّا ماتَ حَضَرَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبُو بَكْرٍ وعمَرُ، قالَتْ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إني لأَعرف بُكَاءَ أبي بَكْرٍ مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ وأنا في حُجْرَتِي. رَوَاهُ أحْمَدُ)
(3)
. [حسن]
46/ 1506 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ مِنْ أُحُدٍ سَمِعَ نِساءً مِنْ عَبْدِ الأشْهَلِ يَبْكِينَ على هَلْكاهُنَّ، فَقالَ:"لَكِنْ حَمْزَةُ لا بَوَاكِيَ لَه". فَجِئْنَ نِساءُ الأنْصَارِ فَبَكَيْنَ على حَمْزَةَ عِنْدَهُ، فاسْتَيْقَظَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقالَ:"وَيْحَهُنَّ! أبِتْنَ هَا هُنَا تَبْكِينَ حَتَّى الْآنَ، مُرُوهُنَّ فَلْيَرْجِعْنَ وَلا يَبْكِينَ على هالِكٍ بَعْدَ اليَوْمِ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
وَابْنُ ماجَهْ)
(5)
. [حسن]
(1)
في سننه رقم (4941).
(2)
كالترمذي في سنته رقم (1924) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وهو حديث صحيح.
(3)
في المسند (6/ 142) بسند فيه ضعف.
إلا أن الحديث حسن، والله أعلم.
(4)
في المسند (2/ 92) بسند حسن.
(5)
في سننه رقم (1591).
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة (3/ 394) و (14/ 392 - 393) وأبو يعلى رقم (3576) و (3610) والطبراني في الكبير رقم (2944) والحاكم (3/ 194 - 195) و (3/ 197) والبيهقي (4/ 70) من طرق.
وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند أبي يعلى رقم (3576) و (3610) والحاكم (1/ 381) بسند حسن.
وله شاهد آخر من حديث ابن عباس عند الطبراني في الكبير رقم (12096). =
47/ 1507 - (وَعَنْ جابِرِ بْنِ عَتِيكٍ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم جاءَ يَعُودُ عَبْدَ الله بنَ ثابِتٍ فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ، فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ، فاسْتَرْجَعَ وَقالَ:"غُلبْنا عَلَيْكَ يا أبا الرَّبِيعِ"، فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْن، فَجَعَلَ ابْنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ، فَقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"دَعْهُن فإذَا وَجَبَ فَلا تَبْكِينَ باكيَةٌ". قالُوا: وَما الوُجُوبُ يا رَسُولَ الله؟ قالَ: "المَوْتُ"، رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ
(1)
وَالنَّسائيُّ)
(2)
. [صحيح]
حديث عائشة وابن عمر أشار إليهما الحافظ في التلخيص
(3)
وسكت عنهما، ورجال إسناد حديث ابن عمر ثقات إلا أسامة بن زيد الليثي ففيه مقال. وقد أخرج له مسلم.
وحديث جابر بن عتيك أخرجه أيضًا أحمد
(4)
وابن حبان
(5)
والحاكم
(6)
.
قوله: (وأبو بكر وعمر) إلخ، محلّ الحجة من هذا الحديث تقرير النبيّ صلى الله عليه وسلم لهما على البكاء وعدم إنكاره عليهما مع أنه قد حصل منهما زيادة على مجرد دمع العين، ولهذا فرّقت عائشة وهي في حجرتها بين بكاء أبي بكر وعمر، ولعلّ الواقع منهما مما لا يمكن دفعه ولا يقدر على كتمه، ولم يبلغ إلى الحدّ المنهي عنه.
قوله: (ولكن حمزة لا بواكي له)، هذه المقالة منه صلى الله عليه وسلم مع عدم إنكاره للبكاء الواقع من نساء عبد الأشهل على هلكاهن يدلّ على جواز مجرّد البكاء.
= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 120 - 121) وقال فيه: يحيى بن مطيع الشيباني: لم أعرفه".
قلت: هو يحيى بن محمد بن مطيع الشيباني، نسب إلى جده فلم يعرفه الهيثمي. ويحيى هذا ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 186) وقال: روى عنه أبو زرعة.
وذكره ابن حبان في الثقات (9/ 267).
[الفرائد على مجمع الزوائد. لخليل بن محمد العربي (ص 381 رقم 630)].
وخلاصة القول: أن حديث ابن عمر حديث حسن، والله أعلم.
(1)
في السنن رقم (3111).
(2)
في السنن رقم (1846).
(3)
(2/ 277).
(4)
في المسند (5/ 446).
(5)
في صحيحه رقم (1616 - موارد).
(6)
في المستدرك (1/ 352) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
والخلاصة: أن حديث جابر بن عتيك حديث صحيح، والله أعلم.
وقوله: "ولا يبكين على هالك بعد اليوم"، ظاهره المنع من مطلق البكاء.
وكذلك قوله في حديث جابر بن عتيك
(1)
: "فإذا وجب فلا تبكين باكية".
وذلك يعارض ما في الأحاديث المذكورة في الباب
(2)
من الإذن بمطلق البكاء بعد الموت.
ويعارض أيضًا سائر الأحاديث الواردة في الإذن بمطلق البكاء مما لم يذكره المصنف كحديث عائشة في قصة عثمان بن مظعون عند أبي داود
(3)
والترمذي
(4)
.
وحديث أبي هريرة عند النسائي
(5)
وابن ماجه
(6)
وابن حبان
(7)
بلفظ: "مرّ على النبيّ صلى الله عليه وسلم بجنازة [وأنا معه، ومعه عمر بن الخطاب ونساء يبكين عليها]
(8)
فانتهرهن عمر، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: دعهن يا ابن الخطاب فإن النفس مصابة والعين دامعة والعهد قريب".
وحديث بريدة عند مسلم
(9)
في زيارته صلى الله عليه وسلم قبر أمه وسيأتي
(10)
.
وحديث أنس عند الشيخين
(11)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه لما جعل ابنه إبراهيم في حجره وهو يجود بنفسه، فقيل له في ذلك، فقال: إنها رحمة، ثم قال: العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا".
وهو عند الترمذي
(12)
من حديث جابر بلفظ: "إن النبيّ صلى الله عليه وسلم أخذ بيد
(1)
تقدم تخريجه رقم (1507) من كتابنا هذا.
(2)
وهي: رقم (1505) و (1506) من كتابنا هذا.
(3)
في سننه رقم (3163).
(4)
في سننه رقم (989) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
(5)
في سننه رقم (1859).
(6)
في سننه رقم (1587).
(7)
في صحيحه رقم (3157).
قلت: وأخرجه أحمد في المسند (2/ 110، 444) وعبد الرزاق رقم (6674) وابن أبي شيبة (3/ 395) والبيهقي (4/ 70) من طرق وهو حديث ضعيف. والله أعلم.
(8)
ما بين الخاصرتين سقط من (أ)، (ب) وهي من صحيح ابن حبان.
(9)
في صحيحه رقم (108/ 976).
(10)
برقم (1521) من كتابنا هذا.
(11)
البخاري رقم (1303) ومسلم رقم (62/ 2315).
(12)
في سننه رقم (1055) وقال: هذا حديث حسن.
عبد الرحمن بن عوف، فانطلق به إلى ابنه إبراهيم فوجده يجود بنفسه، فأخذه النبيّ صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره فبكى، فقال له عبد الرحمن: أتبكي، أو لم تكن نهيت عن البكاء؟ فقال: لا ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند مصيبة خمش وجوه وشقّ جيوب ورنة شيطان" الحديث.
قال الترمذي
(1)
: حسن.
فيجمع بين الأحاديث بحمل النهي عن البكاء مطلقًا ومقيدًا ببعد الموت على البكاء المفضي إلى ما لا يجوز من النوح والصراخ وغير ذلك، والإذن به على مجرّد البكاء الذي هو دمع العين وما لا يمكن دفعه من الصوت.
وقد أرشد إلى هذا الجمع قوله: "ولكن نهيت عن صوتين إلخ".
وقوله في حديث ابن عباس المتقدم
(2)
"إنه مهما كان من العين والقلب فمن الله عز وجل ومن الرحمة".
وقوله في حديث ابن عمر السابق
(3)
: "إن الله لا يعذّب بدمع العين ولا بحزن القلب"، فيكون معنى قوله:"لا يبكينّ على هالك بعد اليوم".
وقوله: "فإذا وجب فلا تبكين باكية"، النهي عن البكاء الذي يصحبه شيء مما حرمه الشارع.
وقيل: إنه يجمع بأن الإذن بالبكاء قبل الموت والنهي عنه بعده.
ويرد بحديث أبي هريرة المذكور قريبًا
(4)
.
وبحديث عائشة الذي ذكره المصنف
(5)
.
وبحديث بريدة في قصة زيارته صلى الله عليه وسلم لأمه
(6)
.
وبحديث جابر
(7)
وابن عباس
(8)
المذكورين في أوّل الباب.
وقيل: إنه يجمع بحمل أحاديث النهي عن البكاء بعد الموت على الكراهة،
(1)
في السنن (3/ 328).
(2)
برقم (1502) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم برقم (1503) من كتابنا هذا.
(4)
وهو حديث ضعيف تقدم آنفًا.
(5)
تقدم برقم (1505) من كتابنا هذا
(6)
سيأتي برقم (1521) من كتابنا هذا.
(7)
تقدم برقم (1501) من كتابنا هذا.
(8)
تقدم برقم (1502) من كتابنا هذا.
وقد تمسك بذلك الشافعي
(1)
فحكي عنه كراهة البكاء بعد الموت، والجمع الذي ذكرناه أوّلًا هو الراجح.
قوله: (قالوا: وما الوجوب) إلخ، في رواية لأحمد
(2)
أن بعض رواة الحديث قالوا: الوجوب إذا دخل قبره، والتفسير المرفوع أصحّ وأرجح.
[الباب الثالث عشر] باب النهي عن النياحة والندب وخمش الوجوه ونشر الشعر ونحوه الرخصة في يسير الكلام من صفة الميت
48/ 1508 - (عَنِ ابْنِ مسعُود أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَةِ الجاهِلِيَّةِ"
(3)
. [صحيح]
49/ 1509 - (وَعَنْ أبي بُرْدَةَ قالَ: وَجِعَ أبُو مُوسَى وَجَعًا فَغُشِيَ عَلَيْهِ ورأسُهُ فِي حِجْرِ امْرأةٍ مِنْ أهْلِهِ، فَصَاحَتْ امْرأةٌ مِنْ أهْلِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا؛ فَلَمَّا أفاقَ قالَ: أنا بَرِيءٌ مِمَّا برئَ مِنْهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فإنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالحالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ)
(4)
. [صحيح]
50/ 1510 - (وَعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّهُ مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِما نِيحَ عَلَيْهِ")
(5)
. [صحيح]
51/ 1511 - (وَعَنْ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ المَيت يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الحَيِّ"
(6)
. [صحيح]
(1)
الأم (2/ 638) والمجموع (5/ 280).
(2)
في المسند (5/ 446) من حديث جابر بن عتيك. وهو حديث صحيح.
(3)
أحمد (1/ 386، 432، 442) والبخاري رقم (1298) ومسلم رقم (165/ 103).
(4)
أحمد (4/ 397) والبخاري رقم (1296) ومسلم رقم (167/ 104).
(5)
أحمد (4/ 245، 252) والبخاري رقم (1291) ومسلم (28/ 933).
(6)
أحمد (1/ 47) والبخاري رقم (1290) ومسلم رقم (18/ 927).
وَفِي رِوَايَةٍ: "بِبَعْضٍ بُكَاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ"
(1)
. [صحيح]
52/ 1512 - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ")
(2)
. [صحيح]
53/ 1513 - (وَعَنْ عائِشَةَ قالَتْ: إنَّمَا قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِن الله لَيَزِيدُ الكافِرَ عَذَابًا بِبُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ"
(3)
، مُتَّفَقٌ على هَذه الأحاديثِ. [صحيح]
ولأَحْمَدَ
(4)
وَمُسْلِم
(5)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: "المَيتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ") [صحيح]
قوله: (ليس منا) أي من أهل سنتنا وطريقتنا، وليس المراد به إخراجه من الدين، وفائدة إيراد هذا اللفظ المبالغة في الردع عن الوقوع في مثل ذلك كما يقول الرجل لولده عند معاتبته: لست منك ولست مني: أي ما أنت على طريقتي.
وحكي عن سفيان
(6)
أنه كان يكره الخوض في تأويل هذه اللفظة ويقول: ينبغي أن نمسك عن ذلك ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر.
وقيل: المعنى ليس على ديننا الكامل: أي أنه خرج من فرع من فروع الدين، وإن كان معه أصله حكاه ابن العربي
(7)
.
قال الحافظ
(8)
: ويظهر لي أن هذا النفي يفسره التبرؤ الذي في حديث أبي موسى
(9)
، وأصل البراءة الانفصال من الشيء، وكأنه توعده بأن لا يدخله في شفاعته مثلًا.
قوله: (من ضرب الخدود) خصّ الخدّ بذلك لكونه الغالب، وإلا فضرب بقية الوجه مثله.
(1)
أحمد (1/ 26، 36، 50) والبخاري رقم (1292) ومسلم رقم (18/ 927).
(2)
أحمد (2/ 38) والبخاري رقم (1286) ومسلم رقم (16/ 927).
(3)
أحمد (1/ 41) والبخاري رقم (1288) ومسلم رقم (23/ 929).
(4)
في المسند (1/ 50، 51).
(5)
في صحيحه رقم (17/ 927).
(6)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 164).
(7)
في عارضة الأحوذي (4/ 221).
(8)
في "الفتح"(3/ 164).
(9)
تقدم برقم (1509) من كتابنا هذا.
قوله: (وشقّ الجيوب) جمع جيب بالجيم وهو ما يفتح من الثوب ليدخل فيه الرأس، والمراد بشقه إكمال فتحه إلى آخره، وهو من علامات السخط.
قوله: (ودعا بدعوة الجاهلية) أي من النياحة ونحوها، وكذا الندبة كقولهم واجبلاه، وكذا الدعاء بالويل والثبور كما سيأتي.
قوله: (وجع) بكسر الجيم.
قوله: (في حجر امرأة من أهله إلخ)، في رواية لمسلم
(1)
: "أغمي على أبي موسى فأقبلت امرأته أمّ عبد الله تصيح برنة"، ولأبي نعيم في المستخرج (2) على مسلم:"أغمي على أبي موسى فصاحت امرأته بنت أبي دومة"، وذلك يدلّ على أن الصائحة أمّ عبد الله بنت أبي دومة واسمها صفية، قاله عمر بن شبة في تاريخ البصرة
(2)
.
قوله: (أنا بريء) قال المهلب
(3)
: أي ممن فعل ذلك الفعل، ولم يرد نفيه عن الإسلام. والبراءة: الانفصال كما تقدم.
قوله: (الصالقة) بالصاد المهملة والقاف: أي التي ترفع صوتها بالبكاء ويقال فيه بالسين بدل الصاد
(4)
.
ومنه قوله تعالى: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} [الأحزاب: 19]، وعن ابن الأعرابي
(5)
: الصلق: ضرب الوجه والأوّل أشهر.
قوله: (والحالقة) هي التي تحلق شعرها عند المصيبة.
قوله: (والشاقة) هي التي تشقّ ثوبها، ولفظ مسلم
(6)
: "أنا بريء ممن حلق وصلق وخرق"، أي حلق شعره وسلق صوته: أي رفعه وخرق ثوبه.
والحديثان يدلان على تحريم هذه الأفعال لأنها مشعرة بعدم الرضا بالقضاء.
(1)
في صحيحه رقم (167/ 104).
(2)
ذكره الحافظ في الفتح (3/ 165).
(3)
ذكره الحافظ في الفتح (3/ 164).
(4)
النهاية (3/ 48).
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 165 - 166).
(6)
في صحيحه رقم ( .... / 104).
قوله: (من نيح عليه يعذّب بما نيح عليه)، ظاهره
(1)
وظاهر حديث عمر
(2)
وابنه
(3)
المذكورين بعده أن الميت يعذّب ببكاء أهله عليه.
وقد ذهب إلى الأخذ بظاهر هذه الأحاديث جماعة من السلف منهم عمر وابنه.
وروي عن أبي هريرة أنه رد هذه الأحاديث وعارضها بقوله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164].
وروى عنه أبو يعلى
(4)
أنه قال: "تالله لئن انطلقَ رجُلٌ مجاهد في سبيل الله فاستشهد فعمدت امرأته سَفَهًا وجهلًا فبكت عليه، ليعذّبنّ هذا الشهيد بذنب هذه السفيهة".
وإلى هذا جنح جماعة من الشافعية
(5)
منهم الشيخ أبو حامد وغيره، وذهب جمهور العلماء إلى تأويل هذه الأحاديث لمخالفتها للعمومات القرآنية وإثباتها لتعذيب من لا ذنب له.
واختلفوا في التأويل، فذهب جمهورهم كما قال النووي
(6)
إلى تأويلها بمن أوصى بأن يُبكى عليه لأنه بسببه ومنسوب إليه، قالوا: وقد كان ذلك من عادة العرب كما قال طرفة بن العبد
(7)
:
إِذَا مِتُّ فابكِيني بِمَا أَنَا أهلُهُ
…
وشُقِّي عليَّ الجيبَ يا أُمَّ مَعْبَدِ
قال في الفتح
(8)
: واعترض بأن التعذيب بسبب الوصية يستحقّ بمجرّد صدور الوصية.
(1)
أي ظاهر حديث المغيرة المتقدم رقم (1510) من كتابنا هذا.
(2)
تقدم برقم (1512) من كتابنا هذا.
(3)
تقدم برقم (1513) من كتابنا هذا.
(4)
في المسند رقم (1592).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 16) ولم ينسبه لأحد، وإنما قال:"رواه أبو هريرة، وفيه من لا يعرف".
(5)
المجموع شرح المهذب (5/ 282 - 283).
(6)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 228 - 229).
(7)
في معلقته: ص 79 ولفظه:
فإنْ مِتُّ فانعيني بِمَا أَنَا أهلُهُ
…
وشُقِّي عَلَيَّ الجيبَ با ابنة مَعْبَدِ
(8)
(3/ 154).
والحديث دالّ على أنه إنما يقع عند الامتثال. والجواب أنه ليس في السياق حصر فلا يلزم من وقوعه عند الامتثال أن لا يقع إذا لم يمتثلوا مثلًا انتهى.
ومن التأويلات ما حكاه الخطابي
(1)
أن المراد أن مبدأ عذاب الميت يقع عند بكاء أهله عليه، وذلك أن شدة بكائهم غالبًا إنما تقع عند دفنه، وفي تلك الحال يسأل ويبتدأ به عذاب القبر، فيكون معنى الحديث على هذا أن الميت يعذّب حال بكاء أهله عليه، ولا يلزم من ذلك أن يكون بكاؤهم سببًا لتعذيبه.
قال الحافظ
(2)
: ولا يخفى ما فيه من التكلف، ولعلّ قائله أخذه من قول عائشة:"إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه ليعذّب بمعصيته أو بذنبه، وإن أهله ليبكون عليه الآن"، أخرجه مسلم
(3)
.
(ومنها) ما جزم به القاضي أبو بكر بن الباقلاني
(4)
وغيره أن الراوي سمع بعض الحديث ولم يسمع بعضه، وأن اللام في الميت لمعهود معين.
واحتجوا بما أخرجه مسلم
(5)
من حديث عائشة أنها قالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أما إنه لم يكذب ولكن نسي أو أخطأ، إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية فذكرت الحديث.
وأخرج البخاري
(6)
نحوه عنها.
(ومنها) أن ذلك يختصّ بالكافر دون المؤمن. واستدلّ لذلك بحديث عائشة المذكور في الباب
(7)
.
قال في الفتح
(8)
: وهذه التأويلات عن عائشة متخالفة. وفيها إشعار بأنها لم ترد الحديث بحديث آخر، بل بما استشعرت من معارضة القرآن.
وقال القرطبي
(9)
: إنكار عائشة ذلك وحكمها على الراوي بالتخطئة
(1)
في معالم السنن (3/ 495).
(2)
في "الفتح"(3/ 154).
(3)
في صحيحه رقم (26/ 932).
(4)
حكاه الحافظ في "الفتح"(3/ 154).
(5)
في صحيحه رقم (27/ 932).
(6)
في صحيحه رقم (3978).
(7)
تقدم برقم (1503) من كتابنا هذا.
(8)
(3/ 154).
(9)
في "المفهم"(2/ 580 - 582). =
والنسيان، أو على أنه سمع بعضًا ولم يسمع بعضًا بعيد، لأن الرواة لهذا المعنى من الصحابة كثيرون وهم جازمون، فلا وجه للنفي مع إمكان حمله على محمل صحيح.
(ومنها) أن ذلك يقع لمن أهمل نهي أهله عن ذلك وهو قول داود وطائفة.
قال ابن المرابط
(1)
: إذا علم المرء ما جاء في النهي عن النوح وعرف أن أهله من شأنهم أن يفعلوا ذلك ولم يعلمهم بتحريمه ولا زجرهم عن تعاطيه، فإذا عذّب على ذلك عذّب بفعل نفسه لا بفعل غيره بمجرّده.
(ومنها) أنه يعذّب بسبب الأمور التي يبكيه أهله بها ويندبونه لها، فهم يمدحونه بها وهو يعذّب بصنيعه، وذلك كالشجاعة فيما لا يحلّ، والرياسة المحرّمة، وهذا اختيار ابن حزم
(2)
وطائفة.
واستدلّ بحديث ابن عمر المتقدم
(3)
بلفظ: "ولكن يعذّب بهذا"، وأشار إلى لسانه.
= قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله"، اختلف في معناه على أقوال: فأنكرته عائشة رضي الله عنها وصرحت بتخطئة الناقل أو نسيانه، وحملَها على ذلك: أنها لم تسمعه كذلك، وإنَّه معارَضٌ بقوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، وهذا فيه نظر؛ أمَّا إنكارُها ونسبةُ الخطأ لراويه فبعيدٌ، وغير بيِّن، ولا واضح، وبيانه من وجهين:
(أحدهما): أن الرواة لهذا المعنى كثير؛ عمر، وابن عمر، والمغيرة بن شعبة، وقيلة بنت مخرمة وهم جازمون بالرِّواية، فلا وجه لتخطئتهم، وإذا أُقدِم على ردِّ خبر جماعةٍ مثل هؤلاء مع إمكان حَمْله على محمل الصحيح فلأن يُرَدَّ خبر راوٍ واحد أولى، فرد خبرها أولى، على أن الصحيح: ألا يردَّ واحدٌ من تلك الأخبار، ويُنظر في معانيها كما نبينُه.
(وثانيهما): أنه لا معارضة بين ما روتْ هي ولا ما رَوَوْا هُمْ، إذ كلُّ واحدٍ منهم أخبر عمَّا سمع وشاهد، وهما واقعتان مختلفتان، وأما استدلالُها على ردِّ ذلك بقوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] فلا حجة فيه ولا معارضة بين هذه الآية والحديث
…
" اهـ.
(1)
حكاه الحافظ في "الفتح"(3/ 154 - 155).
(2)
المحلى (5/ 148).
(3)
برقم (1503) من كتابنا هذا.
وقد رجح هذا الإسماعيلي
(1)
وقال: قد كثر كلام العلماء في هذه المسألة وقال كلّ فيها باجتهاده على حسب ما قدّر له.
ومن أحسن ما حضرني وجه لم أرهم ذكروه، وهو أنهم كانوا في الجاهلية يغزون ويسبون ويقتلون، وكان أحدهم إذا مات بكته باكيته بتلك الأفعال المحرّمة؛ فمعنى الخبر أن الميت يعذّب بذلك الذي يبكي عليه أهله به؛ لأن الميت يندب بأحسن أفعاله، وكانت محاسن أفعالهم ما ذكر وهي زيادة ذنب في ذنوبه يستحقّ عليها العقاب.
(ومنها) أن معنى التعذيب توبيخ الملائكة له بما يندبه أهله، ويدلّ على ذلك حديث أبي موسى
(2)
وحديث النعمان بن بشير
(3)
الآتيان:
(ومنها) أن معنى التعذيب: تألم الميت بما يقع من أهله من النياحة وغيرها، وهذا اختيار أبي جعفر الطبري
(4)
، ورجحه ابن المرابط وعياض
(5)
ومن تبعه، ونصره ابن تيمية
(6)
وجماعة من المتأخرين.
واستدلوا لذلك بما أخرجه ابن أبي خيثمة وابن أبي شيبة
(7)
والطبراني
(8)
(1)
حكاه الحافظ في "الفتح"(3/ 155).
(2)
سيأتي برقم (1515) من كتابنا هذا.
(3)
سيأتي برقم (1516) من كتابنا هذا.
(4)
حكاه الحافظ في "الفتح"(3/ 155).
(5)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 371 - 372).
(6)
في "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية"(24/ 374 - 375) ولفظه:
"وأما تعذيب الميت: فهو لم يقل: إن الميت يعاقب ببكاء أهله عليه. بل قال: "يعذب" والعذاب أعم من العقاب، فإن العذاب هو الألم، وليس كل من تألم بسبب كان ذلك عقابًا له على ذلك السبب.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه" - البخاري رقم (1804) ومسلم رقم (179) - فسمى السفر عذابا، وليس هو عقابًا على ذنب.
والإنسان يعذب بالأمور المكروهة التي يشعر بها، مثل الأصوات الهائلة، والأرواح الخبيثة، والصور القبيحة، فهو يتعذب بسماع هذا، وشم هذا، ورؤية هذا، ولم يكن ذلك عملًا له عوقب عليه، فكيف ينكر أن يعذب الميت بالنياحة، وإن لم تكن النياحة عملًا له يعاقب عليه؟
…
" اهـ.
(7)
في المصنف (3/ 391 - 392).
(8)
في المعجم الكبير (ج 25 رقم 1).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 12) وقال: رجاله ثقات.
وغيرهم من حديث قَيْلة بفتح القاف وسكون الياء التحتية. وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فوالذي نفس محمد بيده إن أحدكم يبكي فيستعبر إليه صويحبه، فيا عباد الله لا تعذّبوا موتاكم".
قال الحافظ
(1)
: وهو حسن الإسناد.
وأخرج أبو داود والترمذي أطرافًا منه.
قال الطبري
(2)
: [ويؤيد ما قال]
(3)
أبو هريرة إن أعمال العباد تعرض على أقربائهم من موتاهم، ثم ساقه بإسناد صحيح.
وقد وهم المغربي
(4)
في شرح بلوغ المرام فجعل قول أبي هريرة هذا حديثًا وصحَّف الطبري بالطبراني.
(1)
في "الفتح"(3/ 155).
(2)
حكاه الحافظ في "الفتح"(3/ 155).
(3)
في المخطوط (ب): (ويؤيده ما قاله).
(4)
هو الحسين بن محمد بن سعيد بن عيسى اللَّاعي، نسبة إلى بلاد لاعة من أعمال بلاد كوكبان، المعروف بالمغربي، قاضي صنعاء وعالِمُها ومحدِّثها، جد شيخنا الحسن بن إسماعيل بن الحسين. ولد سنة (1048 هـ).
وأخذ العلم عن السيد عز الدين العبالي، وعبد الرحمن بن محمد الحيمي، وعلي بن يحيى البرطي، وغيرهم.
وبرع في عدة علوم، وأخذ عن جماعة من العلماء كالسيد عبد الله بن علي الوزير وغيره.
وتولى القضاء للإمام المهدي أحمد بن الحسن، واستمر قاضيًا إلى أيام الإمام المهدي: محمد بن أحمد.
وهو مصنف "البدر التمام شرح بلوغ المرام" وهو شرح حافل. نقل ما في "التلخيص" من الكلام على متون الأحاديث وأسانيدها، ثم إذا كان الحديث في البخاري نقل شرحه من "فتح الباري"، وإذا كان في "صحيح مسلم" نقل شرحه من "شرح النووي"، وتارة ينقل من "شرح السنن" لابن رسلان، ولكنه لا ينسب الأقوال إلى أهلها غالبًا مع كونه يسوقها باللفظ، وينقل الخلافات من "البحر الزخار" للإمام المهدي: أحمد بن يحيى، وفي بعض الأقوال من "نهاية ابن رشد".
ويترك التعرض للترجيح في غالب الحالات وهو ثمرة الاجتهاد، وعلى كل حال فهو شرح مفيد، وقد اختصره السيد العلامة: محمد بن إسماعيل الأمير. وسمى المختصر "سبل السلام الموصلة إلى بلوغ المرام" .... توفي سنة (1119 هـ) أو (1115 هـ). البدر الطالع (1/ 230 - 231 رقم 153).
ومن أدلة هذا التأويل حديث النعمان بن بشير الآتي
(1)
، وكذلك حديث أبي موسى
(2)
لما فيهما من أن ذلك يبلغ الميت.
قال ابن المرابط: حديث قَيْلة نصّ في المسألة فلا يعدل عنه.
واعترضه ابن رشيد فقال: ليس نصًا وإنما هو محتمل. فإن قوله: يستعبر إليه صويحبه، ليس نصًا في أن المراد به الميت، بل يحتمل أن يراد به صاحبه الحيّ، وأن الميت حينئذٍ يعذّب ببكاء الجماعة عليه.
قال في الفتح
(3)
: ويحتمل أن يجمع بين هذه التأويلات فينزل على اختلاف الأشخاص؛ بأن يقال مثلًا: من كان طريقته النوح فمشى أهله على طريقته أو بالغ فأوصاهم بذلك عذّب بصنيعه، ومن كان ظالمًا فندب أفعاله الجائرة عذّب بما ندب به، ومن كان يعرف من أهله النياحة وأهمل نهيهم عنها فإن كان راضيًا بذلك التحق بالأول، وإن كان غير راض عذّب بالتوبيخ كيف أهمل النهي، ومن سلم من ذلك كله واحتاط فنهى أهله عن المعصية ثم خالفوه وفعلوا ذلك كان تعذيبه تألمه بما يراه منهم من مخالفة أمره وإقدامهم على معصية ربهم عز وجل.
قال: وحكى الكرماني
(4)
تفصيلًا آخر وحسنه، وهو التفرقة بين حال البرزخ وحال يوم القيامة، فيحمل قوله [تعالى]
(5)
: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، على يوم القيامة، وهذا الحديث وما أشبهه على البرزخ، انتهى.
وأنت خبير بأن الآية عامة؛ لأن الوزر المذكور فيها واقع في سياق النفي، والأحاديث المذكورة في الباب مشتملة على وزر خاصّ، وتخصيص العمومات القرآنية بالأحاديث الآحادية هو المذهب المشهور الذي عليه الجمهور
(6)
، فلا
(1)
برقم (1516) من كتابنا هذا.
(2)
برقم (1515) من كتابنا هذا.
(3)
(3/ 155).
(4)
في شرحه لصحيح البخاري (7/ 85 - 86).
(5)
زيادة من المخطوط (ب).
(6)
انظر: "إرشاد الفحول"(ص 521 - 525) ثم قال في ختام بحثه:
"وهكذا يجوز التخصيصُ لعموم الكتاب، وعموم المتواتر من السنة، بما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم إذا لم يدلَّ دليل على اختصاصه به، كما يجوز بالقول. =
وجه لما وقع من ردّ الأحاديث بهذا العموم ولا ملجئ إلى تجشم المضايق لطلب التأويلات المستبعدة باعتبار الآية.
وأما ما روته عائشة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك في الكافر أو في يهودية معينة فهو غير مناف لرواية غيرها من الصحابة؛ لأن روايتهم مشتملة على زيادة، والتنصيص على بعض أفراد العامّ لا يوجب نفي الحكم عن بقية الأفراد لما تقرّر في الأصول من عدم صحة التخصيص بموافق العامّ.
والأحاديث التي ذكر فيها تعذيب مختصّ بالبرزخ أو بالتألم أو بالاستعبار كما في حديث قيلة لا تدلّ على اختصاص التعذيب المطلق في الأحاديث بنوع منها؛ لأن التنصيص على ثبوت الحكم لشيء بدون مشعر بالاختصاص به لا ينافي ثبوته لغيره فلا إشكال من هذه الحيثية.
وإنما الإشكال في التعذيب بلا ذنب، وهو مخالف لعدل الله وحكمته على فرض عدم حصول سبب من الأسباب التي يحسن عندها في مقتضى الحكمة كالوصية من الميت بالنوح وإهمال نهيهم عنه والرضا به، وهذا يؤول إلى مسألة التحسين والتقبيح، والخلاف فيها بين طوائف المتكلمين معروف
(1)
.
ونقول: ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الميت يعذّب ببكاء أهله عليه فسمعنا وأطعنا ولا نزيد على هذا.
واعلم أن النووي
(2)
حكى إجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم أن المراد بالبكاء الذي يعذّب الميت عليه هو البكاء بصوت ونياحة لا بمجرّد دمع العين.
54/ 1514 - (وَعَنْ أبي مالِكٍ الأشْعَرِيّ أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "أرْبَعٌ فَي أُمَّتي مِنْ أَمْرِ الجاهِلِيةِ لَا يَتْرُكُونهُنَّ: الفَخْرُ بالأحْسابِ، وَالطَّعْنُ فِي الأنْسَابِ
= وهكذا يجوز التخصيصُ بتقريره صلى الله عليه وسلم وقد تقدم البحث من فعله صلى الله عليه وسلم، وفي تقريره في مقصد السنة بما يغني عن الإعادة
…
" اهـ.
(1)
انظر: "إرشاد الفحول"(ص 65 - 72) بتحقيقي. ومنهاج السنة النبوية (1/ 447) ومدراج السالكين (1/ 263 - 264) والكوكب المنير (1/ 486).
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (6/ 229).
وَالاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ"، وَقَالَ: "النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتها تُقامُ يَوْمَ القِيامَةِ وَعَلَيْها سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ)
(2)
. [صحيح]
55/ 1515 - (وَعَنْ أبي مُوسَى أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "المَيتُ يُعَذَّبُ بِبُكاءِ الحَيّ إِذَا قالَتِ النَّائِحَةُ: وَاعَضُدَاهُ وَناصِرَاهُ وَكاسِباهُ، جُبِذَ المَيِّتُ وَقِيلَ لَهُ: أنْتَ عَضدُها، أنْتَ ناصِرُها، أنْتَ كاسِبُها؟ "، رَوَاهُ أحْمَدُ
(3)
.
وَفِي لَفْظٍ: "ما مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ باكِيهِم فَيَقُولُ: وَاجَبَلاهُ وَاسَنَدَاهُ"، أوْ نَحوَ ذَلِكَ، "إِلَّا وُكِّلَ بِهِ مَلَكانِ يَلْهِزَانِهِ أهَكَذَا كُنْتَ؟ "، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ)
(4)
. [حسن]
56/ 1516 - (وَعَنِ النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ قالَ: أُغْمِيَ على عَبْدِ الله بْنِ رَوَاحَةَ فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكي: وَاجَبَلاهُ وَاكَذَا وَاكَذَا تُعَدّدُ عَلَيْهِ، فَقالَ حِينَ أفاقَ: ما قُلْتِ شَيْئًا إلَّا قِيلَ لي أنْتَ كَذَلِكَ؟ فَلَمَّا ماتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ. رَوَاهُ البخاري)
(5)
. [صحيح]
[و]
(6)
حديث أبي موسى رواه أيضًا الحاكم وصححه
(7)
وحسنه الترمذي
(8)
.
وحديث النعمان أخرجه البخاري في المغازي من صحيحه
(9)
وأخرجه أيضًا مسلم
(10)
.
(1)
في المسند (5/ 342، 343).
(2)
في صحيحه رقم (29/ 934).
وهو حديث صحيح.
(3)
في المسند (4/ 414).
(4)
في سننه رقم (1003) وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (1594) وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 61) والحاكم (2/ 471) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(5)
في صحيحه رقم (4267، 4268).
(6)
زيادة من المخطوط (أ).
(7)
في المستدرك (2/ 471). وقد تقدم.
(8)
بإثر الحديث (1003).
(9)
رقم (4267).
(10)
في صحيحه رقم (29/ 934).
قوله: (والطعن في الأنساب)، هو من المعاصي التي يتساهل فيها العصاة.
وقد أخرج مسلم
(1)
من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت".
وقد اختلف في توجيه إطلاق الكفر على من فعل هاتين الخصلتين.
قال النووي
(2)
: فيه أقوال (أصحها) أن معناه هما من أعمال الكفار وأخلاق الجاهلية. (والثاني) أنه يؤدي إلى الكفر. (والثالث) كفر النعمة والإحسان. (والرابع) أن ذلك في المستحلّ، انتهى.
قوله: (والاستسقاء بالنجوم) هو قول القائل: مطرنا بنوء كذا، أو سؤال المطر من الأنواء، فإن كان ذلك على جهة اعتقاد أنها المؤثرة في نزول المطر فهو كفر.
وقد ثبت في الصحيح
(3)
من حديث ابن عباس أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله [تبارك وتعالى]
(4)
: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي [كافر]
(5)
بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب".
وإخبار النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن هذه الأربع لا تتركها أمته من علامات نبوّته، فإنها باقية فيهم على تعاقب العصور وكرور الدهور لا يتركها من الناس إلا النادر القليل.
قوله: (الميت يعذّب ببكاء الحيّ) قد تقدم الكلام عليه.
قوله: (واعضداه) إلخ، أي أنه كان لها كالعضد وكان لها ناصرًا وكاسبًا وكان لها كالجبل تأوي إليه عند طروق الحوادث فتعصتم به ومستندًا تستند إليه في أمورها.
قوله: (يلهزانه)، أي يلكزانه.
وهذه الأحاديث تدلّ على تحريم النياحة، وهو مذهب العلماء كافة كما قال
(1)
في صحيحه رقم (121/ 67).
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (2/ 57).
(3)
في صحيح مسلم رقم (125/ 71).
(4)
زيادة من المخطوط (أ).
(5)
في المخطوط (ب): (وكافر) والمثبت من المخطوط (أ) وصحيح مسلم.
النووي
(1)
، إلا ما يروى عن بعض المالكية فإنه قال: النياحة ليست بحرام.
واستدلّ بما أخرجه مسلم
(2)
عن أمّ عطية قالت: "لما نزلت هذه الآية: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} .... {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12]، قالت: كان منه النياحة، قالت: فقلت: يا رسول الله: إلا آل فلان فإنهم كانوا يسعدونني في الجاهلية، فلا بدّ لي من أن أسعدهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا آل فلان"
(3)
.
وغاية ما فيه الترخيص لأم عطية في آل فلان خاصة، فما الدليل على حلّ ذلك لغيرها في غير آل فلان؟ وللشارع أن يخصّ من العموم ما شاء.
وقد استشكل القاضي عياض
(4)
وغيره
(5)
هذا الحديث ولا مقتضى لذلك فإن للشارع أن يخصّ من شاء بما شاء.
(1)
في شرحه لصحيح مسلم (2/ 57).
(2)
في صحيحه رقم (33/ 937).
(3)
قال القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(3/ 380):
"وقول أم عطية هذا عندي - والله أعلم - أنه لم يف ممن بايع معها على ذلك في الوقت الذي بايعت فيه، لا أنه لم يترك النياحة أحد من المسلمات غير هؤلاء الخمس، هذا ما لا يصح ولا يعرف من أخلاق الصحابيات رضي الله عنهن.
وقوله: حين قالت أم عطية: إلا آل فلان فإنهن كانوا أسعدوني في الجاهلية، فلا بد من إسعادهم، فقال:"إلا آل فلان": كذا جاء في الأمهات، وفيه إشكال، وهو - والله أعلم - مبتور نقص منه وليس فيه فقال النبي عليه السلام: لا إسعاد في الإسلام، ذكر هذه الزيادة النسائي - رقم (1852) من حديث أنس وهو حديث صحيح - في حديث بمعناه وليس فيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم "إلا آل فلان" ولم يذكر فيه أم عطية فيكون على هذا معنى قوله: "إلا آل فلان" مع إثبات تلك الزيادة على وجه تكرار كلامها والتقرير له والتوبيخ لا على الإباحة، ثم أجابها بأنه:"لا إسعاد في الإسلام" وقد يكون على ظاهر اللفظ بالإباحة أن يكون قبل تحريم النياحة، وأن يكون حديث أم عطية هذا غير الحديث الآخر، ثم منع النبي صلى الله عليه وسلم الإسعاد في الحديث الآخر.
وقد ذهب القاضي أبو عبد الله من هذا الحديث، وظاهره أن النهي عن النياحة ليس بنهي عزم وفرض، إنما هو نهي حضٍّ وندب، واستدل بقصة نساء جعفر وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم عنهن آخرًا. وبأحاديث كثيرة جاءت في ذلك، ولم يجعل فيها نسخًا، والناس على التشديد في ذلك، والله أعلم.
(4)
كما تقدم في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 380).
(5)
كالقرطبي في "المفهم"(2/ 590 - 591): حيث قال: =
وقد ورد لعن النائحة والمستمعة من حديث أبي سعيد عند أحمد
(1)
.
= "وقول أم عطية عند المبايعة: إلا آل فلان؛ فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية فلا بُدَّ لي من أن أسعدهم، فقال: "إلا آل فلان" أشكلَ هذا الحديثُ على العلماء، وكثرت فيه أقوالهم، فقيل فيه: إنَّ هذا كان قبل تحريم النياحة، وهذا فاسدٌ بمساق أم عطية هذا، فإن فيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخذَ عليهنَّ في البيعة: ألَّا يَنُحْنَ. وذكر النياحة مع الشرك، وألَّا يعصينه في معروف. فلولا أن النياحةَ محرمةٌ لما اكد أمرها عليهن، وذكرها في البيعة مع محظورات أُخر، ولما فَهِمَتْ أم عطية التحريمَ استثنت.
(وثانيها): أنَّ ذلك خاصّ بأم عطية. وهذا أيضًا فاسدٌ، فإنه لا يخصُّها بتحليل ما كان من قبيل الفواحش كالزنى والخمر.
(وثالثها): أنَّ النَّهي عن النياحة إنما كان على جهة الكراهة، لا على جهة الغرم والتحريم، وهذا أيضًا فاسدٌ بما تقدَّم، وبقوله:"أربع في أمتي من أمر الجاهلية"، وبقوله:"النائحة إذا لم تَتُبْ جاءث يوم القيامة وعليها سربالٌ من قِطران ودرعٌ من جَرَب"، وهذا وعيدٌ يدلُّ على أنه من الكبائر.
(ورابعها): أن قوله صلى الله عليه وسلم: " إلا آلا فلان" ليس فيه نصٌّ على أنها تساعدهم بالنياحة، فيمكنُ أن تساعدهم باللقاء والبكاء الذي لا نياحةَ فيه، وهذا أشبهُ مما قبله.
(وخامسها): أن يكونَ قولُه: "إلا آل فلان" إعادة لكلامها على جهة الإنكار والتوبيخ، كما قال للمستأذن حين قال: أنا، فقال صلى الله عليه وسلم:"أنا أنا" - البخاري رقم (6250) ومسلم رقم (2155) من حديث جابر - منكرًا عليه.
ويدلُّ على صحة هذا التأويل ما زاد النسائي - في سننه رقم (1852) من حديث أنس وهو حديث صحيح - في حديث بمعنى حديث أم عطية، فقال:"لا إسعادَ في الإسلام" أي على النياحة. والله أعلم" اهـ.
(1)
في المسند (2/ 65).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (3128) والمزي في "تهذيب الكمال"(6/ 212). بسند مسلسل بالضعفاء.
• وله شاهد من حديث ابن عباس عند البزار رقم (793 - كشف) والطبراني في المعجم الكبير رقم (11309) بسند ضعيف.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 13) وقال: رواه البزار والطبراني في الكبير وفيه الصباح أبو عبد الله ولم أجد من ذكره.
• قلت: وينسب للفراء كما جاء عن الطبراني في الكبير (11/ 145)؛ المنقول عنه هذه الرواية.
وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 324) وقال: روى عن جابر الجعفي - شيخه في هذا الحديث - وترجم له ابن منده في الكنى رقم (4284).
[الفرائد على مجمع الزوائد (ص 155 رقم 240)].
ومن حديث ابن عمر عند الطبراني
(1)
والبيهقي
(2)
.
ومن حديث أبي هريرة عند ابن عديّ
(3)
، قال الحافظ في التلخيص
(4)
: وكلها ضعيفة.
وأخرج مسلم
(5)
من حديث أمّ عطية أيضًا قالت: "أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع البيعة أن لا ننوح، فما وفت منا امرأة إلا خمس، فذكرت منهن أمّ سليم وأمّ العلاء وابنة أبي سبرة وامرأة معاذ".
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم: "أنَّه أمر رجلًا أن ينهى نساء جعفر عن البكاء" كما في البخاري
(6)
ومسلم
(7)
، والمراد بالبكاء ها هنا النوح كما تقدم.
57/ 1517 - (وَعَنْ أنَسٍ قالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ الكَرْبُ، فَقالَتْ فاطِمَةُ: وَاكَرْبَ أبَتاهُ، فَقالَ: "لَيْسَ على أبِيكِ كَرْب بَعْدَ اليَوْمِ"؛ فَلَمَّا مات قالَتْ: يا أبَتاهُ أجابَ رَبًّا دَعاهُ، يا أبَتاهُ جَنَّةُ الفِردوس مأواهُ، يا أبَتاهُ إلى جبْرِيلَ نَنْعَاهُ. فَلَمَّا دُفِنَ قالَتْ فاطِمَةُ: أطابَتْ أنْفُسُكُمْ أنْ تَحْثُوا على رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم التُّرَابَ. رَوَاهُ البُخارِيّ)
(8)
. [صحيح]
58/ 1518 - (وَعَنْ [أنَسٍ]
(9)
أن أبا بَكْرٍ دَخَلَ على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ وَفاتِهِ فَوَضَعَ فَمَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيهِ على صُدْغَيْهِ وَقالَ وَانَبِيَّاهُ وَاخَلِيلاهُ وَاصَفِيَّاهُ. رَوَاهُ أحْمَدُ)
(10)
. [حسن]
(1)
في المعجم الكبير - كما في "مجمع الزوائد"(3/ 14) وقال الهيثمي: وفيه الحسن بن عطية وهو ضعيف.
(2)
في السنن الكبرى (4/ 63).
(3)
في "الكامل"(5/ 29).
(4)
في "التلخيص"(2/ 278).
(5)
في صحيحه رقم (32/ 936).
(6)
في صحيحه رقم (1299).
(7)
في صحيحه رقم (30/ 935).
(8)
في صحيحه رقم (4462).
(9)
في جميع مصادر التخريج "عائشة" خلافًا لما في (أ) و (ب) وهو الصواب.
(10)
في المسند (6/ 31).
قلت: وأخرجه الترمذي في الشمائل رقم (373) وإسناده حسن. وقال الألباني رحمه الله: "حديث حسن" كما في "مختصر الشمائل" رقم (328).
قوله: (في حديث أنس الأوّل: واكرب أبتاه)، قال في الفتح
(1)
: في هذا نظر، وقد رواه مبارك بن فضالة عن ثابت بلفظ:"واكرباه".
قوله: (أطابت أنفسكم) قال في الفتح (1): ولسان حال أنس لم تطب أنفسنا لكن قهرناها امتثالًا لأمره.
وقد قال أبو سعيد
(2)
: ما نفضنا أيدينا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا.
ومثله عن أنس
(3)
يريد أن تغيَّرت عما عهدنا من الألفة والصفاء والرقة لفقدان ما كان يمدّهم به من التعليم.
ويؤخذ من قول فاطمة إلخ جواز ذكر الميت بما هو متصف به إن كان معلومًا.
قال الكرماني
(4)
: وليس هذا من نوح الجاهلية من الكذب ورفع الصوت وغيره، إنما هو ندبة مباحة، انتهى.
وعلى فرض صدق اسم النوح في لسان الشارع على مثل هذا فليس في فعل فاطمة وأبي بكر دليل على جواز ذلك؛ لأن فعل الصحابي لا يصلح للحجية كما تقرّر في الأصول.
ويحمل ما وقع منهما على أنهما لم يبلغهما أحاديث النهي عن ذلك الفعل، ولم ينقل أن ذلك وقع منهما بمحضر جميع الصحابة حتى يكون كالإجماع منهم على الجواز لسكوتهم عن الإِنكار، والأصل أيضًا عدم ذلك.
[الباب الرابع عشر] باب الكف عن ذكر مساوي الأموات
59/ 1519 - (عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَسُبُّوا الأمْوَاتَ
(1)
(8/ 149).
(2)
أخرجه البزار بسند جيد كما في "الفتح"(8/ 149).
(3)
ومثله في حديث ثابت عن أنس عند الترمذي وغيره "الفتح"(8/ 149).
(4)
في شرحه لصحيح البخاري (16/ 249).
فإنَّهُمْ قد أفْضَوْا إلى ما قَدَّمُوا"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَالبُخاريّ
(2)
وَالنَّسائى)
(3)
. [صحيح]
60/ 1520 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لا تَسُبُّوا أمْوَاتَنَا فَتُؤْذُوا أحْياءَنا"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(4)
وَالنَّسائيُّ)
(5)
. [ضعيف]
حديث ابن عباس أخرجه عنه بمعناه الطبراني في الأوسط
(6)
بإسناد فيه صالح بن نبهان وهو ضعيف.
وأخرج نحوه الطبراني في الكبير
(7)
والأوسط
(8)
من حديث سهل بن سعد والمغيرة.
قوله: (لا تسبُّوا الأموات) ظاهره النهي عن سبّ الأموات على العموم، وقد خصِّص هذه العموم بما تقدم في حديث أنس
(9)
وغيره أنه قال صلى الله عليه وسلم عند ثنائهم بالخير والشر: "وجبت، أنتم شهداء الله في أرضه ولم ينكر عليهم".
(1)
في المسند (6/ 180).
(2)
في صحيحه رقم (1393).
(3)
في سننه رقم (1936).
وهو حديث صحيح.
(4)
في المسند (1/ 300).
(5)
في سننه رقم (4775).
قلت: وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 329) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
فوهموا؛ لأن عبد الأعلى بن عامر ضعفه أحمد وغيره.
وخلاصة القول: إن الحديث ضعيف. وانظر: الضعيفة رقم (2315).
(6)
رقم (92) بسند ضعيف.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 76) وقال: وفيه صالح بن نبهان - وهو ضعيف.
وأخرجه أيضًا في الأوسط رقم (4265) بسند ضعيف.
(7)
في المعجم الكبير (ج 6 رقم 6013).
(8)
• في المعجم الأوسط رقم (3290). من حديث سهل بن سعد.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 76) وقال: وفيه عمرو بن جابر وهو كذاب.
• وفي المعجم الكبير (ج 5 رقم 4974) من حديث المغيرة بن شعبة.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 76) وقال: رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحد أسانيد الطبراني ثقات.
(9)
وهو حديث صحيح. تقدم تخريجه في آخر شرح الحديث (1418) من كتابنا هذا.
وقيل: إن اللام في الأموات عهدية المراد بهم المسلمون؛ لأن الكفار مما يتقرّب إلى الله عز وجل بسبهم.
ويدلّ على ذلك قوله في حديث ابن عباس المذكور
(1)
: "لا تسبوا أمواتنا".
وقال القرطبي
(2)
في الكلام على حديث "وجبت": إنه يحتمل أجوبة الأوّل أن الذي كان يحدث عنه بالشرّ كان مستظهرًا به فيكون من باب "لا غيبة لفاسق" أو كان منافقًا، أو يحمل النهي على ما بعد الدفن، والجواز على ما قبله ليتعظ به من يسمعه، أو يكون هذا النهي العامّ متأخرًا فيكون ناسخًا.
قال الحافظ
(3)
: وهذا ضعيف.
وقال ابن رُشيد
(4)
ما محصله إن السبّ يكون في حقّ الكافر وفي حقّ المسلم.
أما في حقّ الكافر فيمتنع إذا تأذّى به الحيّ المسلم.
وأما المسلم فحيث تدعو الضرورة إلى ذلك كأن يصير من قبيل الشهادة عليه، وقد تجب في بعض المواضع، وقد تكون مصلحة للميت كمن علم أنه أخذ مالًا بشهادة زور ومات الشاهد، فإن ذكر ذلك ينفع الميت إن علم أن من بيده المال يردّه إلى صاحبه.
والثناء على الميت بالخير والشرّ من باب الشهادة لا من باب السبّ، انتهى.
والوجه تبقية الحديث على عمومه إلا ما خصه دليل كالثناء على الميت بالشرّ وجرح المجروحين من الرواة أحياء وأمواتًا لإجماع العلماء على جواز ذلك
(5)
،
(1)
برقم (60/ 1520) من كتابنا هذا. وهو حديث ضعيف.
(2)
في "المفهم"(2/ 607 - 608).
(3)
في "الفتح"(3/ 258).
(4)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 258).
(5)
قال ابن الصلاح في "علوم الحديث"(389 - 390) تحقيق د. نور الدين عتر: "الكلام في الرجال جرحًا وتعديلًا جُوِّز صونًا للشريعة ونفيًا للخطأ والكذب عنها، وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة".
ثم إن على الآخذ في ذلك أن يتقي الله تبارك وتعالى، ويتثبت ويتوقى التساهل كيلا يجرح سليمًا أو يسم بريئًا بسمعة سوء يبقى عليه الدهر عارُها ويلحق المتساهل من تساهله العقاب والمؤاخذة. =
وذكر مساوي الكفار والفساق للتحذير منهم والتنفير عنهم
(1)
.
قال ابن بطال
(2)
: سبّ الأموات يجري مجرى الغيبة، فإن كان أغلب أحوال المرء الخير وقد تكون منه الفلتة فالاغتياب له ممنوع، وإن كان فاسقًا معلنًا فلا غيبة له، وكذلك الميت، انتهى.
ويتعقب بأن ذكر الرجل بما فيه حال حياته قد يكون لقصد زجره وردعه عن المعصية أو لقصد تحذير الناس منه وتنفيرهم، وبعد موته قد أفضى إلى ما قدم فلا سواء، وقد عملت عائشة راوية هذا الحديث بذلك في حقّ من استحقّ عندها اللعن فكانت تلعنه وهو حيّ، فلما مات تركت ذلك ونهت عن لعنه؛ كما روى ذلك عنها عمر بن شبة في كتاب أخبار البصرة
(3)
.
ورواه ابن حبان
(4)
من وجه آخر وصححه.
= • وقال الشوكاني رحمه الله في "رفع الريبة فيما يجوز ما لا يجوز من الغيبة"، وهي ضمن "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني"(11/ 5583 - 5585) رقم الرسالة (182) بتحقيقنا.
"
…
فإنه ما زال سلف هذه الأمة وخلَفُها يجرحون من يستحقُّ الجرحَ من رواة الشريعة، ومن الشهود على دماء العباد وأموالهم وأعراضهم، ويعدِّلون من يستحق التعديل. ولولا هذا لتلاعب بالسنة المطهرة الكذابون، واختلط المعروف بالمنكر، ولم يتبين ما هو صحيح مما هو باطل وما هو ثابت مما هو موضوع
…
فكان قيام الأئمة - في كل عصر - بهذه العهدة من أعظم ما أوجبه الله على العباد، ومن أهم واجبات الدين، ومن الحماية للسنة المطهرة، فجزاهم الله خيرًا
…
والحاصل: أن كليات الشريعة وجزئياتها وقواعدها وإجماع أهلها، تدل أوضح دلالة على أن هذا القسم لا شك ولا ريب في جوازه، بل في وجوب بعض صوره، صونًا للشريعة وذبًّا عنها، ودفعًا لما ليس فيها، وحفظًا لدماء العباد وأموالهم وأعراضهم.
وهذا كلُّه هو داخل في الضرورات الخمس المذكورة في علم الأصول" اهـ.
(1)
انظر: المرجع السابق (11/ 5587 - 5592) ذكر المجاهر بالفسق.
(2)
في شرحه لصحيح البخاري (3/ 354).
(3)
كما في "الفتح"(3/ 259).
(4)
رقم (3021).
قلت: وأخرجه أحمد (6/ 180) والدارمي (2/ 239) والبخاري رقم (1393) و (5616) والنسائي (4/ 53) والبيهقي (4/ 75) والبغوي في شرح السنة رقم (1509).
وهو حديث صحيح.
والمتحرّي لدينه في اشتغاله بعيوب نفسه ما يشغله عن نشر مثالب الأموات، وسبّ من لا يدري كيف حاله عند بارئ البريات.
ولا ريب أن تمزيق عرض من قدم على ما قدم وجثا بين يدي من هو بما تكنه الضمائر أعلم مع عدم ما يحمل على ذلك من جرح أو نحوه، أحموقة لا تقع لمتيقظ ولا يصاب بمثلها متدين بمذهب.
ونسأل الله السلامة بالحسنات ويتضاعف عند وبيل عقابها الحسرات.
اللهمّ اغفر لنا تفلتات اللسان والقلم في هذه الشعاب والهضاب، وجنبنا عن سلوك هذه المسالك التي هي في الحقيقة مهالك ذوي الألباب.
قوله: (فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)، أي وصلوا إلى ما عملوا من خير وشرّ، والربط بهذه العلة من مقتضيات الحمل على العموم.
قوله: (فتؤذوا الأحياء) أي فيتسبب عن سبهم أذية الأحياء من قراباتهم.
ولا يدلّ هذا على جواز سبّ الأموات عند عدم تأذّي الأحياء كمن لا قرابة له، أو كانوا ولكن لا يبلغهم ذلك.
لأن سبّ الأموات منهيّ عنه للعلة المتقدمة ولكونه من الغيبة التي وردت الأحاديث بتحريمها.
فإن كان سببًا لأذية الأحياء فيكون محرمًا من جهتين وإلا كان محرّمًا من جهة.
وقد أخرج أبو داود
(1)
والترمذي
(2)
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذكروا محاسن [أمواتكم]
(3)
وكفوا عن مساويهم".
وفي إسناده عمران بن أنس المكي
(4)
وهو منكر الحديث، كما قال البخاري.
(1)
في السنن رقم (4900).
(2)
في السنن رقم (1019) وقال: حديث غريب.
(3)
كذا في المخطوط (أ) و (ب): و"موتاكم" عند الترمذي وأبي داود.
(4)
عمران بن أنس، أبو أنس المكي: ضعيف. من السابعة (د ت).
[التقريب رقم الترجمة (5144)]. وانظر: "تهذيب التهذيب"(3/ 314 - 315).
والخلاصة: أن حديث ابن عمر حديث ضعيف، والله أعلم.
وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه. وقال الكرابيسي: حديثه ليس بالمعروف.
وأخرج أبو داود
(1)
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات صاحبكم فدعوه لا تقعوا فيه"، وقد سكت أبو داود
(2)
والمنذري
(3)
عن الكلام على هذا الحديث.
[الباب الخامس عشر] باب استحباب زيارة القبور للرجال دون النساء وما يقال عند دخولها
61/ 1521 - (عَنْ بُرَيْدَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيارَةِ القُبُورِ، فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ في زِيارةِ قَبْرِ أُمِّه، فَزُوروها فإنَّها تُذَكَرُ الآخِرَةِ"، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصحَّحَهُ)
(4)
. [صحيح]
62/ 1522 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وأبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقالَ: "اسْتأذَنْتُ رَبِّي أنْ أستَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لي، وَاسْتأذَنْتُهُ فِي أنْ أزُورَ قَبْرَهَا فأذِنَ لي، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإنْهَا تُذَكِّرُ المَوْتَ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ)
(5)
. [صحيح]
(1)
في سننه رقم (4899).
(2)
في السنن (5/ 206).
(3)
في المختصر (7/ 224).
وهو حديث صحيح.
(4)
في سننه رقم (1054) وقال: حديث بُريدة حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه مسلم رقم (977) وأبو داود رقم (3235) وأحمد (5/ 259، 261) والطيالسي رقم (807) والحاكم (1/ 376).
والبيهقي (4/ 76 و 77) والبغوي في شرح السنة رقم (1553) وابن حبان رقم (3168).
وهو حديث صحيح.
(5)
أحمد (2/ 441) ومسلم رقم (108/ 976) وأبو داود رقم (3234) والنسائي رقم (2035) وابن ماجه رقم (1572). ولم يخرجه البخاري.
وقد قال الحافظ في "الفتح"(3/ 148): " .... وكان المصنف - أي البخاري رحمه الله لم يثبت على شرطه الأحاديث المصرحة بالجواز" اهـ.
وهو حديث صحيح.
الحديث الأوّل أخرجه أيضًا مسلم
(1)
وأبو داود
(2)
وابن حبان
(3)
والحاكم
(4)
.
والحديث الثاني عزاه المصنف إلى الجماعة بدون استثناء ولم أجده في البخاري ولا عزاه غيره إليه فينظر.
وقد أخرجه أيضًا الحاكم
(5)
.
وفي الباب عن ابن مسعود عند ابن ماجه
(6)
والحاكم
(7)
، وفي إسناده أيوب بن هانئ مختلف فيه.
وعن أبي سعيد الخدريّ عند الشافعي
(8)
وأحمد
(9)
والحاكم
(10)
.
وعن أبي ذرّ عند الحاكم
(11)
وسنده ضعيف.
وعن عليّ بن أبي طالب عند أحمد
(12)
.
(1)
في صحيحه رقم (977). وقد تقدم.
(2)
في سننه رقم (3235). وقد تقدم.
(3)
في صحيحه رقم (3168). وقد تقدم.
(4)
في المستدرك (1/ 376). وقد تقدم.
(5)
في المستدرك (1/ 375 - 376) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(6)
في سننه رقم (1571).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 513): "هذا إسناد حسن: أيوب بن هانئ مختلف فيه، وباقي رجال الإسناد على شرط مسلم
…
" اهـ.
(7)
في المستدرك (1/ 375) وسكت عنه. وقال الذهبي: أيوب ضعفه ابن معين.
وهو حديث ضعف.
(8)
في المسند رقم (603 - ترتيب).
(9)
في المسند (3/ 38، 63، 66).
(10)
في المستدرك (1/ 374 - 375) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ووافقهما الألباني في "الجنائز".
والخلاصة: أن حديث أبي سعيد حديث صحيح، والله أعلم.
(11)
في المستدرك (1/ 377) وقال: حديث رواته عن آخرهم ثقات. وقال الذهبي: لكنه منكر، ويعقوب هو القاضي أبو يوسف حسن الحديث" اهـ.
(12)
في المسند (1/ 145). =
وعن عائشة عند ابن ماجه
(1)
.
وهذه الأحاديث فيها مشروعية زيارة القبور ونسخ النهي عن الزيارة.
وقد حكى الحازمي
(2)
والعبدري
(3)
والنووي
(4)
اتفاق أهل العلم على أن زيارة القبور للرجال جائزة.
قال الحافظ
(5)
: كذا أطلقوه وفيه نظر، لأن ابن أبي شيبة وغيره رووا عن ابن سيرين وإبراهيم النخعي والشعب أنهم كرهوا ذلك مطلقًا حتى قال الشعبي: لولا نهي النبي صلى الله عليه وسلم لزرت قبر ابنتي.
فلعلّ من أطلق أراد بالاتفاق ما استقرّ عليه الأمر بعد هؤلاء، وكأن هؤلاء لم يبلغهم الناسخ، والله أعلم.
وذهب ابن حزم
(6)
إلى أن زيارة القبور واجبة ولو مرّة واحدة في العمر لورود الأمر به، وهذا يتنزل على الخلاف في الأمر بعد النهي هل يفيد الوجوب أو مجرّد الإباحة فقط.
والكلام في ذلك مستوفى في الأصول
(7)
.
قوله: (فقد أذن لمحمد إلخ)، فيه دليل على جواز زيارة قبر القريب الذي لم يدرك الإسلام.
= قلت: وأخرجه أبو يعلى في المسند رقم (278) وعنه ابن عدي في الكامل (3/ 1019).
وهو حديث صحيح لغيره.
(1)
في سننه رقم (1570).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 513): "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، بسطام بن مسلم وثقه بن معين وأبو زرعة وأبو داود وغيرهم وباقي رجال الإسناد على شرط مسلم
…
".
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(2)
في الناسخ والمنسوخ ص 331.
(3)
حكاه عنه الحافظ في "الفتح"(3/ 148) والنووي في المجموع (5/ 285).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (7/ 45).
(5)
في "الفتح"(3/ 148).
(6)
في المحلى (5/ 160 مسألة 600).
(7)
انظر: إرشاد الفحول ص 346 بتحقيقي.
قال القاضي عياض
(1)
: سبب زيارته صلى الله عليه وسلم قبرها أنه قصد قوّة الموعظة والذكرى بمشاهدة قبرها.
ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: "فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت".
قوله: (فلم يؤذن لي)، فيه دليل على عدم جواز الاستغفار لمن مات على غير ملة الإسلام
(2)
.
(1)
في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 452).
(2)
• المقاصد والنوايا عند زيارة القبور:
(أ) أن يكون مقصد الزائر الأساسي طاعة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي استحب للمسلمين زيارة القبور.
(ب) أن يقصد الدعاء للميت والاستغفار له والسلام عليه، ولا يقصد دعاءه والاستغاثة به وطلب الحاجات منه، فإنَّه في حاجةٍ إلى من يدعو له لا إلى من يدعوه.
(ج) أن يقصد بذكر الآخرة فيكون قيامه على مقابر الموتى حافزًا له على الطاعات والإقلاع عن المعاصي.
(د) إذا شد رحله إلى مكة أو إلى المدينة أو إلى المسجد الأقصى وجب أن يكون مقصده الصلاة في هذه المساجد، ثم إذا أراد أن يزور الموتى بمكة، أو قبور المدينة وفي مقدمتها قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أو قبور الأنبياء بالقدس فله ذلك كله شريطة أن يلتزم الاتباع لا الابتداع.
• وعليه مراعاة جانب الممارسات والتطبيقات العملية:
(أ) فلا يشد رحلًا لزيارة القبور بل تكفيه زيارة القبور القريبة من محلة إقامته، وكذلك القبور البعيدة التي يجتازها من غير قصد ..
(ب) لا يدعو الموتى ولا يدعو بهم ولا يستغيث ولا يستعين بهم، ولا يتحرى الصلاة عد قبورهم معتقدًا أن ذلك أدعى للقبول.
(ج) ولا يقول هُجرًا ولا ينطق بأي كلمة شركية أو موهمة للشرك مثل نداء الميت وطلب جواره وشفاعته منه ونحو ذلك مما يسخط الرب سبحانه وتعالى.
(د) ولا يتمسح بتراب القبر ولا بجدران الضريح إذا كان حوله جدران ولا يتبرك بشي مما له صلة بالميت معتقدًا أن ذلك ينفعه في دنياه أو في أخراه. وليعلم أنّه لا بركة ترجى إلا باتباع سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
(هـ) ليحرص على الدعوات الواردة التي كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يدعو بها عند زيارة القبور ولا يشغل نفسه بتلاوة القرآن عند الزيارة لأن ذلك مما لا أصل له في السنة، ولو كانت مشروعة لفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعلمها لأصحابه. وإذا زار قبر الكافر فلا يسلم عليه، ولا يدعو له، بل يبشره بالنار لقوله صلى الله عليه وسلم:"حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار"، أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (595) بسند صحيح، وصححه المحدث الألباني في الصحيحة رقم (18). =
63/ 1523 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ: أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ زوَّاراتِ القُبُورِ. رواه أحْمَدُ
(1)
وَابْنُ ماجَهْ
(2)
والتِّرْمِذِي وصحَّحَهُ)
(3)
[حسن]
64/ 1524 - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ أبي مُلَيْكَة: أن عائِشَةَ أقْبَلَتْ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ المَقابِرِ فَقُلْتُ لَهَا: يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ مِنْ أيْنَ أقْبَلْتِ؟ قالَتْ: مِنْ قَبْرِ أخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقُلْتُ لَهَا: ألَيْسَ كانَ نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ زِيارَةِ القُبُورِ؟ قالَتْ: نَعَمْ، كانَ نَهَى عَنْ زِيارَةِ القُبُورِ، ثُمَّ أمَرَ بزيارَتها. رَوَاهُ الأثْرَمُ فِي سُنَنِهِ)
(4)
.
الحديث الأوّل أخرجه أيضًا بن حبان في صحيحه
(5)
.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا الحاكم
(6)
، وأخرجه ابن ماجه
(7)
عن عائشة مختصرًا: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رخص في زيارة القبور".
وفي الباب عن حسان عند أحمد
(8)
وابن ماجه
(9)
والحاكم
(10)
.
= انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية (26/ 150)، أحكام الجنائز (ص 191)، مصرع الشرك والخرافة (ص 219 - 221).
(1)
في المسند (2/ 337) و (2/ 356).
(2)
في سننه رقم (1576).
(3)
في سننه رقم (1056) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (3178) والطيالسي رقم (2358) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 78) من طرق.
وهو حديث حسن، وانظر: الإرواء رقم (762).
(4)
كما في "الروضة الندية"(1/ 445) بتحقيقي.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 376) وسكت عنه الحاكم.
وقال الذهبي: صحيح. قلت: وهو كما قال.
(5)
رقم (3178) بسند حسن. وقد تقدم.
(6)
في المستدرك (1/ 376). وقد تقدم.
(7)
في سننه رقم (1570) مختصرًا. وهو حديث صحيح.
(8)
في المسند (3/ 442).
(9)
في سننه رقم (1574).
(10)
في المستدرك (1/ 374) وقال: هذا الحديث مخرج في الكتابين الصحيحين للشيخين رضي الله عنهما، ووافقه الذهبي.
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 516): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".
وخلاصة القول: أن حديث حسان بن ثابت حديث حسن، والله أعلم.
وعن ابن عباس عند أحمد
(1)
وأصحاب السنن
(2)
والبزار
(3)
وابن حبان
(4)
والحاكم
(5)
، وفي إسناد أبو صالح مَولى أمّ هانئ وهو ضعيف.
وفي الباب أيضًا أحاديث تدلّ على تحريم اتباع الجنائز للنساء، فتحريم زيارة القبور تؤخذ منها بفحوى الخطاب، منها عن ابن عمرو عند أبي داود
(6)
والحاكم
(7)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى فاطمة ابنته فقال: "ما أخرجك من بيتك؟ "، فقالت: أتيت أهل هذا الميت فرحمت على ميتهم، فقال لها: فلعلك بلغت معهم الكدى
(8)
، قالت: معاذ الله وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر، فقال: لو بلغت معهم الكُدى فذكر تشديدًا في ذلك، فسألت ربيعة ما الكدى؟ فقال: القبور فيما أحسب، وفي رواية:"لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يراها جدّ أبيك".
(1)
في المسند (1/ 229، 287، 324، 337).
(2)
أبو داود رقم (3236) والترمذي رقم (320) والنسائي رقم (2043)، وابن ماجه رقم (1575).
(3)
عزاه إليه الحافظ في "التلخيص"(2/ 273).
(4)
في صحيحه رقم (3179).
(5)
في المستدرك (1/ 374).
قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير (ج 12 رقم 12725) والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 71 - 72) من طرق.
قال الترمذي: حديث ابن عباس حديث حسن، وأبو صالح هذا: هو مولى أم هانئ بنت أبي طالب، واسمه باذان - ويقال: باذام أيضًا.
والخلاصة: أن الحديث حسن دون لعن المتخذين عليها السرج فضعيفة.
(6)
في سننه رقم (3123).
(7)
في المستدرك (1/ 373) وقال: رواه حيوة بن شريح الحضرمي عن ربيعة بن سيف المعافري. وقال الذهبي: بهذا على شرطهما.
قلت: وأخرجه أحمد (2/ 168 - 169) والنسائي (4/ 27) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 77) وابن الجوزي في "العلل"(رقم 1508 و 1509) من طريق ربيعة بن سيف المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، به.
قلت: هذا سند ضعيف لتفرد ربيعة بن سيف به، حيث لم يتابعه إلا جماعة من المجاهيل عند ابن الجوزي في العلل.
وخلاصة القول: أن حديث عبد الله بن عمرو حديث ضعيف، والله أعلم.
(8)
أراد المقابر، وذلك لأنها كانت مقابرهم في مواضع صُلْبة، وهي جمع كُدْية. النهاية (4/ 156).
قال الحاكم
(1)
: صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
قال ابن دقيق العيد
(2)
: وفيما قاله الحاكم عندي نظر، فإن راويه ربيعة بن سيف لم يخرّج له الشيخان في الصحيح شيئًا فيما أعلم
(3)
.
وعن أمّ عطية عند الشيخين
(4)
قالت: "نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا".
وعنها أيضًا عند الطبراني
(5)
وفيه: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم نهاهن أن يخرجن في جنازة".
وقد ذهب إلى كراهة الزيارة للنساء جماعة من أهل العلم وتمسكوا بأحاديث الباب.
واختلفوا في الكراهة هل هي كراهة تحريم أو تنزيه.
وذهب الأكثر إلى الجواز إذا أمنت الفتنة.
واستدلوا بأدلة منها دخولهن تحت الإذن العامّ بالزيارة، ويجاب عنه بأن الإذن العامّ مخصص بهذا النهي الخاصّ المستفاد من اللعن.
أما على مذهب الجمهور
(6)
فمن غير فرق بين تقدّم العامّ وتأخره ومقارنته وهو الحقّ.
وأما على مذهب البعض القائلين بأن العامّ المتأخر ناسخ فلا يتمّ الاستدلال به إلا بعد معرفة تأخره.
(1)
في المستدرك (1/ 374) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
قلت: هذا طريق آخر وفيه ربيعة بن سيف أيضًا.
(2)
في الإلمام بأحاديث الأحكام له (1/ 297 - 298).
(3)
قال الذهبي في الميزان (2/ 43) رقم الترجمة (2751): ربيعة بن سيف المعافري المصري، تابعي، قال البخاري وابن يونس: عنده مناكير
…
وقال الدارقطني: صالح. وقال النسائي: ليس به بأس، وقال الترمذي: لا نعرف لربيعة سماعًا من عبد الله، وضعفه الحافظ عبد الحق عندما روى له هذا الحديث المتقدم.
(4)
أخرجه البخاري رقم (1278) ومسلم رقم (34/ 938).
(5)
في المعجم الكبير (ج 25 رقم 142 - 147).
(6)
المجموع (5/ 285) والمغني (3/ 523).
(ومنها) ما رواه مسلم
(1)
عن عائشة قالت: "كيف أقول يا رسول الله إذا زرت القبور؟ قال: "قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين" الحديث.
(ومنها) ما أخرجه البخاري
(2)
: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرّ بامرأة تبكي عند قبر فقال: "اتقي الله واصبري"، قالت: إليك عني" الحديث، ولم ينكر عليها الزيارة.
(ومنها) ما رواه الحاكم
(3)
: "إن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده".
قال القرطبي
(4)
: اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة، ولعلّ السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حقّ الزوج والتبرّج، وما ينشأ من الصياح ونحو ذلك.
فقد يقال إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن لهن؛ لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء، انتهى.
وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر
(5)
.
(1)
في صحيحه رقم (103/ 974).
(2)
في صحيحه رقم (1283).
(3)
في المستدرك (1/ 377) وقال: هذا حديث رواته عن آخرهم ثقات. وتعقبه الذهبي بقوله: هذا منكر جدًّا وسلمان ضعيف.
(4)
في المفهم (2/ 633).
(5)
قال الإمام مالك في "المدونة"(1/ 188 - 189): في خروج النساء وصلاتهن على الجنائز:
"قلت - لابن القاسم -: هل يصلي النساء على الجنائز في قول مالك؟. قال: نعم.
قلت: هل كان مالك يوسع للنساء أن يخرجن مع الجنائز؟ قال: نعم.
قال مالك: لا بأس أن تتبع المرأة جنازة ولدها ووالدها ومثل زوجها وأختها إذا كان ذلك مما يعرف أنه يخرج مثلها على مثله.
قال: فقلت لمالك: وإن كانت شابة؟ قال: نعم وإن كانت شابة.
قال: فقلت له: أفيكره أن تخرج على غير هؤلاء ممن لا ينكر لها الخروج عليهم من قرابتها. قال: نعم.
قلت له: فهل يصلي النساء على الرجل إذا مات معهن وليس معهن رجل.
قال: نعم. ولا تؤمهن واحدة منهن وليصلين وحدانًا واحدة واحدة وليكنَّ صفوفًا" اهـ. =
65/ 1525 - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أتى المَقْبَرَةَ فَقالَ: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إنْ شاءَ الله بِكُمْ لاحقُونَ"، رَوَاهُ أحْمَدُ
(1)
وَمُسْلِمٌ
(2)
وَالنَّسَائيُّ
(3)
.
= • أما الأحناف فالأصل عندهم الإباحة، كما قال ابن عابدين في "رد المحتار" (3/ 141):"الأصح أن الرخصة ثابتة لهنَّ".
ومنهم من فرَّق بين الشابة والعجوز، فأجازه للعجوز، وكرهه للشابة دفعًا لأسباب الفتنة.
وهذا كله لا يعكر على أن الأصل في المسألة الإباحة.
• قال النووي "المجموع"(5/ 285): "وأما النساء، فقال المصنف، وصاحب البيان: لا تجوز لهن الزيارة. وهو ظاهر هذا الحديث، ولكنه شاذ في المذهب. والذي قطع به الجمهور أنها مكروهة لهن كراهة تنزيه، وذكر الروياني في "البحر" وجهين: (أحدهما): يكره كما قاله الجمهور. و (الثاني): لا يكره. قال: وهو الأصح إذا أمن عندي الافتتان" اهـ.
• قال ابن قدامة في المغني (3/ 523): اختلفت الرواية عن أحمد في زيارة النساء القبور، فروي عنه كراهته لحديث أم عطية .. والرواية الثانية: لا يكره؛ لعموم قوله عليه السلام: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، وهذا يدل على سبق النهي ونسخه. فيدخل في عمومه الرجال والنساء
…
" اهـ.
• وأما ابن حزم الظاهري فقد قال في "المحلى"(1/ 388): "ونستحب زيارة القبور، وهو فرض ولو مرة
…
والرجال والنساء سواء" اهـ.
وهو ظاهر اختيار الشوكاني في "الدراري المضية"(1/ 324) بتحقيقي. وصديق حسن خان في "الروضة الندية"(1/ 444 - 446) بتحقيقي.
وانتصر له المحدث الألباني رحمه الله في "أحكام الجنائز"(ص 229 - 237): والخلاصة: النساء كالرجال في استحباب زيارة القبور، لوجوه:
(الأول): عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "
…
فزوروا القبور".
(الثاني): مشاركتهن الرجال في العلة التي من أجلها شرعت الزيارة للقبور، "فإنها تُرق القلب، وتُدمع العين، وتُذكر الآخرة".
(الثالث): ثبت في أكثر من حديث أنه رخص لهن في زيارة القبور كما تقدم.
(الرابع): إقرار النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي رآها عند القبر في حديث أنس.
(الخامس): عدم الإكثار من زيارة القبور والتردد عليها لأن ذلك يفضي بهن إلى مخالفة الشريعة .... من صياح وتبرج وتضييع للوقت، وإهدار لحقوق الزوج
…
(1)
في المسند (2/ 300).
(2)
في صحيحه رقم (39/ 249).
(3)
في سننه رقم (150).
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (4306) وابن خزيمة رقم (6) وأبو يعلى رقم (6502) وأبو عوانة (1/ 138) والبيهقي (4/ 78) من طرق. وهو حديث صحيح.
ولأحْمَدَ
(1)
مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مِثْلُهُ وَزَادَ: "اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا أجْرَهُمْ وَلا تفتَنا بَعْدَهُمْ"). [صحيح].
66/ 1526 - (وَعَنْ بُرَيْدَةَ قالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُهُمْ إذَا خَرجُوا إلى المَقَابِرِ أنْ يَقُولَ قائلُهُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ أهْلَ الدّيارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَإنا إنْ شاءَ الله بِكُمْ لاحِقُونَ، نَسْألُ الله لَنا وَلَكُمْ العافِيَةَ. رَوَاهُ أحْمَدُ
(2)
وَمُسْلِمٌ
(3)
وَابْنُ مَاجَهْ)
(4)
. [صحيح]
حديث عائشة أخرجه أيضًا مسلم
(5)
بلفظ: "قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون".
وأخرج أيضًا عنها
(6)
أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها منه يخرج إلى البقيع من آخر الليل، فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون، غدًا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهمّ اغفر لأهل بقيع الغرقد".
قوله: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين) دار قوم منصوب على النداء: أي يا أهل، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وقيل: منصوب على الاختصاص.
قال صاحب المطالع
(7)
: ويجوز جرّه على البدل من الضمير في عليكم.
قال الخطابي
(8)
: إن اسم الدار يقع على المقابر، قال: وهو صحيح، فإن الدار في اللغة تقع على الربع المسكون وعلى الخراب غير المأهول.
(1)
في المسند (6/ 76) و (6/ 111) بسند ضعيف. إلا أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(2)
في المسند (5/ 353).
(3)
في صحيحه رقم (104/ 975).
(4)
في سننه رقم (1547).
وهو حديث صحيح.
(5)
في صحيحه رقم (103/ 974).
(6)
في صحيحه رقم (102/ 974).
(7)
حكاه عنه النووي في شرحه لصحيح مسلم (7/ 41).
(8)
في معالم السنن (3/ 559 - مع السنن).
قوله: (وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) التقييد بالمشيئة على سبيل التبرّك. وامتثال قول الله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23 - 24].
وقيل: المشيئة عائدة إلى الكون معهم في تلك التربة، وقيل غير ذلك.
والأحاديث فيها دليل على استحباب التسليم على أهل القبور والدعاء لهم بالعافية.
قال الخطابي
(1)
وغيره: إن السلام على الأموات والأحياء سواء في تقديم السلام على عليكم بخلاف ما كانت الجاهلية عليه كقولهم:
عليكَ سلامُ اللهِ قيسُ بنُ عَاصمٍ
…
ورحمتُهُ ما شَاءَ أن يَتَرَحَّمَا
[الباب السادس عشر] باب ما جاء في الميت ينقل أو ينبش لغرض صحيح
67/ 1527 - (عَنْ جَابِرٍ قالَ: أتى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ الله بْنَ أُبَيّ بَعْدَ ما دُفِنَ فأخْرَجَهُ فَنَفَثَ فِيه مِنْ رِيقِهِ وألْبَسَهُ قَمِيصَهُ.
وَفِي رِوَايةٍ أتى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عبْدَ الله بْنَ أُبَيِّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ، فأمَرَ بِهِ فأخْرِجَ، فَوَضَعَهُ على رُكبتَيْهِ فَنَفَثَ فِيهِ مِنْ رِيقِهِ وألْبَسَهُ قَمِيصَه، فالله أعْلَمُ وكانَ كَسا عَبَّاسًا قَمِيصًا. قالَ سُفْيانُ: فَيَرَوْنَ أنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ألْبَسَ عَبْدَ الله قَمِيصَه مُكافأةً بِمَا صَنَعَ. رَوَاهُمَا البخُارِيُّ)
(2)
. [صحيح]
68/ 1528 - (وَعَنْ جَابِرٍ قال: أمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِقَتْلَى أُحُد أنْ يُرَدُّوا إلى
(1)
في معالم السنن (3/ 559 - مع السنن).
(2)
الأولى: أخرجها البخاري رقم (1270).
قلت: وأخرجها مسلم رقم (2773).
والثانية أخرجها البخاري رقم (1350).
مَصَارِعِهِمْ وكانُوا نُقِلُوا إلى المَدِينَةِ. رَوَاهُ الخَمْسَة وَصحَّحَهُ التّرْمِذِي)
(1)
[صحح]
69/ 1529 - (وَعَنْ جابِرٍ قالَ: دُفِنَ مَعَ أبي رَجُلٌ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ في قَبْرٍ على حِدَةٍ. رَوَاهُ البُخارِيُّ
(2)
وَالنَّسائيُّ)
(3)
. [صحيح]
وَلمَالِكٍ في المُوَطَّأ
(4)
أنَّهُ سَمِعَ غَيرَ وَاحِدٍ يَقُولُ: إنَّ سَعْدَ بْن أبي وَقَّاصٍ وَسَعِيدَ بْنَ زيدٍ ماتا بالعِقيقِ فَحُمِلا إلى المَدِينَةِ وَدُفِنا بِها.
وَلسَعِيد في سُنَنِهِ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ الحَضرَمِيّ أن رِجالًا قَبرُوا صَاحِبًا لَهُمْ لَمْ يُغَسِّلُوه وَلم يَجدُوا لَهُ كَفَنًا ثُمَّ لَقَوْا مُعاذَ بْنَ جَبَلٍ فأخْبَرُوه فأمَرَهُمْ أنْ يخْرجُوهُ، فأخْرَجُوهُ مِنْ قَبْرِهِ ثمَّ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَحُنِّطَ، ثمّ صُلّيَ عَلَيْهِ.
قوله: (عبد الله بن أبيّ)، يعني ابن سلول وهو رأس المنافقين ورئيسهم.
قوله: (بعد ما دفن)، كان أهل عبد الله بن أبي بادروا إلى تجهيزه قبل وصول النبيّ صلى الله عليه وسلم[إليه]
(5)
، فلما وصل وجدهم قد دلوه في حفرته فأمر بإخراجه.
وفيه دليل على جواز إخراج الميت من قبره إذا كان في ذلك مصلحة له من زيادة البركة عليه ونحوها.
قوله: (فالله أعلم)، لفظ البخاري:"والله أعلم" بالواو، وكأن جابرًا التبست عليه الحكمة في صنعه صلى الله عليه وسلم بعبد الله ذلك بعد ما تبين نفاقه.
قوله: (وكان كسا عباسًا) يعني ابن عبد المطلب عمّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وذلك يوم بدر لما أتي بالأسارى وأتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب، فوجدوا قميص عبد الله بن أبيّ فكساه النبيّ صلى الله عليه وسلم إياه، فلذلك ألبسه النبيّ صلى الله عليه وسلم قميصه،
(1)
أحمد (3/ 308) وأبو داود رقم (3165) والترمذي رقم (1036) والنسائي رقم (2004) وابن ماجه رقم (1516).
قال الترمذي: حديث جابر حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
(2)
في صحيحه رقم (1352).
(3)
في سننه رقم (2021).
(4)
في الموطأ (1/ 232 رقم 31).
(5)
زيادة من المخطوط (ب).
هكذا [ساقه]
(1)
البخاري في الجهاد
(2)
.
فيمكن أن يكون هذا هو السبب في إلباسه صلى الله عليه وسلم قميصه.
ويمكن أن يكون السبب ما أخرجه البخاري أيضًا في الجنائز
(3)
أن ابن عبد الله المذكور قال: "يا رسول الله ألبس أبي قميصك الذي يلي جلدك".
وفي رواية
(4)
أنه قال: "أعطني قميصك أكفنه فيه".
ويمكن أن يكون السبب هو المجموع: السؤال والمكافأة ولا مانع من ذلك.
قوله: (وكانوا نقلوا إلى المدينة) فيه جواز إرجاع الشهيد إلى الموضع الذي أصيب فيه بعد نقله منه، وليس في هذا أنهم كانوا دفنوا في المدينة ثم أخرجوا من القبور ونقلوا.
قوله: (فلم تطب نفسي)، فيه دليل على أنه يجوز نبش الميت لأمر يتعلق بالحيّ لأنه لا ضرر على الميت في دفن ميت آخر معه.
وقد بين ذلك جابر بقوله: "فلم تطب نفسي"، ولكن هذا إن ثبت أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أذن له بذلك أو قرّره عليه وإلا فلا حجة في فعل الصحابي.
والرجل الذي دفن معه هو عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام الأنصاري وكان صديق والد جابر وزوج أخته هند بنت عمرو.
روى ابن إسحاق في المغازي
(5)
أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "اجمعوا بينهما فإنهما كانا متصادقين في الدنيا".
(1)
في المخطوط (ب): (أخرجه).
(2)
رقم الحديث (3008).
(3)
رقم الحديث (1270).
قلت: وأخرجه مسلم رقم (2773).
(4)
عند البخاري رقم (5796).
(5)
كما في سيرة ابن هشام (3/ 143 - 144) بسند منقطع.
قلت: وأخرجه الطبري في تاريخه (2/ 532) والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 291) كلاهما من طريق ابن إسحاق في قوله: فيكون الحديث ضعيفًا.
قاله الدكتور همام سعيد، والشيخ محمد أبو صعيليك.
قوله: (حتى أخرجته) في لفظ للبخاري
(1)
: "فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم وضعته غير هنية في أذنه".
وظاهر هذا يخالف ما في الموطأ
(2)
عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو يعني والد جابر الأنصاريين كانا قد حفر السيل قبرهما، وكانا في قبر واحد، فحفر عنهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس، وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ستّ وأربعون سنة.
وقد جمع ابن عبد البرّ بينهما بتعدّد القصة.
قال في الفتح
(3)
: وفيه نظر، لأن الذي في حديث جابر أنه دفن أباه في قبر وحده بعد ستة أشهر. وفي حديث الموطأ (2) أنهما وجدا في قبر واحد بعد ستّ وأربعين سنة، فإما أن يكون المراد بكونهما في قبر واحد قرب المجاورة، أو أن السيل خرق أحد القبرين فصارا كقبر واحد.
وقد أخرج نحو ما ذكره في الموطأ ابن إسحاق في المغازي (4) وابن سعد
(4)
من طريق أبي الزبير عن جابر بإسناد صحيح.
ومعنى قوله هنيّة: أي شيئًا يسيرًا وهي بنون بعدها تحتانية مصغرًا وهو تصغير هَنَة.
قوله: (فحملا إلى المدينة) فيه جواز نقل الميت من الموطن الذي مات فيه إلى موطن آخر يدفن فيه، والأصل الجواز فلا يمنع من ذلك إلا لدليل.
قوله: (فأمرهم أن يخرجوه إلخ)، فيه أنه يجوز نبش الميت لغسله وتكفينه
(1)
في صحيحه رقم (1351).
(2)
(2/ 470 رقم 49).
(3)
(3/ 216).
(4)
قال الحافظ في "الفتح"(3/ 216):، وقد ذكر ابن إسحاق القصة في المغازي فقال:"حدثني أبي عن أشياخ من الأنصار، قالوا: لما ضرب معاوية عينه التي مرت على قبور الشهداء، انفجرت العين عليهم فجئنا فأخرجناهما - يعني عمرًا وعبد الله - وعليهما بردتان قد غطى بهما وجوههما وعلى أقدامهما شيء من نبات الأرض، فأخرجناهما يتثنيان تثنيًا كأنهما دفنا بالأمس".
وله شاهد بإسناد صحيح عند ابن سعد من طريق أبي الزبير عن جابر" اهـ.
والصلاة عليه، وهذا وإن كان قول صحابي ولا حجة فيه، ولكن جعل الدفن مسقطًا لما علم من وجوب غسل الميت أو تكفينه أو الصلاة عليه محتاج إلى دليل ولا دليل
(1)
.
انتهى الجزء السابع من "نيل الأوطار"
ويليه الجزء الثامن وأوله
الكتاب الرابع: كتاب الزكاة
(1)
ومن المفيد أن أذيل "كتاب الجنائز" بالبدع التي أوردها المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني في نهاية كتابه "أحكام الجنائز وبدعها" كي يكون المسلم منها على حذر، ويكون عملة على السنة وحدها. ص 305 - 336 بتصرف.
بِدعُ الجَنَائِزِ
وإنِّي تَتميمًا لفائدةِ الكتابِ، رأيتُ أن أتْبعه بفصل خاص ببدع الجنائز، كي يكون المسلم منها على حَذَرٍ، ويسلم له عمله على السُّنَّة وحدها، والشاعر الحكيم يقول:
عَرَفْتُ الشرَّ لا للشَّرِّ
…
لكنْ لِتَوَقِّيهِ
وَمَنْ لا يَعْرِفِ الخيرَ
…
مِنَ الشَّرِّ يَقَعْ فيهِ
وفي حديث حذيفة بن اليمان قال:
"كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأل عن الشَرِّ مخافة أن يُدْرِكَني". أخرجه البخاريُّ (13/ 29) ومسلم (1847).
وقبل الشروع في سردها لا بد من ذكر القواعد والأسس التي بني عليها هذا الفصل، تبعًا للأصل فأقول:
إنّ البدعة المنصوص على ضلالتها من الشارع هي:
أ - كل ما عارض السُّنَّة من الأقوال أو الأفعال أو العقائد ولو كانت عن اجتهادٍ.
ب - كل أمر يتقرب إلى الله به، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ج - كل أمر لا يمكن أن يشرع إلا بنص أو توقيف، ولا نص عليه، فهو بدعة إلا ما كان عن صحابي، تكرر ذلك العمل منه دون نكير.
د - ما ألصق بالعبادة من عادات الكفار.
هـ - ما نص على استحبابه بعض العلماء سيما المتأخرين منهم ولا دليل عليه.
و- كل عبادة لم تأت كيفيَّتها إلا في حديث ضعيف أو موضوع.
ز - الغلو في العبادة.
ح - كل عبادة أطلقها الشارع وقيدها الناس ببعض القيود مثل: المكان أو الزمان أو صفة أو عدد. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وتفصيل القول على هذه الأصول محله الكتاب المستقل إن شاء الله تعالى. فلنشرع الآن في المقصود فأقولُ:
1 -
قبل الوفاة
1 -
اعتقاد بعضهم أن الشياطين يأتون المحتضَر على صفة أبويه في زي يهودي ونصراني حتى يعرضوا عليه كل ملة ليضلوه. (قال ابن حجر الهيثمي في "الفتاوى الحديثية" نقلًا عن السُّيوطي: "لم يرد ذلك").
2 -
وضع المصحف عند رأس المحتضر.
3 -
تلقين الميت الإقرار بالنبي وأئمة أهل البيت عليهم السلام.
4 -
قراءة سورة (يس) على المحتضر.
5 -
توجيه المحتضر إلى القبلة. (أنكره سعيد بن المسيب كما في "المحلى" (5/ 174) ومالك كما في "المدخل"(3/ 229 - 230) ولا يصح فيه حديث.
2 -
بَعْدَ الوَفَاةِ
6 -
قولُ الشيعة: "الآدمي ينجس بالموت إلا المعصوم (*) والشهيد ومن وجب قتله فاغتسل قبل قتله فقتل لذلك السبب بعينه.
7 -
إخراج الحائض والنفساء والجنب من عنده!
8 -
ترك الشغل ممن حضر خروج روح الميت حتى يمضي عليه سبعة أيام! (المدخل لابن الحاج 3/ 276 - 277).
9 -
اعتقاد بعضهم أن روح الميت تحوم حول المكان الذي مات فيه.
10 -
إبقاء الشمعة عند الميت ليلة وفاته حتى الصبح. (المدخل 3/ 236).
11 -
وضع غصن أخضر في الغرفة التي مات فيها.
12 -
قراءة القرآن عند الميت حتى يباشر بغسله.
13 -
تقليم أظافر الميت وحلق عانته. "المدونة للإمام مالك (1/ 180)، مدخل (3/ 240).
14 -
إدخال القطن في دبره وحلقه وأنفه! "المدونة للإمام مالك (1/ 180)، مدخل (3/ 240).
15 -
جعل التراب في عيني الميت والقول عند ذلك: "لا يملأ عين ابن آدم إلا التراب"(المدخل 3/ 261).
16 -
ترك أهل الميت الأكل حتى يفرغوا من دفنه. (منه 3/ 276).
17 -
التزام البكاء حين الغداء والعشاء، (منه 3/ 276). =
_________
(*) يعني أئمة الشيعة فإنهم يعتقدون فيهم العصمة!
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 18 - شق الرجل الثوب على الأب والأخ.
19 -
الحزن على الميت سنة كاملة لا تختضب النساء فيها بالحناء ولا يلبسن الثياب الحسان ولا يتحلين، فإذا انقضت السنة عملن ما يعهد منهن من النقش والكتابة الممنوع في الشرع، يفعلن ذلك هن ومن التزمن الحزن معهن ويسمون ذلك بـ "فك الحزن".
(المدخل 3/ 277).
20 -
إعفاء بعضهم لحيته حزنًا على الميت.
21 -
قلب الطنافس والسجاجيد وتغطية المرايا والثرياث.
22 -
ترك الانتفاع بما كان من الماء في البيت في زِيرٍ أو غيرهِ، ويرون أنه نجس، ويعللون ذلك بأن روح الميت إذا طلعت غطست فيه!
23 -
إذا عطس أحدهم على الطعام يقولون له: كلم فلانًا أو فلانة ممن يحب من الأحياء باسمه - ويعللون ذلك لئلا يلحق بالميت!
24 -
ترك أكل الملوخية والسمك مدة حزنهم على ميتهم. (المدخل 3/ 281).
25 -
ترك أكل اللحوم والمعلاق المشوية والكبة.
26 -
قول المتصوفة: من بكى على هالك خرج عن طريق أهل المعارف! (تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 340 - 342).
27 -
ترك ثياب الميث بدون غسل إلى اليوم الثالث بزعم أن ذلك يرد عنه عذاب القبر.
(المدخل (3/ 276).
28 -
قول بعضهم: إن من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة يكون له عذاب القبر ساعة واحدة، ثم ينقطع عنه العذاب ولا يعود إلى يوم القيامة. (حكاه الشيخ علي القاري في "شرح الفقه الأكبر" (ص 96).
29 -
قول آخرة المؤمن العاصي ينقطع عنه عذاب القبر يوم الجمعة وليلة الجمعة ولا يعود إليه إلى يوم القيامة) (*).
30 -
الإعلان عن وفاة الميت من على المنائر. (3/ 245 - 246 من المدخل).
31 -
قولهم عند إخبار أحدهم بالوفاة: الفاتحة على روح فلان.
3 -
غَسْل الميِّت
32 -
وضع رغيف وكوز ماء في الموضع الذي غسل فيه الميت ثلاث ليال بعد موته.
(المدخل 3/ 276). =
_________
(*) نقله الشيخ علي القاري في "شرح الفقه الأكبر"(ص 91) ورده بقوله: "إنه باطل"، وأوضح منه في البطلان القول الآخر: إن عذاب القبر يرفع عن الكافر يوم الجمعة وشهر رمضان بحرمة النبي صلى الله عليه وسلم. حكاه الشيخ أيضًا ورده.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 33 - إيقاد السراج أو القنديل في الموضع الذي غسل فيه الميت ثلاث ليال من غروب الشمس إلى طلوعها، وعند بعضهم سبع ليال، وبعضهم يزيد على ذلك ويفعلون مثله في الموضع الذي مات فيه.
34 -
ذكر الغاسل ذكرًا من الأذكار عند كل عضو يغسله. (المدخل (3/ 329).
35 -
الجهر بالذكر عند غسل الجنازة وتشييعها.
(الخادمي في "شرح الطريقة المحمدية" ("4/ 22").
36 -
سدل شعر الميتة من بين ثدييها. (انظر: حديث أم عطية).
4 -
الكفن والخروج بالجنازة
37 -
نقل الميت إلى أماكن بعيدة لدفنه عند قبور الصالحين كأهل البيت ونحوهم.
38 -
قول بعضهم: إن الموتى يتفاخرون في قبورهم بالأكفان وحسنها ويعللون ذلك بأن من كان من الموتى في كفنه دناءة يعايرونه بذلك. (المدخل 3/ 277).
39 -
كتابة اسم الميت وأنه يشهد الشهادتين، وأسماء أهل البيت عليهم السلام بتربة الحسين عليه السلام إن وجدت، وإلقاء ذلك في الكفن!
40 -
كتابة دعاء على الكفن.
41 -
تزيين الجنازة. (الباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة ص 67).
42 -
حمل الأعلام أمام الجنازة.
43 -
وضع العمامة على الخشبة. (صرّح ابنُ عابدين في "الحاشية" (1/ 806) بكراهة هذا وكذا الذي قبله). ويلحقُ به الطربوش وإكليل العروس وكل ما يدل على شخصية الميت.
44 -
حمل الأكاليل والآس والزهور وصورة الميت أمام الجنازة!.
45 -
ذبح الخرفان عند خروج الجنازة تحت عتبة الباب. (الإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ ص 114) واعتقاد بعضهم أنه إذا لم يفعل ذلك مات ثلاثة من أهل الميت!.
46 -
حمل الخبز والخرفان أمام الجنازة وذبحها بعد الدفن وتفريقها مع الخبز.
(المدخل 266 - 267)!
47 -
اعتقاد بعضهم أن الجنازة إذا كانت صالحة خف ثقلها على حامليها وأسرعت.
48 -
إخراج الصدقة مع الجنازة. (الاختيارات العلمية ص 53 وكشاف القناع 2/ 134).
ومنه إسقاء العرقسوس والليمون ونحوه.
49 -
التزام البدء في حمل الجنازة باليمين. (المدونة 176).
50 -
حمل الجنازة عشر خطوات من كل جانب من جوانبها الأربعة.
51 -
الإبطاء في السير بها. (الباعث لأبي شامة ص 51، 67، وزاد المعاد 1/ 299 والأمر بالاتّباع (ص 251) السيوطي). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 52 - التزاحم على النعش. (المحلى لابن حزم 5/ 178).
53 -
ترك الاقتراب من الجنازة. (الباعث ص 67).
54 -
ترك الإنصات في الجنازة. (منه وحاشية ابن عابدين 1/ 815). هذا النص يشمل رفع الصوت بالذكر كما في الفقرة بعدها، وتحدث الناس بعضهم مع بعض ونحو ذلك.
55 -
الجهر بالذكر أو بقراءة القرآن أو "البُردة" أو "دلائل الخيرات لا ونحو ذلك. "الإبداع" ص 110، "اقتضاء الصراط المستقيم" 57، "الاعتصام" للإمام الشاطبي (1/ 372 شرح الطريقة المحمدية" 1/ 114. و"الأمر بالاتباع" (ص 252) و"الباعث" (88).
56 -
الذكر خلف الجنازة بالجلالة أو "البُردة" أو "الّدلائل" والأسماء الحسنى، (السنن والمبتدعات للشيخ محمد بن أحمد خضر الشقيري ص 67).
57 -
القول خلفها: "الله أكبر الله أكبر، أشهد أن الله يحيي ويميت وهو حي لا يموت، سبحان من تعزز بالقدرة والبقاء، وقهر العباد بالموت والفناء".
58 -
الصياح خلف الجنازة بـ: "استغفروا له يغفر الله لكم" ونحوه.
(المدخل 2/ 221، الإبداع ص 113)"الأمر بالاتباع"(254).
59 -
الصياح بلفظ (الفاتحة) عند المرور بقبر أحد الصالحين، وبمفارق الطرق.
60 -
قول المشاهد للجنازة: "الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم".
61 -
اعتقاد بعضهم أن الجنازة إذا كانت صالحة تقف عند قبر الولي عند المرور به على الرغم من حامليها.
62 -
القول عند رؤيتها: "هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، اللهم زدنا إيمانًا وتسليمًا") (*).
63 -
اتباع الميت بمجمرة. (المدونة 1/ 180).
64 -
الطواف بالجنازة حول الأضرحة. (يعني أضرحة الأولياء. الإبداع 109).
65 -
الطواف بها حول البيت العتيق سبعًا. (المدخل 2/ 227).
66 -
الإعلام بالجنائز على أبواب المساجد. (المدخل 2/ 221، 262 - 263).
67 -
إدخال الميت من باب الرحمة في المسجد الأقصى، ووضعه بين الباب والصخرة، واجتماع بعض المشايخ يقرؤون بعض الأذكار.
68 -
الرثاء عند حضور الجنازة في المسجد قبل الصلاة عليها أو بعدها وقبل رفعها أو عقب دفن الميت عند القبر. (الإبداع 124 - 125). =
_________
(*) أورده في "شرح الشِّرْعة"(665) تمام حديثٍ أولهُ: "الموت فزع فإذا رأيتم الجنازة فقوموا وقولوا
…
" فذكره. ولا أعرفه بهذا التمام، وأوله في "المسند" (3/ 317) والبيهقي (4/ 26) من حديث جابر ورجاله ثقات والأحاديث في الأمر بالقيام كثيرة وهي وإن كانت منسوخة كما سبق بيانه في محله، فليس فيها هذه الزيادة فدل على إنكارها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 69 - التزامُ حَمْلِ الجنازة على السيارةِ وتشييعها على السيارات.
70 -
حمل بعض الأموات على عربة المدفع!.
5 -
الصلاة عليها
71 -
الصلاة على جنائز المسلمين الذين ماتوا في أقطار الأرض صلاة الغائب بعد الغروب من كل يوم. (الاختيارات 53، المدخل 4/ 214، السنن 67).
72 -
الصلاة على الغائب مع العلم أنه صلي عليه في موطنه.
73 -
قول بعضهم عند الصلاة عليها: "سبحان من قهر عباده بالموت، وسبحان الحي الذي لا يموت"(السنن والمبتدعات 66).
74 -
نزع النعلين عند الصلاة عليها ولو لم يكن فيهما نجاسة ظاهرة ثم الوقوف عليهما!.
75 -
وقوف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة.
76 -
قراءة دعاء الاستفتاح.
77 -
الرغبة عن قراءة الفاتحة وسورة معها.
78 -
الرغبة عن التسليم فيها.
79 -
قول البعض عقب الصلاة عليها بصوت مرتفع: ما تشهدون فيه؟ فيقول الحاضرون كذلك: كان من الصالحين. ونحوه! (الإبداع 108، السنن 66).
6 -
الدفن وتوابعه
80 -
ذبح الجاموس عند وصول الجنازة إلى المقبرة قبل دفنها وتفريق اللحم على من حضر. (الإبداع 114).
81 -
وضع دم الذبيحة التي ذبحت عند خروج الجنازة من الدار في قبر الميت.
82 -
الذكر حول سرير الميت قبل دفنه. (السنن 67).
83 -
الأذان عند إدخال الميت في قبره. (حاشية ابن عابدين 1/ 837).
84 -
إنزال الميت في القبر من قبل رأس القبر.
85 -
جعل شيء من تربة الحسين عليه السلام مع الميت عند إنزاله في القبر لأنها أمان من كل خوف.
86 -
فرش الرمل تحت الميت لغير ضرورة. (المدخل 3/ 261).
87 -
جعل الوسادة أو نحوها تحت رأس الميت في القبر. (منه 3/ 260).
88 -
رش ماء الورد على الميت في قبره. (المدخل 3/ 262، 2/ 222).
89 -
إهالة الحاضرين التراب بظهور الأكف مسترجعين!
90 -
قراءة: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} في الحثوة الأولى، و {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} في الثانية، {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} في الثالثة.
91 -
القول في الحثوة الأولى: بسم الله، وفي الثانية: الملك لله، وفي الثالثة: القدرة لله، وفي الرابعة: العزة لله، وفي الخامسة: العفو والغفران لله، وفي السادسة: الرحمة لله، ثم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يقرأ في السابعة قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)} الآية. ويقرأ قوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} الآية.
92 -
قراءة السبع سور: الفاتحة والمعوذتين والإخلاص و {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} ، وهذا الدعاء: اللهم إني أسألك باسمك العظيم، وأسألك باسمك الذي هو قوام الدين، واسألك
…
وأسألُك
…
وأسألك
…
وأسألك باسمك الذي إذا سئلت به أعطيت وإذا دعيت به أجبت، رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل .. إلخ. كل ذلك عند دفن الميت.
93 -
قراءة فاتحة الكتاب عند رأس الميت، وفاتحة البقرة عند رجليه.
94 -
قراءة القرآن عند إهالة التراب على الميت (المدخل 3/ 262 - 263).
95 -
تلقين الميت. (السُّنن 67، سبل السلام للصنعاني).
96 -
نصب حجرين على قبر المرأة. (نيل الأوطار للشوكاني 4/ 73).
97 -
الرثاء عقب دفن الميت عند القبر. (الإبداع 124 - 125).
98 -
نقل الميت قبل الدفن أو بعده إلى المشاهد الشريفة.
99 -
السكن عند الميت بعد دفنه في بيت في التربة أو قربها. (المدخل 3/ 278).
100 -
امتناعهم من دخول البيت إذا رجعوا من الدفن حتى يغسلوا أطرافهم من أثر الميت. (منه 3/ 276).
101 -
وضع الطعام والشراب على القبر ليأخذه الناس.
102 -
الصدقة عند القبر. (الاقتضاء 183، كشاف القناع 2/ 134).
103 -
صب الماء على القبر من قبل رأسه، ثم يدور عليه، وصب الفاضل على وسطه!.
7 -
التعزية وملحقاتها
104 -
التعزية عند القبور. (حاشية ابن عابدين 1/ 843).
105 -
الاجتماع في مكان للتعزية. (زاد المعاد 1/ 304، سفر السعادة للفيروزآبادي ص 57، إصلاح المساجد عن البدع والعوائد للقاسمي ص 180 - 181).
106 -
تحديدُ التعزية بثلاثة أيام.
107 -
ترك الفرش التي تجعل في بيت الميت لجلوس من يأتي إلى التعزية، فيتركونها كذلك حتى تمضي سبعة أيام ثم بعد ذلك يزيلونها. (المدخل 3/ 279 - 280).
108 -
التعزية بـ "أعظم الله لك الأجر وألهمك الصبر، ورزقنا وإياك الشكر، فإن أنفسنا وأموالنا وأهلينا وأولادنا من مواهب الله عز وجل الهنية، وعواريه المستودعة، متعك به في غبطة وسرور وقبضه منك بأجر كبير: الصلاة والرحمة والهدى، إن احتسبته، فاصبر، ولا يحبط جزعك أجرك فتندم، واعلم أن الجزع لا يرد شيئًا ولا يدفع حزنًا وما هو نازل، فكأَنْ قَدِ"(*). =
_________
(*) رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عزّى به معاذَ بنَ جبل في ابنه، لكنه حديث موضوع.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 109 - التعزية بـ: "إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفًا من كل فائت، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، فإنما المحروم من حرم الثواب".
110 -
اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت [تلبيس إبليس (341) فتح القدير لابن الهمام 1/ 473، المدخل 3/ 275 - 276، إصلاح المساجد 181)].
111 -
اتخاذ الضيافة للميت في اليوم الأول والسابع والأربعين وتمام السنة، (الخادمي في شرح الطريق المحمدية 4/ 224، المدخل 2/ 114، 3/ 278 - 279).
112 -
اتخاذ الطعام من أهل الميت أول خميس.
113 -
إجابة دعوة أهل الميت إلى الطعام. (الإمام محمد البركوي في "جلاء القلوب 77").
114 -
قولهم: لا يرفع مائدة الطعام الليالي الثلاث إلا الذي وضعها. (المدخل 3/ 276).
115 -
عمل الزلابية أو شراؤها وشراء ما تؤكل به في اليوم السابع. (المدخل 3/ 292).
116 -
الوصية باتخاذ الطعام والضيافة يوم موته أو بعده، وبإعطاء دراهم معدودة لمن يتلو القرآن لروحه أو يسبح له أو يهلل. (الطريقة المحمدية 4/ 325).
117 -
الوصية بأن يبيت عند قبره رجال أربعين ليلة أو أكثر أو أقل. (منه 4/ 326).
118 -
وقف الأوقاف سيما النقود لتلاوة القرآن العظيم أو لأن يصلي نوافل أو لأن يهلل أو يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويهدي ثوابه لروح الواقف أو لروح من زاره. (منه 4/ 323).
119 -
تصدق ولي الميت له قبل مضي الليلة الأولى بشيء مما تيسر له فإن لم يجد صلى ركعتين يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة، وسورة التكاثر عشر مرات فإذا فرغ قال:"اللهم صليت هذه الصلاة وتعلم ما أردت بها، الهمم ابعث ثوابها إلى قبر فلان الميت"!.
120 -
التصدق عن الميت بما كان يحب الميت من الأطعمة!
121 -
التصدق عن روح الموتى في الأشهر الثلاثة رجب وشعبان ورمضان.
122 -
إسقاط الصلاة.
(إصلاح المساجد 281 - 283).
123 -
القراءة للأموات وعليهم. (السنن 63 - 65).
124 -
السبحة للميت. (منه 11، 65).
125 -
العتاقة له. (منه).
126 -
قراءة القرآن له وختمه عند قبره. (سفر السعادة 57، المدخل، 1/ 266، 267).
127 -
الصبحة لأجل الميت، وهي تبكيرهم إلى قبر ميتهم الذي دفنوه بالأمس هم وأقاربهم ومعارفهم. (المدخل 2/ 113 - 114، 3/ 278، إصلاح المساجد 270 - 271).
128 -
فرش البسط وغيرها في التربة لمن يأتي إلى الصبحة وغيرها. (المدخل 3/ 278).
129 -
نصب الخيمة على القبر (منه).
130 -
البيات عند القبر أربعين ليلة أو أقل أو أكثر. (جلاء القلوب 83). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 131 - تأبين الميت ليلة الأربعين أو عند مرور كل سنة المسمى بالتذكار. (الإبداع 125).
132 -
حفر القبر قبل الموت استعدادًا له.
8 -
زيارة القبور
133 -
زيارة القبور بعد الموت ثالث يوم ويسمونه الفرق، وزيارتها على رأس أسبوع، ثم في الخامس عشر، ثم في الأربعين، ويسمونها الطلعات، ومنهم من يقتصر على الأخيرتين. (نور البيان في الكشف عن بدع آخر الزمان ص 53 - 54).
134 -
زيارة قبر الأبوين كل جمعة.
(والحديث الوارد فيه موضوع).
135 -
قولهم: إن الميت إذا لم يخرج إلى زيارته ليلة الجمعة بقي خاطره مكسورًا بين الموتى ويزعمون أنه يراهم إذا خرجوا من سور البلد. (المدخل 3/ 277).
136 -
قصد النساء الجامع الأموي غلس السبت إلى الضحى لزيارة المقام اليحيوي، وزعمهم أن الدأب على هذا العمل أربعين سبتًا لما ينوى له! (إصلاح المساجد 230).
137 -
قصد قبر ابن عربي الصوفي - النكرة أربعين جمعة بزعم قضاء الحاجة!.
138 -
زيارة القبور يوم عاشوراء. (المدخل 1/ 290).
139 -
زيارتها ليلة النصف من شعبان، وإيقاد النار عندها. "تلبيس إبليس 429 المدخل 1/ 310).
140 -
ذهابهم إلى المقابر في يومي العيدين ورجب وشعبان ورمضان. (السنن 104).
141 -
زيارتها يوم العيد. (المدخل 1/ 286، الإبداع 135، السنن 71).
142 -
زيارتها يوم الاثنين والخميس.
143 -
وقوف بعض الزائرين قليلًا بغاية الخشوع عند الباب كأنهم يستأذنون! ثم يدخلون.
(الإبداع 99).
144 -
الوقوف أمام القبر واضعًا يديه كالمصلي ثم يجلس. (منه).
145 -
التيمم لزيارة القبر.
146 -
صلاة ركعتين عند الزيارة يقرأ في كل ركعة الفاتحة وآية الكرسي مرة، وسورة الإخلاص ثلاثًا ويجعل ثوابها للميت!.
147 -
قراءة الفاتحة للموتى. (تفسير المنار 8/ 268).
148 -
قراءة {يس} على المقابر.
149 -
قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إحدى عشرة مرة. (حديثها موضوع).
150 -
الدعاء بقوله: اللهم إني أسألك بحرمة محمد صلى الله عليه وسلم أن لا تعذب هذا الميت. [حديث موضوع].
151 -
السلام عليها بلفظ: "عليكم السلام" بتقديم "عليكم "على "السلام"(والسنة عكس ذلك كما في جميع الأحاديث الواردة). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 152 - القراءة على مقابر أهل الكتاب: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: 7] الآية.
153 -
الوعظ على المنابر والكراسي في المقابر في الليالي المقمرة. (المدخل 1/ 268).
154 -
الصياح بالتهليل بين القبور.
155 -
تسمية من يزور بعض القبور حاجًّا!.
156 -
إرسال السلام إلى الأنبياء عليهم السلام بواسطة من يزورهم!
157 -
انصراف النساء يوم الجمعة لمزارات في الصالحية (بدمشق) وشاركهن في ذلك الرجال على طبقاتهم. (إصلاح المساجد 231).
158 -
زيارة آثار الأنبياء التي بالشام مثل مغارة الخليل عليه السلام، والآار الثلاثة التي بجبل قاسيون غربي الربوة. (تفسير الإخلاص 169).
159 -
زيارة قبر الجندي المجهول أو الشهيد المجهول!.
160 -
إهداء ثواب العبادات كالصلاة وقراءة القرآن إلى أموات المسلمين.
161 -
إهداء ثواب الأعمال إليه صلى الله عليه وسلم.
(القاعدة الجليلة 32، 111، الاختيارات العلمية 54، شرح عقيدة الطحاوي (386 - 387) تفسير المنار 8/ 249، 254، 270، 304 - 308).
162 -
إعطاء أجرة لمن يقرأ القرآن ويهديه للميت. (فتاوى شيخ الإسلام 354).
163 -
قول القائل: إن الدعاء يستجاب عند قبور الأنبياء والصالحين (الفتاوى).
164 -
قصد القبر للدعاء عنده رجاء الإجابة. (الاختيارات العلمية 50).
165 -
تغشية قبور الأنبياء والصالحين وغيرهم. (منه 55، المدخل (3/ 278، الإبداع 95 - 96).
166 -
اعتقاد بعضهم أن القبر الصالح إذا كان في قرية أنهم ببركته يرزقون وينصرون، ويقولون: إنه خفير البلد، كما يقولون: السيدة نفيسة خفيرة القاهرة، والشيخ رسلان خفير دمشق وفلان وفلان خفراء بغداد وغيرها. (الرد على الأخنائي 82).
167 -
اعتقادهم في كثير من أضرحة الأولياء اختصاصات كاختصاصات الأطباء، فمنهم من ينفع في مرض العيون، ومنهم من يشفي من مرض الحمى .. (الإبداع 266).
168 -
قول بعضهم: قبر معروف الترياق المجرب، (الرد على البكري 232 - 233).
169 -
قول بعض الشيوخ لمريده: إذا كانت لك إلى الله حاجة فاستغث بي أو قال: استغث عند قبري. (منه).
170 -
تقديس ما حول قبر الولي من شجر وحجر، واعتقاد أن من قطع شيئًا من ذلك يصاب بأذى.
171 -
قول بعضهم: من قرأ آية الكرسي واستقبل جهة الشيخ عبد القادر الكيلاني وسلم عليه سبع مرات يخطو مع كل تسليمة خطوة إلى قبره قضيت حاجته! (الفتاوى 4/ 309). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 172 - رش الماء على قبر الزوجة المتوفاة عن زوجها الذي تزوج بعدها، زاعمين أن ذلك يطفئ حرارة الغيرة! (الإبداع 265).
173 -
السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين. (الفتاوى 11/ 118، 122، 4/ 315، مجموعة الرسائل الكبرى 2/ 395، الرد على البكري 233 الإبداع 100 - 101)، (الرد على الأخنائي 45، 123، 124، 219، 384).
174 -
الضرب بالطبل والأبواق والمزامير والرقص عند قبر الخليل عليه السلام تقربًا إلى الله. (المدخل 4/ 246).
175 -
زيارة الخليل عليه السلام من داخل البناء. (منه 4/ 245).
176 -
بناء الدور في القبور والسكن فيها. (منه 1/ 251 - 252).
177 -
جعل الرخام أو ألواح من الخشب عليها. (منه 3/ 272، 273).
178 -
جعل الدرابزين على القبر (منه 3/ 272).
179 -
تزيين القبر. (شرح الطريقة المحمدية 1/ 114، 115).
180 -
حمل المصحف إلى المقبرة، والقراءة منه على الميت. (تفسير المنار عن أحمد 8/ 267).
181 -
جعل المصاحف عند القبور لمن يقصد قراءة القرآن هناك. (الفتاوى 1/ 174، الاختيارات 53).
182 -
تخليق حيطان القبر وعمده. (الباعث لأبي شامة 14).
183 -
تقديم عرائض الشكاوى وإلقاؤها داخل الضريح زاعمين أن صاحب الضريح يفصل فيها. (الإبداع 98، القاعدة الجليلة 14).
184 -
ربط الخرق على نوافذ قبور الأولياء ليذكروهم ويقضوا حاجتهم.
185 -
دق زوار الأولياء توابيتهم وتعلقهم بها. (الإبداع 100).
186 -
إلقاء المناديل والثياب على القبر بقصد التبرك. (المدخل 1/ 263).
187 -
امتطاء بعض النسوة على أحد القبور واحتكاكها بفرجها عليه لتحبل!
188 -
استلام القبر وتقبيله. (الاقتضاء 176، الاعتصام 2/ 134، 140، إغاثة اللهفان لابن القيم 1/ 194، البركوي في أطفال المسلمين 234، الباعث 70، الإبداع 90).
189 -
إلصاق البطن والظهر بجدار القبر. (الباعث 70).
190 -
إلصاف بدنه أو شيء من بدنه بالقبر، أو بما يجاوز القبر من عود ونحوه. (الفتاوى 4/ 310).
191 -
تعفير الخدود عليها. (الإغاثة 1/ 194 - 198).
192 -
الطواف بقبور الأنبياء والصالحين.
(مجموعة الرسائل الكبرى 2/ 372، الإبداع 90).
193 -
التعريف عند القبر، وهو قصد قبر بعض من يحسن به الظن يوم عرفة والاجتماع =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= العظيم عند قبره كما في عرفات. (الاقتضاء 148).
194 -
الذبح والتضحية عنده. (منه 182، الاختيارات 53، نور البيان 72).
195 -
تحري استقبال الجهة التي يكون فيها الرجل الصالح وقت الدعاء.
(الاقتضاء 175 الرد على البكري 266).
196 -
الامتناعُ من استدبار الجهة التي فيها بعض الصالحين (منه).
197 -
قصد قبور الأنبياء والصالحين للدعاء عندهم رجاء الإجابة (القاعدة الجليلة 17، 126 - 127 الرد على البكري 27 - 57) الرد على الأخنائي 24 الاختيارات العلمية 50 الإغاثة 1/ 201 - 202 - 217).
198 -
قصدها للصلاة عندها. (الرد على الأخنائي 124، الاقتضاء 139).
199 -
قصدها للصلاة إليها. (الرد على البكري 71 القاعدة الجليلة 125 - 126، الإغاثة 1/ 194 - 198 الخادمي على الطريقة 4/ 322).
200 -
قصدها للذكر والقراءة والصيام والذبح. (الاقتضاء 181، 154).
201 -
التوسل إلى الله تعالى بالمقبور. (الإغاثة 1/ 201 - 202، 217، السنن 10).
202 -
الإقسام به على الله. (تفسير سورة الإخلاص لابن تيمية 174).
203 -
أن يقال للميت أو الغائب من الأنبياء والصالحين: ادع الله أو أسأل الله تعالى (القاعدة 124، زيارة القبور له 108، 109، الرد على البكري 57).
204 -
الاستغاثة بالميث منهم كقولهم: يا سيدي فلان أغثني أو انصرني على عدوي.
(القاعدة 14، 17، 124، الرد على البكري 30 - 31، 38، 56، 144، السنن 124).
225 -
اعتقاد أن الميت يتصرف في الأمور دون الله تعالى! (السنن 118).
206 -
العكوف عند القبر والمجاورة عنده. (الاقتضاء 183، 210).
207 -
الخروج من زيارة المقابر التي يعظمونها على القهقرى!.
(المدخل 4/ 238، السنن 69).
208 -
قول بعض المدروشين الوافدين إلى المدن لخصوص زيارة قبور من بها من الأولياء والأموات عند إرادة الأوبة إلى بلادهم: الفاتحة لجميع سكان هذه البلدة سيدي فلان وسيدي فلان، ويسميهم ويتوجه إليهم ويشير ويمسح وجهه! (منه 69).
209 -
قولهم: السلام عليك يا ولي الله، الفاتحة زيادة في شرف النبي صلى الله عليه وسلم والأربعة الأقطاب والأنجاب والأوثاد وحملة الكتاب والأغواث! وأصحاب السلسلة وأصحاب التعريف والمدركين بالكون وسائر أولياء الله على العموم كافة جمعًا يا حي يا قيوم، ويقرأ الفاتحة ويمسح وجهه بيديه وينصرف بظهره! (منه).
210 -
رفع القبر والبناء عليه. (الاقتضاء 63 تفسير سورة الإخلاص 170 سفر السعادة 57. شرح الصدور للشوكاني 66 شرح الطريقة المحمدية 1/ 114، 115). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 211 - التوصية بأن يبني على قبره بناء. (الخادمي على الطريقة المحمدية 4/ 326).
212 -
تجصيص القبور. (الإغاثة 1/ 196 - 198، الخادمي على الطريقة 4/ 322).
213 -
نقش اسم الميت وتاريخ موته على القبر. (المدخل 3/ 272، الذهبي في تلخيص المستدرك، الإغاثة (1/ 196، 198)، الخادمي على الطريقة 4/ 322، الإبداع 95).
214 -
بناء المساجد والمشاهد على القبور والآثار. (تفسير سورة الإخلاص 192، الاقتضاء 6، 158، الرد على البكري 233، الإبداع 99).
215 -
اتخاذ المقابر مساجد بالصلاة عليها وعندها. (الإبداع 9، الفتاوى 2/ 186، 178، 4/ 311، الاقتضاء 52.
216 -
دفن الميت في المسجد، أو بناء مسجد عليه. (إصلاح المساجد 181).
217 -
استقبال القبر في الصلاة مع استدبار الكعبة! (الاقتضاء 218).
218 -
اتخاذ القبور عيدًا. (منه 148، الإغاثة 1/ 190 - 193، الإبداع 85 - 90).
219 -
تعليق قنديل على القبر ليأتوه فَيَزُوروهُ. (المدخل 3/ 273، 278، الإغاثة 194 - 198، الطريقة المحمدية 4/ 236، الإبداع 88).
220 -
نذر الزيت والشمع لإسراج قبر أو جبل أو شجرة. (الإصلاح 232 - 233، الاقتضاء 151).
221 -
قصد أهل المدينة زيارة القبر النبوي كلما دخلوا المسجد أو خرجوا منه.
(الرد على الأخنائي 24، 150 - 151، 156، 217، 218، الشفا في حقوق المصطفى للقاضي عياض (2/ 79).
222 -
السفر لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم. (انظر: البدعة رقم 173).
223 -
زيارته صلى الله عليه وسلم في شهر رجب.
224 -
التوجه إلى جهة القبر الشريف عند دخول المسجد والقيام فيه بعيدًا عن القبر بغاية الخشوع واضعًا يمينه على يساره كأنه في الصلاة! (انظر: البدعة 194).
225 -
سؤاله صلى الله عليه وسلم الاستغفار، وقراءة آية:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [النساء: 64] الآية.
(الردّ على الأخنائي 164، 165، 216، السنن 68).
226 -
التوسل به صلى الله عليه وسلم. انظر: البدع (200 - 203).
227 -
الإقسام به على الله تعالى.
228 -
الاستغاثة به من دون الله تعالى.
229 -
قطعهم شعورهم ورميها في القنديل الكبير القريب من التربة النبوية.
(الإبداع في مضار الابتداع 166، الباعث 70).
230 -
التمسح بالقبر الشريف. (المدخل 1/ 263، السنن 69، الإبداع 166).
231 -
تقبيله. (منهما).
232 -
الطواف به (مجموعة الرسائل الكبرى 2/ 10، 13، المدخل 1/ 263، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الإبداع 166، السنن 69، الباعث 70).
233 -
إلصاق البطن والظهر بجدار القبر الشريف. (الإبداع 166، الباعث 70).
234 -
وضع اليد على شباك حجرة القبر الشريف وحلف أحدهم بذلك بقوله: وحق الذي وضعت يدك على شباكه وقلت: الشفاعة يا رسول الله!.
235 -
إطالة القيام عند القبر النبوي للدعاء لنفسه مستقبلًا الحجرة. (القاعدة الجليلة 125 الرد على البكري 125، 232، 282، مجموعة الرسائل الكبرى 2/ 391).
236 -
تقربهم إلى الله بأكل التمر الصيحاني في الروضة الشريفة بين القبر والمنبر.
(الباعث 170 الإبداع 166).
237 -
الاجتماع عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم لقراءة ختمةٍ وإنشاد قصائد.
(مجموعة الرسائل الكبرى 2/ 398).
238 -
الاستسقاء بالكشف عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء والصالحين.
(الرد على البكري 29).
239 -
إرسال الرقاع فيها الحوائج إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
240 -
قول بعضهم: إنه ينبغي أن لا يذكر حوائجه ومغفرة ذنوبه بلسانه عند زيارة قبره صلى الله عليه وسلم لأنه أعلم منه بحوائجه ومصالحه!
241 -
قوله: لا فرق بين موته صلى الله عليه وسلم وحياته في مشاهدته لأمته ومعرفته بأحوالهم ونياتهم وتحسراتهم وخواطرهم!
وهذا آخر ما تيسر جمعه من بدع الجنائز، وبه يتم الكتاب.
والحمد لله على توفيقه وأسأله تعالى المزيد من فضله، وأن يرزقني محبة لقائه عند مفارقة هذه الدنيا الفانية إلى الدار الأبدية الخالدة، {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].
تمت والحمد لله