الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ إِلَيْنَا خِلَافٌ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا عَلَى مَنْ يَجِبُ وُجُوبًا غَيْرَ مُخَيِّرٍ: فَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ إِذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ الصِّفَةُ الْمَانِعَةُ مِنَ الصَّوْمِ وَهِيَ: الْحَيْضُ لِلنِّسَاءِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] .
[الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فِي أَرْكَان الصيام]
[الرُّكْنُ الْأَوَّلُ في الصيام هو الزَّمَانُ]
الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ
فِي الْأَرْكَانِ
وَالْأَرْكَانُ ثَلَاثَةٌ: اثْنَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا (وَهُمَا: الزَّمَانُ وَالْإِمْسَاكُ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ) . وَالثَّالِثُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ: النِّيَّةُ.
فَأَمَّا الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ الزَّمَانُ، فَإِنَّهُ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: زَمَانُ الْوُجُوبِ (وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ) .
وَالْآخَرُ: زَمَانُ الْإِمْسَاكِ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ (وَهُوَ أَيَّامُ هَذَا الشَّهْرِ دُونَ اللَّيَالِي) .
وَيَتَعَلَّقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الزَّمَانَيْنِ مَسَائِلُ قَوَاعِدُ اخْتَلَفُوا فِيهَا، فَلْنَبْدَأْ بِمَا يَتَعَلَّقُ مِنْ ذَلِكَ بِزَمَانِ الْوُجُوبِ:
وَأَوَّلُ ذَلِكَ: فِي تَحْدِيدِ طَرَفَيْ هَذَا الزَّمَانِ.
وَثَانِيًا: فِي مَعْرِفَةِ الطَّرِيقِ الَّتِي بِهَا يُتَوَصَّلُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْعَلَامَةِ الْمُحَدَّدَةِ فِي حَقِّ شَخْصٍ شَخْصٍ وَأُفُقٍ أُفُقٍ.
فَأَمَّا طَرَفَا هَذَا الزَّمَانِ: فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الشَّهْرَ الْعَرَبِيَّ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَيَكُونُ ثَلَاثِينَ، وَعَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي تَحْدِيدِ شَهْرِ رَمَضَانَ إِنَّمَا هُوَ الرُّؤْيَةُ، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» وَعَنَى بِالرُّؤْيَةِ أَوَّلَ ظُهُورِ الْقَمَرِ بَعْدَ الزَّوَالِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْحُكْمِ إِذَا غُمَّ الشَّهْرُ وَلَمْ تُمْكِنِ الرُّؤْيَةُ، وَفِي وَقْتِ الرُّؤْيَةِ الْمُعْتَبَرِ: فَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ إِذَا غُمَّ الْهِلَالُ: فَإِنَّ الْجُمْهُورَ يَرَوْنَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ أَنْ تُكْمَلَ الْعِدَّةُ ثَلَاثِينَ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي غُمَّ هِلَالُ أَوَّلِ الشَّهْرِ عَنِ الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، كَانَ أَوَّلُ رَمَضَانَ الْحَادِيَ وَالثَّلَاثِينَ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي غُمَّ هِلَالَ آخِرِ الشَّهْرِ صَامَ النَّاسُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا.
وَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُغَمَّى عَلَيْهِ هِلَالَ أَوَّلِ الشَّهْرِ صِيمَ الْيَوْمُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي يُعْرَفُ بِيَوْمِ الشَّكِّ.
وَرَوَى بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّهُ إِذَا أُغْمِيَ الْهِلَالُ رَجَعَ إِلَى الْحِسَابِ بِمَسِيرِ الْقَمَرِ وَالشَّمْسِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.
وَحَكَى ابْنُ سُرَيْجٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ كَانَ مَذْهَبُهُ الِاسْتِدْلَالَ بِالنُّجُومِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الْهِلَالَ مَرْئِيٌّ وَقَدْ غُمَّ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الصَّوْمَ وَيُجْزِيَهُ.