الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
فإن من نعم الله على عباده أن بعث لهم نبيه بالحنيفية السمحة، وجعل التيسير من خصائص هذه الرسالة الخاتمة، فقال:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157] لقد رسمت هذه الآية ملامح هذه الرسالة الخالدة من خلال وصف رسولها صلى الله عليه وسلم، ونصت على أنه بعث لوضع الإصر والغل.
إنه تصوير لحالة الضيق والمشقة التي أماطتها هذه الشريعة بالسماحة واليسر.
والإصر: يقول عنه النضير بن شميل: العهد الثقيل. وكل ثقيل إصر؛ لأنه يأصر صاحبه، أي: يحبسه عن الحركة»
(1)
(.
والأغلال جمع غُل -بالضم- وهي جامعة الحديد تكون في العنق واليدين. قال مرتضى في «التاج» عن الأغلال: «وقد تكرر ذكرها في القرآن والسنة، ويراد بها التكاليف الشاقة، والأعمال المتبعة
(2)
وليس التيسير ورفع الحرج قاعدة فقهية فحسب عبر عنها الفقهاء بقولهم «المشقة تجلب التيسير» وقول الإمام الشافعي: الأمر إذا ضاق اتسع
(3)
، بل التيسير، ورفع الحرج مقصد من مقاصد أعلى الشريعة، والكتاب والسنة يدلان على ذلك بصريح النص في مواضع عدة، يقول تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286].
(1)
ينظر: تاج العروس (101/ 2)، لسان العرب (4/ 22)، مادة (أص ر).
(2)
ينظر: تاج العروس (3/ 208) مادة (غ ل ل)، وانظر: الدر المنثور للسيوطي (7/ 43).
(3)
الأشباه والنظائر للسيوطي (83).
وجاء في المسند
(1)
من حديث أبي أمامة مرفوعاً: «إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية، ولكني بعثت بالحنيفية السمحة» .
وأخرج البخاري
(2)
من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه» وإنما قالت: «ما لم يكن إثماً» لأن ترك الإثم لا مشقة فيه.
وما مشروعية الرخص المقطوع بها من قصر الصلاة للمسافر مع الجمع، وتناول المحرمات في حال الاضطرار إلا دليل قطعي على مطلق رفع الحرج والمشقة.
وإذا كانت النصوص الشرعية المتقدمة جاءت لتقرير قاعدة التيسير ورفع الحرج في أمور الدين عامة، فإن قصد التيسير يظهر في الحج بخصوصه، فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلنها في حجة الوداع، فيما أخرجه البخاري
(3)
، ومسلم
(4)
من حديث عبد الله بن عمرو بن
(1)
(5/ 266) 22345، وصححه الألباني في الصحيحة (6/ 122)2924.
(2)
(5/ 5775، 2269).
(3)
(1/ 43)83.
(4)
(2/ 948)1036.
العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل، فقال: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح فقال: «اذبح، ولا حرج» . وجاء آخر، فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ قال: «ارم، ولا حرج» . فما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: «افعل ولا حرج» .
ولأن الحج عبادة قرنت بالاستطاعة نصاً، والحج في كثير من أحكامه مبني على التخيير، والتخيير أساس التيسير، وهذا حكم عام لجميع الحجيج، فكيف الأمر بالنساء اللائي عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج في حقهن جهاداً، فقال فيما أخرجه الإمام أحمد»
(1)
، وابن ماجة»
(2)
من حديث عائشة قالت: قلت: يا رسول الله هل على النساء من جهاد؟ قال: «نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة» واللفظ لأحمد، وصححه الألباني في الإرواء»
(3)
.
وفي البخاري في باب حج النساء
(4)
من حديث عائشة قالت:
(1)
(6/ 165)25361.
(2)
(2/ 968)2901.
(3)
(4/ 101)981.
(4)
(2/ 658)1762.
قلت: يا رسول الله ألا نغزو، ونجاهد معكم؟ فقال:«لكن أحسن الجهاد، وأجمله، الحج: حج مبرور» فقالت عائشة: فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله.
بل إن الحج جهاد كل ضعيف، كما أخرجه ابن ماجة
(1)
من حديث أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحج جهاد كل ضعيف» وحسنه الألباني، وعند النسائي
(2)
بسند لا بأس به من حديث أبي هريرة مرفوعاً: «جهاد الكبير، والصغير، والضعيف، والمرأة الحج والعمرة» .
ولا شك أن اختيار لفظ «الجهاد» من رسول الله صلى الله عليه وسلم له دلالته، ومعانيه، «فالجهاد» حالة يتصور فيها بذل الجهد، ولحوق المشقة، وهي كلمة تعد مقدمة لنتائج من صور التيسير والتخفيف لمن كانت هذه حالة كما ستقف عليه إن شاء الله.
وفي البحث سيتضح لك منحى التعامل مع المشقات في الحج، لاسيما مع وجود الخلاف القائم وعدم وجود النص القاطع.
(1)
(2/ 968)2902.
(2)
(5/ 113)2626.
(1)
.
وتغير الزمان المشار إليه هو تغير أحوال الناس، فالحجيج
الذين كانوا يعدون بالآلاف أصبحوا يعدون بالملايين، والأنفس القليلة التي كانت تموت في موسم الحج أصبحت تعد بالمئات.
ومحل الشاهد منه أن الإبقاء على أحكام الجزئيات التي تخالف مقاصد الشريعة، وتؤدي إلى مشقة وإعنات مخالف لروح الشريعة وغلط.
(1)
إعلام الموقعين (3/ 11).
وأي مشقة أعظم من ذهاب الأنفس في الزحام، والإثخان بالجروح والآلام، وإلحاق الضرر بعباد الله، ألا يستحق الأمر اجتهاداً، لاسيما في حق العجزة والضعفاء؟
(1)
وقد سعدت بتناول موضوع «التيسير على النساء في الحج في ضوء السنة النبوية» :
وقسمت البحث إلى مقدمة، ومبحثين، وخاتمة.
المقدمة: وضمنتها: أهمية البحث، و
خطة البحث.
المبحث الأول: مظاهر التيسير في ما قبل الحج
وفيه خمسة مطالب:
المطلب الأول: الاستطاعة التي توجب الحج على الآفاقي.
المطلب الثاني: أذن الزوج لزوجته في فريضة الحج.
المطلب الثالث: فرض الحج.
المطلب الرابع: إحرام الحائض بالحج.
المطلب الخامس: الاشتراط للحاج.
المبحث الثاني: مظاهر التيسير في أثناء الحج.
وفيه مطلبان:
(1)
ينظر تعليق الشيخ عبدالله بن بيه على كتاب (افعل ولا حرج) للدكتور سلمان العودة (7 - 23)
المطلب الأول: التيسير في أركان الحج: وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: التيسير في الوقوف بعرفة.
المسألة الثانية: التيسير في طواف الإفاضة.
المطلب الثاني: التيسير في واجبات الحج: وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: تعجل الدفع من مزدلفة.
المسألة الثانية: التيسير في الرمي.
المسألة الثالثة: سقوط طواف الوداع عن الحائض والنفساء.
الخاتمة.
وقد حرصت على بيان أقوال الفقهاء المتعلقة بالمسألة، مع إيراد أدلتهم، وتعليلاتهم، معتمدة على المنهج العلمي المتبع في البحوث من عزو الآيات والأقوال، وتخريج الحديث.
سائلة الله التوفيق والسداد.
المبحث الأول
مظاهر التيسير في ما قبل الحج
المطلب الأول
الاستطاعة التي توجب الحج على الآفاقي
لاشك أن لوجوب الحج شروطاً عند أهل العلم منها ما هو شرط للوجوب والصحة، ومنها ما هو شرط للوجوب والإجزاء، ومنها ما هو شرط للوجوب فقط، وقد بسطها الأئمة في كتبهم.
وسأطرح في هذه المسألة شرطاً من شروط الوجوب ألا وهو الاستطاعة، إذ فيه أول مظهر من مظاهر تيسير الله على عباده في الحج، ولا خلاف بين أهل العلم في أن الاستطاعة شرط لوجوب الحج
(1)
، لقوله تعالى:{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]، ولكن أهل العلم اختلفوا في بيان حقيقة هذه الاستطاعة وشروطها علماً بأن الاستطاعة نوعان:
(1)
ينظر: التمهيد (9/ 125)، المجموع (7/ 63)، المغني (3/ 87)، البحر الرائق (2/ 335).
استطاعة بالنفس، واستطاعة بالغير. والذي يهمنا في هذه المسألة النوع الأول، ألا وهو الاستطاعة بالنفس في حق الآفاقي الذي بينه وبين مكة مسافة يعد فيها مسافراً، وقد ذكر العلماء شروطاً لتبيين حقيقة الاستطاعة بعضها مشترك بين الرجل والمرأة، والبعض الآخر يختص بالمرأة، وسأفصل القول فيما يختص بالمرأة.
ومن الشروط التي يشترك فيها الرجل والمرأة في بيان حقيقة الاستطاعة:
1.
صحة البدن بأن لا يكون مريضا لا يستطيع الثبات على الراحلة
(1)
.
2.
أمن الطريق، بأن يغلب على الظن السلامة
(2)
.
3.
وجود الزاد المحتاج إليه.
4.
وجود الراحلة إما بالتملك أو بالكراء
(3)
».
(1)
ينظر: بدائع الصنائع (2/ 122)، المجموع (7/ 41)، المغني (3/ 91).
(2)
ينظر: المجموع (7/ 50)، المبدع (97/ 3)، البحر الرائق (2/ 338).
(3)
ينظر: القول الثالث والرابع: المجموع (7/ 41)، المغني (3/ 88)، البحر الرائق (2/ 337).
وأما الشرط الذي تختص به المرأة:
فوجود المحرم: والمحرم للمرأة هو الزوج أو من تحرم عليه بالتأبيد، وقد اختلف أهل العلم في اشتراطه على أقوال، من أشهرها:
القول الأول، لا يجب الحج على المرأة التي لا محرم لها، قال به الحسن، والنخعي، والحنفية، والحنابلة في المذهب، وإسحاق، وابن المنذر، والبغوي
(1)
واستدلوا بما يلي:
ما أخرجه البخاري
(2)
، ومسلم
(3)
من حديث أبي هريرة قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة، ليس معها محرم» واللفظ لمسلم. وحمل العلماء هذا الحديث على عمومه؛ لأن (امرأة) في الحديث نكرة في سياق النفي فتحمل على العموم، وعليه بوب النووي في شرحه على صحيح مسلم (باب: سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره).
(1)
ينظر: مسائل أحمد لأبي داود (106)، شرح الستة (7/ 20)، تحفة الفقهاء (2/ 287)، شرح فتح القدير (2/ 491).
(2)
أبواب: تقصير الصلاة، باب: في كم يقصر الصلاة (1/ 368)1036.
(3)
كتاب الحج، باب: سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره (2/ 977)1338.
2.
ما أخرجه البخاري
(1)
، ومسلم
(2)
من حديث ابن عباس ? قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم، فقال رجل: يا رسول الله، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحج، فقال اخرج معها، واللفظ للبخاري، وبوب عليه البخاري:(باب حج النساء) قال الحافظ: أي هل يشترط فيه قدر زائد على حج الرجال أولا؟
(3)
» قال النووي: «فيه تقديم الأهم من الأمور المتعارضة؛ لأنه لما تعارض سفره في الغزو وفي الحج معها، رجح الحج معها»
(4)
لاسيما وقد رواه سعيد بن منصور عن حماد بن زيد بلفظ: فقال رجل: «يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني نذرت أن أخرج في جيش كذا وكذا» ، فلو لم يكن شرطاً ما رخص له في ترك النذر
(5)
.
3.
ما أخرجه الدار قطني
(6)
من حديث ابن عباس قال: قال
(1)
كتاب الحج: باب حج النساء (2/ 658)1763.
(2)
كتاب الحج: باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره (2/ 978)1341.
(3)
الفتح: (4/ 76).
(4)
شرح النووي: (9/ 110).
(5)
الفتح: (4/ 75).
(6)
السنن (2/ 222)، 30.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم» ، صحح إسناده الحافظ ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية
(1)
، قال ابن قدامة:«هذا صريح في الحكم، وفيه نهي، والنهي يقتضي التحريم»
(2)
4.
واستدلوا بأن المرأة أنشأت سفراً في دار الإسلام، فلم يجز بغير محرم كحج التطوع، وأن المرأة بدون المحرم يخاف عليها الفتنة.
(3)
القول الثاني: أن المحرم ليس بشرط في الحج الواجب، فيجب عليها أن تخرج للحج إذا وجدت رفقة مأمونين رجالاً أو نساء، قال به مالك
(4)
، والأوزاعي
(5)
»، والشافعي في مذهبه
(6)
، وأحمد في رواية
(7)
. واستدلوا بما يأتي:
(1)
(2/ 4).
(2)
المغني (3/ 98).
(3)
ينظر: المصدر السابق، الهداية مع شرح فتح القدير:(2/ 420).
(4)
ينظر: الموطأ (224)، الملتقي الباجي (3/ 83).
(5)
ينظر: المجموع (7/ 86)، المغني (3/ 237).
(6)
ينظر: الأم (2/ 117).
(7)
ينظر: المغني (3/ 237)، والإنصاف (3/ 411).
1.
ما أخرجه البخاري
(1)
، من حديث عدي بن حاتم، قال بينما أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل، فقال: يا عدي هل رأيت الحيرة، قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها، قال:«فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله .. » .
ووجد الاستدلال أنه خبري سياق المدح، ورفع منار الإسلام فيحمل على الجواز
(2)
. وأجيب عنه:
بأنه ليس في كل شيء أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيقع حرمة أوجوازاً، لأنه نص على وجود ذلك لا جوازه. وما دام أن مجرد الإخبار عن الغيبيات لا يؤخذ منه جواز، كيف يؤخذ منه الوجوب؟ على قول من قال بوجوبها عند وجود الرفقة
(3)
.
2.
ما أخرجه البخاري في صحيحه
(4)
من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده: أذن عمر لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجه
(1)
كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (3/ 1316)3400.
(2)
الفتح: (4/ 76).
(3)
المجموع: (7/ 86).
(4)
كتاب الحج، باب: حج النساء (2/ 658)1763.
حجها، فبعث معهن عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف.
(1)
.
وأجيب بأن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، فيحمل هذا على الخصوص.
وتعقب بأنهن مختصات بالتحريم، لا المحرمية، وأجيب عنه أيضاً: بأن هذه الرواية المطلقة، جاءت مقيدة عند ابن الجوزي في المنتظم
(2)
بأنه أخرج معهن أولياءهن، وإرسال عثمان وعبدالرحمن المزيد العناية بهن.
3.
أن وجود من تأمنه يقوم مقام المحرم
(3)
، ويجاب عنه بأنه لا أحد أعظم أمانة من الصحابة، ومع هذا فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى نساءهم
(1)
الفتح: (4/ 76).
(2)
(4/ 327).
(3)
الإشراف لعبد الوهاب (1/ 217).
أن يسافرن إلا مع محارمهن.
وبالنظر لما تقدم من الأدلة والتعليمات يظهر والعلم عند الله أنه لا يجب الحج على المرأة، إلا مع وجود زوج أو محرم لما يلي:
1.
أن الأحاديث التي استدل بها الجمهور صحيحة صريحة، ولم يوجد ما يعارضها، قال ابن المنذر:«تركوا القول بظاهر الحديث، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه»
(1)
.
2.
أن حديث عدي بن حاتم ? الذي استدل به أهل القول الثاني يدل على أنها تسافر وحدها، ولكنهم شرطوا رفقة من الرجال والنساء، فلم يأخذوا بدليلهم، ولا بأدلة القول الأول.
المطلب الثاني
أذن الزوج للمرأة في حج الفريضة
إن كان الحج نفلاً لم يختلف العلماء على أن المرأة لا تحرم إلا بإذن الزوج، فإن أحرمت بغير إذنه، جاز له تحليلها إذا أراد ذلك، وقد حكي الإجماع على ذلك
(2)
.
(1)
ينظر: المغني (3/ 534).
(2)
حكاه ابن المنذر في الإجماع (16)، وانظر: الكافي لابن عبد البر (1/ 413)، المجموع (8/ 323)، المغني (3/ 533)، حاشية ابن عابدين (2/ 465).
أمّا إذا كان الحج فرضاً، ففي حكم منع الزوج زوجته من الإحرام قولان:
القول الأول، ليس للزوج منع امرأته من المضي إلى الحج الواجب عليها إذا كملت شروط الوجوب. هذا ما ذهب إليه الحنفية»
(1)
، والحنابلة»
(2)
، والشافعية في قول مرجوح
(3)
، وابن حزم»
(4)
، وللمالكية قولان مبناهما على القول بفورية الحج، فقال بعضهم: الحج واجب على الفور، اختاره القاضي عبد الوهاب
(5)
، وبناء على ذلك فليس للزوج منعها.
وقال بعضهم: الحج واجب على التراخي اختاره القرطبي»، وعلى هذا القول ففي حكم منعها خلاف على قولين: أحدهما ليس له منعها. واستدلوا بما يأتي:
(1)
ينظر: المبسوط (4/ 112)، الدر المختار شرح تنوير الأبصار (2/ 465).
(2)
ينظر: المغني (3/ 532)، الإنصاف (3/ 399).
(3)
ينظر: الأم (2/ 117)، نهاية المحتاج (3/ 368).
(4)
ينظر: المحلى (7/ 47).
(5)
ينظر: الإشراف (1/ 211).
1.
ما أخرجه البخاري، ومسلم
(1)
من حديث ابن عمر ? أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله» .
قالوا فإذا لم تمنع من المسجد للصلاة، فلا تمنع من قصدها الحرم للحج.
وأجيب عن الحديث بأنه محمول على أنه نهي تنزيه أو على غير المتزوجات؛ لأن غير المتزوجات لم يتعلق بهن حق على الفور، وذلك كالبنت والأخت ونحوهما، وأن المراد لا تمنعوهن مساجد الله للصلوات
(2)
(3)
.
2.
أن الحج واجب وليس له منعها من الواجبات كما ليس له منعها من الصلاة والصيام.
وأجاب الشافعية بأن مدة الحج طويلة بخلاف الصوم والصلاة.
القول الثاني. للزوج أن يمنع زوجته من الخروج للحج الواجب،
(1)
ينظر: تفسير القرطبي (4/ 114).
(2)
صحيح البخاري كتاب الجمعة، باب: هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء ..
(1/ 305) 858، ومسلم في صحيحه في أبواب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد ..
(1/ 326)442.
(3)
ينظر: المجموع (8/ 330).
هذا ما ذهب إليه الشافعية في أصح القولين
(1)
، والقول الثاني لبعض المالكية
(2)
» الذين ذهبوا إلى أن الحج واجب على التراخي.
واستدلوا بما يأتي:
1.
ما أخرجه الطبراني في الصغير
(3)
، والأوسط
(4)
، والدراقطني
في السنن
(5)
، وابن عدي في الكامل
(6)
، والبيهقي في الكبرى
(7)
من طرق عن حسان بن إبراهيم، عن إبراهيم بن الصائغ، عن نافع، عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة لها زوج، ولها مال، ولا يأذن لها في الحج ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها. واللفظ للدراقطني.
قال الطبراني: لم يروه عن إبراهيم إلا حسان. وكذا قال ابن عدي.
(1)
ينظر: المصدر السابق، مغني المحتاج (1/ 536).
(2)
ينظر: القوانين الفقهية (123)، منح الجليل (2/ 162).
(3)
(1/ 439)582.
(4)
(4/ 296)4247.
(5)
(2/ 223) 31
(6)
(2/ 373)501.
(7)
(5/ 224)9906.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد
(1)
: «رواه الطبراني في الصغير والأوسط، ورجاله ثقات» .
ورمز السيوطي إلى حسنه في الجامع الصغير
(2)
، ونقله الحافظ في الفتح
(3)
» وسكت عنه، وضعف الحديث الألباني في ضعيف الجامع الصغير
(4)
.
2.
وذكر أصحاب هذا القول أن حق الزوج على الفور، والحج على التراخي، فقدوم ما كان على الفور، كما تقدم العدة على الحج بلا خلاف
(5)
.
وأجاب الجمهور بأن حق الزوج مستمر على الدوام فلو ملك منعها في هذا العام لملكه في كل عام، فيفضي إلى إسقاط أحد أركان الإسلام بخلاف العدة فإنها لا تستمر»
(6)
.
(1)
(3/ 215).
(2)
(1/ 101) 4919، وانظر: فتح القدير للمناوي (5/ 278).
(3)
(4/ 77).
(4)
4919.
(5)
ينظر: المجموع (8/ 329)، مغني المحتاج (1/ 536).
(6)
ينظر: المغني: (3/ 531)
والذي يترجح القول الأول، وهو أن للزوجة أن تحج الفرض بدون إذن الزوج إذا توفرت الشروط؛ لأن القول بمنع الزوج زوجته من أداء فرض الحج يفضي إلى ترك الحج في كثير من الأحوال، وهنا تلحظ أن بعض الأزواج يتعسف في استخدام قوامته، ويفهمها فهماً مقلوباً؛ لتعطيل المرأة المسلمة عن أداء فرائضها بحجة وجوب السمع والطاعة له، ولو علم الدليل، وأراد الله به خيراً وفقهه في الدين ما أقدم على ما أقدم عليه، ولأحجم عن كثير مما هو بين يديه. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
المطلب الثالث
فرض الحج
ومن مظاهر التيسير في الحج أن الله فرضه على عباده المستطيعين مرة في العمر، وأجمعت الأمة على ذلك، يقول ابن قدامة في المغني: «وأجمعت الأمة على وجوب الحج على المستطيع في العمرة مرة واحدة
(1)
». ومن أدلة ذلك:
1.
ما أخرجه مسلم في باب: فرض الحج مرة في العمر
(2)
من
(1)
(3/ 15).
(2)
كتاب الحج (2/ 5/ 216)1337.
حديث أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: كل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم» ، ثم قال:«ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه» .
2.
ما أخرجه أحمد
(1)
، وأبو داود
(2)
، وابن ماجه
(3)
من حديث ابن عباس، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس كُتِب عليكم الحج، فقام الأقرع بن حابس، فقال: أ في كل عام يا رسول الله؟ فقال: «لو قلتها لوجبت، ولو وجبت لم تعملوا بها، ولن تستطيعوا أن تعملوا بها، الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع» واللفظ لأحمد وصححه الألباني
(4)
.
وتأمل - وفقك الله - ألفاظ الحديث، ففي الحديث الأول «لو قلت
(1)
(1/ 290)2642.
(2)
(2/ 139)1721.
(3)
(2/ 963)2885.
(4)
صحيح سنن أبي داود: (2/ 139)172.
نعم، لوجبت» ثم علل فرض الحج مرة في العمر «ولما استطعتم، وفي الرواية الأخرى «لم تعملوا بها، ولن تستطيعوا أن تعملوا بها» ثم أوضح الحكم «الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع» . وصدق الله حين قال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128].
وتجدر الإشارة هنا إلى أن ثمت نوافل تخص الفرد بذاته كالصلاة والصيام، وهذه تعود إلى المتطوع دون غيره، وأخرى تنفع الناس، ويتعدى برها وخيرها لهم كنوافل الصدقة والإحسان، فمهما أكثر منها المرء كان فضلاً له، ونفعاً لغيره ولا إسراف في خير، والقسم الثالث من النوافل لا يتعلق بالمرء ذاته فحسب، بل له تعلق بالآخرين بسبب المزاحمة في المكان أو في غيره.
والحج من القسم الثالث، فإن المشاعر محدودة والزمان ضيق:(ويعلم كل ذي لب أنه لو حج من المسلمين نسبة قليلة ممن لم يأدوا الحج أصلاً، ولتكن (1?) لكان عدد الواقفين بعرفة (12) مليون حاج، ولما وسعهم المكان، ولفات الكثير منهم الحج، وأساء بعضهم إلى بعض
بالضرورة. ولذا فالحجاج الآن (0.1 %) من نسبة السكان (أي: واحد بالألف). ومعنى ذلك أن شعبا كإندونيسيا (200 مليون) يحتاجون إلى ألف سنة ليتمكنوا من أداء الحج وهذا افتراض نظري بحتي.
زد على ذلك المعاناة السنوية بالازدحام الهائل الذي يفقد الفريضة روحانياتها وقدسيتها، ويحيلها إلى صخب، وضجيج، وعراك، وجدل، يتكرر المشهد دورياً، ويموت المئات تحت أقدام إخوانهم، وهم جميعاً متلبسون بأداء فريضة من فرائض الله!
وياللحزن العميق؛ يفترض أن الدافع إيماني لهذه الرحلة المباركة، فكيف يغفل المسلم القريب في هذه الديار عن الآثار الصعبة التي يحدثها تكرار الحج كل عام، أو عاماً بعد عام على إخوانه المسلمين القادمين من بعيد، المؤدين للفريضة - وليس للنافلة - من شيوخ ونساء وضعفاء ومرضى، وهو لا يبالي بهم، ولا يكترث لمعاناتهم، المهم أن يداوم على ما اعتاده من الحج!، والكثير من الناس يرددون: ماذا يضر وجودي، وأنا فرد واحد؟ وماذا ينفع غيابي؟ وهذا منطق غريب يوحي باستفحال الرؤية الأنانية، وغياب الإحساس بالمسؤولية؛ ولو أن كل من قرأ هذه السطور أخذ على نفسه أن يتصدق، بقيمة
حجة النافلة على إخوانه المسلمين، ويتصدق أيضاً بالمكان الذي سوف يحتله لو حج في منى، أو عرفة، أو مزدلفة، لأمكننا أن نساهم فعليا في تخفيف الزحام، وتيسير الحج، وتجنيب المسلمين مغبة الارتباك والقتل عند المشاعر.
والصدقة بقيمة الحج أفضل في مثل هذه الأوقات التي تتعاظم حاجة الناس فيها إلى المال، كما في الكوارث التي تضرب بلاد الإسلام من الزلازل أو المجاعات، أو الحروب التي لم تنقطع منذ عشرات السنين
(1)
.
ذكر ابن مفلح في الفروع أن الإمام أحمد سئل: أيحج نفلاً أم يصل قرابته؟ قال: إن كانوا محتاجين يصلهم أحب إلىّ، ونقل ابن هاني في هذه المسألة أن الإمام أحمد قال: يضعها في أكباد جائعة
(2)
.
وفي الزهد للإمام أحمد عن الحسن قال: يقول أحدهم: أحج أحج، وقد حججت! صلْ رحماً، تصدق على مغموم أحسن إلى جار
(3)
.
(1)
افعل ولاحرج للشيخ سلمان العودة (42 - 43).
(2)
الفروع (2/ 497).
(3)
261.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: «والحج على الوجه المشروع أفضل من الصدقة التي ليست واجبة، وأما إن كان له أقارب محاويج فالصدقة عليهم أفضل، وكذلك إن كان هناك قوم مضطرين إلى نفقته
(1)
».
وفي مثل هذه الأحوال التي يعاني الحجيج فيها من الازدحام، وكثير من الإشكالات في النسك، نحتاج لطرح فريضة الحج في العمر مرة واحدة، والمفاضلة بين حج التطوع والصدقة، لاسيما و أن الثابت أنه صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا حجة الوداع، وقال صلى الله عليه وسلم لزوجاته في حجة الوداع «هذه ثم ظهور الحصر
(2)
.
وقوله صلى الله عليه وسلم لعمر «يا عمر: إنك رجل قوي، لا تزاحم على الحجر، فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه، وإلا فاستقبله فهلل وكبر
(3)
.
وهذا المطلب على وجه الخصوص فيه توسعة على كل ضعيف من شيخ وامرأة ومريض .. إذ لو أن جمع الأقوياء اكتفوا بفريضة
(1)
/ 382.
(2)
أبو داود (2/ 140، 1722)، وصححه الألباني في الصحيحة (5/ 525)2401.
(3)
أخرجه أحمد (1/ 28) 190 وهو حديث قوي.
الحج، ولم يوسعوا على أنفسهم بتتابع حج النفل، وتصدقوا بقيمة حجهم على كل مسلم لم يؤدِ فرضه؛ لتصدقوا بمكانهم قبل مالهم، ولما لحق كثير من الضعفاء الضرر عند أدائهم المناسك، والرائي بعين البصر قبل البصيرة يرى آلاف الأقوياء حين يؤذون الضعفاء وقد غاب عنهم قوله تعالى:{لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا} [المائدة: 2] وقوله صلى الله عليه وسلم المتقدم لعمر: «يا عمر إنك رجل قوي، لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف؛ إن وجدت خلوة فاستلمه، وإلا فاستقبله، فهلل، وكبر» .
المطلب الرابع
إحرام الحائض بالحج أو العمرة
أجمع أهل العلم على جواز ومشروعية الإحرام من الحائض
(1)
، ويستحب لها إذا أرادت الإحرام أن تغتسل كما تغتسل غير الحائض
(2)
، بل هو حق الحائض أكد لورود الخبر فيها. ومن أدلة العلماء على هذا المطلب:
(1)
حكى الإجماع النووي في شرح مسلم (5/ 249).
(2)
المغني (3/ 133).
1.
حديث جابر في صحيح مسلم، وفيه قال: « .. حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: اغتسلي، واستنفري
(1)
بثوب، وأحرمي
(2)
»، والحائض في حكم النفساء، بل الحيض نوع منه.
2.
ما أخرجه أبو داود
(3)
، والترمذي
(4)
من حديث ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الحائض والنفساء إذا أتنا على الوَقْت يغتسلان، ويحرمان، ويقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت» . وصححه الألباني في الصحيحة»
(5)
.
3.
أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تغتسل لإهلال الحج وهي حائض، أخرج البخاري
(6)
، ومسلم
(7)
من حديث عائشة قالت: خرجا موافين
(1)
الاستنفار: أن تشد في وسطها شيئاً، وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم، وتشد طرفيها من قدامها، ومن ورائها في ذلك المشدود في وسطها. ينظر: المغني (1/ 421)، النهاية لابن الأثير (4/ 235).
(2)
كتاب الحج، باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 887)1218.
(3)
(2/ 144)1744.
(4)
كتاب الحيض، باب: امتشاط المرأة عند غسلها من المحيط (1/ 120)311.
(5)
(4/ 332)1818.
(6)
(3/ 282)945.
(7)
كتاب الحج، باب: بيان وجوه الإحرام (2/ 870)1211.
لهلال ذي الحجة وفيه: «فأدركني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: دعي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي، وأهلي بحج ففعلت» .
4.
ولأنه غسل يراد به النسك فاستوت فيه الحائض والطاهر.
لكن أهل العلم قالوا: إن الحائض إذا رجت الطهر قبل الخروج من الميقات، استحب لها تأخير الغسل حتى تطهر؛ ليكون أكمل لها
(1)
.
وفي هذا المطلب سترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرر قاعدة للحائض والنفساء، يستصحبانها في جميع المناسك وهي قوله: ويقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت» وقوله الذي سيأتي بعد لعائشة «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» فالحائض تستوي مع غيرها في جميع المناسك من وقوف بعرفة، ودفع لمزدلفة، ورمي، أو ذكر، بل استدل بعضهم بهذا الحديث على جواز قراءة الحائض للقرآن، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام
(2)
، وما هذا إلا أعظم دليل على سماحة الإسلام ويسره، ومراعاته لأحوال العباد، والرفق بهم.
(1)
ينظر: المجموع (7/ 212)، والمغني (5/ 109).
(2)
مجموع الفتاوي (21/ 460) وانظر: الأوسط (2/ 97)، المجموع (2/ 356)، والمغني (2/ 199).
المطلب الخامس
الاشتراط للحاج
الاشتراط هو أن يقول المحرم: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني.
وقد ورد فيه حديث أخرجه البخاري
(1)
، ومسلم
(2)
من حديث عائشة قالت: «دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير، فقال لها: لعلك أردت الحج؟ قالت «والله لا أجدني إلا وجعة» فقال لها:
حجي، واشترطي، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني» وكانت تحت المقداد. وفي رواية النسائي «فإن لك على ربك ما استشيت»
(3)
.
وفائدة من قال بالاشتراط أنه إن حصر حلّ من ساعته، ولا شيء عليه
(4)
.
واختلف أهل العلم، هل الاشتراط مستحب لكل مريد للحج والعمرة على ثلاثة أقوال:
(1)
كتاب النكاح، باب: الأكفاء في الدين (5/ 1957)4801.
(2)
كتاب الحج، باب: جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المعرض ونحوه (2/ 867)1207.
(3)
(5/ 167)2766.
(4)
ينظر: الاستذكار (4/ 410).
القول الأول: استحباب الاشتراط مطلقاً، وهذا هو مشهور مذهب الحنابلة، والصحيح من مذهب الشافعية
(1)
؛ لحديث ضباعة المتقدم، ووجه الدلالة منه: أن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، فالنبي صلى الله عليه وسلم إذا وجه الحكم لشخص فهو عام لهذا الشخص وللأمة؛ لأنه لا يمكن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يخاطب كل شخص بانفراده، فإذا خاطب واحداً من الأمة بحكم من الأحكام اشتركت معه بقية الأمة في ذلك الحكم، ولأن الحاج والمعتمر لا يأمنان على نفسهما العذر.
الثاني: أنه لا يستحب الاشتراط وبه قال مالك، وأبو حنيفة»
(2)
. وأجابوا عن حديث ضباعة بأنه قضية عين، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشد جميع الصحابة إلى ذلك، ومنهم على الأقل أسماء بنت عميس التي ولدت محمد بن أبي بكر ذي الحليفة، إذ الغالب أن فترة النفاس تطول وربما تأتي إلى مكة قبل أن تطهر، ولم يرشدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك.
الثالث. يستحب الاشتراط في حق من كانت حاله مثل حال ضباعة بنت الزبير، فإذا أحرم الإنسان وهو مريض، أو كان خائفاً من
(1)
ينظر: المغني (3/ 127)، شرح النووي (8/ 131).
(2)
ينظر: الاستذكار (4/ 410)، مفيد الأنام (1/ 87)، عون المعبود (5/ 135).
عدو، أو خشي فوات الحج، أو ضياع النفقة، وهذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية
(1)
؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يأمر بذلك كل من حج، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه اشترط، وإنما أمر به من اشتكى الوجع، فيقاس عليه غيره ممن خاف من قيام مانع يمنعه من إتمام النسك، وهذا الرأي هو الراجح، لجمعه بين الأدلة، وإعمال دليلين أولى من إعمال أحدهما وإهمال الآخر.
(1)
منسك شيخ الإسلام (18).
المبحث الثاني
مظاهر التيسير في أثناء الحج
لعلك أيها الفاضل لحظت بوضوح تيسير الله على عباده في فرض الحج، وستقف بإذن الله في هذا المبحث على أن التيسير لم يقتصر على فرض الحج فحسب، بل بدا واضحاً في مناسك الحج وما يتعلق به، وسيتناول هذا المبحث مطلبان:
المطلب الأول: مظاهر التيسير في أركان الحج، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: التيسير في الوقوف بعرفة.
المسألة الثانية: التيسير في طواف الإفاضة.
المطلب الثاني: مظاهر التيسير في واجبات الحج، وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: تعجيل الدفع من مزدلفة.
المسألة الثانية: التيسير في الرمي.
المسألة الثالثة: سقوط طواف الوداع عن الحائض.
المطلب الأول
مظاهر التيسير في أركان الحج
اتفق العلماء على أن للحج ركنين هما: الوقوف بعرفة، والطواف، واختلفوا في غيرهما:
المسألة الأولى، التيسير في الوقوف بعرفة:
هو ركن بالإجماع، كما نقله ابن المنذر، والكسائي، وابن العربي، وابن قدامة، والنووي، وابن تيمية، وغيرهم
(1)
؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة»
(2)
.
ومن مظاهر التيسير الوقوف بعرفة: أن الوقوف بعرفة يجزئ أية ساعة ليلاً أو نهاراً، من طلوع الشمس إلى طلوع الفجر يوم النحر
(3)
.
يقول شيخ الإسلام: «ومن لم يواف عرفة إلا ليلاً أجزأه الوقوف ولو لحظة في بعض جوانبها .. ولا دم عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه
(1)
ينظر: الإجماع لابن المنذر (1/ 54)، الاستذكار (4/ 283)، المجتهد (2/ 140)، المجموع (8/ 103)، شرح العمدة (3/ 572).
(2)
سيأتي تخريجه.
(3)
ينظر: الكافي في فقه ابن حنبل (1/ 442)، المجموع (8/ 101)، شرح فتح القدير (2/ 483).
يدرك الحج، وأنه قد تم حجه، وقضى تفثه، ولم يذكر أن عليه دماً، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز لاسيما في حكم عظيم أردف خلفه من ينادي به في الناس في حجة الوداع»
(1)
ودليل هذا ما أخرجه أحمد
(2)
والأربعة
(3)
من حديث عروة بن مضرس الطائي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بجمع، فقلت: يا رسول الله جئتك من جبل طيئ، أتعبت نفسي، وأنصبت راحلتي، والله ما تركت من جبل إلى وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال:«من شهد معنا هذه الصلاة (يعني: صلاة الفجر)، بجمع، ووقف معنا حتى نفيض منه، وقد أفاض قبل ذلك من عرفات ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه، وقضى تفثه» ، واللفظ لأحمد، وإسناده صحيح.
وحديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو واقف بعرفة، وأتاه أناس من أهل نجد، فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ قال: «الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع
(1)
شرح العمدة (3/ 578).
(2)
(4/ 15)1653.
(3)
الترمذي (3/ 238) 891 وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود (2/ 196) 1950، والنسائي (5/ 263) 4039، وابن ماجه (2/ 1004)306.
فقد تم حجه
(1)
» الحديث وفي رواية الترمذي: فأمر منادياً فنادى: «الحج عرفة» وعند الترمذي - أيضاً - «وأردف رجلاً فنادى»
فإن قال قائل: من وقف نهاراً، ودفع قبل الغروب هل يلزمه شيء؟ هذه المسألة مبنية على حكم الدفع قبل غروب الشمس لمن وقف بعرفة نهاراً، وقد اختلف العلماء فيها على قولين: -
القول الأول: يجب الوقوف بعرفة حتى غروب الشمس، وهذا قول الحنفية
(2)
، وهو قول عند الشافعية
(3)
، والمذهب عند الحنابلة
(4)
، واستدلوا بما يأتي:
1.
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل واقفاً بعرفة حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص ثم دفع، وقد قال صلى الله عليه وسلم «خذوا عني مناسككم» رواه مسلم
(5)
من حديث جابر، فيستفاد الوجوب من فعله
(1)
الترمذي: (3/ 237) 889، أبو داود (2/ 196) 1950 وصححه الألباني في الإرواء (4/ 259)1067.
(2)
المبسوط للسرخسي (4/ 63).
(3)
ينظر المجموع (8/ 101).
(4)
ينظر: الإنصاف (2/ 108).
(5)
(2/ 943)1297.
-صلى الله عليه وسلم؛ لأنه وقع بياناً لأمر مجمل، ومقتضى الأمر الوجوب عند الإطلاق.
ويناقش هذا الدليل بأن الوجوب إنما يستقيم الحكم به إذا خلا من المعارض، وأما هنا فحديث عروة بن مضرس يرد هذا الاستدلال، وفيه «من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه، وقضى تفثه» فهذا الحديث يصرف دلالة الفعل من الإيجاب إلى الاستحباب، لاسيما وأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أحداً بلزوم الوقوف حتى الغروب، ولم ينه عن الإفاضة قبل الغروب مع الحاجة إلى البيان لكثرة الأمة وتفاوت أفهامهم، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز
2.
ما أخرجه ابن خزيمة
(1)
من حديث ابن عباس قال: «كان أهل الجاهلية يقفون بعرفة حتى إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كأنها العمائم على رؤوس الجبال دفعوا» .
وقال ابن خزيمة: «أنا أبرأ من عهدة زمعة بن صالح» قال الحافظ عنه في التقريب
(2)
: «ضعيف «وللحديث شواهد أخر ذكرها
(1)
(4/ 262)2838.
(2)
2035.
الزيلعي في نصب الراية
(1)
، فالحديث حسن بمجموع شواهده، ووجه الدلالة منه أن الإفاضة بعد غروب الشمس مخالفة لفعل المشركين وهي واجبة للأمر بها.
إلا أنه نوقش بأنه لو صح لكانت المخالفة للمشركين مشروعة ولكنها لا تقيد بالغروب؛ لأن التقييد بالغروب زيادة لم ترد في النص. وقيل: بأن المخالفة هنا محمولة على الاستحباب الحديث عروة، فإنه خرج مخرج العموم، والإطلاق، والتشريع للأمة كلها.
وعلى هذا القول فإنه يجب على من أفاض من عرفة قبل الغروب أن يعود إليها في الليل، وإلا فعليه دم، وحجه صحيح، إلا عند الإمام مالك فإنه قال: لا حج له.
قال ابن عبد البر
(2)
لا نعلم أحد من العلماء قال بقول مالك، ووجه قوله ما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج، ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج فليتحلل بعمرة، وعليه الحج من قابل «أخرجه الدار قطني
(3)
. قال الحافظ:
(1)
/ 66.
(2)
ينظر: التمهيد (9/ 276)، الاستذكار (4/ 282).
(3)
(2/ 124)21.
(1)
.
وعلى فرض صحة الحديث، فليس فيه نفي صحة الوقوف بعرفة في النهار لمن لم يقف في الليل، بل غاية ما فيه أن وقت الوقوف يمتد إلى آخر الليل كما أفاده حديث عروة بن مضرس.
ودليل من ألزمه دماً على خلاف بينهم في التفريق بين الجاهل والعامد، ومن رجع إلى عرفة ومن لم يرجع، قول ابن عباس ?:«من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهدر دماً»
(2)
وصححه النووي
(3)
.
القول الثاني: يستحب الوقوف بعرفة حتى غروب الشمس، فإن من وقف بها نهارا ثم دفع قبل الغروب فلا شيء عليه، وهو الأصح عند الشافعية
(4)
، ورواية عند الحنابلة
(5)
، واختاره النووي، والشنقيطي
(6)
،
(1)
التلخيص الحبير (2/ 291).
(2)
الموطأ (419)940.
(3)
(8/ 101).
(4)
المجموع (8/ 101).
(5)
الإنصاف (4/ 30).
(6)
أضواء البيان (4/ 438).
واستدلوا بما يأتي:
أولاً: حديث عروة بن مضرس المتقدم، ووجه الدلالة «وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه، وقضى تفثه» دال على إجزاء الوقوف لمن وقف نهاراً ثم دفع قبل الغروب، حيث حكم النبي صلى الله عليه وسلم بتمام حجه، وقضاء تفثه.
وأجاب الجمهور بأن المراد بالوقوف نهارا في الحديث، هو الوقوف حتى غروب الشمس؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، حيث لم يدفعوا إلا بعد غروب الشمس، فإن دفع قبل الغروب فحجه صحيح لحديث عروة، وتوجب عليه الدم لأثر ابن عباس.
يقول الشنقيطي: «قوله صلى الله عليه وسلم: «فقد تم حجه «مرتباً له بالفاء على وقوفه بعرفة ليلاً أو نهاراً، يدل على أن الواقف نهاراً يتم حجه بذلك، والتعبير بلفظ التمام ظاهر عدم لزوم الجبر بالدم، ولم يثبت نقل صريح في معارضة ظاهر هذا الحديث، وعدم لزوم الدم للمقتصر على النهار هو الصحيح من مذهب الشافعي، لدلالة هذا الحديث على ذلك كما ترى، والعلم عند الله
(1)
.
(1)
المصدر السابق.
ثانياً: أنه لم يثبت دليل على إيجاب الوقوف حتى غروب الشمس، وما ذكر من أدلة الجمهور لا يسلم الاستدلال به، إما العموم دلالته، أو لعدم ثبوته.
ثالثاً: أن الأصل براءة الذمة، ولا ناقل لهذا الأصل فتبقي عليه.
رابعاً: إمكان الجمع بين الأحاديث بحمل ما يظهر كونه أمراً على الاستحباب؛ لأن الأمر دال على الإيجاب والاستحباب، والأمر إنما يدل على الوجوب عند الإطلاق، وعدم المعارض، وليس الحال كذلك هنا.
خامساً: ما في القول بالإيجاب من مشقة، لاسيما مع الزحام الشديد وكثرة الحوادث، والمشقة تجلب التيسير، أضف إلى أن المسألة اجتهادية، وليس في النصوص ما يحتمل القول بالوجوب، فتبقى على الاستحباب لما فيه من إزالة للضرر، ورفع الحرج.
فإن قيل: هذه المشقة كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يدفع قبل الغروب مما يدل على الوجوب.
فالجواب: أن المشقة في عهده صلى الله عليه وسلم أيسر من المشقة الكائنة مع الحج في العصور المتأخرة، لاسيما مع وجود حديث عروة بن مضرس، وعبد الرحمن الديلي.
سادساً: إذا جاز الوقوف ليلاً ولا دم عليه باتفاق العلماء؛ فلأن يجوز الوقوف نهاراً دون الليل من باب أولى، ومن فرّق بين الليل والنهار فقد فرق بين متماثلين، سوى بينهما حديث عروة المذكور آنفاً.
والراجح بالنظر في الأدلة وجوب الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس؛ لأنه ثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره لأمته بأخذ النسك عنه، وأمره بمخالفة المشركين، ومخالفة المشركين مقصد من مقاصد الشرع، وحديث عروة مخصوص بمن هو مثل حاله، فقد جاء في الروايات قوله «أكلات مطيتي، وأتعبت نفسي، ما تركت من جبل إلا وقفت عليه «فجاءت الفتوى مراعية لحال السائل بقوله «وأتي عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه، وقضى تفثه» وإلا لزم القائل بجواز الدفع قبل الغروب، اعتماداً على حديث عروة، أن يجيز للمضطر وغيره أن يقف في أي ساعة من نهار أو ليل، ومع هذا فلو أن رجلاً دفع قبل الغروب لجهل أو نسيان أو اضطرار فلادم عليه على الراجح؛ لأن حالته كحالة عروة، ولم يلزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بدم، ومعلوم أن القياس إلحاق فرع بأصل في الحكم لاتحادهما في العلة.
المسألة الثانية: طواف الإفاضة:
الركن الثاني هو طواف الإفاضة، ويسمى طواف الحج والزيارة، ولا يكون إلا بعد الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة بلا خلاف بين أهل العلم
(1)
، وهو ظاهر القرآن الكريم لقوله سبحانه وتعالى {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] فجعل الطواف آخرها
(2)
.
ومن مظاهر التيسير في طواف الإفاضة
1.
أن وقت الطواف يبدأ بعد نصف الليل (ليلة المزدلفة) للمأذون
لهم بالدفع منها من الضعفة، والنساء، ومن في حكمهم، وهل يبدأ بعد الفجر، أو بعد نصف الليل؟ قولان للعلماء، والأمر فيها واسع؛ لعدم توفر النص في هذه المسألة.
2.
اتفقت «المذاهب الأربعة
(3)
» على أن طواف الإفاضة يجزئ
(1)
ينظر شرح النووي (8/ 192)، المغني (3/ 98)، وتبين الحقائق للزيعلي (2/ 19).
(2)
وقد وهم الشيخ صيدق حسن خان في «الروضة الندية» حين ظن أن طواف الحج الذي هو الركن قد يكون قبل الوقوف بعرفة، واعتمد على رواية موهمة في صحيح البخاري، وإنما ترّد ألفاظ الحديث بعضها إلى بعض لمعرفة معناه، وأصله.
(3)
ينظر: شرح النووي (8/ 192)، المغني (3/ 98)، تبيين الحقائق للزيلعي (2/ 19).
في أي وقت منذ فجر يوم النحر إلى آخر أيام ذي الحجة، ولو فعله بعد الشهر أجزأه.
3.
وله تأخير طواف الإفاضة مع الوداع
(1)
، ويجعله طوافاً واحداً ليخفف المشقة عليه والزحام على إخوانه.
(2)
وتلحظ من نص النووي أن الحاج لو نسى الإفاضة، وطاف اللوداع من غير نية الإفاضة، أو بجهل بوجوب الطواف، أجزأه طوافه عنهما معاً. وهو وجه حسن، ومن التيسير والرخصة.
4.
هل تشترط الطهارة للطواف؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: اشترطوا الطهارة من الحدث والخبث، وهذا قول
(1)
المصادر المتقدمة.
(2)
المجموع (8/ 60).
أكثر أهل العلم كمالك والشافعي، وأصحابهما، وهو مشهور مذهب أحمد
(1)
وعليه فإن على الحائض والنفساء أن تبقيا حتى تطهرا، واستدلوا بما يأتي.
1.
ما أخرجه البخاري، ومسلم
(2)
من حديث عائشة: إن أول شيء بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم أنه توضأ، ثم طاف بالبيت.
فإن قيل: وضوؤه صلى الله عليه وسلم المذكور في حديث عائشة فعل مطلق، وهو لا يدل على الوجوب فضلاً عن كونه شرطاً في الطواف.
فالجواب: أن وضوءه لطوافه المذكور قد دل دليلان على أنه لازم لابد منه:
أحدهما: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «خذوا عني مناسككم» ، وهذا الأمر للوجوب والتحتم، فلما توضأ للطواف لزمنا أن نأخذ عنه؛ امتثالاً لأمره صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أنه قد تقرر في الأصول أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان
(1)
ينظر: التمهيد (19/ 262)، المجموع (8/ 106)، والمغني (3/ 586).
(2)
كتاب الوضوء، باب: الطواف على ضووء (2/ 591) 1560، ومسلم في كتاب الحج، باب: ما يلزم من طاف بالبيت (2/ 906)1235.
لبيان نص من كتاب الله، فهو على اللزوم والتحتيم، والنص هو قوله «وليطوفوا بالبيت العتيق»
وأجيب بأنه فعل، والفعل لا يدل على الوجوب.
2.
ما أخرجه البخاري، ومسلم
(1)
من حديث عائشة قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج، فلما جئنا سرف طمثت
…
» الحديث، وفيه:«فافعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري» وفي لفظ مسلم «حتى تغتسلي» . قالوا: فالحديث صرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم بنهي عائشة رضي الله عنها عن الطواف إلى غاية، هي الطهارة؛ لقوله «حتى تطهري «و» حتى تغتسلي». وأجيب بأن غايته منع المحدث حدثاً أكبر، وستأتي الإجابة على هذا.
3.
ما أخرجه الترمذي
(2)
، والحاكم
(3)
من حديث ابن عباس مرفوعاً: «الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن
(1)
كتاب الحيض، باب كيف بدء الحيض (1/ 113) 290، ومسلم في كتاب، بيان وجوه الإحرام (2/ 870)1211.
(2)
(3/ 293)960.
(3)
(1/ 630) 1687
تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير».
قال الترمذي: «روي هذا الحديث عن ابن طاوس وغيره، عن طاوس، عن ابن عباس موقوفاً، ولا نعرف مرفوعاً إلا من حديث عطاء بن السائب» وقال الحاكم: «صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وقد أوقفه جماعة» وصحح الألباني في الإرواء المرفوع
(1)
.
وأجيب عن هذا الاستدلال بأن الصواب وقفه على ابن عباس، وعلى فرض صحته فإن الاستثناء عند الأصوليين معيار العموم، فالطواف بالبيت يخالف الصلاة في أشياء كثيرة سوى الكلام، منها: أنه لا يشترط له القيام، ولا التكبير،
ويجوز فيه الأكل والشرب وغيرهما.
4.
استدلوا بقوله تعالى: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125] وأجيب أنه لا يلزم من تطهير المسجد من الخبث أن يكون الطائف بالبيت طاهرًا من الحدث، ولو الزم هذا لقلنا يجب على الإنسان أن يتطهر لدخول المسجد الحرام.
القول الثاني: وهو قول أبي حنيفة قال: لا تشترط الطهارة للطواف،
(1)
(4/ 102)1102.
فلو طاف جنباً أو محدثاً صح طوافه
(1)
، وأما أصحابه فهم مختلفون في وجوب الطهارة للطواف مع اتفاقهم على أنها ليست شرطاً فيه
(2)
، وعليه فيصح طواف غير الطاهر كالحائض والنفساء والجنب ويلزم لذلك دم، وذهب الإمام أحمد
(3)
في رواية عنه إلى أن الطهارة ليست بشرط، واختارها شيخ الإسلام
(4)
.
واستدلوا بما يأتي:
1.
قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] ووجه الدلالة أن الله أمر بالطواف مطلقا، ولم يقيده بشرط الطهارة، وهذا نص قطعي.
2.
أن الأصل براءة الذمة.
3.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوجب على الطائفين طهارة، ولا اجتناب
(1)
ينظر المبسوط (4/ 139)، شرح فتح القدير (19/ 3).
(2)
الفرق بين كون الطهارة للطواف واجبة، وبين كونها ليست شرطا فيه، هو أنها إن كانت شرطاً، فإن الطواف لا يصح إلا بها، وأما إن كانت واجبة وليست شرطا، فإن الطواف يكون صحيحًا، ولكنه يجبر بدم عندهم.
(3)
المغني (5/ 223)، الفروع (3/ 221).
(4)
مجموع الفتاوى (26/ 312).
نجاسة، وفي إلزامهم بالطهارة إلزام بما لم يلزمهم الله به.
4.
ما أخرجه سعيد بن منصور من طريق عطاء قال: حاضت امرأة وهي تطوف مع عائشة أم المؤمنين، فأتمت بها عائشة بقية طوافها
(1)
.
يقول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: «وعليه فالقول الراجح الذي تطمئن إليه النفس أنه لا يشترط في الطواف الطهارة من الحدث الأصغر، لكنها بلا شك أفضل وأكمل؛ اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي أن يخل بها الإنسان لمخالفة جمهور العلماء في ذلك، لكن أحيانا يضطر الإنسان إلى القول بما ذهب إليه شيخ الإسلام، مثل: لو أحدث أثناء طوافه في زحام شديد، فالقول بأنه يلزمه أن يذهب ويتوضأ، ثم يأتي في هذا الزحام الشديد لا سيما إذا لم يبق عليه إلا بعض شوط ففيه مشقة شديدة وما كان فيه مشقة شديدة، ولم يظهر فيه النص ظهوراً بيناً فإنه لا ينبغي أن تلزم الناس به، بل نتبع ما هو أسهل وأيسر؛ لأن إلزام الناس بما فيه مشقة بغير دليل واضح مناف لقوله تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
(1)
عزاه له ابن حزم في المحلي (7/ 180).
فإن قلت: فما الراجح فين: طواف الحائض التي تخشى فوات الرفقة؟
يقول ابن القيم رحمه الله: «المثال السادس أن النبي صلى الله عليه وسلم منع الحائض من الطواف بالبيت حتى تطهر، وقال: اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت
(1)
فظن من ظن أن هذا حكم عام في جميع الأحوال والأزمان، ولم يفرق بين حال القدرة والعجز ولا بين زمن إمكان الاحتباس لها حتى تطهر، وتطوف، وبين الزمن الذي لا يمكن فيه ذلك، وتمسك بظاهر النص، ورأى منافاة الحيض للطواف كمنافاته للصلاة والصيام إذ نهي الحائض عن الجميع سواء، ومنافاة الحيض العبادة الطواف كمنافاته لعبادة الصلاة، ونازعهم في ذلك فريقان: أحدهما: صحح الطواف مع الحيض، ولم يجعلوا الحيض مانعاً من صحته بل جعلوا الطهارة واجبة تجبر بالدم، ويصح الطواف بدونها، كما يقوله أبو حنيفة وأصحابه، وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وهي أنصهما عنه، وهؤلاء لم يجعلوا ارتباط الطهارة بالطواف كارتباطها بالصلاة ارتباط الشرط بالمشروط، بل
(1)
مضى تخريجه.
جعلوها واجبة من واجباته وارتباطها به كارتباط واجبات الحج به، يصح فعله مع الإخلال بها، ويجبرها الدم.
والفريق الثاني: جعلوا وجوب الطهارة للطواف، واشتراطها بمنزلة وجوب السترة، واشتراطها بل بمنزلة سائر شروط الصلاة وواجباتها التي تجب وتشترط مع القدرة، وتسقط مع العجز، قالوا: وليس اشتراط الطهارة للطواف أو وجوبها له بأعظم من اشتراطها للصلاة، فإذا سقطت بالعجز عنها، فسقوطها في الطواف بالعجز عنها أولى وأحرى.
قالوا: وقد كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين تحتبس أمراء الحج للحيض حتى يطهرن ويطفن، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن صفية وقد حاضت «أحبستنا هي؟ قالوا: إنها قد أفاضت، قال «فلتنفر إذاً»
(1)
وحينئذ كانت الطهارة مقدورة لها يمكنها الطواف بها.
أما في هذه الأزمان التي يتعذر إقامة الراكب لأجل الحيض
فلا تخلو من ثمانية أقسام:
(1)
أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب: إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت (2/ 625) 1670، ومسلم في كتاب الحج، باب: وجوب طواف الحج وسقوطه عن الحائض (2/ 963)1211.
أحدها: أن يقال لها أقيمي بمكة، وإن رحل الركب حتى تطهري، وتطوفي، وفي هذا تعريضها للمقام وحدها في بلد الغربة مع لحوق غاية الضرر لها ما فيه.
الثاني: أن يقال: يسقط طواف الإفاضة للعجز عن شرطه.
الثالث: أن يقال: إذا علمت أو خشيت مجيء الحيض في وقته جاز لها تقديمه عن وقته.
الرابع: أن يقال: إذا كانت تعلم بالعادة أن حيضها يأتي في أيام الحج، وأنها إذا حجت أصابها الحيض هناك، سقط عنها فرضه، حتى تصير آيسة وينقطع حيضها بالكلية.
الخامس: أن يقال: بل تحج، فإذا حاضت ولم يمكنها الطواف ولا المقام رجعت، وهي على إحرامها تمتنع من النكاح، ووطء الزوج حتى تعود إلى البيت فتطوف وهي طاهرة، ولو كان بينها وبينه مسافة سنين، ثم إذا أصابها الحيض في سنة العود رجعت كما هي، ولا تزال كذلك حتى يصادفها عام تطهر فيه.
السادس: أن يقال: بل تتحلل إذا عجزت عن المقام حتى تطهر، كما يتحلل المحصر مع بقاء الحج في ذمتها، فمتى قدرت على الحج
لزمها، ثم إذا أصابها ذلك أيضاً تحللت وهكذا أبداً حتى يمكنها الطواف طاهرة.
السابع: أن يقال: يجب أن تستنيب من يحج عنها.
الثامن: أن يقال بل تفعل ما تقدر عليه من مناسك الحج، ويسقط عنها ما تعجز عنه من الشروط والواجبات كما يسقط عنها طواف الوداع بالنص.
وكلام الأئمة والفقهاء هو مطلق كما يتكلمون في نظائره، ولم يتعرضوا لمثل هذه الصور التي عمت بها البلوى، ولم يكن ذلك في زمن الأئمة، بل قد ذكروا أن المكري يلزمه المقام الأول، والاحتباس عليها، لتطهر، ثم تطوف، فإنه كان ممكناً بل واقعاً في زمنهم، فأفتوا بأنها لا تطوف حتى تطهر، لتمكنها من ذلك وهذا لا نزاع فيه، فأما في هذه الأزمان فغيرممكن، وإيجاب سفرين كاملين في الحج من غير تفريط من الحاج، ولا سبب صدر منه يتضمن إيجاب حجتين إلى البيت، والله تعالى إنما أوجب حجة واحدة بخلاف من أفسد الحج فإنه قد فرط بفعل المحظور، وبخلاف من ترك طواف الزيارة أو الوقوف بعرفة، فإنه لم يفعل ما يتم حجه، وأما هذه فلم تفرط ولم تترك ما أمرت به،
فإنها لم تؤمر بما لا تقدر عليه، وقد فعلت ما تقدر عليه فهي بمنزلة الجنب إذا عجز عن الطهارة الأصلية والبدلية، وصلى حسب حاله فإنه لا إعادة عليه في أصح الأقوال .. » ثم رد على تقدير الحالات السبع المذكورة ثم قال « .. فإذا بطلت هذه التقديرات تعين التقدير الثامن، وهو أن يقال تطوف بالبيت والحالة هذه، وتكون هذه ضرورة مقتضية لدخول المسجد مع الحيض والطواف معه، وليس في هذا ما يخالف قواعد الشريعة بل يوافقها كما تقدم إذا غايته سقوط الواجب، أو الشرط بالعجز عنه، ولا واجب في الشريعة مع عجز، ولا حرام مع ضرورة» ..
وقال في لزوم الدم عليها من عدمه «قال شيخنا: فإذا طافت حائضاً مع عدم العذر توجه القول بوجوب الدم عليها، وأما مع العجز فالأشبه أنه لا يجب الدم؛ لأن الطهارة واجب يؤمر به مع القدرة لا مع العجز، ولزوم الدم يكون مع ترك المأمور أو فعل المحظور، وهذه لم تترك مأمورا في هذه الحال، ولا فعلت محظورا، فإنها إذا رمت الجمرة وقصرت حل لها ما كان محظوراً عليها بالإحرام غير النكاح، فلم يبق بعد التحلل الأول محظور يجب بفعله دم، وليست الطهارة مأموراً بها مع العجز فيجب بتركها دم.
ثم ختم المسألة بقوله: «وبالجملة فالكلام في هذه الحادثة في فصلين، أحدهما: في اقتضاء قواعد الشريعة لها لا لمنافاتها، وقد تبين ذلك بما فيه كفاية.
والثاني: في أن كلام الأئمة وفتاويهم في الاشتراط والوجوب إنما هو في حال القدرة والسعة لا في حال الضرورة والعجز، فالإفتاء بها لا ينافي نص الشارع، ولا قول الأئمة، وغاية المفتي بها أنه يقيد مطلق كلام الشارع بقواعد شريعته وأصولها، ومطلق كلام الأئمة بقواعدهم، وأصولهم، فالمفتي بها موافق لأصول الشرع، وقواعده، ولقواعد الأئمة»
(1)
.
من هنا تعلم أن الراجح أن المرأة إذا اضطرت إلى طواف الإفاضة في حال حيضتها كان ذلك جائزا لها، ولا شيء عليها ولكن
تتوقى ما يخشى منه تجنيس المسجد بأن تستنفر.
وأما إن كانت قادرة على الطواف بعد الطهر، فالأئمة متفقون على أنها لا تطوف حتى تطهر.
(1)
إعلام الموقعين (3/ 14 - 30) وقد تقدمه شيخه ابن تيمية بكلام نفيس في المسألة راجعه في مجموع الفتاوى (26/ 136 - 167)، وانظر دليل المسالك لأوامر المناسك للشيخ عبدالغني بن ياسين اللبدي (54).
المطلب الثاني
التيسير في واجبات الحج
وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
لعلك لحظت أيها الكريم أثناء البحث حرص الإسلام دائماً على التخفيف عن المرأة في كثير من الأحكام مراعياً في ذلك طبيعة خلقتها، وما جبلت عليه من ضعف، وأنوثة يهيأنها إلى أداء وظيفتها في الحياة التي ترتبط بمنزلها ومقرها، كما نلحظ حرص الإسلام على الحفاظ على المرأة، وإبعادها عن مزاحمة الرجال، ومن هذا المنطلق لا تتعجب حين لا تقف على خلاف في أن للمرأة أن تتعجل فتدفع من مزدلفة بعد مغيب القمر، ولا يشترط أن تكون مريضة بل لها ذلك وإن لم يكن بها علة حتى تتمكن من السير إلى منى، ورمي الجمرة دون مزاحمة الرجال
(1)
.
ولأهل العلم أدلة من السنة النبوية، منها:
(1)
ينظر: بدائع الصنائع (2/ 154)، والمغني (8/ 121)، المبدع (3/ 237)، شرح فتح القدير (2/ 480)، حاشية ابن عابدين (2/ 503)، حواشي الشرواني (4/ 117).
1.
ما أخرجه البخاري، ومسلم
(1)
من حديث ابن عباس ? قال: «أنا ممن قدم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة مزدلفة في ضعفة أهله» واللفظ للبخاري.
2.
ما أخرجه البخاري، ومسلم
(2)
من طريق عبدالله مولى أسماء، عن أسماء أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة، فقامت تصلي، فصلت ساعة. ثم قالت: يا بني هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلت ساعة. ثم قالت: هل غاب القمر؟ قلت: نعم. قالت: فارتحلوا، فارتحلنا، ومضينا حتى رمت الجمرة ثم رجعت، فصلت الصبح في منزلها. فقلت لها: يا هنتاه
(3)
ما أرنا إلا قد غلسنا. قالت: يا بني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن
(4)
. واللفظ للبخاري.
(1)
كتاب الحج باب: من قدم ضعفه أهله بليل فيقفون بالمزدلفة، ويدعون ويقدم إذا غاب القمر (2/ 603) 1593 كتاب الحج/ باب: استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن من مزدلفة إلى منى في أواخر الليالي قبل زحمة الناس، واستحباب المكث لغيرهم حتى يصلوا الصبح بمزدلفة (2/ 941)1293.
(2)
رقم الحديث (1594)، رقم الحديث (12191).
(3)
أي: يا هذه. ينظر مشارق الأنوار (2/ 271)، الفتح (3/ 528).
(4)
و «الظعن» بضم الظاء المعجم، جمع ظعينة، وهي المرأة في الهودج ثم أطلق بعد على المرأة مطلقاً. ينظر: النهاية (3/ 157) مادة (ظ ع ن)، شرح النووي على مسلم (9/ 40)، الفتح (3/ 527).
3.
ما أخرجه البخاري، ومسلم
(1)
من طريق القاسم، عن عائشة أنها قالت: استأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة تدفع قبله، وقبل حطمة الناس
(2)
، وكانت امرأة ثبطة، يقول القاسم: والثبطة الثقيلة: قال: فأذن لها، فخرجت قبل دفعه، وحبسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه؛ ولأن أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة، فأكون أدفع بإذنه، أحب إلي من مفروح به، واللفظ لمسلم.
4.
ما أخرجه مسلم
(3)
«من طريق سالم بن شوال أنه دخل على أم حبيبة فأخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بها من جمع بليل.
المسألة الثانية: التسيير في الرمي:
الرمي عبادة عظيمة يظهر فيها التسليم لأمر الله، وإقامة ذكره، وسأورد لك بعض المسائل الدائرة مع قاعدة «المشقة تجلب التيسير» ، وقاعدة «الأمر إذا ضاق اتسع» فيما يتعلق بالرمي.
(1)
رقم الحديث (1596)، رقم الحديث (1290).
(2)
الحطمة: بفتح الحاء، وسكون الطاء. الزحمة.
ينظر: النهاية (1/ 402) مادة (ح ط م)، الفتح (3/ 530).
(3)
كتاب الحج/ باب: استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن .... (2/ 940) 1292
1.
التيسير في وقت رمي جمرة العقبة:
اختلف أهل العلم في الوقت الذي يجوز فيه رمي جمرة العقبة من الضعفة وغيرهم، مع إجماعهم على أن من رماها بعد طلوع الشمس أجزأه ذلك، على ثلاثة أقوال:
القول الأول: قول الشافعي، وأحمد، وجماعة من أهل العلم
(1)
العلم
(2)
«قالوا: إن أول الوقت الذي يجزئ فيه رمي جمرة العقبة هو ابتداء النصف الأخير من ليلة النحر للقادر والعاجز.
واستدلوا بما رواه أبو داود
(3)
عن عائشة ? أنها قالت: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله
لي عندها. وأنكره الإمام أحمد
(4)
وضعفه الألباني في الإرواء.
ولأنه وقت للدفع من مزدلفة، فكذلك هو وقت للرمي.
(1)
ينظر: المغني (3/ 419)، المجموع (8/ 125).
(2)
السنن (2/ 194)1942.
(3)
التلخيص الحبير (2/ 257)1053.
(4)
إرواء الغليل (4/ 108)1942.
القول الثاني: قول مالك وأبي حنيفة
(1)
قالا: أول وقته يبتدئ من بعد طلوع الشمس.
وحجتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم رماها وقت الضحى وقال: «خذوا عني مناسككم» .
واحتجوا بما رواه الأربعة
(2)
من حديث ابن عباس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفاء أهله بغلس، ويأمرهم لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس» واللفظ لأبي داود، قال الترمذي: حسن صحيح، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم.
وصححه النووي، وابن القيم، والألباني
(3)
.
القول الثالث: ما ذهب إليه بعض أهل العلم، واختاره ابن القيم
(4)
قالوا: إن أول وقته للضعفة من طلوع الفجر، ولغيرهم من بعد طلوع الشمس، واستدلوا على ذلك بحديثين:
(1)
ينظر: شرح فتح القدير (2/ 500)، الاستذكار (4/ 289).
(2)
الترمذي (3/ 240) 893، أبو داود (2/ 194) 1940، النسائي (5/ 272) 3065، وابن ماجة (2/ 1007)3025.
(3)
المجموع (8/ 132)، الزاد (2/ 250)، الإرواء (2/ 194).
(4)
الزاد (2/ 246).
الأول: حديث أسماء المتفق عليه
(1)
وفيه «فارتحلنا، ومضينا حتى رمت الجمرة، ثم رجعت، فصلت الصبح في منزلها، وفيه قالت: «يا بني إن رسول الله أذن للظعن» ومفهومه أنه لم يأذن للأقوياء الذكور.
الثاني: ما أخرجه البخاري، ومسلم
(2)
من حديث سالم قال: وكان عبدالله ابن عمر يُقِّدم ضعفة أهله، فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل، فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يرجعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع، فمنهم من يقدم منى الصلاة الفجر، ومنهن من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رموا الجمرة. وكان ابن عمر يقول: أَرْحض في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا يدل على الترخيص للضعفة في رمي جمرة العقبة بعد الفجر، ولم يرخص لغيرهم.
والراجح بالنظر في الأدلة جواز الرمي للضعفة ومن قدم معهم من الأقوياء لحديث عائشة، ولأن الضعفة يحتاجون إلى من يرافقهم لباقي مناسك الحج، فما لم نأخذ بالرخص لاسيما مع كثرة الداعي
(1)
مضى تخريجه.
(2)
البخاري كتاب الحج، باب: من قدم ضعفة أهله بليل (2/ 603) 1593، ومسلم في الحج، باب: استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء (2/ 941)1295.
أوقعنا كثيراً من المسلمين في الحرج.
ويكون لوقت رمي جمرة العقبة وقتان: وقت فضيلة، وإجزاء، وقت الفضيلة بعد طلوع الشمس لحديث ابن عباس، ووقت الإجزاء بعد طلوع الفجر لحديث أسماء
(1)
.
2.
التيسير في وقت الرمي
• للحاج أن يرمي ليلاً: وهذا قول ابن عمر، وإليه ذهب الأحناف، وقول مالك، وأحد القولين عند الشافعية، وبه أفتى المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله حينما اشتد الزحام على الجمرات
(2)
. واستدلوا:
1.
بما رواه البخاري
(3)
عن ابن عباس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: رميت بعدما أمسيت؟ فقال: «لا حرج» قال: حلقت قبل أن أنحر؟ قال: «لا حرج» واسم المساء يصدق على جزء من الليل.
(1)
ينظر: المغني (3/ 219)، أضواء البيان (4/ 439).
(2)
ينظر: الموطأ (921)، بدائع الصنائع (3/ 124)، المحلي (7/ 176)، المجموع (8/ 180)، بداية المجتهد (2/ 145)، أضواء البيان (5/ 299)، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (17/ 268).
(3)
كتاب: الحج، باب: إذا رمى بعدما أمسى (2/ 618)1648.
2.
ما روى مالك في الموطأ عن نافع أن ابنه أخ لصفية بنت أبي عبيد، نفست بالمزدلفة، فتخلفت هي وصفية حتى أتتا من بعد أن غربت الشمس من يوم النحر، فأمرهما عبد الله بن عمر أن ترميا، ولم ير عليهما شيئاً. وهذا دليل من فعل ابن عمر ? على أن الرمي ليلاً جائز
• وللحاج أن يرمي قبل الزوال في سائر الأيام، وهو منقول عن ابن عباس، وقول طاووس، وعطاء في إحدى الروايتين عنه، ومحمد الباقر، ورواية غير مشهورة عند الحنفية: يجوز الرمي قبل الزوال في اليوم الثالث مطلقاً، وفي الثاني للمتعجل.
وإليه ذهب ابن عقيل، وابن الجوزي من الحنابلة، والرافعي من الشافعية، ومن المعاصرين: الشيخ عبدالله آل محمود، والشيخ مصطفى الزرقاء، وقواه الشيخ السعدي رحمهم الله أجمعين
(1)
واستدلوا:
(1)
ينظر: الموطأ (1/ 409)، المبسوط (4/ 23)، بدائع الصنائع (2/ 137)، المغني (5/ 328)، المجموع (8/ 296)، بداية المجتهد (1/ 258)، فتح الباري (3/ 580)، الإنصاف (4/ 46)، مجموعة رسائل الشيخ عبد الله آل سعود (1/ 22).
1.
بما رواه الدار قطني
(1)
من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا بالليل، وأي ساعة من النهار شاءوا. وإسناده ضعيف.
قال ابن قدامة في «الكافي» : «وكل ذي عذر من مرض أو خوف على نفسه، أو ماله كالرعاة في هذا؛ لأنهم في معناهم»
(2)
.
2.
وبما أخرج البخاري، ومسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل فقال: لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح؟ فقال:«اذبح ولا حرج» فجاء آخر فقال: لم أشعر، فنحرت قبل أن أرمي؟ قال:«ارم ولا حرج» فما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قدّم ولا أخر إلا قال: «افعل ولا حرج» .
ووجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط الترتيب بين واجبات الحج، وفي هذا إشارة إلى عدم مراعاة الزمن.
3.
ومن أدلتهم عدم وجود دليل صريح في النهي عن الرمي قبل
(1)
(2/ 276)184.
(2)
الكافي (1/ 195).
الزوال لا من الكتاب، ولا من السنة، ولا من الإجماع.
4.
وأما رمي رسول الله بعد الزوال، فهو بمثابة وقوفه بعرفة بعد الزوال إلى الغروب، ومن المعلوم أن الوقوف لا ينتهي بذلك الحد، بل الليل كله وقت وقوف أيضاً.
5.
لو كان الرمي قبل الزوال منهيا عنه لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان شافياً صريحاً، حينما أجاب السائل الذي سأله عن رميه بعدما أمسي، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
6.
ومن الأدلة قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203]، والرمي من الذكر، لما أخرج أبو داود
(1)
من حديث عائشة مرفوعاً: «إنما جعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله» وضعفه الألباني
(2)
. فجعل اليوم كله محلاً للذكر، ومنه الرمي.
وهذا يشبه أن يكون كالنص في المسألة عند التأمل، وبه استدل الشيخ عبدالرحمن بن سعدي.
(1)
(2/ 179)188.
(2)
ضعيف سنن أبي داود (1888).
7.
ما أخرجه البخاري
(1)
من طريق وبرة قال: سألت ابن عمر: متى أرمي الجمار؟ قال: إذا رمي إمامك فارْمه. فأعدت عليه المسألة. قال: كنا نتحين، فإذا زالت الشمس رمينا.
ولو كان الرمي قبل الزوال واجباً لبينه للسائل ابتداءً.
8.
أن رمي جمرة العقبة قُدم من طلوع الشمس لما قبل الفجر مراعاة للتيسير، ورفقاً بالضعفاء مع أن المتعين على الحجيج المبيت بمنى ليالي التشريق، فكيف بالمتعجل في اليوم الثاني عشر.
وفي الأخذ بهذا القول رخصة للنساء والضعفاء خاصة في اليوم الثاني عشر لمن كان متعجلا.
• وله أنه يؤخر رمي الجمرات عدا يوم العيد لليوم الأخير؛ لأن أيام التشريق كاليوم الواحد، فالرمي في جميعها أداء، فلو رمى عن اليوم الأول في الثاني، أو عن الثاني في الثالث، أو عن الأول والثاني في الثالث فلا شيء عليه؛ لأنها وقت للرمي كاليوم الواحد، ولكن تفوته السنة بفعله، وبهذا قال الشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأبو يوسف، ومحمد، واختار هذا القول الشنقيطي
(2)
(1)
كتاب الحج، باب: رمي الجمار (2/ 621) 1659
(2)
ينظر: الاستذكار (4/ 353)، المجموع (8/ 176)، المغني (3/ 256)، أضواء البيان (4/ 46).
واستدلوا بما أخرجه الأربعة
(1)
من حديث عاصم بن عدي: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة في البيتوتة يرمون يوم النحر، واليومين الذين بعده يجمعونهما في أحدهما» . واللفظ للنسائي، وعند أبي داود، والنسائي، وابن ماجة «رخص للرعاة أن يرموا يوماً، ويدعو يوماً» . قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في الإرواء
(2)
.
فيجوز لمن كان في معنى الرعاة ممن هو مشغول أيام الرمي بعمل لا يفرغ معه للرمي، وكان منزله بعيداً عن الجمرات، ويشق عليه التردد عليها لاسيما من النساء أن يؤخر رمي الجمرات إلى آخر يوم من أيام التشريق، ولا يؤخرها لما بعد ذلك.
(3)
.
(1)
أبو داود (2/ 202) 1975، الترمذي (3/ 289) 955، النسائي (5/ 273) 3068، 3069، ابن ماجه (2/ 1015)3037.
(2)
(4/ 108)1080.
(3)
المغني (3/ 256).
والتأخير لتجنب الزحام، والمشقة، والاقتتال من أعظم المقاصد المعتبرة، وحياة الناس أولى بالرعاية من حياة المواشي كما في حال الرعاة، وحفظ الأرواح من المقاصد الخمسة المجمع على اعتبارها في الشريعة.
3.
التيسير في الإنابة في الرمي
من عجز عن الرمي بنفسه لمرض أو نحوه جاز له أن يستنيب من يرمي عنه، ولا شيء عليه عند الأحناف، والشافعية، والحنابلة
(1)
، على خلاف بينهم في إعادة الرمي إذا زال عجزه قبل آخر أيام التشريق.
أمّا الإمام مالك فإنه سئل: هل يرمي عن الصبي والمريض؟
فقال: نعم، ويتحرى المريض حين يرمي عنه، فيكبر وهو منزله، ويهريق دماً
(2)
. فأباح الاستنابة مع العجز وألزم العاجز دماً.
(3)
.
(1)
ينظر: المجموع (8/ 174)، المغني (3/ 256)، البحر الرائق (2/ 375).
(2)
الموطأ (407)، وينظر: الذخيرة (3/ 280).
(3)
(3/ 108).
وقال أبو إسحاق الشيرازي: «ومن عجز عن الرمي بنفسه المرض ميؤوس منه أو غير ميؤوس جاز له أن يستنيب من يرمي عنه؛ لأن وقته ضيق وربما فات قبل أن يرمي
…
»
(1)
وقال ابن قدامة: «إذا كان الرجل مريضا، أو محبوسة، وله عذر جاز أن يستنيب من يرمي عنه»
(2)
.
ومن هنا يتضح لك أن ضابط الاستبانة العذر الذي يُعْجِز صاحبه عن الرمي كالمرض، والصفر، والحبس، والضعف وغيرها. ولا يجوز التوكيل في الرمي لغير عذر، ومن وكل أثم، ولزمه دم.
واستدلوا بما يأتي:
1 -
ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف
(3)
، وابن ماجة في السنن
(4)
من حديث جابر قال: «حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان، ورمينا عنهم» .
وإسناده ضعيف؛ لضعف أشعث بن يسار، وعنعنة أبي الزبير.
(1)
المهذب (1/ 231).
(2)
المغني (3/ 256).
(3)
(3/ 242)13841.
(4)
(2/ 1010)3038.
وضَعّف الرواية الألباني في حجة النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
.
واستدل أصحاب هذه الرواية بقياس غير الصبيان عليهم بجامع العجز في الجميع.
2.
الاستنابة في الرمي غاية ما يقدر عليه العاجز، والله تعالى يقول:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]. 3. قياس الاستنابة في الرمي على الاستنابة في أصل الحج، قالوا: والرمي أولى بالجواز.
4.
من دليل الجمهور على سقوط الدم عن العاجز عن الرمي
المنيب غيره، ما أسقطه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العاجز من الواجبات كطواف الوداع للحائض، والمبيت للرعاة، ولم يوجب الدم، ومعلوم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
المسألة الثالثة: سقوط طواف الوداع عن الحائض والنفساء:
طواف الوداع واجب يلزم بتركه دم، وهذا قول أكثر أهل العلم، وإليه ذهب الأحناف، ورواية عن الشافعية، والحنابلة
(2)
.
(1)
(49)
(2)
ينظر: مختصر اختلاف العلماء (3/ 164)، المجموع (8/ 204)، المغني (3/ 239).
وهل يجب طواف الوداع على الحائض والنفساء، وهل يسقط، وإذا سقط هل يجبر بدم أم لا؟
قال ابن المنذر: «قال عامة الفقهاء بالأمصار: ليس على الحائض التي قد أفاضت طواف وداع»
(1)
.
(2)
.
والأدلة الصحيحة الصريحة على قول الجمهور كثيرة منها.
ما أخرجه البخاري، ومسلم
(3)
من حديث ابن عباس قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض.
2، ما أخرجه البخاري، ومسلم
(4)
من حديث عائشة قالت: حاضت صفية بنت حيي بعدما أفاضت، قالت عائشة:
(1)
نقله عنه الحافظ في الفتح (3/ 686).
(2)
المغني (3/ 238).
(3)
البخاري في كتاب الحج، باب: طواف الوداع (2/ 624) 1668 ومسلم في كتاب الحج، باب: وجوب طواف الوداع، وسقوطه عن الحائض (2/ 963).
(4)
البخاري كتاب الحج، باب: إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت (2/ 624) 1668 ومسلم كتاب الحج، باب: وجوب طواف الوداع، وسقوطه عن الحائض (2/ 963)13128.
فذكرت حيضتها لرسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحابستنا هي؟ قالت: فقلت: إنها قد كانت أفاضت، وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فلتنفر» واللفظ لمسلم.
3.
ما أخرجه البخاري من طريق عكرمة، ومسلم
(1)
من طريق طاوس قال: كنت مع ابن عباس إذ قال زيد بن ثابت تفتي أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت، فقال له ابن عباس: إما لا فسل فلانة الأنصارية، هل أمرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فرجع زيد بن ثابت إلى ابن عباس يضحك، وهو يقول ما أراك إلا صدقت.
(1)
الموضع السابق رقم حديث البخاري 1671، ومسلم (1329).
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي شرع من الدين أيسره، ومن الملة أكملها، والصلاة والسلام على إمام الحنفاء من بعثه ربه ميسراً ومبشراً وبعد:
فإن البحث لم يأت إلا على النزر اليسير من مظاهر التيسير فيما يتعلق بفقه النساء، وما هذه الوريقات إلا قطرات من بحر، وحبات من مكتل، وفي صحيح السنة ما تعجز عن إبراز سماحته فيما يتعلق بالحج آلاف الصفحات، ولكن جهد مقل أسأل الله أن يتقبله، ومع مظاهر التيسير التي بدت جلية فيما يتعلق بالنساء ومن في حكمهن في فريضة الحج؛ لرفع المشقة الجسدية، فهناك أمور عظمى يَبْرز من خلالها عناية الإسلام بالمعنويات، وإشباعه الحاجات الروح قبل البدن من خلال تعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم العظيم كشخصه مع زوجاته التسع اللاتي حججن معه، ولا ريب في حكيم تصرفاته، وفاضل أخلاقه؛ لأنه يفهم طبيعة المرأة، وعاطفتها المتدفقة، وكونها مسكن الوالد، ومحضن الولد، كيف وقد شبه النساء بالقوارير في الرقة، واللطافة، وضعف البنية، فجاءت أحكام الروح والبدن بما
يتناسب مع الخلقة، والتكوين، فتراه يأمر عبدالرحمن أن يخرج مع عائشة، بعد أن أبدت رغبتها في العمرة قائلة له «يا رسول الله كل أصحابك يرجع بحج وعمرة غيري»
(1)
فيحقق لها ما أرادت، ويرسل معها أخاها عبدالرحمن، وتحيض حفصة في آخر لحظات الحج، فما يكون قوله إلا تعبيرا عن مكانة المرأة، ورفيع قدرها «أحبستنا هي»
(2)
فسيحتبس هو وصحبه في رفقة كبيرة لأجل المرأة التي حاضت، والمتأمل لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج وغيره يقف على حسن عشرته، وكرم ضريبته، وخيره العظيم لأهله.
وفي نهاية البحث أخلص إلى مجموعة من
النتائج، والتوصيات
1.
نشر الأحاديث النبوية الصحيحة المتعلقة بإكرام النساء والتيسير عليهن
2.
خدمة الموضوعات الفقهية حديثيا.
3.
الحاجة إلى إبراز خلاف الفقهاء فيما يتعلق بمسائل التيسيرين الحج، لا سيما في مثل هذه الأزمان، وعدم إلزام الناس بقول مع
(1)
البخاري (2/ 325)1673.
(2)
البخاري (2/ 325)1673.
وجود رأي آخر معتبر له حظه من النظر.
4.
نشر الفتاوى المتعلقة بجوانب التيسير، والتي يتضح فيها فقه الفقهاء، وفهم العلماء في مراعاة: الدليل، والواقع المستجد من كل جوانبه، وتزايد أعداد الحجاج، وضيق المكان والزمان، وذهاب الأنفس شبه المطرد.
5.
تشكيل لجان ومجالس علمية متخصصة على مستوى العالم الإسلامي لدراسة الاختلافات بين الفقهاء فيما يتعلق بمسائل الحج خاصة واستخلاص ما قوي دليله، وكان أقرب إلى مقاصد الشريعة وكلياتها.
6.
القيام بالمناشط الدعوية التثقيفية للحجيج من قبل مؤسسات ا المجتمع، ووسائل الإعلام لإبراز أقوال العلماء وترجيح ما قام عليه الدليل فيما يتعلق بقضايا التيسير يقدمها كبار العلماء، وطلبة العلم.
7.
تفعيل دور الأئمة والخطباء، وإعطاؤهم خطباً في مواسم الحج تعد من قبل هيئة مختصة، يشار فيها إلى أهم قضايا التيسير الحج.
8.
إصدار مجلات علمية متخصصة فيما يتعلق بالتيسير في
الحج، وترجمتها وتوزيعها بأكبر قدر، يشرف عليها علماء معرفون على مستوى العالم.
9.
تعميم مثل هذه الندوات، وتكثيف إقامتها في جميع أنحاء المعمورة في مثل هذه الأيام المباركة
10.
إنشاء قناة إعلامية في فترة الحج تشرف عليها وزارة الحج، ويكون من ضمن برامجها التيسير الحج.
وختاماً فإنه لا فلاح للعالم أجمع إلا بالرجوع لكتاب الله،
وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتيسير على الناس، وتوظيف اختلاف العلماء لرفع الحرج، والمشقة عن الناس لا سيما إذا ظهر أن بعض الأقوال تؤدي إلى عنت ومشقة، والقاعدة الفقهية تنص على أن «غلبة المشقة مسقطة للأمر» .
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
فهرس
المصادر والمراجع
1.
أبحاث هيئة كبار العلماء الرياض، دار أولي النهى
2.
أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء للدكتور مصطفى سعيد الخن، مؤسسة الرسالة.
3.
أدب المفتي والمستفتي، مطبوع ضمن فتاوى ابن الصلاح أبي عمرو عثمان الشهر زوري، تحقيق: عبد المعطي قلعجي، ط الأولى: 1402 هـ دار المعرفة، بيروت.
4.
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل لمحمد بن ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، الأولى: 1399 هـ
5.
الأشباه والنظائر قواعد وفروع فقه الشافعية، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي 911 هـ، دار الكتب العلمية، بيروت.
6.
إعلام الموقعين، شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الباز للنشر والتوزيع.
7.
الأم للإمام الشافعي - صححه محمد زهري النجار - دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت 1393 هـ.
8.
البحر الرائق شرح كنز الدقائق لزين الدين ابن نجيم
الحنفي، الناشر دار المعرفة، بيروت.
9 .
. بداية المجتهد ونهاية المقتصد لأبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الاندلسي، بيروت، دار الفكر.
10.
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني، بيروت، دار الكتاب العربي: 1982 م.
11.
تاج العروس من جواهر القاموس لمحمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني أبو الفيض الملقب بمرتضى الزَّبيدي، تحقيق مجموعة من المحققين، الناشر دار الهداية.
12.
تحفة الفقهاء لمحمد بن أحمد السمرقندي، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1405 هـ
13.
الترخُّص بمسائل الخلاف ضوابطه وأقوال العلماء فيه لخالد العروسي.
14.
التلخيص في أصول الفقه، أبو المعالي غبد الملك بن عبدالله الجويني، تحقيق: عبدالله النيبالي وشبير العمري، دار البشائر، ودار الباز، الطبعة الأولى، 1417 هـ، بيروت.
15.
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري، تحقيق: مصطفى أحمد العلوي، محمد عبد الكبير البكري، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب، 1387 هـ.
16.
الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار لابن عب البر المتوفى سنة 463 هـ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1421 هـ - 2001 م.
17.
افعل ولا حرج للشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة، تقديم سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين، مؤسسة الإسلام اليوم.
18.
تهذيب التهذيب لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، بيروت، دار إحياء التراث، الثانية: 1413 هـ.
19.
حاشية الروض المربع لابن قاسم لعبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي
20.
الحاشية على الشرح الكبير، الدسوقي: محمد عرفة: - بيروت - دار الفكر.
21.
الدرر السنية، للشيخ ابن قاسم، النور.
22.
رد المحتار، ابن عابدين: محمد أمين، دار الكتب العلمية.
23.
رسالة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي للإمام أبي الخطاب المعافري - سلطنة عمان، وزارة التراث القومي والثقافة، 1982 م.
24.
رفع الملام عن الأئمة الأعلام لشيخ الإسلام ابن تيمية، ضمن مجموع فتاوى شيخ الإسلام، جمع عبدالرحمن بن قاسم.
25.
روضة الأفكار والأفهام، لابن غنام، المكتبة السلفية بالرياض.
26.
روضة الطالبن، يحي بن شرف النووي، تحقيق: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، ط: الثالثة 1412 هـ بيروت
27.
رياض الصالحين للنووي.
28.
سبل السلام للأمير الصنعاني - دار المعرفة - الطبعة الثالثة: 1410 هـ
29.
السلسلة الصحيحة لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف - الرياض
30.
سنن أبي داود، تأليف سليمان بن الأشعث السجستاني، تعليق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الفكر.
31.
سنن الإمام النسائي لأحمد بن شعيب النسائي تحقيق: عبدالفتاح أبو غدة وطبع - حلب - مكتب المطبوعات الاسلامية، الطبعة الثانية، 1406 هـ.
32.
سنن الترمذي - دار إحياء التراث - تحقيق أحمد شاكر.
33.
سنن الدارمي - الدارمي - الكتب العلمية - تحقيق فواز أحمد وخالد السبع.
34.
السنن الكبرى - النسائي - دار الكتب العلمية - تحقيق عبد
الغفار سليمان البنداري و سيد كسروي حسن.
35.
سير أعلام النبلاء، محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، محمد نعيم العرقسوسي:، الطبعة: التاسعة 1413 هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت.
36.
شرح الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية، الأبياني: محمد زيد، - بيروت - مكتبة النهضة.
37.
شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، نور الدين عبد الله بن حميد السالمي، صححه وعلق عليه عز الدين التنوخي - سلطنة عمان: مكتبة مسقط.
38.
شرح فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 1، 1995 م
39.
شرح النيل وشفاء العليل، الشيخ محمد بن يوسف أطفيش - جدة، مكتبة الإرشاد، الطبعة الثالثة، 1405 هـ - 1985 م.
40.
شرح مسلم للإمام النووي.
41.
شفاء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: ناصر الدين الألباني - بيروت - المكتب الإسلامي.
42.
صحيح ابن حبان - مع الإحسان - لابن حبان، تحقيق: شعيب الأرنؤوط. - بيروت - مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1412 هـ.
43.
صحيح ابن حبان، بترتيب ابن بلبان، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1993 م
44.
صحيح ابن خزيمة، تحقيق: مصطفى الأعظمي، المكتب الاسلامي، الطبعة الثانية 1421 هـ.
45.
صحيح الأدب المفرد، الألباني، المكتب الإسلامي.
46.
صحيح البخاري - مع فتح الباري - للإمام البخاري. الناشر دار المعرفة.
47.
صحيح البخاري، تأليف محمد بن إسماعيل البخاري، مكتبة الإسلامية، إستانبول.
48.
صحيح الترغيب والترهيب، الألباني، المكتب الإسلامي
49.
صحيح الجامع الصغير، الألباني، المكتب الإسلامي
50.
الصحيح المسند من أسباب النزول، لمقبل بن هادي الوادعي - الرياض - نشر مكتبة المعارف، 1400 هـ
51.
صحيح سنن ابن ماجة، لناصر الدين الألباني. المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة، 1408 هـ.
52.
صحيح مسلم، للإمام مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. دار إحياء التراث العربي.
53.
صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، أحمد بن حمدان النمري،
تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، ط: الثالثة، 1397 هـ بيروت
54.
الضعفاء للعقيلي: أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد - بيروت - دار الكتب العلمية 322 هـ
55.
ضعيف الترمذي، الألباني، مكتب التربية العربي لدول الخليج العربي علل الحديث - ابن أبي حاتم - بيروت لبنان - دار المعرفة.
56.
العلل المتناهية: عبد الرحمن بن علي بن الجوزي دار نشر الكتب الإسلامية، 597 هـ.
57.
العلل الواردة في الأحاديث النبوية - لأبي الحسن الدراقطني - الرياض - السعودية، دار طيبة.
58.
عون المعبود، شمس الحق العظيم أبادي، دار الكتب.
59.
غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام، محمد ناصر الدين الألباني - بيروت - لبنان، المكتب الإسلامي.
60.
غريب الحديث للخطابي تحقيق: د. عبد الكريم العزباوي، جامعة أم القرى بمكة المكرمة.
61.
غريب القرآن: أبو بكر محمد بن عزير السجستاني «ت 330 هـ» تحقيق محمد أديب عبد الواحد - دار قتيبة 1416 هـ - 1995 م.
62.
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
63.
الفتاوى للشيخ شلتوت، طبع دار الشروق، بيروت، الطبعة الثامنة، سنة 1395 هـ.
64.
فتح الباري: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، الطبعة السلفية ومكتبتها - القاهرة - الطبعة الثانية 773 هـ -852 هـ.
65.
فتح القدير، الشوكاني، - بيروت - دار احياء التراث العربي.
66.
فتح القدير شرح الهداية، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، ط: الثانية، دار الفكر، بيروت.
67.
فتح المعبود بترتيب مسند الطيالسي.
68.
فقه الإسلام شرح بلوغ المرام للشيخ عبد القادر شيبة الحمد.
69.
الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة. محمد بن علي الشوكاني. بيروت - لبنان. المكتب الإسلامي -
70.
القاموس المحيط، حمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم الشيرازي الفيروزآبادي ترتيب: الطاهر بن أحمد الزاوي، الطبعة الأولى: 1399 هـ، دار الكتب العلمية، بيروت.
71.
القاموس المحيط، لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز أبادي، بيروت لبنان، المؤسسة العربية للطباعة والنشر،. 817 هـ،
72.
قبس من هدي الإسلام، للشيخ عبد المحسن بن حمد العباد، مطابع الرشيد بالمدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1401 هـ
73.
القوانين الفقهية: لمحمد بن أحمد بن جزي الكلبي، دار القلم، بيروت، بدون تاريخ للنشر
74.
الكافي في فقه الإمام أحمد، موفق الدين عبد الله بن قدامة، تحقيق: زهير الشاويش، ط: الخامسة، المكتب الإسلامي، بيروت.
75.
الكافي في الفقه على مذهب أهل المدينة، يوسف بن عبد البر المالكي (463 هـ) مؤسسة النداء - أبو ظبي - 1424 هـ/ 2004 هـ
76.
الكامل في ضعفاء الرجال، للإمام الحافظ أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني،، بيروت، لبنان، دار الفكر، الطبعة الثانية، 1405 هـ.
77.
كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، تأليف الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن عوض الجزيري.
78.
كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي: منصور بن إدريس، مكة، 1394 هـ
79.
كشف الخفا، إسماعيل العجلوني، دار الكتب العلمية.
80.
لسان العرب - ابن منظور - دار صادر.
81.
مجلة البحوث الإسلاميَّة: الصادرة عن الرئاسة العامة
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، الرياض - المملكة العربية السعودية، العدد [13] و [29].
82.
مجلة البيان: مجلة إسلامية شهرية، جامعة تصدر عن المنتدى الإسلامي، لندن، العدد [41].
83.
مجلة الحكمة للبحوث الإسلاميَّة: بريطانيا - ليدن، العدد [9. 5].
84.
المجموع للنووي: يحي بن شرف، دار الفكر.
85.
مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
86.
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية.
87.
مجموع فتاوى ومقالات: للشيخ عبدالعزيز بن باز، جمع وإشراف: محمد بن سعد الشويعر مكتبة المعارف للنشر والتوزيع بالرياض 1413 هـ
88.
مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، مطبعة المنار، مصر، 1344 هـ
89.
المدخل الفقهي العام الزرقاء الشيخ مصطفى أحمد - دمشق - دار القلم، الطبعة الأولى، 1998 م
90.
المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، بدران: عبد القادر بن أحمد بن مصطفى، دار الفكر العربي.
91.
المصباح المنير، أحمد بن محمد بن علي الفيومي
92.
المعجم الكبير الطبراني - مكتبة العلوم والحكم - تحقيق حمدي السلفي - الطبعة الثانية.
93.
معرفة علم الخلاف الفقهي: نظرة إلى تحقيق الوفاق الإسلامي، د. زكريا عبد الرزاق المعري - بيروت - مؤسسة الرسالة، 1410 هـ
94.
المغني شرح مختصر الخرقي، ابن قدامة: أبو محمد عبد الله بن أحمد - بيروت - دار الفكر الطبعة الأولى، 1404 هـ
95.
مغني المحتاج شرح المنهاج، الشيخ محمد بن احمد الشربيني الخطيب، الناشر المكتبة الإسلامية
96.
المقنع في فقه الإمام أحمد بن حنبل، موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة، دار الكتب العلمية، بيروت.
97.
المنتقى شرح الموطأ لسليمان بن خلف الباجي، دار الكتاب الإسلامي.
98.
المنقذ من الضلال: للإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي تحقيق: د. سميح دغيم. دار الفكر اللبناني، 505 هـ.
99.
منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، الشيخ خميس بن سعيد الشقصي - سلطنة عمان، وزارة التراث القومي والثقافة، 1403 هـ، 1983 م.
100.
منح الجليل على مختصر خليل، لأبي عبد الله أحمد عليش، المتوفى سنة 1299 هـ، المطبعة العامرة بالقاهرة، 1294 هـ
101.
مواهب الجليل شرح مختصر خليل، محمد بن محمد الحطاب (954 هـ) مطبعة السعادة - مصر- ط 1 - 1329 هـ
102.
المهذب، أبو إسحاق إبراهم الشيرازي، تحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، ط: الأولى: 1416 هـ بيروت.
103.
الموسوعة الفقهية، الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الطبعة الأولى، 1412 هـ - 1992 م.
104.
موطأ الإمام مالك بن أنس رواية يحيى بن يحيى الليثي، إعداد أحمد راتب عرموش، الطبعة العاشرة - بيروت، دار النفائس، 1407 هـ - 1987 م.
105.
الموقع الرسمي للشيخ عبد العزيز بن باز على الشبكة المعلوماتية رابط:http://www.binbaz.org.sa
106.
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، تحقيق الطناحي، المكتبة الإسلامية، بيروت.
107.
نيل الأوطار للشوكاني.
108.
النيل وشفاء العليل، الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم الثميني، تعليق بكلي عبد الرحمن عمر، ط 2، 1387 هـ - 1967 م.
109.
برامج الحاسوب:
مكتبة الأجزاء الحديثية، مركز التراث، الإصدار 1 ونصف 1420 هـ.
المكتبة الألفية، مركز التراث، الإصدار ا ونصف، 1420 هـ مكتبة الفقه وأصوله، مركز التراث، الإصدار 1 ونصف، 1420 هـ.
الموسوعة الذهبية، مركز التراث، 1418 هـ المكتبة الكبرى - مركز التراث، المكتبة الشاملة.