الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22 - بَابُ العُقُوبَاتِ
4018 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ وَعِليٌّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يُملي لِلظَّالمِ، فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"، ثُمَّ قَرَأَ:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} [هود: 102]. [خ: 4686، م: 2583، ت:3110].
4019 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو أيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ
22 -
بَاب العُقُوبَات
4019 -
قوله: "حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو أيُّوبَ، عَنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ": كذا في أصلنا، وكُتب تجاهه قبل أبي: ابن؛ فصار: عن ابن أبي مالك، وكُتب تجاهه: ينظر.
فنظرت فوجدته كما ذكر؛ ابن أبي مالك، واسمه خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك هانئ الهمداني الدمشقي أبو هاشم، يروي عن أبيه وغيره، وسليمان بن عبد الرحمن، وأحمد بن أبي الحواري، وغيرهما.
وهَّاه ابنُ معين.
وقال أحمد: ليس بشيء.
وقال النسائي: غير ثقة.
قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِالله أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا المِكْيَالَ وَالِميزَانَ إِلا أُخِذُوا بِالسِّنينَ وَشِدَّةِ المَؤُونَةِ وَجَوْرِ السُّلطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالهِمْ إِلا مُنِعُوا القَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلا البَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ الله وَعَهْدَ رَسُولهِ إِلا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ الله وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا
(1)
أَنْزَلَ اللهُ إِلا جَعَلَ اللهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ".
4020 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ
وأما دحيم فقال: صاحب فُتيا.
وقال أحمد بن صالح وأبو زرعة الدمشقي: ثقة.
وقال ابن حبان: هو من فقهاء الشام، كان صدوقًا لكنه كان يخطئ كثيرًا، وفي حديثه مناكير، لا يعجبني الاحتجاج به، وهو ممن أستخير الله فيه.
وقال ابن عدي: أبوه مُفْتي دمشق.
(1)
في الهامش: (فيما)، وعليه (خ).
مِنْ أُمَّتِي الخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، يُعْزَفُ عَلَى رُؤُوسِهِمْ بِالمَعَازِفِ وَالمُغَنِّيَاتِ، يَخْسِفُ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ". [د:3688].
4021 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ المِنْهَالِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم
(1)
: {يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159]، قَالَ:"دَوَابُّ الأَرْضِ".
4022 -
حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي الجعْدِ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلا البِرُّ، وَلا يَرُدُّ القَدَرَ إِلا الدُّعَاءُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ ليُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ".
23 - بَاب الصَّبْر عَلَى البَلَاءِ
4023 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ المَعْنِيُّ وَيَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ قَالا: حَدَّثَنَا
4020 -
قوله: "يُعْزَفُ عَلَى رُؤُوسِهِمْ بِالمَعَازِفِ": يعزف بضم المثناة تحت ثم عين مهملة ساكنة ثم فاء؛ أي يُغَنَّى على رؤوسهم بالمعازف.
المعازف: المزاهر، وهي عيدان اللهو، وكلّ الملاهي مَعَازِفُ.
23 -
بَاب الصَّبْر عَلَى البَلَاءِ
4023 -
قوله: "حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ المَعْنِيُّ": هو منسوب إلى معن بن زائدة؛ لأنه من ولده، وقد تقدَّم.
(1)
في بعض النسخ والمطبوع زيادة: في قوله تعالى.
حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ:"الأَنبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، يُبْتَلَى العَبْدُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صُلبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُليَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ البَلاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيَئة". [ت:2398].
4024 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: دَخَلتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ فَوَجَدْتُ حَرَّهُ بَيْنَ يَدَيَّ فَوْقَ اللِّحَافِ، فَقُلتُ: يَا رَسُولَ الله، مَا أَشَدَّهَا عَلَيْكَ، قَالَ:"إِنَّا كذَلِكَ يُضَعَّفُ لنَا البَلاءُ، ويُضَعَّفُ لنَا الأَجْرُ"، قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟
قوله: "ابْتُليَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ": حسب في الموضعين بفتح السين؛ أي على قدر دينه، وحسب مثل محسوب، وهما بمعنى معدود، نقول منه هذا بحسب ذا؛ أي بعدده وقدره.
قال الشيخ مجد الدين في قاموسه: وقد يسكن
(1)
.
4024 -
قوله: "وَهُوَ يُوعَكُ": الوعك بفتح العين وإسكانها؛ الحمى، وقيل: مغثها، وقد تقدَّم.
(1)
القاموس المحيط، ص 94.
قَالَ: "الأَنبِيَاءُ"، قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ الصَّالحُونَ، إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبتَلَى بِالفَقْرِ، حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلا العَبَاءَةَ يَجُوبُهَا
(1)
، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيفْرَحُ بِالبَلاءِ كَما يَفْرَحُ أَحَدُكمْ بِالرَّخَاءِ".
4025 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ:"رَبِّ اغفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ". [خ:3477، م:1792].
4026 -
حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وُيوُنسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ قالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، إِذْ قَالَ:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260]،
4026 -
قوله: "نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ": أي إن إبراهيم لم يشك ونحن كذلك، فهو نفي للشك لا إثباتٌ له.
وقيل: بل قال ذلك على سبيل التواضع والتقديم لأبيه إبراهيم عليه السلام، أي
(1)
في الهامش: (يحويها)، وعليه (خ).
وَيَرْحَمُ اللهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، .....................
أنه لم يشك، ولو شك لكنتُ أنا أحق بالشك منه، كأنه قال: لا أشك فكيف إبراهيم عليه السلام.
وقيل: قال ذلك جوابًا لقوم قالوا: شك إبراهيم ولم يشك نبينا، فقال هذا.
فائدة شاردة: وهي أن طلبة العلم يكثر سؤالهم عن قوله: {قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} ، وعن القول المنسوب إلى عليّ: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينًا، والأنبياء أعلى مقامًا من الأولياء بالإجماع، فما الجواب؟ والجوابُ ذكره السبكي أبو نصر في طبقات الفقهاء الصغرى، في ترجمة شخص وعظمه، وقال ما معناه: إن الطمأنينة لا يتطرق إليها الجحود بخلاف اليقين فإن الجحود قد يتطرق إليه؛ قال الله: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14]، وهذا جوابٌ حسن في غاية
(1)
.
قوله: "وَيَرْحَمُ الله لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ": يريد الله سبحانه وتعالى، وأصله الركن من الجبل يلجأ إليه، وهو الناحية منه، ترحَّم عليه؛ لسهوه عن التوكل على الله والاستناد إليه، كذا قاله في المطالع
(2)
.
(1)
ذكر ذلك في ترجمة أحمد بن محمد أبي الفتوح، وهو أخو الغزالي. ينظر: طبقات الشافعية 6/ 61.
(2)
مطالع الأنوار 3/ 149.
وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لأَجَبْتُ الدَّاعِيَ". [خ:3372، م:151].
4027 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عِليٍّ الجَهْضَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّاب، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ كُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَشُجَّ، فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ: "كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ خَضَبُوا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ بِالدَّمِ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ
وكذا في النهاية ولفظه: أو أوي إلى ركن شديد، أي إلى الله تعالى؛ أي هو أشد الأركان وأقواها، وإنما ترحَّم عليه لسهوه حين ضاق صدرُه من قومه حتى قال: أو آوي إلى ركن شديد، أراد عز العشيرة الذين يستند إليهم كما يستند إلى الركن من الحائط
(1)
.
قوله: "وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لأَجَبْتُ الدَّاعِيَ": يريد حين دعي للخروج من الحبس فلم يخرج، وقال: ارجع إلى ربك فاسأله، يَصِفُه بالصبر والثبات؛ أي لو كنت مكانه لخرجتُ ولم ألبث، وهذا من جنس تواضعه في قوله:"لا تفضلوني على يونس بن متى".
4027 -
قوله: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ كُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ النبي صلى الله عليه وسلم وَشُجَّ": قد ذكرتُ من فعل ذلك به فيما تقدَّم فانظره.
(1)
النهاية 2/ 260.
إِلَى الله؟ " فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]. [م:1791، س:3002].
4028 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنسٍ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ ذَاتَ يَوْم إِلَى رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَالِسٌ حَزِينٌ قَدْ خُضِّبَ بِالدِّمَاءِ، قَدْ ضَرَبَهُ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: "فَعَلَ بِي هَؤُلَاءِ وَفَعَلُوا"، قَالَ: أَتُحِبُّ أَنْ أُرِيَكَ آيةً؟ قَالَ: "أَرِنِي"، فَنَظَرَ إِلَى شَجَرَةٍ مِنْ وَرَاءِ الوَادِي، قَالَ: ادْعُ تِلكَ الشَّجَرَةَ، فَدَعَاهَا فَجَاءَتْ تَمْشِي حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: قُل لَهَا فَلتَرْجِعْ، فَقَالَ لَهَا، فَرَجَعَتْ حَتَّى عَادَتْ إِلَى مَكَانِهَا، فَقَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"حَسْبِي".
4029 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ وَعَليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوَيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَحْصُوا لِي كُلَّ مَنْ تَلَفَّظَ بِالإِسْلامِ"، قُلنَا: يَا رَسُولَ الله، أَتَخَافُ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ مَا بَيْنَ السِّتِّ مِئَةِ إِلَى السَّبْعِ مِئَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّكُمْ لا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ أَنْ تُبْتَلُوا". قَالَ: فَابْتُلِينَا حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا مَا يُصَلِّي إِلا سِرًّا. [خ:3060، س:149].
4029 -
قوله: "لَعَلَّكُمْ أَنْ تُبْتَلوا": هو بفتح اللام، وقد رأيت الصغاني ذكر في كتاب له مفرد فيه لغات زائدة على كتبٍ عدَّدها، ومنها أنه قرئ:"قل تعالُوا" بضم اللام وهي لغة، فقياس هذه ضم لام "تبتلُوا"، والله أعلم.
4030 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ وَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً، فَقَالَ:"يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ؟ قَالَ: هَذِهِ ريحُ قَبْرِ المَاشِطَةِ وَابْنَتهَا وَزَوْجِهَا".
4030 -
حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مرفوعًا: "أنَّهُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ وَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ؟ قَالَ: هَذِهِ رِيحُ قَبْرِ المَاشِطَةِ وَابْنَتهَا وَزَوْجِهَا": الحديث في سنده سعيد بن بشير صاحب قتادة.
قال أبو مسهر: لم يكن في بلدنا أحفظ منه، وهو مُنكر الحديث.
وقال أبو حاتم: محله الصدق.
وقال البخاري: يتكلمون في حفظه.
وقال بقية: سألت شعبة عنه، فقال: ذاك صدوق اللسان.
وقال عثمان عن ابن معين: ضعيف.
وقال عباس عن ابن معين: ليس بشيء.
وقال الفلاس: حدثنا عنه ابن مهدي ثم تركه.
وقال النسائي: ضعيف.
وقال ابن الجوزي: قد وثَّقه شعبة ودحيم.
وقال ابن عيينة: حدثنا سعيد بن بشير وكان حافظًا.
قَالَ: وَكَانَ بَدْءُ ذَلِكَ أَنَّ الخَضِرَ كَانَ مِنْ أَشْرَافِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانَ مَمَرّهُ بِرَاهِبٍ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرَّاهِبُ فَيُعَلِّمُهُ الإِسْلَامَ، فَلَمَّا بَلَغَ الخَضِرُ زَوَّجَهُ أَبوهُ امْرَأة فَعَلَّمَهَا الخَضِرُ وَأَخَذَ عَلَيْهَا أَنْ لا تُعْلِمَهُ أَحَدًا، وَكَانَ لا يَقْرَبُ النِّسَاءَ، فَطَلَّقَهَا ثُمَّ زَوَّجَهُ أَبُوهُ أُخْرَى فَعَلَّمَهَا وَأَخَذَ عَلَيْهَا أَنْ لا تُعْلِمَهُ أَحَدًا،
وقال أبو زرعة النَصري: قلت لأبي الجماهر كان سعيد بن بشير قدريًا؟ قال: معاذ الله.
وسمعتُ أبا مسهر يقول: أتيت سعيدًا أنا ومحمد بن شعيب فقال: والله لا أقول: إن الله يقدر الشر ويعذب عليه، ثم قال: أستغفر الله أردت الخير فوقعت في الشر، انتهى.
وفيه كلام غير ذلك تركته اختصارًا.
أنكر على سعيد بن بشير حديث الماشطة المذكور هنا وغيره.
وقد روى الحديث المذكور هنا ثقتان هكذا عن هشام بن عمار.
وقد رواه الوليد بن عتبة عن الوليد، فأسقط من سنده ابن عباس.
قوله: "وذَلِكَ أَنَّ الخَضِرَ كَانَ مِنْ أَشْرَافِ بَنِي إِسْرَائِيلَ": لنتكلم على الخضر فنقول: الكلام عليه في مواضع: أحدها: في ضبطه: وهو بفتح أوله وكسر ثانيه، ويجوز كسر أوله مع إسكان ثانية.
فَكَتَمَتْ إِحْدَاهُمَا وَأَفْشَتْ عَلَيْهِ الأُخْرَى، فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى أَتَى جَزِيرَةً فِي البَحْرِ،
ثانيها: في سبب تسميته بذلك: اعلم أن في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "إِنَّمَا سُمِّيَ الخَضِرُ؛ لأنَّهُ جَلَسَ عَلَى فرْوَةٍ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ مِنْ خَلْفِهِ خَضْرَاءَ"
(1)
.
والفروة: الأرض اليابسة أو الحشيش اليابس.
وقيل: وجه الأرض أنبتت واخضرت بعد أن كانت جرداء.
وقيل: إنما سمي بذلك؛ لأنه إِذَا جلس اخضر ما حوله.
وقيل: إنه إِذَا صلى اخضر ما حوله.
ثالثها: في اسمه: قيل: بلْيا بموحدة مفتوحة ثم لام ساكنة ثم مثناة تحت.
وعن خط الدمياطي: "يليا" يعني بمثناتين تحت منهما لام ساكنة، ابن مَلْكان بفتح الميم وإسكان اللام، ابن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، حكاه ابن قتيبة عن وهب بن منبه
(2)
.
وحكى ابن الجوزي: "إيليا" بدل بليا، وكان أبوه من الملوك.
وقيل: اسمه الخضر بن عاميل.
وقيل: أرميا بن خلقيا، ووُهي؛ لأن أرميا كان في زمن بخت نصر، وبين عهد موسى وبخت نصر زمن طويل.
(1)
صحيح البخاري (3402).
(2)
المعارف ص 42.
فَأَقْبَلَ رَجُلَانِ يَحْتَطِبَانِ فَرَأيَاهُ، فكَتَمَ أَحَدُهُمَا وَأَفْشَى الآخَرُ، وَقَالَ: قَدْ رَأَيتُ الخَضِرَ،
وعن خط الدمياطي: "أروميا" من ولد عيص بن إسحاق.
وقيل: إلياس، ووُهي.
وقيل: اليسع، وسمي بذلك؛ لأن علمه وسع ست سموات وست أرضين، ووُهي أيضًا، واليسع اسم أعجمي ليس بمشتق.
وقيل: اسمه أحمد حكاه القشيري، ووهاه ابن دحية؛ بأنه لم يتسمَّ أحد قبل نبينا صلى الله عليه وسلم بذلك.
وقيل: عامر، حكاه ابن دحية في كتابه مرج البحرين.
وقيل: حضرون بن قابيل بن آدم، حكاه هو أيضًا.
وكنيته أبو العباس.
رابعها: في أي وقت كان؟ قيل: إنه ولد آدم لصلبه.
وقيل: إنه الرابع من أولاد آدم.
وقيل: إنه من ولد عيص، حكاه ابن دحية، وتقدّم عن خط الدمياطي.
وقيل: إنه من سبط هارون.
وروى محمد بن أيوب، عن ابن لهيعة أنه ابن فرعون موسى، وهذا بعيد؛ لأن ابن لهيعة وابن أيوب مطعون فيهما.
وقيل: إنه من ولد فارس.
فَقِيلَ: وَمَمنْ رَآه مَعَكَ؟ قَالَ: فُلَان، فَسُئِلَ فكَتَمَ، وَكانَ فِي دِينِهِمْ أَنَّ مَنْ كَذَبَ
وقيل: كان على مقدمة ذي القرنين الأكبر الذي كان أيام إبراهيم الخليل، وذو القرنين عند قوم هو أفريدون.
وقال بعض أهل الكتاب: إنه ابن خالة ذي القرنين ووزيره، وأنه شرب من ماء الحياة.
وعن الثعلبي أيضًا اختلافًا؛ هل كان في زمن إبراهيم الخليل أم بعده بقليل أو بكثير؟ وقيل: إنه كان في زمن سليمان، وإنه المراد بقوله:{قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} [النمل: 40].
خامسها: اختلف هل كان وليًا أم نبيًا؟ بالأول جزم بعضهم واختلف أيضًا هل كان مرسلًا أم لا؟ وأغرب ما قيل فيه أنه من الملائكة.
وجزم جماعة بأنه نبي.
وقال الثعلبي: هو نبي على جميع الأقوال، معمَّر محجوب عن الأبصار، وصححه ابن الجوزي في كتابه فيه؛ لقوله تعالى حكاية عنه:{وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82] فدل عَلَى أنه نبي أُوحي إليه، ولغير ذلك.
قُتِلَ، قَالَ: فَتَزَوَّجَ المَرْأَةَ الكَاتِمَةَ، فَبَيْنَا هِيَ تَمْشُطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ سَقَطَ المُشْطُ،
سادسها: في حياته: وقد أنكرها جماعة منهم: البخاري وإبراهيم الحربي وابن المنادي، وأفردها ابن الجوزي بالتأليف.
قال بعضهم: والمختار بقاؤها.
قال ابن الصلاح: هو [حي] عند جماهير العلماء والصالحين والعامة معهم في ذَلِكَ، وإنما شذ بإنكارها بعض المحدثين.
ونقل الحياة النووي عن الأكثرين
(1)
.
وقيل: إنه لا يموت إلا في آخر الزمان حين يرفع القرآن.
وفي صحيح مسلم في حديث الدجال، أنه يقتل رجلًا ثمَّ يحييه
(2)
.
قال إبراهيم بن سفيان راوي كتاب مسلم: يقال: إنه الخضر.
قال بعض مشايخي فيما قرأته عليه بالقاهرة: وكذلك قال معمر في مسنده، انتهى.
وحكى لي بعض مشايخي وهو الإمام الحافظ سراج الدين ابن الملقن الأنصاري، أنه اجتمع بشيخ ذي هيئة حسن جدًا بجسر الجامع فتحدث معه، ثم افتقده فلم يره، ولم يعرف أين ذهب مع سرعة الوقت، فلما قدم القاهرة
(1)
شرح صحيح مسلم للنووي 15/ 135.
(2)
صحيح مسلم (2938).
فَقَالَتْ: تَعِسَ فِرْعَوْنُ، فَأَخْبَرَتْ أبَاهَا، وَكَانَ لِلمَرْأَةِ ابْنَانِ وَزَوْجٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ،
اجتمع به بعض الصالحين من أهل القرافة وأخبره، من غير أن يذكر له الشيخ شيئًا من ذلك، أن الشيخ الذي اجتمعت به في المكان الفلاني الخضر، انتهى.
والله أعلم أهو حي أم لا؟
وقد روى ابن الصلاح في بعض تخاريجه له وللياس حديث: "من كذب علي"، بإسنادٍ باطل، كما قاله الذهبي أبو عبد الله الحافظ.
واعلم أن الذهبي ذكر في ترجمة محمد بن عبد الله بن الخيام السمرقندي أبي المظفر، وقال: لا أدري من ذا، وهو القائل: سمعت الخضر والياس يقولان: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار".
رواه العلامة أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الفوراني صاحب التصانيف، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن علي الدندانقافي المؤذن، حدثنا أبو المظفر، يعني صاحب الترجمة محمد بن عبد الله بن الخيام، وهذا الحديث أملاه الشيخ أبو عمرو بن الصلاح وقال: هذا وقع لنا في نسخة من حديث الخضر والياس.
قال الذهبي: لا أدري من وضعها
(1)
.
قوله: "تَعِسَ فِرْعَوْنُ": يجوز في عين "تعس" الكسر والفتح.
(1)
ميزان الاعتدال 6/ 210 - 211.
فَرَاوَدَ المَرْأةَ وزَوْجَهَا أَنْ يَرْجِعَا عَنْ دِينِهِمَا فَأَبيَا، فَقَالَ: إِنِّي قَاتِلُكُمَا، فَقَالا: إِحْسَانًا مِنْكَ إِلَيْنَا إِنْ قَتَلتَنَا أَنْ تَجْعَلَنَا فِي بَيْتٍ، فَفَعَلَ". فَلَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةَّ، فَسَأَلَ جِبْرِيلَ فَأَخْبَرَهُ.
4031 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ:"عِظَمُ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ". [ت:2396].
4032 -
حَدَّثَنَا عَليّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ صَالِح، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيىَ بْنِ وَثَّابٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"المُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبر عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ المُؤْمِنِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ". [ت:2507].
4033 -
حَدَّثَنَا محَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يحدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ طَعْمَ الإِيمَانِ"، وَقَالَ بُنْدَارٌ: "حَلاوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كانَ يُحِبّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا لله، وَمَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا،
4033 -
قوله: "وَمَنْ كَانَ الله وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا": هنا سؤال: وهو أنه كيف قال "مما" ولم يقل "ممن"، وما لما لا يعقل، ومَن للعقلاء غالبًا؟
وَمَنْ كَانَ أَنْ يُلقَى فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجعَ فِي
(1)
الكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أنقَذَهُ اللهُ مِنْهُ". [خ: 16، م: 43، ت:2624، س:4987].
وجوابه: أنه عبّر بما دون مَن؛ لعموم ما، وما سواهما جميع المخلوقات؛ من مَلَك ونبي وغيرهما.
وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا بأس بمثل هذه التثنية، أعني قوله:"سواهما"، وأما قوله عليه السلام للذي خطب وقال: ومن يعصهما فقد غوى: "بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله"، رواه مسلم من حديث عدي بن حاتم
(2)
، فجوابه من وجوه أحسنها: إنه ليس من هذا النوع؛ لأن المراد في الخطب الإيضاح لا الرموز والإشارات.
وأما هنا فالمراد الإيجاز في اللفظ ليحفظ، ومما يدل على هذا حديث ابن مسعود مرفوعًا في خطبة الحاجة:"من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه" أخرجه أبو داود وغيره بإسناد جيد
(3)
، وحكم غيرُ واحد لإسناده بالصحة، مع أن فيه عمران بن داور بالراء في آخره، أخرج له البخاري متابعة.
(1)
في الهامش: (إلى)، وعليه (خ).
(2)
صحيح مسلم (870).
(3)
سنن أبي داود (1097).
4034 -
حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بْنُ الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ (ح) وحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الجَوْهَرِيُّ قالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالا: حَدَّثَنَا رَاشِدٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الحِمَّانِيُّ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلي صلى الله عليه وسلم أَنْ: "لا تُشْرِكْ بِالله شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ،
ثانيها: إنما أنكر الجمع تعظيمًا لله تعالى، وقد قال عليه السلام:"لا يقولن أحدكم: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ثمَّ ما شاء فلان"
(1)
؛ لما في "ثم" من التراخي بخلاف الواو التي تقتضي التسوية.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ} [الأحزاب: 56] فيه اشتراك الضمير أيضًا، لكن قدره آخرون بأن الله يصلي وملائكته يصلون.
ثالثها: أنه إنما أنكر عليه وقوفَهُ على "ومن يعصهما"، رأيته منقولًا وسمعته عن بعض مشايخي، وغالب ظني أنه عزاه لبعض القراء، ولكن قوله:"قل: ومن يعص الله ورسوله" يرد ذلك.
رابعها: أنه عليه السلام لَهُ أن يجمع بخلاف غيره.
خامسها: أن كلامه عليه السلام جملة واحدة، فيكره لغة إقامة المضمر مقام الظاهر، بخلاف كلام الخطيب فإنه جملتان.
وأجاب بعضهم بأن المتكلم لا يتوجه تحت خطاب نفسه إذا وجهه لغيره.
(1)
رواه أبو داود (4980)، وغيره.
وَلا تَتْرُكْ صَلَاةَّ مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا، فَمَنْ ترَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَلا تَشْرَبِ الخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ".
24 - بَاب شِدَّة الزَّمَانِ
4035 -
حَدَّثَنَا غِيَاثُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّحَبِيُّ قالَ: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ جَابِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ رَبِّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لم يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلا بَلاءٌ وَفِتْنَةٌ".
4036 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ ابْنُ قُدَامَةَ الجُمَحِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي الفُرَاتِ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَواتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمنُ فِيهَا الخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ"، قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: " الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ العَامَّةِ".
24 -
بَاب شِدَّة الزَّمَانِ
4036 -
قوله: "سَنَواتٌ خَدَّاعَاتُ": بفتح الخاء المعجمة وتشديد الدال؛ أي تكثر فيها الأمطار ويقلُّ الربيع، فذلك خداعها؛ لأنها تُطمعهم في الخصب بالمطر ثم تخلف، وقيل: الخداعة القليلة المطر؛ من خدع الريق إذا جفَّ.
قوله: "وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ، قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ العَامَّةِ": هكذا فسَّره الشارع في هذا الحديث.
4037 -
حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الأَسْلَمِيِّ
(1)
، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى القَبْرِ فَيَتَمَرَّغَ عَلَيْهِ، وَيَقُولَ: يَا لَيْتَنِي كنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا القَبْرِ، وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ إِلا البَلاءُ". [خ:7115، م:157].
و"الرويبضة" تصغير رابضة؛ وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور وقعد عن طلبها، وزيادة التاء للمبالغة.
و"التافه": الحقير الخسيس.
4037 -
قوله: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَذْهَبُ الدُّنْيَا" الحديث: كذا في أصلنا: "عن إسماعيل الأسلمي"، وهذا وهم فيه ابن ماجه، كذا خرج وهمه الذهبي في الميزان
(2)
.
وإنما هو أبو إسماعيل كثير، والله أعلم.
(1)
في الأصل ونسخة ابن قدامة: (عن إسماعيل الأسلمي)، وفي الهامش ما نصُّه: صوابه: (عن أبي اسماعيل الأسلمي)، وهم في ذلك ابن ماجه، صرح بوهمه فيه الذهبي في ميزانه في ترجمة إسماعيل الأسلمي.
(2)
ميزان الاعتدال 1/ 418.
4038 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا طَلحَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، يَعْنِي مَوْلَى مُسَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "
(1)
لَتُنْتَقَوُنَّ كما يُنْتَقَى التَّمْرُ مِنْ أَغْفَالِهِ، فَليَذْهَبَنَّ خِيَارُكُمْ، وَلَيَبْقَيَنَّ شِرَارُكُمْ، فَمُوتُوا إِنِ اسْتَطَعْتُمْ".
4039 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الجنَدِيُّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا يَزْدَادُ الأَمْرُ إِلا شِدَّةً، وَلا الدُّنْيَا إِلا إِدْبَارًا،
4038 -
قوله: "كَما يُنْتَقَى التَّمْرُ مِنْ أَغْفَالِهِ": كذا في أصلنا، والظاهر، والله أعلم، أنه جمع غُفل، بضم العين المعجمة وإسكان الفاء وفي آخره لام؛ أي لا عَلَم بها ولا أثر عمارة، يعني مواتًا، فإذا وجد الشخص نخلة في موات بادر إلى أخذها.
وفي هذا الحديث إشارة إلى أنهم يكونون قليلين؛ لأن النخل بهذه المثابة، أعني في موات من الأرض، قليل، والله أعلم.
قلتُ ذلك وما رأيته منقولًا، فإن كان صوابًا فمن الله ورسوله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان.
(1)
في الهامش: (والذي نفسي بيده)، وعليه (خ).
وَلا النَّاسُ إِلا شُحًّا، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، وَلا المَهْدِيُّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ".
4039 -
حديث أَنَس مرفوعًا: "لا يَزْدَادُ الأَمْرُ إِلا شِدَّةً، وَلا الدُّنْيَا إِلا إِدْبَارًا، وَلا النَّاسُ إِلا شُحًّا، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، وَلا المَهْدِيُّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ": رواه ابن ماجه عن يونس بن عبد الأعلى، عن الشافعي أبي عبد الله محمد بن إدريس العَلَم ناصر السنَّة.
وقد وثَّق يونسَ أبو حاتم وغيرُه، ونعتوه بالحفظ والعقل إلا أنه تفرد عن الشافعي بهذا الحديث.
قال الذهبي: وهو مُنكر جدًا
(1)
.
وقال الحافظ أبو العباس ابن تيمية ما لفظه: روى حديث: "لا مهدي إلا عيسى" ابنُ ماجه عن يونس، عن الشافعي، عن شيغ كجهول من أهل اليمن، لا تقوم بإسناده حجة، وليس هذا الحديث في مسند الشافعي، بل مداره على يونس.
قال ابن تيمية: وروي عنه أنه قال: حدثتُ عن الشافعي.
وفي الخلعيات وغيرها: حدثنا يونس عن الشافعي، لم يقل: حدثنا الشافعي، ثم قال عن حديث محمد بن خالد الجندي: وهذا تدليس يدل على توهينه.
(1)
ميزان الاعتدال 7/ 317.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ومن الناس من يقول: إن الشافعي لم يروه
(1)
، انتهى كلامه في الرد على ابن مطهر الرافضي.
وقد روى عن محمد بن خالد الجَندي الصنعاني المؤذن: الشافعيُّ، ومنصورُ بن محمد البلخي، ويحيى بن السكن، وعبد الحميد بن عمر.
قال محمد بن الحسين الآبري: أخبرني محمد بن عبد الرحمن الهمذاني ببغداد، حدثنا محمد بن مخلد العطار، حدثنا أحمد بن محمد بن المؤمل قال: قال لي يونس بن عبد الأعلى: جاءني رجل سنة ثلاث عشرة ومائتين يسألني عن هذا الحديث، فقال لي: مَن محمد بن خالد الجنَدي؟ قلت: لا أدري.
قال: هذا مؤذن الجَنَد، وهو ثقة، فقلت له: أنت يحيى بن معين؟ قال: نعم، فقلت له: حديث ابن وهب، فقال: ثقة، وكان فيه تساهل.
فقال الآبري: محمد بن خالد الجندي، وإن كان يذكر عن يحيى بن معين مما ذكرته، فإنه غير معروف.
قال أبو عبد الله الحاكم: رجل مجهول، واختلفوا عليه في إسناده؛ قال صامت بن معاذ: حدثنا يحيى بن السكن، حدثنا محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح عن، الحسن، عن أنس، مثله.
(1)
منهاج السنة النبوية 4/ 102.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال صامت بن معاذ: فعدلت إلى الجنَد مسيرة يومين من صنعاء، فدخلت على محدث لهم، فوجدت الحديث عنده عن محمد بن خالد، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
رواه مفضل بن محمد الجندي، عن الصامت.
قال البيهقي: رجع الحديث إلى محمد بن خالد الجندي مجهول، عن أبان بن أبي عياش وهو متروك، عن الحسن، مرسلًا.
والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح، وأنه من عتره النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى أحمد بن محمد بن رشدين، حدثفي علي بن عبد الله الواسطي قال: رأيت الشافعي في المنام، فسمعتُه يقول: كذب علي يونس في حديث الجندي، ما هذا من حديثي، ولا حدثت به.
قال الذهبي: عندي مسند يونس بن عبد الأعلى، من رواية أبي الطاهر المديني عنه، وفيه هذا الحديث: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: حدثت عن الشافعي، فذكر الحديث، انتهى.
أعني كما أشار إليه ابن تيمية، ثم ساقه الذهبي من الخلعيات، وفيه يونس عن الشافعي بالعنعنة، كما ذكر ابن تيمية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال الذهبي: وقد رواه شيخنا أبو الحجاج، يعني المزي، بإسناده من طريق ابن زياد النيسابوري، ومن طريق: ابن منده، عن الحسن بن يوسف الطرائفي وأبي الطاهر بن عمرو، قالوا ثلاثتهم: حدثنا يونس، حدثنا الشافعي، فذكره.
قال ابن زياد: هذا حديث غريب.
وقد ذكر محمد بن خالد الجندي الذهبي وذكر فيه كلامًا تقدَّم جلّه، ومنه أن الصحيح أن يونس لم يسمعه من الشافعي، وأن أبان بن صالح [صدوق] قيل: إنه لم يسمع من [الحسن]، ومنه أن ابن الصلاح ذكره الحديث في أماليه ثم قال: محمد بن خالد شيخ مجهول.
وفي آخر ترجمة محمد بن خالد المذكور في الميزان حكاية صامت ابن معاذ التي تقدّمت، وفي آخرها قلت: فانكشف الحديث وَوَهيَ
(1)
.
وقد ذكر حديث: "لا مهدي إلا عيسى" القرطبيُّ مع الكلام عليه في تذكرته؛ أواخرها، وقال في آخر الكلام: ويحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم: "لا مهدي إلا عيسى" أي لا مهدي كاملًا معصومًا إلا عيسى.
وعلى هذا تجتمع الأحاديث ويرتفع التعارض
(2)
، انتهى.
(1)
ميزان الاعتدال 6/ 133.
(2)
التذكرة ص 1206.
25 - بَاب أَشْرَاط السَّاعَةِ
4040 -
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ"، وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ. [خ:6505].
4041 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ فُرَاتٍ القَزَّازِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ قَالَ: اطَّلَعَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غُرْفَةٍ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ السَّاعَةَ، فَقَالَ:"لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ: الدَّجَّاُل، وَالدُّخَانُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا". [ر:4055، م:2901، د:4311، ت:2183].
4042 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ العَلَاءِ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ الله، حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيُّ،
25 -
بَاب أَشْرَاط السَّاعَةِ
4040 -
قوله: "حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ": هو بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين، واسمه عثمان بن عاصم الأسدي، ثقة ثبت صاحب سُنَّة.
قوله: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ": يجوز نصبها ورفعها.
4041 -
قوله: "عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ": هو بفتح الهمزة وكسر السين.
4042 -
قوله: "حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ الله": هو بضم الموحدة وإسكان
حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهُوَ فِي خِبَاءٍ مِنْ أَدَمٍ، فَجَلَسْتُ بِفِنَاءِ الخِبَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ادْخُل يَا عَوْفُ"، فَقُلتُ: بِكُلِّي يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "بِكُلِّكَ"، ثُمَّ قَالَ: "يَا عَوْفُ احْفَظْ
(1)
خِلالًا سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ إِحْدَاهُنَّ مَوْتِي"، قَالَ: فَوَجَمْتُ عِنْدَهَا وَجْمَةً شَدِيدَةً، فَقَالَ: "قُل: إِحْدَى، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ دَاءٌ يَظْهَرُ فِيكُمْ يَسْتَشْهِدُ اللهُ بِهِ ذَرَارِيَّكُمْ وَأَنْفُسَكُمْ، وَيُزَكي بِهِ أَمْوَالَكُمْ، ثُمَّ تَكُونُ الأَمْوَالُ فِيكُمْ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلَّ سَاخِطًا، وَفِتْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ لا يَبْقَى بَيْتُ مُسْلِمٍ إِلا دَخَلَتْهُ،
السين المهملة.
قوله: "فَوَجَمْتُ عِنْدَهَا وَجْمَةً شَدِيدةً": الواجم الساكت من الهمِّ الذي عَلَته الكآبَةُ، وقد وجِم يَجِم وجومًا، وقيل: الوجوم الحزن.
قوله: "ثُمَّ تَكُونُ بَيْنكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ هُدْنَةٌ": الأصفر هو ابن الروم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم.
قال القاضي عياض: وهو أشبه من قول الأنباري، يعني أنهم سموا بذلك، لأن جيشًا من الحبشة غلب على ناحيتهم في وقت، فوطئ نساءهم فولدن أولادًا صفرًا من سواد الحبشة وبياض الروم
(2)
، انتهى.
(1)
في الهامش: صوابه: (اعْدُد).
(2)
إكمال المعلم 6/ 122 - 123.
ثُمَّ تَكُونُ بَيْنكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ هُدْنَةٌ فَيَغْدِرُونَ بِكُمْ، فَيَسِيرُونَ إِلَيْكُمْ فِي ثَمانِينَ غَايةٍ، تَحْتَ كُلِّ غَايةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلفًا". [ر:4095، خ:3176، د:5000].
4043 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو مَوْلَى المُطَّلِبِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنصَارِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتُلُوا إِمَامَكُمْ، وَتَجْتَلِدُوا بِأَسْيَافِكُمْ، وَيَرِثُ دُنْيَاكُمْ شِرَارُكُمْ".
4044 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُليَّةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: "مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلكِنْ سَأُخْبِرُكَ
(1)
عَنْ أَشْرَاطِهَا؛ إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، فَذَاكَ مِنْ
قوله: "فِي ثَمانِينَ غَايةٍ": قال ابن الأثير: ومَن رواه بالباء الموحدة أراد به الأجمَة فشبّه كثرة رماحِ العسكر بها
(2)
.
4043 -
قوله: "وَتَجْتَلِدُوا بِأَسْيَافِكُمْ": أي تضاربوا بها.
4044 -
قوله: "إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّتَهَا": فيه أقوال؛ أكثرها أنه إخبار عن كثرة السراري وأولادهن، فإن ولدها مِن سيدها بمنزلة سيدها؛ لأن مَال
(1)
في الهامش: (سأحدثك)، وعليه (خ).
(2)
النهاية 3/ 404.
أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا كَانَتِ الحُفَاةُ
(1)
العُرَاةُ رُؤُوسَ النَّاسِ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الغَنَمِ فِي البُنْيَانِ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، فِي خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلا الله"، فَتَلَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} [لقمان: 34] الآيةَ. [ر:64، خ:50، م:9، س:4991].
الإنسان صائر إلى ولده غالبًا، وقد يتصرف فيه في الحال تصرف المالكين؛ إما بتصريح أبيه له بالإذن، أو بقرينة الحال، أو عُرف الاستعمال.
وعبَّر بعضهم عنه بأن المراد استيلاء المسلمين على الكفرة، فتكون الأمة من سيدها بمنزلة سيدها، والعلامة على هذا كثرة الفتوح والتسري.
وقيل: معناه أن الإماء يلدن اللوك، فتكون أُمُّه من جملة رعيته، وهو سيدها وسيد غيرها من رعيته، ووليّ أمورهم.
وقيل: معناه أن تفسد أحوال الناس فيكثر بيع أمهات الأولاد فى آخر الزمان، فيكثر تردادها في أيدي المشترين حتى يشتريها ابنُها ولا يدري.
وعلى هذا القول لا يختص بأمهات الأولاد بل يتصور في غيرهن، فان الأمة تلد ولدًا حرًا بوطئ غير سيدها بشبهة أو ولدًا رفيقًا بنكاح أو زنا، ثم تباع الأمة في الصورتين بيعًا صحيحًا، وتدور في الأيدي حتى يشتريها ابنها وبنتها.
وعلى هذا يكون من الأشراط غلبة الجهل بتحريم بيع أمهات الأولاد.
(1)
في الأصل: (الحفاة الجفاة)، وضرب على (الجفاة).
4045 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يحدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَلا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لا يحدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ بَعْدِي سَمِعْتُهُ مِنْهُ: "إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ العِلمُ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيَفْشُوَ الزِّنا، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَذْهَبَ الرِّجَالُ وَيَبْقَى النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لخِمْسِينَ امْرَأةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ". [خ:80، م:2671، ت:2205].
وقيل: أن أمَّ الولد لما عتقت بولدها، وكأنه سيدها.
وقيل: أن يكثر العقوق في الأولاد؛ فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة.
وقيل غيرُ ذلك مما فيه ضَعْف، والله أعلم.
4045 -
قوله: "حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ": قال ابن الأثير: قيم المرأة زوجها؛ لأنه يقوم بأمرها وما تحتاج إليه
(1)
، انتهى.
ويحتمل، والله أعلم، أنه يكون لهن قيم واحد أي شخص واحد يقوم بأمورهن وتدبيرهن في جميع أحوالهن، لا أنه يتزوج بخمسين امرأة، فإن كان ما قاله ابن الأثير صحيحًا، فلعله يكون هذا حين لا يُقال في الأرض: الله الله، والله أعلم.
(1)
النهاية 4/ 135.
4046 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسُرَ الفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَيَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ تِسْعَةٌ". [خ:7119، م:2894، د: 4313، ت:2569].
4047 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ العُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ العَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَفِيضَ المَالُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ"، قَالُوا: وَمَا الهَرْجُ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "القَتْلُ، القَتْلُ، القَتْلُ" ثَلاثًا. [رَ:4052، خ:85، م:157].
26 - بَاب ذَهَاب القُرْآنِ وَالعِلمِ
4048 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا، فَقَالَ:"ذَاكَ عِنْدَ أَوَانِ ذَهَابِ العِلمِ"، قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، وَكَيْفَ يَذْهَبُ العِلمُ، وَنَحْنُ نَقْرَأُ القُرْآنَ، وَنُقْرئُهُ أَبْنَاءَنَا، وَيُقْرئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ؟ قَالَ: "ثَكلَتْكَ أُمُّكَ زِيَادُ،
ثم رأيت القرطبي في تذكرته ذكر القولين؛ الذي ذكرته تفقهًا، والقول الآخر بمعناهما، ثم قال: والأول أشبه
(1)
، يعني القول بأنه يقوم بأمورهن وحوائجهن، لا أنه يتزوج بهن، والله أعلم.
(1)
التذكرة ص 1240.
إِنْ كنْتُ لأَرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالمَدِينَةِ، أَوَلَيْسَ هَذِهِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَؤُونَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ، لا يَعْمَلُونَ بِشَيْءٍ مِمَّا فِيهِمَا؟ ".
4049 -
حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَدْرُسُ الإِسْلامُ كَما يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ، حَتَّى لا يُدْرَى مَا صِيَامٌ، وَلا صَلاةٌ، وَلا نُسُكٌ، وَلا صَدَقَةٌ، وَليسْرَى
(1)
عَلَى كِتَابِ الله فِي لَيْلَةٍ فَلا يَبْقَى فِي الأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ، وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيْخُ الكَبِيرُ وَالعَجُوزُ، يَقُولُونَ: أَدْرَكنَا آباءَنَا عَلَى هَذِهِ الكَلِمَةِ، لا إِلَهَ إِلا الله، فَنَحْنُ نَقُولهُا".
26 -
بَاب ذَهَاب القُرْآنِ وَالعِلمِ
4048 -
قوله: "إِنْ كُنْتُ لأَرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالمَدِينَةِ": أراك هو بضم الهمزة، أي لأظنك.
4049 -
قوله: "وَلَيُسْرًا عَلَى كِتَابِ الله": في أصلنا منون، ولعله خطأ، ويحتمل أنه أراد بالتنوين أن يشير إلى أنه يقرأ بنون التوكيد الخفيفة، والنون المذكورة إنما تكتب بالألف، لكن لو كان كذلك ما كان ينبغي أن يجعل عليها نصبتين، بل كان يكتبها بالألف وينبه عليها في الهامش أنها بنون خفيفة، والله أعلم.
(1)
في الأصل: (ليسرًا) بالتنوين، وفي الهامش ما نصُّه: لعل صوابه (ولَيُسْرَا) من غير تنوين، ويحتملان
يكون مؤكدًا بالنون الخفيفة، ولكن لا ينبغي له أن يصنع فيها ما صنع.
فَقَالَ لَهُ صِلَةُ: مَا تُغْنِي عَنْهُمْ: لا إِلَهَ إِلا الله، وَهُمْ لا يَدْرُونَ مَا صَلاةٌ، وَلا صِيَامٌ، وَلا نُسُكٌ، وَلا صَدَقَةٌ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: يَا صِلَةُ، تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ ثَلاثًا.
4050 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي وَوَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامٌ يُرْفَعُ فِيهَا العِلمُ، وَيَنْزِلُ فِيهَا الجَهْلُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الهَرْجُ"، وَالهَرْجُ: القَتْلُ. [خ:7063، م:2672].
4051 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ وَعَليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مُوسى قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أيَّامًا يَنْزُل فِيهَا الجَهْلُ، وَيُرْفَعُ فِيهَا العِلمُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الهَرْجُ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا الهَرْجُ؟ قَالَ:"القَتْلُ". [خ:7063، م:2672، ت:2200].
4052 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ قَالَ:"يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ العِلمُ، وَيُلقَى الشُّحُّ، وَتَظْهَرُ الفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الهَرْجُ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا الهَرْجُ؟ قَالَ:"القَتْلُ". [رَ:4047، خ:85، م:157].
27 - بَاب ذَهَاب الأَمَانَةِ
4053 -
حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زيدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَدِيثَيْنِ، قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا، وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ؛ حَدَّثَنَا:"أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ"، قَالَ الطَّنَافِسِيُّ: يَعْنِي وَسْطَ قُلُوبِ الرِّجَالِ، وَنَزَلَ القُرْآنُ فَعَلِمْنَا مِنَ القُرْآنِ، وَعَلِمْنَا مِنَ السُّنَّةِ، ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهِمَا، فَقَالَ: "يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُرْفَعُ
(1)
الأَمَانَةُ مِنْ قَلبِهِ فَيَظَلُّ أثرُهَا كأَثَرِ الوَكتِ، ويَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُنْزَعُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلبِهِ فَيَظَلُّ أثَرُهَا كأَثَرِ المَجْلِ،
27 -
بَاب ذَهَاب الأَمَانَةِ
4053 -
قوله: "فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ": الجذر بالجيم المفتوحة وبالذال المعجمة الساكنة الأصل، وقد فسَّره بعضُ الرواة في الأصل بأنه يَعْنِي وَسْطَ قُلُوبِ الرِّجَالِ.
قوله: "كَأثرِ الوَكْتِ": الوكت جمع وَكْتة، وهما بفتح الواو وإسكان الكاف ثم مثناة فوق؛ وهي الأثر في الشيء كالنقطة من غير لونِه.
قوله: "فَيَظَلُّ أثَرُهَا كَأثَرِ المَجْلِ": المجل بفتح الميم وإسكان الجيم ثم لام، يقال: مَجَلَتْ يدُه تمجُل مَجْلًا، ومَجِلَتْ تمجَلُ مَجَلًا؛ إذا ثخن جلدُها وتعجّر، وظهر فيها ما يشبه البَثر من العمل بالأشياء الصلبة الخَشِنة.
(1)
في الأصل: (فتنزع)، وفي الهامش:(فترفع)، وعليه (خ السماع).
كَجَمْرٍ دَحْرَجْته عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ"، ثُمَّ أَخَذَ حُذَيْفَةُ كَفًّا مِنْ حَصًى فَدَحْرَجَهُ عَلَى سَاقِهِ، قَالَ: "فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، وَلا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَأَجْلَدَهُ وَأَظْرَفَهُ، وَمَا فِي قَلبِهِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ مِنْ إِيَمانٍ"، وَلَقَدْ أَتَى عَليَّ زَمَانٌ وَلَسْتُ أُبالِي أيَّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عَليَّ إِسْلامُهُ، وَلَئِنْ كَانَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا لَيَرُدَّنهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا اليَوْمَ فَمَا كُنْتُ لأُبايعَ إِلا فُلانًا وَفُلانًا. [خ:6497، م:143، ت:2179].
4054 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُصَفَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ أَبِي شَجَرَةَ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللهَ عز وجل إِذَا أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ عَبْدًا نَزَعَ مِنْهُ الحَيَاءَ، فَإِذَا نَزَعَ مِنْهُ الحَيَاءَ
قوله: "فَتَرَاهُ منْتَبِرًا": أي مرتفعًا.
قوله: "حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَأَجْلَدَهُ": أي أقواه.
قوله: "لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ": يعني رئيسهم الذي يصدرون عن رأيه، ولا يمضون أمرًا دونه.
وقيل: أراد الوالي الذي عليه؛ أي يُنصفني منه، وكل مَن ولي أمر قوم فهو ساعٍ عليهم.
لَمْ تُلْفِه إِلا مَقِيتًا مُمَقَّتًا، فَإِذَا لَمْ تُلْفِه إِلا مَقِيتًا مُمَقَّتًا نُزِعَتْ مِنْهُ الأَمَانَةُ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الأَمَانَةُ لَمْ تُلْفِه إِلا خَائِنًا مُخَوَّنًا، فَإِذَا لَمْ تُلْفِه إِلا خَائِنًا مُخَوَّنًا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ لَمْ تُلْفِه إِلا رَجِيمًا مُلَعَّنًا، فَإِذَا لَمْ تُلْفِه
(1)
إِلا رَجِيمًا مُلَعَّنًا نُزِعَتْ مِنْهُ رِبْقَةُ الإِسْلامِ".
28 - بَاب الآيَات
4055 -
حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ فُرَاتٍ القَزَّازِ،
4054 -
قوله: "لَمْ تُلْفِه إِلا مَقِيتًا": لم تلفه؛ أي لم تجده، ومقيتًا على فَعِيْلٍ بمعنى مفعولٍ، والمَقْتُ البُغْض، ويقال: أشده.
قوله: "لَمْ تُلْفِه إِلا رَجِيمًا": رجيم بالجيم، وهذا ظاهر، إلا أنه ربما اشتبه على مُغَفّلٍ.
قوله: "نُزِعَتْ مِنْهُ رِبْقَةُ الإِسْلامِ": الربقة بكسر الراء ثم موحدة ساكنة ثم قاف مفتوحة ثم تاء التأنيث؛ والربقة في الأصل: عروة في حبل تجعل في عُنق البهيمةِ أو يدها تمسكها، فاستعارها للإسلام؛ يعني ما يشد المسلم به نفسه من عرى الإسلام؛ أي حدوده وأحكامه وأوامره ونواهيه.
وتجمع الربقة على رِبَق ورباق وأرباق.
(1)
في الهامش: في (خ)، أي نسخة:(تلقه) في المواضع كلها.
عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَبِي الطُّفَيْلِ الكِنَانِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ أَبِي سَرِيحَةَ قَالَ: اطَّلَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ غُرْفَةٍ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ السَّاعَةَ، فَقَالَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ، وَالدُّخَانُ، وَالدَّابَّةُ،
28 -
بَاب الآيَات
4055 -
قوله: "عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ أَبِي سَرِيحَةَ": تقدَّم قبله أن أسيدًا بفتح الهمؤة وكسر السين المهملة، وتقدَّم قبل ذلك ضبط أبي سريحة فراجعه.
قوله: "وَالدَّابَّةُ": الدابة: قيل: إنها دابة طولها ستون ذراعًا ذات قوائم ووبر.
وقيل: هي مختلفة الخلقة تشبه عدة من الحيوانات، ينصدع جبل الصفا فتخرج منه ليلة جمْع والناس سائرون إلى منى.
وقبل: من أرض الطائف.
ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما السلام، لا يدركها طالب ولا يعجزها هارب، تضرب المؤمن بالعصا وتكتب في وجهه مؤمن، وتطبع الكافر بالخاتم وتكتب في وجهه كافر.
وستأتي بترجمة مفردة، وذكر فيها حديثًا مرفوعًا أن:"مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَعَصَا مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عليهما السلام، فتجْلُو وَجْهَ المُؤْمِنِ بِالعَصَا، وَتَخْطِمُ أَنْفَ الكَافِرِ بِالخَاتمِ".
وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَخُرُوجُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَثَلاثُ خُسُوفٍ؛ خَسْفٌ بِالمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ العَرَبِ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنِ أَبْيَنَ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى المَحْشَرِ، تَبِيتُ مَعَهُمْ إِذَا بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ إِذَا قَالُوا". [رَ: 4041، م: 2901، د: 4311، ت: 2183].
4056 -
حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ وَابْنُ لِهيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدُّخَانَ، وَدَابَّةَ الأَرْضِ، وَالدَّجَّالَ، وَخُوَيْصَّةَ أَحَدِكُمْ، وَأَمْرَ العَامَّةِ".
وجاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن الدابة هي الجساسة، يعني التي تحسس الأخبار للدجال.
قوله: "مِنْ قَعْرِ عَدَنِ أَبْيَنَ": عدن بفتح العين والدال المهملتين؛ مدينة معروفة باليمن، يقال لها: عدن أبين، منسوبة إلى أبين بفتح الهمزة ثم موحدة ساكنة ثم مثناة تحت مفتوحة ثم نون، وهو أبين بن زُهير بن أعين بن الهَميع بن حِمْير بن سبأ.
وقال بعضهم: إنما سُميت بذلك؛ لأن تبعًا كان يحبس بها أصحاب الجرائم.
وعدن بالمدائن إذا أقام به، وقد تقدَّمت.
4057 -
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَليٍّ الخَلَّالُ قالَ: حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ المُثَنَّى بْنِ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الآيَاتُ بَعْدَ المِئَتَيْنِ".
4058 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عِليٍّ الجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مَعْقِلٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أُمَّتِي عَلَى خَمْسِ طَبَقَاتٍ: فَأَرْبَعُونَ سَنَةٍ أَهْلُ بِرٍّ وَتَقْوَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ إِلَى عِشْرِينَ وَمِئَةِ سَنَةٍ أَهْلُ تَرَاحُمٍ وَتَوَاصُلٍ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ إِلَى سِتِّينَ وَمِئَةٍ أَهْلُ تَدَابُرٍ وَتَقَاطُعٍ، ثُمَّ الهَرْجُ الهَرْجُ، النَّجَا النَّجَا".
4058 م- حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عِليٍّ، حَدَّثَنَا خَازِمٌ أَبُو مُحَمَّدٍ العَنَزِيُّ، حَدَّثَنَا المِسْوَرُ بْنُ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي مَعْنٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أُمَّتِي عَلَى خَمْسِ طَبَقَاتٍ، كُلُّ طَبَقَةٍ أَرْبَعُونَ عَامًا، فَأَمَّا طَبَقَتِي وَطَبَقَةُ أَصْحَابِي فَأَهْلُ عِلمٍ وَإِيمَانٍ، وَأَمَّا الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مَا بَيْنَ الأَرْبَعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ فَأَهْلُ بِرٍّ وَتَقْوَى"، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ.
4058 م - قوله: "حَدَّثَنَا حَازِمٌ أَبُو مُحَمَّدٍ العَنَزِيُّ": حازم بالحاء المهملة، كذا هو في أصلنا، وتحت الحاء علامة إهمال، وإنما هو "خازم" بالخاء المعجمة، كذا ضبطه الأمير
(1)
وغيره.
(1)
الإكمال 2/ 284.
29 - بَاب الخُسُوف
4059 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَليٍّ الجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ سَلمَانُ
(1)
، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ عَبْدِ الله، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ".
4060 -
حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ".
4061 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنَّ فُلانًا يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، قَالَ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ
وقال الذهبي في المشتبه: وأبو محمد خازم بن مروان، عن عطاء بن السائب، وفيه خلاف؛ فإن ابن الفلكي قيَّده بحاء، يعني مهملة
(2)
، انتهى.
وهو واهٍ، خرّج له ابن ماجه حديث:"أُمَّتِي عَلَى خَمْسِ طَبَقَاتٍ".
قال أبو حاتم: الحديث الذي رواه باطل
(3)
.
انفرد بالإخراج له ابن ماجه.
(1)
في الهامش: (سليمان)، وعليه (خ).
(2)
المشتبه، ص 201.
(3)
ميزان الاعتدال 2/ 405.
أَحْدَثَ فَلَا تُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"يَكُونُ فِي أُمَّتِي أَوْ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ فِي أَهْلِ القَدَرِ". [د:4613، ت: 2152].
4062 -
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ".
30 - بَاب جَيْش البَيْدَاءِ
4063 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ صَفْوَانَ، سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ الله بْنَ صَفْوَانَ يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَيؤُمَّنَّ هَذَا البَيْتَ جَيْشٌ يَغْزُونَهُ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ خُسِفَ بِأَوْسَطِهِمْ، وَيَتَنَادَى أَوَّلهُمْ آخِرَهُمْ فَيُخْسَفُ بِهِمْ، فَلا يَبْقَى مِنْهُمْ إِلا الشَّرِيدُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ"، فَلَمَّا جَاءَ جَيْشُ الحَجَّاجِ ظَنَنَّا أَنَّهُمْ هُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَشْهَدُ عَلَيْكَ أَنَّكَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى حَفْصَةَ، وَأَنَّ حَفْصَةَ لم تَكْذِبْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [م:2883، س:2879].
4064 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ المُرْهِبِيِّ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صَفْوَانَ،
30 -
بَاب جَيْش البَيْدَاءِ
4064 -
قوله: "عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ المُرْهِبِيِّ": أبو إدريس اسمه سَوَّار، وقيل: مساور، ذكره ابنُ حبان في الثقات.
عَنْ صَفِيَّةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَنْتَهِي النَّاسُ عَنْ غَزْوِ هَذَا البَيْتِ حَتَّى يَغْزُوَ جَيْشٌ حَتَّى إِذَا كانُوا بِالبَيْدَاءِ، أَوْ بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ، خُسِفَ بِأَوَّلهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَلَمْ يَنْجُ أَوْسَطُهُمْ". قُلتُ: فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُكْرَهُ؟ قَالَ: "يَبْعَثُهُمُ اللهُ عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمْ". [ت: 2184].
4065 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَنَصْرُ بْنُ عِليٍّ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ الله الحَمَّالُ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، سَمِعَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ، يُخْبِرُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الجَيْشَ الَّذِي يُخْسَفُ بِهِمْ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ الله، لَعَلَّ فِيهِمُ المُكْرَهَ؟ قَالَ:"إِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ". [ت: 2171].
31 - بَاب دَابَّة الأَرْضِ
4066 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَليِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "تَخْرُجُ الدَّابَّةُ وَمَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ وَعَصَا مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ،
و"المُرْهِبِيِّ": بضم الميم وإسكان الراء ثم هاء مكسورة ثم موحدة ثم ياء النسبة، هذه نسبة إلى مرهبة بطن من هَمْدان، وهو مرهبة بن دعام بن مالك بن معاوية بن سعد بن دومان بن بكيل بن جشم بن خَيْوان بن نوف بن همْدان.
31 -
بَاب دَابَّة الأَرْضِ
4066 -
قوله: "تَخْرُجُ الدَّابَّةُ": تقدّم قبيله الكلام عليه فراجعه.
فَتَجْلُو وَجْهَ المُؤْمِنِ بِالعَصَا، وَتَخْطِمُ أَنْفَ الكَافِرِ بِالخَاتَمِ، حَتَّى أَنَّ أَهْلَ الحِوَاءِ
(1)
لَيَجْتَمِعُونَ، فَيَقُوُل هَذَا: يَا مُؤْمِنُ، وَيَقُوُل هَذَا: يَا كَافِرُ، وَيَقُوُل هَذَا: يَا مُؤْمِنُ، وَيَقُوُل هَذَا: يَا كَافِرُ". [ت: 3187].
قَالَ أَبُو الحَسَنِ القَطَّانُ: حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَقَالَ فِيهِ مَرَّةً، "فَيَقُوُل هَذَا: يَا مُؤْمِنُ، وَهَذَا: يَا كَافِرُ".
قوله: "حَتَّى أَنَّ أَهْلَ الحِوَاءِ": هو بكسر الحاء المهملة وفي آخره همزة ممدودة؛ والحواء بيوت مجتمعة من الناس على ماء، والجمع أحوية.
كذا في أصلنا بابن ماجه في الهامش، وعليه "صح صح" مرتين، وعليه "ح".
وفي الأصل: "الخوار" وعليه ضبة.
وأما الترمذي فإنه أخرجه في التفسير وفيه: "الخوان" بالخاء المعجمة وفي آخره نون، والخوان معروف، وكذا ذكره ابنُ الأثير في نهايته
(2)
، وكذا في الغريبين للهروي، والله أعلم.
(1)
في الأصل: (الخوار) وصحَّحه في الهامش: (الحواء)، وعليه (صح خ صح). وفيه أيضًا: كذا في الترمذي، وكذا ذكره ابن الأثير، ومن قبله الهروي.
(2)
النهاية 2/ 90.
4067 -
حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ قالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ذَهَبَ بِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى مَوْضِعٍ بِالبَادِيَةِ قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ، فَإِذَا أَرْضٌ يَابِسَةٌ حَوْلَها رَمْلٌ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنْ هَذَا المَوْضِعِ"، فَإِذَا فِتْرٌ فِي شِبْرٍ.
قَالَ ابْنُ بُرَيْدَةَ: فَحَجَجْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِسِنِينَ فَأَرَانَا عَصًا لَهُ فَإِذَا هُوَ بِعَصَايَ، هَذِهِ كَذَا وَكَذَا.
32 - بَاب طُلُوع الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا
4068 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
4067 -
قوله: "حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ": هو بضم الزاي وفتح النون ثم مثناة تحت ساكنة ثم جيم، وهو لَقَبُ هذا الحافظ.
ويشتبه به: "رُبَيْح" بضم الراء ثم موحدة مفتوحة ثم مثناة تحت ساكنة ثم حاء مهملة؛ ابن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، وغيره.
ولهم: "زَبَنَّج" بفتح الزاي ثم موحدة ثم نون مشددة مفتوحات ثم جيم، راوية ابن هَرْمة، روى عنه أيوب بن عمر، ذكره الأمير
(1)
.
قوله: "حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ": هو بضم المثناة فوق، واسمه يحيى بن واضح.
(1)
الإكمال 4/ 188.
"لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَلِكَ حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا
(1)
". [خ:4635، م:157، د: 4312، ت:3072].
4069 -
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ الآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى". قَالَ عَبْدُ الله: فَأَيَّتُهُمَا مَا خَرَجَتْ قَبْلَ الأُخْرَى فَالأُخْرَى مِنْهَا قَرِيبٌ.
قَالَ عَبْدُ الله: وَلا أَظُنُّهَا إِلا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. [م: 2941].
4070 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرًّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ قِتَلِ مَغْرِبِ الشَّمْسِ بَابًا مَفْتُوحًا عَرْضُهُ سَبْعُونَ سَنَةً، فَلا يَزَالُ ذَلِكَ البَابُ مَفْتُوحًا لِلتَّوْبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ، فَإِذَا طَلَعَتْ مِنْ نَحْوِهِ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسًا إِيَمانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا". [ت: 3535].
33 - بَاب فِتْنَة الدَّجَالِ، وَخُرُوج عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام، وَخُرُوج يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ
4071 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا: حَدَّثَنَا
(1)
في المطبوع زيادة: لم تكن آمنت من قبل.
أَبَو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الدَّجَّالُ أَعْوَرُ عَيْن اليُسْرَى، جُفَالُ الشَّعَرِ، مَعَهُ جَنَّة وَنَارٌ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ، وَجَنَّتُهُ نَارٌ". [م: 2934].
4072 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عِليٍّ الجَهْضَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى قَالُوا: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ،
33 -
بَاب فِتْنَه الدَّجَالِ، وَخُرُوج عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام، وَخُرُوج يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ
4071 -
قوله: "أَعْوَرُ عَيْن اليُسْرَى": كذا هنا، وكذا هو في صحيح مسلم.
ويكثر سؤال الناس عن الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم هذا، وبين قوله عليه السلام:"أعور العين اليمنى".
والجواب: أن اليمنى طافئة بهمز ولا يهمز؛ فالمهموز معناه ذهب نورها بالكلية، وغير المهموز هي التي نَتَأت وطفيت مرتفعة وفيها ضوء.
وأما أعور العين اليسرى فإن العور هو العَيبُ، وكأنه قال: إن اليمنى بها ما ذكرنا، وإن اليسرى معيوبة، والله أعلم.
قوله: "جُفَالُ الشَّعَرِ": هو بضم الجيم ثم فاء وفي آخره لام؛ أي كثير الشعر.
عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، حَدَّثَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم "أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالمَشْرِقِ، يُقَالُ لهَا: خُرَاسَانُ، يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ". [ت: 2237].
4073 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ وَعِليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ:
4072 -
قوله: "كَأَنَّها المَجَانُّ المُطْرَقَةُ": المجان بفتح الميم وشد النون، جمع مجن، ووزنه مفاعل.
وكان بعضهم يقوله بكسر الميم، قال بعضهم: وهو خطأ، وإنما هو مثل محِمل ومحَامل، فيه الميم زائدة مفتوحة في الجمع.
وقد رواه بعضهم من رواة البخاري كما تقدَّم بفتح الميم.
و"المطرقة" بإسكان الطاء وفتح الراء، وهو ما في أصلنا؛ أي الترسة التي لبست بالعقب طاقة فوق أخرى.
قال بعضهم: الأصوب "المطَرّقة" يعني بفتح الطاء وتشديد الراء؛ وهو ما ركب بعضه فوق بعض.
وقيل: هو أن يقوَّر جلد بمقداره ويلصق به كأنه ترس على ترس.
وهذه صفة الترك، وقد صرَّح بأنهم هُم ابنُ الأثير في نهايته
(1)
.
(1)
النهاية 1/ 308.
مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلتُهُ، وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: أَشَدَّ سُؤَالًا مِنِّي، فَقَالَ لِي: مَا تَسْأَلُ عَنْهُ؟ قُلتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، قَالَ:"هُوَ أَهْوَنُ عَلَى الله مِنْ ذَلِكَ". [خ: 7122، م: 2152].
4074 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، وَصَعِدَ المِنْبَرَ، وَكَانَ لَا يَصْعَدُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ إِلا يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، فَمِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَجَالِسٍ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ أَنِ اقْعُدُوا، "فَإِنِّي وَالله مَا قُمْتُ مَقَامِي هَذَا لأَمْرٍ يَنْقُصُكُمْ، لِرَغْبَةٍ وَلا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي خَبَرًا مَنَعَنِي القَيْلُولَةَ مِنَ الفَرَحِ وَقُرَّةِ العَيْنِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَنْشُرَ
4073 -
قوله: "هُوَ أَهْوَنُ عَلَى الله مِنْ ذَلِكَ": أي هو أهون أن يجعل ما خلقه على يده مضلًا للمؤمنين ومشككًا لقلوبه، بل إنما جعله الله ليزداد الذين آمنوا إيمانًا، وتثبت الحجة على الكافرين والمنافقين.
4074 -
قوله: "وَلَكِنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي": تميم الداري هو ابن أوس بن حارثة بن سُويد بن خزيمة، وقيل: سواد بن خزيمة، وقيل: سود بن جَذيمة بن ذراع بن عدي بن الدار بن هانئ بن حبيب بن أنمار بن لخم بن عدي بن عمرو بن سبأ الداري.
وقيل في نسبه غير هذا.
عَلَيْكُمْ فَرَحَ نَبِيَّكُمْ، أَلا إِنَّ ابْنَ عَمٍّ لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَخْبَرَنِي أَنَّ الرِّيحَ أَلجَأَتْهُمْ إِلَى
كنيته أبو رقية، كُني بابنته رقية، ولم يولد له غيرها، وإنما العقب لأخيه لأمه أبي هند واسمه بر بن عبد الله، وقيل في اسم أبي هند يزيد.
قال الذهبي: ورأيتها بخط أبي العلاء الفرضي: "بربر".
وقيل: هو أبو هند برا، من البراء.
وقيل: إنه ابن عم تميم، له صحبة، لم يخرجه ابن منده.
يقال لتميم: الداري والديري؛ فالداري منسوب إلى جده الدار، وقيل غير ذلك. والديري نسبة إلى دير كان يتعبد فيه قبل الإسلام، وكان نصرانيًا، كما جاء في صحيح مسلم
(1)
، أسلم سنة تسع من الهجرة، روى عنه عليه السلام حديث الجساسة، وهذه منقبة شريفة لا يشاركه فيها غيره.
وفيه لطيفة أخرى: وهي رواية الأكابر عن الأصاغر.
وفي حفظي أنه عليه السلام حدث عن امرأة في مسند أحمد ولم يسمها.
وروى عن محرز المدلجي قوله.
كان بالمدينة ثم انتقل إلى بيت المقدس بعد مقتل عثمان، وهو أول من قصّ على الناس استأذن عمر في ذلك، فأذن له.
(1)
صحيح مسلم (2942).
جَزِيرَةٍ لا يَعْرِفُونَهَا، فَقَعَدُوا فِي قَوَارِبِ السَّفِينَةِ فَخَرَجُوا فِيهَا، فَإِذَا هُمْ
وهو أول مَن أسرج المسجد كما في أول هذا الكتاب، وذكره أبو نعيم أيضًا، توفي سنة 40 هـ.
وقد ذكر تميمًا الذهبي في تجريده ثم قال: فأما تميم الداري المذكور في قصة الجام فذاك نصراني من أهل دارين، قاله مقاتل بن حيان، انتهى.
وفي ذلك نظر إذا هما واحد؛ فإن قصة الجام في الترمذي من حديثه رواها ابن عباس، وفيها:"فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة" الحديث ذكره من غير طريق، غير أن الطريق الثانية مختصرة
(1)
.
وفي كتاب النحاس في القصة، فاعترف تميم بالخيانة، فقال له عليه السلام:"ويحك يا تميم، أسلم يتجاوز الله عنك ما كان في شركك".
فأسلم وحسن إسلامه، ومات عدي بن بداء، يعني رفيقه في إخفاء الجام المذكور في البخاري
(2)
، نصرانيًا، والله أعلم بالصواب.
قوله: "فِي قَوَارِبِ السَّفِينَةِ": جمع قارب؛ وهي سفن صغار تكون مع السفن الكبار البحرية، كالجنائب لها، واحدها قارب.
وأمَّا ما جاء في بعض طرقه خارج هذا الكتاب: "في أقرب السفينة"
(3)
(1)
سنن الترمذي (3059، 3060).
(2)
صحيح البخاري (2780).
(3)
صحيح مسلم (2942).
بِشَيْءٍ أَهْدَبَ أَسْوَدَ كَثِيرِ الشَّعَرِ، قَالُوا لَهُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قَالُوا: أَخْبِرِينَا قَالَتْ: مَا أَنَا بِمُخْبِرَتِكُمْ شَيْئًا وَلا سَائِلَتِكُمْ، وَلَكِنْ هَذَا الدَّيْرُ قَدْ رَمَقْتُمُوهُ
(1)
فَأْتُوهُ فَإِنَّ فِيهِ رَجُلًا بِالأَشْوَاقِ إِلَى أَنْ تُخْبِرُوهُ وَيُخْبِرَكمْ، فَأَتَوْهُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَإِذَا هُمْ بِشَيْخٍ مُوثَقٍ شَدِيدِ الوَثَاقِ، يُظْهِرُ الحُزْنَ شَدِيدِ التَّشَكِّي، فَقَالَ لهُمْ: مِنْ أَيْنَ؟ قَالُوا: مِنَ الشَّامِ، قَالَ: مَا فَعَلَتِ العَرَبُ؟ قَالُوا: نَحْنُ قَوْمٌ مِنَ العَرَبِ، عَمَّ تَسْأَل؟ قَالَ: مَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي خَرَجَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرًا، نَاوَئ قَوْمًا
(2)
فغير معروف في جمع قارب، إلا أن يكون على غير قياس.
وقيل: أقرب السفينة أدانيها، أي ما قارب إلى الأرض، والله أعلم.
قوله: "فَإِذَا هُمْ بِشَيْءٍ أَهْدَبَ": "الهُدْب" بضم الهاء وإسكان الدال المهملة وضمها؛ شعر أشفار العين، ورجل أهدب: كثير هدب العين.
قوله: "أَنَا الجَسَّاسَةُ": هي بفتح الجيم وتشديد السين المهملة؛ سميت بذلك لأنها تتجسس الأخبار للدجال.
وجاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنها دابة الأرض المذكورة في القرين، وقد تقدَّم.
قوله: "نَاوَئ قَوْمًا": أي عادى قومًا، وأصله الهمز؛ لأنه مِن النَوْء وهو النهوض.
(1)
في الهامش: (رهقتموه)، وعليه (خ).
(2)
في الهامش: (ناوأه قوم)، وعليه (خ).
فَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِمْ، فَأَمْرُهُمُ اليَوْمَ جَمِيعٌ؛ إِلهُهُمْ وَاحِدٌ وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، قَالَ: مَا فَعَلَتْ عَيْنُ زُغَرَ؟ قَالُوا: خَيْرًا يَسْقُونَ مِنْهَا زُرُوعَهُمْ، وَيَسْتَقُونَ مِنْهَا لِسَقْيِهِمْ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ نَخْلٌ بَيْنَ عَمَّانَ وَبَيْسَانَ؟ قَالُوا: يُطْعِمُ ثَمَرَهُ كُلَّ عَامٍ، قَالَ: فَمَا فَعَلَتْ بُحَيْرَةُ الطَّبَرِيَّةِ؟ قَالُوا: تَدَفَّقُ جَنَبَاتُهَا مِنْ كَثْرَةِ المَاءِ.
قوله: "مَا فَعَلَتْ عَيْنُ زُغَرَ؟ ": "زُغَر" بضم الزاي وفتح الغين المعجمة ثم بالراء.
وهو موضع بالشام، أعني بلدة معروفة في الجانب القبلي من الشام.
قوله: "بَيْنَ عَمَّانَ وَبَيْسَانَ": أما "عمان" فبفتح العين وتشديد الميم، وهي قرية من عمل دمشق، وحُكي فيها تخفيف الميم.
قال البكري: ويقال فيه أيضًا: عُمان بضم الميم والتخفيف كالتي من بلاد اليمن، لكن التي في بلاد اليمن بالضم والتخفيف ليس إلا.
وأما "بيسان" فبفتح الموحدة وإسكان المثناة تحت؛ بليدة معروفة بالشام، دخلتُها غير مرة.
وفي المطالع: بَيْسانُ بالشام وآخر بلاد الحجاز
(1)
، وفي ذلك نظر.
قوله: "مَا فَعَلَتْ بُحَيْرَةُ الطَّبَرِيَّةِ؟ ": هي بالشام في الغور، طولها عشرة أميال.
(1)
مطالع الأنوار 1/ 587.
قَالَ: فَزَفَرَ ثَلَاثَ زَفَرَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: لَوِ انْفَلَتُّ مِنْ وَثَاقِي هَذَا لَمْ أَدَعْ أَرْضًا إِلا وَطِئْتُهَا بِرِجْلَيَّ هَاتَيْنِ، إِلا طَيْبَةَ لَيْسَ لِي عَلَيْهَا سَبِيلٌ"، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِلَى هَذَا انْتَهَى فَرَحِي، هَذِهِ طَيْبَةُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا فِيهَا طَرِيقٌ ضَيِّقٌ وَلا وَاسِعٌ، وَلا سَهْلٌ وَلا جَبَلٌ، إِلا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ شَاهِرٌ سَيْفَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ". [م: 2942].
4075 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الكِلَابِيَّ يَقُولُ: ذَكَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ الغَدَاةَ
ولزمتها الهاء؛ لأنها تصغير بحرة لا تصغير بحر، لأنَّ تصغير البحر بحير.
وهي بحيرة عظيمة يخرج منها نهر بينها وبين الصخرة ثمانية عشر ميلًا، كذا قال
(1)
، وفيه نظر؛ بل بينهما تحويلات مراحل.
قوله: "تَدَفَّقُ": هو بفتح التاء في أوله وتشديد الفاء، وهو محذوف إحدى التائين؛ أي تَتَدفَّق.
قوله: "فَزَفَرَ ثَلَاثَ زَفَرَاتٍ": الزفير: اغتِراق النفس، والزفير أول صوت الحمار، والشهيق آخره، لأن الزفير إدخال النفس والشهيق إخراجه.
وزَفَر بالفتح، يَزْفِر بالكسر، والاسم الزفرة.
(1)
أي صاحب مطالع الأنوار 1/ 591.
فَخَفَضَ فِيهِ وَرَفَعَ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ:"مَا شَأْنُكُمْ؟ " فَقُلنَا: يَا رَسُولَ الله، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ الغَدَاةَ، فَخَفَضْتَ فِيهِ ورَفَعْتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، قَالَ: "غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَالله خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ قَائِمَةٌ، كَأَنَّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ العُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ رَآه مِنْكُمْ فَليَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ،
4075 -
قوله: "فَخَفَضَ فِيهِ وَرَفَعَ": أي عظم فتنته ورفع قدرها، ثم وهن أمره وقدره وهونه.
وقيل: إنه أراد أنه رفع صوته وخفضه في اقتصاص أمره.
قوله: "حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ": الطائفة من الشيء قطعة منه، فمعناه، والله أعلم، حتى ظننا أنه في ناحية النخل، أي قريبًا منا جدًا.
قوله: "قَطَط": أي شديد الجُعودة؛ يعني أنَّ شعره كشعور السودان.
قوله: "أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ العُزَّى بْنِ قَطَنٍ": هو عبد العزى بن قطن بن عمرو بن حبيب بن سعيد بن عائذ بن مالك بن جَذِيمة، وهو المصطلق، بن سعد، وهو كعب وعدي أولاد عمرو بن ربيعة.
وأمه هالة أخت خديجة، كذا قاله الدمياطي، نقلته عن خطه.
إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ حَلَّةٍ بَيْنَ الشَامِ وَالعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يَا عِبَادَ الله اثْبُتُوا".
قوله: "إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ حلَّةٍ بَيْنَ الشَّامِ وَالعِرَاقِ": الحلة بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام ثم تاء التأنيث، كذا في أصلنا.
وقد رواه بعضهم خارج هذا الكتاب: "خَلَّة" بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام وتنوين الهاء، والمشهور في هذه اللفظة:"من خَلّة"، ورويت من غير من الجارة، فتفتح التاء، أي سمت ذلك وقبالته.
ورواه بعضهم في مسلم: "حَلُّه"
(1)
، أي نزوله.
ومعنى "خلّة" بالخاء المعجمة وتشديد اللام؛ الطريق بين البلدين.
والخلّ أيضًا الطريق في الرمل، فيجوز أن يكون استعاره لغير الرمل، ولعل ذلك المكان رمل، وقد سقطت هذه اللفظة لبعض رواة مسلم، فبقي الكلام خارج بين الشام والعراق.
ولم أرَ من ضبطه كما في أصلنا من أنه بكسر الحاء، فليحرر ذلك.
ثم ذكره بعد ولم يتعرض للحاء، فاعلمه.
قوله: "فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا": في أصلنا: "وعاث" الثانية مفتوحة الثاء المثلثة، ودل ذلك على أنه أراد بالأولى كذلك [الثانية] على أنهما فعل ماضٍ، ومعنى عاث أفسد.
(1)
ينظر: شرح صحيح مسلم للنووي 18/ 65.
قُلنَا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا لُبْثُهُ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ:"أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ"، قُلنَا: يَا رَسُولَ الله، فَذَلِكَ اليَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أتَّكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ:"فَاقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ".
وقد رواه بعضهم في صحيح مسلم: "عاثَ"
(1)
في الموضعين على أنه فعل ماضٍ كما هنا.
ورواه بعضهم: "فعاثٍ يمينًا وعاثٍ شمالًا" على وزن ماضٍ اسم فاعل من عثا.
قوله: "مَا لُبْثُهُ فِينا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ": فمدة إقامته إذا قدرناها يأيامنا سنة وشهران وخمسة عشر يومًا، والله أعلم.
قوله: "يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ، قُلنَا: يَا رَسُولَ الله، فَذَلِكَ اليَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: فَاقْدُرُوا لَهُ قَدْرَا": هذا الحديث كثير الفوائد، ويلغز من الحكم الذي فيه لغز؛ فيقال: يتصور أن يجب على المكلفين أجمعين في اليوم والليلة، وهو من طلوع الشمس إلى طلوعها ثانيًا من غير نذر خمس صلوات، وإن شئت قلت أكثر من ألف صلاة.
(1)
صحيح مسلم (2937).
قَالَ: قُلنَا: فَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: "كَالغَيْثِ اشْتَدَّ بِهِ الرِّيحُ".
وصورته في هذا الحكم المذكور في خروج الدجال، والحديث في صحيح مسلم.
وهذا الذي نصَّ عليه في الحديث لا يخفى مجيئه أيضًا في سائر الأحكام المتعلقة بالأيام؛ كإقامة الأعياد، وصوم رمضان، ومواقيت الحج، ويوم عرفة، وأيام منى، ومدة الآجال كالسلم والإجارة والإيلاء والعنة والعدة، وغيرها، فتفطن لذلك.
وامتحن بجميعها فقل مثلًا: امرأة مات عنها زوجها وليست بحامل، ومع ذلك فإنها تعتد من طلوع الشمس إلى زوالها، وكذا في مدة الإيلاء والعنة ونحوه.
فالقياس أن يوتر ويصلي التراويح نهارًا، وأن يُسر في المغرب والعشاء والصبح؛ لأنه لا يزيد على القضاء.
وحينئذٍ فامتحن بذلك كله فقل: مغرب تفعل في النهار إذًا، وهكذا في الوتر والتراويح، وتقول أيضًا: نغرب يصليها الإمام والمنفرد أداء لا قضاء، ومع ذلك يُسر بها.
ويقع الامتحان أيضًا بهذا كله فيقال: ظهر وقعت ليلًا وهي أداء لا قضاء.
قَالَ: "فَيَأْتِي القَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ، وَيَأْمُرُ الأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ، وَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًى وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتِي القَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ مَا بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يَمُرَّ بِالخَرِبَةِ،
وهكذا في الفرائض والضحى وسنة الفجر، وتقول: ظهر أو عصر أو عشاء وقعت أداء ومع ذلك يجهر بها، ويفطر في نهار رمضان، والشمس طالعة.
واعلم أن الأيام مختلفة في الطول والقصر باعتبار الفصول، فينظر الفصل الذي وقع عقبه ثم توزع الأوقات على نسبة الأيام الواقعة بعد ذلك الفصل، والله أعلم.
كله من كلام بعض شيوخ شيوخي الذين أدركتهم بالسن.
قوله: "سَارِحَتُهُمْ": أي ماشيتهم.
قوله: "أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًى": أي أسنمة، جمع ذروة بكسر الذال المعجمة وضمها، تقدّمت.
قوله: " وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا": أي أتمها وأعظمها؛ لكثرة لبنها، وهو بالسين المهملة ثم موحدة ثم غين معجمة.
وقد وقع عند بعض رواة مسلم: "أشبعه" بالشين المعجمة والعين المهملة، وهو خطأ، والله أعلم.
فَيَقُولُ لهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ فَيَنْطَلِقُ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرُبهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَة، فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ
(1)
رَمْيَةَ الغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَيَنْزِلُ عِنْدَ مَنَارةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كفَّيْهِ عَلَى
قوله: "كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ": هو جمع يَعْسُب؛ وهو ذكر النحل.
وقال بعضهم: المراد بالجماعة النحل لا ذكورها، كنى باليعسوب عن الجماعة؛ لأنه أميرها فمتى طار اتبعته جماعته.
قوله: "جَزْلَتَيْنِ": بفتح الجيم وكسرها؛ أي قطعتين.
قوله: "رَمْيَةَ الغَرَضِ": أي أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رمية الغرض.
قال القاضي عياض: وعندي أنه أراد فيصيبه في قطعه إياه إصابة الرمية الغرض
(2)
، ثم اختصر لفهم السامع.
قوله: "عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ": المنارة بفتح الميم، وهذه المنارة موجودة اليوم في دمشق.
قوله: "بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ": هو بالدال المعجمة والمهملة، والمهملة أكثر، وهما مشهوران للأوائل والأواخر من أهل اللغة والغريب، وأكثر ما يقع في النسخ الإهمال، وكذا هو في أصلنا.
(1)
كذا ضبطها في الأصل: (جَزلتين) بفتح الجيم.
(2)
إكمال المعلم 8/ 484.
أَجْنِحَةِ مَلكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ يَنْحَدِرُ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللّؤْلُؤِ، وَلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرَفُهُ،
ومعناه أي ثوبين مصبوغين بورس ثم بالزعفران، كذا قالوا، وفي ذلك نظر؛ لأنه يحكم بشرع النبي صلى الله عليه وسلم ولبس المزعفر حرام، وكذا المورَّس على الصحيح.
وقيل: هما شقتان، والشقة نصف الملاءة، وهذا ظاهر، والله أعلم.
قوله: "جُمَانٌ كَاللّؤْلُؤِ": الجمان بضم الجيم وتخفيف الميم وهو حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار، والمراد ينحدر منه الماء على هيئة اللؤلؤ في صفاته، فسمى الماء جمانًا لشبهه به في الصفاء والحسن.
قوله: "وَلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلا مَاتَ": ومعنى لا يحل أي لا يمكن ولا يقع.
وقال القاضي عياض: معناه عندي حق واجب
(1)
، انتهى.
و"يحل" بفتح الياء وكسر الحاء المهملة، وقد راوه بعضهم بضم الحاء، وهو وهم وغلط.
قوله: "يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ"، وكذلك:"وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرَفُهُ": هما بفتح الفاء فيهما فاعلمه.
(1)
إكمال المعلم 8/ 486.
فَيَنْطَلِقُ حَتَّى يُدْرِكَهُ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأْتِي نَبِيُّ الله عِيسَى عليه السلام قَوْمًا قَدْ عَصَمَهُمُ اللهُ فَيَمْسَحُ وُجُوهَهُمْ، وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الجَنَّةِ، فَبَيْنَما هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللهُ عز وجل إِلَيْهِ: يَا عِيسَى إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالهِمْ، فَأَحْرِزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ كَمَا قَالَ اللهُ عز وجل:{وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)} [الأنبياء: 96]، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ الطَّبَرَّيةِ فَيَشْرُبونَ مَا فِيهَا، ثُمَّ يَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ
قوله: "حَتَّى يُدْرِكَهُ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ": هو بضم اللام وتشديد الدال المهملة، مصروف، وهي بلدة قريبة من الرملة، وهما قريتان من بيت القدس.
قوله: "فَيَمْسَحُ وُجُوهَهُمْ": قال القاضي: هذا المسح حقيقة؛ فيمسح وجوههم تبركًا وبرًا، ويحتمل أنه كشف ما يكونون فيه من الشدة والخوف
(1)
.
قوله: "لا يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالهِمْ": هو تثنية يد؛ أي لا قدرة ولا طاقة، وقد تقدّم مع زيادة، وتقدّم إعرابه قبل قليل.
قوله: "وَأَحْرِزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ": أي ضمهم، ووقع في هذه اللفظة في غير هذا الكتاب غير ما ذكرت؛ كـ"حزب" بالزاي والباء أي اجمعهم، و"حوز" بالواو والزاي؛ أي نحهم عن طريقهم إلى الطور.
قوله: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} : الحدب المرتفع من الأرض، وينسلون يمشون مسرعين.
(1)
إكمال المعلم 8/ 486.
فِي هَذَا مَاءٌ مَرَّةً، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ الله عِيسَى عليه السلام وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِئَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ الله عِيسَى عليه السلام وَأَصْحَاُبهُ إِلَى الله عز وجل، فَيُرْسِلُ اللهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَيَهْبِطُ نَبِيُّ الله عِيسَى وَأَصْحَابُهُ فَلا يَجِدُونَ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلا قَدْ مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ وَدِمَاؤُهُمْ، فَيَرْغَبُونَ إِلَى الله عز وجل، فَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ البُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللهُ عز وجل، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ عَلَيْهِمْ مَطَرًا لا يُكِنّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ
قوله: "وَيُحْصَرُ نَبِيُّ الله عِيسَى وَأَصحَابُهُ": هو من الحصر، بالحاء والصاد المهملتين ثم الراء، وهو مبني لما لم يسمّ فاعله.
قوله: "فَيُرْسِلُ الله عَلَيْهِمُ النَّغَفَ": هو بنون وغين معجمة مفتوحتين ثم بالفاء، وهو دود يكون في أنوف الإبل والغنم، واحده نغفة قوله:"فَيُصْبِحُونَ فَرْسًا": هو بفتح الفاء وإسكان الراء ثم بالسين المهملة، منصوب منون، كذا في أصلنا، والذي أحفظه وضبطه غير واحد:"فرسى" بفتح الفاء مقصورًا؛ أي قتلى، واحدهم فريس.
قوله: "إِلا قَدْ مَلأهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ": أي دسمهم ورائحتهم الكريهة.
قوله: "لا يُكِنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلا بيت وَبَرٍ": أي لا يمنع من نزول الماء
(1)
(1)
في الأصل: نزول الملائكة، وهو خطأ ظاهر، والتصويب من شرح صحيح مسلم للنووي 18/ 69.
فَيَغْسِلُهُ حَتَّى يَتْرُكَهُ كالزَّلفَةِ
(1)
، ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ العِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ فَتُشْبِعُهُمْ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا،
بيت المدر بفتح الميم والدال؛ وهو الطين الصلب.
قوله: "حَتَّى يَتْرُكَهُ كَالزَّلفةِ": هو بالزاي وبالفاء، كذا في هذا الكتاب.
وروي في صحيح مسلم: "كالزلقة" بفتح الزاي واللام والقاف.
وروي كما هنا، وروي بفتح الزاي واللام وبالفاء.
وفي المطالع: "كالزَّلَفَة" ويروى بالقاف.
وبالوجهين ضبطناه عن متقني شيوخنا، وبهما ذكره أهل اللغة.
وفسرها ابن عباس بالمرآة، وقاله ثعلب وأبو زيد.
وقال آخرون: هو بالفاء الإجانة الخضراء.
وقيل: الصحفة، وقيل: المصانع الممتلئة ماءً
(2)
.
وقد أسقطتُ قولًا آخر من كلامه.
قوله: "تَأْكُلُ العِصَابَةُ": هم الجماعة من الناس.
قوله: "وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا": هو بكسر القاف؛ وهو مقعر قشرها؛ شبهها بقحف الرأس، وهو الذي فوق الدماغ.
وقيل: هو ما انفلق من جُمجمته وانفصل.
(1)
كذا الأصل: (الزلفة) بالفاء.
(2)
مطالع الأنوار 3/ 231.
وَيُبَارِكُ اللهُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإِبِلِ تَكْفِي الفِئَامَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ العَنْزِ
(1)
تَكْفِي القَبِيلَةَ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ تَكْفِي الفَخذَ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ
قوله: "وَيُبَارِكُ الله فِي الرِّسْلِ": هو بكسر الراء وإسكان السين المهملة؛ اللبن.
قوله: "حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ": هي بكسر اللام وفتحها، الأول أشهر؛ وهي القريبة العهد بالولادة.
قوله: "تَكْفِي الفِئَامَ": الفئام بكسر الفاء وبعدها همزة ممدودة، وهم الجماعة الكثيرة.
قال القاضي: ومنهم من يقوله بالياء، ولا يجيز الهمز
(2)
.
وقال أيضًا: وحكاه الخليل بفتح الفاء.
قال: وهي رواية القابسي، وذكره صاحب العين غير مهموز فأدخله في حرف الياء.
وذكر الخطابي أن بعضهم ذكره بفتح الفاء وتشديد الياء، وهو غلط فاحش.
قوله: "تَكْفِي الفَخذَ": الفَخْذ: الجماعة من الأقارب.
(1)
في بعض النسخ والمطبوع: (البقر).
(2)
إكمال المعلم 8/ 488.
إِذْ بَعَثَ اللهُ عَلَيْهِمْ رِيحًا طَيَّبَةً فَتَأْخُذُ تَحْتَ آباطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلَّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى سَائِرُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ، كَمَا تَتَهَارَجُ الحُمُرُ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ". [رَ: 4076، م:2937، د: 4321، ت: 2240].
4076 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "سَيُوقِدُ المُسْلِمُونَ مِنْ قِسِيِّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَنُشَّابِهِمْ وَأَتْرِسَتِهِمْ سَبْعَ سنِينَ". [رَ: 4075، م: 2937، د:4321، ت: 2240].
قال بعضهم: إنه لا يقال إلا بإسكان الخاء، بخلاف الفخذ التي هي العضو.
قوله: "يَتَهَارَجُونَ، كَمَا تَتَهَارَجُ الحُمُرُ": أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما تفعل الحمير، ولا يكترثون لذلك.
و"الهرْج" بإسكان الراء الجماع، يقال: هرج زوجته أي جامعها، يهرِجُها ويهرُجُها ويهرَجُها بتثليث الراء، كذا رأيته في كلام غير واحدٍ، منهم صاحب المطالع
(1)
.
(1)
مطالع الأنوار 6/ 121.
4077 -
حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ المُحَارِبِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ السَّيْبَانِيِّ
(1)
يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِليِّ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فكَانَ أَكْثر خُطْبَتِهِ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ عَنِ الدَّجَّالِ وَحَذَّرَنَاهُ، فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ قَالَ: "إِنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ مُنْذُ ذَرَأَ اللهُ ذُرَّيةَ آدَمَ صلَّى اللهُ عَلِيه أَعْظَمَ مِنْ فِتْنهِ الدَّجَّالِ، وَإِنَّ اللهَ عز وجل لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلا حَذَّرَ أُمَّته الدَّجَّالَ، وَأَنَا آخِرُ الأَنبِيَاءِ وَأنتُمْ آخِرُ الأُمَمِ، وَهُوَ خَارِجٌ فِيكُمْ لا مَحَالَةَ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمْ فَأَنَا حَجِيجٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَإِنْ يَخْرُجْ مِنْ بَعْدِي فَكُلُّ امْرِئٍ حَجيجُ نَفْسِهِ، وَاللهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ خَلَّةٍ بَيْنَ الشَّامِ وَالعِرَاقِ، فَيَعِيثُ يَمِينًا وَيَعِيثُ شِمَالًا، يَا عِبَادَ الله فَاثْبُتُوا، فَإِنِّي سَأَصِفُهُ لَكُمْ صِفَةً لَمْ يَصِفْهَا إِيَّاهُ نَبِيٌّ قَبْلي، إِنَّهُ يَبْدَأُ فَيَقُولُ: أَنَا نَبِيٌّ، وَلا نَبِيَّ بَعْدِي.
4077 -
قوله: "عَنْ أَبِي زُرْعَةَ السَّيْبَانِيِّ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو": السَّيْبَاني هو بفتح السين والكسر ثم مثناة تحت ساكنة ثم موحدة؛ وسيبان بطن من مُراد.
قوله: "مِنْ خَلَّةٍ بَيْنَ الشَّامِ وَالعِرَاقِ": تقدّم الكلام قبيله، وهنا لم يكسر الخاء فَسَلِم.
(1)
في الهامش بخط سبط ابن العَجَمي ما نصُّه: صوابه السين المهملة بفتحها وكسرها.
وهذا المكان في الإسناد خطأ، والصواب ما رواه أبو داود بإسناده إلى يحيى بن أبي عمرو السيباني عن عمرو بن عبد الله الحضرمي عن أبي أمامة.
ثُمَّ يُثَنِّي فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، وَلا تَرَوْنَ رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ عز وجل لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، كَاتِبٍ أَوْ غَيْرِ كَاتِبٍ، وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنَّ مَعَهُ جَنَّةً وَنَارًا، فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ، فَمَنِ ابْتُليَ بِنَارِهِ فَليَسْتَغِثْ
(1)
بِالله، وَليَقْرَأْ فَوَاتِحَ الكَهْفِ فَتكُونَ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا كَمَا كَانَتِ النَّارُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَقُولَ لأَعْرَابِيٍّ: أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيتمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَيَقُولَانِ: يَا بُنَيَّ، اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ رَبُّكَ، وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يُسَلَّطَ عَلَى نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَيَقْتُلَهَا وَيَنْشُرَهَا بِالمِيْشَارِ، حَتَّى يُلقَى شِقَّتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولَ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا فَإِنِّي أَبْعَثُهُ الآنَ، ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا غَيْرِي، فَيَبْعَثُهُ اللهُ، وَيَقُوُل لَهُ الخَبِيثُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُوُل: رَبِّيَ اللهُ، وَأَنْتَ عَدُوُّ الله، أَنْتَ الدَّجَّالُ، وَالله مَا كُنْتُ بَعْدُ أَشَدَّ بَصِيرَةً بِكَ مِنِّي اليَوْمَ".
قوله: "فَمَنِ ابْتُليَ بِنَارِهِ فَليَسْتَغِيث بِالله": كذا هو في أصلنا بإثبات الياء، وهو لغة مشهورة.
قوله: "يَنْشرَهَا بِالمِيشَارِ": المئشار: هو بهمزة بعد الميم وهو الأصح، ويجوز تخفيف الهمزة، وهو الذي في أصلنا، ويجوز فيه:"المنشار" بالنون من حيث اللغة.
(1)
في الأصل: (فليستغيث)، بإثبات الياء.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الطَّنَافِسِيُّ: فَحَدَّثَنَا المُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ الوَليدِ الوَصَّافِيُّ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ذَلِكَ الرَّجُلُ أَرْفَعُ أُمَّتِي دَرَجَةً فِي الجَنَّةِ".
قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَالله مَا كُنَّا نُرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ إِلا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ حَتَّى مَضى لِسَبِيلِهِ.
قَالَ المُحَارِبِيُّ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: "وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَأْمُرَ السَّمَاءَ
(1)
فَتُمْطِرَ، وَيَأْمُرَ الأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ، وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُرَّ بِالحَيِّ فَيُكَذِّبُونَهُ فَلا تَبْقَى لهُمْ سَائِمَةٌ إِلا هَلَكَتْ، وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُرَّ بِالحَيِّ فَيُصَدِّقُونَهُ فَيَأْمُرَ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ، وَيَأْمُرَ الأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ، حَتَّى ترُوحَ مَوَاشِيهِمْ مِنْ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ أَسْمَنَ مَا كَانَتْ وَأَعْظَمَهُ، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ وَأَدَرَّهُ ضُرُوعًا، وَإِنَّهُ لا يَبْقَى شَيءٌ مِنَ الأَوْضِ إِلا وَطِئَهُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ إِلا مَكَّةَ وَالمَدِينةَ
(2)
لا يَأْتِيهِمَا مِنْ نَقْبٍ مِنْ نِقَابِهِما
قوله: "فَلا تَبْقَى لهمْ سَائِمَةٌ": السائمة من الماشية الراعية، يقال: سامت تسوم سومًا، وأسمتها أنا.
قوله: "مِنْ نَقْبٍ مِنْ نِقَابِهِمَا": قال ابن وهب: مداخلهما.
(1)
في الهامش: (أن تمطر)، وعليه (خ).
(2)
في الهامش: (فإنه)، وعليه (صح خ).
إِلا لَقِيَتْهُ المَلَائِكَةُ بِالسُّيُوفِ صَلتَةً، حَتَّى يَنْزِلَ عِنْدَ الظُّرَيْبِ الأَحْمَرِ عِنْدَ مُنْقَطَعِ السَّبَخَةِ، فَتَرجُفُ المَدِينةُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، فَلا يَبْقَى مُنَافِقٌ وَلا مُنَافِقَةٌ إِلا خَرَجَ إِلَيْهِ، فَتَنْفِي الخَبَثَ مِنْهَا كَما يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ، وُيدْعَى ذَلِكَ اليَوْمُ يَوْمَ الخَلَاصِ"، فَقَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ أَبِي العَكَرِ: يَا رَسُولَ الله، فَأَيْنَ العَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: "هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ المَقْدِسِ، وَإِمَامُهُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَبَيْنَمَا إِمَامُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ يُصَلِّي بِهِمُ الصُّبْحَ إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام الصُّبْحَ
وقال غيره: الأبواب وفوهات طرقها التي يدخل إليهما منها.
والنقب أيضًا: الطريق بين الجبلين.
وهي المنقبة أيضًا، والنقبة، والنقب أيضًا في الحائط وغيره كالباب يخلص منه إلى ما سواه.
قوله: "صَلتَةً": أي مسلولة، يقال: جاوبه السيف صَلتًا وصُلتًا بالفتح والضم؛ أي مسلولًا.
قوله: "حَتَّى يَنْزِلَ عِنْدَ الظُّرَيْبِ الأَحْمَرِ": الضريب بضم الضاد المعجمة وفتح الراء ثم مثناة تحت ساكنة ثم موحدة، هكذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم، وهو بقرب مدينة النبي عليه السلام، كما صرحت الرواية.
قوله: "فَقَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ أَبِي العُكَرِ": العكر بضم العين المهملة وفتح الكاف ثم راء، كذا هي في أصلنا، وأنا لا أعرف في هذا الاسم شيئًا.
فَرَجَعَ ذَلِكَ الإِمَامُ يَنْكُصُ يَمْشِي القَهْقَرَى لِيَتَقَدَّمَ عِيسَى عليه السلام يُصَلِّي
(1)
بِالنَّاسِ، فَيَضَعُ عِيسَى عليه السلام يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: تَقَدَّمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ أُقِيمَتْ، فَيُصَلِّي بِهِمْ إِمَامُهُمْ، فَإِذَا انْصَرَفَ قَالَ عِيسَى عليه السلام: افْتَحُوا البَابَ فَيُفْتَحُ، وَوَرَاءَهُ الدَّجَّالُ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلفَ يَهُودِيٍّ، كُلُّهُمْ ذُو سَيْفٍ مُحَلًّى وَسَاجٍ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ الدَّجَّالُ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ المِلحُ فِي المَاءِ وَيَنْطَلِقُ هَارِبًا، وَيَقُولُ عِيسَى عليه السلام: إِنَّ لِي فِيكَ ضَرْبَةً لَنْ تَسْبِقَنِي بِهَا، فَيُدْرِكُهُ عِنْدَ بَابِ اللُّدِّ الشَّرْقِيِّ فَيَقْتُلُهُ، فَيَهْزِمُ اللهُ اليَهُودَ، فَلا يَبْقَى شَيءٌ مِمَّا خَلَقَ اللهُ عز وجل يَتَوَارَى بِهِ يَهُودِيٌّ إِلا أَنْطَقَ اللهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ، لا حَجَرَ، وَلا شَجَرَ، وَلا حَائِطَ، وَلا دَابَّةَ، إِلا الغَرْقَدَةَ فَإِنَّهَا مِنْ شَجَرِهِمْ لا تَنْطِقُ، إِلا قَالَ: يَا عَبْدَ الله المُسْلِمَ هَذَا يَهُودِيٌّ، فَتَعَالَ اقْتُلهُ".
قوله "وَسَاجٍ": الساج: الطيلسان.
وقيل: الطيلسان المقور ينسج كذلك.
والطيلسان مثلث اللام.
قوله: "إِلا الغَرْقَدَةَ فَإِنَّهَا مِنْ شَجَرِهِمْ": الغرقدة شجرة من العضاة، وشجر الشوك، والغرقد جمعُها.
(1)
في الهامش: (بالناس)، وعليه (خ صح).
قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَإِنَّ أَرْبَعُونَ سَنَةً أَرْبَعُونَ سَنَةً، السَّنَةُ كَنِصْفِ السَّنَةِ، وَالسَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالجُمُعَةِ، وَآخِرُ أَيَّامِهِ كَالشَّرَرةِ، يُصْبِحُ أَحَدُكُمْ عَلَى بَابِ المَدِينةِ فَلا يَبْلُغُ بَابَهَا الآخَرَ حَتَّى يُمْسِيَ"، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ نُصَلِّي فِي تِلكَ الأَيَّامِ القِصَارِ؟ قَالَ:"تَقْدُرُونَ فِيهَا الصَّلَاةَ كمَا تَقْدُرُونَهَا فِي هَذِه الأَيَّامِ الطِّوَالِ، ثُمَّ صَلُّوا"، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "فَيَكُونُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فِي أُمَّتِي حَكَمًا عَدْلًا، وَإِمَامًا مُقْسِطًا، يَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَذْبَحُ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الجِزْيَةَ وَيَتْرُكُ الصَّدَقَةَ، فَلا يُسْعَى عَلَى شَاةٍ، وَلا بَعِيرٍ، وَتُرْفَعُ الشَّحْنَاءُ وَالتَّباغُضُ، وَتُنْزَعُ حُمَةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ، حَتَّى يُدْخِلَ الوَلِيدُ يَدَهُ فِي فِي الحَيَّةِ فَلا تَضُرَّهُ،
قوله: "وَإِنَّ أَيَّامَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، السَّنَةُ كَنِصْفِ السَّنَةِ، وَالسَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كالجُمُعَةِ، وَآخِرُ أَيَّامِهِ كَالشَّرَرَةِ": في سنده عطية العوفي وحالته معروفة، والحديث الذي تقدَّم ذكرت فيه ذاك اللفظ، هو الذي جاء في الصحيح فاعلمه.
قوله: "كَالشَّرَرة": كذا هو بالشين المعجمة ثم راء ثم راء، من غير علامة إهمال ولا إعجام، كذا في أصلنا، والظاهر أنها راء ثم تاء التأنيث، ولم يتحرر لي ما هي، والله أعلم.
قوله: "وَتُنْزَعُ حُمَةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ": الحمة بضم الحاء المهملة وتخفيف الميم المفتوحة؛ وهي السم.
وقيل: حدَّته وحرارته، وقد تقدَّم.
وَتُفِرَّ الوَلِيدَةُ الأَسَدَ فَلا يَضُرُّهَا، وَيَكُونَ الذِّئْبُ فِي الغَنَمِ كأَنَّهُ كَلبُهَا، وَتُمْلَأُ الأَرْضُ مِنَ السِّلمِ كَما يُمْلَأُ الإِنَاءُ مِنَ المَاءِ، وَتَكُونُ الكَلِمَةُ وَاحِدَةً فَلَا يُعْبَدُ إِلا اللهُ، وَتَضَعُ الحَرْبُ أَوْزَارَهَا، وَتُسْلَبُ قُرَيْشٌ مُلكَهَا، وَتَكُونُ الأَرْضُ كَفَاثُورِ
(1)
الفِضَّةِ، تُنْبِتُ نبَاتَهَا بِعَهْدِ آدمَ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّفَرُ عَلَى القِطْفِ مِنَ العِنَبِ فَيُشْبِعَهُمْ، وَيَجْتَمِعَ النَّفَرُ عَلَى الرُّمَّانَةِ فَتُشْبِعَهُمْ، وَيَكُونَ الثَّوْرُ بِكَذَا وَكَذَا مِنَ المَالِ، وَتَكُونَ الفَرَسُ بِالدُّرَيْهِمَاتِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا يُرْخِصُ الفَرَسَ؟ قَالَ: "لا تُرْكَبُ لحَرْبٍ أَبدًا"، قِيلَ لَهُ: فَمَا يُغلِي الثَّوْرَ؟ قَالَ: "تُحْرَثُ الأَرْضُ كُلُّهَا،
قوله: "وَتَفُرَّ الوَلِيدَةُ الأَسَدَ": يقال: فررت الفرسَ أفُرُّه بالضم، فَرًّا؛ إذا نظرت إلى أسنانه.
قوله: "وَتُمْلَأُ الأَرْضُ مِنَ السِّلمِ": هو بكسر السين وإسكان اللام، كذا في الأصل، وهو الصلح، والله أعلم، فإن كان الصلح ففي سينه الفتح أيضًا.
قوله: "وَتَكُونُ الأَرْضُ كماثور": كذا في الأصل وعليه ضبة، وفي الهامش:"كَفَاثُورِ" بالفاء وبعد الألف ثاء مثلثة وآخرهما راء، وعليه "صح" و"خ" إشارة إلى نسخة، وأنه الصحيح.
والفاثور: الخِوان، وقيل: هو طست أو جام من فضة أو ذهب، ومنه قيل لقرص الشمس فاثورها.
(1)
في الأصل: (كما ثور)، وعليه ضبة، وصححت في الهامش.
وَإِنَّ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ شِدَادٍ، يُصِيبُ النَّاسَ فِيهَا جُوعٌ شَدِيدٌ، يَأْمُرُ اللهُ السَّماءَ فِي السَّنَةِ الأُولَى أَنْ تَحْبِسَ ثُلُثَ مَطَرِهَا وَيَأْمُرُ الأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَ نبَاتِهَا، ثُمَّ يَأْمُرُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ مَطَرِهَا وَيَأْمُرُ الأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ نَبَاتِهَا، ثُمَّ يَأْمُرُ اللهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَتَحْبِسُ مَطَرَهَا كُلَّهُ فَلَا تُقْطِرُ قَطْرَةً، وَيَأْمُرُ الأَرْضَ فَتَحْبِسُ نبَاتَهَا كُلَّهُ فَلَا تُنْبِتُ خَضْرَاءَ، فَلا تَبْقَى ذَاتُ ظِلفٍ إِلا هَلَكَتْ، إِلا مَا شَاءَ اللهُ عز وجل"، قِيلَ: فَمَا يُعِيشُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ؟ قَالَ: "التَّهْلِيلُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ، وَيُجْرَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مُجْرَى الطَّعَامِ".
سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ الطَّنَافِسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ المُحَارِبِيَّ يَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ هَذَا الحَدِيثُ إِلَى المُؤَدِّبِ حَتَّى يُعَلِّمَهُ الصِّبْيَانَ فِي الكُتَّابِ. [د: 4321].
4078 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام حَكَمًا مُقْسِطًا، وَإِمَامًا عَدْلًا، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ المَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ". [خ:2222، م: 155، د:4324، ت:2233].
4078 -
قوله: "وَيَضَعُ الجِزْيَةَ": أي يسقط حكمها فلا يقبل إلا الإسلام.
وقيل: يضعُها على كل كافر لغلبته وظهوره.
4079 -
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "تُفْتَحُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ فَيَخْرُجُونَ كَمَا قَالَ اللهُ عز وجل: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)} [الأنبياء: 96]، فَيَعُمُّونَ الأَرْضَ، وَيَنْحَازُ مِنْهُمُ المُسْلِمُونَ، حَتَّى يَصِيرَ بَقِيَّةُ المُسْلِمِينَ فِي مَدَائِنِهِمْ وَحُصُونِهِمْ، وَيَضُمُّونَ إِلَيْهِمْ مَوَاشِيَهُمْ، حَتَّى أَنَّهُمْ لَيَمُرُّونَ بِالنَّهَرِ فَيَشْرَبُونَهُ حَتَّى مَا يَذَرُونَ فِيهِ شَيْئًا، فَيَمُرُّ آخِرُهُمْ عَلَى أَثرِهِمْ، فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ: لَقَدْ كَانَ بِهَذَا المَكَانِ مَرَّةً مَاءٌ، وَيَظْهَرُونَ عَلَى الأَرْضِ فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ: هَؤُلَاءِ أَهْلُ الأَرْضِ قَدْ فَرَغْنَا مِنْهُمْ، وَلَنُنَازِلَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَهُزُّ حَرْبَتهُ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجعُ مُخَضَّبَةً بِالدَّمِ، فَيَقُولُونَ
(1)
:
وقيل: يقتل من كان يؤديها لنبذهم العهد وخروجهم مع الدجال.
وهنا سؤال على القول الأول: وهو أنه كيف لا يقبل الجزية وهو عليه السلام إنما يحكم بشرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن شرعنا أخذ الجزية؟
والجواب: إن حكم أخذ الجزية من أهل الكتاب وغيرهم ممن تؤخذ منه على خلاف العلماء في ذلك، مؤقت بنزول عيسى فإذا نزل انتهى ونسخ، فهو يحكم في ذلك الوقت بالناسخ الذي هو من شرعنا، والله أعلم.
(1)
في الهامش: (فيقول)، وعليه (خ).
قَدْ قَتَلنَا أَهْلَ السَّمَاءِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ دَوَابَّ كَنَغَفِ الجَرَادِ فَتَأْخُذُ بِأَعْنَاقِهِمْ فَيَمُوتُونَ مَوْتَ الجَرَادِ، يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَيُصْبِحُ المُسْلِمُونَ لا يَسْمَعُونَ لهُمْ حِسًّا، فَيَقُولُونَ: مَنْ رَجُل يَشْرِي نَفْسَهُ، وَيَنْظُرُ مَا فَعَلُوا؟ فَيَنْزُل مِنْهُمْ رَجُلٌ قَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يَقْتُلُوهُ فَيَجدُهُمْ مَوْتَى، فَيُنَادِيهِمْ: أَلا أَبْشِرُوا فَقَدْ هَلَكَ عَدُوُّكُمْ، فَيَخْرُجُ النَّاسُ وَيَخْلُونَ سَبِيلَ مَوَاشِيهِمْ، فَمَا يَكُونُ لهُمْ رَعْيٌ إِلا لُحومُهُمْ فَتَشْكَرُ عَلَيْهَا كَأَحْسَنِ مَا شَكِرَتْ مِنْ نبَاتٍ أَصَابَتْهُ قَطُّ".
4080 -
حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَ كلَّ يَوْمٍ، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا فَسَنَحْفِرُهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللهُ عز وجل أَشَدَّ مَا كانَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ وَأَرَادَ الله أَنْ يُبْثِقَهُمْ
(1)
عَلَى النَّاسِ حَفَرُوا حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ
4079 -
" فَتَشْكَرُ عَلَيْهَا كَأَحْسَنِ مَا شَكِرَتْ مِنْ نَبَاتٍ أَصَابَتْهُ قَطُّ": يقال: شكرت الدابة بالكسر، تشكّر بالفتح، وفي أصلنا في الطريق الثانية:"تشكُر" الكاف مضمومة بالقلم، شَكَرًا بالتحريك؛ إذا سمنت وامتلأ ضرعُها لبنًا.
4080 -
قوله: "فإذا أَرَادَ الله أَنْ يُبْثِقَهم": هو بضم أوله ثم موحدة ساكنة ثم مثلثة مكسورة ثم قاف، كذا هو في أصلنا، لكنه مدلَّس مِن غير ضبط،
(1)
في الهامش: (يبعثهم)، وعليه (خ).
قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا، فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللهُ، وَاسْتَثْنَوْا، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تركُوهُ، فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ فَيُنْشِفُونَ المَاءَ، وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي حُصُونِهِمْ، فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ عَلَيْهَا الدَّمُ الَّذِي اجْفَظَّ، فَيَقُولُونَ: قَهَرْنَا أَهْلَ الأَرْضِ، وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَبْعَثُ الله نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا".
قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ دَوَابَّ الأَرْضِ لَتَسْمَنُ وَتَشْكَرُ شَكَرًا مِنْ لُحومِهِمْ". [ت:3153].
4081 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا العَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ قالَ: حَدَّثَنِي جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، عَنْ مُؤثَّرِ بْنِ عَفَازَةَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ
وإنما هو منقوط، ومعناه، والله أعلم، أي يُفجرهم على الناس، ومعناه يُخرجهم مع سرعة وكثرة.
وفي نسخة: "يبعثهم" ومعناه ظاهر.
قوله: "فَيَبْعَثُ الله نَغَفًا": تقدَّم تفسيره قبلَهُ بقليل.
4081 -
قوله: "عَنْ مُؤْثّرِ بْنِ عَفَارةَ": مؤثَّر بتشديد الثاء المثلثة المفتوحة، على أنه اسم مفعول، وعَفَارة بفتح العين، وهي مدلَّسة في أصلنا، ولا شك في إهمالها، وبالفاء وبعد الألف راء عليها علامة إهمال، ثم تاء التأنيث، والضبط الذي ذكرته عن أصلنا بالقلم.
قَالَ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لَقِيَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى عليهم السلام، فَتَذَاكَرُوا السَّاعَةَ، فَبَدَؤُوا بِإِبْرَاهِيمَ فَسَألُوهُ عَنْهَا فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلمٌ، ثُمَّ سَأَلُوا مُوسَى فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلم، فَرُدَّ الحَدِيثُ إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَقَالَ: قَدْ عُهِدَ إِلَيَّ فِيمَا دُونَ وَجْبَتِهَا، فَأَمَّا وَجْبَتُهَا فَلَا يَعْلَمُهَا إِلا الله، فَذَكَرَ خُرُوجَ الدَّجَّالِ قَالَ: فَأَنْزِلُ فَأَقْتُلُهُ، فَيَرْجِعُ النَّاسُ إِلَى بِلادِهِمْ فَيَسْتَقْبِلُهُمْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)} [الأنبياء: 96]، فَلا يَمُرُّونَ بِمَاءٍ إِلا شَرِبُوهُ، وَلا بِشَيءٍ إِلا أَفْسَدُوهُ، فَيَجْأَرُونَ إِلَى الله فَأَدْعُو اللهَ أَنْ يُمِيتَهُمْ، فَتَنْتُنُ الأَرْضُ مِنْ رِيحِهِمْ، فَيَجْأَرُونَ إِلَى الله فَأَدْعُو اللهَ، فَيُرْسِلُ السَّمَاءَ
وفي نسخة بالكاشف صحيحة قُرئت على شيخ بعض شيوخي الحافظ الحافظ تقي الدين ابن رافع السلامي: "مؤثر" مكسور الثاء على أنه اسم فاعل، و"عفازة" بعين تحتها عامة إهمال وبالفاء مثل الأول، وبعد زاي مفتوحة مجودة بنقطة فوقها ثم تاء التأنيث كالأول، فينبغي أن يُحرر هذا الاسم، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، انفرد ابن ماجه بالإخراج له.
قوله: "قَدْ عُهِدَ إِلَيَّ فِيمَا دُونَ وَجْبَتِهَا": الوجبة: السقوط، والمراد قيامها.
قوله: "فَتُنْتِنُ الأَرْضُ مِنْ رِيحِهِمْ": كذا في أصلنا بضم التاء الأولى وكسر الثانية، يقال: نَتُن الشيءُ وأَنتن بمعنى، فهو مُنْتِن ومِنْتِن، كسرت الميم اتباعًا لكسرة التاء؛ لأن مِفْعِلًا ليس مِن الأبنية، ونتَّنَهُ غيره تنتِينًا أي جعله
بِالمَاءِ فَيَحْمِلُهُمْ فَيُلقِيهِمْ فِي البَحْرِ، ثُمَّ تُنْسَفُ الجِبَالُ، وَتُمَدُّ الأَرْضُ مَدَّ الأَدِيمِ، فَعُهِدَ إِلَيَّ؛ مَا
(1)
كَانَ ذَلِكَ كَانَتِ السَّاعَةُ مِنَّ النَّاسِ كَالحَامِلِ الَّتِي لا يَدْرِي أَهْلُهَا مَتَى تَفْجَؤُهُمْ بِوِلادِهَا.
قَالَ العَوَّامُ: وَوُجِدَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الله: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)} [الأنبياء: 96].
34 - خُرُوجُ المَهْدِيِّ
4082 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِذْ أَقْبَلَ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَلَمَّا رَآهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، قَالَ: فَقُلتُ: مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئًا نَكْرَهُهُ،
مُنتنًا، فالضبط الذي في أصلنا صحيح، والله أعلم.
34 -
خُرُوج المَهْدِيِّ
فائدة: تقدَّم الكلامُ على الحديث المروي: "ولا مهدي إلا عيسى" في باب شدة الزمان قبل هذا بورقات فانظره.
4082 -
قوله: "اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ": أي غرقتا بالدُموع، وهو افعوعلت؛ من الغرق، وقد تقدَّم.
(1)
في الهامش: (إذا)، وعليه (خ).
فَقَالَ: "إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللهُ لنَا الآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلقَوْنَ
(1)
بَعْدِي بَلاءً وَتَشْرِيدًا وَتَطْرِيدًا، حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ، فَيَسْألونَ الخَيْرَ فَلا يُعْطَوْنَهُ، فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ، فَيُعْطَوْنَ مَا سَألُوا فَلا يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَيَمْلَؤُهَا قِسْطًا كَمَا مَلَؤُوهَا جَوْرًا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَليَأْتهِمْ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلجِ".
4083 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَليٍّ الجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ العُقَيليُّ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ زَيْدٍ العَمِّيِّ، عَنْ أَبِي الصِدِّيقٍ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يَكُونُ فِي أُمَّتِي المَهْدِيُّ إِنْ قُصِرَ فَسَبْعٌ، وَإِلا فَتِسْعٌ، فَتَنعَمُ فِيهِ أُمَّتِي نِعْمَةً لَمْ يَنْعَمُوا مِثْلَهَا قَطُّ، تُؤْتَى أُكلَهَا وَلا تَدَّخِرُ مِنْهُمْ شيْئًا، وَالمَالُ يَوْمَئِذٍ كدُوسٌ، فَيَقُومُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ أَعْطِنِي، فَيَقُولُ: خُذْ"[د:4285، ت:2232].
4084 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ،
قوله: "إِنَّا أَهْلَ بَيْتٍ": أهلَ منصوب على الاختصاص.
4083 -
قوله: "وَالمَالُ يَوْمَئِذٍ كُدُوسٌ": هو جمع كُدْس بضم الكاف وإسكان الدال المهملة، ومعناه، والله أعلم، والمال صبر مجتمعة.
(1)
في الهامش: (من)، وعليه (خ).
عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ، كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَةٍ، ثُمَّ لا تَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ فَيَقْتُلُونَكُمْ قَتْلًا لَمْ يُقْتَلهُ قَوْمٌ"، ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئًا لا أَحْفَظُهُ فَقَالَ:"فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلجِ؛ فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ الله المَهْدِيُّ".
4085 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الحَفَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَاسِينُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الحنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَليٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "المَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ، يُصْلِحُهُ اللهُ فِي لَيْلَةٍ".
4086 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، حَدَّثَنَا بَو المَلِيحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ بَيَانٍ، عَنْ عَليِّ بْنِ نُفَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ فَتَذَاكَرْنَا المَهْدِيَّ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "المَهْدِيُّ مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ". [د: 4284].
4087 -
حَدَّثَنَا هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عِليِّ بْنِ زِيادٍ اليَمَامِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ
4085 -
قوله: "المَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ": أهل منصوب على الاختصاص.
4087 -
قوله: "حَدَّثَنَا هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ": هو بفتح الهاء وكسر الدال المهملة ثم مثناة تحت مشددة مفتوحة ثم تاء التأنيث، تقدَّم غير مرة.
أَبِي طَلحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "نَحْنُ وَلَدَ عَبْدِ المُطَّلِبِ سَادَةُ أَهْلِ الجَنَّةِ، أَنَا، وَحَمْزَةُ، وَعَليٌّ، وَجَعْفَرٌ، وَالحَسَنُ، وَالحُسَيْنُ، وَالمَهْدِيُّ".
4088 -
حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيىَ المِصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الجَوْهَرِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ الغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَمْرِو بْنِ جَابِر الحضْرَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الحارِثِ بْنَ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ نَاسٌ مِنَ المَشْرِقِ فَيُوَطِّئُونَ لِلمَهْدِيِّ"، يَعْنِي سُلطَانَهُ.
35 - المَلَاحِمُ
4089 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: مَالَ مَكْحُولٌ وَابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا إِلَى خَالِدِ ابْنِ مَعْدَانَ، وَمِلتُ مَعَهُمَا، فَحَدَّثَنَا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: قَالَ لِي جُبَيرٌ:
قوله: "نَحْنُ وَلَدَ عَبْدِ المُطَّلِبِ": ولد منصوب على الاختصاص.
35 -
المَلَاحِم
الملاحم: جمع ملحمة؛ وهي الحرب وموضع القتال، وهو مأخوذ من اشتباك الناس واختلاطهم فيها كاشتباك لُحمة الثوب بالسد.
وقيل: هو من اللحم لكثرة لحوم القتلى فيها.
انْطَلِقْ بِنَا إِلَى ذِي مخمَرٍ، وَكَانَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَسَأَلهُ، عَنِ الهُدْنَةِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "سَتُصَالحُكُمُ الرُّومُ صُلحًا آمِنًا، ثُمَّ تَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا، فَتُنْصَرُونَ وَتَغْنَمُونَ وَتَسْلَمُونَ، ثُمَّ تَنْصَرِفُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ، فَيَرْفَعُ رَجُل مِنْ أَهْلِ الصَّلِيبِ الصَّلِيبَ، فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ فَيَقُومُ إِلَيْهِ فَيَدُقُّهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ، وَيَجْتَمِعُونَ لِلمَلحَمَةِ". [د: 2767].
4089 م - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، وَزَادَ فِيهِ: "فَيَجْتَمِعُونَ لِلمَلحَمَةِ، فَيَأتُونَ
(1)
تَحْتَ ثَمانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلفًا".
4089 -
قوله: "انْطَلِقْ بِنَا إِلَى ذِي مِخْمَرٍ": ذو مخمر هو بكسر الميم الأولى وإسكان الخاء المعجمة وفتح الميم الثانية ثم راء، ويقال له: ذو مخبر بموحدة عوض الميم الثانية، وهو ابن أخي النجاشي خدم النبي عليه السلام، روى عنه أحاديث، توفي بالشام.
قوله: "فَعِنْدَ ذَلِكَ يَجْتَمِعُونَ لِلمَلحَمَةِ": أي للقتال.
4089 م- قوله: "فَيَأْتُونَ حِينَئِذٍ تَحتَ ثَمَانِينَ غَايَةً": الغاية بالغين المعجمة؛ الراية، وقد تقدَّمت بما فيها في الرواية الأخرى.
(1)
في الهامش: (حينئذ)، وعليه (صح خ).
4090 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي العَاتِكَةِ، عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ حَبِيبٍ المُحَارِبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا وَقَعَتِ المَلاحِمُ بَعَثَ اللهُ بَعْثًا مِنَ المَوَالِي، هُمْ أَكرَمُ العَرَبِ فَرَسًا وَأَجْوَدُهُ سِلَاحًا، يُؤَيِّدُ اللهُ بِهِمُ الدِّينَ".
4091 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بْنُ عَليٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ المِلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تُقَاتِلُونَ جَزِيرَةَ العَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ".
قَالَ جَابِر: "فَمَا يَخْرُجُ الدَّجَّالُ حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ". [م: 2900].
4092 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالا: حَدَّثَنَا أَبو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُطَيْبٍ السَّكُونِيِّ، قَالَ الوَلِيدُ: يَزِيدُ بْنُ قُطْبَةَ، عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ،
4092 -
قوله: "عن يَزِيدُ بْنُ قُطَيب السكوني": كذا في أصلنا وضبب على قطيب، وما أدري لأي شيء ضبب عليه؟ وكأنه ظنَّ أن قُطيبًا خطأ وأن قطبة هو الصواب، والله أعلم.
ويزيد بن قطيب ذكره ابنُ حبان في الثقات.
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "المَلْحَمَةُ الكُبْرَى وَفَتْحُ القُسْطَنْطِينِيَّةِ وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ
(1)
أَشْهُرٍ". [د: 4295، ت: 2238].
4093 -
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُسْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَ المَلْحَمَةِ وَفَتْحِ المَدِينةِ سِتُّ سِنينَ، وَيَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي السَّابِعَةِ". [د: 4296].
4094 -
حَدَّثَنَا عِليُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ الحُنَينِيُّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:
قوله: "القُسْطنْطِينِيَّة": هي بضم الطاء الأولى وقبل تاء التأنيث ياء مشددة، ورأيتها في الذيل والصلة لكتاب التكملة، والكتاب المذكور عندي وهو قرئ على الصغاني، وعليه حواشٍ بخط الصغاني، وقد ضبطها مع إثبات الياء بالتخفيف بالقلم، فكتب عليها: .. ثم قال: ويقال: قسطنطينة بحذف الياء؛ دار ملك الروم، انتهى، وقد ذكرت ذلك قبل هذا فراجعه.
وحذف أكثر الرواة لغير هذا الكتاب الياء المشددة المذكورة.
4093 -
قوله: "عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ": هو بفتح الموحدة وكسر الحاء المهملة ثم مثناة تحت ساكنة ثم راء، تقدَّم.
(1)
في الهامش: (تسعة)، وعليه (خ).
"لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ أَدْنَى مَسَالِحِ المُسْلِمِينَ بِبَوْلاءَ"، ثُمَّ قَالَ:"يَا عِليُّ، يَا عَليُّ، يَا عَليُّ"، قَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي، قَالَ:"إِنَّكُمْ سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الأَصْفَرِ، وَيُقَاتِلُونَهُمُ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِكُمْ، حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ رَوْقَةُ الإِسْلَامِ أَهْلُ الحِجَازِ الَّذِينَ لا يَخَافُونَ فِي الله لَوْمَةَ لائِمٍ، فَيَفْتَتِحُونَ القُسْطَنْطِينِيَّةَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَكْبِيرِ، فَيُصِيبُونَ غَنَائِمَ لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهَا، حَتَّى يَقْتَسِمُوا بِالأَتْرِسَةِ، وَيَأْتِي آتٍ فَيَقُولُ: إِنَّ المَسِيحَ قَدْ خَرَجَ فِي بِلَادِكُمْ، أَلا وَهِيَ كذْبَةٌ، فَالآخِذُ نَادِمٌ، وَالتَّارِكُ نَادِمٌ".
4094 -
قوله: "مَسَالِح المُسْلِمِينَ": جمع مسلحة، وهم القوم الذين يحفظون الثغور من العدو؛ سموا بذلك لأنهم يكونون ذوي سلاح، أو لأنهم يسكنون المسلحة؛ وهي كالثغر والمرقب يكون فيه أقوام يرقبون العدو لئلا يطرقهم على غفلة، فإذا رأوه أعلموا أصحابهم ليتأهبوا له.
قوله: "حَتَّى تَكُونَ أَدْنَى مَسَالِحِ المُسْلِمِينَ بِبَوْلاءَ": بولاء هي مكان، وهي قي أصلنا ببائين موحدتتين وبعد الواو لا وفي آخره همزة ممدودة.
قوله: "حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ رَوقَةُ الإِسْلَامِ": الرَوقة بفتح الراء وإسكان الواو ثم بالقاف ثم تاء التأنيث؛ وهم خيار المسلمين وسراتهم، وهو جمع رائق من رَاقَ الشيء إذا صفا وخلص.
وقد تكون للواحد، يقال: غلام روقة، وغلمان روقة، والله أعلم.
4095 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ العَلَاءِ قالَ: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ الله قالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ هُدْنَةٌ فَيَغْدِرُونَ بِكُمْ، فَيَسِيرُونَ إِلَيْكُمْ فِي ثَمانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلفًا". [رَ: 4042، خ: 3176، د: 5000].
36 - بَابُ التُرْكِ
4096 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالهُمُ الشَّعَرُ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ الأَعْيُنِ". [رَ: 4097، خ: 2928، م: 2912، د: 4303، ت: 2215].
4095 -
قوله: "تَكُونُ بَيْنَكمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ هُدْنَةٌ": تقدّم الكلام في بني الأصفر.
والهدنة: الصلح والموادعة بين المسلمين والكفار، وبين كل متحاربين، يقال: هدنتُ الرجل، وأهدنته إذا سكنته، وهدن هو يتعدى ولا يتعدى، وهادنه مهادنة صالحه، والاسم الهدنة.
4096 -
قوله: "نِعَالهمُ الشَّعَرُ": ظاهره أن نعالهم من ضفائر الشعر، أو من جلود مشعرة نيئة غير مدبوغة.
4097 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ الأَعْيُنِ، ذُلفَ الأُنُفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالهُمُ الشَّعَرُ". [رَ: 4096، خ: 2928، م:2912، د: 4303، ت: 2215].
قال في المطالع: ويحتمل أن يريد كمال شعورهم ووفورها حتى يطؤوها بأقدامهم، أو يقارب ذلك منها الأرض
(1)
.
4097 -
قوله: "ذُلف الأُنُوفِ": هو بالذال المعجمة المضمومة وإسكان اللام ثم الفاء في آخره؛ قيل: معناه فطس الأنوف، وقيل: صغار الأنوف، وقيل: قصار الأنوف.
والذّلف: تأخر الأرنبة.
وقيل: هو غلظ في الأرنبة.
وقيل: تطامن فيها، وقيل غير ذلك.
وقد رواه بعضهم خارج هذا الكتاب بالدال المهملة، والدال في أصلنا ليس لها علامة إهمال فلا إعجام، والمعجمة أكثر في الرواية.
قوله: "المَجَانُّ المُطْرَقَةُ": تقدَّم قبل قليل فراجعه.
(1)
مطالع الأنوار 4/ 180.
4098 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُقَاتِلُوا قَوْمًا عِرَاضَ الوُجُوهِ، كأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ، وَإِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُقَاتِلُوا قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ". [خ: 2927].
4099 -
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ الأَعْيُنِ عِرَاضَ الوُجُوهِ، كَأَنَّ أَعْيُنَهُمْ حَدَقُ الجَرَادِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ، يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ، وَيَتَّخِذُونَ الدَّرَقَ، يَربُطُونَ خَيْلَهُمْ بِالنَّخْلِ".
4099 -
قوله: "كَأَنَّ أَعْيُنَهُمْ حَدَقُ الجَرَادِ": يعني صغيرة، والله أعلم.
أَبْوَابُ الزُهْدِ
1 - بَابُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا
4100 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلبَسٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا بِتَحْرِيمِ الحَلالِ، وَلا فِي إِضَاعَةِ المَالِ، وَلَكِنِ الزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا أَنْ لا تَكُونَ بِمَا فِي يَدَيْكَ أَوْثَقَ مِنْكَ بِمَا فِي يَدِ الله، وَأَنْ تَكُونَ فِي ثَوَابِ المُصِيبَةِ إِذَا أُصِبْتَ بِهَا أَرْغَبَ مِنْكَ فِيهَا لَوْ أَنَّهَا أُبْقِيَتْ لَكَ".
قَالَ هِشَامٌ: كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلانِيُّ، يَقُولُ: مِثْلُ هَذَا الحَدِيثِ فِي الأَحَادِيثِ كَمِثْلِ الإِبْرِيزِ فِي الذَّهَبِ. [ت: 2340].
4101 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ أَبِي خَلَّادٍ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، قَالَ:
37 -
أَبْوَابُ الزُّهْدِ
1 -
بَاب الزُّهْد فِي الدُّنْيَا
4100 -
قوله: "كَمِثْلِ الإِبْرِيزِ": بكسر الهمزة والراء وإسكان الموحدة بينهما، وهو الذهب الخالص.
4101 -
قوله: "عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ أَبِي خَلَّادٍ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ": أبو خلاد هذا لا أعرف اسمه.
قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ قَدْ أُعْطِيَ زُهْدًا فِي الدُّنْيَا وَقِلَّةَ مَنْطِقٍ فَاقْتَرِبُوا مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ يُلَقَّى الحِكْمَةَ".
4102 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَبِي السَّفَرِ، حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ قالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَمْرٍو القُرَشِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلتُهُ أَحَبَّنِي اللهُ، وَأَحَبَّنِي النَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ
(1)
".
4103 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ سَهْمٍ، رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، قَالَ: نَزَلتُ عَلَى أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ، وَهُوَ طَعِينٌ، فَأَتاهُ مُعَاوِيَةُ يَعُودُهُ، فَبَكَى أَبُو هَاشِمٍ، فَقَالَ مُعَاوِيةُ: مَا يُبْكِيكَ
وقوله: عن أبي فروة عن أبي خلاد، كذا في ابن ماجه، وقال غيره: أبو فروة عن أبي مريم عن أبي خلاد.
قال البخاري: وهو أولى.
وحكى القولين في التجريد وفي الكاشف، قال: وصوابه: بينهما أبو مريم
(2)
.
(1)
في الهامش: (يُحبك الناسُ)، وعليه (خ).
(2)
تجريد أسماء الصحابة 2/ 162، والكاشف 2/ 424.
أَيْ خَالِ؟ أَوَجَعٌ يُشْئِزُكَ أَمْ عَلَى الدُّنْيَا، فَقَدْ ذَهَبَ صَفْوُهَا؟ قَالَ: عَلَى كُلٍّ لا، وَلَكِنْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَبِعْتُهُ، قَالَ:"إِنَّكَ لَعَلَّكَ تُدْرِكُ أَمْوَالًا تُقْسَمُ بَيْنَ أَقْوَامٍ، وَإِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ خَادِمٌ وَمَرْكَبٌ فِي سَبِيلِ الله، فَأَدْرَكْتُ فَجَمَعْتُ". [ت: 2327].
4104 -
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: اشْتَكَى سَلمَانُ فَعَادَهُ سعْدٌ
(1)
، فَرآه يَبْكِي، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَخِي؟ أَليْسَ قَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، أَليْسَ؟ أَلَيْسَ؟ قَالَ سَلمَانُ: مَا أَبْكِي وَاحِدةً مِنَ اثْنَتَيْنِ، مَا أَبْكِي ضِنًّا لِلدُّنْيَا، وَلا كَرَاهِيَةً لِلآخِرَةِ، وَلَكِنْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا، فَمَا أُرَانِي إلا قَدْ تَعَدَّيْتُ، قَالَ: وَمَا عَهِدَ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ أَنْ
(2)
يَكْفِي أَحَدَكُمْ مِثْلُ زَادِ الرَّاكِبِ، وَلا أُرَانِي
4103 -
قوله: "أَوَجَعٌ يُشْئِزُكَ": يقال: أشْأَزَهُ الوجَعُ إذا أقلقه، وأصله الشأْز وهو الموضع الغليظ الكثير الحجارة.
4104 -
قوله: "مَا أَبْكِي ضنًّا بدُنْيَا": بكسر الضاد المعجمة؛ أي بخلًا وشحًا، وقد تقدَّم.
قوله: "فَمَا أُرَانِي": هو بضم الهمزة؛ أي ما أظنني.
(1)
في الهامش: (ابن أبي وقاص)، وعليه (خ).
(2)
في الهامش: (أنه)، وعليه (خ).
إلا قَدْ تَعَدَّيْتُ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا سَعْدُ فَاتَّقِ الله عِنْدَ حُكْمِكَ إِذَا حَكَمْتَ، وَعِنْدَ قَسْمِكَ إِذَا قَسَمْتَ، وَعِنْدَ هَمِّكَ إِذَا هَمَمْتَ. قَالَ ثَابِتٌ: فَبَلَغَنِي أَنَّهُ مَا تَرَكَ إلّا بِضْعَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا مَعَ
(1)
نُفَيْقَةٍ كَانَتْ عِنْدَهُ.
2 - الهَمُّ بِالدُّنْيَا
4105 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ عِنْدِ مَرْوَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ، قُلتُ: مَا بَعَثَ إِلَيْهِ هَذِهِ السَّاعَةَ إلا لِشَيْءٍ سَأَلُ
(2)
عَنْهُ، فَسَأَلتُهُ، فَقَالَ: سَأَلنَا عَنْ أَشْيَاءَ سَمِعْنَاهَا مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ فَرَّقَ اللهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إلا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَمَعَ اللهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ".
قوله: "مِنْ نُفَيْقَةٍ": هي تصغير نفقة.
2 -
الهَمّ بِالدُّنْيَا
4105 -
قوله: "وَهِيَ رَاغِمَةٌ": أي غاضبة، يريد أنها أتته غَضْبَى أو كارهة مجيئها له، والله أعلم.
(1)
في الهامش: (من)، وعليه (خ).
(2)
في الهامش: (سأله)، وعليه (خ).
4106 -
حَدَّثَنَا عِليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُعَاوِيةَ النَّصْرِيِّ، عَنْ نَهْشَلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ جَعَلَ الهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا؛ هَمَّ المَعَادِ، كفَاهُ اللهُ هَمَّ دُنْيَاهُ، وَمَنْ تَشَعَّبتْ بِهِ الهُمُومُ أَحْوَال الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهِ هَلَكَ".
4107 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلي الجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ دَاوُدَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الوَالِبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَلا أَعْلَمُهُ إلا وَقَدْ رَفَعَهُ، قَالَ:"يَقُولُ اللهُ تبارك وتعالى: يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى، وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَل مَلأْتُ صَدْرَكَ شُغْلًا، وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ". [ت:2466].
3 - مَثَلُ الدُّنْيَا
4108 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ المُسْتَوْرِدَ أَخَا بَنِي فِهْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا مَثَلُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إلا مَثَلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي اليَمِّ، فَليَنْظُرْ بِمَ يَرْجعُ". [م: 2858، ت: 2323].
قلت ذلك ولم أرَه لأحد، والله ورسولُه بريئان من الخطأ.
4106 -
قوله: "عَنْ مُعَاوِيةَ النَّصْرِيِّ": بالنون ثم الصاد المهملة، فيه لين ما.
4109 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا المَسْعُودِيُّ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: اضْطَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ فَأَثَّرَ فِي جِلدِهِ، فَقُلتُ: بِأَبِي وَأُمِّي، يَا رَسُولَ الله، لَوْ كُنْتَ آذَنْتَنَا فَفَرَشْنَا لَكَ عَلَيْهِ شَيْئًا يَقِيكَ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"مَا أَنَا وَالدُّنْيَا، إِنَّمَا أَنَا وَالدُّنْيَا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَترَكَهَا". [ت: 2377].
4110 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَإِذَا هُوَ بِشَاةٍ مَيِّتةٍ شَائِلَةٍ بِرِجْلِهَا، فَقَالَ:"أَتُرَوْنَ هَذِهِ هَيِّنَةً عَلَى صَاحِبِهَا؟ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى الله مِنْ هَذِهِ عَلَى صَاحِبِهَا، وَلَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ الله جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا قَطْرَةً أَبَدًا".
3 -
مَثَل الدُّنْيَا
4109 -
قوله: "لَوْ كُنْتَ آذَنْتَنَا فَفَرَشْنَا لَكَ عَلَيْهِ شَيْئًا يَقِيَكَ مِنْهُ": هو منصوب في أصلنا بالقلم، والذي يظهرُ لي الرفع.
وأما النصبُ فيحتمل أن يكون على تقدير لام كي المحذوفة، أو لغير ذلك، والله أعلم.
4111 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الهَمْدَانِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ الهَمْدَانِيِّ قالَ: حَدَّثَنَا المُسْتَوْرِدُ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ: إِنِّي لَفِي الرَّكْبِ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِذْ أَتَى عَلَى سَخْلَةٍ مَنْبُوذَةٍ، قَالَ: فَقَالَ: "أَتُرَوْنَ هَذِهِ هَانَتْ عَلَى أَهْلِهَا؟ " قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، مِنْ هَوَانِهَا أَلقَوْهَا، أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ:"فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى الله مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا".
4112 -
حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خُلَيْدٍ عُتْبَةُ بْنُ حَمَّادٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ ضَمْرَةَ السَّلُولِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: "الدُّنْيَا مَلعُونَةٌ، مَلعُونٌ مَا فِيهَا، إلا ذِكْرَ الله وَمَا وَالَاهُ، أَوْ عَالمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا". [ت: 2322].
4113 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ العُثمانِيُّ قالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ العَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الدُّنْيَا سِجْنُ المُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الكَافِرِ". [م: 2956، ت: 2324].
4114 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِبَعْضِ جَسَدِي فَقَالَ:
4111 -
قوله: "عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الهَمْدَانِيِّ": هو بإسكان الميم وبالدال المهملة.
قوله: "عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ الهَمْدَانِيِّ": هو مثل الذي قبله.
"يَا عَبْدَ الله، كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ كَأنَّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَعُدَّ نَفْسَكَ مِنْ أَهْلِ القُبُورِ". [خ: 6416، ت: 2333].
4 - مَنْ لا يُؤْبَهُ لَهُ
4115 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ الله، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَلا أُخْبركَ عَنْ مُلُوكِ الجَنَّةِ؟ " قُلتُ: بَلَى، قَالَ:"رَجُلٌ ضَعِيفٌ مُسْتَضْعَفٌ ذُو طِمْرَيْنِ لا يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى الله لأَبرَّهُ".
4116 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعّفٍ، أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟
4 -
مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ
4115 -
قوله: "عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ": هو بالقاف.
قوله: "كل رَجُل ضَعِيف مُسْتَضْعَف": هو بفتح العين.
قوله: "ذُو طِمْرَيْنِ": أي ثوبين خَلقين، والطمر الثوب الخلق.
4116 -
قوله: "كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّفٍ": ضبطوا متضعف بفتح العين وكسرها، والمشهور الأول، ولم يذكر الأكثرون غيره.
كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتكْبِرٍ". [م: 2853، ت: 2605].
ومعنى كل ضعيف متضعف؛ قيل: الضعيف عن أذى الناس بمال أو قوة بدن، وعن معاصي الله عز وجل، والتزام الخشوع لله وللمسلمين.
وقيل: الخاضع لله المذل نفسه له ضد المتكبر الأشر.
وقد يكون الضعفاء والضعيف المتضعف كناية عن رقة القلوب كما قال في أهل اليمن: "أَرَقُّ قُلُوبًا وَأَضْعَفُ أَفْئِدةً"
(1)
، كناية عن سرعة قبولهم ولين جوانبهم، عكس القسوة والغلظة والجفاء.
قوله: "جَوَّاظٍ": هو بفتح الجيم وتشديد الواو ثم ظاء معجمة؛ هو القصير البطين.
وقيل: الجَمُوع المنوع، وقيل: الكبير اللحم، المختال في مشيته، وقيل: الغليظ الرقبة والجسم، وقيل: الذي لا يستقيم على أمر، يصانع هاهنا وهاهنا، وقيل: الفاجر.
وفي الغريبين: قيل: يا رسول الله ما الجظ؟ قال: الضخم.
وفي موضع آخر: "أهل النار كل جَظّ جعظ".
وكأنه يقال: جظ وجوّاظ، وجَعْظ وجَعْظري بمعنى
(2)
، والله أعلم.
(1)
ينظر: صحيح مسلم (52).
(2)
مطالع الأنوار 2/ 183 - 184.
4117 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ أَغْبَطَ النَّاسِ عِنْدِي مُؤْمِنٌ خَفِيفُ الحَاذِ، ذُو حَظٍّ مِنْ صَلَاةٍ، غَامِضٌ فِي النَّاسِ، لا يُؤْبَهُ لَهُ، كَانَ رِزْقُهُ كَفَافًا وَصَبَرَ عَلَيْهِ، عَجِلَتْ مَنِيَّتُهُ، وَقَلَّ تُراثُهُ، وَقَلَّتْ بَوَاكِيهِ". [ت: 2347].
4118 -
حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَيَّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي أُمَامَةَ الحَارِثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "البَذَاذَةُ مِنَ الإِيمَانِ". قَالَ: البَذَاذَةُ: القَشَافَةُ، يَعْنِي المتَقَشِّفَ. [د: 4161].
4117 -
قوله: "إِنَّ أَغْبَطَ النَّاسِ": هو من الغِبْطة.
قوله: "خَفِيفُ الحَاذِ": هو بالحاء المهملة وفي آخره ذال معجمة؛ وهو الحال، وأصل الحاذ طريقة المتن، وما يقع عليه اللبد من ظهر الفرس، أي خفيف الظهر من العيال، والله أعلم.
قوله: "غَامِضٌ فِي النَّاسِ": أي مغمور فيهم ليس بمشهور.
قوله: "وَقَلَّ تُرَاثُهُ": التراث: ما يخلفه الرجل لورثته، والتاء فيه بدل من الواو.
4118 -
قوله: "البَذَاذَةُ مِنَ الإِيمَانِ": بذالين معجمتين بينهما ألف قبلها موحدة مفتوحة؛ وهي رثاثة الهَيْئة، يقال: بَذُّ الهيئة وباذّ الهيئة؛ أي رث اللبسة، أراد التواضع في اللباس وترك التبجح به.
4119 -
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟ " قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ الله، قَالَ:"خِيَارُكُمُ الَّذِينَ إِذَا رُؤُوا ذُكِرَ الله عز وجل".
5 - فَضْلُ الفُقَرَاءِ
4120 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: مَرَّ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ " قَالُوا: رَأْيَكَ فِي هَذَا، نَقُولُ: هَذَا مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُخَطَّبَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ،
5 -
فَضْل الفُقَرَاءِ
4120 -
قوله: "مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ ": في الصحيح: أنه قال لرجل جالس عنده: ما رأيك في هذا؟ الرجل أبو ذر، وعلى ما في هذه الرواية مِن القائلين: أبو ذر، والله أعلم.
"قَالُوا: رَأْيَكَ فِي هَذَا": رأيك منصوب على المصدر.
قوله: "هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ": يقال: فلان حريٌّ بكذا، وحرىً بكذا؛ أي جدير وخليق.
وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَمَرَّ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟ " قَالُوا: نَقُولُ، وَالله يَا رَسُولَ الله، هَذَا مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ لَمْ يُنْكَحْ، وَإِنْ شَفَعَ لا يُشَفَّعْ، وَإِنْ قَالَ لَا يُسْمَعْ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لهَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا". [خ: 5091].
4121 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ يُوسُفَ الجُبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، أَخْبَرَنِي القَاسِمُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ عَبْدَهُ المُؤْمِنَ الفَقِيرَ المُتَعَفِّفَ أَبَا العِيَالِ".
6 - مَنْزِلَةُ الفُقَرَاءِ
4122 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَدْخُلُ فُقَرَاءُ المُؤْمِنِينَ الجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ؛ خَمْسِ مِئَةِ عَامٍ". [د: 2353].
والمثقل يُثنى ويجمع ويؤنث، المخفف يقع على الواحد والاثنين والجمع، والمذكر والمؤنث على حالة واحدة؛ لأنه مصدر.
والذي أحفظه كذا وقع في أصل سماعنا بهذا الكتاب: "حرئ" بالهمز في آخره ضبطًا بالقلم، وفي المرة الثانية شدده، وحمله على المعروف
(1)
.
قوله: "وَمَرَّ رَجُلٌ آخَرُ": الرجل الثاني هو جعال بن سراقة.
(1)
في الهامش بضع كلمات شبه مطموسة؛ وكأن رسمها: والأكثر يروونه بغير الهمز.
4123 -
حَدَّثَنَا أَبَو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ المُخْتَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطِيَّةَ العَوْفيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ فُقَرَاءَ المُسْلمِينَ أَو المُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِمِقْدَارِ خَمْسِ مِئَةِ سَنةٍ". [ت: 2351].
4124 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو غَسَّانَ بَهْلُولٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ قَالَ: اشْتكَى فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ عَلَيْهِمْ أَغْنِيَاءَهُمْ، فَقَالَ:"يَا مَعْشَرَ الفُقَرَاءِ، أَلا أُبشِّرُكُمْ أَنَّ فُقَرَاءَ المُؤْمِنِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِنِصْفِ يَوْمٍ؛ خَمْسِ مِئةِ عَامٍ". ثُمَّ تَلَا مُوسَى هَذِهِ الآيَةَ: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47].
7 - مُجَالَسَةُ الفُقَرَاءِ
4125 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ الكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَبُو يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْحَاقَ المَخْزُومِيُّ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يُحِبُّ المَسَاكِينَ وَيَجْلِسُ إِلَيْهِمْ، وَيُحَدِّثُهُمْ وَيُحَدِّثُونَهُ، وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَكْنِيهِ أَبا المَسَاكِينِ. [خ: 5432، ت: 3766].
4126 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي المُبَارَكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الخُدْرِيِّ قَالَ: أَحِبُّوا المَسَاكِينَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي دُعَائِهِ:"اللهمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكِينِ".
4127 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ العَنْقَزِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي سَعدٍ الأَزْدِيِّ، وَكَانَ قَارِئَ الأَزْدِ، عَنْ أَبِي الكَنُودِ، عَنْ خَبَّابٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 52]، قَالَ: جَاءَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الفَزَارِيُّ، فَوَجَدُوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَعَ صُهَيْبٍ وَبِلَالٍ وَعَمَّارٍ وَخَبَّابٍ قَاعِدًا فِي نَاسٍ مِنَ الضُّعَفَاءِ مِنَ المُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَقَرُوهُمْ، فَأَتَوْهُ فَخَلَوْا بِهِ، وَقَالُوا: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ لَنَا مِنْكَ مَجْلِسًا تَعْرِفُ لَنَا بِهِ العَرَبُ فَضْلَنَا، فَإِنَّ وُفُودَ العَرَبِ تَأْتِيكَ فَنَسْتَحْيِي أَنْ تَرَانَا العَرَبُ مَعَ هَذِهِ الأَعْبُدِ، فَإِذَا نَحْنُ جِئْنَاكَ فَأَقِمْهُمْ عَنْكَ، فَإِذَا نَحْنُ فَرَغْنَا فَاقْعُدْ مَعَهُمْ إِنْ شِئْتَ، قَالَ:"نَعَمْ"، قَالُوا: فَاكْتُبْ لَنَا عَلَيْكَ كِتَابًا، قَالَ: فَدَعَا بِصَحِيفَةٍ، وَدَعَا عَلِيًّا لِيَكْتُبَ، وَنَحْنُ قُعُودٌ فِي
7 -
مُجَالَسَة الفُقَرَاءِ
4126 -
قوله: "اللهمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا" إلى آخره: أراد صلى الله عليه وسلم التواضع والإخبات، وأن لا يكون من الجبارين المتكبرين.
نَاحِيَةٍ، فَنزَلَ
(1)
جِبْرِيلُ عليه السلام، فَقَالَ:{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 52] ثُمَّ ذَكَرَ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةَ، فَقَالَ:{وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: 53] ثُمَّ قَالَ: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54]. قَالَ: فَدَنَوْنَا مِنْهُ حَتَّى وَضَعْنَا رُكَبَنَا عَلَى رُكْبَتِهِ، وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، يَجْلِسُ مَعَنَا، فَإِذَا أَرَادَ أنْ يَقُومَ قَامَ وَتَرَكَنَا، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ}
(2)
وَلا تجالِسِ الأَشْرَافَ، {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} يَعْنِي عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعَ، {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28]. قَالَ: هَلَاكًا، قَالَ: أَمْرُ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعِ، ثُمَّ ضَرَبَ لهمْ مَثَلَ الرَّجُلَيْنِ وَمَثَلَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا.
قَالَ خَبَّابٌ: فَكُنَّا نَقْعُدُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا بَلَغْنَا السَّاعَةَ الَّتِي يَقُومُ قُمْنَا وَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يَقُومَ.
4128 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ،
(1)
في الهامش: (إذ نزل)، وعليه (خ).
(2)
في الهامش: (تريد زينة الحياة الدنيا)، وعليه (خ).
عَنِ المِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ فِينَا سِتَّةً: فِيَّ، وَفي ابْنِ مَسْعُودٍ، وَصُهَيْبٍ، وَعَمَّارٍ، وَالمِقْدَادِ، وَبِلالٍ. قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّا لا نَرْضَى أَنْ نَكُونَ أَتْبَاعًا لهمْ فَاطْرُدْهُمْ عَنْكَ، قَالَ: فَدَخَلَ قَلبَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدْخُلَ، فَأَنْزَلَ الله عز وجل:{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52] الآيَةَ. [م: 2413].
8 - فِي المُكْثِرِينَ
4129 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالا: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ المُخْتَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطِيَّةَ العَوْفيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"وَيْلٌ لِلمُكْثِرِينَ، إلا مَنْ قَالَ بِالمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا" أَرْبَع: عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، وَمِنْ قُدَّامِهِ، وَمِنْ وَرَائِهِ.
4128 -
قوله: "نَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ فِينَا سِتَّةً": هو منصوب على الاختصاص.
4129 -
قوله: "إلا مَنْ قَالَ بِالمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا" أَرْبَع": كذا في أصلنا: "أربع" بغير ألف، وكأنه نوى به الوقف، أو أنه مكتوب على اصطلاح القدماء من المحدثين الذين يكتبون المنصوب بغير ألف، والله أعلم.
4130 -
حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ العَظِيمِ العَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ هُوَ سِمَاكٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ الحَنَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الأَكثَرُونَ هُمُ الأَسْفَلُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، إلا مَنْ قَالَ بِالمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا، وَكَسَبَهُ مِنْ طَيِّبٍ". [خ: 6443].
4131 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الأَكثَرُونَ هُمُ الأَسْفَلُونَ، إلا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا"، ثَلَاثًا.
4132 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا أُحِبُّ أَنَّ أُحُدًا عِنْدِي ذَهَبًا، فَتَأْتِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ، إلا شَيْءٌ أَرْصُدُهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ". [خ: 2389، م: 991].
4133 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ الله مُسْلِمِ بْنِ مِشْكَمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ غَيْلَانَ الثَّقَفِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي، وَعَلِمَ أَنَّ مَا جِئْتُ بِهِ الحَقّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأَقْلِل مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَعَجِّل لَهُ القَضَاءَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي وَلَمْ يُصَدِّقْنِي، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا جِئْتُ بِهِ الحَقّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأَكثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَأَطِل عُمُرَهُ".
4134 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ بُرْزِينَ (ح) وحَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ بُرْزِينَ، حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلَامَةَ، عَنِ البَرَاءِ السَّلِيطِيِّ، عَنْ نُقَادَةَ الأَسَدِيِّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ يَسْتَمْنِحُهُ نَاقَةً فَرَدَّهُ، ثُمَّ بَعَثَنِي إِلَى رَجُلٍ آخَرَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِنَاقَةٍ، فَلَمَّا أَبْصَرَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"اللهمَّ بَارِكْ فِيهَا، وَفِيمَنْ بَعَثَ بِهَا". قَالَ نُقَادَةُ: فَقُلتُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا؟ قَالَ: "وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا"، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُلِبَتْ فَدَرَّتْ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"اللهمَّ أَكْثِرْ مَالَ فُلانٍ" لِلمَانِعِ الأوَّلِ، "وَاجْعَل رِزْقَ فُلانٍ يَوْمًا بِيَوْمٍ" لِلَّذِي بَعَثَ بِالنَّاقَةِ.
4135 -
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ القَطِيفَةِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ،
4134 -
قوله: "حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ بُرْزِينَ": الذي نحفظه بضم الموحدة، وفي أصلنا مفتوحة في مكانين، ثم راء ساكنة ثم راء مكسورة ثم مثناة تحت ثم نون، وثَّق غسانَ ابنُ معين والعجلي.
4135 -
قوله: "تَعِسَ": هو بكسر العين وفتحها لغتان، تقدَّم.
قوله: "وَعَبْدُ القَطِيفَةِ": القطيفة كساء ذو خمل، وجمعه قطائف، وهو الخميلة أيضًا.
قوله: "وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ": الخميصة كساء من صوف أو خز معلم.
وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَفِ". [رَ: 4136، خ: 2887].
4136 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بنِ سُلَيمٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، تَعِسَ وَانْتكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ". [رَ: 4135، خ: 2887].
9 - القَنَاعَةُ
4137 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ". [خ: 6446، م: 1051، ت: 2373].
وقيل: كساء مربع له علمان.
وقال الجوهري: كساء رقيق، أصفر أو أحمر أو أسود
(1)
.
4136 -
قوله: "وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ": أي إذا أصابته الشوكة في قدمه فلا قدر على إخراجها، يقال: انتقش الرجل؛ إذا سلَّ الشوكة من قدمه بالمنقاش، وهو شيء تجذب به الشوكة من القدم.
9 -
بَاب القَنَاعَة
4137 -
قوله: "عَنْ كَثْرَةِ العَرَض": هو بفتح العين المهملة والراء.
(1)
ينظر: الصحاح 3/ 175.
4138 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ وَحُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ الخَوْلَانِيِّ، أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُليَّ، يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"قَدْ أَفْلَحَ مَنْ هُدِيَ إِلَى الإِسْلَامِ، وَرُزِقَ الكَفَافَ، وَقَنَعَ بِهِ". [م: 1054، ت: 2348].
4139 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ اجْعَل رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا". [خ: 6460، م: 1055، ت: 2361].
وهو كثرة المال والمتاع، والْعَرَضُ: ما عدا العين، قاله أبو زيد.
وقال الأصمعي: ما كان من مال غير نقد.
وقال أبو عُبَيْد: ما عدا الحيوان والعقار والمكيل والموزون
(1)
.
4138 -
قوله: "سَمِعَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُليَّ": هو بضم الحاء المهملة، وفي بائه ثلاثة أوجه، المشهور الضم وبه يقول المحدثون، وأهل العربية يقولونه بالفتح، كذا قاله عياض.
والسكون أيضًا لغة، قال بعضهم: ينسب إلى بني الحبلي.
4139 -
قوله: "اللهمَّ اجْعَل رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا": أي بقدر ما يمسك
(1)
مطالع الأنوار 4/ 402.
4140 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي وَيَعْلَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ نُفَيْعٍ، عَنْ أَنسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ غَنِيٍّ، وَلا فَقِيرٍ، إلا وَدَّ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَّهُ أُتِيَ مِنَ الدُّنْيَا قُوتًا".
4141 -
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى قَالا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُمَيْلَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله بْنِ مِحصَنٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، آمِنًا فِي سِرْبِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا". [ت: 2346].
4142 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ الله".
الرمق من المطعم، قاله في النهاية
(1)
.
4141 -
قوله: "آمِنًا فِي سِرْبِهِ": السرب بكسر السين المهملة وإسكان الراء ثم موحدة؛ أي في نفسه، وفلان واسع السرب أي رخي البال.
ويورى بالفتح وهو المسلك والطريق، يقال: خل سربه أي طريقه ومذهبه الذي يمر به.
قوله: "حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا": أي جمعت.
(1)
النهاية 4/ 119.
قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: "عَلَيْكُمْ". [م: 2963، ت: 2513].
4143 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إلَي صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ إِنَّما يَنْظُرُ إلَي أَعْمَالِكُمْ وَقُلُوبِكُمْ". [م: 2564].
10 - مَعِيشَةُ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم
-
4144 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنْ كُنَّا آلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَنَمْكُثُ شَهْرًا مَا نُوقِدُ فِيهِ بِنَارٍ، مَا هُوَ إلا التَّمْرُ وَالمَاءُ.
إلا أَنَّ ابْنَ نُمَيْرٍ قَالَ: نَلبَثُ شَهْرًا. [رَ: 4145، خ: 2567، م: 2972، ت: 2471].
4145 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَقَدْ كَانَ يَأْتِي عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم
4144 -
قوله: "إِنْ كُنَّا آلُ مُحَمَّدٍ": بضم اللام في "آل"، كذا في أصلنا، وهو بدل من الضمير في "كنا" المرفوع الذي هو اسمها، والذي أحفظه "آلَ" بالنصب على الاختصاص.
قوله: "مَا نُوقِدُ بِنَارٍ": كذا في أصلنا، ولعل معناه ما نطبخ طعامًا أو ما ننضج شيئًا، أو نحوهما.
الشَّهْرُ مَا نَرَى فِي البَيْتِ
(1)
مِنْ بُيُوتِهِ الدُّخَانُ. قُلتُ: فَمَا كَانَ طَعَامُهُمْ؟ قَالَتْ: الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالمَاءُ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ لَنَا جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ، جِيرَانُ صِدْقٍ، وَكَانَتْ لَهُمْ رَبَائِبُ، فَكَانُوا يَبْعَثُونَ إِلَيْهِ أَلبَانَهَا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَكَانُوا تِسْعَةَ أَبْيَاتٍ. [رَ: 4144، خ: 2567، م: 2972، ت: 2471].
4146 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَليٍّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَلتَوِي فِي اليَوْمِ مِنَ الجُوعِ، مَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ. [م: 2978، ت: 2372].
4147 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مِرَارًا: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَصْبَحَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَاعُ حَبٍّ، وَلا صَاعُ تَمْرٍ"،
10 -
مَعِيشَة آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم
4145 -
قوله: "وَكَانَتْ لهمْ رَبَائِبُ": الغنم التي تكون في البيت وليست بسائمة، واحدها ربيئة بمعنى مربوبة؛ لأن صاحبها يربُّها.
4146 -
قوله: "مَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ" الحديث: الدقل الرديءُ من التمر.
(1)
فوق كلمة: (البيت): (بيت)، وعليها (خ).
وَإِنَّ لَهُ يَوْمَئِذٍ لتِسْعَ نِسْوَةٍ. [خ: 2069، ت: 1215].
4148 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الله المَسْعُودِيُّ، عَنْ عَليِّ بْنِ بَذِيمَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا أَصْبَحَ فِي آلِ مُحَمَّدٍ إلا مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ، أَوْ مَا أَصْبَحَ فِي آلِ مُحَمَّدٍ مُدٌّ
(1)
مِنْ طَعَامٍ".
4149 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عِليٍّ قالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الأَكْرَمِ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَمَكَثْنَا ثَلَاثَ لَيَالٍ لا نَقْدِرُ، أَوْ لا يَقْدِرُ عَلَى طَعَامٍ.
4150 -
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بِطَعَامٍ سُخْنٍ فَأَكَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: "الحَمْدُ لله، مَا دَخَلَ بَطْنِي طَعَامٌ سُخْنٌ مُذ
(2)
كَذَا وَكَذَا".
4147 -
قوله: "وَإِنَّ لَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَ نِسْوَةٍ" يعني أزواجه، وهو الذي توفي عنهن، وهن عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وأم سلمة، وميمونة، وصفيّة، وجويرية، وزينب بنت جحش، وسودة بنت زمعة، فهؤلاء أزواجه التسع الذي توفي عنهن، ولا نطول بذكر نسبهن ووفاتهن ومناقبهن، ومتى تزوج كل واحدة، فإن هذا مشهور، والله أعلم.
(1)
في الهامش: (مدَّي)، وعليه (خ).
(2)
في الهامش: (منذ)، وعليه (خ).
11 - ضِجَاعُ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم
-
4151 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو خَالِدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ ضِجَاعُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَدَمًا حَشْوُهُ لِيفٌ. [خ: 6456، م: 2082، د: 4146، ت: 1761].
4152 -
حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَليٍّ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَتَى عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَهُمَا فِي خَمِيلٍ لَهُما، وَالخَمِيلُ: القَطِيفَةُ البَيْضَاءُ مِنَ الصُّوفِ، قَدْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم جَهَّزَهُمَا بِهَا، وَوِسَادَةٍ مَحشُوَّةٍ إِذْخِرًا وَقِرْبَةٍ. [س: 3384].
4153 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ العَبَّاسِ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ قَالَ: دَخَلتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ، قَالَ: فَجَلَسْتُ، فَإِذَا عَلَيْهِ إِزَارٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِذَا الحَصِيرُ قَدْ أثَّرَ فِي جَنْبهِ، وَإِذَا أَنا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ، وَقَرَظٍ فِي نَاحِيَةٍ فِي الغُرْفَةِ، وَإِذَا إِهَابٌ مُعَلَّقٌ،
4153 -
قوله: "وَإِذَا أَنا بِقبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ": هي بضم القاف؛ ما ضممت عليه من شيء، يقال: أعطاه قُبضة من سويق أو تمر أي كفًا منه، وربما جاء بالفتح، وإنما قال هنا: بقبضة نحو الصاع، والقبضة هي ما تقدّم، كأنه استعار لها ذلك لقلتها.
فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ، فَقَالَ:"مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ؟ " فَقُلتُ: يَا نَبِيَّ الله، وَمَا لِي لَا أَبْكِي؟! وَهَذَا الحَصِيرُ قَدْ أثَّرَ فِي جَنْبِكَ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لا أَرَى فِيهَا إلا مَا أَرَى، وَذَلِكَ كِسْرَى وَقَيْصَرُ فِي الثِّمَارِ وَالأَنْهَارِ، وَأَنْتَ نَبِيُّ الله وَصَفْوَتُهُ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ، قَالَ:"يَا ابْنَ الخَطَّابِ، أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنا الآخِرَةُ، وَلهُمُ الدُّنْيَا؟ " قُلتُ: بَلَى.
4154 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عِليٍّ قَالَ: أُهْدِيَتِ ابْنَةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِلَيَّ، فَمَا كَانَ فِرَاشُنَا لَيْلَةَ أُهْدِيَتْ إلا مَسْكَ كَبْشٍ.
12 - مَعِيشَةُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-
4155 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شقِيقٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ:
قوله: "وَهَذ خِزَانَتُكَ": الخزانة بكسر الخاء؛ معروفة وقد ذكرتها قبل ذلك.
قوله: "وَذَلِكَ كِسْرَى": كسرى بكسر الكاف وفتحها.
قوله: "وَصِفْوَتُهُ": بكسر الصاد في أصلنا، وهي مثلثة الصاد، والله أعلم.
4154 -
قوله: "إلا مَسْكَ كَبْشٍ": المسك بفتح الميم وإسكان السين المهملة؛ الجلد.
كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِالصَّدَقَةِ، فَيَنْطَلِقُ أَحَدُنَا يَتَحَامَلُ حَتَّى يَجِيءَ بِالمُدِّ، وَإِنَّ لأَحَدِهِمُ اليَوْمَ مِئَةَ أَلفٍ.
قَالَ شَقِيقٌ: كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَفْسِهِ. [خ: 2273، م: 1018، س: 2529].
4156 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ، سَمِعَهُ مِنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: خَطَبَنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ عَلَى المِنْبَرِ فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابعَ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مَا لَنَا طَعَامٌ نَأْكُلُهُ إلا وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا. [م: 2967].
4157 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبَّاسٍ الجُرَيْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ جُوعٌ وَهُمْ سَبْعَةٌ، قَالَ: فَأَعْطَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ تَمَرَاتٍ، لِكُلِّ إِنْسَانٍ تَمرَةٌ. [خ: 5411].
12 -
مَعِيشَة أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
4155 -
قوله: "يَتَحَامَلُ": أي يتكلف الحمل بالأُجرة ليكسب ما يتصدق به، تحاملت الشيء تكلفته.
4156 -
قوله: "حَتَّى قَرِحَتْ": هو بكسر الراء ومن قبلها قاف مفتوحة.
قوله: "أَشْدَاقُنَا": جمع شدق بالدال المهملة فيهما، ووقع في كلام بعض الناس أن "الشدق" بالذال المعجمة، وهذا سهو منه، أراد أن يقول بالمهملة فقال بالمعجمة، والله أعلم.
4158 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] قَالَ الزُّبَيْرُ: وَأَيُّ نَعِيمٍ نُسْأل عَنْهُ؟ وَإِنَّمَا هُوَ الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالمَاءُ، قَالَ:"أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ". [ت: 3356].
4159 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيمانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ ثَلَاثُ مِئَةٍ نَحْمِلُ زَادَنَا
(1)
عَلَى رِقَابِنَا، فَفَنِيَ أَزْوَادُنَا، حَتَّى كَانَ يَكُونُ لِلرَّجُلِ مِنَّا تَمْرَةٌ، فَقِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِ الله وَأَيْنَ تَقَعُ التَّمْرَةُ مِنَ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَقَدْنَاهَا، وَأَتَيْنَا البَحْرَ فَإِذَا نَحْنُ بِحُوتٍ قَدْ قَذَفَهُ البَحْرُ، فَأَكَلنَا مِنْهُ ثَمانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا. [خ: 2483، م: 1935، ت: 2475، س: 4351].
13 - فِي البِنَاءِ وَالخَرَابِ
4160 -
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ،
4158 -
قوله: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} : هذا سؤال تعداد النعم، لا سؤال تقريع وتوبيخ.
(1)
في الهامش: (أزوادنا)، وعليه (خ).
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: مَرَّ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ نُعَالِجُ خُصًّا لَنَا، فَقَالَ:"مَا هَذَا؟ " فَقُلتُ
(1)
: خُصٌّ لَنَا وَهَى وَنَحْنُ نُصْلِحُهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"مَا أُرَى الأَمْرَ إلا أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ". [د: 5235، ت: 2335].
4161 -
حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ أَبِي فَرْوَةَ قالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلحَةَ، عَنْ أَنسٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِقُبَّةٍ عَلَى بَابِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ:"مَا هَذِهِ؟ " قَالوا: قُبَّةٌ بَنَاهَا فُلَانٌ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ مَالٍ يَكُونُ
(2)
هَكَذَا فَهُوَ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ"، فَبَلَغَ الأَنْصَارِيَّ ذَلِكَ فَوَضَعَهَا، فَمَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ فَلَمْ يَرَهَا، فَسَأَل عَنْهَا فَأُخْبِرَ أَنَّهُ وَضَعَهَا لِمَا بَلَغَهُ عَنْهُ، فَقَالَ: "يَرْحَمُهُ الله، يَرْحَمُهُ الله". [د: 5237].
13 -
فِي البِنَاءِ وَالخَرَابِ
4160 -
قوله: "وَنَحْنُ نُعَالِجُ خُصًّا لَنَا": الخصُّ: بيت يعمل من الخشب والقصب، وجمعه خصاص وأخصاص، سُمِّي به لما فيه من الخصاص، وهي الفُرج والأثقاب.
4161 -
قوله: "كُلُّ مَالٍ يَكُن هَكَذَا فَهُوَ وَبَالٌ": كذا في أصلنا: "يكن" ولا أدري ما وجه جزمه، والوجه رفعه، والله أعلم.
(1)
في الهامش: (فقلنا)، وعليه (خ).
(2)
في الأصل: (يكن).
4162 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بِنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ، عَنْ أَبِيهِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بَنَيْتُ بَيْتًا يُكِنُّنِي مِنَ المَطَرِ، وَيُكِنُّنِي مِنَ الشَّمْسِ، مَا أَعَانَنِي عَلَيْهِ خَلقٌ لله تَعَالَى. [خ: 6302].
4163 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: أَتَيْنَا خَبَّابًا نَعُودُهُ، فَقَالَ: لَقَدْ طَالَ سَقْمِي، وَلَوْلا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لا تَتَمَنَّوُا المَوْتَ" لَتَمَنَّيْتُهُ، وَقَالَ:"إِنَّ العَبْدَ لَيُؤْجَرُ فِي نَفَقَتِهِ كُلِّهَا إلا فِي التُّرَابِ"، أَوْ قَالَ:"فِي البِنَاءِ". [ت: 970].
14 - التَّوَكُّلُ وَاليَقِينُ
4164 -
حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لِهيعَةَ، عَنِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الجَيْشَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَوْ أنَّكُمْ تَوَكَّلتُمْ عَلَى الله حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ؛ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا". [ت: 2344].
14 -
التَّوَكُّل وَاليَقِين
4164 -
قوله: "تَغْدُو خِمَاصًا": أي تغدو بكرة.
[خماصًا] أي فارغة البطون، وتروح عشاء وهي ممتلئة الأجواف من الشبع.
4165 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَلّامِ أبِي شُرَحْبِيلَ، عَنْ حَبَّةَ وَسَوَاءٍ ابْنَيْ خَالِدٍ قَالا: دَخَلنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يُعَالِجُ شَيْئًا، فَأَعَنَّاهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:"لا تَيْأَسَا مِنَ الرِّزْقِ مَا تَهَزَّزَتْ رُؤُوسُكُمَا، فَإِنَّ الإِنْسَانَ تَلِدُهُ أُمُّهُ أَحْمَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ قِشْرٌ، ثُمَّ يَرْزُقُهُ اللهُ عز وجل".
4166 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو شُعَيْبٍ صَالِحُ بْنُ رُزيقٍ
(1)
العَطَّارُ قالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُمَحِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ قَلبِ ابْنِ آدَمَ بِكُلِّ وَادٍ شُعْبَةً، فَمَنِ اتَّبَعَ قَلبُهُ الشُّعَبَ كُلَّهَا لَمْ يُبَالِ اللهُ بِأَيِّ وَادٍ أَهْلكَهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى الله كَفَاهُ الشُعَبَ".
4165 -
قوله: "عَنْ حَبَّةَ وَسَوَاءٍ ابْنَيْ خَالِدٍ": "حبة" بفتح الحاء المهملة وبالموحدة المشددة المفتوحة ثم تاء التأنيث، و"سواء" بفتح السين وفي آخره همزة ممدودة، صحابيان.
عنهما سلَّام بالتشديد، ابن شرحبيل فقط، وعن سلَّام الأعمش انفرد عنه أيضًا، ذكره ابنُ حبان في ثقاته.
4166 -
قوله: "أَخْبَرَنَا أَبُو شُعَيْبٍ صَالِحُ بْنُ زريق": زريق بتقديم الزاي
(1)
في الأصل: (زُريق)، وفي الهامش: صالح بن زريق هنا بتقديم الزاي على الراء، وصوابه العكس، ذكره الذهبي في الميزان والتذهيب والكاشف في هذه الرتبة، أعني بتقديم الراء [على الزاي].
4167 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا يَمُوتَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إلا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِالله". [م: 2877، د: 3113].
4168 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى الله مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وِفي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَلا تَعْجِزْ، فَإِنْ غَلَبكَ أَمْرٌ فَقُل: قَدَّرَ اللهُ، وَمَا شَاءَ فَعَلَ، وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ، فَإِنَّ اللَّوْ، تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ". [رَ:79، م: 2664].
كذا في أصلنا، وصوابه تقديم الراء ثم الزاي، كذا أخرجه الذهبي في الكاشف والتذهيب والميزان
(1)
.
روى عن صالحٍ الكوسجُ فقط بحديثٍ مُنكرٍ، عن الجُمَحِيُّ، عَنْ مُوسَى ابنِ عُلَيِّ بالتصغير، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ مِنْ قَلبِ ابْنِ آدَمَ بِكُلِّ وَادٍ شُعْبَةً" الحديث.
4168 -
قوله: "وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ، فَإِنَّ اللَّوْ، تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ": هو بإسكان الواو، وكذا في أصلنا، ويريد قول لو كان كذا لكان كذا ولم يكن كذا، وسيأتي بعيده بقية من هذا.
(1)
الكاشف 1/ 495، وتذهيب التهذيب 4/ 319، وميزان الاعتدال 3/ 403.
15 - الحِكْمَةُ
4169 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الفَضْلِ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الكَلِمَةُ الحِكْمَةُ ضَالَّةُ المُؤْمِنِ، حَيْثُمَا وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا". [ت:2687].
وقال ابن الأثير: وهو حرف من حروف المعاني؛ يمتنع بها الشيء لامتناع غيره، فإذا سمي بها زِيْدَ فيها واو أخرى، ثم أدغمت وشددت حملًا على نظائرها من حروف المعاني
(1)
، انتهى.
قوله: "تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ": معناه أن قولها واعتياد معناها يفضي بالعبد إلى التكذيب بالقدر أو عدم الرضا بصنع الله؛ لأن القدر إذا ظهر بما يكره العبد قال: لو فعلت كذا لم يكن هذا، وقد مرّ في علم الله أنه لا يفعل إلا الذي فعل، ولا يكون إلا الذي كان.
وقد أنكر بعضهم على البخاري في ترجمته: "مَا يجُوزُ مِنَ اللَّوْ" فقال: فأدخل الألف واللام على لَوْ، وهي حرف، وهو غير جائز في العربية.
وأُجيب عنه؛ بأنه أقامها مقام اسم لمعنىً قد علم، كالندم والتمني
(2)
، انتهى.
وهذا المُنكِر لو وقف على حديث الأصل لم يُنكر، والله أعلم.
(1)
النهاية 4/ 280.
(2)
مطالع الأنوار 3/ 462.
4170 -
حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ العَظِيمِ العَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ". [خ: 6412، ت: 2304].
4171 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيادٍ، حَدَّثَنَا الفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ جُبَيْرٍ مَولى أَبِي أَيُّوبَ، عنْ أَبِي أَيُّوبَ قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، عَلِّمْنِي وَأَوْجِزْ، قَالَ:"فَإِذَا قُمْتَ فِي صَلاِتكَ فَصَلِّ صَلاةَ مُوَدِّعٍ، وَلا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ، وَأَجْمِعِ اليَأْسَ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ".
4172 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَليِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الَّذِي يَجْلِسُ يَسْمَعُ الحِكْمَةَ، ثُمَّ لا يُحَدِّثُ عَنْ صَاحِبِهِ إلا بِشَرِّ مَا يَسْمَعُ، كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى رَاعِيًا، فَقَالَ: يَا رَاعِي أَجْزِرْنِي شَاةً مِنْ غَنَمِكَ، قَالَ: اذْهَبْ فَخُذْ بِأُذُنِ خَيْرِهَا، فَذَهَبَ فَأَخَذَ بِأُذُنِ كَلبِ الغَنَمِ".
4172 -
قوله: "يَا رَاعِي أَجْزِرْنِي": هو بفتح الهمزة وإسكان الجيم ثم زاي مكسورة ثم راء ساكنة، والباقي معروف.
أي أعطني شاة تصلح للذبح.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُوسى، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَقَالَ فِيهِ: "بِأُذُنِ خَيْرِهَا
(1)
شَاةً".
16 - البَرَاءَةُ مِنَ الكِبْرِ، وَالتَّوَاضُعُ
4173 -
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مُسْهِرٍ (ح) وَحَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، جَمِيعًا عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ، وَلا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ". [رَ: 59، م: 91، د: 4091، ت: 1998].
4174 -
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:
16 -
الَبرَاءَةُ مِنَ الكِبْرِ وَالتَّوَاضُعُ
التواضع: معروف، وهو بضم العين معطوف على البراءة.
4173 -
قوله: "لا يَدْخُلُ الجنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ" الحديث: أي لا يدخلها مع الفائزين، أو لا يدخلها في أول وهلة، أو أنه محمول على المستحيل.
قوله: "وَلا يَدْخُلُ النَّارَ": أي لا يدخلها دخول تخليد، والله أعلم.
(1)
في الهامش: (شرها)، وعليه (خ).
"يَقُولُ اللهُ تَعَالى: الكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالعَظَمَةُ إِزَارِي، مَنْ يُنَازِعُنِي
(1)
وَاحِدًا مِنْهُما أَلقَيْتُهُ فِي جَهَنَّمَ". [م: 2620، د: 4090].
4175 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ وَهَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ المُحَارِبِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَقُول اللهُ: الكِبْريَاءُ رِدَائِي، وَالعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا أَلقَيْتُهُ فِي النَّارِ".
4176 -
حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، أَنَّ دَرَّاجًا حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ يَتَوَاضَعُ لله دَرَجَةً يَرْفَعُهُ اللهُ بِهِ دَرَجَةً، وَمَنْ يَتَكَبَّرُ عَلَى الله دَرَجَةً يَضَعُهُ اللهُ بِهِ دَرَجَةً حَتَّى يَجْعَلَهُ فِي أَسْفَلِ السَّافِلِينَ".
4177 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَليٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ وَسَلمُ بْنُ قُتَيبَةَ قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَليِّ بْنِ زيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: إِنْ كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَمَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهَا حَتَّى تَذْهَبَ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ مِنَ المَدِينَةِ فِي حَاجَتِهَا.
4178 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُسْلِمٍ الأَعْوَرِ،
4176 -
قوله: "وَمَنْ يَتَكبَّرُ عَلَى الله": أي على خلق الله، والله أعلم.
(1)
في الهامش: (نازعني)، وعليه (خ).
عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعُودُ المَرِيضَ، ويُشَيِّعُ الجِنَازَةَ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ المَمْلُوكِ، وَيَرْكَبُ الحِمَارَ، وَكَانَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ، وَالنَّضِيرِ عَلَى حِمَارٍ، وَيَوْمَ خَيْبَرَ عَلَى حِمَارٍ مَخْطُومٍ بِرَسَنٍ مِنْ لِيفٍ، وَتَحْتَهُ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ. [ت: 1017].
4179 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عِليُّ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ خَطَبَهُمْ، فَقَالَ:"إِنَّ اللهَ عز وجل أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ". [م: 2865، د: 4895].
17 - الحَيَاءُ
4180 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي عُتْبَةَ مَوْلًى لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاء مِنْ عَذْرَاءَ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ. [خ: 3562، م: 2320].
4181 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الله الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُعَاوِيةَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الإِسْلَامِ الحَيَاءُ".
4182 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَإِنَّ خُلُقَ الإِسْلَامِ الحَيَاءُ".
4183 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى؛ إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ". [خ: 3483، د: 4797].
4184 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ، وَالإِيمَانُ فِي الجَنَّةِ، وَالبَذَاءُ مِنَ الجَفَاءِ، وَالجَفَاءُ فِي النَّارِ".
4185 -
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عِليٍّ الخَلَّال، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنسٍ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا كَانَ الفُحْشُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إلا شَانَهُ، وَلا كَانَ الحَيَاءُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إلا زَانَهُ". [ت: 1974].
18 - الحِلمُ
4186 -
حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ قالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللهُ عَلَى رُؤُوسِ الخَلَائِقِ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الحُورِ شَاءَ". [د: 4777، ت: 2021].
17 -
الحَيَاءُ
4184 -
قوله: "وَالبَذَاءُ مِنَ الجَفَاءِ" إلى آخره: البذاء بفتح الموحدة ثم
4187 -
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ الهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عُمَارَةَ العَبْدِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَتَتْكُمْ وُفُودُ عَبْدِ القَيْسِ"، وَمَا نَرَى أَحَدًا، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ جَاؤُوا فَنَزَلُوا، فَأَتَوْا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَبَقِيَ الأَشَجُّ العَصَرِيُّ، فَجَاءَ بَعْدُ فَنَزَلَ مَنْزِلًا فَأَنَاخَ رَاحِلتَهُ، وَوَضَعَ ثِيَابَهُ جَانِبًا، ثُمَّ جَاءَ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"يَا أَشَجُّ، إِنَّ فِيكَ لخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الحِلمَ وَالتُّؤَدَةَ"، قَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَشَيْءٌ جُبِلتُ عَلَيْهِ، أَمْ شَيْءٌ حَدَثَ لِي؟ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"شَيْءٌ جُبِلتَ عَلَيْهِ". [م: 18].
الذال المعجمة وبالمد في آخره؛ الفحش في القول، تقول منه بذوت على القوم، وابتذيت أَبْذُ وَبذاءً.
و"الجفاء": غلظ الطبع.
18 -
الحِلم
4187 -
قوله: "حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ الهَمْدَانِيُّ": هو بإسكان الميم وبالدال المهملة.
قوله: "وَبَقِيَ الأَشَجُّ العَصَرِيُّ": اسمه: المنذر بن عائذ.
وقيل: المنذر بن الحارث بن زياد، وقيل: المنذر بن عامر، وقيل: ابن عبيد.
وقيل: عبد الله بن عوف.
4188 -
حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بْنُ الفَضْلِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبو جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلأَشَجِّ العَصَرِيِّ:"إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُما اللهُ: الحِلمَ، وَالحَيَاءَ". [ت: 2011].
ولُقِّب بالأشج؛ لأثر كان في وجهه.
ونسبه .... فقال: المنذر بن عائذ بن المنذر بن الحارث بن النعمان بن زياد بن عَصَري بن عوف بن بكر [بن عوف] بن أنْمَار بن عَمْرو بن ودِيعة بن لُكَيز بن أفْصى بالفاء وصاد مهملة، ابن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار العبدي العصري، والعصر بالعين والصاد المهملتين المفتوحتين ثم الراء.
وقد رأيت بعضهم سمَّى بعض وفد عبد القيس وهم أربعة عشر راكبًا، وقيل: أربعون، فقال:(1) الأشج العصري رئيسهم، وقد سميته أنا، (2) ومزيدة بن مالك المحاربي، (3) وعبيد بن همام المحاربي، (4) وصُحار بن العباس المري، (5) وعمرو بن المرجوم بالجيم العصري، (6) والحارث بن شعيب العصري، (7) والحارث بن جندب من بني عايش.
وقد ذكرتُ أنا الأربعة عشر، وزدت فيهم غير واحد في أوائل تعليقي على صحيح البخاري في كتاب الإيمان فانظره.
4188 -
قوله: "حَدَّثَنَا أَبو جَمْرَةَ": هو نصر بن عمران، بالجيم والراء.
4189 -
حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَعْظَمُ أَجْرًا عِنْدَ الله مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَهَا عَبْدٌ ابْتِغَاءَ وَجْهِ الله عز وجل".
19 - الحُزْنُ وَالبُكَاءُ
4190 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مُوَرِّقٍ العِجْلِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لا تَسْمَعُونَ، إِنَّ السَّمَاءَ أَطَّتْ، وَحَقَّ لهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إلا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لله، وَالله لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الفُرُشَاتِ، وَلخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى الله، وَالله لَوَدِدْتُ أَنِّي كنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ". [ت: 2312].
19 -
الحُزْن وَالبُكَاء
4190 -
قوله: "إِنَّ السَّمَاءَ أَطَّتْ وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ": الأطيط: صوتُ الأقتاب، وأطيط الإبل: أصواتها وحنينها.
أي إن كثرة من فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطت، وهذا مثلٌ وإيذان بكثرةٍ، وإن لم يكن هناك أطيط، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله.
قوله: "وَالله لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ": هذا مدرج من كلام أبي ذر، وهذا ظاهر لمن تأمله.
4191 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قالَ: حَدَّثَنَا قتادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا". [خ: 4621، م: 426، س: 1363].
4192 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ إِسْلَامِهِمْ وَبَيْنَ أَنْ نَزَلَتْ هَذ الآيَةُ يُعَاتِبُهُمُ اللهُ بِهَا إلا أَرْبَعُ سِنِينَ:{وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 16].
4193 -
حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُكْثِرُوا الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلبَ".
4194 -
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "اقْرَأْ عَلَيَّ"، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ. [خ: 4582، م: 800، د: 3668، ت: 3024].
4195 -
حَدَّثَنَا القَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الخُرَاسَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ البَرَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةٍ، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ القَبْرِ، فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ:"يَا إِخْوَانِي لمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا".
4196 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا".
4197 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قالَ: حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الزُّرَقِيُّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يَخْرُجُ مِنْ عَيْنَيْهِ دُمُوعٌ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ رَأْسِ الذُّبَابِ، مِنْ خَشْيَةِ الله، ثُمَّ يُصِيبُه شَيء مِنْ حُرِّ وَجْهِهِ، إلا حَرَّمَهُ الله عَلَى النَّارِ".
20 - التَّوَقِّي عَلَى العَمَلِ
4198 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ،
4197 -
قوله: "مِنْ حُرِّ وَجْهِهِ": حُرّ الوجه بضم الحاء المهملة وتشديد الراء؛ هو ما بدا من الوجنة، يقال: لطمتُه على حُرِّ وجهه.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ الهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60] أَهُوَ الَّذِي يَزْنِي، وَيَسْرِقُ، وَيَشْرَبُ الخَمْرَ؟ قَالَ: "لا يَا بُنَيَّةَ أَبِي بَكْرٍ
(1)
، وَلكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيَتَصَدَّقُ وَيُصَلِّي، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لا يُتَقَبَّلَ مِنْهُ". [ت: 3175].
4199 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِمْرَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ رَبٍّ قَالَ:
20 -
التَّوَقّي عَلَى العَمَلِ
4198 -
قوله: "عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ الهَمْدَانِيِّ": هو بإسكان الميم وبالدال المهملة.
وقوله في الأصل: "ابن سعد" كذا فيه، وفي الحاشية:"سعيد" وعليه صورة "خ" إشارة إلى أنه نسخة، وكتب تجاهه: ينظر.
فنظرتُ فإذا هو سعيد لا سعد، يروي عبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني الخَيواني بالخاء المعجمة المفتوحة ثم المثناة تحت، عن أبيه وعائشة وقيل: لم يدركها، وغيرهما، وعنه جماعة، وثَّقه أبو حاتم والنسائي.
له في الكتب؛ أعني مسلم والترمذي وابن ماجه حديثين؛ أحدهما عن عائشة في قوله: {يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60] الذي في الأصل.
(1)
في بعض النسخ والمطبوع زيادة: أو يا بنت الصديق.
سَمِعْتُ مُعَاوَيةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ كَالوِعَاءِ؛ إِذَا طَابَ أَسْفَلُهُ طَابَ أَعْلَاهُ، وَإِذَا فَسَدَ أَعْلاهُ فَسَدَ أَسْفلُهُ".
4200 -
حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ وَرْقَاءَ بْنِ عُمَرَ قالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ ذَكْوَانَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ العَبْدَ إِذَا صَلَّى فِي العَلَانِيَةِ فَأَحْسَنَ، وَصَلَّى فِي السِّرِّ فَأَحْسَنَ، قَالَ اللهُ عز وجل: هَذَا عَبْدِي حَقًّا".
4201 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى قَالا: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قَارِبُوا وَسَدِّدُوا، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُنْجِيهِ عَمَلُهُ"، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "وَلا أَنَا، إلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ".
21 - الرِّيَاءُ وَالسُّمْعَةُ
4202 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ العُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ العَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"قَالَ اللهُ عز وجل: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، فَمَنْ عَمِلَ لِي عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَهُوَ لِلَّذِي أَشرَكَ". [م: 2985].
21 -
الرِّيَاء وَالسُّمْعَة
4202 -
قوله: "أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ" الحديث: اعلم أن
4203 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ الله الحَمَّالُ وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ البُرْسَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا جَمَعَ اللهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ليَوْمِ القِيَامَةِ لِيَوْمٍ لَا ريبَ فِيهِ، نَادَى مُنَادٍ: مَنْ كَانَ أَشرَكَ فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لله عز وجل فَليَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ الله، فَإِنَّ اللهَ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ". [ت: 3154].
4204 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمرُ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زيدٍ،
الشخص إذا أشرك في العبادة غيرها من أمر دنيوي أو رياء؛ فاختار الغزالي اعتبار الباعث على العمل، فإن كان القصدُ الدنيوي هو الأغلب لم يكن له فيه أجرٌ، وإن كان القصد الديني هو الأغلب كان له الأجر بقدره، وإن تساويا تساقطا.
واختار الشيخ عز الدين ابن عبد السلام أنه لا أجر فيه مطلقًا؛ سواء تساوى القصدان أو اختلفا، وهذا الذي يعضده هذا الحديث وغيره.
وقال المحاسبي: إذا كان الباعث الديني أقوى بطل عملُه.
قال بعض مشايخي: وخالف في ذلك الجمهور.
وقال ابن جرير الطبري: إذا كان ابتداء العمل لله لم يضره ما عرض بعده في نفسه من عجب، هذا قول عامة السلف.
عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ المَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: "أَلا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ
(1)
عِنْدِي مِنَ المَسِيحِ الدَّجَّالِ؟ " قَالَ: فقُلنَا: بَلَى، قَالَ: "الشِّرْكُ الخَفِيُّ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ فيُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ".
4205 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ العَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا رَوَّادُ بْنُ الجَرَّاحِ، عَنْ عَامِرِ ابْنِ عَبْدِ الله، عَنِ الحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الإِشْرَاكُ بِالله، أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَقُوُل يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلا قَمَرًا وَلا وَثَنًا، وَلَكِنْ أَعْمَالًا لِغَيْرِ الله، وَشَهْوَةً خَفِيَّةً".
4206 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالا: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ المُخْتَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطِيَّةَ العَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللهُ بِهِ،
4204 -
قوله: "عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ": هو بضم الراء ثم موحدة مفتوحة ثم مثناة ساكنة تحت ثم حاء مهملة، تقدّم ضبطه.
4206 -
قوله: "مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ الله بِهِ": أي يعمل عملًا مراءاة للناس ليشتهر بذلك ويعظم شهره الله يوم القيامة.
وقيل: معناه مَن يذيع على مسلم عيبًا ويسمعه عليه أظهر الله عيوبَهُ.
(1)
في الهامش: (عليكم)، وعليه (خ).
وَمَنْ يُرَاءِ يُرَاءِ اللهُ بِهِ".
4207 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ جُنْدَبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يُرَاءِ يُرَاءِ اللهُ بِهِ، وَمَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللهُ بِهِ". [خ:6499، م:2987].
22 - الحَسَدُ
4208 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا". [خ:73، م: 816].
4209 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يَزِيدَ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتاهُ اللهُ القُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آناءَ اللَّيْلِ وَآناءَ النَّهَارِ،
وقيل: يسمَّع اللهُ بِهِ أسمعه المكروه.
قوله: "وَمَنْ يُرَاءِ يُرَاءِ الله بِهِ": معناه من يتزين للناس بما ليس فيه من عمل صالح ليعظم في نفوسهم أظهر الله في الآخرة سريرته على رؤوس الخلائق.
22 -
الحَسَد
4209 -
قوله: "فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ": الآناء: الساعات،
وَرَجُل آتاهُ اللهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آناءَ اللَّيْلِ وَآناءَ النَّهَارِ". [خ:7529، م: 815].
4210 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الله الحمَّالُ وَأَحْمَدُ بْنُ الأَزْهَرِ قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيكٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عِيسَى الحنَّاطِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَنسٍ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الحَسَدُ يَأْكُلُ الحَسَنَاتِ كَما تَأْكلُ النَّارُ الحَطَبَ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وَالصَّلاةُ نُورٌ
(1)
، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ".
واحدها إنًا وزن مِعًا.
وقيل: واحدها إنْي وإنْو.
تقول: مضى إنْيَان وإنْوَان من الليل.
واقتصر بعضهم على إنْي فقط، مثال نِحْي.
4210 -
قوله: "عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عِيسَى الحَنَّاطِ": هذا الرجل عالج الأسباب الثلاثة فهو خَيّاط وحَنّاط وخَبّاط، لكن المشهور فيه بالحاء المهملة والنون.
ومثله بثلاثة أسباب: مسلم بن أبي مسلم، والأشهر فيه خَبَّاط بمعجمة وموحدة.
ورجّح الذهبي في كل واحد ما اشتهر به، وقد تقدَّم.
(1)
في الهامش: (المؤمن)، وعليه (خ).
23 - البَغْيُ
4211 -
حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بْنُ الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ قالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ المُبَارَكِ وَابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللهُ لِصَاحِبِهِ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ، مِنَ البَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ". [د: 4902، ت: 2511].
4212 -
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُعَاوَيةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَسْرَعُ الخَيْرِ ثَوَابًا البِرُّ وَصِلَةُ الرَّحِمِ، وَأَسْرَعُ الشَرِّ عُقُوبَةً البَغْيُ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ".
4213 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ المَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"حَسْبُ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ". [م: 2564، د: 4882، ت:1927].
4214 -
حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الحارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، وَلا يَبْغِي بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ".
24 - الوَرَعُ وَالتَّقْوَى
4215 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ القَاسِمِ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا يَبْلُغُ العَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ المُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا لِما بِهِ البَأْسُ". [ت: 2451].
4216 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا زيدُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا مُغِيثُ بْنُ سُمَيٍّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "كُلُّ مَخْمُومِ القَلبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ".
24 -
الوَرَع وَالتَّقْوَى
4215 -
قوله: "حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ": هو بفتح العين وكسر القاف؛ اسمه. عبد الله بن عقيل ثقفي كوفي، روى عن جماعة وعنه جماعة.
قال أحمد: ثقة صالح الحديث.
واختلف قول ابن معين فيه.
وقال أبو داود والنسائي: ثقة.
وقال أبو حاتم: شيخ.
روى له الأربعة.
4216 -
قوله: "قِيلَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: كُلُّ مَخْمُومِ القَلبِ" إلى آخره: مخموم بالخاء المعجمة؛ وهو خممتُ البيت إذا كنسته.
قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ، نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ القَلبِ؟ قَالَ: "هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لا إِثْمَ فِيهِ
(1)
، وَلا غِلَّ، وَلا حَسَدَ".
4217 -
حَدَّثَنَا عِليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ
(2)
، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَأَقِلَّ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلبَ". [ت: 2305].
4218 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ، عَنِ المَاضِي بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِليِّ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا عَقْلَ كَالتَّدْبِير، وَلا وَرَعَ كَالكَفِّ، وَلا حَسَبَ كَحُسْنِ الخُلُقِ".
وجاء تفسيره في الحديث نفسه: أنه "التَّقِيّ النَّقِيّ، لا إِثْمَ فِيهِ، وَلا غِلَّ، وَلا حَسَدَ".
4218 -
قوله: "عَنِ المَاضِي بْنِ مُحَمَّدٍ": بالضاد المعجمة المكسورة؛ كاتب المصاحف، عن ليث بن أبي سُليم وهشام بن عروة وجويبر، وعنه ابن وهب فقط، فيه جهالة.
(1)
في الهامش: (ولا بغي)، وعليه (خ).
(2)
في الأصل: (حدثنا معاوية)، والتصويب من التحفة (14805).
4219 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ العَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الحَسَبُ المَالُ، وَالكَرَمُ التَّقْوَى". [ت: 3271].
4220 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالا: حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الحسَنِ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ ضُرَيْبِ بْنِ نُقَيْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لأَعْرِفُ كلِمَةً"، وَقَالَ عُثْمَانُ:"آيَةً، لَوْ أَخَذَ النَّاسُ كُلُّهُمْ بِهَا لَكَفَتْهُمْ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، أيَّةُ آيَةٍ؟ قَالَ:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2].
قال ابن عدي: مُنكر الحديث.
وقال أبو حاتم: الحديث [الذي رواه] باطل، انتهى.
وله مناكير منها بإسناد فيه ضعيف غيره: "الزنا يورث الفقر"
(1)
.
4220 -
قوله: "عَنْ أَبِي السَّلِيلِ ضُرَيْبِ بْنِ نُقَيْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ": أبو السليل بفتح السين المهملة وكسر اللام ثم مثناة تحت ساكنة ثم لام.
و"ضريب" بضم الضاد المعجمة وفتح الراء ثم مثناة ساكنة ثم موحدة.
و"نقير" بضم النون وفتح القاف، ويقال بالفاء، ثم مثناة تحت ساكنة ثم راء، ويقال: ابن نفيل.
(1)
ميزان الاعتدال 6/ 3.
25 - الثَّنَاءُ الحَسَنُ
4221 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الجُمَحِيُّ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِالبنَا، أَوِ النَّبَاوةِ، قَالَ: وَالنَّبَاوَةُ مِنَ الطَّائِفِ، قَالَ:"تُوشِكُوا أَنْ تَعْرِفُوا أَهْلَ الجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ"، قَالُوا: بِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "بِالثَّناءِ الحَسَنِ، وَالثَّناءِ السَّيِّءِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ الله بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ".
4222 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ كُلثُومٍ الخُزَاعِيِّ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنْتُ أَنِّي قَدْ أَحْسَنْتُ، وَإِذَا أَسَأْتُ أَنِّي قَدْ أَسَأْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إِذَا قَالَ جِيرَانُكَ: قَدْ أَحْسَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ، وَإِذَا قَالُوا: إِنَّكَ قَدْ أَسَأْتَ فَقَدْ أَسَأْتَ".
وثَّقوه، أرسل عن أبي ذر.
25 -
الثَّنَاء الحَسَن
4221 -
قوله: "خَطَبَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بالبَتَاوة، أَوِ البَنَاوَةِ، قَالَ: وَالنَّبَاوَةُ مِنَ الطَّائِفِ": أما اللفظة الأولى فهي بالموحدة في أولها ثم بالمثناة فوق وهي مقصورة، وأما اللفظة الثانية فهي بالنون المفتوحة ثم بالموحدة وبالواو بعد الألف ثم تاء التأنيث.
4223 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنْتُ، وَإِذَا أَسَأْتُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِذَا سَمِعْتَ جِيرَانَكَ يَقُولُونَ: قَدْ أَحْسَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ، وَإِذَا سَمِعْتَهُمْ يَقُولُونَ: قَدْ أَسَأْتَ فَقَدْ أَسَأْتَ".
4224 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَزيدُ بْنُ أَخْزَمَ قَالَا: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ أَبِي ثُبَيْتٍ، عَنْ أَبِي الجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَهْلُ الجَنَّةِ مَنْ مَلأَ أُذُنَيْهِ مِنْ ثَنَاءِ النَّاسِ خَيْرًا، وَهُوَ يَسْمَعُ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنْ مَلأَ أُذُنَيْهِ مِنْ ثَنَاءِ النَّاسِ شَرًّا، وَهُوَ يَسْمَعُ".
4225 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قُلتُ لَهُ: الرَّجُلُ يَعْمَلُ العَمَلَ لله، فَيُحِبُّهُ النَّاسُ عَلَيْهِ، قَالَ:"ذَلِكَ عَاجِلُ بُشْرَ-ى المُؤْمِنِ". [م: 2642].
4224 -
قوله: "حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ أَبِي ثُبَيْتٍ": هو بضم المثلثة في أوله ثم موحدة مفتوحة ثم مثناة تحت ساكنة ثم مثناة فوق، وهو عقبة بن سريج الراسبي البصري، وثَّقه ابنُ معين.
قوله: "عَنْ أَبِي الجَوْزَاءِ": هو بالجيم المفتوحة في أوله وبالزاي بعد الواو وآخره ممدود، واسمه أوس بن عبد الله الربعي، تقدَّم في أوائل هذا الكتاب، مع أبي الحوارء بالحاء المهملة والراء.
4226 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ أَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي أَعْمَلُ العَمَلَ فَيُطَّلَعُ عَلَيْهِ، فَيُعْجِبُنِي، قَالَ:"لَكَ أَجْرَانِ: أَجْرُ السِّرِّ، وَأَجْرُ العَلَانِيَةِ".
26 - النِّيَّةُ
4227 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ (ح) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالا: أَخْبَرَنَا يَحْيىَ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ
(1)
، أَخْبَرَهُ أَنهُ سَمِعَ عَلقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ، أنهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ
4226 -
قوله: "حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ": كذا في الأصل، وكتب تجاهه: سعد، وعليه صورة "خ" إشارة إلى أنه نسخة، وكتب تجاهه: ينظر.
فنظرت فإذا هو سعيد، بزيادة ياء، البُرجمي.
قال أحمد: كان رجلًا صالحًا، ولم يكن يقيم الحديث.
وقال ابن معين: ثقة.
وقال أبو حاتم: ثقة صدوق.
وقال غيره: كان عابدًا فاضلًا من رفعاء الناس، وكان كثير الحج.
قال الذهبي: أظنه توفي قبل الستين ومائة
(2)
.
(1)
في الهامش: (التيمي)، وعليه (خ).
(2)
تذهيب التهذيب 4/ 12.
وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرتُهُ إِلَى الله وَإِلَى رَسُولهِ فَهِجْرتُهُ إِلَى الله وَإِلَى رَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ". [خ: 1، م: 1907، د: 2201، ت: 1647، س: 75].
4228 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأَنْمَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ كَمَثَلِ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا وَعِلمًا فَهُوَ يَعْمَلُ بِعِلمِهِ فِي مَالِهِ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ عِلمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالًا، فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ هَذَا عَمِلتُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي يَعْمَلُ"، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "فَهُمَا فِي الأَجْرِ سَوَاءٌ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا وَلَمْ يُؤْتهِ عِلمًا فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ يُنْفِقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ، وَرَجُلٌ لَمْ يُؤْتِهِ
(1)
عِلمًا وَلَا مَالًا وَهُوَ يَقُولُ: لَوْ كانَ لِي مِثْلُ مَال هذَا عَمِلتُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي يَعْمَلُ،
(2)
فَهُمَا فِي الوِزْرِ سَوَاءٌ". [ت: 2325].
26 -
النِّيَّة
4227 -
قوله: "أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا": هذه المرأة كنيتها أمّ قيس، وادعى ابن دحية أن اسمها قيْلة، ولا يُعرف اسم الرجل بعد التفتيش.
(1)
في الهامش: (الله)، وعليه (خ).
(2)
في الهامش: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وعليه (خ).
4228 م- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصورٍ المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(1)
.
(ح) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُفَضَّلٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ نَحْوَهُ.
4229 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا يُبْعَثُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ".
4230 -
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ". [م:2878].
27 - بَاب الأَمَل وَالأَجَل
4231 -
حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ البَاهِليُّ قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي يَعْلَى، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ خَطَّ خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطًّا وَسَطَ الخَطِّ المُرَبَّعِ وَخُطُوطًا إِلَى جَانِبِ الخَطِّ الَّذِي وَسَطَ الخَطِّ المُرَبَّعِ، وَخَطًّا خَارِجًا
(1)
في الهامش: (نحوه)، وعليه (خ).
مِنَ الخَطِّ المُرَبَّعِ، فَقَالَ:"أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟ " قَالُوا: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"هَذَا الإِنْسَانُ الخَطُّ الأَوْسَطُ، وَهَذ الخُطُوطُ إِلَى جَنْبِهِ الأَعْرَاضُ تَنْهَشُهُ، أَوْ تَنْهَسُهُ، مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا أَصَابَهُ هَذَا، وَالخَطُّ المُرَبَّعُ الأَجَلُ المُحِيطُ، وَالخَطُّ الخَارِجُ الأَمَلُ". [خ: 6417، ت: 2454].
4232 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "هَذَا ابْنُ آدَمَ، وَهَذَا أَجَلُهُ عِنْدَ قَفَاهُ، وَبَسَطَ يَدَهُ أَمَامَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَثَمَّ أَمَلُهُ". [خ: 6418، ت: 2334].
27 -
بَاب الأَمَل وَالأَجَل
4231 -
قوله: "أَنَّهُ خَطَّ خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطًّا وَسَطَ الخَطِّ المُرَبَّعِ وَخُطُوطًا إِلَى جَانِبِ الخَطِّ الَّذِي وَسَطَ المُرَبَّعِ، وَخَطًّا خَارِجًا مِنَ الخَطِّ المُرَبَّعِ" الحديث: وهذا مثال الخط الذي خطه عليه السلام:
|
4233 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ العَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَلبُ الشَّيْخِ شَابٌّ فِي
(1)
اثْنَتَيْنِ: فِي حُبِّ الحَيَاةِ، وَكَثْرَةِ المَالِ". [خ: 6420، م:1046، ت:2338].
4234 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَهْرَمُ ابْنُ آدمَ، وَيَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ: الحِرْصُ عَلَى المَالِ، وَالحِرْصُ عَلَى العُمُرِ". [خ: 6421، م: 1047، ت: 2339].
4235 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ العُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ العَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ، وَلا يَمْلأَ نَفْسَهُ إلا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ".
4235 -
قوله: "لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ، وَلا يَمْلأَ نَفْسَهُ إلا التُّرَابُ، وَيتُوبُ الله عَلَى مَنْ تَابَ": هذا كان قرآنًا ونسخت تلاوته، فإن قيل: في أي سورة كان؟ وهذا السؤال سئلت عنه حين دخلت القاهرة.
(1)
في بعض النسخ والمطبوع زيادة: حب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والجواب: إن كان في سورة "لم يكن"، كذا جاء مسند أحمد من غير طريق
(1)
.
وفي الروض للسهيلي أنه كان في سورة يونس
(2)
.
وأما إثبات كونه كان قرآنًا ففي مسند أحمد أحاديث منها: عن زيد بن أرقم قال: "لقد كنا نَقْرَأُ على عَهْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ من ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ" الحديث
(3)
.
ومنها: عنِ عَائِشَةَ، أنه عليه السلام كان إذا دخل الْبَيْتَ تَمَثَّلَ:"لو كان لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ من مَالٍ لابتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا، وَلَا يَمْلأُ فَمَهُ الا التُّرَابُ، وما جَعَلْنَا المَالَ إلا لإقام الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَيتُوبُ الله على من تَابَ"
(4)
.
ومنها: عن أَبِي وَاقِدٍ الليثي قال: "كنا نأتي النبي صلى الله عليه وسلم إذا أُنْزِلَ عليه فَيُحَدِّثُنَا، فقال لنا ذَاتَ يَوْمٍ: إن اللهَ عز وجل قال: إنا أَنْزَلْنَا المَالَ لإقام الصَّلَاةِ
(1)
مسند أحمد 5/ 132.
(2)
الروض الأنف 3/ 386، ولفظه: قوله: لو أن لابن آدم في سورة يونس بعد قوله: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24].
(3)
مسند أحمد 4/ 368.
(4)
مسند أحمد 6/ 55.
4236 -
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ المُحَارِبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ". [ت: 2331].
وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَلَوْ كان لِابْنِ آدَمَ وَادٍ لأحب أَنْ يَكُونَ إليه ثَانٍ، وَلَوْ كان له وَادِيَانِ لاحب أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِمَا ثَالِثٌ، وَلَا يَمْلأُ جَوْفَ بن آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، ثُمَّ يَتُوبُ الله على من تَابَ"
(1)
.
وأما تعييني السورة فروى أحمد أيضًا من غير طريق باختلاف بعض الشيء عن أبي بن كَعْبٍ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أمرني أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ القرآن، قال: فَقَرَأَ عَلَيه: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [البينة: 1]، قال: فَقَرَأَ فيها: "وَلَوْ أن بن آدَمَ سَأَلَ وَادِيًا من مَالٍ فَأُعْطِيَهُ لَسَأَل ثَانِيًا، وَلَوْ سَأَلَ ثانيًا فَأُعْطِيَهُ لَسَأَل ثَالِثًا، وَلَا يَمْلأُ جَوْفَ بن آدَمَ إلا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ الله على من تَابَ، وإن ذلك
(2)
الدِّينَ الْقَيِّمَ عِنْدَ الله الحنِيفِيَّةُ غَيْرُ المُشْرِكَةِ وَلَا الْيَهُودِيَّةِ وَلَا النَّصْرَانِيَّةِ، وَمَن يَفْعَل خَيْرًا فَلَنْ يُكْفَرَهُ"
(3)
.
(1)
مسند أحمد 5/ 218.
(2)
في الأصل: "ذات"، والتصويب من مسند أحمد.
(3)
مسند أحمد 5/ 131 - 132.
28 - المُدَاوَمَةُ عَلَى العَمَلِ
4237 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ صلى الله عليه وسلم مَا مَاتَ حَتَّى كَانَ أكْثَرُ صَلَاتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ، وَكَانَ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَيْهِ العَمَلُ الصَّالِحُ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ العَبْدُ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا. [رَ: 1225، س:1653].
4238 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قُلتُ: فُلانَةُ، لَا تَنَامُ، يُذْكَرُ مِنْ صَلاحِهَا
(1)
، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَالله لا يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا".
28 -
المُدَاوَمَة عَلَى العَمَلِ
4238 -
قوله: "عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قُلتُ: فُلانَةُ، لَا تَنَامُ يُذْكَرُ مِنْ صَلاحِهَا" الحديث: هذه المرأة هي الحَوْلَاءَ بنت تُوَيْتِ بن حبيب بن أسد بن عبد العُزَّى، وقد صرَّح بها مسلم في صحيحه
(2)
.
قوله: "فَوَالله لا يَمَلُّ الله حَتَّى تَمَلُّوا": حتى هاهنا على بابها مِن الغاية،
(1)
كذا في الأصل ونسخة ابن قدامة: (يذكر من صلاحها)، وفي المطبوع:(تذكر من صلاتها)، فليحرر.
(2)
صحيح مسلم (785).
قَالَتْ: وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينَ إِلَيْهِ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. [خ:43، م:741، د:1368، س:762].
4239 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ حَنْظَلَةَ الكَاتِبِ التَّمِيمِيِّ الأُسَيِّدِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ حَتَّى كَأنَّا رَأْيُ العَيْنِ، فَقُمْتُ إِلَى أَهلِي وَوَلَدِي فَضَحِكْتُ وَلَعِبْتُ، قَالَ: فَذَكَرْتُ الَّذِي كُنَّا فِيهِ، فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ،
وإليه ذهب بعضهم؛ أي لا يمل لثوابهم مللًا مقابلة لمللهم.
وقيل: خرج الكلام مخرج قولهم: حتى يشيب الغُراب، على نفي القصة لا على وجودها؛ أي إن الله لا يمل ولا يليق به الملل إن مللتم أنتم، وهو من المقابلة بين الكلامين، أي لا يترك ثوابكم حتى تملوا وتتركوا بمللكم عبادته، فسمي تركه لثوابهم مللًا، والملل إنما هو من صفات المخلوقين؛ وهو ترك الشيء استثقالًا وكراهية بعد حرص عليه ومحبة فيه.
4239 -
قوله: "عَنْ حَنْظَلَةَ الكَاتِبِ الأُسَيِّدِيِّ": هو بضم الهمزة وفتح السين وتشديد الياء مكسورة.
قوله: "كَانا رَأْيَ العَيْنِ": في أصلنا: "كانا" كان واسمها ورأي منصوب على أنه خبر كان، وهذا صحيح
(1)
.
(1)
قلت: الذي في الأصل: (كأنَّا رأيُ) وهي ما اختاره الحفاظ على ما نقله الشارح، وأما إعراب كأنَّا رأيَ عين؛ فرأي "منصوب على المصدر؛ أي كأنا نراهما رأي العين"، كما في النهاية 2/ 178.
فَقُلتُ: نَافَقْتُ، نَافَقْتُ، فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ: إِنَّا لَنَفْعَلُهُ، فَذَهَبَ حَنْظَلَةُ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَقَالَ: "يَا حَنْظَلَةُ لَوْ كُنْتُمْ كَمَا تَكُوُنونَ عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ، أَوْ عَلَى طُرُقِكُمْ، يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً". [م: 2750، ت: 2452].
4240 -
حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أُكلَفُوا
(1)
مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ خَيْرَ العَمَلِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ".
والذي أحفظه: "كأَنَّا رأيُ عين" كأن التي هي من أخوات إن، والضمير اسمها، ورأي مرفوع الخبر، كذا أعربه بعض الحفاظ، وهو ........ رأي عين، انتهى.
وهذه الرواية هي التي تكلم الناسُ عليها، أما التي في الأصل فلم أرها إلا فيه، لكنها صحيحة المعنى، والله أعلم.
4240 -
قوله: "اكْلَفُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ": اكلفوا بضم الهمزة وفتح اللام، كذا في أصلنا، ولا أعرفه، والمعروف أنه ثلاثي، يقال: كلِفتُ بالشيء؛ أُولعت به، ثلاثي مفتوح اللام في المضارع مكسورها في الماضي.
(1)
كذا الأصل: (أُكْلَفُوا) بضم الهمزة، وفي الهامش: صوابه: إكْلَفُوا، يقال: كلِفَ بالكسر، يكلَف بالفتح، فاعلمه.
4241 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الله الأَشْعَرِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قَالَ: مَرَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ يُصَلِّي عَلَى صَخْرَةٍ، فَأَتَى نَاحِيَةَ مَكَّةَ فَمَكَثَ مَلِيًّا، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَوَجَدَ الرَّجُلَ يُصَلِّي عَلَى حَالِهِ، فَقَامَ فَجَمَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"يَا أَيُّا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالقَصْدِ، عَلَيْكُمْ بِالقَصْدِ" ثَلاثًا، "فَإِنَّ اللهَ لا
(1)
يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا".
29 - ذِكْرُ الذُّنُوبِ
4242 -
حَدَّئَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ،
ووقع عند بعض رواة الصحيح بهمزة القطع ولام مكسورة، ولا يصح عند أهل العربية، وما في الأصل غير معروف قطعًا لا رواية ولا لغة.
4241 -
قوله: "عَنْ عِيسَى بْنِ جَارِيَةَ": هو بالجيم وبمثناة تحت بعد الراء، وكذا هو في الأصل، مختلف فيه، قال ابن معين: عنده مناكير.
قوله: "فَمَكَث مَليًّا": أي زمانًا طويلًا.
قوله: "عَلَيْكُمْ بِالقَصْدِ": القصد: الوسط بين الطرفين، لا إفراط ولا تفريط.
29 -
ذِكْر الذُّنُوبِ
4242 -
قوله: "حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ": أَبي بفتح الهمزة وفي
(1)
في الهامش: (لن)، وعليه (خ).
عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قُلنَا: يَا رَسُولَ الله، أَنُؤَاخَذُ بِمَا كُنَّا نَفْعَلُ
(1)
فِي الجاهِلِيَّةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ أُخِذَ بِالأوَّلِ وَالآخِرِ". [خ: 6921، م: 120].
4243 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ بَانَكَ قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ الحَارِثِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "
(2)
إِيَّاكِ وَمُحَقَّرَاتِ الأَعْمَالِ، فَإِنَّ لهَا مِنَ الله طَالِبًا".
آخره ياء المتكلم، وقائلُ ذلك هو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْر، وأبوه معروف، وقد تقدّم مثلُه قبل ذلك.
قوله: "مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ": المراد بالإحسان هنا الإسلام بالظاهر والباطن، والمراد بالإساءة أن يُسلم بظاهره دون باطنه.
4243 -
قوله: "حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ بَانَكَ": "بانك" بالموحدة في أوله ونون مفتوحة بعد الألف ثم كاف في آخره، غير مصروف للعجمة والعلمية، وصاحب الترجمة سعيد ثقةٌ مشهور.
(1)
في الهامش: (نعمل)، وعليه (خ).
(2)
في بعض النسخ والمطبوع زيادة: يا عائشة.
4244 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَالوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنِ القَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةً سَوْدَاءَ فِي قَلبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلبُهُ، فَإِنْ زَادَ زَادَتْ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهٌ عز وجل فِي كِتَابِهِ: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] ". [ت: 3334].
4244 -
قوله:: "كَانَتْ نُكْتَةً": نكتة منصوب كذا في أصلنا، وهو منصوب على أنه خبر، والاسم محذوف تقديره كانت معصيتُه أو خطيئته نكتةً أو نحوهما.
ويجوز من حيث العربية رفع نكتة على أنه الاسم، والخبر الجار والمجرور وهو "في قلبه".
"وسَوْدَاء" تابع لنكتة؛ إن نصبًا فنصب، وإن رفعًا فرفع.
قوله: "صُقِلَ": أي جُلِي، ويقال: سقل أيضًا من حيث اللغة والمعنى، وهو في أصلنا بالصاد.
قوله: "فَذَلِكَ الرَّانُ": أصل الران التغطية والطبع، يقال: رينٌ ورانٌ، والله أعلم.
4245 -
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ الرَّمليُّ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ عَلقَمَةَ بْنِ حُدَيْجٍ المَعَافِرِيُّ، عَنْ أَرْطَاةَ بْنِ المُنْذِرِ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الأَلهَانِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِحَسَنَاتِ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللهُ هَبَاءً مَنْثُورًا"، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ الله، صِفْهُمْ لَنَا، حَلِّهِمْ لَنَا؛ أَنْ لا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لا نَعْلَمُ، قَالَ:"أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمنْ جِلدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ الله انْتَهَكُوهَا".
4246 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ الجَنَّةَ؟ قَالَ: "التَّقْوَى وَحُسْنُ الخُلُقِ"، وَسُئِلَ مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّارَ؟ قَالَ:"الأَجْوَفَانِ: الفَمُ وَالفَرْجُ".
30 - ذِكْرُ التَّوْبَةِ
4245 -
قوله: "حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ عَلقَمَةَ بْنِ حُدَيْجٍ": بضم الحاء وفتح الدال المهملتين، والباقي معروف، صدوق له غرائب.
قوله: "وَمنْ جِلْدَتِكُمْ": بكسر الجيم، أي من جنسِكم.
30 -
ذِكْر التَّوْبَةِ
اعلم أن التوبة لها شروط:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الأول: أن يقلع عن الذنب الذي هو عليه
…
الثاني: أن يندم على ما وقع منه، وسواء ندم [بعد] الإقلاع أو قبله.
الثالث: أن يعزم أن لا [يعود].
الرابع: أن ....... على من ..... فيرد العين المغصوبة على مالكها.
حتى لو تلفت عنده وكان مفلسًا وجب عليه الكسب والتوفية؛ لصحة توبته، كما قال ابن الرفعة نقلًا عن أبي الفضل العراقي.
فلا تصح توبة المكاس حتى يرد أموال الناس، وكذلك لا تقبل توبة سائر الظلمة والسارق حتى يرد أموال الناس إليهم.
فأما المكاس وغيره ممن غصب أموالًا ثم تابَ وعَسُر عليه ردّها إلى أصحابها أو إلى ورثتهم، لجهله بهم أو لانقراضهم وغير ذلك، فقالت طائفة: لا توبة له إلا بأداء هذه المظالم إلى أربابها، فإذا كانذلك قد تعذر عليه تعذرت عليه التوبة، والقصاص أمامه يوم القيامة بالحسنات والسيئات ليس إلا، وهذا مقتضى كلام من اطلعت على كلامه من أصحاب الشافعي، حاشا
…
في منهاجه فله فيه كلام يخالف ما قاله مَن وقفت على كلامه، وهو حَسَن فإنهم شرطوا في التوبة التبرئ من حق صاحب الظلامة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال القرطبي في شرح مختصر مسلم المسمى بالمفهم عند قوله: "لو تابها صاحب مكس قُبلت منه"، قال: فإن تاب المكاس مِن ذلك وردَّ المظالم إلى أهلها صحت توبتُه وقُبلت، لكن بعيد أن يتخلص من ذلك لكثرة الحقوق وانتشارها في الناس، وعدم تعين المظلومين، انتهى.
ثم اختلف القائلون بأنها لا تصح توبته حتى يردها، في حكم ما بيده من الأموال؛ فقالت طائفة: يوقف أمرها ولا يتصرف فيها ألبتة.
وقالت طائفة: يدفعها إلى الإمام أو نائبه؛ لأنه وكيل أربابها، فيحفظها لهم، ويكون حكمها حكم الأموال الضائعة.
وقالت طائفة أخرى: بل باب التوبة مفتوح لهذا، ولم يُغلق عنه، ولا عن مذنب باب التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها، وتوبته أن يتصدق بتلك الأموال عن أربابها، فإذا كان يوم استيفاء الحقوق كان لهم الخيار بين أن يجيزوا ما فعل وتكون أجورها لهم، وبين أن لا يجيزوا ويأخذوا من حسناته بقدر أموالهم فتكون ثواب تلك الصدقة له، إذ لا يبطل الله سبحانه ثوابها، ولا يجمع لأربابها بين العوض والمعوض، فيغرمه إياها ويجعل أجرها لهم وقد غرم من حسناته مثلها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال الإمام العلامة شمس الدين ابن القيم في إغاثة اللهفان: وهذا مذهب جماعة من الصحابة، كما هو مروي عن ابن مسعود ومعاوية وحجاج بن الشاعر
(1)
.
الشرط الخامس: أن يكون الإقلاع والعزم على ترك العود خوفًا من الله، فإن كان ذلك لأجل الخوف على سقوط منزلته من أعين الناس، أو خوفًا على عزله من ولاية، ونحوها، لم تصح التوبة كما ذكره .... في التذكرة.
السادس: أن يكون إقلاعه مع القدرة على العود، فإن عجز عن العودة كالزاني إذا جُبَّ ذكرُه فتابَ لأجل فقدِ ذكره وذهاب جماعه، لم تتحقق بذلك صحة توبته؛ لأن من ترك الزنا وشرب الخمر لعدم شهوتِه لم يثب على تركه، كما نقله ابن التلمساني في شرح معالم أصول الفقه عن الغزالي.
السابع: شرط جماعة من الصوفية، وقاله الزمخشري؛ أن يفارق موضع المعصية، قال بعضهم: والثياب التي عصى فيها.
وهذا الشرط لحظه الشيخ أبو إسحاق في التنبيه حيث قال في كتاب الحج: ويستحب أن يفترقا من المكان الذي جامعها فيه
(2)
.
(1)
قلت: كلام ابن القيم إنما هو في مدارج السالكين 1/ 387 - 388.
(2)
التنبيه ص 73.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال الرافعي: وإنما استحب ذلك؛ لأن معهد الوصال مشوق
(1)
.
الثامن: أن لا تطلع الشمس من مغربها؛ لقوله: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} [الأنعام: 158].
قال بعض أصحابي ومن قرأت عليه: وفي الآية دليل على أن التكليف يرتفع بعد طلوع الشمس، وأن المسلمين لا يكلفون بعده، وأن من عمل صالحًا بعد ذلك لا يحسب له، كما لو عمل سيئًا لا يكتب عليه.
قال: ويدل عليه ما رواه أحمد في مسنده عن معاوية وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الْهِجْرَةَ خَصْلتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا: أن تَهْجُرَ السَّيِّئَاتِ، وَالأُخْرَى: أنْ تُهَاجِرَ إلى الله وَرَسُولِهِ، وَلَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ ما تُقُبِّلَتِ التُّوْبَةُ، وَلَا تَزَالُ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةً حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنَ المُغْرِبِ، فإذا طَلَعَتْ طُبعَ على كل قَلْبٍ بِمَا فيه، وَكُفِيَ الناس الْعَمَلَ"
(2)
.
التاسع: أن لا تبلغ الروح الحلقوم فإن انتهت إلى هذه الحالة لم تقبل التوبة.
(1)
العزيز شرح الوجيز 7/ 476.
(2)
مسند أحمد 1/ 192.
4247 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ اللهَ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْهُ بِضَالَّتِهِ إِذَا وَجَدَهَا". [ت:3538].
4248 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ المَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَوْ أَخْطَأْتُمْ حَتَّى تَبْلُغَ خَطَايَاكُمُ السَّمَاءَ، ثُمَّ تُبْتُمْ لتَابَ عَلَيْكُمْ".
العاشر: شرط أبو بكر الباقلاني أن لا يعود إلى الذنب، فإن عاد بطلت توبته السابقة وانتقضت، وخالفه النووي فصحح أنها لا تبطل.
ويظهر أثر الخلاف فيما لو تاب وعقد به النكاح، ثم عاد إلى الذنب، فعلى قول القاضي يتبين بطلان الطلاق لتبين الفسق حالة العقد.
الحادي عشر: شرط بعضُهم أنه كلما ذكر الذنب يجب عليه أن يجدد التوبة منه، والصحيح خلافه، والله أعلم.
وهذا أجمع ما رأيت في شروطها، وقد ذكر غير واحد منها ثلاثة ........ العبد وبين الله لا يتعلق بحق آدمي: الإقلاع عن المعصية، والندم على ..... ، والعزم على أن لا يعود إليه.
فإذا كان ..... يتعلق بحق آدمي فشرط رابع؛ وهو أن يبرأ من حق صاحبها.
4249 -
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لله أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ بِفَلَاةٍ مِنَ الأَرْضِ، فَالتَمَسَهَا حَتَّى إِذَا أَعْيَا تَسَجَّى بِثَوْبِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعَ وَجْبَةَ الرَّاحِلَةِ حَيْثُ فَقَدَهَا، فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ فَإِذَا هُوَ بِرَاحِلَتِهِ".
4250 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ".
4251 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا زيدُ بْنُ الحُبَابِ، حَدَّثَنَا عِليُّ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّ بَنِي آدمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ". [ت: 2499].
4249 -
قوله: "حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي": هو بفتح الهمزة وفي آخره ياء المتكلم.
قوله: "تَسَجَّى بِثَوْبِهِ": أي تغطى.
قوله: "وَجْبَة الرَّاحِلَةِ": هو بفتح الواو وإسكان الجيم؛ أي صوتها أو صوت أقدامها، والله أعلم.
4252 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ الجزَرِيِّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: دَخَلتُ مَعَ أَبِي عَلَى عَبْدِ الله، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "النَّدَمُ تَوْبَةٌ"، فَقَالَ لَهُ أَبِي: أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "النَّدَمُ تَوْبَةٌ"؟ قَالَ: نَعَمْ.
4253 -
حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمليُّ، أَخْبَرَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرُو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ اللهَ عز وجل لَيَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ". [ت:3537].
4254 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَنَّهُ أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَجَعَلَ يَسْألُ عَنْ كَفَّارَتِهَا، فَلَمْ يَقُل لَهُ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ الله عز وجل:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ الله، أَلِي هَذِهِ؟ فَقَالَ:"هِيَ لمِنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي". [رَ:1398، خ:526، م:2763، د:4468، ت:3112].
4254 -
قوله: "أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَنَّهُ أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً" الحديث: هذا الرجل هو أبو اليَسَر كعب بن عمرو الأنصاري، قد تقدَّم، وهو بفتح المثناة تحت والسين المهملة.
4255 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصورٍ قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَلا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثَيْنِ عَجِيبَيْنِ، أَخْبَرَنِي حُمَيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ؛ فَقَالَ: إِذَا أَنَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسحَقُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ فِي البَحْرِ، فَوَالله لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبُنِي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا، قَالَ: فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلأَرْضِ: أَدِّي مَا أَخَذْتِ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ،
4255 -
قوله: "لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبُنِي" الحديث: قدر بالتخفيف، وهو مُدَلَّس في أصلنا، ورووه في الصحيح بالتشديد والتخفيف.
وقد اختلف في تأويله: فقيل: كان رجلًا مؤمنًا بالله، لكنه جهل صفة من صفاته، وهذا ظاهر الحديث، ومَن جمع بين طرقه عرف ذلك.
واختلف هل هو بجهلهما كافر أم لا؟
وقيل: "قدر" مخففًا بمعنى "قدَّر" مشددًا؛ بمعنى ضيق كقوله: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7].
قال في المطالع: وهذان التأويلان قيلا في قوله عز وجل: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] إلا أنه لا يجوز أن يتأول في يونس أن يجهل صفة من صفات ربه، يعني فتعيَّن التأويل الأول.
وهذا الذي ينبغي، بل لا يجوز ذاك.
فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: خَشْيَتُكَ أَوْ مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ، فَغَفَرَ لَهُ لِذَلِكَ". [خ:3481، م:2756].
4256 -
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلا هِيَ أَطْعَمَتْهَا،
قال: وقد قيل: إن قوله: "لَئِنْ قَدَرَ اللهُ عَلَيَّ" في حال دهش وخوف وشدة ذعر فلم يضبط
(1)
، انتهى.
وكان هذا الرجل نباشًا، كذا جاء في الصحيح.
قوله: "خَشْيَتُكَ أَوْ مَخَافَتُكَ": هو في أصلنا مضموم التاء فيهما، ويجوز نصبه على أنه حذف حرف الجر منه وهو من فنصب، والله أعلم.
4256 -
قوله: "دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ" إلى آخره: في هذا الحديث أن "في" تقع سببية؛ أي بسبب هرة.
وظاهر الحديث أنها دخلت كانت مسلمة، وإنما دخلت النار بسبب الهرة.
وقال عياض: إنه يجوز أنها كانت كافرة عذبت بكفرها وزيد في عذابها بسبب الهرة وكان منها ذلك لكونها ليست مؤمنة تغفر الصغائر باجتناب الكبائر
(2)
.
قال النووي: والصواب ما قدَّمناه أنها كانت مسلمة، وأنها دخلت النار
(1)
مطالع الأنوار 5/ 311.
(2)
إكمال المعلم 7/ 179.
وَلا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ، حَتَّى مَاتَتْ". [م: 2243].
قَالَ الزُّهْرِيُّ: لِئَلَّا يَتَّكِلَ رَجُلٌ، وَلَا يَيْأَسَ رَجُلٌ.
بسببها، كما هو ظاهر الحديث
(1)
.
وهذه المعصية ليست كبيرة، بل صارت بإصرارها كبيرة.
وليس في الحديث أنها تخلد في النار.
وفي الحديث وجوب [نفقة الإنسان على ما يستحيا من] الحيوان على ما [يملكه]، [والنهي عن إهلاكه وتضييعه]
(2)
.
وقد جاء أنها كانت كافرة كما رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان عن عائشة
(3)
.
ويُستنبط منه مسألة حَسَنة، وهي عزيزة النقل؛ وهي جواز حبس الطائر في قفص وإطعامه، وقد تقدّم استنباطها من حديث:"يا أبا عُمير ما فعل النُّغَير"، من استنباط ابن القاص، فراجعه فإنه هناك أبسط.
قوله: "مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ": هو مثلث الخاء المعجمة وبشينين معجمتين بينهما ألف، وهو هوامُّها.
وفي غير هذا الكتاب رواه بعضهم بالحاء المهملة.
(1)
ينظر: شرح صحيح مسلم للنووي 14/ 240.
(2)
ينظر: إكمال المعلم 7/ 181.
(3)
تاريخ أصبهان 2/ 154.
4257 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ قالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوسَى ابْنِ المُسَيَّبِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى يَقُولُ: يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ مُذْنِبٌ إلا مَنْ عَافَيْتُ، فَسَلُونِي المَغْفِرَةَ فَأَغْفِرَ لكُمْ، وَمَنْ عَلِمَ مِنكُمْ أَنِّي ذُو قُدْرَةٍ عَلَى المَغْفِرَةِ فَاسْتَغْفَرَنِي بِقُدْرَتِي غَفَرْتُ لَهُ، وَكُلُّكُمْ ضَالٌّ إلا مَنْ هَدَيْتُ، فَسَلُونِي الهُدَى أَهْدِكُمْ، وَكلُّكُمْ فَقِيرٌ إلا مَنْ أَغْنَيْتُ، فَسَلُونِي أَرْزُقْكُمْ، وَلَوْ أَنَّ حَيَّكمْ وَمَيِّتكُمْ، وَأَوَّلكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمُ، اجْتَمَعُوا فكَانُوا عَلَى قَلبِ أَتْقَى عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي لَمْ يَزِدْ فِي مُلكِي جَنَاحُ بَعُوضَةٍ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا فكَانُوا عَلَى قَلبِ أَشْقَى عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي لَمْ يَنْقُصْ مِنْ مُلكِي جَنَاحُ بَعُوضَةٍ، وَلَوْ أَنَّ حَيَّكُّمْ وَمَيِّتَكُمْ، وَأَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَرَطْبَكُمْ وَبَابِسَكُمُ، اجْتَمَعُوا فَسَأَلَ كُلُّ سَائِلٍ مِنْهُمْ مَا بَلَغَتْ أُمْنيَّتُهُ مَا نَقَصَ مِنْ مُلكِي إلا كَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ مَرَّ بِشَفَةِ البَحْرِ، فَغَمَسَ فِيهَا إِبْرَةً، ثُمَّ نَزَعَهَا، ذَلِكَ بِأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ، عَطَائِي كَلَامٌ، إِذَا أَرَدْتُ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَقُولُ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ". [م: 2577، ت: 2495].
4257 -
قوله: "ذَلِكَ بِأَنِّي جَوَادٌ": هو بتخفيف الواو، وللناس عبارات في معناه؛ أحدها: الكثير الجود أو السخي.
وقيل: الذي يتفضل على مَن لا يستحق، ويُعطي مَن لا يسأل، ويُعطي الكثير ولا يخشى الفقر ............. أبو جعفر النحاس ........
ولا أعرف تشديد الواو إلا أنه في ألسنة بعض الناس.
31 - ذِكْرُ المَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادُ لَهُ
4258 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَكثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ"، يَعْنِي المَوْتَ. [ت: 2307، س: 1824].
4259 -
حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَيُّ المُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ:"أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا"، قَالَ: فَأَيُّ المُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ قَالَ: "أَكْثَرُهُمْ لِلمَوْتِ ذِكْرًا، وَأَحْسَنُهُمْ لمِا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا، أُولَئِكَ الأَكْيَاسُ".
31 -
ذِكْر المَوْتِ
4258 -
قوله: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذمِ اللَّذَّاتِ": هاذم بالذال المعجمة، كذا في أصلنا، وكذا قاله السهيلي في روضه في غزوة أحد، وذلك في قتل وحشي حمزة، وذكر أنه الرواية
(1)
، انتهى.
ولا يعرف هذا إلا القليل من الناس، ومعناه بالمعجمة قاطع اللذات، وله بالمهملة معنى، ولكن الرواية كما قال.
(1)
الروض الأنف 3/ 255.
4260 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ الحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ
(1)
قالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي يَعْلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، ثُمَّ تَمَنَّى عَلَى الله عز وجل". [ت:2459].
4261 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ الحَكَمِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، حَدَّثَنَا سيَّارٌ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي المَوْتِ، فَقَالَ:"كَيْفَ تَجِدُكَ؟ " قَالَ: أَرْجُو اللهَ يَا رَسُولَ الله، وَأَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا المَوْطِنِ
(2)
إلا أَعْطَاهُ اللهُ مَا يَرْجُو، وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ". [ت: 983].
4262 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شبَابَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "المَيِّتُ تَحْضُرُهُ المَلائِكَةُ، وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالحِاً قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ
4260 -
قوله: "الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ": أي حاسبها، وقيل: أذلها واستعبدها.
4261 -
قوله: "فِي مِثْلِ هَذَا المَرْكز" هو بفتح الميم؛ أي الموضع.
(1)
في الهامش: (ابن الوليد)، وعليه (خ).
(2)
في الأصل: (المركز)، والتصويبُ من نسخة ابن قدامة.
كَانَتْ فِي الجَسَدِ الطَّيِّبِ، اخْرُجِي حَمِيدَةً، وَأَبشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَلا يَزَالُ يُقَالُ لهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّماءِ فَيُفْتَحُ لهَا، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ، فَيُقَالُ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ كَانَتْ فِي الجَسَدِ الطَّيِّبِ، ادْخُلي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَلا يَزَالُ يُقَالُ لهَا ذَلِكَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّماءِ الَّتِي فِيهَا اللهُ تبارك وتعالى، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ، قَالَ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الخَبِيثَةُ كَانَتْ فِي الجَسَدِ الخَبِيثِ، اخْرُجِي ذَمِيمَةً، وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ، وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ، فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّماءِ فَيُفْتَحُ لهَا، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيُقَالُ: فُلَانٌ، فَيُقَالُ: لا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الخَبِيثَةِ كَانَتْ فِي الجَسَدِ الخَبِيثِ، ارْجِعِي ذَمِيمَةً، فَإِنَّهَا لا تُفْتَحُ لَكِ أَبْوَابُ السَّماءِ، فَيُرْسَلُ بِهَا مِنَ السَّماءِ، ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى القَبْرِ".
4263 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الجحْدَرِيُّ وَعُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بْنِ عَبِيدَةَ قَالا:
4262 -
قوله: "أَبْشِرِي بِرَوْحٍ": هو بفتح الراء؛ وهو الرحمة.
قوله: "وَغَسَّاقٍ": هو بالتخفيف والتشديد؛ ما يسيل من صديد أهل النار وغسالتهم.
وقيل: ما يسيل من دموعهم، وقيل: هو الزمهرير.
4263 -
قوله: "وَعُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بْنِ عَبِيدةَ": هو بفتح العين وكسر الموحدة، تقدَّم.
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَليٍّ قالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا كَانَ أَجَلُ أَحَدِكُمْ بِأَرْضٍ أُتِيَتْ إِلَيْهَا الحَاجَةُ، فَإِذَا بَلَغَ أَقْصَى أَثَرِهِ قَبَضَهُ اللهُ، فَتَقُولُ الأَرْضُ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَبِّ هَذَا مَا اسْتَوْدَعْتَنِي".
4264 -
حَدَّثَنَا يَحْيىَ بْنُ خَلَفٍ أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قتادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ الله أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ الله كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ"، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله، كَرَاهِيَةُ لِقَاءِ الله فِي كَرَاهِيَةِ المَوْتِ، فكُلُّنَا يَكْرَهُ المَوْتَ، قَالَ:"إِنَّمَا ذَاكَ عِنْدَ مَوْتهِ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ الله وَمَغْفِرَتِهِ أَحَبَّ لِقَاءَ الله، فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَإِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ الله كَرِهَ لِقَاءَ الله، فكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ". [م:157، ت:1067، س: 1834].
4265 -
حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى اللَّيْثيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لابُدَّ مُتَمَنِّيًا المَوْتَ، فَليَقُلِ: اللهمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّني إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي". [خ: 5671، م: 2680، د:3108، ت: 971، س: 1820].
قوله: "أُتِيت إِلَيْهَا الحَاجَةُ": أتيت في أصلنا بضم الهمزة ثم مثناة فوق مكسورة ثم مثناة تحت [مفتوحة ثم تاء التأنيث]، ومعناه ..... أرسلت إليه الحاجة، يقال منه: أتيت للماء ثانية
…
أي سهلت سبيله ليخرج إلي.
32 - ذِكْرُ القَبْرِ وَالبِلَى
4266 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الإِنْسَانِ إلا يَبْلَى، إلا عَظْمٌ وَاحِدٌ
(1)
؛ وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ، وَمنْهُ يُرَكَّبُ الخَلقُ يَوْمَ القِيَامَةِ". [خ: 4814، م: 2955، د: 4743، س: 2077].
4267 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بَحِيرٍ، عَنْ هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تَذْكُرُ الجَنَّةَ وَالنَّارَ وَلا تَبْكِي، وَتَبْكِي مِنْ هَذَا؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ القَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الآخِرَةِ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ".
32 -
ذِكْر القَبْرِ وَالبِلَى
4266 -
قوله: "إلا عَجْب الذَّنَبِ": العجب بفتح العين وسكون الجيم؛ العظم الذي في أسفل الصُّلْب عند العَجُز، وهو العَسِيب من الدوابِّ.
4267 -
قوله: "عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بَحِيرٍ": هو بفتح الموحدة وكسر الحاء المهملة ثم مثناة تحت ثم راء، ابن رَيسان المرادي الصنعاني، كنيته أبو وائل، وثِّق وليس بذاك.
(1)
كذا في الأصل ونسخة ابن قدامة: (عظمٌ واحدٌ) بالرفع.
قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إلا وَالقَبر أَفْظَعُ مِنْهُ". [ت:2308].
4268 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ المَيِّتَ يَصِيرُ إِلَى القَبْرِ، فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فِي قَبرهِ غَيْرَ فَزِعٍ وَلا مَشْعُوفٍ
(1)
، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: فِيمَ كنْتَ؟ فَيَقُولُ لَهُ: كُنْتُ فِي الإِسْلَامِ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم جَاءَنَا بِالبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ الله فَصَدَّقْنَاهُ،
قوله: "إلا وَالقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ": أفظَعُ بالظاء المعجمة؛ أي أشد وأشنع.
4268 -
قوله: "غَيْرَ فَزعٍ": بكسر الزاي، معروف.
قوله: "وَلا مَشْعُوفٍ": هو بفتح الميم وإسكان الشين المعجمة ثم عين مهملة وفي آخره فاء؛ والشَعَفُ: شدة الفزع بالقلب.
وبالغين المعجمة شدة الحب، وما يغشى قلب صاحبه.
وفي نسخة: "ولا مسغوب" بالسين المهملة ثم الغين المعجمة
(2)
ثم موحدة؛ وهو مأخوذ من السغب بفتح الغين المعجمة، وهو المخاصمة والمغاتتة.
(1)
في الهامش: (مسغوب)، وعليه (خ).
(2)
في الأصل: بالغين المعجمة ثم سين مهملة، وهو مخالف لرسم القلم والمعنى.
فَيُقَالُ لَهُ: هَل رَأَيْتَ اللهَ؟ فَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَرَى اللهَ، فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللهُ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ الجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، وَيُقَالُ لَهُ: عَلَى اليَقِينِ كُنْتَ وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السُّوءُ فِي قَبْرِهِ، فَزِعًا مَشْعُوفًا
(1)
، فَيُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: لا أَدْرِي، فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا فَقُلتُهُ، فَيُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا صَرَفَ اللهُ عَنْكَ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ".
4269 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} ، قَالَ: "نَزَلَتْ فِي عَذَابِ القَبْرِ، يُقَالُ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]. [م: 2871].
(1)
في الهامش: (مسغوبًا)، وعليه (خ).
4270 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ نُمَيْر، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَى مَقْعَدِهِ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، يُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ يَوْمَ القِيَامَةِ". [خ:132، م:2866، ت:1290، س:1072].
4271 -
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ أَبَاهُ كَانَ يُحَدِّثُ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّمَا نَسَمَةُ المُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الجَنَّةِ، حَتَّى يَرْجِعَه
(1)
إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يُبْعَثُ". [رَ:1449، ت: 1641، س:2073].
4271 -
قوله: "إِنَّمَا نَسَمَةُ المُؤْمِنِ طَائِرٌ" الحديث: النسمة: الروح والنفس.
قوله: "طَائِرٌ يَعْلُقُ": هو بضم اللام وفتح اوله، وكذا في أصلنا؛ أي يتناول، وقيل: يشم.
وبفتح اللام أيضًا؛ ومعناه يتعلق ويلزم ثمارها، ويقع عليها، ويأوي إليها.
وقيل: هما سواء.
وقد رُوي في غير هذا الكتاب: "يسرح" وهذا يشهد لضم اللام.
(1)
في الهامش: (يرجع)، وعليه (خ).
4272 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الأُبُلِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا دَخَلَ المَيِّتُ القَبْرَ مُثِّلَتِ الشَّمْسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا، فَيَجْلِسُ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ، وَيَقُوُل: دَعُونِي أُصَلِّى".
33 - ذِكْرُ البَعْثِ
4273 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ العَوَّامِ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ صَاحِبَيِ الصُّورِ بِأَيْدِيهِمَا، أَوْ فِي أَيْدِيهِمَا قَرْنَانِ، يُلاحِظَانِ النَّظَرَ مَتَى يُؤْمَرَانِ".
ومن رواه بالمثناة فوق في أوله عنى النسمة، ويحتمل أن يرجع على الطير على أن يكون جمعًا، ويكون ذكر النسمة لأنه أراد الجنسَ لا الواحد، وقد يكون التذكير والتأنيث جميعًا للروح؛ لأن الروح تذكر وتؤنث، وقد تقدَّم بعضُ ذلك فراجعه.
4272 -
قوله: "حَدثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الأُبُلِّيُّ": هو بضم الهمزة ثم بالموحدة المضمومة أيضًا، وكذا في أصلنا، تقدّم وقد عمله أيليا بيائين من تحت ساكنة في أبواب الفتن وتكلمت عليه هناك، وهنا عَمِلَه على الصواب.
33 -
ذِكْر البَعْثِ
4273 -
قوله: "إِنَّ صَاحِبَيِ الصُّورِ": صاحبا الصور أحدهما إسرافيل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وأما الآخر فقد ذكر أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا سليمان قال: حدثنا أحمد بن القاسم، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عبد الله بن الحارث قال: كنت عند عائشة رضي الله عنها وعندها كعب الأحبار فذكر كعب اسرافيل، فقالت عائشة: يا كعب، أخبرني عن إسرافيل.
فقال كعب: عندكم العلم، فقالت: أجل فأخبرني.
فقال: له أربعة أجنحة؛ جناحان في الهواء، وجناح قد تسربل به، وجناح على كاهله، والعرش على كاهله، والقلم على أذنه، فإذا نزل الوحي كتب القلم ثم درست الملائكة، وملك الصور جاثٍ على إحدى ركبتيه، وقد نصب الأخرى ملتقم الصور محنيًا ظهره شاخصًا بصره ينظر إلى إسرافيل، وقد أمر إذا رأى إسرافيل قد ضمَّ جناحيه أن ينفخ في الصور.
فقالت عائشة: هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.
غريب من حديث كعب، لم يروه عنه إلا عبد الله بن الحارث.
ورواه خالد الحذاء، عن الوليد، عن أبي بشر، عن عبد الله بن رباح، عن كعب نحوه
(1)
.
قال القرطبي في التذكرة: فلعل هذا الملك هو الآخر.
(1)
حلية الأولياء 6/ 47 - 48.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال: وفي هذا الحديث ما يدل على انفراد هذا الملك بالصور
(1)
، والله أعلم.
والحديث الذي في ابن ماجه في سنده الحجاج هو ابن أرطأة، عن عطية وهو العوفي، وحالتهما معروفة.
وقد تُوبع عباد بن العوام في روايته عن حجاج؛ تابعه أبو خالد الأحمر، كما أفاده المزي في أطرافه
(2)
.
وقد جاء غيرُ حديث يدل على أن صاحب الصور واحد، فإن قيل: لعله ميكائيل يعني الثاني.
فالجواب: أن في سنن أبي داود في الحروف والقراءات من حديث عَطِيَّةَ الْعَوْفيِّ، عن أبي سَعِيدٍ قال: ذَكَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم صَاحِبَ الصُّورِ فقال: "عن يَمِينِهِ جِبْريلُ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِيكَائِلُ"
(3)
.
قال القرطبي: ولعل لأحدهما قرنًا آخر ينفخ فيه، والله أعلم.
ثم ذكر حديثًا آخر عند هناد بن السري بسنده إلى عبد الرحمن بن أبي عمرو موقوفًا عليه. وفيه: "وملكان موكلان بالصور".
(1)
التذكرة، ص 489.
(2)
تحفة الأشراف 3/ 415.
(3)
سنن أبي داود (3999).
4274 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قال حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ بِسُوقِ المَدِينَةِ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى البَشَرِ، فَرَفَعَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَدَهُ فَلَطَمَهُ، قَالَ: تَقُولُ هَذَا وَفِينَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فَذَكَرْتُ
(1)
ذَلِكَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "قَالَ اللهُ عز وجل: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68]، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ رَفَعَ رَأْسهُ فَإِذَا أَنا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ، فَلا أَدْرِي
ثم ذكر ذلك بسنده إلى كعب موقوفًا عليه، وزاد بعد قوله:"وملكان موكلان بالصور": "ينتظران متى يؤمران فينفخان"
(2)
.
وأما الصور: فهو القرن الذي يُنفخ فيه عند بعث الموتى إلى المحشر.
وقال بعضُهم: إن الصور جمع صُورة؛ يريد صور الموتى تنفخ فيها الأرواح.
والصحيح الأول؛ لأن الأحاديث تعاضدت عليه، تارة بالصور وتارة بالقرن.
وفي هذا الحديث: "بِأَيْدِيهِمَا، أَوْ فِي أَيْدِيهِمَا قَرْنَانِ"، والله أعلم.
(1)
في الهامش: (فَذُكِر)، وعليه (خ).
(2)
الزهد لهناد 1/ 339، والتذكرة، ص 490.
أَرَفَعَ رَأْسَة قَبلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللهُ عز وجل، وَمَنْ قَالَ: أَنا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ". [م:2373].
4275 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، يَقُولُ:"يَأْخُذُ الجَبَّارُ سَمَوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدِهِ، وَقَبَضَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقْبِضُهَا، وَيَبْسُطُهَا، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الجَبَّارُ، أَنَا المَلِكُ، أَيْنَ الجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ المتكَبّرُونَ؟ " قَالَ: وَيَتَمَايَلُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى المِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لأَقُولُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. [م:2788].
4276 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ القَاسِمِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ:"عُرَاةً حُفَاةً"، قُلتُ: وَالنِّسَاءُ؟ قَالَ: "وَالنِّسَاءُ"، قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، فَمَا يُسْتَحْيَا؟ قَالَ:"يَا عَائِشَةُ الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ". [خ:6527، م:2859، س:2083].
4277 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَليِّ بْنِ عَليِّ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُعْرَضُ
النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ: فَأَمَّا عَرْضَتَانِ
(1)
فَجِدَالٌ وَمَعَاذِيرُ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَطِيرُ الصُّحُفُ فِي الأَيْدِي، فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ، وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ".
4278 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ وأَبو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6] قَالَ: "يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ". [خ:4938، م:2862، ت:2422].
4279 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عِليُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَأَلتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: 48]، فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ:"عَلَى الصِّرَاطِ". [م: 2791، ت: 3121].
4280 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ الله بْنُ المُغِيرَةِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ بْنِ العُتْوَارِيِّ، أَحَدِ بَنِي لَيْثٍ، قَالَ: وَكَانَ فِي حَجْرِ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُهُ
(2)
يَعْنِي
4278 -
قوله: "فِي رَشْحِهِ": أي عَرقه.
(1)
في الأصل ونسخة ابن قدامة: (عرضتين).
(2)
في الهامش: (يقول)، وعليه (خ).
أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يُوضَعُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ، عَلَى حَسَكٍ كحَسَكِ السَّعْدَانِ، ثُمَّ يَسْتَجِيزُ النَّاسُ؛ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَمَخْدُوجٌ بِهِ ثُمَّ نَاجٍ، وَمُحْتبَسٌ
(1)
وَمَنْكُوسٌ فِيهَا".
4281 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ، عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لأَرْجُو أَلا يَدْخُلَ النَّارَ أَحَدٌ إِنْ شَاءَ اللهُ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَالحُدَيْبِيَةَ"، قَالَتْ: قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، أَليْسَ قَدْ قَالَ الله:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: 71]؟ قَالَ: "أَلَمْ تَسْمَعِيهِ يَقُولُ: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72]؟ ".
34 - صِفَةُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم
-
4282 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:
4280 -
قوله: "عَلَى حَسَكٍ كَحَسَكِ السَّعْدَانِ": الحسك: جمع حسكة؛ وهي شوكة صلبة معروفة.
و"السَّعدان": جمع سَعْدَانة؛ وهو نبت ذو شوك، وهو من جيد مرعي الإبل تسمن عليه.
(1)
في الهامش: (به)، وعليه (خ).
"تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرٌّ مُحَجَّلونَ مِنَ الوُضُوءِ، سِيمَاءُ أُمَّتِي لَيْسَ لأَحَدٍ غَيْرِهَا". [م:247].
4283 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي قُبَّةٍ، فَقَالَ:"أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ؟ " قُلنَا: بَلَى، قَالَ:"أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ؟ " قُلنَا: نَعَمْ، قَالَ:"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الجَنَّةَ لا يَدْخُلُهَا إلا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إلا كَالشَّعَرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ". [خ:6528، م:221، ت: 2547].
34 -
صِفَة أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم
4282 -
قوله: "تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرّ مُحَجَّلونَ": كذا في أصلنا، وعلى "غير" ضبة، وكذا على "محجلون"، وكأنه استشكه؛ لأنه كان ينبغي أن يكون منصوبًا؛ لأنه حال، ويأتي في الحوض كما هنا، لكنه لم يضبب عليه هناك.
ولا إشكال؛ فما في الأصل خبر مبتدأ محذوف، وتقديره: وأنتم.
قوله: "سِيمَاءُ أُمَّتِي": السيما بكسر السين، وبالقصر والمد، ويقال: سيميا بزيادة ياء وآخره ممدود؛ وهو كله العلامة.
4283 -
قوله: "إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ": جرت عادة الناس أن يسألوا: ما وجهُ الجمع بين هذا الحديث، والحديث الآخر الآتي هنا،
4284 -
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَجِيءُ النَّبِيُّ يَومَ القِيَامَةِ وَمَعَهُ الرَّجُلُ، وَيَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلَانِ، وَيَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الثَّلَاثَةُ، وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَأَقَلُّ، فَيُقَالُ لَهُ: هَل بَلَّغْتَ قَوْمَكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُدْعَى قَوْمُهُ، فَيُقَالُ: هَل بَلَّغكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لا، فَيُقَالُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتُهُ، فَتُدْعَى أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَيُقَالُ: هَل بَلَّغَ هَذَا؟ فَتَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: وَمَا عِلمُكُمْ بِذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا بِذَلِكَ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا فَصَدَّقْنَاهُ، فقَالَ: فَذَلِكُمْ قَوْلُهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] ". [خ: 3339، ت: 2961].
وهو أيضًا في غير هذا الكتاب: "أَهْلُ الجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِئَةُ صَفٍّ، ثَمَانُونَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ"، وهذا يقتضي أن تكون أمته عليه السلام الثلثين؟
والجواب: لعله أخبر عليه السلام بأنهم النصفُ، ثم أطلعه الله على أنهم الثلثان.
أو إن الثمانين صف هم النصف المذكور في الحديث، ولا يلزم منه تساوي الصفوف في العدد.
أو غير ذلك، فإني كنت أحفظُ جوابًا غير هذين لا أستحضره الآن، وهاذان فُتوحٌ.
4285 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيِىَ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رِفَاعَةَ الجُهَنِيِّ قَالَ: صَدَرْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ عَبْدٍ يُؤْمِنُ ثُمَّ يُسَدِّدُ إلا سُلِكَ بِهِ فِي الجَنَّةِ، وَأَرْجُو أَلا يَدْخُلُوهَا حَتَّى تَبَوَّؤُوا أنتُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ ذَرَارِيِّكُمْ مَسَاكِنَ فِي الجَنَّةِ، وَلَقَدْ وَعَدَنِي رَبِّي عز وجل أَنْ يُدْخِلَ الجَنّة مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلفًا بِغَيْرِ حِسَابِ".
4286 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلهَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ البَاهِليَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الجَنّة مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلفًا لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلا عَذَابَ، مَعَ كُلِّ أَلفٍ سَبْعُونَ أَلفًا، وَثلَاثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي". [ت: 2437].
4287 -
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّحَّاسِ الرَّمليُّ وَأَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ قَالا: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَكْمُلُ
(1)
يَوْمَ القِيَامَةِ سَبْعُونَ
(2)
أُمَّةً، نَحْنُ آخِرُهَا وَخَيْرُهَا". [رَ:4288، ت:3001].
4287 -
قوله: "حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّحَّاسِ الرَّمليُّ": النحاس بالحاء المهملة، تقدَّم.
(1)
في الهامش: (نكمل)، وعليه (خ).
(2)
في الهامش: (سبعين)، وعليه (خ).
4288 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ قالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّكُمْ وَفَّيْتُمْ سَبْعِينَ أُمَّةً، أَنْتُمْ خَيْرُهَا، وَأَكْرَمُهَا عَلَى الله عز وجل". [رَ: 4287، ت: 3001].
4289 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ إِسْحَاقَ الجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ الأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَهْلُ الجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِئَةُ صَفٍّ، ثَمَانُونَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ". [ت: 2546].
4290 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"نَحْنُ آخِرُ الأُمَمِ، وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ، يُقَالُ: أَيْنَ الأُمَّةُ الأُمِّيَّةُ وَنَبِيُّها؟ فَنَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ".
4291 -
حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ المُغَلِّسِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ أَبِي المُسَاوِرِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا جَمَعَ اللهُ الخَلَائِقَ يَوْمَ القِيَامَةِ أُذِنَ لأمّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي السُّجُودِ، فَسَجَدُوا لَهُ طَوِيلًا، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ، قَدْ جَعَلنَا عِدَّتَكُمْ فِدَاءَكُمْ مِنَ النَّارِ". [م:2767].
4292 -
حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ المُغَلِّسِ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ هَذِهِ الأُمّةَ مَرْحُومَةٌ، عَذَابُهَا بِأَيْدِيهَا، فَإِذَا كَانَ
يَوْمُ القِيَامَةِ دُفِعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَيُقَالُ: هَذَا فِدَاؤُكَ مِنَ النَّارِ".
35 - مَا يُرْجَى مِنْ رَحْمَةِ الله يَوْمَ القِيَامَةِ
4293 -
حَدَّثَنَا أَبو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ لله عز وجل مِئَةَ رَحْمَةٍ، قَسَمَ مِنْهَا رَحْمَةً بَيْنَ جَمِيعِ الخَلَائِقِ فَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ عَلَى أَوْلَادِهَا، وَأَخَّرَ تِسْعَةً وَتسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ". [خ: 6000، م: 2752، د: 3484، ت: 3541].
4294 -
حَدَّثَنَا أَبو كُرَيْبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "خَلَقَ اللهُ عز وجل يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِئَةَ رَحْمَةٍ، فَجَعَلَ فِي الأَرْضِ مِنْهَا رَحْمَةً، فَبِهَا تَعْطِفُ الوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا، وَالبَهَائِمُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَالطَّيْرُ، وَأَخَّرَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ أَكمَلَهَا اللهُ بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ".
4295 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ عز وجل لَمَّا خَلَقَ الخَلقَ كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي". [رَ:189، خ: 3194، م: 2751، ت:3543].
4296 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا عَلَى حِمَارٍ، فَقَالَ:"يَا مُعَاذُ، هَل تَدْرِي مَا حَقُّ الله عَلَى العِبَادِ؟ وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى الله؟ " قُلتُ: الله وَرَسُوُلهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"فَإِنَّ حَقَّ الله عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقُّ العِبَادِ عَلَى الله إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَنْ لا يُعَذِّبَهُمْ". [خ:2856، م: 30، د: 2559، ت:2643].
4297 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَعْيَنَ قالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَىَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ، فَمَرَّ بِقَوْمٍ، فَقَالَ:"مَنِ القَوْمُ؟ " فَقَالُوا: نَحْنُ المُسْلِمُونَ، وَامْرَأَةٌ تَحصَبُ تَنُّورَهَا وَمَعَهَا ابْنٌ لَهَا، فَإِذَا ارْتَفَعَ وَهَجُ التَّنُورِ تَنَحَّتْ بِهِ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ الله، قَالَ:"نَعَمْ"، قَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَليْسَ اللهُ بِأَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ؟ قَالَ:"بَلَى"، قَالَتْ:
35 -
بَاب مَا يُرْجَى مِنْ رَحْمَةِ الله يَوْمَ القِيَامَةِ
4297 -
قوله: "وَامْرَأَةٌ تَحصَبُ تَنُّورَهَا": تحصَبُ بفتح الصاد، كذا هو في أصلنا، وفيه نظر.
قوله: "فَإِذَا ارْتَفَعَ وَهَجُ التَّنُّورِ": هو بفتح الهاء في أصلنا؛ يريد الاسم فإنه بالفتح، وأما المصْدر فهو بالسكون.
أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَرْحَمَ بِعِبَادِهِ مِنَ الأُمِّ بِوَلَدِهَا؟ قَالَ: "بَلَى"، قَالَتْ: فَإِنَّ الأُمَّ لا تُلقِي وَلَدَهَا فِي النَّارِ، فَأَكَبَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَبْكِي، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهَا، فَقَالَ:"إِنَّ اللهَ لا يُعَذِّبُ مِنْ عِبَادِهِ إلا المَارِدَ المُتمَرِّدَ، الَّذِي يَتَمَرَّدُ عَلَى الله، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لا إِلَهَ إلا الله".
قوله: "إِنَّ الله لا يُعَذِّبُ مِنْ عِبَادِهِ إلا المَارِدَ المُتمَرِّدَ، الَّذِي يَتَمَرَّدُ عَلَى الله، وَاَبى أَنْ يَقُولَ: لا إِلَهَ إلا الله": صريح هذا أنه لا يعذب إلا الكافر، وقد ثبت أنه يدخل جماعة من الموحدين النار، ثم يخرجوا منها.
ووجه الجمع من غير أن نقول: إن هذا فيه إبراهيم بن أعين ضعّفه أبو حاتم الرازي.
وشيخه إسماعيل بن يحيى الشيباني كذَّبه يزيد بن هارون.
وقال ابنُ حبان: لا تحل الرواية عنه، ذكره عن ابن حبان ابنُ الجوزي.
قال الذهبي: ولم أره.
وذكره العُقيلي فقال: لا يتابع على حديثه.
يقال له: الشعيري
(1)
.
إنَّ قوله: "لا يعذب من عباده" إلى آخره، أي لا يعذب بالخلود أو لا يعذب عذاب تخليد، أو نحو ذلك، والله أعلم.
(1)
ميزان الاعتدال 1/ 416.
4298 -
حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بْنُ الوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوُل الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَدْخُلُ النَّارَ إلا شَقِيٌّ"، قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، وَمَنِ الشَّقِيُّ؟ قَالَ:"مَنْ لَمْ يَعْمَل لله بِطَاعَةٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ لَهُ مَعْصِيَةً".
4299 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زيدُ بْنُ الحُبَابِ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ عَبْدِ الله، أَخُو حَزْمٍ القُطَعِيِّ، حَدَّثَنَا ثَابِت البُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ، أَوْ تَلَا هَذِهِ الآيَةَ:{هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56]، قَالَ:"فقَالَ اللهُ تبارك وتعالى: أنا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى، فَلا يُجْعَل مَعِي إِلَهٌ آخَرُ، فَمَنِ اتَّقَى أَنْ يَجْعَلَ مَعِي إِلهًا آخَرَ، فَأَنَا أَهْلٌ أَنْ أَغْفِرَ لَهُ".
قَالَ أَبُو الحَسَنِ القَطَّانُ: حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ:{هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56]، قَالَ رَسُوُل الله صلى الله عليه وسلم:"قَالَ رَبُّكُمْ عز وجل: أنا أهْلٌ أن أُتَّقَى فلا يُشرَك بِي غَيرِي، وأنا أَهْلٌ لمِنِ اتِّقِى أنْ يُشْرِكَ بِي أَنْ أَغْفِرَ لَهُ". [ت:3328].
4300 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَىَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُليِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُصَاحُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى رُؤُوسِ الخَلْقِ،
فَيُنْشَرُ لَهُ تِسْعَة وَتِسْعُونَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مَدَّ البَصَرِ، ثُمَّ يَقُوُل اللهُ تبارك وتعالى: هَل تُنكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ فَيَقُولُ: لا يَا رَبِّ، فَيَقُوُل: أَظَلَمَتْكَ كَتَبَتي الحَافِظُونَ؟
(1)
ثُمَّ يَقُولُ: أَلكَ عُذْرٌ، أَلكَ حَسَنةٌ؟ فَيُهَابُ الرَّجُلُ، فَيَقُولُ: لا، فَيَقُولُ: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَاتٍ، وَإِنَّهُ لا ظُلمَ عَلَيْكَ اليَوْمَ، فَتُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ وفِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ الله
(2)
وَرَسُولُهُ"، قَالَ: "فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا هَذِهِ البِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّكَ لا تُظْلَمُ، فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كفَّةٍ، وَالبِطَاقَةُ فِي كفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ، وَثَقُلَتِ البِطَاقَةُ".
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: البِطَاقَةُ: الرُّقْعَةُ، أَهْلُ مِصْرَ يَقُولُونَ لِلرُّقْعَةِ بِطَاقَةً. [ت: 2639].
4300 -
قوله: "فَتُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ": "البطاقة" بكسر الموحدة، قاله الجوهري
(3)
.
وقال ابنُ الأثير: رقعة صغيرة يُثبت فيها مقدار ما تجعل فيه؛ إن كان عينًا فوزنُه أو عدده، وإن كان متاعًا فثمنه.
قيل: سميت بذلك؛ لأنها تشد بطاقة من الثوب، فتكون الباء حينئذ زائدة، وهي كلمة كثيرة الاستعمال بمصر.
(1)
في بعض النسخ والمطبوع زيادة: فيقول: لا.
(2)
في الهامش: (عبده)، وعليه (صح).
(3)
الصحاح 4/ 136.
36 - ذِكْرُ الحَوْضِ
4301 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ لِي حَوْضًا مَا بَيْنَ الكَعْبَةِ وَ
(1)
بيْتِ المَقْدِسِ، أَبْيَضَ مِثْلَ اللَّبَنِ، آنِيتهُ عَدَدُ النُّجُومِ، وَإِنِّي لأَكثَرُ الأَنبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ القِيَامَةِ".
4302 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ حَوْضِي لأَبعَدُ مِنْ أَيْلَةَ إِلَى عَدَنَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه لَآنِيَتُهُ أَكْثر مِنْ عَدَدِ النُّجُومِ، وَلهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ العَسَلِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأَذُودُ عَنْهُ
ومنه حديث ابن عباس قال لامرأة سألته عن مسألة: اكتبيها في بطاقة، أي رقعة صغيرة، ويروى بالنون وهو غريب
(2)
، انتهى.
وقد فسَّرها في الحديث بأنها الرقعة.
وهذا الحديث له جزءٌ مُفرد معروف بمجلس البطاقة، رويته غير مرة، عن غير شيخ، في غير بلد.
قوله: "فِي كِفَّةٍ": هو بكسر الكاف، ويقال بالفتح، تقدَّم.
(1)
في الهامش: (بين)، وعليه (خ).
(2)
النهاية 1/ 135 - 136.
الرِّجَالَ كَما يَذُودُ الرَّجُلُ الإِبِلَ الغَرِيبَةَ عَنْ حَوْضِهِ"، قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، وَتَعْرِفُنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرّ مُحَجَّلونَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ، لَيْسَتْ لأَحَدٍ غَيْرِكُمْ". [م: 248].
4303 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ
(1)
، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ مُهَاجِرٍ، حَدَّثَنِي العَبَّاسُ بْنُ سَالِمٍ الدِّمَشْقِيُّ ثَبْتٌ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ الحَبَشِيِّ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ فَأَتَيْتُهُ عَلَى بَرِيدٍ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَيْهِ قَالَ: لَقَدْ شَقَقْنَا عَلَيْكَ، يَا أَبَا سَلَّامٍ فِي مَرْكَبِكَ، قَالَ: أَجَل وَالله يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَالله مَا أَرَدْتُ المَشَقَّةَ عَلَيْكَ، وَلَكِنْ حَدِيثٌ بَلَغَنِي أنَكَ تُحَدِّثُ بِهِ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الحَوْضِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ تُشَافِهَنِي بِهِ، قَالَ: فَقُلتُ: حَدَّثَنِي ثَوْبَانُ مَوْلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ حَوْضِي مَا بَيْنَ عَدَنَ إِلَى أَيْلَةَ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ العَسَلِ، أَوَانِيهُ
(2)
كعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ
(3)
لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَأَوَّلُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ،
36 -
ذكْر الحَوْضِ
4302 -
قوله: "تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرَّ مُحَجَّلون": إعرابُه كما تقدَّم قبله بيسير؛ أنه خبر ومبتدأه محذوف، أي: وأنتم غرٌّ محجلون.
(1)
في الهامش: (الدمشقي)، وعليه (خ).
(2)
في الهامش: (أكاويبه)، وعليه (خ).
(3)
في الهامش: (شربة)، وعليه (خ صح).
الدُّنْسُ ثِيَابًا، وَالشُّعْثُ رُؤُوسًا، الَّذِينَ لا يَنْكِحُونَ المُتَمَنِّعَاتِ، وَلا يُفْتَحُ لهُمُ السُّدَدُ".
قَالَ: فَبَكَى عُمَرُ حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحيَتُهُ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنِّي قَدْ نَكَحْتُ المُتَمَنِّعَاتِ، وَفُتِحَتْ لِي السُّدَدُ، لا جَرَمَ أَنِّي لا أَغْسِلُ ثَوْبِي الَّذِي عَلَى جَسَدِي حَتَّى يَتَّسِخَ، وَلا أَدْهُنُ رَأْسِي حَتَّى يَشْعَثَ. [ت: 2444].
4304 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عِليٍّ قالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَام، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوُل الله صلى الله عليه وسلم: "مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالمَدِينَةِ، أَوْ كما بَيْنَ المَدِينة وَعمانَ". [خ: 6580، م: 2303].
4305 -
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحارِثِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: قَالَ نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم: "يُرَى فِيهِ أَبارِيقُ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ كعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ". [م:2303].
4303 -
قوله: "وَلا يُفْتَحُ لهمُ السُّدَدُ": أي الأبواب.
قوله: "حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحيَتُهُ": بالخاء والضاد المعجمتين وتشديد اللام، يقال: خَضِلَ واخضَلَّ، إذا نَدِيَ، و"لحيته" بالرفع على أنه الفاعل.
فإذا أردت أن تعدِّيه قلت: أخضلْتُه أنا.
4304 -
قوله: "أَوْ كَمَا بَيْنَ المَدِينَةِ وَعُمانَ": هو بضم العين، كذا في أصلنا؛ يعني وبتخفيف الميم، وقد تقدّم الكلام عليها فيما تقدَّم فراجعه.
4306 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ العَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَتَى المَقْبَرَةَ فَسَلَّمَ عَلَى المَقْبَرَةِ، فَقَالَ:"السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمنينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ"، ثُمَّ قَالَ:"وَدِدْتُ أَنا قَدْ رَأَينَا إِخْوَانَنَا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ؟
4306 -
قوله: "وَإِنَّا إِنْ شَاءَ الله" الحديث: قيل: معناه إذ شاء الله؛ لأنه عليه السلام على يقين من وفاته.
والصواب أنه على وجهه من الاستثناء والشرط، ثم يختلف في معناه؛ لأن الاستثناء لا يكون في الواجب، وقيل: معناه لاحقون بكم في هذِه المقبرة.
وقيل: المراد امتثال قول الله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23، 24]، فالتزم عليه السلام تأديب ربه إياه حتى في الواجب.
وقيل: هذا على التبري والتفويض وإن كان في واجب، كقوله تعالى:{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح: 27].
وقيل: الاستثناء في الموافاة على الإيمان، والمراد من معه من المؤمنين.
وقيل غير ذلك، ومن جملة ما ذكره في ذلك الخطابي: إن هذا من عادة المتكلم يُحسِّنُ به كلامه
(1)
.
(1)
معالم السنن 1/ 318.
قَالَ: "أنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانِي الَّذِينَ يَأْتونَ مِنْ بَعْدِي، وَأَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ
(1)
مِنْ أُمَّتِكَ؟ قَالَ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْل غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ
(2)
خَيْل بُهْمٍ دُهْمٍ، أَلمْ يَكُنْ يَعْرِفُهَا؟ " قَالُوا: بَلَى، قَالَ:"فَإِنَّهُمْ يَأتونَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ"، قَالَ:"أَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الحَوْضِ"، ثُمَّ قَالَ:"ليُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كما يُذَادُ البَعِيرُ الضَّالُّ، فَأُنادِيهِمْ: أَلا هَلُمُّوا، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ، وَلَمْ يَزَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، فَأَقُولُ: أَلا سُحْقًا سُحْقًا".
37 - ذِكْرُ الشَّفَاعَةِ
قوله: "وَأَنا فَرَطكُمْ عَلَى الحَوْضِ": الفرط: هو الذي يتقدَّم الوارِدين فيُهيء لهم ما يحتاجون إليه.
قوله: "لَيُذَادَنَّ": أي ليُطْرَدَنَّ ويُدْفعن.
قوله: "فَأَقُولُ: أَلا سُحْقًا سُحْقًا" أي بُعْدًا بُعْدًا.
37 -
ذِكْر الشَّفَاعَةِ
فائدة: اعلم أنه عليه السلام له شفاعاتَ:
أولاهن: الشفاعة العُظمى في الفصل بين أهل الموقف حين يفزعون إليه بعد الأنبياء، كما ثبت في الصحيح وغيره في حديث الشفاعة.
(1)
في الهامش: (من يأت)، وعليه (خ).
(2)
في الهامش: (ظهراني)، وعليه (صح).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والشفاعة الثانية: في جماعة يدخلون الجنة بغير حسابٍ.
والثالثة: في ناس استحقوا دخول النار.
والرابعة: في ناس دخلوا النار فيخرجون.
والخامسة: في رفع درجات ناس في الجنة.
والأولى مختصة به، وكذا الثانية.
قال النووي في الروضة: ويجوز أن تكون الثالثة والخامسة أيضًا
(1)
.
وما قاله في الثالثة قال القاضي عياض في شرح مسلم له، كما نقله النووي عنه أنه يشاركه فيها من شاء الله
(2)
، وكذا نقله القرطبي في التذكرة
(3)
، انتهى.
أي والرابعة يشاركه فيها غيره من الأنبياء والعلماء والأولياء.
وقال القاضي عياض: إن شفاعته لإخراج من في قلبه مثقال حبة من إيمان مختصة به، إذا لم يأت شفاعة لغيره إلا قبل هذه.
وأهمل النووي شفاعة سادسة؛ وهي تخفيف العذاب على من استحق الخلود فيها كما في حق أبي طالب في إخراجه من غمرات النار إلى ضحضاحها.
(1)
روضة الطالبين 7/ 13.
(2)
شرح صحيح مسلم للنووي 3/ 35.
(3)
التذكرة ص 607.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فإن قيل: إن القرآن فيه: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48]، وكذا قوله:"وهي نائلة، إن شاء الله، من مات لا يشرك بالله شيئًا" فما الجواب؟
فقيل: إن شفاعته في أبي طالب بالحال لا بالمقال.
وسابعة: وهي شفاعة لمن مات بالمدينة، لما روى الترمذي وصححه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن استطاع أن يموتَ بالمدينة فليمت بها، فإني أشفع لمن مات بها"
(1)
.
نبَّه على هذه والتي قبلها القاضي عياض في إكماله
(2)
.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد وغيره: "لا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة"
(3)
.
فهذه شفاعة أخرى خاصة بأهل المدينة، وكذلك الشهادة زائدة على شهادته للأمَّة.
وقد قال عليه السلام في شهداء أحد: "أنا شهيد على هؤلاء"
(4)
.
وفي العروة الوثقى للقزويني: أن من شفاعاته شفاعته لجماعة من صلحاء
(1)
سنن الترمذي (3917).
(2)
ينظر: إكمال المعلم 1/ 566، 4/ 483.
(3)
صحيح مسلم (1363).
(4)
رواه البخاري (1343).
4307 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي، فَهِيَ نَائِلَةٌ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ لا يُشْرِكُ بِالله شَيْئًا". [خ: 6304، م: 198، ت: 3602].
4308 -
حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى وَأَبُو إِسْحَاقَ الهَرَوِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ حَاتِمٍ قَالا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عَليُّ بْنُ زيدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَنا سَيِّدُ وَلَدِ آدمَ وَلا فَخْرَ،
المؤمنين، فيتجاوز عنهم في تقصيرهم في الطاعات.
وأطلق الرافعي أن من خصائصه شفاعته في أهل الكبائر، وفي ذلك نظر؛ فإن المختصة به ليست في مطلق أهل الكبائر
(1)
، والله أعلم.
وله شفاعات أخر [وهي] أنه يفتح باب الجنة، والشفاعة العظمى في الإراحة من كرب الموقف، وهما متغايرتان، وقد روى مسلم في كتاب الإيمان، وهي:"فَيَأَتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يا أبانَا اسْتَفْتِحْ لنا الجنَّةَ" الحديث.
4308 -
قوله: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلا فَخْرَ": وفي بعض طرق هذا الحديث خارج هذا الكتاب: "ألا وإني سيد ولد آدم يوم القيامة"
(2)
.
(1)
غاية السول في خصائص الرسول ص 263 - 266.
(2)
صحيح مسلم (2278).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وهو سيد ولد آدم مطلقًا، وإنما خصَّ يوم القيامة لظهوره ذلك اليوم لكل أحد من غير منازعة، كما في قوله:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر: 16].
وإنما أخبر عليه السلام بذلك لأمرين:
أحدهما: امتثالًا لقوله: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11].
الثاني: أنه من البيان الذي يجب عليه تبليغه إلى أمته؛ ليعرفوه ويعتقدوه، ويعملوا بمقتضاه.
ويلزم من ذلك تفضيله على جميع الخلق؛ لأن مذهب أهل السنة أن الأنبياء أفضل من الملائكة.
فإن قيل: فما وجه الجمع بين هذا، وبين:"لا تفضلوا بين الأنبياء"؟
فالجواب من أوجه، واقتصر البيهقي في دلائله على أنه محمول على مجادلة أهل الكتاب في تفضيل نبينا على أنبيائهم؛ لئلا يؤدي إلى الإزراء، ونقله على الحليمي، ثم نقل عن الخطابي أيضًا؛ أن النهي عن ذلك خوف الإزراء
(1)
.
قال الخطابي: والجمع بين حديث أبي هريرة: "أنا سيد ولد آدم"، وحديث ابن عباس:"ما ينبغي لعبد أن يقول أنا"، وفي رواية:"إني خير من يونس بن متى"، ظاهر؛ لأن الأول إخبار عما أكرمه الله به من التفضيل والسُّؤدد.
(1)
دلائل النبوة 5/ 495.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والثاني مؤول بوجهين:
أحدهما: أن المراد بالعبد من سواه دون نفسه.
ثانيهما: أنه قاله إظهارًا للتواضع، يقول: لا ينبغي لي أن أقول أنا خير منه؛ لأن الفضيلة التي نلتها كرامة من الله لا من قبل نفسي، فليس لي أن أفتخر بها.
وإنما خصَّ يونس بالذكر فيما يُرى، والله أعلم، لما قد قصَّ الله علينا من شأنه، وما كان له مع قومه، وخرج مغاضبًا فلم يصبر كما صبر أولو العزم من الرسل
(1)
.
وقال الخطابي في موضع آخر: وجه الجمع بينهما أن هذه السيادة في القيامة إذا قُدِّم في الشفاعة على جميع الأنبياء، وإنما منع أن يفضل على غيره منهم في الدنيا، وإن كان مفضلًا في الدارين من قبل الله.
ومعنى "لا فخر" أي لا أقول هذا القول على سبيل الفخر الذي يدخله الكبر.
وأما قوله عليه السلام لما قال له ذلك الرجل: يا خير البرية: "ذاك إبراهيم"، كما رواه مسلم
(2)
، فجوابه: أنه قاله تواضعًا واحترامًا لإبراهيم لخلته وأبوته.
(1)
معالم السنن 4/ 310 - 311.
(2)
صحيح مسلم (2369).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقيل: قبل [أن] يعلم أنه سيد ولد آدم.
و [جواب] ثالث ذكره ابن العربي أن قوله: "ذاك إبراهيم" يعني بعده، وضعفه ابن دحية في المستوفى؛ قال: والصحيح الجواب الثاني.
فإن قلت: هذا خبر فلا يدخله خُلف ولا نسخ.
فجوابه من وجهين:
أحدهما: أن المراد خير البرية الموجودين في عصره، وأطلق العبارة الموهمة للعموم؛ لأنه [أبلغ] في التواضع.
ثانيهما: أنه وإن كان خبرًا فالنسخ يدخله؛ لأن التفضيل يمنحه الله [لمن يشاء]
(1)
.
عن قوله: "لا تخيروني على موسى" أجوبة منها: أنه قاله قبل أن يعلم أنه أفضل الرسل.
وعن قوله: "لا تفضلوا بين الأنبياء"، بأنه قبل نزول:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253].
وقيل: لا تخيروني تخييرًا يؤدي إلى مخاصمة وعداوة، أو تفضيلًا في نفس النبوة؛ فإنها لا تتفاوت .... واحدة ...... أو تفضيلًا يؤدي إلى نقص بعضهم.
(1)
غاية السول في خصائص الرسول ص 267 - 270.
وَأَنا أوَّل مَنْ تَنْشَقُّ الأَرْضُ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلا فَخْرَ وَأَنا أوَّل شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ
وقيل غير ذلك مما تضيق عنه هذه الورقة.
وجرت عادة كبار أهل العلم أنهم يسألون هنا سؤالًا فيقولوا: إنه جاء في آخر صحيح البخاري قال: "من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب"، فما الجواب عنه؟
(1)
.
قوله: "وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عنهُ الأَرْضُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلا فَخْرَ": فإن قيل: فما الجمع بين هذا وبين حديث: "فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي، أم كان ممن استثنى الله"؟
والجواب: أنه يحتمل كما قال القاضي عياض؛ أنه عليه السلام قال هذا قبل أن يعلم أنه أول مَن تنشق عنه الأرض على الإطلاق.
قال: ويجوز أن يكون معناه أنه من الزمرة الذين أول من تنشق عنهم الأرض، فيكون موسى من تلك الزمرة.
وهم، والله أعلم، زمرة الأنبياء عليهم السلام
(2)
.
قوله: "وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ": أي أول مَن تجاب شفاعته، فقد يشفع اثنان، ويجاب الثاني قبل الأول، فهذا قوله: وأول مشفع.
(1)
لم يذكر الجواب، والجواب في التوضيح لابن الملقن 15/ 470.
(2)
شرح صحيح مسلم للنووي 15/ 132.
وَلا فَخْرَ، وَلوَاءُ الحَمْدِ بِيَدِي يَوْمَ القِيَامَةِ وَلا فَخْرَ". [ت:3148].
4309 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَليٍّ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ قَالا: حَدَّثَنَا بِشْر بْنُ المُفَضَّلِ
(1)
، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَلا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلا يَحْيَوْنَ، وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمْ نَارٌ بِذنُوبِهِمْ وبِخَطَايَاهُمْ فَأَمَاتَتْهُمْ إِمَاتَةً، حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أُذِنَ لهُمْ فِي الشَّفَاعَةِ، فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ، فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الجَنَّةِ،
قوله: "لِوَاءُ الحمْدِ بِيَدِي": اللواء: الراية، ولا يمسكها إلا صاحبُ الجيش.
4309 -
قوله: "قَالا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الفضل": كذا الآن في الأصل، وكان فيه قبل ذلك "المُفَضَّل" بميم في أوله، فأصلح على هذا، وهذا خطأ محض، بل هذا "بِشْرُ بْنُ المُفَضَّل" بفتح الضاد المعجمة المشددة وميم في أوله، الحافظ المشهور.
ولا أعرف أحدًا في رواة الكتب الستة يقال له "بشر بن الفضل" كما في الأصل، والله أعلم.
قوله: "ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ": هو منصوب على الحال، وهو بالضاد المعجمة المفتوحة ثم موحدة مفتوحة ثم همزة ممدودة ثم راء، جمع ضبارة بفتح الضاد وكسرها؛ وهي الجماعات في تفرقة.
(1)
في الأصل أصلح إلى: (الفضل)، وفي الهامش بخط سبط ابن العجمي: صوابه (المفضل) هذا مما لا خلاف فيه، وكان قبل ذلك على الصواب ولكن أصلحه بعض .... ، ولا أعلم أحدًا في رواة السنة يقال له: بشر بن الفضل كما هنا، وهذا حافظ مشهور لا ....
فَقِيلَ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ، فَيَنْبُتُونَ نبَاتَ الحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ".
قال في المطالع: ورأيت لبعض المتعسفين أن صواب هذه الكلمة "أضابر" جمع إضبارة، وكذا قال ثابت، يقال: إضبارة من كتب، ولا يقال: ضبارة، وغيره يصححها؛ منهم الخطابي قال: ضبائر جمع ضبارة، يقال: جاء القوم ضبائر؛ أي جماعات في تفرقة
(1)
.
قوله: "نَبَاتَ الحِبَّةِ": الحبة بكسر الحاء المهملة ثم موحدة مشددة مفتوحة ثم تاء التأنيث؛ هي بزور البقول.
وقيل: حب الرياحين.
وقيل: هي نبت ينبتُ في الحشيش صغار.
وقيل: اسم جامع لحبوب البقل الذي ينتشر إذا هاجت، فإذا مطرت نبتت.
وشبَّه نباتهم بنبات الحبة لأمرين:
أحدهما: بياضها كما جاء في بعض طرقه.
والثاني: سرعة نباتها؛ لأنها تنبتُ في يوم وليلة، وربما رويت من الماء وترددت في غثاء السيل وتيسرت قلبتها للخروج، فإذا خرجت في حميل السيل غرزت عروقها فيها لحينها ونبتتْ بسُرعةٍ.
(1)
مطالع الأنوار 4/ 324 - 325.
قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: كَأَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ فِي البَادِيَةِ. [م: 184].
4310 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ لأَهْلِ الكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي". [ت:2436].
4311 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، حَدَّثَنَا زِيادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "خُيِّرْتُ بَيْنَ الشَّفَاعَةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الجَنَّةَ، فَاخْتَرتُ الشَّفَاعَةَ؛ لأنّهَا أَعَمُّ وَأَكْفَى، أتُرَوْنَهَا لِلمُنَقَّينَ؟ لا، وَلَكنَّهَا لِلمُذْنِبِينَ الخَطَّائِينَ المُتَلَوِّثِينَ".
قوله: "فِي حَمِيلِ السَّيْلِ": هو ما احتمله من طين وغُثاء، فَعِيل بمعنى مفْعُول.
4310 -
قوله: "إِنَّ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ لأَهْلِ الكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي": أراد عليه السلام شفاعة من شفاعاته، لا أنه ليس له شفاعة إلا في أهل الكبائر، والله أعلم.
4311 -
قوله: "أتُرَوْنَهَا": هو بضم التاء؛ أي أتظنونها.
قوله: "لِلمُنَقَّينَ": هو بضم الميم وفتح النون وتشديد القاف مفتوحة ثم مثناة تحت ساكنة ثم نون، كذا أحفظه، وكذا رويته، وكذا هو مضبوط في أصلنا.
4312 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَليٍّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَجْتَمِعُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ يُلهَمُونَ، أَوْ يَهُمُّونَ، شَكَّ سَعِيدٌ، فَيَقُولُونَ: لَوْ تَشَفَّعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَأَرَاحَنَا مِنْ مَكَانِنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُونَ: أنتَ آدمُ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَه، فَاشْفَعْ لنَا عِنْدَ رَبِّكَ يُرِحنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ وَيَشْكُو إِلَيْهِمْ ذَنْبَهُ الَّذِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي مِنْ ذَلِكَ، وَلكِنِ ائْتُوا نُوحًا، فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَأتونَهُ، فَيَقُوُل: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ سُؤَاله رَبَّهُ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلمٌ، وَيَسْتَحْيِي مِنْ ذَلِكَ، وَلكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الله، فَيَأتونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلكِنِ ائْتُوا مُوسَى، عَبْدٌ كَلَّمَهُ اللهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ، فَيَأتونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ قَتْلَهُ النَّفْسَ بِغَيْر النَّفْسِ،
4312 -
قوله: "فَاشْفَعْ لَنَا يُرِيحنَا": كذا في أصلنا بإثبات الياء، وقد ضبب عليها، وكانه حسبه لحنًا، وليس بلحن بل هو لغة مشهورة.
قوله: "بَعَثَهُ الله إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ": قد يسأل هنا فيقال: كيف يكون مبعوثًا إلى أهل الأرض ولم يبعث إلى الناس عامة إلا النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
والجواب: أن أهل الأرض إذا ذاك هم قومه، فلا يقتضي ذلك تعميم رسالته، بل إنما بعث برسالة عامة، إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، والله أعلم.
وَلكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ الله وَرَسُولَهُ، وَكلِمَةَ الله وَرُوحَهُ، فَيَأتونَهُ، فَيَقُوُل: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، عَبْدٌ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ"، قَالَ: "فَيَأتونَي فَانطَلِقُ"، قَالَ: فَذَكَرَ هَذَا الحَرْفَ عَنِ الحسَنِ، قَالَ: "فَأَمْشِي بَيْنَ السِّماطَيْنِ منَ المُؤْمِنينَ". قَالَ: ثُمَّ عَادَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ، قَالَ: "فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيأذَنُ لِي، فإِذَا رَأَيْته وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُل يُسْمَعْ، وَسَل تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الثَّانِيَةَ فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ لِي: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، قُل يُسْمَعْ، وَسَل تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الثَّالِثَةَ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدَعَني، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، قُل يُسْمَعْ، وَسَل تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأقُوُل: يَا رَبِّ مَا بَقِيَ إلا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ".
قوله: "فَأَمْشِي بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ": السماطان تثنية سماط، وهو الجماعة من الناس، والمعنى، والله أعلم، أمشي بين الصفين.
قوله: "فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ الله أَنْ يَدَعَنِي": فإن قيل: فهل يعرف مقدار هذه السجدة؟
قَالَ: يَقُولُ قَتَادَةُ عَلَى أثَرِ هَذَا الحَدِيثِ: وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إِلهَ إلا الله، وَكَانَ فِي قَلبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إِلهَ إلا الله، وَكَانَ فِي قَلبِهِ مِثْقَالُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إِلهَ إلا الله، وَكَانَ فِي قَلبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ". [خ: 4476، م: 193، ت: 2593].
فقل: نعم؛ جاء في مسند أحمد من حديث أبي بكر الصديق
(1)
أنها مقدار جمعةٍ، وكذا السجدة الثانية.
قوله: "مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ": الذرة بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء المفتوحة، وكذا في أصلنا، ولا التفات إلى مَن صحفها "بذرة" بضم الذال المعجمة وتخفيف الراء مفتوحة.
ومعنى "ذرَّة" نملة صغيرة، وقيل: واحدة الذر؛ وهو الهباء الذي يظهر في شعاع الشمس مثل رؤوس الإبر.
وروي عن ابن عباس أنه قال: "إذا وضعت كفك على غبار ثم رفعتها فقبضتها فما سقط من ذلك الغبار فهو الذر".
وقيل: الذرة جزء من خردلة، وأن الخردلة تعدل في الوزن أربع ذرات.
وقيل: الذرة جزء من ألف وأربعة وعشرين جزءًا من شعيرة، والله أعلم.
(1)
مسند أحمد 1/ 4.
4313 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ قالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوُنسَ قالَ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلَّاقِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ أبانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَشْفَعُ يَوْمَ القِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ: الأَنبِيَاءُ، ثُمَّ العُلَمَاءُ، ثُمَّ الشُّهَدَاءُ".
4314 -
حَدَّثَنَا إِسماعِيلُ بْنُ عَبْدِ الله الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ كنْتُ إِمَامَ النَّبِيِّينَ وَخَطِيبَهُمْ، وَصَاحِبَ شَفَاعَتِهِمْ، غَيْرَ فَخْرٍ". [ت: 3613].
4315 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ
(1)
ابْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الحُصَيْنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَيَخْرُجَنَّ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَتِي، يُسَمَّوْنَ الجَهَنَّمِيِّينَ". [خ: 6566، د: 4740، ت:2600].
4313 -
قوله: "عَنْ عَلَّاقِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ": عَلَّاق بفتح العين المهملة وتشديد اللام وفي آخره قاف؛ وهو واهٍ.
4315 -
قوله: "حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ": كذا في الأصل، وصوابه
(1)
في الهامش: (الحسين)، ثم قال سبط ابن العَجَمي: ينبغي أن يحرر هذا، فإن عندي فيه وقفة، والذي ظهر لي أن ما في الأصل هو الصحيح، ثم إني نظرت في أطراف المزي فوجدته الحسن مكبرًا، وقد عقبه بشئ يرفع الإشكال عن أبي مسعود هو الدمشقي.
4316 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي الجدْعَاءِ، أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَيَدْخُلَنَّ الجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، سِوَاكَ؟ قَالَ:"سِوَايَ".
قُلتُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَنَا سَمِعْتُهُ. [ت:2438].
4317 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ قالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الأَشْجَعِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَتدْرُونَ مَا خَيَّرَنِي رَبِّيَ اللَّيْلَةَ؟ " قُلنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ،
الحسين كذا في هامش الأصل، والذي غلب على ظني صحة ما في الأصل، ثم إني راجعت أطراف المزي فوجدته الحسن مكبرًا، وقد عقَّبه بشيء عن أبي مسعود هو الدمشقي
(1)
، فرفع الإشكال، والله أعلم.
والحسن بن ذكوان المكبّر قال فيه النسائي: ليس بالقوي.
وقال أحمد: أحاديثه بواطيل.
4317 -
قوله: "سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ": هو بضم السين وفتح اللام، وهذا معروف.
(1)
ينظر: تحفة الأشراف 8/ 196.
قَالَ: "فَإِنَّهُ خَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يُدْخِلَ نِصْفُ أُمَّتِي الجَنَّةَ، وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ، فَاحتَرْتُ الشَّفَاعَةَ"، قُلنَا: يَا رَسولَ الله، ادْعُ الله أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ:"هِيَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ". [ت: 2441].
38 - صِفَةُ النَّارِ
4318 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي ويَعْلَى قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدِ، عَنْ نُفَيْع أَبِي دَاوُدَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَوْلا أَنَّهَا أُطْفِئَتْ بِالمَاءِ مَرَّتَيْنِ مَا انْتَفَعْتُمْ بِهَا، وَإِنَّهَا لتَدْعُو اللهَ عز وجل أَنْ لا يُعِيدَهَا فِيهَا".
4319 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اشْتكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، قالَتْ: يَا رَبِّ
(1)
أَكَلَ بَعْضي بَعْضًا، فَجَعَلَ لهَا نَفَسَيْنِ: نَفَسٌ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٌ فِي الصَّيْفِ، فَشِدَّةُ مَا تَجِدُونَ مِنَ البَرْدِ مِنْ زَمْهَرِيرِهَا، وَشِدَّةُ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ مِنْ سَمُومِهَا". [خ:537، م: 615، د: 402، ت: 157، س: 500].
4320 -
حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْر، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أُوقِدَتِ النَّارُ أَلفَ سَنةٍ فَابْيَضَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَتْ أَلفَ سَنةٍ فَاحْمَرَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَتْ أَلفَ سَنةٍ فَاسْوَدَّتْ، فَهِيَ سَوْدَاءُ كَاللَّيْلِ المُظْلِمِ". [ت: 2591].
(1)
في الهامش: (رب)، وعليه (خ).
4321 -
حَدَّثَنَا الخَلِيلُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الحرَّانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُؤْتَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِأَنعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنَ الكُفَّارِ، فَيُقَالُ: اغْمِسُوهُ فِي النَّارِ غَمْسَةً، فَيُغْمَسُ فِيهَا، ثُمَّ يُخْرَجُ، فيُقَالُ لَهُ: أَيْ فُلَانُ، هَل أَصَابَكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُوُل: لا، مَا أَصَابَني نَعِيمٌ قَطُّ، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ
(1)
ضُرًّا وَبَلَاءً، فَيُقَالُ: اغْمِسُوهُ غَمْسَةً فِي الجَنَّةِ، فَيُغْمَسُ فِيهَا غَمْسَةً، فَيُقَالُ لَهُ: أَيْ فُلَانُ، هَل أَصَابَكَ ضُر قَطُّ أَوْ بَلاءٌ؟ فَيَقُولُ: مَا أَصَابَني قَطُّ ضُرٌّ وَلا بَلاءٌ". [م:2807].
4322 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ المُخْتَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطِيَّةَ العَوْفيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إِنَّ الكَافِرَ لَيَعْظُمُ حَتَّى إِنَّ ضِرْسَهُ لأَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ، وَفَضِيلَةُ جَسَدِهِ عَلَى ضِرْسِهِ، كفَضِيلَةِ جَسَدِ أَحَدِكُمْ عَلَى ضِرْسِهِ".
4323 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ قَيْسٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي بُرْدَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا الحارِثُ بْنُ أقيْشٍ، فَحَدَّثَنَا الحارِثُ لَيْلتَئِذٍ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ أكْثرُ مِنْ مُضَرَ، وَإِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَعْظُمُ لِلنَّارِ حَتَّى يَكُونَ أَحَدَ زَوَاياهَا".
(1)
فوق (الناس) كلمة: (المؤمنين)، وعليها (خ).
4324 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُرْسَلُ البُكَاءُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ، فَيَبْكُونَ حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ، ثُمَّ يَبْكُونَ الدَّمَ حَتَّى يَصِيرَ فِي وُجُوهِهِمْ كهَيْئةِ الأُخْدُودِ، لَوْ أُرْسِلَتْ فِيها
(1)
السُّفُنُ لجَرَتْ".
4325 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، وَلَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قَطَرَتْ فِي الأَرْضِ لأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعِيشَتَهُمْ، فَكَيْفَ بِمَنْ لَيْسَ لَهُ طَعَامٌ غَيْرُهُ؟ ". [ت:2585].
38 -
صِفَة النَّارِ
4325 -
قوله: "وَلَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قَطَرَتْ" الحديث: الزقوم هو ما وصفه الله في كتابه العزيز فقال: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات: 64، 65].
وهي فعُّول مِن الزقم؛ اللقم الشديد، والشرب المفرط.
(1)
فوق (فيها) كلمة: (فيه)، وعليه (خ).
4326 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدمَ إلا أثَرَ السُّجُودِ حَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أثَرَ السُّجُودِ". [خ: 806، م: 182، س: 1140].
4326 -
قوله: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ الوَاسِطِيُّ": عبادة بفتح العين وتخفيف الموحدة، تقدَّم غير مرة.
قوله: "حَرَّمَ الله عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أثَرَ السُّجُودِ": ظاهر هذا أن النار لا تأكل جميع أعضاء السجود السبعة المأمور بالسجود عليها؛ وهي الجبهة واليدان والركبتان والقدمان، وكذا قاله بعض العلماء.
وأنكره القاضي عياض؛ وقال: المراد بأثر السجود الجبهة خاصة.
قال النووي: والمختار الأول.
فإن قيل: إن في مسلم: "إِنَّ قَوْمًا يُخْرَجُونَ من النَّارِ يَحْتَرِقُونَ فيها إلا دَارَاتِ وُجُوهِهِمْ"
(1)
.
فالجواب: أن هؤلاء القوم مخصوصون من جملة الخارجين من النار، بأنه لا يسلم منهم من النار إلا دارات الوجوه.
(1)
صحيح مسلم (191).
4327 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْير، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُؤْتَى بِالمَوْتِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُوقَفُ عَلَى الصِّرَاطِ، فَيُقَالُ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَطَّلِعُونَ خَائِفِينَ وَجِلِينَ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَطَّلِعُونَ مُسْتَبْشِرِينَ فَرِحِينَ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ، فَيُقَالُ: هَل تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، قَالَ: فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ عَلَى الصِّرَاطِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلفَرِيقَيْنِ كِلاهُمَا: خُلُودٌ فِيمَا تَجِدُونَ، لا مَوْتَ فِيه
(1)
أَبَدًا". [خ: 6545].
39 - صِفَةُ الجَنَّةِ
4328 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَقُوُل اللهُ عز وجل: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُن سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلبِ بَشَرٍ".
وأما غيرهم فيسلم جميع أعضاء السجود منهم عملًا بعموم هذا الحديث، فهذا الحديث عام، وذاك خاص، فيعمل بالعام إلا ما خص
(2)
.
(1)
في الهامش: (فيها)، وعليه (خ).
(2)
شرح صحيح مسلم للنووي 3/ 22.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَمِنْ بَلْهَ مَا قَدْ أَطْلَعَكُمُ
(1)
عَلَيْهِ، اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17].
39 -
صِفَة الجَنَّةِ
4328 -
قوله: "قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَمِنْ بَلهَ مَا قَدْ أَطْلَعَكُمُ الله عَلَيْهِ": كذا فيه، وعلى قوله:"ومن" ضبة، كأنه يشير إلى أنه "بله" من غير من، ومعنى بله دع، كانه إضراب عما ذكره لاستحقاره في جنب ما لم يذكر.
وقيل: معنى ذلك كيف ما اطلعتم عليه، كذا في المطالع
(2)
.
وقد ذكر الشيخ جمال الدين ابن هشام النحوي القاهري شيخ بعض شيوخي: بله على ثلاثة أوجه: اسم لدع، ومصدر بمعنى الترك، واسم مرادف لكيف.
وما بعدها منصوب على الأول، ومخفوض على الثاني، ومرفوع على الثالث.
وفتحها بناء على الأول والثالث، وإعراب على الثاني.
قال: ومن الغريب أن في البخاري في تفسير السجدة يقول الله: "أعددت لعبادي"، وساق حتى قال:"من بله ما اطلعتم عليه".
(1)
في الهامش: (الله)، وعليه (خ).
(2)
مطالع الأنوار 1/ 498.
قَالَ: فكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقْرَؤُهَا: مِنْ قُرَّاتِ أَعْيُنٍ. [خ: 3244، م: 2824، ت: 3197].
4329 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَشِبرٌ فِي
(1)
الجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الأَرْضِ وَمَا عَلَيْهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".
4330 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَوْضِعُ سَوْط فِي الجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا". [خ: 2892، ت: 1648].
واستعملت معربة مجرورة بمن، وخارجة عن المعاني الثلاثة، وفسرها بعضهم بغير، وهو ظاهر.
وبهذا يتقوى مَن يعدها في ألفاظ الاستثناء
(2)
، انتهى
(3)
.
قوله: "وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقْرَؤُهَا: مِنْ قُرَّاتِ أَعْيُنٍ": قراءة أبي هريرة هذه
(4)
.
(1)
في الهامش: (من)، وعليه (خ).
(2)
مغني اللبيب ص 156.
(3)
في هامش الورقة كلام بخط مغاير لخط المصنف، تعليق على "بله".
(4)
بيّض المصنف لبيان القراءة.
4331 -
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الجَنَّةُ مِئَةُ دَرَجَةٍ، كُلُّ دَرَجَةٍ مِنْهَا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَإِنَّ أَعْلاهَا الفِرْدَوْسُ، وَإِنَّ أَوْسَطها الفِرْدَوْسُ، وَإِنَّ العَرْشَ عَلَى الفِرْدَوْسِ، مِنْهَا تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ، فَإِذَا سَألتُمُ اللهُ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ". [ت: 2530].
4332 -
حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ قالَ: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ
4331 -
قوله: "الجَنَّةُ مِئةُ دَرَجَةٍ": تقدَّم الكلام على هذا الحديث في باب ثواب القرآن فراجعه.
قوله: "فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ": الفردوس في السريانية: البستان الذي فيه الكرم والأشجار.
والجمع فرادس.
قال في المطالع: والفردوس في السريانية: البستان.
وقيل: الكرم.
وهو هاهنا، أي في هذا الحديث، ربوة في الجنة، هي أوسط الجنة وأعلاها وأفضلها
(1)
.
(1)
مطالع الأنوار 5/ 213.
قالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ الأنصَارِيُّ قالَ: حَدَّثَني الضَّحَّاكُ المَعَافِرِيُّ، عَنْ سُلَيمانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: حَدَّثَني أُسَامَةُ بْنُ زيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ لأَصْحَابِهِ: "أَلا مُشَمِّرٌ لِلجَنَّةِ؟ فَإِنَّ الجَنَّةَ لا خَطَرَ لهَا، هِيَ وَرَبَّ الكَعْبةِ نُور يَتَلأْلأُ، وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ، وَقَصْرٌ مَشِيد، وَنَهَرٌ مُطَّرِدٌ، وَفَاكِهَة كثِيرَةٌ نَضِيجَةٌ، وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَميلَةٌ، وَحُلَلٌ كَثيرَةٌ فِي مَقَامٍ أَبدٍ
(1)
،
4332 -
قوله: "عن الضَّحَّاكُ المَعَافِرِيُّ، عَنْ سُلَيمانَ بْنِ مُوسَى": كذا في أصلنا، وعلى سليمان ضبة، وما أدري لأي شيء صنع ذلك.
والضحاك لا يُعرف، ما روى عنه سوى محمد بن المهاجر الأنصاري، ذكره ابن حبان في الثقات.
انفرد بالإخراج له ابن ماجه حديث: "أَلا مُشَمِّرٌ لِلجَنَّةِ"، وهذا الحديث رويناه في البعث والنشور لأبي بكر بن أبي داود.
قوله: "فَإِنَّ الجنَّةَ لا خَطَرَ لَها": أي لا عوض لها ولا مثل.
و"الخَطَرَ" بالتحريك في الأصل الرهن وما يخاطر عليه، ومثل الشيء وعدله.
ولا يقال إلا في الشيء الذي له قدر ومَزِيّة.
(1)
كذا ضبطها في الأصل: (أبدٍ).
فِي حَبْرَة وَنَضْرَة، فِي دَارٍ عَالِيَةٍ سَلِيمَة بَهِيَّة"، قَالُوا: نَحْنُ المُشَمِّرُونَ لها يَا رَسُولَ الله، قَالَ: "قُولُوا: إِنْ شَاءَ اللهُ"، ثُمَّ ذَكَرَ الجِهَادَ وَحَضَّ عَلَيْهِ.
4333 -
حَدَّثَنَا أبو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ زُمْرَة تَدْخُلُ الجَنّة عَلَى صُورة القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى ضَوْءِ أَشَدِّ كوْكَب دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لا يَبُولُونَ وَلا يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يمتَخِطُونَ وَلا يَتْفُلُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الألُوَّةُ
(1)
،
قوله: "وَنَهَرٌ مُطَّرِدٌ": بتشديد الطاء المهملة وكسر الراء؛ أي جارٍ.
قوله: "فِي حَبْرَةٍ": الحبرة بفتح الحاء المهملة؛ النعمة وسعة العيش، وكذلك الحُبور.
قوله: "وَنَضْرَةٍ": النضرة: هي حسن الوجه والبريق.
4333 -
قوله: "وَمَجَامِرُهُمُ الألُوَّةُ": هو بفتح الهمزة، وتضم قاله ابن الأثير
(2)
، وبضم اللام وتشديد الواو ثم تاء التأنيث.
ويقال له: يلنجُوج، ويَلَنْجَج، وألَنْجج، والألَنْجُوج، واليَلنْجَج، واليلنجُوجِي؛ وهو عود الطيب.
(1)
في الأصل ونسخة ابن قدامة: (اللؤلؤ)، وضبب عليها في الأصل، وضرب عليه في نسخة ابن قدامة، والتصويب من هامش النسختين.
(2)
النهاية 1/ 63.
أَزْوَاجُهُمُ الحُورُ العِينُ، أَخْلاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورة أَبِيهِمْ آدَمَ صلى الله عليه وسلم سِتُّونَ ذِرَاعًا". [خ: 3245، م: 2834، ت: 2537].
4333 م - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أبو مُعَاوِيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ.
4334 -
حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى وَعَبْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ وَعَليُّ بْنُ المُنْذِرِ قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الكَوْثَرُ نَهَر فِي الجَنَّةِ، حَافَتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، مَجْرَاهُ عَلَى اليَاقُوتِ وَالدُّرِّ، تُرْبَته أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَمَاؤُهُ أَحْلَى مِنَ العَسَلِ، وَأَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلجِ". [ت: 3361].
قوله: "أَخْلاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ": هو بفتح الخاء وسكون اللام، ويجوز فيه ضم الخاء واللام، وبالوجهين رواه رواةُ البخاري ومسلم، وفي أصلنا مدلَّس الضبط.
قال صاحب المطالع: وبالضم أوجه؛ لقوله: "أخلاقهم" أي أنهم على خُلق واحد من التودد والتوافق، ليس في أحد منهم خُلُق يُذَمّ به كما في الحديث الَاخر:"لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب رجل واحد"
(1)
.
(1)
ينظر: صحيح البخاري (3246).
4335 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ قالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ سَنة، وَلا يَقْطَعُهَا، وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)} [الواقعة: 30] ". [خ: 4881، م: 2826، ت: 2523].
4336 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي العشرِينَ قالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ قالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، أنَهُ لَقِيَ أبا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَسْأل اللهَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فِي سُوقِ الجَنَّةِ، قَالَ سَعِيدٌ: أَوَفِيهَا سُوقٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَخْبَرَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا نَزَلُوا فِيهَا
وعلى الرواية الأخرى يكون المعنى أنهم على صورة أبيهم آدم
(1)
، انتهى.
4336 -
قوله: "أَوَفِيهَا سُوقٌ": هو بفتح الواو؛ لأنها للاستفهام.
و"أو" إذا جاءت للاستفهام أو التقرير أو التوبيخ أو الرد أو الإنكار، كانت الواو مفتوحة.
وإذا جاءت للشك أو التقسيم أو الإبهام أو التسوية أو التخيير أو بمعنى الواو، على رأي بعضهم، أو بمعنى بل، أو بمعنى حتى، أو بمعنى إلى، وكيف ما كانت عاطفة فهي ساكنة.
(1)
مطالع الأنوار 2/ 448 - 449.
بِفَضْلِ أَعْمَالهِمْ، فَيؤذَنُ لهُمْ فِي مِقْدَارِ يَوْمِ الجُمُعَةِ مِنْ أَيامِ الدُّنْيَا، فَيَزُورُونَ اللهَ عز وجل وُيبْرِزُ لهُمْ عَرْشَهُ، وَيَتبَدَّى لهُمْ فِي رَوْضَةٍ مِنْ رِياضِ الجَنَّةِ، فَتُوضَعُ لهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ لُؤْلُؤٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ يَاقُوتٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ زَبَرْجَدٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ فِضَّةٍ، وَيَجْلِسُ أَدْنَاهُمْ، وَمَا فِيهِمْ دَني
(1)
، عَلَى كُثْبَانِ المِسْكِ وَالكَافُورِ، مَا يُرَوْنَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَرَاسِيِّ بِأفْضَلَ مِنْهُمْ مَجْلِسًا".
قَالَ أبو هُرَيْرَةَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، هَل نَرَى رَبَّنَا؟ قَالَ:"نَعَمْ، هَل تَتَمَارَوْنَ فِي رُؤيةِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ؟ " قُلنَا: لا، قَالَ:"كَذَلِكَ لَا تَتَمارَوْنَ فِي رُؤيةِ رَبِّكُمْ عز وجل، وَلَا يَبْقَى فِي ذَلِكَ المَجْلِسِ أَحَد إلا حَاضَرَه الله عز وجل مُحَاضَرَةً، حَتَّى إِنَّهُ يَقُوُل لِلرَّجُلِ مِنكمْ: أَلا تَذْكرُ يَا فُلَانُ يَوْمَ عَمِلتَ كَذَا وَكَذَا؟ يُذَكرُهُ بَعْض غَدَرَاتِهِ فِي الدُّنْيَا، فَيَقُوُل: يَا رَبِّ أَفَلَمْ تَغْفِرْ لِي؟ فَيَقُوُل: بَلَى، فَبِسَعَةِ مَغْفِرتي بَلغْتَ مَنْزِلتَكَ هَذِهِ، فَبَيْنَمَا كذَلِكَ غَشِيتهُمْ سَحَابَة مِنْ فَوْقِهِمْ، فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ طِيبًا لم يَجِدُوا مِثْلَ رِيحِهِ شَيْئًا قَطُّ، ثُمَّ يَقُوُل: قُومُوا إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لكمْ مِنَ الكَرَامَةِ، فَخُذُوا مَا اشْتَهَيْتُمْ".
قوله: "وَمَا فِيهِمْ دَنِيءٌ": يعني وما فيهم دون، وهو مهموز، وهو في الأصل مشدد الياء، ولا أعرف تشديد الياء إلا في القريب، يقال: ...... أي قريب، و .....
(1)
في الهامش: (دنيءٌ)، وعليه (خ).
قَالَ: "فَنَأْتِي سُوقًا قَدْ حَفَّتْ بِهِ المَلَائِكَةُ، مَا لَمْ تَنْظُرِ العُيُونُ إِلَى مِثْلِهِ، وَلَمْ تَسْمَعِ الآذَانُ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى القُلُوبِ".
قَالَ: "فَيُحْمَلُ لنَا مَا اشْتَهَيْنَا، لَيْسَ يُبَاعُ فِيهِ شَيْء وَلا يُشْتَرَى، وَفي ذَلِكَ السُّوقِ يَلقَى أَهْلُ الجَنَّةِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا".
قالَ: "فَيُقْبِلُ الرَّجُلُ ذُو المَنْزِلَةِ المُرْتَفِعَةِ، فَيَلقَى مَنْ هُوَ دُونَهُ، وَمَا فِيهِمْ دَنيٌّ، فَيَرُوعُهُ مَا يَرَى عَلَيْهِ مِنَ اللِّبَاسِ، فَمَا يَنْقَضِي آخِرُ حَدِيثهِ حَتَّى يَتَمَثَّلَ عَلَيْهِ أَحْسَنُ مِنْهُ، وَذَلِكَ أنهُ لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَحْزَنَ فِيهَا".
قَالَ: "ثُمَّ نَنْصَرِفُ إِلَى مَنَازِلنَا، فَتَلقَانَا أَزْوَاجُنَا، فَيَقُلنَ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، لَقَدْ جِئْتَ وَإِنَّ بِكَ مِنَ الجَمَالِ وَالطِّيبِ أَفْضَلَ مِمَّا فَارَقْتَنَا عَلَيْهِ، فَنَقُولُ: إِنَّا جَالَسْنَا اليَوْمَ رَبَّنَا الجَبَّارَ عز وجل، وَبحَقِّنَا
(1)
أَنْ نَنْقَلِبَ بِمِثْلِ مَا انْقَلَبْنَا". [خ: 806، م:127، ت:2434، س:1140].
4337 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ أبو مَرْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ قالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ:
قوله: "قَدْ حُفَّتْ بِهِ المَلَائِكَةُ": أي أطافت.
قوله: "وَمَا فِيهِمْ دَني": بتشديد الياء في آخره، كذا في أصلنا، وصوابه أن يكون بهمز في آخره، كما قدَّمتُه قبل قبلِه.
(1)
كذا ضبطت في الأصل ونسخة ابن قدامة: (بحَقِّنا)، وفي المطبوع:(ويَحِقُّنا)، فليحرر.
قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ أَحَدٍ يُدْخِلُهُ اللهُ الجَنَّةَ إلا زَوَّجَهُ اللهُ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً
(1)
مِنَ الحُورِ العِينِ، وَسَبْعِينَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، مَا مِنْهُم وَاحِدَة إلا وَلهَا قُبُلٌ شَهِي، وَلَهُ ذَكَر لا يَنْثَني".
قَالَ هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ: مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، يَعْنِي رِجَالًا دَخَلُوا النَّارَ، فَوَرِثَ أَهْلُ الجَنَّةِ نِسَاءَهُمْ، كَمَا وُرِثَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ.
4338 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَامِرٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "المُؤْمِنُ إِذَا اشْتَهَى الوَلَدَ فِي الجَنَّةِ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ في سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يَشْتَهِي". [ت:2563].
4339 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُوُل الله صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، وَآخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا الجَنّةَ، رَجل يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْوًا،
4339 -
قوله: "عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ الله": عَبيدة بفتح العين وكسر الموحدة، تقدَّم التَّنبيه عليه غير مرة.
قوله: ": "إِنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجا مِنْهَا، وَآخِرَ أَهْلِ النار دُخُولًا الجنَّةَ": هذا الرجل سمّاه بعضهم جُهينة.
(1)
في الهامش: (ثنتين)، وعليه (خ).
فَيُقَالُ له: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنّةَ، فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى فَيَرْجعُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى، فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنة، فَيَأتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى، فَيَرْجعُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى
(1)
، فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدنْيَا، وَعَشَرَةَ أَمْثَالهِا، أَوْ إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَة أَمْثَالِ الدُّنْيَا"، قال: "فَيَقُولُ: أتسْخَرُ بي، أَوْ أتضْحَكُ بِي، وَأَنتَ المَلِكُ؟ ".
وسمَّاه بعضهم هنادًا، كذا سمعت الثاني من .... بعض الطلبة.
ورأيت بخطي أن شيخنا العلامة سراج الدين الأنصاري الشهير بابن الملقن في شرح البخاري له؛ أن اسم هذا الرجل جُهينة من جُهينة، كذا في الرواة عن مالك للدارقطني، قال شيخنا: وقال السهيلي: اسمه هناد
(2)
، انتهى.
وفي التذكرة للقرطبي، وقد رأيت ما قاله السهيلي في روضه، انتهى.
قوله: "أتسْخَرُ، أَوْ أتضْحَكُ بِي، وَأَنْتَ المَلِكُ؟ ": [السخرية: بكسر السين من الاستهزاء، وبضمها من السخرة والتسخير]
(3)
.
ثم اعلم أن السخرية في حق الله لا تجوز؛ لأنه تعالى متعالٍ عن الخُلْف في أقواله ومواعيده، فمعنى:"أتسخر بي" أي أتضعني فيما لا أراه مِن حقي،
(1)
في الهامش، وفيه بعض الطمس، زيادة:(فَيقولُ اللهُ عز وجل: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجنة، فيَأتِيهَا فَيُخَيلُ إِلَيْهِ أَنَهَا مَلأَى، فَيَرْجعُ، فَيقولُ: يَا رَبِّ إِنَهَا مَلأَى)، وعليه (خ).
(2)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح 7/ 192.
(3)
يوجد لحق مطموس استدركته من مطالع الأنوار 5/ 466.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فكأنها صورة السخرية.
ويحتمل أن يكون قائل هذا أصابه من الدهش والحيرة لما أصابه من سعة رحمة الله عز وجل بعد إشرافه على الهلاك، وما ناله من السُّفول والزحف على الصراط، وما لقيه من حر النار وريحها، وانفهاق الجنة له بعدَ بُعدها عنه ما لم يحتسبه، وما لم يطمع فيه، فلم يحفظ فرحًا ودهشًا لفظَهُ، وأجرى كلامه على عادته.
وقيل: معنى "أتسخر بي" أي أنت لا تسخر بي وأنت الملك، وأن الهمزة هاهنا ليست للاستفهام والتقرير للسخرية بل لنفيها، كما قال تعالى:{أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ} [الأعراف: 155]؛ أي إنك لا تفعل ذلك.
وقد يكون هذا الكلام على طريق المقابلة من جهة المعنى والمجانسة، كما قال:{فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: 79] ونحوه.
وذلك لما أخلف هو مواعيد الله غير مرة أن لا يسأله شيئًا غير ما سأله أولًا، فلما رأى ذلك خشي أن يكون ذلك إطماعًا له فيما رآه، ثم يمنع منه معاقبة لإخلافه وغدرته، ومكافأته له على ذلك، فسماه سخرية مقابلة لمعنى ما فعل.
وفي هذا عندي بُعد على أني بسطت فيه من البيان ما لم يبسطه قائله، فإن الآية سمَّى فيها العقوبة سخرية واستهزاء مقابلة لأفعالهم، ولا عقوبة هنا إلا بتصوير الأطماع، وهو حقيقة السخرية التي لا تليق بالله وخُلف الوعد،
قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ.
فكَانَ يُقَالُ: هَذَا أَدْنَى أَهْلِ الجنَّةِ مَنْزِلًا. [خ: 6571، م: 163، ت: 2595].
4340 -
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قالَ: حَدَّثَنَا أبو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَأل الجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتِ الجَنَّةُ: اللهمَّ أَدْخِلهُ الجَنَّةَ، وَمَنِ اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ قَالَتِ النَّارُ: اللهمَّ أَجِرْهُ مِنَ النَّارِ". [ت: 2572].
والقول الذي هو منزهٌ عنه، فإن قبله أدخل الجنة
(1)
، انتهى كلام المطالع.
قوله: "حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ": النواجذ بالذال المعجمة؛ الأنياب والأضراس، وقيل: المضاحك.
والنواجذ أيضًا أواخر الأسنان، وهي أضراس العقل.
4340 -
قوله: "عَنْ يزيد بْنِ أَبِي مَرْيَمَ": يزيد هو بالمثناة تحت المفتوحة ثم زاي مكسورة، كذا في الأصل، وصوابه "بُرَيْدِ" بضم الموحدة وفتح الراء؛ فإن بريدًا روى عن أنس هذا الحديث.
[ذكر ذلك المزي في] أطرافه في ترجمة بريد
(2)
؛ يعني بالموحدة والراء عن أنس، وليس ليزيد، بالمثناة والزاي، عن أنس في الكتب الستة شيء، فليعلم ذلك، والله أعلم.
(1)
مطالع الأنوار 5/ 467 - 468.
(2)
تحفة الأشراف (243).
4341 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا له مَنْزِلَانِ: مَنْزلٌ فِي الجَنَّةِ، وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ، فَإِذَا مَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ وَرِثَ أَهْلُ الجَنَّةِ مَنْزِلَهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} [المؤمنون: 10] "
(1)
.
آخره، فرغت منه يوم الأحد ثامن عشر من شهر رمضان من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وابتدأت فيه في أوائل رجب من السنة أحسن الله يقضيها، وتخلل بين الابتداء والفراغ فوق ثلاثين يومًا من غير عمل لضعف أصابني وبطالة أيضًا.
الحمدُ لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمدٍ وآله وصحبه وسلم وحسبنا الله ونعم الوكيل
علقه إبراهيم سبط ابن العجمي طلبًا للفائدة أحسن الله خاتمتَهُ بمحمد وآله وصحبه
(2)
(1)
في آخر نسخة الملك المحسن: وافق الفراق من نسخه عشية السبت سادس صفر سنة إحدى وستمائة. كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى أحمد بن عبد الخالق بن محمد بن هبة الله بن أبي هشام القرشي الشافعي الدمشقي، حامدا لله، ومصليا على سيد المرسلين محمد النبي وعلى آله وأصحابه أجمعين. غفر اللهُ له ولوالديه وللمسلمين أجمعين.
(2)
هذا من التوسل الممنوع، فليتنبه.