الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المدارس
مدرسة ابن حجر
هى بخط باب الشعرية تجاه حارة الأقماعية، على يسرة الخارج من باب القنطرة إلى باب البحر. أنشئت فى أول القرن التاسع تقريبا، وتعرف اليوم بزاوية ابن حجر العسقلانى وذكرناها فى الزّوايا.
مدرسة ابن عرّام
قال المقريزى: هذه المدرسة بجوار جامع الأمير حسين بحكر جوهر النوبى من بر الخليج الغربى خارج القاهرة. أنشأها الأمير صلاح الدين خليل بن عرام وكان من فضلاء الناس تولى نيابة الإسكندرية وكتب تاريخا وشارك فى علوم؛ فلما قتل الأمير بركة بسجن الاسكندرية ثارت مماليكه على الأمير الكبير برقوق فأنكر الأمير برقوق قتله، وبعث الأمير يونس النّوروزى دواداره لكشف ذلك فنبش عنه قبره، فإذا فيه ضربات عدّة إحداهنّ فى رأسه فاتهم ابن عرام بقتله من غير إذن له فى ذلك فأخرج بركة من قبره وكان بثيابه من غير غسل وغسّل وكفّن، وأحضر ابن عرّام معه فسجن بخزانة شمائل داخل باب زويلة من القاهرة، ثم عصر وأخرج سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة من خزانة شمائل وأمر به فسمّر عريانا بعد ما ضرب عند باب القلّة بالمقارع فلما أنزل من القلعة وهو مسمّر على الجمل أنشد:
لك قلبى تحله
…
فدمى لم تحله
لك من قلبى المكا
…
ن فلم لا تجله
قال إن كنت مالكا
…
فلنى الأمر كله
وما هو إلا أن وقف بسوق الخيل تحت القلعة، وإذا بمماليك بركة قد أكبّت عليه تصربه بسيوفها، حتى تقطّع قطعا وحزّ رأسه وعلّق على باب زويلة، وتلاعبت أيديهم فأخذوا حدّ أذنه، وأخذوا حدّ رجله، واشترى آخر قطعة من لحمه ولاكها ثم جمع ما وجد منه ودفن بمدرسته هذه وفى ذلك يقول الأديب شهاب الدين أحمد بن العطّار:
بدت أجزاء عرّام خليل
…
مقطّعة من الضّرب الثقيل
وأبدت أبحر الشعر المراثى
…
محرّرة بتقطيع الخليل
انتهى
وهى الآن بين قنطرة الأمير حسين وحارة الأنصارى بقرب حمام القزازية وقد زالت هذه المدرسة الآن وبقى من أثارها الباب والسّاقية وقبر منشئها تسميه العامة بالشيخ الأربعين ووضع يده عليها الشيخ محمد المهدى الكبير وتصرف فيها تصرّف الملاك وهى إلى الآن تحت يد ابن ابنه الشيخ محمد المهدى شيخ الجامع الأزهر سابقا وقد أكراها لجماعة جعلوها زريبة ماشية وعرفت بالزّريبة.
المدرسة الأزكشية
قال المقريزى: هى على رأس السوق الذى كان يعرف بالخروقيين، ويعرف اليوم بسويقة أمير الجيوش بناها الأمير سيف الدين يازكوج الأسدى مملوك أسد الدين شيركوه، أحد أمراء السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب وجعلها وقفا على فقهاء الحنفية، وذلك فى سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة انتهى. ويعرف موضعها اليوم بسوق مرجوش وتعرف هى بزاوية جنبلاط. انظرها فى الزّوايا.
مدرسة إسماعيل باشا
قال فى نزهة الناظرين: إنها بجوار ديوان المرحوم قايتباى أنشأها المرحوم إسماعيل باشا
الوزير سنة سبع ومائة وألف ورتّب لها اثنى عشر طالبا من الأربعة المذاهب واثنين من الطلبة يقرآن فى صحيح البخارى من أوّل شهر رجب إلى آخر شهر رمضان ورتّب لهم الجوامك لكل شيخ اثنى عشر عثمانيا فى بلك الكشيدة ولكل طالب ستة عثامنة، ومن القمح كل سنة مائة وعشرين أردبا توزع عليهم كالجامكية، ورتب أيضا عشرة يقرءون القرآن صبيحة كل/يوم ولكل شخص منهم خمسة عثامنة فى بلك الجوالى ولرئيسهم عشرة عثامنة كل يوم ومن القمح خمسين أردبا كل سنة، ولما أتم بناءها صنّف لها سيدى يوسف الشهير بابن الوكيل تاريخا وهو هذا.
ومدرسة أضحت بحسرة بنائها
…
تتيه على كل المدارس فى العصر
فما للنظاميات حسن نظامها
…
بناء ولا للصالحيات فى مصر
بناها الوزير الأريحى أبو الندى
…
مبيد العدا اسماعيل بالبيض والسمر
يقال سعيد قلت فيها مؤرخا
…
لك السعد عبد والهنافزت بالأجر
وكانت تولية الوزير إسماعيل باشا على مصر عقب قدومه من الشام سنة سبع ومائة وألف فرأى فيها الغلاء فأطلق النّداء بجمع الشّحاذين وأمر بتفريقهم على الأكابر وأبقى له ولأعيان دولته ألف نفس ورتب لهم ما يكفيهم، ثم حصل فناء فأمر أمين بيت ماله أن يكفّن كل فقير أو غريب. وكان يوما جالسا بقصر قراميدان فمّروا عليه بعروس إلى الحمام وكانت فقيرة فأرسل لها عشرة دنانير ذهب، وصارت هذه عادة له إذا مرّت عليه عروس أرسل لها من الذهب بقدر نصيبها.
ولما ختن ابنه إبراهيم بيك أطلق مناديا: من كان عنده ولد فليأت به، فبلغ عدّة الأولاد الذين ختنهم مع ولده ألفين وثلثمائة وستة وثلاثين غلاما وأمر لكل غلام بكسوة من بفتة وشاش وشربوش وحزام وبابوج وقميص وشريفى، وحلف أن لا يقبل فى هذا الفرح هدية من أحد واشترى بمصر بيوتا أوقفها هى وبعض البلاد على ذريته، ورتب لخدمة وقفه مرتبات وعمل سحابة نحو خمسين جملا تسافر إلى الحج لسقى الماء للمساكين وله محاسن كثيرة،
وكانت مدة إقامته فى ولاية مصر سنتين وشهرا واحدا، ثم سافر إلى الدّيار الرّومية انتهى باختصار.
مدرسة الأشرف شعبان
كانت برأس الرميلة تجاه القلعة أنشأها الملك الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر بن قلاوون فى نحو سنة سبعين وسبعمائة وجعلها من محاسن الدنيا ضاهى بها مدرسة عمه السلطان حسن، ثم هدم أكثرها بعده، أمر بهدمها فرج بن برقوق، ثم بنى مكانها الملك المؤيد شيخ بيمارستانا.
وكانت تولية الأشرف شعبان الملك سنة أربع وستين وسبعمائة، وقتل فى سنة ثمان وسبعين وسبعمائة ولما قتلوه وضعوه فى قفّة مخيطة ورموه فى بئر حتى ظهرت رائحته. وكان من أجلّ الملوك سماحة وشهامة هينالينا محبا لأهل الخير والصلاح والعلماء واقفا عند الشريعة، وفى أيامه حدثت العلامة الخضراء للأشراف وفى ذلك قال بعض الشعراء:
جعلوا لأبناء الرسول علامة
…
إنّ العلامة شأن من لم يشهر
نور النّبوة فى وسيم وجوههم
…
يغنى الشريف عن الطراز الأخضر
انتهى من نزهة النّاظرين وقد زال البيمارستان أيضا ومحله الآن على يسرة من يسلك من المنشية من جهة جامع المحمودية إلى المحجر ومن حقوقه حارة المارستان وما جاورها.
مدرسة الأشرفية
هى بجوار مدرسة تربة أم الصالح بقرب المشهد النفيسى ذكرها السخاوى فى تحفة الأحباب ولم يترجمها وكذا المقريزى، ولعلها هى التى عبر عنها فى نزهة الناظرين بعنوان تربة؛ فقال: لما قتل الملك الأشرف خليل صلاح الدين ابن الملك المنصور قلاوون فى خروجه إلى البحيرة للصيد سنة ثلاث وتسعين وستمائة ترك طريحا، ثم نقل إلى تربته التى أنشأها
بجوار المشهد النفيسى قرب السيدة نفيسة رضي الله عنها، وكان شجاعا مقداما بديعا فى الجمال انتهى. وقد يسطنا الكلام فى قتله عند الكلام على تروجه فإنه قتل بها وهى موجودة إلى الآن وتعرف بتربة الأشرف خليل وعليها قبة شامخة.
المدرسة الآقبغاوية
هى بلصق الجامع الأزهر فى حدوده. أنشأها الأمير آقبغا عبد الواحد استادار الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة أربعين وسبعمائة تقريبا وذكرناها فى الكلام على الجامع الأزهر.
مدرسة أمّ خوند
هى بخط بين السّورين تجاه زاوية المغازى وأبى الحمائل ولم أقف على تاريخ إنشائها، وتعرف اليوم بزاوية خوند انظرها فى الزوايا.
مدرسة أمّ السلطان
هى بخط التبانة عن يمين السالك من الدرب الأحمر إلى قلعة الجبل. أنشأتها الست بركة أم الملك الأشرف شعبان بن حسين سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، وتعرف اليوم بجامع أم السلطان، وتكلمنا عليها فى الجوامع.
المدرسة الأيتمشية
هى برأس خط التبانة داخل باب الوزير تحت قلعة الجبل أنشأها الأمير سيف الدين أيتمش البجاسى بالباء الموحدة والسين المهملة سنة خمس وثمانين وسبعمائة، وتعرف اليوم بجامع أيتمش فانظرها فى الجوامع.
مدرسة أينال اليوسفى
هى خارج باب زويلة بسوق الخيمية عن يسار الذاهب إلى/الصليبة أوصى بعمارتها
الأمير سيف الدين أينال اليوسف فابتدئ بعملها سنة أربع وتسعين وسبعمائة وتمت فى سنة خمس وتسعين، وتعرف اليوم بجامع أينال، وبجامع الشيخ أحمد بطة باسم إمامه وناظره سابقا الشيخ أحمد بطة الشافعى أحد مدرّسى الجامع الأزهر والمدارس الملكية، وقد تكلمنا عليها فى الجوامع.
مدرسة الأشرف أينال
هى بالصحراء حيث القرافة الكبرى. أنشأها الملك الأشرف أبو النصر أينال العلائى الناصرى فى نحو سنة ستين وثمانمائة، وأنشأ بجوارها تربة دفن بها بعد موته سنة خمس وستين وثمانمائة، وقد أقام على تحت المملكة ثمان سنين وشهرين وستة أيام، وكان قليل السماع للكلام فى النّاس قليل سفك الدماء متجاوزا عن الخطأ والتقصير، وكان أميا لا يحسن الكتابة ولا القراءة انتهى من نزهة الناظرين، وهى الآن معطّلة الشّعائر ومجعولة مخزنا للبارود تابعا لديوان الجهادية.
المدرسة البديرية
هى بجوار باب سر المدرسة الصالحية النجمية، كان موضعها من تربة القصر فنبش ناصر الدين محمد بن محمد بن بدير العباسى ما هنالك من قبور الخلفاء الفاطميين، وأنشأ هذه المدرسة سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، وعمل فيها درس فقه للشافعية، وهى صغيرة لا يكاد يصعد إليها أحد، والعباسى هذا من قرية العباسية بطرف الرمل، وله فى مدينة بلبيس مدرسة وقد تلاشت بعد ما كانت عامرة مليحة. انتهى من خطط المقريزى وتاريخ بنائها منقوش على قوصرة إيوان القبلة، وهى الآن متخربة وبابها مرتفع، وتعرف بجامع بدر الدين العجمى.
مدرسة بردبك الأشرفى
هى بخط قناطر السّباع تجاه الجامع الزينى فوق الخليج الحاكمى. أنشأها الأمير بردبك الأشرفى الدوادار فى أواخر القرن الثامن تقريبا وهى جامع المحكمة.
المدرسة البرقوقية
هذه المدرسة بخط بين القصرين فى شارع النحاسين عند جامع المارستان المنصورى بين مدرستى الناصرية والكاملية. أنشأها السلطان الظاهر برقوق وابتدئ فى عمارتها سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة وفرغ منها فى سنة ثمان وثمانين كما فى نزهة الناظرين قال الإسحاقى: وهى من محاسن مدارس مصر وفيها قال الشاعر:
قد أنشأ الظاهر السلطان مدرسة
…
فاقت على إرم مع سرعة العمل
يكفى الخليلىّ أن جاءت لخدمته
…
صم الجبال بها تمشى على عجل
وبنى أيضا تربة بالصحراء وهى مسكونة معمورة إلى الآن. انتهى، وهى الآن عامرة مقامة الشعائر الإسلامية من جمعة وجماعة، ولها منارة عظيمة يؤذن عليها الأذان السلطانى وليس بها اليوم شئ من دروس العلم، وكذا أغلب المدارس أو جميعها لإكباب الناس على الجامع الأزهر فلا يكاد يعبأ بالتدريس فى غيره بمصر، ولم أجد فى خطط المقريزى ترجمة هذه المدرسة فى المدارس ولا فى الجوامع مع أنه عدها مدرسة فى سرد الجوامع وذكرها فى الخانقاهات وأحالها على الجوامع فقال: الخانقاه الظاهرية هى بخط بين القصرين فيما بين المدرسة الناصرية ودار الحديث الكاملية أنشأها الملك الظاهر برقوق فى سنة ست وثمانين وسبعمائة، وقد ذكرت عند ذكر الجوامع من هذا الكتاب انتهى. وترجم منشئها بأنه السلطان الملك الظاهر أبو سعيد برقوق أوّل ملوك الجراكسة. أخذ من بلاد الجركس وبيع ببلاد آنص القرم، ثم بيع بالقاهرة للأمير يلبغا الخاصكى وعرف ببرقوق العثمانى، ثم أخرج الملك الأشرف الأجلاب من مصر فسار منهم برقوق إلى الكرك فأقام مسجونا بها سنين، ثم أفرج عنه فمضى إلى دمشق فخدم عند منجك نائب الشام، ثم طلب الأشرف اليلبغاوية فقدم فى جملتهم وخدم عند أولاد السلطان وتغلب حتى صار من جملة الأمراء، ثم تغلب حتى تسلطن فغير العوائد، وأفنى رجال الدولة واستكثر من جلب رجال الجراكسة إلى أن ثار عليه يلبغا الناصرى فملك القلعة وقبض عليه وبعثه إلى الكرك فسجنه بها، ثم خرج من السجن
وسار إلى دمشق وحارب بها وتغلب، وأخذ الخليفة والسلطان حاجى والقضاة، وسار بهم إلى مصر واستبد بالسلطنة حتى مات سنة إحدى وثمانمائة، وكانت مدّته أتابكا وسلطانا إحدى وعشرين سنة وعشرة أشهر ونصفا خلع فيها ثمانية أشهر وتسعة أيام انتهى.
وفى تاريخ الإسحاقى: أن مدة تصرفه سلطانا ست عشرة سنة وأربعة شهور منها مدة السلطنة الأولى ست سنين وعشرة أيام ولما مات دفن بتربته بالصحراء. وضبط ما خلفه من الذهب العين ألف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار، ومن القماش والخز والأثاث ما قيمته ألف ألف دينار، ومن الخيول المسوّمة والبغال ستة آلاف، ومن الجمال البختية خمسة آلاف، وكان عليق دوابّه كل شهر عشرة آلاف أردب انتهى.
المدرسة البشيرية
قال المقريزى: هذه المدرسة خارج القاهرة بحكر الخازن المطل على بركة الفيل، كان موضعها مسجدا يعرف بمسجد سنقر السعدى الذى بنى المدرسة السعدية، فهدمه الأمير الطواشى سعد الدين بشير الجمدار الناصرى، وبنى موضعه هذه المدرسة/فى سنة إحدى وستين وسبعمائة وجعل بها خزانة كتب وهى من المدارس اللطيفة انتهى. وتعرف الآن بزاوية الشيخ ظلام ولها بابان: أحدهما يفتح فى الزقاق المعروف بحارة الشيخ ظلام تجاه بيت الأمير رياض باشا، وقد ردم التراب من هذا الباب نحو متر ونصف وهو باق على هيئته الأصلية، وكان ذلك الزقاق فى سنة تسعين بعد الألف يعرف بدرب الخادم كما فى حجة وقفية على أغادار السعادة المحفوظة فى دفترخانة ديوان الأوقاف ففيها: أنّ الأغا المذكور وقف جميع المكان الذى بخط الصليبية فى درب الخادم تجاه المدرسة البشيرية والشيخ ظلام، وذلك المكان مطل على بركة الفيل. والباب الثانى بعطفة الألفى بقرب بيت مصطفى بيك ناظر أوقاف السّيدين سابقا، وهو باب صغير يفتح على المطهرة وعليه رخامة فيها نقوش بقى منها ما صورته العبد الفقير بشير الجمدار الناصرى بتاريخ شهر الله الحرام افتتاح سنة إحدى وستين وسبعمائة.
وهذه المدرسة مهجورة متخربة وبقى من مبانيها إيوان لطيف مرتفع السقف به عمودان
من الرخام يحملان دكة خشب كانت للتبليغ وبدائره من الأعلى إزار عليه كتابة وبوسطه إزار مكتوب فيه أبيات من بردة المديح وتاريخ عمارة جرت بها سنة ألف ومائة باسم عمر أغادار السعادة، وبابه مسدود كان يدخل منه إلى ضريح الشيخ ظلام. ويظهر أنّ هذه المدرسة كانت متسعة ومشتملة على منافع كثيرة ضيعتها أيدى الزمان، ويظهر أيضا مما أخبر به الأمير مصطفى بيك المذكور أن درب الخادم كان مستقيما، فلما بنيت سراى الحلمية صار معوجا كما هو الآن، وهدمت قبة ضريح الشيخ ظلام وأبنية أخرى من توابع المدرسة لضرورة التنظيم.
المدرسة البقرية
هى زاوية البقرية بباب النصر قرب الجامع الحاكمى بين باب حارة العطوف ودرب الشرفاء بناها شمس الدين شاكر بن غزيل المعروف بابن البقرى سنة سبعين وسبعمائة تقريبا، انظر الزوايا.
مدرسة البلقينى
هى بحارة بين السيارج المعروفة قديما بالوزيرية وبحارة بهاء الدين قراقوش. أنشئت لسراج الدين أبى حفص عمر البلقينى المبعوث مجددا فى المائة الثامنة، وتعرف الآن بجامع البلقينى، وقد بسطنا الكلام عليها فى الجوامع.
المدرسة البندقدارية
هى بقرب الصليبة فى شارع السيوفية بجوار مدرسة البنات، وهذه الزاوية هى الخانقاه البندقدارية، وتعرف الآن بزاوية الآبار وقد ذكرت فى الزّوايا.
المدرسة البوبكرية
هى فى درب سعادة بين عطفة الفرن ومنزل إسماعيل باشا تمر كاشف. أنشأها الأمير سيف الدين أسنبغا بن بكتمر البوبكرى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة وذكرناها فى الجوامع بعنوان جامع أسنبغا، وتعرف أيضا بجامع الشرقاوى.
المدرسة البيدرية
هى بخط قصر الشوك بناها الأمير بيدرا الأبدمرى، وتعرف اليوم بزاوية اللبان راجع الزوايا.
مدرسة تربة أم الصالح
قال المقريزى: هى بجوار المدرسة الأشرفية قرب المشهد النفيسى بين القاهرة ومصر كان موضعها من جملة بستان. أنشأها الملك المنصور قلاوون على يد الأمير سنجر الشجاعى سنة اثنتين وثمانين وستمائة برسم أم الملك الصالح علاء الدين على بن الملك المنصور قلاوون، فلما كمل بناؤها نزل إليها الملك المنصور ومعه ابنه الصالح على وتصدّق عند قبرها بمال جزيل ورتب لها وقفا حسنا على قراء وفقهاء وغير ذلك، وكانت وفاتها فى سادس عشر شوال سنة ثلاث وثمانين وستمائة انتهى.
وقد تخربت تلك المدرسة وبقيت كذلك مدّة، ثم جعلت الآن تكية تعرف بتكية السيدة نفيسة، سكنها جماعة من الأتراك وبنوافيها بيوتا وخلاوى، وبقى من آثارها القديمة القبة التى على تربة أم الصالح وهى متهدمة والمنارة التى يقال لها المنجرة.
مدرسة تغرى بردى
هى بشارع الصليبية بين سبيل أم عباس باشا وجامع الخضيرى على يمين الذاهب إلى الحوض المرصود أنشأها الأمير تغرى بردى الرومى فى سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، وتعرف اليوم بجامع تغرى بردى وقد ذكرت فى الجوامع.
مدرسة ألجاى
هى فى سويقة العزى من سوق السلاح على يسرة الذاهب من الدرب الأحمر يريد جامع السلطان حسن. أنشأها الأمير سيف الدين ألجاى فى سنة ثمان وستين وسبعمائة، وتعرف اليوم بجامع ألجاى وقد ذكرناها فى الجوامع.
المدرسة الجانبكية
هى بشارع المغربلين على شمال الذاهب من باب زويلة إلى الحلمية. أنشأها الأمير جانبك الدوادار فى عام ثمان وعشرين وثمانمائة. وتعرف اليوم بجامع جانبك وقد ذكرناه فى الجوامع فراجعه.
مدرسة جانم
هى بشارع السروجية عن يمين الذاهب من الحلمية إلى باب زويلة تجاه باب عطفة جامع قوصون. أنشأها الأمير جانم فى سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة، وتعرف اليوم بجامع سيدى جانم وقد ذكرناه فى الجوامع فراجعه.
مدرسة الجاولى
هى بشارع حدرة الحنا بجوار قلعة الكبش بالقرب من الحوض المرصود. أنشأها الأمير علم الدين سنجر الجاولى فى سنة/ثلاث وعشرين وسبعمائة وتعرف الآن بجامع الجاولى وقد ذكر فى الجوامع.
مدرسة جمال الدين الأستادار
هذه المدرسة بشارع الجمالية تجاه القره قول الذى هناك. أنشأها الأمير جمال الدين الأستادار سنة عشر وثمانمائة، وهى عامرة إلى الآن وتعرف بالجامع المعلّق، وقد ذكرناه فى الجوامع فراجعه.
المدرسة الجمالية
هى بين حارة الفراخة وقصر الشوك. أنشأها الوزير مغلطاى الجمالى سنة ثلاثين وسبعمائة، وتعرف الآن بزاوية الجمالى وقد ذكرت فى الزّوايا.
مدرسة جوهر الصّفوى
هى بشارع الحبّالة تحت قلعة الجبل. أنشأها جوهر الصفوى سنة أربع وأربعين وثمانمائة، وتعرف اليوم بجامع جوهر الصفوى، وقد ذكرناه فى الجوامع فراجعه.
مدرسة جوهر اللالا
هى بشارع المحجر بآخر درب اللبانة. أنشأها جوهر اللالا سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة، وهى عامرة إلى الآن وتعرف بجامع جوهر اللالا، وقد ذكرناه فى الجوامع.
مدرسة جوهر المعين
هى بحارة غيط العدّة بالقرب من منزل حسين بيك دبوزاغلى. أنشأها الأمير جوهر المعين فى القرن التاسع، وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بجامع الشيخ جوهر، وقد ذكرناه فى الجوامع.
المدرسة الجوهرية
هى بلصق الجامع الأزهر تجاه زاوية العميان. أنشأها جوهر القنقبائى سنة أربع وأربعين وثمانمائة، ولما مات دفن بها، وهى عامرة إلى الآن. وتعرف بالجوهرية، وقد ذكرناها عند الكلام على الجامع الأزهر.
المدرسة الحجازية
هى بخط الجمالية على يمين السالك من الجمالية إلى قصر الشوك. أنشأتها الست خوندتتر الحجازية بنت الملك الناصر محمد بن قلاوون زوجة بكتمر الحجازى، وكان إنشاؤها سنة إحدى وستين وسبعمائة، وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بزاوية الحجازية، وقد ذكرت فى الزّوايا.
مدرسة حزمان
هى بشارع الحلمية تجاه ضريح الشيخ المظفر. أنشأها الأمير حزمان البكرى المؤيدى، وبها قبره وقبر الشيخ أسد. ذكر ذلك السخاوى، وتعرف اليوم بزاوية المظفر، وقد ذكرناها فى الزّوايا.
المدرسة الحسامية
قال المقريزى: هذه المدرسة بخط المسطاح من القاهرة قريبا من حارة الوزيرية. بناها الأمير حسام الدين طرنطاوى المنصورى نائب السلطنة بديار مصر إلى جانب داره وجعلها برسم الفقهاء الشافعية انتهى.
ترجمة طرنطاى
طرنطاى بن عبد الله الأمير حسام الدين المنصورى، رباه الملك المنصور قلاوون صغير ورقاه فى خدمه إلى أن تقلد سلطنة مصر فجعله نائب السلطنة بديار مصر فباشر ذلك مباشرة حسنة إلى أن كانت سنة خمس وثمانين وستمائة، فخرج من القاهرة بالعساكر إلى الكرك وفيها الملك المسعود نجم الدين خضر وأخوه بدر الدين سلامش ابنا الملك الظاهر بيبرس وسار إليها فوافاه الأمير بدر الدين الصوابى بعساكر دمشق فى ألفى فارس ونازلا الكرك وقطعا الميرة عنها واستفسدا رجال الكرك حتى أخذ اخضرا وسلامش بالأمان وبعث الأمير طرنطاى بالبشارة إلى قلعة الجبل ثم قدم بابنى الظاهر؛ فخرج السلطان إلى لقائه وأكرمه ورفع قدره، ثم بعثه إلى أخذ صهيون وبها سنقر الأشقر، فسار بالعساكر من القاهرة فى سنة ست وثمانين ونازلها وحاصرها حتى نزل إليه سنقر بالأمان وسلم إليه قلعة صهيون وسار به إلى القاهرة فخرج السلطان إلى لقائه وأكرمه.
ولم يزل على مكانته إلى أن مات الملك المنصور وقام من بعده ابنه الملك الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون، فقبض عليه فى يوم السبت ثالث عشر ذى القعدة سنة تسع
وثمانين، وعوقب حتى مات يوم الاثنين خامس عشر ذى القعدة بقلعة الجبل، وبقى ثمانية أيام بعد قتله مطروحا بحبس القلعة، ثم أخرج ولفّ فى حصير وحمل على جنوبة إلى زاوية الشيخ أبى السعود بالقرافة فغسل وكفن ودفن خارج الزاوية ليلا، وبقى هناك إلى سلطنة العادل كتبغا فأمر بنقل جثته إلى تربته التى أنشأها بمدرسته هذه.
وقد وجد له من الذهب العين ستمائة ألف دينار ومن الفضة سبعة عشر ألف رطل ومائة رطل مصرى، وهى تبلغ مائة واحدى وسبعين قنطارا سوى الأوانى والأسلحة والأقمشة والآلات والخيول والمماليك والبقر والأغنام ونحو ذلك فسبحان من بيده القبض والبسط.
ترجمة برهان الدين إبراهيم الكركى
وممن تولى مشيخة هذه المدرسة كما فى تاريخ ابن إياس قاضى الحنفية برهان الدين إبراهيم بن زين الدين عبد الرحمن بن إسماعيل الكركى الحنفى. كان عالما رئيسا من أعيان الحنفية، سمع من الشيخ محيى الدين الكافيجى والشيخ سيف الدين وغيرهما وكان إمام الأشرف قايتباى، ورأى فى أيامه غاية العزّ والعظمة وولى عدة وظائف سنية منها: مشيخة مدرسة أم السلطان التى فى التبانة ومشيخة مدرسة الأشرفية، وولى قاضى القضاة الحنفية مرتين وقاسى محنا وشدائد من الأشرف.
وكان رحمه الله تعالى بشوش الوجه عنده رقة حاشية ولطافة. مات فى شعبان من شهور سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وسبب موته أنه كان ساكنا على بركة الفيل، فنزل يتوضأ/ على سلم القيطون-وفى رجله قبقاب-فزلقت رجله بالقبقاب فوقع فى البركة، وكانت فى قوة ملئها أيام النيل، فلما وقع ثقلت عليه الثياب فمات من وقته رحمه الله تعالى انتهى
وهذه المدرسة قد تخربت وأخذ منها قطعة فى مطهرة جامع المغربى عند ترميمه من طرف الحاج مصطفى المغربى، ولم يبق منها الآن إلا المحراب وقطعة أرض صغيرة يتوصل إليها من الباب الذى بجوار باب مطهرة الجامع المذكور، كانت بجوار جامع المغربى المعروف قديما بالمدرسة الزمامية.
مدرسة الست خديجة
هى بسوق الزلط على يمنة المارّ على جامع الزاهد إلى باب البحر. أنشأتها الست خديجة بنت درهم ونصف فى سنة ست وعشرين وتسعمائة، وهى عامرة إلى اليوم، وتعرف بجامع شهاب الدين وقد ذكرناه فى الجوامع.
المدرسة الخرّوبية
قال المقريزى: هذه المدرسة بظاهر مدينة مصر تجاه المقياس بخط كرسى الجسر.
أنشأها كبير الخرّاربية بدر الدين محمد بن محمد بن على الخروبى-بفتح الخاء المعجمة وتشديد الراء المهملة وضمها، ثم واو ساكنة بعدها باء موحدة ثم ياء آخر الحروف-التاجر فى مطابخ السكر وفى غيرها بعد سنة خمسين وسبعمائة، وأنشأ أيضا ربعين بخطّ دار النحاس من مصر على شاطئ النيل، وربعين مقابل المقياس بالقرب من مدرسته، ومات بدر الدين هذا سنة اثنتين وستين وسبعمائة انتهى.
وهذه المدرسة: هى المعروفة الآن بجامع القبوة بمصر القديمة، وقد ذكرناه فى الجوامع من هذا الكتاب.
المدرسة الخروبية
قال المقريزى: هذه المدرسة بخط الشون قبلىّ دار النحاس من ظاهر مدينة مصر.
أنشأها عزّ الدين محمد بن صلاح الدين أحمد بن محمد بن على الخروبى، وهى أكبر من مدرسة عمه بدر الدين إلا أنه مات سنة ست وسبعين وسبعمائة قبل استيفاء ما أراد أن يجعل فيها فليس لها مدرس ولا طلبة، ومولده سنة ست عشرة وسبعمائة، ونشأ فى دنيا عريضة رحمه الله تعالى انتهى.
أقول: والذى يغلب على الظّن أنّ الباقى من هذه المدرسة هو الضريح المعروف اليوم بضريح سيدى شاهين المغربى، الكائن على يسرة السالك فى طريق مصر القديمة بقرب بيت
الست البارودية من الجهة القبلية، وهذا الضريح داخل مزار صغير وعليه قبة مرتفعة، ومغروس أمامه من الجهة الغربية بعض أشجار، وهناك بئر ماء معينة بناؤها قديم.
المدرسة الخروبية
قال المقريزى: هذه المدرسة على شاطئ النيل من مدينة مصر. أنشأها تاج الدين محمد بن صلاح الدين أحمد بن محمد بن على الخروبى لما أنشأ بيتا كبيرا مقابل بيت أخيه عز الدين قبليه على شاطئ النيل، وجعل فيه هذه المدرسة، وهى ألطف من مدرسة أخيه، وبجوارها مكتب وسبيل، ووقف عليها أوقافا وجعل بها مدرس حديث فقط، ومات بمكة فى آخر المحرم سنة خمس وثمانين وسبعمائة انتهى.
مدرسة خير بك
هى بشارع الخربكية قرب باب الوزير على يمنة السالك من القلعة إلى الدرب الأحمر.
أنشأها الأمير خير بك ملك الأمراء فى سنة سبع وعشرين وتسعمائة، وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بجامع خير بك وقد ذكرناه فى الجوامع.
مدرسة داود باشا
هى بشارع سويقة اللالا. أنشأها الأمير داود باشا فى ولايته على مصر، سنة خمس وأربعين وتسعمائة وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بجامع داود باشا وقد ذكرناه فى الجوامع.
مدرسة الدهيشة
هى خارج باب زويلة فى مقابلته بجوار دار التفاح. أنشأها والسبيل والمكتب الذى فوقه الملك الناصر فرج بن برقوق على يد الاستادار جمال الدين يوسف. انتهى من تحفة الأحباب وهى عامرة إلى الآن وبها حنفية ومحرابها من الرخام الملون، وفوقها مساكن موقوفة عليها، ونظرها تحت يد السيد محمد القادرى، وتعرف اليوم بزاوية الدهيشة.
مدرسة الديلم
هذه المدرسة داخل حارة خشقدم بقرب منزل الحمصانى. أنشأها كافور الزمام وهى عامرة إلى اليوم، وتعرف بجامع الديلم وجامع كافور، وقد ذكرناه فى الجوامع.
المدرسة الزمامية
هى فى سوق النمارسة تجاه عطفة الشيشينى على يمين الذاهب من درب سعادة إلى الحمزاوى. أنشأها الطواشى زين الدين مقبل الرومى زمام الديار الشريفة للسلطان الظاهر برقوق فى سنة سبع وتسعين وسبعمائة، وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بجامع المغربى، وقد ذكرناه فى الجوامع.
المدرسة السابقية
هذه المدرسة داخل درب قرمز من خط بين القصرين. أنشأها الأمير سابق الدين مثقال الأنوكى مقدم المماليك السلطانية الأشرفية فى سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وهى الآن معطلة الشعائر، وتعرف بجامع درب قرمز، وقد ذكرناه فى الجوامع.
المدرسة السعدية
هذه المدرسة بشارع السيوفية، قرب حدرة البقر عن شمال الذاهب من الحلمية إلى الصليبة، تخربت وجعل فى محلها التكية المعروفة بالمولوية، ولم يبق من آثارها إلاّ قبة شاهقة متسعة متينة فيها أربعة أضرحة على كل ضريح ستر/من الجوخ وهناك ألواح فى بعضها اسم حسن الصادق، وفى دائر القبة نقوش بديعة، وفى داخلها باب مقصورة فيها ضريح عليه ستر أيضا يقال أن به قبر أحد مشايخ التكية، وفى القبة والمقصورة شبا كان عظيمان مطلان على الشارع مركب عليهما شبا كان من الحديد، وباب المدرسة بجوار القبة على الشارع فوقه منارة، وداخل الباب دهليز طويل مفروش بالحجر وفى نهايته سلالم وطرقة توصل إلى التكية، وجميع تلك الآثار من الحجر الجيد النحيت بوضع يدل على فخامة تلك المدرسة.
وقد ذكرها المقريزى فقال: المدرسة السعدية بقرب حدرة البقر على الشارع المسلوك من حوض ابن هنس إلى الصليبة، وهى فيما بين قلعة الجبل وبركة الفيل كان موضعها يعرف بخط بستان سيف الإسلام، وهى الآن فى ظهر بيت قوصون المقابل لباب السلسلة من قلعة الجبل، بناها الأمير شمس الدين سنقر السعدى نقيب المماليك السلطانية سنة خمس عشرة وسبعمائة، وبنى بها رباطا للنساء، وكان شديد الرغبة فى العمائر والزراعة كثير المال، وهو الذى عمر القرية النحريرية من الغربية وكانت إقطاعه، ثم إنه أخرج من مصر بنزاع وقع بينه وبين الأمير قوصون فمات بطرابلس سنة ثمان وعشرين وسبعمائة انتهى.
ومن إنشائه كما فى تحفة الأحباب للسخاوى الجامع بحكر الخازن الذى هدمه بشير الجمدار، وبنى مكانه المدرسة البشيرية فى سنة إحدى وستين وسبعمائة انتهى.
مدرسة سعيد السعداء
هذه المدرسة بشارع الجمالية تجاه حارة المبيضة. أنشأها السلطان صلاح الدين يوسف ابن أيوب برسم الفقراء الصوفية، وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بجامع الخانقاه وجامع سعيد السعداء، وقد ذكرناه فى الجوامع.
مدرسة سودون من زاده
هى بسويقة العزى بشارع سوق السلاح. أنشأها الأمير سودون من زاده، كان من أعيان خاصكية الظاهر برقوق فى أوائل القرن التاسع، وجعل بها خطبة ودرسا للشافعية وآخر للحنفية، وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بجامع سودون من زاده، وقد ذكرناه فى الجوامع.
المدرسة السيفية
قال المقريزى: هذه المدرسة بالقاهرة فيما بين خط البندقانيين وخط الملحيين، وموضعها من جملة دار الديباج.
قال ابن عبد الظاهر: كانت دارا حسنة وهى من المدرسة القطبية، سكنها شيخ
الشيوخ يعنى صدر الدين محمد بن حموية، وبنيت فى وزارة صفىّ الدين عبد الله بن على بن شكران سيف الإسلام، ووقفها وولىّ فيها عماد الدين ولد القاضى صدر الدين يعنى ابن درباس. وسيف الإسلام هذا اسمه طغتكين بن أيوب.
ترجمة سيف الإسلام طغتكين
طغتكين ظهير الدين سيف الإسلام الملك المعز بن نجم الدين أيوب بن شاذى بن مروان الأيوبى، سيره أخوه صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى بلاد اليمن فى سنة سبع وسبعين وخمسمائة فملكها واستولى على كثير من بلادها، وكان شجاعا كريما مشكور السيرة حسن السياسة، قصده الناس من البلاد الشاسعة يستمطرون إحسانه وبره. مات فى شوّال سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بالمنصورة، وهى مدينة باليمن اختطها رحمه الله تعالى، وهى إلى الآن.
المدرسة السيوفية
هلى برأس السكة الجديدة عند تقاطعها مع الشارع الموصل من باب زويلة إلى النّحاسين تجاه جامع الأشرفية، وقفها السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على الحنفية، ثم جددها الأمير عبد الرحمن كتخدا فى نحو سنة ثلاث وسبعين بعد المائة والألف، وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بجامع الشيخ المطهر، وقد ذكرناه فى الجوامع.
المدرسة الشريفية
هى على رأس حارة الجودرية بالقرب من سوق الفحامين. أنشأها الأمير فخر الدين أبو نصر إسماعيل فى سنة اثنتى عشرة وستمائة، ثم جددها الشيخ عبد السلام المغربى، وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بزاوية ابن العربى، وقد ذكرت فى الزوايا فارجع إليها إن شئت.
المدرسة الشعبانية
هى بأقصى حارة الدوادارى بجوار حارة كتامة المعروفة الآن بالعينية.
وهى عامرة إلى الآن وتعرف بزاوية الشيخ عبد العليم وقد ذكرت فى الزوايا.
مدرسة شيخو
هى بشارع الصليبة تجاه جامع شيخو. أنشأها الأمير شيخو العمرى سنة ست وخمسين وسبعمائة، وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بجامع شيخو، وقد ذكرناه فى الجوامع.
المدرسة الصاحبية البهائية
قال المقريزى: هذه المدرسة كانت بزقاق القناديل من مصر القديمة قرب الجامع العتيق. أنشأها الوزير الصاحب بهاء الدين على بن محمد بن سليم بن حنا فى سنة أربع وخمسين وستمائة، وكان إذ ذاك زقاق القناديل أعمر أخطاط مصر، وإنما قيل له زقاق القناديل من أجل أنه كان سكن الأشراف، وكانت أبواب الدور يعلق على كل باب منها قنديل.
وكانت هذه المدرسة من أجلّ مدارس الدنيا وأعظمها بمصر، تتنافس الناس من طلبة العلم فى النزول بها، ويتشاحنون فى سكنى بيوتها ثم تلاشى أمرها، وأقامت مدة أعوام معطّلة من ذكر الله تعالى وإقام الصّلاة.
/ولما كان فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة أخذ الملك الناصر فرج بن برقوق عمد الرخام التى كانت بهذه المدرسة، وكانت كثيرة العدد جليلة القدر وعمل بدلها دعائم تحمل السقوف، إلى أن كانت أيام الملك المؤيد شيخ وولى الأمير تاج الدين الشوبكى الدمشقى ولاية القاهرة ومصر وحسبة البلدين وشدّ العمائر السلطانية فهدمها فى أخريات سنة سبع عشرة.
وكان بها خزانة كتب جليلة تفرقت فى أيدى الناس، وتلاشى أمر هذه المدرسة وسيجهل عن قريب موضعها ولله عاقبة الأمور انتهى باختصار.
وقد زالت هذه المدرسة بالكلية فى هذا الزمن ولم يبق لها أثر البتة.
المدرسة الصاحبية
هذه المدرسة فى آخر درب سعادة بخط الحمزاوى. أنشأها الصاحب صفى الدين
عبد الله بن علىّ بن شكر، وقد زالت الآن وبنى فى قطعة منها زاوية تعرف بزاوية بيرم إن شئت فارجع إلى الزوايا.
المدرسة الصالحية
هى بخط بين القصرين تجاه الصاغة. أنشأها الملك الصالح نجم الدين أيوب سنة أربعين وستمائة، وهى عامرة إلى الآن وتعرف بجامع الصالح، وقد ذكرناه فى الجوامع.
المدرسة الصلاحية
ويقال لها الناصرية هى بجوار قبة الإمام الشافعى رضي الله عنه، وقد أزيلت وبنى فى مكانها جامع الإمام الشافعى، كما ذكرنا ذلك عند الكلام على هذا الجامع.
قال المقريزى: أنشأ هذه المدرسة السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، ورتب بها درسا للشافعية، ووقف عليها عقارات ومزارع، ورتّب لشيخ التدريس فى الشهر أربعين دينارا معاملة صرف الدّينار ثلاثة عشر درهما وثلث غير الخبز والماء انتهى باختصار.
وفى رحلة ابن جبير عند ذكر مشاهد الأئمة العلماء الزهاد أنّ بإزاء مشهد الإمام الشافعى رضي الله عنه مدرسة لم يعمر فى هذه البلاد مثلها لا أوسع مساحة ولا أحفل بناء، يخيّل لمن يتطوّف عليها أنها بلد مستقل بذاته بإزائها الحمام إلى غير ذلك من مرافقها، والبناء فيها حتى الساعة والنفقة عليها لا تحصى، تولّى ذلك الشيخ الإمام المعروف بنجم الدين الخراسانى، وسلطان هذه الجهات صلاح الدين يسمح له بذلك كله، ويقول: زد احتفالا وتأنقا وعلينا القيام بمؤنة ذلك كله؛ فسبحان الذى جعله صلاح دينه كاسمه انتهى.
المدرسة الصّرغتمشية
هذه المدرسة بشارع الصليبة تجاه جامع الخضيرى. أنشأها الأمير صرغتمش الناصرى سنة تسع وخمسين وسبعمائة وهى غامرة إلى الآن، وتعرف بجامع صرغتمش وذكرناه فى الجوامع.
المدرسة الصّيرمية
هى برأس سوق الضّببية من خطّ باب الفتوح. أنشأها الأمير جمال الدين شوبخ بن صيرم، أحد أمراء الملك الكامل المتوفى فى سنة ست وثلاثين وستمائة وقد زالت الآن، وبنى فى بعض مكانها زاوية صغيرة تعرف بزاوية سوق الضّببية أغلب أوقاتها معطلة ارجع إلى الزّوايا.
المدرسة الطغجية
هى بشارع الحلمية بين ضريح المظفر وجامع ألماس. أنشأها الأمير سيف الدين طغجى الأشرفى، ولما مات فى سنة ثمان وتسعين وستمائة دفن بها وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بزاوية الشيخ عبد الله فارجع إلى الزّوايا.
المدرسة الطّيبرسية
هى على يمين الداخل من باب الجامع الأزهر المعروف بباب المزينين. أنشأها الأمير علاء الدين طيبرس الخازندار، وجعلها مسجدا لله تعالى فى سنة تسع وسبعمائة، وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بهذا الاسم، وقد ذكرناها عند الكلام على الجامع الأزهر.
المدرسة الظاهرية
هذه المدرسة بخط بين القصرين كان موضعها من القصر الكبير يعرف بقاعة الخيم، ومما دخل فيها باب الذهب أحد أبواب القصر الكبير، اشتراها الملك الظّاهر بيبرس البندقدارى وبناها مدرسة، ابتدأ فيها سنة ستين وستمائة، وفرغ منها سنة اثنتين وستين وستمائة، ولم يقع الشّروع فيها حتى رتب السلطان وقفها وكان بالشام؛ فكتب بما رتبه إلى الأمير جمال الدين بن يغمور وألاّ يستعمل فيها أحد بغير أجرة ولا ينقص من أجرته شيئا، وبعد تمامها جلس أهل الدروس كل طائفة فى إيوان، ثم مدّت الأسمطة فأكلوا وأنشدت بعض قصائد، ثم أفيضت عليهم الخلع وكان يوما مشهودا، وجعل بها خزانة تشتمل على
أمّهات الكتب فى سائر العلوم، وبنى بجانبها مكتبا لتعليم أيتام المسلمين، وأجرى لهم الجرايات والكسوة، ووقف عليها ربع السلطان خارج باب زويلة، وكان ربعا كبيرا وتحته عدة حوانيت.
وهذه المدرسة من أجلّ مدارس القاهرة إلا أنها قد تقادم عهدها فرثت، ونظرها تارة بيد الحنفية وتارة بيد الشافعية. انتهى مقريزى.
وقد هدم منها الآن أكثرها وصارت جهتين يمرّ بينهما شارع إلى المحكمة الكبرى وباقيها خراب، وهى تحت نظر الشيخ محمد السّكرى مؤقت جامع قلاوون.
مدرسة العادل
قال المقريزى: هذه المدرسة بخط الساحل بجوار الربع العادلى من مدينة مصر الذى وقف على الشافعى. عمرها الملك العادل أبو بكر بن أيوب أخو السلطان صلاح الدين، درس بها قاضى القضاه/تقى الدين بن شاس فعرفت به، وقيل لها مدرسة ابن شاس انتهى
وقد زالت هذه المدرسة الآن ولم يبق لها أثر.
المدرسة العادلية
هذه المدرسة بالعباسية من ضواحى القاهرة. أنشأها السلطان طومان باى فى سنة ست وتسعمائة وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بجامع العادلى. ارجع إلى الجوامع إن شئت.
المدرسة العاشورية
قال المقريزى: هذه المدرسة بحارة زويلة من القاهرة بالقرب من المدرسة القطبية الجديدة ورحبة كوكاى.
قال ابن عبد الظاهر: كانت دار اليهودى ابن جميع الطبيب، وكان يكتب لقراقوش فاشترتها منه الست عاشوراء بنت ساروج الأسدى زوجة الأمير يازكوج الأسدى، ووقفتها
على الحنفية، وقد تلاشت هذه المدرسة وصارت طول الأيام مغلوقة لا تفتح إلاّ قليلا؛ فإنّها فى زقاق لا يسكنه إلا اليهود ومن يقرب منهم فى النسب انتهى. وهى الآن خرابة بقرب مستشفى اليهود.
المدرسة العنبرية
هذه المدرسة بحارة الباطلية خلف بيت أبى قصيصة المملوك اليوم لعبد الوهاب الشنوانى. أنشأها عنبر الحبشى فى القرن التاسع، وأقام شعائرها إلى أن تخربت الآن.
ترجمة عنبر الحبشى
وعنبر هذا هو كما فى الضوء اللامع للسخاوى عنبر الحبشى الطنبدى الطواشى، من خدّام التاجر نور الدين الطنبدى، ثم خدم عند جماعة من الأمراء إلى أن اتصل بخدمة الظاهر جقمق وصار من مقدمى الطباق البرانية، ثم رقّاه لنيابة مقدم المماليك من غير تأهل لها؛ فأثرى وصلح حاله وعمر الأملاك، بل بنى فى أواخر عمره مدرسة بالباطلية.
مات بعد صرف الظاهر خشقدم له عن النيابة فى المحرم سنة سبع وستين وثمانمائة انتهى.
المدرسة العينية
هذه المدرسة برأس حارة الدوادارى من خطة الجامع الأزهر على يمنة الداخل من رأس الحارة. أنشأها الشيخ محمود العينى الحنفى سنة أربع عشرة وثمانمائة، وهى مقامة الشعائر ويدرس فيها بعض علماء الأزهر أحيانا، وبها مساكن علوية وسفلية موقوفة على طلبة العلم، يسكنها غالبا فقراء مجاورى بلاد المنوفية لتخرّبها وعدم نظافتها، وكان المتكلم عليها الشيخ ياسين البرّاوى، أحد خدمة الجامع الأزهر.
ترجمة الشيخ محمود العينى
وبداخل هذه المدرسة ضريح منشئها قاضى القضاة بدر الدين أبى محمد محمود بن
أحمد بن موسى بن القاضى شهاب الدين العينى، أصله من حلب وولد فى عينتاب فى السابع عشر من رمضان سنة اثنتين وستين وسبعمائة وتربّى بها، وكان أبوه قاضيها وأخذ عن أفضل علمائها، ثم جعل نائبا عن أبيه.
وفى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة سافر إلى حلب للأخذ عن أفاضلها.
وفى سنة أربع وثمانين مات أبوه، ثم سافر إلى الحج.
وفى سنة ثمان وثمانين سافر إلى دمشق وزار القدس، واجتمع هناك بعلاء الدين أحمد ابن محمد السيرافى، فأصبحه معه إلى القاهرة وأنزله بالبرقوقية، فلازمه وأخذ عنه الهداية والكشاف وغيرهما، ثم أخذ عن الشهاب أحمد بن خاص ترك الحنفى، ولبس الخرقة من الشيخ ناصر الدين القرطبى، ثم عاد إلى دمشق سنة أربع وتسعين، ثم رجع إلى القاهرة وأقام البرقوقية بصفة خادم، ثم عزل فرجع إلى بلده، ثم عاد إلى مصر.
وكان فقيرا فألف كتابا بخصوص الأمير قلمطاى العثمانى سماه الأدعية المأثورة، وآخر سماه الكلم الطيب، وبتوسط هذا الأمير تعرف بالملك الظاهر وصار محبوبا عند الأمراء.
وفى سنة إحدى وثمانمائة جعل محتسب القاهرة بدلا عن المقريزى. قال أبو المحاسن:
فحدث من ذلك بينهما عداوة، ثم عزل وخلفه جمال الدين طنبدى المعروف بابن عرب، وفى زمن بطالته ألّف كتابا باسم الأمير شيخ الصفوى الخاصكى شرحا على الكتاب المعروف بتحفة الملوك.
وفى سنة اثنتين وثمانمائة رجع محتسب القاهرة، وبعد شهر استعفى وخلفه المقريزى، وبعد سنة رجع إليها أيضا عوضا عن البخانسى، ثم بعد سنة ألبس حلة وجعل ناظر الأحباس أقل من سنة، ثم عزل وخلفه ناصر الدين الطناحى.
وفى سنة أربع عشرة وثمانمائة تمم بناء مدرسته.
وفى سنة تسع عشرة ألبس حلة، وجعل محتسب القاهرة، ثم جعل ناظر الأحباس ثانيا.
وفى مبدأ تولية السلطان المؤيد شيخ عزل وعنّف بالمعاقبات، وبعد قليل رضي الله عنه واختص به، وجعله يدرس الحديث فى مدرسته، وصار يستصحبه فى الليالى التى يجلس فيها فى القصر، وهى أربع من كل أسبوع فاغتاظ من ذلك القاضى ناصر الدين بن البارزى، فدسّ عليه فعزل.
وفى سنة ثلاث وعشرين سافر إلى بلاد قرمان من قطعة آسيا، ثم رجع إلى مصر وجعل محتسب القاهرة، وأمره الأمير ططر أن يترجم باللغة التركية كتاب القدورى فى الفقه فترجمه.
وفى سنة ست وعشرين جعله السلطان الملك الأشرف برسباى ناظر الأحباس فامتنع
وفى سنة ثمان وعشرين جعل محتسب القاهرة.
وفى سنة تسع وعشرين جعل قاضى الحنفية، ثم عزل فى سنة ثلاث وثلاثين.
وفى سنة خمس وثلاثين صار محتسب القاهرة، ثم عزله الملك العزيز فى سنة اثنتين وأربعين وأقام عوضه ابن الديرى، فأقام/ببيته واشتغل بالتأليف والتدريس فى المؤيدية.
وكان شديدا فى أحكامه ويعاقب بالتجريم بالدراهم، ومن لم يمتثل بضبط بضاعته ويرسلها الحبوس لتفرق على المحبوسين، وكان له درس فى المحمودية فنزل عنه لبدر الدين بن عبيد الله.
قال السخاوى: لم أعلم أحدا جمع وظائف أكثر منه، فكان قاضيا ومحتسبا وناظر الأحباس فى آن واحد، وكان مع ذلك دائما مشغولا بالتأليف إلى أن جاءه الموت يوم الأربعاء من شهر الحجة سنة خمس وخمسين وثمانمائة، ودفن بمدرسته بقرب بيته بحارة كتامة بجوار الجامع الأزهر.
قال السخاوى: وكان العينى عالما بعلوم شتى، واقفا على كثير من الأمور التاريخية دائما مشتغلا بالمطالعة، ونسخ كثيرا بيده، وألف كتبا شتى، وكان خطه جميلا ومع ذلك يكتب بسرعة، ويقال أنه نسخ كتاب القدورى فى ليلة واحدة، ابتدأه مع غروب الشمس وأتمه مع شروقها، وكان يكره الصلاة فى الأزهر لقوله: إن الذى بناه رافضى، ويصلى بمدرسته، وجعل بها خطبة، وبلغت شهرته الآفاق.
وله جملة تفاسير منها: عمدة القارى واحد وعشرون مجلدا، ومن مؤلفاته معانى كتاب الآثار للطحاوى فى عشر مجلدات، وشرح جزء من سنن أبى داود فى مجلدين، وشرح السيرة النبوية لابن هشام سماه كشف اللئام، والكلم الطيب، وتحفة الملوك، وشرح الكنز سماه رمز الحقائق فى شرح كنز الدقائق، وشرح التحفة، وشرح الهداية أحد عشر مجلدا، وشرح البحار الزّاخرة فى مجلدين، وشرح شواهد الألفية الكبير فى مجلدين، والصغير فى مجلد واحد وهو المشهور، وكتاب مراح الأرواح، وشرح العوامل المائة لعبد القاهر الجرجانى، وشرح قصيدة الصاوى فى العروض، وشرح العروض لابن الحاجب، واختصر الفتاوى الظهيرية، وله كتاب المحيط فى مجلدين، وشرح التوضيح للجاربردى فى الصّرف، وشرح اللباب، والتذكرة النحوية، ومقدمة فى الصرف، وأخرى فى العروض، وكتاب فى سير الأنبياء، وتاريخ تسعة عشر مجلدا واختصره فى ثمانية، وتاريخ الأكاسرة بالتركى، وطبقات الشعراء، وطبقات الحنفية، ومعجم هؤلاء المشايخ فى مجلد واحد، ورحلة الطحاوى فى مجلد، ومختصر ابن خلكان، ومشارح الصدور فى الخطب ثمان مجلدات، وكتاب النّوادر، وكتاب سيرة المؤيد شعرا ونثرا، والتذكرة المتنوعة، وتهميشات على الكشاف، وعلى تفسير أبى الليث، وتفسير البغوى وغير ذلك انتهى من تاريخ السخاوى وغيره.
ترجمة الشيخ أحمد القسطلانى
ودفن فيها أيضا الشيخ أحمد القسطلانى. وهو كما فى شرح الزرقانى على المواهب:
شهاب الدين أحمد بن محمد بن أبى بكر بن عبد الملك بن أحمد القسطلانى القتيبىّ المصرى الشافعى، ولد كما ذكره شيخه الحافظ السخاوى فى الضّوء اللامع بمصر ثانى عشر ذى القعدة سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، وأخذ عن الشهاب العبادى، والبرهان العجلونى، والفخر المقسى، والشيخ خالد الأزهرى وغيرهم، وقرأ البخارى على الشهاوى فى خمسة مجالس، وحج مرارا وجاور بمكة مرتين، وروى عن جمع منهم النجم بن فهد، وكان يعظ بجامع الغمرى وغيره.
وألّف عدة كتب منها: الشّرح الكبير على البخارى، ثم اختصره فى آخر سماه الإسعاد
فى مختصر الإرشاد إلاّ أنّه لم يكمله، وشرح على صحيح مسلم، وشرح على الشاطبة، وشرح على البردة، وصنّف مسالك الحنفا فى الصلاة على النبى المصطفى، وكتاب المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، وكتاب لطائف الاشارات فى القراءات على الأربعة عشر وغير ذلك.
توفى ليلة الجمعة بمنزله بحارة العينية من القاهرة سابع المحرم افتتاح سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وصلى عليه بعد صلاة الجمعة بالأزهر، ودفن بمدرسة العينى، وتعذّر الخروج به إلى الصحراء ذلك اليوم لكثرة الازدحام، لأنه اليوم الذى دخل فيه السلطان سليم مصر انتهى.
المدرسة الغزنوية
قال المقريزى: هذه المدرسة برأس الموضع المعروف بسويقة أمير الجيوش تجاه المدرسة اليازكوجية، بناها الأمير حسام الدين قايماز النجمى مملوك نجم الدين أيوب والد الملوك، وأقام بها الشيخ شهاب الدين أبا الفضل أحمد الغزنوى البغدادى الحنفى ودرس بها فعرفت به، وكان إماما فى الفقه وسمع على الحافظ السّلفى وغيره وسكن مصر آخر عمره، وكان فاضلا حسن الطريقة متديّنا وحدّث بالقاهرة، وجمع كتابا فى الشيب والعمر، وقرأ عليه أبو الحسن السخاوى، وأبو عمر وابن الحاجب.
ومولده ببغداد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، وتوفى بالقاهرة سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وهى من مدارس الحنفية انتهى ملخصا، وهى موجودة إلى الآن فى مقابلة زاوية جنبلاط لكنها متخربة.
المدرسة الغنامية
هذه المدرسة فى حارة كتامة عند الجامع الأزهر داخلة عن المدرسة العينية. أنشأها ابن غنام، وذكرها المقريزى عند تحديد حارة كتامة ولم يترجمها، وهى الآن متخربة ومعطلة، ولها منارة قصيرة وبها بيوت مسكونة بجملة من الناس.
المدرسة الفارقانية
قال المقريزى: هذه المدرسة بابها فى شارع سويقة حارة الوزيرية من القاهرة. أنشأها الأمير شمس الدين آق سنقر الفارقانى السلاحدار، وجعل بها درسا للشافعية والحنفية، وفتحت فى يوم الاثنين رابع جمادى الأولى سنة ست وسبعين وستمائة.
ترجمة آق سنقر
آق سنقر: هو الأمير شمس الدين آق سنقر الفارقانى السلاحدار، كان مملوكا للأمير نجم الدين أمير حاجب، ثم انتقل إلى الملك الظاهر بيبرس فترقى عنده فى الخدم، حتى صار أحد الأمراء الأكابر، وولاّه الاستادارية وناب عنه بمصر مدّة غيبته، وقدّمه على العساكر غير مرة، وفتح له بلاد النوبة.
وكان وسيما جسيما شجاعا مقداما حازما، صاحب دراية وخبرة مدبرا، كثير الصدقة والبر المعروف، وولاه الملك السعيد بركة قان نيابة السلطنة بديار مصر؛ فأظهر الحزم وضم إليه طائفة من الأمراء، وكانت الخاصكية تكرهه فاتفقوا على القبض عليه، وتحدّثوا مع الملك السعيد فى ذلك، وما زالوا به حتى قبضوا عليه، فلم يشعر إلاّ وهو قاعد بباب القلة من القلعة وقد سحب وضرب ونتفت لحيته وجر-وقد ارتكب فى إهانته أمر شنيع-إلى البرج فسجن به ليالى قليلة، ثم أخرج منه ميتا فى أثناء سنة ست وسبعين وستمائة وجهل قبره انتهى. وهى باقية إلى الآن وتعرف بجامع دقمق.
المدرسة الفارقانية
هى بشارع السيوفية على رأس حارة الألفى تجاه زاوية الآبار، بناها الأمير ركن الدين بيبرس الفارقانى، وهو غير الفارقانى المنسوب إليه المدرسة الفارقانية بحارة الوزيرية من القاهرة، وهى عامرة إلى الآن وتعرف بزاوية الفارقانى. انظر الزوايا.
المدرسة الفارسية
قال المقريزى: هذه المدرسة بخطّ الفهادين من أول العطوفية بالقاهرة، كان موضعها كنيسة تعرف بكنيسة الفهادين، فلما كانت واقعة النّصارى فى سنة ست وخمسين وسبعمائة، هدمها الأمير فارس الدين ألبكى قريب الأمير سيف الدين آل ملك الجوكندار، وبنى هذه المدرسة ووقف عليها وقفا يقوم بما تحتاج إليه انتهى. والآن هذه المدرسة يتوصل إليها من حارة الجوانية التى هى كانت أول العطوفية، وهى تجاه دير كبير عظيم البنيان داخل حارة الجوانية المذكورة، وهذا الدير تابع لدير الطور.
وهذه المدرسة قد تهدّمت ولم يبق منها إلا قطعة صغيرة خربة مشهورة بالزاوية الخربانة، ليس بها سقف ولا بنيان، ومنارتها لم تزل قائمة إلى نحو سنة ثمانين ومائتين وألف، فهدموها بدعوى الخوف من سقوطها، وبقى العمود الخشب الذى كان قائما فى وسطها إلى يومنا هذا.
المدرسة الفاضلية
قال المقريزى: هذه المدرسة بدرب ملوخيا من القاهرة، بناها القاضى الفاضل عبد الرحيم بن على البيسانى بجوار داره فى سنة ثمانين وخمسمائة، ووقفها على طائفتى الفقهاء الشافعية والمالكية، وجعل فيها قاعة للإقراء أقرأ فيها الإمام أبو محمد الشاطبى ناظم الشاطبية ثم تلميذه القرطبى، ووقف بهذه المدرسة جملة عظيمة من الكتب فى سائر العلوم، يقال أنها كانت مائة ألف مجلد وذهبت كلها، وكان أصل ذهابها أن الطلبة التى كانت بها لما وقع الغلاء بمصر سنة أربع وتسعين وستمائة مسّهم الضر؛ فصاروا يبيعون كل مجلد برغيف خبز، حتى ذهب معظم ما كان فيها من الكتب، ثم تداولت أيدى الفقهاء عليها بالعارية فتفرقت وبها مصحف قرآن كبير القدر جدا مكتوب بالخط الكوفى تسميه العامة مصحف عثمان بن عفان، ويقال: أن القاضى الفاضل اشتراه بنيف وثلاثين ألف دينار على أنه مصحف أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو فى خزانة مفردة له بجانب المحراب من غربيه وعليه مهابة وجلالة، وإلى جانب المدرسة كتاب برسم الأيتام. وقد كانت من أعظم مدارس القاهرة فتلاشت لخراب ما حولها.
ترجمة عبد الرحيم البيسانى
عبد الرحيم بن على بن الحسن بن أحمد بن الفرج بن أحمد القاضى الفاضل محى الدين أبو على ابن القاضى الأشرف اللخمى العسقلانى البيسانى المصرى الشافعى، كان أبوه يتقلد قضاء مدينة بيسان فلهذا نسبوا إليها، وكانت ولادته بعسقلان سنة تسع وعشرين وخمسمائة، ثم قدم القاهرة وخدم الموفق يوسف بن الخلال صاحب ديوان الإنشاء، فى أيام الحافظ لدين الله وعنه أخذ صناعة الإنشاء، ثم خدم بالاسكندرية مدة، ثم خرج أمره إلى والى الاسكندرية بتسيره إلى الباب، فلما حضر استخدمه بين يديه فى ديوان الجيش، فلما مات الموفق بن الخلال تعيّن عوضا عنه فى ديوان الإنشاء، فلما ملك أسد الدين شيركوه احتاج إلى كاتب فأحضره فأعجبه إتقانه وسمته ونصحه، فاستكتبه إلى أن ملك صلاح الدين يوسف بن أيوب، فاستخلصه وحسن اعتقاده فيه، فاستعان به على ما أراد من إزالة الدولة الفاطمية حتى تم مراده، فجعله وزيره ومشيره بحيث كان لا يصدر أمرا إلا عن مشورته ولا ينفذ شيئا إلا عن رأيه، واستمر على ما كان عليه عند ولده الملك العزيز عثمان فى المكافأة والرفعة وتقلد/الأمر، فلما مات العزيز كان كذلك عند ابنه الملك المنصور إلى أن وصل الملك العادل أبو بكر بن أيوب من الشام لأخذ ديار مصر، وخرج الأفضل لقتاله فمات منكوبا أحوج ما كان إلى الموت عند تولى الاقبال واقبال الأدبار سنة ست وتسعين وخمسمائة، ودفن بتربته من القرافة الصغرى انتهى باختصار، وكذا ترجمه ابن خلكان بجملة وافرة.
والآن قد زالت هذه المدرسة وبنى فى محلها مساكن ودرب ملوخيا المذكور هو المعروف اليوم بدرب القزازين بجوار المشهد الحسينى.
المدرسة الفخرية
قال المقريزى: هذه المدرسة بالقاهرة فيما بين سويقة الصاحب ودرب العداس، عمرها الأمير فخر الدين أبو الفتح عثمان بن قزل البارومى أستادار الملك الكامل محمد ابن العادل، وفرغ منها سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وكان موضعها أخيرا يعرف بدار الأمير
حسام الدين ساروج بن ارتق شاد الدواوين.
ولد الأمير فخر الدين سنة إحدى وخمسين وخمسمائة بحلب، وتنقل فى الخدم حتى صار أحد الأمراء بديار مصر، وتقدم فى أيام الملك الكامل، وصار استاداره وإليه أمر المملكة وتدبيرها إلى أن سافر السلطان من القاهرة يريد بلاد المشرق فمات بحرّان بعد مرض طويل فى ثامن عشر ذى الحجة سنة تسع وعشرين وستمائة، وكان جوادا كثير الصدقة يتفقد أرباب البيوت وله من الآثار سوى هذه المدرسة المسجد الذى تجاهها، وله أيضا رباط بالقرافة وإلى جانبه كتّاب وسبيل، وبنى بمكة رباطا انتهى.
مدرسة فيروز الجركسى
هذه المدرسة فى درب سعادة بجوار المنجلة عن يمين الذاهب من حارة المنجلة إلى الحمزاوى. أنشأها الأمير فيروز الجركسى فى القرن التاسع، وهى متخربة الآن وتعرف بجامع فيروز، وقد ذكرناه فى الجوامع.
مدرسة قجماس
هى فى الدرب الأحمر عند سوق الغنم. أنشأها الأمير قجماس الاسحاقى الظاهرى نائب الشام، المتوفى سنة اثنتين وتسعين وثمانمائة، وهى الجامع المعروف بجامع قجماس، ثم عرف بجامع أبى حريبة. انظره فى الجوامع.
مدرسة قراسنقر
هذه المدرسة بشارع الناصرية بقرب ضريح كعب الأحبار. أنشأها الأمير قراسنقر الظاهرى. برقوق: وهو كما فى السّخاوى قراسنقر الشمسى.
ترجمة قراسنقر
الظاهرى برقوق ترقى فى أيام ابن أستاذه، ثم صار فى أيام المؤيد طبلخاتاه، وسافر
أميرا على الحاج فى الدولة الأشرفية غير مرة، ثم مرض وتعطّل وبطل أحد شقيه، وأخرج الأشرف أقطاعه، فلم يلبث أن مات فى التاسع والعشرين من ذى الحجة سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، وكان مشكور السيرة وله صدقات ومعروف.
أنشأ مدرسة صغيرة بالقرب من ميدان الخيل ببركة الناصرى تجاه داره القديمة، ووقف عليها أوقافا انتهى.
وهذه المدرسة تعرف الآن بجامع أبى اليسر وقد ذكرناه فى الجوامع.
المدرسة القراسنقرية
قال المقريزى: هذه المدرسة تجاه خانقاه الصلاح سعيد السعداء فيما بين رحبة باب العيد وباب النصر، كان موضعها وموضع الربع الذى بجانبها الغربى مع خانقاه بيبرس وما فى صفّها إلى حمام الأعسر وباب الجوانية، كل ذلك من دار الوزارة الكبرى. أنشأها الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى نائب السلطنة سنة سبعمائة، وبنى بجوارها مسجدا معلقا ومكتبا لقراءة الأيتام، وجعل بهذه المدرسة درسا للفقهاء، ووقف على ذلك داره التى بحارة بهاء الدين وغيرها.
ولم يزل نظر هذه المدرسة بيد ذرية الواقف إلى سنة خمس عشرة وثمانمائة ثم انقرضوا، وهى من المدارس المشهوره.
ترجمة قراسنقر
وهو قراسنقر بن عبد الله الأمير شمس الدين الجوكندار المنصورى صار إلى الملك المنصور قلاوون، وترقى فى خدمته إلى أن ولاّه نيابة السلطنة بحلب، فلم يزل فيها إلى أن مات الملك المنصور، وقام من بعده ابنه الملك الأشرف خليل، فعزله لما توجه إلى فتح قلعة الروم، وعاد بعد فتحها إلى حلب، ثم لما خرج السلطان من مدينة حلب خرج فى خدمته، وتوجه مع الأمير بدر الدين بيدرا نائب السلطنة بديار مصر فى عدّة من الأمراء لقتال أهل
جبال كسروان، فلما عاد سار مع السلطان من دمشق إلى القاهرة، ولم يزل بها إلى أن ثار الأمير بيدرا على الأشرف فتوجه معه وأعان على قتله، فلما قتل بيدرا فرّ قراسنقر واختفى بالقاهرة إلى أن استقر الأمر للملك الناصر محمد بن قلاوون فعفا عنه، وحضر بين يدى السلطان وقبّل الأرض وأفيضت عليه التشاريف، وجعله أميرا على عادته ولم يزل على ذلك إلى أن خلع الملك الناصر محمد بن قلاوون من السلطنة، وقام من بعده الملك العادل كتبغا فاستمر على حاله إلى أن ثار الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة بديار مصر على الملك العادل كتبغا، واستمر الأمر لحسام الدين لاجين، وتلقب بالملك المنصور، فلما استقر بقلعة الجبل خلع على الأمير قراسنقر، وجعله نائب السلطنة بديار مصر فى صفر سنة ست وتسعين وستمائة؛ فباشر النيابة إلى يوم الثلاثاء للنصف من ذى القعدة؛ فقبض عليه وأحيط / بموجوده وحواصله ونوابه ودواوينه وضيّق عليه، ولم يزل على ذلك إلى أن قتل الملك المنصور لاجين وأعيد الملك الناصر محمد فأفرج عنه وعن غيره، ولم يزل فى صعود وهبوط وسقر وإقامة إلى أن مات بالإسهال ببلد المراغة فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة.
وكان جسيما جليلا صاحب رأى وتدبير ومعرفة وبشاشة وجه وسماحة نفس وكرم زائد بحيث لا يستكثر على أحد شيئا مع حسن الشاكلة وعظم المهابة والسعادة الطائلة، وبلغت عدة مماليكه ستمائة مملوك ما منهم إلاّ من له نعمة ظاهرة وسعادة وافرة، وله من الآثار بالقاهرة هذه المدرسة ودار جليلة بحارة بهاء الدين انتهى باختصار.
وهذه المدرسة قد تخربت وبنى الآن فى بعض منها مكتب الجمالية وهو بين جامع بيبرس وحارة المبيضة.
مدرسة قرقماس
هى بشارع درب الحجر بجوار دار الأمير راغب باشا.
أنشأها الشيخ محمد بن قرقماس الحنفى، وجعل له بها قبرا دفن به سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة، وهى عامرة إلى الآن وتعرف بجامع جنبلاط، انظر الجوامع.
مدرسة قرقماس السيفى
هى بالصحراء قرب المدرسة البرقوقية، وبجوار تربة القاضى عبد الباسط.
أنشأها الأمير قرقماس السيفى فى أوائل القرن العاشر، ووقف عليها أوقافا كثيرة وهى باقية إلى الآن، وتعرف بجامع قرقماس السيفى. انظر الجوامع.
المدرسة القطبية
قال المقريزى: هذه المدرسة فى أوّل حارة زويلة برحبة كوكاى، عرفت بالست الجليلة الكبرى عصمة الدين مؤنسة خاتون، المعروفة بدار إقبال العلائى ابنة الملك العادل أبى بكر ابن أيوب وشقيقة الملك الأفضل قطب الدين أحمد وإليه نسبت.
وكانت ولادتها فى سنة ثلاث وستمائة، ووفاتها سنة ثلاث وتسعين وستمائة.
وكانت قد سمعت الحديث وخرّج لها الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد الظاهرى أحاديث ثمانيات حدثت بها، وكانت عاقلة دينة فصيحة لها أدب وصدقات كثيرة وتركت مالا جزيلا، وأوصت ببناء مدرسة يجعل فيها فقهاء وقراء ويشترى لها وقف يغلّ؛ فبنيت هذه المدرسة وجعل فيها درس للشافعية ودرس للحنفية وقراء، وهى إلى اليوم عامرة انتهى.
المدرسة القوصية
هى فى حارة الفراخة بجوار حارة قصر الشوك.
أنشأها الأمير الكردى والى قوص، وهى عامرة إلى الآن، وتعرف بزاوية حارة الفراخة. انظر الزوايا.
المدرسة القيسرانية
فى المقريزى: أنها بجوار المدرسة الصاحبية بسويقة الصاحب فيما بينها وبين باب الخوخة. كانت دارا يسكنها القاضى شمس الدين محمد بن ابراهيم القيسرانى أحد موقعى
الدست بالقاهرة؛ فوقفها قبل موته مدرسة سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وتوفى سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة.
وكان كبير الهمة وكانت دنياه واسعة جدا وله عدة مماليك يتوصل بهم إلى السعى فى أغراضه عند أمراء الدولة، وكان ينسب إلى شيخ كبير انتهى.
ولعل هذه المدرسة هى التى عن يمين الذاهب من الحمزاوى فى درب سعادة إلى سراى منصور باشا مارا على جامع المغربى بسوق النمارسة، وهى تجاه عطفة بيرم، وهى مشيدة البنا إلى الآن لكنها مغلقة الباب غالبا ومعطلة الشعائر، ولا يصلى فيها إلا الجمعة وعلى بابها نقوش غير واضحة للقارئ، ويحتمل أن هذه المدرسة هى المدرسة الزمامية التى قال فيها المقريزى:
إن بينها وبين المدرسة الصاحبية دون مدى الصوت، وتكون القيسرانية هى التى عرفت اليوم بجامع المغربى بجوار الصاحبية أيضا انتهى.
المدرسة الكاملية
هى بخطّ بين القصرين على رأس الشارع الجديد الموصل إلى بيت القاضى بجوار السبيل الذى هناك.
أنشأها الملك الكامل سنة اثنتين وعشرين وستمائة، ووقف عليها أوقافا كثيرة وقد هدمت الآن وأخذ معظمها فى الشارع المذكور، وكانت تعرف بجامع الكاملية، انظر الجوامع.
مدرسة المحلى
قال المقريزى: هذه المدرسة على شاطئ النيل داخل صناعة التّمر ظاهر مدينة مصر.
أنشأها رئيس التجار برهان الدين إبراهيم بن عمر بن على المحلى ابن بنت العلامة شمس الدين محمد بن اللبان، وينتمى فى نسبه إلى طلحة بن عبيد الله أحد العشرة رضي الله عنهم، وجعل هذه المدرسة بجوار داره التى عمرها فى مدة سبع سنين وأنفق فى بنائها زيادة
على خمسين ألف دينار، وجعل بجوارها مكتبا فوق سبيل، لكن لم يجعل بها مدرّسا ولا طلبة. وتوفى فى الثانى والعشرين من ربيع الأول سنة ست وثمانمائة عن مال عظيم، أخذ منه السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق مائة ألف دينار.
وكان مولده سنة خمس وأربعين وسبعمائة، ولم يكن مشكور السيرة فى الديانة، وله من المآثر تجديد جامع عمرو بن العاص، فإنه كان قد تداعى إلى السقوط فقام بعمارته حتى عاد قريبا مما كان عليه انتهى.
المدرسة المحمودية
هذه المدرسة بآخر قصبة رضوان وبأول شارع الخيمية بين عطفة زقاق المسك وجامع إينال.
أنشأها الأمير/جمال الدين محمود بن على الأستادار فى سنة سبع وتسعين وسبعمائة، وهى عامرة إلى الآن وتعرف بجامع محمود الكردى، انظر الجوامع.
المدرسة المسرورية
قال المقريزى: هذه المدرسة بالقاهرة داخل درب شمس الدولة كانت دار شمس الخوّاص مسرور أحد خدام القصر فجعلت مدرسة بعد وفاته بوصيته ببنائها وأن يوقف الفندق الصغير عليها، وكان بناؤها من ثمن ضيعة بالشام كانت بيده بيعت بعد موته، وكان ممن اختص بالسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب فقدمه على حلقته، ولم يزل مقدما إلى الأيام الكاملية فانقطع إلى الله تعالى ولزم داره إلى أن مات ودفن بالقرافة إلى جانب مسجده، وكان له برّ وإحسان ومعروف.
ومن آثاره بالقاهرة فندق يعرف اليوم بخان مسرور الصّفدىّ وله ربع بالشارع.
وهذه المدرسة صارت الآن زاوية صغيرة متخربة برأس حارة درب شمس الدولة بالسكة الجديدة تجاه عطفة جامع الجوهرى.
مدرسة منازل العز
قال المقريزى: هذه المدرسة كانت من دور الخلفاء الفاطميين، بنتها أم الخليفة العزيز بالله بن المعز، وعرفت بمنازل العز، وكانت تشرف على النيل، وصارت معدة لنزهة الخلفاء، وكان بجانبها حمام يعرف بحمام الذهب من جملة حقوقها؛ فلما زالت الدولة الفاطمية على يد السلطان صلاح الدين يوسف أنزل فى منازل العز الملك المظفر تقى الدين فسكنها مدة، ثم أنه اشتراها والحمام والاصطبل المجاور لها من بيت المال؛ فلما أراد أن يخرج إلى الشام وقف منازل العز على فقهاء الشافعية، ووقف عليها الحمام وما حولها وعمر الاصطبل فندقا عرف بفندق النخلة ووقفه عليها، ووقف عليها الروضة ودرس بها عدة من الأعيان.
ترجمة الملك المظفر
والملك المظفر هو تقى الدين أبو سعيد عمر بن نور الدولة شاهنشاه بن نجم الدين أيوب ابن شاذى بن مروان، وهو ابن أخى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب.
قدم إلى القاهرة واستنابه السلطان على دمشق فى المحرم سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، ثم نقله إلى نيابة حماة وسلم إليه سنجار لما أخذها فأقام بها، ثم لحق السلطان على حلب فأقام إلى أن بعثه إلى القاهرة نائبا عنه بديار مصر عوضا عن الملك العادل أبى بكر بن أيوب، فقدمها فى رمضان سنة تسع وسبعين وأنعم عليه بالفيوم وأعمالها مع القايات وبوش، ثم خرج بعساكر مصر إلى السلطان وهو بدمشق لأجل أخذ الكرك من الفرنج فسار إليها وحاصرها مدة، ثم رجع مع السلطان إلى دمشق وعاد إلى القاهرة وقد أقام السلطان على مملكة مصر ابنه الملك العزيز عثمان، وجعل الملك المظفر كافلا له وقائما بتدبير دولته، فلم يزل على ذلك إلى جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين، ثم أقره السلطان على حماة والمعرة ومنبج وأضاف إليه ميافارقين.
وكانت له فى أرض مصر وبلاد الشام أخبار وقصص، وعرفت له مواقف عديدة فى الحرب مع الفرنج، وله فى أبواب البرّ أفعال حسنة، وله بمدينة الفيوم مدرستان إحداهما
للشافعية وأخرى للمالكية، وبنى مدرسة بمدينة الرها وسمع الحديث من السّلفى وابن عوف، وكان عنده فضل وأدب وله شعر حسن، وكان جوادا شجاعا مقداما شديد البأس عظيم الهيبة كثير الإحسان، مات فى نواحى خلاط ليلة الجمعة تاسع شهر رمضان سنة سبع وثمانين وخمسمائة، ونقل إلى حماة فدفن بها فى تربة بناها على قبره ابنه الملك المنصور محمد انتهى باختصار.
أقول: ويغلب على الظن أن محلها الآن الحارة المعروفة بحارة الشّراقوة التى بمصر القديمة تجاه قصر الشمع من الجهة الغربية المجاورة لجنينة الجعجعى وجنينة الصدار وجامع المرحومى، ويوجد إلى اليوم بالحائط الغربى لجنينة الجعجعى المذكورة باب كبير مسدود بناؤه من الحجر الكبير وعقده من الرخام، وهو مزرر تزريرا محكما فى غاية الإتقان يشبه أبواب المدارس القديمة، وبجانبه باب الحمام والاثنان مسدودان بالبناء.
ويوجد بجامع المرحومى هئذنة قديمة جميعها بالطوب الأحمر ومقر نصاتها من الجبس والطوب بخلاف بناء الجامع فإنه مستجد، وهذه المئذنة بناؤها يشبه بناء جامع الحاكم وجامع طولون، فبتلك الآثار يستدل على أن حارة الشراقوة بما احتوت عليه من العشش والمنازل الحقيرة واقعة فى كل منازل العز، وأن الجنائن الموجودة هناك هى بعض بساتينها، ويؤيد ذلك أن تلك الحارة بآخر الشارع الذى ابتداؤه من عند السيدة نفيسة رضي الله عنها المار تجاه جامع عمرو وقصر الشمع المعروف فى خطط المقريزى بالشارع الأعظم، الذى كانت الخلفاء تمر به أيام المواكب والمواسم إلى أن تصل إلى منازل العز ودار الملك اللتين كانتا من متنزهاتهم.
المدرسة المنصورية
هى بشارع النحاسين تجاه المدرسة الكاملية. أنشأها الملك المنصور قلاوون الألفى الصالحى، وهى عامرة إلى الآن وتعرف بجامع المارستان. انظر الجوامع.
المدرسة المنكوتمرية
هذه المدرسة بحارة بين السيارج على يمنة السالك من رأس الحارة إلى ضريح الأستاذ البلقينى، وهى متخربة لم يبق/إلا جانبها القبلى الذى به الباب والشبابيك وإلى جانبهما صهريج متصل بها وسورها الغربى متصل بالمساكن.
وقال المقريزى: هذه المدرسة بحارة بهاء الدين من القاهرة بناها بجوار داره الأمير سيف الدين منكوتمر الحسامى نائب السلطنة بديار مصر وكملت فى صفر سنة ثمان وتسعين وستمائة وعمل بها درسا للمالكية قرر فيه الشيخ شمس الدين محمد بن أبى القاسم ابن عبد السلام بن جميل التونسى المالكى ودرسا للحنفية، وجعل فيها خزانة كتب وجعل عليها وقفا ببلاد الشام وهى من المدارس الحسنة.
ترجمة الأمير منكوتمر
ومنكوتمر هو أحد مماليك الملك المنصور حسام الدين لاجين المنصورى ترقى فى خدمته واختص به اختصاصا زائدا إلى أن ولى مملكة مصر بعد كتبغا فجعله أحد الأمراء بديار مصر ثم خلع عليه خلع نيابة السلطنة؛ فخرج سائر الأمراء فى خدمته إلى دار النيابة وباشرها بتعاظم كثير، وأعطى المنصب حقه من الحرية الوافرة والمهابة التى تخرج عن الحد، وتصرف فى سائر أمور الدولة من غير أن يعارضه السلطان فى شئ ألبتة.
وبلغت عبرة إقطاعه فى السنة زيادة على مائة ألف دينار، ولما عمل الملك المنصور الروك المعروف بالروك الحسامى فوض تفرقة منالات إقطاعات الأجناد له؛ فجلس فى شباك دار النيابة بالقلعة ووقف الحجاب بين يديه وأعطى لكل تقدمة منالات؛ فلم يجسر أحد أن يتحدث فى زيادة ولا نقصان خوفا من سوء خلقه وشدة حمقه، ولم يزل فى أبهته وسطوته إلى أن قتل السلطان فقبض عليه أيضا وذبح؛ فكان بين قتله وقتل أستاذه ساعة من الليل وذلك فى ليلة الجمعة عاشر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وستمائة انتهى.
المدرسة المهذبية
قال المقريزى: هذه المدرسة خارج باب زويلة من خط حارة حلب بجوار حمام قمارى، بناها الحكيم مهذب الدين أبو سعيد محمد بن علم الدين بن أبى وحش بن أبى الخير ابن أبى سليمان بن أبى حليقة رئيس الأطباء. كان جده الرشيد أبو الوحش نصرانيا متقدما فى صناعة الطب فأسلم ابنه علم الدين فى حياته، وكان لا يعيش له ولد فرأت أمه وهى حامل به قائلا يقول: هيئوا له حلقة فضة قد تصدق بوزنها، وساعة يوضع من بطن أمه تثقب أذنه وتوضع فيها الحلقة ففعلت ذلك فعاش؛ فعاهدت أمه أباه أن لا يقلعها من أذنه، فكبر وجاءته أولاد وكلهم يموت فولد له ابنه مهذب الدين أبو سعيد فعمل له حلقة فعاش، وكان سبب اشتهاره بأبى حليقة أن الملك الكامل محمد بن العادل أمر بعض خدامه أن يستدعى الرشيد الطبيب من الباب، وكان جماعة من الأطباء بالباب، فقال الخادم: من هو منهم؟ فقال السلطان:
أبو حليقة. فخرج فاستدعاه بذلك فاشتهر بهذا الاسم، ومات الرشيد فى سنة ست وسبعين وستمائة. انتهى.
وهذه المدرسة موجودة إلى الآن وتعرف بتكية الخلوتية، وهى داخل عطفة مراد بك التى بأول شارع الحلمية، وأما حمام قمارى فقد زال فى بناء الحلمية، وكان يعرف بحمام إبراهيم بك لقربه من بيته.
المدرسة المهمندارية
هى بخط البراذعية من الدرب الأحمر بين جامع الماردانى وأبى حريبة. بناها الأمير شهاب الدين أحمد المهمندار سنة خمس وعشرين وسبعمائة وهى غير عامرة الآن، وتعرف بزاوية المهمندار انظر الزوايا.
المدرسة النابلسية
هى داخل حارة المبيضة من ثمن الجمالية ذكرها المقريزى مرارا فى التجديدات ولم يفردها بالذكر وهى موجودة إلى الآن وتعرف بزاوية الأربعين انظر الزوايا.
المدرسة الناصرية
هى بشارع النحاسين بجوار المدرسة المنصورية المعروفة اليوم بجامع المارستان.
أنشأها الملك العادل ولما عاد الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى مملكة مصر سنة ثمان وتسعين وستمائة أمر باتمامها وهى عامرة إلى الآن وتعرف بجامع الناصرية انظر الجوامع.
المدرسة اليونسية
هى بشارع المغربلين على رأس عطفة الداوودية. أنشأتها الست عائشة اليونسية زوجة الأمير يونس السيفى الدوادار الكبير وهى عامرة إلى الآن وتعرف بزاوية اليونسية انظر الزوايا.
***
الزوايا
حرف الهمزة
زاوية الست آمنة
هى بالحسينية داخل حارة البيومى قرب جنينة السّبع والضّبع، وقرب زاوية المتبولى على يمنة داخل الحارة وبها منبر وخطبة، وشعائرها مقامة بنظر الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الغنى الملوانى شيخ البيومية، ويقال أنها كانت معبد سيدى على البيومى وفيها ضريح زوجته الست آمنة.
زاوية الآبار
هذه الزاوية هى المدرسة البندقدارية المذكورة فى تحفة الأحباب للسخاوى، وعدها المقريزى أيضا فى الخانقاهات، فقال:
الخانقاه البندقدارية بالقرب من الصليبة كان موضعها يعرف قديما بدويرة مسعود، وهى الآن تجاه المدرسة الفارقانية وحمام الفارقانى.
أنشأها الأمير علاء الدين أيدكين البندقدارى الصالحى النجمى، وجعلها مسجدا لله تعالى وخانقاه ورتب فيها صوفية وقراء فى سنة ثلاث وثمانين وستمائة مات رحمه الله تعالى سنة أربع وثمانين وستمائة. وإلى أيدكين هذا ينسب الملك الظاهر بيبرس البندقدارى لأنه كان أولا مملوكه، ثم انتقل منه إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب فعرف بين المماليك البحرية بيبرس البندقدارى. وعاش أيدكين إلى أن صار بيبرس سلطان مصر وولاه نيابة السلطنة بحلب سنة تسع وخمسين وستمائة، وكان الغلاء بها شديدا فلم تطل أيامه وفارقها بدمشق بعد محاربة سنقر الأشقر فأقام فى النيابة نحو شهر وصرفه الأمير علاء الدين طيبرس الوزيرى؛ فلما خرج السلطان إلى الشام سنة إحدى وستين وستمائة أعطاه إمرة مصر وطبلخاناه، واستمر على ذلك إلى أن مات سنة أربع وثمانين وستمائة ودفن بقبة هذه الخانقاه اه.
وإلى الآن قبره بها ظاهر يزار عليه تابوت خشب منقوش فيه آيات من القرآن هذا قبر الفقير إلى الله تعالى الرّاجى عفو الله الأمير علاء الدين أيدكين البندقدارى الصالحى النجمى، جعله الله محل عفو وغفران. وباقى الكتابة مطموس وقد تخربت تلك المدرسة مدة ثم جدّدها ديوان الأوقاف فى زماننا هذا على ما هى عليه الآن، وعرفت بزاوية الآبار وفيها عمودان من الحجر، ولها مطهرة وأخلية وعلى القبر قبة صغيرة، وشعائرها مقامة بالأذان والصلوات.
زاوية إبراهيم بن عصيفير
هى بخط بين السورين تجاه زاوية أبى الحمائل كما فى طبقات الشعرانى قال فيها: كان سيدى إبراهيم كثير الكشف وأصله من البحر الصغير، وحصلت له الكرامات وهو صغير، وكان يتشوّش من قول المؤذن: الله أكبر؛ فيرجمه ويقول: عليك يا كلب نحن كفرنا يا مسلمين حتى تكبروا علينا، وكان أكثر نومه فى الكنيسة ويقول: النصارى لا يسرقون النعال فى الكنيسة بخلاف المسلمين وكان يقول: أنا ما عندى من يصوم حقيقة إلا من لا يأكل اللحم الضانى أيام الصوم كالنصارى، وأما المسلمون الذين يأكلون الضانى والدجاج أيام الصوم فصومهم عندى باطل، وكان يقول لخادمه: لا تفعل الخير فى هذا الزمان فينقلب عليك بالشر، وكان يفرش تحته التبن ليلا ونهارا وكان قبل ذلك يفرش زبل الخيل، وكان إذا مرت عليه جنازة وأهلها يبكون يمشى أمامها ويقول: زلابية هريسة ويكررها، وأحواله غريبة، ومات سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة ودفن بزاويته هذه انتهى.
زاوية سيدى إبراهيم الدسوقى
هى داخل درب المهابيل من ثمن الأزبكية وهى متخربة جدا وبأرضها شجرة لبخ ونخلتان.
زاوية إبراهيم الصائغ
قال المقريزى: هذه الزاوية بوسط الجسر الأعظم تطل على بركة الفيل عمّرها الأمير سيف الدين طغاى بعد سنة عشرين وسبعمائة وأنزل بها فقيرا عجميا من فقراء الشيخ تقى الدين
رجب يعرف بالشيخ عز الدين العجمى، وكان يعرف صناعة الموسيقى وله نغمة لذيذة وصوت مطرب وغناء جيد؛ فأقام بها إلى أن مات فى سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة؛ فتغلب عليها الشيخ إبراهيم الصائغ إلى أن مات يوم الاثنين رابع عشر شهر رجب سنة أربع وخمسين وسبعمائة فعرفت به. اه.
وأظن أن هذه الزاوية هى الموجودة لصق حوش إبراهيم جركس فى مقابلة منزل حسين باشا ناظر المطبعة الكبرى سابقا.
زاوية الإبناسى
فى المقريزى أنها بخط المقس عرفت بالفقيه برهان الدين بن حسين بن موسى بن أيوب الابناسى الشافعى. قدم من الريف وبرع ودرس بالأزهر وولى مشيخة الخانقاه الصلاحية، وتوفى سنة اثنتين وثمانمائة، ودفن بطريق الحجاز فى عيون القصب. انتهى باختصار وبسطنا ترجمته فى بلدته ابناس.
زاوية أبى زينب
هى فى حارة السطيحة ببولاق كانت متخربة ثم جدّدها والى مصر المرحوم الحاج عباس باشا وأقام شعائرها، وبها ضريح الشيخ أبى زينب عليه مقصورة من الخشب، وشعائرها الآن مقامة بمعرفة ناظرها عبد الكريم مخزنجى المطبعة الكبرى ببولاق.
زاوية أبى طالب والست المبرقعة
هى بشارع الطنبلى على يسرة المار من حارة الطنبلى إلى سوق الزلط، وشعائرها مقامة وناظرها محمد شوشة الصباغ.
زاوية ابن أبى العشائر
قال الشعرانى فى ترجمة أبى العباس البصير: إنها بباب القنطرة وقال فى ترجمته: هو أبو السعود بن أبى العشائر بن شعبان بن الطيب الباذينى نسبة إلى باذين بلدة بقرب جزائر
واسط بالعراق وهو من أجلاّء مشايخ مصر المحروسة، وكان السلطان ينزل إلى زيارته وتخرج بصحبته داود المغربى وشرف الدين وخضر الكردى ومشايخ لا يحصون. مات سنة أربع وأربعين وستمائة ودفن بسفح الجبل المقطم.
وكان يقول: من رأيته يميل إليك لأجل نفعه منك فاتهمه، ومن كان سببا لغفلتك عن مولاك فأعرض عنه. وكان يقول: صلاح القلب فى التوحيد والصدق وفساده فى الشرك والرياء، وعلامة صدق التوحيد شهود واحد ليس له ثان مع عدم الخوف والرجاء إلا من الله سبحانه وتعالى، وكان يقول: عليك بالإحسان إلى رعيتك. والرعية خصوص وعموم فالعموم: العبد، والأمة، والولد. والخصوص ماوراء ذلك فعليك بروحك ثم بسرك ثم بقلبك ثم بعقلك ثم بنفسك/فالروح تطالبك بالسير إليه والسر يطالبك بإخفاء سرك، والقلب يطالبك بالذكر والمراقبة، والعقل بالتسليم إليه والجسد بالخدمة له والنفس بكفها عما مالت إليه. ويقول: إذا لم تعن بنفسك فغيرك أحرى أن يضيعك ويقول: الأخلاق الشريفة تنشأ من القلوب، والذميمة تنشأ من النفوس. وكان يقول: لم يصل الأولياء إلى ما وصلوا إليه بكثرة الأعمال بل بالأدب. وكان يقول: من تغير فى حال الذل ولم يكن كما كان فى حال العز فهو محب للدنيا بعيد من ربه. وكان يقول: كل ما أغفل القلوب عن ذكره تعالى فهو دنيا، وكل ما أوقف القلوب عن طلبه فهو دنيا، وكل ما أنزل الهم بالقلب فهو دنيا. قال: وما رأيت فى لسان الأولياء أوسع أخلاقا منه ومن سيدى أحمد بن الرفاعى رضي الله عنهما انتهى باختصار.
زاوية أبى العينين
هى داخل حارة قلعة الكلاب من شارع المناصرة وهى متخربة وبها نخل بلح وشجرة لبخ.
زاوية أبى الغنائم
هى من داخل درب عجور بالحسينية خارج باب الفتوح بجوار درب البركة مشهورة ببيت مقبلة وبها ضريح الشيخ أبى الغنائم متشعثا ويعمل له مولد كل سنة وأصله من شبرا
باص من قرى فارسكور، وقد بسطنا ترجمته هناك اه. من كتاب تحفة الأحباب، وفى شعائر هذه الزاوية تعطيل وفيها مساكن.
زاوية أبى الليف
هى فى حارة أبى الليف بخط سويقة السباعين بها ضريح الشيخ محمد المغازى يعمل له مولد كل سنة ولها حوش موقوف عليها شعائرها مقامة من ريعه.
زاوية أبى النور
هى خارج باب زويلة تحت الإيوان الغربى من الجامع المؤيدى. شعائرها مقامة وبها ضريح يقال له ضريح الشيخ أبى النور يعمل له حضرة كل ليلة جمعة ومولد كل سنة، ويعرف بين العامة بالشيخ على أبى النور.
والذى فى كتاب المزارات للسخاوى: انه الشيخ عبد الحق فإنه قال فى وصف الجامع المؤيدى: وتحت الإيوان الغربى من هذا الجامع من جهة دار التفاح زاوية الشيخ عبد الحق.
وهو مسجد قديم به صورة قبر يقول العامة أنه لأبى الحسن النورى وليس بصحيح، وإنما المسجد يسمى مسجد النور. جدد بناؤه فى سنة أربع وخمسين وستمائة انتهى، ولها أوقاف تحت نظر ديوان عموم الأوقاف.
زاوية أبى اليوسفين
هذه الزاوية بالتبانة شعائرها مقامة وبها حنفية وميضأة وأخلية وفيها ضريح منشئها أبى اليوسفين عليه قبة فيها محراب ولها أوقاف تحت نظر مصطفى أفندى خلوصى.
زاوية ابن العربى
هى على رأس حارة الجودرية قرب الفحامين كانت مدرسة تعرف بالشريفية تخربت فجدّدها السيد أحمد بن الشيخ عبد السلام المغربى سنة خمس ومائتين وألف وغيّر معالمها
فجعلها زاوية للصلاة، ثم عرفت بابن العربى لدفنه بها ولها مطهرة وأوقاف جارية عليها تحت نظر الديوان وشعائرها الإسلامية مقامة، وذكرها المقريزى فى المدارس؛ فقال: هذه المدرسة بدرب كركامة على رأس حارة الجودرية من القاهرة وقفها الأمير الكبير الشريف فخر الدين أبو نصر إسماعيل بن حصن الدولة فخر العرب ثعلب بن يعقوب بن مسلم بن أبى جميل دحية ابن جعفر بن موسى بن إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن على بن عبد الله بن جعفر ابن أبى طالب رضي الله عنه الجعفرى الزينبى أمير الحاج والزائرين وأحد أمراء مصر فى الدولة الأيوبية وتمت فى سنة اثنتى عشرة وستمائة وهى من مدارس الفقهاء الشافعية، ومات الشريف إسماعيل بن ثعلب بالقاهرة فى سابع عشر رجب سنة ثلاث عشرة وستمائة انتهى باختصار.
وأما ابن العربى المذكور ففى تاريخ الجبرتى: أنه العلامة المحدث الشيخ على بن العربى الفاسى المصرى الشهير بالسقاط، ولد بفاس وقرأ على والده وعلى العلامة محمد بن أحمد العربى ابن الحاج الفاسى، وسمع منه الإحياء وأخذ عن الشيخ محمد بن عبد السلام البنانى.
كتب العربية وجاور بمكة فسمع على البصرى والنخلى وغيرهما وعاد إلى مصر؛ فقرأ على الشيخ إبراهيم الفيومى أوائل البخارى، وعلى عمر بن عبد السلام التطاونى جميع الصحيح وقطعة من البيضاوى وجميع المنح البادية فى الأسانيد العالية، وسمع كتبا كثيرة على عدّة مشايخ. وكان عالما فاضلا مستأنسا بالوحدة والانفراد ولا زال كذلك حتى توفى سنة ثلاث وثمانين ومائة وألف ودفن بهذه الزاوية التى برأس حارة الجودرية انتهى باختصار.
ودفن بها أيضا السيد أحمد المتقدم الذكر وكان بيته تجاه هذه الزاوية وقد ملكه السيد المحروقى بعد موته ثم لما مات السيد المحروقى دفن بها أيضا وقد ذكرنا ترجمة السيد أحمد هذا وترجمة السيد المحروقى عند الكلام على حارة المحروقى من شارع الجودرية.
زاوية ابن منظور
قال المقريزى: هذه الزاوية خارج القاهرة بخط الدكة بجوار المقس عرفت بالشيخ
جمال الدين محمد بن أحمد بن منظور بن إدريس بن خليفة بن عبد الرحمن بن عبد الله الكنانى العسقلانى الشافعى الصوفى الإمام/الزاهد كانت له معارف وأتباع ومريدون ومعرفة بالحديث حدّث عن أبى الفتوح الجلالى وروى عنه الدمياطى وعدة من الناس، ونظر فى الفقه واشتهر بالفضيلة وكانت له ثروة وصدقات ومولده فى ذى القعدة سنة سبع وتسعين وخمسمائة، ووفاته بزاويته فى ليلة الثانى والعشرين من شهر رجب سنة ست وتسعين وستمائة، وكانت هذه الزاوية أولا تعرف بزاوية شمس الدين بن كرا البغدادى انتهى
زاوية الأربعين
هذه الزاوية داخل درب عبد الحق من الأزبكية بدرب عبد الخالق. شعائرها مقامة ومنافعها تامة، وأوقافها تحت نظر رجل يدعى حمد بدوى.
زاوية الأربعين
هى داخل درب التركمانى بالأزبكية شعائرها مقامة وبجوارها منزل وقف عليها ولها مرتب بالروزنامجة أربعون قرشا وهى تحت نظر الست زهرة باشا ابنة المرحوم مصطفى باشا
زاوية الأربعين
هذه الزاوية بحارة النبقة بخط درب الجماميز، وهى صغيرة جدا وبها منبر صغير وضريح يقال له ضريح الأربعين، وكان أول أمرها مدرسة كما يدل له ما هو مكتوب بأسفل سقفها فى إزار خشب بعد آيات قرآنية أمر بإنشاء هذه المدرسة المباركة من فضل الله سبحانه وتعالى وجزيل عطائه العميم الجناب الكريم العالى المولوى، وباقى الكتابة مطموس لا يمكن قراءته وشعائرها الآن غير مقامة والنظر فيها لإسماعيل أفندى عبد الخالق.
زاوية الأربعين
هذه الزاوية بشارع الحوض المرصود تجاه جامع لاشين السيفى وهى مقامة الشعائر وبها
ضريح الأربعين وضريح نصر الدين السطوحى يعمل لهما حضرة كل ليلة أربعاء، ومن وقفها حوش وربع ودكانان وقهوة تحت نظر عبد الرحمن الزينى.
زاوية الأربعين
هى بحارة المرحوم إبراهيم أدهم باشا من خط الصليبة وليس لها أوقاف، وشعائرها مقامة من طرف الست زعفران، وتجاهها فى الطريق تربة كبيرة يقال لها مقام الأربعين.
زاوية الأربعين
هى بحارة الواجهة من بولاق وهى مقامة الشعائر تامة المنافع والنظر فيها للديوان.
زاوية الأربعين
هذه الزاوية ببولاق أيضا داخل حارة اللبان وهى صغيرة، وشعائرها مقامة ومنافعها تامة وبها ضريح يعرف بالأربعين وأوقافها تحت نظر الديوان.
زاوية الأربعين
هى ببولاق أيضا فى شارع حواصل الكسب شعائرها مقامة ولها ميضأة صغيرة ولها أوقاف تحت نظر محمد سلامة.
زاوية الأربعين
هى عن يمين السالك من عند الشيخ البيومى إلى الكردى تجاه منزل شيخ الكرشاتية أبى العلا غندر، وهى صغيرة مقامة الشعائر بنظر بعض الأهالى، وبها ضريح يقال له الأربعين.
زاوية الأربعين
هى بدرب المبيضة المقابل للخانقاه الصلاحية، وهى صغيرة وبها ضريح بزار وله مولد سنوى ولها بئر خارجها وأكثر منافعها دخل فى المساكن حولها، وكانت أوّل أمرها مدرسة ولم يفردها المقريزى بالذكر وإنما ذكرها مرارا فى التحديدات بأنها المدرسة النابلسية التى بالزقاق
المقابل للخانقاه الصلاحية بجوار خرائب تتر وبجوارها دار تجارية على يمين داخلها موقوفة على الخيرات. ذكرها المقريزى أيضا عند حمام تتر كما قال عند ذكر حمام كرجى: أن موضعه البنيان الذى يقابل الخانقاه الصلاحية على يمين السالك من الزقاق إلى خرائب تتر والمدرسة النابلسية انتهى، وذلك البنيان موضعه الآن صهريج يعلوه مكتب.
زاوية الأربعين
هذه الزاوية بالمقس فى حارة التركمانى على يسرة الداخل من الحارة وهى صغيرة مقامة الشعائر.
زاوية الأربعين
هذه الزاوية بآخر درب الميضأة من شارع الصليبة وتعرف بزاوية الشيخ خضر
زاوية الأربعين
فى حارة الباطنية على يسار الداخل فى أول الحارة وهى صغيرة مقامة الشعائر وبها ضريح يقال له الأربعين عليه مقصورة من خشب وبها منبر ودكة للتبليغ لها ميضأة بوسطها عمود وعليها حجران متقاطعان بهيئة صليب ولها منارة قصيرة.
زاوية الأربعين
هى بحارة درب سعيدة من شارع سوق الخشب وهى مقامة الشعائر والناظر عليها رجل يعرف بالشيخ محمد صالح.
زاوية الأربعين
فى آخر حارة درب الدالى حسين.
زاوية الأربعين
بوسط حارة درب الدالى حسين.
زاوية أرغون شاه
هذه الزاوية بشارع اللبودية من خط درب الجماميز، وهى مقامة الشعائر ولها ميضأة ومراحيض وبئر ولها مرتب بالروزنامجة وبأعلاها مسكن ليس من وقفها ونظارتها تحت يد امرأة تعرف بعائشة من ذرية الشيخ عارف أبى حيان، وفى هذه الزاوية ضريح يقال له ضريح أرغون شاه وليس كذلك؛ فإن الظاهر أن أرغون شاه هو الذى ترجمه بطرس البستانى فى دائرة المعارف بقوله:
ترجمة أرغون شاه
أرغون شاه رجل أصله من بلاد الصين أتى به الى السلطان أبى سعيد ابن خدابنده ملك التتار فى بغداد فأعطاه للأمير [دمشق خجابن جوبان]. فأهداه [أبو سعيد] إلى الملك/الناصر محمد بن قلاوون بمصر فحظى عنده لما كان عنده من الحزم والنباهة وأخذ يقدمه فى ذلك ثم زوجه بابنه أحد كبار دولته، وبعد موت الملك الناصر ارتفعت كلمته أيضا عند الملك الكامل وولاه استادارا، ولما قتل الكامل وتولى أخوه المظفر حاجى زادت رتبته عنده وجعله نائبا فى صفد ثم فى حلب، ثم فى دمشق. ثم قتله [ألجيبغا] ذبحا واستصفى أمواله ولحق بطرابلس، ثم قبض [على ألجيبغا] وأرسل إلى [دمشق] وقتل هو مساعده إياس الحاجب، وكان كل هذا سنة خمسين وسبعمائة انتهى
(*)
.
وكان أرغون هذا فى غاية السطوة والجور سفاكا للدماء قتل بحلب كثير من الخلق وسمر أخرين وقطع بدويا سبع قطع بمجرد ظن ظنه، وكان عنده فرس ثمين مدح بالسلوقية فغضب عليه وضربه حتى سقط ثم قام فضربه حتى سقط ثم قام فأعاد الضرب وهكذا حتى عجز عن القيام فقال بعض الحاضرين:
عقلت طرفك حتى
…
أظهرت للناس عقلك
لا كان دهر يولى
…
على بنى الناس مثلك
انتهى.
(*) تم تصويب ما ذكره بطرس البستانى عن أرغون شاه بعد الرجوع إلى المنهل الصافى، ج 2، ص 314 - 319. وانظر ما يلى ص 143 - 144.
زاوية أبى خودة
هذه الزاوية بالحسينية قرب جامع شرف الدين الكردى بها قبر الشيخ على أبى خودة رضي الله عنه.
ترجمة الشيخ على أبى خودة
قال الشعرانى: كان من أرباب الأحوال ومن الملامتية، وكان له خودة من حديد زنتها قنطار وثلث لم يزل حاملها ليلا ونهارا، وكان شيخا أسمر قصيرا، وكان معه عصا لها شعبتان كل من زاحمه ضربه بها، وكان يهوى العبيد السود والحبش لم يزل عنده نحو العشرة يلبسون الخوذ ولكل واحد حمار يركبه فكانوا يركبون معه، وكان إذا رأى امرأة أو أمرد حسس على مقعدته، ولو كان ابن أمير ولا عليه من أحد، وإذا حضر السماع يحمل المنشد ويجرى به كالحصان، وكان يخرج خلقه على الأمير قرقماس أيام الغورى فيضربه بحضرة جنده فلا يستطيع أحد أن يرده حتى يرجع هو بنفسه. وقال لى مرة: احذر أن تنيكك أمك فقلت لبعض عبيده: ما معنى كلام الشيخ؟ قال: يحذرك أن يدخل حب الدنيا فى قلبك لأن الدنيا هى أمك. مات سنة نيف وعشرين وتسعمائة ودفن بزاويته انتهى.
زاوية أولاد شعيب
هذه الزاوية فى داخل رحبة التين بحارة النصارى مقامة الشعائر، ولها أوقاف تحت نظر الديوان.
حرف الباء
زاوية باشا السكرى
هذه الزاوية بشارع البيومى عن يمين السالك من باب الفتوح إلى مقام سيدى على البيومى بالحسينية قدّام حمام البشرى، وهى صغيرة وبها منبر وخطبة وشعائرها مقامة من طرف ديوان الأوقاف واشتهرت باسم باشا السكرى خادمها.
زاوية البطل
هى بدرب البرابرة من خط الموسكى بداخل حوش الحين، وهى متخربة معطلة الشعائر ولها أوقاف تحت نظر الديوان، وتعرف قديما بزاوية ابن بطالة باسم الشيخ محمد ابن بطالة، فإنه هو الذى أنشأها وقرر فيها البرهان الإبناسى الصغير مدرسا وجعل بها فقراء ثم بطل ذلك.
ترجمة ابن بطالة
وابن بطالة: هو محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يوسف الشمس أبى الفضل ابن أبى عبد الله الجوهرى بلدا نسبة للجوهرية بالقرب من طنتدا الشافعى مذهبا الأحمدى طريقة، يعرف بابن بطالة كان حافظا للقرآن والتنبيه، وحج مرارا وجاور وبنى الزاوية المذكورة بقنطرة الموسكى وكان مكرما للوافدين، مات فى سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة وقد قارب الخمسين ودفن بالمقام الأحمدى.
وفى هذه الزاوية ضريح والده الشيخ محمد بن عبد الرحمن المعروف أيضا بابن بطالة، حفظ القرآن وغيره وتفقه على الإبناسى وكان مجاورا معه بمكة، وأجازه ووصفه بالشيخ الإمام المربى السالك الناسك الفاضل وابنتى زاوية بفيشا المنارة، وكان مشارا إليه بالصلاح وإكرام الوافدين، وكانت كلمته مسموعة عند أهل الدولة. مات سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، وكانت جنازته مشهودة انتهى من الضوء اللامع للسخاوى وله ابن اسمه محمد ترجمناه فى الكلام على فيشا المنارة.
زاوية البقرى
هذه الزاوية بقرب الجامع الحاكمى بين باب حارة العطوف ودرب الشرفا على يسار الداخل من باب حارة العطوف، وهى مسجد صغير وبها منبر نفيس وخطبة ومحرابها بالرخام الملوّن وأصلها مدرسة، وذكرها المقريزى فى المدارس؛ فقال: المدرسة البقرية فى الزقاق الذى تجاه باب الجامع الحاكمى المجاور للمنبر ويتوصل من هذا الزقاق إلى ناحية العطوف.
بناها الرئيس شمس الدين شاكر بن غزيل تصغير غزال المعروف بابن البقرى.
ترجمة ابن البقرى
أحد مسالمة القبط وناظر الذخيرة أيام الناصر حسن بن بن قلاوون، وهو خال الوزير نصر الله بن البقرى، وأصله من دار البقر بالغربية، نشأ على دين النصارى وتعلم الحساب، ثم أسلم وتقلب فى الوظائف الشريفة وأنشأ هذه المدرسة فى أبدع قالب وأبهج ترتيب، وجعل بها درسا للشافعية ورتب بها ميعادا وإماما حسن القراءة طيّب النغمة ولم يزل على حالة السيادة والكرامة إلى أن مات فى سنة ست وسبعين وسبعمائة ودفن بمدرسته هذه، وعلى/قبره قبة فى غاية الحسن ثم استجد فيها منبر وأقيمت بها الجمعة فى سنة أربع وعشرين وثمانمائة بإشارة علم الدين داود الكوبر كاتب السر، وقد ذكرنا ترجمة ابن البقرى فى دار البقر انتهى باختصار.
وهى مقامة الشعائر والجمعة والجماعة، وبها القبة إلى الآن وعلى يمين المحراب حجر منقوش فيه تاريخ تجديدها وهو سنة ست وأربعين وسبعمائة، وكان بها مصحف من وقف السلطان قايتباى طوله خمسة أشبار نقل إلى الكتبخانة الخديوية بسراى درب الجماميز.
زاوية البكتمرى
هذه الزاوية فى حارة سيدى مدين، بها ضريح منشئها سيدى عبد الرحمن البكتمرى، وهى مقامة الشعائر تامة المنافع، ولها أوقاف تحت نظر الديوان، وفى الضوء اللامع للسخاوى أن البكتمرى
ترجمة البكتمرى
هو عبد الرحمن بن بكتمر السند بسطى، ثم القاهرى أحد أصحاب الزاهد، وصاحب الزاوية المجاورة لجامع شيخه، وفيها محل دفنه، أخذ عنه جماعة كثيرون منهم محمد البدوى، وذكروا له أحوالا صالحة. وكانت له طاحون يقتات منها ويعمر من فاضلها الزاوية المشار إليها التى لم يكملها، وإنما أكملها صاحبه الشيخ مدين. مات سنة أربعين وثمانمائة أو قبلها انتهى.
زاوية البلخى
هى خارج باب الشعرية بقرب زاوية الشيخ العدوى، تجاه جامع الدشطوطى وبجواره، وفيها منبر وخطبة وضريح يقال: أنه للشيخ البلخى يعمل له مولد فى آخر مولد سيدنا الحسين رضي الله عنه فى ربيع الثانى، ولها منارة وشعائرها مقامة بنظر ديوان الأوقاف.
زاوية بهاء الدين المجذوب
هذه الزاوية بقرب باب الشعرية بها قبره رضي الله عنه.
قال الشعرانى: كان الشيخ بهاء الدين من أكابر العارفين، وكان أوّلا خطيبا فى جامع الميدان، وكان أحد شهود القاضى فحضر يوم عقد زواج، فسمع قائلا يقول: هاتوا النار جاء الشهود، فخرج هائما على وجهه، فمكث ثلاثة أيام فى الجبل المقطم لا يأكل ولا يشرب، ثم ثقل عليه الحال فخرج بالكلية، وكان يحفظ البهجة فكان لا تزال تسمعه يقرأ فيها لأن كل حالة أخذ العبد عليها يستمر فيها، ولو خرج عنها يرجع إليها سريعا؛ فمن المجاذيب من تراه مقبوضا على الدوام لكونه جذب فى حالة قبض، ومنهم من تراه مبسوطا وهكذا.
وكان الشيخ فرج المجذوب كثيرا ما يقول: عندك رزقة فيها خراج ودجاج وفلاحون لكونه جذب وقت اشتغاله بذلك، ولم يزل ابن البجائى يقول: الفاعل مرفوع والمخفوض مجرور وهكذا لأنه جذب حال قراءة النحو وكان له مكاشفات مشهورة انتهى.
زاوية بهلول
هذه الزاوية بشارع المحجر بقرب زاوية الشيخ حسن الرومى وهى صغيرة، وشعائرها ليست مقامة، وبها ضريح يعرف بالشيخ بهلول، يعمل له مولد كل سنة وحضرة كل ليلة أربعاء.
زاوية البهلول
هذه الزاوية بحارة الزير المعلّق من خط عابدين، فيها ضريح الشيخ محمد البهلول، عليه تابوت من الخشب، وهى مقامة الشعائر من أوقاف عمر رجب النحاس.
زاوية بهادى
هذه الزاوية بدرب غزية من خط السيدة سكينة رضي الله عنها منقوش على بابها فى لوح رخام: {(إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)} الآية
(1)
. أمر بتجديد هذا المكان المبارك أبو سعيد الطاهرى فى شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وخمسمائة انتهى، ثم جدّدها المعلم محمد الشيمى المهندس المعمارى تبرعا منه، وأقام شعائرها فهى عامرة إلى الآن، وبها ضريح يقال لصاحبه الشيخ بهادى.
زاوية بيرم
هى فى داخل عطفة بيرم فى آخر درب سعادة بخط الحمزاوى، بنيت فى محل المدرسة الصاحبية التى قال فيها المقريزى: إن بينها وبين المدرسة الزمامية دون مدى الصوت. أنشأها الصاحب صفىّ الدين عبد الله بن على بن شكر المترجم فى بلدته دميرة، وكان موضعها من جملة دار الوزير يعقوب بن كلس ودار الديباج؛ فبناها الصاحب وزير الملك العادل، وجعلها وقفا على المالكية، ورتّب بها درس نحو، وخزانة كتب.
وفى سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، جدّدها القاضى علم الدين إبراهيم المعروف بابن الزبير ناظر الدولة أيام السلطان حسن بن الناصر قلاوون واستجد فيها منبرا وجمعة انتهى، ثم تخربت وبقى بها قبة يقال: إن فيها قبر منشئها ثم أزيلت وبنى هناك مساكن، ولم يبق من الوقف إلا هذه الزاوية وهى الآن معطلة.
(1)
سورة التوبة آية:18.
حرف التاء
زاوية تاج الدين
قال السخاوى فى كتاب المزارات: هذه الزاوية بقرب مشهد السيدة رقية رضي الله عنها، داخل الدرب المسدود على طريق المارّ بها الشيخ العارف القدوة شيخ الصوفية شرف الدين عمر العادلى القادرى الشافعى، كان من مشايخ الطريق وصنف كتابا سماه منهاج الطريق وسراج التحقيق، جمع فيه أسماء مشايخه وهم أربعون من مشاهير الأولياء، وبين فيه طرائقهم، وكيف الوصول إليهم خلفا عن سلف، وكان بزى الجند ثم بزى الفقراء، وصحب القادرية. مات سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. وتعرف الزاوية بزاوية تاج الدين العادلى.
قال شرف الدين العادلى: إنه/أخذ عن الشيخ ناهض الدين أبى حفص عمر الكردى فى زاويته التى بقرب هذه الزاوية، وكان الشيخ عمر من أهل المجاهدات ولما مات دفن بزاويته.
زاوية التبر
هى خارج قبة الغورى من ضواحى القاهرة مما يلى المطرية بقرب قنطرة ترعة الجرن المعروفة بترعة التبرى القاطعة لطريق المطرية، وكانت قديما تعرف بمسجد التبر.
قال المقريزى: مسجد التبر خارج القاهرة مما يلى الخندق قريبا من المطرية، عرف قديما بالبئر والجميزة، وتسميه العامة: مسجد التبن وهو خطأ.
قال القضاعى: أنه بنى على رأس إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن الحسين بن على بن أبى طالب رضي الله عنه، أنفذه المنصور فسرقه أهل مصر ودفنوه هناك سنة خمس وأربعين ومائة.
قال الكندى: قدمت به الخطباء لينصبوه بالمسجد الجامع، وقامت الخطباء فذكروا أمره.
ترجمة تبر
وتبر هذا أحد الأمراء فى أيام كافور الإخشيد، حارب جوهر القائد بجماعة من الكافورية والإخشيدية فانهزم إلى أسفل الأرض فبعث جوهر يستعطفه فلم يجب، فسير إليه عسكرا حاربه بناحية صهرجت فانكسر، وصار إلى مدينة صور فقبض عليه بها، وأدخل إلى القاهرة على فيل فسجن وضرب بالسياط وقبضت أمواله وحبس عدة من أصحابه بالمطبق فى القيود فجرح نفسه وأقام أياما مريضا، ومات سنة ستين وثلثمائة فسلخ بعد موته وصلب عند كرسى الجبل.
وقال ابن عبد الظاهر: أنه حشى جلده تبنا فربما سمّت العامة مسجده بذلك كما ذكرنا. وقيل: أن تبرا هذا خادم الدولة المصرية، وقبره بالمسجد المذكور وهذا وهم، وإنما هو تبر الإخشيدى اه. والآن هو زاوية لطيفة عامرة، وبها قبة حسنة على ضريح الشيخ التبرى، وصهريج فوقه سبيل ويتبعها جنينة يحيط بها سور عليه درابزين من حديد، وخلف جميع ذلك دورة مياه، وكل ذلك من إنشاء ذات العصمة شفق نور والدة حضرة الخديوى المفخم محمد باشا توفيق، وذلك فى سنة أربع وتسعين ومائتين وألف، كما هو منقوش فى لوح رخام على واجهة بابها حفرا مذهبا فى ضمن أبيات هى:
زها طالع الأنوار فى مسجد البر
…
به البطل التبرىّ فى قبة السر
لقد أنشأته شفق نور وحبّذا
…
بها حرم المولى الخديوى ذى القدر
بوالدة التوفيق أنعم مؤرخا
…
أمدّ أساس النور فى مسجد التبرى
وقد أزالت ما كان هناك من الآثار القديمة، وأنشأت هذه الزاوية إنشاء حسنا، ورتبت لها خدما وجلبت لها ماء النيل من الترعة الإسماعيلية بواسطة المواسير، ولما تم بناؤها عملت بها ليلة حافلة اشتملت على أذكار وتلاوة قرآن ودلائل الخيرات، ومد بها سماط واسع
زاوية الطشتمرى
هذه الزاوية فى درب الحصر من ثمن الخليفة منقوش على بابها فى الخشب:
بسم الله الرحمن الرحيم {(إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ)} الآية
(1)
.
وكان الفراغ من ذلك فى شهر شوّال سنة سبع وسبعين وسبعمائة، وفيها ضريح رجل صالح يقال له الطشتمرى، ولها ميضأة وأخلية وبئر، وشعائرها مقامة من إيراد دكاكين وقهوة بجوارها وهى تحت نظر ديوان عموم الأوقاف.
زاوية تفكشان
هذه الزاوية بحارة قنطرة عمر شاه جهة درب الجماميز. أنشأها الأمير محمد أغا تفكشان سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف، كما يؤخذ من الأبيات المنقوشة على بابها وهى:
قد شاد لله الأمير محمد
…
أغا تفكشان الأصيل يفاخر
وبنى لوجه الله زاوية الندى
…
فى رحبها لسنا القبول مظاهر
أبدت شذاه بمكتب فكأنها
…
روض البهاء بها تحف أزاهر
لما وفت أرخت دونك معبدا
…
قد جمّ فيه للسعود بشائر
لا زال سعيك بالرضا متقبلا
…
والقلب نحو المكرمات يبادر
وهى مرتفعة يصعد إليها بدرج، وفوقها مكتب عامر بتعليم الأطفال، وشعائرها مقامة بنظر ذرية المرحوم محمد أفندى عبد الخالق.
زاوية تقى الدين
قال المقريزى: هذه الزاوية تحت قلعة الجبل. أنشأها الناصر محمد بن قلاوون قبل سنة عشرين وسبعمائة لسكنى الشيخ تقى الدين رجب بن أشيرك العجمى، وكان وجيها محترما عند
(1)
سورة التوبة آية:18.
أمراء الدولة، ولم يزل بها إلى أن مات يوم السبت ثامن شهر رجب سنة أربع عشرة وسبعمائة، وما زالت منزلا لفقراء العجم إلى وقتنا هذا انتهى. ودفن بهذه الزاوية أيضا عمر ابن محمد البغدادى، وهو كما فى السخاوى: عمر بن محمد النجم النعمانى نسبة للإمام أبى/ حنيفة النعمان البغدادى ثم الدمشقى الحنفى. قدم القاهرة فى سنة خمسين وثمانمائة وبيده حسبة دمشق ووكالة بيت المال وعدة وظائف؛ فنزل فى زاوية التقى رجب العجمى تحت قلعة الجبل، فلم يلبث أن مات فى رابع صفر من هذه السنة؛ فأسف السلطان عليه وأمر بالصلاة عليه فى مصلى المؤمنين، ونزل فصلى عليه ودفن بتربة التقى المذكور عفا الله عنه انتهى.
وهذه الزاوية تعرف اليوم بتكية تقى الدين العجمى وقد ذكرناها فى التكايا من هذا الكتاب.
حرف الجيم
زاوية الجاكى
قال المقريزى: هذه الزاوية فى سويقة الريش من الحكورة خارج القاهرة بجانب الخليج الغربى. عرفت بالشيخ المعتقد حسين بن إبراهيم بن على الجاكى، ومات بها فى سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، ودفن خارج باب النصر، وأقام الناس يتبركون بزيارة قبره، ولهم هناك مجمع عظيم كل يوم ويحملون إليه النذور ويزعمون أن الدعاء عند قبره لا يرد، وهم على ذلك إلى اليوم انتهى.
زاوية الشيخ محمد الجباس
هذه الزاوية بشارع سويقة السباعين، وهى عامرة بالصلوات والأذان، وفيها حنفية ومرحاض، ولها نصف منزل موقوف عليها تحت نظر رجل يعرف بآمين الحانوتى.
زاوية الجعافرة
هذه الزاوية بحارة المرحوم إبراهيم أدهم باشا من خط الصليبة مبنية بالحجر الآله، وبها أربعة أعمدة من الرخام، ولها حنفية وبئر وأخلية، وشعائرها مقامة من إيراد منزل موقوف
عليها ودكانين بشارع الصليبة، وفيها ضريح الشيخ محمد الطيار، وضريح الشيخ أحمد الطيار، وناظرها محمد أفندى نجيب.
زاوية جلال الدين البكرى
هى بقرب الجامع الأزهر عند مطبخ الشوربة عن شمال الذاهب إلى باب البرقية بابها على الشارع وهو صغير معلق، وبها عمودان من الرخام عليهما ثلاث قناطر من الآجر وسقفها من الخشب، وليس لها ميضأة ولا بئر وإنما بها حوض من حجر يملأ بالقربة، وأنشأ الجلال المذكور بجوارها صهريجا وذلك فى سنة ست وتسعين وتسعمائة.
ترجمة جلال الدين البكرى
وجلال الدين هذا هو الشيخ محمد أبو عبد الله جلال الدين ابن الشيخ محمد أبى الحسن البكرى الأشعرى. توفى يوم الاثنين بعد الظهر سابع عشر رجب سنة 1018 هـ عن أربع وخمسين سنة ودفن بزاويته هذه، ووجد فى بعض الدفاتر أنه حبس وسبل جميع ما هو جار فى ملكه وحيازته بطريق إنشائه، وعمارته من ذلك المسجد وتوابعه، وجعل له مرتبا لإقامة شعائره وقراءة القرآن فى المواسم.
زاوية الجمالى
هذه الزاوية واقعة بين حارة الفراخة وقصر الشوك من خط المشهد الحسينى، وشعائرها معطلة لتخريبها، وهى التى ذكرها المقريزى فى المدارس وسماها بالمدرسة الجمالية؛ فقال:
هذه المدرسة بجوار درب راشد من القاهرة على باب الزقاق المعروف قديما بدرب سيف الدولة نادر. بناها الأمير الوزير علاء الدين مغلطاى الجمالى، وجعلها مدرسة للحنفية وخانقاه للصوفية، وولى تدريسها ومشيخة التصوف بها الشيخ علاء الدين علىّ بن عثمان التركمانى الحنفى، وتداولها ابنه قاضى القضاة جمال الدين عبد الله التركمانى الحنفى، وابنه قاضى القضاة صدر الدين محمد، ثم قريبهم حميد الدين حماد، وهى الآن بيد ابن حميد الدين المذكور
وكان شأن هذه المدرسة كبيرا يسكنها أكابر فقهاء الحنفية، وتعد من أجلّ مدارس القاهرة، ولها عدة أوقاف بالقاهرة وظواهرها وفى البلاد الشامية، وقد تلاشى أمر هذه المدرسة لسوء ولاة أمرها وتخريبهم أوقافها، وتعطل منها حضور الدرس والتصوف، وصارت منزلا يسكنه أخلاط ممن ينسب إلى اسم الفقه وقرب الخراب منها، وكان بناؤها فى سنة ثلاثين وسبعمائة.
ترجمة الأمير مغلطاى الجمالى
ومغلطاى هذا هو ابن عبد الله الجمالى الأمير علاء الدين عرف بخرز-وهى بالتركية عبارة عن الديك بالعربية-اشتراه الملك الناصر محمد بن قلاوون ونقله وهو شاب من الجامكية إلى الإمرة على إقطاع الأمير صارم الدين إبراهيم الإبراهيمى نقيب المماليك السلطانية المعروف بزير الأمرة، وصار السلطان ينتدبه فى التوجه إلى المهمات ويطلعه على سره، ثم بعثه أمير الركب إلى الحجاز فقبض على الشريف أسد الدين صاحب مكة وأحضره إلى قلعة الجبل، ثم جعل أستادار السلطان بدلا عن سيف الدين بكتمر العلائى، ثم أضاف إليه الوزارة وخلع عليه عوضا عن الصاحب ابن الغنام سنة أربع وعشرين وسبعمائة، وبقى فيها إلى سنة ثمان وعشرين وصرف عنها، وبقى على وظيفة الأستادارية، ثم سافر إلى الحجاز وتوفى فى عودته بسطح عقبة أيلة سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة؛ فصبر وحمل إلى القاهرة ودفن بهذه الخانقاه، وكان حسن الطباع يميل إلى الخير مع كثرة الحشمة، وكان يقبل الهدايا ويحب التقادم؛ فحلّت له الدنيا وجمع شيئا كثيرا، ولم يعرف عنه أنه صادر أحدا ولا اختلس مالا، وكانت أيامه قليلة الشر إلا أنه كان يعزل ويولّى بالمال؛ فتزايد الناس فى المناصب، وكان له عقب بالقاهرة غير صالحين ولا مصلحين انتهى.
زاوية الجميزى
هذه الزاوية بشارع الزوايب/قرب باب القرافة، بها ضريح سيدى على الجميزى، عليه مقصورة من الخشب منقوش فيها آيات من القرآن، وكذا بدائر الضريح وبأعلى القبة وهى غير مقامة الشعائر لتخريبها.
زاوية جنبلاط
هذه الزاوية بسوق مرجوش، وهى المدرسة التى تكلم عليها المقريزى فقال: هذه المدرسة بالقاهرة على رأس السوق الذى كان يعرف بالخروقيين، ويعرف اليوم بسويقة أمير الجيوش. بناها الأمير سيف الدين يازكوج الأسدى، مملوك أسد الدين شيركوه، وأحد أمراء السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، وجعلها وقفا على الفقهاء من الحنفية فقط فى سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وكان يازكوج رأس الأمراء الأسدية بديار مصر فى أيام السلطان صلاح الدين وأيام ابنه الملك العزيز عثمان، وكان الأمير فخر الدين جهاركس رأس الصلاحية، ولم يزل على ذلك إلى أن مات فى يوم الجمعة ثامن عشر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ودفن بسفح المقطم بالقرب من رباط الأمير فخر الدين ابن قزل انتهى، وهى الآن عامرة بالصلاة والأذان.
زاوية الجودرية
هذه الزاوية بالجودرية وهى قديمة، وكانت قد تخربت فجدّدها ناظرها الشيخ أحمد منة الله أحد علماء السادة المالكية فى سنة ست وثمانين ومائتين وألف، وجعل بها منبرا وخطبة كأصلها وأقام شعائرها، فهى مقامة الشعائر تامة المنافع، وبها ضريح السيد عمر بن السيد إدريس بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الإمام الحسين رضوان الله عليهم أجمعين، وأوقافها تحت نظر الشيخ عبد البر ابن الشيخ أحمد منة الله.
زاوية الجوينى
هذه الزاوية بدرب المحروق من خط السيدة فاطمة النبوية رضي الله عنها، لها بابان وبها خطبة، وشعائرها مقامة ومنافعها تامة، ويداخلها ضريح الشيخ عبد الله الجوينى، عليه مقصورة من الخشب، ويعمل له مولد كل سنة ويقال أنه هو الذى أنشأها وأوقافها تحت نظر الديوان.
زاوية الجيعان
هى بحارة السبع قاعات المجاورة لدرب الصقالبة وحارة اليهود على يمين الداخل من حارة السبع قاعات إلى درب الصقالبة، وهى الآن منهدمة غير مقامة الشعائر.
زاوية الجيوشى
هذه الزاوية بأعلى الجبل المقطم قبلى قلعة الجبل. وشرقى الإمام الشافعى رضي الله عنه. منقوش على بابها فى الحجر: {(وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً)}
(1)
وبها ثلاثة أعمدة من الرخام وبها محرابان، وفيها قبة مزينة بالنقوش وفيها آيات من القرآن، ولها منارة وبئر بلا ماء وهى متخربة ومهجورة لعدم الساكن حولها، وبها ضريح الشيخ عبد الله الجيوشى له زيارة ومولد سنوى.
حرف الحاء
زاوية حارة الفراخة
وتعرف أيضا بزاوية عبد الرحيم، وهى فى حارة الفراخة بجوار حارة قصر الشوك قرب المشهد الحسينى، وهى صغيرة عامرة، وكانت أولا مدرسة تعرف بالقوصية.
قال المقريزى: المدرسة القوصية فى درب شمس الدولة قرب درب ملوخية. أنشأها الأمير الكردى والى قوص انتهى.
زاوية الشيخ الحبيبى
هذه الزاوية بشارع السد عن شمال الذاهب من درب الجماميز إلى قناطر السباع، وكانت أولا تعرف بزاوية عز الدين وبزاوية الدمياطى، ثم عمرها الشيخ محمد الحبيبى أحد المشايخ المسلكين سنة سبع وأربعين ومائتين وألف، وأقام شعائرها إلى الآن فعرفت به، وبها ستة أعمدة من الحجر وبعضها مسقوف بالبوص وخشب النخل وأغلبها بلا سقف، وفيها
(1)
سورة الجن آية:18
حوض بحنفيات، ولها ساقية، وبها نخل وشجر، وبها ضريح الشيخ الدمياطى والشيخ الحبيبى، ولها مرتب بالروزنامجة مائة وتسعة وثمانون قرشا، وتحتها ثلاثة حواصل موقوفة عليها، وبجوارها منزل موقوف عليها أيضا، ويعمل بها للشيخ محمد الحبيبى حضرة كل ليلة جمعة ومولد كل سنة. وقد ذكرها المقريزى فى الزوايا، فقال:
زاوية الدمياطى فيما بين خط السبع سقايات وقنطرة السد خارج مصر إلى جانب حوض السبيل المعدّ لشرب الدواب. أنشأها الأمير عز الدين أيبك الدمياطى الصالحى النجمى. أحد الأمراء المقدمين الأكابر فى أيام الملك الظاهر بيبرس، ودفن بها لمّا مات بالقاهرة ليلة الأربعاء تاسع شعبان سنة ست وتسعين وستمائة وإلى الآن يعرف الحوض المجاور لها بحوض الدمياطى انتهى.
زاوية الحجازية
هذه الزاوية بخط رحبة العيد بالجمالية على يمين السالك من رحبة العيد إلى قصر الشوك، منقوش على بابها: أمر بإنشاء هذا المسجد المبارك الست تتر الحجازية من علماء الملّة المحمدية انتهى. وهى عامرة مقامة الشعائر وبها منبر وخطبة، وفيها قبر الست الحجازية، وكان أول أمرها مدرسة تعرف بالحجازية، ثم ترك منها التدريس وبقيت لمجرد الصلاة.
قال المقريزى فى ذكر المدارس: إن المدرسة الحجازية برحبة باب العيد بجوار قصر الحجازية كان موضعها باب الزمرد أحد أبواب القصر. أنشأتها الست خوند تتر الحجازية بنت الملك الناصر محمد بن قلاوون زوجة بكتمر الحجازى وجعلت بها درسا/للشافعية والمالكية ومنبرا لخطبة الجمعة والعيدين، وإماما للصلوات الخمس، وخزانة كتب، وأنشأت بها قبة لتدفن تحتها، ورتبت بشباكها عدّة قراء، وأنشأت بها منارة للأذان ومكتبا فوق السبيل فيه عدة من الأيتام، ورتبت لهم مؤدبا يعلمهم القرآن الكريم، وجعلت لكل منهما خمسة أرغفة غير الفلوس وكسوتين للشتاء والصيف، وجعلت عدة أوقاف يصرف منها لأرباب الوظائف ويفرق عليهم منها فى عيد الفطر الكعك والخشكنانك، وفى عيد الأضحى اللحم، وفى شهر
رمضان يطبخ لهم الطعام، ويجلس بها عدّة من الطواشية يمنعون الناس من عبور القبة التى فيها قبر خوند إلاّ القراء خاصة، وكان لا يلى نظر هذه المدرسة إلا الأمراء، ثم وليها الخدام وغيرهم. وكان إنشاؤها سنة إحدى وستين وسبعمائة، ثم آل أمرها إلى أن جعلت سجنا لمن يصادر أو يعاقب فزالت أبهتها، ومع ذلك فهى من أبهج مدارس القاهرة انتهى باختصار.
زاوية الحداد
هذه الزاوية بشارع المغربلين والسروجية، خارج باب زويلة عند زاوية اليونسية والشيخ خضر الصحابى، وهناك عدة زوايا متقاربة بعضها عامر وبعضها متخرب، ولم أدر أيها زاوية الحداد مع البحث والسؤال من سكان تلك الجهة لكنها مذكورة فى الكتب كثيرا.
قال السخاوى فى كتاب المزارات: ثم تقصد إلى المدرسة اليونسية، ثم إلى رأس الهلالية والمنجبية وسوق الطير، وهناك زاوية الشيخ خضر الصحابى رضي الله عنه وهو زرع النوى، وهناك أيضا زاوية الشيخ المعتقد العارف بالله تعالى شهاب الدين المعروف بالحداد، أخذ الطريق عن العارف بالله أبى السعود بن أبى العشائر الواسطى، وأخذ عن الشيخ محمد اللبان المسعودى، وعن الشيخ برهان الدين إبراهيم البرلسى، ولم يزل بزاويته إلى أن توفى سنة أربع وتسعين وسبعمائة.
وهذا الخط يعرف بالباب الجديد، وبباب القوص ومنه يتوصل إلى جامع قوصون انتهى. ولم يذكر محل دفنه.
وفى عطفة الحنفية تجاه وجه جامع جانبك ضريح يعرف بالحداد فى دار تعرف به، فلعله ضريحه والله أعلم.
زاوية حسن كنه
هى بالشارع الموصل إلى سويقة السباعين، تخربت هى والقهوة التى بجوارها، والآن فى محلها حنفية من حنفيات وابور الماء الذى جعل لسقى القاهرة ومصر.
زاوية الحلوجى
بحاء مهملة مفتوحة ولام ساكنة وواو مفتوحة وجيم وياء النسبة. هذا هو المتعارف الآن وهى بين الجامع الأزهر والمشهد الحسينى بخط السبع خوخ، التى كانت طريق سر للخلفاء الفاطميين من القصر إلى الجامع الأزهر. وكان يعرف أيضا بخط الأبارين، ويعرف الآن بخط الحلوجى.
وتعرف الزاوية قديما بزاوية الحلاوى بفتح الحاء واللام وكسر الواو قبل ياء النسبة من غير جيم، كما فى خطط المقريزى والضوء اللامع وكتاب المزارات للسخاوى.
قال المقريزى: هذه الزاوية بخط الأبارين بقرب الجامع الأزهر أنشأها الشيخ مبارك الهندى السعودى الحلاوى، أحد الفقراء من أصحاب الشيخ أبى السعود بن أبى العشائر البارينى الواسطى سنة ثمان وثمانين وستمائة، وأقام بها إلى أن مات ودفن فيها، فقام من بعده ابن ابنه الشيخ عمر بن على بن مبارك، وكانت له سماعات ومرويات، ثم قام من بعده ابنه جمال الدين عبد الله بن عمر إلى أن مات سنة ثمان وثمانمائة وبها الآن ولده. وهى من الزوايا المشهورة بالقاهرة انتهى. وقال فى كتاب تحفة الأحباب بعد أن ذكر المشهد الحسينى وتربة الزعفران، ثم تقصد خط الأبارين فتجد به على الطريق زاوية بها قبر الشيخ العارف بالله تعالى المعتقد أمين الدين مبارك الحلاوى نزيل القاهرة، له مناقب كثيرة، وأنشأ هذه الزاوية فى سنة ست وخمسين وستمائة.
يقال: أنه كان يتسيب فى الحلواء وظهر له منها كرامة فاشتهر بالحلاوى (وانظر الفرق بين التاريخين) وكان له أصحاب من العلماء وأعيان الدولة، وكان يعمل فيها الأوقات، ويجمع بها قضاة القضاة وغيرهم، ثم خلف بعده ولده الشيخ نور الدين على ثم توفى؛ فأقام بها من بعده ولده المحدّث سراج الدين عمر بن على ثم توفى؛ فأقام بالزاوية ولده المحدث جمال الدين عبد الله بن عمر بن على ثم توفى سنة سبع وثمانمائة.
ترجمة عبد الله بن عمر
وترجمه فى الضوء اللامع فقال: هو عبد الله بن عمر بن على بن مبارك الجمال أبو المعالى بن السراج أبى حفص بن أبى الحسن، الهندى الأصل الأزهرى الصوفى السعودى، ويعرف بالحلاوى بمهملة ولام خفيفة.
وكان جد أبيه صالحا معتقدا بنيت له زاوية فى الأبارين بالقرب من الجامع الأزهر فسكن بها أولاده، فكانت مجمعا لطلبة الحديث، وقد سمع من: أبى زكريا يحيى بن يوسف، والبدر الفارقى، وابن غالى، والمشتولى وغيرهم؛ وأجازه: الشهاب بن الجزرى، وزينب ابنة الكمال، والذهبى وغيرهم، وحدث بالكثير جدا.
وكان شيخا صيتا خيرا ساكنا صبورا على الإسماع، لا يمل ولا ينعس ولا يتضجر. قال ابن حجر: أنه مرض يوما فصعدنا إلى غرفته لعيادته، فأذن لنا فى القراءة فقرأت عليه من المسند فمر فى الحال حديث أبى سعيد فى رقية جبريل فوضعت يدى عليه حال القراءة ونويت رقيته، فاتفق أنه/شفى.
قال فى إنبائه: لم يكن فى شيوخنا أحسن أداء ولا أصغى للحديث منه، وروى عنه من الحفاظ: ابن ظهيرة، والفاسى، والأقفهسى وغيرهم، مات بالقاهرة سنة سبع وثمانمائة، ودفن عند جده فى زاويته انتهى.
والآن هذه الزاوية عامرة مقامة الشعائر جددها المرحوم محمد على باشا، وجدد بها ضريح الشيخ الحلاوى وضريح أولاده، ولها أوقاف جارية عليها تحت نظر ديوان الأوقاف.
وكان يعمل فيها للشيخ الحلوجى حضرة ليلة الثلاثاء، ومولد سنوى مع مولد سيدنا الحسين رضي الله عنه.
زاوية حلومة
هذه الزاوية بخط المشهد الحسينى على يسار السالك من جهة الباب الأخضر من أبواب المشهد إلى أم الغلام، شعائرها مقامة بالصلاة والأذان، وفيها ضريح يقال له ضريح الشيخ
موسى اليمنى، وهو ظاهر يزار، وللنساء فيه اعتقاد أكيد ويعمل له حضرة كل ليلة ثلاثاء، ويعقد فيها بعض الصوفية مجلسا للذكر، والقيّمة هناك امرأة تمنع الرجال من الزيارة وقت زيارة النساء.
وهذه الزاوية هى المدرسة الملكية بدليل ما هو مكتوب على وجه بابها إلى الآن، وصورته:«أمر بإنشاء هذا المسجد المبارك الحاج آل ملك الجوكندار الناصرى الراجى عفو الله تعالى بتاريخ سنة سبعمائة وتسع عشرة» وهى التى ذكرها المقريزى فى المدارس، فقال:
المدرسة الملكية هذه المدرسة بخط المشهد الحسينى. بناها الأمير الحاج سيف الدين آل ملك الجوكندار تجاه داره، وعمل فيها درسا للفقهاء الشافعية وخزانة كتب معتبرة، وجعل لها عدة أوقاف، وهى من المدارس المشهورة، وموضعها من جملة رحبة قصر الشوك، ثم صار موضع هذه المدرسة دارا تعرف بدار ابن كرمون صهر الملك الصالح انتهى.
وقد ذكرنا ترجمة آل ملك عند الكلام على جامعه بالحسينية، وقوله: صار موضعها دار ابن كرمون يمنعه الكتابة التى على وجهها إلى الآن؛ فلعل الذى أخذ فى الدار المذكورة هو جزء منها فقط، أو أن الذى أخذ فى الدار هو دار آل ملك، التى كانت تجاه هذه المدرسة. وأما احتمال أن واجهة المدرسة نقلت إلى هذه الزاوية بعد زوال المدرسة بالمرة فبعيد والله أعلم.
زاوية حماد
هذه الزاوية بخط الموسكى عند فسحة الجير بداخلها ضريح الشيخ المذكور، وهى متخربة مملوءة بالأنقاض، ولها أوقاف تحت نظر السيد حسونة العكام.
زاوية الحمصانى
هذه الزاوية بخط العشماوى بالأزبكية، مقامة الشعائر ولها أوقاف تحت نظر السيد مصطفى راشد المشهدى، والظاهر أنها غير الزاوية التى قال فيها المقريزى: زاوية الحمصى
خارج القاهرة بخط حكر خزائن السلاح والأوسية على شاطئ خليج الذكر من أرض المقس بجوار الدكة.
أنشأها الأمير ناصر الدين محمد طيقوش بن الأمير فخر الدين ألطنبغا الحمصى، أحد الأمراء فى الأيام الناصرية، كان أبوه من أمراء الظاهر بيبرس، ورتب بهذه الزاوية عشرة من الفقراء شيخهم منهم، ووقف عليها عدة أماكن بجوارها، وحصة من قرية بورين من قرى ساحل الشام وغير ذلك فى سنة تسع وسبعمائة؛ فلما خرب ما حولها وارتدم خليج الذكر تعطلت، وعزم مستحقو ريعها على هدمها لكثرة ما أحاط بها من الخراب من سائر جهاتها، وصار السلوك إليها مخوفا بعد ما كانت تلك الخطة فى غاية العمارة، وفى جمادى سنة عشرين وسبعمائة هدمت اه.
حرف الخاء
زاوية الخانكى
هذه الزاوية بشارع الجمالية بجوارها مكتب صغير. أنشأها ذو الفقار الخانكى، وأنشأ بجوارها من الجهة البحرية ربعا وقفه عليها، وذلك فى سنة تسعمائة من الهجرة، وهى صغيرة وشعائرها مقامة وفى نظارة ديوان الأوقاف.
زاوية الخباز
وتعرف أيضا بزاوية تركى. هذه الزاوية بدرب النوبى، متخربة ومعطلة ولها ثلاثة منازل موقوفة عليها تحت نظر امرأة تركية تعرف بالست بزادة، وبها قبر المعتقد الشيخ محمد الخباز.
زاوية الخدام
قال المقريزى: هذه الزاوية خارج باب النصر فيما بين شقة باب الفتوح من الحسينية
وشقة الحسينية. أنشأها الطواشى بلال الفراجى وجعلها وقفا على الخدام الحبش الأجناد فى سنة سبع وأربعين وستمائة انتهى.
وخطتها الآن تعرف بسويقة الدريس وهى باقية إلى الآن، وشعائرها مقامة ومنافعها تامة، وتعرف أيضا بزاوية التميمى لأن الشيخ التميمى مفتى الحنفية سابقا أجرى بها عمارة فى سنة ستين ومائتين وألف.
زاوية الخصوصى
هذه الزاوية ببولاق القاهرة شعائرها مقامة بمعرفة ناظرها الحاج على خضارى وفيها ضريح يعرف بالشيخ الخصوصى.
زاوية الشيخ خضر
هى بشارع السروجية بين رأس درب الدالى حسين ورأس حارة عبد الله بيك عن شمال الذاهب من باب زويلة إلى الصليبة.
كانت متهدمة فجددها حضرة محمد أفندى مناو، وكيل الأمير منصور باشا يكن سنة أربع وتسعين ومائتين وألف، وجعلها علوية فى دور ثان، وجدد تحتها الضريح الذى بها المعروف بالشيخ خضر الصحابى رضى الله/عنه. ويعرف أيضا بزرع النوى.
قال السخاوى فى كتاب المزارات: ثم بعد المدرسة اليونسية تقصد إلى رأس الهلالية والمنجبية وسوق الطير؛ فتجد على رأس الطريق مسجدا يعرف القبر الذى فيه بزرع النوى الصحابى، ويقال: خضر الصحابى. وهذا لا حقيقة له فإن المخرّجين للأحاديث لم يذكروا أن فى الصحابة من اسمه زرع النوى.
وقال المقريزى: إن كان هناك قبر فهو لأمين الأمناء أبو عبد الله الحسين بن طاهر الوزان. انتهى من كتاب المزارات، وسمى المقريزى هذا المسجد بمسجد زرع النوى، ثم ترجم أمين الأمناء بأنه كان يتولى بيت المال، ثم جعله الخليفة الحاكم بأمر الله فى الوساطة بينه
وبين الناس والتوقيع عن الحضرة فى سنة ثلاث وأربعمائة ثم أبطل أمره. وذلك أنه ركب مع الحاكم على عادته فضرب رقبته بحارة كتامة خارج القاهرة، ودفن فى هذا الموضع تخمينا أى فى المسجد المعروف بزرع النوى.
وكانت مدة نظرة الوساطة والتوقيع، وهى رتبة الوزارة سنتين وشهرين وعشرين يوما، وكان توقيعه عن الحضرة الأمامية: الحمد لله وعليه توكلى «انتهى بتصرف» وسمعت من بعض الفضلاء أن صاحب هذا الضريح هو خضر السحابى بالسين المهملة لا بالصاد.
زاوية الخضيرى
هذه الزاوية بحارة درب شغلان من شارع التبانة، على يمين الداخل بهذا الدرب من شارع التبانة، وكانت قد تخربت فجددتها الآن امرأة تدعى الحاجة فاطمة الناظرة عليها من ريع ربع وقفه عليها الحاج محمد الفيومى الطحان زوج هذه المرأة، ولم تزل هذه الزاوية ناقصة العمارة لكن شعائرها مقامة، ولها مطهرة وأخلية وبها ضريح ولىّ يقال له الشيخ على الخضيرى، وقبر آخر يقال أنه لزوجته.
زاوية الخلوتى
هذه الزاوية بالجودرية وهى قديمة مقامة الشعائر ولها أوقاف جارية عليها بمعرفة ناظرها الشيخ محمد الأمير من ذرية الشيخ محمد الأمير الكبير، وفيها ضريح يقال له ضريح الشيخ الخلوتى.
زاوية الشيخ خميس
هذه الزاوية بحارة الباطلية على يمنة الذاهب منها إلى جهة السور بصدر الحارة، وتعرف بزاوية المرة، والمشهور بين العامة أن هذه المرة هى المنسوب إليها الطريق الذى بين التلول المعروف بقطع المرة الموصل إلى مقبرة المجاورين بالقرافة الكبرى، وشعائرها مقامة من ريع أوقافها بنظر الشيخ أحمد الرفاعى الفيوم أحد المدرسين بالجامع الأزهر.
زاوية خوند
هى بخط بين السورين تجاه زاوية المغازى وأبى الحمائل مكتوب على بابها نقوش فى الحجر بقى منها اسم فاطمة خوند، وهى مقامة الشعائر وبها منبر.
وكان سيدى عبد الوهاب الشعرانى رضي الله عنه يتعبد فى هذه الزاوية كما فى كتاب وقفيته، وعبر فى الطبقات عند ذكر مناقب الشيخ شهاب الدين الطويل النشيلى المجذوب بمدرسة أم خوند قال: كان يأتينى الشيخ شهاب وأنا فى مدرسة أم خوند ساكن فيقول: اقل لى بيضا قريصات. فأفعل له ذلك فيأكل البيض أولا ثم الخبز وحده ثانيا، وذكرنا ترجمته فى الكلام على زاويته.
حرف الدال
زاوية درب الشرفاء
هذه الزاوية برأس حارة درب الشرفاء بخط الحسينية، كانت متخربة فجدّدت من طرف السيد مصطفى أبى السرور أحد تجار الجمالية وعمل لها ميضأة وأخلية، وأقيمت شعائرها وذلك فى سنة ثلاث وثمانين ومائتين وألف هجرية.
زاوية درب القطة
هذه الزاوية فى درب القطة بتمن الأزبكية، وهى مقامة الشعائر ونظر أوقافها للحاج سالم الجمال.
زاوية درب الملاح
هى فى أول درب الملاح من شارع باب البحر، وهى غير مقامة الشعائر والناظر عليها رجل يعرف بالشيخ محمد العطّار.
زاوية الدردير
هذه الزاوية بالكعكيين بجوار جامع سيدى يحيى بن عقب. أنشأها سيدى أحمد
الدردير رضي الله عنه، بعد عودته من حج بيت الله الحرام فى سنة تسع وتسعين ومائة وألف، وهى مقامة الشعائر على الدّوام، وبها ضريح منشئها المذكور عليه تابوت مكسوّ بالجوخ تحيط به مقصورة من الخشب، ويحيط بتلك المقصورة بناء عليه قبة وبجوارها ضريح سيدى الشيخ صالح السباعى تلميذ سيدى أحمد الدردير على يسار الداخل لمقصورة الشيخ الدردير، عليه مقصورة من الخشب، ودفن معه والداه سيدى محمد وسيدى أحمد السباعى عيان، وبهذه الزاوية خزانة بها كتب نفيسة من الفنون العقلية والنقلية، والمغير عليها الشيخ أحمد الرفاعى أحد علماء الأزهر المالكية، وخزانة كتب أخرى المغير عليها الشيخ راغب السباعى، ولها منارة قصيرة ومطهرة وأخلية وبئر، ويعمل له بها مجلس قرآن كل يوم جمعة بعد الزّوال يحضر فيه جماعة من القراء المعتبرين ويفرّق عليهم الخبز والقهوة، ومجلس ذكر ليلة السبت، ويعمل له مولد كل سنة مع مولد سيدنا الحسين رضي الله عنه وقد ترجمناه فى الكلام على بلدته بنى عدى رضي الله عنه فارجع إليه إن شئت.
زاوية الشيخ درويش
هى بخط درب الجماميز بجوار القنطرة بها ضريح الشيخ درويش/وبأعلاه مصلى فيه محراب، ولها بئر وحنفية وشعائرها مقامة.
زاوية الدنف
هذه الزّاوية بالقرافة الصّغرى، وشعائرها مقامة، وبها ميضأة ومراحيض، وبها قبر يعرف بقبر الشيخ الدّنف، والناظر عليها الشيخ حسن الدّنف من نسل الشيخ المذكور.
زاوية الدويدارى
وتعرف الآن بزاوية الغنامية هذه الزاوية هى من داخل حارة الدويدارى المعروفة بحارة المدرسة بجوار حارة كتامة، التى عند باب الصعايدة من الجامع الأزهر يتوصل إليها من حارة كتامة، ومن حارة المدرسة التى بابها بشارع الباطلية. وبها منبر ولها منارة قصيرة فوق قبوة
الزقاق الضيق النافذ بين حارتى المدرسة وكتامة، ولها مطهرة وأخلية وبجوارها سبيل متخرب، ولها أوقاف بقى منها ربع وطاحون تحت نظر الشيخ عبد الخالق شيخ خدمة الضريح النفيسى، وفى هذه الزاوية ضريح الشيخ خالد الأزهرى صاحب التصريح بشرح التوضيح لابن هشام وشرح الآجرومية والأزهرية الجميع فى فن النحو وله غير ذلك.
حرف الذال
زاوية الذاكر
هذه الزاوية كانت بجوار حمّام الدود بشارع السيوفية أخذها شارع محمد على، وكان بها ضريح الشيخ تاج الدين الذاكر.
قال الشعرانى: كان الشيخ تاج الدين وجهه يضئ من نور قلبه ذا سمت حسن وأخلاق جميلة، وكان يفرش زاويته باللباد الأسود لئلا يسمع وقع أقدامهم إذا مشوا ويقول: حضرة الفقراء من حضرة الحق لا ينبغى أن يكون فيها علو صوت ولا حس، وكان أصحابه فى غاية الكمال وكان كثير الشفاعات عند الأمراء. مات رضي الله عنه سنة نيف وعشرين وتسعمائة ودفن بزاويته انتهى ولم يبق لقبره الآن أثر.
حرف الراء
زاوية الروزنامجى
هذه الزاوية بعطفة الروزنامجة، وهى صغيرة وبأعلاها منزل من أوقاف السلطان أبى محمود الحنفى، وشعائرها مقامة، ولها مرتب بالروزنامجة ونظارتها تحت يد ذرية الشيخ مصطفى المنادى.
زاوية رسلان
هى بحارة اليانسية من جهة الزقاق الموصل إلى شارع المغربلين، وهى عبارة عن مصلى
به مكتب وضريح للشيخ رسلان، يعمل له مولد كل سنة، وكانت أولا تعرف بمسجد رسلان وقد ذكره المقريزى فى المساجد، فقال: هذا المسجد بحارة اليانسية عرف بالشيخ صالح رسلان لإقامته به وقد حكيت عنه كرامات، ومات به فى سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وكان يتقوّت من أجرة خياطته للثياب وابنه عبد الرحمن بن محمد بن رسلان أبو القاسم كان فقيها محدثا مقرئا. مات سنة سبع وعشرين وستمائة انتهى. وقد ذكرناه فى المساجد من هذا الكتاب.
زاوية رضوان
هذه الزاوية بعطفة المحتسب من خط الحنفى، وهى صغيرة وفيها لوح رخام منقوش فيه: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أحيا هذه الزاوية المباركة بعد اندثارها للمصلين حضرة الأمير رضوان اختيار جاويشان محرم أمين عفى الله عنه فى افتتاح سنة ست ومائتين وألف، وبها بئر وكرسى راحة واحد وليس لها مطهرة، وهى الآن معطلة الشعائر ومجعولة مكتبا لتعليم اللغة التركية، ويعمل بها حضرة ذكر كل ليلة أربعاء.
زاوية رضوان بك
يطلق على هذا الاسم زاويتين خارج باب زويلة. أنشأهما الأمير رضوان بك كتخدا صاحب قصبة رضوان ذات الحوانيت الكثيرة من الجانبين المختصة بعمل المداسات وبيعها، إحداهما فى وسط القصبة بين جامع الصالح طلائع وجامع محمود الكردى، بابها على الشارع وهى صغيرة، وشعائرها مقامة، ولها حنفية وأخلية وبئر، والأخرى داخل حارة القربية بجوار المدرسة، وهى أيضا عامرة مقامة الشعائر. وكان إنشاؤهما فى عام ستين بعد الألف وقد وقف عليهما أوقافا وأجرى عليهما عمائر كثيرة منها القصبة المذكورة.
ترجمة الأمير رضوان بن عبد الله الغفارى
وفى خلاصة الأثر: أن هذا الأمير هو رضوان بن عبد الله الغفارى أمير الحاج المصرى
الكرجىّ الأصل. كان فى ابتداء أمره من مماليك ذى الفقار، أحد أمراء مصر المشهورين بالشأن العظيم والدولة الباهرة، اشتراه صغيرا واعتنى بتربيته، ولما مات مولاه المذكور رقّ حاله، ثم استغنى ونبه قدره، وكان وقورا مهابا ذا سكون وديانة ورياسة، واشتهر صيته وعظمت دائرته حتى صار من مماليكه أربعة مثله أصحاب لواء وعلم مع ما يتبعهم من الجند والكشاف والملتزمين، وله الآثار الحسنة فى طريق الحاج المصرى والحرمين، وكان معتنيا بأهل الحجاز يقسم عليهم الصرّة ويقضى لهم حوائجهم بمصر، ومكث أميرا على الحاج نيفا وعشرين سنة، وفى أثناء ذلك وقعت له محنة تعرض فيها الوزير محمد باشا سبط رستم باشا إلى باب السلطان مراد فجاء الأمر بعزله عن إمارة الحاج؛ فهرب للأعتاب العالية واجتمع بالسلطان فحبسه وأمر ببيع أملاكه وعقاراته وبقى مسجونا إلى موت السلطان مراد وتولية أخيه السلطان إبراهيم؛ فأطلق وعاد إلى مصر وأخذ جميع ما ذهب له بعضه هبة وبعضه شراء وانعقدت عليه رياسة مصر، ثم حصلت له محنة أخرى فى زمن الوزير/أحمد باشا حتى أن الوزير عزله وهو نائب مع الحاج المصرى، وولّى مكانه الأمير على بيك حاكم جرجا فخرج إليه وهو قادم من الحج، واجتمع به وتسالما ولم يبد من أحدهما ما يغير خاطر الآخر وكل منهما يجلّ الآخر ويعرف قدره، ثم قام الأمير رضوان من المجلس وجعل يفكر فى أمر الاجتماع بالوزير فاتفق أنه جاء فى ذلك الوقت خبر عزل الوزير عن مصر، وأنه صار مكانه عبد الرحمن باشا الخصى، وجاءت البشارة إلى رضوان بك بعزل الوزير فكان ذلك له من باب الفرج، وتعجب الحاضرون ودخل مصر فلم يتفق له اجتماع بالوزير، واصطلح هو والأمير على صلحا لا فساد بعده، وكان هذان الأميران من الأفراد وهما زينة ملك آل عثمان، وكانت وفاة المترجم سنة ست وستين وألف انتهى.
زاوية الرملى
هذه الزاوية بشارع القنطرة الجديدة قرب ميدان القطن قريبة من جامع الرملى، وهى مقامة الشعائر وبقبلتها عمودان من الرخام وبجوارها سبيل تابع لها، ولها أوقاف تحت نظر
الحاج حسنين الرمالى الخباز. وقد ذكرنا ترجمة الشيخ الرملى وترجمة ابن ابنه عند ذكر جامعه من طبقات الشعرانى.
وفى خلاصة الأثر ترجمة ابن ابنه محمد بن أحمد بن حمزة بأوسع عبارة منها أنه أستاذ الأستاذين، وأحد أساطين العلماء محيى السنة، وفيه يقول الشهاب الخفاجى أحد من أخذ عنه:
فضائله عد الرمال فمن يطق
…
ليحوى معشار الذى فيه من فضل
فقل لغبىّ رام إحصاء فضله
…
تربت استرح من جهد عدك للرمل
انتهى.
زاوية الشيخ ريحان
هذه الزاوية بسويقة السباعين بقرب الشيخ عبد الله على الشارع الخارج من قبل عابدين إلى الشيخ عبد الله، بها ضريح الشيخ ريحان، عليه قبة قديمة وهى معطلة ومتخربة.
حرف السين
زاوية السادة المالكية
هذه الزاوية بالقرافة الصغرى خارج بوابة السيدة نفيسة رضي الله عنها، وخارج مجرى الماء الواصل إلى القلعة عن يمين الذاهب إلى الإمام الشافعى رضي الله عنه بأعلى بابها الوسط لوح رخام فيه هذه الأبيات:
لذ بالأماجد من سادوا بعلمهم
…
المالكيين أهل الفضل والفطن
واحلل بساحتهم تؤتى المغاز بهم
…
فى كل ما يرتجى من غير ما منن
آثارهم حسنت والآن جددها
…
علاّمة العصر زاهى المنظر الحسن
إن قال واصفها فيما يؤرخه
…
بأحسنها قلت أنشأها أبو الحسن
ولها ثلاث أبواب متداخلة وأرضها مفروشة بالحجر، وبها محراب وفى وسطها عمود من البناء غليظ حامل لسقفها، ولها منارة قصيرة، ولها مرتب جراية كل يوم من وقف الست زليخا بمقتضى وقفية مكتوبة بالتركى، وفيها قبور جماعة من أكابر المالكية منهم الامام ابن القاسم والإمام أشهب والإمام أصبغ.
ترجمة ابن القاسم
أما ابن القاسم ففى ابن خلكان: أنه أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جناده العتقى بالولاء الفقيه المالكى، جمع بين الزهد والعلم، وتفقه بالإمام مالك رضي الله عنه ونظرائه، وصحب مالكا عشرين سنة، وانتفع به أصحاب مالك بعد موت مالك، وهو صاحب المدوّنة فى مذهبهم، وهى من أجل كتبهم، وعنه أخذ سحنون.
وكانت ولادته فى سنة اثنتين، وقيل فى سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وقيل ثمان وعشرين، وتوفى ليلة الجمعة لسبع مضين من صفر سنة إحدى وتسعين ومائة بمصر ودفن خارج باب القرافة الصغرى قبالة قبر أشهب بالقرب من السور، وجنادة. بضم الجيم وفتح النون وبعد الألف دال مهملة مفتوحة ثم هاء ساكنة، والعتقى بضم العين وفتح المثناة من فوق وبعدها قاف. هذه النسبة إلى العتقاء وهم جماعة من قبائل شتى كانوا يقطعون الطريق على من أراد النبى صلى الله عليه وسلم؛ فبعث إليهم النبى صلى الله عليه وسلم، فأتى بهم أسرى فأعتقهم؛ فقيل لهم العتقاء.
وكان عبد الرحمن المذكور مولى زبيد بن الحارث العتقى، وكان زبيد من حجر حمير، ولما فتح عمرو بن العاص-رضي الله عنه-الإسكندرية، ورجع إلى الفسطاط اختط الناس بها خططهم، ثم جاء العتقاء بعدهم فلم يجدوا موضعا يختطون فيه عند أهل الراية؛ فشكوا ذلك إلى عمرو فقال لهم معاوية بن حديج-وكان يتولى أمر الخطط -أرى لكم أن تظهروا على هذه القبائل فتتخذون منزلا وتسمونه الظاهر ففعلوا ذلك، فقيل لهم أهل
الظاهر. ذكر هذا أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب التجيبى فى كتاب خطط مصر، وهى فائدة غريبة يحتاج إليها فأحببت ذكرها انتهى بتصرف وفى حسن المحاضرة: قال ابن حبان:
كان ابن القاسم حبرا فاضلا تفقه على مذهب مالك وفرّع على أصوله، وكان زاهدا صبورا مجانبا للسلطان، وروى عن ابن عيينة وغيره وروى عنه أصبغ وسحنون وآخرون انتهى
ترجمة الإمام أشهب
وأما الإمام أشهب ففى ابن/خلكان أنه أبو عمرو أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم القيسىّ ثم الجعدى الفقيه المالكى المصرى، تفقه على الإمام مالك رضي الله عنه، ثم على المدنيين والمصريين.
قال الإمام الشافعى رضي الله عنه: ما رأيت أفقه من أشهب لولا طيش فيه، وكانت المنافسة بينه وبين ابن القاسم وانتهت الرياسة إليه بمصر بعد ابن القاسم، وكانت ولادته بمصر سنة خمسين ومائة: وقال أبو جعفر الجزار فى تاريخه ولد سنة أربعين ومائة، وتوفى سنة أربع ومائتين بعد الشافعى بشهر وقيل: بثمانية عشر يوما، ودفن بالقرافة الصغرى بجوار قبر ابن القاسم، ويقال: إن اسمه مسكين وأشهب لقبه والأول أصح، وكان ثقة فيما روى عن مالك رضي الله عنه.
وقال القضاعى: كان لأشهب رياسة فى البلد ومال جزيل وكان من أنظر أصحاب مالك. قال الشافعى رضي الله عنه: ما نظرت أحدا من المصريين مثله لولا طيش فيه، ولم يدرك الشافعى رحمه الله تعالى بمصر من أصحاب مالك رضي الله عنه سوى أشهب وابن عبد الحكم.
وقال ابن عبد الحكم: سمعت أشهب يدعو على الشافعى بالموت ذكرت ذلك للشافعى فقال متمثلا:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت
…
فتلك سبيل لست فيها بواحد
فقل للذى يبقى خلاف الذى مضى
…
تزود لأخرى غيرها فكأن قد
قال: فمات الشافعى فاشترى أشهب من تركته عبدا ثم مات أشهب فاشتريت أنا ذلك العبد من تركة أشهب. وذكره ابن يونس فى تاريخه فقال: توفى يوم السبت لثمان بقين من شعبان سنة أربع ومائتين وكان يخضب عنقفته.
وقال محمد بن عاصم المعافرى: رأيت فى المنام كأن قائلا يقول لى: يا محمد؛ فأجبته فقال:
ذهب الذين يقال عند فراقهم
…
ليت البلاد بأهلها تتصدع
قال: وكان أشهب مريضا فقلت: ما أخوفنى أن يموت أشهب! فمات فى مرضه ذلك والله أعلم اه.
وفى حسن المحاضرة «أن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم كان يفضل أشهب على ابن القاسم» اه.
ترجمة الإمام أصبغ
وأما الإمام أصبغ فهو أبو عبد الله أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع الفقيه المالكى المصرى تفقه بابن القاسم وابن وهب وأشهب، وقال عبد الملك بن الماجشون فى حقه:
ما أخرجت مصر مثل أصبغ! قيل له: ولا ابن القاسم. قال: ولا ابن القاسم.
وكان كاتب ابن وهب وجده نافع عتيق عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموى والى مصر، وتوفى يوم الأحد لأربع بقين من شوال سنة خمس وعشرين ومائتين. وقيل: سنة ست وعشرين. وقيل: سنة عشرين رحمه الله تعالى.
وأصبغ بفتح الهمزة وسكون الصاد المهملة وفتح الباء الموحدة وبعدها غين معجمة انتهى من ابن خلكان.
وفى حسن المحاضرة أنه كان من أعلم خلق الله كله برأى مالك. قال ابن يونس: كان متضلعا بالفقه والنظر وله تصانيف حسان. ولد بعد الخمسين ومائة ومات سنة خمس وعشرين انتهى.
وقال النابلسى فى رحلته: جئنا إلى مدافن السادة المالكية فوجدنا رجلا يتكلم فى علوم الصوفية فسمعنا منه، ثم زرنا قبر الإمام ابن القاسم، ثم الإمام أشهب، ثم الإمام أصبغ، ثم زرنا قبر الإمام أبى عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن مرزوق شارح البردة للبوصيرى وهو شرح عظيم ذكر فيه بعد اللغة والإعراب والآداب واللطائف الشعرية إشارات السادة الصوفية، ثم زرنا قبر الشيخ أبى زيان بفتح الزاى وتشديد الياء بعدها ألف ونون ابن يوسف الصوفى رحمه الله تعالى، وقبر بنت سحنون المالكى الإمام الجليل المشهور، ثم جئنا إلى قبر يحيى المغربى الشاوى، وولده عيسى وهما فى قبر واحد وكانت وفاة الشيخ يحيى فى سنة ست وتسعين وألف، ولد بمدينة مليانة ونشأ بمدرسة الجزائر وقدم مصر قاصدا الحج، ورجع إلى القاهرة وأخذ عن الشيخ سلطان والشبراملسى والبابلى، ورحل إلى الروم ودخل دمشق، ومات بقرية الطور قاصدا مكة ودفن هناك؛ فأستاذن ولده عيسى من صاحب مصر، ثم نبش عليه ونقله إلى مصر فى هذا المكان، ثم مات ولده فى السنة التى بعدها ودفن مع أبيه انتهى.
زاوية السادات
هذه الزاوية فى حارة السادات الوفائية بجوار سراى المرحوم مصطفى باشا أخى الخديو إسماعيل باشا المجعولة اليوم المدرسة الكبرى الملكية عن يمين السالك من رأس الحارة إلى بركة الفيل، لها منارة قصيرة وهى لا تفتح إلاّ يوم الاثنين، وبها ضريح رجل صالح يقال له الزيات يعمل له حضرة كل يوم اثنين.
زاوية الساكت
هذه الزاوية بكوم الشيخ سلامة بأعلاها ربع تابع لها، وهى مقامة الشعائر، وبها
ضريح الشيخ محمد الساكت يعمل له مولد كل سنة ولها أوقاف تحت نظر على أفندى البديهى.
زاوية سام بن نوح
هذه الزاوية بداخل بابى زويلة بجوار سبيل العقادين الذى أنشأه جنتمكان العزيز محمد على، بابها تجاه سوق القطن بالمؤيد على يمين السالك من باب زويلة إلى الأشرفية، بها منبر وخطبة/وشعائرها مقامة من أوقافها تحت نظر الحاج محمد المغربى.
وهذه الزاوية ذكرها المقريزى فى المساجد بعنوان (مسجد ابن البناء)؛ فقال: مسجد ابن البناء داخل باب زويلة تسميه العامة سام بن نوح-عليه السلام-وهو من اختراعاتهم التى لا أصل لها، ولعل سام بن نوح لم يدخل أرض مصر البته، ثم قال: وقد بلغنى أن هذا المسجد كان كنيسة لليهود القرّائين تعرف بسام بن نوح، وأن الحاكم بأمر الله الفاطمى أخذها لما هدم الكنائس وجعلها مسجدا.
وتزعم اليهود الآن بمصر أن سام بن نوح مدفون هنا، ويحلّفون من أسلم منهم بهذا المسجد. أخبرنى به قاضى اليهود إبراهيم بن فرج الله بن عبد الكافى الداودى العاناتى.
ترجمة ابن البنا
وابن البناء هو محمد بن عمر بن أحمد بن جامع بن البناء أبو عبد الله الشافعى المقرئ، سمع من القاضى مجلى وأبى عبد الله الكيزانى وغيرهما، وحدّث وأقرأ القرآن وانتفع به جماعة وهو بهذا المسجد، ومات سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وكان يعرف خطه بخط بين البابين، ثم عرف بخط الأقفاليين، ثم عرف بخط الضببيين وباب القوس انتهى باختصار، ويعرف الآن بخط المناخليين لأن هناك سوق المناخل، وبخط العقادين لعقد الحرير هناك وقد ذكرناه فى المساجد من هذا الكتاب.
زاوية السدار
هذه الزاوية بحارة الروم بالقرب من باب زويلة.
قال الشعرانى فى طبقاته: دفن بها الشيخ على السدار-رضي الله عنه-كان يبيع السدر ثم انقطع فى بيته يزار إلى أن مات سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، وجاءه شخص مرة يطلب حنّاء فأعطاه سدرا فرده إليه، وقال: هذا سدر ونحن حاجتنا بالحناء للعروس؛ فقال: آخر النهار تحتاجون إلى السدر فمات العريس آخر الليل فغسلوه به انتهى.
زاوية سيدى سعد الله
هذه الزاوية فى الدرب الأحمر خلف جامع أبى حريبة فى طريق السالك إلى الباطلية.
كان بها بعض تخريب فجدّدها ناظرها السيد محمود درويش-وذلك فى سنة سبع وسبعين ومائتين وألف-بنفقة صرفها عليها المرحوم موسى بك العقاد، وجعل بها منبرا وصدر الإذن بالخطبة فيها؛ فأقيمت بها الجمعة والجماعة ولها مطهرة وأخلية، ولها أوقاف ذات إيراد قليل، منها ربع من وقف الست فطّومة العباسية محتاج إلى العمارة، وربع آخر، وله بجواره ثلاثة حوانيت متخربة يبلغ إيراد الجميع نحو مائة قرش صاغ، وبهذه الزاوية قبر سيدى سعد الله ظاهر وعليه تابوت مكسوّ بالجوخ داخل مقصورة من الخشب، وبدائرها مقصورة من البناء، وله زوّار ونذور، وله حضرة كل ليلة أحد، ومولد سنوى عقب مولد السيدة فاطمة النبوية فى ربيع الأول.
وحقق بعض علماء الصوفية: أن صاحب هذه الزاوية هو السيد سعد الله بن السيد عبد الله الملقّب بالكامل وبالمحضى ابن السيد حسن المثنى ابن الإمام الحسن السّبط بن الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه؛ ويقال: إن له مقاما آخر فى بلاد المغرب أشهر من هذا.
زاوية سعد الدين الغرابى
هذه الزاوية بدرب الجماميز تجاه مسجد بشتاك. كانت كبيرة فجعل بعضها مساكن ولم يبق منها إلا إيوان واحد، وهى مقامة الشعائر، وبها سبيل مهجور، ولها مرتب بالروزنامجة
كل شهر ثلاثة وثلاثون قرشا، ونظرها لرجل يدعى محمد الحمامى بتقرير تحت يده.
وهذه الزاوية هى فى الأصل خانقاه ابن غراب، التى قال فيها المقريزى: أنها خارج القاهرة على الخليج الكبير من برّه الشرقى بجوار جامع بشتاك من غربيه.
أنشأها القاضى سعد الدين إبراهيم بن عبد الرزاق بن غراب الإسكندرانى، ناظر الخاص وناظر الجيوش وأستادار السلطان وكاتب السر، وأحد أمراء الألوف الأكابر، أسلم جده غراب وباشر بالإسكندرية حتى ولّى نظر الثغر.
ونشأ ابنه عبد الرزاق فولى نظر الإسكندرية، واختص جمال الدين محمود بن على أيام الظاهر برقوق بإبراهيم هذا وهو صبى، وحمله إلى القاهرة واستكتبه فى أمواله، ثم تنكر عليه محمود فبادر إلى الأمير علاء الدين بن الطبلاوى ووغر صدره على محمود حتى نكبه واستصفى أمواله، ثم ولى ابن غراب نظر الديوان المفرد سنة ثمان وتسعين وسبعمائة وعمره نحو عشرين سنة فاختص بابن الطبلاوى، ثم ولى نظر الخاص فى تلك السنة، ثم أضيف إليه نظر الجيوش سنة ثمانمائة فعفّ عن تناول الرسوم، وأظهر من الفخر والحشمة والمكارم أمرا كبيرا، ثم مات السلطان سنة إحدى وثمانمائة بعد ما جعله من جملة أوصيائه، ثم استدعى ابن غراب أخاه فخر الدين ماجدا من الإسكندرية وهو يلى نظرها إلى قلعة الجبل، وفوضت إليه وزارة الملك الناصر فرج بن برقوق؛ فأقاما بسائر أمور الدولة، ثم تقلّد وظيفة الاستادارية عوضا عن يلبغا السالمى سنة ثلاث وثمانمائة مضافا إلى نظر الخاص ونظر الجيوش فلم يغيّر زى الكتاب، وصار له ديوان كدواوين الأمراء ودقت الطبول على بابه وخاطبه الناس بالأمير، وسار سيرة ملوكية من كثرة العطاء والأسمطة والازدياد من الخول والحواشى، ثم إنه خرج مغاضبا لأمراء/ الدولة إلى (تروجة)
(1)
يريد جمع العربان ومحاربة الدولة فلم يتم له ذلك، وعاد إلى القاهرة حتى حصل له الغرض واستولى على ما كان عليه إلى أن تنكرت رجال الدولة على الناصر فرج، وحصلت بينهم حروب ثم آل أمره إلى أن أمنه السلطان واختص به وتقلّد وظيفة نظر
(1)
تروجة: بالفتح ثم الضم وسكون الواو وجيم: قرية بمصر من كورة البحيرة من أعمال الاسكندرية أكثر ما يزرع بها الكمون، وقيل اسمها (ترنجة). راجع معجم البلدان لياقوت ج 28:2.
الجيوش، ثم دبر نقض دولة الناصر إلى أن تم له مراده وقام بتولية عبد العزيز بن برقوق وأجلسه على التخت ولقبه بالملك المنصور، ثم قام مع الملك الناصر حتى استولى على المملكة ثانيا؛ فألقى مقاليد الدولة إلى ابن غراب فأصبح مولى نعمة كل من السلطان والأمراء، وافتخر بأنه أقام دولة وأزال دولة ثم أزال ما أقام وأقام ما أزال ولبس الكلوتة والقباء وشد السيف فى وسطه وهى هيئة الأمراء، ثم غاضبه القضاة وكان عند الانتهاء والانحطاط، ونزل به مرض الموت وصار الأمراء يتردّدون إليه الأمير يشبك فمن دونه، وأكثرهم إذا دخل عليه يقف على قدميه حتى ينصرف إلى أن مات سنة ثمان وثمانمائة ولم يبلغ ثلاثين سنة وكانت جنازته عجيبة لكثرة من شهدها بحيث استأجر الناس السقائف والحوانيت لمشاهدتها، ونزل السلطان للصلاة عليه ودفن خارج باب المحروق.
وكان من أحسن الناس شكلا ومنظرا وكرما مع تديّن وعفّة إلا أنه كان غدّارا، وقد قام بمواراة آلاف من الناس زمان المحنة وتكفينهم فستره الله كما ستر المسلمين وما كان ربّك نسيا. انتهى.
وأما السبيل الجديد الذى تجاه جامع بشتاك بما فوقه من المكتب الجميل العامر، الذى أنشأته أم المرحوم مصطفى باشا أخى الخديو إسماعيل باشا فالظاهر أنه فى محل خانقاه بشتاك، التى قال فيها المقريزى:
هذه الخانقاه خارج القاهرة على جانب الخليج من البر الشرقى تجاه جامع بشتاك.
أنشأها الأمير سيف الدين بشتاك الناصرى، وكان فتحها أوّل يوم من ذى الحجة سنة ست وثلاثين وسبعمائة، واستقر فى مشيختها شهاب الدين القدسى وتقرر عنده عدّة من الصوفية وأجرى لهم الخبز والطعام فى كل يوم فاستمر ذلك مدة، ثم بطل وصار يصرف لأربابها عوضا عن ذلك فى كل شهر مبلغ، وهى عامرة إلى وقتنا هذا وقد نسب إليها جماعة منهم الشيخ الأديب البارع بدر الدين محمد بن إبراهيم المعروف بالبدر البشتكى انتهى.
زاوية الشيخ سعود المجذوب
هذه الزاوية بسويقة العزّى بالقرب من مدرسة السلطان حسن، وبها قبر الشيخ سعود كما فى الطبقات.
قال الشعرانى: كان من أهل الكشف التام وكان له كلب قدر الحمار لم يزل واضعا بوزه على كتفه، وله وقائع مشهورة فى أهل حارته. مات سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، ودفن بزاويته وله قبة خضراء بناها له سليمان باشا انتهى.
زاوية سوق الضببية
هذه الزاوية برأس سوق الضببية من جهة خط باب الفتوح، وهى فى محل المدرسة الصيرمية، التى قال فيها المقريزى:
هذه المدرسة من داخل باب الجملون الصغير بالقرب من رأس سويقة أمير الجيوش فيما بينها وبين الجامع الحاكمى بجوار الزيادة، بناها الأمير جمال الدين شويخ بن صيرم أحد أمراء الملك الكامل محمد بن أبى بكر بن أيوب، وتوفى فى تاسع عشر من صفر سنة ست وثلاثين وستمائة؛ فلما تخربت وزالت بنى فى بعض مكانها هذه الزاوية، وهى صغيرة جدا أغلب أوقاتها معطلة.
زاوية سيف
هذه الزاوية بالأزبكية فى محل يقال له: بين الحارات، شعائرها الإسلامية مقامة.
ومنافعها تامة، وبها ضريح سيدى سيف، ولها أوقاف تحت نظر الشيخ مصطفى البربرى.
زاوية سيف
هى بخط الشنبكى على يسرة مريد المقس من الطّنبلى، وهى فى غاية إقامة الشعائر وكانت قد وهت فجدّدها قاسم البناء ومحمد أحمد رفاعى النجار سنة ثمان وسبعين ومائتين وألف وبها ضريح سيدى سيف المغربى.
زاوية السيوطى
هذه الزاوية عند باب القرافة جهة عرب يسار، وهى عامرة وشعائرها الإسلامية
مقامة، ويجرى عليها إيراد طاحون ومنزلين تحت نظر الديوان، وبها ضريح العلاّمة الشيخ جلال الدين السيوطى صاحب المناقب الشهيرة والتآليف الكثيرة.
قال الشعرانى فى ذيل الطبقات بعد أن ترجمه بنحو كراسة: أنه توفى سحر ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وتسعمائة وقد استكمل من العمر إحدى وستين سنة وعشرة أشهر وثمانية عشر يوما، ودفن بحوش قوصون خارج باب القرافة، وقبره ظاهر يزار وعليه قبة وعلى باب القبة تاريخ عمارة جرت فيها سنة إحدى عشرة ومائتين وألف، ويعمل له بها مولد كل سنة فى شعبان.
حرف الشين
زاوية الشامية
هذه الزاوية بالجودرية قرب الفحامين. أنشأتها الست الشامية فى سنة أربع وتسعين وتسعمائة، وهى مقامة الشعائر، ولها أوقاف جارية عليها بمعرفة ناظرها الشيخ عبد البر بن الشيخ أحمد منة الله الأزهرى المالكى.
زاوية الشيخ شاهين
هى بشارع دير النحاس بمصر العتيقة غير مقامة الشعائر، وبها بعض أشجار وضريح الشيخ شاهين، يعمل له حضرة كل ليلة خميس، ومولد كل سنة/وبجوار بابها شجرة لبخ عتيقة وسبيل قديم.
زاوية شيرك
هى فى شارع السّروجية على رأس عطفة الدالى حسين بقرب جامع جانبك عن يمين الدّاخل من الشارع إلى الحارة، وهى صغيرة وليس لها مطهرة ولا بئر وشعائرها مقامة وأمامها على رأس الحارة أيضا زاويتان متجاورتان تخربتا وزالت آثارهما بالمرة، وفى مكان إحداهما سبيل صغير متعطل وحانوتان.
زاوية الشريف مهدى
قال المقريزى: هذه الزاوية بجوار زاوية تقى الدين، بناها الأمير صرغتمش فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة انتهى.
زاوية الشيخ شعبان
هى فى شارع البغالة فى أول حارة البزازرة، ولعله هو الذى ترجمه الشعرانى فى الطبقات؛ فقال: كان الشيخ شعبان المجذوب من أهل التصريف بالمحروسة، وأقعد آخر عمره فى زاويته بسويقة اللبن إلى أن مات.
وكان له اطلاع تام وإذا أشكل على سيدى على الخوّاص أمر يبعث يسأله عنه، وكان يقرأ سورا غير التى فى القرآن على كراسى المساجد فلا ينكر عليه أحد، والعامى يظن أنها من القرآن لشبهها بالآيات فى الفواصل، وسمعته مرة يقرأ على باب دار: وما أنتم فى تصديق هود بصادقين، ولقد أرسل الله لنا قوما بالمؤتفكات يضربوننا ويأخذون أموالنا ومالنا من ناصرين.
وكان لا يلبس إلا قطعة جلد أو بساط أو حصير أو لباد يغطى قبله ودبره فقط. مات سنة نيف وتسعمائة انتهى.
زاوية شمعة
هى بشارع البيومى على يسرة مريد جامع البيومى آتيا من باب الفتوح تجاه عطفة الخوّاص بجوار حارة عنوس، وتعرف أيضا بزاوية عنوس وبزاوية الصارم.
أنشأها الأمير شمعة فى أول القرن الثالث عشر كما هو مشهور على ألسنة أهل الجهة، ثم تشعثت فجدّدها الحاج يوسف عنوس الحريرى الفتّال بعد سنة سبعين، وفيها منبر وشعائرها مقامة بنظر ديوان الأوقاف.
زاوية الشنبكى
هذه الزاوية بتمن الأزبكية فى حارة الشنبكى على يسار الذاهب من الطّنبلى إلى باب الحديد، على بابها لوح رخام منقوش فيه:(بسم الله الرحمن الرحيم) أنشأ هذا المسجد لله سبحانه وتعالى سيدى أحمد الشنبكى ابن الحاج محمد سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة. وهى مقامة الشعائر وبها ضريح-رجل صالح يقال له الشنبكى-عليه قبة صغيرة، ولها شباك من الخشب دقيق الصنعة وله مولد سنوى، وهى تحت نظر السيد حسنين حجازى الصباغ بباب البحر.
ترجمة الشنبكى
ولعل الشنبكى هذا هو الذى ترجمه الشعرانى فى طبقاته؛ فقال: ومنهم الشيخ أبو محمد الشنبكى انتهت إليه الرياسة فى وقته، وتخرّج به السالكون الصّادقون مثل الشيخ أبى الوفا والشيخ منصور وغيرهما.
وكان شريف الأخلاق كامل الأدب وافر العقل كثير التّواضع. كان فى بدايته يقطع الطريق على القوافل فتاب على يد أبى بكر البطائحى فصار يبرئ الأكمه والأبرص والمجنون بدعوته، ومن كلامه: أصل الطاعة الورع والتقوى، وأصل التقوى محاسبة النفس، ومن استغنى بشئ دون الله فقد جهل قدر الله، ومن قهر نفسه بالأدب فهو الذى يعبد الله بالإخلاص، ومن نظر قرب الحق منه بعد عن قلبه كل شئ سواه، وشهوة الصدّيقين المجاهدة، وشهوة الكاذبين النّوم والكسل، وصلاح القلب فى الاشتغال بالعلم على وجه الإخلاص، وفساده بالاشتغال به على وجه الرياء والسمعة وملاك القلب، والسبق إلى المعالى فى إصلاح الباطن اكتفاء بمراعاة الحق وإسقاط رؤية الخلق اه. ولم يذكر وفاته ولا محل قبره.
زاوية شنن
هذه الزاوية بحارة السبع قاعات. أنشأها الأمير أحمد أفندى شنن، صاحب جامع شنن المعروف أيضا بجامع أبى درع الذى بحارة شنن من خط باب الخرق.
حرف الصاد
زاوية الصّبّان
هذه الزاوية بشارع الطنبلى على يمنة السالك من رأس الشارع المجاور لباب العدوى، شعائرها مقامة.
كانت تحت نظر الشيخ عفيفى الزاملى، والآن صار نظرها للأوقاف.
زاوية صفى الدين
هى بخط الفوطية تجاه درب القطة خارج باب الشعرية على يسار الذاهب إلى الجامع الأحمر، وشعائرها مقامة بنظر محمد أغا المرابط.
زاوية الصنافيرى
هى بشارع باب اللوق، شعائرها قائمة، ولها أوقاف تحت نظر السّت شوق ابنة حنفى الصنافيرى. عرفت باسم الشيخ إسماعيل الصنافيرى، له بها ضريح ظاهر يزار.
زاوية الصياد
هذه الزاوية بحارة الجودرية، وهى قديمة مقامة الشعائر، ولها أوقاف جارية عليها بمعرفة ناظرها الشيخ أحمد الفقيه، وبها ضريح منشئها الشيخ الصياد.
حرف الضاد
زاوية الشيخ ضرغام
هذه الزاوية على رأس حارة غيط العدّة، بابها داخل الحارة وقد أخذ منها شارع محمد على جزءا ذهبت فيه مطهرتها وتخربت؛ فجدّدت من طرف ديوان الأوقاف فى سنة ثلاث
وتسعين ومائتين وألف، وأقيمت شعائرها إلا أنها لم يجعل لها مطهرة لذهاب بئرها أيضا تحت رصيف الشارع، وهى مرتفعة يصعد إليها بسلالم وتحتها أربعة حوانيت موقوفة بضم ريعها لديوان الأوقاف وهو يصرف عليها عرفت/باسم رجل صالح يقال له الشيخ محمد ضرغام، يعمل له حضرة كل ليلة أحد ومولد كل سنة.
حرف الطاء
زاوية طبطباى
هذه الزاوية بشارع الركبية قرب الصليبة. أنشأها مصطفى بيك طبطباى، وشعائرها غير مقامة لتخربها، ولها مرتب بالرّوزنامجة اثنان وثلاثون قرشا ونصف قرش، وناظرها محمد أفندى نور الدين.
زاوية الطحاوى
هذه الزاوية بالقرب من الإمام الشافعى-رضي الله عنه-بناؤها بالحجر، وبها ضريح الإمام الطّحاوى عليه تابوت من الخشب تجاهه قطعة رخام مكتوب عليها: هذا ضريح سيدنا ومولانا العالم العلامة أبى جعفر الطحاوى أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سليم ابن سليمان رضي الله عنه. ولد فى سنة تسع وعشرين ومائتين، وتوفى فى ذى القعدة الحرام سنة إحدى وعشرين وثلثمائة، ومنقوش على باب الضريح: (بسم الله الرحمن الرحيم.
ادخلوها بسلام آمنين) جدّد هذا المكان المبارك، وهو مقام العارف بالله تعالى أبى جعفر أحمد الطحاوى قدّس سرّه حضرة والى مصر حمزة باشا يسر الله له من الخيرات ما شاء فى سنة ثمان وتسعين وألف.
وبها مزولة رأسية ومزملة لشرب الماء وقبور قديمة، ولها أوقاف تحت نظر الدّيوان، وقد ذكرنا ترجمة الشيخ الطحاوى فى الكلام على بلدته طحا العمودين من الأقاليم القبلية؛ فارجع إليها إن شئت.
وفى قلائد العقيان: إن من خيرات مولانا الوزير حمزة باشا تعمير مقام الإمام الأوحد والولى الأمجد الشيخ أحمد الحنفى الشهير بالطحاوى بالقرافة من بناء وترتيب ما يقوم بشعائره ورتّب قرّاء يقرءون على ضريحه وأجرى عليهم صدقات جارية له ثوابها، وكانت ولاية الوزير حمزة باشا على مصر ودخوله إياها فى شوّال سنة أربع وتسعين وألف.
وهو أول وزير دخل مصر اسمه حمزة، وكان قائما مقامه بمصر المحروسة مير الحج الشريف الأمير ذو الفقار بيك، وطلع بموكب جليل ومنظر جميل تقصر عن عظمته العبارة، وكان قدومه على مصر مباركا فدّرت فيها البركة ورخّصت الأقوات بحيث إن الأردب القمح بيع فى صعيدها بعشرين نصفا فضة والأردب الفول بثمانية عشر نصفا فضة والأردب الشعير باثنى عشر نصفا فضة والأردب العدس كذلك، وشحنت الأسواق باللحوم والفواكه والثمار بحيث إن رؤية العين أشبعت البطن وارتفع الوباء والبلاء وانتصب فيها فسطاط العدالة، وكان متشرعا ناسكا محبا للعلماء محسنا إلى الفقراء، شفوقا على الرعايا كاتبا حاسبا، واجتمع فيه ثلاث خصال: الحلم، وعدم سفك الدماء، وعدم نهب الأموال. إلا أنه لضرورة كونه فى آخر القرن قامت فى آخر مدته فتن وإغارات، ثم عزل فى سنة ثمان وتسعين وألف انتهى.
وفى حجة وقفيته المؤرخة بسنة تسع وتسعين وألف: أنه أرصد على هذه الزاوية والمقام والسبيل والحوض والساقية جهات منها ما إيراده من العثامنة المصرية فى السنة سبعة وخمسون ألفا وتسعمائة وستون عثمانيا مقيدة بدفتر الكشيدة بالديوان العالى، يصرف منها أجرة جمال لحمل الماء من النيل إلى السبيل والزاوية كل يوم أربعون عثمانيا ولشيخ القراء بالمقام والزاوية يوميا عشرة عثامنة، ولخدمة المقام كذلك، ولخادم السبيل ستة عثامنة يوميا، وللوقاد اثنان، ولثمن الزيت كذلك، ومعلوم الناظر ثلاثة، وللبواب كذلك، وللفراش اثنان، ولخمسة عشر يقرأ كل واحد منهم جزأين من القرآن كل يوم ثلاثون عثمانيا، ولعشرة يقرأ كل واحد جزءا واحدا فى المقام كل يوم عشرون عثمانيا، وللخفير كل يوم عثمانيان، ولمفرق الربعة عثمانى واحد، وأرصد أيضا بدفتر الرّوزنامجة بالديوان العالى كل سنة خمسة آلاف وخمسمائة وثمانية وثلاثين عثمانيا، منها للناظر الحسبى فى السنة خمسمائة وأربعون وللمباشر كذلك، وثمن
حصر وقناديل ثمانمائة، وثمن قلل وكيزان مائتان وخمسون، ولسّواق الساقية وخادم الحوض تسعمائة وعشرون، وثمن تبن وبرسيم لثور الساقية سبعمائة وعشرون، وللنجار والطوانس والقواديس مائتان وخمسون، وما زاد يبقى تحت يد الناظر لصرف ما يلزم فى العمارة ونحوها، وكذلك أرصد بالأنبار الشريف كل سنة من القمح سبعة وأربعين أردبا وستة علائق فول وجراية يفرق الناظر من ذلك على الفقراء بمعرفته، ويصرف منها لعليق الثور، وما بقى يبيعه ويصرف منه فى العمارة إن احتاج الحال لها. وشرط النظر لشخص عينه ومن بعده لابنه، ثم لمن يقرره الحاكم الحنفى، وشرط أن يكون الناظر الحسبى باش جاويش من طائفة عزبان اه.
زاوية الطّواب
هذه الزاوية بحارة الطّواب من درب القرودى وهو المشهور الآن بضرب الغزالى، شعائرها مقامة وبجوارها سبيل صغير له شباك من الحديد، وبأعلاها منزل للحاج محمد القماح، ونظارتها تحت يد امرأة يقال لها فاطمة النّبوية.
حرف الظاء
زاوية الظاهرى
قال المقريزى: هذه الزاوية خارج باب البحر ظاهر القاهرة عند حمام طرغاى على الخليج الناصرى. كانت أوّلا تشرف طاقاتها على بحر النيل الأعظم؛/فلما انحسر الماء عن ساحل المقس، وحفر الملك الناصر محمد بن قلاوون الخليج الناصرى صارت تشرف على الخليج المذكور من برّه الشرقى، واتصلت المناظر هناك إلى أن كانت الحوادث من سنة ست وثمانمائة فخربت حمام طرغاى، وبيعت أنقاضها وأنقاض كثير مما كان هناك من المناظر، وأنشئ هناك بستان عرف أوّلا بعبد الرحمن صيرفى الأمير جمال الدين الأستادار لأنه أوّلا أنشأه ثم انتقل عنه.
والظاهرى هذا: هو أحمد بن محمد بن عبد الله أبو العباس جمال الدين الظاهرى.
كان أبوه محمد بن عبد الله عتيق الملك الظاهر شهاب الدين غازى، وبرع حتى صار إماما حافظا، وتوفى ليلة الثلاثاء لأربع بقين من ربيع الأول سنة ست وتسعين وستمائة بالقاهرة، ودفن بتربته خارج باب النصر وابنه عثمان بن أحمد بن محمد بن عبد الله فخر الدين ابن جمال الدين الظاهرى الحلبى الإمام العلامة المحدث الصالح، ولد فى سنة سبعين وستمائة، وأسمعه أبوه بديار مصر والشام وكان مكثرا، ومات بزاويته هذه فى سنة ثلاثين وسبعمائة.
حرف العين
زاوية الست عائشة اليونسية
هذه الزاوية بشارع المغربلين تجاه زاوية اليونسية، تنسب للست عائشة اليونسية وقد تكلمنا عليها هناك.
زاوية عابدين جاويش
هذه الزاوية فى شرقى سراى عابدين الكبرى تجاه جامع عابدى بيك الملاصق لسراى عابدين، كانت متخربة فجدّدها الخديو إسماعيل، وجدّد لها ميضأة وأخلية عوضا عما أزيل من ميضأة هذا الجامع وأخليته.
زاوية عابدين
هذه الزاوية بالتّبانة. أنشأها الأمير عابدين جاويش فى سنة أربع وثمانين وألف، وهى غير مقامة الشعائر لتخربها.
زاوية عارف باشا
هذه الزاوية بشارع التبانة قرب دار عارف باشا، وكانت قديمة متخربة فجدّدها الأمير
عارف باشا سنة أربع وثمانين ومائتين وألف، وعمل لها مطهرة ومراحيض وبجوارها محلان موقوفان عليها، وشعائرها الإسلامية مقامة من ريعها.
زاوية العمرى
هذه الزاوية بقلعة الكبش من خط طولون، لها ميضأة وبئر ومراحيض، وبجوارها منزل موقوف عليها، شعائرها مقامة من إيراده بمعرفة ناظرها أحمد المرصفى الحداد، وفيها ضريح يقال لصاحبه سيدى على العمرى ظاهر يزار ويعمل له حضرة كل ليلة أربعاء، ومولد كل سنة فى شعبان ثمانية أيام.
زاوية عباس باشا
هى بشارع السروجية بالقرب من جامع جانم عن يمين السالك من الصليبة إلى باب زويلة. أنشأها المرحوم عباس باشا والى مصر، اشترى أرضها من مالكها وبناها وجعل لها مطهرة وأخلية وبئرا وأقام شعائرها. وسبب ذلك أنه أدخل فى بستان سراى الحلمية زاوية كانت بدرب الحنّاء؛ فجعل هذه بدلا عنها ووقف عليها أوقافا منها أربعة دكاكين بجوارها.
زاوية الشيخ عبد الرحمن
هذه الزاوية بخط الحنفى عامرة بالأذان والصلاة، ولها ميضأة ومراحيض وبأسفلها ثلاثة دكاكين موقوفة عليها، ولها أحكار على دور بجوارها منها دار حسن بيك محافظ السويس، ودار الحرمة يمن، ودار ورثة عثمان العطار، وناظرها محمد رفاعى الصباغ من سكان حارة السقائين، وبها ضريح عليه تابوت من الخشب يعرف بين العوام بأنه ضريح الشيخ عبد الرحمن الصحابى ولا صحة له، وإنما هو كما فى الضوء اللامع للسخاوى عبد الرحمن بن أبى الفضل بن الشمس الحنفى عقد الميعاد فى زاويته، ومات بجزيرة أروى المعروفة الآن بالوسطى، ودفن بالزاوية بجانب أبيه خارج قنطرة سنقر بسويقة السباعين انتهى، وترجمته مبسوطة فى الضوء اللامع.
زاوية عبد الرحمن كتخدا
هذه الزاوية بشارع المغربلين بجوار جامع جانبك. أنشأها الأمير عبد الرحمن كتخدا فى سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف، وهى علوية وتحتها حنفية، وشعائرها مقامة ولها مرتب من أوقافه الكثيرة الجمة المبينة فى حجة وقفيته ضمن مرتّبات جهاته الخيرية من عمائر الأزهر وخلافه، وهى فى نظر ديوان الأوقاف.
زاوية الشيخ عبد الرحمن المجذوب
هذه الزاوية بالحسينية قرب جامع الملك الظاهر، بها قبر الشيخ عبد الرحمن المذكور كما فى طبقات الشعرانى. قال: كان من الأولياء الأكابر وكان سيدى على الخوّاص رضي الله عنه يقول: ما رأيت أحدا من أرباب الأحوال دخل مصر إلا ونقص حاله إلا الشيخ عبد الرحمن، وكان مقطوع الذكر قطعه بنفسه أوائل جذبه، وكان جالسا على الرمل صيفا وشتاء، وإذا جاع أو عطش يقول: أطعموه اسقوه، وكان ثلاثة أشهر يتكلم وثلاثة أشهر يسكت، وكان يتكلم بالسريانى، وكان مقعدا نحو نيف وعشرين سنة مات سنة أربع وأربعين وتسعمائة انتهى.
زاوية الشيخ عبد المتعال
هذه الزاوية برأس درب اليانسية من خط المغربلين بجوار بيت الأمير جعفر باشا، وهى صغيرة ومقامة الشعائر، وبها مطهرة وأخلية وبداخلها ضريحان أحدهما للشيخ عبد المتعال المذكور.
زاوية الشيخ عبد العليم
هى بأقصى حارة الدوادارى بجوار حارة كتامة بين الأزهر/والباطلية من ثمن الجمالية، يصعد إليها بعدة درج لارتفاع أرضها، وبها إيوان لطيف سقفه من الخشب يحمله أعمدة من الرخام والحجر، ولها ميضأة وأخلية وبئر، وشعائرها مقامة قليلا، وكانت أوّلا مدرسة تعرف
بالمدرسة الشعبانية كما فى تاريخ الجبرتى، ثم عرفت بزاوية الشيخ عبد العليم لدفنه بها وعلى ضريحه مقصورة من الخشب، وكان له زيارة ومولد كل عام وقد بطل الآن.
ترجمة الشيخ عبد العليم
وهو الشيخ عبد العليم بن محمد بن محمد بن عثمان المالكى الأزهرى الخلوتى الضرير حضر دروس الشيخ على الصعيدى رواية ودراية، فسمع عليه جملة من الصحيح والموطأ والشمائل والجامع الصغير ومسلسلات ابن عقيلة وروى عن الجوهرى والملوى والبليدى والسقاط وللنير والدردير، والتاودى ابن سودة حين حج ودرس وأفاد، وكان من البكّائين عند ذكر الله سريع الدمعة كثير الخشية. توفى سنة أربع عشرة ومائتين بعد الألف.
ترجمة الشيخ إبراهيم الحريرى
وفى هذه الزاوية أيضا قبر الشيخ إبراهيم الحريرى عليه مقصورة من الخشب، وترجمه الجبرتى فى تاريخه، فقال:
وفى سنة أربع وعشرين ومائتين وألف مات العلامة المفيد والنحرير الفريد الشيخ إبراهيم بن محمد بن عبد المعطى بن أحمد الحريرى. مفتى السادة الحنفية كوالده تفقه على الوالد وحضر على البيلى والدردير والصبان وغيرهم، وأنجب ومهر خصوصا فى الفروع الفقهية، تقلّد منصب الإفتاء بعد موت والده سنة عشرين، وكان له أهلا مع العفة والصيانة والمراجعة والتباعد عما يخل بالمروءة مواظبا على وظائفه ودروسه ملازما لداره إلا لضرورة تدعوه للحضور مع أرباب المظاهر، وكان ضعيف البصر وبآخرته اعتراه داء الباسور وانقطع بسببه عن الخروج من داره، ووصف له حكيم بدمياط فسافر إليه بإشارة نسيبه الشيخ المهدى، وقاسى أهوالا فى معالجته بالآلة فلم ينجح ورجع إلى مصر، ولم يزل ملازما للفراش حتى مات، ودفن بالمدرسة الشعبانية بحارة الدويدارى ظاهر حارة كتامة المعروفة الآن بالعينية قرب الجامع الأزهر، وكان لأبى المترجم وظائف كالإفتاء والتدريس فى مدرسة المحمودية والصرغتمشية والمحمدية، فكان ينوب عنه فى بعضها اه.
زاوية الشيخ عبد الله
هذه الزاوية بشارع الحلمية بين ضريح المظفر وجامع ألماس على يمنة السالك من الصليبة طالبا باب زويلة. كانت فى خطة تعرف بحدرة البقر وكانت متخربة وبقيت كذلك مدة، ثم جدّدناها مع تجديد منزلنا لمجاورتها له، وذلك سنة إحدى وثمانين وجدّدنا بجوارها دكانين من أوقافها، وجعلنا لها ماسورة تجلب لها ماء النيل من مجراة وابور الماء وجعلنا بها حنفية، وأقيمت شعائرها من طرف ديوان الأوقاف إلى الآن، وبداخلها قبر يعرف بقبر الست ملكة، وآخر يعرف بالشيخ عبد الله الذى عرفت الزاوية باسمه، وعلى كل منهما تابوت وكسوة، ولهما خدمة وزيارة ويعمل لهما ليلة كل سنة مع مولد المظفر والسيدة نفيسة رضي الله عنها، وكان أصل هذه الزاوية مدرسة تعرف بالمدرسة الطغجية، وذكرها المقريزى فى المدارس؛ فقال: هذه المدرسة بخط حدرة البقر.
أنشأها الأمير سيف الدين طغجى الأشرفى ولها وقف جيد.
ترجمة الأمير طغجى
وطغجى: هو الأمير سيف الدين كان من جملة مماليك الملك الأشرف خليل بن قلاوون، ترقى فى خدمته حتى صار من جملة أمراء ديار مصر؛ فلما قتل الملك الأشرف قام طغجى فى المماليك الأشرفية وحارب الأمير بيدرا المتولى لقتل الأشرف حتى أخذه وقتله؛ فلما أقيم الملك الناصر محمد بن قلاوون فى المملكة بعد قتل ببدرا صار طغجى من أكابر الأمراء، واستمر على ذلك بعد خلع الملك الناصر بكتبغا مدة أيامه إلى أن خلع الملك العادل كتبغا، وقام فى سلطنة مصر الملك المنصور لاجين وولى مملوكه الأمير سيف الدين منكوتمر نيابة السلطنة بديار مصر؛ فأخذ يواحش أمراء الدولة بسوء تصرفه، واتفق أن طغجى حج فى سنة سبع وتسعين وستمائة فقرر منكوتمر مع المنصور أنه إذا قدم من الحج يخرجه إلى طرابلس؛ فعند ما قدم من الحجاز رسم له بنيابة طرابلس فثقل عليه ذلك، وسعى بإخوته الأشرفية حتى أعفاه
السلطان من السفر، فسخط منكوتمر وبعث إليه يلزمه بالسفر وكان الملك المنصور لاجين منقادا لمنكوتمر لا يخالفه فى شئ فتواعد طغجى مع أخيه كرجى وجماعة من المماليك وقتلوا لاجين وقتل منكوتمر أيضا فى تلك الليلة، وعزم على أنه يتسلطن ويقيم كرجى فى نيابة السلطنة، فلم يتم له ذلك وقتل هو وأخوه كرجى وحمل فى مزبلة من مزابل الحمامات على حمار إلى مدرسته هذه فدفن بها وقبره هناك إلى اليوم، وكان قتله فى يوم الخميس سادس عشر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وستمائة بعد خمسة أيام من قتل لاجين ومنكوتمر. اه باختصار.
زاوية عبد الله بن أبى جمرة
هذه الزاوية بخط جامع المقس المعروف بجامع أولاد عنان خارج باب البحر كانت للشيخ عبد الله بن أبى جمرة الأندلسى المرسى كما فى طبقات الشعرانى.
قال: وكان قدوة ربانيا ذا تمسك بآثار النبى صلى الله عليه وسلم وجمعية على العبادة وشهرة كبيرة بالإخلاص والاستعداد للموت والفرار من الناس إلا فى الجمع.
مات سنة خمس وسبعين وستمائة ولهم ابن أبى جمرة آخر اسمه أحمد حفظ مدونة الإمام مالك رضى الله/عنه. ومات سنة تسع وتسعين وخمسمائة وابن أبى جمرة ثالث اسمه محمد. كان كبير الشأن مقبوض الظاهر معمور الباطن معظما للشرع قائما بشرائعه وشعائره، ولما مات دفن بالقرافة بمصر وقبره ظاهر يزار، وله كلام عال فى مقام النبوة والولاية والعلم؛ فمن كلامه رضي الله عنه: «لو قدرت أن أقتل من يقول لا موجود إلا الله. لفعلت؛ فما يقول فى بوله وغائطه وعجزه عن دفع الآلام عن نفسه؟ وشرط الإله: أن يكون قادرا فكيف يقول: أنا عين الحق هذا من أضل الضلال. وكان يقول: لو تدبّر الفقيه فى قراءته لاحترق بأنوار القرآن وهام على وجهه وترك الطعام والشراب والنوم وغير ذلك، وكان إذا رأى فدان القصب مثلا يقول: يجيئ منه كذا قنطارا عسلا وكذا قنطارا سكرا فيجيئ كما قال: وطلب السلطان: أن يبنى له رباطا فأخذ بيده وأدخله جامع طولون، وقال: هذا الجامع لى أجلس فى أى مكان شئت منه. وكان يقول: ثلاثة لا يفلحون ابن الشيخ وزوجته
وخادمه؛ فأمّا ابنه فإنه يفتح عينه على تقبيل المريدين يده، وحمله على أعناقهم، والتبرك به؛ فيرضع من حب الرياسة والكبر؛ فلا يؤثر فيه وعظ واعظ. وأما الزوجة فإنها تراه بعين الأزواج لا بعين الولاية، وأما الخادم فلتكرار رؤية الشيخ واطلاعه على أحواله العادية تقل عظمته عنده؛ فإذا وفقهم الله تعالى انتفعوا بالشيخ أكثر من غيرهم ونالوا حظا وافرا» اه.
زاوية الشيخ عبد الله
هذه الزاوية على رأس عطفة الغسال خلف اصطبل سراى الحلمية. جدّدها المرحوم عباس باشا كان والى مصر. وجعل بها حنفية، وبها ضريح رجل صالح يقال له الشيخ عبد الله، عليه تابوت من خشب، وشعائرها مقامه.
زاوية العراقى
هى فى حارة المناصرة مقامة الشعائر، وبها ميضأة ومرافق، ولها أوقاف تحت نظر الديوان، وبها ضريح الشيخ العراقى.
زاوية العريان
هى تجاه شارع سوق الزلط بقرب جامع العريان، مقامة الشعائر تامة المنافع وبها ضريحان: أحدهما مشهور بالعريان القديم، والآخر ضريح ابنه الشيخ عبد العال. وهى تحت نظر ذرية الشيخ أحمد العروسى لقربها من داره.
زاوية العسقلانى
هذه الزاوية تجاه حارة الأقماعية على يسرة الخارج من باب القنطرة إلى باب البحر وهى صغيرة، وبها منبر وشعائرها مقامة من أوقاف لها قليلة تحت نظر الست خدّوجة الشربتلية، وكانت أوّل أمرها مدرسة تعرف بمدرسة ابن حجر كما فى الضّوء اللامع للسخاوى وخلاصة الأثر للمحبى وغيرهما، وفيها ضريح رجل صالح يقال له العسقلانى له مولد سنوى، وهو غير
قبر ابن حجر العسقلانى الإمام المؤلّف المشهور الذى عرفت المدرسة به فإن ذاك مدفون فى القرافة كما هو مذكور فى ترجمته عن أبى المحاسن وغيره.
ترجمة الإمام ابن حجر العسقلانى
قال أبو المحاسن: إن ابن حجر العسقلانى هو شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن على ابن محمد بن محمد المعروف بابن حجر الكنانى العسقلانى المصرى الشافعى من مدينة عسقلان، ولد بمصر العتيقة ومات بها، وكان مولده لاثنين وعشرين من شهر شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة من الهجرة. قال: وعائلته من آخر بلاد الجريد فى أرض قابس، ولما مات أبوه ربّاه وصيه فحفظ القرآن، وفى سنة أربع وثمانين حج وعمره إحدى عشرة سنة، واشتغل بالتجارة أوّلا وألف إذ ذاك الشعر، ثم اشتغل بالحديث ودرس على عدة من الأفاضل فى مصر وغيرها وسافر كثيرا فأخذ الحديث بمصر عن شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقينى وغيره، وأخذ الفقه عن الحافظ العراقى وغيره، وتلقى عن الشيخ برهان الدين إبراهيم القنبرى ونور الدين الهيثمى والشيخ تقى الدين محمد بن محمد الديوى، وتلقى دروسا عن المفتى صدر الدين سليمان بن عبد الناصر بمدينة سرياقوس، وسافر إلى الصعيد سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة فأقام بقوص وغيرها من المدن، واجتمع بعدة أفاضل كالشيخ ناصر الدين قاضى هو وابن فراج قاضى قوص، وفى سنة ثمان وتسعين تزوج ببنت كريم الدين بن عبد العزيز ناظر الجيش، وسافر إلى غزة وأخذ عن الشيخ أحمد بن محمد الخليلى، ثم سافر إلى مدينة الرملة وأخذ عن الشيخ أحمد بن محمد العابقى، ثم إلى مدينة الخليل وأخذ عن الشيخ صالح بن خليل بن سالم، ثم إلى القدس وأخذ عن المفتى شمس الدين محمد بن إسماعيل القلقشندى وعن بدر الدين حسن بن موسى وعن محمد بن محمد المنيحى، وفى سنة تسع وتسعين سافر إلى اليمن من طريق الطور، واجتمع عند قرية زبيد بحسين بن على الفارقى وزير الملك الأشرف، الذى تولى الوزارة سنة سبع وثمانين وسبعمائة، وعزل بعدها بأربع سنين ومات سنة إحدى وثمانمائة، وفى سنة ثمانمائة من الهجرة سافر إلى الحج، وبعد سنة رجع إلى مصر وأقام بالقاهرة قليلا، ثم سافر إلى القدس ليتلقى عن أحمد بن خليل بن كيكلدى؛ فلما وصل إلى
الرملة بلغه خبر موته فعدل عن القدس إلى دمشق وأقام بها زمنا وأخذ فيها عن بدر الدين محمد بن محمد البالسى وعن فاطمة بنت محمد التنوخى، وفى تلك المدة اجتمع بصاحب القاموس محمد الفيروزابادى، ثم رجع إلى القاهرة وأقام قليلا وسافر إلى ينبع ومنها إلى منى، وتلقى فيها على زين الدين أبى بكر بن حسين ثم جاور بمكة، ثم سافر إلى اليمن وعدن وزبيد.
/وفى سنة ست وثمانمائة رجع إلى مصر واشتغل بالحديث وساعد فى تقليد تقى الدين محمد الفاسى صاحب تاريخ مكة المشرفة بقضاء الحنفية فى هذه المدينة، ومن اشتغاله بالعلوم على الدوام صار حافظ أهل زمانه، وله وقوف تام على معرفة الرجال، وكان هو المعوّل عليه فى تلقّى الحديث عنه فأخذ عنه الكثير من صغير وكبير، وكان يدرس فى خانقاه بيبرس مدة عشرين سنة وتعين نائبا لقاضى القضاة جمال الدين عبد الرحمن البلقينى عوضا عن ولى الدين العراقى، ثم تقلّد القضاء ثم عزل، وخلفه الشيخ شمس الدين محمد القاياتى وحضر تولية الملك المؤيد شيخ السلطنة سنة خمس عشرة وثمانمائة، وكان إذ ذاك مفتى دار العدل وهو الذى لقب الملك بأبى النصر، ثم ترك الفتوى وتعين شيخ خانقاه بيبرس الجاشنكير.
وفى سنة عشرين زاره القاضى تاج الدين البغدادى، وكان قد قدم من بغداد إلى مصر.
وفى سنة ثلاث وعشرين أغار قرا يوسف على أذربيجان بلاد ابن عمر، فسير إليه السلطان قرا بيك فظفر به وقتله وأتى برأسه إلى السلطان؛ فجمع السلطان العلماء واستفتاهم فى شأن قرا يوسف المقتول، فأفتوه بكفره إلا المترجم فإنه توقف فى الفتوى؛ فسأله الملك عن توقفه فأجاب عن سبب ذلك أنه قدم المفتين عليه فعقد له مجلسا ثانيا وقدمه عليهم فأفتى بما أفتوا به.
وفى سنة أربع وعشرين سافر إلى الحج.
وفى سنة سبع وعشرين عينه الملك الأشرف برسباى قاضى قضاة مصر جميعها عوضا عن البلقينى، وعزل عنها بعد عشرة أشهر، وخلفه شمس الدين محمد الهراوى، ثم فى سنة ثمان وعشرين رجع إلى وظيفته.
وفى سنة إحدى وثلاثين طلب للفتوى فى أمر مهمّ وذلك: أن اليهود فى سنة ثلاث وعشرين بنوا دربا جديدا بقرب بيعتهم، وسوّروه بسور حصين وكان بداخله بيوت للمسلمين؛ فحكم المترجم على اليهود بعدم استحقاقهم ذلك السور، وحكم بهدمه فهدم، ثم عزل من وظيفته القضاء وخلفه علم الدين صالح البلقينى وبعد سنة رجع إليها واستمر فيها إلى سنة أربعين، ثم عزل وخلفه علم الدين صالح المذكور، ثم عزل ورجع إليها سنة إحدى وأربعين وفى هذه السنة توسط عند السلطان وخلّص القاضى بهاء الدين ابن عز الدين عبد العزيز بن البلقينى من تهمته؛ بأنه أفحش فى جارية بعد ضربه وإشهاره.
وفى سنة سبع وأربعين اشتغل بتأليف تاريخه، ثم عزل فى سنة ثمان لكن رضى عنه وخلع عليه خلعة الرضا، وفى هذه السنة أصيب بالطّاعون، ثم عزل فى سنة تسع وخلفه الشيخ شمس الدين القاياتى، ثم مات القاياتى فى تلك السنة فعاد المترجم إلى الوظيفة ولم يمكث فيها إلا قليلا وعزل وخلفه علم الدين صالح البلقينى، ومن حينئذ انقطع للتأليف حتى مات بعد أن مرض شهورا، وذلك يوم السبت لثمان وعشرين من شهر ذى الحجة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وصلى عليه فى مصلى بكتمر المؤمنى بالرميلة ودفن بالقرافة، وحضر جنازته السلطان الملك جقمق والخليفة المستكفى بالله سليمان والقضاة والعلماء والأمراء وكثير من العالم يبلغ عددهم نحو خمسين ألفا ورثاه كثير من العلماء وغيرهم.
وقال ابن إياس: إن له أكثر من مائة مؤلّف وذكر أبو المحاسن من ذلك: كتاب تعليق التعليق، وكتاب فتح البارى على صحيح البخارى فى عشرين مجلدا، وكتاب فوائد الاحتفال فى بيان أحوال الرجال، وكتاب تجريد التفسير، وكتاب الإصابة فى تمييز الصحابة، والمعجم، وطبقات الحفّاظ، وكتاب قضاة مصر، وكتاب الدرر الكامنة فى المائة الثامنة، وكتاب الأعلام بمن ولّى مصر فى الإسلام، وكتاب السبع السيارات النّيرات، وتاريخ إنباء الغمر فى أنباء العمر يخص مصر والشام، وله غير ذلك انتهى.
وقال السيوطى فى حسن المحاضرة: ابن حجر إمام الحفّاظ فى زمانه شهاب الدين أحمد بن على الكنانى العسقلانى ثم المصرى، عانى الأدب وتعلم الشعر فبلغ فيه الغاية، ثم
طلب الحديث فسمع الكثير ورحل وتخرج بالحافظ العراقى، وانتهت إليه الرحلة والرياسة فى الحديث فى الدنيا بأسرها، وألّف كتبا كثيرة وأملى أكثر من ألف مجلس وبموته ختم الفن وأمطرت السماء على نعشه وقد قرب من المصلى، ولم يكن زمان مطر فأنشد شاعر العصر الشهاب المنصور فى ذلك الوقت شعرا:
قد بكت السحب على
…
قاضى القضاة بالمطر
وانهدم الركن الذى
…
كان مشيدا من حجر
ورثاه شهاب الدين الحجازى بقصيدة نحو خمسين بيتا أوّلها:
كل البريّة للمنية صائره
…
وقفو لها شيئا فشيا سائره
والنفس إن رضيت بذا ربحت وان
…
لّم ترض كانت عند ذلك خاسره
وأنا الذى راض بأحكام مضت
…
عن ربنا البر المهيمن صادره
لكن سئمت العيش من بعد الذى
…
قد خلّف الأفكار منا حائره
/هو شيخ الإسلام المعظّم قدره
…
من كان أوحد عصره والنادره
قاضى القضاة العسقلانىّ الذى
…
لم ترفع الدنيا خصيما ناظره
وشهاب دين الله ذو الفضل الذى
…
أربى على عدد النجوم مكاثره
لا تعجبوا لعلوّه فأبوه من
…
قبل علىّ فى الدنا والآخرة
هو كيمياء العلم كم من طلب
…
بالكسر جاء له فأضحى جابره
إلى أن قال فى آخرها:
يا نار شوقى بالفراق تأججى
…
يا أدمعى بالمزن كونى ساخره
يا موت إنك قد نزلت بذى الندا
…
ومذ استضفت حباك نفسا حاضره
يا نفس صبرا فالتّأسى لائق
…
بوفاة أعظم شافع فى الآخرة
اه.
ترجمة عبد الله المعروف بابن الصبان
وتجاه هذه الزاوية قبر الشيخ عبد الله المعروف بابن الصبان.
قال فى خلاصة الأثر: عبد الله بن محمد بن عبد الله المصرى العابد الزّاهد المعروف بابن الصبان؛ لأنّ والده كان يبيع الصابون فى باب زويلة، سكن بمدرسة ابن حجر بخط حارة بهاء الدين فأقبل الناس عليه واشتهر ذكره وبعد صيته، ولم يزل يسبح فى رياض الأذكار إلى أن توفى سنة إحدى بعد الألف.
وذكره المناوى فى طبقات الأولياء. قال: أنه قرأ القرآن عند ابن المناديلى بباب الخرق، ثم غلب عليه الحال وهو فى سن الاحتلام فكان يهيم ويصعق، ثم حبب إليه لزوم مجلس الشيخ محمد كريم الدين الخلوتى فأخذ عنه وسكن زاوية الشيخ دمرداش؛ فناب عن بعض أولاده فى عدة وظائف وأقرأ بها الأطفال، ثم استأذن الشيخ أن يترك أكل الحيوان وما خرج منه فمنعه، ثم أذن له ففعل فرّق حجابه وقويت روحانيته، ثم حصل له لمحة من التّجلى البرقى وغاب عن حواسه وصار يأكل كل يوم عدة من رؤوس الغنم ويشكو الجوع والنار، ثم أنحل ذلك وأجازه الشيخ بالإرشاد، ولما مات الشيخ شرع يلقّن ابنه فتشوش جماعة الشيخ وقالوا: ولد الشيخ أحق بإرث المشيخة، وتوجه منهم جمع إلى زاوية دمرداش، فضربوه وأخرجوه من الخلوة بجماعته، فشكاهم إلى شيخ الحنفية ابن غانم المقدسى وشيخ الشافعية الرملى، فأرسلا يقولان: إن لم يحسن الكف عن هذا الرجل وإلا أخبرنا الحاكم بما نعلمه من أحوال الفريقين. ثم تحول إلى مدرسة ابن حجر إلى أن مات ودفن تجاهها، وبجانب قبره دفن أخوه محمد بن محمد الخلوتى.
قال المناوى: كان صالحا متعبدا ريض الأخلاق حسن الشمائل مشاركا لأهل الحقائق، وكان لا يأكل إلا من عمل يده يعمل المناخل ويتقوت من ثمنها مع ملازمته للجد والاجتهاد لا يغفل طرفة عين، وكان محمدىّ الصفات إن ذكرت الدنيا ذكرها معك، وإن ذكرت الآخرة ذكرها معك، وليس للغضب عليه سبيل، ويصلى الصبح بوضوء العشاء، وأقام فى مكة سنين يفتصد فى كل أسبوع مرتين لحر القطر وحدة الاشتغال، وحج فى آخر عمره ورجع مريضا فمات سنة سبع بعد الألف انتهى.
زاوية العصيانى
هذه الزاوية بشارع البغّالة من الحسينية. تجاه الدور المطلة على بركة جناق على يسرة المار على باب حارة درب عجور إلى الخليج، بها ضريح الشيخ العصيّاتى بضم العين وفتح الصاد المهملتين وشد المثناة التحتية، وفى آخره مثناة فوقية وياء نسبة، وبها ضريح يقال له ضريح الشيخ خضر.
ترجمة الشيخ خضر
والظاهر أنه الشيخ خضر العدوى، وأنها هى الزاوية المسماة فى خطط المقريزى بزاوية الشيخ خضر؛ فقد قال: هذه الزاوية خارج باب الفتوح من القاهرة بخط زقاق الكحل، تشرف على الخليج الكبير عرفت بالشيخ خضر بن أبى بكر بن موسى المهرانى العدوى شيخ السلطان الملك الظاهر بيبرس، كان أوّلا قد انقطع بجبل المزة خارج دمشق، ثم اعتقده الظاهر وقربه وبنى له زاوية بجبل المزة وزاوية بظاهر بعلبك وبحماة وبحمص. وهذه الزاوية التى خارج القاهرة، ووقف عليها أحكارا تغل فى السنة نحو الثلاثين ألف درهم وأنزله بها، وصار ينزل إليه فى الأسبوع ويطلعه على غوامض أسراره ويستشيره ويأخذه فى أسفاره وصرفه فى مملكته؛ فهدم عدة كنائس للنصارى واليهود بدمشق وغيرها، ويحمل بعضها مساجد فاتقى جانبه الخاص والعام.
وكان يكتب إلى صاحب حماة وغيره ما مثاله: الشيخ خضر نيّاك الحمارة وكان مربّع القامة كثّ اللحية يتعمم عسراويا، وفى لسانه عجمة مع سعة صدر وكرم شمائل، ومن الناس من يثبت صلاحه ومنهم من يرميه بالعظائم، وما برح على حاله إلى سنة إحدى وسبعين وستمائة؛ فقبض عليه واعتقل بقلعة الجبل، ورتب له ما يكفيه من مأكول وفاكهة وحلواء إلى أن مات فى محبسه سنة ست وسبعين وستمائة؛ فحمله أهله إلى زاويته هذه ودفنوه فيها، وهى باقية إلى اليوم اه باختصار.
وفى الضوء اللامع للسخاوى: أن/الأمير عبد الباسط بن عبد الوهاب القبطى المتكلم عن الوزر فى كثير من المكوس ويعرف بكاتب الميسم. جدّد عمارة زاوية العصّياتىّ بالقرب من الكداشين
(1)
ودفن بها بعد موته سنة اثنتين وتسعين وثمانمائة، وكان له ميل للفقراء وإكرام للفضلاء، وكان الفخر عثمان الدّيمى يتردّد إليه ليقرأ عنده البخارى وغيره انتهى.
زاوية عطفة المدق
هذه الزاوية داخل عطفة المدق بسويقة اللالا من خط الحنفى وهى صغيرة، وشعائرها مقامة بمعرفة ناظرها خليل أفندى، ولها مرتب بالرّوزنامجة، وتعرف أيضا بزاوية عمر شاه.
زاوية سيدى عمر
هذه الزاوية بثمن الأزبكية فى محل يعرف ببين الحارات، وهى مقامة الشعائر، وتعرف أيضا بزاوية سيدى محمد زيادة الأنور، ولها أوقاف تحت نظر الديوان.
زاوية عمرو
هى بخط الشنبكى على يسار السالك منه إلى المقس، وتعرف أيضا بزاوية الأربعين، بها موضع متهدم يقال أنه قبور قديمة اشتهرت بالأربعين، وبها قبر يقال أنه لسيدى محمد زيادة الأنور، وانظر من المراد بعمرو الذى عرفت به: هل المراد به عمرو بن العاص؟ لما اشتهر أنّ الصحابة رضي الله عنهم قسّموا الغنيمة فى هذا الموضع، وبه سمى خط المقس، فإنّ المراد بالمقس المقسم كما فى كثير من كتب التاريخ والله أعلم، وهى مقامة الشعائر نافعة فى جهتها.
زاوية العنبرى
هذه الزاوية فى حارة الدرّاسة المعروفة فى الخطط وغيرها بالبرقية. تجاه كفر الطمّاعين جدّدها السيد محمد الصبّاغ فى زماننا، وبها ضريح الشيخ العنبرى، له مولد سنوى، وهى مقامة الشعائر كانت تحت نظر محمد أفندى السمسار.
(1)
الكداشين: جمع الكداش وهو بلغة أهل العراق: الشحاذ. راجع تاج العروس: كدشن.
حرف الغين
زاوية الغباشى
هذه الزاوية بحارة الشيخ كشك بالقرب من درب القبر الطويل، على بابها تاريخ سنة ست وثلاثين ومائتين وألف، وبها ميضأة ومراحيض، وبجوارها منازل موقوفة عليها، تقام شعائرها من إيرادها، وفيها ضريح الشيخ محمد الغباشى.
زاوية الغزى
هذه الزاوية بشارع سوق السلاح. أنشأها الأمير مصطفى باشا الغزى، وهى مقامة الشعائر، ولها أوقاف تحت نظر محمد سيف الدين السمكرى، وبها سبيل وبأعلاها مساكن.
زاوية سيدى غيث
هذه الزاوية بخط سوق الزّلط، وهى عامرة مقامة الشعائر، ولها أوقاف، وكانت فى نظارة الحاج حمّودة الزقم، وفيها ضريح صالح يقال له سيدى غيث.
زاوية غريق الزيت
هى بحارة غيط العدّة داخل عطفة غريق الزيت. شعائرها مقامة من أوقاف لها تحت نظر الديوان، عرفت هذه الزاوية باسم رجل صالح يقال له الشيخ محمد غريق الزيت، له بها ضريح، ويعمل له مولد كل سنة.
حرف الفاء
زاوية الفارقانى
هذه الزاوية بشارع السيوفية على رأس حارة الألفى تجاه زاوية الآبار، التى كانت
تعرف بالمدرسة البندقدارية، بابها فى حارة الألفى، وهى معلقة يصعد إليها بسلالم وفيها منبر وخطبة وحنفية للوضوء وفيها عمد من الرخام تحمل سقفا من الخشب، وشعائرها مقامة.
وكانت هذه الزاوية أوّل أمرها مدرسة تعرف بالفارقانية.
قال المقريزى: المدرسة الفارقانية خارج باب زويلة بين حدرة البقر وصليبة جامع ابن طولون، وهى الآن بجوار همام الفارقانى تجاه البندقدارية. بناها والحمام المجاور لها الأمير ركن الدين بيبرس الفارقانى، وهو غير الفارقانى المنسوب إليه المدرسة الفارقانية بحارة الوزيرية من القاهرة انتهى.
وفى كتاب تحفة الأحباب فى المزارات: أن خط المدرسة الفارقانية يعرف بخط بستان سيف، وهى بقرب المدرسة المعروفة بالسعدية انتهى.
زاوية الفرمانى
هذه الزاوية بحارة درب الطباخ. شعائرها مقامة ومنافعها تامة وبواسطها عمود من الرخام، والناظر عليها رجل يعرف بالشيخ عبد الرحمن الفقى.
زاوية الفصيح
هذه الزاوية ببولاق داخل حارة الحطّابة، وهى صغيرة وبها منبر وخطبة، وشعائرها مقامة ومنافعها تامة، وبها ضريح الشيخ على الفصيح، يعمل له مولد كل سنة وحضرة كل ليلة اثنين، ولها أوقاف تحت نظر أحمد فرغل.
زاوية الفناجيلى
هذه الزاوية بخط باب الشعرية داخل حارة زند الفيل بشارع درب المحكمة، على يسار السالك من سوق الجراية إلى باب العدوى، وهى قديمة وجدّدها حاكم الديار المصرية المرحوم عباس باشا للشيخ حسن الفناجيلى، وفى مقابلتها زاوية متخربة بحرى منزل الحاج
محمد العدلى النجار. ويقال فى سبب ذلك: أن المرحوم عباس باشا لما أراد السفر لأداء فريضة الحج سنة ألف ومائتين وأربع وستين-وهو يومئذ كتخدا الديار المصرية-توجّه لزيارة المشهد الحسينى فصادفه السيد حسن الفناجيلى فبشّره بأنه يرجع واليا على مصر، فلما قضى فريضة الحج وصله الخبر بوفاة والى مصر عمه المرحوم إبراهيم باشا جد الخديوى؛ فأسرع بالحضور إلى مصر وجلس على تختها، وذلك سنة خمس وستين ومائتين وألف، ثم تذكر بشرى السيد حسن المذكور فقرّبه ورتّب له كل شهر ألف قرش ديوانية، وجدّد له هذه الزاوية وكانت قد/تهدمت فاشتهرت بزاوية الفناجيلى. وكان معتقدا فزاد الاعتقاد فيه إلى أن توفى قبيل سنة سبعين وهى مقامة الشعائر تحت نظر الست حسيبة.
حرف القاف
زاوية القاصد
هذه الزاوية بجوار باب النصر بين باب العطوف ووكالة الحتو عند سوق العصر، الذى يباع فيه عتيق الثياب ونحوها. مكتوب على بابها: جدّد هذا المسجد المبارك من فضل الله تعالى العبد الفقير المقر بالعجز والتقصير الرّاجى عفو ربه القدير على بن حسين سنة تسعمائة، وهى صغيرة مقامة الشعائر، وفيها حنفية للوضوء وبها ضريح الشيخ أحمد القاصد له مولد فى آخر شعبان.
ويظهر من كلام المقريزى: أنها كانت مدرسة تعرف بالقاصدية فإنه قال عند ذكر باب النصر: أن عضادة الباب موجودة إلى الآن بالركن الذى تجاه المدرسة القاصدية انتهى.
زاوية القبانى
هذه الزاوية بخط سوق الزّلط داخل درب البوارى، وهى متخربة غير مقامة الشعائر لعدم أوقافها، وتنسب للشيخ أحمد القبانى.
زاوية القدسى
هذه الزاوية بحارة بيرقدار من خط الحسينية تجاه سور الجامع الحاكمى بين باب الفتوح وباب النصر داخل مقبرة باب النصر، على يسار الذاهب من باب الفتوح إلى المقبرة المذكورة، وهى زاوية صغيرة جدّدها السيد محمد القدسى الشريف، ولها وقف له ربع قائم بشعائرها إلى الآن تحت نظر أحد ذريّته السيد محمود بن السيد بدر بن السيد محمد القدسى الواقف المذكور لأنه شرط نظرها لذريّته.
زاوية القرمانى
هذه الزاوية على يمين السالك من درب عجور طالبا الصّوابى على رأس خوخة القرمانى، وهى متخربة ولم يبق منها إلا المحراب وعمود عليه قطعة من السقف، وليس بها ضريح، وهى تحت نظر ديوان الأوقاف.
زاوية القصرى
فى المقريزى: أنها بخط المقس خارج القاهرة عرفت بأبى عبد الله محمد بن موسى القصرى الصالح الفقيه المالكى المغربى قدم من قصر كتامة بالمغرب إلى القاهرة وانقطع بهذه الزاوية على طريقة جميلة وطلب العلم، ومات بها فى سنة ثلاث وثلاثين وستمائة انتهى.
زاوية القلندرية
قال المقريزى: هذه الزاوية خارج باب النصر من جهة المقابر التى تلى المساكن.
أنشأها الشيخ حسن الجوالقى القلندرى أحد فقراء العجم القلندرية على رأى الجوالقة تقدم بمصر عند أمراء الدولة التركية وأقبلوا عليه واعتقدوه؛ فأثرى ثراء زائدا فى سلطنة الملك العادل كتبغا، وسافر معه من مصر إلى الشام.
كان سمح النفس جميل العشرة لطيف الروح يحلق لحيته ولا يعتم، ثم ترك حلق اللحية
وتعمم عمامة صوفية، وكانت فيه مروءة وعصبية، ومات بدمشق سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، وما زالت زاويته منزلا لطائفة القلندرية، وهم طائفة تنتمى إلى الصّوفية وتارة تسمى أنفسها ملامتيه.
والقلندرية: قوم تركوا التقيد بما عدا الفرائض واقتصروا على الرخص، ولم يطلبوا العزائم والتزموا ألاّ يدخروا شيئا وتركوا الجمع والاستكثار من الدنيا ولم يتقشفوا ولا زهدوا ولا تعبدوا وزعموا أنهم قنعوا بطيب قلوبهم مع الله.
وأما الملامتية: فيتمسكون بجميع أبواب البرّ والخير مع إخفاء أحوالهم وأعمالهم ويوقفون أنفسهم مواقف العوام فى هيآتهم تسترا للحال حتى لا يفطن لهم انتهى باختصار.
ودفن بهذه الزاوية كما فى الضوء اللامع للسخاوى الأمير علاّن المؤيدى، ويقال له:
علاّن شلق. كان من عتقاء المؤيد وصار فى أيامه من آخورية الأجناد، ثم بعده أخرج إلى البلاد الشامية، وتنقل حتى ناب للأشرف برسباى مدة، ثم نقله الظاهر جقمق إلى حجوبيه حلب الكبرى، ثم صرفه عنها وجعله بعد أحد المقدمين بدمشق، ثم صار فى أيام الأشرف أتابكها ببذل مال فلم تطل مدته، ومات يوم الأربعاء تاسع صفر سنة أربع وتسعين وثمانمائة وقد زاد على السبعين، ودفن من الغد بمقابر باب النصر فى زاوية القلندرية. وكان معظما فى الدول مشهورا بالشجاعة والإقدام رحمه الله انتهى.
ولم يبق لهذه الزاوية الآن أثر ألبتة، وليس هناك إلا المدافن المشهورة بالحيشان.
حرف الكاف
زاوية الكردى
هذه الزاوية فى درب الجماميز بجوار مسجد حارس الطير لها باب إليه ومنافعهما واحدة وبمحرابها عمودان من الرخام وبدائر سقفها نقوش فيها: {(إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ)} الآية
(1)
.
(1)
سورة التوبة آية:18.
وبها ضريح الشيخ يوسف الكردى وولديه الفوزى والخضرى، وبجوارها سبيل بابه من داخلها، وفى أرضه قطع رخام وفيه محراب من خشب يكتنفه عمودان من الرخام وشبّا كان من النحاس ومنقوش بدائره:{(وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً)}
(1)
إلى آخر السورة. وفوقه مكتب به عمودان من رخام، ولها بالرّوزنامجة تسعة قروش كل شهر.
زاوية الكرداسى
هذه الزاوية فى باب اللوق داخل حارة الهدّارة قرب دار المرحوم شريف باشا الكبير، وكانت واهية فجدّدها الأمير شريف باشا المذكور فى سنة إحدى وثمانين ومائتين وألف،/ وأقام شعائرها ورتّب لها من دائرته مائة وخمسة وعشرين قرشا فى كل شهر جارية عليها على الدوام، وبها ضريح رجل صالح يقال: الشيخ محمد الكرداسى ظاهر يزار، ويعمل له مولد كل سنة.
زاوية الكليباتى
هى بآخر سوق أمير الجيوش قرب حارة بين السيارج على يمنة الذاهب إلى باب الفتوح. شعائرها مقامة من ريع أوقافها بنظر الشيخ محمد شرف الدين، ولها بئر يعتقد النساء أنّ بها صالحة من الجن ويلقين فيها السكر ويغسلن أطرافهن من مائها استشفاء بها، وبصدر الزاوية ضريح أبى الخير الكليباتى، عليه مقصورة من الخشب جددت سنة سبع وعشرين وتسعمائة، وله حضرة كل أسبوع ومولد سنوى فى نصف شعبان.
وقد ترجمه الشعرانى فى طبقاته، فقال: ومنهم الشيخ أبو الخير الكليباتى-رضي الله عنه-كان من الأولياء المعتقدين وله المكاشفات العظيمة مع أهل مصر وأهل عصره، وكانت الكلاب تسير معه ويرسلها فى قضاء الحوائج، ويأمر صاحب الحاجة أن يشترى للكلب الذى يذهب معه رطل لحم، وكان يقال: إنها من الجن وكان يدخل الجامع بالكلاب فأنكر عليه
(1)
سورة الإنسان:21
بعض القضاة؛ فقال: هؤلاء لا يحكمون باطلا ولا يشهدون زورا فرمى القاضى بالزور وجرسوه على ثور بكرش على رأسه.
وكان الشيخ قصيرا يمسك عصا فيها حلق وشخاشيخ وكان يعرج. مات رضي الله عنه سنة عشر وتسعمائة ودفن بالقرب من جامع الحاكم فى المكان الذى كان يجلس فيه أوقاتا انتهى.
زاوية كوساسنان
هذه الزاوية بالصنادقية على يمنة السالك إلى الجامع الأزهر. أنشأها الأمير كوساسنان الدفتردار فى سنة سبعمائة وخمسين كما علم من الكتابة التى كانت بدائرها، وكان بها منبر وخطبة ثم تخربت أيام دخول الفرنسيس أرض مصر وبقيت معطلة إلى أن جدّدها ناظرها الشيخ محمد البرانى بلا منبر وجدّد مطهرتها، وشعائرها مقامة من طرف الديوان ولها أوقاف قليلة.
زاوية الكومى
هذه الزاوية بشارع الناصرية على الخليج بالقرب من مسجد السيدة زينب رضي الله عنها. شعائرها مقامة وبها ضريح سيدى إبراهيم الكومى، عليه قبة صغيرة، ولها ميضأة وأخلية وبجوارها مساكن موقوفة عليها، وهى فى نظر الشيخ إبراهيم حسن البيومى.
حرف اللام
زاوية اللّبان
هى المدرسة البيدرية وهى كما فى خطط المقريزى برحبة الأيدمرى بالقرب من باب قصر الشوك بينه وبين المشهد الحسينى. بناها الأمير بيدرا الأيدمرى انتهى. والآن موجود منها القبة والمئذنة وأحد أبوابها وقطعة صغيرة من أرضها، وعلى القبة والمئذنة نقوش فى الحجر،
والمتكلم عليها الحاج داود اللبان دكانه بجوارها، ولذا عرفت به فتعرف بزاوية اللبان، وتعرف بجامع أيدمر البهلوان ويصلى فيها بعض الصلوات.
حرف الميم
زاوية الماوردى
هذه الزاوية فى حارة السيدة زينب-رضي الله عنها-وبها ضريح الشيخ الماوردى، ولها مطهرة وبئر، وشعائرها مقامة من إيراد أوقاف الحرمين الشريفين.
زاوية المتبولى
هذه الزاوية بالحسينية على يسار الخارج منها إلى جنينة الشماشرجى المعروفة بجنينة السبع والضبع، وهى زاوية صغيرة وبها خطبة، وشعائرها مقامة من ريع وقفها تحت نظر شيخ الطائفة البيومية الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الغنى الملوانى. ويزعم الناس أن بها ضريح الشيخ إبراهيم المتبولى وليس كما زعموا؛ فإن قبره بأسدود من أرض الشام كما فى طبقات الشعرانى، وقد ذكرنا ترجمته فى الكلام على بركة الحج.
زاوية المجاهد
هذه الزاوية خارج باب الوزير بجوار القرافة. أنشأها الحاج على المجاهد سنة ثمان وستين ومائتين وألف، وشعائرها مقامة، وبها ضريح سيدى محمد المجاهد عليه مقصورة من الخشب ويعمل له حضرة كل يوم جمعة ومولد كل سنة، وهذه الزاوية هى خانقاه قوصون التى ذكرناها فى الخوانك.
زاوية محمد شهاب
هذه الزاوية داخل درب الشرفاء بالأزبكية، مقامة الشعائر وأوقافها تحت نظر الشيخ أحمد عرب أغلى.
زاوية محمد عبد ربه
هذه الزاوية بخط الحنفى بجوار عطفة الهياتم. شعائرها مقامة، وبها ضريح الشيخ محمد ابن عبد ربه عليها مقصورة من الخشب، ولها حنفية وكراسى راحة وبأعلاها مكتب عامر.
وفى سنة خمس وسبعين ومائتين وألف جدّدت من طرف ذات العصمة زينب هانم كريمة المرحوم محمد على باشا.
زاوية محمد المخفى
هذه الزاوية بشارع الحبّانية كانت متخربة ثم جددت من طرف المرحوم صلاح باشا فى نحو سنة ثمانين ومائتين وألف، وعمل بها ميضأة ومراحيض وحفر لها بئرا وأقام شعائرها.
زاوية المختار
هذه الزاوية بخط الفوطية من باب الشعرية، وهى مقامة الشعائر بها ضريح الشيخ محمد المختار، ولها أوقاف تحت نظر الشيخ محجوب مكى.
زاوية الست مرحبا
هى فى شارع درب الملاحفية. شعائرها معطلة وفيها حنفية، وبها ضريح الست مرحبا عليه تابوت مكسوّ مكتوب على/كسوته: أن الذى جدده سعادة عباس بيك يكن، ويعمل بها حضرة للست مرحبا كل ليلة سبت.
زاوية الست مريم
هذه الزاوية بباب القرافة تجاه مسجد السيدة عائشة النبوية-رضي الله عنها-منقوش على بابها فى الحجر: {(إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ)} الآية. وبها قبر الست مريم وبها قبر آخر، وهى غير مقامة الشعائر لتخربها، والآن جعلت مسكنا لبعض أرباب الحرف.
زاوية الست مريم
هذه الزاوية بشارع مرسينة جدّدتها الست مريم زوجة المرحوم حسين بيك كوسة، وهى مقامة الشعائر وبجوارها سبيل ببزابيز تابع لها، وبأعلاها منزل وبأسفلها أربعة دكاكين موقوفة عليها.
زاوية الست مريم
هذه الزاوية بأوّل حارة الطنبلى على يسار السالك إلى شارع الفجالة، وهى صغيرة وشعائرها مقامة، ولها أوقاف قليلة، وناظرها محمد شوشة الصباغ.
زاوية مصطفى أغا
هذه الزاوية بشارع درب الجماميز من إنشاء مصطفى أغا وكيل دار السعادة، وهى معلّقة وعلى محرابها شباك بشكل دائرة مصنوع من الجبس والزجاج الملوّن، ومرسوم بوسطه لفظ الجلالة بالزجاج الملون وبجوار المحراب شباكان من الخشب المخروط يعلوهما شباكان بالجبس والزجاج الملون، ولها حنفية ومراحيض وبئر، وبجوارها سبيل ببزابيز كان عليه رخام مكتوب فيه: جدّد هذا السبيل المبارك من فضل الله سبحانه وتعالى الأمير مصطفى أغا وكيل دار السعادة حالا سنة سبع ومائتين وألف، وبجوار السبيل حوض قديم كان معدا لشرب الدّواب، وهى الآن غير مقامة الشعائر، وقد جعلت مكتبا لتعليم الأطفال القرآن العظيم.
زاوية مصطفى باشا
هذه الزاوية ببوابة حجاج مقامة الشعائر، وبها سبيل مهجور له شبابيك مسدودة، مكتوب على أحدها فى لوح رخام هذا البيت:
سبيل بناه مصطفى باشا الأمين
…
عذب فرات سائغ للشاربين
وليس لها أوقاف والناظر عليها محمد الحطاب.
زاوية المصلية
هذه الزاوية فى حارة المناصرة بجوار باب دار الشيخ محمد المهدى شيخ الجامع الأزهر سابقا، مقامة الشعائر وفيها بئر وحنفية ويلصقها سبيل تابع لها، ولها أوقاف تحت نظر الست عائشة المصلية.
زاوية المظفر
هى بشارع السيوفية تجاه الطريق النافذ من هناك إلى جامع السلطان حسن، على يمنة السالك من شارع الحلمية إلى الصليبة.
وقد ذكر السخاوى فى كتابه تحفة الأحباب ما يدل على أن أصلها مدرسة؛ فإنه قال:
ومن تربة الأمير طغجى (المعروفة بالطغجية) إلى مدفن على رأس حدرة البقر يقال: إن فيه رأس سنجر، وتجاه الحدرة مدرسة أنشأها الأمير حزمان الأبوبكرى المؤيدى، بها قبره، وبها قبر الشيخ أسد وبها خطبة، ثم منها إلى المدرسة السعدية انتهى. وتدل آثارها على أنها كانت متسعة معتنى بها، ثم أخذ منها جزء كبير فيما يجاورها من العمارة التابعة لدار المرحوم محمد على باشا نجل المرحوم محمد على باشا.
ويقال: أن الحاج محمد أغا أغات الباب أجرى فيها عمارة قليلة سنة سبع وأربعين ومائتين وألف، وفيها منبر وخطبة ومطهرة وأخلية وبئر وقبور، والآن شعائرها مقامة من طرف ورثة المرحوم محمد على باشا، وتجاهها على الشارع ضريح يقال له ضريح المظفر هدمناه فى بناء دارنا وجدّدناه، وجعلنا علية قبة لطيفة لملاصقته لدارنا، وله كل سنة مولد ليلتان مع مولد السيدة نفيسة-رضي الله عنه-والظاهر أن بهذا الضريح رأس سنجر الذى ذكره السخاوى.
زاوية المغازى
هذه الزاوية بخط بين السورين فوق الخليج بين صهريج السليمانية وجامع الشعرانى،
وشعائرها مقامة، ولها أوقاف قليلة تحت نظر الشيخ على ماجور، وتعرف أيضا بزاوية أبى الحمائل، وبها ضريحه مشهور وبها ضريح آخر يزعم الناس أنه للشيخ محمد الشناوى، وليس كما زعموا فإن الشناوى مدفون فى محلة روح وقد بسطنا ترجمته فى الكلام عليها.
ترجمة أبى الحمائل
وأما أبو الحمائل فقال الشعرانى فى طبقاته: كان الشيخ محمد السروى المعروف بأبى الحمائل من الرجال المشهورين فى الهمة والعبادة، وكان يغلب عليه الحال فيتكلم بالألسن العبرانية والسريانية والعجمية، وتارة يزغرت فى الأفراح والأعراس كما تزغرت النساء، وكان إذا قال قولا ينفذه الله له، وشكى له أهل بلده من الفأر فى مقثأة البطيخ؛ فقال لصاحب المقثأة: رح وناد فى الغيط حسبما رسم محمد أبو الحمائل: انكم ترحلون أجمعون، ففعل. فلم ير بعد ذلك فيها فأرا واحدا فجاء إليه أهل البلاد؛ فقال: يا أولادى الأصل الإذن من الله.
ولم يفعل معهم ذلك.
وكان مبتلى بالخوف من زوجته وكان لا يقرب أحدا إلا بعد امتحانه بما يناسبه، وكان يقول: لقنت نحو ثلاثين ألف رجل ما عرفنى منهم غير محمد الشناوى، وقد اجتمعت به مرارا بالزاوية الحمراء خارج القاهرة ولقننى الذكر. ولما دخل مصر سكن بنواحى جامع الغمرى وكان يكره للمريدين قراءة الأحزاب، ويقول: ما رأينا أحد قط /وصل إلى الله بمجرد قراءة الأحزاب والأوراد، ويقول: مثال أرباب الأحزاب مثال شخص من أسافل الناس اشتغل بالدعاء ليلا ونهارا أن الله يزوجه بنت السلطان.
وقال: كنت يوما أقرأ على الشيخ يحيى المناوى بجامع عمرو فى خلوة الكتب، فدخل علينا رجل فى وسطه خيشه محزم عليها بحبل-وهو أسود كبير البطن-فقال: السلام عليكم؛ فقلنا: وعليكم السلام؛ فقال للشيخ: ايش تعمل بهذه الكتب! فقال أكشف عن المسائل فقال: أما تحفظها؟ فقال الشيخ: لا. فقال: أنا أحفظ جميع ما فيها كل حرف فيها يقول لك: كن رجلا جيدا. ثم خرج ولم نجده.
ولما حج اجتمع عليه الناس بمكة؛ فقال لخادمه: نحن جئنا نتجر وألاّ نتجرد للعبادة فى هذا البلد؛ فإذا كان وقت المغرب فامض إلى بيوت هؤلاء الجماعة وقل لهم: الشيخ محتاج إلى ألف دينار وقل لكل واحد منهم بمفرده. فلم يأت أحد منهم من ذلك اليوم، ووقائعه مشهورة.
مات بمصر ودفن بزاويته بخط بين السورين سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة.
زاوية المغربل
هذه الزاوية خارج باب الشعرية بسوق الخراطين. تجاه منزل البدراوى ويظهر أنها هى التى قال فيها المقريزى: أنها بدرب الزراق من الحكر عرفت بالشيخ المعتقد على المغربل. مات فى سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة.
ولما كانت الحوادث من سنة ست وثمانمائة خربت الحكورة وهدم درب الزراق وغيره انتهى.
وهى الآن عامرة مقامة الشعائر بنظر ديوان الأوقاف.
زاوية الملاح
هى بسوق الخشب على يمين الداخل فى حارة الملاح التى عن يمين الذاهب إلى المقس وهى متخربة جدا.
زاوية المنير
هذه الزاوية بسويقة المسعودى المعروفة الآن بحارة مكسر الحطب بالقرب من قنطرة الموسكى، على يسار الآتى من السكة الجديدة طالبا الحمزاوى.
أنشأها الشيخ محمد بن حسن السمنودى المعروف بالمنير فى أواخر القرن الثانى عشر، وأنشأ بجوارها دارا له، وهى مقامة الشعائر إلى اليوم ومشهورة بزاوية المنير، وبها خطبة وفيها
ضريح منشئها، يعمل له حضرة فى كل أسبوع ومولد فى كل سنة، ونظرها تحت أيدى ذريته، وقد ذكرنا ترجمته فى الكلام على بلدته سمنود فارجع إليها إن شئت.
زاوية المهمندار
هذه الزاوية بخط البراذعية من الدرب الأحمر بين جامع الماردانى وأبى حريبة، على يمين الذاهب من هناك إلى قلعة الجبل، لها بابان أحدهما على الشارع، والآخر داخل حارة اليانسية، وهى عامرة مقامة الشعائر، وبها خطبة ومنافعها تامة، وكان أصلها مدرسة تعرف بالمدرسة المهمندارية.
قال المقريزى: هذه المدرسة بناها الأمير شهاب الدين أحمد بن أقوش المهمندار ونقيب الجيوش سنة خمس وعشرين وسبعمائة، جعلها مدرسة وخانقاه، وجعل طلبة درسها من الفقهاء الحنفية، وبنى إلى جانبها القيسارية والربع الموجودين الآن، ويعرف خطها اليوم بخط جامع الماردانى خارج الدرب الأحمر، وهى تجاه مصلى الأموات انتهى.
وذكرها أيضا فى الخانقاهات، وقال: إنها بين حارة اليانسية وجامع الماردانى ثم إنها فى سنة خمس وثلاثين ومائة وألف أنشأ بها سليمان أغا القازدغلى مئذنة ومنبرا منقوش عليه هذه الأبيات:
سليمان قد وافيت عزا وسؤددا
…
وأبقيت للقزدغلى مجدا مؤبدا
بزاوية جدّدت فيها مشاعرا
…
نفائس صارت للعبادة موردا
وأحدثت فيها منبرا قد زهت به
…
ومئذنة أضحت تدلّ على الهدى
ومع غاية الإسعاد قلت مؤرّخا
…
لعمرى قد أسست بالهدى مسجدا
وهى إلى الآن عامرة مقامة الشعائر، وفيها المنبر يخطب عليه للجمعة والعيدين ولها مطهرة وأخلية ومنارة، ولها أوقاف تحت نظر الديوان.
زاوية موسيو
هذه الزاوية فى داخل تربيعة الحريريين بين جامع الغورى والأشرف، على يسرة السالك إلى الورّاقين.
وفى بعض الوثائق المؤرخة بسنة اثنتين وثمانين ومائة وألف: أنها من إنشاء سليمان أفندى المعروف بموسيو خليفة اليومية بالباب العالى، وصرف عليها من الفضة الأنصاف العددية الديوانية خمسة وثمانين ألفا وتسعمائة وواحدا وخمسين نصفا، وأنها معروفة بوقف الشيخ روى الدين انتهى.
وهى صغيرة وفيها منبر صغير من الخشب، ولها ميضأة وأخلية وشعائرها مقامة.
زاوية مهدى
قال المقريزى: هذه الزّاوية بجوار زاوية الشيخ تقى الدين، بناها الأمير صرغتمش فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة.
حرف النون
زاوية النحاس
هذه الزاوية بحارة الشيخ ظلام الدين بين سراى الحلمية وجنينتها عن يمين السالك إلى بركة الفيل. عرفت باسم منشئها الشيخ النحاس، وبها ضريحه وضريح ابنه وزوجته، وتعرف أيضا بزاوية الأربعين لضريح بها يقال له الأربعين وكانت متخربة.
وفى سنة سبع وستين ومائتين وألف جدّدها المرحوم عباس باشا لمجاورتها لداره، وجعل لها مطهرة،/ومنارة وبها منبر وخطبة، وشعائرها مقامة من أوقاف المرحوم عباس باشا وجعل بها حنفية، وبها ضريح رجل صالح يقال له الأربعين ويتبعها مسكن يسكنه عائلة النحاس إلى الآن.
زاوية النجشى
هى بشارع الركبية قرب الصليبة، شعائرها غير مقامة لتخربها، وبجوارها منزل متخرب موقوف عليها تحت نظر محمد أفندى فهمى، وفيها ضريح الشيخ محمد النجشى.
زاوية نصر
قال المقريزى: هذه الزاوية خارج باب النصر من القاهرة.
ترجمة الشيخ نصر
أنشأها الشيخ نصر بن سليمان أبو الفتح المنبجّى الناسك القدوة، وحدّث بها عن إبراهيم بن خليل وغيره، وكان فقيها معتزلا عن الناس متخليا للعبادة يتردد إليه أكابر الناس وأعيان الدولة.
وكان للأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير فيه اعتقاد كبير؛ فلمّا ولّى سلطنة مصر أجلّ قدره وأكرم محله، فهرع الناس إليه وتوسلوا به فى حوائجهم، وكان يتغالى فى محبّة العارف محى الدين محمد بن عربى الصوفى. ولذا كانت بينه وبين شيخ الإسلام أحمد بن تيمية مناكرة كبيرة.
مات رحمه الله تعالى عن بضع وثمانين سنة فى ليلة السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وسبعمائة ودفن بها انتهى.
زاوية النقاش
هذه الزاوية داخل حارة المغاربة بجوار باب الفتوح على يمين المارّ من باب الفتوح إلى بين السيارج، وبها منبر وخطبة وشعائرها مقامة، ولها أوقاف قليلة تحت نظر الشيخ محمد العسقلانى القبانى أحد ذرية النقاش واقفها.
زاوية نور الظلام
هذه الزاوية بشارع نور الظلام فى مقابلة بيت الأمير رياض باشا، بها ضريح يقال له ضريح نور الظلام، وهى المدرسة البشيرية وقد ذكرناها فى المدارس.
حرف الواو
زاوية الوردانى
هذه الزاوية بشارع درب الجماميز. أنشأها المرحوم بشير أغادار السعادة، ووقف عليها وقفا وشعائرها مقامة إلى الآن من ريعه، وبها ضريح الشيخ على الوردانى، وهى تحت نظر محمود أفندى حلمى ناظر وقف بشير أغا المذكور.
حرف الياء
زاوية يوسف بيك
هذه الزاوية بشارع الحوض المرصود بجوار ورشة السلاح. أنشأها الأمير يوسف بيك.
وأنشأ بجوارها سبيلا وحوضا لشرب الدّواب فى سنة أربع وأربعين وألف، كما أخذ ذلك من بعض كتابات فى سقف السبيل، وهى الآن متخربة معطلة الشعائر قائمة البنيان، وقد جعلها بعض الحدّادين حانوتا لسبك الحديد، وفيها قبران يعلوهما قبة بها أربعة شبابيك ومحرابان، وبناء السبيل من حجر الآلة وأرضيته مفروشة بالرخام الملّون وبدائره من الأعلى إزار خشب مكتوب فيه بماء الذهب آيات من القرآن، وكذا السقف منقوش بماء الذهب فيه آيات قرآنية وبعض تاريخ الإنشاء، وهو أيضا متخرب ومجعول مقلاة للحمص وبابه دكان لبيعه.
زاوية يوسف بيك عبد الفتاح
هى بدرب السمّاكين بالحسينية على يسرة السالك منه إلى جامع الصّوابى والبيومى.
أنشأها المرحوم يوسف بيك عبد الفتاح شاه بندر تجار القاهرة بجوار منزله سنة ثمان
وسبعين ومائتين وألف، وجعل فيها منبرا وخطبة ووقف عليها أوقافا جارية عليها إلى الآن، وجعل النظر عليها من بعده لذرّيّته، وشعائرها مقامة بنظر ابنه محمد يوسف.
زاوية يوسف
هى بسوق الخشب داخل درب سعيدة، على يمين الذاهب من سوق الزلط إلى باب البحر، وعلى يسار الداخل من باب الحارة، وهى صغيرة مقامة الشعائر.
زاوية اليونسية
هذه الزاوية بشارع المغربلين عن يمين السالك من باب زويلة إلى الصليبة على رأس عطفة الداودية.
كانت أول أمرها مدرسة. أنشأتها الست عائشة اليونسية إلى زوجها الأمير يونس السيفى الداوادار الكبير، والعامة يقولون: التّنسية. وكان بابها فى الزقاق الذاهب إلى الداودية؛ فلما هدم رأس الزقاق لتوسعة الطريق هدم منها الجانب الذى به الباب، وجعل بابها على الشارع، وبها ضريح الست عائشة اليونسية؛ ولما اختل نظامها جدّدها حضرة محمد أفندى مناو. سنة ثمانين ومائتين وألف، ولها أوقاف تحت نظره، وشعائرها الآن مقامة، ويعمل لها بها مولد كل سنة، وهى غير الزاوية اليونسية التى قال فيها المقريزى: انها خارج القاهرة قرب باب اللوق تنزلها الطائفة اليونسية، وأحدهم يونسى نسبة إلى يونس-بالمثناة التحتية- ويونس المنسوبة إليه الطائفة اليونسية متعدد: يونس بن عبد الرحمن القمى مولى آل يقطين، وطائفته من غلاة الشيعة.
واليونسية أيضا: فرقة من المرجئة ينتمون إلى يونس السموى يزعم: أن الإيمان المعرفة بالله والخضوع له
(1)
. ولهم يونس بن يونس بن مساعد الشيبانى، ثم المخارقى شيخ صالح له كرامات، وكان مجذوبا إلى طريق الخير. توفى سنة تسع عشرة وسبعمائة وإليه تنسب هذه الطائفة انتهى.
(1)
راجع: اليونسية فى (الملل والنحل للشهرستانى الجزء الأول صفحة 140 تحقيق محمد سيد كيلانى ط الحلبى)
وتجاه هذه الزاوية زاوية أخرى تنسب للست عائشة اليونسية أيضا، لها باب ضيق جدا وهى صغيرة وبها عمودان من الرخام وسقفها من الخشب، وبها ميضأة وحوض ماء وبيت خلاء وشعائرها مقامة.
***
المساجد
مسجد ابن البناء
قال المقريزى: هذا المسجد داخل باب زويلة وتسميه العوام سام بن نوح النبى عليه السلام، وهو من مختلقاتهم التى لا أصل لها، وإنما يعرف بمسجد ابن البناء. أنشأه الحاكم بأمر الله انتهى.
وهذا المسجد يعرف الآن بزاوية سام بن نوح وقد ذكرناها فى الزّوايا.
مسجد ابن الجباس
قال المقريزى: هذا المسجد خارج باب زويلة بالقرب من مصلى الأموات دون باب اليانسية، عرف بالشيخ أبى عبد الله محمد بن على بن أحمد بن محمد بن جوشن المعروف بابن الجبّاس-بجيم وباء موحدة بعدها ألف وسين مهملة-القرشى العقيلى الفقيه الشافعى المقرئ.
كان فاضلا صالحا زاهدا عابدا مقرئا، كتب بخطه كثيرا وسمع الحديث النّبوى، ومولده يوم السبت سابع عشر ذى القعدة سنة اثنتين وثلاثين وستمائة بالقاهرة انتهى.
والظاهر أن هذا المسجد هو زاوية عباس التى فى شارع السّروجية بالقرب من جامع جانم؛ فإن جامع جانم فى محل مصلى الأموات كما فى تحفة الأحباب للسخاوى
(1)
مسجد ابن الشيخى
قال المقريزى: هذا المسجد بخط الكافورى مما يلى باب القنطرة وجهة الخليج مجاور لدار ابن الشيخى.
أنشأه المهتار ناصر الدين محمد بن علاء الدين على الشيخى مهتار السلطان
(1)
جانم: هو الجناب السيفى جانم أحد الأمراء العشراوات وهو قريب المقر السيفى يشبك من مهدى الداوادار الكبير ويعرف الآن بالجانمية. راجع (تحفة الأحباب وبغية الطلاب فى الخطط والمزارات والتراجم والبقاع المباركات للسخاوى صفحة 107 الطبعة الأولى 1356 هـ -1937 م).
بالاصطبلات السلطانية، وقرر فيه تقى الدين محمد بن حاتم؛ فكان يعمل فيه ميعادا يجتمع الناس فيه لسماع وعظه، وكان ابن الشيخى هذا حثما فخورا خيرا يحب أهل العلم والصلاح ويكرمهم ولم نر بعده فى رتبه مثله. مات ليلة الثلاثاء أوّل يوم من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة اه.
مسجد باب الخوخة
قال المقريزى: هذا المسجد تجاه باب الخوخة بجوار مدرسة أبى غالب.
قال ابن المأمون فى حوادث سنة ست عشرة وخمسمائة: «ولما سكن المأمون الأجل دار الذّهب وما معها. يعنى: فى أيام النيل للنزهة عند سكن الخليفة الآمر بأحكام الله بقصر اللؤلؤة المطل على الخليج رأى قبالة باب الخوخة محرسا؛ فاستدعى وكيله وأمره بأن يزيل المحرس المذكور ويبنى موضعه مسجدا.
وكان الصناع يعملون فيه ليلا ونهارا حتى أنه تفطر بعد ذلك واحتيج إلى تجديده اه.
ويغلب على الظن: أن هذا المسجد محله الآن الحانوت الكبيرة، التى على الخليج بجوار جامع الشيخ فرج القريب من جامع الحفنى بخط الموسكى؛ لأن هذه الحانوت هى التى قبالة محل باب الخوخة الآن ويكون جامع الشيخ فرج المذكور هو مدرسة أبى غالب أو بنى فى محلها.
مسجد تبر
قال المقريزى: هذا المسجد خارج القاهرة مما يلى الخندق عرف قديما بالبئر والجميزة، وعرف بمسجد تبر وتسميه العامة بمسجد التبن وهو خطأ، وموضعه خارج القاهرة قريبا من المطرية انتهى.
وهذا المسجد يعرف اليوم بزاوية تبر وقد بسطنا الكلام عليها فى الزوايا من هذا الكتاب.
مسجد الحلبيين
قال المقريزى: هذا المسجد فيما بين باب الزّهومة ودرب شمس الدولة، على يسرة من سلك من حمام خشيبة طالبا البندقانيين، بنى على المكان الذى قتل فيه الخليفة الظافر نصر بن عباس الوزير ودفنه تحت الأرض؛ فلما قدم الصالح طلائع بن رزيك من الأشمونين إلى القاهرة باستدعاء أهل القصر له ليأخذ بثأر الخليفة وغلب على الوزارة استخرج الظافر من هذا الموضع ونقله إلى تربة القصر، وبنى موضعه هذا المسجد وسماه المشهد وعمل له بابين، وما برح هذا المسجد يعرف بالمشهد إلى أن انقطع فيه محمد بن أبى الفضل بن سلطان بن عمّار ابن تمام أبو عبد الله الحلى الجعبرى المعروف بالخطيب.
ترجمة محمد بن أبى الفضل الجعبرى الخطيب
وكان صالحا كثير العبادة زاهدا منقطعا عن الناس ورعا وسمع الحديث وحدث، وكان مولده فى شهر رجب سنة أربع وعشرين وستمائة بقلعة جعبر، ووفاته بهذا المسجد يوم الاثنين سادس عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، ودفن بمقابر باب النصر رحمه الله.
وهذا المسجد من أحسن مساجد القاهرة وأبهجها انتهى.
والظاهر: أن هذا المسجد دخل كله أو بعضه فى حدود جامع الشيخ مطهر، الذى بناه الأمير عبد الرحمن كتخدا فى محل المدرسة السيوفية وتكلمنا عليه هناك.
مسجد الذخيرة
قال المقريزى: هذا المسجد تحت قلعة الجبل بأول الرميلة، تجاه شبابيك مدرسة السلطان حسن بن محمد بن قلاوون، التى تلى بابها الكبير الذى سدّه الملك الظاهر برقوق.
أنشأه ذخيرة الملك جعفر متولى الشرطة.
قال ابن المأمون فى تاريخه: وفى هذه السنة. يعنى: سنة ست عشرة وخمسمائة
استخدم ذخيرة الملك جعفر فى ولاية القاهرة والحسبة بسجل. أنشأه ابن الصيرفى، وجرى من عسفه وظلمه ما هو مشهور، وبنى المسجد الذى بين الباب الجديد والجبل الذى هو به معروف، وسمى مسجد (لا بالله) بسبب أنه كان يقبض على الناس من الطريق ويعسفهم فيحلفون ويقولون له: لا بالله؛ فيقيدهم ويستعملهم فيه بغير أجرة، ولم يعمل فيه منذ أنشأه إلاّ صانع مكره أو فاعل مقيّد، وكان قد أبدع فى عذاب الجناة وأهل الفساد، وخرج عن حكم الكتاب/فابتلى بالأمراض الخارجة عن المعتاد، ومات بعد ما عجل الله له ما قدمه، وتجنب الناس تشييعه والصلاة عليه، وذكر عنه فى حالتى غسله وحلوله بقبره ما يعيذ الله كل مسلم من مثله انتهى.
والظاهر: أن هذا المسجد محله الآن زاوية الرفاعى، التى هدمت وبنى عوضها الجامع الذى أنشأته والدة الخديو اسماعيل المعروف الآن بجامع الرفاعى.
مسجد رسلان
قال المقريزى: هذا المسجد بحارة اليانسية عرف بالشيخ الصالح رسلان لإقامته به، وحكيت عنه كرامات ومات به فى سنة إحدى وتسعين وخمسمائة انتهى.
وهذا المسجد اليوم يعرف بزاوية رسلان وقد ذكرناه فى الزوايا.
مسجد رشيد
قال المقريزى: هذا المسجد خارج باب زويلة بخط تحت الربع، على يسرة من سلك من دار التفاح يريد قنطرة الخرق، بناه رشيد الدين البهائى انتهى، ولم يذكر له ترجمة.
والظاهر: أن هذا المسجد هو الجامع المعروف اليوم بجامع المرة وقد ذكرناه فى الجوامع.
مسجد الرصد
قال المقريزى: هذا المسجد بناه الأفضل أبو القاسم شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجمالى، بعد بنائه لجامع الفيلة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة لأجل رصد الكواكب بالآلة التى يقال لها: ذات الحلق اه.
وقال أيضا فى الكلام على الرصد: وكان الأفضل بناه ألطف من جامع الفيلة ولم يكمل، فلما صار برسم الرصد كمل فحضر الأفضل فى نقل الحلقة من جامع الفيلة إلى مسجد الرصد الجيوشى اه.
أقول: وهذا المسجد موجود إلى الآن بأعلى جبل المقطم، ويعرف بجامع الجيوشى وزاوية الجيوشى، وقد ذكرناه فى الزوايا من هذا الكتاب.
مسجد زرع النوى
قال المقريزى: هذا المسجد خارج باب زويلة بخط سوق الطيور، على يسرة من سلك من رأس المنجبية طالبا جامع قوصون والصليبة انتهى.
وهذا المسجد هو زاوية الشيخ خضر التى بشارع السروجية، على رأس عطفة الدالى حسين وقد ذكرت فى الزوايا.
مسجد صواب
قال المقريزى: هذا المسجد خارج القاهرة بخط الصليبة عرف بالطواشى شمس الدين صواب مقدم المماليك السلطانية، ومات فى ثامن رجب سنة اثنتين وأربعين وستمائة ودفن به وكان خيرا دينا فيه صلاح انتهى.
مسجد الفجل
قال المقريزى: هذا المسجد بخط بين القصرين تجاه بيت البيسرى. أصله من مساجد الخلفاء الفاطميين. أنشأه على ما هو عليه الآن الأمير بشتاك، لما أخذ قصر أمير سلاح ودار
أقطوان الساقى، وأحد عشر مسجدا وأربعة معابد كانت من عمارة الخلفاء وأدخلها فى عمارته التى تعرف اليوم بقصر بشتاك، ولم يترك من المساجد والمعابد سوى هذا المسجد فقط، ويجلس فيه بعض نوّاب القضاة المالكية للحكم بين الناس وتسميه العامة مسجد الفجل، وتزعم أن النيل الأعظم كان يمر بهذا المكان، وأن الفجل كان يغسل موضع هذا المسجد، فعرف بذلك وهذا القول كذب لا أصل له.
قال: وبلغنى أنه عرف بمسجد الفجل من أجل أن الذى كان يقوم به كان يعرف بالفجل والله أعلم انتهى.
وهذا المسجد يعرف اليوم بزاوية معبد موسى وهو بآخر شارع بين القصرين وأول شارع التمبكشية.
مسجد الكافورى
قال المقريزى: هذا المسجد كان فى بستان الكافورى من القاهرة. بناه الوزير المأمون أبو عبد الله محمد بن فاتك البطائحى فى سنة ست عشرة وخمسمائة، وتولى عمارته وكيله أبو البركات محمد بن عثمان، وكتب اسمه عليه وهو باق إلى اليوم بخط الكافورى، ويعرف هناك بمسجد الخلفاء وفيه نخل وشجر وهو مرخّم برخام حسن انتهى.
مسجد معبد موسى
قال المقريزى: هذا المسجد بخط الركن المخلق
(1)
من القاهرة تجاه باب الجامع الأقمر المجاور لحوض السبيل وعلى يمنة من سلك من بين القصرين طالبا رحبة باب العيد أوّل ما اختطه القائد جوهر عندما وضع القاهرة.
قال ابن عبد الظاهر: ولما بنى القائد جوهر القصر أدخل فيه دير العظام وهو المكان المعروف الآن بالركن المخلق قبالة حوض الجامع الأقمر وقريب دير العظام. والمصريون
(1)
سيرد بعد قليل.
يقولون: بئر العظمة فكره أن يكون فى القصر دير فنقل العظام التى كانت به والرّمم إلى دير بناه فى الخندق؛ لأنه كان يقال: أنها كانت عظام جماعة من الحواريين وبنى مكانها مسجدا من داخل السور يعنى سور القصر وقال جامع سيرة الظاهر بيبرس.
وفى ذى الحجة سنة ستين وستمائة ظهر بالمسجد الذى بالركن المخلق من القاهرة حجر مكتوب عليه: هذا معبد موسى بن عمران-عليه السلام-فجددت عمارته وصار يعرف بمعبد موسى من حينئذ، ووقف عليه ريع بجانبه وهو باق إلى وقتنا هذا انتهى ويعرف الآن بزاوية معبد موسى.
مسجد نجم الدين
قال المقريزى: هذا المسجد ظاهر باب النصر. أنشأه الملك الأفضل نجم الدين أبو سعيد أيوب بن شاذى بن مروان الكردى والد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، وجعل إلى جانبه حوض ماء للسبيل ترده الدواب فى سنة ست وستين وخمسمائة.
ترجمة نجم الدين
ونجم الدين هذا قدم هو وأخوه أسد الدين شيركوه من/بلاد الأكراد إلى بغداد، وخدم بها وترقى حتى صار دزدارا بقلعة تكريت ومعه أخوه، ثم انتقل عنها إلى خدمة الملك المنصور عماد الدين أتابك زنكى بالموصل فخدمه حتى مات؛ فتعلق بخدمة ابنه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى فرقاه وأعطاه بعلبك وحج من دمشق؛ فلما قدم ابنه صلاح الدين يوسف بن أيوب مع عمه أسد الدين شيركوه من عند نور الدين محمود إلى القاهرة، وصار إلى وزارة العاضد بعد موت شيركوه قدم عليه أبوه نجم الدين فى جمادى الآخرة سنة خمس وستين وخمسمائة، وخرج العاضد إلى لقائه وأنزله بمناظر اللؤلؤة؛ فلما استبد صلاح الدين بسلطنة مصر بعد موت الخليفة العاضد أقطع أباه نجم الدين الإسكندرية والبحيرة إلى أن مات بالقاهرة سنة ثمان وستين وخمسمائة من سقطة عن ظهر فرسه خارج باب النصر، فحمل إلى داره فمات بعد أيام.
وكان خيّرا جوّادا متدينا محبا لأهل العلم والخير وما مات حتى رأى من أولاده عدّة ملوك، وصار يقال له أبو الملوك انتهى.
وقال ابن خلكان: «ولما مات دفن إلى جانب أخيه أسد الدين شيركوه فى بيت بالدّار السلطانية، ثم نقلا بعد سنين إلى المدينة الشريفة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام» انتهى.
أقول: وهذا المسجد موجود إلى الآن، ويعرف بهذا الاسم وبداخله ضريح تزعم العامة أنه ضريح نجم الدين المذكور وليس بصحيح لما عرفت، وإنما هو ضريح رجل صالح للناس فيه اعتقاد كبير، ويعمل له حضرة كل يوم جمعة يجتمع فيها كثر من النساء أصحاب الأمراض يقصدن الشفاء من أمراضهن بزيارته وحضور الذكر الذى يعقد، وقد ترك ذلك الآن هناك.
مسجد يانس
قال المقريزى: هذا المسجد كان تجاه باب سعادة خارج القاهرة.
قال ابن المأمون فى تاريخه: وكان الأجل المأمون الوزير محمد بن فاتك البطائحى قد ضم إليه عدة من مماليك الأفضل ابن أمير الجيوش من جملتهم يانس، وجعله مقدما على صبيان مجلسه، وسلم إليه بيت ماله وميزه فى رسومه؛ فلما رأى المذكور فى ليلة النصف من شهر رجب سنة ست عشرة وخمسمائة ما عمل فى المسجد المستجد، قبالة باب الخوخة من الهمة ووفور الصدقات وملازمة الصّلوات، وما حصل فيه من المثوبات كتب رقعة يسأل فيها: أن يفسح له فى بناء مسجد يظاهر باب سعادة؛ فلم يجبه المأمون إلى ذلك وقال له: ما ثم مانع من عمارة المساجد وأرض الله واسعة، وإنما هذا الساحل فيه معونة للمسلمين وموردة للسقائين وهو مرسى مراكب الغلة وفيه المضرّة بمضايقة المسلمين، ولو لم يكن المسجد المستجد قبالة باب الخوخة محرسا لما استجد حتى إنّا لم نخرج بساحته الأولى؛ فان أردت أن تبنى قبلىّ مسجد الريفى أو على شاطئ الخليج فالطريق ثم سهلة؛ فقبّل الأرض وامتثل الأمر، فلما قبض على
المأمون وأمر الخليفة يانس المذكور، ولم يزل ينقله إلى أن استخدمه فى حجبة بابه سأله فى مثل ذلك فلم يجبه إلى أن أخذ الوزارة فبناه فى المكان المذكور. وكانت مدته يسيرة فتوفى قبل إتمامه وإكماله فكمله أولاده بعد وفاته انتهى.
وهذا المسجد عرف فيما بعد بزاوية الشيخ محمد المغربى، وكان به ضريح يعرف بهذا الاسم، ثم بعد مدة تهدم وبقى الضريح وبنيت عليه قبة واستمر على ذلك إلى نحو سنة تسعين بعد المائتين والألف، ثم هدم ودخل محله فى الميدان الذى أمام سراى الأمير منصور باشا، وبنى الأمير المذكور زاوية صغيرة، وجعل بها قبرا ونقل الشيخ المغربى إليها ليلا، واجتمع الناس لأجل ذلك وانعقد مجلس ذكر، واستمر إلى أن نقل من التربة الأولى إلى الثانية، وهى بالقرب منها تجاه سور الجنينة التى بالسراى على شاطئ الخليج وهذه الزاوية غير مستعملة، وإنما يعمل بها حضرة كل أسبوع ومولد كل سنة للأستاذ المذكور.
***
الخوانك
مفرد الخوانك: خانكاه بالكاف وهى كلمة فارسية معناها بيت، وقيل أصلها خونقاه بالقاف أى الموضع الذى يأكل فيه الملك، وقد بسطنا القول فى ذلك فى الكلام على الخانقاه السرياقوسية فراجعه.
قال المقريزى: حدثت الخوانك فى الإسلام فى حدود الأربعمائة من سنى الهجرة، وجعلت لتخلى الصّوفية فيها لعبادة الله تعالى، والصّوفية: اسم لخواص أهل السنة المراعين أنفسهم مع الله الحافظين قلوبهم عن طوارق الغفلة، واشتهر هؤلاء بهذا الاسم قبل المائتين من الهجرة.
قال السّهروردى رحمه الله: الصوفى يضع الأشياء فى مواضعها، ويدبّر الأوقات والأحوال كلها بالعلم، يقيم الخلق مقامهم ويقيم أمر الحق مقامه ويستر ما ينبغى أن يستر ويظهر ما ينبغى أن يظهر ويأتى بالأمور من مواضعها بحضور عقل وصحة توحيد وكمال معرفة ورعاية صدق وإخلاص؛ فمن لبس لبسة الصوفية ولم يكن على هذه الصّفة فليس منهم فى شئ.
وأوّل من اتخذ بيتا للعبادة: زيد بن صوحان بن صبرة عمد إلى رجال من أهل البصرة تفرّغوا للعبادة وليس لهم كسب ولا غلة؛ فبنى لهم دورا وأسكنهم فيها، وجعل لهم ما يقوم بمصالحهم من مطعم ومشرب وملبس وغيره؛ فدعاهم عبد الله بن عامر عامل عثمان بن عفان-رضي الله عنه-بالبصرة ليقربهم ويشيروا/عليه فأتاه ابن صوحان وقال له: أتأتى إلى قوم قد انقطعوا إلى الله فتدنّسهم بدنياك حتى إذا ذهبت أديانهم أعرضت عنهم فطاحوا لا إلى الدنيا ولا إلى الآخرة، وقال لهم: قوموا إلى مواضعكم فقاموا انتهى ملخصا. وليس اسم الخانكاه اليوم مستعملا عندنا بمصر فى هذا المعنى، وإنما المستعمل بدله التكية والزاوية، ولكن نذكر ملخص ما فى المقريزى؛ فنقول:
حرف الألف
خانقاه ابن غراب
قال المقريزى: هذه الخانقاه خارج القاهرة على الخليج الكبير من بره الشرقى بجوار جامع بشتاك من غربيه.
أنشأها القاضى سعد الدين إبراهيم بن عبد الرزاق بن غراب الإسكندرانى ناظر الخاص وناظر الجيوش وأستادار السلطان وكاتب السر وأحد أمراء الألوف الأكابر فى آخر القرن الثامن انتهى.
وهذه الخانقاه عامرة إلى اليوم، وتعرف بزاوية سعد الدين العرابى وقد ذكرناها فى الزّوايا.
خانقاه آقبغا
قال المقريزى: هذه الخانقاه هى موضع من المدرسة الآقبغاوية بجوار الجامع الأزهر فرده الأمير آقبغا عبد الواحد انتهى.
وقد ذكرنا المدرسة الآقبغاوية مع الجامع الأزهر، فانظرها هناك.
والآقبغاوية أيضا: خانقاه بالقرافة لم نقف لها على أثر.
خانقاه أم أنوك
هى بأوّل القرافة خارج باب البرقية المعروف الآن بالغريب. كانت موجودة ذات إيراد إلى زمن دخول الفرنساوية أرض مصر سنة ثلاث عشرة ومائتين وألف؛ فتخربت وبنى فى مكانها الشيخ عبد الله بن حجازى الشرقاوى زاويته المعروفة بزاوية الشيخ الشرقاوى خارج باب الغريب، كما يؤخذ من الجبرتى قال: كانت خانقاه الست خوند طغاى الناصرية فى نظر الشيخ عبد الله الشرقاوى وقد استولى على جهات إيرادها، وكان الناظر عليها قبله شخصا من
شهود المحكمة يقال له ابن الشاهينى، ولما ولج الفرنساوية الأراضى المصرية وتمكنوا منها وعملوا القلاع فوق التلول حوالى المدينة هدموا منارتها وبعض حوائطها الشمالية وتركوها على ذلك.
وكانت ساقيتها تجاه بابها فى علوة يصعد إليها بمزلقان، ويجرى منها الماء إلى الخانقاه على حائط مبنى، وبه قنطرة يمرّ من تحتها الناس وتحت الساقية حوض لسقى الدّواب، ثم ان الشيخ الشرقاوى أبطل الساقية وبنى الزاوية، وعمل لنفسه بها مدفنا وعقد عليه قبة، وجعل تحتها مقصورة وبداخلها تابوتا عاليا مربعا وعلى أركانه عساكر فضة، وبنى بجانبها قصرا ملاصقا لها يحتوى على أروقة ومساكن ومطبخ، وذهبت الساقية من ضمن ذلك وجعلها بئرا وعليها خرزة يملأون منها بالدلو ونسيت تلك الساقية وانطمست معالمها وكأنها لم تكن انتهى.
وفى المقريزى: أن هذه الخانقاه أنشأتها الخاتون
(1)
طغاى تجاه تربة الأمير طاشتمر الساقى فجاءت من أجل المبانى، وجعلت بها صوفية وقراء، ووقفت عليها الأوقاف الكثيرة، وقرّرت لكل جارية من جواريها مرتّبا يقوم بها.
ترجمة طغاى
طغاى: الخوند
(2)
الكبرى زوجة الملك الناصر محمد بن قلاوون وأم ابنه الأمير أنوك كانت من جملة إمائه فأعتقها وتزوجها، ويقال أنها أخت الأمير آقبغا عبد الواحد، وكانت بديعة الحسن رأت من السعادة ما لم يره غيرها من نساء ملوك الترك بمصر، ولم يدم السلطان على محبة امرأة سواها، وحج بها القاضى كريم الدين الكبير، واحتفل بأمرها وحمل لها البقول فى محائر طين على ظهور الجمال، وأخذ لها الأبقار الحلاّبة فسارت معها طول الطّريق لأجل اللبن الطرى وعمل الجبن، وكان يقلى لها الجبن فى الغداء والعشاء وإذا كان البقل والجبن بهذه المثابة وهما أخس ما يؤكل فما عساه يكون بعد ذلك، وكان القاضى وأمير مجلس
(1)
الخاتون: لفظ تركى معناه السيدة. دخل العالم الإسلامى عن طريق الأتراك.
راجع: (الألقاب الإسلامية فى التاريخ والوثائق والآثار تأليف د. حسن الباشا صفحة 264 ط النهضة المصرية 1957 م).
(2)
خوند: لفظ فارسى عرفته كذلك اللغة التركية، وأصله (خداوند)، ومعناه: السيد أو الأمير، ويخاطب به الذكور والاناث.
راجع (للمصدر السابق نفسه ص 280).
وعدة من الأمراء يمشون رجالا بين يدى محفتها ويقبلون الأرض لها، ثم حج بها الأمير بشتاك سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، واستمرت عظمتها بعد موت السلطان إلى أن ماتت سنة تسع وأربعين وسبعمائة أيام الوباء عن ألف جارية وثمانين خادما خصيا وأموال كثيرة جدا.
وكانت عفيفة طاهرة كثيرة الخير والصدقات والمعروف جهزت سائر جواريها وجعلت على قبر ابنها بقبة المدرسة الناصرية بين القصرين قرّاء، ووقفت على ذلك وقفا، وجعلت من جملته خبزا يفرق على الفقراء، ودفنت بهذه الخانقاه وهى من أعمر الأماكن إلى يومنا هذا انتهى.
ولم يبق الآن هناك سوى جدران قديمة بجوار زاوية الشيخ الشرقاوى يظن أنها من آثارها فسبحان من له الدوام والبقاء.
مطلب حرف الباء
خانقاه بشتاك
قال المقريزى: هذه الخانقاه خارج القاهرة على جانب الخليج من البر الشرقى تجاه جامع بشتاك. أنشأها الأمير بشتاك الناصرى سنة ست وثلاثين وسبعمائة انتهى.
وهى التى فى محلها الآن السبيل والمكتب الكائنان بدرب الجماميز اللذان أنشأتهما الست المرحومة والدة المرحوم مصطفى باشا أخى الخديو اسماعيل، تجاه جامع بشتاك المعروف اليوم بجامع مصطفى باشا، وقد ذكرناها عند ذكر زاوية سعد الدين بن غراب.
الخانقاه البندقدارية
قال المقريزى: هذه الخانقاه بالقرب من الصليبة، كان موضعها قديما يعرف بدويرة/مسعود، وهى الآن تجاه المدرسة الفارقانية وحمام الفارقانى.
أنشأها الأمير علاء الدين أيدكين البندقدارى الصالحى النجمى سنة ثلاث وثمانين وستمائة انتهى.
وهذه المدرسة عامرة إلى الآن وتعرف بزاوية الآبار، وقد ذكرناها فى الزوايا من هذا الكتاب.
خانقاه بيبرس
قال المقريزى: هذه الخانقاه من جملة دار الوزارة الكبرى بخط الجمالية تجاه الدرب الأصفر وبجوار جامع سنقر المجعول اليوم مكتبا يعرف بمكتب الجمالية، وهى أجلّ خانقاه أنشئت بالقاهرة بناها الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير المنصورى سنة ست وسبعمائة، وهى عامرة إلى الآن وتعرف بجامع بيبرس الجاشنكير، وقد ذكرناها فى الجوامع فانظرها هناك.
حرف الجيم
الخانقاه الجاولية
قال المقريزى: هذه الخانقاه على جبل يشكر بجوار مناظر الكبش. أنشأها الأمير علم الدين سنجر الجاولى فى سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة انتهى.
وهذه الخانقاه؛ هى المدرسة الجاولية أيضا كما فى المقريزى، وهى عامرة إلى الآن وخطها يعرف بخط الحوض المرصود، وتعرف هى بجامع الجاولى وقد ذكرناه فى الجوامع من هذا الكتاب.
الخانقاه الجمالية
هى المدرسة الجمالية التى بين حارة الفرّاخة وقصر الشوك.
قال المقريزى: أنشأها الوزير مغلطاى الجمالى سنة ثمانين وسبعمائة انتهى.
وهذه الخانقاه عامرة إلى اليوم وتعرف بزاوية الجمالى وقد ذكرت فى الزوايا.
خانقاه ألجيبغا المظفرى
قال المقريزى: هذه الخانقاه خارج باب النصر فيما بين قبة النصر وتربة عثمان بن جوشن السعودى.
أنشأها الأمير سيف الدين ألجيبغا المظفرى، وكان بها عدّة من الفقراء يقيمون بها ولهم فيها شيخ، ويحضرون فى كل يوم وظيفة التصوف ولهم الطعام والخبز.
وكان بجانبها حوض ماء لشرب الدواب وسقاية بها الماء العذب لشرب الناس، وكتّاب يقرأ فيه أطفال المسلمين الأيتام كتاب الله تعالى ويتعلمون الخط، ولهم فى كل يوم الخبز وغيره وما برحت إلى أن أخرج الأمير برقوق أوقافها فتعطّلت وأقام بها جماعة من الناس مدة ثم تلاشى أمرها، وهى الآن باقية من غير أن يكون فيها سكان انتهى.
ترجمة ألجيبغا المظفرى
الخاصكى تقدم فى أيام الملك المظفر حاجى ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون تقدما كبيرا بحيث لم يشاركه أحد فى رتبته وصار أحد أمراء المشورة الذين يصدر عنهم الأمر والنهى؛ فلما اختلف أمراء الدولة أخرج إلى دمشق فى ربيع الأول سنة تسع وأربعين وسبعمائة، ثم سار إلى نيابة طرابلس عوضا عن الأمير بدر الدين مسعود بن الخطيرى؛ فلم يزل على نيابتها إلى سنة خمسين وسبعمائة؛ فكتب إلى الأمير أرغون شاه نائب دمشق يستأذنه فى التصيد إلى الناعم فأذن له وسار من طرابلس وأقام على بحيرة حمص أياما يتصيد، ثم ركب ليلا بمن معه وساق إلى خان لاجين ظاهر دمشق، ثم ركب بمن معه ليلا وطرق أرغون شاه وهو بالقصر الأبلق وقبض عليه وقيده وأصبح وهو يسوق الخيل؛ فاستدعى الأمراء وأخرج لهم كتاب السلطان بإمساك أرغون شاه فأذعنوا له واستولى على أموال أرغون؛ فلما كان يوم الجمعة الرابع عشر منه أصبح أرغون شاه مذبوحا؛ فأشاع ألجيبغا أنّ أرغون ذبح نفسه فأنكر الأمراء أمره وثاروا لحربه فركب وقاتلهم وانتصر عليهم وقتل جماعة منهم وأخذ الأموال وخرج
من دمشق، وسار إلى طرابلس فأقام بها وورد الخبر من مصر إلى دمشق بانكار كل ما وقع والاجتهاد فى إمساك ألجيبغا؛ فخرجت عساكر الشام إلى الجيبغا ففر من طرابلس، فأدركه عساكر طرابلس عند بيروت وحاربوه حتى قبضوا عليه، وحمل إلى عسكر دمشق فقيد وسجن بقلعة دمشق هو وفخر الدين إياس، ثم وسط بمرسوم السلطان تحت قلعة دمشق بحضور العساكر، ووسط معه الأمير فخر الدين إياس، وعلقا على الخشب فى ثامن عشر ربيع الآخر سنة خمسين وسبعمائة وعمره دون العشرين سنة انتهى.
حرف السين
خانقاه سعيد السعداء
(1)
قال المقريزى: هذه الخانقاه بخط رحبة باب العيد من القاهرة قرب جامع بيبرس الجاشنكير، كانت أوّلا دارا تعرف فى الدولة الفاطمية بدار سعيد السعداء، فعملها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب خانقاه للصّوفية سنة تسع وستين وخمسمائة، وتعرف بالصلاحية ودويرة سعيد السعداء انتهى.
وهى عامرة إلى الآن وتعرف بجامع الخانقاه وهو سعيد السعداء، وخطها يعرف بخط الجمالية وقد ذكرناها فى الجوامع فانظرها هناك.
حرف الشين
الخانقاه الشرابيشية
قال المقريزى: هى فيما بين الجامع الأقمر وحارة برجوان فى آخر المنحر، الذى يعرف اليوم بالدرب الأصفر، ويتوصل منها إلى الدرب الأصفر تجاه خانقاه بيبرس، وبابها الأصيلى من زقاق ضيق بوسط حارة برجوان.
أنشأها نور الدين على بن محمد الشّرابيشى، وكان من ذوى الغنى صاحب ثراء متسع، وله عدّة أوقاف على جهات البر انتهى.
(1)
السعيد: من الألقاب التى تجرى مجرى التفاؤل والتشريف
راجع (الجزء الرابع من الكتاب ص 211 والمصدر السابق ص 322).
ولم يذكر تاريخ موته ولا إنشائها، وقد زالت هذه الخانقاه اليوم، وفى محلها الآن الدار الكبيرة المعروفة بدار السحيمى التى بداخل الدرب/الأصفر.
خانقاه شيخو
قال المقريزى: هذه الخانقاه فى خط الصليبة تجاه جامع شيخو. أنشأه الأمير شيخو العمرى سنة ست وخمسين وسبعمائة انتهى.
وهى عامرة إلى الآن وشعائرها مقامة، وفيها الصوفية لهم شيخ يقرأ لهم الدروس باللغة التركية والعربية، ولهم مرتبات شهرية وسنوية وقد ذكرناها مع جامع شيخو فانظرها هناك.
حرف الطاء
خانقاه طغاى النجمى
قال المقريزى: هذه الخانقاة بالصحراء خارج باب البرقية فيما بين قلعة الجبل وقبة النصر.
أنشأها الأمير طغاى تمر النجمى، فجاءت من المبانى الجليلة ورتب بها عدة من الصوفية، وجعل شيخهم الشيخ برهان الدين الرشيدى
(1)
، وبنى بجانبها حماما وغرس فى قبليها بستانا، وعمل بجانب الحمام حوض ماء للسبيل ترده الدواب، ووقف على ذلك عدة أوقاف.
طغاى تمر النجمى
كان دوادار الملك الصالح إسماعيل بن محمد بن قلاوون؛ فلما مات الصالح استقر على حاله فى أيام أخويه: الملك الكامل شعبان، والملك المظفر حاجى.
وكان من أحسن الأشكال وأبدع الوجوه، تقدم فى الدول وصارت له وجاهة عظيمة
(1)
برهان الدين: من الألقاب المضافة إلى الدين وكان هذا اللقب فى أوائل عصر المماليك-حسب ما ذكره القلقشندى- خاصا بالاسم «إبراهيم» . راجع (المصدر السابق صفحة 224 وصبح الأعشى للقلقشندى الجزء الخامس صفحة 79).
وخدمه الناس، ولم يزل على حاله إلى أن لعب به أغرلو فيمن لعب وأخرجه إلى الشام وألحقه بمن أخذه من غزة.
وطغاى هذا أول دوادار أخذ إمرة مائة وتقدمة ألف، وذلك فى أوّل دولة المظفر حاجى، ولما كانت واقعة الأمير ملكتمر الحجازى والأمير آق سنقر، وعدة من الأمراء سنة ثمان وأربعين وسبعمائة رمى سيفه، وبقى من غير سيف بعض يوم، ثم إن المظفر أعطاه سيفه واستمر فى الدوادارية نحو شهر، وأخرج هو والأمير نجم الدين محمود الوزير، والأمير سيف الدين بيدمر البدرى على الهجن إلى الشام، فأدركهم الأمير سيف الدين منجك وقتلهم فى الطريق انتهى.
خانقاه طيبرس
قال المقريزى: هذه الخانقاه من جملة أراضى بستان الخشاب فيما بين القاهرة ومصر على شاطئ النيل.
أنشأها الأمير علاء الدين طيبرس الخازندار نقيب الجيوش سنة سبع وسبعمائة بجوار جامعه، وجعل فيها صوفية وشيخا ورتب لهم معاليم، ولما خرب خطها وصار مخوفا نقل الحضور من هذه الخانقاه إلى المدرسة الطيبرسية بجوار الجامع الأزهر انتهى.
والآن على شط النيل خلف سراى الإسماعيلية الصغيرة جامع يعرف بالأربعين؛ فيحتمل أنه هو جامع طيبرس ويحتمل أنه خانقاهه.
حرف الظاء
الخانقاه الظاهرية
هى بخط بين القصرين. فيما بين المدرسة الناصرية ودار الحديث الكاملية.
أنشأها الملك الظاهر برقوق سنة ست وثمانين وسبعمائة. وهذه الخانقاه هى المدرسة البرقوقية كما فى المقريزى انتهى.
وهى عامرة إلى الآن وتعرف بجامع برقوق وبمدرسة برقوق، وقد ذكرت فى المدارس من هذا الكتاب.
حرف القاف
خانقاه قوصون
قال المقريزى: هذه الخانقاه فى شمالى القرافة مما يلى قلعة الجبل تجاه جامع قوصون.
أنشأها الأمير سيف الدين قوصون، وكملت عمارتها سنة ست وثلاثين وسبعمائة انتهى.
وقد تخربت هذه الخانقاه اليوم وبنى فى محلها زاوية سيدى محمد المجاهد، التى هى خارج باب الوزير مما يلى القلعة تجاه جامع باب الوزير الذى هو جامع قوصون، وقد ذكرناها فى الزوايا فانظرها هناك.
حرف الميم
الخانقاه المهمندارية
قال المقريزى: هذه الخانقاه هى المدرسة المهمندارية. أنشأها الأمير شهاب الدين أحمد بن أقوش المهمندار سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وهى عامرة إلى اليوم وتعرف بزاوية المهمندار التى بالدرب الأحمر، وقد ذكرناها فى الزوايا من هذا الكتاب.
حرف الياء
خانقاه يونس
قال المقريزى: هذه الخانقاه من جملة ميدان القبق بالقرب من قبة النصر خارج باب النصر، أدركت موضعها وبه عواميد تعرف بعواميد السباق وهى أول مكان بنى هناك.
أنشأها الأمير يونس النوروزى الدوادار. كان من مماليك الأمير سيف الدين جرجى
الإدريسى، أحد الأمراء الناصرية وأحد عتقائه فترقى فى الخدم من آخر أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى أن صار من جملة الطائفة اليلبغاوية؛ فلما قتل الأمير يلبغا الخاصكى خدم بعده الأمير أستدمر الناصرى الأتابك
(1)
، وصار من جملة دواداريته وما زال ينتقل فى الخدم إلى أن قام الأمير برقوق بعد قتل الملك الأشرف شعبان؛ فكان ممن أعانه وقاتل معه فرعى له ذلك ورقّاه إلى أن جعله أمير مائة مقدم ألف، وجعله دواداره لما تسلطن فسلك فى رياسته طريقة جليلة ولزم حالة جميلة من كثرة الصيام والصلاة وإقامة الناموس الملوكى، وشدة المهابة والإعراض عن اللعب، ومداومة العبوس وطول الجلوس وقوة البطش لسرعة غضبه ومحبة الفقراء وحضور السماع والشغف به وإكرام الفقهاء وأهل العلم.
وأنشأ بالقاهرة ربعا وقيسارية بخط البندقانيين، وتربة خارج باب الوزير تحت القلعة، وأنشأ بظاهر دمشق مدرسة بالشرف الأعلى، وأنشأ خانا عظيما خارج مدينة غزة وجعل بجانب هذه الخانقاه مكتبا لقراءة الأيتام وبنى بها صهريجا/ينقل إليه ماء النيل، وما زال على وفور حرمته ونفوذ كلمته إلى أن خرج الأمير يلبغا الناصرى نائب حلب على الملك الظاهر برقوق فى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وجهز السلطان الأمير أيتمش، والأمير يونس هذا، والأمير جهاركس الخليلى، وعدة من الأمراء والمماليك لقتاله؛ فلقوه بدمشق وقاتلوه فهزمهم وقتل الخليلى وفرّ أيتمش إلى دمشق، ونجا يونس بنفسه يريد مصر؛ فأخذه الأمير عنقاء بن شطا أمير آل مرا وقتله يوم الثلاثاء الثانى والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، ولم يعرف له قبر بعد ما أعد لنفسه عدة مدافن بمصر والشام انتهى.
والظاهر أن هذه الخانقاه محلها الآن زاوية الشيخ يونس السعدى، التى خارج باب النصر بالمقبرة المعروفة بالدير، وهى زاوية صغيرة بداخلها قبر عليه قبة مرتفعة تقول العامة إنه قبر الشيخ يونس مجدّد طريقة السعدية بالديار المصرية. وهذا القول ليس بصحيح لأنالم نجد
(1)
أتابك: من ألقاب الوظائف التى استعملت وبعض مركباتها فى بعض الأحيان كألقاب فخرية، ويتألف من لفظين تركيّين وهما:(أطا) بمعنى أب، و (بك) بمعنى أمير.
راجع (المصدر السابق نفسه صفحة 122).
ما يدلّ على ذلك فى كتب التاريخ ولا فى النقل الصحيح، فلعل هذا القبر أنشأه الأمير يونس النوروزى منشئ الخانقاه لنفسه ولم يدفن به كما تقدم، وبجواره قبر الشيخ محمد الخضرى شيخ طريقة السعدية، وبقربه محل صغير بداخله قبر الشيخ محمد برعى السعدى، وقبر ولده الشيخ أحمد برعى السعدى المالكى رحم الله الجميع، وبهذه الزاوية بئر معينة ومصلى صغيرة وقليل من أشجار اللّبخ، ويعمل بها مولد للشيخ يونس فى كل سنة.
***
ذكر الربط
رباط الآثار
قال المقريزى: هذا الرباط خارج مصر بالقرب من بركة الحبش، مطل على النيل ومجاور للبستان المعروف بالمعشوق.
قال ابن المتوج: هذا الرباط عمّره الصاحب تاج الدين محمد بن الصاحب فخر الدين محمد ولد الصاحب بهاء الدين على بن حنّا بجوار بستان المعشوق، ومات رحمه الله قبل تكملته ووصى: أن يكمل من ريع بستان المعشوق فإذا كملت عمارته يوقف عليه، ووصى الفقيه عز الدين بن مسكين فعمر فيه شيئا يسيرا وأدركه الموت إلى رحمة الله تعالى، وشرع الصاحب ناصر الدين محمد ولد الصاحب تاج الدين فى تكملته؛ فعمر فيه شيئا جيدا انتهى.
وإنما قيل له: رباط الآثار لأن فيه قطعة خشب وحديد يقال إن ذلك من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتراها الصاحب تاج الدين المذكور بمبلغ ستين ألف درهم فضة من بنى إبراهيم أهل ينبع وذكروا: أنها لم تزل عندهم موروثة من واحد إلى آخر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحملها إلى هذا الرباط وهى به إلى اليوم يتبرك الناس بها ويعتقدون النفع بها وأدركنا لهذا الرباط بهجة وللناس فيه اجتماعات ولسكانه عدة منافع ممن يتردد إليه أيام كان ماء النيل تحته دائما. فلما انحسر الماء من تجاهه، وحدثت المحن من سنة ست وثمانمائة قل تردد الناس إليه وفيه إلى اليوم بقية.
ولما كانت أيام الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون قرر فيه درسا للفقهاء الشافعية وجعل له مدرسا وعنده عدة من الطلبة. ولهم مرتب فى كل شهر من وقف وقفه عليهم.
وفى أيام الملك الظاهر برقوق وقف قطعة أرض لعمل الجسر المتصل بالرباط وبهذا الرباط خزانة كتب وهو عامر بأهله.
الوزير الصاحب
(1)
تاج الدين محمد بن الصاحب فخر الدين محمد بن الوزير الصاحب بهاء الدين على بن سليم بن حنّا، ولد فى سابع شعبان سنة أربعين وستمائة، وسمع من سبط السلفى، وحدّث وانتهت إليه رياسة عصره، وكان صاحب صيانة وسؤدد ومكارم وشاكلة حسنة وبزة فاخرة إلى الغاية، وكان يتناهى فى المطاعم والملابس والمناكح والمساكن، ويجود بالصدقات الكثيرة مع التواضع، ومحبة الفقراء وأهل الصلاح والمبالغة فى اعتقادهم، ونال فى الدنيا من العز والجاه ما لم يره جدّه الصاحب الكبير بهاء الدين، بحيث إنه لما تقلد الوزير الصاحب فخر الدين ابن الخليلى الوزارة سار من قلعة الجبل وعليه تشريف الوزارة إلى بيت الصاحب تاج الدين وقبّل يده وجلس بين يديه ثم انصرف إلى داره، وما زال على هذا القدر من وفور العز إلى أن تقلّد الوزارة فى يوم الخميس الرابع والعشرين من صفر سنة ثلاث وتسعين وستمائة بعد قتل الوزير سنجر الشجاعى فلم ينجب وتوقفت الأحوال فى أيامه حتى احتاج إلى إحضار تقاوى النواحى المرصدة بها للتحضير واستهلكها، ثم صرف فى يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة أربع وتسعين وستمائة بفخر الدين عثمان بن الخليلى، وأعيد إلى الوزارة مرة ثانية فلم ينجح وعزل، وسلّم مرة للشجاعى فجرده من ثيابه وضربه شيبا واحدا بالمقارع فوق قميصه ثم أفرج عنه على مال، ومات فى رابع جمادى الآخرة سنة سبع وسبعمائة ودفن فى تربتهم بالقرافة وكان له شعر جيد، ولله در شيخنا الأديب جلال الدين محمد بن خطيب داريا الدمشقى البيسانى حيث يقول فى الآثار:
يا عين إن بعد الحبيب وداره
…
ونأت مرابعه وشط مزاره.
فلقد ظفرت من الزمان بطائل
…
إن لم تريه فهذه أثاره.
(1)
من ألقاب الوظائف. وقد استعمل مضافا إلى ياء النسب «الوزيرى» كلقب فى عصر المماليك، وكان يرد ضمن ألقاب الوزراء من العسكريين والمدنيين على السواء؛ فإن كان من المدنيين ذكر لقب «الصاحبى» وإن كان من العسكريين سبقه لقب «الأميرى» .
راجع (المصدر السابق نفسه ص 367 و 540).
/وقد سبقه لذلك الصلاح خليل بن أيبك الصفدى فقال:
أكرم بآثار النبى محمد
…
من زاره استوفى السّرور مزاره
يا عين دونك فانظرى وتمتعى
…
إن لم تريه فهذه آثاره.
واقتدى بهما فى ذلك أبو الحزم المدنى فقال:
يا عين كم ذات تسفحين مدامعا
…
شوقا لقرب المصطفى ودياره
إن كان صرف الدهر عاقك عنهما
…
فتمتعى يا عين فى آثاره
انتهى.
رباط
(1)
ابن سليمان
قال المقريزى: هذا الرباط بحارة الهلالية خارج باب زويلة عرف بأحمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان بن إبراهيم بن أبى المعالى ابن العباس الرحبى البطائحى الرفاعى شيخ الفقراء الأحمدية الرفاعية بديار مصر.
كان عبدا صالحا له قبول، عظم من أمراء الدولة وغيرهم، وينتمى إليه كثير من الفقراء الأحمدية وروى الحديث عن سبط السلفى وحدث، وكانت وفاته ليلة الاثنين سادس ذى الحجة سنة إحدى وتسعين وستمائة بهذا الرباط انتهى.
وهذا الرباط هو الزاوية الصغيرة المتخربة التى بدرب الأغوات المعروفة الآن بزاوية الشيخ القيسونى؛ لأنّ بها ضريحا يقال له ضريح القيسونى، وآخر يقال له ضريح الشيخ عبد الله.
(1)
الرباطات: مبنية على هيئة ما كانت عليه بيوت أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لأجل الأرامل والعجائز ومجالس الوعظ والمقامات المشهودات ومواقف الزهد على مذهب أهل الطريقة وسالكى منهاج الحقيقة.
راجع (تحفة الأحباب وبغية الطلاب للسخاوى ص 179).
رباط البغدادية
قال المقريزى: هذا الرباط بداخل الدرب الأصفر تجاه خانقاه بيبرس حيث كان المنحر ومن الناس من يقول: رواق البغدادية. وهذا الرباط بنته الست الجليلة تذكار باى خاتون ابنة الملك الظاهر بيبرس فى سنة أربع وثمانين وستمائة للشيخة الصالحة زينب ابنة أبى البركات المعروفة ببنت البغدادية، فأنزلتها به ومعها النساء الخيّرات، وما برح إلى وقتنا هذا يعرف سكانه من النساء بالخير، وله دائما شيخة تعظ النساء وتذكرهن وتفقههن، وآخر من أدركنا فيه الشيخة الصالحة سيدة نساء زمانها أم زينب فاطمة بنت عباس البغدادية، توفيت فى ذى الحجة سنة أربع عشرة وسبعمائة وقد أنافت على الثمانين، وكانت فقيهة وافرة العلم زاهدة قانعة باليسير عابدة واعظة حريصة على النفع والتذكير ذات إخلاص وخشية وأمر بالمعروف، انتفع بها كثير من نساء دمشق ومصر، وكان لها قبول زائد ووقع فى النفوس، وصار بعدها كل من قام بمشيخة هذا الرباط من النساء يقال لها البغدادية، وأدركنا الشيخة الصالحة البغدادية أقامت به عدة سنين على أحسن طريقة إلى أن ماتت يوم السبت لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وسبعمائة، وأدركنا هذا الرباط وتودع فيه النساء اللآتى طلقن أو هجرن حتى يتزوجن أو يرجعن إلى أزواجهن صيانة لهن، لما كان فيه من شدة الضبط وغاية الاحتراز والمواظبة على وظائف العبادات حتى أن خادمة الفقيرات به كانت لا تمكن إحداهن من استعمال إبريق ببزبوز وتؤدّب من تخرج عن الطريق بما تراه.
ثم لما فسدت الأحوال من عهد حدوث المحن بعد سنة ست وثمانمائة تلاشت أمور هذا الرباط ومنع مجاوروه من إقامة النّساء المعتدّات به وفيه إلى الآن بقايا من خير ويلى النظر عليه قاضى القضاة الحنفى اه.
وهذا الرباط قد زال بالكلية وبنى فى محله الآن الحوانيت المتسعة التى على باب الدرب الأصفر.
رباط الخازن
قال المقريزى: هذا الرباط بقرب قبة الإمام الشافعى رحمة الله عليه من قرافة مصر.
بناه الأمير علم الدين سنجر بن عبد الله الخازن والى القاهرة وفيه دفن وهو الذى ينسب إليه حكر الخازن خارج القاهرة انتهى.
وهذا الرباط يغلب على الظّن أنه المحل الذى تحت يد مذكور العريجى.
رباط الست كليلة
قال المقريزى: هذا الرّباط خارج درب بطوط من جملة حكر سنجر اليمنى وملاصق للسور الحجر بخط سوق الغنم وجامع أصلم، وقفه الأمير علاء الدين البراباه على الست كليلة المدعوة (دولاى) ابنة عبد الله التتارية زوج الأمير سيف الدين البرلى السلاحدار الظاهرى، وجعله مسجدا ورباطا ورتّب فيه إماما ومؤذّنا، وذلك فى الثالث والعشرين من شوّال سنة أربع وتسعين وستمائة انتهى.
رباط الفخرى
قال المقريزى: هذا الرباط خارج باب الفتوح فيما بينه وبين باب النصر. بناه الأمير عز الدين أيبك الفخرى أحد أمراء الملك المظاهر بيبرس انتهى.
وهذا الرّباط موجود إلى الآن ويعرف بهذا الاسم، وهو خلف الأماكن الموجودة بالجهة الشرقية على يمين الخارج من باب الفتوح ملاصقا للسور وعلى يسار الخارج من باب النصر، ويقابله مقبرة معروفة عند التربية بالجبّاسة وفى شرقيها مقبرة يقال لها (ودن) واقعة تجاه مصلى الأموات، وفى بحرى مقبرة الجباسة ثلاث قباب تعرف بالشيخ مبارك، وفى بحرى الشيخ مبارك مقبرة المجاورين الشقاروة.
رباط المشتهى
قال المقريزى:/هذا الرّباط بروضة مصر يطل على النيل وكان به شيخ مسلك، ولله در شيخنا العارف الأديب شهاب الدين أحمد بن أبى العباس الشاطر الدمنهورى حيث يقول:
بروضة المقياس صوفية
…
هم منية الخاطر والمشتهى
لهم على البحر أياد علت
…
وشيخهم ذاك له المنتهى
وقال الإمام العلاّمة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن الصائغ الحنفى:
يا ليلة مرّت بنا حلوة
…
إن رمت تشبيها لها عتبها
لا يبلغ الواصف فى وصفها
…
حدا ولا يلقى له منتهى
بتّ مع المعشوق فى روضة
…
ونلت من خرطومه المشتهى
انتهى.
وهذا الرّباط يعرف اليوم بجامع المشتهى وقد ذكرناه فى كتابنا المسمى. (مقياس النيل) فارجع إليه إن شئت هذا ما أردنا إيراده من الخوانق والربط التى بخطط المقريزى.
وفى معنى الخوانق بيوت أخر بمصر المحروسة تعرف بالتكايا
جمع تكية يسكنها دراويش من الأغراب غالبا ليس لهم كسب، وإنّما لهم مرتبات شهرية وسنوية من ديوان الأوقاف العمومية أو من أوقاف خصوصية؛ فلذا سمى محل مقامهم تكية كأن أهلها متكئون أى معتمدون فى أرزاقهم على مرتباتهم ولنسردها لك ببعض ما يتعلق بها فنقول:
التكايا
تكية تقى الدين العجمى
هى بدرب اللبانة. أنشأها الملك الناصر محمد بن قلاوون بعد سنة عشرين وسبعمائة لمعتقد يقال له: الشيخ تقى الدين فأقام بها حتى مات ودفن بها، ولم تزل عامرة بالأعاجم إلى الآن.
وهذه التكية هى زاوية تقى الدين التى ذكرها المقريزى حيث قال: هذه الزاوية تحت قلعة الجبل.
أنشأها الملك الناصر محمد بن قلاوون بعد سنة عشرين وسبعمائة انتهى. وقد ذكرناها فى الزوايا فانظرها هناك وإيراد هذه التكية فى كل سنة ألفان وثلثمائة وثمانية وستون قرشا منها بالرّوزنامجة ألف وثمانمائة قرش وستة قروش ومرتبات أخر أربعة وعشرون قرشا وأجر أماكن خمسمائة قرش وثمانية وثلاثون قرشا.
تكية الجلشنى
هى بخط تحت الربع تجاه الجامع المؤيدى على يسار الذاهب من باب زويلة طالبا باب الخرق.
أنشأها الشيخ إبراهيم الجلشنى سنة تسعين وثمانمائة، وأنشأ بها خلاوى للصوفية وعمل فيها محلا معدا لإقامة الصلاة والأذكار، وعمل له قبة لما مات دفن تحتها، وهى قبة مرتفعة ودوائرها مصوغة بالقيشانى.
وهذه التكية عامرة إلى الآن بالدراويش، وتعمل فيها الأذكار غير الحضرة التى فى كل أسبوع والمولد السنوى.
وفى حجة وقفيته: أنّ الشيخ إبراهيم أفندى الخلوتى الجلشنى وقف المكان الكائن أسفل الربع الظاهر برأس سوق الظنوطيين قريبا من المدرسة المؤيدية بدركته بابان متقابلان يتوصل من الذى على اليمين إلى سلم يدخل منه إلى مكان يحوى فسحة بوسطها قبة، ونجاه باب القبة فسحة بها محراب وبإزائها حنية والحدّ القبلى لهذا المكان ينتهى إلى وكالة التفاح، والبحرى إلى أماكن فاصلة بينه وبين سوق الحاجب، والشرقى إلى سوق الحدّادين تجاه ريع الظّاهر، والغربى إلى الربع المطلّ على البراذعيين العتق.
وبالحد القبلى اثنتا عشرة خلوة ورواق علو الدركة وعلو المسجد وبئر معينة ومستحم وحنفية ومغطس، وبالحد البحرى ثمان خلاوى وبالشرقى أربع ومطبخ كامل. والباب الثانى يوصل إلى المسجد بصدره محراب وأربعة شبابيك مطلّة على الطريق العام، وحدّه القبلى إلى وكالة التفاح، والبحرى إلى الدركة وفيه الباب، والشرقى إلى الطريق، والغربى إلى المطهرة.
وبالحد الشرقى أربعة حوانيت ومن وقفه الربع الكائن بالخط المذكور بجوار المدفن، وجميع الوكالة أسفل الربع، والحد القبلى للربع والوكالة إلى مطبخ الفقراء والمدفن، والبحرى إلى سوق الحاجب، والشرقى إلى سوق السقطيين وفيه بابهما، وبالحد الشرقى أحد عشر حانوتا، وجميع الربع الذى حده القبلى إلى الزقاق الفاصل بينه وبين ربع قديم هناك، والبحرى إلى سوق الحاجب، والشرقى إلى الحوش، والغربى إلى الزقاق، وجميع البيت والحانوت أسفله بقرب وكالة التفاح حده القبلى إلى الزقاق الموصل إلى الوكالة، والبحرى إلى رحاب المسجد والشرقى إلى الطريق العام.
وجميع الطبقتين الملاصقتين لسلم باب سر المؤيدية، وجميع المكان الكائن بباب سر المؤيدية، حدّه القبلى إلى زقاق غير نافذ وفيه الباب، والبحرى إلى الحارة المحمودية والشرقى إلى الزقاق، والغربى إلى الطريق العام.
وجميع المكان بالخط وحدّه القبلى إلى بيت ابن خضر، والبحرى إلى الجدرية، والشرقى إلى المحمودية، والغربى إلى الزقاق غير النافذ ونصف مكان برأس الجدرية وحده
القبلى إلى المحمودية والبحرى إلى الجدرية، والشرقى إلى الزقاق الموصل قديما إلى الجدرية والغربى إلى زقاق غير نافذ يتوصل إليه من تجاه/فرن المؤيدية، ومكانا بخان الأشنان بخط الاخفافيين العتق قرب باب سر الباسطية، ومكانا بخط الدرب الأحمر حده القبلى إلى وقف آق سنقر والبحرى إلى مكان هناك والشرقى إلى زقاق يوصل إلى حارة الروم والغربى إلى الشارع وقف المسجد للصلوات، والقبة لدفنه ودفن أولاده ونسله، والخلاوى تكية للفقراء المشهورين به، والرواق والطبقة علو الدركة والمسجد لسكنى الذرية وبعدهم للخليفة بالتكية وباقى الأماكن على التكية والمسجد، وجعل للإمام شهريا عشرة أنصاف وللمؤذن خمسة أنصاف وللوقاد خمسة عشر نصفا وللفراش اثنى عشر ولاثنين بوابين عشرة وللداعى خمسة أنصاف وللقارئ عقب الصلوات خمسة ولمباشر الوقف عشرة وللجابى كذلك ولوكيل الخرج اثنى عشر وللخباز خمسة عشر ولواضع السماط للفقراء خمسة أنصاف ولخادمين للحنفية والخلاوى عشرة وللساقى بالحنية خمسة عشر وللطباخ كذلك وثمن دقيق وعشرة أرطال زبيب وثلاثة أقداح ونصف قدح أرز بحسب وقته وكذا للمزملاتى وثمن ماء وللمسجد بخط البسطيين خمسة عشر نصفا شهريا للإمام والوقاد والملاء والفرش وثمن زيت وغيره، وما فضل بعد ذلك يصرف منه للشيخ شهاب الدين ابن الواقف شهريا ثلاثون نصفا ولبعض الأقارب والعتقاء وذريتهم من بعدهم ثلاثون نصفا ولأقضى قضاة المسلمين عبد الرحيم الناظر فى الأحكام شهريا اثنان وعشرون نصفا وتجرى على ذريته بشرط أن يكونوا من زوجته بنت ابن الواقف وبصرف برسم الفقراء الواردين ما يحتاج يقدر الحاجة وما بقى يشترى به عقارات بعد عمارة الوقف وجعل النظر له ومن بعده لأولاده ثم للخليفة وله شهريا ثلاثون نصفا انتهى.
ترجمة الشيخ إبراهيم الكلشنى
وفى طبقات الشعرانى: أن الشيخ إبراهيم الكلشنى أخو الدمرداش فى الطريق وكانت له المجاهدات فوق الحد قال: اجتمعت به أنا وسيدى أبو العباس الحريثى رضي الله عنه مرارا
ورأيناه على قدم عظيم إلا أنه أمى أغلق اللسان لا يكاد يفصح عن المقصود وأعطى القبول التام فى دولة ابن عثمان وأقبل عليه العسكر إقبالا زائدا وأرادوا نفيه لذلك؛ فجمع نفسه وعمر له قبة وزاوية خارج باب زويلة ودفن فيها، وجعل فى الخلاوى المحيطة بقبته قبورا بعدد أصحابها على طريقة مشايخ العجم، وكان يقبل علىّ إقبالا زائدا لكن يقول: أنتم مشايخ الخير فكان لا يعجبه إلا المجاهدات من غير تخلل راحة. مات رحمه الله تعالى سنة أربعين وتسعمائة انتهى.
تكية الحبانية
هى بشارع الحبانية تجاه قنطرة سنقر بجوار سبيل السلطان محمود واجهتها غربية وأرضيتها مرتفعة عن الشارع بنحو ثلاثة أمتار ويكتنف بابها عمودان من الرخام يعلوهما دائرتان مكتوب فى إحداهما الله وفى الأخرى محمد وبين الدائرتين لوح مكتوب فيه: أنشأ هذه المدرسة المباركة حضرة مولانا السلطان المغازى محمود خان ابن السلطان مصطفى خان سنة أربع وستين ومائة وألف وبجانب التاريخ المذكور كرتان تفريغ من الحجر وبأعلى اللوح المتقدم شباك خرط مكتوب فيه: يا الله وعقد الباب من أعلى حجر مفرغ وفوقه بعض قيشانى وبدائر الواجهة من أعلى كرنيش من الحجر المنقوش بالتفريغ وثمانية شبابيك من الزجاج الملون، ثم يعلو الجميع شرفات من الحجر وبأسفل الواجهة عدة حوانيت تابعة لها وبداخل التكية عدة أود معدة لإقامة الدراويش وبوسطها فسقية بأربعة أعمدة من الرخام، وحولها جملة من الأشجار والنخيل وبجانبها الشرقى محل معد لإقامة الصلاة به محراب يكتنفه عمودان من الرخام الأسود، وداخل هذا المحل أودة مجعولة كتبخانة بها جملة من كتب الفقه والحديث والتفسير وغير ذلك، وأرضية هذه التكية جمبعها مفروش بالترابيع الحجرية وبها سافية ومرتفعات ومطبخ وشعائرها مقامة إلى الآن من ربع أوقافها.
تكية حسن بن إلياس الرومى
هذه التكية بشارع المحجر وإيرادها فى كل سنة أربعة آلاف قرش واثنان منها بالروزنامجة
أربعمائة قرش وثلاثة وسبعون قرشا وعشر فضة وأجر أماكن ثلاثة آلاف قرش وخمسمائة قرش وأربعة وعشرون قرشا وأحكار أربعون قرشا وثلاثون فضة.
تكية الخلوتية
هى بعطفة مراد بيك المعروفة قديما بحارة حلب وهى وراء الحلمية على يمين الذاهب فى شارع محمد على طالبا المنشية، وتعرف بالقوصونية وهى صغيرة وبها ضريح يعرف بالشيخ عباسى وآخر يعرف بالشيخ ريحان، وبها شاهدان من الحجر عليهما كتابة لم يمكن قراءتها، وهى عامرة بالدراويش ولها مرتبات وهذه التكية هى المدرسة المهذبية وقد ذكرناها فى المدارس.
تكية درب قرمز
هى جامع درب قرمز وقد ذكرناه فى الجوامع فارجع إليه.
تكية السادة الرفاعية
هى فى بولاق وإيرادها فى كل سنة ستة آلاف قرش ومائتا قرش وستة وثمانون قرشا ونصف قرش منها بالروزنامجة ألف قرش وخمسمائة قرش وعشرة قروش ونصف قرش وأجر أماكن أربعة آلاف/قرش وسبعمائة وسنة وسبعون قرشا ونصف قرش.
تكية السيدة رقية
هى عند مشهد السيدة رقية بجوار البوابة الموصلة إلى السيدة نفيسة بالقرب من جامع شجرة الدر، على يمين الذاهب من السيدة سكينة طالبا المشهد النفيسى، بها مساكن للصوفية ومحل لإقامة الصلاة وحنفيات وأشجار بكثرة وعدة أضرحة منها ضريح السيدة رقية عليه مقصورة من الخشب المطعم بالعاج والصدف فوقها قبة من البناء، ويعمل لها مولد كل سنة وحضرة كل أسبوع، وشعائرها مقامة من ربع أوقافها فإن إيرادها سنويا ثلاثة عشر ألف قرش وسبعمائة قرش وثمانية عشر قرشا واثنان وثلاثون نصفا فضة منها بالروزنامجة أحد عشر
ألف قرش ومائة وسبعة قروش واثنان وثلاثون نصفا فضة ومرتبات أخر ألفان وستمائة وأربعة وسبعون قرشا.
تكية السنانية
هى بالجمالية قرب خانقاه سعيد السعداء.
تكية السليمانة
هى بشارع السروجية عن شمال الذاهب إلى الصليبة عمرها الأمير سليمان باشا فى سنة عشرين وتسعمائة كما وجد فى تقارير مشايخها، وكان أصلها مدرسة تعرف بمدرسة سليمان باشا ثم صارت تكية وبها خلاوى مسكونة بالدراويش القادرية، وبها ضريح الشيخ رسول القادرى وضريح الشيخ إبراهيم التبتل القادرى، وشعائرها مقامة من ريع أطيانها لأن لها خمسة وعشرين فدانا بمديرية الجيزة لا غير.
تكية سويقة العزى
هى بسويقة العزى وإيرادها سنويا ثلاثة عشر ألف قرش وثلثمائة قرش وتسعة وأربعون قرشا منها بالروزنامجة ثمانمائة قرش وتسعة قروش وأجر أماكن اثنا عشر ألف قرش وخمسمائة قرش وأربعون قرشا.
تكية شيخو
هى بجوار جامع شيخو بصليبة ابن طولون عن يمين الذاهب إلى قلعة الجبل. أنشأها الأمير شيخو السيفى مع إنشاء جامعه وهى عامرة إلى الآن وبها خلاوى للصوفية ولها مطهرة ومراحيض غير ما للجامع، وقد جعل لها إسماعيل باشا عشرين فدانا من زراعة كفر دميره بمديرية الغربية شعائرها مقامة من ربعها.
تكية الغنامية
هى بحارة أبى الشوارب داخل غيط العدة وتعرف أيضا بتكية الشيخ غنام، بها مساكن للدراويش وزاوية للصلاة وضريح للشيخ محمد غنام على وجهه لوح من رخام منقوش فيه:
هذا مقام محمد الغنام
…
حبر عظيم عالم وهمام
داعى رسول الله أشرف ذا الورى
…
بالأنبياء مقدّم وإمام
أنشاء مجتهدا حين مرابط
…
فجزاه ربى حبذا الإكرام
لما بدت أنواره أرخته
…
أنجدبه محمد الغنام
وبها أيضا عدة قبور منها قبر الأمير محمد بيك دبوس أغلى عليه تركيبة من الرخام ومقصورة من الخشب وقبر السيد على أفندى شيخها، وهى عامرة إلى الآن وبها نخيل وأشجار وبجمون يجئ فيه ماء النيل كل سنة، ويعمل فيها ليلة كل سنة بقراءة القرآن والأذكار، ويجتمع فيها جملة من الأمراء والأعيان، وشعائرها مقامة من ريع أوقافها، وهى منزلان وثلاثون فدانا ونظرها لشيخها الشيخ محمود الكردى.
تكية القصر العينى
هى على شط فم الخليج عند منيل الروضة فيها قبتان مفروشتان بالرخام الترابيع بإحداهما سبيل منقوش على بعض رخامه: صاحب الخيرات والحسنات حسين قبودان فى خمسة عشر رمضان سنة سبع وتسعين ومائة وألف والثاقبة معدّة لعمل الذكر كل ليلة بعد العشاء وحضرة كل يوم جمعة، وبها ضريح الشيخ العينى وبها مساكن علوية لسكنى الصوفية، ولها مرتب بالروزنامجة أربعون ألفا وثلثمائة وثمانية وستون قرشا غير إيراد وقفها وهو نصف وكالة وسبعة دكاكين بالكعكيين شركة وقف سيدنا الحسين رضي الله عنه، ويبلغ ذلك سنويا نحو سبعة عشر ألف قرش وكسور ولها بستان نضر نحو فدانين فيه النخيل والأشجار، ونظرها لشيخها الشيخ عبد الرحمن أفندى.
وفى الجبرتى: أن هذه التكية كانت تعرف بتكية البكتاشية لأنها كانت موقوفة على طائفة من الأعجام المعروفين بالبكتاشية، وكانت قد تلاشى أمرها وآلت إلى الخراب وصارت فى غاية من القذارة ومات شيخها وتنازع مشيختها رجل أصله من سراجين مراد بيك وغلام يدّعى أنه من ذرية مشايخها المقبورين بها وتغلب ذلك الرجل على الغلام لانتسابه إلى الأمراء وسافر إلى إسكندرية فصادف مجئ حسن باشا واجتمع به وهو بهيئة الدراويش، وصار من أخصائه لكونه من أهل عقيدته وحضر معه إلى مصر؛ فولاه مشيختها وصار له ذكر وشهرة وكان يقال له: الدوريش صالح؛ فشرع فى تعمير التكية المذكورة من رشوات مناصب المكوس التى توسط لأربابها مع حسن باشا فعمرها وبنى أسوارها وأسوار الغيطان الموقوفة عليها المحيطة بها، وأنشأ بها صهريجا فى فسحة القبة ورتب لها تراتيب ومطبخا، وأنشأ خارجها مصلى باسم حسن باشا وتم ذلك/فى منتصف شوال سنة إحدى ومائتين وألف، ثم عمل وليمة دعا فيها جميع الأمراء فحصل عندهم وسوسة وركبوا بعد العصر بجميع مماليكهم وأتباعهم وهم بالأسلحة متحذرون فمدّ لهم سماطا وجلسوا عليه وأوهموا الأكل لظنهم الطعام مسموما وقاموا وتفرقوا فى خارج القصر والمراكب وعمل شنك وحراقة نفوط وبارود ثم ركبوا فى حصة من الليل وذهبوا إلى بيوتهم انتهى.
تكية لؤلؤ
هى بشارع الركبية بها مساكن للصوفية وضريح للشيخ لؤلؤ الخازندار وآخر للشيخ إسماعيل الجزار، ويعمل بها حضرة كل ليلة جمعة ولها مرتب بالروزنامجة كل شهر سبعة قروش بتقرير مؤرخ بسنة إحدى وسبعين ومائتين وألف وهى فى نظر محمد أفندى نور الدين.
تكية المغاورى
هى بأعلى المقطم مساكنها نقر فى الحجر، وبها جملة من دراويش العجم-يشاع عنهم: أنهم يشربون الخمور؛-ويعمل بها موسم يوم عاشوراء فيجتمعون ويذكرون
ويصيحون ويصرخون وتذبح لهم الذبائح فيأكلون ويفرّقون على من حضر عندهم من الفقراء ولها مرتب بالروزنامجة.
تكية المولوية
هى بشارع السيوفية بين حدرة البقر والبندقدارية المعروفة الآن بزاوية الآبار، وتلك التكية فى محل الرّباط الذى أنشأه الأمير شمس الدين سنقر السعدى بمدرسته المعروفة بالسعدية التى هى الآن جزء من التكية والقرن الذى بجوارها، وهى عامرة بالدراويش ولهم بها مساكن وفيها جنينة ولها بابان على الشارع، ويعمل بها حضرة كل يوم جمعة يجتمع فيها جملة من حريم الأمراء والأعيان، وإيرادها سنويا سبعون ألفا ومائتان وسبعة وستون قرشا وثلاثون نصفا فضة منه مرتب بالروزنامجة سبعة وثلاثون ألف قرش وستمائة وخمسون قرشا وستة وثلاثون نصفا فضة وإيجار أطيان سبعة وعشرون ألف قرش وستة قروش وثلاثون نصفا فضة
تكية السيدة نفيسة
هى بين مشهد السيدة رقية والمشهد النفيسى. كان أصلها مدرسة تعرف بأم السلطان تخربت هى وما حولها ثم فى نحو سنة ثمانين ومائتين وألف جرت فيها عمارة وجعلت فيها مساكن للدراويش وسكنوها إلى الآن وغرسوا فيها أشجارا كثيرة، وهى عامرة يصرف عليها من طرف الأوقاف.
تكية النقشبندية
هى فى شارع الحبانية بالقرب من قنطرة الذى كفر على يسرة الذاهب من باب الخرق إلى درب الجماميز. أنشأها والى مصر المرحوم عباس باشا فى سنة ثمان وستين ومائتين وألف كما فى النقوش التى على أبوابها، وجعل بها مصلى وخلاوى للصوفية وفى وسطها حنفية بستة أعمدة من الرخام، وحولها جملة من الأشجار وبنى بها سبيلا وبيتا لسكن شيخها عاشق أفندى وجعل له بابا من داخلها وعمل بها حديقة لأجل أن تشرف عليها مساكن الصوفية، وشعائرها مقامة بنظر شيخها محمد أفندى عاشق.
تكية الهنود
هى بالمحجر تجاه ضريح الشيخ سليمان على يمنة السالك من المنشية طالبا القلعة وغيرها، وهى عامرة وشعائرها مقامة إلى الغاية، وبها جملة دراويش من أهالى بخارى ويعلوها مساكن تابعة لها، وفى حدها البحرى مدفن تابع لها به جملة من القبور وإيرادها فى كل سنة ثلاثة آلاف وثلثمائة وخمسة وتسعون قرشا وثلاثة وثلاثون نصفا فضة منها إيجار أماكن ثلاثة آلاف قرش وثلثمائة قرش وثلاثون نصفا فضة وأحكار خمسة وستون قرشا وثلاثة وثلاثون نصفا فضة.
***
ذكر السبل
السبل: جمع سبيل. وفى القاموس: أن السبيل هو الطريق وسبيل الله هو الجهاد وكل ما أمر الله به من الخير وسبله جعله فى سبيل الله انتهى.
والمراد هنا: المواضع الموقوفة المعدة لأن يوضع فيها الماء المسبل. أى: المجعول فى سبيل الله، وتارة يكون لخصوص الشرب وتارة للنفع العام على حسب شرط الواقف، وهى من الأعمال الخيرية الجارى ثوابها على أربابها حتى بعد الموت ما دامت باقية منتفعا بها فإن ابن آدم إذا مات انقطع عمله إلا من عشر خصال وردت بها الأحاديث النبوية يجمعها هذه الأبيات التى نظمها جلال الدين السيوطى:
إذا مات ابن آدم ليس يجرى
…
عليه من خصال غير عشر
علوم بثها ودعاء نجل
…
وغرس التخل والصدقات تجرى
وراثة مصحف وبناء ثغر
…
وحفر البئر أو إجراء نهر
وبيت للغريب بناه يأوى
…
إليه أو بناء محل ذكر
وزاد بيتا على ما فى بعض تآليفه فقال:
وتعليم لقرآن كريم
…
فخذها من أحاديث بحصر
وذلك إذا قصد بها وجه الله تعالى والدار الآخرة كما هو الأصل فى كل عمل خير وقد يقصد بإنشائها بقاء الذكر والثناء/الحسن فى الحياة وبعد الموت ومثلها الربط والخوانق والمساجد وغير ذلك من الأبنية التى ينطق لسان حالها بالثناء على أربابها، وإنشاء السبل عادة جارية عند كل الملل فى جميع الأجيال إلا أنها فى المسلمين أكثر خصوصا فى الجهات القليلة
الماء فكثيرا مّا يحفر أهل الخير آبارا فى الطرق بين البلاد أو بين الأقطار كما بين بلاد الشام وبلاد العرب وبين مكة والمدينة وغير ذلك، وقد يبنون بجوارها بيوتا تأوى إليها المارة وأبناء السبيل وأول كثرة الأسبلة ونحوها بمصر كان فى ابتداء القرن السادس وكلها أو أكثرها من إنشاء الأمراء ونسائهم كأنهم يجعلونها كفارة لما فرط منهم من المظالم الكثيرة فإن من يتأمل فى التواريخ يرى أن كل زمن كثرت فيه الشدائد الموجبة للفقر والفاقة هو الذى يكثر فيه تلك الأعمال إذ هى آثار تستوجب دعاء المنتفعين لمنشئها بالمغفرة والرحمة؛ فلذا تنافسوا فيها ووقفوا عليها أوقافا ويبينوا فى كتب الوقفيات كيفية الصرف وشروطه وما على الناظر والخدمة ونحو ذلك رجاء دوام عمارتها واستمرار نفعها، ولكن القائمون عليها على توالى الأزمان قد غلبتهم الأهواء وأسرتهم الأطماع فنسوا يوم التناد، واستعملوا فيها طرق الإفساد والاستبداد حتى تعطل كثير منها لضياع أوقافها أو دخولها تحت أيدى الملاك ويا ليت الطامعين فيها دام لهم التمتع بها، بل الغالب على ديارهم الدمار كيف ودار الظالم خراب ولو بعد حين خصوصا هذه الأعمال التى هى حقوق عامة المسلمين وغيرهم. لا جرم أن الطامعين فيها أضل من الأنعام، ثم إن الموجود من السبل فى القاهرة ولواحقها يبلغ نحو مائتى سبيل ما بين عامر وخراب ولا يكاد يوجد سبيل إلا وتحته صهريج وهو المصنع المبنى تحت الأرض لخزن الماء فيه فكلما فرغ ماء السبيل يملأ منه حتى ينفد ماؤه على ميعاد ملئه من السنة الثانية وغالبا يكون فوق السبيل مكتب لتعليم أطفال المسلمين القرآن وما والاه وقد بيناها فى جزء مشتملات القاهرة من هذا الكتاب، وإنما نذكر هنا المشهور منها فنقول:
سبيل إبراهيم أغا
هو بشارع اللبودية أنشأه إبراهيم أغا عزبان، وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم الأطفال القرآن والكتابة ووقف عليه أوقافا دارة وهو تحت نظر الديوان.
سبيل إبراهيم باشا
هو تجاه المشهد الحسينى بجوار خان الخليلى. أنشأته الست المصونة حرم المرحوم أحمد
باشا أخى الخديو إسماعيل، وهو فى غاية الحسن والاتساع وأرضه مفروشة بالرخام وسقفه منقوش بالأصباغ الذهبية وغيرها، وله أربعة شبابيك من النحاس الأصفر وفوقه مكتب متسع عامر بالأطفال، وقد وقفت عليه أوقافا دارة ورتبت فيه معلمين يعلمون الأطفال القرآن والكتابة والفنون التى تدرس فى المدارس الملكية من النحو والرياضة والألسن، ورتبت للأطفال كسوة فى كل سنة يأخذونها بعد الامتحان السنوى.
سبيل إبراهيم جربجى
هو بشارع الداودية. أنشأه إبراهيم جربجى مستحفظان فى سنة إحدى عشرة وألف، وأنشأ فوقه مكتب لتعليم أيتام المسلمين القرآن العظيم، ووقف عليهما أوقافا دارة يصرف عليهما من ريعها.
سبيل أبى سبحة
هو بحارة السادات الوفائية. أنشأه قاسم بيك أبى سبحة وجعل أرضه من الرخام الملون وكان علوه ربع، وبجواره اصطبل هدمتهما المرحومة والدة الأمير مصطفى باشا أخى إسماعيل باشا وجددت السبيل ووسعته والصرف عليه الآن جار من وقفها.
سبيل أحمد أغا جاهين
هو بالداوودية. أنشأه أحمد أغا جاهين فى سنة خمس بعد الألف، وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم الأطفال القرآن العظيم، ووقف عليهما أوقافا كافية، والآن شعائرهما معطلة لخلل بهما وكانت لهما دار موقوفة عليهما أخذت فى شارع محمد على المستجد.
سبيل إسماعيل أفندى
هو بحارة نور الظلام بقرب الحطمية أنشأه السيد إسماعيل أفندى داخل منزله سنة اثنتين وثمانين ومائتين وألف، وهو عامر من طرف منشئه وبه بزبوزان من النحاس الأصفر.
سبيل إسماعيل بيك الكبير
هو بالداودية. أنشأه الأمير إسماعيل بيك الكبير فى سنة خمس وتسعين ومائة وألف وأرضه مفروشة بالرخام الملون وشعائره مقامة من ريع وقفه بنظر محمد أفندى لاظ.
سبيل أم حسين بيك
هو بشارع جامع البنات بين قنطرة الموسكى وقنطرة الأمير حسين. أنشأته المرحومة والدة حسين بيك نجل العزيز محمد على فى سنة سبعين ومائتين وألف، وهو فى غاية الحسن أرضه مفروشة بالرخام وواجهته من الرخام أيضا وبه ثلاث مزملات بشبابيك نحاس أصفر وعلى بابه هذه الأبيات:
لأم حسين شهرة بمحاسن
…
من الخير ذكراها تدوم مدى الدهر
لقد أنفقت فيها احتسابا وأخلقت
…
فيارب نولها الكثير من البر
على باب خير جاء تاريخه سنا
…
بها حسنات أجرها سرمدايرى
/وهو عامر إلى الآن ويصرف عليه من ريع وقفه بمعرفة ديوان الأوقاف.
سبيل أم عباس
هو بشارع الصليبة الطولونية حيث مفارق الطرق. أنشأته المرحومة والدة المرحوم عباس باشا ابن عم إسماعيل باشا فى سنة أربع وثمانين ومائتين وألف، وهو فى غاية الحسن والاتساع وأرضه مفروشة بالرخام وسقفه منقوش بالأصباغ الذهبية وشبابيكه من النحاس الأصفر ومكتوب بدائره بالذهب آيات قرآنية، وفوقه مكتب متسع عامر بالأطفال وقد وقفت عليه أوقافا دارة، ورتبت فيه معلمين يعلمون الأطفال القراءة والكتابة والفنون التى تدرس فى المدارس الملكية من النحو والرياضة والألسن، ورتبت للأطفال كسوة سنوية ومكافآت للمعلمين يأخذونها عند الامتحان السنوى.
سبيل الست بنبه
هو فى بركة الفيل أنشأته الست بنبه زوجة المرحوم حسن باشا طاهر سنة أربع وأربعين ومائتين وألف، وهو عامر إلى الآن ويصرف عليه من ريع وقفه.
سبيل بشير أغا
هو بشارع درب الجماميز تجاه قنطرة سنقر. أنشأه بشير أغا دار السعادة وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم أيتام المسلمين القرآن الكريم، وذلك فى سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف، وبواجهته شباكان من النحاس وأرضه مفروشة بالرخام وبدائر سقفه إزار من الخشب مكتوب فيه سورة الفتح وتاريخ الإنشاء، وهذا السبيل مع المكتب شعائرهما مقامة إلى الآن من ريع وقفهما.
سبيل التبانة
هو بشارع التبانة أنشئ فى سنة مائة وألف كما فى نقوش على شباكه، وفوقه مسكن موقوف عليه وهو تبع رواق الأتراك بالأزهر ونظره لراشد أفندى شيخ الرواق.
سبيل جوهر اللالا
هو داخل درب اللبانة من خط المحجر. أنشأه جوهر اللالا وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم أيتام المسلمين القرآن الكريم وشرط فى وقفيته المؤرخة بسنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة: أن يرتب عشرة أيتام بالمكتب وأن يصرف لكل يتيم شهريا خمسون نصفا من الفلوس وللمؤدب مائتان، وشرط أن يعطى لمن يختم القرآن من الأيتام خمسمائة درهم فضة، وشرط أمورا أخرى ذكرناها عند الكلام على جامعه، وهذا السبيل مع المكتب موجودان إلى الآن ويصرف عليهما من طرف الديوان.
سبيل حسن أغا الأزرقطلى
هو بشارع تحت الربع على يسار الذاهب من باب الخرق طالبا باب زويلة. أنشأه حسن
أغا الأزرقطلى وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم أيتام المسلمين القرآن المجيد، وذلك فى سنة ست وأربعين ومائتين وألف وشعائرهما مقامة من ريع وقفهما بنظر بنت الواقف.
سبيل حسن أغا كتخدا
هو بدرب الحصر أنشأه حسن كتخدا عزبان، وأنشأ فوقه مكتبا فى سنة اثنتى عشرة ومائة وألف، وبهذا السبيل شباك من النحاس بأعلاه لوح رخام فيه تاريخ الإنشاء، وبالمكتب عمود رخام وشباكان وشعائره معطلة ونظره لمحمد القنيلى.
سبيل حسن كتخدا عزبان
هو فى حارة نور الظلام بجوار سبيل السيد إسماعيل. أنشأه حسن كتخدا عزبان فى سنة اثنتين وثلاثين ومائة وألف، وبأعلاه مسكن موقوف عليه وهو عامر إلى الآن ونظره إلى حسن السمكرى.
سبيل خليل أغا
هو بجوار مشهد الإمام الشافعى. أنشأه خليل أغا باش أغوات والدة الخديو إسماعيل فى سنة ثمان وثمانين ومائتين وألف، وجعل بجواره مدفنا وبستانا نضرا وعدة مساكن وشعائره مقامة من طرفه.
سبيل خليل أغا مستحفظان
هو بشارع المغربلين أنشأه خليل أغا مستحفظان، وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم القرآن العظيم، وذلك فى سنة ثمانى عشرة بعد الألف وهما عامران إلى الآن، ويصرف عليهما من ريع وقفهما بمعرفة الديوان.
سبيل الذهبى
هو بشارع البلاقة من خط باب اللوق. شعائره مقامة بنظر الديوان وبجوار هذا السبيل
سبيل آخر بأعلاه مكتب وبه مزملة رخام مستعملة فى سقى الماء، وشعائره مقامة بنظر عبد الله أفندى بن مصطفى كاشف وله أوقاف تحت يده.
سبيل رضوان بيك
هو بشارع القربية أنشأه رضوان بيك مع زاوية قصبة رضوان، وزاوية القربية فى عام ستين بعد الألف ووقف على ذلك أوقافا دارة تحت نظر الديوان.
سبيل سليمان الجناجى
هو بالجودرية أنشأه الأمير سليمان الجناجى وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم الأطفال القرآن الكريم، وذلك فى سنة أربع وتسعين وتسعمائة ووقف عليهما أوقافا كافية، شعائرهما مقامة منها بنظر الشيخ عبد البرّ ابن الشيخ أحمد منة الله المالكى.
سبيل سليمان الغزى
هو بشارع ميدان القطن يعلوه مكتب وعلى بابه لوح رخام منقوش فيه اسم الحاج سليمان الغزى وتاريخ سنة ستين ومائتين وألف وبه مزملة رخام داخل شباك حديد، وله من الوقف منزل ودكان يملأ كل سنة من ريعهما بنظر عبد الرزاق الغزاوى.
سبيل الست شوكار
هو بالقرافة الصغرى حيث مشهد الإمام الشافعى. أنشأته الست شوكار قاضن البيضاء بنت عبد الله/معتوقة المرحوم عثمان كتخدا القازدغلى، وزوجة المرحوم إبراهيم كتخدا القازدغلى منقوش بأعلاه هذه الأبيات:
بنت بخلوص نيتها سبيلا
…
بإخلاص وإحسان جميل
وشوكار المصونة ذات خير
…
وخيرات وإنعام جزيل
فقل أرخ لها شربا طهورا
…
كأن مزاجها من سلسبيل
ومنقوش بالرقم سنة سبعين ومائة وألف وهذا السبيل عامر إلى الآن ويملأ سنويا من ماء النيل على طرف ديوان الأوقاف.
وفى حجة وقفيته المؤرخة بسنة خمس وثمانين ومائة وألف: أن الست شوكار المذكورة وقفت جميع المكان بخط الأزبكية بدرب شيخ الإسلام ابن عبد الحق السنباطى وجميع الجنينة فيما بين بولاق وقصر العينى المعروفة قديما بغيط البحر، وجميع الرزقة الكائنة بناحية دبرك بالمنوفية وجميع الرزقة بناحية طموية بالجيزة وجميع خمسمائة عثمانى وأربع عثامنة مرتب علوفة، وجميع المكان بخط الكعكيين تجاه حمام الجبيلى وجميع خلو بعض طبقات من وكالة الملح وجميع المكان بخط الكراشين بين الحيضان بالقرب من قنطرة الحزنوبى وجميع المكان بخط الشوّائين داخل عطفة الفاكهانى، وجميع المكان بالخط المذكور فى العطفة المتوصل منها لباب جامع الفاكهانى الشرقى ولمطبخ السكر وجميع الحانوت تجاه جامع الفاكهانى وجميع ست قراريط من الوكالة داخل عطفة السبع قاعات، وجميع المرتب وهو مائة وأربعون عثمانيا علوفة وجميع السبع حوانيت بخط قنطرة الموسكى، وجميع الحانوتين بالدرب الأحمر وجميع الحانوت الكائن بالخط المذكور تجاه جامع الصالح، وجميع الحصة التى قدرها ثلاثة وعشرون قيراطا فى الوكالة بخط البندقانيين، وجميع الحصة التى قدرها نصف قيراط وسدس قيراط فى كامل أراضى ناحية الأرجنوس وتوابعها بالبهنساوية، وجميع ثلاثة حوانيت بخط باب الزهومة، وجميع مرتب العلوفة وهو ثلاثة وستون عثمانيا. وشرطت لنفسها نظر وقفها هذا ومن بعدها للأولاد والعتقاء، وأن يصرف فى ثمن ماء عذب يصب فى السبيل إنشاء الواقفة فى كل سنة أربعة آلاف وتسعمائة وخمسون نصفا فضة وفى ثمن سلب وبخور وغيره مائتان وخمسون نصفا وللمزملاتى سنويا سبعمائة وعشرون نصفا ولغفر السبيل سنويا ثلثمائة وستون نصفا وأجرة ملئه أربعمائة نصف، وشرطت أيضا أن يصرف فى ثمن ما يصب فى السبيل الكائن بخط الخرنوبى ألف ومائتا نصف وللمزملاتى به ثلثمائة وستون نصفا وأجرة النزح وثمن القلل والبخور مائتان وأربعون نصفا وثمن زيت وقناديل بمقام الشيخ الخرنوبى مائة وثمانون نصفا، وأن يصرف فى ثمن ماء يصب فى السبيل الحجر الكائن بخط الشوائين يوميا
اثنا عشر نصفا فضة، وفى ثمن ضحايا ليوم العيد تفرق على الفقراء ثلاثون ريالا حجرا بطاقة ولسبعة قراء يقرأون من أوّل رجب لليلة عيد الفطر سنويا أربعون دينارا ذهبا زر محبوب ولناظر الوقف سنويا ثلاثون دينارا وللناظر الحسبى عشرة وللمباشر مثله والجابى كذلك وأن يصرف فى وجوه الخير على تربتها فى أيام الجمعة والعيدين سنويا عشرة دنانير ذهبا وللتربى عشرة ريالات حجر بطاقة ولسبعة قراء بالحرم المكى عشرة ريالات بطاقة أيضا.
سبيل الشيخ صالح
هو بشارع الشيخ صالح تجاه مسجده. أنشأه حضرة الخديو إسماعيل سنة أربع وسبعين ومائتين وألف، وهو فى غاية الحسن والاتساع واجهته جميعها بالرخام، وبها ثلاث مزملات عليها شبابيك من الحديد المذهب منقوش بأعلاها آيات قرآنية وأرضه مفروشة بترابيع الرخام وبدائره من خارج كرنيش من الخشب منقوش بماء الذهب وفوقه مكتب يعرف بمكتب الشيخ صالح، وهو من المكاتب الأهلية عامر بالأطفال، ولهم معلمون من طرف الأوقاف يعلمون القرآن والخط بأنواعه والحساب والنحو والألسن، ولهم مرتب من الديوان وامتحان فى كل سنة والصرف على هذا المكتب من إيراد محلات بجواره موقوفة عليه من إنشاء الخديو المذكور أيضا.
سبيل الصياد
هو بشارع سوق الزلط من وقف الصيادية شباك حديد وبزبوز ويملأ كل سنة من طرف ورثة الواقف.
سبيل طبطباى
هو بشارع الركيبة بين الصليبة ومشهد السيدة سكينة.
أنشأه مصطفى بيك طبطباى، وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم القرآن العظيم، وذلك فى سنة ست وأربعين وألف أرضه مفروشة بالرخام وبه شباك نحاس وبوسط المكتب عمود من الرخام، وهو متخرب ونظره لمحمد أفندى نور الدين بتقرير تاريخه سنة ثمانين ومائتين وألف.
سبيل طبوزاغلى
هو بحارة غيط العدة بجوار سراى المرحوم حسين بيك طبوزاغلى.
أنشأه والده الأمير محمد بيك طبوزاغلى وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم القرآن الكريم، ووقف عليهما أوقافا كافية يصرف عليهما من ريعها وهذا السبيل مع المكتب، شعائرهما مقامة إلى الآن بنظر الأمير/مختار بيك نجل المرحوم حسين بيك طبوزاغلى.
سبيل طوسون باشا
هو بشارع العقادين داخل باب زويلة. أنشأه المرحوم طوسون باشا نجل العزيز محمد على باشا، وهو سبيل كبير مبنى بالرخام وبه شبابيك نحاس بداخلها مزملات رخام يسقى منها الماء غير البزابيز، وأنشأ فوقه مكتبا جعله لتعليم الأطفال القرآن وقد صار الآن مدرسة لتعليم القرآن والخط والنحو والرياضة والألسن، وكان رتب له خدمة ومعلمين وله امتحان سنوى مثل المدارس الملكية.
سبيل الست عائشة
هو بالقرافة الصغرى حيث مشهد الإمام الشافعى على شباكه لوح رخام منقوش فيه:
أنشأت هذا الصهريج المبارك الست المصونة عائشة زوجة المرحوم إبراهيم أغا كتخدا ابن المرحوم إبراهيم بيك أبى شنب طاب ثراهما قاصدة بذلك الثواب من الله تعالى ورسوله سنة تسع وأربعين ومائة وألف، وهذا السبيل شعائره مقامة إلى الآن بمعرفة ديوان الأوقاف.
سبيل عائشة هانم
هو على باب درب الشمسى من شارع اللبودية بخط درب الجماميز.
أنشأته عائشة هانم وأنشأت فوقه مكتبا لتعليم القرآن العظيم، وذلك فى سنة أربع وخمسين ومائة وألف ووقفت عليهما أوقافا كافية وأرض هذا السبيل مفروشة بالرخام وعلى بابه تاريخ الإنشاء وبالمكتب نحو العشرة أطفال لهم كساو سنوية من ريع وقفه وهو تحت نظر ورثتها.
سبيل العادلى
هو بكوم الشيخ سلامة يقال أنه من وقف العادلى، به على الشارع شباك جديد وقد أجره ناظره صالح كراره للسكنى بأجرة بينتو كل شهر يملؤه كل سنة منها، ويقال أن له ثمانية دكاكين وقفا عليه.
سبيل القاضى عبد الباسط
هو بالعقادين أنشأه القاضى عبد الباسط ثم تخرب فجدده السيد محمد التونسى فى سنة خمس وعشرين ومائة وألف وعليه مكتب. شعائره مقامة من وقفه تحت نظر السيد محمد المذكور.
سبيل الأمير عبد الله
هو بشارع الصليبة شرقى جامع شيخو على شباكه لوح رخام منقوش فيه: أمر بإنشاء هذا السبيل المبارك من فضل الله تعالى وعظيم جوده الفقير لله تعالى الأمير عبد الله كتخدا عزبان تابع المرحوم مصطفى كتخدا عزبان سنة اثنتين وثلاثين ومائة وألف، وبأعلاه مكتب به أطفال تنوف على المائة، وفى حجة وقفيته المؤرخة بسنة تسع وثلاثين ومائة وألف أنه وقف الأماكن الكائنة بخط الصليبة بالقرب من مدرسة شيخو العمرى وأماكن غيرها من ذلك حانوت بخط الأمشاطيين بالقرب من الجامع الأقمر بظاهر سوق الغزل بالدجاجيين وثلاثة حوانيت بعطفة سوق الدجاجيين تجاه وكالة الغزل وأراضى بناحية الفشن، وأرصد لعشرة أيتام بالمكتب فى كل يوم ثلاثين رغيفا وزن كل رغيف ثلاثة أواق ولمعلمهم سنة وللعريف أربعة وللمزملاتى وهو البواب خمسة ولبواب الحوش ثلاثة فجعله الخبز ثمانية وأربعون رغيفا، ويصرف فى السنة عشرة ظهور وفى رمضان مائة ذراع من القماش الأبيض وعشرة شدود وعشر طواق ومائة وخمسون نصفا فضة وللمعلم والعريف ظهران وللمعلم فى السنة اثنا عشر قرشا عبرة القرش منها ثلاثون فضة وللعريف فى السنة ستة قروش، وفى ثمن ماء يصب فى الصهريج ألف ومائة وأربعون نصفا فضة، وفى أجرة نزح الصهريج وملئه وتبخيره ستون نصفا، وفى سلب وأدلية
وغير ذلك مائة نصف وللبواب والمزملاتى فى كل شهر ثلاثون نصفا فضة وللكاتب فى كل سنة خمسمائة نصف، وللناظر فى كل سنة ستمائة نصف ولخمسة قراء بمنزل الواقف يقرأون فى كل صبح خمسون نصفا فى كل شهر، وللداعى منهم زيادة عشرة أنصاف ولمولد سنوى فى سبع وعشرين من رمضان ستمائة نصف وثمن حصر بالمكتب ما يراه الناظر، وشرط أن نصف ما يبقى يكون تحت يد الناظر للضرورة والنصف يفرق على المستحقين انتهى.
سبيل عثمان كتخدا
هو فيما بين سويقة السباعين وحارة عابدين داخل الدرب المعروف بدرب الشيخ نور الدين ابن العظمة.
أنشأه الأمير عثمان كتخدا طائفة مستحفظان وباش اختيار الطائفة وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم أطفال المسلمين القرآن الكريم، وذلك فى سنة ست وأربعين ومائة وألف وفى حجة وقفيته المؤرخة فى سنة خمسين ومائة وألف: أنه جعل عدد الأطفال عشرة من أيتام المسلمين القصر وأرصد العلوفة التى قدرها أربعة عشر ألف نصف وثمانمائة نصف وخمسة وثلاثون نصفا من ذلك ثمن ماء عذب أربعة آلاف وخمسمائة نصف فضة وثمن سلب وأدلية وسفنج وقلل ثمانمائة نصف وللمزملاتى كل سنة تسعمائة نصف وثمن جراية لكل يتيم شهريا عشرة أنصاف وأجرة معلم شهريا ستون نصفا وثمن جراية له شهريا عشرون نصفا وللعريف شهريا ثلاثون نصفا وثمن جراية له عشرة أنصاف وثمن حصر وتصليح الستارة سنويا تسعون نصفا وثمن ظهور منزلاوى لعشرة الأطفال سنويا أربعمائة وخمسون نصفا كل ظهر خمسة وأربعون نصفا وللمعلم واحد وللعريف مثله، وثمن سبعة مقاطع قماش أبيض كل سنة ثلثمائة نصف وخمسة/عشر نصفا لعشرة الأيتام خمسة وللمعلم والعريف مقطعان وثمن عشر طواقى جوخ أحمر لعشرة الأيتام كل سنة مائة نصف وثمن عشرة شدود قطن أبيض مائة نصف وأجرة نزح السبيل سنويا تسعون نصفا وللناظر سنويا ألف وثمانمائة نصف ولكل يتيم خمسة عشر نصفا توسعة فى رمضان وللمعلم ثلاثون وللعريف عشرون ولخمسة قراء يقرءون فى الربعة بالسبيل شهريا ثمانون نصفا ولمن يكون داعيا زيادة عنهم خمسة أنصاف فى كل شهر ولرجل حنفى واعظ يجلس بجامع ألماس سنويا ألف وستمائة نصف انتهى.
سبيل على أغا عزبان
هو بحارة بنت المعمار من ثمن الخليفة. أنشأه على أغا عزبان وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم الأطفال القرآن العظيم، وهذا السبيل أرضه مفروشة بالرخام وبه شباكان من النحاس، وله ريع من طاحون وفرن بقربه ونظره للست خدوجة من ذرية الواقف.
سبيل على أغا دار السعادة
هو بشارع السيوفية من وقف على أغا دار السعادة. أنشأه وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم الأيتام القرآن الكريم، وذلك فى سنة ثمان وثمانين وألف وهذا السبيل أرضه مفروشة بالرخام وسقفه خشب منقوش، وشعائره مقامة من طرف ديوان الأوقاف.
سبيل على باشا
هو غربى مشهد الإمام الشافعى من وقف الأمير على باشا به أربعة قباب من الحجر وعلى بابه لوح رخام منقوش فيه: أنشأ هذا السبيل المبارك الدّارج إلى رحمة الله تعالى على باشا فى سنة ثلاث عشرة وألف.
سبيل على بيك
هو بالقرافة حيث الإمام الشافعى من وقف على بيك الكبير. شعائره مقامة ويملأ سنويا من وقف الحرمين.
سبيل قايتباى
هو بالقرافة منقوش على بابه فى الحجر: أمر بإنشاء هذا السبيل الملك السلطان قايتباى سنة إحدى وتسعمائة من الهجرة النبوية وفوقه مكتب متخرب، وله سبيل آخر بشارع السيدة زينب كان متخربا ثم جدد، وجعل مكتبا لتعليم الأطفال مكتوب على بابه فى لوح رخام:
أنشأ وجدد هذا المكتب لوقف السلطان قايتباى سعادة ميرميران إبراهيم أدهم ناظر أوقاف
الحرمين سنة ست وستين ومائتين وألف، وهو يشتمل على مقاعد يتعلم فيها الأطفال القرآن والخط وفنون المدارس الملكية.
سبيل السلطان قلاوون
هو بشارع سوق المؤيد يقال أنه من وقف السلطان قلاوون وقد جدد بعد تخربه فى سنة إحدى وسبعين ومائة وألف وشعائره مقامة من أوقاف له تحت نظر الديوان.
سبيل محمد أفندى برلى
هو داخل قنطرة الخليج المرخم عليه مكتب من وقف محمد أفندى برلى وبه مزملة من الرخام داخل شباك من النحاس الأصفر، وفى المكتب أطفال يتعلمون القرآن ويملأ الصهريج كل سنة من ماء النيل من ريع وقفه تحت يد ناظرته الست ظريفة زوجة الواقف.
سبيل محمد أفندى المحاسبجى
هو بشارع الداودية. أنشأه محمد أفندى المحاسبجى، وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم الأيتام القرآن الكريم وذلك فى سنة تسعمائة وتسعين وأوقافه تحت نظر الديوان.
سبيل محمد جلبى
هو بشارع جامع أزبك اليوسفى قرب الصليبة. أنشأه الأمير محمد جلبى وأرضه مفروشة بالرخام وبه شباكان من النحاس وبأعلاه مكتب عامر ونظره ليوسف أفندى سرور.
سبيل محمد كتخدا
هو بالداوودية خلف جامع الست صفية. أنشأه وجعل فوقه مكتبا الأمير محمد كتخدا كاشف سنة سبع وثمانين وتسعمائة، وشعائره مقامة من ريع أوقافه بنظر الشيخ أحمد عامر.
سبيل السلطان محمود
هو برأس شارع الحبانية تجاه قنطرة سنقر منقوش على بابه فى لوح رخام هذه الأبيات:
هذا سبيل قد بدا
…
بالحسن قد تفردا
أنشأه بشير أغا
…
دار السعادة والندى
برسم سلطان الورى
…
محمود خان المقتدى
لازل من رب السما
…
مظفرا مؤيدا
وقد أتى تاريخه
…
من ضمن بيت سيدا
هذا سبيل ماؤه
…
نيل حلا يجلو الصدا
وبه ثلاثة شبابيك نحاس بعمد رخام وبين كل شباكين منقوش: أنشأ هذا السبيل المبارك مولانا السلطان محمود عز نصره سنة أربع وستين ومائة وألف، وبأعلى ذلك إزار خشب منقوش به أبيات ومحل البزابيز لوح رخام منقوش فيه:
ذا سبيل بدا يلوح بناه
…
يا إلهى اغفر لمن قد بناه
وأرض هذا السبيل مفروشة بالرخام الملون وبدائره إزار خشب منقوش فيه البردة، وآخر منقوش بالليقة الذهبية وإزار ثالث به قصيدة مطلعها: الحمد الله أفضل ما يقال.
وآخرها: معين ماؤه عذب زلال. وتاريخ سنة أربع وستين ومائة وألف وأبوابه مطعمة بالصدف وبه ثلاث مزملات ومحراب لوح واحد من الرخام الأزرق منقوش عليه: {(كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ)} إلى آخر الآية
(1)
وبوسط ذلك اللوح شكل سلسلة علقت بها قرّاية منقوش فيها البسملة مرتين وبجوار السبيل باب المكتب التابع له يكتنفه عمودان من الرخام وبأعلاه أبيات بها تاريخ الإنشاء وهى:
(1)
سورة آل عمران 37:3
انظر لمكتب حلا
…
صفا [وبالذكر] علا
أنشأه حضرة الأغا
…
بشير موصوف الحلا
برسم خاقان الورى
…
محمود السامى العلا
وحين تم مشرقا
…
ضياؤه واكتملا
أنشأت فى تاريخه
…
بيتا يروق النبلا
مكتب برّ نافع
…
من جله ساد الملا
وهذا المكتب يعرف الآن بمكتب الحبانية وهو من المكاتب الأهلية به خمس بوائك بأربعة أعمدة رخام، وشبابيكه عليها شرائح خشب وزجاج ملوّن وبدائره إزار خشب كتبت فيه سورة الفتح بالبوية البيضاء وبه مقاعد للأطفال يتعلمون فيها القرآن والخط بأنواعه والنحو والرياضة والألسن كما يتعلم تلامذة المدارس الملكية، وللمعلمين مرتبات شهرية من ديوان الأوقاف ولهم امتحان سنوى.
سبيل السلطان مصطفى
هو بخط السيدة زينب به خمسة أعمدة من الرخام وثلاث مزملات وشبابيكه من النحاس الأصفر وأرضه مفروشة بالرخام الترابيع وبابه بالقيشانى وبدائره إزار رخام بمرايات رخام ملوّن وبأعلى ذلك إزار خشب وقيشانى وسقفه خشب نقى بصنعة بلدية منقوش بالليقة الذهبية ومكتوب بدائره ببويه بيضاء هذه الأبيات:
هذا سبيل بديع وضعه عجب
…
فيه لوارده بالرىّ إنتاج
أنشأه مالكا السلطان من شرفت
…
به الممالك واستعلى به التاج
خليفة الله من دانت لهيبته
…
كل البرية أفراد وأزواج
نسل الملوك الأولى صانوا الممالك أن
…
يجول فيها من الكفار أفواج
أدام ذو العرش للإسلام صولته
…
فالخلق كل له والله محتاج
حاز الهنا وعلا غرس لنعمته
…
إذ طىّ خدمته للفوزادباج
وصار كل الورى يدعو لمالكنا
…
بالنصر ما لاح صبح فيه ابلاج
فالله يكلؤه والله ينصره
…
مادام ينقش أوراق وأدراج
لما تبدى كجنات مزخرفة
…
واللاهفون جميعا نحوه عاجوا
أرّخته ضمن بيت لا نظير له
…
كمبشر زانه بشر وافلاج
به تواريخ ست وضعها عجب
…
وحسنها فيه إيضاح وإبهاج
فانظر إليه مع الإنصاف يا أملى
…
واسمعه فهو سراج لاح وهاج
لو جاء صاد يرجى أمن حرقته
…
صفا له واردا والورد ثجاج
وتحته بالرقم سنة اثنتين وسبعين ومائة وألف، وهناك إزار خشب مكتوب فيه بالبوية هذه الأبيات:
بسر زينب بنت الطيب شافعنا
…
خير البرية من عجم ومن عرب
قد عمنا الخير واستعلت منازلنا
…
ومالنا ما نرجيه من الأرب
فكم لها من كرامات بلا عدد
…
فلذ بها تعط مهما شئت من قرب
وانظر لرونق ذا البنيان قد حسنت
…
أنحاؤه من سناها الباهر العجب
وارفع يمينك وادع الله خالقنا
…
يبقى لنا حضرة السلطان ذى الحسب
بجدها هب له يا ذا العلا أبدا
…
نصرا مبينا على الاعدا بلا نصب
والحمد لله شكرا حيث وفقه
…
لرى غلة ظمآن من اللهب
فاشرب هنيئا فقد وافى مؤرخه
…
ماء شفاء به يشفى من الكرب
وعليه من الخارج فوق الشباك هذه الأبيات:
ألا انظر حسن هذا الوضع داعى
…
لمجرى مائه الملك الجليل
هو الخاقان سلطان البرايا
…
يسمى مصطفى الزاكى الأصول
ورد عذبا زلالا سلسبيلا
…
به يشفى العليل من الغليل
وشبهه بفردوس ففيه
…
عذوبة كوثر مزجت بنيل
وللصاوى المؤرخ فاه داع
…
عباد الله هذا للسبيل
ويعلوه مكتب على بابه رخامة فيها خبر: أنشأه السلطان ابن السلطان مصطفى حسان خلد الله ملكه سنة اثنتين وسبعين ومائة وألف، وهذا المكتب يعرف الآن بمكتب السيدة وهو من المكاتب الأهلية مقام الشعائر وبه جملة من الأطفال يتعلمون القرآن والخط والنحو والحساب والألسن، ولهم معلمون بمرتبات شهرية من طرف ديوان الأوقاف ولهم امتحان سنوى.
سبيل مصطفى أغا
هو بشارع السيوفية من خط الصليبة فى حدرة البقر تجاه تكية المولوية.
أنشأه مصطفى أغا ابن عبد الرحمن أغا دار السعادة وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم أيتام المسلمين القرآن الكريم، وهو عامر إلى الآن ويصرف عليه من ديوان الأوقاف، وفى حجة وقفيته المؤرخة بسنة اثنتين وثلاثين وألف أنه وقف جميع المكان المستجد الإنشاء بخط الصليبة الشيخونية بحدرة البقر تجاه تكية المولوية بواجهته سبيل يعلوه مكتب وبأسفله خمسة حوانيت، وواجهته البحرية بزقاق جلب تجاه سكن المرحوم سنان بيك الدفتردار، والآن سكن محمد بيك عجم زاده وجميع البناء المستجد الانشاء المجاور للمكان المذكور حده القبلى لما بيد الواقف وهو البيت والجنينة المعروفة بوقف سنان بيك، وجميع الوكالة بثغر دمياط تجاه جامع البدرى وجميع الوكالة الكائنة بثغر رشيد والحوش الكائن بالثغر المذكور وجميع المكان الكبير بالقاهرة فيما بين قنطرة الموسكى والأمير حسين تجاه جامع الفخرى المعروف بإنشاء المرحوم عباس جاويش حده القبلى إلى الجامع تجاه حمام الفخرى والبحرى إلى الخليج والشرقى إلى ساحة الجامع والغربى إلى أماكن هناك، وجميع الطين المرصد على السحابة وهو اثنا عشر فدانا بشلقان وستة فدادين بقلقشندة، واثنا عشر ونصف بكوم السمن وخمسة بناحية مجول وبناحية الصفاية ثلاثة وببلاد الجيزة خمسة وسبعون فدانا يصرف من ذلك سنويا خمسة آلاف
نصف لملء الصهريج، وثمن سلب وأدلية وغير ذلك سنويا خمسة وستون نصفا وللمزملاتى سنويا سبعمائة وعشرون نصفا، ويصرف لعشرة أيتام بالمكتب فى كل سنة خمسمائة نصف وللمعلم أربعمائة وثمانون نصفا، وللعريف مائة وثمانون نصفا وفى كل يوم عشرة أنصاف ثمن رغيفين لكل يتيم وللمعلم فى كل شهر خمسة عشر نصفا ثمن ثلاثة أرغفة فى كل يوم ويصرف للأيتام والمعلم والعريف ثمن كسوة فى رمضان تسعمائة وستون نصفا يعطى لكل واحد كسوته فى يده، وثمن حصر وسجادة للمكتب سنويا مائة وعشرون نصفا، ويصرف فى كل يوم لاثنين وثلاثين قارئا يقرءون بمقصورة الجامع الأزهر اثنان وثلاثون نصفا ولخادم الربعة نصف فضة فى كل يوم وللناظر خمسة عشر نصفا فى كل يوم انتهى.
سبيل الست منور
هو بالجودرية من وقف الست منور. أرضه مفروشة بالرخام الملوّن، وهو عامر تابع لأوقاف سيدنا الحسين رضي الله عنه.
سبيل نذير أغا
هو بشارع تحت الربع. أنشأه نذير أغا وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم أيتام المسلمين القرآن الكريم، وذلك فى سنة ثمان وخمسين ومائتين وألف وأرضه مفروشة بالرخام الملوّن، وشعائرهما مقامة من ريع وقفهما بنظر الحاج محمد الفراش.
سبيل الست نفيسة
هو على رأس عطفة الحمام التى بأول السكرية. أنشأته الست نفيسة حرم المرحوم مراد بيك الكبير فى سنة إحدى عشرة ومائتين وألف، وهو موجود إلى الآن وأوقافه تحت نظر محمد أفندى سليم.
سبيل الهياتم
هو بحارة الهياتم من خط الحنفى بجوار جامع الهياتم. أنشأه الأمير يوسف جريجى منشئ الجامع فى سنة سبع وسبعين ومائة وألف، وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم أيتام المسلمين القرآن العظيم، وهذا السبيل أرضه مفروشة بالرخام الملوّن وعلى بابه لوح رخام عليه بيت شعر يتضمن تاريخ الإنشاء، وعلى باب من داخل هذا الباب لوح رخام منقوش فيه هذا البيت:
فى ماء هذا السلسبيل سرى الشفا
…
ومزاجه فى الشرب من تسنيم
ومكتوب بأعلى شباكه:
لله بالتقوى تأسس مسجد
…
يروى الفضائل بالفضائل يوصف
فزها بإشراق وزان بمكتب
…
بسنى ضيا القرآن أضحى يعرف
ويدل يا منشيه عنك بأنما
…
لله أخلص فيه منك المصرف
فلك الرضا عن مسجد أرخته
…
وسبيلك الفردوس بشرى يوسف
وهما عامران إلى اليوم ويصرف عليهما من ريع وقفهما.
سبيل اليازجى
هو تجاه بوّابة رحبة السيدة/نفيسة من وقف اليازجى يملأ كل سنة من ماء النيل، وهو موجود إلى الآن يصرف عليه من ريع وقفه بمعرفة ناظره حسن أفندى.
سبيل يعقوب المهتدى
مكتوب على حائط مزملته: من بعض ما أنعم الله على العبد الفقير الحقير المعترف بالتقصير المرتجى عفو ربه القدير عمارة هذا الصهريج المبارك المنير يعقوب المهتدى فى شهر جمادى الأولى سنة ست وثمانين وثمانمائة فى عصر السلطان قايتباى عز نصره انتهى. وهذا السبيل موجود إلى الآن.
سبيل يوسف أغا
هو فى شارع البراذعية من خط الدرب الأحمر على يمنة السالك من باب زويلة طالبا التبانة.
أنشأه المرحوم يوسف أغا قزلار أغا دار السعادة وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم أيتام المسلمين القرآن العظيم، وهما موجودان إلى الآن ويصرف عليهما من ريع وقفهما.
وفى حجة وقفيته المؤرخة بسنة إحدى وتسعين وألف أنه وقف جميع ما هو فى ملكه وهو الوكالة والصهريج والمزملة والمكتب والمساكن والأروقة والحوانيت وبيت القهوة والمقابل لذلك والحوانيت والمساكن علو ذلك بخط الدرب الأحمر بالشارع الأعظم يمنة السالك ويسرته طالبا لسوق البراذعيين والتبانة حدود ذلك الحد القبلى ينتهى للجامع الذى هناك المقابل بابه لباب قهوة البراذعيين، والحد البحرى ينتهى للزقاق الداخل فى درب اليانسية والشرقى إلى الشارع والغربى إلى الزقاق المتوصل منه لحارة اليانسية. والنصف الثانى المقابل لذلك حده القبلى ينتهى إلى الأماكن والحد البحرى للزقاق السالك فيما بين ذلك وبين جامع القسماسية والشرقى إلى الوكالة والغربى إلى الشارع الأعظم وقف ذلك على نفسه، ثم على قدر عينه من عتقائه ومن بعده بعد المصاريف التى عينها للخيرات على جميع طائفة الأغوات المستعدين لخدمة الحرم النبوى بالمدينة المشرفة وشرط ملء الصهريج، وأن يصرف للمزملاتى فى كل شهر تسعون نصفا فضة وثمن كيزان وأدلية وغير ذلك خمسة وأربعون، وشرط أن يكون بالمكتب عشرة أيتام لكل منهم شهريا أربعة أنصاف بدل الجراية وللمؤدب شهريا أربعون نصفا وللعريف عشرون ولكسوة المؤدب والعريف والأيتام سبعمائة وخمسون نصفا فضة، وبرسم وقود قنديل داخل المزملة فى رمضان خمسة عشر نصفا، وشرط أن يصرف فى كل يوم سبعة أنصاف ونصف نصف فضة بعد لها خمسة عشر عثمانيا لمن يكون خطيبا بالحرم النبوى، وشرط للإمام بالحرم كل يوم خمسة أنصاف فضة يرسل ذلك سنويا عند توجه الحج، وشرط أن يصرف لمدرس حنفى يقيم بجامع المؤيد بلوان الحنفى الذى علو زاوية سيدى على أبى النور فى كل يوم خمسة أنصاف فضة تعد لها عشرة عثامنة انتهى.
وهذا السبيل والمكتب موجودان إلى الآن وشعائرهما مقامة من طرف ديوان الأوقاف
سبيل يونس
هو بشارع السيدة زينب على رأس الدرب الجديد تجاه المشهد الزينبى. أنشأه الأمير يونس وجعل فوقه مكتبا لتعليم القرآن الكريم وهما عامران إلى الآن ويصرف عليهما من ريع وقفهما.
***
ذكر الحمامات
هى جمع حمام كشداد وهو مذكر كما فى القاموس، وقد يؤنث كما فى كثير من الكتب ويقال له: الديماس أيضا-بفتح الدال وكسرها-وجمعه دياميس ودماميس معناه البيت المعد للاغتسال فيه بالماء الحار.
قال المقريزى: قال سيبويه: جمعوه بالألف والتاء وإن كان مذكرا حيث لم يكسر جعلوا ذلك عوضا من التكسير، والاستحمام: الاغتسال بالماء الحار. وقيل: هو الاغتسال بأى ماء كان.
وقال محمد بن إسحاق فى كتاب المبتدى: إن أوّل من اتخذ الحمامات والطلاء بالنورة سليمان بن داود عليهما السلام وإنه لما دخل ووجد حميمه قال أواه من عذاب الله أواه. وذكر المسبحى فى تاريخه: أن العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله أوّل من بنى الحمامات بالقاهرة.
وذكر الشريف أسعد الجوانى عن القاضى القضاعى: أنه كان فى مصر الفسطاط ألف ومائة وسبعون حماما. وقال ابن المتوج: إن عدة حمامات مصر فى زمنه بضع وسبعون حماما. وذكر ابن عبد الظاهر: أن عدة حمامات القاهرة إلى آخر سنة خمس وثمانين وستمائة تقرب من ثمانين حماما، وأقل ما كانت الحمامات ببغداد فى أيام الخليفة الناصر أحمد بن المستنصر نحو الألفى حمام انتهى. وقد زال كثير مما ذكره المقريزى وتجدّدت بعده حمامات قليلة ونحن نذكر ما تيسر من ذلك فنقول:
حمام أبى حلوة
هو بشارع القنطرة الجديدة من جهة درب الجنينة بجوار الحارة الموصلة للكنائس، وهو معد للرجال والنساء وجار فى ملك محمد تكرورى والحاج إبراهيم شعبان التفكشى.
حمام الأفندى
هو فى عطفة الأفندى بوسط شارع المحكمة الكبرى بجوار شارع سيدنا الحسين، وهى التى عناها المقريزى بقوله: حمام القاضى؛ فقال: هى من جملة خط درب الأسوانى كانت تعرف بإنشاء شهاب الدين بدر الخاص أحد رجال الدولة الفاطمية، ثم انتقلت إلى ملك القاضى السعيد/أبى المعالى هبة الله بن فارس، وصارت بعده إلى ملك القاضى كمال الدين أبى حامد محمد ابن قاضى القضاة صدر الدين عبد الملك بن درباس الماردانى فعرفت بحمام القاضى إلى اليوم، ثم باع ورثة أبى حامد منها حصة للأمير عز الدين أيدمر الحلى نائب السلطنة فى أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، وصارت منها حصة إلى الأمير علاء الدين طيبرس الخازندارى فجعلها وقفا على مدرسته المجاورة للجامع الأزهر انتهى.
وقال صاحب قطف الأزهار من الخطط والآثار: هذه الحمام جملة درب الأسوانى وهى الآن تعرف بحمام الأفندى لمجاورتها لبيته انتهى. قلت: واستمر لها هذا الاسم إلى اليوم.
حمام الألفى
هو داخل حارة الألفى بشارع الصليبة وقف الست الألفية معد للرجال والنساء ويسلك إليه من جهة بركة الفيل ومن الصليبة.
حمام أمين أغا
هو بشارع باب البحر معد للرجال والنساء ويسلك إليه من شارع سوق الزلط ومن باب الشعرية ومن شارع الفجالة.
حمام بابا
هو بحارة البابا من خط حدرة الحناء التى بشارع الصليبة ملك حسن أفندى سامى يدخله الرجال والنساء، ويسلك إليه من جهة بركة الفيل ومن الصليبة وأرضه محكورة لوقف الست فاطمة بنت السيد عبد الرحمن الصيرفى.
حمام باب الوزير
هو بشارع باب الوزير على يمين الذاهب إلى قلعة الجبل تجاه جامع أيتمش النجاشى من الجهة الغربية.
أنشأه أيتمش النجاشى عند إنشائه للجامع، وهى عامرة إلى الآن يدخلها الرجال والنساء، وعليها حكر لوقف أيتمش وجارية فى ملك ورثة حسن مفتاح وصالح بدر الحمامى
حمام البارودية
هو بشارع باب الخرق بقرب جامع السلطان شاه على يمين الذاهب من باب الخرق طالبا باب اللوق، وهو متسع جدا يدخله الرجال والنساء وجار فى ملك الأمير محمود باشا البارودى والمعلم محمد صبح الحمامى.
حماما بشتك
هاتان الحمامان بشارع سويقة العزى بالجهة الغربية القبلية لمسجد ميرزاده إحداهما للرجال والأخرى للنساء، ويعرفان أيضا بحمام مصطفى كتخدا ويسلك إليهما من شارع سويقة العزى وهما فى ملك ورثة محمد كتخدا الدرويش.
حمام البشرى
هو بشارع البيومى على يسار السالك من باب الفتوح طالبا الحسينية معد للرجال والنساء، وهو من الأوقاف الأهلية والبشرى بكسر الياء الموحدة وسكون الشين المعجمة وكسر الراء المهملة بعدها ياء آخر الحروف.
حمام البنات
هو بوسط شارع جامع البنات بالقرب من قنطرة الأمير حسين، وكان يعرف بحمام الكلاب وهو من الحمامات القديمة بناها الأمير فخر الدين عبد الغنى ابن الأمير تاج الدين
عبد الرزاق بن أبى الفرج الأستادار صاحب جامع الفخرى المعروف اليوم بجامع البنات، وقد زال الآن ودخلت مساحته فى بيت أم حسين بيك.
حمام البيسرى
هذه الحمام بأوّل شارع سوق السمك وهى من الحمامات القديمة. أنشأها الأمير بيسرى النجمى، وذكرها المقريزى عند ذكر الدار البيسرية لكن لم يترجمها فى الحمامات.
ترجمة الأمير شمس الدين البيسرى
وبيسرى هذا هو الأمير شمس الدين الصالحى النجمى أحد المماليك البحرية للملك الصالح نجم الدين أيوب، تنقل فى الخدم حتى صار من أجلّ الأمراء فى أيام الملك الظاهر بيبرس البندقدارى واشتهر بالشجاعة والكرم وعلو الهمة، وكانت له عدة مماليك راتب كل واحد منهم مائة رطل لحم وفيهم من له عليه فى اليوم ستون عليقة، وبلغ عليق خيله وخيل مماليكه فى كل يوم ثلاثة آلاف عليقة سوى الجمال، وكان ينعم بالألف دينار والخمسمائة ولما فرق الملك العادل كتبغا المماليك على الأمراء بعث إليه بستين مملوكا فأخرج إليهم لكل واحد فرسين وبغلا. وشكا إليه أستاداره كثرة خرجه وحسن له الاقتصاد فى النفقة فحنق عليه وعزله وأقام غيره وقال: لا يرنى وجهه أبدا. ولم يعرف عنه أنه شرب الماء فى كوز واحد مرتين وإنما يشرب كل مرة فى كوز جديد ثم لا يعاود الشرب منه.
وتنكر عليه الملك المنصور قلاوون فسجنه إحدى عشرة سنة ثم لما مات الملك المنصور وقام من بعده ابنه الملك الأشرف خليل أفرج عنه وأكرمه وأمر جميع الأمراء أن يبعثوا إليه ما يقدروا عليه من التحف والسلاح، ثم إن الأمير منكوتمر أغرى السلطان عليه فأخذ وسجن وأحبط على جميع موجوداته واستمر فى السجن إلى أن مات فى تاسع عشر شوّال سنة ثمان وتسعين وستمائة، ودفن بتربته خارج باب النصر رحمه الله تعالى.
حمام الثلاث
هو بحارة مكسر الحطب فى آخر شارع السكة الجديدة بالقرب من عطفة الست بيرم التى كان فى محلها المدرسة الصاحبية وهو من الحمامات القديمة التى ذكرها المقريزى وعرفها بحمام الصاحب؛ فقال: هذه الحمام بسويقة الصاحب عرفت بالصاحب الوزير صفى الدين عبد الله بن شكر الدميرى صاحب المدرسة الصاحبية التى بسويقة الصاحب ثم تعطلت مدة سنين، فلما ولى الأمير تاج الدين الشوبكى ولاية القاهرة فى أيام الملك المؤيد شيخ/جددها وأدار بها الماء فى سنة سبع عشرة وثمانمائة انتهى.
وهى إلى الآن عامرة وجارية فى ملك الأمير راتب باشا الكبير ويدخلها كثير من النصارى لقربها من الموسكى.
حمام الجبيلى
هو داخل عطفة الجبيلى بأول شارع الكعكيين على يمين الذاهب من الكعكيين إلى الجامع الأزهر، وله بابان أحدهما بالكعكيين والآخر بحارة خشقدم، وهى حمام قديمة سماها المقريزى حمام الجوينى، فقال: هذه الحمام بجوار حمام ابن الكويك فيما بينها وبين الفندقانيين عرفت بالأمير عز الدين إبراهيم بن محمد بن الجوينى والى القاهرة فى أيام الملك العادل أبى بكر ابن أيوب، توفى سلخ جمادى الأولى سنة إحدى وستمائة فإنه أنشأها بجوار داره والعامة تقول:
حمام الجهينى-بهاء-وهو خطأ وتنقلت إلى أن اشتراها القاضى أوحد الدين ياسين كاتب السر الشريف فى أيام الملك الظاهر برقوق بطريق الوكالة عن الملك الظاهر، وجعلها وقفا على مدرسته بخط بين القصرين وهى الآن فى جملة الموقوف عليها انتهى.
وقال صاحب قطف الأزهار: وهى باقية إلى اليوم وتعرف بحمام الجبيلى انتهى. ولم تزل باقية إلى الآن يدخلها الرجال والنساء، وعليها حكر لوقف السلطان الغورى وأظنها جدّدت فى عهده.
الحمام الجديد
هو بشارع باب البحر معد للرجال والنساء وجار فى ملك ورثة الألابلى.
حمام حارة اليهود
هذا الحمام داخل حارة اليهود المعروفة قديما بحارة زويلة بوسط درب الطباخ من شارع الدهان بالقرب من مسجد القاضى بركات.
أنشأه الأمير عثمان كتخدا صاحب جامع الكيخيا والحمام الذى هناك، ثم بعد سنة ثلاثين ومائتين وألف انتقل إلى ملك محفوظ عرفه السمكرى، وهو برسم النساء فقط وليس به مغاطس سوى الحنفيات وفيه بئر معينة قطرها نحو خمسة أمتار، ولها نحو خمس عشرة درجة ينزل عليها من يريد الاغتسال بها وكانوا يسمونها بالمطيل، وللنساء فى هذه البئر اعتقاد كبير ويهرع إليها الكثير منهن للاغتسال فيها خصوصا نساء اليهود ثم لما حدثت مياه الحنفيات وأدخلوها فى هذا الحمام قل نزول تلك البئر، وهذه البئر هى بئر زويلة القديمة التى ذكرها المقريزى فى خططه حيث قال عند الكلام على حارة زويلة: فزويلة بنت الحارة المعروفة بها والبئر التى تعرف ببئر زويلة فى المكان الذى يعمل فيه الآن الروايا، ثم قال عند الكلام على اصطبل الجميزة ما نصه:«وكانت بئره تعرف ببئر زويلة وعليها ساقية تنقل الماء لشرب الخيول» . قال: وقد شاهدت هذه البئر لما أنشأ الأمير يونس الدوادار قيساريته والريع علوها فرأيت بئرا كبيرة جدا وقد عقد على فوهتها عقد ركب عليه بعض القيسارية وترك منها شيئا ومنها الآن الناس تسقى بالدلاء انتهى.
حمام الحلوجى
هذا الحمام بشارع الحلوجى بجوار مسجده بين الجامع الأزهر والمشهد الحسينى وهى حمام قديمة ينزل إليها بدرج مثل الحلزون ومستعملة إلى الآن للرجال والنساء.
حمام الخراطين
هو بشارع باب الشعرية وهو قسمان قسم برسم الرجال وقسم برسم النساء ولكل منهما باب يخصه، ونصفه تعلق وقف حسن كتخدا الشعرانى والنصف الثانى تعلق وقف الأستاذ الشعرانى، وهذا الحمام مستعمل إلى الآن ويتوصل إليه من جهة الميدان ومن شارع باب الشعرية.
حمام الخطيرى
هذا الحمام بشارع الخطيرى من خط بولاق وهى حمام قديمة يقال: إن الذى أنشأها هو الأمير عز الدين أيدمر الخطيرى صاحب الجامع الذى هناك، وهى حمام كبيرة جدا وماؤها من النيل ويدخلها الرجال والنساء ومنها حصة وقف أهلى والباقى ملك.
حمام الخليفة
هذه الحمام بأول حارة السيدة سكينة على يمين الداخل من الحارة إلى جهة القبر الطويل تجاه باب مسجد السيدة سكينة القبلى، وهى من الحمامات القديمة بنيت فى زمن سيدى محمد الخليفة المدفون بمسجد شجرة الدر ومعروف به الخط، وهى عامرة إلى اليوم ويدخلها الرجال والنساء وعليها حكر وقف الست فاطمة شجرة الدر.
حمام الخواجة
هو بشارع الواسطى ببولاق له بابان ويدخله الرجال والنساء، وهو من الأوقاف الأهلية تعلق ورثة حسين كتخدا.
حمام الدرب الأحمر
هو بشارع الدرب الأحمر بجوار العطفة الموصلة إلى حارة الروم على يسار الذاهب من باب زويلة طالبا باب الوزير، وهذا الحمام مستعمل إلى الآن ويدخله الرجال والنساء.
حمام الدرب الجديد
هو بوسط شارع الدرب الجديد. أنشأه المرحوم محرم أفندى الكاتب الكبير وجعله برسم الرجال والنساء، وهو عامر إلى الآن ويتوصل إليه من قناطر السباع وسويقة اللالا وقنطرة عمر شاه.
حمام درب الجماميز
هذه الحمام بشارع درب الجماميز العمومى وقف عائشة الحمامية، وهى مستعملة إلى الآن ويدخلها الرجال والنساء.
حمام درب الحصر
هو بشارع درب الحصر. أنشأه خشقدم الأحمدى وجعله برسم الرجال والنساء، وهو عامر إلى الآن وجار فى ملك/حسن مفتاح وعليه حكر سنوى لوقف خشقدم الأحمدى.
حمام الدود
هذا الحمام بشارع محمد على عند تقاطع الشارع من جهة الحلمية على يسار الذاهب من السروجية طالبا المنشية، وهو من الحمامات القديمة التى عرفها المقريزى بحمام الدود فقال:
هذه الحمام خارج باب زويلة فى الشارع تجاه زقاق خان حلب بجوار حوض سعد الدين مسعود ابن هنس عرفت بالأمير سيف الدين الدود الجاشنكيرى أحد أمراء الملك المعز أيبك التركمانى وخال ولده الملك المنصور نور الدين على ابن الملك المعز أيبك، فلما وثب الأمير سيف الدين قطز نائب السلطنة بديار مصر على الملك المنصور علىّ بن المعز أيبك واعتقله وجلس على سرير المملكة قبض على الأمير الدود فى ذى الحجة سنة سبع وخمسين وستمائة واعتقله.
وهذا الحمام إلى اليوم بيد ذرية الدود من قبل بناته موقوفة عليهم انتهى. وهى عامرة إلى اليوم ويدخلها الرجال والنساء وجارية فى وقف ورثة أصيل وعليها حكر لوقف قايتباى.
حمام الذهبى
هو بشارع البنهاوى بين جامع البنهاوى وجامع المزهرية.
أنشأه شيخ العرب شديد وهو من الحمامات الشهيرة معد للرجال والنساء وفى ملك شيخ العرب شديد ومحمد أبى بكر الحمامى.
حمام الروزنامجة
هذه الحمام بعطفة الروزنامجة وقف إبراهيم كتخدا عزبان، وهى برسم الرجال فقط مستعملة إلى الآن ويتوصل إليها من جهة بركة الفيل ومن درب الجماميز.
حمام السبع قاعات
هذه الحمام بعطفة السبع قاعات بجوار شارع السكة الجديدة، وهى من الحمامات القديمة التى عرفها المقريزى بحمام ابن عبود؛ فقال: هذه الحمام فيما بين إصطبل الجميزة وبين رأس حارة زويلة عرفت بحمام الفلك وهو القاضى فلك الملك العادل، ثم عرفت بالأمير علىّ ابن أبى الفوارس ثم عرفت بابن عبود.
ترجمة ابن عبود
وهو الشيخ نجم الدين أبو على الحسين بن محمد بن إسماعيل بن عبود القرشى الصوفى.
مات فى يوم الجمعة الثالث والعشرين من شوّال سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة بعدما عظم قدره ونفذ فى أرباب الدولة نهيه وأمره.
ولم تزل هذه الحمام جارية على أوقاف ذريته إلى أن تسلط الأمير جمال الدين على أموال أهل مصر فاغتصب ابن أخته الأمير شهاب الدين أحمد المعروف بسيدى أحمد ابن أخت جمال الدين هذه الحمام، واغتصب دار ابن فضل الله التى تجاه هذه الحمام، واغتصب دارا أخرى بجوارها وعمر هناك دارا عظيمة انتهى، وهذه الحمام عامرة إلى الآن يدخلها الرجال والنساء وجارية فى وقف الست بهانة.
حمام السدرة
هذه الحمام بشارع الواسطى ببولاق بالقرب من الجامع المعلق له بابان، وهو معد للرجال والنساء ونصفه تابع للأوقاف والنصف الثانى وقف أهلى على حرم محمد بيك لاظ أغلى.
حمام السروجية
هو بشارع السروجية بين عطفتى المحكمة والحناء على يمنة السالك من باب زويلة إلى الصليبة، وهى من الحمامات القديمة التى عرفها المقريزى بحمام قتال السباع؛ فقال: هذه الحمام خارج باب القوس من ظاهر القاهرة فى الشارع المسلوك فيه من باب زويلة إلى صليبة جامع ابن طولون وموضعها اليوم بجوار جامع قوصون عمرها الأمير جمال الدين آقوش المنصورى المعروف بقتال السباع الموصلى بجانب داره التى هى اليوم جامع قوصون، فلما أخذ قوصون الدار المذكورة وهدمها وعمر مكانها هذا الجامع أراد أخذ الحمام وكانت وقفا؛ فبعث إلى قاضى القضاة شرف الدين الحنبلى الحرانى يلتمس منه حل وقفها فأخرب منها جانبا وأحضر شهود القيمة فكتبوا محضرا يتضمن أن الحمام المذكورة خراب وكان فيهم شاهد امتنع من الكتابة فى المحضر وقال: ما يسعنى من الله أن أدخل بكرة النهار فى هذا الحمام وأطهر فيها ثم أخرج منها وهى عامرة وأشهد بعد ضحوة نهار من ذلك اليوم أنها خراب فشهد غيره، وأثبت قاضى القضاة الحنبلى المحضر المذكور وحكم ببيعها فاشتراها الأمير قوصون من ورثة قتال السباع وهى اليوم عامرة بعمارة ما حولها اه.
(أقول): أصل بناء هذه الحمام بشكل حمامين واحدة برسم الرجال والأخرى برسم النساء، وكان لها بابان أحدهما للرجال والآخر للنساء ثم لما دخلت فى وقف أولاد أصيل بعد سنة أربعين ومائتين وألف سد ما بين البابين بحائط وجعلت حمامين؛ فحمام النساء اليوم هى التى داخل عطفة الحناء وحمام الرجال هى التى بشارع السروجية وهما عامران إلى اليوم ومستوقدهما واحد وجاريان فى وقف أولاد أصيل وملك الست حسن شاه وعليهما حكر لوقف السلطان الأشرف.
حمام سعيد السعداء
هى بوسط شارع الجمالية بجوار جامع سعيد السعداء وهى من الحمامات القديمة.
وكانت تعرف أولا بحمام الصوفية.
قال المقريزى: أنشأ هذه الحمام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب لصوفية الخانقاه، وهى إلى الآن جارية فى أوقافهم لا يدخلها يهودى ولا نصرانى انتهى.
وتعرف الآن بحمام الجمالية، وهى/مستعملة إلى اليوم يدخلها الرجال والنساء.
حمام السكرية
هذه الحمام بوسط شارع السكرية تجاه الباب الكبير للجامع المؤيدى وهى من الحمامات القديمة، وكانت تعرف أولا بحمام الفاضل لكن لم يترجمها المقريزى فى خططه بل ذكرها عند الكلام على درب البنادين حيث قال: درب البنادين بحارة الروم يعرف بالبنادين من جملة طوائف العساكر فى الدولة الفاطمية وهو ينفذ إلى حمام الفاضل المرسوم بدخول الرجال.
ثم قال فى الكلام على درب دغمش:
هذا الدرب ينفذ إلى الخوخة التى تخرج قبالة حمام الفاضل المرسوم لدخول النساء اه فأخذ من كلامه: أن للفاضل حمامين إحداهما للرجال والأخرى للنساء فالتى للرجال هى حمام السكرية والتى للنساء هى داخل عطفة الحمام التى على يمين الداخل من باب زويلة بلصق السبيل.
وهذه العطفة هى درب دغمش الذى كان به سوق الخلعيين وكان يعرف قديما بسوق الخشايين. والخوخة المذكورة كانت بآخر العطفة من نحو السور ولا بد أنها سدت لسبب من الأسباب.
وأما درب البنادين فهو عطفة الذهبى داخل حارة الروم.
ترجمة الفاضل عبد الرحيم
والفاضل هذا هو القاضى الفاضل عبد الرحيم بن على البيسانى صاحب القيسارية المعروفة بقيسارية الفاضل التى على يمنة من يدخل من باب زويلة، وهاتان الحمامان موجودتان إلى اليوم واحدة للرجال فقط وهى حمام السكرية والأخرى للنساء وهى حمام العطفة ومستوقدهما واحد.
حمام السنانية
هذه الحمام بشارع السنانية ببولاق. أنشأها الوزير سنان باشا بعد إنشائه للجامع وبقيت عامرة إلى أن دخلت الفرنساوية فخربت وبقيت متخربة إلى زمن المرحوم عباس باشا فاطلع على الوقفية فوجد النظر لوالى مصر فأمر بإنشائها-وذلك فى نظارة المرحوم أدهم باشا-على الأوقاف العمومية فجددت كما كانت، وهى عامرة إلى يومنا هذا يدخلها الرجال والنساء ونظرها للأوقاف.
حمام سنقر
هذا الحمام بشارع قنطرة سنقر على يمين الذاهب من شارع الخلوتى إلى حارة النصارى، وهو من وقف مرزة يدخله الرجال والنساء وعامر إلى الآن.
حمام السيوفى
هذا الحمام بشارع مرسينة فى خط السيدة زينب ملك أحمد السيوفى الحمامى، وهو عامر إلى الآن برسم الرجال فقط ويتوصل إليه من قناطر السباع ومن جهة الحوض المرصود، وعليه حكر لوقف الدشيشة الكبرى.
حمام سوق السلاح
هذا الحمام بشارع سوق السلاح ملك يوسف أصيل ومحمود بيك العطار والشيخ مصطفى مبلغ عرفات، وهى حمام كبيرة عامرة إلى اليوم يدخلها الرجال والنساء وعليها حكر لوقف مصطفى الغزى.
حمام السويدى
هو بمصر القديمة فى شارع السويدى ملك ورثة المرحوم محمد القلماوى، وهو عامر إلى الآن يدخله الرجال والنساء، ويتوصل إليه من شارع باب الوداع وشارع المرحومى وباب البحر، وعليه حكر لمسجد سيدى عمرو بن العاص رضي الله عنه.
حمام الشرايبى
هذه الحمام بشارع الحمزاوى لها بابان أحدهما بجوار الحمزاوى الكبير بالقرب من كنيسة الأروام، والثانى من جهة الفحامين بالقرب من ميضأة جامع الغورى وهى حمام قديمة.
أنشأها السلطان الغورى بجوار منزل كان يسكنه ابنه، ثم إن المنزل المذكور أخذه جانم الحمزاوى وعمله الخان المعروف الآن بالحمزاوى الذى عرف الخط باسمه.
وهذه الحمام الآن جارية فى وقف الست بهانة فى نظارة الشيخ حسن جلبى، وكانت تعرف سابقا بحمام النملى ثم عرفت الآن بحمام الشرايبى، وهى حمام كبيرة جدا ولها شهرة إلى اليوم ويدخلها الرجال والنساء.
حمام الشعرانى
هذه الحمام بأول حارة الشعرانى من خط باب الشعرية، وهى حمام قديمة عامرة إلى الآن يدخلها الرجال والنساء وتابعة لوقف الشعرانى
حمام الصنادقية
هذه الحمام بأول شارع الغورية فى عطفة بالصنادقية وهى من الحمامات القديمة، وسماها المقريزى بحمام الخراطين؛ فقال: أنشأها الأمير نور الدين أبو الحسن على بن نجا بن راجح بن طلائع فعرفت بحمام ابن طلائع وكان بجوارها، ثم حمام أخرى تعرف بحمام السوباشى فخربت ومستوقد حمام ابن طلائع هذه إلى الآن من درب ابن طلائع الشارع بسوق الفرانين الآن ولها منه أيضا باب، وصارت أخيرا فى وقف الأمير علم الدين سنجر السرورى المعروف بالخياط والى القاهرة، وتوفى فى سنة ثمان وتسعين وستمائة فاغتصبها الأمير جمال الدين يوسف الأستادار فى جملة ما اغتصب من الأوقاف والأملاك وغيرها وجعلها وقفا على مدرسته برحبة باب العيد انتهى، وهى عامرة إلى اليوم يدخلها الرجال والنساء، وباب مستوقدها من الزقاق المجاور لخان الهجين بشارع الغورية وأما بابها فمن العطفة التى بالصنادقية.
حمام الصليبة
هذه الحمام عند تقاطع شارع الصليبة تجاه سبيل أم عباس باشا، وهى من إنشاء الأمير شيخو العمرى عندما أنشأ الخانقاه والمدرسة الشيخونية/، وهى عامرة إلى اليوم يدخلها الرجال فقط وأنشأ بجوارها حماما أخرى يرسم النساء، وهى باقية أيضا إلى الآن يدخلها النساء فقط وللجمامين مستوقد واحد.
حمام الطنبلى
هو بشارع الطنبلى على يمين السالك من الطنبلى إلى باب الشعرية وله بابان أحدهما من الشارع والثانى من درب الأقماعية، وهو معدّ للرجال والنساء ويسلك إليه من جهة العدوى ومن جهة الجامع الأحمر.
حمام طولون
هو بشارع طولون ملك يوسف العماوى وحسين كريم، وهو عامر إلى الآن يدخله الرجال والنساء وعليه حكر لوقف جقمق.
حمام العتبة الخضراء
هذه الحمام بأول شارع العتبة الخضراء بجوار جامع أزبك من داخل عطفة الميضأة، وهى من الحمامات القديمة بناها الأمير أزبك صاحب الجامع المشهور وقد زالت هى والجامع عند تنظيم الأزبكية وكذا العطفة والوكالة التى كانت هناك، وصار محل ذلك متصلا بمقابر الأموات التى كانت بالجبانة المعروفة بترب الأزبكية وقد أخرجت منها العظام وجمعت بصهريج عمل لها فى أول شارع العشماوى وبنى عليه جامع عرف بجامع العظام.
حمام العدوى
بكسر فسكون هو برأس حارة قصر الشوك له بابان: أحدهما تجاه عطفة الشنوانى، والثانى من حارة قصر الشوك. أنشأه الشيخ حسن العدوى بعد إنشائه للجامع، وهو عامر إلى الآن يدخله الرجال والنساء.
حمام العطارين
هذا الحمام بأول شارع الرماح من جهة المنشية مشترك بين الأوقاف وأولاد أصيل، وهو برسم الرجال فقط وعامر إلى اليوم، ويتوصل إليه من شارع الصليبة ومن جهة المنشية.
حمام الغورية
هذا الحمام داخل عطفة بشارع الكعكيين على يسار الذاهب من الكعكيين إلى الجامع الأزهر، وهو من الحمامات القديمة بنى أيام السلطان الغورى وكان يعرف بحمام العرائس ثم عرف بحمام الغورية، وهو عامر إلى الآن يدخله الرجال والنساء وجار فى وقف المرحوم حسن بيك الهجين.
حمام القاضى
هى فى شارع الأنصارى ببولاق لها بابان وعامرة إلى اليوم يدخلها الرجال والنساء وهى من الأوقاف الأهلية.
حمام القربية
هو بشارع القربية على يسار الذاهب من قصبة رضوان طالبا الداودية، وهو حمام كبير يدخله الرجال والنساء وعامر إلى وقتنا هذا.
حمام القزازية
هو بأول درب الأنصارى بجوار جامع الأمير حسين بنى بعد بناء الجامع، وهو عامر إلى اليوم ويدخله الرجال والنساء، وجار فى ملك المعلم محمد صبح الحمامى وعليه حكر لوقف الأمير حسين.
حمام قلاوون
هذا الحمام بشارع النحاسين على يسار الذاهب من النحاسين إلى سوق مرجوش وهو من الحمامات القديمة، وعرفه المقريزى بحمام الساباط ثم قال: ويعرف فى زماننا بحمام المارستان المنصورى وهذا الحمام هو حمام القصر الصغير الغربى ويعرف أيضا بحمام الصنيمة؛ فلما زالت دولة الخلفاء الفاطميين من القاهرة باعها القاضى مؤيد الدين أبو المنصور محمد بن المنذر بن محمد العادل الأنصارى الشافعى-وكيل بيت المال فى أيام الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين يوسف بن أيوب-للأمير عز الدين أيبك العزيزى هى وساحات تحاذيها بألف ومائتى دينار فى ذى الحجة سنة تسعين وخمسمائة، ثم باعها الأمير عز الدين أيبك للشيخ أمين الدين قيماز بن عبد الله الحموى التاجر بألف وستمائة دينار، ثم لما تملك الملك المنصور قلاوون الألفى وأنشأ المارستان الكبير المنصورى صارت فيما هو موقوف عليه، وهى الآن فى أوقافه ولها شهرة فى حمامات القاهرة اه.
وهذا الحمام مستعملة إلى اليوم يدخلها الرجال والنساء وتعرف أيضا بحمام النحاسين.
حمام الكيخيا
هذا الحمام بشارع عابدين بجوار جامع الكيخيا. أنشأه الأمير عثمان كتخدا بعد إنشائه للجامع المذكور وجعله وقفا عليه، وهو عامر إلى الآن ويدخله الرجال والنساء وجار تحت نظر ديوان الأوقاف العمومية.
حمام مرزوق
هو فى آخر عطفة مرزوق بوسط شارع سويقة اللالا مطل على الخليج. أنشأه حسين أغا نجاتى وهو عامر إلى الآن ويدخله النساء فقط.
حمام المصبغة
هذه الحمام بحارة لولية داخل شارع الكعكيين، وهى من الحمامات القديمة التى سماها المقريزى بحمام القفاصين؛ فقال: هى بالقرب من رأس حارة الديلم.
أنشأها نجم الدين يوسف بن المجاور وزير الملك العزيز عثمان بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب انتهى.
وقال صاحب قطف الأزهار: إنها تعرف اليوم بحمام المصبغة انتهى.
قلت: وهى إلى الآن تعرف بحمام المصبغة ويدخلها الرجال والنساء.
حمام مصطفى بيك
هذه الحمام بخط الحنفى بحارة خليل طينة.
أنشأها المرحوم مصطفى بيك برسم الرجال والنساء، وهى عامرة إلى اليوم بالاشتراك بين الأوقاف وورثة منشئها.
حمام المقاصيص
هى بأول عطفة المقاصيص التى بشارع الخردجية على يسرة من دخل من العطفة إلى حارة اليهود، وهى من الحمامات القديمة التى ذكرها المقريزى وسماها بحمام خشيبة فقال:
هذه/الحمام بجوار درب السلسلة كانت تعرف بحمام قوام الدين خير ثم صارت حماما لدار الوزير المأمون بن البطائحى؛ فلما قتل الخليفة الآمر بأحكام الله وعملت خشيبة تمنع الراكب أن يمر من تجاه المشهد الذى بنى هناك عرفت هذه الحمام بخشيبة تصغير خشبة انتهى.
وهى باقية إلى اليوم وأكثر من يدخلها اليهود.
حمام الملطيلى
هذه الحمام بوسط شارع مرجوش بالقرب من جامع الغمرى وهى من الحمامات القديمة، وكانت تعرف بحمام سويد وكان بقربها حمام أخرى تعرف بهذا الاسم أيضا.
وذكرهما المقريزى فى خططه حيث قال: حماما سويد هاتان الحمامان بآخر سويقة أمير الجيوش عرفتا بالأمير عز الدين معالى بن سويد وقد خربت إحداهما ويقال أنها غارت فى الأرض وهلك فيها جماعة وبقيت الأخرى، وهى الآن بيد الخليفة أبى الفضل العباسى ابن محمد المتوكل انتهى.
وفى كتاب قطف الأزهار من الخطط والآثار للعلامة الشيخ أبى السرور البكرى: أن هذه الحمام كانت تعرف بحمام سويد وكانت حماما واحدة ثم قال: وهى الآن يعنى فى القرن العاشر داخلة فى أوقاف ذرية الملك المؤيد بن أينال وأنشأ حماما أخرى بجانبها للنساء، والآن يقال لها حمام الغمرى بجوار مقام سيدى أبى العباس الغمرى انتهى؛ فالحمام القديمة هى حمام الرجال والأخرى حادثة بعدها وهما عامرتان إلى الآن وتعرفان بحمامى الملطيلى، وكانتا من ضمن الموقوف على مدرسة السلطان أينال التى بصحراء المجاورين، ثم خرجتا من وقفه بطريق الاستبدال سنة أربع وتسعين ومائة وألف ودخلتا فى وقف إبراهيم جلبى وجدّه الحاج إبراهيم الملطيلى.
حمام المؤيد
هذه الحمام بحارة الإشراقية التى كانت تعرف قديما بالمحمودية، لها بابان أحدهما بشارع تحت الربع والثانى من حارة الإشراقية، وهى حمام قديمة.
أنشأها السلطان المؤيد بعد إنشائه للجامع عامرة إلى الآن يدخلها الرجال والنساء.
حمام الناصرية
هى بشارع الناصرية من خط السيدة زينب فى ملك الست خديجة بنت يوسف وشركائها، وهى معدة للرجال والنساء وعامرة إلى الآن وأرضها محكورة لوقف قايتباى الرماح.
حمام الواجهة
هذه الحمام فى شارع الواجهة ببولاق لها بابان وهى من إنشاء المرحوم عبد الله جلبى عامرة إلى الآن يدخلها الرجال والنساء ونظرها للأوقاف.
***
ذكر الكنائس
قال المقريزى: قال الأزهرى: كنيسة اليهود جمعها كنائس وهى معربة أصلها كنشت انتهى. وقد نطقت العرب بذكر الكنيسة قال العباس بن مرداس السلمى:
يدورون بى فى ظل كل كنيسة
…
وما كان قومى يبتنون الكنائسا
وقال ابن قيس الرقيات:
كأنها دمية مصوّرة
…
فى بيعة من كنائس الروم
انتهى.
كنيسة الأرمن الأصلية
هى بوسط شارع بين السورين.
كنيسة الأرمن الكاتوليك
هى داخل عطفة الأحمر بدرب الجنينة.
كنيسة الأروام
هى بشارع الحمزاوى على يمين المار من الحمزاوى إلى الوراقين وهى كنيسة كبيرة جدا.
كنيسة الأروام
هى داخل حارة الروم من شارع السكرية.
كنيسة الروم
هى داخل عطفة البطريق بحارة الروم.
كنيسة خميس العدس
هى بجوار مدرسة الفرنساوية بآخر شارع خميس العدس.
كنيسة درب الطباخ
هى بشارع حارة اليهود داخل درب الطباخ.
كنيسة الدير
هى داخل عطفة الدير بشارع وكالة الصابون الدير الكبير والدير الصغير هما بجوار بعضهما فى آخر درب المزين بشارع الموسكى.
كنيسة السريانى
هى فى داخل درب قطرى من درب الجنينة.
كنيسة السبع بنات
هى بآخر حارة الدحديرة الموصلة لشارع كلوت بيك.
كنيسة الشوام
هى داخل عطفة البحرى بدرب الجنينة.
كنيسة القبط
هى بحارة زويلة من شارع بين السورين.
كنيسة القبط
هى داخل عطفة من شارع الدرب الواسع الموصل لشارع كلوت بيك.
كنيسة القبط
هى بأول درب المواهى من شارع حارة الحمام بقرب حارة السقائين.
كنيسة الموارنة
هى داخل درب الجنينة.
كنيستان بجوار بعضهما
هما داخل درب الكنيسة بشارع الخرنفش.
كنيستان بجوار بعضهما
هما داخل درب الدهان فى شارع الدهان.
كنيسة
داخل عطفة الفضة بشارع درب المبلط.
كنيسة
داخل شارع الدروة من شارع المبلط.
كنيسة
داخل درب الكتان من شارع المبلط.
كنيسة
داخل درب النصيرى من شارع الدهان.
كنيسة
بوسط شارع السقالبة.
كنيسة
داخل حوش الصوف بشارع الدهان.
كنيسة
داخل عطفة المصريين بشارع السقالبة.
كنيسة اليهود
هى بوسط درب البرابرة من شارع الموسكى.
تتمة الكلام على الكنائس والأديرة المصرية
وهى الخاصة بالملة المسيحية القبطية الأصلية الأرئدوكسية بالحالة التى هى عليها إلى شهر أمشير من سنة 1597 للشهداء الموافقة لسنة 1881 مسيحية وشهر ربيع الثانى من سنة 1298 هلالية.
كتب إلينا بهذه النبذة بعض من نعتمده ويرجع إليه فى هذا الشأن من أكابر القسس الشهيرة بمصر:
الكنيسة الكبرى البطريركية الكاتدرائية
أى: كنيسة الكرسى البطريركى وهى المعروفة بالمرقسية؛ لأنها مرسومة باسم القديس
مرقس الحوارى المبشر بالإنجيل فى الديار المصرية وما يتبعها من الجهات الإفريقية من الدار البطريركية العامرة، وتعرف بالبطريكخانة وبالقلاية ومعنى القلاية مسكن الرئيس الروحى، وهى بخط الأزبكية بالدرب الواسع وكان انتهاء عمارة هذه الكنيسة أولا سنة ألف وخمسمائة وست عشرة للشهداء موافقة لسنة 1800 مسيحية فى عهد البطريرك مرقس الثامن، وهو الثامن بعد المائة من عدد بطاركة الإسكندرية فى أيام رياسة الأمير الشهير جرجس أفندى الجوهرى رئيس الكتبة المصريين، وذلك أن البطريرك المومى إليه كان ساكنا أولا بالقلاية البطريركية بحارة الروم السفلى فأنشأ قلاية الأزبكية وبجوارها هذه الكنيسة وسكنها، وسبب إنشاء هذه الكنيسة أن الأمير الشهير المعلم إبراهيم الجوهرى-رئيس كتبة القطر المصرى-اتفق له أن إحدى الستات المحترمات السلطانية ولعلها أخت السلطان كانت قد قدمت من القسطنطينية إلى مصر قاصدة الحج، ولكونه متقدما فى الدولة تقدما مشهورا باشر بنفسه أداء الخدمات الواجبة لمثلها فى الذهاب والعودة وقدم لها الهدايا اللائقة لرفيع مقامها فأرادت مكافأته على خدمته التى أبداها مع شهرة صداقته فى خدمة الحكومة واعتبار اسمه بدار السلطنة؛ فسألت عن مرغوباته فالتمس منها المساعدة فى إصدار فرمان سلطانى بالرخصة فى إنشاء كنيسة بالأزبكية حيث مستقر سكنه والتمس منها أشياء أخرى كرفع الجزية عن الرهبان إلى غير ذلك فقوبل رجاؤه بالإجابة، ولكنه توفى فى 25 بشنس سنة 1511 الموافق ختام سنة 1209 هلالية قبل الشروع فى البناء؛ فلما تولى أخوه جرجس أفندى منصبه اتحد مع البطريرك وباقى أكابر الأمة وشرعوا فى بنائها بجانب القلاية وانتهت عمارتها سنة 1516 كما ذكرنا.
ويقال: إن أصل الموقع الذى بنيت فيه الكنيسة كان ملكا للأمير يعقوب والمعلم ملطى اللذين كانا موظفين فى وظائف شهيرة بمصر مدة حكم الفرنسيس وتنازلا عنه للكنيسة ولاتخاذ البطريرك القلاية سكنه بجانبها صارت هذه الكنيسة الأولى من الكنائس المصرية.
ومن خصائصها: أن البطريرك لا يرسم إلا فيها وأول من رسم فيها بطريركيا البطريرك بطرس التاسع بعد المائة المتولى الرياسة سنة 1526 للشهداء موافقة سنة 1810 مسيحية وما دام موجودا بالمحروسة لا يرسم مطارنته وأساقفه إلا بها ولو أراد رسم أى رئيس روحى بأىّ
كنيسة كانت فلا مانع، ولكن خصوصية هذه الكنيسة مانعة من ذلك لكونها كنيسة الكرسى.
وكانت منذ إنشائها مجاورة للقلاية لها باب مخصوص بها فى عطفة بالدرب الواسع وكانت تنتهى من الجهة الشرقية إلى حوش القطرى بدرب الجنينة بالأزبكية، وكان آخر من أقيم ناظرا عليها فى عهد البطريرك بطرس السابع وهو التاسع بعد المائة من عدد البطاركة جناب الوجيه يوسف أفندى جرجس مفتاح من معتبرى الأمة وفى مدة نظارته جدد فيها إصلاحات مهمة، ولم تزل الكنيسة والقلاية على هذه الحالة فى تلك العطفة النافذة إلى أن تولى الرياسة الشهير البطريرك كيرلوس الرابع.
وفى سنة 1569 الموافقة 1853 شرع فى عمارة مدرسة كبرى تجاه الكنيسة من الجهة البحرية فأخذ المنازل اللازمة لاستيفاء المدرسة والقلاية والكنيسة بعضها استبدالا بأماكن أخرى والبعض اشتراه بالثمن حتى حاز المنازل التى كانت مجاورة للقلاية والكنيسة والمقابلة لها من مدخل العطفة المذكورة إلى انتهائها، وفى أثناء عمارة المدرسة سد الطريق الذى كان موصلا لحوش القطرى إذ لم يبق فى العطفة سوى أملاك الوقف، وتمم عمارة المدرسة وبدّل نظامها الأول وحوّله إلى الوضع الذى هى عليه الآن، وجلب إليها المعلمين وأباح لأبناء الطائفة القبطية وغيرهم من المسيحيين والمسلمين والإسرائيليين إدخال أبنائهم ليتعلموا فيها ما يريدون من العلوم العربية واللغات المعتبرة والآداب مجانا.
وكان أول افتتاحها سنة 1571 وقد عين للصرف عليها إيراد جملة من أماكن وقف الدار البطريركية، ولم تزل للآن تصرف فى شئونها مع باقى المكاتب التى افتتحها بالقاهرة، وقد نجحت هذه المدرسة منذ أوائلها وشاهد نجاحها مؤسسها وكثير من طلبتها الأول مشرفون/ الآن بالرتب والخدم الميرية.
هذا وقد صير موقع العطفة المذكورة دائرة واحدة تشتمل على الكنيسة والبطريكخانة والمدرسة، وجعل على هذه الدائرة بابا شهيرا من الجهة الغربية وهو الباقى للآن بحالته بالدرب
الواسع، وبعد إتمامه المدرسة وضمه هذه الجهة إليها وجعلهما دائرة واحدة سافر إلى الأقطار الحبشية لزيارة ملكها تاودروس وتفقد أحوال الكنائس الحبشية فإن الحبش جميعا متحدون دينا ومذهبا مع القبط الأرثدوكس وخاضعون لرياسة الكرسى البطريركى الإسكندرى، وأقام فى تلك السفرة نحو سنتين فاستمرت الكنيسة والقلاية على حالتهما الأولى إلى أن عاد من الحبش فشرع فى نقض الكنيسة القديمة.
وفى يوم الخميس التاسع والعشرين من برمودة سنة 1575 وهو الثانى والعشرون من نيسان سنة 1589 مسيحية فى الساعة الحادية عشرة من ذلك اليوم وضع أساس الكنيسة الموجودة الآن فى موقع الأصلية وكان ذلك اليوم يوما شهيرا ولم يزل مجدا فى البناء حتى توفى وبعد وفاته لم تزل الهمة جارية فى تكميلها من قبل توّلية خلفه البطريرك ديمتريوس وبعد توليته حتى تم بناؤها فى عهده.
وقد كان مؤسسها عازما على جلب الأعمدة الرخام اللازمة لها من أوروبا مع باقى ما يلزمها من الأدوات التى لا توجد بمصر فلم يتيسر له الحصول على مرغوبه حتى مات فاشترت الأمة ما تيسر وجوده من العمد الرخام اللائقة بها من الإسكندرية، ونصب من ذلك أربعة عمد مركبة من قطع الرخام مؤلفة بالتحكيم مع قواعدها من أسفل إلى فوق.
وفى وجود البطريرك ديمتريوس شرع فى استيفاء كمال العمارة فأقيم أربعة أعمدة أخرى من الخشب مضاهية للرخام فى الهيئة وعقدت القبة الوسطى من الخشب أيضا على الأعمدة الثمانية كما هى عليه الآن، وعمل دائرها من الخارج مرتفعا عن الأرض نحو متر وراكزة عليه من ثلاث جهاته العمد الرخام الموجودة الآن، وهى ستة عشر وعمر فوق الدائر بيت النساء يصعد إليه بسلم مخصوص مقابل للكنيسة من الجهة البحرية، وهذا البيت مشرف من داخل على الكنيسة من الجهات الثلاث بحواجز من الخشب المخروط وأقيم حجابها المصنوع من خشب الجوز وركبت أبوابها وشبابيكها ولم تكمل فى مدته، واستمرت على حالتها هذه مدة سنين فى وجوده وبعد وفاته إلى أن تولى الجناب المفخم كيرلوس الخامس وهو الموجود الآن البطريركية
فشرع فى تتميمها فى شهر كيهك سنة 1596 الموافقة سنة 1880 مسيحية أى فى السنة السادسة من توليته مسند البطريركية؛ فأحضر لها المصورين والنقاشين وباقى الصناع فأتموا ما كان ناقصا من التجارة بالطبقة العليا من بيت النساء وغيره ونقشوها من داخل الهياكل الثلاثة من فوق إلى أسفل، وصوّروا الصور اللازمة فى قبة الهيكل الأكبر والهيكلين الآخرين، ورقمت الصور على الحجاب ثلاثة صفوف مموّهة جميعها بالذهب، وكذلك الحجاب موّهت بوارزه بالذهب وركز أمام الحجاب وقاية له دربزين من حديد بثلاثة أبواب مقابلة لأبواب الهياكل، وصورت قباب الكنيسة خارج الهياكل ونقشت بالألوان الرائقة مموهة جميعها بالذهب وكذلك حيطانها من فوق إلى أسفل ونقش وصور الأنبل (وهو عبارة عن منبر للخطابة وتلاوة الانجيل جهرا) كل ذلك مموه بالذهب ومنقوش بالألوان الجيدة، ثم رقم على أبواب وشبابيك الكنيسة بعض آيات مقدسة من نص الأنجيل والزبور، ورصف دائر الكنيسة من الجهات الثلاث البحرى والغربى والقبلى بحجر الرخام، وكذا نقشت دوائر الكنيسة الخارجة من فوق إلى أسفل.
وبالجملة فقد استوفى نظامها واستكملت زينتها من داخل ومن خارج. أما المحل البطريركى الأصلى فإن البطريرك ديمتريوس لم يجدد فيه شيئا مهما وإن كان قد عمر جانبا مخصوصا بالجهة الغربية من دائرة البطريكخانة فنقض البطريرك الموجود الآن المحل القديم وعمر فى موقعه دائرة بطريركية جميلة جدا، وعمر دائرة للرهبان والخدمة والمسافرين كافية منتظمة فأصبحت الكنيسة محاطة بالنظام من كل جهة، ففى الجهة البحرية المدرسة وفى الغربية العمارة التى أنشأها وتممها البطريرك السابق والدار البطريركية الجديدة التى عمرها ونظمها البطريرك الموجود الآن وفى القبلية الدائرة الأخرى التى عمرها أيضا.
ويلى هذه الكنيسة الكبرى من الجهة البحرية كنيسة صغيرة بينهما ضريح كيرلوس منشئ المدرسة والكنيسة، ولما كانت هذه الكنيسة الآن ليس لها ناظر مخصوص بل هى تحت نظر حضرة البطريرك أقام جناب الوجيه الخواجه عوض سعد الله أمين صندوق البطريكخانة قيما على العمارة التى أجراها بها تحت ملاحظة حضرته؛ فقام بذلك أحسن قيام وبذل فى هذه
الخدمة الخيرية غاية الاهتمام حتى انتهت هذه العمارة بهمة حضرة البطريرك ومساعدة وجوه الأمة/المعتبرين ونجبائها الخيرين وموالاة الخواجه عوض على أحسن ما يرام.
وقسوس هذه الكنيسة الرسميون الآن الأغومانس فيلوتاؤس إبراهيم الذى كان منشؤه بمدينة طنتدا ورسم قسيسا عليها سنة 1578 الموافقة لسنة 1862 وفى أوائل سنة 1591 انتخب من الأمة بالقاهرة للكنيسة الكبرى المرقسية ونقل إليها وثبت فيها بأمر حضرة البطريرك الحالى فى أوائل توليته المسند البطريركى، وكان إجراء هذه الأعمال الأخيرة بالكنيسة فى أثناء توظفه بها وشريكه فى قسوسية الكنيسة الأغومانس تادرس مؤنس ويليهما من يلزم من القسوس الرهبان للمساعدة فى الخدمة الدينية (والأغومانس هو رئيس القسوس) وهى كلمة يونانية معناها المدير وتستعمل بدلها بين العوام لفظة قمص.
***
الكنيسة الأولى بحارة زويلة
قد ذكر المؤتمن أبو المكارم سعد الله بن جرجس فى مجموع له بين فيه كنائس القاهرة والجهات البحرية فى أواخر الجيل الثانى عشر للمسيح: أنه كان بحارة زويلة كنيسة عظمى جدابها من الأبنية المشيدة والأحجبة المطعمة بالعاج والآبنوس والتصاوير والنقوش المذهبة من عمل الصناع والمصورين المصريين الأقباط والعمد المرمر وغير ذلك ما يذهل الناظرين.
وممن له شركة فى تزيين هذه الكنيسة بذاك العهد أمير من الأمة يقال له: جمال الكفاة أبو سعيد. كان من المعروفين فى عهد الخلافة الحافظية، وكذلك أبو المكارم سعد الله.
وممن كان يتردد للصلاة فيها الرئيس صنيعة الخلافة أبو زكرى يحيى المعروف بالأكرم الذى كان متوليا ديوان التحقيق، ثم ديوان النظر على جميع الدواوين بالحضرة فى الخلافة المذكورة من سنة 530 هلالية إلى آخر ربيع الأول سنة 542.
وكان بأعلى هذه الكنيسة كنيسة برسم الشهيد مرقوريوس أبى السيفين، وكان موقوفا على الكنيسة الكبرى دور وساحات معتبرة.
وكان فى هذه الحارة كنيسة أخرى غاية فى اللطف وكان من عادة قسوس الكنيسة الكبرى أن يحتفلوا رسميا ثلاث مرار فى كل سنة:
الأولى: يوم أحد الشعانين وهو الأحد الذى قبل أحد عيد الفصح.
والثانية: ثالث يوم من عيد الفصح.
والثالثة: يوم عيد الصليب وهو اليوم السابع عشر من توت.
وذلك أنهم كانوا بعد إقامة الصلاة الاحتفالية يخرجون من الكنيسة بالملابس الرسمية فى جمهور من الأمة حاملين صحف الإنجيل وتتقدمهم المباخر والصلبان وأغصان الزيتون
والشموع الموقدة إلى خارج الدرب الذى هذه الكنيسة داخله، ويقرأون الإنجيل ويرتلون ويهللون ويدعون للخليفة ووزيره، ثم يعودون إليها ويكملون نهارهم وينصرفون. استمر ذلك لغاية سنة 565 هلالية، ثم بطل فى دولة الأكراد ثم أعيدت عادة يوم عيد الصليب خاصة فى السنين الأخيرة إذ كان القسوس يخرجون مع الاحتفال إلى خارج حارة زويلة حتى ينتهوا إلى قنطرة الخليج القريبة من الحارة ويتممون الرسوم السابقة أما الآن فلم يكن شئ من ذلك.
وذكر المقريزى: أن من الكنائس التى هدمت بمصر والقاهرة وغيرهما من الجهات فى يوم الجمعة التاسع من شهر ربيع الآخر سنة 721 هلالية الكنيستين بحارة زويلة أما الموجود بها الآن أعنى سنة 1591 فكنيستان غير الأوليين:
الأولى وهى الكبرى برسم السيدة العذراء مريم وهى فى موقع الكنيسة الأصلية العظمى المذكورة سابقا، وهى إن لم يكن بها من الرونق والجمال ما كان قديما على ما حكاه أبو المكارم سعد الله لكن ما يوجد بها الآن من الأحجبة المطعمة بالسن المحكمة الصنعة سيما الحجاب المتوسط المركوز على واجهة الهيكل الكبير العجيب الشكل والدقيق الصنعة فى تطعيم السن والزائد فى القدمية وما فيها من بديع الصنعة النجارية القديمة المصرية والجملونات والعمد الرخام المركوزة فى صحنها وفى هيكلها الكبير وشرقيه وغير ذلك من الآثار الجميلة الموجودة بها إلى الآن يدل على مزيد اعتبارها فى الكنائس المصرية القديمة، وقد أوردها المقريزى فى ذكره كنائس القاهرة التى كانت موجودة فى عهده وأشار إلى اعتبارها لدى المسيحيين، وذكر أنهم يرون أنها قديمة وتنسب للحكيم زايلون الذى كان قبل الإسلام بنحو مائتين وسبعين سنة.
ومما رقم على دوائر أبواب هياكلها ومقصورتها ولم يزل باقيا إلى الآن يعلم: أن تلك الدوائر والمقصورة أصلحت من نحو مائة وثلاثين سنة ولم تزل هذه الكنيسة فى غاية الاعتبار يتولى نظارتها دائما أكابر الأمّة؛ ففى أوائل الجيل الثامن عشر للمسيح كان الناظر عليها الشهير المعلّم يوحنا أبو مصرى، وفى عهد رياسة الشهير المعلم إبراهيم الجوهرى كانت نظارتها له ثم
لأخيه من بعده ولكل من هؤلاء النظار آثار حسنة تشهد باهتمامهم بها، ويوجد بها إلى الآن جملة كتب اعتنى بها يوحنا أبو مصرى وإبراهيم الجوهرى وغيرهما من ذلك:
كتاب يشتمل على الفصول المقدسة التى تتلى كل عام فى أسبوع الفصح من التوراة والزبور/والإنجيل باللغتين القبطية والعربية، وهو فى حسن الخط ودقة الضبط وإتقان التصوير غاية وفى نهايته مقالة قبطية وعربية وتركية، ألفها ناسخ الكتاب ومكلفه وهو القس يوسف تتضمن ذكر الخليفة المتولى السلطنة حين ذاك والوزير المتولى الحكومة وقد آتى فيها بتاريخه نفسه وذكر البطريرك المعاصر له وقسوس الكنيسة وناظرها وباقى خدّامها إلى غير ذلك من التعليقات، وهذه المقالة محررة على السجع باللغة القبطية ومترجمة باللغتين العربية والتركية كما ذكرنا وتاريخ انتهاء نسخ الكتاب المذكور 28 طوبة سنة 1342 للشهداء الموافق سنة 1626 مسيحية، وبها كتب أخرى قديمة نفيسة. وقد امتاز من نظارها المتأخرين عن أقرانه إبراهيم الجوهرى بأن عمرّ من داخل هذه الكنيسة من الجهة البحرية كنيسة صغرى حسنة جدا أنشأها سنة ألف وأربعمائة وتسعين للشهداء برسم الشهيد أبى السيفين، ووقف عليها كتبا مخصوصة وحبس عليها أماكن مخصوصة يصرف إيرادها فى مصالحها، ولم تزل هذه الكنيسة باقية للآن يشهد ظرفها بهمة منشئها وكانت الكنيسة الكبرى كنيسة الكاتدراى أى كنيسة الكرسى البطريركى بعد كنيسة أبى السيفين بمصر القديمة وسيأتى ذكرها إن شاء الله، واستمرت كذلك إلى زمن البطريرك متاؤس الرابع المتوفى سنة 1675 مسيحية، ثم نقل الكرسى البطريركى إلى كنيسة حارة الروم على ما يأتى ذكره ومع ذلك فلم تبرح هذه الكنيسة للآن فى غاية الاعتبار، ولم تزل أكابر الأمة تتردد للصلاة فيها أيام الأعياد والآحاد.
والآن ناظرها جناب المعتبر الوجيه فرج أفندى مليكة سلامة وقسوسها اثنان المعتبر الأغومانس يوسف رزق والمعتبر الاغومانس ميخائيل منقريوس.
ويلى هذه الكنيسة دير للراهبات المتعبدات برسم السيدة مريم قديم الأصل ذكره المقريزى فى الأديرة المصرية ومما استفيد من التعليق أنه منذ مائتين وسبعة وعشرين سنة جدّدت عمارة بهذا الدير فى زمن البطريرك مرقس الحادى بعد المائة من عدد البطاركة.
الكنيسة الثانية بحارة زويلة
هذه الكنيسة عليا يصعد إليها بدرج متسع من المدخل الموصل للكنيسة الكبرى، وهى باسم الشهيد جاورجيوس لطيفة جدا محكمة الوضع، وهى دون الكبرى فى القدم غالبا بالنسبة لأصل منشئها، وفى الجيل الثانى عشر للمسيح كان يعلو الكنيسة الكبرى كنيسة باسم الشهيد أبى السيفين على ما ذكر أبو المكارم سعد الله ولم يحصل تجديدها فى موقعها عند إعادة بناء الكنيسة الكبرى، ثم جرى تعميرها باسم جاورجيوس، وقد قيل إن إدارتها لم تكن مستقلة كما هى الآن، بل كانت تابعة لإدارة الكبرى فكان قسوس الكبرى وناظرها لهم التكلم عليها، وفى عهد أن كان الكرسى البطريركى بحارة زويلة كانت الدار البطريركية مجاورة لها من العلو، ثم خصص بعض القسوس الرهبان بإقامة الصلوات بها، ثم استقلت إدارتها وأفرزت أوقافها عن الكبرى وتعين لها قسوس وناظر مخصوصون.
وفى سنة 1480 الموافقة سنة 1764 مسيحية جدّد بعض أحجبتها بنفقة المعلمين إقلوديوس ومينا. وفى السنين الأخيرة جدد حجابها الوسط جناب قسيسها الموجود الآن الأغومانس إقلوديوس قبل ارتسامه بدرجة القسوسية وأصلح جملونها وتمم زينتها واستكمل أدواتها على ما هى عليه الآن.
ويليها من الجهة الغربية دير للراهبات أيضا برسم الشهيد جاورجيوس عامر بالراهبات تحت رياسة الأم الفاضلة المشهورة بالبر والتقوى الرئيسة مريم التى لا تملّ من مساعدة الأرامل وإعانة اليتامى سيما البنات وتربيتهن وتجهيزهن للزواج، ولا تزال مهتمة بمواساة المنقطعين والمحتاجين وإكرام الغرباء المترددين إلى منزل ديرها مهما كانوا، باذلة غاية إمكانها فى البر والإحسان، وهى مع هذه المزايا قائمة بفرائض عباداتها وشعائر رهبانيتها.
وممن عرف من الرئيسات القديسات بهذا الدير القديسة أفروسنية المشهورة لدى أمتها بالقداسة والنسك وفعل البر، وهذا الدير والكنيسة فى دائرة واحدة والناظر عليهما جناب الوجيه الخواجة إبراهيم مليكه الوهابى ذو الهمة والمروءة، ولكون الدير المذكور قد اختل بناؤه من مدة أعوام سعت الرئيسة الأم مريم من منذ تسع سنوات فى بنائه وتوسيعه بإدخال بعض أماكن فيه، ولحصول العوارض المانعة لاتمام مرغوبها وقفت العمارة حتى ازداد الخلل، وبعناية البطريرك ومساعدة الناظر المتقدم ذكره ومساعى الرئيسة زالت الموانع وتعينت الأماكن اللازم إدخالها، وبعد صدور تصريحات الحكومة السنية بالبناء حسب الرسم المقصود قام جناب الناظر وباشر بنفسه نقض وعمارة الدير وأدخل فيه ما لزم إدخاله من أماكن الدير تحت ملاحظة حضرة البطريرك، وفى هذا العام أعنى سنة 1597 للشهداء صار الابتداء فى البناء الجديد وانتهى معظم/بناء الدور الأرضى وشرع فى بناء الدور العلوى واستتمام العمارة بمباشرة الناظر المذكور بنفسه ومساعدة البطريرك وأولى البر من المسيحيين.
وفى شهر أمشير من هذا العام تم بناء الطبقة العليا بكمالها وعمر بأعلاها أيضا جملة أود مخصوصة بالراهبات والهمة جارية فى استتمام العمارة.
كنيسة حارة الروم السفلى
قد شهد دلال البطاركة أن فى عهد البطريرك اخرسطادولو (أعنى عبد المسيح) وهو السادس والستون المتولى البطريركية سنة 763 للشهداء جعلت كنيسة أبى السيفين بمصر وكنيسة السيدة بحارة الروم بطريركية أى من الكنائس المخصوصة بشخص البطريرك دون أسقف مصر وقتها، وقد ذكر ذلك أيضا الشيخ المقريزى فى ذكره البطاركة وذكر أبو المكارم فى كتابه: أنه كان بهذه الحارة إلى وقته عدة كنائس للأقباط منها كنيسة السيدة مريم، وكانت القداسات قد تعطلت فى عهد الخلافة الحاكمية وكان الأسقف يصلى فى داره بتلك الحارة إلى أن منّ الله بفتح البيع فعمرت هذه البيعة سنة 772 للشهداء، وكان لها رزقة بأرض المطرية بتوقيع المستنصر بالله أمير المؤمنين، وفى سنة 802 جدّد بياضها وتصويرها القس الرشيد أبو زكرى قسيسها، ثم أن أبا الخير المعروف بسيبويه الكاتب كلف أنبلا من الرخام تناهى فى صناعته
منصور المرخم الانطاكى، وصرف عليه حين ذاك ثلثمائة دينار وكلف أيضا لوحا كبيرا مذهبا مرسوما عليه رسوم الأعياد الكبيرة المسيحية (أعنى عيد مولد السيد المسيح وعماده فى الأردن الخ)، وكان المصور أبا اليسرى من مليج ونصب هذا اللوح بأعلى حجاب الهيكل، وكان الحجاب المذكور من الصنعة المعروفة بالمقطع، وكان جميعه وأبوابه من خشب الساج المطعم بالعاج والآبنوس صنعة إسحاق النجار ونقل إلى هذه الكنيسة أبو غالب بن بغام رخام داره ورخمها به، وكان مجاورا لهذه الكنيسة دار محبسة عليها عادمة النفع فأدخلها أبو زكرى ابن أبى البشر الكاتب وأبو المنا ابن عمه فى هذه البيعة وعقدت على الكنيسة مع ما أضيف إليها قبة واحدة، وكانت النفقة على هذه العمارة من هذين الوجيهين ومن غيرهما وتمت عمارتها سنة 879.
وفى سنة 889 الموافقة لسنة 1173 مسيحية اهتم أبو الوفاء القس أخو أبى زكرى المذكور بإتمام ترخيم داخلها وصور القبة وغيرها.
وكنيسة الميلاد المجيد كانت بأعلى كنيسة حارة الروم السفلى عمرها عصفور البناء والدهبة الشماس بالزهرى، وجرى تبييضها سنة 903 للشهداء فهذه كانت صفة كنيسة السيدة بحارة الروم فى أواخر الجيل الثانى عشر للمسيح.
كنيسة الشهيد جاورجيوس
كان بهذه الحارة أيضا كنيسة برسم الشهيد جاورجيوس عمرها أبو الفخر ابن أبى المنا الأرشيدياقن (أعنى رئيس الشمامسة) فى عهد الخلافة الحافظية، وجدّدها صنيعة الملك أبو الفرج ابن أخت أبى الفخر المذكور سنة 899.
وكنيسة أيضا برسم القديس تدرس المشرقى تولى عمارتها الأغومانس مينا فى عهد الخلافة الآمرية على يد الشهير سعيد أبى المكارم بن بولس.
وكان بهذه الحارة أيضا كنائس صغيرة للملكيين منها: كنيسة مارنقولا ثم نقلت باسم
أندراوس التلميذ بالدرب المعروف بالنادين، ومنها كنيسة الأربعين شهيدا، وكنيسة برباره، وكنيسة مارجرجس.
وكان الملكيون يدفنون موتاهم حذاء هذه الكنائس؛ فهذا ما كان بحارة الروم من الكنائس العامرة على ما حكاه أبو المكارم سعد الله.
وذكر المقريزى: أن من جملة ما هدم من كنائس القاهرة فى 9 ربيع الآخر 721 كنيسة حارة الروم، وفى ذكره الكنائس الموجودة بوقته قال: إن بحارة الروم كنيسة تعرف بالمغيثة برسم السيدة مريم وإنه كان بها كنيسة برسم برباره وقد هدمت سنة 718.
والموجود للقبط الآن كنيستان: الأولى الكبرى وهى التى ذكرها المقريزى برسم السيدة مريم، وهى من الكنائس المشهورة وكانت أولا كنيسة الكاتدراى أى كنيسة الكرسى البطريركى إلى زمن البطريرك يؤانس، وهو السابع بعد المائة من عدد البطاركة ولم يزل محل الدار البطريركية موجودا إلى الآن بجوار الكنيسة من الجهة الغربية، ويعرف ذلك المحل بالقلاية ومن داخله باب نافذ للكنيسة.
ومن نحو مائة سنة تقريبا أصيبت بحريق ثم جدّدت عمارتها، ومما رقم على باب حجابها الأوسط يعلم أن تجارتها انتهت سنة 1516 للشهداء، وآخر من كان ناظرا عليها الشهير نصر الغزاوى وبعد موته تولى نظارتها ولده الشهير مسيحه نصر، وبعد وفاته لم يقم عليها ناظر مخصوص واكتفى فى ذلك برياسة قسيسها الأغومانس بساده باخوم، ولما تم نقشها وتصويرها بحسب الإمكان فى مدة والده الأغومانس باخوم اجتهد هو كثيرا فى زيادة اصلاح نظامها، وصار من عهد ما أحيل نظر أوقافها لعهدته مجتهدا بماله ومساعيه ومباشرته فى إصلاح/ أوقافها فقد عمر لها جملة بيوت ومحال نافعة واستوفى زينتها وأدواتها على ما ينبغى، وهو أعنى الأغومانس بساده باخوم أول من جدد فيها الكراسى الراكزة لجلوس المصلين أوقات الجلوس.
وقد علم مما سبق أنه كان بأعلى كنيسة السيدة كنيسة الميلاد قبل هدم الكنائس، وهذه
الكنيسة وإن لم تكن من قبيل ما كانت عليه الكنائس الأولى من النظام والجمال إلا أنها تعدّ الآن من أظرف الكنائس، والمتواتر: أن ممن له الحظ الأوفر فى عمارتها الأخيرة الشهير المعلم منقريوس البتنونى المتوفى فى عهد المرحوم الكبير خديو مصر محمد على باشا، والآن ناظرها الوجيه المعتبر باسيلى أفندى ابن تدرس أفندى عريان، وهو من عهد توليه نظرها مواظب على إيفاء لوازمها وواجبات خدمتها واستكمال أدواتها وزينتها.
وبهذه الحارة أيضا دير للبنات الراهبات برسم الشهيد الأمير تادرس، وقد ذكره المقريزى فى أديرة الراهبات وقال: إنه عامر بهن وهذا الدير من المواضع الدينية المشهورة لدى المسيحيين وكثير من أجناس المسيحيين وغيرهم يترددون إليه للزيارة واستمداد الشفاء من الله تبركا بالشهيد صاحب الدير لا سيما من هم مرضى بالجنون ونحوه وكثيرا ما يفوزون بالصحة والعافية، وناظره الآن جناب الوجيه الفطن إبراهيم أفندى رفائيل الطوخى من رؤساء أقلام المالية حاليا.
كنيسة حارة السقائين
لما وجد البطريرك الكبير الشهير كيرلوس منشئ المدرسة القبطية بالأزبكية والكنيسة الكبرى بها ما عليه أبناء الأمة القبطية ساكنو حارة السقائين من الصعوبة لعدم وجود كنيسة بتلك الجهة سعى بجدّه واجتهاده وحرّض وجهاء الأمة على شكاية الحال للمقام الخديوى، وطلب الرخصة ببناء كنيسة بها فصدر أمر سام من المرحوم محمد سعيد باشا فى 5 ربيع الأول سنة 1272 لمحافظة مصر بإجابة التماس الأمة ببناء كنيسة بحارة السقائين بأحد أماكن وقف الأقباط، وإذ لم يكن ممكنا وقتئذ خلو موضع كاف لتعمير كنيسة مستوفية اكتفى وقتها بإخلاء إحدى دور الوقف واستعمالها للصلاة إلى حين التمكن من محل كاف، ولم يزل البحث عنه جاريا حتى وجد.
وفى هذا العام أى سنة 1597 الموافقة سنة 1881 مسيحية شرع حضرة البطريرك مع أكابر الأمة بهذه الحارة فى إدارة البناء فيه وعرض ذلك على نظارة الداخلية والجميع مستعدون للاشتراك فى عمارتها بغاية الجدّ والنشاط، وكما تسبب مؤسس المدرسة بالأزبكية فى
إنشاء هذه الكنيسة أعنى التى بحارة السقائين كذلك فتح مدرسة بها للصبيان ومكتبا للبنات أيضا كما فتح غيره لهن بالأزبكية ولم يزالا مستمرين للآن وناجحين فى التعليم والتأديب بموالاة وهمة حضرة البطريرك.
فهذه الكنائس الست هى الموجودة الآن للأقباط بداخل القاهرة، ويستفاد مما ذكره أبو المكارم فى كتابه فى أمر الكنائس: أنه كان للقبط أيضا فى عهده كنائس أخرى غير التى فى حارة زويلة وحارة الروم منها بخط الفهادين خلف دار الوزارة يومئذ كنيسة برسم الملك ميخائيل جدّدها عماد الرؤساء فى عهد البطريرك مرقس بن زرعة فى أواسط الجيل الثانى عشر للمسيح وبأعلاها كنيسة للسيدة، ويجاورها كنيسة أخرى برسم أكلوريوس ثم كنيسة الأمير تادرس المشرقى عمرها النجيب أبو البركات وانتهت عمارتها وزينتها فى برمهات سنة 892 للشهداء فى الخلافة العاضدية، وكان بهذه الكنيسة من صناعة النجارة الدقيقة المحكمة ما يروق الناظر، وفى سنة 902 اهتم الثقة أبو المجد بن الدقلتى فى تبييضها وتجديد نقشها وتصويرها على ما ينبغى.
ومنها بالحارة المعروفة بالحسينية (وكانت خارج السور وقتها) كنيسة برسم السيدة، وكانت من القدم قد وهنت وتشعثت فاهتم بعمارتها أبو المجد بن أبى المعالى الدخميسى على صورة حسنة جدا حتى صارت من المساجد المسيحية المقصودة لهم من جهات مختلفة نظرا لحس موقعها إلى أن كان جمادى الأولى سنة 567 هلالية فتعرض القاضى أبو العلا الحسن ابن عثمان لأبى المجد المذكور وغرّمه غرامات كثيرة، ولم يبرح منازعا له حتى عملت مسجدا للإسلام وأذن فيها ثم هدم ذلك المسجد ونقض بناؤه إلى الأرض.
وكان بهذه الحارة كنيسة جامعة للقبط والأرمن ثم قسمت بيعتين، وكان بها للأرمن كنيسة مجاورة لكنيسة السيدة خربت سنة 564 هلالية، وكان من الأرمن والسريان بهذه الحارة جماعة عظيمة، وبخط حارة تعرف بالريحانية كان للقبط أيضا كنيسة برسم السيدة مريم وبأعلاها كنيسة برسم الأمير تادرس المشرقى بجوار حارة الريحانية قبالة الحينية، ثم نقلت مسجدا يعرف بوقتها بمسجد زنبور قال: ومن جملة الكنائس التى بدلت أوضاعها ونقلت
مسجدا أو دارا كنيسة كانت بالزقاق المعروف بالشيخ أبى الحسن بن أبى شامة بخط دار الوزارة المعروفة الآن بدار الديباج، وكان قبالتها جوسق كبير نقلت مسجدا وجعل الجوسق دارا للسكن وكنيسة/كانت بالخط المعروف بدار الأوحد بن أمير الجيوش بدر، ودار شهاب الدولة بدر الخاص جعلت هذه الكنيسة دارا تعرف بسكن القفول. قال: وقبتها ظاهرة للآن.
وكان بحارة برجوان كنيسة توما التلميذ للملكية وبحارة العطوفية كنيستان للفرنج، وكان بالموقع الذى كان يعرف بالمقس بالقرب من ساحل البحر بيعة الشهيد جاورجيوس للأرمن.
ثم حولت مسجدا ثم هدمت من البحر.
فهذا ما دلت عليه الآثار من كنائس القاهرة لغاية الجيل الثانى عشر للمسيح.
ومما أورده المقريزى فى الكنائس التى هدمت فى عهد الملك الناصر محمد بن قلاوون فى 9 ربيع الآخر سنة 721 فضلا عما هدم سابقا فى عهد الملك الصالح والملك الحاكم بأمر الله وغيرهما، ومما أورده فى سياق ذكر بطاركة القبط يعلم: أن الذى هدم بالقاهرة كنيسة الفهادين وكنيسة حارة الروم وكنيسة البندقانيين وكنيستان بحارة زويلة وكنيسة بخزانة البلور وكنيسة بالخندق.
ولنعد لاستيفاء ذكر كنائس القاهرة مع ظاهرها أيضا فنقول:
ظاهر القاهرة الآن من الجهة البحرية
قال أبو المكارم فى كتابه المذكور، وبالخط المعروف برأس الطابية وسقاية ريدان والبستان الكبير المعروف بإنشاء أمير الجيوش بدر ريدان الصقلبى (وهى الريدانية المذكورة فى كتاب المقريزى): وكان الخلفاء ينزلونها فى غرة كل سنة وغرة شهر رمضان وتسمى الدورة الكبيرة كان الدير الشهير المعروف بدير الخندق موجودا، وكان هذا الدير على ما شاهده المؤلف محيطا به حصن دائر فيه باب واحد معقود عليه قبة وعليه باب حجر وداخله جملة كنائس:
الأولى الكبرى:
برسم الشهيد جاورجيوس، وهى الكاثوليكيا. أى: الجامعة. وكان أنبلها (أى منبرها) وكرسى الرياسة من الرخام عمّرت هذه الكنيسة فى الخلافة الظافرية ووزارة على بن الاسفهلار (وهو ابن السلار) وذلك منذ سبعمائة وخمسين سنة، وفى علوها كنيسة عمرها أمين الملك أبو سعيد محبوب بن السعيد أبى المكارم وجدّد تبييض الكنيسة الكبرى وتبليط أعاليها القس منصور بهذا الدير، واستوفى تصويرها واحتفل بأول صلاة فيها بعد زخرفتها فى الأحد الثانى من امشير سنة 901 للشهداء، وكان قبالتها الجوسق فيه طبقتان وبيت أسفل، وكان معدا لسكنى الأساقفة يصعد إليه من داخل الكنيسة، وكان مطلا على البرية والجبل الأحمر والبستان الكبير وخندق الموالى القصرية والبستان المعروف بالمختص وغيره.
الثانية:
كنيسة مجاورة للجوسق برسم الشهيد أبالى بن يسطس القائد وجسده فى الكنيسة الأولى فى تابوت خشب قال: ولما أخرج ابن الطويل السريانى وجماعته من الحينية مقرهم الأول فى الخلافة المستنصرية سمح لهم القبط بالصلاة فيها.
وفى عهد المؤلف جرت توسعتها وتجديد عمارتها واحتفل فيها أول يوم من مسرى سنة 907، وكان ابن الطويل حاضرا وكان قبالة الجوسق بئر ماء معين.
الثالثة:
كنيسة السيدة مريم على يمين الداخل. أنشأها أبو الفضل ابن أسقف اتريب متولى ديوان الأفضل فى الخلافة الآمرية وذلك منذ ثمانمائة سنة.
الرابعة:
كنيسة الشهيد مرقوريوس مقابل الجوسق. أنشأها الرئيس أبو العلاء فهد بن إبراهيم فى الخلافة الحاكمية، وكان ينظر فى أمر المملكة مع قائد القواد الحسين بن جوهر، وكان الحاكم قد رغبه فى ترك مذهبه بكرامات عظيمة فلم يقبل ترك دينه فضربت رقبته وأمر بإحراق
جسمه، ولكن حماه الله من الاحتراق وأخذ الجسم ودفن فى الركن القبلى من الكنيسة المذكورة.
وفى سنة 562 هلالية جدّد عمارتها أسقف بسطة وأبو البشر أخو أبى سليمان عامل المطرية، وفى علوها كنيستان إحداهما برسم أبى بقطر والثانية برسم الشهيد فيلوثاوس
الخامسة:
كنيسة ملاصقة لباب الدير برسم القديس أبى مقار أعطاها القبط للأرمن فى عهد بطركية كيرلوس السابع والستين من عدد البطاركة فى الخلافة المستنصرية ورسمت باسم الشهيد جاورجيوس، وكان للأرمن أيضا داخل هذا الدير كنيسة لطيفة أنشأها سركيس الأرمنى حامى المناخات فى الخلافة الظافرية قال: والسبب فى عمارة هذا الدير أنه كان فى الموضع المعروف ببئر العظام دير برسم جاورجيوس داخل القاهرة قبل إنشائها، وكانت القوافل تنزل عند البئر الموجودة هناك قديما وهى بئر العظيمة فى المكان المعروف بالركن المخلق من القصر الكبير الشرقى، ولما أنشئ ذلك القصر وانتهت العمارة فيه إلى هذا الدير هدم ودخل فى حقوق القصر وعوض المسيحيون الأقباط عنه بدير الخندق والبئر عوّض عنها أخرى فى البرية، وكان الموالى القصرية ساكنو الخندق حينئذ تعرّضوا لعمارة الدير الجديد، وأنهى ذلك للإمام المعز فركب بنفسه ومنع المتعرضين ورسم بكمال العمارة ونفذ أمره حالا وبنى الدير المذكور، ولا يخفى أن إنشاء القصر المذكور كان فى أواسط الجيل الرابع للهجرة، وعلى ذلك يكون بناء دير الخندق هذا فى أواخر/الجيل العاشر للمسيح.
وقد كان قبالة هذا الدير بئر ساقية وشرقيها بستان لطيف وفيه بئر ساقية أيضا، وكان منشئه سيف الدولة فى الخلافة الحافظية ولما كشف أرضه للزراعة وجد بها قبر فيه جسم أسقف وصليبه عليه فوورى الجسم كما كان، ومن هذا الأثر استدل على أنه كان هناك دير وكنيسة من القديم.
وأنشأ أيضا سيف الدولة هناك منظرة على باب البستان مقابل الكنيسة فى سنة 573
هلالية، ثم انتقل ملك هذا البستان إلى الست الجليلة ست الدار بنت أخته وهى زوجة مصنف الكتاب، وكانت مدافن الأقباط منحصرة داخل دائرة الدير، ولما ضاقت وأنهى ذلك للآمر بأحكام الله ووزيره الأفضل شاهنشاه أنعم عليهم بالساحة المعروفة وقتها بالزيارة، وهى قبالة الخط المعروف برأس الطابية وعمل منها بستان بهمة أبى الفضل ابن الأسقف متولى ديوان المجلس الأفضلى، وكان هناك بئر ساقية دائرة ألقى البساتين ويجاورها مغطس بقبة معقودة عليه كان يجرى الماء إليه ليلة عيد الغطاس فهذا حال دير الخندق على ما حكاه أبو المكارم.
وقال المقريزى فى ذكر الأديرة ما ملخصه: دير الخندق ظاهر القاهرة من بحريها عمّره القائد جوهر عوضا عن دير هدمه بالقاهرة كان بالقرب من الجامع الأقمر حيث بئر العظيمة، ثم هدم دير الخندق فى 14 شوال سنة 678 فى أيام المنصور قلاوون ثم جدّد هذا الدير الذى هناك بعد ذلك وعمل كنيستين يأتى ذكرهما فى الكنائس اه.
والموجود الآن بجهة الخندق كنيستان فى ديرين:
***
الكنيسة الأولى بالخندق
هى بدير القديس فريج المعروف الآن بدير أبى رويس، وهو دير الخندق الذى ذكره المقريزى وكان أبو رويس هذا عابدا زاهدا معتبرا لدى قومه توفى سنة 1121 للشهداء الموافقة سنة 1405 مسيحية ودفن بالدير المذكور، وفهم من سيرته أنه كان فى عهده بهذه الجهة خمس كنائس:
الأولى برسم السيدة مريم، والثانية برسم الشهيد جاورجيوس، والثالثة برسم الأمير تادرس، والرابعة برسم أبى السيفين، والخامسة برسم الشهيد أبالى.
ومن ذا يعلم أنه لما هدم الدير الأصلى بكنائسه المذكورة آنفا سنة 678 ثم جدد بعد ذلك على ما حكاه المقريزى عمرت هذه الكنائس الخمس عوضا عما كان فى عهد أبى المكارم سعد الله.
وقد علمت مما ذكره المقريزى: أن من جملة ما هدم فى 9 ربيع الآخر سنة 721 من الكنائس كنيسة بالخندق فالهدم والعمارة تكرر وقوعهما بهذا الدير، والذى فيه الآن كنيسة واحدة كبرى برسم السيدة مريم ظريفة الوضع، ويليها من الجهة الغربية كنيسة صغيرة برسم القديس أبى رويس وبها ضريحه إلى الآن، وقد دفن بهذا الدير جملة من أجساد البطاركة المتوفين بالمحروسة، وفى داخل دائرة الدير أضرحة مشهورة بأربابها منها: ضريح الشهير دميان بك بن جاد أفندى شيحة المتوفى فى عهد الخديوى الشهير اسماعيل باشا حفيد المرحوم الخديوى الكبير محمد على باشا وذلك فى سنة 1594، وأصل عائلته من زفتى وتدرج والده فى الخدم المبرية فى عهد المرحوم الخديوى الكبير، وحاز التقدم فى الرتب والشهرة وعمر طويلا وتوفى سنة 1577 للشهداء، وكان من مباديه متقدما فى الوظائف المعتبرة الميرية وآخر خداماته كان موظفا برياسة كتبة عموم المالية المصرية وحائزا رتبة متمايز فى عهد الخديوية المشار إليها، ومع
تقدمه وقبوله التام لدى الخديوى ووزرائه وأمراء الحكومة كان على غاية من التواضع محبا للجميع مسعفا لقاصديه من أى جنس كانوا محسنا محافظا على أصول مذهبه محببا فى الناس، ويوم وفاته حزن عليه جمهور الأقباط الارثدوكسيين وكثير من المسيحيين، وتأسف عليه الخديوى وكثير من وزرائه وأمراء الحكومة وأهل مصر وتعطل ديوان المالية وكثير من الدواوين يوم دفنه، وكان مشهد جنازته مهيبا مؤثرا جدا تتقدمه جملة من العساكر الميرية المنتظمة بهيئة الحزن ويتلوهم محفل جسيم جدا منتظم من البطريرك ومطران الأرمن وكافة قسوس الملة وقسوس الأرمن وأعيان القبط وغيرهم، ولفيف من المسيحيين من كل جنس وبعض معتبرى الحكومة وصلى عليه بالكنيسة الكبرى بالأزبكية، وتليت فى الحال خطبة مرثية لوفاته وبعد دفنه بمقبرة عائلته بالدير اجتهد أخوه الوجيه النجيب ميخائيل أفندى جاد وعمر له ضريحا جديدا فى آخر الدير من الجانب الغربى القبلى يتوصل إليه من داخل الدير، وتتقدمه من بحريه قطعة مزروعة من الزهور والأشجار يمر بها الداخل ثم تنتهى للباب، وعلى يمين الداخل محل منتظم لاستراحة المترددين من العائلة وفسقيتان كبيرتان لكل فسقية باب من الحجر ظاهر فى واجهتها الفسقية التى على اليمين منهما معدة لدفن المتوفين من العائلة، والفسقية التى تقابل الداخل أعدت لدفن جسم البيك المذكور وجسم والده وبأعلى بابها لوح من الرخام مرقوم عليه/بالخط العربى الذهبى اسمه واسم والده وتاريخ وفاتهما، ويعلو ذلك طبقة أخرى يصعد إليها بدرج من أعلى الدير تشتمل على محل منتظم للجلوس والنوم لا يزال أخوه يتردد إليها فى أوقات معلومة للصلاة على أرواح المتوفين وهناك يزوره المحبون.
ولما انتهت عمارة هذا المحل نقل إليه جسم البيك بتابوته فى يوم حافل بعد ما أقيمت الصلاة والقداس بحضور حضرة البطريرك وجمهور من الإكليروس والمسيحيين، ووضع بالأدعية والترتيلات فى الفسقية المعدّة له، وكان قد نقل إليها تابوت والده ولما توفى أخوه الكبير واصف أفندى دفن جسمه أيضا بها.
ومن الأضرحة الشهيرة بأربابها أيضا داخل دائرة هذا الدير ضريح الشهير تادرس أفندى عريان أصل عائلته من ناحية أم خنان بمديرية الجيزة، وانتقل أجداده منها إلى القاهرة
وتوطنوا بها وكان جدّه ووالده من معتبرى الأمة، وكان من مبدأ أمره متدرّجا فى الخدم المعتبرة الميرية لنجابته وحاز الرياسة فى عهد المرحوم الخديوى الكبير، ونال من قبله الرتبة الثالثة حيث كانت الرتب عزيزا منالها وتولى رياسة ديوان المالية فى عهد الخديوى سعيد باشا، وكان مرعى الجانب وافرا لحرمة لدى وزراء الحكم وأمراء مصر حال الخدّامة وبعدها، واشتهر بين قومه بفعل الخير والإحسان شهرة بليغة فكم من كنائس قليلة الإيراد وبيوت مستورة وأشخاص منقطعة كان مرتبا لها عليه مرتبات شهرية أو سنوية كما دلت على ذلك دفاتره التى ما كان يطلع عليها أحدا حال وجوده.
أما عنايته البليغة بأمر فقراء الأمة القبطية فكانت أكبر قسم من أعماله، ولما رتب حضرة البطريرك كيرلوس منشئ المدرسة على كثير من أبناء الأمة شهرية تتحصل وتصرف على الفقراء والمحتاجين كان المترجم أول مجتهد فى هذه المبرة، ومن دأبه أنه كان إذا وجد فتورا فى التحصيل والصرف يحرض الرؤساء والوجوه على ذلك ويتقدّمهم فى الاشتراك والمساعدة وكثيرا ما كان يتعطل التحصيل والصرف فيلتزم تارة بالإسعاف والصرف من جهته خاصة وتارة يلزم من يمكنهم المساعدة فى ذلك خارجا عن المرتب، ولرغبته فى أن تكون حسناته مستمرة بعد وفاته أيضا وقف حصة خيرية من أملاكه جميعها ما بين أطيان زراعية ومنازل عقارية يصرف جزء من ريعها على الفقراء وجزء على خدمة الكنائس وجزء لإحياء الصلوات والقداسات على روحه كل سنة، وباقى أملاكه وقفها وقفا أهليا على ورثته وأقام وصيّا على ذلك بعده حضرة نجله الأكبر الوجيه الشهير عريان بك تادرس، وأخرج بذلك حجة شرعية وحرر وصيته بنفسه ثم توفى فى برمهات سنة 1588 للشهداء، وكان مشهد جنازته ودفنه حافلا معتبرا جدا وبعد وفاته أنفذ نجله المذكور وشقيقه المحترم الوجيه باسيلى أفندى مضمون وصيته على التمام ولم يكتفيا بحفظ الحجج الدالة على ذلك وإنفاذ مضمونها بل حرّرت حرفيا وضمت فى مجموع واحد وطبع من هذا المجموع عدة نسخ بمطبعة الأقباط الأهلية، ووزعت على الورثة وحفظت نسخة منها بالبطريكخانة العامرة، ولقد اقتدى به فيما عمله من الوقف والوصية بعض أكابر الأمة كالشهير دميان بك وغيره، ولم تزل أنجاله المحترمون مواظبين على
إنفاذ مضمون وصيته وكل عام يجتمعون مع جمهور من الأمة والرؤساء والروحيين فى دير القديس أبى رويس لإقامة الصلاة الاحتفالية والتقديس على روح والدهم وزيارة قبره، ويفرقون هناك الصدقات الوافرة على اكليروس الدير وخدمته والفقراء، ويصنعون وليمة معتبرة عمومية يحضرها كافة المصلين والزائرين والمقيمين فى الدير، ولهم محل معدّ يعلو الضريح يستقبلون فيه المصلين والزائرين وغيرهم فضلا عما يصنعونه من هذا القبيل بأيام أخرى كل سنة على روح والدتهم وغيرها من المتوفين من العائلة، ومع مواظبة حضرة البيك نجله على القيام بتوزيع ريع حصة الوقف على جهاتها سنويا جارى والده أيضا فى العناية بأمر فقراء الأمة من جهة تحصيل وصرف مرتباتهم.
ويوجد غير ذلك من الأضرحة داخل الدير قديمة وحديثة ومن الحديثة أيضا ضريح الشهير فى الرهبان والإكليروس الأغومانس بطرس بن جرجس مفتاح شقيق يوسف أفندى جرجس مفتاح المتوفى فى توت سنة 1591 للشهداء، وكان عابدا محبا للعلم مجدا فى إحياء المدارس محسنا للغاية توفى بدير الملاك البحرى، ونقل جسمه بجنازة شهيرة حضرها جميع أكابر الأمة والرؤساء الروحيين وصلى عليه بدير أبى رويس وتليت إذ ذاك خطبة مرثية لوفاته، ودفن فى مقبرة القسوس داخل الدير والناظر الآن على هذا الدير المعلم الشهير ميخائيل بن جرجس الزيات صاحب الهمة الزائدة فى نظام الكنيسة وعمارة الدير وتحسين حالة أوقافه وتدبير خدمته على أحسن ما يكون، ومن عادته أنه كان يهتم فى كل عام فى يوم الحادى والعشرين من بابه القبطى باحتفال عيد القديس أبى رويس ويدعو/البطريرك وأكابر الإكليروس وجمهورا كبيرا من الشعب، وبعد القداس يصنع وليمة معتبرة للجميع فقراء وأغنياء يخدم فيها بشخصه مع أنجاله.
الكنيسة الثانية بالخندق
هى بدير الملاك ميخائيل وهى باسمه وهذا الدير يعرف الآن بدير الملاك البحرى، وهو بحرى دير أبى رويس يفصل بينهما جسر السكة الحديد الموصل للعباسية، وهو فى موقع حسن للغاية تحيط به الرياض والحقول من الجهات الأربع، وهى كنيسة جليلة قديمة المنشأ.
ومما يوجد من الكتب القديمة الموقوفة عليها كتاب محرر سنة 1008 للشهداء أعنى من نحو 590 سنة.
ونظارة هذا الدير من مدة لعائلة دميان بك وهى الآن مخصوصة بحضرة الوجيه ميخائيل أفندى جاد، وقد جدّد نظام هذه الكنيسة وزاد فى رونقها وجمالها الأفندى الناظر المذكور منذ أربع سنوات وعمر بالدير عمارة حسنة للغاية يتردد إليها من يريد من أكابر الأمة فى أوقات معلومة.
وكان من عادة البطريرك الكبير بطرس أن يتردد كل يوم خميس إلى هذا الدير ويستمر فى قصر بناه مخصوصا فى حديقة الدير كان أولا صغيرا بوسط الحديقة ثم نقل إلى آخرها بالجهة الشرقية البحرية، وبعد وفاته لم يزل خلفاؤه يترددون هناك.
وقد نقض هذا القصر جناب البطريرك الموجود الآن وبناه وجعله فى غاية الظرف، من جهة الموقع فإنه يشرف من الجهة البحرية على الحقول الممتدة لجهة القبة ومن الجهة الشرقية على الحدائق والحقول الممتدة لجهة العباسية ومن الجهتين القبلية والغربية على حديقة الدير؛ ولحسن موقع هذا الدير يهرع إليه المسيحيون من كل جنس للزيارة والتروح فى أماكنه المشرفة على الرياض والحقول الرائقة، وله مواسم حافلة كل سنة منها عيد الصليب فى السابع عشر من توت وعيد الملاك ميخائيل فى الثانى عشر من بؤنه، وهناك يجتمع كثير من الأمة من القاهرة والجهات القريبة للزيارة والصلاة والنزهة ويسمى هذا الدير دير الفرح، ويوجد قريبا
من هذا الدير بالجانب البحرى الشرقى آثار كنيسة الملك غبرئيل، وهى المذكورة فى كتاب المقريزى دثرت من مدة مديدة ولم يبق من آثارها إلى الآن إلا بعض بناء صهريجها. ومما دلت عليه الكتب الموقوفة عليها الباقية إلى الآن أنها معاصرة لكنيسة ميخائيل المذكورة آنفا هذا إذا لم تكن أقدم منها.
ظاهر القاهرة من الجهة القبلية
دير مارمينا العجائبى
قبل القاهرة بطريق مصر العتيقة قديم العهد.
وقد ذكره المقريزى فى الكنائس وقال: إن موقعه قريب من السد بين الكيمان بطريق مصر داخله كنيسة معتبرة برسم مارمينا، ويوجد فى دائرتها هيكل مخصوص بطائفة السريان الأصليين الأرثدوكس وخارجا عنها مدافن المسيحيين الأقباط وكثير من أكابرهم مدفون بها ويحيط بالمدافن سور ويليها بستان عظيم ملك الدير، وكان هذا الدير تحت نظارة المعلم الشهير إبراهيم الجوهرى، وله فيه وفى كنيسته أتعاب فى العمارة والإصلاح كما له فى غيره، وفى المدة الأخيرة كانت نظارته للشهير من معتبرى المحروسة المعلم تادرس جرجس جلبى ذى الهمم والمآثر الحميدة والمساعدات الجزيلة لكثير من كنائس الأمة وأديرتها سيما الكنيسة المرقسية الكبرى بالأزبكية التى حين شرع البطريرك كيرلوس فى عمارتها كان له الحظ الأوفر من المساعدة فيها.
ولما توفى البطريرك المذكور أقيم وكيلا على عموم إدارة البطريكخانة، وكان مع سعة اقتداره ونفوذ كلمته لين الجانب متواضع النفس جدّا محسنا محبوبا للجميع توفى سنة 1577 للشهداء ودفن فى ضريحه الكائن بهذا الدير من الجهة الغربية البحرية يحيط به سور مخصوص ويعلوه منزل منتظم يجتمع فيه أولاده المحترمون وعائلاتهم فى أيام مخصوصة، وقسيس هذه الكنيسة الاغومانس النجيب تادرس ابن الأغومانس مينا، وقد اجتهد ونظم بعض أبنية مهمة فى منازل الكنيسة وخارجا عنها حتى صار الدير والكنيسة فى رونق بهيج، وبجوار هذه الكنيسة من الجهة البحرية فى دائرة الدير كنيسة للأرمن الأصليين وحولها مدافنهم وعليها سور مخصوص.
تتمة فى تاريخ بطاركة الإسكندرية مختصرا
وهم بطاركة الأقباط الأصليين الأرثدوكسيين تكميلا لما أورده المقريزى بتاريخه: ولما كان آخر من ذكره منهم عند التكلم على دخول الأقباط فى الدين المسيحى هو البطريرك إثناسيوس ابن القس أبى المكارم بن كليل الذى تقلد البطريركية فى عهد الملك المعز عز الدين أيبك التركمانى واستمر فى الرئاسة إحدى عشرة سنة ونحو شهرين، وتوفى فى أول كيهك سنة 978 للشهداء الموافقة سنة 1262 مسيحية، وكان البطريرك المذكور السادس والسبعين فى عدد البطاركة الذين تولوا الكرسى البطريركى الاسكندرى شرعنا نذكر من تولوا بعه بالتتابع لتتمة التاريخ فقلنا:
السابع والسبعون:
غبرئيل الثالث.
والثامن والسبعون:
يوأنس السابع.
لما توفى إثناسيوس انتخب جماعة من أكابر الملة بمصر القديمة يوأنس أى يوحنا بن أبى سعيد السكرى وجماعة أخرى من القاهرة غبرئيل بن تريك، ثم تقارع الفريقان على أيهما يولى فجاءت القرعة باسم غبرئيل، ومع ذلك نهضت فرقة يوحنا ونازعت الأخرى إلى أن تغلبت عليها وأخر أمر غبرئيل وقدم يوحنا فى 22 طوبه سنة 978 للشهداء الموافقة سنة 1262 مسيحية فى أيام الملك الظاهر بيبرس، واستمر متصرفا فى البطريركية ست سنوات وتسعة شهور، ثم أخر وقدم غبرئيل وأقام فى الرئاسة سنتين وشهرين، ثم أخر وأعيد الأول وبقى غبرئيل منعزلا عن البطريركية إلى أن توفى، واستمر الآخر فى البطريركية إلى أن توفى فى 26 برمودة سنة 1009 للشهداء الموافقة سنة 1293 مسيحية؛ فجملة الاثنين 31 سنة ونحو ثلاثة أشهر منها جملة ما أقامه يوحنا 29 سنة ونحو شهر وغبرئيل سنتان وشهران، وكان فى أيامهما ضيق شديد على المسيحيين من قبل الحكومة.
التاسع والسبعون:
ثاودوسيوس الثانى وكان أولا يدعى عبد المسيح بن رويل وهو من منية بن خصيم قدم بطريركيا فى 18 مسرى سنة 1010 للشهداء الموافقة سنة 1294 مسيحية فى عهد الملك الناصر محمد بن المنصور قلاوون بعد أن خلا كرسى البطريركية سنة واحدة وثلاثة أشهر ونصفا، واستمر فى الرئاسة خمس سنوات ونحو خمسة أشهر وتوفى فى 6 طوبه سنة 1016 للشهداء الموافقة سنة 1300 مسيحية، وقد كانت قلوب الجماعة غير مؤتلفة مع هذا البطريرك حيث كان ارتقاؤه للرئاسة من غير اختيارهم فضلا عن كونه نسب لأخذ الرشوة وحدث فى أيامه غلاء وفناء شديدان، وبقى بعد وفاته كرسى البطريركية خاليا نحو أربعين يوما.
الثمانون:
يوأنس الثامن (أعنى يوحنا) بن قديس وهو من المنية كان رئيس دير شهران المعروف الآن بدير العريان وسيأتى ذكره، وقدم بطريركيا فى 16 أمشير سنة 1016 للشهداء الموافقة سنة 1300 مسيحية برضا الجماعة فى أيام الملك الناصر المذكور سابقا، وحدث فى أيامه شدة منكية للمسيحيين وأمر بغلق كنائسهم، وكان فى عهده القديس برسوم العريان صاحب الدير المشهور باسمه الكائن قبلى طرا على الساحل الشرقى، وتوفى يوأنس فى وجوده ومدة مقامه على الكرسى البطريركى 20 سنة وثلاثة أشهر وعشرون يوما، وتوفى فى 4 بؤنه سنة 1036 للشهداء الموافقة سنة 1320 مسيحية وخلا الكرسى بعده أربعة أشهر.
الحادى والثمانون:
يوأنس التاسع كان من جهة المنوفية قدم بطريركيا فى أول بابه سنة 1037 للشهداء الموافقة سنة 1321 فى عهد الملك الناصر المذكور، واشتد فى أيام رئاسته الكرب على المسيحيين وتزايد الضيق عليهم بأنواع مختلفة إذ كان يحرق بعضهم ويسم بعضهم وقهر الجميع بلبس الثياب الزرق، ثم تدارك الله خلقه برحمته وارتفع الضيق عن الأمة، وبعد أن استمر فى الرئاسة ستة أعوام ونصفا توفى فى 2 برموده سنة 1044 للشهداء الموافقة سنة 1328 مسيحية وخلا الكرسى بعده ثلاثة وأربعين يوما.
الثانى والثمانون:
بنيامين الثانى من أهل الدمقراط كان راهبا بجبل طرا وأقيم بطريركا فى 15 بشنس سنة 1044 للشهداء الموافقة سنة 1328 مسيحية فى أواخر ملك الملك الناصر، وفى أيامه أعيد الكرب على المسيحيين من ولاة الأمور على الرجال والنساء لا سيما على الرهبان والاكليروس، وعمّر هذا البطريرك دير بشوى الكائن ببرية النطرون المعروفة عند المسيحيين ببرية شيهات، وبعد أن أكمل فى الرئاسة عشر سنوات وثمانية أشهر توفى فى 11 طوبة سنة 1055 للشهداء الموافقة سنة 1339، واستمر كرسى البطريركية بعده خاليا عاما واحدا.
الثالث والثمانون:
بطرس الخامس كان يدعى أولا داود وكان راهبا بدير القديس مقاريوس أقيم بطريركا فى 6 طوبه سنة 1056 للشهداء الموافقة سنة 1340 فى آخر سنى ملك الملك الناصر، واستمر فى البطريركية ثمان سنوات وستة أشهر وفى أوائل مدته توفى الملك الناصر، واستولى بعده أولاده على التوالى الملك المنصور أبو بكر والسلطان كجك والسلطان أحمد والملك الصالح عماد الدين والأشرف شعبان والسلطان حاجى والسلطان حسن، وكانت الأمة المسيحية فى أيامه آمنة مطمئنة، وتوفى فى 4 أبيب سنة 1064 الموافقة سنة 1348 وخلا كرسى البطريركية بعده شهرين وبعض أيام.
الرابع والثمانون:
مرقس الرابع وهو من قليوب كان يدعى أولا فرج الله ترهب ورسم قسيسا بدير شهران ثم أقيم بطريركا فى 10 توت سنة 1065 الموافقة سنة 1349 فى مدة تملك السلطان حاجى، وفى أوائل مدته توفى السلطان حاجى وتملك أخوه السلطان حسن، ثم خلع وتولى أخوه السلطان صالح، ثم عاد الأول للسلطنة وحدث فى أيامه فناء عظيم حتى خرب/أغلب القرى، ومع ذلك تطلب الولاة أن يدمروا المسيحيين ومن ذلك هاج عوامّ الناس عليهم وضايقوهم كثيرا، وبعد أن استمر هذا البطريرك فى الرئاسة مدة أربع عشرة سنة وخمسة أشهر. توفى فى 6 أمشير سنة 1079 الموافقة سنة 1363 وخلا كرسى البطريركية بعده ثلاثة أشهر وستة أيام.
الخامس والثمانون:
يوأنس المؤتمن وهو (يوحنا العاشر) كان يلقب بالشامى أقيم بطريركا فى 12 بشنس سنة 1079 الموافقة سنة 1363 فى زمن تملك الأشرف شعبان، واستمر فى الرئاسة ست سنوات وشهرين وثمانية أيام وتوفى فى 19 أبيب سنة 1085 الموافقة سنة 1369 وخلا كرسى البطريركية بعده ستة أشهر.
السادس والثمانون:
غبرئيل الرابع (أعنى جبرائيل) كان راهبا بدير المحرق وأقيم بطريركا فى 11 طوبة سنة 1086 الموافقة سنة 1370 فى زمن تملك الأشرف شعبان، واستمر فى الرئاسة ثمان سنوات وثلاثة أشهر واحدا وعشرين يوما، وتوفى فى 2 بشنس سنة 1094 الموافقة سنة 1378 وخلا الكرسى البطريركى بعده ثلاثة أشهر.
السابع والثمانون:
متاؤس الكبير كان راهبا بدير المحرق وأقيم بطريركا فى أول مسرى سنة 1094 الموافقة سنة 1378 فى عهد تملك على بن الأشرف شعبان، واستمر فى البطريركية ثلاثين سنة وخمسة أشهر وبعض أيام وفى أوائل مدته توفى الملك المذكور وتولى بعده أخوه السلطان صفرخان حسين آخر الأتراك ثم تولى بعده السلطان برقوق أول دولة الجراكسة، وتوفى البطريرك المذكور فى 5 طوبة سنة 1125 الموافقة سنة 1409 وخلا كرسى الرئاسة بعده أربعة أشهر وأياما.
الثامن والثمانون:
غبرئيل الخامس وهو من دير القلامون بالجيزة أقيم بطريركا فى 26 برمودة سنة 1125 الموافقة سنة 1409 فى عهد تملك السلطان الناصر فرج بن برقوق، واستمر فى الرئاسة ثمان عشرة سنة وثمانية أشهر وأياما، وتوفى فى 8 طوبة سنة 1144 الموافقة سنة 1428 وخلا كرسى الرئاسة بعده أربعة أشهر وأياما.
التاسع والثمانون:
يوأنس الحادى عشر كان بالقاهرة أقيم بطريركا فى 16 بشنس سنة 1144 الموافقة سنة 1428 فى عهد تملك الملك الأشرف أبى النصر برسباى من ملوك الجراكسة، واستمر فى البطريركية نحو خمسة وعشرين سنة، وتوفى فى 9 بشنس سنة 1169 الموافقة سنة 1453 وخلا كرسى الرئاسة بعده أربعة أشهر وأياما.
التسعون:
متاؤس الثانى وهو من الصعيد كان راهبا بدير المحرق وأقيم بطريركا فى 13 توت سنة 1170 الموافقة سنة 1454 فى عهد تملك الأشرف أبى النصر أينال العلائى، واستمر فى البطريركية اثنتى عشرة سنة، وتوفى فى 13 توت سنة 1182 الموافقة سنة 1466 وخلا الكرسى البطريركى بعده خمسة أشهر.
الحادى والتسعون:
غبرئيل السادس ويعرف بالغرباوى قدم بطريركا فى 15 أمشير سنة 1182 الموافقة سنة 1466 فى تملك الملك الظاهر خشقدم الناصرى، واستمر فى البطريركية ثمان سنوات وعشرة أشهر وبعض أيام، وتوفى فى 19 كيهك سنة 1191 الموافقة سنة 1475 وخلا بعده الكرسى البطريركى سنتين ونحو الشهرين.
الثانى والتسعون:
ميخائيل الثالث وهو من سمالوط أقيم بطريركا فى 13 أمشير سنة 1193 الموافقة سنة 1477 فى عهد الملك الأشرف أبى النصر قايتباى الظاهرى المحمودى، وأقام فى البطريركية سنة واحدة وثلاثة أيام، وتوفى فى 16 أمشير سنة 1194 الموافقة سنة 1478 وخلا بعده كرسى الرياسة سنتين وشهرين وسبعة أيام.
الثالث والتسعون:
يوأنس الثانى عشر وهو من نقادة أقيم بطريركا فى 23 برمودة سنة 1196 الموافقة سنة 1480 فى عهد الملك الأشرف المذكور سابقا، أقام فى البطريركية ثلاث سنوات وأربعة أشهر وأياما، وتوفى فى 7 توت سنة 1200 الموافقة سنة 1484 وخلا كرسى الرئاسة بعده خمسة أشهر.
الرابع والتسعون:
يوأنس الثالث عشر ويعرف بابن المصرى، أقيم بطريركا فى 15 أمشير سنة 1200
الموافقة سنة 1484 فى عهد الملك الأشرف المذكور سابقا، وكان هذا البطريرك عالما وله مؤلفات كثيرة فى الدين المسيحى، وكان محسنا على الجميع بدون استثناء استمر فى الرئاسة إحدى وأربعين سنة إلا أربعة أيام وتوفى فى 11 أمشير سنة 1240 الموافقة سنة 1524، وفى مدته توفى الملك الأشرف وتولى بعده سبعة ملوك آخرهم الملك العادل طومان باى ابن أخى قانصوه الغورى الذى قتله السلطان سليم خان ملك القسطنطينية، وبموته انقطعت دولة الجراكسة وبطلت السلطنة من مصر وصارت تابعة للمملكة العثمانية، وبعد وفاة البطريرك المذكور استمر كرسى الرئاسة خاليا سنة وثمانية أشهر.
الخامس والتسعون:
غبرئيل السابع كان يدعى أولا رفائيل وهو من منشاة المحرق وترهب ببرية شيهات، وأقيم بطريركا فى 4 بابة سنة 1242 الموافقة 1526 فى عهد السلطان سليمان خان ابن السلطان سليم خان، استقر فى البطريركية ثلاثة وأربعين سنة.
وكان له اهتمام زائد فى عمارة الأديرة فعمر دير الميمون وديرى القديس أنطنيوس الكبير والقديس بولا ببرية العربة بعد دمارهما وعمر أيضا دير المحرق بالوجه القبلى، ولما قام عرب بنى عطية ونهبوا دير القديس بولا وأخربوه وقتلوا راهبا من رهبانه وشتتوا شمل الباقى اجتهد واهتم فى عمارته ثانيا وعمره بالرهبان، وكان مهيبا ذا نفوذ آمر لدى أمته وفى أواخر حياته طالبه متولى الأمر بمصر بما لا يقدر عليه من الغرامة؛ فرحل قاصدا الأديرة ببرية العربة وبينما هو عابر النهر من جهة الميمون توفاه الله فى 29 بابه سنة 1285 الموافقة سنة 1569، وبعد وفاته لم يوجد له شئ من المال مخلفا عنه لأن إيراداته صرفها بأسرها فى منافع الأمة، واستمر كرسى البطريركية خاليا بعده خمس سنوات ونحو ستة أشهر.
السادس والتسعون:
يوأنس الرابع عشر وهو من منفلوط وكان راهبا بدير العذراء المعروف بالبراموس ببرية النطرون، أقيم بطريركا فى 22 برمودة سنة 1290 الموافقة سنة 1574 فى أوائل تملك السلطان مراد خان الأول ابن السلطان سليم الثانى.
وكان من أمره أن الدولة كلفته بجمع الجزية من المسيحيين فطاف بلاد مصر القبلية وجمعها وأدّاها للحكومة، ومن المضايقات التى كان يتقصده بها الوزراء رحل مرة ثانية إلى الصعيد وثالثة وأخيرا إلى الاسكندرية، ولما سكن الاضطراب عاد منها إلى النحارية وبها ضعف، وتوفى فى 3 من نسئ سنة 1305
(1)
الموافقة سنة 1589 بعد أن استمر فى البطريركية خمس عشرة سنة وأربعة أشهر وأياما وخلا الكرسى بعده عشرة أشهر.
السابع والتسعون:
غبرئيل الثامن وهو من منبير.
الثامن والتسعون:
مرقس الخامس وهو من البياضية.
التاسع والتسعون:
يوأنس الخامس عشر وهو من ملوى.
المتمم للمائة:
متاؤس الثالث من طوخ دلكة.
الحادى بعد المائة:
مرقس السادس وهو من بهجورة.
هؤلاء البطاركة الخمسة الذين تولوا البطريركية القبطية الاسكندرية استغرقت مدتهم نحو خمسة وستين سنة، ولم يذكر التاريخ مفصلات وقائعهم غير أنه قد تحقق أن الأول منهم أقيم بطريركا فى 16 بؤنة سنة 1306 الموافقة سنة 1590 فى عهد السلطان مراد خان الأول وكان يدعى أولا شنوده وهو راهب من دير القديس بيشوى.
وبعد إقامته اختلف القوم فى بقائه وافترقوا إلى أحزاب فأقاموا عوضه وخلعوه وبعد مدة
(1)
فى الأصل سنة 1350 وما أثبتناه هو الصواب.
أعيد إلى رئاسته وثبتت له البطريركية إلى أن توفى فى 9 بشنس سنة 1326 الموافقة سنة 1610.
والثانى والرابع: لم تتعين مدة توليهما الرئاسة. والثالث أقام عشر سنوات وكذلك الخامس أقام عشر سنوات وبوفاته انتهت مدة الخمسة البطاركة المذكورين وكان آخرها فى برمودة سنة 1371 الموافقة سنة 1655.
ومن المحقق: أن هذه المدة ابتدأت من أواخر عهد السلطان مراد خان الأول وتولى بعده ولده السلطان محمد خان وبعده ولده السلطان أحمد خان وبعده أخوه السلطان مصطفى خان ثم خلع وتولى ابن أخيه السلطان عثمان خان ثم أعيد السلطان مصطفى وبعده السلطان إبراهيم، ثم خلع وتولى ولده السلطان محمد خان وفى عهده انتهت مدة البطاركة المذكورين وخلا كرسى البطريركية بعد ذلك أربع سنين وسبعة أشهر ونصفا.
الثانى بعد المائة:
متاؤس الرابع كان يدعى أولا جرجس وهو من ناحية مير وترهب ببرية النطرون بدير البراموس، انتخب للبطريركية وأرسلت الجماعة تطلبه فامتنع؛ فقام حزب من المصريين ورغبوا فى تعيين خلافه فلما لم يتم لهم الأمر أحضر المنتخب الأول بواسطة الدولة وحضر الاثنان وعملت بينهما القرعة فى الكنيسة، وفى دار الولاية وفى الجهتين جاءت باسم جرجس المنتخب أولا فأقيم بطريركا فى آخر هاتور سنة 1376 الموافقة سنة 1660 فى عهد السلطان محمد خان ابن السلطان إبراهيم خان، واستمر هذا البطريرك فى الرئاسة أربع عشرة سنة وثمانية أشهر ونصفا وقاسى شدائد مختلفة، وكان هذا البطريرك آخر من سكن من البطاركة فى حارة زويلة ومن بعده انتقل مركز البطريركية إلى حارة الروم على ما سيأتى ذكره، وتوفى فى 16 مسرى سنة 1391 الموافقة سنة 1675 وخلا كرسى البطريركية بعده سبعة أشهر.
الثالث بعد المائة:
يوأنس/السادس عشر كان يدعى أولا إبراهيم وهو من طوخ دلكة ترهب بدير
القديس أنطونيوس، وأقيم بطريركا فى 12 برمهات سنة 1392 الموافقة سنة 1676 فى عهد السلطان محمد خان المذكور، واستمر فى البطريركية اثنتين وأربعين سنة وثلاثة أشهر، وفى أثناء مدته طاف الوجه القبلى والبحرى متفقدا أحوال المسيحيين وزار القدس، وكان فى صحبته رجل من أكابر النصارى يدعى جرجيسا الطوخى، وقد ساعده هذا الرجل فى عمارة ما دثر من الكنائس والأديرة وخصوصا دير القديس بولا الذى كان تخرب من أعوام مديدة فعمره هذا البطريرك وأعاد إليه الرهبان بعد أن بقى خاليا منهم مائة سنة، وبنى دار البطريركية (وتسمى قلاية أيضا) فى حارة الروم. وكان هذا البطريرك ممدوح الخصال محسنا إلى الفقراء والمحتاجين فاتحا داره لاستقبال الغرباء والمنقطعين، وتوفى فى 10 بؤنة سنة 1434 الموافقة سنة 1718 وخلا كرسى البطريركية بعده شهرين وخمسة أيام.
الرابع بعد المائة:
بطرس السادس كان أولا يدعى مرجانا وهو من مدينة أسيوط، أقيم قسيسا على دير القديس بولا وانتخب للبطريركية وتولاها فى 15 مسرى سنة 1434 الموافقة سنة 1718 فى عهد السلطان أحمد خان ابن السلطان محمد خان.
وكان هذا البطريرك وجيها لدى أولى الأمر طاف الوجه البحرى والقبلى لتفقد أحوال قومه، وكان شديد المحافظة على أمته مانعا لهم عن الوقوع فيما يحرمه المذهب المسيحى من جهة الزواج أو الطلاق ونحو ذلك، واجتمع بالسنجق ابن إيواز وغيره من المتكلمين وجرت له معهم خطوب فيما يختص بحدود مذهبه؛ فأفتى له العلماء وأصدر له فرمان من الوزير المتولى بإقراره على قانون مذهبه ومنع التعرض له فى مثل ذلك، واستمر فى الرئاسة سبع سنوات وستة أشهر وأياما، وتوفى فى 26 برمهات سنة 1442 الموافقة سنة 1726 وخلا منصب البطريركية بعده تسعة أشهر.
الخامس بعد المائة:
يوأنس السابع عشر كان يدعى أولا عبد السيد وهو من ملوى وترهب بدير القديس بولا
وأقيم بطريركا فى 6 طوبة سنة 1443 الموافقة سنة 1727 فى أواخر مدة السلطان أحمد خان المتقدم، واستمر فى البطريركية ثمان عشرة سنة وبعض أشهر.
وفى أثناء مدته أنشأ كنيستين فى ديرى أنطونيوس وبولا بمساعدة الشهير جرجيس السروجى أمير قومه بوقته.
وفى سنة 1451 الموافقة سنة 1735 فى عهد السلطان محمد خان ابن السلطان مصطفى خان صدرت أوامر سلطانية بزيادة الجزية على النصارى واليهود وجعلت ثلاث درجات:
الأولى أربعة دنانير والثانية اثنان والثالثة دينار. ثم تزايد أمرها بعد ذلك حتى ألزم بها القسوس والرهبان والصبيان والفقراء، وفى آخر رئاسته حدث غلاء عظيم ثم حصلت زلزلة وقع فيها جملة أماكن، وتوفى فى 23 برموده سنة 1461 الموافقة سنة 1745 وخلا منصب البطريركية بعده أحدا وثلاثين يوما.
السادس بعد المائة:
مرقس السابع كان يدعى سمعان ترهب بدير القديس بولا، وأقيم بطريركا فى 24 بشنس سنة 1461 الموافقة سنة 1745 فى عهد السلطان محمود خان المتقدم ذكره.
وكان هذا البطريرك طلق اللسان محسنا ممدوح السيرة محبوبا فى قومه، واستمر فى البطريركية أربعا وعشرين سنة، وتوفى فى 12 بشنس سنة 1485 الموافقة سنة 1769 وخلا منصب البطريركية بعده خمسة أشهر وثلاثة أيام.
السابع بعد المائة:
يوأنس الثامن عشر كان يدعى أولا يوسف ترهب بدير القديس أنطونيوس، وأقيم بطريركا فى 15 بابه سنة 1486 الموافقة سنة 1770 فى عهد السلطان مصطفى خان ابن السلطان أحمد خان، واستمر هذا البطريرك فى الرئاسة ستا وعشرين سنة وسبعة أشهر وسبعة عشر يوما، وفى أثناء رئاسته نالته شدائد من مأمورى الأحكام واختفى من الظلم، وكان المعارض له الأمير الشهير فى أعيان المسيحيين إبراهيم الجوهرى رئيس كتاب البر المصرى،
الذى شمر عن ساعد الجد وأصلح ما دمره مرور الأيام من أديرة الأمة المسيحية وكنائسها ومعابدها وأوقافها ففى القدس توجد دلائل همته.
وفى الأديرة للآن تشاهد آثار خيريته والعمارات والأوقاف الخيرية الناطقة رسومها وحججها باسمه تشهد بما لهذا الرجل من المآثر فضلا عما ينسب إليه من المروآت وبذل الهمم فى إغاثة الملهوفين وإنقاذ المكروبين والإفراج عن المتضايقين من كل ملة ونحلة حسبما تصل إليه قدرته وتساعده عليه وظيفته مما شهدت به الآثار ونطقت به ألسنة القوم المعترفين بالجميل، وتوفى البطريرك فى 2 بؤنه سنة 1512 الموافقة سنة 1796 وخلا منصب البطريركية بعده نحو أربعة أشهر.
الثامن بعد المائة:
مرقس الثامن كان يدعى أولا يوحنا وهو من طما وترهب بدير القديس أنطونيوس، وأقيم بطريركا فى 28 توت/سنة 1513 الموافقة سنة 1797 فى عهد السلطان سليم الثالث ابن السلطان مصطفى.
وفى أوائل مدته أتى أمير الجيوش الفرنسية بونابارتو نابليون الأول إلى الديار المصرية بجنود فرنساوية، وكان من أمر أخذه بلاد مصر وإقامة الفرنساوية بها ثلاث سنوات ما هو مشهور، ثم رحلوا من مصر وعاد زمام حكمها للسلطنة العثمانية وحان سعدها وتلألأ رونق مجدها بتولى المرحوم الخديوى الكبير محمد على باشا الذى حاز خديوية مصر لنفسه ولذريته الفخيمة من بعده فهذا البطريرك وافقت مدته ثلاث حكومات:
الأولى حكومة الولاة المعينين من السلطنة، والثانية حكومة الفرنساوية، والثالثة الحكومة الخديوية السنية التى جاءت عليه وعلى أمته الأرثدوكسية بأحسن ختام.
وكان فى مدته المعلم الشهير جرجس الجوهرى أخو إبراهيم الجوهرى، وكان هذا البطريرك رجلا محسنا وهو أول من نقل مركز البطريركية إلى الأزبكية، واستمر فى الرئاسة ثلاث عشرة سنة وشهرين وستة عشر يوما وتوفى فى 13 كيهك سنة 1526 الموافقة سنة 1810.
التاسع بعد المائة:
بطرس السابع كان يدعى أولا منقريوس وهو من الجاولى وترهب، ثم رسم قسيسا بدير القديس أنطونيوس.
وفى عهد رئاسة سلفه انتخب للمطرانية لاجل تعيينه لبلاد الحبشة ولأمر يعلمه الله تأخر أمر تعيينه ورسم مطرانا على الكنيسة عموما، واستمر فى الدار البطريركية مدة فلما توفى مرقس البطريرك اتفقت الجماعة قاطبة على إقامته بطريركا، وقد تم تعيينه فى 16 كيهك سنة 1526 الموافقة سنة 1810 بعد وفاة سلفه بثلاثة أيام، وذلك فى عهد خديوية المرحوم محمد على باشا الكبير.
وكان هذا البطريرك محبا للدرس غير مكترث بالدرهم حليما فى رئاسته محكما فى تصرفه وقورا مهيبا فى لقائه محبوبا لدى الكل، ولقد تمتع هذا البطريرك بحظوظ قلما سبقه فيها غيره فكانت الحكومة راضية عنه وعن أمته، وكان قومه حاصلين على الأمن والرفاهية والكنيسة مشهورة فى القطر المصرى حاصلة على إقامة شعائرها، وكان فى مدته أساقفة منهم: كيوساب الأخميمى وكاثناسيوس الغمراوى وتوماس المليجى وكالاسقف صرابامون صاحب المنوفية وغيرهم.
وكانت الأمة زاهرة بأكابر ذوى درجات فى الحكم واعتبار فى القطر، وقد عمر كثيرا حتى بلغت مدة بطريركيته اثنتين وأربعين سنة وثلاثة أشهر واثنى عشر يوما، وكانت مدته جميعها سليمة فى مذهبه وقومه ونفسه ورسم نحو ثلاثة وعشرين أسقفا لجهات مصر ومطرانين للحبش.
وتوفى ليلة الاثنين 28 برمهات سنة 1568 الموافقة سنة 1852 ودفن بالإكرام اللائق لمقامه فى الأزبكية وخلا منصب البطريركية بعده سنة واحدة وأحد عشر يوما.
العاشر بعد المائة:
كيرولس الرابع كان يدعى أولا داود وكان رئيسا على دير القديس أنطونيوس، انتخب للبطريركية وأحضر للقاهرة حالا نظرا لما كان متصفا به من الشهامة والذكاء، ولكن لما كان
بعض القوم لم يخل من الأغراض لعدم موافقته مشربهم قام ذلك البعض من الأمة مضادا لانتخابه وإن كان المتفقون على انتخابه أكثر إلا أن تحزّب هذا البعض بلغ إلى أن عرض الأمر فى ذلك لأولى الأمور المدنية ومن ذلك أخر أمره مدة ما، وحيث كانت أصوات المنتخبين أفوق كثيرا كما ذكرنا ولم يكن لتقدمه مانع سوى التحزب ولتلافى الاصلاح بين الفريقين استقر رأى أولى الأمر على جعله أولا مطرانا على عموم الملة، وقد حصل ذلك وأقيم مطرانا عاما فى 10 برموده سنة 1569 الموافقة سنة 1853، وبذلك ارتفعت المضادة واستمر متولّيا إدارة أمور الملة برتبة مطران سنة واحدة وشهرين، وحيث إن تصرفه الخاص ومشروعاته النافعة للأمة كانت نشهد بانفراده باستحقاق البطريركية أقيم بطريركا فى 11 بؤنه سنة 1570 الموافقة سنة 1854 فى أواخر خديوية المرحوم عباس باشا حفيد الخديوى الكبير الذى توفى فى تلك السنة وتولى الخديوية بعده المرحوم سعيد باشا نجل الخديوى الكبير، وبعد توليه البطريركية جد فى تكميل مشروعاته النافعة؛ فأنشأ المدرسة الكبرى القبطية بالأزبكية وفتح مدرسة أخرى بحارة السقائين، وجدّد فيهما اللغة القبطية بعد دثورها وجدّد فيها لغات وعلوما أخر، ونظم مكتبين للبنات وجدد كنيسة للأمة بحارة السقائين.
وفى السنين الأخيرة من حياته نقض الكنيسة البطريركية القديمة وأسس خلافها بالنظام اللائق بمثلها، ولو لم تكن مدته قليلة لا سيما وقد تخللها سفره لبلاد الحبشة الذى عاقه عن إتمام أعماله إذ تغرب عن مركزه نحو السنتين لتمم الكنيسة الكبرى وغيرها على أحسن نظام، ومع ذلك فإن حالة الإدارة البطريركية من جهة سياسة الإكليروس ورعاية الأمة ونحو ذلك قد امتازت/فى مدته كثيرا جدا عن السابق.
ولقد كان هذا البطريرك حاذقا نبيها ذا عناية شديدة بالمنقطعين وذوى البيوت من أمته طلق اللسان عارفا بالتاريخ مدققا فى علوم الدين المسيحى محافظا على حدود المذهب ماقتا للرشوة غير مكترث بالمال قائما بأعباء وظيفته.
وفى الحقيقة: أنه كان لم تعب سيرته بشئ ما ولو لم يكن حادا فى المشروعات سريع الإقدام على الأمور التى تفتقر للتأنى والمشورات لكان يعجز القلم عن تحبير صفاته، ومع ذلك
كان محبوبا لدى الدولة الخديوية مألوفا عند جميع ملل النصرانية وغيرها مهيبا عند رجال أمته.
وفى مدته أقام مطرانا خصوصيا لمصر ولم يكن بها من قبل مطران نظرا لوجود مركز البطريرك بها، وأقام على البحيرة والاسكندرية مطرانا وعلى المنوفية مطرانا آخر، وقد كان على الجهتين رئيس واحد من قبل ورسم مطرانا بالقدس وأسقفين بالوجه القبلى بعد وفاة أسلافهم؛ فجملة الرؤساء الذين عينهم ستة.
وفى أيامه أنشئت كنائس للأمة فى مواقع ضرورية جدا بأوامر من الحكومة السنية كمدينة طنتدا والمحمودية وغيرهما، واستمر فى الرئاسة سبع سنين وتسعة أشهر وثمانية عشر يوما مطرانا وبطريركا، وتوفى فى 23 طوبة سنة 1577 الموافقة سنة 1861 وخلا الكرسى بعده سنة واحدة وثلاثة أشهر وسبعة أيام.
الحادى عشر بعد المائة:
ديمتريوس الثانى كان أولا يدعى ميخائيل رئيس دير القديس مقاريوس ببرية النطرون، انتخب للبطريركية ثم قرر فى 9 بؤنة سنة 1578 الموافقة سنة 1862 فى أواخر خديوية المرحوم سعيد باشا، وبعد تقليده زار الجناب الخديوى وذوات الحكومة ثم شرع فى تكميل الكنيسة الكبرى بالأزبكية التى أسسها سلفه حتى تمت على نظامها الحالى، واستمر مديرا لحركات المدارس التى أنشأها سلفه أيضا ومع كونه كان ذاتأن فى المشروعات الأدبية والحركات المادية لا يرى فى نشاطه فى أوائل أمره ما كان يرى من سلفه، لكن توفر له الحظ بتولى الخديوى اسماعيل باشا الذى أمدّه بوافر إحسانه وشمل قومه بجزيل امتنانه إذ أنعم عليه بجملة كثيرة من الأراضى الزراعية للقيام بلوازم مدارسه ولوازم الدار البطريركية، ولم يبرح مرادفا له بصلاته مسعفا له بإصدار أوامره الكريمة مرقيا جملة من قومه الأقباط الأصليين للرتب والخطط الفخيمة، ونشط وبذل الجهد فى تكميل الكنيسة المذكورة وأحسن إدارة المدارس لا سيما وقد ساعدته الحظوظ بأن أنعم عليه من قبل الخديوى المذكور بإجراء امتحان
مدارسه بعد امتحان المدارس الأميرية كالرسوم الجارية بها، وذلك بأن يصير الامتحان باحتفال يتزين كل عام بالذوات الكرام والعلماء الأعلام والأمراء الفخام.
وهذا الأمر هو الذى أضحت المدارس القبطية تفتخر به على مر الزمان وقد بلغه أن بعضا من قومه بالجهات القبلية نبذوا عنهم بعض عقائدهم الأرثدوكسية واتبعوا آراء أجنبية طارئة؛ فقام بنفسه فى برمهات سنة 1583 للشهداء ليتفقد تلك الجهات، وعينت له مركب بخار من طرف الحكومة السنية حسب التماسه وزار مدن وبلاد وكنائس الوجه القبلى إلى أن بلغ إسنا واستمر فى هذا السفر ثلاثة أشهر، وبعد حصوله على إقناع وارتداد أولئك الأشخاص وضمهم للكنيسة عاد إلى مركزه.
وقد كان هذا البطريرك ذا حلم ووقار ونباهة حسن الإدارة سعيد الحظوظ، ولما حجبته أعباء رئاسة ديره الأولى قبل البطريركية عن التعمق فى بعض دقائق مهمة تستدعيها أحوال هذه الرتبة الكبرى كلف نفسه بعد ترقيه واختباره الأمور المثابرة على ما فاته.
وفى الحقيقة: كان كلما تقدّمت سنو رئاسته مع ما كان فيه من تلك التوفيقات المدنية تمتد مزاياه النافعة لقومه، واستمر فى الرئاسة سبع سنين وسبعة شهور وسبعة أيام، وتوفى ليلة عيد الغطاس أعنى ليلة 11 طوبة سنة 1586 الموافقة 1870.
الثانى عشر بعد المائة:
كيرلوس الخامس وهو البطريرك الحالى كان يدعى أولا يوحنا ولد فى بنى سويف سنة 1548 للشهداء وتربى فى مديرية الشرقية مع عائلته، ولما بلغ سن الرشد رسم شماسا من مطران القدس ابنا ابراآم المتوفى، وفى سنة عشرين من عمره أعنى سنة 1567 للشهداء ترهب بدير السيدة بالبراموس، وفى سنة 1568 رسم قسيسا من أسقف المنوفية المتوفى ابناطربامون، وإذ كان قد سلم له تدبير أمور مجمع الرهبان بنفس الدير فظهر ناجحا فى المعرفة والسيرة رسم أغومانس (أعنى مدير القسوس أو رئيسهم) من البطريرك سلفه سنة 1579، واستمر متعاطيا تدبير مجمع الرهبان من إرشاد وتأديب وسياسة على أحسن حال، وطالما رغب سلفه
وكثير من الأمة فى إحضاره للقاهرة وتعيينه فى رتبة أعلى مما كان عليه فلم يقبل ولم تسمح كبار الرهبنة بتركه إياهم.
ولما توفى سلفه أقامت الأمة-باسئذان الحكومة السنية-/جناب المطران مرقس مطران البحيرة ووكيل إسكندرية وكيلا لأجل عدم توقيف حركة إدارة الدار البطريركية فجعلت ألحاظ الجميع تتوجه نحو الأغومانس يوحنا المذكور وأصوات الانتخاب صارت تترادف عليه، ولولا ما حصل من الأسباب الاعتيادية والأعراض الشخصية التى نشأ عنها خلو المنصب البطريركى من الرئيس أربع سنوات وتسعة أشهر لأحضر وقلّد حالا ولم ينتخب الجمهور لهذه الرتبة سواه ولم يكن ثمّ باعث يمنع تقليده.
وكانت الأمة رتبت لها مجلسا مليا يتعاطى تدبير أمورها الخصوصية وتأيد مجلسها هذا بأمر عال كريم؛ فبعد ترتيبه بسنة التسمت الأمة بواسطة مجلسها من مقام الخديوية السنية إحضاره بمساعدة الحكم برسمه بطريركا فتم ذلك وأحضر للقاهرة فى 16 بابة سنة 1591.
وبعد العرض للأعتاب السنية الإسماعيلية بحضوره ورضا الجمهور عن شخصه دون غيره صدر الأمر الكريم برسمه، وقد تم ذلك ليلة الأحد 23 بابة سنة 1591 الموافق سنة 1875 باحتفال عجيب مشرف بالذوات الأجلاء الكرام وأمراء الوطن الفخام والرؤساء الأكليريكين، وجميع أصحاب الرتب الروحانية وجمهور عظيم من الملة القبطية الأرثدوكسية وغيرها فى الكنيسة الكبرى البطريركية بالأزبكية وتم ارتسامه على أحسن نظام وأكمله.
وفى ثانى يوم من بطريركيته زار الجناب العالى الداورى والأنجال الكرام، والذوات الفخام واستمر ثلاثة أيام فى مركزه البطريركى يقبل تهانى الأمة والمتحابين من رجال الوقت.
هذا وقد أجرى حال قبوله التهانى رسوم التشكرات والدعوات المبرورات بحفظ بقاء الذات العلية الخديوية وبعد استتمام الرسوم المعتادة الملية شرع يتعاطى واجبات رياسته الروحية داعيا للجناب الخديوى بدوام العز والإقبال وحفظ جميع الأنجال.
***
تم الجزء السادس ويليه الجزء السابع أوله مدينة الإسكندرية