المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كتاب الْأَقْضِيَة) لأقضيه جَمْعُ قَضَاءٍ نَحْوَ فَضَاءٍ وَأَفْضِيَةٍ وَهَوَاءٍ وَأَهْوِيَةٍ وَالْقَضَاءُ - الذخيرة للقرافي - جـ ١٠

[القرافي]

فهرس الكتاب

(كتاب الْأَقْضِيَة)

لأقضيه جَمْعُ قَضَاءٍ نَحْوَ فَضَاءٍ وَأَفْضِيَةٍ وَهَوَاءٍ وَأَهْوِيَةٍ وَالْقَضَاءُ مُشْتَرَكٌ فِي اللُّغَةِ قَضَى بِمَعْنَى أَرَادَ وَمِنْهُ قَضَاءُ اللَّهِ وَقَدَرُهُ وَقَضَى بِمَعْنَى حَكَمَ وَمِنْهُ قَضَاءُ الْقَاضِي وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذَا إِسْنَادٌ مِنْ بَابِ الْكَلَامِ وَالْأَوَّلُ مِنْ بَابِ الْإِرَادَةِ وَقَضَى بِمَعْنَى فَعَلَ وَمِنْهُ قَضَيْتُ الصَّلَاةَ وَقَضَى عَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا دَاوُدُ أَوْ صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعٌ يُرِيدُ زَرِيدَتَانِ عَمِلَهُمَا دَاوُدُ وَقَضَى بِمَعْنَى قَطَعَ وَمِنْهُ قَضَيْتُ الدَّيْنَ أَيْ قَطَعْتُ مُطَالَبَةَ الْغَرِيمِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ لَهَا سَبْعُ مَعَانٍ تَرْجِعُ إِلَى انْقِطَاعِ الشَّيْءِ وَتَمَامِهِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّى لقضي بَينهم} أَيْ فُصِلَ وَقَضَى الْقَاضِي فَصَلَ الْخُصُومَةَ وَقَضَى الدَّيْنَ وَإِحْكَامُ الْعَمَلِ وَمِنْهُ قَضَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ أَحْكَمْتُ عَمَلَهَا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَل} أَيْ أَحْكَمَهُ ثُمَّ يَتَمَهَّدُ الْفِقْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِبَيَانِ شَرَفِ الْقَضَاءِ وَخَطَرِهِ وَبَيَانِ شُرُوطِهِ وَالْمُفِيدِ لِوِلَايَتِهِ وَلِوِلَايَةِ غَيْرِهِ وَالْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِعَزْلِهِ وَأَنْوَاعِ آدَابِهِ وَمُسْتَنَدَاتِ أَقَضِيَتِهِ وَمَنْ يَجُوزُ أَنْ يحكم لَهُ وَعَلِيهِ واستخلاف نوابه وَنقص مَا يُتَعَيَّنُ نَقْضُهُ وَتَمْيِيزِ مَا لَيْسَ بِقَضَاءٍ مِنَ الْفَتَاوَى عَمَّا هُوَ مِنْ حَقِيقَتِهِ وَجِنْسِهِ وَفِي كَيْفِيَّةِ إِنْهَائِهِ لِحَاكِمٍ يَحْكُمُ بِغَيْرِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ فَهَذَا أَحَدَ عَشَرَ بَابًا

ص: 5

(الْبَاب الأول التَّحْذِيرِ مِنْ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ عَلَى عَظِيمِ شَرَفِهِ)

وَفِي النَّوَادِر قَالَ مَالك أول من إستقصى مُعَاوِيَةُ وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَلَا لِأَبِي بَكْرٍ وَلَا لِعُثْمَانَ قَاضٍ فَالْوُلَاةُ يَقْضُونَ وَأُنْكِرَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِنَّ عُمَرَ اسْتَقْضَى شَرِيكًا وَقَالَ يُسْتَقْضَى بِالْعِرَاقِ دُونَ الشَّامِ وَالْيَمَنِ دُونَ غَيْرِهِ كَذَا وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا وَفِي الْجَوَاهِرِ الْإِمَامَةُ وَالْقَضَاءُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَصَالِحِ الْعِبَادِ وَمَنْعِ التَّظَالُمِ وَالْعِنَادِ وَفَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَرَدِّ الظُّلُمَاتِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَرَدْعِ الظَّالِمِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحُكْمُ بِالْعَدْلِ أَفْضَلُ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَأَعْلَى دَرَجَاتِ الْأَجْرِ لِأَنَّهُ نَصُّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم َ - وَفِي الصَّحِيحَيْنِ الْمُقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَوْم الْقِيَامَة يَغْبِطهُمْ النبيئون وَالشُّهَدَاءُ وَلَكِنَّ خَطَرَهُ عَظِيمٌ حَقْنًا لِاسْتِيلَاءِ الضَّعْفِ وَغَلَبَة الْعقل عَلَيْنَا وَاتِّبَاعُ الْهَوَى مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ وَأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حطبا} تَقول الْعَرَب أقسط باللف إِذَا عَدَلَ وَقَسَطَ بِغَيْرِ أَلِفٍ إِذَا جَارَ وَعنهُ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ وَأَبْغَضَ النَّاسِ عَلَى اللَّهِ وَأَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ رَجُلٌ وَلَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ شَيْئًا ثُمَّ لَمْ يَعْدِلْ فِيهِمْ فَالْقَضَاءُ مِحْنَةٌ عَظِيمَةٌ فَمن

ص: 6

دَخَلَ فِيهِ فَقَدِ ابْتُلِيَ بِعَظِيمٍ لِأَنَّهُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِهَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَالْخَلَاصُ أَحْسَنُ وَلِذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - فِي الصَّحِيحِ مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنْ جَارَ فَقَدْ أَهْلَكَ نَفْسَهُ هَلَاكًا عَظِيمًا فَهُوَ ذَبْحٌ مُثْقَلٌ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ خَطَئِهِمُ الشَّدِيدِ وَإِنْ عَدَلَ فَكَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَصِلُ عَلَى الْخَلَاصِ إِلَّا بِشَدَائِدَ عَظِيمَةٍ جِدًّا مِنْ مُرَاقَبَةِ الْهَوَى وَمُخَالَفَتِهِ وَسِيَاسَاتِ النَّاسِ مَعَ الِاحْتِرَازِ مِنْهُمْ خُصُوصًا وُلَاةَ الْأُمُورِ مَعَ إِقَامَةِ الْحَقِّ عَلَيْهِمْ وَمُخَالَفَةِ أَغْرَاضِهِمْ فِي أَتْبَاعِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَالثُّبُوتِ عِنْدَ انْتِشَارِ الْأَهْوَالِ الْعَظِيمَةِ وَالتَّشَانِيعِ الْهَائِلَةِ وَإِيهَامِ حُصُولِ الْمَضَارِّ الشَّنِيعَةِ فِي النَّفْسِ وَالْعِرْضِ وَالْمَالِ وَنُفُورِ النَّفْسِ مِنْ أَلَمِ الْعَزْلِ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَتَأَلُّمِ الْأَوْلِيَاءِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَتْمِيمَاتِ الشُّهُودِ وَالنُّوَّابِ وَالْقُرَنَاءِ وَقِلَّةِ مَنْ يُسْتَعَانُ بِهِ مِنَ الْأُمَنَاءِ ذَوِي الْكِفَايَاتِ والكفالات فَرُبمَا منى جعل الَّذِي من خَان كَائِدٍ وَالْتِبَاسِ النَّصَائِحِ بِالْمَكَائِدِ وَالْحِيَلِ لِتَحْصِيلِ الْأَغْرَاضِ الْفَاسِدَةِ وَالشَّيْطَانُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ يُغْرِي وَحُبُّ الرِّيَاسَةِ يُمِدُّ وَيُعْمِي وَهُوَ بَابٌ يَتَعَذَّرُ عُذْرُهُ وَلَا يَنْحَسِمُ مَدَدُهُ فَلْنَسْأَلِ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَقَدْ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَيُّ الرَّجُلَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكَ رِجُلٌ كَثُرَتْ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ وَرَجُلٌ قَلَّتْ حَسَنَاته وسيآته فَقَالَ لَا أَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَال فأبين أَن يحملنها وأشفقهن مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا} جَاءَ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ هَلْ تَحْمِلُنَّ التَّكْلِيفَ فَإِنْ أَطَعْتُنَّ فَلَكُنَّ الْمَثُوبَاتُ الْعُلْيَاتُ وَإِنْ عَصَيْتُنَّ فَلَكُنَّ الْعُقُوبَاتُ الْمُرْدِيَاتُ فَقُلْنَ لَا نَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا وَقَبِلَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ فَاخْتَارَ حَمْلَهَا طَمَعًا فِي الثَّوَابِ وَالسَّلَامَةِ من

ص: 7

الْعِقَابِ فَغَلَبَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ وَقَلَّ فِيهِ الرَّشَادُ وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِآدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ فَيَخْرُجُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَيَخْلُصُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّه كَانَ ظلوما جهولا} أَيْ ظَلُومًا لِنَفْسِهِ جَهُولًا أَيْ بِالْعَوَاقِبِ فَلِذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ وَثِقَ بِنَفْسِهِ وَتَعَيَّنَ لَهُ أَوْ أَجْبَرَهُ الْإِمَامُ الْعَدْلُ وَهُوَ أَهْلٌ وَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ وَيَهْرُبَ فَلَا يجب بمجب عَلَيْهِ الْقبُول وَبِهَذَا قَالَ الْأَئِمَّة وتعينه بِأَن لَا يَكُونَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ سِوَاهُ فَيَحْرُمُ الِامْتِنَاعُ لِتَعَيُّنِ الْفَرْضِ عَلَيْهِ وَلَا يَأْخُذُهُ بِطَلَبٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي مُسْلِمٍ لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ وَإِنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شَرَائِطُ التَّوْلِيَةِ لَيْلًا يُوكَّلَ لِنَفْسِهِ فَيَعْجَزَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي التِّرْمِذِيِّ مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وُكِّلَ إِلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ مَلَكًا لِيُسَدِّدَهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ حَسَنٌ وَفِي الْبَابِ مِنَ الْوَعِيدِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} وَفِي آيه أُخْرَى {فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ} وَفِي أُخْرَى {فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَدِدْتُ أَنْ أَنْجُوَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ كَفَافًا لَا لِيَ وَلَا عَلَيَّ وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ مَثَلُ الْقَاضِي الْعَالِمِ كَالسَّابِحِ فِي الْبَحْرِ فَكَمْ عَسَى أَنْ يسبح حَتَّى يغرق وَكتب سُلَيْمَان إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ بَلَغَنِي أَنَّكَ جُعِلْتَ طَبِيبًا فَإِنْ كُنْتَ تُبْرِئُ

ص: 8

فَنِعِمَّا لَكَ وَإِنْ كُنْتَ مُتَطَبِّبًا فَاحْذَرْ أَنْ تَقْتُلَ إِنْسَانًا فَتَدْخُلَ النَّارَ فَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ أَدْبَرَا عَنْهُ نظر إِلَيْهِمَا فَقَالَ ارْجِعَا أُعِيد عَلَىَّ قَضِيَّتَكُمَا مُتَطَبِّبٌ وَاللَّهِ مُتَطَبِّبٌ وَاللَّهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْهُرُوبُ عَنِ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ وَقَالَ ش مُسْتَحَبٌّ وَطَلَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنْ يُوَلِّيَ رَجُلًا الْقَضَاءَ فَأَبَى عَلَيْهِ فَجَعَلَ يَدَيْهِ عَلَى الرِّضَا فَأَبَى حَتَّى قَالَ لَهُ أُنْشِدُكَ بِاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفِي ذَلِكَ تَعْلَمُ خَيْرًا لِي فَقَالَ فَأَعْفِنِي فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ قَالَ مَالِكٌ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مَا أَدْرَكْتُ قَاضِيًا اسْتُقْضِيَ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا رَأَيْتُ كَآبَةَ الْقَضَاءِ وَكَرَاهَتَهُ فِي وَجْهِهِ إِلَّا قَاضِيَيْنِ مِنْهُمَا وَطَلَبُ الْقَضَاءِ حَسْرَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ حَسْرَةً وَنَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي مُسْلِمٍ لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ تُؤْتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ تُعَنْ عَلَيْهَا وَإِن تؤتها عَن مَسْأَلَة تُؤْكَل إِلَيْهَا وَلِذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّا لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ قَالَ صَاحب الْمُقدمَات فَيجب أَن لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ مَنْ أَرَادَهُ وَطَلَبَهُ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا مَخَافَةَ أَنْ يُوكَلَ إِلَيْهِ فَلَا يَقُومُ بِهِ وَقَدْ نَظَرَ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى شَابٍّ وَفَدَ عَلَيْهِ فَأَعْجَبَهُ فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ الْقَضَاءَ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه كِدْتَ أَنْ تَغُرَّنِي مِنْ نَفْسِكَ إِنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْوَى عَلَيْهِ مَنْ يُحِبُّهُ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْعَدْلِ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَنْقَلِب مِنْهُ

ص: 9

كفافاً وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ أَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ وَأَمَّا الَّذِي فِي النَّارِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ قَضَى فِي النَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ هَذَا إِذَا كَانَ مَنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَمَّا الْمُتَكَلِّفُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي الصَّحِيحِ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَافْتَرَقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَرجل تصدق بصدفة فأخفاها حَتَّى لَا تعلم شِمَاله مَا تنفت يَمِينه فبذا بِالْإِمَامِ الْعَادِل وَمِمَّا وَرَدَ فِي التَّحْذِيرِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - فِي الصَّحِيحَيْنِ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي وَلَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَوْلُهُ أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُحِبُّ لِنَفْسِهِ عَدَمَ الْحُكْمِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى

ص: 10

أَمَرَهُ بِالْحُكْمِ وَحَاشَاهُ أَنْ يَكْرَهَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ بَلْ مَعْنَاهُ لَوْ كُنْتُ ضَعِيفًا لَأَحْبَبْتُ عَدَمَ الْحُكْمِ لِعَجْزِي عَنْهُ حِينَئِذٍ فَالَّذِي كَانَ لِأَجَلِ صِفَةِ أَبِي ذَرٍّ فِي ضَعْفِهِ لَا الْحُكْمِ فِي نَفْسِهِ فَمَا زَالَ صلى الله عليه وسلم َ - حَاكِمًا وَأَرْسَلَ عَلِيًّا قَاضِيًا وَمُعَاذًا وَغِيَرَهَمَا قُضَاةً إِلَى الْأَمْصَارِ وَهُوَ مَنْصِبُ الْأَنْبِيَاءِ أَجْمَعِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنور يحكم بهَا النبيئون} وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - فِي الصَّحِيحَيْنِ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِالزُّهْدِ فِي الْقَضَاء وَالْفَرْض لَا يَأْمر بِالزُّهْدِ فِيهِ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْكُلِّ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ وَأَجَابَ بِأَنَّ شَرَفَ الْقَضَاءِ مَعْلُومٌ قَطْعًا وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا وَإِنَّمَا هِيَ تُحَذِّرُ وَتُنَبِّهُ عَلَى الِاحْتِرَاسِ مِنْ غَوَائِلِ الطَّرِيقِ وَقَالَ أَصْحَابُ ش الْغَنِيُّ تُكْرَهُ لَهُ الْوِلَايَةُ وَالْفَقِيرُ الَّذِي يَنَالُ بِالْوِلَايَةِ كِفَايَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ اكْتِسَابٌ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ بَلْ طَاعَةٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْوِرَاقَةِ قَالُوا وَمَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ رَغْبَةً فِي الْوِلَايَةِ وَالنَّظَرِ لَا لِنَشْرِ الْعِلْمِ وَالْعَدْلِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُكْرَهُ لَهُ الطَّلَبُ وَالْإِجَابَةُ وَيُسْتَحَبَّانِ وَيُكْرَهُ لَهُ الطَّلَبُ وَتُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِجَابَةُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُرَغِّبَةِ وَمُوَافَقَةِ الْمَلَائِكَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم َ - إِذَا جَلَسَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِهِ هَبَطَ

ص: 11

عَلَيْهِ مَلَكَانِ يُسَدِّدَانِهِ وَيُرْشِدَانِهِ وَيُوَفِّقَانِهِ فَإِنْ جَارَ عَرَجَا وَتَرَكَاهُ قُلْتُ وَالْقَوْلُ بِالِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا بَعِيدٌ لِمَا وَرَدَ مِنَ التَّحْذِيرِ وَطَلَبِ السَّلَامَةِ وَسِيرَةِ السَّلَفِ فَقَدْ فَرَّ بَعْضُهُمْ مِنَ الْقَضَاءِ فَعَاتَبَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُ أَوَ مَا عَلِمْتَ أَن الْعلمَاء يحشرون مَعَ الْأَنْبِيَاء وَالْقَضَاء مَعَ الْمُلُوكِ وَتُصَدَّقُ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى هَدْيِهِمْ وَإِرْشَادِهِمْ وَالتَّعْلِيمُ وَالْإِرْشَادُ هُوَ مَقْصُودُ الرِّسَالَةِ الْأَعْظَمُ وَأَمَّا تَصَرُّفُهُمْ بِالْقَضَاءِ وَالْإِمَامَةِ فَتَابِعٌ وَلِذَلِكَ إِذَا أَرَدْتَ تَعَرُّفَهُمْ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْفِتْيَا فَحَمْلُهُ عَلَى الْفُتْيَا أَوْلَى لِأَنَّهُ الْغَالِبُ كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ أَحْيَى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ حَمَلَهُ ح عَلَى التَّصَرُّفِ بِالْإِمَامَةِ فَلَا يُحْيِي أَحَدٌ إِلَّا بِإِذن الإِمَام وَمَالك وش عَلَى الْفُتْيَا فَيَجُوزُ مُطْلَقًا وَالْقُضَاةُ شَارَكُوا الْمُلُوكَ فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِمْ وَهُوَ الْقَهْرُ وَالْإِلْزَامُ فَيُحْشَرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعَ أَهْلِ صِفَتِهِ وَيُؤَكِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم َ - يُؤْتَى بِالْقَاضِي الْعَدْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ مَا يَوَدُّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَاضِيًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ فَإِنَّ الْعَدْلَ فِي الْغَالِبِ لَا يَسْلَمُ عَنْ تَقْصِيرٍ فِي الِاجْتِهَادِ إِمَّا لِطَلَبِ الرَّاحَةِ وَإِمَّا لِهَوًى دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ وَالْعَوَارِضُ كَثِيرَةٌ فَلِذَلِكَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْحِسَابُ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ كحول لَوْ خُيِّرْتُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَبَيْتِ الْمَالِ لَاخْتَرْتُ الْقَضَاءَ وَلَوْ خُيِّرْتُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَضَرْبِ عُنُقِي لَاخْتَرْتُ ضَرْبَ عُنُقِي وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لَوْ عَلِمْتُ بِمَكَانِ رَجُلٍ هُوَ أَقْوَى عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مِنِّي لَكَانَ أَنْ أُقَدَّمَ فَتضْرب عنقِي

ص: 12

أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلِيَهُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وُلِّيتُ قَضَاءَ الْكُوفَةِ وَأَنَا لَدَيَّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ شَيْءٌ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا وَقَدْ سَمِعْتُهُ فَأَوَّلُ مَجْلِسٍ جَلْسَتُهُ لِلْقَضَاءِ اخْتَصَمَ إِلَيَّ رَجُلَانِ فِي شَيْءٍ مَا سَمِعْتُ فِيهِ شَيْئًا وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - يُؤْتَى بِالْقَاضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُوقَفَ عَلَى سفير جَهَنَّمَ وَمَلَكٌ آخِذٌ بِقَفَاهُ فَإِنْ أُمِرَ أَنْ يَقْذِفَهُ فِي النَّارِ قَذَفَهُ فِيهَا فَيَهْوِيَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَأَنْ أَقْضِيَ يَوْمًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عِبَادَةِ سَبْعِينَ عَامًا وَعَن الْحسن أَنه قَالَ لَا حَاكِمٍ عَدْلٍ يَوْمًا وَاحِدًا أَفْضَلُ مِنْ أَجْرِ رَجُلٍ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ سَبْعِينَ سَنَةً لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ وَقَوْلُهُمَا هَذَا فِي مَقَادِيرِ الثَّوَابِ الَّتِي لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ يَدُلُّ عَلَى تَلَقِّيهِمَا ذَلِكَ عَنْ نَصٍّ صَحِيحٍ وَيُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى أَنَّهُ حَدَّثَهُ بِنَفْسِهِ فَلَا كَلَامَ مَعَهُ فَوَائِدُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} الأولى دخل على إِيَاس ابْن مُعَاوِيَةَ الْحَسَنُ فَوَجَدَهُ يَبْكِي فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ قَاضِيَانِ فِي النَّارِ فَذَكَرَ فِيهِمْ رَجُلًا جَهِلَ فَأَخْطَأَ فَقَالَ الْحَسَنُ إِنَّ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا لَرَحْمَةً فَذَكَرَ الْآيَةَ فَقَالَ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى سُلَيْمَانَ وَلَمْ يَذُمَّ دَاوُدَ بَلْ أَثْنَى عَلَيْهِ بِاجْتِهَادِهِ قَالَ الْحَسَنُ فَلَوْلَا هَذِهِ الْآيَةُ لَكَانَ الْحُكَّامُ قَدْ هَلَكُوا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْمُخْطِئُ إِنَّمَا يَكُونُ لَهُ أَجْرٌ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَإِلَّا فَهُوَ آثِمٌ لِجُرْأَتِهِ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ لِابْنِ يُوسُفَ الثَّانِيَةُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَعْنَى الْآيَةِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما دَخَلَ رَجُلَانِ عَلَى دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَعَلَى الْأَنْبِيَاءِ أَجْمَعِينَ

ص: 13

أَحَدُهُمَا صَاحِبُ حَرْثٍ وَالْآخَرُ صَاحِبُ غَنَمٍ فَادَّعَى إِرْسَالَ الْآخَرِ غَنَمَهُ فِي حَرْثِهِ لِيْلًا فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا فَقَضَى لَهُ بِالْغَنَمِ كُلِّهَا فَمَرَّ صَاحِبُ الْغَنَمِ بِسُلَيْمَانَ فَأَخْبَرَهُ بِقَضَاءِ دَاوُدَ عليه السلام فَدَخَلَ سُلَيْمَانُ عَلَى دَاوُدَ فَقَالَ يَا بني اللَّهِ إِنِ الْقَضَاءَ سِوَى الَّذِي قَضَيْتَ فَقَالَ وَكَيْفَ فَقَالَ إِنَّ الْحَرْثَ لَا يَخْفَى عَلَى صَاحِبِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ كُلَّ عَامٍ فَلَهُ مِنْ صَاحِبِ الْغَنَمِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ أَوْلَادِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَشْعَارِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَ الْحَرْثِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ قَدْ أَصَبْتَ وَقَالَ غَيْرُهُ الْحَرْثُ كَانَ كَرْمًا فَعَلَى هَذَا تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى أَن الْمُصِيب وَأحد كَمَا قَالَه ش ح وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَحَكَى عَنْهُ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ تَصْوِيبَ الْجَمِيعِ وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكُلا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} فَلَوْ أَخْطَأَ مَا أُوتِيَ حُكْمًا وَعِلْمًا وَجَوَابُهُ أَن الحكم المؤتى ومالق مِنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الثَّالِثَةُ أَنَّ حُكْمَ دَاوُدَ عليه السلام لَوْ وَقَعَ فِي شَرْعِنَا أَمْضَيْنَاهُ لِأَنَّ قِيمَةَ الزَّرْعِ يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ فِيهَا غنم لِأَن صَاحبهَا فلس أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَحُكْمُ سُلَيْمَانَ عليه السلام لَوْ وَقَعَ فِي شَرْعِنَا مَا أَمْضَيْنَاهُ لِأَنَّهُ إِيجَابُ الْقِيمَةِ مُؤَجَّلَةً وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ صَاحِبَ الْحَرْثِ وَإِحَالَتُهُ لَهُ عَلَى أَعْيَانٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا الْآنَ وَمَا لَا يُبَاعُ لَا يُعَاوَضُ بِهِ فِي الْقِيَمِ فَيَلْزَمُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إِمَّا أَن لَا تَكُونَ شَرِيعَتُنَا أَتَمَّ فِي الْمَصَالِحِ وَأَكْمَلَ فِي الشَّرَائِعِ أَوْ يَكُونَ دَاوُدُ عليه السلام فَهِمَ دُونَ سُلَيْمَانَ وَهَذَا مَوْضِعٌ يَحْتَاجُ لِلْكَشْفِ وَالنَّظَرِ حَتَّى يُفْهَمَ الْمَعْنَى فِيهِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ زمانهم كَانَت تقضي أَن لَا يَخْرُجَ عَيْنُ مَالِ الْإِنْسَانِ مِنْ بَلَدِهِ إِمَّا لِقِلَّةِ الْأَعْيَانِ وَإِمَّا لِعِظَمِ ضَرَرِ الْحَاجَةِ أَوْ لِعَدَمِ الزَّكَاةِ لِلْفُقَرَاءِ بِأَنْ تُقَدَّمَ لِلنَّارِ الَّتِي تَأْكُلُ الْقُرْبَانَ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَتَكُونُ الْمَصْلَحَةُ الْأُخْرَى بِاعْتِبَار زَمَاننَا أَثم فَيُعْتَبَرُ الْحُكْمُ كَمَا هُوَ قَوْلُنَا فِي حُكْمِ النّسخ بِاعْتِبَار اخْتِلَاف الْمصَالح فِي الأزما فَقَاعِدَةُ النَّسْخِ تَشْهَدُ لِهَذَا الْجَوَابِ

ص: 14

الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {وَكُنَّا لحكمهم شَاهِدين} المُرَاد بِالشَّهَادَةِ هَاهُنَا الْعلم فَمَا فَائِدَته والتمدح بِهِ هَا هُنَا بعيد لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يمتدح بَحر فِي وَلَيْسَ السِّيَاقُ عَنْ هَذَا أَيْضًا حَتَّى يُعْلَمَ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَصَ إِنَّمَا ذُكِرَتْ لِتَقْرِيرِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لقَوْله تَعَالَى فِي صدر الصُّورَة {هَلْ هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُم تبصرون} فَبَسَطَ اللَّهُ الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْقِصَصِ لِيُبَيِّنَ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - لَيْسَ بدعاً من الرُّسُل وَأَنه بِفضل مَنْ يَشَاءُ مِنَ الْبَشَرِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُخْرِجُ شَيْئًا عَنْ حُكْمِنَا وَلَا تَدْخُلُ ذَلِكَ غَفْلَةٌ بَلْ عَنْ عِلْمٍ وَلِذَلِكَ مَا فَهِمَهَا سُلَيْمَانُ دُونَ دَاوُدَ عَنْ غَفْلَةٍ بَلْ نَحْنُ عَالِمُونَ فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى ضَبْطِ التَّصَرُّفِ وَإِحْكَامِهِ لَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا يَقُولُ الْمَلِكُ الْعَظِيمُ أَعْرَضْتُ عَنْ زَيْدٍ وَأَنَا عَالِمٌ بِحُضُورِهِ وَلَيْسَ مَقْصُودُهُ سِيَاقَ تَهْدِيدٍ أَوْ تَرْغِيبٍ حَتَّى يَكُونَ الْمُرَادُ الْمُكَافَأَةَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُم عَلَيْهِ} فَيَكْشِفُ أَيْضًا التَّمَدُّحَ بِالْعِلْمِ بَلْ إِحْكَامَ التَّصَرُّفِ فِي ملكه وَكَذَلِكَ هَا هُنَا

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ كَمَا وَجَبَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ قُضَاةٌ وَأَئِمَّةٌ وَجَبَ عَلَيْهِمْ طَاعَةُ وُلَاةِ أُمُورِهِمْ مِنَ الْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ الله تَعَالَى {وأولي الْأَمر مِنْكُم} الْآيَة

ص: 15

(الْبَاب الثَّانِي شُرُوطِ مَنْ يُوَلَّى وَصِفَاتِهِ)

وَفِي الْجَوَاهِرِ وَالْمُقَدِّمَاتِ أَوْصَافُهُ ثَّلَاثَةٌ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّوْلِيَةِ وَيَقْتَضِي عَدَمُهُ الِانْفِسَاخَ وَهُوَ أَنْ يكون ذكرا لَان يقْضِي الْأُنُوثَةِ يَمْنَعُ مِنْ زَجْرِ الظَّالِمِينَ وَتَنْفِيذِ الْحَقِّ وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا لِأَنَّ الرِّقَّ نَقِيصُةٌ يُنَافِي مَنْصِبَ النُّبُوَّةِ وَيَحْجُرُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ وَعَاقِلًا لِأَنَّ الْعَقْلَ هُوَ النُّورُ الَّذِي يَهْتَدِي بِهِ بَالِغًا لتَحْصِيل الْوَازِع الشَّرْعِيّ عَن اتِّبَاع الْهوى مُسلما لِأَنَّ الْكُفْرَ أَعْظَمُ مِنْ نَقِيصَةِ الرِّقِّ عَدْلًا لِأَنَّ الْعَدَالَةَ هُوَ الْوَازِعُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالنَّظَرِ لِأَنَّ بِالْعِلْمِ يُعْتَصَمُ مِنَ الْمُخَالَفَةِ لِحُدُودِ اللَّهِ مُتَوَحِّدًا لِأَنَّ الْكَثْرَةَ فِي الْمَنْصِبِ تَخْرِقُ الْأُبَّهَةَ وَتُسْقِطُ الْحُرْمَةَ فَعَدَمُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءً وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِحُدُوثِهِ انْتَهَى وَلَا يُوَلَّى الْمُقَلِّدُ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فَيَقْضِي حِينَئِذٍ بِفَتْوَى مُقَلِّدٍ بِنَصِّ النَّازِلَةِ قَالَ فَإِنْ قَاسَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ قَالَ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا كَذَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَلَا يَحِلُّ تَوْلِيَةُ مُقَلِّدٍ فِي مَوْضِعٍ يُوجَدُ فِيهِ عَالِمٌ فَإِنْ تَقَلَّدَ فَهُوَ جَائِرٌ مُتَعَدٍّ وَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ حَاكِمَيْنِ مَعًا فِي كُلِّ قَضَاءٍ وَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ فَاسِقٍ وَقَالَ أَصْبَغُ تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ وَيَجِبُ عَزْلُهُ فَحُصُولُ الْعَدَالَةِ مِنِ الْقِسْمِ الثَّانِي وَجَوَّزَ أَبُو الْوَلِيدِ تَوْلِيَةَ غَيْرِ الْعَالم وَرَآهُ مُسْتَحبا لاشرطا تَنْبِيه قَوْله أَن قَاسَ عَلَى قَوْلِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُقَلِّدُ قِسْمَانِ مُحِيطٌ بِأُصُولِ مَذْهَبِ مُقَلِّدِهِ وَقَوَاعِدِهِ بِحَيْثُ تكون نِسْبَتُهُ إِلَى مَذْهَبِهِ كَنِسْبَةِ الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ

ص: 16

إِلَى أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدِهَا فَهَذَا يَجُوزُ لَهُ التَّخْرِيجُ وَالْقِيَاسُ بِشَرَائِطِهِ كَمَا جَازَ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ وَغَيْرُ مُحِيطٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّخْرِيجُ لِأَنَّهُ كَالْعَامِّيِّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جُمْلَةِ الشَّرِيعَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي فيتب وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَقْتَضِي عَدَمُهُ الْفَسْخَ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الصِّحَّةِ كَوْنُهُ سَمِيعًا بَصِيرًا لِأَنَّ عَدَمَ الْحَوَاسِّ يَمْنَعُ مِنْ معرفَة الْمقْضِي عَلَيْهِ أَوله وَمِنْ سَمَاعِ الْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ مُتَكَلِّمًا لِنَظَرِ مَا فِي نَفْسِهِ مِنْ الِاسْتِفْسَارَاتِ وَالْأَحْكَامِ وَعَدَمُ بَعْضِ هَذِهِ يَقْتَضِي فَسْخَ الْعَقْدِ تَقَدَّمَتْ أَضْدَادُهَا عَلَيْهِ أَوْ طَرَأَتْ بَعْدَهُ فَيُنَفِّذُ مَا مَضَى مِنْ أَحْكَامِهِ إِلَى حِينِ الْعَزْلِ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حِينَ الْحُكْمِ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الِانْعِقَادِ وَلَا فِي التَّقَابُلِ مُسْتَحَبٌّ نَحْوَ كَوْنِهِ وَرِعًا غَنِيًّا لَيْسَ بِمِدْيَانٍ وَلَا مُحْتَاجٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لِأَنَّ الْغِنَى يُعِينُ عَلَى التَّوْلِيَةِ وَيُشَجِّعُ النَّفْسَ وَالْبَلَدِيُّ أَخْبَرُ بِأَهْلِ بَلَدِهِ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ فَيَعْلَمُ عَلَى مَنْ يَعْتَمِدُ وَمَنْ يَجْتَنِبُ مَعْرُوفُ النِّسَبِ لِيَسْلَمَ مِنْ نَقِيصَةِ الطَّعْنِ الْكَاذِب لَيْسَ من ولد زنا لَيْلًا يُهْتَضَمَ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ وَلَا بِابْنِ لِعَانٍ لِذَلِكَ جَزْلًا نَافِذًا فَطِنًا لِيَعْرِفَ دَقَائِقَ حِجَاجِ الْخُصُوم ومكايدهم غَيْرَ مَخْدُوعٍ لِعَقْلِهِ لَيْسَ مَحْدُودًا فِي زِنًا لَيْلًا يُهْتَضَمَ جَانِبُهُ وَلَا قَذْفٍ وَلَا مَقْطُوعًا فِي السَّرِقَةِ ذَا نَزَاهَةٍ غَيْرَ مُسْتَحْيٍ بِاللَّائِمَةِ يُدِيرُ الْحَقَّ عَلَى مَنْ دَارَ عَلَيْهِ لَا يُبَالِي مَنْ لَامَهُ عَلَى ذَلِكَ حَلِيمٌ عَنِ الْخُصُومِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ قَطُّ مُسْتَشِيرًا

ص: 17

لِأَهْلِ الْعِلْمِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَا نَدِمَ مَنِ اسْتَشَارَ وَلَا خَابَ مَنِ اسْتَخَارَ

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ مُحْرِزٍ لَنْ يَأْتِيَ بِمَا نُصِبَ لَهُ حَتَّى يَكُونَ ذَا نَزَاهَةٍ وَنَصِيحَةٍ وَرَحْمَةٍ وَصَلَابَةٍ لِيُفَارِقَ بِالنَّزَاهَةِ التَّشَوُّفَ لما فِي أيذي النَّاسِ وَبِالنَّصِيحَةِ يُفَارِقُ حَالَ مَنْ يُرِيدُ الظُّلْمَ وَلَا يُبَالِي بِوُقُوعِ الْغِشِّ وَالْخَطَأِ وَالْغَلَطِ وَبِالرَّحْمَةِ حَالَ الْقَاسِي الَّذِي لَا يَرْحَمُ الصَّغِيرَ وَالْيَتِيمَ وَالْمَظْلُومَ وَبِالصَّلَابَةِ مَنْ يَضْعُفُ عَنِ اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ وَعَنِ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَوِي الْبِطَالَةِ وَالْقَهْرِ وَالظُّلْمِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فطنا متيقظا كثيرا التَّحَرُّز الْحِيَلِ وَمَيْلِهِمْ عَلَى الْمُغَفَّلِ وَالنَّاقِصِ الْمُتَهَاوِنِ وَأَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالشُّرُوطِ عَارِفًا بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ وَاخْتِلَافِ مَعَانِي الْعِبَارَاتِ فَإِنَّ الْأَحْكَامَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعِبَارَاتِ وَكَذَلِكَ الدَّعَاوَى وَالشَّهَادَاتُ وَلِأَنَّ كِتَابَ الشُّرُوطِ هُوَ الَّذِي يَتَضَمَّنُ حُقُوقَ الْمَحْكُومِ لَهُ وَالشُّهُودِ سَمِعَ مَا فِيهِ فَقَدْ يَكُونُ الْعَقْدُ وَاقِعًا عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ أَوْ لَا يَصِحُّ فَيَكُونُ لَهُ عِلْمٌ بِتَفْصِيلِ ذَلِكَ وَمُجْمَلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَبْطِنَ أَهْلَ الدِّينِ وَالْأَمَانَةِ وَالنَّزَاهَةِ فَيَسْتَعِينَ بِهِمْ عَلَى مَا هُوَ بِسَبِيلِهِ وَيَتَقَوَّى بِهِمْ عَلَى التَّوَصُّلِ بِهِمْ إِلَى مَا يَنْوِيهِ وَيُخَفِّفُونَ عَنْهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ فِيهِ مِنَ النَّظَرِ فِي الْوَصَايَا وَالْأَحْبَاسِ وَالْقِسْمَةِ وَأَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ قَالَ الْأُسْتَاذُ وَلَيْسَ يَكْتَفِي بِالْعَقْلِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ وَهُوَ اسْتِدْلَالُهُ بِالشَّاهِدِ عَلَى الْغَائِبِ وَعِلْمُهُ بِمُدْرَكَاتِ الضَّرُورَةِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ صَحِيحَ التَّمْيِيزِ جَيِّدَ الْفِطْنَةِ بَعِيدًا مِنَ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ حَتَّى يَتَوَصَّلَ بِذَكَائِهِ إِلَى مَوْضِعِ مَا أُشْكِلَ وَفَصْلِ مَا عَضُلَ قَالَ وَلَيْسَ يَسْتَحِقُّ أَيْضًا لِزِيَادَةٍ فِي

ص: 18

هَذَا الْبَابِ حَتَّى يَسْتَوْصِيَ بِصَاحِبِهِ إِلَى الدَّهَاءِ وَالْمَكْرِ وَالْخُبْثِ وَالْخِدَاعِ فَإِنَّهُ مَذْمُومٌ مَحْذُورٌ غَيْرُ مَأْمُونٍ إِلَيْهِ وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي حَذَرٍ وَهُوَ مِنْ نَفْسِهِ فِي نَصَبٍ وَقَدْ أَمَرَ عُمَرُ رضي الله عنه بِعَزْلِ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ وَقَالَ لَهُ كَرِهْتُ أَنْ أَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى فضل عقلك وَكَانَ من الزهادا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْإِجْمَاعُ عَلَى اشْتِرَاطِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ إِلَّا مَا يُحْكَى عَنْ مَالِكٍ فِي جَوَازِ قَضَاءِ الْأَعْمَى فَغَيْرُ مَعْرُوفٍ وَلَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ وَمَتَى وَلِيَ مَنْ فَقَدَ الْإِسْلَامَ أَوِ الْعَقْلَ أَوِ الذُّكُورَةَ أَوِ الْحُرِيَّةَ أَوِ الْبُلُوغَ بِجَهْلٍ أَوْ غَرَضٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ حُكْمُهُ وَيُرَدُّ وَيُنَفِّذُ مَنْ فُقِدَتْ مِنْهُ مَا عَدَا إِذَا وَافَقَ الْحَقَّ إِلَّا الْجَاهِلُ الَّذِي حَكَمَ بِدَايَةً وَالصَّحِيحُ نُفُوذُ حُكْمِ الْفَاسِقِ إِذَا وَافَقَ الْحَقَّ وَقِيلَ يُرَدُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ الْفَقِيرُ أَعْلَمَ أَهْلِ الْبَلَدِ وَأَرْضَاهُمُ اسْتَحَقَّ الْقَضَاءَ وَلَا يَجْلِسُ حَتَّى يَغْنَى وَيُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يستقضى ولد الزِّنَا وَلَا يحكم فِي الزِّنَى كَمَا لَا يَحْكُمُ الْقَاضِي لِابْنِهِ وَالْمَحْدُودُ فِي الزِّنَى يَجُوزُ حُكْمُهُ فِيهِ دُونَ شَهَادَتِهِ لِأَنَّ الْمَسْخُوطَ يَجُوزُ حُكْمُهُ دُونَ شَهَادَتِهِ وَعَنْ سَحْنُونٍ لَا يُسْتَقْضَى الْمُعْتَقُ خَوْفًا مِنْ أَنْ تُسْتَحَقَّ رَقَبَتُهُ فَتَذْهَبَ أَحْكَامُ النَّاسِ قَالَ التُّونُسِيُّ قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَىَ خِصَالَ الْعُلَمَاءِ تَجْتَمِعُ الْيَوْمَ فِي وَاحِدٍ إِذَا اجْتَمَعَ مِنْهَا خَصْلَتَانِ وُلِّيَ الْعِلْمُ وَالْوَرَعُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِلْمٌ وَوَرَعٌ فَعَقْلٌ وَوَرَعٌ فَبِالْوَرَعِ يَقِفُ وَبِالْعَقْلِ يَسْأَلُ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُسْتَقْضَى مَنْ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يُسْتَقْضَى حَتَّى يَكُونَ عَارِفًا بِآثَارِ مَنْ مَضَى مُسْتَشِيرًا لِذَوِي الرَّأْيِ وَلَيْسَ عِلْمُ الْقَضَاءِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لَا يَصْلُحُ أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ إِلَّا مَنْ كَانَ حَصِيفَ الْعَقْلِ شَدِيدًا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ لَيِّنًا مِنْ غَيْرِ ضعف قَلِيل الْعِزَّة بَعِدَ الْهَيْبَةِ لَا يَطَّلِعُ النَّاسُ

ص: 19

مِنْهُ على عَورَة وَيسْتَحب على مَذْهَبنَا ان لَا يَكُونَ أُمِّيًّا وَلَيْسَ لِأَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ نَصٌّ وَعِنْدَ ش وَجْهَانِ الْمَنْعُ لِضَيَاعِ كَثِيرٍ مِنَ الْمَصَالِحِ بِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ الْخُطُوطَ وَالْجَوَازُ لِأَنَّ سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ سَيِّدُ الْحُكَّامِ وَهُوَ أُمِّيٌّ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قِرَاءَةُ الْعُقُودِ وَيَنُوبُ عَنْهُ فِي تَقْيِيدِ الْمَقَالَاتِ غَيْرُهُ قَالَ وَإِنَّ لِلْمَنْعِ وَجْهًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَضْيِيقِ الْحُكْمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - مَعْصُومٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَغَيْرُهُ لَا يَكُونُ صَاحِبُ رَأْيٍ لَا يَعْلَمُ السُّنَّةَ وَالْآثَارَ وَلَا صَاحِبُ عِلْمِ الْحَدِيثِ دُونَ الْفِقْهِ وَالْقِيَاسِ قَالَ اصبغ ويعزل الْجَاهِل الا ان لَا يُوجد غَيره فَيقر وَيُؤمر ان يستكثر فِي الْمَشُورَةِ وَيُنَفَّذُ أَمْرُهُ فِي كُلِّ حِينٍ فَإِنْ تَعَارَضَ عَدْلٌ مُؤْمِنٌ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ بِالْقَضَاءِ وَعَالِمٌ لَيْسَ مِثْلَ الْآخَرِ فِي الْعَدَالَةِ وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمَا قَدَّمَ الْعَالِمَ إِنْ كَانَ لَا بَأْسَ بِحَالِهِ وَعَفَافِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْثُوقٍ بِهِ فِي صَلَاحِهِ وَلَعَلَّهُ يُلَابِسُ مَا لَا يَنْبَغِي إِلَّا أَنْ يُوَلِّيَ وَاحِدًا مِنْهُمَا إِنْ وَجَدَ غَيْرَهُمَا وَالْأَوْلَى الْعَدْلُ الْقَصِيرُ الْعِلْمِ وَمَنْ جَمَعَ الْعَدَالَةَ وَالْعِلْمَ فَلَا يُوَلَّى غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى اشْتِرَاطُ تَوَحُّدِ الْقَاضِي إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَلَّى اثْنَانِ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاكِ فِي كُلِّ قَضِيَّةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى بَقَاءِ التَّظَالُمِ وَالْعِنَادِ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ آرَائِهِمَا وَأَمَّا قَاضِيَانِ فِي بَلَدٍ يُنَفِّذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنّظرِ فَجَاز بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ كَمَا أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي زَمَنٍ مِنَ الْأَزْمَانِ فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ وَيُشْكِلُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْحَكَمَانِ فِي الزَّوْجَيْنِ وَفِي جَزَاءِ الصَّيْدِ لِأَنَّهُمَا يَحْكُمَانِ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ وَجَوَابُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ وِلَايَةً قَالَ فَإِن اتفقَا نقض حُكْمُهُمَا وَإِنِ اخْتَلَفَا لَمْ يُنَفَّذْ وَحَكَمَ غَيْرُهُمَا فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَضَرَّةٌ وَعَنْ سَحْنُونٍ لَا يَحْكُمُ الْمَحْدُودُ فِي الزِّنَا كَشَهَادَةٍ بِجَامِعِ التُّهْمَةِ فِي الْمُشَارَكَةِ فِي النَّقِيصَةِ وَوَافَقَنَا الْحَنَابِلَةُ فِي جَوَازِ كَوْنِهِ أُمِّيًّا وَزَادُوا مَعْرِفَتَهُ بِلِسَانِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ فِي شُرُوطِ الْكَمَالِ وَنَحْنُ مَا نُخَالِفُ

ص: 20

فِي ذَلِكَ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْمَشْهُورِ فِي شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ إِلَّا لِلذُّكُورَةِ وَالْعِلْمِ فَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ تَجُوزُ وِلَايَةُ الْعَامِّيِّ وَيَسْتَفْتِي الْفُقَهَاءَ وَيَحْكُمُ وَلَا تَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ لَنَا قَوْله تَعَالَى {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ الِاجْتِهَادَ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - لِمُعَاذٍ بِمَ تَحْكُمُ قَالَ بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَالَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَالَ أَجْتَهِدُ رَأْيِي فَلم يذكر التَّقْلِيد فذل عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ بِهِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَيُؤَكِّدُ ذَلِك قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْحَدِيثِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يَرْضَاهُ رَسُولُ اللَّهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَرْكَ التَّقْلِيدِ هُوَ الَّذِي يُرْضِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ - إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْصِبَ الْحَاكِمِ الِاجْتِهَادُ وَعِنْدَ ح يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ حَاكِمًا فِي كُلِّ مَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَجَوَّزَ الطَّبَرَيُّ مُطْلَقًا وَعِنْدَ ح تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْجِرَاحِ لَنَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ أَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إِلَى امْرَأَةٍ وَفِي حَدِيثٍ لَا يُفْلِحُ قَوْمٌ وَلِيَتْهُمُ امْرَأَةٌ فَإِذَا لَمْ يُفْلِحُوا أَفْسَدُوا وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ وَهَذَا غَايَةُ النَّقْصِ لَهُنَّ وَمُنِعَتْ أَنْ تَقُومَ بِجَنْبِ الرَّجُلِ

ص: 21

فِي الصَّلَاةِ خَوْفَ الْفِتْنَةِ فَالْقَضَاءُ لِأَنَّهُ مَوْطِنُ وُرُودِ الْفُجَّارِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ إِذَا نَابَ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاتِهِ شَيْءٌ فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّ التَّسْبِيحَ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقَ لِلنِّسَاءِ فَمَنَعَ من صَوتهَا لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ فَيَمْتَنِعُ فِي الْقَضَاءِ أَوْلَى وَقِيَاسًا عَلَى الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى احْتَجُّوا بِأَنَّهَا صَحَّتْ شَهَادَتُهَا فَتَصِحُّ وِلَايَتُهَا كَالْعَدْلِ وَلِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَحْكَامِ وَمَأْخَذَهَا تَتَأَتَّى مِنَ الْمَرْأَةِ فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - خُذُوا شَطْرَ دِينِكُمْ عَنْ هَذِهِ الُحُمَيْرَاءِ يَعْنِي عَائِشَةَ رضي الله عنها وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنَ الْقَضَاءِ لِأَنَّهَا تَصِحُّ شَهَادَتُهَا دُونَ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى وَالْعَدْلُ يَصِحُّ مِنْهُ الْأَمْرَانِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُسْمَعْ فِي عَصْرٍ مِنِ الْأَعْصَارِ أَنَّ امْرَأَةً وَلِيَتِ الْقَضَاءَ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا لِأَنَّهُ غَيْرُ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّهَا يُمْكِنُهَا ضَبْطُ مَا تَحْتَاجُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ اماما فِيهَا واما مَا رَوَاهُ مَالك استس أُمَّ سُلَيْمَانَ قَلَّدَهَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ عَلَى السُّوقِ فَذَلِكَ فِي أَمْرٍ جَرَى مِنَ الْحَبَشَةِ عَلَى قَوْمٍ مَخْصُوصِينَ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْقَضَاءُ

ص: 22

(الْبَاب الثَّالِث صِفَةِ تَقَالِيدِ الْوِلَايَاتِ السَّابِقَةِ عَلَيْهَا)

وَاخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا وَلْنَقْتَصِرْ مِنَ الْوِلَايَاتِ عَلَى مُهِمَّاتِهَا وَهِيَ سَبْعَةٌ الْوِلَايَةُ الْأُولَى الْخِلَافَةُ الْعُظْمَى وَهِيَ الْوِلَايَةُ وَهِيَ وَاجِبَةٌ إِجْمَاعًا إِلَّا الْأَصَمَّ وَوُجُوبُهَا عَلَى الْكِفَايَةِ أَمَّا وُجُوبُهَا فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَطِيعُوا الله واطيعو الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} فَطَاعَتُهُمْ فَرْعُ وَجُودِهِمْ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَلِمَا فِي مُسْلِمٍ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَلَوْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا وَلِأَنَّ عدمهَا يُفْضِي إِلَى الْهَرج والتظالم وَذَلِكَ يجب السَّعْيَ فِي إِزَالَتِهِ وَلَا طَرِيقَ فِي مَجْرَى الْعَادَةِ إِلَّا الْإِمَامَةُ وَأَمَّا كَوْنُهَا عَلَى الْكِفَايَةِ فلَان القاعده ان كل فعل تكَرر مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهَا فَهُوَ عَلَى الْأَعْيَانِ وَمَا لَا فَعَلَى الْكِفَايَةِ فَالْأُولَى كَالصَّلَوَاتِ مَقْصُودُهَا الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمُهُ وَذَلِكَ يَتَكَرَّرُ بِتَعَدُّدِ الْمُصَلِّينَ فَشُرِعَتْ عَلَى الْأَعْيَانِ تَكْثِيرًا لِلْمَصْلَحَةِ وَالثَّانِي كَإِنْقَاذِ الْغَرْقَى فَإِنَّ النَّازِلَ لَكَ بَعْدَ الْإِنْقَاذِ لَا يحصل مصلحه

ص: 23

فَشُرِعَتْ عَلَى الْكِفَايَةِ نَفْيًا لِفِعْلِ الْعَبَثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ فَإِنْ قَامَ بِهَا وَاحِدٌ سَقَطَ فَرْضُهَا وَإِلَّا فَلَا قَالَ المواردي الشَّافِعِي يَخْرُجُ مِنَ النَّاسِ فَرِيقَانِ أَهْلُ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَأَهْلُ الْإِمَامَةِ حَتَّى يَخْتَارَ الْأَوَّلُ شَخْصًا مِنَ الْفَرِيقِ الثَّانِي وَلَا حَرَجَ عَلَى بَقِيَّةِ الْأُمَّةِ فِي تَأْخِيرِ الْإِمَامَةِ كَمَا اتَّفَقَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رضي الله عنه لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إِنَّمَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهِ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهُ فَلَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ الْجِهَادِ النِّسْوَانُ وَلَا يَتْرُكُ إِنْقَاذَ الْغَرِيقِ مَنْ لَا يَعُومُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ مِنَّا فِي كِتَابِ النَّظَائِرِ لَهُ وَشُرُوطُ الْمُخْتَارِينَ لِلْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ الْعِلْمُ بِشُرُوطِ الْإِمَامَةِ وَالْعَدَالَةُ وَالْحِكْمَةُ وَالرَّأْيُ الْمُوَدِّيَانِ لِلْمَقْصُودِ وَاخْتِيَارُ مَنْ هُوَ الْأَصْلَح النَّاس واقوم بالمصالح وَقَالَهُ المارودي ثُمَّ لَيْسَ لِمَنْ فِي بَلَدِ الْإِمَامِ مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ وَإِنَّمَا قُدِّمَ فِي الْعُرْفِ أَهْلُ بَلَدِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ فِي الْعَادَةِ بِمَنْ عِنْدَهُمْ يَصْلُحُ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدَّمَهُمْ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَشُرُوطُ الْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ النَّجْدَةُ وَشَرَائِطُ الْفَتْوَى وَالْكِفَايَةُ فِي الْمُعْضِلَاتِ وَقَالَ المارودي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ شَرَائِطُهَا سَبْعَةٌ الْعَدَالَةُ وَسَلَامَةُ الْحَوَاسِّ وَسَلَامَةُ الْأَعْضَاءِ مِنْ نَقْصٍ يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْحَرَكَةِ وَالشَّجَاعَةُ وَالنَّسَبُ الْقُرَشِيُّ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا ضِرَارٌ فَإِنَّهُ جَوَّزَهَا فِي جَمِيعِ النَّاسِ لَنَا قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْمُبْتَدَأُ يَجِبُ انْحِصَارُهُ فِي الْخَبَر وَقَالَ

ص: 24

- صلى الله عليه وسلم َ - قدمُوا قُريْشًا وَلَا تقدموه وَالْعِلْمُ الْمُؤَدِّي لِلِاجْتِهَادِ فِي النَّوَازِلِ وَصِحَّةِ الرَّأْيِ وَيَنْعَقِدُ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ كَعُثْمَانَ رضي الله عنه وَكَانُوا سِتَّةً عَيَّنَهُمْ عُثْمَانُ رضي الله عنهم وَاخْتُلِفَ فِي عَدَدِهِمْ فَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ جُمْهُورِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ كُلِّ بَلَدٍ لِيَكُونَ الرِّضَا بِهِ عَامًّا وَهُوَ يطلّ بِبَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه لِأَنَّهَا انْعَقَدَتْ بِالْحَاضِرِينَ وَلَمْ يُنْتَظَرْ غَائِبٌ وَقِيلَ وَكَذَلِكَ يُرَبَّعُ فِي الشُورَى وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ خَمْسَةٍ أَوْ يَعْقِدُهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَاهُمْ لِأَنَّ بَيْعَةَ الصِّدِّيقِ انْعَقَدَتْ بِخَمْسَةٍ ثُمَّ بَايَعَ النَّاسُ وَهُمْ عمر ابو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَبَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَلِأَنَّ الشُّورَى كَانَتْ فِي سِتَّةٍ لَا تُعْقَدُ لِأَحَدِهِمْ بِرِضَا الْخَمْسَةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ وَقَالَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ ثَلَاثَةٌ يَتَوَلَّاهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَا اثْنَيْنِ لِيَكُونُوا حَاكَمَا شَاهِدَيْنِ كَعَقْدِ النِّكَاحِ وَقِيلَ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ امْدُدْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ فَيَقُولُ النَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - بَايَعَ ابْنَ عَمِّهِ فَلَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ اثْنَانِ وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ فَحُكْمُ الْوَاحِدِ يَكْفِي فَهَذَا أَرْبَعَةُ مَذَاهِب وَيقدم أهل الْحَد وَالْعَقْدِ أَكْثَرَ الْمُسْتَحِقِّينَ فَضْلًا وَأَكْمَلَهُمْ شَرْطًا مِمَّنْ يُسْرِعُ النَّاسُ إِلَى طَاعَتِهِ فَإِذَا عَيَّنُوهُ عَرَضُوهَا عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَابَ بَايَعُوهُ وَلَزِمَ جَمِيعَ الْأُمَّةِ الدُّخُولُ وَالِانْقِيَادُ فَإِنِ امْتَنَعَ الْجَمِيعُ يُقَدَّمُ الْأَسَنُّ فَإِنْ بُويِعَ الْأَصْغَرُ جَازَ وَيُرَاعَى تَقْدِيمُ الْأَشْجَعِ عَلَى الْأَعْلَمِ أَوِ الْعَكْسُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْوَقْت من الْحَاجة إِلَى الْقِتَال أَو المناضرة عَلَى الدِّينِ مَعَ أَرْبَابِ الْأَهْوَاءِ فَإِنِ اخْتَارُوا وَاحِدًا مِنَ اثْنَيْنِ فَتَنَازَعَاهَا قِيلَ يَكُونُ ذَلِكَ قَدْحًا فِيهِمَا لِأَنَّ مَنْ طَلَبَ الْوِلَايَةَ لَمْ يُعَنْ عَلَيْهَا فَيُعْدَلُ إِلَى غَيْرِهِمَا وَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يَقْدَحُ وَقَدْ

ص: 25

تَنَازَعَ فِيهَا أَهْلُ الشُّورَى فَمَا رُدَّ عَنْهَا طَالِبٌ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يُقْطَعُ بِهِ التَّنَازُعُ مَعَ التَّسَاوِي فَقِيلَ الْقُرْعَةُ وَقِيلَ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْبَيْعَةِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ لَهُمْ وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ بَيْعَةِ الْأَفْضَلِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ لَمْ يعدل عَن الأول لصِحَّة عقده وإبن ابْتَدَأَ بِالْمَفْضُولِ لِغَيْبَةِ الْأَفْضَلِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ كَوْنِ الْمُفَضَّلِ أَطْوَعَ فِي النَّاسِ صَحَّ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَالَ الْجَاحِظُ وَغَيْرُهُ لَا يَنْعَقِدُ لِفَسَادِ الِاجْتِهَادِ بِالتَّقْصِيرِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ يَنْعَقِدُ كَمَا يجوز ذَلِك فِي الْقُضَاة يولي الْمَفْضُولِ وَلِحُصُولِ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ بَابِ التَّتِمَّةِ لَا مِنْ بَابِ الْحَاجَةِ فَإِنْ تَعَيَّنَ وَاحِدٌ بِالِاتِّصَافِ بِالشُّرُوطِ تَعَيَّنَتْ فِيهِ وَامْتُنِعَ الْعُدُولُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَهَلْ يَنْعَقِدُ بِغَيْرِ بَيْعَةٍ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْعَقْدِ الِاخْتِيَارُ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنَ الْعَقْدِ قَالَهُ الْجُمْهُورُ كَالْقَضَاءِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَقْدٍ وَيَأْثَمُ أَهْلُ الْعَقْدِ إِذَا امْتَنَعُوا وَقَالَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ يَصِيرُ الْمُنْفَرِدُ قَاضِيًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ كَمَا يَصِيرُ الْمُنْفَرِدُ بِشُرُوطِ الصَّلَاةِ إِمَامًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَضَاءَ وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ يَجُوزُ صَرْفُهُ عَنْهَا مَعَ بَقَائِهِ عَلَى صِفَتِهِ وَالْوِلَايَةَ حَقٌّ عَامٌّ لَا يَجُوزُ عَزْلُ الْمُتَّصِفِ بِشُرُوطِهَا بَعْدَ وِلَايَتِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ المارودي إِذا عقدت لاثْنَيْنِ ببلدين لم تَنْعَقِد امامتها لِامْتِنَاعِ إِمَامَيْنِ فِي وَقْتٍ فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - إِذَا بُويِعَ لَخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخِرَ مِنْهُمَا وَجَوَّزَهُ مَنْ شَذَّ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِمَامِ مِنْهُمَا فَقِيلَ الَّذِي الَّذِي من بَلَدِ الْإِمَامِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُمْ بِعَقْدِهَا أَخَصُّ وَأَحَقُّ وعَلى سَائِر الامصار تفويضها اليهم لَيْلًا يَنْتَشِرَ اخْتِلَافُ الْآرَاءِ وَقِيلَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ التَّسْلِيمُ لِلْآخَرِ دَفْعًا لِلْفِتْنَةِ لِيَخْتَارَ أَهْلُ الْعَقْدِ أَحدهمَا أَو

ص: 26

غَيْرَهُمَا وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى تَقْدِيمِ السَّابِقِ بَيْعَةً كَالْوَلَدَيْنِ فِي نِكَاحِ الْمَرْأَةِ إِذَا زوجاها بِاثْنَيْنِ فَإِن ابقا السَّبق فسخ العقدان وان اشكل السَّابِق وفقا عَلَى الْكَشْفِ فَإِنْ تَنَازَعَا السَّبْقَ لَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعِي وَلَا غَيْرُهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا حُكْمَ لِلْيَمِينِ وَلَا لِلنُّكُولِ وَلَوْ سَلَّمَهَا أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِتَقَدُّمِهِ فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِالتَّقَدُّمِ خَرَجَ الْمُقِرُّ وَلَمْ يَسْتَقِرَّ لِلْآخَرِ إِلَّا بِعَقْدٍ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَالْإِقْرَارُ لَا يُعْتَبَرُ إِلَّا فِي حَقِّ الْإِنْسَانِ الْخَاصِّ بِهِ فَإِنْ شَهِدَ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ سَمِعَ فَإِنْ دَامَ اللَّبْسُ فِي التَّقَدُّمِ لَمْ يُقْرَعْ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْإِمَامَةَ عَقْدٌ وَالْقُرْعَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْعُقُودِ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إِلَّا فِيمَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاكُ فِيهِ كَالْأَمْوَالِ دُونَ مَا يَمْتَنِعُ كَالْمَنَاكِحِ فَيَبْطُلُ فِيهِمَا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِيمَا اذا تنازعاها ابْتِدَاء هَل يقرع أز هِيَ لِأَوَّلِهِمَا أَوْ يُقَدَّمُ الَّذِي فِي بَلَدِ الْإِمَامِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّافِعِيَّةِ.

(فَرْعٌ)

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَانْعِقَادُهَا بِعَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لِعَهْدِ الصِّدِّيقِ لِعُمَرَ رضي الله عنهما وَلِعَهْدِ عُمَرَ إِلَى أَهْلِ الشُّورَى فَخَرَجَ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ مِنَ الشُّورَى وَعَلَى الْإِمَامِ بِذْلُ الْجُهْدِ فِيمَنْ يَصْلُحُ وَيَنْفَرِدُ بِالْعَقْدِ لِغَيْرِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَاخْتِلَافُ أَهْلِ الرِّضَا مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ شَرْطٌ أَمْ لَا وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ بَيْعَةَ عُمَرَ لَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى رِضَا الصَّحَابَةِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَفِي جَوَازِ تَفَرُّدِهِ بِالْوَلَدِ أَوِ الْوَالِدِ خِلَافٌ فَقِيلَ لَا بُدَّ مِنَ الِاسْتِشَارَةِ فَيَرَوْنَهُ أَهْلًا لِأَنَّهَا تَزْكِيَةٌ مِنَ الْإِمَامِ تَجْرِي مَجْرَى الشَّهَادَةِ لَهُ وَالْحُكْمِ لَهُ وَالْجَوَازِ لِأَنَّهُ أَمِينُ الْأُمَّةِ فَلَا

ص: 27

يقْدَح التهمه وَلَا لجَوَاز الْوَلَد دُونَ الْوَلَدِ لِمَزِيدِ التُّهْمَةِ وَيَجُوزُ لِلْأَخِ وَنَحْوِهُ كالاجنبي قَالَ المارودي وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْمُوَلَّى وَزَمَانُ الْقَبُولِ قِيلَ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ أَثْبَتُ نَظَرًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَا بَيْنَ عَهْدِ الْمُوَلِّي وَمَوْتِهِ حَتَّى لَا تَتَعَطَّلَ الْمَصَالِحُ وَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ بِخِلَافِ جَمِيعِ نُوَّابِهِ لِأَنَّهُمْ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَهَذَا لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ كَمَا لَا يُعْزَلُ لَهُمَا لِلْعَقْدِ مَنْ بَايَعُوهُ إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ فَلَوْ عَهِدَ بَعْدَ عَزْلِ الْأَوَّلِ وَالْآخر بَطُلَ الثَّانِي فَالْأَوَّلُ بَاقٍ وَلَا يَصِحُّ الثَّانِي بِخَلْعِ الْأَوَّلِ نَفْسَهُ وَإِذَا اسْتَعْفَى وَلِيُّ الْعَهْدِ لَمْ يَبْطُلْ عَهْدُهُ حَتَّى يُعْفَى لِلُزُومِهِ وَيَجُوزُ إِعْفَاؤُهُ وَاسْتِعْفَاؤُهُ إِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا وَتُعْتَبَرُ شُرُوطُ الْإِمَامَةِ فِي الْمَعْهُودِ إِلَيْهِ وَقْتَ الْعَهْدِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْعَهْدُ لِلصَّغِيرِ وَلَا لِلْفَاسِقِ عِنْدَ الْعَهْدِ وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْعَهْدِ الرَّدُّ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ الْخِلَافَةَ لَا تَسْتَقِرُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ بِخَلْعِ الْخَلِيفَةِ نَفْسَهُ فَيَنْتَقِلُ إِلَى وَلِيِّ الْعَهْدِ وَلَوْ عَهِدَ إِلَى اثْنَيْنِ اخْتَارَ أَهْلُ الِاخْتِيَارِ أَحَدَهَا كَأَهْلِ الشُّورَى لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَعَلَهَا فِي سِتَّةٍ وَيَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ بَيْعَةُ فُلَانٍ فَإِنْ مَاتَ فَفُلَانٌ وتنتقل الخلافه كَذَلِك كَمَا اسْتحْلف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى جَيْشِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَقَالَ فَإِنْ أُصِيبَ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَإِنْ أُصِيبَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إِذَا مَاتَ وَلِيُّ الْعَهْدِ قَبْلَ الْخَلِيفَةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَعْهَدَ لِغَيْرِهِ قَوْلَانِ وَكَذَلِكَ إِذَا فَسَقَ الْخَلِيفَةُ ثُمَّ تَابَ هَلْ يَتَوَقَّفُ عَوْدُهُ عَلَى تَجْدِيدِ عَهْدِ

ص: 28

فَوْزٍ وَإِذَا حَدَثَ لَهُ خَرَسٌ أَوْ صَمَمٌ أَوْ ذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ فَهَلْ يَخْرُجُ مِنْهَا قَولَانِ

(فَرْعٌ)

قَالَ المارودي إِنِ اسْتَوْلَى عَلَى الْخَلِيفَةِ بَعْضُ أَعْوَانِهِ لَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِيهِ بِخِلَافِ الْقَهْرِ بِأَسْرِ الْعَدُوِّ كَانَ الْعَدُوُّ مُشْرِكًا أَوْ مُسْلِمًا فَيَقْدَحُ لِفَرْطِ الْقَهْرِ وَإِنْ خُلِّصَ قَبْلَ الْإِيَاسِ مِنْهُ عَادَتْ إِمَامَتُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَسْرِ وَالْقَهْرِ مِنْ بَعْضِ الْأَعْوَانِ أَنَّ بَيْعَتَهُ عَلَى ذَلِكَ الْعَوْنِ فَإِمَامَتُهُ بَاقِيَهٌ الْوِلَايَةُ الثَّانِيَةُ الْوِزَارَةُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ يَجُوزُ التَّفْوِيضُ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ إِلَى وَزِيرٍ وَيَخْتَصُّ عَنِ الْخَلِيفَةِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ لَا يَعْهَدُ لِمَنْ يَشَاءُ أَنْ يُسْتَعْفَى مِنَ الْإِمَامَةِ وَلَا يَعْزِلُ مَنْ قَلَّدَهُ الْإِمَامُ وَأَصْلُهَا قَوْله تَعَالَى {وَاجعَل لي وزيرا من أَهلِي هَارُون أخي اشْدُد بِهِ أزري وأشركه فِي أَمْرِي} قَالَ المارودي الْوِزَارَةُ قِسْمَانِ وِزَارَةُ تَفْوِيضٍ وَوِزَارَةُ تَنْفِيذٍ فَالْأَوَّلُ مَنْ جُعِلَ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِي الْأُمُورِ وَتُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْإِمَامَةِ إِلَّا النَّسَبَ لِأَنَّ عُمُومَ الِاجْتِهَادِ يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ وَعَقْدُهَا بِصَرِيحِ لَفْظِ الْخَلِيفَةِ بِعُمُومِ النَّظَرِ وَالنِّيَابَةِ فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى عُمُوم النّظر فَهُوَ ولي عهد لَا وَزِيرٌ أَوْ عَلَى النِّيَابَةِ فَقَدْ أَبْهَمَ التَّنْفِيذَ وَالتَّفْوِيضَ فَلَا تَنْعَقِدُ وَاللَّفْظُ الْمُعْتَبَرُ قَلَّدْتُكَ مَا إِلَيَّ نِيَابَةً عَنِّي وَيَقُولُ اسْتَوْزَرْتُكَ تَعْوِيلًا عَلَى نِيَابَتِكَ فَإِنْ قَالَ نُبْ عَنِّي احْتُمِلَ الِانْعِقَادُ وَعَدَمُهُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا عَقْدٌ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ يُرَاعَى فِي الْخُلَفَاءِ وَالْمُلُوكِ مَا يُرَاعَى فِي غَيْرِهِمْ لِاسْتِثْقَالِهِمُ الْكَلَامَ فَرُبَّمَا اكْتَفَوْا بِالْإِشَارَةِ

ص: 29

وَلِقِلَّةِ مُبَاشَرَتِهِمُ الْعُقُودَ وَقَلَّدْتُكَ وِزَارَتِي أَوِ الْوِزَارَةَ لَا تُفِيدُ وِزَارَةَ التَّفْوِيضِ حَتَّى يُرِيدَ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّفْوِيضَ لِأَنَّ مُوسَى عليه السلام زَاد {اشْدُد بِهِ أزري وأشركه فِي أَمْرِي} قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الصَّرَائِحُ أَرْبَعَةٌ وَلَّيْتُكَ وَقَلَّدْتُكَ واستخلفتك واستنبتك وَكِتَابَة سَبْعَةٌ اعْتَمَدْتُ عَلَيْكَ وَعَوَّلْتُ عَلَيْكَ وَرَدَدْتُ إِلَيْكَ وَجَعَلْتُ وَفَوَّضْتُ إِلَيْكَ وَوَكَّلْتُ إِلَيْكَ وَأَسْنَدْتُ إِلَيْكَ فَتَحْتَاجُ هَذِهِ لِمَا يَنْفِي عَنْهَا الِاحْتِمَالَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَى هَذَا الْوَزِيرِ مُطَالَعَةُ الْإِمَامِ بِمَا تصرف لَيْلًا يَكُونَ إِمَامًا وَعَلَى الْإِمَامِ تَصَفُّحُ تَصَرُّفَاتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ رَعِيَّتِهِ وَيَجُوزُ لَهُ مُبَاشَرَةُ الْجِهَادِ وَوِلَايَةُ الْحُكَّامِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ شُرُوطَ جَمِيعِ ذَلِكَ مُشْتَرَطَةٌ فِي أَهْلِيَّتِهِ وَوَزِيرُ التَّنْفِيذِ هُوَ الَّذِي يُنَفِّذُ مَا دَبَّرَهُ الْإِمَامُ فَهُوَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالرَّعِيَّةِ يُبَلِّغُ مَا دَبَّرَهُ الْإِمَامُ وَيَعْرِضُ عَلَيْهَا مَا حَدَثَ مِنَ الْأُمُورِ وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى تَقْلِيدٍ بَلِ الْإِذْنُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَلَا الْعلم لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بَلْ مُبَلِّغٌ بَلِ اشْتُرِطَ فِيهِ سَبْعَةُ أَوْصَافٍ الْأَمَانَةُ وَالصِّدْقُ وَقِلَّةُ الطَّمَعِ وَعَدَمُ الْعَدَاوَةِ بَينه وَبَين النَّاس والذكورة والفطنة وَأَن لَا يَكُونَ مُبْتَدِعًا فَإِنْ شَارَكَ فِي الرَّأْيِ اشْتُرِطَتْ فِيهِ الْحِكْمَةُ وَالتَّجْرِبَةُ وَمَعْرِفَةُ الْعَوَاقِبِ وَيَجُوزُ أَنْ يكون ذَمِيمًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اثْنَيْنِ عَلَى الِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ بِخِلَافِ وَزِيرِ التَّفْوِيضِ لِأَنَّ عُمُومَ النَّظَرِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَإِمَامَيْنِ وَيَجُوزُ مَعَ وَزِيرِ التَّفْوِيضِ وَزِيرُ تَنْفِيذٍ وَيَجُوزُ لِوَزِيرِ التَّفْوِيضِ الِاسْتِنَابَةُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْآخَرِ وَإِذَا

ص: 30

فُوِّضَتِ الْأَقَالِيمُ إِلَى وُلَاتِهَا كَأَهْلِ زَمَانِنَا جَازَ لِكُلِّ مَلِكٍ أَنْ يُوَزِّرَ كَالْخَلِيفَةِ فِي الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَائِدَةٌ فِي اشْتِقَاقِ الْوَزِيرِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مِنَ الْوَزَرِ بِتَحْرِيكَ الزَّايِ الْمَنْقُوطَةِ وَهُوَ الْمَلْجَأُ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {كلا لَا وزر} وَمَلِكٌ يُلْجَأُ إِلَيْهِ أَوْ مِنَ الْأَزْرِ لِقَوْلِهِ تعإلى {اشْدُد بِهِ أزري} أَوْ مِنَ الْوَزْرِ وَهُوَ الظَّهْرُ لِأَنَّهُ يَقْوَى بِالْوَزِيرِ كَقُوَّةِ الْبَدَنِ بِالظَّهْرِ الْإِمَارَةُ الثَّالِثَةُ الْإِمَارَةُ عَلَى الْبِلَادِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هِيَ عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ فَالْعَامَّةُ اسْتِكْفَاءٌ وَاسْتِيلَاءٌ فَالِاسْتِكْفَاءُ مَا عُقِدَ عَلَى اخْتِيَارٍ وَالِاسْتِيلَاءُ مَا عُقِدَ عَنِ اضْطِرَارٍ فَيُفَوَّضُ فِي الِاسْتِكْفَاءِ النَّظَرُ فِي بَلَدٍ أَوْ إِقْلِيمٍ فِي جُمْلَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَتَتَعَيَّنُ فِيهِ شُرُوطُ وِزَارَةِ التَّفْوِيضِ لِعُمُومِ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ الْعَامِّ وَلَفْظُهُ قَلَّدْتُكَ نَاحِيَةَ كَذَا إِمَارَةً عَلَى أَهْلِهَا وَنَظَرًا فِي جَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَلِلْوَزِيرِ تَصَفُّحُ الْأَمْرِ وَلِلْأَمِيرِ أَنْ يَسْتَوْزِرَ وَزِيرَ تَفْوِيضٍ بِإِذْنِ الْخَلِيفَةِ وَلَا يَنْعَزِلُ الْأَمِيرُ بِمَوْتِ الْخَلِيفَةِ بِخِلَافِ الْوَزِيرِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْخَلِيفَةِ وَالْأَمِيرُ نَائِب الْمُسلمين وهم باقون والإمارة الْخَاصَّةُ هِيَ تَدْبِيرُ الْجُيُوشِ وَسِيَاسَةُ الرَّعِيَّةِ وَحِمَايَةُ الْبَيْضَةِ وَالذَّبُّ عَنِ الْحَرِيمِ فَلَيْسَ لَهُ التَّعَرُّضُ لِلْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ وَجِبَايَةِ الْخَرَاجِ وَالزَّكَاةِ وَلَا إِقَامَةِ حَدٍّ فِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ وَلَا مَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى بَيِّنَةٍ لِأَجْلِ الْمُنَازَعَةِ لِأَنَّهَا مِنَ الْأَحْكَامِ الْخَارِجَةِ عَنْ وِلَايَتِهِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْحُدُودِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ لِلَّهِ فَهُوَ أَوْلَى بِهَا مِنَ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ بِهِ إِلَيْهِ قَانُونُ السِّيَاسَةِ الْعَامَّة وَهُوَ

ص: 31

أَحَقُّ بِإِمَامَةِ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ مِنَ الْقُضَاةِ عِنْدَ ش والقضا عِنْدَ ح لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ وَيُعْتَبَرُ فِي شُرُوطِ هَذِهِ الْإِمَارَةِ شُرُوطُ وِلَايَةِ التَّنْفِيذِ وَشَرْطَانِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ لِمَا تَضَمَّنَتْهَا مِنَ الْوِلَايَةِ عَلَى أُمُورٍ دِينِيَّةٍ وَلَيْسَ عَلَى هَذَيْنِ الْأَمِيرَيْنِ مُطَالَعَةُ الْخَلِيفَةِ بِمَا أَمْضَيَاهُ إِلَّا أَنْ يَحْدُثَ غَيْرُ مَعْهُودٍ وَإِمَارَةُ الِاسْتِيلَاءِ أَنْ يَسْتَوْلِيَ الْأَمِيرُ بِقُوَّتِهِ وَقَهْرِهِ عَلَى بِلَادٍ فَيُفَوَّضَ إِلَيْهِ فَهُوَ مُتَصَرِّفٌ استيلائه وَالْخَلِيفَةُ مُنَفِّذٌ لِذَلِكَ لِيَخْرُجَ عَنِ الْفَسَادِ وَعَنِ الْحَظْرِ لِلْإِبَاحَةِ وَيَجِبُ هَذَا التَّنْفِيذُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصَالِحِ الدِّينِيَّةِ وَإِقَامَةِ حُرْمَةِ الْإِمَامَةِ وَظُهُورِ الطَّاعَةِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُرُوطُ الِاخْتِيَارِ فَيُقَلَّدُ لِدَفْعِ فَسَادِ الْعِنَادِ وَلَيْسَ لَهُ أَن يوزر وتفويض الْولَايَة الرَّابِعَة ولَايَة الْجِهَاد وَهِيَ قِسْمَانِ خَاصَّةٌ مَقْصُورَةٌ عَلَى سِيَاسَةِ الْجَيْشِ وَتَدْبِيرِ الْحَرْبِ فَشُرُوطُهَا شُرُوطُ الْإِمَارَةِ الْخَاصَّةِ وَعَامَّةٌ فِي ذَلِكَ وَفِي قَسْمِ الْغَنَائِمِ وَعَقْدِ الصُّلْحِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُ الْإِمَارَةِ الْعَامَّةِ الْوِلَايَةُ الْخَامِسَةُ الْقَضَاء قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لِانْعِقَادِ الْوِلَايَاتِ مُطْلَقًا ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ الْعِلْمُ بِشَرَائِطِ الْوِلَايَةِ فِي الْمُوَلَّى فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهَا إِلَّا بَعْدَ التَّقْلِيدِ اسْتَأْنَفَهُ الثَّانِي ذِكْرُ الْمُوَلِّي لَهُ كَالْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ فَإِنْ جَهِلَ فَسَدَتْ وَذِكْرُ الْبَلَدِ لِيَمْتَازَ عَنْ غَيْرِهِ وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَتَقَدَّمَ لَهُ فِي وِلَايَةِ الْوِزَارَةِ أَنَّ صرائح أَلْفَاظ الولايات مُطلقًا أَرْبَعَة وكنايتها سَبْعَة ثمَّ هَاهُنَا بَحْثَانِ فِي الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ الْخَاصَّةِ وَهِيَ التَّحْكِيمُ

ص: 32

الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقدمَات يجب أَن لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ مَنْ طَلَبَهُ وَإِنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ مَخَافَةَ أَنْ يُوكَلَ إِلَيْهِ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّا لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِقَامَةُ الْحُكْمِ لِلنَّاسِ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ فَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ إِنْ كَانَ أَهْلًا أَوْ يُقِيمَ لِلنَّاسِ مَنْ يَنْظُرُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْضِعِ وَلِيُّ أَمْرٍ كَانَ ذَلِكَ لِذَوِي الرَّأْيِ وَالثِّقَةِ فَمَنِ اجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَصْلُحُ أَقَامُوهُ وَمَتَى كَانَ بِالْبَلَدِ عَدَدٌ يَصْلُحُونَ فَقَامَ وَاحِدٌ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا وَاحِدٌ يَصْلُحُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وُجُوبًا الدُّخُولُ فِيهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَالُوا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إِجْبَارُهُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي ضَبْطِ مَصَالِحِ الْمِلَّةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ الشَّافِعِيَّةُ يَجُوزُ انْعِقَادُ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ بِالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ كَالْوَكَالَةِ وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِيهِ قَالُوا فَإِنْ كَانَ التَّقْلِيدُ بِاللَّفْظِ مُشَافَهَةً فَالْقَبُولُ عَلَى الْفَوْرِ لَفْظًا كَالْإِيجَابِ وَفِي الْمُرَاسَلَةِ يَجُوزُ التَّرَاخِي بِالْقبُولِ قَالُوا وَفِي الْقبُول بِالشُّرُوعِ فِي النَّظَرِ خِلَافٌ وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِي الْجَوَازَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ

(فَرْعٌ)

قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا انْعَقَدَتِ الْوِلَايَةُ لَا يَجِبُ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي النَّظَرُ حَتَّى تَشِيعَ الْوِلَايَةُ فِي عَمَلِهِ لِيُذْعِنُوا لِطَاعَتِهِ وَهُوَ شَرْطٌ أَيْضًا فِي وُجُوبِ الطَّاعَةِ وَقَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ تَقْتَضِي مَا قَالُوهُ فَإِنَّ التَّمَكُّنَ وَالْعِلْمَ شَرْطَانِ فِي التَّكْلِيفِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا فَالشَّيَاعُ يُوجِبُ الْمُكْنَةَ لَهُ وَالْعلم لَهُم

ص: 33

(فَرْعٌ)

قَالَ الشَّافِعِيَّةُ تَجُوزُ الْوِلَايَةُ عَلَى شَخْصٍ معِين فَيحكم بَينهمَا كَمَا تساجرا أَوْ يَوْمًا وَاحِدًا فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَتَزُولُ وِلَايَتُهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ فِي كُلِّ يَوْمِ سَبْتٍ فَإِذَا خَرَجَ يَوْمَ السَّبْتِ لَمْ تَبْطُلْ وِلَايَتُهُ لِبَقَائِهَا عَلَى أَمْثَالِهِ وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِي جَمِيعَ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ إِذَا وُلِّيَ قَاضٍ كُتِبَ لَهُ تَقْلِيدٌ يُؤْمَرُ فِيهِ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَطَاعَتِهِ وَالتَّثَبُّتِ فِي الْقَضَاءِ وَمُشَاوَرَةِ الْعُلَمَاءِ وَتَصَفُّحِ أَحْوَالِ الشُّهُودِ وَتَأَمُّلِ الشَّهَادَاتِ وَحِفْظِ أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَالْقِيَامِ بِأُمُورِهِمْ وَالنَّظَرِ فِي الْأَوْقَافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُفَوَّضُ إِلَيْهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ دُسْتُورًا يَعْلَمُ بِهِ مَا يُقَلَّدُهُ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ وَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لِأَنَسٍ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ كِتَابًا وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَكَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَمَّارًا أَمِيرًا قَاضِيًا وَوَزِيرًا فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا فَقَدْ آثرتكم بِهِ المبحث الثَّانِي فِي الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ وَهِيَ التَّحْكِيمُ وَفِي الْجَوَاهِرِ جَائِزٌ فِي الْأَمْوَالِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فَلَا يُقِيمُ الْمُحَكِّمُ حَدًّا وَلَا يُلَاعِنُ وَلَا يَحْكُمُ فِي قِصَاصٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ لِقُصُورِ وِلَايَتِهِ وَضَعْفِهَا وَهَذِهِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ تَحْتَاجُ إِلَى أَهْلِيَّةٍ عَظِيمَةٍ إِلَّا وُلَّاةُ الْأُمُورِ غَالِبًا وَآحَادُ النَّاسِ فَأَمْلَسَ النّظر عَن

ص: 34

ذَلِكَ وَبِجَوَازِ التَّحْكِيمِ قَالَ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي النَّسَائِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ لأبي شريخ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ قَالَ إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ بِحُكْمِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَا أَحْسَنَ هَذَا فَمَنْ أَكْبَرُ وَلَدِكَ قَالَ شُرَيْح قَالَ فَأَنت أبوشريح وَعنهُ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ حَكَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَرَاضَيَا فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا فَهُوَ مَلْعُونٌ وَهُوَ دَلِيلُ الْجَوَازِ وَالْإِلْزَامِ وَإِلَّا لَمَا لُعِنَ لِأَنَّ لَهُمَا تَرْكَ حُكْمِهِ إِذا كَانَ جورا وتحاكما عمر وَأبي أبي زَيْدٍ وَحَاكَمَ عُمَرُ أَعْرَابِيًّا إِلَى شُرَيْحٍ قَبْلَ أَنْ يُوَلِّيَهُ وَتَحَاكَمَ عُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَجُبَيْرُ بْنُ مطعم وَلم يَكُونُوا قُضَاة وَلَا فَقَالَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ رضي الله عنهما خَلِيفَتَانِ فَإِذَا حَكَّمَا أَحَدًا صَارَ قَاضِيًا لِأَنَّا نَقُولُ الرِّضَا بِالصُّورَةِ الْخَاصَّةِ لَا يَصِيرُ بِهَا أَحَدٌ قَاضِيًا وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ وَقَالَ ح إِنْ خَالَفَ رَأْيَ قَاضِي الْبَلَدِ لَهُ نَقْضُهُ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ أَصْحَابُنَا لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْقِيَاسُ عَلَى قَاضٍ آخَرَ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ فَيَنْدَرِجُ فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ فِي أَرْبَعَةٍ النِّكَاحُ وَاللِّعَانُ وَالْقَصَاصُ وَالْقَذْفُ وَيَجُوزُ فِيمَا عَدَاهَا وَمَنَعَ ح فِي الْحُدُودِ تَنْبِيهٌ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يَقُولُونَ إِذَا حَكَّمَ الرَّجُلَانِ رَجُلًا وَلَا يُنْكَرُ شَرَائِطُهُ

ص: 35

وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ صَلَاحِيَتُهُ لِلْقَضَاءِ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ إِذَا حَكَّمَ الرَّجُلَانِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَوْ عَامِّيًا لِيَسْتَرْشِدَ الْعُلَمَاءَ فَإِنْ لَمْ يسترشدهم لم يجر حُكْمُهُ وَيُرَدُّ وَإِنْ وَافَقَ قَوْلَ قَائِلٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِرْشَادِ مُخَاطَرَةٌ فَتُرَدُّ الْمُعَامَلَاتُ وَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَمَالِكِيَّا وَلَمْ يَخْرُجْ بِاجْتِهَادِهِ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ لَزِمَ حُكْمُهُ وَإِنْ خَرَجَ وَالْخَصْمَانِ مَالِكِيَّانِ لَمْ يَلْزَمْهُمَا لِأَنَّهُمَا إِثْمًا حَكَّمَاهُ لِيَحْكُمَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيَّانِ وَالْحَنَفِيَّانِ وَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ مُرَادَهُ بِالِاجْتِهَادِ الِاجْتِهَادُ فِي مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ لَا الِاجْتِهَادُ عَلَى الْإِطْلَاقِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ إِذَا حَكَّمَ أَحَدُ الْمُتَنَازِعَيْنِ الْآخَرَ فَحَكَمَ لنَفسِهِ أَو عَلَيْهِمَا جَازَ وَمضى مَا لَك يكن جورا وَلَيْسَ لتحكيم خصما الْقَاضِي لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ أَشْدُّ تَصَوُّنًا عَنْ أَنْسَابِ الرَّيْبِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ حَكَّمَا امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا أَوْ مَسْخُوطًا مَضَى لِأَنَّهُ حَقٌّ يخْتَص بهما قُلْنَا التَّصَرُّفُ فِيهِ وَالْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا الصَّبِي وَالنَّصْرَانِيّ وَالْمَعْتُوه والمسوس فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ أَصَابُوا لِتَنَاوُلِ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ وَالْمَسْخُوطَ وَالْكَاتِبَ وَالذِّمِّيَّ وَأَبْطَلَ حُكْمَهُمْ وَلَوْ حَكَّمَا رَجُلَيْنِ فَحكم أَحدهمَا دون الآخر لم يجز وقاطبع إِذَا حَكَمَا دُونَ الْبُلُوغِ جَازَ حُكْمُهُ إِذَا عقل وَعلم فِيهِ غُلَامٍ لَمْ يَبْلُغْ لَهُ عِلْمٌ بِالسُّنَّةِ وَالْقَضَاءِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَصْبَغُ لَا أُحِبُّ تَحْكِيمَ خَصْمِ الْقَاضِي فَإِنْ وَقَعَ مَضَى ذَلِكَ وَيُذْكَرُ فِي حُكْمِهِ رِضَاهُ بِالتَّحْكِيمِ إِلَيْهِ وَهَذِهِ

ص: 36

النُّقُولُ كُلُّهَا دَائِرَةٌ عَلَى مُشَابَهَةِ التَّحْكِيمِ لِلْقَضَاءِ يُشْتَرَطُ جَمِيعُ الشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الْقَضَاءِ أَوْ يُلَاحَظُ خُصُوصُ الْوِلَايَةِ دُونَ عُمُومِهَا أَوْ كَوْنُهُ مُخْتَصًّا بِمُعَيَّنٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا حَكَمَ فِيمَا لَيْسَ لَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ نُقِضَ حُكْمُهُ وَيُنْهَى عَنِ الْعَوْدَةِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَتَلَ أَوِ اقْتَصَّ أَوْ ضَرَبَ الْحَدَّ أَدَّبَهُ السُّلْطَانُ وَأَمْضَى حُكْمَهُ وَبَقِيَ الْمَحْدُودُ مَحْدُودًا وَالْمُلَاعِنُ مَاضِيًا قَالَ اللَّخْمِيُّ أَوْ أمكن من نَفسه أضربي خدك أَوْ خُذْ قَوَدَكَ لَمْ يَصْلُحْ إِلَّا بِالْإِمَامِ وَكَذَلِكَ النَّفْسُ وَأَمَّا الْجِرَاحُ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَيِّدَ مِنْ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ نَائِبًا عَنِ الْإِمَامِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَكَّمَاهُ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عِنْدَهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رُجُوعٌ إِذَا أَبْلَى ذَلِكَ صَاحِبَهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ وَجَبَ بِرَاحَتِهِ مِنْ نَظَرِ الْقُضَاةِ وَلِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَهُ ح وَعَنْ سَحْنُونٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَمْضِ الْحُكْمُ كَالْوَكَالَةِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَلْزَمُهُمَا الْحُكْمُ إِلَّا برضاهما لَيْلًا يكون ذَلِك عزلا للقضاة وافتيانا عَلَيْهِمْ لِأَنَّ رِضَاهُمَا مُعْتَبَرٌ ابْتِدَاءً فَاعْتُبِرَ فِي اللُّزُومِ قِيَاسًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَشِبَّا فِي الْخُصُومَةِ أَوْ يُوكِلْ وَكِيلًا أَوْ يَعْزِلْهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا كَانَ قَبْلَ أَن يعاقد صَاحبه أَو بعد مَا قَاسَمَهُ الْخُصُومَةَ تَنْبِيهٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنَّمَا امْتَنَعَ التَّحْكِيمُ فِي تِلْكَ الْأُمُورِ لِأَنَّ فِيهَا حَقًّا لِغَيْرِ الْخَصْمَيْنِ إِمَّا لِلَّهِ تَعَالَى كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ أَو لآدَمِيّ وَهُوَ الْوَلَدُ فِي اللِّعَانِ وَفِي

ص: 37

النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ حَقًّا لِمَنْ يَأْتِي بَعْدُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْكُمَ بَعْدَ أَسْبَابِ تِلْكَ الْأُمُورِ وَلَوْ رُفِعَ ذَلِكَ لِمَنْ نُصِبَ لِلنَّاسِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَرَفْعِ يَدِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ لِأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَحْرُمُ رِضَا الزَّوْجَةِ بِالْبَقَاءِ مَعَه وضا الْعَبْدِ بِالرِّقِّ فَإِنْ حَكَمَ بِالْفِرَاقِ وَالْعِتْقِ وَلَمْ يَرَ الْآخَرُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ إِبَاحَةُ الزَّوْجَةِ لغير ذَلِك للزَّوْج وَإِن لَا يَجْرِيَ الْعَبْدُ عَلَى أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالشَّهَادَاتِ قَالَ وَأَرَى إِذَا فَاتَ ذَلِكَ بِالْعَصَبَةِ أَنْ يَرْفَعَ الْأُمُورَ إِلَى الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ فِعْلُ الْأَوَّلِ حَقًّا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَلَا يَكْفِي يَعْنِي الْخَصْمَيْنِ حَتَّى يُكْشَفَ تَنْبِيهٌ قَالَ الخمي يُشْتَرَطُ فِي تَحْكِيمِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ الْآخَرَ أَنْ يَكُونَ الْمُحَكَّمُ عَدْلًا وَمِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَوْ عاميا يسترشد الْعلمَاء والإشتراط هَاهُنَا أَشَدُّ لِوُقُوعِ الْخَطَرِ أَكْثَرَ الْوِلَايَةُ السَّادِسَةُ وِلَايَةُ الْكَشْف عَن التظالم قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُشْتَرَطُ فِي مُتَوَلِّيهَا جَلَالَةُ الْقَدْرِ ونفوذ الْأَمر وعضم الْهَيْبَةِ وَالْعِفَّةُ وَالْوَرَعُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي مَنْصِبِهِ إِلَى سَطْوَةِ الْحُمَاةِ وَتَثَبُّتِ الْقُضَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ صِفَةِ الْفَرِيقَيْنِ لَهُ فَيَمْزِجُ قُوَّةَ السَّلْطَنَةِ بِنِصْفِ الْقُضَاةِ وَأَوَّلُ مَنْ أَفْرَدَ لِلظُّلَامَاتِ يَوْمًا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَكَانَ يَرُدُّ مُشْكِلَاتِهَا أديس الأول ذِي لِهَيْبَةِ النَّاسِ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ثُمَّ تَفَاقَمَتِ الْمَظَالِمُ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا يَوْمٌ مَعْلُومٌ لِيَقْصِدَهُ النَّاسُ وَلْيَكُنِ النَّاظِرُ فِي الْمَظَالِمِ سَهْلَ الْحِجَابِ وَنَوَّهَ الْأَصْحَابُ وَيَحْتَاجُ لِخَمْسَةٍ فِي مَجْلِسِهِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُمْ الْحُمَاةُ لِجَنَفِ الْقَوِيِّ الْعَسُوفِ وَالْقُضَاةُ لِيُعْلِمُوهُ مَا يَثْبُتُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْفُقَهَاءُ لِيُرَاجِعُوهُ فِيمَا أَشْكَلَ مِنَ الْوَقَائِعِ وَالْكُتَّابُ لِيُثْبِتُوا مَا جَرَى بَيْنَ الْخُصُومِ وَالشُّهُود ليشهدوا على مَا تحررمن حَقٍّ وَحُكِمَ بِهِ

ص: 38

وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَظَرِ الْمَظَالِمِ وَالْقُضَاةِ مِنْ عَشَرَةِ أوجه لَهُ من الْقُوَّة والهيبة مَا لَيْسَ لَهُم وَهُوَ أفسح مجالا مِنْهُم وَيسْتَعْمل فِيهِ من الإرهاب وكشف الْأَشْيَاء بِالْأَمَارَاتِ الدَّالَّةِ وَشَوَاهِدِ الْأَحْوَالِ اللَّائِحَةِ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى ظُهُور الْحق بخلافهم وَيُقَاتل من ظهر ظلمه بالتأديب بخلافهم ويتأنى فِي تَرْدَادِ الْخُصُومِ عِنْدَ اللَّبْسِ لَهُ لِيُمْعِنَ فِي الْكَشْفِ بِخِلَافِهِمْ إِذَا سَأَلَهُمْ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ فصل الحكم لَا يؤخروه وَله رَدُّ الْخُصُومِ إِذَا أُعْضِلُوا إِلَى وَسَاطَةِ الْأُمَنَاءِ ليفعلوا بَينهم صلحا عَن ترَاض وَلَيْسَ الْقصاص بِرِضا الْخَصْمَيْنِ وَله أَنْ يُفْسِحَ فِي مُلَازَمَةِ الْخَصْمَيْنِ إِذَا وَضُحَتْ أَمَارَاتُ التَّجَاحُدِ وَيَأْذَنَ فِي إِلْزَامِ الْكَفَالَةِ فِيمَا يَسُوغُ فِيهِ التَّكَفُّلُ لِيَنْقَادَ الْخُصُومُ إِلَى التَّنَاصُفِ ويتركوا التجاحد بخلافهم وَيسمع المسترين بخلافهم وَيُحَلِّفَ الشُّهُودَ إِنِ ارْتَابَ فِيهِمْ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ ويبتدىء باستدعاء الشُّهُود ويسرهم عَمَّا عِنْدَهُمْ فِي الْقَضِيَّةِ بِخِلَافِهِمْ لَا يَسْمَعُونَ الْبَيِّنَة حَتَّى يُرِيد الْمُدَّعِي إحضارهم أَوْ مُسَأَلَتَهُ لَهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا ظَهَرَ كِتَابٌ فِيهِ شُهُودٌ مُعَدَّلُونَ حَاضِرُونَ فَلَهُ الْإِنْكَارُ عَلَى الْجَاحِدِ بِحَسَبِ شَوَاهِدِ أَحْوَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُعَدَّلِينَ أَوْ أَحْضَرَهُمْ وسير أَحْوَالَهُمْ فَإِنْ وَجَدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الصِّيَانَاتِ قَبِلَهُمْ أَو أَرَادَ أَن لَا يُعَوِّلَ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ يُوَلِّي الْإِرْهَابَ عَنِ الْخَصْمِ وَيَسْأَلُهُ مَا سَبَبُ وَضْعِ يَدِهِ أَوْ مُتَوَسِّطِينَ فَلَهُ إِحْلَافُهُمْ قَبْلَ الشَّهَادَةِ وَبَعْدَهَا فَإِنْ كَانَ فِي الْكِتَابِ شُهُودٌ مَوْتَى يُعَدَّلُونَ وَالْكِتَابُ مَوْثُوقٌ بِصِحَّتِهِ فَيُرَهِّبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَضْطَرَّهُ لِلصِّدْقِ وَيَسْأَلَهُ عَنْ دُخُولِ يَدِهِ لَعَلَّ فِي جَوَابِهِ مَا يُوَضِّحُ الْحَقَّ بِكَشْفٍ مِنَ الْجِيرَانِ فَإِن لم يَتَّضِح مَعَ هَذَا كُلِّهِ رَدَّهُ إِلَى وَسَاطَةِ رَئِيسٍ مُطَاعٍ لَهُ بهما معرفَة وَبِمَا يتنازعاه لِيَضْطَرَّهُمَا بِكَثْرَةِ التَّرَدُّدِ إِلَى الصِّدْقِ وَالصُّلْحِ فَإِنْ تَعَسَّرَ أَمْرُهُمَا ثَبَتَ بِمَا يُوجِبُهُ حُكْمُ الْقُضَاةِ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي خَطُّ

ص: 39

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنِ اعْتَرَفَ بِخَطِّهِ سَأَلَهُ عَنْ صِحَّةِ مَضْمُونِهِ فَإِنِ اعْتَرَفَ أَلْزَمُهُ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِصِحَّةِ مَضْمُونِهِ فَقِيلَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِخَطِّهِ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ حَالٍ وَالْمُحَقِّقُونَ قَالُوا بَلْ يَسْأَلُهُ فَإِنْ قَالَ هُوَ فَرْضٌ وَمَا قَبَضْتُهُ فَيُقَوِّي الْإِرْهَابَ ثُمَّ يُرَدُّ لوساطة فَإِنِ انْفَصَلَا وَإِلَّا فَحُكْمُ الْقُضَاةِ فَإِنْ أَنْكَرَ الْخَطَّ أَمَرَ بِمَنْ يَخْتَبِرُ الْخَطَّ بِخُطُوطِهِ الَّتِي كتبهَا وتكلفها مِنْ كَثْرَةِ الْكِتَابَةِ وَيُمْنَعُ مِنَ التَّصَنُّعِ فِيهَا فَإِنْ تَشَابَهَتْ بِخَطِّهِ حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ الْخَطَّ اعْتِرَافًا وَلَا مَنْ يَرَى ذَلِكَ يَرَى كَثْرَةَ الْإِرْهَابِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ خَطُّهُ مُنَافِيًا رَجَعَ الْإِرْهَابُ عَلَى الْمُدَّعِي ثُمَّ يُرَدَّانِ إِلَى الْوَاسِطَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أَتَى بِحِسَابٍ يَتَضَمَّنُ الدَّعْوَى وَهُوَ حِسَابُ الطَّالِبِ وَهُوَ مُنْتَظِمٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ فَيُرَهِّبُ بِحَسَبِ شَوَاهِدِ الْحَالِ ثُمَّ يُرَدَّانِ لِلْوَاسِطَةِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ طَرَحَهُ أَوْ حِسَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى خَطِّهِ يَسْأَلُ أَهْوَ خَطُّكَ فَإِنِ اعْتَرَفَ سُئِلَ عَنْ صِحَّةِ مَضْمُونِهِ فَإِنِ اعْتَرَفَ أَلْزَمَهُ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ صِحَّتَهُ وَاعْتَرَفَ أَنَّهُ خَطُّهُ فَقِيلَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَطِّ بَلِ الثِّقَةُ بِهِ أَقْوَى مِنَ الْخَطِّ الْمُرْسَلِ لِأَنَّ الْحِسَابَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ قَبْضُ مَا لَمْ يُقْبَضْ بِخِلَافٍ وَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْخَطِّ وَلَا بِالْحِسَابِ بل الإرهاب وَالرَّدّ إِلَى الْوَاسِطَة إِلَى حُكْمِ الْقُضَاةِ وَإِنْ كَانَ الْحِسَابُ مَنْسُوبًا إِلَى خَطِّ كَاتِبِهِ سُئِلَ عَنْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ كَاتِبِهِ فَإِنْ أَنْكَرَ سُئِلَ كَاتِبُهُ وَأُرْهِبَ فَإِنْ أَنْكَرَ ضَعُفَتِ الشُّبْهَةُ وَإِنْ أَقَرَّ صَارَ شَاهِدًا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا يُقَوِّي الدَّعْوَى فَإِنِ اقْتَرَنَ بِالدَّعْوَى مَا يَضْعِفُهَا وَهُوَ إِمَّا كِتَابٌ يُعَارِضُهَا شُهُودُهُ وَحُضُورُ مُعَدَّلُونَ فَيُرَهَّبُ الْمُدَّعِي بِحَسَبِ حَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالدَّعْوَى مَا يُقَوِّيهَا وَلَا مَا يُضْعِفُهَا لَكِنْ حَصَلَتْ غَلَبَةُ ظَنٍّ صُدِّقَ الْمُدَّعِي مَعَ خُلُوِّهِ عَنْ حجَّته بِأَن يكون مستعلانا قَلِيل وَالْمُدَّعِي ذَا باس وقدرة وَقد ادّعى عَلَيْهِ غصب عقار وَمثله لَا

ص: 40

يغْضب مِثْلَ هَذَا أَوْ يَكُونُ الْمُدَّعِي مَشْهُورًا بِالصِّدْقِ وَخَصْمُهُ بِخِلَافِهِ أَوْ يَسْتَوِيَانِ فِي الْأَحْوَالِ غَيْرَ أَنَّهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَيَسْأَلُهُ عَنْ سَبَبِ دُخُولِ يَدِهِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمَارَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إِلَّا بَعْدَ ذِكْرِ السَّبَبِ كَمَا قَالَه مَالِكٌ فِي الْقَضَاءِ وَيُبَالِغُ فِي الْكَشْفِ حَتَّى يظْهر الْحق فَإِن اسْتَوَت الْحَالَانِ فِي الظُّنُونِ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْغِلَظِ وَالْإِرْهَابِ وَالْكَشْفِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرِ الْحَقُّ رُدَّ إِلَى الْوَاسِطَةِ فَإِنِ انْفَصَلَا وَإِلَّا فَحُكْمُ الْقُضَاةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا رُفِعَتِ الْجَرَائِمُ كَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَى وَنَحْوِهِمَا لِقَاضٍ لَمْ يَسْمَعْ لَا يُحْبَسُ الْمُتَّهَمُ بِكَشْفِ اسْتِبْرَاءٍ وَلَا يَأْخُذُهُ بِأَسْبَابِ الْإِقْرَارِ إِجْبَارًا وَلَا يَسْمَعُ الدَّعْوَى إِلَّا مُحَرَّرَةً بِشُرُوطِهَا وَإِلَّا فَيَرْوِي الْأَحَادِيثَ امْتَازَ عَلَى الْقُضَاةِ بِتِسْعَةِ أَوْجُهٍ فَيَسْمَعُ قَذْفَ الْمُتَّهَمِ عَلَى أَعْوَانِ الْإِمَارَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقِ الدَّعْوَى الْمُفَسَّرَةِ وَيَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِمْ هَلْ هُمْ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ التُّهْمَةِ أَمْ لَا فَإِنْ نَزَّهُوهُ أَطْلَقَهُ أَوْ قَذَفُوهُ بَالِغَ فِي الْكَشْف بِخِلَاف الْقُضَاة شَوَاهِدَ الْحَالِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ بِالزِّنَا مُتَصَنِّعًا للنِّسَاء أَو بِالسَّرقَةِ من أهل الزعارة وَلَيْسَ ذَلِك للقضاة يعجل حَبْسَ الْمُتَّهَمِ شَهْرًا لِلْكَشْفِ أَوْ يَحْبِسُ مَا يَرَاهُ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ وَيَجُوزُ لَهُ مَعَ قُوَّةِ التُّهْمَةِ ضَرْبُ الْمُتَّهَمِ ضَرْبَ تَعْزِيرٍ لَا ضَرْبَ حَدٍّ لِيَصْدُقَ فَإِنْ أَقَرَّ وَهُوَ مَضْرُوبٌ اخْتُبِرَتْ حَالُهُ فَإِنْ ضُرِبَ لِيُقِرَّ فَلَا يُعْتَبَرُ إِقْرَارُهُ تَحْتَ الضَّرْبِ أَوْ لِيُصَدَّقَ وَأَعَادَ إِقْرَارَهُ بَعْدَ الضَّرْبِ أَخَذَ بِالْإِقْرَارِ الثَّانِي وَيَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ مَعَ كَرَاهَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْقُضَاةُ وَلَهُ فِيمَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الْجَرَائِمُ وَلَمْ يَنْزَجِرْ بِالْحُدُودِ اسْتِدَامَةُ حَبْسِهِ إِذَا أَضَرَّ النَّاسَ بِجَرَائِمِهِ حَتَّى يَمُوت

ص: 41

وَيَقُوتُهُ وَيَكْسُوهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ وَلَهُ إِحْلَافُ الْمُتَّهَمِ لِاخْتِبَارِ حَالِهِ وَيَمْلُكُ عَلَيْهِ الْكَشْف عَن أمره ويحلفه بِالطَّلَاق وَالصَّدَََقَة والعناق كَأَيْمَانِ بَيْعَةِ السُّلْطَانِ وَلَا يُحَلِّفُ قَاضٍ أَحَدًا فِي غَيْرِ حَقٍّ وَلَا يُحَلِّفُ إِلَّا بِالْيَمِينِ بِاللَّهِ وَلَهُ أَخْذُ الْمَحْكُومِ بِالتَّوْبَةِ قَهْرًا وَيُظْهِرُ لَهُ مِنَ الْوَعِيدِ مَا يَقُودُهُ إِلَيْهَا طَوْعًا وَيَتَوَعَّدُهُ بِالْقَتْلِ فِيمَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْقَتْلُ لِأَنَّهُ إِرْهَابٌ لَا تَحْقِيقٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُحَقِّقَ وَعِيدَهُ بِالْأَدَبِ دُونَ الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ وَلَهُ سَمَاعُ شَهَادَاتِ أَهْلِ الْمِهَنِ وَمَنْ لَا يَسْمَعُهُ الْقَاضِي إِذَا كَثُرَ عَدَدُهُمْ وَلَهُ النَّظَرُ فِي الْمُوَاثَبَاتِ وَإِنْ تُوَجَّبَ غَرْبًا وَلَا حَدًّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَثَرٌ سُمِعَ قَوْلُ مَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى أَوْ بِهِ أَثَرٌ فَقِيلَ يُسْمَعُ أَوَّلًا وَلَا يُرْعَى السَّبْقُ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى سَماع السَّابِق أَولا والمبتديء بِالْمُوَاثَبَةِ أَعْظَمُ جُرْمًا وَتَأْدِيبًا وَيَخْتَلِفُ تَأْدِيبُهُمَا بِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْجُرْمِ وَبِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْهَيْئَةِ وَالتَّصَوُّنِ وَإِنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي قَمْعِ السَّفَلَةِ إِشْهَارَهَا بِجَرَائِمِهَا فَعَلَ فَهَذِهِ الْوُجُوهُ التِّسْعَةُ يَقَعُ بِهَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ قَبْلَ ثُبُوتِ الْجَرَائِمِ وَيَسْتَوُونَ بَعْدَ ثُبُوتِهَا فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ قَاعِدَةٌ يُقَدَّمُ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ مَنْ هُوَ أَقْوَمُ بِصَلَاحِهَا فَيقدم فِي الحروب من هُوَ أعلم بسياسة الْجُيُوشِ وَمَكَائِدِ الْحُرُوبِ وَفِي الْقَضَاءِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِالْأَحْكَامِ وَوُجُوهِ الْحِجَاجِ وَفِي الْأَيْتَامِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِقِيمَةِ الْمَالِ وَاسْتِصْلَاحِ الْأَطْفَالِ وَفِي إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ وَأقرب للشفاعة بِدِينِهِ وَوَرَعَهُ وَقَدْ يَكُونُ الْمُقَدَّمُ فِي بَابٍ مُؤَخَّرًا فِي بَابٍ كَالنِّسَاءِ مُقَدَّمَاتٍ فِي الْحَضَانَةِ وَمُؤَخَّرَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَالصَّلَاةِ لِأَنَّ تَزَيُّدَ شَفَقَتِهِنَّ وَصَبْرِهِنَّ يَقْتَضِي مَزِيدَ صَلَاحِهِنَّ لِلْأَطْفَالِ وَمَصَالِحِ الْعِيَالِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُقَدِّمُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوِلَايَاتِ عَلَى تَبَايُنِهَا مَنْ هُوَ أَقْوَمُ بِهَا قَاعِدَةٌ الْمَصَالِحُ ثَلَاثَةٌ وَاقِعٌ فِي مَوَاقِعِ الضَّرُورَاتِ وَفِي الْحَاجَاتِ وَفِي التَّتِمَّاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الْكتاب فَاشْترط الْعَدَالَةِ ضَرُورِيٌّ فِي الشُّهُودِ

ص: 42

صَوْنًا لِلدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ عَنْ كَذِبِ أَرْبَابِ الْأَمْرِ أَوْ فِي الْإِمَامَةِ حَاجَةٌ لِأَنَّهَا شَفَاعَةٌ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى صَلَاحِ حَالِ الشَّفِيعِ عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ وَتَتِمَّةٌ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ صَوْنًا لِلْحَرَائِرِ عَن الْوَضع فِي المواطن الدنية وَلَا يُضْطَرُّ إِلَيْهَا لِأَنَّ حَالَ الْقَرَابَةِ يَمْنَعُ مِنَ الْإِضْرَارِ وَالرَّمْيِ فِي الْعَارِ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ اشْتُرِطَتِ الْعَدَالَةُ فِي الْوِلَايَاتِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا بَعْضُهُمْ فِي الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى لِغَلَبَةِ الْفُسُوقِ عَلَى وُلَاتِهَا فَلَوِ اشْتُرِطَتْ لَتَعَطَّلَتِ التَّصَرُّفَاتُ الْمُوَافِقَةُ لِلْحَقِّ فِي تَوْلِيَةِ مَنْ يُوَلُّونَهُ مِنَ الْقُضَاةِ وَالْوُلَاةِ وَأَخْذِ مَا يَأْخُذُونَهُ وَبَذْلِ مَا يُعْطُونَهُ وَفِي هَذَا ضَرَرٌ عَظِيمٌ أَفْظَعُ مِنْ فَوَاتِ عَدَالَةِ السُّلْطَانِ وَلَمَّا كَانَ تَصَرُّفُ الْقُضَاةِ أَعَمَّ مِنْ تَصَرُّفِ الْأَوْصِيَاءِ وَأَخَصَّ مَنْ تَصَرُّفِ الْأَئِمَّةِ اخْتُلِفَ فِي إِلْحَاقِهِمْ بِهِمْ أَوْ بِالْأَوْصِيَاءِ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدَالَة الْوَصِيّ وَإِذا نفذت تَصَرُّفَات الْبُغَاة من الْقطع بِعَدَمِ وَلَا يتهم فَأَوْلَى نُفُوذُ تَصَرُّفَاتِ الْوُلَاةِ وَالْأَئِمَّةِ مَعَ غَلَبَةِ الْفُجُورِ عَلَيْهِمْ مَعَ نُدْرَةِ الْبُغَاةِ وَعُمُومِ الضَّرُورَةِ لِلْوُلَاةِ قَاعِدَةٌ كُلُّ مَنْ وُلِّيَ وِلَايَةَ الْخِلَافَةِ فَمَا دُونَهَا إِلَى الْوَصِيَّةِ لَا يُحَالُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ إِلَّا بِجَلْبِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَرْءِ مفْسدَة لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ أُمَّتِي شَيْئًا ثُمَّ لَمْ يَجْهَدْ لَهُمْ وَلَمْ يَنْصَحْ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا باللتي هِيَ أحسن} وَكَذَلِكَ عِنْدَ ش لَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ صَاعًا بِصَاعٍ وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَا لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ عَزْلُ الْحَاكِمِ إِذَا ارْتَابَ فِيهِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الربية وَيَعْزِلُ الْمَرْجُوحَ عِنْدَ وُجُودِ الرَّاجِحِ تَحَيُّلًا لَمَزِيدِ الْمَصْلَحَةِ وَاخْتُلِفَ فِي عَزْلِ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ بِالْآخَرِ فَقيل يمْتَنع لِأَنَّهُ لَيْسَ أصلح

ص: 43

للأئمة وَقيل وَلِأَنَّهُ يُؤْذِي الْمَعْزُول بِالْعَزْلِ واتهم مِنَ النَّاسِ وَلِأَنَّ تَرْكَ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ تَحْصِيلِ الصَّلَاحِ لِلْمُتَوَلِّي وَأَمَّا الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ فَيجوز لَهُ ذَلِكَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ حَصَلَتِ الْمَصْلَحَةُ أَمْ لَا وَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّا لَوْ جَوَّزْنَا هَذَا من الْحجر عَلَيْهِ بِالرشد لأَنا لَا نحجر بِمن تعرض عَن الْمصلحَة يقف كَانَ بَلْ ضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ خَرَجَ عَنِ الْعَادَةِ لَمْ يَسْتَجْلِبْ بِهِ حَدًّا شَرْعِيًّا وَقَدْ تكَرر مِنْهُ فَإِنَّهُ يحْجر عَلَيْهِ فللقيد الثَّانِي احترارا مِنِ اسْتِجْلَابِ حَدِّ الشِّرَاءِ وَالْمَضَاجِرِ وَالثَّالِثِ احْتِرَازًا عَمَّنْ رَمَى دِرْهَمًا فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَكَرَّرَ مِنْهُ تَكَرُّرًا يَدُلُّ عَلَى سَفَهِهِ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَخَرَّجُ اخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ فِي الْخُصُومِ وَالْمُتَّهَمِينَ وَالْجَرَائِمِ وَغَيْرِهَا قَاعِدَةٌ التَّكَالِيفُ قِسْمَانِ عَامٌّ وَخَاصٌّ فَالْعَامُّ كَالصَّلَاةِ وَالثَّانِي كَالْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ وَتَوْلِيَةِ الْقُضَاةِ وَنَحْوِهِ فَهَذَا خَاصٌّ بِالْأَئِمَّةِ وَنُوَّابِهِمْ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ فَإِنْ فَرَّطُوا فِيهِ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابَة الْمُسَمّى بالغياثي إِنْ شَغَرَ الزَّمَانُ عَنِ الْإِمَامِ انْتَقَلَتْ أَحْكَامُهُ إِلَى أَعْلَمِ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الدَّلِيلِ اسْتَوَى النَّاسُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ يُؤَدِّي للتشاجر خُصَّ بِهِ أَفْضَلُهُمْ وَهُوَ الْإِمَامُ فَإِذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ انْتَقَلَ لِأَعْلَمِهِمْ دَفْعًا لِلْمَفَاسِدِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ عَلِمَ أَتَمَّ الطَّرِيقِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ التَّعَدِّي عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ فِيمَا فُوِّضَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْأَمْرِ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَعْنِي وُلَاةَ الْأُمُورِ بَذْلُ الِاجْتِهَادِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ من أَمْوَال الغائبين وَالصبيان والمجانين وَنسَاء وَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِينَ

ص: 44

وَالْمُبَذِّرِينَ وَالتَّحَرِّي فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِالْخِيَانَةِ وَالتَّصَرُّفِ وَقِسْمَةِ الْغَنَائِمِ وَالزَّكَاةِ وَذَلِكَ كَثِيرٌ يُعْرَفُ فِي مَوَاضِعِهِ. تَمْهِيدٌ مَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّوْسِعَةِ فِي أَحْكَامِ وُلَاةِ الْمَظَالِمِ وَأُمَرَاءِ الْجَرَائِمِ لَيْسَ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ بَلْ تَشْهَدُ لَهُ الْقَوَاعِدُ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْفَسَادَ قَدْ كَثُرَ وَانْتَشَرَ بِخِلَافِ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ عَنِ الشَّرْعِ بِالْكُلِّيَّةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ وَتَرْكُ هَذِهِ الْقَوَانِينِ يُؤَدِّي إِلَى الضَّرَرِ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ جَمِيعُ النُّصُوصِ الْوَارِدَة بِنَفْي الْحَرج وَثَانِيهمَا أَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْمُرْسَلَةَ قَالَ بِهَا مَالِكٌ وَجَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَهِيَ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي لَمْ يَشْهَدِ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِهَا وَلَا بِإِلْغَائِهَا وَهَذِهِ الْقَوَانِينُ مَصَالِحُ مُرْسَلَةٌ فِي أَقَلِّ مَرَاتِبِهَا وَثَالِثُهَا أَنَّ الشَّرْعَ شَدَّدَ فِي الشَّهَادَةِ أَكْثَرَ مِنَ الرِّوَايَةِ لِتَوَهُّمِ الْعَدَاوَةِ فَاشْتَرَطَ الْعَدَدَ وَالْحُرِّيَّةَ وَوَسَّعَ فِي السَّلَمِ وَالْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ الْمُسْتَثْنَاةِ لِمَزِيدِ الضَّرُورَةِ وَلَمْ يَقْبَلْ فِي الزِّنَى إِلَّا أَرْبَعَةً وَقَبِلَ فِي الْقَتْلِ اثْنَيْنِ وَالدِّمَاءُ أَعْظَمُ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ السّتْر وَلم يحرج الزَّوْج الملا عَن فِي الْبَيِّنَةِ خَيْرٌ فِي أَيْمَانِهِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَدٌّ بِذَلِكَ بِخِلَافِ سَائِرِ الْقَذَفَةِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ فِي الذَّبِّ عَنِ الْأَنْسَابِ وَصَوْنِ الْعِيَالِ وَالْفُرُشِ عَنْ أَسْبَابِ الِارْتِيَابِ وَهَذِهِ الْمُبَايَنَاتُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرْع لاخْتِلَاف الْأَحْوَال فَذَلِك يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَ اخْتِلَافَ الْأَحْوَالِ فِي الْأَزْمَانِ فَتَكُونَ الْمُنَاسَبَةُ الْوَاقِعَةُ فِي هَذِهِ الْقَوَانِينِ مِمَّا شَهِدَتِ الْقَوَاعِدُ لَهَا بِالِاعْتِبَارِ فَلَا تَكُونُ مُرْسَلَةً بل عل رُتْبَةً فَتَلْحَقُ بِالْقَوَاعِدِ الْأَصْلِيَّةِ وَرَابِعُهَا أَنَّ كُلَّ حُكْمٍ فِي هَذِهِ الْقَوَانِينِ وَرَدَ دَلِيلٌ يَخُصُّهُ كَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي غَزْوَتِهِ وَجَدَ رَجُلًا اتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ جَاسُوسٌ لِلْعَدُوِّ فَعَاقَبُوهُ حَتَّى أَقَرَّ وَأَمَّا قَبُولُ قَوْلِ المستورين فَهُوَ

ص: 45

الْوَاقِعُ فِي تَقْلِيدِ عُمَرَ رضي الله عنه لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَقَالَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ أَوْ ظَنِينًا فِي وَلَاءٍ أَوْ نَسَبٍ وَقَدْ أَخَذَ بِهَذَا ح وَأثبت الحكم فِي الْقَضَاء بِهِ فَأَوْلَى فِي الْمَظَالِمِ وَالْجَرَائِمِ وَنَصَّ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ عَلَى أَنَّا إِذَا لَمْ نَجِدْ فِي جِهَةٍ إِلَّا غَيْرَ الْعُدُولِ أَقَمْنَا أَصْلَحَهُمْ وَأَقَلَّهُمْ فُجُورًا لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ وَيَلْزَمُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ لِيَلَّا تَضِيعَ الْمَصَالِحُ وَمَا أَظُنُّهُ يُخَالِفُهُ أَحَدٌ فِي هَذَا فَإِنَّ التَّكْلِيفَ مَشْرُوطٌ بِالْإِمْكَانِ وَإِذَا جَازَ نَصْبُ الشُّهُودِ فَسَقَةً لِأَجْلِ عُمُومِ الْفَسَادِ جَازَ التَّوَسُّعُ فِي أَحْكَامِ الْمَظَالِمِ وَالْجَرَائِمِ لِأَجْلِ كَثْرَةِ فَسَادِ الزَّمَانِ وَخَامِسُهَا أَنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّ قُضَاةَ زَمَاننَا وشهودهم وولاتهم وأمنائهم لَوْ كَانُوا فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ مَا وُلُّوا وَلَا حرج وولايتهم حِينَئِذٍ فسوق ظن وَلِأَنَّهُم فَإِنَّ خِيَارَ زَمَانِنَا هُمْ أَرَاذِلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَوِلَايَةُ الْأَرَاذِلِ فُسُوقٌ فَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِىُّ أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا كَانَتْ نِسْبَةُ أَحَدِنَا إِلَيْهِمْ كَنِسْبَةِ الْبَقْلَةِ إِلَى النَّخْلَةِ وَهَذَا زَمَانُ الْحَسَنِ فَكَيْفَ زَمَانُنَا فَقَدْ حَسُنَ مَا كَانَ قَبِيحًا وَاتَّسَعَ مَا كَانَ ضَيِّقًا وَاخْتَلَفَتِ الْأَحْكَامُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ وَيُعَضِّدُ ذَلِكَ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْأَصْلِيَّةِ أَنَّ الشَّرْعَ وَسَّعَ لِلْمُوقِعِ فِي النَّجَاسَةِ وَفِي زَمَنِ الْمَطَرِ فِي طِينِهِ وَأَصْحَابِ الْقُرُوحِ وَجَوَّزَ تَرْكَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا إِذَا ضَاقَتِ الْحَالُ عَنْ إِقَامَتِهَا وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الشَّرْعِ وَكَذَلِكَ قَالَ ش رضي الله عنه ماضاق شَيْءٌ إِلَّا اتَّسَعَ يُشِيرُ إِلَى هَذِهِ الْمَوَاطِنِ فَكَذَلِكَ إِذَا ضَاقَ عَلَيْنَا الْحَالُ فِي دَرْءِ الْمَفَاسِدِ اتَّسَعَ كَمَا اتَّسَعَ فِي تِلْكَ الْمَوَاطِنِ وَسَادِسُهَا أَنَّ مِنْ لُطْفِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ أَنْ يُعَامِلَهُمْ مُعَامَلَةَ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ فَالطِّفْلُ لِضَعْفِ حَالِهِ يُغَذَّى بِاللَّبَنِ فَإِذَا

ص: 46

اشْتَدَّ نُقِلَ إِلَى لَطِيفِ الْأَغْذِيَةِ فَإِذَا اشْتَدَّ نُقِلَ إِلَى غَلِيظِهَا فَإِنْ مَرِضَ عُومِلَ بِمُقْتَضَى مَرَضِهِ وَهَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ فَأَوَّلُ بَدْءِ الْإِنْسَانِ فِي زَمَنِ آدَمَ كَانَ الْحَالُ ضَعِيفًا ضَيِّقًا فَأُبِيحَتِ الْأُخْتُ لِأَخِيهَا وَأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ وُسِّعَ فِيهَا فَلَمَّا اتَّسَعَ الْحَالُ وَكَثُرَتِ الذُّرِّيَّةُ وَعَتَتِ النُّفُوسُ حُرِّمَ ذَلِكَ فِي زَمَانِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَحُرِّمَ السَّبْتُ وَالشُّحُومُ وَالْإِبِلُ وَأُمُورٌ كَثِيرَةٌ وَفُرِضَ عَلَيْهِمْ خَمْسُونَ صَلَاةً وَتَوْبَةُ أَحَدِهِمْ بِالْقَتْلِ لِنَفْسِهِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِقَطْعِهَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّشْدِيدَاتِ ثُمَّ جَاءَ آخِرُ الزَّمَانِ فهرمت الدُّنْيَا وَضعف الْجَسَد وَقل الحبيب ولان النُّفُوس أحلّت تِلْكَ الْمُحَرَّمَاتُ وَعُمِلَتِ الصَّلَوَاتُ خَمْسًا وَخُفِّفَتِ الْوَاجِبَاتُ فَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْأَحْكَامُ وَالشَّرَائِعُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ وَالْأَحْوَالِ وَظَهَرَ أَنَّهَا سُنَّةُ اللَّهِ فِي سَائِرِ الْأُمَمِ وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيَانًا عَلَى الِاخْتِلَافِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فِي زَمَانِنَا وَظَهَرَ أَنَّهَا مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَأُصُولِ الْقَوَاعِدِ وَلَمْ يَكُنْ بِدْعًا عَمَّا جَاءَ بِهِ الشَّرْع الْولَايَة السَّابِعَة ولَايَة الْحِسْبَة وَهِيَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بِثَلَاثَةِ شُرُوط أَن يكون عَالما بِهِ وَإِن لَا يُؤَدِّيَ إِلَى مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ وَأَنْ يُفِيدَ إِنْكَارُهُ فَإِنَّ انْتِفَاءَ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلِينَ يَنْفِي الْجَوَازَ وَانْتِفَاءَ الثَّالِثِ يَنْفِي الْوُجُوبَ وَيَبْقَى النَّدْبُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ آحَادِ النَّاسِ وَالْمُحْتَسِبِ الْمُوَلَّى مِنْ تِسْعَةِ أَوْجُهٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إِنَّ فَرْضَهُ فَرْضُ عَيْنٍ لَهُ لِأَجْلِ الْوِلَايَةِ وَهُوَ عَلَى النَّاسِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّشَاغُلُ عَنْهُ بِغَيْرِهِ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَشَاغَلَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ آخَرَ وَهُوَ مَنْصُوبٌ لِلِاسْتِعْدَاءِ وَلَا يُسْتَعْدَى لِغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ إِجَابَةُ مَنِ اسْتَعْدَاهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ وَلَهُ الْبَحْثُ عَنِ الْمُنْكَرَاتِ الظَّاهِرَةِ لِيَصِلَ إِلَى إِنْكَارِهَا وَيَفْحَصُ عَمَّا تَرَكَ مِنَ الْمَعْرُوفِ الظَّاهِرِ وَغَيْرُهُ لَيْسَ لَهُ الْبَحْثُ وَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَ أَعْوَانًا لِقَهْرِ الْمُعَانِدِينَ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ وَلَهُ التَّعْزِيرُ فِي الْمُنْكَرَاتِ الظَّاهِرَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَيَرْتَزِقُ عَلَى الْحِسْبَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَالْقَاضِي لِأَنَّهُمَا مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَهُ

ص: 47

الِاجْتِهَادُ فِي الْعَوَائِدِ كَالْمَقَاعِدِ فِي الْأَسْوَاقِ وَإِخْرَاجِ الْأَجْنِحَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ فِي الدِّينِ وَالْعِلْمِ بِالْمُنْكَرَاتِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْهَا وَإِلَّا فَيَنْهَى عَنِ الْمَعْرُوفِ ويأمربالمنكر وَهُوَ لايشعر وَالْحِسْبَةُ مُرْتَفِعَةٌ عَنْ أَحْكَامِ الْقُضَاةِ مِنْ وَجْهَيْنِ وَمَقْصُورَةٌ عَنْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ وَزَائِدَةٌ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ فَيُوَافَقُ فِي جَوَازِ الِاسْتِعْدَاءِ وَسَمَاعِ دَعْوَى الْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فِي ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ فَقَطْ النَّجْشُ وَالتَّطْفِيفُ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ وَالثَّانِي الْغِشُّ وَالتَّدْلِيسُ فِي بَيْعٍ أَوْ ثَمَنٍ وَالثَّالِثُ الْمَطْلُ بِالدَّيْنِ مَعَ الْمُكْنَةِ وَاخْتَصَّ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ دُونَ غَيْرِهَا لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُنْكَرِ الظَّاهِرِ الَّذِي نُصِبَ لَهُ لِأَنَّهُ مَوْضُوعُ مَنْصِبِ الْحِسْبَةِ فِي عُرْفِ الْوِلَايَاتِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي الَّذِي يُوَافِقُ فِيهِ إِلْزَامُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخُرُوجَ مِنَ الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَإِنَّمَا هُوَ خَاصٌّ فِي الْحُقُوقِ الَّتِي جَازَ لَهُ سَمَاعُ الدَّعْوَى فِيهَا إِذَا وَجَبَتْ بِالْإِقْرَارِ وَالْمُكْنَةِ وَالْيَسَارِ فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ الْمُوسِرَ الْخُرُوجُ مِنْهَا لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِهَا مُنْكَرًا هُوَ مَنْصُوبٌ لِإِزَالَتِهِ وَأَمَّا الْوَجْهَانِ فِي قُصُورِهَا عَنِ الْقُضَاةِ فَلَا يَسْمَعُ عُمُومَ الدَّعَاوَى الْخَارِجَةِ عَنْ ظَاهِرِ الْمُنْكَرَاتِ فِي الْعُقُودِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ إِلَّا أَنْ يُفَوَّضَ ذَلِكَ إِلَيْهِ بِنَصٍّ صَرِيحٍ يَزِيدُ عَلَى مَنْصِبِ الْحِسْبَةِ فَيَكُونَ قَاضِيًا وَمُحْتَسِبًا فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْقَضَاءِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى الْحُقُوقِ الْمُعْتَرَفِ بِهَا بِخِلَافِ مَا جُحِدَ لِاحْتِيَاجِهِ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَاتِ وَالْأَيْمَانِ وَلَيْسَ مَنْصِبَهُ وَالْوَجْهَانِ الزَّائِدَانِ لَهُ عَلَى الْأَحْكَامِ فَتَعَرُّضُهُ لِوُجُوهِ الْمَعْرُوفِ وَالْمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ يُنْهَ إِلَيْهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي وَلَهُ مِنَ السَّلَاطَةِ وَالْحِمَايَةِ فِي الْمُنْكَرَاتِ مَا لَيْسَ لِلْقُضَاةِ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ الرَّهْبَةُ وَمَوْضُوعَ الْقَضَاءِ النَّصَفَةُ وَهُوَ بِالْأَنَاةِ وَالْوَقَارِ أَوْلَى فَإِنْ خَرَجَ الْقَاضِي إِلَى السَّلَاطَةِ خَرَجَ عَنْ مَنْصِبِهِ الَّذِي وَلِيَهُ وَتُشَابِهُ الْحِسْبَةُ وِلَايَةَ الْظَالِمِ مِنْ وَجْهَيْنِ وَتُخَالِفُهَا مِنْ وَجْهَيْنِ فَتُشَابِهُهَا فِي الرَّهْبَةِ وَجَوَازِ التَّعَرُّضِ لِلِاطِّلَاعِ وَتُخَالِفُهَا أَنَّ مَوْضِعَ وِلَايَةِ الْمَظَالِمِ

ص: 48

فِيمَا عجز عَنهُ الْقُضَاة والحسبة ممارحة غرم الْقُضَاةُ فَرُتْبَةُ الْمَظَالِمِ أَعْلَى وَلِوَالِي الْمَظَالِمِ أَنْ يُوَقِّعَ لِلْقُضَاةِ وَالْمُحْتَسِبَةِ وَالْمُحْتَسِبُ لَا يُوَقِّعُ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا وَيَجُوزُ لِوَالِي الْمَظَالِمِ أَنْ يَحْكُمَ وَلَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَحْكُمَ إِذَا تَقَرَّرَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْوِلَايَاتِ فَلِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَ بِالْجُمُعَاتِ وَيُؤَدِّبَ عَلَيْهَا فَإِن رأى الْقَوْم أَن جمعتهم تنعقدا وَرَأى خلَافَة لايعارضهم فَإِن رأى إنعقادها وَلم يؤده فيأمرهم لَيْلًا تُعَطَّلَ الْجُمُعَةُ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ وَقِيلَ لَا يَأْمُرُهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَلْزَمُهُمْ مَذْهَبُهُ وَيَأْمُرُهُمْ بِصَلَاةِ الْعِيدِ وُجُوبًا إِنْ قُلْنَا هِيَ فَرْضٌ وَإِلَّا فَنَدْبًا وَيُنْدَبُ إِلَى أَمْرِ النَّاسِ بِالْأَذَانِ وَالْجَمَاعَاتِ إِذَا تَرَكَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِآحَادِ النَّاسِ إِذَا تَرَكَ ذَلِكَ وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي الْبَلَدِ وَوَعِيدُهُ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَاتِ بِحَسَبِ شَوَاهِدِ الْحَالِ فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - فِي الصَّحِيحِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَجْمَعُوا حَطَبًا وَآمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا وَتُقَامَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى مَنْزِلِ قَوْمٍ لَا يَحْضُرُونَ الْجَمَاعَةَ فَأُحَرِّقُهَا عَلَيْهِمْ وَيَنْهَى مَنْ أَخَّرَ الصَّلَاة عَن وَقتهَا سَببهَا حَثَّهُ عَلَى فِعْلِهَا مِنْ غَيْرِ تَأْدِيبٍ أَوْ تَهَاوُنًا زَجَرَهُ وَأَمَرَهُ بِفِعْلِهَا وَلَا يَتَعَرَّضُ عَنِ النَّاسِ فِيمَا يُخَالِفُ مَذْهَبَهُ فِي الطِّهَارَاتِ وَغَيْرِهَا وَيَأْمُرهُمْ بَينا صورهم واصلاح سرهم وَعِمَارَةِ مَسَاجِدِهِمْ وَمُرَاعَاةِ بَنِي السَّبِيلِ مِنْ ذَوِي الْمُكْنَةِ إِذَا لَمْ يَقُمْ بَيْتُ الْمَالِ بِهَذِهِ الْمَصَالِحِ وَلَا يُلْزِمُ وَاحِدًا مُعَيَّنًا مِنَ الْمَالِ مَالا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ بَلْ يَقُولُ يُخْرِجُ كُلٌّ مِنْكُمْ مَا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ وَيُعِينُ بَعْضَهُمْ بِلَا مَصْلَحَةٍ فَإِذَا حَصَلَتْ كِفَايَةُ الْمَصْلَحَةِ شَرَعَ فِيهَا وَأَلْزَمَ كُلَّ وَاحِدٍ بِمَا الْتَزَمَهُ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ لَا تَلْزَمُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَنَّ الْمَصَالِحَ الْعَامَّةَ يُوَسَّعُ فِيهَا مَا لَا يُوَسَّعُ فِي الْمَصَالِحِ الْخَاصَّةِ لِعُمُومِ الضَّرَرِ وَإِذَا عَمَّتْ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ فَلَا بُد من اسْتِئْذَان السُّلْطَان لَيْلًا يَفْتَاتَ عَلَيْهِ فَإِنَّ

ص: 49

هَذِهِ إِذَا عَمَّتْ لَيْسَتْ مِنْ مَعْهُودِ الْحِسْبَةِ إِلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ أَوْ يُخْشَى ضَرَرٌ وَلَهُ الْأَمْرُ بِالْحُقُوقِ الْخَاصَّةِ كَالْمَطْلِ بِالدَّيْنِ مَعَ الْمُكْنَةِ وَلَا يَحْبِسُ فِيهِ لِأَنَّ الْحَبْسَ حُكْمٌ وَهُوَ لَيْسَ بِحَاكِمٍ وَلَهُ أَنْ يُلَازِمَ عَلَيْهَا وَلَا يَأْخُذَ نَفَقَاتِ الْأَقَارِبِ لِافْتِقَارِهِ إِلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ فِيمَنْ يَجِبُ لَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ كَفَالَةُ مَنْ تَجِبُ كَفَالَتُهُ مِنَ الْأَطْفَالِ حَتَّى يَحْكُمَ بِهَا الْحَاكِمُ فَيَأْمُرُ حِينَئِذٍ بِهَا عَلَى شُرُوطِهَا وَيَأْمُرُ الْأَوْلِيَاءَ بِإِنْكَاحِ الْأَيَامَى وَالصَّالِحِينَ مِنْ أَكْفَائِهِمْ إِذَا طَلَبْنَ وَإِلْزَامِ النِّسَاءِ أَحْكَامَ الْعِدَدِ وَلَهُ تَأْدِيبُ مَنْ خَالَفَتْهُ فِي الْعِدَّةِ مِنَ النِّسَاءِ وَلَا يُؤَدِّبُ مَنِ امْتَنَعَ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَأَمَّا مَنْ نَفَى وَلَدًا قَدْ ثَبَتَ فِرَاشُهُ وَلُحِقَ نَسَبُهُ أَخَذَهُ بِأَحْكَامِ الْآبَاءِ وَعَزَّرَهُ عَلَى الْبَاقِي وَيُلْزِمُ السَّادَةَ حُقُوقَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَحُقُوقَ الْبَهَائِمِ مِنَ الْعَلَفِ وَعَمَلِ الطَّاقَةِ وَمَنْ أَخَذَ لقيطا فقصر فِي كفَالَته الزمه بهَا أَوْ يُسَلِّمُهُ إِلَى مَنْ يَقُومُ بِهِ وَكَذَلِكَ وَاجِبُ الضَّوَالِّ فَهَذَا أَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنِ الْمُنْكَرِ مِنْ غَيْرِ عِبَادَةٍ عَنْ وَضْعِهَا وَلَا يَأْخُذُ بِالتُّهَمِ كَمَا يُحْكَى عَنْ مُحْتَسِبٍ أَنَّهُ سَأَلَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ بِنَعْلَيْهِ هَلْ تَدْخُلُ بِهِمَا بَيْتَ الطَّهَارَةِ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَأَرَادَ إِخْلَافَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ غَيْرُ غُسْلٍ أَوْ لَمْ يُصَلِّ أَوْ لَمْ يَصُمْ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ لَكِنْ تَجُوزُ التُّهْمَةُ لَهُ وَالْوَعْظُ بِعَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ رَآهُ يَأْكُلُ فِي رَمَضَان سَأَلَهُ عَن السَّبَب فَإِن لَمْ يَذْكُرْ عُذْرًا أَدَّبَهُ وَكَذَلِكَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ إِذَا عَلِمَ لَهُ عُذْرًا إِذَا جَاهَرَ بِفِطْرِهِ لِأَنَّهُ عرض نَفسه للتُّهمَةِ واقتداث الْجَاهِلِ بِهِ وَأَمْرُ الزَّكَاةِ لِعُمَّالِهَا دُونَهُ وَيُنْكِرُ عَلَى الْمُتَعَرِّضِ لِلصَّدَقَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ وَيُؤَدِّبُهُ فَلَوْ رَأَى عَلَيْهِ آثَارَ الْغِنَى أَعْلَمَهُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ وَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ لِجَوَازِ أَنْ يكون فَقِيرا فِي الْبَاطِن وَمن فوى العتار مَنَعَهُ مَنْ أَخْذِ الصَّدَقَةِ وَيُعَزِّرُ مَنْ تَعَرَّضَ لِعِلْمِ الشَّرْعِ مِنْ فَقِيهٍ أَوْ وَاعِظٍ وَخَشِيَ اغْتِرَارَ النَّاسِ بِهِ فِي سُوءِ تَأْوِيلٍ أَوْ تَحْرِيف جَوَاب أنكر عَلَيْهِ وَأظْهر أمره النَّاس وَمَنْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ لَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْتَبِرَهُ فَقَدْ أَقَامَ عَلِيٌّ رضي الله عنه الْقصاص ومربا لحسن وَهُوَ يَتَكَلَّمُ فَاخْتَبَرَهُ فَقَالَ لَهُ مَا عِمَادُ الدِّينِ قَالَ الْوَرَعُ قَالَ وَمَا آفَتُهُ قَالَ

ص: 50

الظُّلْمُ قَالَ تَكَلَّمِ الْآنَ إِنْ شِئْتَ وَيَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ مَظَانِّ الرَّيْبِ فَقَدْ نَهَى عُمَرُ رضي الله عنه أَنْ يُصَلِّيَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ ثُمَّ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي مَعَهُنَّ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ لَئِنْ كُنْتُ تَقِيًّا لَقَدْ ظَلَمْتَنِي وَإِنْ كُنْتُ أَسَأْتُ فَمَا أَعْلَمْتَنِي فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه أَمَا شَهِدْتَ عَزْمَتِي قَالَ مَا شَهِدْتُ لَكَ عَزْمَةً فَأَلْقَى إِلَيْهِ عمر الدرة وَقَالَ افتص مِنَى فَقَالَ لَا أَقْتَصُّ الْيَوْمَ قَالَ فَاعْفُ قَالَ لَا أَعْفُو فَافْتَرَقَا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ لَقِيَهُ مِنَ الْغَدِ فَتَغَيَّرَ لَوْنُ عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَأَنِّي أَرَى مَا كَانَ أَسْرَعَ مِنِّي قَدْ أَسْرَعَ فِيكَ قَالَ أَجَلْ قَالَ فَأُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ وَيَنْهَى عَنْ وُقُوفِ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي طَرِيقٍ خَالٍ وَلَا يُعَجِّلُ بالتأديب لَيْلًا يَكُونَ مَحْرَمًا وَلْيَقُلْ لَهُ إِنْ كَانَتْ ذَاتَ مَحْرَمٍ فَصُنْهَا عَنِ الرَّيْبِ أَوْ أَجْنَبِيَّةً فَخَفِ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ خَلْوَةٍ تُؤَدِّيكَ إِلَى مَعْصِيَتِهِ وَيُؤَدِّبُ الذِّمِّيَّ عَنْ إِظْهَارِ الْخَمْرِ وَيُبْطِلُ آلَاتِ اللَّهْوِ حَتَّى تَصِيرَ خَشَبًا وَيُؤَدِّبُ عَلَى الْمُجَاهَرَةِ بهَا وبالسكرا وَمَا لَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ وَيُخَلِّي النَّاسَ فِي سَتْرِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَنَّ رَجُلًا خَلَا بِرَجُلٍ لِيَقْتُلَهُ أَوْ بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا فَيَكْشِفُ عَنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ النَّاسِ إِذَا عَرَفَ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا لَا يُخْبِرُ بِهِ مَنْ يَثِقُ بِهِ فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ بُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ فَلْيَسْتَتِرْ بسترالله فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَةَ وَجْهِهِ نُقِمْ عَلْيَهُ حَدَّ اللَّهِ أَمَّا مَعَ الْإِمَارَةِ فَيَجُوزُ لما يرْوى أَن الْمُغيرَة بن شبعة كَانَتْ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ

ص: 51

بِالْبَصْرَةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرَةَ وَسَهْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَنَافِعَ بْنَ الْحَارِثِ وَزِيَادَ بْنَ عُمَيْرٍ فَرَصَدُوهُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَهَجَمُوا عَلَيْهِ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه الْقَضِيَّةَ الْمَشْهُورَة للَّتِي حَدَّ فِيهَا أَبَا بَكَرَةَ وَلَمْ يُنْكِرْ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ وَيُنْكِرُ الْعُقُودَ وَالْمُعَامَلَاتِ الْمُجْمَعَ عَلَى فَسَادِهَا دُونَ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ الْخِلَافُ فِيهَا ضَعِيفًا وَهَى ذَرِيعَةُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ عُقُودُ الْأَنْكِحَةِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا دُونَ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَضْعُفَ الْخِلَافُ وَتَكُونَ ذَرِيعَةً لِلزِّنَى كالمتعة وَله اختبار من يكتال للنَّاس وحرث وَاخْتِبَارُ الْقُسَّامِ وَالزُّرَّاعِ لِلْقُضَاةِ لِأَجْلِ أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ كَمَا أَنَّ اخْتِبَارَ الْحَرَّاثِينَ فِي الْحَرْثِ وَالْأَسْوَاقِ إِلَى الْأَمْرِ فَإِنْ وَقَعَ فِي التَّطْفِيفِ تَجَاحُدٌ فَالْقُضَاةُ أَوْلَى بِهِ لِأَنَّهُ أَحْكَامٌ وَالتَّأْدِيبُ فِيهِ لِلْمُحْتَسِبِ فَإِنْ تَوَلَّاهُ الْحَاكِمُ جَازَ لِاتِّصَالِهِ بِحُكْمِهِ وَيُنْكِرُ عَلَى الْعُمُومِ دُونَ الْخُصُوصِ الشَّائِعَ بِالْمَكَايِيلِ الَّتِي لم تولف فَإِنْ تَرَاضَى بِهَا اثْنَانِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُمْ وَمَتَى كَانَ حَقُّ آدَمِيٍّ صَرَفَ كَالتَّعَدِّي عَلَى جِدَارِ الْجَارِ فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِ صَاحِبِ الْحَقِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَجَاحُدٌ زَالَ الْمُنْكَرُ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَأَمْرُهُمَا لِلْقُضَاةِ وَمَنْ ظَلَمَ أَجِيرًا مِنْ غَيْرِ تَنَازُعٍ مِنْهُ وَإِلَّا فَلِلْقُضَاةِ وَلَهُ أَنْ يُقِرَّ مِنَ الْأَطِبَّاءِ وَالصُّنَّاعِ مَنْ هُوَ أَصْلَحُ النَّاسِ وَيُلْزِمُ أَهْلَ الذِّمَّةِ بِلبْس الغيارا وَالْمُجَاهَرَةِ بِدِينِهِمْ وَيَمْنَعُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَذَاهُمْ وَيَمْنَعُ مَنْ يُطَوِّلُ عَلَى النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ وَيَضُرُّ بِالضُّعَفَاءِ وَذَوِي الْحَاجَةِ كَمَا أَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ لله عَلَى مُعَاذٍ وَمَنْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْهُمْ لَا يُؤَدِّبُهُ عَلَيْهَا بَلْ يَعْزِلُهُ وَيُوَلِّي غَيْرَهُ فَالْحَاكِمُ لَا يَحْتَجِبُ عَنِ الْأَحْكَامِ وَوَافَقْنَا الْمُعَالِجَ أَوْ غير ذَلِك

ص: 52

أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَيَمْنَعُ أَرْبَابَ السُّفُنِ مِنْ حَمْلِ مَا لَا تَسَعُهُ وَيُخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَمِنَ السَّيْرِ عِنْدَ اشْتِدَادِ الرِّيحِ وَإِذَا حُمِلَ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ حُجِزَ بَيْنَهُمْ بِحَائِلٍ وَإِذَا اخْتُصَّ بَعْضُ الْأَسْوَاقِ بِمُعَامَلَةِ النِّسَاءِ اعْتَبَرَ سِيرَتَهُ وَأَمَانَتَهُ وَيُزِيلُ مِنْ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ مَا يَضُرُّ بِالنَّاسِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَبْعَدْ فِيهِ وَكَذَلِكَ الرَّوَاشِنُ وَغَيْرُهَا مِمَّا يستضربه النَّاسُ وَيَجْتَهِدُ فِيمَا يَضُرُّ بِمَا لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ الْعُرْفِيِّ دُونَ الشَّرْعِيِّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّرْعِيَّ مُرَاعًى فِيهِ أَصْلُ ثُبُوتِ حُكْمِهِ بِالشَّرْعِ وَالْعُرْفِيُّ ثَبَتَ أَصْلُهُ بِالْعُرْفِ وَيَمْنَعُ مِنْ نَقْلِ الْمَوْتَى حَيْثُ يُمْنَعُ وَمِنْ خِصَاءِ الْحَيَوَان حَيْثُ يمْنَع ويؤدب عَلَيْهِ إِن ااستحق عَنهُ قَود أَوديَة أخده لمستحقه مالم يَكُنْ فِيهِ تَنَاكُرٌ وَيَمْنَعُ مِنَ الْكَسْبِ بِالْكِهَانَةِ وَيُؤَدِّبُ عَلَيْهِ الْآخِذَ وَالْمُعْطِيَ وَالْمُنْكَرَاتُ كَثِيرَةٌ وَهَا أَنَا أَذْكُرُ فُرُوعًا لِمَالِكٍ رحمه الله

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ يَمْنَعُ الْمُحْتَسِبُ مِنْ أَخْذِ الْحجام شُعُور النَّاس ليزور النساب بِهِ شُعُورَهُنَّ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ شَعَرٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ قَالَهُ مَالِكٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ مَالِكٌ يُخْرِجُ مِنَ السُّوقِ مَنْ يَغِشُّ النَّاسَ لِأَنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنَ الضَّرْبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا لِلْغِشِّ وَعَنْ مُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِك يُعَاقَبُ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ وَالْإِخْرَاجِ مِنَ السُّوقِ إِنْ كَانَ مَعْتَادًا وَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يُظْهِرَ تَوْبَتَهُ وَتُعْلَمَ صِحَّتُهَا وَغَيْرُ الْمُعْتَادِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَرْجِعُ بَعْدَ مُدَّةٍ يُرْجَى أَنَّهُ تَابَ فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ تَوْبَتُهُ وَقِيلَ لَا يُؤَدَّبُ بِالْإِخْرَاجِ إِلَّا إِذَا كَانَ إِذَا رَجَعَ إِلَيْهِ عُرِفَ وَإِلَّا فَلَا

ص: 53

وَأَصْلُ الْإِخْرَاجِ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كتب إِلَى أَمر الأجناد أَن لَا يُتْرَكَ النَّصَارَى بِأَعْمَالِهِمْ جَزَّارِينَ وَلَا صَرَّافِينَ حَذَرًا مِنْ غِشِّ الْمُسْلِمِينَ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا وَجَدَ الزَّعْفَرَانَ مَغْشُوشًا لَا يُحْرَقُ وَيَتَصَدَّقُ بِاللَّبَنِ عَلَى الْمَسَاكِينِ إِذَا كَانَ هُوَ الَّذِي غَشَّهُ وَكَذَلِكَ الزَّعْفَرَانُ وَالْمِسْكُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِك فِي الشَّيْء الْخَفِيف دون الْكثير لَيْلًا تَذْهَبَ أَمْوَالٌ عَظِيمَةٌ وَسَوَّى مَالِكٌ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا إِنْ غَشَّ غَيْرَهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ بَلْ تُبَاعُ مِمَّنْ يُؤْمَنُ أَنْ يَغِشَّ بِهِ وَكَذَلِكَ الْمِسْكُ يُبَاعُ مِنَ الْمَأْمُونِ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي التَّفْرِقَةِ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْعُقُوبَاتِ فِي الْأَمْوَالِ إِنَّمَا كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَمَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم َ - فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ شَطْرُ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا وَعَنْهُ صلى الله عليه وسلم َ - فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ أَنَّ فِيهَا غَرَامَةَ مِثْلَيْهَا وَجَلَدَاتٍ نَكَالًا وَعَنْهُ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ أَخَذَ مِنْ حَرَمِ الْمَدِينَةِ شَيْئًا فَلِمَنْ أَخَذَهُ مِثْلُهُ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ غَيْرُهُ مُحْتَجًّا لِمَالِكٍ إِنَّ الْعُقُوبَاتِ بِالْأَمْوَالِ بَاقِيَةٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ إِذَا قُتِلَ عَمْدًا وَكَفَّارَةِ رَمَضَانَ

(فَرْعٌ)

قَالَ مَالِكٌ لَا يُبَاعُ الْقَمْحُ مَغْلُوثًا وَيُغَرْبَلُ إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ وَتُسْتَحَبُّ الْغَرْبَلَةُ إِنْ كَانَ يَسِيرا

ص: 3354

(فَرْعٌ)

قَالَ مَالِكٌ يُمْنَعُ الْجَزَّارُ مِنْ نَفْخِ اللَّحْمِ لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ طَعْمَهُ وَيُؤَدَّبُ إِنْ فَعَلَهُ قَالَ يَعْنِي النَّفْخَ بَعْدَ السَّلْخِ لِيُظْهِرَ سِمَنَ اللَّحْمِ فَهُوَ غِشٌّ وَيُعْتَبَرُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ قَبْلَ السَّلْخِ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ مَالِكٌ يُمْنَعُ الرَّجُلُ مِنْ إِعْطَاءِ وَلَدِهِ فِي كُتَّابِ الْعَجَمِ يَتَعَلَّمُ كِتَابَةَ الْعَجَمِيَّةِ وَيُمْنَعُ الْمُسْلِمُ مِنْ تَعْلِيمِ النَّصَارَى الْخَطَّ وَغَيْرَهُ لِأَنَّ فِي التَّعْلِيمِ فِي كُتَّابِ الْعَجَمِ إِظْهَارَ الرَّغْبَةِ لَهُمْ وَذَلِكَ من توليهم وإعزارهم وَتَعْلِيم الْمُسلم لَهُم الْخط ذريعا لقرائتهم الْقُرْآن فيكذبونه ويهزأون بِهِ وَجَعَلَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِلشَّهَادَةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُسْتَكْتَبُ النَّصْرَانِيُّ لِأَنَّهُ يُسْتَشَارُ وَالنَّصْرَانِيُّ لَا يُسْتَشَارُ فِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ مَالِكٌ يُمْنَعُ الَّذِي يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ وَيَقُولُ الشَّمْسُ تَكْسِفُ غَدًا وَالرَّجُلُ يَقْدِمُ غَدًا فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ أُدِّبَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ لَيْسَ فِي مَعْرِفَةِ الْكُسُوفِ مِنْ جِهَةِ الْحِسَابِ ادِّعَاءُ غَيْبٍ وَلَا ضَلَالَةٍ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُنْضَبِطٌ بِحِسَابِ حَرَكَاتِ الْكَوَاكِبِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ الِاشْتِغَالُ بِهِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَمِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ وَرُبَّمَا سَمِعَهُ الْجَاهِلُ فَظَنَّ أَنَّهُ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ فَيَضُرُّ فِي الدِّينِ فَيُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ لِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنْ فَسَادِ الْعَقَائِدِ وَأَمَّا إِخْبَارُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ فَقِيلَ ذَلِكَ كُفْرٌ فَيُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي

ص: 55

مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي الْحَدِيثَ وَقِيلَ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ قَالَ أَشْهَبُ يُزْجَرُ عَنْ ذَلِكَ وَيُؤَدَّبُ فَقَطْ قَالَ وَعِنْدِي هَذَا لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ بَلْ بِحَسَبِ أَحْوَالٍ فَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ النُّجُومَ فَعَّالَةٌ لِذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَبْشِرٌ بِذَلِكَ فَشُهِدَ عَلَيْهِ قُتِلَ بِغَيْرِ اسْتِتَابَةٍ لِأَنَّهُ زِنْدِيقٌ وَغَيْرُ مُسْتَبْشِرٍ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لِأَنَّهُ كَافِرٌ غَيْرُ زِنْدِيقٍ فَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْخَالِقُ عِنْدَهَا أُدِّبَ وَقَدَحَ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِ وَلَا يَحِلُّ تَصْدِيقُهُ فِيمَا يَقُولُ قَالَهُ سَحْنُونٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لَا يَعْلَمُ من السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا الله} وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا من ارتضى من رَسُول} تَنْبِيهٌ إِذَا قَالَ إِنَّهَا فَعَّالَةٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَكُونُ ذَلِكَ كَقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ الْحَيَوَانَاتُ كُلُّهَا تَفْعَلُ بِذَاتِهَا وَتَسْتَقِلُّ بِتَصَرُّفَاتِهَا وَالصَّحِيحُ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ وَلَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فَمَا الْفَرْقُ وَإِنِ ادَّعَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ عِنْدَهَا فَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ عِلْمِ الْغَيْبِ لِأَنَّ الرَّبْطَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ إِذَا سلم كَانَ هَذَا كالإخبار بِمُجَرَّدِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ بِالْغَيْبِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بَلِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْعِلْمُ بِالْغَيْبِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَإِنَّهُ تَعَالَى لَا يَحْتَاجُ فِي عِلْمِهِ إِلَى الْأَسْبَابِ بَلِ النِّزَاعُ مَعَ هَذَا الْقَائِلِ فِي الرَّبْطِ فَقَطْ فَنَحْنُ نَمْنَعُهُ وَادِّعَاؤُهُ إِيَّاهُ جَهْلٌ لِادِّعَاءِ عِلْمِ غَيْبٍ كَمَا لَو ادّعى أَن المَاء يغرق وَالنَّارَ تَرْوِي لَيْسَ هَذَا مِنَ ادِّعَاءِ عِلْمِ الْغَيْبِ فِي شَيْءٍ وَقَدْ يُخْبِرُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ عليهم السلام بالمغيبات بِنَاءً عَلَى كَشْفٍ أَوْ عِلْمٍ ضَرُورِيٍّ أَوْ ظَنٍّ غَالِبٍ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ فَهَذَا سَبَبٌ أَوْجَبَ لَهُمْ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ الصِّدِّيقُ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ لَمَّا قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها هَذَانِ أَخَوَايَ فَمَنْ أُخْتِي قَالَ ذُو بَطْنِ بِنْتِ

ص: 56

خَارِجَةَ أَرَاهَا جَارِيَةً فَأَخْبَرَ بِأَنَّ الَّذِي فِي بَطْنِ امْرَأَتِهِ أُنْثَى مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُول {وَيعلم مَا فِي الْأَرْحَام} مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَالصِّدِّيقُ يَعْلَمُهُ بِسَبَبِ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَنَبَّهَ الْفَقِيهُ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يُكَفِّرُ بِهِ مِمَّا لَا يُكَفِّرُ بِهِ وَمَا وَجَبَ اخْتِصَاصُهُ بِاللَّهِ مِمَّا لَمْ يَجِبْ وَيَحْصُلُ لَهُ فَهْمُ الْمَنْقُولَاتِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ مَالِكٌ يُنْهَى الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يُعَالِجُ الْمَجَانِينَ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّ الْجَانَّ مِنَ الْأُمُورِ الْغَائِبَةِ وَلَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَخْلِطُ الطَّيِّبَ مِنَ الْقَمْحِ أَوِ الزَّيْتِ أَوِ السَّمْنِ بِرَدِيئِهِ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهُ غِشٌّ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ عِنْدَ الْبَيْعِ الْخَلْطَ وَصِفَةَ الْمَخْلُوطَيْنِ وَقَدْرَهُمَا وَيُبَاعُ مِمَّنْ لَا يُغَشُّ بِهِ وَهَذَا فِيمَا لَا يَتَمَيَّزُ كَالزِّيَتَيْنِ أَمَّا الْقَمْحُ بِالشَّعِيرِ وَالطَّعَامُ بِالْغَلَّةِ وَالسَّمِينُ مَعَ الْمَهْزُولِ فَلَا يُبَاعُ الْكَثِيرُ مِنْهُ حَتَّى يُمَيَّزَ أَوْ يُفَرَّقَا وَيَجُوزُ فِي الْقَلِيلِ وَقِيلَ إِنْ خَلَطَهُ لِلْبَيْعِ مُنِعَ أَوْ لِلْأَكْلِ جَازَ فِي الْيَسِيرِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ مَالِكٌ يَمْنَعُ مَنْ يَبِيعُ لِلصِّبْيَانِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ أَذِنَ فِي ذَلِكَ أَوْلِيَاؤُهُمْ أَمْ لَا فَيُكْرَهُ ذَلِكَ تَنْزِيهًا

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحَالُ بَيْنَ الْمَجْذُومِ الْبَيِّنِ الْجُذَامِ وَبَيْنَ رَقِيقِهِ إِذَا كَانَ يَضُرُّ بِهْمْ كَمَا لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرَّةِ امْرَأَتِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ

ص: 57

إمائه لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ الْحَدِيثَ وَقَدْ رَأَى عمر رضي الله عنه إمرأته مجذوبة تَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقَالَ لَهَا يَا أَمَةَ اللَّهِ لَوْ جَلَسْتِ فِي بَيْتِكِ لَا تُؤْذِي النَّاسَ فَجَلَسَتْ وَسَحْنُونٌ يَقُولُ ضَرَرُهُنَّ أَعْلَى لِأَنَّهُ يُؤَدِّي بِهِ الْحَالُ إِلَى الزِّنَى أَوِ الْعُنَّةِ قَاعِدَةٌ كُلُّ حُكْمٍ مُرَتَّبٍ عَلَى عُرْفٍ وَعَادَةٍ يَبْطُلُ عِنْدَ زَوَالِ تِلْكَ الْعَادَةِ كَإِيجَابِ النُّقُودِ فِي الْمُعَامَلَات والحنث بالأمور المترفات وَصِفَاتِ الْكَمَالِ وَالنَّقْصِ فِي عُيُوبِ الْبِيَاعَاتِ تُعْتَبَرُ فِي ذَلِك كُله إِجْمَاعًا فَإِذَا تَغَيَّرَتْ تِلْكَ الْعَوَائِدُ تَغَيَّرَتْ تِلْكَ الْأَحْكَامُ إِجْمَاعًا وَوِلَايَةُ الْحِسْبَةِ وَغَيْرُهَا مِنَ الْوِلَايَاتِ ضَابِطُ مَا يَنْدَرِجُ فِيهَا مِمَّا لَا يَنْدَرِجُ مِنَ الْأَحْكَامِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعَوَائِدِ فِيمَا يَعْرِضُ لمتوليها فَكَذَلِك قَلِيل هَذَا لِلْمُحْتَسِبِ دُونَ الْقَاضِي وَهَذَا لِلْقَاضِي دُونَ الْمُحْتَسِبِ فَلَوِ اخْتَلَفَتِ الْعَوَائِدُ اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الِاخْتِصَاصَاتُ فَاعْلَم ذَلِك الله عز وجل أَعْلَمُ

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي آدَابِ الْقُضَاة)

وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَدَبًا الْأَدَبُ الْأَوَّلُ مَوْضِعُ جُلُوسِهِ وَفِي الْكِتَابِ الْقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْحَقِّ وَالْأَمْرِ الْقَدِيمِ وَلِأَنَّهُ يُرْضَى فِيهِ بِالدُّونِ مِنَ الْمَجْلِسِ وَتَصِلُ إِلَيْهِ الْمَرْأَةُ وَالضَّعِيفُ وَلَا يُقِيمُ فِيهِ الْحُدُودَ وَنَحْوَهَا بِخِلَافِ خَفِيفِ الْأَدَبِ وَأَصله قَوْله تعإلى {وَهل أَتَاك نبؤا الْخصم إِذْ تسوروا الْمِحْرَاب} وَقضى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - والخلفات بَعْدَهُ فِيهِ وَاسْتَحَبَّهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَكَرِهَهُ ش لِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ جَنبُوا صِبْيَانكُمْ مَسَاجِد كم وَمَجَانِينَكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَحُدُودَكُمْ وَسَلَّ سِيُوفِكُمْ وَبَيْعكُمْ وَشِرَاء كم وَلِأَنَّ الْخُصُومَةَ يُتْبَعُ فِيهَا الْفُجُورُ وَالتَّكَاذُبُ وَالسَّبُّ وَالظُّلْمُ وَالْحَائِضُ وَالْجُنُبُ يَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَرْبَابُ الْقَاذُورَاتِ وَلَمْ يُوضَعِ الْمَسْجِدُ لِذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعَمَلَ مُخَصص لهَذَا الْعُمُوم وَأما الْحيض فيمنعن ويأكلن أَوْ يَأْتِينَ الْحَاكِمَ فِي بَيْتِهِ وَالْجُنُبُ يَغْتَسِلُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا فَاحْتَجَبَ دون حَاجتهم احتجب صلى الله عليه وسلم َ - اللَّهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَفَقْرِهِ وَفَاقَتِهِ وَالْمَسْجِدُ أَبْعَدُ عَنِ الْحِجَابِ وَأَقْرَبُ لِلتَّوَاضُعِ فَيُسْتَحَبُّ قَالَ

ص: 58

التُّونُسِيُّ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ أَحْسَنُ مَجَالِسِ الْقَاضِي رَحَبَاتُ الْمَسْجِدِ الْخَارِجَةُ مِنْ غَيْرِ تَضْيِيقٍ فِي غَيْرِهَا قَالَ مَالِكٌ كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ الْقُضَاةِ لَا يَجْلِسُونَ إِلَّا فِي الرَّحَبَاتِ خَارِجًا إِمَّا عِنْدَ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ وَإِمَّا فِي رحبة دَار مَرْوَان وَمَا كَانَت تسمى الارحبة الْقَضَاءِ وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِيَصِلَ إِلَيْهِ الْيَهُودِيُّ وَالْحَائِضُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَمِنَ الْعَدْلِ أَن يكون منزل القَاضِي سط الْمِصْرِ لِيَصِلَ النَّاسُ إِلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَطْرَافِ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ وَيَكُونَ مَجْلِسُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَفِي مَوْضِعِ جُلُوسِهِ ثَلَاثَةُ أَقُوَالٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْمَسْجِدُ وَعَنْهُ الرِّحَابُ الْخَارِجَةُ وَنَقَلَ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ التُّونُسِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُؤْمَرُ أَنْ يَقْضِيَ فِي مَنْزِلِهِ حَيْثُ أَحَبَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالرِّحَابُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ يُنَزَّهُ عَنِ الْخُصُومَاتِ وَغَيْرِهَا لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى الْمُسْتَحَبُّ الرِّحَابُ الْخَارِجَةُ عَنِ الْمَسْجِدِ قَالَ أَشْهَبُ يَقْضِي حَيْثُ جَمَاعَةُ النَّاسِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ حَتَّى يَشْغَلَهُ ذَلِكَ عَنِ النَّظَرِ وَالْفَهْمِ فَلْيَكُنْ لَهُ مَوْضِعٌ فِي الْمَسْجِدِ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَاتَّخَذَ سَحْنُونٌ بَيْتًا فِي الْمَسْجِدِ يَقْعُدُ فِيهِ النَّاسُ وَلَا يَقْضِي فِي طَرِيقِ مَمَرِّهِ إِلَّا أَنْ يَعْرِضَ لِمَنِ اسْتَغَاثَ بِهِ فِيهِ فَيَأْمُرُ فِيهِ وَيَنْهَى مِنْ غَيْرِ فَصْلِ حُكْمٍ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَعَنْ أَشْهَبَ يَقْضِي وَهُوَ يَمْشِي إِذَا لَمْ يَشْغَلْهُ ذَلِكَ كَمَا يَقْضِي وَهُوَ متكيء قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَيُسْتَحَبُّ جُلُوسُهُ بِالرِّحَابِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ فَوَافَقَ الْبَاجِيَّ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَكَلَامُ الْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ الْمَشْهُورَ مَا قَالُوهُ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ الْقُضَاةِ لَا يَجْلِسُونَ إِلَّا فِي الرَّحَبَاتِ فَدَلَّ أَنَّ الْعَمَلَ ذَلِكَ وَالْعَمَلُ عِنْدَهُ مُقَدَّمٌ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي دَاخِلَ

ص: 60

الْمَسْجِدِ لِقَوْلِهِ لَا تُقَامُ فِيهِ الْحُدُودُ وَالْحُدُودُ تُقَامُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ إِجْمَاعًا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَدْخُلُهَا الْحُيَّضُ وَالْيَهُودُ الْأَدَبُ الثَّانِي زَمَانُ جُلُوسِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ يَتَخَيَّرُ وَقْتًا يَجْلِسُ فِيهِ عَلَى مَا هُوَ رِفْقٌ لِلنَّاسِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ بَين العشائين وَلَا فِي الْأَسْحَارِ إِلَّا أَنْ يَحْدُثَ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ أَمْرٌ يُرْفَعُ إِلَيْهِ فَهُوَ لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَأْمُرُ وَيَنْهَى وَيَسْجِنُ أَمَّا عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ مِمَّا يُشْخَصُ فِيهِ الْخُصُومُ فَلَا لِأَنَّهَا أَوْقَاتٌ ضَيِّقَةٌ عَنْ ذَلِكَ كَالشَّوَارِعِ فِي الْبِقَاع وَجوز أَشهب الحكم بَين العشائين قَالَ فَمَعْنَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِك لما فِي إِحْضَار البيانات عَلَى الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْعَادَةِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ أَشْهَبَ إِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَقَدْ شَاعَتِ الْآجَالُ فِي الْقَضَاءِ وَالْآمَالِ وَاسْتِقْصَاءِ الْحُجَجِ وَهُوَ يُنَافِي الْقَضَاءَ بِاللَّيْلِ وَلَا يُتْعِبُ نَفْسَهُ فَيَقْضِيَ النَّهَارَ كُلَّهُ وَلْيَقْعُدْ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ قَالَ مَالِكٌ أَخَافُ أَنْ يكثر فيخطىء قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ يَقْضِي بَيْنَ العشائين إِذَا رَضِيَ الْخَصْمَانِ وَلَا يُكَلِّفُ الْكَافَّةَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْضِيَ بَعْدَ أَذَانِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ قَالَ التُّونُسِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ أَيَّامَ النَّحْرِ وَلَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَا مَا قَارَبَهُ مِمَّا يَضُرُّ فِيهِ بِالنَّاسِ فِي حَوَائِجِهِمْ وَكَذَلِكَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ الطِّينِ وَالْوَحْلِ وَيَوْمَ خُرُوجِ االناس لِلْحَجِّ بِمِصْرٍ لِكَثْرَةِ مَنْ يَشْتَغِلُ يَوْمَئِذٍ بِتَوْدِيعِ الْحَاجِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَكُونُ وَقْتُهُ مُعَيَّنًا لَا يُقَدِّمُهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِيَعْلَمَهُ النَّاسُ وَكُلُّ الْأَوْقَاتِ الَّتِي قِيلَ لَا يَجْلِسُ يَجْلِسُ إِذَا عَرَضَتْ ضَرُورَة الْأَدَبُ الثَّالِثُ وَأَوَّلُ مَا يَنْظُرُ فِيهِ بَعْدَ وِلَايَتِهِ الْمَحْبُوسُونَ لِأَنَّ الْحَبْسَ عَذَابٌ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ فَيُطْلِقُ مَنْ حُبِسَ فِي ظُلْمٍ أَوْ تَعْزِيرٍ وَبَلَغَ حَدَّهُ ثُمَّ يَنْظُرُ

ص: 61

فِي الأوصياء وكوافل الْأَطْفَال إِذْ رَافع لِوَقَائِعِهَا إِلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ يَنْبَغِي لَهُ إِذَا قعد للْقَضَاء يَأْمر مناديا نَادِي عَنْهُ فِي النَّاسِ أَنَّ كُلَّ يَتِيمٍ لَمْ يَبْلُغْ وَلَا وَصِيَّ لَهُ وَلَا وَكِيلَ وَكُلَّ سَفِيهٍ مُسْتَوْجِبٌ لِلْوِلَايَةِ مُنِعَتِ النَّاسُ مِنْ مُتَاجَرَتِهِ وَمُدَايَنَتِهِ وَمَنْ عَلِمَ مَكَانَ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فليرفعه إِلَيْنَا لنولي عَلَيْهِ ويحجر فَمَنْ دَايَنَهُ بَعْدَ مُنَادِي الْقَاضِي أَوْ بَاعَ مِنْهُ أَوِ ابْتَاعَ فَهُوَ مَرْدُودٌ الْأَدَبُ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ بَعْدَ النَّظَرِ فِي الْمَحْبُوسِينَ وَمَنْ نَكَّرَ مَعَهُمْ يَنْظُرُ فِي تَرْتِيبِ الْكِتَابِ وَالْمُزَكِّي وَالْمُتَرْجِمِ وَيَكُونُ الْكَاتِبُ عَدْلًا مَرْضِيًّا وَقَالَ أَصْبَغُ وَيَكُونُ مَرْضِيًّا مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ لِأَنَّهُ يُخْشَى تَغْيِير الْقَضَاء وتبديل الْأَسْمَاء والتنميم عَلَى الْقَاضِي وَلَا يَغِيبُ لَهُ عَلَى كِتَابٍ احْتِيَاطًا وَيُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِي الْمُزَكِّي وَالْمُتَرْجِمِ دُونَ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ اسْتَبَانَ حُكْمًا وَالْكَاتِبُ كَالْآلَةِ لِلْحَاكِمِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ لَوْ تَرْجَمَ لَهُ وَاحِدٌ جَازَ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَيْرِ لَا مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ أَوْ مِنْ بَابِ الْحُكْمِ وَالْحَاكِمُ يَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ إِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْكَافِي فِي التَّرْجَمَةِ شَاهِدًا وإمرأتان وَرَوَى أَشْهَبُ يُتَرْجِمُ لِلْقَاضِي رَجُلٌ مُسْلِمٌ مُؤْمِنٌ وَاثْنَانِ أَحَبُّ إِلَيْنَا وَلَا يُتَرْجِمُ كَافِرٌ وَلَا عَبْدٌ وَلَا مَسْخُوطٌ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِ الْمُتَرْجِمِ فَاشْتَرَطَ شُرُوطَ الشَّهَادَةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْبَلَ تَرْجَمَةَ امْرَأَةٍ عَدْلَةٍ كَالرِّوَايَةِ وَعَنْ مُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ إِذَا تَعَذَّرَ مُتَرْجِمٌ مِنَ الرِّجَالِ قَالَا وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ أَحَبُّ إِلَيْنَا وَأَصْلُ الْكتاب أَنه صلى الله عليه وسلم َ - كَانَ لَهُ كُتَّابٌ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزيد ابْن ثَابِتٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ كَثِيرُ الْأَشْغَالِ وَالنَّظَرِ فَلَا يَتَفَرَّغُ يَكْتُبُ بِيَدِهِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى السَّلَامَةِ وَعَدَالَتِهِ وَقَالُوا يَكُونُ فَقِيهًا فَطِنًا فَاضِلًا لِيُفَرِّقَ بَيْنَ مَوَاقِعِ الْأَلْفَاظِ وَالْوَاجِبِ وَالْجَائِزِ

ص: 62

ونزيها لَيْلًا يُسْتَمَالَ بِالرُّشَى وَبِنَوْعٍ غَيْرِهَا عَلَى التَّحَامُلِ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَأَمَّا الْمُتَرْجِمُ عَنِ الْخُصُومِ وَالشُّهُودِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ وَاشْتَرَطَ ش كَوْنَهُ اثْنَيْنِ وَاكْتَفَى ح بِوَاحِدٍ وَمَنَعَ الْعَبْدَ لِأَنَّ تَلَايَتَهُ إِخْبَارٌ لَا شَهَادَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَا بَلْ يَقُولُ هُوَ يَقُولُ كَذَا وَقِيَاسًا عَلَى الْمُفْتِي وَقَاسَهُ ش عَلَى مَا إِذَا شَهِدَ عَلَى إِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَدَمِ الْفَهْمِ مِنَ الْقَاضِي وَبَيْنَ عَدَمِ اطِّلَاعِهِ وَهُوَ إِذَا لَمْ يَطَّلِعِ اشْتُرِطَ اثْنَانِ فَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يُفْهَمْ قَاعِدَةٌ يَقَعُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ كَثِيرًا أَنَّ مَنْشَأَ الْخِلَافِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ فَمَا ضَابِطُ حَقِيقَةِ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ بَيْنَهُمَا فَرْعُ تَصَوُّرِهِمَا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُضْبَطَا فَاشْتُرِطَ الْعَدَدُ فِي الشَّهَادَةِ دُونَ الْخَبَرِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ فَرْعٌ عَنْ كَوْنِهَا شَهَادَةً فَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا شَهَادَةٌ قَبْلَ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فَلَوِ اسْتَفَدْنَاهَا مِنَ الْعَدَدِ لَزِمَ الدَّوْرُ فَنُبَيِّنُ الْآنَ الْحَقِيقَتَيْنِ فَنَقُولُ مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ فِي الشَّرْعِ مِنَ الْعَدْلِ حَيْثُ اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ احْتِرَازًا مِنَ الدَّعْوَى إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَامًّا أَوْ خَاصًّا فَإِنْ كَانَ عَامَّا فَهَذَا هُوَ الْخَبَرُ وَالرِّوَايَةُ فَإِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْخَلْقِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ سِرُّ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فَإِنَّ اشْتِرَاطَهُ فِي الشَّهَادَةِ إِنَّمَا كَانَ لِتَوَقُّعِ الْعَدَاوَةِ الْبَاطِنَةِ بَيْنَ الْعَدْلِ وَبَيْنَ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ فَاشْتُرِطَ الْعَدَدُ اسْتِظْهَارًا وَلَا يُتَّهَمُ أَحَدٌ فِي مُعَادَاةِ النَّاسِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ فَالْعُمُومُ سِرُّ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَهُوَ ضَابِطُ الرِّوَايَةِ وَإِنَّ تَعَلَّقَ بِالْخُصُوصِ فَهُوَ الشَّهَادَةُ ثُمَّ تَقَعُ فُرُوعٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهَا لِأَجْلِ الشَّائِبَتَيْنِ هَلْ يُلْحَقُ بِالشَّهَادَةِ أَوِ الْخَبَرِ كَالْإِخْبَارِ عَنْ رُؤْيَةِ رَمَضَانَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَخُصُّ شَخْصًا مُعَيَّنًا أَشْبَهَ الرِّوَايَةَ فَيُقْبَلُ الْوَاحِدُ قَالَهُ ش وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَة أشبه

ص: 63

الشَّهَادَة فَيشْتَرط لعدد وكلك الْمُتَرْجِمُ وَالْقَائِفُ وَالْمُقَدَّمُ لِمَا تَقَدَّمَ فَهَذَا الْكَشْفُ وَالتَّحْقِيقُ عَزِيزٌ كُنْتُ أَطْلُبُهُ عِدَّةً مِنَ السِّنِينَ حَتَّى وَجَدْتُهُ لِلْإِمَامِ الْمَازِرِيِّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَتَأَمَّلْهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يُوَلِّي حَاسِبًا ثِقَةً يَقْسِمُ وَيُخْبِرُهُ بِمَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ فَيَقْبَلُ قَوْلَهُ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ أَوْ مُخْبِرٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْبَلُ قَوْلُ الطَّبِيبِ الْكَافِرِ فِي الْعُيُوبِ فِي الْعَبْدِ أَوِ الْأَمَةِ الْحَاضِرَيْنِ لِأَنَّهُ عِلْمٌ يَأْخُذُهُ عَمَّنْ يُبْصِرُهُ مَرْضِيٌّ أَوْ مسخوط وَاحِد أَو اثْنَيْنِ فَإِنْ غَابَ الْعَبْدُ أَوْ مَاتَ لَمْ يَقْبَلْ إِلَّا الشَّهَادَةَ بِشُرُوطِهَا وَكَذَلِكَ يَقْبَلُ فِي عُيُوبِ الْأَمَةِ وَاحِدَةً مَرَضِيَّةً مِنَ النِّسَاءِ فَإِنْ فَاتَتِ الْأَمَةُ لَمْ يَقْبَلْ إِلَّا امْرَأَتَيْنِ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ وَالْقِيَاسُ فِي الْجِرَاحِ يَكْفِي وَاحِدٌ إِذَا أَمَرَهُ الْإِمَامُ يَنْظُرُ ذَلِكَ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا طَبِيبًا جَازَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعُيُوبِ وَمَا فَاتَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا مَا يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ الْأَدَبُ الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَقْضِي فِي حَالَةِ غَضَبٍ وَلَا جُوعٍ وَلَا حَالَةٍ يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْغَضَبُ فِيهَا أَوْ يُدْهَشُ عَنْ تَمَامِ الْفِكْرِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُكْثِرُ الْجُلُوسَ جِدًّا وَإِذَا دَاخَلَهُ هَمٌّ أَوْ نُعَاسٌ أَوْ ضَجَرٌ فَلْيَقُمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَمِنْ ذَلِكَ الشَّبَعُ الْكَثِيرُ وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَاخْتُلِفَ إِذَا ضَجِرَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُحَدِّثُ جُلَسَاءَهُ

ص: 64

لِيُرَوِّحَ قَلْبَهُ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الْحُكْمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقُومُ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَلَا يحكم مُتكئا لِأَنَّهُ استخفاف بالحاضرين وللعلم حُرْمَتِهِ تَمْهِيدٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا نَصٌّ وَمَا خَفَّ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ دُونَ مَا يَحْتَاجُ إِلَى فِكْرٍ وَعَلَى هَذَا تَخْتَلِفُ أَحْوَالُ الْحُكَّامِ فِي الْمُجْتَهِدِ فِي الْعِلْمِ وَالْقَضَاءِ تَصِيرُ لَهُ أُمُورٌ ضَرُورِيَّةٌ هِيَ عِنْد غَيره تحْتَاج فكرا كثيرا فيبح الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي وَكَذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ الْعَظِيمَةُ النَّظَرِ إِذَا كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ الْحُكْمُ فِيهَا عَنْ قُرْبٍ بِفِكْرٍ مُسْتَوْعِبٍ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا حِينَئِذٍ إِلَى فِكْرٍ قَاعِدَةٌ وَهِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ تَخْرِيجِ الْمَنَاطِ وَتَحْقِيقِ الْمَنَاطِ وَتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ وَالْمَنَاطُ الْعِلَّةُ فَإِنِ اسْتُخْرِجَتْ مِنْ أَوْصَافٍ مَذْكُورَةٍ فِي صُورَةِ النَّصِّ كَمَا فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ فِي تَصْرِيحِهِ مَعَ جُمْلَةِ الْأَوْصَافِ بِإِفْسَادِ رَمَضَانَ فَهُوَ تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ أَوْ مِنْ أَوْصَافٍ لَمْ تُذْكَرْ كَمَا فِي حَدِيثِ بَيْعِ التَّفَاضُلِ فِي الْبُرِّ فَهُوَ تَخْرِيجُ الْمَنَاطِ أَوِ اتُّفِقَ عَلَيْهَا وَحَصَلَ التَّنَازُعُ فِي وُجُودِهَا فِي الْفَرْقِ فَهُوَ تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ كَالتَّنَازُعِ فِي كَوْنِ التِّينِ مُقْتَاتًا مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الِاقْتِيَاتَ الْعِلَّةُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ قِيَاسُ عَدَمِ الْفَارِقِ فَعَلَى هَذَا يُمْنَعُ الْقَاضِي فِي الْغَضَبِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ كَالشَّبَعِ وَالْجُوعِ هُوَ مِنْ بَابِ تَخْرِيجِ الْمَنَاطِ لِأَنَّا لَمْ يُغْنِ وَصْفًا مَذْكُورَةً بل أخرجنَا من الْمَذْكُور وَصْفًا آخَرَ وَهُوَ تَشْوِيشُ فِكْرٍ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ الْأَعرَابِي على مذهبا لِأَنَّا أَخَذْنَا إِفْسَادَ الصَّوْمِ وَإِنَّمَا فِي الْحَدِيثِ

ص: 65

واقعن من أَهْلِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَعَلَى رَأْيِ ش يَكُونُ مِنْ تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُشَوِّشِ لِلْفِكْرِ حَيْثُ وَقَعَ بِغَضَبٍ أَوْ غَيره الْأَدَبُ السَّادِسُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُقَدِّمُ الْخُصُومَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ اسْتَحَقَّ بِسَبْقِهِ وَكَذَلِكَ قَالَهُ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْلِيمِ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ المقربون} قَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْمُسَافِرِ وَكَالسَّبْقِ إِلَى الْمَجَالِسِ وَالْأُمُورِ الْمُبَاحَاتِ أَوْ مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ الْأَوَّلِ كُتِبَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي بِطَائِقَ وَخُلِطَتْ فَمَنْ خَرَجَ اسُمُهُ بُدِئَ بِهِ وَذَلِكَ كَالْقُرْعَةِ لِأَنَّهُ تَطْيِيبٌ لِلنُّفُوسِ

(فَرْعٌ)

قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لَا يُقَدَّمُ فِي الدَّعَاوَى وَالْفَتَائِكِ إِلَّا بِدَعْوَى وَاحِدَةٍ وَقَالَهُ صَاحِبُ النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونٍ فَإِذَا قَالَ الْأَوَّلُ لِي آخَرُ قَدَّمَ عَلَيْهِمَا الْأَوَّلُ عَلَيْهِ وَيُقَدَّمُ فِي الثَّانِيَةِ مَا يَأْتِيهِ مِنْ بَعْدِهِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ قُدِّمُوا فِي وَاحِدَةٍ فَلَوْ قُدِّمَ وَاحِدٌ فِي اثْنَتَيْنِ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ مَأْمُورٌ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ} وَالْعَدْلُ التَّسْوِيَةُ بِالنَّقْلِ وَوَافَقُونَا عَلَى تَقْدِيمِ الْمُسَافِرِينَ بِشَرْطِ الْقِلَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْهُمُ الصَّوْم وَشطر الصَّلَاة الْأَدَبُ السَّابِعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُفْرِدُ النِّسَاءَ عَنِ الرِّجَالِ فِي الْخُصُومَةِ إِذَا كَانَتِ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُنَّ وَيَجْعَلُ لَهُنَّ وَقْتًا فَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا بَيْنَهُمْ وَبَعْضُهَا مَعَ الرِّجَالِ جَعَلَ الْخُصُومَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِلرِّجَالِ وَقْتٌ وَلِمَنْ كَانَتْ خُصُومَتُهُ مِنَ النِّسَاءِ وَقْتٌ وَلِلنِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ وَقْتٌ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِك عَن النِّسَاءَ وَأَبْعَدَ مَجْلِسَهُنَّ عَنِ

ص: 66

الرِّجَالِ وَتُمْنَعُ الْمَرْأَةُ الْجَمِيلَةُ الرَّخِيمَةُ الْمَنْطِقِ مُبَاشَرَةَ الْخُصُومَةِ فَقَطْ وَكَرِهَ مَالِكٌ الْخُصُومَةَ لِذَوِي الْهَيْئَاتِ مِنَ الرِّجَالِ لِمَا فِيهَا مِنْ نَقْصِ الْعِرْضِ فالنساء أولى الْأَدَبُ الثَّامِنُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُنْصِفُ بَيْنَهُمَا مَجْلِسَهُمَا وَالنَّظَرَ إِلَيْهِمَا وَاسْتِمَاعَهُ مِنْهُمَا وَلَا يَنْظُرُ إِلَى أَحَدِهِمَا بِطَلَاقَةٍ وَبِشْرٍ أَكْثَرَ وَلَا يُسَارِرُ أَحَدَهُمَا وَلَا يُسَارِرُهُمَا جَمِيعًا إِذَا لَمْ يَسْمَعْ أَحَدُهُمَا مَا يُسَارِرُ بِهِ الْآخَرَ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا يُضَيِّفُ أَحَدَهُمَا وَلَا يَخْلُو بِهِ أَوْ يَقِفُ مَعَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُوهِنُ خَصْمَهُ وَيُدْخِلُ عَلَيْهِ سُوءَ الظَّنِّ قَالَ أَشْهَبُ وَلَا يُجِيبُ أَحَدَهُمَا فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ إِلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ ذَا مِنَ الْمُخْتَلِفِ أَوْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ وَجْهَ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي فَيَسْمَعَ مِنْهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَمْرَهُمَا وَإِذَا جَلَسَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا مَا خُصُومَتُهُمَا أَوْ يَدَعَهُمَا حَتَّى يَبْتَدِآهَا أَوْ يَقُولَ أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي فَإِنْ عَلِمَهُ سَأَلَهُ عَنْ دَعْوَاهُ وَيَسْكُتُ عَنْ صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْمَعَ حُجَّتَهُ ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِالسُّكُوتِ وَيَسْتَنْطِقُ الْآخَرَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَبْتَدِئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّطْقِ بَلِ الْمُدَّعِي لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ أَرْجَحُ شَرْعًا فَيُقَدَّمُ وَلَا يَعُودُ لِأَحَدِهِمَا بِالسُّؤَالِ فَيَقُولُ مَالك أَوْ تَكَلَّمْ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ الْمُدَّعِي وَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا الْمُدَّعِي وَسَكَتَ الْآخَرُ وَلَمْ يُنْكِرْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ دَعْوَاهُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَسْأَلَهُ حَتَّى يُقِرَّ الْآخَرُ بِذَلِكَ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا الْمُدَّعِي هَذَا وَلَمْ يُنْكِرِ الْآخَرُ فَلَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ فَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ عَنِ الْآخَرِ هُوَ الْمُدَّعِي وَلَسْتُ مَدَّعِيًا فَلِلْقَاضِي أَنْ يُقِيمَهَا حَتَّى يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا لِلْخُصُومَةِ فَيَكُونَ هُوَ الطَّالِبَ قَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنَا الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا اسْتَمَعَ أَوْ جَلَبَ الْآخَرَ سَمِعَ مِنْهُ أَوَّلًا وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَنْ جَلَبَ صَاحِبَهُ ابْتَدَأَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ضَعِيفًا فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْآخَرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ هُوَ الْقَوِيُّ الطَّالِبُ

ص: 67

قَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ أَدْلَى الْمُدَّعِي بِحُجَّتِهِ فَقَالَ الْقَاضِي لِلْآخَرِ تَكَلَّمْ فَإِنْ تَكَلَّمَ نَظَرَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَهُ أُخَاصِمُهُ إِلَيْكَ قَالَ لَهُ الْقَاضِي إِمَّا خَاصَمْتَ أَوْ حَلَفْتَ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ وَحَكَمْتَ لَهُ إِنْ كَانَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ مِنْ نُكُولِ الْمَطْلُوبِ إِن ثَبت لَهُ الْخُلْطَةُ لِأَنَّ نُكُولَهُ عَنِ التَّكَلُّمِ نُكُولٌ عَنِ الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ طَلَبَ الْبَيِّنَةَ وَلَا يَسْجُنُهُ حَتَّى يَتَكَلَّمَ وَلَكِنْ يَسْمَعُ صَاحِبَهُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تَحْتَمِلُ التَّخْرِيجَ مِنْ قِبَلِهِ وَكَانَ سَحْنُونٌ إِذَا شَاغَبَ الْخَصْمَانِ أَغْلَظَ عَلَيْهِمَا وَرُبَّمَا أَمَرَ الْقَوَمَةَ فَزَجَرُوهُمَا بِالدِّرَّةِ وَرُبَّمَا شَاغَبَا حَتَّى لَا يَفْهَمَ عَنْهُمَا فَيَقُولَ قُومَا فَإِنِّي لَا أَفْهَمُ عَنْكُمَا وَلَهُ الشَّدُّ عَلَى عَضُدِ أَحَدِهِمَا إِذَا رَأَى ضَعْفَهُ عَنْ صَاحِبِهِ وَقُرْبَهُ مِنْهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُلَقِّنَهُ حُجَّةً لَهُ عَمِيَ عَنْهَا وَإِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يُلَقِّنَهُ حُجَّةَ الْفُجُورِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ ثَبَّتَ عَيِيًّا فِي خُصُومَةٍ حَتَّى يَفْهَمَهَا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزِلُّ الْأَقْدَامُ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ شَدَّ عَضُدِ أَحَدِهِمَا وَتَلْقِينَهُ حُجَّتَهُ لِأَنَّهُ مَيْلٌ مَعَ أَحَدِهِمَا وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا فِي خُصُومَتِهِ بِشَيْءٍ لِلْآخَرِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُنَبِّهَهُ عَلَى نَفْعِهِ بِذَلِكَ وَيَكْتُبَهُ لَهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا كَانَ فِي أَمْرِهِمَا شُبْهَةٌ وَإِشْكَالٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْخُذَهُمَا بِالصُّلْحِ وَتَخَاصَمَ رَجُلَانِ صَالِحَانِ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَقَامَهُمَا وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمَا وَقَالَ اسْتُرَا عَلَى أَنْفُسِكُمَا وَلَا تُطْلِعَانِي مِنْ أُمُورِكُمَا عَلَى مَا سُتِرَ عَلَيْكُمَا وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه رَدِّدُوا الْقَضَاءَ بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ حَتَّى يَصْطَلِحُوا فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُوَرِّثُ بَيْنَهُمُ الضَّغَائِنَ وَكَانَ سَحْنُونٌ إِذَا سَأَلَهُ أَحَدٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْأَحْكَامِ لَمْ يُجِبْهُ وَقَالَ هَذِهِ مَسْأَلَةُ خُصُومَةٍ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ مِنْهُ إِرَادَةَ التَّفَقُّهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُفْتِي الْقَاضِي فِي مَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهُ عَوْنٌ عَلَى الْبَخِيلِ وَالْقَاضِي لَا يُعِينُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ وَلَا يَرْفَعُ الْحَاكِمُ صَوْتَهُ عَلَى

ص: 68

أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ قَالَ أَشْهَبُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ رَدْعًا لَهُ لِلَدَدِهِ وَيَعْلَمُ اللَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ صَاحِبِهِ ذَلِكَ لَعَمِلَ بِهِ مِثْلَهُ فَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَنْ يَقْعُدَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْحَاكِمِ وَقَالَ إِذَا ابْتُلِيَ أَحَدُكُمْ بِالْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَرْفَعْ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ دُونَ الْآخَرِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ أَشْهَبُ جُلُوسُ الْخُصُومِ بَيْنَ يَدَيْهِ هُوَ الْأَصْلُ فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ يَجْلِسُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ فَوَاسِعٌ فَإِنْ عَيَّنَ الْمَجْلِسَ لِصَدَاقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَجْلَسَهُمَا مِنْهُ مَجْلِسًا وَاحِدًا وَلَا يُضَيِّفُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ وَلَا يَخْلُو بِهِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدُ الْخُصُومِ بَيْنَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِهِ وَقَدْ كَانَ يَغْشَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَى الِاخْتِصَاصِ لَيْسَ أَمْرًا عَامًّا وَلَا تُكْرَهُ لَهُ عِيَادَةُ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَلَا شُهُودُ جِنَازَةِ بَعْضِ أَوْلِيَائِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَلَا وَحْدَهُ وَلَا فِي جَمَاعَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ خَاصَّتِهِ وَلْيَجْلِسْ خَارِجًا حَيْثُ يَأْتِيهِ النَّاسُ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مُوهِنٌ لِلْآخَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَصْبَغُ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْمجْلس وَإِن كَانَ أَحدهمَا ذَمِيمًا وَقِيلَ لَا يُسَوِّي لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - لَا تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجْلِسِ قَالَ ش وَأَرَى أَنْ يَجْلِسَا جَمِيعًا وَيَتَقَدَّمَهُ الْمُسْلِمُ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَاقِفًا فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا الطَّالِبُ وَإِنَّمَا أحدث الآخر الدَّعْوَى عِنْد مَا طلبته قد الْمُشَخِّصِ أَوْلَى أَوِ الثَّالِثُ أَوَّلًا إِنْ عَلِمَ وَإِلَّا صَرَفَهُمَا فَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا إِلَّا الْخُصُومَةَ قدمه وَإِن

ص: 69

بَقِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مُتَعَلِّقًا بِالْآخَرِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ طَلَبٌ عِنْدَ الْآخَرِ وَتَشَاحَّا فِي التَّبْدِئَةِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لِلنُّفُوسِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَبْدَأُ بِالنَّظَرِ أَضْعَفَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْكِرْ قَالَ مُحَمَّدٌ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَقَالَ أَصْبَغُ يَقُولُ لَهُ الْحَاكِمُ إِمَّا أَنْ تَخْتَصِمَ أَوْ حَلَّفْتُ الْمُدَّعِيَ وَحَكَمْتُ لَهُ إِنْ كَانَ مِمَّا يُسْتَحَقُّ بِالنُّكُولِ مَعَ الْيَمِينِ إِذَا أَثْبَتَ لَطْخًا قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُدَّعِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ ثَلَاثٍ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعَى بِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى الْإِنْكَارِ أَوِ الْخُصُومَةِ كَانَ ذَلِك لَهُ أَو يحلف الْآن وَيحكم لَهُ بَعْدَ أَنْ يَعرِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا ينقص لَهُ الحكم بعد ذَلِك إِن أَتَى بِحجَّة إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا كَمَنْ خَاصَمَ وَلَمْ يَسْكُتْ أَوْ يُسْجَنَ لَهُ حَتَّى يُقِرَّ أَو يُنكر لِأَنَّهُ يَقُول هُوَ يعلم أَن حَقٌّ وَقَدْ يُقِرُّ إِذَا سُجِنَ فَلَا أَحْلِفُ كَالْمُشْتَرِي يَكْتُمُ الشَّفِيعَ الثَّمَنَ اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يُسْجَنُ أَوْ يُقَالُ لِلشَّفِيعِ خُذْ وَلَا وَزْنَ عَلَيْكَ حَتَّى يَثْبُتَ الثَّمَنُ وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَى فِي مُعَيَّنٍ دَارًا أَوْ عَبْدًا وَفِي الذِّمَّةِ وَأَقَامَ لَطْخًا وَإِنْ لَمْ يُقِمْ لَطْخًا لم تسمع دَعْوَاهُ وَإِن أعدت الزَّوْجَةُ الطَّلَاقَ فَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ سُجِنَ وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَتُطَلَّقُ عَلَيْهِ إِنْ طَالَ الْأَمر لحقها فِي الْوَطْء فَإِن أعدت النِّكَاحَ سُجِنَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ وَإِنِ أدّى عَلَيْهَا نِكَاحًا فَلَمْ تُقِرَّ وَلَمْ تُنْكِرْ حِيلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ حَتَّى تُقِرَّ أَوْ تُنْكِرَ وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ يَدَّعِي عَلَيْهِ عَبْدٌ الْعِتْقَ يُسْجَنَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ وَإِذَا لَفَظَ أَحَدُهُمَا بِمَا يَنْفَعُ الْآخَرَ فَأَغْفَلَ مَنْفَعَتَهُ فِيهِ فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لِقَائِلِ ذَلِكَ يَلْزَمُكَ عَلَى قَوْلِكَ كَذَا وَلَا يَقُولُ لِخَصْمِهِ قُلْ لَهُ كَذَا لِأَن تَعْلِيمُ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ بِالْعِنَايَةِ لَهُ يُوهِنُ الْآخَرَ وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ لَهُ يَلْزَمُكَ كَذَا لَا حُجَّةَ لَكَ فِي قَوْلِكَ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ لِأَحَدِهِمَا حُجَّةٌ فَإِنْ قَالَ بَقِيَتْ لِي حُجَّةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ مِنْ طَرِيقِ الْعَدَدِ ضَرَبَ لَهُ أَََجَلًا لَيْسَ بالبعيد وَإِذا دعى حُجَّةً قَوِيَّةً فِي دَارٍ فِي يَدَيْهِ أَمْهَلَهُ الشَّهْرَيْنِ ثَلَاثَة

ص: 70

تَمْهِيدٌ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَغَيْرِهِ كِتَابُ عُمَرَ رضي الله عنه لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي فُصُولِ الْقَضَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْفَظَ أَوَّلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْقَضَاءَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ فَافْهَمْ إِذَا أَدْلَى إِلَيْكَ الْخَصْمُ بِحُجَّتِهِ فَاقْضِ إِذَا فهمت وأنفد إِذَا قَضَيْتَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ تَكَلُّمٌ بِحَقٍّ لَا نَفَاذَ لَهُ آسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِكَ وَعَدْلِكَ وَمَجْلِسِكَ حَتَّى لَا يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِكَ وَلَا يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِكَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا وَإِذَا عَرَفْتَ أهل الشغب وَإِلَّا لداد فَأَنْكِرْ وَغَيِّرْ فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَزَعِ النَّاسَ عَنِ الْبَاطِلِ لَمْ يَحْمِلْهُمْ عَلَى الْحَقِّ لَا يَمْنَعَنَّكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ الْيَوْمَ فَرَاجَعْتَ فِيهِ عَقْلَكَ وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى الْحَقِّ فَإِنَّ الْحَقِّ قَدِيمٌ وَمُرَاجَعَةَ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ وَقَاتِلْ هَوَاكَ كَمَا تُقَاتِلُ عَدُوَّكَ وَارْكَبِ الْحَقَّ غَيْرَ مُضَارٍّ عَلَيْهِ وَإِذَا رَأَيْتَ مِنَ الْخَصْمِ الْعِيَّ وَالْغَبَاوَةَ فَسَدِّدْ فَهْمَهُ وَبَصِّرْهُ فِي غَيْرِ مَيْلٍ مَعَهُ وَلَا جَوْرٍ على صَاحبه وشاور أهل الرَّأْي من جلساته وإخوائك الْفَهْمَ فِيمَا تَلَجْلَجَ فِي صَدْرِكَ مِمَّا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةٍ ثُمَّ اعْرِفِ الْأَشْبَاهَ وَالْأَمْثَالَ وَقِسِ الْأَمْرَ عِنْدَ ذَلِكَ وَاعَمِدْ إِلَى أَقْرَبِهَا إِلَى اللَّهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ فِيمَا تَرَى وَاجْعَلْ لِمَنِ ادَّعَى حَقًّا غَائِبًا أَوْ بَيِّنَةً أَمَدًا يَنْتَهِي إِلَيْهِ فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَتَهُ أخذت لَهُ

ص: 71

حَقَّهُ وَإِلَّا اسْتَحْلَلْتَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ فَإِنَّهُ أَنْفَى للشَّكّ وَأجل لِلْعَمَى الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا مَحْدُودًا فِي حَدٍّ أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ أَوْ ظَنِينًا فِي وَلَاءٍ أَوْ نَسَبٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَوَلَّى مِنْكُمُ السَّرَائِرَ وَدَرَأَ عَنْكُمُ الشُبُهُاتِ وَالْأَيْمَانِ وَإِيَّاكَ وَالَقْلَقَ وَالضَّجَرَ وَالتَّأَذِّيَ بِالْخُصُومِ وَالتَّنَكُّرَ عِنْدَ الْخُصُومَاتِ فَإِنَّ اسْتِقْرَارَ الْحَقِّ فِي مَوَاطِنِ الْحَقِّ يُعَظِّمُ اللَّهُ بِهِ الْأَجْرَ وَيُحْسِنُ عَلَيْهِ الذُّخْرَ وَيُرْوَى الذِّكْرَ لِمَنْ صَحَّتْ نيَّتُهُ وَأَقْبَلَ عَلَى نَفْسِهِ كَفَاهُ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ تَخَلَّقَ لِلنَّاسِ مِمَّا يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسِهِ شَانَهُ اللَّهُ فَمَا ظَنُّكَ بِثَوَابِ اللَّهِ فِي عَاجِلِ رِزْقِهِ وَخَزَائِنِ رَحْمَتِهِ وَالسَّلَامُ فَهَذَا الْكِتَابُ جَمَعَ أَكْثَرَ أَدَبِ الْقَضَاءِ وَأَحْكَامِهِ فَوَائِدُ هَذِهِ وَلِايَةٌ نُبَيِّنُ تَقْلِيدَهَا وَاللَّفْظُ الْمُفِيدُ الْوِلَايَةَ شَرْعًا وَمَا مَعْنَى الْإِدْلَاءِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ التَّنْفِيذِ وَالْحُكْمِ وَمَا مَعْنَى الْحَقُّ قَدِيمٌ وَمَا مَعْنَى ارْكَبِ الْحَقَّ غَيْرَ مُضَارٍّ عَلَيْهِ وَكَيْفَ جَعَلَ الْمُسْلِمِينَ عُدُولًا مِنْ غَيْرِ كَشْفٍ وَاكْتَفَى بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ كَمَا قَالَهُ ح وَمَا مَعْنَى النَّهْيِ عَنِ التَّنْكِيرِ عِنْدَ الْخُصُومَاتِ وَمَا مَعْنَى مَنْ تَخَلَّقَ لِلنَّاسِ بِمَا يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسِهِ شَانَهُ اللَّهُ وَمَا الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ من وَجْهَيْن لَعَلَّ عَقْدَ الْوِلَايَةِ تَقَدَّمَ وَهَذَا لِلْوَصِيَّةِ

ص: 72

فَقَطْ أَوْ فِي أَلْفَاظِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَ عَقْدِ الْوِلَايَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ إِذَا أَدْلَى إِلَيْكَ وَقَوْلُهُ اسْتَحْلَلْتَ عَلَيْهِ الْقَضِيَّةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي مَعْنَاهُ أَوْصِلْ إِلَيْهِ حُجَّتَهُ وَمِنْهُ قَوْله تعإلى {أدلى دلوه} أَي أوصله لغير وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ إِظْهَارَ الْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَكَمَالَ النَّظَرِ فِيهَا وَإِثْبَاتَ وَتَرْتِيبَ مُقْتَضَاهَا عَلَيْهَا مِنِ اعْتِقَادِهِ الِاسْتِحْقَاقَ وَتَصْرِيحِهِ بِتِلْكَ حُكْمٌ وَإِلْزَامُ الْخَصْمِ وَقَهْرُهُ لِرَفْعِ الْحَقِّ تَنْفِيذٌ فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِثْبَاتِ وَالْحُكْمِ وَالتَّنْفِيذِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْحق هَاهُنَا حُكْمُ اللَّهِ وَهُوَ كَلَامُهُ النَّفْسَانِيُّ وَهُوَ قَدِيمٌ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُصِيبَ لِذَلِكَ أَحْكَمُ فَفِيهِ حَضٌّ عَلَى بَذْلِ الْجُهْدِ فِي طَلَبِ ذَلِكَ الْحُكْمِ الْمُعَيَّنِ أَوْ يَكُونُ كَلَامُهُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ بَذْلَ الْجُهْدِ فِي طَلَبِ الْحَقِّ وَهُوَ مَا زَالَ فِي جَمِيعٍ فَهُوَ قَدِيمٌ بِمَعْنَى طُولِ الْمُدَّةِ لَا بِمَعْنَى انْتِفَاءِ الْأَوَّلِيَّةِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ الْحَقِّ بِانْشِرَاحِ صَدْرٍ وَطِيبِ نَفْسٍ سَالِمًا عَنْ شَغَبِ الْأَهْوَاءِ فَإِنَّ الرُّكُوبَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ التَّمَكُّنِ وَمَنْ كَانَ يُنَازِعُهُ هَوَاهُ وَيَكَادُ يَغْلِبُهُ الْهوى فَهُوَ مضار فِي سلوك الْحق فعلامة إِشَارَةٌ إِلَى تَوْفِيرِ الْعَزْمِ وَعَنِ السَّادِسِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُهُ فَأَخْبَرَ بِهِ لَا أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ وَثَانِيهُمَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ عُدُولٌ بَعْدَ الْكَشْفِ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ وَقِيلَ إِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ حَيْثُ يَغْلِبُ الْخَيْرُ فَيُلْحَقُ النَّادِرُ بِالْغَالِبِ وَأَمَّا الْيَوْمَ فَغَلَبَ الشَّرُّ فَيُلْحَقُ الْغَالِبُ بِالنَّادِرِ فَيَنْعَكِسُ الْحَالُ وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّ التَّنَكُّرَ الْمُرَادَ بِهِ الْغَضَبُ الْمُلْهِي عَن الْفِكر

ص: 73

وَعَنِ الثَّامِنِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى إِظْهَارِ الطَّاعَاتِ وَالْبَاطِنُ بِخِلَافِهِ وَكَلَامُ أَبِي مُوسَى مَحْمُولٌ عَلَى المداراة بِكَلَام والامور الْمُبَاحَة دفعا للشرور واسجلابا لِلْمَصَالِحِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الادب الْأَدَب التَّاسِع تَأْدِيب الْخُصُوم فَفِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِضَرْبِ الْخَصْمِ إِذَا تَبَيَّنَ لَدَدُهُ وَظُلْمُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَكَذَلِكَ إِذا أَذَى الفاضي نَفْسَهُ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْقَاضِي مِنْ حَقِّ اللَّهِ وَالْأَدَبُ فِي هَذَا أَمْثَلُ مِنَ الْعَفْوِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ يَا فَاجِرُ وَيَا ظَالِمُ ضَرَبَهُ عَلَى مِثْلِ هَذَاَ إِلَّا فِي الْفَلْتَةِ مِنْ ذِي مُرُوءَةٍ فَإِنْ قَالَ لِلشَّاهِدَيْنِ شَهِدْتُمَا عَلَيَّ بِزُورٍ أَوْ بِمَا يَسْأَلُكُمَا اللَّهُ عَنْهُ أَوْ لَسْتُمَا عَدْلَيْنِ يُعَاقِبُ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ قَدْرِ الْقَائِلِ وَالْمَقُولِ لَهُ فَإِنْ قَالَ لِلْقَاضِي اتَّقِ اللَّهَ قَالَ ابْن عبد الحكم لَا يضيق عَلَيْهِ فِي ذَلِك وليثبت وَيجب يبين مثل رَزَقَنِي اللَّهُ تَقْوَاهُ أَوْ مَا أَمَرْتُ إِلَّا بِخَيْرٍ وَيُبَيِّنُ لَهُ مِنْ أَيْنَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَلَا يُظْهِرُ غَضَبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ قَالَ ظَلَمْتَنِي فَذَلِكَ يَخْتَلِفُ فَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَذَى الْقَاضِي وَالْقَاضِي مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ عَاقَبَهُ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ مِنْ حُرْمَةِ اللَّهِ وَحُرْمَةِ رَسُولِهِ الْأَدَبُ الْعَاشِرُ فِي جُلَسَائِهِ وَمُبَاشَرِيهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَكُونُ وُكَلَاؤُهُ وَحُجَّابُهُ إِلَّا عُدُولًا لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمْ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَيَكُونُونَ ذَوِي رِفْقٍ وَأَنَاةٍ لِوُرُودِ الضَّعِيفِ وَالْمَظْلُومِ عَلَيْهِمْ وَيُبَاشِرُونَ النِّسَاءَ الْوَارِدَاتِ لِلْحُكُومَةِ وَيُؤْتَمَنُونَ عَلَى الْحَدِيثِ مَعَهُمْ فَإِذَا اطَّلَعُوا عَلَى أَسْرَارِ الْقَاضِي فِيمَا يُرِيدُ من حُكُومَة فَلَا ينقلوها لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَكَذَلِكَ جُلَسَاؤُهُ وَيَكُونُونَ أَهْلَ دِينٍ وَأَمَانَةٍ وَنَصِيحَةٍ وَاخْتُلِفَ فِي جُلُوسِ الْعُلَمَاءِ عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ حُضُورَهُمْ وَمُشَاوَرَتَهُمْ وَكَانَ عُثْمَانُ رضي الله عنه يَخُصُّ أَرْبَعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَيَسْتَشِيرُهُمْ فَإِذَا رَأَوْا مَا رَآهُ أَمْضَاهُ وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَمَنَعَ مُطَرِّفٌ وَقَالَ إِذَا ارْتَفَعَ عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ شَاوَرَ قَالَ

ص: 74

اللَّخْمِيُّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ إِنْ كَانَ لَا يَنْحَصِرُ بِحُضُورِهِمْ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُقَلِّدًا فَلَا يَسَعُهُ الْقَضَاءُ بِغَيْرِ حُضُورِهِمْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يَدَعْ مُشَاوَرَةَ الْفُقَهَاءِ عِنْدَمَا يَتَوَجَّهُ الْحُكْمُ وَلَا يَجْلِسُ لِلْقَضَاءِ إِلَّا بِحُضُورِ عُدُولٍ لِيَحْفَظُوا إِقْرَارَ الْخُصُومِ خَوْفَ رُجُوعِ الْمُقِرِّ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَإِنَّ أَخْذَهُ بِمَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَوْلَى قَالَ التُّونُسِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَنْ يَشْغَلُهُ عَنِ النَّظَرِ فُقَهَاءُ أَوْ غَيْرُهُمْ فَإِنَّ ذَلِك يدْخل عَلَيْهَا الْحَصْرَ وَالْوَهْمَ وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه لَا يَحْضُرُ عِنْدَهُ الْفُقَهَاءُ وَإِذَا شَهِدَ الْعَالِمُ فِي شَيْءٍ فَلَا يُشَاوِرُ ذَلِكَ الْعَالِمَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشَاوِرَهُ فِيمَا شَهِدَ فِيهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَنْبَغِي تَرْكُ الْمُشَاوَرَةِ وَلَا يَدْخُلُهُ عَيْبٌ وَلَا اسْتِنْكَافٌ فَإِنَّ سَلَفَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَخِيَارَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم كَانُوا يَسْأَلُونَ عَمَّا نَزَلَ بِهِمْ فَهَذَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَسْأَلُ عَنِ الْجَدَّةِ وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَأْتِي زيد بن سَالم ويسأله فِي أَمْرِ الْجَدِّ وَمِيرَاثِهِ وَسَأَلَ عُمَرُ أَيْضًا عَنْ مِيرَاثِ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَلَا يُفْتَى فِيمَا يُخْتَصَمُ إِلَيْهِ فِيهِ إِلَّا لِلْمُتَفَقِّهِينَ وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْفُتْيَا فِي جَمِيعِ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ لِأَنَّ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ رضي الله عنهم كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْلِسَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ فَيَعْلَمُ أَو يتَعَلَّم وَعند ش وح يَحْضُرُ بِمَجْلِسِهِ الْعُلَمَاءُ وَيُشَاوِرُهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمر} وشاور فِي أَمْرِ الْخَنْدَقِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ تَعَالَى {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَينهم}

ص: 75

الْأَدَب الْحَادِي عشر اسْتِيفَاء الْحجَج فَفِي الْكتاب إِن ادليا بحجتهما وَفَهِمَ عَنْهُمَا وَأَرَادَ أَنْ يُحْكَمَ فَلْيَقُلْ أَبَقِيَتْ لَكُمَا حُجَّةٌ فَإِنْ قَالَا لَا حَكَمَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَقْبَلُ إِلَّا مَا لَهُ وَجْهٌ وَبَيِّنَةٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ أَتَى بِشَاهِدٍ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَرَ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ ثُمَّ وَجَدَ شَاهِدًا آخَرَ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ جَعَلَ فَهْمَهُ مَقَامَ مَا يَسْمَعُهُ قَالَ الْقَاضِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ هَذَا وانما فهم عَنْهُمَا واسمعة انْتَفَت الرِّيبَة عه وَالِاحْتِمَالُ قَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ لَا يَقْضِي بِمَا فَهِمَهُ مِنْ لَحْنِ خِطَابِهِمَا وَلَا بِمَا يَظُنُّهُ فِي هَذَا هُوَ الْفَهْمُ الَّذِي أَرَادَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَوْلُهُ أَبَقِيَتْ لَكُمَا حُجَّةٌ قِيلَ صَوَابُهُ من الْمَحْكُوم وَعَلِيهِ اختصرها ابْنُ مُحَمَّدٍ وَمَنِ اتَّبَعَهُ وَأَمَّا الطَّالِبُ فَهُوَ يَطْلُبُ الْحُكْمَ وَقِيلَ الْقَوْلُ لَهُمَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إِذَا أَبْدَى حُجَّةً يُسْأَلُ الطَّالِبُ عَنْ جَوَابِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ أَبَقِيَ لَكُمَا كَلَامٌ أَنْظُرُ فِيهِ قَالَ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُمَا اثْنَانِ طَالِبٌ وَمَطْلُوبٌ فَمَرَّةً يَتَوَجَّهُ الْحُكْمُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَمَرَّةً عَلَى الطَّالِبِ بِتَعْجِيزِهِ لِلْمَطْلُوبِ وَدَفْعِهِ عَنْهُ فَقَوْلُهُ أَبَقِيَتْ لَكُمَا حُجَّةٌ لَمَّا كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا إِذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ اخْتَصَرَ الْكَلَامَ وَلَفَّهُ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ وَأَيْضًا فَقَدْ يبْقى للطَّالِب حجَّة يدْفع فِيهَا عَنْهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إِذَا جَاءَ شَاهِدٌ آخَرُ يقْضِي لَهَا الْقَاضِي الْأَوَّلُ وَغَيْرُهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنَّمَا هَذَا لِلْقَاضِي نَفْسِهِ وَلَا يَسْمَعُ مِنْهُ غَيْرُهُ وَلِسِحْنُونٍ لَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ قَالَا لَا حُجَّةَ لَنَا لَا تُقْبَلُ لَهُمَا حُجَّةٌ بَعْدَ إِنْفَاذِ الْحُكْمِ وَإِنْ قَالَ بَقِيَتْ لِي حُجَّةٌ فَأَمْهَلَهُ فَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ حَكَمَ عَلَيْهِ وَمَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يَنْظُرُ فِي الشَّاهِدِ إِذَا أَتَى بِهِ غَيْرُ الأول لِأَن الأول قد اجْتهد فَلَا ينْقض لَيْلًا يكون للثَّانِي وَصِيّ عَلَى الْأَوَّلِ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ إِذَا قَضَى عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ بَيِّنَةً لَمْ يَعْلَمْ بِهَا وَقَدْ عَزَلَ الْأَوَّلَ حَكَمَ لَهُ بِهَا الثَّانِي كَمَا لَو

ص: 76

كَانَت غَائِبَة غيبَة بعيدَة فَحكم عَلَيْهَا ثُمَّ قَدِمَتْ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا فَالْجَهْلُ بِهَا كَالْغَيْبَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ فِي قَضِيَّتِهِ أَنَّهُ ذكر أَن لَهُ بَيِّنَة بعيدَة الْغَيْبَة فَمن أَحْضَرَ شُهُودَهُ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ إِذَا حَكَمَ بِشَاهِدٍ مِنْ بَعْدِ الِاجْتِهَادِ فِي الْكَشْفِ عَنْهُمَا لَمْ يَنْتَقِضْ بِشَيْءٍ مِمَّا يَقْدَحُ فِيهِمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَا عَبْدَيْنِ أَوْ مَسْخُوطَيْنِ أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِمَا أَوْ مِمَّنْ يَسْتَحِقَّانِ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِمَا وَقَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ بَقِيَتْ لِي حُجَّةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ مِنْ طَرِيقِ اللَّدَدِ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا لَيْسَ بِالْبَعِيدِ ثُمَّ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَإِنْ ذَكَرَ حُجَّةً قَوِيَّةً فِي دَارٍ وَنَحْوِهَا فَنَحْوَ ثَلَاثَة أشهر الْأَدَبُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الْإِسْجَالِ عَلَيْهِ بِمَا ثَبَتَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَمِنْ حَقِّ الطَّالِبِ إِذَا تَوَجَّهَ لَهُ الْحَقُّ أَنْ يُكْتَبَ لَهُ قَضَيَّتُهُ بِمَا ثَبَتَ لَهُ وَسَبَبُ الثُّبُوتِ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ يَمِينٍ أَوْ نُكُولٍ أَوْ سُقُوطِ بَيِّنَةٍ إِنْ ظَهَرَتْ لِأَنَّهُ يَخْشَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ بعد ذَلِك بهَا وَاخْتلف فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الدَّعْوَى شَيْءٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَكْتُبُ لَهُ حَتَّى لَا تَعُودَ الْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ إِذَا أُتِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَنْ يُزَكِّيهَا أَوْ عَدْلَيْنِ فَعِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يُقْبَلَانِ لِأَنَّ الْعَجْزَ لَا يُبْطِلُ الْحَقَّ وَعِنْدَ مُطَرِّفٍ لَا يُقْبَلُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَالنَّسَبُ لِأَنَّ فِيهَا حقوقا لغَيْرهَا الْحَاضِرِ فَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَالْأَنْسَابِ مُتَعَدِّدَةٌ وَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَكْتُبُ فِي الْإِسْجَالِ أَسْمَاءَ الْبَيِّنَةِ وَأَسْمَاءَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَأَنْسَابَ الْجَمِيعِ وَمَا يُعْرَفُونَ بِهِ وَمَا حُكِمَ بِهِ وَيَحْتَفِظُ بِهِ فِي خَرِيطَةٍ وَيَخْتِمُ عِلَيْهِ وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ خُصُومَةَ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى حِدَةٍ حَتَّى يَتَيَسَّر الْإِخْرَاج الْأَدَبُ الثَّالِثَ عَشَرَ أَرْزَاقُهُ وَأَرْزَاقُ أَعْوَانِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ جَلَسَ سَحْنُونٌ لِلنَّاسِ احْتِسَابًا وَقَالَ لَوِ أُعْطِيتُ جَمِيعَ بَيْتِ الْمَالِ لَأَخَّرْتُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَأَخَذَ لِأَعْوَانِهِ وَكَاتِبِهِ وَكُلُّ مَنِ اسْتَعْدَى أَعْطَاهُ طَابِعًا فَإِذَا جَاءَ بِخَصْمِهِ رَدَّ الطَّابَعَ وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ إِجَارَةَ قُسَّامِ الْقَاضِي فَإِن وَقع ذَلِك كَانَ على عدد الرؤس لَا على

ص: 77

الْأَنْصِبَاءِ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطُوا بَيْنَهُمْ شَيْئًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَيْسَ بِحَرَامٍ بَلْ يُكْرَهُ لِأَنَّ خَارِجَةَ وَزَيْدًا كَانَا يُقْسِمَانِ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَفِي النَّوَادِرِ مِنَ الْوَاضِحَةِ حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى الْقَاضِي فِي رِزْقِهِ وَيَجْعَلَ لَهُ قَوَمَةً يَقُومُونَ بِأَمْرِهِ وَيَدْفَعُونَ عَنْهُ النَّاسَ وَأَثْمَانَ الرُّقُوقِ وَالسِّجِلَّاتِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ رِزْقَهُ إِلَّا مِنَ الْخُمْسِ أَوِ الْجِزْيَةِ أَوْ عُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِنْ جُبِيَتْ بِغَيْرِ ظُلْمٍ وَلَا يُرْزَقُ مِنَ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنِ أَصْنَافِهَا وَإِنَّ وُلِّيَ فَقِيرٌ أُغْنِيَ وَوَفِّيَ عَنْهُ دَيْنُهُ وَيُكْفَى جَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَهُ تَكْلِيفُ الطَّالِبِ صَحِيفَةً يَكْتُبُ فِيهَا حُجَّتَهُ وَشَهَادَتَهُ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ الْعُمَّالُ إِنْ عَمِلُوا عَلَى حَقٍّ قَالَ أَشْهَبُ فَرِزْقُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ نَفْعِهِ وَقُوَّتِهِ عَلَى الْعَمَلِ أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَالُ يُوضَعُ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ فَتُكْرَهُ أَرْزَاقُهُمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَاسِمُ الْغَنَائِمِ كقاسم الْقَاضِي وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ لِقُسَّامِ الْقَاضِي لِأَنَّهَا تُؤْخَذ من بَيت مَالِ الْيَتَامَى وَمِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ وَلَا بَأْسَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ مَنْ يُبْعَثُ فِي أُمُورِ الْخُصُومَاتِ لَا يُجْعَلُ لَهُ عَلَى النَّاسِ شَيْء وَقَالَ مَالِكٌ لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ سَبَبُ الْحَيْفِ عَلَى بَعْضِهِمْ فَيَكُونُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَوْ أَجَّرَ قَوْمٌ لِأَنْفُسِهِمْ قاسما لم أربه بَأْسًا كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَثِيقَةِ قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ لَمْ يُرْزَقِ الْقَاسِمُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَجَّرَ نَفْسَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ استجوب قَاسِمُ الْغَنِيمَةِ جَازَ وَإِذَا بُعِثَ الْقَاسِمُ لِيُقَسِّمَ بَيْنَ قَوْمٍ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ قَالَ أَصْبَغُ لَا يَشْهَدُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَرْفَعَهُ للْحَاكِم فَإِن رَآهُ صَوَابا أَمْضَاهُ لِأَن حق الصَّغِير وَالْغَائِب وَكيل يَقُومُ مَقَامَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُكْرِهُ الْقَاضِي النَّاسَ عَلَى قَسْمِ قَسَامَةٍ خَاصَّةٍ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ أَغْنُوهُمْ بِالْمُعَامَلَةِ عَنِ الْخِيَانَةِ وَأَجْرَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِلْقَاضِي دَفْعَ مِائَةِ دِينَارٍ فِي السَّنَةِ وَكَانَ يُوَسِّعُ عَلَى عُمَّالِهِ وَيَقُولُ ذَلِكَ لَهُمْ قَلِيلٌ إِذَا أَقَامُوا كِتَابَ اللَّهِ وَعَدَلُوا وَعِنْدَ ش مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ وَكِفَايَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ كِفَايَتُهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ رِزْقًا لِأَنَّهُ فَرْضٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ كِفَايَةٌ جَازَ لَهُ الرِّزْقُ

ص: 78

مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتْرُكَ لَهُ الْكَسْبَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْرِضَ عَنِ الْكَسْبِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَوَجَدَ الْإِمَامُ مَنْ يَتَطَوَّعُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ لَو يَجُزْ أَنْ يُوَلِّيَ مَنْ يَطْلُبُ عَلَيْهِ رِزْقًا لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لِلْمَصَالِحِ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي الدَّفْعِ إِلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَبَرِّعِ فَإِنْ عُدِمَ الْمُتَبَرِّعُ وَلِلْمُوَلَّى كِفَايَتُهُ كُرِهَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ رِزْقًا لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَتَحْرُمُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقَضَاءِ كَأَنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَعِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ يَجُوزُ أَخْذُ الرِّزْقِ لِمَنْ تَعَيَّنَ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ مُطْلَقًا مَعَ إِكْرَاهِهِ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَاتَّفَقَتِ الْأَئِمَّةُ وَالْأُمَّةُ فِيمَا عَلِمْتُ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِجَارَةِ وَأَصْلُ الْإِرْزَاقِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَرْزَقَ عَتَّابَ بْنَ أُسِيدٍ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فِي السَّنَةِ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً وقَوْله تَعَالَى {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} التَّوْبَة 60 فَيُقَاسُ عَلَيْهَا جَمِيع الْمصَالح قَاعِدَة لايجتمع الْعِوَض والمعوض لشخص وَاحِد لَيْلًا تَبْطُلَ حِكْمَةُ الْمُعَاوَضَةِ وَكَذَلِكَ امْتَنَعَ أَخْذُ السَّابِقِ فِي حلبة الْخَيل أَو الرُّمَاة الرَّهْن لَيْلًا يَكُونَ الْمُنْتَفِعُ هُوَ الْآخِذَ وَاشْتُرِطَ الْمُحَلَّلُ وَامْتَنَعَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ ثَوَابَهَا لِلْإِمَامِ وَكَذَلِكَ لِلْقَاضِي أَجْرُ حُكْمِهِ لَهُ فَهُوَ يَعْمَلُ لنَفسِهِ تمهيد الْأَعْمَال ثَلَاثَة أَقسَام أُجْمِعَ عَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ فِيهِ كَالْخِيَاطَةِ وَقِسْمٌ أُجْمِعَ فِيهِ عَلَى الْمَنْعِ كَالْإِيمَانِ وَالصِّيَامِ وَقِسْمٌ مُخْتَلف فِيهِ كَالْحَجِّ والإمامة وَالْأَذَان بِوُجُوب شَائِبَتَيْنِ حُصُولِ النَّفْعِ لِلنَّافِعِ بِالثَّوَابِ وَالْمُسْتَأْجِرِ بِالْمُلَازَمَةِ فِي الْمَكَانِ الْمُخَصَّصِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ هَذَا فِي الْقَضَاءِ لَكِنْ عَرَضَ أَمْرٌ عَظِيمٌ وسهو هُوَ أَنَّ مَنْصِبَ الْقَضَاءِ مَنْصِبُ النُّبُوَّةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَابَلَ بِالْعِوَضِ

ص: 79

لِأَنَّهُ هَوَانٌ وَلِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَنَافِعِ فَهُوَ نَوْعٌ مِنَ السَّلْطَنَةِ تُهِينُ مَنْصِبَهُ وَتَخِلُّ بِهَيْبَتِهِ فَتَخْتَلُّ الْمَصَالِحُ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُسَّامِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّ مَنَاصِبَهُمْ قَلِيلَةُ الْعِظَمِ وَالْخَطَرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقَضَاءِ فَتُعَدُّ الْمَفْسَدَةُ فِيهِمْ بِخِلَافِ الْقَاضِي وَأَمَّا الْإِرْزَاقُ فَهُوَ يُعْطَى لِلْقَاضِي وَالْفُقَرَاءِ وَالضُّعَفَاءِ بِسَبَب وَاحِد وَهُوَ سد الْخلَّة لَا للمعامضة فَكَمَا أَنَّهُ فِي حَقِّ الْفَقِيرِ لَيْسَ مُعَاوَضَةً فَكَذَلِكَ الْقَاضِي لَا يُلَاحَظُ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ مُحْتَاج لذَلِك فيعطاه لَا أَنه لوحد خِدْمَتَهُ شَيْءٌ وَيُعَاوَضُ عَلَيْهِ كَالْفَقِيرِ سَوَاءً فَلِذَلِكَ جَازَ اتِّفَاقًا وَمُنِعَتِ الْإِجَارَةُ اتِّفَاقًا فَاعْلَمْ هَذِهِ الْفُرُوقَ وَتَدَبَّرْهَا فَإِنَّهَا مَدَارِكُ جَلِيلَةٌ الْأَدَبُ الرَّابِعَ عَشَرَ الْتِزَامُ سَدِّ ذَرِيعَةِ الْخِيَانَةِ وَالْمَهَانَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةً وَلَا مِمَّنْ يُهَادِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا قَرِيبٍ وَلَا صَدِيقٍ وَإِنْ كَافَأَ بِأَضْعَافِهَا إِلَّا مِنَ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ خَاصَّةٍ الْقَرَابَةِ الَّتِي تَجْمَعُ مِنَ الْحُرْمَةِ أَكْثَرَ مِنْ حُرْمَةِ الْهَدِيَّةِ قَالَ سَحْنُونٌ وَمِثْلُ الْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْأَخِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي أُهْدِيَ إِلَيَّ فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ عَلَى بَعْضِ أَعْمَالِنَا فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أهدي إِلَيّ أَلا مجْلِس فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يحملهُ على رقبته // (حديثصحيح) // وَلِأَنَّهَا ذَرِيعَةُ الرُّشَى فِي الْأَحْكَامِ فَيَنْدَرِجُ فِي الَّذِينَ اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَقْبَلُ مِمَّنْ يُخَاصِمُ وَيَقْبَلُهَا مِنْ إِخْوَانِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهَتِهَا إِلَى السُّلْطَانِ وَالْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَجُبَاةِ الْأَمْوَالِ وَقَبُولُهُ صلى الله عليه وسلم َ - الْهَدِيَّةَ مِنْ خَوَاصِّهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلِلْإِمَامِ أَخْذُ مَا أَفَادَ الْعُمَّالَ كَمَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه إِذَا

ص: 80

وَلَّى أَحَدًا أَحْصَى مَالَهُ لِيَنْظُرَ مَا يَزِيدُ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ شَاطَرَ الْعُمَّالَ لَمَّا لَمْ يَسْتَطِعْ تَمْيِيزَ الزَّائِدِ وَشَاطَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ لما احْتَضَرَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه أَمَرَ أَنْ يَدْخُلَ شَطْرُ مَالِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ اسْتِنَانًا بِفِعْلِ عُمَرَ بِعُمَّالِهِ تَمْهِيدٌ الزَّائِدُ قَدْ يَكُونُ مِنَ التِّجَارَةِ أَوِ الزِّرَاعَةِ لَا مِنَ الْهَدِيَّةِ وَلَا تَظُنَّ الْهَدَايَا بِأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَة إِلَّا مِمَّا لَا يَقْتَضِي أَخْذًا وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّشْطِيرُ حَسَنٌ لِأَنَّ التِّجَارَةَ لَا بُدَّ أَنْ يُنَمِّيَهَا جَاهُ الْعَمَلِ فَيَصِيرَ جَاهَ الْمُسْلِمِينَ كَالْعَامِلِ وَالْقَاضِي أَوْ غَيْرِهِ رَبِّ الْمَالَ فَأُعْطِيَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْمَالِ عَدْلًا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَكَذَلِكَ لَمَّا انْتَفَعَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْمَالِ الَّذِي أَخَذَاهُ مِنَ الْكُوفَةِ سَلَفًا فِي الْقِصَّةِ الْمَشْهُورَةِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه اجْعَلْهُ قِرَاضًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَجَعَلَهُ قِرَاضًا وَلَوْلَا هَذِهِ الْقَاعِدَةُ كَيْفَ يَصِيرُ الْقَرْضُ قِرَاضًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا بَأْسَ لِلْقَاضِي بِحُضُورِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَيُسَلِّمُ عَلَى أَهْلِ الْمَجْلِسِ وَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ إِلَّا ذَلِك لِأَنَّهَا قربات من أَمْوَالِي النَّاس فالقربات وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُجِيبَ الدَّعْوَةَ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ أَكْلِ الطَّعَامِ إِلَّا فِي الْوَلِيمَةِ لِلْحَدِيثِ فِيهَا ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجِيبُ الدَّعْوَةَ الْعَامَّةَ وَلِيمَةً أَوْ صَنِيعًا عَامًّا لِفَرَحٍ وَلَا يَجِبُ لِغَيْرِ الْفَرَحِ لِأَنَّ الْعُمُومَ لَعَلَّهُ مِنْ أَجْلِ الْقَاضِي لَا لِسُرُورٍ قَالَ سَحْنُونٌ وَالتَّنَزُّهُ عَنِ الدَّعْوَةِ الْعَامَّةِ أَحْسَنُ وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ لِأَهْلِ الْفَضْلِ أَنْ يُجِيبُوا كُلَّ مَنْ دَعَاهُمْ سُؤَالٌ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَوْ دُعِيتُ إِلَى كِرَاعٍ لَأَجَبْتُ وَاخْتُلِفَ هَلِ المُرَاد كرَاع

ص: 81

الشَّاة أَو اسْم مَكَان وعَلى التَّقْدِير تَكُونُ إِجَابَةُ الدَّاعِي حَسَنَةً مُطْلَقًا لِلْقَاضِي وَأَهْلِ الْفَضْلِ اقْتِدَاءً بِهِ صلى الله عليه وسلم َ - بَلْ يَنْبَغِي النَّهْيُ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ جَوَابُهُ إِنَّ عِظَمَ مَنْصِبِهِ صلى الله عليه وسلم َ - اوجب الْفرق فَكَانَ النَّاس يجيبون فَإِنَّ مَنْ أَجَابَهُ صلى الله عليه وسلم َ - فقد حصل لَهُ خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَالْمِنَّةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى الدَّاعِي جَزْمًا وَالْأَمْرُ فِينَا بِالْعَكْسِ إِنَّمَا نُدْعَى لِتَكُونَ الْمِنَّةُ عَلَيْنَا وَذَلِكَ هَوَانٌ بِنَا وَعز بِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَحَصَلَ الْفَرْقُ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ ومطرف لَا يشغل الْقَاضِي بِالْأَحَادِيثِ فِي مَجْلِسِهِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ إِجْمَامَ نَفْسِهِ قَالَا وَإِذَا جَلَسَ أَحَدٌ عِنْدَهُ وَقَالَ جَلَسْتُ لِأَقْتَدِيَ بِكَ وَأَتَعَلَّمَ مِنَ أَقْضِيَتِكَ فَلْيُقِمْهُ وَالْجُلُوسُ عِنْدَ الْقُضَاةِ مِنْ حِيَلِ الْمُشَاكِلِينَ للنَّاس إِلَّا أَن يكون مَعْرُوفا مألونا فَيَدَعَهُ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَقْعُدُ عِنْدَهُ إِلَّا الثِّقَةُ الْبَارِزُ الَّذِي فِيهِ نَفْعٌ وَلَا يَشْتَغِلُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ بِالْبَيْعِ وَالِابْتِيَاعِ لِنَفْسِهِ أَوْ لغيره على وَجه الْعِنَايَة بِهِ إِلَّا ماخف قَالَ سَحْنُون وَتَركه أضلّ قَالَ أَشْهَبُ فَمَا بَاعَ جَازَ بَيْعُهُ لَا يُرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تِجَارَةُ الْوُلَاةِ لَهُمْ مَفْسَدَةٌ وَلِلرَّعِيَّةِ مُهْلِكَةٌ قَالَ أَشْهَبُ أَمَّا بيع التركات فِي مَجْلِسه قَضَائِهِ أَوْ مَالِ غَائِبٍ أَوْ صَغِيرٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَنْبَغِي إِكْثَارُ الدُّخُولِ عَلَيْهِ وَلَا الرُّكُوبُ مَعَهُ إِلَّا لِأَهْلِ الْأَمَانَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَالْفَضْلِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ مِنْ خَصْمٍ وَإِنْ كَانَ خَاصًّا أَوْ قِيَاسًا لَهُ وَإِنْ كَافَأَهُ وَلَا مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ إِلَّا أَنْ يُكَافِئَهُ بِمِثْلِهَا وَإِنْ كَانَ يُهَادِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُ التَّسَلُّفُ مِنْ إِخْوَانِهِ الَّذِينَ يَعْرِفُ لَهُ السَّلَفَ مِنْهُمْ وَيَسْتَعِينُ بِإِخْوَانِهِ فِي حَوَائِجِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَنْبَغِي لَهُ التَّضَاحُكُ مَعَ النَّاسِ وَتَكُونُ فِيهِ عُبُوسَةٌ بِغَيْرِ غَضَبٍ وَيَلْزَمُ التَّوَاضُعَ مِنْ غَيْرِ وَهْنٍ لَا تَرْكَ حَقٍّ وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْغَنَاءُ عَنِ الْأَعْوَانِ كَمَا كَانَ الْخُلَفَاءُ فَهُوَ أَفْضَلُ فَإِنِ احْتَاجَ فَلْيُخَفِّفْ مَا

ص: 82

اسْتَطَاعَ وَيمْنَع من رفع الصَّوْت عِنْده لَيْلًا يُدْهَشَ وَيَتَنَزَّهُ عَنِ الْعَوَارِي وَالْمُقَارَضَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بَأْسَ أَنْ يُطَالِعَ ضَيْعَتَهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَشْتَرِي بِنَفْسِهِ وَلَا بوكيل مَعْرُوف لَيْلًا يُسَامِحَ وَلَا يُوَكِّلُ إِلَّا مَنْ يَأْمَنُهُ عَلَى دينه لَيْلًا يَسْتَرْخِصَ لَهُ بِسَبَبِ الْحُكْمِ وَلَا يَدْرِي النَّاسُ منزلَة لأحد عِنْده لَيْلًا يُؤْتى من قبله ويدعوا أَحَدًا فِي عَدَالَةٍ وَلَا شَهَادَةٍ وَيَكْفِي الْقَاضِيَ مِنَ الْمَعْرِفَةِ مَنْحُ الرَّجُلِ صَحْبَهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِأَنَّهُ يُخَادِعُ النَّاسَ بِالْمَنْزِلَةِ عِنْدَ الْقَاضِي كَثْرَة النَّاسِ فِي الرُّكُوبِ مَعَهُ تُعَظِّمُ عَلَيْهِ نَفْسَهُ وتعظم عَلَيْهِ خُلُقَهُ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الرِّشْوَةِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ عَلَى الْحُكْمِ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِنِيُّ وَالْبَكْرِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا كَانَ لَا ياخذرزقا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا إِلَّا بعوض وأجراه مَجْرَى الْهَدِيَّةِ وَحَقِيقَةُ الرَّشْوَةِ الْأَخْذُ لِلْحَكَمِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أَوْ لِإِيقَافِ الْحُكْمِ فَهَذَا هُوَ الْحَرَامُ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ ش تَحْرُمُ الْهَدِيَّةُ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَادَتُهُ أَنْ يُهْدِيَ إِلَيْهِ قَبْلَ الْوِلَايَةِ وَمِمَّنْ عَادَتُهُ إِنْ كَانَتْ لَهُ حُكُومَةٌ أَوْ يَسْتَشْعِرُهَا لَهُ أَوْ أَهْدَى لَهُ أَعْلَى مِمَّا عَادَته أَن يهديه وَالْإِجَارَة مَعَ الْكَرَاهَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَهْدَى إِلَيْهِ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا أَخَذَ الْمُحْرَّمَةَ هَلْ يَرُدُّهَا لِرَبِّهَا أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمُهْدِيَ أَهْدَى إِلَيْهِ لِمَكَانِ وِلَايَتِهِ وَهُوَ مُنْتَصِبٌ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ فَكَأَنَّهُ أَهْدَاهَا لِلْمُسْلِمِينَ فَتُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِمْ وَجَوَّزُوا حُضُورَهُ الْوَلَائِمَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَكَرِهُوا تَوَلِّيَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يكون وَكيلا مَعْرُوفًا وَلَهُمْ فِي الْفُتْيَا فِي أَحْكَامِ الْخُصُومَاتِ قَولَانِ وَوَافَقَ ابْن حَنْبَل ش فِي لهدية وَأَقْسَامِهَا وَالْوَلَائِمِ وَالْبِيَعِ وَعِنْدَ ح مَتَى قَبِلَ الرِّشْوَةَ انْعَزَلَ وَلَا يُنَفَّذُ قَضَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَتُوبَ فَإِذَا تَابَ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ تَوْلِيَةٍ لِأَنَّ الْفِسْقَ يُبْطِلُ حُكْمَهُ كَالشَّهَادَةِ بل أولى

ص: 83

لِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي يُنَفَّذُ عَلَى الْغَيْرِ وَالشَّاهِدُ لَا يَنْفُذُ قَوْلُهُ عَلَى الْغَيْرِ وَيَعُودُ لِغَيْرِ وِلَايَةٍ لِزَوَالِ الْمُعَارِضِ فَيَعْمَلُ السَّبَبُ السَّابِقُ وَفَصَّلَ فِي الْهَدِيَّةِ مِثْلَ ش الْأَدَبُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي أُمُورٍ مُتَقَدِّمَةٍ يَحْتَاجُهَا فِي الْجَوَاهِرِ يَجْعَلُ مَنْ يَثِقُ بِهِ يُخْبِرُهُ بِمَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أَخْلَاقِهِ وَيُنْكِرُونَ عَلَيْهِ فَيَنْظُرُ فِيهِ وَيَسْتَدْرِكُهُ بِمَا يَلِيقُ وَفِي النَّوَادِرِ يَتَعَيَّنُ عَلَى جَلِيسِ الْقَاضِي إِذَا أَنْكَرَ أَمْرًا أَنْ لَا يُؤَخِّرَهُ بَلْ فِي الْحَالِ يُخْبِرُهُ بِهِ لِيَتُوبَ وَإِذَا احْتَاجَ إِلَى كَشْفِ وَجْهِ الْمَرْأَةِ كُشِفَ بَين يَدي الْعُدُول من أَصْحَابه وَأمر بنحي الْخُصُوم وَمن على رَأسه إِن كَانَ آمنهُ وَيَجْعَلُ لِلنَّصَارَى يَوْمًا أَوْ وَقْتًا يَجْلِسُ لَهُمْ فِيهِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ قَالَ سَحْنُونٌ وَالْغُرَبَاءُ وَأَهْلُ الْمِصْرِ سَوَاءٌ إِلَّا أَنْ يَرَى غَيْرَ ذَلِكَ فِي الْغُرَبَاءِ مِمَّا لَا يَضُرُّ بِأَهْلِ الْمِصْرِ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْغُرَبَاءِ وَقْتًا يَخُصُّهُمْ فَإِنْ كَثُرُوا فَلَا يَبْدَأُ بِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ بَلْ يَجْعَلُ لِهَؤُلَاءِ دَعْوَةً وَلِهَؤُلَاءِ دَعْوَةً ثُمَّ يَبْدَأُ بِطَائِفَةٍ أَوَّلَ يَوْمٍ ثُمَّ يَمِيلُ لِأَهْلِ الْمِصْرِ حَتَّى يَقُومَ ثُمَّ يَبْدَأُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بِبَاقِيهِمْ ثُمَّ يَمِيلُ إِلَى أَهْلِ الْمِصْرِ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ تِلْكَ الدَّعْوَةُ فَإِنْ خَاصَمَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مَنْ لَمْ يَكُنْ كُتِبَ اسْمُهُ فِي الدَّعْوَةِ خُيِّرَ فِي إِثْبَاتِهِ فِي أَوَّلِ مَنْ يَدْعُو أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ أَوْ تَرَكَهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ جَمِيعُ مَنْ كُتِبَ فِي الدَّعْوَةِ بِاجْتِهَادِهِ وَلَيْسَ مَنْ يَخَافُ فَوَاتَ أَمْرِهِ كَغَيْرِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ شَأْنُ الْقُضَاةِ تَقْدِيمُ الْغُرَبَاءِ قَالَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْقُضَاةِ أَنْ يَجْعَلَ لِنَفْسِهِ يَوْمًا فِي الْجُمْعَةِ لَا يَقْضِي فِيهِ بَلْ يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ فِي كُلِّ الْأَيَّامِ فِي دُنْيَاهُ وَحَوَائِجِهِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ خَصْمَ كُلِّ مَنْ جَاءَهُ إِلَّا بِلَطْخٍ مِنْ شَهَادَةٍ أَوْ سَمَاعٍ فَلَعَلَّهُ يُشَخِّصُ الرَّجُلَ الْبَعِيدَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْده أَو يَدعِي بِشَيْء وَلَيْسَ فَيُعْطِيهِ إِيَّاهُ وَلَا يَرْتَفِعُ قَالَ أَصْبَغُ لَا يكْتب فِي دفع خصم إِلَّا الْعدْل

ص: 84

فَيَقُول لَهُ مرهما بِالتَّنَاصُفِ فَإِنِ امْتَنَعَا فَارْفَعْهُمَا إِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي وَجه لمطالبته وخصمه لدد والا تَرْفَعُهُ وَهَذَا فِي الْمَكَانِ الْقَرِيبِ وَيَكْتُبُ فِي الْبَعِيدِ إِلَى مَنْ يَرْضَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَيسمع الْبَيِّنَةَ وَاكْتُبْ إِلَيَّ بِمَا صَحَّ عِنْدَكَ فَإِذَا كَتَبَ بِمَا صَحَّ عِنْدَهُ فَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِنْفَاذِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا أَوْ بِحَمْلِهِمَا إِلَيْهِ فَيُنَفِّذُهُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَرْفَعُ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ عُدِمَ ثَمَّ من يُكَاتب يَعْرِفُهُ الْقَاضِي وَذُكِرَ لِلْقَاضِي أَنَّ ثَمَّ مَنْ يصلح فليأته بِمَنْ يَعْرِفُهُ فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ الْأَهْلِيَّةُ كَتَبَ وَإِلَّا كَتَبَ إِلَى عَامِلِ الْبَلَدِ إِنْ وَثِقَ بِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ كَتَبَ لِلْمَطْلُوبِ إِنَّ فُلَانًا ذَكَرَ فُلَانًا فَتَنَاصَفَا وَإِلَّا فَاقْدُمْ مَعَهُ فَإِن قدم والانفذ مَنْ يُقْدِمُهُ إِنْ قَرُبَ الْمَكَانُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ أُعْطِيَ الطَّالِبُ طَابَعًا أَوْ رَسُولًا أَوْ بَعِيدًا أَمَرَ بِحَمْلِهِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَوْ شَاهِدَانِ فَيَكْتُبُ حِينَئِذٍ إِلَى أُمَنَائِهِ إِمَّا أَنْ يُنْصِفَهُ وَإِلَّا يَرْتَفِعُ مَعَهُ وَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ مَا لَمْ يُرِدْ إِلَّا التَّطْوِيلَ وَمَتَى كَانَ فِي الْحُكُومَةِ إِشْكَالٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِالصُّلْحِ وَإِذَا أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِشَيْءٍ أَمَرَ الطَّالِبَ أَنْ يشْهد عَلَيْهِ لَيْلًا يُنكر

ص: 85

(الْبَاب الْخَامِس مُسْتَنَدِ قَضَائِهِ)

قَاعِدَةٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَالْعِلَلِ وَالْأَسْبَابِ وَالْحُجَجِ فِي مَوَارِدِ الشَّرْعِ أَمَّا الْأَدِلَّةُ فَتَقَدَّمَ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ أَنَّهَا قِسْمَانِ أَدِلَّةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ بِالِاسْتِقْرَاءِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا فِي الْمُقَدِّمَةِ وَأَدِلَّةُ وُقُوعِهَا وَهِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ لِأَنَّهَا وُقُوعُ أَسْبَابِهَا وَشُرُوطِهَا وَانْتِفَاءُ مَوَانِعِهَا كَأَدِلَّةِ الزَّوَالِ مِنَ الرُّخَامَاتِ وَمَوَازِينِ الشَّمْسِ وَغَيْرِهَا وَبَسْطُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَأَدِلَّةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ يَتَقَدَّمُ فِيهَا الْمُجْتَهِدُ ثُمَّ الْأَوْصَافُ الْمَنْصُوبَةُ الَّتِي دَلَّتْ عَلَيْهَا الْأَدِلَّةُ الَّتِي هِيَ أَدِلَّةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ مِنْهَا مَعْقُولُ الْحِكْمَةِ كَنَصْبِ الْإِسْكَارِ عِلَّةً لِلتَّحْرِيمِ وَالْإِقْتِيَاتِ لِلرِّبَا فَهَذِهِ عِلَلٌ وَتَارَةً لَا تُعْقَلُ حِكْمَتُهَا كَالزَّوَالِ وَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَالصِّيَامِ فَهَذِهِ أَسْبَابٌ ثُمَّ إِذَا دَلَّتِ الْأَدِلَّةُ وَتَقَرَّرَ السَّبَبُ وَالْحُكْمُ وَعِلَّتُهُ وَتَعَلَّقَ النِّزَاعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِيهِ أَوْ هُوَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ فَالْمُثْبِتُ لِذَلِكَ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ أَيْمَانٍ أَوْ إِقْرَارِ حُجَجٍ فَالْحُجَجُ مُتَأَخِّرَةُ الرُّتْبَةِ عَنِ الْجَمِيعِ وَالْأَدِلَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ وَالْأَسْبَابُ وَالْعِلَلُ مُتَوَسِّطَةٌ مُتَأَخِّرَةٌ عَنِ الْأَدِلَّةِ وَمُقَدَّمَةٌ عَلَى الْحُجَجِ فَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَمِيعِ إِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فَجَمِيعُ مَا يَقْضِي بِهِ الْحَاكِمُ الْمُقَلِّدُ حُجَجٌ إِذَا قُلْنَا لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ وَإِنْ قُلْنَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَلَيْسَ الْعِلْمُ حُجَّتَهُ بَلْ بَدَلُ الْحُجَّةِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْحُجَّةِ إِثَارَةُ الظَّنَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ قَامَ مقَام الْحجَّة على مَا سنبين أقوى مَعْنَى قَوْلِ الْعُلَمَاءِ

ص: 86

الْقَاضِي يَقْضِي بِعِلْمِهِ لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ بَلْ غَالِبُهُ ظَنٌّ وَأَمَّا الْحَاكِمُ الْمُجْتَهِدُ فَيَحْكُمُ بِالْحُجَجِ وَالْأَدِلَّةِ وَالْمُقَلِّدُ لَا يَجُوزُ لَهُ اتِّبَاعُ الْأَدِلَّةِ وَأَصْلُ الْقَضَاءِ بِالْأَدِلَّةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ لِلْيَمَنِ كَيْفَ تَقْضِي قَالَ لَهُ أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَالَ أَجْتَهِدُ رَأْيِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَهُ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي الِاجْتِهَادِ مَا هُوَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ يَحْكُمُ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِسُنَّةِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - ويقد مَا صَحِبَهُ الْعَمَلُ لِأَنَّ أَصْلَ مَالِكٍ تَقْدِيمُ الْعَمَلِ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ وَكَذَلِكَ الْقِيَاسُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآحَادِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَبْهَرِيُّ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ السُّنَّةَ فَبِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فَإِنِ اخْتَلَفُوا فَمَا صَحِبَهُ الْعَمَلُ من أَقْوَالهم وَإِلَّا تخَيرُوا مِنْ أَقْوَالِهُمْ وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ أَجْمَعِينَ وَقِيلَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ وَإِنْ خَالَفَهُمْ كُلَّهُمْ حُجَّةُ الْأَوَّلِ قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ فَإِنْ فُقِدَ ذَلِك فَابْن عَلَى الْأُصُولِ بَعْدَ مَشُورَةِ الْعُلَمَاءِ فَإِنِ اجْتَمَعُوا على شَيْء أخذت بِهِ إِلَّا فبأحسن أقولهم عِنْدَهُ وَإِنْ رَأَى مُخَالَفَتَهُمْ فَعَلَ إِنْ كَانَ نَظِيرًا لَهُمْ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ وَالصَّحِيحُ لَهُ مُخَالَفَتُهُمْ مُطْلَقًا مَا لَمْ يكن إِجْمَاعًا وهوعلى الْخِلَافِ هَلْ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يُقَلِّدَ أَقْوَالًا مَذْكُورَةً فِي الْأُصُولِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَفَرْضُهُ الْمَشُورَةُ وَالتَّقْلِيدُ فَإِنِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قضى بقول أعلمهم

ص: 87

الْمُقَلِّدُ وَتَارَةً لَا يُحِيطُ بِقَوَاعِدِ مَذْهَبِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّخْرِيجُ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْفَارِقُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوِ اطَّلَعَ عَلَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِهِ لَأَوْجَبَ لَهُ الِاطِّلَاعُ الْفَرْقَ وَنِسْبَتُهُ إِلَى مَذْهَبِهِ كَنِسْبَةِ مَنْ دُونَ الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ إِلَى جُمْلَةِ الشَّرِيعَةِ فَكَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُقَلِّدِ التَّخْرِيجُ فِيمَا لَيْسَ مَذْهَبَ الْعُلَمَاءِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ الْأَدِلَّةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْأَفْضَل إِلَّا بِقَوْلِ عَالِمٍ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ دَلِيلُهُ لِقُصُورِهِ عَنْ رُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ فَكَذَلِكَ هَذَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا بِمَنْصُوصٍ فَافْهَمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ يَطَّرِدُ فِي الْفُتْيَا وَفِي الْبَابِ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ

(الْفَرْعُ الْأَوَّلُ)

فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ تَقَدَّمَ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَوْ فِيهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمُحَاكَمَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ يَحْكُمُ بِمَا عَلِمَ بعد الشُّرُوع وَحَيْثُ مَعنا فَحكم لَا ينتفض عِنْد بعض أَصْحَابنَا لوُقُوع الْخلاف كَمَا حَكَمَ فِي مَسْأَلَةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالسَّنَدِ حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ وَنَقَضَهُ أَبُو الْحَسَنِ لِبُطْلَانِ الْمُدْرَكِ عِنْدَهُ كَمَا يُنْقَضُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ مَا ضَعُفَ دَلِيلُهُ

ص: 3389

فَإِنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ أَنْ يكون أقرا فَفِي قَبُولِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ نَظَرًا لِلتَّأْكِيدِ بِالْحُكْمِ وَضَعْفِ الْمُدْرِكَ قَالَ التُّونُسِيُّ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ خِلَافًا فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَا رَأَى الْقَاضِي أَوْ سَمِعَهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهِ وَأَنَّهُ يُنْقَضُ إِنْ حُكِمَ بِهِ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ لِضَعْفِ الْعِلْمِ بِتَقَدُّمِهِ كَتَقَدُّمِ الْيَمِينِ وَالْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّعْوَى وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا يُقِرُّ بِهِ الْخَصْمَانِ فِي مَجْلِسِهِ فَإِنْ حَكَمَ بِهِ نَقَضَهُ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ وَنَفَّذَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ كَعِلْمِهِ فِي التَّجْرِيحِ وَالتَّعْدِيلِ فَإِنْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بَعْدَ جُلُوسِهِ لِلْخُصُومَةِ ثُمَّ أَنْكَرَ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ وَرَأَيَا أَنَّهُمَا لَمَّا جُلِبَا لِلْحُكُومَةِ فَقَدْ رَضِيَا بِالْحُكْمِ بِمَا يَقُولَانِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يُنْكِرْ حَتَّى حُكِمَ ثُمَّ أَنْكَرَ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى إِنْكَارِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَفِي الْجَلَّابِ إِذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ حَكَمَ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ وَأَنْكَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْحَاكِمِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ أَشْبَهُ فِي قُضَاةِ الْيَوْمِ لِضَعْفِ عَدَالَتِهِمْ وَقَالَ أَيْضًا لَا أرى أَن يُبَاح هَذَا الْيَوْم لأحد من الْقُضَاةِ وَلَا خِلَافَ فِي اعْتِمَادِهِ عَلَى عِلْمِهِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إِذَا وَجَدَ فِي دِيوَانِهِ حُكْمًا بِخَطِّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَكَمَ بِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْحُكْمُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ وَإِذَا نَسِيَ الْقَاضِي حُكْمًا حَكَمَ بِهِ فَشَهِدَ عِنْده شَاهِدَانِ أَنه قضي بِهِ نفض الحكم بِشَهَادَتِهِمَا وان لم يذكرَا كَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى الْبَيِّنَةِ وَلَا يَحْكُمُ بِهَا لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ عَلَى نَفسه وَلَو شهد الشَّاهِدَانِ عِنْد غَيره بعده لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ عَلَى الْغَيْرِ وَهَى قَاعِدَةُ الْإِثْبَاتَاتِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أَنْكَرَ قَضَاءَهُ فَشَهِدَ بِهِ بعده مَنْ شَهِدَ بِهِ عِنْدَهُ عُزِلَ الْأَوَّلُ أَمْ لَا وَسوى شهودها بَيْنَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا يَحْكُمُ فِي الْحُدُودِ بِمَا يُشَاهِدُهُ مِنْ أَسْبَابِهَا إِلَّا الْقَذْفَ وَلَا فِي

ص: 90

حُقُوق الادمين بِمَا عَلِمَهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ دُونَ مَا بَعْدَ الْوِلَايَةِ وَمَشْهُورُ ش الْحُكْمُ فِي الْجَمِيعِ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِي جَوَازِ الْحُكْمِ فِيمَا يَعْلَمُهُ لَنَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّمَا أَنا بشر وَإِنَّكُمْ تختصمون إِلَيّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فأقضي لَهُ على نَحْو مَا أسمع مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى الْقَضَاءِ بِالسَّمَاعِ دُونَ الْعِلْمِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ فَحَصَرَ الْحُجَّةَ فِي الْأَمْرَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْعلم وَفِي أبي دَاوُد إِن الرَّسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - بعث أَبَا جهم على الصَّدَقَة فلاحه رَجُلٌ فِي فَرِيضَةٍ فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا شِجَاجٌ فَأَتَوُا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَأَعْطَاهُمُ الْأَرْشَ ثُمَّ قَالَ فَأَخْطُبُ النَّاسَ أُعْلِمُهُمْ بِرِضَاكُمْ قَالُوا نَعَمْ فَخَطَبَ فَأَعْلَمَ فَقَالُوا لَا مَا رَضِينَا فَأَرَادَهُمُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - لَا وَنَزَلَ فَجَلَسُوا إِلَيْهِ فَأَرْضَاهُمْ فَقَالَ أَخْطُبُ وَأُعْلِمُ النَّاسَ قَالُوا نَعَمْ فَخَطَبَ فَأَعْلَمَ النَّاسَ فَقَالُوا رَضِينَا وَهَذَا نَصٌّ فِي عَدَمِ الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ وَشَرِيكٍ إِنْ جَاءَتْ بِهِ لِكَذَا فَهُوَ لِهِلَالٍ يَعْنِي الزَّوْجَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِكَذَا فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ يَعْنِي الْمَقْذُوفَ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَو كنت راجما أحدا بِغَيْر بَيِّنَة لرجمتها فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْضِي فِي الْحُدُودِ بِعِلْمِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا وَقَدْ وَقَعَ مَا قَالَ فَيَكُونُ الْعِلْمُ حَاصِلًا لَهُ وَمَعَ ذَلِكَ مَا رَجَمَ وَعَلَّلَ بِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ

ص: 91

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ} فا قتضى جَلْدَهُمْ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ عَلِمَ صَدْقَهُمْ فَإِنَّ الْحَاكِمَ غَيْرُ مَعْصُومٍ فَيُتَّهَمُ بِالْقَضَاءِ عَلَى عَدُوِّهِ وَلِوَلِيِّهِ وَلَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَحُسِمَتِ الْمَادَّةُ صَوْنًا لِمَنْصِبِ الْقَضَاءِ عَنِ التُّهَمِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَاتَّفَقُوا أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَتَلَ أَخَاهُ فَعلمه بِأَنَّهُ قَاتِلٌ أَنَّهُ كَالْقَاتِلِ عَمْدًا لَا يَرِثُ مِنْهُ شَيْئًا لِلتُّهْمَةِ فِي الْمِيرَاثِ وَاحْتَجَّ لِعَبْدِ الْملك بقوله صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ وَقَالَ مَالِكٌ نَحْوَ مَعْنَاهُ أَهْتَدِي أَوَّلًا لِمَوَاضِعِ الْحُجَجِ وَلِذَلِكَ قَالَ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ احْتَجُّوا بِحَدِيثِ مُسْلِمٍ فِي أَبِي سُفْيَانَ قَضَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - بِالنَّفَقَةِ بِعِلْمِهِ فَقَالَ لِهِنْدَ خُذِي لَكِ وَلِوَلَدِكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يُكَلِّفْهَا بَيِّنَةً قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ اسْتَعْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عُمَرَ رضي الله عنه عَلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ أَنَّهُ ظَلَمَهُ حَدًّا فِي مَوْضِعٍ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِي سُفْيَانَ انْهَضْ بِنَا إِلَى الْمَوْضِعِ فَنَظَرَ عُمَرُ فَقَالَ يَا أَبَا سُفْيَانَ خُذْ هَذَا الْحجر من هَاهُنَا فضعه هَاهُنَا فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ فَقَالَ وَاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ فَعَلَاهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ خُذْهُ لَا أم لَك وَضعه هَاهُنَا فَإِنَّكَ مَا عَلِمْتُ قَدِيمُ الظُّلْمِ فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ حَيْثُ قَالَ فَاسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْقِبْلَةَ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَك الْحَمد ان لَمْ تُمِتْنِي حَتَّى غَلَبْتُ أَبَا سُفْيَانَ عَلَى رَأْيه وادللته لي بِلَا اسلام فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ أَبُو سُفْيَانَ وَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمد أَن لَمْ تُمِتْنِي حَتَّى جَعَلْتَ فِي قَلْبِي مَا ذَلَّلْتَهُ لِعُمَرَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} وَلِأَنَّهُ إِذا جَازَ أَن يحكم بَنَات على الظَّن الناشيءعن

ص: 92

قَول البنية بِالْعلمِ اَوْ الراي وَالْعَجَبِ جَعَلَ الظَّنَّ خَيْرًا مِنِ الْعِلْمِ وَلِأَنَّ التُّهْمَةَ قَدْ تَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْبَيِّنَةِ فَيَقْبَلُ مَنْ لَا يَقْبَلُ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ يَجِبُ بِمَا نَقله الرُّوَاةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَبِمَا سَمِعَهُ الْمُكَلَّفُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ يَسْتَوِي فِي حَقِّهِ إِخْبَارُ الْبَيِّنَةِ وَسَمَاعُهُ هُوَ من غير بَيِّنَة أَو رُتْبَة قِيَاسًا عَلَى الرِّوَايَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الرِّوَايَةَ تُثْبِتُ شَرْعًا عَامًّا وَالْقَضَاءَ فِي فَرْدٍ لَا يعدى لغيره بحضره أَقَلُّ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِعِلْمِهِ لَفَسَقَ فِي صُوَرٍ مِنْهَا أَنْ يَعْلَمَ وِلَادَةَ امْرَأَةٍ على فرَاش رجل فَشهد بِأَنَّهَا مَمْلُوكَة مكنة من وَطْء ابْنَتُهُ وَهُوَ فِسْقٌ وَإِلَّا حَكَمَ بِعِلْمِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَعْلَمَ قَتْلَ زِيدٍ لِعَمْرٍو وَيَشْهَدَ بِأَنَّ الْقَاتِل غَيره فَإِن قتل قَتَلَ الْبَرِيءَ وَإِلَّا حَكَمَ بِعِلْمِهِ وَمِنْهَا لَوْ سَمِعَهُ يُطَلِّقُ ثَلَاثًا فَأَنْكَرَ فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِوَاحِدَةٍ إِنْ قَبِلَ الْبَيِّنَةَ مَكَّنَ مِنَ الْحَرَامِ وَإِلَّا حَكَمَ بِعِلْمِهِ وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - اشْتَرَى فَرَسًا فَجَحَدَهُ الْبَائِعُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ يَشْهَدُ لِي فَقَالَ خُزَيْمَةُ أَنَا أَشْهَدُ لَك يَا رَسُول الله فَقَالَ لَهُ كَيفَ تشهد وَمَا حضرت فَقَالَ خُزَيْمَة يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا عَنْ أَمْرِ السَّمَاءِ فَنُصَدِّقُكَ أَفَلَا نُصَدِّقُكَ فِي هَذَا فَسَمَّاهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم َ - ذَا الشَّهَادَتَيْنِ فَهَذَا وَإِنِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ فَهُوَ يَدُلُّ لَنَا مِنْ جِهَةِ حُكْمِهِ صلى الله عليه وسلم َ - لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ لِغَيْرِهِ بِعِلْمِهِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ فِي التُّهْمَةِ مِنَ الْقَضَاءِ لِنَفْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّجْرِيحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ قِصَّةُ هِنْدَ فُتْيَا لَا حُكْمٌ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ من تَصَرُّفَاته صلى الله عليه وسلم َ - لِأَنَّهُ رَسُولٌ مُبَلِّغٌ وَالتَّبْلِيغُ فُتْيَا وَالتَّصَرُّفُ بِغَيْرِهِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفُتْيَا وَلِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَى حَاضِرٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يعرف

ص: 93

وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مِنْ بَابِ إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ الَّذِي يَحْسُنُ مِنْ آحَادِ النَّاسِ الْقِيَامُ بِهِ وَإِزَالَتُهُ لَا مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ فَلِمَ قُلْتُمْ أَنه من الْقَضَاءِ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ مُرَدَّدَةٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَتَكُونُ مُجْمَلَةً فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهَا وَعَنِ الثَّالِثِ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّ الْحُكْمَ بِالْعلمِ من الْقسْط بل هم عِنْدَنَا مُحَرَّمٌ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْعِلْمَ أَفْضَلُ من الظَّن لِأَن استلزامه تطريق للتهم لمنصب الْقَضَاء والطعن على متوليه فتنخرق وَتَخْتَلُّ الْمَعَالِمُ الْعَامَّةُ أَوْجَبَ رُجْحَانَ الظَّنِّ عَلَيْهِ وَالرَّاجِحُ قَدْ يُعَارِضُهُ مَا يُصَيِّرُهُ مَرْجُوحًا وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الرِّوَايَةَ وَالسَّمَاعَ وَالرُّؤْيَةَ اسْتَوَى الْجَمِيعُ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ فِي الْعِلْمِ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ الْحُكْمِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ تِلْكَ الصُّوَرَ لَمْ يَحْكُمْ فِيهَا بِعِلْمِهِ بَلْ تَرَكَ الْحُكْمَ بِالشَّهَادَةِ وَتَرْكُ الْحُكْمِ لَيْسَ بِحُكْمٍ وَتَرْكُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ لَيْسَ فِسْقًا وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَا حَكَمَ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَخذ الْفرس فَهَذَا مِنَ الْأَعْرَابِيِّ فَقَدِ اخْتُلِفَ هَلْ حَكَمَ أَمْ لَا وَهَلْ جَعَلَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ شَهَادَتَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ مُبَالَغَةً فَمَا تَعَيَّنَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّمَا سَمَّى خُزَيْمَةَ ذَا الشَّهَادَتَيْنِ مُبَالَغَةً لَا حَقِيقَةً وَعَنِ الثَّامِنِ إِنَّمَا حَكَمَ فِيهِ بِعِلْمِهِ لَيْلًا يَلْزَمَ التَّسَلْسُلُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ فَتَشْهَدُ بِالْجَرْحِ أَوِ التَّعْدِيلِ وَتَحْتَاجُ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةً إِلَّا أَنْ يَقْبَلَ بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ صُورَةِ

ص: 94

النزاع وَقَالَ القَاضِي فِي المعونة هَذَا لَيْسَ حُكْمًا وَإِلَّا يَتَمَكَّنُ غَيْرُهُ مِنْ قبُول شَهَادَة من رفضته أَو تجريح من عدلته لِأَن حكم الْحَاكِم لَا ينْتَقض ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ حُكْمًا فَلَا يَنْقُضُ فَائِدَة قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فأقضي لَهُ على نَحْو مَا أسمع مِنْهُ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ مَعْنَاهُ فَأَقْضِي عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَسْمُوعَ مِنَ الْخَصْمِ لَا يُقْضَى لَهُ بِهِ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ إِذَا جَحَدَ الْمُقِرُّ إِقْرَارَهُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَلَمْ تَحْضُرْهُ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ قَالَ جُمْهُور الْفُقَهَاء يجب بِمُوجب إِقْرَاره من الشفاعية وَغَيرهم وَلَا يسْتَحبّ مَالِكٌ أَنْ يَحْضُرَهُ شَاهِدَانِ وَأَجَازَ فِي ذَلِكَ الْعدْل وَغَيره وَلم يبح فيهم مدفعها وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ اسْتِحْبَابٌ وَظَاهر كلأمه يَقْتَضِي أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْإِقْرَارِ فِيهِ وَإِنَّمَا الشَّهَادَةُ اسْتِحْبَابٌ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ الْقَاضِي فِي المعونة وَحَيْثُ مَعنا الْحُكْمَ بِمَا عَلِمَهُ فَهُوَ فِيهِ شَاهِدٌ فَيَرْفَعُهُ إِلَى الامام أَو إِلَى غَيره من الْحَاكِم وَيَدَّعِي صَاحِبُ الْحَقِّ شَهَادَةَ الْحَاكِمِ مَعَ غَيْرِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ حَيْثُ مُنِعَ فَشَهَادَتُهُ قِسْمَانِ إِنْ كَانَ عِلْمُهُ قَبْلَ الْحُكُومَةِ شَهِدَ عِنْدَ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْمُحَاكَمَةِ مَنَعَ مُحَمَّد قبُول شَهَادَته للتُّهمَةِ على التنفيد وَقَالَ أَيْضًا لَا يُقْبَلُ إِذَا لَمْ يَحْكُمْ قَالَ وَأَرَى الْقَبُولَ إِذَا لَمْ يَحْكُمْ كَالْعَبْدِ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ حَتَّى عُتِقَ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ وَإِنْ حَكَمَ بِعِلْمِهِ ثُمَّ رُدَّ لَمْ يُقْبَلْ وَحَيْثُ يُقْبَلُ يُوَفِّيهَا لِمَنْ فَوْقَهُ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ تَحْتَهُ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَقْبَلَ إِذَا كَانَ مُبَرَّزًا فِي الْعَدَالَةِ

ص: 95

وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ تَجْرِيحَهُ يَتَعَذَّرُ وَلَا يَقُومُ النَّاسُ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَقَرَّ الْخَصْمُ عِنْدَهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ ثُمَّ عَادَ فَجَحَدَ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ إِلَّا بِبَيِّنَةِ سِوَاهُ وَإِلَّا شَهِدَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَنْ فَوْقَهُ وَمَا عَلِمَهُ مِنَ الْحُدُودِ قَذْفٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ غَصْبٍ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَى مَنْ فَوْقَهُ وَهُوَ شَاهِدٌ فِيهِ وَإِنْ رَأَى الْحَدَّ السُّلْطَانُ الْأَعْلَى الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ سُلْطَانٌ رَفَعَهُ إِلَى الْقَاضِي أَوْ رَآهُ مِثْلُ أَمِيرِ مِصْرٍ رَفَعَهُ لِلْقَاضِي وَكَانَ شَاهِدًا وَلَا يَرْفَعُهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ إِنَّ مَذْهَبَهُ فِي الْكِتَابِ لَا يَرْفَعُ أحد الا لمن دُونَهُ وَتَحْتَ يَدِهِ إِلَّا السُّلْطَانَ الْأَعْظَمَ لِلضَّرُورَةِ إِلَى ذَلِكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقَامُ هَذَا الْحَدُّ وَيُهْدَرُ وَاعْتَمَدَ هَذَا الْقَائِلُ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَحَمَلَ قَوْلَهُ فِي وَالِى مِصْرٍ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ مِنْ تَقْدِيمِ الْخَلِيفَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ إِلَى مَا دَوَّنَهُ كَمَا يَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ وَكَانَتِ الْعَادَةُ تَقْدِيمَ الْقُضَاةِ مِنْ قِبَلِ الْوُلَاةِ وَعَلَيْهِ تَكَلَّمَ وَهِيَ سِيرَةُ بَنِي أُمَيَّةَ حَتَّى وَلَّى بَنُو الْعَبَّاسِ الْقُضَاةَ مِنْ قِبَلِهِمْ دُونَ الْأُمَرَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ مَعَهُ فِي الْحَدِّ غَيْرُهُ وَلَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ لَمْ يُقِمْهُ وَشَهِدَ فِيهِ عِنْدَ غَيْرِهِ وَإِنْ شَهِدَ السُّلْطَانُ وَآخَرُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا سَرَقَ مَتَاعَ السُّلْطَانِ رَفَعَهُ لِمَنْ فَوْقَهُ وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ غَيْرُهُ أَنَّهُ سَرَقَ مَتَاعَ السُّلْطَانِ قَطَعَهُ لِأَنَّ الْقَطْعَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا يُغَرِّمُهُ حَتَّى يَرْفَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ الْغُرْمَ حَقٌّ لَهُ وَهُوَ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا عَلِمَ خِلَافَ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهَا لِعَدَالَتِهَا وَيَرْفَعُ ذَلِكَ إِلَى الْأَمِيرِ الَّذِي هُوَ فَوْقَهُ فَيَشْهَدُ بِمَا عَلِمَ وَالْبَيِّنَةُ بِمَا عَلِمَتْ وَيَرَى ذَلِكَ الْآخَرُ رَأْيَهُ فَإِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ غَيْرَ عَادِلَةٍ شهِدت بِمَا يُعلمهُ لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهَا لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا شَهِدَتِ الْعَدَالَةُ بِمَا يَعْلَمُ خِلَافَهُ نَفَّذَ شَهَادَتَهُمْ بَعْدَ الِاسْتِنْظَارِ وَالْأَحْسَنُ لَوْ خَلَا

ص: 96

بهم فأعلمهم بِعِلْمِهِ فلعلهم ينْكَشف لَهُم أَوله مَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَلْيَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِمْ وَيُعْلِمِ الْمَشْهُودَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ شَهَادَةً فَيَرْفَعُ ذَلِكَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ إِلَى مَنْ فَوْقَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ إِلَّا تَحْتَهُ لَمْ يَرْفَعْ إِلَيْهِ إِلَّا عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّ الأَصْل أَن لَا يحكم بِشَهَادَة الْإِنْسَان إِلَّا مَنْ فَوْقَهُ وَرَفَعَهُ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّ عُمَرَ اخْتَصَمَ مَعَ أُبَيٍّ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنهم فَيَتَحَصَّلُ فِي حُكْمِهِ بِخِلَافِ عِلْمِهِ قَوْلَانِ تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِعِلْمِهِ أَوْ يَحْكُمُ لَيْسَ مُرَادُهُمْ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ بَلِ الظَّنُّ الْغَالِبُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ إِذْ رَأَى زَيْدًا قَتَلَ عَمْرًا فَحَكَمَ بِالْقِصَاصِ بِمَا رَآهُ لَيْسَ هُوَ حِوَالَة الْحُكْمِ عَالِمًا بِصِحَّةٍ مَا حَكَمَ بِهِ لِجَوَازِ صُدُور الْعَفو قبل الحكم وَكَذَلِكَ أَسْبَابُ الْأَمْلَاكِ مِنَ الْبَيْعِ وَالْإِرْثِ وَغَيْرِهِ يُحْتَمَلُ طُرُوءُ النَّاقِلِ بَعْدَهَا وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِالْعِلْمِ فِي الصُّوَرِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ طُرُوءَ الْمُعَارِضِ كَالنَّسَبِ وَالْوَلَاء وَنَحْوه يُفْهَمُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ الشَّهَادَةَ مَنْ شَرْطِهَا الْعِلْمُ فَإِنَّ الشَّاهِدَ لَيْسَ جَازِمًا حَالَةَ الْأَدَاءِ بِبَقَاءِ مَا شَهِدَ بِهِ مِنَ الْمُلْكِ وَالْمُعَامَلَةِ وَإِنَّمَا مُرَادُ الْعُلَمَاءِ أَصْلُ الْمَأْخَذِ فَإِنْ كَانَ ظَنًّا سُمِّيَ ظَنًّا أَوْ عِلْمًا سُمِّيَ عَلِمًا ثُمَّ يُسْتَصْحَبُ فَيَصِيرُ ظَنًّا تَنْبِيهٌ قَالَ بعض الْعلمَاء اسْتثْنِي من الحكم بِالْعلمِ وَحَيْثُ مُنِعَ التَّوَاتُرُ لِوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنَ الْبَيِّنَةِ وَلَا تَبْقَى التُّهْمَةُ بِكَثْرَةِ النَّقْلِ وَحَيْثُ قُلْنَا يَحْكُمُ كَمَا قَالَ ش يُسْتَثْنَى الْحُكْمُ بِالتَّفْلِيسِ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ وَنَحْوِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَمَنَعُوهُ وَقيل لِأَن أصل هَذَا الْملاك ظَنٌّ فَتَقْوَى التُّهْمَةُ فَيَمْتَنِعُ بِخِلَافِ مَا يُمْنَعُ أَصله

ص: 97

(الْفَرْعُ الثَّانِي)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ مَا خَاصَمت عنْدك وَقَالَ للْقَاضِي خَاصَمْتُهُ عِنْدِي وَأَعْذَرْتُ إِلَيْكَ وَلَمْ تَأْتِ بِحُجَّتِكَ فَحَكَمْتُ عَلَيْكَ فَقَوْلَانِ يُصَدَّقُ الْقَاضِي لِأَصْبَغَ وَفِي الْجَلَّابِ لَا يُصَدَّقُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ فِي قُضَاةِ الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونُ الْحُكْمِ وَقْفًا عَلَى رَجُلٍ وَأَنْكَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقِ الْقَاضِي إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى اعْتِرَافِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ قَالَهُ أَصْبَغُ بِخِلَافِ الْقِصَّةِ بَيْنَ مُتَنَازِعَيْنِ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِذَا حَكَمَ فَقَالَ مَا كُنْتُ أَقْرَرْتُ عِنْدَكَ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى إِنْكَارِهِ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وخِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْجَلَّابِ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْجَلَّابِ هُوَ الْأَشْبَهُ فَقُضَاةُ الْيَوْم وَإِن أَنْكِرَتِ الْبَيِّنَةُ أَنْ تَكُونَ شَهِدَتْ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ هَل يصدق وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ لِأَنَّهَا أَصْلُهُ أَوْ يَمْضِي وَيُعَدُّ ذَلِكَ رُجُوعًا عَنِ الشَّهَادَةِ قَوْلَانِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرْفَعُ الْحَاكِمُ لِلسُّلْطَانِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا لَا يُنْقَضُ قَضَاؤُهُ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُرْجَعُ عَلَى الشُّهُودِ بِشَيْءٍ لِإِنْكَارِهِمْ أَصْلَ الشَّهَادَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَالَا مَا شَهِدْنَا أَوْ قَالَا شَهِدْنَا بِالْمَالِ لِلْآخَرِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَتَيَقَّنَ الْقَاضِي أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى مَا حَكَمَ غَرِمَ الْقَاضِي الْمَالَ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الشُّهُودِ لِأَنَّهُ يَقُولُ حَكَمْتُ بِحَقٍّ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَن نَقَضَ الْحُكْمَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَأَغْرَمَهُ الْمَالَ بِرُجُوعِ الْبَيِّنَةِ وَيَلْزَمُهُ إِذَا كَانَ الْحَاكِمُ فَقِيرًا نُزِعَ الْمَالُ مِنَ الْمَحْكُومِ لَهُ وَيُرَدُّ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ إِذَا رُفِعَ ذَلِكَ إِلَى حَاكِمٍ غَيْرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي أَنَا أَشُكُّ وَوَهِمْتُ نُقِضَ الْحُكْمُ بَيْنَ الْمَحْكُومِ لَهُ والمحكوم لَهُ وَيَرْجِعُ الْأَمْرُ إِلَى مَا تَقُولُهُ الْبَيِّنَةُ الْآنَ وَيُغَرَّمُ الْمَحْكُومُ لَهُ مَا بَيْنَ قَبْضِهِ وَبَيْنَ الَّذِي تَشْهَدُ الْآنَ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْحَاكِمُ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ لِلْمَحْكُومِ لَهُ بِالْحُكْمِ لَزِمَ الْحَاكِمَ تَنْفِيذُهُ

ص: 98

(الْفَرْعُ الثَّالِثُ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ وَفِي دِيوَانِهِ شَهَادَةُ إِثْبَاتٍ لَمْ يُجِزْهَا مَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْخَطَّ لَا يَكْفِي وَإِنْ قَالَ الْمَعْزُولُ مَا فِي دِيوَانِي قَدْ شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ عِنْدِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ الْآنَ لَيْسَ بِحَاكِمٍ وَلَا أُرَاهُ شَاهِدًا وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَمَرَهُمُ الْقَاضِي الْجَدِيدُ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ وللطالب ان يحلف للمطلوب مَا شَهِدَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَثَبَتَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ ثُمَّ يَنْظُرُ فِيهَا الْجَدِيد كَمَا كَانَ ينظر الْمَعْزُول فِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ إِنْ أَرَادَ بِقِيَامِ الشُّبْهَةِ قِيَامَهَا عَلَى خُطُوطِهِمْ فَفِيهِ جَوَازُ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشُّهُودِ وَلَيْسَ الْمَشْهُورُ أَوْ إِيقَاعُ الشُّهُودِ بِهَذِهِ الشَّهَادَة عِنْد القَاضِي اقْتضى جوازالشهادة على مثل هَذَا وَفِيه خلاف وَقد يكون عَلَى إِشْهَادِ الْقَاضِي الْمُتَوَفَّى إِيَّاهُمْ بِقَبُولِهَا وَتَوَهُّمٌ يَنْظُرُ الْجَدِيدُ كَمَا كَانَ يَنْظُرُ الْمَعْزُولُ وَيُفِيدُنَا الْقَاضِي عَلَى حُكْمِ مَنْ قَبْلَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافٍ وَكَذَلِكَ إِنِ انْتَقَلَ مِنْ خُطَّةٍ إِلَى خطة اخرى الْحُكْمَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْقُرْطُبِيِّينَ وَقِيلَ يُسْتَأْنَفُ النَّظَرُ وَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَذْلُ الْجُهْدِ فِي كَشْفِ مَا لم يكْشف وَقد كشف مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا عُزِلَ مِنْ مِصْرٍ وَوَلِيَ غَيْرُهُ بَنَى عَلَى مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ فِي الْوِلَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ حُجَّةُ الْأَوَّلِ

(الْفَرْعُ الرَّابِعُ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا كَتَبَ قَاضٍ إِلَى قَاضٍ فَمَاتَ الْكَاتِبُ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ وُصُولِ كِتَابه إِلَى الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ وُصُولِ الْكِتَابِ إِلَى وَال بعده فالينفده مَنْ وَصَلَ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا كُتِبَ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَنْفِيذُ مَا ثَبَتَ من الحكم وَالْحق كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ فِي تَنْفِيذِ الْحَقِّ وَإِبْطَالِ الْبَاطِلِ وَيَجُوزُ كَتْبُ الْقُضَاةِ فِي الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ وَغَيْرِهَا لِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى ذَلِكَ

ص: 99

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ يَجُوزُ وَإِنْ لم يشْهد على الْكَاتِب إِلَّا شَاهِدَانِ وَإِنْ كَانَ كِتَابُ زِنًى قَدْ شهِدت فِيهِ أَرْبَعَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِثْبَاتُ الثُّبُوت لَا إِثْبَات الزِّنَى قَالَ بعض القروين أجاوزها هُنَا شَاهِدين على شَهَادَة أَرْبَعَةٍ فِي الزِّنَى وَلَا فَرْقَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَاُ يُجِيزُ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَرْبَعَةً كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَإِذَا وُكِّلْتَ فِي مُحَاكَمَةٍ عِنْدَ قَاضٍ بِبَلَدٍ يَعْرِفُكَ فَأَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهَا كِتَابًا مِنْهُ إِلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي أَرَدْتَهُ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يعرفك أَو كنت مَشْهُورا اكْتفى بدلك وَإِلَّا كَلَّفَكَ الْبَيِّنَةَ أَنَّكَ فُلَانٌ فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ كَتَبَ لَكَ أَتَانِي فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ وَقد عَرفته أَو ثَبت عنْدك بِعَدْلَيْنِ وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ جَارًا فِي الْبَصْرَةِ فِي مَوْضِعٍ وَيَحُدُّهَا وَأَنَّهُ وَكَّلَ فُلَانًا لِلْخُصُومَةِ فِيهَا فَتَرَى فِي ذَلِكَ رَأْيَكَ وَتَقْرَؤُهُ عَلَى شَاهِدين ويختمه وَتشهد مَا عَلَيْهِ أَنه كِتَابه وخاتمه وَتُخَلِّي الشَّاهِدَيْنِ وَهُوَ أَحْسَنُ وَيَجُوزُ تَرْكُ ذَلِكَ وَكَانَ سَحْنُونٌ لَا يَقْبَلُ كِتَابَ قَاضٍ مِنْ قُضَاتِهِ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَلَا يَفُكُّهُ إِلَّا بِمَحْضَرِهِمَا وَكَانَ يَعْرِفُ خَطَّ بَعْضِ قُضَاتِهِ وَلَا يَقْبَلُهُ لَا بِشَاهِدَيْنِ وَكَانَ يَطْبَعُ جَوَابَهُ إِلَى الْقُضَاةِ وَلَا يُشْهِدُ عَلَيْهِ وَيَقْبَلُ كُتُبَ أُمَنَائِهِ وَيُنَفِّذُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَيَأْمُرُهُمْ بِإِحْرَازِ كُتُبِهِمْ وَيَرْفَعُهَا عِنْدَ أَعْوَانِهِ وَاخْتُلِفَ فِي شَاهِدٍ وَيَمِينٍ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي فِي الْأَمْوَالِ مَنَعَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَأَجَازَهُ فِي غَيْرِهَا قَالَ سَحْنُونٌ يَجُوزُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ قَالَ مَالِكٌ مِنَ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ إِجَازَةُ الْخَوَاتِمِ حَتَّى اتُّهِمَ النَّاسُ فَاشْتَرَطُوا الشَّهَادَةَ قَالَ وَالنَّاسُ الْيَوْمَ عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْ أَعْرَاضِ الْمَدِينَة أجازوه بمعرفته طَابَعِهِ وَخَطِّهِ وَجَوَابِهِ فِي الْحُقُوقِ الْيَسِيرَةِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِذَا كَتَبَ قَاضٍ إِلَى قَاضٍ فِي عَبْدٍ أَنَّ فُلَانًا أَقَامَ بِبَيِّنَة أَنَّ عَبْدَهُ أَبِقَ مِنْهُ يُعَرِّفُهُ بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَلُغَتِهِ مُنْذُ كَذَا لَمْ يَبِعْهُ وَلَا خَرَجَ عَن ملكه

ص: 100

وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْقَاضِي الثَّانِي بِالْكِتَابِ فَأَنْكَرَ العَبْد أَن يكون مولى يُرَقَّ بِذَلِكَ حَتَّى يُعَيِّنَهُ الشُّهُودُ الْأُوَلُ وَإِنَّمَا يَنْفَعُ هَذَا فِي عَبْدٍ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالرِّقِّ أَوْ أَرْضٍ لَا يَدَّعِيهَا أَحَدٌ أَوْ دَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فَلَا يَقْضِي بِهِ بِالصِّفَةِ لِأَنَّ الصِّفَاتِ تَشْتَبِهُ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الصّفة يذكر فِيهَا مَا ينزل الشَّرِكَةَ فِيهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَمْ يُخَالِفِ ابْنَ الْقَاسِمِ غَيْرُ ابْنِ كِنَانَةَ وَلَا أَعْلَمُ فِي الرّقّ إِلَّا إقأمة الْبَيِّنَة على الْغَائِب بالذين يَكْفِي فِيهَا اسْمُهُ وَنِسْبَتُهُ وَصِفَتُهُ وَيَكْتُبُ بِذَلِكَ إِلَى قَاضِي بَلَدِهِ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ بِالْعَبْدِ الْمَوْصُوفِ فَوُجِدَ فِي يَدَيْ أَبَوَيْهِ وَهُمَا حُرَّانِ يَدَّعِيَانِهِ وَهُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ الْأَبِ وَهُمَا حُرَّانِ فِي الْأَصْلِ فَلْيَكْتُبْ إِلَى بَاعِثِ الْكِتَابِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ فَيَأْخُذُ لِهَذَا الثَّمَنِ مِنْ بَائِعِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفِ النِّسَبِ وَلَا وُلِدَ عِنْدَهُ حَكَمَ بِالْكِتَابِ وَسَلَّمَهُ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِذَا ثَبَتَ لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ الْعَبْدُ الْغَائِبُ بِالصِّفَةِ كَمَا تَقَدَّمَ حَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ إِلَى الْآنِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَ عَبْدِهِ فَسَأَلَ الْقَاضِي كِتَابًا إِلَى أَيِّ قَاضٍ احْتَاجَ إِلَيْهِ كَتَبَ لَهُ هَذَا كِتَابٌ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ إِلَى مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابِي هَذَا مِنَ الْحُكَّامِ وَيَذْكُرُ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ وَثَبَتَ عَلَى الْقَاضِي الْآخَرِ بِشَاهِدَيْنِ وَيُنَفِّذُهُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فَإِنْ كَتَبَ فِي عَبْدٍ فَوُجِدَ فِي بَلَدِ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ عَبْدَانِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي فِي الْكِتَابِ أَحَدُهُمَا يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ وَالْآخَرُ عِنْدَ رَجُلٍ يَدَّعِيهِ نَظَرَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ فِي بَيته وَلَا يُشْخِصُهُ مَعَهُ فَإِنْ ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ أَعْتَقَهُ وَأَبْطَلَ كِتَابَ الْمُسْتَحِقِّ وَإِلَّا رَفَعَهُ إِلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى صِفَتِهِ فِي الْبَلَدِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى عَيْنِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِمُ

ص: 101

الدُّيُونُ وَيَكْتُبُ الْقَاضِي فِي الِابْنِ يَثْبُتُ عِنْدَهُ أَن فلَانا سَرقه وهوحر كَمَا يَكْتُبُ فِي الْعَبِيدِ وَيَكْتُبُ فِي الْأَحْرَارِ الصغار الْأَب وَالْأُمِّ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَالْأَخِ وَالْأُخْتِ وَكُلِّ ذِي رَحِمٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ احْتَسَبَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْحُرِّيَّة حق الله وَقيل لَا يكْتب فِي الْأَحْرَار إِلَّا الْأَب وَالْأُمِّ وَالزَّوْجِ يَدَّعِي الْمَرْأَةَ وَيَكْتُبُ لِلْوَلَدِ فِي الْوَالِدَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذَا خَطَأٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا بُدَّ فِي كِتَابِ الْقَاضِي مِنْ نَسَبِهِ إِلَى أَبِيهِ وَفَخِذِهِ وَمَا هُوَ بِهِ مَشْهُورٌ وَحِلْيَتِهِ وَمَسْكَنِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الْغَائِبُ قَبْلَ تَارِيخِ كِتَابِ الْقَاضِي أَوْ بَعْدَهُ أَحْضَرَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ الْوَرَثَةَ وَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ وَمَكَّنَهُمْ مِنْ حجتهم إِذْ كَبِرُوا إِلَّا إِنْ تَقَادَمَ مَوْتُهُ بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ أَدْرَكَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي كِتَابِ الْقَاضِي مَا يَقْتَضِي أَنَّ الدَّيْنَ عَلَيْهِ فَيُنَفِّذُهُ وَإِنْ جَاءَ كِتَابُ الْقَاضِي بِدَارٍ فِي مَوْضِعِ كَذَا مَعْرُوفٍ وَلَيْسَ فِيهِ حُدُودٌ لَمْ يُنَفَّذْ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بالموضع بحدودها وَكَذَلِكَ لَو حدد بِحَدَّيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَلَمْ يَنْسُبُوهَا إِلَى اسْمٍ مَشْهُورٍ جَازَ وَلَا يُنَفِّذُ الْحَاكِمُ فِي الْغَائِبِ إِذَا وُجِدَ عَلَى صِفَتِهِ اثْنَانِ أَوْ فُقِدَتْ صِفَةٌ مِمَّا فِي الْكِتَابِ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَخَذَ كِتَابَ قَاضِي مِصْرَ إِلَى قَاضِي افريقية فَوجدَ غَرِيمه باطرابلس لَا يَنْظُرُ قَاضِيهَا فِي ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ الْمَكْتُوبَ الْمُعَدِّي عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ فَإِذَا جَهِلَهُ لَمْ يُنَفِّذْ ذَلِكَ إِلَّا قَاضِي بَلَده وَلَعَلَّ بِبَلَدِهِ يميزه فيتعذر التَّنْفِيذَ فَإِنْ أَقَامَ الْمَكْتُوبُ لَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ هُوَ الْمَكْتُوب فِيهِ نفذه هَذَا كَمَا يَقْضِي لَهُ غَيْرُ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ إِنْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ وَكُتُبُ الْقُضَاةِ يَجُوزُ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَإِذَا شَهِدَتْ لِرِجْلٍ امْرَأَةٌ عِنْدَ قَاضٍ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَتُهَا فَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ فَإِذَا كَتَبَ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ وَلَا يَقْضِي لَهُ الْآخَرُ حَتَّى يَأْتِيَ بِآخَرَ عَلَى شَهَادَةِ الرَّجُلِ أَوْ يَأْتِي بِشَاهِدٍ عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ وَيَقْضِي لَهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْأَمْوَالِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُزَكِّيَ رَجُلًا بِبَيِّنَةٍ بِمِصْرٍ وَيَحْمِلَ ذَلِك إِلَى غَيرهَا لِأَنَّهُ لَا يجد بِغَيْرِهَا مَنْ يُزَكِّيهَا فَلَهُ

ص: 102

ذَلِك قَالَ سَحْنُون وَلها ذَلِك كَشَهَادَة أديتها عِنْد من ينظر فيأمر النَّاسِ وَلَوْ أَنَّ هَذَا النَّاظِرَ فِي أَمْرِ النَّاسِ كَتَبَ إِلَى قَاضِي بَلَدِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي صِدْقَ ذَلِكَ مِنْ كَذِبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْبَلُ كِتَابَ القَاضِي بِشَاهِدين وَإِن لم يكن فِي خَاتَمُهُ أَوْ كَانَ بِطَابَعٍ فَانْكَسَرَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَكْفِي فِي هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ أَشْهَدَهُمْ وَجَوَّزَ عَبْدُ الْمَلِكِ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي قَالَ أَشْهَبُ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَذَا خَاتَمُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ الْكِتَابَ كِتَابُهُ لَمْ يَنْفَعْ لِأَنَّ الْخَاتَمَ يُزَوَّرُ وَإِذَا شَهِدُوا عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي بِخَاتَمِهِ وَخَوَاتِمِهِمْ ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ خَوَاتِمُ وَشَهِدُوا أَنَّهُمْ قرروه عَلَيْهِ وأشهدهم بِمَا فِيهِ وحفظوه أَو مَعَهم نُسَخٌ قُبِلَتْ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَخْتِمِ الْقَاضِي إِذْ كَتَبُوا شَهَادَتَهُمْ وَحَفِظُوهَا وَمَعَهُمْ نُسَخٌ كِصِكَاكِ الْحُقُوقِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَلَا يُنَفِّذُ بِشَهَادَتِهِمْ أَنَّهُ خَطُّ الْقَاضِي كَمَا لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْقُضَاةِ فِي الْأَحْكَامِ وَلَا عَلَى خَطِّ الشُّهُودِ وَإِذَا كَاتَبَهُ فَسَأَلَهُ عَدَالَةَ شَاهِدٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبِلَ كِتَابَتَهُ بِغَيْرِ شُهُودٍ إِذَا عَرَفَ خَطَّهُ أَوْ أَتَى بِهِ ثِقَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَضِيَّة قَاطِعَة أَو كتاب هُوَ ابتداءه أَوْ أَتَاهُ بِهِ الْخَصْمُ وَيُقْبَلُ أَيْضًا بِالثِّقَةِ مِنْ غَيْرِ عُدُولٍ كِتَابُ مَنْ يُكَاتِبُ فِي عَمَلِهِ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ وَتُنَفَّذُ الْأَقْضِيَةُ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ وَاسْتِدْرَاكِ مَا يُخْشَى فَوْتُهُ وَيَجُوزُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَإِذَا كَانَ الْكِتَابُ مَخْتُومًا غَيْرَ مَضْمُونٍ فَيَشْهَدُ عَدْلَانِ أَنَّهُ إِلَيْهِ وَالْخَصْمُ حَاضِرٌ فَلْيَفْتَحْهُ فَإِذَا شَهِدُوا عَلَى الْكِتَابِ وَالْخَاتَمِ نَفَّذَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ اسْمُ الْقَاضِي الْمُرْسِلِ وَلَا اسْمُ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ وَأَسْمَاؤُهُمَا دُونَ أَسْمَاءِ الْآبَاءِ أَوْ نَسَبُ الْقَاضِي لِهَذِهِ أَوْ أَخْطَأَ فِي اسْمِهِ أَوِ اسْمِ أَبِيهِ أَوْ نَسَبِهِ إِذَا أَشْبَهَ إِلَى الْمِصْرِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَا يُقْبَلُ عَلَى الْكِتَابِ شُهُودُ الْأَصْلِ وَفِيهِ

ص: 103

أَنَّهُ قَدْ عَدَّلَهُمَا وَلَكِنْ يَشْهَدُونَ بِهِ وَعَنْ مَالك اذا شهد عَلَى الْكِتَابِ مَطْبُوعًا وَلَمْ يَقْرَأْهُ شَهِدَ بِهِ وَيَقُولُ أَعْطَانِيهِ مَطْبُوعًا فَإِنْ دَفَعَهُ إِلَى جَمَاعَةٍ كَذَلِكَ وَهُوَ فِي يَدِ أَحَدِهِمْ شَهِدَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ وَشَهِدَ الْآخَرُونَ إِنْ عَرَفُوا طَابَعَهُ وَكِتَابَهُ وَإِنْ خَتَمُوا عَلَيْهِ وَدَفَعُوهُ إِلَيْهِ فَعَرَفُوا خَوَاتِيمَهُمْ شَهِدُوا بِهِ قَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا خَوَاتِيمَهُمْ لَا يَشْهَدُونَ وَإِنْ كَانَ الَّذِي بِيَدِهِ الْكِتَابُ عَدْلًا حَتَّى يَعْرِفَ الْكِتَابَ وَإِذَا عَرَفَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ بِأَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ وَالِدِّينِ وَالْوَرَعِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَخْدُوعٍ قَبِلَ كِتَابَهُ وَلَا يَقْبَلُ كِتَابَ غَيْرِ الْعَدْلِ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَإِنْ كَتَبَ الْعَدْلُ أَنَّ بَيِّنَتَهُ ثَبَتَتْ عِنْدِي لَا يُجِيزُهُ لِأَنَّهُ كَالشَّاهِدِ فَإِنْ نَفَّذَهُ فَلَا يَفْسَخُهُ مَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ قَالَ أَشْهَبُ غَيْرُ الْمَأْمُونِ فِي حَالَهِ المنتاهي فِي حَالَهِ لَا يُجِيزُ كِتَابَهُ وَلَا شَيْئًا من أُمُور إِلَّا مَا شَكَّ فِيهِ قَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِعَدَالَةٍ وَلَا سُخْطَةٍ وَهُوَ مِنْ قُضَاةِ الْأَمْصَارِ الْكِبَارِ كَالْمَدِينَةِ نَفَّذَهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ الْأَهْلِيَّةُ وَلَا يُنَفِّذُوهُ مِنْ قُضَاةِ الْكُوَرِ الصِّغَارِ حَتَّى يَسْأَلَ الْعُدُولَ عَنْ حَالِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا يَكْتُبُ قُضَاةُ الْكُوَرِ إِلَى قَاضِي مِصْرَ وَنَحْوِهَا بَلْ يَكْتُبُونَ إِلَى قَاضِيهِمُ الْكَبِيرِ فَيَكْتُبُ إِلَى قَاضِي مِصْرَ وَلَا يُنْفَذُ كِتَابُ قُضَاةِ الْكُوَرِ وَوُلَاةِ الْمِيَاهِ إِلَى قَاضِي بَلَدٍ آخَرَ وَانْظُرْ قَوْلَ مَالِكٍ إِنَّ وُلَاةَ الْمِيَاهِ يَضْرِبُونَ أَجَلَ الْمَفْقُود فَلَا بُد أَن يكتبوا إِلَى العران وَيَطْلُبَ أَبَدًا الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ بِمُجَرَّدِ وُرُودِ الْكِتَابِ الْخَصْمَ إِنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ ثُمَّ يَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي فَإِذَا قَبِلَ الْبَيِّنَةَ فَتَحَ الْكِتَابَ بِمَحْضَرِ الْخَصْمِ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَخْتِمُهُ وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ صَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ نَفَّذَهُ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ أَعْلَمُهُ وَأَمْكَنَهُ مِنْ حُجَّتِهِ وَلَا يَكْتُبُ الْأَصْلَ أَيْضًا إِلَّا بِمَحَضَرِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ وَالْإِعْذَارِ إِلَيْهِ وَإِنْ ثَبَتَ أَنْ حَضَرَهُ وَكِيلُ الطَّالِبِ وَالْخَصْمُ حَاضِرٌ فَتَحَ الْكِتَابَ فَإِنْ أَنْكَرَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ فُلَانٌ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَثْبَتَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِالِاسْمِ وَالْكُنْيَةِ وَلَوْ كَانَ الْكِتَابُ لِرَجُلَيْنِ حَضَرَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْخَصْمِ أَنْفَذَهُ لَهُ ثُمَّ إِذا

ص: 104

حَضَرَ الْغَائِبُ أَنْفَذَهُ وَلَا يُعِيدُ الْبَيِّنَةَ قَالَ سَحْنُونٌ وَيَكْتُبُ فِي الْكِتَابِ اسْمَ الشُّهُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَمَا يُعْرَفُونَ بِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ زَكَّوْهُمْ حَتَّى يُعْرَفَ ذَلِكَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَيَدْفَعُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلِلَّذِي جَاءَهُ الْكِتَابُ أَنْ يَكْتُبَ بِمَا جَاءَهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى قَاضٍ آخَرَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ قَوْلُهُ فِي كُتَّابٍ عُدُولٍ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ قَدِمَ بِالْكِتَابِ وَكِيلُ الطَّالِبِ فَادَّعَى الْمَطْلُوبُ الْوَفَاءَ وَسَأَلَ التَّأْخِيرَ لِيُحَلِّفَ الطَّالِبَ أُلْزِمَ وَلَمْ يُؤَخَّرْ وَحَلَفَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا فِي غَيْبَةِ الطَّالِبِ نَحْوَ الْيَوْمِ فَيَكْتُبُ إِلَيْهِ فَيُحَلَّفُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يحلف الْوَكِيل وَلَا ينظر الطالبقال غَيْرُهُ وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ لَهُ الْكِتَابَ حَتَّى يُحَلِّفَهُ قَالَ سَحْنُونٌ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ مَوْتَ أَحَدِهِمَا أَوْ عَزْلَهُ أَعْنِي الْكَاتِبَ وَالْمَكْتُوبَ إِلَيْهِ لَا يَضُرُّ فِي الْقُضَاةِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ ذَلِكَ كُلُّهُ إِذَا مَاتَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ بَعْدَ وُصُولِ الْمَكْتُوبِ لَهُ وَأَمَّا ان مَاتَ قبل ان سَافر الرَّجُلُ وَقَدْ فَرَّقَ شُهُودَهُ وَقَدْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً مَضَى وَإِلَّا بَطَلَ وَإِذَا وُجِدَ كِتَابُ الْخَلِيفَةِ عِنْدَ حَاكِمٍ مَفْتُوحًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ قَبِلَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ مَاتَ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ كَمَا يَبْطُلُ فِي الرَّئِيسِ لِلْعَامِلِ تَحْتَ يَده وَإِذَا قَبِلَ عَامِلٌ كِتَابًا وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَتَّى عُزِلَ أَمْضَاهُ مَنْ بَعْدَهُ بِشَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ وَإِذَا كَتَبَ إِلَى مَنْ يَعْتَقِدُ خِلَافَ مَذْهَبِ الْكَاتِبِ فِي ذَلِكَ الْحَدِّ وَكَتَبَ حَكَمْتُ بِهِ وَأَنْفَذْتُهُ أَقَامَ ذَلِكَ الْحَدَّ وَإِنْ كَتَبَ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ فَقَطْ لَا يُنَفِّذُهُ كَمَا أَنَّ من أَمر إِمَامٌ عَادِلٌ بِإِقَامَةِ حَدٍّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ اقامه وان لم يعلم عَدَالَته لايوافقه وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى مُكَاتَبَةِ الْقُضَاةِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهَا وَقِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ بِجَامِعِ الضَّرُورَةِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ وَلَّانِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى بَعْضِ الْأَعْرَابِ ثُمَّ كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ بِتَسْكِينِ الشِّينِ الْمَنْقُوطَةِ وَفَتْحِ الْيَاءِ بِنُقْطَتَيْنِ تَحْتَهَا الضِّبَابِيِّ بِكَسْرِ الضَّادِ الْمَنْقُوطَةِ من دِيَة زَوجهَا

ص: 105

فَورثَهَا لِأَن الْحَاجة تدعوا إِلَى ذَلِكَ وَخَالَفُونَا فِي مَسَائِلَ فَعِنْدَ ش وَأحمد وح يَكْتُبُ قَاضِي الْقَرْيَةِ إِلَى قَاضِي الْمِصْرِ وَبِالْعَكْسِ وَلَا يَقْبَلُ مَعَ الْقُرْبِ الَّذِي لَا يُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَجَوَّزَ ح وَأَحْمَدُ مِنْ قَاضٍ فِي أَحَدِ طَرَفَيِ الْبَلَدِ لِقَاضٍ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ قِيَاسًا عَلَى الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ وَالْفَرْقُ الضَّرَرُ وَالتَّعَذُّرُ وَلَمْ أَرَ لَنَا فِيهِ نَقْلًا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لَا يَكْتُبُ فِي الْحُقُوقِ الْبَعِيدَةِ الْمُعَيَّنَةِ عَلَى الصِّفَةِ إِذَا أَمْكَنَ الْتِبَاسُهَا بِغَيْرِهَا لِأَجْلِ جَهَالَةِ الْعَيْنِ نَحْوَ الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِيَ عِنْدَ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ لِأَنَّهَا تَنْدَفِعُ بِالشُّبْهَةِ وَلِأَنَّ مُوجَبَ الْكِتَابِ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ لِأَنَّ الْحُدُودَ يُطْلَبُ إِعْدَامُهَا وَإِخْفَاءُ أَسْبَابِهَا وَترك الْكتاب يقْضِي إِلَى ذَلِكَ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ تَوَقُّعَ الشُّبْهَةِ لَا يمْنَع كتوقع تَخْرِيج بَيِّنَةِ الْأَصْلِ وَجَوَابُ الثَّانِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِحُقُوقِهِ وَأَمْرُهُ أَعْظَمُ مِنَ الْمُطَالَبَةِ وَجَوَابُ الثَّالِثِ أَنَّهَا مَطْلُوبَةُ الْإِعْدَامِ قَبْلَ الثُّبُوتِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا وَاشْتَرَطُوا الْبَيِّنَةَ مِثْلَنَا دُونَ مَعْرِفَةِ الْخَطِّ وَإِذَا أُخْلِيَ الْمَكْتُوبُ مِنَ اسْمِ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ جَوَّزَهُ ش دُونَ ح لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدِينَ عَلَى الْكِتَابِ وَجَوَّزَ ش تَرْكَ الْخَتْمِ دُونَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - كتب كتابا على قَيْصَرَ وَلَمْ يَخْتِمْهُ فَقِيلَ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّهُ لَا يَقْرَأُ كِتَابًا غِيَرَ مَخْتُومٍ فَاتَّخَذَ الْخَاتم وَمنع ش وح أَنْ يُشْهِدَهُمَا عَلَى الْكِتَابِ الْمَخْتُومِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِهِ كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ لِفُلَانٍ مَالًا وَلَا يَقْبَلُ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ عَلَى الْكَاتِبِ فِي كِتَابِهِ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ عِنْدَ ش خِلَافًا لِ ح وَعِنْدَ ش لَا يَكْتُبُ إِلَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْقَضَاءِ وَأُصُولُنَا تَقْتَضِيهِ وَيَكْتُبُ الرَّجُلُ إِذَا حَكَّمَهُ الْخَصْمَانِ كَمَا يَحْكُمُ الْقَاضِي

ص: 106

فَيَكْتُبُ وَلَمْ أَرَ لَنَا فِيهِ نَقْلًا وَإِذَا مَاتَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَوْ عُزِلَ أَوْ بَطَلَتْ أَهْلِيَّتُهُ قَبْلَ وُصُولِ الْكِتَابِ قَالَ ح لَا يَقْبَلُهُ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ لِأَنَّ مَوْتَهُ قَبْلَ ثُبُوتِهِ عِنْد الْمَكْتُوب إِلَيْهِ كموت شَاهد فِي الْفَرْعِ قَبْلَ ثُبُوتِ شَهَادَتِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ يَقْبَلُ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا إِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ من قبل الْكَاتِب وَإِلَّا فَقَوْلَانِ لَهُ لَنَا نَحْنُ أَنَّهُ حُكْمٌ تبث فَيُنَفَّذُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ حَقٌّ وَالْحَقُّ وَاجِبٌ اتِّبَاعُهُ فَإِنْ مَاتَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ أَوْ بَطَلَتْ أَهْلِيَّتُهُ أَو عزل بَطل الْكتاب ووفقنا ش

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِ مَا فِي الْكِتَابِ جَازَ إِذَا طَابَقَتِ الدَّعْوَى لِأَنَّهَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا قَالَ الْقَاضِي أَشْهَدْتُكُمَا أَنَّ مَا فِي الْكِتَابِ خطي جَازَ على أحد الرِّوَايَتَيْنِ أَوْ مَا فِي الْكِتَابِ حُكْمِي أَوْ قَالَ الْمُقِرُّ أَشْهَدْتُكَ عَلَى مَا فِي الْقَبَالَةِ وَأَنَا عَالِمٌ بِهِ فَحَفِظَ الشَّاهِدُ الْقَبَالَةَ وَمَا فِيهِ وَشَهِدَ عَلَى إِقْرَارِهِ جَازَ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَجْهُولِ جَائِزٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ لَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِ عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْمَكْتُوب إِلَيْهِ وَلَا يَكْفِي أَن تدعيها لَهما فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ الَّذِي إِنَّمَا ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي وَزَادَ أَشْهَبُ وَأَنَّهُ أَشْهَدَنَا عَلَيْهِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ أَشْهَدَهُمْ بِمَا فِيهِ

ص: 107

(فَرْعٌ)

قَالَ إِنْ قَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَنَا أَجْرَحُ بَيِّنَةَ الْأَصْلِ الَّتِي شَهِدَتْ عَلَيَّ وَيَتَعَذَّرُ عَلَيَّ ذَلِكَ إِلَّا فِي بَلَدِهِمْ لَا يُمْهِلُ بَلْ يُسَلِّمُ الْمَالَ فَإِنْ ظَهَرَ الْجَرْحُ اسْتَرَدَّهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ التُّونُسِيُّ اخْتُلِفَ فِي شَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْأَمْوَالِ مَنَعَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَجَوَّزَهُ فِي غَيْرِهَا نَظَرًا لِكَوْنِهِ حُكْمًا بِدَيْنٍ أَوْ لِأَنَّ الْمَقْصُود المَال

ص: 108

(الْبَابُ السَّادِسُ فِيمَنْ يَجُوزُ الْحُكْمُ لَهُ وَمَنْ لَا يَجُوزُ)

قَاعِدَةٌ التُّهْمَةُ قَادِحَةٌ فِي التَّصَرُّفَاتِ عَلَى الْغَيْرِ إِجْمَاعًا وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَا تقبل شَهَادَة خصم وَلَا ظنين والظنة التُّهْمَةُ وَانْقَسَمَتْ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ مُعْتَبَرَةً فِي الْإِلْغَاءِ إِجْمَاعًا كَشَهَادَةِ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَحُكْمِهِ لِنَفْسِهِ وَغَيْرَ مُعْتَبرَة إِجْمَاعًا كَرجل من قبيلته مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ يُلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي لِوُجُودِ الشَّبَهَيْنِ فِيهِ كَأَخِيهِ وَامْرَأَتِهِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ هِيَ مَنَاطُ مَا يَأْتِي من الْفُرُوع وَفِي الْبَاب فروعه فروع الْأَرْبَعَة

(الْفَرْعُ الْأَوَّلُ)

الْقَضَاءُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ بَيْنَ الْخَلِيفَةِ وَبَيْنَ رَجُلٍ دَعْوَى تَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ يَرْضَيَانِ بِهِ لِأَنَّ عُمَرَ اخْتَصَمَ مَعَ أُبَيٍّ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنهم قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنَّ الشَّاهِدَ فَوْقَهُ مَنْ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِ وَهُوَ الْحَاكِمُ فَيَضْعُفُ إِقْدَامُ الْخَصْمِ وَالْحَاكِمُ لَيْسَ فَوْقَهُ مَنْ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِ فَتَفُوتُ دَاعِيَةُ التُّهْمَة قَالَ وَلَا يحكم بِعِلْمِهِ إِلَّا أَن يكون مبرزا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَحْكُمُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ يَتِيمِهِ أَوِ امْرَأَتِهِ وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ يَجُوزُ كَالْأَبِ وَالِابْنِ الْكَبِيرِ فَإِنِ امْتَنَعَتِ الشَّهَادَةُ فَإِنَّ مَنْصِبَ الْقَضَاءِ أَبْعَدُ عَنِ التُّهَمِ لِوَقْفِ رَاجِلَةِ كَذَا الْقَاضِي دُونَ

ص: 109

الشَّاهِدِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي وَلَا يُعْلَمُ أَثَبَتَ أَمْ لَا وَلَمْ يَحْضُرْهُ الشُّهُود لم ينْفد فَإِنْ حَضَرَ الشُّهُودُ وَكَانَتْ شَهَادَةً ظَاهِرَةً بِحَقٍّ بَيِّنٍ جَازَ فِيمَا عَدَا الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ هَذِهِ الْأُمُورِ يُضَعِّفُ التُّهْمَةَ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ وَعَنْ أَصْبَغَ الْجَوَازُ فِي الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ وَالْأَخِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِيَامِ بِالْحَقِّ وَصَحَّ الْحُكْمُ وَقَدْ يَحْكُمُ لِلْخَلِيفَةِ وَهُوَ فَوْقَهُ وَتُهْمَتُهُ أَقْوَى وَلَا يَنْبَغِي لَهُ القضاب بَيْنَ أَحَدِ عَشِيرَتِهِ وَخَصْمِهِ وَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ بِخِلَاف رجلَيْنِ رَضِيا بِحكم رجل أَجْنَبِي ينْفد ذَلِكَ عَلَيْهِمَا وَلَا يَقْضِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ بِذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ فَلْيُشْهِدْ عَلَى رِضَاهُ وَيَجْتَهِدْ فِي الْحَقِّ فَإِنْ قَضَى لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ يَمْتَنِعُ قَضَاؤُهُ لَهُ فَلْيَذْكُرِ الْقِصَّةَ كُلَّهَا وَرِضَا خَصْمِهِ وَشَهَادَةَ مَنْ شَهِدَ بِرِضَا الْخَصْمِ وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَوْطِنِ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَرَأَى أَفْضَلَ مِنْهُ فَالْأَحْسَنُ فَسْخُهُ فَإِنْ مَاتَ أَوْ عُزِلَ فَلَا يَفْسَخُهُ غَيْرُهُ إِلَّا فِي الْخَطَأِ الْبَيِّنِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِخِلَاف شَاذ فَالْأَحْسَن أَن لَا يَفْسَخَهُ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِيهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ عِنْدَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مُبَرَّزِينَ فِي الْعَدَالَةِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقَاضِيَ عَدو للخصم نقص حُكْمُهُ وَمَنْ يَشْهَدُ مِنْ أَقَارِبِهِ يَحْكُمُ لَهُ إِلَّا فِي الْحُقُوق العضيمة كَالْقِصَاصِ وَالْأَبْنَاءُ وَإِنْ سَفُلُوا سَوَاءٌ فِي الْمَنْعِ وَكَذَلِكَ الْآبَاءُ وَإِنْ عَلَوْا وَإِذَا رَضِيَ خَصْمُ القَاضِي بالحكم عِنْده فليو كل الْقَاضِي مَنْ يَقُومُ بِحُجَّتِهِ وَيَفْعَلُ مَا هُوَ أبقى لِلتُّهْمَةِ وَقِيلَ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ أَصْلًا وَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا تَخَاصَمَ عِنْدَهُ خَصْمَانِ لَهُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا حَقٌّ مَالِيٌّ قضى بَينهمَا إِن كَانَ خَصمه مَلِيًّا وَإِلَّا امْتَنَعَ كَالشَّهَادَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَبِيهِ وَابْنِهِ بِعَدَالَتِهِمَا بِخِلَافِ تَعْدِيلِهِمَا عِنْدَ تميزه قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَتِ الْقَضِيَّةُ لِغَيْرِ مَالٍ مِمَّا فِيهِ حَمِيَّةٌ أَوْ غَيْرَةٌ لَمْ يَحْكُمْ لمن لَا يشْهد لَهُ بِحَال وَحَيْثُ مِنْهَا امْتَنَعَ رَفْعُ الشَّهَادَةِ بِمَا اعْتَرَفَ عِنْدَهُ لِمَنْ هُوَ فَوْقَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَته رفع لمن فَوْقه

ص: 110

(الْفَرْعُ الثَّانِي)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اجْتَمَعَ فِي الْقَضِيَّةِ حَقُّ الْقَاضِي وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَحْكُمُ بِمَالِهِ كَالسَّرِقَةِ وَهَلْ يَحْكُمُ بِالْآخَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ يَقْطَعُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَرْفَعُهُ لِمَنْ فَوْقَهُ فَإِنْ شَهِدَ الْقَاضِي وَآخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ رَفَعَ حَقَّهُ لِمَنْ فَوْقَهُ لِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ فَيَقْطَعُهُ الْغَيْرُ بِالشَّهَادَةِ وَيُغَرِّمُهُ لِلْقَاضِي بِالشَّاهِدِ مَعَ يَمِينِ الْقَاضِي وَقِيلَ لَا يَقْطَعُ بشهادتها لِأَنَّ شَهَادَةَ الْقَاضِي تُرَدُّ عَنْهُ مِنْ بَابِ التُّهْمَة تَتَبَعَّضُ الشَّهَادَةُ فِي هَذَا وَإِنَّمَا تَتَبَعَّضُ إِذَا كَانَت ترد منن جِهَة الشَّرْع لامن أَجْلِ التُّهْمَةِ

(الْفَرْعُ الثَّالِثُ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى مَتَى كَانَ الْحُكْمُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ قَضَى الْحَاكِمُ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ مُقْتَضَى عَقْدِ الذِّمَّةِ جَرَيَانُ حُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ إِلَّا فِي نِكَاحِهِمْ وَإِنْ كَانَ أَهْلَ حَرْبٍ وَأَمْكَنَ فَعَلَ وَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْرَجَ حُكْمَهُمْ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ وَأَمَّا أَحْكَامُ أَهْلِ الْكُفْرِ فَإِنْ كَانَ الْخَصْمَانِ عَلَى دين وَاحِد كنصرانيين لَا يعرض لَهُمْ لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ عَلَى أَنْ تَجْرِيَ سَابِقَة ورضا الْخَصْمَيْنِ فَإِنِ امْتَنَعَ الْخَصْمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوِ الاسابقة لَمْ يَحْكُمْ لَهُمْ وَفِي كِتَابِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ رَضِيَا بِذَلِكَ حَكَمَ وَإِنْ أَبَى الطَّالِبُ أَوِ الْمَطْلُوبُ لَمْ يَعْرِضْ لَهُمَا فَإِنِ اتَّفَقَا خُيِّرَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ أَوْ يَتْرُكُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِن الله يحب المقسطين} فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الدِّينِ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ حَكَمَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَرِهَ أَحَدُهُمَا لِاخْتِلَافِ الملتين وَهَذَا فِي صديقَة الْمَظَالِمِ بِالْحُقُوقِ الَّتِي سُلِّمَتْ بِرِضَا الطَّالِبِ لَهَا أَمَّا الْغَصْبُ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ فَيَحْكُمُ بِحُكْمِ

ص: 111

الْإِسْلَامِ كَانَا عَلَى مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ فِي الْجِهَادِ أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي مُتَّفِقِي الْمِلَّةِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا أَعْلَمُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِلذِّمَّةِ وَلَا أَهْلِ الصُّلْحِ وَلَا الْمُسْتَأْمَنِينَ مَا لَمْ يَتَعَلَّقِ الضَّرَرُ بِغَيْرِهِمْ وَاتَّفَقُوا فِيمَا أَعْلَمُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَرَافَعَ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ أَنَّ عَلَى الْقَاضِي الحكم بَينهم وَقَالَ ش يُخَيَّرُ فِي أَهْلِ الْمُوَادَعَةِ كَالْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ جِزْيَةٍ بَلْ مُوَادَعَةٍ وَفِيهِمْ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى بِالتَّخْيِيرِ فِي الْحُكْمِ الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ فَإِذَا اجْتَمَعَ الْخَصْمَانِ وَرَضِيَا فِي الْحُكْمِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَشُهُودٍ مُسْلِمِينَ وَبَعْدَ أَنْ يَصِفَ لَهُمْ حُكْمَ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ يُخَيَّرُ فِي الذِّمِّيِّينَ مِنْ أَهْلِ مِلَّتَيْنِ وَيُبَيِّنُ لِلذِّمَّةِ حُكْمَ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ مَا يُحَرِّمُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَغَيْرِهِ وَيَحْكُمُ بِدِيَةِ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَالَ ح يَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوَّلًا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَيُحَرِّمَ عَلَيْهِمْ مَا يُحَرِّمُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - إِلَى نَصَارَى نَجْرَانَ إِمَّا أَنْ تَرُدُّوا الرِّبَا واما ان تاذوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَا تُفْسَخُ أَنَكِحَتُهُمْ عِنْدَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِن جاءوك} الْآيَةَ فَاشْتَرَطَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَجِيءَ وَهَىَ نَزَلَتْ بَعْدَ قَوْله تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله وَلَا تتبع أهواءهم} والزم الذِّمَّةِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إِلَيْنَا وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِنَا

(الْفَرْعُ الرَّابِعُ)

فِي الْكتاب اذا اقمت بَيِّنَةٌ عَلَى غَائِبٍ ثُمَّ حَضَرَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا تُعَادُ بِحُضُورِهِ

ص: 112

لِأَنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَلَكِنْ يُخْبَرُ بِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَبِالشَّهَادَةِ لَعَلَّ عِنْدَهُ حُجَّةً قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ عَمَلُ المديتة وَقَول مَالك وَأَصْحَابه الدُّيُون وَغَيرهَا وتباع دَاره وعقاره ورفيقه وَقَالَ ش ان عَمَلُهُ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ حَاكِمٌ كَتَبَ إِلَيْهِ فَيَنْظُرُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَاكِمٌ وَفِيهِ مَنْ يَتَوَسَّطُ مَنْ أَهْلِ الْحُكْمِ فُوِّضَ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَرَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يُنْفِذَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ مَنْ يَقْضِي بَيْنَهُمَا فَعَلَ وَإِلَّا لَمْ يُحْضِرْهُ حَتَّى يُحَقِّقَ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لَا يُجَابُ لَهَا كَشُفْعَةِ الْجَارِ فَإِنْ تَعَذَّرَ إِحْضَارُهُ لِكَوْنِهِ غَائِبًا أَوْ كَانَ حَاضِرًا فَهَرَبَ وَلَيْسَ مَعَ الطَّالِبِ بَيِّنَةٌ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ أَوْ مَعَهُ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ وَحَلَّفَهُ عَلَى عَدَمِ الْإِبْرَاءِ وَنَحْوِهِ وَحَكَمَ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ وَلَا الْهَارِبِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ إِقَامَةِ الْبَيِّنَة وَلَا لمستتر فِي الْبَلَدِ وَلَكِنْ يَأْتِي مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي ثَلَاثَةٌ يَدْعُونَهُ لِلْحُكْمِ فَإِنْ جَاءَ وَإِلَّا فَتَحَ عَلَيْهِ بَابَهُ وَافَقْنَا أَنَّهُ يَسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْحُكْمِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله} فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لويعطى النَّاس بدعاويهم لَا دعى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ - لهِنْد خذي لَك وَلَو لَدُكَّ مَا يَكْفِيكَ بِالْمَعْرُوفِ فَقِيلَ قَضَى عَلَى أَبِي سُفْيَانَ وَلَمْ يَحْضُرْ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - كَانَ يَعْلَمُ صِحَّةَ دَعْوَاهَا وَقِيلَ فُتْيَا لِأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ وَالْحَاضِرُ بِالْبَلَدِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ حَتَّى يُعْلَمَ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ مَمْنُوعٌ وَرجح الحكم بِأَنَّهُ أمرهَا بالخذب الْأَخْذ فَقَالَ خُذِي وَلَوْ كَانَ فَتْوَى لَقَالَ لَهَا يَجُوزُ لَكِ أَنْ تَأْخُذِي وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُفْتِي فِيمَا تَقَعُ فِيهِ الْخُصُومَةُ

ص: 113

وَلَنَا أَيْضًا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَلَا إِنَّ الْأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ قَدْ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ بِأَنْ يُقَالَ سَبَقَ الْحَاجَّ فَادَّانَ مُعْرِضًا أَلَّا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا غَدا فَإنَّا بائعوا مَالِهِ وَكَانَ الْأُسَيْفِعُ غَائِبًا وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَقِيَاسًا لِبَيِّنَتِهِ عَلَى بَيِّنَةِ الْحَاضِرِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهِيَ غَائِبَةٌ وَعَلَى الْمَيِّتِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْغَائِبِ وَلِأَنَّهُ لَوْلَا الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ لَأَخَذَ النَّاسُ أَمْوَالَ النَّاسِ وَغَابُوا فَتَضِيعُ الْأَمْوَالُ وَيَجُوزُ ذَهَابُ مَالِ الْغَائِبِ قَبْلَ الْقُدُومِ فَيَضِيعُ الْحَقُّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى جَمَاعَةٍ بَعْضُهُمْ حَاضِرٌ وَعَلَى الْمَفْقُودِ فَهَذِهِ كُلُّهَا سَلَّمَهَا ح وَلِأَنَّ الْمَنْعَ إِمَّا لِاحْتِمَالِ الْإِنْكَارِ عِنْدَ الْقُدُومِ وَلَا عِبْرَةَ بِهِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ عَلَيْهِ اَوْ لترجيح الْبَيِّنَةِ وَهُوَ لَا يَفُوتُهُ عِنْدَ حُضُورِهِمْ وَيَجُوزُ ان لَا يخرجهم فَلَا يُتَوَقَّفُ بِالشَّكِّ وَلِأَنَّ مَنْ لَا يُعْتَبُرُ رِضَاهُ لَا يعْتَبر حُضُوره فاخذ الْوَرَثَةِ وَالْبَائِعِ فِي الشُّفْعَةِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ فَإِنَّهُ إِذَا ثَبَتَ قُضِيَ عَلَى الْغَائِبِ بِالدَّيْنِ احْتَجُّوا بِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه حِينَ وَجَّهَهُ إِلَى الْيمن اذ تَقَاضَى إِلَيْكَ رَجُلَانِ فَلَا تَقْضِ لِلْأَوَّلِ حَتَّى تسمع كَلَام الآخر فَإنَّك تَدْرِي مَا يقْضِي قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا اذا كَانَ غَائِبا فِي الْبَلَدِ حَاضِرًا وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْغَائِبِ لَا يَجُوزُ فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةُ أحد الْخَصْمَيْنِ فَلَا يقْضِي بَينهمَا فِي غَيْبَةِ الْخَصْمِ كَالْيَمِينِ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ لَمْ يَكُنِ الْحُضُورُ عِنْدَ الْحَاكِمِ مُسْتَحَقًّا وَالْحُضُورُ مُسْتَحَقٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ

ص: 114

ليحكم بَينهم اذا فريق مِنْهُم معرضون} وَهُوَ سِيَاق ذمّ فَيجب الْحُضُور لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْقَاضِيَ تَعَدَّى عَلَيْهِ وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَصَرُّفِهِ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يحل مَال أمرى ج مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ وَالْغَائِبُ لَمْ تَطُبْ نَفْسُهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّهُ قَالَ إِذَا تَقَاضَى إِلَيْكَ الْخَصْمَانِ فأشترط حضورهما فِي الحكم الْمَذْكُور وَمَفْهُوم إِذَا لَمْ يَتَقَاضَيَا إِلَيْهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّمَاعُ مِنَ الْآخَرِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحَاضِرَ يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَجَّلَ مِنْهُ تَجْرِيحُ الْبَيِّنَةِ أَوْ تَسْلِيمِهَا فَيَنْحَسِمُ النِّزَاعُ بِخِلَافِ الْغَائِب وَقد نقضت أَصْلُكُمْ بِامْرَأَةٍ ادَّعَتْ بِأَنَّ لَهَا زَوْجًا غَائِبًا لَهُ مَالٌ فِي يَدِ رَجُلٍ غَائِبٍ وَتَحْتَاجُ لِلنَّفَقَةِ فَاعْتَرَفَ لَهَا بِذَلِكَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ إِذَا حَضَرَ لَا يَقْضِي لَهُ إِلَّا بِرِضَاهُ وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ قَبْلَ حُضُورِهِ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إِلَّا بِحُضُورِهِ وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ كُله ان الضَّرُورَة دَاعِيَة للْحكم عَلَيْهِ لَيْلًا يُفَوِّتَ حَقَّ غَيْرِهِ وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو لِلْقَضَاءِ لَهُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا حَضَرَ وَغَابَ الْمُدَّعِي لَا يَحْلِفُ لِأَنَّ الْيَمِينَ حق وَعَن الْخَامِس ان الْحَاضِر يَقُول حكمه كَذَا لَعَلَّهُ يُقِرُّ لِيَ إِذَا حَضَرَ فَأَسْتَرِيحُ مِنَ الْبَيِّنَة وتعجيل تَخْرِيج الْبَيِّنَة فينجز الحكم اما الْغَائِب فضرورتي تدعوا لِأَخْذِ حَقِّي وَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ إِذَا قَدِمَ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الْحَاضِرَ لَا يَشْتَرِطُ رِضَاهُ فَيُؤْخَذُ الْحَقُّ مِنْهُ كَرْهًا فَأَوْلَى الْغَائِبِ

ص: 115

تَفْرِيعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا بيع مَاله فَقدم فَافْهَم بَيِّنَة أَنه قضى بِهَذَا الْحق قَالَ مُحَمَّد يرجع الْمَقْضِيِّ لَهُ وَلَا يَنْقُضُ الْبَيْعَ إِلَّا أَنْ يَجِدَ الْمَبِيعَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ حَالِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَدَفَعُ الثَّمَنِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ إِلَّا فِي الرُّبْعِ لِبُعْدِهِ عَنِ التَّغَيُّرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى مَعْلُومَةَ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَيَكُونَ مَعَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَحَلَّفَهُ الْقَاضِيَ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ عَلَى عَدَمِ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ وَالِاعْتِيَاضِ وَالْإِحَالَةِ وَالِاحْتِيَالِ وَالتَّوْكِيلِ عَلَى الِاقْتِضَاءِ فِي جَمِيعِ الْحَقِّ وَبَعْضِهِ وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ فِي الْيَمِينِ لِصِدْقِ الشُّهُودِ كَالْحَاضِرِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ يَقُولُ فِي آخر الْيَمين وَأَنه لحق ثَبت عَلَيْهِ الْحق إِلَى يَوْمِي هَذَا وَالْمَحْكُومُ بِهِ كَالدُّيُونِ وَالْعَقَارِ الَّذِي يُمْكِنُ تَعْرِيفُهُ بِالْحَدِّ إِذَا قُلْنَا يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ فِي الْعَقَارِ إِمَّا لِبُعْدِ الْغَيْبَةِ أَوْ مُطْلَقًا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخَرَى وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْفَرَسُ وَمَا يَتَمَيَّزُ بِعَلَامَةٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ غَائِبًا وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنِ ادَّعَى الْعَبْدُ الْحَرِيَّةَ أَوِ ادَّعَى أَحَدٌ مِلْكَهُ لَا يحكم فِيهِ بِالصّفةِ والاحكام وَشَرْطُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ غَائِبًا عَنِ الْبَلَدِ وَاشْتَرَطَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَحْكُمُ عَلَيْهِ فِيهِ مَالٌ أَوْ وَكِيلٌ أَوْ حَمِيلٌ إِذَا لَمْ يُوَلِّ الْحَاكِمَ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ بَلْ عَلَى بَلَدٍ خَاصٍّ وَتُنْقَلُ الشَّهَادَاتُ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْقُضَاةِ وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْبَلَدِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ إِلَّا بِحُضُورِهِ الا ان يتَوَارَى غيب قضى عَلَيْهِ كَالْغَائِبِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنْ يَسْمَعَ الْقَاضِي بَيِّنَةَ الْخَصْمِ وَيُوقِّعَ شَهَادَتَهُمْ حَضَرَ الْخَصْمُ أَمْ لَا فَإِذَا حَضَرَ قَرَأَ عَلَيْهِ الشَّهَادَاتِ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ وَمَسَاكِنِهِمْ فَإِنْ قَدَحَ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ إِعَادَةِ الشَّهَادَةِ بِمَحْضَرِهِ لِأَنَّهَا قَدْ أُدِّيَتْ وَلَا يَنْبَغِي للْقَاضِي ذَلِك وَلَو ساله الْخصم ابْتِدَاء ان لَا يسمع بَيِّنَة خَصمه الا بمحضره واختشى الْقَاضِي دَلَّسَهُ وَرَأَى أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ أَجَابَهُ وَإِنْ أَمِنَ فَلَا يُجِيبْهُ فَإِنْ أَجَابَهُ مِنْ غَيْرِ خَشْيَةٍ فَلْيُمْضِ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ وَمُطْرِّفٌ وَأَصْبَغُ

ص: 116

وَسَحْنُونٌ لَا يَسْمَعُ إِلَّا بِمَحْضَرِهِ فَإِنْ غَابَ الْخَصْمُ وَلَمْ تَكُنْ مَسَافَتُهُ تَزِيدُ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَرُبَ مِنَ الْمِصْرِ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَجْلِبَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ عُسْرٌ وَلَا خَوْفٌ فِي الطَّرِيقِ إِلَّا نَادِرًا فَإِنْ زَادَ عَلَى الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَمْ يَجْلِبْهُ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَو شَاهد بِحَق فَكتب إِلَيْهِ مَعَ ثِقَةٍ إِمَّا أَنْ يَحْضُرَ أَوْ يُرْضِي خَصمه وَمَتى كَانَ للْغَائِب مَاله فِي الْبَلَد وَنفي مِنْهُ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ يُقَسَّمُ عَلَى الْغَائِبِ الرَّبْعُ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ خَاصَمَ وَفَرَغَتِ الْحُجَجُ ثُمَّ هَرَبَ وَكَذَلِكَ الْأَرَضُونَ وَقِيلَ تُبَاعُ الرُّبَاعُ وَغَيْرُهَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ نَفْيًا لِضَرَرِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَفِي الْجَلَّابِ لَا يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ فِي الرَّبْعِ وَالْعَقَارِ إِلَّا أَنْ تَطُولَ غَيْبَتُهُ وَيَضُرَّ ذَلِكَ بِخَصْمِهِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ الْمُخَدَّرَةُ لَا تَحْضُرُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَيَبْعَثُ إِلَيْهَا مَنْ يُحَلِّفُهَا وَهِيَ الَّتِي يُزْرِي بِهَا الْحُضُورُ وَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ لغير ذَلِك وَمَاله مَال من الْحُقُوق يخرج لَهَا لَيْلًا

ص: 117

(الْبَاب السَّابِع فِي مَوضِع نُفُوذِ حُكْمِهِ)

وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ أَنَّ التَّصَرُّفَ إِنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنَ الْوِلَايَةِ فَإِنَّ وَلِيَ مُعَيَّنًا أَوْ بَلَدًا مُعَيَّنًا كَانَ مَعْزُولًا عَمَّا عَدَاهُ لَا يُنَفَّذُ فِيهِ حُكْمُهُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ خِلَافًا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَافَهَ قَاضٍ قَاضِيًا لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ فِي ثُبُوتِ ذَلِكَ الْحُكْمِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا فِي غَيْرِ عَمَلِهِ فَلَا يَنْفَعُ سَمَاعُهُ أَوْ إِسْمَاعُهُ إِلَّا إِذَا كَانَا قَاضِيَيْنِ لِبَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَتَأَدَّى مِنْ طَرَفَيْ وِلَايَتِهَا فَذَلِكَ أَقْوَى مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي فَيَعْتَمِدُ وَلَوْ كَانَ الْمُسْمَعُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ دُونَ السَّامِعِ وَرَجَعَ السَّامِعُ إِلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَهِيَ كَشَهَادَةِ سَمِعَهَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا يَحْكُمُ بِهَا إِذْ لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ أَصْبَغُ لَهُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ بِغَيْرِ عَمَلِهِ عَلَى غَائِبٍ مِنْ خَصْمِهِ وَيَقْبَلُ عَدَالَتَهَا بِقَوْلِ قَاضِي ذَلِكَ الْعَمَلِ وَلَا يَحْكُمُ هُنَالِكَ وَإِنْ حَضَرَ الْخَصْمَانِ إِلَّا أَنْ يُحَكِّمَاهُ كَالْأَجْنَبِيِّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَسْمَعُ بَيِّنَة وَلَا ينظر فِي بَيِّنَة أحدا وَلَا يَشْهَدُ عَلَى كِتَابِهِمْ إِلَى قَاضِي بَلَدٍ وَقَالَهُ ش وَلَهُ الْكَشْفُ عَنْ بَيِّنَةٍ شُهِدَتْ عِنْده فِي علمه هُنَاكَ لِيُعَبِّرَ هَذَا عَنِ الْحُكْمِ وَلَوْ كُتِبَ اليه كتابا مِنْ قَاضٍ فَأَدْرَكَهُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ فَلَا يَسْمَعُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ حَتَّى يَقْدُمَ عَمَلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الْحُكْمِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ فِي وِلَايَتِهِ يَتِيمٌ مَسَّتْهُ الْحَاجَةُ لَهُ مَالٌ فِي عَمَلٍ آخَرَ

ص: 118

فَلْيَكْتُبْ إِلَى وَالِي ذَلِكَ الْعَمَلِ بِحَالِ الطِّفْلِ وَحَاجَتِهِ وَيَقْتَضِي مِنْهُ بَيْعَ مَالِهِ وَيُنَفِّذُهُ إِلَيْهِ فَيَبِيعُ الْمَكْتُوبَ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ أَقَلَّ رِبَاعِهِ رَدًّا عَلَيْهِ وَأَحَقَّهَا بِالْبَيْعِ وَسَيْرِهُ إِلَيْهِ

(فَرْعٌ)

لايزوج امْرَأَةً خَارِجَةً عَنْ وِلَايَتِهِ حَتَّى تَدْخُلَ وِلَايَتَهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ أَهْلِ عَمَلِهِ حَيْثُمَا كَانُوا جَازَ لَهُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ

ص: 119

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالْفُتْيَا)

وَيَنْبَنِي على الْفرق وَيُمكن غَيْرِهِ مِنَ الْحُكْمِ بِغَيْرِ مَا قَالَ فِي الْفُتْيَا فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا قَضَى بِهِ مِنْ نَقْلِ الْأَمْلَاكِ وَفَسْخِ الْعُقُودِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ حُكْمٌ وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَكْثَرَ مِنْ تَقْرِيرِ الْحَادِثَةِ لَمَا رُفِعَتْ إِلَيْهِ كَامْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَأَقَرَّهُ وَأَجَازَهُ ثُمَّ عُزِلَ وَجَاءَ غَيْرُهُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ بِحُكْمٍ وَلغيره فَسخه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم حكم لِأَنَّهُ امضاه والاقرار عَلَيْهِ كَالْحكمِ باجازة وَلَا يُنْقَضُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَقَالَ لِأَنَّهُ حَكَمَ فِي غير بِاجْتِهَادِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ فِيهِ بِإِمْضَائِهِ أَوْ فَسْخِهِ أَمَّا لَوْ رُفِعَ إِلَيْهِ هَذَا النَّاكِحُ فَقَالَ أَنَا لَا أُجِيزُ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْكُمَ بِفَسْخِ هَذَا النِّكَاحِ بِعَيْنِهِ فَهَذِهِ فَتْوَى وَلَيْسَ بِحكم وَرفع إِلَيْهِ حُكْمٌ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَقَالَ أُجِيزُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِين وَهُوَ فَتْوَى مَا لَمْ يَقَعْ حُكْمُهُ عَلَى عَيْنِ الْحُكْمِ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْوَجْهِ خلافًا وان حكم بِالِاجْتِهَادِ فِيمَا لم يقمه التَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ لَيْسَ بِنَقْلِ مِلْكٍ مِنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ إِلَى الْآخَرِ وَلَا فَصْلِ خُصُومَةٍ بَيْنَهُمَا وَلَا إِثْبَاتِ عَقْدٍ وَلَا فَسْخِهِ مِثْلِ رِضَاعِ كَبِير فَيحكم فَإِن رِضَاعُ الْكَبِيرِ يُحَرِّمُ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ مِنْ أَجْلِهِ فَالْفَسْخُ حُكْمٌ وَالتَّحْرِيمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يَثْبُتُ بِحُكْمِهِ بَلْ هُوَ مَعْرِضُ الِاجْتِهَادِ أَوْ رُفِعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا فَفَسَخَ نِكَاحَهَا وَحرم عَلَى زَوْجِهَا فَفَسْخُهُ حُكْمٌ دُونَ تَحْرِيمِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَحُكْمُهُ بِنَجَاسَةِ مَاءٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ تَحْرِيم بيع اَوْ نِكَاح وَبيع وَإِجَارَةٍ هُوَ فَتْوًى لَيْسَ حُكْمًا عَلَى التَّأْبِيدِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاهَدَهُ وَمَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مَوْكُولٌ لِمَنْ يَأْتِي مِنَ الْحُكَّامِ وَالْفُقَهَاءِ

ص: 120

تَمْهِيدٌ الْحُكْمُ وَالْفَتْوَى كِلَاهُمَا إِخْبَارٌ عَنْ حُكْمِ الله تعإلى ويعتقدهما الْمخبر وَكِلَاهُمَا الْمُكَلف مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَكِنَّ الْفَتْوَى إِخْبَارٌ عَنْ حكم الله تعإلى ويعتقد الْمخبر وَكِلَاهُمَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَكِنَّ الْفَتْوَى إِخْبَارٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي إِلْزَامٍ أَوْ إِبَاحَةٍ وَالْحُكْمُ إِخْبَارٌ عَنْ إِلْزَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلْزَامِ الْحَاكِمِ فِيمَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ النِّزَاعُ لِمَصَالِحِ الدُّنْيَا وَقَوْلنَا فِي الْفَتْوَى اَوْ اباحة يُرِيد بِهِ مَا عَدَا الْإِيجَابَ وَالتَّحْرِيمَ فَتَنْدَرِجُ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ وَقَوْلُنَا فِي الْحُكْمِ إِلْزَامُ اللَّهِ لَمْ يكن حكما شَرْعِيًّا وَلَا قَضَاء لارضا وَقَوْلُنَا وَإِلْزَامُ الْحَاكِمِ هُوَ الْقَيْدُ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْفَرْقُ مَعَ مَا بَعْدَهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلْمُفْتِي أَنْ يُجِيزَ وَلَا يُلْزِمَ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ يُنْكِرُ الْمُنْكِرُ ذَلِكَ سَعْيٌ أَنْ لِلَّهِ ضِدَّ مَا أَلْزَمَ اللَّهُ تَعَالَى لَا إِلْزَامَ مِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ الْمُنْكِرِ أَوِ الْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ قَوْلِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ مَنْ رَأَيْتَهُ خَالَفَنِي فَامْنَعْهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ اسْتَنَبْتُكَ عَنِّي فِي الْإِلْزَامِ الَّذِي ترَتّب عَلَيْهِ الانكار فالاول ساع فِي وُقُوع المامور وَالثَّانِي بِشَيْء لِلْأَمْرِ والالزام الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الانكار لَا حرم مِنْ نَقْضِ حُكْمِ حَاكِمٍ أَنْكَرْنَا عَلَيْهِ وَقِيلَ الْحُكْمُ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ لَا يُنْكَرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَدَّدْ إِلْزَامُ اللَّهِ الَّذِي اسْتَنَابَ عَبْدَهُ فِيهِ فَالْحَاكِمُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى كَحَاكِمٍ يَسْتَنِيبُ وَالْمُنْكِرُ وَالْمُفْتِي كَحَاكِمٍ لَهُ تُرْجُمَانٌ أَوْ وَزَعَةٌ يلجؤن النَّاسَ لِدَفْعِ الْحُقُوقِ ثُمَّ هَذَا الْإِلْزَامُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِمَعْنًى مَحْصُورٍ كَالْخَصْمِ الْحَاضِرِ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ لغير مُعَيَّنٍ وَلَا مَحْصُورٍ كَالْحُكْمِ بِوَقْفِ مَسْجِدٍ أَوْ عتق عبد هُوَ الزام لكل مُكَلّف ان لَا يَبِيعَهُمَا وَقَوْلُنَا لِمَصَالِحِ الدُّنْيَا احْتِرَازٌ مِنْ وُقُوعِ التَّنَازُعِ فِي تَنْجِيسِ مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَظَاهِرُهُ الْأَرْوَاثُ وَتَحْرِيمُ السِّبَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ أَحَدَ الْمُجْتَهِدِينَ لَا يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ لِدُنْيَاهُ بَلْ لِأُخْرَاهُ بِخِلَافِ الْمُنَازَعَةِ فِي الْعُقُودِ وَنَحْوِهَا

ص: 121

إِنَّمَا ذَلِكَ لِمَصَالِحِ الدُّنْيَا فَهَذَا يُظْهِرُ أَنَّ طَهَارَةَ الْمِيَاهِ وَنَحْوِهَا لَا تَقْبَلُ الْحُكْمَ أَلْبَتَّةَ وَأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا يُفِيدُ حُكْمَ الْحَاكِمِ مَعَهُ فَيَجْتَمِعُ الْحُكْمَانِ وَمِنْهَا مَا لَا يَقْبَلُ إِلَّا الْفُتْيَا فَيَنْفَرِدُ الْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَيْضًا الْفَرْقُ بَيْنَ تَصَرُّفِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم َ - بِالْفُتْيَا وَهِيَ التَّبْلِيغُ الْمُعَدَّى عَنِ الْحُكْمِ مِنْ قَبْلِهِ وَبَيْنَ تَصَرُّفِهِ بِالْقَضَاءِ فَإِنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ هُنَالِكَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمُهُ وَيَظْهَرُ أَيْضًا بِهَذَا أَنَّ الْعِبَادَاتِ كُلَّهَا لَا تَقْبَلُ الْحُكْمَ وَهِلَالَ رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ إِنَّمَا حَظُّ الْحَاكِمِ فِيهِ إِثْبَاتُ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ وَكَذَلِكَ إِيجَابُ الزَّكَاةِ وَأَمَّا أَخْذُ مَا سَنَّ يَأْخُذَهُ السَّاعِي فَذَلِكَ حُكْمٌ لِوُقُوعِ التَّنَازُعِ بَيْنَ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ لِمَصَالِحَ دُنْيَوِيَّةٍ وَهِيَ الْمَالِيَّةُ وَعَلَى هَذَا خَرَجَ سَائِرُ الْأَحْكَامِ وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ لَا يُنْقَضُ لِأَنَّ الْحُكْمَ نَصٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ الْحَاكِمِ وَنَصُّ اللَّهِ تَعَالى مُقَدَّمٌ كَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ الْحَقُّ مَعَ هَذَا وَإِذَا كَانَ هَذَا نَصًّا صَرِيحًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ هُوَ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ حُرِّمَ عَلَى الْمُخَالِفِ لَهُ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ نَقْضُ هَذَا الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ بِنَاءً على قَاعِدَة مجمع عَلَيْهَا وَهُوَ أَنه اذا تعَارض النَّص وَالْعُمُومُ قُدِّمَ الْخَاصُّ فِي صُورَةِ وُرُودِهِ وَبَقِيَ الْعُمُومُ مَعْمُولًا بِهِ فِي غَيْرِ تِلْكَ الصُّورَةِ فَلَا حرم مُخَالف الْمُجْتَهِدِ فِي غَيْرِ تِلْكَ الصُّورَةِ الَّتِي اتَّصَلَ بِهَا الْحُكْمُ وَتَخْرُجُ هَذِهِ مِنْ خِلَافِهِ لِوُرُودِ النَّصِّ الْخَاصِّ فِيهَا كَمَا يَعْمَلُ فِي سَائِرِ مَوَارِدِ الشَّرِيعَةِ إِذَا اجْتَهَدَ فَتَخْرُجُ الْمُصَرَّاةُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ لِلنَّصِّ وَتَخْرُجُ الْمُسَاقَاةُ مِنَ الْإِجَارَةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مُسْتَثْنًى بِنَصٍّ يَخُصُّهُ فَهَذَا مِنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ إِنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَوَاطِنِ الْخلاف يرفعهُ وَلَا ينْتَقض لأحد ذَلِكَ الْحُكْمَ وَقَدْ يُظْهِرُ بُطْلَانَ مَا فِي الْجَوَاهِر فِي بَاب نقص الْحُكْمِ أَنَّ الْخِلَافَ

ص: 122

يَبْقَى مَعَ الْحُكْمِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ وَلَا يُسْتَشْعَرُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قد جعل لأحد ان ينشىء إِلْزَامًا لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ الشَّرْعِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا جَعَلَ ذَلِكَ لِلْحُكَّامِ جَعَلَ مُكَلّف ان ينشىء عَلَى نَفْسِهِ الْوُجُوبَ فِي كُلِّ مَنْدُوبٍ بِالنَّذْرِ وَإِنْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ فَأَوْلَى ان ينشىءالحاكم الْإِلْزَامَ بِمُعَيَّنٍ أَيْضًا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِهِ غَيْرَ أَنَّ النَّاذِرَ يُنْشِئُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَالْحَاكِمَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِأَنْ جَعَلَ أَيْضًا لكل مُكَلّف ان ينشىء سَبَبِيَّةَ مَا لَيْسَ بِسَبَبٍ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَرَادَهُ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ وَيُمَيِّزَهَا لِلَّهِ تَعَالَى فِيمَا فِيهِ حُكْمٌ وَمَا لَا حُكْمَ فِيهِ فَيَجْعَلُهُ سَبَبًا لِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَوْ عِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِالتَّعْلِيقِ فَيُقِيمَ دُخُولَ الدَّارِ سَبَبًا لذَلِك

ص: 123

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الِاسْتِخْلَافِ)

وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ خِلَافًا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا نُهِيَ عَنْهُ لَمْ يَفْعَلْهُ لِأَنَّ النَّهْيَ عَزْلٌ فَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِيهِ فَعَلَهُ عَلَى مُقْتَضَى الاذن كَسَائِر أَنْوَاع الْولَايَة فَإِن تجدّد عقد الْولَايَة عَن النَّهْي الْإِذْنِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ لَيْسَ لِقَاضِي الْخَلِيفَةِ الِاسْتِخْلَافُ مَكَانَهُ إِذَا كَانَ حَاضِرًا وَأَمَّا إِنْ سَافَرَ أَوْ مَرِضَ فَفِي الْوَاضِحَةِ يُسْتَخْلَفُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُسْتَخْلَفُ وَإِنْ سَافَرَ أَوْ مَرِضَ إِلَّا بِإِذْنِ الْخَلِيفَةِ وَعِنْدَ ش يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ فِي نَوَاحِي عَمَلِهِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَتَّسِعُ لِجَمِيعِ ذَلِكَ وَيَشُقُّ عَلَى النَّاسِ الْحُضُورُ إِلَيْهِ فَإِنْ نَهَاهُ عَنِ الِاسْتِخْلَافِ أَوْ أَمَرَهُ اتَّبَعَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَفِي الشَّامِلِ لِلشَّافِعِيَّةِ إِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَإِلَّا اسْتَخْلَفَ ووُجُودُ النَّهْيِ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ فَإِنْ عزت الْوِلَايَةُ عَنِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ امْتَنَعَ الِاسْتِخْلَافُ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَرْضَ بِنَظَرِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ لَا يُمكنهُ مبَاشر الْجَمِيعِ اسْتَخْلَفَ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ كَمَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلَ فِيمَا يَعْجَزُ عَنْهُ وَلَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَوْلَانِ الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ كَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَقَالَ ح لَا يَسْتَخْلِفُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَاسْتَخْلَفَ فَالثَّانِي قَاضٍ لِلْإِمَامِ تَمْهِيدٌ الْوِلَايَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يَتَضَمَّنُ الِاسْتِخْلَافَ لِتَوَقُّفِ مَقْصُودِهَا عَلَيْهِ كَوِلَايَةِ إِمَامَةِ الْجُمْعَةِ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَلَوْ سبقت الْحَدث

ص: 124

وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَكَذَلِكَ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ يُبْطِلُ إِمَامَتَهُ أَوْ صَلَاتَهُ وَكَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى مَقْصُودُهَا ضَبْطُ مَصَالِحِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إِلَّا بِالِاسْتِخْلَافٍ وَكَالْوَصِيَّةِ مَقْصُودُهَا أَنْ تَقُومَ مَقَامَ الْمَيِّتِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ إِنْ مَاتَ أَوْ يُوَكِّلَ حَالَ حَيَاتِهِ وَمِنْهَا مَا لَا يَتَضَمَّنُ الِاسْتِخْلَافَ كَالْوَكَالَةِ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِهِ وَحْدَهُ وَعَوَارِضُ عَجْزِهِ نَادِرَةٌ بِخِلَافِ إِمَامَةِ الْجُمُعَةِ عَوَارِضَ الْعَجْزِ عَنْهَا كَثِيرَةٌ وَكَالِاسْتِيدَاعِ مَقْصُودُهُ الْحِفْظُ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْمُودَعِ عِنْدَهُ وَحْدَهُ وَكَالْمُقَارِضِ وَالْمُسَاقِي فَمَتَى وَكَّلَ أَحَدٌ هَؤُلَاءِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَمِنْهَا مَا فِيهِ الشَّبَهَانِ كَالْقَضَاءِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَا وَلِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَصَالِحِ غَيْرُ مُتَنَاهٍ وَلَا مُنْضَبِطٍ أَشْبَهَ الْإِمَامَةَ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ فَوْقَهُ مَنِ ارْتَضَاهُ وَحْدَهُ وَلَهُ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ عِنْدَ عَجْزِهِ أَشْبَهَ الْوَكَالَةَ فَهَذِهِ الْمَدَارِكُ مَنْشَأُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ رضي الله عنهم تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِر حَيْثُ اجزنا يُشْتَرَطُ فِي الْخَلِيفَةِ صِفَاتُ الْقُضَاةِ لِأَنَّهُ قَاضٍ إِلَّا إِذَا لَمْ يُفَوَّضْ إِلَيْهِ سَمَاعُ الشَّهَادَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا مَعْرِفَةُ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى النَّائِبِ الْحُكْمَ بِخِلَافِ اجْتِهَادِهِ وَخِلَافِ مُعْتَقَدِهِ إِنْ جَوَّزْنَا تَوْلِيَةَ الْمُقَلِّدِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ وَلِلْإِمَامِ الْمُعْتَقِدِ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يُوَلِّيَ مَنْ يَعْتَقِدُ خِلَافَهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَجْتَهِدَ وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ التَّقْلِيدُ فِي النَّوَازِلِ وَالْأَحْكَامِ مِنَ الْمُعْتَزِّي إِلَى مَذْهَبِهِ فَإِنَّ مَالِكًا لَمْ يُلْزِمْهُ الْمَصِيرَ فِي أَحْكَامِهِ إِلَى أَقْوَالِ مَالِكٍ بَلْ أَيْنَمَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ صَارَ إِلَيْهِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْقَاضِي الْحُكْمَ بِمَذْهَبِ إِمَامٍ مُعَيَّنٍ دُونَ غَيْرِهِ صَحَّ الْعَقْدُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ لِمُنَاقَضَتِهِ لما يجب من الِاجْتِهَاد كَانَ مُوَافقا لمَذْهَب الشَّرْط أَوْ مُخَالِفًا لَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنِي الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ كَانَ الْوُلَاةُ عِنْدَنَا

ص: 125

بقرطبة يشترطون فِي سجل القَاضِي ان لَا يَخْرُجَ عَنْ سِجِلَّاتِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا وَجَدَهُ قَالَ الْأُسْتَاذُ وَهَذَا جَهْلٌ عَظِيمٌ مِنْهُمْ وَفِي النَّوَادِر اذا ولي على كور الْعَادَةُ أَنْ يُوَلَّى فِيهَا قُضَاةٌ فَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ لِأَنَّ الْعَادَةَ كَالْإِذْنِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يَحْكُمُ بَعْدَ مَوته

ص: 126

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْعَزْلِ)

الْعَزْلُ هُوَ فَسْخُ الْوِلَايَةِ وَرَدُّ الْمُتَوَلِّي كَمَا كَانَ قَبْلَهَا كَفَسْخِ الْعُقُودِ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَكَمَا انْقَسَمَ ذَلِكَ فِي الْعُقُود إِلَى الْفَسْخ والانفساخ انقسم هَاهُنَا إِلَى الْعَزْلِ وَالْانْعِزَالِ وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَفِي الْبَابِ سَبْعَةُ فُرُوعٍ

(الْفَرْعُ الْأَوَّلُ)

فِي الِانْعِزَالِ فِي الْجَوَاهِرِ يَنْعَزِلُ بِمَا لَوْ قَارَنَ التَّوْلِيَةَ مَنَعَ انْعِقَادَهَا كَالْكُفْرِ وَالْجُنُونِ وَمَا تقدم مَعهَا وَكَذَلِكَ طَرَيَانُ الْفِسْقِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَنْعَزِلُ بِطَرَيَانِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ عَزْلُهُ عِنْدَ مَالِكٍ

(الْفَرْعُ الثَّانِي)

فِي جَوَازِ الْعَزْلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَصْبَغُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَعْزِلَ مِنْ قُضَاتِهِ مَنْ يَخْشَى عَلَيْهِ الضعْف والوهل أَوْ بِطَانَةَ السُّوءِ وَإِنْ أَمِنَ عَلَيْهِ الْجَوْرَ لِأَنَّهُ مِنْ بَذْلِ النُّصْحِ لِلْمُسْلِمِينَ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا كَانَ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ وَالرِّضَا فَلَا يَعْزِلُهُ بِالشِّكَايَةِ فَقَطْ وَإِنْ وَجَدَ مِنْهُ بَدَلًا نَفْيًا لِمَفَاسِدِ الْعَزْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِذَلِكَ عَزَلَهُ إِذَا وَجَدَ بَدَلًا وَتَظَاهَرَتِ الشِّكَايَةُ عَلَيْهِ فَقَدْ عَزَلَ

ص: 127

عُمَرُ سَعْدًا رضي الله عنه لَمَّا شَكَاهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَلِأَنَّ مَنْ لَا يُقَالُ فِيهِ أَصْلَحُ لِلنَّاسِ مِمَّنْ يُقَالُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَدَلًا كَشَفَ عَنْهُ فَإِنْ وَجَدَهُ كَمَا يَجِبُ أَمْضَاهُ وَإِلَّا عَزَلَهُ قَالَ أَصْبَغُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَعْزِلَهُ بِالشِّكَايَةِ وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ فَلَا أَفْضَلَ فِي زَمَانِنَا مِنْ سَعْدٍ إِذَا وُجِدَ مَنْ يُسَاوِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تاديب الْقُضَاة وَصَلَاح النَّاس واذا علمت الشِّكَايَةُ وَتَظَاهَرَتْ أَوْقَفَهُ بَعْدَ الْعَزْلِ لِلنَّاسِ فَيَرْفَعُ مَنْ يَرْفَعُهُ وَيُحَقِّقُ مَنْ يُحَقِّقُ فَقَدْ أَوْقَفَ عُمَرُ سَعْدًا فَلَمْ يَصِحَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَكْرُوهِ خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا اشْتُكِيَ فِي أَحْكَامِهِ وَمَيْلِهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ كَشَفَ عَنْهُ قَلَّ شَاكُوهُ أَوْ كَثُرُوا فَيَبْعَثُ إِلَى رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِمْ فَيَسْأَلُهُمْ عَنْهُ سِرًّا فَإِنْ صَدَّقُوا قَوْلَ الشُّكَاةِ عَزَلَهُ وَيَنْظُرُ فِي أَقْضِيَتِهِ فَيُمْضِي مَا وَافَقَ الْحَقَّ وَيرد مَا خَالفه وان قَالَ المسؤولون لَمْ نَعْلَمْ إِلَّا خَيْرًا أَوْ هُوَ عَدْلٌ عِنْدِنَا أَثْبَتَهُ وَنَفَّذَ أَقْضِيَتَهُ فَمَا خَالَفَ السُّنَّةَ رَدَّهُ وَمَا وَافَقَهَا أَمْضَاهُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ جَوْرًا وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لَمَّا عَزَلَ سَعْدًا عَنِ الْكُوفَةِ بِالشَّكِيَّةِ لَا يُسَابِقُ قَوْمٌ عَزْلَ وَالِيهِمْ فَيَشْكُونَهُ إِلَّا عَزَلْتُهُ وَعَزَلَ عُمَرُ شُرَحْبِيلَ فَقَالَ لَهُ أَعَنْ سَخْطٍ عَزَلْتَنِي فَقَالَ لَا وَلَكِنِّي وَجَدْتُ مَنْ هُوَ مِثْلُكَ فِي الصَّلَاحِ وَهُوَ اقوى على عَمَلي فَلم اريحل لِي إِلَّا ذَلِكَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ عَزْلَكَ عَيْبٌ فَأَخْبِرِ النَّاسَ بِعُذْرِي فَفَعَلَ عمر قَالَ مطرف واشهب وَيَنْبَغِي للامام ان لَا يَغْفَلَ عَنِ الْقُضَاةِ فَإِنَّهُمْ سَنَامُ بِرِّهِ وَرَأْسُ سُلْطَانِهِ فَلْيَنْظُرْ فِي أَقَضِيَتِهِمْ وَيُنَفِّذْهَا وَيَنْظُرْ فِي رَعِيَّتِهِ وَأَحْكَامِهَا وَظُلْمِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ فَإِنَّ النَّاسَ يَسْتَنُّ بَعْضُهُمْ بِسُنَّةِ بَعْضٍ وَلَيْسَ لِبَعْضٍ مِنَ الْفَضْلِ عَلَى بَعْضٍ مَا يَسَعُ

ص: 128

الْإِمَامَ أَنْ يَتَخَلَّى عَنْهُمْ وَإِنْ يَكِلْهُمْ إِلَى قُضَاتِهِمْ وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يُقَدِّمُ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِمْ رِجَالًا فَإِنْ أَرَادُوا بَدَلَ عَامِلِهِمْ عَزَلَهُ وَأَمَّرَ غَيْرَهُ ثُمَّ حَيْثُ عَزَلَ الْإِمَامُ قَاضِيًا فَإِنْ كَانَ لِرِيبَةٍ أَوْ سُخْطٍ فَحَقٌّ عَلَيْهِ إِشْهَارُهُ أَوْ لِغَيْرِ رِيبَةٍ فليخبر النَّاس ببرءاته إِنْ شَاءَ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ رضي الله عنه

(الْفَرْعُ الثَّالِثُ)

فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا مَاتَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ نَظَرَ قُضَاتُهُ وَحُكَّامُهُ حَتَّى يَعْلَمُوا رَأْيَ مَنْ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ الْقَاضِي يُوَلِّيهِ وَالِي الْمِصْرِ ثُمَّ الْمُوَالِي فَهُوَ قَاضٍ حَتَّى يَعْزِلَهُ الَّذِي بَعْدَهُ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ فِيهِمْ حَقٌّ لِلْمُسْلِمِينَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ كَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ لَهُمْ وَكَوَلِيِّ الْمَرْأَةِ إِذَا زَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ وَلِأَنَّهَا سُنَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَظِيمًا عَلَى النَّاسِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ

(الْفَرْعُ الرَّابِعُ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا ثَبَتَ الْحَقُّ وَأَرَادَ التَّسْجِيلَ فَحَضَرَ الْإِمَامُ عرف فَنَهَاهُ ان يبطل لأحد حَتَّى ينْصَرف فيستجل لَهُ بعد نه 4 ي الْإِمَامِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْضِي وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا تَوَجَّهَ الْحُكْمُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ فَاسْتَغَاثَ بِالْأَمِيرِ الْجَائِرِ فَنَهَاهُ عَنِ النَّظَرِ فِي ذَلِك اَوْ يعزله عَنْهُ فَلْيُنَفِّذْهُ وَلَا يَنْظُرْ إِلَى نَهْيِ الْأَمِيرِ إِلَّا أَنْ يَعْزِلَهُ رَأْسًا وَإِنْ كَانَا فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِمَا قَبْلَ ظُهُورِ الْحَقِّ وَنُهُوضِ الْحُجَجِ تَرَكَهُمَا قَالَ أَشْهَبُ إِذَا اشْتُكِيَ أَنَّهُ أَرَادَ الْحُكْمَ بِغَيْرِ الْحَقِّ كَشَفَ فَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ نَهَاهُ عَنْ إِنْفَاذِهِ وَإِنْ تَيَسَّرَ عَلَى الْإِمَامِ جَمْعُهُمْ عِنْدَهُ فَعَلَ وَإِلَّا أَقْعَدَ مَعَهُ رِجَالًا مِنَ الْعُلَمَاءِ الصُّلَحَاءِ يَنْظُرُونَ فِي ذَلِك ثمَّ

ص: 129

ينْفَرد هُوَ برايه فيهم دُونَهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُ أَنْ يَقُولَ قَدْ كُنْتُ حكمت قبل هَذَا لِأَنَّهُ مُدع على متشكيه إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَلَا يَحْكُمُ لِلنُّظَّارِ مَعَهُ بِشَيْءٍ بَلِ الْإِمَامُ إِنْ كَانَ فِيهِ اخْتِلَافٌ أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَأُولَئِكَ الْجُلُوسُ يَرْفَعُونَ لِلْإِمَامِ مَا رَأَوْهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا اشْتُكِيَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَهُوَ عَدْلٌ بَصِيرٌ بِالْقَضَاءِ لَا يَعْرِضُ لَهُ وَلَا يَتَعَقَّبُهُ بِنَظَرِ الْفُقَهَاءِ فَإِن جهل الامير وَجَهِلَ الْفُقَهَاءُ فَجَلَسُوا مَعَهُ أَوْ كَرِهُوا وَرَأَوْا فَسْخَهُ فَفَسَخَهُ الْأَمِيرُ فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ صَوَابًا فِيهِ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ نُفِّذَ وَبَطَلَ الْفَسْخُ وَإِلَّا مَضَى الْفَسْخُ وَلَا يُقْبَلُ فِي مَشْهُورِ الْعَدَالَة الا اسْتِبْدَادُهُ بِرَأْيِهِ فَيَأْمُرُهُ الْأَمِيرُ بِالْمُشَاوَرَةِ لِأَهْلِ الرَّأْيِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسِيءَ لَهُ أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا مَعَهُ وَيَحْكُمُوا بِأَفْضَلِ مَا يَرَاهُ مَعَهُمْ أَوْ مَعَ بَعْضِهِمْ فَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى خِلَافِهِ لَا يحكم بِهِ ذَلِك لِأَنَّهُ الَّذِي شكى مِنْهُ فِيهِ وان لم يبين لَهُ أَنَّ الْحَقَّ إِلَّا فِي رَأْيِهِ كَاتَبَ الْأَمِيرَ فَيَأْمُرُهُ بِمَا يَرَاهُ قَالَهُ كُلَّهُ ابْنُ الْقَاسِم

(افرع الْخَامِسُ)

قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا عُزِلَ الْقَاضِي أَوْ مَاتَ وَهُوَ جَائِرٌ لَا يُنَفَّذُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِهِ وَاسْتُوْقِفَ النَّظَرُ فِيهَا لِأَنَّ حُكْمَهُ كَلَا حُكْمٍ وَلَا يُنْظَرُ فِي سِجِلَّاتِهِ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْصِدُ الْجَوْرَ غَيْرَ أَنَّهُ جَاهِل بالستر وَلَا يَسْتَشِيرُ الْعُلَمَاءَ وَيَقْضِي بِاسْتِحْسَانِهِ تُصُفِّحَتْ أَحْكَامُهُ وَيُنَفَّذُ صَوَابُهَا وَيُمْضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَكَذَلِكَ إِنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُوَافِقُ الْوَزير عزل اولا وَالْقَاضِي الَّذِي لَا يعلم مِنْهُ الا خيرا لَا يكْشف عَنهُ ان ياتي بجور فخطا أَوْ جَهْلٍ وَمَتَى جُهِلَتِ الْبَيِّنَةُ فِي حُكْمِ الْحُلَيْبِسِ لَا يُنَفَّذُ قَالَ أَصْبَغُ تَجُوزُ أَقْضِيَةُ الْقَاضِي غَيْرِ عَدْلٍ فِي حَالِهِ

ص: 130

وَسيرَته اَوْ فِيهِ هَذَا وَهَذَا تَجُوزُ مِنْ أَقَضَيْتِهِ غَيْرَ الْجَوْرِ كَأَقْضِيَةِ الْجَاهِلِ لِأَنَّ السَّلَاطِينَ الْيَوْمَ أَكْثَرُهُمْ كَذَلِكَ وَلَا بُدَّ أَنْ تُنَفَّذَ أَحْكَامُهُمْ وَالْقَوْلُ بِهَذَا أَصْبَغُ وَقَوْلُ ابْن وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْخَوَارِجُ كَالْقُضَاةِ السُّوءِ

(الْفَرْعُ السَّادِسُ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ أَنَّهُ شَهِدَ لِلْبَيِّنَاتِ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ مَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وان قَالَ الْمَعْزُول فِي دِيوَانِي قَدْ شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ عِنْدِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَقِيَ شَاهِدًا فَهُوَ كَأَحَدِ الشُّهُودِ وَلِلطَّالِبِ تَحْلِيفُ الْمَطْلُوبِ أَنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي فِي دِيوَانِ الْقَاضِي شَهِدَ عَلَيْكَ بِهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَثَبَتَتِ الشَّهَادَةُ ثُمَّ نظر فِيهَا الَّذِي ولي بِمَا كَانَ يَنْظُرُ الْمَعْزُولُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَكُلُّ حُكْمٍ يَدَّعِي الْقَاضِي الْمَعْزُولُ أَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ هُوَ الْحَاكِمُ بِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ مَعَهُ رَجُلٌ لَا يُنَفَّذُ حَتَّى يَشْهَدَ اثْنَانِ غَيْرُهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إِنْ أَرَادَ قِيَامَ الْبَيِّنَةِ عَلَى خُطُوطِهِمْ فَقَدْ جَوَّزَ الشَّهَادَةَ عَلَى خَطِّ الشُّهُودِ وَإِعْمَالَهَا وَلَيْسَ هُوَ مَشْهُورَ الْمَذْهَبِ أَوْ عَلَى إِيقَاعِ الشُّهُودِ هَذِهِ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْقَاضِي فَفِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى مثل هَذَا وَالْخِلَافُ فِيهِ مَعْلُومٌ وَقَدْ يَكُونُ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ باشهاد القَاضِي الْمُتَوفَّى اياهم يعتولها وَقَوْلُهُ نَظَرَ الثَّانِي كَمَا كَانَ يَنْظُرُ الْأَوَّلُ يُفِيد بِنَا القَاضِي على مَا تقدم وَلَا يلْزمه الاستيئناف وَأَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرْطُبِيِّينَ ابْنُ عَتَّابٍ وَغَيره وراى غَيرهم الاستيئناف قَالَ وَلَا وَجْهَ لَهُ

(الْفَرْعُ السَّابِعُ)

قَالَ بعض الْعُلَمَاءُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الْوِلَايَةِ كَالْقَضَاءِ وَالْوَكَالَةِ وَالْخِلَافَةِ وَمِنْهُ مَا يَصِحُّ بِغَيْرِ وِلَايَةٍ كَالْخَطَابَةِ وَالْإِمَامَةِ فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ

ص: 131

يَقْبَلُ الْعَزْلَ مِنْ جِهَةِ الْمُوَلِّي وَالْمُتَوَلِّي وَالْقِسْمُ الثَّانِي لَا يقبل الْعَزْل الا مِنْ جِهَةِ الْمُتَوَلِّي بَلْ مِنْ جِهَةِ الْمُوَلِّي لَان صِحَة الْخَطَابَةِ لَا تَنْفَكُّ عَنِ الْمُتَّصِفِ بِهَا حَتَّى تَذْهَبَ أَهْلِيَّتُهُ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَزْلِ نَفْسِهِ لِأَنَّ صِحَّةَ تَصَرُّفِهِ لَا تَكْفِي فِيهِ الْأَهْلِيَّةُ فَلِعَزْلِهِ لِنَفْسِهِ أَثَرٌ فَكَانَ مُمْكِنًا وَأَمَّا مَا يُطلق للخطيب فَتَركه اياه لَيْسَ عزلا وَلَا على هَذَا لَيْسَ لِلْخَلِيفَةِ فِي نَصْبِ الْخَطِيبِ إِلَّا تسويقه الْمُطْلَقُ لِلْخَطَابَةِ لَا أَنَّهُ يُفِيدُهُ أَهْلِيَّةَ التَّصَرُّفِ وَمَنْعَ الْمُزَاحَمَةِ لِلْخَطِيبِ وَالْإِمَامِ بَعْدَ الْوِلَايَةِ فَلَيْسَ ذَلِك وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ صَوْنِ الْأَئِمَّةِ عَنْ أَسْبَابِ الْفِتَنِ وَالْفَسَادِ وَيَظْهَرُ بِهَذَا الْبَحْثِ أَنَّ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فِي الْخَطَابَةِ سَبَبُ الْوِلَايَةِ وَفِي الْقَاضِي وَنَحْوِهِ الْوِلَايَةُ بِسَبَبِهِ فَبَيْنَ الْبَابَيْنِ فَرْقٌ عَظِيمٌ فَلِذَلِكَ يَقْبَلُ أَحَدُهُمَا الْعَزْلَ مُطْلَقًا دُونَ الْآخَرِ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ الْجَعَالَةُ قَبْلَ الشُّرُوعِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَبَعْدَهُ من جِهَة الْجعل لَهُ وَالْقِرَاضُ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَالْمُغَارَسَةُ وَالتَّحْكِيمُ وَالْوَكَالَةُ وَالْقَضَاءُ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ فَهِيَ سِتَّةٌ

ص: 132

(الْبَابُ الْحَادِي عَشَرَ فِيمَا يُنْقَضُ مِنَ الْأَقْضِيَةِ)

وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَضَى فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ الْحَقُّ فِي غَيْرِ مَا قَضَى بِهِ رَجَعَ عَنهُ وَلَا ينقص حكم غَيره فِي مَوضِع الْخلاف فِي التَّنْبِيهَاتِ حَمَلَ أَكْثَرُهُمُ الْكَلَامَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي الْكِتَابِ الرُّجُوعُ كَيْفَ كَانَ مِنْ وَهْمٍ أَوِ انْتِقَالِ رَأْيٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّمَا يَرْجِعُ فِي الْوَهْمِ وَالْغَلَطِ لَا فِي تَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ قَالَ وَهُوَ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ إِذْ لَوْ صَحَّ الاول مَا اسْتَقر لقَاضِي حكم فِي كُلِّ وَقْتٍ فَلَا يَثِقُ أَحَدٌ بِحُكْمِهِ وَلِأَنَّ الثَّانِيَ اجْتِهَادٌ مِثْلَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَو فَهَذَا يَنْقُضُهُ هُوَ وَمَنْ بَعْدَهُ لَا يَخْتَلِفُ فِي هَذَا إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَدْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَوَّلًا وَهُوَ شَاذٌّ فَيَنْقُضُهُ هُوَ وَمَنْ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ يَلْزَمُ مَذْهَبًا مُعَيَّنًا وَيَحْكُمُ بِتَقْلِيدِهِ لَا بِاجْتِهَادِهِ فَحَكَمَ فَغَلِطَ فِي مَذْهَبِهِ نَقَضَهُ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا رَجَعَ فِيمَا كَانَ جَوْرًا بَيِّنًا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ اخْتَصَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ كَلَامَ الْكِتَابَ إِذَا بَانَ لَهُ أَنَّهُ أَخْطَأَ فَلْيَنْقُضْ قَضِيَّتَهُ وَإِنْ أَصَابَ قَوْلَ قَائِلٍ وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ حَمْدِيسَ إِذَا حَكَمَ بِمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ فَلَا يَنْقُضُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا خَالَفَ نَصَّ الْقِرَآنِ أَوِ السُّنَّةِ أَوِ الْإِجْمَاعِ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ وَإِنْ أَرَادَ الِانْتِقَالَ عَنِ اجْتِهَادٍ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ جَوَّزَهُ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنَعَهُ ابْنُ عبد الحكم قضى بِمَال اوغيره وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ بِمَالٍ بِخِلَافِ إِثْبَاتِ نِكَاحٍ أَوْ فَسْخِهِ قَالَ وَعَلَى هَذَا لَا ينْقضه اذا كَانَ بانفاذ عتق اورده اَوْ حد اَوْ قتل ابْنَته أَوْ أَبْطَلَهُ وَقِيلَ

ص: 133

الْمَتْرُوكَاتُ لَيْسَ بِحُكْمٍ بِخِلَافِ الْإِثْبَاتِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ فَأَثْبَتَ الْخَطَأَ مَعَ الْأَجْرِ وَالْخَطَأُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَهَذَا إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَهِلَ وَأَنَّهُ خَارِجٌ عَنِ الْأَصْلِ الَّذِي كَانَ ظَنُّهُ مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ يُنْقَضْ

(فَرْعٌ مُرَتَّبٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الْوَاضِحَةِ إِذَا أَشْهَدَ الْحَاكِمُ عَلَى فَسْخِ حُكْمِهِ وَلَا يَذْكُرُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنهُ لاحسن مِنْهُ وَلَا يحسن أَمر فَسخه لَهُ لَا يَنْفَسِخ حَتَّى يلخص مَا يُوجِبُ فَسْخَهُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ تَبَيَّنَ لِي أَنَّ الشُّهُودَ شُهُودُ زُورٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَكْفِي إِشْهَادُهُ عَلَى الْفَسْخِ إِذَا كَانَ مَأْمُونًا لَا يُتَّهَمُ أَنَّهُ فَسَخَهُ جَوْرًا وَلَوْ قَالَ مَعَ الْفَسْخِ قَضَيْتُ لِلْآخَرِ لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ وَمضى الْفَسْخ لَا يَقْضِي حَتَّى يَسْتَفْرِغَ الْمَقْضِّيُّ عَلَيْهِ الْآجَالَ وَالْحُجَجَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَسَّمَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ مُحْرِزٍ حَالَ الْقَاضِي أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ إِنْ خَالَفَ نَصَّ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ أَوِ الْإِجْمَاعَ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ الثَّانِي أَنْ يَقْصِدَ مَذْهَبًا فَيُصَادِفَ غَيْرَهُ سَهْوًا يَنْقُضُهُ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الصِّحَّةُ لِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بِهِ وَغَلَطُهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ إِلَّا أَنْ تشهد بنية أَنَّهَا عَلِمَتْ قَصْدَهُ إِلَى الْحُكْمِ فَوَقَعَ لَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا الثَّالِثُ أَنْ يَجْتَهِدَ فَيَظْهَرُ لَهُ الصَّوَابُ فِي غَيْرِ مَا حَكَمَ بِهِ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ أَيْضًا فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَا ظَهَرَ لَهُ وَقِيلَ لَا يرجع لجَوَاز تغير غَيره الثَّانِي أَيْضًا فَلَا يَقِفُ عِنْدَ غَايَةٍ فَهُوَ كَالْمُصَلِّي يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْقِبْلَةِ الرَّابِعُ أَنْ يَحْكُمَ بِالظَّنِّ وَالتَّنْجِيزِ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ فِي الْأَدِلَّةِ فَيَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ فِسْقٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لِلْخَصْمِ نَقْضُ الْحُكْمِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِحُجَّةٍ يَقُولُ كُنْتُ نَسِيتُهَا

ص: 134

أَوْ يَقُولُ اسْتَنْطَقَ خَصْمِي عَنْ كَذَا وَلَا يُمكن من ذَلِك عَن هَذَا الْقَاضِي وَلَا غَيْرِهِ وَإِلَّا لَمَا انْقَطَعَتِ الْمُنَازَعَاتُ فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَثَلَاثَة اقوال سَمعه ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ صَوْنًا لِلْحُكْمِ عَنِ اسْتِمْرَارِ الْمُنَازَعَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ هَذَا الْقَاضِي نَقَضَهُ اَوْ غير فَلَا لِاحْتِمَالِ مُسْتَنَدٍ آخَرَ لَهُ فِي الْحُكْمِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِنِ اتَّفَقَ الْخَصْمَانِ أَنَّ هَذِه الْبَيِّنَة لمن شهِدت اَوْ علم ذَلِك فَإِن قَالَ للطَّالِب مَا شهِدت وانكر الآخر حلف الْقَائِم لَمْ تَكُنْ شَهِدْتَ وَعَمِلَ بِمُوجَبِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم شهادتها وتجربتها وَرَدِّهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَمَضَى الْحُكْمُ وَإِنْ كَانَ فِي الْحُكْمِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ شَهِدَتْ سُمِعَتْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ بِأَنْ يَقُولَ فِي حِجَاجِهِ دَعَوْتُهُ بِبَيِّنَةٍ فَلَمْ يَقُلْ بِهَا فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً غَائِبَةً وَكَانَ الْقَاضِي ذَكَرَ ذَلِكَ فِي حُكْمِهِ وَقَّفَهُ عَلَى حَقِّهِ فِيمَا شَهِدَتْ بِهِ وَنَقَضَهُ الْقَاضِي الْأَوَّلُ وَغَيْرُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ كَانَتْ غَائِبَةً حِينَ الْحُكْمِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ غَيْبَتُهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ أَرَادَ الْخَصْمُ تَجْرِيحَ الْبَيِّنَةِ لِيَنْقُضَ الْحُكْمَ وَأَثْبَتَ جَرْحَهَا فَعَنْ مَالِكٍ فِي النَّقْضِ قَوْلَانِ وَأَمْضَاهُ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي إِثْبَاتِ الْعَدَاوَةِ أَوْ تُهْمَةِ الْقَرَابَةِ وَيُنْقَضُ فِي إِثْبَاتِ كَوْنِ أَحَدِهِمَا رَقِيقًا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَالَ وَلَوْ أَمْضَى لَكَانَ وَجْهًا وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْفَاسِقِ لِلْخِلَافِ فِي شَهَادَةِ الْعَبْدِ دُونَ الْفَاسِقِ وَيُنْقَضُ بِإِثْبَاتِ كَوْنِ أَحَدِهِمَا مَوَلَّى عَلَيْهِ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَهُوَ أَبْعَدُ مِنَ الْعَبْدِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ شَهَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَدْلٌ وَتُنْقَضُ بِإِثْبَاتِ كَونه نَصْرَانِيّا

ص: 135

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا حُدَّ الْقَاذِفُ بَعْدَ الِاعْتِذَار إِلَيْهِ ثُمَّ أُثْبِتَ بِأَرْبَعَةٍ عُدُولٍ الزِّنَى قَبْلَ الْقَذْفِ حُدَّ الزَّانِي وَسَقَطَتْ عَنِ الْقَاذِفِ الْجُرْحَةُ وَلَوْ كَانَ حَدًّا غَيْرَ الزِّنَى وَقَالَ بِهِ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بَعْدُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ للَّهِ تَعَالَى وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ حَاكما جلده مائَة لم تسمع بَيِّنَة لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ الْآنَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ حَدًّا وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ الْمَحْكُومَ بِهَا سَرَقَتْ فَلَمْ تُقْطَعْ أَوْ شَرِبَتْ فَلَمْ تُحَدَّ أَوْ حَارَبَتْ وَلَمْ يَثْبُتْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ إِلَّا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى نُقِضَ الْحُكْمُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ قَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لَمْ يُنْقَضْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا كَانَتِ الْقَضِيَّةُ عَلَى غَائِبٍ ثُمَّ قَدِمَ بِجَرْحِ الْبَيِّنَةِ فَقِيلَ ذَلِكَ لَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ ذَلِكَ فِي الْفِسْقِ وَغَيْرِهِ إِلَّا فِي الْكُفْرِ أَوِ الرِّقِّ أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِم قَالَ والاحسن وَالْغَائِب عَلَى حُجَّتِهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْحَاضِرِ فَالْغَائِبُ أَوْلَى

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهَا فَأَنْكَرَ الْمَنْقُولُ عَنْهُمْ أَنْ يَكُونُوا أَشْهَدُوهُمْ اخْتَلَفَ هَل يكون رُجُوعا مِنْهُم اَوْ ينْقض الحكم اَوْ يَكُونُوا أَحَق شَهَادَتهم أولى يَكُونُوا أَوْلَى أَوَّلًا بَعْدَ رُجُوعِهَا وَلَا يُنْقَضُ الحكم فَقَالَ مُحَمَّد يحد كَانَت الشُّبْهَة فِي زِنًا حَدَّ الْقَذْفِ لِأَنَّ الْفُرُوعَ شَهِدُوا عَلَيْهِمْ بِالْقَذْفِ فَجُعِلَ الْإِنْكَارُ رُجُوعًا وَعَنْ مَالِكٍ يُنْقَضُ وَرَأْيُ الْأَصْلِ أَحَقُّ بِشَهَادَتِهِ مِنَ الْفَرْعِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَمْضِي الْحُكْمُ وَلَا غُرْمَ عَلَى الْأَصْلِ وَلَا عَلَى الْفَرْعِ وَلَوْ قَدِمَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَةٍ فَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ

ص: 136

الْأَمْرَ فِيهِ بَعْدَ الْحُكْمِ مُشْكِلٌ هَلْ يَرْجِعُ أَوْ وَهِمَ الْفَرْعُ فَلَمْ يَنْقُضِ الْحُكْمَ وَلَا أَغْرَمَ الْفَرْعَ فَعَلَى قَوْلِهِ وَقَوْلِ مَالِكٍ لَا يُحَدُّ بِشَهَادَةِ الزِّنَى الْأُصُولُ وَيُعَدُّوا رَاجِعِينَ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يُغَرَّمُ الْمَنْقُولُ عَنْهُ الْمَالَ قَالَ وراى أَنْ يُرَدَّ الْحُكْمُ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِشَهَادَتِهِ وَلَا يُغَرَّمُ الْفَرْعُ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُشْكِلٌ هَلْ صَدَقَا أَمْ كَذَبَا فَلَا يُغَرَّمَانِ بِالشَّكِّ وَالْأَمْرُ فِي الْمَنْقُولِ عَنْهُمْ فِي الزِّنَا أَبْيَنُ لِأَنَّ قَوْلَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي مَعْنَى التَّكَاذُبِ وَقَوْلُ أَرْبَعَةٍ أَقْوَى مِنْ قَوْلِ اثْنَيْنِ اللَّذَانِ هُمَا الْفَرْعُ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ لَا يُنْقَضُ قَضَاءُ وُلَاةِ الْمِيَاهِ أَوْ وَالِي الْفُسْطَاطِ أَوْ أَمِيرِ الصَّلَاةِ أَوْ وَالِي الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَوِ اسْتَقْضَى قَاضِيًا إِلَّا فِي الْجَوْرِ الْبَيِّنِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ وُلَاةُ الْمِيَاهِ السَّاكِنُونَ عَلَى الْمِيَاهِ خِلَافُ أَهْلِ الْأَمْصَارِ قَالَ ابْن يُونُس وَلَا تهم وُلَاةُ الْمِيَاهِ الْحُدُودَ فِي الْقَتْلِ وَلَا يُقَامُ الْقَتْلُ بِمِصْرَ كُلِّهَا إِلَّا بِالْفُسْطَاطِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكتاب لَا عُهْدَة على قَاض فِي بَيْعه عُهْدَةُ الْمُبْتَاعِ فِي مَالِ الْيَتَامَى فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَيْتَامِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجد مِنْهُم وَلَا ضَمَان والمتنيس وَالْمُبَاشِرُ غَيْرُهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ لاعهدة على الامام وَالْقَاضِي وَالْوَصِيّ الْيَتَامَى فِي الْمَالِ الْمَوْرُوثِ وَأَمَّا مَا لَهُمْ فَلَا يُبَاع عَلَيْهِم فِي ذَلِك لِأَنَّهُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ قَدْ مُلِكَ وَلَوْ أَكَلُوهُ لَرَجَعَ عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ لِأَنَّهُمْ وَفَّرُوهَا بِهِ

ص: 137

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَيْتَ عَلَى الْقَاضِي الْمَعْزُولِ جَوْرًا لَمْ يُنْظَرْ لِذَلِكَ وَنُفِّذَ الْحُكْمُ إِلَّا الْجَوْرُ الْبَيِّنُ فَيُرَدُّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدِ الْجَوْرَ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَاصِبٌ وَقَدْ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَخْطَأَ فِي الدِّمَاءِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ فَأَلْزَمَهُ الْقَضَاءَ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ لَا يَضْمَنُ الْأَمْوَالَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا قَطَعَ السَّارِقَ فَظَهَرَ عَبْدًا فَفَدَاهُ سَيِّدُهُ رَجَعَ عَلَى الْإِمَامِ بِمَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ فِي مَالِهِ فَأَلْزَمَهُ الْمَالَ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ لَا يُنْقَضُ قَضَاءُ الْقَاضِي إِذَا لَمْ يُخَالِفْ السُّنَّةَ أَمَّا إِذَا خَالَفَهَا فَلْيُنْقَضْ كَاسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ يُعْتَقُ بَعْضُهُ فَيَقْضِي بِاسْتِسْعَائِهِ فَيُنْقَضُ وَيُرَدُّ لَهُ مَا أَدَّى وَيَبْقَى الْعَبْدُ مُعْتَقًا بَعْضُهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى مَنْ لَهُ فِيهِ رق لانفاذ عِتْقِهِ وَالتَّمَسُّكِ بِمَا أَخَذَ وَكَالشَّفْعَةِ لِلْجَارِ أَوْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَوِ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ النَّصْرَانِيِّ أَوْ بِمِيرَاثِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَالْمَوْلَى الْأَسْفَلَ وَكُلِّ مَا هُوَ عَلَى خِلَافِ عَمَلِ الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ شذوذ الْعلمَاء وَكَذَلِكَ مَا نزله لما فَعَلَ الْفَاعِلُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ كَطَلَاقِ الْمُخَيَّرَةِ مِمَّا قِيلَ إِنَّهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ فَلَوْ خُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ فَرُفِعَ لِحَاكِمٍ يَرَى ذَلِكَ فَأَقَرَّهُ فَلِمَنْ بعده فَسخه ويجعلها الْبَتَّةَ وَلَيْسَ تَقْرِيرُ الْأَوَّلِ وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَكَتَبَ وَمن على الطَّلَاق اَوْ الْعتاق على الْملك اَوْ يُزَوّج وَهُوَ مُحْرِمٌ فَأَقَرَّ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ أَقَامَ شاهداعلى الْقَتْلِ فَرَفَعَ لِمَنْ لَا يَرَى الْقَسَامَةَ فَلَمْ يَحْكُمْ فَلِغَيْرِهِ الْحُكْمُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِحُكْمٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ فلغيره

ص: 138

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ طَلَّقَ أَلْبَتَّةَ فَرَآهَا الْحَاكِم وَاحِدَة وَتَزَوجهَا الَّذِي ابتها فلغيريف وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الَّذِي يُقَوَّى بِالْحُكْمِ وَقَالَ ابْنُ عبد الْحَكَمِ لَا يُنْتَقَضُ ذَلِكَ كَائِنًا مَا كَانَ إِلَّا الْخَطَأُ الْمَحْضُ وَأَمْضَى شُفْعَةَ الْجَارِ وَجَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُعْجِبُنِي مَا انْفَرَدَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَصْحَابِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا قَتَلَ رَجُلٌ غِيلَةً وَالْقَاضِي يَرَى الْعَفْوَ لِوُلَاتِهِ فَأَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ فَعَفَوْا فَلَا يَقْتُلُهُ غَيْرُهُ لِلِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَقْتُلُهُ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي قَتْلِ الُمُحَارِبِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِنْ أُخِذَتْ فِيهِ دِيَةٌ رُدَّتْ وَنَقَلَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ جَمِيعَ هَذِهِ الْفُرُوعِ هَكَذَا تَمْهِيدٌ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ ضَابِطُ مَا يُنْقَضُ مِنْ قَضَاءِ الْقَاضِي أَرْبَعَةٌ فِي جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ مَا خَالَفَ الْإِجْمَاعَ أَوِ النَّصَّ أَوِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّيْنِ أَوِ الْقَوَاعِدَ مَعَ سَلَامِةِ جَمِيعِ ذَلِكَ عَنِ الْمُعَارِضِ الرَّاجِحِ وَمِنْ ذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ السُّرَيْجِيَّةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَحِلِّ النَّبِيذِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ

(فَرْعٌ)

فِي النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ اذا قضى بِمَا لَيْسَ من رايه بَدو هَل اَوْ لسي ورايه على خلاف نَقَضَهُ وَإِنْ وَافَقَ خِلَافَ الْعُلَمَاءِ فَإِنْ عُزِلَ ثُمَّ رُدَّ نَقَضَهُ إِذَا أَخْطَأَ مَذْهَبَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ عُزِلَ الْقَاضِي ثُمَّ وُلِّيَ لَا يُنْقَضُ مِنْ قَضَائِهِ فِي وِلَايَتِهِ الْأُولَى إِلَّا مَا يَنْقُضُهُ مِنْ قَضَاءِ غَيْرِهِ قَالَ ابْن الْقَاسِم وولايته بعد عزل كَقَاضٍ غَيْرُهُ وُلِيَ بَعْدَهُ

ص: 139

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا نَقَضَ قَضَاءَ قَاضٍ قَبْلَهُ ثُمَّ عُزِلَ وَوُلِّيَ ثَالِثٌ وَالْحُكْمُ الْمَنْقُوضُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ نَقَضَ الثَّالِثُ حُكْمَ الثَّانِي وَنَفَّذَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ نَقَضَهُ خَطَأٌ صُرَاحٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَإِذَا تَصَرَّفَ سَفِيهٌ يَجِبُ حَجْرُ القَاضِي بِالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِ رُدَّ وَلَا يَلْزَمُهُ فَإِنْ جَاءَ قَاض جَمِيعَ ذَلِكَ نَقَضَهُ الثَّالِثُ وَأَقَرَّ الْأَوَّلَ خَالَفَنَا فِي هَذَا ح وَلَوْ فَسَخَ الثَّانِي حُكْمَ الْأَوَّلِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ رَدَّهُ الثَّالِثُ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا قَضَى فِي شَيْءٍ مَرَّتَيْنِ لِرَجُلَيْنِ فَتَنَازَعَا عِنْد غَيره قَالَ مطرف لَهُ اولى بِهِ الا ان يكون الْجَائِز لَهُ اولى بِهِ الا ان يكون الْجَائِز هُوَ الْأَوَّلَ وَفِي قَضِيَّةِ الْآخَرِ مَا يَفْسَخُ قَضِيَّة الاول فينقض الاول فَإِن لم يجز أَوْ لَمْ يُعْلَمِ الْأَوَّلُ فَأَعْدَلُهُمَا بَيِّنَةً فَإِنْ تَكَافَأَتَا فَأُولَاهُمَا تَارِيْخًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْقَضَاءِ الثَّانِي مَا يَفْسَخُ الْأَوَّلَ فَإِنْ أُرِّخَتْ إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَالْمُؤَرَّخَةُ أَوْلَى لِأَنَّ فِيهَا زِيَادَة فَإِن ارختا واشكل الْأَمر فاستئناف الحكم فِيهَا أَفْضَلُ إِنْ رَآهُ الْقَاضِي إِنْ كَانَتَا مِمَّا فِيهِ اخْتِلَافٌ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي إِذَا رُفِعَتْ لَهُ عَلَى مُشْكِلَةٍ مُخْتَلَطَةٍ فَسَخَهَا وَاسْتَأْنَفَهَا وَقَالَ أَصْبَغُ فِي مَسْأَلَةِ مُطَرِّفٍ إِذَا قَضَى بقضيتين فِي شَيْء وَاحِد الْآخِرَة الأولى ويعد فَسخهَا وَلَا يعْتَبر الجائر إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْآخِرَةُ خَطَأً فَتَثْبُتُ الْأُولَى فَإِن لم يؤرخا فالجائر اولى فَإِن فقد الْجور فَأَعْدَلُهُمَا بَيِّنَةً فَإِنِ اسْتَوَتِ الْبَيِّنَتَانِ تَحَالَفَا فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا ابْتَدَأَ الْخُصُومَةَ فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا فَهِيَ لِلْحَالِفِ وَإِنْ كَانَتِ الْقَضِيَّتَانِ

ص: 140

مِنْ قَاضِيَيْنِ مَضَتِ الْأُولَى إِنْ كَانَتْ صَوَابًا اَوْ مُخْتَلفا فيهمَا وَبَطَلَتِ الثَّانِيَةُ فَإِنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ صَوَابًا أَوْ مُخْتَلفا فِيهَا فسخت الاولى فام كَانَتَا صَوَابًا صَارَتَا كَمَا لَوْ كَانَتَا مِنْ قَاضٍ وَاحِدٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا لَمْ يَحُزِ الْمَقْضِيُّ بِهِ حَتَّى مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ الْمَقْضِيُّ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَفَذَ الْحُكْمُ كَانَ التَّأْخِيرُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا إِلَّا فِي التَّرْكِ الطَّوِيلِ الَّذِي يُخْشَى فِيهِ أَنَّ مَنْ عَرَفَ ذَلِكَ الْحَقَّ هَلَكَ أَوْ نَسِيَهُ لِطُولِ الزَّمَانِ وَلَوْ كَانَ الْمقْضِي بِهِ جُزْءا من قَرْيَة مقرّ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ بِتَعْيِينِ الْحَدِّ بَعْدَ مَوْتِ الْقَاضِي كَانَ شَرِيكًا لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ بِذَلِكَ الْجُزْءِ مَشَاعًا فَإِنْ كَانَ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ كل وَأحد جُزْء معِين فاراد مقاسمتهم هَل يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِبَقَاءِ الْحُقُوقِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَضُرُّ طُولُ زَمَانٍ وَعَدَمُ الْحَوْزِ كَمَا لَا يَضُرُّ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْحَائِزِ بَلْ ذَلِكَ كَمَكْتُوبٍ عَلَى إِنْسَانٍ لِصَاحِبِهِ الْقِيَامُ بِهِ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ وَإِنْ تَقَادَمَ لِأَنَّهُ عَرَفَ اصل حيازته لَهُ وانما يَنْتَفِعُ بِالْحِيَازَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ أَصْلَ حِيَازَتِهِ فَيَدَّعِيهِ غَيْرُهُ إِلَّا أَنْ يَطُولَ زَمَانُ ذَلِكَ جِدًّا نَحْوَ خَمْسِينَ سَنَةً مِمَّا لَا تَبْقَى الْحُقُوق مَعَه اويحدد فِيهِ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بُنْيَانًا أَوْ غَرْسًا أَوْ بيعا اَوْ صدقا صدقا أَو اصداقا وَالْمَقْضِيُّ لَهُ يَفْطِنُ وَلَا يُغَيِّرُ فَإِنْ مَاتَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ قَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَسْأَلُ الْوَارِثَ عَنْ شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ الَّذِي قَضَى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَقْضِيُّ لَهُ غَائِبًا حَتَّى مَاتَ الْمقْضِي عَلَيْهِ وَقَالَ عبد الْملك الوراث كلمية حضر الْمقْضِي لَهُ ام لَا أَنْ يَطُولَ زَمَانُهُ بِيَدِ الْوَارِثِ وَالْمَقْضِيُّ لَهُ حَاضر فَلَمَّا قدم الوراثة ادَّعَوْهُ بِحَقٍّ غَيْرِ الْوِرَاثَةِ

ص: 141

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا ظَهَرَ لِلْقَاضِي بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّهُ حَكَمَ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنَ أَوْ وَصَبِيَّيْنِ نَقَضَ الْحُكْمَ لِعَدَمِ الْمُسْتَنَدِ وَنَقَضَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْفَاسِقَيْنِ وَلَمْ يَنْقُضْهُ سَحْنُونٌ وَأَشْهَبُ لِأَنَّ الْفِسْقَ قَدْ يَخْفَى لِأَنَّهُ أَمْرٌ اجْتِهَادِيٌّ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبْدٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِ رُدَّ الْمَالُ الْمَحْكُومُ بِهِ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِد الثَّانِي فَإِن نكل حبس حَتَّى أَوْ أُخِذَ مَالُهُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ سَحْنُونٌ الْحُكْمُ هُنَا يُنْتَقَضُ بِخِلَافِ الرُّجُوع يُظْهِرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا مَسْخُوطٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُنْتَقَضُ كَالْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ فِي قِصَاصٍ أَوْ قَطْعٍ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ حَلَفَ الْمَقْضِيُّ لَهُ فِي الْيَدِ مَعَ شَاهِدِهِ الْبَاقِي أَوْ فِي الْقَتْلِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ عَشِيرَتِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا قَسَامَةً تَمَّ لَهُ الْحُكْمُ وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْقِصَاصِ فِي الْبَلَدِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ شَاهِدَهُ عَبْدٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حُرِّيَّتُهُ يَحْلِفُ الْمُقْتَضى مِنْهُ فِي الْبَلَدِ أَنَّ مَا شَهِدَ عَلَيْهِ بِهِ بَاطِلٌ وَإِذَا نَكَلَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْقَتْلِ عَنِ الْقَسَامَةِ وَالنُّكُولُ فِي مِثْلِ هَذَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ وَيُنْقَضُ بِهِ الْحُكْمُ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَاكِمِ وَهُوَ لَمْ يخطىء لِأَنَّهُ فَعَلَ اجْتِهَادَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ ثَمَنًا فَيُرَدُّ وَغُرْمُ ذَلِكَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ إِنْ جَهِلَا رَدَّ شَهَادَتِهِمَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَقِيلَ هَدَرٌ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ مِنَ الْخَطَأِ كَقَتْلِ مَنْ لَا يجب الْقَتْل عَلَيْهِ اَوْ بِخَبَر شَهَادَةِ الْعَبْدِ أَوِ الذِّمِّيِّ أَوِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ أَوْ يُقْطَعُ السَّارِقُ من غير جَوَاز اَوْ ثَمَر اَوْ كثر اَوْ املان يطهر لَهُ فِيمَا لَمْ يَعْلَمْهُ بَعْدَ الْجَهْلِ

ص: 142

وَكَذَلِكَ لَوْ رَجَمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَحَدُ الشُّهُودِ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا بَطَلَ الْحُكْمُ وَيُجْلَدُونَ لِلْقَذْفِ وَقيل الْغرم على الْحَاكِم وان لَمْ يَعْلَمِ الشُّهُودُ بِحَالِ الَّذِينَ شَهِدُوا مَعَهُمْ وَإِنْ عَلِمُوا ذَلِكَ غُرِّمُوا وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ إِلَّا عَلَى الْحَاكِمِ جَهِلُوا مَنْ مَعَهُمْ أَوْ عَرَفُوا وَجَهِلُوا أَنَّ شَهَادَتَهُمْ تَمْنَعُ فَإِنْ عَلِمُوا بِهِمْ وَعَلِمُوا رَدَّهُمْ ضَمِنُوا الدِّيَةَ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ الْحَاكِمُ بَعْدَ الرَّجْمِ وَالْقَطْعِ وَالضَّرْبِ حَكَمْتُ بِجَوْرٍ قَالَ مَالِكٌ مَا نَفَّذَهُ مِنْ جَوْرٍ يُقَادُ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرِهِ لِمَنْ أَمَرَهُ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَيُقْتَصُّ مِنَ الْمَأْمُورِ أَيْضًا اذا علم أَنه حكم بجور اوكان مَعْرُوفًا بِذَلِكَ وَلَمْ يَكْشِفْ عَنْ صِحَّةِ حُكْمِهِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ حَكَمَ بِمَالٍ غُرِّمَهُ كَإِقْرَارِ الشَّاهِدِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَيُعَاقَبُ وَيُعْزَلُ وَلَا يُوَلَّى أَبَدًا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا وَإِنْ تَابَ كَشَاهِدِ الزُّورِ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ الْحَاكِمُ مُعْدِمًا لَا شَيْءَ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُصَدِّقُ الْحَاكِمَ أَنَّهُ حَكَمَ بِالْجَوْرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الْقِصَاصِ أَوْ أَخْذِ الْمَالِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُنْقَضُ الْحُكْمُ قَالَ وَيجْرِي فِيهِ الْخلاف فِي رُجُوع الشَّاهِد قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا رَجَعَتِ الْبَيِّنَةُ لَا يُقْتَصُّ وَلَا يُقْطَعُ لَا فِي السَّرِقَةِ وَلَا فِي قِصَاصٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تُجْلَدُ الْبِكْرُ وَلَا تُرْجَمُ الثّيّب وان قضى بِمَال لم يرد لحقه أَوِ الْمَالِ وَهَذَا إِذَا كَانَ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةَ والا لم يمض شَيْء من ذَلِك لهَذَا إِذَا تَعَمَّدَ فَإِنْ قَالَ أَخْطَأْتُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا لِأَنَّهُ خَطَأٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الْإِقْرَارَ وَقِيلَ ذَلِكَ هدر لَا يحدد ذَلِكَ فَإِلْزَامُهُ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ الْوِلَايَاتِ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْخَطَأِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ أَخْذِ الْمَالِ فَهَلْ يُنْقَضُ أَمْ لَا قَوْلَانِ وَفِي النَّوَادِرِ إِنْ أَقَرَّ بِالْخَطَأِ فِي الْجَلْدِ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْعَمْدِ أُدِّبَ وَإِنْ أَخْطَأَ فِي الْأَدَبِ بِمُجَاوَزَةِ الْقَدْرِ أَوِ

ص: 143

الظُّلْمِ فَحَسَنٌ أَنْ يُقِّيدَ مِنْ نَفْسِهِ تَبَرُّعًا تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَالْخُلَفَاءِ وَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا فِي الْعَمْدِ وَمَا لَزِمَ عَاقِلَتَهُ فَهُوَ رَجُلٌ مِنْهُمْ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا حَكَمَ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ قَبْلَ الْوِلَايَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكُومَة اَوْ فِيهِ فَالثَّانِي نفى فَإِن جلوسهما للحكومة واقر أَحدهمَا بِشَيْء وَقبل ان يتقدما للحكومة ثمَّ انكر قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن دون غَيره من الْقُضَاة الا ان يكون يُقَلّد من يرى ذَلِك اَوْ من اهل الِاجْتِهَاد وَلم يتَبَيَّن لَهُ غَيره يتَبَيَّن لَهُ ان ذَلِك يُؤَدِّي مَعَ فَسَاد الْقُضَاةِ الْيَوْمَ إِلَى الْقَضَاءِ بِالْبَاطِلِ لِأَنَّ كُلَّهُمْ يَدَّعِي الْعَدَالَةَ فَلَا يَنْقُضُهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الذَّرِيعَةِ فَهَذَا ضَرْبٌ مِنَ الِاجْتِهَادِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا أَتَاكَ قَضَاءُ قَاضٍ بِمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ وَلَيْسَ رَأْيَكَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا ينفذهُ لِأَنَّهُ عِنْدَكَ لَيْسَ بِحَقٍّ وَلَمْ يُنَفِّذْهُ الْأَوَّلُ فَلَا تُنَفِّذْهُ أَنْتَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَتَبَ أَنَّهُ حَكَمَ نَفَّذْتَهُ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ لَمْ ينفذهُ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَوَّلِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ الْقَضَاءُ إِذَا لَمْ يُنْقَضْ فَلَا يُغَيَّرُ الْحُكْمُ الَّذِي فِي الْبَاطِنِ بَلْ هُوَ عَلَى الْمُكَلَّفِ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَإِنَّمَا الْقَضَاءُ إِظْهَارٌ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لَا اختراع لَهُ فَلَا يحل الْمَالِكِي شُفْعَةُ الْجِوَارِ إِذَا قَضَى لَهُ بِهَا الْحَنَفِيُّ وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ

ص: 144

أَقَامَ شُهُودَ زُورٍ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ يَحْكُمُ لَهُ القَاضِي لاعْتِقَاده عِنْد التهم بنكاحها واباحة وَطئهَا ان يطاها وَلَا يَبْقَى عَلَى نِكَاحِهَا تَنْبِيهٌ اعْلَم أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْمَالِكِيَّةِ قَدِ اعْتَقَدُوا بِسَبَبِ هَذَا الْفَرْعِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ لَا يُغير الفتاوي واذا حَكَمَ فِيهَا بِالْحِلِّ مَثَلًا يَبْقَى الْمُفْتِي بِالتَّحْرِيمِ يُفْتِي بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْقَائِلُ إِنَّ وَقْفَ الْمَشَاعِ لَا يَجُوزُ أَوْ إِنَّ الْوَقْفَ لَا يَجُوزُ إِذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِالْجَوَازِ وَالنُّفُوذِ وَاللُّزُومِ فَبَقِيَ لِلْآخَرِ أَنْ يُفْتِيَ بِجَوَازِ بِيعِ ذَلِكَ الْمَوْقُوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ قَدْ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ الْحُكْمُ عَلَى الْمُكَلَّفِ بَعْدَ الْحُكْمِ كَمَا هُوَ قَبْلَ الْحُكْمِ فِي الْبَاطِنِ وَيَقُولُونَ الْمُمْتَنِعُ النَّقْضُ لِذَلِكَ الْحُكْمِ أَمَّا الْفَتَاوَى فَهِيَ عَلَى حَالِهَا فِي جَمِيعِ صُوَرِ أَقْضِيَةِ الْقُضَاةِ لَا يَتَغَيَّرُ شَيْءٌ مِنَ الْفَتَاوَى فِي جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ وَهَذَا اعتقده خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا النَّقْلَ عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ مَعَ اجْتِهَادِي فِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عِبَارَتَهُ رضي الله عنه وَقع فيهمَا توسع ومقصوده مستبان فِي الْمَذْهَب إحدهما أَنَّ الْحُكْمَ إِذَا لَمْ يُصَادِفْ سَبَبَهُ الشَّرْعِيَّ فَإِنَّهُ لَا يُغَيِّرُ الْفَتْوَى كَالْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ عَلَى مَنْ لَمْ يُطْلِّقْ إِمَّا لِخَطَأِ الْبَيِّنَةِ أَوْ لِتَعَمُّدِهَا الزُّورَ أَوْ بِالْقِصَاصِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فَإِنَّ الْفَتَاوَى عِنْدَنَا عَلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ قبل الحكم حلافا لِ ح وَثَانِيهِمَا مَا هُوَ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ أَوِ النُّصُوصِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شُفْعَةِ الْجَار واستسعاث العبدا وَتَوْرِيثِ الْعَمَّةِ وَالْمَوْلَى الْأَسْفَلِ وَالْحُكْمِ بِشَهَادَةِ النَّصَارَى نَحْوَ عَشْرِ مَسَائِلَ لَا تَتَغَيَّرُ الْفَتَاوَى فِيهَا لِأَجْلِ مُخَالَفَتِهَا النُّصُوصَ وَالْقَوَاعِدَ فَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مُرَادُهُ وَلِذَلِكَ نَصَّ الْأَصْحَابُ عَلَى هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا هُوَ اكْتِفَاءً بِهَذَا الْمَوْضِعِ أَمَّا إِذَا حَكَمَ فِي مَوْضِعٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَيْسَ مِمَّا تقدم فِيهِ الْفَتَاوَى عَلَى مَا كَانَتْ لَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ

ص: 145

بَلْ ضِدُّ ذَلِكَ وَفُرُوعُ الْمَذْهَبِ تُبْطِلُ ظَاهِرَ كَلَامه واعتقاد من اعْتَقَدَهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ السَّاعِيَ إِذَا أَخَذَ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً لِأَرْبَعِينَ مَالِكٍ شَاةً مُقَلِّدًا لِمَذْهَبِ ش أَفْتَى الْأَصْحَابُ بِتَوْزِيعِهَا وَقَبْلَ ذَلِكَ أَفْتَوْا بِأَنَّهَا مَظْلَمَةٌ لَا تَرَاجُعَ فِيهَا وَكَذَلِكَ قضوا فِيمَا اذا كَانَ لأَحَدهمَا اربعة عشر وللاخر مائَة وَعشرَة لَا شي اعلى الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ السَّاعِي مُقَلِّدًا لِمَنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ وَاجِبًا وَلِذَلِكَ قَالُوا فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إِذَا نَصَّبَ الْإِمَامُ فِيهَا إِمَامًا مِنْ قبله لَا يَصح الا من نَائِب الامام اوذ مسالة فِيمَا اتَّصل بهَا حكم نَقله سَنَد وَهَذِه كلهَا فتاوي تَغَيَّرت وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي بِمَا يَقْتَضِي الْفَسْخ اَوْ حكم بِهِ الْحَاكِم قَالَ وَيَنْبَنِي على الْخلاف حل الْوَطْء بعد الْفَسْخ فَإِذا حَاكما قَوْلهم يحرم الْوَطْء فتيا قد حث وتحددت بعد الحكم وَبَطل مَا كَانَ قبلهَا وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْمَذْهَبِ فَقَدْ تَغَيَّرَتِ الْفَتَاوَى بِسَبَب الحكم فَاعْلَم ذَلِك وَهَاهُنَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالْفُتْيَا أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ نَصٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى اسْتَنَابَ الْحَاكِمَ فِيهِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْحَاكِمَانِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَقُّ مَعَ هَذَا سَقَطَ مَا عَدَاهُ وَتَعَيَّنَ الْمَحْكُومُ الَّذِي هُوَ مَوْرِدُ النَّصِّ غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَسْتَنِبْهُ فِي الْحُكْمِ بِخِلَافِ الْأَسْبَابِ وَلَا بِخِلَافِ الْأَسْبَابِ وَلَا بِخِلَافِ الْقَوَاعِدِ وَالنُّصُوصِ وَتِلْكَ الْأُمُورُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي ذَيْنِكَ الْمَوْضِعَيْنِ فَلَا جَرَمَ نَقَضْنَاهَا وَهَذَا سِرُّ كَوْنِ حُكْمِ الْحَاكِمِ لَا ينْقض وسر كَونه تغير الْفَتَاوَى وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ يَتَعَذَّرُ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ حُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا وَلَا يحرم حَلَالا على عمله فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يُحَلِّلُ وَيُحَرِّمُ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ

ص: 146

فَمَنِ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ وَأَقَامَ شَاهِدَيْ زُورٍ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِمَا حلت لَهُ وَصَارَت زَوجته اَوْ استاجرت أمرة شَاهِدَيْ زُورٍ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا حَلَّ لَهَا أَنْ تتَزَوَّج وحلت لأحد الشَّاهِدين مَعَ عمله بِكَذِبِهَا نَقَلَهُ أَصْحَابُهُ وَاتَّفَقَ النَّاسُ فِي الدُّيُونِ وَمَا لَيْسَ فِيهِ عَقْدٌ وَلَا فَسْخٌ وَجَعَلَ ح حُكْمَ الْحَاكِمِ يَقُومُ مَقَامَ الْعَقْدِ وَالْفَسْخِ فَتَحِلُّ بِالْعَقْدِ وَتَحْرُمُ بِالْفَسْخِ عَلَى حَسَبِ مَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَوَافَقَنَا أَيْضًا إِذَا قَضَى بِنِكَاحِ أُخْتِ الْمَقْضِيِّ لَهُ أَوْ ذَاتِ مَحْرَمٍ أَنَّهَا لَا تحل لَهُ لَان الْمقْضِي لَوْ تَزَوَّجَهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ لِفَوَاتِ قَبُولِ الْمَحَلِّ وَكَذَلِكَ قَالَ إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الشُّهُودَ عبيد وَالْحكم فِي فِي عقد نِكَاح وَفرق بَان الشُّهُود شَرط وَلم يُوجد وَفِي الْأَمْوَالِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ لَمْ يَحْكُمْ بِالْمِلْكِ بَلْ بِالتَّسْلِيمِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ الْمُلْكَ لَنَا قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الصِّحَاحِ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخَتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي لَهُ بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْتَطِعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَمْوَالِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنَّ الْأَمْوَالَ أَضْعَفُ فَإِْذَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا فَأَوْلَى الْفُرُوجِ احْتَجُّوا بِقصَّة هِلَال ابْن أُمَيَّةَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - حِينَ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ بِاللِّعَانِ قَالَ إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ كَيْتَ فَهُوَ لِشَرِيكٍ) فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ وَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ هِلَالٌ وَأَنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً وَمَعَ هَذَا لَمْ يَفْسَخْ تِلْكَ الْفرْقَة وامضاها قَالَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَقُومُ مَقَامَ الْفَسْخِ وَالْعَقْدِ وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ ادَّعَى عِنْدَهُ رَجُلٌ نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ فَقَضَى بَيْنَهُمَا بِالزَّوْجِيَّةِ فَقَالَتْ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَزَوَّجَنِي فَاعْقِدْ بَيْنَنَا عَقْدًا حَتَّى يحل لَهُ فَقَالَ شَاهِدَاكِ زَوَّجَاكِ فَدَلَّ

ص: 147

أَنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ بِحُكْمِهِ وَلِأَنَّ اللِّعَانَ يُفْسَخُ بِهِ النِّكَاحُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا وَالْحُكْمُ أَوْلَى وَلِأَنَّ لِلْحَاكِمِ وِلَايَةً عَامَّةً عَلَى النَّاسِ فِي الْعُقُودِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ بِالْعُقُودِ فَدَلَّ بذلك عَلَى أَنَّهُ مَتَى أُوقِعَ الْعَقْدُ عَلَى وَجْهٍ لَوْ فَعَلَهُ مَالِكٌ نَفَذَ يَنْفُذُ مِنْهُ وَلِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ لَهُ الْمُخَالَفَةُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ فَصَارَ حُكْمُ اللَّهِ فِي حَقِّهِ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ وَإِنْ عَلِمَ خِلَافَهُ فَكَذَلِكَ غَيْرُهُ قِيَاسًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْفُرْقَةَ فِي اللِّعَانِ لَيْسَتْ بِسَبَبِ صِدْقِ الزَّوْجِ أَوْ نَفْيِهِ فَلَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ بِصِدْقِهِ لَمْ تَعُدْ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَتْ بِكَوْنِهِمَا وَصَلَا إِلَى أَسْوَأِ حَالٍ فِي الْمُعَايَشَةِ بِلَا تَلَاعُنٍ فَلَمْ ير الشَّرْع اجتماعها بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ مَبْنَاهَا السُّكُونُ وَالْمَوَدَّةُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّلَاعُنِ يَصِمُ ذَلِكَ فَعَلِمَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - بِالْكَذِبِ كقيام الْبَيِّنَة وَعَن الثَّانِي ان لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ رضي الله عنه اضاف التَّزْوِيج للشَّاهِد لَا لِلْحُكْمِ وَمَنَعَهَا مِنَ الْعَقْدِ لِمَا فِيهِ مِنَ الطَّعْنِ عَلَى الشُّهُودِ فَأَخْبَرَهَا بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ ظَاهِرًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَلْفُتْيَا وَمَا النِّزَاعُ إِلَّا فِيهَا وَعَنِ الثَّالِثِ إِنْ كَذَبَ أَحَدُهُمَا لَمْ يتَعَيَّن اللّعان وَلَمْ يَخْتَصَّ بِهِ أَمَّا عَدَمُ تَعَيُّنِهِ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُسْتَنَدُهُ فِي اللِّعَانِ كَوْنَهُ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ حَيْضِهَا مَعَ أَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَحِيضُ أَوْ قَرَائِنَ حَالِيَّةً مِثْلَ كَوْنِهِ رَأَى رجلا بَين فخديها وَقَدْ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ أَوْلَجَ أَوْ أَوْلَجَ وَمَا أَنْزَلَ وَالْقَرَائِنُ قَدْ تُكَذِّبُ وَأَمَّا عَدَمُ اخْتِصَاصِهِ بِاللِّعَانِ فَلِأَنَّ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي النِّكَاحِ أَوْ غَيْرِهِ قَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا فَاجِرًا يَطْلُبُ مَا يُعْلَمُ خِلَافُهُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحُكْمَ أَوْلَى لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ التَّلَاعُنَ يَمْنَعُ الزَّوْجِيَّةَ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَفَاسِدِ الْمَنْفِيَّةِ فِي الحكم

ص: 148

وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ إِنَّمَا يَجْعَلُ الْحَاكِمَ وَكِيلًا لِلْغَائِبِ وَالْوَصِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِضَرُورَةِ عَجْزِهِمْ عَن الْمُبَاشرَة وَلَا ضَرُورَة هَاهُنَا وَالْأَصْلُ أَنْ يَلِيَ كُلُّ أَحَدٍ مَصَالِحَ نَفْسِهِ فَلَا يُتْرَكُ الْأَصْلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ لِأَجْلِ تَرْكِهِ عِنْدَ الْمُعَارِضِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ إِنَّمَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْمُخَالَفَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَفْسَدَةِ مُشَاقَّةِ الْحَاكِمِ وَانْخِرَامِ النِّظَامِ وَتَشْوِيشِ نُفُوذ الْمصَالح واما ان لَا يَأْخُذَ بِالْمُخَالَفَةِ مِنْ حَيْثُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أحد لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَوَائِدُ قَالَ صَاحِبُ المنتقي قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مَعْنَاهُ أَعْلَمُ بِمَوَاقِعِ الْحُجَجِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ اللَّحَنُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْفِطْنَةُ وَبِإِسْكَانِهَا الْخَطَأُ فِي الْقَوْلِ وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ - أَقْتَطِعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {ان اللَّذين يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بطونهم نَارا} مِنْ بَابِ وَصْفِ السَّبَبِ بِوَصْفِ الْمُسَبَّبِ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ سَبَبُ النَّارِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ

(يَا أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُزْجَى مَطِيَّتُهُ

سَائِلْ بَنِي أَسَدٍ مَا هَذِهِ الصَّوْتُ)

(وَقُلْ لَهُمْ بَادِرُوا بِالْعُذْرِ وَالْتَمِسُوا

وَجْهًا يُنَجِّيكُمُ إِنِّي أَنَا الْمَوْتُ)

فَوَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ الْمَوْتُ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ خَصَّ نَفْسَهُ بِالْبَشَرِيَّةِ فَيَقْتَضِي ذَلِك أَنه صلى الله عليه وسلم َ - لَا وَصْفَ لَهُ إِلَّا هِيَ وَذَلِكَ مُحَالٌ فَمَعْنَى لَا وَصْفَ بِاعْتِبَارِ الِاطِّلَاعِ عَلَى بَوَاطِنِ الْخُصُومِ إِلَّا الْبَشَرِيَّةَ وَسَائِرُ صِفَاتِهِ الْعَلِيَّةِ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ بَسْطُ هَذَا الْمَعْنَى فِي مُقَدّمَة الْكتاب

ص: 149

فارغة

ص: 150

(كتاب الشَّهَادَات)

شَهِدَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ لَهُ ثَلَاثَةُ مَعَانٍ شَهِدَ بِمَعْنَى عَلِمَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَكُنَّا لحكمهم شَاهِدين} {وَالله على كل شَيْء شَهِيد} أَيْ عَلِيمٌ وَبِمَعْنَى أَخْبَرَ وَمِنْهُ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَيْ أَخْبَرَ وقَوْله تَعَالَى {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّك لرَسُول الله} وَ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} إِنْ فُسِّرَ بِمَعْنَى أَخْبَرَ وَشَهِدَ بِمَعْنَى حَضَرَ وَمِنْهُ شَهِدْنَا صَلَاةَ الْعِيدِ وَشَهِدَ بَدْرًا وَشُهُودُ الْقَضَاءِ تَجْتَمِعُ فِيهِمُ الثَّلَاثَةُ لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ وَيُخْبِرُونَ عِنْدَ الْحَاكِمِ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ الْعَادِلَةِ الْجَائِزَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ ثَمَانِيَةٌ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ وَضَبْطُ الشَّهَادَةِ حِينَ الْأَدَاءِ وَحِينَ السَّمَاعِ وَانْعِدَامُ التُّهْمَةِ وَفِي الْكِتَابِ تِسْعَةُ أَبْوَابٍ

ص: 151

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِهَا)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الشَّهَادَةُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ يَحْمِلُهَا بَعْضُ النَّاسِ عَنْ بَعْضٍ كَالْجِهَادِ إِلَّا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ مَنْ يَحْمِلُ ذَلِكَ فَفَرْضُ عَيْنٍ وَقَالَ مَالِكٌ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} مَعْنَاهُ إِذَا دُعُوا لِلْأَدَاءِ وَقَالَ عَطَاءٌ مَعْنَاهُ الْأَدَاءُ وَالتَّحَمُّلُ وَقَالَ سُفْيَانُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد} يَطْلُبُهُ فِي حَالِ شُغْلِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَكُلُّ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بِجُرْحَةٍ أَوْ تُهْمَةٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا تَلْزَمُهُ الشَّهَادَةُ وَإِنْ شَهِدَ فَيُخْبِرُ الْحَاكِمَ أَنَّهُ عَدُوُّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ قَرِيبُ الْمَشْهُودِ لَهُ وَلَا يُخْبِرُ بِالْجُرْحَةِ لِأَنَّ الْمُجَاهَرَةَ بِالذُّنُوبِ حَرَامٌ وَقَالَ أَيْضًا يُخْبِرُهُ لِأَنَّ السُّكُوتَ غِشٌّ لِلْحَاكِمِ كَمَا لَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا لَهُ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي قَوْله تَعَالَى {واشهدوا اذا تبايعنم} النَّدْبُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَيْعِ وَأَوْجَبَهُ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ وَجَوَابُهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَته} فَقَدَ جَوَّزَ الِائْتِمَانَ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ فَتَعَيَّنَ تَرْكُ الْوُجُوبِ وَالْحَمْلُ عَلَى النَّدْبِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ وَالْإِشْهَادُ فِي الدَّيْنِ مَنْدُوبٌ أَيْضًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذا تداينتم بدين} الْآيَةَ وَيُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَاللِّعَانُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَحْضِرِ النَّاسِ لِانْقِطَاعِ نَسَبِ الْوَلَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفِي النِّكَاحِ مَنْدُوبٌ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ الدُّخُولِ وَفِي الرَّجْعَةِ

ص: 152

(الْبَابُ الثَّانِي فِي التَّحَمُّلِ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَوْضِعِ غَيْرُكَ تَعَيَّنَ عَلَيْكَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لله} وَفِي الْبَابِ تِسْعَةُ فُرُوعٍ

‌الْفَرْعُ الْأَوَّلُ)

فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ تَحَمُّلُ الصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَيُؤَدُّونَ بَعْدَ زَوَالِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْوُثُوقُ بِالشَّاهِدِ عِنْدَ الْأَدَاءِ

(الْفَرْعُ الثَّانِي)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا سبقتاك عَمَّن يَنُوب فِيهِ فَأَقَرَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ تَشْهَدُ بِهِ الْبَيِّنَة فَفرق بَينه وَبَين أمراته فنفى أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَطَلَبَتِ الْمَرْأَةُ شَهَادَتَكَ فَلَمْ تَشْهَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ شَهِدْتَ لَمْ يَنْفَعْهَا لِمُخَالَفَةِ إِقْرَارِهِ لِشَهَادَتِكَ وَمَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَكَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ حَدٍّ فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهِ فِيمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الرُّجُوعِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ من حضر عنْدك اذا لم يخف عِنْده من الْقِصَّة شَيْء يفْسد تَركهَا الشَّهَادَةَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي التَّحَمُّلِ حُصُولُ سَبَبٍ يُفِيد الْعلم وَلَا لسَمَاع يفِيدهُ

ص: 153

(الْفَرْعُ الثَّالِثُ)

لَوْ قَعَدَ الشَّاهِدَانِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ يَشْهَدَانِ عَلَى رَجُلٍ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ ضَعِيفًا أَوْ مُخْتَدِعًا أَوْ خَائِفًا لَمْ يَلْزَمْهُ وَيَحْلِفُ مَا أَقَرَّ إِلَّا بِمَا يَذْكُرُ وَإِلَّا لَزِمَهُ وَلَعَلَّهُ يُقِرُّ خَالِيًا وَيُنْكِرُ عِنْدَ الْبَيِّنَةِ فَيَحْتَاجُ لِذَلِكَ إِذَا لَمْ يَخْفَ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ أَوْ لَعَلَّهُ يَقُولُ فِي السِّرِّ مَا الَّذِي لِي عِنْدَكَ إِذَا جِئْتُكَ بِكَذَا فَيَقُولُ عِنْدِي كَذَا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا سَمِعَهُ يَقْذِفُ شَهِدَ عَلَيْهِ زَادَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ اذا كَانَ مَعَه غَيره لَيْلًا يحد اذا لم يكمل النّصاب ولابد من اسْتِيفَاء الْبَيِّنَة لَا حتمال أَنْ يَحْكِيَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ وَفِي الْكِتَابِ يجوز التَّحَمُّل بِمَا يسمعهُ وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَكَ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَة ويخبر بِذَلِكَ مَنْ لَهُ الشَّهَادَةُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَى خِلَافِ دَاعِيَةِ الطَّبْعِ فَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إِلَّا مُحَرَّرًا وَالشَّهَادَةُ لَا يُتَسَاهَلُ فِيهَا قبل وَقت الاداء فَامْتنعَ اَوْ زَاد اَوْ نقص عِنْدَ الْأَدَاءِ وَالْعَادَةُ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَفِي التَّنْبِيهَات فِي الْجوَار يَقُلْنَ سَمِعْنَاهُمَا يَشْهَدَانِ غَيْرَهُمَا لَمْ يَشْهَدَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْلَمَا مِنَ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّهُمَا لَا يُؤَدِّيَانِ شَهَادَةً عَنْهُمَا يَشْهَدَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ خِلَافٌ قَالَ وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ

(الْفَرْعُ الرَّابِعُ)

فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ على المراة المتنقبة بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ وَجْهِهَا لِيَعْرِفَهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ بِالْمَعْرِفَةِ الْمُحَقَّقَةِ

(الْفَرْعُ الْخَامِسُ)

فِي الْبَيَانِ إِذَا شَهِدَتْ عَلَى مَنْ لَا تَعْرِفُ مَعَ جَمَاعَةٍ جَازَ لِأَمْنِكَ التَّلْبِيسَ بِمَعْرِفَةِ مَنْ مَعَك والا فَيكْرَه لَيْلًا يَتَسَمَّى بِاسْمِ غَيْرِهِ وَيَحْصُلُ لَكَ الْمَوْتُ فَيَشْهَدُ على

ص: 154

خَطِّكَ وَمَنْ يَشْهَدُ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ بِالْعَيْنِ وَالِاسْمِ فَلَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا يُؤَدِّيهَا إِلَّا فِي حَيَاتِهِ عَلَى عَيْنِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ إِلَّا عَلَى عَيْنِهِ وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقِفُ عَلَى عَيْنِ الْمَشْهُودِ لَهُ إِذَا غَابَ عَنْهُ وَهِيَ شَهَادَةٌ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا وَإِنَّمَا تَسَامَحَ الْعُلَمَاءُ فِي وَضْعِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ واسْمه سياسة مِنْهُم فِي دفع الْعَامَّة لَيْلًا يَعْتَقِدُوا أَنَّ تِلْكَ الشَّهَادَةَ لَا تَنْفَعُ فَيَقْدِمُوا عَلَى الْإِنْكَارِ فَفِي جَهْلِهِمْ بِتِلْكَ صَلَاحٌ عَظِيمٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَ عِنْدَكَ عَدْلَانِ ان هَذِه المراة فُلَانَة فَلَا يشْهد عَلَيْهَا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِهَا بَلْ عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا قَالَ وَالْحق ان كَانَ الْمَشْهُود لَهُ الَّتِي لَك فهما يَشْهَدَانِ أَنَّهَا فُلَانَةٌ فَلَا تَشْهَدُ إِلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ كُنْتَ أَنْتَ سَأَلْتَهُمَا عَنْهُمَا جَازَ لَك عَلَيْهَا اذا وَقع لَك الْعلم بشهادتها

(الْفَرْعُ السَّادِسُ)

قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ ان تشهد عَمَّا فِي كتاب وان يحفظ مَا فِيهِ اذا قرىءعليك لِأَنَّ حِفْظَهُ مُتَعَذَّرٌ إِذَا كُنْتَ مِنْ أَهْلِ الفطنة بِمَا فِي الْكتاب اذا قرىء عَلَيْكَ وَهَذَا فِي الِاسْتِرْعَاءِ وَأَمَّا مَا شَهِدَ بِهِ المتعاملان على ابقيتهما فَلَيْسَ عَلَيْك ان تقراه وَلَا تقرا عَلَيْكَ وَيَكْفِيكَ أَنْ تَذْكُرَ أَنَّهُمَا أَشْهَدَاكَ عَلَى مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَيُسْتَحْسَنُ لِلْعَالِمِ الْقِرَاءَةُ لَيْلًا يَكُونَ فِيهِ فَسَادٌ فَيُزِيلَهُ

(الْفَرْعُ السَّابِعُ)

قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَتَاكَ بِذِكْرِ حَقٍّ عَلَيْهِ لِغَائِبٍ يُشْهِدُكَ عَلَى نَفْسِهِ لِلْغَائِبِ بِذَلِكَ لَا يشْهد لِأَنَّهُ قد يزِيد بِذَلِكَ إِثْبَاتَ الْخُلْطَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبِ حَتَّى يدعى عَلَيْهِ وَلَكِن يكْتب الْقِصَّة على وَجههَا فَيَقُول أَنه غَائِب

ص: 155

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْتَنَدِ الشَّاهِدِ)

الْأَصْلُ فِيهِ الْعِلْمُ الْيَقِينُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وهم يعلمُونَ} وقَوْله تَعَالَى {وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا} قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ كُلُّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الْمُوجِبَةِ لِلْعِلْمِ شَهِدَ بِهِ وَكَذَلِكَ صَحَّتْ شَهَادَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِنُوحٍ عليه السلام وَلِغَيْرِهِ عَلَى أُمَمِهِمْ بِإِخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَصحت شَهَادَة خُزَيْمَة وَلم يحضر الْفَرَسِ وَمَدَارِكُ الْعِلْمِ أَرْبَعَةٌ مَنْ حَصَلَ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهَا شَهِدَ بِهِ الْعَقْلُ مَعَ أَحَدِ الْحَواس الْخمس وَالْخبْز الْمُتَوَاتِرُ وَالنَّظَرُ وَالِاسْتِدْلَالُ وَمِثْلُهُ شَهَادَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَاءَ خَمْرًا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ تشهد لِأَنَّهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّهُ قَاءَهَا فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه مَا هَذَا التَّعَمُّقُ فَلَا وَرَبِّكَ مَا قَاءَهَا حَتَّى شَرِبَهَا وَمِنْهُ شَهَادَةُ الطَّبِيبِ بِقِدَمِ الْعَيْبِ وَالشَّهَادَةِ بِالتَّوَاتُرِ كَالنَّسَبِ وَوِلَايَةِ الْقَاضِي وَعَزْلِهِ وَضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَصَمِّ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَعْمَى فِي الْأَقْوَالِ وَفِي الْبَابِ خَمْسَةُ فُرُوعٍ

(الْفَرْعُ الْأَوَّلُ)

فِي الْجَوَاهِرِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَقْوَاهَا الشَّهَادَةُ على خطّ

ص: 156

نَفسه فَمن اجاز جَازَ الْأَوَّلَيْنَ وَمَنْ مَنَعَ الْأَوَّلَ مَنَعَ الْأَخِيرَيْنِ وَفِي حِكَايَة الْخلاف طَرِيقَانِ الأولى عَلَى جِهَةِ الْجَمْعِ فَفِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ مُطْلَقًا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَحْدَهُ تُمْنَعُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عَلَى خَطِّ نَفسه وَيجوز غَيره الْجَوَاز مُطلقًا الطَّرِيق الثَّانِيَة التَّفْصِيلُ أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ فَالْمَذْهَبُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ فَيَحْكُمُ لَهُ بِمَجْرَّدِهَا وَرُوِيَ لَا يَحْكُمُ بِهَا حَتَّى يَحْلِفَ مَعَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَتَنَاوَلِ الْمَالَ بَلْ مَا يَجْرِي إِلَيْهِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ إِذَا شَهِدَ وَاحِدٌ هَلْ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّ أَمْ لَا قَالَ الشَّيْخُ ابو الْوَلِيد الْمَشْهُور جَوَاز هَذِه الشَّهَادَة وعمومها لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَا قَوْلُ أَصْحَابِهِ إِلَّا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنَعَ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ وَلَمْ يُخَصِّصْ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَهَا وَأَمَّا عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ أَوِ الْغَائِبِ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْأُمَّهَاتِ الْمَشْهُورَةِ قَوْلُ مَالِكٍ فِي إِجَازَتِهَا وَإِعْمَالِهَا وَرُوِيَ عَدَمُ الْجَوَازِ وَجَعَلَ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ كَالشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِ إِذَا سَمِعَهَا مِنْهُ وَلَمْ يَشْهَدْ وَقَدْ يَكْتُبُ خَطَّهُ بِمَا يَسْتَرِيبُ فِيهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَقَدْ يَكْتُبُ عَلَى مَنْ لَا يعرفهُ الا بِعَيْنِه وَقد لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا بِعَيْنِهِ وَقَدْ لَا يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ وَلَا بِاسْمِهِ وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُخْبِرُ بِمَا لَا يُحَقِّقُهُ وَلَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَكْتُبَ خَطَّهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَا شَهِدَ عَلَيْهِ وَيَعْرِفَ مَنِ أَشْهَدَهُ بِالْعَيْنِ وبالاسم مُخَالفَة أَنْ يَغِيبَ أَوْ يَمُوتَ فَيَشْهَدَ عَلَى خَطِّهِ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ مَنْ يَسْمَعُ الشَّاهِدَ يُؤَدِّي عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ يُشْهِدُ عَلَيْهَا غَيْرَهُ أَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ حَتَّى يُشْهِدَهُ عَلَيْهَا أَوْ سَمِعَهُ يُؤَدِّيهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ يُشْهِدُ عَلَيْهَا غَيْرَهُ مَعَ أَنَّ وَضْعَ الشَّاهِدِ شَهَادَتَهُ فِي الْكِتَابِ لَا يَقْوَى قُوَّةَ ذَلِكَ قَالَ وَقد قَالَ ابْن زرب لاتجوز الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ حَتَّى يَعْرِفَ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ مَنْ

ص: 157

أَشْهَدَهُ مَعْرِفَةَ الْعَيْنِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ وَذَلِكَ صَحِيحٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ لِمَا قَدْ تَسَاهَلَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ وَضْعِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُونَ قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَارِثٍ فِي وَثَائِقِ ابْنِ مُغِيثٍ

(فَرْعَانِ مُرَتَّبَانِ)

الْأَوَّلُ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْغَيْبَةِ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَقَالَ أَصْبَغُ نَحْوُ إِفْرِيقْيَّةَ مِنْ مِصْرَ أَوْ مَكَّةَ مِنِ الْعِرَاقِ لِأَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرَ يُمْكِنُ حُضُورُهُ مِنْهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ الْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ وَلَمْ يُحَدِّهَا الثَّانِي فَإِذَا جَازَتْ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّمَا تَجُوزُ فِي الْأَمْوَالِ حَيْثُ تَجُوزُ لِلشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا كَتَبَ لَهَا زَوْجُهَا بِالطَّلَاقِ فَشَهِدَ على خطها قَالَ نَفَعَهَا ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ نَفَعَهَا مَا يُرِيدُ بِهِ لِيَسْتَحْلِفَ أَوْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الصَّوَابُ الطَّلَاقُ إِذَا كَانَ الْخَطُّ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَالَ أَنْ يَكْتُبَ لرجل يعلمهَا أَنه طَلقهَا واما ان بِطَلَاقِهِ إِيَّاهَا ابْتِدَاءً فَلَا يَحْكُمُ بِهِ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ كَتَبَهُ مُجْمِعًا عَلَى الطَّلَاقِ وَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ إِنَّهُ كَتَبَ غَيْرَ مُجْمِعٍ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ كَتْبَهُ خِلَافٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَأَمَّا شَهَادَةٌ عَلَى خَطِّهِ إِذَا لَمْ يُنْكِرِ الشَّهَادَةَ وَفِي الْوَاضِحَةِ إِذَا عَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَذْكُرِ الشَّهَادَةَ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا وَلَيْسَ فِي الْكُتُبِ مَحْوٌ وَلَا رِيبَةٌ فَلْيَشْهَدْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِيبَةٌ فَلَا قَالَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يَشْهَدُ حَتَّى يَذْكُرَ بَعْضَ الشَّهَادَةِ أَوْ مَا يَدُلَّ مِنْهَا عَلَى أَكْثَرِهَا قَالَ مُطَرِّفٌ وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ وَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَالْمُغِيرَةُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ دِينَارٍ وَإِنْ لَمْ يُحِطْ بِمَا فِي الْكتاب عددا فليشهد وَقَالَهُ أَيْضًا ابْنُ

ص: 158

وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا سَحْنُونٌ فِي نَوَازِلِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ بِالْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ أَحْوَطُ وَالْأَوَّلُ جَائِزٌ تَفْرِيعٌ أَمَّا عَلَى القَوْل فَيَشْهَدُ وَلَا يَقُولُ لَا أَعْرِفُ إِلَّا الْخَطَّ وَيَشْهَدُ أَنَّ مَا فِيهِ حَقٌّ وَذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ وَإِنْ ذَكَرَ لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ إِلَّا الْخَطَّ لَا يَقْبَلُهَا الْحَاكِمُ وَعَلَى الثَّانِي الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ يَرْفَعُهَا لِلسُّلْطَانِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَقُولُ إِنَّ كِتَابًا يُشْبِهُ كِتَابِي وَأَظُنُّهَا إِيَّاهُ وَلَسْتُ أَذْكُرُ شَهَادَتِي وَلَا أَنِّي كَتَبْتُهَا يَحْكِي ذَلِك على وَجه وَلَا يُقْضَى بِهَا قَبْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَابِ مَحْوٌ وَعُرِفَ قَالَ قَدْ يَضْرِبُ عَلَى خَطِّهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الشَّهَادَةَ فَلَا يَشْهَدُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِذَا شَهِدَ شَهَادَةً كَتَبَهَا وَكَانَ مَالِكٌ يَفْعَلُهُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ نَسَبَهُ فَلَا بُدَّ مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ وَلَا يَجُوزُ تحمل الشَّهَادَة عَن المراة المتنقبة بل لابد مِنَ الْكَشْفِ عَنْ وَجْهِهَا يُمَيِّزُهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ بِالْمَعْرِفَةِ الْمُحَقَّقَةِ وَلَوْ عَرَفَهَا رَجُلَانِ لَا يَشْهَدُ عَلَيْهَا بل على شهادتها أَنَّ فُلَانَةً أَقَرَّتْ وَذَلِكَ عِنْدَ تَقَرُّرِ الْأَدَاءِ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ فرعهما وَعَن ملك يَشْهَدُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ وَالَّذِي أَقُولُ بِهِ إِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَتَاهُ بِالشَّاهِدَيْنِ ليشهدا لَهُ عَلَيْهَا وَلَا يَشْهَدُ إِلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ سَأَلَ هُوَ الشَّاهِدَيْنِ فَأَخْبَرَاهُ أَنَّهَا فُلَانَةٌ شَهِدَ عَلَيْهَا قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَجُلًا وَاحِدًا يَثِق بِهِ اَوْ مراة لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ وَلَوْ أَتَاهُ الْمَشْهُودُ لَهُ بِجَمَاعَة من لفيف النِّسَاء فَيَشْهَدُونَ عِنْدَهُ أَنَّهَا فُلَانَةٌ لَجَازَ أَنْ يَشْهَدَ إِذَا وَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِشَهَادَتِهِنَّ وَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ بَدَيْنٍ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا بِنْتُ زَيْدٍ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُسَجِّلَ عَلَى أَنَّهَا بِنْتُ زَيْدٍ حَتَّى يُثْبِتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ ابْن مغيث لاصحاب مَالك فَمن عَرَفَ خَطَّهُ وَلَا يُنْكِرُ الشَّهَادَةَ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ يَشْهَدُ إِذَا لَمْ يَسْتَرِبْ لَا يَشْهَدُ يُخْبِرُ بِذَلِكَ الْإِمَامَ فَيَفْعَلُ مَا يَرَاهُ إِنْ كَتَبَ الْوَثِيقَةَ كُلَّهَا يَشْهَدُ وَإِلَّا فَلَا إِنْ كَانَتِ الْوَثِيقَةُ كَاغِدًا لَمْ يَشْهَدْ

ص: 159

تَمْهِيدٌ خَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخط وان لَا يعْهَد على الْخط الْبَيِّنَةِ مُحْتَجِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وهم يعلمُونَ} وَ {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} فَدلَّ على وجوب الذكروحصول الْعلم وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - (عَلَى مِثْلِ هَذَا فَاشْهَدْ يُشِيرُ إِلَى الشَّمْسِ والا فدع) والحظ مُحْتَمِلٌ لِلتَّزْوِيرِ وَالتَّغْيِيرِ بِلَا عِلْمٍ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ خطة وَأَنه لَا يكْتب بِمَا يَعْلَمُ فَيَحْصُلُ مِنْ هَاتَيْنِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ الْعِلْمُ بِمَضْمُونِ الْخَطِّ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَبُولُ الصَّحَابَةِ وَعُمَّالِهِمْ لِكُتُبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَكُتُبِ الْخُلَفَاءِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا وَلِأَنَّهُمْ قَالُوا بِالِاعْتِمَادِ عَلَى الْخُطُوطِ فِي الرِّوَايَةِ فِي الْحَدِيثِ وَهِيَ تَنْبَنِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَمُتَعَلِّقَةٌ بِأَمْرٍ طري لَا عُمُوم فِيهِ فقبوله اولى بالخط فَفِي الِاحْتِمَال الْبعيد كَالِاحْتِمَالِ فِي تَشَابُهِ الْأَشْخَاصِ وَالْخِلَافِ عَلَيْهِمْ لَا يضر ذَلِك اتِّفَاقًا فَكَذَلِك هَاهُنَا وَلِأَنَّ الضَّرُورَةَ دَاعِيَةٌ إِلَيْهِ بِمَوْتِ الشُّهُودِ قَوْلَ الشَّاهِدِ عَنِ الْوَاقِعَةِ بِكَثْرَةِ الشَّهَادَاتِ فَوَجَبَ الْجَوَازُ دفعا للضَّرُورَة تَفْرِيع قَالَ صاخب الْبَيَانِ إِذَا كَتَبَ خَطَّهُ فِي ذِكْرِ حَقٍّ عَلَى أَبِيهِ فَمَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ وَارِثٌ فَقَالَ كَتَبْتُهُ عَلَى غَيْرِ حَقٍّ وَأَنْكَرَهُ فَشَهِدَ عَلَى خطه قَالَ اصبغ بِهَذَا الْحَقِّ لِأَنَّ الْمَالَ لَمَّا انْتَقَلَ إِلَيْهِ صَارَتِ الشَّهَادَةُ الَّتِي كَتَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُؤْخَذُ الْحَقُّ إِلَّا بِإِقْرَارٍ غير الْخط ومحمله محمل الشَّهَادَة لَا تحمل الاقرار

ص: 160

(فَرْعٌ)

قَالَ وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ فِي كتاب القَاضِي لِأَنَّهُ من احكام والابدان

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا عَرَفَ خَطَّهُ لَا يُؤَدِّي حَتَّى يَذْكُرَ الشَّهَادَةَ وَلَوْ قَرَّبَهَا وَإِلَّا ادى ذَلِك كَمَا علم وَلَا ينفع الطَّالِبَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِنَّمَا يُؤَدِّي كَمَا عَلِمَ إِذَا كَانَ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُبْ مُسَامَحَةً بَلْ عَلَى صِحَّةٍ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ يُسَامِحُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ صِحَّةٍ فَلَا يُؤَدِّي شَيْئًا وَجَدَهُ بِخَطِّهِ لَا يَعْلَمُهُ وَلَا يُؤَدِّي أَحَدٌ عَلَى خَطِّ غَيْرِهِ إِلَّا إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ عَدْلٌ عِنْدَ كِتَابَةِ ذَلِكَ الْخَطِّ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ عَدْلًا حِينَ الشَّهَادَة عَلَيْهِ وَفِي النكت انما أمره بِالدفع لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَرَى إِجَازَةَ ذَلِكَ قَالَ التُّونُسِيُّ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا يَرْفَعُهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ لَمْ يَسْتَرِبْ فِي الْكِتَابِ رَفَعَهَا وَحَكَمَ بِهَا

(الْفَرْعُ الثَّانِي)

فِي الْكِتَابِ إِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالسَّمَاعِ أَنَّ الْمَيِّتَ مَوْلَى فُلَانٍ لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيره وَشَاهد وَاحِدٌ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ اسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ إِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّهُ غَيْرُهُ أَخَذَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَجْرِ الْوَلَاءُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى السَّمَاعِ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِالْمَالِ وَإِنْ حَلَفَ لِأَنَّ السَّمَاعَ تَنَقُّلُ شَهَادَةٍ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْأَحْبَاسِ جَائِزَةٌ لِطُولِ زَمَانِهَا يَشْهَدُونَ أَنَّا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ حَبْسٌ تُحَازُ حَوْزَ الْأَحْبَاسِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلُوا عَنْ بَيِّنَةٍ مُعَيَّنِينَ إِلَّا بِقَوْلِهِمْ سَمِعْنَا وَبَلَغَنَا وَلَيْسَ فِي أَحْبَاسِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم إِلَّا السَّمَاعُ وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى السَّمَاعِ فِي حبس ان مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِهِ لَا يَدْخُلُ فِي نَصِيبِهِ امْرَأَتُهُ وَلَا وَلَدُ الْبِنْتِ وَلَا زَوْجُهَا ان مَاتَت هُوَ حَبْسٌ ثَابِتٌ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى أَصْلِ الْحَبْسِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ كُلَّهُ وَذَكَرُوا من

ص: 161

السَّمَاعِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ السَّمَاعِ أَنْ يَسْمَعَ مِنَ الْعُدُولِ بل من الْعُدُول وَغَيرهم حَتَّى يَسْتَفِيضُ وَقِيلَ لَا تُعْتَبَرُ الشَّهَادَةُ حَتَّى يَعْرِفُوا أَنَّ الَّذِينَ سَمِعُوا مِنْهُمْ كَانُوا عُدُولًا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَا يُخْتَلَفُ إِذَا كَانَتْ يُنْتَزَعُ بِهَا أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إِلَّا عَلَى السَّمَاعِ مِنَ الْعُدُولِ وَإِنْ كَانَت للتقدير فِي يَدِ الْحَائِزِ فَمُخْتَلَفٌ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِيهِمْ وَفِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ بِالْعِتْقِ إِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ الْبَلَدِ فَهِيَ كَالْمَالِ دون الْمولى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَسْتَفِيضَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَبِالْبَلَدِ فَيُفِيدُ اسْتِفَاضَةَ ذَلِكَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُقْضَى بِالْمَالِ وَالْوَلَاءِ وَقَالَ فِي قَول اشهب اذا شهدُوا أَنه لمَوْلَاهُ وَلَمْ يَقُولُوا أَعْتَقَهُ هَذَا التَّفْصِيلُ مِنْ أَشْهَبَ وَلَيْسَ هُوَ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ اذا شهدُوا ان الْمَيِّت مَوْلَاهُ لابد فِي ثُبُوتِ الْوَلَاءِ أَنْ يَقُولُوا أَعْتَقَهُ أَوْ أَعْتَقَ أَبَاهُ أَوْ عَلَى الْمَيِّتِ إِنَّ هَذَا مَوْلَاهُ وَقد غلب على النَّاس يَقُولُونَ لمن هُوَ وَال اَوْ شرِيف نَحْو مَوَالِيكَ وَإِنَّمَا هُمْ أَهْلُ ذِمَّةٍ أَسْلَمُوا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُؤْخَذُ بِهَا الْمَالُ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبٌ وَلَا وَلَاءٌ وَعَنْهُ يُقْضَى بِهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَمَنْ مَاتَ بِغَيْرِ بَلَدِهِ فَشَهِدَ بِالسَّمَاعِ أَنَّهُ مَوْلَى فُلَانٍ وَلَا يَشْهَدُونَ عَلَى الْعِتْقِ لَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ السَّمَاعِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَيُؤَخَّرُ الْمَالُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَحِقُّ أَخَذَهُ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ شَهِدَ أَحَدُ أَعْمَامِهِ أَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ مَوْلَى ابْنِهِ أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَدَعِ الْمَوْلَى وَلَدًا وَلَا مَوَالِيَ وَإِنَّمَا تَرَكَ مَالًا جَازَتِ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا وَمَوَالِيَ يُتَّهَمُونَ عَلَى جَرِّ الْوَلَاءِ يَوْمًا مَا لَمْ يَجُزْ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِيمَا تَقَادَمَ عَهْدُهُ مِنَ الْأَشْرِيَةِ وَالْحِيَازَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَنَحْوِهِ فَتَجُوزُ مَعَ يَمِينِ الْآخَرِ وَإِنْ لم يكن الا شَاهِدين جَازَ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَلَمْ يَشْهَدْ فِي صَدَقَةِ عُمَرَ رضي الله عنه إِلَّا رَجُلَانِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي نَحْو خمس عشر سَنَةً لِتَقَاصُرِ أَعْمَارِ النَّاسِ إِذَا سَمِعُوا مِنَ الْعُدُولِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِالسَّمَاعِ وَفِي الْقَبِيلِ مِائَةُ رَجُلٍ مِنْ

ص: 162

اسنانهما لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِأَمْرٍ يَفْشُو أَكْثَرَ مِنَ اثْنَيْنِ أَمَّا الشَّيْخَانِ الْقَدِيمَانِ فَيَجُوزُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ إِنَّمَا يُقْضَى بِالْبَقَاءِ لِلْحَائِزِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ بَعْدَ يَمِينِهِ لِأَنَّ أَصْلَهَا قَدْ يَكُونُ وَاحِدًا فَلَا بُدَّ مِنَ الْيَمِينِ مَعَهُ وَالْمَشْهُورُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ الاكتفاب بِعَدْلَيْنِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ عُدُولٍ يُشَبِّهُهَا بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَرَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً طُولًا تجوز الشَّهَادَة السَّمَاعِ وَفِي ثُبُوتِ النِّكَاحِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ بِهَا خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ ثُبُوتُ الْجَمِيعِ بِهَا وَيُشْتَرَطُ فِي الْمِلْكَ التَّطَاوُلُ مَعَ رُؤْيَةِ تَصَرُّفِهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ وَلَا يَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَنَّهُ حَائِزُ الدَّارِ حَتَّى يَقُولُوا بِحَقٍّ وَأَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَمَّا مَنْ يَأْتِيهِ يَشْتَرِي فَلَا تَشْهَدُ لَهُ بِالْمُلْكِ فَقَدْ يَشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ قَالَ قَالَ التُّونُسِيُّ وَشَهَادَةُ السَّمَاعِ أُجِيزَتْ لِلضَّرَرِ لَا يُسْتَخْرَجُ بِهَا شَيْءٌ مِنْ يَدِ حَائِزٍ بَلْ مُثْبِتٌ لِلْحَائِزِ وَفِي الْمُنْتَقَى شَهَادَةُ السَّمَاعِ عِنْد مَالك مُخْتَصَّة بِمَا تقدم زَمَنًا تَبِيدُ فِيهِ الشُّهُودُ وَتُنْسَى الشَّهَادَةُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ تَخْتَصُّ بِمَا لَا يَتَغَيَّرُ حَالُهُ وَلَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهِ كَالْمَوْتِ وَالْوَقْفِ وَلَا يَشْهَدُ عَلَى الْمَوْتِ إِلَّا فِيمَا بَعُدَ مِنَ الْبِلَادِ وَمَتَى حَصَلَ الْعِلْمُ لَمْ تَكُنْ شَهَادَةَ سَمَاعٍ بَلْ يَشْهَدُ الْإِنْسَانُ بِدُونِ الْعِلْمِ كَمَا لَو رَاه وَجعل أَصْحَابِنَا يَقُولُ إِذَا فَشَا النِّكَاحُ فِي الْجِيرَانِ وَسَمِعَ الرِّفَاقُ أَوْ سُمِعَ النِّيَاحَةُ فِي الْمَوْتِ وَكَثُرَ بِذَلِكَ الْقَوْلُ شُهِدَ بِالنِّكَاحِ وَالْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُمَا وَكَذَلِكَ النَّسَبُ وَتَوْلِيَةُ الْقَاضِي قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَكْفِي خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي تَقَادُمِ الْمَشْهُودِ بِهِ بِالسَّمَاعِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ فَمَا اتَّسَعَ أَحَدٌ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ اتِّسَاعَ الْمَالِكِيَّةِ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ الْحَاضِرُ مِنْهَا عَلَى الْخَاطِب خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مَوْضِعًا الْأَحْبَاسُ الْمِلْكُ الْمُتَقَادِمُ الْوَلَاءُ النَّسَبُ الْمَوْتُ الْوِلَايَةُ الْغَرَرُ الْعَدَالَةُ الْجُرْحَةُ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ ذَلِكَ فِيهَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَذَلِكَ إِذَا لم يدْرك

ص: 163

زَمَانَ الْمَجْرُوحِ وَالْمَكَانِ فَإِنْ أَدْرَكَ فَلَا بُدَّ مِنَ الْعِلْمِ الْإِسْلَامِ الْكُفْرِ الْحَمْلِ الْوِلَادَةِ التَّرْشِيدِ والسفه الْهِبَةِ الْبَيْعِ فِي حَالَةِ التَّقَادُمِ الرِّضَاعِ النِّكَاحِ الطَّلَاقِ الضَّرَرِ الْوَصِيَّةِ إِبَاقِ الْعَبْدِ الْحِرَابَةِ وَزَادَ بَعضهم الْبُنُوَّة والاخوة زَاد الْعَبْدِيُّ الْحُرِّيَّةَ وَالْقَسَامَةَ

(الْفَرْعُ الثَّالِثُ)

فِي الْجَوَاهِرِ مَا لَا يُحَسُّ بِالْحِسِّ بَلْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ كَالْإِعْسَارِ يُدْرَكَ بِالْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ بِقَرَائِنِ الصَّبْرِ عَلَى الْجُوعِ وَالضَّرَرِ وَيَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ الْقَرِيبُ مِنَ الْيَقِينِ

(الْفَرْعُ الرَّابِعُ)

فِي الْجَوَاهِرِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الاعمى فِي الاقوال خلافًا ل ش وح لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فرط الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ بِسَمَاعِ الصَّوْتِ الْمَعْهُودِ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ الاذان لَا تتوفر الدَّوَاعِي فِيهِ على الْحلَّة بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَالْأَعْمَى تَلْتَبِسُ عَلَيْهِ الْمُحَاكَاةُ وَجَوَابُهُمْ ان المحاكاة الَّتِي يعْتَبر التَّمْيِيزُ فِيهَا إِنَّمَا تَقَعُ فِي نَحْوِ الْكَلِمَةِ وَالْكَلِمَتَيْنِ أَمَّا الْقَوْلُ الطَّوِيلُ فَلَا وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ الْأَعْمَى مِنَ الضَّبْطِ وَلِأَنَّ ح جَوَّزَ شَهَادَته فِي النّسَب وَالنِّكَاح وَالْمَوْت وش فِي الْمَوْتِ وَالنَّسَبِ وَالتَّرْجَمَةِ لِقَوْلِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْحَاكِمُ تَفْسِيرَ كَلَامِهِ أَوْ عَلَى مَنْ تَرَكَ أُذُنَهُ عَلَى أُذُنِ الْأَعْمَى وَاعْتَرَفَ وَيَذْهَبَانِ إِلَى الْحَاكِمِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ فَبَقِيَتْ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أُقِيمَ مَقَامَ الشَّهَادَةِ جَوَازُ وَطْءِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ بِنَاءً عَلَى صَوْتِهَا وَاسْتِبَاحَةُ الْفُرُوجِ أَعْظَمُ مِنَ الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِمَا نَقَلَهُ إِلَيْنَا أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَإِذَا جَازَ هَذَا فِي أُصُولِ الدِّينِ جَازَ فِي فُرُوعِهِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ شهد بِالْحَقِّ وهم

ص: 164

يعلمُونَ} وَالْأَعْمَى لَا يَعْلَمُ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عدل مِنْكُم} وَالْأَعْمَى لَيْسَ مُعْتَدِلًا وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ والوانكم} فَأَخْبَرَ أَنَّ الْأَلْسِنَةَ مُخْتَلِفَةٌ وَوَجَدْنَا الْخَلْقَ تَتَشَابَهُ فَكَذَلِكَ الْأَصْوَاتُ وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - إِذَا رَأَيْتَ مِثْلَ هَذِهِ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فَدَعْ فَذِكْرُ الشَّمْسِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْمُعَايَنَةِ وَلِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى أَحَدٍ بِلَمْسِهِ أَوْ بِشَمِّهِ فَكَذَلِكَ سَمَاعُ كَلَامِهِ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ وَالْأَعْمَى لَمْ يُشَاهِدْ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَعْمَى إِذَا تَكَرَّرَ عَلَيْهِ صَوْتُ وَلَدِهِ وَامْرَأَتِهِ وَعَبْدِهِ عَرَفَهُ وَقَطَعَ بِهِ عِنْدَ السَّمَاعِ وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ فَمَا شَهِدَ إِلَّا بِمَا عَلِمَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاعْتِدَالِ فِي الْأَخْلَاقِ وَالدِّينِ لَا فِي الْخُلُقِ وَلِذَلِكَ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم عَمِيَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي عَدَالَتِهِمْ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُرَادَ اللُّغَاتُ فَإِنْ مَنَعْتُمْ بِنَاءً عَلَى اللَّبْسِ فِي الصَّوْتِ فَامْنَعُوا الْبَصِيرَ بِنَاءً عَلَى اللَّبْسِ فِي الْأَلْوَانِ وَالصُّوَرِ وَعَنِ الرَّابِعِ إِنْ تَكَرَّرَ الصَّوْتُ عَلَى الْأَعْمَى فَتَصِيرُ مَعْرِفَةُ صَاحِبِهِ عِنْدَهُ كَالشَّمْسِ فِي الْعِلْمِ وَالْقَطْعِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُشَاهَدَةَ الْبَصَرِ لِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم َ - بِالسَّمَاعِ مِنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةِ الْبَصَرِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ اللَّمْسَ إِنَّمَا يُفِيدُ الْخُشُونَةَ وَالْمُلُوسَةَ وَالْحَرَارَةَ وَالْبُرُودَةَ وَالشَّمَّ يُفِيدُ الرَّوَائِحَ دُونَ الْعِلْمِ بِالْمَوْصُوفِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ أَيَّ شَخْصٍ هُوَ مِنْ جِنْسِهِ بِخِلَافِ الْأَصْوَاتِ فِي مَجَارِي الْعَادَاتِ إِذَا تَكَرَّرَتْ أَفَادَتِ الْعِلْمَ بِالشَّخْصِ الْمَوْصُوفِ بِهَا عِنْدَ سَمَاعِ كَلَامِهِ

ص: 165

وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْخَبَرِ وَالْحُضُورِ وَالْكُلُّ مَوْجُودٌ فِي الْأَعْمَى فَيجوز

(الْفَرْعُ الْخَامِسُ)

فِي الْكِتَابِ دَارٌ فِي يَدِكَ خَمْسِينَ سَنَةً فَأَثْبَتَ غَائِبٌ أَنَّهَا لَهُ وَانْتِقَالُهَا بِالْمَوَارِيثِ لَهُ وَقُلْتَ اشْتَرَيْتُهَا مِنْ قَوْمٍ انْقَرَضُوا وانقرضت الْبَيِّنَة فتنفعه الشَّهَادَةُ عَلَى السَّمَاعِ أَنَّكَ أَوْ أَحَدَ آبَائِكَ اشْتَرَاهَا مِنَ الْقَادِمِ أَوْ مِنْ أَحَدِ آبَائِهِ أَوْ مِمَّنْ وَرِثَهَا الْقَادِمُ عَنْهُ أَوْ مِمَّنِ ابْتَاعَهَا مِنْ أَحَدِ هَؤُلَاءِ فَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّكَ أَوْ أَحَدَ آبَائِكَ ابْتَاعَهَا وَلَا يَدْرُونَ مِمَّنْ لَمْ يَنْفَعْكَ لِعُمُومِ ثُبُوتِ مِلْكِ الْبَائِعِ لِمَا بَاعَ بِخِلَافِ وَرَثَتِهِ قَدْ ثَبَتَ مِلْكُهُمْ وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّ أَبَاكَ ابْتَاعَهَا مِمَّنْ ذَكَرْنَا مِنْ خَمْسِ سِنِينَ وَنَحْوِهَا لَمْ تَنْفَعْكَ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ بل بنية الْقَطْعِ عَلَى الشِّرَاءِ مُبَاشَرَةً لِأَجْلِ الْقُرْبِ

ص: 166

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الْأَدَاءِ)

قَاعِدَةٌ صِفَةُ الْإِخْبَارَاتِ هِيَ الْأَصْلُ وَقَدْ يَنْتَقِلُ فِي الْعُرْفِ فَيَصِيرُ إِنْشَاءً وَالْفَرْقُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْخَبَرُ يَحْتَمِلُ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ وَالْخَبَرُ تَابِعٌ لِمُخْبِرِهِ وَالْإِنْشَاءُ مَتْبُوعٌ وَالْخَبَرُ لَيْسَ سَبَبًا مُؤَثِّرًا فِي مَدْلُولِهِ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ ثُمَّ النَّقْلُ عَنِ الْخَبَرِيَّةِ قَدْ يَكُونُ فِي الْفِعْلِ الْمَاضِي فَقَطْ نَحْوَ بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ وَزَوَّجْتُكَ ابْنَتِي هَذِهِ فَيَقُولُ الْآخَرُ قَبِلْتُ وَفِي الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ فَقَطْ نَحْوَ أَشْهَدُ عِنْدَكَ وَلَوْ قَلْتَ شَهِدْتُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُكَ لِبَقَائِهِ عَلَى أَصْلِ الْخَبَرِيَّةِ فَهُوَ كَذِبٌ لِأَنَّكَ لَمْ تَشْهَدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَقَدْ يَنْتَقِلُ مَجْمُوعُهُمَا نَحْوَ أَقْسَمْتُ بِاللَّهِ وَلَأُقْسِمُ بِاللَّهِ فَكِلَاهُمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَالْقَسَمُ هُوَ جُمْلَةٌ إِنْشَائِيَّةٌ يُؤَكِّدُ بِهَا جُمْلَةً أُخْرَى تَمْهِيدٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِجَابَةُ الشَّاهِدِ لِمَنْ دَعَاهُ وَاجِبَةٌ لقَوْله تعإلى {وَأقِيمُوا الشَّهَادَة لله} وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دعوا} وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَة وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه} زالته فَإِنْ لَمْ يَدَعْ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ -

ص: 167

خَيْرُ الشُّهُودِ الَّذِي يَأْتِي شَهَادَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا قَالَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى وَجْهَيْنِ حُقُوقُ اللَّهِ عز وجل فَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَدَامُ فِيهِ التَّحْرِيمُ جَازَ لَهُ التَّأْخِيرُ لِأَنَّهُ سِتْرٌ سترته عَلَيْهِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لِهَزَّالٍ هَلَّا سَتَرْتَهُ بِرِدَائِكَ فَإِنْ عَلِمَ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْتُمُهُ الشَّهَادَةَ وَلَا يَشْهَدُ فِي ذَلِك الا فِي تجريح إِنْ شَهِدَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يُسْتَدَامُ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْأَحْبَاسِ وَالْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا فَيَلْزَمُهُ التَّعْجِيل وان اخر سَقَطت شَهَادَته لَان سكونه وَالْمَفْسَدَةُ تَتَكَرَّرُ جُرْحَةٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ عبد الْملك واصبغ يقبل فَإِنْ قَامَ غَيْرُهُ بِالْفَرْضِ سَقَطَتْ عَنْهُ وَكَانَ قِيَامُهُ اسْتِحْبَابًا لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى الْحَقِّ وَأَمَّا حُقُوق الادمي فَيُخَير صَاحب الْحق فَإِن لم يخيره أَبْطَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ شَهَادَتَهُ دُونَ سَحْنُونٍ وَفِي الْبَابِ تِسْعَةُ فُرُوعٍ

(الْفَرْعُ الْأَوَّلُ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى غَائِبٍ قَدِمَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ تُعَدَّ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ غَائِبًا بَلْ يُخْبَرُ بِالشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ حُجَّةٌ وَإِلَّا حُكِمَ عَلَيْهِ

(الْفَرْعُ الثَّانِي)

قَالَ لَا يَكْفِي إنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ حَتَّى يَقُولُوا فِي حضر الْوَرَثَةِ لَا يَعْلَمُونَ وَارِثًا غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ هَذِهِ الدَّارُ لِأَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ حَتَّى يَقُولُوا وَلَا نَعْلَمُ خُرُوجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إِلَى الْمَوْتِ حَتَّى يَحْكُمَ بِالْمِلْكَ فِي الْحَالِ فَإِنْ قَالُوا هَذَا وَارِث آخَرين اعطى بِهَذَا نَصِيبَهُ وَتَرَكَ الْبَاقِي بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ مُسْتَحِقُّهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ يَدِهِ وَلِأَنَّ الْغَائِبَ قَدْ يُقِرُّ لَهُ بِهَا قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ كَانَ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا وَعَنْ مَالِكٍ ينْزع الْمَطْلُوب وَيقف لتعينها لِغَيْرِهِ وَإِنْ قَالُوا لَا نَعْرِفُ عَدَدَ الْوَرَثَةِ لَمْ يَقْضِ فِي هَذَا بِشَيْءٍ

ص: 168

لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى تَسْمِيَةِ الْوَرَثَةِ وَتَبْقَى الدَّارُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ حَتَّى يثبت عدد الْوَرَثَة لَيْلًا يُؤَدِّي لنَقص الْقِسْمَةِ وَتَشْوِيشِ الْأَحْكَامِ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ مَعَ وَرَثَةٍ آخَرِينَ يَنْبَغِي أَنْ يُسَمُّوهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ يَنْبَغِي إِذَا قَامَتْ غُرَمَاءُ الْغَائِبِ بِبَيْعِ الْمَوْقُوفِ لَهُمْ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ لَأَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ بَعْدَ يَمِينِهِ الَّذِي كَانَ يَحْلِفُهَا الْغَائِبُ أَنْ لَوْ حَضَرَ فَإِنْ أَخَذُوهَا ثُمَّ قَدِمَ فَحَلَفَ فَقَدْ مَضَى ذَلِكَ وَإِنْ نَكَلَ غُرِّمَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ وَيَتَّبِعُ فِي ذَلِكَ عَدَمَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ عَلَيْهِمْ فِي النُّكُولِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْبَقَاءُ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْلَى لِأَنَّ عَلَى الغايب الْيَمِينَ مَا ابْتَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا عَلِمَ أَنَّ أَبَاهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَكَأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَتِمَّ وَفِي الْبَيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ من قَالَ فلَان وَارِث فلَانا وَهَذَا الْبَعْض مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ مَا يَدْرِيهِ ذَلِكَ بَلْ يَقُولُ لَا أَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ بَاعَ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ جَزْمٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجَزْمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَجُوزُ إِلَّا الْجَزْمُ حَتَّى يَقُولَ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِغَيْرِ الْجَزْمِ لَا تَجُوزُ وَيُحْتَمَلُ هَذَا الْقَائِلُ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِ غَيْرِ هَذَا فَقَطْ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ هَذَا وَارِثُهُ قَالَ وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَظْهَرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَهِدَتْ أَنَّهُ مِلْكُهُ بِالْأَمْسِ وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْحَالِ لَمْ تُسْمَعْ حَتَّى يَقُولُوا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْأَمْسِ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ وَاسْتُصْحِبَ وَاجِبُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ مِلْكَهُ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ تَحْقِيقٍ مُسْتَصْحَبٍ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ هُوَ مِلْكُهُ بِالْأَمْسِ اشْتَرَاهُ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِالْأَمْسِ لَمْ يَأْخُذْهُ بِذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ جعل الْمُدَّعِي صَاحب الْيَد وَلَو ادعيت مِلْكًا مُطْلَقًا فَذَكَرَ الشَّاهِدُ الْمِلْكَ وَالسَّبَبَ لَمْ يضر لعدم الشافي

ص: 169

(الْفَرْعُ الثَّالِثُ)

إِذَا أَقَامَ الشَّهَادَةَ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ مَا عَلِمْنَاهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ لَا يُقْضَى لِمُدَّعِيهَا حَتَّى يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَمَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ وَقَوْلُهُ أَعَرْتُهَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ شَهِدَتْ كَانَتْ زُورًا وَلَا يَحْلِفُ فِي الدُّيُونِ مَعَ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ خَصْمُهُ الْقَضَاء فَيحلف ويبرا من دَعْوَى خَصمه فِي التَّنْبِيهَاتِ جَعَلَهَا زُورًا لِأَنَّهَا شَاهِدَةٌ عَلَى نَفْيٍ غَيْرِ مُضْبَطٍ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَقِيلَ لَا يَرُدُّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ حَتَّى يَسْأَلَهُمْ أَيَشْهَدُونَ عَلَى الْبَتِّ أَوِ الْعِلْمِ فَإِنْ مَاتُوا قَبْلَ الْكَشْفِ سَقَطَتْ وَيُعْذَرُ الْجُهَّالُ وَلَا يَلْزَمُهُمْ عِقَابٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا حَلَفَ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ تَصْدِيقًا لِشَاهِدِهِ فَإِنِ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَ دَيْنَهُ فَنَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وبرىء فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ لَمْ يَقْضِ بِهِ لِلطَّالِبِ حَتَّى يحلف مَعَ شاهديه أَنه مَا قبض وَلَا تسْقط عَنْهُ لِقَطْعِ الِاحْتِمَالِ فَإِنَّ الْمَيِّتَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَعَلَّهُ يَتَبَيَّنُ حُجَّتَهُ فِي سُقُوطِ الدَّيْنِ

(الْفَرْعُ الرَّابِعُ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ أَخَذَ الشُّهُودُ مِنَ الْمَشْهُودِ لَهُ دَوَابَّ يَرْكَبُونَهَا إِلَى مَوْضِعِ الشَّهَادَةِ نَحْوَ الْبَرِيدِ أَوِ البريدين اَوْ يتَّفق عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَجِدُونَ النَّفَقَةَ أَوِ الدَّوَابَّ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُمْ لِأَخْذِهِمُ الرِّشْوَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ لَا يَجِدُونَ جَازَ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ كَانُوا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يُشْخَصُوا وَشَهِدُوا عِنْدَ مَنْ يَأْمُرُهُمُ الْقَاضِي بِأَدَائِهَا عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيَكْتُبُ بِمَا شَهِدُوا بِهِ إِلَى الْقَاضِي وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُسْتَحْضَرُ الشَّاهِدُ مِنْ مَكَانٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ كَانَتِ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ مِنْهَا وَإِلَّا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ دَابَّة على الشَّاهِد فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ دَابَّةَ الْمَشْهُودِ لَهُ لَا غَيْرَ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِذَا رَكِبَ اَوْ

ص: 170

أَكَلَ طَعَامَهُ وَالْمَسَافَةُ قَرِيبَةٌ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ وَقِيلَ لَا تبطل وَلَكِن الشَّاهِدُ لَا يَقْدِرُ عَلَى النَّفَقَةِ وَلَا عَلَى كِرَاءِ دَابَّةٍ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ وَهُوَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْمَشْيُّ فَلَا تَبْطُلُ إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ اَوْ اكترى لَهُ لَان بِالْعَجزِ سَقَطت عِنْد الْوُجُوبُ وَقِيلَ تَبْطُلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُبَرَّزَ الْعَدَالَةِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى الِارْتِشَاءِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ قِيلَ لَا يَضُرُّهُ أَكْلُ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَا رُكُوبُ دَابَّةٍ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ وَكَذَلِكَ فِي انْتِظَارِهِ لِلْأَدَاءِ إِذَا مَنَعَ مَانِعٌ فأنفق عَلَيْهِ الْمَشْهُود لَهُ مُدَّة لِأَنَّهُ طارىء لم يجد من يشهده على شَهَادَته ويتصرف وَقِيلَ تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُوَفِّرُ بِذَلِكَ النَّفَقَةَ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ فَانْظُرْ أَبَدًا مَتَى أَنْفَقَ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ يَلْزَمُهُ الْقَدُّومُ مِنْهُ وَالْمُقَامُ امْتَنَعَ الْإِنْفَاقُ إِلَّا فِيمَا يَرْكَبُ الشَّاهِدُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ دَابَّةٌ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ الرُّكُوبُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ دَابَّةٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَالْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَإِنَّمَا يُفَصَّلُ كَمَا تَقَدَّمَ إِذَا كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ وَأَمَّا الْكَاتِبُ فَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْكِتَابَةِ

‌الْفَرْعُ الْخَامِسُ)

فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِذَا ادَّعَتِ الْجَارِيَةُ الْحُرِّيَّةَ أَوِ الضَّعِيفُ حَقًّا وَقَالَ إِنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ جَلْبِ بَيِّنَةٍ مِنَ الْكَوْرَةِ وَسَأَلَ الرَّفْعَ لِمَوْضِعِ شَهَادَتِهِ فَإِنْ وَجَدَتِ الْأَمَةُ شَاهِدًا اسْتَحَقَّتِ الرَّفْعَ لِمَوْضِعِ شَاهِدِهَا الْآخَرِ وَتَأْتِي يَحْمِلُ بِنَفْسِهَا إِلَى الْأَجَلِ الَّذِي يُوقِفُهَا السُّلْطَانُ وَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِشَاهِدٍ فَلَا لِاحْتِمَالِ تَعْنِيتِ السَّيِّدِ

(الْفَرْعُ السَّادِسُ)

قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا اسْتَوْدَعْتَ جَارِيَتَكَ فَمَاتَ الْمُسْتَوْدَعُ فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةً جَارِيَةً إِحْدَى هَذَا الثَّلَاثِ وَالْأُخْرَيَانِ ابْنَتَايَ

ص: 171

وَلَا تَعْلَمُ عَيْنَهَا بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالتَّعْيِينِ وَلَمْ يَقُلْ يَحْكُمُ فِيهَا بِالْقَافَةِ كَمَا قَالَ إِذَا وَضَعَتِ امْرَأَتُهُ وَغَيْرُهَا وَاخْتَلَطَ الصِّبْيَانُ وَوَقَعَ التَّدَاعِي وَلَمْ يَدَّعِ أَحَدُهُمَا مُعَيَّنًا أَنَّهُ يَحْكُمُ بِالْقَافَةِ فَقِيلَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا قَالَ وَالْأَظْهَرُ الْفَرْقُ أَنَّ تِلْكَ السَّبَب تَدْخُلُهُ الْقَافَةُ وَهَذِهِ مِلْكٌ وَالْقَافَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْأَمْوَالِ لِأَنَّكَ لَوِ ادَّعَيْتَ وَلَدَ أَمَةٍ فَقَالَ زوجننيها فَوَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ مِنِّي وَادَّعَيْتَ أَنَّهُ مِنْ زِنًى لَمْ يُحْكَمْ بِهِ بِالْقَافَةِ

(الْفَرْعُ السَّابِعُ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا شَهِدُوا بِالْأَرْضِ وَلَمْ يُحَدِّدُوهَا وَآخَرُونَ بِالْحُدُودِ دُونَ الْمِلْكِ تَمَّتِ الشَّهَادَةُ وَقَضَى بَيْنَهُمْ بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْمَجْمُوعِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَاصِبًا وَلَمْ يَجِدْ إِلَّا مَنْ يَشْهَدُ بِالْغَصْبِ دُونَ الْحُدُودِ قِيلَ لَهُ حَدِّدْ مَا غَصَبْتَ وَاحْلِفْ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَالُوا نَشْهَدُ بِالْحَقِّ وَلَا نَعْرِفُ عَدَدَهُ قِيلَ لِلْمَطْلُوبِ أقرّ بِحَق واحلف عَلَيْهِ فيعطيه وَلَا شيئ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَإِنْ جَحَدَ قِيلَ لِلطَّالِبِ إِنْ عَرَفْتَهُ احْلِفْ عَلَيْهِ وَخُذْهُ فَإِنْ قَالَ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ أَعَرِفُهُ وَلَا أَحْلِفُ سُجِنَ الْمَطْلُوبُ حَتَّى يقر بشي وَيحلف عَلَيْهِ فَإِن أقرّ وَلم يحلف أخد الْمُقِرُّ بِهِ وَحُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي دَارٍ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَتَّى يَحْلِفَ وَلَا يُحْبَسُ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ عَدَدَ الْمَالِ يَعْرِفُ ذَلِكَ الْإِمَامُ فَيَجْتَهِدُ فِيهِ قَالَ وَأَرَى أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ وَقَالَ مَالِكٌ يَقْضِي بِشَهَادَتِهِ وَعَنْ مَالِكٍ تُرَدُّ لِنِسْيَانِهِ الْعَدَدَ أَوْ لِجَهْلِهِ بِهِ

(الْفَرْعُ الثَّامِنُ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِنْ كَانَ يُؤَدِّي شَهَادَةً حَفِظَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ فَإِنْ نَسِيَ بَعْضَهَا شَهِدَ بِالَّذِي ذَكَرَهُ فَقَطْ وَإِنْ نَسِيَ الْجَمِيعَ فَلَا يَشْهَدُ

ص: 172

وَأَمَّا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوِ النِّكَاحِ أَوِ الْهِبَةِ أَوِ الْحَبْسِ أَوِ الْإِقْرَارِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ حِفْظُهُ بَلْ مُرَاعَاةُ الشَّهَادَةِ فِي آخِرِهِ فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ وَعَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَرْتَبْ بِمُجَرَّدٍ لَا غَيْرِهِ شَهِدَ وَعَلَى الْحَاكِمِ قَبُولُهَا وَإِنِ ارْتَابَ فَلَا يَشْهَدُ وَإِنْ عَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ كَتَبَهُ وَلَا أَنَّهُ أَشْهَدَ فَعَنْ مَالِكٍ إِنْ لَمْ يَرْتَبْ شَهِدَ وَإِلَّا فَلَا وَرَجَعَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ حَتَّى يَذْكُرَ الشَّهَادَةَ أَوْ بَعْضَهَا وَكَذَلِكَ يَشْهَدُ عَلَى الْحَاكِمِ فِي السِّجِلَّاتِ وَهِيَ كَالْعُقُودِ لَا يَلْزَمُ حِفْظُهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ شَهِدَ بِمَا عَلِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الشَّهَادَةِ

(الْفَرْعُ التَّاسِعُ)

قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا أَذْكُرُهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ ذَكَرْتُهَا قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ مُبَرَّزًا لَا يُتَّهَمُ قُبِلَتْ إِلَّا أَنْ يَمُرَّ مِنْ طُولِ الزَّمَانِ مَا يُسْتَنْكَرُ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَالَ أَخِّرُونِي لِأَذْكُرَ وَهُوَ مُبَرَّزٌ جَازَت فَإِن قَالَ ماعندي عِلْمٌ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَأَجَازَهَا مَالِكٌ مِنَ الْمُبَرَّزِ فِي الْقُرْبِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخْبَرَ بِعَدَمِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقِيلَ تُرَدُّ لِقَطْعِهِ بِعَدَمِ الْعِلْمِ فَيَنْتَفِي سَبَبُهُ وَهُوَ أَصْلُ الْإِشْهَادِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنَّمَا هَذَا إِذَا سُئِلَ عِنْدَ الْحَاكِم اَوْ الْمَرِيض عِنْد نقلهَا عَنهُ واوفى غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَانَ سَحْنُونٌ يَأْمُرُ الْخُصُومَ عِنْدَ الْأَدَاءِ لَا يعرض الطَّالِب للشَّاهِد لتقلين وَلَا الْمَطْلُوبُ بِتَوْبِيخٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّهْيِ أَدَّبَهُ وَإِذَا خَلَطَ الشَّاهِدُ أَعْرَضَ عَنْهُ وَرُبَّمَا عَاوَدَهُ فَإِنْ ثَبَتَ كَتَبَ شَهَادَتَهُ مِنْ غير تَحْسِين وَلَا زِيَارَة وَإِنْ خَافَ الشَّاهِدُ عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ أَعْرَضَ عَنهُ حَتَّى يتأنس وَيَقُول لَهُ هُوَ عَلَيْكَ لَيْسَ مَعِي سَوْطٌ وَلَا عَصًا فَلَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ قُلْ مَا تَعْلَمُ

ص: 173

وَدَعْ مَا لَا تَعْلَمُ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إِذَا كَتَبَ الشَّهَادَةَ أَنْ يُوقِفَ الشَّاهِدَ عَلَيْهَا ثُمَّ يرفعها وَله أَن يَكْتُبهَا بِنَفسِهِ أَو كاتبها بِنَفْسِهِ أَوْ كَاتَبَهُ الْمَأْمُورُ أَوِ الشَّاهِدُ وَلَا يَقُول القَاضِي لَهُ أشهد بِكَذَا لِأَنَّهُ تَلْقِينٌ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَجُوزُ أَنْ يُذَكِّرَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اتَّهَمَهُمَا بِالْغَلَطِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الشَّاهِدَ إِذَا قَصَدَ بِهَذَا رُهِّبَ وَاخْتَلَطَ عَقْلُهُ وَلَكِنْ يَسْمَعُ مِنْهُمَا وَيَسْأَلُ عَنْهُمَا وَلَا تخلط الْمَرْأَةَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهَا فِي جُمْلَةِ النِّسَاءِ أَوِ الدَّابَّةُ فِي دَوَابَّ يَمْتَحِنُهُمْ بِذَلِكَ إِذَا سَأَلَهُ الْخصم لِأَنَّهُ اذية الشُّهُود وَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ عِنْدَهُ كَتَبَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ ومسكنه ومسجده الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ وَصفته لَيْلًا يَتَسَمَّى غَيْرُ الْعَدْلِ بِاسْمِهِ وَيَكْتُبُ الْوَقْتَ الَّذِي شهد فِيهِ وَيكون الْمَكْتُوب فِي ديوانه لَيْلًا يَزِيدَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَوْ يَنْقُصَ وَيَكْتُبُ صُورَةَ الْخُصُومَةِ كُلَّهَا مِنْ سُؤَالٍ وَإِنْكَارٍ وَاخْتِلَافٍ وَيَكْتُبُ هَذِهِ خُصُومَةُ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ فِي شَهْرِ كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا وَيُفْرِدُ خُصُومَاتِ كُلِّ شهرا وَيَجْعَلُ نُسْخَةً أُخْرَى بِيَدِ الطَّالِبِ يَطْبَعُ عَلَيْهَا فَإِنْ أَخْرَجَهَا الطَّالِبُ قَابَلَهَا بِمَا فِي دِيوَانِهِ قَالَ صَاحب الْمُنْتَقى وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا قَالَ كُلُّ شَهَادَةٍ أَشْهَدُ بَيْنك زُورٌ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ وَيَشْهَدُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا قَالَ لِلْخَصْمِ مَا أَشْهَدُ فَلَا يضرّهُ وَيشْهد لِأَنَّهُ وعده بَان لايقيم عَلَيْهِ الشَّهَادَة وَهُوَ وعد قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ مَهْمَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا جَمَعَ وَإِنْ تَنَاقَضَتَا وَأَمْكَنَ التَّرْجِيحُ رَجَعَ إِلَيْهِ وَإِلَّا تَسَاقَطَتَا وَبَقِيَ الْمُدَّعِي فِي يَدِ مَنْ هُوَ فِي يَدَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ كَانَ من المتداعيين فَإِن كل مِنْ غَيْرِهِمَا فَقِيلَ يَبْقَى فِي يَدِهِ وَقِيلَ يقسم بَين مقيمي الْبَيِّنَة لاتِّفَاقهمَا على مِلْكِ الْحَائِزِ وَرُوِيَ

ص: 174

يُقْضَى بِأَكْثَرِهِمَا عَدَدًا عِنْدَ تَسَاوِي الْعَدَالَةِ إِلَّا ان يكون هَؤُلَاءِ كثيرا يلتقي بَينهم مَا يلْتَمس من الِاسْتِظْهَار وَالْآخرُونَ أَكثر جدا فَلَا تراعى الْكَثْرَة وَلَوْ أَقَرَّ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ لِأَحَدِهِمَا لَنَزَلَ إِقْرَارُ مَنْ لَهُ الْيَدُ لِلْمُقِرِّ لَهُ حَتَّى تَرْجُحَ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا لَقُسِمَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَسَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى كَثِيرٌ مِنْ هَذَا

ص: 175

(الْبَاب الْخَامِس فِي اخْتِلَاف الشَّهَادَات)

وَفِيه عشرَة مَسَائِلَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي الْكِتَابِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِمِائَةٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسِينَ إِنْ شَاءَ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِائَةِ وَيُقْضَى لَهُ بِهَا أَوْ يَأْخُذُ الْخمسين بِغَيْر يَمِين لِاجْتِمَاع شَاهِدين فِيهَا فِي النُّكَتِ كَلَامُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَتِ الشَّهَادَتَانِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا فِي مَجْلِسَيْنِ فَيَحْلِفُ وَيسْتَحق مائَة وَخمسين لِأَنَّهُمَا ملان وَشَاهِدَانِ فَلَمَّا كَانَتَا فِي مَجْلِسَيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ إِذَا كَانَتْ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَفْظٍ وَاحِدٍ فَقِيلَ مَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ تَسْقُطُ الشَّهَادَتَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ كَذَّبَتِ الْأُخْرَى قَالَ وَهُوَ احسن فَإِن أَقَامَ الطَّالِب يثبت هَذَا بِمِائَةٍ حَلَفَ مَعَهُ وَاسْتَحَقَّ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَعْدَلَ وَقَدْ سَقَطَ شَاهِدُ الْخَمْسِينَ لِاتِّفَاقِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوب على كذبه وان اقام الْمَطْلُوب شَاهد الْخمسين نَظَرَ إِلَى أَعْدَلِ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ كَانَ هُوَ شَاهِدَ الْمِائَةِ حَلَفَ الطَّالِبُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ الآخر حلف مَعَه الْمَطْلُوب وبرىء وَقيل يحكم بِشَاهِد الطَّالِب وان كَانَ الآخر اعْدِلْ والامور أَحْسَنَ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ يَقُولُ هَذَا شَاهِدٌ أَعْدَلُ من شَاهد شَهِدَ أَنِّي لَمْ أُقِرَّ إِلَّا بِخَمْسِينَ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَتِ الشَّهَادَتَانِ فِي مَجْلِسٍ وَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ هُوَ مَالٌ وَاحِدٌ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ الْجَمِيعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا بِيَمِينٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَأْخُذُ أَقَلَّهُمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ عَلَى الزَّائِدِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ يَقُولُ لَيْسَ لَكَ ضَمُّ الشَّهَادَتَيْنِ وَأَخْذُ خَمْسِينَ ثُمَّ احْلِفْ عَلَى تَكْذِيبِ شَاهد الْمِائَة واذا حَلَفت عَلَى تَكْذِيبِهِ بَطَلَ

ص: 176

جَمِيعُ شَهَادَتِهِ فَإِنْ أَحَبَّ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِائَة واخذها ويستعنى عَنْ شَاهِدِ الْخَمْسِينَ وَإِنْ أَحَبَّ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْخَمْسِينَ وَيُرَدُّ الْيَمِينُ فِي شَاهِدِ الْمِائَةِ فَإِن حلف برىء فَإِن نَكَلَ غَرِمَ خَمْسِينَ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَمْ يَدَّعِ إِلَّا مِائَةً وَقَدْ أَخَذَ خَمْسِينَ وَإِنْ أَحَبَّ أَخَذَ خَمْسِينَ بِغَيْرِ يَمِينٍ ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ فَإِنْ زَعَمَ الطَّالِبُ أَنَّهُمَا مَالَانِ حَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ وَاسْتَحَقَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ الْمَطْلُوبُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَيَقُولَ الْخَمْسُونَ مِنَ الْمِائَةِ وَيُقَدِّمُ التَّارِيخَ أَوْ يُسَلِّمُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِخَمْسِينَ قَبْلَ الْمِائَةِ وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا قَالَ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بِخَمْسِينَ فَأَشْهَدْتُ بِهَا ثُمَّ بِخَمْسِينَ فَأَشْهَدْتُ بِمِائَةٍ فَإِنْ عُلِمَ تَقَدُّمُ شَهَادَةِ الْمِائَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَصُدِّقَ الطَّالِبُ فِي أَنَّهُمَا مَالَانِ وَإِنْ وَأَقَرَّ بِمِائَةٍ عَنِ الْخَمْسِينَ وَقَالَ الطَّالِبُ هِيَ مِائَتَانِ وَقَالَ الْمَطْلُوبُ مِائَةٌ صُدِّقَ الطَّالِبُ إِنْ كَانَا بِكِتَابَيْنِ صُدِّقَ الطَّالِبُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ إِقْرَارُ الْغَيْر كتابا وتقارب مَا بَينهمَا أُشْهِدَ سِتَّةٌ فِي مَجَالِسَ كُلُّ اثْنَيْنِ بِطَلْقَةٍ وَقَالَ الزَّوْجُ هِيَ وَاحِدَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ ثَلَاثٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ بِلَا سَلَفٍ أَنَّهُ يَغْرَمُ ثَلَاثَمِائَةٍ إِذَا شَهِدُوا بِمِائَةٍ ثُمَّ مِائَةٍ فِي مَجَالِسَ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ قَوْلُ الشُّهُودِ أَيْ طَلَّقَهَا دِينَ أَوْ أَنَّهَا طَلَاقٌ لَمْ تَنْفَعْهُ نِيَّتُهُ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ لِلْحَالِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا لَقِيتَ رَجُلًا فَقُلْتَ اشْهَدْ أَنَّ امْرَأَتِي طَالِقٌ ثُمَّ قُلْتَ لِلْآخَرِ كَذَلِكَ وَقُلْتَ أَرَدْتُ وَاحِدَةً أَحْلِفُ وَدِينَ قَالَ وَهُوَ أَصْوَبُ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ يَصْلُحُ لِلْإِخْبَارِ عَنِ الْمَاضِي وَالْحَالِ الا ان يتباعد مَا بَين الشَّهَادَاتِ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَبَيِّنَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ وَذَلِكَ عَن كلمة وَاحِدَة وانكرت الْجَمِيعُ اخْتُلِفَ هَلْ تَسْقُطُ الشَّهَادَتَانِ أَوْ يُقْضَى بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ لِأَنَّهُمَا حَقًّانِ لِاثْنَيْنِ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ بِخِلَافِ الِاتِّحَادِ بَعْضُ الشَّهَادَاتِ يُكَذِّبُ بَعْضًا وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ لَا تَضُرُّنِي بَيِّنَةُ

ص: 177

الْعتْق لاني انا وَالزَّوْج متفقان على تكذيبهما وَكَذَلِكَ يَقُول العَبْد فَيقوم كِلَاهُمَا بِبَيِّنَة فَإِن كذبا بينتهما لَمْ يَحْكُمْ بِهِمَا لِأَنَّ الْقِيَامَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ يَصِيرُ حِينَئِذٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِذَا صَارَ الْحَقُّ لِوَاحِدٍ لَمْ يَقُمْ بِهِمَا مَعَ تَكْذِيبِ بَعْضِهَا بَعْضًا وَهَذَا مَعَ تَسَاوِي الْعَدَالَةِ وَإِلَّا قِيمَ بِالْعَدْلِ لِلَّهِ عز وجل فَإِنْ صَدَقَتِ الْأَعْدَلُ وَقَالَ الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ لَا عِلْمَ عِنْدِنَا وَلَمْ يُقِرَّا بِشَيْءٍ قَضَى بِالَّتِي صَدَقَتْ فَإِنْ صَدَقَتِ الْأُخْرَى قَضَى عَلَيْكَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِإِقْرَارِكَ وَإِنْ صدقت الاعدل الَّتِي شهِدت بِالطَّلَاق وَقَامَ الْعَبْدُ بِبَيِّنَةِ الْعِتْقِ قَضَى بِالْعِتْقِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي لَا تَكْذِبُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ انك ذبحت فلَانا وآخران أَنَّكَ أَحْرَقْتَهُ وَأَنْكَرْتَهُمَا فَإِنْ قَامَ الْأَوْلِيَاءُ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَطَلَ الدَّمُ أَوْ بِإِحْدَاهُمَا أَقْسَمُوا مَعَهَا وَاقْتَصُّوا وَسَقَطَتِ الْأُخْرَى لِاجْتِمَاعِ الْأَوْلِيَاءِ مَعَكَ عَلَى تَكْذِيبِهِمَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ بِالذَّبْحِ وَأَقَامُوا بِبَيِّنَةِ الْحَرْقِ وَهِيَ الاعدل اقسموا مَعهَا واحرقوا فَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى أَعْدَلَ حَلَفَتْ مَعَهَا وَقُتِلَتْ ذَبْحًا بِغَيْرِ حَرْقٍ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ مَعَ بَيِّنَةِ الطَّالِبِ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ عَدَدًا فَإِن استوتا تساقطنا وَيُقَرُّ الشَّيْءُ بِيَدِ حَائِزِهِ وَيَحْلِفُ وَلَا يُقْضَى بِأَكْثَرِهِمَا فَيُسَاوِي رَجُلَانِ وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِائَةَ رَجُلٍ وَكَذَلِكَ لَوِ ادَّعَى الدَّارَ صَاحِبُ الْيَدِ وَاثْنَانِ بِغَيْرِ يَدٍ وَتَكَافَأَتْ بَيِّنَةُ غَيْرِ ذِي الْيَدِ سَقَطَتَا وَبَقِيَتْ بِيَدِ صَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ جَرَّحَتْ صَاحِبَتَهَا قَالَ غَيْرُهُ لَيْسَ هَذَا جَرْحًا لَكِنِ التَّكَافُؤُ فَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا وَكَذَلِكَ التكافؤ اذا تداعيا شَيْئا لَيْسَ بايدهما ثُمَّ إِنْ رَأَى الْإِمَامُ فِيمَا شَهِدُوا بِهِ أَنَّهُ مِمَّا يَمْنَعُهُمَا مِنْهُ حَتَّى يَأْتِيَا بِبَيِّنَةٍ أَعْدَلَ فَعَلَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِرَّهُ وَيَرَى أَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا قَسَّمَهُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا كَمَا لَوْ لَمْ تَشْهَدْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَإِنْ تَنَازَعَا عَفْوًا مِنَ الْأَرْضِ قُضِيَ بِالْأَعْدَلِ وَيَحْلِفُ صَاحِبُهَا وَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا وَبَقِيَتِ الأَرْض كَغَيْرِهَا من

ص: 178

عصر دَار الْمُسلمين وَعَن مَالك إِن تكافأتا والشيئ لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمَا وَهُوَ مِمَّا لَا يُخَافُ عَلَيْهِ كَالْعَقَارِ تُرِكَ حَتَّى يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِأَعْدَلَ مِمَّا أَتَى بِهِ صَاحِبُهُ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَان فَيقسم بَينهمَا لَيْلًا يَهْلِكَ وَمَا خُشِيَ مَا يُغَيِّرُهُ كَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ يُؤَخِّرُهُ قَلِيلًا لَعَلَّ أَحَدَهُمَا يَأْتِي بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ الْآخَرُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ وَخِيفَ عَلَيْهِ قُسِّمَ وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ فِي أَمَةٍ أَنَّهَا لَكَ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهَا لَهُ وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ وَلَيْسَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا قُضِيَ فيهمَا لِصَاحِبِ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ مُرَجَّحٌ قَالَ غَيْرُهُ إِذَا كَانَت ببينه الناتج ان كَانَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ أَعَدَلَ وَلَيْسَ هَذَا مِنَ التَّهَاتُرِ وَلَكِنْ لَمَّا زَادَتْ بِقِدَمِ الْيَدِ قُدِّمَتْ كَمَا لَو شهِدت بِشَهْر وَالْأُخْرَى عَامٍ قُدِّمَتْ وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى أَعْدَلَ وَلَا يُنْظَرُ لِمَنْ بِيَدِهِ الْأَمَةُ إِلَّا أَنْ لاخر الْخدمَة لادعاء لَهَا بِحَضْرَةِ الْآخَرِ فَهَذَا يَقْطَعُ دَعْوَاهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ فِي اخْتَلَفَا السِّلْعَةُ قُضِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ بِغَيْرِ يَمِينٍ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْيَمِينِ وَمُعْظَمُ الشُّيُوخِ لَا يَرَوْنَ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِالْأَرْضِ بِبَيِّنَةِ الْأَعْدَلِ يَمِينًا قَالَ وَأَرَى إِيجَابَ الْيَمِينِ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ يَدِهِ وَاحْتِيطَ بِالْيَمِينِ لِحَقِّ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ لَهُمَا مَالِكٌ لَمْ تَلْزَمِ الْيَمِينُ قَالَ التُّونُسِيُّ اخْتُلِفَ فِي التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ كَزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ أَوْ يُفَرَّقُ بَأَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْكَثْرَةِ يُفْضِي إِلَى طُولِ النِّزَاعِ بِأَنْ يَسْعَى الْخَصْمُ الْآخَرُ فِي الزِّيَادَةِ فَيُعَدِّدُ الْأَوَّلَ وَيَزِيدُ شُهُودًا وَيَتَسَلْسَلُ الْحَالُ وَلَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ أَنْ يَجْعَلَ بَيِّنَة أَرْجَحَ عَدَالَةً فَلَا يَتَسَلْسَلُ وَاخْتُلِفَ إِذَا سَاوَى شَاهِدٌ شَاهِدَيْنِ فِي الْعَدَالَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ صَاحِبُ الشَّاهِدِ وَيَكُونُ شَاهِدُهُ وَيَمِينُهُ كَشَاهِدَيِ الآخر وَكَذَلِكَ شَاهد وأمراتان تكافيء شَاهِدين مَعَ

ص: 179

اسْتِوَاء الْعَدَالَة لِأَنَّهَا كَانَت حجج شَرْعِيَّةً وَلَمْ يُسَوِّ أَشْهَبُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا يُحْكَمُ بِهَا فِي الدِّمَاءِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَتَانِ وَقَالَ عبد الْملك الْحَائِز لَا ينْتَفع بَيِّنَة لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى فَلَمْ تُشْرَعْ إِلَّا لَهُ وَصَاحِبُ الْيَدِ لَمْ يَدَّعِ وَاخْتُلِفَ فِي الدَّارِ يَدَّعِيهَا ثَلَاثَةٌ هِيَ فِي يَدِ أَحَدِهِمْ فَتَكَافَأَتْ بَيِّنَتَا غَيْرِ ذِي الْيَدِ فَقِيلَ تُخَلَّى لِصَاحِبِ الْيَدِ لِتَسَاقُطِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَقِيلَ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا لِاتِّفَاقِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى إِبْطَالِ مِلْكِ ذِي الْيَدِ وَاخْتُلِفَ لَوْ أَقَرَّ بِهَا الْحَائِزُ لِأَحَدِهِمَا فَعَلَى مَذْهَب الْمُدَوَّنَة انما لَهُ تَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَعَلَى الْآخَرِ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ وَالتَّرْجِيحُ بِتَقَدُّمِ التَّارِيخِ لَيْسَ فِيهِ تَكَاذُبٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُتَأَخِّرُ التَّارِيخِ غَصْبًا أَوِ اشْتُرِيَ مِنْ غَاصِبٍ فَلَا يَزُولُ مِلْكُ الْأَوَّلِ إِلَّا بِيَقِينٍ إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَكَذَلِكَ التَّرْجِيحُ بِالنِّتَاجِ وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا شَهِدْتَ بِأَنَّ الْعَبْدَ كَانَ بِيَدِكَ لَا تَكُونُ أَحَقَّ حَتَّى تَقُولَ مِلْكَكَ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَهُ بِيَدِكَ يُوجِبُ رَدَّهُ إِلَى يَدِكَ حَتَّى تَثْبُتَ يَدٌ قَبْلَ يَدِكَ وَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ إِلَّا بِيَقِينٍ وَعَنْ أَشْهَبَ لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا لَكَ وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِأَنَّهَا مِلْكُ خَصْمِكَ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَلَوْ تَقَدَّمَ تَارِيخُ يدك وَفِيه نظر كَمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى كَلَامِهِ الَّذِي هُوَ شَهِدَتْ لَهُ بِالْمِلْكِ اشْتَرَى مِمَّنْ حَازَ قَبْلَكَ فَيَصِحُّ قَالَ وَكَذَلِكَ أَيْضًا يُشْكِلُ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ لَا يُعْتَبَرُ أَنَّهَا وُلِدَتْ عِنْدَهُ لِأَنَّ يَدَهُ تَقَدَّمَتْ عَلَى أُمِّهَا إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أُمَّهَا مِلْكٌ لِغَيْرِهِ وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهَا بِنْتُ أَمَتِهِ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْهَا قَبْلَ مِلْكِ الْأُمِّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا وُلِدَتْ عِنْدَكَ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إِذَا شَهِدَتْ فِي الَّتِي بِيَدِ غَيْرِكَ أَنَّهَا وَلَدَتْ عِنْدَكَ لَا يُقْضَى لَكَ حَتَّى يَقُولُوا إِنَّكَ تَمْلِكُهَا وَيَحْلِفُ لَكَ مَا أَعْلَمُ لَكَ فِيهَا حَقًّا وَلَوْ

ص: 180

شَهِدُوا بِنَسِيجِ الثَّوْبِ وَلَمْ يَقُولُوا لَكَ لَمْ يُقْضَ بِهِ بَلْ بِقِيمَةِ النَّسَجِ وَيَحْلِفُ مَا نَسَجْتُهُ مِلْكًا قَالَ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ تُخَالِفُ الْأُصُولَ الْمَعْرُوفَةَ لِأَنَّ الْحِيَازَاتِ لَهَا أَثَرٌ فَيُرَجَّحُ بِهَا أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ كِلْتَاهُمَا بِالنَّسْجِ أَوِ الْوِلَادَةِ عِنْدَكُمَا كَانَ تَكَاذُبًا يُقْضَى بِالْأَعْدَلِ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُنْسَجَ مَرَّتَيْنِ كَالْخَزِّ تَرَجَّحَ الاول وَللثَّانِي اجرة فَإِنْ شَهِدَتَا بِعَيْنِ ذَلِكَ النَّسْجِ لَكُمَا قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا لِأَنَّهُ تَكَاذُبٌ وَيَسْقُطَانِ مَعَ التَّكَافُؤِ وَيَأْخُذُهَا الْحَائِزُ مَعَ يَمِينِهِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ دَارٌ بَيْنَ حُرَّيْنِ وَعَبْدٍ تَاجِرٍ فَهِيَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا أَوِ الْعَبْدُ فِي أَحَدِهِمَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ هِيَ بَيْدِ تَاجِرَيْنِ عَبْدَيْنِ وَحُرٍّ فَادَّعَاهَا الْعَبْدَانِ لِأَنْفُسِهِمَا وَالْحُرُّ لِنَفْسِهِ قُسِّمَتْ أَثْلَاثًا وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَعَهُمْ فِي الدَّارِ وَهُمَا غَيْرُ مَا قُسِّمَتْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ نِصْفَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدَيْنِ يَدٌ مَعَ السَّيِّد فَإِن كَانَ مَعَه فِي الديار عَبْدَانِ أَوْ زُوَّارٌ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى عَدَدِهِمْ وَدَعْوَاهُمْ إِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَحَلَّهُمْ فِي الدَّارِ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ نَظَرْتَ إِلَى عَدَدِهِمْ فَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً أَحَدُهُمْ يَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ وَالْبَاقُونَ يَدَّعُونَهَا لِلَّذِي لَيْسَ مَعَهُمْ قُسِّمَتْ أَرْبَعَةً رُبْعٌ لِلْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ وَالْبَاقِي لِمَنِ ادَّعَاهَا لَهُ الْبَاقُونَ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ فِي الدَّارِ قُسِّمَتْ نِصْفَيْنِ وَزَالَتْ يَدُ الْمُدَّعِينَ لِغَيْرِهِمْ وَإِنْ قَالَ الثَّلَاثَةُ أَكْرَاهَا مِنَّا فُلَانٌ وَهِيَ لَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهِ فِي الدَّارِ مَعَهُمْ أَمْ لَا لِأَنَّ الْكِرَاءَ أَوْجَبَ لَهُمْ يَدًا فَصَارَ لِلَّذِي أَسْكَنَهُمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِأَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا مَعَهُ كَانُوا تَحْتَ يَدِهِ كَمَتَاعٍ لَهُ فِي الدَّار وَلم ينظر لعدد رؤوسهم وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ صَارُوا حَائِزِينَ دُونَهُ فَيُقَسَّمُ عَلَى الْأَعْدَادِ قَالَ وَانْظُرْ إِذَا كَانَ هُوَ وَعَبْدُهُ الْمَأْذُونُ وَأَجْنَبِيٌّ وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَحْجُورِ وَتُقَسَّمُ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ يَدَ الْعَبْدِ

ص: 181

إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَالْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ سَيِّدَهُ لايقدر عَلَى انْتِزَاعِ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَقَدْ يُقَالُ لِأَنَّ يَدَ السَّيِّدِ إِذَا كَانَ مَعَه اقوالك السَّيِّدُ قَالَ الدَّارُ كُلُّهَا لِي دُونَ عَبْدِي وَقَوْلُهُ يُقْبَلُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ يَقُولُ كُلُّهَا لِي فَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ إِنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَقُولُ السَّيِّدُ مُقِرٌّ بِمَا يُوجِبُ مُقَاسَمَتِي إِيَّاهُ لِقَوْلِهِ الدَّارُ كُلُّهَا لِي وَعَنْ أَشْهَبَ فِي عَبْدٍ بِيَدِكَ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَة ان قَاضِي قَضَى لَهُ بِهِ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً كَذَلِكَ وأقمت أَنَّهُ مَلِكُهُ وَوَلَدُكَ فِي مِلْكِكَ قُضِيَ بِهِ لَكَ إِلَّا أَنْ يَزِيدُوا فِي الشَّهَادَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى بِهِ لَهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْكَ أَوْ مِنْ وَكِيلِكَ أَوْ مِمَّنْ بِعْتَهُ إِيَّاهُ فَإِنْ شَهِدَ لِلْآخَرِ بِذَلِكَ قَضَى بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ الْمُؤَرَّخَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي شَهَادَةِ غَيْرِ الْمُؤَرَّخَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى بِهَذَا الْعَبْدِ لِهَذَا فاقضى لَهُ بِهِ وان ورختا قُدِّمَتِ الْمُقَدِّمَةُ أَوْ لَمْ تُؤَرَّخَا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا بعد ايمانهم بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا أَوْ نُكُولِهِمَا وَلَا يَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْوِلَادَةِ وَمَنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ أَقَمْتَ بَيِّنَةً بِوِلَادَتِهَا فِي مِلْكِكَ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِهِ مِنَ الْمُقَاسِمِ لِأَنَّهُ شَأْنُ الشِّرَاءِ مِنَ الْمُقَاسِمِ وَلَوْ ثَبَتَ مَلْكُهُ لِمُسْلِمٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ يُقْضَى مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْعَدَالَةِ بِأَكْثَرِهِمَا عَدَدًا فِي الدَّعَاوَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ كَثِيرًا يُكْتَفَى بِهِمْ فِي الِاسْتِظْهَارِ وَالْآخَرُونَ أَكْثَرُ جِدًّا فَلَا تُرَاعَى الْكَثْرَةُ بِخِلَافِ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ وَأَمَّا شَاهِدَانِ وَشَاهِدٌ أَعْدَلُ زَمَانِهِ مَعَ يَمِينٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْضَى بِالشَّاهِدَيْنِ وَعَنْهُ بِالْأَعْدَلِ مَعَ الْيَمِينِ لِمَزِيدِ الْعَدَالَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ أُقَدِّمُ الْأَعْدَلَ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْبَعَةِ اثْنَانِ أَعْدَلُ مِنْهُ قَضَيْتُ بِهِمَا قَالَ أَشْهَبُ الْأَعْدَلُ مَعَ الْيَمِينِ مُقَدَّمٌ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ قَالَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا جُهِلَتِ الْبَيِّنَتَانِ لَا يُقْضَى بِأَعْدَلَ مِمَّنْ زَكَّاهُمَا وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْأَعْدَلِيَّةُ فِي الشُّهُودِ أَنْفُسِهِمْ وَعَنْ مَالِكٍ التَّسْوِيَةُ

ص: 182

فِي التَّرْجِيحِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ الظَّنَّ فِي الْمُزَكِّي وَإِذَا شَهِدَتْ أَنَّهُ تَرَكَهَا مِنْ سَنَتَيْنِ وَالْأُخْرَى أَنَّهَا وَلَدَتْ عِنْدَهُ فَهَذَا تَهَاتُرٌ وَيُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا وَيَسْقُطَانِ مَعَ التَّسَاوِي قَالَ أَشْهَبُ يُرَجَّحُ بِقَوْلِ الْعَبْدِ إِنِّي لِأَحَدِكُمَا عَبْدٌ فِي تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ وَهُوَ فِي أَيْدِيكُمَا وَإِلَّا اعْتُبِرَ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ هَذَا إِلَّا أَنْ يُقِيمَا بَيِّنَةً فَهُوَ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ بَعْدَ أَنْ الْأَرْجَحُ بِقَوْلِهِ وَإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَرْجَحُ وَإِنِ ادَّعَيْتُمَا دَارًا بِيَدِ غَيْرِكُمَا أَوِ اسْتَعَارَهَا فَهِيَ لَكَ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْآخَرُ بَيِّنَةً وَهِيَ لَكَ أَيْضًا عِنْدَ تَكَافُؤِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَيَحْلِفُ مَعَ التَّكَافُؤِ مَا لَمْ يُعْلَمْ لِأَحَدٍ فِيهَا حَقٌّ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمَقَرِّ لِأَنَّهُ لَوْ يُصَدَّقُ فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَتَيْنِ أَنَّ الْآخَرَ أَوْدَعَهُ إِيَّاهَا قُدِّمَ الْمُتَقَدِّمُ مِنِ الْكِرَاءِ وَإِلَّا مَنْ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا ثَبَتَ فَلَسُهُ فَأَقَمْتَ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ دَارًا هُوَ سَاكِنُهَا وَأَقَامَتِ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّ الدَّارَ لَهَا يُقْضَى بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنِ اسْتَوَتَا بَقِيَتْ لِلزَّوْجِ وَبِيعَتْ فِي دَيْنِهِ لِأَنَّ سُكْنَاهُ أَغْلَبُ مِنْ سُكْنَاهَا لِأَنَّ عَلَيْهِ إِسْكَانَهَا وَحَيْثُ قَسَّمَ الْمُدَّعَى لِتَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ فَأَقَامَ أَحَدُكُمَا بَيِّنَةً أَعْدَلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْكَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مَضَى قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَرْجِعُ لِبُطْلَانِ سَبَبِ الْحُكْمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي شَاة مسلوخة بِيَدِك وسقطها بيد آحر وتداعيتماها سَقْطَهَا قُضِيَ لِلْجَمِيعِ بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنِ اسْتَوَتَا تَحَالَفْتُمَا فَإِنْ حَلَفْتُمَا أَوْ نَكَلْتُمَا قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَا فِي يَدَيْهِ أَوْ نَكَلَ أَحَدُكُمَا قُضِيَ لِلْآخَرِ بِمَا فِي يَدِهِ فَلَوْ أَقَمْتَ بَيِّنَةً أَنَّهَا وَلَدَتْ عِنْدَكَ وَأَنَّكَ ذَبَحْتَهَا وَسَلَخْتَهَا وَأَنَّ السَّقْطَ لَكَ فَالْجَوَابُ سَوَاءٌ وَإِذَا شَهِدُوا أَنَّ أَبَاكَ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَشَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي يَدَيْهِ حَتَّى تَصَدَّقَ بِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِالْهَذْرِ عَلَى أَنَّ الْكَثْرَةَ لَمْ تَحْصُلْ بِالْعِلْمِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْعِلْمُ عَلَى الظَّنِّ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا تُرَجَّحُ بِمَزِيدِ الْعَدَالَةِ وَإِذَا شَهِدَتَا بِأَنَّ الدَّابَّةَ نُتِجَتْ عِنْدَكُمَا فَهُوَ تَكَاذُبٌ أُرِّخَتْ أَمْ لَا تَقَدَّمَ التَّارِيخُ أَوِ اتَّحَدَ وَمَتى

ص: 183

شَهِدَتْ بِالنِّتَاجِ فِي وَقْتٍ لَا يُشْبِهُ قُدِّمَ وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّكَ رَهَنْتَهُ مَا تَحْتَ يَدِهِ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْأُخْرَى أَنَّ الرَّهْنَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقِيلَ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَا عَنْ مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَيُقْضَى بِالْأَعْدَلِ فَإِنِ اسْتَوَتَا قضي بِالرَّهْنِ لَان الْبَيِّنَتَيْنِ تسفطان وَيَبْقَى الْإِقْرَارُ وَقَالَ شَهِدَتْ لِلْقَائِمِ بِمَا وَقَعَ بَعْدَهُ مِنَ الشِّرَاءِ وَإِنْ تَقَدَّمَ الشِّرَاءُ كَانَ قَدْ غَصَبَ مِلْكَهُ تَمْهِيدٌ فِي الْجَوَاهِرِ مَدَارِكُ التَّرْجِيحِ أَرْبَعَةٌ زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ وَقُوَّةُ الْحُجَّةِ فَيُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَعَلَى الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ إِذَا اسْتَوُوا فِي الْعَدَالَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يقد من وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ أَعْدَلَ مِنْ حُكْمِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَحَكَمَ بِهِ عَلَى الْيَمِينِ وَقُدِّمَ عَلَى الشَّاهِدِ وَعَنْهُ مِثْلُ أَشْهَبَ وَالثَّالِثُ الْيَدُ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ وَاشْتِمَالُ أَحَدِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى زِيَادَة تَارِيخ واذا قدمتا بِالْأَعْدَلِ فَهَلْ يُقَدَّمُ بَأَعْدَلِيَّةِ الْمُزَكِّي لَمْ يَعْتَبِرْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاعْتَبَرَهُ مُطَرِّفٌ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِي الْبَيَانِ إِذَا شَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَآخَرُ أَنَّهَا حَوْزُهُ قَالَ مَالِكٌ تُجْمَعُ شَهَادَةُ الرَّجُلَيْنِ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَالْأَحْكَامُ تَتَعَلَّقُ بِالْمَعَانِي دُونَ الْأَلْفَاظِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَنَّ الْمَنْزِلَ مَنْزِلُهُ أَوْ فِي الطَّلَاقِ بِحِيلَةٍ أَوْ يَشْهَدُ الْآخَرُ بريبة اَوْ يشْهد أَحَدكُمَا أَنَّهَا دَارُكَ وَيَشْهَدُ الْآخَرُ أَنَّهُ غَصَبَكَ إِيَّاهَا قُضِيَ لَكَ بِهَا أَوْ يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَالْآخَرُ أَنَّهُ صَالَحَهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا المسالة الرَّابِعَة قَالَ اذا اشْهَدْ أَحَدَهُمَا لَا يَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَالْآخَرُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ زَوْجَتِهِ وُقِفَ الْمَالُ حَتَّى يتَبَيَّن أَمر الزَّوْجَة لَا يعجل للْوَلَد حَقُّهُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمَا لَا تَكُونُ بِالشَّكِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ شَاءَ الْوَارِثُ حَلَفَ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخَذَ الْمَالَ كُلَّهُ لِأَنَّ شَاهده جازم يبْقى غَيْرِهِ فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ

ص: 184

الْيَمِينِ عَزَلَ نَصِيبَ الزَّوْجَةِ وَأَخَذَ الْوَارِثُ الْبَاقِيَ بِغَيْر يَمِين فَإِن اوقف وَطَالَ الزَّمَانُ أُعْطِيَ الْوَارِثُ الْمَالَ كُلَّهُ وَصُورَةُ الْيَمين مَا يعلم لَهُ زَوْجَة أَنَّهَا زَوْجَةٌ وَشَهِدَ لَهَا شَاهِدٌ حَلَفَتْ وَأَخَذَتْ مِيرَاثَهَا بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ إِيقَافِ حَقِّ الزَّوْجَةِ خَاصَّة خشيَة اتلافه وبعدم الْوَارِثُ فَيَتَعَذَّرُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ إِذَا ثَبَتَ حَقُّهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ شَاهِدٍ بِخَمْسِينَ وَشَاهِدٍ بِمِائَةٍ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِ الْخَمْسِينَ بِغَيْرِ يَمِين وَبَين اخذ الْمِائَة بِيَمِين مَعَ شَاهدهَا أَنَّ شَاهِدَ الْخَمْسِينَ تَمَّتْ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالْخَمْسِينَ وَهَاهُنَا لَمْ يَجْزِمْ شَاهِدُهُ لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ بَلْ يَقُولُ لَا عِلْمَ لِي بِالْمُشَارِكِ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَالَ إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَالَحَهَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً قَالَ مَالِكٌ لَا تُضَمُّ لاخْتِلَاف الْمَشْهُود بِهِ بِخِلَاف طَلقتهَا فِي رَمَضَانَ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي شَوَّالٍ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ وَاحِدٌ وَهُوَ الطَّلَاقُ كَمَا لَا يُضَمُّ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ فلَانا قَامَ وَالْآخر شهد بِالطَّلَاقِ لَا يُكَلِّمُ رَجُلًا لِلِاخْتِلَافِ وَيَحْلِفُ عَلَى تَكْذِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّاهِدَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ وَالْآخَرُ أَنَّهُ صَالَحَهَا لَا تُضَمُّ قَالَ وَهَذِه الْمسَائِل أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ إِنِ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَاتَّحَدَ الْمَعْنَى لُفِّقَتْ إِجْمَاعًا وَإِنِ اخْتَلَفَا لَا تُضَمُّ اتِّفَاقًا وَإِنِ اتَّفَقَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَاخْتَلَفَ الْأَيَّامُ وَالْمَجْلِسُ الْمَشْهُورُ التَّلْفِيقُ وَإِنِ اتَّفَقَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى دُونَ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ الْمَشْهُورُ عَدَمُ التَّلْفِيقِ كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ وَشَهَادَةِ الْآخَرِ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُكَلِّمُهُ فَلَا يُضَمُّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ صَالَحَهَا وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ حَلَفَ أَنَّ إِحْدَى امْرَأَتَيْهِ طَالِقٌ لَا يَفْعَلُهُ لَا تُضَمُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَى وَاللَّفْظِ وَقِيلَ يُطَلَّقَانِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَعَنْ

ص: 185

سَحْنُونٍ إِذَا جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ مَا جَرَحَهُ بِهِ الآخر جرح لاجتماعها عَلَى جَرْحِهِ وَقِيلَ لَا يُجْرَحُ حَتَّى يَتَّفِقَا عَلَى جَرْحَةٍ وَاحِدَةٍ كَذَّابٌ أَوْ نَحْوُهُ قَالَ ابْن الْقَاسِم واشهد اثْنَانِ أَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي رَمَضَانَ وَاحِدَةً وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فِي شَوَّال وَآخر أَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فِي ذِي الْقِعْدَةِ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَلَا يَدِينُ كَمَا لَوْ أَشْهَدَهُمَا أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مِائَةً ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ لَزِمَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَقَالَ أَصْبَغُ يَحْلِفُ وَيَبْرَأُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَعَادَ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ إِلَّا أَنْ يَحْدُثَ الطَّلَاقُ عِنْدَ كُلِّ شَاهِدَيْنِ فَيَقُولُ اشْهَدُوا أَنَّهَا طَالِقٌ بِخِلَافِ أَنِّي طَلَّقْتُهَا وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَلْبَتَّةَ أَوِ اثْنَتَيْنِ وَقَالَ الْآخَرَانِ مَا طَلَّقَ إِلَّا وَاحِدَةً وَقَالَ الْجَمِيعُ سَمِعْنَاهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَكَلَامٍ وَاحِدٍ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ لِلْأَكْثَرِ وَكَذَلِكَ أَنَّهُ أَعْتَقَ زَيْدًا وَمَيْمُونًا وَالْآخَرَانِ لَمْ يَتَفَوَّهْ إِلَّا بِعِتْقِ زِيدٍ وَحْدَهُ عُتِقَ الْعَبْدَانِ لِوُجُودِ النِّصَابِ فِيهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَا أَسْلَفَهُ عِشْرِينَ وَقَالَ الْآخَرَانِ لَمْ يُسْلِفْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَّا عَشْرَةً لَزِمَهُ الْعِشْرُونَ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ لِلزِّيَادَةِ أَحْفَظُ لِمَا نَسِيَهُ الْآخَرَانِ وَأَغْفَلَاهُ قَالَ ابْن الْقَاسِم واذا قَالَ الْمَجْلِسُ بِطَلَاقٍ وَلَكِنَّهُ حَلَفَ بِعِتْقِ غُلَامٍ أَسْمَيَاهُ سَقَطت الشَّهَادَة الْآخرَانِ إِنَّمَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْأُخْرَى وَأَعْتَقَ عَبْدَهُ الْآخَرَ وَفِي الزامه من الْبَيِّنَة والواحدة وَالْعِشْرِينَ وَالْعَشَرَةِ وَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ لِمُتَيَقِّنٍ وَالْفَرْقُ إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ بِزِيَادَةِ لَفْظٍ مِثْلَ أَنْ يشْهد أَنه اقر لَهُ ب وَعِشْرِينَ فَأَقَرَّ لَهُ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ أَوْ بِغَيْرِ زِيَادَةِ لَفْظٍ نَحْوَ أَقَرَّ لَهُ بِتِسْعَةَ عَشَرَ وَقَالَ الْآخَرُ إِنَّهُ أَقَرَّ بِعِشْرِينَ قَالَ مَالِكٌ وَلَو شهد عَلَيْهِ رجل بِشرب بِالْخمرِ فِي شَوَّالٍ وَالْآخَرُ أَنَّهُ شَرِبَهُ فِي رَبِيعٍ حُدَّ قَالَ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُلَفَّقُ الشَّهَادَة فِي الْفِعْل لَان الْفِعْل المتعدد متغاير قَطْعًا وَالْقَوْلُ تُمْكِنُ حِكَايَتُهُ مَعَ اتِّحَادِهِ وَعَنِ

ص: 186

ابْنِ الْقَاسِمِ يُحَدُّ فِي الشُّرْبِ إِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا رَأَيْتُهُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي شَوَّالٍ وَالْآخَرُ قَالَ رَأَيْتُهُ فِي شَعْبَانَ لِأَنَّ الشُّرْبَ فِعْلٌ يُؤَدِّي إِلَى الْقَوْلِ وَهُوَ الْقَذْفُ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه إِذَا شَرِبَ سكر واذا سكر هذى وواذا هَذَى افْتَرَى فَمَا خَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَصْلَهُ وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ الْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِ أَحَدِهِمَا رَأَيْتُهُ يَشْرَبُهَا فِي زُجَاجٍ وَقَالَ الْآخَرُ فِي فَخَّارٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ إِذَا شَهِدَا بِأَلْفٍ أَنَّهَا لِفُلَانٍ وَآخَرَانِ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا فَإِنِ اسْتَوَيَا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ بِهَا لِلْآخَرِ وَإِنْ نَكَلَا وَقَالَا لَا علم لنا واشهود مِنَ الْوَرَثَةِ دَفَعَ كُلُّ وَارِثٍ مِنْهُمْ مَا يُصِيبُهُ مِمَّا شَهِدَ بِهِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ فَلَوْ تَرَكَ أَلْفَيْنِ وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَثَمَانِيَةً مِنَ الْوَلَدِ فَيَشْهَدُ مِنْهُمُ اثْنَانِ لَكَ بِأَلْفٍ وَقَالَ آخَرَانِ بل هِيَ وَصِيَّة لغيرك دفع شَاهد الْوَصِيَّةِ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلْثَ مَا يَجِبُ لَهُمَا مِائَتَيْ دِينَارٍ لِأَنَّهُ يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَدَفَعَ اللَّذَانِ شَهِدَا بِالدَّيْنِ لَكَ رُبْعَ مَا يجب لَهما مائَة دِينَار وَخَمْسُونَ وَخَمْسَة وَسَبْعُونَ مِنْ نَصِيبِ كَلِّ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَلَمْ يَجِبْ عَلَى غَيْرِهِمْ شي لِعَدَمِ ثُبُوتِ الشَّهَادَةِ بِالتَّعَارُضِ قَالَ ابْنُ دَحُّونِ إِنْ لَمْ يَحْمِلِ الثُّلُثُ الْأَلْفَ بَطَلَتْ شَهَادَةُ الَّذِينَ شَهِدُوا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ وَدُفِعَتْ فِي الدَّيْنِ لِأَن شُهُود الْوَصِيَّة يحوزوا لأنفسهما لِأَن مَا لم يحمل الثُّلْثُ مِنْهَا يَكُونُ عَلَى قَوْلِهِمَا مِيرَاثًا قَالَ وَهُوَ كَمَا قَالَ إِذَا تَقَدَّمَتِ الشَّهَادَةُ بِالدَّيْنِ أَمَّا إِنْ تَأَخَّرَتْ أَوْ كَانَا مَعًا فَلَا تُهْمَةَ وَعَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِعْمَالِ الشَّهَادَتَيْنِ مَعًا حَمْلُ الثُّلُثِ الْأَلْفَ أَمْ لَا فَيُقْضَى بِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِلَّذِي شَهِدَ لَهُ بِأَنَّهَا دَيْنٌ وَبِهَا مِنْ ثُلُثِ بَقِيَّةِ الْمَالِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ إِنْ حَمَلَهَا الثُّلُث اَوْ مَا حمله وَلَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَاحِدًا بِالدَّيْنِ

ص: 187

وَالْوَصِيَّةُ لِأَخْذِهَا بِشَهَادَتِهِمَا حَمَلَهَا الثُّلُثُ أَمْ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ إِذَا اتَّفَقَتْ فِيمَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ وَإِنِ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَإِلَّا فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّلْفِيقِ فَلَا وَكَذَلِكَ يَتَخَرَّجُ إِذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهَا دَيْنٌ وَالْآخَرُ بِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَلْفِيقٌ تَكُونُ لَهُ الْأَلْفُ بِشَهَادَتِهِمَا إِنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وان لم يحملهَا الثُّلُث خير الْمَشْهُود بَيْنَ أَخْذِ مَا حَمَلَهُ الثُّلْثُ مِنَ الْأَلْفِ دُونَ يَمِينٍ أَوْ حَلَفَ مَعَ شُهُودِهِ أَنَّهَا دَيْنٌ وَأَخَذَ جَمِيعَهَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّلْفِيقِ لَا بُد مِمَّن الْيَمِينِ وَيَحْلِفُ مَعَ أَيِّهِمَا شَاءَ وَيَأْخُذُ مَا وَجَبَ لَهُ بِشَهَادَتِهِ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ حَيْثُ قُلْنَا يُقْسِمُ الْمُدَّعَى بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فَهَلْ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الدَّعَاوَى كَمَا لَوْ كَانَ أَصْلَانِ بِتَفَاوُتِ الدَّعَاوَى لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْحَوْزِ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بَعْضَ حِيَازَتِهِ قَوْلَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا جَمَاعَةً بَيْنَهُمْ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ بَعْضَ مَا يَخْتَصُّ بِحِيَازَتِهِ وَإِذَا قُسِّمَ عَلَى قدر الدعاوي ولان الْمُدعى خَارِجا عَنْ أَيْدِيهِمَا فَاخْتُلِفَ فِي الْكَيْفِيَّةِ فَعَنْ مَالِكٍ يقسم جَمِيعه على قدر اخْتَلَفَتِ الْحِصَصُ الْمُدَّعَى بِهَا كَعَوْلِ الْفَرَائِضِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اخْتَلَفَتِ الدَّعَاوَى يُقْسَّمُ مَا اشْتَرَكُوا فِي الدَّعْوَى فِيهِ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ وَمَا اخْتَصَّ بَعْضُهُمْ بِالدَّعَاوَى فَلَا مُقَاسَمَةَ فِيهِ لِمَنِ اخْتَصَّ عَنْهُ بِدَعْوَاهُ وَاخْتُلِفَ فِي اعْتِبَارِ الِاخْتِصَاصِ عَلَى طَرِيقَيْنِ سَيَأْتِي بَيَانُهُمَا فِي هَذِهِ الصُّورِ الصُّورَةُ الْأُولَى إِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهُ وَالْآخَرُ نِصْفَهُ وَتَسَاوَتِ الْبَيِّنَاتُ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يُقَسَّمُ أَثْلَاثًا لِمُدَّعِي الْكُلِّ الثُّلْثَانِ وَالثُّلُثُ لِمُدَّعِي النّصْف وعَلى

ص: 188

قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمٌ لِأَنَّ مُدَّعِي النِّصْفِ سُلِّمَ النِّصْفَ وَالنِّزَاعُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْآخَرِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ ادَّعَى ثَلَاثَةٌ الْكُلَّ وَالنِّصْفَ وَالثُّلْثَ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يُقَسَّمُ أَحَدَ عَشَرَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ سِتَّةٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلْثِ اثْنَانِ وَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَشْبِيهٍ بِعَوْلِ الْفَرَائِضِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَصِحُّ مِنْ أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ عَلَى أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْكُلِّ سُلِّمَ لَهُ النِّصْفُ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ وَسُلِّمَ مُدَّعِي الثُّلْثِ السُّدُسَ وَهُوَ ثُلُثُ النِّصْفِ الْآخَرِ وَهُوَ مُتَنَازَعٌ فِيهِ بَيْنَ مُدَّعِي الْكُلِّ وَمُدَّعِي النِّصْفِ فَيُقَسِّمَانِهِ نِصْفَيْنِ وَيُقَسِّمُ الثُّلُثَ كُلُّهُمْ فَيَخُصُّ مُدَّعِي الْكُلِّ النِّصْفُ سِتَّةٌ وَالسُّدُسُ سَهْمٌ وَثُلُثُ الثُّلْثِ سَهْمٌ وَثُلُثٌ تَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ وَثُلْثُ سَهْمٍ وَيَخُصُّ مُدَّعِي النِّصْفِ نِصْفُ السُّدُسِ سَهْمٌ وَثُلُثٌ وَالثَّلَاثُ سَهْمٌ وَثُلُثٌ تَكُونُ الْجُمْلَةُ سَهْمَيْنِ وَثُلْثًا وَلَا يَخُصُّ مُدَّعِي الثُّلْثِ سِوَى ثَلَاثَةٍ وَثُلْثٍ فَتَضْرِبُ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ فِي مُخْرِجِ الْكَسْرِ تبلغ سِتَّة وَثَلَاثِينَ كَمَا تقدم على طَرِيق الثَّانِي فَيُقَسَّمُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا لِأَنَّ مُدَّعِي الْكُلِّ إِنَّمَا سُلِّمَ لَهُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ السُّدُسُ لِأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِيهِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ تَبْقَى عِشْرُونَ مدعي الْكل يدعيها وَصَاحبه يدعيأنها فَيقسم بَينه وبنهما نِصْفَيْنِ لَهُ نصفهَا عشرَة اتصير لَهُ أَرْبَعَة عشر وَيبقى لَهُم عَشْرَةٌ سُلِّمَ مِنْهَا مُدَّعِي الثُّلْثِ سَهْمَيْنِ لِزِيَادَتِهِمَا عَلَى الثُّلْثِ يَأْخُذُهُمَا مُدَّعِي النِّصْفِ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الثُّلْثَ الْبَاقِي يَتَحَصَّلُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ سِتَّةٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُث أَرْبَعَة فَهَذَا فرق بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْنِ تَنْبِيهٌ فِي الْجَوَاهِرِ مَدَارِكُ التَّرْجِيحِ أَرْبَعَةٌ زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ وَقُوَّةُ الْحُجَّةِ كَالشَّاهِدَيْنِ يُقَدَّمَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَالْيَدُ عِنْدَ التَّعَادُلِ وَزِيَادَةُ التَّارِيخِ وَفِي النَّوَادِرِ مَدْرَكٌ خَامِسٌ التَّفْصِيلُ وَالْإِجْمَالُ فَتُقَدَّمُ الْمُفَصَّلَةُ عَلَى الْمُجْمَلَةِ

ص: 189

وَالنَّظَرُ فِيهِ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّظَرِ فِي الْأَعْدَلِ فَإِذَا اسْتَوَوْا فِي التَّفْصِيلِ وَالْإِجْمَالِ نُظِرَ فِي الاعدل مِنْهُمَا وَمثله شَهَادَة أَحدهمَا بِحَوْزِ الصَّدَقَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَقَالَتِ الْأُخْرَى رَأَيْنَاهُ يَخْدُمُهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ عَدَمِ الْحَوْزِ إِذَا لَمْ تَتَعَرَّضِ الْأُخْرَى لِرَدِّ هَذَا الْقَوْلِ وَذَكَرَ مَدْرَكًا سَادِسًا وَهُوَ اخْتِصَاصُ إِحْدَاهُمَا بالاطلاع كَشَهَادَة بحوز الرَّهْن والآخرى فِي الْحَوْز لادما ثبتَتْ لِلْحَوْزِ وَهُوَ زِيَادَةٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقْضَى بِهِ لِمَنْ هُوَ فِي يَده وَكَانَ لَهُ كسابق اسْتِصْحَاب للْحَال وللغالب وَمثله شَهَادَتهمَا أَنَّهُ أَوْصَى وَهُوَ صَحِيحٌ وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى أَنَّهُ اوصى وَهُوَ موسوس قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقَدَّمَ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا شَهِدَتْ بِأَنَّهُ زَنَى عَاقِلًا وَالْأُخْرَى أَنه كَانَ مَجْنُونا ان قيم عَلَيْهِ مَجْنُونا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْجُنُونِ وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى التَّرْجِيحِ بِشَهَادَة الْحَالِ قَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ وَقْتُ الرُّؤْيَةِ لَا وَقْتُ الْقِيَامِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ ظَاهِرُ الْحَالِ وَيُنْقَلُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إِثْبَاتِ الزِّيَادَةِ إِذَا شَهِدَتْ بِالْقَتْلِ أَوِ السَّرِقَةِ أَوِ الزِّنَى وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى أَنَّهُ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ نَحْوُهُ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ وَلَا يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ بِأُولَئِكَ قَالَ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ جَمْعٌ عَظِيمٌ كَالْحَجِيجِ أَوْ نَحْوِهِمْ أَنَّهُ وَقَفَ بِهِمْ أَوْ صَلَّى بِهِمُ الْعِيدَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يُشْتَبَهُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ أَقَامَ عَلَى الْقَتْلِ شَاهِدًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ فَالْبَيِّنَةُ أَوْلَى مِنَ الْوَاحِدِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ شَهِدَتْ بِقَتْلِهِ زَيْدًا يَوْمَ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِقَتْلِهِ عَمْرًا فِي ذَلِك الْيَوْم فِي مَوضِع اخر سَقَطت الشَّهَادَتَيْنِ وَقَالَ أَصْبَغُ قَدِ اجْتَمَعَتَا عَلَى الْقَتْلِ فَإِذَا قَامَ الوليان قتلته لَهما قَالَ اصيغ وَكَذَلِكَ إِذَا شَهِدَتْ بِالزِّنَى فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعَيْنِ حَدَدْتَهُ حَدًّا وَاحِدًا بِخِلَافِ لَوْ شَهِدَتِ الْأُخْرَى بِأَنَّهُ سَرَقَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ بَعِيدٍ سَقَطَتِ الشَّهَادَتَانِ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ قَالَ ابْنُ

ص: 190

الْقَاسِمِ إِنْ شَهِدَتْ بِمَوْتِهِ سَنَةَ سِتِّينَ وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى أَنَّهُ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ قُدِّمَتْ لِزِيَادَةِ الْحَيَاةِ الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ قَالَ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ فَادَّعَى الشِّرَاءَ مِنَ الْمُدَّعِي أَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ فَادَّعَى تَوَفَّيْتَهُ إِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ حَاضِرَةً سُمِعَتْ قَبْلَ إِزَالَةِ الْيَدِ وَتَوْفِيَةِ الدّين اَوْ قريبَة اتَّصل اَوْ بعيدَة طُولِبَ بِالتَّسْلِيمِ حَتَّى يقدم وَيشْهد الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ مُسَلِمًا وِنَصْرَانِيًّا كِلَاهُمَا يَدَّعِي مَوْتَ الْأَبِ عَلَى دِينِهِ وَتَكَافَأَتِ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْعَدَالَةِ أَوْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا قُسِّمَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا كَمَالٍ تَدَاعَيَاهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ صَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ فِي قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ هَذَا حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَأْتِيَا بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالنَّصْرَانِيَّةِ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ وَالنَّصْرَانِيُّ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يثبت خِلَافه وَقَالَ غَيره اذا تكافات الْبَينَات قُضِيَ بِالْمَالِ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى دَعْوَى النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمُسْلِمِ زَادَتْ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَالَ التُّونُسِيُّ قَوْلُهُ تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ يُرِيدُ بَعْدَ إِثْبَاتِهِمَا وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ جُهِلَ دِينُهُ فَلَمْ تَزِدْ بَيِّنَة الْغَيْر شَيْئا كَمَا فال الْغَيْرُ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ عَدَمُ الْحَاجَةِ لِتَكَافُؤِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ مَنْ زَادَ شَيْئًا حَكَمَ بِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الزَّائِدِ أَعْدَلَ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا وَلَدٌ صَغِيرٌ قَالَ أَصْبَغُ يَأْخُذُ النِّصْفَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَقَرَّ لَهُ بِالنِّصْفِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يَحْلِفَانِ وَيُوقَفُ مَا بِأَيْدِيهِمَا حَتَّى يَكْبُرَ فَيَدَّعِي دَعْوَى أَحَدِهِمَا فَيَأْخُذُ مَا وَقَفَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ دَعْوَاهُ وَإِنْكَارِهِ لِذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ صَغِيرًا حَلَفَا وَاقْتَسَمَا مِيرَاثَهُ لِأَنَّهُمَا وَارِثَاهُ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَهُ وَرَثَةٌ يُعْرَفُونَ فَهُمْ أَحَقُّ بِمِيرَاثِهِ لِأَنَّ غَيْرَهُمْ يَرِثُ بِالشَّكِّ فَإِنْ كَبِرَ الصَّبِيُّ وَادَّعَاهُ كَانَ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ يُشْبِهُ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِتَكَافُؤِ الْبَيِّنَتَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا حَتَّى تُوُفِّيَ وَتَشْهَدَ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ نَصْرَانِيًّا حَتَّى تُوُفِّيَ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَأَمَّا إِنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ نَصْرِانِيًا حَتَّى مَاتَ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهَا زَادَتْ حُدُوثَ الْإِسْلَامِ

ص: 191

وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَ عِوَضُ الِاثْنَيْنِ جَمَاعَةً وَقُلْنَا يُقَسَّمُ الْمَالُ قُسِّمَ نِصْفَيْنِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ أَعْدَادُهُمْ أَوْ كَانَ فِي أَحَدِ الْجِهَتَيْنِ جَمَاعَةٌ وَفِي الآخرى وَاحِد كَانَ لَهُ النِّصْفُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِذَا مَاتَ نَصْرَانِيٌّ فِي رَمَضَانَ فَتَرِثُهُ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ فِي شَعْبَانَ قَبْلَهُ فَلَا تَرِثُهُ بَلِ النَّصْرَانِيُّ على دينه قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَيُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَوِ اتَّفَقَا أَنَّهُ مَاتَ أَبُوهُمَا مُسْلِمًا وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِ إِسْلَامِهِ وَيَرِثُ الْمُتَّفَقُ عَلَى إِسْلَامِهِ الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ فِي النَّوَادِرِ إِذَا شَهِدَتْ أَنَّهُ غَصَبَهُ إِيَّاهَا وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّ هَذَا الْحَائِزَ اقر انك اودعته اياه قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْغَصْبِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي سَبْقَ يَدِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ فَإِنِ ادَّعَيْتَ الشِّرَاءَ مِنْهُ وَأَنَّ بَيِّنَةَ الْغَصْبِ حَضَرَتِ الشِّرَاءَ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ الْحَوْزِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى صِحَّةِ شِرَائِهِ وَإِلَّا فُسِخَ بَعْدَ يَمِينِ مُدَّعِي الْغَصْبِ عَلَى إِبْطَالِ الشِّرَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا شَهِدَتْ أَنَّكَ أَعْتَقْتَهُ وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَكَ دُفِعَ إِلَيْكَ مِيرَاثُهُ بِغَيْرِ كَفِيلٍ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ بَعْدَكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ نُظِرَ فِي حُجَّتِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَنْظُرَ مَنْ أَعْتَقَ أَوَّلًا فَيُقْضَى لَهُ وان كَانَت بَيِّنَة الآخر اعْدِلْ الشكل السَّابِقُ قُدِّمَ الْأَعْدَلُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَإِنِ اسْتَوَوْا سَقَطُوا وَصَارَ مَالًا وَوَلَاءً بِغَيْرِ شَهَادَةٍ يُقَرُّ بِيَدِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَإِذَا شَهِدَتْ بِأَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَغُرِسَتْ نَخْلُهَا وَشَهِدَتْ أُخْرَى لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ بِذَلِكَ قُضِيَ باعدلهما فَإِن استوتا وَلم يوقتا اَوْ وقتا وَقْتًا وَاحِدًا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي غَرْسِ النَّخْلِ لتكافئهما وان وقتا بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ فِي الْأَرْضِ خَاصَّةً أَيْضًا وَإِنْ

ص: 192

وقتنا وَقْتًا مُخْتَلِفًا قُضِيَ بِالْأَرْضِ لِأَوَّلِهِمَا وَقْتًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ حَازَ عَلَيْهِ حِيَازَةً تَقْطَعُ الدَّعْوَى فَيُقْضَى لَهُ بِالْحِيَازَةِ وَإِنْ وُقِّتَتْ إِحْدَاهُمَا قضي بالارض لصَاحب المؤقتة وان كَانَت فِي يَد من لم يُوَقت بِبَيِّنَة وَقيل لِمُسْتَحَقِّ الْأَرْضِ ادْفَعْ لِرَبِّ النَّخْلِ قِيمَتَهَا السَّاعَةَ قَائِمَةً وَإِلَّا أَعْطَاكَ قِيمَةَ أَرْضِكَ بَرَاحًا فَإِنِ امْتَنَعَا كَانَا شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ الْأَرْضِ بَيْضَاءَ وَقِيمَةِ النَّخْلِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا غَيْرُ النَّخْلِ قُطْنٌ قُضِيَ بِالْأَرْضِ وَالْقُطْنِ لِأَعْدَلِهِمَا فَإِنِ اسْتَوَتَا فَلِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ بَعْدَ تَحَالُفِهِمَا فَإِنْ حَلَفَ غَيْرُ صَاحِبِ الْيَدِ وَنَكَلَ صَاحِبُ الْيَدِ قُضِيَ لِلْحَالِفِ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسَ عَنْ سَحْنُونٍ إِنَّمَا خَالَفَتْ مَسْأَلَةُ الْأَمَةِ وَأُمِّهَا مَسْأَلَةَ الْأَرْضِ وَالْغَرْسِ فِي التَّوْقِيتِ لِأَنَّ الْأَمَةَ إِذَا وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ فَالْوَلَدُ لَهُ وَقَدْ يُغْرَسُ فِيمَا هُوَ لغيرك قَالَ وَيَنْبَغِي فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ وَالْغَرْسِ إِذَا سَقَطَتْ فِي الْغَرْسِ أَنْ تَسْقُطَ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ سَقَطَتْ تَمْهِيدٌ تَقَدَّمَ أَنَّ بَيِّنَةَ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْلَى عِنْدَ التَّسَاوِي أَوْ هِيَ أَعْدَلُ سَوَاءٌ كَانَتِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ بِمُطْلَقِ الْمِلْكِ أَوْ بِمُضَافٍ إِلَى سَبَبٍ نَحْوَ هُوَ مِلْكِي نَسَجْتُهُ أَوْ وَلَدَتِ الدَّابَّةُ عِنْدِي فِي ملكي كَانَ السَّبَب الْمُضَاف اليه الْملك يتكررفي الْمِلْكِ كَنَسْجِ الْخَزِّ وَغَرْسِ النَّخْلِ أَمْ لَا وَقَالَهُ ش وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَصْلًا وَقَالَ ح تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ إِنِ ادَّعَى مُطْلَقَ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَ مُضَافًا إِلَى سَبَبٍ يتَكَرَّر وادعاه كِلَاهُمَا فَكَذَلِك اولا يَتَكَرَّرُ كَالْوِلَادَةِ وَادَّعَيَاهُ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِهِ فَقَالَتْ كل بَيِّنَة وَله على ملكه قدمت بَيِّنَة صَاحِبَ الْيَدِ لَنَا عَلَى ابْنِ حَنْبَلٍ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّهُ تَحَاكَمَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ فِي دَابَّةٍ وَأَقَامَ كل وَأحد

ص: 193

الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لصَاحب الْيَد وَلِأَن الْيَد وَلَنَا عَلَى ح مَا تَقَدَّمَ وَالْقِيَاسُ عَلَى المضال إِلَى سَبَبٍ لَا يَتَكَرَّرُ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ انكر وَهُوَ يَقْتَضِي صنفين من الْيَمِينُ حُجَّتُهُ فَبَيِّنَتُهُ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ فَلَا تُسْمَعُ كَمَا ان اَوْ لِأَنَّهَا لَا تَعَارَضَا فِي سَبَبٍ لَا يَتَكَرَّرُ كَالْوِلَادَةِ شَهِدَتْ هَذِه بِالْولادَةِ والآخرى فَسَقَطَتَا فَبَقِيَتِ الْيَدُ فَلَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ اما مَا يتكررله تعين السَّبَب مُهِمّ بعد بَيِّنَة إِلَّا مَا أَفَادَتْهُ يَدُهُ فَسَقَطَتْ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ ولان صَاحب الْيَد اذا لم تقم للطَّالِب بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ لَمْ تُسْمَعْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ أَحْسَنُ حَالَتَيْهِ فَكَيْفَ إِذَا أَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَضْعَفُ وَلِأَنَّا انما اعملنا بَيِّنَة فِي صُورَةِ النِّتَاجِ لِأَنَّ دَعْوَاهُ إِفَادَةُ الْوِلَادَةِ وَلم تعدها يَدُهُ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ فَأَفَادَتِ الْبَيِّنَةُ غَيْرَ مَا أَفَادَتِ الْيَدُ فَقُبِلَتْ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ جَعَلَ بَيِّنَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وانتم تَقولُونَ لَهُ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي عَلَيْهِ سَلَّمْنَا عَدَمَ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ لَكِنَّ الْمُدَّعِيَ إِنْ فُسِّرَ بِالطَّالِبِ فَصَاحب الْيَد طَالب لِنَفْسِهِ فَتَكُونُ الْبَيِّنَةُ مَشْرُوعَةً فِي حَقِّهِ وَإِنْ فسرنا ضعف الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَبَبًا فَالْخَارِجُ لَمَّا أَقَامَ بَيِّنَتَهُ صَارَ الدَّاخِلُ أَضْعَفَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا تُشْرَعُ الْبَيِّنَةُ فِي حَقِّهِ سَلَّمْنَا دَلَالَتَهُ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بقوله تَعَالَى {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} وَالْعَدْلُ التَّسْوِيَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يَقُومَ الْمُخَصَّصُ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - لعَلي

ص: 194

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تَقْضِ لِأَحَدِهِمَا حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الْآخَرِ وَهُوَ يُفِيدُ وُجُوبَ الِاسْتِمَاعِ مِنْهُمَا وَإِنَّ مَنْ قَوِيَتْ حُجَّتُهُ حُكِمَ بِهَا وانتم تَقولُونَ لَا يسمع بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِمَا اذا تَعَارَضَتَا فِي دَعْوَى طَعَام ادعيتهما زراعته وشهدتا بِذَلِكَ وَالزَّرْعُ لَا يُزْرَعُ مَرَّتَيْنِ كَالْوِلَادَةِ وَلَمْ يَحْكُمُوا بِهِ لِصَاحِبِ الْيَدِ وَبِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِي المَال لِاسْتِحَالَة ثُبُوته لَكمَا فِي الْحَالِ وَلِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ لَهُ بِالْيَدِ دُونَ الْبَيِّنَةِ لَمَا حَكَمَ لَهُ إِلَّا بِالْيَمِينِ لِأَنَّهُ شَأْنُ الْيَدِ الْمُنْفَرِدَةِ وَلَمَّا لَمْ يَحْتَجِ الْيَمِينِ عُلِمَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا حَكَمَ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ لَهُ حَيْثُ كَذَبَتْ بَيِّنَتُهُ اولى ان تحكم لَهُ إِذَا لَمْ تُكَذَّبْ بَيِّنَتُهُ وَلِأَنَّ الْيَدَ أَضْعَفُ مِنَ الْبَيِّنَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْيَدَ لَا يُقْضَى بِهَا إِلَّا بِالْيَمِينِ وَيُقْضَى بِالْبَيِّنَةِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَلَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً قُدِّمَتْ عَلَى يَدِ الدَّاخِلِ إِجْمَاعًا فَعَلِمْنَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُفِيدُ مَا لَا تُفِيدُهُ الْيَدُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ عِنْدَ عَدَمِ بَيِّنَة الْخَارِج لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قوي الْيَد وَالْبَيِّنَةُ إِنَّمَا تُسْمَعُ مِنَ الضَّعِيفِ فَوَجَبَ سَمَاعُهَا لِلضَّعْفِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ إِلَّا عِنْدَ إِقَامَةِ الْخَارِجِ بَيِّنَةً وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الدَّعْوَى وَالْيَدَ لَا تفِيد مُطلقًا شَيْئا والا لَكَانَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ حجج الْيَد وَالدَّعْوَى وَالْبَيِّنَة يخيره الْحَاكِم فِيهَا أَنه مَتى أَقَامَ كَمَنْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ وَشَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْيَمِينِ مَعَ أَحَدِهِمَا فَعُلِمَ بِأَنَّ الْمُفِيدَ إِنَّمَا هُوَ الْبَيِّنَةُ وَالْيَدُ لَا تُفِيدُ مِلْكًا وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ مَعَهَا لِلْيَمِينِ كالبينة بل تفِيد التّبعِيَّة عِنْدَهُ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ وَلِأَنَّهَا لَوْ أَفَادَتْ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى يَمِينٍ تَنْبِيهٌ خَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ أَيْضًا فِي الترج 4 يح بِزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ وَوَافَقُونَا فِي عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِالْعَدَدِ لنا اعْتبرت لما تثيره من الظَّن فِي الْأَعْدَلِ أَقْوَى

ص: 195

فَيقدم كاخبار الاحاد اذا رجح أَحدهمَا بِلَا عدد فَيَكُونُ هُوَ الْمُعْتَبَرَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - امرنا ان نحكم بِالظَّاهِرِ ولان الا فِي الشَّهَادَةِ أَكْثَرَ مِنَ الرِّوَايَاتِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ الْمُنْفَرِدَةِ فِي الرِّوَايَةِ دُونَ الشَّهَادَةِ لما كَانَ الِاحْتِيَاطُ مَطْلُوبًا أَكْثَرَ فِي الشَّهَادَةِ وَجَبَ ان لَا يعدل من الاعدل وَالظَّن الاقوى فِيهَا قِيَاسا على الْمدْرك فِي هَذَا الْوَجْهِ الِاحْتِيَاطُ وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْجَامِع انما هُوَ الظَّن وَذَا اخْتَلَفَتِ الْجَوَامِعُ فِي الْقِيَاسَاتِ تَعَدَّدَتْ احْتَجُّوا بِأَنَّ الشَّهَادَة مقررة فِي الشَّرْعِ فَلَا تَخْتَلِفُ بِزِيَادَةِ الْمَأْخُوذِ فِيهِ فَدِيَةُ الصَّغِيرِ كَدِيَةِ الشَّرِيفِ الْبَطَلِ الْعَالِمِ وَلِأَنَّ الْبَطَلَ الْعَظِيمَ مِنَ الْفَسَقَةِ يُحَصِّلُ مِنَ الظَّنِّ أَكْثَرَ مِنَ الشَّاهِدَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَعُلِمَ بِأَنَّهَا تَعَبُّدٌ لَا يَدْخُلُهَا الِاجْتِهَادُ وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِذَا كَثُرُوا وَلِأَنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَتْ زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ وَهِيَ صِفَةٌ لَاعْتُبِرَتْ زِيَادَةُ الْعَدَدِ وَهِيَ بَيِّنَاتٌ مُعْتَبَرَةٌ إِجْمَاعًا فَيَكُونُ اعْتِبَارُهَا أَوْلَى مِنَ الصِّفَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ فَلَا تُعْتَبَرُ الصِّفَةُ الضَّعِيفَةُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ وَصْفَ الْعَدَالَةِ مَطْلُوبٌ فِي الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَى اجْتِهَادِنَا وَهُوَ مُتَزَايِدٌ فِي نَفْسِهِ فَمَا رَجَّحْنَا إِلَّا فِي مَوْضِعِ اجْتِهَادٍ لَا فِي مَوضِع التَّقْرِير وَعَنِ الثَّانِي أَنَا لَا نَدَّعِي أَنَّ الظَّنَّ كَيْفَمَا كَانَ يُعْتَبَرُ بَلْ نَدَّعِي أَنَّ مَزِيدَ الظَّنِّ بَعْدَ حُصُولِ أَصْلٍ مُعْتَبَرٌ كَمَا أَنَّ قَرَائِنَ الْأَحْوَالِ لَا تَثْبُتُ بِهَا الْأَحْكَامُ وَالْفَتَاوَى وَإِنْ حَصَّلْتَ ظَنًّا أَكْثَرَ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْأَقْيِسَةِ وَأَخْبَارِ الْآحَادِ لِأَنَّ

ص: 196

الشَّرْعَ لَمْ يَجْعَلْهَا مَدْرَكًا لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَلَمَّا جَعَلَ الْأَخْبَارَ وَالْأَقْيِسَةَ مَدَارِكَ لَلْفُتْيَا دَخَلَهَا التَّرْجِيحُ اجماعا فَكَذَلِك هَاهُنَا اصل الْبَيِّنَة مُعْتَبر لعد الْعَدَالَة والشروط المخصومة فَاعْتُبِرَ فِيهِ التَّرْجِيحُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْعدَدِ يقْضِي إِلَى كَثْرَة النزاع وَطول الْخُصُومَات فَكَمَا رَجَّحَ أَحَدُهُمَا بِمَزِيدٍ سَعَى الْآخَرُ وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِيُحَصِّلَ زِيَادَةَ بِبَيِّنَتِهِ فَيَطُولَ النِّزَاعُ وَلَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ أَنْ يَجْعَلَ بَيِّنَتَهُ أَعْدَلَ فَلَا يَطُولُ النِّزَاعُ وَلِأَنَّ الْعَدَدَ مُقَرَّرٌ بِعَيْنِ مَا تَقَدَّمَ فَامْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ فِيهِ بِخِلَافِ وَصْفِ الْعَدَالَةِ وَكَذَلِكَ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ فَعُدُولُ زَمَانِنَا لَمْ يَكُونُوا يُقْبَلُونَ فِي زَمَانِ الصَّحَابَةِ وَأَمَّا الْعدَد فَلم تخْتَلف أَلْبَتَّةَ مَعَ أَنَّا نَلْتَزِمُ التَّرْجِيحَ بِالْعَدَدِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا

ص: 197

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالْعَدَالَةِ وَتَعَرُّفِ أَحْوَالِ الشُّهُودِ)

الْعَدَالَةُ عِنْدَنَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِغَيْرِ عَدْلٍ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْخَصْمُ بِالْعَدَالَةِ وَبِهِ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح الْعَدَالَة حق للخصم فاذ علم أَنَّهُمَا مسلمان ظاهران حَكَمَ بِهِمَا وَلَا يَحْتَاجُ لِلْبَحْثِ عَنْ عَدَالَتِهِمَا إِلَّا أَنْ يَجْرَحَهُمَا الْخَصْمُ فِيمَا سِوَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ لَنَا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم لِأَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ لَا اعرفكما وَلَا يضركما ان لَا اعرفكما جياني بِمن يعرفكما فجااه بِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ أَتَعْرِفُهُمَا قَالَ نَعَمْ قَالَ كُنْتَ مَعَهُمَا فِي سَفَرٍ يُبَيِّنُ عَنْ جَوَاهِرِ النَّاسِ قَالَ لَا قَالَ فَأَنْتَ جَارُهُمَا تَعْرِفُ صَبَاحَهُمَا وَمَسَاءَهُمَا قَالَ لَا قَالَ أَعَامَلْتَهُمَا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي تُقَطَعُ بِهَا الْأَرْحَامُ قَالَ لَا فَقَالَ يَابْنَ أَخِي مَا تَعْرِفُهُمَا جَيآنِي بِمَنْ يُعَرِفُكُمَا وَهَذَا بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَحْكُمُ إِلَّا بِمَحْضَرِهِمْ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ فَكَانَ اجماعا وَالظَّاهِر أَنه مَا سُئِلَ عَنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ مِنَ السَّفَرِ وَغَيْرِهِ إِلَّا وَقَدْ عَرَفَ إِسْلَامَهُمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَتَعْرِفُهُمَا مُسلمين وان ذَلِك تعجل الْحُكْمِ وَاجِبٌ عِنْدَ وُجُودِ الْحُجَّةِ لِأَنَّ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ على سفر عَلَى الْفَوْرِ وَالْوَاجِبُ لَا

ص: 198

يُؤَخَّرُ إِلَّا لِلْوَاجِبِ وقَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عدل مِنْكُم} لَا يَسْتَشْهِدُ وَقَوْلُهُ مِنْكُمْ إِشَارَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَوْ كَانَ الاسلام مَأْخُوذٌ مِنَ الِاعْتِدَالِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَالِاعْتِقَادِ فَهُوَ وصف الْإِسْلَامِ وقَوْله تَعَالَى {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وَرِضَا الْحَاكِمِ بِهِمْ فَرْعُ مَعْرِفَتِهِمْ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا سَأَلَهُ الْخَصْمُ الْعَدَالَةَ وَطَعَنَ فِيهِمْ بِجَامِعِ عَدَمِ ظُهُورِ أَحْوَالِهِمَا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْحُدُودِ وَقَوْلِهِمُ الْحُدُودُ حَقٌّ لِلَّهِ وَالْحَاكِمُ نَائِبُهُ فَطَلَبَ الْعَدَالَةَ وَفِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ هِيَ حَقُّهُ فَلَمْ يتَعَيَّن الْحَاكِم مَمْنُوع ان الْعَدَالَةَ حَقٌّ آدَمِيٌّ أَصْلًا وَكَمَا لَوْ قَالَ لَهُ احْكُمْ لِي بِقَوْلِ كَافِرَيْنِ فَإِنَّهُ حَقٌّ لِي أَوْ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} وَلَمْ يُشْتَرَطِ الْعَدَالَةُ وَبِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا مَحْدُودًا فِي حَدٍّ وَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - شَهَادَةَ الْأَعْرَابِيِّ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهُ أَتَشَهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ يَعْتَبِرْ غَيْرَ الْإِسْلَامِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ بِحَضْرَتِنَا جَازَ قَبُولُ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ وَلِأَنَّ الْبَحْثَ لَا يُؤَدِّي إِلَى لُحُوقِ الْعَدَالَةِ وَإِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ الظَّاهِرَ فَالْإِسْلَامُ كَافٍ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَتَمُّ وَأَرْجَحُ وَلِأَنَّ صَرْفَ الصَّدَقَةِ بحوزها عَلَى ظَاهِرِ الْفَقْرِ مِنْ غَيْرِ

ص: 199

بَحْثٍ وَعُمُومَاتُ النُّصُوصِ وَالْأَوَامِرِ تُحْمَلُ عَلَى ظَوَاهِرِهَا من غير بحث فَكَذَلِك هَاهُنَا وَيَتَوَضَّأُ بِالْمِيَاهِ وَيُصَلِّي بِالثِّيَابِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ النَّصُّ الْمُقَيِّدُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {ذَوي عدل مِنْكُم} فَقيل بِالْعَدَالَةِ وَقيل ايضا بِرِضا الْحُكَّام وَالْمُسْلِمين هُوَ مَشْرُوطٌ بِالْبَحْثِ وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَكْفِي فِيهِ ظَاهِرُ الدَّارِ فَكَذَلِكَ لَا نَكْتَفِي بِالْإِسْلَامِ فِي الْعَدَالَةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ وَصْفِ الْعَدَالَةِ لِقَوْلِهِ عُدُولٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا لَسَكَتَ عَنْهُ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ لَا يؤسر مُسْلِمٌ بِغَيْرِ الْعُدُولِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي صَدره الْإِسْلَامِ حَيْثُ الْعَدَالَةُ غَالِبَةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الْإِسْلَامِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ سُؤَالِهِ عَنْ غَيْرِهِ فَلَعَلَّهُ سَأَلَ أَوْ كَانَ غَيْرُ هَذَا الْوَصْفِ مَعْلُومًا عِنْدَهُ وَعَن الرَّابِع ان لاتقبل شَهَادَتُهُ حَتَّى تُعْلَمَ سَجَايَاهُ وَجُرْأَتُهُ عَلَى الْكَذِبِ وَإِنْ قَبِلْنَاهُ فَذَلِكَ لِتَيَقُّنِنَا عَدَمَ مُلَابَسَتِهِ لِمَا يُنَافِي الْعَدَالَةَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ بَاطِلٌ بِالْإِسْلَامِ فَإِنَّ الْبَحْثَ عَنْهُ لَا يُؤَدِّي إِلَى يَقِينٍ وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ فِي الْقَضِيَّةِ الَّتِي لَا نَصَّ فِيهَا وَلَا إِجْمَاعَ فَإِنَّ بَحْثَهُ لَا يُؤَدِّي إِلَى يَقِينٍ وَأَمَّا الْفَقِيرُ فَلَا بُدَّ مِنَ الْبَحْثِ عَنْهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْفقر بِخِلَاف العالة بل من أَنه هَاهُنَا أَنْ تُعْلَمَ عَدَالَتُهُ فِي الْأَصْلِ فَإِنَّهُ لَا يُبْحَثُ عَنْ مُزِيلِهَا وَكَذَلِكَ أَصْلُ الْمَاءِ الطَّهَارَةُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا بِتَغَيُّرِ لَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ رِيحِهِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالْقَطْعِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْبَحْثِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ بِخِلَاف الْعَدَالَة والاوأمر فَإنَّا لَا نكتفي بظاهرها بل لابد من الْبَحْث عَن الصَّارِف والمخصص

ص: 200

والاعدل على ظَاهرهَا وَفِي التَّفْرِيع ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى عَدَمُ قَبُولِ ظَاهِرِ عَدَالَتِهِمْ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُمْ فِي السِّرِّ وَيُكْتَفَى بِتَزْكِيَةِ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَلَا تُقْبَلُ التَّزْكِيَةُ إِلَّا مِنْ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ وَيُزَكَّى الشَّاهِدُ وَهُوَ غَائِبٌ لَان الْمَقْصُود الِاطِّلَاع على حَاله من النَّاسِ مَنْ لَا يُسْأَلُ عَنْهُ لِشُهْرَةِ عَدَالَتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَالنَّاسِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ خَمْسَةُ أَوْصَافٍ الْبُلُوغُ الْوَازِعُ التَّكْلِيفُ وَالْعَقْلُ لِأَنَّ عَدَمَهُ يُنَافِي التَّكْلِيفَ وَالْحُرِّيَّةُ لَان شرف الرُّتْبَة تمنع ان يخل فِيهِ نَاقض بالعبودية والاسلام لَان نَقصه بالْكفْر يشر وَالْعَدَالَةُ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ يَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ وَيَتَوَقَّى الصَّغَائِرَ قَالَ وَمَنْ شَرْطِهِ أَيْضًا الْيَقَظَةُ وَالتَّحَرُّزُ لِأَنَّ الْمُغْفِلَ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ التَّحَيُّلُ من اهل التحيل وَاخْتلف فِي اشْتِرَاطه عَدَمِ الْحَجْرِ فَعَنْ مَالِكٍ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لِأَنَّ السَّفَهَ اسْتِهْزَاءٌ بِالْمَالِ وَالشَّهَادَةُ مُعْتَمَدُهَا ضَبْطُ الدِّينِ فَلَا يُنَافِي وَاشْتَرَطَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ السَّفَهَ إِضَاعَةُ الْمَالِ وَهِيَ حَرَامٌ فَهُوَ يُخِلُّ بِدِينِهِ وَبَالَغَ أَشْهَبُ فَقَالَ وَلَوْ كَانَ لَوْ طَلَبَ مَالَهُ أُعْطِيَهُ وَمَنَعَ مُحَمَّدٌ شَهَادَةَ الْبِكْرِ حَتَّى تُعَنَّسَ وَفِي الْجَوَاهِرِ الَّذِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْمُجْتَنِبُ لِلْكَبَائِرِ الْمُتَّقِي لِلصَّغَائِرِ ذُو مروة وَتَمْيِيزٍ مُسْتَيْقِظٌ مُتَوَسِّطُ الْحَالِ بَيْنَ الْبُغْضِ وَالْمَحَبَّةِ وَالِاعْتِدَالُ فِي الْأَحْوَالِ الدِّينِيَّةِ هُوَ الْعَدَالَةُ بِأَنْ يَكُونَ ظَاهِرَ الْأَمَانَةِ بَعِيدًا مِنَ الرَّيْبِ مَأْمُونًا فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ قَالَ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا وَلَيْسَتِ الْعَدَالَةُ أَنْ يُمَحِّضَ الطَّاعَةَ حَتَّى لَا تَشُوبَهَا مَعْصِيَةٌ لِتَعَذُّرِهِ لَكِنْ مَنْ كَانَتِ الطَّاعَةُ أَكْثَرَ حَالِهِ وَهُوَ مُجْتَنِبٌ الْكَبَائِرَ يُحَافِظُ عَلَى ترك الصَّغَائِر يسْتَعْمل المرؤة الَّتِي تلِيق بِمثلِهِ فِي دينه ودنياه فَكل من صدر مِنْهُ تعد ادى لسُقُوط الدينوالمرؤة فَهُوَ قَادِحٌ فِي

ص: 201

شَهَادَته قَالَ القَاضِي ابو بكر ضَابِط المرؤة ان لَا يَأْتِيَ بِمَا يَعْتَذِرُ مِنْهُ مِمَّا لَا يُنَحِّيهِ عَنْ مَرْتَبَتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَضْلِ قَالَ ابْنُ مُحرز وَلَيْسَ المُرَاد بالمرؤة نَظَافَةَ الثَّوْبِ وَفَرَاهَةَ الْمَرْكُوبِ وَجَوْدَةَ الْآلَةِ وَالشَّارَةِ وَلَكِنِ التَّصَوُّنُ وَالسَّمْتُ الْحَسَنُ وَحِفْظُ اللِّسَانِ وَتَجَنُّبُ السخف والمجون والارتفاع عَن كل خلق ردئ يُرَى أَنَّ مَنْ تَخَلَّقَ بِهِ لَا يُحَافِظُ مَعَهُ عَلَى دِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِهِ جُرْحَةٌ وَرَأَى بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ شَهَادَةَ الْبَخِيلِ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ احْتِيَاطَ الْبُخْلِ يُؤَدِّيهِ إِلَى منع الْحُقُوق وأخد مَا لَيْسَ بِحَقٍّ وَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ أَرْبَابِ الْحِرَفِ الدَّنِيَّةِ كَالْكَنَّاسِ وَالدَّبَّاغِ وَالْحَجَّامِ وَالْحَائِكِ إِلَّا أَن يكون يفعل ذَلِك اخْتِيَارا مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى خبل فِي الْعقل وَقلة المرؤة قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَيُشْتَرَطُ فِيمَنِ اجْتَمَعَ فِيهِ هَذَانِ الْوَصْفَانِ الْعِلْمُ بِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إِذْ لَا يُؤْمَنُ الْغَلَطُ عَلَى الْجَاهِلِ بِشَرْطِ ذَلِكَ وَالتَّحَرِّي لِيُؤْمَنَ عَلَيْهِ التَّحَيُّلُ مِنْ أَهْلِ التَّحَيُّلِ فَإِنَّ الْفَاضِلَ الْخَيِّرَ الضَّعِيفَ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ التَّلَبُّس فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلْإِمَامِ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ أَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ شَهَادَةَ الْمَجْهُولِ عَلَى الْمَوْسِمِ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمُسَافِرِينَ فِي السَّفَرِ لِلضَّرُورَةِ قِيَاسًا عَلَى شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ وَقِيلَ تَجُوزُ فِي الْيَسِيرِ اسْتِحْسَانًا تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَرَاتِبُ الشُّهُودِ إِحْدَى عَشْرَةَ كُلُّ مَرْتَبَةٍ لَهَا حُكْمٌ يَخُصُّهَا الشَّاهِدُ المبرز فِي الْعَدَالَة الْقَائِم بِمَا تَصِحُّ بِهِ الشَّهَادَةُ يُقْبَلُ فِي كُلِّ شَيْء ويزكي ويجرح إِن سُئِلَ عَنْ كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ إِذَا أَبْهَمَ وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ التَّجْرِيحُ إِلَّا بِالْعَدَاوَةِ وَقِيلَ وَلَا بِالْعَدَاوَةِ لتمكن وَكَذَلِكَ المبرز غير الْعَالم بِمَا

ص: 202

تصح الشَّهَادَة غير أَنه يسئل عَنْ كَيْفِيَّةِ عِلْمِهِ بِمَا شَهِدَ بِهِ إِذَا وَغَيْرُ الْمُبْرِزِ الْمَعْرُوفُ الْعَدَالَةِ الْعَالِمُ بِمَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّهَادَة تجوز إِلَّا فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ عَلَى اخْتِلَافِ التَّزْكِيَةِ وَلِأَخِيهِ وَلِمَوْلَاهُ وَلِصَدِيقِهِ الْمُلَاطِفِ وَشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ وَإِذَا زَادَ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ وَيُقْبَلُ فِيهِ الْجَرْحُ بِالْعَدَاوَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ كَيْفِيَّةِ عِلْمِهِ إِذَا أَبْهَمَ وَكَذَلِكَ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ غَيْرُ الْعَالِمِ بِمَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّهَادَةُ إِلَّا أَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ كَيْفِيَّةِ عِلْمِهِ إِذَا أَبْهَمَ وَالشَّاهِدُ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ إِذَا قَذَفَ قَبْلَ ان يحد منع مَالك وش شَهَادَتَهُ لِتَحَقُّقِ الْجَرِيمَةِ وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُور لِاحْتِمَالِ بُطْلَانِ الْجَرِيمَةِ قَبْلَ الْحَدِّ وَمَنْ تُتَوَسَّمُ فِيهِ الْعَدَالَةُ تَجُوزُ بِغَيْرِ تَزْكِيَةٍ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمُسَافِرِينَ فِي السَّفَرِ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ فَقَطْ عَنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَمَنْ لَا تُتَوَسَّمُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَلَا الْجُرْحَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَزْكِيَتِهِ وَشَهَادَتُهُ شُبْهَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَتُوجِبُ الْيَمِينَ وَالْقَسَامَةَ وَالْحَمِيلَ وَتَوْقِيفَ الْمُدَّعِي بِهِ وَمَنْ تُتَوَسَّمُ فِيهِ الْجُرْحَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَزْكِيَتِهِ وَلَيْسَتْ شَهَادَتُهُ شُبْهَةً تُوجِبُ حُكْمًا وَمن ثبتَتْ جرحته قديمَة اَوْ يعلمهَا الْحَاكِم بِهِ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِتَزْكِيَتِهِ مِمَّنْ عَلِمَ جُرْحَتَهُ تِلْكَ لِأَنَّ الْجَاهِلَ بِهَا قَدْ يُزَكِّيهِ مَعَهَا فَيُشْهَدُ عَلَى تَوْبَتِهِ وَصَلَاحِ حَالِهِ مِنْهَا وَكَذَلِكَ الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنْ هُوَ مُقِيمٌ عَلَى الْجُرْحَةِ مَشْهُورٌ بِهَا لَا تُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ حَتَّى يَتُوبَ وَتَحْسُنَ حَالُهُ لِأَنَّ تَزْكِيَتَهُ حِينَئِذٍ كَذِبٌ وَشَاهِدُ الزُّورِ لَا يُقْبَلُ أَبَدًا وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْجَوَازُ إِذَا عُرِفَتْ تَوْبَتُهُ بِتَمَكُّنِ حَالِهِ فِي الصَّلَاحِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَوْلَ مَالِكٍ فَقِيلَ اخْتِلَافٌ وَقِيلَ مَعْنَى الثَّانِي إِذَا جَاءَ تَائِبًا مُقِرًّا عَلَى نَفْسِهِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ نَظَائِرُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي نَظَائِرِهِ سِتَّةٌ لَا يُقْبَلُ فِيهَا إِلَّا الْعَدْلُ الْمُبْرَزُ التَّعْدِيلُ

ص: 203

وَالشَّهَادَةُ لِلْأَخِ وَلِلْمَوْلَى وَلِلصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ وَالتَّزْكِيَةُ فِي غَيْرِ الزِّيَادَةِ وَإِذَا زَادَ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْمُبَرِّزُ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ السَّابِقِ فِي حَلَبَةِ خَيْلِ السِّبَاقِ أَيْ بَرَّزَ وَسَبَقَ أَمْثَالَهُ فِي الْعَدَالَةِ

(فَرَعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنِ ارْتَضَى الْقَاضِي رَجُلًا لِلْكَشْفِ قَبِلَ مِنْهُ يَنْقُلُ إِلَيْهِ عَنْ رجلَيْنِ للاقل مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ جَاءَهُ تَزْكِيَةُ رَجُلٍ مِنْ رَجُلٍ ثِقَةٍ عِنْدَهُ وَأَتَاهُ آخَرُ ثِقَةٌ عِنْدَهُ أَنَّهُ غَيْرُ عَدْلٍ أَعَادَ الْمَسْأَلَةَ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا يَأْخُذُ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ فِي الْفَسَادِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَا يَنْبَغِي لِلْكَاشِفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى اثْنَيْنِ بَلْ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ خِيفَةَ أَنْ يَكُونُوا أَهْلَ وِدِّهِ أَوْ أَهْلَ عَدَاوَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَ فِي مَسَاكِنِ النَّاسِ وَأَعْمَالِهِمْ وَلَا يَعْرِفَ المسؤول وَلَا يَصْغَ الْقَاضِي أُذُنَهُ لِلِنَّاسِ وَلَكِنْ يَكْشِفُ عَنِ الْمَقُولِ فِيهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَكُلُّ مَا يبتديء الْقَاضِي السُّؤَالَ عَنْهُ قَبِلَ فِيهِ الْوَاحِدَ لِأَنَّهُ رِوَايَةٌ وَمَا ابْتَدَأَ بِهِ غَيْرُهُ فَلَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْن يُونُس وَلَا يجزىء فِي التَّعْدِيلِ إِلَّا قَوْلُ مُعَدَّلٍ عَدْلٍ مُرْضِيٍّ لقَوْله تَعَالَى {ذَوي عدل} وَقَوله تَعَالَى {مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} فَنَصَّ عَلَى الْوَصْفَيْنِ قَالَ مَالِكٌ وَيُقْبَلُ فِي التجريح لَا اراه عدلا وَلَا اصحابه عَدَلًا قَالَ سَحْنُونٌ يَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ هُوَ عِنْدِي مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ جَائِزُ الشَّهَادَةِ أَوْ

ص: 204

عَدْلٌ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَكْفِي فِي التَّعْدِيل وَلَا التحريج سَمِعْنَا فُلَانًا وَفُلَانًا يَقُولُ إِنَّ فُلَانًا عَدْلٌ أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى السَّمَاعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ أَشْهَدَهُمْ عَلَى التَّزْكِيَةِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَالَ الْبَيِّنَةُ الْمُجَرِّحَةُ تَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ فِي هَذِه الْقَضِيَّة بزور لست جُرْحَةً لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهَا تُعَارِضُهَا فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْبَلُ التَّجْرِيحُ الْمُجْمَلُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ فِي ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ أَشهب لايقبل فِي شُهُودِ الْعَدَالَةِ إِلَّا التَّجْرِيحُ الْمُفَصَّلُ وَإِذَا جَرَّحَهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ بِكَبِيرَةٍ ضُمَّتِ الشَّهَادَتَانِ لِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى أَنَّهُ رَجُلُ سُوءٍ قَالَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ وَعَنْهُ لَا بُدَّ مِنَ الِاجْتِمَاعِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ نَحْو جَائِز وَآكِلُ مَالِ الْيَتَامَى وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ عَدْلٌ لِأَنَّ كُلَّ عَدْلٍ مَرْضِيُّ الشَّهَادَةِ وَقَالَ ش لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ عَدَلَ عَلَيَّ وَلِيَ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضًا لِأَنَّ قَوْلَهُ عَدْلٌ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ أَوْ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ فَقَوْلُهُ عَلَيَّ وَلِيَ يَقْتَضِي نفي الْعَدَاوَة ولي يَقْتَضِي نَفْيَ الصَّدَاقَةِ الْمَانِعَةِ مِنَ الشَّهَادَةِ لَهُ فَثَبَتَتِ الْعَدَالَةُ سَالِمَةً عَنِ الْمَانِعِ وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ أَحْمَدُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَدْلَ مَرْضِيُّ الشَّهَادَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فِي دِينِهِ دون مرؤته وتعلقه وفرط حميته فَإِذا قَالَ رضى حَصَلَ الْجَمِيعُ وَعَنْ كَلَامِ ش لَا نُسَلِّمُ أَنَّ عَلَيَّ وَلِيَ يَقْتَضِي الْعَدَالَةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَدَلَ عَلَيَّ وَلِيَ فِي الْأَمْوَالِ أَوْ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُحْتَقَرَةِ لَمْ يَكُنْ مُنَاقِضًا لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ وَلِيَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلَا عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ بَلْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ التَّعْمِيمِ لِأَنَّ مَفْهُومَهَا أَنَّهُ لَيْسَ عَدْلًا عَلَى غَيْرِهِ وَلَا لغيره لِأَنَّهُ خصص بِنَفسِهِ والتخصيص بقتضي سَبَب الْحُكْمِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ ثُمَّ فِي هَذَا الشَّرْطِ مَفْسَدَةٌ عَظِيمَةٌ وَهُوَ أَنَّ الْعَدْلَ الْمُتَّفَقَ على عَدَالَته ذكر كَذَا يُقْبَلُ لِهَذَا لِفَرْطِ الْقَرَابَةِ أَوِ الْمَحَبَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلتُّهْمَةِ وَالرِّيبَةِ وَإِنْ كَانَ مَقْبُولًا لِغَيْرِهِ اتِّفَاقًا وَلَا

ص: 205

يُقْبَلُ عَلَيْهِ لِفَرْطِ عَدَاوَةٍ وَيُقْبَلُ عَلَى غَيْرِهِ فَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ مِنَ الْمُزَكِّي إِلَّا هَذِهِ الْعِبَارَةُ امْتُنِعَ تَزْكِيَةُ الْعَدُوِّ لِعَدُّوِهِ وَفِي ذَلِكَ سَدُّ بَابِ الْمَعْرُوفِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى تَخْلِيصِ الْحُقُوقِ أَوْ يُزَكِّيهِ فَيَكْذِبُ فِي قَوْلِهِ عَدَلَ عَلَيَّ لِأَنَّهُ لَا يقبل عَلَيْهِ أَنه عبارَة الْمَالِكِيَّة فَتَقْتَضِي أَنَّهُ عَدْلٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهَذَا صَادِقٌ وَإِنْ كَانَ عَدُوَّهُ وَهُوَ مَقْصُودُ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ مَقْصُودُ الْحَاكِمِ أَنَّهُ يَقْبَلُهُ عَلَى الْمُزَكِّي اوله بل ثُبُوت الْعَدَالَة فِي نفس الْأَمر لمحل كَذَا الْمُزَكِّي فَيَقْبَلُهُ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُومَ مَانِعٌ مِنْ عَدَاوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يجزىء تَعْدِيلُ الْعَلَانِيَةِ دُونَ تَعْدِيلِ السِّرِّ لِأَنَّ النَّاسَ قد يستحيون اَوْ يخَافُونَ ويجتزىء بِالسِّرِّ لِأَنَّهُ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَا يُزَكِّي الا المبرز النَّافِذ الْفَطِنُ الَّذِي لَا يُخْدَعُ فِي عَقْلِهِ وَلَا يُستَرْذَلُ فِي رَأْيِهِ قَالَ سَحْنُونٌ قَوْلُهُ يُزَكَّى الْغَائِبُ مَعْنَاهُ إِذَا كَانَ الشَّاهِدُ مَشْهُورًا مَعْرُوفًا وَإِلَّا فَلَا يُزَكَّى إِلَّا بِمَحْضَرِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ غَائِب عَن مجْلِس حَاضِرٌ فِي الْبَلَدِ أَوْ قَرِيبُ الْغَيْبَةِ وَأَمَّا بَعِيدُهَا فَيُزَكَّى كَمَا يُقْضَى عَلَيْهِ وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَشْهُورُ بِالْعَدَالَةِ لَا يحْتَاج لتزكية وَقد إِنَّكَ صَاحِبُ هَذَا الِاسْمِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَزْكِيَةٍ وَاخْتُلِفَ إِذَا سَأَلَ الْقَاضِي مَنْ حَضَرَ أَوْ سَأَلَ مَنْ كَاشَفَهُ فَقِيلَ لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ لِقِلَّةِ الْوُثُوقِ الْيَوْمَ بِالنَّاسِ وَقِيلَ يَكْفِي الْوَاحِدُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَابِطُ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ وَإِذَا ثَبَتَتِ الْعَدَالَةُ بِاثْنَيْنِ فَحَسَّنَ أَنْ يُزِيدَ الْكَشْفَ فَلَا يُزِيدُهُ إِلَّا خَيْرًا فَإِنِ ارْتَابَ وَقَفَ وَكَشَفَ وَلَا يَقْبَلُ التَّعْدِيلَ بِيَسِيرِ الْمُخَالَطَةِ بِخِلَافِ الْجَرْحِ لِأَنَّهُ يَقِينٌ وَالْأَوَّلَ ظَنٌّ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُزَّكَّى إِلَّا الْمُخَالِطُ فِي الْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ الطَّوِيلُ الصُّحْبَةِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَاخْتُلِفَ إِذَا اقْتُصِرَ عَلَى عدل اَوْ رَضِي هَلْ يَكُونُ تَعْدِيلًا أَمْ لَا لِأَنَّ الْعَدْلَ رَضِي وَالْمَرْضِيَّ عَدْلٌ وَقَدْ وَرَدَ الْقُرْآنُ بِقَبُولِ شَهَادَةِ مَنِ اتَّصَفَ بِأَحَدِهِمَا فَلَوْ وَصَفَهُ بِأَحَدِهِمَا فَسُئِلَ عَن الآخرى

ص: 206

فَوَقَفَ فَهُوَ رِيبَةٌ وَسُئِلَ عَنْ سَبَبِ وُقُوفِهِ فَقَدْ يُكْرَهُ مَا لَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ وان لم يسئل فَهُوَ عَدْلٌ وُفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا قَالَ اخْتَبَرْتُهُ أَوْ عَامَلْتُهُ فَمَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا أَوْ إِنَّهُ لَرَجُلٌ صَالِحٌ فَاضِلٌ فَهُوَ ثِقَةٌ لَا يَكُونُ ذَلِكَ تَزْكِيَةً حَتَّى يَقُولَ عَدْلٌ أَوْ أَرَاهُ عَدْلًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ يَعْلَمُ وَجْهَ الْعَدَالَةِ وَعَلِمَ أَنَّ السُّؤَالَ لِتُمْضَى شَهَادَتُهُ فَذَلِكَ تَعْدِيلٌ خِلَافًا لِ ش وَقَدْ خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الْعَدَالَةِ قَوْلَ مَنْ يُرِيدُهُ أَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا غَيْرَ أَنَّ الْعُدُولَ الْيَوْمَ عَن عدل رضى رِيبَةً وَيُزَكِّي أَهْلَ سُوقِهِ وَمَحَلَّتِهِ وَجِيرَانِهِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ وُقُوفَهُمْ عَنْ تَعْدِيلِهِ مَعَ أَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِهِ رِيبَةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ عَدْلٌ قَبِلَ غَيْرَهُمْ مِنْ بَلَدِهِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ عَدَّلَ الرَّجُلُ مَنْ لَا يَعْرِفُ اسْمَهُ قُبِلَ تَعْدِيلُهُ فَإِنَّ الصِّفَاتِ قَدْ تُعْلَمُ مَعَ الْجَهْلِ بِالِاسْمِ وَالتَّزْكِيَةِ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ دُونَ الشَّاهِدِ وَإِنَّمَا عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يُخْبِرَ الْمَشْهُودَ لَهُ بِمَنْ يَعْرِفُهُ وَمَنْ يَعْدِلُهُ قَالَ مَالِكٌ لَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ الْأَمْرُ الْخَفِيفُ مِنَ الزَّلَّةِ وَالْغَيْبَةِ وَلَا يُسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا عَدَلَ ثُمَّ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ رَدَّهُ الْقَاضِي لِأَمْرٍ تَبَيَّنَ لَهُ وَالْقَاضِي لَا يَحْفَظُ ذَلِكَ قَبِلَ شَهَادَتَهُمَا

(فَرْعٌ)

فِي الْمُنْتَقَى تَزْكِيَة اثْنَيْنِ فِي كل شيءالا فِي الزِّنَا فَنَصُّ مَالِكٍ لَا يَعْدِلُ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَّا أَرْبَعَةٌ قِيَاسًا عَلَى الْأَصْلِ وَجَوَّزَ عَبْدُ الْمَلِكِ اثْنَيْنِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَأَرْبَعَةً لِجَمِيعِهِمْ قِيَاسًا عَلَى الْإِحْصَانِ وَاخْتُلِفَ فِي عَدَدِ تَزْكِيَةِ السِّرِّ فَعَنْ مَالِكٍ يَكْفِي الْوَاحِدُ لِأَنَّهُ فِي مَعَاني أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ وَعَنْهُ لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْجَهْرِ

ص: 207

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ شَهِدَ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنْ ظَهَرَ لِلْقَاضِي فَضْلُهُ وَبُرُوزُهُ لَمْ تُعَدَّ التَّزْكِيَةُ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ فَيُسْأَلُ عَنْهُ لِإِمْكَانِ حُدُوثِ الْعَيْبِ وَإِلَّا كُلِّفَ التَّعْدِيلَ ثَانِيَةً قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُكَلَّفُهُ كُلَّمَا شَهِدَ حَتَّى يَكْثُرَ تَعْدِيلُهُ وتشهر تَزْكِيَتُهُ فَلَا يُكَلَّفُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ عَلَيْهِ إِذَا شَهِدَ بَعْدَ سَنَةٍ إِعَادَةُ التَّزْكِيَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا إِلَّا أَنْ يَظُنَّ فِيهِ أَوْ يَرْتَابَ

(فَرْعٌ)

قَالَ يُسْمَعُ الْجَرْحُ فِي الْمُتَوَسِّطِ مُطْلَقًا وَفِي الْمُبْرِزِ بِالْعَدَاوَةِ أَوِ الْهِجْرَةِ أَوِ الْقَرَابَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِسْفَاهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُجَرِّحُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقْبَلُ إِلَّا مِنَ الْمُبْرِزِ قَالَ مُطَرِّفٌ يُجَرِّحُ الشَّاهِدَ مِثْلُهُ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ دُونَ مَنْ هُوَ دُونَهُ إِلَّا بِالْعَدَاوَةِ وَالْهِجْرَةِ دُونَ الْإِسْفَاهِ وَقَالَ مِمَّا يَثْبُتُ بِالْكَشْفِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ تُقْبَلُ جُرْحَتُهُ مِمَّنْ هُوَ دونه بالاسفاه والعداوة قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْجَرْحَ مِمَّا يُكْتَمُ فقد لَا يطلع عَلَيْهِ الا من هودونه وَهِي شَهَادَة فَقيل كَسَائِر الشَّهَادَات وَسُئِلَ عَن الجرحة فَقيل كَذَا مَا لَا يَخْفَى عَنِ النَّاسِ لَمْ يُقْبَلْ فِيهِ مُنْفَرِدًا وَإِنْ كَانَ يَخْفَى مِثْلُهُ قُبِلَ قَالَ وَالْأَحْسَنُ التَّجْرِيحُ سِرًا لِيَسْلَمَ الشَّاهِدُ مِنَ الْأَذَى وَمِنْ حَقِّ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ لَهُ أَنْ يَعْلَمَا بِالْمُجَرِّحِ فَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ قَرَابَةٌ أَوْ غَيْرُهَا مِمَّا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ بِالْجَرْحِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا كَانَ الشَّاهِدُ أَوِ الْمَشْهُودُ مِمَّنْ يُخَافُ هَلْ يُسَمَّى الْمُجَرِّحُ أَمْ لَا قَالَ سَحْنُونٌ يُسَمَّى ثمَّ يُوقف وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَدَمَ التَّسْمِيَةِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِفَسَادِ الْقُضَاةِ الْيَوْمَ

ص: 208

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي قَبُولِ الْجَرْحِ مُجْمَلًا مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مُطَرِّفٌ يُكْتَفَى مِنَ الْعَالِمِ بِالْمُجْمَلِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا بُدَّ مِنَ التَّفْصِيلِ فِي الْمَجْرُوحِ الْمَشْهُورِ بِالْعَدَالَةِ وَإِلَّا قُبِلَ الْإِجْمَالُ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يُسْأَلُ الْمُجَرِّحُ الْمُبْرِزُ وَإِلَّا سُئِلَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَكْفِي الْمُجْمَلَ مُطْلَقًا وَالْأَحْسَنُ الْبَيَانُ إِذَا لَمْ يُفْهَمْ لِأَنَّ الْجَرْحَ قَدْ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهِ هَلْ هُوَ جُرْحَةٌ أَمْ لَا كَتَرْكِ التَّدَلُّكِ فِي الْغُسْلِ وَنَحْوِهُ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَقَدْ يكون للمجروح تاويل قبل أَوْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ حَقٌّ لِلْمَجْرُوحِ كانِتهاكِ عِرْضِهِ فَلَا يُقْبَلُ

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنْ عَدَّلَهُ اثْنَانِ وَجَرَّحَهُ اثْنَانِ قِيلَ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا لِأَنَّهُ شَأْنُ التَّعَارُضِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْجَرْحُ قَالَ وَلِلِاخْتِلَافِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إِنِ اخْتَلَفَا عَنْ مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا فَعَلَ كَذَا وَقْتَ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَقَالَتِ الْأُخْرَى لَمْ يَفْعَلْهُ قُضِيَ بِالْأَعْدَلِ لِأَنَّهُ تَكَاذَبٌ أَوْ عَنْ مَجْلِسَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ قُدِّمَ الْجَرْحُ مِمَّا يُخْفِيهِ صَاحِبُهُ أَوْ مُتَبَاعِدَيْنِ قُدِّمَ الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ نَاسِخٌ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ فِي وَقْتِ الْجَرْحِ كَانَ حَسَنَ الظَّاهِرِ كَمَا هُوَ الْآنَ فَيُقَدَّمُ الْجَرْحُ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ مَا لَمْ يَفْتَرِقُوا أَوْ يَخْتَلِفُوا إِنْ كَانُوا اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَهُمْ صِبْيَانٌ كُلُّهُمْ وَلَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ بَيْنَهُمْ لِعَدَمِ ضَرُورَةِ اجْتِمَاعِهِمْ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ لِكَبِيرٍ عَلَى صَغِيرٍ وَإِنْ شَهِدَتْ بِيِّنَةٌ عَلَى قَوْلِ صَبِيٍّ أَنَّ فُلَانًا الصَّبِيُّ قَتَلَهُ لَمْ تُقْبَلْ وَلَا يُقْسَمُ بِذَلِكَ وَإِنِ اعْتَرَفَ الْقَاتِلُ لِضَعْفِ اللَّوْثِ وَلَيْسَ فِي الصِّبْيَانِ قَسَامَةٌ فِيمَا بَيْنَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ كَبِيرٌ أَنَّ كَبِيرًا قَتَلَ صَغِيرًا فَيُقْسِمُ أَوْلِيَاؤُهُ لِقُوَّةِ اللَّوْثِ

ص: 209

حِينَئِذٍ وَقَالَ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ وَلَا شَهَادَةُ الْإِنَاثِ لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْإِنَاثِ وَشَهَادَةُ ذُكُورِ الصِّبْيَانِ فِي الْقَتْلِ جَائِزَةٌ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَغَيْرُهُ فِي شَهَادَةِ الصَّبِيَّيْنِ عَلَى صَبِيَّيْنِ إِنَّهُ جَرَحَ صَبيا ثمَّ فِي جرحه فَمَاتَ ان ولاته يقسمون لمات مِنْ ضَرْبِهِ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ وَخَالَفْنَا الْأَئِمَّةَ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ وَقَالَ بِقَبُولِهَا عَلِيٌّ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمُعَاوِيَةُ رضي الله عنهم وَخَالَفَهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} وَاجْتِمَاعُ الصِّبْيَانِ لِلتَّدْرِيبِ عَلَى الْحَرْبِ مِنْ أَعْظَمِ الِاسْتِعْدَادِ لِيَكُونُوا كَثِيرًا أَهْلًا لِذَلِكَ وَيَحْتَاجُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى حَمْلِ السِّلَاحِ حَيْثُ لَا يَكُونُ مَعَهُمْ كَبِيرٌ فَلَا يَجُوزُ هَدْرُ دِمَائِهِمْ فَتَدْعُو الضَّرُورَةُ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ وَالْغَالِبُ مَعَ تِلْكَ الشُّرُوطِ الصِّدْقُ وَنُدْرَةُ الْكَذِبِ فَتَقْدِيمُ الْمَصْلَحَةِ الْغَالِبَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ النَّادِرَةِ هُوَ دَأْبُ صَاحب كَمَا جَوَّزَ الشَّرْعُ شَهَادَةَ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ فِي مَوْضِعٍ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ لِلضَّرُورَةِ وَلِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} وَهُوَ مَنْعٌ لِشَهَادَةِ غَيْرِ الْبَالِغِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} وَالصَّبِيُّ لَيْسَ بِعَدْلٍ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} وَهُوَ نَهْيٌ وَالنَّهْيُ لَا يَتَنَاوَلُ الصَّبِيَّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الشُّهَدَاءِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِقْرَارُهُ فَلَا تُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُ كَالْمَجْنُونِ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَوْسَعُ مِنَ الشَّهَادَةِ لِقَبُولِهِ مِنَ الْعَبْدِ وَالْفَاسِقِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَقِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الْجِرَاحِ وَلِأَنَّهَا لَو قبلت لقبلت اذا افتروا افْتَرَقُوا

ص: 210

كالرجال وَلَيْسَ فَلَيْسَ وَلِأَنَّهَا لَوْ قُبِلَتْ لَقُبِلَتْ فِي تَخْرِيقِ ثِيَابِهِمْ فِي الْخَلَوَاتِ أَوْ لَجَازَتْ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ فِي الْجِرَاحِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِنَّمَا يُمْنَعُ الْإِنَاثُ لِانْدِرَاجِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَال فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الانثيين} وَلِأَنَّ الْأَمْرَ بِالِاسْتِشْهَادِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُمْكِنُ اسْتِثْنَاءُ الشَّهَادَةِ فِيهَا اخْتِيَارًا لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ النَّهْيِ الْإِمْكَانَ وَهَذَا مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ تَقَعُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بَغْتَةً فَلَا يَتَنَاوَلُهَا الْأَمْرُ فَتَكُونُ مَسْكُوتًا عَنْهَا وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ الثَّانِيَة وَقَوله تَعَالَى وَعَلَيْهِ تُحْمَلُ الْآيَةُ الثَّالِثَةُ فِي الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ اسْتشْهدُوا اخْتِيَارا ع ان هَذِه الظَّوَاهِر عَامَّة وَدَلِيلنَا حَاص فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ إِقْرَارَ الصَّبِيِّ ان كَانَ فِي المَال فَنحْن نسويه بِالشَّهَادَةِ لِأَنَّهُمَا لَا يُقْبَلَانِ وَفِي الدِّمَاءِ إِنْ كَانَ عَمْدًا وَعَمْدُهُ خَطَأٌ فَيَؤُولُ إِلَى الدِّيَةِ فَيَكُونُ إِقْرَارُهُ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا تُقْبَلُ كَإِقْرَارِ الْبَالِغِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ الدِّمَاءَ حُرْمَتُهَا أَعْظَمُ بِدَلِيلِ قَبُولِ الْقَسَامَةِ وَلَا يُقْسَمُ عَلَى دِرْهَمٍ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الِافْتِرَاقَ يَحْتَمِلُ التَّعْلِيمَ وَالتَّغْيِيرَ وَالصَّغِيرُ إِذَا خُلِّيَ وَسَجِيَّتَهُ الْأُولَى لَا يَكَادُ يَكْذِبُ وَالرِّجَالُ لَهُمْ وَازِعٌ شَرْعِيٌّ إِذَا افْتَرَقُوا بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ وَعَنِ الْخَامِسِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَزِيدِ حُرْمَةِ الدِّمَاءِ وَلِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ لَيْسَ لِتَخْرِيقِ ثِيَابِهِمْ غَالِبًا بَلْ لِلضَّرْبِ وَالْجِرَاحِ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا يَجْتَمِعْنَ لِلْقِتَالِ وَلَا هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْهُم تَفْرِيعٌ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ إِذَا أُجِيزَتْ فَبِتِسْعَةِ شُرُوطٍ وَسَتَقِفُ بَعْدَ هَذَا عَلَى اشْتِرَاطِ عَدَمِ شَهَادَةِ الْكَبِيرِ مَعَهُمْ وَأَنْ يَكُونَ الْمَوْطِنُ لَا يَحْضُرُهُ الْكِبَارُ

ص: 211

وَأَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ حَاضِرَ الْجَسَدِ فَتَكُونُ الشُّرُوطُ اثْنَيْ عَشَرَ الْعَقْلُ لِيَفْهَمُوا مَا رَأَوْهُ وَالذُّكُورَةُ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ لَا تَحْصُلُ فِي اجْتِمَاعِ الْإِنَاثِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِنَاثِ اعْتِبَارًا لَهُنَّ بِالْبَالِغِينَ لَوْثًا ثُمَّ فِي الْقَسَامَةِ وَالْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَشْهَدُ وَالْإِسْلَامُ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُقْبَلُ فِي قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ لِأَنَّهُ الَّذِي تَدْعُو الضَّرُورَةُ الشَّرْعِيَّةُ إِلَيْهِ وَقِيلَ يُقْبَلُ فِي الْجِرَاحِ فَقَطْ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ ضَعِيفَةٌ فَاقْتُصِرَ فِيهَا عَلَى أَضْعَفِ الْأَمْرَيْنِ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ لِعَدَمِ ضَرُورَةِ مُخَالَطَةِ الْكَبِيرِ لَهُمْ قَبْلَ التَّفَرُّق لَيْلًا يُلَقَّنُوا الْكَذِبَ وَاتِّفَاقُ أَقْوَالِهِمْ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ يُخِلُّ بِالثِّقَةِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا لِأَنَّهُمْ لَا يَكُونُونَ أَحْسَنَ حَالًا مِنَ الْكِبَارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قُيِّدَتْ شَهَادَتُهُمْ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمْ بِالْعُدُولِ لَا يَضُرُّ رُجُوعُهُمْ إِلَّا أَنْ يَتَرَاخَى الْحُكْمُ حَتَّى يَكْبُرُوا وَيَعْدِلُوا فَيُؤْخَذُوا بِرُجُوعِهِمْ إِذَا تَيَقَّنُوا أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِبَاطِلٍ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْكِبَارِ أَنَّ رُجُوعَ الْكِبَارِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى بَاطِلٍ خَوْفًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصِّبْيَانُ يَرْجِعُونَ لِأَهْوَاءٍ فَأَوَّلُ أَقْوَالِهِمْ هُوَ الصَّحِيحُ وَلَا تَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِمُ الْعَدَاوَةُ والقرابة لضعف مرواتهم وحمايتهم فَيَنْطِقُونَ بِمَا رَأَوْا مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةٍ لِلْقَرَابَةِ وَالْعَدَاوَةِ وَمَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ قِيَاسًا عَلَى الْكِبَارِ وَمَنَعَهَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الْقَرَابَةِ دُونَ الْعَدَاوَةِ لِأَنَّ الْعَدَاوَةَ تَكُونُ لِسَبَبٍ وَتَزُولُ فَهِيَ ضَعِيفَةٌ وَلِأَنَّهَا لَا غَوْرَ لَهَا عِنْدَهُمْ وَالْقَرَابَةُ دَائِمَةٌ مُتَأَكَّدَةٌ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى جَرْحِهِ اتِّفَاقًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَجُوزُ لِكَبِيرٍ عَلَى صَغِيرٍ فِي الْجراح لِأَنَّهُ بَينهم فَهُوَ يحسهم وَيجوز فِي قَتله على الصَّبِي لعدم التجنيب لِأَنَّهُ عَدَمٌ وَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي قَالَ مَالِكٌ إِذَا شَهِدَ صِبْيَانٌ وَكَبِيرٌ عَلَى صَبِيٍّ أَنه قتل صَبيا سَقَطت الصّبيان لِأَنَّ الْكَبِيرَ قَدْ يَخْبُبُهُمْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُقْسِمُ مَعَ الْكَبِيرِ إِنْ كَانَ عَدْلًا قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ حَيْثُ يَحْضُرُ الْكِبَارُ رجال اَوْ نسَاء لَان النِّسَاءِ تَجُوزُ فِي الْخَطَأِ وَعَمْدُ الصَّبِيِّ كَالْخَطَأِ وَحُضُورُ الْكِبَارِ يُسْقِطُهُمْ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْكِبَارُ ظَاهِرِي الْجُرْحَةِ وَتَوَقَّفَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي إِجَازَتِهَا حِينَئِذٍ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَغَيْرُهُ إِذَا شَهِدَ صِبْيَانٌ عَلَى صَبِيٍّ أَنَّهُ جَرَحَ صَبيا ثمَّ نزى فِي جُرْحُهُ وَمَاتَ فِيهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ خلاف الْمُدَوَّنَة

ص: 212

وَإِنَّمَا يَجِبُ فِي الْمُدَوَّنَةِ دِيَةُ الْجُرْحِ فَقَطْ قَالَ مَالِكٌ إِذَا لَعِبَ سِتَّةُ صِبْيَانٍ فِي بَحْرٍ فَغَرَقَ وَاحِدٌ فَشَهِدَ ثَلَاثَةٌ أَنَّ الِاثْنَيْنِ غَرَّقَاهُ وَشَهِدَ الِاثْنَانِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ غَرَّقُوهُ الدِّيَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ لِاخْتِلَافِ الشَّهَادَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا لَا يقتسم وَتَسْقُطُ شَهَادَتُهُمْ لِلِاخْتِلَافِ وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ وَقَالَ لَوْ كَانُوا كِبَارًا فَاخْتَلَفُوا كَانَتِ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ لِأَنَّهُ صَارَ إِقْرَارًا كَأَنَّهُمْ قَالُوا لَمْ تَخْرُجِ الْجِنَايَةُ عَنَّا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَوْ شهد صبيان بقتل صبي من صَبِيٍّ وَشَهِدَ آخَرُونَ أَنَّ الْقَاتِلَ لَيْسَ مِنْهُمَا بل دَابَّته قتلته جَبَّار مَضَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَاتِلِ وَقِيلَ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ يُسْقِطُ الشَّهَادَةَ وَإِنَّمَا قَاسَهُ عَلَى الْكِبَارِ وَإِنَّ مَنْ أَثْبَتَ حُكْمَهَا أُولَى مِنْ نَافِيهِ قَالَ أَصْبَغُ وَلَوْ شَهِدَ كَبِيرَانِ أَنَّا كُنَّا حَاضِرَيْنِ حَتَّى سقط الصَّبِي فَمَاتَ وَلم يقْتله لعدت شَهَادَة الصّبيان كَمَا لَو تعَارض الْكِبَار هَاهُنَا فِي الْقَتْلِ وَالْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ اولى وانكره سَحْنُون وَقَالَ اصحابنا يقدمُونَ الكبيرين ولان شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ تَبْطُلُ بِحُضُورِ الْكِبَارِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ نَافِعٍ تَجُوزُ شَهَادَةُ صَبِيٍّ مَعَ يَمِينِ الْمَشْهُودِ لَهُ إِذَا بَلَغَ وَقِيلَ يَحْلِفُ وَالِدُهُ عَنْهُ وَيَسْتَحِقُّ وَقِيلَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْإِنَاثِ فِي الْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ وَقِيلَ بَلْ فِي الْجِرَاحِ دُونَ الْقَتْلِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَخْزُومِيِّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ وَقِيلَ وَحْدِهِنَّ دُونَ صَبِيٍّ كَمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ دُونَ رَجُلٍ فِيمَا لَا يَحْضُرُهُ الرِّجَالُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ فِيهِنَّ صبي لَان الْعَادة يَخْتَلِطْنَ مَعَ الصِّبْيَانِ وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ حُضُورِ الْكَبِيرِ مَعَ الصِّبْيَانِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ قَالَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدِي

ص: 213

وَوَقَعَ مَنْعُ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ مُطْلَقًا فِي النَّوَادِرِ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَجُوزُ فِي الْقَتْلِ حَتَّى يَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَدَنِ مَقْتُولًا تَحْقِيقًا لِلْقَتْلِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَقَلُّ مَا يَجُوزُ فِي شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ غُلَامَانِ أَوْ غُلَامٌ وَجَارِيَتَانِ وَلَا يَجُوزُ غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَلَا يَحْلِفُ مَعَ صَبِيَّيْنِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ لِأَنَّهُمَا كَشَهَادَةِ غُلَامٍ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ وَهَذَا جَمْعٌ فِيهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَعَنْ مَالِكٍ تَجُوزُ شَهَادَة الاناث واقل ذَلِك اثْنَان مَعَ صَبِيٍّ وَإِذَا شَهِدَ صِبْيَانٌ أَنَّ صَبِيًّا قَتَلَ صَبِيًّا لَزِمَ الْعَاقِلَةَ الدِّيَةُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ لِأَنَّهُمَا كَالْكَبِيرِ وَإِذَا شَهِدَ اثْنَانِ مِنَ الصِّبْيَانِ أَنَّ فُلَانًا الصَّبِيَّ شَجَّ فُلَانًا الصَّبِيَّ وَشَهِدَ آخَرَانِ إِنَّمَا شَجَّهُ فُلَانٌ قَالَ مَالِكٌ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَا تَبْطُلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ الْكِبَارُ أَنَّ مَا شَهِدُوا بِهِ لَمْ يَكُنْ عَنْ مَعْرِفَةٍ وَمُعَايَنَةٍ أَوْ شَهِدُوا بِاخْتِلَافِ قَوْلِهِمْ أَوْ أَنَّهُمُ افْتَرَقُوا قَبْلَ الشَّهَادَةِ وَلَا تَسْقُطُ بِمِثْلِ هَذَا شَهَادَةُ الْكِبَارِ لِقُوَّةِ شَهَادَتِهِمْ وَإِذَا شَهِدَ الصِّبْيَانُ ثُمَّ شَهِدَ اثْنَانِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْعَدَالَةِ أَنَّ مَا شَهِدْنَا بِهِ نَحْنُ وَالْبَاقُونَ بَاطِلٌ سَقَطَتِ الشَّهَادَةُ كُلُّهَا بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ بِبُطْلَانِهَا قَالَ سَحْنُونٌ لَا رُجُوعَ لِلصَّبِيِّ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْحُكْمِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهَا كَانَت فِي وَقت تُوجِبُ ضَمَانًا وَلَا أَدَبًا لَوْ رَجَعَ فَائِدَةٌ قَالَ الْأَصْحَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَخْبُبُوا مَأْخُوذٌ مِنَ الْخِبِّ الَّذِي هُوَ الْخَدِيعَةُ لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه إِيَّاكُمْ وَرَطَانَةَ الْأَعَاجِمِ فَإِنَّهَا خِبٌّ أَيْ تَخْدَعُ من لَا يعرفهَا فيتواطؤا عَلَى أَذِيَّتِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ وَلِقَوْلِهِ لَسْتُ بِالْخِبِّ وَالْخِبُّ لَا يَخْدَعُنِي فَكَانَ تَعْلِيمُ الصَّبِيِّ أَنْ يَكْذِبَ وَيُجْرِيَ شَهَادَتَهُ خِدَاعٌ فِي الشَّهَادَةِ وحيلة على الْمَشْهُود لَهُ

ص: 214

المسالة الثَّالِثَة فِي الْكتاب يجمع الرَّجُلُ إِذَا شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ شَارِبُ خَمْرٍ أَوْ آكِلُ رِبًا أَوْ صَاحِبُ قِيَانٍ أَوْ كَذَّابٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ وَاحِدٍ وَنَحْوُهُ وَلَا يَجْرَحُهُ إِلَّا عَدْلَانِ وَقَالَ رَبِيعَةُ تُرَدُّ شَهَادَةُ الظَّنِينِ وَهُوَ الْمَغْمُوصُ فِي خَلَائِقِهِ وَمُخَالَفَةِ حَالِ الْعَدْلِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ قَبِيحُ عَمَلٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْقِيَانُ الْمُغَنِّيَاتُ وَأَصْلُ الْقَيْنَةِ الْأَمَةُ وَصَاحِبُ الْقِيَانِ هُوَ الَّذِي يَكُنَّ عِنْدَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الَّذِي يَسْمَعُهُنَّ أَيْنَمَا كُنَّ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَفِي الْكِتَابِ تُمْنَعُ شَهَادَةُ الْمُغَنِّي وَالنَّائِحَةِ إِذَا عُرِفُوا بِذَلِكَ وَالشَّاعِرِ الَّذِي يَمْدَحُ مَنْ أَعْطَاهُ وَيَهْجُو مَنْ مَنَعَهُ فَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ مِمَّن اعطاه وَلَا يهجومن مَنَعَهُ قُبِلَ لِأَنَّ الذَّمَّ حَرَامٌ وَالْأَخْذَ مَكْرُوهٌ وَمُدْمِنُ الشِّطْرَنْجِ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ لَاعِبِهَا مَرَّةً بعد مرّة لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَكَرِهَ مَالِكٌ اللَّعِبَ بِهَا وَقَالَ هِيَ شَرٌّ مِنَ النَّرْدِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ إِذَا حَسُنَتْ حَالُهُ فِي الْحُقُوقِ وَالطَّلَاقِ وَفِي النُّكَتِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْفَقِيرِ الَّذِي يَقْبَلُ مَا يُعْطَى مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - مااتاك من غير مسالة فَخذه فَإِنَّمَا هُوَ دنق دنقكه اللَّهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الَّذِي لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ بِإِدْمَانِ الشِّطْرَنْجِ الَّذِي يَلْعَبُ بِهَا فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَعِبُ الْحَمَامِ كَالشِّطْرَنْجِ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِهِمَا إِنْ قَامَرَ أَوْ أَدْمَنَ مِنْ غَيْرِ قِمَارٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ حَتَّى يَشْغَلَهُ عَنِ الصَّلَوَاتِ فِي الْجَمَاعَات لم يقبل والا قبلت وَقيل ترد شَهَادَته وَلم يذعن لِلشِّطْرَنْجِ وَمَنَعَ مَالِكٌ شَهَادَةَ الْقَدَرِيَّةِ قَالَ سَحْنُونٌ تُرَدُّ شَهَادَةُ أَهْلِ

ص: 215

الْبِدَعِ كُلِّهِمُ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْإِبَاضِيَّةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْبِدَعَ إِمَّا كُفْرٌ أَوْ كَبِيرَةٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَنْ عُرِفَ بِالْبِدْعَةِ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ مَنْ لُطِّخَ بِهَا غَيْرِ صَرِيحٍ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ شَهَادَةَ الْمُنَجِّمِ الَّذِي يَدَّعِي الْقَضَاءَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَلَا الْكَاهِنُ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِك والتغليط فِيهِ وَاخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ مَرَّةً أَوْ ثَلَاثًا قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يُقْبَلُ مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ فِي فَرْضٍ أَوْ نَافِلَة لوُجُوب ذَلِك فيهمَا بِالشُّرُوعِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا لَمْ يَحُجَّ وَهُوَ كَثِيرُ الْمَالِ فِي طُولِ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ لَا يُقْبَلُ وَرَدَّ ابْنُ الْقَاسِمِ قَاطِعَ الدَّنَانِيرِ إِلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ وَعَنْهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لِإِفْسَادِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ كَانَ الْبَلَدُ دَنَانِيرُهُمْ مَقْطُوعَةٌ مَجْمُوعَةٌ فَأَحْسَنُ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَإِلَّا فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي قَاطِعِهَا أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَاهِلِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ عِنْدِي إِنَّمَا هُوَ إِذَا قَطَعَ الدَّرَاهِمَ أَوِ الدَّنَانِيرَ وَهِيَ وَازِنَةٌ فَرَدَّهَا نَاقِصَةً فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَا تَجُوزُ فِيهِ نَاقِصَة وَهِي تجْرِي فِيهِ عددا بِغَيْر وزن فينفقها وَتبين نَقْصَهَا وَلَا يَغُشُّ بِهَا وَأَمَّا إِنْ لَمْ يبين وغش فَلَا خلاف أَنه جُرْحَةٌ وَأَمَّا إِنْ قَطَعَهَا وَهِيَ مَقْطُوعَةٌ أَوْ غَيْرُ مَقْطُوعَةٍ غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ أَعْيَانُهَا بل بالميزان فَلَا خلاف أَنَّهَا لست جُرْحَةً وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِمَكْرُوهِ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ حَمْلُ الْخِلَافِ عَلَى اخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَلَا يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ خُرُوجُ الْفَقِيهِ الْفَاضِلِ لِلصَّيْدِ لَيْسَ بِجُرْحَةٍ وَمَطْلُ الْغَنِيِّ بِالدِّينِ جُرْحَةٌ وَالْوَطْءُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ إِنْ كَانَ لَا يَجْهَلُ مَكْرُوهٌ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ وَطْءُ صَغِيرَةٍ مِثْلُهَا يُوطَأُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ قَالَ عبد الْملك الاقلف يتْرك القلفة لِعُذْرٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ سَمَاعُ صَوْتِ الْعُودِ وَحُضُورُهُ مِنْ غَيْرِ نَبِيذٍ جُرْحَةٌ إِلَّا أَنْ يَحْضُرَهَا فِي عُرْسٍ أَوْ صَنِيعٍ فَلَا يَبْلُغُ رَدَّ الشَّهَادَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ

ص: 216

مَعَهُ نَبِيذٌ وَسَمَاعُ الْغِنَاءِ لَيْسَ بِجُرْحَةٍ إِلَّا أَنْ يُدْمَنَ وَلَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِالْأَلْحَانِ فَإِنْ فَعَلَ فَفِي رَدِّ شَهَادَتِهِ خِلَافٌ قَالَ أَشْهَبُ مَنْ ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُ حُدَّ فِي قَذْفٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْحُدُودِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الا اللَّذين تَابُوا} وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ لَا تُرَدُّ الشَّهَادَة الْقَاذِفِ حَتَّى يُجْلَدَ وَبِقَبُولِ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ إِذَا تَابَ قل ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح بِعَدَمِ قَبُولِهَا لنا قَوْله تعإلى {ان جَاءَكُم فَاسق بنباء فَتَبَيَّنُوا} الْآيَةَ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْعَدْلَ لَا يَتَبَيَّنُ فِي خَبَرِهِ وَيُقْبَلُ وَهَذَا عَدْلٌ وقَوْله تَعَالَى {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} وَقَالَ ايضا {وَأشْهدُوا ذَوي عدل} وَلَمْ يُفَرِّقْ وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التوابين} وَمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهَوَ عَدْلٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي آيَاتِ الْقَذْفِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَة فَإِن الَّذين شهدُوا على الْمُغيرَة بالزنى جَلَدَهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه ثُمَّ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ تُوبُوا تُقْبَلْ شَهَادَتُكُمْ فَتَابَ مِنْهُمُ اثْنَانِ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا وَقَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ تُبْ تُقْبَلْ شَهَادَتُكَ وَهُوَ يَقُولُ لَا أَتُوبُ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ ثُمَّ الْكَافِرُ إِذَا قَذَفَ فَحُدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ وَجَمِيعُ الْحُدُودِ إِذَا تَابَ جُنَاتُهَا قُبِلُوا وَهِيَ أَعْظَمُ مِنَ الْقَذْفِ كَالزِّنَا إِجْمَاعًا وَالْحَدُّ مُطَهِّرٌ فَيَجِبُ الْقَبُولُ وَالْحَدُّ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ فَلَا يَبْقَى مَانِعٌ مِنَ الْقَبُولِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلِأَنَّهُ خَصَّصَ بِهَذَا فَلَوْ أَنَّهُ يُقْبَلُ إِذَا تَابَ وَسَائِرُ الْمَعَاصِي كَذَلِكَ لَمْ يَبْقَ فِي التَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ وَلِأَنَّ الْجَلْدَ لَا يرْتَفع بِالتَّوْبَةِ فَكَذَلِك رد

ص: 217

الشَّهَادَة ولان الاستثناءفي الْآيَةِ يَجِبُ عَوْدُهُ عَلَى آخِرِ جُمْلَةٍ فِي الْآيَةِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} صَوْنًا لِلْكَلَامِ عَنِ الْإِبْطَالِ فَيَبْقَى قَوْله تَعَالَى {وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا} عَلَى حَالِهِ وَأَصْلُ مَالِكٍ عَوْدُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْجُمْلَة الاخيرة فَلم ينْقض اصله هَاهُنَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّا نُخَصِّصُ التَّأْبِيدَ بِحَالَةِ عَدَمِ التَّوْبَةِ لِأَنَّهُ فِسْقٌ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ فَائِدَة التَّخْصِيص ثُبُوت الحكم فِي الزِّنَى وَغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْقَذْفَ أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنْهَا فَإِذا ردَّتْ الشَّهَادَة فاولى بِغَيْرِهِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْحَدَّ حَقٌّ كَأَخْذِ الْمَالِ وَالْقَصَاصِ فَكَمَا لَا يَسْقُطُ رَدُّ الْمَالِ فِي الْحِرَابَة وَغَيرهَا بِالتَّوْبَةِ فَكَذَلِك الْحُدُود لَا شَهَادَة انما هُوَ اهتضام والحار عَن تعظم الله تَعَالَى وَالْحَوْبَةُ تَمْحُوهَا التَّوْبَةُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي أَحْكَامِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْقَذْفُ وَقُبْحُ الْجِنَايَةِ فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ بِالتَّوْبَةِ وَحَسُنَتْ حَالُهُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى زَالَتْ تِلْكَ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا لِزَوَالِ سَبَبِهَا الْمُتَّحِدِ إِلَّا الْحَدَّ لِكَوْنِهِ لَا يَزُولُ لِمَا تَقَدَّمَ وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْغَامِدِيَّةِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ فَأَخْبَرَ عَنْ عَظِيمِ تَوْبَتِهَا وَمَعَ ذَلِكَ رَجَمَهَا فَعُلِمَ بِأَنَّ الْحُدُودَ لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ إِلَّا الْحِرابَةَ لِكَوْنِ الْحَدِّ فِيهِ تَنْكِيلًا وَلَا تَنْكِيلَ مَعَ التَّوْبَةِ وَهُوَ فِي غَيْرِهَا إِنْ وَقَعَ قَبْلَ التَّوْبَةِ هُوَ تَنْكِيلٌ أَوْ بَعْدَهَا فَتَطْهِيرٌ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ مُخَالَفَتِنَا لِأَصْلِنَا فَإِنَّا إِنَّمَا نَقُولُ بِعَوْدِهِ عَلَى الْأَخِيرَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ سَبَبُهَا وَاحِدًا قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا تَرَكَ الْجُمُعَةَ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ أَصْبَغُ هِيَ جُرْحَةٌ كَإِحْدَى الْفَرَائِضِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ حَتَّى يَتْرُكَهَا ثَلَاثًا مُتَوَالِيَاتٍ لِأَنَّهُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ الْحَدِيثُ وَالْوَاجِبَاتُ عَلَى التَّرَاخِي لَا

ص: 218

يَفْسُقُ إِلَّا بِتَرْكِهَا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ الَّذِي يَغْلُبُ عَلَى الظَّنِّ تَهَاوُنُهُ بِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهَا وَالْمَنْدُوبُ إِنْ كَانَ يَتَكَرَّرُ وَيَتَأَكَّدُ كَالْوَتْرِ وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ تَرَكَهُ جُرْحَةً إِذَا أَقْسَمَ لَا يَفْعَلُهُ أَوْ تَرَكَهُ جُمْلَةً لِأَنَّ ذَلِك يدل على تهاونه بِالدّينِ تَرْكِهِ مَرَّةً وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْحَالِفِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْقُصُ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ فَالْحَالِفُ انما حلف ان لَا يَفْعَلَ غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - على وَجه الْوُجُوب ان لَا يَزِيدَ زِيَادَةً مُفْسِدَةً كَرَكْعَةٍ خَامِسَةٍ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ لَا أَفْعَلُ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ كَمَا أَنْكَرَ عَلَى الَّذِي سَمِعَهُ يَحْلِفُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَخَصْمُهُ يَسْتَوْضِعُهُ مِنْ حَقِّهِ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - ايْنَ المتالي ان لَا يَفْعَلَ الْمَعْرُوفَ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ مَهْ أَيْ دَعْ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْمَشْهُورُ قَبُولُ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ قَبْلَ جَلْدِهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَهُ ح وَرَدَّهَا عبد الْملك ومطرف وش وَابْن حَنْبَل لنا أَنه قبل الْجلد فَاسق لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَفْرَغْ مِنَ الْجَلْدِ يَجُوزُ رُجُوعُ الْبَيِّنَةِ وَتَصْدِيقُ الْمَقْذُوفِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْفِسْقُ إِلَّا بَعْدَ الْجَلْدِ وَالْأَصْلُ اسْتِصْحَابُ الْعَدَالَةِ وَالْحَالَةِ السَّابِقَةِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ تَرْتِيبَ الْفِسْقِ عَلَى الْقَذْفِ وَقَدْ تَحَقَّقَ الْقَذْفُ فَيَتَحَقَّقُ الْفِسْقُ سَوَاءٌ جُلِدَ أَمْ لَا وَلِأَنَّ الْجَلْدَ فَرْعُ ثُبُوتِ الْفِسْقِ فَلَوْ تَوَقَّفَ الْفِسْقُ عَلَى الْحَدِّ لَزِمَ الدَّوْرُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ الا حَيْثُ تَيَقنا الْعَدَالَة وَلم تتيقن هَاهُنَا فَيرد

ص: 219

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ صِحَةَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَبُطْلَانَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أبدا وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ} فَرَتَّبَ رَدَّ الشَّهَادَةِ وَالْفِسْقِ عَلَى الْجَلْدِ وَتَرْتِيبُ الحكم على الْوَصْف يدل على علية ذَلِك الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَيَكُونُ الْجَلْدُ هُوَ السَّبَبَ فِي الْفِسْقِ فَحَيْثُ لَا جَلْدَ لَا فُسُوقَ وَهُوَ مَطْلُوبُنَا وَعَكْسُ مَطْلُوبِكُمْ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْجلد فرع ثُبُوت الْفسق ظَاهرا ظُهُورًا ضَعِيفًا لِجَوَازِ رُجُوعِ الْبَيِّنَةِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ أَوْ تَصْدِيقِ الْمَقْذُوفِ فَإِذَا أُقِيمَ الْحَدُّ قَوِيَ الظُّهُورُ بِإِقْدَامِ الْبَيِّنَةِ وَتَصْمِيمِهَا عَلَى أَذِيَّةِ الْقَاذِفِ وَكَذَلِكَ الْمَقْذُوفُ وَحِينَئِذٍ نَقُولُ إِنَّ مَدْرَكَ رَدِّ الشَّهَادَةِ إِنَّمَا هُوَ الظُّهُورُ الْقَوِيُّ لِأَنَّهُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ الاصل بَقَاءُ الْعَدَالَةِ إِلَّا حَيْثُ أَجْمَعْنَا عَلَى انْتِفَائِهَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعَدَالَةِ السَّابِقَةِ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ الْقَاضِي أَبُو اسحاق وش لابد فِي تَوْبَة الْقَاذِف من تَكْذِيبه لنَفسِهِ فَإِنَّمَا قَضَيْنَا بِكَذِبِهِ فِي الظَّاهِرِ لَمَّا فَسَّقْنَاهُ فَلَوْ لَمْ يُكَذِّبْ نَفْسَهُ لَكَانَ مُصِرًّا عَلَى الْكَذِبِ الَّذِي فَسَّقْنَاهُ لِأَجْلِهِ فِي الظَّاهِرِ وَعَلَيْهِ إِشْكَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا فِي قَذْفِهِ فَتَكْذِيبُهُ لِنَفْسِهِ كَذِبٌ فَكَيْفَ تُشْتَرَطُ الْمَعْصِيَةُ فِي التَّوْبَةِ وَهِيَ ضِدُّهَا وَتُجْعَلُ الْمَعَاصِي سَبَبَ صَلَاحِ الْعَبْدِ وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَرِفْعَتِهِ وَثَانِيهُمَا أَنَّهُ إِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي قَذْفِهِ فَهُوَ فَاسِقٌ أَوْ صَادِقًا فَهُوَ عَاصٍ لِأَنَّ تَعْيِيرَ الزَّانِي بِزِنَاهُ مَعْصِيّة فَكيف يَنْفَعهُ تَكْذِيب مَعَ كَوْنِهِ عَاصِيًا بِكُلِّ حَالٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْكَذِبَ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ كَرَجُلٍ مَعَ امْرَأَتِهِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَهَذَا الْكَذِبُ فِيهِ مَصْلَحَةُ السَّتْرِ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَتَقْلِيلُ

ص: 220

الْأَذِيَّةِ وَالْفَضِيحَةِ عِنْدَ النَّاسِ وَقَبُولُ شَهَادَتِهِ فِي نَفْسِهِ وَعَوْدُهُ إِلَى الْوِلَايَاتِ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَالَةُ وَتَصَرُّفُهُ فِي أَمْوَالِ أَوْلَادِهِ وَتَزْوِيجُهُ لِمَنْ يَلِي عَلَيْهِ وَتعرض لِلْوِلَايَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ تَعْيِيرَ الزَّانِي صَغِيرَة لَا يمْنَع مِنَ الشَّهَادَةِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَوْبَتِهِ وَلَا قَبُولِ شَهَادَتِهِ تَكْذِيبُهُ نَفْسَهُ بَلْ صَلَاحُ حَالِهِ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ كَسَائِرِ الذُّنُوبِ تَفْرِيعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ تُرَدُّ شَهَادَة الْمَحْدُود فِيمَا حد فِيهِ من قدف أَو غَيره وَإِن تَابَ كَشَهَادَة ولد فِي الزِّنَى للتُّهمَةِ فِي تَسْوِيَة النَّاس وجوزها ش وح فِي الزِّنَى وَغَيْرِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَغَيْرُهُ تُرَدُّ شَهَادَةُ الزانى فِي الزِّنَى والقدف وَاللِّعَانِ وَإِنْ تَابَ وَالْمَنْبُوذِ وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَته فِي شَيْء من وجوده الزِّنَى لِلتُّهْمَةِ وَقَالَ مَالِكٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَى إِلَّا فِي الزِّنَى قَالَ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَن لَا يُقْبَلَ السَّارِقُ فِي السَّرِقَةِ وَالْقَاذِفُ فِي الْقَذْفِ وَالزَّانِي فِي الزِّنَى قِيلَ قَدْ قِيلَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدَ مَالِكٍ بَلْ قَبِلَ مَالِكٌ الْقَاذِفَ فِي الْقَذْفِ وَغَيْرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ وَلَدِ الزِّنَى أَنَّ مَعْرِفَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَزُولُ بِالتَّوْبَةِ كَالْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ وَكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًى دَائِمَ الْمَعَرَّةِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْقِيَاسُ مَا قَالَه سَحْنُون فِي اعتبارالتهمة فَرْعٌ قَالَ إِذَا حُدَّ نَصْرَانِيٌّ فِي قَذْفٍ ثمَّ أسلم بِالْقربِ فَثَبت شَهَادَته وَتوقف سَحْنُون فِيهِ حَتَّى يظْهر صَلَاحهمْ حَالِهِ كَالْمُسْلِمِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ تُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ لَا يُحْكِمُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاة وَلَا يعدر فِي ذَلِكَ بِالْجَهْلِ لِأَنَّ التَّعَلُّمَ وَاجِبٌ قَبْلَ الْعَمَلِ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَعْلَمِ التَّيَمُّمَ

ص: 221

وَقد وَجب علبه وَكَذَلِكَ الْجَهْلُ بِنُصُبِ الزَّكَاةِ وَقَدْرِ الْوَاجِبِ فِيهَا إِذَا كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُرَدُّ الْفَارُّ مِنَ الزَّحْفِ حَيْثُ يَجِبُ الْوُقُوفُ قَالَ سَحْنُونٌ يُرَدُّ بَائِعُ النَّرْدِ وَالْعِيدَانِ والمزامر وَالطُّنْبُورِ وَعَاصِرُ الْخَمْرِ وَبَائِعُهَا وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْهَا فَإِنَّ بَاعَهَا عَصِيرًا لَمْ يُرَدَّ إِلَّا أَنْ يقدم إِلَيْهِ فَلَا يَنْتَهِي وَيرد مُوجب الْحَانُوتِ لِبَيْعِ الْخَمْرِ وَهِيَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَكَذَلِكَ الَّذِي يَسْتَحْلِفُ أَبَاهُ فِي حُقٍّ وَهُوَ جَاهِلٌ أَوْ جَدَّهُ وَإِنْ كَانَ حَقه ثَابتا لِأَنَّهُ عقوق وَلَا يعدر بِالْجَهَالَةِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا تَسَلَّفَ مِنْ حِجَارَةِ الْمَسْجِدِ وَرَدَّ عِوَضَهَا وَقَالَ ظَنَنْتُ أَنَّ هَذَا يجوز إِذْ قَدْ يُجْهَلُ مِثْلُ هَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِم اذا سمى ابْن فلَان وَأَنَّهَا مَاتَ ابْن فُلَانٌ وَلَهُ أَمَةٌ حَامِلٌ فَوُلَدَتْ هَذَا فَلَمْ يورثه وَلَا ادَّعَوْا رَقَبَتَهُ وَلَا رَقَبَةَ أُمِّهِ وَكَبُرَ وَانْتَسَبَ إِلَى الْمَيِّتِ وَلَمْ يَطْلُبِ الْمِيرَاثَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَ بَنِي الْمَيِّتِ إِنْ أَقَرُّوا بِهِ لَمْ يَضُرَّهُ تَرْكُ الْمِيرَاثِ وَإِنْ لَمْ يُقِرُّوا وَلَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِوَطْءِ أَبِيهِمُ الْأَمَةَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْوَرَثَةُ مَعَ أُمِّهِ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى الِانْتِسَابِ لِلْمَيِّتِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ قَاعِدَةٌ الْكَبِيرَةُ مَا عَظُمَتْ مَفْسَدَتُهَا وَالصَّغِيرَةُ مَا قلت مفسدتها فَيعلم مَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ بِأَنْ يُحْفَظَ مَا ورد فِي السّنة أَنَّهَا كَبِيرَةٌ فَيَلْحَقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَمَا قَصُرَ عَنْهُ فِي الْمَفْسَدَةِ لَا يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ فَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَنَقَلَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مَا أَكْبَرُ الَكَبائِرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ شَرِيكًا وَقَدْ خَلَقَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَوَفَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيْ قَالَ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ وَفِي حَدِيثٍ اخر اجتنبوا

ص: 222

السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قِيلَ وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ وَأَكْلُ الرِّبَا وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَفِي آخَرَ وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كُلُّ مَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم َ - وتعد عَلَيْهِ أَوْ رَتَّبَ حَدًّا أَوْ عُقُوبَةً فَهُوَ كَبِيرَةٌ وَيَلْحَقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا ساواه فِي الْمفْسدَة مَعْنَاهَا وَثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - جعل الْقبْلَة فِي الاجنبية صعيرة فَيلْحق بهَا مَا فِي مَعْنَاهُ فَتَكُونُ صَغِيرَةً لَا تَقْدَحُ إِلَّا أَنْ يُصِرَّ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصْرَارٍ تَمْهِيدٌ مَا ضَابِطُ الْإِصْرَارِ الْمُصَيِّرِ لِلصَّغِيرَةِ كَبِيرَةً وَمَا عَدَدُ التَّكْرَارِ الْمُحَصِّلِ لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَا ضَابِطُ إِخْلَالِ الْمُبَاحِ بِالْعَدَالَةِ كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ ضَابِطُهُ كَمَا حَرَّرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنْ نَنْظُرَ إِلَى مَا يَحْصُلُ مِنْ مُلَابَسَةِ الْكَبِيرَةِ مِنْ عَدَمِ الْوُثُوقِ بِفَاعِلِهَا ثُمَّ نَنْظُرَ إِلَى الصَّغِيرَةِ فَمَتَى حَصَلَ مِنْ تَكْرَارِهَا مَعَ الْبَقَاءِ عَلَى عَدَمِ التَّوْبَةِ وَالنَّدَمِ مَا يُوجِبُ عَدَمَ الْوُثُوقِ بِهِ فِي دِينِهِ وَإِقْدَامِهِ عَلَى الْكَذِبِ فِي الشَّهَادَةِ فَاجْعَلْ ذَلِكَ قَادِحًا وَمَا لَا فَلَا وَكَذَلِكَ الْأُمُورُ الْمُبَاحَةُ وَمَنْ تَكَرَّرَتِ الصَّغِيرَةُ مِنْهُ مَعَ تَخَلُّلِ التَّوْبَةِ وَالنَّدَمِ أَوْ مِنْ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ مَعَ عَدَمِ اشْتِمَالِ الْقَلْبِ عَلَى الْعَوْدَةِ لَا يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَة

ص: 223

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا تَابَ الْفَاسِقُ قُبِلَ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ تُبْتُ وَلَا إِقْرَارُ الْقَاذِفِ بِالْكَذِبِ بل لابد فِي كُلِّ فَاسِقٍ أَنْ يُسْتَبْرَأَ حَالُهُ مُدَّةً بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِقَامَتُهُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ وَحَدَّهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِسَنَةٍ مِنْ حِين اظهار التَّوْبَة كالعنين وتاثير الْوُصُول فِي الغرائم كَتَأْثِيرِهَا فِي الْأَمْرَاضِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالتَّحْقِيقُ الرُّجُوعُ لِلْقَرَائِنِ فَمِنَ النَّاسِ بَعِيدُ الْغَوْرِ لَا يَكَادُ يُعْلَمُ مُعْتَقَدُهُ وَيُغَالِطُ الْحُذَّاقَ حَتَّى يَظُنُّوا أَنَّهُ صَالِحٌ فَيَسْتَظْهِرُ فِي حَقِّهِ اكثر وَمِنْهُم من لايكاد يخفى حَاله فَيَكْفِي زَمنا يظْهر فِيهِ الِانْتِقَال الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فِي الْكِتَابِ يَمْنَعُ شَهَادَةَ الْكَافِرِ على السّلم أَوِ الْكَافِرِ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهِمْ أَوْ غَيْرِهَا وَفِي وَصِيَّة ميت مَاتَ فِي سَفَره فَإِن لَمْ يَحْضُرْهُ مُسْلِمُونَ وَتَمْتَنِعْ شَهَادَةُ نِسَائِهِمْ فِي الِاسْتِهْلَالِ وَالْوِلَادَةِ وَوَافَقَنَا ش وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمْ وَهُمْ ذِمَّةٌ وَيَحْلِفَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا خَانَا وَلَا كَتَمَا وَلَا اشْتَرَيَا بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذا لَمِنَ الْآثِمِينَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى التَّحَمُّلِ دُونَ الْأَدَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ غَيْرِكُمْ} أَيْ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ وَقِيلَ الشَّهَادَة فِي الاية الْيَمين وَلَا يقبل فِي غَيْرِ هَذَا عِنْدَ أَحْمَدَ وَقَالَ ح يُقْبَلُ الْيَهُودِيُّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ وَالنَّصْرَانِيُّ عَلَى الْيَهُودِيِّ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَعَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ تُقْبَلُ عَلَى مِلَّتِهِ دُونَ غَيْرِهَا لَنَا قَوْله تَعَالَى {واغرينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم

ص: 224

القيأمة} وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ وَقِيَاسًا عَلَى الْفَاسِقِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالتَّوَقُّفِ فِي خَبَرِ الْفَاسِقِ وَهُوَ أَوْلَى وَالشَّهَادَةُ آكَدُ مِنَ الْخَبَرِ وقَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} وَفِي الْحَدِيثِ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ دِينٍ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ دِينِهِمْ إِلَّا الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّهُمْ عُدُولٌ عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ وَلِأَنَّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا تُقْبَلُ عَلَى غَيْرِهِ كَالْعَبْدِ وَغَيْرِهِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عدل مِنْكُم اَوْ اخران من غَيْركُمْ} مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى وَغَيْرِهِ وَإِذَا جَازَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جَازَتْ عَلَى الْكَافِرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ الْيَهُودَ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَمَعَهُمْ يَهُودِيَّانِ فَذَكَرَتْ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَجَمَهُمَا بِشَهَادَتِهِمْ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ إِنْ شَهِدَ مِنْكُمْ أَرْبَعَةٌ رَجَمْتُهُمَا وَلِأَنَّ الْكفَّار من اهل الْولَايَة لِأَنَّهُ يُزَوجهُ أَوْلَادَهُ وَلِأَنَّهُمْ يَتَدَايَنُونَ فِي الْحُقُوقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمن اهل الْكتب من ان تامنه بقنطار يؤده اليك} وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ وَعَنْ قَتَادَةَ مِنْ غَيْرِ خَلْقِكُمْ فَمَا تَعَيَّنَ مَا قُلْتُمُوهُ أَوْ مَعْنَى الشَّهَادَةِ التَّحَمُّلُ وَنَحْنُ نُجِيزُهُ

ص: 225

اَوْ الْيَمين لقَوْله تعإلى {فيقسمان بِاللَّه} كَمَا قَالَ فِي اللِّعَانِ أَوْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خير الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرَهُمْ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ مِنْ شَرْطِهِ الْإِسْلَامُ مَعَ أَنه يحْتَمل أَنَّهُمَا اعترفا بالزنى فَلم يرجمهم بِالشَّهَادَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْفِسْقَ وَإِنْ نَافَى الشَّهَادَةَ عِنْدَنَا فَإِنَّهُ لَا يُنَافِي الْوِلَايَةَ لِأَنَّ وَازِعَهَا طَبَعِيٌّ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَازِعُهَا دِينِيٌّ فَافْتَرَقَا وَلِأَنَّ تَزْوِيجَ الْكُفَّارِ عِنْدَنَا فَاسِدٌ وَالْإِسْلَامُ يُصَحِّحُهُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيين سَبِيل} فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ مَالَنَا وَجَمِيعُ أَدِلَّتِكُمْ مُعَارَضَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فنفى تعإلى التَّسْوِيَة فَلَا تقبل شَهَادَتهم وَلَا حَصَلَتِ التَّسْوِيَةُ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} قَالَ الْأَصْحَابُ وَنَاسِخُ الْآيَةِ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوي عدل مِنْكُم}

(فرع مُرَتّب)

من النَّوَادِرِ لَوْ رَضِيَ الْخَصْمَانِ بِشَهَادَةِ كَافِرٍ أَوْ مَسْخُوطٍ لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ وَقَالَهُ ش وح وَقَبِلَهَا ابْنُ حَنْبَلٍ إِلَّا فِي الْحُدُودِ لَنَا قَوْله تعإلى {هَل لكم مِمَّا ملكت ايمانكم من شُرَكَاء فِيمَا

ص: 226

رزقنكم} وَمِنْهُ الشَّهَادَةُ وقَوْله تَعَالَى {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} أَيْ مِنْ أَحْرَارِكُمْ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِقَوْلِهِ مِنْكُمْ فَائِدَةٌ وَقِيَاسًا عَلَى التَّوْرِيثِ بِجَامِعِ أَنَّهُ أَمْرٌ لَا يَتَبَعَّضُ احْتِرَازًا مِنَ الْحُدُودِ وَغَيْرِهَا إِلَى تبعيض وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَلَا يَتَأَهَّلُ لِلشَّهَادَةِ كَالْبَهَائِمِ أَوْ لِأَنَّهُ مَوْلًى عَلَيْهِ كَالصَّبِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا ياب الشُّهَدَاء اذا مَا دعوا} وَالنَّهْيُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ مُمْكِنٍ وَالْعَبْدُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْإِجَابَةِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ وَلَا يُسْتَثْنَى كَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا بِجَامِعِ الْمَفْرُوضِيَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاص بِمَا اوجبه الله تعإلى بخلافا مَا يُوجِبُهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى نَفْسِهِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَهُوَ مِنَ الْعُدُولِ وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْد الله اتقاكم} وَالْعَبْدُ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ ذَلِكَ وَقِيَاسًا عَلَى رُؤْيَتِهِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْمَالِ وَبَيْنَ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بِأَنَّ هَذِه امور تدرأ بِالشُّبُهَاتِ فالخلا فِي شَهَادَةِ الْعَبْدِ شُبْهَةٌ تَمْنَعُهَا بِخِلَافِ الْمَالِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَنْ يَشْهَدُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى إِذْنِ غَيْرِهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعَدْلَ الْمَرْضِيَّ هُوَ الْمُعْتَدِلُ فِي ديانته ومرؤته ومرؤة العَبْد تختل بالاهانة بِشَهَادَة العادلة وَعَن الثَّالِث لذِي التَّقْوَى لَا يُوجب قَبُولَ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْمُغَفَّلَ مُتَّقٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَعَ أَنَّ هَذِهِ عُمُومَاتُ أَدِلَّتِنَا تُخَصِّصُهَا وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الرِّوَايَةَ أَخَفُّ رُتْبَةً بِدَلِيلِ ان الْأمة الْوَاحِدَة تقبل فِي الْخَبَر

ص: 227

الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَقَعُ غَالِبًا عَلَى مُعَيَّنٍ وَهِي سلطانة تَقْتَضِي الْكَمَالَ وَالْعَبْدُ نَاقِصٌ وَالرِّوَايَةُ لَيْسَتْ عَلَى معِين فَلَا سلطانة وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ ثُبُوتَ الرِّقِّ لَا يُوجِبُ الْقَبُولَ فِي الْمَالِ كَالْمُغَفَّلِ

(فَرْعٌ مُرَتَّبٌ)

فِي النَّوَادِرِ إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ حُرٌّ فَحَكَمَ بِهِ فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى عُتِقَ ثُمَّ يَقُومُ بِهِ الْآنَ فَيَشْهَدُ وَلَوْ قَالَ الْخَصْمُ شَاهِدِي فُلَانٌ الْعَبْدُ فَقَالَ الْقَاضِي لَا أَقْبَلُهُ فَعُتِقَ ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ كَلَامَ الْقَاضِي فُتْيَا قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ إِذَا أَشْهَدَ الْعَبْدُ أَوِ الصَّبِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ عَلَى شَهَادَتِهِمْ عُدُولًا ثُمَّ انْتَقَلَتْ أَحْوَالُهُمْ إِلَى حَالِ جَوَازِ شَهَادَتِهِمْ قَبْلَ أَنْ يُنْقَلَ عَنْهُمْ لَا يُقْبَلُ النَّقْلُ عَنْهُمْ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ فِي وَقْتٍ لَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ بِخِلَافِ إِنْ شَهِدُوا فِي الْحَالِ الثَّانِي بِمَا عَلِمُوهُ فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ واصحابه الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ابْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ سنة الا ان يَحْتَلِم بحلاف ابْنِ ثَمَانِي عَشْرَةَ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِاحْتِلَامِ وَجَوَّزَ ابْنُ وَهْبٍ الْأَوَّلَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَجَازَ ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَا دَلِيلَ فِيهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنَّمَا أَجَازَ مَنْ يُطِيقُ الْقِتَالَ وَلَمْ يسألهم عَن اسنأنهم الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا عَلِمَ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا لَكَ وَرَآهُ بِيَدِ غَيْرك يَبِيعهُ ويهبه ويحوله عَنْ حَالِهِ وَلَا يَقُومُ بِشَهَادَتِهِ ثُمَّ يَشْهَدُ فَيَقُول لَهُ لَمْ تَقُمْ بِشَهَادَتِكَ قَبْلَ هَذَا فَيَقُولُ لَمْ أُسْأَلْ وَلَمْ أَرَ فَرْجًا يُطَأُ وَلَا حُرًّا يُسْتَخْدَمُ وَلَيْسَ عَلَيَّ أَنْ أُخَاصِمَ النَّاسَ تُرَدُّ شَهَادَته وَكَذَلِكَ فِي الْجَمِيع

ص: 228

الْعُرُوضِ إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ تُحَوَّلُ عَنْ حَالَتِهَا بِعِلْمِهِ قَالَ غَيْرُهُ وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمَشْهُود لَهُ غَالِبا أَوْ حَاضِرًا لَا يَعْلَمُ أَمَّا حَاضِرٌ يَرَى فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ سَحْنُونٌ إِلَّا فِيمَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ وَمَا يَلْزَمُ الشَّاهِدُ ان يقوم بِهِ وان كذبه الْمُدعى بِالْحُرِّيَّةِ وَالطَّلَاقِ وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا فَلَا لِأَنَّ رَبَّهُ إِنْ كَانَ حَاضِرًا فَهُوَ ضَيَّعَ مَالَهُ أَوْ غَائِبًا فَلَا شَهَادَةَ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ المَال اذا كَانَ حَاضرا لَا يعلم لَان هَذَا كَانَت لِأَبِيهِ فَعَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَعْلَمَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ شَهَادَته الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ فِي الْكِتَابِ يُضْرَبُ شَاهِدُ الزُّورِ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّهَا كَبِيرَةٌ وَيُطَافُ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ وَأَمَرَ عُمَرُ رضي الله عنه بجلده اربعين جلدَة وبتسخيم وَجْهِهِ وَأَنْ يُطَافَ بِهِ حَيْثُ يَعْرِفُهُ النَّاسُ بِطُولِ حَبْسِهِ وَحَلْقِ رَأْسِهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَسْوَدُّ وَجْهُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَكْتُبُ الْقَاضِي بِذَلِكَ كِتَابًا وَيَشْهَدُ فِيهِ وَيَجْعَلُهُ نُسَخًا يَسْتَوْدِعُهُ عِنْدَ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَاخْتُلِفَ فِي عُقُوبَتِهِ إِذَا أَتَى تَائِبًا وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ عَنْ شَهَادَتِهِ وَلَمْ يَأْتِ بِعُذْرٍ لَوْ أُدِّبَ لَكَانَ أَهْلًا قَالَ سَحْنُون لَا يُعَاقب لَيْلًا يَمْتَنِعَ النَّاسُ مِنَ الِاسْتِفْتَاءِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يُعَاقِبِ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي سَأَلَهُ عَنِ الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ وَأَمَّا قَبُولُ شَهَادَةِ شَاهِدِ الزُّورِ فِي الْمُسْتَقْبل فَإِن اتى تَائِبًا لم تنقل حَالُهُ إِلَى خَيْرٍ قُبِلَتْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قبل ذَلِك عرفت بِالْخَيْرِ فَلَا يَبْقَى انْتِقَالُهُ دَلِيلًا وَقَالَ أَصْبَغُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا إِذَا أَقَرَّ

ص: 229

بِشَهَادَةِ الزُّورِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ لَا يتهم حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَأَمَّا إِنْ ظَهَرَ وَتَابَ وَانْتَقَلَ إِلَى صَلَاحٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُقْبَلُ وَعَنْهُ أَنَّهُ يقبل قَالَ وَالْمَنْع هَاهُنَا أَحْسَنُ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ فِي الزِّنْدِيقِ يَظْهَرُ عَلَيْهِ ان تَوْبَته لَا تقبل وَلَو عقل عَن الزناديق فَلَمْ يُشْهَدْ عَلَيْهِ حَتَّى ظَهَرَ صَلَاحُهُ وَانْتَقَلَ حَالُهُ وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ قَالَ وَالْأَشْبَهُ قَبُولُ تَوْبَته وَلِأَنَّهَا شُبْهَة يدرا بهَا الْقَتْل وَيُشبه ان لَا يقبل لِأَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الصَّحِيحُ أَنَّ اخْتِلَافَ قَول مَالك فِي قبُول شَهَادَته لَيْسَ خلافًا بل مَحْمُول عَلَى حَالَيْنِ إِنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ قُبِلَتْ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِتَوْبَتِهِ وَقَالَ ش يعرز دُونَ الْأَرْبَعِينَ وَيُشَهَّرُ أَمْرُهُ فِي مَسْجِدِهِ أَوْ قبيله أَوْ سُوقِهِ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَقَالَ ح لَا يُعَزَّرُ بَلْ يُشَهَّرُ وَيُنَادَى عَلَيْهِ فِي قَبِيلَتِهِ أَوْ سُوقِهِ وَيُحَذَّرُ النَّاسُ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ شَارِبُ النَّبِيذِ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ يُحَدُّ وَيُفَسَّقُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَقَالَ ح لَا يُحَدُّ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَقَالَ ش إِنْ شَرِبَهُ مَنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ حُدَّ وَفُسِّقَ اَوْ حَنَفِيّ متاول حد وَقبلت شهاته لَنَا أَنَّ الْحَدَّ لَا يَثْبُتُ إِلَّا عَلَى فَاسِقٍ وَقَدْ حُدَّ فَيَكُونُ فَاسِقًا كَالزِّنَى وَالْقَذْفِ احْتَجُّوا بِأَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ اسْتِبَاحَةَ مُحَرَّمٍ فَهُوَ أَشَدُّ مِمَّنْ يَتَنَاوَلُهُ وَهُوَ مُعْتَقِدٌ لِتَحْرِيمِهِ أَلَّا تَرَى أَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ اسْتِبَاحَةَ الْخَمْرِ كَفَرَ وَلَو شربهَا مُعْتَقد التَّحْرِيمَ فَسَقَ وَمُعْتَقِدُ حِلِّ النَّبِيذِ لَا يَفْسُقُ بِالِاتِّفَاقِ فَلَا يَفْسُقُ بِالتَّنَاوُلِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ فَلَا يُفَسَّقُ لِأَنَّهُ مُقَلِّدٌ وَلِأَنَّ الْحَدَّ لَا يُوجب الْفسق لَان الزَّانِي بجد انت بِحَدّ وَلَا هُوَ فَاسِقٌ وَلِأَنَّ الْمَعْقُودَاتِ تَتَّبِعُ الْمَفَاسِدَ دون الْمعاصِي لانا نُؤَدِّبُ الصِّبْيَانَ وَالْبَهَائِمَ مَعَ عَدَمِ

ص: 230

الْمَعْصِيَةِ بَلْ لِدَرْءِ الْمَفْسَدَةِ وَالِاسْتِصْلَاحِ فَكَذَلِكَ الْحَنَفِيُّ يُحَدُّ لِدَرْءِ مَفْسَدَةِ النَّبِيذِ مِنَ الْإِسْكَارِ وَلَا مَعْصِيَةَ لِأَجْلِ التَّقْلِيدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يلْزم ان لَا يُحَدَّ شَارِبُ النَّبِيذِ لِاعْتِقَادِهِ تَحْلِيلَهُ كَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَلَا يُحَدُّ إِلَّا مُتَنَاوِلٌ وَلَا يكفر باعتقاد اباحة كَبَقِيَّةِ الْحُدُودِ وَإِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا فِي الْحَدِّ لَا يفترقان فِي الْفسق ايضا لثُبُوت الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ لَا يُوجِبُ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْحُكْمِ فَإِنَّ الْحُرَّ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنَ الْعَبْدِ وَقَدْ سَاوَاهُ فِي أَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ وَالْعَبْدُ أَقْوَى حُرْمَةً مِنَ الْبَهَائِمِ وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ مَالًا وَمَعَ ذَلِكَ سَاوَى الْأَمْوَالَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ يُشْتَرَى وَيُكَاتَبُ وَيُوهَبُ وَغَيْرَ ذَلِكَ ثُمَّ نَقُولُ التَّنَاوُلُ فِي النَّبِيذِ أَشَدُّ مِنَ اعْتِقَادِ إِبَاحَتِهِ لِأَنَّ التَّنَاوُلَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِخِلَافِ الِاعْتِقَادِ وَالتَّنَاوُلُ هُوَ الْمُحَقِّقُ لِلْمَفْسَدَةِ بِخِلَافِ الِاعْتِقَادِ لِأَنَّ الْمَفْسَدَةَ هُوَ التَّوَسُّلُ لِفَسَادِ الْعَقْلِ وَالِاعْتِقَادُ وَسِيلَة بعيدَة وَعَن الثَّانِي ان الثَّانِي مُعْتَبر اوجب ان لَا يحد لاكنه حُدَّ فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَالْأُصُولُ تَقْتَضِي أَحَدَ قَوْلَيْنَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ النَّبِيذُ حَرَامًا فَيُفَسَّقُ وَيُحَدُّ وَهُوَ قَوْلُنَا أَوْ حَلَالًا فَلَا يُحَدُّ وَلَا يُفَسَّقُ وَهُوَ قَوْلُ ح أَمَّا حَلَالًا وَلَا يُفَسَّقُ وَيُحَدُّ فَخِلَافُ الْأُصُولِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّا لَمْ نَقُلْ إِنَّ الْمَحْدُودَ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَالَةَ إِيقَاعِ الْحَدِّ فَاسِقًا بَلْ نَقُولُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مُفَسِّقًا وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الُعُقُوبَاتِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمَعْصِيَةَ لَكِنَّ الْعُقُوبَاتِ الْمَحْدُودَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي فُسُوقٍ فَلَا نَجِدُ حَدًّا فِي مُبَاحٍ عملا بالاستقراء الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا قَالَ رَضِيتُ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَشَهِدَ فَقَالَ لَهُ شَهِدَ بِغَيْرِ الْحَقِّ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ بِخِلَافِ التَّحْكِيمِ يُنَفَّذُ وَإِنْ كَرِهَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّاهِدَ لَمْ يُفَوِّضِ الْأَمْرَ إِلَى اجْتِهَاده بل الْمَطْلُوب معِين تمكن النازعة فِيهِ إِذَا عَدَلَ عَنْهُ وَالتَّحْكِيمُ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ مُفَوَّضٌ لِلِاجْتِهَادِ

ص: 231

فَتَتَعَذَّرُ الْمُنَازَعَةُ فِيهِ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ لَوْ تَنَازَعْتُمَا فِي شَيْءٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا يَظُنُّهُ لَهُ فَسَأَلْتُمَا رَجُلًا فَشَهِدَ بِهِ لِأَحَدِكُمَا جَازَ وَلَا تشبه مسالة مَالك لانك هَاهُنَا حَكَّمْتُمَا فِي غَيْرِ مَعْلُومٍ فَهُوَ كَالتَّحْكِيمِ وَمَسْأَلَةُ مَالِكٍ إِذَا حُكِّمَتْ فِيمَا تَعْلَمُهُ وَتَعْتَقِدُ أَنَّهُ شاركك فِي الْعلم فَإِذا خالفك عِلْمَكَ لَكَ الْإِنْكَارُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ اللُّزُوم فِي الْوَجْهَيْنِ لَان الاصل ان لَا يَلْزَمَ الْإِنْسَانَ إِلَّا شَهَادَةُ الْعَدْلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَعَنْ مُطَرِّفٍ لَهُ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَشْهَدْ فَإِذَا شَهِدَ فَلَا يَلْزَمُهُ كَانَ يَعْلَمُ أَوْ يظنّ مَا لم يكن على وَجه التنكيت لصَاحبه والتبرئة لِلشَّاهِدِ مِنْ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيهِ لِأَنَّ الْمُنَزَّهَ غَيْرُ مُحْكَمٍ وَفِي غَيْرِهِ الاقوال الثَّلَاثَة الْمُتَقَدّمَة يلْزمه لَا يلْزم التَّفْرِقَةُ بَيْنَ التَّحْقِيقِ وَالظَّنِّ وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّاهِدُ فِي هَذَا كُلِّهِ عَدْلًا أَوْ مَسْخُوطًا أَوْ نَصْرَانِيًّا وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ الرِّضَا بِالنَّصْرَانِيِّ بِخِلَافِ الْمَسْخُوطِ لِبُعْدِ الْكَافِرِ عَنْ دَرَجَةِ الشَّهَادَةِ وَإِذَا لم يظْهر فِي الْمُنَازعَة تنكيت من غَيره فَمَحْمُول على غير التنكيت حَتَّى يتَبَيَّن مِنْهُ التنكيت لِأَنَّهُ ظَاهِرُ التَّحْكِيمِ وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ مَا قَالَهُ فُلَانٌ إِنَّهُ عَلَيَّ مِنَ الدُّيُونِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَذَلِكَ عَبْدٌ أَوْ مَسْخُوطٌ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْوَرَثَةَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَجْرِي الْخلاف الْمُتَقَدّم هَاهُنَا لِأَنَّهُ حَكَمَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَسَقَطَ وَالصَّحِيحُ حَكَمَ عَلَى نَفْسِهِ بِحَدَثِ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّ أَصْبَغَ خَالَفَ وَقَالَ يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَصِيَّتِي عِنْدَ فُلَانٍ فَمَا خَرَجَ فِيهَا فَأَنْفِذُوهُ يُنَفَّذُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ مَتَى لَمْ يكك مُتَّهِمًا عَلَى الْوَرَثَةِ وَخِلَافُهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالدُّيُونِ أَنَّهَا فِي الثُّلُثِ وَهُوَ لَهُ يُوصِي فِيهِ وَالدُّيُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْوَصِيَّةُ خُفِّفَ أَمْرُ الشَّهَادَةِ فِيهَا حَتَّى قُبِلَ الْكَافِرُ فِي السَّفَرِ بِخِلَافِ الدُّيُونِ

(فَرْعٌ)

فِي النَّوَادِرِ قَالَ مُطَرِّفٌ إِنْ قَالَ كُلُّ مَنْ شهد لي فشهادته سَاقِطَة عَنْك اَوْ

ص: 232

مُبْطل لَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يُسَمِّيَ مُعَيَّنًا أَوْ مُعَيَّنِينَ فَإِنْ قَالَ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا لَزِمَهُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ اذا شهد على زيد فَعَزله عَمْرٌو فَشَهَادَتُهُ عَلَى عَمْرٍو مَقْبُولَةٌ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ تَعْدِيلٍ لِاعْتِرَافِهِ بِعَدَالَتِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا سَأَلَ الْخَصْمَانِ الْحَاكِمَ أَوْ مَنْ حَكَّمَاهُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِشَهَادَةِ مَنْ لَا يقبل شَهَادَتُهُ لَا يَفْعَلُ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْتَدَى بِهِ وَقَدْ يَعْدِلُ الشَّاهِدُ بِذَلِكَ وَيُقَالُ لَهُمَا مَا علمناه من الشَّهَادَة اجعلا قرارا

(فَرْعٌ)

قَالَ مَتَى قَالَا رَضِينَا بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ بَعْدَ أَنْ فَسَّرَ الشَّاهِدَانِ الشَّهَادَةَ لَزِمَ الاقرار الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَقُولُ الْحَاكِمُ لِلْمَطْلُوبِ دُونَكَ فَجَرِّحْ لِأَنَّهُ يُوهِنُ الشُّهُودَ وَخَالَفَهُ ابْنُ نَافِعٍ لِأَنَّهُ بذل الْجهد وَلَيْسَت الْعَدَالَة قطيعة كوتم عَدَاوَةٍ أَوْ قَرَابَةٍ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَقُولُ لَهُ شَهِدَ عَلَيْكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَإِنْ كَانَ عِنْدَكَ مِدْفَعٌ فَادْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ وَإِلَّا حَكَمْتُ عَلَيْكَ وَيُعْلِمُهُ بِأَنَّ لَهُ التَّجْرِيحَ إِنْ كَانَ يَجْهَلُ ذَلِكَ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بِخِلَافِ دُونَكَ فَجَرِّحْ فَإِنَّهُ إِغْرَاءٌ

ص: 233

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا زَكَّى أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ صَاحِبَهُ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حييّ بِوَاحِد ثَبت لَا بِشَاهِدين قَالَ وَلَوْ زَكَّيَا جَمِيعًا شَاهِدًا وَشَهِدَ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ آخَرَ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ جَازَ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا شَهِدَ بِحَقٍّ وَجِئْتَ بِآخَرَيْنِ شَهِدَا بِمِثْلِ ذَلِكَ لَكَ وَزَكَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ الْأُخْرَى تَمَّتِ الشَّهَادَةُ وَالتَّزْكِيَةُ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ سَأَلَا مَحَالَةً وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ فَرِيقٍ بِحَقٍّ غَيْرِ الْحَقِّ الْآخَرِ لِغَيْرِكَ امْتَنَعَتِ التَّزْكِيَةُ لِأَنَّهُ اشْهَدْ لِي وَأَشْهَدُ لَكَ وَكَانَ يَقُولُ يَجُوزُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالصَّوَابُ مَنْعُ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لَا يَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ إِلَّا بِتَزْكِيَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَكَيْفَ يُزَكِّي مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى تَزْكِيَةٍ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا شَهِدَا بِحَقٍّ فَزَكَّى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْحَقَّ مَعَ المدلي لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ إِلَّا الَّذِي زَكَّاهُ صَاحِبُهُ والاجنبي وَلَو شهد الْحَقَّيْنِ وَزَكَّى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ امْتَنَعَ وَلَوْ زَكَّى الْوَاحِدُ رَجُلًا آخَرَ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ وَزَكَّى الشَّاهِدُ الْآخَرُ وَرَجُلٌ آخَرُ مَعَهُ الشَّاهِدَ الَّذِي زَكَّاهُ أَوَّلًا فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ وَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا شَهِدَا فِي حَقٍّ وَعَدَّلَا رَجُلًا شَهِدَ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ جَازَتْ تَزْكِيَتُهُمَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ لِأَنَّهُمَا عَدْلَانِ وَإِنْ شَهدا على شَهَادَة رجل وعدلا جَازَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ نَقْلُ الشَّهَادَةِ عَنْهُ بِتَعْدِيلٍ قَالَ أَشْهَبُ وَيَجُوزُ تَعْدِيلُ غَيْرِهِمَا لَهُ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وُفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا شَهِدَا فِي حق وجرح مَنْ شَهِدَ بِبُطْلَانِ ذَلِكَ الْحَقِّ جَازَ وَإِذَا نقلا عَن شَاهد لَا أَحدهمَا الآخر كَمَا لَا يعدل الشَّاهِدَيْنِ مَنْ شَهِدَ مَعَهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْحَقُّ بِالْمُزَكِّي وَحْدَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا شَهَادَةَ فِي حَقٍّ بِعِلْمِكَ وَتُنْقَلُ مَعَ آخَرَ عَنْ اخر لَان وَاحِدًا احيى الشَّهَادَةَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ مَالِكٌ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ عَدَالَةَ شَخْصٍ أَنْ يُزَكِّيَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْحُقُوقِ إِلَّا أَنْ يَجِدَ غَيْرَهُ فَهُوَ فِي سَعَةٍ وَرَخَّصَ فِي ذَلِك

ص: 234

ابْنُ نَافِعٍ إِذَا تَعَيَّنَتْ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ لَا يُقْطَعُ بِهَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْحُقُوقِ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَظْهَرُ لِأَنَّ مَدْرَكَ الْعَدَالَةِ الظَّنُّ لِتَعَذُّرِ الْعِلْمِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُجَرِّحِ أَنْ يُجَرِّحَ إِذَا خَافَ إِذَا سَكَتَ أَنْ يَحِقَّ بِشَهَادَةِ الْمَجْرُوحِ بَاطِلًا أَوْ يَمُوتَ حَقٌّ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَأَلْتَ بَعْدَ إِسْجَالِ الْحُكْمِ الْقَدْحَ فِي الْبَيِّنَةِ جَازَ إِذَا رَأَى الْقَاضِي لِذَلِكَ وَجْهًا كَقَوْلِكَ مَا سَكَتُّ إِلَّا جَهَالَة فَأَعْلمنِي بهم عدُول وَنَحْو وَكَذَلِكَ لَكَ بَعْدَ عَزْلِ الْقَاضِي أَوْ مَوْتِهِ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلثَّانِي لِأَنَّهُ لَا ينقص قَضَاءَ غَيْرِهِ وَقِيلَ يُمْكِنُهُ كَمَا يُمْكِنُهُ الْأَوَّلُ وَقِيلَ لَا يُمْكِنُهُ الْأَوَّلُ وَلَا الثَّانِي لِأَنَّهُ حكم وانفذ وَانْبَرَمَ فَيَحْصُلُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُمْكِنُهُ وَمَنْ بَعْدَهُ لَا هُوَ وَلَا مَنْ بَعْدَهُ يُمْكِنُهُ هُوَ دُونَ مَنْ بَعْدَهُ وَهَذَا فِي الْمَطْلُوبِ وَفِي الطَّالِبِ رَابِعٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ عَجَزَ أَوَّلَ قِيَامِهِ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْمَطْلُوبِ عمل وَبَين أَن لَا يَجِبَ وَهَذَا الْخِلَافُ كُلُّهُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا عَجَّزَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ وَأَمَّا إِذَا عَجَّزَهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالْإِعْذَارِ وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّ لَهُ حُجَّةً فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ حُجَّةٍ لِأَنَّ قَوْله قد ردمها نفود الْحُكَّامِ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا سَأَلْتَ الْقَاضِيَ أَنْ يَكْتُبَ لَكَ لِتَثْبُتَ الْعَدَالَةُ عِنْدَهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِغَيْرِهِ فِي تَعْدِيلِ الشُّهُودِ وَعَلَيْكَ أَنَّ شُهُودَكَ حَيْثُ شَهِدَتْ بَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَ فِي النَّوَاحِي مَنْ يَثِقُ بِهِ يَسْأَلُهُ عَنِ الشُّهُودِ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ بِأَنْ يَشْهَدَ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنَ الْبَيِّنَةِ فَتَغِيبُ الْأُصُولُ وَتُحْمَلُ الْفُرُوعُ لِلْحَاكِمِ فَيَقْبَلُهُمْ الْغَرِيبُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لِأَنَّ الْبَدَوِيَّ لَا يَعْدِلُ الْحَضَرِيَّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ إِلَّا

ص: 235

عِنْدَ تَعَيُّنِ الشَّهَادَةِ كَمَا إِذَا شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ فَطَلَبَ تَعْدِيلَهُ وَالَّذِي يَعْلَمُ عَدَالَتَهُ مَرِيضٌ عَاجِزٌ عَنِ الْحُضُورِ فَيَبْعَثُ إِلَى الْقَاضِي بِمَا عِنْدَهُ مِنَ التَّعْدِيلِ رَجُلَيْنِ وَرَجَعَ سَحْنُونٌ عَمَّا قَالَهُ وَقَوْلُ مُطَرِّفٌ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى ذَلِكَ لَوْ جَازَتْ لَجَازَتْ شَهَادَةُ غَيْرِ الْعُدُولِ لَأَنَّ النَّاسَ قَدْ تَتَغَيَّرُ أَحْوَالُهُمْ بَعْدَ إِشْهَادِهِمْ عَلَى عَدَالَتِهِمْ وَكَذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا سَمِعْتَ عَدْلَيْنِ يَقُولَانِ فُلَانٌ عَدْلٌ أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ فَشَهِدَ فُلَانٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ لَكَ تَعْدِيلُهُ وَلَا تَجْرِيحُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ السَّمَاعِ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ وَلَوْ لَمْ تُشْهِدْكَ الْأُصُولُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَأَمَّا إِنْ شَاعَ سَمَاعُكَ مِنَ الشُّهُودِ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ عَدْلٌ أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ جَازَ لَكَ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ وَلَا تُسَمِّي مَنْ سَمِعْتَ مِنْهُ اتِّفَاقًا غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى السماع بَاقِل من اربعة شُهُود وَتجوز الْعَدَالَة عَلَى الْعَدَالَةِ إِذَا كَانَ الشُّهُودُ عَلَى الْأَصْلِ غُرَبَاءَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ امْتَنَعَ حَتَّى يَأْتُوا بِتَعْدِيلِهِمْ أَنْفُسَهُمْ وَسَوَاءٌ كَانَ مُعَدِّلُ الْغَرِيبِ غَرِيبًا أَوْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُعَدَّلُونَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَعَدَّلَهُمْ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلَمْ يُعَرَفُوا حَتَّى يُجَدَّدَ عَلَى أُولَئِكَ تَعْدِيلٌ وَلَوْ كَانَ المعدلون الاولون غرباء فَلم يعرفوا معدلهم نَاسٌ مِنَ الْبَلَدِ فَلَمْ يُعْرَفُوا جَازَ لَهُمْ أَنَّ يَعْدِلَهُمْ غَيْرُهُمْ وَلَمْ يَجُزْ تَعْدِيلُهُمْ عَلَيْهِمْ هَذَا نَصُّ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ وَلَوْ كَانَ الْمُعَدَّلُونَ الْأَوَّلُونَ غُرَبَاءَ فَعَدَّلَهُمْ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَمْ يُعْرَفُوا جَازَ لَهُمْ أَنْ يُعَدِّلَهُمْ غَيْرُهُمْ ثُمَّ لَمْ يَجُزْ تَعْدِيلُهُمْ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَشْهَدْتَ اثْنَيْنِ ثُمَّ اثْنَيْنِ عَلَى حَقٍّ وَاحِدٍ جَازَتْ تَزْكِيَةُ الْآخَرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَكَذَلِكَ فِي حَقَّيْنِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجُرَّا لِأَنْفُسِهِمَا نَفْعًا الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا تُجَرِّحْ مَنْ جَرَّحَ أَخَاكَ أَوْ

ص: 236

عَمَّكَ الْعَلِيَّ الْقَدْرِ لِأَنَّكَ تَدْفَعُ الْعَيْبَ عَنْ نَفسك وَلَك ذَلِك فِي غَيرهَا خير وَلَكَ تَعْدِيلُ غَيْرِهِمْ وَلَا يَلْحَقُ ابْنُ الْأَخِ وَابْنُ الْعَمِّ بِأَبَوَيْهِمَا وَلَا يُشْتَمُ أَحَدٌ بِابْنِ أَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ غَالِبًا وَلَكَ تَجْرِيحُ مَنْ جَرَّحَ أَخَاكَ بِأَنَّهُ عَدُوُّكَ لِأَنَّهُ لَا عَارَ عَلَيْك فِي عَدَاوَة ولاخيك الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَالَ وَقَوْلُهُ فِي الْعَدَاوَةِ صَحِيحٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُعَدِّلُ أَخَاهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَعْدِلُهُ فُلَانٌ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَدِّلَ عَمَّهُ وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي تَجْرِيحِ مُجَرِّحِهِ وَفَسَّرَ ابْنُ دَحُونَ قَوْلَ سَحْنُونٍ بِأَنَّكَ لَا تُجَرِّحُ مَنْ جرح اخاك اَوْ عمك تفسق بتفسيقه بَلْ بِعَدَاوَةٍ وَإِنْ جَرَّحَهُمَا بِعَدَاوَةٍ جَازَ لَكَ تَجْرِيحُهُ بِالْفِسْقِ وَالْعَدَاوَةِ قَالَ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي الْمَعْنَى فَتَدَبَّرْهُ الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ شَهِدَ بِحَقٍّ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ عَدْلٍ لَا يَجُوزُ لَك تجريحه لَيْلًا يَضِيعَ الْحَقُّ الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَعْتَقْتُمَا عَبْدَيْنِ عِنْدَ عِتْقِهِمَا أَنَّ الْمَوْرُوثَ أَشْهَدَهُمَا أَنَّ فُلَانَةً حَامِلٌ مِنْهُ وَوُلَدَتْ وَأَنْتُمَا تَرِثَانِ بِالتَّعْصِيبِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ تَجْوِيزَهَا فَتَشْهَدُ أَنَّكَ غَصَبْتَهُمَا مَائَةَ دِينَارٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي الْمَائَةِ لِعَدَمِ يَجُوزُ بَعْضُ الشَّهَادَةِ فِي بَعْضٍ كَمَا لَوْ شَهِدَتِ امْرَأَتَانِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَتَبَعَّضُ الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَتَبَ الْقَاضِي شَهَادَةَ الشَّاهِدِ وَلَمْ يَحْكُمْ حَتَّى قَتَلَ وَقَذَفَ أَوْ قَاتَلَ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ شَهَادَتُهُ لِقَبُولِهَا قَبْلَ الْجُرْحَةِ إِلَّا أَنْ يُحْدِثَ مَا يُسِرُّهُ النَّاسُ مِنَ الزِّنَى وَالسَّرِقَةِ فَتَبْطُلُ لِأَنَّهُ مِمَّا ظَهَرَ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِيهَا وَلَوْ حَكَمَ بِهِمْ فِي حَدٍّ وَلَمْ يُقِمْهُ حَتَّى فَسَقُوا نَفَّذَا الْحُكْمَ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْوَضْعِ الصَّحِيحِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ قَالَ أَشْهَبُ بَطَلَتْ كَالرُّجُوعِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ

ص: 237

أَصْبَغُ أَمَّا فِي حَقِّ الْعِبَادِ فَكَذَلِكَ وَأَمَّا الْحَدُّ الَّذِي لِلَّهِ وَحْدَهُ فَلَا يُنَفَّذُ وَلَوْ شَهِدَ لِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَالَ أَصْبَغُ صَحَّتْ شَهَادَتُهُ بِخِلَافِ مَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ وَارِثٍ فَصَارَ وَارِثًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّهَادَةَ حَدَثَتِ التُّهْمَةُ فِيهَا بَعْدَ أَدَائِهَا وَالْوَصِيَّةُ إِنَّمَا يُنْظَرُ فِيهَا يَوْمَ تَجِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَمْ تَجِبْ حَتَّى صَارَ وَارِثًا فَتُرَدُّ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَدَثَتِ الْكَبِيرَةُ قَبْلَ التَّعْدِيلِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ بِخِلَافِ بَعْدَ الْحُكْمِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَوْ أُشْهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ عَلَيْكَ أَوْ سَمِعْتَ مِنْهُ ثُمَّ عَادَاكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ بَعْدَ الْعَدَاوَةِ كَمَا لَوْ أَدَّاهَا قَبْلَ الْعَدَاوَةِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ فِي النَّوَادِرِ إِذَا زَكَّيْتَ الْبَيِّنَة فعورضت بَينته قِيلَ إِنَّهَا مَعْرُوفَةُ الْعَدَالَةِ فِي مَوْضِعِهَا إِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِهَا مَنْ يَكْتُبُ إِلَيْهِ الْقَاضِي ساله عَنْهَا فَعَلَ إِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِهِ وَإِلَّا تَرَكَهُمْ وَلَا يَقْضِي فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ فَلَعَلَّهُمْ عُدُولٌ وَأَنْتَ تُسْأَلُ عَمَّا فَعَلْتَ لَا عَمَّا تَرَكْتَ قَالَ أَصْبَغُ ذَلِكَ حَسَنٌ إِذَا كَانَ فِي رفع فسيتاني بِهِ فَإِنْ كَانَ الْكَشْفُ وَلَمْ يَعْدِلُوا حَكَمَ بِالْمُعَدِّلِينَ وَلَا يَسْتَأْنِي فِي غَيْرِ الرَّفْعِ وَيَقْضِي بالمعدلين بعد تلوم يَسِيرا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَتَى عَجَزَ عَنْ تَعْدِيلِ الْبَيِّنَةِ وَهِيَ مِنَ الْكُورَةِ كَتَبَ قَاضِي الْحَضْرَةِ إِلَى قَاضِي بَلَدِهَا يُعَدِّلُ عِنْدَهُ فَيَكْتُبُ لَهُ بِمَا ثَبت عِنْده ان وثق بقاضي الكور وَبِاحْتِيَاطِهِ وَإِلَّا كَتَبَ إِلَى رِجَالٍ صَالِحِينَ هُنَالِكَ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُمْ وَيَكْتَفِي بِرَسُولِهِ فِي ذَلِكَ الَّذِي يَأْتِيهِ بِالْكِتَابِ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ الرَّسُولَ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا شَاهِدِينَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي أَوِ الْأُمَنَاءِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَإِنْ أَرَادَ الْخَصْمُ تَزْكِيَةَ الشَّاهِدِ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ لَمْ يَلْزَمِ الْقَاضِي ذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ يُتَوَسَّمُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ والاسلام والمرؤة وَالْعَدْلُ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمُسَافِرِينَ بِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ وَالْأَمْوَالِ الْعَظِيمَةِ وَالْحُدُودِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعير الَّتِي أَقبلنَا فِيهَا} وَلَا يُمكن

ص: 238

الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِنَ التَّجْرِيحِ لِأَنَّهُمْ أَخْبَرُوا عَلَى غَيْرِ الْعَدَالَةِ فَلَا يُجَرَّحُوا كَالصِّبْيَانِ فَإِنِ ارْتَابَ الْحَاكِمُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِقَطْعِ يَدٍ أَوْ جَلْدٍ يُوقَفُ فِي الْمُتَوَسَّمِ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ فَيَحْكُمُ وَإِنْ ذَهَبَتِ الرِّيبَةُ أَسْقَطَهُمْ وَإِنْ قِيلَ لَهُ هُمْ عَبِيدٌ وَمَسْخُوطُونَ قَبْلَ الْحُكْمِ كَشَفَ فَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ أَمْسَكَ عَنْ إِمْضَاءِ الْحُكْمِ وَإِلَّا حكم بهَا وان كَانَ قبل ذَلِك نفذ الحكم فَلَا يرد الحكم شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَدْلَانِ أَنَّهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا عَلَى صِفَةٍ تَمْنَعُ الشَّهَادَةَ

ص: 239

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ)

قَاعِدَةٌ الشَّهَادَات لما كَانَت اخبار عَنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَهُوَ مَظَنَّةُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّاهِدِ وَلَوْ عَلَى وَجْهٍ يُخْفِي إِسْقَاطَهَا صَاحِبُ الشَّهَادَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ وَهِيَ إِخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ يُتَّهَمُ أَحَدٌ فِي مُعَادَاةِ الْخَلْقِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ فَاكْتَفَى بِعَدَاوَةِ الشَّخْصِ وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الْبَدَنِيَّةُ عَنْ عِلْمِهِ وَمِنْ ذَلِكَ التَّرْجَمَةُ لِقَوْلِ الْخَصْمِ يُجَوِّزُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْوَاحِدَ الْعَدْلَ وَالْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ إِذَا كَانَ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ تَرْجَمَةَ النِّسَاءِ وَالْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْبَلُ الطَّبِيبُ الْوَاحِدُ فِي عُيُوبِ الرَّقِيقِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ عِلْمٌ يُؤْخَذُ عَمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ مَرْضِيٍّ أَوْ غَيْرِ مَرْضِيٍّ مَا كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا فَإِنْ غَابَ أَوْ مَاتَ انْتَقَلَ إِلَى بَابِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ قُبِلَ فِيهِ قَول امْرَأَة فَإِن غَابَتْ الْأمة أَو فَاتَت لم تقبل فِيهِ إِلَّا امْرَأَتَانِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا بُدَّ فِي الْقَافَةِ مِنَ الْعَدَالَةِ وَاشْتَرَطَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْعَدَالَةَ مَعَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْوَاحِدِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ الْقَائِفَ عِنْدَهُ عِلْمٌ يُخْبَرُ بِهِ فَهُوَ كَالطَّبِيبِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا وَعَنْ مَالِكٍ يُقْبَلُ الْقَائِفُ الْوَاحِد غير الْعدْل فَرْعٌ مُرَتَّبٌ فِي الْبَيَانِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا اسْتَوْدَعَ صَبِيَّةً مَمْلُوكَةً فَمَاتَ الَّذِي هِيَ عِنْدَهُ

ص: 240

فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِصَبِيَّةٍ وَدِيعَةً لَكَ وَعِنْدَهُ ثَلَاثُ صَبَايَا وَلَمْ تُعَيِّنِ الْبَيِّنَةُ الْمُقَرَّ بِهَا قَالَ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَلَمْ يُحْكَمْ فِيهَا بِالْقَافَةِ كَمَا حُكِمَ فِيمَا إِذَا وَضَعَتِ امْرَأَتُكَ مَعَ حَوَامِلَ وَاخْتَلَطَ الصِّبْيَانُ فَقِيلَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ الْفَرْقُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ ان الثَّانِيَة نسب فَدخلت الْقَافة والاول مَالٌ وَالْقَافَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْأَمْوَالِ لِأَنَّكَ لَو ادعيت ولد أمة فَقَالَ زوجتنيها فَولدت هَذَا الْوَلَدَ مِنِّي وَادَّعَيْتَ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ زِنًى لَمْ يُحْكَمْ بِهِ لِمُدَّعِيهِ بِالْقَافَةِ تَنْبِيهٌ وَافَقْنَا عَلَى الْحُكْمِ بِالْقَافَةِ ش وَابْنَ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح الْحُكْمُ بَاطِلٌ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِنَّمَا يُجِيزُهُ مَالِكٌ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ يَطَؤُهَا رَجُلَانِ فِي طُهْرٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ قَبُولِهِ وَأَجَازَهُ ش فيهمَا لِقَوْلِ عَائِشَةُ رضي الله عنها دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - تبرق اسارير وَجهه فَقَالَ الم تَرَ أنَّ مُجَزَّزًا الْمُدْلِجِيَّ نَظَرَ إِلَى أُسَامَةَ وَزَيْدٍ عَلَيْهِمَا قطيفة قد غطيا رؤوسهما وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - كَانَ تَبَنَّى زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَكَانَ أَبْيَضَ وَابْنُهُ أُسَامَةُ أَسْوَدَ فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِهِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لمكانهما مِنْهُ فَلَمَّا قَالَ محزز ذَلِكَ سُرَّ بِهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَهُوَ يَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الْحَدْسِ الْبَاطِلِ شَرْعًا لَمَا سُرَّ صلى الله عليه وسلم َ - بِهِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يُسَرُّ بِالْبَاطِلِ وَثَانِيهُمَا أَنَّ إِقْرَارَهُ صلى الله عليه وسلم َ - مِنْ جُمْلَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ مَا أَقَرَّ عَلَيْهِ وَقَدْ أَقَرَّ مُجَزَّزًا عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ حَقًّا مَشْرُوعًا لَا يُقَالُ النِّزَاعُ إِنَّمَا هُوَ فِي إِلْحَاقِ الْوَلَدِ وَهَذَا كَانَ مُلْحَقًا بِأَبِيهِ بِالْفِرَاشِ فَمَا تَعَيَّنَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَأَيْضًا سُرُورُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لِتَكْذِيبِ الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ صِحَّةَ الْقِيَافَةِ فَتَكْذِيبُ الْمُنَافِقِ سَارٌّ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ

ص: 241

الْفَاجِرِ فَقَدْ يُفْضِي الْبَاطِلُ لِلْحَسَنِ وَالْمَصْلَحَةِ وَأَمَّا عدم إِنْكَاره صلى الله عليه وسلم َ - فَلِأَنَّ مُجَزَّزًا لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ الْقِيَافَةِ فَلَعَلَّهُ أَخْبَرَ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْفراش لِأَنَّهُ يكون برقهما قَالَ اصبغ لَو اعتقت عَبْدَيْنِ مرادنا هَاهُنَا لَيْسَ أَنَّهُ ثَبَتَ النَّسَبُ بِمُجَزَّزٍ إِنَّمَا مَقْصُودُنَا ان الشّبَه الْخَاص واما سروره صلى الله عليه وسلم َ - لتكذيب الْمُنَافِقين فَكيف يَسْتَقِيم السرُور مَعَ عِنْدَ التَّكْذِيبِ كَمَا لَوْ أَخْبَرَ عَنْ كَذِبِهِمْ رَجُلٌ كَذَّابٌ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ كَذِبُهُمْ إِذَا كَانَ الْمُسْتَنَدُ حَقًّا فَيَكُونُ الشَّبَهُ حَقًّا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ قَوْلُكُمْ إِنَّ الْبَاطِلَ قَدْ يَأْتِي بِالْحَسَنِ فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ مَا أَتَى بِشَيْءٍ وَأَمَّا قَوْلُكُمْ أَخْبَرَ بِهِ لِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ لِأَجْلِ الْفِرَاشِ فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ يُشَارِكُونَهُ فِي ذَلِكَ فَأَيُّ فَائِدَةٍ بِاخْتِصَاصِ السُّرُورِ بِقَوْلِهِ لَوْلَا لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِشَيْءٍ غَيْرِ الَّذِي كَانَ طَعْنُ الْمُشْرِكِينَ ثَابِتًا مَعَهُ وَلَا كَانَ لِذِكْرِ الْأَقْدَامِ فَائِدَةٌ وَحَدِيثُ الْعَجْلَانِيِّ قَالَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم َ - بَعْدَ التَّلَاعُنِ إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا وَكَذَا فَمَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا وَإِنْ أَتَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا فَهُوَ لِشَرِيكٍ فَلَمَّا أَتَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوه قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ فَصَرَّحَ صلى الله عليه وسلم َ - بَان وجود صِفَات أحدهمما فِي الْآخَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا نَسَبٌ وَاحِدٌ وَلَا يُقَالُ إِنَّ إِخْبَارَهُ صلى الله عليه وسلم َ - كَانَ مِنْ جِهَةِ الْوَحْيِ لِأَنَّ الْقِيَافَةَ لَيْسَتْ فِي بَنِي هَاشِمٍ إِنَّمَا هِيَ فِي بَنِي مُدْلِجٍ وَلَا قَالَ أَحَدٌ إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - كَانَ قَائِفًا وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يَحْكُمْ بِهِ لِشَرِيكٍ وَأَنْتُمْ تُوجِبُونَ الْحُكْمَ بِالشَّبَهِ وَأَيْضًا لَمْ يَحُدَّ الْمَرْأَةَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الشَّبَهِ لِأَنَّا نَقُولُ إِنْ جَاءَ الْوَحْيُ فَإِنَّ الْوَلَدَ لَمْ يُشْبِهْهُ فَهُوَ

ص: 242

مُؤَسِّسٌ لِمَا يَقُولُهُ وَصَارَ الْحُكْمُ بِالشَّبَهِ أَوْلَى من الحكم بالقرائن لِأَنَّ الْفِرَاشَ يَدُلُّ مِنْ جِهَةِ ظَاهِرِ الْحَالِ وَالشَّبَهَ يَدُلُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَأَمَّا كَوْنُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يُعْطَ عِلْمَ الْقِيَافَةِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أُعْطِيَ عُلُومَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّهُ أَخْبَرَ عَن ضَابِط القيافين أَنَّ الشَّبَهَ مَتَى كَانَ كَذَا فَهُمْ يَحْكُمُونَ بِكَذَا لَا أَنَّهُ ادَّعَى عِلْمَ الْقِيَافَةِ كَمَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ الْأَطِبَّاءُ يُدَاوُونَ الْمَحْمُومِينَ بِكَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَبِيبًا وَلَمْ يَحْكُمْ بِالْوَلَدِ لَشَرِيكٍ لِأَنَّهُ زَانٍ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِالْوَلَدِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ بِمِلْكٍ كَمَا إِذَا وَطِئَهَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي طُهْرٍ وَأَمَّا عَدَمُ الْحَدِّ فَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ جِهَتِهَا شُبْهَةً أَوْ مُكْرَهَة اَوْ لَان التعين يُسْقِطُ الْحَدَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ} الْآيَةَ أَوْ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لايحكم بِعِلْمِهِ وَلَنَا أَيْضًا أَنَّ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا مَوْلُودًا فَاخْتَصَمَا لِعُمَرَ رضي الله عنه فَاسْتَدْعَى لَهُ الْقَافَةَ فَأَلْحَقُوهُ بِهِمَا فَعَلَاهُمَا بِالدِّرَّةِ وَاسْتَدْعَى حَرَائِرَ مِنْ قُرَيْشٍ فَقُلْنَ خُلِقَ مِنْ مَاءِ الْأَوَّلِ وَحَاضَتْ عَلَى الْحَمْلِ فَاسْتَحْشَفَ الْحَمْلُ فَلَمَّا وَطِئَهَا الثَّانِي انْتَعَشَ بِمَائِهِ فَأَخَذَ شَبَهًا بِهِمَا فَقَالَ عُمَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ وَلِأَنَّهُ عِلْمٌ عِنْدَ الْقَافَةِ مِنْ بَابِ الِاجْتِهَادِ فَيُعْتَمَدُ عَلَيْهِ كَالتَّقْوِيمِ فِي الْمُتْلَفَاتِ وَتَقْدِيرِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَخَرْصِ الثِّمَارِ فِي الزَّكَاةِ وَتَحْدِيدِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَوَاتِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ فَكُلُّ ذَلِكَ تَخْمِينٌ وَتَقْرِيبٌ وَلَمَّا قَالَ ح الشَّبَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ قَالَ يلْحق الْوَلَد بِجَمِيعِ المنازعين خِلَافًا لَنَا وَلِ ش وَيَدُلُّ لَنَا قَوْله تعإلى {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَلِأَنَّهُ الْعَادة وَقَوله

ص: 243

تَعَالَى {وَورثه أَبَوَاهُ} يَقْتَضِي جَمِيع ذَلِك ان لَا يَكُونَ لَهُ آبَاءٌ وَقَوْلُهُ تَعَالَى {أَنِ اشْكُرْ لي ولوالديك} احْتَجُّوا بِمَا فِي الصِّحَاحِ أَنَّ رَجُلًا حَضَرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَادَّعَى أَنَّ امْرَأَتَهُ وَلَدَتْ وَلَدًا أَسْوَدَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - هَلْ فِي إِبِلِكَ مِنْ أَوْرَقَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ وَمَا أَلْوَانُهَا فَقَالَ سُودٌ ثُمَّ قَالَ لَهُ فَمَا السَّبَبُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَلَعَلَّ عرقا نزع فَلَمْ يَعْتَبِرْ حُكْمَ الشَّبَهِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلِأَنَّ خَلْقَ الْوَلَدِ مَغِيبٌ عَنَّا فَجَازَ أَنْ يُخْلَقَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَقد نَص عَلَيْهِ سقراط فِي كتاب الْحَمْلَ عَلَى الْحَمْلِ وَلِأَنَّ الشَّبَهَ لَوْ كَانَ مُعْتَبرا لبطلت مَشْرُوعِيَّة اللّعان وَاكْتفى بِهِ وَلَا زيدا حُكِمَ لَهُ مَعَ الْفِرَاشِ فَلَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا عِنْد عَدمه كَغَيْرِهِ ولان القيافة لَو كَانَ علما لامكن اكتسابه كَسَائِرِ الْعُلُومِ وَالصَّنَائِعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَة لَيست صُورَة نزاع لِأَنَّهُ كَانَ صَاحب فرَاش انما سَأَلَهُ عَنِ اخْتِلَافِ اللَّوْنِ فَعَرَّفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - السَّبَبَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَادَةِ فِي أَنَّ الْوَلَدَ لِفِرَاشٍ وَاحِدٍ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ وَظَوَاهِرُ النُّصُوصِ الْمُتَقَدِّمَةِ تَأْبَاهُ وَعَن الرَّابِع ان الحكم لَيْسَ مصافا إِلَى شَاهد من شبه الانسان يجمع مِنَ النَّاسِ إِنَّمَا يُضَافُ لِخَاصِّيَّةٍ أُخْرَى يَعْرِفُهَا اهل الْقَافة

ص: 244

وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْقِيَافَةَ إِنَّمَا تَكُونُ حَيْثُ يَسْتَوِي الْفِرَاشَانِ وَاللِّعَانُ يَكُونُ لِمَا شَاهَدَهُ الزَّوْجُ فَهُمَا بَابَانِ مُتَبَايِنَانِ لَا يَسُدُّ أَحَدُهُمَا مَسَدَّ الْآخَرِ وَعَنِ السَّادِسِ الْفَرْقُ أَنَّ وُجُودَ الْفِرَاشِ وَحْدَهُ سَالِمٌ عَنِ الْمَعَارِضِ يَقْتَضِي اسْتِقْلَالَهُ بِخِلَافِ تَعَارُضِ الْفِرَاشَيْنِ وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّهُ قُوَّةٌ فِي النَّفْسِ وَقُوَى النَّفْسِ وَخَوَاصُّهَا لَا يُمْكِنُ اكْتِسَابُهَا واما على قَوْلِ ش إِنَّ الْأَمَةَ يَصِحُّ أَنْ يَمْلِكَهَا جَمَاعَةٌ مِلْكًا صَحِيحًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيَطَأَهَا جَمِيعُهُمْ بِالشُّبْهَةِ فَقْدِ اسْتَوَوْا فَاحْتَاجُوا إِلَى الْمُرَجِّحِ وَالنِّكَاحُ لَا يَثْبُتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِاثْنَيْنِ فِي وَقْتٍ وَلِأَنَّ وَلَدَ الزَّوْجَةِ لَا يَسْقُطُ نَسَبُهُ الا بِاللّعانِ فَهُوَ اقوى فَلَا تنْدَفع بِالْقَافَةِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ لَا يُشْرَعُ فِيهِ اللِّعَانُ احْتَجُّوا بَان عمر ر ضي اللَّهُ عَنْهُ أَجَازَ الْقَافَةَ فِي وَلَدِ الزَّوْجَاتِ ولان الشّبَه مُرَجّح فَإِذا تعادلت الاسباب رَجَعَ بِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِك فِي اولاد الْحَرَائِر من الزِّنَى فِي الْجَاهِلِيَّة وَعَن الثَّانِي أَنه لابد أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَقْوَى بِخِلَافِ الْمِلْكِ قَاعِدَةٌ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ أَوْ مِنْ بَاب الرِّوَايَة فِي غَايَة الاشكال فِي الخفى وطلبته نَحْو ثَمَانِيَة سِنِين فَلم أَجِدْهُ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْتُ الْمَازَرِيَّ بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ قَوْلَنَا هَلْ هَذَا مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ أَوْ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَرْعُ تَصَوُّرِ حَقِيقَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَضَابِطِهِ كَمَا أَنَّ قَوْلَنَا الْعَبْدُ مُتَرَدِّدٌ بَين الْمَالِيَّة والآدمية فرع تصورهما فَمَا ضابطه مَا وَبَعْضهمْ يُجِيبُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي فِيهَا الْعَدَدُ وَالْحُرِّيَّةَ لَا تَفْتَقِرُ لِذَلِكَ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْعدَد

ص: 245

والذكورية فرع كَونهمَا شَهَادَة اَوْ رِوَايَة فتعريفهما بِذَلِكَ دَوْرٌ وَالَّذِي قَالَهُ الْمَازَرِيُّ رحمه الله أَنَّ مُتَعَلَّقُ الْخَبَرِ إِنْ كَانَ خَاصًّا مُطْلَقًا فَهُوَ شَهَادَةٌ اتِّفَاقًا كَإِثْبَاتِ الْحُكْمِ عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو أَوْ عَامًّا مُطْلَقًا فَهِيَ رِوَايَةٌ إِجْمَاعًا نَحْو الاعمال بِالنِّيَّاتِ فَإِنَّهُ يَشْمَل الانصار وَالْأَعْصَارَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَتَقَعُ صُورَةٌ عَامَّةٌ مِنْ وَجْهٍ خَاصَّةٌ مِنْ وَجْهٍ يَخْتَلِفُ فِيهَا وُجُودُ الشَّائِبَتَيْنِ فَمَنْ غَلَّبَ إِحْدَاهُمَا أَلْحَقَ تِلْكَ الصُّورَةَ بِبَابِ تِلْكَ الشَّائِبَةِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى هِلَالِ رَمَضَان لِأَنَّهُ لَا يتَعَدَّى تِلْكَ السّنة عَام لِأَنَّهُ يَشْمَل جملَة الاقليم وكالقائف والمقدم وَالتُّرْجُمَانِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحَاكِمَ نَصَّبَهُمْ لِلنَّاسِ جِهَةَ عُمُومٍ لَا يَخُصُّ النَّصْبُ أَحَدًا دُونَ أَحَدٍ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ قَضَاءَهُمْ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى مُعَيَّنٍ هُوَ جِهَةُ خُصُوصٍ فَصَارَ الْعُمُوم هُوَ ضَابِط الخبرا وَالْخُصُوصُ ضَابِطَ الشَّهَادَةِ وَحِينَئِذٍ يَتَّجِهُ اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ لِتَوَقُّعِ التُّهْمَةِ بِالْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْعَدْلِ وَبَيْنَ ذَلِكَ الْخَاص فاستظهر باخر مَعَه وَمَعَ العَبْد لتوقع مِنْهُ الانفقة لنفاستها والنسا غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِحِفْظِهِنَّ لِضَعْفِ عَقْلِهِنَّ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}

(وَفِي الْبَابِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ)

(الْفَرْعُ الْأَوَّلُ)

فِي الْكِتَابِ تَقَعُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ مَعَ رَجُلٍ أَمْ لَا وَإِنَّمَا تَجُوزُ حَيْثُ ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي الدَّيْنِ وَمَا لَا يَطَّلِعُ

ص: 246

عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ لِلضَّرُورَةِ وَيَحْلِفُ الطَّالِبُ مَعَ امْرَأَتَيْنِ فِي الْأَمْوَالِ وَيُقْضَى لَهُ وَتَجُوزُ فِي الْمَوَارِيثِ فِي الْأَمْوَالِ إِذَا ثَبَتَ النَّسَبُ بِغَيْرِهِنَّ وَقَتْلِ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ مَالٌ قَالَ سَحْنُونٌ إِنَّمَا أُجِزْنَ فِي الْخَطَأِ وَالْأَمْوَالِ لِلضَّرُورَةِ فِي فَوَاتِهَا فَأَمَّا الْجَسَدُ فَهُوَ يَبْقَى فَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رُؤْيَة جَسَد الْقَتِيل والجنين والا لم تجب شهادتين شَهَادَتهم فِي النُّكَتِ قِيلَ مَعْنَى شَهَادَتِهِنَّ فِي الْمَوَارِيثِ أَنْ يَتْرُكَ الْمَيِّتُ أَخَوَيْنِ فَيَخْتَلِفَانِ فِي أَقْعَدِهِمَا بِالْمَيِّتِ فَيشْهد أَنه أَقْعَدَ بِأَنْ يَكُونَ نَسَبُ الْوَارِثِ ثَابِتًا فَشَهِدْنَ بِحَضْرَةِ الْوَرَثَةِ فَيَجُوزُ مَعَ يَمِينِ الْوَارِثِ أَوِ الْوَرَثَةِ وَيَجُوزُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ مَعَ رَجُلٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُ سَحْنُونٍ خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَتِ الْمَرْأَتَانِ عَلَى الِاسْتِهْلَالِ وَعَلَى أَنَّهُ صَبِيٌّ تَجُوزُ مَعَ الْيَمين وَعنهُ الْقيَاس ان لَا تَجُوزَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ نَسَبًا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مَالًا فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَرِثُ وَيُوَرَّثُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَبْقَى إِذَا أُخِّرَ دَفْنُهُ إِلَى أَنْ يُوجَدَ الرِّجَالُ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَلِدُ ثُمَّ تَمُوتُ هِيَ وَوَلدهَا فِي سَاعَة يحلف ابو الْوَصِيّ أَوِ الْوَرَثَةِ مَعَ شَهَادَةِ النِّسَاءِ أَنَّ الْأُمَّ مَاتَتْ قَبْلَهُ أَوْ مَاتَ قَبْلَهَا فَيَسْتَحِقُّونَ الْمِيرَاثَ مِنْهُ لِأَنَّهُ مَالٌ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ وَأَشْهَبُ وَمُحَمَّدٌ ذَلِك لَان الْجَسَد يَفُوتُ وَالِاسْتِهْلَالَ يَفُوتُ إِنَّمَا يَرِثُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي وَصَايَا الْمُدَوَّنَةِ إِذَا مَاتَ رَجُلٌ فَشَهِدَ عَلَى مَوْتِهِ امْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ زَوْجَةٌ وَلَا أَوْصَى بِعِتْقٍ وَلَا لَهُ مُدَبَّرٌ وَلَيْسَ إِلَّا مَالٌ يُقَسَّمُ جَازَتِ الشَّهَادَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَتُمْنَعُ شَهَادَتُهُنَّ مَعَ رَجُلٍ عَلَى الْعَفْوِ عَنِ الدَّمِ كَمَا تُمْنَعُ فِي دَمِ الْعَمْدِ وَتَجُوزُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ وَجِرَاحِهِ لِأَنَّهُ مَالٌ وَإِنْ شَهِدْنَ مَعَ رَجُلٍ عَلَى مُنَقَّلَةٍ عمدا اَوْ مامونة عَمْدًا جَازَتْ شَهَادَتُهُنَّ لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِيهِمَا إِنَّمَا هُوَ مَالٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي شَهَادَتِهِنَّ فِي الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَثَبَتَ عَلَى الْمَنْعِ قَالَ وَأَصْلُنَا جَوَازُهَا فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ قِيلَ لِسَحْنُونٍ فَأَنْتَ تُجِيزُ الشَّاهِدَ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ مَعَ الْقَسَامَةِ وَلَا تُجِيزُ فِيهِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنَ

ص: 247

الْقَسَامَةِ فَقَالَ لَا يُشْبِهُ هَذِهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَالْقَسَامَةُ خَمْسُونَ يَمِينًا وُفِي الْمَوَّازِيَّةِ تَجُوزُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ وَحْدَهَمَا عَلَى الْجَرْحِ مَعَ يَمِينِ الْمَجْرُوحِ وَعَلَى الْقَتْلِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَكَوْنِهِ فِيهِ الْقَسَامَةُ فِيمَنْ ظَهَرَ مَوْتُهُ وَلَا تَجِبُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْقَتْلِ قَسَامَةٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَا جَازَ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ جَازَ فِيهِ امْرَأَتَانِ مَعَ يَمِينٍ قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِيمَا يُؤَدِّي إِلَى طَلَاق وَعتق وَيَقْتَضِي عتق وَاحِد كشهادتهم بِشِرَاءِ الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ فَيَحْلِفُ وَتَصِيرُ مِلْكًا لَهُ فَيَجِبُ بِذَلِكَ الْفِرَاقُ أَوْ عَلَى أَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَيتم الْعتْق وكشهاتهن مَعَ يَمِينٍ بِدَيْنٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْعِتْقِ فَيُرَدُّ الْعِتْقُ وَكَشَهَادَتِهِنَّ مَعَ رَجُلٍ أَنَّ الْمَقْذُوفَ عَبْدٌ فيزول الْحَد

(الْفَرْع الثَّانِي)

فِي الْكتاب تَجُوزُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ فِي الْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَتُقْبَلُ حِينَئِذٍ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ لَا يُقْبَلُ فِيهِ أَقَلُّ مِنِ امْرَأَتَيْنِ وَتَمْتَنِعُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وحدهن اَوْ مَعَ وَصِيٍّ إِنْ كَانَ فِي الْوَصِيَّةِ عِتْقٌ أَوْ أَبْضَاعُ النِّسَاءِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَجُوزُ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا قَالَ سَحْنُونٌ الْوَصِيَّةُ وَالْوِكَالَةُ لَيْسَتَا مَالًا وَلَا يَحْلِفُ وَصِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ مَعَ شَاهِدِ رَبِّ الْمَالِ أَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِمَا وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ أَنَّ فُلَانًا أَوْصَى لَهُ بِكَذَا مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ مَائَةَ امْرَأَةٍ يحلف مَعَهُنَّ وَلَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا نِصْفُ رَجُلٍ وَإِنْ شَهِدْنَ لِعَبْدٍ اَوْ أمراة اَوْ الذِّمِّيّ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ وَلَا يَحْلِفُ الْوَصِيُّ حَتَّى يَسْمَعَ لِعَدَمِ الْوَازِعِ الشَّرْعِيِّ فِي حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ أَكَابِرُ حَلَفُوا وَأَخَذُوا مِقْدَارَ حَقِّهِمْ فَإِنْ نَكَّلُوا وَبَلَغَ الصِّغَارُ حَلَفُوا وَاسْتَحَقُّوا حَقَّهُمْ وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ ضَمِنَ الْمَالَ وَلَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَدَنِيٌّ وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَاحِدٌ حَلَفَ الطَّالِبُ وَضَمِنَ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ وَلَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّ عَبْدَ فُلَانٍ قَتَلَ عَبْدًا عمدا اَوْ خطئا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّ

ص: 248

العَبْد وَلَا يقبل فِي الْعمد فِي التَّنْبِيهَات فِي الْمُوازِية تمتّع شَهَادَتُهُنَّ فِي الْوِكَالَاتِ عَلَى الْمَالِ وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِم تعلمهن الشَّهَادَة وَاسْتدلَّ يذلك عَلَى جَوَازِ نَقْلِ الرَّجُلِ الشَّهَادَةَ عَمَّنْ لَا يعدلنه لِأَنَّ تَعْدِيلَ النِّسَاءِ لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ مَنْعَ تَعْدِيلِهِنَّ إِنَّمَا هُوَ السُّنَّةُ إِذْ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ مَعْرُوفَ الْعَدَالَةِ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ تعرف عَدَالَتُهُ وَقَدْ قِيلَ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ الْفَرْعُ الْأَصْلَ فَهِيَ رِيبَةٌ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ وَقَوْلُهُ يَمْتَنِعُ فِي الْوَصِيَّةِ فِيهَا عِتْقٌ ظَاهِرُهُ مَنْعُهَا فِي الْجَمِيعِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ شُيُوخُنَا وَهُوَ خِلَافُ أَصْلِهِ فِي الشَّهَادَةِ إِذَا رُدَّتْ لِلسُّنَّةِ لَا لِلتُّهْمَةِ أَنَّهَا تجوز فِيمَا لَا يرد فِيهِ كَقَوْلِهِ فِي السَّرِقَةِ يُضْمَنُ الْمَالُ دُونَ الْقطع وَقَوله فِي شَهَادَة رجل فِي وَصيته فيهمَا عِتْقٌ وَوَصَايَا بِمَالٍ تَجُوزُ فِي الْمَالِ دُونَ الْعِتْقِ وَأَبْضَاعُ الْفُرُوجِ الْبُضْعُ بِضَمِّ الْبَاءِ الْفَرْجُ يُرِيدُ الْوَصِيَّةَ بِإِنْكَاحِهِمْ فِي النُّكَتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَتَا عَلَى الِاسْتِهْلَالِ وَأَنَّ الْمَوْلُودَ ذَكَرٌ جَازَ وَتَكُونُ مَعَ شَهَادَتِهِنَّ الْيَمِينُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْوَصَايَا إِذَا شَهِدَ النِّسَاءُ مَعَ رَجُلٍ عَلَى مَوْتِ مَيِّتٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا قَسْمُ الْمَالِ جَازَ وَهَذَا الْبَدَنُ غَيْرُ حَاضر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم فِي شَهَادَة عَلَى الْوَلَاءِ يُؤْخَذُ بِهِ الْمَالُ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْوَلَاءُ أَوْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَقَدْ مَاتَتْ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَقَالَ أَشْهَبُ فِي جَمِيعِ هَذَا وَقَوْلُهُ تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُنَّ فِي الْوَصِيَّةِ فِيهَا عِتْقٌ هَذَا عَلَى وَجْهِ إِنْ كَانَ لِلْمُوصِي مَدبَّرُونَ أَوْ مُكَاتَبُونَ أَوْ أَمُّ وَلَدٍ أَوْ زَوْجَاتٌ لَا يَضُرُّهُنَّ لِأَنَّ هَذِهِ مَعْلُومَةٌ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا حُكِمَ لِلْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ وَإِنْ كَانَ فِيهَا عِتْقٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ امْتَنَعَتْ لِأَنَّهَا تَصِيرُ عَلَى الْعِتْقِ وَالْوَصِيُّ إِذَا اشْتَرَى رَقَبَةً يُخَيَّرُ بَيْنَ عِتْقِهَا وَعِتْقِ غَيْرِهَا فَصَارَتْ شَهَادَةً عَلَى الْعِتْقِ أَوْ بِعَيْنِهَا جَازَتِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّهُ لَا حُكِمَ لِلْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَنَاتٌ ثُيَّبٌ فَلَا وَصِيَّةَ عَلَيْهِنَّ وَفِي الْأَبْكَارِ النَّظَرُ لِلسُّلْطَانِ وَيَبْقَى نَظَرُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَالِ وَلَا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ كُلُّهَا وَأَمَّا شَهَادَتُهُنَّ مَعَ رَجُلٍ عَلَى مَوْتِ رَجُلٍ لَهُ مُدَبَّرٌ

ص: 249

أَوْ أَمُّ وَلَدٍ أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا هُوَ قَسْمُ الْمَالِ جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ التُّونِسِيُّ كَلُّ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ حُكْمُ امْرَأَتَيْنِ فِيهِ حُكْمُ الرَّجُلَيْنِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى يَمِينٍ كَعَيْبٍ بِالْفَرْجِ وَالسَّقْطِ وَعُيُوبِ النِّسَاءِ وَالرَّضَاعِ وَزَوَالِ الْبَكَارَةِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يطلع عَلَيْهِ الْمَشْهُودُ لَهُ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجَاءِ السَّتْرِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَقَالَ وَجَدْتُهَا ثَيِّبًا أَنَّ افْتِضَاضَهَا قَرِيبٌ حَلَفَ الْبَائِعُ مَعَ شَهَادَتِهِمَا وَرَدَّهَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقَائِمَ يَدَّعِي عِلْمَ مَا شَهِدْنَ لَهُ بِهِ فَالْوَاجِبُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَحْلِفَ وَلَا يَحْلِفَ وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَامْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ حَلَفَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي هَذَا كَالرَّجُلِ وَلَوْ شهِدت أمرتان بِالْوِلَادَةِ كَانَتْ عَلَى أُمِّ وَلَدٍ وَاخْتُلِفَ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ هَلْ تَنْقِلُ عَنِ الْمَرْأَةِ امْرَأَتَانِ أَجَازَهُ أَصْبَغُ كَالرِّجَالِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فِي النَّقْلِ وَلَمْ يَجُزْنَ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلٍ مَعَهُنَّ فِي النَّقْلِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ النَّقْلُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَتَمْتَنِعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ شَهَادَتُهُنَّ فِي جراح الْعمد مَعَ تجويزه فيهمَا لِلشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَجَوَّزَهُنَّ سَحْنُونٌ فِي كُلِّ مَا يَجُوزُ فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ وَجَوَّزَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْقَسَامَةَ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَمَنْعَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ شَهِدَتَا مَعَ رَجُلٍ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ عَمْدًا قَالَ لابد مِنَ الْقَسَامَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُلْحَقُ بِعُيُوبِ الْفَرْجِ مَعْرِفَةُ الْحَيْضِ وَحَبْسُ الْحَمْلِ وَلَمْ يُجْعَلْ لِلْوَاحِدَةِ أَصْلٌ فِي مَالٍ وَلَا غَيْرِهِ فَلَوْ سَلَكَ بِالْمَرْأَتَيْنِ مَسْلَكَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَالِ فَتَكُونُ فِيهِ الْيَمِينُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وأمراة على الاستهلال لم تجز شَهَادَتهمَا لارْتِفَاع الضَّرُورَة بِحُضُور الرِّجَال بمسقطة شَهَادَة المراة وَبَقِي الرجل وَحده وَجوزهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيًّا أَجَازُوا شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا فَكَيْفَ بِهَذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ

ص: 250

سَحْنُونٌ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِي الْإِحْصَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُخْتَلَفُ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ وَقَبُولِهِنَّ وَحْدَهُنَّ وَالْيَمِينِ وَغَيْرِهَا بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ فِيهِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ قِسْمًا الْأَوَّلُ الْأَمْوَالُ كَالْبَيْعِ وَالْقِرَاضِ وَالْقَرْضِ وَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وِدِيَةِ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ الَّذِي لَا قَوَدَ فِيهِ الثَّانِي الشَّهَادَةُ عَلَى النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِحْصَانِ وَالْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْمَوْتِ الثَّالِثُ مَا هُوَ مَالٌ وَيُؤَدِّي إِلَى مَا لَيْسَ بِمَالٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَبْدَانِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ وَعَلَى دَفْعِ الْكِتَابَةِ وَعَلَى بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ أَوْ أَمَةٍ مِنْ زَوْجِهَا الرَّابِعُ مَا لَيْسَ بِمَال وَيُؤَدِّي إِلَى مَال كالو كاله بِمَالٍ وَالنَّقْلِ عَمَّنْ شَهِدَ لَكَ بِمَالٍ وَكِتَابِ الْقَاضِي الْمُتَضَمِّنِ بِمَالٍ وَالنِّكَاحِ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ أَوْ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ هَذَا الْمَيِّتَ أَوْ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْ أَخُوهُ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ثَابِتَ النَّسَبِ الْخَامِسُ التَّارِيخُ بِمَا يَتَضَمَّنُ مَالًا وَيُؤَدِّي إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بالأبدان كتاريخ الْحَالِف بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ لَيَقْضِيَنَ فَلَانًا رَأْسَ الشَّهْرِ فَشهد بِأَنَّهُ قَضَى قَبْلَهُ أَوْ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا وَقَدْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَلِمَنْ وَطِئَ أَمَةً أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ سَيِّدِهَا قَبْلَ ذَلِكَ السَّادِسُ قَتْلُ الْعَمْدِ السَّابِعُ جِرَاحُ الْعَمْدِ الثَّامِنُ الزِّنَى التَّاسِعُ الْإِقْرَارُ بِالزِّنَى وَعَلَى كِتَابِ الْقَاضِي بِالزِّنَى وَأَنَّ الْقَاضِيَ حَدَّ فُلَانًا أَوْ عَلَى مُعْتَقٍ أَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ تَبَرَّأَ مِنْ زِنَاهُ فِي حِينِ بَيْعِهِ الْعَاشِرُ مَا لَا يَحْضُرُهُ غَيْرُ النِّسَاءِ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَالْحَيْضِ وَنَحْوِهُ الْحَادِي عَشَرَ النَّقْلُ عَمَّنْ شَهِدَ مِنْهُنَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّانِي عَشَرَ مَا يَقَعُ بَيْنَهُنَّ فِيمَا يَجْتَمِعْنَ لَهُ كَالصَّنِيعِ وَالْمَأْتَمِ وَالْحَمَّامِ مِنَ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ الرَّابِعَ عَشَرَ التُّرْجُمَانُ وَالْقَائِفُ وَالطَّبِيبُ وَمُقَوِّمُ الْعَيْبِ وَالْقَاضِي وَمُكَشِّفُهُ يسال عَن الرِّجَال عَن التَّعْدِيل والتجريج لَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ الْخَامِسَ عَشَرَ الِاسْتِفَاضَةُ يشْهد عَلَيْهَا

ص: 251

السَّادِسَ عَشَرَ الشَّهَادَةُ عَلَى السَّمَاعِ بِالْأَمْوَالِ تُسْتَحَقُّ باربعة اوجه رجلَيْنِ وَرجل وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٍ وَالْيَمِينِ وَامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهِ بِوَجْهٍ وَاحِدٍ رَجُلَيْنِ بِهِ الْمَالُ وَلَا بُدَّ فِي الْقَطْعِ مِنْ رَجُلَيْنِ وَمَا يُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ الْمَالِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ وَصِيٌّ بِخَمْسِينَ بَشَرًا رَقَبَةٌ لِلْعِتْقِ مَنَعَ عِتْقَهَا إِلَّا بِشَهَادَةِ رجلَيْنِ وَالْعَبْد الْمعِين يجوز واجازه مَالك كَمَا لَوْ فَلَانًا رَقَبَةً لِلْعِتْقِ وَغَيْرُ الْمَالِ يُؤَدِّي إِلَيْهِ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ النِّسَاءِ نَظَرًا وَاخْتُلِفَ فِي التَّارِيخِ كَذَلِكَ فَنَفَّذَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ غَيْرُهُمَا لِأَنَّ الْوَقْتَ لَيْسَ كَالنِّكَاحِ وَفِي جُرْحِ الْعَمْدِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ مَنْعُ الْقَطْعِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَالْقَتْلِ وَقَالَ فِي كتاب الشَّهَادَات كل جرح لاقصاص فِيهِ كالجائفة يجوز فِيهِ الشَّاهِد وَالْيَمِين لِأَنَّهُ مَالٌ وَقِيلَ يَجُوزُ فِيمَا ظَهَرَ مِنَ الْجراح دون واكثر الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ فَيَلْحَقُ بِالْحُدُودِ وَقِيلَ فِيمَا كَانَ مِنَ الشَّتْمِ دُونَ الْقَذْفِ يَجُوزُ فِيهِ الشَّاهِدُ الْيَمين وَيُعَاقَبُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِمَا كَانَ فِي الْحُرْمَةِ دون الْقَذْف وَقيل لابد مِنْ رَجُلَيْنِ لِأَنَّهُ بَدَنِيٌّ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يقبض بِشَاهِد وَيَمِين بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ وَأَمَّا الزِّنَى إِنْ كَانَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَوْ عَلَى أَيِّهِمَا كرها فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْحَدِّ مَعَ الْإِكْرَاهِ فَعَلَى الْمُعَايَنَةِ وعَلى الآخر يجزىء رَجُلَانِ وَتَسْتَحِقُّ الْمَرْأَةُ الصَّدَاقَ عَلَى الْمُكْرِهِ وَالْمُقِرُّ بِالزِّنَى إِذَا رَجَعَ وَلَمْ يَأْتِ بِعُذْرٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ فِي حَدِّهِ وَيُحَدُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِكِتَاب القَاضِي مهما وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ قَالَهُ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ ثَبَتَ عِنْدَ الْأَوَّلِ بِأَرْبَعَةٍ وَيُحَدُّ الشَّاهِدَانِ وَإِذَا قَالَ قَاذِفٌ إِنَّ فَلَانًا الْوَالِيَ عَرَفَ الْمَقْذُوفَ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَرْبَعَةٍ عَلَى فِعْلِ الْقَاضِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وُفِي الْوَاضِحَةِ يُحَدُّ الْقَاذِفُ دُونَ الشَّاهِدَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا عَلَى رُؤْيَةٍ قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ وَلَا الْقَاذِفُ أَيْضًا لِأَنَّهُ أَثْبَتَ مَا ادَّعَاهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِحَدِّ الْمُقِرِّ هَاهُنَا يُحَدُّ إِنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ

ص: 252

وانكر واعترف بِالْوَطْءِ اَوْ بِعِتْق فَأَنْكَرَ وَاعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْحَدِّ لَا يُحَدُّ هَؤُلَاءِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الْأَصْلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى السَّيِّدِ لِإِمْكَانِ نِسْيَانِ الْعِتْقِ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالطَّلَاقِ وَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ حُدَّ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُحَدُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ شَهِدَتِ امْرَأَتَانِ أَنَّ الْوَلَدَ ذَكَرٌ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الطَّالِبُ وَيَسْتَحِقُّ فجعلهما لرجل لِأَنَّ الذُّكُورِيَّةَ مِمَّا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهِ وَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى مَا لَيْسَ بِمَالٍ يُسْتَحَقُّ بِهِ مَال وابطلها اشهب لِأَنَّهَا لَيست مَا لَا على اصله وَقَالَ اصبغ ان مَاتَ بِالدَّيْنِ وَطَالَ أَمْرُهُ وَالْمُسْتَحِقُّ بَيْتُ الْمَالِ أَوِ الْقَرَابَةُ الْبَعِيدَةُ جَازَ أَوْ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ دُونَ بعض امْتنع لفوته واذا كَانَ الْعَيْب لغير الْفرج اخْتلف هَل يبْقى الثَّوْبَ عَنْهُ لِيَرَاهُ الرِّجَالُ أَوْ يَكْفِي النِّسَاءُ هَذَا فِي الْحُرَّةِ وَأَمَّا الْأَمَةُ فِي عَيْبِ الْفرج وَالْأمة فَاتَت أَوْ غَابَتْ أَوِ الْقَائِمُ بِالْعَيْبِ هُوَ الَّذِي اتى بِالنسَاء يشهدن فلابد مِنِ امْرَأَتَيْنِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ أَوِ الْحَاكِمُ الْكَاشِفُ عَنْ ذَلِكَ فَهَلْ تُقْبَلُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنِ امْرَأَتَيْنِ قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَعْلَمُهُ الرِّجَالُ كَالْبَكَارَةِ يَقُولُ وَجَدْتُهَا ثَيِّبًا وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَتَوَلَّ الْحَاكِمُ كَشْفَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنِ امْرَأَتَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِي الدَّيْنِ وَأَمَّا شَهَادَتُهُنَّ بِانْفِرَادِهِنَّ فِيمَا يَقَعُ بَينهُنَّ فِي المآتم وَنَحْوهَا فَقَوْلَانِ الْجَوَاز على الصّبيان وان لم يَكُونَا وَالْمَنْعُ لِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ قَالَ وَأَرَى إِنَّ ثَبَتَ فَخَرَجَتْ وَيَقْتَصُّ وَإِنْ عَدَلَ مِنْهُنَّ اثْنَانِ اقْتَصَّ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ عَيْبُ الْفَرْجِ شَيْء قَلِيل هَاهُنَا وَاخْتُلِفَ فِي قَبُولِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالنسَاء مَعَ الْيَمين وان شهد حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَرَدَّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ تَنْبِيهٌ قَالَ ش وَابْن حَنْبَل فِي أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ وَقَالَ ح يُقْبَلُ

ص: 253

فِي أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ إِلَّا فِي الْحُدُود الْقود فِي النَّفْسِ أَوِ الْأَطْرَافِ لَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ فِي الْمُدَايَنَاتِ رَجُلَيْنِ {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ} فَكَانَ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ مِثْلَهُ وَقَالَ تَعَالَى فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُم} وَهُوَ حُكْمٌ بَدَنِيٌّ فَكَانَتِ الْأَحْكَامُ الْبَدَنِيَّةُ كُلُّهَا كَذَلِك الا مَوضِع لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لم يَكُونَا رجلَيْنِ} الاية فاقيم الرجل والمراتان مقَام الرجل انما عِنْدَ عَدَمِ الشَّاهِدِينَ وَهُوَ بَاطِلٌ لِجَوَازِهِمَا مَعَ وجود الشَّاهِدين اجماعا فَتعين أَنه تَعَالَى اقامها فِي التَّسْمِيَةِ فَيَكُونَانِ مُرَادَيْنِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ لِوُجُودِ الِاسْمِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ {فَرجل وَامْرَأَتَانِ} وَمَا خَصَّ مَوْضِعًا وَلِأَنَّهَا أُمُورٌ لَا تَسْقُطُ بِالشُّبُهَاتِ فَقُبِلَ فِيهَا النِّسَاءُ كَالْأَمْوَالِ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ وَالرَّجْعَةَ عَقْدُ مَنَافِعٍ فَيُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ كَالْإِجَارَةِ وَلِأَنَّ الْخِيَارَ وَالْآجَالَ لَيْسَتْ أَمْوَالًا وَيُقْبَلُ فِيهَا النِّسَاءُ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ رَافِعٌ لِعَقْدٍ سَابِقٍ فَأَشْبَهَ الْإِقَالَةَ وَلِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمٌ فَيُقْبَلْنَ فِيهِ كالرضاع وَكَذَلِكَ الْعتْق كازالة مِلْكٍ كَالْبَيْعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُمَا يَقُومَانِ مَقَامَ الرَّجُلَيْنِ فِي الْحُكْمِ بِدَلِيلِ الرَّفْعِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرْتُمْ لَقَالَ فَرَجُلًا وَامْرَأَةً بِالنَّصْبِ لِأَنَّهُ خَبَرُ كَانَ وَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الشَّاهِدَانِ رَجُلَيْنِ فَيَكُونَانِ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى الِابْتِدَاءِ كَانَ تَقْدِيرُهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ يَقُومَانِ مَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ فَحذف الْخَبَر

ص: 254

وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ آخِرَ الْآيَةِ مُرْتَبِطٌ بِأَوَّلِهَا وَقَالَ تَعَالَى فِي أَوَّلِهَا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} ثمَّ قَالَ {وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم} على ان الْعُمُوم لَو سلمناه لخصصناه بِالْقصاصِ عَلَى جِرَاحِ الْقَوَدِ بِجَامِعِ عَدَمِ قَبُولِهِمْ مُنْفَرِدَاتٍ وَلِأَنَّ الْحُدُودَ أَعْلَاهَا الزِّنَى وَأَدْنَاهَا السَّرِقَةُ وَمَا قبل فِي أَحدهمَا يُقْبَلُ فِي الْآخَرِ فَكَذَلِكَ الْأَبْدَانُ أَعْلَى مِنَ الْأَمْوَالِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا مَا يُقْبَلُ فِي الْأَمْوَالِ وَلِأَنَّ الْقَتْلَ وَحَدَّ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ وحد الْخمر لَيْسَ بِثَابِت ولانا بِالْقِيَاسِ على الزِّنَى لَا عدم اشْتِرَاطِ أَرْبَعَةٍ فِيهِ وَلَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمْوَالِ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ فَتَعَيَّنَ قِيَاسُهَا عَلَى الطَّلَاقِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ أَحْكَامَ الْأَبْدَانِ أَعْظَمُ رُتْبَةً وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ لَا يُقْبَلْنَ فِيهِ مُنْفَرِدَاتٍ فَلَا يُقْبَلْنَ فِيهِ كَالْقِصَاصِ وَلِأَنَّا وَجَدْنَا النِّكَاحَ آكَدَ مِنَ الْأَمْوَالِ لِاشْتِرَاطِ الْوِلَايَةِ فِيهِ وَلَمْ يَدْخُلْهُ الْأَجَلُ وَالْخِيَارُ وَالْهِبَةُ وَعَنِ الرَّابِع ان الْمَقْصُود من الاجازة الْمَالُ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ مَقْصُودَهُ أَيْضًا الْمَالُ بدلي أَنَّ الْأَجَلَ وَالْخِيَارَ لَا يَثْبُتَانِ إِلَّا فِي مَوضِع فِيهِ المَال وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّهُ حَلُّ عَقْدٍ لَا يَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْإِقَالَةُ حَلُّ عَقْدٍ يَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ وَالنُّكُولِ أَيْضًا مَقْصُودُ الطَّلَاقِ غَيْرُ الْمَالِ وَمَقْصُودُ الْإِقَالَةِ الْمَالُ وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّ الرَّضَاعَ يثبت الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ إِزَالَةٌ إِلَى غَيْرِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ البيع

ص: 255

تَنْبِيهٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ فِي الدَّيْنِ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّهُمَا قَدْ أُقِيمَتَا مَقَامَ رَجُلٍ وَالرجل يحلف مَعَه وَلِأَنَّهُمَا قَدِ انْضَمَّ إِلَيْهِمَا غَيْرُ جِنْسِهِمَا احْتِرَازًا مِنْ كَثْرَتِهِنَّ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ كَالرَّجُلِ مَعَ الْيَمِينِ احْتَجُّوا بِأَنَّ شَهَادَةَ الرَّجُلِ مَعَهُنَّ مِمَّا يَزِيدُ صِدْقَهُنَّ فَإِذَا انْفَرَدَتَا أُسْقِطَتْ لِانْتِفَاءِ الْمُقَوِّي وَجَوَابُهُمْ أَنَّكُمْ تَقْبَلُونَ أَرْبَعَةً فِي الْأَمْوَالِ مَعَ عَدَمِ الرجل فَدلَّ على عدم اعْتِبَاره وَخَالَفنَا ش فِي قبولهن مُفْرَدَات فِي الرَّضَاعِ لِكَوْنِهِ مَعْنًى لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا فَيَجُوزُ ذَلِكَ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَخَالَفَنَا ش فِي قبولهن منفردات فَقَالَ لابد مِنْ أَرْبَعٍ وَقَالَ ح إِنْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ مَا بَين السوءة وَالرُّكْبَةِ قَبِلَ فِيهَا وَاحِدَةً وَقَبِلَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْوَاحِدَةَ مُطْلَقًا فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ لَنَا أَنَّ كُلَّ جِنْسٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي شَيْءٍ عَلَى انْفِرَادٍ كَفَى مِنْهُ شَخْصَانِ كَالرِّجَالِ وَلَا يَكْفِي مِنْهُ وَاحِدَةٌ كَالرِّجَالِ وَكَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَلِأَنَّ شَهَادَةَ الرِّجَالِ أَقْوَى وَأَكْثَرُ وَلَمْ يَكْفِ وَاحِدٌ فَالنِّسَاءُ أَوْلَى احْتَجُّوا بِمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي لَهَبٍ فَأَتَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ أَرْضَعْتُكُمَا فاتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقلت يارسول اللَّهِ إِنَّهَا كَاذِبَةٌ قَالَ كَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا فِي الِاسْتِهْلَالِ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّضَاعِ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ تجزي وَقِيَاسًا عَلَى الْآيَةِ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّهُ قَالَ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ رَجُلٍ فِي الْموضع الَّذِي تشهد فِيهِ مَعَ رجل الرجل

ص: 256

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ لَوْ كَفَتْ لَأَمَرَهُ بِالتَّفْرِيقِ كَمَا لَو شهد عَدْلَانِ بِحكم صلى الله عليه وسلم َ - وَغَيْرِهِ مِنَ الْحُكَّامِ يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ لَا سِيَّمَا فِي اسْتِبَاحَةِ الْفُرُوجِ فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوَاحِدَةَ كَافِيَةٌ فِي الْحُكْمِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَحْرِيمُ شَيْءٍ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ كَانَ ذَلِكَ الطَّرِيقُ يَقْضِي بِهِ الْحَاكِمُ أَمْ لَا فَإِنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ طُلُوعُ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَكْلُ أَوْ أَنَّ الطَّعَامَ نَجَسٌ حَرُمَ عَلَيْهِ أَكْلُهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَإِخْبَارُ الْوَاحِدَةِ يُفِيدُ الظَّنَّ فَأَمَرَهُ صلى الله عليه وسلم َ - بِطَرِيقِ الْفُتْيَا لَا بِطْرِيقِ الْحُكْمِ وَالْإِلْزَامِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَدِلَّتِنَا الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْفُتْيَا وَعَنِ الثَّالِثِ كَذَلِكَ أَيْضًا وَعَنِ الرَّابِع الْفرق ان الرِّوَايَة ثبتَتْ حُكْمًا عَامًّا فِي الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ فَلَيْسَتْ مَظَنَّةَ الْعَدَاوَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَدُ وَالرَّجُلُ الْوَاحِدُ لَا يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ اتِّفَاقًا وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَدُلُّ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ أَيْ إِذَا لَمْ يَكُونَا مَعَ رَجُلٍ لَا يَكُونَانِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ بَلْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ فَتَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ كَرَجُلٍ وَهَذَا لَنَا عَلَيْكُمْ

(فَرْعٌ مُرَتَّبٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا لَمْ يُقْبَلْنَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فَإِنَّ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ تُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَالسَّيِّدِ أَنَّهُ مَا أَعْتَقَ لِأَنَّهَا شُبْهَةٌ كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ

(الْفَرْعُ الثَّالِثُ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى اخْتُلِفَ فِي الْقَائِفِ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ أَوْ مِنْ بَابِ

ص: 257

الْخَبَر قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَكْفِي الْوَاحِدُ لِأَنَّهُ شَهَادَة وَعَن ابْن الْقَاسِم يَكْفِي الْوَاحِد خبر وَيلْزم على هَذَا قبُول قَول العَبْد قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ إِذَا سَأَلَهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ لحقارة الْعُبُودِيَّة وَلَا يلْزم دور ويتضح التَّخْرِيج ونصو بِحَقَائِقَ مَعْلُومَةٍ وَمَعَ الْجَهْلِ بِهَذِهِ الضَّوَابِطِ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ فِي شَيْءٍ لَيْسَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ كَمَا أَنَّ مَنْ جَهِلَ الْمَالِيَّةَ وَالْآدَمِيَّةَ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَمْنَعُ قَتْلَ الْوَالِدِ بِوَلَدِهِ لِتَرَدُّدِ الْوَالِدِ بَيْنَ الْمَالِيَّةِ وَالْآدَمِيَّةِ وَبِالْجُمْلَةِ الْإِحَاطَةُ بِهَذَا أَمْرٌ مُهِمٌّ فَتَعَيَّنَ عَلَى الْفَقِيهِ تَحْصِيلُهُ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لَا يَعْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْحَقَائِقِ إِلَّا آثَارَهَا الَّتِي هِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَيْهَا فَعِلْمُهَا مِنْ قَبْلِهَا دَوْرٌ وَفَسَادُ فَقِهٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ سبع الْقَائِفُ وَالتُّرْجُمَانُ وَالْكَاشِفُ عَنِ الْبَيِّنَاتِ وَقَائِسُ الْجُرْحِ وَالنَّاظِرُ فِي الْعُيُوبِ كَالْبَيْطَارِ وَالطَّبِيبِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ كَانَ الْبَيْطَارُ فَاسِقًا لِأَنَّهُ عِلْمٌ وَضَعَهُ اللَّهُ فِيهِ وَالْمُسْتَنْكِةُ لِلسَّكْرَانِ إِذَا أَمَرَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الشُّرْبِ فَلَا بُد فِيهِ من اثْنَيْنِ كالتقويم لسلع وَالْعُيُوبِ وَالرَّقَبَةِ وَالصَّيْدِ فِي الْحَجِّ وَاخْتُلِفَ فِي الْحكمَيْنِ فيقيل اثْنَيْنِ وَقِيلَ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ

ص: 258

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي مَوَانِعِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْعُدُولِ)

وَهِيَ عَشَرَةٌ

(الْمَانِعُ الْأَوَّلُ)

تُهْمَةُ الْقَرَابَةِ وَالنِّكَاحِ وَفِي الْكِتَابِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَخِ وَالْأَجِيرِ وَالصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا فِي عِيَالِهِ وَالْمَوْلَى لِمَنْ أَعْتَقَهُ دُونَ ابْنِهِ وَأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَعَبْدِ ابْنه وَالزَّوْج وَالزَّوْجَة وَالْجد وَابْن الابْن وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ وَلَا فِي تَجْرِيحِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْمُلَاطِفُ الْمُخْتَصُّ بِالرَّجُلِ الَّذِي يُلَاطِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَالْمُلَاطَفَةُ الْإِحْسَانُ وَالْبِرُّ وَهُوَ أَحَدُ مَعَانِي تَسْمِيَتِهِ تَعَالَى لَطِيفًا وَلَوْ كَانَتِ الْمُلَاطَفَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَانَتْ مسالة الاخوين الَّذِي ينَال أَحدهمَا بر الآخر وَاشْترط مَرَّةً التَّبْرِيزَ فِي الْآخَرِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ أُخْرَى وَقِيلَ فِي الْيَسِيرِ دُونَ الْكَثِيرِ وَالْمُبَرِّزُ بِكَسْرِ الرَّاء الْمُهْملَة من البارز فِي حَملَة السِّبَاقِ أَيْ تَقَدَّمَ عَلَى أَقْرَانِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الصَّدِيقِ الْمَنْعُ لِمَالِكٍ إِذَا كَانَتْ تَنَالُهُ صلته والا جَازَت وَجَوَّزَهُ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْيَسِيرِ وَيَمْتَنِعُ الْمُلَاطِفُ لِلْمُلَاطِفِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ تَجُوزُ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَى الَّذِي لَيْسَ فِي عِيَالِهِ مِنَ الْأُجَرَاءِ هُوَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرِكُ نَحْوَ الصّباغ وَمن جَمِيع عمله لَك وَيدْفَع اليه مُؤْنَته امْتنعت شَهَادَته بِشَهَادَتِهِ كَانَ فِي عِيَالِكَ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَخُ يَعْدِلُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ تَعْدِيلَ أَخِيهِ شَرَفٌ لَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَجُوزُ شَهَادَتُكَ لِمَنْ هُوَ فِي عِيَالِكَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ الَّذِي فِي الْعِيَالِ قَرِيبًا كَالْأَخِ وَنَحْوِهِ امْتَنَعَتْ شَهَادَتُكَ لَهُ لِأَنَّكَ تَدْفَعُ بِذَلِكَ النَّفَقَةَ عَنْكَ وَكَوْنُكَ لَا تُنْفِقُ عَلَيْهِ

ص: 259

مَعَرَّةً عَلَيْكَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَتَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ لِجَدِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِأَنَّ الْجَرَّ إِلَيْهِمْ جَرٌّ لَهُ وَالدَّفْعَ عَنْهُمْ دَفْعٌ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ أَصْبَغُ يَمْتَنِعُ نَقْلُ الْأَبِ عَنِ الِابْنِ وَالِابْنِ عَنِ الْأَبِ وَإِنْ كَانَا مَشْهُورَيِ الْعَدَالَة وكل من لَا يعد لَهُ لَا يُنْقَلُ عَنْهُ لِأَنَّ النَّقْلَ عَنْهُ تَقْرِيرٌ لِشَهَادَتِهِ وَعَدَالَتِهِ وَجَوَّزَ مُطَرِّفٌ النَّقْلَ لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع بِهِ إِلَّا الْمَشْهُودُ لَهُ دُونَ التَّعْدِيلِ لِأَنَّهُ ينْتَفع الْمُعَدِّلَ وَجَوَّزَ عَبْدُ الْمَلِكِ شَهَادَةَ الِابْنِ مَعَ أَبِيهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَشْهَدُ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ عَن الْآخَرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُبَرِّزًا وَيَشْهَدَ فِي يَسِيرٍ وَجَوَّزَهُ ابْنُ نَافِعٍ إِلَّا فِي وِلَايَةِ الاب اَوْ يُزَوّج على أمه ان يكون غصب لأمه وَقَالَ سَحْنُون فِي وَالدّين مُسلمين شَهدا على غَرِيم لابنهما وَهُوَ كَافِرٌ لَهُ وَلَدٌ كَافِرٌ يُمْنَعُ لِأَنَّهَا شَهَادَة لاخيهما الْكَافِر بِالْمَالِ فَلَا لِلتُّهْمَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا العَبْد جنى جِنَايَة امْتنع لاتهأمهما فِي اخراجها من ذَلِك الْمَالِكِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى أَبِيهِمْ بِالزِّنَى لَمْ يُقْبَلُوا لِاتِّهَامِهِمْ عَلَى الْمِيرَاثِ وَيُحَدُّونَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ الْأَبُ عديما اوحده الْجَلْدُ جَازَ وَمَنَعَ أَبُو بَكْرٍ اللَّبَّادَ إِذَا كَانَ مُعْدَمًا لِأَنَّ نَفَقَتَهُ تَلْزَمُهُمْ فَتَزُولُ بِالرَّجْمِ قَالَ أَشْهَبُ وَشَهَادَتُهُمْ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا عَمْدًا كشاهدتهم بِالزِّنَى وَهُوَ ثَيِّبٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ على وَلَده اَوْ وَالِده الا ان يكون عَدَاوَةً إِلَّا فِي طَلَاقِ ضُرَّةِ أُمِّهِ وَأُمُّهُ حَيَّةٌ أَوْ مُطَلَّقَةٌ بِخِلَافِ إِنْ مَاتَتْ وَتَجُوزُ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ إِلَّا أَنْ يتهم بالاثرة والميل اليه وَيمْتَنع لِصَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ كَبِيرٍ عَلَى كَبِيرٍ لِأَنَّهُمَا مَظَنَّةُ الشَّفَقَةِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ ثُمَّ رَجَعَ لِلْمَنْعِ فِي حَقِّ الِابْنِ مُطْلَقًا

ص: 260

لِمَا جَاءَ مِنَ السُّنَةِ فِي مَنْعِ الشَّهَادَةِ لِلِابْنِ وَمَنْعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِزَوْجَةِ أَبِيهِ وَلِابْنِ زَوْجَتِهِ وَأُمِّ امْرَأَتِهِ وَوَالِدِهَا وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ لِابْنِ زَوْجِهَا قَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ هُوَ بِالْبَيِّنِ وجوزها سَحْنُون لوالدي أمراته وَولده إِلَّا أَنْ يُلْزِمَ السُّلْطَانُ وَلَدَهَا الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا لِضَعْفِ زَوْجِهَا عَنْ ذَلِكَ وَجَوَّزَ شَهَادَتَهَ لِزَوْجِ ابْنَتِهِ وَأَبِي زَوْجِهَا وَلِأُمِّهِ وَلِأَبِيهِ وَامْرَأَتِهِ الَّتِي فَارَقَهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ دُونَ تَزْكِيَتِهِ لَهَا وَعَنْهُ إِنْ كَانَ مَلِيًّا لَا يحْتَاج وَلَده لِأَنَّهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَكُلُّ شَهَادَةٍ تَجْلِبُ نَفْعًا لِمَنْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ لَهُ تَمْتَنِعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ سَحْنُونٍ وَعَنْ مَالِكٍ تَمْتَنِعُ شهادتك لاخيك كَانَ فِي عِيَالك اَوْ كَانَت عِيَالُهُ عِيَالَكَ إِذَا أَصَبْتَ شَيْئًا نَالَهُ مِنْهُ وَتَجُوزُ شَهَادَتُكَ لِعَمِّكَ وَخَالِكَ وَابْنِ أَخِيكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَنْتَ فِي عِيَالِهِ وَإِنْ كَانَ فِي عِيَالِكَ جَازَتْ فِي الْحُقُوقِ إِلَّا فِي الْقصاص وَمَا فِيهِ جملَة وتتمه وَكُلُّ مَنْ جَازَتْ لَكَ شَهَادَتُهُ جَازَتْ لَكَ عَدَالَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ أَخَاهُ إِنْ كَانَ الْوَلِيّ وَالْوَارِث غَيره وَقيل يجوز لِلْأَخِ مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ تَنَالَهُ صِلَتُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُمْنَعُ شَهَادَةُ الْقَرَابَةِ وَالْمَوَالِي فِي الرَّابِع الَّتِي يَتَّهِمُونَ فِيهَا بِالْجَرِّ إِلَيْهِمْ أَوْ إِلَى بَنِيهِمْ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ مِثْلَ حُبُسٍ مَرْجِعُهُ اليهم وَإِلَى بنيهم قَالَ اللَّخْمِيّ يمْنَع لِلْأَجِيرِ إِذَا كَانَتْ نَفَقَتُكَ عَلَيْهِ تَطَوُّعًا أَوْ مِنَ الْأُجْرَةِ لِأَنَّكَ تَخْشَى إِنْ لَمْ تَشْهَدْ لَهُ يتركك وَكَذَلِكَ شَهَادَة الْقصار وَنَحْوه للتاجر لِأَنَّهُ يَرْجُو مِنْهُ ان يخصمه بِالْعَمَلِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الصُّنَّاعِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ التَّاجِر لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَرْغُوبًا فِي عَمَلِهِ

ص: 261

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ فِي الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا أُلْزِمَ الطَّلَاقَ بِإِقْرَارِهِ بِالْعِتْقِ وَاخْتِيَارِهَا أَوِ اخْتَارَتْ الْبَقَاء فَهَل يمْنَع مِنْهَا لَيْلًا يَرِقَّ وَلَدُهُ أَمْ لَا لِأَنَّ لَهُ حَقًا فِي الْإِصَابَةِ وَالتَّعَدِّي مِنَ السَّيِّدِ فِي ثَانِي حَالٍ قَالَ وَإِنَّ الْمَنْعَ إِلَّا أَنْ لَا وَيَعْزِلَ عَزْلًا بَيِّنًا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ حُرًّا يُخْتَلَفُ فِي تَمْكِينِهِ مِنْهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ إِنْ شَهِدَ أَنَّ زَوْجَ أَمَتِهِ طَلَّقَهَا أَوْ أَنَّ عَبْدَهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ رُدَّتْ لِاتِّهَامِهِ بِتَفْرِيقِهِمَا مِنَ الزَّوَاجِ فَإِنْ صَدَقَتِ الْأَمَةُ السَّيِّدَ حَرُمَ عَلَيْهَا تَمْكِين الزَّوْج

(فَرْعٌ)

قَالَ يمْنَع لِسَيِّدِ أَبِيهِ وَسَيِّدِ وَلَدِهِ أَنَّهُ بَاعَهُ أَوْ وهبه وَكَانَ السَّيِّد مسيئا ثبتَتْ اسائته أَوِ الثَّانِي ابْنٌ وَإِلَّا جَازَتْ

(فَرْعٌ)

قَالَ يخْتَلف إِذَا شَهِدَ لِأَحَدِ بَنِيهِ عَلَى الْآخَرِ وَهُمَا صَغِيرَانِ أَوْ كَبِيرَانِ أَوْ صَغِيرٌ وَسَفِيهٌ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ مَعَهُمَا لِأَنَّ الْعَادَةَ إِخْفَاءُ الْمَوَدَّةِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ حَتَّى لَا يَتَغَيَّرُوا اسْتِبْقَاءً لَو دهم فَقَدْ يَكُونُ يُحِبُّ أَحَدَهُمَا وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ وَإِلَّا فَالسُّؤَالُ مُتَّجِهٌ بِسَبَبِ اسْتِوَاءِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي الرِّيبَةِ فَهُمَا كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ فَلَا تُهْمَةَ وَالْفَرْقُ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ تَعْلِيلُ الْمَنْعِ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَوْ شَهِدَ لِوَلَدِهِ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ رُدَّ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَجُوزُ عَكْسُهُ اتِّفَاقًا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ الَّذِينَ تَمْتَنِعُ الشَّهَادَةُ لَهُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ الْأَبَوَانِ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَالْوَلَدُ وَوُلَدُ الْوَلَدِ مِنَ الذُّكُورِ أَوِ الْإِنَاثِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ غَيرهم

ص: 262

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى أَبِيهِ بِطَلَاقِ أُمِّهِ وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ إِنْ كَانَت الْقَائِمَةَ بِذَلِكَ مَنَعَهَا أَشْهَبُ لِأَنَّهَا لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ إِنْكَارٍ أَوْ غَيْرِهِ وَاخْتُلِفَ إِذَا شَهِدَ بِطَلَاقِ غَيْرِ أُمِّهِ وَأُمُّهُ حَيَّةٌ مُطَلَّقَةٌ مَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهَا أَصْبَغُ وَهَذَا إِذَا كَانَتْ مُنْكِرَةً فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِالشَّهَادَةِ وَالْأُمُّ فِي عِصْمَةِ الْأَبِ مَنَعَهَا سَحْنُونٌ وَأَجَازَهَا أَصْبَغُ قَالَ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ وَالْأُمُّ فِي الْعِصْمَةِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْعَادَةَ عَدَاوَةُ الْوَلَدِ لِامْرَأَةِ أَبِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا خِلَافَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ فِي الْحُقُوقِ غَيْرِ الطَّلَاقِ فَلَوْ شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا أُمُّهُ وَهِيَ غَيْرُ طَالِبَةٍ الطَّلَاقَ وَالْأُخْرَى طَالِبَةٌ طُلِّقَتَا كَانَتِ الشَّهَادَةُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا اتَّحَدَتِ الشَّهَادَةُ اَوْ تعدّدت لاتهأمه فِي أمه بِمَا رغب وَفِي ضَرَّتهَا بِمَا يكره من رضَا أمه وان كرهتها الطَّلَاقَ امْتَنَعَتِ الشَّهَادَةُ إِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً لِأَنَّهَا تسْقط فِي الضرة التُّهْمَة وَفِي أُمِّهِ لِاتِّهَامِهِ فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ نَفَذَتْ فِي أُمِّهِ دُونَ الْأُخْرَى أَوْ طَالِبَتَيْنِ الطَّلَاقَ رُدَّتْ إِنِ اتَّحَدَتْ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ فِي حَقِّ أُمِّهِ لِلتُّهْمَةِ وَفِي الْأُخْرَى لِاتِّهَامِهِ فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ فَإِنِ افْتَرَقَتْ نَفَذَتْ لِلضُّرَّةِ وَترد لأمه لِأَنَّهُ شَاهد لَهَا لما تَطْلُبُ

(فَرْعٌ)

قَالَ شَهَادَةُ الْأَخِ تَمْتَنِعُ فِيمَا فِيهِ لَهُ اَوْ عصب أَوْ مَا يُكْسِبُ حَظْوَةً وَمَنْزِلَةً أَوْ يَدْفَعُ مَعَرَّةً كَتَعْدِيلِهِ أَوْ تَعْدِيلِ مَنْ شَهِدَ لَهُ وَتَجْرِيحِ مَنْ جَرَّحَهُ وَفِي الْأَمْوَالِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا إِنْ كَانَ مُبَرِّزًا جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَرَابِعُهَا يَجُوزُ فِي الْيَسِيرِ قَالَ وَأَدَّى الرَّدُّ فِي الْكثير الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى شرفه وَيجوز فِي الْوسط

ص: 263

ان كَانَ مبرزا وَيرد فِي الْيَسِيرِ مِنْ غَيْرِ الْمُبَرِّزِ وَمَتَى كَانَ لِلْأَخِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مُقَابَحَةٌ تُوجِبُ الْحَمِيَّةَ رُدَّتْ مُطْلَقًا وَيُخْتَلَفُ فِي جِرَاحِ الْخَطَأِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَالِ لِأَنَّهَا مَالٌ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا مَوْطِنُ الْحَمِيَّةِ وَأَجَازَهَا أَشْهَبُ وَحَيْثُ مَنَعْنَا الشَّهَادَةَ مَنَعْنَا تَعْدِيلَ مَنْ شَهِدَ لِلْأَخِ بِذَلِكَ وَتَجْرِيحَ مَنْ جَرَّحَ شَاهِدَهُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ لَهُ لَا تَجُوزُ لِغَيْرِهِ بِمَالٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا خِلَافَ فِي شَهَادَةِ فِي الْمَالِ وَإِنْ عَظُمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ شَهَادَته فِي وَمَنَعَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ يَتَحَمَّلُ بِنِكَاحِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُ تَعْدِيلِهِ وَنَفْيُ التَّجْرِيحِ عَنْهُ

(فَرْعٌ)

فِي النَّوَادِرِ مَنَعَ سَحْنُونٌ شَهَادَةَ ابْنِ الْمُلَاعِنَةِ لِأَبِيهِ الَّذِي نَفَاهُ لِأَنَّهُ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ استلحاقه

(فَرْعٌ)

قَالَ اصحابنا تجوز شَهَادَة الابْن لابيه أَنَّهُ وَكَّلَ فُلَانًا وَكَذَلِكَ الِابْنُ لِأَبِيهِ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ اجنبيا وكل أحدهم فَيمْتَنع لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ يَسْتَوْجِبُ بِهَا قَبْضَ الْمَالِ وَأَنَّهُ وَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَيْهِ لَا لَهُ قَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ شَهَادَةُ الِابْنِ أَنَّ أَبَاهُ لَمَّا كَانَ قَاضِيا حكم لهَذَا بِكَذَا وَكَذَلِكَ الابْن وَكَانَ يَمْنَعُ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ لِلْجَوَازِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ قَاعِدَةٌ أَصْلُهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَصْمٍ وَلَا ظَنِينٍ بِالظَّاءِ الْمُعَجَّمَةِ وَهُوَ الْمُتَّهَمُ وَالتُّهْمَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مُلْغَاةٌ اجماعا كَشَهَادَة الانسان

ص: 264

لرجل من قبيله أَوْ أَهْلِ بَلَدِهِ وَمُعْتَبَرَةٌ إِجْمَاعًا وَهِيَ شَهَادَةُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا هَلْ تَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ لِقُصُورِهَا عَنِ الثَّانِي أَوِ الثَّانِي لِارْتِفَاعِهَا عَنِ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ هِيَ مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي جَمِيعِ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ تَنْبِيهٌ وَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي عَمُودَيِ النَّسَبِ عُلُوًّا أَوْ سُفْلًا وَخَالَفُونَا فِي الْأَخِ إِذَا انْقَطَعَ لِأَخِيهِ وَفِي الصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَلُهُمُ الْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالْحَدِيثُ أَخَصُّ فَيُقَدَّمُ وَوَافَقَنَا ح وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الزَّوْجَيْنِ وَخَالَفَنَا ش لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ مُعْتَضِدًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ انفسكم ازواجا لتسكتوا اليها وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة} وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْبَسِطُ فِي مَالِ صَاحِبِهِ أَكْثَرَ مِنْ بَسْطِهِ فِي مَالِ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَهُمَا يَتَوَارَثَانِ وَلَا يَسْقُطَانِ فِي الْإِرْثِ كَالِابْنِ وَالْأَبِ احْتِرَازًا مِنْ غَيْرِهِمَا مِنَ الْقَرَابَةِ فَإِنَّهُمْ يَسْقُطُونَ فَكَانَ الشَّبَهُ بِعَمُودَيِ النَّسَبِ أَقْوَى وَالزَّوْجُ يَتَجَمَّلُ بِمَالِ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ تَتَّسِعُ بِمَالِ زَوْجِهَا وَاحْتَجُّوا بِعُمُوم النُّصُوص ك {ذَوي عدل} و {شهيدين من رجالكم} مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَلِأَنَّ كُلَّ شَخْصَيْنِ قُبِلَتْ شَهَادَتهمَا لَهما اذا لم يكن بَينهمَا مُعَاوضَة فَقيل اذا كَانَت كَالْبيع والاجازة وَلِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ لَا يَزِيدُ عَلَى ثُبُوتِ حَقٍّ فِي ذِمَّتِهَا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ وَغَايَةُ اسْتِحْقَاقِ الزَّوْجِ لِمَنَافِعِهَا ذَلِكَ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِإِبْطَالِ الشَّهَادَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ دَلِيلَنَا خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ على العمومات وَعَن الثَّانِي ان مقصودالبيع وَالْإِجَارَةِ الْمُكَايَسَةُ وَمَقْصُودَ النِّكَاحِ الْمَوَدَّةُ

ص: 265

وَالْمُكَارَمَةُ فَحَصَلَتِ التُّهْمَةُ وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ يُوجِبُ الْإِرْثَ وَذَلِكَ دَلِيلُ قُوَّتِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ ثُبُوتَ الْحُقُوقِ فِي الذِّمَمِ لَا يُوجِبُ مَوَدَّةً بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْمَنْدُوبَ إِذَا أَفْضَى لِلتُّهْمَةِ مَنْعَهَا مِنْ جِهَةِ التُّهْمَةِ لَا مِنْ جِهَةِ النَّدْبِ كَالشَّرِيكَيْنِ إِذَا نُدِبَا لِلشَّرِكَةِ كَالْمُتَسَاعِدَيْنِ فِي الْحَجِّ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحدهمَا للاخر

(الْمَانِعُ الثَّانِي)

الْعَدَاوَةُ فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُقْبَلُ الْعَدُوُّ عَلَى عَدُوِّهِ وَيُقْبَلُ لَهُ وَالْعَدَاوَةُ الْمَانِعَةُ الَّتِي لَيست من اسباب الدّين فالمنازعة فِي مَال اَوْ جاه الَّتِي تحمل الْغَصْب وَتحمل على الْفَرح بالمعصية وَالْغَمِّ بِالسُّرُورِ وَالْغَضَبُ لِلَّهِ لَا يَمْنَعُ كَكَوْنِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ الْإِيمَانِ فَهُوَ أَوْلَى بِأَنْ يُؤَكِّدَ الْعَدَالَةَ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا ان يسري ذَلِك إِلَى افراط لذى الْفَاسِدِ حَتَّى يَحْقِدَ الصَّدْرُ فَيُعَادِيَهُ حِينَئِذٍ لِنَفْسِهِ لَا لله افترد الشَّهَادَةُ إِذَا تَحَقَّقَتِ التُّهْمَةُ وَلَوْ كَانَتْ عَدَاوَةُ الدّين تمنع لما قبلت شهادتها عَلَى الْكَافِرِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح الْعَدَاوَةُ لَا تَمْنَعُ مُطْلَقًا لَنَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَا تقبل شَهَادَة خصم وَلَا ظنين والظنة التُّهْمَةُ وَالْعَدُوُّ مُتَّهَمٌ عَلَى عَدُوِّهِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَلَا تقبل شَهَادَة ذِي الْعُمر على اخيه وَلَا الخائن والخائنة وَلَا البَائِع لاهل الْبَيْت وَالْبَائِع قيل السَّائِل وَقيل البَائِع لِأَهْلِ الْبَيْتِ كَالْوَكِيلِ وَغَيْرِهِ وَالْغَمْرُ الْحِقْدُ وَهَذَا نَصٌّ وَقِيَاسًا عَلَى الْوَلَدِ بِجَامِعِ التُّهْمَةِ

ص: 266

احْتَجُّوا بِالظَّوَاهِرِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {ذَوَيْ عَدْلٍ} {وشهيدين من رجالكم} وَلِأَنَّ عَدَالَتَهُ تَمْنَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى عَدُوِّهِ بِالْبَاطِلِ وَلِأَنَّهُمَا لَيْسَ بَيْنَهُمَا سَبَبُ تَوَارُثٍ فَلَا تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الْعَدُوِّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ دَلِيلَنَا أَخَصُّ مِنْ تِلْكَ الْعُمُومَاتِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ ينتفض بِغَمْرِ ذِي النَّسَبِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَدَالَةَ تمنع إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ الْعَدَاوَةَ تُوجِبُ التُّهْمَةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَدُوِّ

(وَفِي الْبَابِ ثَمَانِ مَسَائِلَ)

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا رُدَّتْ لِلْعَدَاوَةِ لَا يَحْلِفُ بِخِلَافِ الْخُلْطَةِ وَعَنْ سَحْنُونٍ ذَلِكَ آكَدُ مِنَ الْخُلْطَةِ فَيَحْلِفُ وَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخُلْطَةِ هَلْ لَا تَثْبُتُ إِلَا بِمَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُقُوقُ أَوْ يُكْتَفَى فِيهَا بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا شَهِدَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ الْحَاكِمَ بِأَنَّهُ عَدُوٌّ وَعَنْ سَحْنُونٍ لَا يُخْبِرُ تَنْفِيذًا لِلْحَقِّ وَلَا يَسْعَى فِي إِبْطَالِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَوْلُهُمْ لَوْ سَكَتَ لَكَانَ سَاعِيًا فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمِ بِغَيْرِ سَبَبِيَّةٍ ضَعِيفٌ لَأَنَّ الْحَقَّ يَصِلُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا ادَّعَى أَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيْهِ برِيح الْخمر عدوله أَخْبَرْتَ بِذَلِكَ الْقَاضِيَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَقَرَّ عِنْدَكَ أَنَّ الَّذِي وَجَدَ مِنْهُ خمر فَلَا يُخبرهُ بِذَلِكَ حَتَّى يُقَامَ الْحَدُّ وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ عِنْدَكَ بِالدَّيْنِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ أَعْدَاؤُهُ لَا يخبر الْقَاضِي بِذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا سَجَنَ صَاحِبُ السُّوقِ سَكْرَانًا لَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ وَبِسِجْنِهِ صَارَ عَدُوًّا وَكَذَلِكَ إِذَا شَهِدُوا بِالزِّنَى وَتَعَلَّقُوا بِالْمَشْهُودِ

ص: 267

عَلَيْهِ وَرَفَعُوهُ لِلسُّلْطَانِ لِأَنَّ الرَّفْعَ وَالتَّعَلُّقَ لَا يَلْزَمُهُمْ بَلْ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِالسَّتْرِ فَلَا تَنْفُذُ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ وَصَارُوا قَذَفَةً يُحَدُّونَ إِلَّا أَنْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةٍ غَيْرِهِمْ عَلَى شُرُوطِ شَهَادَةِ مُوَكَّلِينَ بِذَلِكَ صَحَّتْ شَهَادَتُهُمْ وَقَالَ أَصْبَغُ وَمُطَرِّفٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَوَّلِينَ لِأَنَّ السَّتْرَ وَإِنْ أُمِرُوا بِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَيُقْبَلُوا إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لِلَّهِ وَلَوْ شَهِدُوا فِيمَا يُسْتَدَامُ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ لَجَازَتْ وَإِنْ قَامُوا لِأَنَّ الْقِيَامَ مُتَعَيَّنٌ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تُرَدُّ لِاتِّهَامِهِمْ فِي إِتْمَامِ مَا قَامُوا فِيهِ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَعْدَاءِ الْوَصِيِّ عَنِ الصَّبِيِّ أَنَّهُ جَرَحَ إِنْسَانًا أَوْ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْوَصِيِّ مَالٌ تُؤْخَذُ مِنْهُ دِيَةُ الْجِرَاحِ أَوْ كَانَت دِيَته اكثر من الثُّلُث حَتَّى تحمل الْعَاقِلَةُ وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ يَجُوزُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ الْمَالُ بِيَدِ الْوَصِيِّ أَمَّا بَعْدُ فَلَا وَتَمْتَنِعُ شَهَادَةُ أَعْدَاءِ الْأَبِ عَلَى الِابْنِ قَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ عَلَى الِابْنِ وَكَذَلِكَ أَعْدَاءُ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ فِي الْمَالِ دُونَ الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ وَكَذَلِكَ عَلَى الْأَخِ وَوَافَقَ ابْنَ الْقَاسِمِ سَحْنُونٌ أَنَّهَا تَجُوزُ عَلَى الْأَخِ فِي الْمَالِ لِخِفَّتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ تَمْتَنِعُ شَهَادَةُ عَدُوِّكَ عَلَيْكَ وَتَجُوزُ عَلَى وَلَدِكَ وَإِنْ كَانَ فِي كَفَالَتِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي شَهَادَتِهِ حَدٌّ أَوْ قِصَاصٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يُلْصَقُ بِكَ وَكَذَلِكَ الام وَالْجَلد وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ شَهَادَتَهُ عَلَى ابْنِكَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يؤملك الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَدَثَتِ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَا يَضُرُّ لِتَأَخُّرِ الْمَانِعِ عَنْ زَمَنِ الِاعْتِبَارِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ وَهُوَ يَذْكُرُهَا ثُمَّ عَادَاهُ فَاخْتُلِفَ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ قَالَ وَالْقَبُولُ أَحْسَنُ إِذَا كَانَتْ قُيِّدَتْ عَنْهُ حَذَرَ الزِّيَادَةِ وَالتَّغَيُّرِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يُلَاحَظُ

ص: 268

أَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ تَكُونُ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ فِيهَا رِيبَةٌ فَيَتَحَدَّثُ بِهَا قَبْلَ الْأَدَاءِ وَلَا يَذْكُرُ الرِّيبَةَ فَيُؤَدِّيهَا بَعْدَ الْعَدَاوَةِ مَعَ الرِّيبَةِ الْمَانِعَةِ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ شَهِدْتَ عَلَيْهِ فَشَهِدَ عَلَيْكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي خُصُومَتِهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَذَلِكَ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ وَقْتِ شَهَادَتِكَ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اصْطَلَحَ الْمُتَهَاجِرَانِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِقُرْبِ الصُّلْحِ حَتَّى تَظْهَرَ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْعَدَاوَةِ قَالَ ابْن كنَانَة يجوز عُقَيْبَ الصُّلْحِ إِنْ كَانَتِ الْهِجْرَةُ خَفِيفَةً فِي أَمْرٍ خَفِيفٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ إِذَا اصْطَلَحَا وَلَمْ يُفَرِّقْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ امْتَنَعَتِ الشَّهَادَةُ الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ فِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَيْكَ لَا يُزَكِّي مَنْ شَهِدَ عَلَيْكَ

(الْمَانِعُ الثَّالِثُ)

تُهْمَةُ جَرِّ الشَّاهِدِ النَّفْعَ لِنَفْسِهِ فِي ضمن الشَّهَادَة وَفِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ لِمُكَاتَبِهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَهُ وَلَا مراته بِالْعِتْقِ لِأَنَّ وَلَدَهُ يَبْقَى حُرًّا بِخِلَافِ شَرِيكِهِ الْمُفَاوِضِ فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ إِذَا لَمْ يَجُرَّ لنَفسِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا سِلْعَةً بَيْنَهُمَا مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُبْتَاعُ حَتَّى بَاعَهَا الْبَائِعُ مِنْ آخَرَ وَقَبَضَهَا الثَّانِي فَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الَّذِي لَمْ يَتَوَلَّ الْبَيْعَ لِلْأَوَّلِ بِالشِّرَاءِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي قَدِ اشْتَرَاهَا بِفَضْلِ الشَّاهِدُ مِنَ الْفَضْلِ شَيْئًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي إِذَا اشْتَرَاهَا الثَّانِي بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَبُولُ شَهَادَتِهِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا مُتَفَاوِضَانِ فَكَأَنَّهُمَا مَعًا بَاعَا مِنَ الثَّانِي وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِنَّ شَرِيكَهُ بَاعَهَا مِنَ الْأَوَّلِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ أَنْ يُعْطِيَ نِصْفَ الزَّائِدِ عَنِ الصَّفْقَةِ الْأُولَى لِلْأَوَّلِ

ص: 269

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَصِيَّيْنِ أَوِ الْوَارِثَيْنِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَيَحْلِفُ الطَّالِبُ مَعَ الْوَارِثِ الْوَاحِدِ إِنْ كَانَ عَدْلًا وَيَسْتَحِقُّ فَإِنْ نَكَّلَ أَخَذَ مِنْ شَاهِدِهِ قَدْرَ مَا يُصِيبُهُ مِنَ الدَّيْنِ لِاعْتِرَافِهِ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا امْتَنَعَتْ شَهَادَتُهُ لِسَفَهِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ نُفُوذِ إِقْرَارِهِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَصِيَّيْنِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إِلَى فُلَانٍ مَعَهُمَا لِأَنَّهُ نَفْعٌ لِغَيْرِهِمَا وَقَالَ غَيْرُهُ إِنِ ادَّعَى ذَلِكَ فُلَانٌ وَلَمْ يَجُرَّا بِذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمَا نَفْعًا وَكَذَلِكَ الْوَارِثَانِ فَتَجُوزُ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَارِثَيْنَ عَلَى نَسَبٍ يُلْحِقَانِهِ بِالْمَيِّتِ أَوْ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ أَنَّ فُلَانًا وَصِيٌّ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ وَمَعَهُمَا أَخَوَاتٌ أَوْ زَوْجَةُ الْأَبِ فَإِنْ لَمْ يُتَّهَمَا فِي وَلَائِهِ لِذَاتِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وان اتهمهافي جَرِّ وَلَائِهِ امْتَنَعَتْ وَتَمْتَنِعُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ بِدَيْنٍ للْمَيت لِأَنَّهُ خَليفَة إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا عُدُولًا وَلَا يجْبر بِشَهَادَتِهِ شَيْئًا يَأْخُذُهُ وَتَمْتَنِعُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ لَهُمْ عَلَى النَّاسِ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا كِبَارًا عُدُولًا فَإِنَّهُ لَا يُتَّهَمُ لَهُمْ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ لِلسَّفِيهِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ ظَاهِرُهُ اشْتِرَاطُ الرُّشْدِ فِي الْعَدَالَةِ هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ وَقَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا عُدُولًا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الْعَدَالَةِ فِي الرُّشْدِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا حَتَّى قَالَ وَمَعْنَاهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونُوا مَرْضِيِّينَ فِي أَحْوَالِهِمْ لَا عَدَالَةَ الشَّهَادَةِ وَالْقَوْلَان فِي الْمَذْهَب فِي اشْترط الدَّيْنِ فِي الرُّشْدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَرَادَ بِالْعَدَالَةِ الْوَجْهَ الَّذِي لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَيْهِمْ فَتَنْتَفِي التُّهْمَةُ عَنِ الْوَصِيِّ وَإِذَا لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا فَهُمْ مُخْتَلَفٌ فِيهِمْ فَيُتَّهَمُ الْوَصِيُّ لِكَوْنِ الْوَرَثَةِ مُعَرَّضِينَ لِلْإِيصَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَحْلِفُ مَعَ الْوَارِثِ الْعَدْلُ إِنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ وَإِنَّهُ مَا قَبَضَ مِنَ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أَسْقَطَهُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ يَأْخُذُ مِنْهُ نَصِيبَهُ يُرِيدُ إِذَا أَقَرَّ الشَّاهِدُ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ على

ص: 270

الْمَيِّت وان لَا يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْهُ وَلَا أَسْقَطَهُ عَنْهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا احْتَضَرَ فَقَالَ مَا شَهِدَ عَلَيَّ بِهِ أَنه مِنْ دَيْنٍ أَوْ شَيْءٍ فَهُوَ مُصَدَّقٌ إِلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَلَمْ يُوَقِّتْ وَقْتًا ثُمَّ مَاتَ فَشَهِدَ الْوَلَدُ لِقَوْمٍ فَلَا بُدَّ مِنَ الْيَمِينِ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ عَدْلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا أَوْ نَكَّلَ الْمَشْهُودُ لَهُ لَزِمَ الْوَلَدَ نَصِيبُهُ مِنَ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا امْتَنَعَ اقراره فِي مِيرَاثِهِ وَلَمْ يَحْلِفِ الطَّالِبُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ شَهِدَ الْوَلَدَانِ أَنَّ أَبَاهُمَا أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ وَشَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ ذَانِ إِنَّهُمَا فِي وِلَايَتِهِ امْتَنَعَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِلَّا جَازَتْ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا شَهِدَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ لَهُ وَهُوَ يُخَاصِمُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي مَالٍ يَلِي قَبْضَهُ لَا تُقْبَلُ قبل وَلَا بعد وَيقبل فِيمَا لَا يَلِي قَبْضَهَ لِأَنَّ الْقَبْضَ وِلَايَةٌ وَقَدْ يَقْتَرِضُ وَيَتَّجِرُ فِيمَا قَبَضَ فَيُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ وَإِذَا زَالَتِ الْوِلَايَةُ قُبِلَتْ إِلَّا أَنْ تُرَدَّ أَوْ لَا قَالَ مَالِكٌ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَصِيّ على الْيَتِيم فِي زمن الاية كَالْوَالِدِ وَفِي الْجَلَّابِ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي رَاحَة مِنْ ضَبْطِ الْمَالِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَتَيَا بِكِتَابٍ مَخْتُومٍ لِلْقَاضِي عَلَى وَصِيَّةٍ وَهُمَا الْوَصِيَّانِ سَأَلَهُمَا إِنْ قَالَا قَبِلْنَا الْوَصِيَّةَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا كَفِيلٌ لفُلَان ولوالدهما بِمَال اولهما وَلفُلَان على فلَان مائَة بِأَنَّهُ لم يجر أَحدهمَا لِجَرِّ النَّفْعِ بِهِمَا بِخِلَافِ شَهَادَةٍ بِوَصِيَّةٍ أَوْصَى لَهُ فِيهَا بِشَيْءٍ تَافِهٍ لَا يُتَّهَمُ فِيهِ فَيَجُوزُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ بَعْضُ الشَّهَادَة دون بَعْضهَا وَعَن مَالك اذا أَنهم امْتَنَعَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي هَذَا الاصل

ص: 271

اخْتِلَافٌ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إِنْ شَهِدَ مَعَهُ غَيْرُهُ جَازَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَإِلَّا جَازَتْ لِغَيْرِهِ دُونَهُ وَعَنْ مَالِكٍ لَا تَجُوزُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا فِي التَّنْبِيهَاتِ لَا يُخْتَلَفُ فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ إِذَا اشهدهما بِشَيْء وَلِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ لِنَفْسِهِ حَقِيرًا إِلَّا مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهَا تَجُوزُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ إِذَا كَانَ الَّذِي لَهُ يَسِيرًا كَالْوَصِيَّةِ وَقيل يجوز مِنْهَا شَهَادَتُهُ فَقَطْ تَخْرِيجًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَصِيَّةِ إِنَّهُ ان كَانَ الشَّاهِد فِيهَا يبين أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَحْدَهُ حَلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَأَخَذَ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ كخز وَاحِدٍ وَهُوَ فِيهِ يَحْكُمُ اتَّبَعَ وَقَدْ حَلَفَ الْآخَرُ عَلَى تَصْحِيحِ شَهَادَتِهِ وَأَنَّ مَعَهُ غَيْرَهُ أَخَذَ الْآخَرُ حَقَّهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِاجْتِمَاعِ شَاهِدَيْنِ لَهُ وَأَخَذَ أَيْضًا حَقَّهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِكَوْنِهِ تَبَعًا لِحَقِّ صَاحِبِهِ لَمْ يَخْتَلِفْ شُيُوخُنَا أَنَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ ابْنِ سَعِيدٍ قِيلَ مَعْنَاهُ إِنْ كَانَ وَحْدَهُ جَازَتْ لِغَيْرِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَامْتَنَعَتْ لَهُ وان كَانَ مَعَه غَيره جَازَت لغير بِغَيْر يَمِين وَله بِغَيْر يَمِين معاتبة بشتهدين وَقِيلَ إِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَأْخُذْ هُوَ حَقَّهُ إِلَّا بِيَمِينٍ مَعَ شَهَادَةِ صَاحِبِهِ وَقَالَهُ مَالك فَفِي الْمُدَوَّنَة قَولَانِ لمَالِك وتاويلا قَوْلِ ابْنِ سَعِيدٍ قَوْلَانِ آخَرَانِ وَإِنْ كَانَ مَا شَهِدَ بِهِ لِنَفْسِهِ فِي الْوَصِيَّةِ كَثِيرًا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فِي الْجَمِيعِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلتُّهْمَةِ وَقيل يجوز لِغَيْرِهِ دُونَ نَفْسِهِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي الْجلاب قَالَ بعض الاندلسيين تجويزه هَاهُنَا إِنْ كَانَ الَّذِي لَهُ يَسِيرًا مَعَ الْمَنْعِ مُطْلَقًا إِذَا شَهِدَ أَنَّهُ أَوْصَى لِابْنِهِ اخْتِلَافٌ إِذْ لَا فَرْقَ فِي التُّهْمَةِ قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْقَرَابَةِ إِنَّمَا أَجَابَ عَنْ شَهَادَة الاب لِابْنِهِ وَلم يعْتَرض لِلْوَصِيَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ لَهُ أَوْ إِلَيْهِ فِي تَنْفِيذِ يَسِيرِ الْمَالِ الَّذِي لَوْ أَوْصَى لَهُ فِي جُمْلَةِ وَصِيَّةٍ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهِ أَوْ تَنْفِيذِ عِتْقٍ وَشُبْهَةٍ مِمَّا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ أَوْ هُوَ لَا يَتَشَرَّفُ مِثْلُهُ بِإِسْنَادِ الْوَصِيَّةِ قَالَهُ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ وَفِي النُّكَتِ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ فِيهَا يَسِيرٌ

ص: 272

بِخِلَاف سَائِر الْحُقُوق لِأَنَّهُ ضَرُورَة يخْشَى من تَأْخِيرهَا معالجة الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ إِذَا شَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّ فُلَانًا تَكَفَّلَ لِفُلَانٍ وَلِوَالِدِهِمَا لَا يَجُوزُ مَعْنَاهُ فِي حق وَاحِد وَأَمَّا فِي حَقَّيْنِ تَكَفَّلَ لِفُلَانٍ بِكَذَا وَلِوَالِدِهِمَا فِي شَيْء اخر بِكَذَا فَيجوز لِلْأَجْنَبِيِّ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا رُدَّتِ الشَّهَادَةُ لِلتُّهْمَةِ لم يجز لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ إِذَا رُدَّتْ لِلسَّنَةِ كَشَهَادَتِهِ بِمَالٍ وَعِتْقٍ فَيَجُوزُ مَا قَابَلَ الْمَالَ دُونَ مَا قَابَلَ الْعِتْقَ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَمْ يُتَّهَمْ فِي صِدْقِهِ بِخِلَافِ التُّهْمَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِكَذَا وَالْكِتَابُ وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ صَحَّتِ الشَّهَادَةُ وَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ شَاهِدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَ عَلَى وَصِيَّةٍ أَوْصَى لَهُ فِيهَا ثَبَتَ الثُّلُثُ وَالْوَصَايَا تُحِيطُ بِالثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ يُدَايِنُ النَّاسَ وَيُشَكُّ أَنْ كَانَ لَهُ عَلَى النَّاسِ دُيُونٌ ثَبَتَتْ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ أَوْ لَا يُدَايِنُ النَّاسَ جَازَتْ قَالَ ابْنُ يُونُس اذا شهد فِي وَصِيَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ لَهُمَا فِي إِحْدَاهُمَا يَسِيرٌ جَازَتِ الْوَصِيَّتَانِ وَإِلَّا رُدَّتْ فِيهِمَا وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أَشْهَدَهُمَا أَنَّ ثُلُثَ مَالِهِ ثُلُثٌ لِلْمَسَاكِينِ وَثُلُثٌ لِجِيرَانِهِ وَثُلُثٌ لَهُمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا شَهِدَ فِي ذِكْرِ حَقٍّ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ رُدَّتْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا شَارَكَهُ الْآخَرُ فِيهِ وَلَوِ اقْتَسَمَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ قَالَ فَعَلَى هَذَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَثُرَ مَا يَخُصُّهُ مِنْهَا إِذَا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِأَحَدِهِمَا بِعَبْدٍ وَلِلْآخَرِ بِثَوْبٍ مَثَلًا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَدْخُلُ عَلَى الْآخَرِ فَهِيَ كَشَهَادَتَيْنِ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ قَالَ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتِي لَا تُقْبَلُ فِي نَصِيبِي وَإِنَّمَا قَصَدْتُ حَقَّ غَيْرِي وَذَكَرْتُ مَا أَوْصَى لِي بِهِ لِأُؤَدِّيَ أَمْ جَلَسَ عَلَى مَا وَقَعَ فَأَوْلَى أَنْ تَبْطُلَ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا شَهِدَ بَعْضُ الشُّهُودِ لِبَعْضٍ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي مَجْلِسٍ امْتَنَعَتْ أَوْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ جَازَ أَوْ عَلَى رَجُلَيْنِ جَازَ فِي مَجْلِسٍ اَوْ مجَالِس قَالَ واخرى رَدُّهَا كَانَتْ عَلَى رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ لَفْظًا

ص: 273

أَوْ بِكِتَابٍ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى اشْهَدْ لِي وَأَشْهَدُ لَكَ إِلَّا أَنْ يَطُولَ مَا بَيْنَهُمَا قَالَ مَالِكٌ إِذَا شَهِدْتَ عَلَيْهِ بِمَالٍ فِي يَدِكَ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٌ حَاضِرٌ جَازَ اَوْ غَائِب امْتنعت لِأَنَّهَا ملك على اقر لَك الْمَالَ فِي يَدِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ سَلِّمِ الْمَالَ وَلَا تَشْهَدْ لِأَنَّكَ إِنْ شَهِدْتَ رُدِدْتَ لِلتُّهْمَةِ فَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ لِتُهْمَةِ الرَّدِّ وَإِذَا سَلَّمْتَهُ شَهِدْتَ لَهُ إِذَا قدم قَالَ وارى ان يثبت بِالْمَالِ لِلْحَاكِمِ أَوْ قُلْتَ لَهُ أَوْقِفْهُ حَيْثُ تَرَى أَنْ تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ وَيُكَاتِبَ الْمَشْهُودَ لَهُ إِلَّا أَنْ تَبْعُدَ غَيْبَتُهُ فَيَحْلِفُ صَاحِبُهُ الْغَائِبُ وَيَأْخُذُ فَإِنْ قَدِمَ حَلَفَ وَاسْتَرْجَعَهُ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مِمَّا لَا تُتَّهَمُ أَنْتَ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ يبْقى بِهِ عِنْدَكَ كَالثَّوْبِ قُبِلَتِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُتَّهَمُ فِي مِثْلِ هَذَا وَقَدْ تَسَلَّفَ الدَّنَانِيرَ حَكَى صَاحِبُ الْبَيَانِ فِيمَا إِذَا شَهِدَ بِوَصِيَّةٍ لَهُ فِيهَا شَيْءٌ الْأَرْبَعَةُ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةُ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى وَصِيَّةٍ مَكْتُوبَةٍ أَمَّا اللَّفْظُ فَقَطْ نَحْوَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا وَالشَّاهِدُ أَحَدُهُمْ وَالَّذِي لَهُ يَسِيرٌ امْتَنَعَتْ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَقَدْ يُقَالُ يبطل لِغَيْرِهِ أَيْضًا عَلَى تَأْوِيلٍ ضَعِيفٍ وَإِنْ كَانَ الَّذِي لَهُ كَثِيرًا امْتَنَعَتْ لِنَفْسِهِ اتِّفَاقًا وَلِغَيْرِهِ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ رَوَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي وَصِيَّةٍ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ الَّتِي لَهُ هُوَ وَلَيْسَ لَهُ فِي الثَّانِيَة شيءومع ذَلِكَ مُنِعَ الْإِشْهَادُ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الثَّانِيَةِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَنه نسخ الاولى وَيجوز لِغَيْرِهِ عَلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ تُوُفِّيَ أَحَدُ الْمُسَافِرِينَ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى وَأَوْصَى بِوَصِيَّةٍ تَمْتَنِعُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِيهَا وَإِنْ شَهِدَ عَلَى وَصِيَّةٍ فِيهَا عِتْقٌ وَوَصَايَا الْقَوْمِ نَفَذَتْ فِي الْوَصَايَا لِلْقَوْمِ مَعَ أَيْمَانِهِمْ دُونَ الْعِتْقِ فَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ فَإِنَّمَا لَهُمْ مِنَ الثُّلُثِ مَا فَضُلَ عَنِ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا تَبْطُلُ كلهالو شَهِدَ لِنَفْسِهِ فِيهَا وَلَوْ شَهِدْتَ

ص: 2274

أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِمَا أَوْدَعَكَ لِفُلَانٍ أَوْ أَقَرَّ بِهِ حَلَفَ مَعَ شَهَادَتِكَ وَاسْتَحَقَّ إِنْ كَانَ حَاضِرًا وَتَبْطُلُ شَهَادَتُكَ إِنْ كَانَ غَائِبًا خَشْيَةَ اتهامك بانتفاعك بذلك المَال قد تَقَدَّمَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ عَلَى هَذَا فِي الْفَرْعِ الَّذِي قَبْلَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا يُتَّهَمُ فِي الْوَدِيعَةِ إِذَا كَانَتْ طَيِّبَةً تَنْتَفِعُ أَنْتَ فِي مثلهَا بِالْمَالِ فِي الْمُوازِية اذا أوصى لَك بِعَبْدِهِ وَلَهُمَا ثَبت مَالِهِ فَشَهِدَا عَلَيْكَ أَنَّكَ قَتَلْتَ الْمُوصَى لَهُ ردَّتْ شَهَادَتهمَا لِأَنَّهُمَا ينتفعان بهما فِي الثُّلُثِ وَلَوْ لَمْ يُوصِ إِلَّا بِثَلَاثَةٍ إِذَا جَمَعَ مَعَ الْعَبْدِ لَمْ تُرَدَّ لِارْتِفَاعِ الْحِصَاصِ وَجَوَّزَهَا مُحَمَّدٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْحِصَاصِ إِمَّا لَهُ وَإِمَّا لِلْوَرَثَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا إِذَا كَانَا فَقِيهَيْنِ يَعْلَمَانِ أَنَّ الْحِصَاصَ لَا بُدَّ مِنْهُ إِمَّا لَهُ وَإِمَّا لِلْوَرَثَةِ وَأَمَّا الْجَاهِلَانِ الظَّانَّانِ أَنَّ الْحِصَاصَ يَسْقُطُ عَنْهُمَا بِسُقُوطِكَ فَلَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ شَهِدَ بِأَنَّكَ قَتَلْتَ الْمُوصِيَ لَمْ تُرَدَّ لِعَدَمِ انتقاعهم لِأَنَّ الْوَرَثَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْمَيِّتِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْلُوبِينَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي الْحَدِّ لِلْحِرَابَةِ دُونَ الْأَمْوَالِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ تُقْبَلُ فِيهِمَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَتَبَعَّضُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَجُوزُ فِي الْجَمِيعِ إِذَا كَانَ مَا لِلْمَشْهُودِ مِنَ الْمَالِ يَسِيرًا كَالْوَصِيَّةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي أَكْرِيَاءِ السَّفِينَةِ تَعْطَبُ قَبْلَ الْبَلَاغِ وَقَدْ نُقِدَ الْكِرَاءُ شَهِدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَيَرْجِعُونَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ضَرُورَةٍ فَلَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجِدُونَ مَنْ يَشْهَدُ سِوَاهُمْ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يَجُوزُ اشْهَدْ لِي وَأَشْهَدُ لَكَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ الْمَسْلُوبِينَ وَأَهْلِ الْمَرْكَبِ إِذَا كَانُوا ثَلَاثِينَ وَقِيلَ عِشْرِينَ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا شَهِدَ لَهُ أَعْمَامُهُ أَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ مَوْلَى أَبِيهِ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا مَوَالِيَ بَلْ مَالًا جَازَ لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا وموالى يتهمون

ص: 275

بِذَلِكَ عَلَى جَرِّ وَلَائِهِمْ يَوْمًا مَا لِتَعَدُّدِهِمْ امْتَنَعَ وَلَوْ شَهِدَ ابْنَا عَمٍّ لِابْنِ عَمِّهِمَا عَلَى عِتْقٍ وَهُمَا يُتَّهَمَانِ لِقُرْبِهِمَا فِي جَرِّ الْوَلَاءِ امْتَنَعَ وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمَا لِبُعْدِهِمَا جَازَ وَإِنْ كَانَ الْوَلَاءُ قَدْ يَرْجِعُ إِلَيْهِمَا يَوْمًا مَا قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ إِنَّمَا يُرَاعَى لَوْ مَاتَ ابْنُ الْعَمِّ الْآنَ وَرِثَاهُ وَأَمَّا بِتَنَاسُخٍ وَطُولٍ فَلَا

(فَرْعٌ مُرَتَّبٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الْوَارِثَيْنِ فِي الْعِتْقِ إِمَّا لِكَوْنِهِمَا غَيْرَ جَائِزِيِ الشَّهَادَةِ أَوْ مُتَّهَمَيْنِ فِي جر الْوَلَاء فَلَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ حَظُّهُ مِنْهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ بَيْعُهُ فَيَجْعَلُهُ فِي عِتْقٍ فَإِنْ مَلَكَهُ يَوْمًا مَا عُتِقَ عَلَيْهِ ان حمله الثُّلُث اَوْ الشَّهَادَة فِي الصِّحَّةِ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ حَظُّهُ قَالَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَيَقُومُ عَلَيْهِ أَيْضًا لِشُرَكَائِهِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى عِتْقِ نَصِيبِهِ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ وَمَالِكٌ يَرَى أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَصِحُّ تَبْعِيضُهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَتَضَرَّرُ وَكَذَلِكَ الشُّرَكَاءُ وَوَاخَذَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بِإِقْرَارِهِ فِي نَصِيبِهِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ شَهَادَةُ الْقَاسِمِ عَلَى مَا قَسَمَ وَالْقَاضِي الْمَعْزُولِ عَلَى مَا حَكَمَ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ ثَبَتَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَمَرَهُمْ بِالْقَسَمِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ الْقَاضِيَ أَمَرَهُمْ بِالْقَسَمِ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُمْ يُتَّهَمُونَ عَلَى تَنْفِيذِ فِعْلِهِمْ قَالَ صَاحب الْبَيَان لم يُصَرح بِأَنَّهُ هَاهُنَا يجوز قَبْلَ أَنْ يُعْزَلَ وَهِيَ لَا تَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُعْزَلْ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ التَّسْجِيلُ بِمَا قضى وَشهد عَلَيْهِ وَيُخْبِرُ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِعْلَامِ وَالْإِخْبَارِ لَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ قَبْلَ الْعَزْلِ وَبَعْدَهُ عَلَى تَنْفِيذِ فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا يُقْبَلُ وَحْدَهُ وَلَا مَعَ غَيْرِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ أَقَمْتَ شَاهِدًا عَلَى أَنَّهُ قَضَى لَكَ قَالَ مَالِكٌ لَا تَحْلِفْ مَعَهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا شَاهِدَانِ قَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ

ص: 276

خِلَافَهُ لِقَوْلِهِ فِي الْأَقْضِيَةِ إِذَا وُجِدَ بَعْدَ الْعَزْلِ فِي دِيوَانِهِ شَهَادَةُ الشُّهُودِ وَأَثْبَتَهَا يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ بِاللَّهِ بِأَنَّ مَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَيَّ فَإِنْ نَكَّلَ حَلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَثَبَتَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ فَأَثْبَتَهَا بِالْيَمِينِ وَالنُّكُولِ فَأَوْلَى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْحُكْمِ وَفِي النِّكَاحِ الثَّانِي إِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي فَرِيضَةِ الْقَاضِي صُدِّقَ الزَّوْجُ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ الْكُلَّ صُدِّقَتِ الْمَرْأَةُ بِمَا يُشْبِهُ فَاسْحَبِ الْمَرْأَةَ بِالْيَمِينِ مَعَ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين بِخِلَاف الشَّهَادَة على الشَّهَادَة والإضهر من جِهَة النّظر لِأَن الْمَقْصُود هَاهُنَا الْمَالُ وَهُوَ يَثْبُتُ بِذَلِكَ وَالشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ وَلَا يَجُوزُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَفِي النَّوَادِرِ مَنَعَ سَحْنُونٌ شَهَادَةَ الْقَاسِمِ وَفِي الْوَاضِحَةِ شَهَادَةُ الْقَاسِمِ جَائِزَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي أَمَرَهُ بِالْقَسَمِ دُونَ غَيْرِهِ إِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ

(فَرْعٌ)

فِي الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ جَازَت شهادتك إِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ مُوسِرًا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ تَجُرُّ لِنَفْسِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حق لِأَنَّك ترجو بشهادتك تَأْخِيره والساقط إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَلِيًّا فَتَجُوزُ وَهَذَا إِذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًا أَوْ حُلُولُهُ قَرِيبًا أَمَّا بَعِيدًا فَتَجُوزُ كَالْوَلِيِّ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ فِيمَا عدا الْأَمْوَال لَا يَنْتَفِعُ بِشَهَادَتِهِ وَفِي دَيْنِهِ بِغَيْرِ الْأَمْوَالِ واما إِذا كَانَ الدّين على الشَّاهِد فالشهود لَهُ فَقَدْ أَجَازَهَا أَشْهَبُ كَانَ مَلِيًّا أَوْ معدما وَمنعه ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا تَقَدَّمَ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مَالًا أَمْ لَا وَفِي شَهَادَتِكَ لِمَنْ لَكَ مَعَهُ أَوْ لَهُ مَعَكَ قِرَاضٌ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تَجُوزُ شَهَادَةُ كِلَيْكُمَا لِلْآخَرِ وَهُوَ

ص: 277

ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ كَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْعَامِلُ مَلِيًّا بِالْمَالِ وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا امْتَنَعَتْ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ قَبْلَ تَحْرِيكِ الْمَالِ فِي شِرَاء السّلع وان غره شَغَلَهُ جَازَ لِتُهْمَةِ النَّزْعِ مِنْ يَدِ الْعَامِلِ لِلْمَالِ بِخِلَافِ بَعْدَ الشُّغْلِ قَاعِدَةٌ يَقَعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْأَصْلَيْنِ كَالْقَاطِعِ لِرَجُلٍ بِنِصْفَيْنِ يَدَّعِي أَوْلِيَاؤُهُ الْحَيَاةَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَهُوَ الْأَصْلُ وَيَدَّعِي الْجَانِي الْمَوْت والاصل بَرَاءَة ذمَّته والدليلان كالاثنين وَالْخَبَرَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ وَالظَّاهِرَيْنِ كَالْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنَّ ظَاهِرَ كُلِّ وَاحِدَة الصدْق والتزين للزوجين على مَتَاع الْبَيْت وظاهرين الْملك والاصل وَالظَّاهِر الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ وَظَاهِرُ حَالِهَا النَّجَاسَةُ وَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي أَيِّ ذَلِكَ يُقَدَّمُ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ وَهَذِهِ الْفُرُوعُ تَعَارَضَ فِيهَا ظَاهِرَانِ ظَاهِرُ عَدَالَةِ الْعَدْلِ الصِّدْقُ وَظَاهِرُ كَوْنِهِ مَدْيُونًا لِلْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِك التُّهْمَة وَعدم الدُّيُون بِالصّدقِ فَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَيَّ الظَّاهِرَيْنِ يُقَدِّمُ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تخرج عَلَيْهَا فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ فَتَأَمَّلْهَا فِي مُوَاطِنِهَا وَعَلَيْهَا تُخَرَّجُ مَسَائِلُ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ فِي جَمِيعِ هَذَا الْبَابِ

(فَرْعٌ)

فِي الْبَيَانِ قَالَ مَالك اذا شهِدت عَلَيْهِ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ لَيَدْفَعَنَّ حَقَّكَ إِلَيْكَ وَإِنَّهُ حَنِثَ ترد شَهَادَته لِتَعَلُّقِهَا بِحَقِّكَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهَا لِأَنَّ التَّطْلِيقَ عَلَيْهِ لَا يَدْعُوهُ إِلَى تَعْجِيلِ حَقِّكَ إِنَّمَا يَدْعُوهُ الْيَمِينَ لَكِنَّكَ لَوْ شَهِدْتَ عَلَيْهِ فَذَلِك قَبْلَ الْحِنْثِ رُدَّتْ شَهَادَتُكَ فَرُدَّتْ بَعْدَ الْحِنْثِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقَعَ وَأَرَدْتَ تَحْقِيقَ دعواك ثَابتا وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا وَعُزِلَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا أَنَّ

ص: 278

الْقَاضِيَ قَضَى بِكَذَا لِضَعْفِ التُّهْمَةِ وَرَوَى عَنْهُ سَحْنُون لَا يجوز عَلَى الْحُكْمِ لِاتِّهَامِهِمَا أَنَّهُ قَبِلَ شَهَادَتَهُمَا وَحَكَمَ بهَا ذَلِك لانفسهما وَيجوز على الشَّهَادَة يحكم الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْحُكْمِ غَيْرُ الْحُكْمِ وَلَمْ يُجِزْهَا عَبْدُ الْمَلِكِ مُطْلَقًا

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَكُمَا عَبْدٌ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ تُرَدُّ لِاتِّهَامِكُمَا فِي التَّقْوِيمِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْكُمَا لِأَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ رُدَّتْ لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ أَوِ التُّهْمَةِ لَا يَمِينَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا كَالْعدمِ وَالْعِتْق لَا يحكم فِيهِ ابتدات اوتقبل شَهَادَتُكُمَا اتِّفَاقًا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَكُمَا غَيْرُ الْعَبْدِ لِعَدَمِ التَّقْوِيمِ فَلَا تُهْمَةَ فَإِنْ كَمُلَ نِصَابُ الشَّهَادَةِ عُتِقَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نَصِيبُهُ وَإِلَّا حَلَفَ وَمَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ هَلْ يُعْتَقُ نَصِيبُهُ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعِتْقُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَهُ قَوْلَانِ فِي لُزُومِ الْيَمِينِ إِذَا رُدَّتِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْوَى مِنَ الْخُلْطَةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ لَكَ مَكْتُوبٌ بِحَقٍّ شَاهِدَاهُ أَخَوَاكَ فَحَضَرَكَ الْمَوْتُ وَلَا يَرِثُكَ غَيْرُهُمَا وَابْنَتُكَ فَسَأَلْتَهُمَا أَنْ يَهَبَا الْحَقَّ لِلْبِنْتِ أَوْ أَحَدِهِمَا حَتَّى تَصِحَّ شَهَادَتُهُ فِيهِ فَيَتَصَدَّقُ أَحَدُهُمَا عَلَى أَخِيهِ بِنَصِيبِهِ ثُمَّ مَاتَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِيمَا وَهَبَ مِنْ مَالِكَ فِي مَرَضِكَ لِأَنَّهُ ثبتَتْ لَهُ بِالْمَرَضِ فَهُوَ يَشْهَدُ عَلَى تَنْفِيذِ هِبَتِهِ وَأَجَازَهَا أَصْبَغُ لِأَنَّ الَّذِي ثَبَتَ لِلْوَارِثِ فِي الْمَرَضِ إِنَّمَا هُوَ الْحَجْرُ دُونَ الْإِرْثِ وَهَذِهِ الْهِبَةُ نَافِذَةٌ عَلَى جَادَّةِ الْمَذْهَبِ

ص: 279

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اسْتُحِقَّتْ قَرْيَةٌ بِالْعُدُولِ وَأُدْخِلَ إِلَى تَحْدِيدِهَا قَرْيَةٌ إِلَى جَانِبِهَا فَشَهِدَ أَهْلُهَا أَنَّ الْقَرْيَتَيْنِ لِغَائِبٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لِانْتِفَاعِهِمْ بِإِنْقَاذِ قَرْيَتِهِمْ مِنْ يَدِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا أَرْسَلْتَهُمَا يُزَوِّجَانِكَ أَوْ يَشْتَرِيَانِ لَكَ جَارِيَةً تُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ صنيعهما وَضَعفه اصبغ وَقَالَ مُحَمَّد ان عقد النِّكَاح ردَّتْ وان شَهدا على الْعَاقِد جَازَتْ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّسُولَيْنِ عَلَى الْقَابِضِ بِالْقَبْضِ لِأَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ عَنْهُمَا مَعَرَّةَ التُّهْمَةِ وَتُقْبَلُ فِي أَنَّ الْمَالَ وَدِيعَةٌ لَا سَلَفٌ إِذَا نَازَعَكَ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْهُمَا وَفِي أَنَّ مَا تَحْتَ يَدِهِ رَهْنٌ لِزَيْدٍ وَلَا يُعْلَمُ الدَّيْنُ وَالرَّهْنُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمِينِ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ إِنْ شَهِدَ قَبْلَ بَيْعِ الرَّهْنِ وَيَمْتَنِعُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ أَصْبَغُ تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ هَذِهِ الدَّابَّةُ لِأَبِي مَاتَ وَأَوْصَى بِهَا لِزَيْدٍ وَهِيَ تَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ حق يَلْحَقُ أَبَاهُ دَيْنٌ فَيَجُرُّ ذَلِكَ نَفْعًا

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا حَبَّسْتَ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ قَرَابَتِكَ حُبُسًا فَشَهِدَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْحُبُسُ يَسِيرٌ لَا يَنْفَعُ هَؤُلَاءِ إِنِ احْتَاجُوا جَازَت شَهَادَتهم والا ردَّتْ

ص: 280

(الْمَانِعُ الرَّابِعُ)

تُهْمَةُ الْحِرْصِ عَلَى الْقَبُولِ بِزَوَالِ معرة الْكَذِب وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَدَّى الصَّبِيُّ أَوِ الْكَافِرُ أَوِ الْعَبْدُ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لَمْ تُقْبَلْ أَبَدًا وُفِي الْجَوَاهِرِ يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ الْحِرْصُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِمَّا يُنْسَبُ إِلَيْهِ مِنْ تَوَهُّمِ الْكَذِبِ كَمَنْ شَهِدَ فَرد لنَفسِهِ ثمَّ تَابَ فَلَا تقبل وَقَالَهُ ابْن جنبل وَقَالَ ش وح يقبل الْكل الا الْفَاسِق لما أَنهم يُتَّهَمُونَ عَنْ إِظْهَارِ صِدْقِهِمْ وَالْعَوَائِدُ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِك وبالقياس على الفواسق لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ مِنَ الصَّحَابَةِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ لَا تسمع شَهَادَتهم لما علم من صفاتهم فَمَا تحقق الرَّدُّ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفَاسِقِ لِأَنَّهُ تُسْمَعُ شَهَادَتُهُ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي عَدَالَتِهِ فَإِنْ ظَهَرَ فِسْقُهُ رُدَّ فَيَبْقَى طَبْعُهُ يَحُثُّهُ على تَنْفِيذ مَا تعلق بِهِ اهله أَوَّلًا بِخِلَافِ الْأُوَلِ لَمْ تَتَعَلَّقْ آمَالُهُمْ بِذَلِكَ لَا يلحقهم عَار لكَون الْفسق وَلِأَنَّهُم لَا يلحقهم عَار يكون أَحَدِهِمْ صَبِيًّا أَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا لِأَنَّهَا امور توطنت نُفُوسهم عَلَيْهَا بِخِلَاف الْفسق لَا تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ يَعْنِي مَقْطُوعٌ بِهِ فِيهِمْ وَالْفِسْقُ يُعْلَمُ غَالِبًا بِالِاجْتِهَادِ فَلَا يُقْبَلُ تَائِبًا بِالِاجْتِهَادِ فِي الْعَدَالَةِ وَالِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ وَهَاهُنَا نَنْتَقِلُ مِنْ مَعْلُومٍ إِلَى مَعْلُومٍ فَإِنَّ زَوَالَ هَذِهِ الْأَوْصَافِ مَعْلُومٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ قَدْ لَا يَعْلَمُ الْحَاكِمُ أَحْوَالَهُمْ ثُمَّ يَسْأَلُ عَنْهُمْ فَيَحْصُلُ السَّمَاعُ وَالرَّدُّ فَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ شَيْئًا حَتَّى كَشَفَ عَنْ أَحْوَالِهِمْ فمحال ان يتَّفق اذا حِينَئِذٍ وَنَحْنُ نَقُولُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُقْبَلُونَ بَعْدَ زَوَالِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا أَدَّوْا فَسَقَطَ الْفَرْعُ بَلْ نَعْكِسُ وَنَقُولُ لَوْ حصل الْبَحْث عَن الْفَاسِق قبل الاداء إِذَا زَالَ فِسْقُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعَارَ يَلْحَقُهُمْ بِكَوْنِهِمْ يُحْصَرُونَ عِنْدَ التَّحَمُّلِ والاداء وَلَا

ص: 281

يُعَرَّجُ عَلَيْهِمْ فَالنُّفُوسُ الْأَبِيَّةُ تَرْتَغِمُ ذَلِكَ بَلِ الْفَاسِقُ وَهُوَ أَوْلَى لِعَدَمِ الِارْتِغَامِ وَالْعَارِ لِأَنَّهُ اطرَح الْحيَاء وَلَا بَأْس مَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ وَهَؤُلَاءِ مَقْهُورُونَ لِنَقْصِهِمْ فَيَكُونُ الْفَاسِقُ بَعِيدًا عَنِ النَّاسِ بِخِلَافِهِمْ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْكَافِرَ يُقْبَلُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ عِنْدَكُمْ مَعَ أَنَّ الْإِسْلَامَ غَيْرُ مَعْلُومٍ بَلْ ظَاهِرٌ فَقَدْ نَقَضَ الظَّنَّ أَوِ الْعِلْمَ السَّابِقَ بِكُفْرِهِ بِالظَّنِّ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْعِلَّةَ الْأُولَى أَخْلَفَهَا عِلَّةٌ أُخْرَى وَهِيَ التُّهْمَةُ تَفْرِيعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جَهِلَ الْقَاضِي فَأَجَازَهَا فِي الْحَالة الثَّانِيَة نقض حكمه وَلَو شهد أَوَّلًا فَلَمْ يَرَوْا حَتَّى تَغَيَّرَتْ أَحْوَالُهُمْ قُبِلُوا لِعَدَمِ أَلَمِ نُفُوسِهِمْ بِالرَّدِّ فَلَا تُهْمَةَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قُلْتَ لِلْحَاكِمِ شَاهِدِي فُلَانٌ الْعَبْدُ أَوِ الْكَافِرُ أَوِ الصَّبِيُّ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُ ثُمَّ تَغَيَّرَ حَالُهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ فُتْيَا لارد قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَنْبَغِي أَنْ يُعِيدُوا شَهَادَتَهُمْ بَعْدَ زَوَالِ نَقْصِهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الْعَبْدِ يَظُنُّهُ حُرًّا فَقُمْتَ بِذَلِكَ بَعْدَ عِتْقِهِ رُدَّ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَيُقَامُ بِهَا الْآنَ فَشَهِدَ لَكَ ثَانِيًا وَقِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِذَا كَانَ الثَّلَاثَةُ أُصُولًا أُشْهِدُوا عَلَى شَهَادَتهم تمّ انْتَقَلُوا إِلَى حَالَةِ الْقَبُولِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفُرُوعِ لِتَحَمُّلِهِمْ عَمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِخِلَافِ إِنْ شَهِدُوا فِي الْحَالِ الثَّانِي بِمَا عَلِمُوا فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ قَالَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ العَبْد الَّذِي حكم بِشَهَادَتِهِ لابد أَنْ يُعِيدَ الْأَوَّلَ قَالَ سَحْنُونٌ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا أَنَّ كُلَّ مَنْ رُدَّ بِجُرْحَةٍ أَوْ ظِنَّةٍ أَوْ مَانِعٍ لَا يُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا زَالَ ذَلِك الْمَانِع لَان قَاضِيا وَحكم بردهَا

(الْمَانِع الْخَامِس)

تُهْمَة الاحسان وَفِي الْكِتَابِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ فِي عِيَالِكَ لَكَ وَكَذَلِكَ السُّؤَالُ إِلَّا فِي الْقَدْرِ الْيَسِيرِ فِي النُّكَتِ يَجُوزُ إِذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ فِي عِيَال

ص: 282

الشَّاهِدِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنْ كَانَ الَّذِي فِي عِيَالِكَ أَخًا أَوْ نَحْوَهُ امْتَنَعَتِ الشَّهَادَةُ لَهُ فِي مَالٍ لِأَنَّهُ تنْدَفع بِهِ نَفَقَته عَنهُ وَأَنْتَ تَخْشَى مِنْ عَدَمِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ الْمَعَرَّةَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا تُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ تُصِيبُهُ الْحَاجَةُ فَسَأَلَ بَعْضَ إِخْوَانِهِ وَلَيْسَ بِالْمَشْهُورِ بِالْمَسْأَلَةِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ يَسْأَلُ الصَّدَقَةَ أَوْ يَسْأَلُ الرَّجُلَ الشَّرِيفَ وَلَا يَتَكَفَّفُ النَّاسَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالْمَسْأَلَةِ بِخِلَافِ مَنْ يَقْبِضُ الصَّدَقَةَ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِ الْإِمَامِ أَوْ مِنْ وَصِيَّةٍ فُرِّقَتْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَقِيرِ اذا كَانَ يقبل الشَّيْء غَيْرِ مَسْأَلَةٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَا أَتَاكَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَخُذْهُ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ رَزَقَكَهُ اللَّهُ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ بَابِ السُّؤَالِ وَقِيلَ يُقْبَلُ فِي الْيَسِيرِ دُونَ الْكَثِيرِ الَّذِي هُوَ نَحْوُ خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ الْفَقِيرُ لَا يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ قُبِلَ فِي الْقَلِيلِ وَاخْتُلِفَ فِي الْكَثِيرِ نَحْوَ خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ إِذَا كَانَتْ بِوَثِيقَةٍ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنْ يَقْصِدَ بِالْكَثِيرِ طَبَقَةً غَيْرَ هَؤُلَاءِ وَأَمَّا إِنْ قَالَ سَمِعْتُهُ يُقِرُّ قَالَ أَرَى قَبُولَهَا وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مُنْقَطِعًا فِي الصَّلَاحِ أَوْ مُشْتَهِرًا بِالشَّهَادَةِ اَوْ يقْصد النَّاسُ بِالْكِتَابَةِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُقْبَلُ الْمُعْتَرِضُ لِإِخْوَانِهِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَعْصِيّة نزلت بِهِ اودية وَقَعَتْ عَلَيْهِ لَمْ تُرَدَّ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ هَؤُلَاءِ لِمَنْ عَادَتُهُ رِفْقَةٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَسْأَلَةُ الْعَامَّةُ تُبْطِلُ الشَّهَادَةَ اتِّفَاقًا وَالْخَاصَّةُ فِيهَا قَوْلَانِ لِابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُعْتَرِضِ لِصِلَاتِ الْوُلَاةِ لِقُبْحِ أَمْوَالِهِمُ الْيَوْمَ إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالطَّلَبِ

(الْمَانِعُ السَّادِسُ)

تُهْمَةُ بُطْلَانِ الْحَقِّ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ إِذَا قَصَدُوا دُونَ الْحَاضِرِ فِي الْمُبَايَعَاتِ وَالنِّكَاحِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْعِتْق

ص: 283

وَالتَّدْبِيرِ لِأَنَّ الْعُدُولَ إِلَيْهِمْ فِي هَذِهِ رِيبَةٌ فِي أَصْلِ الْحَقِّ فَلَا شَهَادَةَ لِبَدَوِيٍّ فِي الْحَضَرِ عَلَى حَضَرِيٍّ وَلَا بَدَوِيٍّ إِلَّا فِي الْجراح وَالْقَتْل والزنى وَالشُّرْبِ وَالضَّرْبِ وَالشَّتْمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُقْصَدُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ بَلْ يَقَعُ بَغْتَةً وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ فِيمَا يَقَعُ فِي الْبَادِيَةِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْحَضَرِيِّ وَالْبَدَوِيِّ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ ثَمَّ لَيْسَ إِلَّا عُدُولُهُمْ دُونَ الْحَضَرِ قَالَ فَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ لَوْ حَضَرُوا فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَاضِرَةِ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا دُونَ أَنْ يُحْضَرُوا لِذَلِكَ أَوْ يُقْصَدُوا لَهُ فَشَهِدُوا جَازَ وَعَنْ مَالِكٍ تُرَدُّ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ عَلَى الْحَضَرِيِّ لِبَدَوِيٍّ مُطْلَقًا كَانَ فِي الْحَضْرَةِ وَالْبَدَوِيَّةِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى شَهَادَةُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَالِمِ فَعَنِ ابْن وهب لَا يقبل القاريء على القاريء لِمَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ التَّحَاسُدِ وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ شَهَادَةَ الْبَدَوِيِّ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا انْقَطَعَ الْقَرَوِيُّ فِي الْبَادِيَةِ وَصَارَ مِنْهُمْ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ لَهُ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ بِالْبَادِيَةِ وَكَانَ يَتَّجِرُ بِهَا قُبِلَتْ شَهَادَةُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لِعَبْدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَجَمِيعِ أُمُورِهِ إِذَا كَانَ لَا يَجِدُ غَيْرَهُمْ وَلَوْلَا ذَلِكَ بَطَلَتْ حُقُوقُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التُّهْمَةُ إِذَا كَتَبَ خَطَّهُ فِي الْوَثِيقَةِ أَوْ فِي الصَّدَاقِ وَهُوَ الْحَضَر بِخِلَاف مَا لَو سمعهما يتقارران أَوْ فِي سَفَرٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُقْبَلُ البدوي الا ان يعلم بِهِ كَانَ مُخَالِطًا لِلْحَضَرِيِّينَ أَوْ يَكُونَ جَمِيعُهُمْ مُسَافِرِينَ وَكَذَلِكَ بَيْنَ حَضَرِيٍّ وَبَدَوِيٍّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَدَوِيُّ مِنْ قَرْيَةِ الشَّاهِدِ فَيَشْهَدُ بِمُدَايَنَةٍ كَانَتْ فِي الْقَرْيَةِ أَوْ فِي الْحَاضِرَةِ إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالْعَدَالَةِ وَمِمَّنْ يُعَوَّلُ فِي الْمُدَايَنَةِ عَلَى مِثْلِهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُقْبَلُ الْبَدَوِيُّ مُطلقًا على الْقَرَوِي وَقَالَ ش وح يُقْبَلُ مُطْلَقًا لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ فِي ابي دَاوُد وبدوي لَا يقبل شَهَادَةُ بَدَوِيٍّ عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عندنَا على

ص: 284

تَوَقُّعِ التُّهْمَةِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعُمُومَاتِ كَقَوْلِهِ تعإلى {شهيدين من رجالكم} الْكِتَابِ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى مَنْ لَمْ تُعْلَمْ عَدَالَتُهُ مِنَ الْأَعْرَابِ وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى عَدَمِ التَّعَارُضِ وَبِمَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - شَهِدَ عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُ عَلَى النَّاسِ وَلِأَنَّ مَنْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي الْجِرَاحِ قُبِلَتْ فِي غَيْرِهَا أَصْلُهُ الْقَرَوِيُّ وَلِأَنَّ الْجِرَاحَ آكَدُ مِنَ الْمَالِ فَهُوَ فِي الْمَالِ أَوْلَى وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ جَمْعَنَا أَوْلَى لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِأَجْلِ عَدَمِ الْعَدَالَةِ لَمْ يَبْقَ فِي تَخْصِيصِهِ لِصَاحِبِ الْقَرْيَةِ فَائِدَةٌ فَدلَّ التَّخْصِيص على الْمُرَادَ التُّهْمَةُ وَعَنِ الثَّانِي نَحْنُ نَقْبَلُهُ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ الْقَرَوِيَّ لَا يُتَّهَمُ وَالْبَدَوِيَّ يُتَّهَمُ وَلِأَنَّ الْجِرَاحَ فِي الْغَالِب بهَا الخلوات والمغفلات بِخِلَافِ الْعُقُودِ إِذَا عَدَلَ فِيهَا عَنْ أَهْلِ بَلَدِهِ إِلَى بَدَوِيٍّ كَانَ ذَلِكَ رِيبَةً فَإِنْ قِيلَ الرِّيبَةُ فِيمَنْ أُشْهِدَ لَا فِي الشَّاهِدِ قِيلَ الرِّيبَةُ حَصَلَتْ فِي بُطْلَانِ الْحَقِّ فَيَكُونُ اجلد الشَّاهِد عَنهُ كذبا فَيرد وَعَن الرَّابِع ان الْجراح اكل مُسلم وَلَكِنَّهَا سَلِمَتْ عَنِ التُّهْمَةِ وَالْعُقُودُ فِيهَا التُّهْمَةُ فَائِدَة البدوي مَنْسُوبٌ لِلْقَرْيَةِ وَهِيَ الدُّورُ الْمُجْتَمِعَةُ مِنْ قَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ إِذَا جَمَعْتَهُ فَكُلُّ مَدِينَةٍ قَرْيَةٌ وَلَيْسَ كُلُّ قَرْيَةٍ مَدِينَةً لِأَنَّ الْمَدِينَةَ مِنَ الْإِدَانَةِ وَهِيَ الطَّاعَةُ فَإِذَا كَانَ فِي الْقَرْيَةِ مَنْ يُطَاعُ مِنْ وُلَاةِ الْأَمْرِ فَهِيَ مَدِينَة

ص: 285

(الْمَانِعُ السَّابِعُ)

تُهْمَةُ عَدَمِ الضَّبْطِ مِنْ جِهَةِ التغفل وَفِي الْجَوَاهِر من لايفهم مَا يَشْهَدُ فِيهِ أَوْ تَذْهَبُ عَلَيْهِ الْأُمُورُ فَيَحْمِلُ الشَّيْءَ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَقَدْ يَتَلَقَّنُ فَيَقْبَلُ التَّلْقِينَ وَرُبَّ شَيْءٍ يَحْمِلُهُ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ وَلَا يَفْهَمُهُ بَعْضُهُمْ وَرُبَّ أَمْرٍ يَفْهَمُهُ كُلُّ أَحَدٍ فَالشَّيْءُ الَّذِي لَا يَلْتَبِسُ أَوِ اللَّفْظُ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ وَلَا يطول الْخطاب مَعَه يقبل مِنْهُ وَالْقَصَصُ الطَّوِيلَةُ أَوْ مَا فِيهَا مُرَاجَعَةٌ لَا يقبل فِيهَا وَلَعَلَّ مَا فهم مُتَعَلق بِمَا ذهب اليه

(الْمَانِعُ الثَّامِنُ)

فِي الْجَوَاهِرِ الْحِرْصُ عَلَى زَوَالِ التَّغْيِير بِالتَّأَسِّي وَالتَّسَلِّي بِأَنْ يَجْعَلَ غَيْرَهُ مِثْلَهُ كَقِصَّةِ زُلَيْخَا وَقَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَدَّتِ الزَّانِيَةُ أَنَّ النِّسَاءَ كُلَّهُنَّ زَوَانٍ وَنَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظلمتم أَنكُمْ فِي الْعَذَاب مشتركون} فَلَا يُقْبَلُ الْمَحْدُودُ فِيمَا حُدَّ فِيهِ وَإِنْ صَلَحَتْ حَالُهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ فِي الزَّانِي وَالْمَنْبُوذِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالزِّنَى وَاللِّعَانِ وَالْقَذْفِ وَقَبِلَهُمْ كُلَّهُمُ ابْنُ كِنَانَةَ فِيمَا حُدُّوا فِيهِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَإِطْلَاقُ غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ وَلنْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ فِي رَدِّ وَلَدِ الزِّنَى فِي الزِّنَى وَقَبُولِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالزِّنَى وَالْقَذْفِ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّ مَعَرَّةَ الْكَبِيرَةِ يُكَفِّرُهَا الْحَدُّ وَتَمْحُوهَا التَّوْبَةُ وَالْوَرَعُ وَالْعَفَافُ فَيَصِيرُ فَاعِلُهَا كَأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ قَبِيحًا لِأَنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاذنب لَهُ

ص: 286

(الْمَانِعُ التَّاسِعُ)

تُهْمَةُ الْحِرْصِ عَلَى مَنْصِبِ الشَّهَادَةِ بِالِابْتِدَاءِ بِهَا حَيْثُ لَا تَجِبُ فَفِي الْجَوَاهِرِ كالزنى وَشرب الْخمر قَالَ ابْن الْقَاسِم يكتم وَلَا يُشْهَدُ بِهَا إِلَّا فِي جُرْحَةٍ إِنْ شَهِدَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ فَلَا يبتدا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْحَقِّ يَعْلَمُ أَعْلَمَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَهُ مِنَ الشَّهَادَةِ فَإِنْ بَادَرَ بهَا قبل طلبه لَهَا لم يقبل قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِذَا حَلَفَ عَلَى صِحَّةِ شَهَادَتِهِ قَدَحَ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ دَلِيلُ التَّعَصُّبِ وَالْحَمِيَّةِ وَالْحِرْصِ عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الصَّحِيحُ عَدَمُ الْقَدْحِ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ مَقْصُودٌ قَبْلَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ فِيمَا يَنْقُلُهُ مِنَ الشَّهَادَةِ بِالْحَلِفِ فَقَالَ {قُلْ بلَى وربي لتبعثن} {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنكُمْ تنطقون}

(الْمَانِعُ الْعَاشِرُ)

تُهْمَةُ الرِّيبَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ الْمَرِيضُ كُلُّ شَهَادَةٍ اشْهَدْ بَيْنكُمَا فَهِيَ بَاطِل ثُمَّ شَهِدَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ كُنْتُ مَرِيضا اخاف وَسَأَلَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ شَهَادَةٍ عِنْدَهُ فَلَمْ يَذْكُرْهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا ذُكِرَتْ كَانَ رَدَدْنَا قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَنْكَرَ ثُمَّ ذَكَرَ قُبِلَ إِنْ كَانَ مُبَرِّزًا وَلم يمكر مِنْ طُولِ الزَّمَانِ مَا يُنْكِرُ قَالَ سَحْنُونٌ اذا قَالَ اخبروني لِأَذْكُرَ قُبِلَ إِنْ كَانَ مُبَرِّزًا وَإِنْ قَالَ مَا عِنْدِي عِلْمٌ ثُمَّ رَجَعَ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ قُبِلَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا كَانَ بَيْنَ الْعَدَالَةِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَقَصَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ فِي عَقْلِهِ فَمَا زَادَ أَوْ نَقَصَ قَبْلَ الْحُكْمِ قُبِلَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي عَدَالَتِهُ كَذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي السَّرِقَةِ مِنَ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي

ص: 287

كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ يُؤَدَّبُ مَعَ إِسْقَاطِ شَهَادَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُؤَدَّبُ الرَّاجِعُ عَنْ شَهَادَته قبل الحكم لَيْلًا يَمْتَنِعَ النَّاسُ عَنِ الرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ وَالْحَاصِلُ فِيمَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ فَرَجَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِ قُبِلَ رُجُوعُهُ وَفِيمَا يُسْتَقْبَلُ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُنْقَضْ وَاخْتُلِفَ فِي تَضْمِينِهِ وَفِي رَدِّهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيُقْبَلُ الْمُبَرِّزُ اتِّفَاقًا وَإِنْ رَجَعَ وَلم يات بِعُذْر يشبه اوتبين بَعْدَهُ الزُّورُ أُدِّبَ وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ رَجَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ وَقِيلَ لَا يُؤَدَّبُ إِذَا رَجَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الشَّهَادَة على الشَّهَادَة)

وَفِي الْكِتَابِ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَلَاءِ وَكُلِّ شَيْءٍ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَلَى شَهَادَةِ عَدَدٍ كَثِيرٍ وَلَا يُقْبَلُ أَقَلُّ من اثْنَيْنِ عَن وَاحِد لَان احياء الْوَاحِدِ تَصَرُّفٌ يَحْتَاجُ إِثْبَاتُهُ إِلَى مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ التَّصَرُّفَاتُ وَلَا يُقْبَلُ فِي النَّقْلِ وَاحِدٌ مَعَ يَمِين الطَّالِب فِي مَال لِأَنَّهَا بَعْضُ شَاهِدٍ وَالنَّقْلُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَوْ أُجِيزَ ذَلِك لم يصل إِلَى قبض المَال إِلَى يمينين وَقضى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْأَمْوَالِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَاحِدَةٍ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْأَمْوَالِ مَعَ رَجُلٍ فِي الْمَالِ أَوِ الْوِكَالَةِ عَلَيْهِ يَنْقُلْنَ عَنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ وَإِنْ كَثُرْنَ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلٍ وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تجوز شَهَادَتهم وَقَالَ غَيْرُهُ تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَا عَلَى وِكَالَةٍ فِي مَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا تَمْتَنِعُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ لَا يَنْقُلْنَ فِيهِ الشَّهَادَة عَن غَيْرهنَّ مَعَهُنَّ رجلا أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا يُنْقَلُ عَنْ مَرِيضٍ أَوْ غَائِبٍ إِلَّا النِّسَاءَ فَيَنْقُلْنَ عَنِ الْحَاضِرَةِ الصَّحِيحَةِ لِأَنَّ الْأُنُوثَةَ عُذْرٌ كَالْمَرَضِ وَلَا يُنْقَلُ فِي الْحُدُودِ إِلَّا فِي غَيْبَةٍ بَعِيدَةٍ بِخِلَافِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَيَجُوزُ فِي مِثْلِ هَذَا فِي غَيْرِ الْحُدُودِ وَلَا يُنْقَلُ عَنْ غير الْعُدُول إِلَى القَاضِي لَيْلًا يَغْلَطَ فَيُقْضَى بِهَا قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ لَمْ يَعْرِفُوهُمْ

ص: 288

بِالْعَدَالَةِ وَالْقَاضِي يَعْرِفُهُمْ أَوْ عَدَّلَهُمْ غَيْرُهُمْ جَازَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْوُثُوقُ بِقَوْلِ الْأَصْلِ قَالَ أَصْبَغُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ الْقَاضِي أَنَّ الْمُعَدَّلَ هُوَ الْمَنْقُول عَنهُ لَيْلًا يَجْعَلَ اسْمَهُ لِغَيْرِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ فَإِنْ قَالُوا كَانُوا يَوْمَ تَحَمَّلْنَا عَنْهُمْ عُدُولًا وَلَا نَدْرِي الْيَوْمَ حَالَهُمْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ غُيَّبٌ أَوْ أَمْوَاتٌ فَلَعَلَّهُمْ حَضَرُوا وَرَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ أَوْ نَسُوهَا أَوْ ذَهَبَتْ عَدَالَتُهُمْ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا سَمِعْتَ رَجُلًا يَشْهَدُ عِنْدَ الْقَاضِي جَازَ النَّقْلُ عَنْهُ وَقَالَ أَصْبَغُ يُمْنَعُ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَى قَبُولِ الْقَاضِي لِتِلْكَ الشَّهَادَةِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ وَأَحَدُهُمَا وَثَالِثٌ عَلَى شَهَادَةِ آخَرَ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ يَمْتَنِعُ لَان بِوَاحِد احيي شَهَادَتهمَا واجازه وَاحِد لَهُ جَمْعُ الرَّجُلَيْنِ فَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا آخَرُ يَنْقُلُ عَنْهُمَا جَازَ عِنْدَهُ فَكَيْفَ وَهُوَ مَعَ رَجُلَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْقُلُ عَنْ رَجُلٍ وَهُوَ أَقْوَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَ امْتَنَعَ آخَرُ عَنْ رَجُلٍ امْتَنَعَ لِأَنَّ وَاحِدًا أَدَّى الشَّهَادَةَ وَتَجُوزُ شَهَادَتُكَ إِذَا قَدَّمَ الْأَصْلَ فَأَنْكَرَ أَوْ شَكَّ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ امْتَنَعَ النَّقْلُ قَالَ مَالِكٌ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ وَعَنْهُ لَا عزم عَلَيْهَا وَهَذَا أَصْوَبُ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ سَقَطَتِ الشَّهَادَةُ كَالرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ فِي الزِّنَى شَهَادَةُ أَرْبَعَةٍ عَلَى أَرْبَعَة اَوْ اثْنَان على اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ آخَرَيْنِ حَتَّى يَتِمَّ أَرْبَعَةٌ مِنْ كلا النَّاحِيَتَيْنِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ جَازَتْ والا تفَرقُوا جلو لِسَان عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ لِأَنَّ النَّقْلَ حُكْمٌ بَدَنِيٌّ كَالْقَتْلِ يُلْغَى فِيهِ اثْنَانِ وَيَجُوزُ فِي تَعْدِيلِهِمْ مَا يَجُوزُ فِي تَعْدِيلِ غَيْرِهِمُ اثْنَانِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى جَمِيعِهِمْ قَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَرْبَعَةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ فِي الزِّنَى فَيَسْتَوِي الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ فَلَا بُدَّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ وَلَو

ص: 290

شَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَلَى الرُّؤْيَةِ فَلَا يُنْقَلُ عَنِ الرَّابِعِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ يَجْتَمِعُونَ عَلَى الرُّؤْيَةِ وَلَا يَعَدِلُ كُلَّ وَاحِدٍ من شُهُود الرُّؤْيَا إِلَّا أَرْبَعَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَتَى أَمْكَنَ الْأَصْلُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ لَا يُؤَدِّي غَيْرُهُ لِإِمْكَانِ رِيبَةٍ عِنْدِهِ وَشَهَادَةُ الْأَصْلِ أَحْوَطُ لِأَنَّ الْخلَل مُمكن على الاصل وعَلى الْفَرْع فحال وَاحِدٌ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ وَهُوَ مِنْ حَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَالْغَيْبَةُ قِيلَ الْيَوْمَانِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَالِ وَفِي الْحُدُودِ يَكْفِي ذَلِكَ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَقِيلَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فِي الْمَالِ وَغَيْرِهِ وَيجوز نقل النِّسَاء عَن رجل ولامرأتين شَهدا عَلَى طَلَاقٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ عِتْقٍ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ أَوِ السَّيِّدُ وَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ وَلَا يَصِحُّ نَقْلُ امْرَأَتَيْنِ مُنْفَرِدَتَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَمْتَنِعُ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَجَوَّزَ أَصْبَغُ نَقْلَ امْرَأَتَيْنِ شَهِدَتَا عَلَى وِلَادَةٍ وَاسْتِهْلَالٍ قِيَاسًا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِمَا فِي الْأَصْلِ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا وَامْرَأَتَيْنِ وَمَنَعَ نَقْلَ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أُجِيزَ لِلضَّرُورَةِ لَمَّا كَانَ لَا يَحْضُرُ غَيْرُهُنَّ بِخِلَافِ النَّقْلِ وَقَدْ مَنَعَ أَشْهَبُ نَقْلَهُنَّ مُطْلَقًا لِأَنَّ النَّقْلَ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ تُمْنَعُ شَهَادَةُ أَرْبَعَةٍ عَلَى أَرْبَعَةٍ فِي الزِّنَى إِلَّا أَنْ يَشْهَدُوا مَعًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ من الاربعة فَإِن افْتَرَقُوا فالتحمل عَنْهُمْ فَشَهِدَ الْأَرْبَعَةُ الْيَوْمَ عَلَى أَحَدِهِمْ وَغَدًا عَلَى الثَّانِي وَكَذَلِكَ إِلَى الرَّابِعِ امْتَنَعَ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ تَفَرُّقِ الْأُصُولِ فِي الْأَدَاءِ وَيَشْتَرِطُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَكُونَ الْأَرْبَعَةُ نَقَلُوا عَنْ زِنًى وَاحِدٍ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَأَنْ يُؤَدِّيَ الْفُرُوعَ مُجْتَمِعِينَ كَالْأُصُولِ وَكُلُّ مَا هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْأُصُولِ مُعْتَبَرٌ فِي الْفُرُوعِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا سَمِعْتَهُ يَقُصُّ شَهَادَتَهُ لَا تَنْقُلْهَا عَنْهُ حَتَّى يُشْهِدَكَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْأَدَاءِ قَدْ يُتْرَكُ التَّجَوُّزُ وَأَنْتَ مَعَهُ كَالْحَاكِمِ إِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا عِنْدَهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَلَوْ سَمِعْتَهُ يُشْهِدُ غَيْرَكَ عَلَى شَهَادَتِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا تَشْهَدْ أَنْتَ بِخِلَافِ الْمُقِرِّ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَن

ص: 291

سَمِعْتَهُ يُؤَدِّي عِنْدَ الْحَاكِمِ مَنَعَ أَشْهَبُ النَّقْلَ عَنْهُ وَأَجَازَهُ مُطَرِّفٌ إِذَا مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ وَمَنَعَ أَصْبَغُ حَتَّى يُشْهِدَكَ أَوْ تَشْهَدَ أَنْتَ عَلَى قَبُولِ الْقَاضِي تِلْكَ الشَّهَادَةَ تَنْبِيهٌ اتَّفَقَ النَّاسُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْمَالِ وَقَالَهُ ش فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا تقبل فِي قصاص ولأحد لَنَا عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} و {ذَوي عدل مِنْكُم} وَلَمْ يَخُصَّ أَصْلًا مِنْ فَرْعٍ وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ كَالْمَالِ وَلِأَنَّهَا إِذَا جَازَتْ فِي المَال للْحَاجة اولى فِي الْقصاص اشد وان الشَّهَادَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالزِّنَى تَجُوزُ وَهُوَ إِخْبَارٌ عَن الْفِعْل وَكَذَلِكَ الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّهَادَةِ احْتَجُّوا بِأَنَّ النَّقْلَ خِلَافُ الْقِيَاسِ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَنْقُلُ لِلْحَاكِمِ حَقًا لَزِمَ غَيْرَهُ الشَّهَادَةُ حَقًّا تَلْزَمُ لِأَنَّكَ لَوِ ادَّعَيْتَ عَلَى شَاهِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَلِأَنَّ الْفَرْعَ يَتَرَتَّبُ على شَهَادَة اقامة الْحَد وَهُوَ لم يُعلمهُ بذلك صلى الله عليه وسلم َ - إِذَا رَأَيْتَ مِثْلَ هَذِهِ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فدع ولان الْحَاكِم يحكم فِي عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ لَمْ يُؤَدِّ عِنْدَهُ فَهُوَ حُكْمٌ بِشَهَادَةٍ لَمْ تُؤَدَّ عِنْدَ حَاكِمٍ تَرَكَ هَذَا الْقِيَاسَ فِي مُعَارَضَةِ الْإِجْمَاعِ فَيُسْتَعْمَلُ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ وَلِأَنَّ الْحُدُودَ تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَتُوهِمُ الْغَلَطَ فِي الْفَرْعِ مَعَ الْأَصْلِ شُبْهَةٌ مُعْتَبَرَةٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْفَرْعَ لَا يُقْبَلُ مَعَ وجود الأَصْل وَلِأَن السّتْر مَكْتُوب فِي الْحُدُودِ فَلَا إِلَى إِقَامَتِهَا وَشَهَادَةُ الْفَرْعِ إِنَّمَا أُجِيزَتْ لِلْحَاجَةِ وَهَذَا فَرْقٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقِيَاسِ عَلَى الْمَالِ مَعَ عَدَمِ النَّصِّ فَتَنْحَسِمُ مَادَّة مشروعيتها

ص: 292

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّهَادَةَ حَقٌّ وَاجِبٌ بالاجماع وَيَقْضِي كاتبها وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْبَيِّنَةِ الْإِنْكَارَ وَالشَّاهِدُ إِذَا أَنْكَرَ بَطَلَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الشَّهَادَةِ وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّ الْفَرْعَ إِنَّمَا شَهِدَ بِمَا سَمِعَهُ مِنَ الْأَصْلِ وَهُوَ مَعْلُومٌ لَهُ بِحَاسَّةِ السَّمْعِ وَأَمَّا قَوْلكُم هُوَ حكم الشَّهَادَة لَمْ تُؤَدَّ عِنْدَ حَاكِمٍ فَمَمْنُوعٌ بَلْ نَقْلُ الْفَرْعِ قَامَ مَقَامَ الْأَصْلِ وَالْحُدُودُ أَنْ يُتَّقَى هِيَ ان وعدلها وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ شُبْهَةٌ مُتَنَازَعٌ فِيهَا فَنَحْنُ نَمْنَعُهَا وَالشُّبْهَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مُجْمَعٌ عَلَى اعْتِبَارِهَا وَعَلَى إِلْغَائِهَا وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا فَلَا يَنْتَفِعُ الْخَصْمُ إِلَّا بِالْمُجْمَعِ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِشُهُودِ الْأَصْلِ فَإِنَّ قَبُولَهُمْ يَأْبِي السَّتْرَ وَهُمْ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ أُمِرُوا بِالْكَتْمِ وَالسَّتْرِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الْفُرُوعَ إِذَا زَكَّوُا الْأُصُولَ وَلَمْ يَذْكُرُوا نَسَبَهُمْ وَأَسْمَاءَهُمْ لَا يُقْبَلُ وَأَنَّكَ لَا تَشْهَدُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُول لَك اشْهَدْ عَليّ لي اشْهَدْ بِكَذَا ووافقنا ش وح عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأُصُولِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَكْفِي شَاهِدَانِ عَلَى شَاهِدَيْنِ فَيَكْفِي عَلَى أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ وَاحِدٌ وَعَنِ الْآخَرِ آخَرُ لَنَا قِيَاسُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأُصُولِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِجَامِعِ الْإِخْبَارِ وَظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رجالكم} وَقَوله تَعَالَى {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} احْتَجُّوا بقياسن الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّ الْفَرْعَ لَا يَنْقُلُ حَقًا لَازِما للاصل فيستعدى فِيهِ الْوَاحِد كَرِوَايَة وَالْجَوَاب عَن الاول ان الاصل اذا انْفَرد وَاحِد مِنْكُم لَا بُدَّ مَعَهُ فِي الْحَقِّ

ص: 293

الْوَاحِدِ مِنْ شَاهِدٍ آخَرَ أَوْ يَمِينٍ وَالْإِخْبَارَانِ عَنِ الْأَصْلَيْنِ حُكْمَانِ فَلَا يَكْفِي فِي أَحَدِهِمَا وَاحِدٌ قِيَاسًا لِلْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ فَتَنْقَلِبُ النُّكْتَةُ عَلَيْكُمْ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الرِّوَايَةَ حَقٌّ عَامٌّ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ فَلَا تُتَوَهَّمُ فِيهِ الْعَدَاوَةُ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالْوَاحِدِ وَهَذَا خَاصٌّ مِمَّا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْعَدَاوَةُ فَهُوَ بِالشَّهَادَةِ أَلْيَقُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ {فَرْعٌ} فِي الْجَوَاهِرِ طَرَؤُ الْمَوْتِ وَالْغَيْبَةِ وَالْمَرَضِ وَالْجُنُونِ عَلَى شُهُودِ الْأَصْلِ لَا يَمْنَعُ من وصف اشرف وَبَقَاء حكمه شرعا وَهَذِه الاوصاف تمنع بقا الشَّرَفِ وَمَعْنَى الْعَدَاوَةِ شَرْعًا وَإِذَا بَطَلَ الْأَصْلُ بَطل الْفَرْع

(فَرْعٌ)

قَالَ وَلَيْسَ الْفَرْع تَزْكِيَةُ الْأُصُولِ وَإِنْ زَكَّوْهُمْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمْ وَشَهَادَتُهُمْ بِقَوْلِهِمْ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى صِدْقِ شُهُودِ الْأَصْلِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعَايِنُوهُ

ص: 294

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ)

فِي الْمُغْنِي عَنْ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ فِي شَاهِدٍ شَهِدَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَضَى شَهَادَتَهُ الْأُولَى لِأَهْلِهَا وَهِيَ الشَّهَادَةُ وَالْأَخِيرَةُ بَاطِلَة وَفِي الْجَوَاهِر إِنَّ جَمِيعَ أَصْحَابِهِ يَرَوْنَ أَنْ يَغْرَمَ مَا تَلَفَ بِشَهَادَتِهِ إِذَا أَقَرَّ بِتَعَمُّدِ الزُّورِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ لَمْ يُقِرَّا بِتَعَمُّدِ الزُّورِ لَمْ يَغْرَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِنْ قَالَا قَبْلَ الْحُكْمِ بَلْ هُوَ هَذَا لِرَجُلٍ آخَرَ وَقَدْ وَهِمْنَا لَمْ يُقْبَلَا فِي الْأُولَى وَلَا فِي الْآخِرَةِ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِهِمَا ثُمَّ النَّظَرُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ يَتَعَلَّقُ بِأَطْرَافٍ سِتَّةٍ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ فِي الدِّمَاءِ وَلِلرُّجُوعِ ثَلَاث حالات الْحَالة الاولى نقل الْقصاص قَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِعَدَمِ السَّنَدِ وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحِ الشَّاهِدُ بِالرُّجُوعِ بَلْ قَالَ لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ فِي قَبُولِ شَهَادَتِي ثُمَّ عَادَ فَقَالَ اقْضِ فَقَدْ ذَهَبَ الشَّكُّ قَالَ الْمَازَرِيُّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَجْرِيَ الْقَوْلَانِ الْجَارِيَانِ فِي

ص: 295

الشَّاكِّ قَبْلَ الْأَدَاءِ مَعَ أَنَّ مَالِكًا يَشْتَرِطُ فِي قَبُولِ الشَّاكِّ قَبْلَ الْأَدَاءِ إِذَا رَجَعَ البروز الْحَالة الثَّانِيَة بعد إنقضاء قبل الِاسْتِيفَاء قَالَ ابْن الْقَاسِم ليستوفى كَمَا فِي الْمَالِ وَمَنَعَ أَصْبَغُ وَقَالَهُ أَيْضًا ابْنُ الْقَاسِمِ لِحُرْمَةِ الدَّمِ وَرَأَى فِيهِ الْعَقْلَ وَيَقْرُبُ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي رُجُوعه الشُّهُودِ بِزِنَى الْمُحْصَنِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ النُّفُوذِ أَنَّهُ لَا يُرْجَمُ وَيُجْلَدُ جَلْدَ الْبِكْرِ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ فَيَغْرَمَانِ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ وَكَذَلِكَ الْعَمْدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُقْتَصُّ مِنْهُمَا عِنْد اشهب فِي تعمد الْكَذِب اذا لم يقتلا عوقبا اذا تعمدا الزُّور وَظهر ليهما وَلَمْ يَأْتِيَا تَائِبَيْنِ وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ الشُّهُودَ كَذَّبُوهُ وَحَكَمَ وَأَرَاقَ الدَّمَ لَكَانَ حُكْمُهُ حكمهم إِذا لم يُبَاشر الْعقل بِنَفسِهِ بل أَمر غَيره مِمَّن تلْزمهُ طلقه وَلَوْ عَلِمَ وَلِيُّ الْقِصَاصِ أَنَّ الْقَاضِيَ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَبَاشَرَ بِنَفْسِهِ لَكَانَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إِنِ اعْتَرَفَ وَالشَّاهِدُ مَعَهُ كَالشَّرِيكِ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي الدِّيَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي مَالِ الشَّاهِدِ تَعَمَّدَ الزُّورَ أَوْ شُبِّهَ عَلَيْهِ قَالَه ابْن الْقَاسِم وح وَقَالَ أَشْهَبُ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وش عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إِنْ تَعَمَّدَ وَإِنْ شُبِّهَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ اعْتِرَافًا وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ وَالثَّالِثُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَغَيْرُهُ إِنْ تَعَمَّدَ فَفِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُلْجِئًا لِلْحَاكِمِ وَإِنْ شُبِّهَ عَلَيْهِ فَهُوَ هَدَرٌ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الشَّهَادَةِ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ فَيَحْصُلُ فِي الْعَمْدِ قَوْلَانِ الْقِصَاصُ وَالدية فِي مَاله وَفِي الْبَيِّنَة ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الدِّيَةُ فِي الْمَالِ وَعَلَى الْعَاقِلَةِ أَو هدر وَإِذا رَجَعَ الشَّاهِد أَن يَغْرَمَ الشَّاهِدُ نِصْفَ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ آخَرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِمَا

ص: 296

ثلث الْمَالِ نَظَرًا لِأَصْلِ عَدَدِهِمْ فَإِنْ رَجَعَ ثَلَاثَتُهُمْ فَالْمَالُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا وَلَا خِلَافَ إِذَا رَجَعُوا كُلُّهُمْ أَنَّ الْمَالَ عَلَى عَدَدِهِمْ وَأَنْ لَا شَيْء على الرَّابِع إِذَا بَقِيَ بَعْدَهُ نِصَابٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا زَادُوا عَلَى النِّصَابِ فَإِنْ رَجَعَ تِسْعَةٌ مِنْ عَشَرَةٍ فَقِيلَ عَلَيْهِمْ نِصْفُ الْمَالِ لِبَقَاءِ نِصْفِ النّصاب فَإِن رَجَعَ الْعَاشِر بِالْمَالِ فَالْمَالُ عَلَيْهِمْ بِالسَّوَاءِ وَقِيلَ بَلْ عَلَيْهِمْ تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ فَإِنْ رَجَعَ الْعَاشِرُ فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ الْبَاقِي فَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى الشَّاهِدِ نِصْفُ الْحَقِّ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَقَامُ الشَّاهِدِ الْآخَرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ جَمِيعُ الْحَقِّ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَبَعٌ وَمَتَى كَانَ رُجُوعُهُ لِتَعَمُّدِ الْكَذِبِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلِأَنَّهُ يُشْبَهُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَالْمُسْتَقْبَلِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ أَصْبَغُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقْبَلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْحُكْمُ بَعْدَ رُجُوعِهِ وَإِنْ كَانَ قَبْلُ شُبِّهَ عَلَيْهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ تُقْطَعُ يَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِيَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِ ح وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه شَهِدَ عِنْدَهُ اثْنَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ أَتَيَا بِآخَرَ وَقَالَا كُنَّا وَهِمْنَا وَهَذَا هُوَ فَأَبْطَلَ شَهَادَتهمَا عَن الآخر واغرم دِيَةَ الْأَوَّلِ وَقَالَ لَوْ أَعْلَمُكُمَا تَعَمَّدْتُمَا قَطْعَهُ لَقَطَعْتُكُمَا فَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى ضَمَانِ الدِّيَةِ فِي النَّفْسِ وَالْيَدِ وَالْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَلَوْ شَهِدَا بِقَطْعِ يَدِهِ قِصَاصًا فَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَا قَالَ مُحَمَّد لَا يقْتَصّ مِنْهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ وَإِذَا شَهِدَا عَلَى وَالِي الدَّمِ أَنَّهُ عَفَا أَوْ عَلَى الْمَجْرُوحِ أَنَّهُ عَفَا فَحُكِمَ بِإِسْقَاطِ الْقَوَدِ ثُمَّ رَجَعَا لَا يَضْمَنَانِ شَيْئًا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا مَالًا وَلَا قصاص على

ص: 297

الْجَانِي للْحكم بسقوطه كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِ الْخُلَفَاءِ رضي الله عنهم ويجلد الْقَاتِل فَإِنَّهُ وَيُحْبَسُ سَنَةً وَيُؤَدَّبُ الشَّاهِدَانِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَغْرَمَانِ الدِّيَةَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ فِي أحد قولي مَالك ان يقبل أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا أَنَّهُ عَفَا عَلَى مَالٍ فَلَا شَيْءَ لَو لي الْقصاص للْحكم بسقوطه ويغرمان الْجَانِي مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَيُؤَدَّبَانِ

(فَرْعٌ)

فِي النَّوَادِرِ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ حُرًّا وَقَالَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ فَقَتَلَ وَرَجَعَ الْأَرْبَعَةُ وَأَقَرُّوا بِالزُّورِ فَعَلَى الْأَرْبَعَةِ دِيَةُ حُرٍّ لِوَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ وَالشَّاهِدَانِ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ عَلَى شَاهِدي الْحُرِّيَّة السَّيِّد بِقِيمَةِ عَبْدِهِ مَا بَلَغَتْ لِأَنَّهُمَا مَنَعَاهُ مِنْهَا وَالشَّاهِدَانِ بِالرِّقِّ بِمَا زَادَتْ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِالْحُرِّيَّةِ لَمْ يَغْرَمَا إِلَّا نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ الصَّوَابُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ قِيَمَةُ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ قِيمَةُ عَبْدٍ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْحُرِّيَّةِ لَمْ تَتِمَّ لرجوع من شهد بِهِ وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدَا الرِّقِّ فَقَطْ أَوْ شَاهِدَا الْحُرِّيَّةِ فَقَطْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا لِبَقَاءِ مَنْ يُكْتَفَى بِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ الْبَاقِيَانِ بَعْدَهُمَا فَيغرم الا قِيمَةَ الْعَبْدِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَرْبَعَةِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالْقَتْلِ وَاثْنَانِ بِالْعِتْقِ دُونَ الْقَتْلِ وَرَجَعُوا جملَة فَقيمته عِنْد السَّيِّد على شَاهِدي الْقَتْل لِأَنَّهُمَا تلفاه عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ ان ابتدا بِالرُّجُوعِ شَاهد الْحُرِّيَّة فَإِن ابتدا الْآخرَانِ غرما دِيَة عدالتهما فَإِن انفذ الْحُرِّيَّة بشهادتها عَلَى شَهَادَتَيِ الْقَتْلِ لَا تَبْطُلُ الْحُرِّيَّةُ بِرُجُوعِهِمَا لِنُفُوذِ الْحُكْمِ وَيَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ قِيمَةَ عَبْدٍ وَلِشَاهِدَيِ الْقَتْلِ مَنْ غَرِمَاهُ مِنْ فَضْلِ الدِّيَةِ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيِ الْقَتْلِ ثُمَّ أَحَدُ شَاهِدَيِ الْحُرِّيَّةِ قَبْلَهُ أَوْ

ص: 298

أَحَدُهُمَا فَرُجُوعُهُمَا سَوَاءٌ أَنْ تَنْفُذَ الْحُرِّيَّةُ وَمَتَى رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيِ الْقَتْلِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَمَّا لَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِعِتْقِهِ قَبْلَ رُجُوعِ شَاهِدَيِ الْقَتْلِ فَعَلَيْهِمَا دِيَةُ حُرٍّ لِوَرَثَتِهِ بِشَهَادَة شَاهد فِي الْحُرِّيَّةِ دُونَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِك شَاهد الْحُرِّيَّة لم يغرما لشاهدي الْقَتْل الافضل مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ وَدِيَةِ حُرٍّ لِأَنَّ بِشَهَادَتِهِمَا غرما الدِّيَة وَلَو رَجَعَ شَاهد الْقَتْلِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَرُجُوعِ الْآخَرِينَ فَعَلَيْهِمَا قِيمَةُ عَبْدٍ لِوَرَثَتِهِ لِإِقْرَارِ سَيِّدِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا وَلَا يُوجِبُ إِقْرَارُهُ عَلَيْهِمَا دِيَةً

(فَرْعٌ)

قَالَ اذا شهد أَنَّهُ عَفَا عَلَى دِيَةٍ خَطَأً أَوْ جُرْحٍ خَطَأً أَرْشُهُ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَالْجِنَايَةُ ثَابِتَة لغَيْرِهِمَا بعد الحكم ضمنا دِيَة النَّفس واسقاطهما عَن الْعَاقِلَة وَيكون عَلَيْهِمَا فِي ثَلَاث سِنِين الا ان يكون فد حَلَّتْ وَمَا دُونَ الثُّلُثِ يَضْمَنَانِهِ حَالًا لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَدِمَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا لَا شَيْءَ عَلَى الْإِمَامِ وَعَاقِلَتِهِ وَلَا الطَّالِبِ وَدِيَةُ الْمَقْتُولِ فِي أَمْوَالِ الْبَيِّنَةِ إِنْ تَعَمَّدُوُا أَوْ شُبِّهَ عَلَيْهِمْ فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ بِخِلَافِ رُجُوعِهِمْ وَلَوْ صَالَحَ الْوَلِيُّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ عَلَى مَالٍ رَدَّهُ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا لَمْ يَتْبَعِ الشُّهُودَ فَلَو شهدُوا بِالْخَطَأِ وَأُخِذَتِ الدِّيَةُ مِنَ الْعَاقِلَةِ رُدَّتْ إِلَيْهَا فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا غَرِمَهَا الشَّاهِدَانِ بِخِلَافِ رُجُوعِهِمَا للْقطع بكذبهما هَاهُنَا وَلَوْ شَهِدَا بِالْعَمْدِ فَقُتِلَ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا قَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنَانِ الدِّيَةَ وَلَا يَرْجِعَانِ بِهَا على الْقَاتِل لِأَنَّهُمَا متعديان فاباحت الْقَتْلِ لِلْوَلِيِّ فَإِنْ كَانَا عَدِيمَيْنِ

ص: 299

رَجَعَ عَلَى الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ كَمَنْ أَطْعَمَ مَالَكَ لِغَيْرِكَ لَا يعلم بتغريمه فَلَكَ طَلَبُ الْمُتَعَدِّي وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْآكِلِ فَإِنْ كَانَ الْمُتَعَدِّي عَدِيمًا رَجَعْتَ عَلَى الْآكِلِ وَلَا يَرْجِعُ الْآكِلُ عَلَى الْمُتَعَدِّي لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ وَرُوِيَ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ مُخَيَّرٌ فَإِنِ اتَّبَعَ الشَّاهِدَيْنِ لَمْ يَتَحَوَّلْ عَنْهُمَا إِلَّا أَنْ يَعْدَمَا فيتحول فَإِنَّهُ لَو اخذه من الشَّاهِدين ترجعا بِهِ عَلَى الْوَلِيِّ وَإِنِ اتَّبَعَ الْقَاتِلَ لَمْ يتَحَوَّل الشُّهُودِ أُعْدِمَ أَمْ لَا وَلَوْ شَهِدُوا بِالْخَطَأِ وَقَدِمَ حَيًّا بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ مِنَ الْعَاقِلَةِ أَخَذَتْهَا الْعَاقِلَةُ مِنَ الشُّهُودِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ شهدُوا على اقراره ولولي الْمَقْتُولِ تَضْمِينُ الْقَاتِلِ الدِّيَةَ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَكَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ لَا يَضْمَنَا فِي شَهَادَتِهِمَا عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْقَتْلِ الْخَطَأِ ثُمَّ يُقْدِمُ حَيًّا وَيَرْجِعُ دَافِعُ الدِّيَةِ عَلَى قَابِضِهَا إِلَّا أَنْ يَرْجِعَا وَلَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا رجعت الْعَاقِلَة على الْقَابِض بهَا حَالَّةً دُونَ الشُّهُودِ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ إِلَّا أَنْ يُقِرُّوا بِتَعَمُّدِ الْكَذِبِ فَكَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْعَاقِلَةِ أَخْذَ الْوَلِيِّ بِالدِّيَةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الشُّهُودِ وَإِنْ رَجَعُوا بِهَا عَلَى الشُّهُودِ كَانَ لِلْبَيِّنَةِ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْوَلِيِّ قَاعِدَةٌ أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِتْلَافُ وَالتَّسَبُّبُ لِلْإِتْلَافِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ وَوَضْعِ الْيَدِ غَيْرِ الْمُؤْمِنَةِ كَيَدِ الغاضب وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ قَاعِدَةٌ الْإِكْرَاهُ يُصَيِّرُ فِعْلَ الْمُكْرَهِ كَالْعَدَمِ حَيْثُ يُعْفَى عَنِ الْمُكْرَهِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْأَقْوَالِ دُونَ الْأَفْعَالِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْإِكْرَاهُ يمْنَع الْمُؤَاخَذَة بالاقوال اتِّفَاقًا نَحْو كَامِله وَالطَّلَاق وَنَحْوه وَلَا يمْنَع فِي الاحوال إِذَا كَانَتْ حَقًّا لِآدَمِيِّ اتِّفَاقًا كَالْقَتْلِ وَفِي مَنْعِهِ الْمُؤَاخَذَةَ إِذَا كَانَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى قَوْلَانِ الْأَظْهَرُ عَدَمُ

ص: 300

الْمَنْعِ وَبَسْطُهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَمُقْتَضَى هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ أَنْ يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى الْحَاكِمِ لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا عَلَى فِعْلٍ حَرَامٍ حَقًّا لِآدَمِيٍّ أَكْرَهَهُ الشُّهُودُ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ غَيْرَ أَنَّ الْحُكَّامَ مُثَابُونَ مُتَقَرِّبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِتَصَرُّفِهِمْ وَإِنْ أَخْطَأُوا فَلِذَلِكَ لَمْ يُضَمَّنُوا بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْقَتْلِ حَيْثُ ضَمَّنَّاهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَتَحَ بَابَ الضَّمَانِ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ لَزَهِدَ فِي الْوِلَايَاتِ وَتَمَكَّنَ شُهُودُ السِّرِّ مِنْ أَذِيَّتِهِمْ بِالتَّضْمِينِ فَتَعَطَّلَتْ مَصَالِحُ الولايات من الْقَضَاء وَغَيره وَلم يَضْمَنُوا لِذَلِكَ

(الطَّرَفُ الثَّانِي)

فِي الْحُدُودِ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا رَجَعُوا قَبْلَ الْحُكْمِ رُدَّتِ الشَّهَادَةُ وحدوا الْقَاتِل اعتفوا بتعمد حدوا وَهل يقتلُون اَوْ ياخذ الدِّيَةُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَوْلَانِ لِأَشْهَبَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِم الْمُبَاشرَة وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدُوا فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَى فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْحُكْمِ حُدُّوا لِأَنَّهُمْ قَذَفَةٌ أَوْ بعد اقأمة الْحَد حد الرَّابِع بِغَيْرِ خِلَافٍ لِاعْتِرَافِهِ بِالْقَذْفِ وَهَلْ يُحَدُّ الْبَاقُونَ لَان الزِّنَى لَمْ يَثْبُتْ بِأَرْبَعَةٍ أَمْ لَا لِنُفُوذِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ وَلَمْ يُكَذِّبُوا أَنْفُسَهُمْ

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ كَانُوا سِتَّةً فَرَجَعَ اثْنَانِ لَمْ يُحَدَّ الْبَاقُونَ لبَقَاء النّصاب وَلابْن الْقَاسِم فِي حد الرَّابِع قَوْلَانِ لِأَنَّهُمْ قَذْفَةٌ شَهِدَ بِصِدْقِهِمْ أَرْبَعَةٌ أَوْ هُمْ مُكَذِّبُونَ لِأَرْبَعَةٍ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّحْقِيقُ إِنْ قَالَ الرَّاجِعَانِ كَذَبْنَا وَمَنْ شَهِدَ حُدَّا أَوْ قَالَا لَا نَعْتَقِدُ كَذِبَ مَنْ شَهِدَ مَعَنَا بَلِ الْغَالِبُ صِدْقُهُمْ لِعَدَالَتِهِمْ لم يحدا

ص: 301

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا انْكَشَفَ بَعْدَ رُجُوعِ الِاثْنَيْنِ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُحَدُّ الرَّاجِعَانِ وَيَغْرَمَانِ رُبُعَ الدِّيَةِ لِعَدَمِ النِّصَّابِ وَلَا غَرَامَةَ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ وَيُحَدُّ لِعَدَمِ النِّصَّابِ وَهُوَ قَاذِفٌ وَلَا حَدَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَلَا غَرَامَةَ وَلَوْ كَانَ الْأَرْبَعَةُ أَحَدُهُمْ عَبَدٌ حُدُّوا كُلُّهُمْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَحْرَارِ يَرْجِعُ أَحَدُهُمْ لَا يُحَدُّ الْبَاقِي أَنَّ الرَّاجِعَ اهل الشَّهَادَة فَقَدِ انْعَقَدَ النِّصَابُ فِي حَقِّ أَصْحَابِهِ وَسَقَطَتْ عَدَالَتُهُ بِرُجُوعِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِمْ وَالْعَبْدُ لَيْسَ أَهْلًا فَلَمْ يَنْعَقِدِ النِّصَابُ

(فَرْعٌ)

قَالَ لَو رَجَعَ اثْنَان بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ لَزِمَهُ غُرْمُ رُبُعِ الدِّيَةِ يدْخل فِيهِ مَعَه من سبقت بِالرُّجُوعِ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا وَيُحَدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَجَعُوا مَعًا أَوْ مُفْتَرِقِينَ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ أَيْضًا لَزِمَهُ رُبُعُ الدِّيَةِ يُشَارِكُهُ فِيهِ كُلُّ مَنْ رَجَعَ قَبْلَهُ وَيُشَارِكُهُمْ فِيمَا غَرِمُوا قَبْلَهُ فَيَصِيرُ نِصْفُ الدِّيَةِ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ عَلَى عَددهمْ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ أَيْضًا لَزِمَهُ رُبُعُ الدِّيَةِ يُشَارِكهُ فِيهِ كل من رَجَعَ قبله وشاركهم فِيمَا غرموا قبل فَيَصِيرُ نِصْفُ الدِّيَةِ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ عَلَى عَدَدِهِمْ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ لِرِيبَةٍ رَجَعَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا رَجَعَ أَحَدُ السِّتَّةِ بعد فَمَعَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي الرَّجْمِ وَتَمَادَى الرَّجْمُ فَأَوْضَحَ مُوضِحَةً فَرَجَعَ ثَانٍ وَرَجَعَ ثَالِثٌ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ لَمْ يَرْجِعِ الثَّالِثُ مَا كَانَ على من تقدم من رُجُوعَهُ شَيْءٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ سُدْسُ دِيَةِ الْعَيْنِ

ص: 302

وَعَلَى الثَّانِي مِثْلُ ذَلِكَ وَخُمُسُ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ وَعَلَى الثَّالِثِ رُبُعُ دِيَةِ النَّفْسِ فَقَطْ وَقِيلَ مُضَافًا إِلَى الْخُمُسِ وَالسُّدُسِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرَجَعَ الْجَمِيعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْتَصُّ غُرْمُ الدِّيَةِ بِالْأَرْبَعَةِ لِأَنَّهُمْ سَبَبُ الْحَدِّ وَلَوْ شاؤا لَمْ يَشْهَدُوا وَقَالَ أَشْهَبُ الدِّيَةُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بمركب السَّلب مِنْهُمْ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى هَذَا قَالَ أَشْهَبُ يقسم اسداسا لَان السَّلب مِنْ جَمِيعِهِمْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى كُلِّ فَرِيقٍ نصفهَا فعلى كل وَاحِد من الاربعة ربعهَا وعَلى كل وَاحِد من الاربعة الْآخرَانِ كَانُوا اربعة ثمنهَا لِأَنَّ الْعَدَدَ لَيْسَ مَقْصُودًا وَإِنَّمَا الْقَصْدُ إِثْبَاتُ الوضعين الزِّنَا وَالْإِحْصَانِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا أَكْذَبَا أَنْفُسَهُمَا بَعْدَ حَدِّ الْقَذْفِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا غُرْمَ فِي ذَلِكَ بَلِ الْأَدَبُ وَكَذَلِكَ رُجُوعُهُمَا بَعْدَ قِصَاصِ الضَّرْبِ أَوِ اللَّطْمِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا مَالًا

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا طَلَبْتَ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا شَهِدَا بِالزُّورِ مُكِّنْتَ فَإِنْ أَقَمْتَهَا قُضِيَ عَلَيْهِمَا بِالْمَالِ وان اقامتهما على غُرْمُ نِصْفَ الْمَالِ وَقَالَ سَحْنُونٌ تُحَلِّفُهُمَا أَنَّهُمَا مَا رَجَعَا إِذَا اتَّجَهَ وَجَبَ الْيَمِينُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَ لَكَ تَحْلِيفُهُمَا

(فَرْعٌ)

قَالَ لَو رجعا عَن الرُّجُوع وَقضى قضى الرَّاجِعِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ شَهَادَةً بَلْ إِقْرَارٌ بِمَا أُتْلِفَ بِالشَّهَادَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ

ص: 303

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا اطَّلَعَ بَعْدَ الرَّجْمِ عَلَى أَنَّهُ مَجْبُوبٌ فَفِي الْكِتَابِ يَغْرَمُ الشُّهُودُ الدِّيَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَجَعَلَهَا أَشْهَبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَقَامَتْ شَاهِدَيْنِ أَنَّ زَوْجَهَا رَمَاهَا بِالزِّنَى فَأَمَرَ الْقَاضِي بِاللِّعَانِ وَفَرَّقَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبَدٌ أَوْ مَحْدُودٌ قَالَ سَحْنُونٌ تَرُدُّهَا لِزَوْجِهَا وَلَا يَكُونُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ إِقْرَارًا لِأَنَّهُ مُقِرٌّ خَوْفَ الضَّرْبِ وَلَوْ عَلِمَ الزَّوْجَانِ كَذِبَهُمَا وَالْتَعَنَا خَوْفًا فَهِيَ حَلَالٌ لَهُ بَيْنَهُ وَبَين الله تَعَالَى وَيكرهُ لَهُ ذَلِك لَيْلًا يُعَدَّ زَانِيًا فَتُهْتَكَ حُرْمَتُهُ وَيَضِيعَ نَسَبُهُ إِنْ حملت وليلا يرْجم وَيحرم عيه نِكَاحُ أُخْتِهَا وَسَائِرُ أَحْكَامِ النِّكَاحِ بَاقِيَةٌ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ هِيَ إِلَّا ظَاهِرَ الْأَمْرِ أُبِيحَ لَهَا وَلَوْ رَمَاهَا الزَّوْجُ بِالزِّنَى وَهِيَ تَعْلَمُ كذبه وحرمها على الْحَاكِمُ بِاللِّعَانِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا هِيَ النِّكَاحُ لِأَنَّ الزَّوْجَ رَاضٍ بِحُكْمِ السُّلْطَانِ

(فَرْعٌ)

قَالَ الْمَازَرِيُّ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الزِّنَى وَاثْنَانِ مِنْهُم على الاحصان وَرجع أحد الَّذين شَهِدَا بِالْإِحْصَانِ مَعَ الزِّنَى فَقَدْ أَبْطَلَ رُجُوعُهُ نِصْفَ الْإِحْصَانِ وَرَفَعَ حُجَّةَ الزِّنَى فَعَلَيْهِ مِنَ الغرابة مِثْلُ ذَلِكَ وَلَوْ شَهِدَا وَزَكَّاهُمَا اثْنَانِ وَأَمْضَاهُمَا الْحَاكِم فَرجع المزكيان فَلَا غرابة على المزكيين قَالَ سَحْنُون لثُبُوت الْحق بِعَين الْمُزَكِّيَيْنِ وَلَوْ شَاءَ الشَّاهِدَانِ بِالْحَقِّ مَا شَهِدَا قَالَ الْمَازَرِيُّ وَهَذَا يَنْقُضُ أَصْلَ شُهُودِ الْإِحْصَانِ والزنى ونفرق بَان شُهُود الاحصان اثبتوا عَيْبا مؤثرا فِي الرَّجْم بِخِلَاف الْمُزَكي انما اثبه مؤثرا فِي قبُول القَوْل فَبعد عَن الْجِنَايَة فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اخْتِلَافٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ش قَالَ وَيَلْحَقُ بِهَذَا الاسلوب من غرابة تَزْكِيَةٍ مِنْ شَاهِدَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَأَرْبَعَةٌ عَلَيْهِ بِالزِّنَى فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ السِّتَّةُ غَرِمَ الِاثْنَانِ قِيمَتَهُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُمَا حَالَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَتَّى تَلَفَ وَيغرم

ص: 304

الْأَرْبَعَةُ دِيَتَهُ لِوَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ لِأَنَّ حُرِّيَّتَهُ ثَبَتَتْ بالحكم الَّذِي لَا ينتفض بِالرُّجُوعِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ السَّيِّدُ قِيمَتَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَإِنَّمَا لِلسَّيِّدِ الْقِيمَةُ إِنْ غَرِمَهَا شُهُودُ الْعِتْقِ رَجَعُوا بِهَا عَلَى شُهُودِ الزِّنَى لِأَنَّهُمْ أَتْلَفُوا عَيْنَهُ أَوْ غَرِمَهَا شُهُودُ الزِّنَى لَمْ يَرْجِعُوا عَلَى شُهُودِ الْعِتْقِ لِأَنَّهُمُ المتلفون فَإِن السَّيِّد كَانَ مُعْتَرِفًا بِعِتْقِهِ وَلَمْ يَرِثْهُ سِوَاهُ لَأَخَذَ الدِّيَةَ بِحُكْمِ الْوَلَاءِ

(فَرْعٌ)

فِي النَّوَادِرِ وَلَوْ شَهِدَ ثَمَانِيَةٌ عَلَيْهِ بِالزِّنَى وَالْإِحْصَانِ كُلُّ أَرْبَعَةٍ عَلَى زِنًى عَلَى حِدَةٍ بِامْرَأَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَرَجَعَ أَحَدُ الْأَرْبَعَتَيْنِ بَعْدَ الرَّجْمِ لَا حَدَّ عَلَيْهِم وَلَا غرم الان الْفَرِيقَ الْآخَرَ لَوِ انْفَرَدَ لَرُجِمَ بِهِ فَإِنْ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ حُدَّ وَحُدَّ الرَّاجِعُونَ قَبْلَهُ لِإِقْرَارِهِمْ بِقَذْفِ مَنْ لَمْ يَزْنِ وَعَلَيْهِمْ رُبُعُ الدِّيَةِ أَخْمَاسًا وَنَفَذَ الْحُكْمُ حَتَّى لَوْ قَذَفَهُ أَحَدٌ لَمْ يُحَدَّ بَلْ يُؤَدَّبُ لادائه لَهُ إِلَّا الرَّاجِعُونَ مَتَى قَذَفُوا حُدُّوا لِإِقْرَارِهِمْ أَنهم حُدَّ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَوْ رَجَعَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعَةٍ وَاحِدٌ لَكَانَ عَلَيْهِمَا رُبُعُ الدِّيَةِ وَالْحَدُّ لِعَدَمِ النِّصَابِ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ فَلَوْ رَجَعَ اثْنَان من كل طبقَة فَعَلَيْهِمْ نِصْفُ الدِّيَةِ أَرْبَاعًا مَعَ الْحَدِّ وَلَوْ رَجَعَ مَنْ كُلِّ فَرِيقٍ ثَلَاثَةٌ فَعَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ بَيْنَ السِّتَّةِ مَعَ الْحَدِّ وَلَوْ رَجَعَ الثَّمَانِيَةُ فَعَلَيْهِمُ الدِّيَةُ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَلَوْ رَجَعَ ثَلَاثَة وَوَاحِد من الْفَرِيق للاخر فَعَلَيْهِم ربع الدِّيَة

ص: 305

فارغة

ص: 306

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِعِتْقِهِ وَزِنَاهُ بَعْدَ عِتْقِهِ مُحْصَنًا فَرَجَعَ اثْنَانِ عَنِ الزِّنَى وَاثْنَانِ عَنِ الزِّنَى وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّجْمِ لَمْ يَضْمَنِ الراجعان عَن الزِّنَى لنعا يَتِمُّ بِهِ الْعِتْقُ وَإِنْ كَانَ لِلْمَرْجُومِ وَارِثٌ بست فَلهُ نصف الدِّيَة على الراجعين على الزِّنَى لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ وَيُحَدَّانِ لِلْقَذْفِ لِإِقْرَارِهِمَا أَنَّهُ حد بِغَيْر حق فَإِن وته سَيِّدُهُ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ لِاعْتِرَافِهِمَا بِالْحُرِّيَّةِ وان اعْترف السَّيِّد بِالْعِتْقِ نصف الدِّيَة وان بَقِي على حجوده غرما لَهُ نصف الْقيمَة الا ان يزِيد عَلَى نِصْفِ الدِّيَةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ وَإِنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِسَرِقَةِ مِائَةِ دِينَارٍ فَقُطِعَ وَأُغْرِمَ الْمِائَةَ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا نِصْفَ الدِّيَةِ إِلَيْهِ وَالْمِائَةَ وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا غَرِمَ نِصْفَ ذَلِكَ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا وُجِدَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَ الرَّجْمِ عَبْدًا حُدُّوا كُلُّهُمْ لِلْقَذْفِ وَعَلَى الْعَبْدِ نِصْفُ حَدٍّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ عَلِمَ الشُّهُودُ أَنَّهُ عَبْدٌ فَعَلَيْهِمُ الدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَمَّا إِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمْ مَسْخُوطًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُنْقَضُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا وَيُحَدُّ هُوَ وَمن تبعه من مُسلم اَوْ حد حَدَّ الْقَذْفِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُرَدُّ الْحُكْمُ فِي الْمَسْخُوطِ وَلَا يُضْرَبُ هُوَ وَلَا مَنْ مَعَهُ وَيُنْقَضُ فِي الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ)

فِي الْبُضْعِ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالطَّلَاقِ نَفَذَ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا إِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَغْرَمَانِ نِصْفَ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ الَّذِي أَتْلَفَاهُ أَوْ عَلَى دُخُولِهِ بِزَوْجَةِ عَبْدِهِ مَعَ

ص: 307

اقراره بِالطَّلَاق وانكاره الدُّخُول فَكَذَلِك لاتلافهما نصفا الصَدَاق المكمل وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا شَهِدَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا وَالْخِلَافُ يَنْظُرُ إِلَى أَصْلَيْنِ على مَنْفَعَةُ الْبِضْعِ تَتَقَدَّمُ أَمْ لَا وَهَلِ الصَّدَاقُ كُلُّهُ يَثْبُتُ بِالْعَقْدِ أَوْ كُلُّهُ مُتَرَقَّبٌ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَاهُ مُتَرَقَّبًا لِجَوَازِ ارْتِدَادِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَيسْقط كُله فَلَا يلْزم الشُّهُود مالم يَلْزَمْهُ فَهُمْ كَمَنَ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سِلْعَةٍ بَعْدَ لُزُومِ الثَّمَنِ لَهُ وَهُمْ عِنْدَ أَشْهَبَ كَمَنْ شَهِدَ عَلَى وَلِيِّ الدَّمِ بِالْعَفْوِ لَا يغرمان شَيْئا لِأَنَّهُمَا أما فرقا دَمًا وَهِي لَيْسَ بِمَالٍ وَلَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا وَنِكَاحُهَا ثَابِتٌ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِمَا وَشَهِدَ آخَرَانِ بِالدُّخُولِ وَجَهِلَ شَاهِدَا الطَّلَاقِ هَلْ هُوَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ لَا وَجَهِلَ الْآخَرَانِ الطَّلَاقَ فَلَا غَرَامَةَ عَلَى شَاهِدَيِ الطَّلَاقِ بِالرُّجُوعِ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ أَكْثَرُ الرِّوَايَةِ عَلَى خِلَافِهِ وَيَغْرَمُ شَاهِدَا الدُّخُولِ بِالرُّجُوعِ نِصْفَ الصَّدَاقِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا غَرِمَ رُبُعَ الصَّدَاقِ فَإِذَا غَرِمَ شَاهِدَا الدُّخُولِ النِّصْفَ ثُمَّ مَاتَتِ الزَّوْجَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَرْجَعَاهُ لاعتقاد الزَّوْج أَنَّهُمَا مَاتَتْ فِي عِصْمَتِهِ لِإِنْكَارِهِ الطَّلَاقَ وَإِذَا شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقُضِيَ بِالنِّصْفِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ وَرَجَعَا غرما للمراة فاحرماها من الْمِيرَاث وَمَا اسقط عَن صَدَاقِهَا وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِمَا بِمِيرَاثِهِ فَقَطْ لَا بِمَا غَرِمَ مِنَ الصَّدَاقِ وَهَذَا إِذَا كَانَ كِلَا الزَّوْجَيْنِ يُنْكِرُ الطَّلَاقَ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَا بِطَلَاقِ أَمَةٍ مِنْ زَوجهَا وَقضي بِهِ وَشهد اخران ان الاولى يُزَوِّرَانِ إِمَّا لِعِلْمِهِمَا بِغَيْبَتِهِمَا عَنِ الْبَلَدِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ الْمُكَذِّبَانِ غَرِمَا لِلسَّيِّدِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا بِمَا أَصَابَهَا مِنْ عَيْبِ الزَّوْجِ فَيَبْقَى مَعَهُ وَيَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ مَا بَين ثمنهَا

ص: 308

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ شَهِدَا أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ بِمَالٍ وَقَالَتْ طَلِّقْنِي بِغَيْرِ عِوَضٍ فَأَغْرَمَتْ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا مَا غَرِمَتْ لِلزَّوْجِ

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ كَانَ الْخُلْعِ الْمَشْهُودِ بِهِ ثَمَرَةً قَبْلَ زَهْوِهَا قَالَ مُحَمَّد لَا يرجع عَلَيْهَا حَتَّى يَجِدَ الزَّوْجُ الثَّمَرَةَ وَيَقْبِضَهَا أَوْ عَبْدًا آبِقًا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَغْرَمَانِ قِيمَتَهُ عَلَى أَقْرَبِ صِفَاتِهِ فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا عِنْدَ الْخُلْعِ اسْتَرَدَّا مَا غَرِمَاهُ أَوْ مَعِيبًا اسْتَرَدَّا مَا يُقَابِلُ الْعَيْبَ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إِنْ كَانَ حُصُولُهُ قَرِيبًا أُخِّرَتِ الْغَرَامَةُ إِلَى حُصُولِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الثَّمَرَةِ قبل هَذَا الْفَرْع أَوْ بَعِيدًا غَرِمَا قِيمَتَهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَبَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ مُحَمَّدٌ فَقَالَ لَا يَغْرَمَانِ فِي هَذَا وَلَا فِي الْجَنِينِ وَقَبْضِهِ وَبَعْدَ وُجُودِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ فَيَغْرَمَانِ قِيمَةَ ذَلِكَ يَوْمَئِذٍ لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ تَالِفٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَا عَلَيْهَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا مِائَةٌ فَقُضِيَ عَلَيْهَا وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ أَقَرَّ بِالزُّورِ نَفَذَ الْحُكْمُ وَعَلَيْهِمَا مَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهَا مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَتْ عَلَى إِنْكَارِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِلَّا فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ كَالْمَرْأَةِ تَدَّعِي أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ تَجِدْ بَيِّنَةً فَبَقِيَتْ حَتَّى مَاتَتْ وَصَارَتْ وَارِثَةً فَإِنَّهَا إِنْ تَمَادَتْ عَلَى دَعْوَاهَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَإِلَّا فَلَهَا الْمِيرَاثُ قَالَ الشَّيْخُ ابو مُحَمَّد وَيحلف

(فَرْعٌ)

قَالَ الْمَازرِيّ لَو شهد عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ فَتَزَوَّجَ بِهَا أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بَعْدَ الْعدة

ص: 309

ثُمَّ رَجَعَ فَتُطَلَّقُ عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ وَيَغْرَمُ نِصْفَ الصَّدَاقِ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ الزَّوَاجِ مَنَعَهُ الْإِمَامُ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ رُجُوعِهِ فَيَحْلِفُ أَنَّ الْحَقَّ مَا رَجَعَ إِلَيْهِ ثَانِيًا وَهُوَ أَنَّ الْحَقَّ شَهَادَتُهُ الْأُولَى وَهَذَا كَأَحَدِ قَوْلَيِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الشَّاهِدِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ الَّذِي شَهِدَ بِعِتْقِهِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَمَادَى عَلَى إِقْرَارِهِ غَيْرَ أَنَّ الْمَشْهُور الْعتْق وَالْقَوْلَان يتخرجان هَاهُنَا غير أَن الْمَشْهُور هَاهُنَا غَيْرُ الْمَشْهُورِ فِي الْعِتْقِ وَالْفَرْقُ حُرْمَةُ الْعِتْقِ وَلَوْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ مُدَّعِيَةً لِلنِّكَاحِ دُونَ الزَّوْجِ فقضي عَلَيْهِ فَإِن وطىء لَزِمَهُ الصَّدَاقُ بِوَطْئِهِ لَا غَيْرَ مَقْهُورًا عَلَيْهِ لِتَمَكُّنِهُ مِنَ الطَّلَاقِ فَإِنْ زَادَ الصَّدَاقُ الْمَشْهُودُ بِهِ عَلَى الْمُسَمَّى فَفِي رُجُوعِهِ بِالزَّائِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُوجِبَ الصَّدَاقِ الْوَطْءُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لَهُ فَلَا يُلْزَمُ الشَّاهِدَانِ الزَّائِدَ أَوْ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِالتَّسْمِيَةِ

(فَرْعٌ)

فِي النَّوَادِر إِذا شَهدا عَلَيْهِ أَن دَخَلَ بِهَا وَهُوَ يُنْكِرُ الدُّخُولَ وَقَبْضَ الصَّدَاقِ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ عَلَى رُبُعِ الصَّدَاقِ فَإِنْ رَجَعَا رَجَعَتْ عَلَيْهِمَا بِالصَّدَاقِ إِذَا حَلَفَتْ مَا قَبَضْتُهُ لِأَن بِشَهَادَتِهِمَا صَار القَوْل الزَّوْج فَإِن رجعا رجعت عَلَيْهَا بِالصَّدَاقِ إِذَا حَلَفَتْ مَا قَبَضْتُهُ لِأَنَّ بِشَهَادَتِهِمَا صَارَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ فَإِنْ رَجَعَا بَعْدَ مَوْتِ الْمَرْأَةِ حَلَفَ مَنْ بَلَغَ مِنْ وَرَثَتِهِمَا مَا يَعْلَمُ قَبْضَ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَرَجَعَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَأَنَّهُ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَرَجَعَا وَقَدْ تَزَوَّجَتْ أَمْ لَا بِالتَّسْمِيَةِ فغرما نصف الصَدَاق وَشد الآخر شَاهِدَانِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ هَذَا رَجَعَ هَذَا عَلَى الْمَرْأَةِ بِمَا أَخَذَتْ مِنْهُ فَإِنْ أُعْدِمَتْ رَجَعَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَيَرْجِعُ الشَّاهِدَانِ عَلَيْهَا وَقِيلَ هَذَا إِنْ كَانَتْ عَالِمَةً بِالزُّورِ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا الشَّاهِدَانِ كَهِبَةِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ لِمَنْ يَجْهَلِ الْغَصْبَ فَيَأْكُلُهُ فَيَغْرَمُ الْغَاصِبُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَقِيلَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْغَاصِبِ

ص: 310

وَالْمَوْهُوبِ إِنْ دَخَلَ بِهَا الْأَوَّلُ وَقَضَى بِهَا على الاول الصَدَاق بالسبيين إِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَالِمَةٍ وَإِلَّا فَلَا صَدَاقَ

(فَرْعٌ)

قَالَ لَو شَهدا أَنَّهَا تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَهُوَ يَقُولُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَدَخَلَ بِهَا وصداق مثلهَا لَمْ يَغْرَمْ بِالرُّجُوعِ شَيْئًا لِأَنَّهُمَا وَصَّلَا إِلَيْهِ مَا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَلَمْ يُتْلِفَا شَيْئًا وَلَوْ كَانَ خَمْسمِائَة غرما الزَّائِد

(فَرْعٌ)

قَالَ لَو ادّعى بعد تقررالنكاح ان الصَدَاق عشرَة وَهُوَ لَا يشبه صَدَاقَ مِثْلِهَا وَشَهِدَا بِمِائَةٍ وَهِيَ تُشْبِهُ صَدَاقَ مِثْلِهَا وَرَجَعَا بَعْدَ الْبِنَاءِ رَجَعَتْ عَلَيْهِمَا بِكَمَالِ الْمِائَة وَقبل الْبناء كَمَال الْخمسين لِأَنَّهُ كَانَ القَوْل قَوْلهَا لاجل أَنه يشبه وَلَوْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَشَرَةً لَمْ يَغْرَمَا شَيْئا لِأَنَّهُمَا لم يتلفا مَا كَانَت غير مُتَمَكِّنَةً مِنْهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَا بِطَلْقَةٍ وَآخَرَانِ بِالثُّلُثِ وَالزَّوْجُ لَمْ يَبْنِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ فَعَلَى شَاهِدَيِ الْوَاحِدَةِ رُبُعُ الصَّدَاقِ وَشَاهِدَيِ الثَّلَاثِ رُبُعُهُ لِأَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ لَوِ انْفَرَدَتْ لَزِمَهُ بِهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْجَمِيعُ على شَاهِدي الثَّلَاث لِأَنَّهَا حرمته إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَأَشْهَبُ لَا يُوجِبُ عَلَى بَيِّنَةٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ شَيْئًا لِأَنَّ النِّصْفَ وَجَبَ بِكُلِّ حَالٍ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَغَرِمَا بِالرُّجُوعِ نِصْفَ الصَّدَاقِ فَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي شَعْبَانَ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَدَّ الزَّوْجُ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ مَا أَخَذَ مِنْهُمَا لِتَقَدُّمِ الْإِتْلَافِ عَلَيْهِمَا وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا يَبْرَآنِ بِالشَّهَادَةِ الثَّانِيَةِ بَلْ بِالْإِقْرَارِ عِنْدَ الْحَاكِمِ

ص: 311

وَالْجَوَابُ قَدْ سَوَّى الشَّرْعُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ فِي الْبَرَاءَة

(فَرْعٌ)

قَالَ اذا شَهدا أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَآخَرَانِ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالزَّوْج يجْحَد الدُّخُول وَالطَّلَاق يحكم عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الصَدَاق مَعَ الطَّلَاق وَيرجع أَحَدُ شَاهِدَيِ الطَّلَاقِ وَأَحَدُ شَاهِدَيِ الدُّخُولِ غَرِمَ شَاهدا التَّنَازُع الصَّدَاقَ وَلَا شَيْءَ عَلَى شَاهِدَيِ الطَّلَاقِ وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ دُونَ شَاهِدَيِ الطَّلَاقِ فَعَلَيْهِمَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدَا الطَّلَاقِ دُونَ شَاهِدَيِ الدُّخُولِ لَمْ يَغْرَمْ شَاهِدَا الطَّلَاقِ شَيْئًا لَان نصف الصَدَاق ثَابت لكل حَالٍ وَإِنَّمَا زَادَ شَاهَدُ الدُّخُولِ النِّصْفَ الْآخَرَ وَلَوْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ وَجَحَدَ الدُّخُولَ لَمْ يَغْرَمْ شَاهِدَا الدُّخُولِ إِلَّا نِصْفَ الصَّدَاقِ

(الطَّرَفُ الرَّابِعُ)

فِي الْعِتْقِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَهِدَا بِالْعِتْقِ النَّاجِزِ غَرِمَا بِالرُّجُوعِ قِيمَتَهُ وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَيَسْتَحِقُّ السَّيِّدُ مَالَهُ بِمُقْتَضَى إِنْكَارِهِ فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً عَالِمَةً بِتَزْوِيجِهَا حَرُمَ عَلَيْهَا إِبَاحَةُ فَرْجِهَا بِالتَّزْوِيجِ أَوْ بِالْعِتْقِ إِلَى أَجَلٍ غرم بِالرُّجُوعِ الْقِيمَةَ حَالَّةً لِأَنَّهُمَا مَنَعَاهُ مِنَ الْبَيْعِ وَهُوَ أَهَمُّ الْمَقَاصِدِ إِلَّا قِيمَةَ خِدْمَةِ الْعَبْدِ تِلْكَ الْمدَّة لِأَنَّهَا تندرج فِي قيمَة الرّقية وَقد ابقياها فَلَا تاخذ قِيمَتُهُ وَقِيمَةُ مَنْفَعَتِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تُقَوَّمُ هَذِهِ الْمَنَافِعُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ فَتَسْقُطُ الْقيمَة وَتبقى الْمَنَافِع للسيدا قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ هَكَذَا قَدْ تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الرَّقَبَةَ فَلَا يَغْرَمُ الشَّاهِدَانِ شَيْئًا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَصْبَحَ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ مُتَعَذِّرًا مِنْ حَيْثُ الْعَادَةُ لِأَنَّا نُقَوِّمُ الْعَبْدَ مَمْلُوكًا طُولَ حَيَاتِهِ مَنَافِعَ تِلْكَ الْمُدَّةِ

ص: 312

وَقَدْ مَنَافِعَ الْعَبْدِ إِلَيْهِمَا حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ فيؤجران حَتَّى يستويا مَا غَرِمَاهُ وَمَا بَقِيَ فَلِلسَّيِّدِ فَإِنْ لَمْ تَفِ مَنَافِعُ الْمُدَّةِ غَرِمَا مَا لَمْ يَرْجِعَا وَكَذَلِكَ لومات فِي أَضْعَافِ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَلَمْ يَسْتَوْفِ إِلَّا أَنْ يَتْرُكَ مَالًا فَيَأْخُذَانِ مِنْهُ كَمَالَ مَا غَرِمَ وَكَذَلِكَ لَوْ قُتِلَ إِلَّا ان تُؤْخَذ قِيمَته فياخذاها لِاعْتِرَافِ السَّيِّدِ أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ فِيهِ مَا غَرِمَاهُ وَخَيَّرَ مُحَمَّدٌ السَّيِّدَ بَيْنَ قَوْلِ سَحْنُونٍ إِنَّ لَهُ قِيمَةَ هَذِهِ الْمَنَافِعِ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ بِحَسَبِ مَا يُرَى فِي ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَى الِاخْتِلَافِ وَمَنْشَأُ الْخلاف تقَابل الْحُقُوق فحد السَّيِّد التَّمَسُّك بِالْعَبدِ لنامن عَلَيْهِ وندفع الْقيمَة وحقهما ان نقولا غرمنا قيمَة الْمَنَافِع فِي قيمَة الرَّقَبَة فَكَانَا اشْتَرَيْنَاهَا فَنَحْنُ أَحَقُّ بِعَيْنِ الْمَنَافِعِ وَإِنْ شَهِدَا بِالتَّدْبِيرِ غرما قيمَة حَالَّةً بِرُجُوعِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَيَدْخُلَانِ فِيمَا أَدْخَلَاهُ فِيهِ فيقتضيان من الْخدمَة الَّتِي القياها بِيَدِهِ بِمَا وديا ثُمَّ تَرْجِعُ خِدْمَتُهُ لِسَيِّدِهِ وَمَوْتُهُ فِي حَيَاةِ السَّيِّد اَوْ بعد مَا قَبِلَ الِاسْتِيفَاءِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ حُرًّا فَلَا شيئ لَهما وان رق مِنْهُ شيئ فَهُمَا أَوْلَى بِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَا مِنْهُ وَإِنْ رَدَّهَا دَيْنٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الدَّيْنِ كَأَهْلِ الْجِنَايَةِ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِالرَّقَبَةِ وَالدَّيْنُ لَا يَخْتَصُّ فَإِنْ شَهدا بِالْكِتَابَةِ غرما بِالرُّجُوعِ بعد الحكم قيمَة نَاجِزَةً قَالَ مُحَمَّدٌ يَوْمَ الْحُكْمِ ثُمَّ يَتَأَدَّيَانِهَا مِنَ الْكِتَابَةِ عَلَى النُّجُومِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَا ثُمَّ يَتَمَادَى السَّيِّدُ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا وَلَوْ رَقَّ لِعَجْزِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَا بِيعَ لَهُمَا مِنْهُ بِمَا بَقِيَ لَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَفِ فَلَا شيئ لَهُمَا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ فَيُوضَعُ بِيَدِ عَدْلٍ وَيَتَأَدَّى السَّيِّدُ الْكِتَابَة فَإِن استفوى مِنَ الْكِتَابَةِ مِثْلَهَا رَجَعَتْ إِلَى الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ أَقَلَّ أَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ دُفِعَ لِلسَّيِّدِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ تَمَامُ قِيمَةِ عَبْدِهِ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ قَدْ مُنِعَ مَنْ عَبده وَمَاله فِيهِ من التَّصَرُّف وايقاف الْقيمَة لَيْلًا يُتْرَكَ فَيَغْرَمَانِهَا ثَانِيَةً قَالَ مُحَمَّدٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَصْحَابُ مَالِكٍ قَالَ وَلَوِ اسْتَحْسَنْتُ

ص: 313

قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَقُلْتُ كُلَّمَا قَبَضَ السَّيِّدُ مِنَ الْكِتَابَةِ شَيْئًا رَدَّ مِثْلَهَ مِنَ الْقِيمَةِ الْمَوْقُوفَةِ لِلشَّاهِدَيْنِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا رَجَعَا بِيعَتِ الْكِتَابَة بِعرْض فَازَ دمت بِأَكْثَرَ فَلِلسَّيِّدِ أَوْ أَقَلَّ رَجَعَ عَلَيْهِمَا بِتَمَامِ الْقيمَة وان شَهدا أَنه اسْتَوْلدهَا غرم بِالرُّجُوعِ بَعْدَ الْحُكْمِ قِيمَتَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتْرُكَا خِدْمَةً يَرْجِعَانِ فِيهَا فَإِنْ جرحت اَوْ قلت رَجَعَا بِمَا غَرِمَاهُ فِي الْأَرْشِ وَالْفَاضِلُ لِلسَّيِّدِ مَعَ مَا أَخَذَ قَالَ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ إِنْ أَفَادَتْ مَالًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ لم يبقيا لَهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا من الْقيمَة لما نفياه مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ حَامِلًا وَإِنْ شَهدا ان وَلَدهَا وَلدته مِنْهُ غرم قِيمَتَهُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فِي الرُّجُوعِ عَنِ الِاسْتِيلَادِ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَمَّ وَلَدِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا غَيْرَ الْوَطْءِ وَهُمَا غَيْرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قِيمَتُهَا كَمَا لَوْ قَتَلَهَا رَجُلٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا بِقَدْرِ مَا كَانَ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا قَيَّدَهُ وَحَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ لَا يُنْزَعُ الْقَيْدُ وَحَلَفَ أَنَّ فِي الْقَيْدِ عَشَرَةً فَحَكَمَ بِعِتْقِهِ فَنَزَعَ الْقَيْدَ بَعْدَ الشَّهْرِ فَوَجَدَ عَشَرَةً كَذَّبَهُمَا

(فَرْعٌ)

قَالَ الْمَازَرِيُّ إِذَا أُعْتِقَ إِلَى أَجَلٍ فَشَهِدَا أَنَّهُ نَجَزَ الْعِتْقَ غَرِمَا بِالرُّجُوعِ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ عَلَى غَرَرِهَا بِإِمْكَانِ مَوْتِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْأَجَلِ بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ أَوْ طَوِيلَةٍ وَلَوْ كَانَ

ص: 314

الْأَجَلُ غَيْرَ مَعْلُومٍ نَحْوَ مَوْتِ زَيْدٍ قَوِّمَتْ على اقْتصّ الْعُمْرَيْنِ عُمْرِ الَّذِي عَلِقَ بِمَوْتِهِ وَعُمْرِ الْعَبْدِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا أُعْتِقَ إِلَى أَجَلٍ فَشَهِدَا بِالتَّعْجِيلِ غَرِمَا قِيمَةَ الرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا لَوْ قُتِلَ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بَان نِصْفَهُ لِفُلَانٍ وَأَنَّهُ أَيْضًا أَعْتَقَ النِّصْفَ الْآخَرَ فَأَعْتَقَ عَلَيْهِ وَأَغْرَمَ قِيمَةَ النِّصْفِ ثُمَّ أَكْذَبَا انفسهما فِي الْعتْق غرما قيمَة جمع الْعَبْدِ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا نِصْفَهُ بِالْعِتْقِ وَنِصْفَهُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ وَيَغْرَمَانِ أَيْضًا قِيمَةَ النِّصْفِ الَّتِي اخذها الشَّرِيك الْمقر وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ أَعْتَقَ النِّصْفَ الْمُقَرَّ بِهِ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ غَرِمَا أَيْضًا قِيمَةَ جَمِيعه وَقِيمَة نصفه ان صدقهما الْإِقْرَارِ لَهُ وَأَكْذَبَهُمَا فِي الْعِتْقِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ وَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ الْمُقِرِّ لَهُ كَذَّبَهُمَا فِي الْعِتْقِ وَصَدَّقَهُمَا فِي الْإِقْرَارِ وَهُوَ الْمَحْكُوم لَهُ بهَا مَعَ أَنَّهَا مَا شهد لَهُ بِالْإِقْرَارِ إِلَّا بِوَصْفِ الْعِتْقِ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِبَيِّنَةٍ يَدَّعِي كَذِبَهَا وَلَوْ كَانَ يَقُولُ إِنَّهُمَا وَهِمَا فِي الْعِتْقِ وَلَمْ يَتَعَمَّدَا الْكَذِبَ لَكَانَ خَفِيفًا قَالَ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ مِنْ جِهَةٍ أَنَّهُ لَمْ يُضِفْ إِلَيْهِمَا فُسُوقًا قَالَ وَلَمْ يُشْكِلْ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِلْكًا اسْتَقَرَّ بِيَدِهِ فَهُمَا أَدْخَلَاهُ فِي مِلْكٍ وَأَخْرَجَاهُ عَنْهُ فَإِنْ صَدَقَا فَلَا غَرَامَةَ وَإِنْ كَذَبَا فَقَدْ أَبْطَلَا عَلَيْهِ مِلْكًا كَذَبَا فِيهِ فَلَا غَرَامَةَ وَلَوْ أَكْذَبَهُمَا فِي شَهَادَةِ الْإِقْرَارِ وَالْعِتْقِ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَأَكْذَبَا أنْفُسَهُمَا فِي الْجَمِيعِ غَرِمَا قِيمَةَ نِصْفِ الْعَبْدِ الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ وَلِلْمُقِرِّ قِيمَةُ النِّصْفِ الْمُقَرِّ بِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ شَهِدَا بِالتَّدْبِيرِ وَأَغْرَمَا الْقِيمَةَ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِتَقَدُّمِ عِتْقِهِ أَوْ تَدْبِيرِهِ اسْتَرَدَّ الْأَوَّلَانِ مَا غَرِمَاهُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا عَلَيْهِ شَيْئًا وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا بِمَا يَمْنَعُ التَّدْبِيرَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ بِالْبَيْعِ وَالشَّاهِدَانِ

ص: 315

بِالتَّدْبِيرِ لَمْ يَغْرَمْ شَاهِدَا التَّدْبِيرِ لِتَقَدُّمِ مَا يُبْطِلُهُ وَأَبْطَلَهُ الشَّرْعُ قَبْلَ تَكْذِيبِهِمَا أَنْفُسِهِمَا وَيَغْرَمُ شَاهدا البيع مَا اتلفا فَإِنْ أَنْكَرَ الْبَيْعَ غَرِمَا مَا زَادَ عَلَى الثَّمَنِ فِي الَّذِي يَرُدُّهُ عَلَى شُهُودِ التَّدْبِيرِ وان كذبهما للْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ يَغْرَمَانِ لِلْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ لِأَنَّهَا الَّتِي أَتْلَفَاهَا

(الطَّرَفُ الْخَامِسُ)

فِي النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَإِرَاقَةِ الْحر فِي الْجَوَاهِر اذا شهد أَنه افر بنه فاقر بِالزُّورِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِقُرْبِ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِشَهَادَتِهِمَا مِيرَاثٌ فَإِنْ وُرِّثَ غَرِمَا لِلْعُصْبَةِ مَا أَتْلَفَا عَلَيْهِمْ فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِنَسَبِهِ عَبْدًا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ غَرِمَا فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ وَلَدًا غَيْرَ الْمُسْتَلْحَقِ تَرَكَهُ الْأَبُ الَّذِي أَخَذَهُ الدَّيْنُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلِابْنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمُسْتَلْحَقَ كَانَ يُدْعَى الْمَشْهُودَ فِيهَا وَأَنْ لَا شِرْكَةَ فِيهَا فَإِذَا اقْتَسَمَا مَا عَدَاهَا غَرِمَ الشَّاهِدَانِ الْمُسْتَلْحَقَ لِلِابْنِ الْآخَرِ لِأَنَّهُمَا عَلَيْهِ فَلَوْ طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمَيِّتِ أَخَذَ مِنْ وَاحِدٍ نِصْفَهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ كَمُلَ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا الْأَوَّلُ وَرَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَلَيْهِ فَأَغْرَمَاهُ مِثْلَ الَّذِي غَرِمَهُ الْمُحِقُّ لِلْغَرِيمِ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عِوَضًا عَمَّا أَخَذَ الْمُحِقُّ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ وَالْآنَ فَقَدْ صَرَفَ فِي دَيْنِ أَبِيهِ فَلَمْ يُتْلِفَا عَلَيْهِ شَيْئًا بِشَهَادَتِهِمَا وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَ الْمُسْتَلْحَقِ وَمِائَةٍ أَخَذَهَا قِيمَةً مِنَ الشَّاهِدَيْنِ فِي قِيمَةِ الْمُسْتَلْحَقِ فَالْمِائَةُ الْوَاحِدَةُ لَهُ فَقَطْ وَالْمِائَةُ الْأُخْرَى لِلْعُصْبَةِ وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ وَيَغْرَمُ الشَّاهِدَانِ بِمَا ادبا لِلْعُصْبَةِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ فَانْتَزَعَ الْمِيرَاثَ مِنِ ابْنِ الْعَمِّ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ لِآخَرَ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وانتزع مِنْ يَدِ الْآخَرِ ثُمَّ رَجَعَ الْجَمِيعُ فَعَلَى شُهُودِ الِابْنِ غُرْمُهَا لِلْأَخِ وَعَلَى شُهُودِ الْأَخِ غُرْمُهَا لِابْنِ الْعَمِّ وَعَلَى شُهُودِ ابْنِ الْعَمِّ للموالي

ص: 316

وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا مَوْلَاكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا بِالرُّجُوعِ بَعْدَ الْحُكْمِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ وَيَتْرُكَ مَالًا لَا يَرِثُهُ غَيْرُكَ فَيَغْرَمَانِهِ لَكَ إِنْ كَانَ لَكَ مُنَازِعٌ وَإِلَّا وُقِفَ مَا يضمنانه حَتَّى يثبت مَا يَسْتَحِقُّهُ وَيَضْمَنَانِ التَّرِكَةَ الَّتِي مَاتَ عَنْهَا كَانَتْ أَكْثَرَ يَوْمَ الْحُكْمِ أَوْ أَقَلَّ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا عَبْدَكَ لَمْ يَضْمَنَا قِيمَةَ الرَّقَبَةِ بِالرُّجُوعِ بَعْدَ الْحُكْمِ بَلْ يَضْمَنَانِ لِلْعَبْدِ كُلَّ مَا اسْتَعْمَلْتَهُ وَكُلَّ خَرَاجٍ أَدَّاهُ إِلَيْكَ وَمَالٍ انتزعنه مِنْهُ لَيْلًا يَتَسَلْسَلَ وَلَوْ مَاتَ وَهُوَ فِي يَدِهِ لَمْ تاخذه وَيُوقف حَتَّى يَسْتَحِقَّ ذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ يَرِثُهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَلَوْ أَعْتَقَ مِنْهُ الْعَبْدُ قَبْلَ مَوْتِهِ عَبْدًا جَازَ عِتْقُهُ وَوَلَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَنْ كَانَ يَرِثُ عَنْهُ الْوَلَاءَ لَوْ كَانَ حُرًّا وَيَرِثُهُ الْعَبْدُ إِنْ مَاتَ وَمُعْتِقُهُ حَيٌّ وَإِنْ أَوْصَى مِنْهُ الْعَبْدُ فَهِيَ فِي الثُّلُثِ مِنْهُ وَيَجُوزُ رَهْنُهُ وَصَدَقَتُهُ وَيَرِثُ بَاقِيَهُ وَرَثَتُهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَنْ يَرِثُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهُ لَأَنَّ الزَّوَاجَ يُنْقِصُ رَقَبَتَهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ الْمَازَرِيُّ لَوْ تَرَكَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ فَأَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ وَقَدِمَ رَجُلٌ وَمَعَهُ ثَلَاثَةُ شُهُودٍ شَهِدَ أَحَدُهُمْ أَنَّ الْقَادِمَ شَقِيقُ الْمَيِّتِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لِأَبِيهِ لَا يَعْلَمُ غَيْرَ ذَلِكَ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مِنْ أُمِّهِ فَقَدْ حَصَلَ أَنَّهُ شَقِيق لَان شَاهد الشقاقة مَعَ الْأَبِ اتَّفَقَا عَلَى الْأَبِ وَهُوَ مَعَ شَاهِدِ الْأُمِّ اتَّفَقَا عَلَى الْأُمِّ فَتَثْبُتُ كُلُّ جِهَةٍ بِشَاهِدَيْنِ فَيُنْتَزَعُ الْمَالُ مِنَ الْأَوَّلِ فَإِنْ رَجَعَ الثَّلَاثَةُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَاخْتَلَفَ مِقْدَارُ مَا أَتْلَفَا فَالشَّاهِدُ بِأَنَّهُ أَخٌ لِلْأُمِّ أَثْبَتَ لِلْقَادِمِ السُّدُسَ وَلَو انْفَرد لم يقْض بِهِ فقد شَارَكَهُ مَنْ شَهِدَ بِالشَّقَّاقَةِ فَيَكُونُ السُّدُسُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يَسْتَقِلُّ وَحْدَهُ فَشَارَكَهُ فِيهِ شَاهِدُ الشَّقَّاقَةِ بِالنِّصْفِ مِنْهُمَا بنصفين بالسواء فَيغرم شَاهد الشقاقة مثلهمَا واصلهما اثْنَا عَشَرَ نِصْفُ سُدُسِهَا وَاحِدٌ وَنِصْفُهَا سِتَّةٌ على شَاهد الشقاقة مِنْهُمَا ثَلَاثَة وَشَاهد ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ غُرْمُ الْمَالِ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةٍ على شَاهد الامومية بَينهم وَعَلَى شَاهِدِ الشَّقَّاقَةِ

ص: 317

أَرْبَعَةٌ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ فَيَغْرَمُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِالْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ النِّصْفَ بِالسَّوِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَبِالتَّقَادُمِ صَارَ لِلْعَبْدِ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ يُعَادُ لِأَخِيهِ السُّدُسُ وَلَا يَدْخُلُ فِي أَثْلَاثِهِ لِشَاهِدِ الْأُمُومَةِ لِكَوْنِ الْجَدِّ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ بَلْ يَكُونُ لِلْآخَرِينَ نِصْفَيْنِ قَالَ التُّونِسِيُّ أَخُ الْأُبُوَّةِ أَتْلَفَ مِنَ النِّصْفِ ثُلُثَهُ وَشَارَكَهُ فِيهِمَا شَاهِدُ الشَّقَّاقَةِ فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَيَغْرَمُ أَخُ الشَّقَّاقَةِ ثُلُثَ النِّصْفِ وَحْدَهُ وَعَلَى شَاهِدِ الْأُمُومَةِ ثُلُثُ النِّصْفِ فَيَكْمُلُ النِّصْفُ لِلْأَخِ مِنَ الثَّلَاثَةِ

(فَرْعٌ)

فِي النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا تَرَكَ عَبْدَيْنِ وَأَمَةً فَشَهِدَ شَاهِدَانِ لِرَجُلٍ بِأَنَّهُ أَخٌ شَقِيقٌ فَقُضِيَ بِالنَّسَبِ وَالْإِرْثِ وَشَهِدَ آخَرَانِ بِبُنُوَّةِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ فَانْتَزَعَ التَّرِكَةَ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِبُنُوَّةِ الْعَبْدِ الْآخَرِ فَشَارَكَ الْأَوَّلَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَعْتَقَ الْأَمَةَ فِي صِحَّتِهِ وَتَزَوُّجِهَا فَأَخَذَتِ الثُّمُنَ مِنَ الِاثْنَيْنِ فَرَجَعَ شَاهِدَا الْعَبْدِ الاول فيغرمان قِيمَته للِابْن الآخر وللزوجة مِنْهَا وَيَأْخُذُ مَا فِي يَدِهِ مِنَ الْمَالِ الِابْنُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ أَخَذَتْ ثُمُنَهُ فَإِنْ رَجَعَتْ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ الثَّانِي غَرِمَتْ مَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ لَوْ رَجَعَا بَعْدَ رُجُوعِ الْأَوَّلَيْنِ ثُمَّ إِنْ رَجَعَ شَاهِدَا الْأَمَةِ غَرِمَا قِيمَةَ الْأَمَةِ وَمِيرَاثَهَا لِلْوَلَدَيْنِ نِصْفَيْنِ وَلَا يُبَالِي بِمَنْ رَجَعَ أَوَّلًا وَآخِرًا أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ وَلَوْ شَهِدُوا كُلُّهُمْ بِالنَّسَبِ وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَرَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ لَغَرِمُوا لِلْأَخِ قِيمَةَ الْعَبْدَيْنِ وَجَمِيعَ الْمِيرَاثِ

(فَرْعٌ)

لَوْ شَهِدَا بَرِقِّهِ وَرَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَجَرَحَاهُ غَرِمَا لِلسَّيِّدِ مَا نَقَصَهُ مِنْ قِيمَتِهِ وَلِلْمَجْرُوحِ أَيْضًا إِنْ كَانَ خَطَأً لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ لَا يَلْزَمُهُ بِقَوْلِهِمَا بَلْ يَغْرَمَاهُ فِي أَوْقَاتِ وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُمَا فِي الْعَمْدِ لِإِقْرَارِهِمَا أَنَّهُ حر

ص: 318

(فَرْعٌ)

قَالَ اذا شهد أَنَّهُ ابْنُ الْقَتِيلِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَهُ أَخٌ أَوْ مَوْلًى مَعْرُوفُ النَّسَبِ وَالْقَاتِلُ مقرّ بقتل عمد فَحكم بِالنّسَبِ وَالْقَتْل ثمَّ اقر بِالزُّورِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَال وَضَمان الاخ التَّرِكَةَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْتَلُ الشَّاهِدَانِ لَان بِشَهَادَتِهِمَا قُتِلَ هَذَا الْقَتِيلُ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرَى ذَلِكَ

(الطَّرَفُ السَّادِسُ)

فِي الْمَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَهِدَا لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَا الْمِائَةُ كُلُّهَا لِزَيْدٍ بَعْدَ الْحُكْمِ غَرِمَا خمسين للْمَشْهُود عَلَيْهِ لاقرارهما أَنَّهُمَا اخرجاه مِنْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا الثَّانِي لِإِقْرَارِهِمَا بِالزُّورِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الْمِائَةِ عَبْدًا مُعَيَّنًا فَإِنْ صَدَقَهُمَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لِزَيْدٍ لَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا وَإِنْ أَنْكَرَ الشَّاهِدَيْنِ غَرِمَا النِّصْفَ لَهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ غَرِمَ نِصْفَ الْحَقِّ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ رَجَعَ عَنْ نِصْفِ مَا شَهِدَا بِهِ غَرِمَ رُبُعَ الْحَقِّ أَوْ عَنِ الثُّلُثِ غَرِمَ السُّدس وَلَو رجعا جَمِيعًا فَالْحق عَلَيْهِمَا رُجُوعُهُمَا غَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا رَجَعَ عَنْهُ لِأَنَّهُ الَّذِي أَنَابَهُ قِيمَةَ الَّذِي أَخَذَهُ شَيْئًا لِاسْتِقْلَالِ الْحَقِّ بِالْبَاقِي فَإِنْ رَجَعَ ثَانٍ غَرِمَ نِصْفَ الْحَقِّ ثُلُثَ الْحَقِّ لِأَنَّهُ أَخَذَ ثَلَاثَةً وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا رَجَعَ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ غَرِمُوا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْحَقِّ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِثَلَاثِينَ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ الْحُكْمِ عَنِ الثَّلَاثِينَ وَالثَّانِي عَنْ عِشْرِينَ وَالثَّالِثُ عَنْ عَشَرَةٍ غَرِمَهَا الْجَمِيعُ أَثْلَاثًا إِلَّا عَشَرَةً لَا يَغْرَمُ أَحَدٌ مِنْهَا شَيْئًا لِاسْتِقْلَالِ ثُبُوتِهَا

ص: 319

بِشَاهِدَيْنِ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إِذَا بَقِيَ نِصَابٌ لَا يَغْرَمُ الرَّاجِعُ وَيَغْرَمُ الْأَوْلَادُ الْعَشَرَةَ نِصْفَيْنِ وَإِذَا حَكَمَ بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ فَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفُ الْحَقِّ لِكَوْنِهِ نِصْفَ النِّصَابِ وَعَلَى النِّسَاءِ نِصْفُهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَكَذَلِكَ لَوْ رَجَعْنَ وَحْدَهُنَّ فَلَوْ كُنَّ عَشْرًا فَرَجَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ إِلَى ثَمَانٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِنَّ لِبَقَاءِ مَا يُحْتَاجُ مِنْهُنَّ فِي نِصْفِ النِّصَابِ فَإِنْ رَجَعَ تِسْعٌ أَوْ ثَمَانٍ ثُمَّ وَاحِدَةٌ بَعْدَهُنَّ فَعَلَى التِّسْعِ رُبُعُ الْمَالِ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّهُ بَقِيَ مِنْ أَخِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْحَقِّ وَذَلِكَ فِي كُلِّ مَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ وَأَمَّا مَا يَنْفَرِدْنَ بِهِ كَشَهَادَةِ عَشَرَةٍ عَلَى رَضَاعٍ مَعَ رَجُلٍ فَرَجَعَ الْكُلُّ بَعْدَ الْحُكْمِ فَعَلَى الرَّجُلِ سُدُسُ مَا يَجِبُ مِنَ الْغَرَامَةِ وَعَلَى كل امْرَأَة نصف سدس لِأَنَّ الرَّجُلَ كَامْرَأَتَيْنِ فَيَكُنَّ اثْنَيْ عَشَرَ وَلَيْسَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ نِصْفَ النِّصَابِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ النِّصْفُ وَلَوْ رَجَعَ الْكُلُّ إِلَّا امْرَأَتَيْنِ لَمْ يَجِبْ غُرْمٌ عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِهَا الْمُسْتَقِلِّ وَلَوْ رَجَعَ الْكُلُّ إِلَّا وَاحِدَةً وُزِّعَ جَمِيعُ الْحَقِّ عَلَى جَمِيعِ مَنْ رَجَعَ

(فَرْعٌ)

قَالَ اذا هرب الْمقْضِي عَلَيْهِ لَا يلْزمهَا غرم حَتَّى يغرم الْمقْضِي عَلَيْهِ وَلَيْسَ يغرمه أَخْذُ ذَلِكَ مِنْهُمَا إِنْ أَقَرَّا بِتَعَمُّدِ الزُّورِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا مَا يُوجِبُ الْغَرَامَةَ بَعْدُ لِبَقَاءِ الْمَالِ تَحْتَ يَدِ رَبِّهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ذَلِكَ لِغَرِيمِهِ وَهُمَا غَرِيمُ الْغَرِيمِ لَيْلًا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ لِبَيْعِ دَارِهِ وَتَلَفِ مَالِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَبَسَهُ الْقَاضِي لَا يُتْرَكُ مَحْبُوسًا أَبَدًا بَلْ يُخَلِّصَاهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا حُبِسَا مَعَهُ لِأَنَّهُمَا مورطان وَلَو ضرب للْمَشْهُود عَلَيْهِ اجلا فَرجع الشَّاهِد ان قبله غرما وبرى الْمَطْلُوبُ

(فَرْعٌ)

فِي النَّوَادِرِ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِأَرْبَعِينَ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ عَنْهَا وَآخَرُ عَنْ عَشَرَةٍ وَآخَرُ عَن عشْرين اخر عَنْ ثَلَاثِينَ فَقَدْ ثَبَتَ عِشْرُونَ بِشَهَادَةِ الرَّاجِعِ عَنِ الْعَشَرَةِ وَالرَّاجِعُ عَنْ عِشْرِينَ لَا يَرْجِعُ بهَا عَن أَحَدٍ وَالرَّاجِعُ عَنْ عَشَرَةٍ أَثْبَتَ عَشَرَةً أُخْرَى فَلَا رُجُوعَ بِنِصْفِهَا عَلَى أَحَدٍ وَيَغْرَمُ أَصْحَابُهُ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ اثْنَانِ إِلَّا ثُلُثَ كُلِّ وَاحِدٍ وَلم ثبتَتْ عشرَة أحد فيغرمهما الْأَرْبَعَةُ بِالسَّوِيَّةِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ ثُمَّ

ص: 320

رَجَعَ وَاحِدٌ عَنْ عَشَرَةٍ وَآخَرُ عَنْ عِشْرِينَ وَآخَرُ عَنْ أَرْبَعِينَ فَقَدْ ثَبَتَ ثَلَاثُونَ بِالْمَيِّتِ وَالرَّاجِعُ عَنْ عَشَرَةٍ لَا رُجُوعَ بِهَا وَبَقِيَ عَشَرَةٌ أَثْبَتَهَا الْمَيِّتُ وَحْدَهُ فَعَلَى الثَّلَاثَةِ نِصْفُهَا بَينهم ثَلَاثًا فَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِعَشَرَةٍ وَآخَرُ بِعِشْرِينَ وَآخَرُ بِثَلَاثِينَ وَآخَرُ بِأَرْبَعِينَ فَلَهُ الثَّلَاثُونَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَالْأَرْبَعِينَ بِيَمِينٍ لِتَفَرُّدِهَا بِوَاحِدٍ فَإِنْ أَخَذَ الثَّلَاثِينَ وَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ فَلَا يَغْرَمُ لِرُجُوعِ شَاهِدِ الْعَشَرَةِ وَشَاهِدِ الْعِشْرِينَ لِبَقَاءِ مَنْ شَهِدَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ رَجَعَ ثَلَاثَةً بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ فَيَغْرَمَا خَمْسَةً نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُمَا زَادَا عَشَرَةً عَلَى الْعِشْرِينَ يَشْهَدُ بِهَا غَيْرُ عَشَرَةً شَهِدَا بِهَا مَعَ عِشْرِينَ وَهُوَ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا تَلَفَ وَعَشَرَةٌ تَثْبُتُ بِالْبَاقِيَتَيْنِ لَا يَرْجِعُ فِيهَا شَيْءٌ وَلَوْ رَجَعُوا كلهم الا شَاهد بِعَشَرَةٍ غَرِمَ الرَّاجِعُونَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ شَاهِدُ الْعِشْرِينَ خَمْسَةً وَالْآخَرَانِ عَشَرَةً عَشَرَةً لِأَنَّ شَاهِدَ الْعَشَرَةِ وَافق الثَّلَاثَة الراجعون فيغرمهم نصفهَا سوية لِأَنَّهُ تبث من يتينه بِهِ نصفهَا وَعشرَة يشْهد بهَا غير الراجعين فيلزمهم بِالسَّوِيَّةِ فَيَصِيرُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ وَعَشَرَةٌ وَلم يَشْهَدْ بِهَا غَيْرُ شَاهِدِ الثَّلَاثِينَ وَشَاهِدِ الْأَرْبَعِينَ فَيَغْرَمَانِهَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ رَجَعَ غَيْرُ شَاهِدِ الْعِشْرِينَ لغرم شَاهد الْعشْرَة اثْنَيْنِ الا ثلثا وَالْآخرُونَ ثَمَانِيَة عشر وَثلث نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الرَّاجِعِينَ شَهِدُوا مَعَهُ فِي عَشَرَةٍ فعلَيْهِمَا نصفهَا اثلاثا اثْنَتَانِ وَثُلُثَانِ وَالْعشرَة الآخرى من الْعشْرين قارنه فِيهَا شاهدى الثَّلَاثِينَ وَشَاهد الاربعين فعلهمَا نصفهَا نِصْفَيْنِ وانفرادهما بِعشْرَة وَهِي عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَعَلَى شَاهِدِ الْعَشَرَةِ دِينَارٌ وَثُلُثَانِ فَذَلِكَ عِشْرُونَ وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الْأَرْبَعِينَ وَحْدَهُ غَرِمَ عَشَرَةً لِأَنَّ الْيَمِينَ إِنَّمَا كَانَتْ مَعَ شَهَادَتِهِ فِي الْعَشَرَةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ إِلَّا خَمْسَةً لِأَنَّ الْيَمِينَ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ وَلَوْ رَجَعَ غَيْرُ شَاهد

ص: 321

الْأَرْبَعِينَ لَمْ يَضُرَّ بِثُبُوتِهَا بِهِ مَعَ الْيَمِينِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدُوا عَبِيدًا وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الْأَرْبَعِينَ وَشَاهِدُ الثَّلَاثِينَ غَرِمَ شَاهِدُ الْأَرْبَعِينَ سَبْعَةً وَنصفا وَشَاهد الثَّلَاثِينَ اثْنَان وَنصف لِأَنَّ شَاهِدَ الْأَرْبَعِينَ انْفَرَدَ بِعَشَرَةٍ فَعَلَيْهِمَا نِصْفُهَا وَشَهِدَا عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِمَا نِصْفُهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بَلْ كُلُّهَا لِأَنَّهَا شَهَادَتُهُمَا خَاصَّةً وَالْيَمِينُ إِنَّمَا حُكِمَ بِهَا فِي عَشَرَةِ الْأَرْبَعِينَ فَلَوْ رَجَعَ مَعَهُمَا شَاهِدُ الْعِشْرِينَ فَإِنَّ عَشَرَةً مِنْهَا ثَابِتَةٌ بِالشَّاهِدِ الْبَاقِي وَالْيَمِينِ وَعَشَرَةً مِنْهَا يَغْرَمُ شَاهِدُ الْعِشْرِينَ خَمْسَةً شَارَكَهُ فِيهَا شَاهِدُ الثَّلَاثِينَ وَشَاهِدُ الْأَرْبَعِينَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ فِيهَا يَمِينُ الطَّالِبِ وَهُوَ كَشَاهِدٍ فَلَا يَكُونُ عَلَى شَاهِدِ الْعِشْرِينَ غير اثْنَيْنِ الا لمساو على صَاحب الثَّلَاثِينَ حمسة شَارَكَهُ فِيهَا شَاهِدُ الْأَرْبَعِينَ وَعَلَى شَاهِدِ الْأَرْبَعِينَ خَمْسَة اجزاء وَهِيَ نِصْفُ الْعَشَرَةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا وَيَثْبُتُ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ فَجَمِيعُ مَعَارِفِهِمْ خَمْسَةَ عَشَرَ

(فَرْعٌ)

لَوْ شَهِدَا عَلَى مَيِّتٍ بِدِينَارٍ وَآخَرَانِ بدينارين والتركة دِينَار وَهِي يدعيهما فَرجع الاربعة بعد الحكم يغرم شَاهد الدِّينَار ربع دِينَار وَشَاهد الدِّينَارَيْنِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ دِينَارٍ لِأَنَّ جَمِيعَهُمُ اجْتَمَعُوا عَلَى دِينَارٍ وَانْفَرَدَ اثْنَانِ بِدِينَارٍ آخَرَ وَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ دِينَارًا

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ شَهدا على اقراره بِدِينَار اخر بِدِينَارَيْنِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا دِينَارَيْنِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ حَلَفَ الطَّالِبُ عَلَى ثَلَاثَةٍ إِنِ ادَّعَاهَا وَأَخَذَهَا وَلَا يَغْرَمُوا بِرُجُوعِهِمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا دِينَارَيْنِ لِأَنَّ الثَّالِثَ إِنَّمَا وَجَبَ بِالنُّكُولِ وَالْيَمِين

ص: 322

(فَرْعٌ)

قَالَ شَهِدَا بِدِينَارَيْنِ وَأَنَّ فُلَانًا حَمِيلٌ بهما واخران أَنه أَمر بِدِينَار بِغَيْر حمالَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ الا دينارين بحمالة وَلم يُوجد للْمقر الا دِينَار واخذه ثمَّ رَجَعَ شَاهد الْحمالَة فقد برىء الْحَمِيلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ دِينَارٍ لِأَنَّ شَاهِدَيِ الدِّينَار انْفَرد بِدِينَارِ الْآخَرِ فِي الدِّينَارِ الْآخَرِ فَإِنْ أَخَذَ مِمَّنْ الدِّينَارَيْنِ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنَ التَّرِكَةِ شَيْءٌ رَجَعَ بهما غير شَاهِدي الْحِوَالَة لِأَنَّهُ يَرْجِعَانِ عَلَى شَاهِدَيِ الدِّينَارِ وَإِنْ رَجَعَ شَاهِدَا الدِّينَارِ وَقَدْ أَخَذَ مِنَ التَّرِكَةِ غَرِمَا رُبُعَ دِينَارٍ لِأَنَّهُ الْمَأْخُوذُ بِشَهَادَتِهِمَا وَإِنْ أَقَرَّ بِالْحِمَالَةِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَرُدَّ عَلَى الَّذِي غرم عَنهُ بِالدِّينَارَيْنِ وَإِنْ أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْمَشْهُودِ لَهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ لِأَنَّ رُجُوعَ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَسْقُطُ عَنِ الْحَمِيلِ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ تَرَكَ أَرْبَعَةَ بَنِينَ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَلَيْهِ بِثَلَاثِينَ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ عَنْ عَشْرٍ وَآخَرُ عَنْ عِشْرِينَ وَآخَرُ عَنْ ثَلَاثِينَ فَاجْتَمَعُوا عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ عَشَرَةٍ فَمَا لِأَخِيهِمُ الَّذِي لَمْ يَشْهَدْ إِلَّا رُبُعَهَا عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا وَالْعَشَرَةُ الثَّانِيَةُ رَجَعَ عَنْهَا الْبَاقِيَانِ وَثَبَتَ عَلَيْهَا الرَّاجِعُ عَنْ عَشَرَةٍ وَإِنَّمَا لِأَخِيهِمْ رُبُعُهَا فَيَغْرَمَانِ لَهُ نِصْفَ ذَلِكَ نِصْفَيْنِ فَذَلِكَ كُلُّهُ أَرْبَعَةٌ إِلَّا رُبُعًا يَأْخُذُهَا الَّذِي لَمْ يَشْهَدْ وَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّاجِعِ عَنِ الثَّلَاثِينَ فِي الْعَشَرَةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا لِلرُّجُوعِ عَنْهَا لِأَنَّهَا ثَبَتَ عَلَيْهَا شَاهِدَانِ وكل مَا رجعُوا عَنهُ ورثوه وَالَّذِي لَمْ يَشْهَدْ رُبُعَهَ قِيلَ لِمُحَمَّدٍ فَإِذَا أُلْزِمَ الرَّاجِعُ عَنْ ثَلَاثِينَ رُبُعَهَا لِلَّذِي لَمْ يَشْهَدْ فَلَمْ يَلْزَمْهَا رُبُعُ آخِرِ الرَّاجِعِ عَنْ عَشَرَةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِهِ جَوَابًا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مقرّ بهَا عَن ابيه فَكيف يغرمهم مِمَّا يقر بِصِحَّتِهِ

ص: 323

4 -

(فَرْعٌ)

ان تداعيا ثَلَاثمِائَة فِي أَيْدِيهِمَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا وَالْآخَرُ مِائَةً مِنْهَا وَتَكَافَأَتِ الْبَيِّنَتَانِ فَيَحْلِفَانِ وَيَأْخُذُ مُدَّعِي الْمِائَتَيْنِ مائَة ويقاسم فِي الْمِائَة الآخرى نِصْفَيْنِ رَجَعَ مِنْ كُلِّ شَاهِدٍ غَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَوْ رَجَعُوا كُلُّهُمْ غَرِمَ شَاهِدَا الْمِائَتَيْنِ خَمْسِينَ لِمُدَّعِي الْمِائَةِ وَشَاهد الْمِائَتَيْنِ خَمْسِينَ لِمُدَّعِي الْمِائَتَيْنِ لِأَنَّ مُدَّعِي الْمِائَةِ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لِمُدَّعِي الْمِائَتَيْنِ لَمْ يَأْخُذْ غَيْرَ مِائَةٍ لِتَسَاوِي الْأَسْبَابِ وَالْحُجَجِ وَلَوْلَا شَهَادَةُ الْآخَرِينَ لَأَخَذَ الْآخَرُ الْجَمِيعَ فَنَقَصَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ

(فَرْعٌ)

قَالَ شَهدا على مائَة بِمِائَة لم يتْرك غَيرهَا فغرماه بِالرُّجُوعِ بَعْدَ الْحُكْمِ لِلْوَارِثِ فَطَرَأَ غَرِيمٌ آخَرُ وَثبتت لَهُ مائَة بعدلين رَجَعَ الاولاد عَلَى الْوَارِثِ بِجَمِيعِ الْمِائَةِ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ مَعَ الدَّيْنِ وَيَأْخُذُ الْغَرِيمُ الثَّانِي خَمْسِينَ مِمَّا أَخَذَ الْأَوَّلُ وَيُبْقِي بِيَدِ الْأَوَّلِ خَمْسِينَ الَّتِي يَسْتَحِقهَا بالحصاص وَيغرم الشَّاهِدَانِ الثَّانِي الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ لَهُ بِيَدِ الْغَرِيمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَمْ يُحَاصِصْهُ الْأَوَّلُ فَإِنْ رَجَعَ شَاهد الثَّانِي بَعْدَ الْحُكْمِ غَرِمَا لِلْوَارِثِ الْمِائَةَ الَّتِي رَدَّهَا وَلِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ الْخَمْسِينَ الَّتِي انْتُزِعَتْ مِنْهُ قَيلَ لِمُحَمَّدٍ كَيْفَ يَغْرَمَانِ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَالتَّرِكَةُ إِنَّمَا هِيَ مِائَةٌ قَالَ قَدْ يَغْرَمَانِ مِائَتَيْنِ بَان يستودع الْمِائَة الْمِائَة ثمَّ يشْهد بِمِائَة دين فياخذها الْغَرِيم ثمَّ يردان فَيَغْرَمَانِهَا لِلْوَرَثَةِ ثُمَّ يُثْبِتُ الْآخَرُ أَنَّ تِلْكَ الْمِائَةَ بِعَيْنِهَا لَهُ كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَ الْمَيِّتِ فَيرد الْوَارِث الْمِائَة على الشُّهُود لِعَدَمِ الْإِرْثِ مَعَ الدَّيْنِ وَيَرُدُّ الْغَرِيمُ الْأَوَّلُ الْمِائَة الثَّانِيَة لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ فَإِنْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ الْآخَرَانِ غَرِمَا مِائَةً لِلْوَرَثَةِ وَمِائَةً لِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ

ص: 324

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذا قَالَ لِلْحَاكِمِ إِنَّمَا شَهِدْنَا لِلَّذِي قَضَيْتَ عَلَيْهِ عَلَى الْمقْضِي لَهُ وَقَالَ القَاضِي بل للْأولِ أوشك رد المَال للثَّانِي وأخد من الثَّانِي للْأولِ فَإِن القَاضِي أوشك رد المَال للثَّانِي واخد مِنَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَإِنْ قَالَ أَنَا شَهِدْتُ غَرِمَ الْمَالَ لِلثَّانِي لِأَنَّ الْغَرِيمَ غَرِمَا الْمَالَ عَنْ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي دِيوَانِهِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِشَ كَانَ ذَلِكَ لِمَنْ فَوْقَهُ فَيُقْضَى لَهُ بِبَيِّنَتِهِ وَإِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ الْأُولَى أَعْدَلَ لِأَنَّهَا جُرْحَةٌ وَتَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ خَصْمٌ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اذا شهد بِثمن إِلَى اجل فَرجع بَعْدَ الْحُكْمِ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا بِذَلِكَ وَيَتْبَعُ الْمُشْتَرِي أَوْ يَغْرَمَانِ لَهُ الْقِيمَةَ وَيُتْبِعَانِ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ أَوْ يَأْخُذُ مِنَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ وَإِذَا غَرِمَا وَرَجَعَا عَلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْأَجَلِ رَجَعَ الْبَائِعُ بِمَا يَفْضُلُ من الثّمن وَلَا يرِيح الشَّاهِدَانِ قَالَهُ سَحْنُونٌ فَإِنْ شَهِدَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَخير بَيْنَ الْأَخْذِ بِالثَّمَنِ لِرِضَا الْبَائِعِ بِهِ وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ أَوْ يَلْزَمُ الشَّاهِدَيْنِ الْمَبِيعُ وَيَأْخُذُ مِنْهُمَا الثَّمَنَ فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعَ عِنْدَهُ بِمَوْتٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ إِبَاقٍ وَالْقِيمَةُ مِثْلَ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ وَإِلَّا رَجَعَ بِالْفَاضِلِ وَقِيلَ إِذَا مَاتَ اَوْ ابق رَجَعَ بِجَمِيعِ الثّمن كَأَنَّهَا هَلَكت مِنْهُمَا وَإِنْ دَخَلَهُ نَقْصٌ فَلَهُ إِلْزَامُهُ الشَّاهِدَيْنَ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ وَإِنْ أَعْتَقَهَا وَقِيمَتُهَا مِثْلُ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَإِلَّا رَجَعَ بِتَمَامِ مَا ودى وَلَو باعهما بِالثّمن واكثر وَلم يَرْجِعْ بِشَيْءٍ أَوْ بِأَقَلَّ وَقِيمَتُهَا مِثْلُ مَا خَرَجَ مِنْهُ فَأَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا أَوْ قيمتهمَا اقل مِمَّا ودى وَأَكْثَرُ مِمَّا بَاعَ بِهِ فَلَهُ مَا بَيْنَ الْقِيمَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ بِالْحُكْمِ وَقِيلَ بَيْعُهَا وَعِتْقُهَا وَوَطْؤُهَا رِضًا مِنْهُ بِالشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُدَّعِيَ وَالْبَائِعُ مُنْكِرٌ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا

ص: 325

وَتَكَلَّفَ الشَّاهِدَانِ شِرَاءَهَا لِلْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُا أَكْثَرَ مِنَ الْمَأْخُوذِ مِنَ الْمُشْتَرِي غَرِمَا لَهُ تَمام الْقيمَة وَإِن لااشتراها الشَّاهِدَانِ مِنَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَجَعَا وَلَمْ تَفُتْ رداها على البَائِع وَيلْزمهُ ذَلِك وَيَردهُ اليها مَا قبض جَازَ كَانَت فَلَهُ مَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا وَيَبْقَى لَهُمَا إِلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا وَيُعْطَى الثَّمَنَ فَإِنْ قُضِيَ عَلَى الْبَائِعِ بِشَهَادَتِهِمَا وَهُوَ يُنْكِرُ ثُمَّ اعْتَرَفَا بِالزُّورِ وصدقهما المُشْتَرِي وَلم يفت اخذها البَائِع كالمغصوبة مِنْهُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِنْ فَاتَتْ فَعَلَيْهِمَا فَضْلُ الْقِيمَةِ عَلَى الثَّمَنِ وَإِنْ غَابَتْ صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ فِي الصِّفَةِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الشَّاهِدَانِ عَلَى الصِّفَةِ فَإِنْ نَكَلَا صَدَقَ الْبَائِعُ فِي الصِّفَةِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَمَتَى غَرِمَا الْفَضْلَ لِلْبَائِعِ رَجَعَا بِهِ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَمَتَى كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ذُكِّرَا فِي شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا بِالرُّجُوعِ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ خِيَارِ الْبَيْعِ عَنْ نَفْسِهِ فَحَيْثُ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ رَاضٍ قَالَه ابْن عبد الحكم واذا رجعا عِنْد السَّادة وَالْخيَار للْمُشْتَرِي فضاعوفا عَلَى الْبَائِعِ عَبْدَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ لَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ فَيَغْرَمَا قِيمَةَ الْعَبْدِ وَتُوقَفُ الْقِيمَةُ فَإِنْ لَزِمَ الْبَيْعُ فَلَهُ الْقِيمَةُ وَإِنْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ عَادَتِ الْقِيمَةُ اليها وان تغيب فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ رَدَّهُ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّهُ حَكَمَ الْخِيَار

(فَرْعٌ)

قَالَ لَو شهد مُسلم دِينَار فِي طَعَام غرم الدِّينَار للْمُشْتَرِي وَاتبع للْبَائِع بِالطَّعَامِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَجْحَدُ فَلَا يَغْرَمَانِ حَتَّى يُعْطَى الطَّعَامَ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِمَا وَيُعْطَى الثَّمَنَ وَإِنْ إِنْ شَاءَ الْبَائِعُ أَخَذَ مِنْهُمَا الطَّعَام واعطاهما الدِّرْهَم اَوْ يلْزم نَفسه البيع أَفْضَلَ الطَّعَامِ رَجَعَ إِلَيْهِمَا بِنِصْفِ الطَّعَامِ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ الْمُدَّعِيَ وَالْمُشْتَرِي الْجَاحِدَ فَيُرَدَّ الثَّمَنُ وَغرم وَطلب البَائِع بِالطَّعَامِ ولكان المُشْتَرِي وَلَا هما اياه

ص: 326

(فَرْعٌ)

واذا فِي الشُّفْعَةِ وَالْمُبْتَاعُ يَجْحَدُ الشِّرَاءَ لَمْ يَغْرَمَا لِأَخْذِ الْمُشْتَرِي مِنَ الشَّفِيعِ مَا أُخِذَ مِنْهُ وللشفيع الاخذ بادارته وَإِنْ أَخَذَ مِنَ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ غُلَامًا وَهُوَ مُنْكِرٌ لِلشِّرَاءِ فَاسْتَشْفَعَ بِالْقِيمَةِ فِي الْغُلَامِ لم يَغْرَمَاهُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَجَعَ عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أُخِذَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ الْجَاحِدَ وَفِي قِيمَةِ الشِّقْصِ فَضْلٌ غَرِمَا الْفَضْلَ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ فَقُضِيَ بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا إِنْ حَلَفَ الْوَكِيل أَنه دفع الثّمن لرب العَبْد برآ وَغَرِمَا الْأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ ثَمَنِهِ بَعْدَ حَلِفِ رَبِّهِ عَلَى عَدَمِ قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا مَا زَادَتِ الْقِيمَةُ عَلَى الثَّمَنِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا شَهِدَا أَنَّهُ بَاعَ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ضَمِنَ الْآخَرَ بِالثَّمَنِ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا لَهما مَا وديا واخذ السّلْعَة ان لم يتماسك بِهَا الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا الثَّمَنَ بِالْحِمَالَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ مَظْلُومٌ بَلْ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ دِينَارًا وَآخَرَانِ شَهِدَا أَنَّهُ فِي عَبْدَيْنِ فَقُضِيَ بِعَبْدٍ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا قِيمَةَ عَبْدٍ لِأَنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَقُضِيَ لَهُ بِعَبْدَيْنِ بِشَهَادَةِ الْآخَرَيْنِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَ أَيْضًا أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَغْرَمَا مَا بَيْنَ قِيمَةِ عَبْدٍ وَالثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ الْحُكْمُ بِعَبْدَيْنِ وَلَا يَدْرِي كَيْفَ كَانَ يَكُونُ الْحَالُ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَا بِالْبَيْعِ وَغَرِمَا فَضْلَ الْقِيمَةِ بِالرُّجُوعِ ثُمَّ رَجَعَ الْمَبِيعُ لِلْبَائِعِ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَقَبِلَهُ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ قِيمَتِهِ يَوْمَ أُخِذَ رَجَعَا عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَا لَهُ لِرُجُوعِهِ لِيَدِهِ

ص: 327

بِحَالِهِ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمِائَةَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ فَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ خُيِّرَ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِهِ ورد مَا غرمه الشَّاهِدَانِ عَلَيْهِمَا كالمغصوب بِنَقص وَلَوْ نَقَصَ سُوقُهُ فَقَطْ رَدَّ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَالْبيع مَا أَخَذَ وَإِنَّ وَزَنَهُ بِحَالِهِ رَدَّ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مَا أَخَذَ وَإِنْ نَقَصَ فِي يَدَيْهِ خُيِّرَ بَيْنَ رَدِّهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَيُمْسِكُ بِمَا أَخَذَ مِنْهُمَا أَوْ حَبْسِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَلَو رَجَعَ للشاهدين بِهِبَة اَوْ غَيرهمَا فلهَا رَدُّهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمَا الْقِيمَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاقِصًا فَيَجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوِ اشْتَرَاهُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِحَالِهِ فِي يَدَيْهِ فَلَا يَنْظُرْ بِقِيمَتِهِ فَلَا رُجُوع

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ سَحْنُون اذا اشهدا أَنَّهُ صَرَفَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَقَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي بِدَفْعِ الدَّرَاهِمِ وَأَخْذِ الدِّينَارِ ثُمَّ رَجَعَا رَجَعَ مُؤَدِّي الدَّرَاهِمِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِهَا وَأَدَّى إِلَيْهِمَا الدِّينَارَ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى صَرْفٍ يَوْمَئِذٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ صَرْفَ الدِّينَار فَلَا يغرم الْبَيِّنَةَ شَيْئًا

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَا أَنَّهُ اخره حولا ثمَّ رجعا بعد الحكم غرم الْحق حَالا لَان النظرة نقض أَدْخَلَاهُ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مُعْدَمًا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا وَإِذَا غَرِمَا رَجَعَا عَلَى غَرِيمِ صَاحِبِ الْحَقِّ عِنْدَ الْأَجَلِ فَإِنْ رَجَعَا بَعْدَ الْأَجَلِ وَهُوَ مَلِيءٌ فَقَوْلَانِ الْأَصَحُّ لَا شَيْءَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ الْفَسَادُ إِذَا مَلِيًّا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَجَلَ مُتَعَيَّنٌ فِي حَقِّهِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا ثُمَّ أَيْسَرَ فَإِنْ جَحَدَ حُكِمَ بِذَلِكَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْمُطَالَبَةِ وَإِنْ جَهِلَ حَالَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا حَيْثُ لَا يَسَارَ

ص: 328

(فَرْعٌ)

قَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَغْرَمْ لِأَنَّ الْقِيمَةَ بِالْقَضَاءِ وَكَذَلِكَ إِنْ تَطَوَّعَ

(فَرْعٌ)

قَالَ اذا شهدُوا على شَهَادَتهم لغَيرهم فَحكم بهَا فَلَزِمَ الاصول فَأنْكر ذَلِكَ قِيلَ يُنْتَقَضُ الْحُكْمُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ نقل الشَّهَادَة اعمن يُنْكِرُهَا أَوِ اعْتَرَفُوا بِإِشْهَادِهِمْ وَكَذَّبُوا أَنْفُسَهُمْ ضَمِنُوا دون الْفُرُوع وَقيل لايضر رجوعهم لأَنهم قد يَكُونُوا رجوه قَبْلَ الْحُكْمِ وَهُمْ غُيَّبٌ لَمْ يُمْكِنْهُمْ إِعْلَامُ الْفُرُوعِ وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ إِذَا رَجَعَ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ ضَمِنَ الْفُرُوعُ فَقَطْ بِقَدْرِ مَا كَانَ يَلْزَمُ أُصُولَهُمْ فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً شَهِدَ عَلَى ثَمَانِيَةٍ اثْنَانِ ضَمِنَ فُرُوعُ الثَّمَانِيَةِ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْحَقِّ وَفُرُوعُ الِاثْنَيْنِ خَمْسَهُ وَلَوْ نَقَلَ ثَمَانِيَةٌ عَنْ رَجُلٍ وَاثْنَانِ عَنْ رَجُلٍ ضَمِنَ الثَّمَانِيَةُ النِّصْفَ وَالِاثْنَانِ النِّصْفَ لِأَنَّهُ الَّذِي يَلْزَمُ الْأُصُولَ وَلَوْ رَجَعَ سِتَّةٌ مِنَ الثَّمَانِيَةِ لَمْ يَضُرَّ لِبَقَاءِ مَنْ يَقُومُ بِهِ النَّقْلُ أَوْ سَبْعَةٌ مِنْهُمْ وَوَاحِدٌ مِنَ الِاثْنَيْنِ غَرِمَ السَّبْعَةُ رُبُعَ الْحَقِّ وَالْوَاحِدُ رُبُعَهَ وَلَوْ رَجَعَ الْفُرُوعُ كُلُّهُمْ وَثَبَتَ الْأُصُولُ وَهُمْ عُدُولٌ يَوْمَ رُجُوعِ الْفُرُوعِ مَضَى الْحُكْمُ بِغَيْرِ غُرْمٍ كَشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بَعْدَ رُجُوعِ بَيِّنَةٍ فَإِنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ وَلَا غُرْمَ فَإِنْ كَانَ الْأُصُولُ غَيْرَ عُدُولٍ يَوْمَئِذٍ ضَمِنَ الْفُرُوع فَلَو لم تشهدهم الاصول على خطهما وَلَا لَفْظهمَا ضَمِنَ الْفُرُوعُ بِالرُّجُوعِ وَلَا يُسْقِطُ الضَّمَانُ تَكْذِيبَ الْأُصُولِ وَلَا يُنْقَضُ بِهِ الْحُكْمُ وَإِنْ قَالَ الْأُصُولُ شَهِدْنَا وَكَتَبْنَا وَلَكِنَّهُ زَوَّرَ فَأَعْلَمَنَا أَنَّهُ يَعْلَمُ بِهِ سَقَطَ الْغُرْمُ وَإِنْ قَالَ الْأُصُولُ مَا تشهد بِهِ وَصَدَّقَهُمُ الْفُرُوعُ خُيِّرَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ اتِّبَاعِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ فَإِنِ اتَّبَعَ الْفُرُوعَ لَمْ يرجِعوا عل أَحَدٍ أَوِ الْأُصُولَ رَجَعُوا عَلَى الْفُرُوعِ

ص: 329

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَا بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَقَالَ الْمَطْلُوبُ مُؤَجَّلٌ وَهُوَ عَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ وَرَجَعَا بَعْدَ الْأَجَلِ غَرِمَا رِبْحَ مَا أَخْرَجَا مِنْ يَدِهِ إِنْ كَانَ لِمِثْلِهِ رِبْحٌ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ وَقِيلَ إِذَا رَجَعَا بَعْدَ الْأَجَلِ لَمْ يضمنا والا ضمن الرِّبْحَ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَا بِهِبَةِ الدَّيْنِ أَوِ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ ضَمِنَاهُ إِنْ كَانَ الْغَرِيمُ مَلِيًّا والا غرما عِنْد يسره لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِعَين ضَرَرُ الشَّهَادَةِ وَيَغْرَمَانِ فِي الْمَثَلِيِّ الْمِثْلَ وَالْعَرْضِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ قِيمِيٌّ أَوْ مِثْلِهِ لِأَنَّهُمَا بِالضَّمَانِ صَار امكان الْغَرِيم

(فَرْعٌ)

قَالَ اذا شهد بِرَهْنٍ غَرِمَا مَنَافِعَهُ وَإِنْ مَاتَ فَمِنْهُمَا وَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ رَجَعَا عَلَيْهِ بِمَا أَدَّيَا عَنْهُ وَلَهُمَا فَضْلُ الثَّمَنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْغَرِيمِ مَالٌ فَيُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ إِلَيْهِمَا بِحَالِ الَّتِي يَرْجِعُ بِهَا سَالِمًا أَوْ مُعْطًى وَتَلَافُ الْمُبْتَاعِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَهُوَ كَمَوْتِ الْعَبْدِ وَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَقِيمَتُهُ الْكَثِيرَةُ مِنَ الَّذِينَ سَقَطَ الدَّيْنُ قِصَاصًا وَخُيِّرَ فِي فضل الْقيمَة ان اخذها من الْمُرْتَهن برىء الرَّاجِعَانِ أَوْ مِنْهُمَا رَجَعَا بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اذا شهد أَنَّهُ قَارَضَهُ عَلَى الثُّلُثِ وَهُوَ يَدَّعِي النِّصْفَ غرم السُّدُسَ فَإِنْ كَانَ الرِّبْحُ دِينَارًا فَكُلَّمَا اقْتَضَى شَيْئا قس رَجَعَ عَلَيْهِمَا بِالسُّدُسِ مِنْهُ وَإِذَا تَمَادَى الْعَمَلُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ عَلَى مَا قَضَى بِهِ وَقَدْ كَانَ الْمَالُ نُضَّ وَأَمْكَنَتِ الْقِسْمَةُ لَمْ يَضْمَنَا مَا هُوَ بعد ذَلِك

ص: 330

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَا أَنَّ الْحَاكِمَ اسْتَحْلَفَهُ فَزَالَتْ عَنْهُ الْيَمِينُ لَمْ يَغْرَمَا بِالرُّجُوعِ أَوْ شَهِدَا أَنَّ اللُّصُوصَ أَخَذُوا الْوَدِيعَةَ لَمْ يَغْرَمَا لِأَنَّهُ كَانَ مُصدقا انما سَقَطَ عَنْهُ الْيَمِينُ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَا بِالْمُسَاقَاةِ فَإِنَّ مَا صَارَ فِيمَا غَرِيمَا أَفْضَلُ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ الْمُنْكِرَ وَلَزِمَهُ أَوِ الدَّابَّةَ أَوِ الْأَرْضَ إِنْ كَانَ صَاحِبُ الاصل مدعي الارض لعمل وَالْكِرَاءَ وَغَرِمَا قِيمَةَ الْفَضْلَ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَجَّرَهُ يَصْبُغُ لَهُ ثَوْبَهُ غَرِمَا قِيمَةَ الثَّوْبِ وَيُطَالِبَانِ الصَّبَّاغَ بِالثَّوْبِ يَصْبُغُهُ بِدِينَارٍ كَمَا حَكَمَ بِهِ وَإِنْ أَخَذَ الصَّبَّاغُ مِنْ رَبِّ الثَّوْبِ الدِّينَارَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ رَضِيَ رَبُّ الثَّوْبِ بِالصَّبْرِ حَتَّى يَخْرُجَ الثَّوْبُ فَذَلِكَ لَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثَوْبَهُ لِنَفْسِهِ وَدَفَعَ لِلصَّبَّاغِ دِينَارًا قَالَ أَمَّا أَخْذُهُ فَهُوَ كَمَنْ عَدَا عَلَيْهِ الشَّاهِدَانِ بِصِبَاغِ ثَوْبِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ دِينَارًا وَهُوَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ الصَّبَّاغُ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ أَخَذَ الثَّوْبَ دَفَعَ إِلَيْهِمَا مَا زَادَهُ الصَّبْغُ أَوْ يَغْرَمُهُمَا قِيمَتَهُ وَكَانَ الثَّوْبُ لَهُمَا وَهَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْغَصْبِ وَأَشْهَبُ يَرُدُّ لرَبه اخذه مَصْبُوغًا بِغَيْرِ غُرْمٍ كَتَزْوِيقِ الدَّارِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اذا شَهدا بِكَذَا مَضْمُونٍ أَوْ دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا وَرَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقيل الْحمل دخلا مدْخل الْمقْضِي عَلَيْهِ فَلَهُمَا فَضله وَعَلَيْهِمَا نقضه فَإِن كَانَ عديمين غرما

ص: 331

فَضْلَ مَا أَخْرَجَاهُ مِنْ يَدِهِ وَلَهُ بَيْعُ ذَلِك الْكِرَاء ويبيعها بِالْفَضْلِ وَلَهُ إِسْلَامُهُ إِلَيْهِمَا وَلَهُمَا غُنْمُهُ وَغُرْمُهُ وَلَهُ إِبْقَاؤُهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يُتْبِعُهُمَا بِشَيْءٍ وَلَهُ غُنْمُهُ وَغُرْمُهُ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ وَمُطَالَبَتُهُمَا بِالْفَضْلِ هَذَا اذا كَانَ الطَّالِب الْكِرَاء اما اذا كَانَ الطَّالِب هُوَ الْمُكْتَرِي والكري هُوَ الْجَاحِدَ غَرِمَا لِرَبِّ الظَّهْرِ مَا نَقَصَاهُ مِنْ أُجْرَتِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَهِدَا بِإِجَارَةِ عَبْدِهِ سِنِينَ غَرِمَا قِيمَتَهُ وَأَخَذَاهُ لِأَنَّهُمَا حَالَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إِلَى أَجَلٍ وَكَذَلِكَ إِنْ شَهِدَا أَنه اجره إِلَى مَكَّة وَالْقيمَة يَوْم خُرُوجه من يَوْمه بالحكم ويقاصهما بِمَا اخذا فِي اجازته وَيتبع الشَّاهِدَانِ العَبْد حَيْثُ كَانَ

ص: 332

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}

(كِتَابُ الْوَثَائِقِ)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي النِّكَاحِ)

إِنَّهُ شَقِيقٌ أَوْ لِأَبٍ احْتِرَازًا مِنْ إِخْوَةِ الْأُمِّ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْأَوْلِيَاءِ تميزهم بِمَا يُحَقّق وَلَا يتهم وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلْحَاكِمِ قُلْتَ وَلِيَ تَزْوِيجَهَا الْحَاكِمُ فُلَانٌ الْحَاكِمُ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ بِإِذْنِ أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا فُلَانٍ وَإِذْنِهَا لَهُمْ فِي هَذَا الْإِذْنِ شَهِدَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ شُهُودُهُ وَبَعْدَ أَنْ حَضَرَ الْعَاقِدُ الْمَذْكُورُ مَنْ عَرَّفَ بِهَا عِنْدَهُ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ شَهِدُوا أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ هَذِهِ الزَّوْجَةَ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَأَنَّهَا خَالِيَةٌ مِنْ مَوَانِع النِّكَاح الشَّرْعِيَّة ومنذ طَلقهَا وزجها فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الَّذِي دَخَلَ بِهَا وَأَصَابَهَا الطَّلْقَةَ الْأُولَى الْمُخْتَلَعَ أَوِ الرَّجْعِيَّةَ الَّتِي انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا الْمَسْطُورَةَ عَلَى ظَهْرِ كتابها المؤرخة بِكَذَا وَلم تتصل بِزَوْج بعد إِلَى الْآنَ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ذَكَرْتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ مَاتَ قُلْتَ وَمُنْذُ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا فُلَانٌ مِنْ مُدَّةِ كَذَا أَوْ مُدَّة تزيد

ص: 333

عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهَا زَوْجٌ إِلَى الْآنَ وَتَقُولُ فِي الْحَامِلِ وَأَنه توفّي وَهِي مُشْتَمِلَة على حمل وَأَنَّهَا وَضَعَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ وَتَقُولُ فِي الْفَسْخِ وَمُنْذُ فَسْخِ نِكَاحِهَا مِنْ زَوْجِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ الْفَاسِخِ بِالْقَاهِرَةِ الْمَحْرُوسَةِ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِهَا فِي شَهْرِ كَذَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ لَمْ تَتَّصِلْ بِزَوْجٍ بَعْدَهُ إِلَى الْآنَ وَتَقُولُ إِنْ كَانَ الزَّوْجُ الْمُطَلِّقَ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مُطَلَّقَتَهُ الْأُولَى الْخُلْعَ الْمُؤَرَّخَةَ فِيهِ وَالْمُكْتَتَبَةَ فِي بَرَاءَةٍ مُجَرَّدَةٍ تَارِيخُهَا كَذَا وَإِنْ زَوَّجَهَا أَحَدُ الْإِخْوَةِ قُلْتَ زَوَّجَهَا أَخُوهَا فُلَانٌ بِإِذْنِ إِخْوَتِهَا جَمِيعِهِمْ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَان لَيْلًا يَدَّعُوَا عَدَمَ الْمُوَافَقَةِ وَتَقُولُ فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ أَوْ عَدَمِهِ وَلَا وَلِيَّ لَهَا سِوَى الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِحُكْمِ غَيْبَةِ أَخِيهَا فِي بَلَدِ كَذَا وَمُدَّةِ كَذَا لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي الْغَيْبَةِ الْمُوجِبَةِ لِسُقُوطِ الْوِلَايَةِ وَأَنَّ هَذَا الزَّوْجَ كُفْءٌ لَهَا الْكَفَاءَةَ الشَّرْعِيَّةَ فِي النَّسَبِ وَالصَّنْعَةِ وَالْحُرِّيَّةِ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ احْتِرَازًا مِنَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي اشْتِرَاطِ هَذِهِ الصِّفَةِ فِي الْكَفَاءَةِ ثُمَّ تَقُولُ وَحِينَئِذٍ أَذِنَ بِكَتْبِهِ فَكُتِبَ وَزَوَّجَهَا مِنَ الزَّوْجِ الْمَذْكُور وعَلى الصَدَاق الْمَذْكُور وَقَبله لنَفسِهِ ورضيعه وَتقول فِي المحضرة إِذَا دَعَتْ لِكُفْءٍ وَوَلِيَ تَزْوِيجَهَا الْعَاقِدُ فُلَانٌ بِإِذْنِهَا لَهُ وَرِضَاهَا وَبِحُكْمِ أَنَّ وَالِدَهَا الْمَذْكُورَ حَضَرَ إِلَى الْقَاضِي فُلَانٍ وَسَأَلَتْهُ ابْنَتُهُ الْمَذْكُورَةُ تَزْوِيجَهَا مِنَ الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ لَمَّا ثَبَتَ كَفَاءَتُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَامْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا فَوَعَظَهُ الْعَاقِدُ الْمَذْكُورُ وَأَعْلَمَهُ مَا لَهُ مِنَ الْأَجْرِ فِي تَزْوِيجِهَا وَمَا لَهُ مِنَ الْإِثْمِ فِي الْمَنْعِ وَلَمْ يُصْغِ إِلَى وَعْظِهِ وَأَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَعَضَلَهَا الْعَضْلَ الشَّرْعِيَّ وَقَالَ بِمَحْضَرٍ مِنْ شُهُودِهِ عَضَلْتُهَا وَلَا زَوَّجْتُهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ

ص: 334

بَعْدَ أَزْوَاجٍ فَهُوَ أَحْوَطُ لِأَنَّ مَالِكًا لَا يَرَى الْأَبَ عَاضِلًا بِرَدِّ زَوْجٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تَقُولُ وَبَعْدَ أَنْ حَضَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَشَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّ هَذِهِ الزَّوْجَةَ عِنْدَهُ خَالِيَةٌ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَنَّ أَخَاهَا أَوْ أَبَاهَا مُسْتَحِقٌّ لِوَلَايَتِهَا وَعَضَلَهَا الْعَضْلَ الشَّرْعِيَّ وَأَنَّ هَذَا الزَّوْجَ كُفْءٌ لَهَا الْكَفَاءَةَ الشَّرْعِيَّةَ فِي النَّسَبِ وَالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَلَمَّا وَضَحَ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَذِنَ بِكَتْبِهِ فَكُتِبَ وَزَوَّجَهَا مِنَ الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ وَقَبِلَهُ لِنَفْسِهِ وَرَضِيَهُ وَتَقُولُ فِي كُلِّ صَدَاقٍ وَعَلَيْهِ أَنْ يُحْسِنَ صُحْبَتَهَا وَمُعَاشَرَتَهَا كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عز وجل وَلَهُ عَلَيْهَا مِنْ حُسْنِ الصُّحْبَةِ وَجَمِيلِ الْعِشْرَةِ مِثْلُ ذَلِكَ وَدَرَجَةٌ {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة} وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا شُرُوطٌ مِنْ عَدَمِ التَّزْوِيجِ اَوْ غَيره ذَلِكَ ذَكَرْتَهُ تَنْبِيهٌ هَذَا مَا أَصْدَقَ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِهِ أَصْدَقَهَا كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لِأَهْلِ مَكَّةَ فِي عَهْدِهِ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فالافتداء بِهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَوْلَى وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِتَعَيُّنِ هَذَا الْمَكْتُوبِ وَإِلَّا فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ أَصْدَقَ إِخْبَارًا عَنْ إِصْدَاقٍ فِي مَكْتُوبٍ آخَرَ وَلَفْظُ مَا مَوْصُولٌ وَعَائِدُهُ مَجْهُولٌ مُحْتَمِلٌ وَجْهَيْنِ الْجَرُّ تَقْدِيرُهُ هَذَا مَا أَصْدَقَ فِيهِ وَتَكُونُ الْإِشَارَةُ إِلَى الْوَرَقِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ وَالنَّصْبُ وَتَكُونُ الْإِشَارَةُ لِلْمَالِ الْمَبْذُولِ صَدَاقًا وَالتَّقْدِيرُ هَذَا مَا أَصْدَقَهُ فَحَذَفَ الْعَائِدَ عَلَى مَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَكَاتِيبِ اقْتِدَاءً بِهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْفَائِدَةِ فِي تَعْيِينِ الْمَكْتُوبِ وَالْفَصِيحُ فِي الْمَرْأَةِ زَوْجٌ بِغَيْرِ هَاءٍ قَالَ الله تعإلى {وأصلحنا لَهُ زوجه} وَالثَّانِيَةُ شَاذٌّ وَقَدْ شَاعَ بَيْنَ الْمُوَرِّقِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَنُقِلَ التَّذْكِيرُ فِي الْعُرْفِ وَرَأَى بَعْضُ الْفُضَلَاءِ ان يجمع بَين الْعرف اللُّغَة فَتَقول

ص: 335

أمراته بل زَوْجَتِهِ وَهُوَ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ عُرْفِيٌّ قَالَ اللَّهُ تعإلى {وَكَانَت امْرَأَتي عاقرا} وَالدِّرْهَم منضبط بِكُل بلد وَالدِّينَار اسْم الصَّغِير وَالْكَبِيرِ فَاسْمُ الدِّينَارِ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَالْمِثْقَالُ اسْمٌ لِوَزْنٍ مَخْصُوصٍ وَكَوْنُهُ ذَهَبًا أَوْ غَيْرَهُ لَا يُفِيدُهُ اللَّفْظُ كَالرَّطْلِ وَالْقِنْطَارِ فَمَنْ أَرَادَ الضَّبْطَ ولاهمل كَذَا عَلَى الْعَادَةِ فَلْيَقُلْ كَذَا وَكَذَا مِثْقَالًا مِنَ الذَّهَبِ وَإِلَّا فَاللَّفْظُ مُهْمَلٌ

(فَصْلٌ)

إِذَا زَوَّجَ الْأَبَوَانِ صَغِيرَيْنِ قُلْتَ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ عَنْ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الْمُرَاهِقِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ وَكَفَالَتِهِ دَارا فِيهِ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ فُلَانَةَ الْبِكْرَ ابْنَةَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الَّتِي تَحْتَ حِجْرِ وَالِدِهَا الْمَذْكُورِ وَكَفَالَتِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ لِمَا رَأَى لَهَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ ثُمَّ تَذْكُرُ الصَّدَاقَ وَتَذْكُرُ هَلِ الْتَزَمَهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الِابْنِ فَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ الِابْنِ فَتَقُولُ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهِ عَلَى مِثْلِهَا لَا حيف فِيهِ وَلَا شطط احْتِرَازًا لمن يَمْنَعُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الزِّيَادَةَ لِلْمَصْلَحَةِ ثُمَّ تُكْمِلُ الصَّدَاقَ

(فَصْلٌ)

وَتَقُولُ فِي زَوَاجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِيَدِ الْحَاكِمِ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانُ بْنُ فلَان الْمَحْجُور عَلَيْهِ بيد الحكم الْعَزِيز بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ عِنْدَمَا دَعَتْ حَاجَتُهُ إِلَى النِّكَاحِ وَتَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ وَذَكَرَ ذَلِكَ لِلْقَاضِي فُلَانٍ مُتَوَلِّي الْحُكْمَ الْعَزِيزَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِمَحْضَرِ شُهُودِهِ وَسَأَلَهُ الْإِذْنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَأَذِنَ لَهُ فِيهِ عَلَى الصَّدَاقِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ الْإِذْنَ الصَّحِيحَ الشَّرْعِيَّ فُلَانَةَ الْبِكْرَ الْبَالِغَ ابْنَةَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَتَزَوَّجَهَا بِهِ أَصْدَقَهَا بِهِ كَذَا قَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ أَمِينِ الْحُكْمِ الْعَزِيز

ص: 336

بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ مِنْ مَالِ هَذَا الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ الَّذِي هُوَ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ وَصَارَ بِيَدِهَا وَقَبْضِهَا وَتَكْتُبُ آخِرَ الصَّدَاقِ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الصَّدَاقَ الْمَذْكُورَ صَدَاقُ مِثْلِهِ عَلَى مِثْلِهَا وَتُؤَرِّخُ

(فَصْلٌ)

وَتَذْكُرُ فِي آخِرِ صَدَاقِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا وَقَبَضَ الصَّدَاقَ أَمِينُ الْحُكْمِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ لِيَصْرِفَهُ فِي مَصَالِحِهَا وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى مِثْلِهِ

(فَصْلٌ)

وَتَقُولُ فِي عَقْدِ الْوَكِيلِ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانٌ عَنْ مُوَكِّلِهِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَتَوْكِيلِهِ إِيَّاهُ فِي قَبُولِ عَقْدِ مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ فِيهِ بِالْوِكَالَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِمَا عَيَّنَهُ لَهُ مِنَ الصَّدَاقِ الْحَالِّ مِنْهُ مَبْلَغُهُ كَذَا وَقَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ مِنَ الْوَكِيلِ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ وَالْبَاقِي وَهُوَ كَذَا يَقُومُ بِهِ مُوَكِّلُهُ الْمَذْكُورُ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَتَعْمَلُ الْكِتَابَ وَتَقُولُ قَبِلَ هَذَا الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ عَقْدَ هَذَا النِّكَاحِ لِمُوَكِّلِهِ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ عَلَى الصَّدَاقِ الْمُتَعَيَّنِ فِيهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا

(فَصْلٌ)

وَتَقُولُ فِي زَوَاجِ الْحُرِّ الْأَمَةَ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانٌ مَمْلُوكَةَ فُلَانٍ الْمُقَرِّ لَهُ بِالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ عِنْدَمَا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَت وَخَافَ الْوُقُوع فِي الْمَحْدُود لِعَدَمِ الطَّوْلِ وَلَمْ يَكُنْ سَيِّدُهَا الْمَذْكُورُ بِحَقِّ وَلَايَتِهِ عَلَيْهَا شَرْعًا لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِهَا لِأَنَّهَا تُجْبَرُ وَتَقُولُ بَعْدَ الصَّدَاقِ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ فَقِيرٌ لَيْسَ لَهُ مَوْجُودٌ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ وَلَا لَهُ قُدْرَةٌ لِزَوَاجِ حُرَّةٍ وَلَا فِي عِصْمَتِهِ زَوْجَةٌ وَأَنَّهُ عَادِمُ الطَّوْلِ وَتُكَمِّلُ الْكِتَابَةَ وَتَكْتُبُ فِي زَوَاجِ الْعَبْدِ الْحُرَّةَ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانٌ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ مَمْلُوكُ

ص: 337

فُلَانٍ الْمُقِرُّ لَهُ بِالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ وَأَذِنَ سَيِّدُهُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْإِذْنَ الصَّحِيحَ الشَّرْعِيَّ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ شُهُودُ هَذَا الْكِتَابِ فُلَانَةَ الْمَرْأَةَ الْكَامِل ابْنة فلَان صدقا تَزَوَّجَهَا بِهِ مَبْلَغُهُ كَذَا عَجَّلَ إِلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ كَذَا مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ الَّذِي بِيَدِهِ احْتِرِازًا مِنْ قَوْلِ ش الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ وَبَاقِي ذَلِكَ يَقُومُ بِهِ سَيِّدُهُ عَنْ مَمْلُوكِهِ مِنْ مَالِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا أَوْ يَقُومُ بِهِ الزَّوْجُ مِنْ كَسْبِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَهُ فِي الْكَسْبِ وَلْتَكْتُبْ آخِرَ الصَّدَاقِ وَعَلِمَتِ الزَّوْجَةُ بِأَنَّ الزَّوْجَ مَمْلُوكٌ وَرَضِيَتْ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهَا ان أَوْلِيَاءٌ كَتَبْتَ رِضَاهُمْ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي الْأَخْرَسِ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَخْرَسُ أَبْكَمُ لَا يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ أَصَمٌّ لَا يَسْمَعُ بِأُذُنَيْهِ عَاقِلٌ يَعْرِفُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَرْعًا كُلُّ ذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ عَنْهُ يَعْلَمُهَا مِنْهُ شُهُودُهُ وَلَا يُنْكِرُهَا مِنْهُ مَنْ يَعْرِفُهَا عَنْهُ فُلَانَةً وَتُكْمِلُ الصَّدَاقَ وَتَكْتُبُ عِنْدَ الْقَبُولِ وَقَبِلَ الزَّوْجُ هَذَا الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ تَقُولُ فِي جَمِيعِ الْعُيُوبِ الْخَرَسِ وَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَغَيْرِهَا وَعَلِمَتِ الزَّوْجَةُ بِذَلِكَ وَرَضِيَتْ بِهِ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي إِقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ بِالزَّوْجِيَّةِ أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ عِنْدَ شُهُودِهِمَا إِقْرَارًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا أَنَّهُمَا زَوْجَانِ مُتَنَاكِحَانِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ عُقِدَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَنَّ الزَّوْجَ مِنْهُمَا دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ وَأَصَابَهَا وَأَوْلَدَهَا عَلَى فِرَاشِهِ وَلَدًا ذَكَرًا يُسَمَّى فُلَانًا وَأَنَّ الزَّوْجَةَ الْمَذْكُورَةَ لَمْ تَبِنْ مِنَ الزَّوْجِ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ وَلَا رَجْعِيٍّ وَلَا فَسْخٍ وَلَا غَيْرِهِ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا إِلَى الْآنَ وَأَنَّ أَحْكَامَ الزَّوْجِيَّةِ قَائِمَةٌ بَيْنَهُمَا إِلَى الْآنَ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ وَاعْتَرَفَ الزَّوْجُ

ص: 338

أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ مَبْلَغَ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ الَّذِي عَدَّتْهُ وَهُوَ كَذَا دِينَارًا حَالَّةً وَأَنَّ ذَلِكَ باقٍ فِي ذِمَّتِهِ إِلَى الْآنَ وَإِنْ كَتَبَهُ الْعَاقِدُ قُلْتَ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ وَضَحَ لِلْعَاقِدِ فُلَانٍ شَهَادَةُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مَضْمُونُ مَا أَقَرَّا بِهِ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ الزَّوْجَ بَعْدَ ذِكْرِ الصَّدَاقِ وَمَا قَبْلَهُ أَنْكَحَهَا مِنْ نَفْسِهِ ابْنُ عَمِّهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بَعْدَ أَنْ فَوَّضَتْ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَرَضِيَتْ بِهِ زَوْجًا وَبِمَا بَذَلَهُ لَهَا مَهْرًا وَهِيَ ثَيِّبٌ مَالِكَةٌ أَمْرَ نَفْسِهَا بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَهُمَا يَعْرِفَانِهَا بِذَلِكَ وَتَكْتُبُ فِي إِنْكَاحِ الْوَصِيِّ الْيَتِيمَةِ مِنْ نَفْسِهِ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ الْيَتِيمَةَ الْبِكْرَ الَّتِي هِيَ فِي حِجْرِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ بِإِيصَاءِ أَبِيهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِهَا إِلَيْهِ أَوْ بِتَقْدِيمِ الْقَاضِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَاضِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ إِيَّاهُ عَلَى النَّظَرِ لَهَا ثُمَّ تَقُولُ فِي آخِرِ الْعَقْدِ بَعْدَ أَنْ فَوَّضَتْ إِلَيْهِ ذَلِكَ وَاسْتَأْمَرَهَا فِي نَفْسِهَا فَصَمَتَتْ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَعْلَمَتْ أَنَّ إِذْنَهَا صُمَاتُهَا وَهِيَ بِكْرٌ بَالَغٌ فِي سَنِّهَا بِشَهَادَةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَهُمَا يَعْرِفَانِهَا بِاسْمِهَا وَعَيْنِهَا وَتَكْتُبُ فِي الدَّنِيَّةِ إِذَا زَوَّجَهَا الْأَجْنَبِيُّ مِنْ نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ فَوَّضَتْ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَكَّلَتْهُ عَلَى إِنْكَاحِهَا

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ إِذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَمْلُوكَهُ فُلَانًا بِمَمْلُوكَتِهِ فُلَانَةَ بِمَهْرِ كَذَا الْتَزَمَهُ فُلَانٌ لِمَمْلُوكَتِهِ فُلَانَةَ عَنْ زَوْجِهَا مَمْلُوكِهِ فُلَانٍ وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ قُلْتَ قَبَضَهُ فُلَانٌ مِنْ مَمْلُوكِهِ فُلَانٍ لِزَوْجَتِهِ فُلَانَةَ وَصَارَ بِيَدِهِ لِيُجَهِّزَهَا بِهِ إِلَيْهِ وَتَقُولَ آخِرَ الْعَقْدِ وَشَهِدَ عَلَى إِشْهَادِ الْمُنْكِحِ فُلَانٌ سَيِّدُ الْمُنْكِحِينَ فُلَانٌ وَفُلَانَةٌ عَلَى نَفسه ذُكِرَ عَنْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مَنْ عَرَفَهُ وَسَمِعَهُ مِنْهُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَقَالَ

ص: 339

الشَّافِعِيَّةُ تَكْتُبُ الْعَقْدَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ لِأَنَّ الصَّدَاقَ رَاجِعٌ عَلَى السَّيِّدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُهُ عِنْدَهُمْ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي زَوَاجِ الْكِتَابِيَّةِ الصَّدَاقَ ثُمَّ تَقُولُ فِي آخِرِهِ أَنْكَحَهُ إِيَّاهَا أَخُوهَا شَقِيقُهَا النَّصْرَانِيُّ أَوِ الْيَهُودِيُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ قُلْتَ أَنْكَحَهُ إِيَّاهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْأَسْقُفُ بَعْدَ أَنْ فَوَّضَتْ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَرَضِيَتْ بِالزَّوْجِ الْمَذْكُورِ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ مُسْلِمٌ يَلْزَمُهَا الِاغْتِسَالُ لَهُ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَيُجْبِرُهَا عَلَى ذَلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ عَلَى ذَلِكَ وَبِمَا بَذَلَ لَهَا مَهْرًا وَرَضِيَتْ مِنْهُ بِاجْتِنَابِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ وَلَا تَكْرَهُ مَا يَكْرَهُ قُرْبَهُ لِلْمُسْلِمِ وَهِيَ خُلُوٌّ مِنَ الزَّوْجِ وَالْعِدَّةِ صَحِيحَةُ الْجِسْمِ وَالْعَقْلِ وَلَا يَكُونُ الشُّهُودُ إِلَّا مُسْلِمِينَ

(فَصْلٌ)

تَكْتُبُ فِي تَنْفِيذِ عَقْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ جَوَّزَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إِنْكَاحَ ابْنِهِ فُلَانٍ الصَّغِيرِ فِي حِجْرِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ الَّذِي عَقَدَهُ عَلَى فُلَانَةَ الْبِكْرِ بِنْتِ فُلَانٍ مَعَ وَالِدِهَا الْمَذْكُورِ بِصَدَاقِ كَذَا ثُمَّ تَقُولُ بَعْدَ أَنْ تَعَقَّبَهُ فُلَانٌ فَأَلْفَاهُ سَدَادًا لِابْنِهِ الْمَذْكُورِ وَتَبَيَّنَ لَهُ فِيهِ أَلْفٌ وَالنَّظَرِ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِ شَهِدَ عَلَى إِشْهَادِ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ على نَفسه بِمَا فِيهِ عَنهُ من عرفه وَسمع مِنْهُ وَهُوَ بِحَال صِحَة وَجَوَازِ أَمْرِهِ فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ فِي عَبْدِهِ وَتَزِيدُ فِي الْوَصِيِّ بَعْدَ قَوْلِكَ وَجَوَازِ أَمْرِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَعْرِفُ السَّدَادَ وَالنَّظَرَ لِلْمَحْجُورِ الْمَذْكُورِ فِي النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ أَسْقَطَهُ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْوَصِيِّ عَلَى السَّدَادِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ

ص: 340

(

‌فصل)

وتكتب فِي النِّكَاح التَّفْوِيضِ أَصَدَقَ فُلَانٌ فُلَانَةَ وَتَبْسُطُهُ وَتَقُولُ عَلَى غَيْرِ تَسْمِيَةِ صَدَاقٍ عَلَى سُنَّةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَمُقْتَضَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ تُكْمِلُ تَنْبِيهٌ مَعْنَى قَوْلِهِمْ فِي الصَّدَاقِ تَزَوَّجَهَا بِكَلِمَةِ اللَّهِ الْكَلِمَةُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَّهُ وَقِيلَ قَوْله تَعَالَى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} قَالَ ابْن الْقَاسِم تكْتب فِي وَثَائِقِهِ تَكْتُبُ فِي الشُّرُوطِ كُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا فَهِيَ عَلَى شُرُوطِهَا لِرَفْعِ الْخلاف ابْنِ الْقَاسِمِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ إِذَا أَذِنَتْ مَرَّةً وَتَبِعَهُ سَحْنُونٌ وَتَكْتُبُ فِي الْإِخْدَامِ وَعَلَى الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ أَنَّ امْرَأَتَهُ الْمَذْكُورَةَ لَا تَخْدِمُ نَفْسَهَا وَأَنَّهَا مَخْدُومَةٌ لِحَالِهَا وَمَنْصِبِهَا فَرَضِيَ بِذَلِكَ أَمْرُ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَأَقَرَّ أَنَّ مَالَهُ يَتَّسِعُ لِذَلِكَ إِشْهَادٌ أَشْهَدَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانًا أَنه كَانَ من قَضَاء الله تَعَالَى وَقَدَرِهِ عَلَى ابْنَتِهِ فُلَانَةَ الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ فِي حجره ان سَقَطت من درج علو فَسَقَطَتْ عُذْرَتُهَا فَأَشَاعَ أَبُوهَا الْمَذْكُورُ ذَلِكَ لِيَشِيعَ عِنْد الْجِيرَان وَيدْفَع عَنْهَا بذلك الْعَار لَيْلًا يُظَنَّ بِهَا عِنْدَ بُلُوغِهَا غَيْرُ مَا نَزَلَ

ص: 341

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْفُرُوضِ)

تَكْتُبُ فِي تَقْدِيرِهِ عَلَى نَفْسِهِ لِامْرَأَتِهِ فَرْضٌ قَدَّرَهُ عَلَى نَفْسِهِ فلَان بن فلَان الْفُلَانِيّ لأمراته فُلَانَة ابْنة فُلَانٍ الَّذِي دَخَلَ بِهَا وَأَصَابَهَا وَأَوْلَدَهَا عَلَى فرَاشه ولدا يُسمى فلَانا الطِّفْل لما يحْتَاج إِلَيْهِ مِنَ طَّعَامِ وَإِدَامٍ وَمَاءٍ وَزَيْتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ دِرْهَمًا قِسْطَ كُلِّ يَوْم فِي اوله حَسْبَمَا انفق عَلَيْهِ فَإِنْ قَدَّرَهُ حَاكِمٌ أَوْ فَارِضٌ كَتَبْتَ هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ الْقَاضِي فُلَانٌ أَنَّهُ فَرَضَ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لِامْرَأَتِهِ فُلَانَة لما تحْتَاج اليه من نَفَقَة وَزَيْتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَذَا خَارِجًا عَمَّا يلْزمه لَهُ مِنَ اللَّوَازِمِ الشَّرْعِيَّةِ قَدَّرَ الْحَاكِمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَأَوْجَبَهُ فِي مَالِهِ وَإِنْ فَرَضَ عَيْنًا وَهُوَ الاصل فِي النَّفَقَة قلت فرض لَهَا وَتبين فِي كُلِّ شَهْرٍ قَمْحًا وَطَحَنَهَا وَخَبَزَهَا رَضَّتْ وَتَعَيَّنَ مَا يَلِيقُ بِهَا مِنَ الْإِدَامِ وَاللَّحْمِ فِي الْوَقْتِ اللَّائِقِ بِهَا وَآلَةِ الْحَمَّامِ فِي كُلِّ شَهْرٍ دُفْعَتَيْنِ أَوْ عَلَى حَسَبِ ضَرُورَةِ الْعَادَةِ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي قَبْضِهَا لِلْكِسْوَةِ أَقَرَّتْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ عِنْدَ شُهُودِهِ طَوْعًا أَنَّهَا قَبَضَتْ وَتَسَلَّمَتْ مِنْ زَوْجِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كِسْوَتَهَا الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ لَهَا شَرْعًا وَهِيَ ثَوْبٌ وَسَرَاوِيلُ وَمِقْنَعَةٌ وَذَلِكَ عَنْ فَصْلٍ وَاحِدٍ أَوَّلُهُ يَوْمُ تَارِيخِهِ وَكَذَلِكَ كِسْوَةُ الْوَلَدِ

ص: 342

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي فَرْضِ مُطَلَّقَةٍ ظَهَرَتْ حَامِلًا فَرْضٌ قَدَّرَهُ عَلَى نَفْسِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لمطلقته الطَّلقَة الاولى الْخلْع اَوْ الثَّلَاث فُلَانَة المراة الْعَامِل ابْنَةِ فُلَانٍ الْمُشْتَمِلَةِ مِنْهُ عَلَى حَمْلٍ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ عِوَضًا عَمَّا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ إِدَامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ كَذَا وَكَذَا قِسْطُ كُلِّ يَوْمٍ فِي أَوَّلِهِ مِنَ اسْتِقْبَالِ تَارِيخِهِ حَسْبَمَا اتَّفَقَا وَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَذَلِكَ خَارِجٌ عَمَّا يُوجِبُهُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ واذن لَهَا ان تقترض عَلَى ذِمَّتِهِ قَدْرَ مَا قَدَّرَ لَهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ وُصُولِ ذَلِكَ إِلَيْهَا وَتُنْفِقُهُ عَلَيْهَا وَتَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ إِذْنًا شَرْعِيًّا قَبِلَتْهُ مِنْهُ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي فَرْضِ الْوَلَدِ قَدَّرَ عَلَى نَفْسِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لِوَلَدِهِ الطِّفْلِ فُلَانٍ الَّذِي فِي كَفَالَة والدته مطلقته فُلَانَة المراة الكافل ابْنَةِ فُلَانٍ لِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَمَاءٍ وَزَيْتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الايام كَذَا دَرَاهِم مِنَ اسْتِقْبَالِ تَارِيخِهِ قِسْطُ كُلِّ يَوْمٍ فِي أَوَّلِهِ حَسْبَمَا اتَّفَقَا وَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَذَلِكَ خَارِجٌ عَمَّا يُوجِبُهُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ وَأَذِنَ لَهَا أَنْ تَقْتَرِضَ عَلَى ذِمَّتِهِ وَتُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهَا وَتَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ إِذْنًا شَرْعِيًّا

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي الْفَرْضِ لِلْأَبَوَيْنِ فَرْضٌ قَدَّرَهُ عَلَى نَفْسِهِ فُلَانُ بن فلَان لوالدته فُلَانَة المراة الكافل ابْنَةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِحُكْمِ عَجْزِهَا وَطَوْرِهَا وَحَاجَتِهَا لِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ طَعَامٍ وَإِدَامٍ وَمَاءٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ كَذَا وَكَذَا قِسْطُ كُلِّ يَوْمٍ فِي أَوَّلِهِ مِنَ

ص: 343

اسْتِقْبَالِ تَارِيخِهِ حَسْبَمَا اتَّفَقَا وَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَأَذِنَ لَهَا أَنْ تَقْتَرِضَ عَلَى ذِمَّتِهِ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا وَتَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ إِذْنًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي فَرْضِ الْحَاكِمِ لِلْمَحْجُورِ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الْقَاضِي فُلَانٌ الْفَارِضُ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِالتَّوْلِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهُ قَدَّرَ لِفُلَانِ بْنِ فلَان الْمَحْجُور عَلَيْهِ بيد الحكم الْعَزِيز بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَلِامْرَأَتِهِ فُلَانَةَ وَخَادِمَتِهَا فُلَانَةَ فِي مَالِهِ الَّذِي لَهُ مُودَعُ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَوْ مِنْ مَالِهِ مِنْ أُجْرَةِ الْعَقَارِ الْمَنْسُوبِ لَهُ الَّذِي تَحْتَ نَظَرِ الْحَكَمِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ لِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَتُكَمِّلُهُ إِلَى آخِرِهِ تَنْبِيهٌ وَهَذِهِ الْفُرُوضُ كُلُّهَا يَلْزَمُ مِنْهَا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ بَلِ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَدِّرَ الطَّعَامَ لَا ثَمَنَهُ لَكِنَّ الْعَادَةَ خِلَافُهُ

ص: 344

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الطَّلَاقِ)

تَكْتُبُ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى ظَهْرِ الْكِتَابِ احْتِرَازًا مِنْ اخراج الْبَرَاءَة المجهو عَنْ غَيْرِ زَوْجٍ فَتَتَزَوَّجُ بِهَا وَهِيَ فِي عِصْمَةِ زَوْجٍ طَلَّقَ الزَّوْجُ الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى بَاطِنَهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ ابْنَةَ فُلَانٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَإِصَابَتِهِ إِيَّاهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً أُولَى أَوْ ثَانِيَةً أَوْ ثَالِثَةً عَلَى حَسَبِ حَالِهَا بَانَتْ بِهَا مِنْهُ بِحُكْمِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يُصِبْهَا وَبِحُكْمِ ذَلِكَ تَشْطُرُ الصَدَاق الْمَعْقُود عَلَيْهِ بَاطِنه نِصْفَيْنِ سقط عَنهُ النّصْف فَإِن اخْتلفت بِبَاقِي الصَّدَاقِ كَتَبْتَ سَأَلَتْ فُلَانَةُ الْمُسَمَّاةُ الْمُحَلَّاةُ بَاطِنه فُلَانَة ابْنة فُلَانٍ زَوْجَهَا الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى بَاطِنَهُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يُصِبْهَا وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُخَالِعَهَا مِنْ عِصْمَتِهِ وَهُوَ عَقْدُ نِكَاحِهِ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ بَاطِنَهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا نِصْفُ جُمْلَةِ الصَّدَاقِ بَاطِنَهُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ أُولَى فَأَجَابَهَا إِلَى سُؤَالِهَا وَقَبِلَ مِنْهَا الْعرض الْمَذْكُور وَطَلقهَا عَلَيْهِ الطَّلقَة المسؤولة وَبَانَتْ بِهَا مِنْهُ وَمَلَكَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ وَبِحُكْمِ ذَلِك تشطر الصَدَاق الْمَعْقُود عَلَيْهِ بَاطِنه نِصْفَيْنِ سَقَطَ عَنْهُ النِّصْفُ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنَ النِّصْفِ الثَّانِي بِحُكْمِ هَذَا الِاخْتِلَاعِ فَإِنْ بَذَلَ الْوَلِيُّ الْعرض كَتَبْتَ سَأَلَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْوَلِيُّ بَاطِنَهُ فُلَانًا وَهُوَ الزَّوْجُ الْمُسَمَّى بَاطِنَهُ أَنْ يَخْلَعَ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ الْمُسَمَّاةَ الْمُحَلَّاةَ بَاطِنَهُ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يُصِبْهَا أَوْ دَخَلَ بِهَا اَوْ اصابها وَهِي ابْنة السَّائِل الْمَذْكُور اجنبية اَوْ اخت شَقِيقَتُهُ مِنْ عِصْمَتِهِ وَعَقْدِ نِكَاحِهِ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ أُولَى أَوْ ثَانِيَةٍ أَوْ ثَالِثَةٍ عَلَى مَا بَذَلَهُ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا من ذَلِك

ص: 345

مَا هُوَ حَالٌّ كَذَا وَمَا هُوَ مُؤَجَّلٌ كَذَا فاجابه إِلَى سُؤَاله وَقبض مِنْهُ الْعرض الْمَذْكُورَ وَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْمَذْكُورَةَ طَلْقَةً وَاحِدَةً أُولَى خلعي بَانَتْ بِهَا مِنْهُ وَمَلَكَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ وَبِحُكْمِ هَذَا الطَّلَاقِ تَشَطَّرَ الصَّدَاقُ الْمَذْكُورُ نِصْفَيْنِ سَقَطَ عَنْهُ النِّصْفُ وَبَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ النِّصْفُ الثَّانِي وَأَقَرَّ الْمُطَلِّقُ أَنَّهُ قَبَضَ مِنَ السَّائِلِ مَبْلَغَ الْحَال الَّذِي اخْتلف لَهُ بِهِ وَاعْتَرَفَ أَيْضًا أَنَّهُ قَبَضَ نِصْفَ الْمُعَجَّلِ بَاطِنَهُ وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَعْدَ تَمَامِ ذَلِكَ وَلُزُومِهِ أَحَالَ الْمُطَلِّقُ مُطَلَّقَتَهُ الْمَذْكُورَةَ على ابْنهَا بِالْمَبْلَغِ الْمُؤَجَّلِ وَهُوَ نَظِيرُ نِصْفِ الصَّدَاقِ بَاطِنَهُ فِي جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ حِوَالَةً شَرْعِيَّةً قَبِلَهَا مِنْهُ لَهَا وَالِدُهَا بِحُكْمِ أَنَّهَا تَحْتَ حِجْرِهِ وكفالته متولى شرعا وَبِحُكْمِ ذَلِكَ وَجَبَ لَهَا مُطَالَبَةُ أَبِيهَا وَتُؤَرِّخُ

(

‌فصل)

وتكتب فِي الرَّجْعِيِّ بَعْدَ الدُّخُولِ طَلَّقَ الزَّوْجُ الْمُحَلَّى الْمُسَمَّى بَاطِنَهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ ابْنَةَ فُلَانٍ الَّتِي دَخَلَ بِهَا وَأَصَابَهَا وَأَوْلَدَهَا وَلَدًا ذَكَرًا يُسَمَّى كَذَا طَلْقَةً وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً أُولَى أَوْ ثَانِيَةً تَكُونُ بِهَا جَارِيَةً فِي عِصْمَتِهِ إِلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا ولارجعة إِلَّا بِأَمْرِهَا وَرِضَاهَا وَعَقْدٍ جَدِيدٍ وَبِذَلِكَ شُهِدَ عَلَيْهِ فِي تَارِيخِ كَذَا فَإِنِ ارْتَجَعَهَا كَتَبْتَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَرْجَعَ الْمُطَلِّقُ الْمَذْكُورُ مُطَلَّقَتَهُ اوتكتب أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّهُ اسْتَرْجَعَ مُطَلَّقَتَهُ مِنَ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ اسْتِرْجَاعًا شَرْعِيًّا وَرَدَّهَا وَمَلَكَهَا وَصَارَ حُكْمُهَا حُكْمَ الزَّوْجَاتِ وَتُؤَرِّخُ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ طَلَّقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ ابْنَةَ فُلَانٍ الَّتِي دَخَلَ بِهَا وَأَصَابَهَا طَلَاقًا ثَلَاثًا بَتَاتًا حَرُمَتْ بِذَلِكَ عَلَيْهِ فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى

ص: 346

تنْكح زوجا غَيره وان كَانَ طَلَّقَهَا مِنْ مُدَّةٍ كَتَبْتَ أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّهُ كَانَ مِنْ كَذَا طَلَّقَ فُلَانَةَ أَوْ تَكْتُبُ إِقْرَارَ الْمُطَلِّقِ الْمَذْكُورِ بِالطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ صَدَرَ عَنْهُ من مُدَّة كَذَا وتؤرخ

(

‌فصل)

تكْتب إِنِ اخْتَلَعَتْ بِصَدَاقِهَا سَأَلَتْ فُلَانَةُ الْمَرْأَةُ الْكَامِلُ ابْنَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ زَوْجَهَا عَلَى مَا ذَكَرَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الَّذِي اتَّصَلَ بِهَا وَأَصَابَهَا أَنْ يَخْلَعَهَا مِنْ عِصْمَتِهِ وَعَقْدِ نِكَاحِهِ عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ الشَّاهِدِ بِهِ كِتَابُهَا الْمُتَقَدِّرِ بِحُضُورِهِ وَهُوَ كَذَا دِينَارًا فَأَجَابَهَا إِلَى سُؤَالِهَا وَقَبِلَ مِنْهَا الْعِوَضَ الْمَذْكُورَ وَطَلَّقَهَا عَلَيْهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً أُولَى خُلْعًا بَانَتْ بِهَا مِنْهُ وَمَلَكَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ وَأَقَرَّتْ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ كِسْوَةً وَلَا نَفَقَةً وَلَا حَقًّا مِنَ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ كُلِّهَا

(فَصْلٌ)

تَكْتُبُ فِي وِكَالَةِ الطَّلَاقِ عَنِ الزَّوْجِ سَأَلَتْ فُلَانَةُ الْمَرْأَةُ الْكَامِلُ ابْنَةُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ الْوَكِيلِ عَنْ زَوْجِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْوَكِيلِ عَنْهُ فِي طَلَاقِهَا بِالْوِكَالَةِ الَّتِي بِيَدِهِ الَّتِي جَعَلَ لَهُ فِيهَا أَنْ يُطَلِّقَ عَنْهُ امْرَأَتَهُ الْمَذْكُورَةَ طَلْقَةً وَاحِدَةً أُولَى خُلْعًا عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا الْمَشْرُوحِ ذَلِكَ فِي الْوَكَالَةِ الْمُؤَرَّخَةِ بِكَذَا أَنْ يُطَلِّقَهَا عَنْ مُوَكِّلِهِ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ طَلْقَةً وَاحِدَةً أُولَى خُلْعًا عَلَى جَمِيعِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا فَأَجَابَهَا الْوَكِيلُ إِلَى ذَلِكَ وَقبل مِنْهَا الْعرض الْمَذْكُورَ وَطَلَّقَهَا عَنْ مُوَكِّلِهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً أُولَى خُلْعًا بَانَتْ بِهَا مِنْهُ وَمَلَكَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ من مُوَكِّلِهِ وَأَقَرَّتْ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ صَدَاقًا وَلَا بَقِيَّةً مِنْهُ وَلَا نَفَقَةً وَلَا كِسْوَةً وَلَا حَقًّا مِنَ الْحُقُوقِ كُلِّهَا تَنْبِيهٌ يَنْبَغِي فِي الْمُبَارَأَةِ أَنْ تَذْكُرَ عِلْمَهَا بِمَا أَبْرَأَتْ مِنْهُ مِقْدَارًا وجنسا

ص: 347

وَصفَة لَان ش إِنْ طَلَّقَ الِابْنُ الْبَالِغُ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ نِصْفُ الصَّدَاقِ إِلَى أَبِيهِ إِنْ كَانَ قَدْ تَحَمَّلَهُ وَلَوْ خَالَعَهَا الِابْنُ عَلَى جَمِيعِهِ لَكَانَ النِّصْفُ الثَّانِي لِابْنِهِ لِأَنَّهُ عِوَضُ الطَّلَاقِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ الْجَمِيعُ لِلْأَبِ لِأَنَّهُ بَاذِلُهُ

(فَصْلٌ)

فِي الْإِجْبَارِ عَلَى الرَّجْعَةِ أَشْهَدَ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ النَّائِبُ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ قَبْلِ شَهَادَتِهِ وَأَجَازَهُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ بَعْدَ بِنَائِهِ عَلَيْهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً بِغَيْرِ خُلْعٍ فِي زَمَانِ الْخُلْعِ وَأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ طَلَاقٌ يَمْنَعُهُ مِنْ مُرَاجَعَتِهَا فَأَمَرَهُ بارتجاعها لما ورد عَن رَسُول الله لله مِنَ الْأَمْرِ بِذَلِكَ فَامْتَنَعَ مِنَ ارْتِجَاعِهَا وَثَبَتَ امْتِنَاعه عِنْده فاخبره عَلَى الرَّجْعَةِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِهَا وَأَلْزَمَهُ الطَّلَاقَ الْمَذْكُورَ شَهِدَ عَلَى إِشْهَادِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ مَنْ يَضَعُ خَطَّهُ آخِرَهُ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا مَحْضَرٌ فِي إِثْبَاتِ اسْتِيطَانِ الْأَبِ شَهِدَ مَنْ يَضَعُ خَطَّهُ آخِرَ هَذَا الْمَحْضَرِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ اسْتَوْطَنَ بَلَدَ كَذَا مُدَّةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُتَقَدِّمَةٍ عَلَى تَارِيخِ هَذَا الْمَحْضَرِ وَاسْتَقَرَّ فِيهَا بِمَالِه وَثقله واستقل اسْتِيطَانُهُ فِي الْبَلَدِ الْمَذْكُورِ فِي عِلْمِهِمْ إِلَى الان ويعرفونه مُسْتَحقّ الْحَضَانَة بِبَيِّنَتِهِ فلَان وَفُلَانٍ الَّذِينَ هُمْ مَعَ أُمِّهِمْ فُلَانَةَ فِي بَلَدِ كَذَا وَلَا يَعْلَمُونَهُ انْتَقَلَ عَنْ هَذِهِ الصِّفَةِ إِلَى حِينِ إِيقَاعِهِمْ شَهَادَتَهُمْ فِي هَذَا الْمحْضر

ص: 348

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ مُغِيثٍ أَقَلُّ مُدَّةِ الِاسْتِيطَانِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ بِهَا الْأَبُ أَخْذَ الْوَلَدِ مِنْ أُمِّهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ بَلْ اذا اراد الِانْتِقَال وَيحلف عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ كِتَابِ إِرْخَاءِ السُّتُورِ وَإِنْ شَاءَتِ الْأُمُّ تَتْبَعُهُمْ وَلَا يَمْنَعُهُمُ الْأَبُ مِنْ جَوَازِ الْبَحْرِ خَوْفَ تَعَذُّرِ زِيَارَةِ الْأُمِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر} وَقِيلَ يَمْنَعُ عَقْدُ لِعَانٍ هَذَا مَا أَشْهَدَ فُلَانٌ الْقَاضِي الْمُتَوَلِّي بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَنَّ امْرَأَةً تَسَمَّتْ بِفُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ قَامَتْ عِنْدَهُ فَذَكَرَتْ ان لَهَا زوجا يُسمى فلَان ابْن فُلَانٍ رَمَاهَا أَوْ نَفَى حَمْلَهَا وَسَأَلَتْهُ النَّظَرَ لَهَا فَنَظَرَ فِي ذَلِكَ نَظَرًا أَوْجَبَ إِحْضَارَهُ وَوَقْفَهُ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ قَبْلِهِ وَأَجَازَهُ وَثَبَتَ عِنْدَهُ قَوْلُهَا زَوْجُهَا مِنْهَا عَلَى قَوْلِهِ فَقَضَى بِاللِّعَانِ وَأَحْضَرَهُمَا بِمحضر اللّعان بالجامع بِمَدِينَة كَذَا وشهدهما واحضر لذَلِك عُدُولًا وَأمر الزَّوْج فلَان بِالْبَدَاءَةِ بِالْيَمِينِ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُ فِي كِتَابِهِ فَقَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ دُبُرَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَحَلَفَ أَرْبَعَةَ أَيْمَانٍ بِمَا وَجَبَ أَنْ يَحْلِفَ بِهِ لِمَحْضَرٍ وَهُوَ يُشِيرُ إِلَيْهَا ثُمَّ خَمَّسَ بِاللَّعْنَةِ ثُمَّ حَلَفَتْ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ فُلَانَةُ أَرْبَعَةَ أَيْمَانٍ بِمَا وَجَبَ أَنْ تَحْلِفَ وَخَمَّسَتْ بِالْغَضَبِ وَثَبَتَتْ أَيْمَانُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ بِمَنْ قَبِلَ وَأَجَازَ وَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَين التلاعنين بِاللِّعَانِ الْمَذْكُورِ وَحَرُمَ عَلَيْهِمَا التَّنَاكُحُ أَبَدًا بِالسُّنَّةِ وَسقط بِهَذَا نسب حمل فلَان مِنْ فُلَانٍ الْمُلَاعِنِ وَحَكَمَ الْقَاضِي فُلَانٌ

ص: 349

بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَأَمْضَاهُ بَعْدَ الْإِعْذَارِ إِلَيْهِمَا فَلَمْ يَأْتِ أَحَدُهُمَا بِمِدْفَعٍ وَشَهِدَ عَلَى إِشْهَادِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ بِمَا ذُكِرَ عَنْهُ فِي هَذَا فِي يَوْمِ كَذَا وَتَكْتُبُ ثَلَاثَ نُسَخٍ نُسْخَةٌ بِيَدِ الْقَاضِي وَنُسْخَتَانِ بِيَدِ الزَّوْجَيْنِ عَقْدُ إِيلَاءٍ هَذَا مَا أَشْهَدَ الْقَاضِي فُلَانٌ الْمُتَوَلِّي بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَنَّ امْرَأَةً تَسَمَّتْ عِنْدَهُ بِفُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ وَذَكَرَتْ أَنَّ لَهَا زَوْجًا آلَى مِنْهَا بِتَرْكِ الْمَسِيسِ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَسَأَلَتْهُ النَّظَرَ لَهَا بِوَاجِبِ الشَّرْعِ الْعَزِيزِ فَاقْتَضَى نَظَرُهُ تَكْلِيفَهَا إِثْبَاتَ الزَّوْجِيَّةِ فَثَبَتَتْ عِنْدَهُ بِمَنْ قَبِلَهُ وَأَجَازَهُ عَلَى أَعْيَانِ الزَّوْجَيْنِ وَذَكَرَتْ زَوْجَهَا فُلَانًا عَلَى مَا ذَكَرَتْهُ مِنَ الْإِيلَاءِ فَأَقَرَّ بِهِ وَثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ إِقْرَارُهُ فِي مَجْلِسِ نَظَرِهِ وَأَنَّ يَمِينَهُ وَقَعَتْ بِتَرْكِ مَسِيسِهَا مُنْذُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَتَمَادَى عَلَى ذَلِكَ فَأَمَرَهُ بِالْفَيْئَةِ وَخَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يُحَنِّثَ نَفْسَهُ وَيَبْقَى مَعَ امْرَأَتِهِ فُلَانَة اَوْ يألي فَتُطَلَّقَ عَلَيْهِ فَأَبَى الْفَيْئَةَ وَتَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ وَثَبَتَ امْتِنَاعُهُ عِنْدَهُ بِمَنْ قَبِلَهُ وَرَضِيَهُ وَعَرَضَ الْقَاضِي فُلَانٌ عَلَى فُلَانَةَ الصَّبْرَ مَعَ زَوْجِهَا فابته ودعته إِلَى القضاث بِمُوجَبِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ فَقَضَى عَلَى فُلَانٍ بِتَطْلِيقِ امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ طَلْقَةً وَاحِدَةً يَمْلِكُ فِيهَا رَجْعَتَهَا إِنْ فَاءَ فِي عِدَّتِهَا وَأَلْزَمَهُ ذَلِكَ وَأَنْفَذَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِهِ وَأَمَرَ فُلَانَةَ أَنْ تَعْتَدَّ مِنْهُ وَحَكَمَ بِذَلِكَ وَأَمْضَاهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ وَعَلَى ثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ بَعْدَ أَنْ أَعْذَرَ إِلَى مَنْ يَتَعَيَّنُ الْإِعْذَارُ إِلَيْهِ مِمَّنْ سُمِّيَ فِيهِ فَلم يبد أحد مِنْهُم مدفعا وابقى كُلُّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ ثَابِتُ الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ مَاضِيهُمَا عَقْدُ الْحَكَمَيْنِ هَذَا مَا أَشْهَدَ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَنَّ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ حَضَرَتْ مَجْلِسَ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّ زَوْجَهَا فُلَانَ بْنَ فلَان يضْربهَا فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا وَسَأَلَتْهُ النَّظَرَ لَهَا بِمُوجَبِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ فَاقْتَضَى نَظَرُهُ أَعَزَّهُ اللَّهُ إِحْضَارَ زَوْجِهَا الْمَذْكُورِ وَوَقْفَهُ عَلَى مَا ذَكَرَتْهُ عَنْهُ فَتَبْرَأُ مِنْهُ وَذَكَرَ أَنَّهَا هِيَ الْمُضِرَّةُ بِهِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ فَثَبَتَ عِنْدَهُ مَقَالُهُمَا جَمِيعًا بِمَنْ قَبِلَ وَأَجَازَ وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَمْرُهُمَا فَتَكَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي صَاحِبِهِ وَثَبَتَتْ عِنْدَهُ الزَّوْجِيَّة بَينهمَا

ص: 350

وَخَافَ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا وَلَمْ يَجِدْ فِي أَهْلِهِمَا من يصلح للتحكم بَيْنَهُمَا عَلَى مُقْتَضَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَبَعَثَ مِنْ قِبَلِهِ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَفُلَانَ بْنَ فُلَانٍ لِاجْتِمَاعِ شُرُوطِ التَّحْكِيمِ فِيهِمَا بَعَثَهُمَا حَكَمَيْنِ لِيَحْكُمَا بَيْنَهُمَا بِمَا ظَهَرَ لَهُمَا مِنْ فُرْقَةٍ اَوْ اجْتِمَاع فَثَبت عِنْده الْقَاضِي فُلَانٍ بِشَهَادَةِ الْحَكَمَيْنِ أَنَّهُمَا رَأَيَا أَنْ يَأْخُذَ الزَّوْجُ مِنِ امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ كَذَا عَلَى ان طَلقهَا عَلَيْهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً تَمْلِكُ بِهَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بَعْدَ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَأَنْفَذَ حُكْمَهُمَا بِذَلِكَ لِمَا رَأَيَاهُ مِنَ الصَّلَاحِ لَهُمَا وَثَبَتَ عِنْدَهُ قَبْضُ فُلَانٍ لِمَا أَخَذَاهُ لَهُ مِنِ امْرَأَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَأَعْذَرَ الْقَاضِي إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِمَا وَجَبَ أَنْ يَعْذُرَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِدْفَعٌ فَحَكَمَ لَهُ بِذَلِكَ وَأَمْضَاهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ الظَّالِمَ قُلْتَ وَظَهَرَ لِلْحَكَمَيْنِ مِنَ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْحُكُومَةِ وَالتَّحَكُّمِ أَنْ طَلَّقَا عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ بِغَيْرِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا لَهُ وَإِسْقَاطُ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِهَا لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمَا عُدْوَانُهُ عَلَيْهَا وَطُلِّقَتْ فُلَانَةُ وَاحِدَةً وَتُكَمِّلُ الْمَكْتُوبَ تَنْبِيهٌ إِذَا اعْتَرَفَ بِالطَّلَاقِ وَقَالَ هُوَ وَاحِدَةٌ وَقَالَتِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثٌ فَالْمُوَرِّقُ إِنَّمَا يَكْتُبُ فِي الْعَادَةِ وَاحِدَةً لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَكْتُبُونَ مَا يَسْمَعُونَ مِنَ الْمُقِرِّ لَا مِنْ خَصْمِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَنْبَغِي ان تكْتب مَا قَالَتْهُ الْمَرْأَةُ أَيْضًا حَتَّى تُؤَاخَذَ بِمُوجَبِ اقرارها عِنْد ارادة تَحْرِيك عَقْدٍ مَعَ هَذَا الزَّوْجِ فَيَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَمِنَ الْمُطَالَبَةِ بِمُوجَبَاتِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ

ص: 351

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْبُيُوعِ)

تَكْتُبُ فِي الْعَقَارِ وَنَحْوِهِ هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الْكَامِلَةِ الَّتِي ذِكْرُهَا وَوَصْفُهَا وَتَحْرِيرُهَا فِيهِ الَّتِي ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا فِي يَدِهِ وَملكه وتصرفه وان كَانَ عمر قُلْتَ مَعْرُوفَةٌ بِإِنْشَائِهِ وَعِمَارَتِهِ وَتَقُولُ فِي بَيْعِ الْحِصَّةِ جَمِيعُ الْحِصَّةِ الَّتِي مَبْلَغُهَا كَذَا قِيرَاطًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا شَائِعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ من جَمِيع الدَّار الْكَامِلَة الَّتِي ذكرالبائع كَذَا وَلَهَا حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ تَذْكُرُهَا وَتَذْكُرُ وَصْفَهَا وَحُقُوقَهَا بِأَسْرِهَا وَمَا تُعْرَفُ وَتُنْسَبُ إِلَيْهِ فَإِنِ اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مَكَانًا كَتَبْتَ خَلَا الْمَوْضِعَ الْفُلَانِيَّ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَنِ الْعَقْدِ لَيْسَ دَاخِلًا فِي هَذَا الْبَيْعِ وَعَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَرَضِيَ بِهِ شِرَاءً صَحِيحًا شَرْعِيًّا قَاطِعًا مَاضِيًا جَائِزًا نَافِذًا بِثَمَنٍ مَبْلَغُهُ مِنَ الْعَيْنِ الْمِصْرِيِّ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَمِنَ الدَّرَاهِمِ النُّقْرَةِ الْجَيِّدَةِ الْفِضَّةِ الْمَضْرُوبَةِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا وَكَذَا الْمُتَّصَفِ مِنْ ذَلِكَ تَحْقِيقًا لِلْأَصْلِ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا تَقَابَضَا وَافْتَرَقَا بِالْأَبْدَانِ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَضَمَانِ الدَّرَكِ فِي الْمَبِيعِ وَإِنْ أَرَدْتَ بَسْطَ الْعِبَارَةِ قُلْتَ بَعْدَ الثَّمَنِ دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورُ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَصُلْبِ حَاله قاما وَافِيًا وَأَقْبَضَهُ لَهُ بَعْدَ وَزْنِهِ وَنَفَّذَهُ فَقَبَضَهُ الْبَائِعُ مِنْهُ وَتَسَلَّمَهُ عَلَى تَمَامِهِ وَكَمَالِهِ مَوْزُونًا مُنْتَقَدًا وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ مَالًا مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ وَبِحُكْمِ ذَلِكَ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمُشْتَرِي الْمَقْبُوضِ مِنْهُ مِنَ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ بَرَاءَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً قَبْضًا وَاسْتِيفَاءً وَسَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَذْكُورُ لِلْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ مَا بَاعَهُ إِيَّاهُ فِيهِ فَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ خَالِيًا لَا شَاغِلَ لَهُ وَلَا مَانِعَ لَهُ

ص: 352

مِنْهُ وَلَا دَافِعَ لَهُ عَنْهُ وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبضه وحوزه الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهِمْ وَذَوِي الْحُقُوقِ فِي حُقُوقِهِمْ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ وَلَا مُعْتَرِضٍ وَلَا دَافِعٍ بِوَجْهٍ وَلَا بِسَبَبٍ وَذَلِكَ بَعْدَ نَظَرِهِمَا جَمِيعَ ذَلِك ومعرفتهما جَمِيعَ ذَلِكَ وَمَعْرِفَتِهِمَا إِيَّاهُ وَإِحَاطَتِهِمَا بِهِ عِلْمًا وخبرته نَافِيَةً لِلْجَهَالَةِ وَتَعَاقُدِهِمَا عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ الْمُعَاقَدَةَ الصَّرِيحَةَ الصَّحِيحَةَ الشَّرْعِيَّةَ الْمُعْتَبَرَةَ شِفَاهًا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ثُمَّ تَفَرَّقَا بِالْأَبْدَانِ مِنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ التَّفَرُّقَ الشَّرْعِيَّ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَضَمَانِ الدَّرَكِ فِي صِحَّةِ الْمَبِيعِ حَيْثُ يُوجِبُهُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ وَيَقْتَضِيهِ حُكْمُهُ الْمُنِيفُ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي الْخِيَارِ بَعْدَ قَوْلِكَ عَنْ تَرَاضٍ وَانْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْبَائِعُ أَوِ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ دُونَ البَائِع ان اشْتَرَطَاهُ لِأَنْفُسِهِمَا وَهُوَ كَذَا مِنَ الْأَيَّامِ وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا مِنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ قُلْتَ عِوَضَ التَّفَرُّقِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَاخْتِيَارُ كُلِّ وَاحِدٍ من المتقاعدين الْمَذْكُورَيْنِ الْمَذْكُورَ بَيْنَهُمَا فِي الدِّيَارِ الْمَبِيعَةِ أَعْلَاهُ وَإِلْزَامَهُ وَإِبْرَامَهُ وَتَمَامَ أَحْكَامِهِ وَنُفُوذَهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَالْقَانُونِ الْمَرْضِيِّ وَهَذَا كَذَا احْتِرَازًا مِنْ مَذْهَب ش وان كَانَ البَائِع احضر كتبا قُلْتَ وَأَحْضَرَ الْبَائِعُ مِنْ يَدِهِ كِتَابًا يَتَضَمَّنُ ابْتِيَاعَهُ لِلدَّارِ الْمَذْكُورَةِ وَسَطَّرَ عَلَيْهِ فَصْلَ هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ وَتَسَلَّمَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي تَوْثِقَةً لَهُ وَصَحَّتِ الْيَوْمَ وَمَا بَعْدُ وَإِنْ تَقَدَّمَ لِلْمُشْتَرِي حِصَّةٌ فِيهَا قُلْتَ وَقَدْ كَمَّلَ لِلْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ بِمَا فِي مِلْكِهِ مُتَقَدِّمًا وَهَذِهِ الْمُبَايَعَةُ مِلْكُ جَمِيعِ الدَّار اَوْ جَمِيع كَذَا سمهما وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنِ اشْتَرَطَ عَيْبًا ذَكَرْتَهُ مُفَصَّلًا فَقُلْتَ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا قُلْتَ وَأَعْلَمَ مُوَكِّلَهُ بِذَلِكَ وَرَضِيَ بِهِ

ص: 353

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي الْبِنَاءِ وَحْدَهُ جَمِيعَ الْبِنَاءِ الْقَائِمِ عَلَى الْأَرْضِ دَارًا أَوْ طَاحُونًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ الْجَارِي هَذَا الْبِنَاءُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَتَصَرُّفِهِ وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ وَتَقُولُ فِي آخِرِهَا وَأُعْلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْأَرْضَ الْحَامِلَةَ لِلْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ مُحْتَكَرَةٌ وَمَبْلَغُ الْحَكْرِ كَذَا فَرَضِيَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا قُلْتَ وَأَعْلَمَ مُوَكِّلَهُ فَرَضِيَ بِذَلِكَ وَتَكْتُبُ فِي الْأَرْضِ وَحْدَهَا جَمِيعُ الْقِطْعَةِ الْأَرْضَ الْحَامِلَةَ لِبِنَاءِ الْبَائِعِ أَوْ جَمِيعَ الْمِسَاحَةِ الْكَشْفَ الَّتِي لَا بِنَاءَ عَلَيْهَا الْجَارِيَةَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ وَتَذْكُرُ ذَرْعَهَا وَحُدُودَهَا وَتُكْمِلُ الْكِتَابَةَ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي الْآبَارِ جَمِيعَ بِنَاءِ الْبِئْرِ الْمعينَة وَمَكَانَهَا وَأَرْضَهَا الْمَبْنِيَّةَ بِالطُّوبِ وَالْآجُرِّ وَالطِّينِ وَالْجِيرِ أَوْ نَقْرًا فِي الْجَبَلِ الْمَاءَ الْمَعِينَ وَفِي الصِّهْرِيجِ الْمَبْنِيِّ بِالطُّوبِ وَالْآجُرِّ وَالطِّينِ الْمُصْتَكِّ الْمُبَيَّضِ بِالْخَابِعِي الَّذِي بِرَسْمِ حَوْزِ الْمَاءِ الْعَذْبِ وَفِي الْبِئْرِ الْهِمَالِيَّةِ جَمِيعَ بِنَاءِ الْهِمَالِيَّةِ وَمَكَانَهَا مِنَ الْأَرْضِ الْمَبْنِيَّةِ بِالطُّوبِ الْآجُرِّ وَالطِّينِ وَالْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ عَلَى مَا ذكر وَيذكر موضعهَا وذرعها ان امكن ويحدد وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي النَّخْلِ دُونَ الْأَرْضِ جَمِيعَ النَّخْلِ الْمَذْكُورِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَعَدَدُهُ كَذَا وَبَقِي على مَالك الْبَائِعِ بَقِيَّةُ الْأَرْضِ فَإِنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي هَذَا الْمَبِيعِ وَتَكْتُبُ فِي آخِرِهَا وَلِهَذَا الْمُشْتَرِي الْعُبُورُ فِي الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ وَالتَّطَرُّقُ فِيهَا إِلَى النَّخْلِ الْمَذْكُورِ بِمُوجَبِ الشَّرْعِ وَتَقُولُ فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ ثَمَرَةُ الْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ على ماذكر وعدده كَذَا نَخْلَة وتحدد

ص: 354

الارض الَّتِي بدا اصلاحها وَاحْمَرَّتْ وَاصْفَرَّتْ وَأَجَازَ بَيْعَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ إِلَى أَوَانِ الْجِذَاذِ وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي الْمَرْكَبِ جَمِيعَ الْمَرْكَبِ الْعُشَارِيِّ أَوِ الدَّرْمُونَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَجَمِيعَ عِدَّتِهَا الْمُتَّحِدَةِ بِرَسْمِهَا الَّتِي ذَكَرَهَا الْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَصِفَتُهَا أَنَّهَا طُولُ كَذَا ذِرَاعًا بِالنَّجَّارِيِّ وَمَحْمَلُهَا كَذَا إِرْدَبًّا أَوْ قَفِيزًا بِالْمِصْرِيِّ أَوِ الْقَيْرَوَانِيِّ وَصِفَةُ الْعِدَّةِ أَنَّهَا صَارَتْ قِطْعَةً وَقِطَعُ فَرُوزٍ أَوْ سَيَّارَةٍ عِدَّتُهُ كَذَا وَكَذَا سِلْسَانًا وَحِبَالُ قنب اَوْ قطن كذااورجل قِطْعَةٍ أَوْ قِطْعَتَيْنِ وَكَذَا مِجْدَافًا وَأَصْقَالُهُ حَضَرٌ وَغَرْسٌ وَقَمْلُوسُ وَمِدْرَاسٌ مُدْهَنُ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ مَسْدُودُ الشرفين مقطن الجنبين ومرساة حَدِيد وزنهما رُبُعُ قِنْطَارٍ بِالْمِصْرِيِّ مُكَمَلُ الْعَدَدِ وَالْآلَةِ شِرَاءً شَرْعِيًّا وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي الرَّقِيقِ جَمِيعَ الْعَبْدِ الْبَالِغِ أَوِ الْوَصِيفِ الْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ الْمُقِرِّ لَهُ بِالرّقِّ والعبودية الْمَدْعُو فلَان الحبشي الْجِنْس الْمُسلم وَمِنْ حِلْيَتِهِ كَذَا وَكَذَا وَإِنْ ذُكِرَ عَيْبٌ قُلْتَ وَأُعْلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ بِهِ كَذَا وَكَذَا وَدَخَلَ عَلَيْهِ وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ

(فَصْلٌ)

وَمَتَى كَانَ الْمَبِيع بِغَيْر بلد العقد قلت وخلى عوض 000 بَين الْمَبِيع وَالْمُشْتَرِي تحلية شَرْعِيَّة وَجب لَهُ بذلك قبض الْمَبِيع وتسليمه بِمُقْتَضى هَذَا الابتياع الشَّرْعِيّ واقر أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِذَلِكَ الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ قَبْلَ تَارِيخِهِ

(فَصْلٌ)

وَإِذَا دَفَعَ لَهُ فِي الثَّمَنِ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ تَكْتُبُ قَاصَّ بِهَا دَوًّا حَدَثَ المُشْتَرِي

ص: 355

الْمَذْكُورِ وَالْبَائِعِ الْمَذْكُورِ مِنَ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ بِمَا لَهُ من ذِمَّةِ الْبَائِعِ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي فِي الْقَدْرِ وَالْجِنْس وَالصّفة فِي الاستحاق مقامة صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً قَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَلَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطَالَبَةٌ قِبَلَ الْآخَرِ بِسَبَبِ ثَمَنٍ وَلَا مُثْمَنٍ وَلَا دَيْنٍ وَلَا عَيْنٍ وَلَا حُجَّةٍ بِمَسْطُورٍ وَلَا ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ وَلَا دِرْهَمٍ وَلَا دِينَارٍ وَلَا حَقٍّ مِنَ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى اختلافها لما مضى من الزَّمَان اَوْ إِلَى يَوْمِ تَارِيخِهِ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي شِرَاءِ الْجَمَاعَةِ هَذَا مَا اشْتَرَى فلَان بن فلَان وَفُلَان بن فلَان ان فلَانا وَفُلَانًا مِمَّا لَهُم لانفسهم بِالسَّوِيَّةِ اثلاثا فَإِن تفَاوت قلت باموالهم لانفسهم فَمن ذَلِك بِمَا اشْتَرَاهُ فُلَانٌ الْمُبْدَأُ بِاسْمِهِ لِنَفْسِهِ النِّصْفَ وَمَا اشْتَرَاهُ فلَان الْمُسَمّى باسمه لنَفسِهِ الرّبع وَمَا اشْتَرَاهُ فلَان الثُّلُث بِاسْمِهِ لِمُوَكِّلِهِ فُلَانٍ الرُّبُعَ الثَّانِي بِمَالِهِ وَإِذْنِهِ وتوكيله إِيَّاه فِي ابتياع مَا يذكر فِيهِ بِالثّمن الْمعِين فِيهِ وَفِي التَّسْلِيم وَالسّلم الَّذِي يُشْرَحُ فِيهِ عَلَى مَا يَشْهَدُ بِهِ مَنْ تَعَيَّنَهُ فِي رَسْمِ شَهَادَتِهِ أَخُوهُ فُلَانٌ وَفُلَان وَفُلَان الْإِخْوَة الأشقاء أَوْلَاد فلَان جَمِيع الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ وَتُحَدِّدُهَا ثُمَّ تَقُولُ وَصَدَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُبَايِعِينَ الْآخَرِينَ عَلَى صِحَّةِ مِلْكِهِ لِمَا بَاعَهُ وَقَبَضَ بِسَبَبِهِ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَكَذَلِكَ إِنْ صَدَقَهُمُ الْمُشْتَرُونَ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي شِرَاءِ الطَّاحُونِ جَمِيعَ حَجَرِ الطَّاحُونِ الْفَارِسِيِّ وَعِدَّتَهَا الدَّاخِلَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ هَذَا الْبَيْعِ الْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَهُوَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَتَصِفُ الطَّاحُونَ وَتُحَدِّدُ وَالْعدة التَّوَايِبَةُ الْخَشَبُ وَالْحَجَرُ وَالْجَرْبَانُ وَالْقَاعِدَتَانِ الصِّقَلَانِ وَتُكْمِلُ وصف الْعدة

ص: 356

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي شِرَاءِ الْأَخْرَسِ اشْتَرَى فُلَانٌ الْأَخْرَس اللِّسَان الاصم الاذنان الْبَصِيرُ الصَّحِيحُ الْبَدَنِ وَالْعَقْلِ الْعَارِفُ مَا يَلْزَمُهُ شَرْعًا الْخَبِيرُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ كُلُّ ذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ عَنْهُ الْمَعْلُومَةِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَعِنْدَ شُهُودِ هَذَا الْمَكْتُوبِ الْقَائِمَةِ مَقَامَ النُّطْقِ الَّتِي لَا تُجْهَلُ وَلَا تُنْكَرُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ وَتُكْمِلُ الْمُكَاتَبَةَ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي بَيْعِ الْوَلِيِّ أَوِ الْوَصِيِّ لِمَنْ يجب نَظَرِهِ هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقَائِمِ فِي بَيْعِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الطِّفْلِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ وَكَفَالَتِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ لِمَا رَأَى لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ وَحُسْنِ النَّظَرِ وَالِاحْتِيَاطِ وَأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ خَرَابٌ لَا انْتِفَاعَ بِهَا وَلَا اجرة فِيهَا وان بيعهَا والعوض بِثمنِهَا غَيرهَا اصلح مِنْهَا لتعود مَنْفَعَة مَا يتَحَمَّل مِنْهَا الْأُجْرَةِ عَلَى وَلَدِهِ الْمَذْكُورِ وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ وَتَكْتُبُ فِي ذَيْلِ الْمُبَايَعَةِ وَإِقْرَارِ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ أَعْلَاهُ هُوَ قِيمَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ وَلَا غَبِينَةَ وَلَا فَرْطَ وَأَنَّ الْحَظَّ وَالْمَصْلَحَةَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الصَّغِيرِ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ بِهَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وتؤرخ وَفَائِدَة هَذَا الْقُيُودِ سَدُّ بَابِ الْمُنَازَعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الصَّغِيرِ إِذَا بَلَغَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنِ اشْتَرَى لَهُ قُلْتَ اشْتَرَى لِوَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الْمُرَاهِقِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ وَكَفَالَتِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ لِمَا رَأَى لَهُ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ وَحُسْنِ النّظر بِمَالِه الَّذِي بجمله إِيَّاهُ وَمَلَّكَهُ لَهُ وَقَبِلَهَا مِنْ نَفْسِهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا

ص: 357

وَإِنْ كَانَ بِمَالِهِ إِرْثًا عَنْ أُمِّهِ أَوْ غَيره ذَكَرْتَهُ وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ وَتَكْتُبُ آخِرَهَا وَأَقَرَّ كُلٌّ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ وَتُؤَرِّخُ فَإِنِ ابْتَاعَ مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ بِمَالِهِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ قُلْتَ أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ عِنْدَ شُهُودِهِ إِقْرَارًا صَحِيحًا أَنَّ لَهُ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ جَمِيعَ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ مِلْكًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَأَنَّ تَحْتَ يَدِهِ وَحَوْطَتِهِ وَفِي حَوْزِهِ لِوَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الْمُرَاهِقِ مِنَ الْعَيْنِ الْمِصْرِيِّ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَأَنَّهَا مِلْكٌ لِوَلَدِهِ دُونَهُ وَدُونَ كل أحد يتسبب إِلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ تَارِيخِهِ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ طَوْعًا أَنَّهُ بَاعَ هَذِهِ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ وَاشْتَرَاهَا مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الطِّفْلِ الْمَذْكُورِ بِمَالِهِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ الْمُعَيَّنِ أَعْلَاهُ لِمَا رَأَى فِيهِ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ وَحُسْنِ النَّظَرِ شِرَاءً شَرْعِيًّا بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ وَهُوَ كَذَا دِينَارًا قَبَضَهَا فُلَانٌ الْمُقِرُّ مِنْ نَفْسِهِ مَنْ مَالِ وَلَدِهِ الْمَذْكُورِ الَّذِي لَهُ تَحْتَ يَدِهِ وَصَارَ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ وَتَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ وَصَارَتْ بِيَدِهِ مِلْكًا لِوَلَدِهِ دُونَهُ وَدُونَ كُلِّ أحد يتسبب إِلَيْهِ وَذَلِكَ بَعْدَ إِقْرَارِهِ وَإِحَاطَتِهِ بِهَا عِلْمًا وَخِبْرَةً وَيَرَى لَهُ الرُّؤْيَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَضَمَانُ الدَّرَكِ فِي ذَلِكَ عَائِدٌ عَلَيْهِ وَاعْتَرَفَ أَنَّ ثمن الدَّار الْمَذْكُورَة هُوَ ثمن الْمثل يرضيك لَا حَيْفَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ وَتُؤَرِّخُ وَإِنْ بَاعَ للْحَاجة قلت بِحكم ان الْوَلَد فلَان مُحْتَاجٌ إِلَى بَيْعِ هَذِهِ الدَّارِ أَوِ الْحِصَّةِ مِنْهَا فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَمُؤْنَةٍ وَكِسْوَةٍ وَلَوَازِمَ شَرْعِيَّةٍ وَلِكَوْنِهِ لَيْسَ لَهُ مَوْجُودٌ غَيْرُهَا وَأَنَّ وَالِدَهُ الْمَذْكُورَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِحكم مَا لَهُ من الْمَوْجُود المذكورا وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَمِينَ الْحُكْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِ مَحْضَرٍ لِلْقِيمَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَتَكْتُبُ اشْتَرَى فُلَانٌ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ أَمِينِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ فِي بَيْعِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِيَدِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ لِمَا دَعَتْ إِلَيْهِ حَاجَتُهُ مِنْ كَذَا بِإِذْنِ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ أَمِينِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي بَيْعِ الدَّارِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا بِالثّمن الَّذِي تعين فِيهِ وَقَبضه وَتَسْلِيم الدَّارَ لِمُشْتَرِيهَا الْإِذْنَ الشَّرْعِيَّ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَدَامَ اللَّهُ أَيَّامَهُ بِذَلِكَ مَنْ تَعَيَّنَهُ فِي رسم

ص: 358

شَهَادَتِهِ آخِرَ الْمَكْتُوبِ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِقَضِيَّةِ ذَلِكَ وَحُكْمِهِ جَمِيعَ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ الْجَارِيَةِ فِي مِلْكِ فُلَانٍ ثُمَّ تَكْتُبُ وَصَدَّقَ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا ثمَّ تَقول بعد الثّمن دفعت المُشْتَرِي من مَاله امين الْحُكْمِ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورِ فَتَسَلَّمَهُ وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَقَبَضَهُ لِفُلَانٍ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الْفُلَانِيِّ وَسَلَّمَ أَمِينُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورُ لِلْمُشْتَرِي مَا بَاعَهُ فِيهِ فَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَصَارَ بِيَدِهِ وَمِلْكِهِ وَحَوْزِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَتَذْكُرُ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْقِيمَةُ وَالْحَاجَةُ وَشُهُودُ ذَلِكَ تُسَمِّيهِمْ ثُمَّ تَقُولُ وَحِينَئِذٍ تَقَدَّمَ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ بِالنِّدَاءِ عَلَى الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ وَإِشْهَارِهَا بصفتها وَغَيره فَاشْتُهِرَتْ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ هُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَسَمِعَ النداء فَلم يسْمعهَا من بذل زَائِد عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْ شَاهِدَيِ الْقِيمَةِ وَالْمُهَنْدِسِينَ وَشَاهِدَيِ النِّدَاءِ شَهَادَتَهُ فِيهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ وَأَعْلَمَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِ عَلَامَةَ الاداء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود تُضَمِّنُهُ الْمَحْضَرَ الشَّرْعِيَّ الْمُؤَرَّخَ بِكَذَا وَكَذَا وَالَّذِي بِأَعْلَاهُ عَلَامَةُ الثُّبُوتِ وَمِثَالُهَا كَذَا فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ سَأَلَهُ مَنْ جَازَ سُؤَاله وسوغت الشَّرْعِيَّة الْمُطَهَّرَةُ إِجَابَتَهُ لِأَمِينِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَالْإِشْهَادَ عَلَيْهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَأُذِنَ لِأَمِينِ الْحُكْمِ فِي بَيْعِ ذَلِكَ عَلَى مَا شُرِحَ أَعْلَاهُ شَهِدَ عَلَى الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ مَنْ يُعينهُ فِي رسم شهادتها آخِرَهُ فَامْتَثَلَ أَمِينُ الْحُكْمِ ذَلِكَ وَعَاقَدَ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورَ عَلَى ذَلِكَ حَسْبَمَا شُرِحَ أَعْلَاهُ مَضْمُونُهُ شَهِدَ عَلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِتَارِيخِ كَذَا

(فَصْلٌ)

وَإِنْ مَاتَ وَتَرَكَ دَارًا وَفِي ذِمَّتِهِ صَدَاقٌ وَذَيْلُ الدَّار فِي صَدَاقهَا فشخصه بعدلين

ص: 359

وَهُوَ مَيِّتٌ وَيَكْتُبَانِ لَهَا فِي ذَيْلِ صَدَاقِهَا أَنَّهُمَا عَايَنَاهُ مَيِّتًا وَلَا يَشْهَدَانِ بِمَوْتِهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَيُؤَدِّي شُهُود العقد وَلَا للتشخيص عِنْدَ الْحَاكِمِ ثُمَّ تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ وَتَكْتُبُ حَلَفَتِ الْمَرْأَةُ الْمَشْهُودُ لَهَا أَعْلَاهُ أَوْ بَاطِنَهُ فُلَانَةُ الْمَرْأَةُ الْكَامِلُ ابْنَةُ فُلَانٍ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا اله الاهو يَمِينًا شَرْعِيَّةً مُؤَكَّدَةً مُسْتَوْفَاةً جَامِعَةً لِمَعَانِ الْحَلِفِ أَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ فِي تَرِكَةِ الْمُصْدِقِ الْمُسَمَّى بَاطِنَهُ فُلَانٍ بِمَبْلَغِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ الشَّاهِدِ بِهِ كِتَابُهَا بَاطِنَهُ أَوِ الشَّاهِدِ بِهِ الِاسْتِرْجَاعُ أَعْلَاهُ وَأَنَّ شاهديها بذلك صادقان فِيمَا شَهدا لَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ ذِمَّتَهُ لَمْ تَبْرَأْ مِنَ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَأَنَّهَا مَا قَبَضَتْهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا تَعَرَّضَتْ عَنهُ وَلَا عَن شَيْء مِنْهُ وَلَا لحالة بِهِ وَلَا بِشَيْء مِنْهُ وَلَا بَرى لَهَا مِنْهُ وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ بِقَوْلٍ وَلَا فعل وَأَنَّهَا مُسْتَحقَّة قبضت ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ حَالَ حَالِهَا هَذَا وَأَنَّ مَنْ شَهِدَ لَهَا صَادِقٌ فِيمَا شَهِدَ لَهَا بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَحَلَفَتْ كَمَا أُحْلِفَتْ بِالْتِمَاسِهَا لِذَلِكَ وَحُضُورِ مَنْ يُعْتَبَرُ حُضُورُهُ عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ بَعْدَ تَقَدُّمَ الدَّعْوَى الْمَسْمُوعَةِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا بِتَارِيخِ كَذَا وَيَقُولُ الشُّهُودُ آخِرَ الْحَلِفِ حَضَرنَا الْحلف الْمَذْكُور وشهدته وَتَكْتُبُ اسْمَهُ وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ إِلَّا وَاحِدٌ أَحْلَفْتَ بِيَمِينٍ وَتَذْكُرُهَا كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ تَكْتُبُ إِسْجَالَ الْحَاكِمِ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ الْقَاضِي فُلَانٌ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ بِالْوِلَايَةِ الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ مِنَ الْعُدُولِ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَمَحَلِّ قَضَائِهِ وَوِلَايَتِهِ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ مِنَ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ مِنْ سَنَةِ كَذَا بَعْدَ صُدُورِ دَعْوَى مُحَرَّرَةٍ مُقَابَلَةٍ بِالْإِنْكَارِ عَلَى الْوَضْعِ الْمُعْتَبَرِ الشَّرْعِيِّ بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ الَّذِي أَعْلَمَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِ بِالْأَدَاءِ فِي بَاطِنِهِ وَيَمِين الْمَشْهُود لَهَا فِيهِ فُلَانَة ابْنة فُلَانٍ عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا فِي ذِمَّةِ الْمُصْدِقِ الْمُسَمَّى بَاطِنه فلَان من فُلَانٍ مَبْلَغَ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا دِينَارًا عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الصَّدَاقُ بَاطِنَهُ وَقَدْ أَقَامَ الْعُدُولُ الْمُشَارُ إِلَيْهِمْ بِشَهَادَتِهِمْ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ بِشُرُوطِ الْأَدَاءِ الْمُعْتَبَرَةِ وَشَخَّصُوا

ص: 360

لَهُ الْمَشْهُودَ لَهَا الْمَذْكُورَةَ تَشْخِيصًا مُعْتَبَرًا وَقَبِلَ ذَلِك مِنْهُم الْقبُول السَّامع فِيهِ وَسَطَّرَ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ عَلَامَةِ الْأَدَاءِ وَالشَّخْصِ عَلَى الرَّسْمِ الْمَعْهُودِ فِي مِثْلِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ وَفَاةِ الْمُصْدِقِ الْمَذْكُورِ الثُّبُوتَ الشَّرْعِيَّ وَأَحْلَفْتَ الْمَشْهُودَ لَهَا الْمَذْكُورَةَ عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا لِذَلِكَ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْيَمِينِ الثَّابِتَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُسَطَّرَةِ فِي فُصُولِ الْحلف بَاطِنه على مَا تصرف شرح فِيهِ فَحَلَفَتْ كَمَا أُحْلِفَتْ بِالْتِمَاسِهَا لِذَلِكَ وَحُضُورِ مَنْ يُعْتَبَرُ حُضُورُهُ عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ فِي تَارِيخِ الْحَلِفِ الْمَذْكُورِ وَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَأَلَهُ مَنْ جَازَ سُؤَالُهُ الْإِشْهَادَ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَالِهِ وَتَقَدَّمَ بِكِتَابَةِ هَذَا الْإِسْجَالِ فَكَتَبَ عَنْ إِذْنِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ لَدَيْهِ وَأَبْقَى كُلَّ ذِي حُجَّةٍ مُعْتَبرَة فِيهِ على حجَّته نَافِذا للْقَضَاء وَالْحُكْمِ مَاضِيهُمَا بَعْدَ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى الْمَوْصُوفَةِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَحُضُورِ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَحِينَئِذٍ أَذِنَ الْقَاضِي فُلَانٌ لِأَمِينِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبِلَادِ الْفُلَانِيَّةِ فِي إِيصَالِ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ شَرْعًا وَوَقَعَ الْإِشْهَادُ فِيهِ بِتَارِيخِ كَذَا ثُمَّ تَكْتُبُ ابْتِيَاعَهَا مِنْ أَمِينِ الْحُكْمِ فِي ذَيْلِ الْإِسْجَالِ هَذَا مَا اشْتَرَتْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ لِنَفْسِهَا مِنَ الْمَشْهُودِ لَهَا بَاطِنَهُ وَالْمُسْتَحْلَفَةُ فِيهِ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ أَمِينِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ الْقَائِمِ فِي بَيْعِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ عَلَى الْمُصْدِقِ الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى بَاطِنَهُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فِيمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِ امْرَأَتِهِ الْمُشْتَرِيَةِ الْمَذْكُورَةِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَهُوَ من الْعين كَذَا وَكَذَا بالمعارضة الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ وَذَلِكَ بِإِذْنٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ مِنْ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ لِأَمِينِ الحكم فلَان فِي ذَلِك اشترت مِنْهُ تفضية ذَلِك وَحكمه جَمِيع الدَّار الْكَامِلَة الْجَارِيَة فِي يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ مَنْسُوبَةٍ لِمِلْكِ فُلَانٍ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ وَهِيَ بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ شِرَاءً صَحِيحًا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَبْلَغُهُ مِنَ الْعَيْنِ الْمِصْرِيِّ كَذَا دِينَارا حَالا وتسلم البَائِع امين الحكم الْمَذْكُور لمشتريه مَا

ص: 361

ابتاعته فِيهِ فَتَسَلَّمَتْهُ مِنْهُ وَصَارَتْ بِيَدِهَا وَقَبْضِهَا وَمِلْكِهَا وَمَالًا مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهَا وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَأَقَرَّتِ الْمُشْتَرِيَةُ الْمَذْكُورَةُ أَنَّ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ جَارِيَةٌ فِي ملك زَوجهَا الْمَذْكُورَة ثمَّ بعد تَمام ذَلِك ولزومه الْقَاضِي فُلَانٌ الْحُكْمُ الْعَزِيزُ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ الْمُشْتَرِيَةَ الْمَذْكُورَةَ لِمَا فِي ذِمَّتِهَا مِنَ الثّمن الْمَذْكُور لما ثَبَتَ لَهَا عَلَى الْمَبِيعِ عَلَيْهِ مِنَ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ كَذَا دِينَارًا وَهُوَ قَدْرُ الثَّمَنِ الْمَذْكُور وحبسه وَصِفَتُهُ وَحُلُولُهُ مَقَاصَّةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً بَرِئَتْ لَهَا ذمَّة المُشْتَرِي مِنَ الصَّدَاقِ وَذِمَّةُ الْمُشْتَرِيَةِ مِنَ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ بَرَاءَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً بَرَاءَةَ إِسْقَاطٍ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدَ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ شَهَادَةُ مَنْ يَضَعُ خَطَّهُ آخِرَهُ مِنَ الْعُدُولِ وَالْمُهَنْدِسِينَ الْمَنْدُوبِينَ لِتَقْوِيمِ الْأَمْلَاكِ وَهُمْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ أَنَّ قِيمَةَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ جَمِيعُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ ذَلِكَ قِيمَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ وَلَا غَبِينَةَ وَلَا فَرْطَ وَأَنَّ الْحَظَّ وَالْمَصْلَحَةَ فِي الْبَيْعِ بِذَلِكَ وَتُؤَرِّخُ ثُمَّ يَكْتُبُ شُهُودُ الْقِيمَةِ وَالْمُهَنْدِسُونَ خُطُوطَهُمْ بِأَنَّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ قِيمَةُ يَوْمَئِذٍ وَيُؤَدُّوا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَيُعْلَمُ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِمْ وَيَكْتُبُ شُهُودُ الْمُعَاقَدَةِ الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا بِالِابْتِيَاعِ وَقَدْ تَمَّ ذَلِكَ فَإِنِ اشْتَرَى غَيْرُ الزَّوْجَةِ كَتَبْتَ هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانٌ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ أَمِينِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ الْقَائِمِ فِي بَيْعِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ عَلَى فُلَانٍ الْمُصْدِقِ فِيمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِ امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَهُوَ كَذَا إِلَى وَفَاءِ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ لِلْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ وَذَلِكَ بِإِذْنٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ مِنْ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَنْ يُعَيِّنُهُ فِي شَهَادَتِهِ اخره اشْترى مِنْهُ بِنصْف ذَلِك وَحكمه جَمِيع الدَّار الْكَامِلَة الْجَارِيَة فِي يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ مِلْكًا لِفُلَانٍ الْمُتَوَفَّى الْمَبِيعِ عَلَيْهِ وتوصف وتحدد وتستوفى النعوت والانساب شرات صَحِيحًا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَبْلَغُهُ كَذَا قَبَضَهُ أَمِينُ الحكم الْمَذْكُور

ص: 362

مِنَ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَسلم البَائِع للْمُشْتَرِي الْمَذْكُور مَا بَاعَهُ فِيهِ فَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَمِلْكًا مِنْ جُمْلَةِ أَمْلَاكِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَالسَّبَبُ فِي هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ أَنَّ فُلَانَةَ امْرَأَةَ فُلَانٍ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ أَثْبَتَتْ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُور صَدَاقهَا على زَوجهَا الْمَذْكُور شَهَادَة الْعَدْلِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي الْإِسْجَالِ وَهُوَ فُلَانٌ الَّذِي أَعْلَمَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِ آخِرَهُ وَقَالَ إِنَّهُ عَارِفٌ بِالْمُصْدِقِ وَالْمُصْدَقَةِ الْمَذْكُورَيْنِ وَمَا عُلِمَ مغيرا لشهادته إِلَى أَقَامَهَا عِنْدَ شُرُوطِ الْقَضَاءِ وَشَخَّصَ الْمَرْأَةَ الْمَذْكُورَةَ وَقَبِلَهَا فِي ذَلِكَ بِمَا رَأَى مَعَهُ قَبُولَهُ وَأَعْلَمَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِ عَلَامَةَ الْأَدَاءِ وَالتَّعْرِيفَ بِالتَّشْخِيصِ عَلَى الرَّسْمِ الْمَعْهُودِ فِي مِثْلِهِ وَأُحْلِفَتِ الْمَرْأَةُ الْمَذْكُورَةُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْيَمِينَيْنِ الشَّرْعِيَّتَيْنِ الْجَامِعَتَيْنِ لِمَعَانِي الْحَلِفِ الْمَشْرُوحَيْنِ فِي مَسْطُورِ الْحَلِفِ الْمُؤَرَّخِ بِكَذَا بِحُضُورِ مَنْ يُعْتَبَرُ حُضُورُهُ فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُور سَالَتْ المراة الْحَاكِم الْمَذْكُور ليصالها إِلَى مَبْلَغِ صَدَاقِهَا الْمَذْكُورِ الْمَشْهُودِ لَهَا بِهِ من زَوجهَا الْمَذْكُور اذن الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ لِأَمِينِ الْحُكْمِ فِي بَيْعِ ذَلِكَ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ وَإِيصَالِهِ لِلْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا ثَبَتَ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهَا بِقَبْضِ ذَلِكَ إِذْنًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا فَشَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَنْ يَضَعُ خَطَّهُ آخِرَهُ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ أَنَّ هَذِهِ الْقِيمَةَ الْمَبِيع لَهَا قِيمَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهَا وَأَنَّ الْحَظَّ وَالْمَصْلَحَةَ فِي الْبَيْعِ بِذَلِكَ شَهِدَ بِهِ الْمَحْضَرُ الْمُؤَرَّخُ بِكَذَا وَفِيهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُدُولِ وَالْمُهَنْدِسِينَ أَرْبَابِ الْخِبْرَةِ بِالْعَقَارِ وَتَقْوِيمِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ ان شهد أَمِينُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورُ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ بِيَدِ الدَّلَّالِينَ عَلَى الْعَقَارِ بِالشَّارِعِ وَالْأَسْوَاقِ الْجَارِي بِهِ الْعَادَةُ أَيَّامًا مُتَوَالِيَةً بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ هُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَكَانَ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ الْبَذْلُ فِيهَا مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي كَذَا وَكَذَا وَهُوَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ

ص: 363

فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ وَوَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَى الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ وَأَمِينِ الْحُكْمِ وَالْمُشْتَرِي بِمَا نُسِبَ إِلَى كل مِنْهُم فِيهِ يتاريخ كَذَا ثُمَّ تَكْتُبُ خَلْفَ الصَّدَاقِ قَبْضَ الْمَرْأَةِ أَقَرَّتْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ الْمَرْأَةُ الْكَامِلُ عِنْدَ شُهُودِهِ طَوْعًا فِي صِحَّتِهَا وَجَوَازِ أَمْرِهَا أَنَّهَا قَبَضَتْ وَتَسَلَّمَتْ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ أَمِينِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ مَبْلَغَ صَدَاقِهَا الَّذِي لَهَا فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا فُلَانٍ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ وَهُوَ كَذَا دِينَارًا وَصَارَ بِيَدِهَا وَقَبْضِهَا وَحَوْزِهَا وَهُوَ ثَمَنُ الدَّارِ الَّذِي ابتاعها بِهِ أَمِينُ الْحُكْمِ عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ لِأَجْلِ وَفَاءِ صَدَاقِهَا الْمَذْكُورِ وَبِحُكْمِ ذَلِكَ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمُصْدِقِ مِنَ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ بَرَاءَةً شَرْعِيَّةً بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ وَتُؤَرِّخُ وَقَدْ عَرَفْتَ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنَ الْقُيُودِ وَالِاحْتِيَاطَاتِ كَيْفَ تَكْتُبُ إِذَا بَاعَ الْوَصِيُّ بِغِبْطَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ حاحة فَتذكر أَنَّهَا سَبَب بَيْعه وَبَينهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَذْكُرُ وَصِيَّتَهُ هَلْ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وان اثْبتْ عِنْدَ حَاكِمٍ ذَكَرْتَهَا وَشُهُودَهَا وَصِفَتَهَا وَعَلَامَةَ الْحَاكِمِ عَلَيْهَا وَاسْمَ الْحَاكِمِ وَتَسْتَوْعِبُ الْمَقَاصِدَ وَالنُّعُوتَ وَالْأَسْمَاءَ والانساب المميزة لكل من يذكرهُ وَإِنْ بَاعَ لِلْحَاجَةِ ذَكَرْتَهَا وَإِنْ أَثْبَتَهَا عِنْدَ الْحَاكِم ذكر مَحْضَرَ الْإِثْبَاتِ مُفَصَّلًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ وَتَذْكُرُ حَصْرَ مَوْجُودِهِ فِي الْمَبِيعِ حَتَّى يَتَعَيَّنَ الْبَيْعُ وَاعْتِرَافَ الْوَصِيِّ أَنَّ الثَّمَنَ ثَمَنُ الْمِثْلِ يَوْمئِذٍ وان عوض الابْن ابْنَتَهُ دَارًا بِدَارٍ ذَكَرْتَ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَجْوَدُ وَأَعْمَرُ وَأَكْثَرُ أُجْرَةً وَقِيمَةً وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْ نَفْسِهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَأَخْرَجَ الدَّارَ الْأُولَى مِنْ مِلْكِهِ وَنَقَلَهَا إِلَى مِلْكِ ابْنَتِهِ وَتَسَلَّمَهَا مِنْ نَفْسِهِ لَهَا وَرَفَعَ عَنْهَا يَدَ مِلْكِيَّتِهِ وَوَضَعَ عَلَيْهَا يَد ولَايَته وَنَظره واخراج الدَّارَ الثَّانِيَةَ عَنْ مِلْكِ ابْنَتِهِ إِلَى مِلْكِهِ وَتَسَلَّمَهَا مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وحوزه مَالا مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ كُلُّ ذَلِكَ بِحَقِّ هَذَا التَّفْوِيضِ وَبِحُكْمِ ذَلِكَ صَارَتِ الدَّارُ الْفُلَانِيَّةُ مِلْكًا لِابْنَتِهِ الْمَذْكُورَةِ دُونَهُ وَدُونَ كُلِّ أَحَدٍ يَنْتَسِبُ اليه وَالدَّار الآخرى ملك لَهُ دُونَ ابْنَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَدُونَ كُلِّ

ص: 364

أحد بِسَبَبِهَا وَأَقَرَّ أَنَّهُ عَارِفٌ بِهِمَا الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ النَّافِيَةَ لِلْجَهَالَةِ وَأَنَّهُ رَآهُمَا الرُّؤْيَةَ الْمُعْتَبَرَةَ وَأَحَاطَ بِهِمَا عِلْمًا وَخِبْرَةً وَتُؤَرِّخُ

(فَصْلٌ)

وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي سُلْطَانا اَوْ عَظِيما ذكرت من االنعوت مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ لِمِثْلِ ذَلِكَ الْعَظِيمِ وَإِنِ اشْتَرَى وَكِيلُهُ لَهُ بَدَأْتَ بِذِكْرِ الْعَظِيمِ فَقلت هَذَا مَا اشْترى فلَان الْفُلَانِيّ إِلَى اخر نعوته وَكيله وعدى نِعْمَتَهُ وَالْمُعْتَرِفُ بِخِدْمَتِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْمُبَارَكُ النَّامِي وَأَمْرُهُ الْعَالِي وَتَوْكِيلُهُ إِيَّاهُ فِي ابْتِيَاعِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي تَعَيَّنَ فِيهِ وَفِي التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ الَّذِي يُشْرَحُ فِيهِ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَدَامَ اللَّهُ أَيَّامَهُ مَنْ يَتَعَيَّنُ فِيهِ برسم شَهَادَته اخره من فلَان ابْن فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ جَمِيعَ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلَ السُّلْطَانِ لِبَيْتِ الْمَالِ كَتَبْتَ مَشْرُوحًا عَلَى بَعْضِ الْمُهَنْدِسِينَ بِشَاهِدَيْنِ مِثَالَهُ مَشْرُوحَ رَقْمِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ عَلَى الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِقَبْضِهِ حَالَ الدَّارِ الْكَامِلَة الْجَارِيَة فِي ديوَان الْمَوَارِيث الحشوية فَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ وَتُذْكَرُ حُقُوقُهَا أَنَّهُمَا شَاهَدَا الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَشْرُوحَةِ أَعْلَاهُ وَأَحَاطُوا بِهَا عِلْمًا وَخِبْرَةً وَكُتِبَ هَذَا الْمَشْرُوحُ لِيَبْقَى عِلْمُهُ فِي الدِّيوَانِ الْمَعْمُورِ وَتُؤَرِّخُ ثُمَّ تَكْتُبُ مَسْطُورَ المهندسين وَشهد فِي اخره شُهُود الْقيمَة والمهندسين مِثَالُهُ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ الْمُهَنْدِسِينَ عَنِ الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ إِنَّهُمْ صَارُوا صُحْبَةَ الْقَاضِي فُلَانٍ وَكَيْلِ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ إِلَى جَنْبِ الدَّارِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَوَصَفَهَا وحددها فِيهِ الْجَارِيَةُ فِي دِيوَانِ الْمَوَارِيثِ الْحَشْرِيَّةِ وَهِيَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ وَشَاهَدُوهَا بِالنَّظَرِ وَأَحَاطُوا بِهَا عِلْمًا وَخِبْرَةً وَقَوَّمُوهَا بِمَا مَبْلَغُهُ كَذَا وَكَذَا وَقَالُوا إِنَّ ذَلِكَ قِيمَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهِ وَلَا

ص: 365

شطط وَلَا غبينة وَلَا فرط وَأَن الْحَظ وَالْمَصْلَحَةَ فِي الْبَيْعِ بِذَلِكَ وَتُؤَرِّخُ ثُمَّ تَكْتُبُ مَسْطُورًا عَلَى سَمَاسِرَةِ الْعَقَارِ عَلَى ظَهْرِ الْحُجَّةِ مِثَالُهُ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ الْمُنَادِيَيْنِ عَلَى الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ إِنَّهُمْ أَشْهَرُوا مَا ذُكِرَ بَاطِنَهُ فِي مَظَانِّ الرَّغَبَاتِ وَمَوَاطِنِ الطَّلَبَاتِ فِي صَقْعِهَا وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَصْقَاعِ دُفُعَاتٍ مُتَفَرِّقَةً وَأَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةً فَلَمْ يَسْمَعُوا وَلَا حَضَرَ إِلَيْهِمْ زَائِدٌ عَلَى مَا قُوِّمَ بَاطِنَهُ وَتُؤَرِّخُ وَشهد عَلَيْهِم ثمَّ تكْتب قَضِيَّة يُوقع الْمَقَامُ السُّلْطَانِيُّ وَيَكْتُبُ عَلَيْهَا صَاحِبُ الدِّيوَانِ وَيَخْرُجُ عَلَى ظَهْرِهَا الْحَالُ ثُمَّ يُوَقِّعُ صَاحِبُ الدِّيوَانِ ثُمَّ يُجَاوِبُ وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ يُوَكِّلُ صَاحِبُ الدِّيوَانِ وَيُلْصِقُ الْحُجَّةَ عَلَى الْقِصَّةِ فَإِذَا كَمُلَ ذَلِكَ كَتَبْتَ مُبَايَعَةً مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ الْقَائِمِ فِي بَيْعِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ بِحكم الْوكَالَة الَّتِي بِيَدِهِ المفوضة إِلَيْهِ من الْمقَام السلطاني وتذكر النعوت المدعا الَّتِي جَعَلَ لَهُ فِيهِ بَيْعَ مَا هُوَ جَارٍ فِي أَمْلَاكِ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا نَصَّ وَشَرَحَ فِيهَا الثَّابِتَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ 0 بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ الثُّبُوتَ الصَّحِيحَ الشَّرْعِيَّ الْمُتَوَجَّهَ بِا مِثَالُهَا كَذَا أَنْثَى مِنْهُ مَحْضَةُ ذَلِكَ جَمِيعَ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ الْجَارِيَةِ فِي رباع الْمَوَارِيث الحسرية الْمَقْبُوضَةِ عَنْ فُلَانٍ الْمُتَوَفَّى أَوِ الَّذِي أَظْهَرَهَا الْكَشْفُ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ شِرَاءً صَحِيحًا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَبْلَغُهُ كَذَا حَالَّةً وَذَلِكَ مَحْمُولٌ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ عَلَى مَا يَشْهَدُ بِهِ وُصُولُ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ الْمَشْرُوحِ آخِرَهُ وَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورُ مَا ابْتَاعَهُ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَانْقَضَى أَمَدُ الْخِيَارِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ وَهُوَ كَذَا وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِي أَمْلَاكِ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ وَالسَّبَبُ فِي هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْمَذْكُورَ رَفَعَ قِصَّةً مُتَرْجَمَةً بِاسْمِهِ إِذْ هِيَ فِيهَا بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَالدُّعَاءِ وَتَنْقُلُ

ص: 366

جَمِيع مَا فِي الْقِصَّة فَوَقع عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ جِهَةِ مُتَوَلِّي الدِّيوَانِ مِثَالُهُ امْتَثِلِ الْمَرْسُومَ وَتَنْقُلُ أَوَّلَهَا إِلَى عَقْدِ الصِّفَةِ فَتَكْتُبُ وَقَدْ ذُكِرَ فِيهِ مِنَ الصِّفَاتِ وَالْحُدُودِ مَا وفْق أَعْلَاهُ وَتَكْتُبُ تَارِيخَهُ ثُمَّ تَلَاهُ تَوْقِيعُ كَرِيمٍ مِثَالُهُ لِيَقِفَ الْمَجْلِسُ وَتَنْقُلُ جَمِيعَ مَا فِيهِ ثُمَّ تَلَاهُ جَوَابُ مُتَوَلِّي الْوِكَالَةِ الشَّرِيفَةِ بِمَا مِثَالِهِ امْتَثَلَ الْمَمْلُوكُ فُلَانٌ وَتَنْقُلُ جَمِيعَ مَا فِيهِ فَنَحَّى هَذَا الْمُشْتَرِي وُصُولًا مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ الْمَعْمُورِ فِي هَذَا شَهِدَ لَهُ بِحَمْلِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَنَسَخْتَهُ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَتَنْقُلُ جَمِيعَ مَا فِيهِ ثُمَّ تَلَاهُ تَوْقِيعُ كَرِيمٍ مِثَالِهِ إِذَا كَانَ وَتَنَقُلُ جَمِيعَ مَا فِيهِ وَذَلِكَ ان اخذت الْحجَّة الملصقة بأعلا التَّوْقِيعِ الدِّيوَانِيِّ الْمُتَضَمِّنَةِ الْإِشْهَادَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ الْمُهَنْدِسَيْنِ عَلَى الْعَقَارِ وَالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَنَّ الْقِيمَةَ الْمُعَيَّنَةَ فِيهَا وَهِيَ مِنَ الدَّرَاهِمِ كَذَا هِيَ قِيمَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ وَلَا غَبِينَةَ وَلَا فرط وان الْحَظ ووالمصلحة فِي البيع بذلك وَهِي مُؤَرَّخَةٌ بِكَذَا وَبِآخِرِهَا رَسْمُ شَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ شَهدا بَان الْقيمَة الْمَذْكُورَة قيمَة الْمثل وَهَذَا لَا حَيْفَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ وَعَلَى ظَهْرِ هَذَا الْإِشْهَادِ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ الْمُنَادِيَيْنِ عَلَى الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِأَنَّهُمَا أَشْهَرَا ذَلِكَ فِي مَظَانِّ الرَّغَبَاتِ بِصَقْعِهِ وَغَيْرِهِ فَلَمْ يَحْضُرْ مَنْ بَذَلَ زَائِدًا عَلَى مَا قُوِّمَ فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَوَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَى الْقَاضِي فُلَانٍ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي بِمَا نُسِبَ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِتَارِيخِ كَذَا

(فَصْلٌ)

يَنْبَغِي أَنْ تَكْتُبَ فِي الْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَجَمِيعِ هَذِهِ التَّمْلِيكَاتِ أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِمَا وَقَعَ التَّمْلِيكُ فِيهِ احْتِرَازًا مِنْ مَذْهَبِ ش لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ الْعِلْمَ بِذَلِكَ

(فَرْعٌ)

إِذَا بَاعَ رَجُلَانِ حِصَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ عَيَّنْتَ مَا لِكُلِّ حِصَّةٍ مِنَ الثَّمَنِ لِتُوقِعَ الِاسْتِحْقَاقَ فَيَتَعَيَّنُ مَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ وَلِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يحرم جَمِيعهَا سِلْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الثَّمَنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَدْرِي بِمَا بَاعَ سِلْعَتَهُ وَأَجَازَهُ اشهب

ص: 367

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ فِي وَثَائِقِهِ لَا يَجُوزُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْبَيْعُ عَلَى الْتِزَامِ مَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْمَغْرَمِ لِأَنَّهُ عذر وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَتْرُكُ الْمَغَارِمَ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَرْضِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا اشْتَرَى بَيْتًا مِنْ دَارٍ أَوْ قِطْعَةً مِنْهَا وَسَكَتَا عَنِ التَّصَرُّفِ فَلِلْمُبْتَاعِ الدُّخُولُ وَالْخُرُوجُ وَالتَّصَرُّفُ فِي دَارِ الْبَائِعِ وَالِانْتِفَاعُ بِمَرَافِقِهَا فَإِنِ اشْتَرَطَا عَدَمَ ذَلِكَ فُسِخَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ مِنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ الَّتِي لِلْمُبْتَاعِ الَّذِي اشْتَرَى الْبَيْتَ وَصَرَفَهُ إِلَيْهَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِي البيع وَصُرِفَ إِلَى بَائِعِهِ وَرَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ يبْقى اليه فَلَا مَدْخَلٍ إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَى قِطْعَةَ بُسْتَانٍ لتصرفه لبستانه وَاسْتحق الْبُسْتَان فإنفسخ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ يَبْقَى بِلَا مَاءٍ وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا كَانَ الْأَخْرَسُ أَعْمَى امْتَنَعَتْ مُعَامَلَتُهُ وَمُنَاكَحَتُهُ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْهُ معتذرة تَنْبِيهٌ فَائِدَةُ قَوْلِنَا شَهِدَ عَلَى إِشْهَادِ الْمُتَبَايِعَيْنِ دُونَ قَوْلِكَ شَهِدَ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ الْخُرُوجُ مِنَ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْمُقِرَّ لَا يُشْهَدُ عَلَيْهِ حَتَّى يأدن وَلِأَنَّ الْمُقِرَّ إِذَا قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ كَانَ فِي الْغَايَة التَّحَرُّزِ بِخِلَافِ أَنْ يَسْمَعَهُ وَلَا يَقْصِدَ إِشْهَادًا عَلَيْهِ فَهُوَ زِيَادَةُ وُثُوقِ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَانْتِفَاءِ الرِّيبَة وَقَوْلنَا فِي الْحُدُود الْحَد القلبي يَنْتَهِي إِلَى دَارِ فُلَانٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِنَا آخر هَا دَارُ فُلَانٍ لِأَنَّ آخِرَ الشَّيْءِ مِنْهُ فَيَلْزَمُ فَيَلْزَمُ دُخُولُ دَارِ فُلَانٍ فِي الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ إِذا قلت حَدهَا دَار فلَان ردا لِدُخُولِ الْخِلَافِ فِي دُخُولِ الْحَدِّ فِي الْمَحْدُودِ وَقَوْلُنَا اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِنَا دَارَهَ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إِلَيْهِ تَقْتَضِي اعْتِرَافَ الْمُشْتَرِي لَهُ بِالْمِلْكِ فَيَمْتَنِعُ

ص: 368

رُجُوعُهُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِذَا كَانَتِ الدَّار مَشْهُورَة بِحَدّ وَأحد وَقلت شُهْرَتُهَا تُغْنِي عَنْ تَحْدِيدِهَا وَمِنَ الْمُوَثِّقِينَ مَنْ يَصِفُ جِدَارَاتِ الدَّارِ طُولًا وَعَرْضًا وَارْتِفَاعًا وَالسُّقُوفَ وَغَيْرَ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ الْفَوْتِ وَالتَّغْيِيرِ فَيَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الصِّفَةِ قَبْلَ التَّغْيِيرِ

(

‌فصل)

وتكتب فِي البيع الأنقاض الْقَائِمَة هَذَا مَا اشْتَرَى جَمِيعَ أَنْقَاضِ الدَّارِ الْقَائِمَةِ عَلَى قَاعَةٍ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِمَدِينَةِ كَذَا فِي صُقْعِ كَذَا وَحُدُودُهَا كَذَا بِمَا لِلْأَنْقَاضِ الْمَذْكُورَةِ مِنَ الْخَشَبِ وَالْقَصَبِ وَالْأَلْوَاحِ وَالْأَدْوَارِ وَالرُّخَامِ والبلاط والجوائز والآجر والطوب وَالتُّرَاب والعب عَلَى شَرْطِ أَنْ يَقْلَعَهَا الْبَائِعُ وَتَكُونَ لَهُ مقلوعة بعد مَعْرفَتهَا بِقَدَرِ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ وَصِفَتِهِ وَتَفَاصِيلِهِ وَمَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ خَطَرُ قَلْعِ الْأَنْقَاضِ الْمَذْكُورَةِ وَوُقُوفِ الْمُبْتَاعِ عَلَى مَا هُوَ مَسْتُورٌ مِنَ الْأَنْقَاضِ مِنْ ظُهُور الْعَيْب وَأَطْرَافِ الْجَوَائِزِ وَالْأُسُسِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الموثق فِي وثائقة لَا يجوز بيع النَّقْص عَلَى التَّبْقِيَةِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ على أَن بعطي السُّلْطَان وَصَاحب الْقَاعَةِ كِرَاءَهَا شَهْرًا بِشَهْرٍ لِأَنَّهُ كَرَاءٌ إِلَى غَيْرِ أَجْلٍ وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ شِرَاءَ الْقَرْيَةِ بِشَرْطِ مَا عَلَيْهَا مِنَ الْغُرْمِ وَأَجَازَ مَالِكٌ بَيْعَ النَّقْضِ كَالْمَقَاثِيِّ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي بَيْعِ الْأَهْوِيَةِ ابْتَاعَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَا فَوْقَ سَقْفِ الْبَيْتِ الْقِبْلِيِّ مِنْ دَارِهِ

ص: 369

الَّتِي بِمَوْضِعِ كَذَا وَهُوَ الْبَيْتُ الَّذِي بَابُهُ إِلَى نَاحِيَةِ كَذَا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ غُرْفَةً يَكُونُ بِنَاءُ جِدَارِهَا بِالْآجُرِّ أَوْ بِالْحَجَرِ وَالْجِبْسِ وَارْتِفَاعُهُ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا وَمَفْتَحُ بَابِهَا إِلَى نَاحِيَةِ كَذَا فِي دَاخِلِ كَذَا إِلَى جَانِبِ كَذَا أَوِ الْمَحَجَّةِ وَفَرْشُهَا كَذَا وَكَذَا جَائِزَةٌ مِنْ خَشَبٍ غِلَظُ كُلِّ خَشَبَةٍ كَذَا وَطُولُهَا كَذَا وَيَفْرِشُهَا بِأَلْوَاحٍ صِفَتُهَا كَذَا وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُوَثِّقُ عَلَى الْبَائِعِ إِصْلَاحُ حِيطَانِهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْحَمْلَ وَعَلَى الْمُبْتَاعِ إِصْلَاحُ مَا هُوَ عَلَى الْمُبْتَاعِ إِنِ اشْتَرَطَ وَإِلَّا فَهَلْ هُوَ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ سَقْفُهُ أَوِ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهُ أَرْضُهُ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُ الْمُبْتَاعِ لِمَا فَوْقَ غُرْفَتِهِ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ ثِقَلٍ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي السَّلَمِ أَسْلَمَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ سَكَّةِ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَقَدْ قَبَضَهَا مِنْهُ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا فِي خَمْسِينَ إِرْدَبًّا مِنَ الْقَمْحِ الْأَحْمَرِ الْمُسَمَّى الْيَابِسِ السَّالِمِ مِنَ الْعَلْثِ وَالطِّينِ وَالسُّوسِ الْجَدِيدِ بِكَيْلِ الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ يُوَفِّيهِ إِيَّاهُ فِي أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا وَكَذَلِكَ تَذْكُرُ فِي كُلِّ سَلَمٍ الْأَوْصَافَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا الْأَغْرَاضُ فِي ذَلِكَ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَمَكَانَهُ وَزَمَانَهُ وَمَكَانَ قَبْضِهِ وَتَفَرُّقِهِمَا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ حَذَرًا مِنَ الْغَرَرِ وَالدَّيْنِ بِالدَّيْنِ تَنْبِيهٌ كُلُّ عَقْدٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضَانِ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ فِي ثَلَاثِ نُسَخٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَاحِدَةٌ وَعِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ اثْنَتَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدَة كَبيع الْوَصِيّ يحتاجها لَيْلًا يتهم بِالْبيعِ بِدُونِ الْقيمَة فَشهد لَهُ بِالْقيمَةِ يحتاجها لَيْلًا يضيعها اَوْ إِحْدَاهمَا فَرُبَّمَا اتُّهِمَ بِالْجَوْرِ فِي الْحُكْمِ وَتَمْتَنِعُ الْخُصُومَةُ بِظُهُورِ النُّسْخَةِ مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَلِكَ الْوَفَاةُ وَحَصْرُ الْوَرَثَة وَحفظ الْحَرَام لِنُسَخِ الْإِسْجَالَاتِ لُطْفًا بِالنَّاسِ

ص: 370

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْإِجَارَاتِ)

اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فلَان من فلَان ابْن فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الْجَارِيَةِ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى ذَلِكَ قُلْتَ وَصَدَّقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى ذَلِكَ اَوْ جَمِيعَ الْحِصَّةِ الَّتِي مَبْلَغُهَا الرُّبُعُ سِتَّةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَقْفًا عَلَيْهِ انْتَهَتْ مَنَافِعُ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا مُجَرَّدُ التَّصَرُّفِ كَتَبْتَ الْجَارِيَةَ فِي يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَلَهُ قَبْضُ أُجْرَتِهَا بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ عَلَى مَا ذُكِرَ وَصَدَّقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ لِمُوَكِّلِهِ قُلْتَ الْجَارِيَةُ فِي تَصَرُّفِهِ مِلْكًا لِمُوَكِّلِهِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَلَهُ إِيجَارُهَا عَنْهُ وَقَبْضُ أُجْرَتِهَا بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي بِيَدِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَهَذِهِ الدَّارُ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ لِيُنْتَفَعَ بِهَا بِالسُّكْنَى وَالْإِسْكَانِ وَوَقِيدِ النَّارِ إِنْ أُذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِمُدَّةِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَوَامِلَ أَوْ ثَلَاثِينَ سَنَةً كَوَامِلَ أَوَّلُ ذَلِكَ يَوْمُ تَارِيخِهِ أَوِ الْيَوْمُ الْفُلَانِيُّ مِنَ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ شُهُورِهَا كَذَا دِرْهَمًا قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ فِي سَلْخِهِ أَوْ فِي أَوَّلِهِ وَتَسَلَّمَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَتُؤَرِّخُ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ إِذَا اسْتَأْجَرَ بِدَيْنٍ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ فِيمَا لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي ذِمَّةِ الْآجِرِ مِنَ الدَّيْنِ الْحَالِّ الَّذِي اعْتَرَفَ بِهِ عِنْدَ شُهُودِهِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَتَسَلَّمَ مَا استاجره

ص: 371

وتكمل العقد فَإِن قاصصه الْمُسْتَأْجِرُ بِدَيْنٍ فِي الْأُجْرَةِ تَكْتُبُ بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا كَذَا دِرْهَمًا حَالَّةٍ وَتَسَلَّمَ الْمُسْتَأْجِرُ مَا اسْتَأْجَرَهُ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِك قاصص الْمُسْتَأْجِرُ الْمَذْكُورُ الْآجِرَ الْمَذْكُورَ بِمَا لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي ذِمَّةِ الْآجِرِ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي اعْتَرَفَ بِهِ عِنْدَ شُهُودِهِ وَهُوَ نَظِيرُ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قدرهَا وجنسها وصفتها وَحلوهَا مُقَاصَّةً شَرْعِيَّةً قَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَلَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِبَلَ الْآخَرِ مُطَالَبَةٌ بِسَبَبِ دَيْنٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا حَقٍّ مِنَ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ كُلِّهَا

(فَصْلٌ)

وَإِنِ اسْتَأْجَرَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْأُولَى كَتَبْتَ لِمُدَّةِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ تَلِي الْمُدَّةَ الْأُولَى أَوَّلُهَا الْيَوْمُ الْفُلَانِيُّ بِحُكْمِ أَنَّ الدَّارَ مُسْتَأْجَرَةٌ مَعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَقَدِ اسْتَأْنَفَ هَذِهِ الْمَدَّةَ الثَّانِيَةَ زِيَادَةً عَلَى مُدَّةِ إِجَارَتِهِ الْأُولَى ثُمَّ تَقُولُ بَعْدَ قَوْلِكَ وَذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ اعْتَرَفَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ الدَّارَ فِي يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَأَنَّهُ عَارِفٌ بِهَا الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ

(فَصْلٌ)

وَإِنِ اسْتَأْجَرَ جَمَاعَةٌ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ قُلْتَ اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْإِخْوَةُ الْأَشِقَّاءُ أَوْلَادُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِالسَّوِيَّةِ أَثْلَاثًا مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الْقِطْعَةِ الْمَدَرِ الطِّينِ الْأَسْوَدِ الْجَارِيَةِ فِي يَدِهِ وَفِي مِلْكِهِ وَهِيَ بِالْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ ومساحتها كَذَا فلَانا بالقصبة العلامية أَوْ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْعَمَلِ لِيَبْنُوا عَلَيْهَا مَا أَرَادُوا بِنَاءَهُ وَيَحْفِرُوا مَا أَرَادُوا حَفْرَهُ مِنَ الابار الْمعينَة ووالمجاري ويعلوا مَا أَرَادُوا تَعْلِيَتَهُ وَيَزْرَعُوا مَا أَرَادُوا وَأَحَبُّوا وينتفعوا بهَا كَيفَ شاؤا عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لِمُدَّةِ كَذَا وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ

ص: 372

(فَصْلٌ)

وَإِنِ اسْتَأْجَرَ لِمُوَكِّلِهِ مِنْ جَمَاعَةٍ قُلْتَ اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لِمُوَكِّلِهِ فُلَانِ بْنِ فلَان الْفُلَانِيّ باذنه وتوكيله اياه فِي استيجار مَا يُذْكَرُ فِيهِ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي تُعَيَّنُ فِيهِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهِ وَفِي تَسْلِيمِهِ مَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ عَلَى مَا شُهِدَ لَهُ بِهِ فِي الْوَكَالَةِ الَّتِي بِيَدِهِ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ أَوْلَادِ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الْكَامِلَةِ الْجَارِيَةِ فِي أَيْدِيهِمْ وَمِلْكِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ فِي مِلْكِ فُلَانٍ الرُّبُعُ وَمَا هُوَ فِي مِلْكِ فُلَانٍ السُّدُسُ وَمَا هُوَ فِي مِلْكِ فُلَانٍ النِّصْفُ وَنِصْفُ السُّدُسِ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ اربعة وَعشْرين سَهْما ويوصف ويحدد لِمُدَّةِ كَذَا بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا كَذَا مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ أُجْرَةُ فُلَانٍ كَذَا وَمَا هُوَ أُجْرَةُ فُلَانٍ كَذَا وَتَسَلَّمَ مَا اسْتَأْجَرَهُ لِمُوَكِّلِهِ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي حَمْلِ الرَّجُلِ وَزَادِهِ فِي الْحَجِّ وَنَحْوِهِ عَاقَدَ فلَان بن فلَان السيروان الْحَاج فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ عَلَى حَمْلِهِ وَحَمْلِ تِجَارَته ودقيقه وقماشه وزيت ذَلِكَ كَذَا وَكَذَا رِطْلًا مِنْ مِصْرَ إِلَى مَكَّةَ الْمُعَظَّمَةِ عَلَى ظَهْرِ جَمَلِهِ الَّذِي بِيَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا كَذَا قَبَضَهَا مِنْهُ مُعَاقَدَةً شَرْعِيَّةً بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِحَاطَةِ بِذَلِكَ عِلْمًا وَخِبْرَةً وَعَلَيْهِ الشُّرُوعُ فِي حَمْلِ فُلَانٍ يَوْمَ تَارِيخِهِ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي الْمَرْكَبِ طَوَّقَ مَحْمَلَهَا وَعِدَّتَهَا لِيَنْتَفِعَ بِهَا فِي حَمْلِ الْغَلَّاتِ وَالرُّكَبَانِ فِي بَحر النّيل الْمُبَارك مقلعا وَمُنْحَدِرًا وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي إِجَارَةِ الرَّضَاعِ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِمُطَلِّقِهَا الطَّلْقَةَ الْأُولَى الْخُلْعَ

ص: 373

فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ عَلَى إِرْضَاعِ ابْنَتِهَا مِنْهُ فُلَانَةَ وَحَضَانَتِهَا وَغَسْلِ ثِيَابِهَا وَتَسْرِيحِ رَأْسِهَا وَالْقِيَامِ لِمَصَالِحِهَا فِي مَنْزِلِهَا بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ لِمُدَّةِ كَذَا وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي إِجَارَةِ الْوَلِيِّ اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقَائِمُ فِي إِيجَارِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ عَنْ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الطِّفْلِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ وَكَفَالَتِهِ لِمَا رَأَى لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ وَتَكْتُبُ فِي الْوَصِيِّ الْقَائِمُ فِي إِيجَارِ ذَلِكَ عَنْ فُلَانٍ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ حَسْبَ مَا فَرْضه لَهُ فلَان وَالِد الْمُوجب عَلَيْهِ مِنَ الْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي بِيَدِهِ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ وَتَسَلَّمَ مَا أَجَّرَهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ وَتَكْتُبُ فِي امين الحكم الْقَائِم فِي ايجاب مَا يُذْكَرُ فِيهِ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِيَدِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ أَمِينِ الْحُكْمِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ فَإِن كَانَ الْحَاكِم أَذِنَ لَهُ كَتَبْتَ وَذَلِكَ بِإِذْنٍ مِنْ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ لَهُ فِي ذَلِكَ جَمِيعَ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ وَإِنْ شَهِدَ بِقِيمَةِ الْأُجْرَةِ أَخَّرَ شَرْحَ ذَلِكَ فِي ذَيْلِ الْإِجَارَةِ وَإِنِ اسْتَأْجَرَ لِوَلَدِهِ قُلْتَ بِمَالِهِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ لِمَا رَأَى لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ وَتَقُولُ فِي أَمِينِ الْحُكْمِ استاجر فلَان القَاضِي لفُلَان ابْن فلَان المجور عَلَيْهِ بِيَدِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِمَالِهِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ لِمَا رَأَى لَهُ فِيهِ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ وَذَلِكَ بِإِذْنِ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ لِفُلَانٍ فِي ذَلِكَ جَمِيعَ الدَّارِ وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي إِجَارَةِ الرَّجُلِ نَفْسَهُ لِلْحَجِّ أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عِنْدَ شُهُودِهِ طَوْعًا أَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَصِيِّ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُتَوَفَّى إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى الْقَائِمِ فِي مُعَاقَدَتِهِ بِالْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي بِيَدِهِ الثَّابِتَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ عَنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمَذْكُور حجَّة

ص: 374

الْإِسْلَامِ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ أَوِ الَّتِي هِيَ تَطَوُّعٌ أَوْ تَسْكُتُ عَنْ هَذَا الْقَيْدِ عَلَى أَنْ يَتَوَجَّهَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عَامَ تَارِيخِهِ فِي مُدَّةٍ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ أَدَاءِ الْحَجِّ فِي عَامِ تَارِيخِهِ فِي الْبَحْرِ الْفُلَانِيِّ أَوْ فِي الْبَرِّ الْفُلَانِيِّ وَيُحْرِمُ مِنَ الْمِيقَاتِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى مِثْلِهِ وَيَنْوِي حِجَّةً مُفْرَدَةً كَامِلَةً وَيَدْخُلُ إِلَى الْحَرَمِ الشَّرِيفِ بِمَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَيَنْوِي عَنْهُ الْحِجَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا وَشُرُوطِهَا وَسُنَنِهَا ثُمَّ يَعْتَمِرُ عَنْهُ عُمْرَةً مِنْ مِيقَاتِهَا عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ تَقُولُ هُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَفْرَدَ وَإِنْ شَاءَ تَمَتَّعَ أَوْ قَرَنَ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ وَيَنْوِي بجيع افعاله وفرعها عَنِ الْمُتَوَفَّى الْمُوصِي الْمَذْكُورِ وَأَجْرُ ثَوَابِهِ لَهُ وَمَتَى وَقَعَ مِنْهُ إِخْلَالٌ يَلْزَمُ فِيهِ فِدَاءٌ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ كَانَ ذَلِكَ مُتَعَلِّقًا بِهِ وَبِمَالِهِ دُونَ مَالِ الْمُوصِي الْمُتَوَفَّى الْمَشْرُوحِ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَاقِدَةٌ عَلَى ذَلِكَ مُعَاقَدَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً بِالْأُجْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ أَعْلَاهُ الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ وَهِيَ كَذَا دِينَارًا قَبَضَهَا مِنْهُ وَتَسَلَّمَهَا وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَحَوْزِهِ مِنْ مَالِ الْمُوصِي الْمَذْكُورِ حَسْبَمَا فَوَّضَ ذَلِكَ لَهُ فِي تَسْلِيمِ ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ أَنَّ الْأَجِيرَ الْمَذْكُورَ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ الْحِجَّةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ شَرْعًا وَتُؤَرِّخُ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ مَشْرُوحًا فِيهِ خَطُّ شُهُودِ الْقِيمَةِ وَالْمُهَنْدِسِينَ ثُمَّ تَكْتُبُ الْإِجَارَةَ وَتَشْرَحُ فِي ذَيْلِهَا الْمَشْرُوحِ وَإِنَّ كَانَتِ الْإِجَارَةُ بِتَوْقِيعِ وَكَيْلِ بَيْتِ الْمَالِ كَتَبْتَ فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ مِثْلَ مَا كَتَبْتَ فِي الْمُبَايَعَةِ وَهُوَ أَنْ تَقُولَ وَالْمُثْبَتُ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْمَذْكُورَ رَفَعَ قِصَّةً وَتَشْرَحُ كَمَا شُرِحَ فِي الْمُبَايَعَةِ وَمِثَالُ الْمَشْرُوحِ مَشْرُوحٌ رَفَعَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُهَنْدِسِينَ عَلَى الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ بقضية حَال الْقطعَة الْأَرْضِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَذَرَعَهَا وَتَحْدِيدُهَا فِيهِ الْجَارِيَةُ فِي رُبَاعِ الْمَوَارِيثِ الْحَشْرِيَّةِ وَهِيَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَتَذْرَعُ وَتَحُدُّهُ وَشَمِلُوهَا بِالنَّظَرِ وَأَحَاطُوا بِهَا

ص: 375

عِلْمًا وَخِبْرَةً وَقَالُوا إِنَّ الْأُجْرَةَ عَنْهَا لِمَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِهَا لِيَنْتَفِعَ بِمَا شَاءَ وَأَحَبَّ وَاخْتَارَ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَيَبْنِي عَلَيْهَا مَا أَحَبَّ بِنَاءَهُ وَيُعْلِي مَا أَرَادَ تَعْلِيَتَهُ وَيَحْفُرُ الابار الْمعينَة وابار الْمُسَمّى والقتا لِأَدَاءِ الْمَاءِ وَيُشَقِّقُ الْأَسَاسَاتِ وَيُخْرِجُ الرَّوَاشِنَ وَإِنْ كَانَ المستاجر سطحا ذكرت رقة مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ أَوْ تَقْرِيبَهُ فَتَقُولُ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا الْحَالُّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا وَبَاقِي ذَلِك وَهُوَ كَذَا درهما فتؤمر بِهِ مُنَجِّمًا فِي سَلْخِ كُلِّ سَنَةٍ كَامِلَةٍ كَذَا وَقَالُوا إِنَّ ذَلِكَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ وَلَا غَبِينَةَ وَلَا فَرْطَ وَإِنَّ الْحَظَّ وَالْمَصْلَحَةَ فِي الْإِجَارَةِ بِذَلِكَ وَكُتِبَ بِتَارِيخِ كَذَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُ أَوَّلَ الْمَشْرُوحِ لِمَغَارِسِهِمْ بِعَمَلِ مَشْرُوحٍ يَقْتَضِيهِ حَالُ الْوَضْعِ الَّتِي ذَكَرَهُ فِيهِ الْجَارِي فِي دِيوَانِ الْمَوَارِيثِ الْحَشْرِيَّةِ امْتَثَلَ الْمَرْسُومُ فِي ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ فلَان وَفُلَان وَفُلَان المهندسين على الْعقار بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَصَارُوا إِلَى الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ بِالْفَوْتِ بِظَاهِرِ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَيُوصَفُ وَيُحَدَّدُ وَيُكْمِلُ الْمَشْرُوحَ ثُمَّ تَكْتُبُ الْإِجَارَةَ اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ وَكَيْلِ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ لِلْقَائِمِ فِي إِيجَارِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ الَّتِي بِيَدِهِ الْمُفَوَّضَةِ إِلَيْهِ مِنَ الْمَقَامِ الْعَالِي الملو السُّلْطَانِيِّ الْمَلَكِيِّ الْفُلَانِيِّ خَلَّدَ اللَّهُ مُلْكَهُ الَّذِي جَعَلَ لَهُ فِيهَا إِيجَارَ مَا هُوَ جَارٍ فِي أَمْلَاكِ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ وَغَيْرَ ذَلِكَ بِمَا نُصَّ وَشُرِحَ فِيهَا وَمَا مَالُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ بِالْقَضَايَا الشَّرْعِيَّةِ الثَّابِتِ وَكَالَةِ هَذِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ الثُّبُوتَ الصَّحِيحَ الشَّرْعِيَّ الْمُتَوَجِّهَ بِالْعَلَامَةِ الشَّرِيفَةِ وَمِثَالُهَا كَذَا استاجر مِنْهُ بقضية وَحكمه جَمِيع الْقطعَة الْأَرْضِ الَّتِي لَا بِنَاءَ عَلَيْهَا أَوِ الْحَامِلَةِ بِنَاءَ الْمُسْتَأْجِرِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَذَرَعَهَا وَتَحْدِيدُهَا فِيهِ الْجَارِيَةِ فِي دِيوَانِ الْمَوَارِيثِ الْحَشْرِيَّةِ يَبْنِي عَلَيْهَا مَا أَحَبَّ بِالطُّوبِ وَالطِّينِ مَا زَمَلَتْ كَذَا لِمُدَّةِ ثَلَاثِينَ سَنَةً كَوَامِلَ أَوَّلُهَا يَوْمُ تَارِيخِهِ بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنَ الدَّرَاهِمِ النُّقْرَةِ كَذَا الْحَالُّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا بِمَا

ص: 376

فِيهِ من المستظهر وَمَا فِي ذَلِك وَهُوَ كَذَا يقوم بِهِ مُنَجِّمًا فِي سَلْخِ كُلِّ سَنَةٍ كَذَا مِنِ اسْتِقْبَالِ تَارِيخِهِ وَسَلَّمَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بَعْدَ النَّظَرِ والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة واقر المستاجر من الْأَرْضَ جَارِيَةٌ فِي دِيوَانِ الْمَوَارِيثِ الْحَشْرِيَّةِ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ تُنْجِزَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ مَشْرُوحًا يَتَضَمَّنُ الْإِشْهَادَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ المهنسين على الْعقار بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ بِأَنَّهُم صَارُوا مَا ذُكِرَ أَعْلَاهُ وَذَكَرُوا مِنَ الذَّرْعِ وَالتَّحْدِيدِ مَا وَافَقَ أَعْلَاهُ وَقَالُوا إِنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَتَذْكُرُ مَا فِي الْمَشْرُوحِ مِنَ الْقِيمَةِ وَإِنَّ ذَلِكَ أُجْرَةُ الْمثل يَوْمئِذٍ لَا حيف فِيهَا وَلَا شطط وَلَا غبينة وَلَا فرط ولان الْحَظَّ وَالْمَصْلَحَةَ فِي إِجَارَتِهَا بِذَلِكَ وَبِآخِرِهِ تَرْسِمُ شَهَادَةَ الْقَاضِي الْعَدْلِ فُلَانٍ وَالْقَاضِي الْعَدْلِ فُلَانٍ شهد بِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُعَيَّنَةَ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَحْضَرَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ يَدِهِ وُصُولَاتِ بَيْتِ المَال الْمَعْمُور شاهدة لَهُ بجمل الْحَالِ الْمَذْكُورِ وَنُسِخَتِ الدَّارُ لَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَقَّعَ الْإِشْهَادَ عَلَى الْقَاضِي الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ بِمَا نُسِبَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتُؤَرِّخُ وَإِنْ أَجَّرَ نَائِبٌ عَنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ كَتَبْتَ اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ مِنْ نَائِبِ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ فُلَانٍ الْقَائِمِ فِي إِيجَارِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ مِنْ مُسْتَنِيبِهِ فُلَانٍ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ الَّتِي بِيَدِ مُسْتَنِيبِهِ الْمُفَوَّضَةِ إِلَيْهِ مِنَ الْمَقَامِ السُّلْطَانِيِّ وَتَذْكُرُ مَا تَقَدَّمَ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي إِجَارَةِ ارْض سوقية نشاها اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فلَان جَمِيع الْقطعَة الارض الاسود المتحللة بِالْأَعْشَابِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهِ وَمِسَاحَتُهَا كَذَا بِالْقَصَبَةِ الْحَاكِمِيَّةِ الْجَارِيَةِ هَذِهِ الْأَرْضُ فِي يَدِهِ وَعَقْدِ إِجَارَتِهِ أَوْ فِي يَدِهِ وَمَالِهِ وَجَمِيعَ الْبِئْرِ الْمُعَيَّنَةِ وَالسَّاقِيَةِ الْمُرَكَّبَةِ عَلَيْهَا الْمُكَمِّلَةِ الْعُدَّةِ بِالْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ وَصِفَةُ الْأَعْشَابِ النَّخْلُ وَالْكَرْمُ وَالتِّينُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَتُحَدِّدُ ذَلِكَ كُلَّهُ

ص: 377

خَلَا الْأَعْشَابِ وَمَوْضِعِ مَغَارِسِهَا فَإِنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ حُكْمِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ لِمُدَّةِ كَذَا وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ فَائِدَة حَيْثُ وَقع فِي الوكالات وَغَيرهَا حَسْبَمَا فُوِّضَ إِلَيْهِ فَهُوَ بِتَحْرِيكِ السِّينِ فَإِنَّهُ مَعْنَاهُ الْمِقْدَارُ أَيْ هَذَا التَّصَرُّفُ مُقَدَّرٌ بِقَدْرِ ذَلِكَ التَّفْوِيضِ مَا يَحْسِبُ الْمِقْدَارَ وَالْحَسَبُ الْمَآثِرُ الْجَمِيلَةُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ مَعَ النَّسَبِ لِأَنَّ الْحَسِيبَ يَعُدُّ مَا اثره فَهُوَ مِنَ الْحِسَابِ وَبِتَسْكِينِ السِّينِ الْكَافِي حَسْبُنَا اللَّهُ أَيْ كَافِينَا فَلَا يَغْلَطُ فِي ذَلِكَ

(فَرْعٌ)

نَقَلَ ابْنُ الْعَطَّارِ إِجَارَةَ الرَّحَى بِالطَّعَامِ وَمَعْصَرَةِ الزَّيْتِ بِالزَّيْتِ وَالْمَلَّاحَةِ بِالْمِلْحِ وَقَالَ لَيْسَ الْمِلْحُ يَخْرُجُ مِنْهَا وَإِنَّمَا يَتَوَلَّدُ فِيهَا بِصِنَاعَةِ وَجَلْبِ الْمَاءِ لِلْأَحْوَاضِ وَتَرْكِهِ الشَّمْسَ فِيهَا حَتَّى يَمْلَحَ وَلَيْسَ كَالتَّمْرِ الْمُتَوَلَّدِ فِي النَّخِيلِ مِنْ حتلتها فَإِنَّهُ يطلع عولج ام لَا وَيُفَارق كراا الْأَرْضِ بِمَا تُنْبِتُ لِأَنَّهَا لَا تُنْبِتُ الْمِلْحَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُوَثِّقُ فِي وَثَائِقِهِ لَا يجوز كراؤها بالملح لِأَنَّهُ مُزَابَنَةٌ وَقَدْ رُوِيَ الْجَوَازُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَأَخَذَ بهَا ابْنُ الْعَطَّارِ وَذَكَرَ تَعْلِيلَهُ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ وَأَبْطَلَهُ ابْنُ النَّجَّارِ بِأَنَّ الرُّطَبَ لَا يَصِيرُ تَمْرًا إِلَّا بِجَذِّهِ وَجَلْبِهِ إِلَى الْجَرِينِ وَتَرْكِهِ فِيهِ لِلشَّمْسِ قَالَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي وَثَائِقِهِ يُفْسَخُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي السَّفِينَةِ بِشَرْطِ السَّفَرِ فِي الشِّتَاءِ وَكَذَلِكَ إِذَا مَنَعَتِ الرِّيحُ السَّيْرَ أَوِ الْعَدُوُّ أَوِ السُّلْطَانُ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الرُّكُوبِ

ص: 378

(فَصْلٌ)

تَكْتُبُ فِي إِجَارَةِ مُعَلِّمِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ أَوْ يَوْمِ كَذَا بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا كَذَا حَالَّةً قَبَضَهَا الْمُسْتَأْجَرُ الْمَذْكُورُ أَوْ مُقَسَّطَةً فِي سَلْخِ كُلِّ شَهْرٍ كَذَا مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ وَشَرَعَ الْمُسْتَأْجَرُ الْمَذْكُورُ فِي تَعْلِيمِ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَذْلُ النَّصِيحَةِ وَالِاجْتِهَادُ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ عَلَى مِقْدَارِ مَا اسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ إِذَا مَاتَ الصَّبِيُّ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ كَمَا تَنْفَسِخُ فِي الرَّضَاعِ لِتَعَذُّرِ الْبَذْل بِاخْتِلَافِ الصِّبْيَانِ فِي الْفَهْمِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْإِدْرَاكِ وَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى جُزْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ بِأُجْرَةٍ حَالَةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ وَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الصَّبِيِّ مُشَاهَرَةً وَإِنْ جُهِلَتْ فِطْنَةُ الصَّبِيِّ وَبَلَادَتُهُ وَكَرِهَ مَالِكٌ الْإِجَارَةَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فِي تَعْلِيمِ الْقرَان وَتجوز بغيراجل وَيَمْتَنِعُ ضَرَبُ الْأَجَلِ إِلَّا فِيمَا يُعْرَفُ أَنَّهُ يَفْرَغُ مِنْهُ فِيهِ وَلَا تَجِبُ الْحَذَاقَةُ إِلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ جَارٍ عَلَى الْأَجْزَاءِ الْمَعْلُومَةِ وَقِيلَ لَا حَذَاقَةَ إِلَّا فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ وَهِي مقدرَة بغنا وَالِدِ الصَّبِيِّ وَفَقْرِهِ فَإِنْ شَرَطَهَا الْمُؤَدِّبُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ وَإِلَّا لَمْ تَجُزِ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ لِلْأَبِ إِخْرَاجُ ابْنِهِ إِذَا قَرُبَتِ الْحَذَاقَةُ وَإِنْ أَخْرَجَهُ وَقَدْ قَرُبَتْ جِدًّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْحَذَاقَةُ وَإِلَّا فَلِلْمُؤَدِّبِ الثَّانِي وَلِلْأَوَّلِ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا عَلِمَ وَلِلْمُؤَدِّبِ وَالْإِمَامِ الْغَيْبَةُ فِي حَوَائِجِهِ وَنفذ منيعته الْجُمُعَة وَنَحْوهَا وَلَا تنقص ذَلِكَ الْأُجْرَةَ شَيْئًا وَكَذَلِكَ الْمَرَضُ فِي الْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ وَيُحَطُّ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَرَضِ الصَّبِيِّ وَكَرَاهَةُ مَالِكٍ الْإِجَارَةَ عَلَى الْفِقْهِ وَالشِّعْرِ وَنَحْوِهُ مُعَلَّلَةٌ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ صَحِيحًا وَسَقِيمًا وَجَوَّزَ ابْنُ حَبِيبٍ الْجَوَابَ بِالشِّعْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ هجات وَلَا ذِكْرُ الْخَمْرِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ وَالرَّسَائِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَإِنْ غَيَّبَ الصَّبِيَّ وَلِيُّهُ أَوْ شَغَلَهُ لَمْ تَنْقُصِ الْأُجْرَةُ وَتَنْقُصُ الْأُجْرَةُ بِمَرَضِ الصَّبِيِّ إِذَا طَالَ

ص: 379

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي إِجَارَةِ الْفَحْلِ لِلنَّزْوِ هَذَا مَا آجَرَ عَامِلُ فُلَانٍ فُلَانًا لِيَنْزِيَ لَهُ حِمَارُهُ الْأَشْهَبُ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا عَلَى حِمَارَتِهِ السَّوْدَاءِ أَوْ فَرَسُهُ الْوَرْدُ عَلَى رَمْكَتِهِ الشَّهْبَاءِ عَشْرَ نَزَوَاتٍ وَيُكَوِّمُهَا عَشَرَةَ أَكْوَامٍ بِكَذَا دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يُنْزِيَهُ عَلَيْهِ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَوَّلُهُمَا كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَقَبَضَ فُلَانٌ الْفَحْلَ وَصَارَ بِيَدِهِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ إِنْ مَاتَتِ الدَّابَّةُ دُونَ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنَ النَّزَوَاتِ فَلِلْفَحْلِ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ النَّزَوَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ وَكَذَلِكَ اذا انْقَضتْ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَإِنِ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ أَوِ النَّزَوَاتُ وَلَمْ تَحْمِلِ اسْتَحَقَّتِ الْأُجْرَةَ

ص: 380

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْقِرَاضِ)

هَذَا مَا قَارَضَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فِي مِائَةِ دِينَارٍ مِنْ سَكَّةِ كَذَا وَقَبَضَهَا مِنْهُ فُلَانٌ وَصَارَتْ فِي يَدِهِ وَازِنَةً جَيِّدَةً مُنْتَقَدَةً عَلَى سَبِيلِ الْقِرَاضِ الشَّرْعِيِّ فَيَتَّجِرُ بِهَا فِيمَا شَاءَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَتَاجِرِ وَيَضْرِبُ بِهَا فِي الْبُلْدَانِ إِنْ شَاءَ وَفِي الطُّرُقِ الْمَأْمُونَةِ وَيَبْتَغِي فِيهَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَهُ مِنْهَا نَفَقَتُهُ فِي سَفَرِهِ وَإِقَامَتِهِ فِي سَفَرِهِ وَرُجُوعِهِ إِلَى بَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى عَادَةِ مِثْلِهِ وَمَا يَسَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمَا فِيهَا مِنَ الرِّبْحِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ بَعْدَ أَنْ يَنُضَّ رَأْسَ الْمَالِ وَيَحْصُلَ بِيَدِ رَبِّهِ وَعَلَى الْعَامِلِ بَذْلُ النَّصِيحَةِ وَإِخْلَاصُ النِّيَّةِ وَإِصْلَاحُ السَّرِيرَةِ وَالِاجْتِهَادُ فِي أَدَاءِ الْأَمَانَةِ فِي سِرِّهِ وَجَهْرِهِ وَأَنْ لَا يُحَابِيَ فِي بَيْعِهِ وَابْتِيَاعِهِ قَرِيبًا مُنَاسِبًا وَلَا صَدِيقًا مُلَاطِفًا وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ شَرْطٌ وَلَا مَثْنَوِيَّةٌ وَلَا خِيَارٌ بَلْ تَعَاقَدَا مُعَاقَدَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاضِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَقَبِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِكَ لِنَفْسِهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَعَلَى هَذَا الْعَامِلِ حِفْظُ هَذَا الْمَالِ عَلَى عَادَةِ مِثْلِهِ وَإِيصَالُهُ عِنْدَ وُجُوبِ رده

ص: 381

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمُسَاقَاةِ)

هَذَا مَا سَاقَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مَالِكُ الْأَعْشَابِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهِ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْعَامِلَ عَلَيْهَا عَلَى الْأَعْشَابِ الْقَائِمَةِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهِ الْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِهِ مَا يَذْكُرُهُ وَمِلْكَهُ وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي بِالْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ وَمِسَاحَتُهَا كَذَا وَكَذَا فَدَّانًا بِالْقَصَبَةِ الْحَاكِمِيَّةِ وَصِفَةُ الْأَعْشَابِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا أَنَّهَا النَّخْلُ وَالرُّمَّانُ وَالتِّينُ وَالزَّيْتُونُ وَالْكَرْمُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَيُحِيطُ بِذَلِكَ حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ وَتَذْكُرُهَا مُسَاقَاةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً جَائِزَةً نَافِذَةً لِمُدَّةِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ أَوَّلُهَا يَوْمُ تَارِيخِهِ عَلَى أَنْ تولى سَقْيَ ذَلِكَ وَتَنْظِيفَهُ وَتَأْبِيرَهُ وَتَلْقِيحَهُ وَحَرْثَهُ وَإِصْلَاحَهُ بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ وَمَهْمَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى من ثَمَرَة كَانَت مقسمة على ثَلَاث اشهر شهر وَاحِدٌ لِفُلَانٍ الْمُبْدَأِ بِاسْمِهِ مَالِكِ الْأَعْشَابِ الْمُسَاقِي وَبَقِيَّةُ ذَلِكَ وَهُوَ سَهْمَانِ لِفُلَانٍ الْمُثَنَّى بِذِكْرِهِ الْمُسَاقَى الْعَامِلِ وَذَلِكَ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْمُؤَنِ وَالْكُلَفِ وَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ وَجَبَ مُتَعَاقِدًا ذَلِكَ مُعَاقَدَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَسَلَّمَ فُلَانٌ الْمَالِكُ لِفُلَانٍ الْعَامِل جَمِيع الاعشاب الْمَذْكُورَة فتسلمها عَنهُ لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِحَاطَةِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ عِلْمًا وَخِبْرَةً فَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ يَشْرَبُ مِنْ نَهْرٍ قُلْتَ عِنْدَ الشُّرُوطِ وَعَلَى الْعَامِلِ تَمْشِيَةُ الْمَاءِ مِنَ النَّهْرِ الْفُلَانِيِّ إِلَى الْبُسْتَانِ الْمَذْكُورِ أَوْ مِنْ سَاقِيَةٍ قُلْتَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَخْرِجَ مَا فِي هَذَا الْبُسْتَانِ بِدَوَابِّهِ وَآلَاتِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْبُسْتَانِ دَوَابٌّ وَآلَاتٌ فَتَسْكُتُ عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَشْرَبُ مِنْ عَيْنٍ ذَكَرْتَ حِصَّتَهُ مِنْهَا

ص: 382

(

‌فصل)

وتكتب فِي الزَّرْع اَوْ المقتاة المعجوز عَنْهَا هَذَا مَا ساقى فلَان ابْن فُلَانٍ فِي جَمِيعِ زَرْعِهِ الْأَخْضَرِ الْمَزْرُوعِ فِي أَرْضِهِ بِقَرْيَةِ كَذَا بِمَوْضِعِ كَذَا بَعْدَ أَنْ نَبَتَ وَاسْتَقَلَّ وَعَجَزَ فُلَانٌ الْمُبْدَأُ بِذَكَرِهِ عَنِ الْقِيَامِ بِخِدْمَتِهِ وَالنَّفَقَةِ فِي تَنْقِيَتِهِ وَيَخَافُ عَلَيْهِ التَّلَفَ إِنْ تَرَكَهُ عَلَى أَنَّ عَلَى فُلَانٍ الْمُسَاقَى الْمُثَنَّى بِذِكْرِهِ تَنْقِيَةَ حَشِيشِهِ وَحِرَاسَتَهُ مِنْ شوايب الدَّوَابّ تنقية بِئْرِ شُرْبِهِ وَهُوَ كَذَا وَفَتْحَ سَوَاقِيهِ وَتَجْرِيَةَ الْمَاءِ إِلَيْهِ فَإِذَا أَيْبَسَ وَاسْتَحْصَدَ وَدَرَسَهُ وَذَرَّاهُ وكربله حَتَّى يَصِيرَ حَبًّا نَقِيًّا يَكُونُ لَهُ مِنْهُ كَذَا ولصاحبه فلَان المبدا بِذكرِهِ كَذَا مسافاة صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ كَمَا تَقَدَّمَ

ص: 383

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْمُغَارَسَةِ)

هَذَا مَا غَارَسَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي بِقَرْيَةِ كَذَا وَمِسَاحَتُهَا كَذَا فَدَّانًا بِالْقَصَبَةِ الْحَاكِمِيَّةِ وَتُحِيطُ بِهَا حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ وتذكرها على ان يغرسها كرما وتصنف اجناس عنبه اَوْ شَجرا كَذَا جِنْسُهُ كَذَا فَإِذَا بَلَغَ الْغَرْسُ مَبْلَغَ الْإِطْعَامِ فَالْأَرْضُ وَالْغَرْسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ مُغَارَسَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً بِغَيْرِ شَرْطٍ يُفْسِدُهَا وَلَا ثُنْيَا وَلَا خِيَارٍ يُبْطِلُهَا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِحَاطَةِ بِمَا عَقَدَا عَلَيْهِ المغارسة ومنتهاه وَقَبَضَ الْغَارِسُ فُلَانٌ الْمُثَنَّى بِذِكْرِهِ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ بِيَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَشَهِدَ عَلَى إِشْهَادِهِمَا فِي ذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا

ص: 384

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمُزَارَعَةِ)

هَذَا مَا زَارَعَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي بِقَرْيَةِ كَذَا مِنْ عَمَلِ كَذَا الزِّرَاعَةَ سَنَةَ كَذَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا مِنَ الزَّرِيعَةِ الْفُلَانِيَّةِ الْمَوْصُوفَةِ بِكَذَا مِقْدَارَ كَذَا فِي كُلِّ فَدَّانٍ عَلَى أَنَّ عَلَى فلَان المبدا بِذكرِهِ من البقرالصالح للحرث عشرَة رُؤُوس صِفَتُهَا كَذَا وَسِنُّهَا كَذَا وَجَمِيعَ الْحَرْثِ وَهُوَ سكتان علوفتها كُلِّ رَأْسٍ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ كَذَا وَعَلَيْهِمَا مِنَ الْعُمَّالِ خَمْسَةٌ يَقُومُونَ لِعَلَفِهَا وَالْحَرْثِ عَلَيْهَا وَسَوْقِهَا مِنْ مَوَاضِعِ مَبِيتِهَا إِلَى الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ وَالْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ مِلْكٌ لَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَجَعَلَ فُلَانٌ الْمُبْدَأُ بِذِكْرِهِ الْبَقَرَ وَالْمُؤْنَةَ قُبَالَةَ الزَّرِيعَةِ تَعَاقَدَا عَلَى ذَلِكَ مُعَاقَدَةً شَرْعِيَّةً صَحِيحَةً بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَشُهِدَ عَلَى إِشْهَادِهِمَا بِذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ بَيْنَهُمَا قُلْتَ نَصِفُهُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَخَلَطَا ذَلِكَ وَصَارَ الْجَمِيعُ بَين الْعَامِلِ فُلَانٍ وَمَهْمَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا مِنَ الشُّرُوطِ الْجَائِزَة ذكرتها مُؤنَة هِيَ وَمَنِ اشْتَرَطَهَا وَعَلَى مَنْ هِيَ عَلَيْهِ

ص: 385

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْإِقْرَارِ)

أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عِنْدَ شُهُودِهِ إِقْرَارًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ بِحَقٍّ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنَ الْعَيْنِ الْجَيِّدِ الْمِصْرِيِّ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ الْمَضْرُوبِ الْمَسْكُوكِ السُّلْطَانِيِّ كَذَا دِينَارًا أَوْ مِنَ الدَّرَاهِمِ النُّقْرَةِ الْفِضَّةِ الْجَيِّدَةِ الْبَيْضَاءِ الْمَسْكُوكَةِ السُّلْطَانِيَّةِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا فِي الدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ كَذَا دِرْهَمًا وَتَصِفُ أَيَّ شَيْءٍ أَقَرَّ بِهِ بِمَا يَلِيقُ ثُمَّ تَقُولُ النِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ تَحْقِيقًا لِأَصْلِهِ وَتَصْحِيحًا لِجُمْلَتِهِ كَذَا وَيَقُومُ بِهِ مُؤَجَّلًا فِي سَلْخِ كُلِّ يَوْمٍ كَذَا مِنِ اسْتِقْبَالِ كَذَا أَوْ يَقُومُ بِهِ مُؤَجَّلًا فِي سَلْخِ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ مِنَ السَّنَةِ الْفُلَانِيَّةِ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَأَقَرَّ الْمُقِرُّ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ مَلِيءٌ بِالْعَيْنِ الْمُعَيَّنِ فِيهِ قَادر عَلَيْهِ وَفَائِدَة هَذَا ان لَا تُقْبَلَ مِنْهُ بَعْدَ هَذَا دَعْوَى الْإِعْسَارِ إِلَّا بِبَيِّنَة والا فَالْقَوْل قَوْله على قَول جمناعة مِنَ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ تَقُولُ وَصَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمَذْكُورَ فِي صِحَّةِ مَا أَقَرَّ بِهِ تَصْدِيقًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَتَكْتُبُ فِي الْغَلَّةِ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ إِلَى مَوضِع كَذَا لَيْلًا يَخْتَلِفَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُ مَبِيعٍ كتبت فِي اخر المطور وَهَذَا الدَّيْنُ الْمُقَرُّ بِهِ أَعْلَاهُ هُوَ ثَمَنُ مَا ابْتَاعَهُ الْمُقِرُّ الْمَذْكُورُ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَهُوَ جَمِيعُ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ الْجَارِيَةِ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَتُؤَرِّخُ وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ جَمَاعَةً وَتَضَامَنُوا قُلْتَ وَضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِيهِ عَلَى حُكْمِهِ فَأَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ وَالرُّجُوعِ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا مَلَّيَانِ بِمَا ضَمِنَاهُ قَادِرَانِ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَذْهَبَ ش إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الضَّمَانِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ حَضَرَ مَنْ يَضْمَنُ قُلْتَ وَحَضَرَ بِحُضُورِ

ص: 386

الْمقر الْمَذْكُور فلَان بن فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ طَوْعًا أَنَّهُ ضَمِنَ فِي ذِمَّةِ الْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الدَّيْنُ الْمُعَيَّنُ أَعْلَاهُ عَلَى حُكْمِهِ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا كَتَبْتَ يَقُومُ بِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ شَهْرٍ وَاحِدٍ مِنْ يَوْمِ تَارِيخِهِ وَإِنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إِذْنٍ كَتَبْتَ ضَمِنَ مُتَبَرِّعًا مِنْ غَيْرِ إِذَنِ عَدْلٍ مِنَ الْمَضْمُونِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ بِذَلِكَ وَإِنْ ضَمِنَ الْوَجْهَ فَقَطْ كَتَبْتَ وَحَضَرَ بِحُضُورِ الْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَأُشْهِدَ عَلَيْهِ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا أَنَّهُ ضَمِنَ وَتَكَفَّلَ وَجْهَ وَبَدَنَ الْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَإِحْضَارَهُ إِلَى الْمُقَرِّ لَهُ فِيهِ ضَمَانًا شَرْعِيًّا مَتَى الْتَمَسَ إِحْضَارَهُ مِنْهُ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَاخْتِلَافِ السَّاعَاتِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ والصباح والمساء إِلَى حيّز وَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَذَلِكَ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي الضَّمَان الاذن الشَّرْعِيّ قَالَ للَّذي يُمْلِي عَلَى الْوَثَاقِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ الله ربه وَلَا يبخس مِنْهُ شَيْئا} وَلِأَنَّهُ مَطْلُوب فَكَانَ القَوْل قَوْلَهُ وَفِي قَوْله تَعَالَى {وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئا} دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعَقْدِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ يَشْهَدُ بَعْدَ ذَلِكَ وقَوْله تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} قِيلَ الْهَاءُ فِي وَلِيُّهُ عَائِدَةٌ عَلَى الَّذِي لَهُ الْحَقُّ وَقِيلَ عَلَى وَلِيِّ الْمَطْلُوبِ وَقِيلَ السَّفِيه الْجَاهِل بالاشياء وَقيل المبذرا وَقِيلَ الضَّعِيفِ الْعَاجِزِ عَنِ الْإِمْلَاءِ وَقِيلَ الْأَحْمَقِ الضَّعِيفِ عَقْلُهُ وَالَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ لِغَيْبَةٍ أَوْ عُذْرٍ وَيُحْتَمَلُ فِي السَّفِيهِ أَنَّهُ بَاشَرَ الْعَقْدَ أَوْ وَلِيُّهُ عَقَدَ فَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَأْذُونٌ فِيهِ وَوَلِيُّ الضَّعِيفِ وَكِيلُهُ

ص: 387

(الْبَابُ الْحَادِي عَشَرَ فِي الرَّهْنِ)

أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عِنْدَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ تَوَثَّقَتْ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ لَزِمَتْهُ وَيُوصَفُ ذَلِك الدّين مَوْصُولا مَوْصُوفًا ثُمَّ تَقُولُ وَعَلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَهُ وَفِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَهُوَ جَمِيعُ كَذَا وَيُوصَفُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ رَهْنًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا مَقْبُوضًا بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ الْمُرْتَهِنِ مِنَ الْمُقِرِّ الرَّاهِنِ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِك بعد النّظر والمعرفة والمعاملة الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَاعْتَرَفَ الْمُرْتَهِنُ الْمَذْكُورُ أَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ بَاقٍ تَحْتَ يَدِهِ وَحَوْزِهِ وَعَلَيْهِ إِحْضَارُهُ لِلرَّاهِنِ عِنْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَتُؤَرِّخُ وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ فِي مَسْطُورِ الدَّيْنِ قُلْتَ فِي ذَيْلِهِ ثُمَّ بَعْدَ تَمَامِ ذَلِكَ وَلُزُومِهِ رَهَنَ الْمُقِرُّ الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْمُقَرِّ لَهُ الْمَذْكُور توثقت عَلَى الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ فِي يَدِهِ وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ وَإِنْ أَعَارَهُ أَحَدٌ لِيَرْهَنَ قُلْتَ وَحَضَرَ بِحُضُورِ الْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَأُشْهِدَ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا مُخْتَارًا أَنَّهُ أَعَارَ الْمُقِرَّ الْمَذْكُورَ أَعْلَاهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ الْجَارِيَةِ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ لِيَرْهَنَهَا عِنْدَ الْمُقَرِّ لَهُ فِيهِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى مَا فِي ذِمَّتِهِ لَهُ مِنَ الدَّيْنِ الْمُعَيَّنِ أَعْلَاهُ وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا بِسُؤَالِهِ فِي ذَلِكَ عَارِيَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً مُسَلَّمَةً مُفَوَّضَةً وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَإِذْنِ الْمُعِيرِ لِلْمُسْتَعِيرِ فِي رَهْنِهَا عِنْدَ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَتَسْلِيمِهَا لَهُ التَّسْلِيمَ الشَّرْعِيّ ثمَّ يستعيرها مِنْهُ ليعيرها لِلْمُعِيرِ الْمَالِكِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا مَعَ بَقَائِهَا عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ إِنْ كَتَبْتَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِي فِي أَنَّ عَوْدَ الرَّهْنِ لَا يُبْطِلُهُ وَإِلَّا على مَذْهَب مَالك فَلَا

ص: 388

(

‌فصل)

وان كَانَ الرَّاهِن من بيع الرَّهْنَ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ قُلْتَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَلُزُومِهِ وَكَّلَ الْمُقِرُّ الْمَذْكُورُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فِي قبض الرَّهْن الْمَذْكُور وَمِمَّنْ هُوَ تَحت يَده فَرضِي الْمُرْتَهِنُ وَبِبَيْعِهِ لِمَنْ يَرْغَبُ فِي شِرَائِهِ بِمَا يَرَاهُ مِنَ الْأَثْمَانِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لمبتاعه وَكتب مَا يجب كتبه وَقضى مَا عَلَيْهِ من الدّين الْفُلَانِيّ ولمعين فِيهِ وَأَخَذَ الْحُجَّةَ مِنْهُ وَالْإِشْهَادَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ مِنْ يَدِهِ عَلَى الْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ وَكَّلَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَكَالَةً شَرْعِيَّةً قَبِلَهَا مِنْهُ قَبُولًا شَرْعِيًّا أَقَامَهُ فِي ذَلِك مقَام نَفسه ورضيه وَاخْتَارَ تَصَرُّفَهُ لِعِلْمِهِ بِدِينِهِ وَأَمَانَتِهِ وَإِنْ نَزَلَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ قُلْتَ أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْمُقَرُّ لَهُ بَاطِنَهُ عِنْدَ شُهُودِهِ إِقْرَارًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَأَبْطَلَ حَقَّهُ مِنْ تَوَثُّقِهِ وَسَلَّمَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ لِلرَّاهِنِ عَلَى صِفَتِهِ الْأُولَى يَتَسَلَّمُهُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ حَادِثٍ غَيَّرَهُ عَنْ صِفَتِهِ الْأُولَى وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِحَاطَةِ

ص: 389

(الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْحَوَالَةِ)

أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ عِنْدَ شُهُودِهِ إِقْرَارًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا أَنَّهُ أَحَالَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ الْمقر لَهُ بَاطِنه فلَان بن فلَان بِمَالِه فِي ذِمَّتِهِ مِنَ الدَّيْنِ الْمُعَيَّنِ بَاطِنَهُ وَهُوَ كَذَا عَلَى حُكْمِ مَا ذُكِرَ بَاطِنَهُ وَذَلِكَ تطيرنا لفُلَان الْمثنى باسمه الْمحَال فِي ذمَّته فُلَانٍ الْمُبْدَأِ بِاسْمِهِ الْمُحِيلِ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي اعْتَرَفَ بِهِ عِنْدَ شُهُودِهِ وَهُوَ قَدْرُ الْمَبْلَغِ الْمُحَالِ بِهِ فِي الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ حَوَالَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً قَبِلَهَا مِنْهُ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَرَضِيَ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَرَضِيَ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَعَاقَدَا ذَلِكَ مُعَاقَدَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَافْتَرَقَا عَنْ ترَاض وبحكم ذَلِك بَرِئت ذمَّة الْمُحِيل المبدا بِاسْمِهِ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي كَانَ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا أَحَالَ بِهِ فِي قَدْرِهِ وَجِنْسِهِ وَصِفَتِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ بَرَاءَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً بَرَاءَةَ إِسْقَاطٍ قَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ مِنَ الْآخَرِ لِنَفْسِهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَتُؤَرِّخُ

ص: 390

(الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الشَّرِكَةِ)

أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَفُلَانِ بن فلَان عِنْد شُهُوده إِقْرَارا صَحِيحا شَرْعِيًّا أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا عَلَى تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِيثَارِ طَاعَتِهِ وَخَوْفِهِ وَمُرَاقَبَتِهِ وَالنَّصِيحَةِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَالْعَمَلِ بِمَا يُرْضِي اللَّهَ تَعَالَى فِي الْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ وَصُلْبِ حَالِهِ مِنَ الدَّرَاهِمِ النُّقْرَةِ الْجَيِّدَةِ الْفِضَّةِ الْبَيْضَاءِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ كَذَا درهما وخلط ذَلِكَ حَتَّى صَارَ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَنَقْدًا وَاحِدًا لَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ جُمْلَتُهُ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا وَوَضَعَا أَيْدِيَهُمَا عَلَى هَذَا الْمَالِ واتفقا وتراضيا على أَنَّهُمَا يتنازعان بِهِ من مَدِينَة كَذَا مَا احبا وارادا مِنْ أَصْنَافِ الْبَضَائِعِ وَأَنْوَاعِ الْمَتَاجِرِ يَجْلِسَانِ بِهِ فِي حَانُوتٍ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَوْ تَقُولُ لِيُسَافِرَا بِهِ إِلَى الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ فِي الْبَرِّ أَوِ الْبَحْرِ أَوْ هَمَّا الْبَحْرَ الْمَالِحَ أَوِ الْعَذْبَ وَيَتَوَلَّيَانِ بَيْعَ ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمَا وَبِمَنْ يَخْتَارَانِ مِنْ وُكَلَائِهِمَا وَنُوَّابِهِمَا وَغَيْرَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَرَيَانِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَيَبِيعَانِ ذَلِكَ بِالنَّقْدِ دون النَّسِيئَة وينسبان الْمَبِيع لمبتاعه ويتعارضان بِالثَّمَنِ مَا أَحَبَّا وَأَرَادَا مِثْلَ ذَلِكَ وَيُرِيدَانِ هَذَا الْمَالَ فِي أَيْدِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ كَذَلِكَ حَالًا بَعْدَ حَالٍ وَفِعْلًا بَعْدَ فِعْلٍ وَمَهْمَا فتح اللَّهُ فِي ذَلِكَ مِنْ رِبْحٍ وَفَائِدَةٍ بَعْدَ إِخْرَاجِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُؤَنِ وَالْكُلَفِ وَحَقِّ اللَّهِ إِنْ وَجَبَ كَانَ الرِّبْحُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ تعاقدا ذَلِكَ مُعَاقَدَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً شِفَاهًا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَأَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهِ وَحُضُورِهِ اذنا شَرْعِيًّا قبل كُلٌّ مِنْهُمَا مِنَ الْآخَرِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَدَاءُ الْأَمَانَةِ

ص: 391

وَتَجَنُّبُ الْخِيَانَةِ وَاتِّقَاءُ اللَّهِ تَعَالَى فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَالنَّصِيحَةُ لِصَاحِبِهِ وَمُعَامَلَةُ شَرِيكِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِنْصَافِ وَعَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ وَالتَّنْمِيَةِ مَا عَلَى صَاحِبِهِ وَأَنَّ تَصَرُّفَ كُلٍّ مِنْهُمَا جَائِزٌ عَلَى صَاحِبِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ عَقْدًا وَلَا يَنْتَقِصُ لَهُ بَيْعًا إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ مَنْهَجِ الْتِمَاسِ النَّفْعِ ثُمَّ تُؤَرِّخُ وَتَقُولُ بَعْدَ التَّارِيخِ وَالْكِتَابِ عَقْدَانِ يَشْهَدُ كُلُّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي شَرِكَةِ الابدان اشْترك فلَان بن فلَان وَفُلَان الْحَدَّادَانِ فِي عَمَلِ الْحَدِيدِ بِسُوقِ كَذَا مِنْ مَدِينَة كَذَا بعد ان فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ وَيَعْمَلَانِ فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ بَعْدَ أَنْ يُقِيمَا مِنْ أَمْوَالِهِمَا بِالسَّوَاءِ مَا يَحْتَاجَانِ إِلَيْهِ فِي الصِّنَاعَةِ مِنْ آلَةٍ وَغَيْرِهَا وَيَكُونُ مَا أَفَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمَا فِيهِ مِنْ رِزْقٍ بِالسَّوِيَّةِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَبَذْلُ النَّصِيحَةِ وَإِخْلَاصُ النِّيَّةِ وَالِاجْتِهَادُ ثُمَّ تُكْمِلُ الْعَقْدَ وَتَقُولُ فِي غَيْرِ الصَّنْعَةِ اشْتَرَكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ السِّمْسَارَانِ أَوِ الْحَمَّالَانِ لِلَّبَنِ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوِ السِّمْسَارَانِ لِلرَّقِيقِ أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ صَاحِبِهِ لَا يَفْتَرِقَانِ مَعَ بَذْلِ الْجُهْدِ وَالنَّصِيحَةِ وَاجْتِنَابِ الْخِيَانَةِ وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ

ص: 392

(الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْعَارِيَةِ)

أَقَرَّ فُلَانُ بن فلَان عِنْد فُلَانٍ الْمُثَنَّى بِذِكْرِهِ عَلَى ذَلِكَ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَهُوَ جَمِيعُ الدَّارِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهِ وَهِيَ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِالِاسْمِ الْفُلَانِيِّ وَمِنْ صِفَتِهَا كَذَا وَتُحَدَّدُ عَارِيَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً مُسَلَّمَةً مَقْبُوضَةً بيد المسعتير باذنه لَهَا فِي ذَلِكَ وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَايَنَةِ الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَعَلَى هَذَا الْمُسْتَعِيرِ حِفْظُ الْعَارِيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا انْتِفَاعَ مِثْلِهِ بِمِثْلِهَا وَعَلِيهِ اعارتها لِلْمُعِيرِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَلِمَ الْمُسْتَعِيرُ جَمِيعَ ذَلِك واحاط بِهِ وتؤرخ وان كَانَ دَابَّةً رُكُوبُهَا الْمَسَافَةَ وَلِلْحَمْلِ ذَكَرْتَ مِقْدَارَهُ وَجِنْسَهُ أَوْ حُلِيًّا ذَكَرْتَ مَا يَلِيقُ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَزِيدَ فِي الْقَبْضِ أَنَّهُ فِي صِحَّةِ الْمُعِيرِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ حَذَرًا مِنْ تَبَرُّعَاتِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْعَيْنِ الْمُسْتَعَارَةِ إِلَّا بِطَرِيقِ الْعَارِيَةِ سَدًّا لِدَعْوَى الْمِلْكِ

ص: 393

(الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْهِبَةِ)

أَقَرَّ فُلَانُ بن فلَان عِنْد شُهُوده إِقْرَارا صَحِيحا شَرْعِيًّا أَنَّهُ وَهَبَ لِوَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الرَّجُلِ الْكَامِلِ الرَّشِيدِ الَّذِي اعْتَرَفَ أَنَّ لَا حِجْرَ لَهُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَهُ وَفِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَهُوَ جَمِيعُ الدَّارِ الَّتِي بِالْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا هِبَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّة جَائِزَة نَافِذَة مَاضِيَةً بِغَيْرِ عِوَضٍ عَنْهَا وَلَا قِيمَةٍ قَبِلَهَا مِنْهُ قَبُولًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَسَلَّمَ الْوَاهِبُ لِلْمَوْهُوبِ مَا وهبه فِيهِ فَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَبِحُكْمِ ذَلِك وَجب لَهُ التَّصَرُّف فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهِمْ وَذِي الْحُقُوقِ فِي حُقُوقِهِمْ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِذَلِكَ الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ النَّافِيَةَ لِلْجَهَالَةِ وَتُؤَرِّخُ وَإِنْ وَهَبَ لِمَنْ تَحْتَ حِجْرِهِ قُلْتَ وَقَبِلَ ذَلِكَ الْوَاهِبُ مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ بِحُكْمِ أَنَّهُ تَحْتَ حِجْرِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ قَبُولًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَتَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ مَا وَهَبَهُ فِيهِ التَّسْلِيمَ الشَّرْعِيَّ وَرَفَعَ يَدَ مُلْكِهِ عَنْهُ وَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَ نَظَرِهِ وَوِلَايَتِهِ وَأَقَرَّ أَنَّهُ عَارِفٌ بِذَلِكَ الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَإِنْ كَانَتْ هِبَةَ ثَوَابٍ قُلْتَ بَعْدَ وَصْفِهَا وَتَحْدِيدِهَا وَهَبَهَا لَهُ عَلَى سُنَّةِ هِبَةِ الثَّوَابِ وَحُكْمِهَا وَرَضِيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِذَلِكَ وَالْتَزَمَ مُوجَبَهَا وَقَبِلَهَا وَتَسَلَّمَهَا تَسْلِيمَ مِثْلِهَا بَعْدَ الْمُعَاقَدَةِ الصَّحِيحَة الشَّرْعِيَّة بالانجاب وَالْقَبُولِ وَالْمَعْرِفَةِ النَّافِيَةِ لِلْجَهَالَةِ وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي الِاعْتِصَارِ حَضَرَ إِلَى شُهُودِهِ يَوْمَ تَارِيخِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَهُوَ الْوَاهِبُ بَاطِنَهُ الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى فِيهِ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا مُخْتَارًا أَنَّهُ رَجَعَ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ الَّتِي كَانَ وَهَبَهَا لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ بَاطِنَهُ فُلَانًا رُجُوعا صَحِيحا

ص: 394

شَرْعِيًّا واعادها إِلَى ملكه وَبِيَدِهِ وتصرفه وابطل حكمهَا وَنقض شَرطهَا وتسلمها تَسْلِيم مِثْلِهِ لِمِثْلِهَا وَأَقَرَّ أَنَّهُ عَارِفٌ بِهَا الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَكَانَ اعْتِصَارُهُ هَذَا وَالدَّارُ الْمَذْكُورَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى حَالِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ بِمَا يَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ فِيهَا وَشَهِدَ عَلَى إِشْهَادِهِ بِذَلِكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فِي تَارِيخِ كَذَا

ص: 395

(الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الشُّفْعَةِ)

حَضَرَ إِلَى شُهُودِهِ يَوْمَ تَارِيخِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَأَعْلَمَ فُلَانٌ الْمُبْدَأُ بِاسْمِهِ فُلَانًا الْمُشْتَرِيَ بَاطِنَهُ الَّذِي فِي مِلْكِهِ مِنَ الدَّارِ الْمَوْصُوفَةِ الْمَحْدُودَةِ بَاطِنَهُ كَذَا وَكَذَا سَهْمًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ وَأَنَّ مِلْكَهُ لَهَا سَابِقٌ عَلَى ابْتِيَاعِ الْمُشْتَرِي بَاطِنَهُ الْحِصَّةَ الَّتِي ابْتَاعَهَا بَاطِنَهُ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَخْذَهَا مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَقَامَ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ سَمَاعِهِ بِابْتِيَاعِ الْحِصَّةِ بَاطِنَهُ مِنْ غَيْرِ إِهْمَالٍ وَلَا عَاقِبَةٍ وَاجْتَمَعَ بِالْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ فَصَدَّقَهُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِك جَمِيعه تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَالْتمس مِنْهُ بِنَظِيرِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ الْمَذْكُورِ بَاطِنَهُ عَنِ الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ فَأَحْضَرَهُ إِلَيْهِ بِكَمَالِهِ وَهُوَ مِنَ الْعَيْنِ الْمِصْرِيِّ كَذَا وَأَقْبَضَهُ لَهُ وَتَسَلَّمَهُ وَصَارَ بِيَدِهِ وَحَوْزِهِ وَتَسَلَّمَ الْمُسْتَشْفَعُ الْمَذْكُورُ الْحِصَّةَ الْمُشَارَ إِلَيْهَا بَاطِنَهُ وَمَبْلَغُهَا كَذَا وَكَذَا سَهْمًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمَوْصُوفَةِ الْمَحْدُودَةِ بَاطِنَهُ مِنَ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَبِقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَمِلْكِهِ بِحَقِّ هَذِه الشُّفْعَة وَأقر أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِهَا الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ النَّافِيَةَ لِلْجَهَالَةِ وبحكم ذَلِك تكمل لفُلَان المستشفع لما فِي ملكه مُتَقَدما وبهذه الْحِصَّةِ جَمِيعُ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ بِالشُّفْعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمْ يَبْقَ لِفُلَانٍ الْمُشْتَرِي بَاطِنَهُ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ حَقٌّ وَلَا طَلَبٌ بِسَبَبِ مُلْكٍ وَلَا يَدٌ وَلَا ابْتِيَاعٌ وَلَا حَقٌّ مِنَ الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة وبمضمونه شهد عَلَيْهَا وَتُؤَرِّخُ وَقَوْلُكَ عَلَى الْفَوْرِ احْتِرَازًا مِنْ مَذْهَبِ ش وَعِنْدَ مَالِكِ السَّنَةُ وَنَحْوُهَا لَا تَضُرُّ الْحَاضِرَ الْمُتَمَكِّنَ فَإِنْ نَازَعَ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ فِي مِلْكِهِ وَقَبُولِ الْقِسْمَةِ الْمِلْكِ

ص: 396

عَنْهُ الْحَاكِمُ أَوَّلًا سَابِقًا عَلَى عَقْدِ الْمُشْتَرِي وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ إِلَى الْآنَ بِمَحْضَرٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي إِثْبَاتِ الْإِمْلَاكِ ثُمَّ مَحْضَرِ الْقَبُولِ لِلْقِسْمَةِ وَصِفَتُهُ شَهِدَ الشُّهُودُ الْوَاضِعُونَ خُطُوطَهُمْ آخِرَ هَذَا الْمَحْضَرِ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْعَقَارِ وَتَقْوِيمِهِ وَقِسْمَتِهِ وَتَعْدِيلِهِ أَنَّهُمْ صَارُوا بِإِذْنٍ شَرْعِيٍّ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ أَدَامَ اللَّهُ أَيَّامَهُ وَأَعَزَّ أَحْكَامَهُ إِلَى حَيْثُ الدَّارُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهِ الْجَارِي مِنْهَا حِصَّةٌ مَبْلَغُهَا كَذَا سَهْمًا فِي مِلْكِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مُتَنَجِزَا الْمَحْضَرَ الْأَوَّلَ الْمَذْكُورَ الْمُسْتَشْفَعَ فِيهِ وَحِصَّتُهُ مَبْلَغُهَا كَذَا سَهْمًا فِي مِلْكِ فُلَانٍ الْمُشْتَرِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَذْكُورِ الْمُنْتَقِلَةُ إِلَيْهِ بِالِابْتِيَاعِ الشَّرْعِيِّ مِنْ شَرِيكِ الشَّفِيعِ الْمَذْكُورِ لِكَشْفِ حَالِهَا وَمَعْرِفَةِ حُكْمِهَا وَتَفْصِيلِهَا وَسَبَبِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ مِنْ مُنْتَجِزِ هَذَا الْمَحْضَرِ بِحُكْمِ ابْتِيَاعِ الْمُشْتَرِي حِصَّتَهُ فِيهَا ودخوله على المستشفع وَأَنَّهَا هَل يتهيا فِيهَا قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ الْمُوجِبَةُ الْمُقْتَضِيَةُ لِجَبْرِ الشَّرِيكِ أَمْ لَا فَأَلْفَوْهَا بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِالْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ وَتَأَمَّلُوهَا وَأَحَاطُوا بِهَا عِلْمًا وَخِبْرَةً فَوَجَدُوهَا قَابِلَةً لِقِسْمَةِ التَّعْدِيلِ الْمُوجِبَةِ لِجَبْرِ الشَّرِيكِ وشهدوا أَنَّهَا يُمكن قسمتهَا جزئين أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مِلْكِ الشُّرَكَاءِ كُلُّ جُزْءٍ مُسَاوٍ لِلْجُزْءِ الْآخَرِ فِي الْقِسْمَةِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ شَهِدُوا بِذَلِكَ بِسُؤَالِ مَنْ جَازَتْ مَسْأَلَتُهُ وَشَرَعَتِ الشَّرِيعَةُ الْمُطَهَّرَةُ إِجَابَتَهُ وَتُؤَرِّخُ ثُمَّ يَشْهَدُونَ عِنْدَ الْحَاكِمِ ثُمَّ يَكْتُبُ عَلَى ظَهْرِ المحضرين اسجال الْحَاكِم هَذَا مَا أشهد علينا سَيِّدُنَا قَاضِي الْقُضَاةِ وَحَاكِمُ الْحُكَّامِ مُفْتِي الْأَنَامِ جَلَالُ الْأَحْكَامِ قُدْوَةُ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ مُرْشِدُ الْأُمَّةِ إِمَامُ الْأَئِمَّةِ فُلَانُ الدِّينِ بَقِيَّةُ السَّلَفِ عِمَادُ الْخَلَفِ وَلِيُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ الْحَاكِمُ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ كُلِّهَا أَدَامَ اللَّهُ تَعَالَى أَيَّامَهُ وَأَعَزَّ أَحْكَامَهُ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ وَمَحَلَّ وِلَايَتِهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ نَافِذُ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ مَاضِيهُمَا أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ الْمَذْكُورِ بِمَحْضَرٍ مِنْ مُتَكَلِّمٍ جَائِزٌ كَلَامُهُ مَسْمُوعَةٌ دَعْوَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ مَضْمُونُ الْمَحْضَرَيْنِ الْمَسْطُورَيْنِ بَاطِنَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَوَّلُ وَتَذْكُرُ الْقِصَّةَ ثُمَّ تَقُولُ وَقَدْ قَامَ كُلٌّ مِنْ شُهُودِهِ بِشَهَادَتِهِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْمَحْضَرُ الْأَوَّلُ الْمُؤَرَّخُ بِكَذَا وَقَبِلَ ذَلِكَ

ص: 397

الْقَبُولَ السَّائِغَ فِيهِ وَأَعْلَمَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِ عَلامَة الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود فِي مِثْلِهِ فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِثُبُوتِ الْمَحْضَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَدَيْهِ عَلَى الْوَجْه الشَّرْعِيّ فَحِينَئِذٍ ساله الْمَحْضَرَيْنِ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورُ الْحُكْمَ لَهُ بِمُقْتَضَى مَا ثَبَتَ لَهُ عِنْدَهُ فَأَوْجَبَ لَهُ الشُّفْعَةَ الْمَذْكُورَةَ وَأَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ الْقِيَامَ بِنَظِيرِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ الْحِصَّةَ مِنْ شَرِيكِ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورِ وَهُوَ كَذَا وَأَنَّهُ حَكَمَ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ بِتَسْلِيمِ الْحِصَّةِ الَّتِي ابْتَاعَهَا مِنْ شَرِيكِ الشَّفِيعِ وَهِيَ كَذَا سَهْمًا لِفُلَانٍ الْمُدَّعِي مُنْتَجِزَ الْمَحْضَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بِحُكْمِ ثُبُوتهَا عِنْدَهُ فَحِينَئِذٍ أَشْهَدَ فُلَانٌ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَبَضَ مِنَ الشَّفِيعِ نَظِيرَ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ بِهِ الْبَائِعُ وَهُوَ كَذَا عَنِ الْحِصَّةِ الَّتِي ابْتَاعَهَا وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَسَلَّمَ لِلشَّفِيعِ الْمَذْكُورِ الْحصَّة الْمَذْكُورَة الثَّابِت أَحدهمَا م الشُّفْعَةِ وَهِيَ كَذَا سَهْمًا فَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَمِلْكًا مِنْ جُمْلَةِ أَمْلَاكِهِ وَمَالًا مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ وَأَضَافَهَا إِلَى مَا يَمْلِكُهُ مِنَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فَكَمُلَتْ لَهُ جَمِيعُ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ كُلُّهُ سَأَلَهُ مَنْ جَازَ سُؤَالُهُ الْإِشْهَادَ عَلَى نَفْسِهِ الْكَرِيمَة بِثُبُوتِهِ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَالْحُكْمَ بِمُوجَبِهِ فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَالِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَحَكَمَ بِمُوجَبِهِ وَأَبْقَى كُلَّ ذِي حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ فِي ذَلِكَ عَلَى حُجَّتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما بِعَدَمِ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى الْمَسْمُوعَةِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَتَقَدَّمَ أَدَامَ اللَّهُ أَيَّامَهُ بِكِتَابَةِ هَذَا الْإِسْجَالِ فَكُتِبَ عَنْ إِذْنِهِ مُتَضَمِّنًا لِذَلِكَ وَذَلِكَ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ مَا تَضَمَّنَهُ بَاطِنَهُ عَلَى شُهُودِ هَذَا الْإِسْجَالِ وَأَشْهَدَ الشَّفِيعَ وَالْمُسْتَشْفَعَ عَلَيْهِمَا بِمَا نُسِبَ إِلَى كل مِنْهُمَا باعاليه وَذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي أَخْذِ الْوَلِيِّ وَالْحَاكِمِ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ

ص: 398

فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَهُوَ كَافِلُ وَلَدِهِ فُلَانٍ الْمُرَاهِقِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ وَكَفَالَتِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَهُوَ الْمُشْتَرِي بَاطِنَهُ عِنْدَ شُهُودِهِ طَوْعًا أَنَّ فُلَانًا الْمُبْدَأَ بِاسْمِهِ كَافِلٌ لِوَلَدِ لصُلْبِهِ الْمَذْكُورِ وَاجْتَمَعَ بِفُلَانٍ الْمُثَنَّى بِاسْمِهِ وَأَعْلَمَهُ أَنَّ فِي مِلْكِ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ الْمَذْكُورِ جَمِيعَ الْحِصَّةِ الَّتِي مَبْلَغُهَا كَذَا سَهْمًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمَوْصُوفَةِ وَالْمَحْدُودَةِ بَاطِنَهُ مِلْكًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَأَنَّ وَلَدَهُ الْمَذْكُورَ يَسْتَحِقُّ أَخْذَ الْحِصَّةِ الَّتِي ابْتَاعَهَا الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورُ وَمَبْلَغُهَا كَذَا سَهْمًا شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بِالشُّفْعَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِحُكْمِ تَقَدُّمِ وَالِدِهِ الْمَذْكُورِ لِلْحِصَّةِ الَّتِي فِي يَدِهِ لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ وبحكم ان الدَّار قَابِلَة للْقِسْمَة وَأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي قَامَ بِهِ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ لِلْبَائِعِ هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ وَقِيمَةُ الْعَدْلِ وَأَنَّهُ قَامَ فِي طَلَبِهَا عَلَى الْفَوْرِ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْمَذْكُورَ صَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعِهِ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَالْتَمَسَ مِنْهُ الْقِيَامَ لَهُ بِنَظِيرِ مَا كَانَ دَفَعَهُ ثَمَنًا عَنِ الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ مِنَ الْعَيْنِ الْمِصْرِيِّ كَذَا وَأَنَّهُ أَجَابَهُ لِذَلِكَ وَسَلَّمَ لَهُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ فُلَانٍ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ وَحَوْطَتِهِ نَظِيرَ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ كَذَا دِينَار فَقبض مِنْهُ وَتَسَلَّمَهُ وَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورُ لِفُلَانٍ الْمُسْتَشْفَعِ لِوَلَدِهِ الْحِصَّةَ الْمُعَيَّنَةَ بَاطِنَهُ وَصَارَتْ فِي قَبْضِهِ وحوزه مَالِكًا لِوَلَدِهِ بِحَقِّ هَذَا الِاسْتِشْفَاعِ وَصَارَتْ بِيَدِهِ مُضَافَةً لِمَا فِي يَدِهِ مِمَّا هُوَ جَارٍ فِي مِلْكِ وَلَدِهِ وَبِحُكْمِ ذَلِكَ كَمُلَ لِوَلَدِهِ جَمِيعُ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِهَا الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ النَّافِيَةَ لِلْجَهَالَةِ وَتُؤَرِّخُ

ص: 399

(الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْقِسْمَةِ)

أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ زَيْدٍ وَعَمْرٍو عِنْدَ شُهُودِهِ إِقْرَارًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا أَنَّ لَهُمَا وَفِي أَيْدِيهِمَا وَمِلْكِهِمَا وَتَصَرُّفِهِمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ جَمِيعَ الدَّارِ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ مِلْكًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ وَأَنَّ مِلْكَهُمَا لِذَلِكَ سَابِقٌ عَلَى هَذَا الْإِقْرَارِ وَمُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِهَا الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَأَنَّ يَدَهُمَا فِيهَا مُتَصَرِّفَةٌ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهِمْ وَذَوِي الْحُقُوقِ فِي حُقُوقِهِمْ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ وَلَا مُعْتَرِضٍ وَلَا رَافِعٍ لِيَدٍ بِوَجْهٍ وَلَا بِسَبَبٍ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ تَارِيخِهِ اتَّفَقَا وتراضيا على قسْمَة ذَلِك وتجزئته جزئين قِبْلِيٍّ وَبَحْرِيٍّ صِفَةُ الْقِبْلِيِّ كَذَا وَصِفَةُ الْبَحْرِيِّ كَذَا وَهُوَ صنفإن وَيُحَدَّدَانِ ثُمَّ بَعْدَ تَمَامِ ذَلِكَ اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو جَمِيعَ النِّصْفِ شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الْجُزْء القبلي شرات صَحِيحا شَرْعِيًّا قَاطعا مَاضِيا تقابضا وَافْتَرَقَا بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة وبحكم بذلك وَمُقْتَضَاهُ كَمُلَ لِعَمْرٍو جَمِيعُ الْجُزْءِ الْقِبْلِيِّ وَكَمُلَ لِزَيْدٍ جَمِيعُ الْجُزْءِ الْبَحْرِيِّ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَتُؤَرِّخُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَنْدِسُونَ كَتَبْتَ فِي ذَيْلِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ أَنْ احضراه رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْهَنْدَسَةِ عَارِفَيْنِ بِمِسَاحَةِ الْأَرَاضِي وَذَرْعِهَا وَقِسْمَتِهَا وَقِيمَتِهَا وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ الْمُهَنْدِسَيْنِ عَلَى الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ إِلَى الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ وَشَاهَدَاهُ وَأَحَاطَا بِهِ عِلْمًا وَخِبْرَةً وَقَسَّمَاهُ بَيْنَهُمَا جزئين كُلُّ جُزْءٍ مُسَاوٍ لِلْجُزْءِ الْآخَرِ فِي قِيمَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي قِيمَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ عَلَى مَا شُرِحَ أَعْلَاهُ وَأَنَّهُمَا اتَّفَقَا وَتَرَاضَيَا على ذَلِك

ص: 400

وَرَضِيَا قَوْلَهُمَا وَفِعْلَهُمَا وَإِنْ تَقَارَعَا كَتَبْتَ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ أَنْ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا قُرْعَةً شَرْعِيَّةً وَرَضِيَا بِهَا وَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَعْلَاهُ وَتُؤَرِّخُ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي قِسْمَةِ الْحَوَانِيتِ وَنَحْوِهَا إِذَا وَصَلْتَ إِلَى قَوْلِكَ فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ تَارِيخِهِ قُلْتَ بَعْدَهُ رَغِبَا فِي قِسْمَتِهَا بَيْنَهُمَا بِالتَّعْدِيلِ وَالْقُرْعَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَنَّهُمَا أَحْضَرَا رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْهَنْدَسَةِ خَبِيرَيْنِ بِالْأَرَاضِي وَذَرْعِهَا وَقِيمَتِهَا وَقِسْمَتِهَا وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ الْمُهَنْدِسَانِ عَلَى الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ إِلَى الْحَوَانِيتِ الْمَذْكُورَةِ وَسَأَلَاهُمَا قِسْمَتَهَا بَيْنَهُمَا قِسْمَةً عَادِلَةً شَرْعِيَّةً بِالذَّرْعِ وَالْقِيمَةِ وَالْمَنْفَعَةِ وَأَقْرَعَا بَيْنَهُمَا قُرْعَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً جَائِزَةً مَرْضِيَّةً وَكَانَ الَّذِي حَصَلَ لِفُلَانٍ الْمُبْدَأِ بِاسْمِهِ جَمِيعَ الْحَوَانِيتِ الثَّلَاثَةِ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ الَّتِي قِيمَتُهَا كَذَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْحَوَانِيتِ الْمَذْكُورَةِ وَكَانَ الَّذِي حَصَلَ لِفُلَانٍ الْمُثَنَّى بِاسْمِهِ جَمِيعُ الْحَوَانِيتِ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ الَّتِي قِيمَتُهَا كَذَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَحِصَّتِهِ مِنَ الْحَوَانِيتِ الْمَذْكُورَةِ وَسَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ مَا وَجَبَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْقِسْمَةِ الْعَادِلَةِ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ باذنه وَصَارَ بِيَدِهِ وقبضته وَحَوْزِهِ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِذَلِكَ الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ تَعَاقَدَا عَلَى أَحْكَامِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ عَلَى ذَلِكَ مُعَاقَدَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً شِفَاهًا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ثُمَّ تَفَرَّقَا بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَأَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ وَلَا طَلَبَ فِيمَا صَارَ لِصَاحِبِهِ مِمَّا ذُكِرَ أَعْلَاهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الشَّرْعِيَّةِ كُلِّهَا عَلَى اخْتِلَافِهَا وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ وَرَضِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ وَاعْتَرَفَا أَنَّ الَّذِي قُوِّمَ بِهِ كُلُّ مَوْضِعٍ قِيمَةَ الِمثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ وَلَا غَبِينَةَ وَلَا فَرْطَ وَتُؤَرِّخُ وَلَوْ وَقَعَتْ فِي دَارٍ فِيهَا بِئْرٌ ذَكَرْتَ لِمَنْ حَصَلَتْ لَهُ وَتَذْكُرُ صِفَةَ الْبُيُوتِ الَّتِي تَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَفَتْحَ أَبْوَابِهَا لِأَيِّ جِهَة وطرقها والجدرات الحائلة فِيهَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَوْ كَيْفَ يَقَعُ وَكَذَلِكَ تَسْتَوْعِبُ الصِّفَاتِ وَالْمَقَاصِدَ فِي كُلِّ مَقْسُومٍ

ص: 401

(الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْوَصَايَا)

هَذَا مَا اوصى بِهِ فلَان بن فلَان حذارا مِنْ هُجُومِ الْمَنِيَّةِ وَعَمَلًا بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وَامْتِثَالًا لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - حَيْثُ نَدَبَ لِلْوَصِيَّةِ وَأَرْشَدَ وَعَلَّمَ فَقَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ تَحْتَ رَأْسِهِ فَبَالَغَ فِي التَّعْلِيمِ وَأَفْهَمَ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْمَذْكُورَ فِي حَالِ عَقْلِهِ وَيُوصَفُ جِسْمُهُ وَحُضُورُ حِسِّهِ وَثُبُوتُ فَهْمِهِ وَجَوَازُ أَمْرِهِ وَهُوَ عَالِمٌ بأْرَكانِ الْإِسْلَامِ عَارِفٌ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُتَمَسِّكٌ بِكِتَابِ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَالِمٌ بِالْمَوْتِ وَحَقِيقَتِهِ والفتان ومسائلته مُتَيَقِّنٌ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَالصِّرَاطِ وَالْعُبُورِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْخُلُودِ وَالِاسْتِقْرَارِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى تَعْلِيمٍ وَلَا تَفْهِيمٍ وَذَكَرَ أَنَّ الَّذِي لَهُ مِنَ الْوَرَثَةِ الْمُسْتَحقّين لميراثه المستوعبين لجمعه زَوجته فُلَانَة ابْنة فُلَانٍ الَّتِي لَمْ تَزَلْ فِي عِصْمَتِهِ وَعَقْدِ نِكَاحِهِ إِلَى الْآنَ وَأَوْلَادُهُ مِنْهَا وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَان لغير شَرِيكٍ لَهُمْ فِي مِيرَاثِهِ وَلَا حَاجِبَ يَحْجُبُهُمْ عَنِ اسْتِكْمَالِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ لِزَوْجَتِهِ كَذَا وَأَنَّ ذَلِكَ باقٍ فِي ذِمَّتِهِ إِلَى الْآنَ وَأَنَّ الَّذِي لَهُ مِنَ الدَّيْنِ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَعَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَنَّ ذَلِكَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِمْ إِلَى الْآنَ وَأَنَّ الَّذِي لَهُ مِنَ الْمَوْجُودِ الْجَارِيَةِ بِيَدِهِ وَمِلْكِهِ كَذَا وَيُعَيَّنُ إِنْ أَمْكَنَ وليشهد عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ دَبَّرَ مَمْلُوكَهُ فُلَانًا الْمُقِرَّ لَهُ بِالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ تَدْبِيرًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَقَالَ لَهُ انت حر بعد موتِي وان ثَبت مَالِهِ الْمَفْسُوخِ لَهُ فِي إِخْرَاجِهِ صَدَقَةٌ وَأَشْهَدَ على نَفسه

ص: 402

أَنَّهُ وَصَّى فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَجَعَلَ لَهُ أَنَّهُ إِذَا نَزَلَ بِهِ حَادِثُ الْمَوْتِ الَّذِي كتبه الله على خَلِيفَته وَسَاوَى فِيهِ بَيْنَ بَرِيَّتِهِ أَنْ يَقْبِضَ جَمِيعَ مَوْجُودِهِ وَيَحُوزَهُ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ يَبْدَأَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بِتَجْهِيزِهِ وَتَغْسِيلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَمُوَارَاتِهِ فِي قَبره مِمَّن يرَاهُ أَهلا لذَلِك على الاوضاع السرعية وَالسُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ ثُمَّ يُسَارِعَ إِلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ الْوَاجِب عَلَيْهِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَتَبْدِيلِ جِلْدَتِهِ وَيَأْخُذَ مِنْ ثلث مَاله من الْعين كَذَا دِينَار ليستاجر بِهِ رجلا مَشْهُورا بِالْخَيرِ والصللاح عَارِفًا باداء الْحَج من حج عَن على ان ينشيء السَّفَرَ مِنْ بَلَدِ كَذَا فِي الْبَرِّ أَوِ الْبَحْرِ الْمِلْحِ أَوِ الْحُلْوِ أَوْ هُمَا بِنِيَّةِ بِالْحَجِّ عَنْ هَذَا الْمُوصِي الْمَذْكُورِ وَتُكْمِلُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَاب الاجارات عَلَى الْحَجِّ ثُمَّ تَقُولُ وَلِلْوَصِيِّ النَّاظِرِ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فِي ابْتِدَاءِ مَسِيرِهِ لِيَكُونَ عَوْنًا لَهُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَادَةِ وَعَلَى الْآجِرِ نَفْسِهِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَدَاءِ ذَلِك عَن الْمُوصى ليثبت علمه عِنْد الْمُوصي الْمَذْكُورِ ثُمَّ يَبِيعَ مَا يَرَى بَيْعَهُ وَيَقْتَضِي ثَمَنَهُ وَيَسْتَخْلِصُ مَا لَهُ مِنْ دَيْنٍ عَلَى أَرْبَابِهِ وَيَحُوزَ جَمِيعَ ذَلِكَ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ يَصْرِفَ لِلْفُقَرَاءِ ثُلُثَ مَالِهِ الْمَفْسُوحِ لَهُ فِي إِخْرَاجِهِ فَيُقَدِّمُ الْمُدَبِّرُ الْمَذْكُورُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَيُثْبِتُ عِتْقَهُ وَتَسْتَوْعِبُ مَقَاصِدَ الْوَصِيَّةِ كُلِّهَا مُفَصَّلَةً ثمَّ تَقول ثمَّ تقسم بَاقِي المَال وَمَا يفضل من الثُّلُثِ الْمَفْسُوحِ لَهُ فِي إِخْرَاجِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ بِالْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَيُسَلِّمُ لِلْبَالِغِ الرَّشِيدِ حِصَّتَهُ وَيَبْقَى مَا لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ تَحْتَ يَدِهِ مِنْ عَيْنٍ وَنَقْدٍ وَعَرَضٍ وَعَقَارٍ يَصْرِفُهُ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ النّظر وَالِاحْتِيَاط إِلَى حِين بُلُوغه وَالنَّاس مرشدة من نَفَقَته وَمَا تدعوا الْحَاجة اليه وَمن بَلَغَ مِنْهُمْ أَشُدَّهُ وَآنَسَ النَّاظِرُ عَلَيْهِ صَلَاحَهُ وَرُشْدَهُ سَلَّمَ إِلَيْهِ مَا عَسَاهُ يَبْقَى لَهُ تَحت يَده من ذَلِك وَشهد عَلَيْهِ بِقَبْضِهِ اَوْ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَصِيَّةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً ثَابِتَةً فِي حَيَاتِهِ مَعْمُولًا بِهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ أَقَامَهُ فِيهَا مَقَامَ نَفْسِهِ لِعِلْمِهِ بِدِينِهِ وَأَمَانِتِهِ وَعَدَالَتِهِ وَلَهُ ان يستعه عَنهُ فِي

ص: 403

ذَلِكَ مَنْ يَرَاهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَرُّفُ ذَلِكَ الْوَصِيِّ كَانَ الْوَصِيُّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَحَاكِمُ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ ثُمَّ تُؤَرِّخُ

(فَصْلٌ)

وَإِذَا كُلِّفْتَ إِثْبَاتَ الْأَهْلِيَّةِ كَتَبْتَ عَلَى ظَهْرِ الْوَصِيَّةِ شَهِدَ الشُّهُودُ الْوَاضِعُونَ خُطُوطَهُمْ آخِرَ هَذَا الْمَسْطُورِ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ فِيمَا شهدُوا بِهِ أَنهم يعْرفُونَ فلَان الْمُوصي الْمَذْكُورَ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَيَشْهَدُونَ أَنَّهُ أَهْلٌ لِمَا فَوَّضَ إِلَيْهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْمُوصِي الْمَذْكُورُ الْمُتَوَفَّى إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْوَصِيَّةِ الْمَشْرُوحَةِ بَاطِنَهُ وَأَنَّهُ كَافِي التَّصَرُّفِ عَدْلٌ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ رِضًا يَعْلَمُونَ وَيَشْهَدُونَ بِهِ بِسُؤَالِ مَنْ جَازَتْ مَسْأَلَتُهُ وَسَوَّغَتِ الشَّرِيعَةُ الْمُطَهَّرَةُ إِجَابَتَهُ وتؤرخ

ص: 404

(الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْعِتْقِ)

هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ شُهُودَ هَذَا الْعِتْقِ الْكَرِيمِ أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي يَوْمِ تَارِيخِهِ بِكَذَا مَمْلُوكَهُ الْمُقِرَّ لَهُ بِالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ الْمَدْعُو فُلَانٌ الْحَبَشِيَّ الْجِنْسِ الْمُسْلِمَ وَتَكْتُبُ فِي غَيْرِ الْبَالِغِ مَمْلُوكَهُ الْمُرَاهِقَ الْمَاثِلَ بِيَدِهِ عِنْدَ شُهُوده وعَلى عتقا صَحِيحًا لِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ وَطَلَبِ ثَوَابِهِ الْعَمِيمِ يَوْمَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُحْسِنِينَ وَلَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُتَصَدِّقِينَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أمدا بَعيدا ويحذركم الله نَفسه وَالله رؤوف بالعباد} لقَوْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ أَعَتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعَتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجُ بِالْفَرْجِ فَقَدْ صَارَ فُلَانٌ حُرًّا مِنْ أَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ إِلَّا سَبِيلَ الْوَلَاءِ الشَّرْعِيِّ فَإِنَّهُ لِمُعْتِقِهِ وَلِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ بَعْدِهِ وَتُؤَرِّخُ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي التَّكْمِيلِ عَلَى الْمُعْتِقِ أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ مَا يَمْلِكُهُ مِنَ الْجَارِيَةِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ وَهُوَ النِّصْفُ مُوسِرًا وَأَنَّهُ مَعَ شَرِيكِهِ أَحْضَرَا رجلَيْنِ خبيرين بِقِيمَة الرَّقِيق وهما فلَان وَفُلَان وَقَوَّمَا النِّصْفَ الْبَاقِيَ فِي الْجَارِيَةِ يَوْمَ

ص: 405

الْعِتْقِ بِكَذَا دِرْهَمًا وَأَنَّهُمَا رَضِيَا قَوْلَهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا قِيمَةُ الْمِثْلِ يَوْمَ ذَلِكَ وَأَنَّ فُلَانًا الْمُعْتِقَ دَفَعَ ذَلِكَ لِشَرِيكِهِ فَقَبَضَهُ مِنْهُ وَتَسَلَّمَهُ وَبِحُكْمِ ذَلِكَ عَتَقَ النِّصْفُ الثَّانِي مِنَ الْجَارِيَةِ عَلَى فُلَانٍ الْمَذْكُورِ عِتْقًا شَرْعِيًّا وَصَارَ الْعَبْدُ بِكَمَالِهِ حُرًّا مِنْ أَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ إِلَّا سَبِيلَ الْوَلَاءِ الشَّرْعِيِّ وَإِنْ كَانَ التَّكْمِيلُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ ذَكَرْتَ صِفَةَ ثُبُوتِ الْقِيمَةِ عِنْدَهُ وَالْعِتْقَ وَالْمِلْكَ وَأَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ عَلَى وُجُوبِيَّةٍ انْقَضَتْ مِنْ أَسْمَاءِ الشُّهُودِ وَغَيْرِهِمْ

ص: 406

(الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي التَّدْبِيرِ)

هَذَا مَا دَبَّرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عَبْدَهُ فُلَانًا الْمُقِرَّ لَهُ بِالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ الرُّومِيَّ أَوِ الْحَبَشِيَّ الْمُسْلِمَ تَدْبِيرًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَقَالَ لَهُ مَتَى مُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِي يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِي الْمَفْسُوحِ لِي فِي إِخْرَاجِهِ فَبِحُكْمِ ذَلِكَ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُدَبِّرِينَ لَهُ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ وَتُؤَرِّخُ

ص: 407

(الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْكِتَابَةِ)

هَذَا مَا كَاتَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَمْلُوكَهُ الَّذِي بِيَدِهِ وَمِلْكِهِ الْمُقِرَّ لَهُ بِالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ الْمَدْعُو فُلَانًا الْهِنْدِيَّ أَوِ الْحَبَشِيَّ الْمُسْلِمَ لِمَا يَعْلَمُ فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ وَالدِّيَانَةِ وَالْأَمَانَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا} وتحلى عَلَى مَالٍ جُمْلَتُهُ كَذَا دِينَارًا يَقُومُ بِهِ مُنَجَّمًا فِي سَلْخِ كُلِّ شَهْرٍ دِينَارٌ وَاحِدٌ مُكَاتَبَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً تَعَاقَدَاهَا بَيْنَهُمَا مُعَاقَدَةً شَرْعِيَّةً وَأَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ وَمَتَى أَوْفَى ذَلِكَ كَانَ حُرًّا مِنْ أَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ إِلَّا سَبِيلَ الْوَلَاءِ الشَّرْعِيِّ وَلَوْ عَجَزَ وَلَوْ عَنِ الدِّرْهَمِ الْفَرْدِ كَانَ بَاقِيًا عَلَى حُكْمِ الْعُبُودِيَّةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَبِمَضْمُونِهِ شَهِدَ عَلَيْهِمَا

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي عَجُزِهِ حَضَرَ إِلَى شُهُودِهِ يَوْمَ تَارِيخِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ طَوْعًا مِنْهُ وَاخْتِيَارًا أَنَّهُ لَمَّا كَاتَبَ عَبْدَهُ فُلَانًا الْمَذْكُورَ الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى بَاطِنَهُ إِلَى الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ بَاطِنَهُ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَزَادَتْ مُدَّةً ثَانِيَةً وَاسْتَحَقَّتْ كَذَا دِينَارًا عَنْ قِسْطٍ وَلَمْ يَقُمْ لَهُ بِهَا وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ عَلَى ذَلِكَ وَاعْتَرَفَ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا فَضُلَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ سَأَلَهُ بعد الِاسْتِحْقَاق الْمعبر عَلَيْهِ

ص: 408

إِلَى يَوْمِ تَارِيخِهِ لِيَسْعَى فِي تَحْصِيلِ مَا بَقِي عَلَيْهِ فيصبر عَلَيْهِ وَأَمْهَلَهُ إِلَى الْآنَ وَأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَبِحُكْمِ ذَلِكَ فَسَخَ السَّيِّد الْمُكَاتبَة فسخا شَرْعِيًّا وتؤرخ وان كَانَ تَحَاكَمَا عِنْدَ حَاكِمٍ قُلْتَ حَضَرَ إِلَى شُهُودِهِ يَوْمَ تَارِيخِهِ مَنْ ذُكِرَ أَنَّهُ حَضَرَ إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ عِنْدَ سَيِّدِنَا الْقَاضِي فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِهَا أَدَامَ اللَّهُ سَعَادَتَهُ كل وَاحِد من فلَان بن فلَان مَمْلُوكِهِ وَادَّعَى فُلَانٌ الْمُبْدَأُ بِاسْمِهِ عَلَى مَمْلُوكِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى جُمْلَةِ كَذَا وتنص الْكِتَابَة إِلَى اخرها ثمَّ تَقول صيره عَلَيْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ ثُمَّ تَقُولُ فَصَدَّقَ سَيِّدُهُ على دَعْوَاهُ واعترف أَنه عَاجز على الْوَفَاءِ وَأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحْصِيلِ مَا تَحَمَّلَ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ سَأَلَهُ الْحَاكِمُ بِمَا يُوجِبُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ فَأَذِنَ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ لِلسَّيِّدِ فِي فَسْخِ الْكِتَابَةِ الْمَذْكُورَةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فَحِينَئِذٍ فَسَخَ السَّيِّدُ الْمَذْكُورُ الْكِتَابَةَ الْمَذْكُورَةَ فَسَخًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَأَبْطَلَ حُكْمَهَا وَشَهِدَ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا وَإِنْ كَانَ أَنْكَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ كَتَبْتَ بَعْدَ دَعْوَى الْعَجْزِ فَكَلَّفَهُ الْحَاكِمُ إِثْبَاتَ ذَلِكَ فَشَهِدَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ فلَان وَفُلَان فَقبل شَهَادَتهمَا وَاعْلَم تَحت رسمها عَلَامَةَ الْأَدَاءِ وَالْقَبُولِ عَلَى الرَّسْمِ الْمَعْهُودِ وَأَعْلَمَ عَلَامَةَ الثُّبُوتِ عِنْدَهُ ثُمَّ سَأَلَ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ الْمُكَاتَبَ الْمَذْكُورَ الْقِيَامَ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَادَّعَى عَدَمَ الْقُدْرَةِ وَسَأَلَ التَّلَوُّمَ لَهُ فِيمَا حَلَّ عَلَيْهِ مِنْ نُجُومِهِ فَأَجَّلَهُ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ فِي ذَلِكَ أَجَلًا بِقَدْرِ اجْتِهَادِهِ فَانْتَهَى ذَلِكَ الْأَجَلِ ثُمَّ حَضَرَ الْمُكَاتَبُ مَجْلِسَ نَظَرِهِ فَاعْتَرَفَ أَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ وَزَعَمَ أَنَّهُ سَاعٍ فِي الْأَدَاءِ فَتُلُوِّمَ لَهُ تَلَوُّمًا قَاطِعًا حَاسِمًا فَانْصَرَمَ وَلَمْ يُؤَدِّ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهُ طَامِعٌ فِي الْأَدَاءِ فَبَانَ لِلْقَاضِي عَجْزُهُ فَعَجَّزَهُ لِلْعَجْزِ لَمَّا سَأَلَهُ فُلَانٌ السَّيِّدُ ذَلِكَ وَقَضَى بِرَدِّهِ فِي الرِّقِّ وَفَسْخِ كِتَابَتِهِ وَعَادَ رَقِيقًا لِسَيِّدِهِ بَعْدَ أَنْ أَعْذَرَ لِلْمُكَاتَبِ

ص: 409

وَلِسَيِّدِهِ فُلَانٍ بِمَا وَجَبَ أَنْ يَعْذُرَ بِهِ إِلَيْهِمَا فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ مَنْ أَعْذَرَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِدْفَعٌ فَحَكَمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَأَمْضَاهُ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ وَأَبْقَى كل ذِي حجَّة شَرْعِيَّة على حجَّته وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ثَابِتُ الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ وَمَاضِيهُمَا بعد تقدم الدَّعْوَى المسموعة وَمَا ترَتّب عَلَيْهَا وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي وَثَائِقِهِ إِذَا غَابَ فَحَلَّ عَلَيْهِ نُجُومٌ لَمْ يُعْجِزْهُ السَّيِّدُ إِلَّا بِالْحَاكِمِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَمْلُوكه إِلَى حِينِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَأَنَّهُ غَائِبٌ وَحُلُولِ النُّجُومِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُخْلِفْ شَيْئًا فَإِذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ حَلَفَ السَّيِّدُ ثُمَّ تَلَوَّمَ الْقَاضِي لِلْغَائِبِ كَمَا يَتَلَوَّمُ لِلْحَاضِرِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ حَتَّى انْقَضى الاجل لعَجزه

ص: 410

(الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْوَكَالَةِ)

هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ زَيْدًا فِي الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ كُلِّهَا وَدُيُونِهِ بِأَسْرِهَا عَلَى غُرَمَائِهِ وَخُصُومِهِ وَالْمُحَاكَمَةِ بِسَبَبِهَا عِنْدَ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ وَوُلَاةِ أُمُورِ الْإِسْلَامِ وَالدَّعْوَى عَلَى غُرَمَائِهِ وَاسْتِمَاعِ الدَّعْوَى وَرَدِّ الْأَجْوِبَةِ عَنْهَا بِمَا يُسَوَّغُ شَرْعًا وَاسْتِيفَاءِ الْأَيْمَانِ الْوَاجِبَةِ لَهُ شَرْعًا وَالْحَبْسِ وَالتَّرْسِيمِ وَالْإِطْلَاقِ وَالْإِعَادَةِ وَالْإِيدَاعِ وَأَخْذِ الْكُفَلَاءِ وَالضُّمَنَاءِ وَقَبُولِ الْحَوَالَاتِ عَلَى الْأَمْلِيَاءِ وَإِثْبَاتِ حُجَجِهِ وَمَسَاطِيرِهِ وَإِقَامَةِ بَيِّنَاتِهِ وَقَبْضِ كل من يَتَوَجَّهُ لَهُ قَبْضُهُ بِكُلِّ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ وَالْإِشْهَادِ عَلَى الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ بِمَا ثَبَتَ لَهُ شَرْعًا وَفِي ايجار مَا يجرا فِي ملكه من الْعقار الْكَامِل مِنْهُ وَالْمَتَاع لِمَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِهِ بِمَا يَرَاهُ مِنَ الاجرة حَالهَا ومنجمها ومؤجلها ومعجلها لما يتهبا مِنَ الْمُدَّةِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَقَبْضِ الْأُجْرَةِ وَاكْتِتَابِ مَا يَجِبُ اكْتِتَابُهُ فِي ذَلِكَ وَتَسْلِيمِ مَا يُؤَجِّرُهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ وَمَهْمَا وَكَّلَهُ فِيهِ كَتَبَهُ وَعَيَّنَهُ بِمَا يَلِيقُ تَعْيِينُهُ وَكَّلَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَكَالَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً قَبِلَهَا مِنْهُ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ مَنْ شَاءَ وَيَعْزِلَهُ مَتَى شَاءَ وَيُعِيدَهُ مَتَى شَاءَ

ص: 411

(الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمَحَاضِرِ)

وَتَكْتُبُ فِي مَحْضِرِ الْوَفَاةِ عِنْدَهُ شَهِدَ الشُّهُودُ الْوَاضِعُونَ خُطُوطَهُمْ آخِرَ هَذَا الْمَحْضَرِ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ بِمَا شَهِدُوا بِهِ فِيهِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ فلَان بن فلَان وورثته الا ذكر هم فِيهِ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَيَشْهَدُونَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ مِنْ مُدَّةِ كَذَا وَخَلَّفَ مِنَ الْوَرَثَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِمِيرَاثِهِ الْمُسْتَوْعِبِينَ لِجَمِيعِهِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَزَوْجَتُهُ فُلَانَةُ الَّتِي لَمْ تَزَلْ فِي عِصْمَتِهِ وَعَقْدِ نِكَاحِهِ إِلَى حِينِ وَفَاتِهِ بِغَيْرِ شَرِيكٍ لَهُمْ فِي مِيرَاثِهِ وَلَا حَاجِبَ يَحْجُبُهُمْ عَنْهُ بِوَجْهٍ وَلَا سَبَبٍ وَهُمْ بِمَا شَهِدُوا بِهِ عَالِمُونَ وَلِلْوَرَثَةِ مستخصون يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ سَأَلَ مَنْ جَازَتْ مَسْأَلَتُهُ وَسَوَّغَتِ الشَّرِيعَةُ الْمُطَهَّرَةُ إِجَابَتَهُ وَتُؤَرِّخُ فَإِنْ خَلَّفَ أَبَوَيْنِ وَأَخَوَيْنِ فَالْعَادَةُ ان تكْتب الام لِأَنَّهَا الوارثة ويسكتون عَنْ إِخْوَةِ الْأُمِّ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَالْمَحْضَرُ لِوَرَثَتِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يذكرُوا بَيَانَ الْحَجْبِ

(فَصْلٌ)

تَكْتُبُ فِي الرُّشْدِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ فُلَانًا وَيَشْهَدُونَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَالْعِفَّةِ وَالْفَلَاحِ وَالصِّيَانَةِ وَالْأَمَانَةِ وَالثِّقَةِ وَالدِّيَانَةِ مُحَافِظٌ عَلَى صَلَاتِهِ أَمِينٌ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ صَادِقٌ فِي أَقْوَالِهِ رَشِيدٌ صَالِحٌ فِي دِينِهِ مُصْلِحٌ لِمَالِهِ مُسْتَحِقٌّ لِفَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ غَيْرُ مُبَذِّرٍ وَلَا مُفَرِّطٍ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَيَشْهَدُونَ بِهِ

ص: 412

(فَصْلٌ)

تَكْتُبُ فِي نَسَبِ الشُّرَفَاءِ وَيَشْهَدُونَ بِالِاسْتِفَاضَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِالشَّائِعِ الذَّائِعِ وَالنَّقْلِ الصَّحِيحِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّهُ شَرِيفُ النَّسَبِ صَحِيحُ الْحَسَبِ شَرِيفٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْحُسَينِ بْنِ عَلَيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم وَأَنَّ نَسَبَهُ صَرِيحٌ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ بِنَسَبِ الْحُسَيْنِ عليه السلام مِنْ أَوْلَادِ الصُّلْبِ أَبًا عَنْ أَبٍ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ نَسَبُهُ إِلَى أَصْلِ نَسَبِ الْحُسَيْنِ عليه السلام

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي الْعَدَالَةِ بَعْدَ أَوَّلِ الْمَحْضَرِ وَيَشْهَدُونَ بِشَهَادَةٍ عَلِمُوا صِحَّتَهَا وَتَيَقَّنُوا مَعْرِفَتَهَا لَا يَشُكُّونَ فِيهَا وَلَا يَرْتَابُونَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ وَالصَّفَاءِ صَادِقٌ فِي أَقْوَالِهِ مُحَقَّقٌ فِي افعاله حسن السِّيرَة طَاهِر السريرة منتقط فِي أُمُورِهِ سَالِكٌ شُرُوطَ الْعَدَالَةِ وَأَفْعَالَهَا صَالِحٌ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعُدُولِ الْمُبْرِزِينَ وَالْأَعْيَانِ الْمُتَمَيِّزِينَ مُسْتَحِقٌّ أَنْ يَضَعَ خَطَّهُ فِي مَسَاطِيرِ الْمُسْلِمِينَ عَدْلٌ رِضًا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَيَشْهَدُونَ بِهِ

ص: 413

(الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْإِسْجَالَاتِ)

تَكْتُبُ فِي ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ هَذَا مَا أَشْهَدُ عَلَيْهِ الْقَاضِي فُلَانٌ الْحَاكِمُ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ نَصَرَ اللَّهُ مَلِكَهَا وَأَمَّنَ مَمَالِكَهَا بِالتَّوْلِيَةِ وَتَكْتُبُ فِي إِسْجَالِ عَدَالَةٍ هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا الْقَاضِي فُلَانٌ الْحَاكِمُ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ سَيِّدَنَا وَمَوْلَانَا قَاضِيَ الْقُضَاةِ وَحَاكِمَ الْحُكَّامِ وَتُكْمِلُ النُّعُوتَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ ثُمَّ تَقُولُ الْحَاكِمُ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ نَصَرَ اللَّهُ مَلِكَهَا وَأَمَّنَ مَمَالِكَهَا بِالتَّوْلِيَةِ الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَلَكِيَّةِ الظَّاهِرِيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْخِلَافَةِ النَّبَوِيَّةِ الْعَبَّاسِيَّةِ الْحَاكِميَّةِ أَدَامَ اللَّهُ اقْتِدَارَهَا وَأَعْلَا أَبَدًا منارها واعز اوليااها وَأَنْصَارَهَا مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ وَنَقْضِهِ وَإِمْضَائِهِ مِنَ الشُّهُودِ الْمُعَدَّلِينَ فِي زَمَنِ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ وَهُوَ نَافِذُ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ مَاضِيهُمَا أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ عَدَالَةُ فُلَانٍ وَدِيَانَتُهُ وَأَمَانَتُهُ وَأَنَّهُ صَالِحٌ وَأَهْلٌ أَنْ يُنَصَّبَ عَدْلًا مِنْ عُدُولِ الْمُسْلِمِينَ ثُبُوتًا مَسْكُوتًا مُعَوَّلًا عَلَيْهِ وَأَنَّهُ أَدَامَ اللَّهُ أَيَّامَهُ وَأَجْرَى عَلَى سُنَنِ السَّدَادِ أَحْكَامَهُ نَصَّبَهُ وَأَبْرَزَهُ عَدْلًا مِنَ الْعُدُولِ الْمَقْبُولَةِ أَقْوَالُهُمْ فِي الْعَقْدِ والحل الْمَعْمُول عَلَى شَهَادَتِهِمْ فِيمَا قَلَّ وَجَلَّ وَأَذِنَ لَهُ فِي التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ أُسْوَةَ أَمْثَالِهِ مِنَ الْعُدُولِ الْمُعْتَبَرِينَ وَذَلِكَ لِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ صَلَاحِيَّتِهِ لِذَلِكَ وَسُلُوكِهِ مَنَاهِجَ السَّدَادِ وَأَوْضَحَ الْمَسَالِكِ وَتَفَطُّنِهِ لِلْأُمُورِ وَبُعْدِهِ مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ بِذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا وَإِنْ كَانَ الثُّبُوت عَلَيْهِ نَائِبا فِي الحكم كِتَابَة فِي ذَيْلِ الْإِسْجَالِ وَذَلِكَ بِالْإِذْنِ

ص: 414

الصَّحِيحِ الشَّرْعِيِّ مِنْ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ لَهُ فِي ذَلِكَ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَنْ يُعَيِّنُهُ فِي رَسْمِ شَهَادَتِهِ آخِرَهُ وَتُؤَرِّخُ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي إِقْرَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَعْدَ النُّعُوتِ وَصَدْرِ الْإِسْجَالِ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ بِمَحْضَرٍ من تكلم جَائِزٌ كَلَامُهُ مَسْمُوعَةٌ دَعْوَاهُ عَلَى الْوَضْعِ الْمُعْتَبَرِ الشَّرْعِيِّ بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ أَعْلَمَ تَحْتَ شَهَادَتِهِمْ بِالْأَدَاءِ فِي بَاطِنِهِ إِقْرَارُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِمَا نُسِبَ إِلَيْهِمَا فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ بَاطِنَهُ عَلَى مَا شُرِحَ بِهِ وَهُوَ مُؤَرَّخٌ بِكَذَا وَبِآخِرِهِ رَسْمُ شَهَادَتِهِمْ وَقَدْ أَرَّخَ شَاهِدَانِ مِنْهُمْ شَهَادَتَهُمَا بِتَارِيخِ الْكِتَابِ وَالثَّالِثُ أَرَّخَ شَهَادَتَهُ بِكَذَا وَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ أَعْلَى اللَّهُ أَيَّامَهُ وَأَنْفَذَ أَحْكَامَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَأَلَهُ مَنْ جَازَ سُؤَالُهُ الْإِشْهَادَ عَلَى نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَالِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَالْحُكْمِ بِمُوجَبِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِيهِ وَأَبْقَى كُلَّ ذِي حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ فِي ذَلِكَ عَلَى حُجَّتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِك كُله نَافِذ القضاث وَالْحكم ماضيهما بعد تقدم الدَّعْوَى المسموعة وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَتَقَدَّمَ أَدَامَ اللَّهُ أَيَّامَهُ وَأَنْفَذَ احكأمه بِكِتَابَة هَذِه الإسجال فَكتب عَن إِذْنه متضمنا لذَلِك وَذَلِكَ بَعْدَ قِرَاءَةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى قِرَاءَتِهِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَوَقَعَتِ الشَّهَادَةُ بِتَارِيخِ كَذَا وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ نَائِبًا قُلْتَ بَعْدَ ذِكْرِ اسْمِهِ خَلِيفَةُ الْحُكْمِ الْعَزِيزُ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي الشُّهُودِ فَرْعٌ قُلْتَ بَعْدَ ذِكْرِ الْأُصُولِ الْحَاضِرِينَ الَّذِينَ أَدَّوْا وَقَامَ شَاهِدَا الْفَرْعِ الْعَدْلَانِ وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى أَصْلِهِمَا الْعَدْلِ بِمَا يحملاه مِنْهُ وَهُوَ أَنه شهد على المتقاعدين بَاطِنَهُ بِمَا نُسِبَ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ وَأَنَّهُ ذَاكِرٌ لَهَا وَأَشْهَدَهُمَا عَلَى شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ على مَا

ص: 415

تَضَمَّنَهُ رَسْمُ شَهَادَتِهِمَا آخِرَ الِابْتِيَاعِ وَبَاطِنَهُ فِي حَالٍ يُسَوِّغُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ عِنْدَ سيدنَا القَاضِي فلَان الْحَاكِم الْمَذْكُور وَقبلهَا مِنْهَا الْقَبُولَ السَّائِغَ فِيهِ وَسَطَّرَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ عَلامَة الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود فِي مَثَلِهِ

(فَصْلٌ)

وَتَكْتُبُ فِي إِثْبَاتِ إِسْجَالِ حَاكِمٍ إِلَى حَاكِمٍ بَعْدَ ذِكْرِ صَدْرِ الْإِسْجَالِ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَمَحَلِّ وِلَايَتِهِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ صُدُورِ دَعْوَى مُحَدَّدَةٍ مُقَابَلَةٍ بِالْإِنْكَارِ عَلَى الْوَضْعِ الْمُعْتَبَرِ الشَّرْعِيِّ بِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَعْلَمَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِمَا بِالْأَدَاءِ بَاطِنَهُ إِشْهَادُ الْقَاضِي فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ بِمَا نُسِبَ إِلَيْهِ فِي إِسْجَالِهِ الْمُسَطَّرِ أَعْلَاهُ عَلَى مَا نُصَّ وَشُرِحَ فِيهِ وَهُوَ مُؤَرَّخٌ بِكَذَا وَقَدْ أَقَامَ الْعَدْلَانِ الْمُشَارُ إِلَيْهِمَا شَهَادَتَهُمَا بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي الْمُبْدَأِ بِاسْمِهِ بِشُرُوطِ الْأَدَاءِ عَلَى الرَّسْمِ الْمَعْهُودِ فِي مِثْلِهِ فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَأَلَهُ مَنْ جَازَ سُؤَالُهُ الْإِشْهَادَ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ لَدَيْهِ وَتَنْفِيذِهِ وَإِمْضَائِهِ وَأَنَّهُ حَكَمَ وَارْتَضَاهُ وَأَبْقَى كُلَّ ذِي حُجَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَافِذُ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ مَاضِيهُمَا بَعْدَ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى الْمَوْصُوفَةِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَإِنْ حَضَرَ مَنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ لَا مَطْعَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ كَتَبْتَ وَحَضَرَ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فُلَانٌ أَوْ وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ بَعْدَ ذِكْرِ وَاعْتَرَفَ أَنَّهُ لَا مَطْعَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَوَقَعَ الْإِشْهَادُ بِتَارِيخِ كَذَا وللكتاب التَّصَرُّفُ بِكُتُبِ الْإِسْجَالِ عَلَى قَدْرِ الْوَقَائِعِ وَيَتَصَرَّفُ فِي أَلْفَاظِهَا وَلَا يُخِلُّ بِالْمَقَاصِدِ وَهِيَ غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ وَفِيمَا تَقَدَّمَ كِفَايَةٌ فِي ذَلِكَ

ص: 416

(الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْكُتُبِ الُحُكْمِيَّةِ الصَّادِرَةِ والواردة)

فتكتب فِي كتاب بِجمع الْقُضَاة هَذِه الْكتاب الحكيمة إِلَى كل من يصل إِلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ أَدَامَ اللَّهُ عُلَاهُمْ وَتَوْفِيقَهُمْ وَتَسْدِيدَهُمْ وَأَجْزَلَ مِنْ عَوَارِ خَطِّهِمْ وَمَزِيدِهِمْ بِمَا ثَبَتَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ عِنْدَ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا الْقَاضِي فُلَانٍ الْحَاكِم بالديار الْفُلَانِيَّة وفقد اللَّهُ لِمَرَاضَيْهِ وَأَعَانَهُ عَلَى مَا هُوَ مُتَوَلِّيهِ وَصَحَّ لَدَيْهِ فِي الْمجْلس حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ مُتَكَلِّمٍ جَائِزٌ كَلَامُهُ مَسْمُوعَةٌ دَعْوَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ هُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ جَمِيعُ مَا تَضَمَّنَهُ مَسْطُورُ الدَّيْنِ الْمُتَّصِلُ أَوَّلُهُ بِآخِرِ كِتَابِي هَذَا الَّذِي مَضْمُونُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَشْهَدَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَتَنْقُلُ جَمِيعَ الْمَسْطُورِ وَتَارِيخَهُ وَرَسْمَ شَهَادَته الْعُدُولِ وَتَقُولُ وَقَدْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمْ شَهَادَتَهُ بِذَلِكَ عِنْدَهُ وَقَالَ إِنَّهُ بِالْمُقِرِّ عَارِفٌ وَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا الْقَبُولَ السَّائِغَ فِيهِ وَسَطَّرَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِمَا مَا جَرَتِ الْعَادَةِ بِهِ من عَلامَة الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود فِي مثله وَذَلِكَ بعد أَن ثبث عِنْدَهُ عَلَى الْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ هُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ الْوَاضِعَانِ رَسْمَ شَهَادَتِهِمَا فِي مَسْطُورِ الدّين الْمَذْكُور وَقَالا أَنَّهُمَا عارفإن بِهِ وَقيل ذَلِكَ مِنْهُمَا الْقَبُولَ الشَّرْعِيَّ وَسَطَّرَ تَلَوُّمَ رَسْمِ شَهَادَتِهِمَا مَا جَرَتِ الْعَادَةِ بِهِ مِنْ عَلَامَةِ الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود فِي مثله وأحلف الْمقر بِهِ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْيَمين الشَّرْعِيَّةَ الْمُتَوَجِّهَةَ عَلَيْهِ الْمَشْرُوعَةَ فِي مَسْطُورِ الْحَلِفِ المكتتب على ظهر المسطور ووإن كَانَ

ص: 417

مُلْصقًا كتب الْمُلْصَقُ بِذَيْلِ مَسْطُورِ الَّدَّيْنَ الْمَذْكُورِ بِالْتِمَاسِهِ لِذَلِكَ عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا صَحِيحا مُعْتَبَرًا وَأَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ وَأَمْضَاهُ وَالْتَزَمَ مُقْتَضَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ مَعَ إِبْقَاءِ كُلِّ ذِي حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ نافد الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ مَاضِيهُمَا بَعْدَ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى الْمَشْرُوعَةِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَأَلَهُ مَنْ جَازَ سُؤَاله وسوغت الشَّرِيعَة المطهرة من الْمُكَاتبَة عِنْد بِذَلِكَ فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَالِهِ وَتَقَدَّمَ بِكِتَابَةِ هَذَا الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فَكَتَبَ عَنْ إِذْنِهِ فَمَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ أَدَامَ اللَّهُ نِعْمَتَهُمْ وَرَفَعَ دَرَجَتَهُمْ وَاجْتَهَدَ فِي تَنْفِيذِهِ وَإِمْضَائِهِ حَاز الْأجر وَالثَّوَاب والزلفى وَحسن المآب وَفقه اللَّهُ وَإِيَّاهُ لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَكَتَبَ عَنِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَأَعْمَالِ الدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ فِي الْفُلَانِيّ مِثَالُ الْعَلَامَةِ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمُ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ كَذَا وَكَذَا عَدَدُ الْأَوْصَالِ كَذَا وَكَذَا وَتَخْتِمُ الْكِتَابَ ثُمَّ تَكْتُبُ عُنْوَانَهُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ رَجُلَيْنِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَيَأْخُذُ خَطَّهُمَا وَإِنْ كَتَبَ أَوَّلُهُ هَذَا الْفَصْلُ كَانَ أَحْسَنَ وَهُوَ هَذَا كِتَابُ حُكْمِيٌّ مُحَرَّرٌ مَرْضِيٌّ تَقَدَّمَ بِكِتَابَتِهِ وتسيطره وَتَنْجِيزِهِ وَتَحْرِيرِهِ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٌ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَا يُرْضِيهِ وَأَعَانَهُ عَلَى مَا هُوَ مُتَوَلِّيهِ الْحَاكِمُ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَجَمِيعِ أَعْمَالِ الدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ نَصَرَ اللَّهُ مَلِكَهَا وَضَاعَفَ اقْتِدَارَهُ وَأَعْلَى أَبَدًا مَنَارَهُ وَأَنْصَارَهُ بِالْوِلَايَةِ الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَوَاقِفِ الْمُقَدَّسَةِ الزَّكِيَّةِ النَّبَوِيَّةِ الْإِمَامِيَّةِ الْعَبَّاسِيَّةِ الْحَاكِمِيَّةِ بِاللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعَزَّ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ وَأَمْتَعَ بِبَقَائِهِ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ إِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ حكام الْمُسلمين ونوابهم وخلفائهم متضمنا أَنه ثبث عِنْدَهُ وَتُكْمِلُ الْكِتَابَ

(فَصْلٌ)

وَإِذَا وَرَدَ كِتَابٌ حكمي فقد خَتمه فَكتب عَلَى ظَهْرِهِ هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَى

ص: 418

نَفْسِهِ سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا الْقَاضِي فُلَانٌ بِالْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ الْمَحْرُوسَتَيْنِ وَمَا أُضِيفَ إِلَيْهِمَا مِنْ أَعْمَالِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ أَدَامَ اللَّهُ سَعَادَتَهُ وَأَيَّدَ سِيَادَتَهُ أَنَّهُ ورد عَلَيْهِ الْكتاب الْحُكْمِيُّ الصَّادِرُ عَنْ مُصْدِرِهِ فُلَانٍ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ بِدِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَدْلَيْنِ أَوِ المقبولين أَو المزكيين وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ عِنْدَ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ الْحَاكِمِ بِالْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ الْمَحْرُوسَتَيْنِ أَدَامَ اللَّهُ سَعَادَتَهُ وَقَالَا إِنَّ الْحَاكِمَ الْمَذْكُورَ أَشْهَدَهُمَا عَلَى نَفْسِهِ بِمَا تَضَمَّنَهُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ الْمَسْطُورُ بَاطِنَهُ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ عَلَى مُصْدِرِهِ بِحَضْرَتِهِمَا وَحُضُورِ من يعْتَبر حُضُوره وَأَن الْحَاكِم فلَان بِالْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ الْمَحْرُوسَتَيْنِ قَبِلَهُمَا فِي ذَلِكَ الْقَبُولَ السَّائِغَ فِيهِ وَيَقْرَأُ الْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ الْمَشْرُوحَ بَاطِنَهُ عَلَى مَنْ يَشْهَدُ عَلَى الْحُكْمِ وَأَنَّ الْحَاكِمَ فَضَّ خَتْمَهُ بِسُؤَالِ مُورِدِهِ وَقَابَلَهُ بِمَضْمُونِهِ فَوَافَقَ مَا ذُكِرَ فِيهِ وَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَهُ سَأَلَ مَنْ جَازَتْ مَسْأَلَتُهُ وَسَوَّغَتِ الشَّرِيعَةُ الْمُطَهَّرَةُ إِجَابَتَهُ الْإِشْهَادَ عَلَى نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ لَدَيْهِ وَأَنَّهُ قَبِلَهُ قَبُولَ أَمْثَالِهِ مِنَ الْكُتُبِ الْحُكْمِيَّةِ قَبُولًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَنَفَّذَ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ فَأَمْضَاهُ وَالْتَزَمَ مُقْتَضَاهُ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى الْمَسْمُوعَةِ فِي ذَلِكَ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَأَبْقَى كُلَّ ذِي حُجَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ فِيهِ عَلَى حُجَّتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَافِذُ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ مَاضِيهُمَا وَذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا وَإِنْ كَتَبَ عَلَى غَيْرِ ظَهْرِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فِي كِتَابٍ مُجَرَّدٍ جَازَ وَيَذْكُرُ مَا يُنَاسِبُهُ مِنَ اللَّفْظِ عَلَى الْمَقَاصِدِ الْمُتَقَدِّمَةِ وتبدل الالفاظ بِمَا يُنَاسِبهَا وَتقول وَكَتَبَ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بتاريخ كَذَا

ص: 419

(الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي التَّقَالِيدِ)

تَكْتُبُ فِي تَقْلِيدِ نِيَابَةِ الْقَضَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يذهل وَلَا يجوز الْبَاقِي عَلَى كُرُورِ الدُّهُورِ وَمُرُورِ الْعُصُورِ كَافِلِ الشَّكُورِ الْقَائِلِ فِي كِتَابِهِ الْحَكِيمِ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُور} أَحْمَدُهُ حَمْدَ مَنْ أَحَلَّهُ مِنَ الْعِلْمِ عَظِيمًا أَثِيرَا وَآتَاهُ الْحِكْمَةَ {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خيرا كثيرا} وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً تَرِدُ عَلَى الْحَاكِمِ فَلَا تُرَدُّ وَتَغْسِلُ مِنَ الْمَآثِمِ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بالحكمة وَفصل الْخطاب وفضله بالعصمة من السَّبَبِ وَالسِّبَابِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الَّذِينَ كَانُوا بِمَا عمِلُوا يَعْمَلُونَ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ قَضَوْا بِالْحَقِّ وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْمُتَصَدِّي لِفَصْلِ الْخِصَامِ بَيْنَ الرَّعِيَّةِ بِالطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَرْعِيَّةِ عُقُودٌ لَا يَصْلُحُ تَقْلِيدُهَا إِلَّا لِمَنْ دَرَسَ عُلُومَ الشَّرِيعَةِ وَحَصَّلَهَا وَجَمَعَ بَيْنَ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَوَصَلَهَا وَجَدَعَ أَنْفَ الْأَنَفَةِ مِنَ الْمَطَالِبِ وفصلها ومحا عَن نَفسه

ص: 420

النفسية وَضِيعَةَ الْجَهَالَةِ وَوَصَلَهَا وَصَرَفَ إِلَى طَلَبِ النَّجَاةِ مَكْنُونَ الْحَيَاةِ وَأَصَّلَهَا فَعَافَ الْوِسَادَةَ لِطَلَبِ السِّيَادَةِ وَفَارَقَ الْعَادَةَ لِيَظْفَرَ بِالْعِبَادَةِ وَتَقَمَّصَ بِزُهْدِ الصَّادِقِينَ وَصِدْقِ الزَّاهِدِينَ وَتَحَلَّى بِتَقْوَى الْأَوْلِيَاءِ وَوِلَايَةِ الْمُتَّقِينَ وَقَصَدَ بِعِلْمِهِ إِرْشَادَ الْخَلِيقَةِ إِلَى الْحَقِيقَةِ وَسَاهَمَ حَتَّى اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ وَلَمَّا كُنْتَ أَيُّهَا الْقَاضِي الْفَاضِلُ النَّبِيهُ فُلَانُ الدِّينِ أَسْعَدَكَ اللَّهُ بِالْحِكْمَةِ وَأَسْعَدَ بِكَ وَضَاعَفَ لَكَ الْمَثُوبَةَ عَلَى سَعْيِكَ وَتَعَبِكَ مِمَّنْ تُزَفُّ هَذِهِ الْمَحَاسِنُ إِلَيْهِ وَلَا يَصِحُّ تَنْزِيلُهَا إِلَّا عَلَيْهِ اسْتَخَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى وَاسْتَنَبْتُكَ عَنِّي فِي الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ بِالْعَمَلِ الْفُلَانِيّ وَجَمِيع اعماله وبلاده وَسَائِر كوره وبلاد فَبَاشِرْ مَا قَلَّدْتُكَ مُبَاشَرَةَ الْغَيْثِ لِلنَّبَاتِ وَتَوَلَّ مَا وليتك بالجد والاقبال وصون اموال الايتام عَن الضّيَاع وَزوج من اولى لَهَا عِنْدَ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْإِبْضَاعِ وَاضْبُطِ الْأَحْكَامَ بِشَهَادَةِ الثِّقَاتِ الْعُدُولِ وَمَيِّزْ بَيْنَ الْمَرْدُودِ مِنْهُمْ وَالْمَقَبُولِ وَرَاعِ أَحْوَالَ النُّوَّابِ فِي الْبِلَادِ وَأَرِهِمْ يَقَظَةً تَرْدَعُ الْمُفْسِدِينَ عَنِ الْفَسَادِ وَالْحَازِمُ مَنْ إِذَا وَلَّى لَمْ يُطْبِقْ بَيْنَ جُفُونِهِ وَيُرْسل الْعُيُون عل عُيُونِهِ وَعَلَيْكَ بِالتَّقْوَى تَقْوَى بِهَا عَلَى الْفَادِحِ الْعَظِيمِ فَقَدْ قَالَ سبحانه وتعالى {وَاتَّقُوا اللَّهَ ويعلمكم الله وَالله بِكُل شَيْء عليم} وَكَتَبَ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَمَا مِنْهَا من الْبِلَاد الْفُلَانِيَّة ادام الله ايامه مَالِكِ مِلْكِهَا وَضَاعَفَ اقْتِدَارَهُ وَأَعَزَّ أَوْلِيَاءَهُ وَأَنْصَارَهُ وَذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا وَيَنْبَغِي لَكَ أَنَّ تَصْنَعَ فِي كُلِّ تَقْلِيدٍ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الْأَلْفَاظِ بِسَبَبِ ذَلِكَ التَّقْلِيدِ وَمَا يَلِيقُ لِمُتَوَلِّيهِ وموليه وولايته

ص: 421

(الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْأَحْبَاسِ)

وَهَيَ كَثِيرَةُ الْفُرُوعِ مُخْتَلِطَةُ الشُّرُوطِ مُتَبَايِنَةُ الْمَقَاصِدِ فَيَنْبَغِي لِكَاتِبِهَا أَنْ يَكُونَ حَسَنَ التَّصَرُّفِ فِي وَقَائِعِهَا عَارِفًا بِفُرُوعِهَا وَقَوَاعِدِهَا وَأَنَا أَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَكُونُ عَوْنًا عَلَى غَيْرِهِ هَذَا مَا وَقَفَ وَحَبَسَ وابل وَسَبَلَ وَحَرَمَ وَتَصَدَّقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ وَقْفًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا تَقَرَّبَ بِهِ وَأَوْقَفَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى رَغْبَةً فِيمَا لَدَيْهِ وَذَخِيرَةً لَهُ إِلَى يَوْمِ الْعَرْضِ عَلَيْهِ يَوْمَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَصَدِّقِينَ وَلَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَهُوَ جَمِيعُ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَتَصْرُّفِهِ الَّتِي عَرَفَهَا وَأَحَاطَ بِهَا عِلْمًا وَخِبْرَةً وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ عَلَى أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ الْمُرَاهِقِينَ وَعَلَى مَنْ يُحْدِثُ اللَّهُ لَهُ مِنْ وَلَدٍ غَيْرِهِمْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَيَّامَ حَيَاتِهِمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَإِنْ سَفَلُوا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَدَائِمًا مَا تَعَاقَبُوا طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى أَوْ على ان مَاتَ من هَؤُلَاءِ المقوف عَلَيْهِمْ أَوَّلًا وَمِمَّنْ يُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ انْتَقَلَ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى مِنْهُمْ لِأَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ طَبَقَةً بعد طبقَة ونسلا بعد نسل تَحت الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى فَإِنْ لَمْ يكن للمتوفى ولد وَلَا وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ أَشِقَّائِهِ الَّذِينَ هُمْ فِي دَرَجَته الداخلتين مَعَهُ فِي هَذَا الْوَقْفِ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظّ الانثيين فَإِن

ص: 422

يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْإِخْوَةِ مَوْجُودًا وَكَانَ لَهُمْ أَوْلَادٌ انْتَقَلَ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى لَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ لِأَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ هَذَا الْوَاقِفِ وَلَا مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَانْقَرَضُوا كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى المسجونين والمعتقلين فِي سجون الْحُكَّام وولات أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَأَعْمَالِهِمْ وَظَوَاهِرِهِمَا الْمَنْسُوبُ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ يَقُومُ النَّاظِرُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَيُوَصِّلُهُ إِلَيْهِمْ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنْ مُسَاوَاةٍ وَنُقْصَانٍ وَحِرْمَانٍ مِنْ صَرْفِهِ نَقْدًا أَوْ خُبْزًا أَوْ مَاءً أَوْ ثَرِيدًا اَوْ كسْوَة اَوْ وَفَاء دين اَوْ مطبخة عَلَيْهِ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ تَعَذَّرَ الصَّرْفُ إِلَى الْمَسْجُونِينَ بِالْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ صَرَفَ ذَلِكَ فِي فِكَاكِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ يَدِ الْعَدُوِّ الْكَافِرِ الْمَخْذُولِ عَلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهِمْ مِنَ الْفِرِنْجِ والنشر وَالروم والارمن والسليس وَالْكَرَجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَرُبَ مِنْ بِلَادِ الْعَدو المخذول وَمَا بعد مِنْهَا يستفك النَّاس من ذَلِكَ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ الرِّجَالَ مِنْهُمْ وَالنِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَالْأَطْفَالَ عَلَى اخْتِلَافِ أَعْمَارِهِمْ وَأَجْنَاسِهِمْ وَبِلَادِهِمْ عَلَى مَا يَرَاهُ النَّاظِرُ فِي افْتِكَاكِ رَقَبَةٍ كَامِلَةٍ أَوِ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا إِلَى أَنْ يَسْتَغْرِقَ صَرْفَ الرِّيعِ فِي خَلَاصِهِمْ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ وَله أَن يسير مَا يتَحَمَّل من الرّبع فِي كُلِّ وَقْتٍ وَأَوَانٍ عَلَى يَدِ مَنْ يَرَاهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَيَرْتَضِيهِ مِنَ التُّجَّارِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ الْكَافِرِ الْمَخْذُولِ لِيَصْرِفَ مَا يستسلم مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي فِكَاكِ الْأَسْرَى عَلَى مَا عين أَعْلَاهُ وَإِنْ حَضَرَ مَنْ يَسْعَى فِي فِكَاكِ أَسِيرٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَتَبَيَّنَ لِلنَّاظِرِ صِحَّةُ أَمْرِ مَنْ يَسْعَى فِي خَلَاصِهِ صَرَفَ لَهُ النَّاظِرُ مِنْ رِيعِ هَذَا الْوَقْفِ مَا يَرَاهُ وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ اجْتِهَادَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ صَرْفُ ذَلِكَ إِلَى الْأَسْرَى صَرَفَ ذَلِكَ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الْمُسلمين أَيْنَمَا كَانُوا وَحَيْثُ مَا وُجِدُوا مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عَلَى مَا يَرَاهُ النَّاظر فِي

ص: 423

ذَلِك وَمَتى أمكن الصّرْف إِلَى الْجِهَة المعذرة صَرَفَ إِلَيْهَا يَجْرِي ذَلِكَ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثين وعَلى الناضر فِي هَذَا الْوُقُوف يُؤَجِّرُهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْ طَوِيلِ الْمُدَّةِ وَقَصِيرِهَا بِمَا يَرَاهُ مِنَ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ أَوِ الْمُؤَجَّلَةِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَمَا فَوْقَهَا وَلَا يَتَعَجَّلُ أُجْرَةً وَلَا يُدْخِلُ عَقْدًا فِي عَقْدٍ إِلَّا أَنْ يَجِدَ لِمُخَالَفَتِهِ ذَلِكَ مَصْلَحَةً ظَاهِرَةً أَوْ غِبْطَةً وافرة ويستغل باجرة الِاسْتِغْلَالَ الشَّرْعِيَّ وَمَا حَصَلَ مِنْ رِيعِهِ بَدَأَ مِنْهُ بعمارته ومرمته وإصلاحه وَمَا فِيهِ بقاب عينه ثمَّ مَا فضل بعد تصرفه لِمُسْتَحِقِّيهِ عَلَى مَا شُرِحَ أَعْلَاهُ وَجَعَلَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ وَتَذْكُرُ شُرُوطَ النَّاظِرِ مِنْ تَشْدِيدٍ وَتَسْهِيلٍ فَإِنْ تعدر النَّظَرُ مِنْ فُلَانٍ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ كَانَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَمَتَى عَادَ إِمْكَانُ النَّظَرِ إِلَى مُسْتَحَقِّهِ نَظَرَ دُونَ الْحَاكِمِ وَلِكُلِّ نَاظِرٍ فِي هَذَا الْوَقْفِ أَنَّ يَسْتَنِيبَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهُ وَعَلَى كُلِّ نَاظِرٍ فِي هَذَا الْوَقْفِ أَنْ يَتَعَاهَدَ إِثْبَاتَهُ عِنْدَ الْحُكَّامِ وَيَحْفَظَهُ بِتَوَاتُرِ الشَّهَادَاتِ وَاتِّصَالِ الْأَحْكَامِ وَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ مِنَ الْوَقْفِ كُلْفَةَ إِثْبَاتِهِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَقَفَ فُلَانٌ الْمُبْدَأُ بِاسْمِهِ جَمِيعَ ذَلِك على الْجِهَات المعنية والشروط المبنية عَلَى مَا شُرِحَ أَعْلَاهُ وَقْفًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُؤَبَّدًا دَائِمًا سَرْمَدًا وَصَدَقَةً مَوْقُوفَةً لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُمَلَّكُ وَلَا تُرْهَنُ وَلَا تُتْلَفُ بِوَجْهِ تَلَفٍ قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا مَحْفُوظَةً عَلَى شُرُوطِهَا إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ وَقَبِلَ جَمِيعَ هَذَا الْوَقْف لما شَرَحَ فِيهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَتَسَلَّمَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وحوزه وَمَالك بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِحَاطَةِ بِهِ عِلْمًا وَخِبْرَةً فَقَدْ تَمَّ هَذَا الْوَقْفُ وَوَجَبَ وَأَخْرَجَهُ هَذَا الْوَاقِفُ عَنْ يَدِهِ وَأَبَانَهُ عَنْ حِيَازَتِهِ وَسَلَّمَهُ

ص: 424

لِمُسْتَحِقِّهِ وَصَارَ بِيَدِهِ وَقْفًا عَلَيْهِ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ إِخْرَاجُهُ مَنْ أَهْلِهِ فَحَرَامٌ عَلَى مَنْ غَيَّرَهُ أَوْ بَدَّلَهُ بعد مَا سَمعه {فَمن بدله بعد مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ الله سميع عليم} وَتُؤَرِّخُ وَذِكْرُ الْقَبُولِ إِنَّمَا يُذْكَرُ إِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا وَتَفَاصِيلُ الْأَوْقَافِ لَا تَتَنَاهَى وَهَذَا الْقَدْرُ مُنَبِّهٌ عَلَى مَا يُقَالُ فِي غَيره فليقتصر عَلَيْهِ

(فَرْعٌ)

وَقع فِيهِ النِّزَاعِ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ وَهُوَ بِعِيدُ الْغَوْرِ يَنْبَغِي الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ إِذَا قِيلَ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُم فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ طَبَقَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا الشَّرْطِ ذِكْرُ الْوَاقِفِ فَيَبْقَى الضَّمِيرُ دَائِرًا بَيْنَ طبقَة الْوَاقِف وَالْمَوْقُوف عَلَيْهِ ابْن الْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ لِأَنَّهُ مَعَ ابْنِ عَمِّهِ الْجَمِيعُ أَوْلَادُ عَمٍّ وَهُوَ مَعَ أَخِيهِ الْكَلُّ إِخْوَةٌ فَكِلَا الْجِهَتَيْنِ طَبَقَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ فَيُقَالُ مِنْ إِخْوَتِهِ أَوْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيَتَعَيَّنُ الْأَخُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الطَّبَقَةِ وَابْنُ الْعَمِّ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ الاخ اقْربْ فَإِن قَالَ الاقرب فالاقرب فَافْتَرقَا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الشَّقِيقَيْنِ وَأَخِ الْأَبِ فَإِنَّ حَجْبَ الشَّقِيقِ لَهُ لَيْسَ بِالْقُرْبِ بَلْ بِالْقُوَّةِ فَإِنْ قَالَ طبقَة وَسكت فاب بَعْضُهُمْ بِالْأَخِ دُونَ ابْنِ الْعَمِّ قَالَ لِأَنَّهُ حمل للفظ على اثر مَوَارِدِهِ وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ إِذَا قِيلَ فِي طَبَقَتِهِ فَلَا احْتِمَالَ فِيهِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِمَا بَيَّنْتُ لَكَ

ص: 425

(الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُلَى)

وَهُوَ فَصْلَانِ

(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)

أَوَّلُ مَا يُذْكَرُ مِنَ الْإِنْسَانِ سِنُّهُ ثُمَّ لَوْنُهُ ثُمَّ قَدُّهُ ثُمَّ جَبِينُهُ ثُمَّ جَبْهَتُهُ ثُمَّ حَاجِبَاهُ ثُمَّ عَيْنَاهُ ثُمَّ أَنفه ثمَّ وجنته وخداه ثُمَّ فَمُهُ ثُمَّ لِحْيَتُهُ ثُمَّ أَسْنَانُهُ ثُمَّ عُنُقُهُ ثُمَّ يَدَاهُ ثُمَّ صَدْرُهُ ثُمَّ رِجْلَاهُ وَمَا أَمْكَنَ ذِكْرُهُ مِنْ أَثَرٍ أَوْ شَامَةٍ اَوْ حسة أَوْ ثُؤْلُولٍ أَوْ نَمَشٍ أَوْ كَلَفٍ أَوْ اثر جدري اَوْ لعوط أَوْ شُرُوطٍ وَأُورِدَ ذَلِكَ مُرَتَّبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ السِّنُّ طِفْلٌ وَرَضِيعٌ ثُمَّ صَبِيٌّ ثُمَّ إِذا قَارَبَ الْبُلُوغَ يَافِعٌ وَيَفَعَةٌ وَمُرَاهِقٌ ثُمَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ شَابٌّ إِلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ كَهْلٌ إِلَى سِتِّينَ سَنَةً ثُمَّ شَيْخٌ إِلَى آخِرِ الْعُمْرِ وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ طُولُهُ أَرْبَعَةُ أَشْبَارٍ فَرُبَاعِيُّ الْقَدِّ أَوْ خَمْسَةٌ فَخُمَاسِيُّ الْقَدِّ أَوْ سِتَّةٌ فَسُدَاسِيُّ الْقَدِّ اللَّوْنُ شَدِيدُ السَّوَادِ خَالِصُهُ حَالِكٌ بِاللَّامِ وَحَانِكٌ بِالنُّونِ وَالْمَمْزُوجُ سَوَادُهُ بِصُفْرَةٍ أَصْحَمُ وَكَدَرُ اللَّوْنِ أَرِيرٌ وَصَافِيهِ أَصْفَرُ وَالْبَعِيدُ عَنِ الصُّفْرَةِ مَعَ سَوَادِ قَلِيلٌ آدَمُ اللَّوْنِ وَالْمَرْأَةُ أُدْمَى وَفَوْقَ الْأُدْمَةِ يُقَالُ شَدِيدُ الْأَدْمَةِ وَالْمُفَارِقُ لِذَلِكَ الْمَائِلُ إِلَى الْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ صَافِي السُّمْرَةِ بِحُمْرَةٍ وَالصَّافِي الْخَالِصُ مِنَ الْحُمْرَةِ رَقِيقُ السُّمْرَةِ وَلَا يَقُولُ الْمُوَرِّقُونَ فِي الْحُلَى ابيض لَان

ص: 426

الْبَيَاضَ عَلَى زَعْمِهِمْ هُوَ الْبَرَصُ وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ} وَلَيْسَ المُرَاد البرص والا لَا نعكس الْمَدْحُ وَقَالَ الشَّاعِرُ

(وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ

ثمال الْيَتَامَى عصمَة للارامل)

وَظَاهر الْبيَاض افصح وَالْأَبْيَضُ بِشُقْرَةٍ أَشْقَرُ وَمَعَ ذَلِكَ حُمْرَةٌ زَائِدَةُ السِّرِّ وَالَّذِي بِوَجْهِهِ وَرَاجَدَرْ الْقَدُّ الزَّائِدُ الطُّولِ عَتيق الْقَامَة والناقص عَن ذَلِك عطنط الْقَامَةِ وَالنَّاقِصُ عَنْ ذَلِكَ تَامُّ الْقَامَةِ وَالنَّاقِصُ عَنْ ذَلِكَ مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ وَالنَّاقِصُ عَنْ ذَلِكَ رَبْعُ الْقَامَةِ وَالنَّاقِصُ عَنْ ذَلِكَ حَسِيرُ الْقَامَةِ ويجترها فَإِنْ زَادَ حَتَّى يَصِيرَ كَالصَّبِيِّ قِيلَ دَحْدَاحٌ وَالشَّيْخُ الطَّوِيلُ إِذَا انْحَنَى أَسِيفُ الْقَامَةِ وَالْمَرْأَةُ سَيْفَاءُ الْجَبْهَةُ وَالْجَبِينُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْجَبْهَةَ مَوْضِعُ السُّجُودِ وَالْجَبِينَانِ جَانِبَا مَوْضِعِ السُّجُودِ فَإِذَا عرضت الْجِهَة وَتَوَسَّعَتْ قِيلَ رَحْبُ الْجَبْهَةِ وَإِنِ اعْتَدَلَ عَظْمُهَا وَاتَّسَعَتْ جِدًّا قِيلَ أَغَرُّ وَامْرَأَةٌ غَرَّاءُ وَإِنْ تطا من وَسَطُهَا قِيلَ أَفْرَقُ وَإِنِ اسْتَوَى عَظْمُهَا وَقَدْرُهَا وَسَلِمَتْ مِنَ الِانْكِمَاشٍ قِيلَ وَاضِحُ الْجَبْهَةِ أَوْ ضَاقَتْ قيل ضيق الْجِهَة مدنيها وَذَات انكماش يَسِيرا يُقَالُ بِهَا انْكِمَاشٌ يَسِيرٌ أَسَارِيرُ وَكَثِيرُ غُضُونٍ وَإِنْ صَغُرَتِ الْجَبْهَةُ وَضَاقَتْ قِيلَ ضَيِّقُ الْجَبْهَةِ وَإِنْ نَزَلَ شَعْرُ رَأْسِهِ مِنْ وَسَطِ جَبْهَتِهِ وَخَلَا جَانِبَاهَا مِنَ الشَّعْرِ مِمَّا يَلِي الصُّدْغَيْنِ قِيلَ أَنْزَعُ وَإِنْ عَمَّتْهَا مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ قيل اغم

ص: 427

الحواجب مُتَّصِل شعرهَا مقرون الحاجبين خفِيا وَمُفْتَرِقُهَا أَبْلَجُ الْحَاجِبَيْنِ وَامْرَأَةٌ بَلْجَاءُ وَإِنْ كَانَ بَلْجُهُ مُنْكَمِشًا قِيلَ بِبَلْجِهِ غُضُونٌ وَإِنْ خَفَّ ذَلِكَ قِيلَ بَيْنَهُمَا خُطُوطٌ أَوْ خَطَّانِ أَوْ خطّ فَإِن كن بَيْنَهُمَا شِبْهُ خَطٍّ بِالْمِشْرَاطِ قِيلَ بَيْنَهُمَا شُرُوطٌ أَوْ شَرْطٌ فَإِنْ كَانَ شَعْرُ الْحَاجِبَيْنِ وَرِقَا وَتَقَوَّسَا قِيلَ أَزَجُّ الْحَاجِبَيْنِ فَإِنْ غَزُرَ حَجْبُهُمَا قيل اَوْ طف شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ وَامْرَأَةٌ وَطْفَاءُ وَإِنْ غَزُرَ وَطَالَ قِيلَ أَزَبٌّ وَامْرَأَةٌ زَبَّاءُ وَمُهَلْهَلُ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ وَامْرَأَةٌ مُهَلْهَلَةٌ فَإِنْ سَقَطَ شَعْرُهُمَا فَأَمْرَطُ وَامْرَأَةٌ مَرْطَاءُ وَإِنَّ عَرْمَى امْرَأَةٍ زَعْرَلُ وَإِنْ خَفَّ شعرهما فامعط والمراة معطاء الْعَيْنَانِ إِنِ اتَّسَعَتْ فَأَعْيَنُ وَالْمَرْأَةُ عَيْنَاءُ وَإِنِ انْفَتَحَ جَفْنُ الْعَيْنِ الْأَعْلَى وَكَثُرَ لَحْمُهُ فَأَنْحَطُ أمراة نَحْطَاءُ أَوْ قَلَّ لَحْمُ الْجُفُونِ وَغَارَتِ الْحَدَقَتَانِ فَغَائِرُ الْعَيْنَيْنِ أَوْ قَلَّ لَحْمُ الْجُفُونِ وَنَتَأَتِ الْحَدَقَتَانِ فَجَاحِظُ الْعَيْنَيْنِ وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ أَوْ غَارَتِ الْعُيُون اَوْ صغرت فاحوص وَقيل الحوص الْغرُور مَعَ الضعْف فَإِن صغرتا فاخفش الْخَفَشُ الصِّغَرُ مَعَ الِانْكِمَاشِ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لَا يُرَى إِلَّا مَا قَارَبَهُ فَهُوَ أَكْمَشُ أَوْ بِهَا رُطُوبَةٌ فَمَرْطُوبُ الْعَيْنِ وان اشْتَدَّ سَواد الْعنين فَأَدْعَجُ وَامْرَأَةٌ دَعْجَاءُ أَوْ أَسْوَدُ أَطْرَافِ الْجُفُونِ فاكحل وأمراة كحلاء اَوْ اشْتَدَّ سوادهما وصفاب بَيَاضُهُمَا وَاتَّسَعَ مَا بَيْنَ الْأَجْفَانِ فَأَحْوَرُ وَامْرَأَةٌ حَوْرَاءُ أَوْ خَالَطَ سَوَادَ الْعَيْنِ خُضْرَةٌ يَسِيرَةٌ فَأَشْهَلُ وَامْرَأَةٌ شَهْلَاءُ أَوْ سَوَادُهُمَا بَيْنَ الْحُمْرَةِ والسواد فاشهل فَإِن خالط بياضهما حمرَة فاشجر وأمراة شجراء أَوْ زُرْقَةٌ فَأَزْرَقُ الْعَيْنِ فَإِنْ خَالَطَ الْحُمْرَةَ زرقة فاشكل وطويل الاشفار اَوْ طف وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا زَرْقَاءَ وَالْأُخْرَى سَوْدَاءُ فَأَخْيَفُ وَامْرَأَةٌ خَيْفَاءُ وَإِنْ أَقْبَلَ النَّاظِرُ إِلَى النَّاظِرِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ

ص: 428

الْعَيْنَيْنِ تَنْظُرُ إِلَى الْأُخْرَى أَوْ يَنْظُرُ بِإِحْدَاهُمَا إِلَى أَنْفِهِ فَهُوَ أَقْبَلُ الْعَيْنَيْنِ وَهُوَ دُونَ الْحَوَلِ وَالَّذِي يَنْظُرُ بِمُؤَخَّرِ الْعَيْنَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى يُقَالُ بِهِمَا قَبَلٌ فَإِنِ ارْتَفَعَ النَّاظِرُ إِلَى أَعْلَى وَلَمْ يُمْكِنْهُ النَّظَرُ إِلَى النُّورِ فَأَجْهَرُ أَوْ دُونَهُ فَهُوَ أَدْرَشُ وَامْرَأَةٌ دَرْشَاءُ أَوْ سَالَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأَحَطِّ وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْعَيْنِ أَوْ إِلَى مُقَدَّمِهِمَا فَهُوَ أَحْوَلُ وَإِنْ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى غَيْرِكَ وَتَحْسَبُهُ يَنْظُرُ إِلَيْكَ فَأَشْطَرُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْحَوَلِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ النَّظَرَ إِلَى النُّورِ فَأَجْهَرُ وَهُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَالَّذِي لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ أَعْشَى اَوْ انْقَلب جفن الْعين فاشرى أَوْ تَسَاقَطَ شَعْرُ الْأَجْفَانِ فَأَعْمَشُ أَوْ ذَهَبَتْ إِحْدَى الْحَدَقَتَيْنِ فَأَعْوَرُ وَتَقُولُ فِي الْبَيَاضِ بِعَيْنِهِ الْيُمْنَى إِبْيَاضٌ أَوِ الْيُسْرَى عَشِيُّ النَّاظِرِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ عَشِيُّ السَّوَادِ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى مَا يحده والاعمى مكفوف الباصر وَضَرِيرُ الْعَيْنَيْنِ وَإِنْ كَانَتَا مَفْتُوحَتَيْنِ قِيلَ قَائِمُ الْعَيْنَيْنِ ضَرِيرُهُمَا الْأَنْفُ إِذَا ارْتَفَعَتْ قَصَبَتُهُ وَاحْدَوْدَبَ وَسطهَا قِيلَ أَقْنَى الْأَنْفِ وَإِنْ غَلُظَ حَرْفُهُ ثُمَّ اسْتَوَى فَأَدْلَفُ وَإِذَا قَصُرَ الْأَنْفُ وَصَغُرَتِ الْأَرْنَبَةُ وَارْتَفَعَتْ عَنِ الشَّفَةِ فَأَخْنَسُ وَامْرَأَةٌ خَنْسَاءُ وَإِنْ عَرَضَتِ الْأَرْنَبَةُ وَاطْمَأَنَّتِ الْقَصَبَةُ وَانْتَشَرَ الْمِنْخَرَانِ وَانْفَطَسَ رَأْسُ الْأَنْفِ فَأَفْطَسُ فَإِنِ اطْمَأَنَّ وَسَطُهُ وَارْتَفَعَتِ الْأَرْنَبَةُ فَأَفْقَمُ الْأَنْفِ فَإِنْ قَصُرَ الِارْتِفَاعُ وَغَلُظَ قيل اختم الانف وأمراة ختماء الانف فَإِن اعتدلت قصبته فارنبته فَأَفْعَا وَامْرَأَةٌ فَعْوَاءُ فَإِنْ غَلُظَتِ الْأَرْنَبَةُ قِيلَ غَلِيظُ الْأَرْنَبَةِ فَإِنِ اتَّسَعَ الْمِنْخَرَانِ اتِّسَاعًا فَاحِشًا قِيلَ وَاسِعُ الْمِنْخَرَيْنِ الْوَجْنَتَانِ وَالْخَدَّانِ الْخَدُّ مَجْرَى الدمع والوجنة الْعظم الشاخص تَحت الْعين ان اعْتَدَلَ لَحْمُ الْخَدَّيْنِ وَاسْتَوَى عَظْمُ الْوَجْنَتَيْنِ فَأَسْيَلُ الْخَدين وأمراة

ص: 429

أَسِيلَةُ الْخَدَّيْنِ فَإِنْ ضَاقَ الْوَجْهُ وَصَغُرَ جِدًّا فَضَيِّقُ الْوَجْهِ وَصَغِيرُ الْوَجْهِ وَإِنِ انْضَمَ الْخَدَّانِ الْفَم فمضموم الْخَدين اَوْ انتظما وانحفر فَمَضْمُومُ الْخَدَّيْنِ مَحْفُورُهُمَا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ مَضْمُومَةُ الْخَدَّيْنِ مَحْفُورَتُهُمَا وَإِنِ ارْتَفَعَتِ الْوَجْنَتَانِ فَأَوْبَنُ وَمُؤَخَّرٌ وَامْرَأَةٌ مُوجِنَةٌ الْفَمُ الْوَاسِعُ أَفْوَهُ وَإِنْ زَادَ فَأَهْوَةُ وَامْرَأَةٌ هَوْتَا أَوْ صَغُرَ جِدًّا فَصَغِيرُ الْفَمِ أَوْ مُتَطَامِنًا فَأَفْقَمُ وَإِنْ دَقَّ شَفَتَاهُ فَرَقِيقُ الشَّفَتَيْنِ أَوْ غَلُظَتْ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُطْبِقَهُمَا فَهُوَ افوه وأمراة فوهاء وغليط الشَّفَتَيْنِ يَسِيرًا يُقَالُ غَلِيظُ الشَّفَتَيْنِ فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ فَأَتْلَمُ وَامْرَأَةٌ تَلْمَاءُ فَإِنِ انْقَلَبَتِ الشَّفَةُ الْعُلْيَا وَاسْتَرْخَتْ كَشَفَةِ الْبَعِيرِ فَأَهْدَلُ وَامْرَأَةٌ هَدْلَاءُ وَإِنِ اسْوَدَّ مَا ظَهَرَ مِنْ لَحْمِ الشَّفَتَيْنِ فَأَلْعَسُ وَامْرَأَةٌ لَعْسَاءُ فَإِنِ انْشَقَّتِ الْعُلْيَا فِي الْخِلْقَةِ كَشَفَةِ الْبَعِيرِ فَأَعْلَمُ أَوِ السُّفْلَى فَأَفْلَحُ اَوْ كِلَاهُمَا فَأَشْرَمُ وَامْرَأَةٌ شَرْمَاءُ وَإِنْ كَانَ يَلْفِظُ فِي كَلَامِهِ بِالْفَاءِ قِيلَ فَأْفَاءُ وَامْرَأَةٌ كَذَلِكَ أَوْ تَرَدَّدَ بِالتَّاءِ فَتِمْتَامٌ أَوْ غَلُظَ كَلَامُهُ وَثَقُلَ لسأنه فالفظ اَوْ يردد الْكَلَام إِلَى خيشومه فاخذ أَوْ جَالَ لِسَانُهُ فِي فِيهِ إِذَا تَكَلَّمَ فَلَجْلَاجٌ أَوْ يُبَدِّلُ الْحُرُوفَ بِغَيْرِهَا فَأَرَتٌّ وَأَلْثَغُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ فَأَبْكَمُ وَأَخْرَسُ وَامْرَأَةٌ خَرْسَاءُ اللِّحْيَةُ كَثُّ اللِّحْيَةِ وَكَثِيفُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَوْ خف فَخَفِيفُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَوْ بِعَارِضَيْهِ شَعْرٌ يَسِيرٌ مُفْتَرَقٌ وَفِي فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَسِقَاطٌ اولا شَعْرَ بِعَارِضَيْهِ بَلْ بِرِقَّةٍ فَكَوْسَجٌ أَوْ كَبُرَ سنه وَهُوَ أَمْرَد فاتط بِالتَّاءِ والطاء اولا شَعْرَ بِعَنْفَقَتِهِ وَهِيَ الْبَصْرَةُ الَّتِي تَحْتَ الشَّفَةِ السُّفْلَى فَأَخَصُّ الْعَنْفَقَةِ وَأَكْثَفُ الْغَمَّةِ وَالْعَنْفَقَةِ أَوْ تَوَفَّرَ شَعْرُ الْعَنْفَقَةِ فَوَافِرُ الْعَنْفَقَةِ أَوْ هِيَ مَلْآنَةٌ بِالشَّعْرِ وَمَا حَوْلَهَا فَاسِدُ الْعَنْفَقَةِ وَمَا حولهَا اَوْ

ص: 430

فِيهَا شَعْرٌ وَحَوْلَهَا نَقِيٌّ فَنَقِيٌّ مَا حَوْلَ العنفقة وحالي مَا حولهَا اَوْ نفي جَانِبَيِ الْعَنْفَقَةِ فَنَقِيٌّ جَانِبَهَا فَإِنْ حَلَّتْ وَمَا حَوْلَهَا فَأَكْثَفُ الْعَنْفَقَةِ وَمَا حَوْلَهَا أَوْ شَعْرُ اللِّحْيَةِ أَشْقَرُ فَأَشْقَرُ اللِّحْيَةِ وَيُقَالُ بِهَا شُقْرَةٌ أَوْ خَفَّتِ الشُّقْرَةُ فَأَصْهَبُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ وَيُقَالُ بِهَا صُهُوبَةٌ يَسِيرَةٌ أَوْ شَائِبُهَا وَهُوَ يُخَضِّبُهَا بِالْحِنَّاءِ فَمَسْتُورُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَوْ يُقَالُ بِالْحِنَّاءِ الْأَسْنَانُ إِذَا اتَّسَعَ مَا بَيْنَ الثَّنَايَا الْعُلْيَا فَفَلْجُ الثَّنَايَا الْعُلْيَا وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي السُّفْلَى وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَاسِعًا قِيلَ فَلْجًا بَيِّنًا أَوْ يَسِيرًا أَوِ انْفَرَجَ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ اَوْ تنظمت الاسنان فمنتظم الاسنان والفلجة جَمِيعُ الْأَسْنَانِ فَالِجُ جَمِيعِ الْأَسْنَانِ أَوِ الْأَسْنَانِ السُّفْلَى أَوِ الْعُلْيَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي إِحْدَى الْجِهَتَيْنِ وَإِنْ تَفَلَّجَتْ بِاتِّسَاعٍ فَمُرَوَّقُ الْأَسْنَانِ وَإِنْ تَفَلَّجَ بَعْضُهَا ذَكَرْتَ ذَلِكَ أَوْ دَقَّتْ وَتَحَدَّدَتْ فَأَشْنَبُ الْأَسْنَانِ وَامْرَأَةٌ شَنْبَاءُ وَقِيلَ الشَّنَبُ بصيص الاسنان وعذوبة مَائِهَا ودقته أَوْ تَغَيَّرَ شَيْءٌ مِنَ الْأَسْنَانِ ذَكَرْتَ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَإِنِ اصْفَرَّتْ أَوِ اخضرت فافلج الاسنان وان برزت فبادي الْأَسْنَانِ أَوْ تَرَاكَبَتْ فَمُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ أَوْ أَكَتُّ بِغَيْرِ تَاءٍ أَوْ تَاءٍ كَذَا أَوْ زَادَ بَيْنَ الْأَسْنَانِ سِنٌّ قِيلَ بَيْنَ الْأَسْنَانِ سِنٌّ زَائِدٌ وَيُقَالُ شَاغِيَةُ الْأَسْنَانِ سِتَّ عَشْرَةَ عُلْيَا وَمِثْلُهَا سُفْلَى وَقَدْ تَكُونُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ثَنِيَّتَانِ وَرُبَاعِيَّتَانِ وَنَابَانِ وَضَاحِكَانِ وَسِتَّةُ أَرْحِيَةٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ثَلَاثَةٌ وَبَازِلٌ مِنْ كُلِّ نَاجِدٍ وَهُوَ ضِرْسُ الْحُلْمِ وَالْأَرْحَى الْأَضْرَاسُ فَتَقُولُ سَاقِطُ السِّنِّ الْفُلَانِيِّ أَوْ مُتَغَيِّرُهَا أَوِ انْقَصَمَ فَتَصِفُهَا وَاسْمَهَا وان نحتت قيل منحوت الاسنان الْعُنُق سالفان مَا بَين الْعرض ونقرة الْقَفَا والاخدعان مَكَان الجمتين وَإِنِ اعْتَدَلَ الْعُنُقُ وَطَالَ فَأَجْيَدُ وَامْرَأَةٌ جَيْدَاءُ أَوْ طَالَ وَرَقَّ فَأَعْنَقُ وَامْرَأَةٌ عَنْقَاءُ أَوْ مَالَ إِلَى نَاحِيَةٍ فَأَمْيَلُ الْعُنُقِ إِلَى النَّاحِيَةِ الْفُلَانِيَّةِ أَوِ امْتَدَّتْ وَأَقْبَلَتْ عَلَى مُقَدَّمِهَا فَأَبْرَكُ أَوْ قَصُرَتْ حَتَّى تَكَادَ تُلْصَقُ بِأَصْلِهِ فَأَوْقَصُ وَامْرَأَةٌ وَقْصَاءُ وَإِنْ لَانَتْ وَاعْتَدَلَتْ فَأَغْيَدُ وَامْرَأَةٌ غيداء

ص: 431

اليدان ان اعرجت مِنْ قَبْلِ الْكُوعِ إِلَى خَارِجِ الْيَدِ فَأَكْوَعُ اَوْ فِي الاربع تقبض فمقمع أَوْ غَلِيظُ الْكَفَّيْنِ فَشَتْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْكُرْسُوعُ صَرْفُ الزَّنْدِ الْخِنْصِرِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ الْوُسْطَى الصُّدْرُ إِنْ خَرَجَ الصَّدْرُ فَقَعْسٌ وَمِنْ جِهَةِ الظَّهْرِ الْحَدَبُ الرِّجْلَانِ إِنِ انْقَبَضَ وَسَطُ قَدَمِهِ فَلَا يَمَسُّ الْأَرْضَ فَأَخْمَصُ الْقَدَمِ أَوْ فِي عُقْدَتَيْ إِبْهَامَيْ رِجْلَيْهِ شَيْءٌ مَعَ مَيْلٍ إِلَى جِهَةِ الْأَصَابِعِ مِنْ غَيْرِ تَرْكِيبٍ فَهُوَ أَجَذْعُ أَوْ اقبل بابهاميه على مَا بَينهمَا وتركبها فَلَا حنف النَّوَادِر انحسار الشّعْر عَن جَانِبي الْجِهَة وَيزِيد على ذَلِك اجلح اَوْ زَاد واجلى أَوْ زَادَ إِلَى الْيَافُوخِ فَأَصْلَعُ أَوِ اجْتَمَعَ فِي وَسَطِ الرَّأْسِ شَعْرُهُ وَخَلَا مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ فَأَقْرَعُ أَوْ سَالَ الشَّعْرُ عَلَى الْقَفَا فَأَغَمُّ الْقَفَا كَأَغَمِّ الْوَجْهِ أَوْ تَفَلْفَلَ فَمُفَلْفَلُ الشَّعْرِ وَإِنِ انْشَقَّ الْحِجَابُ الَّذِي بَيْنَ الْمِنْخَرَيْنِ فَأَخْرَمُ أَوْ مَقْطُوعُ الْأَنْفِ فَأَجْدَعُ أَوْ مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ فَأَصْلَمُ أَوْ إِحْدَاهُمَا فَأَصْلَمُ الْأُذُنِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ صَغُرَتِ الْأُذُنَانِ فَأَصْمَعُ الْأُذُنَيْنِ وَعَرَجُ الْمَفَاصِلِ فَدَعٌ وَالْمُقْعَدُ مَفْلُوجُ الرِّجْلَيْنِ وَتَقَدُّمُ الثَّنَايَا السُّفْلَى الْمِعْصَمُ وَتَزَاحُمُ الرُّكْبَتَيْنِ اصْطِكَاكٌ وَإِنِ انْتَصَبَ بَعْضُ الْأَصَابِعِ قِيلَ مُنْتَصِبُ الْأُصْبُعِ الْفُلَانِيِّ مِنَ الرِّجْلِ الْفُلَانِيِّ وَإِذَا كَانَ فِي الشَّعْرِ جُعُودَةٌ فَلَا يُقَالُ أَجْعَدُ لِكُلِّ جَعْدٍ وَامْرَأَةٌ جَعْدَاءُ

(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حُلَى غَيْرِ النَّاطِقِ)

الْفَرَسُ الْأَسْوَدُ أَخْضَرُ أَوْ قَلَّ سَوَادُهُ فَأَدْهَمُ أَوْ خَالَطَهُ بَيَاض فاشهب سوسي وتسميه الْعَامَّة حديدي اَوْ الْبيَاض اكثر فاشهب قرطاسي اَوْ السَّوْدَاء اكثر فاحمر اَوْ خالطت شبهته حمرَة فصنابي اَوْ حمرته فِي سَوْدَاء فَكُمَيْتٌ أَوْ خَالِصُ الْحُمْرَةِ فَوَرْدٌ أَوْ خَالَطَتِ الْحُمْرَةَ صُفْرَةٌ فَأَشْقَرُ أَوْ سَوَادُهُ فِي شُقْرَةٍ فادبر اَوْ كتته بَين الْبيَاض والسواد فاعبس أَوْ هُوَ بَيْنَ الدُّهْمَةِ وَالْخُضْرَةِ فَأَحْوَى أَوْ قاربت حمرته السَّوْدَاء فَأَصْدَى وَإِذَا كَانَ أَصْفَرَ قُلْتَ أَصْفَرُ أَوْ فِيهِ نُكَتٌ بِيضٌ فِي غَيْرِ سَوَادٍ فَأَنْمَشُ وان اتسعت النكت فموتر وانمر اَوْ فِي جَبهته بَيَاض قدر الدِّرْهَم وَهِي الفرحة اَوْ زَاد

ص: 432

فَهِيَ الْغُرَّةُ وَإِنْ سَالَتْ وَدَقَّتْ وَلَمْ تُجَاوِزِ الْعَينَيْنِ فَهِيَ العصفور فَإِن جالت وَلم تبلغ الحجفلة فَهِيَ شمواح وان مَالَتْ الْجَبْهَةُ وَلَمْ تَبْلُغِ الْعَيْنَيْنِ فَهِيَ الشَّادِخَةُ وَإِنْ أَخَذَتْ جَمِيعَ الْوَجْهِ وَهُوَ يَنْظُرُ فِي سَوَادٍ فَهُوَ برقع فَإِن رجعت فِي أَحَدِ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَهُوَ لَطِيمٌ وَإِنْ اخذت عَيْنَيْهِ وابيضت اشقارهما فمعرب اَوْ بحجفلته الْعليا بَيَاض فارثم اَوْ فِي السُّفْلى فالمط اَوْ ابيض الراس والعنق فاردع اَوْ ابيض اعلى الراس فَهُوَ امقع أَوْ أَبْيَضُ الْقَفَا فَهُوَ أَقْنَفُ أَوْ أَبْيَضُ الراس فارخم اَوْ ابْيَضَّتْ النَّاصِيَةِ فَأَسْعَفُ أَوْ أَبْيَضُ الظَّهْرِ فَأَرْحَلُ أَوْ ابيض الْعجل فازر اَوْ ابيض الجنبين فاحفص اَوْ ابْيَضَّتْ قَائِمَة من ثُلُثَ الْوَضِيفِ فَأَقَلَّ فَمُحَجَّلٌ أَوْ حَاذَى الرُّكْبَتَيْنِ فمخضب أَوْ جَاوَزَ إِلَى الْحِقْوَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ وَمَرَاجِعِ الرُّكْبَتَيْنِ فَهُوَ مسدول أَوِ الْبَيَاضُ فِي يَدَيْهِ فَأَعْصَمُ أَوْ وَصَلَ إِلَى مرفقيه فإنفر أَوْ فِي الرِّجْلَيْنِ فَهُوَ مُحَجَّلٌ أَوْ إِحْدَاهُمَا فمحجل الرجل الْفُلَانِيَّة الْيُمْنَى اَوْ ابيض الذيل فاسعد وَفِي الْحَمِيرِ الصُّهْبَةُ وَالْخُضْرَةُ الشُّهُوبَةُ وَالْغُبْرَةُ وَكَذَلِكَ الْبِغَالُ تَقُولُ فِيهَا أَشْهَبُ وَأَشْقَرُ وَكُمَيْتٌ وَوَرْدٌ وَالْأَدْهَمُ مِنَ الْحَمِيرِ كَالْأَخْضَرِ مِنَ الْخَيْلِ وَالْمُذَكَّرُ كُلُّهُ أَفْعَلُ وَالْأُنْثَى فَعْلَاءُ فَهُوَ أَشْقَرُ وَشَقْرَاءُ الذّكر ورد والانثى وردة وَالذكر وَالْأُنْثَى كُمَيْتٌ بِخِلَافِ قِيَاسِ الْأَوَّلِ وَالْأَحْمَرُ مِنَ الْإِبِلِ أَحْمَرُ أَوْ خَالَطَهُ حُمْرَةٌ فَكُمَيْتٌ وَإِنِ اشْتَدَّتْ كَمِّيَّتُهُ حَتَّى يَدْخُلَهَا سَوَادٌ فَأَرْمَدُ أَوْ خالط الْحمرَة صفرَة كالعدس فاحمر رادي أَوْ خَالَطَ سَوَادَهُ بَيَاضٌ فَأَوْرَقُ أَوِ اشْتَدَّتْ وُرْقَتُهُ حَتَّي يَذْهَبَ بَيَاضُهُ فَأَدْهَمُ فَإِنِ اشْتَدَّ السوَاد فجواز اَوْ هُوَ أبْيَضُ فَآدَمُ أَوْ خَالَطَتْهُ حُمْرَةٌ فَأَصْهَبُ أَوْ خَالَطَ الْبَيَاضَ شُقْرَةٌ فَأَعْيَسُ فَإِنِ اغْبَرَّتْ حَتَّى تَضْرِبَ إِلَى الْخُضْرَةِ فَأَخْضَرُ فَإِنْ خَالَطَ خُضْرَتَهُ سَوَادٌ وَصُفْرَةٌ فَأَحْوَى أَوْ شَدِيدُ الْحُمْرَةِ يُخَالِطُهَا سَوَادٌ لَيْسَ بِخَالِصٍ فَأَكْلَفُ وَيُوصَفُ الْبَقَرُ بِالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ وَالْأَسْوَدِ وَالضَّأْنُ إِذَا كَانَ لَهَا شَعْرَةٌ حَمْرَاء واخرى بَيْضَاء وَهِي ضخا كَذَا اَوْ خَالص الْحُمْرَةِ فَدَهْمَاءُ أَوْ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ فَرَقْطَاءُ أَوِ اسود راسها فزأساء اَوْ بيض راسها من بَين جَسدهَا فرخماء اَوْ

ص: 433

اسود عُنُقهَا فروعاء اَوْ ابْيَضَّتْ خاصراتها فحصفاء اَوْ اسودت قَوَائِمهَا فرملاء اَوْ اببيض وَسطهَا فحوراء وَالْمَعْزَةُ الَّتِي بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ حَلْسَاءُ وَالسَّوْدَاءُ المشوبة بحمرة الصداء والدمساء أَقَلُّ مِنْهَا حُمْرَةً وَالَّتِي يَعْلُوهَا سَوَادٌ فِي غَيْرِهِ كَهْمَاءُ وَهِيَ نَحْوُ الدَّهْمَاءِ وَالْبَيْضَاءُ الَّتِي فِي أَعَالِيهَا مَمَرُّ حُمْرَةٍ عَفْرَاءُ وَالْمَلْحَاءُ الَّتِي مَعَ كُلِّ شَعْرَةٍ سَوْدَاءَ شَعْرَةٌ بَيْضَاءُ وَالدَّبَّاءُ مِثْلُ الْبَلْقَاءِ مِنَ الْخَيْلِ وَالَّتِي جِلْدُهَا كَالنَّمِرِ رَقْشَاءُ وَالرَّقْشَاءُ الْأُذُنَيْنِ دَرَّاءُ أَوْ بَيْضَاءُ الْجَنْبِ بَيْضَاءُ وَالْبَيْضَاءُ الْعَيْنَيْنِ غَرْبَاءُ وَبَيْضَاءُ الْيَدَيْنِ عَصْمَاءُ وَمُلْتَوِيَةُ الْقَرْنَيْنِ عَلَى أُذُنِهَا مِنْ خَلْفِهَا عَفْصَاءُ أَوِ انْتَصَفَ قَرْنَاهَا فَنَصْفَاءُ وَمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ الْخَارِجِ قصماء ومكسورة الدَّاخِل عضباء والجلجاء الْجَمَّاءُ وَصَغِيرَةُ الْأُذُنَيْنِ صَكَّاءُ وَأَكْثَرُ مِنْهَا قَلِيلًا صَمْعَاءُ وَمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ طُولًا شَرْقَاءُ وَعَرْضًا خَرْقَاءُ وَمَقْطُوعَةُ طَرَفِ الْأُذُنِ قَصْوَاءُ الْأَسْنَانُ وَلَدُ الْفَرَسِ مُهْرٌ وَمُهْرَةٌ وَالْجَمْعُ مُهَرٌ وَالصَّغِيرُ مِنْهُ وَمِنْ كُلِّ ذِي حَافِرٍ فَلُوٌّ وَالْجَمِيعُ فَلَاءُ وَوَلَدُ الْحمار والبغل جحش وعقوق وَالْجمع جِحَاشٌ وَعِقَاقٌ وَإِذَا كَمُلَتْ لِذَلِكَ كُلِّهِ سَنَةٌ فحولي وَالْجمع حَولي وَفِي الثَّانِيَة جدع وجدعان وَفِي الثَّالِثَةِ ثَنِيٌّ وَثَنِيَّانِ وَفِي الرَّابِعَةِ رُبَاعٌ وربعان بِكَسْر الرَّاء وَضمّهَا وَفِي الْخَامِسَة فارح وَفَرح وَيُقَال اجدع الْمهْر واثنى واربع وَفَرح هَذِه وَحْدَهَا بِغَيْرِ أَلِفٍ وَأَسْنَانُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ تقدم فِي كتاب الزَّكَاة فاطلبه هُنَالك انْتهى كتاب الوثائق وَبِه انْتهى الْجُزْء الْعَاشِر من الذَّخِيرَة يَلِيهِ الْجُزْء الْحَادِي عشر واوله كتاب الدعاوي

ص: 434