الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كتاب الْجِنَايَات)
وَهِي سَبْعَة: الْبَغي وَالرِّدَّة وَالزِّنَا وَالْقَذْفُ وَالسَّرِقَةُ وَالْحِرَابَةُ وَالشُّرْبُ وَأَصْلُهَا مِنَ الْجَنْيِ كَأَنَّ مَنْ فَعَلَ أَحَدَهَا فَقَدِ اسْتَثْمَرَ أَخْلَاقَهُ كَمَا تُجْنَى الثَّمَرَةُ مِنَ الشَّجَرَةِ
3
-
(الْجِنَايَةُ الْأُولَى فِي الْبَغْيِ وَالنَّظَرِ فِي صِفَاتِ الْبُغَاةِ وَأَحْكَامِهِمْ)
النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي صِفَاتِهِمْ
وَأَصْلُهَا لُغَةً الطَّلَبُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا ردَّتْ إِلَيْنَا} أَيْ مَا نَطْلُبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ خَصَّصَهُ الشَّرْعُ بِبَعْضِ مَوَارِدِهِ وَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى الْإِمَامِ يَبْغِي خَلْعَهُ أَوْ يَمْتَنِعُ مِنَ الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ أَوْ يَمْنَعُ حَقًّا وَجَبَ عَلَيْهِ بِتَأْوِيلٍ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ غَيْرَ أَنَّهُمْ نصوا على
اشْتِرَاطِ الْكَثْرَةِ الْمُحْوِجَةِ لِلْجَيْشِ وَأَنَّ الْعَشَرَةَ وَنَحْوَهَا قُطَّاعُ الطَّرِيقِ لِأَنَّ ابْنَ مُلْجَمٍ لَمَّا جَرَحَ عَلِيًّا رضي الله عنه قَالَ لِلْحَسَنِ إِنْ بَرِئْتُ رَأَيْتُ رَأْيِي وَإِنْ مِتُّ فَلَا تُمَثِّلُوا بِهِ فَلَمْ يُثْبِتْ لِفِعْلِهِ حُكْمَ الْبُغَاةِ وَاشْتَرَطُوا التَّأْوِيلَ مَعَ الْكَثْرَةِ وَالْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ فَجَعَلُوا الشُّرُوطَ ثَلَاثَةً وَاخْتَلَفُوا فِي الْخَوَارِجِ الْمُكَفِّرِينَ لِكَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الْمُسْتَحِلِّينَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ فَقَالَ (ش) و (ح) ومتأخرو الْجِنَايَات هُمْ بُغَاةٌ وَلِمَالِكٍ فِي تَكْفِيرِهِمْ قَوْلَانِ فَعَلَى تكفيرهم يكونُونَ بغاة
النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِمْ
وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ الْأَوَّلُ وُجُوبُ قِتَالِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تفيئ إِلَى أَمر الله} وفيهَا أَربع فَوَائِد الأولى أَنه تَعَالَى لَمْ يُخْرِجْهُمْ بِالْبَغْيِ عَنِ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ تَعَالَى سَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ الثَّانِيَةُ ثُبُوتُ قِتَالِهِمْ لِأَنَّ الْأَمر للْوُجُوب الثَّالِثَة سُقُوط قِتَالهمْ إِذا فاؤوا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ الرَّابِعَةُ جَوَازُ قِتَالِ كُلِّ مَنْ مَنَعَ حَقًّا عَلَيْهِ وَقَاتَلَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه مَانَعِي الزَّكَاةِ بِتَأْوِيلٍ وَقَاتَلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه الْبُغَاة الَّذين امْتَنعُوا من بيعَته وهم
أَهْلُ الشَّامِ وَطَائِفَةٌ خَلَعَتْهُ وَهُمْ أَهْلُ الْقَيْرَوَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا خَرَجُوا بَغْيًا وَرَغْبَةً عَنْ حُكْمِ الْإِمَامِ دَعَاهُمُ الْإِمَامُ إِلَى الْحَقِّ فَإِنْ أَبَوْا قَاتَلَهُمْ وَجَازَ لَهُ سَفْكُ دَمِهِمْ حَتَّى يُقِرَّهُمْ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ هَزِيمَتُهُمْ وَأُمِنَتْ دَعْوَتُهُمْ فَلَا يَقْتُلْ مُنْهَزِمَهُمْ وَلَا يُذَفِّفْ عَلَى جَرِيحِهِمْ بِالذَّالِ الْمَنْقُوطَةِ وَهُوَ مَا يُسْرِعُ بِهِ إِلَى قَتله وَقَالَهُ الْأَئِمَّة فَإِن لم يَأْمَن رجوعهم قتل مُنْهَزِمُهُمْ وَجَرِيحُهُمْ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَن النَّبِي لله قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - (يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ مَا حُكْمُ مَنْ بَغَى مِنْ أُمَّتِي فَقُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَن لَا يتبع مدبرهم وَلَا يُجهز بِالرَّأْسِ الْمُقدمَة عَلَى جَرِيحِهِمْ وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرُهُمْ وَلَا يُقَسَّمُ فيئهم) وَلِأَن الْعِصْمَةَ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام (فَإِنْ قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا) وَيَقْتُلُ الرَّجُلُ فِي قِتَالِهِمْ أَخَاهُ وَقَرِيبَهُ مُبَارَزَةً وَغَيْرَ مُبَارَزَةٍ وَجَدَّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ كَمَا فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ لِأَنَّهُ قِتَالُ ضَرُورَةٍ وَلَا أُحِبُّ قَتْلَ الْأَب وَحده عمدا مُبَارَزَةً أَوْ غَيْرَهَا وَإِنْ كَانَ كَافِرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تقل لَهما أُفٍّ وَلَا تنهرهما} وَقَالَ تَعَالَى (وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشكر لي ولوالديك الي الْمصير وَإِن جَاهَدَاك
عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تطعهما} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ انْدَرَجَ فِي الْمُوصَى ببره لِأَنَّهُ لَا يَأْمر بالشرك إِلَّا كَافِر وَقَالَ أَصْبَغُ يَقْتُلُ أَبَاهُ وَأَخَاهُ وَإِذَا امْتَنَعَ أَهْلُ الْبَغْيِ وَكَانُوا أَهْلَ بَصَائِرَ وَتَأْوِيلٍ أَوْ أهل عصبية من الإِمَام الْعدْل ينصب المجانيق عَلَيْهِم وَيَقْطَعُ مَيْرَتَهُمْ وَمَاءَهُمْ أَوْ يُرْسِلُ الْمَاءَ عَلَيْهِمْ لِيُغْرِقَهُمْ كَالْكُفَّارِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمُ النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ وَلَا يرميهم بالنَّار إِلَّا أَن لَا يَكُونَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَلَا ذُرِّيَّةٌ فَلَهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ لَا يَرَى رَأْيَهُمْ وَيَكْرَهُ بَغْيَهُمْ أَوْ خِيفَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ فَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ إِذَا حَضَرَ مَعَهُمْ مَنْ لَا يُقَاتِلُ فَقَالَ ابْن حَنْبَل وَالشَّافِعِيّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لَا يُقْتَلُ لِأَنَّ عَلِيًا رضي الله عنه نَهَى أَصْحَابَهُ عَنْ قَتْلِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ السَّجَّادِ وَقَالَ إِيَّاكُمْ وَصَاحِبَ الْبُرْنُسِ وُصِفَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ عِبَادَتِهِ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ وَأَنْشَأَ يَقُولُ
(وَأَشْعَثَ قَوَّامٍ بِآيَاتِ رَبِّهِ
…
قَلِيلِ الْأَذَى فِيمَا تَرَى الْعَيْنُ مُسْلِمِ)
(هَتَكْتُ لَهُ بِالرُّمْحِ جَيْبَ قَمِيصِهِ
…
فَخَرَّ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ)
(عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنْ لَيْسَ تَابِعًا
…
عَلِيًّا وَمَنْ لَمْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يُظْلَمِ)
(يُنَاشِدُنِي حَامِيم وَالرمْح ساجر
…
فَهَلَّا تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ)
وَكَانَ السَّجَّادُ حَامِلَ رَايَةِ أَبِيهِ وَلَمْ يَكُنْ يُقَاتِلُ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلِيٌّ قَتْلَهُ وَلِأَنَّهُ
مُبَارَزَةٌ لَهُمْ أَوْ يُلَاحِظُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ مَعْصُومُ الدَّمِ إِلَّا مَا أَجْمَعْنَا عَلَى تَخْصِيصِهِ فَتَوَجَّهَ الْخِلَافُ وَإِذَا اسْتَعَانَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ بِالذِّمَّةِ رُدُّوا إِلَى ذِمَّتِهِمْ وَوُضِعَ عَنْهُمْ مِثْلَ مَا وُضِعَ عَنِ الْمُتَأَوِّلِينَ وَإِنْ قَاتَلَ النِّسَاءُ مَعَ الْبُغَاةِ بِالسِّلَاحِ فَلَنَا قَتْلُهُنَّ فِي الْقِتَالِ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْنَ إِلَّا بِالتَّحْرِيضِ وَرَمْيِ الْحِجَارَةِ فَلَا يُقْتَلْنَ إِلَّا أَنْ يَقْتُلْنَ أَحَدًا بِذَلِكَ وَإِنْ أُسِرْنَ وَقَدْ كُنَّ يُقَاتِلْنَ قِتَالَ الرِّجَالِ لَمْ يُقْتَلْنَ إِلَّا أَن يكن قد قتلن قَالَ الشَّيْخ يُرِيدُ فِي غَيْرِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ نَظَائِرُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ يَمْتَازُ قِتَالُ الْبُغَاةِ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ بِأَحَدَ عَشَرَ وَجْهًا أَنْ يُقْصَدَ بِالْقِتَالِ رَدْعُهُمُ الْقَهْرِيُّ وَيُكَفَّ عَنْ مُدْبِرِهِمْ وَلَا يُجْهَزَ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَلَا يُقْتَلَ أَسْرَاهُمْ وَلَا تُغْنَمَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا تُسْبَى ذَرَارِيهِمْ وَلَا يُسْتَعَانَ عَلَيْهِمْ بمشرك وَلَا يوادعهم عَلَى مَالٍ وَلَا تُنْصَبَ عَلَيْهِمُ الرَّعَّادَاتُ وَلَا تحرق عَلَيْهِم المساكن وَلَا يقطع شَجَرُهُمْ وَقِتَالُ الْمُحَارِبِينَ قِتَالُ الْبُغَاةِ إِلَّا فِي خَمْسٍ يُقَاتَلُونَ مُدْبِرِينَ وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ قَتْلِهِمْ وَيُطَالَبُونَ بِمَا اسْتَهْلَكُوا مِنْ دَمٍ وَمَالٍ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا وَيَجُوزُ حَبْسُ أَسْرَاهُمْ لِاسْتِبْرَاءِ حَالِهِمْ وَمَا أَخَذُوهُ من الْخراج والزكوات لَا تَسْقُطُ عَمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ كَالْغَاصِبِ (الثَّانِي فِي الْجَوَاهِر إِن ولوا قَاضِيا وَأخذُوا الزَّكَاةَ أَوْ أَقَامُوا حَدًّا نَفَّذَ عَبْدُ الْمَلِكِ ذَلِكَ كُلَّهُ لِلضَّرُورَةِ مَعَ شُبْهَةِ التَّأْوِيلِ وَرَدَّهُ ابْن الْقَاسِم كُله بِعَدَمِ صِحَة الْولَايَة)
3 -
فرع
قَالَ وَلَا يَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ فِي الْفِتْنَةِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ إِنْ كَانُوا خَرَجُوا بِتَأْوِيلٍ وَأَهْلُ الْعَصَبِيَّةِ وَمُخَالِفِةِ السُّلْطَانِ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ يَلْزَمُهُمُ النَّفْسُ وَالْمَالُ قَائِمًا أَوْ فَائِتًا قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ وَلَا يَضْمَنُ الْمُرْتَدُّونَ النَّفْسَ وَالْمَالَ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ بَشِيرٍ قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ أَهْلَ الْعَدْلِ لَا يَضْمَنُونَ وَأَنَّ مَا أَتْلَفَتْهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى فِي غَيْرِ الْقِتَالِ أَنَّهُ يُضْمَنُ وَقَالَ (ح) مَا أَتْلَفَهُ الْبُغَاةُ لَا يُضْمَنُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ قَبْلَ الدُّخُول بدار الْحَرْب وَبعد اللحوق بدار الْحَرْب يُضْمَنُ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْبُغَاةِ وَعِنْدَ (ش) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَانِ لَنَا فِي الْمُرْتَدِّينَ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} وَقَوله عليه السلام صلى الله عليه وسلم َ - (الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ) وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ لِأَنَّ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه قَالَ لِلْمُرْتَدَّيْنِ مُسَيْلِمَةَ وطليحة وَغَيْرِهِمَا تَدُونُ قَتْلَانَا وَلَا نَدِي قَتْلَاكُمْ فَقَالَ عُمَرُ وَلَا يَدُونَ
قَتْلَانَا وَإِنَّمَا أَصْحَابُنَا عَمِلُوا لِلَّهِ تَعَالَى فَأَجْرُهُمْ عَلَى اللَّهِ فَسَكَتَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَكَانَ إِجْمَاعًا وَلَنَا فِي الْبُغَاةِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا - إِلَى قَوْله - فَقَاتلُوا الَّتِي تبغي} وَالْإِذْنُ فِي الْقِتَالِ يُسْقِطُ الضَّمَانَ كَالسَّبْعِ وَالصَّائِلِ وَقِيَاسًا عَلَى الْحَرْبِيِّينَ وَلِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمُحِقُّ فَلَا يَضْمَنُ الْمُبْطِلُ كَالْمُسْلِمِينَ عَلَى الْكُفَّارِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمْوَالِ الْبَاقِيَةِ الْعَيْنِ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ فِي حَقِّ الْآخَرِ فِي إِتْلَافِ الْعُدْوَانِ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا كَغَيْرِ الْبَاغِي وَقِيَاسًا عَلَى مَا بَعْدَ الْقِتَالِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَأَهْلِ الْعَدْلِ فِي بَعْضِهِمْ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ الَّتِي لَا تَمْتَنِعُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يَتَقَرَّرُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ التَّالِفِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي رَدِّ الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ وَالْغَرَامَةِ فِي التَّالِفَةِ. وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي بِالْفَرْقِ بِعَدَمِ الْعُذْرِ وَتَحَقُّقِ الْقَصْدِ لِلْفَسَادِ وَهُوَ جَوَابُ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّهُمْ إِذَا امْتَنعُوا كَانُوا أضرّ على الْإِسْلَام فيتلافوا بِإِسْقَاطِ التَّبِعَاتِ إِذَا رَجَعُوا الرَّابِعُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَا تُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ وَلَا حَرِيمُهُمْ وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرُهُمْ وَيُؤَدَّبُ وَيُسْجَنُ حَتَّى يَتُوبَ وَإِنْ قَتَلَ أَحَدًا قُتِلَ بِهِ إِنْ كَانُوا بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ قَائِمَةٌ اسْتَعَانَ الْإِمَامُ بِسِلَاحِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ عَلَى قِتَالِهِمْ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ وَيُرَدُّ لِرَبِّهِ إِذَا زَالَتِ الْحَرْبُ وَلَا يُسْتَعَانُ
بِشَيْءٍ مِنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَائِمَةٌ وَيُرَدُّ إِلَيْهِمْ أَوْ لِأَهْلِهِمْ عِنْدَ الْأَمْنِ مِنْهُمْ الْخَامِسُ قَالَ إِذَا سَأَلَ أَهْلُ الْبَغْيِ الْإِمَامَ الْعَدْلَ التَّأْخِيرَ أَيَّامًا أَوْ شَهْرًا حَتَّى يَنْظُرُوا فِي أَمْرِهِمْ أَوْ يُدْلُوا بِحُجَّةٍ لَمْ يَحِلَّ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُمْ وَلَهُ تَأْخِيرُهُمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ مَا لم يقاتلوا فِيمَا أخذُوا أَو يفسدوا فَلَا يُؤَخِّرُهُمْ حِينَئِذٍ السَّادِسُ فِي النَّوَادِرِ إِذَا قَتَلَ الْبُغَاةُ أَوِ الْكُفَّارُ رَهَائِنَنَا لَمْ نَقْتُلْ رهائنهم ونردهم اليهم وَكَذَلِكَ فعله مُعَاوِيَةُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ نَسْتَرِقُّهُمْ وَلَا نَرُدُّهُمْ السَّابِعُ قَالَ قَتْلَانَا فِي الْقِتَالِ كَالشُّهَدَاءِ وَقَتْلَاهُمْ يُتْرَكُونَ إِنْ صَلَّى عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَإِلَّا دُفِنُوا بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ غير الإِمَام الثَّامِن لَا يبْعَث بالرؤس لِلْآفَاقِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ التَّاسِعُ مَنْ قَتَلَ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ مِنَ الْبُغَاةِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ مِيرَاثُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَجَّلْ مَا أَجَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَيحرم الْعَاشِر قَالَ إِن ألجأونا إِلَى دَار الْحَرْب لم يجز أَن يغزوا بِمُشْرِكِينَ عَلَيْهِمْ الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ إِذَا اقْتَتَلَ مِنْهُمْ طَائِفَتَانِ لَا نَقْدِرُ نَحْنُ عَلَى إِحْدَاهُمَا (فَلَا نُقَاتِلُ مَعَ إِحْدَاهُمَا) الْأُخْرَى لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُنْضَبِطِينَ لِلْقِتَالِ الْمَشْرُوعِ الثَّانِيَ عَشَرَ إِنْ سَبَوْا مُشْرِكِينَ قَدْ صَالَحْنَاهُمْ حَرُمَ عَلَيْنَا شِرَاؤُهُمْ مِنْهُمْ
وَنُقَاتِلُهُمْ لِخَلَاصِهِمْ وَكَذَلِكَ مَنْ صَالَحَهُمْ أَهْلُ الْبَغْيِ مِنَ الْكُفَّارِ بِخِلَافِ لَوِ اسْتَعَانُوا بِهِمْ لِأَنَّ الِاسْتِعَانَة لَيْسَ تَأْمِينًا تَنْبِيهٌ الْأَصْلُ فِي الْإِتْلَافِ إِيجَابُ الضَّمَانِ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ صُورَتَانِ الْبُغَاةُ تَرْغِيبًا فِي الرُّجُوع إِلَى الْحق والحكام لَيْلًا يَزْهَدَ النَّاسُ فِي الْوِلَايَاتِ فَتَضِيعَ الْحُقُوقُ
3
-
(الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ الرِّدَّةُ)
نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا وَالنَّظَرُ فِي حَقِيقَتِهَا وَحُكْمِهَا النَّظَرُ الْأَوَّلُ: فِي حَقِيقَتِهَا وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الْإِسْلَامِ مِنْ مُكَلَّفٍ وَفِي غَيْرِ الْبَالِغِ خِلَافٌ إِمَّا بِاللَّفْظِ أَو بِالْفِعْلِ كإلقاء الْمُصحف فِي الْقَاذُورَاتِ وَلِكِلَيْهِمَا مَرَاتِبُ فِي الظُّهُورِ وَالْخَفَاءِ وَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهَا إِلَّا عَلَى التَّفْصِيلِ وَلِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي التَّكْفِيرِ وَالْأَصْلُ حَمْلُهُ عَلَى الِاخْتِيَارِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَثْبُتَ الْإِكْرَاهُ فَيَسْقُطَ اعْتِبَارُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} وَفِي هَذَا الطَّرَفِ سَبْعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى فِي الْجَوَاهِرِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ قُرْبٍ وَقَالَ أَسْلَمْتُ عَنْ ضِيقٍ إِنْ عُرِفَ أَنَّهُ عَنْ ضِيقٍ نَالَهُ أَوْ خَوْفٍ وَنَحْوِهِ عُذِّرَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُعْذَرُ وَيُقْتَلُ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ عَنْ ضِيقٍ وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْإِسْلَامِ مَشْرُوعٌ كَمَا فِي الْحَرْبِيِّينَ جَوَابُهُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فِيهِمْ لِعَدَمِ الْعَهْدِ أَمَّا الذِّمِّيُّ فَعَهْدُهُ يَمْنَعُ الْإِكْرَاهَ فَلَا يَثْبُتُ مِنْهُ إِسْلَامٌ حَقِيقِيٌّ مَعَ اخْتِيَارٍ قَالَ أَصْبَغُ قَوْلُ مَالِكٍ أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْخَوْفِ قَالَ مُحَمَّد
فِي النَّصْرَانِيِّ يَصْحَبُ الْقَوْمَ فِي سَفَرٍ فَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي وَرُبَّمَا أَمَّهُمْ فَلَمَّا أَمِنَ قَالَ تحصنت بِالْإِسْلَامِ لَيْلًا توخذ بَنَاتِي وَنَحْوَ ذَلِكَ لَهُ إِنْ أَشْبَهَ مَا قَالَ وَيُعِيدُونَ مَا صَلَّوْا خَلْفَهُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ فَدَارَى عَنْهَا وَعَنْ مَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُعِيدُ الْقَوْمُ صَلَاتَهُمْ أَوْ فِي مَوْضِعٍ هُوَ فِيهِ آمِنٌ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ إِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُعِيدُوا صَلَاتَهُمْ وَإِلَّا قُتِلَ وَأَعَادُوا قَاعِدَةٌ الْإِكْرَاهُ مُسْقِطٌ لِاعْتِبَارِ الْأَسْبَابِ كَالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا وَالرِّدَّةُ سَبَبُ الْإِهْدَارِ وَالْإِسْلَامُ سَبَبُ الْعِصْمَةِ فَيَسْقُطَانِ مَعَ الْإِكْرَاهِ غَيْرَ أَنَّ (ش) اشْتَرَطَ الْإِكْرَاهَ عَلَى غَيْرِ الذِّمِّيِّ يَقْضِي بِإِسْقَاطِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَلْزَمَهُ عَلَى الطَّلَاقِ. وَإِلَّا لَا يَسْقُطُ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَسْبَاب وَنحن نلاحظ الْمَعْنى فَمَتَى ألجئ للشيئ بِالْخَوْفِ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ الْمُكْرِهُ لَهُ عُدَّ إِكْرَاهًا فِيهِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْفِقْهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُقُوعُ التَّصَرُّفِ عَلَى خِلَافِ الدَّاعِيَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَأَنَّهُ صَارَ كَالْآلَةِ وَمَا فِيهِ مِنَ الدَّاعِيَةِ مَنْسُوبٌ لِلْمُكْرِهِ لَا لَهُ الثَّانِيَةُ فِي النَّوَادِرِ قِيلَ لِرَاهِبٍ أَنْتَ عَرَبِيٌّ عَرَفْتَ فَضْلَ الْإِسْلَامِ فَمَا مَنَعَكَ مِنْهُ قَالَ كُنْتُ مُسْلِمًا زَمَانًا وَلَمْ أَرَهُ خَيْرًا مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ فَرَجَعْتُ إِلَيْهَا وَقَالَ عِنْدَ
الْإِمَامِ كُنْتُ كَاذِبًا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا يُعَاقَبُ وَلَا يُسْتَتَابُ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ مَنْ رَآهُ يُصَلِّي وَلَوْ رَكْعَةً الثَّالِثَةُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ أَسْلَمْتُ مَخَافَةَ الْجِزْيَةِ أَوْ أَمْرٌ أُظْلَمُ فِيهِ قُبِلَ مِنْهُ وَلَيْسَ كَالْمُرْتَدِّ وَلَوِ اشْتَرَى مُسْلِمَةً فَأُخِذَ مَعَهَا فَقَالَ أَنَا مُسْلِمٌ وَاعْتَرَفَ أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِمَكَانِهَا لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا الْأَدَبُ دُونَ السَبْعِينَ سَوْطًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الرَّابِعَةُ قَالَ إِنِ ارْتَدَّ وَلَدُ الْمُسْلِمِ الْمَوْلُودُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَعَقَلَ الْإِسْلَامَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالضَّرْبِ وَالْعَذْابِ فَإِنِ احْتَلَمَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ قُتِلَ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ يُسْلِمُ ثُمَّ يَرْتَدُّ وَقَدْ عَقَلَ ثُمَّ يَحْتَلِمُ على ذَلِك وَفرق بَينهمَا وَلَيْسَ كَذَلِك الْمُرْتَدِّ وَجَعَلَهُمْ أَشْهَبُ سَوَاءٌ وَيُرَدُّ إِلَى الْإِسْلَامِ بِالسَّوْطِ وَالسِّجْنِ وَقَالَ (ش) لَا تَنْعَقِدُ رِدَّةُ الصَّبِي وَالْمَجْنُون وَلَا اسلامها وَلَهُ فِي السَّكْرَانِ بِمَعْصِيَةٍ قَوْلَانِ وَمَنَعَ (ح) فِي السَّكْرَانِ الْإِسْلَامَ وَالرِّدَّةَ وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ حَنْبَلٍ يَصِحُّ إِسْلَامُ الصَّبِيِّ وَرِدَّتُهُ غَيْرَ أَنَّ (ح) قَالَ تَبِينُ امْرَأَتُهُ وَيَزُولُ مِلْكُهُ وَلَا يُقْتَلُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُقْتَلُ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِلِاسْتِتَابَةِ لَنَا قَوْلُهُ عليه السلام صلى الله عليه وسلم َ - (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله) الحَدِيث و صلى الله عليه وسلم َ - (مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ) وَقِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَهُوَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَة رضي الله عنهم فَأول الصِّبْيَانِ إِسْلَامًا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَكَذَلِكَ الزُّبَيْرُ ابْنُ ثَمَانٍ وَهُوَ كَثِيرٌ وَإِذَا صَحَّ إِسْلَامُهُ فَكَذَلِكَ رِدَّتُهُ لِأَنَّهُمَا مَعْنيانِ يتقرران فِي الْقلب كَالْبَالِغِ احْتَجُّوا بقوله عليه السلام صلى الله عليه وسلم َ - (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ) وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِقْرَارُهُ وَلَا طَلَاقُهُ وَلَا عُقُودُهُ فَلَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ وَإِسْلَامُهُ كَالْمَجْنُونِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ رَفْعَ الْقَلَمِ رَفْعُ الْإِثْمِ وَنَحْنُ لَا نُؤَثِّمُهُ حِينَئِذٍ بَلْ نَعْتَبِرُهُ شَيْئًا يَظْهَرُ أَمْرُهُ بعد الْبلُوغ وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ أَعْظَمُ خَطَرًا فَاعْتُبِرَتْ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنْ قَاسُوا عَلَى قَتْلِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ قَتْلًا بَعْدَ الْبُلُوغِ قَرِيبًا بذلك ويؤكد مَا قُلْنَاهُ أَن الْأَسْبَاب الْعَقْلِيَّة مُعْتَبِرَةٌ مِنَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَالِاصْطِيَادِ وَالِاخْتِطَافِ وَإِحْبَالِ الْإِمَاءِ وَالْكَفْرُ وَالْإِيمَانُ فِعْلَانِ لِلْقَلْبِ فَاعْتُبِرَا قَاعِدَةٌ خِطَابُ التَّكْلِيفِ يَفْتَقِرُ إِلَى الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَأَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ وَخِطَابُ الْوَضْعِ لَا يَفْتَقِرُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي أَكْثَرِ صُوَرِهِ وَهُوَ وَضْعُ الْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ كَالتَّطْلِيقِ بِالْإِعْسَارِ وَالتَّوْرِيثِ بِالْأَسْبَابِ وَالضَّمَانِ بِالْإِتْلَافِ وَالزَّكَاةِ بِمِلْكِ النِّصَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ اعْتِبَارُ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ مِنَ الصِّبْيَانِ لِأَنَّهُمَا سَبَبَانِ لِلْعِصْمَةِ وَالْإِهْدَارِ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْقَتْلُ
وَالْبُيُوعُ وَالْعُقُودُ وَالتَّصَرُّفَاتُ كُلُّهَا لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ غَيْرَ أَنَّ ثَمَّ فُرُوقًا وَأَسْرَارًا نَذْكُرُهَا فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَنَا فَنُنَبِّهُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ عَلَى فُرُوعِهَا وَالسَّعْيِ فِي الْفِرَقِ مِمَّا اسْتُثْنِيَ عَنْهَا فَإِنَّهَا جَلِيلَةٌ تَنْبِيهٌ الطَّلَاقُ وَالْعُقُودُ يَنْبَنِي عَلَيْهَا فَوَاتُ مَصَالِحَ فِي الْأَعْرَاضِ وَالْمُعَوِّضَاتِ فَاشْتُرِطَ فِيهَا رِضَاهُ الْمُطَابِقُ لِلْمَصْلَحَةِ غَالِبًا وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَمَالِ الْعَقْلِ الْمُدْرِكِ لِذَلِكَ فَلَمْ يُعْتَبَرْ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَالْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَكُنْ رِضَاهُ الْمُعْتَبَرُ مُعْتَبَرًا فِيهَا إِذْ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ كَالْجِنَايَاتِ بِالْإِتْلَافِ وَغَيْرِهِ فَهَذَا سِرُّهَا مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَالُ وَالتَّفْصِيلُ يُذْكَرُ فِي مَوَاضِعِهِ
3
-
فَرْعٌ
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ طَلَّقْتَ النَّصْرَانِيَّةَ وَغَفَلْتَ عَنْ وَلَدِهَا مِنْكَ حَتَّى احْتَلَمَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ تُرِكَ وَكَذَلِكَ إِنْ أَسْلَمَ وَتَرَكَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ حَتَّى كَبِرَ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ لِتَعَيُّنِ إِسْلَامِهِ الْحُكْمِيِّ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَقْتَ الْإِسْلَامِ ابْنَ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً لِاسْتِقْلَالِهِ بِالنَّظَرِ حِينَئِذٍ وَإِن مَاتَ أَبوهُ وقف مِيرَاثه وَإِن ثَبَتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ نَصْرَانِيًّا لَمْ يَرِثْهُ وَإِلَّا وَرِثَ وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَرِثَ أَيْضًا إِن كَانَ وَقْتَ الْإِسْلَامِ ابْنَ سِتٍّ فَهُوَ مُسْلِمٌ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَسْلَمَ وَالْوَلَدُ مُرَاهِقٌ وُقِفَ الْمِيرَاثُ إِلَى الْبُلُوغِ إِنْ أَسْلَمَ وَرِثَ وَإِلَّا تُرِكَ وَلَمْ يَرِثْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ إِنْ قَالَ لَا أسلم وَإِن احْتَلَمت وَإِنْ أَسْلَمَ الْآنَ لَمْ يُعْطَ الْمِيرَاثَ لِلْبُلُوغِ وَالْمُرْتَدُّ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ
وَلَا توكل ذَبِيحَتُهُ قَالَ سَحْنُونٌ مَنْ رَأَى عَدَمَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَانَتْ رِدَّتُهُ فُرْقَةً مِنِ امْرَأَتِهِ وَإِلَّا فَلَا وَالْأول قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ وَإِنْ أَسْلَمَ وَعَقَلَ الْإِسْلَامَ وَارْتَدَّ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَمَاتَ وِرِثَهُ أَهْلُهُ لِضَعْفِ إِسْلَامِهِ لِأَنَّ مَالِكًا يُكْرِهُهُ بِالضَّرْبِ وَإِنْ بَلَغَ وَالْمُغِيرَةُ يَقْتُلُهُ إِنْ تَمَادَى بعد البلغ وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَأَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى قَتْلِهِ إِذَا بَلَغَ وَتَمَادَى قَالَ مَالِكٌ إِنْ تَزَوَّجْتَ نَصْرَانِيَّةً فَلَمَّا بَلَغَ أَوْلَادُهَا قَالُوا لَا نُسْلِمُ لَا يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُقْتَلُونَ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي تَبَعِهِمْ لِأُمِّهِمْ الْخَامِسَةُ قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي كَفَرَ بِهِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِخِلَافِ نِسْبَةِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ مِمَّا هُوَ دِينُهُمُ الَّذِي أُقِرُّوا عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ وَمَنْ تَزَنْدَقَ مِنْهُمْ لَا يُقْتَلُ لِخُرُوجِهِ مِنْ كُفْرٍ إِلَى كُفْرٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ دِينٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَمْ أَعْلَمْ مَنْ قَالَهُ وَلَا أَخَذَ بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوِ النَّبِيَّ عليه السلام مِنَ الْمُسْلِمِينَ قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ وَكَذَلِكَ مَنْ عَابَهُ عليه السلام أَوْ نَقَصَهُ لِأَنَّهُ كَالزِّنْدِيقِ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ رِدَّةٌ وَقَبِلَ تَوْبَته (ش) و (ح) واتفقا عَلَى أَنَّ حَدَّهُ الْقَتْلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قضيت ويسلموا تَسْلِيمًا} فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَرَجِ فَالسَّبُّ أَوْلَى بِالْمُنَافَاةِ ثُمَّ هَذَا الْقَتْلُ عِنْدَنَا حَدٌّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَتَوْبَةِ الْقَاذِفِ
ونعرض للْكَلَام فِي الْقَذْف فَنَقُول هومعنى يُرَاعَى فِيهِ الْإِحْصَانُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا يعْتَبر فِي الْقَتْل كَالزِّنَا وَلَمْ يُتَصَوَّرِ الْقَتْلُ إِلَّا فِي حَقِّهِ عليه السلام (لِأَن الْحُرْمَة لَهَا مَدْخَلٌ فِي الْقَذْفِ لِأَنَّ قَاذِفَ الْعَبْدِ لَا يُحَدُّ وَحُرْمَتُهُ عليه السلام لَا تُسَاوِي حُرْمَةَ أُمَّتِهِ فَيَكُونُ حَدُّهَا الْقَتْلَ احْتَجُّوا بِأَنَّ حُرْمَةَ اللَّهِ أَعْظَمُ وَتَوْبَتُهُ تُقْبَلُ وَلِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الرِّدَّةِ وَالتَّوْبَةُ تُسْقِطُ حَدَّهَا وَفِي الصَّحِيحِ قَالَ بَعْضُ الْيَهُودِ لَهُ عليه السلام السَّامُّ عَلَيْكَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ وَلَمْ يَقْتُلِ الْيَهُودِيَّةَ الَّتِي سَمَّتِ الشَّاةَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّا نَلْتَزِمُ التَّسْوِيَةَ أَوْ نُفَرِّقُ بِأَنَّ الْبَشَرَ قَابِلٌ لِلنَّقْصِ فَكَانَ التَّأْثِيرُ فِيهِ أَعْظَمَ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَظْهَرَ الْمُعْجِزَةَ عَلَى يَدِ مُدَّعِي (الرُّبُوبِيَّةِ كَالدَّجَّالِ وَلَمْ يُظْهِرْهَا عَلَى يَدِ مُدَّعِي) النُّبُوَّةِ لِأَنَّ الْعَقْلَ يُبْطِلُ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي وَلِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَالْكُفْرِ وَحُقُوقَ الْعِبَادِ لَا تَسْقُطُ بِهَا كَالْقَذْفِ وَالْمَالِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي فَإِنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ كَالْقَذْفِ وَالرِّدَّةِ مَفْسَدَتُهُمَا خَاصَّةٌ بِالْمُرْتَدِّ وَمَفْسَدَةُ هَذَا تَتَعَدَّى لِلْأُمَّةِ وَيَجُوزُ إِقْرَارُ الذِّمِّيِّ بالجزية على سبّ المعبود بِخِلَاف الْأَنْبِيَاء وَالْجَوَاب عَن الثَّالِثِ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُمْ أَهْلُ عَهْدٍ فَلَا يَتِمُّ الدَّلِيلُ أَوْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَتِ الْمُوَادَعَةُ مَشْرُوعَةً وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الرَّابِعِ مَعَ
أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهَا قُتِلَتْ وَإِنْ قُلْنَا قَتْلُهُ كُفْرٌ لَمْ تُقْبَلِ التَّوْبَةُ مِنَ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ تَفْرِيعٌ، قَالَ أَصْبَغُ مِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ إِنْ كَانَ مُسْتَتِرًا أَوْ مُظْهِرًا فَلِلْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْن الْقَاسِم وَمَالك لَا يُقْتَلُ السَّابُّ الْكَافِرُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقَالُ لَهُ أَسْلِمْ وَلَكِنْ إِنْ أَسْلَمَ فَذَلِكَ تَوْبَتُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّ شَتَمَ الْأَنْبِيَاءَ أَوْ أَحَدًا مِنْهُمْ أَوْ نَقَصَهُ قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُم} قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَالَ الْكَافِرُ مِسْكِينٌ مُحَمَّدٌ يُخْبِرُكُمْ أَنَّكُمْ فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ الْآنَ فِي الْجنَّة فَمَاله لَمْ يُغْنِ عَنْ نَفْسِهِ حِينَ كَانَتِ الْكِلَابُ تَأْكُلُ سَاقَيْهِ قَالَ لَوْ قَتَلُوهُ اسْتَرَاحُوا مِنْهُ وَأَرَى أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَوْبَةِ الْمُسْلِمِ لَا تُقْبَلُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ أَنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ حَدٌّ وَهُوَ زِنْدِيقٌ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ وَالْكَافِرُ كَانَ عَلَى كُفْرِهِ فَيُعْتَبَرُ إِسْلَامُهُ وَلَا يُجْعَلُ سَبُّهُ مِنْ جُمْلَةِ كُفْرِهِ لِأَنَّا لَا نُعْطِيهِمُ الْعَهْدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا عَلَى قَتْلِنَا وَأَخْذِ أَمْوَالِنَا وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُنَا قَتَلْنَاهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ دِينِهِ اسْتِحْلَالُهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ بذل الْحَرْبِيّ الْجِزْيَة على إطهار السَّبِّ لِلْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام لَمْ نَقْبَلْهُ وَحَلَّ لنا دَمه فَكَذَلِك يُحَلُّ دَمُهُ بِالسَّبِّ الطَّارِئِ وَيَسْقُطُ الْقَتْلُ عَنْهُ فِي السب بِإِسْلَامِهِ وَلَا يسْقط الْقَتْل بِقَتْلِنَا لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَالَ رِدَاءُ النَّبِيِّ عليه السلام وَسِخٌ يُرِيدُ عَيْبَهُ قُتِلَ وَإِنْ عُيِّرَ بِالْفَقْرِ فَقَالَ يُعَيِّرُونَ بِالْفَقْرِ وَقَدْ رَعَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم َ - الْغَنَمَ يُؤَدَّبُ لِأَنَّهُ عَرَّضَ
بِذِكْرِهِ عليه السلام فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَلَا يَنْبَغِي إِذَا عُوقِبَ أَهْلُ الذُّنُوبِ أَنْ يَقُولَ قَدْ أَخْطَأَتِ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَنَا وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ انْظُرُوا لَنَا كَاتِبًا يَكُونُ أَبُوهُ عَرَبِيًا فَقَالَ كَاتِبُهُ قَدْ كَانَ أَبُو النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - كَافِرًا فَقَالَ لَهُ جَعَلْتَهُ عليه السلام مَثَلًا لَا تَكْتُبْ لِي أَبَدًا قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ خَاصَمْتَهُ فَأَغْضَبْتَهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ فَقَالَ الطَّالِبُ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ (هَلْ هُوَ كَمَنْ شَتَمَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - أَوِ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَالَ لَا إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ (وَالضِّيقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُصِرًّا عَلَى السَّبِّ بَلْ تَكَلَّمَ على وَجه) قَالَ أَصْبَغُ لَا يُقْتَلُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا شَتَمَ النَّاسَ وَقَالَ الْحَارِثُ يُقْتَلُ وَسَبُّ الْمَلَائِكَةِ كَسَبِّ الْأَنْبِيَاء وَعَن ابْن الْقَاسِم فِي الْكتاب أَو الْمَجُوسِيّ يَقُول إِن مُحَمَّد لَمْ يُرْسَلْ إِلَيْنَا بَلْ إِنَّمَا أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ وَإِنَّمَا نَبِيُّنَا مُوسَى أَوْ عِيسَى أَوْ لَمْ يُرْسَلْ أَوْ لَمْ يُنَزَّلْ عَلَيْهِ قُرْآنٌ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَقُولُهُ وَنَحْوَ هَذَا يُقْتَلُ قَالَ مَالِكٌ إِنْ نَادَيْتَهُ فَأَجَابَكَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ جَاهِلًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ يُكْرَهُ قَوْلُكَ عِنْدَ التَّعَجُّبِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَلَا يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ عليه السلام إِلَّا عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِن قَالَ ديننَا خير من دِينُكُمْ دِينُ الْحَمِيرِ أَوْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ كَذَلِكَ يَعِظُكُمُ اللَّهُ فِيهِ الْأَدَبُ الْوَجِيعُ وَالسِّجْنُ الطَّوِيلُ وَإِنَّ سَبَّ فَقَتَلْتَهُ غَيْظًا وَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ يُوجِبُ الْقَتْلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَإِلَّا فَعَلَيْكَ دِيَتُهُ وَضَرْبُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ وَإِنْ سَبَّ أَحَدٌ مُعَاوِيَةَ أَوْ غَيْرَهُ فَإِنْ نَسَبَهُ لِلضَّلَالِ وَالْكُفْرِ قُتِلَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ
مُسَافَهَةِ النَّاسِ نُكِّلَ نَكَالًا شَدِيدًا وَإِنْ قَالَ إِن جِبْرِيل عليه السلام أَخطَأ فِي الْوَصِيّ اسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَقِيلَ مَنْ كَفَّرَ صَحَابِيًّا أُوجِعَ ضَرْبًا وَعَنْ سَحْنُونٍ إِنْ كَفَّرَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا قُتِلَ وَيُنَكَّلُ فِي غَيْرِهِمْ قَالَ الْقَاضِي فِي الشِّفَا مَنْ سَبَّهُ عليه السلام أَوْ عَابَهُ أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا فِي نَفْسِهِ أَوْ نَسَبِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِهِ أَوْ عَرَّضَ بِهِ أَوْ شَبَّهَهُ بِشَيْءٍ عَلَى وَجْهِ السَّبِّ أَوِ الِازْدِرَاءِ أَوِ التَّصْغِيرِ لِشَأْنِهِ أَوِ الْغَضِّ مِنْهُ يُقْتَلُ كَالسَّابِّ وَيَسْتَوِي التَّصْرِيحُ وَالتَّلْوِيحُ وَكَذَلِكَ مَنْ دَعَا عَلَيْهِ أَوْ تَمَنَّى مَضَرَّةً لَهُ وَكَذَلِكَ إِن نسب لَهُ سجعا أَوْ هَجْرًا مِنَ الْقَوْلِ أَوْ عَيَّرَهُ بِشَيْءٍ مما جَرَى مِنَ الْبَلَاءِ وَبِشَيْءٍ مِنَ الْعَوَارِضِ الْبَشَرِيَّةِ الْمَعْهُودَةِ لَدَيْهِ وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنِ ابْنِ كِنَانَةَ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي السَّابِّ الْمُسْلِمِ فِي صَلْبِهِ حَيًّا أَوْ قَتْلِهِ وَيُقْتَلُ مَنْ قَالَ هُوَ يَتِيمُ أَبِي طَالِبٍ أَوْ كَانَ أَسْوَدَ وَإِنْ قِيلَ لِرَجُلٍ لَا وَحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ فَعَلَ اللَّهُ بِرَسُولِ اللَّهِ كَذَا وَكَذَا وَذَكَرَ كَلَامًا قَبِيحًا فَقِيلَ لَهُ مَا تَقُولُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ فَقَالَ أَشَدَّ مِنَ الْأَوَّلِ وَقَالَ أَرَدْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ الْعَقْرَبَ فَقَالَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ صَاحِبِ سَحْنُونٍ يُقْتَلُ وَلَا يُقْبَلُ التَّأْوِيلُ لِصَرَاحَةِ اللَّفْظِ وَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ فِي عِقَابِ عَشَّارٍ قَالَ لرجل أُدي واشك للنَّبِي وَقَالَ إِنْ جَهِلْتُ فَقَدْ جَهِلَ بِالْقَتْلِ وَأَفْتَى فُقَهَاءُ الْأَنْدَلُسِ بِقَتْلِ ابْنِ حَاتِمٍ الْمُتَفَقِّهِ وَصَلْبِهِ لِتَسْمِيَتِهِ عليه السلام فِي أَثْنَاءِ الْمُنَاظَرَةِ بِالْيَتِيمِ وَخَتَنِ حَيْدَرَةَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَصْدًا قَالَ ابْنُ الْمُرَابِطِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ عليه السلام هَرَمٌ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لِأَنَّهُ نقص
لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ فِي خَاصَّتِهِ لِأَنَّهُ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِهِ وَيُقْتَلُ مَنْ نَقَّصَهُ بِسَهْوٍ أَوْ سِحْرٍ أَوْ هَزِيمَةِ بَعْضِ جُيُوشِهِ أَوْ شِدَّةٍ مِنْ زَمَانِهِ أَوْ مَيْلٍ لِبَعْضِ نِسَائِهِ وَمَنْ لَمْ يَقْصِدِ الِازْدِرَاءَ وَلَا يَعْتَقِدْهُ فِي تَكَلُّمِهِ بِالسَّبِّ أَوِ اللَّعْنِ أَوِ التَّكْذِيبِ أَوْ إِضَافَةِ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَوْ نَفْيُ مَا يَجِبُ لَهُ مِمَّا هُوَ نَقْصٌ فِي حَقِّهِ وَظَهَرَ عَدَمُ تَعَمُّدِهِ وَقَصْدُ السَّبِّ إِمَّا لِجَهَالَةٍ أَوْ لِضَجَرٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ قِلَّةِ ضبط لِسَان وتهور فِي كَلَامِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يُعْذَرُ أَحَدٌ فِي الْكُفْرِ بِالْجَهَالَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَهُوَ سَلِيمُ الْعَقْلِ إِلَّا لِلْإِكْرَاهِ وَبِهِ أَفْتَى الْأَنْدَلُسِيُّونَ فِي عَلِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي نَفْيِهِ الزُّهْدَ عَنْهُ عليه السلام وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ سَحْنُونٍ وأَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ وَنَظَرَ إِلَى أَنَّ السَّكْرَانَ إِنَّمَا يَنْطِقُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ صَاحِيًا وَلِأَنَّهُ حَدٌّ لَا يُسْقِطُهُ السُّكْرُ كَالْقَذْفِ وَالْقَتْلِ وَجَمِيعِ الْحُدُودِ وَأَمَّا الْقَاصِدُ لِذَلِكَ الْمُصَرِّحُ فَأَشْبَهُ بِالْمُرْتَدِّ وَيَقْوَى الْخِلَافُ فِي اسْتِتَابَتِهِ أَوْ مُسْتَتِرًا فَهُوَ كَالزِّنْدِيقِ لَا تُسْقِطُ قَتْلَهُ التَّوْبَةُ وَمَنْ تَنَبَّأَ وَزَعَمَ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ مُرْتَدٌّ لِكُفْرِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا اسْتُتِيبَ إِنْ أَعْلَنَ ذَلِكَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ مَنْ شَكَّ فِي حَرْفٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم َ - عَنِ اللَّهِ فَهُوَ كَافِرٌ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أبي سُلَيْمَان من قَالَ إِنَّهُ عليه السلام مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَحِيَ وَأَنَّهُ كَانَ بِتَاهَرْتَ قُتِلَ لِأَنَّ ذَلِكَ نَفْيٌ لَهُ وَتَبْدِيلُ صِفَتِهِ وَمَوْضِعِهِ كُفْرٌ وَاللَّفْظُ الْمُجْمَلُ الَّذِي يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّبِيِّ عليه السلام وَعَلَى غَيْرِهِ وَيَتَرَدَّدُ فِي حَالِ الْمُطْلَقِ هَلْ أَرَادَهُ مُكْرَهًا أَمْ لَا فَقِيلَ يُقْتَلُ رِعَايَةً لِحِمَاهُ عليه السلام وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ حِمَايَةً لِلدَّمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ أَغْضَبَهُ غَرِيمُهُ فَقَالَ لَهُ صلى الله على مُحَمَّد وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ لَيْسَ كَالسَّابِّ لِأَجْلِ الْغَضَبِ وَلَمْ يَتَضَمَّنْ كَلَامُهُ الشَّتْمَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا شَتَمَ النَّاسَ دون
الْمَلَائِكَة بل مُخَاطبَة فَقَط وَقَالَ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَغَيْرُهُ يُقْتَلُ وَتَوَقَّفَ الْقَابِسِيُّ فِي الْقَائِلِ كُلُّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ قَرْنَانِ وَلَوْ كَانَ نَبيا مُرْسلا وَشَدَّهُ بِالْقُيُودِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَ الْبَيِّنَةَ عَمَّا يَدُلُّ عَلَى مَقْصِدِهِ هَلْ أَرَادَ أَصْحَابَ الْفَنَادِقِ الْآنَ فَلَيْسَ فِيهِمْ نَبِيٌّ فَيَكُونُ أَمْرُهُ أَخَفَّ لَكِنَّ ظَاهِرَ لَفْظِهِ الْعُمُومُ وَفِي مُتَقَدِّمِي الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام مَنِ اكْتَسَبَ الْمَالَ فَوَقَعَ التَّرَدُّدُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الْقَائِلِ لَعَنَ اللَّهُ الْعَرَبَ وَلَعَنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَعَنَ اللَّهُ بَنِي آدَمَ وَقَالَ إِنَّمَا أَرَدْتُ الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ يُؤَدَّبُ بِاجْتِهَادِ السُّلْطَانِ قَالَ وَكَذَلِكَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ حَرَّمَ الْمُسْكِرَ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ مَنْ حَرَّمَهُ (لَا وَمن قَالَ لَا بيع حَاضر لباد ان عذر بِالْجَهْلِ أُدِّبَ الْأَدَبَ الْوَجِيعَ كَأَنَّهُ أَرَادَ مَنْ حَرَّمَهُ مِنَ النَّاسِ وَكَذَلِكَ يَا ابْنَ أَلْفِ خِنْزِيرٍ مَعَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْعَدَدِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَبَائِهِ أَسَاءَ فَيُزْجَرُ عَنْهُ وَإِنْ عُلِمَ قَصْدُهُ الْأَنْبِيَاءَ قُتِلَ وَقَدْ يَضِيقُ الْقَوْلُ لَوْ قَالَ لهاشمي لعن الله بني هَاشم ولتمن قَالَ لَهُ أَتَتَّهِمُنِي فَقَالَ الْأَنْبِيَاءُ يُتَّهَمُونَ فَكَيْفَ أَنْتَ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ يُقْتَلُ لِبَشَاعَةِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَتَوَقَّفَ ابْنُ مَنْظُورٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَمَّنِ اتَّهَمَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ فَأَطَالَ الْقَاضِي تَصْفِيدَهُ وَاسْتَحْلَفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى تَكْذِيبِ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ نَقْصًا وَلَا عَيْبًا بَلْ ذَكَرَ بَعْضَ أَحْوَالِهِ عليه السلام حُجَّةً وَمَثَلًا لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ لِبَعْضِ حَالِهِ عَلَى طَرِيقِ التَّأَسِّي بَلْ لِرَفْعِ نَفْسِهِ قَصْدَ الْهَزْلِ كَقَوْلِهِ إِنْ قِيلَ فِيَّ الْمَكْرُوهُ فَقَدْ قِيلَ فِي النَّبِيِّ عليه السلام فَإِنْ أَذْنَبْتُ فَقَدْ أَذْنَبَ وَكَيْفَ أَسْلَمُ مِنَ الْأَلْسِنَةِ وَلَمْ يَسْلَمِ الْأَنْبِيَاءُ وَقَدْ صَبَرْتُ كَمَا صَبَرَ النَّبِيُّ وَصَبَرَ النَّبِيُّ أَكْثَرَ مِنِّي وَكَقَوْلِ الْمُتَنَبِّي
(أَنا فِي أمة تداركها الله
…
غَرِيبٌ كَصَالِحٍ فِي ثَمُودَ)
وَقَوْلِ الْمَعَرِّيِّ
(كُنْتَ مُوسَى وَافَتْهُ بِنْتُ شُعَيْبٍ
…
غَيْرَ أَنْ لَيْسَ فيكما من فَقير)
وَآخر الْبَيْت شَدِيد وَدَاخِلٌ فِي الْإِزْرَاءِ وَالتَّحْقِيرِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ
(هُوَ مِثْلُهُ فِي الْفَضْلِ إِلَّا أَنَّهُ
…
لَمْ يَأْتِهِ بِرِسَالَةٍ جِبْرِيلُ)
هُوَ تَشْبِيهٌ بِالنَّبِيِّ عليه السلام أَوْ تَفْضِيلٌ عَلَيْهِ بِاسْتِغْنَائِهِ عَنِ الرِّسَالَةِ وَهُوَ أَشَدُّ وَقَوْلِ الْآخَرِ
(فَرَّ مِنَ الْخُلْدِ وَاسْتَجَارَ بِنَار
…
فَصَبر الله فؤاد رضوَان)
وقوا الآخر
(كَأَن أَبَا بَكْرٍ أَبُو بَكْرٍ الرِّضَا
…
وَحَسَّانَ حَسَّانٌ وَأَنت مُحَمَّد)
فَهَذِهِ وَنَحْوهَا إِن درىء بِهَا الْقَتْلُ فَفِيهَا الْأَدَبُ وَالسَّجْنُ بِحَسَبِ شَنَاعَةِ الْمَقَالَةِ وَحَالِ الْقَائِلِ فِي نَفْسِهِ فِي كَوْنِهِ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ أَوْ لَا وَلَمْ يَزَلِ الْمُتَقَدِّمُونَ يُنْكِرُونَ مِثْلَ هَذَا فَأَنْكَرَ الرَّشِيدُ عَلَى أَبِي نواس
(فَإِنْ يَكُ بَاقِي سِحْرِ فِرْعَوْنَ فِيكُمْ
…
فَإِنَّ عَصَا مُوسَى بِكَفِّ خَضِيبٍ)
وَقَالَ لَهُ يَا بن اللَّخْنَاءِ أَنْتَ الْمُسْتَهْزِئُ بِعَصَا مُوسَى وَأَخْرَجَهُ مِنْ عَسْكَرِهِ وَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلَهُ
(كَيْفَ لَا يُدْنِيكَ مِنْ أَمَلٍ
…
مَنْ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ نَفَرِهِ)
لِأَنَّ حَقَّهُ عليه السلام أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ وَلَا يُضَافُ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا عُيِّرَ بالفقر فَقَالَ قد رعى النَّبِي عليه السلام يُؤَدَّبُ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ أَنْ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - عِنْدَ التَّعَجُّبِ بَلْ عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ إِذَا قَالَ فِي قَبِيحِ الْوَجْهِ كَأَنَّهُ وَجْهُ نَكِيرٍ أَوْ عَبُوسٍ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَالِكٍ يُؤَدَّبُ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِالذَّمِّ الْمُخَاطَبَ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ كَمَالِكٍ يَغْضَبُ لِغَضَبِ اللَّهِ فَهُوَ أَخَفُّ أَدَبًا وَكُلُّ مَا طَرِيقُهُ الْأَدَبُ إِذَا نَدِمَ قَائِلُهُ لَمْ يُؤَدَّبْ وَأَمَّا إِنْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ حِكَايَةً عَنِ الْغَيْرِ فَإِنْ كَانَ لِلشَّهَادَةِ أَو للنَّفْي عَنْ قَائِلِهَا لِأَنَّهُ مِمَّنْ يُخْشَى اتِّبَاعُهُ فَحَسَنٌ وَإِلَّا فَلَا يُحْكَى فَإِنَّ التَّفَكُّهَ بِالْأَعْرَاضِ مُحَرَّمٌ وَمَنْ كَانَ مُولَعًا بِذَلِكَ وَرِوَايَةِ هَجْوِهِ عليه السلام (فَيُقْتَلُ وَلَا يَنْفَعُهُ نِسْبَتُهُ إِلَى غَيْرِهِ وَحُكِيَ الْإِجْمَاعُ فِي تَحْرِيمِ هَجْوِهِ عليه السلام وَكِتَابَتِهِ وَقَدْ أَسْقَطَ الْمُحْرِزُونَ لِدِينِهِمْ مِنْ أَحَادِيثِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ ذَلِكَ وَقَدْ كُرِهَ تَعْلِيمُ النِّسَاءِ سُورَةَ يُوسُفَ لِضَعْفِ مَعْرِفَتِهِنَّ وَلَا يُرْوَى مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُحْتَاجَةِ إِلَى التَّأْوِيلِ إِلَّا الصَّحِيحُ بَلْ كَرِهَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ رِوَايَةَ مَا لَيْسَ فِيهِ عمل ومشهور الْمَذْهَب قتل العاب حَدًّا لَا كُفْرًا لَا تُسْقِطُهُ التَّوْبَةُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ الزِّنْدِيقِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَعِنْدَ (ح) خِلَافٌ وَالسَّابُّ الْمُعْتَقِدُ حِلَّهُ كَافِرٌ اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ السب كفرا
كَالتَّكْذِيبِ وَيُقْتَلُ وَإِنْ تَابَ حَدًّا فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ عَلَى السَّابِّ بَلْ شَهِدَ الْوَاحِدُ أَوْ لَفِيفُ النَّاسِ أَوْ ثَبَتَ قَوْلُهُ إِلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَوْ تَابَ عَلَى الْقَوْلِ بِقَبُولِ تَوْبَته فيعزر بِقَدْرِ حَالِهِ وَقُوَّةِ الشَّهَادَةِ مِنَ التَّضْيِيقِ فِي السحن وَشِدَّةِ الْقُيُودِ إِلَى غَايَةِ انْتِهَاءِ طَاقَتِهِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُهُ الْقِيَامَ لِضَرُورَتِهِ وَصَلَاتِهِ فَإِنْ أَثْبَتَ عَدَاوَةَ الْبَيِّنَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُبْرَزَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فَلَا يُعْرَضُ لَهُ وَإِلَّا اجْتُهِدَ فِي تَنْكِيلِهِ وَمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ بِغَيْرِ مَا بِهِ كَفَرَ قُتِلَ وَوَقَعَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامٌ وَظَوَاهِرُ ظَاهِرِهَا أَنْ يَجْرِيَ الْخِلَافُ فِيمَا بِهِ كَفَرَ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقْتَلُ وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلُ سَقَطَ الْقَتْلُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَقِيلَ لَا لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّأْوِيلِ بِالتَّوْبَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقَائِلِ لَقِيتُ فِي مَرَضِي مَا لَوْ قَتَلْتُ أَبَا بَكْرٍ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ قِيلَ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ نَسَبَ اللَّهَ تَعَالَى إِلَى الْجَوْرِ وَقِيلَ يُبَالَغُ فِي تَنْكِيلِهِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الشَّكْوَى لَا السَّبُّ وَأَكْثَرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَالْأَشْعَرِيِّ عَدَمُ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ إِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا لِأَنَّهُ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ عَلَى تَكْفِيرِهِمْ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا قَصَدُوا التَّعْظِيمَ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِالرِّسَالَةِ وَالتَّنْقِيصُ لَازِمٌ لمذهبهم وَلَا خِلَافَ فِي تَكْفِيرِ مَنْ نَفَى الرُّبُوبِيَّةَ أَوِ الْوَحْدَانِيَّةَ أَوْ عَبَدَ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ أَوْ هُوَ دَهْرِيٌّ أَوْ مَانَوِيٌّ أَوْ صَابِئٌ أَوْ حُلُولِيٌّ أَوْ تَنَاسُخِيٌّ أَوْ مِنَ الرَّوَافِضِ أَوِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ غَيْرُ حَيٍّ أَوْ قَدِيمٍ أَوْ مُصَوَّرٍ أَوْ صَنَعَ الْعَالَمَ غَيْرُهُ أَوْ هُوَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ شَيْءٍ أَوِ ادَّعَى مُجَالَسَةَ اللَّهِ تَعَالَى أَوِ الْعُرُوجَ إِلَيْهِ وَمُكَالَمَتَهُ أَوْ قَالَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ أَوْ بَقَائِهِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ أَوْ قَالَ بِنُبُوَّةِ عَلِيٍّ أَوْ جَوَّزَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ الْكَذِبَ وَأَنَّهُمْ خَاطَبُوا الْخَلْقَ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ
لِلْمَصْلَحَةِ أَوْ قَالَ فِي كُلِّ جِنْسٍ مِنَ الْحَيَوَانِ نَذِيرٌ فَإِنَّ فِيهِ تَجْوِيزُ اتِّصَافِهِ بِوَصْفِ الْكُلِّيَّةِ وَنَحْوِهَا مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ مِنْ أمة إِلَّا خلا فِيهَا نَذِير} أَوْ قَالَ بِتَخْصِيصِ الرِّسَالَةِ لِلْعَرَبِ أَوْ جَوَّزَ اكْتِسَابَ النُّبُوَّةِ أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ أَوْ يَصْعَدُ السَّمَاءَ أَوْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَوْ يَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا أَوْ قَالَ بِإِبْطَالِ الرَّجْمِ وَغَيْرِهِ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ أَوْ كَفَّرَ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى بُطْلَانِ الدِّينِ أَوْ يَسْعَى لِلْكَنَائِسِ بِزِيِّ النَّصَارَى أَوْ قَالَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ طرقي النَّهَارِ أَوْ قَالَ بِسُقُوطِ الْعِبَادَةِ عَنْ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ أَنْكَرَ مَكَّةَ أَوِ الْبَيْتَ أَوِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ قَالَ الِاسْتِقْبَالُ حَقٌّ وَلَكِنْ لِغَيْرِ هَذِهِ الْبُقْعَةِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ أَوْ يُخَالِطُ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ حَدِيثِ الْإِسْلَامِ أَوْ جَحَدَ صِفَةَ الْحَجِّ أَوِ الصَّلَوَاتِ أَوْ جَحَدَ حَرْفًا مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ زَادَهُ أَوْ غَيَّرَهُ أَوْ قَالَ لَيْسَ بِمُعْجِزَةٍ أَوْ قَالَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ مَعْهُودَانِ وَكَذَلِكَ الْقَائِلُ الْأَئِمَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَأَمَّا مَنْ أَنْكَرَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ كَغَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ وُجُودِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يُكَفَّرُ إِلَّا أَنْ يُنْكِرَ ذَلِكَ لِتَوْهِينِ نَقْلِ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعَ فَيُكَفَّرُ وَأَمَّا إِنْكَارُهُ الْإِجْمَاعَ الْمُجَرَّدَ الَّذِي لَيْسَ طَرِيقُهُ التَّوَاتُرَ عِنْدَ التَّنَازُعِ فَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالنُّظَّارِ عَلَى تَكْفِيرِهِ لِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ الْجَامِعِ لِلشَّرَائِطِ
قَاعِدَةٌ، الْكُفْرُ هُوَ انْتِهَاكٌ خَاصٌّ لِحُرْمَةِ الرُّبُوبِيَّةِ إِمَّا بِالْجَهْلِ بِوُجُودِهِ أَوْ صِفَاتِهِ أَوْ بِفِعْلٍ كَرَمْيِ الْمُصْحَفِ فِي الْقَاذُورَاتِ وَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ أَوِ التَّرَدُّدِ لِلْكَنَائِسِ بِزِيِّ النَّصَارَى فِي أَعْيَادِهِمْ أَوْ جَحَدَ مَا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَقَوْلُنَا خَاصٌّ احْتِرَازٌ مِنَ الْمَعَاصِي فَإِنَّهَا انْتِهَاكٌ وَلَيْسَتْ كُفْرًا وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ بِذَلِكَ إِرَادَةَ الْكُفْرِ كَبِنَاءِ الْكَنَائِسِ لِيُكْفَرَ فِيهَا أَوْ قَتْلِ نَبِيٍّ مَعَ اعْتِقَادِ صِحَّةِ رِسَالَتِهِ لِيُمِيتَ شَرِيعَتَهُ وَمِنْهُ تَأْخِيرُ إِسْلَامِ مَنْ أَتَى يُسْلِمُ وَلَا يَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ الدُّعَاءُ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ
لِلْعَدُوِّ وَإِنْ كَانَ إِرَادَةَ الْكُفْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا فِيهِ حُرْمَةُ اللَّهِ بِدَلَالَةِ الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْفَرْقَ بَيْنَ السُّجُودِ لِلشَّجَرَةِ أَو للْوَلَد فِي أَن الأول كُفْرٌ دُونَ الثَّانِي مَعَ أَنَّ كِلَيْهِمَا قُصِدَ بِهِ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِمْ {مَا نعبدهم إِلَّا ليقربونا إِلَى الله زلفى} مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْكُفْرِ بِالْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ إِنَّمَا هُوَ بِعِظَمِ الْمَفْسَدَةِ وَصِغَرِهَا لِاشْتِرَاكِ الْجَمِيعِ فِي النَّهْيِ وَمَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مِنَ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي يَعْلَمُهَا مَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ قَالَ صَاحِبُ الشِّفَا وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ جَحَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ أَوْ مُتَكَلِّمٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ فَإِنْ جَهِلَ الصِّفَةَ وَلَمْ يُنْكِرْهَا كَفَّرَهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ لَا يُكَفَّرُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْأَشْعَرِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَمِّمْ عَلَى اعْتِقَادِ ذَلِكَ وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ الْقَائِلِ (لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلِيَّ) وَحَدِيثُ السَّوْدَاءِ فَأَكْثَرُ النَّاسِ لَوْ كُوشِفُوا عَنِ الصِّفَاتِ لَمْ يَعْلَمْهَا
فَرْعٌ فِي الشِّفَا: إِذَا تَزَنْدَقَ الذِّمِّيّ لَا يقتل عِنْد مَال لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ كُفْرٍ إِلَى كُفْرٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ عَلَيْهِ
فَرْعٌ قَالَ السَّكْرَانُ وَالْمَجْنُونُ مَا عُلِمَ أَنَّهُمَا قَالَاهُ فِي حَالٍ لَا يُمَيِّزَانِ فِيهِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ
وَمَا قَالَاهُ فِي حَالِ الْمَيْزِ وَإِنْ فُقِدَ الْعَقْلُ الْمُوجِبُ لِلتَّكْلِيفِ أَدِّبَا وَيُوَالَى أَدَبُهُمَا عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُؤَدَّبَانِ عَلَى قَبَائِحِ أَفْعَالِهِمَا اسْتِصْلَاحًا لَهُمَا كَالْبَهَائِمِ تُرَاضُ قَالَ الْقَابِسِيُّ إِنْ قَالَ السَّكْرَانُ أَنَا اللَّهُ إِنْ تَابَ أُدِّبَ وَإِنْ عَادَ لِقَوْلِهِ طُولِبَ مُطَالَبَةَ الزِّنْدِيقِ فَإِنَّهُ كُفْرُ الْمُتَلَاعِبِينَ
فَرْعٌ قَالَ إِنْ أَتَى بِسَخِيفِ الْقَوْلِ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلْكُفْرِ وَالِاسْتِخْفَافِ كَالْقَائِلِ لَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ الْمَطَرُ بَدَأَ الْخَرَّازُ يَرُشُّ جُلُودَهُ أَفْتَى جَمَاعَةٌ بِالْأَدَبِ فَقَطْ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَأَفْتَى جَمَاعَةٌ بِقَتْلِهِ لِأَنَّهُ سَبٌّ هَذَا إِنْ كَانَ يَتَكَرَّرُ مِنْهُ أَمَّا الْفَلْتَةُ الْوَاحِدَةُ فَالْأَدَبُ. وَأَفْتَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْقَائِلِ لِرَجُلٍ لَمَّا نَادَاهُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ إِنْ كَانَ جَاهِلًا وَقَالَهُ سَفَهًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُ بَعْضِ الْجَاهِلِيَّةِ
(رَبَّ الْعباد مالنا وَمَالك
…
قَدْ كُنْتَ تَسْقِينَا فَمَا بَدَا لَكَ)
(أَنْزِلْ علينا الْغَيْث لَا أبالك)
وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّنْ لَا تُهَذِّبُهُ الشَّرِيعَةُ وَالْعِلْمُ فَيُعَلَّمَ وَيُزْجَرَ
فَرْعٌ قَالَ وَكُلُّ نَبِيٍّ أَوْ مَلَكٍ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ إِنْ أَجْمَعَتِ الْأَمَةُ عَلَى أَنَّهُ نَبِيٌّ أَوْ مَلَكٌ وَإِلَّا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ إِلَى الْقَتْلِ بَلِ الْأَدَبِ بِقَدَرِ حَالِ الْمَقُولِ فِيهِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَمَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَخَالِدِ بْنِ سِنَانَ الْمَقُولِ إِنَّهُ نَبِيُّ أَهْلِ الدَّاسِرِ وَزَرَادَشْتَ الَّذِي تَدَّعِي الْمَجُوسُ وَالْمُؤَرِّخُونَ نبوته وَأما
إِنْكَارُ نُبُوَّتِهِ وَكَوْنِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُنْكِرُ عَالِمًا لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ خلاف أَو جَاهِلا زجر عَن الخوص فِيهِ فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ إِذْ لَيْسَ لَهُمُ الْكَلَامُ فِي مِثْلِ هَذَا قَالَ الْقَاضِي وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مُؤْمِنُونَ فَضْلًا وَأَنَّ الْمُرْسَلَ مِنْهُمْ مَعْصُومٌ وَاخْتُلِفَ فِي عِصْمَةِ غَيْرِ الْمُرْسَلِ وَالصَّوَابُ عِصْمَةُ الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يُرْوَ فِي هاروت وماروت وخبرهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - شَيْءٌ إِنَّمَا هُوَ اخْتِلَافُ الْمُفَسِّرِينَ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَنْ يَعْصِي وَيَسْتَحَقُّ الْعِقَابَ وَلَا يُعَارِضُ قَوْله تَعَالَى {لَا يعصون الله مَا أَمرهم} يُحْمَلُ عَلَى جُمْهُورِهِمْ وَالْمَعْصُومِينَ مِنْهُمْ وَكَلَامُهُ يُخَالِفُ كَلَامَ الْقَاضِي
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ يُقْتَلُ الْقَائِلُ الْمُعَوِّذَتَانِ لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ وَإِنْ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ التَّوْرَاةَ بَعْدَ التَّأْوِيلِ فِي صَرْفِهَا لِلْبَاطِلَةِ
فَرْعٌ قَالَ مَالِكٌ مَنِ انْتَسَبَ إِلَى بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - يُضْرَبُ ضَرْبًا وَجِيعًا وَيُشَهَّرُ وَيُحْبَسُ طَوِيلًا حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ لِأَنَّهُ اسْتَخَفَّ بِحَقِّ الرَّسُولِ عليه السلام السَّادِسَةُ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يقتل المتنبي أَسَرَّ ذَلِكَ أَوْ أَعْلَنَهُ السَّابِعَةُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ لِلسِّحْرِ حَقِيقَةٌ وَقَدْ يَمُوتُ الْمَسْحُورُ أَوْ يَتَغَيَّرُ طبعه وعادته وَإِن لم يباشره وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ أَصْحَابُ (ح)
إِنْ وَصَلَ إِلَى بَدَنِهِ كَالدُّخَانِ وَنَحْوِهِ جَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ الْقَدَرِيَّةُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ لَنَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {يعلمُونَ النَّاس السحر} وَمَا لَا حَقِيقَة لَهُ (لَا يعلم) وَيلْزم صُدُور الْكفْر من الْمَلَائِكَة لِأَنَّهُ قرىء الْملكَيْنِ بِكَسْر اللَّام أَو مَلِكَانِ وَأُذِنَ لَهُمَا فِي تَعْلِيمِ النَّاسِ لِيُفَرَّقَ بَيْنَ السَّحَرِ وَالْمُعْجِزَةِ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْخَلْقِ كَانَتْ تَقْتَضِي ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ صَعَدَا إِلَى السَّمَاء وقولهما {فَلَا تكفر} أَيْ لَا تَسْتَعْمِلْهُ عَلَى وَجْهِ الْكُفْرِ كَمَا يُقَالُ خُذِ الْمَالَ وَلَا تَفْسُقْ بِهِ أَوْ يكون معنى قَوْله تَعَالَى {يعلمُونَ النَّاس} أَيْ يَقَعُ التَّعْلِيمُ لَا عَنِ التَّسْلِيمِ وَقَوْلُهُمَا {إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفر} يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ كُفْرٌ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ (أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سُحِرَ فَكَانَ عليه السلام يخيل إِلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَمَا يَأْتِيهِنَّ) الْحَدِيثَ وَقَدْ سَحَرَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها جَارِيَةٌ اشْتَرَتْهَا وَخَبَرُ السِّحْرِ وَوُقُوعُهُ كَانَ مَعْلُومًا لِلصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ مَا يَشَاءُ عَقِيبَ كَلَامٍ مَخْصُوصٍ أَوْ أَدْعِيَةٍ مَخْصُوصَةٍ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} وَلِأَنَّهُ لَو
كَانَ لَهُ حَقِيقَةً لَأَمْكَنَ السَّاحِرُ أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ النُّبُوَّةَ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْخَوَارِقِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ السِّحْرَ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْهَضْ بِالْخَيَالِ إِلَى السَّعْيِ وَنَحْنُ لَا نَدَّعِي أَنَّ كُلَّ سِحْرٍ ينْهض إِلَى كل الْمَفَاسِد
وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي أَن أَنَّ إِضْلَالَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْخَلْقِ مُمْكِنٌ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَادَتَهُ بِضَبْطِ مَصَالِحِهِمْ فَمَا يَسَّرَ ذَلِكَ عَلَى السَّحَرَةِ فَكَمْ مِنْ مُمْكِنٍ مَنَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الدُّخُولِ فِي الْعَالَمِ لِأَنْوَاعٍ مِنَ الْحِكَمِ إِذَا ثَبَتَ هَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ السَّاحِرُ كَافِرٌ فَيُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ سَحَرَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا كَالزِّنْدِيقِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ أَظْهَرَهُ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ أَظْهَرَهُ وَلَمْ يَتُبْ فَقُتِلَ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنِ اسْتَسَرَّ فَلِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا آمُرُهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلُوا فَهُمْ أَعْلَمُ وَمِنْ قَوْلِ عُلَمَائِنَا الْقُدَمَاءِ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ مِنَ السِّحْرِ الَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ بِأَنَّهُ كُفْرٌ قَالَ أَصْبَغُ يَكْشِفُ عَنْ ذَلِكَ مَنْ يَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ وَلَا يَلِي قَتْلَهُ إِلَّا السُّلْطَانُ فَإِنْ سَحَرَ الْمُكَاتَبُ أَوِ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ لَمْ يَلِ سَيِّدُهُ قَتْلَهُ بَلِ الْإِمَامُ وَلَا يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ الْمُسْلِمَ سِحْرُهُ فَيَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ فَيُقْتَلُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْإِسْلَامُ وَإِنْ سَحَرَ أَهْلَ مِلَّتِهِ فَيُؤَدَّبُ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا فَيُقْتَلَ بِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْتَلُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ كَالسَّابِّ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ وَإِنْ ذَهَبَ لِمَنْ يَعْمَلُ لَهُ سِحْرًا وَلَمْ يُبَاشِرْ أُدِّبَ تَهْدِيدًا لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَمْ يُكَفَّرْ وَإِنَّمَا رَكَنَ لِلْكُفْرِ وَأَمَّا حَقِيقَةُ السِّحْرِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ قَطَعَ أُذُنًا ثُمَّ الصقها أَوْ أَدْخَلَ السَّكَاكِينَ فِي جَوْفِ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ سحرًا قتل وَإِلَّا فَلَا وَاخْتلف الْأَولونَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَكُونُ إِلَّا رُقًى أَجْرَى اللَّهُ عَادَتَهُ أَنْ يَخْلُقَ عِنْدَهُ افْتِرَاقَ الْمُتَحَابِّينَ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ بَلْ يَقَعُ بِهِ التَّغْيِيرُ وَالضَّنَى وَرُبَّمَا أَتْلَفَ وَأَبْغَضَ وَأَحَبَّ وَأَوْجَبَ
الصِّلَة وَفِيه أدوية مثل المراءي وَالْأَكْبَادِ وَالْأَدْمِغَةِ فَهَذَا الَّذِي يَجُوزُ عَادَةً وَأَمَّا طُلُوعُ الزَّرْعِ فِي الْحَالِ وَنَقْلُ الْأَمْتِعَةِ وَالْقَتْلُ على الْفَوْر والعمى والصم وَنَحْوُهُ وَتَعَلُّمُ الْغَيْبِ مُمْتَنِعٌ وَإِلَّا لَمْ يَأْمَنْ أَحَدٌ عَلَى مَالِهِ وَنَفْسِهِ عِنْدَ الْعَدَاوَةِ وَقَدْ وَقَعَ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ بَيْنَ السَّحَرَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ مَا بَلَغَ فِيهِ الْقِبْطُ وَقَطَعَ فِرْعَوْنُ أَيْديهم وأرجلهم وَلم يتمكنوا من الدفاع عَن أنفسهم والهروب والتبديل وَحكى ابْن الْمَجُوسِيّ أَنَّ أَكْثَرَ عُلَمَائِنَا جَوَّزُوا أَنْ يَسْتَدِقَّ جِسْمُ السَّاحِرِ حَتَّى يَلِجَ فِي الْكُوَّةِ وَيَجْرِيَ عَلَى خَيْطٍ مُسْتَدَقٍّ وَيَطِيرَ فِي الْهَوَاءِ وَيَقْتُلَ غَيْرَهُ قَالَ القَاضِي وَلَا يعق فِيهِ إِلَّا مَا هُوَ مَقْدُورٌ لِلْبَشَرِ وَأَجْمَعْتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ السِّحْرَ لَا يَصِلُ إِلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَلَا إِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ وَفَلْقِ الْبَحْرِ وَإِنْطَاقِ الْبَهَائِمِ وَلَوْلَا الْإِجْمَاعُ لَجَازَ هَذَا عَقْلًا إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَتَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ كُفْرٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ إِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ الشَّيَاطِينَ تَفْعَلُ لَهُ مَا يَشَاءُ فَهُوَ كَافِرٌ وَإِن اعْتقد أَنه تخيل وَتَمْوِيهٌ لَمْ يَكْفُرْ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يَصِفُهُ فَإِنْ وَجَدْنَا فِيهِ مَا هُوَ كُفْرٌ كَالتَّقَرُّبِ لِلْكَوَاكِبِ أَو يعْتَقد أَنه تَفْعَلُ مَا يُلْتَمَسُ مِنْهَا هُوَ كُفْرٌ وَإِنْ لَمْ نَجِدْ فِيهِ كُفْرًا فَإِنِ اعْتَقَدَ إِبَاحَتَهُ فَهُوَ كُفْرٌ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَطَقَ بِتَحْرِيمِهِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِنْ قَالَ سِحْرِي يَقْتُلُ غَالِبًا وَقَتَلْتُ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ السَّلَامَةُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الْإِقْرَارَ وَقَالَ (ح) إِنْ قَالَ قَتَلْتُهُ بِسِحْرِي لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَوَدُ لِأَنَّهُ قَتَلَ بِمُثَقَّلٍ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ قُتِلَ لِأَنَّهُ سَعْيٌ فِي الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ
لَنَا مَفْهُومُ قَوْله تَعَالَى {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تكفر} أَيْ بِتَعْلِيمِهِ {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كفرُوا يعلمُونَ النَّاس السحر} وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إِلَّا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ بِقُدْرَتِهِ عَلَى تَغْيِيرِ الْأَجْسَامِ وَالْجَزْمُ بِذَلِكَ كُفْرٌ أَو نقُول مَا هُوَ عَلَامَةُ الْكُفْرِ بِإِخْبَارِ الشَّرْعِ فَلَوْ قَالَ الشَّارِعُ مَنْ دَخَلَ مَوْضِعَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ اعْتَقَدْنَا كُفْرَ الدَّاخِلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الدُّخُولُ كُفْرًا وَإِنْ أَخْبَرَنَا هُوَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ لَمْ نصدقه قَالَ فَهَذَا معنى قَول أَصْحَابنَا لِأَن السِّحْرَ كُفْرٌ أَيْ دَلِيلُ الْكُفْرِ لَا كُفْرٌ فِي نَفْسِهِ كَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالتَّرَدُّدِ إِلَيَّ الْكَنَائِسِ فِي أَعْيَادِ النَّصَارَى فَنَحْكُمُ بِكُفْرِ فَاعِلِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأُمُورُ كُفْرًا لَا سِيَّمَا وَتَعَلُّمُهُ لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِمُبَاشَرَتِهِ (كَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَلَّمَ الزَّمْرَ أَوْ ضَرْبَ الْعُودِ وَالسِّحَرُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالْكُفْرِ) كَقِيَامِهِ إِذا أَرَادَ سحر سُلْطَان لبرج الْأسد وَالْجَبَابِرَةِ وَالْأُسُودِ أَسْأَلُكَ أَنْ تُذَلِّلَ لِي قَلْبَ فُلَانٍ الْجَبَّارِ احْتَجُّوا بِأَنَّ تَعَلُّمَ صَرِيحِ الْكُفْرِ لَيْسَ بِكُفْرٍ فَالسِّحْرُ أَوْلَى وَلَوْ قَالَ الْإِنْسَانُ أَنَا تَعَلَّمْتُ كَيْفَ يُكْفَرُ بِاللَّهِ لِأَتَجَنَّبَهُ أَوْ كَيفَ يزنى ويحصن وَلَا أَفْعَلُهُ لَمْ يَأْثَمْ وَالْجَوَابُ لَا نُكَفِّرُهُ بِهِ بَلْ بِأَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّمُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى عِلْمُهُ إِلَّا بمباشرته كضرب الْعود وَنَحْوه عَنهُ عليه السلام (حَدُّ
السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ) وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه يُقْتَلُ كُلُّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ تَنْبِيهٌ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ فَإِنَّ السَّحَرَةَ يَعْتَمِدُونَ أَشْيَاءَ تَأْبَى قَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ تَكْفِيرَهُمْ بِهَا مِنْهَا أَنَّهُمْ يَرْمُونَ الْكَلْبَ بِالْحَجَرِ فَيَعَضُّهُ الْكَلْبُ فَيَجْعَلُ الْحَجْرَ فِي زِيرِ الشُّرْبِ بَعْدَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى مَا أُنْزِلَتْ فَيُحْدِثُ أَثَرًا مَخْصُوصًا وَمِنْ هَذَا النَّحْوِ كَثِيرٌ مِمَّا يَعْتَمِدُهُ الْمَغَارِبَةُ وَكثير من النَّاس فِي الْمحبَّة والبغضة وَالرَّحِيلِ وَالْعَقْدِ عَنِ الْوَطْءِ وَغَيْرُ ذَلِكَ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِهِ تَعَالَى مُضَافَةً إِلَى تَضْمِيمِ الْفَاعِلِ عَلَى تَأْثِيرِ ذَلِكَ وَخَاصِّيَّةِ نَفْسِهِ فَتَحْصُلُ تِلْكَ الْآثَارُ وَيُسَمُّونَهُ عِلْمُ الْمِخْلَاةِ فَلَا يُمْكِنُ تَكْفِيرُهُمْ بِالْقُرْآنِ وَلَا بِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ عِنْدَهَا ذَلِك فَإِنَّهُم جربوه فوجدوه كَالْعَقَاقِيرِ وَلَا لِخَوَاصِّ نُفُوسِهِمْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِهِمْ وَأَمَّا اعْتِقَادُهُمْ أَنَّ الْكَوَاكِبَ تَفْعَلُ بِغَيْرِ قُدْرَةِ اللَّهِ فَهِيَ قَرِيبٌ مِنَ الْكُفْرِ مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَدْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ اعْتِقَادَ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ كُلَّهَا تَفْعَلُ بِغَيْرِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ بِخَلْقِ الْأَفْعَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بِأَنَّ الْكَوَاكِبَ فِي جِهَةِ الْعُلُوِّ وَتَبْعُدُ كَثِيرًا فَيَكُونُ ذَلِكَ تَقْرِيبًا من دَعْوَى إلاهية لَهَا بِخِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ وَوَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَقَرَ عبد كثير وَبِالْجُمْلَةِ وَالتَّكْفِيرُ بِهِ لَيْسَ مُشْكِلًا بَلْ نُكَفِّرُ الْمُعْتَزِلَةُ بِذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُ الْأَصْحَابِ إِنَّهُ عَلَمٌ عَلَى الْكُفْرِ فَمُشْكِلٌ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ حَالَ الْإِنْسَانِ فِي إِيمَانِهِ قَبْلَ السِّحْرِ كَحَالِهِ بَعْدَهُ وَالشَّرْعُ لَا يُخْبِرُ عَلَى خِلَافِ الْوَاقِعِ فَإِنْ أَرَادُوا الْخَاتِمَةَ فَمُشْكِلٌ أَيْضًا لِأَنَّا لَا نُكَفِّرُ فِي الْحَالِ بِكُفْرٍ مُتَوَقَّعٍ فِي الْمَآلِ كَمَا أَنَّا لَا نَجْعَلُهُ مُؤْمِنًا فِي الْحَالِ وَهُوَ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ لِأَجْلِ إِيمَانٍ يُتَوَقَّعُ بَلْ لِكُلِّ حَالٍ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَا يَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ قَبْلَ سَبَبِهِ وَإِنَّ قُطِعَ بِوُقُوعِهِ كَمَا أَنَّا نَقْطَعُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَا نُرَتِّبُ أَحْكَامَهُ قَبْلَهُ مِنَ الْفِطْرِ وَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا
قَضَيْنَا بِكُفْرِ الْمُتَرَدِّدِ لِلْكَنَائِسِ وَنَحْوِهِ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفُتْيَا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ يَكُونُ مُسْلِمًا فَافْتَرَقَ الْبَابَانِ فَالَّذِي يَسْتَقِيمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا حَكَاهُ الطَّرْطُوشِيُّ عَنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِنَا أَنَّا لَا نُكَفِّرُهُ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ مِنَ السِّحْرِ الَّذِي كَفَّرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَوْ يَكُونُ سِحْرًا مُشْتَمِلًا عَلَى كُفْرٍ كَمَا قَالَهُ (ش) وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَمُشْكِلٌ فَتَأَمَّلْهُ فَلَيْسَ إِرَاقَةُ الدِّمَاءِ بِسَهْلٍ وَلَا الْقَضَاءُ بِالتَّفْكِيرِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يَتَحَسَّرُونَ عَلَيْهَا وَلَقَدْ وَجَدْتُ عِنْدَ بَعْضِ الطَّلَبَةِ فِي بَعْضِ الْمَدَارِسِ كُرَّاسًا فِيهِ الْمَحَبَّةُ وَالْبِغْضَةُ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا تَقَدَّمَ وَأَنَّهُ يَتَعَانَاهَا فَأَفْتَى أَصْحَابُنَا بِتَكْفِيرِهِ وَهَذَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ أَمْرٌ عَظِيمٌ فِي الدِّينِ بَلْ تَحْرِيمُ هَذَا الْبَاب مُطلقًا مُشكل إِلَّا بعض تَفْصِيل طلا فَمَنْ سَعَى فِي مَحَبَّةٍ بَيْنَ زَوْجَيْنِ بِآيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ بِغَضَةٍ بَيْنَ زَانِيَيْنِ بِقُرْآنٍ يُتْلَى يَنْبَغِي أَنْ يُجَابَ أَوْ يُنْدَبَ إِلَيْهِ فَضْلًا عَنِ التَّحْرِيمِ
النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ وَجِنَايَتِهِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَحْكَامٍ الْأَوَّلُ نَفْسُهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يُهْدَرُ دَمُهُ إِنْ لَمْ يَتُبْ فَإِنْ تَابَ عَصَمَهَا وَتَوْبَتُهُ رُجُوعُهُ وَتَغَيُّرُ حَالِهِ بِرُجُوعِ الْمُتَظَاهِرِ عَنِ التَّظَاهُرِ بَلْ يُظْهِرُ ضِدَّهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَأَمَا الزِّنْدِيقُ وَهُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِيمَانَ وَيُسِرُّ الْكُفْرَ أَوْ ظَهَرْنَا عَلَيْهِ فِي حَالِ زَنْدَقَتِهِ فَأَذْعَنَ فَلَا يَرْجِعُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ حَتَّى يَظْهَرَ صِدْقُهُ لِأَنَّهُ بِدَعْوَاهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ عَادَتِهِ مِنَ التَقِيَّةِ وَلِذَلِكَ نَقُولُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ وَلَا نَقُولُ لَا تُقْبَلُ فَلَوْ جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ وَلَمْ نَعْلَمْ كُفْرَهُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ
قَبِلْنَاهُ وَعَدَمُ قَبُولِهَا شَاذٌّ فِي الْمَذْهَبِ وَكَذَلِكَ السَّاحر قَالَ الطرمطوشي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ فِي الزِّنْدِيقِ وُلِدَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْد و (ش) وَمن يزِيد وَمَنْ فِي الذِّمَّةِ لَا يُقْتَلُ قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ كُفْرٍ إِلَى كُفْرٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ دِينٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بِجِزْيَةٍ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ نَقْبَلُ تَوْبَته ظهرنا " ليه أَمْ لَا وَعِنْدَ (ح) الرِّوَايَتَانِ لَنَا قَوْلُهُ عليه السلام (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) وَ (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ) احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قد سلف} وَلم يخص المجاهر وَبِقَوْلِهِ تعلى {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة وآبوا الزَّكَاة فَخلوا سبيلهم} وَبِقَوْلِهِ عليه السلام (فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ) الحَدِيث وَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - إِسْلَامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبِيٍّ مَعَ عِلْمِهِ
بِزَنْدَقَتِهِ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْقِيَاسُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْكُفَّارِ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لِأُسَامَةَ فِي رَجُلٍ قَتَلَهُ وَهُوَ يَقُولُ لَا إِلَه إِلَّا الله (من لَك بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا فَرَقًا مِنَ السِّلَاحِ فَقَالَ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ) إِشَارَةً إِلَى تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِحَمْلِهِ عَلَى الْمُجَاهِرِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بأسنا} أَوْ عَلَى أَحْكَامِ الْآخِرَةِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَعَنِ الرَّابِعِ انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ الْيَوْمَ عَلَى أَنَّ مَنْ عُلِمَ نِفَاقُهُ لَا يُقَرُّ فَنَقُولُ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ يُسْتَتَابُ وَإِنَّمَا فِعْلُهُ عليه السلام لَيْلًا يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ لَقَتَلَهُمْ لِقِيَامِ الْحُجَّةِ لَهُ عليه السلام كَمَا كَانَ يقتلهُمْ فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَعَلِمَهُ هُوَ وَحْدَهُ وَيُقِرُّ مَعَ عِلْمِهِ فَخَاصٌّ بِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ وَعَنِ الْخَامِسِ الْفَرْقُ بِأَنَّ تَوْبَةَ هَذَا لَا تُثِيرُ ظنا لِأَنَّهُ حَالَتَهُ الْمُسْتَتِرَةَ بِخِلَافِ مُظْهِرِ الْكُفْرِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْحَرْبِيِّ مَشْرُوعٌ إِجْمَاعًا وَيَثْبُتُ إِسْلَامُهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ لَا بُدَّ مِنَ الْإِسْلَامِ مِنْ بَاطِنِ الْقَلْبِ
فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ عَرْضُ التَّوْبَةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ وَاجِبٌ وَالنَّظَرُ أَنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَيَكُونُ
الْإِمْهَالُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا رِوَايَتَانِ قَالَ مَالِكٌ وَمَا عَلِمْتُ فِي اسْتِتَابَتِهِ تَجْوِيعًا وَلَا تَعْطِيشًا وَأَرَى أَنْ يُقَاتَ مِنَ الطَّعَامِ مَا لَا ضَرَرَ لَهُ مَعَهُ وَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ إِنْ تَابَ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا أَوْ أنثر ارْتَدَّ عَنْ إِسْلَامٍ أَصْلِيٍّ أَوْ طَارِئٍ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ فَإِنْ قَتْلَهُ أَحَدٌ قَبْلَ عَرْضِ التَّوْبَةِ فَلَا قَصَاصَ وَلَا دِيَةَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحسن يُعَزّر عِنْدِي فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ فِي رِدَّتِهِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ مُبَاشَرَةِ الْإِسْلَامِ وَانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ بِالْإِسْلَامِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَقَالَ (ح) عَرْضُ التَّوْبَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِنْ طَلَبَ التَّأْجِيلَ وَعَنْ ش وَأَحْمَدَ قَوْلَانِ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي مَسْلَمَةَ لَا يُمْهَلُ وَيُقْتَلُ وَإِنْ تَابَ دَلِيلُ وُجُوبِ عَرْضِ التَّوْبَةِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قد سلف} وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فَتَأَوَّلَ أَوْ يُزِيلُهَا عَنْهُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُم} وَجَوَابُهُ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَلَعَلَّهُمُ الْمُمْتَنِعُونَ عَنِ التَّوْبَةِ
فرع وَافَقنَا الشَّافِعِي وَأحمد على قتل الْمُرْتَدَّة وَقَالَ (ح) تُقْتَلُ وَتُحْبَسُ إِنْ كَانَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حَتَّى تُسْلِمَ فَإِنْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ اسْتُرِقَّتْ أَوْ كَانَتْ أَمَةٌ جَبَرَهَا سَيِّدُهَا عَلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَلِكَةُ أَوِ السَّاحِرَةُ وَسَابَّةُ النَّبِي
- صلى الله عليه وسلم َ - تُقْتَلُ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَتَلَ حَدٌّ لِلْحَرَابَةِ وَهِيَ تُقَاتِلُ أَوْ لِلْكُفْرِ لَنَا قَوْلُهُ عليه السلام (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) وَلِأَنَّهَا تُقْتَلُ بِالزِّنَا كَالرَّجُلِ فَكَذَلِكَ الرِّدَّةُ وَهِيَ تُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَتقْتل كَالرّجلِ أَجَابُوا عَنْ قَوْلِهِ عليه السلام (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرَّجُلُ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مَنْ بَدَّلَتْ وَلَا دِينَهَا وَلَا فَاقْتُلُوهَا وَمَفْهُومُهُ إِذْ خَصَّصَهُ بِضَمِيرِ الرَّجُلِ أَن لَا تُقْتَلَ الْمَرْأَةُ وَأَنَّ الرَّجُلَ جَنَى عَلَى الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ كَانَ عَاصِمًا لِدَمِهِ وَالْمَرْأَةُ لَا يَعْصِمُ دَمَهَا الْإِسْلَامُ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ بِالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ وَلِأَنَّهُ عليه السلام ينْهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَقِيَاسًا عَلَى كُفْرِهَا الْأَصْلِيِّ وناقصة الْعقل فر تُقْتَلُ كَالصَّبِيِّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الضَّمَائِرَ إِنَّمَا ذُكِّرَتْ لِلَفْظِ مَنْ لِأَنَّهُ مُذَكَّرٌ وَيَشْمَلُ الْفَرِيقَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} وَعَنِ الثَّانِي النَّقْضُ بِالشُّيُوخِ وَالزَّمْنَى فَإِنَّهُمْ يَقْتُلُونَ بِالرِّدَّةِ دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنْ خَبَرَنَا عُلِّقَ فِيهِ الْحُكْمُ بِالْمَعْنَى وَفِي خَبَرِكُمْ بِالِاسْمِ وَالْمَعْنَى أَقْوَى فَيُقَدَّمُ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الرِّدَّةَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ أَقْبَحُ وَلِذَلِكَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا بِالْجِزْيَةِ وَعَنِ الْخَامِسِ الْفَرْقُ بِالتَّكْلِيفِ فِيهَا دُونَهُ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِذَا ارْتَدَّ أَهْلُ مَدِينَةِ وغلبوا عَلَيْهَا اسْتُتِيبُوا فَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا قُتِلُوا وَلَا يُسْبَوْا وَلَا يُسْتَرَقُّوا قَالَ سَحْنُونٌ يُسْتَتَابُ مَنْ بَلَغَ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَيُكْرَهُ الصِّغَارُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقِيلَ يُسْبَى مَنْ بَلَغَ كَالْحَرْبِيِّ وَإِنْ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَحَارَبَ فَظَفِرْنَا بِهِ يُسْتَتَابُ وَلَيْسَ كَالْمُحَارِبِ يُظْفَرُ بِهِ قَبْلَ التَّوْبَةِ لِأَنَّ أَهْلَ الرِّدَّة قبلت تَوْبَتهمْ الْحُكْمُ الثَّانِي وَلَدُهُ فَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْتَرْضَعُ لِوَلَدِ الْمُرْتَدَّةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَتُقْتَلُ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا أُخِّرَتْ وَوَلَدُ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ كَالْوَلَدِ إِذَا أُخِذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَا يُسْبَى بَلْ يَتَحَتَّمُ الْقَتْلُ أَوِ التَّوْبَةُ لِعِظَمِ جِنَايَةِ الرِّدَّةِ وَإِنْ صَارُوا فِي سَهْمَيْنِ أحد أخذُوا مِنْهُ وَلَا يتبعوا بِشَيْءٍ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَرَجَعَ إِلَى سَبْيِ الْبَالِغِ مِنَ الْوَلَدِ لِأَنَّ كُفْرَهُ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ إِسْلَامٌ فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَارْتَدَّ أَهْلُهُ هُنَاكَ فَوَلَدُهُ الْحَادِث بعد الرِّدَّة فَيْء وَكَذَلِكَ وَلَدُهُ الصِّغَارُ كَوَلَدِ الْحَرْبِيِّ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ فَيْئًا وَإِذَا ارْتَدَتْ ذَاتُ زَوْجٍ حُرَّةٌ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَتَزَوَّجَتْ فَوَلَدَتْ ثُمَّ سُبِيَتْ مَعَ الْكُفَّارِ فَأَوْلَادُهَا الْكِبَارُ تَبَعٌ لِآبَائِهِمْ فِي الدِّينِ بِخِلَافِ الْمَأْسُورَةِ الْمُسْلِمَةِ وَلَا يَكُونُ زَوْجُ الَّتِي تَابَتْ مِنَ الرِّدَّةِ أَحَقَّ بِهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا ارْتَدَّ أَهْلُ قَرْيَةٍ قُتِلَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَبَالِغُو الذُّرِّيَّةِ وَلَا يُسْبَى الصِّغَارُ وَلَا يُسْتَرَقُّوا وَلَا تستحل نِسَاؤُهُم وَإِن كَانُوا
أهل ذمَّة فدراريهم وَأَمْوَالهمْ فِي خَ تَبَعٍ لِرِجَالِهِمْ لِانْدِرَاجِهِمْ فِي نَقْضِ رِجَالِهِمُ الْعَهْدَ كَفِعْلِهِ عليه السلام فِي قُرَيْظَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ارْتَدَّ وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ امْتَنَعَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَكَبِرَ يُضْرَبُ وَلَا يُقْتَلُ وَإِنْ وُلِدَ حَالَ الرِّدَّةِ وَأُدْرِكَ قَبْلَ الْحُلُمِ جُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَإِنْ بَلَغَ تُرِكَ وَلَا يَكُونُ كَمَنِ ارْتَدَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إِسْلَامٌ فِعْلِيٌّ وَلَا حُكْمِيٌّ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اتَّخَذَ الْأَسِيرُ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أُمَّ وَلَدٍ فَمَاتَ وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ الْأَمَةَ وَوَلَدَهَا فَهُمْ مَعَهَا أَحْرَارٌ وَمَالُهُ فَيْءٌ وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فالجميع فيئ لِأَنَّهَا حَالَةٌ لَا يَتَقَرَّرُ بِهَا تَصَرُّفٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ لَمْ يَعْتِقْهَا حَتَّى بَلَغَ الْوَلَدُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ الْكُفْرِ لَمْ يُجْبَرُوا على الْإِسْلَام وهم فَيْءٌ وَصِغَارُهُمْ أَحْرَارٌ مَعَ أَبِيهِمْ قَالَ مَالِكٌ وَكُلُّ مَا وُلِدَ لِلْمُرْتَدِّ بَعْدَ رِدَّتِهِ لَهُمْ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ وَلَا يُرَقُّ وَيُجْبَرُ الصِّغَارُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَيُسْتَتَابُ الْبَالِغُ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنِ ارْتَدَّ لَا يَتْبَعُهُ وَلُدُهُ الصَّغِيرُ فِي الرِّدَّةِ لِأَنَّ التَّبِعَةَ إِنَّمَا تَكُونُ فِي دِينٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ فَإِنْ قُتِلَ الْوَالِدُ عَلَى الْكُفْرِ بَقِيَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا فَإِنْ أَظْهَرَ خِلَافَ الْإِسْلَامِ أُجْبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ غُفِلَ عَنهُ حَتَّى بلغ فَفِي إِجْبَاره خِلَافَ الْإِسْلَامِ أُجْبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ غُفِلَ عَنهُ حَتَّى بلغ فَفِي إِجْبَار خِلَافٌ إِذَا وُلِدَ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَفِي الْإِجْبَارِ بِالسَّيْفِ أَو بالسود خِلَافٌ وَإِنْ وُلِدَ بَعْدَ الرِّدَّةِ أُجْبِرَ وَإِنْ بَلَغَ وَقِيلَ إِنْ بَلَغَ تُرِكَ الْحُكْمُ الثَّالِثُ مَالُهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يُوقَفُ إِنْ عَادَ أَخَذَهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ كَدَمِهِ وَرَوَى الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ مَالَهُ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ كَالْحَرْبِيِّ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْغَنِيمَةِ وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَفَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا فَلِسَيِّدِهِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطْعَمُ مِنْ مَالِهِ زَمَنَ رِدَّتِهِ وَإِنْ بَاعَ وَاشْتَرَى بَعْدَ
حَجْرِ السُّلْطَانِ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ فَقِيلَ لَمْ يَكُنْ دَيْنُهُ فِي هَذَا الْمَالِ بَلْ فِي كُلِّ مَا أَفَادَ مِنْ حِينِ حُجِرَ عَلَيْهِ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ انْتَقَلَ لِلْمُسْلِمِينَ وَكُلُّ مَا بَاعَ أَوْ عَمِلَ أَوِ اتَّجَرَ أَوِ اشْتَرَى أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَدَيْنُهُ فِيهِ حَتَّى يُوقِفَهُ السُّلْطَانُ لِلْقَتْلِ فَلَا يَلْحَقُهُ دَيْنٌ إِنْ قُتِلَ لِعَدَمِ الذِّمَّةِ بِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ وَإِنْ رَجَعَ فَدَيْنُهُ فِي مَالِهِ وَذِمَّتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا تَزَوَّجَ وَبَنَى فَلَا صَدَاقَ لَهَا قَالَ سَحْنُون ردته حجر وَلَا يحْتَاج لحجر إِلَّا أَنْ يُتَابِعَهُ أَحَدٌ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يُزَوِّجَهُ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا يُبَايِعُ الْمُفْلِسُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ بَاعَ شَيْئًا تَعَقَّبَهُ الْإِمَامُ فَيُمْضِي الْغِبْطَةَ وَيَرُدُّ الْمُحَابَاةَ إِنْ قَتَلَهُ وَإِنْ تَابَ كَانَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ تَزَوُّجَ وَبَنَى فَإِنْ قُتِلَ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ تَابَ فَلَهَا الصَّدَاقُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَا بَاعَ أَوِ اشْتَرَى أَوْ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ بَاطِلٌ بِخِلَافِ نِكَاحِهِ وَمَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ بَاعَ بَعْدَ الْحَجْرِ لَمْ يَدْخُلْ فِي مَالِهِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ وَمَنْ أَظْهَرَ رِدَّتَهُ فَقُتِلَ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَتَبْطُلُ وَصَايَاهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ إِلَّا مَا لَيْسَ لَهُ فِيهِ رُجُوع كَالْمُدَبَّرِ فَهُوَ مِنْ ثُلُثِهِ يَوْمَ قُتِلَ أَوْ مَا خَرَجَ مِنْهُ وَمُعْتِقِهِ إِلَى أَجَلٍ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَبِدَيْنِهِ حَالَةَ الْإِسْلَامِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ رِدَّتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ إِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحَجْرِ (قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَلْزَمُهُ دُيُونُهُ الَّتِي ادَّانَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ) وَيُنَفَّذُ إِقْرَارُهُ وَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَزِمَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ مَالُهُ إِلَّا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَفِيهِنَّ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعْنَ يَطَؤُهُنَّ وَقَالَ أَشْهَبُ عَتَقْنَ بِالرِّدَّةِ كَامْرَأَتِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِم مَا أدان قَبْلَ الرِّدَّةِ يَلْزَمُهُ
أَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ فَهَدَرٌ إِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ وَلَازِمٌ إِنْ تَابَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ أَصَحُّ مَا سَمِعْتُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُنْفَقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا عَلَى عِيَالِهِ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ بِالرِّدَّةِ وَلَا مَنْ قُلْنَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ مَعَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ فُقِدُوا فَلِبَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ أَشْهَبُ بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الرِّدَّةَ قَطَعَتْ نَسَبَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أَعْتَقَ فِي رِدَّتِهِ أَوْ كَاتَبَ فَرُدَّتْ كِتَابَتُهُ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ وَلَاءٌ وَلَا يَأْخَذُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا مَلَّكَ لِضَرُورَةِ الْحَيَاةِ وَهَذَا مَيِّتٌ شَرْعًا وَيَرِثُ الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ سَيِّدَهُ وَكَذَلِكَ مَنْ فِيهِ عَلَقَةُ رِقٍّ لِأَنَّهُ يَرِثُ بِالْمِلْكِ لَا بِأَسْبَابِ الْمِيرَاثِ
فَرْعٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ بِالرِّدَّةِ فِي رَمَضَانَ وَآخَرُ عَلَيْهِ بِهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَمَاتَ مَنْ يَرِثُهُ فِي شَوَّالٍ وَرِثَهُ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلَّا فِي ذِي الْقَعْدَةِ لِأَنَّ النِصَابَ لَمْ يَكْمُلْ إِلَّا فِيهَا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ مَاتَ لِلْمُرْتَدِّ وَلَدٌ مُسْلِمٌ وَرِثَهُ غَيْرُ الْأَبِ وَلَا يَرِثُهُ الْأَبُ وَإِنْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ نَقَلَتِ الْمِيرَاثَ لِغَيْرِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَرِثُهُ إِنْ رَجَعَ لزوَال الْمَانِع الْحُكْمُ الرَّابِعُ فِي جِنَايَتِهِ فَفِي النَّوَادِرِ جَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً كَالْمُسْلِمِ إِذَا رَجَعَ وَمَرَّةً جَعَلَهُ كَالنَّصْرَانِيِّ وَرَجَعَ لِلْأَوَّلِ وَذَلِكَ فِيمَا جَرَحَ أَوْ جَنَى عَلَى عَبْدٍ أَوْ سَرَقَ أَوْ قَذَفَ فَيَجْرِي مَجْرَى الْمُسْلِمِ إِذَا رَجَعَ وَإِلَّا قُتِلَ وَلَا يُقَامُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إِلَّا الْفِدْيَةُ وَإِنَّ قَتَلَ حُرًّا وَهَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَكُنْ لِوُلَاةِ الْمَقْتُولِ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ وَإِنْ قَتَلَ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لِوُلَاةِ الْمُسْلِمِ الدِّيَةُ مِنْ مَاله إِن شاؤا أَوْ يَصْبِرُوا حَتَّى يَقْتُلُوهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا خَطَأً فَدِيَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ يَرِثُهُ وَإِنْ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا أَوْ جَرَحَهُ اقْتُصَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ دُونَهُ أَوْ جَرَحَ مُسْلِمًا لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ وَإِنْ قَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا عَبْدًا لَا أُعَجِّلُ الْقِصَاصَ
حَتَّى أَسْتَتِيبَهُ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ وَقُتِلَ سَقَطَ عَنهُ ذَلِك إِلَّا الْفِرْيَة لِأَنَّهَا حَقٌّ ذِمِّيٌّ وَإِنْ تَابَ اقْتُصَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَتُبْ مُسْتَحِقٌّ لِلرِّدَّةِ وَإِنْ قَتَلَ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا عَمْدًا فَذَلِكَ فِي مَالِهِ قُتِلَ أَوْ تَابَ فَإِنْ قَتَلَ الْمُرْتَدُّ أَحَدًا عَمْدًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ دِيَتُهُ فِي مَالِهِ دِيَةُ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ لِأَنَّهَا سَوَاءٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا الْأَدَبُ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَإِنَّمَا افْتَاتَ عَلَى الْإِمَامِ فَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ قَذَفَهُ أَوْ زَنَى ثُمَّ يُؤْسَرُ فَلَمْ يَتُبْ يُقْتَلُ وَيَسْقُطُ الْقَذْفُ وَإِنْ تَابَ سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ كَالْحَرْبِيِّ وَمَنْ وَجَدَ مَعَهُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ وَإِلَّا لَمْ يتبعهُ وَإِن كَانَ مَلِيًّا قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَتَلَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ جلد مائَة وَحبس الْحُكْمُ الْخَامِسُ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ تَقَدَّمَ فِي الْحُكْمِ الرَّابِعِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَتَلْتَهُ فَلَا قَصَاصَ وَلَا دِيَةَ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَعَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَدِيَةُ يَدِهِ لَهُ دِيَةُ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جَرَحَهُ عَمْدًا (أَوْ خَطَأً فَعَقْلُ جِرَاحِهِ لِلْمُسْلِمِينَ إِنْ قَتَلَ وَلَهُ إِنْ تَابَ وَلَوْ جَرَحَهُ عَبَدٌ أَوْ نَصَرَانِيٌّ) فَلَا قَوَدَ بَلِ الْعَقْلَ قَالَهُ أَشْهَبُ وَمَا أُصِيبَ بِهِ فِي رِدَّتِهِ مِنْ جُرْحٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ثُمَّ تَابَ اقْتُصَّ لَهُ فِي الْعَمْدِ مِنَ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ عَبْدًا لَمْ يُقْتَصَّ لَهُ مِنْهُمَا وَذَلِكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِي مَالِ النَّصْرَانِيِّ وَإِنْ كَانَ الْفَاعِلُ مُرْتَدًّا ثُمَّ تَابَ اقْتُصَّ مِنْهُ فَإِنْ تَابَ الْمَفْعُولُ بِهِ دُونَ الْفَاعِلِ أَتَى الْعقل
عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّ مَا أُصِيبَ بِهِ الْمُرْتَد فعقله للْمُسلمين كمن سحن فِي قَتْلٍ فَجُنِيَ عَلَيْهِ فَلَهُ الْقِصَاصُ وَإِنْ قَذَفْتَ مُرْتَدًّا فَلَا حَدَّ تَابَ أَمْ قُتِلَ قَذَفَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَكَذَلِكَ إِنْ قُذِفَ قَبْلَ ارْتِدَادِهِ فَلَا حَدَّ وَإِنْ تَابَ كَمَنْ زَنَى بَعْدَ الْقَذْفِ وَلَوْ قَذَفَهُ بِأُمِّهِ حُدَّ لأمه إِن كَانَت مسلمة
3
-
(الْجِنَايَة الثَّالِثَة - الزِّنَا)
وَفِي التَّنْبِيهَاتِ هُوَ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ فَمَدُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ فُعِلَ مِنَ اثْنَيْنِ كَالْمُقَاتِلَةِ وَمَصْدَرُهُ الْقِتَالُ وَقَصْرُهُ لِأَنَّهُ اسْمُ الشَّيْءِ نَفْسِهِ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الشَّيْءِ الضَّيِّقِ وَأَصْلُ تَحْرِيمِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} الْآيَةَ وَفِي السُّنَّةِ أَحَادِيثُ الرَّجْمِ وَغَيْرِهِ وَأَجْمَعَتِ الْأَمَةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ
قَاعِدَةٌ: الْكُلِّيَّاتُ الْخَمْسُ أَجْمَعَ عَلَى تَحْرِيمِهَا جَمِيعُ الشَّرَائِعِ وَالْأُمَمِ تَحْرِيمُ الدِّمَاءِ والأعراض والعقول الْأَنْسَاب وَالْأَمْوَالِ فَيُمْنَعُ الْقَتْلُ وَالْجِرَاحُ وَالْقَذْفُ وَالْمُسْكِرَاتُ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي الْقَلِيلِ مِنَ الْخَمْرِ فَعِنْدَنَا يَحْرُمُ تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ وَعِنْدَ غَيْرِنَا مُبَاحٌ وَالنَّظَرُ فِي تَحْقِيقِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ وَفِي الْمُوجِبِ
النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي السَّبَبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ ضَابِطُهُ انْتِهَاكُ الْفَرْجِ الْمُحَرَّمِ بِالْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ فِي غَيْرِ مِلْكٍ وَلَا شُبْهَةٍ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ لَهُ عَشَرَةُ شُرُوطٍ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ وَعَدَمُ الشُّبْهَةِ فِي الْمَوْطُوءَة بِملك أَو نِكَاح ومعيب الْحَشَفَةِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ وَكَوْنُهُمَا غَيْرُ مُكْرَهَيْنِ وَلَا جَاهِلَيْنِ بِالتَّحْرِيمِ فَهَذِهِ فِي الْجَلْدِ وَفِي الرَّجْمِ الْإِحْصَانُ وَالْحُرِّيَّةُ أَصَابَ آدَمِيَّةً حَيَّةً فِي سنّ الرجل مَنْ يُطِيقُ الرَّجُلَ وَاخْتُلِفَ فِي مُقَارِبِ الْبُلُوغِ وَفِي النَّصْرَانِيِّ وَفِي الْمُصِيبِ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ الرجل أَو ميتَة أَو بَهِيمَة وَالْمكْره وَالْجَاهِل بِتَحْرِيم الزِّنَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَأَنْبَتَ يُحَدُّ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ وَالْأَوَّلُ لِحَدِيثِ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - جَعَلَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى الْمَوْقُوفِينَ فَمَنْ أَنْبَتَ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الرِّجَالِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُحَدُّ بِالصَّغِيرَةِ إِذَا كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحَدُّ وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ خَمْسِ سِنِينَ وَفِي كِتَابِ الرَّضَاعِ يُحَدُّ بِالْمَيِّتَةِ لِأَنَّهَا آدَمِيَّةٌ مُحَرَّمَةُ الْوَطْءِ وَفِي الزَّاهِي لَا يُحَدُّ لِأَنَّهَا لَا تَشْتَهِي غَالِبًا وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا وَإِنْ زَنَى بِنَائِمَةٍ حُدَّ وَلَهَا الصَّدَاقُ وَلَا يُحَدُّ بِالْبَهِيمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِتَعَذُّرِ قِيَاسِهَا عَلَى الْآدَمِيَّةِ بِقِيَامِ الْفَارِقِ وَفِي الثَّانِي يُحَدُّ لِأَنَّهُ فَرْجٌ مُحَرَّمٌ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يُحَدُّ النَّصْرَانِيُّ وَيُرَدُّ إِلَى أَهْلِ دِينِهِ وَيُعَاقَبُ إِنْ
أَعْلَنَهُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُجْلَدُ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَإِنِ اسْتُكْرِهَتْ هِيَ لَمْ تُحَدَّ وَإِنْ أَكْرَهَتْهُ حدت وَفِي حِدة قَوْلَانِ وَإِنْ أُكْرِهَا جَمِيعًا لَمْ يُحَدَّا وَيُخْتَلَفُ فِيهِ بِنَاء على الْإِكْرَاه يَتَأَتَّى مَعَه الزِّنَا أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ يَتَأَتَّى لِأَنَّ الزِّنَا لَا يَتَوَقَّفُ إِلَّا عَلَى إِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الِانْتِشَارِ وَلِأَنَّ اللَّذَّةَ وَالِانْتِشَارَ طَبِيعَتَانِ عِنْدَ مُلَاقَاةِ الْمُلْتَذِّ فَلَا يَمْنَعُهُمَا الْإِكْرَاهُ كَاللَّذَّةِ بِالشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَالْإِكْرَاهُ لَا يُجَوِّزُ الْإِقْدَامَ لِحَقِّ الْمَرْأَةِ وَإِنْ كَانَ بِالْقَتْلِ وَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ وَعَلَيْهِ الصَّدَاقُ وَإِنِ اسْتَكْرَهَتْهُ هِيَ بِالْقَتْلِ جَازَ الْإِقْدَامُ لِأَنَّهَا أَبَاحَتْ نَفْسَهَا وَأَوْجَبَ فِي الْكِتَابِ الْحَدَّ عَلَى الْأَعْجَمِيِّ وَحَدِيثِ الْإِسْلَامِ وَالْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْجُرْأَةِ عَلَى مَحَارِمِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْنُونًا أَوْ صَغِيرًا حُدَّ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ وَعُوقِبَ الْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ اسْتِصْلَاحًا لَهُ كَتَأْدِيبِ الْبَهِيمَةِ إِنْ لَمْ يُطْبِقِ الْمَجْنُونُ أَوْ أَحَدُهُمَا نَصْرَانِيٌّ حُدَّ الْمُسْلِمُ وَفِي النَّصْرَانِي ثَلَاثَة أَقْوَال يُعَاقب يحد ينْتَقض عَهْدُهُ وَيُحَدُّ الْمُسْلِمُ بِالْحَرْبِيَّةِ إِنْ زَنَى بِهَا فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْحَرْبِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمُلْكِ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ وَفِي جَارِيَةٍ مِنَ الْمَغْنَمِ قَوْلَانِ وَفِي هَذَا النَّظَرِ سِتَّةَ عَشَرَ حُكْمًا الْأَوَّلُ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ إِذَا جَهِلَتِ الْبَيِّنَةُ الْمَوْطُوءَةَ حُدَّ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ إِبَاحَتُهَا أَوْ يَكُونَا طَارِئَيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا قَالَ هِيَ امْرَأَتِي أَوْ أَمَتِي وَأَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُبِيحِ وَلِأَنَّ شَأْنَ النِّكَاحِ الْإِعْلَانُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ سَوَاءٌ وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ يَطَؤُهَا أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَادَّعَى الْمُبِيحَ وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ أَبِيهَا وَلَا أَخِيهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَمِعَ وَعَرَفَ فَلَا يُحَدُّ وَلَا بُدَّ مِنْ جَدِيدِ عَقْدٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ قَالَ وَطِئْتُ فُلَانَةً بِنِكَاحٍ أَوِ اشْتَرَيْتُ أَمَةَ فُلَانٍ
فَوَطِئْتُهَا لَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً وَإِنَّمَا يُكَلَّفُ إِذَا وُجِدَ مَعَهَا يَطَؤُهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَهُ عُلَمَاؤُنَا وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ بَعْضُ مَنْ يُشَارُ إِلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِنْ رَأَوْهُ يَطَأُ وَلَمْ يَعْلَمُوا حَالَهَا فَقَالَ كَانَتْ زَوْجَتِي وَقَدْ طَلَّقْتُهَا أَوْ أَمَتِي وَقَدْ بِعْتُهَا وَهُوَ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ غَيْرُ ذِي امْرَأَةٍ وَلَا جَارِيَةٍ صُدِّقَ وَلَا تَلْزَمُهُ بَيِّنَةٌ وَلَوْ وُجِدَ مَعَهَا كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ إِنْ لَمْ يَكُنْ طَارِئًا لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِي معنية نِكَاحا وملكا وَهِيَ تُعْرَفُ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ ادَّعَى مَجْهُولَةً وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ وَقَالَ كَذِبَ الشُّهُودُ حُدَّ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَ خَامِسَةً أَوْ مَبْتُوتَةً مِنْهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ أَوْ أُخْتَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ أَوِ النَّسَبِ أَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ حُدَّ وَلَا يلْحق بِهِ الْوَلَد لضعف الْعذر فِيهِنَّ أَوِ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا أَوْ عَلَى خَالَتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ نِكَاحَ مُتْعَةٍ عُوقِبَ وَلَا حد فِي النُّكَتِ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ بِالسُّنَّةِ وَيُحَدُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ أُخْتَيِ النَّسَبِ لِتَحْرِيمِهِ بِالْكِتَابِ وَهُوَ أَصْلٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَاطِئِ أَمَةً يَدعِي شراءها فَيُطَالب البَائِع بِالْيَمِينِ فينكل فيقسط الْحَدُّ عَنِ الْوَاطِئِ إِذَا حَلَفَ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا وَبَيْنَ السَّارِقِ يَدَّعِي عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَهُ فَيَنْكَلُ أَنَّ الْقَطْعَ يتحتم وَإِن حلف السارف وَاسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ أَنَّ شَأْنَ الْوَطْءِ الشُّهْرَةُ بِخِلَافِ الْمَتَاعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام (ادرأو الْحُدُود
بِالشُّبُهَاتِ) وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ (خَطَأُ الْحَاكِمِ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنَ الْخَطَأِ فِي الْعُقُوبَةِ) وَيُرِيدُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَالْمَبْتُوتَةِ وَالْخَامِسَةِ وَنَحْوِهِمَا إِلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِالْجَهَالَةِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِنِ ادَّعَى نِكَاحَهَا وَصَدَّقَتْهُ هِيَ وَوَلِيُّهَا وَقَالُوا عَقَدْنَا وَلَمْ نُشْهِدْ وَنَحْنُ نُشْهِدُ الْآنَ حُدَّ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ إِلَّا بِبَيِّنَة غير الْوَلِيّ للتُّهمَةِ وَإِن جلدا بَعْدَ انْتِفَاءِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنِ ادَّعَى شِرَاء الْأمة فنكل البَائِع وَحلف الْوَاطِئ درىء عَنْهُ الْحَدُّ لِأَنَّ الْوَطْءَ شَأْنُهُ الْكِتْمَانُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَتْ بِيَدِهِ لَمْ يُحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ مَا بَاعَ وَيَأْخُذُهَا وَيَتْبَعُهُ بِقِيمَةٍ وَإِنْ لَمْ تكن فِي يَدِهِ حُدَّ إِذَا لَمْ يَعْفُ بِجَوْرٍ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَيَحْلِفِ السَّيِّدُ وَيَأْخُذُهَا وَمَا وُلَدَتْ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْوَاطِئُ وَبَقِيَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَلَا يُسْتَرَقُّ الْوَلَدُ وَلَا أَمَتُهُ لِإِقْرَارِهِ بِمَانِعِ ذَلِكَ وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِنِكُولِ السَّيِّدِ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ وَلَا يَسْقُطُ بِشَاهِدٍ مَعَ إِقْرَارِ السَّيِّدِ وَيَسْقُطُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْمِلْكَ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ إِذَا نَكَلَ السَّيِّدُ حَلِفَ الْوَاطِئُ وَصَارَتْ لَهُ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَقَالَ إِذَا أُعْتِقَ عَبْدٌ وَمَال فَشَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِدَيْنٍ يُرَدُّ الْعِتْقُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ مَعَ الشَّاهِدِ
أَو لم يقم شَاهدا وَطُلِبَ تَحْلِيفُ الْمُعْتِقِ فَنَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَكَذَلِكَ إِنْ تَزَوَّجَ أَمَةً وَأَقَامَ سَيِّدَهَا رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَنَّ زَوْجَهَا ابْتَاعَهَا مِنْهُ حُرِّمَتْ عَلَى زَوْجِهَا مَعَ امْتِنَاعِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ الرَّابِع فِي الْكتاب ليسأل الشُّهُودُ عَنْ كَيْفِيَّةِ الرُّؤْيَةِ وَالْفِعْلِ فَإِنْ ظَهَرَتْ رِيبَةٌ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ وَإِذَا قُبِلَتْ قُبِلَ قَوْلُهُ إِنَّه بكر فيدسه إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِالْإِحْصَانِ شَاهِدَانِ فَيُرْجَمَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّوَاجِ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْإِحْصَانِ شَهَادَةُ نِسَاءٍ مَعَهُنَّ رَجُلٌ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يَسْأَلُهُ أَبِكْرٌ هُوَ حَتَّى يُكْشَفَ عَنْهُ فَإِنْ وَجَدَ عِلْمًا وَإِلَّا سَأَلَهُ وَقَبِلَ قَوْلَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ غَابَ الشُّهُودُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلُوا غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ مَاتُوا أُقِيمَ الْحَدُّ إِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ أَقَرَّ هَلْ يُسْأَلُ كَمَا تُسْأَلُ الْبَيِّنَةُ (قَالَ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ (أَبِصَاحِبِكُمْ جِنَّةٌ) وَلَمْ يَسْأَلْهُ) قَالَ اللَّخْمِيُّ هُوَ كَالْبَيِّنَةِ يُسْأَلُ إِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - سَأَلَ مَاعِزًا بِالنُّونِ وَالْكَافِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَالَ إِذَا شُهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَا عَبْدٌ وَهُوَ مُحصن لم يصدق لاتهامه بإيثار الرِّقِّ عَلَى الْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ بِكْرًا صُدِّقَ كَذَلِكَ فِي الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ يُحَدُّ حَدَّ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِي إِرْقَاقِ نَفْسِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ
طَارِئًا لَمْ يُعَجَّلْ رَجْمُهُ إِنْ كَانَ ثَيِّبًا وَلَمْ يُصَدَّقْ إِنْ كَانَ بِكْرًا وَكُلِّفَ بَيَانَ لِمَنْ هُوَ مَمْلُوكٌ فَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ حُمِلَ عَلَى أَحْكَامِ الْحُرِّ أَوْ صِدْقُهُ فَأَحْكَامُ الْعَبِيدِ وَإِن كَانَ طاريا وَبَلَدُهُ قَرِيبٌ فَكَذَلِكَ أَوْ بَعِيدٌ وَثَمَّ قَرِينَةُ عجمة لِسَان أَو تغير لون تُقَمْ أَحْكَامُ الْأَحْرَارِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةً وَقَالَ أسجن حَتَّى يثبت أَنِّي عَبْدٌ لَمْ يُرْجَمْ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إِنْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَتْ زَنَيْتُ مَعَ هَذَا وَقَالَ هِيَ زَوْجَتِي أَوْ وُجِدَا فِي بَيْتٍ فَأَقَرَّا بِالْوَطْءِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ وَلِمَ يَأْتِيَا بِبَيِّنَةٍ حُدَّا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ وَيُحَدُّ وَاطِئُ الصَّغِيرَةِ يُوطَأُ مِثْلُهَا وَالْمَرْأَةُ يَطَؤُهَا صَبِيٌّ يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا بِخِلَافِ أَنْ يَطَأَهَا مَجْنُونٌ لِأَنَّ اللَّذَّةَ تَحْصِيلُ مَقْصُودِ الْوَطْءِ مَعَ الْإِنْزَالِ وَيُحَدُّ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيَّةِ وَتُرَدُّ هِيَ لِأَهْلِ دِينِهَا وَيَجِبُ الْحَدُّ وَالصَّدَاقُ فِي الْمَجْنُونَةِ وَالنَّائِمَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا صَدَاقَ لِلصَّغِيرَةِ عَلَى الْبَالِغِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْبَالِغِ يُلْتَذُّ بِهِ وَتُنْزِلُ الْمَرْأَةُ بِجِمَاعِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا الْحَد لنيلها مَا نَالَهُ الْكَبِيرُ مِنَ الصَّغِيرَةِ وَيُحَدُّ الْحَيُّ بِالْمَيِّتَةِ وَلَا صَدَاقَ كَمَا لَوْ قَطَعَ عُضْوًا لَمْ يَلْزَمْهُ أَرْشٌ وَآتِي الْبَهِيمَةَ يُؤَدَّبُ وَلَا يُحَدُّ وَإِنْ غَصَبَ امْرَأَةً فَالْحَدُّ وَالصَّدَاقُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا زَنَتْ وَقَالَ أَنَا تَزَوَّجْتُهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِوَطْءٍ إِلَّا فِي نِكَاحٍ وَتُحَدُّ هِيَ بِخِلَافِ إِنْ أُخِذَ مَعَ امْرَأَةٍ فَادَّعَى نِكَاحَهَا لِأَنَّهُ أُخِذَ فَهُوَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ لَا يُعْذَرُ الْعَجَمُ بِدَعْوَى الْجَهَالَةِ وَلَا الْمُرْتَهِنُ بِاعْتِقَادِ الْحِلِّ فِي الْمَرْهُونَةِ عِنْدَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ
(زَنَيْتُ بِمَرْغُوسٍ بِدِرْهَمَيْنِ) فِي التَّنْبِيهَاتِ يُقَالُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ يَعْنِي أَسْوَدَ وَقِيلَ اسْمُ عَبْدٍ أَسْوَدَ مُقْعَدٍ وَقيل قَوْله بِدِرْهَمَيْنِ تَفْسِيرٌ لِمَرْغُوسٍ أَيْ بِدِرْهَمَيْنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه اسْتَفْهَمَهَا وَكَانَتْ نُوبِيَّةً مُعْتَقَةً لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ فَقَالَتْ بِدِرْهَمَيْنِ مِنْ مَرْقُوصٍ بِقَافٍ قَالَ الشِّيرَازِيُّ فِي طَبَقَاتِ الْفُقَهَاءِ وَقَعَتْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه فَاسْتَشَارَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَغَيْرَهُ فَقَالُوا عَلَيْهَا الْحَدُّ وَقَالَ عُثْمَانُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ لَا حُدَّ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا يَظْهَرُ أَنَّهَا تَعْتَقِدُ أَنَّهَا مَا صَنَعَتْ مَكْرُوهًا وَالْحُدُودُ إِنَّمَا هِيَ لِمَنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ فَأَخَذَ عُمَرُ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ فَهُوَ أَثَرٌ لَا حَدِيثٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْعَارِيَةُ وَالْمُسْتَأْجَرَةُ كَالْمَرْهُونَةِ وَإِنَّمَا ترك مَالك الحَدِيث لِأَن الزِّنَا الْيَوْمَ اشْتُهِرَ تَحْرِيمُهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَأَخَذَ أَصْبَغُ بِحَدِيثِ مَرْغُوسٍ وَدَرَأَ الْحَدَّ عَنِ الْجَاهِلِ للزِّنَا كَالسَّبِيِّ وَنَحْوِهِ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنِ اشْتَرَى مَنْ يَعْلَمُ بِحُرِّيَّتِهَا حُدَّ إِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُحَدُّ هِيَ إِنْ أَقَرَّتْ لَهُ بِالْمِلْكِ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ تُحَدُّ إِنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ لِأَنَّهَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا أَوْ تَدَّعِيَ الْحُرِّيَّةَ فَلَعَلَّهُ يُصَدِّقُهَا أَوْ يَكُفُّ عَنْهَا فَإِنْ أَكْرَهَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا الثَّامِن فِي الْكتاب شُرُوط الشَّهَادَة فِي الزِّنَا أَن يشْهد أَرْبَعَة فِي وَقت وَاحِد وعَلى وَطْءٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِالسَّتْرِ فَحَيْثُ
خَالَفُوا شُدِّدَ عَلَيْهِمْ وَلِأَنَّ الزِّنَا فِعْلَانِ فَاحْتَاجَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى شَاهِدَيْنِ وَيَسْأَلُهُمُ الْإِمَامُ فَإِنْ وَصَفَ ثَلَاثَةٌ وَقَالَ الرَّابِعُ رَأَيْتُهُ بَيْنَ فَخْذَيْهَا حُدَّ الثَّلَاثَةُ لِلْقَذْفِ وَعُوقِبَ الرَّابِعُ وَإِنْ لَمْ يصفوا حدوا للقذف دون الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَإِن شهد اثْنَان أَنه زنى بِهَا فِي قَرْيَةِ كَذَا وَقَالَ الْآخَرَانِ قَرْيَةٌ أُخْرَى حُدُّوا كُلُّهُمْ لِلْقَذْفِ وَكَذَلِكَ بِالْفِعْلَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ قَالَ الطوطوشي إِنْ شَهِدَ الْأَرْبَعَةُ عَلَى فِعْلَيْنِ أَوْ عَنْ موطوئتين قَولَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُنْظَرُ الْقَاذِفُ وَيَحُدُّهُ وَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ بِأَنْ فَعَلَ فَأَتَى الْقَاذِفُ بِالشُّهُودِ فَشَهِدُوا فِي وَقْتَيْنِ قُبِلَتْ وَحُدَّ الزَّانِي قَالَ مُحَمَّد إِن ادّعى بَيِّنَة بعيدَة حد وَإِنْ جَاءَ بِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُرْحَةُ وَإِذَا وَصَفَ ثَلَاثَةٌ دُونَ الرَّابِعِ قِيلَ لَا عُقُوبَةَ عَلَى الرَّابِعِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالزِّنَا فِي زَاوِيَة بَيت وَاثْنَانِ زَاوِيَتِهِ الْأُخْرَى لَمْ يُحَدَّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَيَّامِ وَالْمَوَاطِنِ أَتَوْا مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُفْتَرِقِينَ وَقَالَهُ (ش) وَوَافَقَنَا (ح) وَأحمد لنا إِجْمَاع الصَّحَابَة رضي الله عنهم فَإِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَلَدَ أَبَا بكرَة وصاحبيه حِين شهدُوا على الْمُغيرَة بِالزِّنَا وَلَوْلَا أَنَّ الْإِجْمَاعَ شَرْطٌ لَكَانَ يُنْتَظَرُ الرَّابِعُ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا فِي غُرْفَةٍ فَهَبَّتِ الرِّيحُ فَفَتَحَتِ الْبَابَ فَرَأَوْا أَسْفَلَ الدَّارِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ بَيْنَ رِجْلَيِ الْمَرْأَةِ فَقَالُوا قَدِ ابْتُلِينَا بِهَذَا فَلَمَّا خَرَجُوا لِلصَّلَاةِ تَقَدَّمَ الْمُغِيرَةُ وَكَانَ أَمِيرُهُمْ فَقَالُوا لَا نَدَعُكَ تَتَقَدَّمُ وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْكَ مَا رَأَيْنَا فَقِيلَ إِنَّ هَذَا وَالِيكُمْ فَاكْتُبُوا فَكَتَبُوا فَدَعَاهُمْ عُمَرُ فَشهد ثَلَاثَة فَلَمَّا تقدم زِيَاد قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَجُلٌ شَابٌّ أَرْجُو أَنْ لَا يَفْضَحَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِكَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ رَأَيْت إستا يَرْبُو ونفسا يَعْلُو ورجلان كَأَنَّهُمَا أُذُنَا حِمَارٍ وَلَا أَدْرِي مَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَقَالَ عُمَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَدَرَأَ الْحَدَّ عَنِ الْمُغِيرَةِ وَحُدَّ الثَّلَاثَةُ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ عَنْ رَابِعٍ فَلَمَّا جَلَدَ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ أَشْهَدُ ألف مرّة أَنه زنى فَهَمَّ عُمَرُ بِجَلْدِهِ مِنَ الرَّأْسِ فَقَالَ عَلِيٌّ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَجْلِدَهُ فَارْجُمْ صَاحِبَكَ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ بِمَشْهَدِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَانْتَشَرَتْ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ وَمَعْنَى قَوْلِ عَلِيٍّ أَنَّهُ إِنْ كَانَ هَذَا قَذْفًا فَالْأُولَى شَهَادَةٌ فَقَدْ كَمُلَتِ الشَّهَادَاتُ أَرْبَعًا وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَذْفًا فَهَذَا إِعَادَتُهُ فَمَا تَجَدَّدَ شَيْءٌ بَلْ أَعَادَ الْأَوَّلَ وَقَدْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ مُوجِبُهُ وَيُحْتَمَلُ إِنْ جَلَدْتَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ جَلْدٌ فَارْجُمِ الْآخَرَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَجْمٌ فَإِن قيل كَيفَ ساع لَهُ أَنْ يُلَقِّنَهُ مَا يَرْجِعُ بِهِ عَنِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَوَجَّهَ الْحَدُّ عَلَى أَصْحَابِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْتَظِرْ رَابِعًا لِأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَأَخَاهُ نَافِعًا وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَزِيَادًا وَالْمُغِيرَةَ نَزَلُوا فِي دَارٍ فَالْأَمْرُ مَحْصُورٌ بَيْنَهُمْ قُلْنَا لِلْإِمَامِ عِنْدَنَا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَيَحْتَالَ لِسُقُوطِ الْحَدِّ وَهُوَ كَقَوْلِهِ عليه السلام لِمَاعِزٍ لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ لَعَلَّكَ لَمَسْتَ وَالتَّحَامُلُ عَلَيْهِمْ أَوْلَى لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَنْدُوبِينَ إِلَى السَّتْرِ وَالْقَضِيَّةُ جَرَتْ بِالْبَصْرَةِ وَكُتِبَ بِهَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ عُمَرُ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ خَامِسٌ أَوْ سَادِسٌ مَعَ أَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَلَمَّا اسْتُحِبَّ التَّلْقِينُ اسْتُحِبَّ التَّأْخِيرُ فَلَمَّا جَزَمَ بِالْحَدِّ علم مَا قُلْنَاهُ وَلِأَن الْإِقْرَار بِالزِّنَا اخْتُصَّ بِأَمْرَيْنِ التَّصْرِيحُ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ فَتَخْتَصُّ الشَّهَادَةُ بِمَا يُؤَكِّدُهَا عَنْ سَائِرِ الشَّهَادَاتِ وَلِأَنَّهُمْ إِذَا اجْتَمعُوا ثَبت الزِّنَا فَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْقَذْفُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شَهدا} وَلَمْ يُخَصَّصْ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ الْحُقُوقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ وَقَدْ أجمعنا على الْعَمَل بِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَسَقَطَ الْعَمَلُ بِهِ فِي غَيْرِهَا وَلِأَنَّا نُؤَكِّدُ ذَلِكَ بِالْمَعْنَى أَنَّ الِاجْتِمَاعَ
يَنْفِي الرَّيْبَةَ بِخِلَافِ الِافْتِرَاقِ وَلِأَنَّ الْأَقَاوِيلَ الَّتِي يشْتَرط بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ يُعِيدُهَا افْتِرَاقُ الْمَجْلِسِ كَالصَّرْفِ وَسَائِر الرِّوَايَات وَلِأَن اجْتِمَاعهم يخرجهم عَن الْقَذْف لحُصُول مُوجب الزِّنَا دُفْعَةً وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ سَائِرَ الْحُقُوقِ لَا يَتَّجِهُ عَلَى الشَّاهِدِ فِيهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ الزِّنَا يَتَّجِهُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ فَاشْتُرِطَ الْإِجْمَاعُ دَفْعًا لِحَدِّ الْقَذْفِ عَنِ الشُّهُودِ وَلِأَنَّ الِافْتِرَاقَ يُفْضِي إِلَى نَقْضِ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكْمُلِ النِّصَابُ وَقَدْ مَضَى بِأَنَّ الْأَوَّلَ شَهَادَةٌ فَيَصِيرُ قَذْفًا وَسَائِرُ الْحُقُوقِ لَا يُنْتَقَضُ فِيهَا حُكْمٌ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَذَفَ ثَلَاثَةً لَمْ يَكْمُلْ عَدَدُهُمْ ثُمَّ جَاءَ رَابِعٌ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَجْلِسَ شَرْطٌ
نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عمرَان تقبل الشَّهَادَة مفترقة إِلَّا فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ
تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ فَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ عَلَى كُلِّ شَاهِدٍ وَإِلَّا كَانُوا قَذَفَةً يُحَدُّونَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا شَهِدَ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ فَفِي الْكِتَابِ يُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ وَقِيلَ لَا إِلَّا أَنْ يَقُولُوا هُوَ زَانٍ أَشْهَدَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ بِذَلِكَ بِخِلَافِ أَشْهَدَنَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِذَلِكَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يصرحوا بِنِسْبَة الزِّنَا إِلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحَدُّ الشُّهُودُ عَلَى شَهَادَاتِهِمْ إِنْ أَنْكَرُوا الشَّهَادَةَ وَأَتَى بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَوْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي سُقُوط شَهَادَة الْقَاذِف لتقدم الْقَذْفِ أَوْ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ وَهُوَ مَذْهَبُ
ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ تُحَدُّ الْأُصُولُ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ إِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَنْكَرُوا الشَّهَادَةَ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ وَاحِدًا فَلَا يُحُدُّونَ وَيُحَدُّ هُوَ لِانْفِرَادِهِ وَقِيلَ لَا يُحَدُّ فَيَتَحَصَّلُ فِي الْفُرُوعِ إِذَا كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَوْ نَقَلُوا عَنْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا لَا يُحَدُّونَ إِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَإِلَّا حُدُّوا وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ هُمُ الْقَائِمِينَ بِالشَّهَادَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَعَلَّقُوا بِهِ وَأَتَوُا السُّلْطَانَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ وَعَنْهُ مِثْلُ الْأَوَّلِ وَفِي النَّوَادِر لَو قَالَ اثْنَان أكرهه اَوْ قَالَ اثْنَانِ طَاوَعَتْهُ حُدَّ الشُّهُودُ دُونَهُ لِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا حَدٌّ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَلَا أَدَبٌ وَكَذَلِكَ إِذَا زَنَتِ الْمَرْأَةُ وَعَايَنَهَا اثْنَانِ وَقَالَ الْآخَرَانِ لَا نَدْرِي أَهْيَ أَمْ غَيْرَهَا حُدُّوا دُونَهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ أَنْ يَصِفَ بِخِلَافِ الشُّهُودِ إِلَّا أَنْ يَسْتَعْجِلَ لِقُوَّةِ الْإِقْرَارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَجِبُ الْحَدُّ بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - رَجَمَ بِهِ مَاعِزًا وَبِالْحَمْلِ إِذَا جُهِلَ هَلْ هُوَ من زنى أَمْ لَا قَالَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُمْ مُخَالِفٌ وَكَتْمُ الشَّهَادَةِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإذْ لم يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ} وَلَا يَأْتِي الْقَاذِفُ إِلَّا بِمَنْ تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ وَلَمْ يَقْدَحْ فِي شَهَادَتِهِ كَتْمُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يُعْتَبَرُ إِقْرَارُ الْأَخْرَسِ إِنْ فُهِمَ عَنْهُ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) لَا يُحَدُّ بِالْإِشَارَةِ لِتَعَذُّرِ التَّفْرِقَةِ بِهَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالزِّنَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ يُمْكِنُ ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَكْفِي مِنَ الْإِقْرَار مرّة واحة إِذَا صَرَّحَ وَلَمْ يَرْجِعْ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِعُذْرٍ وَلَا رَجَعَ بَلْ جَرَى الْإِقْرَارُ جُمْلَةً فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَمَنَعَ مَرَّةً فَإِنْ جَحَدَ الْإِقْرَارَ أَصْلًا جَعَلَهُ مَالِكٌ كَالرُّجُوعِ قَالَ وَلَيْسَ
بِالْبَيِّنِ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنِ الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ وَيُقْبَلُ الرُّجُوعُ فِي جَمِيعِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ السَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْحِرَابَةِ إِذَا أَتَى بِعُذْرٍ يُعْرَفُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ يُخْتَلَفُ فِيهِ فَإِنِ اجْتَمَعَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ آدَمِيٍّ فِي الْإِقْرَارِ كَإِقْرَارِهِ بِسَرِقَةِ سِلْعَةٍ مِنْ فُلَانٍ أَوِ اغْتَصَبَ فُلَانَةً أَوْ حَارَبَ فُلَانًا وَأَخَذَ مَالَهُ ثُمَّ رَجَعَ لَزِمَهُ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَإِنْ أَتَى فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِعُذْرٍ قُبِلَ وَإِلَّا حُدَّ وَقِيلَ فِي السَّرِقَةِ إِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ وَإِلَّا فَلَا وَأَسْقَطَ ابْن الْقَاسِم عَن قَاذف الرَّاجِع عَن الزِّنَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَتَعَدَّى الْمُقِرَّ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنَ الْحَدِّ وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ بِغَصْبِ امْرَأَةٍ لَمْ يَسْقُطِ الصَّدَاقُ وَلَمْ يُحَدَّ بِقَذْفِهَا إِنَّ أَنْكَرَتْ وَيَسْقُطُ فِي السَّرِقَةِ الْقَطْعُ دُونَ الْغُرْمِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَمْلِ عَدَمُ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ فَإِنْ كَانَتْ طَارِئَةً صُدِّقَتْ وَالْمُقِيمَةُ إِنِ ادَّعَتِ الْغَصْبَ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ وَادَّعَتْهُ عَلَى مَنْ يُشْبِهُ صُدِّقَتْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ حُدَّتْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْرُوفَةً بِالْخَيْرِ فَتَكْتُمُ رَجَاءَ عَدَمِ الْحَمْلِ وَطَلَبِ السَّتْرِ وَفَعَلَهُ عُمَرُ رضي الله عنه فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ كُنْتُ نَائِمَة فيا أَيْقَظَنِي إِلَّا الرَّجُلُ فَسَأَلَ قَوْمَهَا فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَلَمْ يَحُدَّهَا وَكَسَاهَا وَأَوْصَى بِهَا أَهْلَهَا فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِرُؤْيَتِهِ بَيْنَ فَخْذَيْهَا قَالُوا لَا تُحْمَلُ عَلَى الْوَطْءِ وَإِنْ وَجَدْنَا مَنِيًّا يُمْكِنُ وُصُولُهُ لَمْ يُحْمَلِ الْحَمْلُ عَلَيْهِ وَحُدَّتْ لِأَنَّهَا تَدِّعِي الْإِكْرَاهَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا غَصَبَهَا وَبَاتَ مَعَهَا وَقَالَ لَمْ أُصِبْهَا صُدِّقَ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا وَبَاتَ مَعَهَا وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ مِنَ الْغَدِ بِالزِّنَا رُجِمَتْ مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَتْ تُجَنُّ فَقَالَتْ أَصَابَنِي ذَلِكَ حَالَةَ الْجُنُونِ صُدِّقَتْ وَتُحَدُّ الْأَمَةُ بِالْحَمْلِ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِامْرَأَةٍ أَو لصبي فَإِن حملت وَظهر فَأَنْكَرَهُ وَلَمْ تَدَّعِ أَنَّهُ مِنْهُ أَوِ ادَّعَتْ حَلَفَ مَا أَصَابَهَا وَلَقَدِ اسْتَبْرَأْتُهَا وَلَا تُحَدُّ لِأَنَّ دَعْوَاهَا شُبْهَةٌ وَلَهُ مُعَاقَبَتُهَا لِأَنَّهُ أَمِينٌ على عقوبتها
لِإِصْلَاحِ مَالِهِ وَيَحُدُّهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا بِعِلْمِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ إِذَا ادَّعَتْ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ السَّيِّدَ قَاطِعٌ دُونَ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ مَعَ امْرَأَةِ وَلَدٌ قَالَتْ لَمْ أَلِدْهُ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إِقْرَارِهَا بِوِلَادَتِهَا لَا تُحَدُّ كَمَا لَوْ شَهِدُوا عَلَيْهَا بِالزِّنَا فَجَحَدَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ خَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ فِي الْحَمْلِ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه الرَّجْمُ فِي كِتَابِ الله تَعَالَى حق على من زنى إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ إِذَا كَانَ الْحَبل الِاعْتِرَافُ وَهُوَ قَوْلٌ مُنْتَشِرٌ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَفَعَلَهُ عُمَرُ بِجَارِيَةٍ وَعُثْمَانُ بِجَارِيَةٍ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُرْجَمَ فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} وَقَالَ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُرَدَّ وَهُوَ قَوْلُهُمْ رضي الله عنهم احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام (وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا) وَهَذِهِ لَمْ تَعْتَرِفْ فَلَا تُرْجَمُ وَبِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أُتِيَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي حُبْلَى فَقَالَ مَالك فَقَالَتْ رَجُلٌ رَكِبَنِي وَأَثْنَى قَوْمُهَا خَيْرًا فَقَالَ لَوْ قَتَلْتُ هَذِهِ لَخَشِيتُ أَنْ أَدْخُلَ النَّارَ وَعَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ أُخْرَى فَقَالَ لَعَلَّكِ اسْتُكْرِهْتِ فَقَالَتْ نَعَمْ وَأَنَا نَائِمَةٌ فَتَرَكَهَا وَلِقَوْلِهِ عليه السلام (ادرأوا الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ) وَلِأَن الْغَالِب عدم الزِّنَا فَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَفْهُومَ مَعَارَضٌ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَعَنِ الثَّانِي مَنْعُ الصِّحَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا فِي أَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يَقْضِي بِطَلَبِ الدَّفْعِ لَهُ وَلَعَلَّهَا كَانَتْ مُسْتَغِيثَةً وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ هَاهُنَا شُبْهَةً بل ظَاهر الْحَال يَقْتَضِي الزِّنَا وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَوْ شَهِدَتْ بِالْوَطْءِ وهما يدعيان الزَّوْجِيَّة حدا وَلم ينفعهما ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ الْغَالِبُ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ عَنِ الْإِقْرَارِ يُسْقِطُ الْحَدَّ وَعَنْهُ إِنْ رَجَعَ إِلَى غَيْرِ شُبْهَةٍ رِوَايَتَانِ لِأَنَّ مَاعِزًا طَلَبَ وَهُوَ يُرْجَمُ الرُّجُوعَ لِلنَّبِيِّ عليه السلام فَلَمْ يُمَكَّنْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - (هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ) وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ إِلَّا قَبُولُ رُجُوعِهِ وَوَافَقَنَا (ش) عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ يَكْفِي مِنْهُ مَرَّةً وَقَالَ (ح) وَأَحْمَدُ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعٍ وَاشْتَرَطَ (ح) أَنْ يَغِيبَ عَنِ الْمَجْلِسِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لَنَا قَوْلُهُ عليه السلام (فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا) وَلَمْ يَقُلْ أَرْبَعًا بَلِ اكْتُفِيَ بِأَصْلِ الِاعْتِرَافِ وَرَجَمَ الْجُهَنِيَّةَ وَإِنَّمَا اعْتَرَفَتْ مَرَّةً وَقَوْلُ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ وَلَمْ يُشْتَرَطِ التَّكْرَارُ وَكَسَائِرِ الْحُقُوقِ احْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَسْلَمِيِّينَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَدَعَا بِهِ عليه السلام فَقَالَ أَبِكَ جُنُونٌ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ أَحْصَنْتَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - ارجموه وَلَو وَجَبَ بِمَرَّةٍ لَمْ
يُعْرِضْ عَنْهُ لَتَعَيُّنِ الْحَدِّ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ لَهُ عليه السلام (إِنَّكَ قَدْ زَنَيْتَ أَربع مَرَّات قَالَ نَعَمْ قَالَ وَبِمَنْ قَالَ بِفُلَانَةٍ) وَهَذَا التَّعْلِيلُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا الْمُعْتَبَرَةُ وَرُوِيَ أَنَّ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه قَالَ لَهُ إِنِ اعْتَرَفْتَ الرَّابِعَةَ رَجَمَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَلَوْلَا أَنَّهُ حُكْمٌ مَعْلُومٌ لَمْ يُخْبِرْ عَلَيْهِ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْهُ لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ مَجْنُونٌ وَلِذَلِكَ سَأَلَهُ عَنِ الْجُنُونِ وَكَانَتْ قَرَائِنُ أَحْوَالِهِ تَقْتَضِي ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَقَوْلُهُ فِي التَّعْلِيلِ مَعْنَاهُ أَنَّ وُصُولَهَا إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ أَضْعَفَ الرَّيْبَةَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه لِأَنَّهُ رَآهُ قَدْ قَارَبَ أَمْرُهُ الْجَلَاءَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ لَحِقَ بِالشَّهَادَةِ لَاشْتَرَطَ الْعَدَالَةَ وَالْحُرِّيَّةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ بَاطِلٌ إِجْمَاعًا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُلَاعِنَ يُسْقِطُ عَنْ نَفْسِهِ حَدًّا وَيُوجِبُهُ عَلَى غَيْرِهِ فَاحْتَاجَ إِلَى قُوَّةِ السَّبَبِ التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَتْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ أَنَا بِكْرٌ أَوْ رَتْقَاءُ وَنَظَرَهَا النِّسَاءُ فَصَدَّقْنَهَا حُدَّتْ لِأَنَّ زَوْجَ الْبِكْرِ إِذَا أَقَرَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ إِرْخَاءِ السِّتْرِ وَادَّعَتْهُ وَشَهِدَ النِّسَاءُ بالبكارة صدقت وَلَا يكْشف الْحَرَائِر عَن مِثْلِ هَذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ لَا تَدْفَعُ الْحَدَّ وَتُؤَخَّرُ خَوْفَ هَلَاكِ الْحَمْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَى أَنْ لَا تُحَدَّ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ شُبْهَةٌ وَلِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ تُوقِفُ شَهَادَة الرِّجَال
فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ فِي الْأَمْوَالِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَهَا مِنَ النِّسَاءِ جَمَاعَةٌ يَحْصُلُ بِقَوْلِهِنَّ الْعلم فَلَو قَالَت أَنا انْكَشَفَ لأَرْبَع رِجَالٍ لَأُجِيبَتْ لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ لِدَفْعِ الْقَتْلِ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الطَّبِيبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَاشِرُ فِي الْكِتَابِ إِذَا ثَبَتَ زِنَاهَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ مُنْذُ أَرْبَعَةٍ وَرُجِمَتْ بَعْدَ الْوَضْعِ فَقَدِمَ الزَّوْجُ وَادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ وَكَانَتْ قَالَتْ قَبْلَ الرَّجْمِ لَيْسَ الْوَلَد مِنْهُ وَقد استبرأني أينقى بِغَيْرِ لِعَانٍ كَمَا لَوْ ظَهَرَ بِالْمَرْأَةِ حَمْلٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَصَدَّقَتْهُ عَلَى نَفْيِهِ وَعَلَى عَدَمِ الْوَطْء وَلَو لم تصدقه قبل الرَّجْم فلابد مِنَ اللِّعَانِ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ لَا يُحَدُّ الشَّرِيكُ فِي الْأَمَةِ وَيُؤَدَّبُ إِنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ وَلِشَرِيكِهِ التَّقْوِيمُ عَلَيْهِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَلَا مَا نَقَصَهَا لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَجَبَتْ لَهُ فَتَرَكَهَا وَتَمَسَّكَ بِنَصِيبِهِ نَاقِصًا وَإِنْ حَمَلَتْ وَهُوَ مَا قَوِّمَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْحَمْلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ وَلَدِهِ وَتَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُعْسِرًا خُيِّرَ شَرِيكُهُ فَإِنْ تَمَاسَكَ اتَّبَعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَتَبِعَهُ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَتُبَاعُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ إِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ وَيُتْبِعُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَإِنْ نَقَصَ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْحَمْلِ اتْبَعَهُ بِالنُّقْصَانِ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ فَنِصْفُ قِيمَتِهَا مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُعَاقَبُ الْوَاطِئُ مِائَةً قَالَهُ أَبُو الزِّنَادِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا أَفْسَدَ الثَّوْبَ فَسَادًا كثيرا أَنه مُخَيّر فِي التَّمَسُّكِ وَيُغَرِّمُهُ النَّقْصَ أَوْ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ خِلَافًا وَجَوَابُهُ فِي الْأَمَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَفِي يَوْمِ التَّقْوِيمِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَوْمُ الْحَمْلِ يَوْمُ الْوَطْءِ يَوْمُ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى التَّفْوِيتِ أَوْ سَبَبِهِ وَلِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ خِلَافٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُعْتَقِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْحُكْمِ مَعَ أَنَّ الْحَمْلَ يُؤَدِّي لِلْعِتْقِ أَنَّ الْوَاطِئَ مُتَعَدٍّ فَاعْتُبِرَ يَوْمَ الْعُدْوَانِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْإِعْسَارِ فِي قِيمَةِ الْوَلَدِ إِذَا اخْتَارَ قِيمَتَهَا لِأَنَّ الْوَلَدَ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الْقِيمَةِ تَقْدِيرًا فَلَا يَسْتَحِقُّ
الشَّرِيك فِيهِ شَيْئا قَالَ ابْن الْقَاسِم يعْتق عَلَيْهِ النِّصْفُ الَّذِي بَقِيَ لَهُ بِيَدِهِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ رَقِيقًا لِمَنِ اشْتَرَاهُ وَقِيلَ لَا يُعْتِقُ فَلَعَلَّهُ يَمْلِكُ بَاقِيَهَا فَيَحِلُّ لَهُ وُطُؤُهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَمَالِكٌ وَمُحَمَّدٌ فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مَلِيًّا فَوَطْئِهَا الْآخَرُ قَبْلَ التَّقْوِيمِ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّ حِصَّتَهُ فِي ضَمَانِهِ وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ إِنْ طَاوَعَتْهُ وَلَا مَا نَقَصَهَا وَإِنْ أَكْرَهَهَا فَنِصْفُ نَقْصِهَا بِلَا صَدَاقٍ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ أَعْتَقَ جَمِيعَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِشَرِيكِهِ عِتْقُ حِصَّتِهِ لِتَقَدُّمِ عِتْقِ غَيْرِهِ وَقَالَ بَقِيَّةُ الرُّوَاةِ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَإِنْ وَطْئِهَا الْآخَرُ بَعْدَ عِلْمِهِ حُدَّ إِنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ وَطِئَ حُرَّةً وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُحَدُّ وَيُلْزِمُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْعِتْقِ وَيَلْزَمُ تَرِكَتَهُ وَلَمْ يَقُلْهُ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ لِجَمِيعِهَا مُعْسِرًا لم يحده ابْن الْقَاسِم فَإِن كَانَ مَلِيًّا وَلَمْ يُطَالِبْ حَتَّى أُعْدِمَ وَقَدْ عَلِمَ الْآخَرُ بِهِ فَتَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَمَضَى الْعِتْقُ وَاتَّبَعَ بِهَا دَيْنًا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَلم يعلم بِالْعِتْقِ فَهُوَ على حَقه فاله ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ خِلَافُ أَصْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ يَلْزَمُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُضُورِ وَالْغَيْبَةِ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ كُلَّهَا لَمَّا كَانَ مَلِيًّا الثَّانِيَ عَشَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ طَلَّقَ قبل الْبناء وَالْوَطْء وَقَالَ ظَنَنْت أَن لَا تَبِينَ إِلَّا بِالثَّلَاثِ فَلَا يُحَدُّ وَلَهَا صَدَاقٌ وَاحِد إِذا عذر بالجهالة وَكَذَلِكَ الْمُطلق ثَلَاثَة وَيَطَأُ فِي الْعِدَّةِ وَلَا صَدَاقَ أَوْ أُمَّ وَلَده بعد الْعتْق إِن عذر بالجهالة إِذْ قَالَ ظَنَنْتُ الْحِلَّ وَإِلَّا حُدَّ أَوْ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِهِ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حرَام لشُبْهَة الْملك أوطئ مَجُوسِيَّةً بِالْمِلْكِ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بِخِلَافِ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ إِلَّا أَنْ يُعَذَرَ بِجَهْلِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ وَطِئَ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ مَنْ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ كَالْخَالَةِ لَا يُحَدُّ أَوْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ حُدَّ كَالْبِنْتِ وَلَا يلْحق بِهِ الْوَلَد لضعف الشُّبْهَة بعتقهن بِالشِّرَاءِ إِلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهَالَةٍ فَلَا يُحَدُّ وَيُلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يُحَدُّ الْأَبُ بِوَطْءِ أمه ابْنه
لِقَوْلِهِ عليه السلام (أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ) وَيُغَرَّمُ قِيمَتَهَا حَمَلَتْ أَمْ لَا لِأَنَّهُ حَرُمَ وَطْؤُهَا عَلَى الِابْنِ فَإِنْ أَعْسَرَ بِيعَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُهَا عَنِ الْقِيمَةِ اتَّبَعَ بِالتَّمَامِ وَإِنْ فَضَلَ فَلِلْأَبِ وَكَذَلِكَ الْجِدُّ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فَحَدَّهُمَا لِنَقْصِ رُتْبَتِهِمَا عَنِ الْأَبِ فِي النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا وَمَنْ أُحِلَّتْ لَهُ جَارِيَةٌ رُدَّتْ إِلَّا أَنْ يَطَأَهَا فَلَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ كَانَ جَاهِلًا أَوْ عَالِمًا وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا حملت أم لَا وَلَا يتَمَسَّك لَهَا رَبُّهَا بَعْدَ الْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ بِخِلَافِ الشَّرِيكِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ مُتَعَدٍّ فَإِنْ تَمَاسَكَ صَحَّ مَا يَخْشَى مِنْ عَارِيَةِ الزَّوْجِ وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَحِلَّهَا ثَانِيَةً فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَقَدْ حَمَلَتْ فَالْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ بِيعَتْ عَلَيْهِ وَلَهُ الْفَضْلُ وَعَلَيْهِ النَّقْصُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا جَهِلَ التَّحْرِيمَ وَإِلَّا حُدَّ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَالنِّكَاحِ وَجَهْلِهِ التَّحْرِيمَ وَهُوَ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ الثَّالِثَ عَشَرَ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ يُرْجَمُ اللَّائِطُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ أَحْصَنَا أَمْ لَا عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ الْعَبْدُ خَمْسِينَ وَيُؤَدَّبُ الْكَافِرُ وَإِنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً فِي الْمَحَلِّ الْمَكْرُوهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ هُوَ زِنًى يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ وَيُغَرَّبُ الرَّجُلُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ حُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ اللِّوَاطِ وَقَالَ كَثِيرٌ من الْعلمَاء الشَّهَادَة على اللواط كَالزِّنَا أَرْبَعَةٌ وَقَالَ _ ش (وَأَحْمَدُ فِي الْجَدِيدِ اللِّوَاطُ كَالزِّنَا يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ وَقَالَ (ح) إِنَّمَا فِيهِ التَّعْزِيرُ إِلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ فَيُقْتَلُ لَنَا قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي أبي
دَاوُدَ (اقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ) أَحْصَنَا أَوْ لَمْ يُحْصِنَا وَاسْتَشَارَ فِيهِ الصِّدِّيقُ الصَّحَابَةَ فَأَشَارُوا بِالْقَتْلِ وَكَانَ أَشَدَّهُمْ عَلِيٌّ فَأَفْتَى فِيهِ بِالْحَرْقِ فَكَتَبَ الصِّدِّيقُ لِخَالِدٍ بِالْحَرْقِ وَلِأَنَّ الرَّجْمَ هُوَ الْعُقُوبَةُ الْوَاقِعَةُ بِقَوْمِ لُوطٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا أرى حرقه إِلَّا بعد أَن نَقْتُلهُ وَلِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَسَعْيٌ فِي سَدِّ بَابِ النَّسْلِ فَيَجِبُ بِهِ الْقَتْلُ كَالْحِرَابَةِ احْتَجَّ (ش) بِأَنَّهُ إِيلَاجٌ فِي فَرَجٍ آدَمِيّ يحرم فَيكون زني كَالْقَتْلِ جَوَابُهُ أَنَّ هَذَا أَفْحَشُ لِأَنَّهُ سَدُّ بَابِ النَّسْل وَقد جعل الله تَعَالَى للزِّنَا سَبِيلًا بِالنِّكَاحِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِلِّوَاطِ سَبِيلًا فَكَانَ أَقْبَحَ احْتَجَّ (ح) بِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إِحْصَانٌ وَلَا إِحْلَالٌ فَلَا يُوجِبُ الْحَدَّ كَالْإِيلَاجِ فِي الْفَمِ وَغَيْرِهِ وَالْجَوَابُ لِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْغُسْلُ وَالْمَهْرُ عِنْدَنَا وَأَمَّا الْإِحْلَالُ وَالْإِحْصَانُ فَمَنَاطُهُمَا كَمَالُ الْوَطْءِ وَلَمْ يُوجَدْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا صَدَاقَ على الْفَاعِل فِي طوع وَلَا إِكْرَاه وَلَا يرْجم الْمَفْعُول بِهِ إِن أكره وَيُرْجَمُ الْفَاعِلُ الرَّابِعَ عَشَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمَرْأَةُ تَأْتِي الْمَرْأَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ لِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ بِحَسَبِ شُنْعَةِ ذَلِكَ وَخِفَّتِهِ وَعَنْهُ تُجْلَدَانِ خَمْسِينَ خَمْسِينَ وَنَحْوَهُمَا وَعَلَيْهِمَا الْغُسْلُ إِنْ أَنْزَلَتَا فِي التَّنْبِيهَاتِ الدَّارِئَةُ لِلْحَدِّ ثَلَاثَةٌ فِي الْفَاعِلِ كَاعْتِقَادِ الْحِلِّ كَمَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا امْرَأَتَهُ وَفِي الْمَفْعُولِ نَحْوَ كَوْنِ الْأَمَةِ مُشْتَرَكَةً وَفِي الطَّرِيقِ كَالنِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَالزَّوَاجِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ إِذَا اسْتَفَاضَ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي دَرْءِ الْحَدِّ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالْمَذْهَبُ الدَّرْءُ وَلَيْسَ كُلُّ الْخِلَافِ دَارِئًا بَلِ الضَّعِيفُ لَا يَدْرَأُ وَلَمْ يَصِحَّ مَا
رُوِيَ (ادرأوا الْحُدُودَ بِالشُّبَهَاتِ) فَيَعْتَمِدُ عَلَى أَنَّ صُوَرَ الشُّبَهَاتِ قَاصِرَةٌ عَنْ مَوْطِنِ الْإِجْمَاعِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْخَامِس عشر فِي الْجَوَاهِر إِن اسْتَأْجرهَا للزِّنَا لَمْ يَدْرَأْ عَنْهُ عَقَدُ الْإِجَارَةِ الْحَدَّ وَقَالَهُ (ش) وَأسْقط (ح) الْحَد عَنْهُمَا وَنقض أسله بِمَا لَوِ اسْتَأْجَرَهَا لِلطَّبْخِ أَوِ الْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ يُحَدُّ وَفُرِّقَ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَأَزْنِي بِكِ لَغْوٌ كَمَا لَوْ صَرَّحَا بِلَفْظِ النِّكَاحِ ثُمَّ قَالَ لِأَزْنِي بِكِ فَهُوَ فَسَادٌ لَا يَثْبُتُ مَعَ الْحَدِّ لَنَا قَوْله تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبغاء} وَهُوَ بِعِوَضٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ (لتبتغوا عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا} وَقَدْ قَالَ (ح) إِذَا قَالَ لَهُ زَنَيْتَ بِدَابَّةٍ لَا يَكُونُ قَاذِفًا أَوْ بِثَوْبٍ فَقَاذِفٌ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ مَكَّنْتَ دَابَّةً مِنْ نَفْسِكَ وَأَخَذْتَ عِوَضَ الزِّنَا ثَوْبًا وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمه لَا ملك فِيهِ وَلَا شُبْهَة وَالْوَاطِئُ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِهِ فَأَشْبَهَ صُوَرَ الْإِجْمَاعِ وَقِيَاسًا عَلَى إِجَارَتِهَا لِلْخِدْمَةِ فَإِنَّهُ إِذَا حُدَّ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ فَأَوْلَى فِي الْفَاسِدَةِ وَلَوْ سَقَطَ بِهَا الْعَقْدُ لَسَقَطَ بِالْمُعَاطَاةِ الَّتِي يَنْعَقِدُ بِهَا الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ عَلَى الْخِلَافِ وَالْخِلَافُ شُبْهَةٌ فَإِنِ التزموا هَذَا فالزنا فِي الْغَالِبِ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي مُعَاطَاةٍ احْتَجُّوا بِحَدِيثِ مَرْغُوسٍ الْمُتَقَدِّمِ وَالْقِيَاسِ عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تِلْكَ الْجَارِيَةَ عذرها عمر رضي الله عنه بالجهال بِتَحْرِيم الزِّنَا وَمَسْأَلَتُنَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ
وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَا بُدَّ أَنْ يُخْتَلَفَ فِي أَصْلِ جَوَازِهِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَاعَ امْرَأَتَهُ مِنَ الْجُوعِ وَأَقَرَّتْ لَهُ بِالرِّقِّ فَوَطِئَهَا الْمُبْتَاع قَالَ الن الْقَاسِمِ لَا تُحَدُّ وَتُعْذَرُ بِالْجُوعِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِنْ طَاوَعَتْهُ وَأَقَرَّتْ أَنَّهُ أَصَابَهَا طَائِعَةً حُدَّتْ
نَظَائِرُ قَالَ تِسْعُ نِسْوَةٍ لَا يُحَدُّ واطئهن الْأمة الْمُشْتَركَة وَالْمُحَلَّلَةُ وَجَارِيَةُ الِابْنِ وَجَارِيَةُ الْأَبِ وَأَجْدَادُ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ كَالْوَالِدِ وَالْأَمَةُ ذَاتِ الْمَحَرَمِ كَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَذَاتُ مَحَرَمٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَمَنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ عُزِّرَ وَالْجَارِيَةُ تَخْدِمُ رَجُلًا يَطَؤُهَا وَالْمُتَزَوِّجَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ فِي عِدَّتِهَا وَيَطَؤُهَا فِي عِدَّتِهَا
نَظَائِرُ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ خَمْسُ نِسْوَةٍ لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَيْهِنَّ الْمُكْرَهَةُ وَالنَّائِمَةُ وَالْمَجْنُونَةُ وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغُ وَمَوْطُوءَةُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ وَمَتَى قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ يَا زَانِيَةُ حُدَّ لِلْقَذْفِ وَيُحَدُّ وَاطِئُهُنَّ وَعَلَيْهِ الصَّدَاقُ إِلَّا الصَّبِيَّ لَا يُحَدُّ قَاعِدَةٌ كُلَّمَا سَقَطَ الْحَدُّ لَحِقَ النَّسَبُ وَمَنْ يُحَدُّ لَا يُلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إِلَّا فِي سِتِّ مَسَائِلَ يَشْتَرِيهَا وَيُقِرُّ أْنَهُ أُوَلَدَهَا عَالِمًا بَحُرِيَّتِهَا أَوْ مِمَّنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ أَو يَتَزَوَّجهَا ويقر أَنه أولدها عَالما بِأَنَّهُ ذَاتُ مَحْرَمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهَارَةٍ أَو يَشْتَرِي إِحْدَاهمَا بِخِيَارٍ وَيَقُولُ أَوْلَدْتُ هَذِهِ مِنْهُمَا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْأُخْرَى وَتَرْكِ هَذِهِ أَوْ يَقُولُ أَوَلَدْتُ الْمَرْأَةَ عَالِمًا بِأَنَّ لِي أَرْبَعًا سِوَاهَا أَوْ يَقُولُ اشْتَرَيْتُهَا وَالسَّيِّدُ مُنْكِرٌ وَلَا بَيِّنَةَ فَيُحَدُّ هُوَ وَالْجَارِيَة إِن قَامَ السَّيِّدُ عَلَى إِنْكَارِهِ النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْمُوجِبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الرَّجْمُ وَالْجَلْدُ
وَالنَّظَرُ فِي الرَّجْمِ وَشَرْطِهِ وَهُوَ الْإِحْصَانُ وَالْجَلْدُ مِائَةٌ وَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ وَهُوَ التَّغْرِيبُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ
الطَّرَفُ الْأَوَّلُ فِي الْإِحْصَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ خَمْسُ خِصَالٍ التَّكْلِيفُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالتَّزْوِيجُ الصَّحِيحُ وَالْوَطْءُ الْمُبَاحُ وَفِي الْحَقِيقَةِ ثَلَاثَةٌ الْحُرِّيَّةُ وَالتَّزْوِيجُ وَالْوَطْءُ وَغَيْرُهَا مُعْتَبَرٌ فِي أَصْلِ الزِّنَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَبْدُ الْمَلِكِ إِبَاحَةَ الْوَطْءِ بَلْ يُحَصَنُ وَطْءُ الْحَائِضِ مِنْ زَوْجِهَا وَلَا يُحَصَنُ وَطْء الشُّبْهَة فِي النِّكَاح الْفَاسِد وتشترط الْإِصَابَةُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُهُ فِي الْوَطْئَيْنِ بَلْ إِنْ أُحْصِنَ أَحَدُهُمَا رُجِمَ وَجُلِدَ الْآخَرُ فَائِدَةٌ أَصِلُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ الْمَنْعُ وَمِنْهُ الْحِصْنُ لِلْبِنَاءِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ فِيهِ مِنَ الْعَدُوِّ فَالتَّكْلِيفُ وَازِعٌ يَمْنَعُ مِنْ تَعَاطِي الْمُحَرَّمَاتِ وَالْحُرِّيَّةُ تَجْعَلُ النَّفْسَ أَبِيَّةً تَمْتَنِعُ مِنَ الْقَاذُورَاتِ الْإِسْلَام يَمْنَعُ الْإِقْدَامَ عَلَى الْمَنْهِيَّاتِ وَالتَّزْوِيجُ يُكْمِلُ النِّعْمَةَ فَيَصِيرُ مِنْ ذَوِي الرُّتَبِ الْعَلِّيَّاتِ وَيَعْظُمُ عَلَيْهَا الْمُؤَاخَذَاتُ وَالْإِجْمَاعُ فِي التَّكْلِيفِ وَالْوَطْءِ وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} وَالْوَطْءُ الْمُبَاحُ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ النِّعْمَةُ الْكَامِلَةُ وَوَافَقَنَا (ح) عَلَى الْإِسْلَامِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لَنَا قَوْلُهُ عليه السلام (لَا إِحْصَانَ مَعَ الشِّرْكِ) وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقَذْفِ) بِجَامِعِ تَكَامُلِ النِّعْمَةِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِزِيَادَةِ الْعُقُوبَةِ بِشَهَادَةِ قَوْله تَعَالَى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأحد من النِّسَاء إِن اتقيتن - إِلَى قَوْله - يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين} وقَوْله تَعَالَى {إِذًا
لأذقناك ضعف الْحَيَاة وَضعف الْمَمَات} وَقَوله تَعَالَى {لأخذنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثمَّ لقطعنا مِنْهُ الوتين} فَجَعَلَ تَعَالَى مُؤَاخَذَتَهُ وَمُؤَاخَذَةَ أَزْوَاجِهِ أَعْظَمَ الْمُؤَاخَذَاتِ لِأَنَّهُمْ أَكْمَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَلِأَنَّهَا الْعَادَةُ أَنَّ مُنَاقَشَةَ خَوَاصِّ الْمَلْكِ أَعْظَمُ احْتَجُّوا بِمَا فِي الصِّحَاحِ (جَاءَتِ الْيَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَذَكَرُوا أَنْ رَجُلًا وَامْرَأَةً مِنْهُمْ زَنَيَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى أَيَةِ الرَّجْمِ ثُمَّ قَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَقَالُوا صدقت إِن فِيهَا آيَة الرَّحِم فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَرُجِمَا) وَفِي الْبُخَارِيِّ وَكَانَا قَدْ أَحْصَنَا وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم َ - لَا يَحْكُمُ بِغَيْرِ شَرْعِهِ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ يَعْتَقِدُ دِينَهُ أَتَمَّ الْأَدْيَانِ وَأَكْمَلَ النِّعَمِ فَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ فِي الْعُقُوبَةِ وَلِأَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الشُّرُوطِ إِذَا عُدِمَ خَلَفَهُ ضِدُّهُ فِي عَدَمِ الْمَنْعِ لِأَنَّ الْمَجْنُون وَالصَّبِيّ لَا يمتنعان وَالرَّقِيق أجسر على الزِّنَا وَعدم الْوَطْء يبْعَث على الزِّنَا لِيَقِفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَمَّا عَدَمُ الْإِسْلَامِ فَلَا لِأَن الْكَافِر يمْتَنع من الزِّنَا كَالْمُسْلِمِ وَلِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَذْفِ أَنَّ الْوَطْءَ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَذْفِ وَيُعْتَبَرُ فِي الرَّجْمِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَفَافُ دُونَ الرَّجْمِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إِحْصَانُ الْمَحْدُودِ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ يُحَدُّ فِي الْقَذْفِ فَهُوَ حُجَّةٌ لَنَا لِعُمُومِ قَوْلِهِ عليه السلام (الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ رَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ) أَوْ سَبَب
لِلْقَتْلِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَيَكُونُ سَبَبًا فِي حَقِّ الْكَافِرِ كَالْقِصَاصِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ إِلَّا تِلْكَ الزِّيَادَةَ وَهُمَا مُحَصَنَانِ وَإِنَّمَا رجمهم بِوَحْيٍ يَخُصُّ أُولَئِكَ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ عليه السلام لَا يَلِيقُ بِهِ وَلَا بِمَنْ لَهُ أدنى دين أَن يتَصَرَّف فِي الزِّنَا بِغَيْر أَمر الله تَعَالَى وَثَانِيها أَن هَذَا الْقِصَّةَ وَقَعَتْ أَوَّلَ نُزُولِهِ عليه السلام الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَكُنْ حَدُّ الزِّنَا نَزَلَ بَعْدُ وَلِذَلِكَ رَوَى ابْنُ عُمَرَ مُفَسِّرًا قَالَ وَكَانَ حَدُّ الْمُسْلِمِينَ يَؤْمَئِذٍ الْجَلْدَ وَثَالِثُهَا قَوْله تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله} وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إِنَّمَا حَكَمَ بِوَحْيٍ يَخُصُّهُمُ وَرَابِعهَا أَنه رُوِيَ فِي الْخَبَر أَنه رجمهم بِشَهَادَةِ الْكُفَّارِ وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ وَلِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَسْأَلْ عَنْ شَرَائِطِ إِحْصَانِهِمَا تَنْبِيهٌ الْحَدِيثُ يُشْكَلُ عَلَيْهِ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْمُخَالِفِ أَمَّا مَذْهَبُنَا فَلِأَنَّا نَدَّعِي وَحْيًا وَتَخْصِيصًا بِهَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ اقْتَضَى الِاعْتِمَادَ عَلَى التَّوْرَاةِ لَا سِيَّمَا إِذَا جُمِعَتْ طُرُقُ الْحَدِيثِ وَأَمَّا مَذْهَبُهُمْ فَإِنَّ التَّوْرَاةَ مُحَرَّفَةٌ وَإِخْبَارُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَغَيْرِهِ إِنَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ فِي التَّوْرَاةِ لِأَنَّهُ يَرْوِيهَا عَن الصُّدُور بِلَا رِوَايَة فِي كتب الإسرائيليين لِطُولِ الزَّمَانِ وَكَثْرَةِ اللَّعِبِ وَالْإِهْمَالِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مِثْلِ هَذَا بَاطِلٌ إِجْمَاعًا وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا إِنَّمَا يَكُونُ شَرْعًا لَنَا إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا بِوَحْيٍ ثَابِتٍ أَوْ رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ إِنَّ حَدَّ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ الرَّجْمُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لما سَأَلَهُمْ عليه السلام عَن التَّوْرَاة وَلَا فَحَصَ لِأَنَّهُ نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ (لَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ) بَلْ مَفْهُومُ الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ
الله} يَأْبَى ذَلِكَ وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ} وَفِي الْمُنْتَقَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِصِحَّةِ هَذَا مِنَ التَّوْرَاةِ وَعُلِمَ ذَلِكَ عِنْدَ عبد الله ابْن سَلَامٍ وَغَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ يُوجِبُ الْعِلْمَ أَوْ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى ضَعْفِ الْوُجُوهِ الْأَخِيرَةِ قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِهِ لِأَنَّهُ نِقْمَةٌ أُخْرَى لَا نِعْمَةٌ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَوْ قَذَفَ كَافِرًا لَا يُحَدُّ وَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَقْذُوفَ مُحْصَنٌ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يَبْطُلُ شَهَادَتُهُ فَإِنَّهُ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْكَذِبِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْعِفَّة عَن الزِّنَا لَا تَبْقَى مَعَ الْقَذْفِ فَاعْتُبِرَتْ وَفِي الْإِسْلَامِ هُمَا سَوَاءٌ يَبْقَى مَعَهَا فَاعْتُبِرَ فِيهِمَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ يُخَصِّصُهُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَدِلَّة وَالْجَوَاب عَن السَّادِسِ أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ بِخِلَافِ هَاهُنَا
فَرْعٌ فِي الْمُنْتَقَى لَا يَحْكُمْ أَحَدُنَا الْيَوْمَ بِحُكْمِ التَّوْرَاةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا طَلَبَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الرَّجْمَ وَهُوَ دِينُهُمْ فَلَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ كَانَ رَقِيقًا لِمُسْلِمٍ فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهِ رَجْمٌ وَلَا جَلْدٌ وَلَا قَتْلٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ (فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - بهما فَرُجِمَا) يدل على أَن الإِمَام يَلْزَمُهُ مُبَاشَرَةُ الْحُدُودِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَ (ش) وَقَالَ (ح) فِي الِاعْتِرَاف يلْزمه الِابْتِدَاء بِالرَّجْمِ ثُمَّ يَتْبَعُهُ النَّاسُ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى السَّرِقَةِ وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ بِقَوْلِهِ (فَلَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ
يَقِيهَا الْحِجَارَةَ) أَنَّ الْمَرْجُومَ لَا يُحْفَرُ لَهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَ (ح) وَقَالَ (ش) يُحْفَرُ لِلْمَرْأَةِ وَلَوْ حُفِرَ لَمْ يَكُنْ مُنْحَنِيًا عَلَيْهَا قَالَ ابْن دِينَار يفعل الْإِمَامُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَرَاهُ وَقَالَ أَصْبَغُ يُحْفَرُ لِلْمَرْجُومِ وَيُرْسَلُ لَهُ يَدَاهُ يَدْرَأُ بِهِمَا عَنْ وَجْهِهِ إِنْ أَحَبَّ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا زَنَى الْكَافِرُ لَمْ يُحَدَّ وَرُدَّ إِلَى أَهْلِ دينه فَإِن أعْلنُوا الزِّنَا وَشُرْبَ الْخَمْرِ نُكِّلُوا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْحَدَّ تَطْهِيرٌ لِلْكَافِرِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ بِخِلَافِ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ وَالْحِرَابَةِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّظَالُمِ حَقٌّ لِلذِّمِّيِّ فَيُقَامُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَسْلَمَ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَا بِكْرٌ وَيُجْلَدُ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْإِحْصَانِ النِّسَاءُ كَانَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَدَنِيٌّ
فَرْعٌ قَالَ إِذَا طَالَ مُكْثُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَشُهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا فَأَنْكَرَ الْإِصَابَةَ لَمْ يُرْجَمْ إِلَّا بِإِقْرَارٍ أَوْ ظُهُورِ وَلَدٍ لِعِظَمِ حُرْمَةِ الدَّم بِخِلَاف الصَدَاق فِي النكت قَالَ النِّكَاحِ الثَّابِتِ إِذَا أَخَذَتْ تَزْنِي بَعْدَ إِقَامَتِهَا مَعَ زَوْجِهَا عِشْرِينَ سَنَةً تُحَدُّ اخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ أَوْ يُحْتَمَلُ أَنِ الطول فِيهَا أَكثر فَهُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ كَمَا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَادَةَ فِي طُولِ الْمُدَّةِ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ تُطَالِبُ الْمَرْأَةُ بِهِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى حُصُولِهِ وَلَيْسَ عَادَةُ الزَّوْجِ إِظْهَارَ الْوَطْءِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ بَلِ الْفَرْقُ يَنْعَكِسُ فِي الزَّوْجِ إِذا كَانَ هُوَ الزَّانِي يُقَال لَهُ تَرْكُهَا الْقِيَامَ دَلِيلُ الْوَطْءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْوَطْءِ بَعْدَ الزِّنَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّانِي مِنْهُمَا وَرُجِمَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَلَا بِهَا إِلَّا لَيْلَةً أَوْ أَقَلَّ وَإِنِ اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّنَا لَمْ يَكُنِ الْمُقِرُّ مُحْصَنًا وَلَوْ أَقَامَ مَعَهَا الدَّهْرَ وَقَالَهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَبْلُ وَبَعْدُ أَنَّ الزَّوْجَةَ تَقُولُ قَبْلُ إِنَّمَا أَقْرَرْتُ لِتَكْمِيلِ الصَّدَاقِ أَو يَقُول الزَّوْجُ إِنَّمَا أَقْرَرْتُ لِتَكُونَ لِيَ الرَّجْعَةُ وَالْمُقِرُّ بَعْدُ مِنْهُمَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عُذْرَ لَهُ فَيَكُونُ الْآخَرُ مِثْلَهُ إِذْ لَا يَكُونُ الْوَاطِئُ مُحْصَنًا دُونَ الْمَوْطُوءِ وَلَا يُسْقِطُ إِنْكَارُهُ حداُ وَجب قَالَ اللخعي لَا يَكُونُ مُحْصَنًا بِالْعَقْدِ وَلَا بِالدُّخُولِ فِيمَا يُفْسَخُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَثْبُتُ بَعْدَ الدُّخُولِ كَانَ بِهِ مُحْصَنًا بِمَا بَعْدُ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ فَإِنْ صَحَّ الْعَقْدُ وَفَسَدَتِ الْمُلَاقَاةُ لَمْ يُحْصَنْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يُحَدُّ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ فِيهِمَا لِأَنَّ إِطْلَاقَاتِ صَاحِبِ الشَّرْعِ تُحْمَلُ عَلَى الْمَشْرُوعِ لِأَنَّهُ عَرَفَهُ وَعِنْدَ ابْنِ دِينَارٍ يُحَصَنُ وَلَا يُحَلُّ قَالَ وَلَوْ عَكَسَ لَكَانَ أَشْبَهَ لِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَمَتى تَصَادقا فِي الْإِصَابَة قبل الزِّنَا فَمُحْصَنَانِ أَوْ عَلَى نَفْيِهِ فَبِكْرَانِ وَإِنِ اخْتَلَفَا حُدَّ الْمُنْكِرُ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُقِرِّ فَقِيلَ يُرْجَمُ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ الْجَلْدِ فَإِنِ اخْتُلِفَ بعد الزِّنَا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ وَيُرْجَمَانِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِيمَا تَقَدَّمَتْ حِكَايَتُهُ فِي الثَّلَاثِ وَإِذَا غَابَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُ إِقْرَارٌ أَوْ انكار ثمَّ أَخذ الْأَخْذ لِأَنِّي فَالْجَوَابُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَاضِرِ الَّذِي لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا خَالَفَهَا وَأقر بِالْوَطْءِ قبل الزِّنَا أَو بعده فمحصنان وَإِن أنكراه بعد الزِّنَا وَلَمْ يُقِرَّا قَبْلَهُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا يُصَدَّقَانِ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَإِنْ قَرُبَ إِلَيْنَا وَقَالَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ يُصَدَّقَانِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ جِدًّا وَيُصَدَّقَانِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الرَّجْمِ وَالثَّانِي ظَاهِرُهَا فِي النِّكَاح الثَّابِت وَإِن أنكرا قبل الزِّنَا صدقا اتِّفَاقًا
فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَمَتَى كَانَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ غير بَالغ لم يكن وَاحِد مِنْهُمَا مُحْصَنًا وَهِيَ غَيْرُ بَالِغَةٍ وَحْدَهَا يُحَصَنُ دُونَهَا لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَطْءِ يَحْصُلُ مِنَ الصَّغِيرَةِ لَهُ وَلَا يَحْصُلُ لِلْمَرْأَةِ مِنَ الصَّغِيرِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا يُحْصَنُ الْحُرُّ مِنْهُمَا لِوُجُودِ الْحُرِّيَّةِ وَالزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْنُونًا يُحْصَنُ الْعَاقِلُ خَاصَّةً قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْمُعْتَبَرُ الزَّوْجُ إِنْ كَانَ عَاقِلًا فَلَا يُحْصَنُ هُوَ وَهِيَ أَيْضًا إِنْ زَنَتْ فِي إِفَاقَتِهَا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يَتَحَصَّنَا مَعًا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ صَحَّ الْعَقْدُ مِنْهُمَا أَوْ من وليهما تَحَصُّنًا مَعًا وَإِن كَانَا مجنونين فِي حِين الْبناء إِذا وَقع الزِّنَا فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَهِيَ نَصْرَانِيَّةً يُحْصَنُ دُونَهَا أَوْ مُسْلِمَةً دُونَهُ لَمْ يَكُنْ إِحْصَانًا لَهَا لِأَنَّهُ إِنْ تَزَوَّجَ وَهِيَ مُسْلِمَةٌ كَانَ فَاسِدًا أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ فَهِيَ غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بِالْفُرُوعِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ وَقْعَ الْوَطْءُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوِ الْحُرِّيَّةِ لَمْ يُعْتَبَرْ حَتَّى يَقَعَ بِعْدَهُمَا وَيُعْتَبَرُ اجْتِمَاعُ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ أَيُّهُمَا تَقَدَّمَ وَإِذَا انْفَرَدَ الْإِسْلَامُ فَهُوَ إِحْصَانٌ أَوِ الْحُرِّيَّةُ لَمْ يَكُنْ إِحْصَانًا يُعْتَبَرُ وَبِهَذَا تَجْتَمِعُ الْآيَاتُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت} وقَوْله تَعَالَى {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تابا وأصلحا فأعرضوا عَنْهُمَا} منسوختان إِجْمَاعًا وَقَوله تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} قُرِئَ أُحْصِنَّ وَأُحْصَنَّ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا فَالثَّانِي مَعْنَاهُ تَزَوَّجْنَ قَالَهُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ لِتَقَدُّمِ قَوْلِهِ {من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات} فَيَقْتَضِي أَنَّ التَّزْوِيجَ حَالَ الْعُبُودِيَّةِ لَا يُوجِبُ رجما وَلَا
جَلْدَ مِائَةٍ وقَوْله تَعَالَى {نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} أَيِ الْحَرَائِرِ الْمُسْلِمَاتِ لَا الْحَرَائِرِ الْمُتَزَوِّجَاتِ لِأَنَّ حَدَّهُنَّ الرَّجْمُ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ
نَظَائِرُ (أَرْبَعَةٌ لَا يُحْصِنَّ وَلَا تُحْصَنَّ الْأَمَةُ الزَّوْجَةُ لِلْحُرِّ تُحْصِنُهُ وَيُحْصِنُهَا وَالْكِتَابِيَّةُ وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ وَالْمَجْنُونَةُ) الطَّرَفُ الثَّانِي الرَّجْمُ فِي التنبيهان لِلرَّجْمِ عَشَرَةُ شُرُوطٍ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ وَعَدَمُ الشُّبْهَة ومعيب الْحَشَفَةِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ بَيْنَ آدَمِيَّيْنِ غَيْرِ مُكْرَهَيْنِ وَلَا جَاهِلَيْنِ وَالْإِحْصَانُ وَالْحُرِّيَّةُ وَفِي الْكِتَابِ لَمْ يَعْرِفْ مَالِكٌ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تَبْدَأُ بِالرَّجْمِ ثُمَّ النَّاسِ وَفِي الْإِقْرَارِ وَالْحَمْلِ يَبْدَأُ الْإِمَامُ بَلْ يَأْمُرُ كَسَائِرِ الْحُدُودِ وَلَا يُرْبَطُ الْمَرْجُومُ وَلَا يُحْفَرُ لَهُ وَلَا لِلْمَرْأَةِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ (رَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ) وَلَوْ كَانَ فِي حُفْرَةٍ مَا حَنَى عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ الَّتِي يُرْمَى بِمِثْلِهَا دُونَ الصُّخُورِ وَيُرْمَى حَتَّى يَمُوت وَمنع الحفرة لَازِمٌ لِأَنَّ مَاعِزًا هَرَبَ مِنَ الْحِجَارَةِ وَلَوْ كَانَ فِي حُفْرَةٍ مَا فَرَّ وَلِأَنَّ الْمَطْلُوبَ نَيْلُ الْحِجَارَةِ جَمِيعَ الْجَسَدِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ يُرْمَى بِأَكْبَرِ حَجَرٍ يَقْدِرُ الرَّامِي عَلَى حمله قَالَه فِي الْجَوَاهِر قَالَ اللَّخْمِيّ تجتنب الصُّخُورَ لِأَنَّهَا تُشَوِّهُ وَالصَّفَا لِأَنَّهَا تَطُولُ وَلَا تَخْتَصُّ بِالظَّهْرِ بَلْ مُقَابِلِ الظَّهْرِ وَغَيْرِهِ وَمِنَ السُّرَّةِ إِلَى فَوْقُ وَيُجْتَنَبُ الْوَجْهُ لِلشَّرَفِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْيَدَيْنِ للتعذيب من غير مقبل وَيُجَرَّدُ أَعْلَى الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُحْفَرُ لَهُ وَلَهَا قَالَ أَشْهَبُ إِنْ حُفِرَ لَهُ خُلِّيَتْ لَهُ يَدَاهُ وَكَذَلِكَ الْمُحَارِبُ إِذَا صُلِبَ تُرْسَلُ يَدَاهُ وَقِيلَ
يُحْفَرُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ دُونَ الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ إِنْ تَهَرَّبَ تُرِكَ وَقَدْ حَفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لِلْغَامِدِيَّةِ دُونَ مَاعِزٍ إِلَى صَدْرِهَا وَأَمْرُ الْبَيِّنَةِ بالتبدئة أحسن لِأَنَّهُ يُؤَدِّي للتثبت فِي الشَّهَادَةِ وَيُعَذِّرُ الْإِمَامُ فِي الْإِقْرَارِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ لِأَنَّهُ إِذَا رَجَعَ أَخَذَهُ بِعِلْمِهِ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ مَالِكٍ إِذَا رَجَعَ لَا يُؤْخَذُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ شَهَادَةُ اثْنَيْنِ أَوْ أَرْبَعَةٍ عَلَى الْخِلَافِ وَيُسْتَحَبُّ بِدَايَةُ الْإِمَامِ فِي الْحَمْلِ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ خِلَافٍ إِنِ ادَّعَتْ أَنَّهُ بِشُبْهَةٍ وَلَمْ تُصَدَّقْ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يُغَسَّلُ الْمَرْجُومُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَيُدْفَنُ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَيَنْزَجِرُ الْجُنَاةُ بِعَدَمِ صَلَاةِ الْأَئِمَّةِ
فَرْعٌ قَالَ إِذَا رَجَعَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ الشُّهُودِ قَبْلَ الْحَد أَو وجدا عبدا أَو مسخوطا حُدُّوا حَدَّ الْقَذْفِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ قَوْلِهِمْ فَإِنْ رَجَعَ جَمِيعُهُمْ بَعْدَ الرَّجْمِ حَدُّوهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ بِالْقَذْفِ وَالدية فِي أَمْوَالهم لأَنهم سَبَب قبله أَوْ رَجَعَ وَاحِدٌ حُدَّ وَحْدَهُ وَإِنْ عُلِمَ بَعْدَ الْحَدِّ أَنَّ أَحَدَهُمْ عَبَدٌ حُدُّوا أَوْ مسخوط لم يحد وَإِلَّا شَهَادَتُهُمْ تَمَّتْ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ فِي عَدَالَتِهِمْ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الشُّهُودَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ لِتَفْرِيطِهِ أَوْ عَلِمُوا فَعَلَى الشُّهُودِ فِي أَمْوَالِهِمْ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْعَمْدِ فَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَمَا أَخْطَأَ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ حَدِّ اللَّهِ فَبَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ دُونَ الثُّلُثِ
فَفِي مَالِهِ وَإِنْ وُجِدَ بَعْدَ الرَّجْمِ مَجْبُوبًا لَمْ يُحَدَّ الشُّهُودُ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ قَاذِفُ الْمَجْبُوبِ وَعَلَيْهِمُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِمْ وَالْأَدَبُ وَطُولُ السِّجْنِ مِنَ النُّكَتِ إِنْ رَجَعَ أَحَدُ خَمْسَةٍ فَأَكْثَرَ لَا شَيْءَ عَلَى الرَّاجِعِ لِثُبُوتِ الْحَدِّ بِالنِّصَابِ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ غَرِمَ هُوَ وَالْأَوَّلُ رُبُعَ الدِّيَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ جَمَاعَةٌ فَذَلِكَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ مَعَ الرَّابِعِ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ رَجَعَ قَبْلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ وَعَلَى هَذَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ عَلَى الرَّابِع الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْحَدُّ لِإِقْرَارِهِ أَنَّ الشَّاهِدِينَ مَعَه مُبْطل ونقذفه وَإِنَّمَا لَا يُحَدُّ قَاذِفُ الْمَجْبُوبِ إِذَا جُبَّ قَبْلَ الِاحْتِلَامِ وَكَذَلِكَ الشُّهُودُ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ رَأَيْنَاهُ يَزْنِي قَبْلَ جَبِّهِ وَلَوْ قَالُوا بَعْدَ جَبِّهِ لَمْ يُحَدُّوا لِأَنَّهُ هَذَيَانٌ فَيَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهِمْ وَقِيلَ الْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَالَتِ الْبَيِّنَةُ تَعَمَّدْنَا شَهَادَةَ الزُّورِ حَتَّى قتل لَا يقتلُون قَالَه ان الْقَاسِمِ لِأَنَّ غَيْرَهُمُ الْمُبَاشِرُ وَكَذَلِكَ الْقَطْعُ وَالْقِصَاصُ وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ يُقْتَلُونَ وَإِنْ عُلِمَ بَعْدَ الْحَدِّ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ أَعْمَى وأو وَلَدُ زِنًا حُدَّ الشُّهُودُ أَجْمَعُ الْأَحْرَارُ وَالنَّصْرَانِيُّ ثَمَانُون وَالْعَبْد أَرْبَعُونَ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقِصَاصِ فِي الْيَدِ عبدا أَو مِمَّن لَا تجوز شَهَادَته لَمْ يَكُنْ عَلَى مُتَوَلِّي الْقَطْعِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ فَإِنْ ظَهَرَ قَبْلَ رَجْمِ الْمَرْأَة أَن أحدهم زَوجهَا خلد الثَّلَاثَةُ وَلَاعَنَ الزَّوْجُ فَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ جُلِدَ لِأَنَّ الزَّوْجَ خَصْمٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ بَعْدَ رَجْمِهَا لَاعَنَ الزَّوْجُ فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ دُونَ الثَّلَاثَةِ لَاعَنَ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الزُّورَ لِيَقْتُلَهَا وَهُوَ يعلم أَن شَهَادَتهم كذب وفلا يَرِثُ وَيُحَدُّ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدِ الزُّورَ وَإِنَّمَا لَمْ تُحَدَّ الْبَيِّنَةُ لَاعَنَ أَمْ لَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قَدْ تَمَّتْ وَالزَّوْجُ كَالْمَسْخُوطِ وَكَالرَّاجِعِ مِنْهُم بعد الرَّجْم وَعَن أَسْبغ عَن التعن بعد الرَّحِم لم يحدوا وَإِلَّا حدوا وَالْأول لِابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ عَلَى الزَّوْج
مِنْ دِيَّتِهَا شَيْءٌ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ وَلَا عَلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَطَأٍ صُرَاحٍ وَإِنْ قدفها أحد بعد زنا الزوح حد وَلَا ينْتَظر ملاعنة الزوح قَالَ مُحَمَّدٌ تُرْجَمُ بِذَلِكَ إِنْ لَمْ تَدْفَعْهُ بِاللِّعَانِ وَإِنْ قَذَفَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّ لِعَانَ الزَّوْجِ وَاجَبٌ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ رَجَعَتِ الْبَيِّنَةُ قَبْلَ الْحَدِّ وَبَعْدَ الْحُكْمِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَامُ الْحَدُّ وَيَغْرَمُونَ الدِّيَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ (وَهُوَ فِي مَعْنَى الْعَمْدِ وَعَنْهُ لَا يُرْجَمُ لِحُرْمَةِ الْقَتْلِ وَكَذَلِكَ الْقَطْعُ وَعَنْ أَشْهَبَ الْقَوْلَانِ وَعَنْهُ يُقْتَصَرُ عَلَى أَدْنَى الْحَدَّيْنِ فَيُضْرَبُ وَيُغَرَّبُ وَلَا يُقْطَعُ فِي سَرِقَةٍ وَلَا قِصَاصٍ وَيُغَرَّمُ الْعَقْلَ فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ شُبْهَةٌ وَلِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ وَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَ الْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ وَاعْتَرَفُوا بِالْعَمْدِ فَيُخْتَلَفُ هَلْ يُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَة وَعشْرين على القَوْل بِالْقصاصِ فِي الرَّحِم أَن عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَيُزَادُ فِي عُقُوبَتِهِمُ التَّغْرِيبُ إِلَّا أَنْ يَرْجِعُوا قَبْلَ أَنْ يُغَرَّبَ وَيُضْرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ الْقَذْفَ ثَمَانِينَ لِلْقَذْفِ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ وَرُجُوعُ أَحَدِهِمْ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ رَجَعَ بَعْدَ الْحَدِّ جُلِدَ وحجه (دُونَ الثَّلَاثَةِ وَإِلَيْهِ رَجَعَ عَنْ جَلْدِ جَمِيعِهِمْ وَقِيلَ فِي ظُهُورِ عَبْدٍ مَعَهُمْ لَا شَيْءَ عَلَى الْحَاكِمِ وَعَلَى الشُّهُودِ إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ عَبَدٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ عَلِمُوا وَجَهِلُوا رج شَهَادَةَ الْعَبْدِ قَالَ وَإِنْ عَلِمَ الْعَبْدُ وَحْدَهُ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَجُوزُ فَهِيَ جِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ وَإِنْ عَلِمُوا ذَلِكَ كُلُّهُمْ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَربَاعًا لاشتراكهن فِي تعمد الْجِنَايَة وَقَالَهُ أَبُو مُصعب وَإِن وجد مجبوببا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَإِنْ قَالَ زَنَيْتَ وَأَنْتَ مَجْبُوبٌ حُدَّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ بِقَوْلِهِ وَأَنْتَ مَجْبُوبٌ كَقَوْلِهِ زَنَيْت وَأَنت نَصْرَانِيَّة أَو وَأَنت صَغِيرَة
فرع فِي الْكِتَابِ إِنْ أَقَرَّ الْقَاضِي بِتَعَمُّدِ الْقَتْلِ أوالقطع أَوْ غَيْرِهِ أُقِيدَ مِنْهُ
فَرْعٌ فِي النُّكَتِ لَا تُمْهَلُ الْمَرْأَةُ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ حَتَّى يَكُونَ حَمْلًا ظَاهِرًا فَحِينَئِذٍ يُؤَخَّرُ الرَّجْمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا فَتُسْتَبْرَأُ لِأَنَّ طَالِبَ النُّطْفَةِ قَائِمٌ الطَّرَفُ الثَّالِثُ الْجَلْدُ فِي التَّنْبِيهَاتِ لَهُ ثَمَانِيَةُ شُرُوطٍ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ وَعَدَمُ الشُّبْهَةِ وَمَغِيبُ الْحَشَفَةِ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ مِنْ آدَمِيَّيْنِ مِنْ غَيْرِ إِكْرَاهٍ وَلَا جَهْلٍ بِالتَّحْرِيمِ وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ اخْتِلَافٌ وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مائَة جلدَة} وَفِي الْكِتَابِ يُضْرَبُ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا عَلَى الظَّهْرِ وَيُجَرَّدُ الرَّجُلُ فِي الْحَدِّ وَالنَّكَالِ مِنَ الثِّيَابِ وَيُقْعَدُ وَلَا يُقَامُ وَلَا يُمَدُّ وَتُقْعَدُ الْمَرْأَةُ وَلَا تُجَرَّدُ مِمَّا لَا يَقِيهَا الضَّرْبَ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ فِي الْغَامِدِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَيُنْزَعُ مَا يَقِيهَا كاللبد وَنَحْوه وأعجب مَالِكًا أَن تجْعَل فِي القفة للستر وَصفَة الْجلد فِي الْحُدُود وَالتَّعْزِير وَاحِد لَا مُبَّرِحٌ وَلَا خَفِيفٌ وَلَا يُجْزِئُ فِي الْحَدِّ قَضِيبٌ وَلَا شِرَاكٌ وَلَا دِرَّةٌ بَلِ السَّوْطُ وَدِرَّةُ عُمَرَ رضي الله عنه إِنَّمَا كَانَت للتأديب وكانيجلد بِالسَّوْطِ وَعَلَيْكَ طَاعَةُ الْإِمَامِ الْعَادِلِ الْعَارِفِ بِالسُّنَّةِ فِي الْقَتْلِ وَالْحُدُودِ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ ذَلِكَ إِلَّا من قَوْله كَقَوْلِه تَعَالَى {وأولي الْأَمر
مِنْكُم} دُونَ الْجَائِزِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - (أَطِيعُوهُمْ مَا أَطَاعُوا اللَّهَ فِيكُمْ) إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ صِحَّةُ ذَلِكَ وَعَدَالَةُ الْبَيِّنَةِ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَقَعَ فِي الْكِتَابِ أَمَرَ الْإِمَامُ بِقَطْعٍ فِي خَرَابَةٍ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ سَرِقَةُ الْإِبِلِ خَاصَّةً وَالْمُهْمِلَةِ وَهِيَ الْحِرَابَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُجْلَدُ الْحُرُّ وَالْحُرَّةُ مِائَةً وَالْعَبْدُ وَمَنْ فِيهِ عَلَقَةُ رِقٍّ خَمْسِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ من الْعَذَاب} بِسَوْطٍ بَيْنَ سَوْطَيْنِ لَا جَدِيدٌ وَلَا بَالٍ بِضَرْبٍ بَيْنَ ضَرْبَيْنِ فِي زَمَانٍ بَيْنَ زَمَانَيْنِ مِنْ رَجُلٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لَا بِالْقَوِيِّ وَلَا بالضعيف وَفِي الْمُوَطَّأ (اعْترف رجل بِالزِّنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فدعى رَسُول الله بِسَوْطٍ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ فَقَالَ فَوْقَ هَذَا فَأتي بِسَوْط جَدِيد لم تقطع ثَمَرَتُهُ فَقَالَ بَيْنَ هَذَيْنِ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ قَدْ رَكِبَ بِهِ وَلَانَ فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ وَلَا يَضَعُ سَوْطًا فَوْقَ سَوْطٍ وَيُعْطَى كُلُّ عُضْوٍ حَقَّهُ إِلَّا الْوَجْهَ وَالْفَرْجَ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي الصَّحِيحَيْنِ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ لَمَّا قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِشريك بن سَحْمَاء
(أَرْبَعَةً وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ) وَتُجْعَلُ الْمَرْأَةُ فِي قفة بهَا تُرَاب وَمَاء فَإِن حدث مِنْهَا شَيْءٌ خُفِيَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُجَرَّدُ فِي التَّعْزِيرَاتِ إِذَا بَلَغَتْ لِلْحُدُودِ وَفِي الْخَفِيفِ عَلَى ثِيَابِهِ وَفَوْقَ رَأْسِهِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يجمع عَلَيْهِ بَين حد الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ إِلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ فيجتهد فِي التَّفْرِيقِ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ أُخِّرَ كَمَا يُؤَخَّرُ السَّارِقُ لِلْبَرْدِ وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ للبرد وَالْحر وَيبدأ حد الزِّنَا عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا عَفْوَ فِيهِ وَتُؤَخَّرُ الْحَامِلُ حَتَّى تَضَعَ وَتَسْتَقِلَّ مِنَ النِّفَاسِ وَتُؤَخَّرُ الْمُحْصَنَةُ حَتَّى تَضَعَ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْوَلَدُ مُرْضِعَةً فَهِيَ تُرْضِعُ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ (أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ حَامِلٌ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - اذْهَبِي حَتَّى تَضَعِي فَلَمَّا وَضَعَتْهُ جَاءَتْهُ فَقَالَ اذْهَبْ حَتَّى ترضعيه لفما أَرْضَعَتْه جَاءَتْهُ فَقَالَ لَهَا عليه السلام اذْهَبْ فَاسْتَوْدِعِيهِ فَاسْتَوْدَعَتْهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ) وَإِنِ ادَّعَتِ الْحَمْلَ أَوْ قَالَتِ الْبَيِّنَةُ رَأَيْنَاهَا تَزْنِي مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ صَدَّقْنَهَا لَمْ يُعَجَّلْ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا وَتُقَدَّمُ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْقِصَاصِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ أُقِيمَ عَلَيْهِ مَا لِلنَّاسِ وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ لِمَرَضٍ أُخِّرَ حَتَّى يَبْرَأَ وَإِنْ سَرَقَ وَزَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ رُجِمَ وَلَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ الْقَطْعَ يَدْخُلُ فِي الْقَتْلِ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِنِسْوَةٍ أَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَحَدٌّ وَاحِدٌ أَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا وَهُوَ بِكْرٌ ثُمَّ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ أَجَزَأَهُ الرَّجْمُ وَكُلُّ حَدٍّ لِلَّهِ أَوْ قِصَاصٍ اجْتَمَعَ مَعَ قَتْلٍ أَجَزَأَ الْقَتْلُ إِلَّا فِي حَدِّ الْقَذْفِ يُقَامُ قَبْلَ الْقَتْلِ لِحُجَّةِ الْمَقْذُوفِ فِي عَارِ الْقَذْفِ إِنْ لَمْ يُجْلَدْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا زَنَى وَقَذَفَ ضُرِبَ أَكْثَرَ الْحَدَّيْنِ مِائَةً وَأَجْزَأَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ إِذَا قَذَفَ وَشَرِبَ أَوْ قَذَفَ جَمَاعَةً هَلْ حَدٌّ وَاحِدٌ أَمْ لَا وَإِنْ سَرَقَ وَقَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ قُطِعَ لِلسَّرِقَةِ تَقَدَّمَتْ أَوْ تَأَخَّرت
لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَدْخُلُهُ الْعَفْوُ وَلَو قتل ثمَّ قتل وَلَيْسَ وَلَيْسَ لأحد الْأَوْلِيَاء مَا وَلَا دِيَةٌ لِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَ يَمِينَهُ ثُمَّ ذَهَبَتْ يَمِينُ الْقَاطِعِ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْطُوعِ يَدُهُ شَيْءٌ وَإِنَّ يَمِينَهُ من الرسغ وسرق وَقَطَعَ قُطِعَ مِنَ الرُّسْغِ وَسَقَطَ يَمِينُ الْمَقْطُوعِ أَوْ مِنَ الْمِرْفَقِ ثُمَّ سَرَقَ قُطِعَ مِنَ الْمِرْفَقِ وَدَخَلَ فِيهِ الْقَطْعُ لِلسَّرِقَةِ لِأَنَّ مَقْصُودَ قَطْعِ السَّرِقَةِ النَّكَالُ بَيْنَ النَّاسِ لَا الْأَلَمُ بِالْقَطْعِ وَإِنْ سَرَقَ وَحَارَبَ وَرَأَى الْإِمَامُ قَطْعَهُ فِي الْحِرَابَةِ دَخْلَ قَطْعُ السَّرِقَةِ فِيهَا أَوْ نَفْيَهُ أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّيْنِ أَوْ قَتْلَهُ لَمْ يُقْطَعْ لِلسَّرِقَةِ وَإِنْ سَرَقَ وَقَتَلَ بِحِرَابَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ قُتِلَ وَلَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ زَنَى وَحَارَبَ أَجَزَأَ الرَّجْمُ فِي الثَّيِّبِ أَوْ بِكْرًا قُتِلَ بِالسَّيْفِ إِنْ رَأَى الْإِمَامُ قَتْلَهُ لِلْحِرَابَةِ أَوْ رَأَى قَطْعَهُ أَوْ نَفْيَهُ أَقَامَ الْحَدَّيْنِ وَإِنَّ زَنَى وَقَتَلَ أَجَزَأَ الرَّجْمُ وَلَا مَقَالَ لِلْأَوْلِيَاءِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ مُحْصَنٍ قُتِلَ وَلَمْ يُجْلَدْ للزِّنَا وَإِنْ قُتِلَ فِي الْحِرَابَةِ وَأُخِذَ فِي الْعَدَاوَةِ أَوْ غِيلَةً قُتِلَ لِلْحِرَابَةِ وَالْغِيلَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْأَوْلِيَاءِ مَقَالٌ فِي عَفْوٍ وَلَا دِيَةٍ وَإِنْ زَنَى الْمُحْصَنُ أَوْ قَتَلَ فِي حِرَابَةٍ أَوِ افترى على رجل حد للفرية لِتَنْدَفِعَ الْمَعَرَّةُ ثُمَّ قُتِلَ وَإِنْ قَطْعَ يَمِينَ رجل يقتل لِلْحِرَابَةِ وَلَمْ يُقْطَعْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَأَرَى أَنْ يُقْطَعَ ثُمَّ يُقْتَلَ لِيَسْتَشْفِيَ بِالْقَطْعِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمَحْدُودُ ضَعِيفَ الْجِسْمِ يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ سَقَطَ حَدُّ السَّرِقَةِ وَعُوقِبَ وسحن وَفِي الْقِصَاصِ يُرْجَعُ لِلدِّيَةِ وَيُخْتَلَفُ هَلْ فِي مَالِ الْجَانِي أَوِ الْعَاقِلَةِ وَفِي الْقَذْفِ يُفَرَّقُ الضَّرْب عَلَيْهِ وقتا بعد وَقت وَكَذَلِكَ الزِّنَا وَالشرب وَيبدأ بِحَدّ الزِّنَا عَلَى الْقَذْفِ إِذَا اجْتَمَعَا وَإِنَّ كَانَ الْحَقَّانِ لِآدَمِيٍّ كَقَذْفِ هَذَا وَقَطْعِ هَذَا اقْتَرَعَا أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ إِنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يُكْمِلُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أُقِيمُ عَلَيْهِ الْأَدْنَى مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ أَوْ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ قُدِّمَ غلا أَن لَا يَحْتَمِلَ إِلَّا حَقَّ الْآدَمِيِّ
وَيُؤَخَّرُ الْآخَرُ لِوَقْتٍ لَا خَوْفَ فِيهِ وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ دَائِمًا وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى جَلْدٌ ابْتُدِئَ بِهِ مُفَرَّقًا ثُمَّ مَا لِلْآدَمِيِّ وَمَتَى تَقَدَّمَ لِلْمَرْأَةِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا مِنْ يَوْمِ زَنَتْ انْتُظِرَ حَمْلُهَا وَإِلَّا حُدَّتْ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ مُضْغَة لَا حُرْمَةَ لَهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ زَوْجٍ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا خُيِّرَ فِي قِيَامِهِ بِحَقِّهِ فِي الْمَاءِ أَوْ يُسْقِطُ حَقَّهُ فَتُحَدُّ قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى كُلِّ سَبَبٍ مُسَبِّبُهُ فَكل إِيلَاجَةٍ أَوْ نُقْطَةٍ مِنَ الْخَمْرِ سَبَبٌ لِلْحَدِّ لَكِنْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى التَّدَاخُلِ رِفْقًا بِالْعِبَادِ وَلِأَنَّهَا أُمُورٌ مُهْلِكَةٌ فَهِيَ أَوْلَى بِالتَّدَاخُلِ مِنْ غَيْرِهَا وَالتَّدَاخُلُ وَاقِعٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِتَّةِ مَوَاطِنَ فِي الطَّهَارَةِ إِذَا تَكَرَّرَتِ الْأَسْبَابُ أَوِ اجْتمعت كالغائط وَالْمُلَامَسَة وَالْحَدَث الْأَغَر مَعَ الْجَنَابَةِ وَالْجَنَابَةِ مَعَ الْحَيْضِ وَفِي الصَّلَاةِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ مَعَ الْفَرْضِ وَفِي الصِّيَامِ كَصِيَامِ الِاعْتِكَافِ مَعَ رَمَضَانَ وَفِي الْكَفَّارَاتِ إِذَا وَطِئَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مِرَارًا عَلَى الْخِلَافِ وَالْحَجِّ كطواف الْعمرَة فِي حق الْقَارِن وَفِي الْحُدُود إِذَا تَكَرَّرَ النَّوْعُ الْوَاحِدُ وَاخْتَلَفَ السَّبَبُ لَكِنَّ الْمُسَبِّبَ وَاحِدٌ كَالشُّرْبِ وَالْقَذْفِ وَالْأَمْوَالِ كَدِيَةِ الْأَعْضَاءِ مَعَ دِيَةِ النَّفْسِ وَالصَّدَقَاتِ فِي وَطْءِ الشُّبَهَاتِ وَيَدْخُلُ الْأَوَّلُ فِي الْأَخِيرِ كَالْجِنَايَةِ مَعَ الْحَيْضِ وَالْأَعْضَاءِ مَعَ النَّفْسِ وَالْأَخِيرُ فِي الْأَوَّلِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَالطَّرَفَانِ فِي الْوَسَطِ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَقِيمَةُ الْمَغْصُوبِ إِذَا هَلَكَ هَلْ يَلْزَمُ الْحَالَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ إِنْ كَانَتْ أَعْلَى صَدَاقًا أَوْ قِيمَةً أَوْ لَا يَلْزَمُ إِلَّا الْأَوَّلُ (وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَ (ش) يَعْتَبِرُ أَفْضَلَ الْحَالَاتِ وَيَنْدَرِجُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ كَالْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ وَالْأُولُ فِي الْأَكْثَرِ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ مَعَ النَّفْسِ وَهَذَا كُلُّهُ لُطْفٌ مِنَ الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ وَإِلَّا فَالْأَصْل مَا
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يُقِيمُ السَّيِّدُ الْحَدَّ عَلَى عَبده فِي الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ دُونَ السَّرِقَةِ لِأَنَّهَا مُثْلَةٌ وَلَا يقيمه إِلَّا الْوَلِيُّ فَإِنْ قَطْعَهُ السَّيِّدُ وَالْبَيِّنَةُ عَادِلَةٌ وَأَصَابَ وَجْهَ الْقَطْعِ عُوقِبَ لِلتَّعَدِّي وَلَا يُحَدُّ فِي الزِّنَا إِلَّا بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ غَيْرَ السَّيِّدِ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ أَحَدَهُمْ رَفَعَهُ لِلْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ إِذَا لَمْ تتمّ لشهادة إِلَّا بِهِ رَفْعَهُ لِمَنْ فَوْقَهُ فَيَشْهَدُ عِنْدَهُ أَوْ رَفَعَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ أَوْ لِنَائِبِهِ وَيُقِيمُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ حَدَّ السَّرِقَةِ بِشَهَادَةِ السَّيِّدِ مَعَ آخَرَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَلَا يُقِيمُ السَّيِّدُ حَدَّ الزِّنَا عَلَى أَمَتِهِ وَلَهَا زَوْجٌ حَتَّى يَرْفَعَهُ لِلْإِمَامِ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ قَصَاصًا حَتَّى يَرْفَعَهُ لِلْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ جَرَحَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلهُ الْقصاص مُرَاجَعَةِ الْإِمَامِ وَلَا يُقِيمُ الْحُدُودَ وُلَاةُ الْمِيَاهِ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْدَرِجْ فِي وِلَايَاتِهِمْ وَيُجْلَبُ لِلْأَمْصَارِ وَلَا يُقَامُ فِي مِصْرَ إِلَّا فِي الْفُسْطَاطِ أَو بِأَمْر واليها قَالَ أَبُو يُونُسَ يُحْضِرُ السَّيِّدُ فِي الْخَمْرِ وَالْفِرْيَةِ رَجُلَيْنِ وَفِي الزِّنَا أَرْبَعَة عدُول قَالَ مَالِكٌ لَعَلَّهُ يُعْتَقُ فَيُحَدُّ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ برد شَهَادَته وامتنعت إِقَامَته فللسرقة لِأَنَّهَا ذَرِيعَةٌ لِلتَّمْثِيلِ بِهِ وَيَدَّعِي أَنَّهُ سَرَقَ وَلَا يحكم السَّيِّد بِعِلْمِهِ كَالْحكمِ وَعَنْهُ يَجْلِدُهُ بِعِلْمِهِ لِعَدَمِ اتِّهَامِهِ فِي إِضْرَارِهِ بِمَالِهِ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ فِي الْأَمَةِ إِذَا كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِغَيْرِهِ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْفِرَاشِ وَمَا يَحَدُثُ مِنْ وَلَدٍ بِخِلَافِ الزَّوْجِ عَبْدِ السَّيِّدِ قَالَ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ وَغْدًا لَا يَلْحَقُهُ عَيْبُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ فِي عَبْدِهَا وَقد حدت
فَاطِمَة بنت رَسُول الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَمْلُوكَهَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ (إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَحُدَّهَا وَلَا يُثَرِّبُ عَلَيْهَا) الْحَدِيثَ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَحُدُّهَا إِذَا كَانَ زَوجهَا غير عَبْدَهُ إِلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ التَّأْدِيبَ بِعِلْمِهِ وَإِذَا قَطَعَ الَّذِي اقْتَصَّ مِنْهُ قَالَ وَأَرَى إِنْ أَنْكَرَ وَشَهِدَ عَدْلٌ لَا يُعْتَقُ لِأَنَّهَا شُبْهَةٌ تَنْفِي عَنْهُ التَّعَدِّيَ قَاعِدَةٌ: التَّكَالِيفُ فِي النَّاسِ قِسْمَانِ عَامٌ فِي النَّاسِ كَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَخَاصٌّ بِبَعْضِ النَّاسِ كَالْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ تَخْتَصُّ بِالْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ لِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ فَسَدَ حَالُ الرَّعِيَّةِ بِثَوَرَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْغِيَاثِيِّ فَإِنْ شَغَرَ الزَّمَانُ مِنَ الْإِمَامِ انْتَقَلَ ذَلِكَ لِأَعْلَمِ النَّاسِ وَأَفْضَلِهِمْ دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْفَسَادِ تَنْبِيهٌ: وَافَقَنَا (ش) وَأَحْمَدُ فِي السَّيِّدِ وَخَالَفَنَا (ح) لَنَا مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ عليه السلام (أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ توزيجه بِغَيْر قرشية فيحده كَالْإِمَامِ وَلِأَنَّهُ يؤدبه فيجده كَالْإِمَامِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَا يَتَوَلَّاهُ السَّيِّدُ بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ وَلِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَأَوْضَاعٌ
وَمَقَادِرُ فِي الْعَدَدِ وَالْهَيْئَةِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَقِيَاسًا على الْحر وَالْجَوَاب عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلَّهِ فَفِيهِ اسْتِصْلَاحُ الْعَبْدِ وَهُوَ حَقُّ لِلسَّيِّدِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِتَعْزِيرِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ وَالزَّوْجِ امْرَأَته مَعَ احْتِيَاجه للإجتهاد
فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ فِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ اشْتَرَاهَا حَامِلًا فَعَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يحدها فَهُوَ فس سَعَة أَن لَا يَحُدَّهَا فَإِنْ زَنَى عَبْدُهُ يَحُدُّهُ بِغَيْرِ السَّوْطِ قَالَ مَالك يُقَامُ الْحَدُّ إِلَّا بِالسَّوْطِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ ضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ عَلَى ظَهْرِهِ أَجْزَأَ وَمَا هُوَ بالبين
فرع قَالَ الْحُدُودُ كُلُّهَا تُعْلَنُ وَالنَّاسُ فِيهَا كُلُّهَا سَوَاءٌ خِلَافًا لِ (ح) فِي قَوْلِهِ فِي الزِّنَا أَشَدُّ لِأَنَّ مَفْسَدَتَهُ أَعَظُمُ جَوَابُهُ أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَدِ قُبَالَةَ زِيَادَةِ الْمَفْسَدَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الحكم يسْتَحبّ أَن يُقَام قُدَّام القَاضِي لَيْلًا يتَعَدَّى فِيهَا ويختار للجلد الرجل الْعدْل لَيْلًا يستد فِي الضَّرْبِ أَوْ يُرْخِي قَالَهُ مَالِكٌ وَعَنْ مَالِكٍ يُخَفَّفُ فِي حَدِّ الْخَمْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَفِي الْجلاب يَنْبَغِي للْإِمَام إِحْضَار حد الزِّنَا طَائِفَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْأَحْرَارِ الْعُدُولِ أَرْبَعَةً فَصَاعِدًا وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ فِي عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ}
الطّرف الرَّابِع: التَّغْرِيب وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ عليه السلام (الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ رَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ) وَفِي الْكِتَابِ لَا تُغَرَّبُ النِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ وَيُنْفَى الْحر فِي الزِّنَا وَيَبْقَى فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُنْفَى إِلَيْهِ سَنَةً وَفِي الْحِرَابَة حَتَّى تعرف ثوبته وَوَافَقَنَا (ح) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ش) تُغَرَّبُ النِّسَاءُ وَلَهُ فِي الْإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ قَوْلَانِ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عَلَيْهِ اللَّام لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحَصِنْ فَقَالَ عليه السلام (إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثمَّ إِن زنت فاجلدوها ثمَّ إِن زنت فاجلدوها ثمن إِنَّ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ وَلَوْ كَانَ تَغْرِيبٌ لَذَكَرَهُ عليه السلام لِأَنَّ جَوَابَهُ تَمْهِيدُ قَاعِدَة وتأسيس لحكم لَا يَتْرُكُ مِنْ شَأْنِهِ شَيْئًا وَفِي النِّسَاءِ مَعَهُنَّ قَوْله تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مائَة جلدَة} وَلَمْ يَذْكُرْ تَغْرِيبًا أَجَمَعْنَا عَلَى تَخْصِيصِهِ بِالْمُحْصَنِ مِنَ الْأَحْرَارِ بَقِيَ حُجَّةً فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّ التَّغْرِيبَ فِي الرَّجُلِ لِيَنْقَطِعَ عَنْ مَعَاشِهِ وَتَلْحَقُهُ الذِّلَّةُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ وَالْمَرْأَةُ لَا مَعِيشَةَ لَهَا وَيَجِبُ حِفْظُهَا وَضَبْطُهَا عَنِ الْفَسَادِ وَفِي تَغْرِيبِهَا إِعَانَة على فَسَادهَا وتعرضها للزِّنَا فِي الرَّقِيقِ حُقُوقُ السَّادَاتِ فِي الْخِدْمَةِ فَيَتَأَذَّى بِالتَّغْرِيبِ غَيْرُ الْجَانِي احْتَجُّوا بِحَدِيثِ (الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ)
وَهُوَ عَامٌّ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَا وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ إِنْ غُرِّبَتْ مَعَ مَحْرَمٍ غُرِّبَ مَنْ لَيْسَ بِزَانٍ أَوْ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ خُولِفَ قَوْلُهُ عليه السلام (لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) وَمَنَعَ (ح) التَّغْرِيبَ مُطْلَقًا لَنَا عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ احْتَجَّ بِأَنَّ الْقُرْآنَ أَثْبَتَ الْحُدُودَ بِغَيْرِ تَغْرِيبٍ فَلَوْ ثَبَتَ التَّغْرِيبُ بِالسُّنَّةِ لَكَانَ زِيَادَةً عَلَى النَّصِّ وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ وَنَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ غَيْرُ جَائِزٍ وَالْجَوَابُ مَنْعُ أَنَّ الزِّيَادَةَ نَسْخٌ وَفِي النكت إِنَّمَا فرق بَين الزِّنَا وَالْحِرَابَةِ لِأَنَّ الْمُحَارِبَ جَاهَرَ بِالظُّلْمِ وَعَظُمَ ضَرَرُهُ فَاشْتُرِطَتْ تَوْبَتُهُ بِخِلَافِ الزَّانِي وَتُحْسَبُ السَّنَةُ مِنْ يَوْمِ حُبِسَ وَنَفَقَةُ حَمْلِهِ وَحَمْلِ الْمُحَارِبِ وَحَسْبُهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَإِنْ أُعْدِمَا فَبَيْتُ الْمَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ كَانَ يُنْفَى عِنْدَنَا إِلَى فَدَكَ وَخَيْبَرَ وَنَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - الْمُخَنَّثِينَ قَالَ وَهُوَ رَأْيٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَى الْمَوْضِعِ الْقَرِيبِ وَلَا يُحْبَسُ وَيُتْرَكُ الْيَوْمَ بَعْدَ الْأَيَّامِ لِلْمَسْأَلَةِ وَالْمَعَاشِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ كُلُّ مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَنَحْوِهَا وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مَالِكٍ يُنْفَى مِنْ مِصْرَ إِلَى الْحِجَازِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَسْوَانَ وَدُونَ ذَلِكَ حَيْثُ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الاغتراب وَلَا يكثر الْبعد لَيْلًا يَتَعَذَّرَ وَصُولُ مَنْفَعَةِ مَالِهِ وَأَهْلِهِ إِلَيْهِ وَيُكْتَبُ إِلَى وَالِي الْبَلَدِ بِسَجْنِهِ سَنَةً عِنْدَهُ وَيُؤَرِّخُ يَوْمَ سَجْنِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِن عَام الْمغرب أخرجناه ثَانِيًا
(الْجِنَايَةُ الرَّابِعَةُ)
الْقَذْفُ وَأَصْلُهُ الرَّجْمُ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي الرَّجْمِ بِالْمَكَارِهِ فَمِنَ الْحَقِيقَة قَوْله تعلى {ويقذفون من كل جَانب دحورا}
(الْبَاب الأول فِي أَلْفَاظ الْقَذْف)
وَهِيَ قِسْمَانِ قَذْفٌ وَنَفْيٌ وَكِلَاهُمَا قِسْمَانِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي صَرِيح الْقَذْف
وَهُوَ الرَّمْيُ بِالزِّنَا أَوِ اللِّوَاطِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَجِبُ الْحَدُّ بِذَلِكَ دُونَ الرَّمْيِ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ مِنَ الْقَتْلِ وَالْكُفْرِ لِأَنَّهُ لَا يقدر أَن يُقيم بَيِّنَة على عدم الزِّنَا فِي الزَّمَان الْمَاضِي وَلَيْسَ بشئ لِأَنَّهُ مُشْتَرِكُ الْإِلْزَامِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى إِثْبَاتِ نَفْيِ الْقَتْلِ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي إِلَّا أَنْ يَقُولَ يَقْدِرُ بِأَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيُقَالُ لَهُ وَكَذَلِكَ يُثْبِتُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي بَلَدٍ آخَرَ غَيْرَ الَّذِي قذفه بِالزِّنَا بِهِ إِنْ قَيَّدَهُ كَمَا قَيَّدَ الْقَتْلَ وَإِنْ تَعَذَّرَ فِي الْفَصْلَيْنِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ تَعْيِينَ هَذَيْنِ لِلْقَذْفِ دُونَ غَيْرِهِمَا يَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ وَفِي الْكتاب إِذا
رَمَاه بلواط أَو وزنا حد أَو ببهيمة أدب لِأَن آتِي البيهمة لَا يُحَدُّ وَإِنْ قَذْفَهُمَا ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا زَنَيَا حَالَةَ الصِّبَا أَوِ الْكُفْرِ حُدَّ لِأَن هَذَا لَيْسَ بزنا وَإِن قَالَ لَهما وَقد عتقا زينتما حَالَ رِقِّكُمَا أَوْ قَالَ يَا زَانِيًا ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَة أَنَّهُمَا زَنَيَا حَالَةَ رِقِّهِ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ فِي الرِّقِّ زَنَى فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً حُدَّ لِكَذِبِهِ ظَاهِرًا وَمَنْ رَمَى وَاطِئَ أَمَةٍ يَلْحَقُهُ بِذَلِكَ النَّسَبُ أَوِ امْرَأَتِهِ حَائِضًا حُدَّ الْقَاذِفُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِزِنًى وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِيَة فَقَالَت بك زَنَيْت حدت للزِّنَا وَلِلْقَذْفِ لِلِاعْتِرَافِ إِلَّا أَنْ تَرْجِعَ فَتُحَدُّ لِلْقَذْفِ وَلَا يُحَدُّ الرَّجُلُ لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ أَوْ قَالَ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَقَالَ أَرَدْتُ جَدَّةً لَهُ لِأُمِّهِ وَقَدْ عُرِفَتْ بِذَلِكَ حَلَفَ مَا أَرَادَ غَيْرَهَا وَيُعَزَّرُ لِلْأَذِيَّةِ وَلَا يُحَدُّ لِأَنَّ الْمَقُولَ لَهُ يُصَدِّقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ ابْنُ جَدَّتِهِ وَكُلُّ مَنْ أدنى زَانِيَةً نُكِّلَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَالَ يَا لُوطِيُّ أَوْ يَا فَاعِلَ فِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ حُدَّ وَلَيْسَ لِلْقَاذِفِ تَحْلِيفُ الْمَقْذُوفِ مَا زَنَى وَإِنْ عَلِمَ الْمَقْذُوفُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ زَنَى فَحَلَالٌ لَهُ أَنْ يُحَدَّهُ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عِرْضَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَالَ زَنَيْتَ فِي صِغَرِكَ أَوْ رِقِّكَ فِي غَيْرِ مُشَاتِمَةٍ لَمْ يحد إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُحَدُّ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِذَلِكَ زَانِيَةً وَمَنْ قَذَفَ مُسْتَكْرَهَةً حُدَّ وَإِنْ قَالَ كُنْتُ فِي نصرانيتك قذفتك بِالزِّنَا فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا سَأَلَهَا الْعَفْوَ أَوْ أَخْبَرَ بِهِ عَلَى وَجْهِ النَّدَمِ لَمْ يُحَدَّ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ عُذْرٌ حُدَّ وَقَالَ أَشْهَبُ إِن كَانَ فِي مُشَاتَمَةٍ حُدَّ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ النِّكَايَةِ بذلك وَإِن
وطئ أمة لَهُ مَجُوسِيَّة فقذفه أحد بِالزِّنَا حد لِأَنَّهُ لَا يحد من وطئ الْمَجُوسِيَّةَ وَإِنْ قَالَ لِمَجْنُونٍ حَالَ جُنُونِهِ يَا زَانٍ حُدَّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَجْنُونًا مِنَ الصِّغَرِ إِلَى الْكِبَرِ لَمْ يَفِقْ لِأَنَّهُ لَا يلْحقهُ إِثْم الزِّنَا حِينَئِذٍ وَإِذَا قَالَ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ بِكَ زَنَيْتُ قَالَ أَشْهَبُ لَا تُحَدُّ إِنْ قَالَتْ إِنَّمَا أردْت المجاوبة دون الْقَذْف وَالْإِقْرَار بِالزِّنَا فيجلد الرجل وَلَا تجلد هِيَ لزنا وَلَا قَذْفٍ وَقَالَ أَصْبَغُ يُحَدُّ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ وَإِنْ قَالَتْ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَاذِفٌ الْآخَرَ لَا مُصَدِّقَ لَهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ فَقَالَتْ لَهُ بِكَ زَنَيْتُ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا تَقُولُ أَرَدْتُ إِصَابَتَهُ إِيَّايَ بِالنِّكَاحِ أَيْ إِنْ كُنْتُ زَنَيْتُ فَبِكَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ هُوَ وَلَا لِعَانٍ وَإِنْ قَالَ لَهُ يَا زَانٍ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ أَنْتَ أَزَنَى مِنِّي فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَصْبَغُ أَزْنَى مِنِّي إِقْرَارٌ بِالزِّنَا ويحمله مَحْمَلُ الرَّدِّ لِمَا قَالَهُ وَفِي النَّوَادِرِ يَا ذَا الَّذِي تَزْعُمُ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ اغْتَصَبَهَا أَوِ الصَّبِيُّ أَنَّهُ نَكَحَهُ إِنْ قَالَهُ فِي مُشَاتَمَةٍ حُدَّ وَزَنَى فَرْجُكِ أَوْ دُبُرُكِ يُحَدُّ وَإِنْ قَالَ مَنْ يَقُولُ كَذَا فَهُوَ ابْنُ زَانِيَةٍ فَيَقُولُ رَجُلٌ أَنَا قُلْتُهُ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَالَهُ حُدَّ لَهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ ابْن الْقَاسِم قَالَ مَالك إِن يكن فلَان أصبح مِنْكَ فَأَنْتَ ابْنُ زَانِيَةٍ إِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنه أصبح مِنْهُ نُكِّلَ لِلْأَذِيَّةِ وَإِلَّا حُدَّ لِلْقَذْفِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَالَ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَبْدِي خَيْرًا مِنْكَ فَأَنْتَ ابْنُ عَشَرَةِ آلَافِ زَانِيَةٍ حُدَّ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَكُونُ خَيْرًا مِنَ الْحُرِّ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَا ذَا الَّذِي جَدُّهُ نَصْرَانِيٌّ فَقَالَ إِنْ كَانَ جَدِّي نَصْرَانِيًّا فَأَنْتَ ابْنُ زَانِيَةٍ فَوُجِدَ جَدُّهُ نَصْرَانِيًّا حَلَفَ أَنَّهُ أَرَادَهُ ويؤدب عَال عَبْدُ الْمَلِكِ مَنْ شَهِدَ عَلَيَّ فَهُوَ ابْنُ زَانِيَةٍ فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ حُدَّ الْقَائِلُ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَهُ أَحَدٌ مَنْ رَمَانِي مِنْكُمْ فَهُوَ ابْنُ الزَّانِيَةِ فَرَمَاهُ أَحَدُهُمْ لَمْ يُحَدَّ وَيُعَزَّرُ وَكَذَلِكَ مَنْ لَبِسَ ثَوْبِي أَوْ رَكِبَ دَابَّتِي يُرِيدُ مَنْ فَعَلَهُ فِي
الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ أَرَادَ مَنْ قَدْ كَانَ فَعَلَهُ قبل قَوْله حد وَإِن كَانَ قذفه لَمْ يَفْعَلْ مُسْتَقْبَلًا مَا لَا يَمْلِكُ الْمَقْذُوفُ مَنْعَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ قَبْلَ الْفِعْلِ إِنْ كَانَ مِنَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ كَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْحَمَّامِ وَإِنْ كَانَ خَاصًّا كَرُكُوبِ دَابَّةٍ فَلَا يُحَدُّ حَتَّى يَفْعَلَ أَحَدٌ ذَلِكَ
فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ قَالَ لِلرَّجُلِ يَا زَانِيَةُ بِالتَّاءِ وَلِلْمَرْأَةِ بِغَيْر تَاء حد
فرع إِنْ قَالَ زَنَى فَرْجُكِ أَوْ عَيْنُكِ أَوْ يَدُكِ حُدَّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ كَذِبٌ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْمجَاز
الْفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ
قَاعِدَةٌ الصَّرِيحُ فِي كُلِّ بَابٍ مَا يَتَعَيَّنُ لَهُ وَضْعًا وَالْكِنَايَةُ مَا يَحْتَمِلُهُ مَعَ غَيْرِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ يَا مُخَنَّثُ حُدَّ إِلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَا أَرَادَ قَذْفًا فَيُؤَدَّبُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ غَيْرُهُ هَذَا إِنْ كَانَ فِي كَلَامِهِ أَوْ عَمَلِهِ أَوْ بَدَنِهِ تَوْضِيعٌ وَإِلَّا حُدَّ وَلَمْ يَحْلِفْ لِاشْتِهَارِهِ فِي الْفَاحِشَةِ وَأَصْلُ التَّخَنُّثِ الْمَيْلُ وَقَدْ يَكُونُ صَاحِبُهُ مُتَّقِيًا وَمِنْهُ الْمُخَنَّثُ الَّذِي يَدْخُلُ عَلَى بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - (وتخنثه الصاننه)
فرع فِي الْكِتَابِ يَا فَاجِرُ أَوْ يَا فَاسِقُ أَوْ يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ أَوِ الْفَاسِقَةِ، حُدَّ أَوْ يَا خَبِيثُ حَلَفَ مَا أَرَادَ قَذْفًا لقلَّة ظهروه فِي الْقَذْفِ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ سَجْنُهُ نُكِّلَ عَلَى حَسَبِ حَاله وَالْمَعْرُوف بِالْأَذِيَّةِ يُبَالَغُ فِي عُقُوبَتِهِ وَالْفَاضِلُ ذُو الْمُرُوءَةِ يَتَجَافَى عَنْ حَقِيقَتِهِ وَيُخَفَّفُ فِي أَدَبِ عَظِيمَةٍ وَيَا تَاجر بِفُلَانَةٍ يُحَدُّ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى أَمْرٍ صَنَعَهُ مَعَهَا مِنَ الْفُجُورِ كَجَحْدِ مَالٍ وَنَحْوِهِ وَيُحَلَّفُ مَا أَرَادَ إِلَّا ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ جَامَعْتَ فُلَانَةً وَإِنْ قَالَ بَاضَعْتُهَا حَرَامًا أَوْ وَطِئْتُهَا وَقَالَ أَرَدْتُ تَزَوَّجْتُهَا تَزْوِيجَا حَرَامًا أَوْ قَالَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَطَالَبَتْهُ الْمَرْأَةُ حُدَّ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى مُرَادِهِ وَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ إِلَّا ذَلِكَ وَكُنْتُ وَطِئْتُ أُمَّكَ وَقَالَ أَرَدْتُ النِّكَاحَ إِنْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا لَمْ يُحَدَّ وَإِلَّا حُدَّ وَإِنْ قَالَ لَهُ مَا أَنَا بِزَانٍ أَوْ أُخْبِرْتُ أَنَّكَ زَانٍ حُدَّ أَوْ أَشْهَدَنِي فُلَانٌ أَنَّكَ زَانٍ حُدَّ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى قَوْلِ فُلَانٍ وَكَذَلِكَ يَقُولُ لَكَ فُلَانٌ يَا زَانٍ أَوْ جَامَعْتَهَا بَيْنَ فَخْذَيْهَا أَوْ أَعْكَانِهَا حُدَّ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لَا حَدَّ فِي التَّعْرِيضِ غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ يُحَدُّ بِهِ إِنْ نَوَى بِهِ الْقَذْفَ كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيره لنا قَوْله تَعَالَى عَن قوم شُعَيْب {إِنَّك لأَنْت الْحَلِيم الرشيد} وَمُرَادُهُمْ ضِدُّ ذَلِكَ وَهُوَ كَثِيرُ فِي الْقُرْآنِ وَفِي الْمُوَطَّأِ (أَنَّ
رَجُلَيْنِ اسْتَبَّا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِي الله ع نه فَقَالَ أَحَدُهُمَا وَاللَّهِ مَا أَبِي بِزَانٍ وَلَا أُمِّي بِزَانِيَةٍ فَاسْتَشَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ قَائِلُونَ مَدَحَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَقَالَ آخَرُونَ قَدْ كَانَ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ مَدْحٌ غَيْرَ هَذَا فَجَلَدَهُ عُمَرُ ثَمَانِينَ وَقَالَ حِمَى اللَّهِ لَا تُرْعَى حواليه) وَلِأَنَّهُ يفهم الْقَذْف فَيحد بِهِ كَالصَّرِيحِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ فَلَا يُوجِبُ كَمَا إِذَا قَالَ اسْقِنِي مَاءً وَقَالَ أَرَدْتُ الْقَذْفَ وَهَذَا أَبْلَغُ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِإِرَادَتِهِ الْقَذْفَ وَلِأَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ الْأَمْرَ وَجَبَ أَن يرجح اللَّفْظ عَلَى الْمُوجِبِ كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَهَذَا أَوْلَى لِلْقَطْعِ بِوُجُودِ الْمُوجَبِ وَهُوَ النَّصِيبُ الَّذِي لَيْسَ بِمُشْتَرَكٍ وَمَعَ ذَلِكَ سَقَطَ الْحَدُّ وَلِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ فَوَجَبَ أَن يُلْحَقَ بِالتَّصْرِيحِ كَالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَذْفًا مَعَ عَدَمِ الْقَرَائِنِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ جميلَة وأريبة وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقَرَائِنَ مَعَ اللَّفْظِ تُصَيِّرُهُ كَالصَّرِيحِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ رُبَّ إِشَارَةٍ أَفْصَحُ مِنْ عِبَارَةٍ وَالتَّعْرِيضُ عِنْدَهُمْ أَبْلَغُ مَوْقِعًا وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَرَائِنَ تَنْفِي الِاحْتِمَالَ الْآخَرَ فَيَصِيرُ كَوَطْءِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ هَذَا الْبَابَ أَحْرَجُ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِالتَّعْرِيضِ الْقَذْفَ حَرُمَ إِجْمَاعًا وَلَوْ أَرَادَ النِّكَاح عين الج وَعَنِ الرَّابِعِ مَنْعُ الْحُكْمِ إِذَا صَيَّرَتْهُ الْقَرَائِنُ تَصْرِيحًا فِي الْقَذْفِ وَإِلَّا فَعَدَمُ الْقَرَائِنِ يَعْنِي الْفرق
تَفْرِيع قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ الْقَائِلُ يَا قَرْنَانِ لِرَجُلٍ جُلِدَ لِزَوْجَتِهِ لِأَنَّهُ عِنْدَ النَّاسِ من امْرَأَته تفجر قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا يُحَدُّ وَيُجْلَدُ عِشْرِينَ وَيأْمُرُ آخَرُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يَا قَحْبَةُ يحد لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَدْعُو عَلَى الْفَاجِرَةِ بِالْقِحَابِ والهرثاء أَي السفال والقبح فِي الدِّيَة حَتَّى صَارَتِ الْفَاجِرَةُ تُسَمِّي قَحْبَةُ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَيَا مأبونا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُحَدُّ لِأَنَّهُ مِنَ الْأُبْنَةِ وَهِيَ دَاءٌ فِي الدُّبُرِ يَبْعَثُ عَلَى طَلَبِ مَا يَحُكُّ بِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِنِ اشْتُهِرَ فِي اللِّوَاطِ فِي الْمَفْعُولِ بِهِ وَإِنْ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ فَقَالَ لَهُ أُمُّكَ شَرٌّ مِنْهَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُحَدَّانِ أَوْ يَا أَحْمَقُ فَقَالَ الْآخَرُ أَحْمَقُنَا ابْنُ الزَّانِيَةِ يُحَدُّ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي يَا فَاجِرَ بِفُلَانَةٍ يُحَلَّفُ مَا أَرَادَ قَذْفًا وَكَذَلِكَ يَا خَبِيثُ وَيَا وَلَدَ إِيشْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحَدُّ وَيَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ وَالْفَاجِرِ يُحَلَّفُ فَإِنِ امْتَنَعَ سُجِنَ وَإِنْ طَالَ سَجْنُهُ وَلَمْ يَحْلِفْ أُدِّبَ وَخُلِّيَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي هَذَا كُلِّهِ النكال وَيَا مُؤَنَّثُ وَفِي كَلَامِهِ لِينٌ حُلِّفَ وَأُدِّبَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ فِي زَنَى فَرْجُكَ دُونَ زَنَتْ رِجْلَاكَ وَيَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ يُحَدُّ لِأَن الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ عَلَى بَابِ الْبَغِيَّةِ رَايَةٌ تَنْبِيه ضبط هَذَا الْبَاب الاشتهار الْعُرْفِيَّة أَو الْقَرَائِن الحالية فَمَتَى فقد
أُحْلِفَ أَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا حُدَّ وَإِنِ انْتَقَلَ الْعُرْفُ فَيُقَالُ الْأَصْلُ الْحَدُّ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْأَعْصَار والأمصار وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ ذَاتِ الرَّايَةِ وَمُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ لَا يُوجِبُ حَدًّا وَأَنَّهُ إِنِ اشْتُهِرَ لَفْظُ أَحَدِهِمَا لَا يُوجِبُ حَدًّا إِلَّا فِي الْقَذْفِ أُوجِبَ الْحَد
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ رَأَيْتُ فَلَانًا مَعَ فُلَانَةٍ فِي بَيْتٍ أَوْ عَلَى بَطْنِهَا أَوْ قَالَ فِي لِحَافٍ أَوْ قَالَ رَأَيْتُكَ تَطْلُبُ امْرَأَةً فِي إِثْرِهَا أَو تقبلهَا أَو اقتحمت عَلَيْهِ بَيْتَهَا أَوْ فِي مَقْعَدِ الرَّجُلِ مِنَ الْمَرْأَةِ لَا يُحَدُّ بَلْ يُؤَدَّبُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يتَوَقَّف على الزِّنَا وَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ قَذْفًا أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ قد سرحتك من زنا حُدَّ وَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ قَالَ مُطَرِّفٌ إِنْ قَالَ كَيْفَ تُكَلِّمُنِي وَأَنَا نَكَحْتُ أُمَّكَ وَكَانَتْ زَوْجَتِي قَالَ مَالِكٌ إِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً أَنه تزَوجهَا حد الْقَذْف وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِالزَّوَاجِ كَفَاهُ (وَلَوْ كَانَ قَذْفًا لَمْ يَجْرَحْ إِلَّا بِأَرْبَعَةٍ) وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ مُنَازَعَةٍ لَمْ يُحَدَّ وَإِنْ قَذَفَهُ رَجُلٌ فَشَكَاهُ ثُمَّ خَاصَمَ آخَرَ فَقَالَ لَهُ سَمِعْتُ فلَانا يَقُول لَك يَا زَان فمالك اشْتَكَيْتَهُ أَيْ مُوجِدَةٌ عَلَيْكَ فَيُحَدُّ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُحَدُّ الْأَبُ بِالتَّعْرِيضِ بَلْ بِالتَّصْرِيحِ كَالْقَصْدِ فِي الْقَتْلِ وَيَجُوزُ عَفْوُهُ عَنِ الْقَذْفِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ سَتْرًا عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحَدُّ الْأَبُ أَصْلًا لِعَظِيمِ حَقه وَقَالَ (ش) وَ (ح) وَفِي الْمُنْتَقَى وَإِنْ حَدَّهُ أسقطنا عَدَالَة الابْن لِأَنَّهُ حُقُوق وَإِنْ قَالَ لِوَلَدِهِ لَسْتَ ابْنِي فَطَلَبَتِ الْأُمُّ أَوِ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ
الْحَدَّ لِقَذْفِ الْأُمِّ وَقَدْ كَانَ فَارَقَهَا فَعَفَا وَلَدُهُ قَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ مَا أَرَادَ قَذْفًا بَلْ لَوْ كَانَ وَلَدِي مَا كَانَ يَصْنَعُ مَا صَنَعَ قَالَ وَهَذَا يَقْتَضِي الْحَدَّ إِنْ لَمْ يَحْلِفْ وَأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِعَفْوِ بَعْضِ الْوَلَدِ إِذَا قَامَ الْبَعْضُ فَالْحَدُّ وَغَيْرُهُ لَا يلْحق الْأَب بَلْ يُحَدُّونَ وَلَا يُعْذَرُونَ فِي الشَّتْمِ إِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يَجُوزُ عَفْوُهُ عَنْ جَدِّهِ لِأَبِيهِ وَإِنْ بَلَغَ الْإِمَامَ دُونَ جَدِّهِ لِأُمِّهِ لِأَنَّهُ لَا يُدْلِي فِي الْمِيرَاث يهما وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجُوزُ عَفْوُهُ عَنْ أُمِّهِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ سَتْرًا لِأَنَّ الْإِشْفَاقَ قَدْ يحملهُ عِنْد رؤيتها على الِاعْتِرَاف بِالزِّنَا
فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ يَا بَغْلُ يُوجِبُ الْحَدَّ وَإِنْ قَالَ لِنَفْسِهِ أَنَا بَغْلٌ حُدَّ لِأَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُ
الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي صَرِيحِ اللَّفْظِ وَالنَّفْي
النَّفْيُ عِنْدَنَا مُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ (ش) وَ (ح) إِذَا قَالَ الْعَرَبِيُّ يَا قِبْطِيُّ وَقَالَ أَرَدْتُ قِبْطِيَّ اللِّسَانِ أَوِ الدَّارِ لِأَنَّهُ نَشَأَ فِيهَا صُدِّقَ بَعْدَ يَمِينِهِ أَوْ قَالَ أَرَدْتُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَبِيهِ حُدَّ إِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مُحْصَنَةً يُحَدُّ قَاذِفُهَا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ سَبَبَ الْحَدِّ فِي الْقَذْف الزِّنَا فِي الْمُحْصَنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات) لَنَا قَوْلُهُ عليه السلام (لَا أُوتَى بِرَجُلٍ يَقُولُ إِنَّ كِنَانَةَ
لَيْسَتْ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا جَلَدْتُهُ) وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه (لَا حَدَّ إِلَّا فِي اثْنَيْنِ قَذْفِ مُحْصَنَةٍ وَنَفْيِ رَجُلٍ مِنْ أَبِيهِ) وَلَا يَقُولُ هَذَا إِلَّا تَوْقِيفًا وَعَلَّلَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَغَيْرُهُ بِأَنَّ النَّفْيَ قَذْفٌ وَهُوَ يَبْطُلُ بِأَنَّ الْأُمَّ قَدْ تَكُونُ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا وَقَدْ تَكُونُ مَجْهُولَةً وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ لِمُسْلِمٍ لَسْتَ لِأَبِيكَ وَأَبَوَاهُ نَصْرَانِيَّانِ حُدَّ وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ لَسْتَ ابْنَ فُلَانٍ لِجَدِّهِ وَجَدِّ أُمِّهِ كَافِرٌ أَوْ لِرَجُلٍ مِنْ وَلَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَسْتَ ابْنَ الْخطاب وَإِنْ قَالَ لَسْتَ ابْنَ فُلَانٍ لِجَدِّهِ وَقَالَ أَرَدْتُ لَسْتَ ابْنَهُ لِصُلْبِهِ حُدَّ وَإِنْ قَالَ أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ نَسَبَهُ لِجَدِّهِ فِي مُشَاتَمَةٍ وَغَيرهَا لَمْ يُحَدَّ وَكَذَلِكَ إِنْ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ لِأُمِّهِ لِأَنَّهُ كَالْأَبِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا نَكَحَ فَإِنْ نَسَبَهُ إِلَى عَمِّهِ أَوْ خَالِهِ أَوْ زَوْجِ أُمِّهِ حُدَّ وَإِنْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ لَسْتَ مِنْ بَنِي فُلَانٍ لِقَبِيلَتِهِ الَّتِي هُوَ مِنْهَا حُدَّ وَإِنْ كَانَ مَوْلًى لَمْ يُحَدَّ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَا أَرَادَ نَفْيًا (أَوْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا قِبْطِيُّ حُدَّ وَإِنْ قَالَهُ لِمَوْلًى حَلَفَ) وَنُكِّلَ وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُحَدَّ وَنُكِّلَ وَفِي النُّكَتِ يَجِبُ الْحَدُّ بِالنَّفْيِ (كَانَ الْأَبَوَانِ كَافِرَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فَإِنْ عَفَا وَأَبَوَاهُ عَبْدَانِ أَوْ كَافِرَانِ نُفِّذَ) عَفْوُهُ أَوْ مُسْلِمَانِ حُرَّانِ فَلَهُمَا الْقِيَامُ بِالْحَدِّ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ أَبُوهُ مُسْلِمًا وَأُمُّهُ نَصْرَانِيَّةً أَوْ أمة فَلَا يثبت الْقِيَامُ لِأَنَّهُ حَمَلَ أَبَاهُ عَلَى غَيْرِ أُمِّهِ بِنَسَبِهِ لِلزِّنَا أَوِ انْعَكَسَ الْحَالُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ قَامَتِ الْأُمُّ بِالْحَدِّ لِأَنَّهُ نَسَبَهَا إِلَى الزِّنَا وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِعَبْدٍ لَا يُحَدُّ لَهُ وَأَبَوَاهُ عَبْدَانِ أَوْ كَافِرَانِ لَمْ يُحَدَّ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ حُدَّ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الْأُمُّ حرَّة مسلمة وَالْأَب عبدا لِأَنَّهُ رَمَى أُمَّهُ أَوْ أَمَةَ أُمِّهِ أَوْ كَافِرَةً وَأَبُوهُ مُسْلِمٌ حُدَّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا حَدَّ فِي نَفْيِ الْعَبْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَا وَلَدَ زِنًا أَوْ أَنْتَ لِزِنْيَةٍ أَوْ وَلَدُ زِنْيَةٍ حد وَإِن كَانَت
مَمْلُوكَة أَو مُشْتَركَة بِخِلَافِ يَا ابْنَ الزَّانِي أَوِ الزَّانِيَةِ إِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ لِأَنَّ هَذَا قَذْفٌ لَهُمَا وَالْأَوَّلُ نَفْيٌ وَإِنْ قَالَ لَسْتَ وَلَدَ فلَان لجده وَقَالَ أردْت لست لصَاحبه حُدَّ كَانَ جَدُّهُ مُسْلِمًا أَمْ لَا قَالَ أَشْهَبُ هَذَا إِذَا كَانَ وِلَادَةُ جَدِّهِ فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا وَكَذَلِكَ إِذَا نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ دَنِيَّةً لِأَنَّ الْمَجْهُولِينَ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُمْ وَلَا يَتَوَارَثُونَ بِهَا وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعَرَبِ حُدَّ وَإِنْ كَانَ وِلَادَةُ أَبِيهِ أَوْ جده فِي الجاهلة وَوُلِدَ الْمَقُولُ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَإِنْ قَالَ لَسْتَ مِنْ مَوَالِي فُلَانٍ وَهُوَ مِنْهُمْ حُدَّ وَكَذَلِكَ لَسْتَ مِنَ الْمَوَالِي وَلَهُ أَبٌ مُعْتَقٌ بِخِلَاف لست مولى لفرن وَفُلَانٌ قَدْ أَعْتَقَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفِهِ مِنْ نسب ولسب ابْن فلَان وَأمه ام ولد حد وَلَيْسَ بِابْنِ فُلَانَةٍ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْوِلَادَةِ مِنْهَا فَلَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي عِرْضِهِ وَإِنْ قَالَ لِعَبْدٍ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ لَسْتَ لِأَبِيكَ حد السَّيِّد فَإِن مَاتَا وَلم يرثهما أجد أَوْ وَرِثَهُمَا غَيْرُهُ فَلَهُ حَدُّ سَيِّدِهِ
الْفَصْلُ الرَّابِع فِي التَّعْرِيض بِالنَّفْيِ
فِي الْكِتَابِ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا فَارِسِيُّ أَوْ نَحوه حد أَو قَالَ يَا بن الْأَقْطَعِ وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْقَائِلِ لِبَرْبَرِيٍّ أَوْ رُومِيٍّ يَا حَبَشِيُّ هَلْ عَلَيْهِ الْحَدُّ أم لَا قَالَ ابْن الْقَاسِم وَأرى عج الْحَد إِلَّا أَن يَقُول لَهُ يَابْنَ الْأَسْوَدِ وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ أَسْوَدُ وَإِنْ قَالَ لِفَارِسِيٍّ يَا عَرَبِيُّ لَمْ يُحَدَّ أَوْ لِعَرَبِيٍّ يَا فَارسي أَو لمصري أَو يَا يَمَانِيُّ أَوْ لِعَبْسِيٍّ يَا كَلْبِيُّ حُدَّ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُنْسَبُ إِلَى آبَائِهَا وَهَذَا نَفْيٌ
لَهَا أَو قَالَ يَابْنَ الْأَعْجَمِيِّ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ كَذَلِكَ حُدَّ أَوْ يَا ابْنَ الْحَجَّامِ أَوِ الْخَيَّاطِ وَهُوَ مِنَ الْعَرَبِ جُلِدَ الْحَدَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي آبَائِهِ أَوْ مِنَ الْمَوَالِي حَلَفَ مَا أَرَادَ قَطْعَ نَسَبِهِ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ فِي الْمَوَالِي أَكْثَرُ مِنَ الْعَرَبِ وَيَا ابْنَ الْمُطَوَّقِ يَعْنِي الرَّايَةَ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الْأَعْنَاقِ لَا يجد فِي الْمَوَالِي دُونَ الْأَعْرَابِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ أَعْمَالُ الْمَوَالِي وَإِنْ قَالَ يَا يَهُودِيُّ لَمْ يُحَدَّ بِخِلَافِ يَا ابْنَ الْيَهُودِيِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ آبَائِهِ يَهُودِيٌّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَا ابْنَ الْبَرْبَرِيَّةِ وَأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَا نَفْيَ عَلَى الْأُمِّ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يُحَدُّ إِلَّا أَنْ يُسَمِّيَهَا بِاسْمِهَا لِأَنَّهُ نَفَى أُمَّهُ مِنِ ابْنِهَا وَسَوَاءٌ قَالَ لِرُومِيٍّ يَا حَبَشِيُّ أَوْ يَا ابْنَ الْحَبَشِيِّ لَا يُحَدُّ وَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ نَفْيَهُ وَلِمَالِكٍ فِي الْحَدِّ قَوْلَانِ وَفِي النَّوَادِرِ (إِنْ قَالَ لِمَوْلًى لَيْسَ فُلَانٌ أَعْتَقَ أَبَاكَ وَهُوَ الَّذِي اعتقه حد لِأَنَّهُ نَفَاهُ عَن أَنَّهُ عَتِيقُ هَذَا) وَإِنْ قَالَ الْأَبُ لَيْسَ فُلَانٌ أَعْتَقَكَ لَمْ يُحَدَّ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا يُحَدُّ فِيهِمَا لِأَنَّهُ نَفَى عِتْقًا لَا نسبا ويعاقب وَفِي الْجَوَاهِر وَإِن قَالَ مَالك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُحَدُّ وَقَالَ أَصْبَغُ يُحَدُّ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ إِنَّهُ أَرَادَ النَّفْيَ أَوِ الشَّتْمَ وَقِيلَ إِلَّا أَنِّي كَون مِنَ الْعَرَبِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ قَالَ لِابْنِ أَمَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ لَمْ يُحَدَّ أَوْ يَا ابْنَ زِنْيَةٍ حُدَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّانِيَ نَفْيُ نَسَبٍ بِإِضَافَتِهِ إِلَى فِعْلٍ لَا يُلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهِ وَالْأَوَّلُ قَذْفٌ لِأُمِّهِ وَإِنْ قَالَ مَوْلًى لِعَرَبِيٍّ أَنَا خَيْرٌ مِنْكَ حُدَّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَهُ أَحَدُ ابْنَيْ عَمٍّ لِصَاحِبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اخْتِلَافٌ وَبِهَذَا أَقُول
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامُ الْقَذْفِ)
وَفِي التَّنْبِيهَاتِ لِلْحَدِّ عَشَرَةُ شُرُوطٍ سِتَّةٌ فِي الْمَقْذُوفِ وَأَرْبَعَةٌ فِي الْقَاذِف أَن يكون الْمَقْذُوف عافلا مُسْلِمًا حُرًّا بَالِغًا لِلتَّكْلِيفِ إِنْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ قَدْرَ الْوَطْءِ إِنْ كَانَ أُنْثَى وَإِنْ لم تبلغ التَّكْلِيف وقيه خِلَافٌ بَرِيءٌ مِنَ الْفَاحِشَةِ الَّتِي قُذِفَ بِهَا مَعَهُ إِلَيْهَا وَأَنْ يَكُونَ الْقَاذِفُ عَاقِلًا بَالِغًا صَرَّحَ بِالْقَذْفِ أَوْ عَرَّضَ بِهِ يُمْكِنُ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ لِصِحَّتِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُحَدُّ الْمُحْصَنُ وَهُوَ الَّذِي اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهُ مِنْهَا الْعِفَّةُ وَمَعْنَاهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْقِيَانِ وَمَوَاضِعِ الْفَسَادِ وَالزِّنَا وَلَا يُسْقِطُ الْحَدَّ كَوْنُهُ مَعْرُوفًا بِالظُّلْمِ وَالْغَصْب وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر وَأكل البربا وَيُسْقِطُ الْإِحْصَانَ كُلُّ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ بِخِلَافِ الَّذِي لَا يُوجِبُهُ كَوَطْءِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ (وَالْمُحَرَّمَةِ بِالرَّضَاعِ وَنَحْوِهِ وَكَذَلِكَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ) أَوْ فِي الصِّبَا وَيسْقط إِحْصَان الْمَقْذُوف بِالْوَطْءِ الطاريء بعد الْقَذْف وَقَالَهُ (ش) و (ح) وَأَن الشُّرُوطَ يُعْتَبَرُ اسْتَدَامَتُهَا إِلَى حَالَةِ إِقَامَةِ الْحَدِّ لِأَنَّهُ لَوِ ارْتَدَّ لَمْ يُقَمِ الْحَدُّ وَلِأَنَّ طرؤه يُنَبِّهُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ مِنْهُ وَقَالَ أَحْمَدُ لَا يَسْقُطُ كَمَا لَوْ زَنَى بِأَمَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَو سرق عينا فنقصت قيمتهَا أَو ملكهَا وَمُنِعَ اسْتِدَامَةُ الشُّرُوطِ إِلَّا إِلَى حِينِ تُوَجُّهِ الْحَدِّ وَمَتَى سَقَطَ الْإِحْصَانُ بِالزِّنَا مَرَّةً لَمْ يَعُدْ بِالْعَدَالَةِ بَعْدَهُ وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ قُذِفَ مَنْ حُدَّ بِالزِّنَا بَعْدَ أَنْ حَسُنَتْ تَوْبَته لم يحد
تَنْبِيه يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي شُرُوطِ الْمَقْذُوفِ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا فَإِنَّ الْمَجْهُولَ لَا يُحَدُّ لَهُ لَكِنْ تُرِكَ لِأَنَّ تِلْكَ الشُّرُوطَ لَا تُعْلَمُ إِلَّا فِي مَعْرُوفٍ وَكَوْنُ الْإِحْصَانِ لَا يَعُودُ بَعْدَ الْعَدَالَةِ نَقَلَهُ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَغَيْرُهُ وَمُسْتَنَدُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَفَافِ الْعَفَافُ الْمُطْلَقُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {الْغَافِلَات} أَيِ اللَّاتِي لَمْ يَخْطُرْ لَهُنَّ الْفَسَادُ وَلَا يَشْعُرْنَ بِهِ قَطُّ فَتُحْمَلُ الْآيَةُ الْأُخْرَى عَلَى هَذِهِ لِأَنَّهَا مُطْلَقَةٌ وَتِلْكَ مُقَيَّدَةٌ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء} وَهَذَا قد شهر بِالزِّنَا وَفعله فَلَا يكون مِمَّن يحجّ لَهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَدِّ بَلْ يُؤَدَّبُ عَلَى الْقَاعِدَةِ وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم} وَلِلْإِحْصَانِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَةُ مَعَانٍ الْعَفَافُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَالثَّانِي الزَّوْجَاتُ فِي قَوْله تَعَالَى {محصنات غير مسافحات} وَالثَّالِثُ الْحُرِّيَّةُ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ} وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى شُرُوطِ الْإِحْصَانِ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا لابد مِنَ الْبُلُوغِ قِيَاسًا عَلَى الْعَقْلِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي الْعَبْدِ إِلَّا دَاوُدُ لَنَا أَنَّهُ قَاصِرٌ عَنْ رُتْبَةِ الْإِجْمَاعِ فَلَا يَنْهَضُ لِلْحَدِّ وَقَوْلُهُ عليه السلام (مَنْ أَشْرَكَ
بِاللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ) وَالرِّقُّ مِنْ جَرَائِرِ الْكُفْرِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ عَدَمِ الِاعْتِبَارِ وَأَمَّا شَرَائِطُ الْقَاذِفِ فَلِأَنَّ الْعُقُوبَةَ تَعْتَمِدُ التَّكْلِيفَ وَالْقُدْرَةَ عَلَى الْوَفَاءِ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ
نَظَائِرُ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ عَشَرَةٌ لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِمُ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ وَالْأمة وَالذِّمِّيّ والذمية وَالْمَحْدُودُ فِي الزِّنَا وَالْمَرْجُومُ فِي الزِّنَا وَالْمَنْبُوذُ وَمَنْ لَيْسَ مَعَهُ مَتَاعُ الزِّنَا وَالْوَلَدُ يَقْذِفُهُ وَالِدُهُ اسْتَبْعَدَ مَالِكٌ حَدَّهُ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ إِقَامَةُ بَيِّنَةٍ أَرْبَعَةٌ بِأَنَّ الْمَقْذُوفَ زَنَى فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ لِانْخِرَامِ الْإِحْصَانِ وَعدم الْكَذِب عَلَيْهِ
فرع قَالَ يحد الذِّمِّيُّ لِلْمُسْلِمِ ثَمَانِينَ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِلْمِ فيقام عَلَيْهِ بِخِلَاف الزِّنَا
فرع قَالَ لَيْسَ لِلْقَاذِفِ تَحْلِيفُ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ زَنَى وَإِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ زَنَى جَازَ لَهُ حَدُّهُ لِأَنَّ السَّتْرَ مَأْمُورٌ بِهِ
فَرْعٌ قَالَ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَآخَرُ أَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْجمع حُدَّ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ
فَرْعٌ لِقَذْفِ الْجَمَاعَةِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ مَجَالِسَ حَدٌّ وَاحِدٌ إِنْ قَامَ بِهِ وَاحِدٌ سَقَطَ كُلُّ قَذْفٍ قَبْلَهُ وَقَالَ (ح) وَقَالَ الشَّافِعِي إِنْ قَذَفَهُمْ بِكَلِمَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدٌّ وَقَالَهُ أَحْمَدُ أَوْ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَوْلَانِ عَن (ش) وَأَحْمَدَ وَبَنَاهَا الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَصَحَّ التَّدَاخُلُ وَبَنَاهَا الْآخَرُونَ عَلَى أَنَّهَا حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَصَحَّ التَّعَدُّدُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَنَا قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لله تَعَالَى أَمْ لَا وَقَدْ حَكَاهُ الْعَبْدِيُّ فِي نَظَائِرِهِ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ لَنَا أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ الْعَجْلَانِيَّ رَمَى امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - (حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ أَوْ تَلْتَعِنُ) فَلَمْ يَقُلْ حدان وَجلد عمر رَضِي الله تعال عَنْهُ الشُّهُودَ عَلَى الْمُغِيرَةِ بِالزِّنَا حَدًّا وَاحِدًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَذَفَ الْمُغِيرَةَ وَالْمُؤْتَى بِهَا وَجَلَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَذَفَةَ عَائِشَةَ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ مِنْهُمْ حَسَّانُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مَعَ أَنَّهُمْ قَذَفُوا عَائِشَةَ وَصَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ وَقِيَاسًا عَلَى الزِّنَا وَلِأَنَّهُ لَوْ قذف ألفا فَمَاتَ قَبْلَ إِقَامَةِ الْحُدُودِ وَقَدْ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ كَمَا تَسْقُطُ سَائِرُ الْحُدُودِ فَتَتَدَاخَلُ مِثْلُهَا احْتَجُّوا بِأَنَّهُ قَذْفُ جَمَاعَةٍ فَلَا تَدَاخُلَ كَمَا لَوْ قَذَفَ زَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعَ لَاعَنَ أَرْبَعَ لِعَانَاتٍ وَلِأَنَّهُ حَقُّ لِآدَمِيِّ فَلَا يُقَاسُ عَلَى الْحُدُودِ وَلِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ فَلَا تَتَدَاخَلُ كَالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَيْمَانٌ وَالْأَيْمَانُ لَا تَتَدَاخَلُ بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ فِي الشَّخْصِ فَلَوْ غَلَبَ فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ لَتَكَرَّرَ فِيهِ كَتَكَرُّرِ الْإِتْلَافِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَتَدَاخَلُ فِي الْمُتَبَايِنَاتِ وَلَوْ قَالَه لَهُ يَا لائط يَا زاني تَدَاخَلَ قَاعِدَةٌ مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ فِي اللُّغَةِ تَارَةً تَتَوَزَّعُ الْأَفْرَادُ عَلَى الْأَفْرَادِ نَحْوَ الدَّنَانِيرُ للْوَرَثَة وَتارَة يثبت (أحد الجمعين لكل فردج من الْجمع الآخر نحوالثمانون جَلْدَةً لِلْقَذَفَةِ وَتَارَةً يَثْبُتُ) الْجَمْعُ وَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْأَفْرَادِ نَحْوَ الْحُدُودُ لِلْجِنَايَاتِ إِذَا قَصَدَ أَنَّ الْمَجْمُوعَ لِلْمَجْمُوعِ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ أَحْوَالُ الْمُقَابَلَةِ بَطل كَونه حَقِيقَة فِي أَحدهمَا لَيْلًا يَلْزَمَ الِاشْتِرَاكُ أَوِ الْمَجَازُ وَبَطَلَ تَخَيُّلُ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ) يَقْتَضِي أَنَّ قَذْفَ الْجَمَاعَةِ لَهُ حَدٌّ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ قَابَلَ الَّذِينَ وَهُوَ جَمْعٌ بِالْمُحْصَنَاتِ وَهُوَ جَمْعٌ فَيَحْصُلُ أَنَّ الْجَمِيعَ إِذَا رَمَى الْجَمِيعَ يجل ثَمَانُونَ فَقَطْ خَالَفْنَا ذَلِكَ فِي قَذْفِ الْجَمْعِ لِلْجَمْعِ وَالْوَاحِدُ يَبْقَى عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي قَذْفِ الْوَاحِدِ لِلْجَمْعِ قَالَهُ الطَّرْطُوشِيُّ وَغَيْرُهُ فَيَمْنَعُ كَوْنُ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي تِسْعِ مَسَائِلَ مَنْ قَذَفَ رَجُلًا فَعَلَيْهِ حَدٌّ أَوْ جَمَاعَةً فَحَدٌّ وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ وَصَاعٌ فِي الْمُصَرَّاةِ الْوَاحِدَةِ وَالْجمع وَقيل يَتَعَدَّد والحالف بنحر وَلَده عَلَيْهِ هدي
وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ الْهَدْيُ وَمُؤَخِّرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ سَنَةً عَلَيْهِ كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ السُّنُونَ وَالْوَاطِئُ فِي رَمَضَانَ مَرَّةً أَوْ مِرَارًا سَوَاءٌ وَالْحَلِفُ إِذَا تَكَرَّرَ كَالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمُتَطَيِّبُ فِي الْحَجِّ مَرَّةً عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَكَذَلِكَ الْمِرَارُ إِذَا اتَّحَدَ السَّبَبُ وَالْحَالِفُ بِصَدَقَةِ مَالِهِ مَرَّةً أَوْ مِرَارًا عَلَيْهِ الثُّلُثُ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَكَذَلِكَ الْكِلَابُ سَبْعًا
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا حُدَّ لَهُ ثُمَّ قَذَفَهُ حُدَّ لَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إِذَا قَذَفَهُ مِرَارًا قبل الْحَد اجزأه حد انا بَينا أَنَّ الْحَدَّ السَّابِقَ لَمْ يَفِ بِكَفِّهِ عَنِ الْجِنَايَةِ بِخِلَافِ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ وَإِنْ ضُرِبَ أَسْوَاطًا فَقَذَفَ آخَرَ وَقَذْفَ الْأَوَّلَ ابْتُدِئَتْ ثَمَانُونَ مِنْ حِينِ الْقَذْفِ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا مَضَى قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ إِنْ لَمْ يَمْضِ إِلَّا أَيْسَرَهُ أَجْزَأَهُ إِتْمَامُهُ لَهُمَا أَوْ بَقِيَ أَيْسَرُهُ نَحْوَ ثَلَاثَةٍ أَكْمَلَ هَذَا وَاسْتُؤْنِفَ الْآخَرُ وَقَالَ أَشْهَبُ الْعَشَرَةُ قَلِيلٌ وَإِنْ قَذَفَهُ فَحُدَّ لَهُ ثُمَّ قَذَفَهُ بِغَيْرِهِ حُدَّ لَهُ أَوْ بِهِ بِأَنْ يَقُولَ صَدُقَتْ عَلَيْكَ فَاخْتُلِفَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُحَدُّ لَهُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا الْعُقُوبَةُ وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرَةَ بَعْدَ الْجَلْدِ مُتَمَادِيًا عَلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَذَفَ وَهُوَ يُضْرَبُ يُسْتَأْنَفُ وَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ يُحَدُّ لِلْجَمَاعَةِ حَدًّا وَاحِدًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعَدُّدِ يُتَمُّ الْأَوَّلُ وَيُسْتَأْنَفُ الثَّانِي وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ الْمُغِيرَةُ إِنْ قَذَفَ جَمَاعَةً فَقَامُوا جَمِيعًا فحد وَاحِد أَو مفترقين حَدٌّ لِكُلِّ وَاحِدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَذَفَهُمْ ثُمَّ شَرِبَ خَمْرًا فَحُدَّ فِيهِ أَجْزَأَهُ لِكُلِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَذْفٍ وَشُرْبٍ لِأَنَّ الشُّرْبَ مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ مُسْتَخْرَجٌ وَإِنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ أَحَدُكُمْ زَانٍ أَوْ يَا ابْنَ
الزَّانِيَةِ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ الْمُرَادُ (فَإِنَّهُ قَامَ بِهِ جَمِيعُهُمْ فَقِيلَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لعدم التَّعْيِين فالنكاية فِي الْعرض ضَعِيفَة لعد التَّعْيِينِ) فَإِنْ قَامَ أَحَدُهُمْ وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَهُ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِالْبَيَانِ فَإِنْ عُرِفَ مَنْ أَرَادَهُ لَمْ يَحُدُّهُ الْإِمَامُ إِلَّا بِقِيَامِ الْمَقْذُوفِ وَمن قذف من لَا يعرف لَاحَ حد عَلَيْهِ وَإِن قَالَ يَا زوج لزانية وَتَحْتَهُ امْرَأَتَانِ فَعَفَتْ إِحْدَاهُمَا وَقَامَتِ الْأُخْرَى حَلَفَ مَا أَرَادَ إِلَّا الَّذِي عقت فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ وَفِي الْمُنْتَقَى عِنْدَ أَشْهَبَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ إِنْ ذَهَبَ الْيَسِيرُ تَمَادَى وَأَجْزَأَ لَهُمَا أَوِ النِّصْفُ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ اسْتُؤْنِفَ لَهُمَا أَوْ بَقِيَ الْيَسِيرُ لَمْ يُسْتَأْنَفْ لِلثَّانِي وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قِسْمَانِ إِنْ مَضَى مِنَ الْحَدِّ الْأَوَّلِ شَيْءٌ اسْتُؤْنِفَ مِنْ حِينِ الْقَذْفِ لِلثَّانِي وَلَا يُحْتَسَبُ بِالْمَاضِي وَإِنْ بَقِيَ الْيَسِيرُ تُمِّمَ الْأَوَّلُ وَاسْتُؤْنِفَ الثَّانِي
فَرْعٌ فِي الْمُنْتَقَى مَنْ قَذَفَ مَجْهُولًا لَمْ يُحَدَّ لِعَدَمِ النِّكَايَةِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ
فَرْعٌ قَالَ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِهِ قِيَامُ الْوَلِيِّ وَلَوْ سَمِعَ الْإِمَامُ رَجُلًا يَقْذِفُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الْمَقْذُوفِ فَإِنْ قَامَ بِهِ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ عليه السلام (وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا) قَالَ الْعُلَمَاءُ لَيْسَ الْإِرْسَالُ حِرْصًا عَلَى الِاعْتِرَافِ لأَمره عليه السلام وبالتستر بَلْ أَنَّهَا قُذِفَتْ فَيَكُونُ تَعْرِيفُهُ عليه السلام لَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ مَذْهَبُ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ قِيَامَ الْوَلِيِّ لَيْسَ شَرْطًا ويحده وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ غَائِبًا لِأَنَّهُ حَقُّ لِلَّهِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا عَفْوَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ إِذَا بَلَغَ الْإِمَامَ أَوْ صَاحِبَ الشَّرَطِ أَوِ الْحَرَسِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَقْذُوفُ سَتْرًا وَيَجُوزُ الْعَفْوُ فِيهِ وَالشَّفَاعَةُ إِذَا بَلَغَ الْإِمَامَ وَإِنْ صَدَرَ مُوجَبُ التَّعْزِيرِ مِنْ عَفِيفٍ ذِي مُرُوءَةٍ وَهِيَ طَائِرَةٌ مِنْهُ تَجَافَى الْإِمَامُ عَنْهُ فَإِنْ عَفَا عَنِ الْقَاذِفِ قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُكْتَبْ بِذَلِكَ كِتَابًا فَلَا قِيَامَ لَهُ وَكَذَلِكَ النُّكُولُ وَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ مُطْلَقًا وَإِنْ عَفَا عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَاءَ قَامَ وَكتب بذلك وَأشْهد لَهُ فَذَلِك وَلِوَرَثَتِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ فِي الْعَفْوِ عَنِ الْقَاذِفِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَجُوزُ وَإِنْ بَلَغَ الْإِمَامَ وَيَمْتَنِعُ إِن لم يبلغ الإِمَام وَيمْنَع إِذَا بَلَغَ الْإِمَامَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ سَتْرًا وَقِيلَ إِنْ أَرَادَ سَتْرًا لَا يَخْتَلِفُ فِي جَوَازِهِ وَعَلَى الْمَنْعِ مُطْلَقًا يَقُومُ بِهِ بَعْدَ الْعَفْوِ وَقَوْلُهُ طَائِرَةٌ أَيْ كَلِمَةٌ انْفَلَتَتْ مِنْهُ لَيْسَ بِعَادَةٍ وَيُجَافِي الْإِمَامُ بَعْدَهُ عَنْ عُقُوبَتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - (تَعَافَوُا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ) رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يَجُوزُ الْعَفْوُ إِذَا قَذَفَهُ فِي نَفْسِهِ أَمَّا أَحَدُ أَبَوَيْهِ وَقَدْ مَاتَ فَلَا عَفْوَ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ وَإِنْ أَرَادَ السَّتْرَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَيَجُوزُ عَفْوُ الْوَلَدِ عَنِ الْأَبِ عِنْدَ الْإِمَامِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِنْ قذفه فِي نَفسه وَكَذَلِكَ حَده لِأَبِيهِ بِخِلَاف حَده لِأُمِّهِ وَإِذَا قَالَ الشُّهُودُ قَذَفَكَ وَقَالَ لَمْ يَقْذِفْنِي رُدَّتِ الشَّهَادَةُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَذْفُ أَمَامَهُمْ وَادَّعَى ذَلِكَ ثُمَّ أَكْذَبَهُمْ بَعْدَ أَنْ شَهِدُوا عِنْدَ الْإِمَامِ أَوْ قَالَ مَا قَذَفَنِي فَإِنَّهُ حَدٌّ وَجَبَ وَإِذَا هَمَّ الْإِمَامُ بِضَرْبِهِ فَأَقَرَّ الْمَقْذُوفُ بِالزِّنَا
وَصَدَّقَهُ وَثَبَتَ عَلَى إِقْرَارِهِ حُدَّ لِلزِّنَا وَلَمْ يُحَدَّ الْآخَرُ لِلْقَذْفِ وَإِنْ رَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ لَمْ يُحَدَّ وَحُدَّ الْقَاذِفُ قَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ رَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ بِفَوْرٍ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ وَعَنِ الْقَاذِفِ بِإِقْرَارِهِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَرَادَ إِسْقَاطَ الْحَدِّ قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ أَخْذُ مَالٍ عَلَى إِسْقَاطِ الْحَدِّ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَسْقُطْ فِي النَّوَادِرِ وَمَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ أَرَادَ سَتْرًا أَنْ يَكُونَ ضُرِبَ الْحَدُّ قَدِيمًا فَيَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْآنَ فَأَمَّا إِنْ عَمِلَ شَيْئًا لَمْ يَعْلَمْهُ أَحَدٌ إِلَّا نَفْسَهُ حُرِّمَ عَفْوُهُ قَالَ أصْبع فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ سَتْرًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ويكشف ذَلِك للْإِمَام فَإِنْ خَافَ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ أَجَازَ عَفْوَهُ وَإِلَّا لم يجزه قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ أَرَادَ سَتْرًا أَنَّ مِثْلَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ جَازَ عَفْوُهُ وَلَمْ يُكَلَّفْ أَنْ يَقُولَ أَرَدْتُ سَتْرًا لِأَنَّ قَوْلَ ذَلِكَ عَارٌ وَأَمَّا الْعَفِيفُ الْفَاضِلُ فَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لِلْمَقْذُوفِ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا بِقَذْفِهِ يَقُومُ بِهِ مَتَى شَاءَ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَقَالَ مَا هُوَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَعْنَى أَرَادَ سَتْرًا أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ أَثْبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ حَدِّهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا غَيره وقااله فِي الْمُنْتَقَى وَمَعْنَاهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ لِأَنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ يَتَعَيَّنُ إِيقَاعُهُ قَاعِدَةٌ الْحُقُوقُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ حَقٌّ لِلَّهِ صِرْفٌ كَالْإِيمَانِ وَلِلْعَبْدِ صِرْفٌ كالإيمان وَحَقٌّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ يُغَلَّبُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ أَوْ حَقُّ الْعَبْدِ كَالْقَذْفِ فَيُفْرَقُ فِي الثَّالِثِ إِنِ اتَّصَلَ بِالْإِمَامِ تَعَيَّنَ حَقُّ اللَّهِ لاتصاله بنائبه فِي أرضه وَحقّ الله
تَعَالَى أَمْرُهُ (وَنَهْيُهُ وَحُقُوقُ الْعَبْدِ مَصَالِحُهُ وَمَا مِنْ حَقٍّ لِلْعَبْدِ إِلَّا وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَمْرُهُ) بِإِيصَالِ ذَلِكَ (لِمُسْتَحِقِّهِ لَكِنَّ الْمَعْنَى فِي أَنَّهُ غَلَبَ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ أَن العَبْد مَتى أسْقطه حَقُّهُ سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ بِإِيصَالِ ذَلِكَ) الْحَقِّ وَيَبْقَى مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إِثْمُ الْمُخَالَفَةِ فِي الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ إِذَا أَسْقَطَ الطَّلَبَ بِالْمَغْصُوبِ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِيصَالِهِ لَكِنْ يُؤَاخَذُ عَلَى جَرِيمَةِ الْغَصْبِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ أَوْ فِي الدُّنْيَا إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ أَوْ يَتَرَجَّحَ كَوْنُ الْقَذْفِ حَقًّا للْعَبد بتوقفه على قايم طَالبه وَكَونه يُورث وَحُقُوق الله تعلى لَا يَدْخُلَانِ فِيهِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا يَقُومُ بِالْحَدِّ إِلَّا الْمَقْذُوفُ فَإِنْ أَكْذَبَ الْمَقْذُوفُ الْبَيِّنَةَ رُدَّتِ الشَّهَادَةُ وَإِنْ قَالَتِ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ وُجُوبِ الْحَدِّ شَهِدْنَا بِالزُّورِ سَقَطَ الْحَدُّ وَإِنْ قَذَفَ مَيِّتًا فَلِابْنِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَلِجَدِّهِ لِأَبِيهِ الْقِيَامُ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يَلْزَمُهُمْ وَلَيْسَ لِلْعَصَبَةِ وَالْإِخْوَةِ مَعَ هَؤُلَاءِ قِيَامٌ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِهِمْ وَلِلْجَدَّاتِ الْقِيَامُ بِالْحَدِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْذُوفِ وَارِثٌ لَمْ يَقُمْ بِهِ أَجْنَبِيٌّ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الضَّرَرِ بِهِ وَأَمَّا الْغَائِب فَلَا يقوم ولد لَا غَيره بِقَذْفِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلِ الْحَقُّ عَنْهُ وَإِنْ مَاتَ وَأَوْصَى بِالْقِيَامِ قَامَ الْوَصِيُّ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْله لَا يقوم أحد للْغَائِب ظَاهره أنهلا يَتَعَرَّضُ لِلْقَاذِفِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُسْجَنُ حَتَّى يَقْدَمَ مَنْ لَهُ عَفْوٌ أَوْ قِيَامٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَيْسَ لِلْإِخْوَةِ وَالْبَنَاتِ وَالْجَدَّاتِ قِيَامٌ بِقَذْفِ الْمَيِّتِ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَقُومُ إِلَّا الْأَقْرَبُ
فَالْأَقْرَب وَكَذَلِكَ الْعَفو لِأَنَّهُ ميران الِابْنِ ثُمَّ ابْنِ الِابْنِ ثُمَّ الْأَخِ ثُمَّ الْجَدِّ ثُمَّ الْأُمِّ وَكَذَلِكَ الْقَرَابَاتُ مِنَ النِّسَاءِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَلَا حَقَّ لِلزَّوْجَةِ وَلَا بِنْتِ الْبِنْت قَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَا يُقَام للغئب وَإِن طالبت غيبته وَقيل لوَلَده القايم فِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ دُونَ الْقَرِيبَةِ وَيُكْتَبُ لِلْمَقْذُوفِ وَقَالَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَقُومُ لِلْغَائِبِ إِلَّا الْوَلَدُ فِي أَبِيهِ وَأُمِّهِ قَالَ وَلَوْ سَمِعَهُ السُّلْطَانُ مَعَ شَاهِدَيْنِ حَدَّهُ وَإِذَا رَفَعَهُ مَنْ سَمِعَهُ لِلْإِمَامِ سَمِعَ شَهَادَتَهُ فَإِذَا كَمُلَ النِّصَابُ حُدَّ الْقَاذِفُ فِي النَّوَادِرِ إِذَا قَامَ الْمَقْذُوفُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ حَلَفَ مَا سَكَتَ تَرْكًا وَإِنَّمَا يَكُونُ الْحَقُّ لِلْأَوْلِيَاءِ إِذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ قَبْلَ طُولِ الزَّمَانِ أَمَّا بَعْدَ طُولِهِ فَلَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْجُودًا حَتَّى يَحْلِفَ وَالطُّولُ ظَاهِرٌ فِي التَّرْكِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُمْ وَإِنْ طَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ عَفَا ثُمَّ قَامَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ حَتَّى يَبْلُغَ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ بِسِنٍّ لَا يَبْلُغُهُ إِلَّا مُحْتَلِمٌ دُونَ الْإِنْبَاتِ وَمَنْ فِيهِ علقَة رق فحده حد العبيد ويؤاخذ المحار إِذَا تَابَ بِمَا قَذَفَهُ حَالَ حِرَابَتِهِ وَبِحُقُوقِ النَّاس فَإِن قَذَفَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ أُسِرَ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّ الْقِصَاصَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ وَإِنْ قدم بِأَمَان فقذف مُسلما حد لِأَنَّهُ لَهُ عَقْدًا كَالذِّمِّيِّ 3 فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ أَوْ قَذَفَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ لَمْ يُحَدَّ وَلَوْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ كَالزِّنَا قَبْلَ الْحَدِّ وَبَعْدَ الْقَذْفِ فَإِنِ ارْتَدَّ الْقَاذِفُ أَوْ قَذَفَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ حُدَّ أَقَامَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ أَسْلَمَ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تَأْبَى أَخْذُ الْحُقُوقِ وَتَأْبَى أَنْ تَثْبُتَ لِصَاحِبِهَا
حُقُوقٌ لِكَوْنِهَا مُسْتَصْدِرُ الْحَيَاةِ وَالْحُقُوقُ إِنَّمَا هِيَ للحياة وَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ لَهُ وَإِنْ قَذَفَ مُلَاعِنَةَ التَّعَنُّتِ بِوَلَدٍ أَوْ بِغَيْرِ وَلَدٍ حُدَّ لِأَنَّ وَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ يَتَوَارَثُونَ فَإِنَّهُمْ أَشِقَّاءُ وَلَوْ رَجَعَ الْأَبُ ثَبَتَ النَّسَبُ وَإِنْ قَالَ لِوَلَدِهَا لَسْتَ لِأَبِيكَ اخْتِيَارًا لَمْ يُحَدَّ أَوْ مُشَاتَمَةً حُدَّ وَيُحَدُّ قَاذِفُ الْمَجْنُونِ لِأَنَّ عِرْضَهُ مَمْنُوعٌ كَمَالِهِ وَنَفْسِهِ
فَرْعٌ قَالَ إِنْ خَاصَمَ فِي الْقَذْفِ وَمَاتَ قَبْلَ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَامَ الْوَارِثُ بِهِ قَاعِدَة الْوَارِث ينْتَقل إِلَيْهِ المَال بِالْإِرْثِ فينقل إِلَيْهِ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِ وَلَا يَرِثُ النَّفْسَ وَالْعَقْلَ فَلَا تُنْقَلُ إِلَيْهِ الْإِمَامَةُ وَالْقَضَاءُ وَمَا فُوِّضَ إِلَيْهِ مِنْ خِيَارِ الْغَيْرِ وَلَا اللِّعَانُ وَلَا نِيَّةُ الْإِيلَاءِ وَلَا نَحْوُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا أُمُورٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالنَّفْسِ وَالْعَقْلِ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَن لَا ينْتَقل الْقصاص وَالْقَذْف لَكِن ضررهما مُتَعَدٍّ للْوَارِث فانتقلا إِلَيْهِ لهَذَا السَّبَبِ فَهَذَا ضَابِطُ مَا يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ وَمَا لَا يَنْتَقِلُ فَلَيْسَ كُلُّ حَقٍّ مَاتَ عَنْهُ ينْتَقل
فرع فيا الْكِتَابِ حَدُّ الْقَذْفِ وَالْخَمْرِ عَلَى الْعَبْدِ أَرْبَعُونَ نِصْفُ حَدِّ الْحُرِّ وَحَدُّهُ فِي الزِّنَا خَمْسُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ من الْعَذَاب} قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الْعَبْدِ ثُمَّ عُلِمَ أَنَّهُ حُرٌّ حِينَئِذٍ كَمَا حد الْحر
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الشُّهُودُ عَبِيدٌ صُدِّقَ الشُّهُودُ فِي الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهَا الأَصْل وَكَذَلِكَ الْقَاذِف للمقذوف عَبْدٌ فَإِنِ ادَّعَى بَيِّنَةً قَرِيبَةً أُمْهِلَ وَإِلَّا جُلِدَ وَإِنْ أَتَى بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ زَالَتْ عَنْهُ جُرْحَةُ الْحَدِّ وَلَا أَرْشَ لَهُ فِي الضَّرْبِ
فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ وَأقَام شَاهدا أَنه قذفه أخلفه فَإِن نكل حسب أبدا حَتَّى يحلف اتّفق مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ يُحْبَسُ أَبَدًا قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَفِي النَّوَادِر فِي الْمُوازِية إِن طَالَ سَجْنُهُ خُلِّيَ قَالَ أَصْبَغُ وَيُؤَدَّبُ إِذَا خُلِّيَ إِنْ كَانَ يُعْرَفُ بِأَذَى النَّاسِ وَإِلَّا فَأَدَبُهُ حَبْسُهُ وَلَا يُؤَدَّبُ مُسْتَوْجِبُ الْأَدَبِ إِلَّا بَعْدَ الْإِيَاسِ مِنْ يَمِينِهِ وَتَوَقَّفَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي التَّأْدِيبِ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِنْ أَقَامَ الْقَاذِفُ شَاهِدَيْنِ أَنَّ الْوَالِيَ ضَرَبَهُ فِي الْحَدِّ فِي الزِّنَا لَمْ يَسْقُطِ الْحَدُّ عَنْهُ وَحُدَّ الشَّاهِدَانِ مَعَهُ وَلَا تَنْفَعُهُ إِلَّا أَرْبَعَةٌ عَلَى رُؤْيَة الزِّنَا
فرع قَالَ إِنْ قَالَ لِلْمَنْبُوذِ يَا وَلَدَ زِنًا أَوْ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَسَبٌ يُنْفَى عَنْهُ وَلَا أُمُّهُ مَعْلُومَة فَيحد لَهَا لخلاف يَا زَان
فَرْعٌ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ قَذَفَ الْغَرِيبَ فَعَلَيْهِ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى نَسَبِهِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ وَيَنْتَشِرَ عِنْدَ النَّاسِ وَيُعْرَفَ بِهِ فَيَحُدُّ قَاذِفُهُ قَالَ مَالِكٌ وَالنَّاسُ عَلَى أَنْسَابِهِمْ لِأَنَّهُمْ حَازُوهَا وَعُرِفُوا بِهَا كَالْأَمْلَاكِ وَمَنِ ادَّعَى غَيْرَ ذَلِكَ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا حُدَّ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِنْ قَالَ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ لِلْغَرِيبِ الَّذِي لَا تُعْرَفُ أُمُّهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ حُدَّ قَاذِفُهُ قَالَ وَقَدْ يَقْدَمُ الرَّجُلُ مِنْ خُرَاسَانَ وَيُقِيمُ السِّنِينَ فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ وَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةَ أَنَّ أُمَّهُ حُرَّةٌ مَسْلِمَةٌ
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُعْتَقُ فِي الْوَصِيَّةِ الْمَأْمُونَةِ يُقْذَفُ قَبْلَ تَنْفِيذِهِ مِنَ الثُّلُثِ لَا حَدَّ لَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْحَدِّ إِنْ أَمِنَ الْمَالَ وَيَرِثُ وَيُورَثُ وَالْأَمَةُ الْحَامِلُ مِنْ سَيِّدِهَا يَمُوتُ سَيِّدُهَا قَبْلَ الْوَضْعِ وَلَمْ تَكُنْ وَلَدَتْ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ يُحَدُّ قَاذِفُهَا وَلَمْ يُرَاعِ أَنَّ الْحَمْلَ يَنْقُصُ
فَرْعٌ قَالَ إِذَا أَخَذَ فِي الزِّنَا أَوِ الْفِرْيَةِ أَوِ الْخَمْرِ فَقَالَ أَنَا مَمْلُوكٌ إِنْ كَانَ مُحْصَنًا رُجِمَ فِي الزِّنَا وَجَعَلَ عَلَيْهِ حَدُّ الْمَمْلُوكِ فِي الْفِرْيَةِ وَالْخَمْرِ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِي رِقِّ نَفْسِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ حَاضِرٍ أَوْ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ سُئِلَ مَنْ أَقَرَّ لَهُ فَإِنِ ادَّعَاهُ لَمْ يُحَدَّ فِي الْجَلْدِ إِلَّا فِي حَدِّ الْعَبْدِ وَأَمَّا الزِّنَا وَالْقَطْعُ وَالْقَتْلُ فَلَا يَسْقُطُ إِلَّا بِالبَيِّنَةِ لِأَن الأَصْل الْحُرِّيَّة
فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ لعَبْدِهِ أَو أَجْنَبِي قل لفُلَان عَن فلَانا يَقُول لَك يَا ابْن الفاعلو فَفَعَلَ حُدَّ الْآمِرُ دُونَ الْمَأْمُورِ وَإِنْ قَالَ لَهُ اقْذِفْ فُلَانًا يَعْنِي الْعَبْدَ يُحَدُّ مَعَ السَّيِّد وَيحد الْحُرُّ دُونَ الْآمِرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْحَكِمٍ لَهُ وَفِي الْوَاضِحَةِ يُحَدُّ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ أَمَرَهُ بِالْقَذْفِ أَوْ بِقَولِهِ لَهُ يَا ابْنَ الْفَاعِلَةِ وَإِنْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ قُلْ لَهُ يَا ابْنَ الْفَاعِلَةِ حُدَّا مَعًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ أَحْسَنُ مَا فِيهِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ حَمَلَ لِرَجُلٍ كِتَابًا فِيهِ يَا ابْنَ الْفَاعِلَةِ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ حُدَّ إِنْ عُلِمَ مَا فِيهِ لِأَنَّهُ تَعْرِيض
فَرْعٌ قَالَ كَانَ مَالِكٌ إِذَا سُئِلَ عَنْ حَدٍّ أَسْرَعَ الْجَوَابَ وَسَاسَ بِهِ وَأَظْهَرَ السُّرُورَ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ وَقِيلَ لَحَدٌّ يُقَامُ بِأَرْضٍ خَيْرٌ لَهَا من مظر أَرْبَعِينَ صَبَاحًا
فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي ثُبُوتِ الْقَذْفِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَالشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ خِلَافٌ جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي شَهَادَتِهِنَّ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَفِي الْقِصَاصِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَالِاتِّفَاقِ فِي اللَّفْظِ دُونَ الْمَوَاطِنِ جَازَتِ الشَّهَادَةُ اتِّفَاقًا وَاخْتلف اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَاتَّفَقَ مَا يُوجِبُ الْحُكْمَ كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا بِالْقَذْفِ وَالْآخَرِ
بِنَفْيِ النَّسَبِ رُدَّتْ عَلَى الشُّهُودِ أَوِ اخْتَلَفَ الْجَمِيع لم يَأْتُوا اتِّفَاقًا
فرع قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَ (ح) إِنَّ شَهَادَةَ الْقَاذِفِ جَائِزَةٌ حَتَّى يُحَدَّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أبدا} فرتبت عَدَمَ الْقَبُولِ عَلَى عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَةِ وَإِذَا لَمْ يُحَدَّ فَهَلْ تَتَأَتَّى مِنْهُ إِقَامَةُ الشَّهَادَةِ وَقَالَ (ش) وَعبد الْملك لَا يقبل لِأَنَّهُ قَبْلَ الْحَدِّ شَرٌّ مِنْهُ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْحَدَّ كَفَّارَةٌ لَهُ وَإِذَا تَابَ قُبِلَتْ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) وَمَنَعَهَا (ح) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا} وَالِاسْتِثْنَاء فِي قَوْله تَعَالَى {إِلَّا اللَّذين تَابُوا} يَعُودُ عَلَى التَّفْسِيقِ دُونَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ سَبَبَ الرَّدِّ التَّفْسِيقُ إِذَا زَالَ قبلت
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّعْزِيرِ)
وَفِي الْجَوَاهِرِ وَالنَّظَرُ فِي مُوجِبِهِ وَجِنْسِهِ وَمُسْتَوْفِيهِ أَمَّا مُوجِبُهُ فَهُوَ مَعْصِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَقِّهِ أَوْ حَقِّ آدَمِيٍّ وَأَمَّا قَدْرُهُ فَلَا حَدَّ لَهُ فَلَا يُقَدَّرُ أَقَلُّهُ وَلَا أَكْثَرُهُ بَلْ بِحَسَبِ اجْتِهَادِ الإِمَام على قدر الْجِنَايَة وَيلْزم الِاقْتِصَار على دون الْحُدُود وَلَا لَهُ النِّهَايَةُ إِلَى حَدِّ الْقَتْلِ وَأَمَّا جِنْسُهُ فَلَا يَخْتَصُّ بِسَوْطٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ حَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ بَلِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَكَانَ الْخُلَفَاءُ الْمُتَقَدِّمُونَ يُعَامِلُونَ بِقَدْرِ الْجَانِي وَالْجِنَايَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ يُضْرَبُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُحْبَسُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَامُ عَلَى قَدَمَيْهِ فِي تِلْكَ الْمَحَافِلِ وَمِنْهُمْ مَنْ تُنْزَعُ عِمَامَتُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَلُّ إِزَارُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ وَالْمَقُولِ لَهُ وَالْمَقُولُ فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ مِمَّنْ لَا قَدْرَ لَهُ أَوْ عُرِفَ بِالْأَذَى وَالْمَقُولُ لَهُ مِنْ أهل فَعُقُوبَتُهُ أَشَدُّ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْخَمْرِ فَعُقُوبَتُهُ أَخَفُّ إِلَّا أَنْ تُخَفَّ الْجِنَايَةُ جِدًّا فَلَا يُعَاقَبُ وَيُزْجَرُ بِالْقَوْلِ إِنْ كَانَ الْقَائِلُ مِمَّنْ لَهُ قدر مُعَرفا بِالْخَيْرِ وَالْمَقُولُ لَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ زُجِرَ بالْقَوْل قَالَ مَالك وَقد يَتَجَافَى السُّلْطَانُ عَنِ الْفَلْتَةِ مِنْ ذَوِي الْمُرُوءَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ يَا سَارِقُ نُكِّلَ أَوْ قَالَ سَرَقَ مَتَاعِي وَالْمَقُولُ فِيهِ يُتَّهَمُ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ والأنكل وَإِنْ نَادَاهُ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ وَنَحْوَهُ نُكِّلَ وَيَا برون أَوْ يَا حِمَارُ أَوْ بِمَا يُؤْذِيهِ نُكِّلَ
وَيَجُوزُ الْعَفْوُ وَالشَّفَاعَةُ فِي النَّكَالِ وَإِنْ بَلَغَ الْإِمَامَ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ صِرْفٍ قَالَ مَالِكٌ إِذَا انْتَهَى لِلْإِمَامِ وَالْجَانِي مِنْ أَهْلِ الْعَفَافِ وَالْمُرُوءَةِ وَوَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ فَلْتَةً تَجَافَى الْإِمَامُ عَنْهُ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْأَذِيَّةِ فَلَا يُقِلُّهُ ولينكله قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو بكر وَظَاهر هَذَا الْإِطْلَاقَاتِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّعْزِيرَ وَاجِبٌ إِذَا قَامَ بِهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ لَمْ يُعَزَّرْ وَلَمْ يَفْصِلْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ بَلْ أَطْلَقُوا عَدَمَ الْوُجُوبِ عِنْدَ عَدَمِ الْقِيَامِ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيل
فَرْعٌ قَالَ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الدَّفْعِ الْقُرْآنُ وَالْعِلْمُ وَالْآدَابُ الْإِسْلَامِيَّةُ وَفِي الزُّنَاةِ الْجَهْلُ قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ وَأَمَّا الْمُسْتَوْفِي لِلتَّعْزِيرِ فَهُوَ الْإِمَامُ وَالْأَبُ وَالسَّيِّدُ وَيُؤَدَّبُ الصَّغِيرُ دُونَ الْكَبِيرِ وَيُؤَدِّبُهُ مُعَلِّمُهُ وَصَاحِبُهُ وَيُعَزِّرُ السَّيِّدُ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ الله تَعَالَى والزنج فِي النُّشُوز وخما يُشْبِهُهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِمَنْعِ حَقِّهِ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ لَوْ جُعِلَ لِعَامَّةِ النَّاسِ لَأَدَّى لِتَوَاثُبِ السُّفَهَاءِ للأذية وَكَثْرَة الْهَرج والفتن وَالتَّعْزِير جَائِر بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ فَإِنْ سَرَى ضُمِنَتْ عَاقِلَتُهُ بِخِلَافِ الْحَدِّ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ بِاجْتِهَادٍ وَالْحَدُّ مُقَدَّرٌ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهِ فَلَوْ لَمْ تَتْرُكِ الْمَرْأَةُ النُّشُوزَ إِلَّا بِضَرْبٍ مُخَوِّفٍ لَمْ يَجُزْ تَعْزِيرُهَا أَصْلًا تَنْبِيهٌ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مَتَى كَانَ الْجَانِي يَنْزَجِرُ بِالْكَلِمَةِ أَوْ بِالضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ لَمْ تَجُزِ الزِّيَادَةُ لِأَنَّ الْأَذِيَّةَ مَفْسَدَةٌ يَقْتَصِرُ مِنْهَا عَلَى مَا يَدْرَأُ الْمَفَاسِدَ وَإِنْ
كَانَ لَا يَنْزَجِرُ بِالْعُقُوبَةِ اللَّائِقَةِ بِتِلْكَ الْجِنَايَةِ بَلْ بِالْمُخَوِّفَةِ حَرُمَ تَأْدِيبُهُ مُطْلَقًا أَمَّا اللَّائِقُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ فَهُوَ مَفْسَدَةٌ بِغَيْرِ فَائِدَة وَأما الزِّيَادَة الْمهْلكَة فَإِن سَببهَا لم يُوجد والصغر وَالْكِبَارُ فِي تِلْكَ سَوَاءٌ
فَرْعٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا بَلَغَ التَّعْزِيرُ قَدْرَ الْحَدِّ ضُرِبَ عُرْيَانًا تَنْبِيهٌ قَالَ (ح) لَا يُجَاوِزُ بِهِ أَقَلَّ الْحُدُودِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ حَدُّ الْعَبْدِ بَلْ يُنْقَصُ مِنْهُ سَوْطٌ وَالتَّعْزِيرُ وَاجِبٌ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ تَرْكُهُ إِلَّا إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنّه أَن غير الضّر بمصلحة مِنَ الْمَلَامَةِ وَالْكَلَامِ وَعِنْدَ (ش) قَوْلَانِ فِي الْمُجَاوَزَةِ بِهِ وَهُوَ عِنْدَهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْإِمَامِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ أَوْ تَرَكَهُ لَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَضَاءُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم زَوَّرَ مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ كِتَابًا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَنَقَشَ خَاتَمَهُ مِثْلَ نَقْشِ خَاتَمِهِ فَجَلَدَهُ مِائَةً فَشُفِّعَ فِيهِ فَقَالَ أذكرني الطَّعْنَ وَكُنْتُ نَاسِيًا فَجَلَدَهُ مِائَةً أُخْرَى ثُمَّ جَلَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِائَةً أُخْرَى وَكَانَ رَجُلٌ يَأْتِي النَّاسَ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ فَيَقُولُ {وَالذَّارِيَاتِ ذَروا} وَيَقُول {والنازعات غرقا} مَا الذَّارِيَاتُ مَا النَّازِعَاتُ مَا الْفَارِقَاتُ مَا الْحَامِلَاتُ مَا الذَّارِيَاتُ وَكَانَ يُتَّهَمُ بِالْحَرُورِيَّةِ فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِيهِ فَأَمَرَ بِإِقْدَامِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ عَمَّ تَسْأَلُ تَسْأَلُ عَنِ الذَّارِيَاتِ وَالنَّازِعَاتِ فَضَرَبَهُ عُمَرُ رضي الله عنه بِجَرِيدِ النَّخْلِ حَتَّى أَدْمَى جَسَدَهُ كُلَّهُ ثُمَّ حَبَسَهُ حَتَّى كَادَ يَبْرَأُ فَضَرَبَهُ وَسَجَنَهُ فَعَلَ ذَلِك مِرَارًا فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ كُنْتَ بريد قَتْلِي فَأَوْجِزْ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الدَّوَاءَ فَقَدْ بلغ الدَّوَاء مِنِّي فَأَطْلَقَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُجَالِسَ أَحَدًا إِلَى أَنْ كَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو مُوسَى إِنَّهُ قَدْ حَسُنَ حَالُهُ فَأَمَرَ بِمُجَالَسَتِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَقَتَلَ رَجُلٌ عَبْدًا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - فَأمر بِهِ لجلد مِائَةَ جَلْدَةٍ وَقَالَ لَا تَقْبَلُوا لَهُ شَهَادَةً وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْحُدُودَ مُخْتَلِفَةً بِحَسَبِ الْجِنَايَات فالزنا أعظم جِنَايَة وقوبة مِنَ الْقَذْفِ (وَالسَّرِقَةُ أَعْظَمُ مِنْهُمَا) وَالْحِرَابَةُ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ فَوَجَبَ أَنْ تَخْتَلِفَ التَّعَازِيرُ وَتَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْجِنَايَاتِ فِي الزَّجْرِ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مُوجِبِ الْحَدِّ زَادَ التَّعْزِيرُ احْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عليه السلام (لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلْدَاتٍ فِي غَيْرِ حَدٍّ مِنْ حُدُود الله تَعَالَى) وَاحْتَجَّ (ش) بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يُعَزِّرِ الْأَنْصَارِيَّ لَمَّا قَالَ لَهُ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ الْحَدِيثَ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ فَلَا يَجِبُ كَضَرْبِ الْأَبِ وَالْمُعَلِّمِ وَالزَّوْجِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِكُمْ لِأَنَّكُمْ تَزِيدُونَ عَلَى الْعَشْرِ أَوْ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ أُمُورًا هِيَ فِي أَعْيُنِكُمْ أَدَقُّ من الشعيرة إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا مِنَ الْمُوبِقَاتِ فَكَانَ يَكْفِهِمْ قَلِيل التَّعْزِير
ثمَّ تتَابع النالس فِي الْمَعَاصِي حَتَّى زَوَّرُوا خَاتَمًا عَلَى خَاتَمِ عُمَرَ وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ عَلَى قَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنَ الْفُجُورِ وَلَمْ يُرِدْ نَسْخَ حُكْمٍ بَلِ الْمُجْتَهِدُ فِيهِ يَسْتَقِلُّ فِيهِ بِالِاجْتِهَادِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ حَقُّهُ عليه السلام فَلَهُ تَرْكُهُ أَوْ لِأَنَّ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ كَانَتْ تَصْدُرُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهَا الِاهْتِضَامَ مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ إِذَا اسْتُؤْجِرَ عَلَيْهَا وَقَدْ يَجِبُ غَيْرُ الْمُقَدَّرِ كَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَنَصِيبِ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِ الْمَالِ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ وَهُوَ يَجِبُ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ شَتمه جده أَو عَمه أَوْ خَالُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ تأديبا وَلم ير الْأَخ مثلهم قائدة التَّعْزِيرُ قِيلَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْإِهَانَةِ وَالْإِكْرَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} وَقِيلَ بَلْ مَعْنَاهُ الْمَنْعُ فَتَعْزِيرُ الْجُنَاةِ مَنَعُهُمْ مِنَ الْعَوْدِ إِلَى الْجِنَايَاتِ وَتَعْزِيرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْعُهُ مِنَ الْمَكَارِهِ
(الْجِنَايَةُ الْخَامِسَةُ - الْحِرَابَةُ وَالنَّظَرُ فِي صِفَةِ الْمُحَارِبِينَ وَفِي أحكامهم)
3 -
(النّظر الأول)
وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُشْتَهِرُ بِالسِّلَاحِ لِقَصْدِ السَّلْبِ مُحَارِبٌ كَانَ فِي مصر أَو فقر لَهُ شَوْكَةٌ أَمْ لَا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَا تَتَعَيَّنُ آلَةٌ مَخْصُوصَةٌ حَبْلٌ أَوْ حَجَرٌ أَوْ خَنْقٌ بِالْيَدِ أَوْ بِالْفَمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ مُحَارِبٌ وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ وَكُلُّ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ فَهُوَ مُحَارِبٌ أَوْ حمل السِّلَاح بِغَيْر عدوة وَلَا فَائِدَة
وَكَذَلِكَ قَتْلُ الْغِيلَةِ بِأَنْ يَخْدَعَ رَجُلًا أَوْ مَشَى حَتَّى يُدْخِلَهُ مَوْضِعًا فَيَأْخُذُ مَا مَعَهُ وَإِنْ دَخَلَ دَارًا بِاللَّيْلِ فَأَخَذَ مَالًا مُكَابَرَةً وَمَنَعَ الِاسْتِغَاثَةَ فَهُوَ مُحَارِبٌ وَالْخَنَّاقُ وَسَاقِي السُّمِّ لِأَخْذِ الْمَالِ مُحَارِبٌ وَكُلُّ مَنْ قَتَلَ أَحَدًا على مَا مَعَه فَهُوَ محَارب فَهَل ذَلِكَ بَحُرٍّ أَوْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَطَعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الطَّرِيقَ إِلَى مَدِينَتِهِمُ الَّتِي خَرَجُوا مِنْهَا فَهُمْ مُحَارِبُونَ وَإِن خَرجُوا تجارًا إِلَى أَرْضِ الْحَرْبِ فَقَطَعَ بَعْضُهُمُ الطَّرِيقَ عَلَى بَعْضٍ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ قَطَعُوهَا عَلَى أَهْلِ ذِمَّةٍ دَخَلُوا إِلَى أَرْضِ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَهُمْ مُحَارِبُونَ وَمَنْ دَخَلَ عَلَيْكَ دَارَكَ لِيَأْخُذَ مَالَكَ فَهُوَ مُحَارِبٌ تَمْهِيدٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ أَخْذُ الْمَالِ حَرَامًا عَشَرَةُ أَضْرُبٍ حِرَابَةٌ إِنْ أَخَذَهُ بِمُكَابَرَةٍ وَمُدَافَعَةٍ وَغِيلَةٌ أَخَذَهُ بَعْدَ قَتْلِ صَاحِبِهِ بِحِيلَةٍ مُهْلِكَةٍ لِيَأْخُذَ مَالَهُ مِنْ إِلْقَائِهِ فِي مُهْوَاةٍ أَو نَحوه وغصب وَهُوَ أَخْذُ ذَوِي الْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ مِمَّنْ لَا قدرَة
لَهُ عَلَى دَفْعِهِ وَقَهْرِهِ وَهُوَ نَحْوُ الْغَصْبِ وخيانة أَخذه من الودائع وَنَحْوهَا وسرقة أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ أَمَانَةٍ عَلَى الْإِخْفَاءِ مَنْ حرزه اختلاسا وَهُوَ أَخْذُ السَّارِقِ وَأَهْلُهُ يَعْلَمُونَ وَخَدِيعَةٌ بِأَنْ يَأْخُذَهُ بِاخْتِيَارِكَ وَإِيهَامٍ وَتَعَدٍّ كَالْمُسْتَأْجِرِ يَتَجَاوَزُ الْمَسَافَةَ ولمقدار الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهِ وَجَحَدَ فِي الدُّيُونِ وَنَحْوِهَا وَاسْمُ الْغَصْبِ يُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فِي اللُّغَةِ وَلكُل وَاحِد مِنْهَا حكم فِي الشَّرْع حلى حِيَالِهِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ سَقَى السَّكْرَانَ إِنَّمَا يَكُونُ مُحَارَبَةً إِذَا كَانَ مَا سَقَاهُ يَمُوتُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا لَقِيَهُ عِنْدَ الْعَتَمَةِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ خَلْوَةٍ فنشر ثَوْبه ونزعه مِنْهُ لَا قطع لعيه إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُحَارِبًا لِأَنَّهُ مُخْتَلِسٌ وَلَا قَطْعَ عَلَى مُخْتَلِسٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَعَدَ اللُّصُوصُ بِقَوْمٍ فَعَلِمَ بِهِمِ الْإِمَامُ فَأَخَذَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِهِمْ مَنْ قَعَدُوا لَهُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُمْ تَلَصُّصٌ فَلَيْسُوا مُحَارِبِينَ فَإِنْ عَلِمُوا بِهِمْ فَامْتَنَعُوا مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ خَوْفًا مِنْهُمْ فَهُمْ حِينَئِذٍ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ يَجْرِي فِيهِمْ حُكْمُ الْمُحَارِبِينَ وَإِنْ أَخَذُوا الْمَالَ بِالْقُوَّةِ بِغَيْرِ سِلَاحٍ وَلَا يُخْشَى مِنْهُمْ قِتَالٌ أَوْ مَنَعُوهُمْ فَهُمْ غُصَّابٌ غَيْرُ مُحَارِبِينَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ تَقَدَّمَ مِنْهُمْ خَوْفٌ وَإِنْ أَخَذُوا بِالْقَهْرِ ثُمَّ قَتَلُوا خَوْفَ أَنْ يُطْلَبُوا لَيْسُوا بِمُحَارِبِينَ بَلْ مُغْتَالُونَ وَإِنْ سَأَلَهُ طَعَامًا فَأَبَى فَكَتَّفَهُ وَنَزَعَ مِنْهُ الطَّعَامَ وَثَوْبَهُ قَالَ مَالِكٌ مُحَارِبٌ وَهُوَ مِمَّنْ يُضْرَبُ وَيُنْفَى وَالْمُحَارِبُ فِي الْمَدِينَةِ مُحَارِبٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِصِدْقِ الِاسْمِ دُونَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَإِنَّهَا إِنَّمَا يَكُونُ فِيهَا الْغَصْبُ وَكَذَلِكَ الْقَرْيَةُ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا جَمَاعَةً يُرِيدُونَ الْقَرْيَةَ كُلَّهَا عِنَادًا وَإِعْلَانًا فَهُمْ مُحَارِبُونَ وَلَوْ عُلِمَ بِالسَّارِقِ بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ سِرًّا فَقَاتَلَ حَتَّى نجا بِهِ فَهُوَ سَارِق وَلَا قِتَالُهُ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ عُلِمَ بِهِ قبل أَخذه فقاتل حَتَّى نجا بِهِ فَهُوَ سَارِق وَلَا قِتَالُهُ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ عُلِمَ بِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى أَخَذَهُ فَهُوَ مُحَارِبٌ عِنْدَ مَالِكٍ دُونَ عَبْدِ الْمَلِكِ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ لَا لِطَلَبِ مَالٍ وَلَا عَدَاوَة وَلَا نابده وَلَا بِدَيْنٍ قَالَ أَمْنَعُ هَؤُلَاءِ يَمْشُونَ إِلَى مَكَّةَ أَوِ الشَّامِ فَهُوَ مُحَارِبٌ لِأَنَّهُ قَطَعَ الطَّرِيق وأخاف السَّبِيل
النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} فَجَعَلَ تَعَالَى الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ كَالْقَتْلِ فِي وُجُوبِ الْقَتْلِ وَبَيَّنَ الْفَسَادَ فَقَالَ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْديهم وأرجلهم من خلاف أَو ينقوا من الأَرْض} فَمُحَارَبَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِخَافَةُ السَّبِيلِ وَهُوَ السَّعْيُ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا فَكُرِّرَتِ الْحِرَابَةُ بِلَفْظَيْنِ تَأْكِيدًا
فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مَالِكٌ جِهَادُهُمْ جِهَادٌ وَنُنَاشِدُ الْمُحَارِبَ اللَّهَ تَعَالَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ عَاجَلَهُ قَاتَلَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَدَعُهُ وليبادر إِلَى الْقِتَالِ قَالَ مَالِكٌ يَدْعُوهُ إِلَى التَّقْوَى فَإِنْ أَبَى قَاتَلَهُ وَإِنْ يَطْلُبْ مِثْلَ الطَّعَامِ وَمَا خَفَّ فَلْيُعْطُوهُ وَلَا يُقَاتِلُوهُ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مَفْسَدَةً قَالَ سَحْنُونٌ
أَرَى أَنْ لَا يُعْطَوْا شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ وَلَا يُدْعَوْا وَلْيُظْهِرْ لَهُمُ الصَّبْرَ وَالْجَلَدَ وَالْقِتَالَ بِالسَّيْفِ فَهُوَ أَقْطَعُ لِطَمَعِهِمْ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ مَنْ حَارَبَ مِنَ الذِّمَّةِ أَوِ الْمُسْلِمِينَ وَأَخَافُوا السَّبِيلَ وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا وَلَمْ يَقْتُلُوا خُيِّرَ الْإِمَامُ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ وَرُبَّ مُحَارِبٍ لَمْ يَقْتُلْ أَعْظَمُ فَسَادًا فِي حِرَابِهِ مِمَّنْ قَتَلَ فَإِذَا نَصَبَ وَعَلَا أَمْرُهُ وَأَخَافَ وَحَارَبَ وَلَمْ يَقْتُلْ وَأَخَذَ الْمَالَ أَوْ لَمْ يَأْخُذْ خُيِّرَ فِي قَتْلِهِ أَوْ قَطْعِ يَدِهِ وَرَجْلِهِ وَلَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْقَتْلِ قَطْعٌ وَلَا ضَرْبٌ وَلَا يُضْرَبُ إِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ وَلَا يَسْتَوِي الْمُحَارِبُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَخْرُجُ بِعَصًا فَيُؤْخَذُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ بِحَضْرَةِ الْخُرُوجِ وَلَمْ يُخِفِ السَّبِيلَ وَلَا أَخذ مَالا فَيَكْفِي الضَّرْب وَالنَّفْي والسحن فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي نُفِيَ إِلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ الْعَفو عَنهُ لِأَنَّهُ حق الله تَعَالَى وَنَفَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مُحَارِبًا مِنْ مِصْرَ إِلَى شَفَتَ وَيُنْفَى مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى فدك وخيبر ويسحن هُنَاكَ حَتَّى تُعْرَفَ تَوْبَتُهُ فَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ قُتِلَ وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ وَرجله والصلب مَعَ الْقَتْل فيصلب حَيا وَثمّ يُطْعَنُ بِالْحَرْبَةِ وَالْعَبْدُ مِثْلُ الْحُرِّ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُنْفَى لِحَقِّ سَيِّدِهِ فِي خِدْمَتِهِ وَفِي الْمُقدمَات معنى قَول مَال فِي التَّخْيِير إِنَّه يفعل مَا هُوَ أقرّ للصَّوَاب فذوا الرَّأْي يقْتله لِأَن الْقطع لَا يدْفع مضرته وَذُو الْقُوَّةِ فَقَطْ يَقْطَعُهُ مِنَ الْخِلَافِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَنْفِي ضَرَرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ وَأُخِذَ عِنْدَ خُرُوجِهِ فَالضَّرْبُ وَالنَّفْيُ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بِهَوَاهُ وَمَتَى قَتَلَ فلابد من
قَتْلِهِ وَيَنْحَصِرُ التَّخْيِيرُ فِي قَتْلِهِ وَصَلْبِهِ وَقَطْعِهِ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِنْ نَصَبَ نَصْبًا شَدِيدًا أَوْ عَلَا أَمْرُهُ وَطَالَ زَمَانُهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ إِلَّا بِالْقَتْلِ وَخَالَفَنَا الْأَئِمَّة فَقَالُوا الْآيَة للتَّرْتِيب فَلَا يقْتله إا لَمْ يَقْتُلْ وَلَا يَقْطَعُهُ إِذَا لَمْ يَأْخُذِ الْمَالَ فَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ خَيَّرَهُ (ح) بَين الْقَتْل فق أَوْ مَعَ الْقَطْعِ (وَلَا يُصْلَبُ أَوْ يُجْمَعُ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالصَّلْبِ وَقَالَ (ش) يَتَعَيَّنُ الْقَتْلُ وَالصَّلْبُ لِأَنَّهُ يَأْتِي عَلَى الْقَطْعِ) وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ الْمَالَ تَعَيَّنَ النَّفْيُ وَيُقَدِّرُونَ الشَّرْطَ مُكَرَّرًا فِي الْآيَةِ مَعْنَاهَا عِنْدَهُمْ أَنْ يُقَتَّلُوا إِنْ قَتَلُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ إِنْ أَخَذُوا الْمَالَ أَوْ يُنْفَوْا إِنْ لَمْ يَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ (ح) نَفْيُهُ حَبْسُهُ بِبَلَدِهِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ (ش) نَفْيُهُ أَنْ يَطْلُبَهُ الْإِمَامُ أَبَدًا وَهُوَ يَهْرُبُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِضْمَارِ وَإِرَادَةُ الْحَقِيقَةِ وَهِيَ التَّخْيِيرُ الَّذِي هُوَ مُسَمًّى وَاحْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحِ قَالَ عليه السلام (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ أَوْ زَنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْلُ نَفْسٍ) وَلَمْ تُوجَدْ فِي الْمُحَارِبِ فَلَا يُقْتَلُ وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ وَاحِدٌ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ عُقُوبَتَانِ كَالْقَتْلِ وَالسَّرِقَةِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ فِي الْآيَةِ مُحَارَبَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَعَ الْحِرَابَةِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلِأَنَّ عَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي التَّخْيِيرِ الْبِدَايَةُ بِالْأَخَفِّ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِي التَّرْتِيبِ بِالْأَشَدِّ نَحْوَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَقَدْ بَدَأَ هَا هُنَا بِالْأَشَدِّ فَتَكُونُ لِلتَّرْتِيبِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ عِظَمَ الْعُقُوبَةِ يَتْبَعُ عِظَمَ الْجِنَايَةِ فَلَا يَتَرَتَّبُ الْقَتْلُ إِلَّا حَيْثُ الْقَتْلُ
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَامٌّ وَالْآيَةُ خَاصَّةٌ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّا لَمْ نُعَلِّقْ بِالسَّبَبِ الْوَاحِدِ عُقُوبَتَيْنِ بَلْ صِفَةُ كُلِّ مُحَارِبٍ إِلَى عُقُوبَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْحِرَابَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ حِرَابَةٌ لَهَا عُقُوبَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الضَّرْبُ وَالنَّفْيُ كَالزِّنَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ مُحَارَبَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهَا لِمَعْصِيَتِهِ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَيكون الْمَعْنى وَاحِدًا كَقَوْلِه تَعَالَى {إِنَّمَا أشكوا بثي وحزني إِلَى الله} والحزن البث وَعَبس وَبسر وَمَعْنَاهَا وَاحِدٌ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ يَدُلُّ عَلَى اهْتِمَامِ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْمُسْتَنَدَ فِي التَّرْتِيبِ أَنْ يُذْكَرَ بِصِيغَةِ إِنْ وَالتَّخْيِيرِ بِصِيغَةِ أَوْ لِكَوْنِهِ أَشَدَّ وَأَضْعَفَ وَقَدْ وُجِدَتْ أَوْ هَاهُنَا فَتَكُونُ لِلتَّخْيِيرِ وَإِنَّمَا بَدَأَ هَاهُنَا بِالْأَشَدِّ إِشَارَةً إِلَى عِظَمِ رُتْبَةِ الْحِرَابَةِ فِي الْجِنَايَاتِ قَاعِدَةٌ لِلتَّخْيِيرِ فِي الشَّرِيعَةِ أَرْبَعَةُ مَعَانٍ الْمُبَاحُ الْمُطْلَقُ كَالتَّخْيِيرِ بَيْنَ أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ وَلُبْسِ الثِّيَابِ وَالْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ كَتَصَرُّفَاتِ الْوُلَاةِ فَمَتَى قُلْنَا الْإِمَامُ مُخَيّر فِي صرب بَيْتِ الْمَالِ وَفِي أَسَارَى الْعَدُوِّ أَوِ التَّعْزِيرِ أَوِ الْمُحَارِبِينَ فَمَعْنَاهُ أَنَّ مَا يَتَعَيَّنُ سَبَبُهُ بِرُجْحَانِ مَصْلَحَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَهُوَ أَبَدًا يَنْتَقِلُ مِنْ وَاجِبٍ إِلَى وَاجِبٍ وَيُشْبِهُ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَخْيِيرُ السَّاعِي بَيْنَ أَرْبَعِ حِقَاقٍ وَخَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَلَا يَتَوَقَّفُ أَخْذُهُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى رُجْحَانِ مَصْلَحَتِهِ لوُجُوب
السَّبَبِ الْوَاحِدِ الْمُقْتَضِي لَهُمَا وَهُوَ الْمِلْكُ الْحَاضِرُ مِنَ الْإِبِلِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَأْخُذَ إِلَّا الْأَرْجَحَ لِلْفُقَرَاءِ إِلَّا أَنَّ بَذْلَ النَّصِيحَةِ لِلْأُمَّةِ وَاجِبٌ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَنُوَّابِهِمْ وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا دُونَ السِّنِّ الْوَاجِبِ مَعَ دَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرْجَحَ لِلْفُقَرَاءِ لِأَنَّ السَّبَبَ إِنَّمَا اقْتَضَى السِّنَّ الْمَتْرُوكَةَ وَالثَّالِثُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ وَاجِبٍ مِنْ وَجْهٍ وَمُبَاحٍ مِنْ وَجْهٍ نَحْوَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ خُيِّرَ بَيْنَهَا وَكُلُّ وَاحِدٍ وَاجِبٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَحَدُ الْخِصَالِ وَمُبَاحٌ مِنْ (وَجْهٍ نَحْوَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مِنْ) جِهَةِ خُصُوصِهِ وَقَدْ يَكُونُ خُصُوصُ الْعِتْقِ أَوِ الطَّعَامِ مَنْدُوبًا فَيَكُونُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ لَا عَلَى مَعْنَى تَرْكِ الْوَاجِبِ بَلِ الْمُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَاجِبَةٌ مِنْ جِهَةِ عُمُومِهَا لَا من جِهَة خصوصها بِخِلَاف تَخْيِير الْوُلَاة يعق أَبَدًا فِي وَاجِبٍ بِخُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ (فِيمَا يُعِينُهُ سَبَبُهُ وَفِي الْقَسَمِ أَوِ الْمُبَاحِ بِخُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ) الدائر بَينا لواجب وَالْمَكْرُوهِ كَتَخْيِيرِ الْمُسَافِرِ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَالْقَصْرُ وَاجِبٌ وَالْإِتْمَامُ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ تَخْيِيرٌ بَيْنَ شَهْرِ الْأَدَاءِ وَشَهْرِ الْقَضَاءِ فَالْوَاجِبُ أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ فَهُوَ مِنْ بَابِ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ وَكَذَلِكَ الْجُمُعَةُ فِي حَقِّ الْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ قُلْنَا الْقَصْرُ لَيْسَ مُسْتَحَبًّا (خُيِّرَ بَيْنَ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ الْقَصْرُ وَالْمُبَاحِ الَّذِي فَهُوَ الْإِتْمَامُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ وَالْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ أَن الْقصر الَّذِي هُوَ الركعتان لابد مِنْهُمَا إِجْمَاعًا وَإِنَّمَا خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِمَا أَمْ لَا فَالْخُصُوصُ وَاجِبٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَلَيْسَ وَاجِبًا فِي خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ
الْكَفَّارَةِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ فِي التَّخْيِيرِ أَبَدًا بَيْنَ سَبَبَيْنِ أَحَدُهُمَا جُزْءُ الْآخَرِ كَتَخْيِيرِ اللَّهِ تَعَالَى رَسُوله صلى الله عليه وسلم َ - فِي قِيَامِ اللَّيْلِ بَيْنَ ثُلُثِهِ وَنِصْفِهِ وَثُلُثَيْهِ فَالثُّلُث لابد مِنْهُ وَمَا زَادَ مَنْدُوبٌ وَالتَّخْيِيرُ وَاقِعٌ فِيهِ بَيْنَ وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ وَبِهَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَالتَّنْبِيهَاتِ يَظْهَرُ بُطْلَانُ مَنْ يَقُولُ التَّخْيِيرُ لَا يَقَعُ إِلَّا بَيْنَ مُتَسَاوِيَيْنِ وَأَنَّ التَّخْيِيرَ يَقْتَضِي التَّسَاوِيَ
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ النَّفْيُ عِنْدَ مَالِكٍ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِنَهْيِهِ عليه السلام أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ يَوْمًا وَلَيْلَةً إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا نَفْيَ عَلَى النِّسَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الزِّنَا وَيُكْتَبُ لِلْوَالِي بِحَبْسِهِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ حَتَّى يَتُوبَ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِخِلَافِ الزِّنَا وَنَفَقَتُهُمَا فِي حَمْلِهِمَا مِنْ أَمْوَالِهِمَا وَقَاتِلُ النَّفْسِ يُحْبَسُ فِي مَوْضِعِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ابْنا لقاسم يصلب حَيا وَيقتل فِي الْخَشَبَة فيسيل دَمه مربوطا عَلَيْهَا من قَوْلهم تمر مصلب إِذا كَانَ شَعْرُهُ سَائِلًا وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْتَلُ قَبْلَ الصَّلْبِ ثُمَّ يُصْلَبُ فَالتَّخْيِيرُ وَاقِعٌ فِي صِفَةِ قَتْلِهِ لَا بَيْنَ قَتْلِهِ وَصَلْبِهِ فَعَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ يُصَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ الصَّلْبِ وَيُخْتَلَفُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِيُتْرَكَ عَلَى الْخَشَبَةِ حَتَّى تَأْكُلَهُ الْكِلَابُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَعَنْهُ يُصَلَّى خَلْفَ الْخَشَبَةِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ مَصْلُوبًا وَقَالَ سَحْنُونٌ يُنْزَلُ مَنْ عَلَيْهَا وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهَا سُنَّةُ الصَّلَاةِ وَفِي إِعَادَتِهِ لَهَا لِيَرْتَدِعَ الْمُفْسِدُونَ قَوْلَانِ وَقَالَ (ح) يُتْرَكُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيُنْزَلُ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَقَدْ تَوَفَّى مَعْنَى النَّصِّ وَالزِّيَادَةُ مُثْلَةً مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَالْقَطْعُ فِي الْيَدِ الْيُمْنَى وَالرجل
الْيُسْرَى فَإِن عَاد قطعت يَده الْيُسْرَى ورحله الْيُمْنَى (فَإِنْ كَانَ أَشَلَّ الْيُمْنَى وَالرِّجْلِ الْيُسْرَى أَوْ مَقْطُوعَهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى) حَتَّى يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ وَقَالَ أَشْهَبُ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى لِأَنَّهَا الْمُسْتَحِقَّةِ لِلْحِرَابَةِ وَفِي النَّفْيِ ثَلَاثَةُ أَقْوَال فَعَن مَالك السحن وَقَالَهُ سُفْيَانُ وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُنْفَى إِلَى بَلَدٍ أَقَلُّهُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَيُسْجَنُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَطْلُبُهُمُ الْإِمَامُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ فَهُرُوبُهُمْ مِنْهُ هُوَ النَّفْيُ وَإِنْ قُدِرَ عَلَيْهِ لَا يُنْفَى فِي النَّوَادِرِ مَتَى قُتِلَ قُتِلَ بِالسَّيْفِ مِنْ غَيْرِ صَلْبٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَسْقُطُ عَنِ الْمَرْأَةِ النَّفْيُ وَالصَّلْبُ وَعَلَى قَول مَالك إِن النَّفْي الْحَبْس بِالْبَلَدِ نفي وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَا تُنْفَى قَالَ وَأَرَى إِنْ وَجَدَتْ وَلِيًّا أَوْ جَمَاعَةً مَرْضِيِّينَ وَقَالَتْ أَخْرُجُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ فَأُسْجَنُ فِيهِ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْهَا مِنَ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ وَحَدُّ الْعَبْدِ ثَلَاثَةٌ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ وَالْقَتْلُ بِانْفِرَادِهِ والصلب وَالْقَتْل وَيخْتَلف فينفيه كَمَا فِي الْمَرْأَةِ قَالَ وَأَرَى إِنْ قَالَ سَيّده أرْضى بنفيه وَلَا يقطع أَنِّي يُسَوَّى بِالْحُرِّ وَالْحَدُّ أَرْبَعَةٌ الْقَطْعُ وَالْقَتْلُ بِانْفِرَادِهِ أَوِ الْقَتْلُ وَالصَّلْبُ أَوِ النَّفْيُ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ وَأَمَّا الصَّبِيُّ لَمْ يَحْتَلِمْ وَلَمْ يُنْبِتْ فَيُعَاقَبُ وَلَا يُحَدُّ فَإِنْ أَنْبَتَ الْإِنْبَاتُ الْبَيِّنُ فَخِلَافٌ فِي حَدِّهِ وَالْمَجْنُونُ يُعَاقَبُ لِلِاسْتِصْلَاحِ كَمَا تُؤَدَّبُ الْبَهِيمَةُ لِلرِّيَاضَةِ وَإِنْ خَفَّ جُنُونُهُ حُدَّ وَإِنْ حَارَبَ وَقْتَ إِفَاقَته ثمَّ حن أُخِّرَ حَتَّى يُفِيقَ كَالسَّكْرَانِ لِسَكْبِهِ الْعُقُوبَةَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُقُوبَاتِ الْأَرْبَعِ هَلْ هِيَ عَلَى التَّخْيِيرِ فِي الْمُحَارِبِ الْوَاحِدِ أَوْ كُلُّ مُحَارِبٍ تَتَعَيَّنُ لَهُ عُقُوبَةٌ
وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ إِذَا عَظُمَ فَسَادُهُ وَأَخَذَ الْمَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَخَذَ بِالْحَضْرَةِ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا يُخَيِّرُ فِيهِ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ وَالنَّفْيِ وَكَذَلِكَ إِذَا عَظُمَ أَمْرُهُ وَأَخَذَ الْمَالَ فَإِنْ قَتَلَ تَعَيَّنَ الْقَتْلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {النَّفس بِالنَّفسِ} وَخُيَّرَ أَبُو مُصْعَبٍ فِيهِ وَإِنْ قَتَلَ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَيُقْتَلُ الْمُحَارِبُ بِالسَّيْفِ أَوِ الرُّمْحِ بِغَيْرِ تَعْذِيبٍ وَلَا يُرْمَى بِشَيْءٍ مِنْ عَالٍ وَلَا حِجَارَةٍ وَإِنْ رَأَى صَلْبَهُ صَلَبَهُ قَائِمًا لَا منكوسا وَتطلق يدا وَإِنْ لَمْ تُطْلَقْ فَلَا بَأْسَ قَالَ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّ الصَّلْبَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ ذَلِكَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مُضَافٌ لِلْقَتْلِ وَلَيْسَ يُصْلَبُ وَلَا يُقْتَلُ فَلَوْ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِيَصْلِبَهُ فَمَاتَ لَمْ يَصْلِبْهُ وَلَوْ قَتَلَهُ أَحَدٌ فِي الْحَبْسِ فَلَهُ صَلْبُهُ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَدِّهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا صُلِبَ وَقُتِلَ أُنْزِلَ مِنْ سَاعَتِهِ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنِ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ إِعَادَتَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِلْخَشَبَةِ لِمَزِيدِ فَسَادِهِ أَعَادَهُ وَإِنْ كَانَ أَقْطَعَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى قُطِعَ الْيَدُ الْيُمْنَى وَالرِّجْلُ الْيُمْنَى قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا يَدٌ أَوْ رِجْلٌ أَوْ يَدَانِ قُطِعَتِ الْيُمْنَى وَحْدَهَا وَعَلَى هَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا رِجْلَانِ قُطِعَتِ الْيُسْرَى وَحْدَهَا وَالضَّرْبُ مَعَ النَّفْيِ اسْتِحْسَانٌ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ وَلَيْسَ لَهُ حَدٌّ بَلْ بِحَسَبِ الْحَالِ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فِي السِّجْنِ بِمُجَرَّدِ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ كالمكره بالسحن بَلْ تَعْتَمِدُ عَلَى الْقَرَائِنِ فَإِنْ عُلِمَتْ تَوْبَتُهُ قبل طُولَ السِّجْنِ حَدٌّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالنَّفْيُ عِنْدَنَا إِلَى أَسْوَانَ قَالَ وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِي السحن فَلَا يَدْخُلُ إِلَيْهِ إِلَّا وَقْتَ طَعَامِهِ قَالَ وَأَرَى إِنْ عُوقِبَ بِالنَّفْيِ ثُمَّ عَادَ حُدَّ بِالْقَطْعِ أَوِ الْقَتْلِ لِأَنَّ النَّفْيَ لَمْ يَزْجُرْهُ وَإِنْ عَادَ بَعْدَ الْقَطْعِ إِلَى الْأَمْرِ الْخَفِيفِ ورجي فِي نَفْيه صَلَاحه نفذ ذَلِك أَو
مُتَمَادِيًا عَلَى حِرَابَتِهِ فَالْقَطْعُ أَوِ الْقَتْلُ وَإِنْ قُطِعَ فِي الثَّالِثَةِ قَتَلَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ أَبْقَاهُ إِنْ ضَعُفَ شَرُّهُ وَمَتَى رُجِيَ صَلَاحُهُ بِغَيْر الْقَتْل لميقتل
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ قَلِيلُ الْمَالِ دُونَ رُبْعِ دِينَارٍ مِثْلُ كَثِيرِهِ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ
فَرْعٌ قَالَ إِنْ تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ سَقَطَ الْحَدُّ دُونَ حَقِّ الْآدَمِيِّ فِي نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ مَالٍ وَلِلْأَوْلِيَاءِ الْعَفْوُ أَوِ الْقَتْلُ فِيمَنْ قَتَلَ وَكَذَلِكَ الْجِرَاحُ فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً (قَتَلُوا رَجُلًا وَلِيَ أَحَدُهُمْ قَتْلَهُ وَأَعَانَهُ الْبَاقُونَ) قُتِلُوا كُلُّهُمْ وَإِنْ تَابُوا قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذُوا فَلِلْوَلِيِّ مَا تَقَدَّمَ من الْعَفو وَالْقصاص وَيَأْخُذ الدِّيَة مَتى شَاءَ وَقَدْ قَتَلَ عُمَرُ رضي الله عنه رَبِيئَةً كَانَ نَاطُورًا لِلْبَاقِينَ فَإِنْ وَلِيَ أَخْذَ الْمَالِ وَالْبَاقُونَ لَهُ قُوَّةٌ وَاقْتَسَمُوهُ وَتَابَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَلِ أَخْذَ الْمَالِ ضَمِنَ جَمِيعَ الْمَالِ وَإِنْ تَابُوا مُعْدَمِينَ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِمْ وَإِنْ أُخِذُوا قَبْلَ التَّوْبَةِ وَحُدُّوا أُخِذَتْ أَمْوَالُ النَّاسِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَمْ يُتْبَعُوا كَالسَّرِقَةِ وَيَمْتَنِعُ عَفْوُ الْأَوْلِيَاءِ فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَعَفْوُ الْإِمَامِ إِذَا أُخِذُوا قبل التَّوْبَة وتحرما لشفاعة لِأَنَّهُ حَدٌّ بَلَغَ الْإِمَامَ وَإِنْ تَابُوا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ قَتَلُوا ذِمِّيًّا فَعَلَيْهِمْ دِيَتُهُ لِأَوْلِيَائِهِ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا أُقِيدَ مِنْهُ وَتُعْرَفُ تَوْبَةُ الْمُحَارِبِ الذِّمِّيِّ بِتَرْكِ مَا كَانَ فِيهِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ نِسَاءٌ فَهُنَّ كَالرِّجَالِ وَلَا يَكُونُ
الصَّبِيُّ مُحَارِبًا حَتَّى يَحْتَلِمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ أُخِذَتْ أَمْوَالُ النَّاسِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ يُرِيدُ إِن كانيسرهم مُتَّصِلًا مِنْ يَوْمِ أَخْذِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ قَالَ لَمْ يُتْبَعُوا بِشَيْءٍ كَالسَّرِقَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَسْقُطُ الْحَدُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} وَالْأَحْسَن عِنْدَمَا لَك فِي تَوْبَة الْمُحَارب أنيأتي السُّلْطَانَ وَتَصِحُّ عِنْدَ جِيرَانِهِ بِاخْتِلَافِهِ لِلْمَسْجِدِ حَتَّى تُعْرَفَ تَوْبَتُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَكُونُ اتيانه للسلطات تَائِبًا تَوْبَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ تقدروا عَلَيْهِم} فَإِنِ امْتَنَعَ بِنَفْسِهِ حَتَّى أُعْطِيَ الْأَمَانَ فَقِيلَ يَنْفَعُهُ كَالْكَافِرِ وَقِيلَ لَا يَنْفَعُهُ كَالْمُرْتَدِّ وَلَا بُدَّ مِنْ حَقِّ اللَّهِ عز وجل وَلَا يَكُونُ الْأَمَانُ تَوْبَةً وَإِنْ سَأَلَهُ لِأَنَّ تَأْمِينَ الْكَافِرِ لَيْسَ إِسْلَامًا فَإِنْ قَالَ الْوَالِي لِأَحَدِهِمْ لَكَ الْأَمَانُ عَلَى أَنْ تُخْبِرَنِي مَا صَنَعْتُمْ وَمَنْ كَانَ مَعَكُمْ لَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ قَالَهُ أَصْبَغُ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَلْزَمَهُ إِقْرَارُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكْرَهًا وَإِذَا تَابَ وَهُوَ عَبْدٌ وَعَفَا الْأَوْلِيَاء فَهِيَ جِنَايَة فِي رقتبه وَإِنْ خَرَجَ الْمُحَارِبُ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ قَطْعٌ أَوْ قَتْلٌ وَكَذَلِكَ إِنْ قَتَلَ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ عَفْوٌ وَلَا قَوَدٌ بَلِ الْإِمَامُ يُقِيمُ الْحَدَّ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ لَا يقتلهُمْ وَمكن أَوْلِيَاء الْمَقْتُول مِنْهُم فعفوا بعض ذَلِكَ وَاقْتَصَّ مِنْهُمْ وَهَذَا إِذَا قَتَلُوا حِرَابَةً وَأَمَّا غِيلَةً فَيُنَفَّذُ الْعَفْوُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَالٍ وَغَيْرِ مَالٍ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ لِأَنَّهُ مَوْطِنُ خِلَافٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ فِي قَتْلِ الْحِرَابَةِ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَعَنْ أَشْهَبَ لَا يُقْتَلُ فِي الْجَمَاعَةِ إِلَّا الْقَاتِلُ أَوْ مُعِينٌ أَوْ مُمْسِكٌ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ وَغَيْرُهُمْ يُضْرَبُ عَلَيْهِ وَيُحْبَسُ سَنَةً وَقَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ كَانَ فِي الْغِيلَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانُوا لَا يَعْدُونَ عَلَى الْمَالِ إِلَّا بِالْكَثْرَةِ ضَمِنَ بِكُلِّ وَاحِدٍ الْجَمِيعَ أَوْ
يَقْوَى عَلَيْهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ فَحِصَّةُ كُلُّ وَاحِدٍ فَقَطْ وَإِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ قَتْلِ الْقُدْرَةِ وَبَعْدَهَا لِأَنَّ قَبْلَهَا قَبُولُ التَّوْبَةِ مِنْهُ تَرْغِيبٌ لَهُ وَحَسْمٌ لِفَسَادِهِ وَبَعْدَهَا هُوَ عَاجِزٌ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ حَقُّ اللَّهِ وَزَجْرًا لِأَمْثَالِهِ وَعِنْدَنَا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى لَا تسْقط بِالتَّوْبَةِ كالسرقة وَالْخمر الزِّنَا وَقَالَهُ (ح) وَعِنْدَ (ش) قَوْلَانِ وَاشْتُرِطَ فِي السُّقُوطِ مُضِيُّ مُدَّةٍ تَظْهَرُ فِيهَا التَّوْبَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَهَا بِسَنَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بَلْ مُدَّةٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ تَائِبًا فِيهَا لَبَاشَرَ الْمَعْصِيَةَ وَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ فِي الْحِرَابَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ لَنَا النُّصُوصُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلْحُدُودِ وَقَوْلُهُ عليه السلام فِي مَاعِزٍ (إِنَّهُ تَابَ وَرُجِمَ) وَلَمْ يُوجِبْ عليه السلام على ر جمه شَيْئًا وَقَالَ فِي الْغَامِدِيَّةِ (تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ) وَرَجَمَهَا عليه السلام وَأَقُولُ لَوْ سَقَطَ لَسَقَطَ بِالتَّوْبَةِ فِي الْحَالِ كَالْمَقْذُوفِ وَالْمُحَارِبِ لَكِنَّ الْمُدَّةَ مُعْتَبَرَةٌ فَلَا تَكُونُ مُسْتَقْبَلَةً وَقِيَاسًا عَلَى الْقَذْفِ وَاحْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحِرَابَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ وَعَلَى الرِّدَّةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَفْسَدَتَهَا عَظِيمَةٌ فَرُغِّبَ فِي تَرْكِ ذَلِكَ بِأَنْ جُعِلَتْ تَوْبَتُهُمَا تُزِيلُ حَدَّهُمَا تَرْغِيبًا فِي التَّوْبَةِ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الزِّنَا وَالْخَمْرِ وَأَمَّا بَعْدَ الْقُدْرَةِ فِي الْحِرَابَةِ فَلِتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ بِهَا كَالْقَذْفِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي صِفَةِ التَّوْبَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَنْ يَتْرُكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْإِمَامَ أَوْ يَكْفِي إِلْقَاءُ السِّلَاحِ وَيَأْتِي الْإِمَامَ طَائِعًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي يَتْرُكُ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَيَجْلِسُ فِي مَوْضِعِهِ وَتظهر تَوْبَته لجيرانه وَأما إِن ألْقى السِّلَاح وَأَتَى الْإِمَامَ وَحْدَهُ (فَإِنَّهُ يُقِيمُ عَلَيْهِ حَدَّ الْحِرَابَةِ) إِلَّا أَنْ يَتْرُكَ قَبْلَ إِتْيَانِهِ مَا هُوَ عَلَيْهِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الثَّالِثُ إِنَّمَا تَكُونُ بِإِتْيَانِهِ الْإِمَامَ فَإِنْ تَرَكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ لَمْ يَسْقُطِ الْحَدُّ وَفِيمَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالتَّوْبَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْحَدُّ فَقَطْ
وَالْحَدُّ وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْخَمْرِ دُونَ حُقُوقِ النَّاسِ وَيَسْقُطُ ذَلِكَ مَعَ الْأَمْوَالِ إِلَّا مَا وُجِدَ بِعَيْنِهِ رُدَّ وَيَسْقُطُ ذَلِكَ مَعَ الدُّعَاءِ إِلَّا مَالٌ وُجِدَ بِعَيْنِهِ تَنْبِيهٌ اشْتَرَكَ الْقَذْفُ وَالْحِرَابَةُ فِي اشْتِمَالِهِمَا عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ لَكِنْ فِي الْقَذْفِ لِمُعَيَّنٍ فَيُمَكَّنُ مِنْ إِسْقَاطِهِ (وَفِي الْحِرَابَةِ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَيَتَعَذَّرُ إساقاطه) بَعْدَ الْقُدْرَةِ وَغُلِّبَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ مُلَاحَظَةِ عِظَمِ الْمَفْسَدَةِ فَرَغَّبَ صَاحِبُ الشَّرْعِ فِي التَّوْبَةِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ عَلَيْهِمْ شَهَادَةُ مَنْ حَارَبُوهُ إِنْ كَانُوا عُدُولًا يَتَعَذَّرُ غَيْرُهُمْ شَهِدُوا بِقَتْلٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ بَلْ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنِ اعْتَرَفُوا بِالْحِرَابَةِ وَالْمَالِ لِلرِّفْقَةِ انْتُزِعَ مِنْهُمْ وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا سَلَّمَهُ لَهُ أَصْحَابُهُ وَإِنْ تَنَازَعَ اثْنَانِ تَحَالَفَا وَاقْتَسَمَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا أَخَذَهُ الْحَالِفُ وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ لَمْ يَدَّعِهِ أَحَدٌ انْتُظِرَ طَالِبُهُ وَإِنْ تَنَازَعَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا من الرّفْقَة والأخر من غَيرهَا يبْدَأ الَّذِي مِنَ الرِّفْقَةِ وَيَحْلِفُ إِنْ أَتَى الْآخَرُ بِشَيْءٍ وَإِنِ ادَّعَى الْمُحَارِبُونَ الْمَتَاعَ وَأَقَرُّوا بِالْحِرَابَةِ تُرِكَ لَهُمْ إِنْ لَمْ يَدَّعِهِ غَيْرُهُمْ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الرِّفْقَةِ لِأَنَّهُ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَبٍ لِابْنِهِ فِي الْمَالِ وَتُقْبَلُ مَعَ غَيْرِهِ إِنْ قَتَلَ ابْنَهُ أَوْ أَبَاهُ لِأَنَّهُ حَدٌّ لَا قِصَاصٌ لَا يَدْخُلُهُ الْعَفْوُ وَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ بَعْدَ التَّوْبَةِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ يَدْخُلُهُ الْعَفْوُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَجْنَبِيِّ لأَنهم إِن قَالُوا فِي قَطَعْنَا عَلَيْكُمْ فَقَدْ تَقْوَى التُّهْمَةُ وَإِنْ أَقَرُّوا فَقَدْ صَدَّقُوهُمْ قَالَ
اللَّخْمِيُّ إِنْ صَدَّقُوهُمْ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَادَّعَوْا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَأْخُذُوهُ مُنِعَتِ الشَّهَادَةُ لِلْعَدَاوَةِ وَإِذَا حُبِسَ الْمُحَارِبُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالْفَسَادِ أَخْرَجَهُ وَأَشْهَرَهُ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ الْمُسَافِرُونَ فَيَشْهَدُوا عَلَيْهِ وَإِنْ عَظُمَتْ شُهْرَتُهُ حَتَّى يُعْرَفَ بِاسْمِهِ كَذَلِكَ فَمَنْ شَهِدَ أَنَّهُ قَاطِعٌ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَأَشْهَدَ أَخَذَ الْمَالَ وَالْقَتْلَ وَغَيْرَهُ قُتِلَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْعَيَانِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اسْتَفَاضَ ذَلِكَ أَدَّبَهُ وَحَبَسَهُ فَإِنِ افْتَرَقَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمُ الْمَتَاعَ وَأَتَى مَنِ ادّعى عينه انْتَظَرَ بِهِ قَلِيلًا فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ غَيْرُهُ حَلَفَ وَأَخَذَهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَيَضْمَنُهُ إِنْ أَتَى أَحَدٌ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ لَهُ ضَمِنَهُ وَإِنَّمَا يَدْفَعُ لِمَنِ ادَّعَاهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ إِذَا وَصَفَهُ كَمَا تُوصَفُ اللُّقَطَةُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُ كَفِيلًا وَإِنِ ادَّعَاهُ اثْنَانِ وَنَكَلَا عَنِ الْحَلِفِ لَمْ يأخذاه بِخِلَافِ النُّكُولِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَلِأَنَّ الْمَتَاعَ لَا يَعْدُوهُمَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَإِنْ قَالَ الْمُحَارِبُ الْمَتَاعُ لِي وَهُوَ كَثِيرٌ لَا يَمْلِكُ مِثْلَهُ صُدِّقَ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ لِغَيْرِهِ فِي النُّكَتِ إِذَا دُفِعَ لَهُ الْمَتَاعُ وَضَمِنَهُ وَهَلَكَ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَضْمَنُهُ إِنْ أَخْذَهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ بَيِّنَةٍ ثُمَّ جَاءَ مَا هُوَ أَقْطَعُ مِنْ ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَهِدُوا لأَنْفُسِهِمْ مَعَ الشَّهَادَة لغَيرهم كَقَوْلِهِم أخذُوا مَا رِفَاقِنَا وَمَالَنَا رُدَّتِ الشَّهَادَةُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَالَهُمْ يَسِيرًا فَيَجُوزُ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى مُحَارِبٍ فَقَتَلَهُ أَحَدٌ قَبْلَ تَزْكِيَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ زُكِّيَتْ أَدَّبَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَنَى عَلَى حَقِّ الْإِمَامَةِ وَإِلَّا قتل لِأَن الأَصْل الذَّخِيرَة 2
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وَلَّى اللِّصُّ مُدْبِرًا لَا يُتْبَعُ وَلَا يُقْتَلُ إِلَّا إِنْ قَتَلَ وَيُقْتَلُ الْأَمِيرُ مِنَ اللُّصُوصِ إِذَا قَتَلَ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ الْإِمَامَ وَمَتَى قَتَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قُتِلُوا كُلُّهُمْ وَلَوْ كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ قَالَ سَحْنُونٌ يُتَّبَعُ الْمُحَارِبُ وَيُجْهَزُ عَلَيْه وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْهَزُ عَلَيْهِ لِانْدِفَاعِ شَرِّهِ
فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنِ ارْتَدَّ وَحَارَبَ فِي رِدَّتِهِ فَقَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ قُتِلَ وَلَا يُسْتَتَابُ كَمَا يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ وَلَا يُنَفَّذُ عَفْوُ الْأَوْلِيَاءِ عَنْهُ لِأَنَّ الْحِرَابَةَ حَقُّهَا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ حَارَبَ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ دَارِ الْحر ب فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُحَارِبُ فِي رِدَّتِهِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ وَقَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ وَحِرَابَتُهُ بِبَلَدِ الْحَرْبِ فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ لَا يُتْبَعُ (بِمَا صَنَعَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ أَوْ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ سَقَطَ حُكْمُ الْحِرَابَةِ وَحْدَهُ وَيُغَرَّمُ الْمَالَ وَيُتْبَعُ) إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ كَالْمُسْتَهْلِكِ بِغَيْرِ حِرَابَةٍ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي الْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ بِمَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَى الْمُرْتَدِّ إِذَا فَعَلَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَهَذَا أَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَمَرَّةً نَظَرَ لِلْقَوَدِ وَالدِّيَةِ يَوْمَ (الْفِعْلِ وَمَرَّةً يَوْمَ الْحُكْمِ وَمَرَّةً فَرَّقَ فَجَعَلَ الْقَوَدَ يَوْمَ الْفِعْلِ وَالدِّيَةَ يَوْمَ) الْحُكْمِ فَعَلَى اعْتِبَارِ يَوْمِ الْفِعْلِ فِي الْجِنَايَةِ وَالدِّيَةِ إِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا عَمْدًا أُقِيدَ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَافِرٌ يَوْمَ الْفِعْلِ وَالْكَافِرُ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ
وَالْمُسْلِمُ بِالْمُسْلِمِ أَوْ خَطَأٌ فَالدِّيَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ يَوْمَئِذٍ وَعَلَى مُلَاحَظَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ يُقْتَلُ بِالْمُسْلِمِ دُونَ النَّصْرَانِيِّ وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَإِنْ قَتَلَهُمَا خَطَأً فَعَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُ يَوْمَ الْحُكْمِ مُسْلِمٌ وَعَلَى هَذَا يَجْرِي الْقَوْلُ الثَّالِثُ وَفِي النَّوَادِرِ لَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَقَاتَلَنَا وَأَسَرْنَاهُ اسْتَتَابَهُ الْإِمَامُ وَقَبِلَ تَوْبَتَهُ وَإِنْ أَبَى قَتَلَهُ عَلَى الرِّدَّةِ وَالْحِرَابَةِ فَإِنْ تَابَ لَزِمَهُ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ النَّاسِ وَلَا يُزِيلُ ذَلِكَ عَنْهُ رِدَّتُهُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ (إِنْ ظَفِرْتَ بِاللِّصِّ وَهُوَ مَشْهُورٌ فَارْفَعْهُ إِلَى الْإِمَامِ وَإِلَّا فَالسَّتْرُ أَحْسَنُ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ)
فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ حُكْمُ الْمُحَارِبِ فِي الْغُرْمِ حُدَّ أَمْ لَا مُوسِرًا أَمْ لَا حُكْمُ السَّارِقِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَخَذَ وَوَفْرُهُ مُتَّصِلٌ لَزِمَهُ الْمَالُ وَصَدَاقُ الْمُكْرَهَةِ وَقِيمَةُ الْمُسْتَهْلَكِ وَدِيَةُ النَّصْرَانِيِّ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ وَفْرُهُ لَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَزِمَهُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَذِمَّتِهِ
فَرْعٌ قَالَ الْجَرْحُ السَّارِي يَحْتَمِلُ الْقَتْلَ
فَرْعٌ قَالَ إِذَا اجْتَمَعَتْ عُقُوبَاتُ الْآدَمِيِّينَ كَالْقَذْفِ وَالْقَطْعِ وَالْقَتْلِ وَطُلِبُوا
جَمِيعًا جدل ثُمَّ قُتِلَ وَدَخَلَ الْقَطْعُ فِي الْقَتْلِ وَحُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى كَالْخَمْرِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ فَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى مَا قَبْلَهُ
فَرْعٌ قَالَ إِذَا اشْتُهِرَ فُلَانٌ بِالْحِرَابَةِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ مَنْ يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ أَنه فُلَانٌ الْمَشْهُورُ حُدَّ
(الْجِنَايَةُ السَّادِسَةُ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ)
وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ} وَفِيهِ نَظَرَانِ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْمُوجِبِ وَهُوَ السَّرِقَةُ وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ السَّارِقُ وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرْطُهُ التَّكْلِيفُ فَلَا يُقْطَعُ الصَّبِيُّ وَلَا الْمَجْنُونُ لِقَوْلِهِ عليه السلام (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ الصَّبِيُّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَالْمَجْنُونُ حَتَّى يُفِيقَ وَالنَّائِمُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ) وَفِي الْكِتَابِ لَا يُحَدُّ الصَّغِيرُ حَتَّى يَحْتَلِمَ الْغُلَامُ وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ أَوْ يَبْلُغَا سِنًّا لَا يَبْلُغُهُ أَحَدٌ إِلَّا بَلَغَ قَالَ مَالِكٌ وَيُحَدُّ بِالْإِنْبَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم أحب إِلَى أَن لَا يُحْكَمَ بِالْإِنْبَاتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْإِنْبَاتُ الْبَيِّنُ الْأَسْوَدُ وَالسِّنُّ ثَمَانِ عشرَة سنة وَقَالَ بعض البغداديين الِاحْتِلَامُ مِنَ الْمَرْأَةِ بُلُوغٌ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ كُلُّ شَيْءٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِنَّهُ لَمْ يَحْتَلِم وَمَا
يطْلب بِهِ من حدو نَحوه لَا يُنْظَرُ لِإِنْكَارِهِ الْبُلُوغَ وَيُحْكَمُ بِالْإِنْبَاتِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ يُنْظَرُ إِلَى مِئْزَرِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيُعْتَبَرُ فِي الْبُلُوغِ حَبَلُ الْمَرْأَةِ وَمَتَى اعْتَرَفَ الصَّبِيُّ بِالِاحْتِلَامِ حُدَّ وَيَنْظُرُ إِلَى إِنْبَاتِ الْجَارِيَةِ النِّسَاءُ وَفِي الرُّكْنِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُقْطَعُ الذِّمِّيُّ لِأَنَّ السَّرِقَةَ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ الذِّمِّيَّةُ وَمَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ وَالْحَرْبِيُّ إِذَا دَخَلَ بِأَمَانٍ فَإِنْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَسَرَقَ حَالَةَ إِفَاقَتِهِ قُطِعَ أَوْ أُخِّرَ إِلَى إِفَاقَتِهِ الثَّانِي قَالَ إِنْ سَرَقَ رَجُلٌ مَعَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ قُطِعَ الْمُكَلَّفُ وَحْدَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا سَرَقَ الْأَبُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ مَالَ الْوَلَدِ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ قَالَ أَشهب أَو مَا يعق عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعِ الْأَجْنَبِيُّ لِأَنَّ الْأَبَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فَذَلِكَ شُبْهَةٌ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مَعَ عَبْدِكَ أَو أَخِيك الذ ائتمنته على بَيْتك لمي قطع وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَالَ مُحَمَّدٌ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَوضِع إذنللعبد فِي دُخُولِهِ وَإِلَّا قُطِعَ الْأَجْنَبِيُّ دُونَ الْعَبْدِ وَإِنْ سَرَقَا نِصَابًا فَقَطْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَشَرِكَةِ الْأَبِ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَا يَصِحُّ انهما قَالَ اللَّخْمِيُّ الشَّرِكَةُ ثَلَاثَةٌ يَسْقُطُ الْقَطْعُ عَنْهُمَا لَا يَسْقُطُ عَنِ الثَّانِي وَإِنْ سَقَطَ عَنِ الْآخَرِ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَالْأَوَّلُ شَرِكَةُ الْأَبَوَيْنِ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ وَكَذَلِكَ شَرِكَةُ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَوْضِعُ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ لِأَنَّ الْقَطْعَ لِصَوْنِ الْمَالِ وَقَطْعُ الْعَبْدِ ضَيَاعُهُ فَلَا يقطع شَرِيكه وغن كَانَ الْأَجِيرُ سَرَقَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ مَوْضِعٍ لم يُؤذن لَهُ فِي دُخُوله قطع وَالثَّالِثُ شَرِكَةُ الِابْنِ وَالْأَجْنَبِيِّ سَرَقَا مِنْ وَالِدِهِ أَوْ أَحَدِ الْأَجْدَادِ إِذَا أَدْخَلَهُ فَإِنْ
أسقطنا أَسْقَطْنَا الْقَطْعَ عَمَّنْ أَدْخَلَهُ لَمْ يُقْطَعِ الْأَجْنَبِيُّ وَإِن ليم يَسْقُطْ عَنِ الْإِذْنِ قَطَعْنَا الْأَجْنَبِيَّ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مَعَ الزَّوْجَةِ أَوِ الضَّيْفِ خِلَافٌ وَإِذَا أَخْرَجَ الْبَالِغ أَو الْعَاقِل سرة وَالصَّبِيُّ أَوِ الْمَجْنُونُ أُخْرَى لَمْ يُقْطَعِ الْمُكَلَّفُ إِلَّا أَن يكون فِيمَا أَخّرهُ يصاب وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْأَجْنَبِيُّ وَإِنْ حَمَلَاهَا بَيْنَهُمَا لَمْ يُقْطَعِ الْأَجْنَبِيُّ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا نِصْفَ دِينَارٍ الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ يَسْتَوِي فِي الْقَطْعِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَسَوَاءٌ سَرَقَ الْمُعَاهَدُ مِنْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إِلَيْنَا لِأَنَّهُ مِنَ الظُّلْمِ الَّذِي لَا يُقَرُّ بَيْنَهُمْ وَفِي النَّوَادِرِ إِنْ سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ مَتَاعِ امْرَأَةِ سَيِّدِهِ مِنْ بَيْتٍ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا قُطِعَ إِنْ كَانَ مُسْتَسِرًّا قَالَهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ عَبْدُ الزَّوْجَةِ يَسْرِقُ مَالَ الزَّوْجِ وَالْمُكَاتَبُ كَذَلِكَ وَإِنْ سَرَقَ عبد مَالك فِيهِ شركَة مَالِكَ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ سَرَقَ عَبْدُكَ أَوْ مُكَاتَبُكَ أَوْ مُدَبَّرُكَ مِنْ مَالِ عَبْدِكَ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ كَمَالِكَ وَالْحِكْمَةُ الشَّرْعِيَّةُ تَأْبَى إِفْسَادَ مَالِكَ بِالْقَطْعِ لِمَالِكَ وَفِي الْحَدِيثِ (عَبْدُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ) وَمَنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ ابْنِ سَيِّدِهِ قُطِعَ لِاسْتِقْلَالِ الْمِلْكِ أَوْ مِنْ وَدِيعَةٍ عِنْدَكَ مِنْ بَيْتٍ لَمْ يؤمره عَلَى دُخُولِهِ لَمْ يُقْطَعْ أَوْ مِنْ مَالٍ لَك فِيهِ شرك أَكثر من يصيبك بِنِصَابٍ قَالَ مَالِكٌ يُقْطَعُ إِنْ أَحْرَزَهُ الشَّرِيكُ عَنْكَ وَإِلَّا فَلَا وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ إِنْ سَرَقَ الْعَبْدُ مَا مَالِ ابْنِهِ الْحُرِّ أَوِ ابْنِهِ الْعَبْدِ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ مَالَ ابْنِهِ مَالُهُ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ سَيِّدُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جَمَعْتَ زَكَاةً لِتَقْسِمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَغْلَقْتَ عَلَيْهَا فَسَرَقَ عَبْدُكَ مِنْهَا قُطِعَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْمَنْهُ عَلَى دُخُولِهِ وَالْمَالُ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنِ ائْتَمَنْتَهُ لَمْ يقطع فال ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ سَرَقَ عَبِيدُ الْخُمُسِ مِنَ الْخمس أَو عبيد الْفَيْء وَمن الْفَيْء قطعُوا
الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَسْرُوقُ وَلَهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النِّصَابُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ زِنَةَ رُبُعِ دِينَارٍ ذَهَبًا قُطِعَ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمًا وَإِنْ نَقَصَ الْوَزْنُ لَمْ يُقْطَعْ فَإِنْ سَاوَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ قُطِعَ (وَكَذَلِكَ الْفِضَّةُ وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ غَيْرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنْ وصلت قِيمَته ثَلَاثَة دِرْهَم قُطِعَ) وَإِنْ لَمْ يَصِلْ رُبُعَ دِينَارٍ مِنَ الذَّهَبِ وَإِنْ سَاوَى رُبُعَ دِينَارٍ مِنَ الذَّهَبِ وَلم يساو ثَلَاثَة دَرَاهِم لم يقطع وانم يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ وَدِينَارُ السَّرِقَةِ وَالدِّيَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا ارْتَفَعَ الصَّرْفُ أَوِ انْخَفَضَ وَوَافَقَنَا أَحْمَدُ أَنَّ أَصْلَ الْوَرِقِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ (ح) النِّصَابُ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَبِهَا يُقَوَّمُ وَقَالَ (ش) النِّصَابُ رُبْعُ دِينَارٍ وَتُقَوَّمُ الدَّرَاهِمُ بِالذَّهَبِ فَإِنْ سَاوَتْ رُبْعَ دِينَارٍ ذَهَبًا وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ الْعُرُوضُ وَإِنْ سَاوَى رُبْعَ دِينَارِ الذَّهَبِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ لنا قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِق والسارقة} وَلَمْ يُفَرَّقْ فَلَا يُشْتَرَطُ الدِّينَارُ بَلْ يَكْفِي أقل المَال وَلَو فلس وَقَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَفِي الصَّحِيحِ قَالَ عليه السلام (لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَيُقْطَعُ) وَفِي الصَّحِيحِ (يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدَا) وَفِيهِمَا (قَطَعَ عليه السلام فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ) وَفِي أَبِي دَاوُدَ قطع صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ سَرَقَ تُرْسًا مِنْ صُفَّةِ النِّسَاءِ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَمَذْهَبُنَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعمر
وَعُثْمَانَ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَأَنَّهُ عليه السلام قَالَ (لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ) وَلِأَنَّ تَعَارُضَ الْأَخْبَارِ شُبْهَةٌ توجب سُقُوط الْحَد وَجَوَابه الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَإِنَّ الْقَطْعَ فِي الْعَشَرَةِ مُتَّفق عَلَيْهِ وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن لَا يَقْطَعَ فِي أَقَلَّ مِنْهُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ أَخْبَارَنَا أَرْجَحُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهَا وَمُوَافَقَتِهَا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَالرَّاجِحُ لَا شُبْهَةَ مَعَهُ وَاحْتَجَّ (ش) بِمَا فِي الْحَدِيثِ (لَا قَطْعَ إِلَّا فِي ربع دِينَار) وَالدِّينَار اسْم لِلذَّهَبِ دُونَ غَيْرِهِ فَنَفْيُ الْقَطْعِ فِي غَيْرِهِ صَرِيحًا وَأَمَّا قَوْلُهُ ثَمَنُهُ أَوْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَقَضِيَّةُ عَيْنٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا أَصْلٌ أَوْ أَنَّهَا وَصَلَتْ رُبْعَ دِينَارٍ فَيَسْقُطُ وَيُرْجَعُ إِلَى الصَّرِيحِ وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ آصُعٍ مِنَ التَّمْرِ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْآصُعَ وَصَلَتْ رُبْعَ دِينَارٍ وَإِنَّمَا خَصَّصَ الدَّرَاهِمَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا غَالِبُ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَا يَكُونُ النِّصَابُ إِلَّا الذَّهَبَ وَغَيْرَهُ وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ وَإِنْ كَانَ قَوِيا أَن عَائِشَة وَابْن عمر وَغَيرهَا مِنَ الرُّوَاةِ إِنَّمَا ذَكَرُوا الدَّرَاهِمَ لِبَيَانِ تَأْسِيسِ قَاعِدَةِ النِّصَابِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَلَوْ كَانَ الذَّهَبُ هُوَ الْأَصْلُ فَقَطْ لَعَيَّنَهُ الرَّاوِي لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إِلَى ذِكْرِ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ بَابَ الذَّهَبِ فِيهِ أَصْلٌ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْفِضَّةُ أَصْلًا أَيْضًا كَالزَّكَاةِ َولَهُمْ قَلْبُ هَذَا الْقيَاس
فَيَقُولُونَ فَلَا يَخْتَصُّ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ كَالزَّكَاةِ وَبِالْجُمْلَةِ الْموضع مُحْتَمل وَكَلَامهم قوي
تَفْرِيغ فِي التَّنْبِيهَاتِ يَخْتَصُّ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ كَانَتِ الْمُعَامَلَةُ بِالدَّرَاهِمِ فِي الْبَلَدِ أَوْ بِالذَّهَبِ قَالَهُ مُعْظَمُ الشُّيُوخِ وَالشُّرَّاحِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَخْتَصُّ النِّصَابُ بِالذَّهَبِ كَمَا قَالَ 0 ش) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَهُوَ الْأَصْلُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَالْمَغَارِبَةِ إِنَّ التَّقْوِيمَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ ذَهَبًا وَإِنَّ مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُعَامَلَةَ بِالدَّرَاهِمِ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَتِ الْمُعَامَلَةُ بِهِمَا جَمِيعًا فَأَكْثَرَهُمَا كَسَائِرِ التَّقْوِيمَاتِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَدْ قَالَ فِي الْكِتَابِ فِي الذَّهَبِ أَرْسَلْتَ مِنْهُ بِرُبْعِ دِينَارٍ قُطِعَ فَاعْتُبِرَ الذَّهَبُ وَفِي الشَّاةِ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ خَرَجَ بِهَا رُبْعَ دِينَارٍ قُطِعَ فَنُصُوصُ الْكِتَابِ تُشِيرُ إِلَى مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ التَّقْوِيمُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالدَّرَاهِمِ فِي بَلَدٍ تُبَاعُ فِيهِ الْعُرُوضُ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يُبَاعُ بِالْعُرُوضِ فَبِالذَّهَبِ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثَانِ عَلَى حَالين وَقَوله إِنَّمَا تقوم الْأَشْيَاء بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ اسْتُحِبَّ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ) وَقَالَ بَعْضُ الصِّقِلِّيِّينَ إِذَا كَانَ الْبَلَدُ لَا يُتَعَامَلُ فِيهِ بِالنَّقْدَيْنِ بَلْ بِالْعُرُوضِ قُوِّمَتْ بِالدَّرَاهِمِ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ الْمُتَعَامَلِ فِيهَا بِالنَّقْدَيْنِ فَإِنْ سَرَقَ نِصْفَ رُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبًا وَدِرْهَمًا وَنِصْفًا قُطِعَ أَوْ عَرَضًا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ وَوَرِقٌ أَوْ ذَهَبٌ نِصْفُ نِصَابٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ نَقَصَتِ الثَّلَاثَةُ دَرَاهِمَ خَرُوبَةً لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ نُقْصَانَهَا رُبْعُ دِرْهَمٍ أَوْ خُمُسٌ قَالَ أَصْبَغُ يُقْطَعُ فِي مِثْلِ الْحَبَّتَيْنِ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِنْ كَانَ فِي الدَّرَاهِمِ نُحَاسٌ
كثيرا اعْتُبِرَ مَا فِيهَا مِنَ الْفِضَّةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النُّحَاسُ يَسِيرًا جِدًّا وَالنُّحَاسُ الْمُكَسَّرُ عَرَضٌ يُقَوَّمُ وَيُكَمَّلُ بِقِيمَةِ النِّصَابِ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ وَيعْتَبر فِي المصاع وَزْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصِّقِلِّيِّينَ تعْتَبر فِي الحبي المربوط بِالْحِجَارَةِ وَزْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصِّقِلِّيِّينَ تعْتَبر فِي الْحلِيّ المربوط بِلَا حِجَارَة وَزْنَةُ الْحُلِيِّ وَقِيمَةُ الْحِجَارَةِ كَانَتْ تَبَعًا أَوِ الْحُلِيُّ تَبَعًا نَظَائِرُ الدَّنَانِيرُ خَمْسَةٌ دِينَارُ السَّرِقَةِ وَالدِّيَةِ وَالنِّكَاحِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارُ الْجِزْيَةِ وَالزَّكَاة عشرَة دَرَاهِم قَالَ ابْنُ يُونُسَ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَهِيَ لِرَجُلَيْنِ قُطِعَ لِأَنَّهُ نِصَاب وَإِنْ سَرَقَ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي لَا يَبْقَى كَاللَّحْمِ وَالْقِثَّاءِ قُطِعَ وَالْأُتْرُجَّةِ الَّتِي قَطَعَ فِيهَا عُثْمَانُ رضي الله عنه كَانَتْ تُؤْكَلُ لَا ذَهَبًا وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) لَا يُقْطَعُ لَنَا عُمُومُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةُ وَالْقِيَاسُ بِجَامِعِ الْمَالِيَّةِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام (لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ) وَلِأَنَّهُ يُفِيدُ الْبَقَاءَ فَضَعُفَتْ مَالِيَّتُهُ عَنْ صُوَرِ الْإِجْمَاعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ (فَإِذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ فَفِيهِ الْقَطْعُ وَعَنِ الثَّانِي إِنَّمَا يُرَدُّ الْفَرْقُ عَلَى الْمُثْبَتِ بِالْقِيَاسِ أَمَّا عُمُومَاتُ النُّصُوصِ فَلَا تُخَصِّصُ بِالْفُرُوقِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا النَّفس} مُخَصص بِالرجلِ أَوْ بِالْعُلَمَاءِ لِأَنَّ مَنْ عَدَاهُمُ أَنْقَصُ رُتْبَةً وَقَدْ قَطَعَ عُثْمَانُ فِي
الْأُتْرُجَّةِ وَقَوَّمَهَا بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلَوْ كَانَتْ ذَهَبًا لَمْ تُقَوَّمْ فِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ كَانَتْ ذَهَبًا قَدْرَ حِمَّصَةٍ يُجْعَلُ فِيهَا الطِّيبُ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ سَارِقُ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ إِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ يُقْطَعُ وَكَذَلِكَ الْبَازِيُّ وَكَذَلِكَ سِبَاعُ الْوَحْشِ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ جُلُودِهَا إِذَا ذُكِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تُدْبَغَ نِصَابًا لِأَنَّ لِصَاحِبِهَا بَيْعَ جُلُودِ مَا ذُكِّيَ مِنْهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تُدْبَغْ
فَرْعٌ قَالَ إِنْ سَرَقَ عَبْدًا فَصِيحًا كَبِيرا يُقْطَعْ أَوْ أَعْجَمِيًّا قُطِعَ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ وَخَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ لَنَا عُمُومُ الْآيَةِ وَالِاسْمُ صَادِقٌ عَلَى سَارِقِ الصَّبِيِّ الْحُرِّ وَغَيْرِهِ وَذُكِرَ عِنْدَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - سَارِقُ الصِّبْيَانِ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ وَهُوَ نَصٌّ فِي التَّسْمِيَةِ وَالْحُكْمِ وَلِأَنَّهُ نَفْسٌ مَضْمُونَةٌ بِالْجِنَايَةِ فَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا كَالْبَهِيمَةِ أَوْ بِجَامِعِ أَنَّهُ غَيْرُ مُمَيَّزٍ سَرَقَ مِنْ حِرْزِهِ أَوْ قِيَاسًا عَلَى الْمَمْلُوكِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام (لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ) وَهَذَا لَيْسَ بِرُبْعِ دِينَارٍ فَلَا يُقْطَعُ وَلِأَنَّ الْحُرَّ لَا يُحْرِزُ فِي الْعَادَةِ فَهُوَ سَارِقٌ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْكَبِيرِ النَّائِمِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَامٌّ فِي أَفْرَادِ الْقَطْعِ مُطْلَقٌ فِيمَا يُقْطَعُ فِيهِ وَقَدْ عُيِّنَ مِنْ ذَلِكَ الْمُطْلَقِ رُبْعُ دِينَارٍ فَمَفْهُومُ الْحَصْرِ يَقْتَضِي نَفْيَ الْقَطْعِ عَنْ غَيْرِهِ فَيَخْتَصُّ ذَلِكَ الْمَفْهُومُ بِذَلِكَ الْجِنْسِ وَهُوَ الْأَمْوَال سلمنَا عُمُومه لَا كُنَّا نخصصه بالأدلة الْمُتَقَدّمَة وَبِأَنَّهُ إِذا سبقه ابطل نَفسه بِالْبَيْعِ وَمِيرَاثَهُ وَحَدُّ قَذْفِهِ وَدِيَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ
أُنْثَى أَحَلَّ فَرْجَهَا وَأَسْقَطَ صَدَاقَهَا وَقَطَعَ وِلَايَةَ أَوْلِيَائِهَا وَهَذَا مِنَ الْفَسَادِ الْعَظِيمِ فِي الْأَرْضِ أَعْظَمُ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَالْفَسَادُ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ الْقَطْعَ وَالْقَتْلَ فِي الْحِرَابَةِ وَعَن الثَّانِي أَنه يُجْعَلَ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُهُ أَوْ فِي مَكَانٍ يَغْلُبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ فَهُوَ حِرْزٌ لَهُ كَالْغَنَمِ فِي الْمُرَاحِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الصَّغِيرُ لَا يَعْقِلُ وَإِلَّا قُطِعَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا قَطْعَ مُطْلَقًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ سَرَقَ حُلِيَّهُ وَهُوَ كَبِيرٌ يُحْرَزُ مَا عَلَيْهِ أَوْ صَغِيرٌ أَوْ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُهُ أَوْ فِي دَارِ أَهله قطع أَو صَغِيرا لَا يحفظ مَا عَلَيْهِ خَارِجا عَن دَارِ أَهْلِهِ أَوْ فِيهَا وَالسَّارِقُ أُذِنَ لَهُ فِي الدُّخُول ليقطع قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ أَخَذَ عَلَى وَجْهِ الْخَدِيعَةِ أَوْ كَابَرَهُ فِيهِ الْأَدَبُ إِنْ كَانَ كَبِيرا وَلَا صَغِير عِلْمُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ وَفِي الْمُنْتَقَى حَكَى فِي الْجلَال رِوَايَتَيْنِ فِي خَلْخَالِ الصَّبِيِّ أَوْ شَيْءٍ مِنْ خَلِيَّتِهِ الْقَطْعُ إِنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ أَو بنانهم وَالْأُخْرَى عدم الْقطع الْمُطلق وَلَمْ يَذْكَرْ تَفْصِيلًا فَيُحْمَلُ عَلَى الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَمْنَعُ نَفْسَهُ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ ثَوْبًا لَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فِيهِ دَرَاهِمُ لَمْ يَعْرِفْ بِهَا قُطِعَ فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا عَادَةُ النَّاسِ الدَّفْعُ فِيهِ بِخِلَافِ الْخَشَبَةِ وَالْحَجَرِ لَا يُقْطَعُ إِلَّا فِيمَا قِيمَتُهُ نَفْسُهُ نِصَابٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا لَوْ سَرَقَ خِرْقَةً الْعَادَةُ عَدَمُ الدَّفْعِ فِيهَا لزنابها لَمْ يُقْطَعْ بِمَا فِيهَا إِذَا لَمْ يَعْرِفْ بِهِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ سَرَقَ لَيْلًا
عَصا مفضضة وفضتها طَاهِرَة فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ لَمْ أَرَ الْفِضَّةَ بِاللَّيْلِ وَظُنَّ بِهِ ذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ كَانَتِ الْفِضَّةُ دَاخِلَهَا
فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ سَرَقَ دُونَ النِّصَابِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى سَرَقَ قِيمَتَهُ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَ فِي مَرَّةٍ مَا قَيَّمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَإِن كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ قُطِعَ لِأَنَّ هَذَا مِنْ وَجْهِ الْحِيلَةِ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ فَإِنْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزَيْنِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُقْطَعُ كَالنِّصَابِ فِي مَرَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ حَانُوتَانِ فِي دَارٍ فَسَرَقَ رَجُلٌ مِنْ وَاحِدٍ دِرْهَمًا وَنِصْفًا لَمْ يُقْطَعْ إِنْ كَانَتْ دَارا مُشْتَركَة وَإِن أخرج ذَلِكَ مِنَ الدَّارِ كُلِّهَا قُطِعَ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَرَكَةً وَأَخْرَجَ ذَلِكَ مِنَ الدَّارِ كُلِّهَا قُطِعَ وَإِنْ أَخَّرَ فِيهَا لَمْ يُقْطَعْ
فَرْعٌ قَالَ الْمُعْتَبَرُ فِي قِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودُ مِنَ الْعَيْنِ عَادَةً وَشَرْعًا فَيُقَوَّمُ الْحَمَامُ الْمَعْرُوفُ بِالسَّبْقِ وَالْإِجَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْمُو وَتُقَوَّمُ سِبَاعُ الطَّيْرِ الْمُعَلَّمَةِ بِتَعْلِيمِهَا وَعَنْ أَشْهَبَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي قَتْلِ الْمُحْرِمِ إِيَّاهُ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يُقَوِّمُ السَّرِقَةَ أَهْلُ الْعَدْلِ وَالنَّظَرِ فَإِنِ اخْتَلَفُوا وَاجْتَمَعَ عَدْلَانِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ لِعِظَمِ شَأْنِ الْحُدُودِ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ قَالَ مَالِكٌ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ السَّرِقَةِ لَا يَوْمَ الْقَطْعِ لِعَدَمِ الْحُكْمِ بِالْقَطْعِ وَالتَّقْوِيمِ أَمْ لَا
فَإِنْ تَعَارَضَ فِي التَّقْوِيمِ عَدْلَانِ وَعَدْلَانِ حُكِمَ بأقربهما الى السداد ووفقنا (ش) وَقَالَ (ح) إِنْ نَقَصَتْ قَبْلَ الْقَطْعِ امْتَنَعَ الْقَطْعُ وَوَافَقَنَا عَلَى أَنَّهُ إِنْ نَقَصَتْ لِهَلَاكِ بَعْضِهَا أَوْ هَلَاكِهَا لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى حَالِ النِّهَايَةِ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ بَطَلَ الْقَطْعُ وَنَحْنُ نَعْتَبِرُ حَالَ الِابْتِدَاءِ بِدَلِيلِ نُقْصَانِ الْعَيْنِ فِي ذَاتِهَا لَنَا الْآيَةُ وَالْأَخْبَارُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي النِّصَابِ وَالْقِيَاسُ عَلَى نُقْصَانِ الْعَيْنِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ حِوَالَةُ الْأَسْوَاق لرغبات النَّاس وَهُوَ أَمر خَارج علن الْعَيْنِ وَيُرْجَى زَوَالُهُ وَلِأَنَّ الْقَطْعَ شَرْعٌ زَجْرًا عَنِ الْجُرْأَةِ عَلَى الْأَمْوَالِ وَالْجُرْأَةُ حَصَلَتْ وَقْتَ السَّرِقَةِ عَلَى النِّصَابِ فَتَعِينَ الْقَطْعُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام (لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ) وَهَذَا لَيْسَ رُبْعَ دِينَارٍ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ مَظْنُونَةٌ فَإِذَا وَجَدْنَاهَا نَقَصَتْ اتَّهَمْنَا الْمُقَوِّمِينَ أَوْ لَا فَيَكُونُ بِسَبَبِهِ يَسْقُطُ الْحَدُّ وَلِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ انْتقض فَيبْطل كالرجوع عَن الْإِقْرَار الْبَيِّنَة تُرْجِعُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ لِلسَّبَبِيَّةِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ مَصْرُوفًا لِلنِّصَابِ بَلْ مَعْنَاهُ لَا قَطْعَ إِلَّا بِسَبَبِ أَخْذِ رُبْعِ دِينَارٍ لِقَوْلِهِ عليه السلام (فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ) أَيْ بِسَبَبِ قَتْلِهَا وَهُوَ كَثِيرٌ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ كَانَ النَّصُّ لِتَغَيُّرِ السُّوقِ لَا مَعَ بَقَائِهِ وَعَن الثَّالِث أَنه يبطل بِنَقص الْعين فغن عرفُوا بِأَنَّ نُقْصَانَ الْعَيْنِ يَضْمَنُ لِحَقِّ آدَمِيٍّ فَضَمِنَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَنُقْصَانُ الْقِيمَةِ لَا يَضْمَنُ لِحَقِّ آدَمِيٍّ فَلَمْ يَضْمَنْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْعَيْنِ مَضْمُونٌ عَلَى السَّارِقِ فَلَمَّا تقرر
بَدَلُهُ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَسْقُطِ الْقَطْعُ لِوُجُودِ النّصاب بعضه فِي ذمَّته وَبَعضه مَوْجُود فلنا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ دُونَ الْقِيمَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ وَأَمَّا حَقُّ الْآدَمِيِّ وَهُوَ الْقِيمَةُ فَلَا يَتَرَتَّبُ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْعَيْنِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مَسْرُوقٍ وَالْقَطْعُ فِي غَيْرِ الْمَسْرُوقِ بَاطِلٌ
فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ نَقَصَتِ الدَّرَاهِمُ نَقْصًا لَا تَتَّفِقُ عَلَيْهِ الْمَوَازِينُ قُطِعَ فَإِنْ كَانَتْ يُتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا وَتَنْقُصُ ثَلَاثَ حَبَّاتٍ كُلَّ دِرْهَمٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ جَازَتْ لِجَوَازِ الْوَازِنَةِ خِلَافُ الزَّكَاةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ إِيجَابُ الزَّكَاةِ وَعَدَمُ الْقَطْعِ فَيَحْصُلُ الِاحْتِيَاطُ بِهَا الشَّرْطُ الثَّانِي أَن يكون غير مَمْلُوك للسارق فَلَوْ سَرَقَ مَالَهُ الْمُرْتَهِنَ أَوْ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ طَرَأَ الْمِلْكُ بِالْإِرْثِ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنَ الْحِرْزِ فَلَا قَطْعَ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ وَرِثَهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ أَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا قُطِعَ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) إِذَا مَلَكَهُ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ سَقَطَ الْقَطْعُ. لَنَا الْعُمُومَاتُ وَالْقِيَاسُ عَلَى خَرَابِ الْحِرْزِ وَهَلَاكِ الْعَيْنِ أَوْ زَنَى بِجَارِيَةٍ ثُمَّ مَلَكَهَا احْتَجُّوا بِحَدِيثِ صَفْوَانَ (فَإِنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - هَلَّا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ ذَلِكَ) دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ لَهُ قَبْلَ الْقَطْعِ وَوُصُولِهِ لِلْإِمَامِ سَقَطَ الْقَطْعُ وَلِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ سَارِقًا إِذَا وَهَبَهُ لَهُ كَمَا لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ دَاخِلَ الْحِرْزِ وَلِأَنَّهُ حَدٌّ لَا يَجِبُ مَعَ الْمِلْكِ (فَلَا يَبْقَى مَعَ
الْمِلْكِ كَالضَّمَانِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَالْحَدُّ يَسْقُطُ مَعَهَا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى زنا الْمَقْذُوف وعَلى رُجُوع الشُّهُود فغن الْحُدُودَ تَسْقُطُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَدِيثَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ رَفْعَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَسَكَتَ عَنِ الْقَضِيَّةِ لَمْ يُقْطَعْ وَحَصَلَ مَقْصُودُ صَفْوَانَ فَإِنَّهُ هَاجَرَ فَكَرِهَ أَنْ يُقْطَعَ مُسْلِمٌ مِنْ أَجْلِهِ فَتَوَسَّلَ فِي ذَلِكَ بِكُلِّ طَرِيقٍ فَقِيلَ لَهُ هَلَّا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِ وَالْحَدِيثُ نَصٌّ لَنَا فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَإِنَّ الْهِبَةَ مَا نَفَعَتْ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ إِذَا أَكَلَ لَمْ تَتَحَقَّقِ السَّرِقَةُ (وَهِيَ الْإِخْرَاجُ مِنَ الْحِرْزِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فِي تَحْقِيقِ السَّرِقَةِ) وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ الضَّمَانَ هُوَ الْمُطَالَبَةُ وَهِيَ متعذرة مَعَ مَا لَهُ الْمُعَيَّنِ وَالْحَدُّ لَا يَتَعَذَّرُ مَعَ الْمِلْكِ لِتَحَقُّقِ الجرأة سَابق وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ زِنَا الْمَقْذُوفِ يُورِثُ شُبْهَةَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَزْنِي فَيُصَدَّقُ الْقَاذِفُ وَطَرَيَانُ الْمِلْكِ لَا يُوجِبُ تَوَهُّمَ تَقَدُّمِهِ وَلِأَنَّ حَدَّهُ لِزَوَالِ الْعَارِ وَإِنْ زَنَى ثَبَتَ الْعَارُ وَأَمَّا رُجُوعُ الشُّهُودِ فَيُخِلُّ بِالسَّبَبِ لِأَنَّا مَا علمناه إِلَّا من قبلهم وَهَا هُنَا السَّبَبُ لَمْ يَخْتَلْ الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا فَفِي الْكِتَابِ لَا قَطْعَ فِي خَمْرٍ وَلَا خِنْزِيرٍ وَإِنْ كَانَ لِذِمِّيٍّ سَرَقَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ وَلِلذِّمِّيِّ قِيمَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا قيمَة فِيمَا حرمه اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ الْأَدَبُ وَلَا قَطْعَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - حَرَّمَ ثَمَنَهُ وَلَا فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ فَإِنْ دُبِغَ وَقِيمَةُ الصَّنْعَةِ دُونَ الْجِلْدِ
نِصَابٌ قُطِعَ (قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ نِصَابًا قُطِعَ) وَإِلَّا فَلَا بقال مَالِكٌ لَا يُقْطَعُ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ (وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ) وَالْمَاشِيَةِ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ قَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُ فِي الزَّيْتِ النَّجِسِ إِنْ سَاوَى فِي بَيْعِهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ سَرَقَ الْأُضْحِيَةَ قَبْلَ الذَّبْحِ قُطِعَ وَبَعْدَهُ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ وَإِنْ سَرَقَ لَحْمَهَا مِمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَ مِزْمَارًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ آلَاتِ الطَّرَبِ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ الْكَسْرِ نِصَابٌ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا سَرَقَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ كَسْرَهَا عَلَيْهِمْ إِذَا أَظْهَرُوهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا فِضَّةٌ نِصَابٌ عَلِمَ بِهَا قُطِعَ وَإِنْ سرق دفا أوو كَبَرًا قِيمَتُهُ صَحِيحًا نِصَابٌ قُطِعَ لِلرُّخْصَةِ فِي اللَّعِبِ بِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ وَمِلْكُهُ قُطِعَ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا ملكه لَا يقطع فِيهِ إِلَّا الْحر فَفِيهِ قَوْلَانِ وَمَا يَجُوزُ مِلْكُهُ دُونَ بِيعِهِ قَطَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ دُونَ أَشْهَبَ وَقَطَعَ أَشْهَبُ فِي لَحْمِ الْأُضْحِيةِ بَعْدَ الذَّبْحِ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ بَيْعِهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَأَشْبَهَ حِجَارَةَ الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَوَّمُ الْبَازِيُّ غَيْرَ مُعَلَّمٍ وَالْمَشْهُورُ أَرْجَحُ إِلَّا أَنْ يُرَادَ لِلَّهْوٍ وَلَوْ قَصَدَ بِالْحَمَامِ حَمْلَ الْأَخْبَارِ لَا اللَّهْوَ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ مُعَلَّمَةً وَيُقَوَّمُ الصَّنَمُ الْخَشَبُ مَكْسُورًا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْكَبَرَ وَالدُّفَّ كَالْعُودِ لَا يُقَوَّمُ غَيْرُ خَشَبِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْمُحَرَّمَةِ الْمَأْمُورِ بِكَسْرِهَا يُقَوَّمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ دُونَ الصَّنْعَةِ الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ تَامًّا قَوِيًّا احْتِرَازًا مِنَ الشَّرِكَةِ فَفِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ الشَّرِيكُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ مِمَّا قَدْ عُلِّقَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ أَوْدَعَاهُ رَجُلًا فَسَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنْهُ مِمَّا فِيهِ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ نِصَابًا قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ اخْتِلَاطَ الْمِلْكِ وَشِيَاعَهُ شُبْهَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا لَمْ
يَأْتَمِنْهُ وَمَنَعَهُ مِنْهُ وَهُوَ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَقَدْ حَجَرَهُ عَنِ الْآخَرِ قُطِعَ فَإِنْ سَرَقَ عَبْدٌ مِنْ مَالِ شَرِكَةٍ بَيْنَ سَيِّدِهِ وَرَجُلٍ فَقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّ سَيِّدِهِ نِصَابًا قُطِعَ إِنْ أَحْرَزَهُ شَرِيكُ سَيِّدِهِ عَنِ السَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ سَيِّدِهِ لَمْ يُقْطَعْ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ جَعَلَ الشَّرِيكَانِ الْمِفْتَاحَ عِنْدَ رَجُلٍ فَسَرَقَ الَّذِي عِنْده الْمِفْتَاح وَإِنْ كَانَ الْمِفْتَاحُ فِي دَارِ أَحَدِهِمَا خَوْفًا مِنَ الْآخَرِ قُطِعَ الْمُخَوِّفُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يُقْطَعُ سَارِقُ بَيْتِ الْمَالِ وَالْغَنَائِمِ وَأَهْرَاءِ الْمُسْلِمِينَ لِحَقَارَةِ مَا يَسْتَحِقُّهُ أَوْ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ وَلِلْإِمَامِ صَرْفُ هَذِهِ الْعَيْنِ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَقْطَعْهُ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَّا إِنْ سَرَقَ رُبْعَ دِينَارٍ زَائِدًا عَلَى سَهْمِهِ لِأَنَّهُ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ وَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ جُوعٍ أَصَابَهُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ يُقْطَعُ سَارِقُ بَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمُغْنِمِ (لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَجِبُ إِلَّا بَعْدَ أَخْذِهِ وَلِذَلِكَ يَجْرِي فِي وَطْءِ أَمَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. . الْمَغْنَمِ) وَقَالَ (ش) و (ح) لَا حد مُطلقًا لشُبْهَة وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) لَا يُقْطَعُ فِي الدَّجَاجِ وَالْأِوَزِّ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ الْعَيْنُ صَنْعَةً كَالنَّجَّارِ لِلْخَشَبِ صُنْدُوقًا وَوَافَقَنَا عَلَى الْخَشَبِ الثَّمِينِ كَالسَّاجِ وَالْعُودِ وَنَحْوِهِ وَعَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِنِ اسْتُخْرِجَا مِنَ الْمَعْدِنِ لَنَا الْعُمُومَاتُ وَالْأَقْيِسَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام (النَّاسُ
شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ) وَعَنْهُ عليه الصلاة والسلام (لَا قَطْعَ فِي الطَّيْرِ وَلِأَنَّ الْمَجَازَ مِنْهَا يُشْبِهُ غَيْرَ الْمَجَازِ وَذَلِكَ شُبْهَة وَأما الذَّهَب وَالْفِضَّة فليسا على الْإِبَاحَة لِأَنَّهَا كنت لِلْكُفَّارِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها كَانَتِ الْيَدُ لَا تُقطَعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ وَالْمَاءُ تَافِهٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّرِكَةَ مُخْتَصَّةٌ بِمَا قَبْلَ الْإِحْرَازِ كَالْغَنِيمَةِ وَبَيْتِ الْمَالِ لِتَفْسِيقِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ الْحَوْزِ وَالشَّرِيكُ لَا يُفَسَّقُ وَعَنِ الثَّانِي مَنْعُ الصِّحَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ تُشْبِهُ الزَّوْجَةَ وَالْحَدُّ ثَابِتٌ إِجْمَاعًا وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ مَالَ الْكَافِرِ مُبَاحٌ وَمَنْ سَرَقَهُ بَعْدَ حَوْزِ الْمُسْلِمِ قُطِعَ وَلِأَنَّ الْمَعَادِنَ لَا تُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ لِجَوَازِ بَيْعِ أَرْضٍ فِيهَا مَعْدِنُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ التَّافِهَ جِنْسُهُ لَا قِيمَتُهُ وَالْقَطْعُ فِي الْقِيمَةِ وَفِي الْكِتَابِ يُقْطَعُ سَارِقُ الْمُصْحَفِ وَقَالَهُ (ش) وَلَمْ يَقْطَعْهُ (ح) لَنَا مَا تَقَدَّمَ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ فَهُوَ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلِأَنَّ فِيهِ شُبْهَةٌ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ فَيَتَعَلَّمُهُ مِنْهُ أَوْ رَأَى فِيهِ لَحْنًا فَأَخَذَهُ لِيُصْلِحَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَعَنِ الثَّانِي لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُصْحَفَ يَتَعَيَّنُ التَّعْلِيمُ مِنْهُ وَعَنِ الثَّالِثِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ اللَّحْنَ يُبِيحُ أَخْذَهُ بَلْ يُقَالُ لَهُ فِيهِ لَحْنٌ فَأَصْلَحَهُ الشَّرْطُ الْخَامِس سَلَامَته من شُبْهَة الِاسْتِحْقَاق وَفِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ أَحَدُ
الْأَبَوَيْنِ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ لَمْ يُقْطَعْ أَوِ الْجَدُّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَوِ الْأَبِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يُقْطَعُوا لِأَنَّهُ أَبٌ وَلِأَنَّ الدِّيَةَ تُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ كَالْأَبِ وَلَيْسَ الْمُسْقِطُ النَّفَقَةُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ ابْنِهِ الْكَبِيرِ وَلَا ابْنَتِهِ الثَّيِّبِ وَلَا يُقْطَعُ لَهُمَا وَلَا يُحَدُّ فِي وَطْء جواريها وَيُقْطَعُ الِابْنُ وَيُحَدُّ فِي وَطْءِ الْجَارِيَةِ وَتُقْطَعُ الْمَرْأَةُ إِنْ سَرَقَتْ مَنْ مَالِ زَوْجِهَا مِنْ غير بَيتهَا الَّتِي تَسْكُنُهُ وَكَذَلِكَ جَارِيَتُهَا إِنْ سَرَقَتْ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهَا وَحَقُّ الْمَرْأَةِ وَالِابْنِ فِي الْمَالِ كَحَقِّ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِي خَادِمِهَا وَخَادِمِهِ الْحَجْرُ عَلَيْهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ سَرَقَ الْعَبْدُ أَوِ الْمُكَاتَبُ مَنْ مَالِ السَّيِّدِ لَمْ يُقْطَعْ لِشُبْهَةِ النَّفَقَةِ أَوْ لِقَوْلِهِ عليه السلام (عَبْدُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ) وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِنْ سَرَقَ مَالَ ابْنِ سَيِّدِهِ قُطِعَ أَوِ السَّيِّدِ مِنْ مَالِ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبِ ابْنِهِ أَوْ عَبْدِ أَبِيهِ لَمْ يُقْطَعْ لشُبْهَة الانتزاع يَوْمًا مَا قَالَه اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ لَا يُقْطَعُ الِابْنُ لِشُبْهَةِ الْإِنْفَاقِ كَالْأَبِ وَلَا يُحَدُّ فِي الزِّنَا وَقَالَ ابْن الْقصار يقطع إِن سَقَطت نَفَقَته إِلَّا فَلَا يُقْطَعُ كَالْبِكْرِ وَالذِّمِّيِّ فَإِنْ سَرَقَ مَنْ مَالِ أُمِّهُ أَوْ زَنَى حُدَّ أَوْ وَلَدِ الْوَلَدِ مِنْ أَحَدِ أَجْدَادِهِ أَوْ جَدَّاتِهِ حُدَّ وَعَن أَشْهَبَ يُقْطَعُ الْجَدُّ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ فِي مَالِ حَفِيدِهِ وَعَن مُصْعَبٍ يُقْطَعُ الْعَبْدُ فِي مَوْضِعٍ حُجِبَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فِي تَابُوتٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي قَطْعِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ قَوْلَانِ وَيُخْتَلَفُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الضَّيْفِ وَعَدَمُ قَطْعِ الزَّوْجَيْنِ أَحْسَنُ إِنْ كَانَ الْحَجْرُ تَحَفُّظًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ خَافَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَ الزَّوْجُ مِمَّا شَوَّرَهَا بِهِ وَلَمْ يَبْنِ بِهَا قُطِعَ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ كُلِّهِ لَهَا وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ مُتَرَقِّبٌ لَا يُحَدُّ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَدْخَلَ
الضَّيْفَ دَارَهُ وَبَيَّتَهُ فِيهَا فَسَرَقَ مِنْهَا لَا يقطع وقطعه سَحْنُون إِن أخرجه إِلَى قاعة الدَّارِ لِأَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ بِحِرْزٍ لِلْإِذْنِ فِي دُخُولِهَا وَالْبَيْتُ حِرْزٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُقْطَعُ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ إِذَا سَرَقَ مِنْ غَرِيمِهِ الْمُمَاطِلِ حَبَسَ حَقَّهُ وَقَالَ (ح) لَا يُقْطَعُ الزَّوْجَانِ مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ الْمُعْتَدَّةُ الْمَبْتُوتَةُ وَالْأَصْهَارُ إِذَا سَرَقُوا مِنْ بَيْتِ الْأَخْتَانِ وَالْأَخْتَانِ مِنَ الْأَصْهَارِ وَكُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ حَتَّى الرَّبِيبِ لِلْمَرْأَةِ أَوِ الرَّجُلِ وَعِنْدَ (ش) ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُقْطَعُ الزَّوْجَانِ لَا يُقْطَعَانِ يُقْطَعُ الزَّوْجُ دُونَ الْمَرْأَةِ وَوَافَقَنَا فِي الْأَصْهَارِ وَغَيْرِهِمْ لَنَا فِي الْقَطْعِ الْعُمُومَاتُ وَالْأَقْيِسَةُ عَلَى الْإِجَارَةِ وَالصَّدِيقَيْنِ وَالْمُدَايِنِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْبَسِطُ فِي مَالِ الْآخَرِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَبِالنَّفَقَةِ وَأَمَّا هُوَ فَيَحْجُرُ عَلَيْهَا فِي مَعْنَى الثُّلُثِ وَيَتَجَمَّلُ بِمَالِهَا ويفترشه ويبتذله وَلِأَن الأوبة فرع المناكحة ولأبوة تَمْنَعُ الْقَطْعَ فَأَصْلُهَا أَوْلَى أَوْ نَقُولُ مُتَوَارَثَانِ فَلَا يُقْطَعُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ كَالِابْنِ مَعَ الْأَبِ وَلقَوْله تَعَالَى {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ} فَذَكَرَ الْأَعْمَامَ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَ وَالْخَالَاتِ وَالْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ فَتَحَقَّقَتِ الشُّبْهَةُ فِي مَالِهِمْ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَادَةَ وُصُولُ الْأَجْرِ إِلَيْهِ فَلَا يُقْطَعُ إِنَّمَا النِّزَاعُ فِيمَا حُجِرَ فِيهِ عَلَيْهِ وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَمُعَاوَضَةٌ كَالْإِجَارَةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يَبْطُلُ بجريان الْقصاص فِيهَا دُونَ الْأَبِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَبَ أَقْوَى لِامْتِنَاعِ الْقِصَاصِ فِيهِ دُونَهُمَا وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الصَّدِيقَ فِي الْآيَةِ وَهُوَ يُقْطَعُ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْآيَةُ أَذِنَتْ فِي
الْأَكْلِ وَلَمْ تَأْذَنْ فِي دُخُولِ الْمَوَاضِعِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا وَهِي صُورَةِ النِّزَاعِ وَقَالَ تَعَالَى {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} فَتلك الْآيَة فَوتهَا هَذِهِ قَاعِدَةٌ الشُّبْهَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ اتُّفِقَ عَلَى اعْتِبَارِهِ كَالشَّرِكَةِ وَفِي غَايَةِ الضَّعْفِ اتُّفِقَ عَلَى إِلْغَائِهِ كَالْأَجِيرِ وَالصَّدِيقِ وَقِسْمٌ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ اخْتُلِفَ فِي إِلْحَاقِهِ بِأَيِّ الْقِسْمَيْنِ الشَّرْطُ السَّادِسُ أَنْ يَكُونَ مُحْرَزًا وَوَافَقَنَا فِيهِ الْأَئِمَّةُ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَقَالُوا لَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ صَحِيحٌ وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - (لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ وَلَا فِي حَرِيسَةِ جَبَلٍ فَإِذَا آوَاهُ الْمُرَاحُ أَوِ الْجَرِينُ فَالْقَطْعُ فِيمَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ) فَائِدَةٌ قَالَ صَاحب الْمُنْتَقى شبه الثَّمر فِي اشجار بِالْخَرَائِطِ الْمُعَلَّقَةِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْحَرِيسَةُ الْمَاشِيَةُ فِي الْمَرَاعِي وَالْمُرَاحُ بِضَمِّ الْمِيمِ مَوْضِعُ مَبِيتِ الْمَاشِيَةِ وَقِيلَ مُنْصَرَفُهَا لِلْمَبِيتِ وَالْجَرِينُ بِفَتْحِ الْجِيمِ كَالْأَنْدَرِ لِلتَّمْرِ وَالْمِجَنُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ التُّرْسُ هَذَا الْحَدِيثُ وَغَيْرُهُ يُشْعِرُ بِاشْتِرَاطِ الْحِرْزِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا ذُكِرَ فِي هَذَيْنِ خَاصَّةً فَيَكُونُ فِي غَيْرِهَا بِالْقِيَاسِ وَفِي هَذَا الشَّرْطِ سِتَّةُ فُرُوعٍ
الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَةً أَوْ إِجَارَةً قُطِعَ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لَهُ أَوْ سَرَقَ سَارِقٌ مِنْ سَارِقٍ مَا سَرَقَهُ قُطِعُوا كُلُّهُمْ لِأَنَّهُمْ سُرَّاقٌ وَيُقْطَعُ سَارِقُ مَا وضع فِي أقبية الحوانيت للْبيع لأنح حِرْزٌ لِمِثْلِهِ عَادَةً وَكَذَلِكَ الْمُوَاقِفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَانُوتٌ كَانَ رَبُّهُ مَعَهُ أَوْ لَا سَرَقَ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ أَوْ شَاةٌ وَقَفَهَا رَبُّهَا فِي سُوقِ الْغَنَمِ لِلْبَيْعِ مَرْبُوطَةً أَو لَا وَكَذَلِكَ ظُهُورُ الدَّوَابِّ وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي الْجَرِينِ الْحَبُّ وَالتَّمْرُ وَغَابَ رَبُّهُ وَلَا بَابَ عَلَيْهِ وَلَا حَائِطَ وَلَا غَلْقَ قُطِعَ لِأَنَّهُ مُحْرِزٌ عَادَةً وَلَا يُقْطَعُ فِي الْمَوَاشِي فِي الْمَرَاعِي حَتَّى يَأْوِيَهَا الْمُرَاحُ فَيُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يُطْلَقْ عَلَى الْمُرَاحِ حَائِطٌ أَوْ غَلْقٌ وَلَا يَبِيتُ مَعَهَا أَهْلُهَا كَالدَّوَابِّ فِي مَرَابِطِهَا الْمَعْرُوفَةِ وَيُقْطَعُ السَّارِقُ مِنَ الْحَمَّامِ إِنْ كَانَ مَعَ الْمَتَاعِ مَنْ يُحْرِزُهُ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا إِنْ سَرَقَهُ أَحَدٌ لَمْ يَدْخُلِ الْحَمَّامَ مَدْخَلَ النَّاسِ مِنْ بَابِهِ كَالْمُتَسَوِّرِ وَالنَّقْبِ فَيُقْطَعُ لِأَنَّ هَذَا الْوَجْهَ لَيْسَ مَأْذُونًا فِيهِ فَيُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْمَتَاعِ حَارِسٌ وَإِنْ جَرَّ ثَوْبًا مَنْشُورًا عَلَى حَائِطٍ بَعْضُهُ فِي الدَّارِ وَبَعْضُهُ خَارِجٌ فَلَا يُقْطَعُ إِنْ كَانَ إِلَى الطَّرِيقِ وَكَذَلِكَ إِنْ سَرَقَ مَتَاعًا مِنْ ضِيَعٍ وَمَنْ أَذِنْتَ لَهُ فِي دُخُولِ بَيْتِكَ أَوْ دَعَوْتَهُ لِطَعَامِكَ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّكَ لَمْ تُحْرِزْ عَنْهُ وَهَذِهِ خِيَانَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ اخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ فِي الضَّيْفِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ وَلَوْ خَرَجَ مِنَ الدَّارِ لَقُطِعَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ وَإِنْ أَخْرَجَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ وَمَسْأَلَةُ الْحَمَّامِ تُشْكِلُ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ لَمْ يُذَاكِرْ فَيَظُنُّ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْقُبْ لَا يُقْطَعُ بَلْ مَنْ دَخَلَ وَسَرَقَ مَنْ نَقَبَ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَمْ يَدْخُلُ مَعَ النَّاسِ دَاخِلَ الْحَمَّامِ أَوِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِيَدْخُلَ الْحَمَّامَ بَلْ لِيَسْرِقَ فَقَطْ لِأَنَّ سَبَبَ سُقُوطِ
الْقطع الْإِذْن فِي لبس ثِيَاب بَعضهم بعض وَتَنْحِيَتِهَا عَنْ أَمَاكِنِهَا وَيَضَعُ ثِيَابَهُ مَكَانَهَا فَإِذَا اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَيْسَ مَنْ أَهْلِ هَذَا الْإِذْنِ قُطِعَ وَقِيلَ إِنْ سَرَقَ مِنَ الثِّيَابِ الَّتِي فِي الطِّيقَانِ قُطِعَ كَانَ مِنَ الدَّاخِلِينَ لِلْحَمَّامِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ فِي التَّصَرُّفِ فِي الطِّيقَانِ وَإِنَّمَا هِيَ لِمَنْ يَسْبِقُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُمْ عَادَةٌ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا أَوْ تَكُونَ كِبَارًا تَحْمِلُ ثِيَابَ جَمَاعَةٍ كَمَا تُوضَعُ عَلَى الْأَلْوَاحِ وَفِي الْمُنْتَقَى إِنْ وَقَفَ صَبِيٌّ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ عَلَى دَابَّةٍ فَسَرَقَ رَجُلٌ رِكَابَيْ سَرْجِهَا قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ الصَّبِيُّ قَائِمًا قُطِعَ السَّارِقُ لِأَنَّ رَبَّهَا إِنَّمَا جَعَلَ ذَلِكَ الْمَكَانَ حِرْزًا بِسَبَبِ يَقَظَةِ الصَّبِيِّ فَإِنْ كَانَ نَائِمًا فَلَا قَطْعَ لِعَدَمِ الْحِرْزِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُقْطَعُ سَارِقُ مَا يُبْسَطُ فِي الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ لِلْجُلُوسِ إِنْ كَانَ مَعَهُ صَاحِبُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ مَا يُعَلَّقُ فِي مَحَارِسِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مِنَ السِّلَاحِ وَالْمَتَاعِ إِنْ كَانَ مَعَهُ رَبُّهُ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَنْقُبَ الْجِدَارَ مِنْ وَرَائِهِ فَيُقْطَعُ كَانَ مَعَهُ أَحَدٌ أَمْ لَا وَلَا يُقْطَعُ فِي حُلِيِ الْكَعْبَةِ لِلْإِذْنِ فِي الجهول وَقِيلَ إِنْ سَرَقَ الْحُصْرَ نَهَارًا لَمْ يُقْطَعْ أَوْ تُسَوَّرْ عَلَيْهَا لَيْلَا بَعْدَ غَلْقِ الْبَابِ قُطِعَ وَيُقْطَعُ فِي الْقَمْحِ الَّذِي يُجْمَعُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ فِي ثَوْبِ الرَّجُلِ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي فَيَتَوَجَّهُ الْقَطْعُ لِقَبْضِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَوْزُهُ وَإِنْ سَرَقَ الطَّعَامَ مِنَ الْمَطَامِيرِ فِي الْفَلَاةِ أَخْفَاهُ صَاحِبُهُ لَمْ يُقْطَعْ بِخِلَافِ مَا هُوَ بِحَضْرَةِ أَهْلِهِ مَعْرُوفٌ وَأَسْقَطَ الْقَطْعَ فِي الثَّوْبِ الَّذِي بَعْضُهُ لِلطَّرِيقِ بِالشُّبْهَةِ وَعَن ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ كَمَا عَلَى الْبَعِيرِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا عَلَى حَانُوتِ الصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ وَقَالَ فِي الْغَسَّالِ عَلَى الْبَحْرِ يَيْبَسُ الثِّيَابَ لَا يُقْطَعُ كَالْغَنَمِ فِي الْمَرَاعِي قَالَ مُحَمَّدٌ لَا قَطْعَ فِي تمر رُؤْس
النَّخْلِ فِي الْحَوَائِطِ بِخِلَافِ نَخْلَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ فِي دَارِ رَجُلٍ يُقْطَعُ وَإِذَا أَوَى الثِّمَارَ الْجَرِينُ قُطِعَ إِلَّا فِي جَرِينِ الصَّحْرَاءِ وَلَا حَائِطَ عَلَيْهِ وَلَا غَلْقَ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْجَرِينِ الَّذِي أَهْلُهُ حَوْلَهُ يَحْرُسُونَهُ وَسَوَّى ابْنُ الْقَاسِمِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ قَالَ مَالِكٌ فِي زَرْعِ مِصْرَ وَقَرَظِهَا يُحْصَدُ وَيُتْرَكُ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى يَيْبَسَ لَا يُقْطَعُ فِيهِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ اشْتَرَطَ إِذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ وَكَذَلِكَ فِي الزَّرْعِ يُحْصَدُ فَيُجْمَعُ فِي الْحَائِطِ فَيُحْمَلُ مِنْهُ إِلَى الْجَرِينِ يُقْطَعُ فِيهِ لِأَنَّهُ إِذَا ضُمَّ فِي الْحَائِطِ فِي مَوْضِعٍ فَهُوَ كَالْجَرِينِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحِرْزُ ثَلَاثَةٌ مَا عَلَيْهِ غَلْقٌ كَالدَّارِ وَالْخِبَاءِ فَيُقْطَعُ مَنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَالْإِنْسَانُ لِمَا مَعَهُ أَوْ عَلَيْهِ نَائِمًا أَوْ يَقْظَانَ أَوْ شَيْءٌ يَحْرُسُهُ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَيْنِ وَالثَّالِث لَا غلق عَلَيْهِ وَلَا حارس كافلناء وَالْجَبَلِ فَفِيهِ اضْطِرَابٌ وَإِنْ سَرَقَ فِي الْحَمَّامِ مِمَّا يُجْعَلُ فِي الْحُصْرِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ حَصِيرَةً مَعَهَا وَيُوَسِّعَ لِثِيَابِهِ وَإِنْ سَرَقَ مِنَ الْحَارِسِ مَنْ لَيْسَ لَهُ ثِيَابٌ عِنْدَهُ قُطِعَ إِلَّا أَنْ يُوهِمَهُ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ ثِيَابًا أَوْ أُذِنَ لَهُ فِي النَّظَرِ لَمْ يُقْطَعْ لِلْإِذْنِ وَإِنْ نَاوَلَهُ ثِيَابَهُ فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى غَيْرِهَا قُطِعَ لِذَهَابِ الشُّبْهَةِ بِأَخْذِهِ ثِيَابِهِ وَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِي أَخْذِ ثِيَابِهِ مِنْ جُمْلَةِ الثِّيَابِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ خائن قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَضْيَافِ يَسْرِقُ أَحَدُهُمْ لم يقطع لِأَنَّهُ بعد الْإِذْن خائن قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ سَلَبَ بَعْضُهُمْ مِنْ كُمِّ بَعْضٍ أَوْ سَرَقَ رِدَاءَهُ أَوْ نَعْلَهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ الْحِرْزَ هُوَ الْبَيْتُ لَا الْكُمُّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ إِنْ سَرَقَ مِنَ الْكُمِّ وَالْقَطْعُ أَحْسَنُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ حِرْزٌ لِمَا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْمَنُ صَاحِبُهُ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يَأْمَنُهُ عَلَى كُمِّهِ وَمِنْ هَذَا سَرِقَةُ أَهْلِ السَّفِينَةِ مِنْ بَعضهم وَعَن
أَصْبَغَ يُقْطَعُ فِي حُصْرِ الْمَسْجِدِ وَبَلَاطِهِ وَقَنَادِيلِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبَابِ وَقَالَهُ مَالِكٌ سَرَقَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عَلَيْهِ غَلْقٌ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَوَاضِعَ أَحْرَازٌ لِذَلِكَ وَعَن سَحْنُونٍ إِنْ خَيَّطَ الْحُصْرَ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا وَأَسْقَطَ أَشْهَبُ الْقَطْعَ مُطْلَقًا لِلْإِذْنِ وَرَأَى مَالِكٌ أَنَّ الْإِذْنَ لَيْسَ مِنَ الْمَالِكِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَوْجَبَهُ الْحُكْمُ وَجَعَلَ مَالِكٌ الْكَعْبَةَ فِي السَّرِقَةِ مِثْلَ الْمَنَازِلِ إِنْ سَرَقَ حُلِيَّهَا وَهِيَ مُغْلَقَةٌ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَمْ يَجْعَلْهَا مِثْلَ الْمَسَاجِدِ وَيُقْطَعُ فِي بَيْتِ الْقَنَادِيلِ فِيهِ الْحُصْرُ وَغَيْرُهَا وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ فِي دُخُولِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ سَرَقَ فِي الدَّارِ نَعْلًا لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ جُعِلَ لَهُ تَحْرِيكُهَا وَإِبْعَادُهَا وَجُعِلَ لَهُ تَوْسِعَةً لِنَعْلِهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَدْخَلَهُ حَانُوتَهُ فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ فَسَرَقَ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ ائتمنه على الدُّخُول بِخِلَاف أقبية الحوانيب وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْطَعُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ إِنْ أَبَاحَ لَهُ التَّقْلِيبَ فِي صِنْفٍ لَمْ يُقْطَعْ فِيهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يُقْطَعْ عِنْدَ مَالِكٍ وَقُطِعَ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ قُطِعَ اتِّفَاقًا وَيُقْطَعُ فِي تَابُوتِ الصَّيْرَفِيِّ كَانَ عِنْدَهُ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَتَقَلَّبُ بِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ فَنَسِيَهُ لَمْ يُقْطَعْ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقْطَعُ فِي الْقَطَانِيِّ فِي الْقِفَافِ أَوْ فِي أَقْبِيَةِ الْحَوَانِيتِ فَقَامَ صَاحِبُهَا وَتَرَكَهَا لِأَنَّهَا مِمَّا يَخِفُّ نَقْلُهَا فَلَمْ يُجْعَلْ لَهَا ذَلِكَ الْموضع حرْزا فَقَامَ صَاحِبُهَا وَتَرَكَهَا لِأَنَّهَا مِمَّا يَخِفُّ نَقْلُهَا فَلَمْ يُجْعَلْ لَهَا ذَلِكَ الْمَوْضِعُ حِرْزًا وَإِذَا وَقَفَتِ الْغَنَمُ لِلْبَيْعِ وَسَرَقَ مِنْهَا مِنْ أُذِنَ لَهُ فِي تَقْلِيبِهَا لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا قُطِعَ وَإِنْ تَعَامَلَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا يُسَوِّمُ وَيُقَلِّبُ وَالْآخَرُ يَسْرِقُ قُطِعَ السَّارِقُ وَحْدَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَحْسَنُ فِي الشَّاةِ الْوَاحِدَةِ فِي السُّوقِ
إِذَا ذَهَبَ عَنْهَا صَاحِبُهَا عَدَمُ الْقَطْعِ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ وَحْدَهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلِأَنَّهَا مِمَّا يَخِفُّ نَقْلُهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا سِيقَتِ الْغَنَمُ مِنَ الْمَرْعَى لِلْمُرَاحِ أَوْ أُخْرِجَتْ مِنْهُ لِلْمَرْعَى وَمَعَهَا مَنْ يَسُوقُهَا هَلْ يُقْطَعُ لِأَنَّهَا أَوَاهَا الْمُرَاحُ أَوْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ فِي الدَّوَابِّ تَكُونُ فِي الرَّبِيعِ وَمَعَهَا قَوَمَتُهَا لَا يُقْطَعُ فِيهَا لِأَنَّهُ مَرْعًى بِخِلَافِ الدَّابَةِ عَلَى بَابِ صَاحِبِهَا الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ نَخْلَةً مِنْ مَكَانِهَا أَوْ شَجَرَةً فِي حَائِطٍ لَمْ يُقْطَعْ كَالثِّمَارِ فَإِنْ قَطَعَ الْجِذْعَ صَاحِبُهُ وَوَضَعَهُ فِي الْحَائِطِ فَهُوَ حِرْزٌ لَهُ فَيُقْطَعُ وَيُقْطَعُ سَارِقُ الْبَقْلِ إِذَا أَوَاهُ حِرْزُهُ بِخِلَافِهِ قَائِمًا وَإِنْ وَضَعَ الْمُسَافِرُ مَتَاعَهُ فِي خِبَائِهِ أَوْ خَارِجًا مِنْ خِبَائِهِ وَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ قُطِعَ فِيهِ وَكَذَلِكَ فُسْطَاطُهُ مَضْرُوبًا فِي الْأَرْضِ أَوِ احْتَلَّ بَعِيرًا مِنْ قِطَارِهِ فِي سبره وَبَانَ بِهِ أَوْ كَفَنًا مِنَ الْقَبْرِ أَوْ حَلَّ الطَّرَّارُ مِنْ دَاخِلِ الْكُمِّ أَوْ خَارِجِهِ أَوْ أَخْرَجَ مِنَ الْخُفِّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ سَرَقَ مِنْ مَحْمَلٍ شَيْئًا مُسْتَتِرًا أَوْ أَخَذَ مِنْ ظَهْرِ الْبَعِيرِ غَرَائِرَ أَوْ شَقَّهَا فَأَخَذَ مِنْهَا أَوْ ثَوْبًا مِنْ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ مُسْتَتِرًا فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الطَّرَّارُ الَّذِي يَطُرُّ ثِيَابَ النَّاسِ أَيْ يَشُقُّهَا عَنْ أَمْوَالِهِمْ لِيَأْخُذَهَا وَالنَّطْرُولُ بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّهَا وَبِالنُّونِ مِنْ أَوَّلِهِ وبالأم قَالَ ابْنُ وَهْبٍ هُوَ جِنْسٌ مِنَ الشَّبِّ وَقَالَ غَيْرُهُ غَاسُولٌ يُشْبِهُ الطِّفْلَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قُطِعَ الْجِذْعُ وَأُلْقِيَ فِي الْحَائِطِ فِي حِرْزٍ وَلَهُ حَارِسٌ قُطِعَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَطَعَتْ لِلْحَمْلِ حَوْلَهَا لَمْ يُقْطَعْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَبْعَدَ الرَّاعِي بِغَنَمِهِ وَدَخَلَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مُرَاحٍ فَجَمَعَهَا وَبَاتَ عَلَيْهَا قُطِعَ سَارِقُهَا لِأَنَّهُ كالمراح قَالَ
الطَّرْطُوشِيُّ أَشَارَ عليه السلام إِلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِ فِي حَدِيثِ الْجَرِينِ وَلَمْ يُبَيِّنْ صِفَتَهُ وَوَكَلَهُ إِلَى اجْتِهَادِ الْعُلَمَاءِ لِيَعْظُمَ أَجْرُهُمْ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُنَصُّ عَلَى ضَبْطِهِ يُرْجَعُ فِيهِ لِلْعَادَةِ كَالنَّفَقَاتِ وَغَيْرِهَا فَحِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ على حَسبه عَادَة قَالَ مَالك الْقَبْر حرز لِمَا فِيهِ كَانَ فِي الْبَيْتِ أَوِ الصَّحْرَاءِ يُقْطَعُ سَارِقُهُ إِنْ أَخْرَجَهُ إِلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَإِنْ كُفِّنَ وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ قُطِعَ آخِذُ كَفَنِهِ شُدَّ إِلَى خَشَبَةٍ أَمْ لَا وَوَافَقَنَا أَحْمَدُ قَالَ (ش) إِنْ كَانَ الْقَبْرُ فِي دَارٍ أَوْ فِي الْمَقَابِرِ قُطِعَ أَوْ فِي الصَّحَرَاءِ فَقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ يَضْمَنُ الْكَفَنَ فَلَا يُقْطَعُ أَوْ لَا فَيُقْطَعُ وَقَالَ (ح) لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا لَنَا الْعُمُومَاتُ وَالْأَقْيِسَةُ عَلَى الْمَنَازِلِ وَغَيْرِهَا وقَوْله تَعَالَى {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْض كفاتا أَحيَاء وأمواتا} والكفت السّتْر بالدور كِفَاةُ الْأَحْيَاءِ وَالْقَبْرُ كِفَاةُ الْأَمْوَاتِ وَرُوِيَ عَنْهُ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ (مَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ وَمَنْ حَرَقَ حَرَقْنَاهُ وَمَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ) وَكَتَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما فِي نَبَّاشٍ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ فَقَطَعَهُ وَقَطَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ نَبَّاشًا فِي عَرَفَاتٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَهُوَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ حِرْزٌ تَمْلِكُهُ وَهُوَ عَلَى مِلْكِهِ فَيقطع كالحي وَملك الْمَيِّت إِنَّمَا يَزُول علما لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بِدَلِيلِ وَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِغَيْرِ مِلْكِهِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سَارِقًا بَلْ نَبَّاشًا وَعِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُسَمِّي الْمُخْتَفِي قَالَتْ
عَائِشَة رضي الله عنها لَعَنَ اللَّهُ الْمُخْتَفِيَ وَالْمُخْتَفِيَةَ وَقَالَ عليه السلام (لَا قَطْعَ عَلَى الْمُخْتَفِي) وَلِأَنَّ الْقَبْرَ لَيْسَ بِحِرْزٍ لِأَنَّهُ لَا قُفْلَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ لَا تُحْرَزُ فِيهِ الدَّنَانِيرُ كَسَائِرِ الْأَحْرَازِ وَلَوْ دُفِنَ مَعَهُ مَالٌ لَمْ يُقْطَعْ آخِذُهُ اتِّفَاقًا وَلَوْ كَانَ حِرْزًا لَكَانَ حِرْزًا لِمَا زَادَ عَلَى الْكَفَنِ (الْمُعْتَادِ وَلَوْ كُفِّنَ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ فَسُرِقَ الزَّائِدُ عَلَى الْكَفَنِ لَمْ يُقْطَعْ) وَلِأَنَّ الْكَفَنَ إِنَّمَا يُوضَعُ لِلْبِلَى لَا لِلْحِفْظِ وَلَوْ وُضِعَ الْكَفَنُ فِي قَبْرٍ بِغَيْرِ مَيِّتٍ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لَهُ وَلَوْ وُضِعَ الْمَيِّتُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُ كَفَنِهِ فَالْمَيِّتُ وَالْقَبْرُ لَيْسَ حِرْزًا وَالِاجْتِمَاعُ لَا يَزِيدُ عَلَى الِانْفِرَادِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لِلنَّاسِ لِأَنَّهُ لَا يُدْخَلُ بِإِذْنِ الْوَلِي وَلَا غَيْرِهِ وَإِنَّمَا هُوَ حِرْزٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَالْخَلْقُ عِبَادُ اللَّهِ وَالْعَبْدُ لَا يُقْطَعُ مِنْ حِرْزِ سَيِّدِهِ وَلِأَنَّهُ مَالٌ مَدْفُونٌ فَلَا يُقْطَعُ فِيهِ كَالْبَذْرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ سَارِقٌ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها سَارِقُ مَوْتَانَا كَسَارِقِ أَحْيَائِنَا وَيُقَالُ فِي الْعُرْفِ سَرَقَ الْكَفَنَ وَلِأَنَّ السَّارِقَ الْآخِذُ خُفْيَةً وَالنَّبَّاشُ كَذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي مُجْمَلُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يُخْرِجُهُ أَوْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ حِرْزَ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى حَسَبِهِ فَقَدْ يَصْلُحُ حِرْزًا لِشَيْءٍ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّ ضَابِطَ الْحِرْزِ الْعَادَةُ وَالْعَادَةُ فِي الْأَمْوَالِ مُخْتَلِفَةٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الزَّائِدِ فِي الْكَفَنِ وَالْمَالِ مَعَ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ يَقْصِدُ حِفْظَهُ عَلَيْهِ فِي الْقَبْرِ حَتَّى يَبْلَى فَكَوْنُهُ يَبْلَى لَا يُنَافِي قَصْدَ الْحِفْظِ
وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْعَادَةَ شَهِدَتْ بِأَنَّ الْحَفْرَ لَا يكون حفظا للقماش إِلَّا كفوو وَأَن الْكَفَن وَحْدَهُ خِلَافُ الْعَادَةِ وَكَذَلِكَ الْمَيِّتُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ لَمْ تَشْهَدِ الْعَادَةُ بِأَنَّ شَفِيرَ الْقَبْرِ حِرْزٌ لِأَنَّ ضَابِطَ الْحِرْزِ مَا لَا يُعَدُّ الْوَاضِع فِيهِ مفرطا والواضع غي غَيْرِ الْقَبْرِ مَعَ تَرْكِهِ مُفْرِطٌ وَبِالضَّابِطِ تَظْهَرُ هَذِهِ النُّصُوصُ كُلُّهَا بِأَنَّ وَاضِعَ الْمَيِّتِ مَعَ الْكَفَنِ فِي الْقَبْرِ لَيْسَ مُفْرِطًا وَغَيْرُ ذَلِكَ يُعَدُّ مُفْرِطًا وَعَنِ السَّادِسِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لِلْغَيْرِ بَلْ حِرْزٌ لِلْمَيِّتِ وَبَيْتِهِ كَالدَّارِ حِرْزٌ لِلْحَيِّ وَبَيْتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَلَمْ نجْعَل الأَرْض كفاتا أَحيَاء وأمواتا} وَعَدَمُ الدُّخُولِ بِالْإِذْنِ كَعَدَمِ الدُّخُولِ فِي الْبَيْتِ عَلَى الْحَيِّ الْعُرْيَانِ سَلَّمْنَا أَنَّ الْحِرْزَ لِلَّهِ تَعَالَى لَكِنَّ الْكَفَنَ لِلْمَيِّتِ فَهُوَ كَعَبْدٍ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ سَيِّدِهِ مَالَ غَيْرِ سَيِّدِهِ يُقْطَعُ وَعِنْدَنَا إِنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ (سَيِّدِهِ مَالَ غَيْرِ سَيِّدِهِ يُقْطَعُ وَعِنْدَنَا أَنَّ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ) اللَّهِ تَعَالَى ذَلِكَ يُقْطَعُ وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّ الْبَذْرَ فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْقَطْعُ كَالْكَفَنِ وَعَدَمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِلْحِفْظِ بَلْ لِلنَّبَاتِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَنِ أَنَّ كُلَّ حَبَّةٍ فِي حِرْزِهَا فَهُوَ مُخْرِجٌ مِنْ كُلِّ حِرْزٍ دُونَ النِّصَابِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ الثَّالِثُ إِنْ نَزَلَ الْمُسَافِرُونَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ فَسَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ قُطِعَ كَأَهْلِ الدَّارِ ذَاتِ الْمَقَاصِيرِ وَمَنْ أَلْقَى ثَوْبَهُ فِي الصَّحْرَاءِ وَذَهَبَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَهُوَ يُرِيدُ الرَّجْعَةَ إِلَيْهِ ليأخذه
فَسَرَقَهُ رَجُلٌ سِرًّا قُطِعَ إِنْ كَانَ مَنْزِلًا نَزَلَهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ طَرَحَهُ بِمَوْضِعِ ضَيْعَةٍ لَمْ يُقْطَعْ أَوْ بِقُرْبٍ مِنْهُ أَوْ خِبَائِهِ أَوْ خِبَاءِ أَصْحَابه وسرقع غَيْرُ أَهْلِ الْخِبَاءِ قُطِعَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَمَّا أَهْلُ السَّفِينَةِ يَسْرِقُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَلَا قَطْعَ كَالْحِرْزِ الْوَاحِدِ إِلَّا أَنْ يَسْرِقَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ السَّفِينَةِ مُسْتَتِرًا فَلْيُقْطَعْ إِذَا خَرَجَ مِنَ المَرْكِبِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ من سفينة قطع والسفينة نَفسهَا فِيهِ كَالدَّابَّةِ تُحْبَسُ وَتُرْبَطُ إِنْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يُمْسِكُهَا قُطِعَ كَالدَّابَّةِ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَفِي السُّوقِ وَإِنْ نَزَلُوا سَفِينَتَهُمْ مَنْزِلًا فَرَبَطُوهَا قُطِعَ كَانَ مَعَهَا صَاحِبُهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ كَالْحِرْزِ لَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ يُقْطَعُ سَارِقُ السَّفِينَةِ يُرِيدُ إِنَّهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا فَيُقْطَعُ إِذَا أخرجه من السَّفِينَةَ بِمَوْضِعٍ يَصْلُحُ أَنْ يُرْسَى بِهَا فِيهِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ شَهَادَةِ الْعَادَةِ بِأَنَّهُ حِرْزٌ لَهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنِ انْفَلَتَتْ مِنَ الْمَرْسَى لَمْ يُقْطَعْ فَإِنْ أُرْسِيَ بِهَا فِي غَيْرِ مَرْسَى قَطَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ دُونَ أَشْهَبَ وَلَوْ كَانَ مَعَهَا فِي الْبَرِّ مَنْ يَحْرُسُهَا قُطِعَ عِنْدَهُمَا الْخَامِسُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الدُّورُ سِتَّةٌ دَارٌ حَجَرَهَا سَاكِنُهَا أَوْ مَالِكُهَا عَنِ النَّاسِ يُقْطَعُ سَارِقُهَا إِنْ خَرَجَ مِنَ الدَّارِ وَلَا يُقْطَعُ إِنْ خَرَجَ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِهَا وَلَمْ يخرج مِنْهَا وَدَار أذن فِيهَا ساكنه أَوْ مَالِكُهَا لِخَاصٍّ كَالضَّيْفِ أَوْ رَسُولٍ يَبْعَثُهُ لِيَأْتِيَهُ بِقُمَاشِهِ فَيَسْرِقُ ذَلِكَ الْخَاصُّ مِنْ بَيْتٍ حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ وَقَطَعَهُ سَحْنُونٌ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ منجميع الدَّارِ إِذَا أَخْرَجَهُ إِلَى مَوْضِعِ الْإِذْنِ لِشِبْهِهِ بِالشُّرَكَاءِ فِي سَاحَةِ الدَّارِ إِذَا سَرَقَ أَحَدُهُمْ مِنْ بَيْتِ صَاحِبِهِ وَأَخْرَجَهُ إِلَى سَاحَةِ الدَّارِ وَعنهُ لَا
يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ وَدَارٌ انْفَرد بساكنها مَعَ امْرَأَتِهِ فَسَرَقَتِ الزَّوْجَةُ أَوْ أَمَتُهَا مِنْ بَيْتٍ حَجَرَهُ عَلَيْهَا أَوِ الزَّوْجُ أَوْ عَبْدُهُ مِنْ مَالِهَا الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ إِنْ أَخْرَجَهُ إِلَى مَوْضِعِ الْإِذْنِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا خِيَانَةٌ وَدَارٌ أُذِنِ فِيهَا إِذْنًا عَامًا كَالْعَالِمِ وَالطَّبِيبِ أَوْ يُحْجَرُ عَلَى بَيْتٍ مِنْهَا دُونَ بَقِيَّتِهَا يَدْخُلُ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتٍ مَحْجُورٍ إِذَا خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ قَاعَتِهَا وَلَا مِنْ غَيْرِ الْمَحْجُورِ مِنْ بُيُوتِهَا اتِّفَاقًا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الدَّارِ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ فَفَارَقَتِ الْحَجْرَ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا وَدَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ سَاكِنِيهَا مُبَاحَةٌ لِسَائِرِ النَّاسِ كَالْفُنْدُقِ فَقَاعَتُهُ مُبَاحَةٌ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَهِيَ كَالْمَحَجَّةِ فَالسَّارِقُ مِنَ الْبُيُوتِ مِنَ السُّكَّانِ أَوْ غَيرهم إِذا أَخذ فِي عاقة الدَّارِ قُطِعَ اتِّفَاقًا وَدَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ سَاكِنِيهَا مَحْجُورَةٌ عَنِ النَّاسِ مَنْ سَرَقَ مَنْ بَيْتِ صَاحِبِهِ قُطِعَ إِذَا خَرَجَ إِلَى قَاعَةِ الدَّارِ (وَإِن لم يخرج بِهِ من الدَّارِ) وَلَا أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ وَلَا قَطْعَ فِي السّرقَة من قاعة الدَّار وَإِن أدخلته بَيْتَهُ أَوْ خَرَجَ بِهِ مِنَ الدَّارِ لِأَنَّهَا مَأْذُون فِيهَا لَهُم غلا إِنْ سَرَقَ مِنْ قَاعَتِهَا دَابَّةً مِنْ مَرْبِطِهَا الْمَعْرُوفِ لَهَا وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَتَاعِ الثَّقِيلِ الَّذِي يُجْعَلُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَذَلِكَ الْمَوْضِعُ حِرْزٌ لَهُ وَإِنْ سَرَقَتْ زَوْجَتُهُ لِأَحَدِ سُكَّانِهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ رَقِيقُهَا مَنْ مَالِ صَاحِبِهِ مِنْ بَيْتٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ مِنْهُ قُطِعَ اتِّفَاقًا أَوْ أَجْنَبِيٌّ مِنْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الدَّارِ وَأُخِذَ فِي قَاعَتِهَا وَكَالثَّوْبِ الْمَنْشُورِ فَيُخْرِجُهُ مِنَ الدَّارِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْقِيَاسُ إِذَا قُطِعَ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَنْ
لَا يُقْطَعُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ عَبْدُ الْحَقِّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا قُطِعَ فِي الأول أَن لَا يقطع فِي الثَّانِي وَعَلِيهِ حمل مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَتَتَحَصَّلُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَاخْتُلِفَ إِذَا سَرَقَ أَجْنَبِيٌّ مَا نَسِيَ بَعْضُ الْأَشْرَاكِ فِي الْقَاعَةِ مِمَّا لَمْ يُقْصَدْ وَضْعُهُ فِيهَا قَطَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ دُونَ مُحَمَّدٍ فَإِنْ كَانَ مَوْضِعًا لَهُ كَمَرْبِطِ الدَّابَّةِ قُطِعَ اتِّفَاقًا إِنْ أَخْرَجَهُ مِنَ الدَّارِ فَإِنْ أُخِذَ قَبْلَ ذَلِكَ وَبَانَ بِهِ عَنْ مَوْضِعِهِ فَعَلَى الْخِلَافِ إِذَا أَخْرَجَهُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الْقَاعَةِ وَفِي النُّكَتِ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لِغَيْرِ السُّكَّانِ كَدُورِ مصر إِن نَشَرَ أَحَدٌ ثَوْبَهُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِهِ الْمَحْجُورِ عَنِ النَّاسِ قُطِعَ سَارِقُهُ وَإِنْ أُخِذَ فِي الدَّارِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ السَّارِقُ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ عَلِمَ صَاحِبُ الْحِرْزِ بِالسَّارِقِ فَتَركه حَتَّى خرج ثَلَاثَة أَقُول لَا يُقْطَعُ لِمَالِكٍ لِأَنَّهُ مُخْتَلِسٌ بِسَبَبِ الِاطِّلَاعِ وَقَطَعَهُ أَصْبَغُ وَفَرَّقَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إِنْ شَعَرَ بِمَعْرِفَتِهِ فَفَرَّ لَمْ يُقْطَعْ الرُّكْنُ الثَّالِثُ السَّرِقَةُ وَهِيَ الْإِخْرَاجُ وَفِيهِ طَرَفَانِ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ فِي وُجُوهِ النَّقْلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحِرَابَةِ أَنَّ أَخذ المَال عشرَة أَقسَام أَحدهَا المسر وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَرَقَ جَمَاعَةٌ مَا تَعَاوَنُوا عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنَ الْحِرْزِ لِثِقَلِهِ قُطِعُوا إِنْ كَانَ قِيمَتُهُ نِصَابًا وَإِنْ حَمَلُوهُ عَلَى ظَهْرِ أَحَدِهِمْ لِيَخْرُجَ بِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِخْرَاجِهِ إِلَّا بِرَفْعِهِمْ مَعَهُ قُطِعُوا وَإِلَّا قُطِعَ الْخَارِجُ بِهِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ السَّارِق وَلَا يُقْطَعْ مَنْ أَعَانَهُ وَإِنْ خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ بِشَيْءٍ وَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْمُخْرَجِ لَمْ يُقْطَعْ إِلَّا من أخرج يصابا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ خَرَجُوا بِالشَّيْءِ الْخَفِيفِ يَحْمِلُونَهُ كَالثَّوْبِ وَفِي قِيمَتِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ رُبْعُ دِينَارٍ قُطِعُوا أَوْ أَقَرَّ لَمْ يُقْطَعُوا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ
سَرَقَ دُونَ النِّصَابِ وَقَالَهُ مَالِكٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقيل الْخَفِيف كالثقيل كَأَن لَا يُخْرِجَهُ إِلَّا اثْنَانِ فَأَخْرَجَهُ أَرْبَعَةٌ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخَفِيفِ وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ إِخْرَاجَهَا إِلَّا بِحَمْلِ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يُقْطَعُ الْمُخْرِجُ وَحْدَهُ لِأَنَّ غَيْرَهُ مُتَوَسِّلٌ لَا سَارِقٌ خِلَافُ مَا فِي الْكِتَابِ وَوَافَقُوا إِذَا حَمَلُوهَا عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ أَنَّهُمْ يُقْطَعُونَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ إِذَا قَرَّبُوهُ فَجَرَّهُ الْخَارِجُ بِيَدِهِ أَوْ رَبَطُوهُ فَجَرَّهُ بِالْقَطْعِ وَعَدَمِهِ وَإِنْ حَمَلُوهُ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ فَكَالدَّابَّةِ وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرُوهُ لَمْ يُقْطَعُوا فَإِنْ سَرَقَ أَحَدُهُمْ دِينَارًا فَقَضَاهُ لِأَحَدِهِمْ قبل أَن يخرجُوا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرُوهُ لَمْ يُقْطَعُوا فَإِنْ سرق أحدهم دِينَارا فقضاه لأَحَدهم فَبل أَنْ يَخْرُجُوا فَأَوْدَعَهُ إِيَّاهُ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقْطَعُ مَنْ خَرَجَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ ثَوْبًا فِي الْحِرْزِ وَلَوْ دَخْلَ رَجُلٌ عَلَى السَّارِقِ فَبَاعَهُ ثَوْبًا فَخَرَجَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَارِقٌ لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَإِنْ أُخِذَ فِي الْحِرْزِ وَقَدِ ائْتَزَرَ بِإِزَارٍ فَانْفَلَتَ بِهِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْطَعُ عَلِمَ بِهِ أَهْلُ الْبَيْتِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مُخْتَلِسٌ فَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا أَخْرَجَهَا إِلَّا الْآخَرُ وَأَنْكَرَ الْكُلُّ وَتَنَازَعُوا لَمْ يُقْطَعُوا وَيُسْتَظْهَرُ فِي ذَلِكَ بِالْيَمِينِ رَجَاءَ الْإِقْرَارِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ يُرَادُ سَتْرُهُ فَلَا يَحْلِفُ وَيَحْلِفُ الْبَاقُونَ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا جَمَعَ الْمَتَاع وأردك فِي الْحِرْزِ قَبْلَ الْخُرُوجِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَانَتْ دَارٌ مَأْذُونٌ فِيهَا وَفِيهَا تَابُوتٌ مُغْلَقٌ فَأَخَذَ رَجُلٌ مَأْذُونٌ لَهُ مَتَاعَ ذَلِكَ التَّابُوتِ فَأُخِذَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ لَا يُقْطَعُ لِأَجْلِ الْإِذْنِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ لَمْ يُقْطَعْ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْرَحْ بِالْمَتَاعِ وَإِذَا نَقَّبَ فَأَخْرَجَ بِعُودٍ قُطِعَ وَإِنْ دَخَلَ وَنَاوَلَ آخَرَ خَارِجَهُ قُطِعَ الدَّاخِلُ وَحْدَهُ أُخِذَ فِي الْحِرْزِ أَوْ خَارِجِهِ لِأَنَّ الْمُخْرِجَ وَالْخَارِجَ آلَةٌ لَهُ وَإِنْ أُخِذَ فِي الْحِرْزِ بَعْدَ أَنْ أَلْقَى الْمَتَاعَ خَارِجَ الْحِرْزِ تَوَقَّفَ ليه مَالِكٌ بَعْدَ أَنْ قَالَ يُقْطَعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَأَنا أرى أَن يقطع لِأَنَّهُ يخرج وَإِنْ رَبَطَهُ الدَّاخِلُ بِحَبْلٍ وَجَرَّهُ الْخَارِجُ قُطِعَا جَمِيعًا وَإِن ناول أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَهُمَا فِي الدَّارِ لَمْ يُقْطَعْ إِلَّا الْمخْرج
وَإِنْ قَرَّبَهُ إِلَى بَابِ الْحِرْزِ أَوِ النَّقْبِ فَتَنَاوَلَهُ الْخَارِجُ قُطِعَ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ الْمُخْرِجُ فَإِنِ الْتَقَتْ أَيْدِيهِمَا فِي الْمُنَاوَلَةِ فِي وَسَطِ النَّقْبِ قُطِعَا مَعًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا رَمَى بِالْمَتَاعِ مِنَ الْحِرْزِ فَأَتْلَفَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ فَفَرَّ مِنَ الْحِرْزِ قَاصِدًا لِإِتْلَافِهِ كَرَمْيِهِ فِي نَارٍ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنَ الْحِرْزِ أَوْ قَاصِدًا أَخْذَهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ قُطِعَ وَإِنْ أُخِذَ فِي الْحِرْزِ لِأَنَّهُ قَصَدَ السَّرِقَةَ وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْمُتَنَاوِلِ لِلسَّرِقَةِ مِنَ الدَّاخِلِ لَا يُقْطَعُ الدَّاخِل وَبَيت الْمَارِّ بِالْحَبْلِ يُقْطَعُ الدَّاخِلُ أَنَّ الْمُتَنَاوِلَ مِنْهُ كَمَا لَوْ كَانَا جَمِيعًا فِي الْحِرْزِ فَنَاوَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ شَيْئًا فَخَرَجَ لَا يُقْطَعُ إِلَّا الْخَارِج وربط الْجَبَل مِنْ عَمَلِ الدَّاخِلِ فَقَدِ اسْتَوَيَا فِي الْإِخْرَاجِ فيقطعان وَرَأى أَشهب أَن المناولة كالرباط قَالَ (مَالِكٌ إِنْ أَشَارَ لِلشَّاةِ بِالْعَلَفِ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ خُرُوجَهَا بِإِرَادَتِهَا وَقَطَعَهُ) ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مُكْرِهٌ لَهَا بِذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي ثَمَانِ مَسَائِلَ تَقْرِيبُهَا إِلَى النَّقْبِ وَيُخْرِجُهَا مَنْ هُوَ خَارِجُ الْحِرْزِ وَالرَّبْطُ لِمَنْ هُوَ خَارِجٌ وَالرَّبْطُ لِمَنْ هُوَ عَلَى سَقْفِ الْبَيْتِ وَالرَّابِعَةُ رَمْيُهَا فَتُؤْخَذُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ هُوَ وَالْخَامِسَةُ يَرْمِيهَا فَتَهْلَكُ خَارِجًا وَالسَّادِسَةُ أَنْ يَسْرِقَ بِإِدْخَال يَده والسابقة الْإِشَارَةُ إِلَى طَائِرٍ أَوْ أَعْجَمِيٍّ بِشَيْءٍ فَيَخْرُجُ وَالثَّامِنَةُ حَمْلُ الْمَتَاعِ وَهُوَ فِي الْحِرْزِ عَلَى غَيْرِهِ وَخَالَفَ أَشْهَبُ بِالْقَطْعِ فِي الْمُقَرِّبِ لِلنَّقْبِ وَقَطَعَهُمَا مَعًا وَقَطَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْخَارِجَ وَحْدَهُ إِلَّا أَنْ تَلْتَقِيَ أَيْدِيهِمَا فِي النَّقْبِ فَيُقْطَعَانِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا لَمْ يَبِنْ بِهِ عَلَى السَّطْحِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ السَّطْحَ مِنَ الْحِرْزِ كَدَاخِلِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي ثَلَاثَةٍ أَحَدُهُمْ فِي الْحِرْزِ وَالْآخَرُ عَلَى ظَهْرِهِ وَالْآخَرُ فِي الطَّرِيقِ فَنَاوَلَ الْأَسْفَلُ الَّذِي عَلَى ظَهْرِهِ وَنَاوَلَ الثَّانِي
الَّذِي فِي الطَّرِيقِ قُطِعَ الْأَوَّلَانِ دُونَ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحِرْز إِلَّا أَن يمده يَدَهُ حَتَّى يَصِيرَ فَوْقَ ظَهْرِ الْبَيْتِ فَيُقْطَعُ الْكُلُّ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَطْعُ الَّذِي فِي أَسْفَلِ الْبَيْتِ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ فَقَطَعَ الْعلي وَحْدَهُ إِذَا مَدَّ يَدَهُ (إِلَى مَنْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ مَدَّ الْخَارِجُ يَدَهُ) فَوْقَ السَّطْحِ وَقَطَعَ مَالِكٌ فِي الشَّاةِ وَالْأَعْجَمِيِّ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا أخرجهُمَا من الْحِرْز وَلَو كَانَ بالرطانة للأعحمي وَمَنَعَ ابْنُ نَافِعٍ فِي الرَّطَانَةِ إِنْ دَعَاهُ فَأَطَاعَهُ بِخِلَافِ لَوْ غَرَّهُ كَقَوْلِهِ سَيِّدُكَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَكْلَ الطَّعَامَ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ وَضَمِنَهُ وَإِنْ دَهَنَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَخَرَجَ وَقِيمَةُ مَا يُمْكِنُ سَلْتُهُ عَنْهُ نِصَابٌ قُطِعَ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَهُ وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ ذَبَحَ شَاةً أَوْ أَحْرَقَ ثَوْبًا أَوْ أَفْسَدَ طَعَامًا فِي الْحِرْزِ إِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) لَا يُقْطَعُ لَنَا الْعُمُومَاتُ وَالْقِيَاسُ عَلَى إِخْرَاجِهَا عَنْهُ احْتُجَّ بِأَنَّهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ فَلَا يُقْطَعُ فِيمَا لَزِمَهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْقِيمَةَ إِنَّمَا تَلْزَمُ بَعْدَ الْحُكْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي العبية لَوْ ابْتَلَعَ دِينَارًا فِي الْحِرْزِ وَخَرَجَ قُطِعَ لِأَنَّهُ خرج بِهِ وَيخرج مِنْهُ وَفِي أَخذه قَالَ مُحَمَّدٌ وَتَضْمِينُهُ مَا يَخْرُجُ بِالثُّلُثِ وَهُوَ نِصَابٌ ضَمِنَهُ فِي يُسْرِهِ دُونَ عُدْمِهِ إِذْ فِيهِ قَطْعٌ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ يَضْمَنُهُ فِي عَدمه وملائه ويحاص بِهِ غرماءه وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ خَرَجَ بِالشَّاةِ مَذْبُوحَةً وَلَهُ مَالٌ يَوْمَ السَّرِقَةِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا حَيَّةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اتَّبَعَ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَيَّةً وَقِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً لِأَنَّ مَا أَفْسَدَهُ فِي الْحِرْزِ مِنْ كَسْرِ جَرَّةِ زَيْتٍ أَوْ حَرْقِ ثَوْبٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ إِذَا قُطِعَ لَهُ مَالٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ قَطْعٌ وَإِنَّمَا الْقَطْعُ فِي الْمُخْرَجِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قيمَة
الْجَمِيعِ نِصَابًا أُتْبِعَ بِالْجَمِيعِ فِي مَلَائِهِ وَعُدْمِهِ وَإِلَّا إِن أَرَادَ رب الثَّوْب أَخذه محروقا سَقَطَ الضَّمَانُ وَإِنْ دَخْلَ بِثَوْبٍ الْحِرْزَ فَصَبَغَهُ بِزَعْفَرَانٍ وَخَرَجَ بِهِ فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُرُوجِ نِصَابًا قُطِعَ بِخِلَافِ الدُّهْنِ فِي الرَّأْسِ لِأَنَّهُ لَا يزِيد فِي قمة الْمَدْهُونِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا وَيُضْمَنُ الزَّعْفَرَانُ كُلُّهُ فِي مَلَائِهِ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَقَدْ قُطِعَ فَلَا يَسْقُطُ قِيمَتُهُ الزَّائِدُ لِأَنَّهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَلَمْ يُهْلِكِ الثَّوْبَ وَقَيْمَةُ بَاقِي الزَّعْفَرَانِ يَأْخُذُهُ مِنْ بَاقِي ثَمَنِ الثَّوْبِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى السَّارِقِ دَيْنٌ وَإِلَّا تَحَاصَّوْا وَلَوْ أَخْرَجَ الزَّعْفَرَانَ فَصَبَغَ بِهِ خَارِجَ الْحِرْزِ فَرَبُّ الزَّعْفَرَانِ أَوْلَى بِالثَّوْبِ حَتَّى يَقْتَطِعَ مَا زَادَ فِيهِ الصَّبْغُ وَالْغُرَمَاءُ أَحَقُّ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثَّوْبِ وَإِنْ لَمْ يَزِدِ الزَّعْفَرَانُ فِي قِيمَةِ الثَّوْبِ وَقُطِعَ فِيهِ وَهُوَ عُدْمٌ لَا يَنْتَفِعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَغُرَمَاؤُهُ أَحَقُّ بِالثَّوْبِ بِخِلَافِ لَوْ سَرَقَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ بِزَعْفَرَانِ نَفْسِهِ فَلَمْ يَزِدْهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ مَعَ صَاحِبِ الثَّوْبِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَإِنْ سَرَقَ زَعْفَرَانًا فَصَبَغَ بِهِ ثَوْبَهُ فَبَاعَهُ فَرَبُّ الزَّعْفَرَانِ أَحَقُّ بِالثَّوْبِ فِي عُدْمِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا زَادَهُ صَبَغَهُ عَلَى قِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ الْمُبْتَاعُ مِنْ ثَانٍ أَوْ ثَانٍ مِنْ ثَالِثٍ لِأَنَّهُ عَيْنُ شَبَهٍ وَالْبَائِعُ مُتَعَدٍّ بِخِلَافِ بَائِعِ ثَوْبِهِ الَّذِي صَبَغَهُ لَهُ الصَّبَّاغُ لَيْسَ لِلصَّبَّاغِ فِيهِ طَلَبٌ بِصَبْغِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ كَمَا لَو اشْترى سلْعَة فَبَاعَهَا فَإِن أسده فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجَهُ وَقِيمَتُهُ نِصَابٌ لَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ وَيُتْبِعُهُ بِمَا نَقَصَ لِأَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ إِلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ وُجُوبِ الْقَطْعِ وَلَهُ أَخْذُهُ بِمَا لَزِمَهُ دَاخِلَ الْحِرْزِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى السَّارِقِ دَيْنٌ فَلْيُحَاصِصْ وَلَهُ أَخْذُهُ فِي عَيْنِ الْفَسَادِ الْكَثِيرِ وَيُتْبِعُهُ بِمَا نقص بِفِعْلِهِ فِي الْحِرْز لِأَنَّهُ خِيَانَة قَبْلَ السَّرِقَةِ وَإِنْ أَخْرَجَهُ وَأَفْسَدَهُ فَسَادًا كَثِيرًا لَا يَأْخُذُهُ وَمَا نَقَصَهُ عِنْدَ أَشْهَبَ بَلْ قِيمَته يَوْم سَرقه أَو يَأْخُذهُ مفسودا
بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ ذَلِكَ بَعْدَ ضَمَانِهِ وَإِن سرق أمة عجمية وَأَصَابَهَا عِنْدَهُ عَيْبٌ مُفْسِدٌ تَلْزَمُهُ بِهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ السَّرِقَةِ فَوَطِئَهَا حُدَّ لِلسَّرِقَةِ وَالزِّنَا إِنْ كَانَ بِكْرًا وَإِلَّا رُجِمَ وَلَمْ يُقْطَعْ وَلَا تَصِيرُ الْأَعْيَانُ لَهُ إِذَا جَنَى عَلَيْهَا حَتَّى يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ وَضَعَ الْمَتَاعَ عَلَى الْمَاءِ فَخَرَجَ مِنَ الْحِرْزِ أَوْ فَتَحَ أَسْفَلَ الْمَكَارِحِ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِ مِنْ حَبٍّ أَوْ وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ فَخرجت بِهِ قطع لِأَن ذَلِك كُله من عَمَلِهِ وَبِهِ خَرَجَ الطَّرَفُ الثَّانِي الْمَنْقُولُ إِلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُقْطَعُ بِالنَّقْلِ مِنْ زَاوِيَةٍ إِلَى زَاوِيَةٍ بَلْ مِنَ الْحِرْزِ إِلَى مَا لَيْسَ بحرز النَّظَرُ الثَّانِي فِي إِثْبَاتِ السَّبَبِ وَفِيهِ عَشَرَةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يَسْأَلُ الْإِمَامُ الْبَيِّنَةَ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ وَالْإِخْرَاجِ وَالْمَأْخُوذِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ شُبْهَةٌ دَرَأَ الْحَدَّ فِي النُّكَتِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانُوا عَالِمِينَ بِمَوَاقِعِ الشَّهَادَةِ لَمْ يُسْأَلُوا وَإِلَّا سُئِلُوا وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ رَأْيَ الْحَاكِمِ قَدْ يَكُونُ نَفْيَ الْقَطْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ غَابُوا قَبْلَ أَنْ يُسْأَلُوا لَمْ يُقْطَعْ لِإِمْكَانِ الشُّبْهَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمَذْهَبُهُمْ مَذْهَبُ الْحَاكِمِ وَكَذَلِكَ الزِّنَا فَإِنْ غَابَ ثَلَاثَةٌ فِي الزِّنَا أَوْ وَاحِدٌ فِي السَّرِقَةِ سُئِلَ الْبَاقِي قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ غَابَ أَرْبَعَةٌ فِي الزِّنَا لَمْ يُسْأَلِ الْبَاقِي وَلَيْسَ بالبين
الثَّانِي فِي الْكِتَابِ يُحْبَسُ حَتَّى تُزَكَّى الْبَيِّنَةُ فَيُحَدُّ وَإِنْ غَابَ الشُّهُودُ أَوْ رَبُّ السَّرِقَةِ أَمْ لَا أَوْ مَاتُوا أَوْ عَمُوا أَوْ جُنُّوا أَوْ خَرِسُوا وَكَذَلِكَ الْحُقُوقُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثُبُوتُ مَنَاطِ الصِّدْقِ بِالْعَدَالَةِ وَإِنِ ارْتَدُّوا أَوْ فَسَقُوا قَبْلَ الْحُكْمِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى سَوَاء سَرِيرَتِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنْ فَسَقُوا أَوْ حُدُّوا بِخَمْرٍ قَبْلَ الْحَدِّ وَبَعْدَ الْحُكْمِ أُقِيمَ الْحَدُّ وَالْقِصَاصُ وَجَمِيعُ الْحُقُوقِ لِتَقَدُّمِ الْحُكْمِ وَلَا تُفَرِّقُ الْبَيِّنَةُ إِنْ كَانُوا عُدُولًا مُبَرِّزِينَ إِلَّا أَنْ يستنكر الإِمَام فِي التَّنْبِيهَاتِ مَنَعَ مَالِكٌ مِنَ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ لَا كَفَالَةَ فِي حَدٍّ أَمَّا بَعْدَ الشَّرْطِ فَلَازِمَةٌ أَوْ مِنَ النَّاسِ فِي الْأَمْرِ الْقَرِيبِ فَيجوز كالسحن وَقَوْلُهُ عَمُوا أَوْ خَرِسُوا مِنْ سُؤَالِ مَنْ تَمْتَنِعُ شَهَادَاتُهُمْ وَالْمَذْهَبُ يُخْبَرُ بِهَا ابْتِدَاءً وَقِيلَ لَعَلَّهُ يُرِيدُ فِي الزِّنَا وَحَيْثُ تَمْتَنِعُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى وَهُوَ يَبْطُلُ بِقَوْلِهِ أَوْ خَرِسُوا قَالَ اللَّخْمِيُّ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يُحْكَمَ بِهَا فَيُقْطَعُ أَمْ لَا فَلَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ كَالْقَذْفِ وَالْقَتْلِ دُونَ حَقِّ اللَّهِ كَالسَّرِقَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَحْدَثُوا بَعْدَ الشَّهَادَةِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْخَمْرِ لَمْ يحكم بهَا بِخِلَاف أَن يقذفوا أَن يَقْتُلُوا قَتِيلًا عَلَى نَافِذَةٍ أَوِ اقْتَتَلَ هُوَ وَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ لَمْ تَسْقُطْ وَقُضِيَ بِهَا لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُخْفِيهِ النَّاسُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ أُشْهِدَ عَلَى شَهَادَاتِهِمْ أَوْ سَمِعْتَ مِنْهُمْ قَبْلُ فَعَادُوهُ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَدَاوَةِ جَازَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا لَا يُسْتَتَرُ بِهِ كَالْقَذْفِ إِذَا قُيِّدَتْ قَبْلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ لَا يَمْضِيَ بِهَا إِذَا زَنَوْا أَوْ شَرِبُوا وَإِنْ كَانَ حُكِمَ بِهَا كَانَتِ الشَّهَادَةُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا قَالَ وَلَوْ نقض الحكم وَإِن أَخذ الْحق لَا تحد كَمَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَأَمَّا الِارْتِدَادُ وَمَا لَا يُخْفِيهِ غَالِبًا فَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ إِذَا كَانَتْ لِآدَمِيٍّ وَلَا تُمْضَى إِنْ كَانَتْ حَدًّا لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ ذَلِكَ شُبْهَةٌ
الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ يَحْرُمُ الْكَفُّ عَنِ الشَّهَادَةِ إِذَا رُفِعَ السَّارِقُ لِلْإِمَامِ لِتَعَيُّنِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِوُصُولِهِ إِلَى نَائِبِهِ وَإِنْ عَايَنَتِ الْبَيِّنَةُ إِخْرَاجَ الْمَتَاعِ مِنَ الْبَيْتِ وَلَا يَدْرُونَ لِمَنْ هُوَ فَلَا يشْهدُونَ بِملكه لرب الْبَيْت بل يؤدون مَا عَايَنُوا وَتُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ وَيُقْضَى بِالْمَتَاعِ لِرَبِّ الدَّارِ لِأَنَّ الْيَدَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ وَكَذَلِكَ إِنْ عَايَنُوا الْغَصْبَ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ سَرَقَ نَعْجَةً وَالْآخَرُ كَبْشًا لَمْ يُقْطَعْ وَكَذَلِكَ يَوْم الْخَمِيس ويم الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ فِي النُّكَتِ قِيلَ إِنِ اتَّفَقَا عَلَى عَيْنِ الْمَسْرُوقِ لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِي الْيَوْمِ فِي الْغَرَامَةِ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فيعينه كَالنَّعْجَةِ وَالْكَبْشِ فَلِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدَ الشَّهَادَتَيْنِ وَيُقْضَى لَهُ بِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ يَحْلِفُ مَعَ أَيِّ شَهَادَةٍ شَاءَ أَوْ مَعَهُمَا وَيُقْضَى بهما فَتَسْقُطَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ فِي الْكِتَابِ فِي النعجة والكبس أَنَّهُ فِي سَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ كَانَا فِي سَرِقَتَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقَ أَمْسِ كَبْشًا وَقَالَ الْآخَرُ الْيَوْمَ نَعْجَةً فَفِي جَمْعِ الشَّهَادَةِ وَالْقَطْعِ قَوْلَانِ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقَ بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ الْآخَرُ بِمِصْرَ قَالَ مَالِكٌ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُمَا فِعْلَانِ قَالَ وَفِيهِ بُعْدٌ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَتِ الْبَيِّنَةُ قَبْلَ الْقَطْعِ وَهِمْنَا بَلْ هُوَ هَذَا الْآخَرُ لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلشَّكِّ وَمَا بَلَغَ مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ مِثْلَ خَطَأِ الطَّبِيبِ وَالْمُعَلِّمِ وَالْخَاتِنِ وَإِذَا رَجَعَ الشَّاهِدَانِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَهُمَا عُذْرٌ بَيِّنٌ يُعْرَفُ بِهِ صِدْقُهُمَا وَهُمَا بَيِّنَا الْعَدَالَةِ أُقِيلَا وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَمْ يُقْطَعْ وَضُمِنَ الْمَسْرُوقُ فَإِنَّهُ مَالٌ وَلَا يَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ إِنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ
لِاسْتِقْلَالِ السَّبَبِ فَإِنْ شَهِدَتْ عَلَى غَائِبٍ قُطِعَ إِذَا قَدِمَ وَلَا تُعَادُ الْبَيِّنَةُ إِنْ كَانَ الْإِمَامُ اسْتَوْفَى تَمَامَ الشَّهَادَةِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ فَأَنْكَرَ وَذَكَرَ قَوْلًا يُعْذَرُ بِهِ أَوْ جَحَدَ الْإِقْرَارَ أَصْلًا قُبِلَ كَالزِّنَا لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ وَإِنْ أَقَرَّ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ بِالسَّرِقَةِ قطعُوا إِذا عيبوا السّرقَة وأظهروها فَإِن ادّعى السَّيِّد أَنه لَهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي ثَوْبٍ بِيَدِ أَمَةٍ ادَّعَاهُ السَّيِّدُ وَأَجْنَبِيٌّ وَصَدَّقَتِ الْأَجْنَبِيَّ قُضِيَ بِهِ لِلسَّيِّدِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ إِقْرَارَ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ فِي مَالِهِ بَاطِلٌ وَيَدُ السَّيِّدِ ظَاهِرَةٌ فِي مِلْكِهِ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ يُقْبَلُ إِقْرَارُ الرَّقِيقِ فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي يَدَيْهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ دُونَ الْمَالِ وَقَالَ (ح) يُقْبَلُ فِي الْقَطْعِ وَالْمَالِ وَيُرَدُّ الْمَالُ لِصَاحِبِهِ وَعَن (ش) الْقَوْلَانِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي مَحَلِّهِمَا فَقِيلَ إِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ قَائِمَةً أَمَّا الْفَائِتَة فقولا وَاحِد وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَهَا وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ فِي نَفْسٍ وَلَا مَالٍ لَنَا فِي الْقطع ظواهر العمومات وَالْقِيَام عَلَى الْحُرِّ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَكْسِبُ كل نفس إِلَّا عَلَيْهَا} وَقَبُولُ إِقْرَارِهِ كَسْبٌ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَا يُقْبَلُ وَبِقَوْلِهِ عليه السلام (لَا يحل مَال امرىء مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) وَالْعَبْدُ مَالُ السَّيِّدِ (وَلَمْ تَطِبْ بِهِ نَفْسُهُ) وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْقَذْفِ وَاحْتَجَّ (ح) بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحر
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ كَاسِبٌ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَقَرَّ عَلَيْهَا وَلَزِمَ بِطَرِيقِ الْعِوَضِ حَقُّ السَّيِّدِ فَهُوَ كَالْحُرِّ يُقِرُّ بِالْقَتْلِ فَيُؤْذِي أَبَوَيْهِ وَغَيْرَهُمَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمَالَ ظَاهِرٌ فِي المتمحض للمالية وَهَذَا آدَمِيّ لمَال فِيهِ تَبَعٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الدَّيْنَ يُتَّهَمُ فِيهِ بِإِضْرَارِ السَّيِّدِ أَمَّا مَا يُؤْلِمُهُ فَبَشَرِيَّتُهُ تَمْنَعُهُ مِنَ الْكَذِب عَلَيْهَا وَعَن الرَّابِع أَن الْحر فير مُتَّهَمٍ وَالْعَبْدُ مُتَّهَمٌ عَلَى السَّيِّدِ تَفْرِيعٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا شَهِدْتَ بِالْإِقْرَارِ بِالْحِرَابَةِ وَهُوَ يُنْكِرُ أُقِيلَ وَفِي غَيْرِ الْكِتَابِ يُقَالُ فِي الزِّنَا وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِعُذْرٍ وَفِي النُّكَتِ قَوْلُهُ إِذَا عَيَّنَ الرَّجُلُ السَّرِقَةَ يُرِيدُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعه بعد تعييبه كَالْبَيِّنَةِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَتَمَادَى عَلَى إِقْرَارِهِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَعَلَّقَ صَبِيٌّ بِعَبْدٍ وَأُصْبُعُهُ تُدْمِي وَادَّعَى أَنَّهُ جَرَحَهُ فَأَقَرَّ قُبِلَ قَوْلُهُ وَذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُتْبَعُ بِالسَّرِقَةِ الْمُقِرِّ بِهَا فِي رِقِّهِ وَلَا بَعْدَ عِتْقِهِ وَإِنْ قُطِعَ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ بَيِّنَةً إِذَا لَمْ تُوجَدْ بِعَيْنِهَا وَقَالَ أَصْبَغُ تُؤْخَذُ قِيمَتُهَا مِمَّا بِيَدِهِ مِنْ مَالٍ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْدَ الْعِتْقِ أَنَّ ثَمَنَهَا فِي الَّذِي بِيَدِهِ وَمَا سَرَقَ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ مِمَّا لَا يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ بِخِيَانَةٍ وَمَا فِيهِ إِذْنٌ فَفِي ذِمَّتِهِ كَإِذْنِكَ لَهُ فِي دُخُولِ مَنْزِلِكَ فَسَرَقَ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ إِذَا لَمْ يُعَيِّنِ السَّرِقَةَ فَإِنْ عَيَّنَ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يُقَالُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقَال إِذا عين وَلم يفرق أَنه عَيْنٌ أَوْ عَرَضٌ وَعَنْهُ لَيْسَ فِي الدَّنَانِيرِ تعْيين على أصل الذَّهَب أَنه لَا تَتَعَيَّنُ وَيُرِيدُ أَيْضًا الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ وَعَن أَشهب لَا يقبل إِقْرَار العَبْد بِالْقَتْلِ
طوإن عَيَّنَ الْقَتِيلَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَوْ يُرَى مُتْبِعَهُ أَوْ نَحْوَهُ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ يَقُومَ لِذَلِكَ دَلِيلٌ لِأَنَّ إِقْرَارَهُ يَتَضَمَّنُ أَذِيَّةَ سَيِّدِهِ وَإِذَا قُبِلَ فِي السَّرِقَةِ عَادَ الْمَقَالُ بَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ بِالسَّرِقَةِ وَبَيْنَ السَّيِّدِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ صدق وأعرم مَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ لَا أَعْلَمُ لِي فِيهَا حَقًّا وَالْمُقَرُّ بِهِ لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِلْكَ الْعَبْدِ وَإِنْ قُطِعَ وَقَدِ اسْتُهْلِكَ لَمْ يُتْبَعْ مَعَ الْعُدْمِ وَإِنْ أَقَرَّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ السَّرِقَةُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدٌ تَحْتَ التَّهْدِيدِ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ لَا يُؤَاخَذُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ أَخْرَجَ الْمَتَاعَ أَوِ الْقَتِيلَ أُقِيلَ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْدَ الْأَمْنِ أَوْ يَعْرِفَ وَجْهَ إِقْرَارِهِ وَيُعَيِّنُ مِثْلَ ذِكْرُ أَسْبَابِ ذَلِكَ وَبِدَايَتِهِ وَنِهَايَتِهِ وَمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ فِيهِ غَيْرُ مُكْرَهٍ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ قُطِعَ لِأَنَّ التَّعْيِينَ كَالْبَيِّنَةِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ دَفَعْتُهَا لِفُلَانٍ وَإِنَّمَا أَقْرَرْتُ لِمَا أَصَابَنِي وَلَوْ أَخْرَجَ الدَّنَانِيرَ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ وَعَنْ أَشْهَبَ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ ثَبْتَ عَلَى إِقْرَارِهِ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ خَوْفَ الْعَوْدَةِ لِلْعُقُوبَةِ إِلَّا أَنْ يُعَيِّنَ السَّرِقَةَ وَيُعْرَفَ أَنَّهَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ لَيْلًا يُخْرِجَ مَتَاعَ نَفْسِهِ وَيَعْتَرِفَ بِهِ لِيَخْلُصَ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَعَن سَحْنُونٍ يُؤَاخَذُ بِالْإِقْرَارِ مِنَ الرَّجُلِ وَهُوَ فِي الْحَبْسِ مِنْ سُلْطَانٍ عَادِلٍ وَلَا يَعْرِفُ ذَلِكَ إِلَّا مَنِ ابْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ (أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - بِلِصٍّ اعْتَرَفَ وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ قَالَ بَلَى فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ فَقَالَ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ فَقَالَ اسْتَغْفَرْتُهُ وَتُبْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَقُبِلَ رُجُوعُهُ وَكُلُّ حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى يُقْبَلُ فِيهِ الرُّجُوعُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُشْبِهُ الْبَيِّنَةَ مِنْ تَعْيِينِ السَّرِقَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَقَرَّ فَكَذَّبَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ أَوْ قَالَ هُوَ لَهُ أَو
أودعته أَو هبة رَجُلٌ مَعِي إِلَيْهِ قُطِعَ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ سَبَبٌ لَا يَسْقُطُ إِلَّا بِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَقَوْلُهُ ذَلِكَ لَيْسَ سَبَبًا شَرْعِيًا السَّابِعُ إِذَا شَهِدَ عَلَى الْآخَرِ سِرًّا أَوْ أَقَرَّ بِوَجْهٍ يُعْرَفُ بِهِ إِقْرَارُهُ وَتَعَيَّنَ قُطِعَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْكَلَامِ وَإِلَّا فَلَا لِلشَّكِّ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ إِنِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ لَمْ يَحْلِفْ إِلَّا مَنْ هُوَ مُتَّهَمٌ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيُهَدَّدُ وَيُسْجَنُ لِظُهُورِ الرَّيْبَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ أُدِّبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي النُّكَتِ الْمُتَّهَمُ ثَلَاثَةٌ مُبَرَّزٌ بِالْعَدَالَةِ يُتْرَكُ وَمَعْرُوفٌ بِالسَّرِقَةِ يُهَدَّدُ وَيُحَلَّفُ وَمُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُمَا يُحَلَّفُ فَقَطْ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْلِفَ إِلَّا الْمُتَّهَمُ فَإِنْ كَانَ لَا يُرْمَى بِعَارِ السَّرِقَةِ وَلَكِنَّهُ إِنْ وَجَدَ مَتَاعَ غَيْرِهِ أَخَذَهُ قَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَحْلِفُ لِأَنَّ الدَّعْوَى غَيْرُ مَجْزُومٍ بِهَا وَهُوَ فِي مَعْنَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ إِنِ اتُّهِمَ مَجْهُولُ الْحَالِ سُجِنَ حَتَّى يُكْشَفَ حَالُهُ مِنْ غَيْرِ طُولٍ (لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - حَبَسَ رَجُلًا اتَّهَمَهُ رَجُلٌ صَحِبَهُ فِي السَّفَرِ بِسَرِقَة) فَإِن كَانَ مفروقا بِالسَّرِقَةِ سُجِنَ أَطْوَلَ وَإِنْ وُجِدَ مَعَ ذَلِكَ مَعَهُ بَعْضُ السَّرِقَةِ فَقَالَ اشْتَرَيْتُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ غَيْرُ مَا فِي يَدَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا سُجِنَ أَبَدًا حَتَّى يَمُوتَ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ شُهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَّهَمٌ سُجِنَ بِقَدْرِ مَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَعَلَى قَدْرِ حَالِهِ وَرُبَّمَا ضُرِبَ بِالسَّوْطِ مُجَرَّدًا وَإِنْ كَانَ الْوَالِيُّ غير عد لَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ وَلَا يَشْهَدُ عِنْدَهُ فِي النَّوَادِرِ إِنَّمَا يُؤَدَّبُ الْمُدَّعِي عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ بِالسَّرِقَةِ إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ أَمَّا دَعْوَى الظُّلَامَةِ فَلَا قَالَهُ مَالِكٌ
التَّاسِع فِي الْكتاب إِن أقرّ بِغَيْر سجنه ثُمَّ جَحَدَ لَمْ يُقْطَعْ وَغَرِمَ الْمَالَ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ لِأَنَّ الرُّجُوعَ يُؤْثَرُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ حَقِّ الْعَبْدِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَكَذَلِكَ إِذَا رَجَعَ فِي الزِّنَا لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَإِنْ أَقَرَّ قُطِعَ وَلَا يَقِفُ عَلَى دَعْوَى الْمَالِكِ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ ثَبَتَ الْغُرْمُ دُونَ الْقَطْعِ وَيُقْبَلُ إِقْرَارُ الْعَبْدِ فِي الْقَطْعِ (دُونَ الْمَالِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لِلرُّجُوعِ عَنِ الْإِقْرَارِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ إِنْ أَتَى تَائِبًا فها هُنَا اتُّفِقَ عَلَى وُجُوبِ الْقَطْعِ) عَلَيْهِ وَقَبُولِ رُجُوعِهِ إِنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ وَيُخْتَلَفُ إِنْ جَحَدَ الْإِقْرَارَ أَصْلًا الثَّانِيَةُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَإِنْ جَحَدَ الْإِقْرَارَ قَوْلًا وَاحِدًا وَهُوَ إِذَا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى قَطْعِهِ إِنْ أَقَرَّ بَعْدَ أَخْذِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَوْ بَعْدَ الضَّرْبِ وَالتَّهْدِيدِ الثَّالِثَةُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ إِذَا جَحَدَ الْإِقْرَارَ اتِّفَاقًا وَيُخْتَلَفُ إِذَا قَالَ أَقْرَرْتُ لِأَجْلِ كَذَا وَهِيَ الْحَالُ الَّتِي يُتَّفَقُ عَلَى قَطْعِهِ وَيُخْتَلَفُ فِي رُجُوعِهِ وَذَلِكَ إِنْ أَقَرَّ بَعْدَ أَنْ أُخِذَ وَعُيِّنَ ثُمَّ رَجَعَ الْعَاشِرُ فِي النَّوَادِرِ كَرِهَ مَالِكٌ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُتَّهَمِ أَخْبِرْنِي وَلَكَ الْأَمَانُ لِأَنَّهَا خَدِيعَةٌ فَإِنْ سَبَقَ مِنَ الْإِمَامِ وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ أَقَرَّ قَطَعَهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ السَّرِقَةِ بَلْ يَدْفَعُهُ لِمَنْ فَوْقَهُ وَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ هُوَ وَرَجُلٌ عَدْلٌ قَالَ أَشْهَبُ يُقِيمُ الْحَدَّ وَإِنْ رَفَعَهُ لِلْإِمَامِ كَانَ أَحْسَنَ وَكَرِهَهُ مُحَمَّدٌ
النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ السَّرِقَةِ وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ حُكْمًا الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ سَرَقَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُمْنَى وَوَافَقَنَا الْعُلَمَاءُ فِي تَقْدِيمِ الْيَدِ الْيُمْنَى
لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما إِنْ سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا يَمِينَهُ وَلِأَنَّهَا آلَةُ السَّرِقَةِ فَيُنَاسِبُ إِعْدَامَهَا وَالتَّثْنِيَةُ بِالْيُسْرَى قَوْلُ الْجَمَاعَةِ إِلَّا عَطَاءً قَالَ الْيَدُ الْيُسْرَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى ^ 0 فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} وَلِأَنَّهَا آلَة السّرقَة لنا قَوْله علين السَّلَامُ (إِذَا سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ) وَقِيَاسًا عَلَى الْحِرَابَةِ وَلِأَنَّ قَطْعَ يَدِهِ تَفْوِيتُ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ فَلَا تَبْقَى لَهُ يَدٌ يَأْكُلُ بِهَا وَلَا يَتَوَضَّأُ وَلَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ فَيَصِيرُ كَالْهَالِكِ وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ قَطْعُ يَمِينِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السَّارِقَةِ وَالسَّارِقِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ الْيَدَانِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا وَهُوَ إِمَّا قُرْآنٌ أَوْ تَفْسِيرٌ وَإِنَّمَا ذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لِأَنَّ كُلَّ مُثَنَّى أُضِيفَ إِلَى مُثَنَّى هُوَ بَعْضُهُ لَيْسَ فِي الْجَسَدِ مِنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ فَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَات الْإِفْرَاد والتثنية وَالْجمع وَهُوَ الْأَفْصَح لَيْلًا يَجْتَمِعَ تَثْنِيَتَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فقد صغت قُلُوبكُمَا} وَتَعَيَّنْتِ الْيُسْرَى فِي الرِّجْلَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف} وَلِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ لِتَعْوِيضِهَا بِحَبْسِهِ وَلَوْ قُطِعَتِ الْيُمْنَى تَعَذَّرَ الْمَشْيُ وَقَالَ أَحْمَدُ وَ (ح) لَا تُقْطَعُ إِلَّا يَدٌ وَرِجْلٌ فَإِنْ عَادَ حُبِسَ وَوَافَقَنَا (ش) فِي قَطْعِ الْأَرْبَعِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عليه السلام فِي السَّارِقِ (إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ) احْتَجُّوا بِأَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه أُتِيَ بِرَجُلٍ مَقْطُوعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ قَدْ سَرَقَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ مَا تَرَوْنَ فِي هَذَا قَالُوا اقْطَعْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ قَتَلْتُهُ إِذًا وَمَا
عَلَيْهِ الْقَتْلُ بِأَيِّ شَيْءٍ يَأْكُلُ الطَّعَامَ بِأَيِّ شَيْءٍ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ بِأَيِّ شَيْءٍ يَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَتِهِ بِأَيِّ شَيْءٍ يَقُومُ عَلَى حَاجَتِهِ فَرَدَّهُ للسحن أَيَّامًا ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فَقَالُوا مِثْلَ قَوْلِهِمُ الْأَوَّلِ وَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَجَلَدَهُ جَلْدًا شَدِيدًا ثُمَّ أَرْسَلَهُ وَلِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتُ جِنْسٍ فَلَا يُشْرَعُ كَالْقَتْلِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْلَهُ مُعَارَضٌ بُقُولِ الصَّحَابَةِ بَلْ هُمْ أَرْجَحُ لِأَنَّ يَدَ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِبَقَاءِ الْحَيَاةِ وَالِاغْتِذَاءِ وَالْحَوَاسِّ وَأَنْوَاعِ التَّعَبُّدِ بِالصَّوْمِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ سَرَقَ وَلَا يَمِين لَهُ أَوله يَمِينٌ شَلَّاءُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَهُ مَالِكٌ قِيَاسًا عَلَى تَقَدُّمِ الْقَطْعِ ثُمَّ عَرَضْتُهَا فَقَالَ امْحُهَا وَقَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَتَأَوَّلَ قَوْلَهُ عز وجل {فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ سَرَقَ مَنْ لَا يَدَيْنِ لَهُ وَلَا رِجْلَيْنِ أَو أشل الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ فاستهلكهما وَهُوَ عَدِيمٌ لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَكِنْ يُضْرَبُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ السَّرِقَةِ وَإِنْ سَرَقَ وَقَدْ ذهبت من يمنى يدين أُصْبُعٌ قُطِعَتْ يَدُهُ كَمَا لَوْ قُطِعَ يَمِينُ رَجُلٍ وَإِبْهَامُهُ مَقْطُوعَةٌ فَيُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ تَبْقَ مِنْهَا إِلَّا أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى وَإِنْ كَانَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ كُلُّهَا كَذَلِكَ لم يقطع وَشرب وَسُجِنَ وَضَمِنَ قِيمَةَ السَّرِقَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يُحْسَمُ مَوْضِعُ الْقَطْعِ بِالنَّارِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا رُوِيَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أُتِيَ بِسَارِقٍ سَرَقَ شَمْلَةً فَقَالَ اقْطَعُوهُ وَاحْسِمُوهُ) وَالْقَطْعُ فِي الْيَدَيْنِ مِنْ مَفْصِلِ الْكُوعِ وَفِي الرِّجْلَيْنِ مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ وَكَذَلِكَ الْحِرَابَةُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى بِهِ
الْعَمَلُ وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِنْ مَقْعَدِ الشِّرَاكِ فِي الرِّجْلِ لِيَبْقَى عَقِبُهُ يَمْشِي عَلَيْهِ وَعَن أبي مُصعب عَن سَرَقَ الْخَامِسَةَ قُتِلَ لِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالثَّابِتِ وَمَقْطُوعُ أُصْبُعٍ مِنْ يَدِهِ يُقْتَصُّ مِنْهَا وَفِيهَا وَتُلْغَى الْأَصَابِعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ إِنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ شَلَّاءُ أَوْ ذَهَبَتْ مِنْهَا أُصْبُعَانِ أَوْ قُطِعَتِ الشَّمَالُ مَعَ وُجُودِ الْيُمْنَى وَإِنْ سَرَقَ بَعْدَ قَطْعِ أَطْرَافِهِ وَمَتَى كَانَ أَعْسَرَ قُطِعَتِ الْيُسْرَى مَعَ وُجُودِ الْيُمْنَى لِأَنَّهَا كَالْيَمِينِ لَهُ فَإِنْ كَانَتِ الْيُمْنَى شَلَّاءَ قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ تُقْطَعُ الشَّلَّاءُ لِأَنَّهَا الَّتِي يَتَنَاوَلُهَا النَّصُّ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ تُقْطَعُ إِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهَا وَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ أَعْسَرَ قُطِعَتِ الْيُمْنَى لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِالْيُسْرَى وَإِنْ ذَهَبَ أُصْبُعَانِ قَالَ لَا يُقْطَعُ إِلَّا رِجْلُهُ وَيَدُهُ الْيُسْرَى وَعَنْهُ إِنْ بَقِيَ أَكْثَرُهَا قُطِعَتْ فَإِنْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فَقَطَعَ يُسْرَاهُ مَعَ وُجُودِ الْيَمِينِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُقْطَعُ يَمِينه لحُصُول الْمَقْصُود وَقَالَ عبد الْملك تعطع لِأَنَّ الْخَطَأَ لَا يُزِيلُ الْحَدَّ وَعَقْلُ الشِّمَالِ فِي مَالِ السُّلْطَانِ إِنْ كَانَ هُوَ الْقَاطِعُ وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْقَاطِعِ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ وَإِذَا قُطِعَتِ الْيُسْرَى فِي سَرِقَةٍ ثُمَّ سَرَقَ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَكُونَ مِنْ خِلَافٍ وَعَنِ ابْنِ نَافِعٍ رِجْلُهُ الْيُسْرَى فَإِنْ دَلَّسَ السَّارِقُ بِالْيُسْرَى فَقُطِعَتْ أَجَزْأَهُ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْبِدَايَةُ بِالْيُمْنَى مُسْتَحَبَّةً وَعَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ لَا تُجْزِئُهُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ وَاجِبًا لِأَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ عليه السلام وَقَعَ بَيَانًا لِلْقُرْآنِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِنْ ذَهَبَتِ الْيُمْنَى بَعْدَ السَّرِقَةِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ لَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِتَعَيُّنِ الْقَطْعِ لَهَا وَقَدْ ذَهَبَتْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِإِجْزَاءِ الشِّمَالِ لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ وَإِنْ سَرَقَ وَقَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ قُطِعَ
لِلسَّرِقَةِ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ وَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِتَعَيُّنِهَا لِلْقَطْعِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ تَبْدِئَتَهَا مُسْتَحَبَّةٌ تُقْطَعُ قَصَاصًا وَتُقْطَعُ يُسْرَاهُ أَوْ رِجْلُهُ لِلسَّرِقَةِ فَائِدَةٌ أَنْشَدَ الْمَعَرِّيُّ
(يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينَ عَسْجَدٍ فُدِيَتْ
…
مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارٍ)
(تَنَاقُضٌ مالنا إِلَّا السُّكُوتُ لَهُ
…
فَنَسْتَعِيذُ بِبَارِينَا مِنَ النَّارِ)
فَأَجَابَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ رضي الله عنه
(صِيَانَةُ الْعُضْوِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصُهَا
…
خِيَانَةُ الْمَالِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي)
نَظَائِرُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَمْحُوَّاتُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَرْبَعَةٌ إِذَا وَلَدَتِ الْأُضْحِيَّةُ فَحَسَنٌ أَنْ يُذْبَحَ وَلَدُهَا مَعَهَا وَإِنْ أَبَى لَمْ أَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاجِبًا ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَيْهِ فَقَالَ امْحُهَا وَاتْرُكْ إِنْ ذَبَحَهُ مَعَهَا فَحَسَنٌ وَالْحَالِفُ لَا يَكْسُو امْرَأَتَهُ فَافْتَكَّ لَهَا ثِيَابَهَا مِنَ الرَّاهِنِ حَنِثَ وَالْمَرِيضُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ أَوِ الْمَرِيضَةُ وَيُفْسَخُ إِنْ دَخْلَا وَكَانَ يَقُولُ وَلَا يَثْبُتُ وَإِنْ صَحَّا ثُمَّ قَالَ امْحُهَا وَأَرَى إِذَا صَحَّا ثَبَتَ وَمَنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ
قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَيْهِ فَمَحَاهَا فَقَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِنْ قَامَ أَجْنَبِيٌّ بِسَرِقَةِ مَتَاعِ الْغَائِبِ قُطِعَ (السَّارِقُ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ وَإِنْ قَالَ السَّارِقُ رَبُّهُ أَرْسَلَنِي قُطِعَ) وَإِنْ صَدَّقَهُ رَبُّهُ كَانَ فِي الْبَلَدِ أَمْ لَا لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُثْبِتَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا سَقَطَ وَإِنْ أُخِذَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مَعَهُ مَتَاعٌ فَقَالَ فُلَانٌ أَرْسَلَنِي آخُذُ لَهُ هَذَا إِنْ عُرِفَ انْقِطَاعُهُ إِلَيْهِ وَأَشْبَهَ مَا قَالَ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا قُطِعَ فِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالسَّرِقَةِ وَأَخَذَهُ خُفْيَةً وَإِنَّمَا قُطِعَ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ قَالَ دَفعه إِلَى مَا قطع قَالَه أَو بعمران وَغَيْرُهُ وَقِيلَ إِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا قُطِعَ وَإِنْ عُرِفَ انْقِطَاعُهُ إِلَيْهِ وَفِي النُّكَتِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَائِلِ فُلَانٌ أَرْسَلَنِي آخُذُ لَهُ هَذَا وَقَدْ أُخِذَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَبَيْنَ الْقَائِلِ فُلَانٌ أَرْسَلَنِي وَقَدْ سَرَقَهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَايَنَتْ سَرِقَتَهُ وَدُخُولَهُ الْمَنْزِلَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ إِنَّمَا وُجِدَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَلَمْ تُعَايِنْ سَرِقَتَهُ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ مَتى عفل فِعْلَ الرَّسُولِ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُشْبِهُ فِعْلَ الْآمِرِ لَمْ يُقْطَعْ صَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ أَمْ لَا (وَإِنْ فَعَلَ السَّارِقُ مِنَ السُّور وَالنَّقْبِ قُطِعَ صَدَّقَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ أَمْ لَا) قَالَ اللَّخْمِيُّ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مِثْلُهُ لَا يُرْسَلُ لِذَلِكَ
لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالسَّرِقَةِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ صِدْقِهِ وَلَا دَلِيلُ كَذِبِهِ وَأَشْكَلَ لِأَنَّهُ لَا خِلْطَةَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ وَلَا بِالصَّلَاحِ فَإِنْ صَدَّقَهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ مَعَ الشَّكِّ شُبْهَةٌ وَإِنْ كَذَّبَهُ قُطِعَ وَإِنْ قَامَ دَلِيلُ (كَذِبِهِ وَصَاحِبُ الْبَيْتِ غَائِبٌ قُطِعَ وَلَا يُنْتَظَرُ قُدُومُهُ لِأَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ قُطِعَ وَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ) حَتَّى يَقْدَمَ فَإِنْ صَدَّقَهُ وَإِلَّا قُطِعَ وَالَّذِي يُؤْخَذُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ بِالْمَتَاعِ وَقَالَ فُلَانٌ أَرْسَلَنِي فَإِنْ عُرِفَ بِانْقِطَاعِهِ إِلَيْهِ لَمْ يُقْطَعْ فَأَسْقَطَ الْحَدَّ لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ بِالْأَخْذِ وَاخْتُلِفَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ هَلْ يَحْلِفُ إِذَا أَكْذَبَهُ هَلْ يَسْقُطُ الْقَطْعُ إِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَنَكَلَ وَحَلَفَ السَّارِقُ وَاسْتَحَقَّ الْمَسْرُوقَ وَهَلْ يَسْقُطُ إِذَا صَدَّقَهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَحْلِفُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ مَتَاعَهُ وَيُقْطَعُ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْآخَرُ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ لَمْ يُقْطَعْ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ وَقِيلَ لَا يَمِينَ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْآخَرُ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ أَخَذَ سِرًّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ السَّارِقُ أَوْدَعْتَنِيهُ وَصَدَّقَهُ لَمْ يَسْقُطِ الْقَطْعُ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ يَتَنَازَعَا قَبْلَ ذَلِكَ فِيهِ وَإِنْ نَقَبَ وَكَسَرَ الْبَابَ إِلَّا أَنْ يُشْبَهَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَمْلَاكِهِ وَإِنْ تَقَدَّمَتِ الدَّعْوَى وَأَكْذَبَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ السَّارِقُ بِمَا يُشْبِهُ وَأَرَى أَنْ يَسْأَلَ كَيْفَ صَارَ إِلَيْهِ فَإِنْ قَالَ أَوْدَعْتُهُ وَهُنَاكَ سَبَبٌ يَقْتَضِي خُرُوجَ مَتَاعِهِ مِنْ بَيْتٍ أَوْ قَالَ غَصَبَنِي وَالْآخِذُ صَالِحٌ لِذَلِكَ أَوْ قَالَ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ سَرَقَهُ مِنِّي وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَتَاعِي وَهُوَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ صُدِّقَ وَحَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَاسْتَحَقَّ وَلَمْ يثبت الْقطع للشُّبْهَة
الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يَقُمْ رَبُّ السَّرِقَةِ وَقَدْ أَخَذَهَا أَمْ لَا لَزِمَ الْقَطْعُ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ وَلَا يَعْفُو الْوَالِي إِذَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ الْحُدُودُ وَإِنْ قَالَ مَا سَرَقَ مِنِّي وَشهد بِالسَّرقَةِ قُطِعَ فِيهِ ثُمَّ سَرَقَهُ ثَانِيَةً قُطِعَ أَيْضًا لأنالسبب فِعْلُهُ لَا الْمَسْرُوقُ وَإِنْ قَامَ بِالسَّرِقَةِ أَوِ الزِّنَى غلإمام أَقَامَ الْحَدَّ إِذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ نَائِبُ اللَّهِ وَهَذِهِ حُقُوقُ اللَّهِ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّهُ حق الْآدَمِيّ فلابد من قيامع ويشفع للسارق إِذا كانتمنه السَّرِقَةُ فَلْتَةً وَلَمْ يَبْلُغِ الْإِمَامَ أَوِ الشُّرَطَ أَوِ الْحَرَسَ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (أَنَّ صَفْوَانَ شَفَعَ فِي سَارِقِ رِدَائِهِ بِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ فَقَالَ عليه السلام هَلَّا قَبْلَ هَذَا) وَإِذَا ثَبَتَتِ السَّرِقَةُ بِالْبَيِّنَةِ فَقَالَ أَحْلِفُوهُ أَنَّ الْمَتَاعَ لَيْسَ لِي قُطِعَ وَيَحْلِفُ الطَّالِبُ وَيَأْخُذُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ السَّارِقُ وَأَخَذَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَإِذَا أَخَذَ السَّارِقُ لَمْ يُقْطَعْ وَوَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ فَإِنْ صَدَّقَهُ قُطِعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافَ ابْنِ دِينَارٍ وَعَن ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَهُوَ أشبه بالأصول الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ وَأَخَذَ مَكَانَهُ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُسْرُهُ مُتَّصِلٌ فَقُطِعَ وَقَدِ اسْتَهْلَكَ السَّرِقَةَ ضَمِنَهَا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَوْمَ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ ذَهَبَ يُسْرُهُ ثُمَّ قُطِعَ مُوسِرًا أَوْ سَرَقَ مُعْسِرًا أَوْ قُطِعَ مُوسِرًا لَمْ يَضْمَنِ الْمُسْتَهْلَكَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا تَمَادَى الْيُسْرُ إِلَى الْقَطْعِ وَضَمَّنَهُ (ش) وَأَحْمَدُ مُطْلَقًا وَلَمْ يُضَمِّنْهُ (ح) مُطْلَقًا وَلَا يَجْتَمِعُ الْقَطْعُ وَالْغُرْمُ عِنْدَهُ إِنْ غَرِمَهَا قَبْلَ الْقَطْعِ سَقَطَ الْقَطْعُ أَوْ قُطِعَ قَبْلَ الْغُرْمِ سَقَطَ الْغُرْمُ وَقَالَ فِيمَن سرق مَرَّات يفرم الْكُلَّ إِلَّا الْآخِرَ لِأَنَّهُ قُطِعَ بِهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفُ قُطِعَ بِالْكُلِّ فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَإِن
كَانَت الْعين قَائِمَة درت اتِّفَاقًا لَنَا عَلَى (ش) قَوْله تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} فَجُعِلَ حَدُّ الْقَطْعِ فَرْضًا وَجَمِيعُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - (إِذَا أُقِيمَ عَلَى السَّارِقِ الْحَدُّ فَلَا غُرْمَ) خَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ وَلِأَنَّ إِتْلَافَ الْمَالِ لَا يُوجِبُ عُقُوبَتَيْنِ وَلَنَا عَلَى الْغُرْمِ مَعَ الْيَسَارِ عَلَى (ح) أَنَّ مُوجِبَ الْقَطْعِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَمُوجِبَ الْغُرْمِ الْإِتْلَافُ وَالْأَصْلُ تُرَتُّبُ الْمُسَبِّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا كَالْمُحْرِمِ يُتْلِفُ صَيْدًا مَمْلُوكًا يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ وَالْقِيمَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ أَنَّ اتِّبَاعَ الْمُعسر عبوبه لَهُ تَشْغَلُ ذِمَّتَهُ وَالْمُوسِرُ لَا عُقُوبَةَ فِيهِ لِجَوَازِ أَنَّهُ بَاعَهَا وَعَوَّضَهَا فِي مَالِهِ بَلْ هُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غُرْمِهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَلِأَنَّهُ وَفَّرَ بِهَا مَالَهُ وَلِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْأَدِلَّة وَمثله نَفَقَة الزَّوْجَة وَقِيمَة الشّقص أُعْتِقَ لَا يُضْمَنَانِ فِي الذِّمَّةِ بَلْ مَعَ الْيَسَارِ احْتَجَّ (ح) بِمَا تَقَدَّمَ وَ (ش) بِمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ ضَعِيفٌ وَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى أُجْرَةِ الْقَاطِعِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يَلْزَمُ إِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ الْعَدَم لِأَن الْعَدَم أسقطها عَنهُ وَفِي المعونة قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا التَّغْرِيمُ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ عَدَمُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ مَعَ الْإِعْسَارِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ (ح) لِأَنَّ (ح) يُخَيِّرُ الْمَالِكَ فِي الْقطع فَلَا عزّر أَوِ الْغُرْمِ فَلَا قَطْعَ وَهَذَا يُحَتِّمُ الْقَطْعَ وَهَذَا كُلُّهُ إِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ نِصَابًا فَقُطِعَ فِيهِ وَإِلَّا ضَمِنَ مَعَ الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ اتِّفَاقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَقَدِ اسْتَهْلَكَهَا وَبِيَدِهِ مَالٌ فَقَالَ أَفَدْتُهُ بَعْدَ السَّرِقَةِ وَقَالَ الطَّالِبُ قَبْلُ صُدِّقَ السَّارِقُ إِلَّا أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ مِنَ السَّرِقَةِ فِيمَا لَا يَكُونُ فِيهِ كَسْبٌ وَلَا
مِيرَاثَ وَإِنِ اسْتَمَرَّ مَلَاؤُهُ مِنَ السَّرِقَةِ إِلَى بَعْدَ الْقَطْعِ قِيلَ يُغَرَّمُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُغَرِّمُ الْمُعْسِرَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُتْبَعُ بِهِ دَيْنًا وَإِنِ اسْتَهْلَكَهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَمَا بِيَدِهِ قَدْرُ الدَّيْنِ فَأَهْلُ الدُّيُونِ أَحَقُّ مِنَ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَمَا فَضَلَ فَلَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُخْتَلَفُ فِي ثَلَاثَةِ مَسَائِلَ إِذَا لَمْ تَثْبُتِ السَّرِقَةُ إِلَّا بِشَاهِدٍ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَقَالَ سَرَقْتُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ (وَقَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ من حرز) وَالثَّالِث أَن تذْهب يَمِينه بِأَمْر من الله تعلى فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُتْبَعُ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَوْمَ سَرَقَ أَوْ يَوْمَ الْحَدِّ وَمَنَعَ أَشْهَبُ لِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ يُقِرُّ أَنَّ حُكْمَهُ الْقَطْعُ وَأَنَّهُ ظُلِمَ فِي امْتِنَاعِهِ مِنَ الْقَطْعِ كَمَا لَوْ لَمْ يُقْطَعْ بَعْدَ ثُبُوتِ الْقَطْعِ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ يُتْبَعُ عَلَى أَصْلِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا مَاتَ وَلَا يُسْقِطُ الْغُرْمَ إِلَّا النَّكَالَ بِالْقَطْعِ وَمِثْلُهُ إِذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ رَجَعَ سَقَطَ الْقَطْعُ دُونَ الْغُرْمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم ويقسط الْأَمْرَانِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَإِذَا بَاعَ السَّرِقَةَ فَأَهْلَكَهَا الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَجَازَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ الْبَيْعَ لَمْ يُتْبَعِ السَّارِقُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ مَالِكٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلَ الْيُسْرِ مِنَ السَّرِقَةِ إِلَى الْقَطْعِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ وَأُغْرِمَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِي فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَدِيمًا رَجَعَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ عَلَى السَّارِقِ لِأَنَّهُ غَرِيمُ غَرِيمِهِ فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ لَزِمَتِ الْمُشْتَرِيَ بِفَضْلِ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ السَّرِقَةَ (أُخِذَ مِنْهُ الثَّمَنُ الثَّانِي أَوِ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَلْزَمُ الْغُرْمُ إِنِ اسْتَمَرَّ الْيُسْرُ مِنَ السَّرِقَةِ) إِلَى الْقَطْعِ عِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ إِلَى حِينِ الْقِيَامِ إِلَيْهِ وَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَ الْقَطْعِ وَقَبْلَ الْغُرْمِ اتَّبَعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ أَشْهَبَ وَقِيلَ يَتْبَعُ مُطْلَقًا مَعَ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَقَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا قُطِعَتْ أَرْبَعَتُهُ فِي سَرِقَاتٍ أَوْ غَيْرِهَا اتَّبَعَ فِي عُدْمِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْطَعْ وَلَمْ يَتْبَعْ عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ قَطْعٍ وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقْطَعَ وَإِنْ سَرَقَ فَلَمْ يُقْطَعْ حَتَّى زَنَى فَرُجِمَ بَعْدَ أَنْ أَيْسَرَ بَعْدَ الْعُدْمِ يَوْمَ السَّرِقَةِ قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يتبع إِن قُطِعَ لِدُخُولِ الْقَطْعِ فِي الْقَتْلِ وَإِنْ سَرَقَ ثَلَاثَةٌ ثَوْبًا لِرَجُلٍ فَقُطِعُوا وَوُجِدَ مِنْهُمْ مَلِيءٌ ضمن الْجَمِيع لأَنهم كَالرّجلِ الْوَاحِد الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ لَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ (حَتَّى يَصْحُوَ مِنَ السُّكْرِ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يُجْلَدُ فِي حَدٍّ فَإِنْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فَضَرَبَهُ وَهُوَ طَافِحٌ لَمْ يُجِزْهُ لِعَدَمِ النِّكَايَةِ عِنْدَ الْغَفْلَةِ أَو خَفِيف السكر أَجَزَأَهُ وَلَوْ قِيلَ بِقَطْعِهِ حَالَ سُكْرِهِ اتَّجَهَ لِأَنَّ أَلَمَ الْقَطْعِ يَبْقَى بَعْدَ زَوَالِ السُّكْرِ بِخِلَاف الضَّرْب السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَهَا فَقُطِعَ وَلَا مَالَ فَلِرَبِّهَا أَخْذُ قِيمَتِهَا مِنَ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ وَيَتْبَعُ الْمُبْتَاعُ السَّارِقَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ تَوَالَدَتِ الْغَنَمُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ (أَخَذَهَا مَعَ أَوْلَادِهَا فَإِنْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ) بِسَبَبِهِ أَوْ بَاعَهَا غَرِمَ قِيمَتَهَا أَوْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْعَمْدِ وَإِنْ سَرَقَهُ فَصَبَغَهُ ثُمَّ قُطِعَ مُعْدَمًا أَعْطَيْتَهُ قِيمَةَ الصَّبْغِ
وَأَخَذْتَ ثَوْبَكَ وَإِنِ امْتَنَعْتَ بِيعَ وَأَخَذْتَ عَنِ الثَّوْبِ قِيمَتَهُ يَوْمَ السَّرِقَةِ وَالْفَاضِلُ لَهُ وَإِنْ عجز عَن الثّمن لميتبع لعدمه فَإِن عمله بظهارة تَحْتَهُ فَلَكَ أَخْذُهُ مَقْطُوعًا كَمَا لَوْ سَرَقَ خَشَبَة وَبنى عَلَيْهَا لِأَنَّهُ عرض الْبناء للْفَسَاد فَإِن أَبيت مِنْ أَخْذِهِ مَقْطُوعًا وَهُوَ عَدِيمٌ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّبْغِ وَإِنْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ سَوِيقًا وَلَتَّهُ ثُمَّ قُطِعَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا وَامْتَنَعْتَ مِنْ أَخْذِ السَّوِيقِ فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّبْغِ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى لَكَ مِنْ ثَمَنِهِ مِثْلُ حِنْطَتِكَ لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَإِنْ عَمِلَ الْفِضَّةَ حُلِيًّا أَوْ دَرَاهِمَ وَقُطِعَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا وَزْنُ فِضَّتِكَ لِأَنَّكَ إِنْ أَخَذْتَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ ظَلَمْتَهُ فَإِنْ أَخَذَهَا وَدَفَعَ أَجْرَ الصِّيَاغَةِ فَهُوَ فِضَّةٌ بِفِضَّةٍ وَزِيَادَةٍ وَإِنْ عَمِلَ النُّحَاسَ قُمْقُمًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ وَزْنِهِ وَلِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ مُحَمَّد إِن أهلكها الْمُبْتَاعُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَيَرْجِعُ عَلَى السَّارِقِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا يَدْفَعُ لِصَاحِبِهَا أَوِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَدِيمًا اتَّبَعَهُ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ أَيْسَرَ السَّارِق قبله رجعت عَلَيْهِ بِأَقَلّ من الْقيمَة يَوْم أهلكها الْمُشْتَرِي أَوِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ سَرَقَهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَكْلِ أَكْثَرَ رَجَعَ عَلَى السَّارِقِ لِأَنَّهُ غَرِيمُ الْغَرِيمِ لِلْمُشْتَرِي وَانْظُرْ إِنْ أَكَلَهَا وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْأَكْلِ مِثْلُ الثَّمَنِ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ السَّرِقَةِ أَقَلُّ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ السَّارِقِ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ غَرِيمُ غَرِيمِهِ وَهُوَ لَوْ أَخَذَ قِيمَتَهَا مِنَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ لَهُ عَلَى السَّارِقِ الثَّمَنَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ كَانَ لِلسَّارِقِ غُرَمَاءُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبْغِ فَهُمْ أَحَقُّ بِالثَّمَنِ من صَاحب الثَّوْب غلا أَنْ يَفْضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ أَسْلَمَهُ وَفَاتَ بِالْبَيْعِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ نَقْضُ بَيْعِهِ وَلَا أَخْذُ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ بَيْعٌ وَلَيْسَ لَهُ هُوَ ثَمَنُ سَرِقَتِهِ بِعَيْنِهَا فَإِنْ قَامَ رَبُّهُ فَوَجَدَهُ مَصْبُوغًا فَلَهُ
أَخْذُهُ وَدَفْعُهُ لَهُ قِيمَةَ الصَّبْغِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْهُ لَا يَأْخُذُهُ بِحَالٍ لِأَنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ وَخَيَّرَهُ أَشْهَبُ بَيْنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ السَّرِقَةِ يَأْخُذُهَا أَوْ يَدْفَعُ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ أَوْ يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَعَنْهُ يَأْخُذُهُ أَوْ يَدْفَعُ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ أَوْ يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَعَنْهُ يَأْخُذُهُ مَصْبُوغًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الصَّبْغِ وَإِنْ غَصَبَ دَارا فبيضها والسويق الملتوث وَالْخَشَبَةُ تُعْمَلُ بَابًا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّوْبِ يُصْبَغُ أَنَّ الثَّوْبَ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ وَعَن أَشْهَبَ فِي النُّحَاسِ يُعْمَلُ قُمْقُمًا يُخَيِّرُ رَبَّهُ فِي أَخْذِ الْقُمْقُمِ وَإِعْطَاءِ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ أَوْ يُغَرِّمُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ نُحَاسًا قَالَ سَحْنُونٌ كُلُّ مَا غير حَتَّى صال لَهُ اسْمٌ غَيْرَ اسْمِهِ لَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ بَلْ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْفِضَّةِ تُعْمَلُ حُلِيًّا أَوِ النُّحَاسِ آنِيَةً أَوِ الثَّوْبِ يُصْبَغُ أَوْ يُجْعَلُ ظِهَارَةً لِجُبَّةٍ أَوِ الْخَشَبَةِ بَابًا أَوِ الْحِنْطَةِ تُطْحَنُ وَكُلُّ مَا أَثَّرَ فِيهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ صَنْعَتِهِ إِلَّا بِالشَّرِكَةِ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ بالصنعة بِغَيْر غرم نقضه ذَلِكَ أَوْ زَادَهُ لِقَوْلِهِ عليه السلام (لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) أَوْ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ وَكَذَلِكَ الْغَصْبُ وَإِنْ سَرَقَ عُصْفُرًا لِرَجُلٍ وَثَوْبًا لِآخَرَ وصبغه بذلك لم يقطع وَلَهُ مَالٌ يَوْمَ السَّرِقَةِ لَزِمَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَمِثْلُ الْعُصْفُرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ تحاصصا فِي ثمنهَا هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ وَالْآخَرُ بِقِيمَةِ الْعُصْفُرِ وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ صَبْغِ الثَّوْبِ وَبَيْنَ النُّحَاسِ قُمْقُمًا أَنَّ الثَّوْبَ لَيْسَ مِثْلِيًّا وَمِثْلُ النّحاس يقوم مقَامه السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا ثَبَتَتِ السَّرِقَةُ فَقَطَعَ رَجُلٌ يَمِينَهُ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ عُضْوٌ مُسْتَحِقٌّ لِلْقَطْعِ وَنُكِّلَ لِجُرْأَتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَأَجْزَأَ ذَلِكَ السَّارِقَ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ فَعُدِّلَتْ كَانَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا اقْتُصَّ مِنْهُ لِأَنَّ الْعُضْوَ مَعْصُومٌ وَإِذَا أَمَرَ
القَاضِي بِقطع الْيَمين فغلظ الْقَاطِعُ فَقَطَعَ يَسَارَهُ أَجَزَأَهُ لِحُصُولِ النَّكَالِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ لِأَنَّهُ كَالْحَاكِمِ وَإِذَا قُطِعَتْ يَمِينُ السَّارِقِ فَهُوَ لِكُلِّ سَرِقَةٍ تَقَدَّمَتْ أَوْ قِصَاصٍ وَجَبَ فِي ذَلِكَ الْعُضْوِ وَكَذَلِكَ الْحُدُودُ قَالَ ابْن يُونُس إِذا قطّ رجل يَده بعد ثُبُوت السّرقَة عُوقِبَ للتعمد وَلَا دِيَةَ فِي الْخَطَأِ وَكَذَلِكَ الْمُحَارِبُ إِذَا قُتِلَ وَمَسْأَلَةُ الْقَاطِعِ يَغْلَطُ مَرْوِيَّةٌ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَطَأُ الْإِمَامِ لَا يُزِيلُ قَطْعَ الْيُمْنَى فَتُقْطَعُ وَعَقْلُ الْيُسْرَى فِي مَالِ الْإِمَامِ إِنْ بَاشَرَ أَوِ الْقَاطِعِ دُونَ الْعَاقِلَةِ أَوْ فِي مَالِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إِنْ قَطَعَ هُوَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ إِنْ بَاشَرَ أَوِ الْقَاطِعِ دُونَ الْعَاقِلَةِ أَوْ فِي مَالِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إِنْ قَطَعَ هُوَ بِغَيْر أَمر الإِمَام وَإِن يمنه عُوقِبَ هُوَ فَقَطْ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَادَرَ الْجَلَّادُ فَقَطَعَ الْيُسْرَى عَمْدًا اقْتُصَّ مِنْهُ وَالْحَدُّ بَاقٍ وَكَذَلِكَ لَو فعل ذَلِك الإِمَام ويجزيء فِي الْغَلَطِ وَرَجَعَ مَالِكٌ إِلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَتُقْطَعُ الْيُمْنَى وَالْعَقْلُ فِي مَالِ الْقَاطِعِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ سَرَقَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى وَالْعَقْلُ فِي مَالِ الْقَاطِعِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ سَرَقَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْيُسْرَى عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ الثَّامِن فِي الْكتاب إِن وَلَا مَالَ لَهُ إِلَّا قِيمَةُ السَّرِقَةِ فَغَرِمَهَا ثُمَّ قَامَ قَوْمٌ سَرَقَ مِنْهُمْ (مِثْلَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مِنْ وَقْتِ أَنْ سَرَقَ مِنْهُمْ) مَلِيًّا بِمثل الَّذِي غرم الْآن بحاصص بِهَا فِي ذَلِكَ دُونَ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّ الْعُدْمَ أَسْقَطَهَا وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا يَوْمَ الْقَطْعِ كُلُّهُمْ فَلِلْغَائِبِ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ سَرَقَ لِرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ قُضِيَ لِلْحَاضِرِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا إِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً فَإِنْ قَدَمَ الْغَائِبُ وَالسَّارِقُ عَدِيمٌ وَكَانَ يَوْمُ الْقَطْعِ مَلِيًّا بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ مَا أَخَذَ وَلَا يُتْبَعُ السَّارِقُ بِشَيْءٍ كَالدَّيْنِ لَكُمَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ شَرِكَةٍ يَقْبِضُ أَحَدُكُمَا حِصَّتَهُ وَصَاحِبُهُ غَائِبٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكفَالَة إِذا
قُضِيَ لِلشَّرِيكِ بِحَقِّهِ وَالْغَرِيمُ مَلِيءٌ بِحَقِّهِمَا فَيُقَدَّمُ الْغَائِبُ لَا يُدْخِلُ عَلَى شَرِيكِهِ أَنَّ السَّارِقَ لَمْ يَأْمَنْهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ عَلَى بَقَاءِ مَا وَجَبَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ وَكَانَ يَجِبُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُوقِفُ نَصِيبَ الْآخَرِ فَلَمَّا غَلِطَ صَارَتْ قِسْمَةً غَيْرَ جَائِزَةٍ وَفِي مَسْأَلَةِ الْكَفَالَةِ صَاحِبُ الدَّيْنِ هُوَ الَّذِي ائْتَمَنَ الْغَرِيمَ عَلَى بَقَاءِ دَيْنِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ بِلَا رُجُوعٍ لِلْغَائِبِ عَلَى الْقَابِضِ إِذَا حَكَمَ لَهُ الْقَاضِي بِقَبْضِ نَصِيبِهِ وَأَبَى أَبُو مُحَمَّدٍ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ أَنَّهُ قَبَضَ حِصَّتَهُ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ قِيلَ لَهُ قَدْ مَثَّلَهَا بِالدَّيْنِ فَقَالَ إِنَّهُ مَثَّلَهَا بِهِ لِيَفْهَمَ أَنَّ لِلشَّرِيكِ الدُّخُول التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنَ الْحَدِّ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ خَوْفٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يُقْطَعُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتْلَفٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ الْخَوْفِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَزِمَهُ وَإِنْ مَاتَ فِيهَا وَإِنَّمَا يَتَعَاهَدُ فِي الْبَرْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقْطَعُ الْمُحَارِبُ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ بِخِلَافِ السَّرِقَةِ لِأَنَّ الإِمَام لَو قَتله جَازَ الْعَاشِرُ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ وَقَتَلَ عَمْدًا كفر الْقَتْلَ فَإِنْ عَفَا الْوَلِيُّ قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَ وَقطع يَمِين رجل قطع لسرقة فَقَطْ لِتَعَذُّرِ الْعَفْوِ فِيهَا وَلَا شَيْءَ لِلْمَقْطُوعِ يَدُهُ كَمَا لَوْ ذَهَبَتْ يَدُ الْقَاطِعِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ سَرَقَ وَقَطَعَ يَسَارَ رَجُلٍ قُطِعَ يَمِينُهُ لِلسَّرِقَةِ وَيَسَارُهُ لِلْقِصَاصِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ وَلِلْإِمَامِ جمع ذَلِك عَلَيْهِ وتفريغه بِقَدْرِ الْخَوْفِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْحَدُّ وَالتَّعْزِيرُ وَإِنِ اجْتمع حد الله تَعَالَى وحد الْعباد بديء بِحَدِّ اللَّهِ تَعَالَى لِتَعَذُّرِ الْعَفْوِ فِيهِ فَإِنْ
عَاشَ حُدَّ حَدَّ الْعِبَادِ وَإِنْ مَاتَ بَطَلَ ذَلِكَ وَيَجْمَعُ الْإِمَامُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ يُفَرِّقُهُ بِحَسَبِ الْخَوْفِ عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَا لق قُدِّمَ أَكْثَرُهُمَا كَحَدِّ الزِّنَا مَعَ الشُّرْبِ إِلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ فِي الْمِائَةِ فَيُحَدُّ لِلْخَمْرِ فَإِنْ ضَعُفَتِ الْبِنْيَةُ عَنِ الْحَدِّ الْوَاحِدِ ضُرِبَ الْمَأْمُونَ ثُمَّ يَسْتَكْمِلُ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ فَإِنْ فَرَغَ جَلْدُ الزِّنَا جُلِدَ لِلْخَمْرِ وَإِنْ كَانَا لِلْعِبَادِ نَحْوِ قَطْعِ هَذَا وَقَذْفِ هَذَا اقْتَرَعَا فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْأَدْنَى مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ وَيُقَدَّمُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ فَقَطْ فَيُقَامُ وَأُخِّرَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِوَقْتِ الْأَمْنِ فَإِنْ خِيفَ مِنْهُ دَائِمًا بديء بِهِ مُفَرَّقًا ثُمَّ حَقُّ الْآدَمِيِّ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ إِذَا اجْتَمَعَ قَتْلٌ فِي حِرَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَقَوَدٌ قُدِّمَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ فِي الْقَتْلِ حُضُورُ الْوَلِيّ وَأَنه يقبل بِالْحِجَارَةِ فِي الزِّنَا وَبِالسَّيْفِ فِي الرِّدَّةِ وَقَدْ يَكُونُ قَتْلُ الْآدَمِيِّ بِالْحِجَارَةِ أَمَّا لَوْ قُطِعَ فِي السّرقَة ثمَّ قطع يَمِين جلّ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ لِأَنَّهُ يَوْمَ قَطَعَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ يَمِينٌ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَمَتَى اجْتَمَعَتِ الْحُدُودُ كُلُّهَا مَعَ الْقَتْلِ سَقَطَتْ بِالْقَتْلِ إِلَّا الْقَذْفَ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ ثُمَّ يُقْتَلُ وَقَالَ (ش) وَ (ح) حُقٌّ الْآدَمِيِّ مُقَدَّمٌ لَنَا أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى أَقْوَى لِتَعَذُّرِ الْعَفْوِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَلَّظُ كَالْقَتْلِ بِالْحِجَارَةِ فِي الزِّنَا وَعَلَى أَصْلِ (ح) لَا قِصَاصَ إِلَّا بِالسَّيْفِ وَيُنَكَّلُ الْمُرْتَدُّ وَيُمَثَّلُ بِهِ بِخِلَافِ الْقِصَاصَ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ أَقْوَى لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَبِرُجُوعِ الْمُقِرِّ وَبِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ فِي الْحِرَابَةِ وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَكَفَّارَةٌ وَحَجٌّ قُدِّمَ دَيْنُ الْآدَمِيِّ (عَلَى الْحَجِّ وَيَرِث
الْوَارِثُ مَعَ حُقُوقِ اللَّهِ دُونَ حَقِّ الْآدَمِيِّ) وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ مِنْ مَالِكِهِ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّا إِنَّمَا رَجَّحْنَا بَيْنَ حُقُوقٍ وَجَبَتْ أَمَّا مَعَ الشُّبْهَةِ فَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنِ الْإِقْرَارِ ثُمَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ دَلِيلَ الْقُوَّةِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَثُرَتْ شُرُوطُ الشَّيْءِ كَانَ أَقْوَى لِأَنَّ الزِّنَا أَقْوَى فِي الثُّبُوتِ مِنَ الْقَتْلِ لِاشْتِرَاطِ أَرْبَعَةٍ عُدُولٍ وَالنِّكَاحُ أَقْوَى مِنَ الْبَيْعِ لِاشْتِرَاطِ الْوَلِيّ وَالشُّهُود وَالصَّدَاق فَاشْترط عَدَمِ الشُّبْهَةِ وَعَدَمُ رُجُوعِ الْمُقِرِّ دَلِيلُ الْقُوَّةِ وَأَمَّا الْعَفْوُ فِي الْآخِرَةِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ لِأَنَّا إِنَّمَا تَكَلَّمْنَا فِي الْقُوَّةِ فِي حَالِ الدُّنْيَا عَلَى أَنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ قَدْ تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ لِأَنَّ عَمْدَ الْخَطَأِ لَا قَوَدَ فِيهِ عنْدكُمْ وعندما فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَتْلُ الِابْنِ لِأَبِيهِ وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَالدَّيْنُ يُسْقِطُهَا عَنِ الْعَيْنِ وَهِيَ فِي الْمُنَاسَبَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ وَالْكَفَّارَاتُ لَهَا أبدال إِن كَانَ فَقِيرا يعوضه الصَّوْمُ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَمُشْتَرَكٌ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ وَالتَّدْبِيرَ لَا تَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ مَعَ أَنَّا إِذَا عَلِمْنَا أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَيْهِ لَمْ يُفَرِّطْ فِي إِخْرَاجِهَا قُدِّمَتْ عَلَى الْمِيرَاثِ مِثْلَ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ مَالٌ لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ أَوْ يَمُوتُ صَبِيحَةَ الْفِطْرِ وَأَمَّا الْحَجُّ فَمُتَعَلِّقٌ بِالْبَدَنِ لَا بِالْمَالِ فَسَقَطَ كَمَا يَسْقُطُ بِعَجْزِ الْبَدَنِ فِي الْحَيَاة الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَرَقَ فَقُطِعَ فِيهِ ثُمَّ سَرَقَهُ ثَانِيَةً قُطِعَ أَيْضًا وَقَالَهُ (ش) وَقَالَهُ (ح) إِنْ سَرَقَهُ مِنَ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا فَعِنْدَهُمْ قَوْلَانِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ النَّظَرُ إِلَى تَعَدُّدِ الْفِعْلِ أَوْ إِيجَادُ مَحَلِّهِ فَالْقَطْعُ عِنْدَنَا مِثَالُهُ السَّرِقَةُ
وَهِيَ الْإِخْرَاجُ وَعِنْدَهُ مِثَالُهُ الْمَسْرُوقُ وَهَذَا إِذَا قُطِعَ عِنْدَهُمْ لَمْ يُغَرَّمْ وَإِذَا غَرِمَهَا لَمْ يُقْطَعْ لَنَا الْعُمُومَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمَرَّةِ الأولى كَمَا لَو تكَرر الزِّنَا على الْمَرْأَة أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْغَزَلِ يُقْطَعُ فِيهِ فَرَدَّهُ يُنْسَجُ فَسَرَقَهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَوْ قُطِعَ لَسَاوَى تَكَرُّرَ الزِّنَا فِي الْمَرْأَةِ وَلَا يُسَاوِيهِ لِأَنَّ الزِّنَا لَا يَتَعَلَّقُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَنْفَعَةُ الثَّانِيَةُ عَيْنُ الْأَوْلَى وَالْقَطْعُ بِالْعَيْنِ وَهِيَ مُتَّحِدَةٌ وَلِأَنَّ الْفِعْلَ وَالْعَيْنَ يُعْتَبَرَانِ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ فِي دُونِ النِّصَابِ لَمْ يُقْطَعْ أَوْ سَرَقَ نِصَابَيْنِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ فَقَطْعٌ وَاحِدٌ لِعَدَمِ تعدد الْفِعْل وَإِن كَانَ لابد مِنْهُمَا وَقد تَعَذَّرَتْ الْعَيْنُ فَبَطَلَ الْقَطْعُ وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ يُقْطَعُ فِيهَا فَلَا يَتَكَرَّرُ فِيهَا بِتَكَرُّرِ السَّبَبِ كَالْقَذْفِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ سَبَبَ الْقَطْعِ عِنْدَنَا تَكَرُّرُ الْفِعْلِ بِشُرُوطِهِ لَا الْعَيْنِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعَيْنَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْفِعْلِ فِي كَوْنِهِ نِصَابًا مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ أَمَّا اعْتِبَارُ كَوْنِهَا لَمْ تُسْرَقْ قَبْلُ فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ إِذَا قَذَفَهُ بَعْدَ الْحَدِّ تَكَرَّرَ الْحَدُّ كَالسَّرِقَةِ فَهَذَا فَرْقٌ تَمْهِيدٌ الْأَصْلُ تَفَاوُتُ الْعُقُوبَاتِ بِقَدْرِ تَفَاوُتِ الْجِنَايَاتِ بِدَلِيلِ الزِّنَا مِائَةٌ وَالْقَذْفُ ثَمَانُونَ وَالسَّرِقَةُ الْقَطْعُ وَالْحِرَابَةُ الْقَتْلُ وَأَنْوَاعُ التَّعَازِيرِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَقَدِ اسْتُثْنِي مِنْ ذَلِكَ أُمُورٌ فَسَوَّى الشَّرْعُ بَيْنَ سَرِقَةِ رُبْعِ دِينَارٍ وَآلَافِ الدَّنَانِيرِ وَشَارِبِ قَطْرَةِ خَمْرٍ وَشَارِبِ الْكَثِيرِ فِي الْحَدِّ مَعَ تَفَاوُتِ
مَفَاسِدِهَا جِدًّا وَعُقُوبَةُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ سَوَاءٌ مَعَ أَن جريمة الْحر أعظم من أَنَّ الْعَبِيدَ إِنَّمَا سَاوَوُا الْحُرَّ فِي السَّرِقَةِ والحرابة لتعذر التَّبْعِيض بِخِلَاف الْجلد واستوى الْحَرج اللَّطِيفُ السَّارِي لِلنَّفْسِ وَالْعَظِيمُ فِي الْقِصَاصِ مَعَ تَفَاوُتِهِمَا وَقَتْلُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ الْبَطَلِ الْعَالِمِ وَالصَّغِيرُ الوضيع الثَّانِيَ عَشَرَ فِي النَّوَادِرِ إِذَا سَرَقَ ثُمَّ دره لِحِرْزِهِ قُطِعَ لِتَحْقِيقِ السَّبَبِ الثَّالِثَ عَشَرَ قَالَ إِنْ سَرَقَ بِبَلَدٍ فَوُجِدَ بِبَلَدٍ آخَرَ لَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ إِلَّا بِبَلَدِ السَّرِقَةِ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى مَا يَجُوزُ فِي السَّلَفِ كَمَا تقدم فِي الْغَصْب وَكَذَلِكَ الْمثْلِيّ فالملك لَهُ مِثْلُهُ لَا قِيمَتُهُ وَخَيَّرَهُ أَشْهَبُ الرَّابِعَ عَشَرَ قَالَ إِنْ صَالَحْتَهُ قَبْلَ الْوُصُولِ لِلْإِمَامِ ثُمَّ رَفَعْتَهُ رَجَعَ بِمَا صَالَحْتَهُ بِهِ إِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى الرَّفْعِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَالِ فَلَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنِ ادَّعَيْتَ عَلَيْهِ وَصَالَحْتَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ فَأَقَرَّ غَيْرُهُ بِالسَّرِقَةِ قُطِعَ الْمُقِرُّ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ بِمَا صَالَحَ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا لَا يُتْبَعُ وَلَا يَرْجِعُ الْمُنْكِرُ عَلَى الْمُطَالِبِ لِأَنَّ الثَّانِيَ أَقَرَّ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَرَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ قَبْلَ الْقَطْعِ سَقَطَ الْحَدُّ وَاتَّبَعَهُ الْمُنْكِرُ بِمَا صَالَحَ بِهِ وَالْمَسْرُوقُ بِقِيمَةِ سَرِقَتِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لَكَ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ بِهِ لِلْإِمَامِ أَوْ صَالَحْتَهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنِ الْإِقْرَارِ وَالصُّلْحِ وَقَالَ خِفْتُ السُّلْطَانَ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ تُخْشَى بَوَادِرُهُ لم يلْزمه أَو الْمَأْمُون الزمه
وَعَلِمَ أَنَّهُ قَاتِلُهُ فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ) لِمَا فِي الْحَدِيثِ فِي الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا إِنْ قَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ الْحَدِيثَ وَإِنْ خَرَجَ وَقَاتَلَكَ وَالْمَتَاعُ مَعَهُ فَقُتِلَ قَالَ أَصْبَغُ هُوَ هَدَرٌ وَلَا دِيَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْمَتَاع وَإِنَّمَا يطْلب النَّجَاةَ فَفِيهِ الدِّيَةُ إِنْ قُتِلَ بِمَوْضِعٍ سَرَقَ وغلا فالقود لِأَنَّهُ لَا مَتَاعَ مَعَهُ وَلَا هُوَ مَوْضِعٌ يُخَافُ مِنْ شَرِّهِ وَإِنْ أَمَرْتَهُ فَقَتَلَهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ مَعَهُ مَتَاعٌ أَمْ لَا
(الْجِنَايَةُ السَّابِعَةُ حَدُّ الشُّرْبِ وَالنَّظَرُ فِي الْمُوجِبِ وَالْوَاجِبِ)
النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْمُوجِبِ وَهُوَ شُرْبُ الْقَطْرَةِ مِمَّا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ اخْتِيَارًا مِنْ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ وَقَدْ تقدم فِي كتاب الْأَشْرِبَة (أَكثر فقها) ونذكرها هَا هُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِّ وَفِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ الْأُولَى فِي الْكِتَابِ مَنْ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ نَبِيذًا مُسْكِرًا وَإِنْ قَتَلَ سَكِرَ أَمْ لَا حُدَّ ثَمَانِينَ جَلْدَةً أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّ بِهِ رَائِحَةُ الْخَمْرِ عَصِيرِ عِنَبٍ أَوْ زَبِيبٍ أَو نَبِيذ أَو تمر أَو تبين أَو حِنْطَة أَو الأسكركة قيل أَو يَجْعَل خبز فِي نَبِيذٍ يَوْمَيْنِ قَالَ كَرِهَهُ مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ فِي التَّنْبِيهَاتِ
الْأُسْكُرْكَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ السِّينِ وَضَمِّ الْكَافِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ وَضَبَطْنَاهُ أَيْضًا بِالسِّينِ الْمَضْمُومَةِ هُوَ شَرَابُ الذُّرَةِ وَالْجَذِيذَةُ بجيم مَفْتُوحَة وذالان معجمات أَوَّلُهُمَا مَكْسُورَةٌ بَيْنَهُمَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ هُوَ السَّوِيقُ وَالْجُذَاذُ التَّقْطِيعُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا} وَالْبُسْرُ الْمُذَنَّبُ الَّذِي أَرْطَبَ بَعْضُهُ مِنْ جِهَةِ ذَنَبِهِ فَإِنْ أَرَطَبَ مِنْ جَانِبِهِ فَهُوَ فَوْكَةٌ وَفِي النُّكَتِ إِنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ الَّذِي بِهِ رَائِحَةُ خَمْرٍ (وَاثْنَانِ أَنَّهَا لَيْسَتْ رَائِحَةً حُدَّ كَقَوْلِهِ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ إِذَا اخْتَلَفَ المعولون قَالَ ابْن يُونُس الأسركة) شَرَابُ الْقَمْحِ الثَّانِيَةُ فِي الْجَوَاهِرِ يُحَدُّ حَدِيثُ الْعَهْد بِالْإِسْلَامِ وَإِن لم يعلم التَّحْرِيم قَالَ مَالك وأخصابه إِلَّا أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ قَالَ فِي الْبَدَوِيِّ الَّذِي لَمْ يَقْرَأِ الْكِتَابَ وَيَجْهَلُ هَذَا لَا يحد لنا أَن الْإِسْلَام قد قشا فَلَا يُجْهَلُ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَ الْحَدَّ حُدَّ اتِّفَاقًا وَلَا حَدَّ عَلَى الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَمَنْ تَأَوَّلَ فِي الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ وَرَأَى حِلَّ قَلِيلِهِ حُدَّ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَلَعَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ الْعَالِمِ أَمَّا الْمُجْتَهِدُ الْعَالِمُ فَلَا يُحَدُّ إِلَّا أَنْ يَسْكَرَ وَقَدْ جَالَسَ مَالِكٌ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَغَيْرَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِمَّنْ يَرَى شرب مُبَاحًا فَمَا دَعَا لِلْحَدِّ مَعَ تَظَاهُرِهِمْ بِشُرْبِهِ ومناظرتهم عَلَيْهِ
تَمْهِيدٌ قَالَ مَالِكٌ أَحُدُّ الْحَنَفِيَّ فِي قَلِيلٍ مِنَ النَّبِيذِ وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَقَالَ (ش) أَحُدُّهُ وَأَقْبَلُ شَهَادَتَهُ أَمَّا مَالِكٌ فَبَنَى عَلَى أَنَّ الْفُرُوعَ قِسْمَانِ مَا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي وَمَا لَا يُنْقَضُ فَيُنْقَضُ فِي أَرْبَعَةٍ مَا خَالف الْإِجْمَاع أَو الْقَوَاعِد كالشرحية فِي الطَّلَاقِ أَوِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ أَوِ النَّصِّ الْوَاضِحِ كَالنَّبِيذِ فَإِنَّ النُّصُوصَ مُتَضَافِرَةٌ بِأَنَّ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْخَمْرِ جَلِيٌّ وَمَا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ التَّقْلِيدُ فِيهِ وَلَا يُثْبِتُ حُكْمًا شَرْعِيًّا لِأَنَّ مَا لَا نُقِرُّهُ إِذَا تَأَكَّدَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا نُقِرُّهُ إِذَا لَمْ يَتَأَكَّدْ فَلِذَلِكَ رَدَدْنَا شَهَادَتَهُ وَأَبْطَلْنَا التَّقْلِيدَ وَأَمَّا (ش) فَأَثْبَتَ التَّقْلِيد بانتقاء الْعِصْيَان وأمام الْحَدَّ لِأَنَّ الْعُقُوبَاتِ لِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ لَا لِلْمُخَالَفَاتِ بِدَلِيلِ تَأْدِيبِ الصِّبْيَانِ وَالْبَهَائِمِ اسْتِصْلَاحًا لَهَا مِنْ غَيْرِ عِصْيَانٍ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ يُسَلَّمُ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ مِنَ الْعُقُوبَاتِ أَمَّا الْحُدُودُ بِعَدَدٍ فَلَمْ نَعْهَدْهُ فِي الشَّرْعِ إِلَّا فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ وَلَا الْمُضْطَرُّ لِإِسَاغَةِ الْغُصَّةِ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ حِينَئِذٍ لِإِحْيَاءِ النَّفْسِ الثَّالِثَةُ قَالَ يَحْرُمُ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ وَالنَّجَاسَاتِ وَأَمَّا الدَّوَاءُ الَّذِي فِيهِ خَمْرٌ تَرَدَّدَ فِيهِ عُلَمَاؤُنَا وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالصَّحِيحُ التَّحْرِيمُ لِقَوْلِهِ عليه السلام (إِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهَا دَاءٌ) الرَّابِعَةُ قَالَ إِن ظَنّه غير مُسكر شراراآخر لم يحد وَإِن سكر كَمَا لَو وطىء أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا امْرَأَتَهُ لَا يُحَدُّ الْخَامِسَةُ قَالَ لَا يُحَدُّ حَتَّى يَثْبُتَ الْمُوجِبُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ إِقْرَارٍ أَوْ شَهِدَ بِالرَّائِحَةِ مَنْ يَتَيَقَّنُهَا مِمَّنْ كَانَ شَرِبَهَا حَالَ كُفْرِهِ أَوْ فِسْقِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ لِلْعَدَالَةِ وَقَدْ يُعْرَفُ الشَّيْء إِذا الرَّائِحَةِ كَالزَّيْتِ وَالْبَانِ وَغَيْرِهِمَا
وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ سَكْرَانُ إِذْ لَعَلَّهُ سَكْرَانُ مِنْ عِلَّةٍ وَقَدْ حَكَمَ بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه وَقَبِلَ فِيهِ شَهَادَةَ الْعُدُولِ وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَيَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يَقُولَ شَرِبَ مُسْكِرًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الرَّائِحَةِ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَلَا يَكْفِي الْوَاحِدُ إِلَّا أَنْ يُقِيمَهُ الْحَاكِمُ فَيَصِيرُ كَالتُّرْجُمَانِ وَغَيْرُهُ يُقْبَلُ وَحْدَهُ قَالَهُ أَصْبَغُ وَفِي النَّوَادِرِ وَإِنْ أُشْكِلَتِ الرَّائِحَةُ عَلَى الْإِمَامِ وَهُوَ حَسَنُ الْحَالِ تَرَكَهُ (أَوْ سيء الْحَالِ اسْتَقْرَأَهُ مَا لَا يُغْلَطُ فِي مِثْلِهِ مِمَّا يُصَلَّى بِهِ مِنَ الْمُفَصَّلِ فَإِنِ اعْتَدَلَتْ قِرَاءَتُهُ تَرَكَهُ) وَإِلَّا حَدَّهُ وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ حُدَّ فِيهِ لِلتُّهْمَةِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ شَكَّ فِي الرَّائِحَةِ أَهُوَ مُسْكِرٌ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ أُخِذَ عَلَى مَشْرَبَةٍ وَلَمْ يَسْكَرْ وَلَمْ يَعْرِفْ مَا يَنْبِذُهُمْ وَهُوَ مُعْتَادٌ لِذَلِكَ ضُرِبَ سَبْعِينَ وَنَحْوَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا بِخَمْسِينَ وَنَحْوِهَا عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ وَيُعَاقَبُ مَنْ حَضَرَ المَشَارِبَ وَإِنْ قَالَ أَنَا صَائِمٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَخْتَبِرُ الْإِمَامُ السَّكْرَانَ بِالرَّائِحَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ حَدٌّ انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ السُّكْرِ وَإِلَّا لَمْ يَتَجَسَّسْ عَلَيْهِ وَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الْخَمْرِ حَدَّهُ وَفَعَلَهُ عُمَرُ رضي الله عنه وَقَالَتْهُ عَائِشَةُ وَغَيْرُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا وَالْآخَرُ أَنَّهُ شَرِبَ نَبِيذًا مُسْكِرًا حُدَّ لِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى أَصْلِ السَّبَبِ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ
مَا شرب وَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَخَالَفَهُ الْأَئِمَّةُ فِي الرَّائِحَةِ فَلَمْ يَحُدُّوا بِتَحَقُّقِهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَتَمَضْمَضُ بِالْخَمْرِ لِلدَّوَاءِ وَيَطْرَحُهَا أَوْ يَظُنُّهَا غَيْرَ خَمْرٍ فَلَمَّا حَصَلَتْ فِي فِيهِ طَرَحَهَا أَوْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ أَكَلَ نَبْقًا بَالِغًا أَوْ شَرِبَ شَرَابَ التُّفَّاحِ فَإِنَّ رَائِحَتَهُ تُشْبِهُ رَائِحَةَ الْخَمْرِ وَإِذَا احْتُمِلَ فَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَإِنَّ الشُّرْبَ أَكْثَرُ مِنَ الْمَضْمَضَةِ وَغَيْرِهَا وَالْكَلَامُ حَيْثُ تَيَقَّنَّا أَنَّهُ رِيحُ خَمْرٍ لَا تُفَّاحَ وَلَا نَبْقَ النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْوَاجِبِ وَفِي الْكِتَابِ وَهُوَ ثَمَانُونَ جَلْدَةً وَتَتَشَطَّرُ بِالرِّقِّ وَوَافَقَنَا ح وَأَحْمَدُ وَقَالَ ش أَرْبَعُونَ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ تَعْزِيرًا لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِالنَّعْلَيْنِ فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَانِ عُمَرَ رضي الله عنه جَعَلَ مَكَانَ كُلِّ نَعْلٍ سَوْطًا وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ رضي الله عنه اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ اجْعَلْهُ أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ وَقَالَ عَلِيٌّ فِي الْمَشُورَةِ إِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى فَحُدُّوهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وروى ابْن سعد عَن عَبَّاسٍ حَدُّ الْخَمْرِ ثَمَانُونَ وَلِأَنَّهُ حَدُّ الْعَبْدِ فَلَا يَكُونُ حَدًّا لِلْحُرِّ كَالْخَمْسِينَ وَلِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى الْعَقْلِ مَضْيَعَةٌ لِمَصَالِحَ الدَّارَيْنِ فَلَا تَقْصُرُ عَنِ الْقَذْفِ الْخَاصِّ
بِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَلِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ يَجُوزُ كَالْمِائَةِ فَيَكُونُ حَدًّا وَإِلَّا لَمْ يُجْدِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ فِي الزِّنَا وَالثَّمَانِينَ فِي الْقَذْفِ احْتَجُّوا بِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّ عَلِيًّا فِي زمَان عُثْمَان رَضِي اللهعنهما جَلَدَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ أَرْبَعِينَ بِأَمْرِ عُثْمَانَ ثُمَّ قَالَ جَلَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - أَرْبَعِينَ وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَلِأَنَّهُ حَدٌّ لِجَرِيمَةٍ فَتَخْتَصُّ بِعَدَدٍ لَا يُشَارَكُ فِيهِ كَالزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يَضْرِبْ عَلَى وَجْهِ التَّحْدِيدِ وَإِلَّا لَمَا خَالَفَتْهُ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم بَلْ وَكَّلَهُ لِلِاجْتِهَادِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ رَاجِحٌ فِي الِاجْتِهَادِ لِمَا تَقَدَّمَ وَعَنِ الثَّانِي بِالْقَلْبِ فَنَقُولُ فَوَجَبَ أَنْ لَا يخْتَص بِأَرْبَعِينَ كَالزِّنَا وَالْقَذْف تَفْرِيغ فِي الْجَوَاهِرِ وَكَيْفِيَّةِ الْجَلْدِ ضَرْبٌ بَيْنَ ضَرْبَيْنِ بِسَوْطٍ بَيْنَ سَوْطَيْنِ فِي زَمَانٍ بَيْنَ زَمَانَيْنِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَيُضْرَبُ قَاعِدًا وَلَا يُرْبَطُ وَلَا يُمَدُّ وَيُخْلَى لَهُ يَدَاهُ وَيُضْرَبُ عَلَى الظَّهْرِ وَالْكَتِفَيْنِ دُونَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَتُضْرَبُ الْمَرْأَةُ قَاعِدَةً وَعَلَيْهَا مَا يَسْتُرُهَا وَلَا يَقِيهَا الضَّرْبَ وَاسْتُحْسِنَ أَنْ تُقْعَدَ فِي قُفَّةٍ وَالْمُسْتَنَدُ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْحُدُودِ وَيُوَالَى بَيْنَ الضَّرْبِ وَلَا يفرق على الْأَيَّام حَتَّى تحصل الْحِكْمَة بالنهاية إِلَّا أَنْ يُخْشَى مِنْ تَوَالِيهِ هَلَاكُهُ وَلَا يُجْلَدُ حَالَ سُكْرِهِ حَتَّى يُدْرِكَ الْأَلَمَ وَلَا الْمَرِيضُ إِنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَيُؤَخَّرُ لِلْبَرْدِ فِي النَّوَادِرِ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ أَنَّ مُدْمِنَ الْخَمْرِ يُحَدُّ وَيلْزم السجْن إِن كَانَ خَلِيعًا وَقَدْ فَعَلَهُ عَامِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِابْنٍ لَهُ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أُخِذَ فِي الْأَسْوَاق أدّى النَّاسَ يُوصَلُ بِهِ إِلَى الْمِائَتَيْنِ وَيُعْلَنُ ذَلِكَ ويشهر بذلك بِحَالهِ وَيُقَامُ الْحَدُّ فِي الْحَرَمِ وَيُخْتَارُ لِلضَّرْبِ الرَّجُلُ الْعَدْلُ لَا الْقَوِيُّ وَلَا الضَّعِيفُ وَيُضْرَبُ قُدَّامَ الْقَاضِي احْتِيَاطًا وَيُطَافُ بِالْفَاسِقِ الْمُدْمِنِ وَيُعْلَنُ أَمْرُهُ ويفضح قَالَ ابْن الْقَاسِم وَضرب الْمَرْأَة دُونَ الرِّجَالِ وَيَجْلِدُ السَّيِّدُ عَبْدَهُ إِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ عِنْده
ويحضر لجلده رجلَيْنِ أَنْ يُعْتَقَ ثُمَّ يُقْذَفَ وَقَدْ تَقَدَّمَ تُقِيمُ الْمَرْأَةُ الْحَدَّ عَلَى مَمَالِيكِهَا وَإِنِ ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ الْحمل أخرت حَتَّى يتَبَيَّن أمرهَا والشارب فِي رَمَضَانَ جُلِدَ وَعُزِّرَ لِلشَّهْرِ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ رَأَيْتَ مُعْلِنًا رَفَعْتَهُ لِلْإِمَامِ وَيُسْتَرُ عَلَى صَاحِبِ الزَّلَّةِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ رَأَيْتَ جَارَكَ عَلَى ذَلِكَ تَقَدَّمْ إِلَيْهِ وَانْهَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ ارْفَعْهُ لِلْإِمَامِ وَإِنْ دُعِيَ الْإِمَامُ لِبَيْتٍ فِيهِ فِسْقٌ أَجَابَ إِنْ كَانَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ فِي النَّهْيِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ رَجُلَانِ فَرَأَوْا حَدًّا لَمْ يَسَعْهُ السَّتْرُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ حِينَئِذٍ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَلَهُ سَتْرُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُعْلِنًا فَيَرْفَعُهُ لِمَنْ فَوْقَهُ فَإِنْ أُنْهِيَ إِلَيْهِ أَن فرانا سَكرَان أَو على حد وَلم يَصح عِنْدَهُ أَوْ بِحَضْرَتِهِ فَلَا يُرْسِلُ خَلْفَهُ إِلَّا الْمُعْلن وَإِن بلغه أَن فِي بَيْتِ فُلَانٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالْفِسْقِ كَشَفَهُ وَتَعَاهَدَهُ ذُكِرَ عَنْهُ أَمْ لَا وَلَهُ نَقْلُهُ من مَكَانَهُ وتشريده وَغير الْمَشْهُور وَلَا يكشفه
(كِتَابُ مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ)
وَالنَّظَرِ فِي الْفِعْلِ وَمَرَاتِبِهِ ويندرج فِيهِ جِنَايَاتِ الْعَبِيدِ ثُمَّ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ ثُمَّ فِي إِفْسَادِ الْبَهَائِمِ فَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَنْظَارٍ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْأَفْعَالِ وَمَرَاتِبِهَا وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ عَبْدٌ رَجُلًا لَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا عَنِ الْعَبْدِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَهُ وَيَعْتَنِيَ السَّيِّدُ فَإِنْ دَفَعَ السَّيِّدُ لِأَخِيهِ نِصْفَ الدِّيَةِ تَمَّ فِعْلُهُ لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ وَإِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ كَون العَبْد بَينهمَا أَو يردهُ فَإِن دره فَلَهُمَا الْقَتْلُ وَالْعَفْوُ وَإِنْ عَفَوَا خُيِّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ إِسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ لِقَوْلِهِ عليه السلام (الْعَبْدُ فِيمَا جَنَى) وَعَنْهُ أَيْضًا الدُّخُولُ مَعَ أَخِيهِ فَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا لِشَرِكَتِهِمَا فِي الدَّمِ وَكَذَلِكَ إِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْقَاتِلَ وَزِيَادَةَ عَبْدٍ فَإِنْ
دَفَعَ السَّيِّدُ لِغَيْرِ الْعَافِي نِصْفَ الدِّيَةِ تَمَّ فِعْلُهُ وَإِلَّا دَفَعَ الْعَافِي لِأَخِيهِ نِصْفَ الْقَاتِلِ وَحْدَهُ وَيَتِمُّ فِعْلُهُ فَإِنْ أَبَى رَدَّ الْعَبْدَيْنِ (وَقُتِلَ الْقَاتِلُ إِنْ أَحَبَّا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الدَّمِ وَقيل يدْخل مَعَ قَتْلِهِ فِي الْعَبْدَيْنِ) لِأَنَّهُمَا ثَمَنُ الدَّمِ الَّذِي لَهُمَا فِي التَّنْبِيهَاتِ الْعَبِيدُ عِنْدَنَا ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ بَيْنَهُمْ فِي الْقِصَاصِ كَالْأَحْرَارِ بَيْنَهُمْ مَلَكَهُمْ وَاحِدٌ أَمْ لَا لِتَسَاوِيهِمْ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ كَانُوا لِوَاحِدٍ فَلَا لِأَنَّهُ مُضَاعَفَةُ ضَرَرِ النَّاسِ عَلَى السَّيِّدِ كَمَا لَا يُقْطَعُ الْعَبْدُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَعَ الْأَحْرَارِ مَنْ يُقْطَعُ فِي الْجِرَاحِ دُونَ النَّفْسِ فَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ إِنْ رَضِيَ الْوَلِيُّ وَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِهِ لِعَدَمِ التَّسَاوِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ أَبِي مَسْلَمَةَ يُقَادُ لِلْحُرِّ مِنَ الْعَبْدِ فِي الْجِرَاحِ إِنْ رَضِيَ الْحُرُّ وَلَا يُقَادُ لَهُ مِنَ الْحُرِّ وَإِنْ رَضِيَ الْحُرُّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه إِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا عَمْدًا إِنْ شَاءَ الْوَلِيُّ قَتله أَو استحياءه يَكُونُ عَبْدًا لَهُ وَإِنْ قَالَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ إِنَّمَا عَفَوْتُ لِيَكُونَ لِي نِصْفُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا بِدَلِيلٍ فَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ وَلَهُ فِدَاءُ نِصْفِهِ بِنِصْفِهَا مِنْ أَحَدِهِمَا وَإِسْلَامِ نِصْفِهِ لِلْآخَرِ وَإِنْ عَفَوْتَ عَنْ عَبْدٍ قَتَلَ عَمْدًا بَقِيَ لِمَوْلَاهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ رِقَّهُ فَيُخَيَّرُ السَّيِّدُ فِي فِدَائِهِ أَوْ إِسْلَامِهِ أَوْ قَتْلِ خَطَأٍ وَقِيمَتُهُ ثُلُثُ تَرِكَةِ الْقَتِيلِ جَازَ عَفْوُهُ لِأَنَّ الَّذِي يَجِبُ لَهُ فِي الدِّيَةِ الْعَبْدُ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ فَلَمَّا عَفَا صَارَ كَأَنَّهُ أَوْصَى بِهِ لِسَيِّدِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً وَالتَّرِكَةُ مِائَتَانِ جَازَ أَوِ التَّرِكَةُ بِمِائَةٍ فَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ ثُلُثَاهُ وَيُخَيَّرُ فِي فِدَاءِ الثُّلُثِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ أَوْ إِسْلَامِهِ وَقِيلَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوِ الدِّيَةُ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي أَنْ يُسَلَّمَ لَهُ الْعَبْدُ أَوْ يَفْدِيَهُ بِالدِّيَةِ كَانَ الْوَاجِبُ لَهُ فِي الدِّيَةِ أَحَدُهُمَا وَبِهِ أَوْصَى لَهُ فَيَجْعَلُ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ وَقِيلَ هَذَا لَا يُخَالِفُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ وَظَاهِرُهُ يُخَالِفُهُ فَإِنْ قَتَلَهُ خَطَأً وَأَوْصَى أَنْ يُعْفَى عَنْهُ وَيُرَدَّ لِسَيِّدِهِ وَلَا مَالَ لَهُ وَلَمْ يُخَيَّرْ لِلْوَرَثَةِ قَالَ أَشْهَبُ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي فِدَاءِ جَمِيعه
بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ لِأَنَّ ثُلُثَهَا عَنْهُ سَقَطَ بِالْوَصِيَّةِ أَوْ يُسَلَّمُ جَمِيعُهُ بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ لِأَنَّ اللَّازِمَ فِي الْجِنَايَةِ التَّخْيِيرُ لَا شَيْءَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ كَمَا لَو جرح عَبدك حرا جرحا دِيَتُهُ مِائَةٌ فَطَرَحَ عَنْكَ خَمْسِينَ فَلَكَ فِدَاءُ جَمِيعِهِ بِخَمْسِينَ أَوْ تُسَلِّمُ جَمِيعَهُ بِالْخَمْسِينَ وَكَالرَّهْنِ يَضَعُ الْمُرْتَهِنُ بَعْضَ حَقِّهِ بِجَمِيعِ الرَّهْنِ بِمَا بَقِيَ وَقَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إِلَّا ثُلُثُ أَو ثُلثي الدِّيَةِ وَإِنْ شَاءَ سَيِّدُهُ أَسْلَمَ ثُلُثَيْهِ أَوِ افْتَكَّهُمَا بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ وَثُلُثُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ بِالْوَصِيَّةِ أَسْلَمَ بَقِيَّتَهُ أَوْ فَدَاهُ بِخِلَافِ الْمَجْرُوحِ فَإِنَّهُ كَالرَّهْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنَّمَا كَانَ لِلْأَوَّلِ الْعَوْدُ لِلْقَتْلِ بَعْدَ تَقَدُّمِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا سَقَطَ الْقَتْلُ فَيَكُونُ جَمِيعُ الْعَبْدِ لَهُ فَلَمَّا اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ وَلَمْ تَكُنْ هُنَاكَ ذِمَّةٌ يَتْبَعُهَا عَادَ للْقَتْل بِخِلَافِ الْقَاتِلِ السَّيِّدِ الْعَبْدَ عَلَى إِنْ لَمْ يَجِدِ الْغَائِبُ دَفَعَ لِلْحَاضِرِ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنِ الْأَوَّلُ إِنْ لَمْ يَجِدِ الثَّانِي لِأَنَّ لَهُ ذِمَّةً يَتْبَعُهَا
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذا أعْتقهُ بَعْدَ عِلْمِكَ بِقَتْلِهِ لِرَجُلٍ خَطَأً وَأَرَدْتَ حَمْلَ الْجَنَابَة فَذَلِكَ لَكَ أَوْ قُلْتَ ظَنَنْتُ أَنَّهَا تَلْزَمُ ذِمَّتَهُ حَلَفْتَ عَلَى ذَلِكَ وَرُدَّ عِتْقُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ جَرَحَ الْحُرَّ وَحَلَفْتَ وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ مِثْلَ الْجِنَايَةِ أَوْ وَجَدَ مُعِينًا عَلَى أَدَائِهَا نَفَذَ الْعِتْقُ وَإِلَّا بيع مِنْهُ بقدها وَعُتِقَ الْفَاضِلُ وَإِنْ كَانَ لَا فَضْلَ فِيهِ أُسْلِمَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ) حَلَفَ مَا أَرَادَ الْحَمْلَ ثُمَّ دَفَعَ الْأَرْش وَقَبْضُ الثَّمَنِ وَفَسْخُهُ وَأُخِذَ الْعَبْدُ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِهِ قَالَ غَيْرُهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءُ الْمُبْتَاعُ دفع الأَرْض لَا يهم فَذَلِك لَهُم لِأَنَّهُ حَقهم وَيرجع على البَائِع بِالْأَقَلِّ بِمَا
افْتَكَّهُ أَوِ الثَّمَنِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِالسَّيِّدِ فغن افْتَكَّهُ الْبَائِعُ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ بِهَذَا الْعَيْبِ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَهُ الْبَائِعُ لَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ هَذَا فِي الْعَمْدِ وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَلَا وَهُوَ كعيب ذهب فِي التَّنْبِيهَاتِ لِلسَّيِّدِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إِنْ عَلِمَ الْجِنَايَةَ وَالْحُكْمَ أَسْلَمَ فِي الْعِتْقِ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ رَقِيقًا أَوْ يَفْدِيهِ وَيَمْضِي عِتْقُهُ وَفِي الْبَيْعِ إِنْ أَعْطَى الْجِنَايَةَ مَضَى الْبَيْعُ وَإِلَّا رَدَّهُ أويعلم الْجِنَايَةَ وَيَجْهَلُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِتْقُهُ وَلَا بَيْعه إِلَّا بعد تحمل الْجِنَايَة فَيحلف ماأراد التَّحَمُّلَ وَيَكُونُ لَهُ مِنَ الْخِيَارِ وَلِلْأَوْلِيَاءِ فِي البيع مَا تقدم الثَّالِث لَا يَعْلَمُ الْجِنَايَةَ وَلَا مَنَعَهُ عَنِ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا رَضِيَ بِالتَّحَمُّلِ فَيَمْضِي عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ لَيْسَ يَرْضَى وَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ التَّحَمُّل لَكِن يخلف وَصِفَةُ أَيْمَانِهِ أَنْ يَحْلِفَ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي بعد جَهْلِ ذَلِكَ وَفِي الثَّالِثِ مَا أَرَادَ تَحَمُّلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُسْتَحْلَفُ فِي كُلِّ هَذَا إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَدْ يُقَالُ يُسْتَحْلَفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِذَا رَضِيَ بِاتِّبَاعِهِ وَكَذَلِكَ إِن وظىء بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَحَمَلَتْ فِي الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ لَكِنْ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ مَلِيءٌ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا أَخَذَهَا أَهْلُ الْجِنَايَةِ فَإِنْ عَلِمَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَزِمَهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ رِضًا بِتَحَمُّلِ الْجِنَايَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِحَمْلِهَا فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ وَعَلَيْهِ هَذَا التَّفْصِيلُ وَالْخِلَافُ فِي الْعِلْمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَخَذَهَا أَهْلُ الْجِنَايَةِ فَإِنْ لَمْ تُحْمَلْ لَا يَكُونُ وَطْؤُهُ رِضًا بِالْجِنَايَةِ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَفِي النُّكَتِ إِذَا بِيعَ وَافْتَكَّهُ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ فَلِلْأَصْلِ إِنِ افْتَكَّهُ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ فَعُهْدَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ فَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَهْلِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ فِي الْأُولَى بَقِيَ لِلْبَائِعِ فَضْلٌ وَهُوَ قَدْ رَضِيَ بِتَمَامِ الْبَيْعِ بِخِلَافِ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِلْمُشْتَرِي الرَّد
بِالْعَيْبِ فِي الْعَمْدِ يُرِيدُ جِنَايَةَ عَمْدٍ فِي الْمَالِ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَمَّا فِي الْقِصَاصِ بِقَدْرٍ لَا يَنْفَعُ الْبَيَانُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُقْتَصُّ مِنْهُ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ يُبَاعُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ وَيُعْتَقُ مَا فَضَلَ يُرِيدُ لَا مَالَ للسَّيِّد وَإِلَّا يكمل عَلَيْهِ عتق جَمِيعه قَالَ مُحَمَّد وَيَنْبَغِي إِن كَانَ مُوسِرًا وَفِي الْعَبْدِ فَضْلٌ أَلَّا يَحْلِفَ السَّيِّدُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَمْلَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ إِذَا صُدِّقَ بِيعَ بَعْضُهُ فِي الْجِنَايَةِ وَعُتِقَ بَاقِيهِ فَيَلْزَمُهُ التَّقْوِيمُ فَيَلْزَمُهُ الْأَرْشُ وَإِنْ كَرِهَ قَالَ التُّونُسِيُّ الْعُهْدَةُ مُشْكِلَةٌ فِي الْعَبْدِ لِأَنَّهُمْ إِنْ أَجَازُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الثَّمَنَ عَلَى مَنْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي إِذَا اسْتَحَقَّ وَالْبَائِعُ لَوْ أَسْلَمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ فَاسْتَحَقَّ رَجَعَ الْمُسَمَّى لِلْمُشْتَرِي وَأَجَازَ أَهْلُ الْجِنَايَةِ الْبَيْعَ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ فَإِنْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لِعَدَمِ أَهْلِ الْجِنَايَةِ أَدْرَكَهُ ضَرَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِإِسْلَامِهِ فَسَقَطَتِ الْعهْدَة فَإِذا أَجَازُوا الْبَيْعَ وَالْمُشْتَرِي مَلِيءٌ أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا عَلِمَ الْبَائِعُ بِالْجِنَايَةِ وَبَاعَ فَقَدْ رَضِيَ بِالْعُهْدَةِ عَلَيْهِ إِنْ أَجَازُوا الْبَيْعِ قَال ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِك إِذَا حَلَفَ لَمْ يُرِدْ حَمْلَ الْجِنَايَةِ رُدَّ عِتْقُ الْعَبْدِ وَخُيِّرَ السَّيِّدُ فِي الِافْتِكَاكِ فَإِنِ افْتَكَّهُ كَانَ حرا لِأَنَّهُ أعْتقهُ أَو أسلمه وَله مَال أَو نَحوه معيبا بِقدر الْعتْق وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا فِي الْكِتَابِ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَمْلَ الْجِنَايَةِ رُدَّ عِتْقُهُ وَخُيِّرَ السَّيِّدُ فِي افْتِدَائِهِ وَيَبْقَى لَهُ عَبْدًا أَوْ يُسَلِّمُهُ عَبْدًا وَعَنِ الْمُغِيرَةِ إِذَا أَعْتَقَهُ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ ضَمِنَ كَإِيلَادِ الْأَمَةِ وَإِنْ جَرَحَ رَجُلَيْنِ فَعَلِمَ بِأَحَدِهِمَا فَأعْتقهُ
رَضِيَ فَحَمَلَ الْجِنَايَةَ وَدَفَعَهَا إِلَيْهِ ثُمَّ قَامَ الْآخَرُ فَعَلَيْهِ إِعْطَاءُ الْآخَرِ الْأَقَلَّ مِنْ أَرْشِ جرحه أَو نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ إِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ نِصْفَهُ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ نِصْفَهُ لِمَا حَدَثَ فِيهِ مِنَ الْعِتْقِ وَإِنْ جَنَى فَوَهَبَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِأَدَاءِ الْجِنَايَةِ وَحَلَفَ مَا أَرَادَ حملهَا فغن الْجِنَايَةَ أَوْلَى بِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَعْتَقَهُ وَالْجِنَايَةُ أَكْثَرُ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِحَمْلِهَا وَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الدِّيَةَ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْعَبْدِ مَالٌ يَقُومُ بِالْجِنَايَةِ أُخِذَ مِنْهُ وَعُتِقَ أَوْ وُجِدَ من يغيثه وَاخْتُلِفَ هَلْ يَبْدَأُ بِأَخْذِ مَالِهِ أَوْ يَتَخَيَّرُ السَّيِّدُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السَّيِّدَ يَفْتَدِيهِ لِلرِّقِّ يُبْتَدَأُ بِمَالِهِ وَبِمَنْ يُعِينُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ يَفْتَدِي لِعَدَمِ تَخْيِيرِ السَّيِّدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَفِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَنِ الْجِنَايَةِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ وَيُعْتَقُ الْبَاقِي (وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُعْتَقُ) كُلُّهُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ يَسْتَكْمِلُ عَلَيْهِ مَا قَابَلَ الْجِنَايَةَ وَقِيلَ يُسَلَّمُ كُلُّهُ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ الأَصْل فِي جِنَايَة أَن لَا يُبَاع إِلَّا بعد حَقّهَا وَالْأول يَقْتَضِي أَن لَا يُسْتَكْمَلَ عَلَى الْمُعْتِقِ وَإِلَّا لَا يُسْتَكْمَلُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ وَإِنَّمَا أُعْتِقَ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنْ بَابِ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ لِأَنَّ السَّيِّدَ بَرِيءٌ مِنْهُ بِالْبَيْعِ فَعِتْقُ الْبَاقِي أَوْلَى مِنْ رِقِّهِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ جَنَى فَقَالَ أَبِيعُهُ وَأَدْفَعُ الْأَرْشَ عَنْ ثَمَنِهِ مُنِعَ إِلَّا أَنْ يَضْمَنَ وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ أَوْ يَأْتِيَ بِضَامِنٍ ثِقَةٍ فَلْيُؤَخَّرِ الْيَوْمَيْنِ وَنَحْوَهُمَا وَإِلَّا فَدَاهُ أَوْ أَسْلَمَهُ لِأَنَّ
الْأَصْلَ تَعَيُّنُهُ لِلْجِنَايَةِ فَإِنْ بَاعَ وَدَفَعَ دِيَةَ الْجُرْحِ جَازَ بَيْعُهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ فَالْأَحْسَنُ إِجَابَتُهُ لِلْبَيْعِ لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إِذَا أَخَذَ حَقَّهُ سَقَطَ مَقَالُهُ وَاخْتُلِفَ إِذَا أَسْلَمَهُ السَّيِّدُ وَأَرَادَ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ نَقْضَ الْبَيْعِ فَدَفَعَ الْمُشْتَرِي الْجِنَايَةَ فَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ تَتْمِيمًا لِلْعَقْدِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْفِدَاءِ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ لِأَنَّ الْبَائِعَ بَرِيءٌ مِنْهُ وَأَسْلَمَهُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ فَصَارَ مِلْكًا لَهُمْ فَلَا يُبَاعُ إِلَّا بِرِضَاهُمْ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ إِنْ كَانَ فِي الثَّمَنِ فَضْلٌ عَلَى الْجِنَايَةِ وُقِفَ فَإِنْ رَجَعَ السَّيِّدُ أَوِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إِلَى إِجَازَةِ الْبَيْعِ أَخَذُوهُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْجِنَايَة لم تسلم وَابْنهَا مَعَهَا إِذْ يَوْمَ الْحُكْمِ يَسْتَحِقُّهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَلْ تُسَلَّمُ بِمَا لَهَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَقَالَهُ أَشهب فِي الْوَطْء وَالْمَالِ لِأَنَّهُ جُزْؤُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ الْمُغِيرَةُ إِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَهُوَ رَهْنٌ مَعَهَا فِي الْجِنَايَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ مَاتَتْ فَأَهْلُ الْجِنَايَةِ أَحَقُّ بِمَالِهَا إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ السَّيِّدُ الْأَرْشَ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْجِنَايَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَزِرُ وَازِرَة وزر أُخْرَى} إِلَّا أَنْ يَتَسَبَّبَ السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يُجِيعَهُ فَيَسْرِقُ فَفِي كَوْنِ الْجِنَايَةِ حِينَئِذٍ فِي رَقَبَتِهِ أَوْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ قَوْلَانِ (وَقَضَى عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى حَاطِبٍ لَمَّا أَجَاعَ عَبِيدَهُ حَتَّى سَرَقُوا بَعِيرًا بِقِيمَةِ الْبَعِيرِ وَثَنَّى عَلَيْهِ عُقُوبَةً) فَإِنْ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِذَلِكَ فللمجني عَلَيْهِ اتِّبَاع السَّيِّد قولا وَاحِدًا يتبع بهَا
الْعَبْدُ فَيُفْدَى مِنْهُ أَوْ يُسَلَّمُ وَاخْتُلِفَ إِذَا أسلمه وَله مَال فسلمه بِمَالِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْعِتْقِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي أُمِّ الْوَلَدِ تَجْنِي تُقَوَّمُ بِغَيْرِ مَالِهَا وَقِيلَ تُقَوَّمُ بِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُقَوَّمُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ مَالٍ وَإِنْ جَنَتْ حَامِلًا أُسْلِمَتْ عَلَى هَيْئَتِهَا وَالْحَمْلُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ وَضَعَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَمْ يُسْلَمِ الْوَلَدُ لِانْفِصَالِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَإِنْ حَمَلَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ ثُمَّ وَضَعَتْ فَخِلَافٌ وَالْإِسْلَامُ أَحْسَنُ لِتَجَدُّدِهِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَعَلَى قَوْلٍ لَا يُسلمهُ إِذا جنت حَامِلا وَالِاسْتِثْنَاء لتجد بعد فِيهِ هَا هُنَا أخف من الِاسْتِثْنَاء فِي الْبَيْعِ وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ عَبْدًا فَقَتَلَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِمْ فَالْمَالُ لِلسَّيِّدِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الَّذِي كَانَ لَهُمْ هُوَ نَفْسُ الْقَاتِلِ وَقَدْ أَخَذُوهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا عَفَوْا عَنْهُ وَأُسْلِمَ إِلَيْهِمْ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُسَلَّمُ مَالُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِالْقَتْلِ إِلَّا رَقَبَتَهُ وَإِنْ أَسْلَمَهُ لِيَسْتَحْيُوهُ فَقَتَلُوهُ اسْترْجع المَال مِنْهُم
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا جَنَى الْمَأْذُونُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ تِجَارَةٍ فَأَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَابْتَاعَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَلَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ بِالثَّمَنِ فَلَيْسَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ أَخْذُهُ إِلَّا بِدَفْعِ الثَّمَنِ لِلْمُبْتَاعِ وَلَوْ أسلمه سَيّده أَو لَا بِالْجِنَايَةِ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ صَارَ لَهُ أَخْذُهُ إِلَّا بِدَفْعِ الثَّمَنِ وَأَمَّا الدَّيْنُ فَبَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنِ الْعَبْدِ وَعَمَّنْ يَصِيرُ لَهُ مَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُؤْسَرَ فِي رَقَبَتِهِ فِي النُّكَتِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا بِيعَ فِي الْمَغْنَمِ وَوَجَدَهُ سَيِّدُهُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي يَفْتَكُّهُ إِنْ أَحَبَّ بِالثَّمَنِ وَالْجِنَايَةُ فِيهَا أَو يُسلمهُ بِخِلَاف قَول سَحْنُون إِنَّمَا يقبله بِالْأَرْشِ بَين الْجِنَايَةِ أَوِ الثَّمَنِ لِلُزُومِ الْجِنَايَةِ لَهُ قَبْلَ الْأَسْرِ فَإِنْ صَارَ فِي سَهْمِ رَجُلٍ مِنَ الْمَغْنَمِ ثُمَّ جَنَى ثُمَّ قَامَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ وأتى
السَّيِّدُ خُيِّرَ السَّيِّدُ الْأَوَّلُ بَيْنَ افْتِكَاكِهِ وَإِسْلَامِهِ فَإِنِ افْتَكَّهُ بِالَّذِي صَارَ فِي السَّهْمِ ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَقْلَ جِنَايَتِهِ وَإِنْ فَضَلَ ذَلِكَ لِلَّذِي صَارَ فِي سَهْمِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ أَكْثَرَ مِمَّا صَارَ لَهُ فِي السَّهْمِ افْتَكَّهُ بِالْأَرْشِ وَكَانَ ذَلِكَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ أَبَى السَّيِّدُ الْأَوَّلُ أَنْ يَفْتَكَّهُ بِذَلِكَ خُيِّرَ الَّذِي صَارَ فِي سَهْمِهِ فِي إِسْلَامِهِ لِلْمَجْرُوحِ أَوْ يَفْتَكُّهُ بِالْعَقْلِ فَإِنْ جَنَى ثُمَّ غنم ثمَّ جنى بديء الْآخَرُ قَالَ التُّونُسِيُّ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ أَن المُشْتَرِي دَفَعَ الْجِنَايَةَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ كَمَنْ جَنَى عَبْدُهُ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ وَأَسْلَمَهُ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي دَفْعَ الْأَرْشِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيرجع البَائِع بِالْأَقَلِّ وَقد يكون المُشْتَرِي هَا هُنَا يُخَالِفُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْمَالِكِ الَّذِي جَنَى عَبْدُهُ لِأَنَّهُ هُنَاكَ أَخَذَهُ مِنْ أَهْلِ الْجِنَايَةِ فَرَجَعَ على البَائِع مِنْهُ بِالْأَقَلِّ وَهَا هُنَا إِذَا فَدَاهُ مِنْ أَهْلِ الْجِنَايَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ فَحَلَّ أَهْلُ الْجِنَايَةِ مَحَلَّ صَاحِبِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ وَقد يُقَال المُشْتَرِي هَا هُنَا أَقْوَى مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدٍ فَصَارَتْ شُبْهَةً بِالشِّرَاءِ وَقَدْ قَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّ أَهْلَ الْجِنَايَةِ يُقَدَّمُونَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا لَمْ يَفْدِهِ صَارَ مِلْكًا لَهُمْ لَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ إِنَّ أَهْلَ الْجِنَايَةِ مَلَكُوهُ لِقَوْلِهِ عليه السلام (الْعَبْدُ فِيمَا جَنَى) وَقَدْ أَسْنَدَهُ كَالشِّرَاءِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ جَنَى فَلَمْ يُحْكَمْ فِيهِ حَتَّى جَنَى جِنَايَاتٍ فَإِمَّا فَدَاهُ بِدِيَاتِهِمْ أَجْمَعَ أَوْ أَسَلَمَهُ إِلَيْهِمْ فَيَتَحَاصَصُوا فِيهِ بِقَدْرِ جِنَايَةِ كُلِّ وَاحِدٍ وَلَوْ فَدَاهُ ثُمَّ جَنَى فَدَاهُ ثَانِيَةً أَوْ أَسْلَمَهُ لِلْحَدِيثِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْقَوْلِ إِنَّهُ بِالْجِنَايَةِ الْأُولَى مِلْكٌ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَتَّى يَفْتَدِيَ مِنْهُ يُخَيَّرُ الْأَوَّلُ إِذَا أَسْلَمَ إِلَيْهِ بَيْنَ أَنْ يُسْلِمَهُ أَوْ يَفْدِيَهُ مِنَ
الثَّانِي فَإِنْ جَنَى ثُمَّ جُنِيَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ فِدَائِهِ أَوْ يُسلمهُ وَمَا أَخذ فِي جِنَايَته وَقبل نَقْصِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ بِحِصَّةِ الْعَبْدِ أَوْ يُسْلِمُهُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ بِمَا أَخَذَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ قِيمَةِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ وَيَكُونُ الْفَضْلُ فَإِن جنى ثمَّ حني عَلَيْهِ ثمَّ حَنى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَسْلَمَهُ أَسْلَمَ مَعَهُ دِيَةَ جُرْحِهِ فَكَانَ ذَلِكَ لِلْمَجْرُوحِ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ وَيَقْتَسِمَانِ الْعَبْدَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْجِنَايَتَيْنِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَى الْأَوَّلِ مِمَّا أَخَذَ شَيْءٌ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يَتَحَاصَّانِ فِي الْعَبْدِ وَدِيَّةِ الْجُرْحِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَسْلَمَهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ دِيَةِ الْجُرْحِ الَّتِي كَانَتْ وَجَبَتْ لِلْعَبْدِ وَلِلسَّيِّدِ نِصْفُهَا لِأَنَّهُ جَرَحَ الْأَوَّلَ صَحِيحًا فَلَهُ نِصْفُهُ صَحِيحًا وَجَرَحَ الثَّانِي مَقْطُوعَ الْيَدِ فَلَهُ نِصْفُهُ كَذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ دِيَةُ الْجُرْحِ الأول الْحَرج الأول ينْسب لِلْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ ثُلُثَهُ فَقَدْ أَخَذَ الْمَجْرُوحُ ثلث حَقه وَيضْرب فِي العَبْد فِي الثُّلثَيْنِ وَيضْرب للثَّانِي بِجُرْحِهِ كُلِّهِ قَالَ مُحَمَّدٌ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ للسَّيِّد فِي قِيمَةِ جُرْحِهِ بِالْخِيَارِ لِأَنَّ الْعُضْوَ الذَّاهِبَ كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بَعْضُ الْجِنَايَةِ وَقَدْ أَخذ البعوض عَنْهُ فَيَجْعَلُ عَلَيْهِ مَا يَنُوبُهُ وَيَحُطُّ عَنِ الثَّانِي
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ فَجَنَى قَبْلَ الْقَضَاءِ لِتَكْمِيلِهِ لَمْ يَكُنْ كَالْحُرِّ إِذْ لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ قَبْلَ الْحُكْمِ رُقَّ بَاقِيهِ بَلْ يَلْزَمُ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ أَوْ نِصْفِ الْأَرْشِ وَيُكْمِلُ عِتْقَهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ نِصْفُ الْأَرْشِ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ بِكُلِّ حَالٍ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْقِيَامِ فَنِصْفُ الْأَرْشِ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ فِي إِسْلَامِ النِّصْفِ الرَّقِيقَ أَوْ يَفْدُونَهُ وَيَكُونُ لَهُمْ رِقًّا فَإِنْ أَعْتَقَ الْمَلِيءُ شِقْصًا مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ فَجَنَى قَبْلَ التَّقْوِيمِ خُيِّرَ الْمُتَمَسِّكُ فِي فدَاء
شِقْصِهِ وَتَقْوِيمِهِ عَلَى الْمُعْتَقِ أَوْ يُسْلِمُهُ فَيُقَوِّمُهُ الْمُسلم إِلَيْهِ على الْمُعْتق بقمته يَوْمَ الْحُكْمِ مَعِيبًا لِأَنَّهُ كَذَلِكَ مَلَكَهُ وَيُتْبَعُ الْعَبْدُ لَا الْعَاقِلَةُ بِنِصْفِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ جَاوَزَ ثُلُثَ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا لَا تُحْمَلُ عَنْ عَبْدٍ فَإِنْ وَهَبَ الْمُتَمَسِّكُ حِصَّتَهُ مِنْهُ لِرَجُلٍ بَعْدَ العبق فَالتَّقْوِيمُ لِلْمَوْهُوبِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ بِمَعْلُومٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةً مَجْهُولَةً وَهُوَ غَرَرٌ وَلَا غَرَرَ فِي الْهِبَةِ وَإِنْ جَنَى الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ أَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ فَلِسَيِّدِهِ أَوْ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ مِنْهُ وَلِلْعَبْدِ أَوْ عَلَيْهِ بِقَدْرِ الْمُعَتَقِ مِنْهُ وَتَبْقَى حِصَّةُ الْعَبْدِ فِيمَا يَأْخُذُ مِنْ أَرْشٍ بِيَدِهِ كَمَا لَهُ وَكَانَ ملكه يَقُولُ يَأْخُذُ مَنْ لَهُ رِقٌّ فِيهِ الْأَرْشَ كُلَّهُ كَأَرْشِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَخْتَلِفُ فِي صِفَةِ التَّقْوِيمِ إِذَا لَمْ يُقَّوَّمْ حَتَّى جَنَى فَإِنِ افْتَدَاهُ قُوِّمٌ قِيمَةً وَاحِدَةً وَيُقَالُ كَمْ قِيمَةُ جَمِيعِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ لَهُ أَنْ يَدْعُوَهُ إِلَى بَيْعِ جَمِيعِهِ فَيَأْخُذُ نِصْفَ تِلْكَ الْقِيمَةِ إِن كَانَت مائَة خَمْسِينَ فَإِنْ أَسْلَمَهُ زِيدَ تَقْوِيمُ نِصْفِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ عَتِيقٌ فَإِنْ قِيلَ ثَلَاثُونَ فَلَهُ عِشْرُونَ وَهِيَ فَضْلُ مَا بَيْنَ نصف قِيمَته قبل العبق وَبَعْدَهُ وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِهِ الْبَاقِي يَوْمَ يقوم على أَن نس = صفه عَتِيقٌ وَعَلَى الْقَوْلِ إِنَّهُ حُرٌّ بِالسَّرَايَةِ لِلشَّرِيكِ نصف الْقيمَة يَوْم الْعتْق وللمجني عَلَيْهِ قمية جَمِيعِ الْمَجْنِيِّ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ الْعتْق مُفْسِدا بَقِي النّصْف رَقِيقا وَقسمت الْجِنَايَة على الْعتْق وَالرَّقِيق وَيُخَير المتمسك بِالرّقِّ بَين فدائه أَو إِسْلَامه قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا شَيْءَ لِلسَّيِّدِ فِي مَالِهِ إِنِ افْتَدَاهُ وَلَا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إِنْ أُسْلِمَ إِلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مَالُهُ كُلُّهُ عَنِ الْعِتْقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ فَإِنْ قَصُرَ مَالُهُ عَمَّا يَنُوبُهُ أُخِذَ مِنْ كَسْبِهِ مَا يَفْضُلُ مِنْ عَيْشِهِ وَكِسْوَتِهِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنَ الْمَالِ إِلَّا نِصْفُهُ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنُوبُ الْعَبْدَ وَيَأْخُذُ الشَّرِيكُ النِّصْفَ لِأَنَّهُ إِذَا دَفَعَ النِّصْفَ فِي الْجِنَايَةِ كَانَ ذَلِكَ مُقَاسَمَةً فَأَخَذَ الشَّرِيكُ نِصْفَهُ وَكَذَلِكَ كَسْبُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْفَاضِلُ عَنْ عَيْشِهِ وَإِذَا جُنِيَ عَلَيْهِ فَثَلَاثَةُ أوقال نِصْفُهَا لِلسَّيِّدِ وَنِصْفُهَا لِلْعَبْدِ وَجَمِيعُهَا لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ كقيمته
إِذَا قَتَلَ وَجَمِيعُهَا لِلْعَبْدِ كَمَا لَهُ وَإِنْ عُتِقَ وَهُوَ مُوسِرٌ وَبَاعَ الْمُتَمَسِّكُ وَالْمُشْتَرِي عَالِمٌ بِالْعِتْقِ فَالْحُكْمُ التَّقْوِيمُ وَمَتَى عُلِمَ بِالتَّقْوِيمِ وَالْيَسَارِ فُسِخَ الْبَيْعُ لِفَسَادِهِ فَإِنْ فَاتَ بِحِوَالَةِ سُوقٍ فَمَا فَوْقَهَا فَالْقِيمَةُ فِيهِ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ عَتِيقٌ وَأَنَّهُ يُقَوَّمُ وَإِنْ جَهِلَ التَّقْوِيمَ صَحَّ الْبَيْعُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ عَيْبٍ فَلَا تُفِيتُهُ حِوَالَةُ سُوقٍ وَتُفِيتُهُ الْعُيُوبُ فَمَا فَوْقَ وَإِنْ أَحَبَّ التَّمَسُّكَ مَعَ الْقِيَامِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُقَوِّمَ عَلَى الْمُعْتِقِ فَذَلِكَ لَهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّدِّ كَالْمُبْتَدِي شِرَاءً يُفْسَخُ وَيُمْنَعُ التَّمَسُّكُ وَإِنْ عُلِمَ بِالْعِتْقِ وَلَمْ يعلم يسر الْمُعْتِقِ حُطَّ عَنْهُ عَيْبُ التَّقْوِيمِ وَلَزِمَهُ التَّقْوِيمُ عَلَى الْمُعْتَقِ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى أَعْسَرَ الْمُعْتِقُ سَقَطَ قِيَامُهُ إِنَّ كَانَ عَالِمًا بِالْعِتْقِ وَلم يعلم يسره وَإِن لم يكن علم بِالْعِتْقِ وَأَعْسَرَ الْمُعْتِقُ فَمَقَالُهُ لِعَيْبِ الْعِتْقِ يُرَدُّ مَعَ الْقِيَامِ وَإِنْ فَاتَ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ رَجَعَ بِعَيْبِ الْعِتْقِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ أَوْ عِتْقِ ثُلُثِهِ بَتْلًا فَإِنْ أَجَازَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ تَمَامَ الشَّهْرِ وَعُتِقَ فَإِنْ أَسْلَمَهَا خَدَمَ الْعَبْدُ فِي الْجِنَايَةِ تَمَامَ الشَّهْرِ وَعُتِقَ وَأُتْبِعَ بِقِيمَةِ الْأَرْشِ فِي ذِمَّتِهِ لِتَأَخُّرِ الْجِنَايَةِ عَنْ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ وَإِنِ افْتَكَّهُ الْوَارِثُ خَدَمَهُمْ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ ثُمَّ عُتِقَ وَلَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ لِأَنَّ مَا يُفْدَى صَارَ كَالرَّقِيقِ وَإِنْ لم
يُجِزِ الْوَارِثُ الْوَصِيَّةَ عُتِقَ مِنَ الْعَبْدِ مَحْمَلُ الثُّلُثِ ثُمَّ إِنْ جَنَى اتُّبِعَ بِمَا يَنُوبُ مَا عبق مِنْهُ وَيُخَيَّرُ الْوَارِثُ فِي إِسْلَامِ مَا رُقَّ مِنْهُ وفدائه فَإِن جنى قيل يُخَيّر الْوَارِث فِي ضيق الثُّلُثُ خُيِّرَ بَيْنَ فِدَائِهِ وَيَخْدِمُهُ إِلَى أَجَلٍ وَيُعْتَقُ وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ فَيَكُونُ قَدْ أَجَازَ الْوَصِيَّةَ وَإِنْ أَبَى عُتِقَ مِنْهُ بَتْلًا مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَأُتْبِعَ مِنَ الْأَرْشِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ وَخُيِّرَ فِي فِدَاءِ مَا رُقَّ مِنْهُ وَإِسْلَامِهِ وَإِنْ جَنَى مُوصًى بِعِتْقِهِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فللسيد فداؤه وإسلامه فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ عَلَى الْوَصِيَّةِ أَوْ أَسْلَمَهُ بطلت فَإِن لم يقد الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ فَالْعَبْدُ رَهَنٌ بِالْجِنَايَةِ فَإِنْ أَسْلَمَهُ الْوَرَثَةُ رُقَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَو فاتدوه عتق فِي الثُّلُث فَإِن بتل عتقه فِي مَرَضِهِ فَجَنَى وَلَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ كَالْعَقَارِ يومالعتق فَهُوَ كَالْحُرِّ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَمِنْهُ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ فِي الْعَمْدِ وَيَتْبَعُ الْعَاقِلَةَ فِي الْخَطَأِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا غَيْرَ مَأْمُونٍ وُقِفَ لِمَوْتِهِ وَكَانَ كَالْمُدَبَّرِ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ اتُّبِعَ بِالْجِنَايَةِ أَوْ بِحِصَّةِ مَا حَمَلَ مِنْهُ وَخُيِّرَ الْوَارِث فَارق وَكَذَلِكَ إِنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ فَجَنَى بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَبْلَ أَنْ يُقَوَّمَ فِي الثُّلُثِ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثَ عُتِقَ وَأُتْبِعَ دَيْنًا كَالْمُدَبَّرِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ وَهُوَ كَالْعَبْدِ مَا لَمْ يُقَوَّمْ فِي الثُّلُث وَإِن كَانَ الثللاث يَحْمِلُهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَمْوَالُ السَّيِّدِ مَأْمُونَةً فَهُوَ فِي جِنَايَتِهِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ وَإِنْ قتل فِي الْمَرَضِ وَلَا مَالَ لَهُ أَوْ مَالٌ غير مَأْمُون فجنى العَبْد جناة وَلَمْ يُنْظَرْ فِيهَا حَتَّى أَفَادَ السَّيِّدُ فِي مَرَضِهِ مَالًا مَأْمُونًا بُتِلَ عِتْقُ الْعَبْدِ وَأُتْبِعَ بِالْجِنَايَةِ فِي الذِّمَّةِ وَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ لِأَنَّهُ يَوْمَ جَنَى كَانَ مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ جِنَايَتَهُ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ إِلَّا إِذَا حَمَلَ مَعَهُمْ فَإِنْ جَنَى فِي مَرَضِ السَّيِّدِ أَوْ قُتِلَ فَعَقْلُهُ عَقْلُ عَبْدٍ لِأَنَّهُ لَا تُتِمُّ حُرْمَتُهُ حَتَّى تَكُونَ أَمْوَالُ السَّيِّدِ مَأْمُونَةً وَإِنْ بَتَلَهُ فِي الْمَرَضِ فَجَنَى جِنَايَةً ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ عُتِقَ ثُلُثُهُ وَأُتْبِعَ بِثُلُثِ الْأَرْشِ وَخُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي فِدَاءِ مَا رُقَّ مِنْهُ وَإِسْلَامِهِ وَهَذَا وَالْمُدَبَّرُ
سَوَاءٌ وَإِنْ صَحَّ السَّيِّدُ عُتِقَ الْعَبْدُ وَأُتْبِعَ بِالْجِنَايَةِ وَإِذَا وُقِفَ الْمُبَتَّلُ لَمْ يُقَلْ لِسَيِّدِهِ أَسْلِمْهُ أَوْ أَفْدِهِ كَمَا يَجْنِي فِي الْمُدَبَّرِ لِأَنَّ هَذَا لَا خِدْمَةَ فِيهِ وَلَا رِقَّ وَفِي الْمُدَبَّرِ الْخِدْمَةُ وَعَلَى هَذَا ثَبَتَ بَعْدَ أَنْ قَالَ غَيْرُهُ وَإِذَا وُقِفَ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ وُقِفَ مَالُهُ مَعَهُ فَإِنْ جَنَى لَمْ يُسْلَمْ مَا لَهُ فِي جِنَايَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْتَقُ بَعْضُهُ إِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ إِنِ افْتَكَّ مَا رُقَّ مِنْهُ أَخَذَ مَالَهُ أَوْ أَسْلَمَهُ فَلَا يَأْخُذُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْئًا وَيَقِفُ الْمَالُ مَعَهُ لِأَنَّ مَنْ دَخَلَهُ حُرِّيَّةٌ وُقِفِ مَالُهُ وَإِنْ قَالَ أَعْتِقُوا عَبْدِي فُلَانًا بَعْدَ مَوْتِي فَجَنَى بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَهُوَ كَالْمُدَبَّرِ يَجْنِي بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عُتِقَ وَكَانَتِ الْجِنَايَةُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِلَّا خُيِّرَ الْوَارِث فِي اسلام مَا نابه فِيهِ فِي بَاقِي الْجِنَايَةِ أَوْ يَفْدِيهِ بِأَرْشِ مَا بَقِي وَإِن أوصى أنيشتري عبد بِعَيْنِه فَيعتق فاشتى ي فَجَنَى قَبْلَ الْعِتْقِ فَهُوَ كَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ يَجْنِي بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ فَيُعْتَقُ وَيُتْبَعُ بِالْجِنَايَةِ فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ لَهُمْ إِذَا اشْتَرَوْهُ أَنْ لَا يَفْتَدُوهُ وَيُبَدِّلُوهُ بِغَيْرِهِ إِنْ كَانَ أَفْضَلَ لِلْمَبِيعِ فِي التَّنْبِيهَاتِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِي الْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُ يَخْدِمُهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ إِذَا أَدَّاهَا قَبْلَ موت سَيّده رَجَعَ إِلَيْهِ ووقف مَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْأَرْشُ حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهُ عُتِقَ فِي ثُلُثِهِ فَمَا عُتِقَ كَانَ عَلَيْهِ مِمَّا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لِرَبِّهِ وَخُيِّرَ الْوَارِثُ فِيمَا رُقَّ مِنْهُ وَقِيلَ يُنْظَرُ إِلَى قِيمَةِ الرَّقَبَةِ وَالْجِنَايَةِ (إِنْ عَيَّنَ فِيهَا الْجِنَايَةَ) إِنْ عُتِقَ لِأَنَّهُ أَحَقُّ مِنَ الدَّيْنِ فَلَا مَعْنَى لِتَوْقِيفِ عِتْقِهِ وَلَا حَقَّ فِيهِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لِغَرِيمٍ وَلَا وَارِثٍ فِي النُّكَتِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْمُوصَى بِعِتْقِهِ لَا يُقَوَّمُ فِي الْجِنَايَةِ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَيَفْتَكُّهُ الْوَرَثَةُ قَالَ تَسْقُطُ قِيمَةُ الْعِبْدِ مِنْ مَالِ الْمَيِّت فِي وَقل ابْن الْقَاسِم ثمَّ يكون مَا بعد مَا هُوَ مَالُهُ فَإِنْ كَانُوا فَدَوْهُ بِالثُّلُثِ فَأَدَّى عُتِقَ كُلُّهُ أَوْ
أَكْثَرُ عُتِقَ مِنْهُ قَدْرُ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ بعد اسقاط الْعدَد مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ قَالَ التُّونُسِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْمُوصَى بِعِتْقِهِ أَيُجْعَلُ فِي الثُّلُثِ فَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَشْبَهُ أَنَّ مَا دَفَعُوهُ فِي فِدَائِهِ يَذْهَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَجَائِحَةٍ أَتَتْ عَلَيْهِ وَتُضَافُ قِيمَتُهُ إِلَى مَا بَقِيَ مَنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَإِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ عُتِقَ وَإِلَّا مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَالْمَدْفُوعُ فِي الْجِنَايَةِ كَالتَّالِفِ مِنَ الْمَالِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُجْعَلُ مَا فَدَوْهُ كَأَنَّهُمُ اشْتَرَوْهُ مِنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا تُضَافُ قِيمَتُهُ إِلَى مَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ لِأَنَّ أَهْلَ الْجِنَايَةِ مَلَكُوا الْجَانِيَ فَأَشْبَهَ الْمُوصِي بِأَن يَشْتَرِي فَلَانٍ فَيُعْتَقُ لَا يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ بَلِ الثَّمَنِ فَإِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ يُرَدُّ لَكَ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ شَهْرٍ إِذَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لِلْوَرَثَةِ إِجَازَةُ الْعِتْقِ إِلَى شَهْرٍ وَيَحْمِلُونَ الْجِنَايَةَ ثُمَّ يُخَيَّرُونَ فِي إِسْلَامِ الْخِدْمَةِ أَوِ افْتِدَائِهِ بِالْجِنَايَةِ وَكَانَ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بَعْدَ الْجِنَايَةِ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يفعلوه فبلها مِنَ الْإِجَازَةِ وَالْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ إِذَا وُقِفَ لِيُنْظَرَ أَمْرُهُ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يُخَيَّرُونَ فِي إِسْلَامِ خِدْمَتِهِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَرَادَ تَعْجِيلَ عِتْقِهِ وَإِنَّمَا وُقِفَ مِنْ جِهَةِ الْأَحْكَامِ فَيَجِبُ إِيقَافُ خَرَاجِهِ مَعَهُ فَإِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ بَقِيَ خَرَاجُهُ مَعَهُ وَقِيلَ يُخَيَّرُونَ فِي إِسْلَامِ خدمته لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى تَعْجِيلِ عِتْقِهِ فَالْخِدْمَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ فَأَشْبَهَ الْمُعْتَقَ إِلَى أَجَلٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ فِي الْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ إِنْ وُقِفَ لَا يُسْلَمُ مَالُهُ فِي جِنَايَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْتَقُ بَعْضُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ يَلْزَمُهُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يُسْلَمُ مَالُهُ فِي جِنَايَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْتَقُ بَعْضُهُ بَلِ الْعِلَّةُ أَنَّ الْمُبَتَّلَ فِي الْمَرَضِ يَتْبَعُهُ مَالُهُ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ السَّيِّدُ فَالسَّيِّدُ لَا يَمْلِكُ خِدْمَتَهُ وَلَا مَالَ لَهُ فَلَا يُسْلَمُ مِنْهُ مَا لَا يَمْلِكُهُ كَمَا لَا يُسَلِّمَ رَقَبَتَهُ وَلَهُ فِي الْمُدَبَّرِ الْخِدْمَةُ وَانْتِزَاعُ الْمَالِ قَالَ اللَّخْمِيّ الْمُوصى
بِعِتْقِهِ إِذَا لَمْ يُفْدَ وَلَمْ يُسَلَّمْ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنِ افْتَدَوْهُ عُتِقَ مِنَ الثُّلُثِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَكُونُ رَقِيقًا لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مَلَكَتْهُ وَالْفِدَاءُ كَالشِّرَاءِ وَإِنْ قَالَ إِنْ مِتُّ فَهُوَ حُرٌّ وَالْمَالُ مَأْمُونٌ وَالْجِنَايَةُ خَطَأٌ تَبْلُغُ الثُّلُثَ حَمَلَتْهَا الْعَاقِلَةُ وَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ مُتَمَوِّلُهُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ (فَإِنْ لَمْ يُجِيزَا يُعْتَقُ ثُلُثُهُ وَتُفَضُّ الْجِنَايَةُ فَمَا نَابَ الْعَتِيقَ اتُّبِعَ بِهِ أَوِ الرَّقِيقَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي افْتِدَائِهِ وَاخْتُلِفَ إِنْ أَجَازُوا فَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَحْمِلُوا ثُلُثَيِ الْجِنَايَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُخَيَّرُوا وَالْجِنَايَةُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعِتْقَ مِنَ الْمَيِّتِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَن الثُّلثَيْنِ ملك لَهُم فَإِذا أَجَازُوا كَانَ الْعِتْقُ مِنْهُمْ وَإِنْ قَالَ هُوَ حر بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إِعْطَاءِ الْأَرْشِ كُلِّهِ وَلَهُمْ خِدْمَةُ الْعَبْدِ أَوْ يُعْتَقُ ثُلُثُهُ ويخيروا فِي افتداء الثُّلثَيْنِ وَقَالَ مُحَمَّد إِن شاؤوا أَنْفَذُوا الْوَصِيَّةَ وَالْخِدْمَةَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إِلَى تَمَامِ الشَّهْرِ فَيُعْتَقُ وَيُتْبَعُ بِمَا بَقِيَ إِلَّا أَنْ يَشَاءُوا أَنْ يَفْدُوا تِلْكَ الْخِدْمَةَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى أَن لَا يُتْبَعَ الْعَبْدُ أَوْ لَا يُنْفِذُوا الْوَصِيَّةَ وَيَعْتِقُوا ثُلُثَهُ وَتُفَضُّ الْجِنَايَةُ قَالَ وَأَرَى أَنْ يُخَيَّرُوا فِي عِتْقِ ثُلُثِهِ وَفَضِّ الْجِنَايَةِ أَوْ يَفْدُوهُ بِجَمِيعِ الْجِنَايَة وَيَكُونُونَ عَلَى رَأْيِهِمْ فِي عِتْقِ جَمِيعِهِ إِلَى أَجَلٍ وَتَكون لَهُم الْخدمَة وَلَا يجيزوا الْوَرَثَة ويعتقون ثُلُثَهُ بَتْلًا وَإِذَا بَتَلَ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَلِلْعَبْدِ مَالٌ فَإِنْ أَسْلَمُوهُ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ مِنْهُ شَيْءٌ وَوُقِفَ مَعَهُ وَعَنْهُ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ لِلْعَبْدِ دَفَعُ مَاله عَن النَّصِيب الْمُعْتق مِنْهُ مَال وَأَرَى أَنْ يَدْفَعَ ثُلُثَ مَا فِي يَدَيْهِ عَنِ الْمُعْتَقِ مِنْهُ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي يُسْتَحَقُّ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَيَنْزِعُهُ الْوَرَثَةُ إِنِ افْتَدَوْهُ أَوِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الثُّلُثَانِ لِأَنَّ مَا دَفَعَهُ الْعَبْدُ عَنْ نَفْسِهِ كَالْقَسَامَةِ وَإِنْ قَالَ اشْتَرُوا عبدا فأعتقوه هُوَ بِخِلَاف التَّعْيِين وَلِأَن لَهُمْ إِبْدَالَهُ يُرِيدُ أَنَّ مِنْ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَن لَا ينقذ عِتْقَهُ وَيُقَالُ لَهُ تَتَبَّعْ ذِمَّتَهُ وَهَذَا يَحْسُنُ إِذا
اشْتَرَوْهُ مِنَ التَّرِكَةِ أَوْ لِلْمَيِّتِ وَفِي الثُّلُثِ فَضْلَةٌ أَمَّا إِنِ اشْتُرِيَ لِلْمَيِّتِ وَهُوَ قَدْرُ الثُّلُث فَإِن لَهُم عتقه ويبتع الْمَجْنِي عَلَيْهِ ذمَّته
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَخْدَمْ عَبْدَهُ رَجُلًا مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ حَيَاتَهُ فَجَنَى خُيِّرَ مَالِكُ الرَّقَبَة فَإِن فداءه بَقِيَ فِي خِدْمَتِهِ أَوْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ الْمُخْدِمُ إِنْ فَدَاهُ خَدَمَهُ فَإِذَا تَمَّتْ خِدْمَتُهُ فَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ السَّيِّدُ مَا فَدَاهُ بِهِ أَخَذَهُ وَإِلَّا أَسْلَمَهُ لِلْمُخْدِمِ رِقًّا لِأَنَّ الْفِدَاءَ صَيَّرَهُ كَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ وَالثُّلُثُ يحملهُ إِذا قدم صَاحب الْخدمَة إِنْ فَدَاهُ خَدَمَهُ فَإِذَا تَمَّتْ خِدْمَتُهُ فَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ السَّيِّدُ مَا فَدَاهُ بِهِ أَخَذَهُ وَإِلَّا أَسْلَمَهُ لِلْمُخْدِمِ رِقًّا لِأَنَّ الْفِدَاءَ صَيَّرَهُ كَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ إِذَا جَنَى قُدِّمَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ إِنْ فداءه خَدَمَهُ وَأَسْلَمَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ لِأَنَّهَا فِي الْوَصِيَّةِ فَرْعُ اسْتِيفَاءِ الْخِدْمَةِ وَلَا يتبعهُ بِشَيْء مِمَّا ودى لِأَنَّهُ فَدَاهُ لِنَفْسِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّقَبَةَ فِي الْأَوَّلِ مِلْكٌ لِلْمُوصِي لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ إِنْ فَدَاهُ أَخَذَهُ لِسُقُوطِ حَقِّ الْخِدْمَةِ بِالْإِسْلَامِ قَالَ سَحْنُونٌ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْأَصْلِ وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ أَنْ يَبْدَأَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ إِنْ فَدَاهُ خَدَمَهُ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ وَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ إِلَيْهِ سَبِيلٌ حَتَّى يُعْطِيَ الْفِدَاءَ وَإِلَّا كَانَ لِلَّذِي فَدَاهُ رِقًّا فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُهُ وَقَدْ أَوْصَى بِخِدْمَتِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَقُتِلَ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي الْخِدْمَةِ فَالْأَرْشُ لِمَنْ لَهُ مَرْجِعُ الرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْهَا أوجزها قَالَهُ مَالِكٌ وَاخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُهُ قَالَ التُّونُسِيُّ قَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ يُبْدَأُ بِالْمُخْدَمِ فَإِنِ افْتَدَاهُ لَمْ يَكُنْ لِلَّذِي لَهُ الرَّقَبَةُ سَبِيلٌ إِلَّا بِدَفْعِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ مَنْ لَهُ مَرْجِعُ الرَّقَبَةِ فَإِنِ افْتَدَاهُ سَقَطَ حَقُّ صَاحِبِ الْخِدْمَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ يَبْدَأُ صَاحِبُ الْبَتْلِ فَيُخَيَّرُ كَمَا إِذَا وَهَبَ الْخِدْمَةَ فَقَطْ فَإِنْ أَخْدَمْ عَبْدَهُ مُدَّةً وَمَرْجِعُهُ إِلَيْهِ قَالَ أَشْهَبُ يَكُونَانِ كَالشَّرِيكَيْنِ تُقَوَّمُ رَقَبَتُهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ وَهِيَ قِيمَةُ الْخِدْمَةِ خُيِّرَا جَمِيعًا فِي الْفِدْيَةِ وَالْإِسْلَامِ فَإِنْ فَدَيَاهُ دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ دِيَةِ الْجُرْحِ وَبَقِيَ الْعَبْدُ عَلَى حَالِهِ وَإِن
أَسْلَمَاهُ بَقِيَ مَمْلُوكًا لِلْمَجْرُوحِ أَوِ افْتَدَى أَحَدَهُمَا مَالَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ خَالَفَهُ الْآخَرُ فَإِنْ أَخْدَمَهُ رَجُلًا سَنَةً ثُمَّ لِآخَرَ سَنَةً ثُمَّ رَقَبَتَهُ لِآخَرَ فَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ الْمُخْدَمَانِ فَإِنِ افْتَدَيَاهُ فَهُوَ عَلَى حَالِهِ وَلَا يَرْجِعَا بِالْفِدَاءِ عَلَى أَحَدٍ أَوْ أَسْلَمَاهُ أَخْدَمَهُ الْمَجْرُوحَ فَإِنِ انْقَضَتِ السَّنَتَانِ وَجَرَحَ حُرًّا اتَّبَعَهُ الْمَجْرُوحُ بِمَا بَقِيَ وَإِنِ اسْتَوْفَى قَبْلَ ذَلِكَ رَجَعَ إِلَيْهِ مِنْهَا سَنَةً وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَقَالَ الْآخَرُ أَفْدِي فَلِلْفَادِي الْخِدْمَتَانِ خِدَمَتُهُ وَخِدْمَةُ الْآخَرِ وَيَنْبَغِي عَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ أَنْ يُقَوِّمَ مُرْجِعُ رَقَبَتِهِ وَيُخَيَّرُونَ كُلُّهُمْ كَالشُّرَكَاءِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ الْمُخْدَمُ أَوَّلًا لِتَقَدُّمِهِ فَإِنِ افْتَدَاهُ خَدَمَهُ سَنَةً وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُخْدَمِ الثَّانِي وَلَا عَلَى صَاحب الرَّقَبَة أَو أسلمه خير الثَّانِي فغن أَسْلَمَهُ خُيِّرَ صَاحِبُ الْبَتْلِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُمَا إِلَى حُرِّيَّةٍ اخْتَدَمَهُ الْمُخْدَمُ فِي الْأَجَلَيْنِ فَإِنْ أَدَّى الْجِنَايَةَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ خِدْمَةِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ رَجَعَ فَخَدَمَهُ ثُمَّ عُتِقَ وَإِنِ افْتَدَاهُ الْأَوَّلُ فَخَدَمَهُ فَلَمْ يَسْتَوْفِ مَا أُدِّيَ خَدَمَهُ فِي أَجَلِ صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ فَإِنْ بَقِيَ فِي أَجَلِ صَاحِبِهِ شَيْءٌ فَأَخَذَهُ فَاخْتَدَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ حُرًّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَإِنْ كَانَ مرجعه لثالث فَاسْلَمْ للمخدمين خُيِّرَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ فَإِنْ أَسْلَمَهُ كَانَ لِلْمَجْرُوحِ أَوِ افْتَدَاهُ كَانَ لَهُ بَتْلًا وَقِيلَ إِنْ أَسْلَمَهُ الْمُخْدِمُ الْأَوَّلُ وَفَدَاهُ الثَّانِي لَمْ يَخْتَدِمْهُ إِلَّا سَنَةً ثُمَّ يُرْجِعُهُ إِلَى مَا أَرْجَعَهُ إِلَيْهِ سَيِّدُهُ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إِذَا جَنَى أَوَّلَ السَّنَةِ الْأُولَى وَافْتَدَاهُ الثَّانِي بَعْدَ أَن أسلمه الأول فَالَّذِي افتداه لمتأت سَنَتُهُ وَالْأَوَّلُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَهَا وَالَّذِي لَهُ مَرْجِعُ الرَّقَبَةِ إِنَّمَا هُوَ لَهُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ فَكَيْفَ يَأْخُذُ هَذِهِ السَّنَةَ وَالْأَشْبَهُ أَنْ تَكُونَ السَّنَتَانِ لِلثَّانِي الَّذِي فَدَاهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ إِنْ أَخْدَمَهُ مُدَّةً ثُمَّ مَرْجِعُهُ إِلَيْهِ فَقُتِلَ فِي الْمُدَّةِ فَقِيمَتُهُ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنِ الرَّقَبَةِ وَهِيَ لَهُ وَلِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَحْدَثَ دَيْنًا لَقُوِّمٍ عَلَى الْمُبَتَّلِ لَهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَلَوْ مَاتَ السَّيِّد ورث عَنْهُ لِأَنَّ الْمُبَتَّلَ لَمْ يُحْرِزْهُ بَعْدُ وَإِنَّمَا اخْتلف قَوْله إِذا خدمه ثُمَّ مَرْجِعُهُ لِفُلَانٍ بَتْلًا قَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَبضه المخدم
حِيَازَةً لَهُ وَلِلْمُبَتَّلِ لَهُ مَعَهُ لَا يَلْحَقُهُ الدّين المستحدث وَلَا يُبطلهُ موسده وَتُقَامُ قِيمَتُهُ إِنْ قُتِلَ مَقَامَهُ يُشْتَرَى بِهَا مَنْ يَخْدِمُ مَكَانَهُ ثُمَّ يَصِيرُ لِصَاحِبِ الْمَرْجِعِ فَإِنْ أَخْدَمَهُ فَقَتَلَهُ السَّيِّدُ خَطَأً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُغَرَّمُ فِي الْعَمْدِ الْقِيمَةَ فَتُجْعَلُ فِي يَدِ عَدْلٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْمُخْدَمِ بَقِيَّةُ الْأَجَلِ أَوِ الْعُمُرِ إِنْ أَعْمَرَهُ إِيَّاهُ فَمَا فَضَلَ فَلِلسَّيِّدِ وَمَا عَجَزَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ عِنْدَ الْخِدْمَةِ وَإِنَّمَا ضمن فِي الْعمد بِسَبَبِهِ فِي الإئتلاف وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَشْتَرِي مِنْهَا مَنْ يَخْدِمُهُ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ وَإِنْ أَخْدَمَ أَمَتَهُ رَجُلًا ثُمَّ هِيَ حُرَّةٌ فَجَرَحَتْهُ اخْتَدَمَهَا بِالْجِنَايَةِ فَإِنِ اسْتَوْفَى رَجَعَتْ لِلْخِدْمَةِ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ فَإِنِ انْقَضَتْ وَلَمْ يَسْتَوْفِ اتَّبَعَهَا بِالْبَاقِي وَكَذَلِكَ إِنْ جَنَتْ عَلَى عَبْدِهِ كَالْمُدَبَّرِ يَجْنِي عَلَى السَّيِّدِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ جَنَى الْمُعْتق إِلَى أجل ففدى سَيّده الْخدمَة أويسلمها فَإِنْ فَدَاهُ عُتِقَ الْعَبْدُ لِلْأَجَلِ وَلَمْ يُتْبِعْهُ بِشَيْءٍ لِأَنَّ جِنَايَةَ الرَّقِيقِ لَا تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَإِنْ أَسْلَمَهَا خَدَمَ الْعَبْدُ فِي الْجِنَايَةِ فَإِنْ وفاها قبل الْأَجَل لسَيِّده وَإِن أوفى الْأَجَل لم يَتِمَّ عِتْقٌ وَاتُّبِعَ بِبَقِيَّةِ الْأَرْشِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ فَكَالْمُدَبَّرِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ وَلَهُ مَالٌ دَفَعَ مَالَهُ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ تَوْفِيَةً بِالْعِتْقِ وَالْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ أَسْلَمَ السَّيِّدُ حِصَّتَهُ أَوْ فَدَاهَا بِبَاقِي الْجِنَايَةِ وَإِنْ
جَنَى الْمُدَبَّرُ عَلَى جَمَاعَةٍ فَأَسْلَمَ إِلَيْهِمْ فَحَاصُّوا فِي خِدْمَتِهِ ثُمَّ جَرَحَ آخَرَ حَاصَّ الْأَوَّلَ لِمُسَاوَاتِهِ فِي السَّبَبِ هَذَا بِجِنَايَتِهِ وَالْأَوَّلُ بِمَا بَقِيَ لَهُ قَالَ مَالِكٌ إِنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ فِدَاءِ خِدْمَتِهِ بِمَا جَنَى أَوْ يُسْلِمُهَا فَيُخْدِمَهُ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ فَإِنْ تَمَّ مَالُهُ وَالسَّيِّدُ حَيٌّ رَجَعَ إِلَيْهِ مُدَبَّرًا أَوْ عُتِقَ فِي الثُّلُثِ بِبَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ أَدْرَكَهُ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُ (وَمَاتَ السَّيِّدُ وَالدَّيْنُ وَالْجِنَايَةُ يَغْتَرِقَانِهِ بِيعَ مِنْهُ لِلْجِنَايَةِ) فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَحَقُّ بِرَقَبَتِهِ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِهَا دُونَ الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ يُقَدِّمَهُ أَهْلُ الدَّيْنِ بِبَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ أَولا يَغْتَرِقَانِهِ بِيعَ مِنْهُ لِلْجِنَايَةِ وَالدَّيْنِ وَعُتِقَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا جَنَى وعَلى سَيّده دين يغترق قِيمَته أَولا فالجناية أَحَق بِالْخدمَةِ إِلَّا أَن. . الْغُرَمَاءُ الْأَرْشَ فَيَأْخُذُوهُ أَوْ يُؤَخِّرُوهُ حَتَّى يَسْتَوْفُوا دَيْنَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ الْغُرَمَاءُ أُسْلِمَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ يَخْدِمُهُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ورقبته كَافِيَة فِي الدّين وَالْجِنَايَة وفضلة ربيع مِنْهُ لذَلِك وبديء بِالْبَيْعِ لِلْجِنَايَةِ وَعُتِقَ ثُلُثُ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ لَا فَضْلَ فِي قِيمَتِهِ (أَوْ هِيَ أَقَلُّ مِنْهُمَا فَالْجِنَايَةُ أَحَقُّ بِهِ لِتَعَلُّقِهاِ فِي رَقَبَتِهِ) إِلَّا أَنْ يَزِيدَ الْغُرَمَاءُ عَلَى قِيمَةِ الْجِنَايَةِ فَيَأْخُذُوهُ وَيُحَطُّ عَنِ الْمَيِّتِ قَدْرُ الزِّيَادَةِ وَإِنْ جَنَى وَلَهُ مَالُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَالْغُرَمَاءُ أَحَقُّ بِمَالِهِ لِاخْتِصَاصِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ أَوْ لَا مَالٌ لَهُ فَدَيْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ وَالْجِنَايَةُ فِي خِدْمَتِهِ فِي النُّكَتِ إِنْ قِيلَ لِمَ لَا يَخْدِمُ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ وَالْمُعْتِقَ إِلَى أَجَلٍ إِلَى مَوْتِ السَّيِّدِ وَانْقِضَاءِ الْأَجَلِ لِأَنَّ السَّيِّدَ مَالِكُ الْخِدْمَةِ لِهَذَا الْحَدِّ وَقَدْ سَلَّمَ مَا يَمْلِكُ فَلَا يُقَاصَصْ بِالْخِدْمَةِ فِي الْأَرْش وَلم لَا كَانَ كَالْعَبْدِ الْقَنِّ إِذَا سُلِّمَ تَكُونُ رَقَبَتُهُ لَهُ وَإِن كَانَ فِيهَا فضل الغي كَذَلِك هَا هُنَا لَا يَأْخُذُ مِنَ الْقِيمَةِ مِقْدَارَ الْأَرْشِ قِيلَ
قَدْ لَا يَبْقَى مِنَ الْأَجَلِ إِلَّا يَوْمٌ أَوْ يَمُوتُ السَّيِّدُ بَعْدَ يَوْمٍ فَتَبْطُلُ الْجِنَايَةُ وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ مَا يَمْلِكُ وَلَا يُطَالَبُ الْعَبْدُ أَيْضًا بِالْجَمِيعِ لِأَنَّهُ قَدْ يُسَلَّمُ فَيَمْلِكُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ شَيْئَيْنِ مَا أَسْلَمَهُ السَّيِّدُ وَجَمِيعَ الْأَرْشِ وَهُوَ بَاطِلٌ فَتَعَيَّنَ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ بِمَا بَقِيَ لَهُ إِنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ فَإِنِ اسْتَوْفَاهُ رَجَعَ السَّيِّدُ وَمَعْنَى مَسْأَلَةِ اجْتِمَاعِ الْجِنَايَةِ وَالدَّيْنِ أَنَّهُمْ إِذَا افْتَكُّوهُ بِالْأَرْشِ فَقَطْ وَلَمْ يَزِيدُوا فَإِذَا بِيعَ وَفَضَلَ عَنِ الْأَرْشِ فَهُوَ فِي دَيْنِهِمْ فَإِنْ فَدَوْهُ بِزِيَادَةٍ كَانَ الْفَضْلُ عَنِ الْأَرْشِ لَهُمْ وَلَا يُحَاسِبُوهُ بِهِ فِي دَيْنِهِمْ لِأَنَّهُمْ لأَنهم كَأَنَّهُمْ ملكوه بِتِلْكَ الزِّيَادَة وفضلهم لَهُمْ وَقَوْلُهُ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى الْأَرْشِ مِثَالُهُ الرش خَمْسُونَ فَيَقُولُونَ نَدْفَعُهَا لِأَهْلِهَا وَتَسْقُطُ عَشَرَةٌ مِنْ دَيْنِنَا عَنِ الذِّمَّةِ فَبِالْإِسْقَاطِ يَصِيرُ ذَلِكَ كَثِيرًا إِنْ فَضَلَ عَنِ الْأَرْشِ كَانَ لَهُمْ وَلَا يأخذوه من دينهم وَمَتى كَانَت الجنياة عَشَرَةً وَقِيمَةُ الْعَبْدِ عَشَرَةً وَالدَّيْنُ عَشَرَةً فَهُوَ كَأَهْلِ الْجِنَايَةِ فَقَطْ إِلَّا أَنْ يَفْتَكَّهُ أَهْلُ الدّين فِي قِيمَتِهِ فَضَلَ عَنْ عِشْرِينَ بِيعَ الْأَرْشُ وَالدّين وَعتق ثلث مَا بقى لاحْتِمَاله هَا هُنَا جزأ مِنَ الْحُرِّيَّةِ وَالْجِنَايَةُ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ الرَّقَبَةِ حَتَّى يفط لِأَنَّهُ يُبَاعُ مِنَ الْجَانِي بِقَدْرِ الْأَرْشِ فَإِنْ قِيلَ إِذَا اسْتَوَى فِي الدَّيْنِ وَالْجِنَايَةِ وَالْقِيمَةِ إِنَّمَا رُقَّ مِنْ جِهَةِ الدَّيْنِ لَا مِنْ جِهَةِ الْأَرْشِ لِأَنَّهُ إِذَا انْفَرَدَ الْأَرْشُ لَمْ يَمْنَعْ عِتْقَ التَّدْبِيرِ وَاتُّبِعَ مَا عُتِقَ مِنْهُ بمنابه مِنْ أَرْشٍ وَإِذَا كَانَ الْمُوجِبُ لِرِقِّهِ إِنَّمَا هُوَ الدَّيْنُ فَلِمَ لَا يَكُونُ لِلْجِنَايَةِ مِقْدَارُ مَا اغْتَرَقَهُ الدَّيْنُ فَقَطْ فَيَكُونُ لَهُمْ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ نِصْفُهُ لِأَنَّ الدَّيْنَ إِنَّمَا اغْتَرَقَ فِيهِ نِصْفَهُ قِيلَ يَلْزَمُ أَنْ يُعْتَقَ مِنَ الْمُدَبَّرِ مَا يَتَعَيَّنُ لِلْعِتْقِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ بعاء بَعْضِ الدَّيْنِ يَمْنَعُهُ لَوْ أَخَذَ أَهْلُ الْجِنَايَةِ مِقْدَار
مَا اغترفه الدَّيْنُ وَقَالَ أَهْلُ الدَّيْنِ فِيمَا بَقِيَ فَإِذَا أخذُوا شَيْئا قَالَ أَهْلُ الْجِنَايَةِ فِيهِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ أَقْوَى لِتَعَلُّقِهَا بِالرَّقَبَةِ فَلَمَّا كَانَ لَهُمُ الْقِيَامُ كُلَّمَا قَامَ أَرْبَابُ الدَّيْنِ كَانَ جَمِيعُهُ لِلْجِنَايَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهَا تَصِيرُ مَسْأَلَةَ دَوْرٍ كَقَوْلِ أَشْهَبَ فِيمَنْ أَعْتَقْ عَبْدًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ نِصْفَهُ ثُمَّ اسْتَحْدَثَ دَيْنًا آخَرَ ثُمَّ قَامَ جَمِيعُهُمْ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُخَالِفُهُ فَانْظُرْ لِمَ افْتَرَقَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ عَلَى سَيِّدِهِ فَمَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ وَفَاءِ الْأَرْشِ فَيُعْتَقُ بَعْضُ الْمُدَبَّرِ فِي الثُّلُثِ وَاتُّبِعَ حِصَّةُ الْعَتِيقِ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ ورق بَاقِيه للْوَرَثَة يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْعَبْدِ كَمَالِ كَذَا يَدْخُلُ فِي ثُلُثِهِ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ يَدْخُلُ فِيمَا لم يُعلمهُ السَّيِّد غير أناإذا أَعْتَقْنَا مِنْهُ مِثْلَ ثُلُثِ مَا نَقَصَ مِنْهُ أَوَّلًا وَجَبَ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي ازْدَادَ فِي عِتْقِهِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ (مِنَ الْأَرْش فَكَمَا امْتنع جُزْء الْعتْق بِمَا يُؤْخَذ بِهِ امْتَنَعَ بِمَا يَفْضُلُ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ قِيلَ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إِسْلَامِ جملَة الْخدمَة أَو يقيدها لِأَنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُهُ مِنَ الْمُدَبَّرِ وَعَلَى هَذَا لَا يَرْجِعُ بَعْدَ إِسْلَامِهَا وَإِنْ عُتِقَ فِي ثُلُثِهِ لَمْ يُتْبَعْ بِبَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ وَإِذَا لَمْ يَتْرُكْ غَيْرُهُ فَعُتِقَ ثُلُثُهُ لَا يُتْبَعُ الثُّلُثُ الْمُعْتَقُ وَلَا يُخَيَّرُ الْوَارِثُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مثل الْجِنَايَة وَقَالَ أهل الدّين يضمن الْجِنَايَة وَيَأْخُذ الْعَبْدَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَزِيدُوا فَتُحَصَّلُ الزِّيَادَةُ مِنَ الدَّيْنِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ أَرَادَ الْوَارِثُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ الَّتِي أَدَّوْا وَيُدْفَعُ الْفَاضِلُ لِلْغُرَمَاءِ (مُنِعَ وَلَا يأخذوه إِلَّا عَلَى طَرْحِ مَا دَفَعُوا وَيُبَاعُ كُلُّهُ لِلْغُرَمَاءِ) وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حَقٌّ فِي الشُّفْعَةِ لَهُم أَخذهَا وَيكون الْفَضْلُ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنِ اشْتَرَى بِالْخِيَارِ
فَمَاتَ لِلْوَارِثِ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ إِذَا لَمْ يرد الْغُرَمَاء أَخذه إِن كَانَ فِي أَخْذِهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ ذَلِكَ الْفَضْلَ لِلْغُرَمَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي جِنَايَتِهِ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ لِمَنْ يَكُونُ خَرَاجُهُ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ أَوْ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ يَغْتَرِقُهُ فَتَرَكَ أَهْلُ الدَّيْنِ دَيْنَهُمْ قِيلَ يُعْتَقُ ثُلُثُهُ كَمَنْ مَاتَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَقِيلَ الْجِنَايَةُ أَحَقُّ بِهِ لِأَنَّهَا كَانَتِ اسْتَحَقَّتْهُ كُلَّهُ وَإِنْ وَلَدَتِ الْمُدَبَّرَةُ فَجَنَتْ فَمَاتَ السَّيِّد مديونا بديء بِالْجِنَايَةِ فَإِنْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَتِهَا أُسْلِمَتْ وَحْدَهَا وَيَكُونُ الدَّيْنُ فِي وَلَدِهَا إِنِ اغْتَرَقَهُمْ بِيعُوا أَوْ بَعْضَهُمْ بِيعَ الْبَعْضُ وَعُتِقَ ثُلُثُ الْبَاقِي فَإِنِ اغْتَرَقَتِ الْجِنَايَةُ نِصْفَهَا (بِيعَ نِصْفُهَا) فِي الْجِنَايَةِ وَفُضَّ الدَّيْنُ عَلَى نِصْفِهَا وَعَلَى الْوَلَدِ فَيُبَاعُ مِنْهُمْ بِالْحِصَصِ وَيُعْتَقُ ثُلُثُ الْبَاقِي فَيُعْتَقُ مِنْ وَلَدِهَا أَكْثَرُ مِمَّا عُتِقَ مِنْهَا لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مُلِكَتْ بِهَا فَمَا رُقَّ مِنْهَا لِلْجِنَايَةِ وَبِيعَ كَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْهُ وَلَمْ يَمُتْ إِلَّا عَمَّا رق مِنْهَا عَن وَلَدهَا
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا جَنَى الْعَبْدُ وَعَلَيْهِ دين فديته فِي مَالِهِ وَجِنَايَتُهُ فِي رَقَبَتِهِ يُسْلِمُهُ سَيِّدُهُ أَوْ يَفْدِيهِ
فَرْعٌ قَالَ إِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُ وَعَلَى الْمُدَبَّرِ دَيْنٌ بِيعَ فِي دَيْنِ سَيِّدِهِ وَأُتْبِعَ هُوَ بِدَيْنِ نَفْسِهِ وَلِغُرَمَاءِ السَّيِّدِ مُؤَاجَرَةُ الْمُدَبَّرِ فِي دَيْنِهِمْ إِنْ أُعْدِمَ السَّيِّدُ فَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فَيَخْدِمُهُ بِالْجِنَايَةِ
فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُتْبِعْهَا عُتِقَ فِي ثُلُثِهِ وَأُتْبِعَ بِبَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ أَوْ عُتِقَ بَعْضُهُ فِي الثُّلُثِ اتُّبِعَ بِحِصَّةِ مَا عُتِقَ مِنْهُ مِنْ بقيتها وَيسْقط مَا بعي وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَخْتَدِمُهُ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِرَقَبَتِهِ وَلِخِدْمَتِهِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَلَوْ فَدَاهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يُتْبِعْهُ بِمَا فَدَاهُ وَلَوْ أَسْلَمَهُ لَأَتْبَعَهُ الْمَجْرُوحُ بِمَا بَقِيَ إِنْ عُتِقَ فِي الثُّلُثِ فَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ وَعَلَى أَجْنَبِيٍّ اخْتَدَمَاهُ بِقَدْرِ جِنَايَتِهِمَا قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذِهِ مِثْلُ الْأُولَى فَإِنْ قَتَلَ مُدَبَّرٌ وَحُرٌّ قَتِيلًا خَطَأً فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ وَنِصْفُهَا فِي خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ فَإِنْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا عَمْدًا فَعَفَا أَوْلِيَاؤُهُ عَلَى أَخْذِ خِدْمَتِهِ فَذَلِكَ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهَا السَّيِّدُ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ وَلَيْسَ لَهُمُ الْعَفْوُ فِي رِقِّهِ لِأَنَّهُ مُدَبَّرٌ فَإِنْ جَنَى فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَأَرَادَ حَمْلَ الْجِنَايَةِ لَزِمَهُ وَإِلَّا حَلَفَ مَا أَرَادَ حَمْلَهَا ثُمَّ رُدَّتْ خِدْمَتُهُ وَخُيِّرَ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَافْتِدَائِهِ مُدَبَّرًا فَإِنْ أَسْلَمَهُ وَلِلْمُدَبَّرِ مَالٌ أُدِّيَتْ مِنْهُ الْجِنَايَةُ وَعُتِقَ وَإِنْ لَمْ يُوفِ مَالُهُ أَخَدَمَتْهُ وَأَخْدَمَهُ الْمَجْرُوحُ بِمَا بَقِيَ وَعُتِقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَال اختدمه فَإِن استوفى وَالسَّيِّد حَيّ عتق أَو مَاتَ السَّيِّد قبل وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ الْمُدَبَّرَ عُتِقَ وَاتُّبِعَ بِبَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَدَعِ السَّيِّدُ غَيْرَهُ عُتِقَ ثُلُثُهُ وَاتُّبِعَ بِثُلُثَيِ الْأَرْشِ وَرُقَّ بَاقِيهِ لِلْمَجْرُوحِ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ مِثْلَ مَا قَابَلَهُ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْشِ لِأَنَّ سَيِّدَهُ أَسْلَمَهُ حِينَ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ وَلَا خِيَارَ فِيهِ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْمَوْرُوثَ أَسْلَمَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفِ السَّيِّدُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ حَمْلَ الْجِنَايَةِ عُتِقَ وَكَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى السَّيِّدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ رُدَّ عِتْقُهُ وَأُسْلِمَ يَخْدِمُ الْمَجْرُوحَ فَإِنْ أَدَّى فِي حَيَاتِهِ عُتِقَ وَلَمْ يَلْحَقْهُ دَيْنٌ اسْتَحْدَثَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ عِتْقِهِ وَإِنْ لَمْ يُوفِهَا حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ وَقَدِ اسْتَحْدَثَ بَعْدَ عِتْقِهِ دَيْنًا
يَغْتَرِقُهُ الْغَيُّ وَعُتِقَ ثُلُثُهُ وَاتُّبِعَ بِثُلُثَيْ بَقِيَّةِ الْأَرْشِ ثُمَّ إِنْ بَاعَهُ أَخَذَ فِي ثُلُثَيْهِ بِثُلُثَيْ بَاقِي الْجِنَايَةِ عُتِقَ وَإِلَّا رُقَّ ثُلُثَاهُ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ثَمَنِ ثُلُثَيْهِ فَضْلٌ عَنْ ثُلُثَيْ بَاقِي الْجِنَايَةِ فَيُبَاعُ مِنْ ثُلُثَيْهِ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ بَاقِي الْجِنَايَةِ وَعُتِقَ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ يَخْرُجُ مِنْ ثلثه عُتِقَ وَاتُّبِعَ بِبَاقِي الْجِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ دَيْنُ السَّيِّدِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْجِنَايَةِ فَهُوَ كَمُدَبَّرٍ لَمْ يُعَجَّلْ لَهُ عِتْقٌ وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَرَضِيَ شَرِيكُهُ وَتَمَاسَكَ وَجَنَى خُيِّرَ الَّذِي دَبَّرَ فِي إِسْلَامِ خِدْمَةِ نِصْفِ الْعَبْدِ أَوْ دَفْعِ نِصْفِ الْجِنَايَةِ وَجِنَايَةُ الْعَبْدِ فِي رَقَبَتِهِ (وَالْخِدْمَةُ خِدْمَتُهُ) وَمَا جَنَىَ على الْمُدَبَّرُ فَعَقْلُهُ لِسَيِّدِهِ بِخِلَافِ (مَالِهِ وَمَهْرُ الْمُدَبَّرَةِ كَمَا لَهَا هِيَ أَحَقُّ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ مِنَ الْوَارِثِ لِأَنَّهَا اسْتُحِلَّتْ بِهِ وَيُخَيَّرُ الذِّمِّيُّ فِي مُدَبَّرِهِ الَّذِي فِي إِسْلَامِهِ عَبْدًا لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ بَيْعَهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ وَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ عَلَى تَدْبيره وَإِن أسلم مُدَبَّرَ الذِّمِّيِّ إِذَا أَسْلَمَ لَزِمَهُ تَدْبِيرُهُ وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَإِذَا أَسْلَمَ مُدَبَّرُ الذِّمِّيِّ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ جُرِحَ فعقله لسَيِّده فِي التَّنْبِيهَات قَالَ فِي الْمَدِين يَكُونُ لَهُ مَالٌ يَبْدَأُ بِمَالِهِ وَقَالَ إِذَا اعتقه وَحلف درت خِدْمَتُهُ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فَإِنْ أَسْلَمَهُ وَلَهُ مَالٌ أُخِذَ مِنَ الْمُدَبَّرِ فَجُعِلَ تَخْيِيرُ السَّيِّدِ أَوَّلًا قيل إِنَّه مِمَّا يخْتَلف فِيهِ هَل يفْدي بِمَالِ الْمُدَبَّرِ وَمَنْ يُعِينُهُ فَإِنْ فُقِدَ خُيِّرَ السَّيِّدُ وَهُوَ ظَاهِرُ كِتَابِ أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ فِي الْجَانِي يُعْتَقُ قَالَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ هَلَّا يَرْجِعُ إِلَى فِدَاءِ السَّيِّدِ رَقِيقًا أَوْ حُرًّا فَعَلَى الْأَوَّلِ يُبْتَدَأُ بِمَالِهِ وَعَلَى
الثَّانِي يُبْتَدَأُ بِتَخْيِيرِ السَّيِّدِ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ بُطْلَانُ الْعِتْقِ وَهُوَ كَشِرَائِهِ وَقَدْ بَطَلَ التَّدْبِيرُ بِالْجِنَايَةِ وَمِثْلُهُ عَنِ ابْنِ كِنَانَةَ فِي الْعَبْدِ يَجْنِي ثمَّ يعتقهُ سَيّده وَأَنه يَحْلِفُ مَا أَرَادَ حَمْلَ الْجِنَايَةِ وَيُرَدُّ عِتْقُهُ ثمَّ إِن فدَاه بَقِي لَهُ عبدا وواله عِنْدَهُ إِنْ كَانَ لِلْجِنَايَةِ عِنْدَ الْعِتْقِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ فَدَاهُ عُتِقَ تَنْفِيذًا لِعَقْدِ التَّدْبِيرِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِنَّمَا يَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُخَيَّرَ السَّيِّدُ أَوَّلًا فَإِنْ فَدَاهُ لَمْ يَحْلِفْ وَإِلَّا حَلَفَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ مَال استحلفه واسلمه للمجروح بختدمه لعدم الْفَائِدَة فِي التَّحْلِيف مَتى رَجَعَ وسيده حَتَّى لَا يَضُرُّهُ الدَّيْنُ الْمُسْتَحْدَثُ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهُ بَطَلَ عِتْقُ الْبَتْلِ وَعُتِقَ بِالتَّدْبِيرِ فَيكون الدَّيْنُ الْمُسْتَحْدَثُ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهُ بَطَلَ عِتْقُ الْبَتْلِ وَعُتِقَ بِالتَّدْبِيرِ فَيَكُونُ الدَّيْنُ الْمُسْتَحْدَثُ أَوْلَى بِهِ وَتَكُونُ الْجِنَايَةُ أَوْلَى بِهِ مِنَ الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِيهِ فضلَة عَن الدّين والحرج فَيُعْتَقُ مِنْ تِلْكَ الْفَضْلَةِ ثُلُثَاهُ وَيُرَقُّ بَقِيَّتُهَا وَإِن جنى الْمُدبر صَغِيرا لَا يكْتَسب لَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَمَلَ وَيُطِيقَهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ سَقَطَ حَقُّ الْمَجْرُوحِ) وَكَذَلِكَ الْمُدبرَة الَّتِي لَا عمل عِنْدهَا وَلَا منعت
فرع فِي الْكتاب إِن حنت أُمُّ الْوَلَدِ لَزِمَ سَيِّدَهَا الْأَقَلُّ مِنَ الْأَرْشِ أَوْ قِيمَتُهَا أَمَةً يَوْمَ الْحُكْمِ زَادَتْ قِيمَتُهَا أَوْ نَقَصَتْ لِتَعَذُّرِ رِقِّهَا وَكَذَلِكَ مَا أَفْسَدَتْهُ بِيَدِهَا أَوْ دَابَّتِهَا أَوْ بِتَسَبُّبِهَا فَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا لَمْ يُتْبَعِ السَّيِّدُ بِمَا زَادَ وَلَا هِيَ إِنْ عُتِقَتْ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ قِنًّا وَأُسْلِمَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا فضل الْجِنَايَة ويحاص أهل الْجِنَايَة عزما سَيِّدِهَا بِذَلِكَ وَتُقَوَّمُ أَمَةً بِغَيْرِ مَالِهَا لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الرَّقِيقِ وَقِيلَ بِهِ لِأَنَّهُ زَائِدٌ فِي
قِيمَتِهَا وَلَا يُقَوَّمُ وَلَدُهَا مَعَهَا وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ آخَرُ وَإِنْ قَتَلَتْ رَجُلًا خَطَأً فَلَمْ يُنْظَرْ فِيهِ حَتَّى قَتَلَتْ آخَرَ خَطَأً فَقِيمَتُهَا بَيْنَ أَوْلِيَائِهِمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ حكم فِي الأول بِالْأولِ وَحب للثَّانِي الْأَقَل أَيْضا ثَانِيَة يَوْمَ الْحُكْمِ وَكَذَلِكَ يَفْدِيهَا كُلَّمَا جُنَّتْ إِلَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ الْحُكْمُ حَتَّى تَجْتَمِعَ جِنَايَاتٌ كُلُّ جِنَايَةٍ مِثْلُ قِيمَتِهَا فَأَكْثَرَ فَلَا يُقَوَّمُ إِلَّا قِيمَتُهَا لِعَدَمِ الْحُكْمِ الْمُعَيِّنِ لِلْأَوَّلِ شَيْئًا كَالْعَبْدِ يَجْنِي فَيَفْتَدِيهِ ثُمَّ يَجْنِي فَيُخَيَّرُ فِيهِ ثَانِيَةً بِالْفِدَاءِ وَالْإِسْلَامِ أَوْ إِنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ جِنَايَاتٌ قَبْلَ أَنْ يَفْدِيَهُ خُيِّرَ بَيْنَ دَفْعِ قِيمَةِ مَا جَنَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ يُسْلِمَهُ فَيُتَحَاصَصْ فِيهِ بِقَدْرِ جِنَايَتِهِمْ فَإِنْ جَنَتْ أَقَلَّ من قيمتهَا ثمَّ على أحد أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَعَلَى سَيِّدِهَا قِيمَتُهَا لَهُمَا يقسمانها بِقَدْرِ الْجِنَايَتَيْنِ فَإِنْ قَامَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ غَائِبٌ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِهِ أَوْ مَا يَنُوبُهُ فِي الْمُحَاصَّةِ مَعَ الْغَائِبِ مِنْ قِيمَتِهَا الْآنَ ثُمَّ إِنْ قَامَ الْآخَرُ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جِنَايَتِهِ أَوْ حِصَّتِهِ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ يُقَوَّمُ وَإِن جنب وَلم يحكم عَلَيْهِمَا حَتَّى جَنَى عَلَيْهَا مَا أَخَذَتْ لَهُ إِنْ شَاءَ فَعَلَى سَيِّدِهَا الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ أَو قيمتهَا معنية يَوْمَ الْحُكْمِ فِيهَا مَعَ الْأَرْشِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ أَرْشٍ أَوْ يَفْدِيهِ وَهَذَا إِذَا أَخَذَ فِي أَرْشٍ أَقَلَّ مِنْ دِيَةِ مَا جَنَى فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ فَلَا خِيَارَ لِلسَّيِّدِ وَيُؤَدِّي مِنْ ذَلِكَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْأَرْشَ وَيَبْقَيَانِ لِسَيِّدِهِمَا جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَإِن قتلت عمدا فعفى الْوَلِيُّ عَلَى قِيمَتِهَا لَمْ يَلْزَمِ السَّيِّدَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ لِأَنَّ جِنَايَةَ الرَّقِيقِ لَا تَتَعَلَّقُ بِالسَّيِّدِ فَإِنْ أَبَى فَلَهُمُ الْقَتْلُ أَوِ الْعَفْوُ كَالْحُرِّ يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الدِّيَةِ فَيَأْبَى وَقَالَ غَيْرُهُ يَلْزَمُ السَّيِّدَ غُرْمُ الْأَقَلِّ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الْأَرْشِ وَلَيْسَتْ
كَالْحُرِّ بَلْ كَالْعَبْدِ وَإِنْ عَفَا عَلَى أَخْذِ رَقَبَتِهَا امْتَنَعَ لِتَعَيُّنِهَا لِلْحُرِّيَّةِ وَإِنْ رَضِيَ السَّيِّدُ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَإِنْ جَنَتْ وَلَمْ يُحْكَمْ فِيهَا حَتَّى مَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ جنايات الرَّقِيق فِي رقابهم وَإِن لم تمت وَمَاتَ السَّيِّدُ وَلَا مَالَ لَهُ فَلَا شَيْءَ على أم الْوَلَد قَالَ غَيره ذَلِك إِن قاما عَلَى السَّيِّدِ حَيًّا فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ قِيَامِهِمْ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْجِنَايَة وَمَا جُنِيَ عَلَيْهَا فَعَقْلُهُ لِسَيِّدِهَا وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ وَإِنِ اغْتَصَبَ حُرَّةً فَعَلَيْهِ صَدَاقُهَا أَوْ أَمَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبَةً وَلَمْ يَنْقُصْهَا ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا الْحَدُّ لِأَنَّهُ يُجْرَى مَجْرَى الْأَمْوَالِ لَا يُضْمَنُ إِلَّا بِالنَّقْصِ فَإِن نقص فَذَلِك للسَّيِّد ويحاص الْمُكَاتَبَةَ بِهِ فِي نُجُومِهَا وَيُقَوَّمُ كُلُّ مَنْ عَلَيْهِ عقلة رِقٍّ قِيمَةَ عَبْدٍ وَإِنْ جَنَتْ عَلَى سَيِّدِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ بَعْدَ أَنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَجَنَى ذَلِك الْوَلَدُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ خُيِّرَ السَّيِّدُ فِي فِدَائِهِ وَيَبْقَى عَلَى حَالِهِ أَوْ يُسْلِمُ خِدْمَتَهُ فَيُخْتَدَمُ بِالْأَرْشِ فَإِنْ وَفَّى رَجَعَ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْوَفَاءِ عُتِقَ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَبَقِيَّةُ الْأَرْشِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْجَانِي بِخِلَافِ أُمِّهِ وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَخْذُ خِدْمَةِ الْوَلَدِ حَتَّى يَتِمَّ حَقَّهُ إِلَّا أَنْ يَفْتَكَّهُ السَّيِّدُ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ وَيَفْدِي الذِّمِّيُّ أُمَّ وَلَدِهِ بِالْأَقَلِّ وَلَهُ إِسْلَامُهَا رِقًّا لِأَنَّا لَا نَمْنَعُهُ بَيْعَهَا وَيَحِلُّ وَطْؤُهَا لِلْمُسْلَمِ إِلَيْهِ وَلِمُبْتَاعِهَا وَإِنِ اسْتَدَانَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مِنْ تِجَارَةٍ أُذِنَ لَهَا فِيهَا فَفِي ذِمَّتِهَا كَالْعَبْدِ وَإِنْ جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ فَوَطِئَهَا السَّيِّدُ فَحَمَلَتْ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ أَدَّى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمَلَتْ أَوِ الْأَرْش فغن لم يكن مَعَه (مَا أُسْلِمَتْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) اتُّبِعَ بِهِ وَإِنْ عَلِمَ قبل الْوَطْء
لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأَرْشِ وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ رَضِيَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُسْلِمَتْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَا يُسْلَمُ أَمَةٌ بِوَلَدِهَا وَالِابْنُ يطَأ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ وَعَلَى الْأَبِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهَا فَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَبَادَرَ الْغُرَمَاءُ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَتْ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أُتْبِعَ بِقِيمَتِهَا فِي عَدَمِهِ وَكَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَقَالَ غَيْرُهُ هَذَا بِخِلَاف وَطْء السَّيِّدِ وَعَلَى السَّيِّدِ إِسْلَامُهَا فِي عَدَمِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ (لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ) وَأَعْتَقَهَا الْمُبْتَاعُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَوْتًا وَلَوْ بَاعَهَا الْوَرَثَةُ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِالدّينِ واعتق الْمُبْتَاع لم يرج الْعِتْقُ وَإِنَّمَا لَهُمُ الثَّمَنُ إِنْ وَجَدُوهُ وَإِلَّا اتَّبَعُوا بِهِ مَنْ أَخَذَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ سَيِّدِهَا وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَا يَكُونُ عَلَى السَّيِّدِ شَيْءٌ لَمْ يُذْكَرْ أَلَهَا مَا أَمْ لِأَبِيهِ عَلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ وَهُوَ عَيْنٌ فَلِلْمَجْرُوحِ عَقْلُهُ مِنْهُ وَإِنْ قَصَّرَ لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْرُوحِ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ عَرْضًا خُيِّرَ سَيِّدُهَا فِي افْتِكَاكِهِ بِالْأَرْشِ أَوْ إِسْلَامِهِ وَقَوْلُهُ إِنْ مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا شَيْءَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا ذَلِكَ إِنْ قَامُوا عَلَى السَّيِّدِ حَيًّا لم يبين مَا على السَّيِّد هَا هُنَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّ مَذْهَبَهُ إِلْزَامُ السَّيِّدِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوِ الْأَرْشِ وَكَذَلِكَ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَعَنْ سَحْنُونٍ لَا شَيْءَ عَلَى وَرَثَةِ السَّيِّدِ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَفْتَكُّوهَا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِ يُتْبَعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَيَتَحَصَّلُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ وَعِنْدَ
سَحْنُونٍ عَلَيْهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى السَّيِّدِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَامُوا عَلَيْهِ فِي النُّكَتِ قِيلَ الْأَمَةُ الْجَانِيَةُ إِذا وَطئهَا السَّيِّدِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَامُوا عَلَيْهِ فِي النُّكَتِ قِيلَ الْأَمَةُ الْجَانِيَةُ إِذَا وَطِئَهَا السَّيِّدُ عَالما بِالْجِنَايَةِ وَلَا مَال لَهُ إِنَّا تُسَلَّمُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ وَإِلَّا تُبِعَ بِقَدْرِ الْأَرْشِ أَوِ الْبَاقِي بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَد على أحد الْأَقْوَال ولابد أَن تستبرأ المة الْجَانِيَةُ إِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ وَلَا يُتَّهَمُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ كَانَتْ وَخْشًا أَمْ لَا قَالَ بَعْضُهُمْ إِنْ حَمَلَتْ فَالْقِيمَةُ إِنَّمَا تَكُونُ يَوْمَ الْحَمْلِ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ لِأَنَّ فَوْتَهَا بِالْحَمْلِ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ قُوِّمَتْ بِمَالِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ الَّذِي اخْتلف فِي بقويمها وَالْفَرْقُ تَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ هَذِهِ وَمَالِهَا وَوَطْؤُهَا منع من رقتبها بِالْحَمْلِ وَهُوَ حَادِثٌ وَأُمُّ الْوَلَدِ مَمْنُوعَةُ الرَّقَبَةِ فاحتيج فِي قيمتهَا لما لَهَا وَإِذا وطىء الْأَمَةَ عَالِمًا وَسَلَّمَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ وَالِابْنُ يَطَأُ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْأَمَةَ الْجَانِيَةَ لَا تُسَلَّمُ بِوَلَدِهَا وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَفِي الدَّيْنِ تبَاع مَعَ وَلَدهَا وألزم الواطىء عَالِمًا الْأَرْشَ وَلَمْ يَحْلِفْ إِنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الْتِزَامَ الْأَرْشِ كَمَا إِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا بَعْدَ الْجِنَايَة لنه فِي الْعتْق (يَقُولُ أَرَدْتُ) أَنْ يُتْبَعَ هُوَ بِالْأَرْشِ فِي ذمَّته وَلَا حجَّة لَهُ فِي الْحمل وواطىء الْأَمَةِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ إِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوِ الدَّيْنُ وَإِنْ وَطِئَهَا عَالِمًا بِالدَّيْنِ لَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ كُلُّهُ فَمَا يَلْزَمُهُ الْأَرْش كُله فِي الْجِنَايَة إِذَا عَلِمَ بِجِنَايَتِهَا لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهَا خَاصَّةً وَإِنَّمَا الْحُكْمُ أَنْ تُبَاعَ فِيهِ فَإِن كَانَ أَقَلَّ فَهُوَ الَّذِي أُتْلِفَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُمْ أَقَلَّ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ وَالْجِنَايَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالرَّقَبَةِ وَلَوْ هَلَكَتِ الرَّقَبَةُ بَطَلَتِ الْجِنَايَةُ قَالَ التُّونُسِيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا جَنَتْ أُمُّ الْوَلَد يفديها بِالْجِنَايَةِ كلهَا أَو ليسلمها قَالَ وَهُوَ صَوَابٌ لِأَنَّهُ إِذَا قَدَرَ عَلَى إِسْلَامِهَا لَمْ يَفْدِهَا إِلَّا بِالْجِنَايَةِ كُلِّهَا كَالْعَبْدِ وَالْأَحْسَنُ تَقْوِيمُ أُمِّ الْوَلَدِ بِحَالِهَا لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً أَسْلَمَهَا بِمَا لَهَا فَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَفْدِيَهَا وَفِي الْكِتَابِ خِلَافُهُ
وَلذَلِك إِذا ولدت من غير سَيِّدهَا أَن يُسْلَمَ الْوَلَدُ مَعَهَا لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِهَا وَهُوَ من نمائها فَيكون للْمَجْنِيّ كَمَا لَوْ هَلَكَتْ ضَمَانُهَا مِنْهُ وَكَذَلِكَ إِنِ اعْتَلَّتْ عِلَّةً بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَسْلَمَهَا مَعَهَا وَإِذَا مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا وَقَالَ غَيْرُهُ ذَلِكَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْجِنَايَة وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ تَرَكَ السَّيِّدُ مَالًا أُخِذَتِ الْجِنَايَةُ مِنْ مَالِهِ وَقَدْ يُقَالُ لَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ إِنْ تَرَكَ مَالًا لِأَنَّهُ إِنَّمَا بَطَلَتْ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ يُقَامُ عَلَيْهِ وَلَهُ مَالٌ وَالتَّرِكَةُ مِلْكُ غَيْرِهِ بِالْإِرْثِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ الْجِنَايَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِذِمَّتِهِ وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهَا أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَقِيلَ ذَلِكَ لَهَا وَقيل لسَيِّدهَا وَهُوَ الأصور وَإِنْ جَنَتِ الْأَمَةُ فَبَاعَهَا سَيِّدُهَا وَلَمْ يَعْلَمْ فَأَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي فَإِنِ افْتَكَّهَا السَّيِّدُ تَمَّ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَفْدِهَا الْبَائِعُ فَدَاهَا الْمُشْتَرِي بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ دِيَةِ الْجِنَايَةِ وَيُرْجَعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إِلَّا مَا يَقَعُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ يُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْأُمِّ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُمَا مَعًا وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةِ الْأُمِّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَقْتَ الْبَيْعِ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ إِنْ جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ عَلَى رَجُلَيْنِ مُوَضِّحَةً فَقَامَ أَحَدُهُمَا فَأَسَلَمَ إِلَيْهِ سَيِّدُهَا قِيمَتَهَا وَلم يعلم بِالْآخرِ وَكَانَت قِيمَته يَوْم الْأَرْش سَوَاءً فَلَمْ يَقُمِ الثَّانِي حَتَّى جَرَحَتْ ثَالِثًا مُوَضِّحَةً ثُمَّ قَامَ هُوَ وَالثَّانِي رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى الْأَوَّلِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لَهُ يَوْمَ قَامَ نِصْفُ الْجِنَايَةِ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهَا الْيَوْمَ فَإِنْ كَانَتْ سِتِّينَ فَقَدْ جَنَى عَلَى الثَّالِثِ فَعَتَقَهَا الْمُفَتَّكُ وَهُوَ فَارِغٌ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ وَهُوَ مُرْتَهَنٌ بِجِنَايَةِ الثَّانِي فَنِصْفُ مُوضحَة فِي النّصْف الفارغ فيفتكه السَّيِّد مِنْهُ بِخَمْسَة وَعشْرين لِأَن نِصْفُ جِنَايَتِهِ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا الْآنَ وَالنِّصْفُ الثَّانِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي عَلَى مَا بَقِي لَهما والبباقي فِي جِنَايَتِهِ وَلِلثَّانِي فِي جَمِيعِ جِنَايَتِهِ فَيَقْتَسِمَانِ نِصْفَ قِيمَتِهَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَلِلثَّالِثِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَلِلثَّانِي الْبَاقِي وَعَن ابْنِ الْقَاسِمِ
إِنْ قَامَ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثُ رَجَعَ بِنِصْفِ مَا أَعْطَى الْأَوَّلُ وَيُعْطِي هَذَيْنِ إِنْ شَاءَ دِيَة جرحهما أَوْ قِيمَتَهَا الْآنَ فَتَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَأَنْكَرَ سَحْنُون قَوْله نِصْفَيْنِ وَدِيَةَ جُرْحِهِمَا كَامِلًا وَإِنْ جُنِيَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ فَأَعْتَقَهَا قَبْلَ أَخْذِ الْأَرْشِ قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ لَهَا كَمَالِهَا وَقَالَ أَشْهَبُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَأَمَّا الْعَبْدُ يُعْتِقُهُ أَوْ يَهَبُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجُرْحِ فَلِسَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْهُ بِخِلَافِ مَالِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ الذِّمِّيُّ لَا يَفْدِيهَا إِلَّا بِجَمِيعِ الْأَرْشِ فَإِنْ جَنَتْ فَأُسْلِمَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ قَالَ ابْنُ حبيب يفديها وتعتق عَلَيْهِ ويسلمها لِأَنَّهَا مُرْتَهَنَةٌ بِالْجِنَايَةِ قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ فَإِنْ أَسْلَمَهَا وَفِي ثَمَنِهَا فَضْلٌ بِيعَ مِنْهَا لِلْجِنَايَةِ وَعُتِقَ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَتْ كَفَافًا أَوْ أَقَلَّ مِنَ الْجِنَايَةِ وُقِّتَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ جَنَتْ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ بِعِتْقِهَا عُتِقَتْ وَعَلَى السَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ جِنَايَتِهَا أَوْ قِيمَتِهَا كَأُمِّ وَلَدِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقْدِرْ عَلَى بَيْعِهَا وَلَا إِسْلَامِهَا وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الحكم يعتقها لِوَرَثَتِهَا بِالرِّقِّ وَإِنْ قُتِلَتْ أَخَذَ قِيمَتَهَا قِيمَةَ أَمَةٍ وَإِنْ أَسْلَمَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهَا فَالْأَرْشُ لِسَيِّدِهَا فِي الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانُ أَنْ يَكُونَ لَهَا إِنْ لَمْ يُسْلِمْ سَيِّدُهَا وَيُعَرِّفُهُ ابْنُ حَبِيبٍ مَرَّةً بِالْجِنَايَةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْفَرْقِ لِأَنَّ إِسْلَامَهَا لَيْسَ بِعِتْقٍ وَلِأَنَّ الْجِنَايَةَ إِنَّمَا تُسْتَحَقُّ يَوْمَ الْحُكْمِ وَقَدْ صَادَفَهَا ذَلِكَ قَبْلَ الْعِتْقِ فَوَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوِ الْأَرْشُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُسْلِمَهَا لِأَنَّهَا بِالْإِسْلَامِ صَارَ لَهَا حُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَعَن ابْنِ الْقَاسِم إِن أسلمت ثمَّ جنب قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ عَلَيْهِ (اتُّبِعَتْ بِالْجِنَايَةِ دُونَ سَيِّدِهَا وَلَا يَجْتَمِعُ أَنَّهَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ) وَيُغَرَّمُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ قَتَلَتْ أُمُّ الْوَلَدِ خَطَأً أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ يَفْدِيهَا
بِالْأَقَلِّ مِنَ الْجِنَايَةِ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ الْأَقَلُّ مِنَ الْجِنَايَةِ أَوِ الْقِيمَةُ يَوْمَ جَنَتْ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَلْ فِي ذِمَّتِهَا وَقَالَ (ابْنُ الْجَهْمِ) يُخَيَّرُ السَّيِّدُ بَيْنَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ أَوْ يُسْلِمُ مَا بَقِيَ لَهُ فِيهَا مِنَ الْخِدْمَةِ فَيَسْتَخْدِمُهَا أَوْ يُؤَاجِرُهَا وَلَا يَلْحَقُهُ مِنْ جِنَايَتِهَا أَكْثَرُ مِمَّا يَمْلِكُ فَإِنْ وَفَّتْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ عُتِقَتْ وَاتُّبِعَتْ بِالْبَاقِي قَالَ وَهُوَ أَبْيَنُ كَالْمُدَبَّرَةِ بَلْ أُمُّ الْوَلَدِ أَقْوَى حُرِّيَّةً فَإِذا لم تلْزمهُ قيمَة الْمُدبرَة فَأولى هَا هُنَا وَإِذَا جَنَتْ ثُمَّ جَنَتْ قَبْلَ الْفِدَاءِ قِيلَ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِثْلَ أَقَلِّ الْجِنَايَتَيْنِ فَإِنَّهَا تَكُونُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ لِأَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ جَمِيعَهَا فَلَا عِبْرَةَ بِالْأَكْثَرِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ يَكُونُ مَالُهُ أَقَلَّ الدَّيْنَيْنِ لِأَنَّ تِلْكَ مُعَامَلَاتٌ تُؤَثِّرُ فِيهَا فِي يَدَيْهِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ بِحَسْبِ مَا تُسَلِّمُ وَلَهُ ذِمَّةٌ تُتْبَعُ وَإِنِ اسْتَوَتِ الْجِنَايَاتُ وَقَامَ أَحَدُهُمَا أَوَّلًا فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جِنَايَتِهَا أَوْ نِصْفُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ لَهُ فَإِنْ قَامَ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالثَّانِي فَافْتَدَاهُ مِنْهُ السَّيِّدُ ثُمَّ قَامَ الثَّانِي نُظِرَ مَا يَنُوبُ الْأَوَّلَ فِي الْحِصَاصِ لَوْ عَلِمَ بِالثَّانِي فَيُتْرَكُ وَانْتَزَعَ مِنْهُ السَّيِّدُ الْفَضْلَ ثُمَّ دَفَعَ لِلثَّانِي الْأَقَلَّ مِنْ جِنَايَتِهِ أَوْ نِصْفَ قِيمَتِهَا الْيَوْمَ وَإِنْ عَلِمَ بِالْجِنَايَتَيْنِ فَافْتَدَى مِنَ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي حَتَّى جَنَتْ عَلَى ثَالِثٍ فَالْجِنَايَةُ الثَّالِثَةُ تُفَضُّ عَلَى نِصْفٍ لَا جِنَايَةَ فِيهِ نصف فِيهِ جِنَايَةٌ وَإِذَا جَنَتِ الْأَمَةُ ثُمَّ أَوْلَدَهَا سَيِّدهَا يخْتَلف فِيهَا فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع إِذا كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ مُوسِرًا هَلِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ أَوْ يَوْمَ الْحَمْلِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا غَيْرَ عَالِمٍ هَلْ تَمْضِي أُمَّ وَلَدٍ أَوْ يَأْخُذُهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا مُوسِرًا هَلْ تُعَدُّ إِصَابَتُهُ رِضًا فَيَحْمِلُ الْجِنَايَةَ أَمْ لَا (وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا هَلْ يَتْبَعُهُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ أَمْ لَا) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي
الْأَوَّلِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَفِي الثَّانِي تَمْضِي لَهُ أُمَّ وَلَدٍ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ قيمَة الْجِنَايَة كالمحبل أمة من تركته أَبِيهِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ كَانَ عَالِمًا مُوسِرًا فَهُوَ رِضًا بِحَمْلِ الْجِنَايَةِ وَهَذَا إِذَا عَلِمَ الْجِنَايَةَ وَمَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا إِلَّا أَن يتحملها فَإِن جهل حَلَفَ أَنَّهُ جَهِلَ الْحُكْمَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا حَمَلَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَسْلَمَ وَلَدَهَا مَعَهَا فَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ عَالِمًا فَقِيرًا وَأُسْلِمَتِ الْأَمَةُ اتبع بِقِيمَة الْوَلَد
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ جِنَايَةُ الْعَبِيدِ بَيْنَهُمْ كَالْأَحْرَارِ نَفْسُ الْعَبْدِ بِنَفْسِهِ وَجُرْحُهُ بِجُرْحِهِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ فِي الْمَجْرُوحِ فِي الْقَوَدِ وَأَخْذِ الْعَقْلِ إِلَّا أَنْ يُسْلَمَ إِلَيْهِ الْجَانِي لِأَنَّ الْعَبْدَ فِيمَا جنى وَإِنْ قَالَ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ لَا أَقْتَصُّ بَلْ آخُذُ الْجَارِحَ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ بِالْأَرْشِ (وَقَالَ سَيِّدُ الْجَارِحِ إِمَّا أَنْ تَقْتَصَّ أَوْ تَنْزِعَ فَالْقَوْلُ لِسَيِّدِ الْمَجْرُوحِ وَكَذَلِكَ فِي الْقَتْلِ) لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ وَإِنْ مَاتَ الْجَانِي قَبْلَ تَخْيِيرِ السَّيِّدِ بَطَلَتِ الْجِنَايَةُ لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا قِيمَةَ لِلْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ لِلْجَانِي مَالٌ فَهُوَ مَعَ رَقَبَتِهِ فِي جِنَايَتِهِ أَوْ يفْدِيه سَيّده بِالْعقلِ وللجل أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ عَبْدِهِ لِعَبْدِهِ فِي النَّفْسِ وَالْجُرْحِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ الْإِمَامِ بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ جُرِحَ عَبْدٌ أَوْ قُذِفَ فَادَّعَى سَيِّدُهُ عِتْقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ وَأَرْشُهُ أَرْشُ عَبْدٍ يَكُونُ لِلْعَبْدِ دُونَ سَيِّدِهِ لِإِقْرَارِهِ بحريَّته وَإِن جرحه السَّيِّد أَوْ قَذَفَهُ فَثَبَتَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحُرِّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ دُونَ السَّيِّدِ اسْتِصْحَابًا لِلشُّبْهَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ جَحَدَ العَبْد وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَلَهُ حُكْمُ الْحُرِّ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعَ السَّيِّدِ وَغَيْرِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِنْ جَرَحَ عَبْدَيْنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْلِمَ بَعْضَهُ وَيَفْدِيَ بَعْضَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا
سَيِّدَانِ فَلَهُ الْفِدَاءُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْإِسْلَامُ لِلْآخَرِ وَإِنْ جَنَى عَبْدَانِ عَلَى عَبْدٍ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ أَحَدَهُمَا بِنِصْفِ الْجِنَايَةِ إِنْ شَاءَ وَيَفْتَدِي الْآخَرَ ولاي نظر لِقِيمَةِ الْجَارِحِينَ بَلْ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ أَوِ الْجُرْحِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ قَتَلَ عَبْدٌ بَيْنَهُمَا أَجْنَبِيًّا ثُمَّ قَتَلَ آخَرُ سَيِّدَهُ خُيِّرَ وَرَثَةُ الْمَقْتُول فِي إِسْلَام نصفهم بِجِنَايَتِهِ وافتدوه بِنِصْفِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ هَذَا النِّصْفَ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ وَأَجْنَبِيٍّ وَعَلَى السَّيِّدِ يُطْرَحُ لَا يُحَاصُّ بِهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَطَعَ يَدَ سَيِّدِهِ فَخُيِّرَ السَّيِّدُ فِي إِسْلَامِهِ فِي الْجِنَايَةِ كُلِّهَا وَلَا يُحَاصُّ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ يَفْدِيهِ فَإِنْ أَسْلَمَ النِّصْفَ لِلْأَجْنَبِيِّ قِيلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نِصْفُكَ جَنَى عَلَى الْأَجْنَبِيِّ نِصْفَ جِنَايَةٍ وَعَلَى شَرِيكِكَ نِصْفَ جِنَايَةٍ فَإِنْ أَسْلَمْتَهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَوْ يَفْدِيهِ فَإِنْ أَسْلَمَهُ النِّصْفَ لأَجْنَبِيّ صَارَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِلْآخَرِ وَرُبْعُهُ لِوَرَثَةِ الشَّرِيكِ وَإِن جرح عبد كَمَا أحد كَمَا قيل لغير الْمَجْرُوح إِمَّا أَنْت تُسْلِمَ نَصِيبَكَ كُلَّهُ أَوْ تَفْدِيَهُ بِنِصْفِ دِيَةِ الْجُرْحِ فَإِنْ جَنَى عَبْدَانِ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَسَيِّدُهُمَا وَاحِدٌ خُيِّرَ فِي فِدَاءِ الْبَاقِي بِالْجِنَايَةِ كُلِّهَا وَذَلِكَ دِيَةُ حُرٍّ وَقِيمَةِ الْغُلَامِ مَا كَانَتْ لِأَنَّ فِي رَقَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ أَوْ يُسْلِمُهُ وَإِنْ قَطَعَ عَبْدٌ يَدَ حُرٍّ ثُمَّ يَدَ سَيِّدِهِ ثُمَّ يَدَهُ ثُمَّ جنى آخر على العَبْد فَقطع يَده قبل أرش العَبْد الأول قالم مُحَمَّدٌ هَذَا ضَعِيفٌ بَلْ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ الْأَوَّلِ رَقَبَتَهُ فَيُنْظَرُ مَا هُوَ فَيُحَطُّ مِنْ جُرْحِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ ثُلُثُ جُرْحِهِ سَقَطَ ثُلُثُ جُرْحِ الْأَوَّلِ أَوْ ضُرِبَ بِثُلُثَيْ دِيَةِ جُرْحِهِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَضُرِبَ لِلثَّانِي بِدِيَةِ جُرْحِهِ كُلِّهَا لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الثَّانِي بَعْدَ أَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ إِذْ هُوَ أَحَقُّ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ فَوَجَبَ أَنْ
يُحَطَّ بِالَّذِي أَخَذَ مِنْ جِنَايَتِهِ فَلِهَذَا ضُرِبَ فِي رَقَبَة العَبْد بِبَقِيَّة جِنَايَته وَيضْرب للثَّانِي بِجِنَايَتِهِ كُلِّهَا وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ عَلَى ثَالِثٍ فَقَطَعَ يَدَهُ بِحَسَبِ مَا نَقَصَ الْعَبْدُ بِجِنَايَتِهِ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ وَتَبْقَى لَهُ بَقِيَّة جِنَايَته الْأَوَّلِ ثُلُثُهَا فَيَبْقَى لَهُ ثُلُثَانِ سَهْمَانِ وَجِنَايَةُ الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَتَانِ مُسْتَوِيَتَيْنِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ فَإِنْ جَرَحَ عبد عبدا مُوَضِّحَةً فَلَا قَوَدَ بَيْنَهُمَا وَلَا يُخَيَّرُ السَّيِّدَانِ فَإِنِ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ رِقَابِهِمَا خُيِّرَ سَيِّدُ الدَّنِيِّ فِي فِدَائِهِ بِمَا فَضَلَ مِنْ مُوَضِّحَةِ الرَّفِيعِ أَوْ يُسْلِمُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْجَارِحِ الْأَوَّلِ (فَإِنْ أَسْلَمَهُ كَانَ لِلْعَبْدِ الْجَارِحِ الْآخَرِ وَلَا شَيْء لسَيِّد الْجَارِح الأول وَإِنْ فَدَى غَيْرُهُ الْجَارِحَ الْأَوَّلَ وَطَلَبَ جُرْحَ عَبده قيل لسَيِّده أقده أَوْ أَسْلِمْهُ فَإِنِ اصْطَدَمَ عَبْدَانِ فَمَاتَا تَسَاقَطَا وَإِن اخْتلفت أَثْمَانُهُمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا أَمْوَالٌ فَيَكُونُ مِثْلَ الْجِرَاحِ حِينَئِذِْ وَإِنْ جَرَحَ الْعَبْدُ وَقَالَ السَّيِّدُ أَعْتَقْتُهُ قَبْلُ وَلَمْ يُصَدَّقْ وَقَالَ الْجَارِحُ أَمْكِنْهُ مِنَ الْقِصَاصِ فَذَلِكَ لَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ مَا نَقَصَ الْعَبْدَ لِإِقْرَارِ السَّيِّدِ أَنَّهُ حُرٌّ وَإِنْ كَانَ خَطَأً أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دِيَتِهِ حُرًّا وَمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَته وَإِن بلغت الثُّلُثَ لَا تُبَعْ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ سَيِّدُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا الْعَاقِلَةَ لِأَنَّ قَوْلَ السَّيِّدِ لَا يُلْزِمُ الْعَاقِلَةَ وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ بَيْنَهُ وَبَين السَّيِّد وَثبتت وَقد اختله فَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ بِالْغَلَّةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا بِأَرْشِ الْجُرْحِ وَلَا صَدَاقِ الْمِثْلِ إِنْ وَطِئَهَا وَلَا بِمَا نَقَصَهَا وَقِيلَ يَرْجِعُ بِالْكُلِّ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَإِن اشْتَرَاهُ فثبتت لَمْ يَرْجِعْ بِالْغَلَّةِ وَإِنْ هَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ ثَمَنًا أَوِ اسْتُحِقَّتْ إِنَّهَا حُرَّةٌ لَا صَدَاقَ لَهَا وَخَالَفَهُ الْمُغِيرَةُ وَهُوَ الْقِيَاسُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ جَرَحَ الْعَبْدُ رَجُلًا فَقَالَ السَّيِّدُ أَعْتَقْتُهُ قَبْلُ وَكَذَّبَهُمَا الْمَجْرُوحُ وَلِلْعَبْدِ مَالٌ أَخَذَ مِنْهُ دِيَةَ الْجُرْحِ وَإِلَّا خُيِّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ فِدَائِهِ أَوْ إِسْلَامِهِ فَإِنْ فَدَاهُ عُتِقَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَإِلَّا
أَخَذَهُ الْمَجْرُوحُ رَقِيقًا وَإِنْ صَدَّقَهُمَا اقْتُصَّ أَوْ يُخَيَّرُ عَلَى دِيَةِ الْجُرْحِ وَيَتْبَعُهُ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ صَدَقَ السَّيِّدُ وَقَالَ الْعَبْدُ أَنَا عَبْدٌ امْتُنِعَ الْقِصَاصُ وَلَهُ دِيَةُ الْجُرْحِ مِنَ الْعَبْدِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ جُرْحِ الْعَبْدِ وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ أَعْتَقَنِي سَيِّدِي وَصَدَّقَهُ الْمَجْرُوحُ وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ قُدِّمَ السَّيِّدُ صَوْنًا لِمَالِهِ وَخُيِّرَ بَيْنَ الْفِدَاءِ بِدِيَةِ الْجُرْحِ وَيَبْقَى فِي يَدِهِ عَبْدًا أَوْ يُسْلِمُهُ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ وَيَكُونُ حُرًّا
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِمَا يَلْزَمُهُ فِي جَسَدِهِ قُتِلَ بِخِلَافِ الْمَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحُدُودِ بَسْطُ هَذَا الْفَرْعِ
فَرْعٌ قَالَ إِنْ جَنَى الْمُكَاتَبُ وَأَدَّى جَمِيعَ الْعَقْلِ بَقِي على كِتَابَته وَإِلَّا عَجَزَ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ وَعَجْزُهُ عَنِ الْأَرْشِ مِنْ قَبْلِ الْقَضَاءِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ وَإِنْ قَوِيَ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْكِتَابَةِ دُونَ حَالِ الْأَرْشِ فَقَدْ عَجَزَ وَلَا يُنَجَّمُ عَلَيْهِ الْأَرْشُ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ بِخِلَافِ الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ جَانِيَةٍ فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْأَرْشِ وَأَدَّاهُ السَّيِّدُ فَقَدْ عَجَزَ وَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ فَلَمْ يُعَجِّلْ لَهُ الْأَرْشَ عَجَزَ وَالْأَرْشُ أَقْوَى لِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ وَالْكِتَابَةُ لُطْفٌ بِالْعَبْدِ لَا مُعَاوَضَةً مُحَقَّقَةً وَلَهُ دَفْعُ أُمِّ وَلَدِهِ فِي جِنَايَتِهِ إِنْ خَافَ الْعَجْزُ كَبَيْعِهَا فِي عَجْزِهِ وَإِنْ صَالَحَهُ أَوْلِيَاءُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى مِائَةٍ فَلَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى عَجَزَ فَإِنْ ثَبَتَتْ خُيِّرَ فِي إِسْلَامِهِ وَافْتِدَائِهِ بِالْأَقَلِّ مِنَ الْمِائَةِ أَوْ قِيمَةِ الْأَرْشِ وَإِنْ أَقَرَّ بِقَتْلٍ فَصُولِحَ عَلَى مَالٍ امْتَنَعَ قَتْلُهُ فِي الْعَمْدِ لِإِقْرَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْتَصُّوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي مَالِهِ شَيْءٌ وَلَا فِي رَقَبَتِهِ إِنْ عَجَزَ وَإِنْ أَقَرَّ بِقَتْلٍ خَطَأٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَجَزَ أَوْ عُتِقَ لِأَنَّهُ مَالٌ لَا يُلْزَمُ أَوْ بِدَيْنٍ لَزِمَ ذِمَّتَهُ عِتْقٌ أَوْ رِقٌّ وَإِنْ قَتَلَ
رَجُلًا عَمْدًا لَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ لِلْآخَرِ نِصْفَ الدِّيَةِ وَإِلَّا عَجَزَ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي إِسْلَامِ نِصْفِهِ أَوِ افْتِدَائِهِ بِنصْف الدِّيَة وَلَا شَيْء لعافي إِلَّا أَنْ يَزْعُمَ أَنَّهُ عَلَى الدِّيَةِ وَيَهْتَدِفُ إِلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ جَنَى ثُمَّ عُتِقَ بِالْأَدَاءِ قَبْلَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ فَلَا عِتْقَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْجِنَايَةَ حَالَّةً وَإِلَّا رُقَّ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ أَوْ يُسْلِمُهُ وَيُؤَدِّي مَعَهُ مَا اقْتَضَى مِنْ نَجْمٍ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الرِّقِّ فَرْعُ الْخُرُوجِ مِنَ الْجِنَايَةِ لِقُوَّةِ سَبَبِهَا وَتَعَلُّقِهَا بِلَا رَقَبَة وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَجِنَايَةٌ خَطَأٌ فَمَالُهُ لِلدَّيْنِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ فِي رَقَبَتِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَهُوَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ فَالْمَالُ لِلْجِنَايَةِ دُونَ السَّيِّدِ إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْشَ وَالْعَبْدُ مِثْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا بَطَلَ الدَّيْنُ وَإِنْ حَدَثَ لِلْمُكَاتَبِ وَلَدٌ فِي الْكِتَابَةِ لَمْ يَلْزَمِ الْوَلَدَ دَيْنٌ وَلَزِمَتْهُ الْجِنَايَة فِي حَيَاة الْأَب وَإِن عَجَزَ الْأَبُ لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ مِنَ الرِّقِّ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِأَبِيهِ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا عَجَزَ قَالَ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ إِذَا لَمْ يُؤَدِّهِ الْوَلَدُ عَجَزَ إِذْ لَا تُؤَدَّى كِتَابَةٌ قَبْلَ دَيْنٍ وَإِلَّا فَإِنْ عَجَزَ أَسْلَمَ السَّيِّدُ الْجَانِيَ وَحْدَهُ أَوْ فَدَاهُ وَالدَّيْنُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ غَيْرُهُ وَإِنْ أَدَّى الْوَلَدُ الدَّيْنَ وَالْجِنَايَةَ وَعُتِقَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَبِيهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ خَلَّصَ نَفْسَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا بَطَلَتِ الْجِنَايَةُ وَالدَّيْنُ وَلَمْ يَلْزَمَا الْوَلَدَ (وَهُوَ عَدِيمٌ) إِنَّمَا كَانَ لِلْأَبِ مَعُونَةُ مَالِ الْوَلَدِ فِي خَوْفِ الْعَجْزِ فِي حَيَاتِهِ فَإِنْ طُولِبَ الْأَبُ وهوعديم فَاخْتَارَ الْوَلَد أَدَّاهَا وَتَمَادَى عَلَى الْكِتَابَةِ فَلَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى مَاتَ الْأَبُ لَزِمَتْهُ وَإِنْ مَاتَ مَكَاتَبٌ مَدْيُونًا وَتَرَكَ عَبْدًا قَدْ جَنَى قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْجِنَايَةُ أَوْلَى بِالْعَبْدِ لِتَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ إِلَّا أَنْ يَفْتَكَّهُ الْغُرَمَاءُ بِالْأَرْشِ وَكَذَلِكَ عَبْدُ الْحُرِّ الْمِدْيَانُ وَمن جني
مَالًا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا عَبْدٌ اشْتَرَكَ فِيهِ الْجِنَايَةُ وَالدَّيْنُ لِلُزُومِهِمَا فِي الذِّمَّةِ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ حَالٌّ مَعْنَاهُ إِذَا كَانَتْ قَتْلَ نَفْسٍ فَالدِّيَةُ حَالَة بِخِلَاف الْحَد وَقِيلَ فِي الْعَبْدِ يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ بِالدِّيَةِ إِنَّهَا تُنَجَّمُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبِ إِنْ عَجَزَ عَنْهَا حَالَّةً وَفَدَاهُ سَيِّدُهُ تُنَجَّمُ عَلَى السَّيِّدِ وَإِنْ لَمْ تُنَجَّمْ عَلَى الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ فِي تَنْجِيمِهَا عَلَى الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ إِضْرَارَ السَّيِّدِ إِذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ شَيْئًا حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجِنَايَةَ وَتَأْخِيرُ الْكِتَابَةِ ثَلَاثَ سِنِينَ ضَرَرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنْ أَدَّى عَنْهُ سَيِّدُهُ الْأَرْش على أَن لَا يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى بَقِيَ عَلَى حَالِهِ مُكَاتَبًا لِأَنَّ الْجِنَايَةَ سَقَطَتْ وَعَلَى أَنْ يَتْبَعَهُ فَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ يُعْجِزُ عَبْدَهُ عَنِ الْكِتَابَةِ يَرْجِعُ لَهُ الْعَبْدُ رِقًّا وَإِنْ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ خَوْفِ الْعَجْزِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ إِذَا عُتِقَ قِيلَ يَنْبَغِي أَن ير البيع إِلَّا أَن يفوت بِغَيْر حُرِّيَّةٍ فَيَمْضِي ذَلِكَ فِيهَا لِأَنَّ غَايَتَهَا الْعِتْقُ وَقَدْ حَصَلَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ قَالَ أَشْهَبُ عَجْزُ الْمُكَاتَبِ عَنْ دِيَتِهِ كَعَجْزِهِ عَنِ الْأَرْشِ يُبْطِلُ الْكِتَابَةَ وَيُتَّبَعُ بِذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ وَخَالَفَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَدِينَ الْعَاجِزَ عَنِ الدَّيْنِ يَصح أَن يُكَاتب وَلَا تصح مُكَاتبَته وَفِي عتقه جِنَايَةٌ وَإِنْ قَلَّتْ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ فَقَامَ غُرَمَاؤُهُ لِطَلَبِ مَا أَدَّى لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَالَ التُّونُسِيُّ اخْتُلِفَ فِي وَلَدِهَا يُولَدُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ هَلْ يُسَلَّمُ مَعَهَا أَمْ لَا قَالَ فَإِنْ قِيلَ إِذَا جَنَى وَلَدٌ فِي الْكِتَابَةِ وَهُمْ لَيْسُوا حُمَلَاءَ بِالدَّيْنِ فَيُؤَدِّي الدّين
من خرجه وَيُؤَدُّونَ هُمُ الْكِتَابَةَ الَّتِي هُمْ حُمَلَاؤُهَا وَيَبْقَى عَلَيْهِ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ أَدَّاهُ مِنْ خَرَاجِهِ وَإِلَّا اتُّبِعَ بِهِ قِيلَ يَلْزَمُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَدَاءِ الْجِنَايَةِ الَّتِي جَنَاهَا هُوَ إِذا عجز عَنْهَا لَا يؤدوا مَعهَا لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا تَحَمَّلُوا الْكِتَابَةَ فَسُلِّمَ هُوَ فِي الْجِنَايَةِ وَيُحَطُّ عَنْهُمْ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الْكِتَابَةِ وَيُؤَدُّونَ الْبَقِيَّةَ أَوِ الْكِتَابَةَ كُلَّهَا إِنْ تَعَذَّرَ إِسْلَامُهَا بِمَوْتِهِ وَيُعْتَقُونَ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ جَنَى أَحَدُ الْمُكَاتَبَيْنِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَأَدَّى الْجِنَايَةَ بَقِيَ عَلَى الْكِتَابَةِ فَإِنْ أَدَّاهَا عُتِقَ وَلَا تراجع بَينهمَا أَو أدهاها الْآخَرُ لِعَجْزِ الْجَانِي ثُمَّ أَدَّيَا الْكِتَابَةَ رَجَعَ عَلَى الْجَانِي بِمَا أَدَّى عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَرْجِعُ عِنْدَ أَشْهَبَ كَمَا لَوْ أُدِّيَ عَنْهُ دَيْنٌ فَإِنْ كَانُوا أَخَوَيْنِ وَأَجْنَبِيًّا فَجَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَأَدَّى الْجِنَايَةَ وَهُوَ يَقْوَى عَلَى الْكِتَابَةِ لَمْ يَرْجِعْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَإِنْ أَدَّاهَا أَخُوهُ وَأَدَّوُا الْكِتَابَةَ فَلَا رُجُوعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ " لِأَنَّهُ فَكَّ رَقَبَتَهُ مِنَ الرِّقِّ أَوْ أَدَّى الْأَجْنَبِيُّ رَجَعَ عَلَى الْجَانِي فَإِنْ أَدَّوُا الْكِتَابَةَ وَعُتِقُوا فَأَيْسَرَ غَيْرُ الْجَانِي رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُشَارِكَهُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْحَمَالَةِ فَإِنْ أَيْسَرَ الْجَانِي بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَا عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ وَيَرْجِعُ الآخر هَا هُنَا وَهُوَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَدَمَ الْأَخِ وَقَعَ بَعْدَ عِتْقِ الْجَانِي فَإِنْ أَيْسَرَا مَعًا وَالْجَانِي عَدِيمٌ فَأَدَّيَا الْجِنَايَةَ رَجَعَ الْأَجْنَبِيُّ دُونَ الْأَخِ لِأَنَّ بِالْأَدَاءِ فَكُّ رَقَبَتِهِ وَلَا رُجُوعَ لِأَجْنَبِيٍّ بَعْدَ الْعِتْقِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْغُرْمِ قَالَ وَيلْزم على هَذَا لَو لم يجد أَحَدَهُمْ وَأَدَّى الْأَجْنَبِيُّ الْكِتَابَةَ لِعَجْزِهِ عَنْهَا ثُمَّ وُجِدَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ مُوسِرًا أُخِذَ مِنْهُ قَدْرَ مَا أَدَّى عَنْهُ وَإِنْ قَتَلَ مُكَاتَبٌ مُكَاتَبًا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ غُرِّمَ قِيمَتَهُ فَإِنْ وَفَّتِ الْكِتَابَةُ عُتِقَ بِهَا الْجَانِي وَالْفَاضِلُ لِلسَّيِّدِ وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْجَانِي بِقَدْرِ مَا عُتِقَ مِنْهُ من الْقيمَة كَانَا أجنبيين أَو قرَابَة وَإِنْ كَانَ أَخُوهُ فَلَا يَرِثُ مِنَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا كَدِيَةِ الْعَمْدِ لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ إِذَا عَفَا عَنْهُ وَلَا مِنَ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ
الْقَتْلُ خَطَأً أَخَذَ الْقَاتِلُ بَقِيَّةَ مَالِهِ إِنْ كَانَ يَرِثُ وَغُرِّمَ قِيمَتَهُ وَاتَّبَعَهُ السَّيِّدُ بِقَدْرِ مَا عُتِقَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُغَرَّمُ الْأَخُ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ فَإِنْ كَانَتْ مِائَةً وَبَقِيَّةُ الْكِتَابَةُ مِائَةً وَتَرَكَ الْمَقْتُولُ مِائَةً أَدَّى الْقِيمَةَ فَيُعْتَقُ بهَا وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِخَمْسِينَ إِنْ تَسَاوَيَا فِي الْأَدَاء وَأخذ الْأَخ مائَة تَركه الْمَقْتُول إِن كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً لِأَنَّهُ يَرِثُهُ مِنْ مَالِهِ لَا من دِيَته فَحَمله غُرْمِ الْقَاتِلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خَمْسُونَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُؤَدِّي بَقِيَّةَ الْكِتَابَةِ مِنَ الْقِيمَةِ الَّتِي غرمها الْجَانِي من مَالِهِ فَيُؤْخَذُ مِنَ الْقِيمَةِ خَمْسُونَ وَمِنَ التَّرِكَةِ خَمْسُونَ يُدْفَعُ فِي الْكِتَابَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِالَّذِي عُتِقَ بِهِ مِنَ الْقِيمَةِ هُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ مِنَ الْقيمَة وَيَأْخُذ الْمكَاتب الْخمسين الْبَاقِيَة من المَال فَإِن كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ ثَالِثٌ وَالْقَتْلُ خَطَأٌ فَغُرِّمَ قِيمَتَهُ وَوَفَّتِ الْكِتَابَة وردع الْأَخُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا عُتِقَ بِهِ مِنَ الْقِيمَةِ فَكَانَ مَا تَرَكَ الْمَقْتُولُ بَيْنَهُمَا إِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَذَلِكَ للَّذي يقتل فَإِن كَانَ الْقَتِيل عَدِيمًا وَلَيْسَ مَعَهُمَا أَخٌ ثَالِثٌ رُقَّ إِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا وَإِلَّا عُتِقَ فِيمَا تَرَكَ كَأَنَّهُ أَدَّاهُ مِنْ عِنْدِهِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِقَدْرِ مَا عُتِقَ بِهِ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ ثَالِثٌ وَالْجَانِي عَدِيمٌ وَتَرَكَ الْمَقْتُولُ مَالا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَ الْقَاتِلُ بِمَالِ الْمَقْتُولِ إِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا وَيُعْتَقُ بِهِ الْأَخُ الَّذِي لَمْ يَجْنِ وَيُرَقُّ الْقَاتِلُ فَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَهُ سَيِّدُهُ لِأَخِيهِ يُبَاعُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ يُقَدَّمُ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ فَيَكُونُ عَبْدًا لِلسَّيِّدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ وَأَدَّى الْجِنَايَةَ بِمَا فِي يَدِهِ وَبَقِيَ مَا يُرْجَى أَنْ يَسْعَى فِيهِ أَرَى أَنْ يَسْعَى حَتَّى يُؤَدِّيَ الْكِتَابَةَ وَلَا يَكُونُ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ بَقِيَ مَا إِنْ تَلَوَّمْ لَهُ رُجِيَ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى السَّعْيِ وَإِنْ لَمْ يُرْجَ لَهُ ذَلِكَ عَجَزَ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ وَلَا أَرَى أَنْ يُمَكَّنَ مِنْ تَعْجِيزِ نَفْسِهِ إِلَّا بَعْدَ كَشْفِ السُّلْطَانِ لِمَا عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ قُوَّتَهُ مِنْ ضَعْفِهِ حَتَّى أَدَّى الْجِنَايَةَ ثُمَّ بُيِّنَ أَنَّهُ كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى الْجَمِيعِ مَضَى فِعْلُهُ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَخْتَارُ
إِلَّا بَقَاءَهُ مِنْ غَيْرِ غُرْمٍ عَلَيْهِ وَحَيْثُ يَرُدُّ السَّيِّدُ مَا أَخَذَ مِنَ الْكِتَابَةِ إِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ خَرَاجِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ خرجه فَمَنْ قَالَ هُوَ مَمْلُوكٌ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ جَنَى أَسْلَمَ خَرَاجَهُ وَمَنْ قَالَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَمْ يُسْلِمْهُ وَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ يَصِحُّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ جَنَى عَلَى الْمُكَاتَبِ أَخَذَ السَّيِّدُ الْأَرْشَ وَلَيْسَ لِلْمَكَاتِبِ أَخْذُهُ لِيَتَّجِرَ فِيهِ لِأَنَّهُ ثَمَنُ رَقَبَتِهِ فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ كَفَافَ الْكِتَابَة كَانَ حرا أَو فِيهَا فَضْلٌ أَخَذَهُ الْمُكَاتَبُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْكِتَابَةُ أَوْ أَقَلَّ مِنَ الْكِتَابَةِ حَاسَبَهُ بِهِ مِنْ آخِرِ نَجْمٍ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَوَّلِ نَجْمٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِك لَهُ فغن قَتَلَ وَفِي الْقِيمَةِ فَضْلٌ عَنِ الْكِتَابَةِ وَمَعَهُ وَلَدٌ فِي الْكِتَابَةِ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَفِ بِالْكِتَابَةِ حَاسَبَ السَّيِّدُ بِهَا الْوَلَدَ مِنْ آخِرِ النُّجُومِ وَإِذَا قَتَلَ قَوْمٌ عَبْدًا لَا كِتَابَةَ فِيهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ وَالْعِتْقَ إِلَى أجل أَو مُعتق بَعْضُهُ سَقَطَ حُكْمُهَا مَعَ الْقَتْلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مُكَاتَبًا أَكْثَرَ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى بَيْعِهِ مُكَاتَبًا فَإِنْ شَجَّ مُوَضِّحَةً فَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا الْآنَ لِأَنَّ جُرْحَهُ لَا يُبْطِلُ حُكْمَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجُرْحِ تَسْمِيَةُ قوم مَا نَقصه
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ مُكَاتَبُهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَمَعَهُ وَلَدٌ قَاصُّوا السَّيِّدَ بِقِيمَتِهِ فِي آخِرِ نُجُومِهِمْ وَيَسْعَوْنَ فِيمَا بَقِيَ فَإِنْ وَفَّى ذَلِكَ بِالْكِتَابَةِ عُتِقُوا أَوْ فَضَلَ أَخَذُوهُ بِالْمِيرَاثِ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ أَوْ حَدَّثُوا فِي الْكِتَابَةِ وَكَذَلِكَ إِنْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ فَأَخَذَ السَّيِّدُ قِيمَتَهُ قَاصَصً بِهَا كَمَا تَقَدَّم فَإِنْ شَجَّهُ السَّيِّدُ مُوَضِّحَةً قَاصَّهُ السَّيِّدُ فِي آخِرِ نُجُومِهِ بِنِصْفِ عُشْرِ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا عَلَى حَالِهِ فِي أَدَائِهِ أَوْ قُوَّتِهِ أَوْ جُرْحِهِ احْتُسِبَ لَهُ بِذَلِكَ آخِرُ كِتَابَتِهِ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ تَلِدُ فِي كِتَابَتِهَا وَلَدًا فَيَقْتُلُهُ السَّيِّدُ يُغَرَّمُ قِيمَتَهُ فَإِنْ وَفَّى الْكِتَابَةَ عُتِقَتْ أَوْ فَضَلَ أَخَذَتِ الْأُمُّ مِنْهُ مِيرَاثَهَا وَإِنْ قَتَلَ
الْمُكَاتَبُ وَمَعَهُ أَخُوهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ وَلَدُهُ فَعَجَّلَ السَّيِّدُ قِيمَتَهُ حُسِبَتْ مِنْ آخَرِ النُّجُومِ لِاحْتِمَالِ الْعَجْزِ فَإِنْ وَفَّتْ عُتِقُوا فِيهَا وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمْ أَوْ فَضَلَ فَلِلْوَرَثَةِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِيرَاثًا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ السَّيِّدُ هُوَ الْجَانِي وَلَا شَيْءَ لِغُرَمَاءِ الْمُكَاتَبِ أَوِ الْعَبْدِ مِنْ قِيمَتِهِمَا قَتَلَهُمَا أَجْنَبِيٌّ أَوِ السَّيِّدُ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ قِبَلِ رَقَبَتِهِمَا مِنْ جُرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا لَا يَدْخُلُونَ فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ إِنْ بِيعَ وَالدَّيْنُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِمَا وَعَلَى قَاتِلِ الْمُكَاتَبِ قِيمَتُهُ عَبْدًا مُكَاتَبًا فِي قُوَّةِ مِثْلِهِ عَلَى الْأَدَاءِ وَضَعْفِهِ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى قِلَّةِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ أَوْ كَثِيرِهِ لِأَنَّ يَسِيرَ الْبَاقِي يُرَقُّ مَعَ الْعَجْزِ وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ زَوْجَيْنِ فِي كِتَابَةٍ فَحدث فهما وَلَدٌ فَجُنِيَ عَلَى الْوَلَدِ مَا قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنَ الْكِتَابَةِ فَلِلسَّيِّدِ تَعْجِيلُ الْكِتَابَةِ وَيُعْتَقُونَ وَالْفَاضِلُ لِلْوَلَدِ وَلَا يُرْجَعُ عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ قَدِ أرقا بهما وَأَمَّا مَا اكْتَسَبَهُ الِابْنُ فَهُوَ لَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى مَعَهُمْ وَيُؤَدِّيَ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ وَلَا يَأْخُذُ الْأَبَوَانِ مَالَهُ إِلَّا أَنْ يَخَافَا الْعَجْزَ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ لِلْأَبَوَيْنِ مَالٌ وَخَافَ الْوَلَدُ الْعَجْزَ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ حِمَالَةٌ بَيْنَهُمْ وَإِنْ جَنَى عَبْدُ الْمُكَاتَبِ فَلَهُ إِسْلَامُهُ وَفِدَاؤُهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَإِنْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ عَبْدَهُ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ فِي النَّفْسِ وَالْجُرْحِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي كِتَابَته ولد فَهَل مِثْلُ مَا لِلسَّيِّدِ فِي النَّفْعِ بِمَالِهِ فَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى الْقِصَاصِ قَتْلًا وَمَنْ أَبَى فَلَا قَتْلَ لِلثَّانِي كَعَفْوِ أَحَدِ الْوَلِيَّيْنِ فَإِنْ صَارَ العَبْد للْوَلَد بِالْأَدَاءِ أَو السَّيِّد بِالْعَجزِ لم يكن للعافي الْقَاتِل إِنْ صَارَ إِلَيْهِ وَإِنْ صَارَ لِمَنْ أَرَادَ الْقَتْلَ مِنْهُمَا مِنْ وَلَدٍ أَوْ سَيِّدٍ فَلَهُ الْقَتْلُ وَإِنْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا فَعَفَا الْوَلِيُّ عَلَى اسْتِرْقَاقِهِ بَطَلَ الْقَتْلُ وَعَادَتْ كَالْخَطَأِ وَقِيلَ لِلْمَكَاتِبِ لِذَا الدِّيَةُ حَالَّةٌ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ خُيِّرَ السَّيِّدُ فِي إِسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ بِالدِّيَةِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إِذَا قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَعَفَا عَنْهُ الْوَلِيُّ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ فَإِنْ جَنَى مَكَاتِبٌ عَلَى عَبْدٍ لِلسَّيِّدِ أَوْ مَكَاتِبٍ آخَرَ لِسَيِّدِهِ
مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ أَمْ لَا عَجَّلَ قِيمَتَهُ لِلسَّيِّدِ فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ رَقِيقًا وَسَقَطَ ذَلِكَ عَنْهُ وَكَذَلِكَ مَا اسْتَهْلَكَهُ لَهُ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ مَالَهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ يَجْنِي عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَضْمَنُ لِسَيِّدِهِ مَا اسْتَهْلَكَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ فِي تَقْوِيمِ الْمُكَاتَبِ مُكَاتَبًا كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ عَبْدًا قَوْلَانِ قَالَ سَحْنُونٌ بَلْ عَبْدًا وَذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ حَالَةَ وَهَبَهُ مَعْنَاهُ إِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ صِنَاعَةٌ يَكُونُ بِهَا مَاهِرًا أَو تأخرا فِي النكت قَالَ أَشهب إِن قتل السد وَلَدَ الْمُكَاتَبَةِ وَفِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَلَى الْكِتَابَةِ أَخَذَتِ الْأُمُّ ثُلُثَ الْفَاضِلِ مِيرَاثًا وَسَقَطَ عَنِ السَّيِّد ثُلُثَاهُ إِن كَانَت الْجِنَايَة خطأ أَو عمدا لم تسْقط وَغُرِّمَ الْجَمِيعَ وَيَكُونُ فَضْلُ ذَلِكَ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقَيِّمَةَ الَّتِي تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ كَالدِّيَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَرِثَ السَّيِّدُ مِنْهَا شَيْئًا بَلِ الْفَاضِلُ لِأَوْلَى النَّاسِ بَعْدَ السَّيِّدِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ جَنَى الْمُكَاتَبُ فَقِيلَ لَهُ أَدِّ الْجِنَايَةَ فَقَالَ مَا عِنْدِي (فَقَدْ عَجَزَ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَافْتِدَائِهِ عَبْدًا وَإِنْ قَالَ مَا عِنْدِي الْآنَ لَكِنْ بَعْدَ أَيَّامٍ لَا يُرَقُّ إِلَّا بِالسُّلْطَانٍ يَقُولُ لَهُ إِنْ أَدَّيْتَ هَذَا مِنْ يَوْمِكَ وَشِبْهِهِ وَإِلَّا فَأَنْتَ رَقِيقٌ
فَرْعٌ إِنْ قُتِلَ أحد المكاتبين فِي الْكِتَابَة الْوَاحِدَة عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَهُمَا أَخَوَانِ أَوْ أَجْنَبِيَّانِ فَلِلسَّيِّدِ الْقِيمَةُ فِي الْخَطَأِ وَيُخَيَّرُ فِي الْعَمْدِ بَين الْقصاص وَالْعَفو عَن أَخْذِ الْقِيمَةِ فَإِنْ أَخَذَهَا فِي عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ (وَفِيهَا وَفَاءٌ بِالْكِتَابَةِ عُتِقَ بِهَا الْجَانِي وَاتَّبَعَهُ السَّيِّدُ بِحِصَّةِ مَا عُتِقَ بِهِ مِنْهَا فِي عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ فَإِنْ) كَانَ أَخًا أَوْ أَجْنَبِيًّا وَلَا يُتَّهَمُ الْجَانِي أَنْ يَكُونَ أَرَادَ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ بِالْقِيمَةِ الَّتِي أَدَّى إِنْ كَانَ على أَدَائِهَا قَادر قَبْلَ الْعِتْقِ وَيُعْتَقُ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي مَالٌ وَمَعَهُ أَقَلُّ مِنَ الْقِيمَةِ وَلِلْمَقْتُولِ مَال فَلَا
اعتقه فِيمَا تَرَكَ الْمَقْتُولُ إِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا لِلتُّهْمَةِ عَلَى تَعْجِيلِ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَتْ كَفَافَ الْكِتَابَةِ عُتِقَ وَاتَّبَعَهُ السَّيِّدُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْهَا وَإِلَّا عَجَزَ وَإِنْ أَدَّاهَا فَلَمْ تَفِ بِالْكِتَابَةِ أَخَذَهَا السَّيِّدُ وَحُبِسَ لَهُ فِي آخِرِ الْكِتَابَةِ وَيَسْعَى الْقَاتِلُ فِيمَا بَقِيَ فَإِنْ أَدَّى وَعُتِقَ رَجَعَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِمَا كَانَ حَبَسَهُ لَهُ مِنَ الْقيمَة فِي حِصَّته من الْكتاب وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً أُعْتِقَ الْقَاتِلُ فِي تَرِكَةِ الْمَقْتُولِ كَانَ أَخًا أَوْ أَجْنَبِيًّا لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ وَيُرْجَعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِمَا أَدَّى عَنهُ الْمَالِ الَّذِي تَرَكَهُ الْمُكَاتَبُ وَبِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ أَيْضًا وَلَا يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْأَخِ بِمَا عُتِقَ بِهِ من التَّرِكَة لِأَن أَخَاهُ لم يكون يَرْجِعُ عَلَيْهِ لَوْ أَدَّى عَنْهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ أَخِيهِ لِأَنَّ الْأَخَ لَا يَرِثُ مِنَ الْقِيمَةِ وَإِنْ قَتَلَ الْمُكَاتَبَ أَجْنَبِيٌّ فَأَدَّى قِيمَتَهُ عُتِقَ فِيهَا مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ وَإِنْ جَنَى أَحَدُ الْمُكَاتَبِينَ فِي كِتَابَةٍ فَعَجَزَ عَنِ الْغُرْمِ وَلَمْ يُؤَدِّ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ الْأَرْشَ حَالًّا عجز وَإِن لم يحل من نجومهما وَخُيِّرَ السَّيِّدُ فِي الْجَانِي وَحْدَهُ فَإِنْ أَدَّى الَّذِي مَعَه الْأَرْش فَعتق رَجَعَا بِهِ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَإِنْ قَتَلَتْ مُكَاتَبَةٌ وَلَدَهَا عَمْدًا لَمْ تُقْتَلْ بِهِ وَلَا يُقَادُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ وَلَا يَعْفُو الْمُكَاتَبُ عَنْ قَاتِلِ عَبْدِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ إِنْ مَنَعَهُ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ يَحِلُّ بِالْكِتَابَةِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْجَانِي بَيْنَ فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ رِقًّا وَإِنْ طَلَبَ هُوَ الْقصاص وَعفى سَيِّدُهُ عَلَى أَخْذِ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَذَلِكَ لِلسَّيِّدِ دُونَهُ إِلَّا أَنْ يُعَجِّلَ الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ فَيَتِمُّ لَهُ مَا شَاءَ مِنْ عَفْوٍ أَوْ قِصَاصٍ وَإِنْ قَتَلَ السَّيِّدُ مُكَاتَبًا لِمُكَاتَبِهِ أَوْ عَبْدًا غُرِّمَ لَهُ قِيمَتَهُ مُعَجَّلًا وَلَا يُقَاصُّهُ بِهَا فِي الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مَالٍ لَهُ فَإِنْ كَانَ لِلْمَكَاتِبِ الْأَسْفَلِ وَلَدٌ فِي كِتَابَتِهِ فَلِلْمَكَاتِبِ الْأَعْلَى تَعْجِيلُ تِلْكَ الْقِيمَةِ مِنْ سَيِّدِهِ وَأَخْذُهُ قِصَاصًا مِنْ آخِرِ كِتَابَةِ الْمَقْتُولِ وَيَسْعَى وَلَدُ الْمَقْتُولِ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَتْ كَفَافًا أُعْتِقُوا أَوْ فَضْلًا أُورِثُوهُ وَإِنْ وَلَدَتِ الْمُكَاتَبَةُ بَعْدَ أَنْ جَنَتْ ثُمَّ مَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَلَدِ وَلَا عَلَى السَّيِّدِ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ إِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ ثُمَّ مَاتَتْ لَا شَيْءَ عَلَى الْوَلَدِ وَلَا عَلَى السَّيِّدِ وَلَوْ لَمْ تَمُتْ لَمْ
تَكُنِ الْجِنَايَةُ إِلَّا فِي رَقَبَتِهَا دُونَ وَلَدِهَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ أَوْ بَعْدَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا لَمْ يكن للْأَخ الْقَاتِلِ خَطَأً مَا يُؤَدِّي الْقِيمَةَ أَوْ مَعَهُ بَعْضُهَا عَجَّلَ تَمَامَ الْكِتَابَةِ مِنْ مَالِ الْمَقْتُولِ وَعتق أَو بيع الْقَاتِلُ بِجَمِيعِ الْقِيمَةِ وَبِمَا أَدَّى عَنْهُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ فِي الْقِيمَةِ الَّتِي أَدَّى وَفَاءُ الْكِتَابَةِ فَإِنَّمَا يُؤَدِّي الْكِتَابَةَ مِنْهَا لَا مِنْ مَالِ الْمَقْتُولِ وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ الْآخَرَ وَلَمْ يَكُنِ السَّيِّدُ قَبَضَ مِنَ الْكِتَابَةِ شَيْئًا وَقِيمَةُ الْمَقْتُولِ مِثْلُ الْكِتَابَةِ فَأَدَّاهَا الْقَاتِلُ وَعُتِقَ رَجَعَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِمَا عُتِقَ بِهِ مِنْهَا وَهُوَ نِصْفُهَا إِنْ كَانَا فِي الْكِتَابَةِ مُعْتَدِلَيْنِ قَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِهَا لِمَوْتِ أَحَدِ الْمُكَاتَبَيْنَ لِأَنَّهُ لَا يُوضَعُ بِذَلِكَ عَنِ الْبَاقِي شَيْءٌ (قَالَ وَلَا يُعْجِبُنَا لِأَنَّ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ عِوَضٌ مِنْهُ فِي النَّفْعِ وَالْمَيِّتُ إِنْ تَرَكَ مَالًا أُدِّيَتْ مِنْهُ الْكِتَابَةُ) قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَتَلَ مَكَاتِبٌ مَكَاتِبَهُ وَهُوَ عَدِيمٌ بِيعَ عَلَيْهِ كِتَابَةُ مُكَاتَبِهِ وَيَكُونُ مُكَاتَبًا لِمَنِ اشْتَرَاهُ فَإِنْ عَجَزَتْ كِتَابَتُهُ عَنْ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ اتَّبَعَهُ الْمُكَاتَبُ بِذَلِكَ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ فِي كِتَابِ أُمَّهَات الْأَوْلَاد إِذا وطىء أَمَةً مُكَاتَبَةً فَحَمَلَتْ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا يُحَاصُّ السَّيِّدُ بِالْكِتَابَةِ فِي الْعُسْرِ فَإِنْ كَانَت عفافا عُتِقَ الْمُكَاتَبُ وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ اتَّبَعَهُ بِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَمَةِ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِن قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا وَحُرًّا فَاتَّفَقَ الْوَلِيُّ وَالسَّيِّدُ عَلَى الْقِصَاصِ اقْتُصَّ أَوْ عَدَمِهِ خُيِّرَ السَّيِّدُ فِي فدائه أَو اخْتلفَا قدم طَالَبَ الْقَوَدَ وَلَيْسَ كَقَطْعِ الْيَدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَين العَبْد وَالْحر قصاص فِي الجراج فَإِذَا قُطِعَ الْعَبْدُ بَقِيَ جُرْحُ الْحُرِّ فِي رقبته فغن قَتَلَ عَشَرَةَ أَعْبُدٍ لِعَشَرَةِ رِجَالٍ قَتَلُوا عَبْدَ رَجُلٍ فَلَهُ قَتْلُهُمْ أَوْ أَخْذُ قِيمَةِ عَبْدِهِ على كل وَاحِد عشرَة قِيمَتِهِ يُؤَدِّيهِ سَيِّدُهُ أَوْ يُسْلِمُهُ وَلَهُ قَتْلُ
الْبَعْضِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَفَاوُتِ قِيَمِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ أَلْفًا فَلَا تُعْتَبَرُ إِلَّا قِيمَةُ الْمَقْتُولِ فَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ وَحُرٌّ عَبْدًا عُوقِبَ الْحُرُّ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَلِسَيِّدِ الْمَقْتُولِ الْقَتْلُ أَوْ يَسْتَحْيِيهِ وَيَكُونُ لَهُ فِي رَقَبَتِهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مُسَلَّمَةً لِسَيِّدِهِ أَوْ يَفْدِيهِ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنَّمَا نَنْظُرُ إِلَى قِيمَةِ الْجُرْحِ بَعْدَ الْبُرْءِ وَمَا نَقَصَهُ يَوْمَ الْبُرْء وَإِن بَرِيء بِغَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إِلَّا الْأَدَبَ فِي الْعَمْدِ فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم إِن شج عَبْدًا مُوَضِّحَةً فَمَاتَ مِنْ فَوْرِهِ فَلَهُ قِيمَتُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَإِنْ عَاشَ ثُمَّ مَاتَ حَلَفَ يَمِينا وَاحِدَة لما مَاتَ مِنْهَا وَثلث الْقِيمَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَارِحِ قَالَ الْمُغِيرَةُ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى طَلَبِ الشَّجَّةِ وَلَا يَحْلِفُ فَيَفْدِيهِ بِهَا السَّيِّدُ أَوْ يُسْلِمُهُ وَلَهُ تَحْلِيفُ سَيِّدِ الْعَبْدِ الْجَارِحِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنَ الشَّجَّةِ فَإِنْ نَكَلَ أَسْلَمَهُ أَوْ فَدَاهُ بِقِيمَةِ الْمَيِّتِ وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ مِنْهَا مَاتَ فَلَهُ قَتْلُهُ فَإِنِ اسْتَحْيَاهُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ عَبْدًا قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَأَرَادَ السَّيِّدُ الْقِصَاصَ حَلَفَ الْعَبْدُ أَوِ الْعَقْلَ حَلَفَ السَّيِّدُ قَالَهُ الْمُغِيرَةُ وَقَالَ مَالِكٌ بَلِ السَّيِّدُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْمَالِ
فَرْعٌ قَالَ إِذا أعتق الْمَجْرُوح فغن بَرِيء وَلَمْ يَسْرِ فَلِسَيِّدِهِ مَبْلَغُ ذَلِكَ مِنْ دِيَتِهِ عَبْدًا وَإِنْ زَادَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَالزِّيَادَةُ لِلْعَبْدِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ دِيَةِ حُرٍّ فَإِنْ زَادَ لِزَوَالِ عُضْوٍ فَلِلْعَبْدِ دِيَتُهُ مِنْ حُرٍّ وَلِسَيِّدِهِ أَرْشُ الْجُرْحِ وَإِنْ بَدَأَتْ بَاضِعَةً لِمُنَقِّلَةٍ بَعْدَ الْعِتْقِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَفِدْ طَرَحَ أَرْشَ الْبَاضِعَةِ مِنْ عَقْلِ مُنَقِّلَةٍ عَنْ حُرٍّ وَالْبَاقِي لِلْعَبْدِ وَإِنْ عُتِقَ بَعْدَ الْجُرْحِ فَتَنَاهَى لِلنَّفْسِ سَقَطَ الْجُرْحُ وَلَا قِصَاصَ لِلسَّيِّدِ وَلَا أَرْشَ وَقَالَ ابْن
الْقَاسِم قيه دِيَةُ حُرٍّ يَرِثُهَا وَرَثَتُهُ بَعْدَ أَنْ يُقْسِمُوا لَمَاتَ مِنْهَا لِأَنَّ الْمَوْتَ وَقَعَ فِي الْحُرِّيَّةِ وَقَالَ أَشْهَبُ دِيَةُ عَبْدٍ تَغْلِيبًا لِلسَّبَبِ وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِي يسلم وَإِن أنفذت مقاتله عتق ثُمَّ مَاتَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَوَارَثَ بِالْحُرِّيَّةِ
فرع قَالَ قَالَ ابْن الْقَاسِم إِن كَانَت قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجُرْحِ مِائَةً وَيَوْمَ الْمَوْتِ أَلْفًا فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا مِائَةٌ وَكَذَلِكَ إِنْ نَقَصَ وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ ثَانِيًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَئِذٍ مجروحا وَكَذَلِكَ طرؤ الْجِنَايَاتِ عَلَى الْجِنَايَاتِ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ كل مَا أتلف الْعَبْدُ لَا عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ فَفِي رَقَبَتِهِ وَمَا أَتْلَفَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ وَهُوَ صَانِعٌ أَوْ مُودَعٌ أَوْ مُتَّصَعٌ مَعَهُ أَوْ مُسْتَأْجَرٌ عَلَيْهِ فَفِي ذِمَّتِهِ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى فَفِي رقبته وَلَك مَا لَزِمَ الْعَبْدَ فِي رَقَبَتِهِ لَزِمَ الْيَتِيمَ فِي مَالِهِ وَمَا لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا فِي الذِّمَّةِ لَا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ فِي مَالِهِ وَلَا فِي ذِمَّتِهِ وَفِي خَدِيعَةِ الْعَبْدِ قَوْلَانِ هَلْ هِيَ فِي الذِّمَّةِ أَوِ الرَّقَبَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم فِي الْمَأْذُون إِذا أحتل أَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَفِي رَقَبَتِهِ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَتَلَتْ أَوْ جَرَحَتْ فَبِعْتَهَا فَوَلَدَتْ فَتُقْتَلُ فِي الْعَمْدِ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ مِثْلَ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ فَهُوَ فِي الثَّمَنِ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ) وَلَا
لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْفَضْلِ أَوْ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالنَّقْصِ وَإِنِ اسْتَحْيَوْهَا خُيِّرُوا بَيْنَ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ مِنَ الْبَائِعِ أَوْ أَخَذَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الحكم من الْمَيِّت فَإِنْ أَخَذُوا الثَّمَنَ مِنَ الْبَائِعِ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَوِ الْقِيمَةِ مِنَ الْمُبْتَاعِ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ كَانَ مَا غرم من الْقيمَة أَكثر أَو أقل بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلِلسَّيِّدِ دَفْعُ الدِّيَةِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَبْدٌ بَيْنَكُمَا جَنَى عَلَى أَحَدِكُمَا يَفْتَكُّ الْآخَرُ نِصْفَهُ بِنِصْفِ الْجِنَايَةِ أَوْ يُسْلِمُهُ أَوْ عَلَى أَحَدِكُمَا أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلِلْأَجْنَبِيِّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ فَإِنْ شَجَّ كِلَيْكُمَا مُوَضِّحَةً تَسَاقَطَتَا
فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا جَنَى ثُمَّ أَبِقَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ آبِقًا لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةُ حَرَامٍ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِذَا حَفَرَ حُرٌّ وَعَبْدٌ بِئْرًا فَانْهَارَتْ عَلَيْهِمَا وصف قيمَة السَّيِّد مِثْلُ نِصْفِ دِيَةِ الْحُرِّ أَوْ أَقَلُّ فَلَا تِبَاعَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ نِصْفَ دِيَةِ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ الذَّاهِبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَال ففضل نصف الدِّيَة فِيهِ وأو نصف قيمَة العَبْد أَكثر فالزائد فِي حَال الْحُرِّ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْعَبْدِ
فَرْعٌ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا جَنَى الْعَبْدُ الرَّهْنَ فَفَدَاهُ رَبُّهُ بَقِيَ رَهْنًا أَوْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فِي ثَلَاثَة إِسْلَامه وَاتِّبَاع الرَّاهِن بديته أَوْ يَفْدِيهِ فَيَكُونُ مَعَ مَالِهِ
رَهْنًا بِمَا فَدَاهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَيِّدُهُ انْتَزَعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهُوَ بِالدَّيْنِ الْأَوَّلِ رَهْنٌ بِغَيْرِ مَالِهِ إِنْ لَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَهُ وَلَا يُبَاعُ حَتَّى يَحِلَّ الدَّيْنُ فَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ السَّيِّد بِالدّينِ وَالْأَرْش بيع وبدىء بِالْأَرْشِ لِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ وَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ الدَّيْنِ وَالْأَرْش شَيْء فللسيد أَو يأخذاه لِنَفْسِهِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْجِنَايَةِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ فَيَسْقُطُ مِثْلُهَا مِنْ دَيْنِهِ وَيُتْبَعُ السَّيِّدُ بِمَا بَقِيَ مِنَ الدَّيْنِ بَعْدَ إِسْقَاطِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الزِّيَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ السَّيِّدُ وَإِلَّا أسلمه وَقَالَ الْمُرْتَهن أَفْدِهِ فَفَدَاهُ فَذَلِكَ دَيْنٌ عَلَى الرَّاهِنِ وَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ بِهِ رَهْنًا حَتَّى يَقُولَ وَهُوَ بِهِ رَهْنٌ فَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ لَمْ يَلْزَمِ السَّيِّدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا الدَّيْنُ الْقَدِيمُ
فَرْعٌ قَالَ سَحْنُونٌ إِن غصب عبدا وَعند الْغَاصِب جَارِيَة وَدفعه لِرَبِّهِ فَجَنَى الْعَبْدُ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَقَتَلَ رَجُلًا خطأ ووطىء الْجَارِيَةَ فَلِسَيِّدِهِ تَضْمِينُهُ لِلْغَاصِبِ فَارِغًا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ وَيُخَير فِي الْغَاصِبُ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْأَمَةِ الْمُشْتَركَة يَطَأهَا أَحَدُهُمَا فَتَحْمِلُ وَلَا مَالَ لَهُ فَتَجْنِي فَنِصْفُ الواطىء بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْآخَرُ يَفْدِي أَوْ يُسْلِمُ فَإِن فدى فَلهُ نصف قيمتهَا على الواطىء أَوْ أُسْلِمَ فَذَلِكَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيُبَاعُ لَهُ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَفْتَدِيَ السَّيِّدُ أَوْ يُسْلِمَ الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يتبع الواطىء بِشَيْء إِلَّا أَن للشَّرِيك اتِّبَاع الواطىء بِنصْف قيمَة الْوَلَد وَيعتق على الواطىء نصفه ويتبغ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ النِّصْفَ بِالْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْجِنَايَةِ أَوْ نِصْفِ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وَهَبَتْ حَامِلًا أَوْ وَهَبَتَ حَمْلَهَا لِآخَرَ فَجَنَتْ خُيِّرَ مَنْ لَهُ الْأُمُّ فَإِنْ أَسْلَمَهَا فَهِيَ وَحَمْلُهَا لِلْمَجْرُوحِ أَوْ فَدَاهَا فَحَمْلُهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ انْتُظِرَ حَتَّى وَضَعَتْ فَالْوَلَدُ لِصَاحِبِهِ وَلَا تَلْحَقَهُ الْجِنَايَةُ وَيُخَيَّرُ صَاحِبُ الْأُمِّ
فَإِنْ أَسْلَمَهَا صَاحِبُ الرَّقَبَةِ حَامِلًا فَقَالَ صَاحِبُ الْوَلَد أَنا افتكها فَذَلِك لَهُ
فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَا ضَمَانَ عَلَى الطَّبِيبِ وَالْحَجَّامِ وَالْبَيْطَارِ إِنْ مَاتَ حَيَوَانٌ مِمَّا صَنَعَ بِهِ إِنْ لَمْ يُخَالِفُوا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ ضَرَبَ مُعَلِّمُ الْكُتَّابِ أَوِ الصَّنْعَةِ صِبِّيًا مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مِنَ الْأَدَبِ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ ضَرَبَهُ بِغَيْرِ الْأَدَبِ تَعَدِّيًا أَوْ تَجَاوَزَ الْأَدَبَ ضَمِنَ مَا أَصَابَهُ وَكَذَلِكَ الطَّبِيبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلِمٌ وَدَخَلَ جُرْأَةً وَيَتَقَدَّمُ إِلَيْهِمْ فِي قَطْعِ الْعُرُوقِ وَنَحْوهَا أَن يقدم أَحَدٌ عَلَى مِثْلِ هَذَا إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ الإِمَام وينهوا عَنِ الْأَشْيَاءِ الْمُخَوِّفَةِ الَّتِي يُتَّقَى فِيهَا الْهَلَاكُ إِلَّا بِإِذن الإِمَام وَأما الْعُرُوق بِالْعِلَاجِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا أَتَى عَلَى يَدِ الطَّبِيبِ مِمَّا لَمْ يَقْصِدْهُ فِيهِ رِوَايَتَانِ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ قَتَلَ خَطَأً وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ عَنْ فِعْلٍ مُبَاحٍ كَالْإِمَامِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَارِثٍ إِنْ فَعَلَ الْجَائِزَ فَتَوَلَّدَ عَنْهُ هَلَاكٌ أَوْ فَسَادٌ فَلَا ضَمَانَ أَوْ أَرَادَ فِعْلَ الْجَائِزِ فَفَعَلَ غَيْرُهُ خَطَأً أَوْ جَاوَزَهُ أَوْ قَصَّرَ عَنِ الْجَائِزِ فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ هَلَاكٌ كَذَلِكَ ضَمِنَ وَمَا خَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ فَهُوَ مدرود إِلَيْهِ قَالَ عِيسَى مَنْ غَرَّ مِنْ نَفْسِهِ لميضمن ودية ذَلِك على قَاتله كَالْخَطَأِ (قَالَ مَالِكٌ إِنْ سَقَاهُ طَبِيبٌ فَمَاتَ وَسَقَى قَبْلَهُ أَمَةً فَمَاتَتْ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ ضَمِنَ لَكَانَ حَسَنًا وَيُقَالُ) لَهُمْ أَيُّ طَبِيبٍ طَبَّ أَوْ بَطَّ فَمَاتَ ضَمِنَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَمَرَ بِقَطْعِ شَفَةٍ أَوْ يَدٍ قِصَاصًا فَقُطِعَ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ زَادَ فِي الْقِصَاصِ فَهُوَ خَطَأٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ إِلَّا دُونَ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ عَمِلَ ذَلِكَ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أجر وَإِن أمره سَيِّدُهُ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدٌ أَمْ لَا وَإِنَ حَفَرَ فِي مِلْكِهِ أَوْ مَا أُذِنَ لَهُ فِي الْحَفْرِ لِمَنْفَعَتِهِ كَقَنَاةِ دَارِهِ
فَأَسْقَطَ جِدَارَ دَارِهِ ضَمِنَهُ وَإِنْ أَوْقَدَ نَارًا عَلَى سَطْحِهِ فِي يَوْمِ رِيحٍ عَاصِفٍ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ مِمَّا كَانَ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عِنْدَ وَقُودِهَا وُصُولُهَا إِلَيْهِ وَإِنْ عَصَفَتِ الرِّيحُ بَعْدَ الْوَقُودِ بَغْتَةً فَلَا ضَمَانَ لِعَدَمِ التَّفْرِيطِ وَإِنْ سَقَطَ مِيزَابُهُ فَقُتِلَ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ جِدَارُهُ مَائِلًا لِأَنَّهُ بَنَاهُ مَائِلًا فَهُوَ ضَامِنٌ أَوْ مَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَدَارَكْهُ مَعَ الْإِمْكَانِ وَالْإِنْذَارِ وَالْإِشْهَادِ وَجَبَ الضَّمَانُ وَإِنْ لَمْ يُنْذِرْ فَفِي الضَّمَانِ خِلَافٌ وَإِنْ رَشَّ الطَّرِيقَ لِتَزْلَقَ فِيهَا دَابَّةٌ ضَمِنَ مَا عَطِبَ أَو تبرد أَو نَحوه وَلم يرد غلا خَيْرًا لَمْ يَضْمَنْ وَفِي النَّوَادِرِ فِعْلُ الدَّابَّةِ وَالْمَجْنُون المطبق وَالصَّبِيّ ابْن سنة وَنَحْوهَا هدر فِي الْأَمْوَال وَتحمل عواقلها فِي الْقَتْل الثُّلُث فاكثر ومأذون الثُّلُثِ يُتَّبَعَانِ بِهِ فِي الْمَالِ وَالذِّمَّةِ قَالَ ابْن الْقَاسِم ويقاد من السَّكْرَانِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ لِأَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تَكُونُ أَسْبَابَ الْمُسَامَحَاتِ وَعَن مَالِكٍ إِنْ ضَرَبَ عَبْدَهُ فَعَجَزَ عَنْهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِضَرْبِهِ فَمَاتَ لَمْ يضمن وَيكفر وَإِن عدق فِي وَطْءِ بِكْرٍ وَعَلِمَ أَنَّ مَوْتَهَا بَعْدَ قُرْبٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَيُخَيَّرُ أَهْلُهَا وَيُكَفِّرُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ فِيهَا مَحْمَلٌ لِلْوَطْءِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا ضَمِنَ كَالْحَجَّامِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ قَالَ سَحْنُونٌ إِنَّمَا يُخَيِّرُهُمْ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنْ لَا ضَمَانَ بِالْخَطَأِ فِي مَالِهِ قَالَ أَشْهَبُ حَافِرُ الْمِرْحَاضِ إِنْ أَضَرَّ بِالطَّرِيقِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا لِقَوْلِهِ عليه السلام (الْبِئْرُ جُبَارٌ) وَإِنْ حَفَرَ بِئْرَ مَاشِيَةٍ لِرَجُلٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ
فَعَطِبَ بِهَا رَجُلٌ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهَا وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دَارِهِ لِمَصْلَحَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ مَا عَطِبَ فِيهَا أَوْ لِيَقَعَ فِيهَا سَارِقٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ضَمِنَ السَّارِقَ وَغَيْرَهُ أَوْ لِيَقَعَ فِيهَا سَبُعٌ لَمْ يضمن السَّارِق وَلَا غَيره لِأَنَّهُ لَهُ فِعْلَ ذَلِكَ شَرْعًا وَكَذَلِكَ إِنْ رَبَطَ كَلْبًا لِيَعْقِرَ إِنْسَانًا أَوْ لِيَصِيدَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَفَرَ فِي دَارِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ضَمِنَ الْحَافِرُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الدَّارِ إِلَّا أَن يعلم صَاحبهَا فَيُخَير أَوْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ صَدَاقَةٌ فَهُوَ كَالْإِذْنِ قَاعِدَةٌ أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِفْسَادُ بِغَيْرِ إِذْنٍ كَإِحْرَاقِ الثَّوْبِ أَوِ التَّسَبُّبِ كَوَقْدِ النَّارِ بِقُرْبِ الزَّرْعِ أَوْ وَضْعِ الْيَدِ غَيْرِ مُؤَمَّنَةٍ كَالْغَاصِبِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا تَنْبِيهٌ ضَمَانُ جِنَايَاتِ الْعَبْدِ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ غَيْرَ أَنَّ السُّنَّةَ أَتَتْ بِهَا لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَقْصِدُ الْفَسَادَ فَتُؤْخَذُ رَقَبَتُهُ فَيَقَعُ الْإِضْرَارُ بِالسَّيِّدِ وَهُوَ لَمْ يجز وَلَا يَتَأَلَّمُ الْعَبْدُ وَقَدْ جَنَى وَالْقَوَاعِدُ لَا يُعَاقَبُ غَيْرُ الْجَانِي قَاعِدَةٌ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ إِجْمَاعًا مِمَّنْ هُوَ مُكَلَّفٌ أَوْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ التَّكْلِيفِ كَالتَّمْيِيزِ بِخِلَافِ الرَّضِيعِ فَإِنَّهُ كَالْبَهِيمَةِ قَاعِدَةٌ إِذْنُ الْمَالِكِ الْمَأْذُونِ لَهُ شرعا أَن يَأْذَن مسْقط للضَّمَان وَلِذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الْمُودِعُ وَلَا الْمُسْتَعِيرُ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُودِعُ إِذَا حَوَّلَ الْوَدِيعَةَ مِنْ زَاوِيَةِ بَيْتِهِ (إِلَى زَاوِيَةِ بَيْتٍ آخَرَ وَالْإِذْنُ الشَّرْعِيُّ إِذَا عَرِيَ عَنْ إِذْنِ رَبِّ الْمَالِ لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ أَذِنَ لَهُ الشَّرْعُ فِي التَّصَرُّفِ فِي بَيْتِهِ) وَلَوْ شَالَ شَيْئًا فَسَقَطَ عَلَى الْوَدِيعَةِ ضَمِنَهَا لِانْفِرَادِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فَاتِحُ بَابه فَكسر حَلقَة قلَّة زيته يَضْمَنُ لِانْفِرَادِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ وَالصَّائِدُ أُذِنَ لَهُ فِي الصَّيْد فَإِن أفسد بِهِ ضمن لانفرد الْإِذْن الشَّرْعِيّ (والمضطر أُذِنَ لَهُ فِي
الصَّيْدِ فَإِنْ أَفْسَدَ بِهِ ضَمِنَ لِانْفِرَادِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ وَالْمُضْطَرُّ أَذِنَ لَهُ الشَّرْعُ فِي أَكْلِهِ طَعَاما وَيضمنهُ لِانْفِرَادِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ) فَيَتَخَلَّصُ أَنَّهُ إِنِ اجْتَمَعَ الْإِذْنَانِ فَلَا ضَمَانَ كَالْمُودِعِ أَوِ انْتَفَيَا ضَمِنَ كَالْغَصْبِ أَوْ أَذِنَ الْمَالِكُ فَقَطْ ضَمِنَ فَهِيَ أَرْبَعَة أَقْسَامٍ يَضْمَنُ فِي وَاحِدٍ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْإِذْنَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنَ الْآخَرِ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ وَيَجْتَمِعَانِ وَيَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَفْسِهِ وَهُوَ ضَابِطُ الْأَعَمِّ وَالْأَخَصِّ مِنْ وَجْهٍ قَاعِدَةٌ الْجَوَابِرُ وَالزَّوَاجِرُ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَقَدْ تُوجَدُ الزَّوَاجِرُ بِلَا جَبْرٍ كَالْحُدُودِ وَالْجَوَابِرُ بِلَا زَجْرٍ كَتَضْمِينِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ نَحْوَ كَفَّارَةِ الظِّهَار وتضمين الْغَصْب وَجَزَاءِ الصَّيْدِ فِي قَتْلِهِ مُتَعَمِّدًا وَغَاصِبِ الْمَرْأَةِ وَنَحْوِهِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي الدِّمَاءِ إِن شَاءَ تَعَالَى فَعَلَى هَذِهِ الْقَوَاعِدِ تَتَخَرَّجُ فُرُوعُ الْجِنَايَاتِ فِي الضَّمَانَاتِ فَتَأَمَّلْهَا وَاسْتَعْمِلْهَا فِي مَوَارِدِهَا تَحْكُمُ الضَّمَانَ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِنِ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ فَغَرِقَتْ إِحْدَاهُمَا بِمَا فِيهَا فَهدر لِأَن الرّيح تغلبهم غلا أَنْ يُعْلَمَ قُدْرَتُهُمْ عَلَى صَرْفِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَدَرُوا مَعَ هَلَاكِهِمْ ضَمِنَتْ عَوَاقِلُهُمُ النُّفُوسَ وَالْمَالَ فِي مَالِهِمْ لِأَنَّهُمْ وَفَّرُوا نُفُوسَهُمْ فَإِن لم يروهم لظلمة اللَّيْل وَلَو رأوهمم لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهَا لَمْ يَضْمَنُوا وَإِنِ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ فَهَلَكَا وَفَرَسَاهُمَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ دِيَةُ الْآخَرِ وَقِيمَةُ فَرَسِهِ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْفَارِسَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ فَرَسِهِ بِخِلَافِ أَهْلِ السَّفِينَةِ وَقِيلَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ لإشراكه فِي نَفْسِهِ قَالَ وَلَوْ لَزِمَ هَذَا إِذَا عَاشَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَلْزَمْ عَاقِلَتَهُ إِلَّا نِصْفُ دِيَةِ
الْآخَرِ وَلَكَانَ الَّذِي يَهْوِي فِي الْبِئْرِ قَاتِلًا لنَفسِهِ مَعَ حافرها ولكان الواطىء عَلَى الْحَسَكِ وَقَدْ نَصَبَهَا رَجُلٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ قَاتِلٌ لِنَفْسِهِ مَعَ نَاصِبِهَا وَبِالْمَشْهُورِ قَالَ عَلِيٌّ وَغَيْرُهُ رضي الله عنهم وَإِنِ اصْطَدَمَ حُرٌّ وَعَبْدٌ فَمَاتًا فَقِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ وَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَيَتَقَاصَّانِ فَإِن زاج ثَمَنُ الْعَبْدِ عَلَى الدِّيَةِ فَلِسَيِّدِهِ الزِّيَادَةُ فِي مَالِ الْحُرِّ أَوْ دِيَةُ الْحُرِّ أَكْثَرُ لَمْ يَلْزَمِ السَّيِّدَ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ مَالٌ فَالْفَضْلُ فِيهِ وَقَالَ أَصْبَغُ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مَال الْحر يُؤْتى السَّيِّدُ وَيُقَالُ لَهُ افْتَكَّ قِيمَتَهُ بِدِيَةِ الْحُرِّ أَوْ أَسْلِمْهَا فَإِنْ أَسْلَمَهُ فَلَيْسَ لِوُلَاةِ الْحُرِّ غَيْرُهَا وَإِنْ فَدَاهَا فَبِجَمِيعِ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا قَاعِدَةُ الْجِنَايَات وَإِن اصطدم رجلَانِ أَو راكبان فوطىء أَحَدُهُمَا عَلَى صَبِيٍّ فَقَطَعَ إِصْبَعَهُ ضَمِنَاهُ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَثَرًا فِيهِ بِالِاصْطِدَامِ قَالَ أَشهب حافروا الْبِئْرِ تَنْهَارُ عَلَى أَحَدِهِمْ تَضْمَنُ عَاقِلَةُ الْبَاقِي دِيَتِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ هَدَرٌ لِأَنَّ لِلْمَقْتُولِ شِرْكًا فِي قَتْلِ نَفْسِهِ وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ قَاتِلَ نَفْسِهِ وَإِنْ مَاتُوا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ لِشَرِكَةِ كُلِّ وَاحِدٍ فِي قتل نَفسه قَالَ مَالك عَن ارْتَقَى فِي الْبِئْرِ فَأَدْرَكَهُ آخَرُ فِي أَثَرِهِ فَخَرَّا فَهَلَكَ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَسْفَلِ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ بِفِعْلِهِ قَالَ مَالِكٌ رُبِطَتْ مَرْكَبٌ فِي صَخْرَةٍ وَرُبِطَ بِهَا أُخْرَى وَرُبِطَ ثَالِثٌ بِأَحَدِهِمَا فجره الثَّالِث حَتَّى كَادُوا يفرقون فَرجوا الثَّالِثَ خَوْفَ الْغَرَقِ فَهَلَكَ بِمَا فِيهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا لِخَوْفِهِمُ الْهَلَاكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ طَلَبْتَ غَرِيقًا فَخَشِيتَ الْمَوْتَ فَأَفْلِتْهُ (لَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَإِنْ عَلَّمْتَهُ الْعَوْمَ فَخِفْتَ الْمَوْتَ عَلَيْكَ فَأَفْلَتَّهُ) ضَمِنْتَ دِيَتَهُ لِأَنَّكَ أَنْشَبْتَهُ وَعَنْهُ لَا ضَمَان كالغريق فَإِن ترجى فِي بِئْرٍ فَطَلَبَكَ تُدْلِي لَهُ حَبْلًا فَرَفَعْتَهُ فَلَمَّا أَعْجَزَكَ خَلَّيْتَهُ فَمَاتَ ضَمِنْتَهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ إِنْ أَمْسَكْتَ لِرَجُلٍ حَبْلًا يَتَعَلَّقُ
بِهِ فِي الْبِئْرِ فَانْقَطَعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِعَدَمِ صُنْعِكَ أَوِ انْفَلَتَ مِنْ يَدِكَ ضَمِنْتَ
فَرْعٌ قَالَ إِنْ سَقَطَ مِنْ دَابَّتِهِ عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ السَّاقِطِ وَإِنْ سَقَطَ عَلَى غُلَامٍ فَانْشَجَّ الْأَسْفَلُ وَانْكَسَرَ الْأَعْلَى ضَمِنَ الْأَعْلَى شَجَّةَ الْأَسْفَلِ وَالْأَعْلَى هَدَرٌ وَإِنْ دَفَعَ رَجُلًا فَوَقَعَ عَلَى آخَرَ فَعَلَى الدَّافِعِ الْعَقْلُ دُونَ الْمَدْفُوعِ لِأَنَّهُ آلَةٌ وَإِنْ دَفَعَهُ فَطَرَحَهُ فَوَقَعَتْ يَدُهُ تَحْتَ سَاطُورِ جَزَّارٍ فَقِيلَ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَزَّارِ لِأَنَّهُ (الْمُبَاشِرُ وَقِيلَ عَلَى عَاقِلَةِ الطَّارِحِ لِأَنَّهُ) الْقَاصِدُ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ قَادَ بَصِيرٌ أُعْمَى فَوَقَعَ الْبَصِيرُ فِي الْبِئْرِ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الْأَعْمَى فَمَاتَ الْبَصِيرُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَعْمَى وَقَضَى بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه
3
-
(النَّظَرُ الثَّانِي فِي دَفْعِ الصَّائِلِ)
وَهُوَ فِي الْمَدْفُوعُ فَكُلُّ صَائِلٍ إِنْسَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَمَنْ خَشِيَ مِنْ ذَلِكَ فَدَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ هَدَرٌ حَتَّى الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ إِذَا صَالَا أَوِ الْبَهِيمَةُ لِأَنَّهُ نَابَ عَنْ صَاحِبِهَا فِي دَفعه وَالْمَدْفُوعُ عَنْهُ كُلُّ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ بضع أم وَمَال قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَعْظَمُهَا النَّفْسُ وَأَمْرُهُ بِيَدِهِ إِنْ شَاءَ سَلَّمَ نَفْسَهُ أَوْ يَدْفَعَ عَنْهَا وَيَخْتَلِفُ الْحَالُ فَفِي زَمَانِ الْفِتْنَةِ الصَّبْرُ أَوْلَى تَقْلِيلًا لَهَا أَوْ مَقْصُودًا وَحْدَهُ فَالْأَمْرُ سَوَاءٌ وَأَعْظَمُ مِنَ الْجَمِيعِ الدِّينُ وَهُوَ أَقْوَى رُخْصَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مطمئن بِالْإِيمَان} وَأَمَّا الدَّفْعُ فَقَالَ الْقَاضِي لَا يَقْصِدُ الْقَتْلَ بَلِ الدَّفْعَ فَإِنْ أَدَّى لِلْقَتْلِ فَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إِلَّا بِالْقَتْلِ فَيَقْصِدُ ابْتِدَاءً وَلَوْ
قَدَرَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ عَلَى الْهَرَبِ مِنْ غَيْرِ مضرَّة تلْحقهُ لم يدْفع بِالْجرْحِ وغلا دَفَعَ بِمَا يَقْدِرُ وَلَا يَتَعَيَّنُ قَصْدُ الْعُضْوِ الْجَانِي لِأَن الشَّرّ من نفس الصَّائِل فغن عَضَّ يَدَ غَيْرِهِ فَنَزَعَ الْيَدَ فَتَبَدَّدَتْ أَسْنَانُهُ ضَمِنَ النَّازِعُ دِيَةَ الْأَسْنَانِ لِأَنَّهَا مِنْ فِعْلِهِ وَقيل لَا يضمن لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إِلَى ذَلِك وَإِنْ نَظَرَ إِلَى حَرَمٍ مِنْ كُوَّةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْصِدَ عَيْنَهُ أَوْ غَيْرَهَا لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ الْمَعْصِيَةَ بِالْمَعْصِيَةِ وَفِيهِ الْقَوَدُ إِنْ فَعَلَ وَيَجِبُ تَقَدُّمُ الْإِنْذَارِ فِي كُلِّ دَفْعٍ تَمْهِيدٌ فِي الصِّحَاحِ (كُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ) وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ عُثْمَانُ رضي الله عنه عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ وَلِأَنَّهَا تَعَارَضَتْ مَفْسَدَةُ (أَنْ يَقْتُلَ أَوْ) يُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهِ وَالتَّمْكِينُ مِنَ الْقَتْلِ أَخَفُّ مَفْسَدَةً مِنَ الْقَتْلِ فَيُقَدَّمُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُمَكِّنَ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهِ أَوْ يَتْرُكَ الْغِذَاءَ أَوِ الشَّرَابَ حَتَّى يَمُوتَ أَنَّ تَرْكَ الْغِذَاءِ هُوَ السَّبَبُ التَّامُّ فِي الْمَوْتِ لَمْ يَنْضَفْ إِلَيْهِ غ يره ولابد أَنْ يَنْضَافَ فِعْلُ الصَّائِلِ لِلتَّمْكِينِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ تَرَكَ الْغِذَاءَ يَحْرُمُ وَمَنْ تَرَكَ الدَّوَاءَ فَلَا يَحْرُمُ أَنَّ الدَّوَاءَ غَيْرُ مُنْضَبِطِ النَّفْعِ فَقَدْ يُفِيدُ وَقَدْ لَا وَالْغِذَاءُ ضَرُورِيُّ النَّفْعِ
3
-
(النَّظَرُ الثَّالِثُ - فِي إِتْلَافِ الْبَهَائِمِ)
فِي الْجَوَاهِرِ مَا أَكَلَتْهُ مِنَ الزَّرْعِ بِالنَّهَارِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَرْبَابِهَا لِأَنَّ عَلَى أَرْبَابِ الْحَوَائِطِ الْحِفْظُ نَهَارًا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَارِثٍ وَهَذَا الْكَلَامُ مَحْمُول على أَن
أأهل الْمَوَاشِي لَا تثملها نَهَارًا وَيَجْعَلُونَ مَعَهَا حَافِظًا وَإِلَّا فَإِنْ أَهْمَلُوا ضمنُوا مَا أتلفته لَيْلًا وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ قِيمَتِهَا كَانَ ذَلِكَ الزَّرْعُ أَوِ الْكَرْمُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَمْ لَا مَحْرُوسًا أَمْ لَا لِأَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي حِفْظُهَا لَيْلًا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ هَذَا مُخْتَصٌّ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الزَّرْعُ أَوِ الْحَوَائِطُ مَعَ الْمَسَارِحِ أَمَّا الْمُخْتَصُّ بِالْمَزَارِعِ دُونَ الْمَسَارِحِ فيضمنون لَيْلًا ونهار
فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ يَضْمَنُونَ قِيمَةَ مَا أَفْسَدَتْ عَلَى الرَّجَاءِ أَوِ الْخَوْفِ وَأَنْ يَتِمَّ أَوْ لَا يَتِمَّ وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قِيمَتُهُ لَوْ حل بَيْعه لِأَن الْقيمَة عوض الثَّمَنِ وَقَالَ لَا يُسْتَأْنَى بِالزَّرْعِ هَلْ يَنْبُتُ أَمْ لَا كَمَا يُصْنَعُ بِسِنِّ الصَّغِيرِ لِأَنَّ السِّنَّ إِذَا نَبَتَتْ لَمْ تَفُتِ الْمَصْلَحَةُ وَتَأَخُّرُ نَبَات الزَّرْع عَن إبانة يذهب مفسدته فِي النَّوَادِرِ لَوْ وَطِئَتْ عَلَى رِجْلِ إِنْسَانٍ بِاللَّيْلِ فَقَطَعَتْهَا لَمْ تَضْمَنْ بِخِلَافِ الزَّرْعِ وَالْحَوَائِطِ والحروز
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ مَا وَطِئَتِ الدَّابَّةُ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ أَصَابَتْهُ بِيَدِهَا أَوْ فَمِهَا وَعَلَيْهَا رَاكِبٌ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ الرَّاكِبُ يُجْرِيهَا أَوْ يُشِيلُهَا أَوْ يَضْرِبُهَا فَتَرْمَحُ ضَمِنَ لسببه أَوْ مِنْ فِعْلِهَا خَاصَّةً فَهَدَرٌ لِقَوْلِهِ عليه السلام (جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ الْقَائِدُ وَالسَّائِقُ وَالرَّاكِبُ ضَامِنُونَ لِمَا أَصَابَتْهُ بِيَدٍ أَو رجل فغن اجْتَمَعُوا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ يُرِيدُ أَنَّ الرَّاكِبَ يُشْرِكُهُمْ فِي فِعْلٍ فَعَلَهُ
بِهَا كَانَ عَنْهُ فِعْلُهَا إِلَّا أَنْ تَرْمَحَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ وَفَعَلَهُ عُمَرُ رضي الله عنه فِي مُجْرِي الْفَرَسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِذَا اجْتَمَعُوا فَمَا وَطِئَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمِ الرَّاكِبَ وَلَزِمَ الْقَائِدَ وَالسَّائِقَ لِأَنَّ الرَّاكِب كالتباع لَا يُقَدِّمُهَا وَلَا يُؤَخِّرُهَا إِلَّا أَنْ يَفْعَلَ مَا يبعها عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مِنَ السَّائِقِ وَالْقَائِدِ عون فَهُوَ الضَّامِن قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَهُوَ الضَّامِنُ قَالَ أَشْهَبُ مَا نَفَجَتْ أَوْ كَدَمَتْ مِنْ غَيْرِ تَهْيِيجٍ من أحد مِنْهُم فأجدرهم بِالضَّمَانِ السَّائِق إِن كَانَ سوقه يدعوها لِأَنَّهُ خَلْفَهَا فَهِيَ تَخَافُهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ وَطِئَتِ الدَّابَّةُ وَعَلَيْهَا رَاكِبٌ صَغِيرٌ لَا يَضْبُطُ وَلَا يُحَرك أَو نَائِم أَو مَرِيض وَذَلِكَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ فَعَلَيْهِمَا دُونَهُ قَالَ مَالِكٌ يَضْمَنُ مِنَ المرتسمين الْمُقَدَّمُ إِلَّا أَنْ يُحَرِّكَهَا الْمُؤَخِّرُ (أَوْ يَضْرِبَهَا فَعَلَيْهِمَا أَوْ يَفْعَلَ الْمُؤَخِّرُ) مَا لَا يَقْدِرُ الْمُقَدِّمُ عَلَى دَفْعِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْتَصُّ بِهِ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ رَمَحَتْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِم يضمن قَائِد القطار (مَا وطىء عَلَيْهِ أَو الْقِطَارُ) أَوْ آخِرِهُ لِأَنَّهُ أَوْطَأَهُ بِقَوْدِهِ إِيَّاهُ قَالَ أَشْهَبُ وَقَدْ يَضْمَنُ أَعْذَرَ مِنْهُ كَمَنْ يَرَى طَائِرًا فَيَقَعُ عَلَى إِنْسَانٍ فَيُقْتُلُهُ الطَّائِرُ قَالَ مَالِكٌ لَا يَضْمَنُ الرَّاكِبُ مَا كَدَمَتْ أَوْ ضَرَبَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فِعْلٌ بِخِلَافِ مَا وَطِأَتْ لِأَنَّ الرّكُوب سلب الْمَشْيِ لَا الْكَدْمَ وَإِنْ نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ فَوَقَعت فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ مَا أَصَابَتْ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا فِي الطُّرُقِ
لِحَاجَتِهِ أَوْ نَزَلَ عَنْهَا فَيُوقِفُهَا وَلَا يَضْمَنُ وَإِن جمحت براكبها وَعلم أَنه مقلوب ضَمِنَ مَا أَصَابَتْ لِأَنَّ رُكُوبَهُ سَبَبُ ذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ رَكِبَهَا فَطَارَتْ مِنْ تَحْتِ يَدهَا حَصَاة ففقأت عينهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا إِنْ طَارَتْ لحفرة وَقع الْحَافِر من غ ير أَنْ يَدْفَعَهَا بِحَافِرِهَا أَمَّا لَوْ أَطَارَتْهَا بِحَافِرِهَا ضَمِنَ وَإِنْ سَاقَهَا فَوَقَعَ سَرْجُهَا أَوْ مَتَاعٌ عَلَيْهَا فَأُتْلِفَ لَمْ يَضْمَنْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ رَمَحَتِ الدَّابَّةُ فَصِحْتَ إِيَّاكِ فَوَطِئَتْ ضَمِنْتَ لِأَنَّكَ تُهَيِّجُهَا وَإِنِ انْفَلَتَتْ فَصِحْتَ لِرَجُلٍ يُمْسِكُهَا فَقَتَلَتْهُ فَهُوَ جُبَارٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا لِغَيْرِهِ أَوْ حُرًّا صَغِيرًا وَإِنْ أَفْلَتَتْ من يَد رجل أَو من مدورها فأسدت فَهَدَرٌ وَغَلَبَتُهَا إِيَّاهُ عَلَى الِانْفِلَاتِ كَغَلَبَتِهَا لِلرَّاكِبِ عَلَى الْجِمَاحِ قَالَ مَالِكٌ إِنِ اقْتَنَى كَلْبًا عَقُورًا فِي دَارِهِ لِمَاشِيَةٍ وَهُوَ يَعْلَمُ بِعَقْرِهِ ضَمِنَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَعْنِي إِنِ اتَّخَذَهُ بِمَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ لَهُ وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ فِي الدَّابَّة الصؤول فِي مِرْبَطِهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ فَتُفْسِدُ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُهَا إِلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ لَهُ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ اتَّخَذَ الْكَلْبَ فِيمَا لَهُ اتِّخَاذُهُ كَالصَّيْدِ أَوْ حِرَاسَةِ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ مَنْ دَخَلَ دَخَلَ بِإِذْنٍ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ رَبُّهُ أَنَّهُ يَعْقِرُ قَالَ مُحَمَّدٌ أَصْلُ ذَلِكَ إِنِ اتَّخَذَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَوْ لِحِرَاسَةِ الدَّارِ ضَمِنَ أَوْ بِمَوْضِعٍ يَجُوزُ إِلَّا أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْقِرُ وَإِنِ اتَّخَذَهُ لِلسُّرَّاقِ قَالَ مَالِكٌ إِنِ اقْتَنَاهُ فِي دَارِهِ لِلْمَاشِيَةِ ضَمِنَ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْقِرُ لِأَنَّ الْمَاشِيَةَ فِي الدَّار لَا يخَاف عَلَيْهَا فللناس اتَّخذهُ قَالَ مَالك إِن عرفت الْإِبِل بالعدوى عَلَى أَهْلِ الزَّرْعِ بِيعَتْ بِبَلَدٍ لَا زَرْعَ فِيهِ
تَنْبِيه وَافَقنَا الشَّافِعِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْعِجْلُ الصَّائِلُ وَالْمَجْنُونُ وَالصَّغِيرُ وَقَالَ (ح) وَافَقنَا الشَّافِعِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْعِجْلُ الصَّائِلُ وَالْمَجْنُونُ وَالصَّغِيرُ وَقَالَ (ح) يُبَاحُ لَهُ الدَّفْعُ وَيَضْمَنُ وَاتَّفَقُوا إِذَا كَانَ آدَمِيًّا بَالِغًا لَمْ يَضْمَنْ لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَقِيَاسًا عَلَى الْآدَمِيِّ وَعَلَى الدَّابَّةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْأَذَى أَنَّهَا تُقْتَلُ وَلَا يَضْمَنُ إِجْمَاعًا وَلَا يَلْزَمُنَا إِذَا غَصَبَهُ فَصَالَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ ثَمَنَهُ (بِالْغَصْبِ لَا بِالدَّفْعِ إِذا اضطره الْجُوع لِأَن الْجُوع الْقَاتِل فِي نفس الْجُوع) لَا فِي الصَّائِلِ وَالصِّيَالِ الْقَاتِلِ فِي الصَّائِلِ احْتَجُّوا بِأَنَّ مُدْرِكَ عَدَمِ الضَّمَانِ إِنَّمَا هُوَ إِذْنُ الْمَالِكِ لَا جَوَازُ الْفِعْلِ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَتْلِ عَبْدٍ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ أَكَلَهُ لِمَجَاعَةٍ ضَمِنَ وَالْآدَمِيُّ لَهُ قَصْدٌ وَاخْتِيَارٌ فَلِذَلِكَ لم يضمن وَالْقيمَة لَا اخْتِيَارَ لَهَا لِأَنَّهُ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَطَرَحَ إِنْسَانٌ نَفْسَهُ فِيهَا لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ طرحت بَهِيمَة نَفسهَا ضمنهَا وَجِنَايَةُ الْبَهِيمَةِ لَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا وَعُمُومُ قَوْلِهِ عليه السلام (جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ) أَيْ هَدَرٌ فَلَوْ ضَمِنَ لَمْ يَكُنْ جُبَارًا كَالْآدَمِيِّ وَالْجَوَابُ عَن الأول إِن الضَّمَان يتَوَقَّف على جَوَازِ الْفِعْلِ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّيْدَ إِذَا صَالَ عَلَى مُحْرِمٍ لَمْ يَضْمَنْهُ أَوْ صَالَ عَلَى الْعَبْدِ (سَيِّدُهُ فَقَتَلَهُ الْعَبْدُ أَوِ الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ فَقَتَلَهُ ابْنُهُ) لَا يَضْمَنُونَ لِجَوَازِ الْفِعْلِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْبَهِيمَةَ لَهَا اخْتِيَارٌ اعْتَبَرَهُ الشَّرْع لِأَنَّهُ الْكَلْبَ لَوِ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ لَمْ يُؤْكَلْ صَيْدُهُ وَالْبَعِيرُ النَّادُّ يَصِيرُ جَمِيعُهُ مَنْحَرًا عَلَى أَصْلِهِمْ وَإِنْ فَتَحَ قَفَصًا فَقَعَدَ الطَّائِرُ سَاعَةً ثُمَّ طَارَ قُلْتُمْ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ طَارَ بِاخْتِيَارِهِ وَأما قَوْلهم
فِي الْآدَمِيِّ لَوْ طَرَحَ نَفْسَهُ فِي بِئْرٍ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ فَيَلْزَمُكُمْ أَنَّهُ لَوْ نَصَبَ شَبَكَةً فَوَقَعَتْ فِيهَا بَهِيمَةٌ لَا يَضْمَنُهَا وَأَمَّا تَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ فَيَبْطُلُ بِالْعَبْدِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ تَتَعَلَّقُ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لِلدَّابَّةِ فِي الضَّمَانِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ كَوْنَهُ جُبَارًا أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ عَنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ (فِي الْقِصَاصِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ) مُطلقًا أَو مَعْنَاهُ يُوجِبُ ضَمَانًا عَلَى مَالِكِهِ وَالنِّزَاعُ فِي الضَّمَانِ عَلَى قَاتِلِهَا تَنْبِيهٌ إِنْ أَرْسَلَ الْمَاشِيَةَ بِالنَّهَارِ لِلرَّعْيِ أَوِ انْفَلَتَتْ فَأَتْلَفَتْ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهَا فَلَمْ يَمْنَعْهَا ضَمِنَ وَوَافَقَنَا (ش) وَ (ح) فَإِنِ انْفَلَتَتْ بِاللَّيْلِ أَوْ أَرْسَلَهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَنْعِهَا ضَمِنَ وَقَالَهُ (ش) فِي الزَّرْعِ وَفِي غَيْرِ الزَّرْعِ اخْتِلَافٌ عِنْدَهُمْ وَقَالُوا يَضْمَنُ أَرْبَاب القطط الْمُعْتَادَة الْفساد لَيْلًا أَفْسَدَتْ أَوْ نَهَارًا وَإِنْ خَرَجَ الْكَلْبُ مِنْ دَارِهِ فَجَرَحَ ضَمِنَ أَوِ الدَّاخِلَ بِإِذْنٍ فَوَجْهَانِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنٍ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ أَرْسَلَ الطَّيْرَ فَالْتَقَطَ حَبَّ الْغَيْرِ لَمْ يَضْمَنْ لَيْلًا وَنَهَارًا وَقَالَ (ح) لَا ضَمَانَ فِي الزَّرْعِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غنم الْقَوْم} الْآيَةَ وَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّ دَاوُدَ عليه السلام قَضَى بِتَسْلِيمِ الْغَنَمِ إِلَى أَرْبَابِ الزَّرْعِ قُبَالَةَ زرعهم وَقضى سُلَيْمَان عليه السلام بدفعها لم يَنْتَفِعُونَ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَخَرَاجِهَا حَتَّى يُخْلِفَ الزَّرْعُ وينبت زرع آخر والنفش رعي اللَّيْل والهمد رَعْيُ النَّهَارِ بِلَا رَاعٍ وَلِأَنَّهُ فَرَّطَ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلِأَنَّهُ بِالنَّهَارِ يُمْكِنُهُ التَّحَفُّظُ (دُونَ اللَّيْلِ وَقَدِ اعْتَبَرْتُمْ ذَلِكَ فِي قَوْلِكُمْ إِنْ رَمَتِ الدَّابَّةُ حَصَاةً كَبِيرَةً أَصَابَتْ إِنْسَانًا ضَمِنَ الرَّاكِبُ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَفُّظُ مِنْهَا وَيَتَحَفَّظُ عَنِ الْكَبِيرِ بِالتَّنَكُّبِ عَنْهُ وقلتم يضمن مَا نفجت
بِيَدِهَا لِأَنَّهُ يُمكنهَا رَدُّهَا بِلِجَامِهَا وَلَا يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْ بِرِجْلِهَا وَذَنَبِهَا احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام (جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جَبَّار) وَبلا قِيَاس عَلَى النَّهَارِ وَمَا ذَكَرْتُمْ مِنَ الْفَرْقِ بِالْحِرَاسَةِ بِالنَّهَارِ بَاطِل لِأَنَّهُ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ حَفِظَ مَالَهُ فَأَتْلَفَهُ إِنْسَانٌ أَوْ أَهْمَلَهُ فَأَتْلَفَهُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَقِيَاسًا على حراسة الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَجِنَايَةِ مَالِهِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى مَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ أَهْلِ الْحَرْب عَلَيْهِ وَعَكسه جِنَايَة صَاحبه الْبَهِيمَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْجُرْحَ عِنْدَنَا جُبَارٌ إِنَّمَا النِّزَاعُ فِي غَيْرِ الْجُرْحِ وَاتَّفَقْنَا عَلَى تَضْمِينِ السَّائِقِ وَالرَّاكِبِ وَالْقَائِدِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْجَوَابُ عَمَّا ذُكِرَ أَنَّ إِتْلَافَ المَال سَبَب الْمَالِك كمن ترك غُلَامه يصول فَيقبل فَلَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيَاسٌ مُخَالِفٌ لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ بِاللَّيْلِ مُفَرِّطٌ وَبِالنَّهَارِ لَيْسَ مُفَرِّطًا وَبَقِيَّةُ التَّعَرُّض لَيْسَ أحدهم من أهل الضَّمَان وَهَا هُنَا أمكن التَّضْمِين
فارغة
(كتاب الْجراح)
وَفِي التَّنْبِيهَاتِ هُوَ مُشْتَقٌ مِنَ الِاجْتِرَاحِ الَّذِي هُوَ الِاكْتِسَابُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَمْ حَسِبَ الَّذين اجترحوا السيات} وَمِنْهُ جَوَارِحُ الصَّيْدِ لِاكْتِسَابِهَا وَلَمَّا كَانَ عَمَلُهَا فِي الصَّيْدِ فِي الْأَجْسَادِ وَالدِّمَاءِ سُمِّيَ بِذَلِكَ جُرْحًا وَصَارَ عُرْفًا فِيهِ دُونَ سَائِرِ الِاكْتِسَابَاتِ وَتَجْرِيحُ الشَّاهِدِ مَجَازٌ كَأَنَّهُ لَمَّا قَدَحَ فِي عَرْضِهِ جَرَحَهُ فِي جِسْمِهِ وَكَذَلِكَ قَالُوا طَعَنَ فِيهِ فَتَخْصِيصُ اسْمِ الْجُرْحِ بِالْكَسْبِ الْخَاصِّ كَتَخْصِيصِ الدَّابَّةِ بِالْفَرَسِ أَوِ الْحِمَارِ وَأَصْلُ تَحْرِيمِ الدِّمَاءِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} وَقَالَ تَعَالَى {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاس جَمِيعًا وَمن أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أحيى النَّاس جَمِيعًا} وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ وَزِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ) وَأَجْمَعَتِ الْأُمَمُ فَضْلًا عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ الدِّمَاءِ
سُؤَالٌ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ التَّشْبِيهُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ إِنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الْمُتَقَارِبَيْنِ لَا بَيْنَ الْمُتَفَاوِتَيْنِ جِدًّا وَقَتْلُ جَمِيعِ النَّاسِ (بَعِيدٌ مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ بُعْدًا شَدِيدًا وَكَذَلِكَ إِحْيَاؤُهَا بَلْ قَتْلُ وَاحِدَةٍ لَا تُشْبِهُ) قَتْلَ عَشَرَةٍ فَمَا وَجْهُ التَّشْبِيهِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ (فَكَأَنَّمَا) جَوَابُهُ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْسِ إِمَام مسْقط أَوْ حَكَمٌ عَدْلٌ أَوْ وَلِيٌّ تُرْجَى بَرَكَتُهُ الْعَامَّةُ فَلِعُمُومِ مَفْسَدَتِهِ كَأَنَّهُ قَتَلَ كُلَّ مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَهُمُ الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ وَكَذَلِكَ إِحْيَاؤُهُ وَإِلَّا فَالتَّشْبِيهُ مُشْكِلٌ وَقَالَ مُجَاهِدٌ لَمَّا قَالَ الله تَعَالَى {وَمن نقْتل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} وَقَتْلُ جَمِيعِ النَّاسِ لَا يَزِيدُ فِي الْعُقُوبَةِ عَلَى هَذَا وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الشَّرْعِ تَفَاوُتُ الْعُقُوبَاتِ بِتَفَاوُتِ الْجِنَايَاتِ فَغَاصِبُ دِرْهَمٍ لَيْسَ كَغَاصِبِ دِينَارٍ وَقَاتِلُ وَاحِدٍ لَيْسَ كَقَاتِلِ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ فِي الْعَادَةِ فَإِذَا تَوَعَّدَ اللَّهُ تَعَالَى قَاتِلَ الْوَاحِدِ بِالْغَضَبِ وَالْعَذَابِ الْعَظِيمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اعْتَقَدْنَا مُضَاعَفَةَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الِاثْنَيْنِ فَكَيْفَ فِي الْعَشَرَةِ فَضْلًا عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ
فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَيْسَ بَعْدَ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنَ الْقَتْلِ وَجَمِيعُ الذُّنُوبِ تَمْحُوهَا التَّوْبَةُ بِإِجْمَاعٍ إِلَّا الْقَتْلُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِنَّ الْوَعِيدَ محتم متحتم عَلَيْهِ لَا تَوْبَةَ لَهُ لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ أخص من آيَات التَّوْبَة وأحاديثها فَتقدم عَلَيْهَا وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ لَا يَجُوزُ إِمَامَتُهُ وَإِنْ تَابَ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - (كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ كَافِرًا أَوْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا قَالَ وَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ التَّوْبَةِ رَدَّ التَّبعَات
وَرَدُّ الْحَيَاةِ عَلَى الْمَقْتُولِ مُتَعَذِّرٌ إِلَّا أَنْ يُحَالِلَهُ الْمَقْتُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِطِيبِ نَفْسِهِ قَالَ وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْقَتْلَ لَا يُحْبِطُ الْأَعْمَال الصَّالِحَة فلابد مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ لِيُجَازَى عَلَى حَسَنَاتِهِ وَكَانَ ابْن شهَاب إِذا سُئِلَ عَن تَوْبَته سَأَلَ هَلْ قَتَلَ أَمْ لَا وَيُطَاوِلُهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ قَالَ لَا تَوْبَةَ لَهُ وَإِلَّا قَالَ لَهُ التَّوْبَةُ وَإِنَّهُ لَحَسَنٌ فِي الْفَتْوَى وَمِنْ تَوْبَتِهِ عَرْضُ نَفْسِهِ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَإِنْ أَقَادُوا مِنْهُ وَإِلَّا قَالَ لكم الدِّيَة وَصَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ أَعْتَقَ رَقَبَةً وَيُكْثِرُ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَازِمَ الْجِهَادَ وَيَبْذُلَ نَفْسَهُ لله تعلى رُوِيَ كُلُّهُ عَنْ مَالِكٍ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ فَإِنْ قُتِلَ الْقَاتِلُ قِصَاصًا قِيلَ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ لَهُ لِقَوْلِهِ عليه السلام (الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا) وَقِيلَ لَيْسَ يَكُونُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ لَا يَنْتَفِعُ بِالْقِصَاصِ بَلْ مَنْفَعَتُهُ بِالْإِحْيَاءِ زَجْرًا وَتَشَفِّيًّا وَالْمرَاد بِالْحَدِيثِ قَول الله تَعَالَى المحصور النَّظَرُ فِي الْجِنَايَةِ وَفِي إِثْبَاتِهَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَنْظَارٍ
3
-
(النَّظَرُ الْأَوَّلُ - فِي الْجِنَايَةِ)
وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ
الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْجَانِي وَفِي الْجَوَاهِر شُرُوطه الْتِزَامُ الْأَحْكَامِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا حَرْبِيٍّ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَيُقْتَصُّ مِنَ الذِّمِّيِّ لِالْتِزَامِهِ أَحْكَامَنَا فِي عَدَمِ التَّظَالُمِ وَالسَّكْرَانِ لِأَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تَكُونُ أَسْبَابَ الرُّخَصِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ جَنَى الصَّبِيُّ أَوِ الْمَجْنُونُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَكُلُّ خَطَأٍ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَفِي مَاله وَيتبع بِهِ دينا فِي 3 الذَّخِيرَة
عُدْمِهِ وَمَا جَنَى الْمَجْنُونُ فِي إِفَاقَتِهِ فَكَالصَّحِيحِ وَإِنْ رُفِعَ لِلْقَوَدِ وَقَدْ أَخَذَهُ الْجُنُونُ أُخِّرَ لِإِفَاقَتِهِ لِأَنَّهَا حَالَةٌ لَا تُنَاسِبُ الْعُقُوبَةَ قِيَاسًا على الْحُدُود وَلِأَنَّهُمَا غير مكلفين فيكونان كالمخطىء فِي الْقِصَاصِ أَوِ الدِّيَةِ لِأَنَّ قَتْلَ الْخَطَأِ لَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ حُكْمٌ لَا تَحْرِيمٌ وَلَا غَيْرُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَمَّا الرَّضِيعُ وَنَحْوُهُ فَهدر كَالْبَهِيمَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنُ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ مَا أَفْسَدَ فَعَلَيْهِ وَعَنْهُ فِي ابْنِ سَنَةٍ وَنِصْفٍ مَا أَفْسَدَ مِنَ الْمَالِ فَهَدَرٌ أَوِ الدَّمِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُث وَإِلَّا فَفِي مَاله يتبع بِهِ دِينَار فِي ذِمَّتِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَإِن يأس مِنْ إِفَاقَةِ الْمَجْنُونِ الَّذِي أُخِّرَ حَتَّى يُفِيقَ فَالدِّيَةُ قَالَهُ مُحَمَّدٌ كَالْقِصَاصِ الْمُتَعَذِّرِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُسَلَّمُ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَإِنِ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يَصِحَّ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَالْقَتْلُ حَقُّ الْعِبَادِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ يُخَيَّرَ الْوَلِيُّ فِي الْقِصَاصِ أَوِ الْعَفْوِ مَعَ الدِّيَةِ مِنْ مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ عَمْدًا فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا لِلشَّكِ فِي أَيِّهِمَا مَاتَ بهما قَالَ ابْن يُونُس يُرِيد ف الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا تَعَاوَنَا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَاقَدَا عَلَيْهِ وَلَا تَعَاوَنَا عَلَيْهِ بَلْ رَمَاهُ هَذَا عَمْدًا وَهَذَا عَمْدًا لَمْ يُقْتَلِ الرَّجُلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْقَاتِلُ وَيُرِيدُ فِي الثَّانِي أَنَّ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي مَالِ الرَّجُلِ وَنِصْفَهَا عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ قَالَ أَشْهَبُ يُقْتَلُ الْكَبِيرُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ وَحُرٌّ عَبْدًا عَمْدًا قُتِلَ الْعَبْدُ وَعَلَى الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَتِهِ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ وَإِنْ قَتَلَا حُرًّا خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ فِي إِسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَتَلَ أَبٌ وَرَجُلَانِ ابْنَهُ عَمْدًا قُتِلُوا أَوْ بِالرَّمْيِ وَالضَّرْبِ لَمْ يُقْتَلِ الْأَبُ قَالَ عبد المل عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً وَيُقْتَلُ
الرّجلَانِ وَإِن جرحه رجلَيْنِ خَطَأً وَالْآخَرُ عَمْدًا قَالَ أَشْهَبُ يَقْتَسِمُونَ عَلَى أَيهمَا شاؤا فَإِن اقتسموا على الْمُتَعَمد قَتَلُوهُ وعَلى المخطىء دِيَةُ الْجِنَايَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ ذَلِكَ إِنْ عُرِفَتْ جِنَايَةُ الْعَمْدِ مِنْ جِنَايَةِ الْخَطَأِ وَإِنِ اقْتَسَمُوا على المخطىء فَالدِّيَةُ كَامِلَةً عَلَى عَاقِلَتِهِ وَاقْتَصُّوا مِنَ الْمُتَعَمِّدِ جُرْحَهُ إِنْ كَانَ مِمَّا فِيهِ قِصَاصٌ وَإِلَّا أَخَذُوا دِيَةَ جِنَايَتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ عَاشَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ فَعَنْهُ الْقَسَامَةُ إِنِ اقْتَسَمُوا عَلَى الْمُتَعَمِّدِ قَتَلُوهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ أَو على المخطىء فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَيَبْدَأُ الْمُتَعَمِّدُ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ إِلَّا وَاحِدٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ النَّائِمُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَإِنْ نَامَتْ عَلَى وَلَدِهَا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَتُعْتِقُ رَقَبَةً
فَرْعٌ إِنْ قَتَلَ وَلِيُّكَ عَمْدًا فَقَطَعْتَ يَدَهُ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْكَ لِأَنَّ يَده يُوجَدُ لَهَا مُبِيحٌ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِكَ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِنْ ضَرَبَهُ أَوْ رَفَسَتْهُ دَابَّةٌ أَوْ تَرَدَّى مِنْ حَائِطٍ فَمَاتَ قَعْصًا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْتَلُ مُشَارِكُ الْأَبِ أَو الصَّبِي أَو المخطيء أَوِ الدَّابَّةِ أَوِ الْغَرَقِ أَوْ تَرَدَّى فَلَا قَسَامَةَ وَيَسْتَظْهِرُ فِي شَرِكَةِ الدَّابَّةِ وَالْهَدْمِ وَالْغَرَقِ بِالْقَسَامَةِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ جُرْحِهِ لِأَنَّ مَا شَارَكَهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ تُشْبِهُ الْحَيَاةَ بَعْدَ الْجرْح وَإِن
لَمْ يُقْسِمُوا عَلَى شَرِيكٍ (لِلدَّابَّةِ) وَنَحْوِهَا ضُرِبَ وَسُجِنَ وَهَذَا إِذَا كَانَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَإِنِ افْتَرَقُوا وَعَاشَ بَعْدَ ضَرْبٍ فَهُوَ كَالْفَوْرِ وَإِنْ كَانَ الْأَخِيرَ فَغَصَّهُ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ بَعْدَهُ فَهُوَ قَاتِلُهُ يُقْتَلُ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَلُ فِي الْعَمْدِ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ بِلَا قَسَامَةٍ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ دَابَّةً وَنَحْوَهُ وَقَدْ ذَهَبَ دَمُهُ هَدَرًا وَيُقْتَصُّ مِنْ جُرْحِ الْأَوَّلِ فِي الْعَمْدِ وَيُعْقَلُ فِي الْخَطَأِ وَمَتَى أَنَفَذَ الْأَوَّلُ مَقَاتِلَهُ فَالْحُكْمُ لَهُ قِصَاصًا وَدِيَةً وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا شَارَكَهُ دَابَّةٌ وَنَحْوُهَا فَقَالَ مَرَّةً يُقْسِمُونَ عَلَى الْعَمْدِ وَجَعَلَهُ كَحَيَاةِ الْمَجْرُوحِ وَقَالَ مَرَّةً عَلَى الْمُتَعَمِّدِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ
فَرْعٌ قَالَ إِذَا اجْتَمَعَ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ واقتسموا عَلَى رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ فَقَتَلُوهُ وَالصِّبْيَانُ خَمْسَةٌ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ عِشْرُونَ فَخُمُسٌ عَلَى عَوَاقِلِ الصِّبْيَانِ أَخْمَاسًا قَالَ أَشْهَبُ قَالَ مُحَمَّدٌ يَقْسِمُونَ ثَانِيَةً عَلَى الصِّغَارِ وَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ قَدْرُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِمْ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ أَنَّ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ الْحَبْسُ وَالضَّرْب وَإِن قَالُوا تقسم على الصغر أَقْسَمُوا عَلَيْهِمْ وَلَهُمُ الدِّيَةُ كُلُّهَا عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ قُتِلَ الْكِبَارُ فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً وَالصِّغَارُ خَمْسَةً فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ ثُلُثُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ قَطَعَ يَدَهُ حُرٌّ وَثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ خطأ فَثَلَاثَة أرباعالعقل فِي رِقَابِ الْعَبِيدِ وَرُبُعُهُ فِي مَالِ الْحُرِّ أَوْ حُرٌّ أَوْ حُرَّانِ وَعَبْدٌ فَثُلُثَاهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ وَثُلُثُهَا فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِي الْعَمْدِ يُقْطَعُ الْحُرَّانِ وَثُلُثُ دِيَتِهَا فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ أَوْ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا نِصْفَيْنِ أَوْ عَمْدًا قُطِعَ الْمُسْلِمُ وَنِصْفُ الْعَقْلِ فِي مَالِ النَّصْرَانِيِّ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَنْفَذَ الْأَوَّلُ مَقَاتِلَهُ وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ الثَّانِي اقْتُصَّ مِنَ الْأَوَّلِ وَعُذِّرَ الثَّانِي وَقَدْ أَتَى عَظِيمًا وَعَنْهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمُزْهِقُ وَيُعَاقَبُ الْأَوَّلُ وَإِنْ قَطَعَ الأول حُلْقُومَهُ وَبَقِيَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ وَقطع الثَّانِي أَو داجه وَحَزَّ رَأْسَهُ قُتِلَ الْأَوَّلُ قَالَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ مَعَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمْ بِعَصًا وَضَرَبَ الْآخَرُ عُنُقَهُ قُتِلَ ضَارِبُ الْعُنُقِ فَقَطْ وَكَذَلِكَ إِنْ قَطَعَ يَدَهُ وَضَرَبَ الْآخَرُ عُنُقَهُ لِأَنَّهُ الْمُنْفِذُ لِلْمَقَاتِلِ
الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَشَرْطُ ضَمَانِهِ بِالْقِصَاصِ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا وَالْعِصْمَةُ بِالْإِسْلَامِ وَالْحريَّة والأمان فَإِن الْحَرْبِيّ وَال - يهدر الدَّمُ وَكَذَلِكَ الزِّنْدِيقُ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ أَمَّا الْمُسْتَحَقُّ فِي قِصَاصٍ فَدَمُ قَاتِلِهِ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَعَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ آخِرًا إِرْضَاؤُهُمْ وَبَعْدَ ذَلِكَ شَأْنُهُمْ فِي قَاتِلِ وَلِيِّهِمْ بِالْقَتْلِ أَوِ الْعَفْوِ فَإِنْ لَمْ يُرْضُوهُمْ فَلِلْأَوَّلِينَ قَتْلُهُ أَوِ الْعَفْوُ وَلَهُمْ عَدَمُ الرِّضَا بِالدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا دِيَةَ لِوَلِيِّ الْأَوَّلِ وَلَا قَوَدَ كَمَا لَوْ مَاتَ الْقَاتِلُ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي خَطَأً جَرَى الْخِلَافُ أَمَّا مَنْ فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ وَفْقَأَ آخَرُ عَيْنَهُ ثُمَّ مَاتَ الفاقىء الثَّانِي فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ لِتَعَذُّرِ الْمَحَلِّ فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ مَنْكِبِهِ ثُمَّ قُطِعَتْ يَد الْقَاطِع من الْكَفّ فللأول قطع كف قَاطع قَاطِعِهِ أَوْ يُقْطَعُ مِنَ الْمَنْكِبِ فَفِيهِ يَدُ قَاطِعِهِ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَقِّهِ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَطَعَ الذِّمِّيُّ يَدَ مُعَاهَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَحِقَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ نَاقِضًا للْعهد فَمَاتَ منا لجرح فلوليها الْقِصَاصُ فِي الْجِرَاحِ دُونَ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْعِصْمَةِ فَإِنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِنَقْضِ الْعَهْدِ
فَلَا يَعُودُ بِالْأَمَانِ وَعَنْهُ إِنْ حَلَفُوا لَمَاتَ مِنَ الْجُرْحِ فَدِيَتُهُ فِي مَالِ الْجَانِي وعِنْدَ أَشْهَبَ يُقْتَلُ بِأَيْمَانِهِمْ نَظَرًا لِيَوْمِ الْمَوْتِ وَإِنْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ وَمَاتَ فَغَيْرُ أَشْهَبَ يَرَى لِلْوَلِيِّ قَطْعَ الْيَدِ وَلَيْسَ لَهُمُ الْقَسَامَةُ لَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَيُقْتَلُونَ وَلَهُمُ القاسمة لِأَخْذِ الدِّيَةِ وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ يُقْسِمُونَ وَيُقْتَلُونَ وَإِنِ اصْطَلَحُوا عَلَى الدِّيَةِ فِدْيَةُ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ وَقْتَ الضَّرْبِ وَإِنْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ نَصْرَانِيٍّ فَأَسْلَمَ فَمَاتَ مِنْ جُرْحِهِ فَلِوَرَثَتِهِ إِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ أَنْ يُقْسِمُوا لَمَاتَ مِنْ جُرْحِهِ وَيَأْخُذُوا دِيَةَ مُسْلِمٍ وَإِنْ جَرَحَ مُسْلِمٌ أَوْ حَرْبِيٌّ معاهدا فلحق بدار الْحَرْب وسباه المسلمونومات مِنْ جُرْحِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي النَّفْسِ وَاقْتُصَّ مِنْهُ فِي الْجُرْحِ وَدِيَتُهُ نصف دِيَة نَصْرَانِيّ فيأ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقِيلَ دِيَةُ يَدهٍ لِوَرَثَتِهِ فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ حُصُولِهِ فِي يَدِ مَنْ صَارَ لَهُ ثُمَّ مَاتَ عَبْدًا فَلَا قِصَاصَ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي النَّفْسِ لِأَنَّهُ مَاتَ عَبْدًا وَلِلْوَارِثِ الْقِصَاصُ فِي الْيَدِ
فرع قَالَ قَالَ ابْن الْقسم إِنْ قَالَ أَحَدُ عَبْيدَيَّ حُرٌّ فَقَتَلَهُمْ أَوْ أَحَدَهُمْ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ السَّيِّدُ مَنْ أَرَادَ وَقَالَ السَّيِّدُ الْآنَ أَرَدْتُ الْمَقْتُولَ لَا يُصَدَّقُ فِي أَخْذِ الدِّيَةِ وَإِنَّمَا لَهُ قِيمَةُ عَبْدِهِ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ أَرَادَ الْبَاقِيَ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ لَمْ تَكُنْ لِي نِيَّةٌ فِي وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ عُتِقَ الْبَاقِي وَلَهُ فِي الْمَقْتُولِ قِيمَةُ عَبْدٍ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي وَصِيَّتِهِ وَمَاتَ فَلَهُمَا حُكْمُ الْعَبِيدِ إِنْ قُتِلَا حَتَّى يَنْفُذَا مِنَ الثُّلُثِ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَقْلُ الْمُرْتَدِّ فِي الْعمد وَالْخَطَأ عقل
فِي النَّفس وَالْجرْح رَجَعَ إِلَى السَّلَام أَمْ لَا لِأَنَّهُمْ أَقَلُّ الْكُفَّارِ عَقْلًا وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَشْهَبُ عَقْلُ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ وَإِن قتل زنديقا فر قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ قَالَه ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ قتل لابد مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ وَإِنْ قَتَلَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا خَطَأً فَالدِّيَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ أَوْ عَمْدًا فَلَا شَيْءَ فِي مَالِهِ وَإِنْ قَتَلَ الْمُرْتَدُّ نَصْرَانِيًّا أَوْ جَرَحَهُ اقْتُصَّ مِنْهُ كَقَتْلِ الْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِ وَإِنْ جَرَحَ مُسْلِمًا لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا قُتِلَ بِهِ وَإِنْ جَرَحَ الْمُرْتَدُّ أَوْ قَتَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ أَوْ حُرًّا مُسْلِمًا اقْتُصَّ مِنْهُ تَنْبِيهٌ ثُمَّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَدْ تَكُونُ نَفْسًا تَامَّةً أَوْ جَنِينًا أَوْ عُضْوًا أَوْ مَنْفَعَةً أَوْ هُمَا مَعًا
الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْجِنَايَةُ نَفْسُهَا وَهِيَ الْعَقْلُ وَيَتَمَهَّدُ فِقْهُهُ بِبَيَانِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَكُلُّهَا إِمَّا مُبَاشَرَةً أَوْ تَسَبُّبًا أَوْ هُمَا أَوْ بِطَرَيَانِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَالشَّرِكَةِ فِيهَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْعَمْدُ فِي الْجَوَاهِرِ الْعَمْدُ مَا قُصِدَ فِيهِ إِتْلَافُ النَّفْسِ وَكَانَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا مِنْ مُحَدَّدٍ أَوْ مُثَقَّلٍ أَوْ بِإِصَابَةِ الْمَقَاتِلِ كَعَصْرِ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ شَدِّهِ وَضَغْطِهِ أَوْ يَهْدِمُ عَلَيْهِ بُنْيَانًا أَوْ يَصْرَعُهُ وَيَجُرُّ بِرِجْلِهِ عَلَى غَيْرِ اللَّعِبِ أَوْ يُغْرِقُهُ أَوْ يَحْرِقُهُ أَوْ يَمْنَعُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَأَمَّا اللَّطْمَةُ وَاللَّكْزَةُ فَتَتَخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فِي نَفْيِهِ وَإِثْبَاتِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ طَرَحَهُ فِي نَهْرٍ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ قُتِلَ أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ تَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِلَطْمِهِ أَوْ بِلَكْزِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَفِيهِ الْقَوَدُ وَمِنَ الْعَمْدِ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ كَالْمُتَصَارِعَيْنِ وَالْمُتَرَامِيَيْنِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ أَوْ يَأْخُذُ بِرِجْلِهِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَفِيهِ دِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَخْمَاسًا فَإِنْ تَعَمَّدَ هَؤُلَاءِ الْقَتْلَ بِذَلِكَ فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ هَذَا إِذَا كَانَا مَعًا يَتَفَاعَلَانِ ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ الآخر
وَهُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ أَمَّا إِذَا فَعَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَالْآخِرُ لَمْ يُلَاعِبْهُ وَلَا رَمَاهُ فَالْقِصَاصُ قَالَهُ مَالِكٌ وَقِيلَ سَوَاءٌ اللَّعِبُ وَغَيره مِنْهُمَا أومن أَحَدِهِمَا وَهُوَ الصَّوَابُ وَالتَّفْرِيقُ بَعِيدٌ إِذَا عُرِفَ قصد اللّعب وَتَكون رِوَايَة عبد الْملك أَنه ذَلِكَ كَالْخَطَأِ خِلَافًا وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي الْأَدَبِ وَالْعَقْلِ الْجَامِعِ كَالْحَاكِمِ وَالْجَلَّادِ وَالْمُؤَدِّبِ وَالْأَبِ وَالزَّوْجِ وَالْخَاتِنِ وَالطَّبِيبِ فَقِيلَ كَالْخَطَأِ وَيَدْخُلُهُمَا الِاخْتِلَافُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ دِيَةُ اللَّعِبِ مُغَلَّظَةُ الْأَخْمَاسِ الْقِسْمُ الثَّانِي الْخَطَأُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْخَطَأُ مَا لَا قَصْدَ فِيهِ لِلْفِعْلِ كَمَا لَوْ سَقَطَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ مَا قَصْدَ فِيهِ لِلْفِعْلِ إِلَى الشَّخْصِ كَمَا لَوْ رمى صيدا فَقتل إنْسَانا وَظن الْإِبَاحَة تصير الْعَمْدَ خَطَأً كَقَاتِلِ رَجُلٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ غَلَبَةً وَفِي الْكُفَّارِ وَهُوَ مُسْلِمٌ فَلَا قِصَاصَ وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ أَوْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا يَظُنُّهُ مِمَّنْ لَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِصَاصٌ فَلَا قِصَاصَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ شِبْهُ الْعَمْدِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ هُوَ مَا أَشْكَلَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْقَتْلُ وَلَمْ يَرَهُ مَالِكٌ إِلَّا فِي الْآبَاءِ مَعَ أَبْنَائِهِمْ وَغَيْرُهُ يَرَى فِيهِ الدِّيَةَ مُطْلَقًا مُثَلَّثَةً عِنْدَ (ش) وَمُرَبَّعَةً عِنْدَ (ح) وَصفته عِنْدهم فِي غير الْآبَاءِ مَعَ أَبْنَائِهِمْ وَغَيْرُهُ يَرَى فِيهِ الدِّيَةَ مُطْلَقًا مُثَلَّثَةً عِنْدَ (ش) وَمُرَبَّعَةً عِنْدَ (ح) وَصِفَتُهُ عِنْدَهُمْ فِي غَيْرِ الْآبَاءِ أَنْ يَضْرِبَهُ عَمْدًا عَلَى وَجْهِ الْفَائِدَةِ وَالْغَضَبِ لَا يَقْصِدُ قَتْلَهُ وَبِغَيْرِ آلَةٍ الْقَتْلِ كَالسَّوْطِ وَالْعَصَا (قَالَ اللَّخْمِيُّ شِبْهُ الْعَمْدِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ بِغَيْرِ آلَةٍ الْقَتْل كَالسَّوْطِ وَالْعَصَا) وَالْبُنْدُقَةِ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ الْعَمْدِ لِقُوَّةِ الضَّرْبَةِ أَوْ بِآلَةِ الْقَتْلِ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ كَالْأَبَوَيْنِ أَوْ مِمَّنْ كَالطَّبِيبِ وَصِفَتُهُ) وَتقدم تسط مَنْعِ إِرَادَتِهِ كَالْمُصَارِعِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ قصد
الْفِعْلَ دُونَ الْقَتْلِ فَثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لَعِبٌ وَأَدَبٌ وَفَائِدَة فَفِي الول ثَلَاثَة أَقْوَال قَالَ ابْن الفقاسم هُوَ خَطَأٌ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ وَرُوِيَ عبد الْملك عوم عِنْد يُقْتَصُّ بِهِ وَتَأَوَّلَ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّ صَاحِبَهُ لَاعَبَهُ وَبَقِيَ الْخِلَافُ وَالظَّاهِرُ ثُبُوتُهُ وَالثَّالِثُ ابْنُ وهب هُوَ شبه الْعمد تفلظ دِيَتُهُ عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يلاعبه أم لَا قَول رَابِع وَفِي الدب تَجْرِي الثَّلَاثَةُ الْأَقْوَالِ الْأُوَلِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ إِنَّمَا يُخْتَلَفُ فِي تَغْلِيظِ الدِّيَةِ وَلَا قِصَاصَ بِحَالٍ وَهَذَا إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ ضَرَبَهُ أَدَبًا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ فَفِي تَصْدِيقِهِ قَوْلَانِ إِنَّ الظَّاهِرَ يَقْتَضِي الْقِصَاصَ وَفِي النَّائِرَةِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ الْقِصَاصُ إِلَّا فِي الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْجَدِّ وَعَنْهُ لَا قِصَاصَ وَهُوَ شِبْهُ الْعمد فعله فِيهِ الدِّيَةُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ (ش) وَ (ح) وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَخْتَصُّ بِالتَّعْيِينِ قَالَهُ (ح) وَصَاحِبَاهُ أَمْ لَا وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهِ فَقَالَ (ح) لَا يُقْتَصُّ إِلَّا فِيمَنْ قتل بحديدة أَو ضهطة الْغَضَب أَوِ النَّارِ وَقِيلَ لَا يُقْتَصُّ إِلَّا فِي الْحَدِيدَةِ وَإِنْ قَصَدَ الْقَتْلَ فَقِسْمَانِ غِيلَةً فَيُقْتَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ حِرَابَةٌ وَنَائِرَةٌ خُيِّرَ الْوَلِيُّ فِي الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ إِلَّا لِمَنْ يُقْتَلُ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ فَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْعَفو بقوله {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وَعَنِ النَّبِيِّ عليه السلام (لَا أُعْفِي رَجُلًا قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ) هَذَا نَصُّ الْمُقَدِّمَاتِ وَالشَّافِعِيَّة يسمونه عمد الْخَطَأ وَالْجِنَايَة شبه الْعمد \ وَاحْتج الْأَئِمَّةُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - فِي أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ (أَلَا إِنَّ دِيَةَ الْخَطَأ فِي شبه الْعمد كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بطونها أَوْلَادهَا
وَيرى أَلَا إِنَّ فِي قَتِيلِ الْعَمْدِ الْخَطَأِ قَتِيلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَفَسَّرَهُ الْأَئِمَّةُ بِالضَّرْبِ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَالْعَصَا الصَّغِيرِ وَالسَّوْطِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ اجْتَمَعَ شِبْهُ الْعَمْدِ لِأَنَّهُ ضَرَبَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَشِبْهُ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الْقَتْلَ فَلَمْ يُعْطَ حُكْمَ أَحَدِهَما فَغُلِّظَتِ الدِّيَةُ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ إِلَّا الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ وَلَوْ كَانَ ثَالِثٌ لَذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكتاب من شَيْء}
الْقِسْمُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْمُبَاشَرَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ زُهُوقُ الرُّوحِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ كَحَزِّ الرَّقَبَةِ أَوْ بِوَاسِطَةٍ كَالْجِرَاحَاتِ الْمُفْضِيَةِ لِلْمَوْتِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا كَالْخَنْقِ وَالْحَرْقِ وَالتَّغْرِيقِ وَشِبْهِهِ وَتَحْدِيدُهُ مَا يَعُدُّهُ أَهْلُ الْعَادَةِ عِلَّةَ الزُّهُوقِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ
الْقِسْمُ الْخَامِسُ السَّبَبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كَحَفْرِ الْبِئْرِ حَيْثُ لَا يُؤْذَنُ لَهُ قَصْدَ الْإِهْلَاكِ وَالْإِكْرَاهِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْقِصَاصِ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ الْمَسْمُومِ لِلضَّيْفِ وَحَفْرِ بِئْرٍ فِي الدِّهْلِيزِ وَتَغْطِيَتِهِ عِنْدَ دُخُولِ الدَّاخِلِ أَوْ حَفْرِهِ لِيَقَعَ فِيهِ ثمَّ وَقع فِيهِ غَيْرُهُ وَضَابِطُهُ مَا تَشْهَدُ الْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي زُهُوقِ الرُّوحِ وَأَنَّ لَهُ مَدْخَلًا فِيهِ
الْقِسْمُ السَّادِسُ اجْتِمَاعُ السَّبَبِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَلَهُ ثَلَاثُ رُتَبٍ الرُّتْبَةُ الْأُولَى تَغْلِيبُ السَّبَبِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ ظَاهِرٌ إِذَا لَمْ تَكُنِ الْمُبَاشَرَةُ عُدْوَانًا كَحَفْرِ بِئْرٍ عَلَى طَرِيقِ الْأَعْمَى لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ وَلَا طَرِيقَ لَهُ غَيْرُهَا أَوْ طَرْحِهِ مَعَ سَبُعٍ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ أَوْ أَمْسَكَهُ عَلَى ثُعْبَانٍ مُهْلِكٍ أَوْ قَدَّمَ الطَّعَامَ الْمَسْمُومَ أَوْ غَطَّى رَأْسَ الْبِئْرِ فِي الدِّهْلِيزِ وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَةُ عَلَى تَغْلِيبِ السَّبَبِ فِي شُهُودِ الْقِصَاصِ إِذَا رَجَعُوا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَالْوَلِيُّ غَيْرُ عَالِمٍ بِالتَّزْوِيرِ وَإِلَّا
فالولي مَعَهم شريك لاعتدال السَّبَب الْمُبَاشرَة إِنْ حَدَّدَ قَصَبًا أَوْ عِيدَانًا فِي بَابِ الْجنان لتدخل فِي رجل الدَّاخِلِ مِنْ سَارِقٍ أَوْ غَيْرِهِ فِيهِ الدِّيَةُ دُونَ الْقَوَدِ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ فِي مِلْكِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ إِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي أَرْضِهِ لِيَسْقُطَ فِيهَا سَارِقٌ أَوْ طَارِقٌ وَكَذَلِكَ إِنْ جَعَلَ عَلَى حَائِطِهِ شَرَكًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ تَمَادَى بِالْإِشَارَةِ بِالسَّيْفِ عَلَيْهِ وَهُوَ يَهْرُبُ وَهُوَ عَدُوُّهُ فَهَرَبَ حَتَّى مَاتَ فَالْقِصَاصُ وَإِنْ مَاتَ مِنْ أَوَّلِ الْإِشَارَةِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ طَلَبَهُ بِالسَّيْفِ فَمَا زَالَ يَجْرِي حَتَّى مَاتَ يُقْسِمُ وُلَاتُهُ لَمَاتَ مِنْ خَوْفِهِ وَيُقْتَلُ وَإِنْ أَشَارَ فَقَطْ فَمَاتَ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ فَهُوَ مِنَ الْخَطَأِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ طَلَبَهُ بِالسَّيْفِ فَعَثَرَ فَمَاتَ فَالْقِصَاصُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ لَا قِصَاصَ فِي هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَاتَ مِنْ شِدَّةِ الْجَرْيِ لَا مِنَ الْخَوْفِ أَوْ مِنْهُمَا وَلَا يُمْكِنُ الْقِصَاصُ إِلَّا عَلَى نَفْيِ شُبْهَةِ الْعَمْدِ وَاسْتَحْسَنَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقَرَوِيِّينَ وَإِنْ طَرَحَ عَلَيْهِ حَيَّةً لَا يَلْبَثُ لَدِيغُهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ اللَّعِبِ مِثْلَ تَعَوُّدِ الْجُرْأَةِ قُتِلَ بِهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي إِرَادَةِ اللَّعِبِ وَإِنَّمَا اللَّعِبُ مَا يَفْعَلُهُ الشَّبَابُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ غَائِلَةَ أَنْوَاعِ الْحَيَّاتِ فَهَذَا خَطَأٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدِي أَوْ يَدَ عَبْدِي فَعَلَى الْمَأْمُورِ الْعُقُوبَةُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِي الْحُرِّ وَلَا غَيْرِهِ لِلْإِذْنِ الرُّتْبَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ تَغْلِبَ الْمُبَاشَرَةُ لِسَبَبٍ كَحَافِرِ الْبِئْرِ فِي دَاره لنفع نَفسه فردى فِيهَا رَجُلًا فَالْقَوَدُ عَلَى الْمَرَدِّي دُونَ الْحَافِرِ تَغْلِيبًا لِلْمُبَاشَرَةِ لِعَدَمِ الْعُدْوَانِ فِي السَّبَبِ وَتَحَقَّقْ فِيهِ الرُّتْبَةُ الثَّالِثَةُ اعْتِدَالُ السَّبَبِ وَالْمُبَاشَرَةِ فَيُقْتَصُّ مِنْهَا كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْفِعْلِ يُقْتَلُ الْمُكْرِهُ لِقُوَّةِ إِلْجَائِهِ وَالْمُكْرَهُ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَيَلْحَقُ بِهِ مَنْ تَتَعَذَّرُ مُخَالفَته كالسيد
يَأْمُرُ عَبْدَهُ وَالسُّلْطَانِ يَأْمُرُ رَجُلًا فَأَمَّا الْأَبُ يَأْمُرُ وَلَدَهُ وَالْمُعَلِّمُ يَأْمُرُ صَبِيًّا وَالصَّانِعُ بَعْضَ مُتَعَلِّمِيهِ وَالْمَأْمُورُ مُحْتَلِمٌ قُتِلَ وَحْدَهُ دُونَ الْآمِرِ أَوْ غَيْرُ مُحْتَلِمٍ قُتِلَ الْآمِرُ لِقُوَّةِ إِلْجَائِهِ لِضَعْفِ جَنَانِ الصَّبِيِّ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَة لمشاركته قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا يُقْتَلُ الْأَبُ وَلَا السَّيِّدُ وَإِنْ أَمَرَ أَعْجَمِيًّا أَمَّا مَنْ تُخَافُ مُخَالَفَتُهُ فَيُقْتَلُ الْمَأْمُورُ دُونَ الْآمِرِ وَيضْرب الْآمِر وَيحبس فَإِن اسْمك الْقَاتِلُ اقْتُصَّ مِنْهُمَا لِلِاعْتِدَالِ وَشَرَطَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي الْمُمْسِكِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْلَاهُ لَمْ يَقْدِرِ الْآخَرُ عَلَى الْقَتْلِ وَكَالْحَافِرِ عُدْوَانًا مَعَ الْمُرَدِّي كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا لِيَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَرَدَّى ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهَا غَيْرُ الْحَافِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحسن يقتلان للاعتدال وَقَالَ القَاضِي أَوب عَبْدِ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ يُقْتَلُ الْمُرَدِّي دُونَ الْحَافِر تَغْلِيبًا للمباشرة كشهود الْقصاص مَعَ الْوَلِيّ كَمَا سبق بَيَانه
فرع فِي الكتابإن سَقَاهُ سُمًّا قُتِلَ بِهِ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ قَالَ سَقَانِي سُمًّا وَقَدْ تَقَيَّأَ مِنْهُ (أَوْ لَمْ يَتَقَيَّأْ) فَمَاتَ مِنْهُ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ (وَلَا يُقَادُ مِنْ سَاقِي السُّمِّ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ سَقَاهُ سُمًّا فَفِيهِ الْقَسَامَةُ) قَالَ أَصْبَغُ إِنْ قَدَّمَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ طَعَامًا فَلَمَّا أَكَلَهُ تَقَيَّأَ أَمْعَاءَهُ مَكَانَهُ فَأَشْهَدَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وخالتها فُلَانَة فَإِن فَإِنْ أَقَرَّتِ امْرَأَتُهُ أَنَّ الطَّعَامَ أَتَتْ بِهِ خَالَتُهَا فَفِيهِ الْقَسَامَةُ وَقَوْلُهُ امْرَأَتِي وَخَالَتُهَا يَكْفِي وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْهُ أَمُوتُ فَإِذَا ثَبَتَ قَوْله بِشَاهِدين أَقْسمُوا على أإدى الْمَرْأَتَيْنِ فَتُقْتَلُ وَلَا يَنْفَعُ الْمَرْأَةَ قَوْلُهَا خَالَتِي أَتَتْنِي بِهِ وَتُضْرَبُ الْأُخْرَى مِائَةً وَتُحْبَسُ سَنَةً
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا دَفَعَ لِصَبِيٍّ دَابَّةً يهيئها أَوْ سِلَاحًا فَمَاتَ بِذَلِكَ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَيُعْتِقُ رَقَبَةً وَإِنْ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّتِهِ يُمْسِكُهَا فَوَطِئَتْ رَجُلًا فَقَتَلَتْهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ الْمُحَرِّكُ لِلدَّابَّةِ بِرُكُوبِهِ عَلَيْهَا وَلَا رُجُوعَ لِعَاقِلَتِهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ الْأُخْرَى الْقِسْمُ السَّابِعُ فِي طَرَيَانِ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ فَيُقَدَّمُ الْأَقْوَى فَإِنْ جَرَحَ الْأَوَّلَ وَحَزَّ الثَّانِي الرَّقَبَةَ اقْتُصَّ مِنَ الثَّانِي أَو أنقذ الْأَوَّلُ الْمَقَاتِلَ وَأَجْهَزَ الثَّانِي اقْتُصَّ مِنَ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَبُولِغَ فِي عُقُوبَةِ الثَّانِي قَالَهُ ابْن الْقسم وَعَنْهُ يُقْتَلُ الْمُجْهِزُ وَيُعَاقَبُ الْأَوَّلُ وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى ضَرْبِهِ فَقَطَعَ هَذَا يَدَهُ وَقَلَعَ الْآخَرُ عَيْنَهُ وَجَدَعَ الْآخَرُ أَنْفَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ وَقَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ قُتِلُوا بِهِ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِيهِ وَإِنْ كَانَ جُرْحُ بَعْضِهِمْ أَنَكَى وَلَا قصاص لَهُ فِي الْجرْح مَا لَمْ يَتَعَمَّدُوا الْمُثْلَةَ مَعَ الْقَتْلِ وَإِنْ لَمْ يُرِيدُوا قَتْلَهُ اقْتُصَّ مِنْ كُلٍّ بِجُرْحِهِ وَقُتِلَ قَاتِلُهُ وَإِنْ قَتَلَ مَرِيضًا مُشْرِفًا قُتِلَ الْقِسْمُ الثَّامِنُ فِي الشَّرِكَةِ فِي الْمُوجَبِ وَفِي الْجَوَاهِر كَمَا إِذا حفر بِئْرا انهارت عَلَيْهِمْ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَالَ أَشْهَبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَكَمَا لَوْ جَرَحَ نَفْسَهُ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ فَمَاتَ فَيَجِبُ لَهُ أَرْشُ مَا يُقَابِلُ فِعْلَ الْغَيْرِ
النَّظَرُ الثَّانِي فِي إِثْبَاتِ الْجِنَايَة وَله ثَلَاث طُرُقٍ الْإِقْرَارُ وَالْبَيِّنَةُ وَالْقَسَامَةُ الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ الْإِقْرَارُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَقَرَّ بِقَتْلِ خَطَأٍ وَاتُّهِمَ أَنَّهُ أَرَادَ مُنَاوَلَةَ الْمَقْتُولِ كَالْأَخِ وَالصَّدِيقِ لَمْ يُصَدَّقْ أَوْ مِنَ الْأَبَاعِدِ صُدِّقَ إِنْ كَانَ ثِقَة
مَأْمُونًا لَمْ يُخَفْ أَنْ يُرْشَى عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ تَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِقَسَامَةٍ لَا بِإِقْرَارِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَإِنْ لَمْ يُقْسِمِ الْأَوْلِيَاء فَلَا شَيْء لَهُم فِي مَالِ الْمُقِرِّ كَمَا لَوْ ضَرَبَ رَجُلٌ فَقَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ خَطَأً صُدِّقَ وَتَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ بِالْقَسَامَةِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَلَا فِي مَال الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الطَّرِيق الثَّانِي الْبَيِّنَة وَفِي الْكِتَابِ إِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِقَتْلٍ خَطَأٍ أَقْسَمَ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ وَاسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَيُعْتِقُ رَقَبَةً فَإِنْ شَهِدَ آخَرُ عَلَى إِقْرَارِ الْقَاتِلِ بِذَلِكَ لَمْ يَجِبْ لَهُمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَيُعْتِقُ رَقَبَةً فَإِنْ شَهِدَ آخَرُ عَلَى إِقْرَارِ الْقَاتِلِ بِذَلِكَ لَمْ يَجِبْ لَهُمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ شَيْءٌ إِلَّا بِالْقَسَامَةِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِمْ شَيْئًا وَلَا يَثْبُتُ إِقْرَارُ الْقَاتِلِ إِلَّا بِشَاهِدين وَحِينَئِذٍ يقسمون لِأَنَّهُ حكم مشترط فِيهِ النِّصَابُ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي جِرَاحِ الْخَطَأِ وَقَتْلِ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ مَالٌ وَإِنْ شَهِدَ مَعَ رَجُلٍ عَلَى مُنَقِّلَةٍ أَوْ مَأْمُومَةٍ عَمْدًا جَازَت شَهَادَتهم لِأَن عمدها كخطائها قَالَ فِي النُّكَتِ إِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ حَلَفَ مَعَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ مُقِرٌّ على نَفسه الْقَاتِل مُقِرٌّ عَلَى غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْعَاقِلَةُ فَهُوَ كَشَاهِدٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِنَّمَا تَتِمُّ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ إِنْكَارٌ فَإِنْ أَنْكَرَ قَوْلَ الشَّاهِدَيْنِ بَطَلَا كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْأَصْلُ مُنْكَرٌ قَالَهُ أَشْهَبُ وَجَعَلَهُ شَاهِدًا وَعَلَى هَذَا لَا يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُمَا بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ فِي جُرْحٍ قَسَامَةٌ وَيَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيُقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ وَيُؤْخَذُ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أُثْبِتَ بِذَلِكَ الْقِصَاصُ وَلَيْسَ بِمَالٍ اسْتِحْسَانًا نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ الَّذِي يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَرْبَعَةٌ الْقِصَاصُ فِي الْجِرَاحِ والخلطة وَالْكَفَالَة والموال
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ قَتَلَ عَبْدَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً يَمِينًا وَاحِدَةً لِأَنَّهُ مَالٌ فَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ عَبْدًا وَأَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يُقْتَلْ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُضْرَبُ الْقَاتِلُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُ الْعَبْدِ يَمِينًا وَاحِدَةً فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ دَيْنٌ عِنْدَ فُلَانٍ الْحُرِّ قَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا فَيَبْرَأُ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُ الْعَبْدِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَاسْتَحَقَّ قِيمَتَهُ وَيُضْرَبُ وَيُحْبَسُ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ بَيْنَ الْأَحْرَارِ وَلَوِ ادَّعَاهُ حُرٌّ عَلَى الْعَبْدِ كَانَتْ فِيهِ الْقَسَامَةُ وَإِنَّمَا تَزَكَّتْ فِي هَذَا لِأَنَّهُ عَبْدٌ وَلَا قَسَامَةَ فِي عَبْدٍ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ وَلَا ضَرْبَ وَلَا سَجْنَ فَإِنْ نَكَلَ فَالْقِيمَةُ وَالضَّرْبُ وَالسَّجْنُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً فَإِنْ نَكَلَ عُزِّرَ وَلَا ضَرْبُ مِائَةٍ وَلَا سَجْنٌ بَلْ تَعْزِيرُ مَنْ تَعَيَّنَ قَتْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ عَبْدًا مُعَيَّنًا قَتَلَ عَبْدَهُ عَمْدًا حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ غُرْمِ قِيمَةِ أَوْ يُسْلِمُ عَبْدَهُ فَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ بِشَاهِدٍ فَإِنْ كَانَ مَاتَ بِسِرَايَةِ جُرْحٍ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْجُرْحِ وَيَمِينًا لَمَاتَ مِنْهُ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَحْلِفْ سَيِّدُ الْجَارِحِ إِلَّا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَيُضْرَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا وَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ حُرًّا حَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا مَعَ الشَّاهِدِ وَاسْتَحَقُّوا دَمَ صَاحِبِهِمْ يَقْتُلُونَ الْعَبْدَ إِنْ شَاءُوا وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَأْخُذُوا الْعَبْدَ لِيَسْتَحْيُوهُ لِأَنَّ دَمَ الْحُرِّ لَا يُسْتَحَقُّ بِذَلِكَ الطَّرِيقُ الثَّالِثُ الْقَسَامَةُ مصدر اقْسمْ مَعْنَاهُ حلم حَلِفًا وَالْمُرَادُ هَاهُنَا الْأَيْمَانُ الْمَذْكُورَةُ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ وَقِيلَ هِيَ الْأَيْمَانُ إِذَا كَثُرَتْ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ وَأَهْلُ اللُّغَةِ يَقُولُونَ إِنَّهَا الْقَوْمُ الْحَالِفُونَ سُمُّوا بِالْمَصْدَرِ نَحْوَ
رَجُلٍ عَدْلٍ وَرِضًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهَا الشَّرْعُ وَأَصْلُهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأَئِمَّةِ لَا إِجْمَاعُ الْأَمَّةِ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا} وَوَكَّلَ تَعَالَى بَيَانَ هَذَا السُّلْطَانِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - فَبَيَّنَهُ بِالْقَسَامَةِ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا فِي الصَّحِيحِ (أَن عبد الله ابْن إِسْمَاعِيل وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جُهْدٍ أَصَابَهُمْ فَأَتَى مُحَيِّصَةُ فَأَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِسْمَاعِيل قَدْ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي فَقِيرِ بِئْرٍ فَأَتَى يَهُودٌ فَقَالَ أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ قَالُوا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ فَأَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذكر لَهُم بذلك ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - كبر كبر يُرِيد السِّين فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - إِمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ تَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ فَكَتَبُوا إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لتحويصة وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ فَقَالُوا لَا فَقَالَ فليحلف لكم يهود فَقَالُوا لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - مِنْ عِنْدِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِمِائَةِ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ إِلَيْهِمُ الدَّارَ قَالَ سَهْلٌ لَقَدْ رَكَضَتْنِي فَوَائِدُ فِي الْمُنْتَقَى الْفَقِيرُ حَفِيرٌ يُتَّخَذُ فِي السَّرَبِ الَّذِي يُصْنَعُ لِلْمَاءِ تَحْتَ الْأَرْضِ يُحْمَلُ فِيهِ الْمَاءُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى غَيْرِهِ وَيُعْمَلُ عَلَيْهِ أَفْوَاهٌ كَأَفْوَاهِ الْآبَارِ بِمَنَاقِشَ عَلَى الشُّرْبِ فَتِلْكَ الْآبَارُ وَاحِدُهَا فَقِيرٌ وَقَوْلُهُ كَبِّرْ تَقْدِيمُ السِّنِّ إِمَّا لِأَنَّهُ سَاوَاهُمْ فِي
غير السن وَرجع عَلَيْهِمْ بِهِ أَوْ لِأَنَّ مَا عَدَاهُ مَظْنُونٌ وَفَضِيلَةُ السِّنِّ مَعْلُومَةٌ وَقَوْلُهُ عليه السلام (إِمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ) يَحْتَمِلُ إِعْطَاءَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدَّعُوا قَتْلَهُ عَمْدًا أَوْ لَمْ يُعَيِّنُوا الْقَاتِلَ فَلَا يُلْزَمُ الْقِصَاصَ كَالْقَتِيلِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ لَا يَقُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَقَوْلُهُ عليه السلام (تَحْلِفُونَ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ أَقَلُّ مِنَ اثْنَيْنِ وَقَوْلُهُ عليه السلام (وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ أَتَوْا بِلَوْثٍ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ اسْمَ مَا يُوجِبُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ عليه السلام (دَمَ صَاحِبِكُمْ) يَحْتَمِلُ مَا يَجِبُ لَكُمْ فِي دَمِ صَاحِبِكُمُ الْمَقْتُولِ أَوِ الْقَاتِلِ وَفِي بَعْضِ الطُّرُقِ قَاتِلَكُمْ فَعَيَّنَ الِاحْتِمَالَ وَمَا بَعَثَ بِهِ عليه السلام إِلَيْهِمْ إِنَّمَا هُوَ تَفْضِيل وَجَبْرٌ لِمُصَابِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِمَا لَمْ يَثْبُتِ لَهُمْ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ (رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ) لِيُبَيِّنَ قُوَّةَ ضَبْطِهِ لِلْحَدِيثِ بِذِكْرِ أَحْوَالِهِ وَفِي الْقَسَامَةِ خَمْسَةُ أَرْكَانٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ مَظِنَّتُهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ إِذَا لَمْ يَثْبُتِ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ مِنْ مُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا قَسَامَةَ فِي الْأَطْرَافِ وَالْعَبِيدِ وَالْكُفَّارِ وَاللَّوْثُ هُوَ أَمَارَةٌ تُغَلِّبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقَ مُدَّعِي الْقَتْلِ كَشَهَادَةِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ عَلَى رُؤْيَةِ الْقَتْلِ وَفِي شَهَادَةِ مَنْ لَا تُعْرَفُ عَدَالَتُهُ أَوِ الْعَدْلُ يَرَى الْمَقْتُولَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ وَالْمُتَّهَمُ نَحْوَهُ أَوْ قُرْبَهُ عَلَيْهِ آثَارُ الْقَتْلِ خِلَافٌ وَفِي الرُّكْنِ سِتَّة فروع الإأول فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ قَتَلَنِي عَمْدًا أَوْ قَالَ خَطَأً فَلِوُلَاتِهِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا فِي الْعَمْدِ وَيَأْخُذُوا الدِّيَةَ فِي الْخَطَأ من الْعَاقِلَة وَلَا
يقتسمون عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ الْمَقْتُولُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَمَا ادَّعَاهُ الْوُلَاةُ من عمد أَو خطأ يقتسمون عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَبَعْضُهُمْ خَطَأً وَحَلَفُوا كُلُّهُمُ اسْتَحَقُّوا دِيَةَ الْخَطَأِ بَيْنَهُمْ وَامْتَنَعَ الْقَتْل للشُّبْهَة فَإِن نكل مدعوا الْخَطَأ فَلَا قسَامَة لمُدعِي الْعمد لَا دم وَلَا دِيَةَ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَقَالَ الْآخَرُونَ لَا عِلْمَ لَنَا بِمَنْ قَتَلَهُ وَلَا يحلف بَطل دَمه للشهة وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً وَقَالَ الْآخَرُونَ لَا علم لنا ونكلوا حلف مدعوا الْخَطَأِ وَأَخَذُوا نَصِيبَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مَالٌ أُمْكِنَ تَوْزِيعُهُ بِخِلَافِ الْعَمْدِ وَلَيْسَ لِلْآخَرِينَ الْحَلِفُ بَعْدَ النُّكُولِ لِأَنَّهُمْ أَسْقَطُوا حَقَّهُمْ وَإِنْ نَكَلَ مُدَّعُو الدَّمِ وَرَدُّوا الْأَيْمَانَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ إِلَّا وَارِثٌ وَاحِدٌ وَادَّعَى الْخَطَأَ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَاسْتَحَقَّ الدِّيَةَ كُلَّهَا أَوِ الْعَمْدَ لَمْ يُقْتَلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَّا بِقَسَامَةِ رَجُلَيْنِ فَصَاعِدًا فَإِنْ حَلَفَ مَعَهُ آخَرُ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ وَلَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي التَّعَدُّدِ قُبِلَ وَإِلَّا رُدَّتِ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعِي يحلف خمسين يَمِينا وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَإِنْ أَقَامَ شَاهدا على جرح عمد وَحلف اقْتصّ فغن نكل حلف الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وبريء فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَالْمُتَّهَمُ إِنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا وَيُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَهَا فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ اللوث مَا لَيْسَ بقاطع لِأَنَّهُ ملبس والآُث من الشّجر مَا الْتبس بغضه قَالَ ابْن يُونُس فِي بقة بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا ذَبَحُوهَا وَضَرَبُوا بِهَا الْقَتِيلَ فَقَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ دَلَيْلًا عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَقْتُولِ لَوْثٌ وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ مُعْجِزَةٌ لِنَبِيٍّ فَإِنَّ الْإِعْجَازَ فِي إِحْيَائِهِ لَا قَوْلِهِ بَعْدَ حَيَاتِهِ وَلَا يَقْدَحُ فِي قَوْلِ الْمَقْتُولِ كَوْنُ الْقَاتِلِ عَدُوَّهُ وَقَوْلُ الْعَدُوِّ غَيْرُ مَقْبُول على عداوته لِأَن الْعَدَاوَة هُنَا تؤكد صدقه
لِأَنَّهَا مَظِنَّةٌ الْقَتِلِ بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوِي (وَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَوْلَ الْجَارِيَتَيْنِ عَلَى الْيَهُودِيِّ مَعَ عَظِيمِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمْ تَعْظِيمًا لِحُرْمَةِ الدِّمَاءِ) وَعَنْ مَالِكٍ اللَّوْثُ شَاهِدٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا وَالْمَرْأَةُ دُونَ الْعَبْدِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ وَقَوْلُ أَصْحَابِهِ فِي الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالذِّمِّيِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِلَوْثٍ وَلَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي قَتْلٍ عَمْدٍ وَلَا يَكُونُ لَطْخًا يُرِيدُ الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ وَيُقْسِمُ مَعَ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ عَدْلَتَيْنِ وَيُقْتَلُ بِذَلِكَ وَيُوجِبُ الْقَسَامَةَ أَنْ يَرَى نَحْوَهُ مَيْتًا أَوْ خَارِجًا مُلَطَّخًا بِالدَّمِ مِنْ مَنْزِلٍ فَيُوجَدُ فِيهِ الْقَتِيلُ وَلَيْسَ مَعَهُ غَيره أَو يعدوا عَلَيْهِ فِي سُوقٍ عَامِرٍ فَيَقْتُلُهُ فَيَشْهَدُونَ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا وَعَنْ مَالِكٍ وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ أَوْ يُرَى الْمُتَّهَمُ حَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَرَوْهُ حِينَ الْإِصَابَةِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ أَوِ الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ إِذَا حَضَرُوا الْقَتْلَ فَجْأَةً وَالضَّرْبَ أَوِ الْجُرْحَ لَا يَقُولُهُ مَالِكٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَنْ مَالِكٍ اللَّفِيفُ مِنَ السَّوَادِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَغَيْرِ الْعُدُولِ لَوْثٌ (قَالَ وَمَنْ رَوَى عَنْهُ الْعَدْلُ لَوْثٌ) فَقَدْ وَهِمَ إِنَّمَا كَانَ يَسْأَلُ هَلِ الْعَدْلُ لَوْثٌ فَيَقُولُ نَعَمْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يُقْسِمُ مَعَ الْعَدْلِ فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ وَلَا يُقْتَلُ فِيهِ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يُقْسِمُ مَعَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا يُقْسِمُ مَعَ الْوَاحِد على معانية الْقَتْل بعد يثبت معانية جَسَدِ الْقَتِيلِ كَمَا عُرِفَ مَوْتُ عَبْدِ اللَّهِ بن سهل وَكَذَلِكَ لَو شهِدت أَن امْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ عَلَى قَتْلِهِ وَلَمْ يُعْرَفْ مَوْتُهُ فَلَا قسَامَة
وَيُحْبَسُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَلَا يُعَجَّلُ عَسَى أَنْ يَأْتِيَ بِشَاهِدٍ آخَرَ وَيَثْبُتُ مَوْتُ الْقَتِيلِ بِرَجُلَيْنِ لِأَنَّ الْجَسَدَ لَا يَفُوتُ وَالْقَتْلُ يَفُوتُ وَعَنْ أَشْهَبَ إِنْ قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً وَقَالَ وُلَاتُهُ عَمْدًا بَطَلَ مَا وَجَبَ لَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ وَلَا يُقْتَلُ وَإِنْ قَالَ عَمْدًا وَقَالُوا خَطَأً بَطَلَ الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنِ ادَّعَى الْقَاتِلُ (أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ عَفَا عَنْهُ فَطُلِبَ بِالْيَمِينِ فَنَكَلَ حَلَفَ الْقَاتِلُ) يَمِينًا وَاحِدًا لَا خَمْسِينَ لِأَنَّهَا الْيَمِينُ الَّتِي رُدَّتْ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ تَنَازَعَ فِي عَفْوٍ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ نُكُول الْوَرَثَة عَن الْقسَامَة ويؤدونها على الدعي عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا الْمَرْدُودَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ رُدَّتِ الْأَيْمَانُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَاتِلِ لِنُكُولٍ أَوْ لِفَقْدِ مَنْ يَحْلِفُ حَلَفَ مِنْ أَوْلِيَاءَ الْقَاتِلِ خَمْسُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا وَلِيَّانِ حَلَفَا خَمْسِينَ دُونَ الْقَاتِلِ وَيَبْرَأُ وَلَا يجبرون على الْحلف فَإِن لَك يَكُنْ إِلَّا وَلِيٌّ وَاحِدٌ لَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (حَقه لِأَنَّهُ إِذَا حَلَفَ) مَعَهُ لَمْ يُبَرِّئْهُ إِلَّا خَمْسُونَ يَمِينا يحلفهُ وَحْدَهُ (قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعَ مَنْ أَعَانَهُ مِنْ عَصَبَتِهِ يَحْلِفُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَلَفَ وحد 9) وَإِنْ وَجَبَتِ الْقَسَامَةُ بِقَوْلِ الْمَيِّتِ أَوْ بِشَاهِدٍ على الْقَتْل وَدرت الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَفَ هُوَ أَوْ وُلَاتُهُ أَنَّهُ مَا قَتَلَهُ فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَإِنْ كَانَتِ الْقَسَامَةُ بِضَرْبٍ أَوْ بِجُرْحٍ ثُمَّ مَاتَ بعد ذَلِك قَالَ ابْن الْقَاسِم يحلف مامن ضَرْبِي وَلَا جَرْحِي مَاتَ (فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً فَإِنْ انه من ضربه مَاتَ) لم يقتل ولابد أَنْ يَحْلِفَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْلِفُ فِي هَذَا وَهَذَا غَمُوسٌ وَإِنْ أُبِيحَ لِلْوَلِيِّ الْيَمِينُ فِيمَا لَمْ يَحْضُرْهُ
لِأَنَّ نُكُولَ الْمُدَّعِي يُبْطِلُ الدَّمَ وَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلُوا لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِم بنكلوهم وَكَيف يحلفُونَ يَمِينا لَو أَفْرَدُوا أَوْ نَكَلُوا لَمْ يُؤْخَذُوا بِذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي اللَّوْثِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ خَمْسَةُ أَقْوَال الشَّاهِد الْعدْل مَاله وَعنهُ الَّذِي لَيْسَ بِالْقَوِيّ الْعَدَالَة وَالْمَرْأَة دونالعبد وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ جَمَاعَةُ نِسَاءٍ أَوْ صِبْيَانٍ أَوْ جَمَاعَةٌ لَيْسُوا عُدُولًا وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَا تَقَدَّمَ فِي ابْنِ يُونُسَ وَعَنْ رَبِيعَةَ الصَّبِيُّ وَالذِّمِّيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ يَقْتُلُهُ الْعَبْدُ وَيَنْكُلُ الْوَلِيُّ إِنْ كَانَتِ الْقَسَامَةُ يَقُول الْمَيِّتِ قَتَلَنِي فُلَانٌ أَوْ بِشَاهِدِ عَدْلٍ عَلَى الْقَتْلِ الْمُوجِبِ حَلَفَ السَّيِّدُ يَمِينًا وَاحِدَةً عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ نَكَلَ أَسْلَمَهُ أَوْ يَفْتَدِيهِ بِدِيَةِ الْمَقْتُولِ وَقِيلَ يَحْلِفُ الْعَبْدُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِنْ وَجَبت الْقسَامَة بِالنِّيَّةِ وَمَات من الْجرْح لم ترد الْيَمين هَا هُنَا عَلَى الْعَبْدِ وَلَا عَلَى السَّيِّدِ وَثَبَتَ جُرْحُهُ فَيَفْدِيهِ السَّيِّدُ بِدِيَةِ الْجُرْحِ أَوْ يُسَلِّمُهُ وَيُضْرَبُ الْعَبْدُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا لِأَنَّ السَّيِّدَ وَالْعَبْدَ يَقُولَانِ لَا عِلْمَ عِنْدَنَا هَلْ مَاتَ مِنَ الْجُرْحِ أَمْ لَا وَيَجُوزُ مَوْتُهُ مِنْهُ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ دِيَةً فِي عَمْدٍ وَلَا خَطَأٍ إِلَّا بِقَسَامَةٍ وَلَا وَجْهَ لِيَمِينِ السَّيِّدِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَاخْتُلِفَ إِذَا قَالَ قَتَلَنِي وَلَمْ يَقُلْ عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَقِيلَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقْسِمُونَ إِلَّا عَلَى الْخَطَأِ وَعَنْهُ يَكْشِفُ عَنْ حَالِ الْمَقْتُولِ وَجِرَاحَاتِهِ وَحَالَةِ الْقَاتِلِ مِنْ عَدَاوَةٍ وَغَيْرِهَا فَيُقْسِمُونَ حِينَئِذٍ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ وَيَقْتُلُونَ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَمْدٌ وَلَا خَطَأٌ فَيُتَوَقَّفُ لِأَنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا جَاءَتْ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمَقْتُولِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَبَعْضُهُمْ خَطَأً حَلَفَ جَمِيعُهُمْ فَإِنْ أَقْسَمَ عَلَى الْخَطَأِ نَصِيبُهُ مِنَ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ وَلِمَنْ أَقْسَمَ عَلَى الْعَمْدِ نَصِيبُهُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ قَالَ وَهُوَ حسن تَوْفِيَةً بِالْأَسْبَابِ وَيَكُونُ نَصِيبُ مُدَّعِي الْعَمْدِ مِنَ الْإِبِلِ مِنَ الْأَرْبَعِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ (بِنْتُ مَخَاضٍ وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ) مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا رَجَعَ مُدَّعِي الْعمد إِلَى
دِيَةِ الْخَطَأِ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ أَصْلَ الْعَمْدِ الْقَوَدُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَبَعْضُهُمْ لَا عِلْمَ لَنَا أَوْ قَالَ جَمِيعُهُمْ عَمْدًا وَنكل بَعضهم فلمدعي الْعمد أَن يحلفوا ويستحقون نَصِيبَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ وَنُكُوُلُهُمْ عَلَى الْحَلِفِ قَبْلَ وُجُوبِ الدَّمِ كَعَفْوِهِمْ عَنْهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْقَائِلِينَ لَا عِلْمَ لَنَا وَمَتَى سَقَطَ الدَّمُ بِنُكُولٍ أَوِ اخْتِلَافٍ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَكُلُّ هَذَا إِذَا اسْتَوَتْ مَنْزِلَتُهُمْ بَنِينَ أَوْ إِخْوَةٌ أَوْ أَعْمَامٌ فَإِنِ اخْتَلَفَتْ كَابْنَةٍ وَعَصَبَةٍ فَقَالَ الْعَصَبَةُ عَمْدًا وَقَالَتِ الِابْنَةُ خَطَأً فَلَا قَسَامَةَ وَلَا قَود وَلَا دِيَة لِأَنَّهُ إِن كَانَ عَمْدًا فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْعَصَبَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ ذَلِكَ أَوْ خَطَأً فَإِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ وَلَمْ يَثْبُتِ الْخَطَأُ وَيُقْسِمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَيَنْعَصِمُ دَمُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنِ ادَّعَى الْعَصَبَةُ كُلُّهُمُ الْعَمْدَ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى ورثته مَنْ يُشْبِهُ وَاخْتُلِفَ إِذَا قَالَ خَطَأً أَوْ عَمْدًا أَوْ لَا جِرَاحَ بِهِ أَوْ بِهِ جرح فَادّعى على من لَا يشبه من لأجل صَالِحٍ أَوْ عَدُوِّهِ أَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى (قَوْلِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ فَعَنْ مَالِكٍ لَا يُقْسِمُ عَلَى) قَوْلِهِ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي غَيْرِ وَلَدِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنِ ادَّعَاهُ عَلَى رَجُلٍ صَالِحٍ أَقْسَمَ مَعَهُ وَقَتَلُوهُ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَبْطُلُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَدُوِّهِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّعُ قَتْلَ عَدُوِّهِ لَهُ وَقِيلَ يُتَّهَمُ عَلَى عَدُوِّهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى قَوْلِهِ كَفَى وَيُقْسِمُ مَعَهُ لِأَنَّهُ لَوْثٌ يُرَجَّحُ الصِّدْقُ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ
والموضع الَّذِي يقسم بِوَاحِد على المعانية إِذَا أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ يُقْسِمُ مَا شَهِدَ شَاهِدِي إِلَّا بِالْحَقِّ فِي الْخمسين يَمِينا أَو شَاهِدين عَلَى مُعَايَنَةٍ وَلَمْ تُنْفَذْ مَقَاتِلُهُ فَيُقْسِمُ لَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ عَلَى قَوْلِ الْمَيِّت أَو أَنه أَصَابَهُ وَلم ينقذ مَقَاتِلَهُ فَمَنْ صَارَ إِلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَأَنَّهُ قَتَلَهُ لِأَنَّهُ لَوْ شهد شاهدات عَلَى قَوْلِ الْمَيِّتِ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ الْقَتْلَ غلا بَعْدَ الْقَسَامَةِ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَهُوَ يَحْلِفُ أَنَّهُ شَهِدَ بِحَقٍّ وَلَا يَحْلِفُ (أَنَّهُ قَتَلَهُ وَكَذَلِكَ شَهَادَتُهُ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدَيْهِ بِضَرْبِهِ لِيَتَوَصَّلَ إِلَى الْيَمِينِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ وَلَا يَحْلِفُ) عَلَى مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجْمَعُ ذَلِكَ فِي قَسَامَةٍ وَاحِدَةٍ فِي خمسين يَمِينا نَظَائِر قَالَ ابْن زَرِبٍ تَجِبُ الْقَسَامَةُ بِأَرْبَعَةٍ إِذَا ثَبَتَ قَوْلُ الْمَقْتُولِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْبَالِغِ بِشَاهِدَيْ عَدَلٍ أَنَّ فُلَانًا ضَرَبَ الْمَقْتُولَ (حَتَّى قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً) ضَرْبَةً فَأَجَافَهُ بِهَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْجِرَاحِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَعَاشَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ وَلَمْ يَسْأَلْ أَيْنَ دَمُهُ حَتَّى مَاتَ وَإِذَا اعْتَرَفَ رَجُلٌ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً وَالْمُعْتَرِفُ مَأْمُونٌ لَا يُتَّهَمُ فَيُقْسِمُ وُلَاةُ الْمَقْتُولِ فَإِنْ أَبَوْا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ لَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى يَمِينٌ وَلَا شَيْءٌ وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَقَالَ (ح) وَ (ش) تَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَهَلْ يَحْلِفُ خَمْسِينَ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ أَوْ يَمِينًا وَاحِدَةً عِنْدَ (ش) قَوْلَانِ وَخَالَفْنَا الْأَئِمَّةَ فِي شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَلَى قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ إِنَّهُ لَوْثٌ قَالُوا وَلَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ لَنَا آيَةُ الْبَقَرَةِ وَفِي الْبُخَارِيِّ (أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً بِحَجَرٍ عَلَى أَوَضَاحٍ لَهُ فَجِيءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - وَبِهَا رَمَقٌ فَقَالَ أَقَتَلَكَ فُلَانٌ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ نَعَمْ فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - فَرُضِخَتْ رَأْسُهُ بَيْنَ
حَجَرَيْنِ) وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ لَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَقَرَّ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ مِنَ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ حُضُورِ الْأَجَلِ الْبُعْدُ عَنِ الذُّنُوبِ وَالْأَذِيَّةِ وَالْخَوْفُ وَالنَّدَمُ عَلَى التَّفْرِيطِ فَإِقْدَامُهُ عَلَى السَّبَبِ لِقَتْلِ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافُ الظَّاهِرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَوْثًا كَسَائِرِ صُوَرِ اللَّوْثِ مِثْلَ كَوْنِهِ عِنْدَهُ وَمَعَهُ آلَةُ الْقَتْلِ وَغَيْرُ ذَلِكَ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام (لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعَاوِيهِمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ) وَلِأَنَّ شِيَمَ النُّفُوسِ الظُّلْمُ فَيُتَّهَمُ عَلَى أَذِيَّةِ مَنْ يُعَادِيهِ حَتَّى لَا يَعِيشَ بَعْدَهُ وَآيَةُ الْبَقَرَةِ لَا حُجَّةَ فِيهَا لِأَنَّ الْقَاتِلَ يُشَاهِدُ الْآخِرَةَ وَعَلِمَ مِقْدَارَ الْجِنَايَاتِ وَعُقُوبَاتِهَا فَقَوْلُهُ يُحَصِّلُ الْعِلْمَ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ وَلِذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَمُوتَ أَحَدٌ كَافِرًا لِمَا يُشَاهِدُ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ مَعَ أَنَّ مَالِكًا رحمه الله نَقَضَ أَصْلَهُ هَذَا وَأَبْطَلَ تَصَرُّفَاتِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْمَوْتِ فِي ضَرَرِ التُّهْمَةِ كَمَا قُلْنَاهُ فِي الطَّلَاقِ وَالْمَرَضِ وَالنِّكَاحِ فِيهِ وَالْإِقْرَارِ لِلصَّدِيقِ وَالْجَوَابُ علن الْأَوَّلِ أَنَّا لَا نُعْطِي الْوَلِيَّ بِدَعْوَاهُ بَلْ بِأَيْمَانِهِمْ وَقَوْلُ الْمَيِّتِ مُرَجِّحٌ لِجِهَتِهِمْ لِوُجُودِهِ فِي قَرْيَةٍ أَوْ مَحَلَّةٍ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَا يَسْكُنُهَا غَيْرُهُمْ أَوْ تَفَرَّقَ جَمَاعَةٌ فِي دَارٍ عَنْ قَتِيلٍ أَوِ ازْدَحَمَ النَّاسُ فِي الطَّرِيقِ أَوْ دُخُولِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ فَوُجِدَ هُنَاكَ قَتِيلٌ أَو بَين طائفتين مسلمتين يقتلُون أَوْ شَهِدَ عَبِيدٌ وَنِسَاءٌ فَهَذِهِ كُلُّهَا لَوْثٌ عِنْدَكُمْ يُقْسِمُونَ مَعَهَا وَيَسْتَحِقُّونَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الظَّاهِرَ عِنْدَ مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَالصِّدْقُ وَغَيره بِإِذن وَالْمَطْلُوبُ هُوَ الظَّنُّ
وَعَنِ الثَّالِثِ لَا نُسَلِّمُ حُصُولَ الْعِلْمَ بَلْ قد أخبر الله تَعَالَى عَن قولم فِي الْآخِرَة بِأَنَّهُم يكذبُون فِي قَوْله تَعَالَى {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْء أَلا إِنَّهُم هم الْكَاذِبُونَ} وَعَنْ آخَرِينَ {مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِير} وَمَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ لَمْ يَبْقَ إِلَّا الظَّنُّ وَعَنِ الرَّابِعِ لَمْ يُورِثِ الْمُطَلَّقَةَ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّهَا لَوْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقُ وَأَعْطَتْهُ مَالًا وَرِثَتْ بَلْ لِلسُّنَّةِ وَفَسْخُ نِكَاحِ الْمَرِيضِ لَا لِلتُّهْمَةِ بَلْ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إِخْرَاجِ الْمَالِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ إِلَّا مِنَ الثُّلُثِ وَلَا يُمْكِنُ إِيقَافُ الْمُهْرِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الثُّلُثِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ التُّهْمَةُ فِيهَا عَلَى مَالٍ وَالْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ أعظم فَيكون الصدْق أَبْيَنَ وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ قَتَلَنِي عَبْدُ فُلَانٍ لَمْ يَقْتُلْهُ وَلِأَنَّهُ مَالٌ وَإِنَّمَا قَتَلْنَاهُ فِي قَوْلِهِ قَتَلَنِي خَطَأً وَإِنْ كَانَ مَالًا لِأَنَّ الْمَالَ فِي الرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَتْلَ كَمَا تَمْتَنِعُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي النَّسَبِ وَنَقْبَلُهَا فِي الْوِلَادَةِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ لَا يُحْبَسُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَيُحْبَسُ فِي الْعَمْدِ حَتَّى يَزَّكَّى الشُّهُودُ فَتجب الْقسَامَة وَإِلَّا فَلَا الْقسَامَة مَعَ غَيْرِ عَدْلٍ وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ لَا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لَا دِيَةَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا غَيْرَهَا وَيُقْسَمُ بِقَوْلِهِ دَمِي عِنْد فلَان وَإِن كَانَ مسخوطا وَالْوَلِيّ مسخوط وَالْمَرْأَةُ يُقْسَمُ بِقَوْلِهَا وَإِنْ قَالَ صَبِيٌّ قَتَلَنِي فُلَانٌ الصَّبِيُّ وَأَقَرَّ الْقَاتِلُ فَلَا يُقْسَمُ عَلَى قَوْلِهِ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِهِ وَلَا يُقْبَلُ الْإِقْرَارُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدَّمِ وَالصَّبِيُّ بِخِلَافِ الْمَسْخُوطِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ فِي الْمَالِ وَإِنْ
قَالَ النَّصْرَانِيُّ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ لَا يُقْسَمُ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ النَّصْرَانِيَّ لَا يُقْسِمُ وَإِنْ قَالَ الْبَالِغُ قَتَلَنِي الصَّبِيُّ فُلَانٌ أُقْسِمَ عَلَى قَوْلِهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَإِنْ رَمَى ذِمِّيا أَو عبدا اقتسموا وَلَهُمُ الْقَتْلُ فِي الْعَمْدِ وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَهِيَ مُعْتَقَةٌ أَقْسَمَ مَوَالِيهَا أَوْ مِنَ الْعَرَبِ أَقْسَمَ فِي الْخَطَأِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ وَأَخَذُوا نَصِيبَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ وَفِي الْعَمْدِ لَا قَسَامَةَ كَمَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ الثَّالِثُ قَالَ لَا قَسَامَةَ مَعَ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَقَالَ دمي عِنْد فلَان لم يكتف بذلك ولابد مِنَ الْقَسَامَةِ وَإِنْ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا ضَرَبَهُ حَتَّى قَتَلَهُ (قُتِلَ بِالْقَسَامَةِ أَوْ أَنْهُ ضُرِبَ وَعَاشَ وَتَكَلَّمَ أَوْ أَكَلَ وَلَمْ يَسْأَلْ حَتَّى مَاتَ فَالْقَسَامَةُ) الرَّابِعُ قَالَ إِنْ صَالَحَ مِنْ مُوَضِّحَةٍ خَطَأٍ عَلَى مَالٍ فَمَاتَ مِنْهَا أَقْسَمَ وُلَاتُهُ لَمَاتَ مِنْهَا وَاسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَرَجَعَ الْجَانِي فِيمَا دَفَعَ وَكَانَ فِي الْعَقْلِ كَرَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ لِانْكِشَافِ الْعَاقِبَةِ عَنْ أَنَّهُ قَتْلُ نَفْسٍ أَوْ عَنْ قَطْعِ يَدِهِ عَمْدًا فَعَفَا ثُمَّ مَاتَ مِنْهَا فَلَهُمُ الْقِصَاصُ فِي النَّفس بالقسامة عَن كَانَ عَفْوُهُ عَنِ الْيَدِ لَا عَنِ النَّفْسِ الْخَامِسُ إِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَالْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِحَجَرٍ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ لِلِاخْتِلَافِ وَلَا قَسَامَةَ بِذَلِكَ السَّادِسُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ جُرِحَ جُرْحًا لَهُ عَقْلٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَمَاتَ فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَحَدُهُا أَنْ لَا يُعْلَمَ الْجُرْحُ إِلَّا مِنَ الْمَيِّتِ فَيَقُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ جَرَحَنِي هَذَا الْجُرْحَ وَمِنْهُ أَمُوتُ بَطَلَ فِي الْجُرْحِ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ لِامْتِنَاعِ الْقَسَامَةِ فِي الْجُرْحِ بَلْ يُقْسِمُونَ وَيَقْتُلُونَ فِي الْعَمْدِ أَوْ يَأْخُذُونَ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَعَابَ مَا وَقَعَ فِي سَماع يحيى أَنهم إِن شَاءُوا اقسموا وَاسْتحق الدَّم أَو يقتصوا من الْجرْح أَو يَأْخُذُوا دِيَتَهُ إِنْ كَانَ خَطَأً وَثَانِيهَا إِنْ
يَثْبُتْ بِشَاهِدَيْنِ فَيُخَيَّرُوا فِي أَنْ يُقْسِمُوا أَوْ يُقْتَلُوا فِي الْعَمْدِ أَوِ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ على الْعَاقِلَة أَو لَا يقسموا ويقصوا مِنَ الْجُرْحِ إِنْ كَانَ عَمْدًا وَدِيَتُهُ فِي الْخَطَأ وَعَن ابْن الْقَاسِم إِن أَبُو الْقَسَامَةَ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ فِي الْجُرْحِ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَثَالِثُهَا إِنْ شَهِدَ عَلَى الْجُرْحِ شَاهِدٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْتَرِقَ الْعَمْدُ مِنَ الْخَطَأ فيخيرون فِي الْخَطَأ فِي أَن يقسموا على الدَّم ويستحقون دِيَتَهُ فِي مَالِ الْجَانِي أَوِ الْعَاقِلَةِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَإِنْ نَكَلُوا فِي الْعَمْدِ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ فِي الْجُرْحِ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ فِيهِ بِالْقَسَامَةِ السَّابِع فِي الْجَوَاهِر إِن انْفَصَلَتْ قَبِيلَتَانِ عَنْ قَتِيلٍ لَا يُدْرَى مَنْ قَتَلَهُ فَعَقْلُهُ عَلَى الْفِرْقَةِ الَّتِي نَازَعُوهُ وَنَازَعُوا أَصْحَابَهُ فَتَضْمَنُ كُلُّ فِرْقَةٍ مَنْ أُصِيبَ مِنَ الْفِرْقَةِ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا فَعَقْلُهُ عَلَيْهِمَا وَلَا قَسَامَةَ فِي ذَلِكَ وَلَا قَوَدَ قَالَ أَشْهَبُ هَذَا إِذَا لَمْ يَثْبُتْ دَمُهُ عِنْدَ مُعَيَّنٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا قَسَامَةَ بِقَوْلِ الْأَوْلِيَاءِ أَمَّا إِنْ قَالَ فُلَانٌ قَتَلَنِي أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا عَدْلًا أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ فَفِيهِ الْقسَامَة أَو شَاهِدَانِ فَأن فُلَانًا قَتَلَهُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ يُقْتَلُ بِهِ وَعَنِ ابْن بالقاسم لَا قَسَامَةَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَإِنْ شهد على قتل شَاهد أَو على إفرازه وَرَجَعَ عَنْ هَذَا إِلَى الْقَتْلِ بِالْقَسَامَةِ لِمَنِ أدعى عَلَيْهِ الْقَتْل الثَّامِن قَالَ حَيْثُ شَهِدَ عَدْلٌ عَلَى رُؤْيَةِ الْقَتْلِ قَالَ لَا يُقْسِمُ حَتَّى تَثْبُتَ مُعَايَنَةُ الْقَتِيلِ وَيُشْهَدُ بِمَوْتِهِ كَقِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ لِأَنَّ اللَّوْثَ يَفُوتُ وَالْجَسَدَ لَا يَفُوتُ قَالَ أَصْبَغُ لَا يُعَجِّلُ الْإِمَامُ بِالْقَسَامَةِ حَتَّى يَكْشِفَ فَإِذَا بَلَغَ أَقْصَى الِانْتِظَارِ قَضَى بِالْقَسَامَةِ التَّاسِعُ قَالَ مُسْقِطَاتُ اللَّوْثِ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ تَعَذُّرُ إِظْهَارِهِ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِن ظهر عمده فِي جَمْعٍ ثَانٍ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَتَلَ وَدَخَلَ فِي هَؤُلَاءِ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ مِنْهُمْ فَلِلْمُدَّعِي اسْتِحْلَافَ كُلٍّ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيُغَرَّمُونَ الدِّيَةَ بِلَا قسَامَة
وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ فَالْعَقْلُ عَلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَتَبْطُلُ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْقَاتِلِ الثَّانِي إِذَا ظَهَرَ فِي أَصْلِ الْقَاتِلِ دُونَ وَصْفِهِ كَمَا إِذَا قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَالْأَوْلِيَاءُ إِمَّا أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى الْخَطَأِ أَوِ الْعَمْدِ أَوْ يَخْتَلِفُوا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانَهُ الثَّالِثُ دَعْوَى الْوَرَثَة خلاف قَول لمَيت مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ يُسْقِطُ حَقَّهُمْ مِنَ الدَّمِ وَالدِّيَةِ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمْ لِقَوْلِهِ قَالَهُ أَشهب وَقَالَ بَان الْقَاسِمِ لَا يُقْسِمُوا إِلَّا عَلَى قَوْلِهِ الرَّابِعُ دَعْوَى الْجَانِي الْبَرَاءَةَ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَالَ ضَرَبَنِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ ثُمَّ خُوِّفَ فَقَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ غَيْرُ الْأَوَّلَيْنِ فَلَمْ يبرىء الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يُقْسَمْ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ وَالْآخَرَيْنِ لِأَنَّهُ أَبْرَأَ الْأَوَّلَيْنِ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ يُكَذِّبُهُ فِي الْآخَرَيْنِ الرُّكْن الأول فِي الْمُقْسِمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ فِي الْعَمْدِ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ الرِّجَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَفِي الْخَطَأِ جَمِيعُ الْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْوَرَثَةِ رِجَالًا أَوْ نِسَاءً يَحْلِفُونَ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَلَا قَسَامَةَ لَهُ لِتَعَذُّرِ قَسَمِ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُقْسِمُ إِلَّا وَلِيُّ نسب أَو ولاج وَلَا يُقْسِمُ مِنَ الْقَبِيلَةِ إِلَّا مَنِ الْتَقَى مَعَهُ إِلَى نَسَبٍ ثَابِتٍ وَلَا يُقْسِمُ الْمَوْلَى الْأَسْفَلُ بَلْ تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُقْسِمُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ من رجلَيْنِ كَالشَّهَادَةِ إِن كَانَ لِلْمَقْتُولِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَالْقَتْلُ بِالْقَسَامَةِ فَلِلْوَلِيِّ تَعْجِيل الْقسَامَة وَلَا ينْتَظر كبرهم لَيْلًا يَفُوتَ الدَّمُ بِفَوَاتِ مَحَلِّهِ وَإِنْ عَفَوُا امْتُنِعَ إِلَّا عَلَى الدِّيَةِ لَا أَقَلَّ مِنْهَا وَإِنْ كَانُوا أَوْلَاده صغَارًا وكبارا اثْنَانِ فَصَاعِدًا فَلَهُمُ الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصِّغَارِ فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ فَلْيُقَسَمْ مَعَ الصغر حَظُّهُمْ مِنَ الدِّيَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
إِلَّا وَلَدٌ كَبِيرٌ وَآخَرُ صَغِيرٌ وَوَجَدَ الْكَبِيرُ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ لَهُ الْعَفْوُ حَلَفَا خَمْسِينَ وَلِلْكَبِيرِ أَنْ يَقْتُلَ لِكَمَالِ النَّسَبِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ (حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَانْتُظِرَ الصَّغِيرُ إِذَا بَلَغَ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَاسْتَحَقَّ الدَّمَ) وَلَا يُقْسِمُ النِّسَاءُ فِي دَمِ الْعَمْدِ أَنَّهُنَّ لَسْنَ أَهْلًا لِلْقِيَامِ بِالدِّمَاءِ وَيُقْسِمْنَ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّهُ مَالٌ وَإِنْ حَلَفَ رِجَالٌ عَدَدٌ فِي الْعَمْدِ فَأَكْذَبَ نَفْسَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ امْتَنَعَ الْقَتْلُ إِنْ كَانَ مِمَّنْ لَوْ أَتَى بِالْيَمِينِ لَمْ يُقْتَلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَسْقُطُ الدِّيَةُ عَنْ الْقَاتِلِ بِتَكْذِيبِ أَحَدِهِمْ نَفْسَهُ بِخِلَافِ لَوْ عَفَا أَحَدُهُمْ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ الْقَسَامَةِ اسْتَوَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْعَفْوُ وَالنُّكُولُ وَيَسْقُطُ الدَّمُ وَالدِّيَةُ وَكَذَلِكَ يَقُولُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَ وَبَعْدَ فِي الْعَفْوِ وَالنُّكُولِ وَالتَّكْذِيبِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِلْبَاقِينَ حَظُّهُمْ مِنَ الدِّيَةِ وَيُقْسِمُونَ إِنْ لم يَكُونُوا اقتسموا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِمْ وَفَرَّقَ ابْنُ نَافِعٍ بَيْنَ نُكُولِهِ عَلَى وَجْهِ الْوَرَعِ فَلِلْبَاقِينَ الْقَسَامَةُ والقود لبَقَاء قُوَّة النِّسْبَة أَوْ عَلَى طَرِيقِ الْعَفْوِ فَلِلْبَاقِينَ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - الْقسَامَة على الجاريتين وَكن اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَا يُقْتَلُ أَحَدٌ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِكُلِّ شَهَادَةٍ فِي الزِّنَا يَمِينا فِي اللّعان وَالنِّسَاء لما لم يَشْهَدَانِ فِي الْعَمْدِ لَا يَحْلِفْنَ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ فِي الْوُلَاةِ خَمْسُونَ حَلَفَ كُلُّ رَجُلٍ يَمِينًا أَوْ أَقَلُّ رُدَّ عَلَيْهِمُ الْأَيْمَانُ أَو كثر وَاسْتَوَى فِي التَّعَدُّدِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِنْ أَبَوْا إِلَّا ذَلِكَ لَمْ يُجْدِهِمْ وَهُوَ كَالنُّكُولِ لِعَدَمِ كَمَالِ
الْخَمْسِينَ مِنَ الْجَمِيعِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْدِي اثْنَانِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَذَلِكَ عِنْدِي إِذَا تَطَاوَعُوا وَلَمْ يَتْرُكُوا نُكُولًا كَمَا يَحْلِفُ الْخَمْسُونَ عَمَّنْ بَقِيَ وَالْكَبِيرُ عَنِ الصَّغِيرِ إِنْ كَانَ لَهُ إخْوَة وجد قَالَ ابْن الْقَاسِم يقم الْجَدُّ مَعَ الْإِخْوَةِ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ مِنَ الْمِيرَاثِ مَعَهُمْ وَيُقْسِمُ الْإِخْوَةُ عَلَى حُقُوقِهِمْ فِي دَمِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ إِنْ تَشَاحُّوا فِي قَسَامَةِ الْعَمْدِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ فِي الْخَطَأِ وَأَمَّا الْعَمْدُ فَأَيْمَانُ الْعَصَبَةِ عَلَى قَدْرِ الْعَدَدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مِنَ الْعَرَبِ أَقْسَمَ مَعَ الِابْنِ مَنْ يَنْتَمِي مَعَهُ إِلَى جَدٍّ تَوَارَثَهُ وَأَمَّا مَنْ هُوَ فِي الْعَشَرَةِ بِغَيْرِ نَسَبٍ مَعْرُوفٍ فَلَا لِلْمَقْتُولِ وَلَدٌ أَمْ لَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَسْتَعِينُ الْوَلَدُ مِنْ عَصَبَتِهِ بِمَنْ شَاءَ إِلَى خَمْسِينَ رَجُلًا وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ ثُمَّ أَصَابَ الْآخَرُ مَنْ يُعِينُهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ حَلَفَ الَّذِي أُعِينَ مَعَ من أَعَانَهُ لم يكن على الثَّانِي الاشطر مَا بَقِي يعد طَرْحِ أَيْمَانِ الْمُعَيَّنِينَ وَيَحْسِبُ الْحَالِفُ مَا حَلَفَ وَيُزَادُ عَلَيْهِ إِلَى مَبْلَغِ ذَلِكَ وَلَا يَحْلِفُ أحد الْوَالِدين أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ كَمَا لَا يَحْلِفُ وَاحِد فِي الْقسَامَة وَالْأَوْلَاد الصغر لَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُمْ وَيَنْتَظِرُ لَهُمْ وَلِيُّهُمْ فِي الْقَتْلِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَصِيٌّ جَعَلَ السُّلْطَانُ لَهُمْ وَلِيًّا وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَمْدِ أَقَلَّ مِنَ الدِّيَة لِأَنَّهُ كَبيع قَالَ سَحْنُون أَشهب يَقُولُ إِنْ طَلَبَ مِنَ الْقَاتِلِ الدِّيَةَ لَزِمَتْهُ فَكَيْفَ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْقِصَاصُ وَالصَّبِيُّ لَوْ بَلَغَ كَانَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ إِيَّاهَا وَلَا يَقْتُلُ الْوَلِيُّ الْحَاضِرُ حَتَّى يَقْدُمَ الْغَائِبُ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ مَعَ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ حَتَّى يَقْدِمَ إِلَّا
الْبَعِيدَ الْغَيْبَةِ فَلِلْحَاضِرِ الْقَتْلُ كَالْأَسِيرِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ مِنْ إِفْرِيقِيَّةَ إِلَى الْعِرَاقِ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ إِنْ كَانَ رَاهَقَ انْتُظِرَ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَإِن كَانَ أَحدهمَا مَجْنُونا مطبقا وَللْآخر الْقَتْلُ وَيُنْتَظَرُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُبَرْسَمُ لِقُرْبِهِ وَفِي الْمُقدمَات إِن ووزعت الْأَيْمَانُ فَحَصَلَ فِيهَا كَسْرٌ نَحْوَ كَوْنِهِمْ عِشْرِينَ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينَيْنِ يَمِينَيْنِ تَبْقَى عَشَرَةٌ فَيَمْتَنِعُ الدَّمُ حَتَّى يَأْتُوا بِعَشَرَةٍ مِنْهُمْ يَحْلِفُونَ فَإِنْ أَبَى جَمِيعُهُمْ عَنْهَا بَطَلَ الدَّمُ وَلَا يَسْتَعِينُ إِلَّا بِمَنْ يَلْقَاهُ إِلَى أَبٍ مَعْرُوفٍ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ تَحَمُّلَ عَنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَرَادَ هُوَ جَازَ لَهُ ذَلِكَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسَةٍ وَعشْرين يَمِينا وَإِن كَانَ اثْنَيْنِ فَلَهُمْ الِاسْتِعَانَةُ وَتُقَسَّمُ الْأَيْمَانُ عَلَى عَدَدِهِمْ أَجْمَعِينَ وَيَجُوزُ رِضَا أَحَدِهِمَا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعَانِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ حَلَفَ الْوَلِيَّانِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا فَلِلْمُسْتَعَانِ بِهِمْ أَنْ يَحْلِفَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا فَوَجَدَ الْآخَرُ مَنْ يُعِينُهُ فَلَا يَخْتَصُّ الْمُسْتَعَانُ بِهِ بَلْ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ حَلَفَ آيِسًا مِمَّنْ يُعِينُهُ فَتُحْسَبُ الْأَيْمَانُ وَالْجَدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَخٌ فِي الْعَفْوِ وَيَحْلِفُ ثُلُثَ الْأَيْمَانِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ قَالَ وَهُوَ صَوَابٌ فِي الْخَطَأِ ويتبغي فِي الْعَمْدِ قَسْمُ الْأَيْمَانِ عَلَى عَدَدِهِمْ لِأَنَّهُ أَخٌ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا حَقَّ لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ فِي الْقِيَامِ بِهِ وَلَا الْعَفْوِ فَيُقْسِمُونَ دونه وَلَهُم الاستعامة بِهِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُقْسَمُ فِيهِ إِنَّمَا يُقْسَمُ فِي الدِّمَاءِ فِي الْأَحْرَارِ لِأَنَّهُ مَوْرِدُ السُّنَّةِ وَالْقَسَامَةُ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَةِ الدَّعَاوِي فِي الْقَسَمِ وَعَدَدِ الْأَيْمَانِ وَفِيهَا تَعَبُدٌ بِعَدَدٍ فَيُقْتَصَرُ بِهَا عَلَى مَحَلِّهَا وَفِي الْكِتَابِ لَا قَسَامَةَ فِي الْعَبِيدِ عَمْدًا وَلَا خَطَأً لِأَنَّهُمْ مَالٌ وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ حُرًّا فَلِوُلَاتِهِ الْقَسَامَةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِهِمْ لِأَنَّهُ دَمُ حُرٍّ فَيَقْتُلُونَ الْعَبْدَ إِنْ شَاءُوا وَإِنْ قَالُوا يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَأْخُذُ الْعَبْدَ يَسْتَحْيِيهِ امْتُنِعَ لِأَنَّ دَمَ الْحر لَا يسْتَحق إِلَّا الْقسَامَة أَو بَيِّنَة
وَلَيْسَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَسَامَةٌ لِتَعَيُّنِهِ مِنْهُمَا وَإِنْ ضُرِبَتِ امْرَأَةٌ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيْتًا وَقَالَتْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَفِيهَا الْقَسَامَةُ وَلَا بُدَّ فِي الْجَنِينِ مِنْ بَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ كَجُرْحِ فِيهَا أَوْ شَاهِدِ عَدْلٍ يَحْلِفُ وُلَاتُهُ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّونَ دِيَتَهُ وَإِنْ قَالَتْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَخَرَجَ جَنِينُهَا حَيًّا وَاسْتَهَلَّ وَمَاتَ وَعَاشَتِ الْأُمُّ لَمْ يُقْسَمْ فِيهِ لِأَنَّهُ جُرْحٌ وَإِنْ قَالَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ قُتِلَ ابْنِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا وَلَا يُقْسَمُ فِيهِ وَإِنْ قَالَتْ دَمِي عِنْدَ أَبِي يُقْسِمُ عَلَى قَوْلِهِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَفِي الْعَمْدِ فِي مَالِ الْأَبِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ لَا قَسَامَةَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ مَعْنَاهُ إِذَا لَمْ يدم عَلَى أَحَدٍ وَلَا شَهِدَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ وَلَا أَيِّ الصَّفَّيْنِ قَتَلَهُ وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْفِئَةِ الْمُنَازِعَةِ لَهُ وَفِي الْجَلَّابِ فِيهِ الْقَسَامَةُ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِسَبَبٍ يَخُصُّهُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا رُمِيَ أَوْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِقَتْلٍ مُعَيَّنٍ لَهُ أَوْ عَلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ فَحَمَلَا يَقْتُلُهُ هَلْ فِيهِ قَسَامَةٌ أَمْ لَا وَمَا يثبت بِبَيِّنَةٍ فَفِيهِ الْقِصَاصُ هَذَا بِصِفَةِ الْعَصَبِيَّةِ وَالْبَغْيِ المستوي فِي ذَلِك فَإِن كَانَ أَحدهمَا بَاغ وَالْآخر مظلوم ومتأول والقتيل مِنْهُمْ طَلَبَ الْآخَرُونَ بِعَقْلِهِ بِقَسَامَةٍ أَوْ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ قَاتِلُهُ أَوْ قَتْلُ الصَّفِّ لَهُ بِعَدْلَيْنِ أَوْ مِنْ صَفِّ الْبَاغِينَ الرَّاجِعِينَ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ وَإِنْ تَعَيَّنَ قَاتِلُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْقَاتِلُونَ مُتَأَوِّلِينَ أَوْ كِلَا الصَّفَّيْنِ مُتَأَوِّلٌ لِأَنَّهُ عَمَلُ السَّلَفِ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُضْرَبُ قَاتِلُ الْعَبْدِ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُ الْعَبْدِ يَمِينًا (وَاحِدَةً فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ قَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا
وَيُضْرَبُ وَيُحْبَسُ سَنَةً وَيُبَرَّأُ لِأَنَّ الْحُرَّ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُ الْعَبْدِ يَمِينًا) وَاسْتَحَقَّ قِيمَتَهُ مَعَ الضَّرْبِ وَالْحَبْسِ لِأَنَّهُ لَو ادَّعَاهُ حر على عبد كَانَت فِي الْقَسَامَةُ وَإِنَّمَا تُرِكَتْ لِأَنَّهُ عَبْدٌ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَا قِيمَةَ وَلَا ضَرْبَ وَلَا سَجْنَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْقِيمَةَ وَضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا قَسَامَةَ فِي قَتِيلِ الصَّفَّيْنِ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى قَتله أَو إِقْرَاره وَيرجع إِلَى الْقَتْلِ بِالْقَسَامَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ أَوِ الْجَرِيحُ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيقَيْنِ فَعَقْلُهُ عَلَيْهِمَا وَلَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَ أَحَدٍ بِعَيْنِهِ (وَقَوْلُ مَالِكٍ) لَا قَسَامَةَ فِي هَذَا يُرِيد بِدَعْوَى الْأَوْلِيَاء أَن فلَان قَتَلَهُ (أَمَّا بِقَوْلِ الْمَيِّتِ أَوْ قِيَامِ شَاهِدٍ أَن فلَان قَتَلَهُ) فَفِيهِ الْقَسَامَةُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ قَالَ مَالِكٌ فِي جَمَاعَةٍ ضَرَبُوا رَجُلًا ثُمَّ افْتَرَقُوا وَبِهِ مُوَضِّحَةٌ لَا يُدْرَى أَيُّهُمْ شَجَّهُ فَالْعَقْلُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ أَحَدَهُمْ جَرَحَهُ اقْتُصَّ مِنْهُ بَعْدَ حَلِفِهِ لِأَنَّهُ يتهم أَن يُنكر الْفَاعِل ليلزم الْعَقْلُ وَقَوْلُهُ فِي الْجَنِينِ لَا قَسَامَةَ يُرِيدُ وَيحلف من يَرث الْعدة كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمِينًا أَنَّهُ قَتَلَهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الْعدة فِي مَالِ الضَّارِبِ وَإِذَا خَرَجَ حَيًّا وَقَالَتْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ لَا قَسَامَةَ فِيهِ لِأَنَّ الْمَضْرُوب غَيره وَلِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ قَتَلَنِي وَقَتَلَ فُلَانٌ مَعِي لَمْ يَكُنْ فِي فُلَانٍ قَسَامَةٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْسِمُ وُلَاتُهُ بِشَهَادَتِهَا مَا لم تشهد من يَرِثُهَا لِأَنَّهُ يَرَى شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ لَوْثًا بِخِلَافِ ابْن الْقَاسِم وَلَو قَالَ أَضْجَعَنِي أَبِي فَذَبَحَنِي أَوْ بَقَرَ بَطْنِي فَيُقْسِمُ مَعَ قَوْلِهِ وَيُقْتَلُ الْأَبُ أَوْ يَعْفُونَ عَنْهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِالْقَسَامَةِ بَلِ الْمَالُ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ عَشَرَةٌ بِوَاحِدٍ بِالْبَيِّنَةِ دُونَ الْقَسَامَةِ
قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَتِيلُ مِنَ الصَّفَّيْنِ أَرْبَعَةٌ قِصَاصٌ وَهَدْرٌ وَدِيَةٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ فَفِي الْمُتَأَوِّلِينَ هَدَرٌ وَفِي الْبَاغِينَ قِصَاصٌ إو عرف الْقَابِل وفيمن يكون بينالقبائل دَمُ الرَّاجِفَةِ هَدْرٌ وَالدَّافِعَةِ عَنْ نَفْسِهَا قِصَاصٌ وَفِي الْبَاغِينَ إِذَا لَمْ يَثْبُتِ الْقَتْلُ إِلَّا بِشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ أَوْ عَلَى قَوْلِ الْقَتِيلِ قَتَلَنِي فُلَانٌ أَوْ وَجَدُوهُ قَتِيلًا هَلِ الْقِصَاصُ بِالْقَسَامَةِ أَوِ الدِّيَةِ عَلَى الْمُنَازَعَةِ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ خِلَافٌ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ مَاتَ تَحْتَ الضَّرْبِ أَوْ بَقِيَ مَغْمُورًا لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يُفِقْ حَتَّى مَاتَ لَمْ يُقَسَمْ فِيهِ لِعَدَمِ التَّعَيُّنِ فَإِنْ عَاشَ حَيَاةً بَيِّنَةً ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ إِذْ لَعَلَّهُ مَاتَ بِغَيْرِ الضَّرْبِ وَكَذَلِكَ إِنْ مَكَثَ يَوْمًا فَتَكَلَّمَ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ أَوْ قُطِعَ فَخِذُهُ فَعَاشَ يَوْمَهُ وَأَكَلَ وَشَرِبَ وَمَاتَ آخِرَ النَّهَارِ أُقْسِمَ عَلَيْهِ فَإِنْ شَقَّ حَشَوْتَهُ وَأَكَلَ وَأَقَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قُتِلَ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ لِتَعَيُّنِ إِنْفَاذِ الْمَقْتَلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ قِتَالٌ فَأُتِي وَبِه جرح فَقَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَعَلَا بِي هَذَا وَقَدْ أترث فِيهَا فِي مَوَاضِعَ يُسْجَنَانِ حَتَّى يُكْشَفَ أَمْرُهُمَا وَالصُّلْحُ فِي هَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جُرِحَ ثُمَّ ضَرَبَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ لَا يُدْرَى عَنْ أَيِّهِمَا كَانَ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَارِحِ قَبْلَ الْقَسَامَةِ وَكَيْفَ يُقْسَمُ فِي نِصْفِ الدِّيَةِ وَعَنْهُ يُقَسِمُونَ لَمَاتَ مِنْ جُرْحِ الْجَارِحِ كَمَرَضِ الْمَجْرُوحِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ طَرَحَهُ عَلَى مَوْضِعٍ بَعْدَ جُرْحِ الْأَوَّلِ أَقْسَمُوا عَلَى أَيِّهِمَا شَاءُوا عَلَى الْجَارِحِ أَوِ الطَّارِحِ وَقَتَلُوهُ وَضُرِبَ الْآخَرُ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً الرُّكْنُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَسَامَةِ وَفِي الْكِتَابِ يُقْسِمُ وُلَاةُ الدَّمِ فِي الْخَطَأِ
عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ وَالْبِنْتُ وَحْدَهَا تَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ أَوْ مَعَ عَصَبَتِهِ فخمسة وَعشْرين والعمة مِثْلُهَا فَإِنْ نَكَلُوا لَمْ تَأْخُذِ الْبِنْتُ إِلَّا خمسين يَمِينًا أَوْ بِنْتٌ وَابْنٌ غَائِبٌ لَمْ تَأْخُذِ الْبِنْتُ حَتَّى تَحْلِفَ خَمْسِينَ فَإِذَا قَدِمَ حَلَفَ ثُلُثَيِ الْأَيْمَانِ وَأَخَذَ ثُلُثَيِ الدِّيَةِ فَإِنِ انْكَسَرَتْ يَمِينٌ جُبِرَتْ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُهَا وَإِنْ لزم وَاحِد نصفهَا وَآخَرُ سُدُسَهُا حَلَفَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَجَدٌّ وَعَشَرَةُ إِخْوَةٍ يَحْلِفُ الْجَدُّ ثُلُثَهَا وَالْإِخْوَةُ ثُلُثَيْهَا وَفِي النُّكَتِ إِنِ اسْتَوَتِ الْحِصَصُ فِي الْيَمِينِ اقْتَرَعُوا بِيَمِين يجْبر عَلَيْهِ قَالَه بعض مَشَايِخنَا فِي الْجَلَّابِ إِنِ اسْتَوَتْ جُبِرَتْ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُجْبَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُ الْجَدُّ مَعَ عَشَرَةِ إِخْوَةٍ فِي الْعَمْدِ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ بِخِلَافِ الْخَطَأِ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ الثُّلُثُ فَيَحْلِفُ الثُّلُثَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافُهُ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ أَوْ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ إِنْ كَانَ عَاشَ وَلَا يُزَادُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ لِأَنَّهُ السُّنَّةَ فِي الْأَيْمَانِ وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ أَعْمَى أَوْ غَائِبًا حِينَ الْقَتْلِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ يَزِيدُونَ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُغِيرَةِ وَغَيْرِهِ فِي الْقَسَامَةِ وَشِبْهِهَا
فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ نُكُولُ الْمُسْتَعَانِ بِهِمْ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِعَدَمِ إحالته كذل الْقَضِيَّةِ بِخِلَافِ نُكُولِ أَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ يُسْقِطُ الْقَوَدَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْوَلَدِ وَالْإِخْوَةِ رِوَايَة وَاحِدَة فِي غَيْرِهِمْ مِنَ الْعَصَبَةِ رِوَايَتَانِ السُّقُوطُ وَيَحْلِفُ الْبَاقُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ لِتَعَدُّدِ الْحُقُوقِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالسُّقُوطِ حَلَفَ الْبَاقِي وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنَ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا تَتَوَزَّعُ بِخِلَافِ الدَّمِ وَرُوِيَ تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعِي
عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الدِّيَةَ فَرْعُ مَا لَا يَتَوَزَّعُ فَلَا يَتَوَزَّعُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ كَامِلَةً فِي مَالِهِ لِأَنَّ النُّكُولَ ظَاهِرُهُ صِدْقُ الدَّعْوَى وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذَا يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَرُوِيَ إِنْ طَالَ حَبْسُهُ خُلِّيَ
فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ رَجُلَيْنِ وَأَرَادَا أَنْ يَسْتَعِينَا بِمَنْ دُونَهُمْ فِي الرُّتْبَةِ جَازَ وَتُقَسَّمُ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ وَإِنْ رَضِيَ الْمُعِينُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ امْتُنِعَ أَوْ رَضِيَ الْوَلِيُّ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَلْزَمُهُ جَازَ فِي خَمْسَة وَعشْرين يَمِينا لِأَنَّهَا فإحالة عَلَيْهِ وَإِنَّمَا جَازَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِمَنْ يَرْجِعُ إِلَى النَّسَبِ لِقَوْلِهِ عليه السلام لِلْحَارِثِيِّينَ (أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ) وَلَمْ يَكُنِ الْجَمِيعُ إِخْوَةً بَلْ مُخْتَلِفِينَ فِي الرُّتَبِ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ أَخُوهُ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا عَمِّهِ وَفِي حَدِيثِ الْحَارِثِيِّينَ قَالَ عليه السلام (أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ مَعَ أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ
فَرْعٌ قَالَ إِنْ نَكَلَ وُلَاة الدَّم عين الْيَمين وَكَانَت القاسمة وَجَبَتْ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ أَوْ بِشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ أَصْلُ النُّكُولِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ أَوْ يَحْلِفُ عَنْهُ رَجُلَانِ فَأَكْثَرُ مِنْ وُلَاتِهِ إِنْ رَضُوا خَمْسِينَ بِذَلِكَ وَلَا يَحْلِفُ هُوَ مَعَهُمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي عَنْهُ يَحْلِفُ مِنْهُمْ رجلَانِ فَأكْثر خمسين ترجج الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ وَيَحْلِفُ فِيهِمُ الْمُتَّهَمُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (فَإِنْ نَكَلُوا أَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ لَمْ تَبْرَأْ حَتَّى يَحْلِفَ الْمُتَّهَمُ وَحْدَهُ قَالَ مُطَرِّفٌ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِأَحَدٍ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ) وَإِنْ
وَجَبَتِ الْقَسَامَةُ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الْجُرْحِ فَقَوْلَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ مَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِي فَإِنْ نَكَلَ سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ حَلَفَ ضُرِبَ مِائَةً وَسُجِنَ سَنَةً وَإِنْ أَقَرَّ قُتِلَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنَ الْجُرْحِ إِنْ نَكَلَ الْأَوْلِيَاءُ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ نَكَلَ لِأَنَّ الْجُرْحَ ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ وَإِنْ ثَبَتَتِ الْقَسَامَةُ بِشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ لَا يُقْتَصُّ مِنَ الْجُرْحِ حَلَفَ الْقَاتِلُ أَوْ نَكَلَ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنَ الْجُرْحِ (إِنْ نكل الْأَوْلِيَاء حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) إِلَّا بِيَمِينِ الْمَجْرُوحِ لَا يَمِين الْوَارِثِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا رُدَّتْ عَلَيْهِمْ فِي الْعَمْدِ فَنَكَلُوا فَالْعَقْلُ فِي مَالِ الْجَارِحِ خَاصَّةً وَيُقْتَصُّ مِنْهُ مِنَ الْجُرْحِ سِوَى الْعَقْلِ وَعَنْهُ إِنْ حَلَفَ ضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً أَوْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَلَا دِيَةَ فِيهِ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ غَمُوسٌ وَعَلَى هَذَا إِذَا أَقَرَّ لَمْ يُقْتَلْ قَالَهُ أَشْهَبُ وَإِنْ نَكَلَ بعض وُلَاة الدَّم وَهُوَ سَوَاءٌ فِي التَّعَدُّدِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْطُلُ الدَّمُ وَالدِّيَةُ وَلَيْسَ لِمَنْ بَقِيَ أَنْ يُقْسِمَ لِأَنَّ الدَّمَ لَا يَتَوَزَّعُ وَقَالَ أَشْهَبُ لِمَنْ بَقِيَ أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَ حَظَّهُ مِنَ الدِّيَةِ لِإِمْكَانِ تَوْزِيعِهَا وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ نَكَلَ عَفَوْنَا قَالَ أَشْهَبُ أَوْ تَوَزَّعَا حَلَفَ الْبَاقُونَ وَقُتِلُوا
فَرْعٌ قَالَ قِيلَ يُجْبَرُ كَسْرُ الْيَمِينِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُهَا وَقِيلَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَيْمَانِ فَإِنْ كَانُوا زَوْجَات وَبَنَات وأخوات فَإِذا قسمت الْأَيْمَان عَلَيْهِم جُبِرَ الْكَسْرُ عَلَى الْأَخَوَاتِ لِأَنَّ حَظَّهُنَّ مِنْهَا أَكْثَرُ وَعَلَى الْبَنَاتِ لِأَنَّ أَيْمَانَهُنَّ أَكْثَرُ عِنْدَ أَشهب وَعَن ابْن كنَانَة لَا يجب الْإِمَامُ عَلَيْهَا أَحَدًا بَلْ لَا يُعْطُوا حَتَّى يَحْلِفُوا بَقِيَّةَ الْأَيْمَانِ
فَرْعٌ قَالَ فَإِنْ نَكَلُوا فِي الْخَطَأِ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ تُرَدُّ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَيَحْلِفُونَ كُلُّهُمْ وَإِنْ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ وَالْقَاتِلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَلَا يلْزم الْحَالِف شَيْء وَيلْزم لنا النَّاكِلَ مَا عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أبين الْأَقَاوِيل لِأَنَّهُ قَاعِدَةُ النُّكُولِ وَيَحْلِفُ مِنَ الْعَاقِلَةِ خَمْسُونَ رجلا يَمِينا وَتسقط الدِّيَة فَإِن حلف بَعضهم بَرِيء وَلَزِمَ بَقِيَّةَ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةُ كَامِلَةً حَتَّى يُتِمُّوا خَمْسِينَ يَمِينًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ إِنْ نَكَلُوا فَلَا حَقَّ لَهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ فَلَا حَقَّ لِلنَّاكِلِ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ بَعْدُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَالرَّابِعُ يُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ إِنْ حَلَفَ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمِ الْعَاقِلَةَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا تَحْمِلِ الْإِقْرَارَ قَالَهُ مَالِكٌ الْخَامِسُ يُرَدُّ عَلَى الْعَاقِلَةِ إِنْ حَلَفَتْ بَرِئَتْ أَوْ نَكَلَتْ غَرِمَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ قَالَهُ رَبِيعَةُ وَقَضَى بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى السَّعْدَيْنِ تَنْبِيهٌ فِي الْمُنْتَقَى لَا يَحْلِفُ مِنْ جِهَةِ الْمَقْتُولِ فِي الْعَمْدِ إِلَّا اثْنَانِ وَمِنْ جِهَةِ الْقَاتِلِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْقَاتِلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ جِهَةَ الْمَقْتُولِ إِذَا تَعَذَّرَتْ بِعَدَمِ اثْنَيْنِ فَلَهُمْ مَا يُرْجَعُ إِلَيْهِ وَهُوَ جِهَةُ الْقَاتِلِ وَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ مِنَ الْقَاتِلِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَوْلِيَاءِ لَمْ يَجِدْ مَا يرجع إِلَيْهِ فِي بَرَاءَته مِنْهُ وَكَانَتِ الْأَيْمَانُ فِي الرَّدِّ خَمْسِينَ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَرْدُودَة وَكَانَت الْأَيْمَان فِي الرَّد خمسين لِأَنَّهَا رددت فِي الْجِهَتَيْنِ كَاللِّعَانِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لِوُلَاةِ الْقَاتِل كَانُوا وَاحِدًا أَو جمَاعَة إِلَّا الِاسْتِعَانَةُ بِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّهُمْ يُبَرِّئُونَ أَنْفُسَهُمْ وَخَالَفَهُ أَصْبَغُ وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْقَاتِلِ وَحْدَهُ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَيْمَانِ وَالْحَالِفِينَ أَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُو لِلِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْأَيْمَانِ وَلَا يُكْمِلُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ بَعْضٍ (شَيْئًا كَمَا
يُكْمِلُهَا بَعْضُ الْعَصَبَةِ عَنْ بَعْضٍ فِي الْعَمْدِ) لِأَنَّهُ مَال لَا يحْتَمل أَحَدٌ فِيهِ الْيَمِينَ عَنْ غَيْرِهِ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا اتُّهِمَ جَمَاعَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِ كُلِّ وَاحِدٍ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَعَلَّهُ لَوْ أَقْسَمَ الْأَوْلِيَاءُ أَقْسَمُوا عَلَيْهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ الِاسْتِعَانَةُ بِعَصَبَتِهِ حَتَّى يَنُوبَ كُلَّ وَاحِدٍ يَمِينٌ فَإِنْ كَانُوا مِنْ فَخْذٍ وَاحِدٍ فلمعن هَذَا أَنْ يُعِينَ ذَلِكَ أَوْ مِنْ أَفْخَاذٍ فَلَا يَسْتَعِينُ أَحَدٌ بِغَيْرِ عَصَبَتِهِ وَلَيْسَ لِمُعِينٍ إِذَا كَانُوا عَصَبَةً وَاحِدَةً أَنْ يَجْمَعُوا الْحَلِفَ فِيهِ فَيَقُولُونَ مَا قَتَلَهُ فُلَانٌ وَلَا فُلَانٌ وَيَسْتَعِينُ الْمُتَّهَمُ بِالْمُتَّهَمِ الْآخَرِ مَعَ الْعَصَبَةِ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ لَهُ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ مَنْ بِأَعْرَاضِ الْمَدِينَةِ إِلَيْهَا فِي الْقَسَامَةِ فَإِنْ كَانَت مدية النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - حَلَفُوا عِنْدَ الْمِنْبَرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِهَا فِي الْجَوَامِع يحلفُونَ قيَاما على رُؤُوس النَّاس فَيقسم بِاللَّه الَّذِي أحيى وَأَمَاتَ وَالَّذِي أَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَقَطْ لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يَقُولَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَهو ضربه وَمن ضَرْبِهِ مَاتَ وَإِنْ قَالُوا لَهُوَ قَتَلَهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا الضَّرْبَ وَهُوَ مَضْرُوبٌ جَازَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَقُولُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا
إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ لَقَدْ مَاتَ مِنَ الضَّرْبِ الَّذِي شَهِدَ عَلَيْهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ إِنَّ فُلَانًا ضَرَبَهُ إِيَّاهُ وَالنَّظَرُ فِي التَّغْلِيظِ فِي الْيَمِينِ إِلَى قَوْلِهِ عليه السلام (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ) وَكَانَ عليه السلام يَحْلِفُ بِمَا قَالَهُ مَالِكٌ أَوْ يُنْظَرُ إِلَى عِظَمِ الدِّمَاءِ وَالْقِيَاسُ عَلَى التَّغْلِيظِ بِالْمَكَانِ وَالْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ لَا عَلَى الْعِلْمَ وَعَنْ أَشْهَبَ يَحْلِفُ الصَّغِيرُ إِذَا كَبِرَ عَلَى الْبَتِّ بِنَاءً عَلَى الشَّهَادَةِ قِيَاسًا عَلَى الْحَلِفِ فِي الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَى الشَّهَادَةِ (يَحْلِفُ على الْبَتّ) وَهَا هُنَا أَوْلَى لِحُرْمَةِ الدِّمَاءِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ يَكْفِي الظَّنُّ فِي الْأَيْمَانِ مُسْتَنِدًا فِي الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - عَرَضَ الْأَيْمَانَ عَلَى مَنْ لَمْ يَرَ الْقَتْلَ مِنَ الْحَارِثِيِّينَ تَنْبِيهٌ وَافَقَنَا فِي تَقْدِيمِ الْمُدَّعِينَ (ش) وَأَحْمَدُ وَخَالَفَنَا (ح) فَقَالَ يُقَدَّمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لَنَا حَدِيثُ ابْنِ سَهْلٍ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام (الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - بَدَأَ بِالْيَهُودِ قَالَ يَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا فَأَبَوا فَقَالَ للْأَنْصَار أتخلفون قَالُوا نخلف عَلَى الْغَيْبِ) وَقِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الدَّعَاوِي وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ إِلَّا فِي الْقَسَامَةِ وَثَانِيهَا أَنَّا نَقُولُ بِمُوجِبِهِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ مَنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ على خلاف الظَّاهِرِ بِلَوْثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَثَالِثُهَا أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ سَهْلٍ أَخَصُّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْخَاصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ
وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ رِوَايَتَنَا أَثْبَتُ سَنَدًا فَتُقَدَّمُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ يَنْقَلِبُ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ سَائِرَ الدَّعَاوِي إِنَّمَا يَحْلِفُ مَنْ رُجِّحَ ببر أَو شَاهد أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا رَجَحَ جَانِبُهُ بِاللَّوْثِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَحْلِفُ كَسَائِرِ الدَّعَاوِي الرُّكْنُ الْخَامِسُ فِيمَا يَتَرَتَّب على الْقسَامَة وَهُوَ إِمَّا الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ وَفِي الْكِتَابِ إِنِ ادَّعَوْا عَلَى جَمَاعَةٍ وَأَتَوْا بِلَوْثٍ أَوْ بَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُمْ حَمَلُوا صَخْرَةً فَرَمَوْا بِهَا رَأْسَهُ وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيَّامًا وَأَكَلَ وَشَرِبَ وَمَاتَ أَقْسَمُوا عَلَى وَاحِدٍ أَيِّهِمْ شَاءُوا وَقَتَلُوهُ وَلَا يقسموا عَلَى جَمِيعِهِمْ وَيَقْتُلُوهُمْ وَيُقْسِمُونَ فِي الْخَطَأِ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَتُفَرَّقُ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَكَذَلِكَ إِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمْ جَرَحُوهُ خَطَأً فَعَاشَ أَيَّامًا فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى وَاحِدٍ وَيَأْخُذُوا الدِّيَةَ مِنْ عَاقِلَتِهِ بَلْ عَلَى الْجَمِيعِ وَبَعْضُ الدِّيَةِ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْخَطَأِ يَقُولُ الضَّرْبُ مِنَّا أَجْمَعِينَ فَلَا تَخُصُّوا عَاقِلَتِي بِخِلَافِ الْعَمْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَقْسَمُوا عَلَى وَاحِدٍ قَالُوا فِي الْقَسَامَةِ لَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ وَلَا يَقُولُونَ مِنْ ضَرْبِهِمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ مُطَابَقَةُ الْيَمِينِ لِلدَّعْوَى قَالَ أَشْهَبُ لَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى اثْنَيْنِ وَأَكْثَرَ وَعَلَى جَمِيعِهِمْ لِعُمُومِ اللَّوْثِ فِيهِمْ وَلَا يَقْتُلُونَ إِلَّا وَاحِدًا مِنَ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِمْ كَأَنْ يَقُولَ الْمَيِّتُ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْ ضَرَبُونِي أَوْ شَاهِدٌ عَلَى الْقَتْلِ فَمَاتَ مَكَانَهُ أَوْ عَاشَ أَيَّامًا إِنْ أَقْسَمُوا عَلَيْهِمْ وَهُمْ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ فَلَا يَقْتُلُوا إِلَّا بَالِغًا رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً وَعَلَى عَوَاقِلِ الصِّبْيَانِ حِصَّتُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ فَإِنْ كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ عِشْرِينَ وَالصِّبْيَانُ خَمْسَةً فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ خُمُسُ الدِّيَةِ خُمُسُ الْخُمُسِ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ صَبِيٍّ لِأَنَّهُ مِنْ أَصْلِ دِيَةٍ كَامِلَةٍ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَالَ ضَرَبَنِي فلَان وَفُلَان أنفذ مَا قَتْلِي فَلَا يقسموا " لَا عَلَيْهِ لقُوَّة سَببه وعَلى البَاقِينَ الضَّرْب والسحن وَإِذَا قَالَ لَهُمْ أَقْسِمُوا عَلَى فُلَانٍ لَيْسَ لَهُم
أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَيِّتِ مُقَدَّمٌ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ فِي الْخَطَأ ويقسموا عَلَى الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالدِّيَةِ وَيُنْظَرُ إِلَى حِصَّةِ مَنْ أَبْرَأَهُ إِنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ سَقَطَتْ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَأَشْهَب هُوَ مثل الْعمد وَلَا يقسموا إِلَّا عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ وَيَلْزَمُ عَاقِلَته حصتهم إِن قَالُوا لَا يقسموا إِلَّا على فلَان وَإِن قَالَ لَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِينَ مِنَ الدِّيَةِ وَلَمْ يَسَعِ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي الْقَسَامَةِ عَلَى ذَلِكَ وَحده ويجبروا وَصيته أَو يقسموا عَلَيْهِ وَيُحَاصِصِ الْمُوصَى لَهُمْ إِلَّا أَنْ يُقَسْمَ الْمُقْسِمُ عَلَيْهِمْ فِي الثُّلُثِ وَيُوضَعَ عَنْ كُلِّ وَارِثٍ مَا يَنُوبُهُ فِي الثُّلُثِ وَمَا بَقِيَ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَعَلَى الَّذِي أَمَرَ أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الدِّيَةِ أَقْسَمُوا عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَإِنْ قَالُوا لَا نُقْسِمُ إِلَّا عَلَى جَمِيعِهِمْ فَذَلِكَ لَهُمْ ضَاقَ الثُّلُثُ أملا وَيسْقط عَن الْمُوصى لَهُم مَا عَلَيْهِم إِن جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا عَمْدًا وَالْآخَرُ خَطَأً وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَقْسَمُوا (عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَإِنْ قَالُوا لَا نُقْسِمُ إِلَّا عَلَى جَمِيعِهِمْ فَذَلِكَ لَهُمْ ضَاقَ الثُّلُث أم لَا وَسقط عَنِ الْمُوصَى لَهُمْ مَا عَلَيْهِمْ وَإِنْ جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا عَمْدًا وَالْآخَرُ خَطَأً وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَقْسَمُوا) عَلَى الْمُتَعَمِّدِ وَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا مِنَ الْآخَرِ عقل الجراج إِنْ عُرِفَتْ جِنَايَةُ الْخَطَأِ مِنَ الْعَمْدِ أَوْ يقسموا على الْخَطَأ عَلَيْهِم ليستفيدوا مِنَ الجُرِحِ وَيَأْخُذُوا الدِّيَةَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْجُرْحَانِ إِلَّا بِقَوْلِ الْمَيِّتِ فَكَالْبَيِّنَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ كَذَلِكَ إِنْ عَاشَ وَإِنْ مَاتَ مَكَانَهُ خَالَفَتِ الْبَيِّنَةُ قَوْلَ الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِمَا مَكَانَهُ قُتِلَ الْمُتَعَمِّدُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ جُرْحُ الْخَطَأِ مَعْرُوفًا بِعَيْنِهِ قَالَ
مَالِكٌ إِنْ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ غَيْرُ مَنْ وَجَبَتِ الْقَسَامَةُ عَلَيْهِمْ قُتِلَ وَأَقْسَمَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ وَقَتَلُوهُ وَذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا بِالْقَسَامَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْتَلُ إِلَّا وَاحِد من (المقربين أَوِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِمْ وَعَنْهُ يُقْتَلُ الْمُقِرُّ) بِقَسَامَةٍ وَعَنْهُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ بَلْ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ وَإِنْ أَقْسَمُوا عَلَى وَاحِدٍ وَأَرَادُوا الْعُدُولَ لغيره امْتنع ثمَّ إِن تَرَكُوهُ بذاة امْتُنِعَ قَتْلُهُ أَوْ عصبهُ عَلَى الثَّانِي وَنَزَاهَةً فَلَهُمْ قَتْلُ الْأَوَّلِ وَإِنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَأُنَاسٌ مَعَهُ وَثَبَتَ أَنَّ قَوْمًا ضَرَبُوهُ أَقْسَمُوا عَلَى أَيِّهِمْ شَاءُوا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ حَمَلُوا صَخْرَةً فَدَمَغُوهُ بِهَا أَوْ سَقَطَتْ مِنْ أَيْدِيهِمْ فَلَا يُقْسِمُوا إِلَّا لَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ وَيَقْتُلُونَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ إِلَّا أَنْ يَقْصِدُوا الْقَسَامَةَ لِمَا هُوَ آمِنٌ وَيَتْرُكُوا الْأَخْوَفَ فَمِنْ حَقِّ صَاحِبِ الضَّرْبَةِ أَنْ لَا يُمَكِّنَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ تَعَاوَنُوا عَلَيْهِ عَمْدًا أَقْسَمُوا لَمَاتَ مِنْ كُلِّ الضَّرْبِ وَقَتَلُوهُمْ وَلَوْ كَانَ مِنْهُمُ الْمُمْسِكُ لَقُتِلَ بِهِ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي السَّبَبِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا التَّعَاوُنَ وَإِحْدَى الضَّرَبَاتِ نَافِذَةٌ وَلَا يَعْلَمُ ضَارِبُهَا وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهَا قَتَلَتْ وَاخْتَلَطَتِ الضَّرَبَاتُ أَقْسَمُوا لَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ وَتُفَرَّقُ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَيَسْقُطُ الْقصاص للنَّفس وَمِثْلُهُ إِنْ مَاتَ بِالْفَوْرِ وَقَالُوا لَا نَدْرِي أَي الضربات قَتله أَو نفذت إِحْدَاهَا مَقَاتِلَهُ وَلَا يَدْرُونَ أَيَّهُمْ ضَرَبَهَا أَوْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمْ عَمْدًا وَالْآخَرُ خَطَأً وَمَاتَ بِالْحَضْرَةِ فَلَا يقتل الْمُتَعَمد لعدم يُعينهُ وَعَلِيهِ نصف الدِّيَة وَفِي تحمل عَاقِلَة المخطىء نِصْفُ الدِّيَةِ قَوْلَانِ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ بِالشَّكِ وَلَا يُسْقِطُ نِصْفَ الدِّيَةِ عَنِ الْمُتَعَمِّدِ لِأَنَّ الظَّالِمَ أَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الضَّرْبَتَانِ خَطَأً وَشَكُّوا فِي الْقَاتِلَةِ فَيَخْتَلِفُ هَلْ تُفَضُّ الدِّيَة على
عاقلتها أَوْ تَسْقُطُ لِلشَّكِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ إِلَّا وَاحِدٌ لِأَنَّهُ الْمُتَحَقِّقُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يقتل بهَا الْجَمَاعَة تَنْبِيه أَحْمد فِي قتل وَاحِد وَقَالَهُ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيمِ وَعَنْهُ تُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِهَا وَقَالَ (ح) وَ (ش) فِي الْجَدِيدِ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ أَصْلًا بَلِ الدِّيَةُ لَنَا حَدِيثُ ابْنِ سَهْلٍ وَقَوْلُهُ عليه السلام فِيهِ (وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ) فَجُعِلَ الدَّمُ مُسْتَحَقًّا بِالْحَلِفِ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ (يَحْلِفُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُعْطَى بِرُمَّتِهِ) وَلِأَنَّهُمُ ادَّعَوُا الْعَمْدَ وَمُوجِبُهُ الْقِصَاصُ وَقِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا نَكَلَ الْمُدَّعُونَ وَلِأَنَّهُ مروري عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - أَنه قتل بالقسامة احْتَجُّوا بِأَنَّهُ أَيْمَانٌ فَلَا يُقْتَلُ بِهَا كَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَلِأَنَّهُ تَخْمِينٌ فَيَكُونُ فِيهِ شُبْهَةٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ أَنَّ هَذِهِ خَمْسُونَ يَمِينًا وَلَا قِيَاسَ قُبَالَةَ النَّصِّ فَيَكُونُ بَاطِلًا وَعَنِ الثَّانِي لَيْسَ مُجَرَّدُ الِاحْتِمَالِ مَانِعًا وَإِلَّا لَمَا اقْتُصَّ مَعَ الْبَيِّنَةِ لِقِيَامِ الِاحْتِمَالِ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا اعْتِبَارُ الظَّنِّ الْغَالِبِ وَهُوَ حَاصِلٌ مِنْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَا قِيَاسَ وَاحْتَجُّوا عَلَى قَتْلِ الْكُلِّ بِأَنَّهَا حُجَّةٌ يُقْتَلُ بِهَا الْوَاحِدُ فَيُقْتَلُ بِهَا الْجَمْعُ كالبينة وَجَوَابه الْفرق أَن الْبَيِّنَة شاهدت وعاينت الْحَالة وَهَا هُنَا لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَمْ يُدْرَ فَقَتَلْنَا الْجَمِيعَ
النَّظَرُ الثَّالِثُ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْجِنَايَةِ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ آثَارٍ الْأَثَرُ الْأَوَّلُ الْقِصَاصُ وَالْبَحْثُ عَنْ مَحَلِّهِ وَشُرُوطُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ وَمَنْ يَتَوَلَّاهُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْمَحَلِّ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ النَّفْسُ وَالْعُضْوُ وَالْمَنْفَعَةُ وَالْجُرْحُ الْمَحَلُّ الْأَوَّلُ فِي النَّفْسِ وَأَصْلُهَا قَوْله تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} وَفِي الْكتاب يقتل الصَّحِيح بالسقيم الاجزم الْأَبْرَصِ الْمَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَإِنَّمَا هِيَ النَّفْسُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفسِ} وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا وَالرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَة بِالرجلِ وَفِي الْجرْح بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ قَالَ اللَّخْمِيُّ تُقْتَلُ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ وَلَيْسَ عَلَى أَوْلِيَائِهَا فَضْلُ دِيَةِ الرَّجُلِ وَيُقْتَلُ الْبَالِغُ بِالصَّغِيرِ وَالْعَاقِلُ بِالْمَجْنُونِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا لِأَن الْقَاص عَذَابٌ لَا يَثْبُتُ إِلَّا مَعَ التَّكْلِيفِ فَعَمْدُهُمَا خَطَأٌ فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ الْقَتْلِ وَلَمْ يُفِقْ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أُيِسَ مِنْهُ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُقْتَصُّ مِنْهُ نَظَرًا لِحَالَةِ الْجِنَايَةِ وَإِنِ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يُقْتَلْ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ أَقْوَى قَالَ وَهُوَ بَيِّنٌ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ حَقَّهُ نَاقِصًا كَمَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ وَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَلَا الْمُسْلِمُ بِالنَّصْرَانِيِّ فِي قَتْلٍ وَلَا جُرْحٍ وَيُقْتَصُّ مِنَ الْعَبْدِ وَالنَّصْرَانِيِّ فِي النَّفْسِ لِأَنَّ الدَّنِيَّ يُقْتَلُ بالأعلى بِخِلَاف الْعَكْس وَاخْتلف فِي الْجرْح فَعَن مَالك لَا يقْتَصّ مِنْهُمَا فِيهَا وَعَن الْقِصَاصِ قِيَاسًا عَلَى النَّفْسِ وَعَنْهُ مُنِعَ الْقِصَاصُ فِي الْعَبْدِ دُونَ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّ الْعَبْدَ يُسَلَّمُ وَالنَّصْرَانِيِّ لَا يُسَلَّمُ وَفِي ذَلِكَ تَسْلِيطٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ يَقْلَعُ عَيْنَ الْمُسْلِمِ وَيُعْطِيهِ دَرَاهِمَ وَيُعِينُهُ أَهْلُ جِزْيَتِهِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُخَيَّرُ الْمُسْلِمُ فِي الْقصاص وَالدية
وَالْقصاص بَين العَبْد كَالْأَحْرَارِ فِي النَّفْسِ وَالْجُرْحِ وَالذُّكْرَانُ وَالْإِنَاثُ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلسَّيِّدِ فِي الْقِصَاصِ وَأَخْذِ الْعَقْلِ وَمَنْ فِيهِ عُلْقَةُ رِقٍّ كَالْقِنِّ مِنَ الْمُكَاتِبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَاسْتُحْسِنَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنَ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ لَلْقَنِّ وَفِي الْحَدِيثِ (يَرِثُ هَذَا بِقَدْرِ مَا أُعْتِقَ مِنْهُ وَيَعْقِلُ هَذَا بِقَدْرِ ذَلِكَ) وَلَا يُقْتَصُّ مِنَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِلْحُرِّ النَّصْرَانِيِّ لِشَرَفِ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ عليه السلام (أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) وَاخْتُلِفَ فِي الْقِصَاصِ لَهُ مِنَ النَّصْرَانِيِّ أَثْبَتَهُ أَشْهَبُ بِغَلَبَةِ الْإِسْلَامِ عَلَى شَائِبَةِ الرِّقِّ وَنَفَاهُ سَحْنُونٌ لِلرِّقِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ اخْتُلِفَ فِي الْخِيَارِ لِلسَّيِّدِ فَنَفَاهُ ابْنُ الْقَاسِم وَقَالَ لَا يعْفُو من الدِّيَةِ كَالْحُرِّ يُقْتَصُّ أَوْ يَعْفُو عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهُ وَيُقْتَصُّ لِلنَّصْرَانِيِّ مِنَ النَّصْرَانِيِّ وَمِنَ الْيَهُودِيّ فِي النَّفس وَلَا جراح إِذَا دَعَا لِذَلِكَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ لِأَنَّهُ تَظَالُمٌ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَتَلَ نَفَرٌ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا قُتِلُوا لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي السَّبَبِ أَوْ عبدا أَو ذِمِّيا غيلَة قتلوا بِهِ لِأَن حق الله تَعَالَى فِي دَرْء الْمَفَاسِد الْحِرَابَة وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا عَمْدًا ضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ عَامًا أَوْ خَطَأً فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ جَمَاعَةٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُقْتَلُ النَّصْرَانِيُّ بِالْمَجُوسِيِّ وَيُقْتَلُ الْمَجُوسِيُّ بِهِ وَبِالْيَهُودِيِّ وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ جَمَاعَةٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ أَنَّ مُسْلِمًا قَتَلَ نَصْرَانِيًّا عَمْدًا فَعَنْ مَالِكٍ يَحْلِفُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا قَالَ أَشهب
وَيُضْرَبُ وَيُحْبَسُ حَلَفَ أَمْ لَا وَعَنْهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ وَرَثَةُ الذِّمِّيِّ يَمِينًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيُأْخَذُ مِنْ دِيَتِهِ وَيُضْرَبُ وَيُحْبَسُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا إِنْ كَانَ بِقَوْلِ النَّصْرَانِيِّ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَا يضْرب وَلَا يحبس فَإِن حرجه فَمَاتَ مِنْ جُرْحِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَحْلِفُ وُلَاتُهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ لِأَنَّهُ لَا قَسَامَةَ لَهُمْ قَالَ مَالِكٌ إِنْ جَرَحَ مُسْلِمٌ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَأُنْفِذَ هَذَا وَعُتِقَ هَذَا وَقَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَلِلنَّصْرَانِيِّ أَوْلِيَاءُ مُسْلِمُونَ وَلِلْعَبْدِ أَوْلِيَاءُ أَحْرَارٌ أَقْسَمُوا مَعَ قَوْلِهِ وَاسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ فِي مَالِ الْجَانِي قَالَ الْمُغِيرَةُ إِنْ قَتَلَ نَصْرَانِيٌّ نَصْرَانِيًّا فَخَافَ الْجَانِي فَأَسْلَمَ قُتِلَ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَهُ جَمَاعَةٌ فَلِلْوَلِيِّ قَتْلُ مَنْ أَحَبَّ أَوِ الْعَفْوُ أَوِ الصُّلْحُ وَإِنْ عَفَا الْمَقْتُولُ عَنْ أَحَدِهِمْ فَلِلْوَارِثِ قَتْلُ الْبَاقِي لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَمَا لَوْ أَبْرَأَ مِنْ بَعْضِ الدَّيْنِ وَوَافَقَنَا (ش) وَ (ح) وَمَشْهُورُ أَحْمَدَ وَعَنْهُ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَالصَّحَابَةِ عَلَيْهِمُ الدِّيَةُ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ وَجَمَاعَةٍ يُقْتَلُ مِنْهُمْ وَاحِدٌ وَعَلَى الْبَاقِي حِصَصُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُكَلَّفٌ لَهُ فَلَا يُسْتَوْفَى أَبْدَالٌ فِي مُبْدَلٍ وَاحِدٍ كَمَا لَا تَجِبُ ديات وَلقَوْله تعلى {الْحر بِالْحرِّ} وَقَالَ تَعَالَى {النَّفس بِالنَّفسِ} وَلِأَنَّ تَفَاوُتَ الْأَوْصَافِ يَمْنَعُ كَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَالْعَوْدُ أَوْلَى لَنَا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم على أَن عمر ضي اللَّهُ عَنْهُ قَتَلَ تِسْعَةً مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ بِرَجُلٍ وَقَالَ لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ
لقتلهم وَقَتَلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه ثَلَاثَةً وَهُوَ كَثِيرٌ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَيُفَارِقُ الدِّيَةَ لِأَنَّهَا تتعبض دون الْقصاص وَلِأَن الشّركَة لَو أسقطا الْقِصَاصَ وُجِدَتْ ذَرِيعَةٌ لِلْقَتْلِ وَوَافَقَنَا (ش) وَأَحْمَدُ فِي عدم الْقَاص بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَقَالَ (ح) يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ لَنَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ (لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا} وَهُوَ مظلوم وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {النَّفس بِالنَّفسِ} وَسَائِرِ الْعُمُومَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْجَمِيعِ بِأَنَّ دَلِيلَنَا خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْعُمُومَاتِ وَخَالَفَنَا (ح) فِي قَتْلِ الْحُرِّ بِعَبْدِ الْغَيْرِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يُقْتَلُ بِعَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَوَافَقَنَا (ش) وَأَحْمَدُ لَنَا قَوْله تَعَالَى {الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ} وَالْقِصَاصُ لُغَةً الْمُمَاثَلَةُ وَلَا مُمَاثَلَةَ وَقَالَهُ الصِّدِّيقُ وَعَلِيٌّ رضي الله عنهما وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه السُّنَّةُ أَنْ لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَلِأَنَّهُ مَالٌ كَالْبَهِيمَةِ احْتَجُّوا بِالْعُمُومَاتِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَخَصُّ فَيُقَدَّمُ وَعِنْدَنَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ إِذَا تَحَقَّقْنَا قَصْدَ الْقَتْلِ وَقَالَ (ش) وَ (ح) لَا يُقْتَلُ لَنَا الْعُمُومَاتُ احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ
النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّهُ قَالَ (لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ) وَالْجَوَابُ مَنْعُ الصِّحَّةِ وَوَافَقَنَا (ش) فِي الْقِصَاصِ فِي الْمُثْقَلِ وَمَنَعَ (ح) لَنَا الْعُمُومَاتُ وَفِي الْبُخَارِيِّ (أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - اقْتَصَّ مِنَ الْيَهُودِيِّ الَّذِي قَتَلَ الْجَارِيَةَ بِالْحَجَرِ)(وَكَوْنُهُ اقْتَصَّ بِالْحَجَرِ يَدُلُّ) عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا قِصَاصًا لَا نَقْضًا لِلْعَهْدِ كَمَا يَتَأَوَّلُهُ الْحَنَفِيَّةُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام (لَا قَوَدَ إِلَّا بِحَدِيدَةٍ) وَبِقَوْلِهِ عليه السلام فِي الصَّحِيحِ (إِنَّ فِي قَتِيلِ الْعَمْدِ الْخَطَأِ قَتِيلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ) وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا يُقْتَصُّ إِلَّا بِالسَّيْفِ وَالنِّزَاعُ فِي الْقَتْلِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الحَدِيث عَن الثَّانِي هُوَ مَحْمُول على مثل قتل الْمُدَّعِي عَنهُ فَيَكُونُ فِيهِ الْعَمْدُ مِنْ جِهَةِ قَصْدِ الضَّرْبِ وَالْخَطَأُ مِنْ جِهَةِ شَفَقَةِ الْأَبْنَاءِ فَيَجْتَمِعُ الشَّبَهَانِ فَيَكُونُ عَمْدًا خَطَأً وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَخَالَفَنَا (ش) وَ (ح) فِي قَتْلِ الْمُمْسِكِ وَقَالَا يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَحْدَهُ لَنَا الْعُمُومَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَقَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ وَلَا مُمَالَأَةَ أَتَمُّ مِنَ الْإِمْسَاكِ وَقِيَاسًا عَلَى الْمُمْسِكِ لِلصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ أَوْ عَلَى الْمُكْرَهِ الْمَحَلُّ الثَّانِي الْعُضْوُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَطَعَ جَمَاعَةٌ يدا قطعت أَيْديهم
كلهم وَكَذَلِكَ الْعين وإنقطع يَدَهُ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ اقْتُصَّ مِنْهُ (أَوْ بِضْعَةً مِنْ لَحْمِهِ اقْتُصَّ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {والجروح قاص} وَقَوله تَعَالَى {الْعين بِالْعينِ} وَلَا قَوَدَ فِي اللَّطْمَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُقَادُ فِي ضَرْبَةٍ الِسَوْطٍ وَعَنْ مَالِكٍ لَا قَوَدَ فِيهَا كَاللَّطْمَةِ بَلِ الْأَدَبُ لِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ وَإِنْ فَقَأَ عَيْنَ جَمَاعَةٍ الْيُمْنَى وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ ثُمَّ قَامُوا فُقِئَتْ عَيْنُهُ بِجَمِيعِهِمْ وَكَذَلِكَ الْيَد وَالرجل كَالنَّفْسِ وَإِنْ قَامَ أَوَّلُهُمْ أَوْ آخِرُهُمْ فَلَهُ الْقِصَاصُ لِثُبُوتِ حَقِّهِ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ بَقِيَ لِلتَّعَذُّرِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ رَجُلًا ثُمَّ رَجُلًا فَقُتِلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلثَّانِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَطَعَ يَمِينَهُ فَذَهَبَتْ يَدُ الْقَاطِعِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ سَرَقَ فَقُطِعَتْ فَلَا شَيْءَ للمقطوع يَده فِي الْكِتَابِ إِنْ قُطِعَتْ يَدُ الْقَاطِعِ خَطَأً وَقد قطع عمدا فديتها للمقطوع الول لِأَنَّهَا بدل الْيَد أوعمدا اقْتُصَّ مِنْ قَاطِعِ قَاطِعِهِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ الْمَحَلَّ وَيَدُهُ بَدَلَهُ كَمَنْ قَتَلَ قَاتِلَهُ فَدِيَتُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ وَيُقَالُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْآخَرِ أَرْضُوا أَوْلِيَاءَ الْأَوَّلِ وَشَأْنَكُمْ بِقَاتِلِ وَلِيِّكُمْ وَإِلَّا فَلِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ قَتْلُهُ أَوِ الْعَفْوُ وَلَهُمْ عَدَمُ الرِّضَا بِمَا بَذَلُوا لَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ وَمَنْ حُبِسَ لِلْقِصَاصِ فَفَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَهُ أَوْ جرحه فَلهُ الْقود فِي لعمد وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْعَفْوُ وَلَا شَيْءَ لِوُلَاةِ
الْمَقْتُولِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنَّمَا سَلَّطْنَاهُمْ عَلَى مَنْ أَذْهَبَ نَفْسَهُ لِأَنَّهَا الْمُسْتَحِقَّةُ لَهُمْ وَكَذَلِكَ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِقَتْلِهِ وَأَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ فَقَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ عَمْدًا فَلَهُ الْقِصَاصُ وَمَنْ قُطِعَتْ يَده عمدا أَو قد قتل وليك فَلهُ الْقِصَاصُ بِرَأْيِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَلَعَ عَيْنَ رَجُلٍ فَفَقَأَ آخَرُ عَيْنَ الفاقيء وَمَات الفاقيء الثَّانِي فَلَا شَيْءَ لِلْمَفْقُوءِ الْأَوَّلِ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ وَإِن قطع يَدَيْهِ مِنَ الْمَنْكِبِ وَقُطِعَتْ يَدُ الْقَاطِعِ مِنَ الْكَفِّ فَلِلْأَوَّلِ قَطْعُ كَفِّ قَاطِعِ قَاطِعِهِ أَوْ قَطْعُ يَدِ قَاطِعِهِ مِنَ الْمَنْكِبِ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَقِّهِ وَإِنْ قَتَلَ قَاتِلٌ وَلِيَّهُ قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرَ الْأَدَبِ لِجِنَايَتِهِ عَلَى حق الإِمَام وليلا يَتَجَرَّأَ النَّاسُ عَلَى الدِّمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ إِذَا قَتَلَهُ خَطَأً لَا شَيْءَ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ وَالدِّيَةُ لِأَوْلِيَائِهِ بِفَوَاتِ الْمَحَلِّ وَالدِّيَةُ مُرَتَّبَةٌ عَلَى الْفَوَاتِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ أَنْ يَقْتُلُوهُ دُونَ أَوْلِيَاءِ الثَّانِي أَوْ يَعْفُوا عَنْهُ عَلَى مَالٍ يَكُونُ عِنْدَهُمْ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَوْلِيَاءِ الثَّانِي دَفْعُ الدِّيَةِ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ وَيَقْتَصُّ لِنَفْسِهِ وَمَا فِي الْكِتَابِ أَحْسَنُ لِأَنَّ وَلِيَّ الْأَوَّلِ اسْتَحَقَّ دَمَهُ فَلَهُ الْقِصَاصُ إِنْ لَا يرضى بِعِوَضِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مُبَايَعَةٌ فَإِنْ قَطَعَ يَدًا عَمْدًا فَقُتِلَ الْقَاطِعُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَصَالَحَ أَوْلِيَاءُهُ عَلَى مَالٍ قِيلَ لَا شَيْءَ لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ عَنِ النَّفْسِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لِلْمَقْطُوعِ يَدُهُ حَقُّهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّفْسَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْأَعْضَاءِ فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنَ الْكَفِّ وَقَدْ قُطِعَ مِنَ الْمَنْكِبِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ اقْتَصَّ الْمَقْطُوعُ
الْأَوَّلُ مِنْ قَاطِعِ قَاطِعِهِ مِنَ الْكَفِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى قَاطِعِهِ أَوْ يَقْطَعُ قَاطِعَهُ مِنَ الْمَنْكِبِ وَيُخْلِي قَاطِعُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَطْعِ كَفِّهِ قَالَ مُحَمَّدٌ بَلِ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِقَطْعِ كَفِّ الْقَاطِعِ الثَّانِي ثُمَّ يَقْطَعُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ مَنْكِبٍ قَاطِعِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ جَمِيعِ ذَلِكَ الْعُضْوِ
فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ شَخْصَيْنِ يَجْرِي بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ فِي النُّفُوسِ فِي الْجَانِبَيْنِ يَجْرِي فِي الْأَطْرَافِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَقْتَصُّ مِنْهُ (الآخلا وَلَا يَقْتَصُّ الْآخَرُ مِنْهُ) فِي النَّفْسِ (قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي كَالْعَبْدِ يُقْتَلُ بِالْحُرِّ وَالْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِ وَلَوْ قَطَعَ الْعَبْدُ أَوِ الْكَافِرُ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُمَا فِي الْأَطْرَافِ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقِصَاصِ الْمُسَاوَاةُ خالفناه فِي النَّفس لعظمها بَقِي الْأَصْلُ فِي الْأَطْرَافِ عَلَى قَاعِدَتِهِ وَخَيَّرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمُسْلِمَ فِي الْقِصَاصِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ قَالَ الْأَصْحَابُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ الْقَوَدَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ التَّسَاوِي فِي الْبَدَنِ وَإِنِ اشْتُرِطَ التَّسَاوِي فِي الْمَنْفَعَةِ فَيَقْطَعُ يَدَ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَلَا تَقْطَعُ السَّلِيمَةِ بِالشَّلَّاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي الْعَدَدِ بَلِ الْأَيْدِي وَالْيَدُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الِاشْتِرَاكِ بِأَنْ يُوضَعَ السِّكِّينُ على الْيَد ويتحاملوا كُلُّهُمْ عَلَيْهَا حَتَّى تَبِينَ فَإِنْ تَمَيَّزَتِ الْجِنَايَاتُ بِأَنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا بَعْضًا وَأَبَانَهَا الْآخَرُ أَوْ وَضَعَ أَحَدُهُمَا السِّكِّينَ مِنْ جَانِبٍ وَالْآخَرُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ حَتَّى الْتَقَيَا فَلَا قِصَاصَ إِلَّا فِي مِسَاحَةِ مَا جُرِحَ إِنْ عُرِفَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ جِنَايَتُهُ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي جَمِيعِ الْمَفَاصِلِ إِلَّا الْمَخُوفَ مِنْهَا لِلْأَدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَفِي
معنى المفاصل أبعاض المارن والأذنيين وَالذكر والأجفان والشفتين والشفرين لِأَنَّهَا تقبل التَّقْدِير وَفِي اللِّسَان رِوَايَتَانِ والقاص فِي كَسْرِ الْعِظَامِ إِلَّا مَا كَانَ مُتْلِفًا كعظام الصلب والصدر وَالْعِتْق وَالْفَخِذِ وَنَحْوِهِ وَكُلِّ مَا يَعْظُمُ الْخَطَرُ فِيهِ كَائِنًا مَا كَانَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} وَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ مِنَ الْمِرْفَقِ لَمْ يَجُزِ الْقطع من الْكُوع وَإِن رَضِي الْمُقْتَص منهوإن كَسَرَ عَظْمَ الْعَضُدِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَلَوْ قَطَعَ من الرِّفْق وَكَانَتْ يَدُهُ مَقْطُوعَةً مِنَ الْكُوعِ فَطَلَبَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْقَطْعَ مِنَ الْمِرْفَقِ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَنَفَاهُ أَشْهَبُ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ ضَرَبَهُ فَشُلَّتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ يَضْرِبُهُ كَمَا ضَرَبَهُ فَإِنْ شُلَّتْ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ فِي مَالِ الضَّارِبِ قَالَ أَشْهَبُ هَذَا إِذَا جَرَحَهَا أَمَّا إِنْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَبَطَلَتْ يَدُهُ فَلَا قصاص وَفِي الْأَنْفِ وَالتَّرْقُوَةِ وَالضِّلْعِ وَفِي إِحْدَى قَصَبَتَيِ الْأَنْفِ الْيَدِ الْقِصَاصُ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الظُّفُرُ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ كَسْرُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَثْغَرْ لِأَنَّهُ يَنْبُتُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا قَوَدَ فِي هَاشِمَةِ الرَّأْسِ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَعُودَ مُنَقِّلَةً بِخِلَافِ هَاشِمَةِ الْجَسَدِ إِلَّا الْفَخِذَ قَالَ مَالِكٌ وَالْقِصَاصُ فِي اللِّسَانِ إِنْ أَمْكَنَ وَإِنْ عَضَّهُ فَقَطَعَ مِنْهُ مَا مَنَعَ الْكَلَامَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ تَكَلَّمَ نَاقِصًا اقْتُصَّ مِنْهُ لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَذْهَبَ مِنْ كَلَامِهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ أَشْهَبُ اللِّسَانُ مَخُوفٌ لَا قَوَدَ فِيهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الْقِصَاصُ إِنْ قُطِعَتَا أَوْ أُخْرِجَتَا دُونَ الرَّضِّ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ قَالَ مَالِكٌ إِنْ ضَرَبَهُ فَأَذْهَبُ بَصَرَهُ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ اقْتُصَّ إِنْ أَمْكَنَ وَإِنْ فَقَأَهَا فُقِأَتْ عَيْنُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبَيَاضُ كَقِيَامِ الْعَيْنِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ الْقَوَدَ فِي الْبَيَاضِ لِتَعَذُّرِهِ قَالَ مَالِكٌ وَفِي إِنْزَالِ الْمَاءِ فِي عَيْنِهِ الْقَوَدُ إِنْ أَمْكَنَ وَقَالَ عَبْدُ الْملك لَا
قَوَدَ فِي الْعَيْنِ إِلَّا أَنْ تُصَابَ كُلُّهَا قَالَ الْمُغِيرَةُ لَا قَوَدَ فِي نَتْفِ اللِّحْيَةِ أَوِ الشَّارِبِ أَوِ الرَّأْسِ أَوْ بَعْضِ ذَلِكَ بَلِ الْعُقُوبَةُ وَالسَّجْنُ لِاخْتِلَافِ عِظَمِ اللِّحَى فِي مَسْكِهِ الشَّعْرِ وَإِنْبَاتِهِ وَعَنْهُ فِي الْجَمِيعِ الْقَوَدُ دُونَ الْبَعْضِ لِأَنَّهُ لِحْيَةٌ بِلِحْيَةٍ وَشَارِبٌ بِشَارِبٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَلَقَ الرَّأْسَ وَاللِّحْيَةَ وَالْحَاجِبَيْنِ فَالْأَدَبُ دُونَ الْقَوَدِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوَدُ فِي الشَّارِبِ وَأَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ فَإِنْ نَبَتَ لِلْجَانِي وَلَمْ يَنْبُتْ لِلْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ قَدْرُ شَيْنِ ذَلِكَ وَقَالَ أَصْبَغُ فِيهِ الْقِصَاصُ بِالْوَزْنِ غَيْرُهُ لِاخْتِلَافِ اللِّحَى بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَإِنْ قَتَلَ الْمَجْرُوحُ قَاطِعَ يَدِهِ قُتِلَ بِهِ وَذَهَبَتْ يَدُهُ لِذَهَابِ الْمَحَلِّ وَإِن قطع يَد أَرْبَعَة الْيُمْنَى فَعَفَا أَحَدُهُمْ فَلِلْبَاقِي الْقَطْعُ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ أَوْ سَبَقَ بَعْضُهُمْ فَقَطَعَ يَمِينَهُ فَلَا شَيْءَ لِلْبَاقِي فَإِنْ قَطَعَ أَصَابِعَهُ فَقَطَعَ هُوَ يَدَهُ مِنَ الْكُوعِ قَطَعَ الْأَوَّلُ الْكَفَّ بَعْدَ الْأَصَابِعِ وَإِنْ قَطَعَ صَحِيحٌ يَدًا شَلَّاءَ (وَقَطَعَ الْأَشَلُّ يَدَ الصَّحِيحِ فَلِلصَّحِيحِ فَضْلُ الدِّيَةِ بَعْدَ الْحُكُومَةِ فِي يَدِ الْأَشَلِّ) فَإِنِ ابْتَدَأَ الْأَشَلُّ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا بَيْنَ حُكُومَةِ يَدٍ شَلَّاءَ أَوْ دِيَةِ يَدٍ صَحِيحَةٍ وَإِنْ سَلَّمَ لَهُ فِي الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ يَدَهُ وَقَتَلَهُ بِالثَّانِيَةِ عَن تعمد ذَلِك أدب فَقَط وغلا فَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ شُلَّتْ يَدُ الْجَانِي فَضَرَبَ رَجُلٌ اقْتُصَّ مِنْهَا شَلَّاءَ وَرَجَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الَّذِي أَشَلَّهَا بِدِيَةٍ كَامِلَةٍ وَإِنَّمَا لَا يُقْتَصُّ مِنَ الشَّلَّاءِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ هُمَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَطَعَ أَصَابِعَ رَجُلٍ ثُمَّ كَفِّهِ فَإِنَّمَا لَهُ قَطْعُ الْكَفِّ أَوْ أُنْمُلَةً مِنْ سَبَّابَةِ رَجُلٍ وَسَبَّابَةً مِنْ آخَرَ فَإِنَّمَا لَهُمَا قَطْعُ سَبَّابَتِهِ أَوْ
أَصَابِعَ رَجُلٍ وَيَمِينَ آخَرَ قُطِعَتِ الْيَمِينُ لَهُمَا فَإِنْ قَامَ صَاحِبُ الْأَصَابِعِ فَقَطَعَ بِهِ قُطِعَ للْبَاقِي الْبَقِيَّة أَو رجلا من الْكُوع وَلآخر ذِرَاعًا بِغَيْرِ كَفٍّ لَمْ يَقْطَعَاهُ مِنَ الْمِرْفَقِ لِأَنَّ صَاحِبَ الذِّرَاعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ إِلَّا حُكُومَةٌ وَلِصَاحِبِ الْكَفِّ الْقِصَاصُ مِنَ الْكُوعِ وَإِنْ جَنَى عَلَى الذِّرَاعِ بَعْدَ أَنِ اقْتَصَّ مِنْهُ صَاحِبُ الْكَفِّ اقْتُصَّ لِلتَّسَاوِي أَوْ أُصْبُعَيْنِ وَلِآخَرَ كَفًّا فِيهَا ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ فَلِلثَّانِي ثَلَاثَة أَخْمَاس الدِّيَة وَللْآخر الْقِصَاصُ وَإِنْ جَنَى عَلَى الْكَفِّ بَعْدَ أَنِ اقْتُصَّ مِنْهُ فِي الْأُصْبُعَيْنِ اقْتُصَّ لِلتَّسَاوِي إِنْ كَانَتِ الْأَصَابِعُ نَظِيرَ الْأَصَابِعِ الثَّلَاثَةِ لِلْجَانِي قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَطَعَ مِنَ الْمَنْكِبِ (وَالْآخَرَ مِنَ الْمِرْفَقِ وَسَرَقَ قُطِعَ مِنَ الْمَنْكِبِ) لِذَلِكَ كُلِّهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يُقْطَعُ مِنَ الْكُوعِ لِلسَّرِقَةِ ثُمَّ يُقْطَعُ لِلْبَاقِينَ قَالَ وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا ثُمَّ لِآخَرَ ذِرَاعًا بِغَيْرِ كَفٍّ وَلِآخَرَ عَضُدًا بِغَيْر ذِرَاع قطع الْكَفّ ثمَّ الذِّرَاعِ سَقَطَ قِصَاصُ الْعَضُدِ دُونَ الْكَفِّ أَوْ عَفَا صَاحِبُ الْعَضُدِ لَمْ يَسْقُطِ الْبَاقِيَانِ الْمَحَلُّ الثَّالِثُ الْمَنَافِعُ فِي الْجَوَاهِرِ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ الْقِصَاصُ عِنْدَ إِيضَاحِ الرَّأْسِ بِالسِّرَايَةِ بِأَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ فِي الْمُوَضّحَة فَإِن ذهب سَمعه وبصر هـ فَقَدِ اسْتَوْفَى وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دِيَةُ مَا لَمْ يَذْهَبْ فِي مَالِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَإِنْ ذَهَبَتْ عَنْهُ مِنْ لَطْمَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا قِصَاصَ كَالضَّرْبَةِ بِعَصَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْمِيَ الْمَحَلُّ الرَّابِعُ الْجِرَاحُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْقِصَاصُ فِي الْمُوَضِّحَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوَضِّحُ الْعَظْمَ مِنَ الرَّأْسِ أَوِ الْجَبْهَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَ مَدْخَلِ إِبْرَةٍ وَفِي الْحَارِصَةِ وَهِيَ شَقُّ الْجِلْدَ وَفِي الدَّامِيَةِ وَهِيَ الَّتِي تُسِيلُ الدَّمَ وَالسِّمْحَاقِ وَهِيَ الَّتِي تَكْشِفُ الْجِلْدَ وَالْبَاضِعَةِ وَهِيَ الَّتِي تَبْضَعُ اللَّحْمَ وَالْمُتَلَاحِمَةِ وَهِيَ الَّتِي تَغُوصُ فِي اللَّحْمِ غَوْصًا بَالِغًا وَتَقْطَعُهُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ وَالْمِلْطَاةِ وَهِيَ الَّتِي يَبْقَى بَيْنَهَا
وَبَيْنَ الْعَظْمِ سِتْرٌ رَقِيقٌ وَلَا قِصَاصَ فِيمَا بَعْدَ الْمُوَضِّحَةِ مِنَ الْهَاشِمَةِ الْعَظْمَ وَالْمُنَقِّلَةِ لَهُ عَلَى خِلَافٍ فِيهَا خَاصَّةً وَالْآمَّةِ وَهِيَ الْبَالِغَةُ إِلَى أُمِّ الرَّأْسِ وَالدَّامِغَةِ وَهِيَ الْخَارِقَةُ لِخَرِيطَةِ الدِّمَاغِ وَفِي هَاشِمَةِ الْجَسَدِ الْقِصَاصُ إِلَّا الْمَخُوفَ كَالْفَخِذِ وَلَا قَوَدَ فِي هَاشِمَةِ الرَّأْسِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا تَعُودُ مُنَقِّلَةً وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهَا الْقِصَاصُ إِلَّا أَنْ تَصِيرَ مُنَقِّلَةً فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَوَّلُهَا الْحَارِصَةُ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَهِيَ الَّتِي حَرَصَتِ الْجِلْدَ أَيْ شَقَّتْهُ وَهِيَ الدَّامِيَةُ لِأَنَّهَا تُدْمِي وَهِيَ الدَّامِعَةُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ لِأَنَّ الدَّمَ يَنْبُعُ مِنْهَا كَالدَّمْعِ وَقِيلَ الدَّامِيَةُ أَوَّلًا لِأَنَّهَا تَخْدِشُ فتدمي وَلَا تشق جلدا ثمَّ الحارصة لِأَنَّهُ شَقَّتْهُ وَقِيلَ هِيَ السِّمْحَاقُ: كَأَنَّهَا جَعَلَتِ الْجِلْدَ كَسَمَاحِيقِ السَّحَابِ ثُمَّ الدَّامِعَةُ لِأَنَّ دَمَهَا أَكْثَرُ الزَّمَانِ يَقْطُرُ كَالدَّمْعِ ثُمَّ الْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ وَبَضَعَتْهُ وَهِيَ الْمُتَلَاحِمَةُ بَعْدَ الْبَاضِعَةِ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ثُمَّ الْمِلْطَاءُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَيُقَالُ مِلْطَاةٌ وَهِي الَّتِي قرت مِنَ الْعَظْمِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فَصِيلٌ مِنَ اللَّحْمِ وَقِيلَ هِيَ السِّمْحَاقُ ثُمَّ الْمُوَضِّحَةُ وَهِيَ الَّتِي كَشَفَتْ عَنِ الْعَظْمِ ثُمَّ الْهَاشِمَةُ الَّتِي هَشَّمَتِ الْعَظْمَ ثُمَّ الْمُنَقِّلَةُ وَهِيَ الَّتِي كَسَرَتِ الْعَظْمَ فَتَحْتَاجُ إِخْرَاجَ بَعْضِ عِظَامِهَا لِإِصْلَاحِهَا وَتَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ الْمَأْمُومَةُ الَّتِي أَفْضَتْ لِأُمِّ الدِّمَاغِ وَبِالْجَوْفِ الْجَائِفَةُ الَّتِي نَفَذَتْ إِلَيْهِ وَالْقِصَاصُ فِي جَمِيعِ الْجِرَاحِ إِلَّا الْمُنَقِّلَةَ وَالْمَأْمُومَةَ وَالْجَائِفَةَ لِلْخَطَرِ وَتَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْقَوَدِ فِي هَاشِمَةِ الرَّأْسِ وَقَالَ لَا أَرَى هَاشِمَةً إِلَّا وَهِيَ مُنَقِّلَةٌ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ جَرَحَهُ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ آخَرُ فَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى الْجِرَاحِ فِي رَجُلٍ أَوْ رِجَالٍ فَإِنْ عُفِيَ عَنْ دَمِهِ أُقِيدَ مِنْهُ مِنَ الْجِرَاحِ فَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا وَجَرَحَ وَآخَرَ خَطَأً أَوْ قَتَلَ أَوِ الْخَطَأُ أَوَّلًا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَيُقَادُ مِنْهُ فِي الْعَمْدِ وَإِنْ جَرَحَ جَمَاعَةً (جُرْحًا وَأُخِذَ جُرْحُ ذَلِكَ الْجُرْحِ لِلْجَمِيعِ كَالْعُضْوِ فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمْ فَلِلْبَاقِي الْقِصَاصُ قَالَ مَالِكٌ إِنْ ضَرَبَ جَمَاعَةً) فَوُجِدَتْ مُوَضِّحَةٌ لَا يُعْلَمُ جَارِحُهَا فالعقل عَلَيْهِم كلهم قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يُدْرَى مَنْ شَجَّهُ فَإِذَا حَلَفَ حَلَفُوا مَا شَجُّوهُ فَإِنْ نَكَلُوا أَوْ حَلَفُوا فَالْعَقْلُ عَلَيْهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ وَنَكَلَ الْبَعْضُ فَالْعَقْلُ عَلَى النَّاكِلِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ فُلَانٌ جَرَحَنِي كَمَا يَقُولُ فُلَانٌ قَتَلَنِي إِلَّا قَوْمٌ قَدْ شُهِدَ عَلَيْهِمْ بِالْقِتَالِ بَيْنَهُمْ فَيَظْهَرُ بِأَحَدِهِمْ جُرْحٌ فَيَدَّعِي الْمَجْرُوحُ أَنَّ وَاحِدًا جَرَحَهُ فَيَحْلِفُ وَيَقْبِضُ فَإِنْ وُجِدَ بِهِ أَرْبَعُ مُوَضِّحَاتٍ قَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ عَلَى مَنْ يَزْعُمُ أَنه شجه ويستفيد وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ إِنَّ وَاحِدًا شَجَّهَا كُلَّهَا وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَلْتُجْعَلِ الشِّجَاجُ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ قَالَ الْمُغِيرَةُ إِنْ قَالَ لَا أَدْرِي أَيَّهُمْ شَجَّنِي حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّهُ مَا شَجَّهُ ثمَّ الشجاج بَينهم وَلَا قد عَلَيْهِمْ فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمَا ضَرَبَاهُ ضَرْبَتَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ ضَرْبَةٌ لَمْ يَضْرِبْهُ غَيْرَهَا وَوُجِدَ بِهِ مُوَضِّحَةٌ وَمُنَقِّلَةٌ سُئِلَ مَنْ جَرَحَهُ الْمُوَضِّحَةَ وَمن جرحه المنقلة وَيقبل مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ جَهِلَ حَلَفَ مَا يَدْرِي سَبِيلا فَإِن ادّعى كل وَاحِد الْمُوَضّحَة وَنَفس الْمُنَقِّلَةَ حَلَفَ وَأَخَذَ الْمُوَضِّحَةَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ
قَوَدًا وَمِنَ الْآخَرِ نِصْفَ عَقْلِ مُنَقِّلَةٍ وَيُقْبَلُ قَول الْمَجْرُوح أبدا إِذا ثَبت الضَّرْب غلا أَنْ يَسْتَدِلَّ أَنَّ الْجُرْحَ قَدِيمٌ وَمَا أُشْكِلَ يَحْلِفُ وَيَقْتَصُّ مِنْهُ إِنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالضَّرْبِ وَوَاحِد با قَالَ مَالك إِن تراموا بِجرح أَحَدُهُمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَقِيَّتِهِمْ أَنَّ فَلَانًا جَرَحَهُ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَعَلَيْهِمُ الْعَقْلُ وَإِنْ قَالَ جَرَحَنِي هَذَا ثَلَاثَ جِرَاحَاتٍ فَقَالَ بَلْ جُرْحَتَيْنِ حَلَفَ الْمَجْرُوحُ عَلَى الثَّالِثَةِ وَاقْتُصَّ مِنْهُ مِنَ الثَّلَاثَةِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَصْلِ الْجِرَاحِ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً تُعْتَبَرُ فِيهَا السَّنَةُ الْجُرْحُ لَا يُحْكَمُ فِيهِ إِلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَالسِّنَّةُ وَاللُّقَطَةُ وَالْعَبْدُ الْآبِقُ يُحْبَسُ سَنَةً ثُمَّ يُبَاعُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُعْتَرِضُ وَالْعُهْدَةُ فِي الرَّقِيقِ لِلْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُسْتَحَاضَةُ وَالْمُرْتَابَةُ وَالْمَرِيضَةُ فِي الْعِدَّةِ وَالشُّفْعَةُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَزِيدُ الشَّهْرَيْنِ وَالْيَتِيمَةُ إِذَا مَكَثَتْ سَنَةً فِي بَيْتِ زَوْجِهَا الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ إِذَا أَبَى أَنْ يَحْلِفَ حُبِسَ سِنَةً وَحِيَازَةُ الْهِبَةِ سَنَةً ثُمَّ لَا يَضُرُّ الرَّدُّ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَامْتَنَعَ أَهْلُهُ مِنْ بَيْعِهِ يَنْتَظِرُ سَنَةً فَإِنْ بَاعُوا عُتِقَ بِالْوَصِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ اخْتُلِفَ فِي الِاسْتِينَاءِ بِالْجِرَاحِ سَنَةً إِذَا ظَهَرَ بُرْؤُهَا قَبْلَهَا فَتَأَوَّلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ السَّنَةِ مَخَافَةَ أَنْ يَنْتَقِضَ حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَقَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَقَالَ غَيْرُهُ خِلَافُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْأُصُولِ وَلَا مَعْنَى لِلِانْتِظَارِ بَعْدَ الْبُرْءِ فَإِنْ نَفِدَتِ السَّنَةُ وَلَمْ يَبْرَأْ فَفِي الْكِتَابِ يُنْتَظَرُ بُرْؤُهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ إِلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ بَعْدَ السَّنَةِ انْتِظَارٌ فِي الْخَطَأ
وَيُعْقَلُ الْجُرْحُ بِحَالِهِ عِنْدَ تَمَامِهَا وَيُطَالَبُ بِمَا زَاد بعد تَمامهَا قَالَ صَاحب النكت لابد من السّنة إِن برىء قبلهَا وَأمن من الانتقاض وَقَالَ أَحْمد لَا يُقْتَصُّ إِلَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَقَالَ (ش) يَجُوزُ قَبْلَهُ وَبَنَى مَالِكٌ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى أَصْلِهِمْ أَنَّ الطَّرَفَ إِذَا سَرَى لِلنَّفْسِ يَسْقُطُ فِي الطَّرَفِ الْقِصَاصُ وَعِنْدَ (ش) لَا يَسْقُطُ وَاسْتَظْهَرْنَا نَحْنُ بِالسَّنَةِ لِاحْتِمَالِ الِانْتِقَاضِ فِي أَحَدِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ لَنَا (أَنَّ رَجُلًا طُعِنَ بِقَرْنٍ فِي رِجْلِهِ فَجَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ أَقِدْنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - دَعْهُ حَتَّى يَبْرَأَ فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم َ - يَقُولُ حَتَّى يَبْرَأَ فَأَقَادَهَا مِنْهُ ثُمَّ عَرِجَ الْمُسْتَقِيدُ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ برىء صَاحِبِي وَعَرِجَتْ رِجْلِي فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - لَا حَقَّ لَكَ) وَلِأَنَّهُ مُوجِبُ الْجِنَايَةِ فَلَا يُعَجَّلُ كَالدِّيَةِ وَالْأَرْشِ وَلِأَنَّهُ قَدْ سَرَى لِلنَّفْسِ فيؤول الْحَالُ لِلْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ لَا فِي غَيْرِهَا احْتَجُّوا بقوله تَعَالَى {والجروح قصاص} وَالْأَصْل تَعْجِيل مسببات الْأَسْبَاب وَالْجَوَاب أَن للْقصَاص وَذَلِكَ مُعْلُومٌ قَبْلَ السَّنَةِ فَيُنْتَظَرُ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْقِصَاصِ وَهِيَ سِتَّةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ عَدَمُ التَّعَدِّي إِلَى الزِّيَادَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ خَطَرٌ فِي الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحِ وَفِي الْكِتَابِ يُقْتَصُّ مِنَ الْيَدِ مِنَ الْمَنْكِبِ وَفِي الْكِتَابِ وَشَجه مُوضحَة
وَمَأْمُومَةً فِي ضَرْبَةٍ مُتَعَمِّدًا اقْتُصَّ مِنَ الْمُوَضِّحَةِ وَحَمَلَتِ الْعَاقِلَةُ الْمَأْمُومَةَ وَإِنْ أَوْضَحَهُ فَأَذْهَبَ سَمْعَهُ وَعَقْلَهُ أُقِيدَ مِنَ الْمُوَضِّحَةِ بَعْدَ الْبُرْءِ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ بَعْدَ الْبُرْءِ سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ فَفِي مَالِهِ عَقْلُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَإِنْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَشُلَّتِ الْيَدُ اقْتُصَّ فِي الْأُصْبُعِ فَإِنْ بَرِئَتْ وَلَمْ تُشَلَّ الْيَدُ فَعَقْلُهَا فِي مَالِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَإِنْ قَطَعَ كَفَّهُ فَشُلَّ السَّاعِدُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الْيَدِ لِأَنَّهَا ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ الشَّرْطُ الثَّانِي أَن يكون الْقَاتِل أَعلَى رُتْبَة وللعلو أساب أَرْبَعَةٌ السَّبَبُ الْأَوَّلُ الْإِسْلَامُ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ وَلَا مِنْ حُرٍّ لِعَبْدٍ وَتَقَدَّمَ الْخلاف فِيهِ والتعذير وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا صَادَفَ الْقَتْلُ تَكَافُؤَ الدِّمَاءِ لَمْ يَسْقُطِ الْقِصَاصُ بِزَوَالِهِ كَالْكَافِرَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَوْ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ التَّفَاوُتُ فِي فَاقِدِ الْعِصْمَةِ فَيُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِالْمُعَاهِدِ فَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُ الذِّمِّيِّ قَبْلَ إِصَابَةِ السَّهْمِ ثمَّ إِصَابَةِ السَّهْمِ ثُمَّ أَصَابَهُ فَالْعِبْرَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِحَالِ الْإِصَابَةِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلسَّبْبِ وَعِنْدَ سَحْنُون حبال الذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ وَقْتُ اكْتِسَابِ الْجِنَايَةِ فَإِنْ عُتِقَ الْعَبْدُ الرَّامِي قَبْلَ الْإِصَابَةِ قَالَ سَحْنُونٌ الْجِنَايَةُ فِي رَقَبَتِهِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الرَّمْيِ وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ مَنْ يَعْتَبِرُ حَالَ الْإِصَابَةِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَكْسُهُ لَوْ رَمَى عَبْدًا فَعُتِقَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَعَلَى الْأَصْلَيْنِ تَجِبُ إِمَّا دِيَةُ حُرٍّ أَوْ قِيمَةُ عَبْدٍ فَإِنْ رَمَى عَبْدٌ نَفْسَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْإِصَابَةِ تَخَرَّجَتِ الدِّيَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ أَوْ حَرْبِيٌّ فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَقَتَلَهُ أَوْ جَرَحَهُ قَالَ سَحْنُونٌ لَا قِصَاصَ عَلَى الرَّامِي لِأَنَّهُ رَمَى فِي وَقْتٍ لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا عَقْلَ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الدِّيَةُ عَلَيْهَا حَالَّةٌ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ لَوْ جُرِحَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ ثُمَّ مَاتَ مِنْ جُرْحِهِ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ أَقْسَمَ وُلَاتُهُ لَمَاتَ مِنْهُ وَدِيَتُهُ فِي مَالِهِ وَلَوْ رَمَى صَيْدًا وَهُوَ حَلَالٌ وَلَمْ تَصِلْ إِلَيْهِ الرَّمْيَةُ
حَتَّى أَحْرَمَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ إِنْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوع وماتمرتدا أَو قتل اقْتصّ منا لجاني فِي الْيَدِ وَلَا يُقْسِمُ وُلَاتُهُ فَيَقْتُلُوهُ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَانَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَيُلْزِمُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ هَذَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ الْعَاقِبَةِ لَا بِالْمُبْتَدَأِ وَإِنْ رَمَى مُرْتَدٌّ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَصَابَ سَهْمُهُ رَجُلًا خَطَأً قَالَ سَحْنُونٌ أَنَا وَإِن كنت أعتبر حَالَة الرَّمْي فها هُنَا الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعَاقِلَةِ وَقْتَ الرَّمْيِ إِذْ لَا عَاقِلَةَ لِلْمُرْتَدِّ وَإِنَّمَا النَّظَرُ إِلَى الدِّيَةِ وَقْتَ فَرْضِهَا وَلم يحكم فِيهَا هَا هُنَا حَتَّى أَسْلَمَ فَلَهُ عَاقِلَةٌ وَقَدِ اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ إِنْ جَنَى خَطَأً ثُمَّ أَسْلَمَ أَنَّ عَاقِلَتَهُ تَحْمِلُ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ هَذَا وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ نَظَرًا إِلَى وَقْتِ الْجِنَايَةِ وَاخْتُلِفَ فِي دِيَةِ الْمُرْتَدِّ إِنْ جُرِحَ مُرْتَدٌّ أَوْ مَاتَ مِنْ جُرْحِهِ بِالسِّرَايَةِ بَعْدَ أَن أسلم فقيلعلى الدَّيْنِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ دِيَتُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَرْمِيُّ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُصُولِ السَّهْمِ لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ بَلْ دِيَةُ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي جُرْحِهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ عِنْدَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ فِي جُرْحِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ لَوْ كَانَ مُرْتَدًّا وَأَسْلَمَ قَبْلَ وُصُولِ الرَّمْيَةِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ على الرَّامِي ولاد دِيَةَ لِأَنَّهُ وَقْتَ الرَّمْيِ مُبَاحُ الدَّمِ وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ فِي عَبْدٍ رَمَى رَجُلًا ثُمَّ عُتِقَ قَبْلَ وُصُولِ رَمْيَتِهِ إِنَّ جِنَايَتَهُ جِنَايَةُ عَبْدٍ وَقَالَ أَصْحَابُنَا أَجْمَعُ فِي مُسْلِمٍ قَطَعَ يَدَ نَصْرَانِيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلِأَوْلِيَائِهِ أَخْذُ دِيَتِهِ دِيَةَ نَصْرَانِيٍّ أَوْ يُقْسِمُونَ وَلَهُمْ دِيَةُ مُسْلِمٍ فِي مَالِ الْجَانِي حَالَّةً فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الضَّرْب وَإِن كَانَت الْجِنَايَة خطأ وليم يُقْسِمْ وَرَثَتُهُ فَلَهُمْ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي مُؤَجَّلَةٌ وَفِي قَوْلِ ابْنِ
الْقَاسِمِ دِيَةُ مُسْلِمٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَمِنْ هَذَا الْأَصْلِ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ عَبْدٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيّده م ارْتَدَّ فسرى إِلَى النَّفس فَفِي قَوْلِ سَحْنُونٍ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ وَعَلَى قَوْلِهِ الثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَى القطاع لِأَنَّهُ صَارَ مُبَاحَ الدَّمِ يَوْمَ مَاتَ وَكَذَلِكَ إِنْ رَمَى قَاتِلَ أَبِيهِ ثُمَّ عَفَا عَنِ الْقصاص قب الْإِصَابَة فعلى قَول سَحْنُون الأول لَا يحب عَلَيْهِ شَيْءٌ وَعَلَى الثَّانِي يَجِبُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ أَوْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى نَصْرَانِيٍّ فَتَمَجَّسَ النَّصْرَانِيُّ ثُمَّ سَرَى إِلَى النَّفْسِ أَوْ مُسْلِمٌ عَلَى مَجُوسِيٍّ ثُمَّ تَهَوَّدَ ثُمَّ سَرَى إِلَى النَّفْسِ فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ دِيَةُ أَهْلِ الدِّينِ الْأَوَّلِ فِي الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ إِلَيْهِ وَأَمَّا مُسْلِمٌ جَرَحَ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ ثُمَّ سَرَى إِلَى النَّفْسِ فَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُ صَارَ إِلَى مَا أَحَلَّ دَمَهُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْقِصَاصِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمَّةِ فِي الْأَطْرَافِ وَهِيَ مُعْضِلَةٌ وَهِمَ فِيهَا أَصْحَابُنَا فَظَنُّوا أَنَّ مَالِكًا لَاحَظَ فِيهَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا أَمْوَالٌ لِأَنَّهَا يُقْضَى فِيهَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَهُوَ يَنْتَقِضُ بِقَوْلِهِ تُقْطَعُ الْأَيْدِي بِالْيَدِ بَلْ لَاحَظَ أَنَّ يَدَ الْمُسْلِمِ تُقْطَعُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَالِ الْكَافِرِ بِالسَّرِقَةِ فَتُقْطَعُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى يَدِهِ بِخِلَافِ النَّفْسِ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ حُرْمَةً وَلَاحَظَ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ الْقِيَاسَ عَلَى النَّفْسِ وَالْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ حَقٌّ لله تَعَالَى لَا لِمَالِ الْكَافِرِ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ حِرَابَةً فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَرَوَى (ش) هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَقَالَ (ح) تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الدِّيَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ السَّبَبُ الثَّانِي الْحُرِّيَّةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِرَقِيقٍ وَلَا من بعضه لَاق وَلَا فِيهِ عَقْدٌ مِنْ عُقُودِ الْحُرِّيَّةِ كِتَابَةً أَوْ تَدْبِيرًا وَأُمُّ وَلَدٍ أَوْ مُعْتَقٌ إِلَى أجل
كَمَا لَا يقطع يَدٌ بِيَدِ أَحَدِهِمْ وَقَتْلُ الرَّقِيقِ بِالْحُرِّ إِنِ اخْتَار الْوَلِيّ وَيقتل المستولد بالمكاتب وَالْمُدَبَّرُ وَمَنْ فِيهِ عَقْدُ حَرِيَّةٍ بِمَنْ لَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ مِنَ الرَّقِيقِ وَكُلُّ مَنْ لَا يُقْتَصُّ لَهُمْ مِنَ الْحُرِّ لِنُقْصَانٍ حُرْمَتِهِمْ بِالرِّقِّ فَدِمَاؤُهُمْ مُتَكَافِئَةٌ يُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَإِنْ رَجَحَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِعَقْدِ حُرِّيَّةٍ أَوْ بِحُصُولِ بَعْضِ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِلْحُرِّ الذِّمِّيِّ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي افْتِكَاكِهِ بِدِيَتِهِ أَوْ يُسْلِمُهُ فَيُبَاعُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ وَيُقْتَصُّ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ مِنْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ قَالَ سَيِّدُهُ لَا أَقْتُلُهُ وَآخُذُ قِيمَةَ عَبْدِي فَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ مَالُهُ وَقَالَ سَحْنُون إِنَّمَا ع ليه قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ سِلْعَةٌ أَتْلَفَهَا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ يُضْرَبُ وَلَا يُقْتَلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَعْفُوَ عَلَى الدِّيَةِ وَهُوَ كَالْحُرِّ يَقْتُلُ الْحُرَّ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْقَتْل أَو يصطلحان على دِيَة شَيْءٍ وَقَالَ أَصْبَغُ فِيهِ الْعَفْوُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غِيلَةً وَيَصِيرُ كَالنَّصْرَانِيِّ يُقْتَلُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ عَلَى الْعَدَاوَةِ وَالنَّائِرَةِ فَلِوَلِيِّهِ الْعَفُوُ عَلَى الدِّيَةِ وَالْقَتْلُ قَالَ مُحَمَّدٌ الْأَحْسَنُ أَنْ يُخَيَّرَ السَّيِّدُ فِي قَتْلِ النَّصْرَانِيِّ أَوْ أَخْذِ قِيمَةِ عَبْدِهِ لِأَنَّهُ مَالٌ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ السَّبَبُ الثَّالِثُ الْأُبُوَّةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ عِنْدَ أَشْهَبَ تَمْنَعُ الْقِصَاصَ مُطْلَقًا فَلَا يُقْتَلُ الْأَبُ بِابْنِهِ بِحَالٍ وَالْمَذْهَبُ لَا يُدْرَأُ إِلَّا مَعَ الشُّبْهَةِ إِذَا أَمْكَنَ عدم الْقَصْد لَهُ وَادّعى كَمَا لَوْ حَذَفَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَ إِرَادَةِ الْقَتْلِ بَلْ أَدَبَهُ لِأَن شَفَقَة الْأَب شُبْهَةٌ شَاهِدَةٌ بِعَدَمِ قَصْدِ الْقَتْلِ وَهُوَ
مَوْرِدُ السُّنَّةِ فِي فِعْلِ الْمُدْلِجِيِّ بِابْنِهِ فَإِنْ فَعَلَ مَا لَا شُبْهَةَ مَعَهُ كَشَقِّ جَوْفِهِ أَوْ ذَبْحِهِ أَوْ وَضَعَ أُصْبُعَهُ فِي عَيْنِهِ فَأَخْرَجَهَا فَالْقِصَاصُ وَكَذَلِكَ إِنِ اعْتَرَفَ بِقَصْدِ الْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ الِاحْتِمَالُ قَائِمًا لِأَنَّهُ كَشَفَ الْغِطَاءَ عَنْ قَصْدِهِ وَفِي مَعْنَى الْأُبُوَّةِ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَمَنْ لَا يَرِثُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ سَحْنُونٌ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا تغلظ فِي الْجد وَالْجدّة وَقَالَ سَحْنُون كالأجنبيين وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْقِصَاصِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ غَيْرَ ولد الْأَب من الْعَصَبَةِ وَنَحْوِهَا
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِن ضرب امْرَأَته بِسَوْط أَو حَبل فِي عَيْنِهَا أَوْ غَيْرِهَا فَفِيهِ الدِّيَةُ دُونَ الْقَتْلِ وَيقتل الخ بِأَخِيهِ إِنْ قَتَلَهُ عَدَاوَةً وَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ فَالْعَقْلُ كَالْمُعَلِّمِ وَالصَّانِعِ وَالْقَرَابَةِ يُؤَدِّبُونَ مَا لم يتعمدوا بِالسِّلَاحِ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ ابْنَهُ كَفِعْلِ الْمُدْلِجِيِّ فَسَلَّمَهُ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِمْ وَيُبَاعُ وَلَوْ جَرَحَ أَبَاهُ فَأسلم إِلَيْهِ يعْتق عَلَيْهِ السَّبَبُ الرَّابِعُ فَضْلُ الذُّكُورَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ الْمَشَاهِيرِ وَعَنْ طَائِفَةٍ إِذَا قَتَلَتْ رَجُلًا قُتِلَتْ وَأُخِذَ مِنْ أَوْلِيَائِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ أَوْ قَتَلَهَا رَجُلٌ أَخَذَ أَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ نِصْفَ دِيَتِهِ وَنَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِي الله
عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} وَالْقِصَاصُ لُغَةً الْمُمَاثَلَةُ فَيَجِبُ التَّمَاثُلُ وقَوْله تَعَالَى {وَلَيْسَ الذّكر كالأنثى} وَلِقَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالصَّغِيرِ مَعَ الْكَبِيرِ وَالْعَالِمِ الْعَابِدِ الشُّجَاعِ الْبَطَلِ مَعَ ضِدِّهِ فِي ذَلِكَ فَتُخَصُّ هَذِهِ الصُّورَةُ بِالْقِيَاسِ عَلَى ذَلِكَ بَلِ التَّفَاوُتُ هُنَاكَ أَكْثَرُ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ ساوته فِي الْحُدُود والتكاليف فَكَذَلِك هَا هُنَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ نَزَلَ فِي بُطْلَانِ مَا كَانَتِ الْعَرَبُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْقَبِيلَةَ إِذَا غَزَتْ وَقُتِلَ مِنْهَا حُرٌّ مِنَ الْقَبِيلَةِ الْمَغْزُوَّةِ بَذَلُوا مَوْضِعَهُ عَبْدًا أَوِ امْرَأَةً أَوْ قُتِلَ عبد من المغروة لِعَبْدٍ مِنَ الْمَغْزُوَّةِ أَوْ حُرَّةٍ بِحُرَّةٍ طَلَبُوا مَوْضِعَ الْعَبْدِ حُرًّا وَالْمَرْأَةِ رَجُلًا وَهُوَ طَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْله تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْحُرِّ جِنْسُهُ الشَّامِلُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَكَذَلِكَ العَبْد فَالْعَبْد وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ فَأَعَادَ ذِكْرَ الْأُنْثَى بِالْأُنْثَى إِنْكَارًا لِمَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ وَاسْتِدْلَالُ الْخَصْمِ إِنَّمَا هُوَ بِمَفْهُومِ الْآيَةِ أَيِ الْحُرُّ بِالْحُرِّ مَفْهُومُهُ لَا أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْقِصَاصِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَخْذِ مَالٍ مَعَهُ كَمَا تَقَدَّمَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْمُمَاثلَة فِي الْعُضْو فَلَا يُقْتَصُّ مِنَ الْيُمْنَى إِلَّا بِالْيُمْنَى وَكَذَلِكَ سَائِر الْأَعْضَاء إِذا اخْتلفت لِأَنَّهُ مَعْنَى الْقِصَاصِ لُغَةً وَفِي الْكِتَابِ إِنْ
قَطَعَ يَمِينَهُ عَمْدًا (وَلَا يَمِينَ لَهُ فَدِيَتُهُ مِنْ مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا) فَفِي ذِمَّتِهِ وَلَا تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ إِذَا قَتَلَتْ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ أَصَالَةً بِخِلَافِ قَبُولِهَا وَإِنْ فَقَأَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى عَيْنًا يُمْنَى خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ أَوْ عَمْدًا فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا فِي مَالِهِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنَ الْيَدِ أَوِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى وَلَا الْيُسْرَى باليمنى وَلَا الْعين أَو السن بِمِثْلِهَا فِي صِفَتِهَا وَمَوْضِعِهَا الرَّبَاعِيَةِ بِالرَّبَاعِيَةِ وَالْعُلْيَا بِالْعُلْيَا وَالسُّفْلَى بِالسُّفْلَى فَإِنْ تَعَذَّرَ رُجِعَ لِلْعَقْلِ وَإِنْ فُقِأَتْ عَيْنُ أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُسْرَى فَفِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي عَيْنِ الْجَانِي لِلْمُخَالَفَةِ وَإِنْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ الصَّحِيحِ الَّتِي مِثْلُهَا بَاقِيَةً لِلْأَعْوَرِ فَلِلصَّحِيحِ أَنْ يَقْتَصَّ وَإِن أحب أَخذ دِيَةَ عَيْنِهِ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ لَهُ الْقِصَاصُ أَوْ دِيَةُ عَيْنِ الْأَعْوَرِ أَلْفُ دِينَارٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ فَقَأَ أَعْمَى عَيْنًا فَدِيَتُهَا فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَإِنْ فَقَأَ أَعْوَرُ عَيْنَيْ رَجُلٍ فَلَهُ الْقِصَاصُ فِي عَيْنِهِ وَنِصْفُ الدِّيَةِ فِي الْعَيْنِ الْأُخْرَى فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ إِذَا فَقَأَ الْأَعْوَرُ مِثْلَ عَيْنِهِ مِنَ الصَّحِيحِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ قِيلَ يَتَخَرَّجُ مِنْهُ قَوْلٌ فِي التَّخْيِيرِ فِي أَخْذِ الدِّيَةِ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ وَيَتَخَرَّجُ أَيْضًا إِجْبَارُ الْقَاتِلِ عَلَى الدِّيَةِ كَقَوْلِ أَشْهَبَ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ إِذَا قَالَ ذَلِكَ لِعَدَمِ التَّسَاوِي فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ لِأَنَّهَا أَزْيَدُ مِنْ عَيْنِ الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ إِنِ اخْتَارَ الْقِصَاصَ فَفِي مِثْلِ عَيْنِهِ أَوِ الدِّيَةِ فَقَدْ دُعِيَ إِلَى صَوَابٍ قَالَ وَيَلْزَمُهُ عَلَى هَذَا الْإِجْبَارُ عَلَى الدِّيَةِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ على هَذِه أَنَّ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ إِذَا كَانَ الْقَاتِلُونَ جَمَاعَةً أَنْ يَلْزَمَ كُلَّ وَاحِدٍ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ عَنْ نَفْسِهِ كَدِيَتِهِ لِأَنَّ
لَهُ قَتله واستحياء من أَرَادَ وَكَذَلِكَ قاطعوا الْيَدِ عَلَى كُلِّ مَنْ عَفَا عَنْهُ دِيَةُ يَدِ نَفْسِهِ قَالَ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ أَبَا عِمْرَانَ لِأَنَّ جَمَاعَةَ الْأَنْفُسِ زِيَادَةٌ عَلَى نَفْسٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَفِي النُّكَتِ قَوْلُهُ إِذَا فَقَأَ الْأَعْوَرُ الْيُمْنَى عَيْنَ رَجُلٍ فَلَهُ الْقِصَاصُ بِعَيْنٍ وَنِصْفِ الدِّيَةِ مِنَ الْعَيْنِ الْأُخْرَى قَالَ أَشْهَبُ هَذَا إِذَا فَقَأَهُمَا فِي فَوْرٍ أَمَّا وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَتَقَدَّمَتِ الْيُمْنَى فَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَة بِعَدَمِ النَّظِيرِ وَفِي الْأُخْرَى الْقِصَاصُ أَوْ تَقَدَّمَتِ الْيُسْرَى الَّتِي هِيَ بَاقِيَةٌ فَفِيهَا الْقِصَاصُ وَفِي الْأُخْرَى دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافٌ وَقَوْلُهُ فِي الْأَعْوَر يفقأ عين صَحِيح بِمِثْلِهَا بَاقِيَةٍ يُخَيَّرُ فَلَزِمَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إِنْ فَقَأَهُمَا مَعًا أَنَّ الْحُرَّ الصَّحِيحَ فِي مَعْنَى عَيْنِ الْأَعْوَرِ بِعَيْنِهِ أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ دِيَةً كَامِلَةً وَخَمْسَمِائَةٍ فِي عَيْنِهِ الْأُخْرَى الَّتِي لَيْسَ لَهَا مِثْلٌ وَإِنَّمَا جَوَابُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ فِي آخِرِ أَقْوَالِهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْقِصَاصُ وَبَنَى أَشْهَبُ قَوْلَهُ عَلَى مَذْهَبِهِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ تَقَدَّمَتِ الْيُمْنَى الَّتِي لَا نَظِيرَ لَهَا فِي الْأَعْوَرِ فَلَهُ فِيهَا نِصْفُ الْدِّيَةِ وَيُخَيَّرُ فِي الْأُخْرَى بَيْنَ الْقِصَاصِ وَأَخْذِ دِيَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ تَقَدَّمَتْ مِنَ الْيُسْرَى الَّتِي مِثْلُهَا بَاقِيَةٌ خُيِّرَ فِي الْقِصَاصِ أَوْ دِيَةٍ كَامِلَةٍ عِوَضَ مَا بَقِيَ وَلَهُ فِي الْيُمْنَى أَلْفُ دِينَارٍ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهَا عَيْنُ الْأَعْوَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ كَمَالُ الدِّيَةِ أُخِذَ فِي الْأُولَى عَقْلٌ أَوْ ذَهَبَتْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ قَالَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُهُمْ رضي الله عنهم فِي الْجَوَاهِرِ الذَّكَرُ الْمَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ وَالْحَدَقَةُ الْعَمْيَاءُ وَالْيَدُ الشَّلَّاءُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ صِحَاحٍ وَإِن رَضِي لحق الله تَعَالَى فِيهِ وَإِن ردَّتْ السن فَنَبَتَتْ فَلَهُ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوَدُ
فِي الْعمد فَلَا عَقْلَ فِي الْخَطَأِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْجُرْحُ حَال الجنياة فِي الْقَوَدِ وَالْعَقْلُ يَوْمَ النَّظَرِ وَإِنْ وَقَعَتْ سِنٌّ فَأَخَذَ عَقْلَهَا ثُمَّ نَبَتَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ وَلَا يُقْلَعْ سِنُّ الْبَالِغِ بِسِنِّ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَثْغَرْ لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ فِي الْأَصْلِ وَسِنُّ الْبَالِغِ أَصْلٌ وَإِنْ عَادَتِ الْمُوَضِّحَةُ مُلْتَئِمَةً لَمْ يَسْقُطِ الْقِصَاصُ وَتُقْطَعُ يَدُ الْجَانِي النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا وَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ غَيْرَ ذَلِكَ وَرُوِيَ لَهُ الْأُصْبُعُ النَّاقِصَةُ فَإِنْ نَقَصَتْ أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ خُيِّرَ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالْقِصَاصِ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكَ الْقِصَاصَ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ اخْتَارَ الْقِصَاصَ لِبَذْلِهِ أَخْذَ مَا نَقَصَ مِنَ الْأَصَابِعِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ كَانَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ هِيَ النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا الْإِبْهَامُ أَوْ غَيْرُهُ اقْتُصَّ عِنْدَ مَالِكٍ أَخَذَ الذَّاهِبُ عَقْلًا أَمْ لَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْقِصَاصُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِبْهَامَ فَلَا قِصَاصَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ نَقَصَتْ أُصْبُعَيْنِ فَلَا قِصَاصَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّالِمَةُ بِالضَّعِيفَةِ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ أَوْ كِبَرٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ جُدَرِيٍّ أَوْ كَوْكَبٍ أَوْ قَرْحَةٍ أَوْ رَمْيَةٍ أَخَذَ فِيهَا عَقْلًا أَمْ لَا فَلَا قَوَدَ وَحَمَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكَ عَلَى النَّقْصِ الْفَاحِشِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أُصِيبَتِ الْعَيْنُ خَطَأً فَأَخَذَ عَقْلَهَا وَهُوَ يَنْظُرُهَا ثُمَّ أُصِيبَتْ فَفِيهَا الْقِصَاصُ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ فَذَهَبَتْ يَمِينُ الْقَاطِعِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ فِي قَطْعِ سَرِقَةٍ فَلَا شَيْءَ لِلْمَقْطُوعِ يَدُهُ بِذَهَابِ الْمَحَلِّ وَإِنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ الْيُمْنَى يَمِينًا مِنَ الْمِرْفَقِ خُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ يَدِهِ أَوْ قَطْعِ الْيَدِ النَّاقِصَةِ مِنَ الْمِرْفَقِ وَلَا عقله وَكَذَلِكَ مَنْ قُطِعَتْ مِنْ يَدِهِ ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ فَقَطَعَ يَدًا فَيُقْتَصُّ مِنَ الْيَدِ النَّاقِصَةِ أَوْ يَأْخُذُ الْعَقْلَ قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ فِي الْقِصَاصِ (التَّسَاوِي لِأَنَّهُ مِنَ الْقَصِّ) وَمَتَى قُصَّ شَيْءٌ مِنْ
شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ فَهُوَ شَرْطٌ إِلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى تَعْطِيلِ الْقِصَاصِ قَطْعًا أَوْ غَالِبًا وَلَهُ مُثُلٌ أَحَدُهَا التَّسَاوِي فِي أَجْزَاءِ الْأَعْضَاءِ وَسُمْكِ اللَّحْمِ لَوِ اشْتُرِطَ فِي الْجَانِي لِمَا حَصَلَ إِلَّا نَادِرًا بِخِلَافِ الْجِرَاحَات فِي الْجَسَد وَثَانِيها تَسَاوِي الْأَعْضَاءِ الثَّالِثُ الْعُقُولُ الرَّابِعُ الْحَوَاسُّ الْخَامِسُ قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ وَقَطْعُ الْأَيْدِي بِالْيَدِ لَوِ اشْتَرَطَ الْوَاحِدَة لتساعد الْأَعْضَاء بِبَعْضِهِمْ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ السَّادِسُ الْحَيَاةُ الْيَسِيرَةُ كَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ مَعَ الشَّابِ وَمَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِعُ تَفَاوُتُ الصَّنَائِعِ وَالْمَهَارَةِ فِيهَا الشَّرْطُ الرَّابِعُ حُضُورُ الْأَوْلِيَاءِ كُلِّهِمْ وَاجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْقَتْلِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ الْقَتْلُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَأَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ غَائِبٌ فَإِنَّمَا لِلْحَاضِرِ أَنْ يَعْفُوَ وَلَهُ حِصَّته فِي المدية وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَيُحْبَسَ الْقَاتِلُ حَتَّى يَحْضُرَ وَلَا يَضْمَنُ إِذْ لَا ضَمَانَ فِي النَّفْسِ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَوْلِيَاءُ صِغَارٌ وكبار فللكبار أَن يقتلُوا وَلَا ينتظروا لَيْلًا يَفُوتَ الدَّمُ بِخِلَافِ الْغَائِبِ لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لَهُ وَلَمَّا قَتَلَ ابْنُ مُلْجِمٍ عَلِيًّا رضي الله عنه أَمَرَ الْحَسَنَ بِقَتْلِهِ وَكَانَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه وَرَثَةٌ صِغَارٌ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْنُونًا مُطْبِقًا فَلِلْآخَرِ الْقَتْلُ وَيُنْتَظَرُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُبَرْسَمُ حَتَّى يُفِيقَ لِأَنَّهُ مَرَضٌ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ الْقِصَاصِ وَالْقَاتِلُ وَارِثُهُ بَطَلَ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً فَهُوَ كَالْعَفْوِ وَلِبَقِيَّتِهِمْ حِصَّتُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مُمْكِنُ التَّوْزِيع وَإِن مَاتَ وَارِث الدَّمِ فَوَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْعَفْوِ وَالْقَتْلِ فَإِنْ كَانَ فِي وَارِثِ الْوَلِيِّ نِسَاءٌ وَرِجَالٌ فَلَهُنَّ مِنَ الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ مَا لِلرِّجَالِ لِأَنَّهُنَّ وَرِثْنَ الدَّم
عَمَّنْ لَهُ الْعَفْوُ وَالْقَتْلُ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ وَعَصَبَةٌ فَلَهُمُ الْقَتْلُ أَوِ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ كَامِلَةً قَبْلَ كِبَرِ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ بِالْقَسَامَةِ فَلَهُمُ الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ وَالْعَفو عَن الدِّيَة فَإِن نكلوا خير الْقَاتِلُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ فَيُقْسِمُونَ وَيَقْتُلُونَ أَوْ يَأْخُذُونَ الدِّيَةَ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِن كَانَ بَيِّنَة فَلَا يَعْفُو الْعَصَبَةُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ لِقُوَّةِ الْبُنُوَّةِ وَقُوَّةِ الثُّبُوتِ أَوْ بِقَسَامَةٍ فَلَهُمُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَلَهُمُ الْقَتْلُ الْآن قَالَ مَالك وغن لَمْ يَكُنْ إِلَّا صَغِيرٌ فَالْأَبُ يَقْتُلُ أَوْ يَعْفُو عَلَى الدِّيَةِ أَوِ الْجَدُّ لَا الْجَدُّ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَصَبَةً فَإِنْ عُدِمَ لَهُ وَلِيٌّ فَالسُّلْطَانُ أَوْ مَنْ يُوَلِّيهِ فَيَكُونُ كَالْوَصِيِّ وَلَا يُصَالِحُ إِنْ رَأَى ذَلِكَ إِلَّا عَلَى الدِّيَة فِي مَلأ الْقَاتِل وَإِن لَك يَكُنْ مَلِيًّا فَلَهُ الصُّلْحُ عَلَى دُونِهَا وَإِنْ صَالَحَ فِي مِلَائِهِ عَلَى دُونِهَا طُولِبَ الْقَاتِلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أحسن} وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ عَلَى الْخَلِيفَةِ بِشَيْءٍ وَأَمَّا الْقَتْلُ فَيُمْتَنَعُ وَإِنْ أَقْسَمَ الْكِبَارُ وَلِلصَّبِيِّ وَصِيٌّ فَلَا يَقْتُلُوا إِلَّا بِرَأْيِهِ وَإِنْ عَفَا الْأَوْصِيَاءُ عَلَى الدِّيَةِ جَازَ لِأَنَّهُ الْمَشْرُوعُ الْأَغْلَبُ وَدَخَلَ فِيهَا الْكِبَارُ لِتَعَذُّرِ الدَّمِ أَوْ عَفْوًا عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ امْتُنِعَ وَلِلْكِبَارِ الْقَتْلُ لِضَعْفِ شَفَقَةِ الْوَصِيِّ عَنْ حُرْقَةِ الْوَلِيِّ أَوْ عَفَا الْكِبَارُ نَظَرَ الْوَصِيُّ فَإِنْ رَأَى أَنْ يَأْخُذَهُ صُلْحًا فَعَلَ قَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانُوا مَعَهُمْ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ عَفْوُ مَنْ عَفَا عَنْهُمْ لِتَسَاوِي الرُّتْبَةِ وَلِلْبَاقِي حِصَّتُهُ مِنَ الدِّيَةِ أَوْ طَلَبُوا الْقَتْلَ نَظَرَ مَعَهُمْ أَوْلِيَاءُ الصِّغَارِ وَمَنْ عَفَا مِنْهُمْ عَلَى الدِّيَةِ دَخَلَ فِيهَا الْبَاقُونَ وَالْعَصَبَةُ عِنْدَ أَشْهَبَ غَيْرُ الْإِخْوَةِ مَنْ قَامَ بِالدَّمِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ كَبِيرٍ
أَوْ وَلِيٍّ صَغِيرٍ وَلَا عَفْوَ إِلَّا لِجَمِيعِهِمْ وَلَا يَعْفُو أَوْلِيَاءُ الصِّغَارِ مَعَ الْكِبَارِ إِلَّا بِنَصِيبِهِمْ مِنَ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَلَهُمُ الْقَتْلُ وَعَنْ مَالِكٍ الْوَصِيُّ أَوْلَى بِالْقَتْلِ وَالْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْأَبِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُنْتَظَرُ كِبَرُ الصَّغِيرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَاهَقَ وَإِلَّا فَلِلْكَبِيرِ الْقَتْلُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ (إِلَّا إِذَا كَانَ الْأَوْلِيَاءُ مَنْ عَفَا مِنْهُمْ كَانَ أَوْلَى وَإِنْ عَفَا بَعْضُ الْحُضُورِ تَمَّ الْعَفْوُ وَلَا يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ) وَإِنْ كَانَ مَنْ قَامَ مِنْهُمْ بِالدَّمِ كَانَ أَوْلَى فَلِمَنْ حضر الْقَتْل وَلَا يتهم عَفوه ويجبس الْقَاتِلُ حَتَّى يُكَاتَبَ الْغَائِبُ وَلَيْسَ الصَّغِيرُ كَالْغَائِبِ لِإِمْكَانِ الْمُكَاتَبَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ فَلِمَنْ حَضَرَ الْقَتْلَ وَلَا يُتَّهَمُ عَفْوُهُ قَالَ سَحْنُونٌ كَالْأَسِيرِ وَنَحْوِهِ أَمَّا إِفْرِيقِيَّةُ مِنَ الْعِرَاقِ فَلَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ غَابَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ مِمَّن لَهُ الْعَفو أَو نكل ردَّتْ الْأَيْمَان على الْمُدعى عَلَيْهِم وَانْظُر أَبَدًا وَيُؤْمَرُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أَنْ يُقْسِمُوا لَعَلَّهُمْ يَنْكُلُونَ فَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ وَيَبْطُلُ الدَّمُ (فِي قسَامَة سم احْتِيَاط لَيْلًا يَمُوت هَؤُلَاءِ وَيقدم الْغَائِب فلابد من. .) فَإِن نكل الْحَاضِر الأفقد وَالْغَائِب أَو عَفا أَو نكل لم يبطل الدَّم حلف الْحَاضِرُونَ وَقَتَلُوا وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا ضُمَّ إِلَيْهِ إِن وجد من يحلف وَإِن فقد المضموم مِثْلَ الْغَائِبِ فِي الْبُعْدِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ وَيَقْتُلُ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُنْتَظَرُ الْمُبَرْسَمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إِنَّ مَنْ قَامَ بِالدَّمِ فَهُوَ أَوْلَى وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَ الْمُبَرْسَمُ وَحْدَهُ أَوْلَى انْتُظِرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُنْتَظَرُ الْمَجْنُونُ الْمُطْبَقُ لِبُعْدِهِ عَادَةً وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ مَنْ عَفَا كَانَ أَوْلَى فَلِلْمَجْنُونِ حَظُّهُ مِنَ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ مَنْ عَفَا مَنْ قَامَ بِالدِّيَةِ كَانَ أَوْلَى فَالصَّحِيحُ الْقَتْلُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَلَا يُقَامُ لِلْمَجْنُونِ أَحَدٌ إِلَّا مَنْ قَامَ بِالْقَتْلِ فَهُوَ أَوْلَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ لَمْ يُنْتَظَرْ بُلُوغُ الصَّبِيِّ وَلَا يُقْسِمُ
وَصِيُّهُ وَيُقْسِمُ الْكَبِيرُ مَعَ بَعْضِ الْعَصَبَةِ وَيَكُونُ لِلْكَبِيرِ الْقَتْلُ مَعَ وَصِيِّ الصَّغِيرِ أَوْ كَبِيرَانِ وَصَغِيرٌ أَقْسَمَ الْكَبِيرَانِ وَقَتَلُوا مَعَ وَلِيِّ الصَّغِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ قَامَ أَحَدُهُمَا فَقَتَلَ الْقَاتِلَ لَا قَتْلَ عَلَيْهِ وَيُغَرَّمُ لِلْآخَرِ نِصْفَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ عَلَى نِصْفِ الدِّيَةِ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِنْ عُتِقَ ابْنُ الْمَقْتُولِ بَعْدَ الْقَتْلِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الدَّمِ بَلْ يَسْتَعِينُ بِهِ الْأَوْلِيَاءُ إِنِ احْتَاجُوا وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَسْتَعِينُ بِهِ الْأَوْلِيَاءُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ عِنْدَ الْقَتْلِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِنْ أُلْحِقَ بِأَبِيهِ بِحُكْمٍ أُدْخِلَ فِي الْوِلَايَةِ وَيُقْسِمُ مَعَ مَنْ تَقَدَّمَتْ قَسَامَتُهُ مِنْ إِخْوَتِهِ بِقَدْرِ مَا لَوْ كَانَ يَوْم الْقسَامَة لاحقا لَا قسَامَة إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْثَالُهُ خَمْسُونَ قَدْ أَقْسَمُوا فَيُسْتَغْنَى عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُقْسِمُونَ بَنِي عَمٍّ فلحق ابْن سَقَطت قسامتهم وَصَارَ اللَّاحِق لَهُ وَحده مؤتنف القاسمة قَالَ قَالَ أَشْهَبُ يَقُومُ مَقَامَ الْوَلِيِّ إِذَا مَاتَ مِنْ وَرَثَتِهِ مَنْ لَهُ الْقِيَامُ بِدَمِهِ لَوْ كَانَ هُوَ مَقْتُولًا وَإِنْ وَرِثَهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ فَلَا عَفْوَ لِلنِّسَاءِ إِنْ كُنَّ بَنَاتٍ إِلَّا مَعَ الْعَصَبَةِ وَلَا عَفْوَ لِلْعَصَبَةِ إِلَّا بِهِنَّ وَكَذَلِكَ الْعَصَبَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ بِنْتُ الْمَيِّتِ أَوْ رَجُلٌ عَصَبَةً فَالْقَوَدُ قَائِمٌ حَتَّى يَجْتَمِعَ كُلُّ مَنْ فِي دَمِ الْمَقْتُولِ نَظَرٌ عَلَى الْعَفْوِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَأَشْهَب إِذا كَانَ لِلْمَقْتُولِ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَمَاتَتْ بِنْتٌ وَتَرَكَتْ بَنِينَ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ فِي الْعَفْوِ وَلَا الْقيام لِأَنَّهُ لَيْسَ لأبيهم وَلَهُم شَيْء فَإِن عَفَا بَعْضُ بَنِي الْمَقْتُولِ فَلَهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانُوا أُمًّا وَبِنْتًا وَعَصَبَةً وَابْنَ عَمِّ أَوْ مَوَالِيَ فَمَنْ مَاتَ فَوَرَثَتُهُ مَقَامَهُ إِلَّا الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَمَنْ
قَامَ بِالدَّمِ أَوْلَى فَإِنِ اخْتَلَفَ وَارِثُ الدَّمِ وَمَنْ بَقِيَ مِنَ الْأُصُولِ (فَلَا عَفْوَ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ وَيَدْخُلُ غُرَمَاءُ الْوَارِثِ إِذَا مَاتَ مَعَ الْوَرَثَةِ فِي الْقَسَامَةِ لِحَقِّهِمْ) فِي الْمَالِ فَهُمْ أَوْلَى مِنَ الْوَرَثَةِ فَهُمْ يُقْسِمُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ وَإِنْ أَقْسَمَ الْوَرَثَةُ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِالْغُرَمَاءِ أُخِّرَ أَوْ خلف الْغُرَمَاءِ مَا قَبَضُوا شَيْئًا مِنْ دِيَتِهِمْ فَمَنْ نَكَلَ بَقِيَ حَقُّهُ لِلْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ إِذَا أَحَاطَ دَيْنُهُمْ فَيَقُومُونَ مَقَامَ غَرِيمِهِمُ الْمَيِّتِ مَعَ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ وَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ حَلَفَ مَا كَانَ يَحْلِفُ لَوْ حَضَرَ قَاعِدَةٌ الْوَارِثُ يَرِثُ الْمَالَ دُونَ الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ وَالْخَصَائِصِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْآرَاءِ النَّفْسَانِيَّةِ فَلِذَلِكَ لَا يَرِثُ اللِّعَانَ وَلَا فَيْئَةَ الْإِيلَاءِ وَلَا مَا فَوَّضَ إِلَيْهِ الْمُتَبَايِعَانِ أَوِ الْمُعَلَّقُ مِنَ الْمَشِيئَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَيَرِثُ الشُّفْعَةَ وَخِيَارَ الْبَيْعِ وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوَهَا لِأَنَّهُ بَائِعٌ بِالْمَالِ فَكُلُّ مَا هُوَ مَال أَو تَابع لَهُ يُورث مَا لَا فَلَا وَاسْتُثْنِيَ أَمْرَانِ حَدُّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصُ لِمَا يَدْخُلُ فِيهَا عَلَى الْوَارِثِ مِنَ الضَّرَرِ وَالْعَارِ وَفَقْدِ الِانْتِصَارِ فَجَعَلَ لَهُ التَّشَفِّيَ بِالْعُقُوبَاتِ وَالْإِضْرَارِ الشَّرْطُ الْخَامِسُ أَنْ يُبَاشِرَ غَيْرُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَفِي الْكِتَابِ لَا يُمْكِنُ الَّذِي لَهُ الْقِصَاصُ (فِي الْجَرْحِ مِنَ الْقِصَاصِ) لِنَفْسِهِ خَشْيَةَ الزِّيَادَةِ وَعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ بَلْ يَقْتَصُّ لَهُ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ وَفِي الْقَتْلِ يَدْفَعُ الْقَاتِلُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّ زُهُوقَ النَّفْسِ لَا يَخْتَلِفُ وَيُنْهَى عَنِ الْعَبَثِ قَالَ أَشْهَبُ النَّفْسُ كَالْجُرْحِ لَا يَلِيهَا الْوَلِيُّ خَشْيَةَ التَّعْذِيبِ
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُس الجرة فِي الْجُرْحِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَقَالَ (ح) وَ (ش) على
الْمُقْتَصِّ مِنْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ قَوْلٌ عِنْدَنَا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلِ الْوَاجِبُ التَّمْكِينُ لِلْآخَرِ عَلَى الْجَانِي أَوِ التَّسْلِيمُ فَيَجِبُ كَحُكْمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَة الذِّمَّة وَقِيَاسًا على أُجْرَة الْحمال فِي الزَّكَاةِ لَا تُؤْخَذُ مِنَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُمْ احْتَجُّوا بِأَنَّ غَاصِبَ الطَّعَامِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْكَيْلِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَالَ فَأَشْبَهَ السِّلْمَ الشَّرْطُ السَّادِسُ لَا يَتَعَدَّى الْقَتْلُ لِغَيْرِ الْجَانِي فَفِي النَّوَادِرِ تُؤَخَّرُ الْحَامِلُ حَتَّى تَضَعَ وَكَذَلِكَ فِي الْجِرَاحِ الْمَخُوفَةِ الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي مُسْتَوْفِيهِ وَفِي الْكِتَابِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ لِمُوَلِّيهِ إِذَا جُرِحَ وَالْوَلِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي الْقَتْلِ وَوَارِثُ الْوَلِيِّ كَالْوَلِيِّ فِي الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ وَإِنْ قَتَلَ الْأَوْلِيَاءُ الْقَاتِلَ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى الْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ غَيْرَ الْأَدَبِ لِلْجِنَايَةِ عَلَى حَقِّ الْإِمَامِ وَمَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَكَانَ وَلِيُّ الدَّمِ وَلَدُ الْقَاتِلِ كَرِهَ مَالِكٌ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ وَقَالَ أَكْرَهُ لَهُ تَحْلِيقَهُ فَكَيْفَ قَتْلَهُ وَإِنْ قُتِلَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ بِبَيِّنَةٍ فَلِأُمِّهِ أَنْ تَقْتُلَ كَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ أُمٌّ أَوْ عَصَبَةٌ فَصَالَحَ الْعَصَبَةُ وَابْنُ الْأُمِّ فلهَا الْقَتْل وَإِن مَاتَت الم فَلِوَرَثَتِهَا مَا كَانَ لَهَا وَكَذَلِكَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ فِي الْقِصَاصِ جَمَاعَةٌ فَهُوَ لِجَمِيعِهِمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ وَرُوِيَ لَا يَدْخُلُ النِّسَاءُ فِيهِ وَرُوِيَ يَدْخُلْنَ إِلَّا أَن يكون فِي درجتهن عصبَة وعَلى لدُخُول فَهَل فِي الْعقل دُونَ الْقَوَدِ أَوِ الْقَوَدِ دُونَ الْعَفْوِ رِوَايَتَانِ الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِيفَائِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ بِحَجَرٍ قُتِلَ بِهِ أَوْ قَتَلَهُ خنقا خنق أَو غرقه غرق أَو بعصى قُتِلَ بِعَصًا وَلَيْسَ فِي مِثْلِ هَذَا عَدَدٌ وَإِنْ ضَرَبَهُ بِعَصَوَيْنِ ضُرِبَ بِالْعَصَا حَتَّى يَمُوتَ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ رِجْلَيْهِ ثُمَّ
عُنُقَهُ قُتِلَ وَلَا تُقْطَعُ أَطْرَافُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنْ طَرَحَهُ فِي النَّهْرِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعُومُ إِنْ كَانَ لِعَدَاوَةِ قَتْلٍ أَوْ لَعِبٍ فَالدِّيَةُ وَقَالَ فِي الْمَضْرُوبِ بِعَصَوَيْنِ ذَلِكَ لِلْوَلِيِّ يَقْتَادُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِمَا قُتِلَ بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ خيف أَن لَا يَمُوت فِي مثل هَذَا أقيد وَإِن رُجي ذَلِك فَضرب ضَرْبَتَيْنِ كَمَا ضَرَبَ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَرَجَا زِيدَ ضَرْبَتَيْنِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُقْتَلُ بِالنَّبْلِ وَلَا بِالرَّمْيِ وَلَا بِالْحِجَارَةِ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى تَرْتِيبِ الْقَتْلِ بَلْ تَعْذِيبٌ وَلَا بِالنَّارِ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ وَقَوْلُهُ لَا تُقْطَعُ أَطْرَافُهُ يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ تَعْذِيبًا وَمَثَّلَهُ فَيُصْنَعُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِنْ قَطَعَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ بَقِيَّةَ كَفِّهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَصْلُ الْقِصَاصِ التَّسْوِيَةُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ اقْتِصَاصِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - بِالْحَجَرِ مِنَ الْيَهُودِ وَمَتَى طَلَبَ الْوَلِيُّ الْقَوَدَ بِأَخَفَّ مِمَّا لَهُ لَمْ يُمْنَعْ لِأَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ أَوْ بِالْأَشَدِّ كَقَتْلِ الْأَوَّلِ بِالسَّيْفِ فَأَرَادَ الثَّانِي بِالرُّمْحِ مُنِعَ فَإِنْ ذُبِحَ الْأَوَّلُ لَمْ يُمْنَعْ مِنَ السَّيْفِ أَوْ بِالنَّارِ لَمْ يُمْنَعْ مِنَ الرُّمْحِ أَوْ بِالرُّمْحِ مُنِعَ مِنَ النَّارِ أَوْ بِالسُّمِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَنْظُرُ الْإِمَامُ فِيهِ وَالْأَصْلُ إِنْ سُقِيَ سُمًّا أَوْ طُرِحَ مِنْ شَاهِقٍ عَلَى سَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ أقيد بِالسَّيْفِ لِأَن الأول قد يخطىء قَتْلَهُ فَيَكُونُ تَعْذِيبًا وَطُولًا وَأَصْلُ قَوْلِ مَالِكٍ الْفَوْتُ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْخَطَأُ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ} قَالَ وَأَرَى أَنْ يُمَثَّلَ بِهِ بَعْدَ الْقَتْلِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يُقْتَصُّ فِي الْمُوَضِّحَةِ بِمِسَاحَتِهَا وَإِنْ أَخَذَتْ جَمِيعَ رَأْسِ الثَّانِي وَمِنَ الْأَوَّلِ نِصْفَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنِ اسْتَوْعَبَ الرَّأْسَ وَلَمْ يُكْمِلْ الْقِيَاسُ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ لَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ الْجَانِي وَلَا يَتِمُّ لَهُ مِنَ الْجَبْهَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ
أَخَذَ مَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ (أُخِذَ مِنَ الثَّانِي قرنيه) وَإِن كَانَ أَكثر وَإِن نصف بِنصْف لِأَنَّهَا الْمُمَاثَلَةُ فِي الْعُضْوِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَطَعَ ثُلُثَ أُصْبُعِ طَوِيلَةٍ قُطِعَ مِنَ الثَّانِي ثُلُثُ أُصْبُعِهِ وَإِنْ كَانَتْ قَصِيرَةً وَكَذَلِكَ الْأُنْمُلَةُ
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ جَازَ قَتْلُهُ فِيهِ أَوْ فِي الْحِلِّ فَوُجِدَ فِي الْحَرَمِ جَازَ الْقَوَدُ فِيهِ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُقْتَلُ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَتُفْعَلُ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى كُلُّهَا فِي الْحَرَمِ وَقَالَ (ش) وَفِي الْجَوَاهِرِ يُخْرَجُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيُقْتَلُ خَارِجَهُ وَقَالَ (ح) لَا يُقْتَلُ بَلْ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ وَوَافَقَنَا فِي قَطْعِ الْأَطْرَافِ (وَحَدِّ الزِّنَا) وَإِذَا ابْتَدَأَ الْقَتْلَ فِيهِ وَعَلَى الْحُدُود لنا عمومات الْقصاص وَالْقِيَاس على مبتديء الْقَتْلِ فِيهِ وَالْأَطْرَافِ وَحَدِّ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وبالأولى لِأَن الْحُدُود بسقط بِالرُّجُوعِ عَنِ الْإِقْرَارِ وَبِغَيْرِهِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {من دخله كَانَ آمنا} وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا دَخَلَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَلِأَنَّهُ إِذَا امْتُنِعَ قَتْلُ الصَّيْدِ فَالْآدَمِيُّ أَوْلَى وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّكُمْ خَالَفْتُمُ الْأَمْرَ بِمَنْعِكُمْ إِيَّاهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَلِأَنَّهُ خَبَرٌ عَمَّا مَضَى وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ (مِنْ) شَرْطِيَّةٌ وَلَا أَنَّ (كَانَ) للدوام وانتم لَا تؤمنوه إِذَا ابْتَدَأَ الْقَتْلَ وَلَا فِي الْأَطْرَافِ وَلِأَنَّ الذَّبَائِح تقع فِيهِ وَعَن الثَّانِي أَن حُرْمَة الْبَيْت أعظم
فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ زَادَ الطَّبِيبُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ فِي الْقِصَاصِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ مِنَ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ
فَرْعٌ قَالَ يُؤْخَذُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِلْحَرِّ المفرط وَالْبرد المفرط وَمرض الْجَانِي لَيْلًا يَتَعَدَّى الْقِصَاصَ إِلَى الْجِنَايَةِ وَيُمْنَعُ مِنَ الْمُوَالَاةِ فِي قطع الْأَطْرَاف خوف الْوَضْعِ إِلَى كَمَالِ الرِّضَاعِ إِنْ تَعَذَّرَ مَنْ يُرْضِعُهُ وَتُحْبَسُ الْحَامِلُ فِي الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ فَإِنْ بَادَرَ الْوَلِيُّ فَقَتَلَهَا فَلَا غُرَّةَ فِي الْجَنِينِ إِلَّا أَنْ يُزَايِلَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا فَالْغُرَّةُ مَا لَمْ يَسْتَهِلَّ
فَرْعٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ من قتل بِشَيْء قتل بِهِ غلا فِي وَجْهَيْنِ وَصِفَتَيْنِ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ الْمَعْصِيَةُ كَالْخَمْرِ واللواط الثانب النَّار والسم وَقيل يقتل لَهَا وَالصِّفَةُ الْأُولَى فَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ إِنْ كَانَتِ الضَّرْبَةُ مُجْهِزَةً قُتِلَ بِهَا أَوْ ضَرَبَاتٌ فَلَا لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيهِ الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ إِذَا قَطَعَ أَرْبِعَتَهُ وَيَمِينَهُ قَصْدَ التَّعْذِيبِ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ كَمَا (فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - ذَلِكَ بِالْعُرَنِيِّينَ فَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ كَمَا سَمَلُوا) أَوْ لَا عَلَى قَصْدِ التَّعْذِيبِ فِي مُدَافَعَةٍ وَمُضَارَبَةٍ قتل بِالسَّيْفِ لَنَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ (أَنَّ الْيَهُودِيَّ رَضَّ رَأْسَ الْجَارِيَةِ بَيْنَ حَجَرَيْنِ عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا فَرَضَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ) الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ
النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - (لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ) وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّمَا قَتَلَهُ لِلْحِرَابَةِ عَلَى مَالِ الْجَارِيَةِ لَا لِلْقِصَاصِ فَإِنَّ الْأَوْضَاحَ حُلِيٌّ مِنَ الْفِضَّةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُحَارِبَ لَا يُقْتَلُ بِالْحِجَارَةِ إِجْمَاعًا فَكَيْفَ جَازَ لَكُمْ تَرْكُ إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ لِمَا لَمْ يَصِحَّ وَمَعَنَا ظَاهِرُ الْقُرْآنِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} وَقَالَ صَاحب الْمُنْتَقى الْمَشْهُور عَن مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْقِصَاصُ بِالنَّارِ إِذَا قَتَلَ بِهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَالَ (ش) يُقْتَصُّ بِالنَّارِ خِلَافًا لِ (ح) لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الظَّوَاهِرِ احْتَجُّوا بِنَهْيِهِ عليه السلام عَنِ الْمُثْلَةِ وَبِقَوْلِهِ عليه السلام (لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ) وَالْجَوَابُ عَنِ الأول أَنه يتعني حَمْلُهُ إِمَّا عَلَى سَبَبِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُمَثِّلُونَ بِالْأَنْعَامِ بِقَطْعِ أَيْدِيهَا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى عُمُومِهِ فِي تَمْثِيل لميتقدم لَهُ مُقْتَضٍ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْعَذَابِ عَلَى الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي لَا الْقِصَاصِ فَإِنَّ لَفْظَ الْعَذَابِ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ
فَرْعٌ قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إِذَا مَاتَ مِنَ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَاف فَلَا شَيْءَ فِيهِ قَالَهُ
مَالِكٌ وَ (ش) وَقَالَ (ح) إِنْ قَطَعَ يَدَهُ فَمَاتَ ضَمِنَ نِصْفَ الدِّيَةِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَلمن اننصر بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} وَقِيَاسًا عَلَى قَطْعِ الْإِمَامِ يَدَ السَّارِقِ احْتَجُّوا بِأَنَّ حَقَّهُ فِي الطَّرَفِ لَا فِي النَّفْسِ فَأَفْسَدَ مَا لَيْسَ لَهُ فَيَضْمَنُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَفْسَدَهُ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ حَيْثُ لَمْ يُشْرَعْ لَهُ الْفِعْلُ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ يُقِيمُ الْإِمَامُ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ فَيَقْتَصُّوا بِأَرْفَقَ مَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ وَيُجْزِئُ الرَّجُلُ الْعَدْلُ الْوَاحِدُ فيشرط فِي رَأْسِهِ مِثْلَ الْمُوَضِّحَةِ وَيَنْزِعُ السِّنَّ بِالْكَلْبَتَيْنِ بِأَرْفَقَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَسَرَ أَطْرَافَهَا أَوْ بَعْضَهَا يَنْحِلُ مِنَ الْجَانِبِ بِقَدْرِ ذَلِكَ فَائِدَة إِنَّمَا مسي الْقِصَاصُ قَوَدًا لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُودُ الْجَانِيَ بِحَبْلٍ فِي رَقَبَتِهِ فَتُسْلِمُهُ فَسُمِّيَ الْقِصَاصُ قَوَدًا لِأَنَّهُ كَانَ يُلَازِمُهُ
الْأَثَرُ الثَّانِي الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْجِنَايَةِ الدِّيَةُ فِي التَّنْبِيهَاتِ هِيَ مِنَ الْوَدْيِ وَهُوَ الْهَلَاكَ وَمِنْهُ أَوْدَى فُلَانٌ أَيْ هَلَكَ وَهِي
تَجِبُ بِسَبَبِ الْهَلَاكِ فَسُمِّيَتْ مِنْهُ أَوْ مِنَ التودية وَهِي شدّ أطباء النَّاقة لَيْلًا يَرْضَعَهَا فَصِيلُهَا وَالدِّيَةُ يُمْنَعُ مَنْ يُطَالِبُ بِهَا من الْقود الْجِنَايَةَ أَوْ مِنْ دَوَأْتُ الشَّيْءَ مَهْمُوزًا أَيْ شَدَّيْتُهُ لِأَنَّهَا تُسْكِنُ الطَّلَبَ فَيَسْتَوِي النَّاسُ فِي السُّكُونِ عَنِ الْمُطَالَبَةِ وَفِي الدِّيَةِ سِتَّةُ أَرْكَانٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسِهَا وَمِقْدَارِهَا وَفِي الْكِتَابِ لَا يُؤْخَذُ فِيهَا إِلَّا الْإِبِلُ وَالدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَإِنَّمَا قَوَّمَ عُمَرُ رضي الله عنه الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَعَنْ أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ حِينَ صَارَتْ أَمْوَالُهُمْ ذَهَبًا وَوَرِقًا وَتَرَكَ دِيَةَ الْإِبِلِ عَلَى أَهْلِهَا فَأَهْلُ الذَّهَبِ أَهْلُ الشَّامِ وَمِصْرَ وَأَهْلُ الْوَرق أهل الْعرَاق وَأهل اطلإبل أهل الْبَادِيَة والعمود وَلَا يقبل منأهل صِنْفٍ صِنْفٌ غَيْرُهُ وَلَا يُقْبَلُ بَقَرٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا عُرُوضٌ وَأَصْلُ الدِّيَةِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا} الْآيَةَ وَفِي الْمُوَطَّأِ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الْعُقُولِ إِنَّ فِي النَّفْسِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوْعِبَ جَدْعًا مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي الْجَائِفَةِ مِثْلُهَا وَفِي الْمُنَقِّلَةِ الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ (وَفِي الْيَد خَمْسُونَ) وَفِي الرجل خَمْسُونَ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِل وَفِي السن خمس وَفِي الْمُوَضّحَة خمس) وَفِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - (فِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ (وَفِي الْإِسْتِ الدِّيَةُ) وَفِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ) وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ
(قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْأَنْفِ بِالدِّيَةِ كَامِلَةً وَفِي الْأَرْنَبَةِ مِنْهُ بِالدِّيَةِ كَامِلَةً) وَقَضَى عُمَرُ رضي الله عنه فِيمَنْ ضُرِبَ بِحَجَرٍ فِي رَأْسِهِ فَذَهَبَ كَلَامُهُ وَفِي آخَرَ ضُرِبَ بِحَجَرٍ فِي رَأْسِهِ فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَلِسَانُهُ وَعَقْلُهُ وَإِصَابَةِ النِّسَاءِ بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ وَهُوَ حَيٌّ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْجُمْلَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَتَبَهُ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام حِينَ بَعَثَهُ إِلَى نَجْرَانَ قَالَ أَصْبَغُ أَهْلُ الْمَدَيْنَةِ (وَمَكَّةَ الْآنَ أَهْلُ الذَّهَبِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ مَالِكٌ قَوَّمَهَا رضي الله عنه فَكَانَت قيمتهَا فَمن الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ وَمِنَ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاسْتَقَرَّتْ عَلَى ذَلِكَ الدِّيَةُ لَا تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ تُقَوَّمُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَتَكُونُ قِيمَتُهَا الدِّيَةُ وَالْأَصْلُ الْإِبِلُ لَنَا أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَوَّمَهَا بِذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْقِيَمُ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ قَوَّمَ دِيَةً وَاحِدَةً عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَدِيَةً أُخْرَى عَلَى أهل الْغنم وَالْذَهَبْ والْوَرَقُ وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنِ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ نَظَائِرُ الدَّنَانِيرُ خَمْسَةٌ ثَلَاثَةٌ فِي الدِّمَاءِ اثْنَا عَشَرَ الدِّيَةُ وَالسَّرِقَةُ وَالنِّكَاحُ وَاثْنَا عَشَرَ الزَّكَاةُ وَالْحُرِّيَّةُ قُلْنَا الْقِيَاسُ عَلَى الدِّمَاءِ وَقَالَ أَشْهَبُ أَهْلُ الْحِجَازِ أَهْلُ إِبِلٍ وَمَكَّةُ مِنْهُمْ وَأَهْلُ الْمَدَيْنَةِ أَهْلُ ذَهَبٍ وَفِي الْجُلَّابِ أَهْلُ الْمَغْرِبِ أَهْلُ ذَهَبٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ أَهْلُ وَرِقٍ وَفِي الْجُلَّابِ أَهْلُ فَارِسَ وَخُرَاسَانَ أَهْلُ وَرِقٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى عِنْدِي يَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى غَالِبِ أَمْوَالِ النَّاسِ فِي الْبَلَدِ وَرُبَّمَا يَنْتَقِلُ
الْغَالِبُ فَتَنْتَقِلُ الدِّيَةُ وَأَشَارَ إِلَى هَذَا أَصْبَغُ بِقَوْلِهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَالْمَدَيْنَةِ الْيَوْمَ أَهْلُ ذَهَبٍ وَلَا يُؤْخَذُ فِيهَا غَيْرُ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن فِي قَوْلهمَا وَلَا يُؤْخَذُ فِيهَا غَيْرُ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ وَمِنْ أَهْلِ الْغَنَمِ أَلْفُ شَاةٍ وَمِنْ أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَا حُلَّةٍ يَمَانِيَةٍ لَنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَثَرِ عُمَرَ رضي الله عنه وَلِأَنَّ الْحُلَلَ عُرُوضٌ تُشْبِهُ الْعَقَارَ وَلِأَنَّ الْإِبِلَ سَهْلٌ نَقْدُهَا وَالنَّقْدَانِ يَتَيَسَّرُ حَمْلُهُمَا بِخِلَافِ النَّامِي قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُرَاعَى فِي الدِّيَةِ كَسْبُ الْغَارِمِينَ دُونَ أَوْلِيَاءِ الْقَتْلِ فِي الْإِبِلِ وَالنَّقْدَيْنِ وَدِيَةُ الْخَطَأِ مِنَ الْإِبِلِ أَخْمَاسٌ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَفِي الْعَمْدِ أَرْبَاعٌ رُبُعُ الْمِائَةِ بِنْتُ مَخَاضٍ وَرُبُعُهَا بنت لبون وربعها حقاق وبعها جذعات وَسقط ابْن اللَّبُون الذّكر وَفِي شبه الْعَمْدِ أَثْلَاثٌ ثَلَاثُونَ حَقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَهْلِ الْوَرِقِ لَكِنَّ لَفْظَ الْأَثَرِ قَوَّمَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى فَجَعَلَهَا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَلِأَنَّهُ أَتَى بِصِيغَةِ الْعُمُومِ فِي الدِّيَةِ وَالْقُرَى فَعَمَّ الْحُكْمُ الْقُرَى وَالدِّيَاتِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْوَاقُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أحد فاكان إِجْمَاعًا وَلِأَنَّ لِلتَّقْدِيرِ فِيهَا مَدْخَلًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ أَصْلًا فِي نَفْسِهِ كَالزَّكَاةِ احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ وَثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَكَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ فَقَوَّمَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَلَى
أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ وَفِي بَعْضِ الطُّرُقِ (كَانَ النَّبِيُّ عليه السلام يُقَوِّمُ دِيَةَ الْخَطَأِ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ وَعِدْلَهَا مِنَ الْوَرِقِ وَيُقَوِّمُهَا عَلَى أَثْمَانِهَا فَإِذا غلت رفع فِي ثمنهما وَإِنْ هَانَتْ نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا) وَلِقَوْلِهِ عليه السلام (فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ) فَجَعَلَ فِي كُلِّ نَفْسٍ ذَلِكَ فَمَنِ ادَّعَى غَيْرَهُ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَقَالَ (ح) الدِّيَةُ مِنَ الْوَرِقِ عَشَرَةُ آلَافٍ لَنَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ (أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَجَعَلَ دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) وَلِأَثَرِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الزَّكَاةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ تَيَسَّرَتْ أَسْبَابُهَا بِتَعْلِيلِ قَضَائِهَا وَالدِّيَةُ وَاحِدَةٌ فَغَلُظَتْ لِيَكُونَ الزَّجْرُ أَتَمَّ وَعَنْ أَحْمد أَن أصل الدِّيَة الْإِبِل وَالْبَقر وَأَوْلَادهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيُّ سِنٍّ كَانَتْ وَقَالَ أَشْهَبُ مَا بَيْنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى بَازِلِ عَامِهَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ فِي النَّسَائِيِّ وَقَالَ (ش) الْعَمْدُ أَثْلَاثٌ كَالْمُغَلَّظَةِ وَيُرْوَى عَنْهُ عليه الصلاة والسلام (مَنْ قُتِلَ عَمْدًا رُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ إِنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ وَهِيَ ثَلَاثُونَ حَقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً)
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ وَدِيَةُ نِسَائِهِمْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ رِجَالِهِمْ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْمَجُوسِيَّةِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَجِرَاحَاتُهُمْ مِنْ دِمَائِهِمْ كَنِسْبَةِ جِرَاحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَتِهِ وَوَافَقَنَا أَحْمَدُ فِي الْجَمِيعِ وَقَالَ (ش) دِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُلُثُ دِيَة الْحر المسلمووافقنا فِي الْمَجُوسِيِّ وَقَالَ (ح) دِيَةُ كُلِّ كَافِرٍ مَجُوسِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} وَقَوْلُهُ عليه السلام (فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ) عَلَى أَنْ (ح) لَا يَدِي بِالْمَفْهُومِ وَرَوَى أَحْمَدُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - (دِيَةُ الْمُعَاهِدِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ) وَرُوِيَ (قَضَى عليه السلام أَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي لَفْظِهِ (دِيَةُ الْمُعَاهِدِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَيْسَ فِي دِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ شَيْءٌ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا وَلَا بَأْسَ بِإِسْنَادِهِ وَلِأَنَّهُ نَقْصٌ فَيُؤْثَرُ النِّصْفُ كَالْأُنُوثَةِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ من قوم بينكن وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَة مُؤمنَة) {فَسَوَّى فِي الرَّقَبَةِ) وَسَوَّى فِي الدِّيَةِ وَعَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّهُ جَعَلَ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ مِثْلَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ 4 الذَّخِيرَة
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ أَنَّ دِيَةَ الْمُشْرِكِ كَانَتْ عَلَى عهد رَسُول الله وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما أَلْفَ دِينَارٍ إِلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه جَعَلَ نِصْفَهَا فِي مَالِ الْقَاتِلِ وَنِصْفَهَا فِي (بَيْتِ الْمَالِ وَلِأَنَّ دِيَاتِ عَبِيدِهِمْ يَسْتَحِقُّونَهَا) مَا بَلَغَتْ كَعَبِيدِ الْمُسْلِمِ فَهُمْ أَوْلَى مِنْ عَبِيدِهِمْ وَنُقْصَانُ الدَّيْنِ لَا يُؤَثِّرُ كَالْفُسُوقِ وَاحْتَجَّ (ش) بِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قضى فِي دِيَة النَّصْرَانِي بأرقة آلَافِ دِرْهَمٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ قَالَ مَالِكٌ فِي النَّوَادِرِ الْآيَةُ فِي هُدْنَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّهُ مَنْ أُصِيبَ مِنْهُمْ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجر فَفِيهِ الدِّيَة إِلَى أَهله الْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وقَوْله تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى {وَإِن كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} وَلَمْ يَذْكُرْ دِيَةً فِيمَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ مِنْ مَكَّةَ فَلَا دِيَةَ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يهاجروا} مَعَ أَن قَوْله تَعَالَى مَا مضى دِيَةً وَعَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَنَعَ الصِّحَّةَ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْعَبِيدَ لَا تَتَعَدَّى إِلَيْهِمْ جَرِيرَةُ الْكُفْرِ بِخِلَافِ النَّفْسِ الْكَافِرَةِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْفُسُوقَ أَخَفُّ وَلَا يَمْنَعُ جَرَيَانَ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ حُجَّةِ (ش) أَنَّ سَنَدَنَا أَرْجَحُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُعَاهِدُ كَالذِّمِّيِّ وَدِيَةُ
نِسَاءِ كُلِّ صِنْفٍ دِيَةُ رِجَالِهِمْ وَدِيَةُ الْمُرْتَدِّ فِي قَوْلٍ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي نَفسه وجرحه رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوْ قُتِلَ عَلَى دَيْنِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْ أَشْهَبَ عَقْلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ وَعَنْهُ قَتْلُهُ هَدَرٌ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ قُبِلَتِ الدِّيَةُ مُبْهَمَةً فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَسْنَانٍ كَمَا تَقَدَّمَ بِذَلِكَ مَضَتِ السُّنَّةُ وَأَمَّا إِنْ تَرَاضَوْا عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَتَحْرِيرُ دِيَةِ الْخَطَأِ فِي الْجِرَاحِ عَلَى أَسْنَانِهَا الْخَمْسَة فَفِي الْأُنْمُلَة ثَلَاثَة أَبْعِرَة وَثُلُثَا بَعِيرَيْنِ (وَثُلُثُ بَهِيمَةٍ) كُلُّ صِنْفٍ يَكُونُ لَهُ شَرِيكًا وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الدِّيَاتِ وَإِنْ قُبِلَتْ فِي الْعَمْدِ فَخَمْسَةُ أَسْدَاسٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ الْمُرَبَّعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي خَطَأِ الْأُنْمُلَةِ يُؤْتَى بِعَشَرَةِ أَبْعِرَةِ دِيَةِ الْأَصْبَغ عَلَى أَسْنَانِهَا فَيَكُونُ فِيهَا شَرِيكًا بِالثُّلُثِ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ (بِخَمْسِينَ إِلَّا ثُلُثًا مِنْهُنَّ خَمْسَةٌ صَحِيحَةٌ وَثُلُثٌ مِنْ كُلِّ فَرِيضَةٍ أَوْ يَأْتِي) بِفَرِيضَةٍ يُشَارِكُهُ بِثُلُثَيْهَا أَوْ يَشْتَرِي ذَلِكَ لَهُ مِنْهَا الرُّكْنُ الثَّانِي فِي مَحَلِّهَا الَّذِي تَجِبُ فِيهِ كَامِلَةً أَوْ بَعْضَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَتِ النُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى الدِّيَاتِ أَوَّلَ الرُّكْنِ الْأَوَّلِ وَفِي الْكِتَابِ فِي الْأَنْفِ الدِّيَةُ قَطَعَ مِنَ الْمَارِنِ أَوْ مِنْ أَصْلِهِ وَفِي الْحَشَفَةِ الدِّيَةُ كَمَا فِي الذَّكَرِ وَفِي بَعْضِ الْحَشَفَةِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ وَيُقَاسُ مِنَ الْحَشَفَةِ لَا مِنْ أَصْلِ الذَّكَرِ وَمَا قَطَعَ مِنَ الْأَنْفِ يُقَاسُ مِنَ الْمَارِنِ لَا مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ الْيَدَ إِذَا قُطِعَتْ مِنَ الْكَفِّ تَمَّ عَقْلُهَا أَوْ أُنْمُلَةٌ فَبِحِسَابِهَا وَإِنْ خُرِمَ الْأَنْفُ أَوْ كُسِرَ خَطَأً فَبَرِئَ على
غَيْرِ عَثْمٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ أَوْ عَلَى عَثْمٍ فَفِيهِ (الِاجْتِهَادُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ فِيهِ اجْتِهَاد لِأَن الْأنف إِذا قرض فَإِنْ بَرِئَ عَلَى عَثْمٍ فَفِيهِ) بِحَسَبِ مَا نَقَصَ مِنْ دِيَتِهِ وَكُلُّ نَافِذَةٍ فِي عُضْوٍ إِنْ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ (فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِلَّا فَالِاجْتِهَادُ وَلَيْسَ كَالْمُوَضِّحَةِ تَبْرَأُ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَفِيهَا دِيَتُهَا دِيَةٌ مُسَمَّاةٌ بِخِلَافِ خرم الْأنف وَفِي مُوضحَة الخد عقل الموضجة وَلَيْسَ الْأَنْفُ وَلَا اللَّحْيُ الْأَسْفَلُ مِنَ الرَّأْسِ فِي جرحهما لِأَنَّهُمَا عظمان منفردان بل الِاجْتِهَاد وَلَيْسَ فِيهَا سِوَى الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ إِذَا وَضُحَ عَنِ الْعَظْمِ عَقْلُ الْمُوَضِّحَةِ وَمُوَضِّحَةُ الرَّأْسِ أَوِ الْوَجْهِ إِذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ زِيدَ فِي عَقْلِهَا بِقَدْرِ الشَّيْنِ وَعَظْمِ الرَّأْسِ مِنْ حَيْثُ أَصَابَهُ فَأَوْضَحَهُ فَمُوَضِّحَتُهُ وَنَوَاحِيهِ سَوَاءٌ وَحَدُّ ذَلِكَ مُنْتَهَى الْجُمْجُمَةِ وَأَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْعَيْنِ لَا مُوَضِّحَةَ فِيهِ وَالْمُوَضِّحَةُ أَوِ الْمُنَقِّلَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَحَدُّ الْمُوَضِّحَةِ مَا أفضي إِلَى الْعظم وَلَو بِقدر إبرة وَالْمُنَقِّلَةِ مَا أَطَارَ فَرَاشَ الْعَظْمِ وَإِنْ صَغُرَ وَلَا تكون المأموة إِلَّا فِي الرَّأْسِ وَهِيَ مَا أَفْضَى إِلَى الدِّمَاغِ وَلَوْ مَدْخَلَ إِبْرَةٍ وَالْجَائِفَةُ مَا أَفْضَى إِلَى الْجَوْفِ وَلَوْ مَدْخَلَ إِبْرَةٍ وَإِذَا نَفَذَتِ الْجَائِفَةُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي اللِّسَانِ إِنْ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ قُطِعَ مِنْهُ مَا مَنَعَ الْكَلَامَ الدِّيَةُ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنَ الْكَلَامِ شَيْئًا فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ بِقَدْرِ شَيْنِهِ إِنْ شَانَهُ وَإِنَّمَا الدِّيَةُ فِي الْكَلَامِ لَا فِي اللِّسَانِ كَالدِّيَةِ فِي السَّمْعِ لَا فِي الْأُذُنَيْنِ وَفِي نَقْصِ الْحُرُوفِ فَبِقَدْرِ ذَلِكَ وَلَا يُعْمَلُ فِي نَقْصِ الْكَلَامِ عَلَى عَدَدِ
الْحُرُوفِ فَرُبَّ حَرْفٍ أَثْقَلُ مِنْ حَرْفٍ فِي النُّطْقِ لَكِنْ بِالِاجْتِهَادِ فَإِنْ أَخَذَ فِي الْحَشَفَةِ الدِّيَةَ ثُمَّ قُطِعَ عَسِيبُهُ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ وَيُنْتَظَرُ بِالْعَقْلِ وَالْقَوَدِ فِي الْجِرَاحِ الْبُرْءُ فَإِنْ طَلَبَ تَعْجِيلَ الدِّيَةِ إِذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا عَاشَ أَوْ مَاتَ لَمْ تَجِبْ لِذَلِكَ وَلَعَلَّ أُنْثَيَيْهِ أَوْ غَيْرَهُمَا تَذْهَبُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا تُعَجَّلُ دِيَةُ الْمُوَضِّحَةِ لَعَلَّهُ يَمُوتُ فَتَكُونُ فِيهِ الْقَسَامَةُ وَكَذَلِكَ الْمَأْمُومَةُ تُوقَفُ لِلْقَسَامَةِ قِيلَ لِمَالِكٍ اللِّسَانُ يَعُودُ يَلْبَثُ قَالَ يُنْتَظَرُ إِلَى مَا يصير إِلَيْهِ إنمنع الْكَلَامَ فَالدِّيَةُ وَلَا يُنْتَظَرُ الْقَوَدُ وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ وَكَذَلِكَ إِنْ قَعَدَ عَنِ الْقِيَامِ كَالْيَدِ إِذَا شُلَّتْ وَإِنْ مَشَى وَبَرِئَ عَلَى عَثْمٍ أَوْ عَلَى حَدَبٍ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ وَإِنْ عَادَ الصُّلْبُ فَأُصِيبَ فِي الْخَطَأِ لَا شَيْءَ فِيهِ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْخَطَأِ لِعَدَمِ الْفَوْتِ فَلَا يَجِبُ الْبَدَلُ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْأَلَمِ وَإِنْ عَادَ الْعُضْوُ بِحَالِهِ وَفِي الْيَدَيْنِ الْمَنْكِبُ أَوِ الْأَصَابِعُ فَقَطِ الدِّيَةُ وَفِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ وَفِي الْأُذُنِ إِذَا اصْطَلَمَتْ أَوْ شُدِخَتْ الِاجْتِهَادُ وَفِي الأذنيين الدِّيَةُ إِذَا ذَهَبَ السَّمْعُ اصْطَلَمَتَا أَوْ بَقِيَتَا وَإِن رد السن قنبتت أَوْ دُونَهُ فَلَهُ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَلَهُ الْعَقْلُ فِي السِّنِّ فِي الْخَطَأِ وَفِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَالْأَضْرَاسُ وَالْأَسْنَانُ سَوَاءٌ وَفِي السِّنِّ السَّوْدَاءِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ كَالصَّحِيحَةِ لِبَقَاءِ الْمَنْفَعَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَضْطَرِبُ اضْطِرَابًا شَدِيدًا فَفِيهَا الِاجْتِهَادُ وَفِي السِّنِّ الْمَأْكُولَةِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ وَفِي جُفُونِ الْعَيْنِ وَأَشْفَارِهَا الِاجْتِهَادُ وَفِي حَلْقِ الرَّأْسِ إِنْ لَمْ يَنْبُتْ الِاجْتِهَادُ وَكَذَلِكَ اللِّحْيَة وَلَا قصاص غي غَيْرِ هَالِكٍ وَكَذَلِكَ الْحَاجِبَيْنِ وَإِنْ بَرِئَ الظُّفْرُ عَلَى عَثْمٍ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ وَإِنِ
انْخَسَفَتِ الْعَيْنُ أَوِ ابْيَضَّتْ وَذَهَبَ بَصَرُهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ فَفِيهَا الدِّيَةُ لِذَهَابِ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ نَزَلَ ثُمَّ بَرِئَتْ رَدَّ الدِّيَةَ وَيُنْظَرُ بِالْعَيْنِ سَنَةً فَإِنْ مَضَتِ السَّنَةُ وَهِيَ مُنْخَسِفَةٌ انْتُظِرَ بُرْؤُهَا وَلَا يُقَادُ إِلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَإِنْ سَالَ دَمْعُهَا انْتُظِرَتْ سَنَةً فَإِنْ لَمْ يَرْقَأْ دَمْعُهَا فَحُكُومَةٌ وَفِي شَلَلِ الْيَدِ أَوِ الرِّجْلِ الدِّيَةُ لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ وَفِي شَلَلِ الْأَصَابِعِ الدِّيَةُ وَفِيهَا إِنْ قُطِعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْحُكُومَةُ وَلَا قَوَدَ فِي عَمْدِهَا وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ إِذَا أُخْرِجَتَا أَوْ رُضَّتَا الدِّيَةُ وَفِيهِمَا مَعَ الذَّكَرِ دِيَتَانِ وَإِنْ قُطِعَتَا قَبْلَ الذَّكَرِ أَوْ بَعْدَهُ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وَالْبَيْضَةُ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ شَفَةٍ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي إِلْيَتَيِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ حُكُومَةٌ وَفِي ثَدْيِ الرَّجُلِ الِاجْتِهَاد وَفِي ثدي الْمَرْأَة الدِّيَة لمنفعتهما وَقطع حَلَمَتَيْهِمَا وَإِبْطَالِ مَخْرَجِ اللَّبَنِ الدِّيَةُ فَكَذَلِكَ ثَدْيُ الصَّغِيرَةِ إِنْ تُيُقِّنَ (أَنَّهَا لَا تَعُودُ) وَأَبْطَلَهُمَا أَوْ شَكَّ فِيهِ وُضِعَتِ الدِّيَةُ وَانْتُظِرَتْ كَسِنِّ الصَّبِيِّ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ فَالدِّيَةَ وَفِي المفصلين من الْإِبْهَام عق أُصْبُعٍ لِأَنَّهُمَا أُصْبُعٌ وَفِي كُلٍّ مَفْصِلٍ عَقْلُ الْأُصْبُعِ وَمَنْ قُطِعَتْ إِبْهَامُهُ فَأَخَذَ دِيَتَهُ ثُمَّ قُطِعَ الْعَقْدُ الَّذِي بَقِيَ مِنَ الْإِبْهَامِ فِي الْكَفِّ فَحُكُومَةٌ وَكَذَلِكَ فِي الْكَفِّ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا أُصْبُعٌ وَفِي أُصْبُعَيْنِ مِمَّا يَلِيهِمَا مِنَ الْكَفِّ خَمْسُمِائَةِ الْكَفِّ وَلَا حُكُومَةَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْعَثْمُ وَالْعَثَلُ بِاللَّامِ وَالْمِيم وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مَعَ اللَّامِ وَسَاكِنَةٍ مَعَ الْمِيمِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الْأَثَرُ وَالشَّيْنُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَسْمَاءُ الْجِرَاحِ قَالَ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ تَعْجِيلُ الْقَوَدِ فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ كَمَا يُقَادُ فِي الْجِرَاحِ وَإِنْ نَبَتَ لَحْمُهَا وَإِنَّمَا الِانْتِظَارُ فِي اللِّسَانِ فِي الدِّيَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْبُتَ فَلَا دِيَةَ أَوْ يَنْبُتَ بَعْضُهُ فَبِحِسَابِهِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ تَأْخِيرَ الْقَوَدِ عَلَى قَوْلِهِ فِي سِنِّ الصَّبِيِّ وَثَدْيِ الصَّغِيرَةِ إِذَا نَبَتَ إِنَّهُ لَا قَود
وَيُنْتَظَرُ نَبَاتُهُ قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ السِّنَّ يَسْقُطُ غَالِبًا بِالْإِثْغَارِ فَإِذَا نَبَتَتْ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُجْنَ عَلَيْهَا وَثَدْيُ الصَّغِيرَةِ كَأَنَّهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَإِنَّمَا قُطِعَ حَلَمَتُهُ فَإِذَا كَبرت لمي بَطل اللَّبَنُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا الشَّيْنُ وَإِنْ بَطل اللَّبن والجانب رَجُلٌ فَالدِّيَةُ إِذْ لَا مِثَالَ لَهُ فِي الرَّجُلِ أَوِ امْرَأَةٌ فَالْقِصَاصُ وَاخْتُلِفَ فِي الِاسْتِينَاءِ بِالْجُرْحِ سَنَةً إِذَا ظَهَرَ بُرْؤُهَا فِيهَا فَتَأَوَّلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَا بُدَّ مِنَ السَّنَةِ مَخَافَةَ انْتِقَاضِهِ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ شَاسٍ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَقَالَ مَتَى بَرَأَتْ عُقِلَتْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْأُصُولِ وَلَا مَعْنَى لِلِانْتِظَارِ بَعْدَ الْبُرْءِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُسْتَأْنَى بِالْعَيْنِ فَإِنِ اسْتَقَرَّتْ بِمَقَرِّهَا عُقِلَ مَا ذَهَبَ مِنْهَا وَإِن كَانَ قبل السّنة وَاخْتلفت إِن مَضَت السّنة فِي الْجرْح قبل الْبُرْء فَفِي الْكِتَابِ يُنْتَظَرُ بُرْؤُهَا وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ إِلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ قَالَ أَشْهَبُ تُعْقَلُ بِحَالِهَا عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ وَيُطَالَبُ بِمَا زَادَ بَعْدَهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ لِذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إِنْ كَانَ دون الثُّلُث وَيجب تناسيه ثمَّ عقله وَإِن أَمن تناسيه لم يعقل كالموضحة قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يعق إِلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يعقل وَإِن كَانَت الدِّيَة فَيوم مَا أَخَذَهُ وَالْعَيْنُ الدَّامِعَةُ لَا يُنْتَظَرُ بِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمُنْخَسِفَةِ لِأَنَّ الْخَسْف جرح يبرأ فينتظر الْبُرْء والدمع لَا يَدُومُ أَبَدًا فَلَا يُزَادُ عَلَى السَّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أُخْرِقَتِ الْجَائِفَةُ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ وَقَضَى بِهِ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه وَعَن
الصِّدِّيقِ ثُلُثَا الدِّيَةِ وَجَعَلَهَا جَائِفَتَيْنِ وَإِذَا بَرِئَتِ الْجِرَاحُ الْمُقَدَّرَةُ كَالْمُوَضِّحَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى شَيْنٍ فَرِوَايَةٌ لبن الْقَاسِمِ يُزَادُ لِلشَّيْنِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يُزَادُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَدَّرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا وَلِأَنَّ الْمُوَضِّحَةَ تَكُونُ قَدْرَ الْإِبْرَةِ وَعَقْلُهَا عَقْلُ الْعَظِيمَةِ فَكَذَلِكَ الشَّيْنُ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ لِلْمَجْرُوحِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَرَأَى مَالِكٌ مَرَّةً فِي إِشْرَافِ الْأُذُنِ الدِّيَةَ ثُمَّ قَالَ حُكُومَةٌ لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ وَلَاحَظَ فِي الْأَوَّلِ قَوْلَهُ عليه السلام (فِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ) وَلِأَنَّهُمَا يَجْمَعَانِ الصَّوْتَ لِلصِّحَاحِ وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّهُ قَالَ (إِنَّمَا أُرِيدَ بِالْأُذُنِ السَّمْعُ) وَهُوَ كَلَامُ الْعَرَبِ أَذِنَ الرَّجُلُ إِذَا سَمِعَ وَعَنْ أَشهب إِذا رجت السِّنُّ أَوِ الْأُذُنُ فِي الْخَطَأِ فَبَرِئَتْ لَا شَيْءَ فِيهِمَا قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا رُدَّ الْأُذُنُ فَلَمْ يَنْبُتْ فَاقْتُصَّ فَرَدَّهَا الْجَانِي فَنَبَتَتْ فَالْمَجْرُوحُ عَقْلُ أُذُنِهِ وَسِنِّهِ وَكَذَلِكَ لَوْ نَبَتَتِ الْأَوَّلَانِ ثمَّ اقْتصّ فنشا للجاني أَيْضا فللأول العق لوإن لَمْ يَنْبُتْ لِلْجَانِي فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ نُبُوتَهُمَا يُبْطِلُ حِكْمَةَ الْقِصَاصِ مِنَ التَّشَفِّي وَلَا قِصَاصَ مَرَّتَيْنِ فَلَهُ الْعَقْلُ وَقَضَى عُمَرُ رضي الله عنه فِي الترقورة بِجَمَلٍ وَفِي الضِّرْسِ بِجَمَلٍ وَفِي الضِّلْعِ بِجَمَلٍ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لَمَّا قَضَى مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه فِي الضِّرْسِ بِخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ يُرِيدُ الدِّيَةَ فِي قَضَاءِ عُمَرَ وَلَوْ كُنْتُ أَنَا لَقَضَيْتُ فِي الْأَضْرَاسِ بِبَعِيرَيْنِ فَتَتِمُّ الدِّيَةُ سَوَاءً وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي مَسْلَمَةَ وَمُحَمَّدٌ وَفِي الْأَضْرَاسِ عِشْرُونَ وَالْأَسْنَانِ اثْنَا عَشَرَ أَرْبَعِ ثَنَايَا وَأَرْبع رباعيات
وَأَرْبَعَةُ أَنْيَابٍ قَالَهُ ابْنُ مُزَيْنٍ وَهُوَ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرُ ابْنِ مُزَيْنٍ يَقُولُ الْأَضْرَاسُ سِتَّةَ عَشَرَ وَيُرِيدُ أَرْبَعُ ضَوَاحِكَ وَهِيَ الَّتِي بَيْنَ الْأَنْيَابِ وَإِنْ ضَرَبَ السِّنَّ فاسودت تمّ عقلهَا وغن طُرِحَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تَمَّ عَقْلُهَا أَيْضًا قَالَهُ عُمَرُ فِيهَا وَقَالَهُ مَالِكٌ فَإِنِ احْمَرَّتْ أَوِ اصْفَرَّتْ فَبِحِسَابِهَا قَالَ أَشْهَبُ الْحُمْرَةُ أَقْرَبُ لِلسَّوَادِ ثُمَّ الْخُضْرَةُ ثُمَّ الصُّفْرَةُ وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِقدر مَا هذب مِنْ بَيَاضِهَا وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا ذَهَبَ بَيَاضُ الْعين أَو مَاؤُهَا بعذ أَخْذِ عَقْلِهَا لَمْ يَزِدْ شَيْئًا إِذَا اسْتُؤْنِيَ بِهَا قَالَ وَلَعَلَّ ذَلِكَ بِقَضَاءِ قَاضٍ وَإِذَا لَمْ يَبْقَ فِي الْكَفِّ أُصْبُعٌ فَفِي قَطْعِهِ حُكُومَةٌ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ فِيهِ قَالَ مَالك إِذا كَانَت خلفة يَدِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عشرَة مِنَ الْإِبِلِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةً أَوْ أُصْبُعَيْنِ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَمَنْ فِي كَفِّهِ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ (قُوَّتُهَا كَقُوَّةِ الْأَصَابِعِ) فَعَقْلُهَا عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ وَلَا قِصَاصَ فِيهَا عَمْدًا لِعَدَمِ النَّظِيرِ وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ كُلُّهَا فَسِتُّونَ مِنَ الْإِبِلِ وَإِنْ كَانَتِ الزَّائِدَةُ ضَعِيفَةً فَقُطِعَتْ يَدَهُ لَمْ يَزِدْ فِي دِيَتِهَا وَإِنْ قُطِعَتْ وَحْدَهَا فَحُكُومَةٌ ثُمَّ إِنْ قُطِعَتِ الْيَدُ فَدِيَتُهَا وَلَا يُحَاسَبُ بِالْحُكُومَةِ قَالَ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يُنْقِصَ ذَلِكَ مِنْ قُوَّةِ الْأَصَابِعِ فَيُحَاسِبُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ الْمَقْطُوعُ مِنْهُمَا أَوَّلًا فِيهِ الدِّيَةُ وَفِي الثَّانِي حُكُومَةٌ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَحده وَقيل إِن قطعا مَعًا وَبَدَأَ مِنْ أَسْفَلَ فَدِيَتَانِ أَوْ مِنْ فَوْقَ فِدْيَةٌ وحكومة لِأَن الذّكر ينْتَفع بإيلاجه وَعَنِ ابْنِ حَبِيبٍ إِنْ قُطِعَتَا بَعْدَ الذَّكَرِ فَلَا دِيَةَ فِيهِمَا وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ قُطِعَ قبل أَو بعد أقو قُطِعَ الْجَمِيعُ فِي مَرَّةٍ فَدِيَتَانِ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ فَوْقَ أَوْ أَسْفَلَ وَقِيلَ فِي الْيُسْرَى مِنَ الْبَيْضَتَيْنِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِأَنَّ مِنْهَا النَّسْلَ واليمنى اللِّحْيَة وَفِي الشَّفَةِ الْعُلْيَا ثُلُثَا الدِّيَةِ لِأَنَّهَا لِلسِّتْرِ والشارب
وَمَنْعِ مَائِيَّةِ الْأَنْفِ وَعَكَسَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ السُّفْلَى تَمْنَعُ جَرَيَانِ اللُّعَابِ وَالطَّعَامِ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْيَدَ الْيُمْنَى أَشَدُّ وَأَنْفَعُ وَلم يعصها أَحَدٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي إِلْيَتَيِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ حُكُومَةٌ لِأَنَّهَا لِلْجَمَالِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي إِلْيَتَيِ الْمَرْأَةِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِأَنَّهَا تَنْتَفِعُ بِهَا عِنْدَ زَوْجِهَا بَلْ مُصِيبَتُهَا فِيهَا أَعْظَمُ مِنَ الثَّدْيَيْنِ وَعَيْنَيْهَا وَيَدَيْهَا) وَقَالَ مَالِكٌ فِي شَفْرَيْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَفِيمَا هُوَ وَاحِدٌ فِي الْإِنْسَانِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ السَّوْأَةُ وجلدة الرَّأْس وَالْعقل وَالْأنف والشم والسان إِذَا امْتَنَعَ الْكَلَامُ وَالصَّوْتُ وَالذَّوْقُ وَالصُّلْبُ وَالصَّدْرُ إِذَا صَدَمَهُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ عبدون حُكُومَة وَالذكر والنسل إِذا أَفْسَدَ الْإِنْعَاظَ وَفَرْجُ الْمُرَأَةِ إِذَا أَفْضَاهَا فَيَبْطُلُ الِاسْتِمْتَاعُ أَوْ جُذَامُ الرَّجُلِ أَوْ بَرَصُهِ أَوْ أَسْقَاهُ فَسَوَّدَ جِسْمَهُ وَالدِّيَةُ فِي كُلِّ اثْنَيْنِ (مِنَ الْأَسْنَانِ وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الدِّيَةِ وَهِي عشر لعين والسبع ولشرف الاذنيين) عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّفَتَانِ وَالْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ والاثيان وَثَدْيَا الْمَرْأَةِ وَشَفْرَاهَا وَإِلْيَتَاهَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَفِي جُفُونِ الْعَيْنِ وَالْحَاجِبَيْنِ حُكُومَةٌ وَقَالَ (ش) وَأَصْحَاب الرَّأْي فِيهَا الدِّيَةُ فِي كُلِّ جَفْنٍ رُبُعُ الدِّيَةِ (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي الْحَاجِبَيْنِ الدِّيَةُ) وَقِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي السِّنِّ تَسْوَدُّ أَنَّ فِيهَا عَقْلَهَا قَالَ لِأَنَّهُ أَذْهَبَ جَمَالَهَا وَإِنْ بَقِيَتْ مَنْفَعَتُهَا أَنَّ فِي الْجُفُونِ الدِّيَةَ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ ذَهَابَهَا أَفْحَشُ وَأَضَرُّ بِالْبَصَرِ وَتَجِبُ فِي الْعَقْلِ إِنْ كَانَ مُطْبِقًا لَا يُفِيقُ فَإِنْ كَانَ يذهب عقله يَوْمًا وَلَيْلَة من اشهر فَلَهُ مِنَ الدِّيَةِ جُزْءٌ مِنْ ثَلَاثِينَ وَعَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ فَإِنْ لَازَمَ النَّقْصُ وَبَقِيَ تَمْيِيزٌ فَبِحِسَابِهِ يُقَوَّمُ عَبْدًا صَحِيحًا وَمَعِيبًا وَتَلْزَمُ تِلْكَ النِّسْبَةُ (مِنَ الدِّيَةِ) وَعَنْ مَالِكٍ فِي الذَّكَرِ أَنَّ مَا نَقَصَ مِنْهُ يُقَاسُ بِحِسَابِهِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ
السَّلَام (إِذا أوعب جدعه) وَقَالَ بابنالقاسم إِذَا ذَهَبَ الْأَنْفُ وَالشَّمُّ مَعًا فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ الْجُلَّابِ وَالْقِيَاسُ دِيَتَانِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ كَاللِّسَانِ وَالذَّكَرِ وَإِذَا ذَهَبَ مَعَ اللِّسَانِ الصَّوْتُ وَالذَّوْقُ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُ كلامهوصوته فَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ أَوْ نِصْفُ كَلَامِهِ وَنِصْفُ صَوْتِهِ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ النِّصْفُ لِنِصْفِ الْكَلَامِ وَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الصَّوْتِ وَهُوَ النِّصْفُ لِأَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ كُلُّ الْكَلَامِ وَالصَّوْتِ لَمْ يَزِدْ لِلصَّوْتِ شَيْءٌ وَفِي الصُّلْبِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إِذَا أُقْعِدَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْيَدِ إِذَا شُلَّتْ وَفِي الْحَدَبِ وَالْعَقْلِ الِاجْتِهَادُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا انْحَنَى فَبِقَدْرِهِ وَقِيلَ فِيهِ الدِّيَةُ إِذَا صَارَ كَالرَّاكِعِ وَمَا دُونَ ذَلِكَ فَبِحِسَابِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِيهِ الدِّيَةُ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْجُلُوسِ وَإِنْ نَقَصَ عَنْ جُلُوسِهِ فَيُقَدَّرُ مِنَ الدِّيَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَتَصِحُّ فِيهِ الدِّيَةُ لِلْأَمْرَيْنِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ مُنْحَنِيًا وَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ الرُّكُوعَ فَبِحِسَابِ مَا بَيْنَ قِيَامِهِ مُعْتَدِلًا وَرَاكِعًا فَإِنِ اسْتَوَى مَا بَيْنَهُمَا فَنِصْفُ الدِّيَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الصُّلْبِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ فَقَارَةً فِي كُلِّ فَقَارَةٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْإِبِلِ فَرَاعَى الصُّلْبَ دُونَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَشْيِ وَعَنْ مَالِكٍ فِي قَطْعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ مَعًا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَصِيرُ فِيهِمَا بِمَا تَقَدَّمَ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ وَلِلذَّكَرِ سِتَّةُ أَحْوَالٍ الدِّيَةُ فِي ثَلَاثَةٍ وَتَسْقُطُ فِي وَاحِدٍ وَيُخْتَلَفُ فِي اثْنَيْنِ فَالثَّلَاثَةُ قَطْعُهُ أَوْ قَطْعُ الْحَشَفَةِ وَحْدَهَا أَوْ يُبْطِلُ النَّسْلَ مِنْهُ بِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ وَإِنْ لَمْ يُبْطِلِ الْإِنْعَاظَ وَتَسْقُطُ إِذَا وَقَعَ بَعْدَ قَطْعِ الْحَشَفَةِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَيُخْتَلَفُ إِذَا قَطَعَهُ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ النَّسْلُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ أَوْ عَاجِزٌ عَنْهُ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَلِمَالِكٍ فِي الْعِنِّينِ وَالَّذِي لَمْ يُخْلَقْ لَهُ مَا يُصِيب لَهُ النِّسَاء
قَوْلَانِ وَإِنِ اتَّفَقُوا فِي الْجِرَاحِ الْمُقَدَّرَةِ الْمُوَضِّحَةِ وَالْمَأْمُومَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْجَائِفَةِ أَنَّ فِيهَا دِيَتَهَا وَإِنْ عَادَتْ لِحَالِهَا وَقَاسَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْيَسِيرَ عَلَيْهَا إِذَا عَادَتْ وَيُخْتَلَفُ فِي الْأُذُنَيْنِ إِذَا رَدَّهُمَا فَعَادَا فَعَلَى الْقَوْلِ إِنَّ فِيهِمَا حُكُومَةً لَا شَيْءَ فِيهِمَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِالدِّيَةِ فِيهِمَا الدِّيَةُ كالسن وَبِخِلَاف عود السّمع وَالْبَصَر وَالْعقل لِأَنَّهُمَا إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا مَا زَالَتْ وَإِنَّمَا حَدَّثَتْ لَهَا حَجْبٌ وَإِنْ شَقَّ الشَّفَةَ وَتَبَيَّنَ مَا بَيْنَ الشَّفَتَيْنِ فَبِحِسَابِهِ مِنَ الدِّيَةِ بِقَدْرِ مَا بَان كل وَاحِد مِنْهُمَا عَن صَاحبه لِأَنَّهُ ذَلِكَ يَصِيرُ فِي مَعْنَى الْقَطْعِ وَإِنْ لَمْ يَبِنْ مَا بَيْنَهُمَا وَحَصَلَ شَيْنٌ فَحُكُومَةٌ وَإِنِ اجْتَمَعَ قَطْعٌ وَشَقٌّ فَفِي الْقَطْعِ حِسَابُهُ مِنَ الدِّيَةِ وَإِنْ قُطِعَ مِنَ الشَّفَةِ مَا أَذْهَبَ بَعْضَ الْكَلَامِ عُقِلَ الْأَكْثَرُ مِمَّا ذَهَبَ مِنْهَا أَوْ مِنَ الْكَلَامِ وَقِيلَ فِي هَذَا الْأَصْلِ يَكُونَانِ لَهُ جَمِيعًا وَيَسْتَوِي فِي الرِّجْلِ مِنْ أصل الْفَخْذ أَو الرّكْبَة أَو الْكَعْبَة أَوِ الْأَصَابِعِ أَوْ إِبْطَالِ مَنْفَعَتِهَا أَوْ يَبْقَى مِنَ الْمَنْفَعَةِ مَا لَا قَدْرَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ مِنْهَا شَيْئًا وَكَذَلِكَ الْيَدُ مِنَ الْمَنْكِبِ أَوِ الْأَصَابِعِ أَوِ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ فَإِنْ أَذْهَبَ بَعْضَ الْمَنْفَعَةِ فَبِحِسَابِهِ مِنَ الدِّيَةِ وَتُعْتَبَرُ الْقُوَّةُ مِنَ الْأَصَابِعِ لَا مِنْ جُمْلَةِ الْيَدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا ضَعُفَ مِنَ الْيَدِ أَكْثَرَ مِمَّا ضَعُفَ مِنَ الْأَصَابِعِ فَإِنْ أَبَانَ بعض وَضَعُفَ الْبَاقِي فَبِقَدْرِ مَا أَبَانَ مِنَ الْعُضْوِ وَالْقُوَّةِ فَإِنْ أَبَانَ نِصْفَ الْأَصَابِعِ وَنِصْفَ الْقُوَّةِ مِنَ الْبَاقِي فَنِصْفُ الدِّيَةِ لِلْمَقْطُوعِ وَرُبْعُهَا لِنِصْفِ مَنْفَعَةِ الْبَاقِي وَإِنْ أَذْهَبَ الْأَصَابِعَ وَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى قُوَّتِهِ لَمْ يَنْقُصِ الْعَقْلُ أَوْ نَقُصَتْ (مَنْفَعَةُ) قُوَّتِهِ لَمْ يَزِدْ فِيهِ فَإِنْ ضَعُفَتْ وَصَغُرَتْ فَفِي الضَّعْفِ بِحِسَابِهِ وَفِي الصِّغَرِ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْهَا وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ رَجَعَ إِلَى أَنَّ فِي الْإِبْهَامِ ثَلَاثَةُ أَنَامِلَ لِأَنَّ الثَّالِثَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَائِنًا فَهُوَ يَتَحَرَّكَ بِحَرَكَةِ الْإِبْهَامِ فَيَكُونُ فِي كُلِّ مَفْصِلٍ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثٌ وَعَنْ سَحْنُونٍ فِي الْأُصْبُعِ السَّادِسَةِ فِي الْيَدِ نِصْفُ الدِّيَةِ قَالَ وَقَدْ قِيلَ فِي الْيَدِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي
الزَّائِدِ حُكُومَةٌ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ ضَعْفِهَا وَقُوَّتِهَا وَإِبْهَامِ الرِّجْلِ مَفْصِلَانِ قَوْلًا وَاحِدًا لِمُنَاسَبَتِهِ فِي الْخلقَة لإبهام الْيَد فَلَيْسَ بعد المفصلين غلا مُشْطُ الرِّجْلِ وَمَنْ أَخَذَ عَقْلَ أُصْبُعٍ ثُمَّ قُطِعَ الْأَرْبَعُ مَعَ الْكَفِّ فِدْيَةُ الْأَرْبَعِ وَلَا يُزَادُ لِلْكَفِّ شَيْءٌ فَإِنْ بَقِيَ ثَلَاثَةٌ فَأَقَلُّ فَسَوَاءٌ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا أُصْبُعٌ فَدِيَتُهُ وَحُكُومَةٌ فِي الْكَفِّ وَإِنْ زَادَ فَدِيَتُهُمَا وَلَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الثَّلَاثِ الْخَطَأِ دِيَتُهَا وَفِي الْكَفِّ حُكُومَةٌ فِي خُمْسَيْهِ دُونَ ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِهِ لِأَنَّهُ مُقَابِلُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ الدِّيَةُ وَاخْتُلِفَ فِي الْهَاشِمَةِ إِنْ هَشَّمَتِ الْعَظْمَ وَلَمْ تُنَقِّلْهُ قَالَ مُحَمَّدٌ فِيهِ الْمُوَضِّحَةُ وَقَالَ ابْنُ الْقصار مَعَ ذَلِك حُكُومَة وَقَالَ الْأَبْهَرِيّ قيها مَا فِي المنقلة الثَّانِي أَرْجَحُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَوْجَبَ فِي الْمُوَضِّحَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ مَعَ سَلَامَةِ الْعظم فلابد لِلزَّائِدِ مِنْ أَثَرٍ وَالدِّيَةُ فِي السِّنِّ بِأَرْبَعِ جنانات طُرِحَتْ أَوِ اسْوَدَّتْ أَوْ طُرِحَتْ بَعْدَ السَّوَادِ أَوْ تَحَرَّكَتْ تَحْرِيكًا بَيِّنًا وَإِنْ أَسْقَطَهَا إِنْسَانٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَحُكُومَةٌ وَإِنْ تَحَرَّكَتْ وَبَقِيَتْ فِيهَا قُوَّةٌ فَبِحِسَابِ مَا ذَهَبَ مِنْ قُوَّتِهَا فَإِنْ سَقَطَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَبِحِسَابِ مَا بَقِيَ وَإِنْ نَقُصَ الْكَلَامُ لِذَهَابِ الْأَسْنَانِ (فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ دِيَةِ الْأَسْنَانِ) أَوْ مَا نَقُصَ مِنَ الْكَلَامِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ عليه السلام (فِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ) عَلَى السِّنِّ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا بِهَا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي الْجَسَد على الْمَذْهَب ثَمَان عَشْرَةَ دِيَةً إِحْدَى عَشْرَةَ فِي الرَّأْسِ الْعَقْلُ وَالسَّمْعُ وَإِشْرَافُ الْأُذُنَيْنِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالْأَنْفُ وَالذَّوْقُ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ نَصًّا لِأَصْحَابِنَا وَالْكَلَامُ وَالشَّفَتَانِ وَالشَّوَى وَهِيَ جِلْدَةُ الرَّأْسِ وَالْأَضْرَاسُ وَالْأَسْنَانُ فِيهَا عِنْدَ مَالِكٍ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةٍ وَسَبْعٌ فِي الْجَسَدِ الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالصُّلْبُ وَالصَّدْرُ وَالذكر والأنثيان وَالْجِمَاع
فِي الْمَرْأَة ثَمَان عَشْرَةَ أَيْضًا غَيْرَ أَنَّ فِيهَا ثَلَاثًا لَيْسَتْ فِي الرَّجُلِ الشَّفْرَانِ وَالْحَلَمَتَانِ وَالْإِلْيَتَانِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَفِي الرَّجُلِ ثَلَاثَةٌ الْجِمَاعُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ قَاعِدَةٌ قَالَ كُلُّ عُضْوٍ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَالدِّيَةُ لِلْمَنْفَعَةِ والعضو بتع فَإِنْ ذَهَبَتِ الْمَنْفَعَةُ وَحْدَهَا فَفِي الْعُضْوِ حُكُومَةٌ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الْعَقْلَ فِي الْقَلْبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلُوب يعْقلُونَ بهَا} كَمَا قَالَ {أعين يبصرون بهَا} وَعَلِيهِ أَكثر الفهاء وَأَقَلُّ الْفَلَاسِفَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَكْثَرُ الْفَلَاسِفَةِ وَ (ح) وَالْمُعْتَزِلَةُ هُوَ فِي الرَّأْسِ لِأَنَّهُ إِذَا مَرِضَ الدِّمَاغُ أَوْ جُرِحَ ذَهَبَ الْعَقْلُ وَجَوَابُهُ مُسَلَّمٌ وَلَكِنْ لَمْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِقَامَةَ الدِّمَاغِ شَرْطٌ لَا أَنَّهُ مَحَلُّهُ جَمْعًا بَيْنَ الْآثَارِ وَالنُّصُوصِ فَإِنَّ ذَلِك الْعَقْلَ فِي الْمَأْمُومَةِ فَلَهُ عِنْدَ مَالِكٍ دِيَةُ الْعَقْلِ وَدِيَةُ الْمَأْمُومَةِ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضِعِ كَمَنْ أَذْهَبَ عَيْنَ رَجُلٍ وَسَمْعَهُ وَعَلَى رَأْيِ الْآخَرِينَ دِيَةٌ وَاحِدَة لِاتِّحَاد الْموضع كمن أذهب الْعين الْبَصَر وَالْأُذُنَ وَالسَّمْعَ وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مَالِكٍ إِذَا ذَهَبَ الشَّمُّ لَا دِيَةَ حَتَّى يَسْتَأْصِلَ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَإِنْ ذَهَبَ الشَّمُّ مَعَ الْجَدْعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْجُلَّابِ الْقيَاس عِنْدِي ديتان وَإِن وطىء امْرَأَته فأفضاها فكومة فِي مَالِهِ إِنْ قَصَّرَ عَنِ الثُّلُثِ أَوِ الثُّلُث فعلى عَاقِلَته قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ تَعَدَّى فِي مَأْذُونٍ فِيهِ فَلَهُ حكم الْخَطَأ وَفِي الجنبية فَفِي مَالِهِ وَإِنْ جَاوَزَ الثُّلُثَ مَعَ صَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ عَمْدٌ لِعَدَمِ الْإِذْنِ وَإِنْ أَذْهَبْ عُذْرَةَ امْرَأَتِهِ بِأُصْبُعِهِ (ثُمَّ طَلَّقَهَا فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا شَانَهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ مَعَ نِصْفِ الصَّدَاقِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِأُصْبُعِهِ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ وَلَا يَتِمُّ الصَّدَاقُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَطْءٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الذَّكَرِ الْمُسْتَرْخِي وَاللِّسَانِ الْمُسْتَرْخِي مِنَ الْكِبَرِ أَو ضعف الْعين من كبر أَو الدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَعَنْ أَشْهَبَ إِنْ أُصِيبَتْ
رجله بعرق أَوْ تَنَقَّصَ عَيْنُهُ بِرَمَدٍ ثُمَّ يُجْنَى عَلَيْهَا فَإِنَّمَا لَهُ بِحِسَابِ ذَلِكَ
فَرْعٌ فِي الْمُنْتَقَى إِذَا عَلَاهَا بَيَاضٌ فَادَّعَى ذَهَابَ بَصَرِهِ قَالَ أَشْهَبُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيُشَارُ إِلَى عَيْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ حَلَفَ وَأَخَذَ مَا ادَّعَى لِأَنَّهُ لَا طَرِيق لصدقه غلا بِهَذَا وَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ لِاخْتِلَافِ قَوْلِهِ بَطَلَتْ دَعْوَاهُ قَالَ أَصْبَغُ إِنِ ادَّعَى ذَهَابَ جِمَاعِ النِّسَاءِ وَأُمْكِنَ اخْتِبَارُهُ اخْتُبِرَ وَإِلَّا حَلَفَ وَأَخَذَ الدِّيَةَ فَإِنْ رَجَعَ لَهُ جِمَاعُهُ بِقُرْبِ ذَلِكَ أَوْ بِبُعْدِهِ رَدَّ مَا أَخَذَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ نَحْوَ كَلَامِهِ وَسَمْعِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُقَرَّبُ إِلَيْهِ بَيْضَةٌ كَمَا فَعَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه مِنْ جِهَاتٍ شَتَّى فِي النَّظَرِ وَفِي السَّمْعِ يُصَاحُ بِهِ مِنْ مَوَاضِعَ شَتَّى وَيسْأل فَإِن تَسَاوَت أواله أَوْ تَقَارَبَتْ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَيُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى سَمْعِ وَسَطٍ مِنَ الرِّجَالِ مِثْلِهِ فَإِنِ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ لَهُ الْأَقَلُّ مَعَ يَمِينِهِ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِنْ ضُرِبَ فَذَهَبَ عَقْلُهُ انْتُظِرَ بِهِ سَنَةً فَإِنْ أَخَذَ الْعقل ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ عقله دِيَتهَا وَكَذَلِكَ إِن اشود ثلثهَا وَذهب نصف قوتها ثمَّ عقلهَا أوكسر بَعْضهَا بِقَدرِهِ مِنْهَا لَا مِنْ أَصْلِهَا
فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن الك إِذَا تَمَّتِ الْمُوَضِّحَةُ الْخَطَأُ إِلَى الْمُنَقِّلَةِ فَلَهُ عقل منقلة أَو عقله فَلَهُ الْمُوَضِّحَةُ وَعَقْلُ الْعَيْنِ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَصَابَهُ مُوَضِّحَتَيْنِ أَوْ مَأْمُومَتَيْنِ أَوْ مُنَقِّلَتَيْنِ عَقَلَ كُلَّ ذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً فَأَوْضَحَهُ مُوَضِّحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ ثُمَّ ضَرَبَهُ فَأَزَالَهُ فَثَلَاثَةُ مَوَاضِحَ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِنَّ الْعَيْنَ إِذَا أُصِيبَتْ خَطَأً وَقَدْ نَقَصَتْ قَبْلَ ذَلِكَ إِنْ أُخِذَ لَهُ عَقْلٌ حُوسِبَ بِهِ وَإِنْ قَلَّ وَإِنْ ضَعُفَ الْبَصَرُ لَا يَأْخُذُ لَهُ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ جُزْءًا مَعْلُومًا وَإِنْ قَلَّ وَيَلْزَمُ الْجَانِيَ مَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا اقْتُصَّ مِنْهُ وَلَمْ يُحَاسَبْ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْرٍ سَمَاوِيٍّ لَمْ يُحَاسَبْ وَقَالَ مَالِكٌ يُحَاسَبُ
فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ بَقِيَ حَوَالَيِ الْجُرْحِ شَيْنٌ وَكَانَ أرش الْجرْح مِقْدَارًا انْدَرَجَ الشَّيْنُ إِلَّا فِي مُوَضِّحَةِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَى عَقْلِهَا بِقَدْرِ مَا شَانَتْ بِالِاجْتِهَادِ روى أَشْهَبُ لَا يُزَادُ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ
فَرْعٌ قَالَ إِذَا وُقِفَ لِلصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يُثْغِرْ عَقْلُ سَنَةٍ حَتَّى يُنْظَرَ هَلْ تَجِبُ أَمْ لَا فَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وُرِثَتْ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُنْبِتْ أَخَذَ هُوَ الْعَقْلَ فَإِنْ نَبَتَتْ قَدْرَهَا أَخذ من دِيَتهَا قدر نصفهَا وإنبتت بَعْضُهَا ثُمَّ مَاتَ دَفَعَ لِوَارِثِهِ عَقْلَهَا لِعَدَمِ حُصُولِ بَدَلِهَا قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُوقَفُ كُلُّ الْعَقْلِ بَلْ مِقْدَارُ مَا إِذَا نَقَصَتِ السِّنُّ لَمْ يُعْقَلْ بِهِ كَالْعَيْنِ إِذَا ضَعُفَتْ
فَرْعٌ قَالَ رِجْلُ الْأَعْرَجِ عَرَجًا خَفِيفًا كَالصَّحِيحِ إِن لم يَأْخُذ بِهِ أرشا تمهيد فِي الْمَنَافِعِ الَّتِي فِي كُلٍّ مِنْهَا الدِّيَةُ عَشْرَةٌ الْعَقْلُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالنُّطْقُ وَالصَّوْتُ وَالذَّوْقُ وَالْجِمَاع والإقضاء فِيهِ حُكُومَةٌ وَقِيلَ كَمَالُ الدِّيَةِ وَهُوَ اخْتِلَاطُ مَسْلَكِ الذَّكَرِ وَالْبَوْلِ الْعَاشِرُ الْقِيَامُ وَالْجُلُوسُ فِيهِمَا الدِّيَةُ فَإِنْ بَطَلَ الْقِيَامُ فَقَطْ فَعَنْ مَالِكٍ فِيهِ الدِّيَةُ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ إِذَا انْكَسَرَ الصُّلْبُ وَامْتَنَعَ الْجُلُوسُ فَفِيهِ الدِّيَةُ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ تِسْعٌ مُفْرَدَاتٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا الدِّيَةُ النَّفْسُ وَالْعَقْلُ وَالْأَنْفُ وَالذَّكَرُ وَالْمَارِنُ وَاللِّسَانُ والصلب إِذا كسر فأقعده وَعين العور وَالشَّوَاةُ وَهِيَ جِلْدَةُ الرَّأْسِ وَثَمَانِيَةُ أَزْوَاجٍ فِي كُلِّ زَوْجٍ الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ الْعَيْنَانِ وَنَظَرُهُمَا وَالْأُذُنَانِ وَالْيَدَانِ وَكَفَّاهُمَا وَمِنَ الْمِرْفَقَيْنِ وَثَدْيُ الْمَرْأَةِ وَحَلَمَتَاهَا إِذَا بَطَلَ اللَّبَنُ وَسَبْعَةٌ فِيهَا الْحُكُومَةٌ إِلْيَتَا الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْحَاجِبَانِ وَجُفُونُ الْعَيْنِ وَأَشْفَارُهَا وَثَدْيُ الرَّجُلِ وَشَعْرُ الرَّأْسِ إِذَا لَمْ يَنْبُتْ وَاللِّحْيَةُ إِذَا لَمْ تَنْبُتْ تَنْبِيهٌ قَالَ مَالِكٌ لَا تَكُونُ الْمُوَضِّحَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ فِي اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ وَقَالَ (ش) فِي جَمِيعِ الْوَجْهِ لَنَا أَنَّهُ يَتَغَطَّى بِالشَّعْرِ فَهُوَ غَيْرُ مُوَاجِهٍ فَأَشْبَهَ الْعَيْنَ وَهُوَ يَنْقَلِبُ عَلَيْنَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الرَّأْسِ بِجَامِعِ تَغْطِيَةِ الشَّعْرِ بَلْ نَقُولُ عَظْمٌ (مُبَايِنٌ لِعَظْمِ الْفَخِذِ فَيُقَاسُ عَلَى السَّاقِ) وَإِذَا جَرَحَهُ وَأَذْهَبَ عَقْلَهُ فَالْأَرْشُ وَالدِّيَةُ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَهُ (ح) دِيَةُ الْعَقْلِ فَقَطْ لَنَا أَنَّهُمَا جِنَايَتَانِ فَيكون لَهما جايزان كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْعَقْلَ كَالنَّفْسِ وَلَوْ سَرَى إِلَى نَفْسِهِ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْعَقْلُ وَالنَّفْسُ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ لِسُقُوطِ التَّكْلِيفِ بِعَدَمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجَوَابُهُ أَنَّ
الرُّوحَ إِذَا فَاتَتْ لَا يُنْتَفَعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعَقْلَ مَعَ بَقَاءِ النَّفْسِ يُتَوَقَّعُ عَوْدُهُ بِخِلَافِ النَّفْسِ وَقَدْ تَسْتَوِي الْمُخْتَلِفَاتُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَاللَّوَازِمِ وَلَا يلْزم استواؤهما فِي غَيرهمَا لِأَن فِي دي الْمَجْنُونِ الدِّيَةَ وَفِي يَدَيِ الْمَيِّتِ الْأَدَبَ فَقَطْ وَمَنَعَ (ش) تَجَاوُزَ الْحُكُومَةِ الْمُوَضِّحَةَ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْمُقَدَّرَاتِ أَهَمُّ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُهْمِلْهَا فَلَا يُتَجَاوَزُ أَقَلُّهَا وَهُوَ الْمُوَضِّحَةُ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا عَلَى أَصْلِكُمْ فِي أَنَّ التَّعْزِيرَ لَا يَزِيدُ على الْحَد وَنحن نقُول قد بتجاوز غَيْرَ الْمُقَدَّرِ كَالْمَتْلَفَاتِ وَمِيرَاثُ الِابْنِ غَيْرُ مُقَدَّرِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْأَخِ لِلْأُمِّ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ تُعَاقِلُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ فِي الْجِرَاحِ إِلَى ثُلُثِ دِيَتِهِ فَتَرْجِعُ إِلَى عَقْلِهَا فَفِي ثَلَاثَة أَصَابِع وَنصف أُنْمُلَة أحد وَثَلَاثُونَ بَعِيرًا وَثُلُثَا بَعِيرٍ فَتُسَاوِي الرَّجُلَ وَتُخَالِفُهُ فِي ثَلَاثَة اصابع أُنْمُلَةٍ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ لِأَنَّهَا وَصَلَتِ الثُّلُثَ وَإِنْ قُطِعَ لَهَا أُصْبُعٌ فَعَشْرٌ كَذَلِكَ ثَانٍ وَثَالِثٌ فَإِنْ قُطِعَ ثَلَاثٌ مِنْ كَفٍّ فَثَلَاثُونَ فَإِنْ قُطِعَ مِنْ تِلْكَ الْيَدِ الْأُصْبُعَانِ الْبَاقِيَانِ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ خَمْسٌ وَإِنْ قُطِعَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْيَدِ الْأُخْرَى أصبغ أَوْ أُصْبُعَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فِي مَرَّةٍ أَوْ مرَّتَيْنِ فثلاثون لِأَنَّهَا يَد أُخْرَى بكم مُبْتَدَأٍ أَوْ أُصْبُعَانِ مِنْ كُلِّ يَدٍ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَعِشْرُونَ ثُمَّ إِنْ قُطِعَ لَهَا مِنْ إِحْدَى الْيَدَيْنِ أُصْبُعٌ فَعَشْرٌ وَإِنْ قُطِعَ من الْيَد الْأُخْرَى فَعَشْرٌ (وَكَذَلِكَ إِنْ قُطِعَ لَهَا الْأُصْبُعَانِ مِنَ الْيَدِ مَعًا فَعِشْرُونَ) فَمَا زَادَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ مِنْ كُلِّ كَفٍّ فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ خَمْسٌ خَمْسٌ افْتَرَقَ الْقَطْعُ أَوْ مَعًا وَإِنْ قُطِعَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ مِنْ يَدٍ وَأُصْبُعٌ مِنَ الْأُخْرَى فِي ضَرْبَةٍ فَخَمْسٌ خَمْسٌ ثُمَّ إِنْ قُطِعَ الْأُصْبُعُ أَوِ الْأُصْبُعَانِ مِنَ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ مِنْهَا الثَّلَاثَةُ رَابِعٌ وَمِنَ الْيَدِ الْأُخْرَى أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ فَفِي الرَّابِعِ مِنْ إِحْدَى الْيَدَيْنِ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ وَفِي الْأُصْبُعِ أَوِ الْأُصْبُعَيْنِ من الدي الْأُخْرَى عَشْرٌ عَشْرٌ افْتَرَقَ الْقَطْعُ أَوْ ضَرْبَةً وَاحِدَةً مَا لَمْ يُقْطَعْ لَهَا فِي ضَرْبَةٍ مِنَ الْيَدَيْنِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ وَرِجْلَانِ فَكَالْيَدَيْنِ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَطَعَ أُصْبُعَانِ عَمْدًا فَاقْتَصَّتْ أَوْ عَفَتْ ثُمَّ قَطَعَ مِنَ الْكَفِّ أُصْبُعَانِ خَطَأً فَفِيهَا عِشْرُونَ وَلَا يُضَمُّ عَمْدٌ إِلَى خَطَأٍ لِتَبَايُنِهِمَا
وَفِي الْمُنَقِّلَةِ ثُمَّ الْمُنَقِّلَةِ ثُمَّ مُنَقِّلَةٍ مَا لِلرَّجُلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ والمنقلة الثَّانِيَة فِي مَوضِع الأولى بَعْدَ بُرْئِهَا فَكَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْمَوَاضِحُ وَإِنْ أَصَابَهَا فِي ضَرْبَةٍ بِمَوَاضِحَ أَوْ مَنَاقِلَ تَبْلُغُ ثُلُثَ الدِّيَة رجعت لقعلها وَفِي النُّكَتِ إِنَّمَا اسْتَوَيَا فِي دُونِ الْعَقْلِ لِتَسْوِيَةِ السُّنَّةِ فِي الْجَنِينِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُوَ دُونَ الثُّلُثِ وَفِي النَّسَائِيُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - (عَقْلُ الْمَرْأَةِ مِثْلُ عَقْلِ الرَّجُلِ حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ دِيَتَهُ) وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ دِيَةَ نَفْسِهَا كَنِصْفِ دِيَةِ نَفْسِهِ وَأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْهُ فِي الْمِيرَاثِ وَالشَّهَادَةِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأَسْنَان فَجَعلهَا مرّة كالأصبع يُحَاسَبُ بِمَا يُقَدَّمُ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَمَرَّةً لَا يُحَاسَبُ بِمَا تَقَدَّمَ قَالَ أَصْبَغُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَلم يَكُنْ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ وَعَنِ ابْن الْقَاسِم الْأَسْنَان كموائح أَوْ مَنَاقِلَ لَا يُجْمَعُ مِنْهَا إِلَّا مَا كَانَ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ (بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ) مَا لم يكن شَيْء لَهُ دِيَة لَا يُحْسَبُ مِنْهُ مَا ذَهَبَ كَالْأَرْنَبَةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَأَمَّا الْمَوَاضِحُ وَالْمَنَاقِلُ فَلَا وَخَالَفَ عَبْدُ الْعَزِيزِ فَجَعَلَ الْأَصَابِعَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ كَالْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشْرٌ وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ الْأَصَابِعِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ إِنْ قُطِعَ لَهَا أَرْبَعُ أَصَابِعَ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَخَذَتْ عِشْرِينَ فَإِنْ قُطِعَتِ الْخَامِسَةُ فَخَمْسُ فَرَائِضَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَشْرُ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِن
قَطَعَ مِنَ الْيَدَيْنِ أَرْبَعًا مَعًا فَعِشْرُونَ ثُمَّ إِن قطع مِنْهَا أصبعا فعشر لِأَن الْمَقْطُوع حِينَئِذٍ من كل ثَلَاثٍ فَإِنْ قُطِعَ بَعْدَ ذَلِكَ أُصْبُعَانِ فَخَمْسٌ قَالَه ابْن الْقَاسِم وَجعلهَا كمن أخذت مِنَ الْأَوَّلِ عَشْرًا وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ كُلُّ مَا أُصِيبَتْ بِهِ مِنَ الْأَصَابِعِ مُنْفَرِدًا فَعَشْرٌ وَلَا تُضَافُ مُصِيبَةٌ إِلَى مُصِيبَةٍ إِلَّا أَنْ يُقْطَعَ مَعًا مَا يَكُونُ عَقْلُهُ ثُلُثُ دِيَةِ الرَّجُلِ فَتَرْجِعُ لِعَقْلِ نَفْسِهَا وَإِنْ أُصِيبَتْ أُصْبُعَانِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ ثُمَّ جُنِيَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ أَخَذَتْ عَشْرًا عَشْرًا فَإِنِ اقْتُصَّتْ فِي الْأَوَّلِ وَفِي الثَّانِي خَطَأً فَلَا يُضَافُ لِلْعَمْدِ وَيُرَاعَى فِي الْمَوَاضِحِ وَالْمُنَقِّلَاتِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْجِرَاحَاتِ أَنْ تَكُونَ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ وَصَلَتِ الثُّلُثَ فَعَقْلُهَا وَيُسْتَأْنَفُ الْحُكْمُ فِي الْمُعْتَرِفِ وَيُضَمُّ السَّمْعُ وَالْيَدَانِ وَنَحْوُهُ الْآخَرُ لِلْأَوَّلِ وَفِي الْمُنْتَقَى إِنْ قُطِعَ مِنْهَا أَرْبَعُ أَصَابِعَ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَو مَا هُوَ فيحكمها مِنَ التَّتَابُعِ فَعِشْرُونَ أَوْ بِأَفْعَالٍ مُفْتَرِقَةٍ فَثَلَاثُونَ ويضاف مَا قطع بعد ذلكمن تِلْكَ الْكَفِّ إِلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِيهَا خَمْسٌ لِأَنَّ الْكَفَّ الْوَاحِدَ يُضَافُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فيراعى اتِّحَاد الْمحل والعمد وَالْخَطَأ وَالْفِعْل لِأَنَّ الْكَفَّ الْوَاحِدَ يُضَافُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فيراعى اتحادج وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْيَدِ وَالْمُنَقِّلَةِ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَطْعَ الْأُصْبُعِ يَشِينُ الْيَدَ وَالْأَسْنَانُ كَالْمُنَقِّلَةِ وَفِي النَّوَادِرِ لَا يُحْسَبُ قَطْعُ كَفٍّ مَعَ أُخْرَى إِلَّا أَنْ يُقْطَعَ مِنْهُمَا مَعًا وَكَذَلِكَ الرِّجْلَانِ فَلَوْ قَطَعَ لَهَا مِنْ كَفٍّ ثَلَاثًا (ثُمَّ مِنَ الْأُخْرَى ثَلَاثًا) فَعَقْلُ الرجل فَإِن قطع من هَذِه الْأُنْمُلَة على دِيَة الرجل كَانَ نصف الأعلا وَالْأُنْمُلَةِ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ ضَرْبَتَيْنِ مِنْ رِجْلٍ أَوْ رِجْلَيْنِ فَإِنْ مَاتَ مَا بَقِيَ مِنَ الْأُنْمُلَةِ فَهِيَ كَأُنْمُلَةِ وَكَذَلِكَ فِيمَا بَقِيَ مَنْ كُلِّ كَفٍّ وَإِنْ أُصِيبَتْ فِي ضَرْبَةٍ بِأُصْبُعَيْنِ مَنْ كُلِّ
يَدٍ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي هَذَا أَنَّ لَهَا عَقْلَ نَفْسِهَا أَوْ ضُرِبَتْ وَيَدُهَا عَلَى رَأْسِهَا فَقطعت لَهَا أصبعين وَشَجَّهَا مُنَقِّلَةً أَوْ مَأْمُومَةً فَعَقْلُ نَفْسِهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنْ ذَهَبَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كل كف أصبعين ثمَّ أزيل بضربة ثَلَاثَة أَصَابِع أصبعين مِنْ هَذِهِ وَأُصْبُعٍ مِنْ هَذِهِ فَفِي الْأُصْبُعَيْنِ مِثْلُ عَقْلِهَا وَفِي الْأُصْبُعِ عَقْلُ الرِّجْلِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُعْتَبَرُ اتِّحَادُ الْفِعْلِ كَضَرْبَةٍ أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي مَعْنَى الضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ جَمَاعَةٍ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْكَفُّ وَكَذَلِكَ لَوِ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ كَالْكَفِّ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَتِ الضَّرَبَاتُ وَتَبَايَنَتْ تَنْبِيهٌ وَافَقَنَا ابْن حَنْبَل وَقَالَ (ح) و (ش) لعاملة الصِّنْف لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ رَبِيعَةُ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَمْ فِي أُصْبُعِ الْمَرْأَةِ قَالَ عَشْرٌ قُلْتُ فَفِي أُصْبُعَيْنِ قَالَ عِشْرُونَ قُلْتُ فَفِي ثَلَاثِ أَصَابِعَ قَالَ ثَلَاثُونَ قُلْتُ فَفِي أَرْبَعٍ قَالَ عِشْرُونَ قَالَ قُلْتُ لَمَّا عَظُمَتْ مُصِيبَتُهَا قَلَّ عَقْلُهَا قَالَ سَعِيدٌ عراقي أَنْتَ فَقُلْتُ بَلْ عَالِمٌ مُتَثَبِّتٌ أَوْ جَاهِلٌ مُتَعَلِّمٌ فَقَالَ سَعِيدٌ هِيَ السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ مِنَ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وَيَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - جعله غَايَة والغاية تخرج من المغيي احْتَجُّوا بِأَنَّهَا جِنَايَةٌ فَتَكُونُ عَلَى النِّصْفِ كَالنَّفْسِ مَعَ النَّفْسِ وَلِأَنَّهُ نَقْصُ نِصْفِ الشَّهَادَةِ فَنِصْفُ الدِّيَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ قِيَاسٌ قُبَالَةَ النَّصِّ فَيَكُونُ بَاطِلًا سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ الْفَرْقَ بِأَنَّ النَّفْسَ أَعْظَمُ حُرْمَةً يَزِيدُ فِيهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْأَصْلَ قَبُولُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ لوُجُود وَصْفَ الْعَدَالَة وَإِنَّمَا
أَضَافَ اللَّهُ تَعَالَى امْرَأَةً أُخْرَى لِلتَّذْكِيرِ خَشْيَةَ النِّسْيَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الثُّلُثُ فِي حَيِّزِ الْكَثْرَةِ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ كُلُّهَا جَوَائِحُ الْمُعَاقَلَةُ وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَجَائِحَةُ الثِّمَارِ وَفِي حَيِّزِ الْقِلَّةِ فِي تِسْعِ مَسَائِلَ الْوَصِيَّةُ وَهِبَةُ الْمَرْأَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ وَاسْتِثْنَاءُ ثُلُثِ الصُّبْرَةِ إِذَا بِيعَتْ وَكَذَلِكَ الثِّمَارُ وَالْكِبَاشُ وَالسَّيْفُ ثُلُثُ وَزْنِهِ حِلْيَةً تُبَاعُ بِذَلِكَ الْجِنْسِ قَالَ الْعَبْدِيُّ هُوَ قَلِيلٌ فِي الطَّعَامُ إِذَا اسْتَحَقَّ مِنْهُ أَوْ نَقَصَ فِي الشِّرَاءِ فَهُوَ قَلِيلٌ عِنْدَ أَشْهَبَ وَفِي الْأَرْطَالِ يَسْتَثْنِيهَا مِنَ الشَّاةِ وَالدَّالِيَةِ فِي دَارِ الْكِرَاءِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يَجْتَهِدُ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ وَالرِّجْلِ الْعَرْجَاءِ وَكُلِّ شَيْءٍ أُصِيبَ فَانْتَقَصَ ثُمَّ أُصِيبَ فَإِنَّمَا لَهُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ وَمَا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يُنْتَقَصْ مِنْهُ شَيْءٌ كَاسْتِرْخَاءِ الْبَصَرِ وَالْعَيْنِ الرَّمِدَةِ يَضْعُفُ أَوْ يَدٍ تَضْعُفُ إِلَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ وَيَنْتَفِعُ بِيَدِهِ فَالدِّيَةُ كَامِلَةً وَكَذَلِكَ الْمُصَابُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَفِي ضَعْفِ الْجِنَايَةِ لَهُ مَا بَقِيَ لِأَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَ نَقْصِهَا بِخِلَافِ الضَّعْفِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ أَصَابَهَا رَجُلٌ فَنَقَصَ بَصَرُهَا وَالْيَدُ وَلَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا فَفِي الْإِصَابَةِ بَعْدَ ذَلِكَ الدِّيَةُ كَامِلَةً قَالَ ابْنُ يُونُسَ هَذَا يَقْتَضِي اخْتِلَافَ قَوْلِهِ فِي الْمُحَاسَبَةِ بِمَا تَقَدَّمَ إِذَا لَمْ يَأْخُذْ لَهُ عَقْلًا أَمَّا إِنْ أَخَذَ فَالِاتِّفَاقُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْخِلَافُ عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِهَا إِذَا أَخَذَ عَقْلًا
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ ذَهَبَ سَمْعُ إِحْدَى أُذُنَيْهِ فَضَرَبَهُ رَجُلٌ فَأَذْهَبَ سمع الْأُخْرَى
فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ (وَفِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ الدِّيَةُ كَامِلَةً) لِمَا جَاءَ فِيهَا مِنَ السُّنَّةِ وَوَافَقَنَا أَحْمَدُ وَقَالَ (ش) وَ (ح) نِصْفُ الدِّيَةِ لَنَا أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهم قَضَوْا بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْعَيْنَ الذَّاهِبَةَ يَرْجِعُ ضوؤها للباقية فَهِيَ فِي معتى الْعَيْنَيْنِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام (فِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ) وَقَوْلِهِ عليه السلام (فِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ دِيَةٌ إِلَّا إِذَا قَلَعَ الْعَيْنَيْنِ وَهَذَا لَمْ يَقْلَعْ عَيْنَيْنِ وَلِأَنَّ مَا ضَمِنَ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَمَعَهُ نَظِيرُهُ ضَمِنَ بِنِصْفِهَا مُنْفَرِدًا كَالْأُذُنِ وَالْيَدِ وَلِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ الْقَوْلُ بِانْتِقَالِ الزَّوْجِ الضَّامِنِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْهِبْ نِصْفَ الْمَنْفَعَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَيْنِ غَيْرِ الْعَوْرَاءِ لِأَنَّهُمَا عمومات مُطْلَقَانِ فِي الْأَحْوَالِ فَيُقَيَّدَانِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَدِلَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِانْتِقَالِ قُوَّةِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْأُذُنِ وَلَوِ انْتَقَلَ الْتَزَمْنَاهُ وَعَنِ الرَّابِعِ لَا يَلْزَمُ اطِّرَاحُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَوْ جُنِيَ عَلَيْهِمَا فأحولتا أَو أعمشتا أَو نقص ضوأهما فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَقْلُ لِمَا نَقُصَ وَلَا تَنْقُصُ الدِّيَةُ عَلَى مَا جَنَى ثَانِيًا عَلَى قَوْلِ غَيْرِنَا وَهَذَا السُّؤَالُ قَوِيٌّ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُنَا أَنْ نَقْلَعَ بِعَيْنِهِ عَيْنَيْنِ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْجَانِي وَفِي النَّوَادِرِ فِيهَا أَلْفٌ وَإِنْ أَخَذَ فِي الْأُولَى دِيَتَهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ قَالَ أَشْهَبُ وَيُسْأَلُ عَنِ السَّمْعِ فَإِنْ كَانَ يَنْتَقِلُ فَكَالْعَيْنِ وَإِلَّا
فَكَالْيَدِ وَإِنْ أُصِيبَ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ نِصْفُ بَصَرِهَا ثُمَّ أُصِيبَ بَاقِيهَا فِي ضَرْبَةٍ فَنِصْفُ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ بِهِمَا نِصْفَ نَظَرِهِمَا فَإِنْ أُصِيبَ بِبَاقِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ أُصِيبَ بِنِصْفِ الصَّحِيحَةِ فَثُلُثُ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ أَذْهَبَ مِنْ جَمِيعِ بَصَرِهِ ثُلُثَهُ وَإِنْ أُصِيبَ بِبَقِيَّةِ الْمُصَابَةِ فَقَطْ فَرُبْعُ الدِّيَةِ فَإِنْ ذَهَبَ بَاقِيهَا وَالصَّحِيحَةُ بَصريَةٌ فَالدِّيَةُ كَامِلَةً أَوِ الصَّحِيحَةُ وَحْدَهَا فَثُلُثَا الدِّيَةِ لِأَنَّهَا ثُلُثَا بَصَرِهِ فَإِنْ أُصِيبَ بَقِيَّةُ الْمُصَابَةِ فَنِصْفُ الدِّيَةِ بِخِلَافِ لَوْ أُصِيبَ وَالصَّحِيحَةُ بَاقِيَةٌ قَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ فِيمَا يُصَابُ مِنَ الصَّحِيحَةِ إِذَا بَقِيَ مِنَ الْأُولَى شَيْءٌ إِلَّا مِنْ حِسَابِ نِصْفِ الدِّيَةِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قُطِعَ كَفُّهُ خَطَأً فَشُلَّ السَّاعِدُ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ قَاعِدَةٌ كَمَا شرع الله تَعَالَى الزواجر بالجوابر إِخْلَافُ مَا فَاتَ مِنْ مَصَالِحِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ (وُجُودُ الْأَوَّلِ وَلِذَلِكَ يُجْبَرُ الْخَطَأُ وَالْعَمْدُ وَالْمَجْهُولُ وَالْمَعْلُومُ وَالذِّكْرِ وَالنِّسْيَانِ وَعَلَى الْمَجَانِينِ) وَالصِّبْيَانِ بِخِلَافِ الزَّوَاجِرِ فَإِنَّ مُعْظَمَهَا عَلَى الْعُصَاةِ زَوَاجِرُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَقَدْ تَكُونُ عَلَى غَيْرِهِمْ دَفْعًا لِلْمَفَاسِدِ مِنْ غَيْرِ إِثْمٍ كَرِيَاضَةِ الْبَهَائِمِ وَتَأْدِيبِ الصِّبْيَانِ اسْتِصْلَاحًا لَهُمْ وَاخْتُلِفَ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ هَلْ هِيَ زَوَاجِرُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَشَاقِّ تَحَمُّلِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا أَوْ جوابر لِأَنَّهَا عبادات تَصِحُّ إِلَّا بِالنِّيَّاتِ
وَلَيْسَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عُقُوبَةً وَزَجْرًا بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ قُرُبَاتٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِعْلَ الْمَزْجُورِ بَلْ فِعْلَ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَالْجَوَابِرُ تَقَعُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْأَمْوَالِ وَالنُّفُوسِ وَالْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ وَالْجِرَاحِ وَالزَّوَاجِرِ فَفِي الْعِبَادَاتِ كَالْوُضُوءِ مَعَ التَّيَمُّمِ وَالسَّهْوِ مَعَ السُّجُودِ وَالصَّلَاةِ لِجِهَةِ السَّفَرِ وَجِهَةِ الْعَدُوِّ مَعَ الْخَوْفِ بَدَلًا عَنِ الْكَعْبَةِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيمَنْ صَلَّى مُفْرَدًا وَجَبْرِ مَا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ بِالدَّرَاهِمِ فِي الزَّكَاةِ أَوِ الذُّكُورَةِ فِي ابْنِ لَبُونٍ مَعَ بِنْتِ مَخَاضٍ وَهُوَ مُبَايِنٌ لِقَاعِدَةِ الْجَوَابِرِ لِتَبَايُنِ النَّوْعَيْنِ جِدًّا وَالصِّيَامِ بِالْإِطْعَامِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَصُمْ أَوَاخِر الْقَضَاء ومناهي النّسك بِالدَّمِ والصنايم وَجَبْرِ الصَّيْدِ الْمَأْكُولِ فِي الْحَرَامِ أَوِ الْإِحْرَامِ بِالْمثلِ أَو الطَّعَام أَو الصّيام أَو اللصيد وَالْمَمْلُوكِ لِلَّهِ تَعَالَى بِمَا تَقَدَّمَ وَمَالِكِهِ لِقِيمَتِهِ وَهُوَ مجبور وَآخر اجْتَمَعَ عَلَيْهِ جَابِرَانِ وَشَجَرُ الْحَرَمِ يُجْبَرُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْبَرُ إِلَّا بِعَمَلٍ وَالْأَمْوَالَ لَا تُجْبَرُ إِلَّا بِالْمَالِ وَالنُّسْكَانُ تَارَةً بِعَمَلٍ كَالْعُمْرَةِ أَوِ الصَّوْمِ وَتَارَةً بِالْمَالِ كَالْهَدْيِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَالطَّعَامِ وَالصِّيَامِ وَالصَّوْمُ يُجْبَرُ بِمِثْلِهِ فِي الْقَضَاءِ وَبِالْمَالِ كَالْإِطْعَامِ وَأَمَّا جَوَابِرُ الْمَالِ فَالْأَصْل رد الْحُقُوق بِأَعْيَانِهَا فَإِن رجها نَاقِصَة الْأَوْصَاف
جبرت بِالْمَالِ أَو لم يردجها جبرنا الْمثْلِيّ لِأَنَّهُ أقرّ للعين من الْقيمَة وَفِي غير امثلي بِالْقيمَةِ لِأَنَّهَا تَحْصِيل الْمثل وتجبر النَّاقِص بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَخَرَجَ عَنْ جَبْرِ الْمِثْلِيِّ صُورَتَانِ الْمُصراة وغاصب المَاء فِي مَوْضِعِ غَلَائِهِ وَالْمَنَافِعُ الْمُحَرَّمَةِ لَا تُضْمَنُ احْتِقَارًا لَهَا كَالزَّمْرِ وَنَحْوِهِ وَكَذَلِكَ الْأَعْيَانُ النَّجِسَةُ وَتُجْبَرُ الْمَنْفَعَةُ الْمُحَرَّمَةُ فِي الْمَزْنِيِّ بِهَا كُرْهًا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ دُونَ اللِّوَاطِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ قَطُّ فَأَشْبَهَ الْقَتْلَ وَالْعَتَاقَ وَالْمَنَافِعُ فِي الْجَمَادِ تضمن بِالْعُقُودِ الصَّحِيحَة وَالْفَاسِدِ وَالشُّبْهَةِ وَالْإِكْرَاهِ دُونَ الْفَوَاتِ تَحْتَ الْأَيْدِي الْعَادِيَةِ وَالْفَرْقُ (أَنَّ قَلِيلَ سَائِرِ الْمَنَافِعِ يُجْبَرُ قَلِيلُهَا بِالْقَلِيلِ وَكَثِيرُهَا بِالْكَثِيرِ وَضَمَانُ الْأَبْضَاعِ بِمُهُورِ الْأَمْثَالِ وَهِيَ بِأَيْسَرِ الْمَنَافِعِ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ فَلَوْ ضَرَبَ لَلَزِمَتْ أَمْوَالٌ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ وَأَمَّا النُّفُوسُ فَخَارِجَةٌ عَنْ قَاعِدَةِ جَبْرِ الْأَمْوَالِ وَالْمَنَافِعِ وَالْأَوْصَافِ إِذْ لَا يُجْبَرُ بِأَمْثَالِهَا وَتَسَاوَتْ جَوَابِرُهَا مَعَ اخْتِلَافٍ قَالَ سَحْنُونٌ إِنَّهَا فِي الْفَضَائِلِ وَالرَّذَائِلِ (وَإِنَّمَا يُخْتَلَفُ بِاخْتِلَافِ الْأَدْيَانِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَلَا عِبْرَةَ فِي الْأَمْوَالِ بِالْأَدْيَانِ) فَيُجْبَرُ الْعَبْدُ الْمَجُوسِيُّ بِالْآلَافِ وَالْعَبْدُ الْمُسْلِمُ بِالْيَسِيرِ لِأَنَّ الْمَجْبُورَ هُوَ الْمَالِيَّة دون الدّين وَسَوَاء فِي الْجرْح الْمُقَدَّرَةُ بَيْنَ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا وَأَوْسَعِهَا وَأَضْيَقِهَا وَغَيْرِ الْمُقدر عَلَى قِيَاسِ الْإِتْلَافِ فِي الْحُكُومَاتِ وَدِيَةُ الْأَعْضَاءِ عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ وَإِذَا وَجَبَ فِي الْإِنْسَانِ ديات ثمَّ مَاتَ دفية وَاحِدَةٌ وَلَوْ وَجَبَ فِي الْحَيَوَانِ ضَمَانٌ فِي أَعْضَائِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَتَدَاخَلْ
لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ جِنَايَاتِ الْأَنَاسِيِّ الْبَعِيدُ الَّذِي لَا يُتَوَقَّفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْحُكُومَاتُ وَإِنْ كَانَتْ قِيَاسًا فَهِيَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ مِنْ جِهَةِ نِسْبَتِهَا لِلدِّيَةِ وَسُوِّيَ بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالْخِنْصَرِ مَعَ التَّفَاوُتِ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَكَذَلِكَ أَصَابِعُ الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وَأعظم من ذَلِك إِبْهَام ايد الْيُمْنَى وَسَبَّابَتُهَا مَعَ خِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى وَبِنْصَرِهَا وَأَمَّا الزَّوَاجِرُ فَتَارَةً تَجِبُ عَلَى فَاعِلِ الْمَفْسَدَةِ كَمُفْسِدِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالظِّهَارِ وَتَارَةً عَلَى غَيْرِ الْفَاعِلِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ قِسْمَانِ عَلَى الْأَئِمَّةِ كَالْحُدُودِ وَالتَّعْذِيرَاتِ وَقِسْمٌ يُخَيَّرُ مُسْتَوْفِيهِ بَيْنَ الْعَفْوِ وَالِاسْتِيفَاءِ كَالْقصاصِ وَقد يكون الزّجر عَن غير الْمحرم فَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَيُزْجَرُ بِنِكَايَةِ التَّحْلِيلِ لِأَنَّهُ مُرَاغِمٌ لِلْمُرُوءَةِ وَالْأَنَفَةِ وَقِتَالُ الْبُغَاةِ وَالصِّبْيَانِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا الرُّكْنُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ حَمْلِ الْعَاقِلَةِ للدية وَهِيَ خَمْسَةُ شُرُوطٍ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ (ش) تَحْمِلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَقَالَ (ح) تَحْمِلُ السِّنَّ وَالْمُوَضِّحَةَ وَمَا فَوْقَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ إِلَّا مَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ وقَوْله تَعَالَى {وَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} وَعَنْهُ عليه السلام (لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَا اعْتِرَافًا وَلَا صُلْحًا وَلَا مَا دُونَ الْمُوَضِّحَةِ) وَعَنْهُ أَنَّهُ عليه السلام عَاقَلَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ فَجَعَلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَعَنْهُ عليه السلام (تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا) وَقَالَ (ح) لَيْسَ
بِبَدَلٍ عَنِ النَّفْسِ وَلَا عُضْوِ دِيَتُهُ كَالنَّفْسِ فَلَا تَحْمِلُهُ كَالْأَمْوَالِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ اخْتِصَاصُ الْجَانِي بالغرم الْعَمْدِ فَإِذَا أَسْقَطَ الشَّرْعُ عَنِ الْجَانِي الْغُرْمَ لِعُذْرِ الْخَطَأِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى بِالْإِسْقَاطِ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا جعلت على الْعَاقِلَة لَيْلًا يَسْتَوْعِبَ الْجَانِي وَقَدْ يَعْجِزُ عَنْهُ فَتَضِيعُ الْجِنَايَةُ فَجَعَلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ الَّذِي يُتَوَقَّعُ فِيهِ ذَلِكَ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّ الْحَمْلَ مُوَاسَاةٌ عَلَى قَاعِدَةِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلَا ضَرُورَةَ لِلْمُوَاسَاةِ فِي الْقَلِيلِ احْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - جَعَلَ غُرَّةَ الْجَنِينِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَاحْتَجَّ (ح) بِمَا ثَبَتَ فِي الْجَنِينِ وَهُوَ نِصْفُ عُشْرٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَمْلَ خِلَافُ الْأُصُولِ وَالْقِيَاسُ عَلَى خِلَافِ الْأُصُولِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا لَا تُقَاسُ الْعِمَامَةُ عَلَى الْخُفِّ وَلَا يَسِيرُ الدَّمِ عَلَى الطِّحَالِ وَالْجَرَادِ وَلِأَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى جُزْءٍ خَطَأٍ فَتُحْمَلُ قِيَاسًا عَلَى الثُّلُثِ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَمْوَال والجوال عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ غُرَّةَ الْجَنِينِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِنَفْسٍ فَأَشْبَهَتْ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِكَثْرَةِ الثُّلُثِ لِقَوْلِهِ عليه السلام (الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) فِي الْوَصِيَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْأَمْوَالَ تَنْدُرُ الْكَثْرَةُ فِيهَا فَلِذَلِكَ سَوَّى الشَّرْعُ بَيْنَ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَالْغَالِبُ فِي الدِّمَاءِ الْكَثْرَةُ لِخَطَرِهَا فَلِذَلِكَ حَقَّقَ الشَّرْعُ فِيهَا ثُمَّ الْقِيَاسُ مُنْعَكِسٌ عَلَيْكُمْ فَنَقُولُ فَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْقَلِيلَ كَالْأَمْوَالِ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ عَنْ دَمٍ حُرٍّ احْتِرَازًا مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ (ح) تَحْمِلُهُ وَعِنْدَ (ش) الْقَوْلَانِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقِيمَةَ هَلْ هِيَ بَدَلٌ عَنْ مَالِيَّةِ الْعَبْدِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا
وَالْأَحْوُلُ الْبَاقِيَةُ لِشَغْلِ الذِّمَّةِ مَعَ النُّصُوصِ فِي ذَلِكَ وَقِيَاسًا عَلَى أَطْرَافِهِ وَوَافَقَ (ح) فِيهَا لِأَنَّ الطَّرَفَ وَالنَّفْسَ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الْآدَمِيِّ الْحُرِّ وَالْحَيَوَانِ الْبَهِيمِ فِي الْحَمْلِ وَالثَّانِي فِي عَدَمِ الْحَمْلِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام (الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) وَهُوَ عَامٌّ فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَقِيَاسًا عَلَى الْحُرِّ بِجَامِعِ النَّفْسِ أَوْ بِجَامِعِ اللَّفْظِ وَالْمُوَاسَاةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الأول الدِّيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي الْحُرِّ فَلَا تُحْمَلُ عَلَى غَيره سلمنَا عدم الظُّهُور لَكِن حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ يُخَصِّصُهُ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِتَغْلِيبِ شَائِبَةِ الْمَالِيَّةِ فِي الْعَبْدِ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتِ الْقِيمَةُ فِيهِ كَالْمَالِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ غَالِبًا لَا تَعْظُمُ بِخِلَافِ الْحُرِّ الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ عَنْ خَطَأٍ فَلَا تَحْمِلُ الْعَمْدَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَثْبُتَ بِغَيْرِ اعْتِرَافٍ وَمِنْهُ الصُّلْحُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ الشَّرْطُ الْخَامِسُ لَا تَكُونُ عَنْ قَتْلِ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ تَخْفِيفًا عَنهُ فِيمَا لم يَقْصِدهُ وَهَذَا قَاصد تَفْرِيغ فِي الْكِتَابِ أَقَلُّ مِنَ الثُّلُثِ فِي مَالِ الْجَانِي وَإِنْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ أَوْ عَلَى مُسْلِمَةٍ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهَا وَالْأَصْلُ أَنَّ الْجِنَايَةَ مَتَى بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي أَوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَمَلَتْهُ عَوَاقِلُهُمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ الْمُرَاعَى ثُلُثُ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ خَاصَّةً وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ دِيَةُ الرَّجُلِ كَانَ الْجَانِيَ أَوِ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا
تحمل الْعَاقِلَة أُصْبُعِي الْمَرْأَة لِأَنَّهَا لمتأخذ ذَلِكَ عَلَى عَقْلِ نَفْسِهَا بَلْ عَلَى مُسَاوَاةِ الرَّجُلِ لِأَنَّهَا تَأْخُذُ عِشْرِينَ وَلِذَلِكَ إِنْ قُلِعَ لَهَا أَرْبَعَةُ أَسْنَانٍ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ وَإِنْ قَطَعَتِ امْرَأَةٌ أُصْبُعَيِ امْرَأَةٍ أَوْ أَرْبَعَةَ أَسْنَانٍ جَرَتْ عَلَى الْخِلَافِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَأْخُذُ عَلَى عَقْلِ الرَّجُلِ قَالَ وَمُرَاعَاةُ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ كَامِلَةً
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ مَنْ جَنَى مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ مَا لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ فَفِي مَالِهِ من الْإِبِل فَإِن قطع أصبعا فابنا مخاص وَابْنَا لَبُونٍ وَحِقَّتَانِ وَجَذَعَتَانِ وَكَذَلِكَ إِنْ جَنَى مَا هُوَ أَقَلَّ مِنْ بَعِيرٍ وَإِنْ جَرَحَ الْمُسْلِمُ كَافِرًا أَوْ قَطَعَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ أَوْ قَتَلَهُ عَمْدًا فَفِي مَالِهِ وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ مِنْ عَمْدِ الْمُسْلِمِ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى الذِّمِّيِّ الْمَأْمُومَةَ وَالْجَائِفَةَ وَإِنَّمَا اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ حَمْلَ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِالْبَيِّنِ وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْعَمْدَ مُطْلَقًا
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ كُلُّ جُرْحٍ يَتَعَذَّرُ الْقَوَدُ فِيهِ لِخَطَرِهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْجَانِي حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَخَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْقِصَاصُ أَشْبَهَ الْخَطَأَ وَعَنْ مَالِكٍ فِي عَمْدِ الْجَائِفَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْمَأْمُومَةِ قَوْلَانِ يَبْدَأُ بِمَالِ الْجَانِي وَالْبَاقِي عَلَى الْعَاقِلَةِ وَرَجَعَ إِلَى أَنَّ الْجَمِيعَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُهُ وَتَحْمِلُ جِنَايَةَ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ وَالْمَجْنُونِ فِي حَالِ جُنُونِهِ وَالْمَعْتُوهِ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّهُ كَالْخَطَأِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَإِنْ جُنَّ الْقَاتِلُ انْتُظِرَ إِنْ أَفَاقَ قُتِلَ وَإِنْ إيس مِنْهُ فَالدِّيَة فِي مَاله والنائم كالمخطىء وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْمِلُ مَا جَنَاهُ الْعَبِيدُ عَلَى الْحُرِّ أَوْ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا حُرَّ عَلَى عَبْدٍ وَإِنَّمَا
تَحْمِلُ جِنَايَةَ الْحُرِّ عَلَى الْحُرِّ وَلَا تَحْمِلُ عَاقِلَةُ الْمُسْلِمِ جِنَايَتَهُ عَلَى يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ وَإِنْ بَلَغَ النَّفْسَ لِأَنَّهُمْ كَالْعَبِيدِ إِلَّا أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ بِدِيَاتِهِمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْهُ تَحْمِلُ إِذَا بَلَغَ الثُّلُثُ دِيَةَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِنْ رَمَى رَجُلٌ بِحَجَرٍ فَأَصَابَ جَمَاعَةً مَوَاضِحَ أَوْ مِلْطَاةً أَوْ شِجَاجًا وَجَمِيعُهَا يبلغ الثُّلُث حمله لِاتِّحَادِ الضَّرْبَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَ بِرَجُلٍ ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ أَوْ ضَرَبَهُ فَأَذْهَبَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِمَا يَلِيقُ بِهَا وَإِنْ قَتَلَ عَشَرَةٌ رَجُلًا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ عُشْرُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْأَصْلِ دِيَةٌ وَإِنْ جَنَوْا قَدْرَ ثُلُثِ الدِّيَةِ حَمَلَتْهُ عَوَاقِلُهُمْ وَعَن مَالك إِن أقرّ بِالْقَتْلِ وَلم يُتَّهَمْ عَلَى وَلَدِهِ وَهُوَ ثِقَةٌ لَا يُتَّهَمُ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِقَسَامَةٍ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يُقْسِمُوا فَلَا شَيْءَ فِي مَالِ الْمُقِرِّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْإِقْرَارُ فِي مَالِهِ وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ خَطَأً اعْتِرَافًا وَالِاعْتِرَافُ بِالْجِرَاحِ الْخَطَأِ لَا تَحْمِلُهَا لِعَدَمِ الْقَسَامَةِ فِيهَا فَيَتَخَلَّصُ أَنَّ الْمَشْهُورَ حَمْلُ الِاعْتِرَافِ عِنْدَ عَدَمِ التُّهْمَةِ وَإِنَّ الْعَمْدَ يُحْمَلُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ الصَّبِيِّ وَمَنْ مَعَهُ وَالْجَائِفَةِ وَمَا مَعَهَا وَمَا لَا يُقَادُ مِنْهُ وَلَهُ نَظِيرٌ يُوجَدُ فِي الْجَانِي الرُّكْنُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ مَنْ يَحْمِلُهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي الرُّكْنِ بَحْثَانِ مَنْ يَحْمِلُ وَصِفَتُهُ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ مَنْ يَحْمِلُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الْعَصَبَةُ وَالْوَلَاءُ وَبَيْتُ الْمَالِ دُونَ الْمُوَالَاةِ وَالْمُخَالِفِ أَمَّا الْعَصَبَةُ فَكُلُّ عَصَبَةٍ يَدْخُلُ فِيهَا الْأَبُ وَالِابْنُ وَفِي دُخُولِ الْجَانِي رِوَايَتَانِ وَيُلْحَقُ بِالْقَرَابَةِ الدِّيوَانُ لِعِلَّةِ التَّنَاصُرِ فَإِنْ كَانَ المعا مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ
مَعَ غَيْرِ قَوْمِهِ حَمَلُوا عَنْهُ دُونَ قَوْمِهِ لأَنهم ناصروه رَحل عَنْهُمْ وَإِنِ احْتَاجَ أَهْلُ دِيوَانٍ إِلَى مَعُونَةِ قَوْمِهِمْ لِقِلَّتِهِمْ أَوْ لِانْقِطَاعِ دِيوَانِهِمْ أَعَانُوهُمْ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنَّمَا يَحْمِلُ عَنْهُ أَهْلُ الدِّيوَانِ إِذَا كَانَ الْعَطَاءُ قَائِمًا وَإِلَّا فَقَوْمُهُ وَالْجِهَةُ الثَّانِيَةُ الْوَلَاءُ إِذَا عُدِمَتِ الْعَصَبَةُ فَعَلَى مُعْتِقِ الْجَانِي وَهُوَ الْمُعَتَقُ الْأَعْلَى وَفِي الْأَسْفَلِ قَوْلَانِ الثَّالِثُ بَيْتُ الْمَالِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ وَالْوَلَاءِ يُأْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا رَجَعْنَا عَلَى الَّذِينَ يُؤَدُّونَ مَعَهُ الْجِزْيَةَ أَهْلِ إِقْلِيمِهِ الَّذِينَ يَجْمَعُهُ وَإِيَّاهُمْ أَدَاءُ الْجِزْيَةِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَقِلُّوا ضُمَّ إِلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقُرَى مِنْهُمْ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي صِفَاتِهِمْ وَهِيَ التَّكْلِيفُ وَالذُّكُورَةُ وَالْمُوَافَقَةُ فِي الدَّيْنِ وَالدَّارِ فَلَا يُضْرَبُ عَلَى عَبْدٍ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا مُخَالِفٍ فِي الدَّيْنِ وَلَا فَقِيرٍ وَإِن كَانَ يعْمل وَلَا حد فغناهم فِي الْحمل وَلَا بِمَا يُؤْخَذُ وَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ مائَة دِرْهَم وَنصف وَكَذَلِكَ كَانَ يُؤْخَذ من اعطيات النَّاس تَفْرِيغ عَلَى الْبَحْثَيْنِ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا خَطَأً حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهُ وَإِنْ أَصَابَ أَهْلَ الذِّمَّةِ بَعْضَهُمْ بَعْضًَا حَمَلَ ذَلِكَ عَوَاقِلُهُمْ وَإِنَّمَا الْعَقْلُ فِي الْقَبَائِلِ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ أَمْ لَا وَمِصْرُ وَالشَّامُ أَجْنَادُ كُلِّ جُنْدٍ عَلَيْهِمْ جَرَايِرُهُمْ فَلَا يَعْقِلُ أَهْلُ مِصْرَ مَعَ الشَّامِ وَلَا الشَّامُ مَعَ مِصْرَ وَلَا الْحَضَرُ مَعَ الْبَدْوِ وَلَا الْبَدْوُ مَعَ الْحَضَرِ لِعَدَمِ التَّنَاصُرِ وَلَا يَكُونُ فِي دِيَةٍ وَاحِدَةٍ إِبِلٌ وَذَهَبٌ أَوْ ذَهَبٌ وَدَرَاهِمُ وَإِنِ انْقَطَعَ بَدَوِيٌّ فَسَكَنَ الْحَضَرَ عَقَلَ مَعَهُمْ كَالشَّامِيِّ يَسْتَوْطِنُ مِصْرَ ثُمَّ إِنْ جَنَى وَقَوْمُهُ بِالشَّامِ وَلَيْسَ بِمِصْرَ مِنْ قَوْمِهِ مَنْ يَحْمِلُ لِقِلَّتِهِمْ ضُمَّ إِلَيْهِ أَقْرَبُ الْقَبَائِل لَهَا إِلَى قَوْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمِصْرَ أَحَدٌ حَتَّى يَقُودَ إِذْ لَا يَعْقِلُ أَهْلُ الشَّامِ مَعَ مِصْرَ وَيَحْمِلُ الْغَنِيُّ بِقَدْرِهِ (وَمَنْ دُونَهُ بِقَدْرِهِ) عَلَى قَدْرِ يُسْرِهِمْ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ إِذا لم يكن فَمن
قومه من يحمل لقتلهم ضُمَّ إِلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ يُرِيدُ فِي النَّسَبِ لَا فِي الْجِوَارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَقَرَّهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم َ - لِأَنَّهُ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلَا عَقْلَ عَلَى مِدْيَانٍ لِأَنَّهُ كَالْفَقِيرِ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَبْعَثَ السُّلْطَانُ فِي الدِّيَةِ مَنْ يَأْخُذُهَا مِنَ الْعَاقِلَةِ فَيَدْخُلُ فِيهَا فَسَادٌ كَبِيرٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَيُضَمُّ أَهْلُ إِفْرِيقِيَّةَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِنْ طَرَابُلْسَ إِلَى طُبْنَةَ فِي الْعَقْلِ وَتُعْتَبَرُ صِفَاتُ الْعَاقِلَةِ وَشُرُوطُ حَمْلِهَا يَوْمَ يُقَسِّمُ عَلَيْهِمُ الدِّيَةَ لِأَنَّهُ يَوْمُ الطَّلَبِ لَا يَوْمُ مَاتَ الْمَقْتُولُ وَلَا يَوْمُ جرح وَلَا يَوْم ثَبت الدن وَلَا يَزُولُ عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ أُعْدِمَ لِأَنَّهُ حُكْمٌ لَا يُنْقَضُ وَلَا يَدْخُلُ مَنْ بَلَغَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الصِّبْيَانِ أَوْ غَائِبٍ قَدِمَ أَوْ مُنْقَطِعُ الْغَيْبَةِ وَلَا يُزَادُ عَلَى مَنْ أَيْسَرَ قَالَ سَحْنُونٌ وَمَنِ اسْتَحَقَّ بِمِلْكٍ رَجَعَ مَا عَلَيْهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْعَاقِلَةِ لِتَبَيُّنِ الْغَلَطِ فِي الْحُكْمِ وَلَا يُزَادُ فِي التوظيف على بني عَمه دِيَته وَعم وَغَيْرُهُمْ سَوَاءٌ قَالَ أَصْبَغُ وَلَا يَدْخُلُ مَعَ الْعَاقِلَةِ صَبِيٌّ وَلَا مَجْنُونٌ وَيَدْخُلُ السَّفِيهُ الْبَالِغُ فَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ كَمَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَخْتَلِفُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ هَلْ يَعْقِلُ أَهْلُ الدِّيوَانِ دُونَ الْقَاتِلِ وَهَلْ يُرَاعَى الْكُورَةُ أَوْ يَكْفِي الْمِصْرُ الْكَبِيرُ وَفِي اجْتِمَاعِ الْبَدْوِ مَعَ الْحَضَرِ وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ هَلْ تَسْقُطُ جِنَايَتُهُ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَمُرَادُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمِصْرَ مِنْ أَسْوَانَ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَمِصْرُ اسْمُ الْجَمِيعِ وَهِيَ الْكُورَةُ وَعَنْ أَشْهَبَ يُقْتَصَرُ عَلَى الْفُسْطَاطِ دُونَ بَقِيَّةِ الْكُورَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَتِيلٍ مَحْمَلٌ ضُمَّ إِلَيْهِ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ مِنَ الْفُسْطَاطِ خَاصَّةً وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا اجْتَمَعَتِ الْبَادِيَةُ وَالْقُرَى فِي حَمْلِ وَاحِدٍ أُخْرِجَ كُلُّ مَا يَلْزَمُهُ إِبِلًا أَوْ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَتُؤْخَذُ الْإِبِلُ بِقِيمَتِهَا وَفِي النَّوَادِرِ مَنْ ظَعَنَ فِرَارًا مِنَ الدِّيَةِ لَحِقَهُ حُكْمُهَا حَيْثُ كَانَ بِخِلَافِ الْغَائِبِ لِغَيْرِ
ذَلِكَ وَالْغُرَمَاءُ مُقْدِمُونَ عَلَى طَالِبِ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَمَنْ مَاتَ فَمَا وُظِّفَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ كَالدَّيْنِ وَعَنْ سَحْنُونٍ يُحَاصِصْ بِهَا لِأَنَّهَا دَيْنٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ مَاتَ لَا شَيْءَ فِي مَالِهِ وَلَا عَلَى وَارِثِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى بَقِيَّةِ الْعَاقِلَةِ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْبَرْبَرِ وَلَمْ يُسْبَوْا فَإِنَّهُمْ يَتَعَاقَلُونَ كَالْعَرَبِ وَمَنْ سُبِيَ وَعُتِقَ فَعَقْلُهُ عَلَى مَوَالِيهِ وَمَتَى اجْتَمَعَ فِي الْعَاقِلَةِ أَهْلُ إِبِلٍ وَأَهْلُ ذَهَبٍ قَالَ أَشْهَبُ يَتْبَعُ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ فَإِنِ اسْتَوَيَا حمل كل فريق من هم أَهله وَقَالَ مَالِكٌ وَهُوَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا جَنَى بِمِصْرَ وَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حَتَّى أُوْطِنَ الْعِرَاقَ فَجِنَايَتُهُ عَلَى مِصْرَ وَإِذَا جَنَى السَّاكِنُ بِمِصْرَ وَلَيْسَ بِهَا مِنْ قَوْمِهِ أَحَدٌ حَمَلَ جِنَايَتَهُ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ إِلَيْهِ مِمَّنْ بِمِصْرَ وَلَا يَعْقِلُ عَنِ الْمَرْأَةِ أَبُوهَا وَلَا زَوْجُهَا وَلَا إِخْوَتُهَا لِأُمِّهَا إِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ قَبِيلَتِهَا لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَصَبَةً وَإِذَا قَدِمَ حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ فَقَتَلَ مُسْلِمًا خَطَأً قَالَ مَالِكٌ يُحْبَسُ وَيُرْسَلُ إِلَى أَهْلِ مَوْضِعِهِ وَكُورَتِهِ إِلَى قَوْمِهِ مِنْهَا يُخْبِرُونَهُمْ مَا يَلْزَمُهُمْ فِي حُكْمِنَا فَإِنْ وَدَوْا عَنْهُ لم يلْزمه إِلَّا مَا كَانَ يُؤَدِّيه مَعَهُمْ وَعَنْهُ إِنَّ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ وَلَيْسَ عَلَى بَلَدِهِ مِنْهَا شَيْءٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ دِيَتُهُ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ الْحَرْبِيِّينَ وَأَهْلُ الصُّلْحِ يتعاقلون وَإِن اخْتلفت قبائلهم قَالَ الْغيرَة إِنْ كَانُوا أَهْلَ جِزْيَةٍ وَلَهُمْ مَعْقَلَةٌ يَتَعَاقَلُونَ عَلَيْهَا وَيَحْمِلُهَا بَعْضٌ عَنْ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ حَمْلَتُهُمْ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْجَانِي قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا لَزِمَتْ دِيَةُ الْقَيْرَوَانَ دَخَلَ فِيهَا مَنْ بِإِفْرِيقِيَّةَ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ مَعَهُ الْخَرَاجَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا أَسْلَفَهُمُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِنْ حَمَلَتِ الْعَاقِلَةُ شَيْئًا نَظَرَ أَنَّهُ هَلْ يَلْزَمُهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا
فَلَهُمُ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَطُلِ الْأَمْرُ بَعْدَ الدّفع سِنِين كَثِيرَة الَّتِي يرى فِيهَا أَنَّهُمْ عَلِمُوا ذَلِكَ فِيهَا وَانْقَرَضُوا عَنْهُ تَنْبِيهٌ وَافَقَنَا (ح) فِي دُخُولِ الْجَانِي وَمَنْعَهُ (ش) لَنَا مَا رُوِيَ أَنَّ نُعَيْمَ بْنَ أَبِي مَسْلَمَةَ رَأَى رَجُلًا يَرْمِي الْكُفَّارَ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَقَضَى عُمَرُ رضي الله عنه بِدِيَتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ يُحْمَلُ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ الْجَانِي وَلِأَنَّ التَّحَمُّلَ لِلنُّصْرَةِ وَالْمُوَاسَاةِ وَهُوَ أَحَقُّ بِنُصْرَةِ نَفْسِهِ وَمُوَاسَاتِهَا احْتَجُّوا بِأَنَّهُ عليه السلام قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالدِّيَةُ اسْمٌ لِلْجَمِيعِ وَلِأَنَّ كُلَّ غُرْمٍ وَجَبَ بِالْقَتْلِ اسْتَوَى قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ فِي التَّحَمُّل طردا وعكسا لِأَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ قَلِيلَهَا وَلَا كَثِيرَهَا فِدْيَةُ الْخَطَأِ وَجَبَ أَنْ تَحْمِلَهَا كلهَا كالجاني فِي الْعمد وَلِأَن أَن الْقَتْل تَارَة يمْنَع العتم كَالْعَمْدِ فِي الْمِيرَاثِ وَتَارَةً يَمْنَعُ الْغُرْمَ كَدِيَةِ الْخَطَأِ وَالْأَوَّلُ يُمْنَعُ مُطْلَقًا فَالثَّانِي كَذَلِكَ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقَاضِي إِذَا قَتَلَ بِالْحُكْمِ خَطَأً وَكَوَكِيلِ الإِمَام إِذا قتل خطأ وَالْجَوَاب عَن الول الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَاقِلَةِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ أَنَّ الْعَمْدَ صَادَفَ الْأَصْلَ (وَهُوَ أَنَّ الْجَانِيَ غَرِمَ وَالْخَطَأُ خَالَفَ الْأَصْلَ) غَرِمَ غَيْرُ الْجَانِي فَلَا يُخْرَجُ الْجَانِي مِنْهُ تَعْلَيْلًا بِمُخَالَفَةِ الْأَصْلِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ مَنْعَ الْغُرْمِ تَخْفِيفٌ وَرَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَنَاسَبَ أَنْ يوزع على الْجَمِيع والعتم عُقُوبَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ فَتَوْزِيعُ الْمِيرَاثِ مُتَعَذِّرٌ وَتَوْزِيعُ الدِّيَةِ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ أَنَّ وُلَاةَ الْأُمُورِ لَوْ غَرِمُوا مَعَ تَصَدِّيهِمْ للْأَحْكَام لَأَدَّى
ذَلِك لزهادة فِي الْوِلَايَاتِ فَتَتَعَطَّلُ الْمَصَالِحُ بِخِلَافِ الْجَانِي كَذَلِكَ وَكيل الإِمَام وانفق الْعُلَمَاءُ أَنَّ إِخْوَةَ الْأُمِّ وَسَائِرَ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالزَّوْجَ وَكُلَّ مَنْ عَدَا الْعَصَبَةَ لَيْسُوا مِنَ الْعَاقِلَةِ وَلَا الْأُمُّ وَلَا آبَاؤُهَا وَلَا أَجْدَادُهَا إِلَّا أَن يَكُونُوا عصبَة للْقَاتِل وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ امْرَأَةً فَإِنْ كَانَ بَنُوهَا وبنوا بَنِيهَا وَإِنْ سَفُلُوا بَنِي عَمِّهَا لِأَنَّ زَوْجَهَا مِنْ بَنِي عَمِّهَا فَعَاقِلَتُهَا وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ عَاقِلَتُهَا وَافَقَنَا (ح) عَلَى أَنَّ الْآبَاءَ وَالْأَبْنَاءَ وَالْحَفَدَةَ يَتَحَمَّلُونَ كَغَيْرِهِمْ وَقَالَ (ش) لَا يَتَحَمَّلُ هَؤُلَاءِ شَيْئًا بَلِ الْعَصَبَاتُ الَّذِينَ هُمْ جَوَانِبُ النَّسَبِ كَالْإِخْوَةِ وَبَنِي الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ وَعَنْ أَحْمَدَ الْقَوْلَانِ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْعَاقِلَةِ وَزَوْجِهَا وَبَنِيهَا وَالْقِيَاسُ عَلَى الْأَخِ بِطَرِيقِ الْأَقَلِّ لِأَنَّ الْأَبَ وَالِابْنَ أَعْظَمُ نُصْرَةً وَأَبْلَغُ مِيرَاثًا فَيَجِبُ كَالْأَخِ وَكَيْفَ يَكُونُ الْعَمُّ أَكْثَرَ تَعْصِيبًا مِنَ الْأَبِ والإبن بل الْمُرَتّب عَلَى النَّسَبِ إِمَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ كَوِلَايَةِ الْمَالِ وَالْبِضْعِ وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَالنَّفَقَةِ أَوْ يَثْبُتُ الْجَمِيعُ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَمَّا لغير الْأُصُول والفصول وَالرحم فَلَمْ يَقَعْ فِي الشَّرْعِ احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ فِي خُطْبَتِهِ (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ لَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ ابْنِهِ وَلَا ابْنٌ بِجَرِيرَةِ أَبِيهِ) وَلِأَنَّهُ نسلب يُوجِبُ التَّوَارُثَ مِنْ غَيْرِ حَجْبِ إِسْقَاطٍ فَلَا يُحْمَلُ كَالزَّوْجَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى ابْنِ الْمَرْأَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ يَأْخُذُونَ الْأَبَ بِالِابْنِ وَالِابْنَ بِالْأَبِ
وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ عَدَمُ التَّنَاصُرِ وَالْعُصُوبَةُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ بِخِلَافِ الِابْنِ وَالْأَبِ وَعَنِ الثَّالِثِ بِمَنْعِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَنُسَلِّمُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّكُمْ لَيْسَ مَنْ عَصَبَتِهَا فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ لَا يَلِي تَزْوِيجَهَا ثُمَّ الرَّضَاعُ حُجَّةٌ عَلَيْكُمُ اسْتَوَى فِيهِ الْجَمِيعُ وَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ وَوَافَقَنَا (ح) عَلَى أَنَّ الدِّيوَانَ يَعْقِلُ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الزَّاهِي حَكَى فِيهِ قَوْلَيْنِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنَّمَا يَعْقِلُ الدِّيوَانُ إِذَا كَانَ الْعَطَاءُ وَإِلَّا فَقَوْمُهُ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ لَا يَعْقِلُ الدِّيوَانُ لَنَا أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ وَجَعَلَ أَهْلَ كُلِّ دِيوَانٍ يَحْمِلُونَ جِنَايَةَ مَنْ مَعَهُمْ فِي الدِّيوَانِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَنُكْتَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ التَّعَاقُلَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّنَاصُرِ وَلِذَلِكَ اخْتَصَّ الْعَاقِلَةَ الْعَصَبَةَ وَسَقَطت عَن النِّسَاء وَالصبيان والمجانين بِعَدَمِ النُّصْرَةِ مَعَ وُجُودِ الْقَرَابَةِ فِيهِمْ فَقَدْ دَارَ الْعَقْلُ مَعَ النُّصْرَةِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَأَهْلُ دِيوَانِهِ يَنْصُرُونَهُ أَشَدَّ مِنَ الْعَصَبَةِ وَالدِّيوَانُ أَخَصُّ مِنَ النَّسَبِ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ أَهْلَهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَعَطَاء وَاحِد وَتَكون مَوَدَّتهمْ منسجمة زحميتهم لِبَعْضِهِمْ مُتَوَفِّرَةً احْتَجُّوا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِذَا اسْتَقَرَّ حُكْمٌ فِي زَمَانِهِ عليه السلام لَا يَبْطُلُ بَعْدَهُ لِتَعَذُّرِ النَّسْخِ وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْعَصَبَةِ عِنْدَ عَدَمِ الدِّيوَانِ فَيَتَعَلَّقُ عِنْدَ وُجُودِهِ كَالْمِيرَاثِ وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بَيْنَ الْمُتَوَالِيَيْنِ فِي الدِّينِ فَلَا يَثْبُتُ بِالدِّيوَانِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَلِأَنَّ مُطْلَقَ التَّنَاصُرِ لَا يَكْفِي لِأَنَّ أَهْلَ السِّكَّةِ الْوَاحِدَةِ وَالْبَلْدَةِ الْوَاحِدَةِ فِي أَرْضِ الْغُرْبَةِ يَنْصُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَالصُّدَقَاءُ وَالشُّرَكَاءُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تَجَدُّدَ الْأَحْكَامِ لِتَعَدُّدِ عِلَلِهَا فِي الْمَحَالِّ بَعْدَهُ عليه السلام لَيْسَ نَسْخًا وَإِنَّمَا النَّسْخُ تَجْدِيدُ حُكْمٍ مُطلقًا لاترتبه عَلَى عِلَّةٍ لَمْ تَكُنْ
مَوْجُودَةً فِي زَمَانِهِ عليه السلام وَهُوَ مُبْتَكَرٌ رَتَّبْنَا عَلَيْهِ التَّحْرِيمَ وَلَمْ يَكُنْ نَسْخًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثُوا آلَةً مُطْرِبَةً أَوْ نَوْعًا مِنَ الْكُفْرِ لَمْ يُعْلَمْ أَنْكَرْنَا وَقَاتَلْنَا وَلَيْسَ نَسْخًا وَعَنِ الثَّانِي لَا يَسْتَقِيمُ تَرْتِيبُهُ عَلَى الْمِيرَاثِ بِدَلِيلِ النِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ بَلْ عَلَى النُّصْرَةِ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَلْ أَقْوَى كَمَا تَقَدَّمَ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ وِلَايَةَ النِّكَاحِ أَعْظَمُ رُتْبَةً لِدَرْءِ الْعَارِ عَنِ الْمُوَلِّيَةِ وَلِذَلِكَ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْعَاقِلَةِ اتِّفَاقًا وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةُ ثُمَّ إِنَّ تِلْكَ الْأَسْبَابَ لَيْسَ التَّنَاصُرُ لَازِمًا لَهَا قَدْ يَقَعُ وَقَدْ لَا يَقَعُ وَأَمَّا الدِّيوَانُ فَمُعَدٌّ لِلنُّصْرَةِ وَالْقِتَالِ عَنْ بَعْضِهِمْ فَائِدَةٌ الدِّيوَانُ قِيلَ إِن كسْرَى أنو شرْوَان اطلع على أهل حسابه فَقَالَ هَؤُلَاءِ ديواناه بِالْهَاءِ ثمَّ إِلَهًا لِطُولِ الِاسْتِعْمَالِ وَمَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ مَجَانِينُ وَقِيلَ شَيَاطِينُ وَالْعَقْلُ قِيلَ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ تَعْقِلُ لِسَانَ الطَّالِبِ وَقيل تعقل بِسَبَب الغرامة الْجِنَايَة وَقِيلَ لِأَنَّ غَالِبَهُ وَأَصْلَهُ الْإِبِلُ وَهِيَ يُؤْتَى بهَا معقولة فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ مَعَانٍ وَأَصْلُهُ الْمَنْعُ وَمِنْهُ الْعَقْلُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَاقِلَ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الرَّذَائِلِ الرُّكْنُ الْخَامِسُ فِي صِفَةِ التَّوْزِيعِ وَفِيهِ نَظَرَانِ
النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّرَتُّبِ عَلَيْهِمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُبْدَأُ بِأَقْرَبِ الْعَصَبَةِ وَيُضْرَبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مَا يحْتَملهُ حَاله وَلَا يضْربهُ فغن فَضَلَ عَنِ الْأَقْرَبِينَ شَيْءٌ تَرَتَّبَ إِلَى الْأَبْعَدِ مِنْهُمُ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى يُبْدَأُ بِالْفَخِذِ ثُمَّ الْبَطْنِ ثُمَّ الْعِمَارَةِ ثُمَّ الْفَصِيلَةِ ثُمَّ الْقَبِيلَةِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلُّوا اسْتَعَانُوا بِأَقْرَبِ الْقَبَائِلِ إِلَيْهِمْ وَقَدْ تقد فِي كِتَابِ الْوَقْفِ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ
وَفِي الْكِتَابِ يَحْمِلُ الْغِنَيُّ بِقَدْرِهِ وَمَنْ دُونَهُ بِقَدْرِهِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِمْ فِي الْيُسْرِ وَكَانَ يُؤْخَذُ مِنْ أُعْطِيَاتِ النَّاسِ مِنْ كُلِّ مِائَةِ دِرْهَمِ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ وَإِنْ جَنَوُا الثُّلُثَ حَمَلَتْهُ عواقلهم فِي سنو وَإِنْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ خَطَأً وَجَرَحَهُ الْآخَرُ جُرْحًا خطأ فَمَاتَ فأقسمت الْوَرَثَة فَالدِّيَة على عاقلتها نِصْفَيْنِ لَا الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُدْرَى مِنْ أَيِّهِمَا مَاتَ
النَّظَرُ الثَّانِي فِي التَّأْجِيلِ فِي الْكِتَابِ يُوَزَّعُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَانَتْ إِبِلًا أَوْ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثٌ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ بَقِيَ مَالُ الْجَانِي حَالًّا وَثُلُثُ الدِّيَةِ فِي سَنَتَيْنِ وَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً نِصْفُهَا فِي سَنَتَيْنِ وَعَنْهُ يَجْتَهِدُ فِيهِ الْإِمَامُ فِي سَنَةٍ وَنِصْفٍ وسنتين قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَنَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ لِمَا جَاءَ أَنَّ الدِّيَةَ تُقْطَعُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي السُّدُسِ الْبَاقِي وَدِيَةُ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمَّةِ وَالْمَجُوسِ رِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَإِنْ صُولِحَتِ الْعَاقِلَةُ بِأَكْثَرَ مِنَ الدِّيَةِ جَازَ إِنْ عُجِّلَ وَإِلَّا امْتُنِعَ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ فِي الْعَمْدِ بِمَالٍ مُؤَجَّلٍ لِأَنَّهُ دَمٌ لَا مَال لَهُ وَإِنْ صَالَحَ الْجَانِي عَلَى الْعَاقِلَةِ رَدَّ صُلْحَهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ لَهُمْ وَفِي النُّكَتِ قَوْلُهُ يَجْتَهِدُ فِي السُّدُسِ الْبَاقِي يَعْنِي عَلَى حِسَاب أَربع سِنِين فو ثَلَاثٍ وَيَلْزَمُهُ فِي ثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ أَنَّ الثُّلُثَيْنِ فِي سَنَتَيْنِ وَيَجْتَهِدُ فِي الزَّائِدِ بِأَنْ يَجْعَلَ عَلَى حِسَابِ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَإِنَّمَا جَوَابُهُ فِي الثَّلَاثَةِ أَرْبَاعٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ
قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِجَبْرِ قَاتِلِ الْعَمْدِ عَلَى الدِّيَةِ هِيَ حَالَّةٌ فِي مَالِهِ وَكَذَلِكَ التَّرَاضِي عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْأَجَلُ وَفِي الْمُوازِية هِيَ كدية الْخَطَأ فِي قَالَ مَالِكٌ وَالْمُغَلَّظَةُ عَلَى الْجَانِي وَعَنْهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ (يُبْدَأُ بِمَالِ الْجَانِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ فَالْعَاقِلَةُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) مُعَجَّلَةً وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهَا مُنَجَّمَةً ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ عَلَيْهِ مُعَجَّلَةً وَالْعَمْدُ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ كَقَتْلِ الْمُسْلِمِ نَصْرَانِيًّا عَلَى الْعَاقِلَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهَلْ تَكُونُ مُنَجَّمَةً أَوْ حَالَّةً كَالْمُغَلَّظَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُحْسَبُ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ الحكم قَالَ الْعِرَاقِيّ فِي تَعْلِيقه قَالَ الأهري مِنْ يَوْمِ الْقَتْلِ وَقَالَهُ (ش) وَبِالْأَوَّلِ قَالَ (ح) كَالْعِنِّينِ (وَوَافَقَنَا (ش) فِي التَّنْجِيمِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) وَقَالَ (ح) إِلَى الْعَطَاءِ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَضَى بِهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَقَالَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رضي الله عنهم مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ وَقَالَ (ش) يَحْمِلُ الْغَنِيُّ نِصْفَ دِينَارٍ (وَالْمُتَوَسِّطُ رُبُعَ دِينَارٍ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ عَلَى الْغَنِيِّ فِي الزَّكَاةِ نِصْفَ دِينَارٍ) وَيُنَاسِبُ أَنَّ الْمُتَوَسِّطَ نِصْفُهُ وَقَالَ (ح) مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى أَرْبَعَة لِأَن هَذَا هُوَ الَّذِي لَا يجب لَنَا عَلَى عَدَمِ التَّحْدِيدِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يُحَدِّدْهَا وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ بَعْدَهُ رضي الله عنهم الرُّكْن السَّادِس فِي تفليظها فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ مُدْلِجٍ يُقَالُ لَهُ
قَتَادَةُ حَذَفَ ابْنَهُ بِالسَّيْفِ فَأَصَابَ سَاقَهُ وَنُزِيَ فِي جُرْحِهِ فَمَاتَ فَقَدِمَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشَمٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ اعْدُدْ عَلَى مَاءِ قُدَيْدٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ بَعِيرٍ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْكَ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ عُمَرُ أَخَذَ مِنْ تِلْكَ الْإِبِل ثَلَاثِينَ حقة وثلثين جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا ثُمَّ قَالَ أَيْن أَخُو الْمَقْتُول فَقَالَ هَا أناذا فَقَالَ خُذْهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ (لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ) وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْمُدْلِجِيُّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي مُدْلِجٍ وَسُرَاقَةُ بِضَمِّ السِّينِ وَقُدَيْدٍ بِضَمِّ الْقَافِ وَدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّرٌ وَفِي الْمُنْتَقَى إِنَّمَا خُصَّ سُرَاقَةُ لِأَنَّهُ سَيِّدُ الْقَوْمِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَأَلَهُ عَنِ الْقَضِيَّةِ فَيُلْزِمُ الْأَبَ بِإِحْضَارِهَا مِنْ مَالِهِ وَلِذَلِكَ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي هَذَا وَقَوْلُهُ مِائَةً وَعِشْرِينَ يُرِيدُ لِيَخْتَارَ مِنْهَا الْمِائَةَ وَفِي الْكِتَابِ لَا تُغَلَّظُ الدِّيَةُ إِلَّا فِيمَا فَعَلَ الْمُدْلِجِيُّ بِابْنِهِ فَإِنَّ الْأَبَ إِذَا قَتَلَ ابْنَهُ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّمَا تَظْهَرُ مَعَهُ الشُّبْهَةُ كَمَا تَقَدَّمَ دَرْءًا لِلْقَوَدِ وَغُلِّظَتِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ حَالَّةً وَلَا يَرِثُ الْأَبُ فِي هَذَا مِنْ مَالِ الْوَلَد لَا مِنْ دِيَتِهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ مِنَ الْعَمْدِ لَا مِنَ الْخَطَأِ وَالْأُمُّ كَالْأَبِ وَيُغَلَّظُ عَلَى الْحُرِّ كَالْأَبِ وَإِنْ قَطَعَ الْأَبُ شَيْئًا مِنْ أَعْضَاءِ الْوَلَدِ أَوْ جُرْحِهِ كَمِثْلِ مَا فَعَلَ الْمُدْلِجِيُّ بِابْنِهِ تُغَلَّظُ فِيهِ فِي مَالِهِ حَالَّةً وَلَا تَغْلِيظَ فِي أَخٍ وَلَا أُخْتٍ وَلَا زَوْجَةٍ وَلَا زَوْجٍ وَلَا قَرِيبٍ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ وَلَا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَلَا مَنْ قُتِلَ خَطَأً فِي الْحَرَمِ وَتُغَلَّظُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَيَنْظُرُ كَمْ قِيمَةُ أَسْنَانِ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا وَكَمْ قِيمَةُ أَسْنَانِ دِيَةِ الْخَطَأِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَإِذَا زَادَتِ الْمُغَلَّظَةُ نُظِرَ كَمْ ذَلِكَ مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ فَإِنْ كَانَ رُبُعَهَا فَلَهُ دِيَةٌ وَرُبُعٌ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الرُّبُعِ وَفِي النُّكَتِ تَقُومُ دِيَةُ الْخَطَأِ وَدِيَةُ التَّغْلِيظِ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ عَلَى أَنَّهَا حَالَّةٌ حَاضِرَةٌ لِأَنَّ الْخَطَأَ مُؤَجَّلَةٌ وَلَوْ رُوعِيَ هَذَا لَرُوعِيَ فِي الْمُغَلَّظَةِ أَنَّهَا عَلَى فَقِيرٍ أَوْ مَلِيٍّ تَقُومُ عَلَى حَالَةِ فَقْرِهِ وَمِلَائِهِ وَدِيَةُ الْخَطَأِ مَأْمُونَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَرُبَّمَا زَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَى
الْمُغَلَّظَةِ لِلْأَمْنِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ حُضُورُ الْجَمِيعِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ نَزَلَ هَذَا بِبَلَدٍ لَا إِبِلَ فِيهِ كَالْأَنْدَلُسِ اعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبُلْدَانِ إِلَيْهِمْ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إِذَا جَرَحَ الْأَبُ ابْنَهُ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ بِالتَّغْلِيظِ بَدَلَ الْأَبِ وَالْأَجْنَبِيُّ يُؤَدَّبُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُغَلَّظُ عَلَيْهِ (كَالْأَجْنَبِيِّ وَالتَّغْلِيظُ بَدَلَ الْقِصَاصِ لَا بَدَلَ الْأَبِ قَالَ عِيسَى قَالَ مَالِكٌ يُغَلَّظُ عَلَيْهِ) وَلَسْتُ أَرَى ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ وَجَبَ شِبْهُ الْعَمْدِ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِمَالِكٍ لَا تُغَلَّظُ وَرَجَعَ إِلَى أَنَّهَا تُغَلَّظُ وَتُقَوَّمُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَنْهُ تَلْزَمُهُمْ قِيمَةُ الْمُغَلَّظَةِ مَا بَلَغَتْ مَا لم تنقص عَن أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ أَحْسَنُ لِأَنَّ قِيمَتَهَا مُطلقًا قد تُؤدِّي الى سُقُوط التَّغْلِيظ بِأَن تَكُونَ الْقِيمَةُ أَلْفَ دِينَارٍ وَاخْتُلِفَ فِي تَغْلِيظِ الْعَمْدِ عَلَى أَهْلِ الْعَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُغَلَّظُ وَقَالَ أَشْهَبُ تُغَلَّظُ وَيُنْظَرُ إِلَى قيمَة الْعَمْدِ عَلَى أَهْلِ الْعَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُغَلَّظُ وَقَالَ أَشْهَبُ تُغَلَّظُ وَيُنْظَرُ إِلَى قِيمَةِ الْعَمْدِ مِنَ الْإِبِلِ وَهِيَ الْأَرْبَاعُ مِنْ قِيمَةِ الْخَطَأِ وَيُزَادُ ذَلِكَ الْجُزْءُ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ تَجِبُ قِيمَةُ دِيَتِهِ مُطلقًا تجب هَا هُنَا قِيمَةُ الْعَمْدِ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُغَلَّظُ الدِّيَةُ عَلَى الْأَبِ وَأَنَّ الْأَبَ وَالْأُمَّ وَأُمَّ الْأُمِّ وَقْفٌ عَنْ أُمِّ الْأَبِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ جَمِيعُ الْجُدُودِ وَالْجَدَّاتِ مِثْلُ الْأَبَوَيْنِ وَقَالَ أَشْهَبُ أُمُّ الْأَبِ كَالْأُمِّ وَأَبِ الْأُمِّ كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ وَاتَّفَقُوا فِي التَّغْلِيظِ فِي الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ لِلْأَبِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كَالْأَبِ وَقَالَ أَشْهَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَالثَّابِتُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ التَّغْلِيظَ فِي الْجِرَاحِ كَالنَّفْسِ إِذَا كَانَتْ مِثْلَ فِعْلٍ الْمُدْلِجِيِّ بِابْنِهِ وَإِنْ ذُكِرَ عَنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يُنْظَرُ فِي التَّقْوِيمِ إِلَى مَا زَادَتِ الْمُغَلَّظَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ كَمْ هُوَ وجزء مِنْهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كَمْ هُوَ جُزْءٌ مِنْهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كَمْ هُوَ جُزْءٌ مِنْ الْمُغَلَّظَة قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَفْسُ الْمُغَلَّظَةِ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ دِيَة وَثلث
فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَتَلَ الْمَجُوسِيُّ ابْنَهُ لَا تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُسْتَخْرَجَةً مِنْ دِيَةٍ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَصْحَابُنَا يَرَوْنَ التَّغْلِيظ عَلَيْهِم إِذا حكم بَينهم لِأَنَّ عِلَّةَ التَّغْلِيظِ سُقُوطُ الْقَوَدِ
فَرْعٌ فِي الْمُنْتَقَى الْجِرَاحُ قِسْمَانِ مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا كالجائفة وأختاها قَالَ سَحْنُونٌ لَا تُغَلَّظُ لِعَدَمِ الْقَوَدِ فِيهَا والتغليظ بدله وَعَن مَالك تَغْلِيظ قِيَاسًا عَلَى النَّفْسِ وَمَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بَيْنَ الْأَجَانِبِ إِذَا وَقَعَ مِنَ الْأَبِ عَلَى فِعْلِ الْمُدْلِجِيِّ فَعَنْ مَالِكٍ تُغَلَّظُ كَالْقَتْلِ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّغْلِيظِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَعَنْهُ إِذَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّغْلِيظِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَعَنْهُ إِذَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ وَإِذَا قُلْنَا بِتَغْلِيظِهَا عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ فَفِي تَغْلِيظِهَا عَلَى أَهْلِ الْعَيْنِ رِوَايَتَانِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَنْبِيهٌ وَافَقَنَا (ح) عَلَى أَنَّهَا لَا تُغَلَّظُ لِلشَّهْرِ الْحَرَامِ وَقَالَ (ش) تُغَلَّظُ لنا قَوْله تَعَالَى {ودية مسلمة} وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلِأَنَّ الْحُدُودَ لَا تُغَلَّظُ بِالْبِقَاعِ فَكَذَلِكَ الدِّيَةُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَان ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَجَوَابُهُ أَنَّ الْكِتَابَ وَالْقِيَاسَ مُقَدَّمَانِ عَلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ الْأَثَرُ الثَّالِثُ الْمُرَتّب على الْجِنَايَة الْحُكُومَة وَهِيَ الْأَرْشُ غَيْرُ الْمُقَدَّرِ فَفِي الْكِتَابِ إِذَا كُسِرَتِ التَّرْقُوَةُ خَطَأً فَفِيهَا الِاجْتِهَادُ إِذَا بَرِئَتْ عَلَى عَثْمٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَكَذَلِكَ الْيَدُ وَالرِّجْلُ (وَجَمِيعُ عِظَامِ الْبَدَنِ إِذَا كُسِرَتْ
خَطَأً فَبَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَكَذَلِكَ الْيَدُ وَالرِّجْلُ) فِي التَّنْبِيهَاتِ الْحُكُومَةُ فِيمَا لَا عَقْلَ فِيهِ بِمَا نَقَصَهُ الْجُرْحُ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يُقَوَّمَ أَنْ لَوْ كَانَ عَبْدًا صَحِيحا ثمَّ مجروحا فللناقص عَلَى الْفَاعِلِ بِحِسَابِهِ مِنْ دِيَتِهِ وَقَالَهُ (ش) وَفَسرهُ ابْن بِأَنَّهَا اجْتِهَاد الإِمَام والترقوة لفتح التَّاءِ وَضَمِّ الْقَافِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ وَهِيَ الْعَظْمُ الَّذِي أَعْلَى الصَّدْرِ الْمُتَّصِلِ بِالْعُنُقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي مِنَ الدِّيَةِ كَثِيرٌ مِنْ أَحْكَامهَا وعدة موضعهَا الَّتِي تَجِبُ فِيهَا فِي خِلَالِ فَتْرَةِ الدِّيَةِ الْمُقَدَّرَةِ مِنْ ضَرُورَةِ تِلْكَ الْفُرُوعِ
الْأَثَرُ الرَّابِعُ الْمُرَتّب على الْجِنَايَة الْقيمَة وَفِي الْكِتَابِ فِي عَبْدِ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ قِيمَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ أَضْعَافَ الدِّيَةِ وَفِي مَأْمُومَتِهِ أَوْ جَائِفَتِهِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ وَفِي مُنَقِّلَتِهِ عُشْرُ قِيمَتِهِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا وَفِي مُوَضِّحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جِرَاحِهِ مَا نَقَصَ بَعْدَ بُرْئِهِ وَفِي النُّكَتِ إِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْمُوَضِّحَةِ لِأَنَّ سَائِرَ الْجِرَاحِ إِذا برىء بَعْضُهَا بَانَتْ وَهَذِهِ إِذَا بَرِئَتْ لَمْ تَنْقُصْ شَيْئًا وَلَوْ رُوعِيَ حَالَةَ بُرْئِهَا سَقَطَتِ الْجِنَايَةُ فَإِنْ بَرِئَتِ الْجِرَاحُ الْأَرْبَعُ (عَلَى شَيْنٍ فَهَلْ يُقَوَّمُ بِهَا ثُمَّ بِهَا وَبِالشَّيْنِ فَيُصْرَفُ الشَّيْنُ فَيُعْطَى لِلسَّيِّدِ أَوْ يُقَوَّمُ سَالِمًا لَيْسَ بِهِ الْجِرَاحُ الْأَرْبَعُ) ثُمَّ يُقَوَّمُ وَهِيَ بِهِ مَعَ شَيْنِهَا فَإِنْ نَقَصَهُ ذَلِكَ مِثْلَ الْوَاجِبِ فِي الْجَائِفَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ نَقَصَهُ أَكْثَرَ أُعْطِيَ الْمُوَقَّتَ مَعَ الزِّيَادَةِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ هُوَ أَصْوَبُ مِنَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يُزَادُ لِلشَيْنِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ
يُزَادُ بِقَدْرِ الشَّيْنِ وَيُحْمَلُ تَحْدِيدُ الشَّرْعِ عَلَى غَيْرِ الشَّيْنِ وَإِنَّمَا نُسِبَتِ الْجِرَاحَاتُ الْأَرْبَعُ لِقِيمَتِهِ كَمَا تُنْسَبُ إِلَى الْحُرِّ فِي دِيَتِهِ فَنُسِبَتْ دِيَةُ الْحُرِّ إِلَيْهِ كَقِيمَةِ الْعَبْدِ إِلَيْهِ
فَرْعٌ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ خَطَأً ثُمَّ عتق فَقطع آخر رجله خطأ ثمَّ نزا فَمَاتَ مِنَ الْجُرْحَيْنِ (قَالَ سَحْنُونٌ يُقْسِمُ وَرَثَتُهُ كَمَاتَ مِنَ الْجُرْحَيْنِ) فَيَأْخُذُوا دِيَةَ حُرٍّ مِنَ الرَّجُلَيْنِ النِّصْفَ مِنْ عَاقِلَتِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَإِنْ أَبَوُا الْقَسَامَةَ أَخَذُوا مِنَ الثَّانِي نِصْفَ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَمِنَ الْأَوَّلِ مَا نَقَصَهُ الْجُرْحُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَهُوَ عبد خَالَفنَا (ح) فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ وَقَالَ لَا يُزَادُ فِيهَا على دِيَة الْحر لنا أَنه مَال متْلف فَتجب قِيمَتُهُ مَا بَلَغَتْ كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ احْتَجَّ بِأَنَّهُ أَدْنَى مِنَ الْحُرِّ وَالْأَدْنَى لَا يُزَادُ عَلَى الْأَعْلَى جَوَابُهُ مَا زِيدَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَدْنَى بَلْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مَالٌ وَلَيْسَ بَيْنَ الْحُرِّ وَبَيْنَهُ فِي هَذَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ حَتَّى يُقَالَ أَدْنَى وَلَا أَعْلَى الْأَثَرُ الْخَامِسُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْجِنَايَةِ غُرَّةُ الْجَنِينِ وَوَافَقَنَا فِيهِ (ش) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ح) لَا شَيْءَ فِيهِ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (أَنَّ امْرَأَتَيْنِ اقْتَتَلَتَا فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَوَرِثَهَا وَلَدُهَا وَمَنْ مَعَهم) وَعَن عمر رضي الله عنهم أَنَّهُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة شهِدت النَّبِي لله قَضَى فِيهِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَقَالَ لَتَأْتِيَنِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ فَشَهِدَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ عُضْوٌ
مِنْ أَعْضَائِهَا وَلَوْ قَطَعَ يَدَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا لم يلْزمه شَيْء وَلِأَنَّهُ يجوز أَن لَا يَكُونَ مِنْ فِعْلِ الضَّارِبِ بَلْ مِنْ أَلَمِ موت أمه فَلَا تعمر الذمرة بِالشَّكِّ وَالْجَوَاب عَن الول أَنه نيتقض بِمَا إِذَا أَلْقَتْهُ حَالَ الْحَيَاةِ لَا يُعْطَى حُكْمَ عُضْوِهَا اتِّفَاقًا وَلِأَنَّهَا لَوِ اسْتُحِقَّ دَمُهَا لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَهُ بِخِلَافِ أَعْضَائِهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْأَصْلَ إِضَافَةُ الْحُكْمِ لِلسَّبَبِ الظَّاهِرِ وَهُوَ الضَّرْبَةُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ غَيْرِهِ وَفِي هَذَا طَرَفَانِ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ فِي الْمُوجَبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ جِنَايَةٌ تُوجِبُ انْفِصَالَ الْجَنِينِ مَيْتًا فِي حَيَاةِ أُمِّهِ قَالَ الْأُسْتَاذُ الِاعْتِبَارُ فِي وُجُوبِ غرته بحياتها وَفِي كَمَا دِيَتِهِ بِحَيَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ حَتَّى مَاتَتِ الْأُمُّ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنِ انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِهَا فَكَذَلِكَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ وَجَبَتِ الْغُرَّةُ وَإِنِ انْفَصَلَ حَيًّا فَاسْتَهَلَّ وَالْجِنَايَةُ خَطَأٌ وَتَرَاخَى الْمَوْتُ عَنِ الِاسْتِهْلَالِ فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ أَوْ عُقَيْبَ الِاسْتِهْلَالِ فَقَالَ أَشهب لَا يفْتَقر اسحقاق الدِّيَة إِلَى قسَامَة لقَرِينَة الْفَوْت وَقَالَ ابنالقاسم لابد مِنَ الْقَسَامَةِ لِاحْتِمَالِ طَرَيَانِ سَبَبٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ لَا قثود فِيهِ لِأَنَّ مَوْتَهُ بِضَرْبَةِ غَيْرِهِ وَدِيَتُهُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ تَعَمَّدَ الْجَنِينَ بِضَرْبِ الْبَطْنِ أَوِ الظَّهْرِ أَوْ مَوْضِعٍ يُرَى أَنَّهُ أُصِيبَ بِهِ فَالْقَوَدُ بِالْقَسَامَةِ وَأَمَّا إِنْ ضَرَبَ رَأْسَهَا أَوْ ثَدْيَهَا أَوْ رِجْلَيْهَا فَالدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ قَالَ وَإِنْ جُرِحَ رَأْسُ الْجَنِينِ وَمَاتَتِ الْأُمُّ فَفِي الْغُرَّةِ قَوْلَانِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا ضُرِبَتِ امْرَأَةٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيْتًا فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ حمل وَلَو مضعة أَوْ عَلَقَةً أَوْ مُصَوَّرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَالْغُرَّةُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ فِي مَالِ الْجَانِي وَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَلَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يُزَايِلَ بَطْنَهَا فِي النُّكَتِ إِنْ خَرَجَ حَيًّا وَلَمْ يَسْتَهِلَّ فَقُتِلَ فَلَا قَوَدَ بَلِ الْغُرَّةُ وَعَلَى قَاتله
الْأَدَبُ كَمَا إِذَا ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْهُ مَيْتًا وَلَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا لِأَنَّهُ يُقَادُ مِنْهُ فِي الْأَجْنَبِيِّ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إِذَا اسْتَهَلَّ الْجَنِينُ الْمَضْرُوبُ خَطَأً فَوَجَبَتِ الدِّيَةُ (بِقَسَامَةٍ فَامْتَنَعُوا مِنَ الْقَسَامَةِ فَلَهُمُ الْغُرَّةُ كَمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ بَرَأَ مِنْهَا فَمَاتَ فَلَهُمُ الدِّيَةُ) بِالْقَسَامَةِ فَإِنْ أَبَوْا فَدِيَةُ الْيَدِ أَوِ الْجُرْحِ قَالَ وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ بَلْ لَا غُرَّةَ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِهْلَالِ صَار من جملَة الْحيَاء وَزَالَتْ دِيَتُهُ عَنِ الْغُرَّةِ فَإِنْ نَكَلُوا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الِاسْتِهْلَالُ الصِّيَاحُ دُونَ الْعُطَاسِ لِأَنَّهُ يَكُونُ عَنْ رُوحٍ مُخْتَصَّةٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ الْعُطَاسُ وَالرَّضَاعُ اسْتِهْلَالٌ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْمُوجَبِ وَفِي الْكِتَابِ اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ الْكَفَّارَةَ فِي الْجَنِينِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالذِّمِّيُّ فِيهِمَا الْكَفَّارَةُ وَإِنْ ضَرَبَهَا فَمَاتَتْ وَخَرَجَ بَعْدَ مَوْتِهَا مَيْتًا لَا غُرَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مَاتَ بِمَوْتِ أُمِّهِ وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَتْ بِآخَرَ فِي بَطْنِهَا وَمَاتَ الْخَارِجُ قَبْلَ مَوْتِهَا أَوْ بَعْدَ فَلَا شَيْءَ فِي الَّذِي لَمْ يُزَايِلْهَا وَالَّذِي اسْتَهَلَّ فِيهِ الدِّيَةُ بِالْقَسَامَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ فَالْغُرَّةُ وَإِنْ خَرَجَ الْجَنِينُ مَيْتًا أَوْ حَيًّا فَمَاتَ قَبْلَ مَوْتِ أُمِّهِ وَمَاتَتْ بَعْدَهُ وَرِثَتْهُ وَإِنْ مَاتَتْ وَقَدِ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَهَا وَرِثَهَا وَإِنْ خَرَجَ مَيْتًا ثُمَّ خَرَجَ آخَرُ بَعْدَهِ حَيًّا أَوْ قَبْلَهُ أَوْ وَلَدُ أَبٍ وُلِدَ مِنَ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَعَاشَ أَوِ اسْتَهَلَّ ثُمَّ مَاتَ وَقَدْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلِلْخَارِجِ حَيًّا (مِيرَاثُهُ مِنْ دِيَةِ الْخَارِجِ مَيْتًا لِأَنَّ الْمَوْلُودَ إِذَا خَرَجَ حَيًّا) وَرِثَ أَبَاهُ وَأَخَاهُ الْمَيِّتَ قَبْلَ وِلَادَتِهِ وَإِنْ ضَرَبَ الْأَبُ بَطْنَ امْرَأَتِهِ خطأ فَأَلْقَت
جَنِينًا مَيْتًا لَمْ يَرِثِ الْأَبُ مِنْ دِيَةِ الْجَنِين شَيْئا وَلَا يحجب وميراثه من سِوَاهُ وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَتِهِ خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينًا فَاسْتَهَلَّ وَمَاتَ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ أَوْ عَمْدًا فَالْقَوَدُ بِالْقَسَامَةِ إِنْ تَعَمَّدَ ضَرْبَ بَطْنِهَا خَاصَّةً وَلَا قَسَامَةَ فِي الْجَنِينِ الْخَارِجِ مَيْتًا لِأَنَّهُ كَرَجُلٍ ضُرِبَ فَمَاتَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَإِنْ صَرَخَ فَمَاتَ فَكَالْمَضْرُوبِ يَعِيشُ أَيَّامًا فَفِيهِ الْقَسَامَةُ لَعَلَّهُ مَاتَ لِعَارِضٍ بَعْدَ الضَّرْبَةِ وَإِنْ ضَرَبَ مَجُوسِيٌّ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ بَطْنَ مُسْلِمَةٍ خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيْتًا حَمَلَتْهُ عَاقِلَةُ الضَّارِبِ أَوْ عَمْدًا فَفِي مَالِ الْجَانِي وَفِي جَنِينِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَجَنِينُ الْأَمَةِ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ (عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ كَانَ أَبُوهُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِأَنَّهُ بِنِسْبَةِ الْخَمْسِينَ دِينَارًا إِلَى جُمْلَةِ الدِّيَةِ وَاعْتُبِرَ بِالْأُمِّ لِأَنَّهُ كَزَوْجِهَا وَفِي جَنِينِ الذِّمِّيَّةِ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ أَوْ نِصْفُ) عُشْرِ دِيَةِ أَبِيهِ وَهُمَا سَوَاءٌ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ وَإِنْ أَسْلَمَتْ نَصْرَانِيَّةٌ حَامِلٌ تَحْتَ نَصْرَانِيٍّ فَفِي جَنِينِهَا مَا فِي جَنِينِ (أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا) النَّصْرَانِيِّ وَهُوَ عُشْرُ دِيَةِ أَبِيهِ وَإِنِ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ حَلَفَ مَنْ يَرِثُهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا وَإِنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ نَصْرَانِيَّةً فَفِي جَنِينِهَا مَا فِي جَنِينِ الْمَجُوسِيِّ وَإِنْ أَسْلَمَتْ مَجُوسِيَّةٌ حَامِلٌ تَحْتَ مَجُوسِيٍّ فَفِي جَنِينِهَا مَا فِي جَنِينِ الْمَجُوسِيِّ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ عَلَى دِينِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْحُمْرَانُ مِنَ الْعَبِيدِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ السُّودَانِ فَإِنْ قَلُّوا بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ فَالسُّودَانُ وَالْقِيمَةُ فِي ذَلِكَ خَمْسُونَ أَو سِتّمائَة
دِرْهَمٍ وَلَيْسَتْ لِلْقِيمَةٍ سُنَّةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا بَلِ اسْتِحْسَانٌ لِأَنَّهَا نِصْفُ الْعُشْرِ وَهُوَ أَصْلُ الْمُقَدَّرَاتِ فِي الْمُوَضّحَة فغذا بذل الْجَانِي عبدا أَو ليدة جُبِرُوا عَلَى أَخْذِهِ إِنْ شَاءُوا أَوْ خَمْسِينَ أَو سِتّمائَة وَإِلَّا يُجْبَرُوا وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ فِي ذَلِكَ إِبِلٌ وَقَدْ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - بِالْغُرَّةِ وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ أَهْلُ إِبِلٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْغُرَّةُ لُغَةً النَّسَمَةُ كَيْفَ كَانَتْ عَبْدًا أَوْ أَمَةً مِنْ غُرَّةِ الْوَجْهِ كَمَا تُسَمَّى نَاصِيَةً وَرَأْسًا وَقَدْ تَكُونُ مِنَ الْحُسْنِ وَالْإِنْسَانُ أَحْسَنُ الصُّور وَقيل مَعْنَاهُ الْأَبْيَض قَالَه أَبُو عمر وَمِنْه الْفَرَسِ وَالْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُ مَالِكٍ فِي اخْتِيَارِهِ الْحُمْرَانَ لِأَنَّهُمُ الْبِيضُ قَالَ رَوَيْنَاهُ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً بِالتَّنْوِينِ وَعَدَمِ الْإِضَافَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَكْثَرُ الشُّيُوخِ رَوَوْهُ بِالْإِضَافَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ غُرَّةُ كُلِّ شَيْءٍ أَكْرَمُهُ وَالْأَحْمَرُ أَكْرَمُ مِنَ الْأسود ومقصود الحَدِيث أَعلَى من يُرَى لِلْخِدْمَةِ لَا لِلْفِرَاشِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْوِيضُ نَفْسٍ بِنَفْسٍ وَهُوَ حِكْمَةُ الْعَشَرَةِ قَالَ مَالِكٌ وَقِيمَةُ الْخَمْسِينَ وَسِتِّ الْمِائَةِ لَيْسَتْ سُنَّةً ثَابِتَةً قَالَ مُحَمَّدٌ كَالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ وَهِيَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ خَمْسُونَ دِينَارًا وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ خَمْسُ فَرَائِضَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ وَابْنُ لَبُونٍ وَخَلِفَةٌ وَجَذَعَةٌ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُؤْخَذُ مِنَ الْبَادِيَةِ إِلَّا الْإِبِلُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلَانِ وَالَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِمْ إِبِلًا وَأَنْكَرَهُ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ وَقَالَ لِمَ جَعَلَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ الذَّهَبَ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ الْوَرِقَ وَمُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ أَنَّ
الْجَانِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْغُرَّةِ وَعُشْرِ دِيَةِ الْأُمِّ من كسبهم كالدية وَاعْتِبَار الْقِيمَةَ خَمْسِينَ أَوْ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ جَاءَ بِالْغُرَّةِ وَأَثْمَانُ الْعَبِيدِ فِي الْبِلَادِ تَخْتَلِفُ وَتَتَغَيَّرُ الْأَسْوَاقُ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فَإِنْ وُجِدَتْ بِعِشْرِينَ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ بسبعين أخبر عَلَى إِحْضَارِهَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ خَمْسُونَ لِأَنَّهُ دون الحضرة وَقَوْلُهُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْعَيْنِ بَدَلَ الْغُرَّةِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا جَاءَ بِالْغُرَّةِ وَاخْتُلِفَ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ الدَّمُ الْمُجْتَمِعُ هَلْ لَهُ حكم العقلة وَإِنْ تَحَرَّكَ بَعْدَ الْوَضْعِ أَوْ عَطِسَ أَوِ ارْتَضَعَ وَلَمْ يَسْتَهِلَّ هَلْ فِيهِ الْغُرَّةُ أَوِ الدِّيَةُ وَإِنِ اسْتَهَلَّ وَمَاتَ بِالْحَضْرَةِ هَلِ الدِّيَةُ قسَامَة أَوْ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَهَلْ فِي عَمْدِهِ إِذَا اسْتَهَلَّ قِصَاصٌ وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ هَلْ فِيهِ غُرَّةٌ أَوْ يَبْطُلُ وَهَلِ الْغُرَّةُ فِي مَال الْجَانِي أَو الْعلقَة وَهل أورثها الْأَبَوَانِ أَمِ الْأُمُّ وَحْدَهَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الدَّمِ الْمُجْتَمِعِ الْغُرَّةُ لِانْتِقَالِهِ عَنِ النُّطْفَةِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُتَحَرِّكِ إِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ لَيْسَ بِحَيٍّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ أَقَامَ يَتَحَرَّك وَيفتح عَيْنَيْهِ حَتَّى يسمع صوبا وَإِنْ خَفِيَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ الرَّضَاعُ كَالصُّرَاخِ يُعْتَبَرُ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ الْحَرَكَةُ فَقَطْ وَمَتَى طَالَ الرَّضَاعُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ اسْتَهَلَّ وَمَاتَ بِالْحَضْرَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الدِّيَةَ إِلَّا بِقَسَامَةٍ وَالْقَوَدَ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا طُرِحَ بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ مَاتَ بِمَوْتِهَا وَعَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْغرَّة كالموضحة بِجَامِع الْعِفَّة فِيهِ وَعَنْهُ فِي غَيْرِهَا تَحْمِلُهَا كَالدِّيَةِ لِأَنَّهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ فَهِيَ دِيَةُ نَفْسٍ وَقَالَ مَالِكٌ مِيرَاثُهُ مِنْ أَبَوَيْهِ الثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي للْأَب
وَأَحَدُ قَوْلَيِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّهُ لِلْأُمِّ خَاصَّةً لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا أَوْ عُضْوٌ وَلِأَنَّ الْحُرَّةَ وَلَدُهَا مِنَ الْعَبْدِ حُرٌّ وَعَكْسُهُ وَهُوَ يُرَجِّحُ الْأُمَّ فِي الْوَلَدِ وَلِأَنَّ الْغُرَّةَ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ لَا الْأَبِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يبين ثمنهَا فَلَا شَيْء فِيهِ وَمُقْتَضى كَونهَا شَخْصَيْنِ أَنَّ فِيهِ الْقِيمَةَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ أَبْيَنُ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي وَلَدِ الذِّمِّيَّةِ مِنَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ وَتَرِثُهُ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ غَلَطٌ لَا شَيْءَ لِلْأُمِّ وَلَا لِلنَّصْرَانِيِّ وَلَا لِلْعَبْدِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ مَنْ يَرِثُهُ سِوَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فَبَيْتُ الْمَالِ وَيَخْتَلِفُ الْجَنِينُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَفِي جَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ مِنَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ غُرَّةٌ وَكَذَلِكَ وَالزَّوْجُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَفِي جَنِينِ الذِّمِّيَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنَ النَّصْرَانِيِّ غُرَّةُ دِيَةِ أُمِّهِ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا مُسْلِمًا فَغُرَّةٌ أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا فَغُرَّةٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحُرِّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَفِي حُكْمِ الْمُسْلِمِ مِنْ قَبْلَ الْأَبِ وَعَنْ أَشْهَبَ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْج حرا نَصْرَانِيّا فَاسْلَمْ فييه غُرَّةٌ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ وَأَسْلَمَتْ هِيَ فَقَوْلَانِ (مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ النَّصْرَانِيَّةِ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ الْأُمِّ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ زَوْجُ النَّصْرَانِيَّةِ مَجُوسِيًّا فَقَوْلَانِ) أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا عَلَى حُكْمِ الْأَبِ أَوْ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ وَفِي جَنِينِ الْمَجُوسِيَّةِ من الْمَجُوسِيّ أَرْبَعُونَ درهما فَإِن كن الزَّوْجُ نَصْرَانِيًّا فَقَوْلَانِ نِصْفُ الْغُرَّةِ عَلَى حُكْمِ الْأَبِ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا عَلَى حُكْمِ الْأُمِّ فَإِنْ أَسْلَمَ الْأَبُ فَغُرَّةٌ كَانَ الْأَبُ مَجُوسِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا وَاخْتُلِفَ إِذَا أَسْلَمَتِ الْأُمُّ هَلْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا عَلَى حُكْمِ الْأَبِ أَوْ غُرَّةٌ عَلَى حُكْمِ الْأُمِّ وَفِي جَنِينِ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا غُرَّةٌ وَفِيهِ مِنْ غُرَّةِ زَوْجٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًا قَالَ مَالِكٌ عُشْرُ قِيمَتِهَا وَابْنُ وَهْبٍ مَا نَقَصَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ خَرَاجِهَا قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ
مُحَمَّدٌ إِذَا غَلَتِ الْحُمْرَانُ فَالْوَسَطُ مِنَ السُّودَانِ وَقَالَ (ح) قِيمَةُ الْغُرَّةِ خَمْسُونَ دِينَارًا أَوْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَنَّ الدِّيَةَ عِنْدَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَأَمَّا (ش)(قِيمَةُ الْغُرَّةِ الدِّيَةُ عِنْدَهُ قِيمَةُ الْإِبِلِ مَا بَلَغَتْ فَالْغُرَّةُ عِنْدَهُ بِنْتُ سَبْعِ سِنِين أَو ثَمَان سَالِمَة من الْعُيُوب لِأَنَّهُ تَسْتَغْنِي بِنَفْسِهَا دُونَ هَذَا السِّنِّ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُمِّهَا فَإِنْ لَمْ تُوجَدِ الْغُرَّةُ هَكَذَا فَقِيمَتُهَا وَقَالَ (ش) وَ (ح) هِيَ على الْعَاقِلَة
فرع فِي المتقى إِذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ إِذَا خرج بعد مَوتهَا فَخرج بعضه ثمَّ مَاتَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْهَا إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَقِيلَ فِيهِ غُرَّةٌ مُرَاعَاةَ الِابْتِدَاءِ
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِن أَلْقَت جنينين فغرتان وَإِن استهلا فدينات
الْأَثر السَّادِس الْمُتَرَتب على الْجِنَايَة الْعَفو وَفِيهِ بَحْثَانِ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الصَّحِيحِ مِنْهُ وَالْفَاسِدِ وَفِي الْكِتَابِ لِلْمَقْتُولِ الْعَفْوُ عَنْ قَاتِلِهِ عَمْدًا وَكَذَلِكَ الْخَطَأُ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا وَلَهُ إِخْوَةٌ وَجَدٌّ فَمَنْ عَفَى مِنْهُم جازه وَلَا عَفْوَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَصَبَةً وَإِنْ ثَبَتَ الْعَمْدُ بِبَيِّنَةٍ جَازَ عَفْوُ الْبَنِينَ على الْبَنَات لِأَنَّهُ أُولُوا النُّصْرَةِ وَلَيْسَ لَهُنَّ عَفْوٌ وَلَا قِيَامٌ فَإِنْ عَفَوْا عَنِ الدِّيَةِ دَخَلَ النِّسَاءُ فِيهَا على فَرَائض الله وَقضى مِنْهُ دِيَته وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الْبَنِينَ سَقَطَ حَظُّهُ مِنَ الدِّيَةِ وَبَقِيَّتُهَا بَيْنَ مَنْ بَقِيَ عَلَى الْفَرَائِضِ للزواجة وَغَيرهَا
لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَمَرَ بِتَوْرِيثِ امْرَأَةِ أَشْيَمَ الضُّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ فِي هَذَا إِذَا وَجَبَ الدَّمُ بِقَسَامَةٍ وَلَوْ أَنَّهُ عَفَا عَنِ الدِّيَةِ كَانَتْ لَهُ وَلِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمَوَارِثِ وَإِنْ عَفَا جَمِيعُ الْبَنِينَ فَلَا شَيْءَ لِلنِّسَاءِ مِنَ الدِّيَةِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ مَنْ مَعَهُمْ وَإِنَّمَا لَهُنَّ إِذَا عَفَا بَعْضُ الْبَنِينَ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ الْأَخَوَاتُ شَقَائِقُ وَالْإِخْوَةُ لِلْأَبِ فَلَا عَفْوَ إِلَّا باجتماعهم لِأَن الاخوة لأَب مَعَهُنَّ عَصَبَةٌ وَإِنِ اجْتَمَعَ بَنَاتٌ وَعَصَبَةٌ أَوْ أَخَوَاتٌ وَعَصَبَةٌ قُدِّمَ الطَّالِبُ لِلْقَتْلِ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْعَمْدِ وَلَا عَفْوَ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ لِاخْتِصَاصِ كُلٍّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَهُ نَقْصٌ وَكَمَالٌ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ بَعْضُ الْبَنَاتِ وَبَعْضُ الْعَصَبَةِ أَوْ بَعْضُ الْأَخَوَاتِ وَبَعْضُ الْعَصَبَةِ فَيُمْتَنَعُ الْقَتْلُ كَعَفْوِ أَحَدِ الِابْنَيْنِ وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ فَإِنْ طَلَبَ بَعْضُ الْبَنَاتِ الْقَتْلَ وَبَعْضُهُنَّ الْعَفْوَ فَإِنْ عَفَا الْعَصَبَةُ تَمَّ الْعَفْوُ أَوْ طَلَبُوا الْقَتْلَ فَذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ النُّصْرَةِ وَسَقَطَتِ الْبَنَاتُ لِانْقِسَامِهِنَّ وَإِنْ طلب بعض الْعصبَة الْقَتْل وَعَفا البَاقِينَ امْتُنِعَ الْقَتْلُ كَأَحَدِ الِابْنَيْنِ فَإِنِ اجْتَمَعَ ابْنَةٌ وَأُخْتٌ فَالْبِنْتُ أَوْلَى بِالْقَتْلِ أَوِ الْعَفْوِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِنْ مَاتَ مَكَانَهُ وَإِنْ عَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُقْسِمَا لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يُقْسِمْنَ فِي الْعَمْدِ وَيُقْسِمُ الْعَصَبَةُ فَإِنْ أَقْسَمُوا وَطَلَبُوا الْقَتْلَ وَعَفَتِ الِابْنَةُ فَلَا عَفْوَ لَهَا لِأَنَّ الدَّمَ ثَبَتَ بِحَلِفِهِمْ أَوْ أَرَادَتِ الْقَتْلُ خَطَأً وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا ابْنَةٌ وَأُخْتٌ أَقْسَمَتَا وَأَخَذَتَا الدِّيَةَ لِأَنَّهُمَا يَحْلِفَانِ فِي الْمَالِ وَفِي النُّكَتِ (إِذَا اسْتَحَقَّ الدَّمَ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ فِي الدَّرَجَةِ سَوَاءً فَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ فِي الْعَفْوِ وَلَا فِي الْقَتْلِ وَالنِّسَاءُ أَقْعَدُ) فَلَا عَفْوَ غلا بِالِاجْتِمَاعِ وَإِنْ كُنَّ يَنْفَرِدْنَ بِالْمِيرَاثِ أَوِ اسْتُحِقَّ الدَّم بقسامة فَلَا عفوا لِأَن إِلَّا بِالِاجْتِمَاعِ مِنَ اللَّاتِي هُنَّ أَقْرَبُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَرِثْنَهُ وَمِنَ الْعَصَبَةِ وَمَتَى اسْتُحِقَّ الدَّم ببنية فَلَا عَفْوَ لِلرِّجَالِ وَلَا قَتْلَ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْلَى الْأَوْلِيَاءِ الْأَوْلَادُ الذُّكُورُ وَلَا حَقَّ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ مَعَهُمْ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ (وَإِنْ كَانَ مِنَ الْأَبِ وَالْجَدِّ بَنَاتٌ فَلَا عَفْوَ لَهُنَّ إِلَّا بِهِ وَلَا لَهُ إِلَّا بِهِنَّ وَلَا حَقَّ لِلْأُمِّ مَعَ الْأَبِ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ) وَلَا حَقَّ لِلْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْأَبِ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ وَالْأُمُّ وَالْإِخْوَةُ لَا عَفْوَ لَهُمْ إِلَّا بِهَا وَلَا لَهَا إِلَّا بهم والام وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَصَبَةُ إِنِ اجْتَمَعَتِ الْأُمُّ وَالْعَصَبَةُ عَلَى الْعَفْوِ جَازَ على الْأَخَوَاتِ وَإِنْ عَفَا الْعَصَبَةُ وَالْأَخَوَاتُ فَلِلْأُمِّ الْقِيَامُ وَالْأُمُّ وَالْبَنَاتُ وَالْعَصَبَةُ إِنْ عَفَا الْبَنَاتُ وَالْعَصَبَةُ جَازَ عَلَى الْأُمِّ أَوِ الْأُمُّ وَالْعَصَبَةُ لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِعَفْوِ الْبَنَاتِ لأَنهم أَقْرَبُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ عَفْو وَلَا قيام وَلَا من ابْنِ الْأَخِ كَالْوَلَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ عَبْدٌ فَعُتِقَ بَعْدَ الْقَتْلِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ فِي دَمٍ وَلَا مِيرَاثٍ وَلَوْ أُلْحِقَ بِأَبِيهِ بَعْدَ الْقَتْلِ لَدَخَلَ فِي الْمِيرَاثِ وَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ مَتَى كَانُوا رِجَالًا فِي الْقُعْدُدِ سَوَاءً قُدِّمَ الدَّاعِي للعفو أَو بَعضهم أقرّ فَلَا قَول الْأَبْعَد فِي قَوْلٍ وَلَا قِيَامٍ أَوْ رِجَالًا وَنِسَاءً فِي العقدد سَوَاءً فَلَا قَوْلَ لِلنِّسَاءِ فِي قَتْلٍ وَلَا عَفْوٍ وَالنِّسَاءُ أَقْرَبُ فَلَا عَفْوَ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ وَإِنْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ رَجُلٌ لَا تُعْرَفُ لَهُ عَصَبَةٌ فَلِبَنَاتِهِ أَنْ يَقْتُلْنَ فَإِنِ اخْتَلَفْنَ فِي الْعَفْوِ وَالْقَتْلِ اجْتَهَدَ الْإِمَامُ وَإِنْ قُتِلَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ بِبَيِّنَةٍ فَلِأُمِّهِ الْقَتْلُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي أُمٍّ وَأَخٍ وَابْنِ عَمٍّ عَفَتِ الْأُمُّ فَلَا عَفْو للها دونهَا وَالْجَدُّ لِلْأَبِ أَوِ الْأُمِّ لَا يُجْرَى مَجْرَى الْأُمِّ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الَّذِينَ هُمْ سَوَاءٌ فِي الْقُعْدُدِ إِذَا بَعُدُوا كَالْأَعْمَامِ أَوْ بَنِي الْأَعْمَامِ فَعَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يُقَدَّمُ الْعَامِّيُّ كَالْبَنِينَ وَالْإِخْوَةِ وَعَن مَالك لابد مِنِ اجْتِمَاعِهِمْ لِضَعْفِ الْحَمِيَّةِ بِسَبَبِ الْبُعْدِ وَالْإِخْوَةِ وَبَنُوهُمْ أَحَقُّ مِنَ الْأَعْمَامِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ أَخًا لِأُمٍّ هُوَ كَأَحَدِهِمْ عِنْدَ ابْنِ
الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ أَحَقُّ لِأَنَّهُ أَقْعَدُ بِالْأُمِّ وَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي الْوَلَاءِ وَالرَّجُلُ مِنَ الْفَخِذِ أَوِ الْقَبِيلِ لَا يُعْلَمُ قُعْدُدُهُ وَلَا مِيرَاثُهُ لَيْسَ لَهُ قِيَامٌ وَلَا عَفْوٌ وَيُقَدَّمُ النَّسَبُ عَلَى الْوَلَاءِ فِي الْقِيَامِ وَالْعَفْوِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَسَبٌ فَالْمَوْلَى الْأَعْلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالسُّلْطَانُ دُونَ الْمَوْلَى الْأَسْفَلِ وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي النِّسَاءِ فَعَنْ مَالِكٍ لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ وَالْمَعْرُوفُ عَنْهُ لَهُنَّ وَعَلَيْهِ هُنَّ ثَلَاثٌ الْبَنَاتُ وَبَنَاتُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلْنَ وَالْأَخَوَاتِ دُونَ بَنِيهِنَّ وَفِي الْأُمِّ قَوْلَانِ فَمَالِكٌ لَهَا الْقِيَامُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ وَلَا قِيَامَ لَهَا مَعَ الْوَلَدِ وَلَا مَعَ الاخوة وَلَا مَعَ السُّلْطَانِ وَلَا قِيَامَ لِبَنِي مَنْ ذَكَرْنَا وَالْبَنَاتُ أَوْلَى مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ وَقَدَّمَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبَنَاتِ عَلَى الْأَخَوَاتِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْأَخَوَاتُ عَصَبَةُ الْبَنَاتِ فَلَا عَفْوَ إِلَّا بِالْجَمِيعِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَنَاتُ الِابْنِ أَوْلَى نِسَاءٍ لَا تَسْقُطُ الْأُمُّ إِلَّا مَعَ الْأَبِ وَالْوَلَدِ الذَّكَرِ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنَ الْجَمِيعِ فِي الْعَفْوِ وَإِذَا اجْتَمَعَ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ لثَلَاثَة أَحْوَالٍ مِنْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ أَوْ فِي دَرَجَة فأبعد وَإِذَا اجْتَمَعَ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ مِنْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ أَوْ فِي دَرَجَةٍ فَأَبْعَدُ كالبنين وَبَنَات الابْن أَو بني الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ فَيُسْقِطُ النِّسَاءَ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنِ ادَّعَى الْقَاتِلُ أَنَّ الْوَلِيَّ عَفَا فَلَهُ تَحْلِيفه فَإِن نكل ردَّتْ الْيَمين على الْقَاتِل أَو ادّعى بَيِّنَة غايبة عَلَى الْعَفْوِ تُلُوِّمُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ أَوْلَادًا صِغَارًا وَعَصَبَةً فَلِلْعَصَبَةِ أَنْ يَقْتُلُوا أَوْ يَأْخُذُوا الدِّيَة ويعفون وَيَجُوزُ عَلَى الصِّغَارِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ وَلَيْسَ لَهُمُ الْعَفْوُ عَلَى غَيْرِ مَالٍ لِحَقِّ الصِّغَارِ فِي الْمَالِ وَكَذَلِكَ مَنْ وَجَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ دَمٌ عَمْدٍ وَخَطَأٍ لَمْ يَجُزْ عَفْوُ الْأَبِ إِلَّا على الدِّيَة لَا أقل مِنْهُم فَإِنْ عَفَا فِي الْخَطَأِ وَتَحَمَّلَ الدِّيَةَ جَازَ فِي الْمَلِيِّ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُ وَكَذَلِكَ الْعَصَبَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَوْصِيَاءَ لَهُ وَإِنْ جُرِحَ الصَّبِيُّ عَمْدًا وَلَهُ وَصِيٌّ أَوْ وَلِيٌّ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْتَصَّ لَهُ وَأَمَّا إِنْ قُتِلَ فَوُلَاتُهُ أَوْلَى لِذَهَابِ الْوَصِيَّةِ بِفَوَاتِ الْمَحَلِّ وَلَا يَعْفُو الْأَبُ عَنْ جُرْحِ ابْنِهِ
الصَّغِيرِ إِلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ مِنْ مَالِهِ وَلَا يَعْفُو الْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ إِلَّا عَلَى مَالٍ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَالْعَمْدُ وَالْخَطَأُ سَوَاءٌ وَلَا يَأْخُذُ الْأَبُ أَوِ الْوَصِيُّ أَقَلَّ مِنَ الْأَرْشِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَارِحُ عَيْنًا فَيَرَى الْأَبُ أَوِ الْوَصِيُّ مِنَ النَّظَرِ صُلْحَهُ عَلَى أَقَلَّ من الْأَرْش وَإِن قتل الصَّغِير الصَّغِيرُ عَبْدًا عَمْدًا فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَخْتَارَ أَبَوَاهُ أَوْ وَصِّيُّهِ أَخْذَ الْمَالِ إِذْ لَا نَفْعَ لَهُ فِي الْقِصَاصِ وَإِنْ عَفَا الْمَقْتُولُ خطأ من دِيَته حَاز فِي ثُلُثِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَأوصى مَعَ ذَلِك بوصايا تحصت الْعَاقِلَةُ وَأَهْلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ دِيَتِهِ وَتُوَرَّثُ الدِّيَةَ عَلَى الْفَرَائِضِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهُوَ أَحَقُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنِ ادَّعَى عَلَيْهِ الْعَفْوَ اسْتَحْلَفَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً الْبَحْثُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْعَفْوِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ عَفَا عَنْهُ سَقَطَ الْقَتْلُ وَضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ عَامًا كَانَ الْقَاتِلُ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَالْمَقْتُولُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ يَقْتُلُ وَلِيَّكَ عَمْدًا فَيَعْفُو عَنْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا وَإِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ فَكَعَفْوِكَ عَنِ الْحُرِّ وَلَا يُشْتَرَطُ الدِّيَةُ لَا شَيْءَ لَك إِلَّا أَن يتَبَيَّن أَنَّك أدركتها فَتَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّكَ مَا عَفَوْتَ إِلَّا عَلَى أَخْذِهَا وَكَذَلِكَ فِي الْعَبْدِ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّكَ عَفَوْتَ لِتَسْتَرِقَّهُ فَذَلِكَ لَكَ ثُمَّ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ لِأَنَّ الْعَفْوَ ظَاهِرٌ فِي السُّقُوطِ مُطْلَقًا وَإِنْ عَفَوْتَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَهُ رَقِيقًا وَقَالَ سَيِّدُهُ إِمَّا أَنْ تَقْتُلَهُ أَوْ تَدَعَهُ فَلَا قَوْلَ لَهُ وَالْعَبْدُ لَكَ لِأَنَّكَ اسْتَحْقَقْتَهُ بِدَمِ وَلِيِّكَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ سَيِّدُهُ دَفْعَ الدِّيَة إِلَيْك وَيَأْخُذَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ لَا يُحْبَسُ الْعَبْدُ وَلَا الْأَمَةُ بَلْ يُجْلَدَانِ كَالزِّنَا لِحَقِّ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَقَوْلُهُ فِي الْعَبْدِ ذَلِكَ لَكَ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ هَذَا إِذَا ثَبَتَ قَتْلُهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ كَانَ بِإِقْرَارِ الْعَبْدِ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِجْبَارُهُ عَلَى أَخْذِهِ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يَدَعَ لِلتُّهْمَةِ فِي الِانْتِقَالِ إِلَيْكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْعَبْدِ إِنْ كَانَ هُوَ الْقَاتِلَ كَمَا تَقَدَّمَ وَالنَّصْرَانِيُّ إِنْ كَانَ الْمَقْتُولَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ
دُونَ الْحَبْسِ وَالضَّرْبِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ صُولِحَ قَاتِلُ الْعَمْدِ عَلَى أَكْثَرَ جَازَ لِأَنَّهُ فِدَاءٌ وَإِنْ بَقِيَتْ مُهْمَلَةً فَفِي مَالِ الْقَاتِلِ مُرَبَّعَةً
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ قَاتِلُ الْعَمْدِ إِذَا طُلِبَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَقْتُلُوهُ لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا الْقَتْلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى} وَلِقَوْلِهِ عليه السلام (الْعَمْدُ قَوَدٌ) وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ فَنَصِيبُ غَيْرِ الْعَافِي فِي مَالِ الْجَانِي لِتَعَذُّرِ تَبْعِيضِ الْقَتْلِ وَإِنْ طَلَبُوا فِي جُرْحِ الْعَمْدِ الدِّيَةَ فَلَيْسَ لَهُمْ إِلَّا الْقِصَاصُ إِذَا امْتَنَعَ الْجَانِي وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ نَفْسِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام (مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الدِّيَةَ) قََالَ سَحْنُونٌ إِنْ عَفَا عَنْ نِصْفِ الْجُرْحِ وَأَمْكَنَ الْقِصَاصُ مِنْ نِصْفِهِ اقْتُصَّ وَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْخِيَارُ لِلْمَجْرُوحِ إِنِ اخْتَارَ ذَلِكَ أَدَّى نِصْفَ عَقْلِ الْجُرْحِ وَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمَجْرُوحِ إِمَّا أَن يعْفُو أَنْ يَقْتَصَّ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُعْقَلَ لَهُ النِّصْفُ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ رِوَايَتَانِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَوَدُ وَرِوَايَةُ أَشْهَبَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْهُمَا صَحَّ أَوْ عَنِ الدِّيَةِ فَلَهُ الْقِصَاصُ أَوْ قَالَ اخْتَرْتُ الدِّيَةَ سَقَطَ الْقَوَدُ أَوِ اخْتَرْتُ الْقَوَدَ لَمْ يَسْقُطِ اخْتِيَارُ الدِّيَةِ بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ إِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ ثَبَتَ الْمَالُ إِنْ وَافَقَ الْجَانِي وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِقْبَاضِ ثَبَتَ الْمَالُ وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا سَقَطَ
الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ وَلِلْمُفْلِسِ الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ دُونَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنْ كَانَ الْوَلِيَّانِ مُفْلِسَيْنِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا صَحَّ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي إِلَّا فِيمَا زَادَ عَلَى مَبْلَغِ دِيَتِهِ
فرع قَالَ إِن قتل أحدا لابنين أَبَاهُ وَقَتَلَ الْآخَرُ أُمَّهُ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ قَتْلُ الْآخَرِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا وَرِثَ أَبَاهُ وَالْآخَرُ وَرِثَ أُمَّهُ فَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا وَقَتَلَ الْآخَرَ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَلِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَقْتُلُوا الْقَاتِلَ كَمُورِثِهِمْ فَإِنْ تَنَازَعُوا فِي التَّقْدِيمِ أَيُّهُمَا يَقْتُلُ أَوَّلًا اجْتَهَدَ السُّلْطَانُ وَإِنْ عَفَا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ صَاحِبِهِ وَجَبَ لِأَحَدِهِمَا دِيَةُ أَبِيهِ وَلِلْآخَرِ دِيَةُ أُمِّهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُعْفَى عَنْهُمَا جَمِيعًا لِأَنَّا إِنْ قَتَلْنَا أَحَدَهُمَا وَرِثَ الْآخَرُ الدَّمَ فَلَا يُقْتَلُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ يُقْتَلُ قَبْلِي حَتَّى لَا أُقْتَلَ أَنَا فَلَا بُدَّ مِنَ الْعَفْوِ عَنْهُمَا
فَرْعٌ قَالَ أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ قَتَلَ الثَّانِي الْكَبِيرَ ثُمَّ قَتَلَ الثَّالِثُ الصَّغِيرَ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى قَاتِلِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا قَتَلَ الْكَبِيرَ ثَبَتَ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ لِلثَّالِثِ وَلِلصَّغِيرِ فَلَمَّا قَتَلَ الثَّالِثُ الصَّغِيرَ وَرِثَهُ الثَّانِي وَحْدَهُ فَوَرِثَ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْقِصَاصِ فَسَقَطَ وَسَقَطَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ إِلَى نِصْفِ الدِّيَةِ وَكَانَ لَهُ قَتْلُ الثَّالِثِ بِالصَّغِيرِ وَإِنْ عَفَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ يُقَاصُّهُ بِنِصْفِهَا
فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ فَوَّضَ أَمْرَ دَمِهِ لِوَكِيلِهِ فَعَفَا وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ أَوِ الْعَكْسُ أَوْ ثَبَتَ الدَّمُ بِبَيِّنَةٍ قُدِّمَ الْوَكِيلُ فِي الْعَفْوِ وَالْقَتْلِ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْأَصْلِ ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ كَالْوَصِيِّ أَوْ بِقَسَامَةٍ فَالْوَلِيُّ لِأَنَّ الدَّمَ ثَبَتَ بِقَسَامَتِهِمْ وَإِنْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يُعْفَى
عَنْ قَاتِلِي وَالدَّمُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا عَفْوَ لِلْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْهُ أَوْ بِقَسَامَةٍ فَلَهُمُ الْعَفْوُ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا عَفَا أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْعَمْدِ ضُمِنَ لِلْبَاقِينَ نَصِيبُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ
فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالُوا إِنَّمَا عَفَوْنَا عَلَى الدِّيَةِ فَذَلِكَ لَهُمْ إِنْ كَانَ بالحضرة وَإِن قَالَ فَلَا
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَابَ وَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ فَامْتَنَعُوا خَشْيَةَ الْوَالِي فَعَرَضَ الدِّيَةَ فَامْتَنَعُوا أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُؤَدِّيَ دِيَتَهُ إِلَيْهِمْ وَيَعْتِقَ الرِّقَابَ وَيَتَقَرَّبَ بِالدُّعَاءِ وَالرَّغْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَحُجُّ وَيُكْثِرُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مَا اسْتَطَاعَ وَيَلْحَقُ بِالثُّغُورِ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيَتَعَرَّضُ لِلْعَدُوِّ عَسَاهُ أَنْ يُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قُبِلَتْ دِيَةُ الْعَمْدِ وَرِثَتْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى النِّسَاءُ وَغَيْرُهُنَّ إِلَّا الْقَاتِلَ وَكَذَلِكَ لَا يَرِثُهُ الْأَبُ إِذَا فَعَلَ فِعْلَ الْمُدْلِجِيِّ بِابْنِهِ قَاعِدَةٌ التَّقَادِيرُ الشَّرْعِيَّةُ إِعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ وَإِعْطَاءُ الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ فَالْأَوَّلُ كَتَقْدِيرِ الْمِلْكِ الْمَوْجُودِ مِنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ الْيَسِيرِ وَنَحْوِهِ وَالْمَنَافِعُ الْكَائِنَةُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَالْعُقُودِ الْمَاضِيَةِ إِذَا تَعَقَّبَهَا الْفَسْخُ يُقَدَّرُ ذَلِكَ
مَعْدُومًا لَمْ يَكُنْ مَعَ أَنَّهُ كَانَ وَالثَّانِي كَتَقْدِيرِ الْمِلْكِ الْمَعْدُومِ فِي الْإِعْتَاقِ عَنِ الْغَيْرِ فَإِنَّ ثُبُوتَ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ
فَرْعٌ مِلْكُهُ وَلَا مِلْكَ فَيُقَدِّرُ الشَّرْعُ مِلْكَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ بِالزَّمَنِ الْمُقَدَّرِ وَكَذَلِكَ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ تَوْرِيثُهَا
فَرْعٌ مِلْكُ الْمُوَرِّثِ لَهَا وَلَمْ يَمْلِكْهَا فِي الْحَيَاةِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِنَفْسِهِ حِينَئِذٍ فَلَا يُجْمَعُ لَهُ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ وَمِلْكُهَا بَعْدُ مُتَعَذِّرٌ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ فَيُقَدِّرُ الشَّرْعُ مِلْكَهُ لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِالزَّمَنِ الْفَرْدِ لِيَصِحَّ التَّوْرِيثُ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ حَدِيثُ امْرَأَةِ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ الْأَثَرُ السَّابِعُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْجِنَايَة الْكَفَّارَة وَأَصْلُهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خطأ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى - فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين} الْآيَة وَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ حُرٍّ مُسْلِمٍ قَتَلَ حُرًّا مُسلما مَعْصُوما خطأ معليه تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنَ الْعُيُوبِ لَيْسَ فِيهَا شِرْكٌ وَلَا عَقْدُ حُرِّيَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الظِّهَارِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ انْتَظَرَ الْقُدْرَةَ عَلَى الصِّيَامِ أَوْ وُجُودَ الرَّقَبَةِ وَلَا إِطْعَامَ فِيهَا لِعَدَمِهِ فِي الْآيَةِ وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ وَلَا تَجِبُ فِي قَتْلِ الصَّائِلِ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَلَا عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسِهِ لِعِظَمِ جَرِيمَتِهِ وَثَبَتَتْ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمُثْبِتَةِ لَهُ وَيسْتَحب فِي العَبْد وَالذِّمِّيّ لقصورها عَنِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَفِي الْعَمْدِ إِذَا عَفَا عَنْهُ لِأَنَّ الْعَمْدَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُسَيِّرَهُ كَفَّارَة
الْخَطَأِ وَالشَّرِيكُ فِي الْقَتْلِ عَلَيْهِ كَفَارَّةٌ كَامِلَةٌ وَلَا تَجِبُ فِي الْجَنِينِ حَيْثُ الْغُرَّةِ وَفِي الْكِتَابِ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ فِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ سَقَتْ وَلَدَهَا دَوَاءً فَشَرِقَ فَمَاتَ الْأَحْسَنُ الْكَفَّارَةُ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ وَكَذَلِكَ الطَّبِيبُ يَسْقِي الدَّوَاءَ فَيَمُوتُ الْمَرِيضُ وَفِي النَّوَادِرِ إِنْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ رَجُلًا خَطَأً قَالَ مَالِكٌ على كل وَاحِد كفارية وَإِنْ دَفَعَ دَابَّةً لِصَبِيٍّ يُمْسِكُهَا فَقَتَلَتْهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ وَلَا كَفَارَّةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ فِيمَا خَرَجَ عَنْ يَدِهِ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ وَكَذَلِكَ بِئْرٌ يَحْفِرُهَا حَيْثُ لَا يَجُوزُ ل أَوْ يَرْبُطُ دَابَّةً بِمَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ فَالدِّيَةُ دُونَ الْكَفَّارَةِ وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ أَوْ أَعَانَهُ عَلَى ضَرْبِهِ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ وَلْيُكَفِّرْ تَنْبِيهٌ قَالَ (ح) لَا تجب فِي قتل الْعمد كملك وَقَالَ تَجِبُ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَخَالَفَنَا فِي الْعَبْدِ وَالْجَنِينِ وَالذِّمِّيِّ فَأَوْجَبَهَا وَقَالَ (ش) يَجِبُ فِي كُلِّ آدَمِيٍّ مَعْصُومِ الدَّمِ عَمْدًا أَمْ لَا مُسْلِمًا أَمْ لَا حُرًّا أَمْ لَا أَوْ أَجْنَبِيًّا لَنَا فِي الْعَمْدِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَهُوَ اعْتَدَى بِالْقَتْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ وَنَظَائِرُهُ وَمِنْ أَقْوَاهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا} الْآيَة وَقَوله تَعَالَى {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} الْآيَةَ فَإِنَّ جَزَاءَ الشَّرْطِ كَافٍ فِي التَّرَتُّبِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ وَمَفْهُومُ آيَةِ الْخَطَأِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْكَفَّارَةِ فِي الْعَمْدِ كَمَا اقْتَضَى عَدَمَ الدِّيَةِ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ وَضْعُهَا السَّتْرُ
وَسَائِر الْأَدْنَى الَّذِي هُوَ الْخَطَأُ لَا يَصْلُحُ لِسَتْرِ الْأَعْلَى الَّذِي هُوَ الْعَمْدُ وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يُوجِبُ الْقَتْلَ فَلَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ كَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تُسْقِطُ إِثْمَ الْكُفْرِ فَمَا دُونَهُ غَيْرَ مَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ فَنَقِيسُ عَلَيْهِ احْتَجُّوا بِمَا روى وثلة بْنُ الْأَسْقَعِ قَالَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدِ اسْتَوْجَبَ النَّارَ فَقَالَ عليه السلام (أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً يُعْتِقِ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ) وَقَالَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - (أعتق عَن كل موؤدة رقة) وَالْقِيَاسُ عَلَى قَتْلِ الْخَطَأِ بِجَامِعِ الدَّمِ الْمَعْصُومِ بِالْأولَى لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لِتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ وَهِيَ فِي الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ وَلِأَنَّهُ دَمٌ مَعْصُومٌ فَيَسْتَوِي عَمْدُهُ وَخَطأَهُ كالسيد وَالْجَوَاب عَن الأول أَنَّ الْمُشْرِكِينَ إِذَا قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لَا كَفَّارَةَ اتِّفَاقًا فَمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَا تَقُولُونَ بِهِ وَمَا تَقُولُونَ بِهِ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ الْعَمْدَ أَعْظَمُ إِثْمًا فَلَا يَسْتُرُهُ سَائِرُ الْخَطَأِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْجَبْرِ وَالْجَابِرُ يَسْتَوِي فِيهِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأ كالأموال وَالْكَفَّارَة هَا هُنَا لَا تَجْبُرُ عَلَى الْمَقْتُولِ شَيْئًا وَوَافَقَنَا (ش) فِي إِيجَابِهَا فِي مَالِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَزَادَ وُجُوبُهَا عَلَى الذِّمِّيِّ وَقَالَ (ح) لَا
يَجِبُ إِلَّا عَلَى مُكَلَّفٍ لَنَا آيَةُ الْخَطَأِ وَهِيَ عَامَّةٌ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ) فَذَكَرَ الصَّبِيَّ وَالْمُغْمَى وَقِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا يُكَفَّرُ بِهِ وَهُوَ أحدى جُزْئَيِ الْكَفَّارَةِ أَوْ وَاجِبٌ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِثْمُ وَنَحْنُ لَا نُؤَثِّمُهُ إِذَا لَمْ يَفْعَلْ بَلْ نُخْرِجُهُ مِنْ مَالِهِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّكْلِيفِ وَصِحَّةِ الْقَصْدِ وَالْعِتْقُ مَالٌ يُمْكِنُ لِلْوَلِيِّ إِخْرَاجُهُ وَعَنِ الثَّالِثِ جَوَابُ الثَّانِي فَأَوْجَبَ (ش) وَ (ح) الْكَفَّارَةَ فِي الْجَنِينِ وَالْعَبْدِ لَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ إِنَّمَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ الْمَوْصُوفَةِ بِالْإِيمَان والجنين لَيْسَ بموؤمن وَالْعَبْدُ يُبَاعُ فَلَا تَجِبُ بِهِ كَالْعُرُوضِ وَالْبَهَائِمِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْآيَةَ تَنَاوَلَتِ الْمُؤَمَّنَ وَالْعَبْدُ مُؤَمَّنٌ وَالذِّمِّيُّ مُؤَمَّنٌ فَتَجِبُ فِيهِ كَالْحُرِّ وَالْإِشَارَةُ فِي الْجَنِينِ إِلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ كَعُضْوٍ مِنْ أ / هـ وَلذَلِك لَا يفسل وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَالْأَعْضَاءُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا أَو يُلَاحظ أَنه نَفْسٌ وَرُوحٌ لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَمَفْهُوم نه الْقَتْلُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ يُضْمَنُ بِالْغُرَّةِ فَتُضْمَنُ بِالْكَفَّارَةِ كَالْكَبِيرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ الْحُرُّ لِذِكْرِ الدِّيَةِ وَالْعَبْدُ لَا دِيَةَ فِيهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ ضَمَانَهُ كَضَمَانِ الْجِرَاحِ الْمُقَدَّرَةِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَلَنَا فِي الدَّيْنِ أَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ كَالصَّلَاةِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ بِجَامِعِ كَوْنِهَا آثَارَ الْجِنَايَةِ وَالْجَوَابُ شَائِبَةُ الْعِبَادَةِ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ الْفَرْقُ
الْأَثر الثَّامِن الْمُتَرَتب على الْجِنَايَة التعزيز وَلَهُ صِفَةٌ وَمَحَلٌّ أَمَّا صِفَتُهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يضْرب مائَة وَيحبس سنّ لِأَنَّهُ اللَّازِمُ فِي زِنَا الْبِكْرِ بَدَلًا عَنْ قَتْلِ الثَّيِّبِ بِالْحِجَارَةِ وَهُوَ إِنَّمَا يَتَّجِهُ فِيمَنِ انْدَفَعَ عَنْهُ الْقَتْلُ وَأَمَّا مَحَلُّهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ مَنْ قَتَلَ عَمْدًا إِذَا لَمْ يُقْتَلْ كَقَاتِلِ مَنْ لَمْ يُكَافِئْهُ كَالْمُسْلِمِ يَقْتُلُ الْكَافِرَ وَالْحُرُّ الْعَبْدَ أَوْ عَفَا عَنْهُ مِنَ الْقِصَاصِ وَالْعَبْدُ يَقْتُلُ الْعَبْدَ فَيُعْفَى عَنْهُ وَيُسْجَنُ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحْبَسُ الْعَبْدُ وَلَا الْأَمَةُ كَالزِّنَا وَكَجَمَاعَةٍ أُقْسِمَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَ أَحَدُهُمْ بِالْقَسَامَةِ فَيُضْرَبُ بَقِيَّتُهُمْ وَيُحْبَسُونَ وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ تمّ الْجُزْء الثَّانِي عشر من الذَّخِيرَة ويليه الْجُزْء الثَّالِث عشر أَوله كتاب الْفَرَائِض