المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ) وَمَعْنَاهَا فِي اللُّغَةِ الزِّيَادَةُ مِنْ زَكَا - الذخيرة للقرافي - جـ ٣

[القرافي]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

وَمَعْنَاهَا فِي اللُّغَةِ الزِّيَادَةُ مِنْ زَكَا يَزْكُو زَكَاءً بِالْمدِّ إِذا زَاد بِذَاتِهِ كَالزَّكَاةِ بِصِفَاتِهِ كَالْإِنْسَانِ وَمَا يُقْصَرُ مَعْنَاهُ الزَّوْجُ مِنَ الْعَدَدِ وَالْفَرْدِ سُمِّيَ الْمَأْخُوذُ مِنَ الْمَالِ زَكَاةً وَإِنْ كَانَ يَنْقُصُ لِأَنَّهُ يَزْكُو فِي نَفْسِهِ من اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ عليه السلام

مَنْ تَصَدَّقَ بِكَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا طَيِّبًا كَأَنَّمَا يَضَعهَا فِي كف الرحمان يُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ لِأَنَّهُ يُزَكِّي الْمَالَ فَحَذَفَ مِنْ صِفَتِهِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عليه السلام

مَا فَرَضَ الزَّكَاةَ إِلَّا لِيُطَيِّبَ مَا بَقِيَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ فَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ كَانَ خَبِيثًا وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ أَوْسَاخَ النَّاسِ وَفِي ذَاتِهِ بِالْبَرَكَةِ أَوْ لِأَنَّهُ يُزَكِّي الْمَأْخُوذَ مِنْهُ فِي صِفَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (التَّوْبَة: 103) وَالْمَالُ الْمَصْرُوفُ لِلدَّارِ الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ يُضَافُ إِلَيْهِ فَيَزِيدُ فِيهِ وَهُوَ الْمَالُ الْمُعْتَبَرُ فِي الْحَقِيقَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} (النَّحْل: 96) وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَقُول للسَّائِل مرْحَبًا بِمن يوفر مالنا لدارنا أَو لِأَنَّهُ يُؤْخَذ من الْأَمْوَال التَّامَّة الزَّاكِيَةِ بِذَاتِهَا كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ أَوْ

ص: 5

بِغَيْرِهَا كَالنَّقْدَيْنِ فَالْأَوَّلُ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ وَالثَّانِي مِنْ مَجَازِ إِعْطَاءِ الْمُسَبِّبِ الْمَادِّيِّ وَالثَّالِثُ مِنْ مَجَازِ إِعْطَاءِ الْمُسَبِّبِ حُكْمَ السَّبَبِ الْغَامِضِ وَالرَّابِعُ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ إِنْ جَعَلْنَا الزِّيَادَةَ حَقِيقَةً فِي الْأَجْسَامِ دُونَ الْمَعَانِي وَإِلَّا فَهُوَ حَقِيقَةٌ وَالْخَامِسُ مِنْ مَجَازِ إِعْطَاءِ الْمُسَبِّبِ حُكْمَ السَّبَبِ الْمَادِّيِّ عَنْ حَقِيقَتِهِ خِلَافَ مَا تَقَدَّمَ فِي الثَّانِي قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ مِنَ الزَّكَاةِ مَعْرُوفُ الْمَالِ فَعَلَى هَذَا هِيَ حَقِيقَةٌ وَيَكُونُ اللَّفْظُ يشْتَرك بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَتُسَمَّى صَدَقَةً فِي قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بهَا} (التَّوْبَة: 103) من التَّصْدِيق حَقًا فِي قَوْله تَعَالَى {وآتو حَقه يَوْم حَصَاده) {الْأَنْعَام: 141) لِأَن هُوَ الثَّابِتُ وَهُوَ الثَّابِتُ بِوُجُوبِهَا وَسُمِّيَتْ عَفْوًا فِي قَوْله تَعَالَى {خُذِ الْعَفْوَ} (الْأَعْرَاف: 199) لِأَنَّ الْعَفو فِي اللُّغَة الزِّيَادَة أَي الزِّيَادَة عَلَى الْغِنَى قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعِقَاب أَو قلتهما وَقَدْ تَسْتَوِي مَصْلَحَةُ الْفِعْلَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَيُوجب الله تَعَالَى أَوْ عَلَيْهِ وَيَجْعَلُ ثَوَابَهُ أَتَمَّ أَجْرًا فَإِنَّ دِرْهَمًا مِنَ الزَّكَاةِ مُسَاوٍ فِي الْمَصْلَحَةِ لِدِرْهَمٍ من تَعَالَى أَن لَمْ يُوجِبْهُ لَتَقَاعَدَ الْأَغْنِيَاءُ عَنْ بِرِّ الْفُقَرَاءِ فِيهِ فيهلكوا وَعظم أجره ترغيباً فِي إكرامه وَدَفْعِهِ وَمِنْ تَفْضِيلِ التَّسَاوِي بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالصَّوْم فِي رَمَضَان فان كَانَ أَيَّامًا مِنْ غَيْرِهِ وَإِنَّ الْقِرَاءَةَ وَالْأَذْكَارَ فِي الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ مِثْلِهَا فِي النَّفْلِ وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مَعَ سَائِرِ التَّكْبِيرَاتِ وَالْأَذْكَارِ فِي الْقُرْآنِ إِذَا قُصِدَ بِهَا غَيْرُ الْقُرْآنِ جَازَتْ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ النَّفْلُ أَعْظَمَ مَصْلَحَةً مِنَ الْوَاجِبِ كَالتَّصَدُّقِ بِشَاةٍ سَمِينَةٍ وَالتَّزْكِيَةِ بِدُونِهَا وَالتَّصَدُّقِ بِحِقَّةٍ وَالتَّزْكِيَةِ بِبِنْتِ مَخَاضٍ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَتَمُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى

وَلَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ

ص: 6

وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعْمُولٌ بِهِ إِذَا تَسَاوَى الْفَرْضُ وَالنَّفْلُ أَمَّا إِذَا تَفَاوَتَا بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ مِثْلَ التَّزْكِيَة بِشَاة وَالتَّصَدُّق بِعشْرَة الاوساة فَيحمل أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ أَفْضَلَ وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ وَفِيهِ مُخَالفَة ظَاهر الحَدِيث وَلَيْسَ فِي الْتِزَام وَبعد كَثِيرٌ كَمَا فَضَّلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةَ مَعَ قِلَّةِ عَمَلِهَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَسَائِرِ الْأُمَمِ وَالصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدَيْنِ عَلَى الصَّلَاةِ الْكَثِيرَةِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ تَنْبِيهٌ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الزَّكَاةَ شُكْرًا لِلنِّعْمَةِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَسَدًّا لِخَلَّةِ الْفُقَرَاءِ وَكَمَّلَ هَذِهِ الْحِكْمَةَ بِتَشْرِيكِهِ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ فِي أَعْيَانِ الْأَمْوَالِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ حَتَّى لَا تَنْكَسِرَ قُلُوبُ الْفُقَرَاءِ بِاخْتِصَاصِ الْأَغْنِيَاءِ بِتِلْكَ الْأَمْوَالِ وَمُتَعَلَّقَاتُهَا فِي الشَّرْعِ سِتَّةٌ النَّقْدَانِ وَالْمَاشِيَةُ وَالْحَرْثُ وَالتِّجَارَةُ وَالْمَعَادِنُ وَالْفِطْرُ وَلَمْ يُوجِبْهَا فِي غير هَذَا من نفائس على الْأَمْوَال ركُوبه فَاكْتَفَى بِتَزْكِيَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَإِنَّ الْغَالِبَ الرّفْع من النَّقْدَيْنِ فِي الْأَخْذ وَمِنَ الْحَرْثِ فِي الْأَرَاضِي وَأَمَّا الْجَوَاهِرُ فَلَا يملكهَا إِلَّا قَلِيل مِنَ النَّاسِ تَمْهِيدٌ قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ كُلُّ عَيْنٍ جَازَ بَيْعُهَا جَازَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهَا قَالُوا يُشْكِلُ بِالدُّورِ وَالْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا يَجُوزُ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهَا وَالْجَوَابُ أَنْ نَقُولَ كُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ أَنْ يَكُونَ تِجَارَةً وَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ تِجَارَةً جَازَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهِ يَنْتُجُ كُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهِ بِالضَّرُورَةِ وَلَمْ يَقُلْ رحمه الله وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِيهِ وَإِنَّمَا قَالَ جَازَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهِ

ص: 7

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا كثير كفر وَمن أقرّ ومنعها ضرب أخذت مِنْهُ كُرْهًا فَإِنِ امْتَنَعَ فِي جَمَاعَةٍ وَقُوَّةٍ قُوتِلُوا حَتَّى تُؤْخَذَ كَمَا فَعَلَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه وَقَالَ ابْن حبيب من اعْتِرَاف بِالْوُجُوبِ وَامْتَنَعَ كَفَرَ كَمَا قَالَهُ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْكِتَابِ أَبْوَابٌ تِسْعَةٌ.

ص: 8

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ)

وَالنَّظَرُ فِي سَبَبِ الْوُجُوبِ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ وَالْجُزْءِ الْوَاجِبِ وَالْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَنْظَارٍ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي التَّسَبُّبِ وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَ نِصَابًا مِنَ الذَّهَبِ وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا مَسْكُوكَةً أَوْ غَيْرَ مَسْكُوكَةٍ أَوْ مِنَ الْوَرِقِ وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَمٍ مَسْكُوكَةٍ أَوْ غَيْرِ مَسْكُوكَةٍ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ النِّصَابُ فِي اللُّغَةِ الْأَصْلُ وَمِنْهُ قَوْلُ السَّمَوْأَلِ

(وَنَحْنُ كَمَاءِ الْمُزْنِ لَا فِي نِصَابِنَا

كَهَامٍ وَلَا مِنَّا يعد بخيل)

وَأَصله الْمنَار وَهُوَ الْعَلَمُ وَمِنْهُ الأَنْصَابُ حِجَارَةٌ نُصِبَتْ عَلَمًا لِلْعِبَادَةِ وَأُخِذَتْ مِنَ الِارْتِفَاعِ لِأَنَّ نَصَائِبَ الْحَوْضِ حِجَارَةٌ تُرْفَعُ حَوْلَهُ وَالنِّصَابُ أَصْلُ الْوُجُوبِ وَعَلَمٌ عَلَيْهِ ومرتفع عَن الْقلَّة فاجتمعت المعانني كها فِيهِ وَفِي النَّسَائِيِّ قَالَ عَلَيْهِ

ص: 9

السَّلَامُ

الْمِكْيَالُ عَلَى مِكْيَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ عَلَى وَزْنِ أَهْلِ مَكَّةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ أَخْبَرَنِي كُلُّ مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ دِينَارَ الذَّهَبِ بِمَكَّةَ وَزْنُهُ اثْنَانِ وَثَمَانُونَ حَبَّةً وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ الْحَبَّةِ مِنْ حَبِّ الشَّعِيرِ الْمُطْلَقِ وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةُ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ فَالدِّرْهَمُ الْمَكِّيُّ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ حَبَّةً وَسِتَّةُ أَعْشَارِ الْحَبَّةِ وَعُشْرِ عشر حَبَّةٍ قَالَ سَنَدٌ كُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ بَغْلِيَّةً ثَمَانِيَةَ دَوَانِقَ وَطَبَرِيَّةً أَرْبَعَة دوانق فَجمعت فِي الْإِسْلَام وكل جعل كُلَّ دِرْهَمٍ سِتَّةَ دَوَانِقَ وَقَالَ غَيْرُهُ وَالْبَغْلِيَّةُ كَبُرَتْ لِرَدَاءَتِهَا وَكَانَ الِاجْتِمَاعُ عَلَى ذَلِكَ فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَالظَّاهِرُ مِنَ الِاجْتِمَاعِ أنَّمَا كَانَ لإذهَاب تِلْكَ الرَّدَاءَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ آثَارِ الْكُفْرِ وَإِنَّ الدِّرْهَمَ كَانَ مَعْلُومًا فِي زَمَنِهِ عليه السلام وَلِذَلِكَ رَتَّبَ الزَّكَاةَ عَلَيْهِ وَكَانَت الْأُوقِيَّة فِي زَمَنه أَرْبَعِينَ وَالسّن نِصْفَ أُوقِيَّةٍ وَالنَّوَاةُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرُ فِي الْأَحْكَامِ خَمْسَةٌ ثَلَاثَةٌ اثْنَا عَشَرَ فِي الدِّيَةِ وَالنِّكَاحِ وَالسَّرِقَةِ وَيَجْمَعُهَا أَنَّهَا فِي الذِّمَّةِ وَاثْنَانِ عشرَة عشرَة فِي الزَّكَاة والجزية لِأَن تقسيط الْمُقَدَّرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ عَلَى الْمُقَدَّرِ مِنَ الدَّنَانِيرِ يَقْتَضِيهِ تَنْبِيهٌ الدِّرْهَمُ الْمِصْرِيُّ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ حَبَّةً فَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمِ الزَّكَاةِ فَإِذَا أَسْقَطْتَ الزَّائِدَ كَانَ النِّصَابُ مِنْ دَرَاهِمِ مِصْرَ مِائَةً وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَحَبَّتَيْنِ فَقَطْ

ص: 10

وَالنَّقْدَانِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَعْيَانٌ مَوْجُودَةٌ وَقِيَمُ الْمَتَاجِرِ وَدُيُونٌ فِي الذِّمَّةِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ النُّقُودُ الْمَوْجُودَةُ وَهِيَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ عِنْده فلوس قيمتهَا مايتا دِرْهَمٍ لَا زَكَاةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا فتجري مجْرى الْعرض وَكره أُعِدَّتْ لِلْمُعَامَلَةِ وَجَبَتْ فِي قِيمَتِهَا الزَّكَاةُ وَلَا يعْتَبر وَزنهَا اتِّفَاقًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَالرِّبَا أَنَّ الرِّبَا فِيهَا وَقَالَ ش ح إِذا الرِّبَا اشد لِأَن الْبَين عِنْدَ الْجَمِيعِ وَالْمَطْعُومَاتِ عِنْدَ ش وَالْمِكْيَالَاتِ عِنْدَ ح رَبَوِيَّاتٌ وَلَيْسَتْ كُلُّهَا زَكَوِيَّةً مَعَ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يُحَرِّمْ وَإِنَّمَا كَرِهَ الرِّبَا فِيهَا

(فروع خَمْسَة)

الأول مَا زَاد على النّصاب أَخذ مِنْهُ بِحِسَابِهِ عِنْد مَالك وش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ طَاوُسٌ لَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ مِائَتَيْنِ أُخْرَى وَقَالَ ح لَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى تَصِيرَ الدَّرَاهِمُ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَالدَّنَانِيرُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مُحْتَجًّا بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عليه السلام

عَفَوْتُ لَكُمْ عَنِ الْخَيل وَالرَّقِيق فهاتوا صَدَقَة الرقة من كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَلِأَنَّهُ نِصَابٌ مُزَكًّى فَيَكُونُ لَهُ وَقَصٌ كالمائية وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عليه السلام لِعَلِيٍّ

ص: 11

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

إِذَا كَانَ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ يَعْنِي فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا) فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ وَفِي سَنَدِهِ وَهَنٌ وَلِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِمَا ذَكَرْتُمُوهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ مَفْهُومِ الْعَدَدِ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْمَنْطُوقِ وَهُوَ أَقْوَى مِنْهُ إِجْمَاعًا بِمَا فِي قَوْلِهِ عليه السلام

فِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ التجزئة فِي الْمَوَاشِي عشرَة بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ وَالْمُعَارَضَةُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحُبُوبِ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْقِيَاسِ عَلَى الْمَوَاشِي لِأَجْلِ تَيْسِيرِ التَّجْزِيءِ وَعَدَمِ اخْتِلَافِ النِّصَابِ فَائِدَةٌ الرِّقَةُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِهَا الدَّرَاهِمُ الْمَسْكُوكَةُ لَا يُقَالُ فِي غَيْرِهَا وَالْوَرِقُ الْمَسْكُوكُ وَغَيْرُهُ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ الثَّانِي لَوْ كَانَتِ الْمِائَتَانِ نَاقِصَةً تَجُوزُ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَمَعْنَى النُّقْصَانِ أَن تكون فِي مِيزَانٍ دُونَ آخَرَ فَإِنْ نَقَصَتْ فِي الْجَمِيعِ فَلَا زَكَاةَ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بَلْ فِيهَا الزَّكَاةُ إِذَا تَسَامَحَ النَّاسُ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ

إِنْ نَقَصْتَ كُلَّ دِينَارٍ ثَلَاثَ حَبَّاتٍ وَهِيَ تُغْتَفَرُ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَفِي الْمُوَطَّأ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَامِلِهِ بِمِصْرَ أَنِ انْظُرْ مَنْ مَرَّ بِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَخُذْ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِمَّا يُرِيدُونَ مِنَ التِّجَارَةِ مَنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ

ص: 12

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا جَازَتْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ وَجَبت الزَّكَاة كَانَ النَّقْص مَا كَانَ بِحُصُول الْمَقْصُودِ هَذَا فِي الْمَسْكُوكَةِ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَقَالَ عبد الْمَالِك إِذَا نَقَصَ غَيْرُ الْمَسْكُوكِ دِرْهَمًا مِنَ الْمِائَتَيْنِ أَوْ ثُلُثَ دِينَارٍ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ قَالَ وَتَعَارُضُ الْمَوَازِينِ كَتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالْخِبْرَيْنِ وَالْقِيَاسَيْنِ وَالْمُثْبِتُ أَوْلَى مِنَ النَّافِي قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِوَزْنِ زَمَانِنَا وَيُزَكِّي أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ بِوَزْنِهِمْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنَ الْكَيْلِ قَالَ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ ش وح إِذَا نَقَصَ النِّصَابُ حَبَّةً لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ وَرَوَاهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ عَنْ مَالِكٍ الثَّالِثُ إِذَا كَانَ النَّقْدُ مَغْشُوشًا يَسِيرًا جِدًّا كَالدَّانَقِ فِي الْعَشْرَةِ فَلَا حُكْمَ لَهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ بِمَا فِيهِ حَقُّ النَّقْدِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ الْحَنَفِيُّ وَابْنُ النَّجَّارِ مِنَّا الْحُكْمُ لِلْأَغْلَبِ وَظَوَاهِرُ النُّصُوصِ تَمْنَعُ الِاعْتِدَادَ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ يَضُمُّ الذَّهَبَ إِلَى الْوَرِقِ بِالْأَجْزَاءِ لَا بِالْقِيمَةِ وَيُخْرِجُ مِنْ كل صنف ربع عشره وَقَالَهُ ح وش وَابْن حَنْبَل وَقَالَ هما جِنْسَانِ لَا يمتع التَّفَاضُل بَينهمَا فَيمْتَنع الضَّم كالابل مَعَ الْبَقر وَالْفرق أَنَّهُمَا رُؤُوس الْأَمْوَالِ وَقِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ وَالْوَاجِبُ فِي الْجَمِيعِ رُبُعُ الْعشْر بِخِلَاف غَيرهَا وَقَالَ ح يكمل النّصاب بالورق أوالقيمة لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَجَوَابُهُ لَوْ مَلَكَ عَشْرَةً

ص: 13

قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ إِجْمَاعًا وَأَمَّا الْإِخْرَاجُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ فَلِأَنَّهُ أَعْدَلُ للْفُقَرَاء والأغنياء مَعَ عِلّة الِاخْتِلَافِ بِخِلَافِ الْحُبُوبِ لَمَّا عَظُمَ الْخِلَافُ فِيهَا اعْتُبِرَ الْوَسَطُ عَدْلًا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فَائِدَةٌ هَنْدَسِيَّةٌ فِقْهِيَّةٌ يُعْلَمُ بِهَا النَّقْدُ الْمَغْشُوشُ هَلْ هُوَ مَغْشُوشٌ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ مَغْشُوشًا فَمَا مِقْدَارُ غِشِّهِ وَهَلِ الْغِشُّ مِنَ النَّقْدِ الزَّكَوِيِّ فَيُضَمَّ بَعْدَ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَيُطْرَحَ مِنْ غَيْرِ حِمَا بِالنَّارِ وَلَا بَرْدٍ بِالْمِبْرَدِ وَلَا حَكٍّ بِالْمَيْلَقِ بَلْ يُعْلَمُ ذَلِكَ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ عَلَى حَالَيْهِمَا مِنْ سِكَّةٍ أَوْ صِيَاغَةٍ أَوْ تَرْصِيعِ فُصُوصٍ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِنْحَتِهِ وَهِيَ فَائِدَةٌ يَحْتَاجُهَا الْفُقَهَاءُ وَالْقُضَاةُ فِي أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَالْمُلُوكُ وَأَرْبَابُ الْأَمْوَالِ النَّفِيسَةِ وَهِيَ من عجائب المعقولات مِمَّا تَعب الأقدمون التَّعَب الْكَثِيرَ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِهَا وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَتَّخِذَ مِيزَانًا تَتَحَرَّكُ عِلَاقَةُ كِفَّتِهِ مِنْ طَرَفِ الْعَمُودِ إِلَى وَسَطِهِ وَيَعْمَلُ عَلَى طرف العمود عَلامَة مُتَقَارِبَةً مُتَنَاسِبَةَ الْبُعْدِ مُحَرَّرَةَ التَّسَاوِي ثُمَّ تَأْخُذُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً خَالِصَيْنِ وَتُسَوَّى زِنَتُهُمَا فِي الْهَوَاءِ وَلْتَكُنْ كِفَّتَا الْمِيزَانِ مِنْ جِسْمٍ يَغُوصُ فِي الْمَاءِ مُتَسَاوِيَتَيِ الزِّنَةِ وَالْمِسَاحَةِ ثُمَّ نَزِّلْهُمَا فِي مَائِعٍ مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ سَهْلِ الْحَرَكَةِ كَالْمَاءِ الصَّافِي وَنَحْوِهِ فَيَحْصُلُ فِي كِفَّةِ الذَّهَبِ مِنَ الْمَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا فِي كِفَّةِ الْفِضَّةِ لِيَتَلَزَّزَ الذَّهَبُ فَتُحَرِّكُ عِلَاقَةَ كِفَّتِهِ عَلَى الْعَمُودِ حَتَّى يُسَاوِيَ الْفِضَّةَ فِي الْمَاءِ كَمَا سَاوَاهَا فِي الْهَوَاءِ وَتَحْفَظُ عَدَدَ تِلْكَ الْعَلَامَاتِ الَّتِي قَطَعَتْهَا عِلَاقَةُ كِفَّتِهِ وَلْتَكُنْ سِتَّةً مَثَلًا فَيُعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ فَضْلُ الذَّهَبِ الْخَالِصِ عَلَى الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ وَنَفْرِضُ أَنَّ الْجِرْمَ الْمُمْتَحَنَ ذَهَبٌ فَتَزِنُهُ بِفِضَّةٍ خَالِصَةٍ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ تَضَعُهَا فِي الْمَاءِ فترجح كفة الممتحن لتلزز الذَّهَب فتسوي

ص: 14

بَيْنَهُمَا فِي الْمَاءِ بِتَحْرِيكِ الْعِلَاقَةِ عَلَى الرَّدِّ فَإِنْ قَطَعَتِ الْعِلَاقَةُ تِلْكَ الْعَلَامَاتِ السِّتَّ فَهُوَ خَالِصٌ لَا غِشَّ فِيهِ وَإِنْ حَصَلَتِ الْمُسَاوَاةُ دُونَ ذَلِكَ وَلْتَكُنْ حَصَلَتْ بِالْحَرَكَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَقَطْ فَقَدْ بَقِيَ الثُّلُثُ فَثُلُثُهُ فِضَّةٌ وَعَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ أَوْ يَعْمَلُ جِرْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيِ الْعَظْمِ أَحدهمَا ذهب خَالص وَالْآخر فضَّة خَالِصَة وتحرر وَزْنَهُمَا وَلْتَكُنِ الْفِضَّةُ أَرْبَعَةً وَالذَّهَبُ خَمْسَةً وَيَعْمَلُ جِرْمًا آخَرَ مُسَاوِيًا عَظْمُهُ لِعَظْمِ الْمُمْتَحَنِ فِضَّةً خَالِصَةً وَلِتَعْرِفْ وَزْنَهُ وَلْتَكُنْ سَبْعَةً وَوَزْنُ الْمُمْتَحَنِ ثَمَانِيَة بِزِيَادَة الممتحن وَاحِد ونسبته الى السَّبْعَة نِسْبَةُ السُّبْعِ وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ فِي الذَّهَبِ الْخَالِصِ إِلَى الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ نِسْبَةُ الرُّبُعِ فَفِي الْمُمْتَحَنِ مِنَ الْغِشِّ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الرُّبُعِ وَالسُّبُعِ فَلَوْ كَانَ الْمُمْتَحَنُ ثَمَانِيَةً وَنِصْفًا وَرُبْعًا حَتَّى يكون لزائد مِثْلَ رُبُعِ الْفِضَّةِ الَّتِي تُقَابِلُهُ كَانَ خَالِصًا فَإِنْ عَسُرَ عَلَيْنَا وُجُودُ فِضَّةٍ مُتَسَاوِيَةٍ لِلْمُخْتَلِطِ عَمِلْنَا جِرْمَيْنِ مِنْ شَمْعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَحَدُهُمَا مسَاوٍ عظمه لعظم المختلظ وَالْآخَرُ يُسَاوِي عَظْمُهُ عَظْمَ فِضَّةٍ مُسَاوِيَةٍ لِلْمُخْتَلِطَةِ أَعْدَدْنَاهَا ثُمَّ تَعْرِفُ زِنَةَ الشَّمْعَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ نِسْبَةُ زِنَةِ شَمْعِ الْمُمْتَحَنِ إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ زِنَةِ شَمْعِ الْفِضَّةِ إِلَيْهَا فَالْمُمْتَحَنُ فِضَّةٌ خَالِصَةٌ وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا فَاجْعَلْ مَكَانَ الْفِضَّةِ ذَهَبًا فَإِنَّ عسر اتِّخَاذ جرم يُسَاوِي عظمه عَظْمَ الْمُخْتَلِطِ فَتَزِنُهُ بِصَنْجٍ فِي الْهَوَاءِ فِي مِيزَانٍ مُحْكَمٍ ثُمَّ تُزِيلُهُ مِنَ الْمِيزَانِ وَتَمْلَأُ كِفَّتَيْهِ بِالْمَاءِ ثُمَّ تَضَعُ الْمُمْتَحَنَ فِي الْكِفَّةِ فَيَطْلَعُ بَعْضُ الْمَاءِ وَتُرَجِّحُ الْكِفَّةَ فَتُقَابِلُهُ بِالصَّنْجِ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى فَتَكُونُ هَذِهِ الصَّنْجُ أَكْثَرَ مِنْ صَنْجِ الْهَوَاءِ إِنْ كَانَ جَوْهَرُهَا أَخَفَّ مِنْ جَوْهَرِ الذَّهَبِ لِأَنَّ الْخَالِصَ حِينَئِذٍ مِنَ الْمَاءِ مَعَهَا أَقَلُّ وَمَعَ الْمُمْتَحَنِ أَكْثَرُ فَإِنْ كَانَتْ أَثْقَلَ مِنْ جَوْهَرِ الذَّهَبِ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ صَنْجِ الْهَوَاءِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهُ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِصَنْجِ الْهَوَاءِ ثُمَّ تَحْفَظُ نِسْبَةَ مَا بَيْنَ الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ مِنْ زِيَادَةِ الصَّنْجِ وَقِلَّتِهَا وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ بِجِسْمٍ خَالِصٍ مِنَ الذَّهَبِ

ص: 15

إِن كَانَ الممتحن ذَهَبا أَو فضَّة إِنْ كَانَتْ فِضَّةً فَإِنِ اسْتَوَتِ النِّسْبَتَانِ فَهُوَ خَالِصٌ أَوِ اخْتَلَفَتَا فَهُوَ مَغْشُوشٌ بِقَدْرِ الِاخْتِلَافِ وَبِهَذِهِ الطَّرِيقِ يَمْتَحِنُ سَائِرَ الْمَعَادِنِ الْخَامِسُ حُلِيُّ التِّجَارَةِ الْمُفَصَّلُ بِالْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِ يُزَكِّي عَلَيْهِ غَيْرُ الْمُدِيرِ وَزْنَهُ كُلَّ عَامٍ وَالْحِجَارَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْمُدِيرُ يُقَوِّمُ الْحِجَارَةَ فِي شَهْرِ زَكَاتِهِ وَيُزَكِّي وَزْنَ الْحُلِيِّ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ كَانَ مَرْبُوطًا بِالْحِجَارَةِ رَبْطَ صِيَاغَةٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَأْثِيرَ لِلرَّبْطِ فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ تَبَعًا لِلْحِجَارَةِ وَوَزْنِهِ زَكَّى الذَّهَبَ تَحَرِّيًا كُلَّ عَامٍ وَإِذَا بَاعَ زَكَّى مَا يَنُوبُ الْحِجَارَةَ بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ وَإِنِ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ مُدِيرٌ قَوَّمَ الْحِجَارَةَ وَزَكَّى وَزْنَهُ تَحَرِّيًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ التُّونُسِيُّ تُقَوَّمُ الصِّيَاغَةُ وَإِنْ كَانَ مُحْتَكِرًا زَكَّى الذَّهَبَ كُلَّ عَامٍ تَحَرِّيًا وَثَمَّنَ الْحِجَارَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ لِعَامٍ وَاحِدٍ فَعَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ يَفُضُّ الثَّمَنَ عَلَى الْحُلِيِّ مَصُوغًا وَقِيمَةِ الْحِجَارَةِ وَعَلَى قَوْلِ التُّونُسِيِّ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْفَضِّ بَلْ يُسْقِطُ عَدَدَ مَا زَكَّى تَحَرِّيًا وَيُزَكِّي الْبَاقِيَ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا لَمْ يُمْكِنِ النَّزْعُ فَهَلْ يُعْطِي كُلَّ نَوْعٍ حُكْمَهُ بِالتَّحَرِّي أَوْ يُغَلِّبُ الْحِجَارَةَ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ عَرْضًا أَو يكون الحكم للْأَكْثَر الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ النَّقْدَيْنِ مَا يَكُونُ قَيِّمًا فِي الْمَتَاجِرِ وَالتَّاجِرُ إِمَّا أَنْ يُبَاشِرَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَالْمُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ إِمَّا أَنْ يَنْتَظِرَ حِوَالَة الْأَسْوَاق وَهُوَ المحتكر أَولا وَهُوَ الْمُدِيرُ وَالْمُبَاشِرُ لِغَيْرِهِ هُوَ الْمُقَارِضُ فَهَذِهِ ثَلَاث حالات الحاله الأولى المحتكر فَتجب الزَّكَاةُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (التَّوْبَة: 103) وَفِي أَبِي دَاوُدَ

كَانَ عليه السلام يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّهُ لِلْبَيْعِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ

ص: 16

(فُرُوعٌ سِتَّةٌ)

الْأَوَّلُ قَالَ سَنَدٌ فَإِنِ اشْتَرَى بعض كَانَ لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ تَخْلُ نِيَّتُهُ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ إِذَا بَاعَ فَإِنِ اشْتَرَى بِعَرْضٍ مُقْتَنًى تَنَزَّلَ الْمُشْتَرَى مَنْزِلَةَ أَصِلِهِ وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ قَالَهُ مَالِكٌ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِعَيْنِ زَكَاتِهِ وَلَا مَا تَضْمَنُهَا فَهُوَ كَالْهِبَةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْغَنِيمَةِ إِذَا نَوَى بِهَا التِّجَارَةَ فَلَا زَكَاةَ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَلِأَنَّ زَكَاةَ الْقِيَمِ تَابِعَةٌ لِزَكَاةِ الْعَيْنِ وَلَا عَيْنَ فَلَا زَكَاةَ فَإِنِ اشْتَرَاهُ لِعَيْنٍ بَنَاهُ عَلَى حَوْلِهَا فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ بَعْدَ حَوْلِ الْعَيْنِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُزَكِّي حَتَّى يَبِيعَ خِلَافًا لِ (ش) وَ (ح) وَخَيَّرَاهُ بَيْنَ إِخْرَاجِ رُبُعِ عُشْرِ قِيمَتِهِ لَنَا أَنَّ وُجُودَ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ مُعْتَبَرٌ فِي الِابْتِدَاءِ فَكَذَلِكَ فِي الِانْتِهَاءِ فَإِنْ زَكَّى قَبْلَ الْبَيْعِ لَمْ تُجِزْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّهُ يَرَى الْوُجُوبَ مُتَحَقَّقًا وَإِنَّمَا تَرَتَّبَ الْإِخْرَاجُ عَلَى الْبَيْعِ وَهُوَ مَذْهَبُهُ فِي الدَّيْنِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَهْلَكَ عَرْضَ التِّجَارَةِ فَأَخَذَ قيمَة بَنَاهَا عَلَى حَوْلِهِ كَالثَّمَنِ لِأَنَّهُ ثَمَنٌ بِالْعَقْدِ وَالْقِيمَةُ ثَمَنٌ بِالشَّرْعِ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْمُقَوَّمِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ قِيمَةً فَإِنْ أَخَذَ بِالْقِيمَةِ سِلْعَةً لِلتِّجَارَةِ فَهِيَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ فَهِيَ لِلْقِنْيَةِ لَا تُزَكَّى بَعْدَ الْبَيْعِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا أَخَذَ مِنَ الْمُتَعَدِّي عُرُوضًا فَلَا زَكَاةَ وَلَوْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ قَبْلَ التَّعَدِّي وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ بِثمن فَلم يَقْبِضْهُ حَتَّى أَخَذَ عَنْهُ عَرْضًا لِعَدَمِ وُجُودِ الْعَيْنِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ سِلْعَةً لِلتِّجَارَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي حِينَئِذٍ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ أَخَذَ فِي الْمِائَةِ ثَوْبًا فَبَاعَهُ بِعَشَرَةٍ فَلَا يُزَكِّي إِلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ أَوْ يَبِيعُ بِنِصَابٍ لِأَنَّ الْقِيَمَ أُمُورٌ مُتَوَهَّمَةٌ وَإِنَّمَا يُحَقِّقُهَا الْبَيْعُ الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا ابْتَاعَ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ فَكَاتَبَهُ فَعَجَزَ أَوِ ارْتَجَعَ مِنْ مُفْلِسٍ سِلْعَتَهُ أَوْ أَخَذَ مِنْ غَرِيمِهِ عَبْدًا فِي دَيْنِهِ أَوْ دَارًا فَأَجَرَهَا سِنِينَ رَجَعَ جَمِيعُ ذَلِكَ لِحُكْمِ أَصْلِهِ مِنَ التِّجَارَةِ فَإِنَّ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ لَا يَبْطُلُ إِلَّا بنية

ص: 17

الْقِنْيَةِ وَالْعَبْدُ الْمَأْخُوذُ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ أَصِلِهِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوِ ابْتَاعَ الدَّارَ أَوْ غَيْرَهَا بِقَصْدِ الْغَلَّةِ فَفِي اسْتِئْنَافِ الْحَوْلِ بَعْدَ الْبَيْعِ لِمَالِكٍ رِوَايَتَانِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الِاسْتِئْنَافَ وَلَوِ ابْتَاعَهَا لِلتِّجَارَةِ وَالسُّكْنَى فَلِمَالِكٍ قَوْلَانِ مُرَاعَاةً لِقَصْدِ الثَّمَنِيَّةِ بالغلة وَالتِّجَارَة وتغليبا لِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ عَلَى نِيَّةِ الثَّمَنِيَّةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْعُرُوضِ فَإِنِ اشْتَرَى وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهِيَ لِلْقِنْيَةِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا قَاعِدَةٌ كُلُّ مَا لَهُ ظَاهر فَهُوَ منصرف لظاهره الا عِنْد قيام الْمعَارض الرَّاجِح وَكُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ ظَاهِرٌ لَا يَتَرَجَّحُ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ وَلِذَلِكَ انْصَرَفَتِ الْعُقُودُ إِلَى النُّقُودِ الْغَالِبَةِ لِأَنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِيهَا وَإِلَى تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ لنَفسِهِ دون موَالِيه لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَيْهِ وَإِلَى الْحِلِّ دُونَ الْحُرْمَةِ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ حَالِ الْمُسْلِمِ وَإِلَى الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ من الْعين عرفا لِأَنَّهُ ظَاهر فِيهَا وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّصْرِيحِ بِهَا وَاحْتَاجَتِ الْعِبَادَاتُ إِلَى النِّيَّاتِ لِتَرَدُّدِ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَادَاتِ وَتَرَدُّدِهَا بَيْنَ مَرَاتِبِهَا مِنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ وَغَيْرِهِ والكائنات الى المميزات لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْمَقَاصِدِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اكْتَرَى أَرْضًا فَابْتَاعَ طَعَامًا فَزَرَعَهُ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ يَوْمَ حَصَادِهِ إِنْ كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ ثُمَّ ابْتَدَأَ حَوْلًا وَقَوَّمَهُ بَعْدَهُ ان كَانَ مديرا وَله عين سواهُ وَإِلَّا زَكَاة بعد البيع بعد حَوْلٍ فَإِنْ بَاعَ قَبْلَهُ انْتَظَرَ الْحَوْلَ إِنْ كَانَ نِصَابًا لِأَنَّهُ لَا يُزَكَّى مَالٌ فِي حَوْلٍ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ زَرَعَهَا بِطَعَامِهِ أَوْ كَانَتْ لَهُ فَزَرَعَهَا لِلتِّجَارَةِ زَكَّاهُ يَوْمَ حَصَادِهِ إِنْ كَانَ خَمْسَة أَو سُقْ فَإِنْ بَاعَهُ فَالثَّمَنُ فَائِدَةٌ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ عَن الارض وَالْبذْر كَتَوَلُّدِ السِّخَالِ عَنِ الْمَاشِيَةِ

ص: 18

فَلَمَّا كَانَ أَحَدُهُمَا لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ سَقَطَ حُكْمُهَا تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ فِي الْقِنْيَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقِيلَ فِي حُكْمِ الزَّرْعِ إِنَّهُ لِلْأَرْضِ كَمَا غَلَبَتِ الْأُمُّ فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ فِي الزِّنَا عَلَى الْأَبِ وَقِيلَ لِلْبَذْرِ وَالْعَمَلِ نَظَرًا لِلْكَثْرَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ يَفُضُّ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَمَا نَابَ مَا للتِّجَارَة زُكِّيَ وَلَوْ كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ مَاشِيَةً وَجَبَتْ زَكَاةُ الْعَيْنِ دُونَ التِّجَارَةِ قَالَ سَنَدٌ وَأَسْقَطَ أَشْهَبُ الزَّكَاةَ فِي وَجْهَيِ الزِّرَاعَةِ لِأَنَّ التِّجَارَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ غَالِبًا بَلْ هَذَا كَمُبْتَاعِ الْغَنَمِ لِلَبَنِهَا وَالْعَبْدِ لِغَلَّتِهِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ مُدِيرًا وَحَلَّ شَهْرُهُ وَالزَّرْعُ بَقَلَ قَوْمَهُ بَقْلًا وَإِنْ حَلَّ بَعْدَ تَعَلُّقِ زَكَاةِ الزَّرْعِ بِهِ لَا يُقَوِّمُهُ وَلَا تَبْنِهِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْحَبِّ قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَالْمَالُ لَا يُزَكَّى فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَى غَنَمًا فَزَكَّاهَا زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ فَلَا يُزَكَّى ثَمَنُهَا الا بعد حول من حِينَئِذٍ فَإِن حل حوله بَعْدَ زَكَاةِ الْحَبِّ زَكَّى نَاضَّهُ وَعُرُوضَهُ وَتَبَّنَ الْحَبَّ وَلَا يُزَكَّى الْحَبُّ إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ زَكَاتِهِ وَكَذَلِكَ ثَمَنُهُ إِنَّ بَاعَهُ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ مَنِ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ ثمَّ نوى الْقنية سَقَطت الزَّكَاة وَقَالَ (ش) وَ (ح) وَفِي الْجُلَّابِ لَوِ اشْتَرَى عَرْضًا لِلْقِنْيَةِ فَنَوَى بِهِ التِّجَارَةَ لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ بَلْ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ وَالْفَرْقُ

ص: 19

مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُرُوضِ الْقِنْيَةِ فَيَرْجِعُ إِلَى أَصْلِهَا بِالنِّيَّةِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ كَمَا لَا يَرْجِعُ الْمُقِيمُ مُسَافِرًا لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِقَامَةُ حَتَّى يَنْضَافَ إِلَيْهَا فِعْلُ الْخُرُوجِ وَيَصِيرَ مُقِيمًا بِهَا لِسَلَامَتِهَا عَنْ مُعَارَضَةِ الْأَصْلِ الثَّانِي أَنَّ حَقِيقَةَ الْقِنْيَةِ الْإِمْسَاكُ وَقَدْ وَجَدَ حَقِيقَة البيع للربح وَلم يُوجد وَقَالَ اشعب لَا تَبْطُلُ التِّجَارَةُ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّ الْفِعْلَ السَّابِقَ وَهُوَ الشِّرَاءُ لِلتِّجَارَةِ أَقْوَى مِنَ النِّيَّةِ فَإِنَّهُ مَقْصِدٌ وَهِيَ وَسِيلَةٌ وَالْمَقَاصِدُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوَسَائِلِ الْحَالة الثَّانِيَة الادارة كَالْخَيَّاطِ وَالزَّيَّاتِ وَمَنْ يَنْقُلُ الْقُمَاشَ إِلَى الْبِلَادِ فَيَجْعَلُ لِنَفْسِهِ شَهْرًا يُقَوِّمُ فِيهِ عُرُوضَ التِّجَارَةِ فَيُزَكِّي قِيمَتَهَا مَعَ عَيْنِهِ وَدَيْنِهِ إِلَّا مَا لَا يَرْتَجِيهِ مِنْهُ فَكَذَلِكَ لَوْ تَأَخَّرَ بَيْعُهَا وَقَبَضَ دَيْنَهُ عَامًا آخَرَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحْتَكِرِ أَنَّ ضَبْطَ حَوْلِ كُلِّ سِلْعَةٍ مَعَ تكَرر ذَلِك مَعَ مُرُور الْأَيَّامِ عُسْرٌ فَإِنْ أَلْزَمْنَاهُ بِذَلِكَ أَضْرَرْنَا بِهِ أَوْ أَسْقَطْنَا الزَّكَاةَ أَضْرَرْنَا بِالْفُقَرَاءِ فَكَانَتِ الْمُصْلَحَةُ الجامعة كَمَا ذَكرْنَاهُ وَسوى ش وح بَيْنَهُمَا وَقَالَ سَنَدٌ وَمَبْدَأُ الْحَوْلِ الْيَوْمُ الَّذِي يُزَكَّى فِيهِ الْمَالُ قَبْلَ إِدَارَتِهِ أَوْ يَوْمَ إِفَادَتِهِ إِنْ كَانَتِ الْإِدَارَةُ قَبْلَ تَزْكِيَتِهِ فَيُبْنَى عَلَى حَوْلِ أَصْلِهِ فَإِنِ اخْتَلَطَتْ أَحْوَالُهُ جَرَى عَلَى اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي ضَمِّ الْفَوَائِدِ إِذَا اخْتَلَطَتْ أَحْوَالُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاضٌّ أَوْ لَهُ لَكِنَّهُ أَقَلُّ مِنَ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ يَبِيعُ الْعَرْضَ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي الْقِيَمِ فَلَوْ أَخْرَجَ الْعَرْضَ لَكَانَ كَإِخْرَاجِ الْقِيمَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَيْضًا ش وح يُخَيّر بَين البيع واخراج الثّمن وَبَين اخراج الْعَرْضِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُرْتَبِطَةٌ بِالْعُرُوضِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ وَهِيَ الْكَائِنَةُ فِي الْحَوْلِ وَالْقِيَمُ مُتَوَهَّمَةٌ لَمْ تُوجَدْ وَمُرْتَبِطَةٌ بِالْقِيَمِ لِأَنَّهَا النِّصَابُ وَهِيَ السَّبَبُ الشَّرْعِيُّ فَخُيِّرَ لِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ نَافِع لَا يُزكي حَتَّى ينض عشرُون دِينَارًا بَعْدَ حَوْلٍ فَيُزَكِّيهَا ثُمَّ يُزَكِّي بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَلَّ وَلَا يُقَوِّمُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ بِشَرْطِ النُّضُوضِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مُدِيرٍ لَا يُقَوِّمُ بَلْ

ص: 20

مَتَّى نَضَّ لَهُ شَيْءٌ زَكَّاهُ مَا صَنَعَ إِلَّا خَيْرًا وَمَا أَعْرِفُهُ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالتَّقْوِيمُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّقْوِيمِ فَيُقَوَّمُ مَا يُبَاعُ بِالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَمَا يُبَاعُ غَالِبًا بِالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ لِأَنَّهُ قِيمَةُ الِاسْتِهْلَاكِ فَإِنْ كَانَتْ تُبَاعُ بِهِمَا وَاسْتَوَيَا بِالنِّسْبَةِ الى الزَّكَاة يُخَيّر والاضمن قَالَ الْأَصْلُ فِي الزَّكَاةِ الْفِضَّةُ قَوَّمَ بِهَا وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُمَا أَصْلَانِ فَقَالَ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُعْتَبَرُ الْأَفْضَلَ لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لَحِقَهُمْ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ يُقَوَّمُ دَيْنُهُ مَحْمُولٌ عَلَى دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ أَمَّا دَيْنُ الْقَرْضِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَيُزَكِّيَهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْقَرْضَ مَصْرُوفٌ عَنِ الْإِدَارَةِ كَعَرْضٍ ادَّخَرَهُ لِلْكُسْوَةِ أَوِ الْقِنْيَةِ وَالدَّيْنُ عَلَى الْمُعْسِرِ لَا يُحْسَبُ وَلَا يُقَوَّمُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُقَوِّمُهُ لِأَنَّهُ مُمْكِنُ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ على ملئ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ مُرْضِيَةٌ زَكَّاهُ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا عَلَى مُوسِرٍ فَلَا يُزَكِّيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَئِمَّةِ لِتَعَذُّرِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ فَأَشْبَهَ الْمُعْسِرَ وَعِنْدَ ابْن الْمَاجشون يقومه لَا مَكَان بَيْعه واذا كَانَ لَهُ مَال غَائِب لايعلم خَبره قَالَ ملك لَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَعْلَمَ خَبَرَهُ فَيُزَكِّيهِ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالسُّقُوطِ مِنَ الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْسِرِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِهِ بِخِلَافِ دَيْنِ الْمُعْسِرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُعْتَبَرُ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ عَدَدُهُ إِنْ كَانَ عينا أوالقيمة إِنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ مُؤَجَّلًا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي تَقْوِيم دينه من الطَّعَام نظرا لكَونه بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَمْ لَا

(فُرُوعٌ ثَمَانِيَةٌ)

الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُقَوِّمُ نَخْلَ التِّجَارَةِ وَقَالَهُ ابْن حبيب (ح) خلافًا (ش) دُونَ تَمْرِهَا لِأَنَّ التَّمْرَةَ زَكَاةُ الْخَرْصِ وَلِأَنَّهَا كَخَرَاجِ الدَّابَّةِ وَالْعَيْنِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَت النخيل مُثْمِرَةً وَاشْتَرَطَ ثَمَرَتَهَا وَقَدْ طَابَتْ

ص: 21

فَزَكَاتُهَا مِنَ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَطِبْ وَكَانَتْ يَوْمَ التَّقْوِيمِ لَا تَبْلُغُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ قُوِّمَتْ مَعَ الرِّقَابِ وَإِنْ بَلَغَتْ فَيُحْتَمَلُ أَلَّا تقوم لِأَنَّهَا آئلة إِلَى الزَّكَاةِ فِي عَيْنِهَا وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْبَغَ التَّقْوِيمُ وَإِنْ طَابَتْ يَوْمَ التَّقْوِيمِ وَبَلَغَتِ الزَّكَاةَ زَكَّى عَيْنَهَا وَلَا تُقَوَّمُ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُقَوِّمُ الْمُدِيرُ غَنَمَهُ وَإِنِ ابْتَاعَهَا للتِّجَارَة ولترك رِقَابِهَا كُلَّ عَامٍ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الْوَاجِبُ فِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ قِيَاسًا عَلَى الْحَمِيرِ لَنَا أنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ أَقْوَى لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ دُونَ الْقِيمَةِ وَلِأَنَّهُ يجب باجماع ويستغنى عَن النِّيَّة وتؤكد ظَوَاهِرُ النُّصُوصِ بِالْوُجُوبِ فِي الْمَاشِيَةِ فَإِنْ كَانَتْ دُونَ النِّصَابِ قَالَ مَالِكٌ يُقَوِّمُهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ لِلْقِنْيَةِ لِتَقَدُّمِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا وَإِنْ زَكَّى عَيْنَهَا ثُمَّ بَاعَهَا فَحَوْلُ ثَمَنِهَا مِنْ يَوْمِ زَكَاةِ عَيْنِهَا كَالزَّرْعِ إِذَا بَاعَهُ بَعْدَ تعشيره وَيَنْقَطِع عَن حول إدارته لِأَنَّ الْحَوْلَ شَرْطٌ وَإِنْ زَكَّى قِيمَتَهَا ثُمَّ نَتَجَتْ فَصَارَ نِصَابًا لَمْ يُزَكِّهَا السَّاعِي إِلَّا الى حول من يَوْم زَكَاة الْقيمَة لَيْلًا يُزَكَّى الْمَالُ فِي الْحَوْلِ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ نِصَابا فَلم يَتِمَّ حَوْلُهَا حَتَّى بَاعَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ تَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ وَيُزَكِّي ثمنهَا لعدم مزاحمة زَكَاة الْعين فِي الْكِتَابِ لَوْ زَكَّى النَّقْدَ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ غَنَمًا بَعْدَ أَشْهُرٍ اسْتَقْبَلَ الْحَوْلَ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهَا وَفِي الْجُلَّابِ رِوَايَةٌ فِي بِنَائِهِ عَلَى حَوْلِ الْعَيْنِ الثَّانِي قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ يَشْتَرِي مَا يصبغه ثمَّ يَبِيعهُ قوم مَعَه مَاله عَيْن مَقْصُودة كَالصَّبْغِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَقْصُودِ كَخَيْطِ الْحَرِيرِ يَخِيطُ بِهِ أَوْ يُطَرِّزُ بِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِيهِ خِلَافٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الصَّنْعَةُ دُونَ الْخَيط وكالصابون يغسل بِهِ وَلَا تُقَوَّمُ آلَاتُ صَنْعَتِهِ لِأَنَّهَا لَمْ تُتَّخَذْ لِلْبَيْعِ الثَّالِثُ قَالَ سَنَدٌ وَلَا يُقَوِّمُ كِتَابَةَ مُكَاتِبِهِ عِنْدَ ابْنِ

ص: 22

الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا فَائِدَةٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْإِدَارَةِ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ يَحْسِبُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوِ الْكِتَابَةِ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَارَ عَرْضُهُ قَوَّمَهُ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّهُ قَالَ يَبْطُلُ حُكْمُ الْإِدَارَةِ وَلَمْ يَحِدَّ لِذَلِكَ حَدًّا وَحَدَّهُ سَحْنُونٌ بِعَامَيْنِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا نَضَّ لَهُ وَسَطَ السَّنَةِ أَوْ فِي طَرَفِهَا وَلَو دِرْهَمٌ وَاحِدٌ قَوَّمَ عُرُوضَهُ لِتَمَامِهَا وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ نَضَّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ قَوَّمَ وَكَانَ حَوْلُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ وَأَلْغَى الْوَقْتَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ الْعَيْنُ فَإِذَا فُقِدَتْ سَقَطَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقَوَّمُ حَتَّى يَمْضِيَ لَهُ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ بَاعَ بِذَلِكَ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ دَخَلَ فِي حَالِ الْمُدِيرِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا لَمْ يَنِضُّ لَهُ شَيْءٌ قَوَّمَ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْعَيْنِ لِقِيَامِ الْقِيمَةِ مَقَامَهَا قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ اشهب لَا يُزكي حَتَّى حَتَّى يَنِضَّ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مَا يُكْمِلُهَا بِمَا عِنْدَهُ مِنْ عَيْنِ بَيْعٍ أَوِ اقْتِضَاءٍ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَمَّا كَانَتْ مُعْتَبَرَةً كَانَ النِّصَابُ مُعْتَبَرًا فَتَكُونُ الْقِيمَةُ تَبَعًا لَهُ وَكُلُّ هَذِهِ الْفُرُوعِ إِذَا ابْتَدَأَ التِّجَارَةَ بِالْعَيْنِ فَلَوْ وَرِثَ عَرَضَا أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ لِلْقِنْيَةِ فَأَدَارَهَا فَلَا يُزَكِّي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وان نض لَهُ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا زَكَاةٌ فِي الْحُكْرَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي الْإِدَارَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَعْزِلَ مَا يَبْتَاعُهُ مِمَّا يَنِضُّ لَهُ فَيَكُونُ إِدَارَةً دُونَ الْأَوَّلِ وَإِنَّ نَضَّ لَهُ شَيْءٌ فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً نَظَرَ إِلَى قِيمَتِهَا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الِابْتِيَاعِ فَإِنْ كَانَ نِصَابًا وَإِلَّا ضَمَّ مَا ابْتَاعَهُ ثَانِيًا إِلَيْهِ حَتَّى يَحْصُلَ النِّصَابُ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَصَلَ رُوعِيَ نُضُوضُ الْعَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ بِيعَ بِدَيْنٍ اعْتُبِرَ بَعْدَ قَبْضِهِ مَا ابْتَاعَ بِهِ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَكُونُ مُدِيرًا مِنْ يَوْمِ بَاعَ لِأَنَّهُ سَلَكَ بِالدَّيْنِ مَسْلَكَ التِّجَارَةِ وَسَوَّى فِي الْكِتَابِ بَيْنَ نَضُوضِ وَسَطَ الْحَوْلِ وَآخِرِهِ وَقَالَ عبد الْوَهَّاب لَا بُد مِنْهُ آخِرَ الْحَوْلِ لِأَنَّهُ زَمَنُ الْوُجُوبِ وَالنَّضُوضُ شَرْطٌ فِي كُلِّ عَامٍ السَّادِسُ قَالَ سَنَدٌ

ص: 23

اخْتِلَاطُ أَحْوَالِ الْمُدِيرِ كَاخْتِلَاطِ أَحْوَالِ الْفَوَائِدِ وَلَوْ أَدَارَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ تَرَكَ قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يُزكي دينه حَنى يَقْبِضَهُ وَلَا عَرْضَهُ حَتَّى يَبِيعَهُ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ بَعْدَ الْحَوْلِ السَّابِعُ قَالَ لَوْ كَانَ بَعْضُ مَاله مدارا أَو بعض غير مدَار وهما متساوينا فَلِكُل مَال حكمه وَإِلَّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَدَارَ الْأَكْثَرَ زَكَّى الْجَمِيعَ أَوِ الْأَقَلَّ زَكَّاهُ وَانْتَظَرَ بِالْآخَرِ حوله لِأَن زَكَاة الادارة أقوى من الحكر لِإِخْرَاجِهَا مِنَ الدَّيْنِ وَالْعَرْضِ وَبِأَدْنَى نُضُوضٍ بِخِلَافِ الْحُكْرَةِ فَتَكُونُ مَتْبُوعَةً لَا تَابِعَةً وَقَالَ عَبْدُ الْملك الاقل تَابعا مُطلقًا لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ فِي الشَّرْعِ وَقَالَ أَصْبَغُ بِعَدَمِ التّبعِيَّة مُطلقًا الثَّامِن قَالَ لَوْ طَرَأَ لَهُ مَالُ فَائِدَةٍ فَخَلَطَهَا بِمَالِ الْإِدَارَةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ زَكَّى كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حَوْلِهِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ بَقِيَ مِنَ الْحَوْلِ يَسِيرٌ أَلْغَى الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ الْمُقَارَضَةُ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْقَرْضِ الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ كَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ اقْتَطَعَ مَالَهُ عَنِ الْعَامِلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُخَاطب بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ مُنْفَرِدًا فِيهَا يَنُوبُهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا مُخَاطَبٌ لِكَوْنِهِمَا عَبْدَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَوْ لِقُصُورِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ عَنِ النِّصَابِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ غَيْرُهُ سَقَطَتْ عَنْهُمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُخَاطَبًا فَقَطْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَتى سَقَطت عَن احداهما سَقَطَتْ عَنِ الْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ وَرَوَى أَشْهَبُ الِاعْتِبَارُ بِرَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ يُزَكِّي مِلْكَهُ فَإِذَا خُوطِبَ وَجَبَتْ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ وَإِنْ لَمْ يكن اهلا وَفِي كتاب مُحَمَّد ابْن الْمَوَّازِ يُعْتَبَرُ حَالُ الْعَامِلِ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ أَهْلًا بِالنِّصَابِ وَغَيْرِهِ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اقْتَسَمَا قَبْلَ الْحَوْلِ يُزَكِّي رَبُّ الْمَالِ لِتَمَامِ

ص: 24

حَوْلِهِ وَلَا يُزَكِّي الْعَامِلُ إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الْقِسْمَةِ وَحُصُولِ النِّصَابِ فِي الرِّبْحِ وَلَوْ كَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ دَيْنٌ أَوْ هُوَ عَبْدٌ أَوْ عَلَى الْعَامِلِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ ربحه لم يزدْ الْعَامِلُ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ نِصَابٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقدمَات لِابْنِ الْقَاسِم فِي الْحول قَولَانِ احداهما يُعْتَبَرُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّةُ رَبِّهِ دُونَ عَمَلِ الْعَامِلِ وَالثَّانِي يُضَافُ إِلَى ذَلِكَ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ أَخَذَهُ الْعَامِلُ وَلَهُ فِي النِّصَابِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا يُشْتَرَطُ فِي نِصَابِ رَبِّ الْمَالِ بِرِبْحِهِ وَيُزَكَّيَانِ كَانَ لِلْعَامِلِ نِصَابٌ أَمْ لَا وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَجَمِيعِ الرِّبْحِ وَالثَّالِثُ يُعْتَبَرُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّةِ رَبِّهِ وَيُعْتَبَرُ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَا نِصَابَيْنِ زَكَّى الْعَامِلُ وَإِلَّا فَلَا يَجْرِي عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ بَلْ يَنْبَغِي لِمَا اشْتُرِطَ فِي التَّزْكِيَةِ إِسْلَامُهُمَا وَحُرِّيَّتُهُمَا وَبَرَاءَتُهُمَا مِنَ الدَّيْنِ ان اشْترط مُرُورُ الْحَوْلِ عَلَيْهِمَا وَمِلْكُهُمَا النِّصَابَ قَاعِدَةٌ مَتَى كَانَ الْفَرْعُ يَخْتَصُّ بِأَصْلٍ أجْرِيَ عَلَيْهِ مِنْ غير خلاف وَمَتى دَار بَين اصلين واصول يَقَعُ الْخِلَافُ فِيهِ لِتَغْلِيبِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بَعْضَ تِلْكَ الْأُصُولِ أَوْ تَغْلِيبِ غَيْرِهِ أَصْلًا آخَرَ كَمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يَجِبُ فِي قَتْلِ أُمِّ الْوَلَدِ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْأَرِقَّاءِ لِإِبَاحَةِ وَطْئِهَا والأحرار لِامْتِنَاع بيعهَا وَالتَّوْلِيَة مِنَ الْمُكَاتِبِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْأَحْرَارِ لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَبَيْنَ الرَّقِيقِ لِعَدَمِ الْوَفَاءِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرْعِ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ دَائِرٌ بَيْنَ أَنْ يكون شَرِيكا بِعَمَلِهِ وَرب المَال بِمَا لَهُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي زِيَادَةِ الرِّبْحِ وَنَقْصِهِ كَالشَّرِيكَيْنِ وَلِعَدَمِ تَعَلُّقِ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَامِلُ بِالذِّمَّةِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا لِاخْتِصَاصِ رَبِّ الْمَالِ بِغُرْمِ رَأْسِ الْمَالِ وَلِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عَلَى عَمَلٍ وَهُوَ شَأْنُ الْإِجَازَة وَمُقْتَضى الشّركَة ان يملك بالظهور وَمُقْتَضى الإجازه أَلَّا يَمْلِكَ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ فَاجْتِمَاعُ هَذِهِ الشَّوَائِبِ سَبَب الْخلاف

ص: 25

فَمَنْ غَلَّبَ الشَّرِكَةَ كَمَّلَ الشُّرُوطَ فِي حَقِّ كل وَاحِد مِنْهُمَا وَمن غلب الْإِجَازَة جَعَلَ الْمَالَ وَرَبِحَهُ لِرَبِّهِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْعَامِلُ أَصْلًا وَابْنُ الْقَاسِمِ صَعُبَ عَلَيْهِ إِطْرَاحُ أَحَدِهِمَا فَاعْتبر وَجها فَمن هَذِه ووجها مِنْ هَذا قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِسْقَاطهَا عَن الْعَامِل بالدن اسْتِحْسَانٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُمْلَكُ بِالْمُقَاسَمَةِ وَالزَّكَاةُ وَجَبَتْ قبله فَلَا يضر رقّه وَلَا دَيْنُهُ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالظُّهُورِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِنُفُوذِ عِتْقِهِ إِذَا رَبِحَ إِلَّا أَنَّهُ فِيهِ شَائِبَتَانِ وَيُلْزِمُ مَنْ يَقُول بالمقاسمة أَن لَا يُحَاسِبَ الْعَامِلَ بِالزَّكَاةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الرِّبْحَ رَقَابَةٌ عَلَى الْمَالِ وَمَصْرِفُ كُلْفَةٍ وَمِنْهَا الزَّكَاةُ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِنَّ الزَّكَاةَ بِجُمْلَتِهَا تَخْرُجُ مِنَ الرِّبْحِ لِهَذَا الْمَعْنَى فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الرِّبْحِ عَلَى الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ وَيَجُوزُ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَامِلِ وَرَبِّ الْأَصْلِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ زَكَاةِ الرِّبْحِ يَرْجِعُ الى ان الْعَامِل الرّبع مثلا لاربع عُشْرِهِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ وَاشْتِرَاطُ زَكَاةِ الْمَالِ قَدْ تَسْتَغْرِقُ نَصِيبَهُ مِنَ الرِّبْحِ فَهُوَ زِيَادَةُ غَرَرٍ فِي الْقِرَاضِ فَلَا يَجُوزُ وَأَمَّا الْمُسَاقَاةُ فَالْمُزَكَّى هُوَ الثَّمَرَةُ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ حِصَّةِ الْعَامِل على رب المَال لاحْتِمَال ان لَا يَخْرُجَ رِبْحُهُ فَلَا يَتَوَجَّهُ وَرُوِيَ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاط زَكَاة الرِّبْح على وَاحِد مهما وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَفَاصَلَا قَبْلَ حَوْلٍ أَوْ كَانَ الْمَالُ لَا زَكَاةَ فِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ رُبُعُ عُشْرِ الرِّبْحِ مَعَ حِصَّتِهِ كَمَا لَو اشْترط لأَجْنَبِيّ نِصْفَ الرِّبْحِ فَأَبَى مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لِمُشْتَرِطِهِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ رَبِحَ فِي الْمَالِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا وَتَعَامَلَا عَلَى النِّصْفِ وَالزَّكَاةُ عَلَى الْعَامِلِ فَلِرَبِّ الْمَالِ دِينَارٌ مِنَ الْأَرْبَعِينَ ثُمَّ نَصِفُ الْبَاقِي

ص: 26

فَيَحْصُلُ لَهُ عِشْرُونَ وَنِصْفٌ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ عِشْرُونَ وَلِلْعَامِلِ تِسْعَةَ عَشَرَ وَيَقْتَسِمَانِ الدِّينَارَ فَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ عِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ مَبْنِيٌ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ يَمْلُكُ بِالظُّهُورِ وَأنَّ الدِّينَارَ عَلَى مِلْكَيْهِمَا نَشَأَ وَالْأَوَّلُ عَلَى مِلْكِهِ بِالْمُقَاسَمَةِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ لَا يُزَكِّي الْعَامِلُ وَإِنْ أَقَامَ أَحْوَالًا حَتَّى يَقْتَسِمَا قَالَ سَنَدٌ وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْعَامِلُ مُسَافِرًا لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَدْرِي مَا حَالُ مَالِهِ وَالْعَامِلُ كَالْأَجِيرِ فَإِنْ تَمَّ حَوْلُهُ قَبْلَ سَفَرِ الْعَامِلِ وَهُوَ عَيْنٌ لَمْ يَشْغَلْهُ قَالَ سَحْنُونٌ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ وَإِنْ أَشْغَلَ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ وَهُوَ مُدِيرٌ قَوَّمَ لِتَمَامِ حَوْلِهِ عَلَى سَنَةِ الْإِدَارَةِ وَإِنْ كَانَ محتكرا وَرب المَال مديرا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَوِّمُهُ مَعَ حِصَّةِ رِبْحِهِ دُونَ حِصَّةِ الْعَامِلِ لِأَنَّ الْمَالَ نَفْسُهُ لَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ إِلَّا بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَحِصَّةُ الْعَامِلِ إِنَّمَا تَجِبُ فِيهَا تَبَعًا لِلْوُجُوبِ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ غَائِبًا وَأَمَرَهُ بِالتَّزْكِيَةِ زَكَّاهُ وَحُسِبَتِ الزَّكَاةُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إِلَّا بِالْمُقَاسَمَةِ أَمَّا إِذَا قُلْنَا بِالظُّهُورِ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَأَخذه السُّلْطَان قَالَ اشهب يُجزئهُ ويحتسب مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْخِلَافِ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي مَنْعِ الْعَامِلِ مِنْ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَيُخْتَلَفُ فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ عَلَى الْخِلَافِ فِي زَمَنِ مِلْكِهِ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ يُزَكِّي لِسَائِرِ الْأَعْوَامِ لِأَنَّ الْمَالَ يُنَمَّى وَقَالَ مَرَّةً لِعَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ رَدِّ الْعَامِلِ فَأَشْبَهَ الدَّيْنَ وَلَوِ اقْتَسَمَا وَرَبُّ الْمَالِ مُدِيرٌ وَالْعَامِلُ غَيْرُ مُدِيرٍ لَمْ تَكُنْ عَلَى الْعَامِلِ زَكَاةُ حِصَّتِهِ إِلَّا لعام وَاحِد وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اتَّفَقَا فِي الْإِدَارَةِ فَفِي تَقْوِيمِهِ عِنْد الْحول خلاف وَفِي اخراجه الزَّكَاةَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ مِنَ الْمَالِ أَوْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ خِلَافٌ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِرَبِّ المَال فِي الادارة اشار ابْن مُحرز الى إجزائه عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ لَهُ مَالَانِ مَدَارٌ وَغَيْرُ مَدَارٍ وَإِذَا قُلْنَا يُزَكِّي لِعَامٍ وَاحِدٍ فَالْمُعْتَبَرُ حَالَة الِانْفِصَال إِنِ اسْتَوَى مِقْدَارُهُ فِي جَمِيعِ السِّنِينَ أَوْ كَانَ الْمَاضِي اكثر فان كَانَ أنْقصَ زَكَّى فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا كَانَ فِيهَا فَإِنِ اخْتَلَفَ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ زَكَّى النَّاقِصَةَ وَمَا قَبَلَهَا عَلَى حُكْمِهَا

ص: 27

وَزَكَّى الزَّائِدَةَ عَلَى حُكْمِهَا وَالنَّاقِصَةَ قَبْلَهَا عَلَى حكمهَا مثل ان يكون فِي الأول مِائَتَيْنِ وَفِي الثَّانِي مِائَةٌ وَفِي الثَّالِثِ ثَلَاثُمِائَةٍ فَيُزَكِّي عَن مِائَتَيْنِ فِي العامين الْأَوَّلين وَعَن ثَلَاث مائَة فِي الْعَامِ الثَّالِثِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هَذَا كُلُّهُ فِي الْعَيْنِ وَيُزَكِّي الْعَامِلُ قَبْلَ رُجُوعِهِ الْمَاشِيَةَ وَالثِّمَارَ وَالزَّرْعَ وَزَكَاةَ فِطْرِ الرَّقِيقِ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ تُحْسَبُ زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الْكِتَابِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ فِي غَيْرِهِ يُلْغَى كَالنَّفَقَةِ وَالثَّالِثُ يَجْرِي فِيهِ إِنْ رَبِحَتْ كَانَ عَلَى الْعَامِلِ بِقَدْرِ رِبْحِهِ وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَالثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالرَّابِعُ مَا فِي الْكِتَابِ يُخْرِجُهُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ وَلَمْ يخْتَلف الْمَذْهَب فِي نض زَكَاةِ الْعَيْنِ عَلَى الْمَالِ وَالرِّبْحِ فَإِنْ بِيعَتِ الْغَنَمُ بِرِبْحٍ فَضَّتْ عَلَيْهِ وَعَلَى رَأْسِ الْمَالِ كَالنَّفَقَةِ أَوْ بِغَيْرِ رِبْحٍ وَأَيُّمَا حَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَحَطَّ قَدْرَهَا من رَأس المَال وَلَا يلغى لَيْلًا يَكُونَ عَلَى الْعَامِلِ وَحْدَهُ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ وَالرَّقِيقُ يُرَاعَى الرِّبْحُ فِي أَثْمَانِهِمْ بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ مَعَهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ يُسْقِطُ رَبُّ الْمَالِ قِيمَةَ الشَّاةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ مَا بَقِيَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا مِنْ مَالِهِ دُونَ مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ قِرَاضٍ بَعْدَ الشُّغْلِ فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ ذَلِكَ حَتَّى نَضَّ الْمَالُ كَانَ لِلْعَامِلِ فِي مِقْدَارِ قِيمَةِ الشَّاةِ مَا يَنُوبُهُ فِي رِبْحِ الْقِرَاضِ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنَ النَّقْدَيْنِ مَا يَكُونُ ديونا فِي الذِّمَّة فان صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مِنْ فَائِدَةٍ وَمن غصب وَمن قرض وَمن تِجَارَة وَالْأول أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ الْمِيرَاثُ وَالْهِبَةُ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ وَمَهْرُ الْمَرْأَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَإِنْ تَرَكَ قَبْضَهُ فِرَارًا إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ بَعْدَ قَبْضِهِ وَالثَّانِي مِنْ عَرْضٍ أَفَادَهُ فَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ بَاعَهُ مُؤَجَّلًا فَقَبَضَهُ بَعْدَ حَوْلٍ زَكَّاهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ أَخَّرَهُ فِرَارًا يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلَيْنِ تَزْكِيَتُهُ لِمَاضِي السِّنِينَ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ

ص: 28

حَوْلًا بَعْدَ الْقَبْضِ وَالثَّالِثُ عَنِ الْعَرْضِ الْمُشْتَرَى لِلْقِنْيَةِ بِنَاضٍّ كَانَ عِنْدَهُ إِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَقَبْضَهُ بَعْدَ حَوْلٍ زَكَّاهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ تَرَكَ قَبْضَهُ فِرَارًا زَكَّى لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَالرَّابِعُ دَيْنُ الْإِجَارَةِ إِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ كَانَ كالقسم الثَّانِي أَو قبل الِاسْتِيفَاء وَهُوَ مَثَلًا سِتُّونَ دِينَارًا عَنْ ثَلَاثِ سِنِينَ ثَلَاثَة أَقْوَالٍ أَحَدُهَا الَّذِي يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ هِبَةِ الدَّيْنِ أَنْ يُزَكِّيَ بَعْدَ حَوْلٍ عِشْرِينَ وَالثَّانِي يُزَكِّي تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَالثَّالِثُ لَا يُزَكِّي إِلَّا عِشْرِينَ بَعْدَ عَامَيْنِ لِأَنَّهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مَلِكَ أَرْبَعِينَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ دِينَارًا قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ دَارًا وَيُحْتَمَلُ سُقُوطُهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَمْ تَبْلُغْ إِلَى حَدِّ الْغَرَرِ الْمَانِعِ مِنَ الْإِجَارَةِ وَلَوْ شَهِدَتِ الْعَادَةُ بِبَقَائِهَا أَكْثَرَ مِنَ الْعَقْدِ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي حَالٍ لَا فِي حُكْمٍ بِأَنْ يَكُونَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي دَارٍ تُخْشَى وَقَوْلُ سَحْنُونٍ حَيْثُ لَا تُخْشَى وَأَمَّا الْغَصْبُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ يُزَكِّيهِ زَكَاةً وَاحِدَةً كَالْقَرْضِ وَالثَّانِي يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا كَالْفَائِدَةِ وَقِيلَ لِسَائِرِ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ وَأَمَّا الْقَرْضُ فَلِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ الْقَبْضِ لِحُصُولِهِ عِنْدَهُ فِي طَرَفَيِ الْحَوَلِ وَقِيَاسًا عَلَى عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ إِلَّا فِي مُعَيَّنٍ وَالدَّيْنُ فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَلَا يَجِبُ وَقَالَ (ح) إِنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ زَكَّاهُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِكُلِّ عَامٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ (ش) إِنْ كَانَ مُعْتَرِفًا ظَاهِرًا وَبَاطنا باذلاله زَكاه لِكُلِّ عَامٍ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْمُودِعِ وَإِنِ اعْتَرَفَ بَاطِنًا فَقَطْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْجَاحِدُ مُطْلَقًا لَهُمْ فِيهِ قَوْلَانِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْمُؤَجَّلِ وَالضَّائِعِ وَدَيْنِ التِّجَارَةِ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ فِي حُكْمِ الْإِدَارَةِ وَالْحُكْرَةِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ مَنْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِهِ فَأَقْرَضَهُ قَبْلَ زَكَاتِهِ ثمَّ قَبضه بعد سِنِين زَكَّاهُ لعامين وَمَنْ لَهُ دَيْنٌ مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ فَلَا يُزَكِّيه

ص: 29

حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ نِصَابًا ثُمَّ يُزَكِّي بَعْدَ ذَلِكَ قَلِيلَ مَا يَقْتَضِيهِ وَكَثِيرَهُ أَنْفَقَ الَّذِي زكى أَو أبقى لِأَنَّهُ اذا قبض دون النّصاب لَعَلَّه لَا يَقْبِضُ غَيْرَهُ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَدِينَ بِصَدَدِ الْإِفْلَاسِ وَالْإِعْسَارِ وَيَكُونُ الْمَقْبُوضُ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَعًا كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ إِذَا بَاعَ مِنْهَا بِنِصَابٍ زَكَّاهُ وَيُزَكِّي بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ تَبَعًا وَلَوْ كَانَ مَعَهُ نِصَابٌ لَمْ يُتِمَّ حَوْلَهُ فَاقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ لَمْ يُزَكِّهِمَا حَتَّى يَتِمَّ حَوْلُ الْأَوَّلِ فَيُزَكِّيهِمَا لِأَنَّ الْحَوْلَ فِي الْأَوَّلِ شَرْطٌ وَالنِّصَابُ فِي الثَّانِي شَرْطٌ وَلَمْ يُوجَدَا قَبْلُ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ تَلِفَ مَا اقْتَضَاهُ قَبْلَ حَوْلِ الْأَوَّلِ زَكَّى الْأَوَّلَ إِذَا تَمَّ حَوْلُهُ دُونَ التَّالِفِ أَوِ الْمُنْفِقِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي الْوُجُوبِ بِخِلَافِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْأَوَّلُ وَاقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ عَشْرَةً بَعْدَ حَوْلِهِ فَأَنْفَقَهَا ثُمَّ اقْتَضَى عَشْرَةً أُخْرَى فَإِنَّهُ يُزَكِّي الأولى وَالْآخِرَة عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْنَ مَالٌ وَاحِدٌ تَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ بِالْحَوْلِ فَهُوَ كَالتَّمْرِ إِذَا أَزْهَى بِحَسَبِ مَا أَكَلَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقِيلَ لَا يُزَكِّي الْمُنْفَقَةَ لِأَنَّهُ أَنْفَقَهَا قَبْلَ الْوُجُوبِ كَمَا لَوْ أَنْفَقَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا قَبَضَ عَشْرَةً ثُمَّ عشرَة فَالْمَشْهُور حول الْجَمِيع من قبل الثَّانِيَة والشاذ من الأول وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ الْخِلَافُ فِي ضَيَاعِ الْأَوْلَى أَوْ إِنْفَاقِهَا وَالْإِنْفَاقُ أَوْلَى بِالْوُجُوبِ لِكَوْنِهِ مُخْتَارًا كَالْقَرْضِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ قبل الْقَبْض وانما التَّوَقُّف الْإِخْرَاجُ وَلَا يَجِبُ إِلَّا بِالْقَبْضِ وَفِي الْكِتَابِ لَوْ زَكَّى الْأُولَى بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ قَبْضِ الدّين زكى مَا يقبضهُ من قَلِيل أوكثير تَلِفَ الْأَوَّلُ أَوْ بَقِيَ لِتَمَامِ الْحَوْلِ لَهُمَا وَهُمَا كَالْمَالِ الْوَاحِدِ فِي النِّصَابِ وَالْحَوْلِ فَهُوَ كَمَنِ اقْتَضَى نِصَابًا مِنْ دَيْنِهِ فَزَكَّاهُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَقْتَضِيهِ مِنْ قَلِيلٍ وَكثير بِخِلَافِ مَا اقْتَضَاهُ قَبْلَ حَوْلِ الْأَوَّلِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي كَمَالِ الْحَوْلِ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَوْ تَلِفَ الْأَوَّلُ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يُزَكِّ مَا يَقْبِضُ حَتَّى يَبْلُغَ نِصَابًا لِحُصُولِ التَّبَايُنِ وَكَذَلِكَ قَالَ لَوْ أَفَادَ مِائَةً فَأَقْرَضَ مِنْهَا خَمْسِينَ أَوِ ابْتَاعَ بِهَا سِلْعَةً فَبَاعَهَا مُؤَجَّلَةً وَبقيت بقيتها حَوْلًا فَزَكَّاهَا ثُمَّ أَنْفَقَهَا أَوْ أَبْقَاهَا فَلْيُزَكِّ قَلِيلَ مَا يَقْتَضِي وَكَثِيرَهُ وَلَوْ تَلِفَتِ النَّفَقَةُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ أَنْفَقَهَا فَلَا

ص: 30

شَيْءَ فِيمَا يُقْتَضَى حَتَّى يَكُونَ نِصَابًا أَوْ عِنْدَهُ مَا يُكْمِلُهُ بِهِ وَقَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَلَمْ يُزَكِّهِ وَلَوْ زَكَّاهُ لَمْ يَضُمَّ وَزَكَّى مَا اقْتَضَى وَإِنْ كَانَ دُونَ دُونِ النِّصَابِ وَلَوْ بَقِيَ مِنَ الْأَوَّلِ دُونَ النِّصَابِ فَأَنْفَقَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ أَبْقَاهُ فَإِذَا اقْتَضَى تَمَامَ النِّصَابِ زَكَّاهُ ثُمَّ يُزَكِّي قَلِيلَ مَا يَقْتَضِي وَكَثِيرَهُ وَلَوْ أَنْفَقَهُ وَاقْتَضَى شَيْئًا مِنْ دَيْنِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يُضِفْهُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَا يُزكي حَتَّى يَقْتَضِي نِصَابا لافتراقهما بِسَبَب الْحَوَلِ فَلَا يُعْتَبَرُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ تَفْرِيعٌ قَالَ سَنَدٌ فَلَوِ اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ دِينَارًا بعد الْحول لَيْسَ لَهُ غير فَاتَّجَرَ فِيهِ فَبَلَغَ نِصَابًا زَكَّاهُ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي ضَمِّ الرِّبْحِ إِلَى الْأَصْلِ ثُمَّ يُزَكِّي مَا يَقْتَضِي وَإِنْ قَلَّ وَلَوِ اقْتَضَى مِنْ دينه قبل بُلُوغ الأول نِصَابا والجميع نِصَابًا زَكَّاهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً فَلَا يَضُمُّهُ لِلثَّانِي حَتَّى يَنِضَّ ثَمَنُهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْمَالِ غَيْرُ الدَّيْنِ فَاقْتَضَى مِنْهُ دِينَارًا ثُمَّ آخَرَ فَاشْتَرَى بِالْأَوَّلِ ثُمَّ بِالثَّانِي فَبَاعَ سِلْعَةَ الْأَوَّلِ بِعشْرين وَالثَّانيَِة كَذَلِك زكى عَن اُحْدُ وَعِشْرِينَ إِنْ كَانَ شَرَاهُ بِالثَّانِي بَعْدَ بَيْعِ سلْعَة الأول حَتَّى يَجْتَمِعَانِ وَإِنْ كَانَ قَبْلُ زَكَّى الْأَرْبَعِينَ لِحُصُولِ سَبَبِ الرِّبْحِ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَلَوِ اشْتَرَى بِالثَّانِيَةِ ثُمَّ بِالْأَوَّلِ قَبْلَ الْبَيْعِ زَكَّى الْأَرْبَعِينَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ إِذَا أكمل النِّصَابَ بِالثَّانِي بَقِيَ الْأَوَّلُ عَلَى حَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ يَنْبَغِي أَلَّا يُزَكِّيَ إِلَّا احدا وَعشْرين لِأَن الْغَيْب كشف أَنه شراه بِالْأَوَّلِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ شِرَاؤُهُ بِالْأَوَّلِ بَعْدَ بَيْعِهِ لَمَّا اشْتَرَاهُ بِالثَّانِي زكى عَن اُحْدُ وَعِشْرِينَ قَالَ مَالِكٌ وَحَوْلُ مَا يَقْتَضِيهِ بَعْدَ النِّصَابِ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُهُ لِأَنَّهُ يَوْمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَلَوْ كَثُرَ مَا يَقْتَضِيهِ وَصَعُبَ ضَبْطُهُ قَالَ مَالِكٌ يُضِيفُ مَا شَاءَ مِنْهُ لِمَا قَبْلَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا بَاعَ عَرْضَهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْء وَيضم الْفَوَائِدَ إِذَا اخْتَلَطَتْ إِلَى أَوَاخِرِهَا لِتَبَايُنِ أَحْوَالِهَا وَلَا زَكَاةَ قَبْلَ الْحَوْلِ وَرُوِيَ عَنْهُ التَّسْوِيَةُ لِأَنَّهُ الْأَصْلَحُ لِلْفُقَرَاءِ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَا يُجَزِئُهُ التَّطَوُّعُ بِزَكَاةِ الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا

ص: 31

الْعَرَضُ قَبْلَ بَيْعِهِ لِعَدَمِ شَرْطِ الْوُجُوبِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَشْهَبُ بِالْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ ثَبَتَ وَإِنَّمَا بَقِيَ التَّمَكُّنُ وَقَدْ تَمَكَّنَ وَقَالَ مَرَّةً يُجَزِّئُهُ فِي الدَّيْنِ دُونَ الْعَرْضِ فَإِنَّ الزَّكَاة فِي ثمن الْعرض وَهُوَ مُخْتَلف بِالْأَسْوَاقِ فَلَا يَسْتَقِرُّ فِيهِ وُجُوبٌ حَتَّى يُبَاعَ وَالدَّيْنُ مُتَعَيِّنٌ الثَّالِثُ قَالَ سَنَدٌ مَنْ أَوْدَعَ مَالًا فَأَسْلَفَهُ الْمُودَعَ ثُمَّ طَلَبَهُ رَبُّهُ بَعْدَ سِنِين فَأَحَالَهُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ زَكَّاهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُمْكِنُ أَنْ يُزَكِّيَ نِصَابًا ثَلَاثَةً فِي حَوْلٍ بِأَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ دَيْنٌ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ لِثَالِثٍ وَالْمِدْيَانَانِ مَلِيَّانِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَرْضٌ يَفِي بِمَا عَلَيْهِ فَأَحَالَ الْوَسَطَ مُطَالِبَهُ عَلَى مِدْيَانِهِ فَقَبَضَهُ بَعْدَ حَوْلٍ فَالزَّكَاةُ عَلَى الطَّرَفَيْنِ وَيُخْتَلَفُ فِي الْوَسَطِ

‌النَّظَرُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ

وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الْحَوْلُ وَيُسَمَّى حَوْلًا لِأَنَّ الْأَحْوَالَ تَحُولُ فِيهِ كَمَا يُسَمَّى سَنَةً لِتَسَنُّهِ الْأَشْيَاءُ فِيهِ وَالتَّسَنُّهُ التَّغَيُّرُ وَسُمِّيَ عَامًا لِأَنَّ الشَّمْسَ عَامَتْ فِيهِ حَتَّى قَطَعَتْ جُمْلَةَ الْفَلَكِ وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يس: 36) وَأَصْلُ شَرْطِيَّتِهِ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول وشرطية مُخْتَصَّةٌ بِالنَّقْدِ وَالْمَاشِيَةِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (الْأَنْعَام: 6) وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّرْعَ حَصَلَ نَمَاؤُهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا يَحْصُلُ فِيهِمَا بِمُجَرَّدِ حُصُولِهِمَا فِي الْمِلْكِ وَيُسْتَثْنَى مِنَ النَّقْدَيْنِ الْمَعْدِنُ وَالرِّكَازُ لِعِلَلٍ تَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ بَحْثَانِ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْبَاحِ وَهُوَ كُلُّ عُسْرٍ زَكَاتُهُ تَقَدَّمَ فِي الْأَصْلِ زَكَوِيٌّ فِي الْأَوَّلِ احْتِرَازًا مِنْ لَبَنِ الْمَاشِيَةِ الثَّالِث احْتِرَازًا من عِلّة المفتنات وَفِيه فروع

ص: 32

خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ حَوْلَ رِبْحِ الْمَالِ حَوْلَ أَصْلِهِ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا أَمْ لَا وَوَافَقَ (ح) إِنْ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا وَمَنَعَ (ش) مُطْلَقًا لَنَا قَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه لِلسَّاعِي عَلَيْهِمْ السَّخْلَةُ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي لَا تَأْخُذُهَا وَالرِّبْحُ كَالسِّخَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُقَدِّرُ الرِّبْحَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَوْجُودًا يَوْمَ الشِّرَاءِ بِالْمَالِ حَتَّى يُضَافَ إِلَيْهِ مَا فِي يَدِهِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَوْمَ حُصُولِهِ وَعِنْدَ الْمُغِيرَةِ يَوْمَ مَلِكَ أَصْلَ الْمَالِ وَعَلَيْهِ تَتَخَرَّجُ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ إِذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى عَشْرَةٍ فَأَنْفَقَ مِنْهَا خَمْسَةً وَاشْتَرَى بِخَمْسَةٍ سِلْعَةً فَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَجِبُ الزَّكَاةُ إِنْ تَقَدَّمَ الشِّرَاءُ عَلَى الْإِنْفَاقِ وَإِلَّا فَلَا وَأَسْقَطَهَا أَشْهَبُ مُطْلَقًا وَأَوْجَبَهَا الْمُغِيرَةُ مُطْلَقًا قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا قُلْنَا يُزَكِّي الْجَمِيعَ عَلَى قَوْلِ الْمُغِيرَةِ فَلَوْ أَسْلَفَ خَمْسَةً بَعْدَ الْحَوْلِ وَاشْتَرَى بِالْبَاقِي سِلْعَةً وَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِيَنْتَظِرَ قَبْضَ السَّلَفِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لِتَكْمِيلِهِ النِّصَابَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَنْتَظِرُ لِأَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهَا زَكَّى فَكَيْفَ ينْتَظر فعلى قَوْلهَا لَوْ أَنْفَقَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اقْتَضَى قَاعِدَةٌ مَتَى يُثْبِتُ الشَّرْعُ حُكْمَا حَالَةِ عَدَمِ سَبَبِهِ أَوْ شَرْطِهِ فَإِنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُهُمَا مَعَهُ فَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ إِثْبَاتِهِ وَإِلَّا عُدَّ مُسْتَثْنَى عَنْ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ كَمَا أَثْبَتَ الشَّرْعُ الْمِيرَاثَ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ وَهُوَ مَشْرُوطٌ بِتَقَدُّمِ مِلْكَ الْمَوْرُوثِ قَرَّرَ الْعُلَمَاءُ الْمَلِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ لِيَصِحَّ التَّوْرِيثُ وَلِمَا صَحَّحْنَا عِتْقَ الْإِنْسَانِ عَبْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَأَثْبَتْنَا الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ احْتَجْنَا لِتَقْدِيرِ تَقَدُّمٍ مِثْلَ مِلْكِهِ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْإِجْزَاءِ عَنِ الْكَفَّارة وَثُبُوتِ الْوَلَاءِ وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ فَيُعَبِّرُ الْعُلَمَاءُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بِإِعْطَاءِ الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ وَالْمَوْجُود حكم الْمَعْدُوم وَهَا هُنَا لِمَا أَلْحَقَ الشَّرْعُ السِّخَالَ وَالْفَوَائِدَ بِالْأُصُولِ مَعَ اشْتِرَاطِ الْحَوَلِ وَلَا حَوْلَ حَالَةَ وُجُودِهَا احْتَجْنَا لِتَقْدِيرِهَا فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ مُحَافَظَةً عَلَى الشُّرُوطِ وَلَمَّا كَانَ الشِّرَاءُ سَبَبَ الرِّبْحِ قَدَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمُلَازَمَةِ الْمُسَبِّبِ سَبَبَهُ وَعِنْدَ

ص: 33

اشهب يَوْم الْحُصُول لَيْلًا يَجْمَعَ بَيْنَ التَّقْدِيرَيْنِ وَالتَّقْدِيرُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالْمُغِيرَةُ يُلَاحِظُ سَبَبِيَّةَ الْأَصْلِ فَيُقَدَّرُ عِنْدَهُ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ اسْتِقْلَالُ الرِّبْحِ بِحَوْلِهِ وَهَذَا إِذَا تَقَدَّمَ مِلْكُ أَصْلِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَمَّا لَوِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَةٍ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ فَبَاعَهَا بِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ بَعْدَ الْحَوْلِ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ يَسْتَقْبِلُ بِالرِّبْحِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ مِلْكٍ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ يُزَكِّيهِ الْآنَ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُسْتَنِدٌ إِلَى دَنَانِيرَ فِي الذِّمَّةِ وَالْمُعَيَّنَةُ مِلْكُهُ إِجْمَاعًا الثَّانِي قَالَ لَوِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ فَبَاعَ السِّلْعَةَ بِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يُزَكِّي الرِّبْحَ عَلَى الْمِائَةِ الَّتِي بِيَدِهِ إِذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالَّتِي بِيَدِهِ لَوْ طَالَبَهُ الْبَائِعُ نَقْدَهَا فَكَانَتْ أَصْلًا كَمَا لَوْ نَقَدَهَا وَرَوَى أَشْهَبُ يَأْتَنِفُ حَوْلًا بِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمِائَةِ الْقَضَاءِ وَلَوْ شَاءَ بَاعَ السِّلْعَةَ وَقَضَى مِنْ ثَمَنِهَا وَإِذَا قُلْنَا لَا فَرَوَى أَشْهَبُ يَبْتَدِئُ الْحَوْلَ مِنْ يَوْمِ النُّضُوضِ الثَّالِثُ قَالَ لَوْ تَسَلَّفَ مِائَةَ دِينَارٍ فَرَبِحَ فِيهَا بَعْدَ الْحَوْلِ عِشْرِينَ فَفِي تَزْكِيَةِ الْعِشْرِينَ خِلَافٌ وَلَوْ تَسَلَّفَ فَاتَّجَرَ فِيهِ حَوْلًا رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤَدِّي مَا تَسَلَّفَ وَيُزَكِّي الرِّبْحَ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ الرَّابِع فِي الْكتاب من بَاعَ عشر دَنَانِيرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ بَعْدَ الْحَوَلِ أَوْ ثَلَاثِينَ ضأنية قبل مجي السَّاعِي بَعْدَ الْحَوْلِ بِأَرْبَعِينَ مِعْزًى غَيْرَ حَلُوبٍ أَوْ عِشْرِينَ جَامُوسَةً بِثَلَاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ أَوْ أَرْبَعَةً مِنَ الْبُخْتِ بِخَمْسِينَ مِنَ الْعِرَابِ زَكَّى وَقَالَ (ش) لَوِ اسْتَبْدَلَ ذَهَبًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةً بِفِضَّةٍ اسْتَأْنَفَ الْحَوَلَ لِاشْتِرَاطِ الْحَوَلِ فِي كُلِّ عَيْنٍ وَلِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا فِي الْبَيْعِ لَنَا أَنَّ الْغَرَضَ مُتَّحِدٌ وَالْوَاجِبُ فِيهَا وَاحِدٌ فَيَكُونُ الْبَدَلُ كَرِبْحِ الْأُصُولِ حَوْلُهَا وَاحِدٌ وَأَمَّا الْبَيْعُ فَبَابُ مُكَايَسَةٍ وَهَذَا بَابٌ مَعْرُوفٌ قَالَ سَنَدٌ وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي ضَمِّ الْأَرْبَاعِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى بِالْعِشْرِينَ سِلْعَةً بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ فَبَاعَهَا بَعْدَ حَوْلٍ بِأَرْبَعِينَ زَكَّى لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ عِشْرِينَ وَلِلثَّانِي تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفَ دِينَارٍ يُزَكِّي الْأَرْبَعِينَ وَإِنْ بَاعَ قَبْلَ حَوْلٍ زَكَّى الْعِشْرِينَ فَقَطْ حَتَّى يُكْمِلَ الْحَوْلَ يُزَكِّي قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا أَلْحَقْنَا الرِّبْحَ بِالْفَائِدَةِ زَكَّى فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ عِشْرِينَ فَيَجِبُ دِينَارٌ لِلْحَوْلَيْنِ وَيُزَكِّي الرِّبْحَ فِي الْحَوْلِ الثَّالِثِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ

ص: 34

فَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ دَيْنُ الزَّكَاةِ فِي الْعَرُوضِ بَلْ فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَلَا يَحْتَسِبُهُ فِي غَيْرِهِ مَعَ وحول لَهُ لِتُعَلُّقِهَا بِهِ كَتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ بِالْجَانِي مِنَ الرَّقِيقِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الْفَوَائِدِ وَهِيَ الْأَمْوَالُ الْمُتَجَدِّدَةُ عَنْ غَيْرِ أَصْلِ سَاقٍ مُزَكَّى فَالْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنَ الْأَرْبَاحِ وَالثَّانِي احْتِرَازٌ من حَالَة المقتناة فِيهِ فُرُوعٌ أَحَدَ عَشَرَ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَفَادَ دُونَ النِّصَابِ ثُمَّ أَفَادَ قَبْلَ حَوْلِهِ نِصَابًا أَوْ مَا يَكُونُ مَعَ الْأَوَّلِ نِصَابًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِرِبْحِهِ فَالْحَوَلُ مِنْ يَوْمِ إِفَادَةِ الثَّانِي لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْحَوَلِ فَرْعُ مِلْكِ النِّصَابِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ نِصَابًا وَالثَّانِي كَذَلِكَ أَوْ دُونَهُ فَكُلُّ مَالٍ يُزَكَّى عَلَى حَوْلِهِ مَا دَامَ فِي جُمْلَتهَا نِصَابٌ فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ كَانَتْ كَفَائِدَةٍ لَا زَكَاةَ فِيهَا فَإِنْ أَفَادَ مَا يُتِمُّهَا نِصَابًا اسْتَقْبَلَ الْحَوْلَ مِنْ يَوْمِ الثَّالِثِ وَقَالَ (ح) يُضَمُّ الثَّانِي إِلَى الْأَوَّلِ إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ نِصَابًا لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه كَانَ يَأْخُذُ مِنْ أُعْطِيَّاتِ النَّاسِ الزَّكَاةَ مَعَ أَمْوَالِهِمْ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَرْبَاحِ وَنَسْلِ الْمَاشِيَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْمُعَارَضَةُ بِعَمَلِ الْخُلَفَاءِ قَبْلَهُ وَبِأَدِلَّةِ اعْتِبَارِ الْحَوْلِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ أَنَّ الْأَرْبَاحَ وَالنَّسْلَ فَرْعَانِ عَنْ أَصْلٍ فَأُعْطِيَا حُكْمَهُ فِي الْحَوْلِ بِخِلَافِ الْفَوَائِدِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَفَادَ فَائِدَتَيْنِ مَجْمُوعُهُمَا نِصَابٌ ضَمَّ الْأُولَى إِلَى الثَّانِيَةِ وَقِيلَ يُزَكِّيهِمَا لِحَوْلِ الثَّانِيَةِ أَوَّلَ عَامٍ ثُمَّ يُبْقِي كُلَّ فَائِدَةٍ عَلَى حَوْلِهَا وَلَوْ كَانَتِ الْأُولَى نِصَابًا لَا يَضُمُّهَا لِلثَّانِيَةِ لِنُقْصَانِ جُزْءِ الزَّكَاةِ بَلْ تَبْقَى عَلَى حَوْلِهَا وَقِيلَ يَضُمُّهَا وَلَوْ أَفَادَ عَشْرَةً ثُمَّ عَشْرَةً فَأَنْفَقَ الْأُولَى أَوْ ضَاعَتْ لَمْ يُزَكِّ الثَّانِيَةَ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ النِّصَابِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَيَضُمُّ مَا دُونَ النِّصَابِ مِنَ الْمَاشِيَةِ إِلَى الْأَوْلَى إِذَا كَانَتْ نِصَابًا بِخِلَافِ الْعَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَيْنَ مُوكَلَةٌ

ص: 35

الى أَمَانَة عين أَرْبَابِهَا فَيُرَتِّبُونَهَا عَلَى أَحْوَالِهَا وَالْمَوَاشِي لِلسُّعَاةِ فَيَعْسُرُ عَلَيْهِمُ الْخُرُوجُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَقِيلَ لِأَنَّ أوقاص الْعين مزكاة بِخِلَاف الْمَاشِيَة فالمضموم لَا عِبْرَةَ بِهِ فِي الْمَاشِيَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الصُّوَرِ قَالَ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْفَرْقِ مَنْ لَا سُعَاةَ لَهُمْ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بعض الْقرَوِيين كمن لَيْسَ لَهُمْ سُعَاةٌ يَضُمُّونَ الثَّانِيَةَ إِلَى الْأُولَى لاحْتِمَال تَوْلِيَة السَّعَادَة عَلَيْهِم الثَّانِي وَفِي الْكِتَابِ وَلَوْ رَجَعَتْ بَقِيَّةُ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا نِصَابا بالمتجر رَجَعَ كُلُّ مَالٍ إِلَى حَوْلِهِ قَالَ سَنَدٌ مَعْنَاهُ أَنْ يَتَّجِرَ بَعْدَ حَوْلِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ حَوْلِ الثَّانِي يُزَكِّي الْأَوَّلَ وَرَبِحَهُ حِينَئِذٍ وَانْتَقَلَ حَوْلُهُ لذَلِك الْوَقْت فان كَانَ تحري فِي الثَّانِي زكى الأول واذا جَاءَ حَوْلُ الْأَوَّلِ وَمَعَهُ مِنْهُمَا نِصَابٌ زَكَّى الثَّانِي وَرِبْحَهُ وَلَوْ خَلَطَهُمَا عِنْدَ حَوْلِ الْأَوَّلِ فَعَادَا نِصَابًا قَبْلَ حَوْلِ الثَّانِي فَضَّ الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ وَزَكَّى الْأَوَّلَ وَحِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ وَلَوْ زَكَّى الْأَوَّلَ عِنْدَ حَوْلِهِ وَنَقَصَ الْجَمِيعَ عِنْدَ حَوْلِ الثَّانِي عَنِ النِّصَابِ ثُمَّ اتّجر بِأَحَدِهِمَا فَصَارَ الْجَمِيع نِصَابا فان اتّجر مَا بَيْنَ الْحَوْلَيْنِ زَكَّى الثَّانِي عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ وَلَا يُزَكِّي الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ زَكَاهُ فِي سَنَتِهِ وَلَمْ يَحُلْ لَهُ حَوْلٌ وَإِنِ اتّجر بَعْدَ حَوْلِ الْأَوَّلِ مِنَ السَّنَةِ الْأُخْرَى فَقَدِ اخْتَلَطَ حَوْلَ الْمَالَيْنِ وَرَجَعَا مَالًا وَاحِدًا فِي الزَّكَاة خلطهما أم لَا اتّجر بِأَحَدِهِمَا أَو بهما أَو لَا فَإِنْ رَبِحَ فِي أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَدْرِ مَا هُوَ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يُزَكِّي على حول آخرهما لَيْلًا يُزَكِّيَ الْأَوَّلَ قَبْلَ حَوْلِهِمَا وَهُوَ يَخْرُجُ عَلَى الْخلاف فِي اخْتِلَاط أَحْوَال الْفَوَائِد وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَكَلَامُ الْكِتَابِ فِيهِ عَجْرَفَةٌ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالَّذِي فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ أَفَادَ عَشْرَةً ثُمَّ عَشْرَةً ضَمَّ الْأُولَى إِلَى الثانيةِ فَإِنْ صَارَتِ الْأُولَى نِصَابًا لِمَتْجَرٍ قَبْلَ حول الثَّانِيَة زكاها ويزكي

ص: 36

الثَّانِيَة بحولها وَإِنْ قُلْتَ فَإِنْ كَانَ يُزَكِّي الْفَائِدَتَيْنِ كُلَّ وَاحِدَةٍ لِحَوْلِهَا ثُمَّ رَجَعَا دُونَ النِّصَابِ ثُمَّ صَارَت الأولى نِصَابا بالمتجر قبل ان يجمعهما حَوْلٌ زَكَّاهُمَا حِينَئِذٍ وَيَنْتَقِلَ حَوْلُهُمَا إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ إِذَا حَلَّ حَوْلُ الثانيةِ زَكَّاهَا إِن كَانَ فِيهَا وَفِي الأولى نِصَاب الثَّالِث فِي الْكِتَابِ لَا يُزَكِّي الْكِتَابَةَ وَالْمِيرَاثَ وَالْهِبَةَ إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَوْ قَبَضَهَا بَعْدَ أَحْوَالٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا لِلْأَحْوَالِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَوْجَبَهَا (ش) فِي الدَّيْنِ مُطْلَقًا كَانَ فَائِدَةً لِأَصْلِ أَوْ لَا أَصْلَ لَهُ وَقَالَ دَيْنُ الْمُبَايِعَةِ يَقْبَلُ الْفَسْخَ بِخِلَافِ هَذِهِ فَيَجِبُ فِيهَا بطرِيق الأولى وخصص ذَلِك (ح) بدن الْمُعَارَضَةِ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْمَهْرِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ لَنَا أَنَّهَا دُيُونٌ لَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهَا يَدٌ وَلَمْ تَتَعَيَّنْ وَحَيْثُ أَجْمَعْنَا عَلَى الزَّكَاةِ فَفِي مُعَيَّنٍ وَفِي الْيَدِ وَهَذِهِ بِخِلَافِهِ فَلَا تَجِبُ بِخِلَافِ مَا وَجَبَ عَنْ مَالٍ فَإِنَّ الْأَصْلَ كَانَ مُتَعَيِّنًا وَفِي الْيَدِ وَالْمَقْبُوضُ بَدَلُهُ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ وَرِثَ عَرْضًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَلَوْ قَصَدَ بِهِ التِّجَارَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ فَأَقَامَ ثَمَنَهُ سِنِينَ بَعْدَ حَوْلٍ بَعْدَ الْقَبْضِ وَإِنْ وَرِثَ حُلِيًّا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ فَنَوَى قِنْيَتَهُ فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ نَوَى التِّجَارَةَ زَكَّى وَزْنَهُ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ لِتُعَلِّقِ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهِ وَإِنْ وَرِثَ ثَمَرَةً قَبْلَ طِيبِهَا فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي نَصِيبِهِ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ وَيُعْتَبَرُ النّصاب من جملَة الْوَرَثَة الرَّابِع فِي الْكِتَابِ تُسْتَقْبَلُ الْمَرْأَةُ بِمَهْرِهَا حَوْلًا بَعْدَ الْقَبْضِ عَيْنًا أَوْ مَاشِيَةً مَضْمُونَةً أَمَّا الْعَيْنُ مِنَ الْمَاشِيَةِ وَالنَّخْلِ فَتُزَكِّيهَا أَتَى الْحَوْلُ عِنْدَهَا أَوْ عِنْدَ الزَّوْجِ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهَا وَقَالَهُ الْأَئِمَّة الْخَامِس فِي الْكتاب اذا تَأَخّر ثمن الشّركَة عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيُقَسِّمَ فَلَا يُزَكِّي إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ وَلَوْ بَعَثَ الْوَارِثُ رَسُولَهُ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَالْحَوْلُ مَنْ قَبْضِ رَسُولِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي تَنْزِيلِ قَبْضِ وَكِيلِهِ مَنْزِلَةَ قَبْضِهِ خِلَافٌ

ص: 37

وَكَذَلِكَ يُحْسَبُ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ قَبْضِ الْوَصِيِّ عَلَى الْأَصَاغِرِ لِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ يَدُ الْمُوَكِّلِ وَالْوَصِيّ وَكيل الْأَب فَلَوْ كَانُوا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا فَحَوْلُ الصِّغَارِ من يَوْم الْقِسْمَة لِأَنَّهُ يَوْمئِذٍ عِنْد مَا لَهُم وَحَوْلُ الْكِبَارِ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّ قبض الْوَصِيّ لَا يكون قبضا لَهُم وَمَا لَهُم من بَاب مَال الضَّمَان وَهُوَ كُلُّ مَالٍ أَصْلُ مِلْكِهِ مُتَحَقِّقٌ وَالْوُصُولُ اليه مُمْتَنع كالضائع وَالْمَغْصُوب والضال مَأْخُوذٌ مِنَ التَّغَيُّرِ الضَّامِرِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِشِدَّةِ الْهُزَالِ وَقَالَ (ح) لَا زَكَاةَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُزَكِّي لِمَاضِي السِّنِينَ وَرَاعَى مَالِكٌ حُصُولَ الْمَالِ فِي الْيَدِ فِي طَرَفَيِ الْحَوَلِ لِأَنَّ كَمَالَ الْمِلْكِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْيَدِ وَمَعَ عَدَمِهَا يُشْبِهُ الْإِنْسَانَ الْفَقِيرَ فَلَا زَكَاةَ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوْرُوثِ وَمَا يَتْبَعُهُ السُّلْطَانُ يَقْبِضُ بَعْدَ سِنِينَ يُزَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ قِيَاسًا عَلَى الدَّيْنِ وَلَوْ وَضَعَ الْإِمَامُ الْمَوْرُوثَ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ ثُمَّ قَبَضَهُ الْوَارِثُ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ الاستيناف فِي الْحَوْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنَ التَّصَرُّفِ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يُزَكِّي لِمَاضِي السِّنِينَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِأَنَّ قَبْضَ السُّلْطَانِ لِلْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ كَقَبْضِهِ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ اسْتَأْنَفَ وَإِنْ عَلِمَ وَلَمْ يَسْتَطِيع التَّخَلُّصَ إِلَيْهِ زَكَّاهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَإِنِ اسْتَطَاعَ فَلِمَاضِي السِّنِينَ وَلَوْ حَبَسَ الْوَكِيلُ الْمَالَ عَنْهُ سِنِينَ بِإِذْنِهِ وَهُوَ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ زَكَّاهُ لِكُلِّ عَامٍ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُزَكِّيهِ إِلَّا لِعَامٍ وَاحِدٍ وَقَالَ أَصْبَغُ لِكُلِّ عَامٍ وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَى غَائِبٍ بِمَالٍ وَغَلَّةٍ لَهُ سِنِينَ فَإِنْ قلبه اسْتَأْنَفَ حَوْلًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَسْقُطُ عَنِ الْأَوَّلِ زَكَاةُ مَا مَضَى لِأَنَّ الْمِلْكَ إِنَّمَا انْتَقَلَ عَنْهُ بِالْقَبُولِ وَقِيلَ يَسْقُطُ لِأَنَّ الْقبُول مُسْند الى الْإِيجَاب السَّادِس قَالَ سَنَدٌ لَوْ بُعِثَ بِمَالٍ يَشْتَرِي بِهِ ثَوْبًا لِزَوْجَتِهِ فَحَالَ حَوْلُهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ قَالَ ابْن الْقَاسِم يُزَكِّيه السَّابِع فِي الْكِتَابِ مَنْ وَرِثَ نِصَابًا مِنْ مَاشِيَةٍ اَوْ نخلا فأثمرت وَذَلِكَ فِي يَدِ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ يَأْخُذُ السَّاعِي صَدَقَتَهَا كُلَّ عَامٍ عَلِمَ الْوَارِثُ أَمْ لَا بِخِلَاف

ص: 38

الْعَيْنِ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِالزَّكَاةِ خِطَابُ وَضْعٍ لَا خِطَابَ تَكْلِيفٍ وَلِذَلِكَ وَجَبَ فِي مَالِ الْأَصَاغِرِ وَخِطَابُ الْوَضْعِ مَعْنَاهُ اعْلَمُوا أَنِّي قَدْ وَضَعْتُ النِّصَابَ سَبَبًا لِلزَّكَاةِ فَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ بِشُرُوطٍ فَأَخْرِجُوا مِنْهُ الزَّكَاة وَالْمقول لَهُ هَذَا هُوَ الْمَقُول لَهُ فِي النَّقْدَيْنِ أَرْبَابُهَا وَفِي الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ الامام ونوابه فَلَا جرم لَمْ يَحْتَجْ لِعِلْمِ الْمَالِكِ وَإِنَّمَا خَصَّصَ خِطَّابَ النَّقْدَيْنِ بِأَرْبَابِهَا لِأَنَّهَا أُمُورٌ خَفِيَّةٌ لَا يَتَمَكَّنُ الْإِمَامُ فِيهَا وَلِأَنَّ الْحَرْثَ وَالْمَاشِيَةَ يَنْمَيَانِ بِأَنْفُسِهِمَا فَلَا حَاجَة الى يَد تنمية بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَاشِيَةِ الْغَائِبَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ أَنَّ النَّمَاءَ فِي الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ وَضَمَانُهَا مِنْهُ والضامن كالمالك بِخِلَاف الغائبة للْوَصِيّ الثَّامِن فِي الْكِتَابِ إِذَا أَفَادَ عَشْرَةً فَأَقْرَضَهَا ثُمَّ أَفَادَ خَمْسِينَ فَحَالَ حَوْلُهَا فَزَكَّاهَا ثُمَّ أَنْفَقَهَا فَلْيُزَكِّ مَا اقْتَضَى مِنَ الْعَشْرَةِ لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْخَمْسِينَ فِي الْحَوْلِ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَى الْقَبْضِ الْإِخْرَاج التَّاسِع فِي الْكِتَابِ إِذَا أَفَادَ نِصَابًا ثُمَّ مَا دُونَهُ فَزَكَّى الْأَوَّلَ لِحَوْلِهِ وَأَنْفَقَهُ قَبْلَ حَوْلِ الثَّانِي لَمْ يُزَكِّ الثَّانِي عِنْدَ حَوْلِهِ إِلَّا أَنْ يُفِيدَ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْأَوَّلِ مَا يكمل النّصاب وَهُوَ بَاقٍ فَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ دُونَ النِّصَابِ وَأَفَادَ رَابِعًا يُكْمِلُهُ زَكَّى الْجَمِيعَ لِحَوَلِ الرَّابِعِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْحَوْلِ فَرْعُ النِّصَابِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقْرَضَ مِائَةً ثُمَّ أَفَادَ عَشْرَةً لَمْ يُزَكِّهَا لِحَوْلِهَا إِذْ لَعَلَّهُ لَا يَقْتَضِي الدَّيْنَ فَإِنْ أَنْفَقَ الْعَشْرَةَ بَعْدَ حَوْلِهَا أَوْ أَنْفَقَهَا ثُمَّ اقْتَضَى عَشْرَةً زَكَّاهَا مَعَهَا وَجَعَلَ حَوْلَهُمَا مِنْ حِينَئِذٍ ثُمَّ يُزَكِّي مَا اقْتَضَى مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَيَصِيرُ حَوْلُ مَا اقْتَضَى مِنْ يَوْمِ يُزَكِّيهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ يَكْثُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَرُدَّ الْأَخِيرَ إِلَى مَا قَبْلَهُ الْعَاشِر فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ بَاعَ الْمُقْتِنَاةَ بِنَسِيئَةٍ فَفِي ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ أَوِ الْبَيْعِ قَولَانِ

ص: 39

الْحَادِي عشر قَالَ إِذا اجْتمعت فَوَائِد واقتضاآت وَقد اجْتمعت الْفَوَائِد وَاصل الدُّيُون فِي مَالك وَحَوْلٍ فَإِنِ اسْتَقَلَّ كُلُّ نَوْعٍ بِتَمَامِ النِّصَابِ لَمْ يُضِفْ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ إِلَى الْآخَرِ إِلَّا أَنْ يُتَّفَقَ حَوْلَ الْفَوَائِدِ وَوَقْتِ الِاقْتِضَاءِ فَإِنْ قَصُرَتْ عَنْهُ مُنْفَرِدَةً وَكَمُلَتْ مُجْتَمِعَةً أُضِيفَتِ الْفَائِدَةُ إِلَى مَا بَعْدَهَا مِنَ الِاقْتِضَاءِ تَخْفِيفًا لِلْحَوْلِ بِخِلَاف تَقْدِيمهَا والاقتضاآت إِلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ صِنْفِهَا لِحُلُولِ الْحَوْلِ عَلَى أَصْلِ الدَّيْنِ وَإِنَّمَا أُخِّرَ الْإِخْرَاجُ خَشْيَةَ الْإِعْسَارِ مِثْلَ أَنْ يَقْتَضِيَ عَشْرَةً ثُمَّ عَشْرَةً فَإِنَّهُ يُزَكِّي الثانيةَ أَنْفَقَ الْأُولَى أَوْ أَبْقَاهَا وَإِنِ اسْتَفَادَ عَشْرَةً ثُمَّ اقْتَضَى عَشْرَةً فَلَا يُضِيفُ الْفَائِدَةَ إِلَى الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ تَبْقَى فِي يَدِهِ حَتَّى يَحُولَ حَوْلُهَا عِنْدَ أَشْهَبَ اَوْ يَقْتَضِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي الْمَالِ اذا جمعه مَالك دُونَ حَوْلٍ وَلَوِ اجْتَمَعَتْ فَوَائِدُ وَدُيُونٌ وَلَوْ أَضَافَ الْفَوَائِدَ إِلَى مَا بَعْدَهَا لَمْ يَحْصُلْ نِصَابٌ وَكَذَلِكَ إِنْ أَضَافَ الدَّيْنَ إِلَى مَا قَبْلَهُ لِكَيْ يُكْمِلَ بِإِضَافَةِ الْجَمِيعِ فَفِي الزَّكَاةِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا لَوِ اقْتَضَى عَشْرَةً ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشْرَةً ثُمَّ اقْتَضَى خَمْسَةً بَعْدَ إِنْفَاقِ الْعَشْرَةِ الْمُقْتَضَاةِ فَمَنِ اعْتَبَرَ إِضَافَةَ الْخَمْسَةِ إِلَى الْعِشْرَةِ الْمُقْتَضَاةِ وَإِضَافَةَ مَا قَبْلَهَا مِنَ الْفَائِدَةِ إِلَيْهَا وَعَدَّهَا كَالْوَسَطِ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْخَمْسَةِ خَاصَّةً لِأَنَّهَا تُزَكَّى بِالْمَالَيْنِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهَا خَاصَّةً وَسَمِعَنَا الْوُجُوبَ فِي الْجَمِيعِ عِنْدَ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ وَهُوَ كَوْنُهَا تُزَكَّى بِالْمَالَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوِ اقْتَضَى عَشْرَةً ثُمَّ أَفَادَ عَشْرَةً ثُمَّ اقْتَضَى دِينَارًا جَرَى الْخِلَافُ فِي الدِّينَارِ وَالْجَمِيعِ وَلَوْ كَانَ الِاقْتِضَاءُ عَشْرَةً وَجَبَ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّكَ كَيْفَمَا أَضَفْتَ عَلَى الِاجْتِمَاعِ وَالِانْفِرَادِ وَجَبَتْ وَهُوَ يشبه الخليط هَل هُوَ خليط ام لَا الشَّرْط الثَّانِي التَّمَكُّنُ مِنَ التَّنْمِيَةِ وَيَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ إِسْقَاطُ الزَّكَاةِ عَنِ الْعَقَارِ

ص: 40

وَالْمُقْتَنَاةِ فَلَوْ أَنَّ الْغِنَى كَافٍ لَوَجَبَتْ فِيهِمَا وَلَمَّا لَمْ تَجِبْ دَلَّ عَلَى شَرْطِيَّةِ التَّمَكُّنِ مِنَ النَّمَاءِ إِمَّا بِنَفْسِ الْمَالِكِ أَوْ بِوَكِيلِهِ وَفِيهِ

(فُرُوعٌ خَمْسَةٌ)

الْأَوَّلُ الْمَغْصُوبُ مَعَ الدُّيُونِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِيمَا يُزَكَّى مِنَ الدَّيْنِ الثَّانِي اللُّقَطَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ تَزَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ كَالدَّيْنِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لِكُلِّ عَامٍ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ وَإِلْحَاقًا لِلضَّيَاعِ بِالْمَرَضِ وَالسَّجْنِ الْمَانِعَيْنِ مِنَ التَّنْمِيَةِ الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا دَفَنَهُ فَضَاعَ زَكَّاهُ لكل عَام لتَفْرِيطه قَالَ مَالِكٌ وَقِيلَ لِعَامٍ وَاحِدٍ كَالدَّيْنِ وَقِيلَ إِنْ دَفْنَهُ فِي صَحْرَاءَ فَلِكُلِّ عَامٍ لِتَعْرِيضِهِ إِيَّاهُ لِلتَّلَفِ بِخِلَافِ الْمَوْضِعِ الْمَحْصُورِ وَعَكْسُهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَعَدَّهُ فِي الصَّحْرَاءِ كَالْهَالِكِ وَفِي بَيْتِهِ كَالْقَصْرِ فِي الطَّلَبِ الرَّابِعُ قَالَ الْمَاشِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ تُعَادُ بَعْدَ أَعْوَامٍ فَفِي الْكِتَابِ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لِجُمْلَةِ الْأَعْوَامِ وَمَا أَخَذَهُ السُّعَاةُ أَجَزَّأَ عَنْهُ وَلَوْ رُدَّتِ الْمَاشِيَةُ بِعَيْبٍ أَوْ أَخَذَهَا الْبَائِعُ بِفَلْسِ الْمُشْتَرِي أَوْ لفساد العقد بعد اعوام فَفِي زَكَاتُهَا عَلَى الْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ هَلْ هُوَ نقض للْبيع من أَصله أم مِنْ حِينِهِ وَعَلَيْهِ يَأْتِي بِنَاءُ الْبَائِعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحَوْلِ أَوِ اسْتِئْنَافُهُ وَأَمَّا مَا اشْتَرَاهُ مِنَ الْمَاشِيَةِ فَحَالَ حَوْلُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ زَكَّاهُ الْخَامِسُ فِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ الْمَشْهُورُ تَزْكِيَةُ الْوَدِيعَةِ لِكُلِّ عَامٍ وَرَوِيَ عَنْ مَالِكٍ لعام وَاحِد لعدم التنمية

ص: 41

الشَّرْط الثَّالِث قَرَارُ الْمِلْكِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا أَكْرَى دَارَهُ أَرْبَعَ سِنِينَ بِمِائَةٍ نَقْدًا فَمَرَّ بِهِ حَوْلٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُزَكِّي مَا يُقَابِلُ مَا سَكَنَهُ الْآخَرُ وَمَا يُقَابِلُ قِيمَةَ الدَّارِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَقَالَ أَيْضًا يُزَكِّي الْجَمِيعَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مِلْكَ عِوَضِ الْمَنَافِعِ هَل من يَوْم الْقَبْض أَو من الِاسْتِيفَاء فَمُقْتَضى عقد الْإِجَازَة اسْتِحْقَاقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَمُقْتَضى عدم تَسْلِيم الْمَنْفَعَة يزلزل الْمِلْكِ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ عَبْدِ الْحَقِّ فِيهَا فِي الدُّيُونِ وَلَا زَكَاةَ فِي الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقسم عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْملك النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي الْمَوَانِعِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الدَّيْنُ وَفِيهِ بَحْثَانِ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الدَّيْنِ الْمُسْقِطِ وَهُوَ مُسْقِطٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ح) وَابْن حَنْبَل عَن الْعين الحولي فِيمَا يقابلها مِنْهَا احْتِرَازًا مِنَ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَالْمَعْدِنِ خِلَافًا لِ (ش) لَنَا قَوْلُهُ عليه السلام

إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً وَفِي رِوَايَةٍ زَكَاةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ وَلِأَنَّ الْمِدْيَانَ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْغَارِمِينَ} وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّقْدِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أوجه

ص: 42

الأول أَن النَّقْد مَوْكُولٌ إِلَى أَمَانَةِ أَرْبَابِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي الدُّيُونِ كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي مَالِهِ بِخِلَافِهِمَا مَا لَمْ يُوكَلَا إِلَيْهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمَا فِي الدَّيْنِ تَسْوِيَةً بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ الثَّانِي أَنَّهُمَا يَنْمِيَانِ بِأَنْفُسِهِمَا فَكَانَتِ النِّعْمَةُ فِيهِمَا أَتَمَّ فَقَوِيَ إِيجَابُ الزَّكَاةِ شُكْرًا لِلنِّعْمَةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِهَا الدَّيْنُ بِخِلَافِ النَّقْدِ الثَّالِثُ أَِنَّ النَّقْدَ لَا يتَعَيَّن فالحقوق الْمُتَعَلّقَة بِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّمَمِ وَالدَّيْنُ فِي الذِّمَّةِ فَاتَّحَدَ الْمَحَلُّ فتدافع الحقان فَرجع الدَّيْنُ لِقُوَّتِهِ بِالْمُعَاوَضَةِ وَالْحَرْثُ وَالْمَاشِيَةُ يَتَعَيَّنَانِ وَالدُّيُونُ فِي الذِّمَمِ فَلَا مُنَافَاةَ وَأَمَّا الْمَعْدِنُ فَأَشْبَهَهُ بِالْحَرْثِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ كَانَتِ الْمَاشِيَةُ رَهْنًا لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُ التَّصَدُّقِ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَيْنِ وَحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مَالِيَّتِهَا فَلَوْ حَضَرَ السَّاعِي وَفَلِسَ رَبُّهَا وَاخْتَارَ البَائِع الْغنم فَلِلْمُصَّدِّقِ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْهَا فَإِنْ شَاءَ الْبَائِعُ أَخَذَ الْبَاقِي بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ وَلَا فَرْقَ فِي الدّين بَين ان يكون مجْلِس الْمَاشِيَةِ أَمْ لَا وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ عِنْدَهُ عَبْدٌ وَعَلَيْهِ عَبْدٌ بِصِفَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قَالَ سَنَدٌ وَأَشْهَبُ يُوجِبُهَا وَابْنُ الْقَاسِمِ يرى انها زَكَاة مصروفة بأمانة اربابها فَأشبه الْعَيْنَ وَأَشْهَبُ يَرَى أَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبِ حَيَوَانٍ فَأَشْبَهَتِ الْمَاشِيَةَ أَوْ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنَ الْحَبِّ فَأَشْبَهَتِ الْحَرْثَ وَفِي الْمُقْدِمَاتِ الدَّيْنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ دَيْنٌ يُسْقِطُهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ عُرُوضٌ تَفِي بِهِ وَهُوَ دَيْنُ الزَّكَاةِ وَحَال عَلَيْهِ حَوْلٌ كَزَكَاةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَمْ لَا كَمَا لَوِ اسْتَفَادَ نِصَابًا ثُمَّ فِي نِصْفِ حَوْلِهِ نِصَابًا فَتَحَوَّلَ حَوْلُ الْأَوَّلِ فَلَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَتْلَفَ ثُمَّ يَحُولُ حَوْلُ الثَّانِي فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ لِأَجْلِ

ص: 43

الدَّيْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ الَّتِي وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ قَائِمَةً مَنَعَ حَقَّ زَكَاةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ زَكَاةَ الْعَامِ الثَّانِي وَإِنِ اسْتُهْلِكَتْ لَمْ يَمْنَعْ وَقَالَ زُفَرُ لَا يُمْنَعُ مُطْلَقًا قِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْفَرْقُ تَوَجُّهُ الْمُطَالَبَةِ بِدَيْنِ الزَّكَاةِ مِنْ جِهَةِ الْآدَمِيِّينَ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَقِسْمٌ يُسْقِطُهَا كَانَ لَهُ حَوْلٌ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ عُرُوضٌ تَفِي بِهِ وَهُوَ مَا اسْتَدَانَهُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ وَقِسْمٌ يُسْقِطُهَا إِنْ لم يمر لَهُ حول من يَوْم استدانه كَانَتْ لَهُ عُرُوضٌ أَمْ لَا وَيُسْقِطُهَا إِنْ مرت بِهِ سنة من يَوْم استدانه إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عَرْضٌ يَفِي بِهِ وَهُوَ مَا اسْتَدَانَهُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ مُبَايَعَةٍ أَوْ سَلَفٍ لِعَشَرَةٍ فَاتجر فِيهَا مَعَ عِشْرَةٍ لَهُ فَإِنْ تَسَلَّفَهَا فِي نِصْفِ حَوْلِ الْأَوَّلِ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَرْضٌ حَتَّى يَحُولَ حول من يَوْم التسلف فان تسلقها فِي أَوَّلِ حَوْلِ الْأَوْلَى وَجَبَتِ الزَّكَاةُ إِنْ كَانَت لَهُ عرُوض تفي بِالدّينِ وَأَشْهَب يُسَوِّي بَيْنَ دَيْنِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ الدَّيْنُ كُلُّهُ مُسْقِطٌ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ عُرُوضٌ لِقَوْلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه فِي الْمُوَطَّأِ هَذَا شَهْرُ زَكَاتكُمْ فَمن كَانَ عَلَيْهِ دين فليؤد دينه حَتَّى تحصل اموالكم فتؤدون مِنْهَا الزَّكَاةَ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ لَحِقَهُ الدَّيْنُ بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ يُسْقِطْهَا قِيَاسًا عَلَى السَّلَفِ وَالتَّلَفِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْإِمْكَانِ وَهُوَ مُعَاوَضَةٌ لَمْ يُسْقِطْهَا لِمُقَابَلَةِ عِوَضِهِ لَهُ أَوْ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَالْمَهْرِ وَالْحِمَالَةِ مِمَّا هُوَ بِرِضَاهُ لَمْ يُسْقِطْهَا وَمَا هُوَ بِغَيْرِ رِضَاهُ كَالْجِنَايَةِ يُسْقِطُهَا لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَقِيَاسًا عَلَى التَّلَفِ حِينَئِذٍ وَجَمِيعِ حُقُوقِ الْعِبَادِ يُسْقِطُهَا عَيْنًا أَوْ عَرْضًا حَالَّةٌ أَوْ مُؤَجَّلَةٌ وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهَا مَا يُطَالب بِهِ كَالزَّكَاةِ

ص: 44

فَيُسْقِطُهَا وَمَا لَا يُطَالِبُ بِهِ كَالْكَفَّارَةِ فَلَا يُسْقِطُهَا خِلَافًا لِ (ش) وَالْفَرْقُ إجْزَاءُ الصَّوْمِ فِيهَا فَلَا تَتَعَيَّنُ الْمَالِيَّةُ فِي جِنْسِهَا فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْقِطُهَا مَهْرُ الْمَرْأَةِ وَنَفَقَتُهَا قُضِيَ بِهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا تَحَاصُّ الْغُرَمَاءُ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلْسِ بِهِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ وَالْأَبَوَيْنِ وَلَوْ قَضَى بِهَا الْقَاضِي وَحَلَّتْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي الْمَقْضِيِّ بِهَا لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ لَا تَجِبُ إِلَّا مَعَ الْيُسْرِ وَنَفَقَةُ الْمَرْأَةِ مُعَاوَضَةٌ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُسْقِطهَا الْمهْر لِأَنَّهُ لَيْسَ شَأْنَ النِّسَاءِ الْمُطَالَبَةَ بِهِ إِلَّا فِي مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ قَالَ فَعَلَى قَوْلِهِ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْمَكَّاسِينَ لِأَنَّ مُطَالَبَةَ النَّاسِ لَهُمْ أَنْدَرُ من مُطَالبَة النِّسَاء بِالْمهْرِ وَهِيَ لَا تَجِبُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَسْقَطَهَا بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ قِيَاسًا عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْفَرْقُ لَهُ أَنَّ الْأَصْلَ نَفَقَةُ الْوَلَدِ وَعَدَمُ نَفَقَةِ الْوَالِدِ حَتَّى تَضُرَّ الْحَاجَةُ وَفِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَلَدِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا أَسْقَطَتْ ثُمَّ حَدَّثَتْ أَمَّا اذا لم تتقدم بيسر فَتسقط بِنَفَقَة الزَّكَاة الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ الدَّيْنَ الْمَقْدُورَ عَلَى أَخْذِهِ بَعْدَ أَحْوَالٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْوَاهِبِ وَلَا الْمَوْهُوبِ لَهُ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ بَعْدَ قَبْضِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَوْهُوبِ عَرْضٌ يُقَابله لنُقْصَان ملكه بتسلط الْغَرِيمِ وَنُقْصَانِ تَصَرُّفِهِ بِامْتِنَاعِ التَّبَرُّعِ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ لِلْقُصُورِ عَنْ مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ وَلِقُوَّةِ الشَّبَهِ بِالْفُقَرَاءِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُزَكِّي الْمَوْهُوبَ لَهُ كَانَ لَهُ عَرْضٌ أَمْ لَا لِأَنَّ الدَّيْنَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ وَلَا يَتَعَيَّنُ لَهُ هَذَا الْمَالُ وَالزَّكَاةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِ الْمَالِ وَقَدْ زَالَ الْمَانِعُ وَتَقَرَّرَ الْملك فَيجب كَمَا لَو كَانَ عَرْضٌ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ بِقَدَرٍ عَيَّنَهُ فَأَبْرَأَهُ مِنْهُ رَبُّهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَفِي تَزْكِيَتِهِ فِي الْحَالِ أَوْ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا رِوَايَتَانِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إِنْ وُهِبَ لَهُ عَرْضٌ يُسَاوِيهِ قَالَ سَنَدٌ لَوْ لَمْ يَرَهُ لَكِنْ أَفَادَ بَعْدَ الْحَوْلِ مَا يَفِي بِالدّينِ فَقَالَ

ص: 45

ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُزَكِّي خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلَوْ وَهَبَ لِغَيْرِ الْمِدْيَانِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُزَكِّيهِ الْوَاهِبُ لِأَنَّ يَدَ الْقَابِضِ كَيَدِهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلَوْ أَحَالَ بِالدَّيْنِ غَرِيمَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الزَّكَاةُ عَلَى الْمُحَالِ وَالْمُحِيلِ لِأَنَّ قَبْضَ الْمُحَالِ كَقَبْضِهِ الثَّالِثُ فِي الْجُلَّابِ إِذَا اقْترض نِصَابا فاتجر بِهِ حَوْلًا فَرَبِحَ نِصَابًا زَكَّى عَنِ الْفَضْلِ دُونَ الْأَصْلِ وَقِيلَ لَا زَكَاةَ فِيهِمَا إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ عَلَى الرِّبْحِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ على الْفَرْع المبحث الثَّانِي فِيمَا يُقَابِلُ بِهِ الدَّيْنَ فِي الْكِتَابِ يَجْعَلُ دَيْنَهُ فِي كُلِّ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي دَيْنِ الْفَلْسِ وَقَالَ (ح) لَا يَجْعَلُ فِي غَيْرِ النَّقْدَيْنِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عِنْدَنَا فِي الْجَوَاهِرِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دينه حَتَّى تحصل أَمْوَالكُم فتؤدون مِنْهَا الزَّكَاةَ وَلَوْ كَانَ يَجْعَلُ فِي الْعُرُوضِ لَقَالَ اجْعَلُوهَا فِي عَبِيدِكُمْ وَدَوْرِكُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ اُحْدُ فَكَانَ اجماعا فجوابنا أَنَّ مُرَادَهُ دَفْعُ الدَّيْنِ حَتَّى يُزَكِّيَهُ قَابِضُهُ لِقَوْلِهِ حَتَّى تُحَصَّلَ أَمْوَالُكُمْ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا يُقَابِلُ الدَّيْنَ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ الزَّكَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِ الْمَالِ وَالدَّيْنُ بِالذِّمَّةِ فَلَا يُزَاحِمُهَا إِلَّا إِذَا انْسَدَّتِ الطُّرُقُ وَتَعَيَّنَ الْمَالُ مَصْرِفًا لِلدَّيْنِ وَقِيَاسًا عَلَى التَّبَرُّعَاتِ وَنَفَقَاتِ الْأَقَارِبِ فَإِنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ قَالَ سَنَدٌ وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَعْلُ دَيْنِ الزَّكَاةِ فِي الْعَرْضِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَقَالَ أَيْضًا لَا يُجْعَلُ إِلَّا فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهِ كَالرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ وَالتَّسْوِيَةُ لِمَالِكٍ وَ (ح) وَ (ش) وَفِي الْجَوَاهِرِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي اشْتِرَاطِ ملك الْعرض الَّذِي يَجْعَل قبالة الدَّيْنِ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ أَوْ يَكْفِي آخِرَ الْحَوْلِ رِوَايَتَانِ فُرُوعٌ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُجْعَلُ دَيْنُهُ فِي قِيمَةِ رَقَبَةِ مُدَبِّرِيهِ

ص: 46

وَقِيَمَةِ كِتَابَةِ مُكَاتِبِيهِ تُقَوَّمُ الْكِتَابَةُ بِعَرْضٍ ثُمَّ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ إِنَّمَا يَنْظُرُ فِي عِتْقِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَلْحَقُ بِالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ الَّتِي لَمْ تَقْبَضْ وَفِي الْجُلَّابِ يَجْعَلُ فِي قِيمَتِهِ خِدْمَتَهُ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ وَجَوَازِ إِجَارَتِهِ فَالْمُتَحَقَّقُ الْمَنْفَعَةُ وَقَالَ سَحْنُون فِي الْمَجْمُوعَة لَا تجْعَل فِي الرِّقَابِ وَلَا فِي الْخِدْمَةِ لِأَنَّ الْغَرِيمَ لَا يَدْفَعُ عَنِ النَّقْدِ بِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنَّ دَبَّرَ بَعْدَ الدَّيْنِ جُعِلَ فِي رَقَبَتِهِ بِلَا خِلَافٍ وَالْخِلَافُ فِي الْمُعَتَقِ إِلَى أَجَلٍ وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ وَلَا يُجْعَلُ دَيْنُهُ فِي الْآبِقِ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ قَرِيبًا جُعِلَ وَأَمَّا تَقْوِيمُ الْكِتَابَةِ بِالْعَرْضِ فَحَذَرًا مِنَ الرِّبَا إِذَا كَانَتْ بِالنَّقْدَيْنِ وَمَا لَا يَكُونُ ثَمَنًا شَرْعًا لَا يَكُونُ قِيمَةً شَرْعًا قَالَ سَنَدٌ يَجْعَلُ فِي قِيمَتِهِ مُكَاتِبًا لِأَنَّهُ الْمُتَحَقِّقُ الْآنَ وَقَالَ أَصْبَغُ فِي قِيمَةِ عَبْدٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ رِقُّهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وَفَاءِ الْكِتَابَةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْجِنَايَةِ وَيَجْعَلُ فِي قِيمَةِ خِدْمَةِ الْمُعَتَقِ إِلَى أَجَلٍ عِنْدَ أَشْهَبَ وَفِي قِيمَةِ رَقَبَةِ الْمُخَدِّمِ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ مُدَّةِ الْخِدْمَةِ وَعَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ لَا يُقَوَّمُ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ فِي الدَّيْنِ عَلَى أَنَّهُ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إِلَى موت المخدم أَو السنين الْكَثِيرَة الْمَحْدُودَةِ بِخِلَافِ الْقَلِيلَةِ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَخْدَمَهُ عَبْدًا جَعَلَ فِي قِيمَةِ الْخِدْمَةِ عِنْدَ أَشْهَبَ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ يَجْعَلُهُ فِي دَيْنِهِ الْمُرْتَجَى دُونَ الْمَيْئُوسِ وَالْعَبْدِ الْآبِقِ قَالَ سَنَدٌ الْحَالُّ يُحْسَبُ عَدَدُهُ وَالْمُؤَجَّلُ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِنَّمَا هُوَ اخذ حق الْفُقَرَاء وَقَالَ ابْن سَحْنُونٍ فِي قِيمَتِهِ لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقَةُ الْآنَ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَوَّمُ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمُعْسِرِ بِجَعْلِهِ فِي الْكِتَابِ كَالضَّائِعِ وَرَأَى مَرَّةً إِمْكَانَ الْبَيْعِ الثَّالِثُ قَالَ سَنَدٌ مَنْ لَهُ مِائَتَان مختلفتي الْحَوْلِ وَعَلَيْهِ مِائَةٌ زَكَّى مِائَةً

ص: 47

لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَجَعَلَ الدَّيْنَ فِي الْأُخْرَى فَلَا يُزَكِّيهَا عِنْدَ حَوْلِهَا لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ أَيُّ مِائَةٍ حِلَّ حَوْلُهَا زَكَّاهَا وَجَعَلَ الدَّيْنَ فِي الْأُخْرَى وَهُوَ أَحْوَطُ الرَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةٌ وَعَلَيْهِ مِائَةٌ لَأَجِيرٍ لَمْ يَعْمَلْ لَهُ مَا اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ جَعَلَ عَمَلَهُ سِلْعَةً يَجْعَلُ فِيهَا دَيْنَهُ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ لَهُ مِائَةٌ وَعَلَيْهِ مِائَةٌ وَبِيَدِهِ مائَة جعل مَا عَلَيْهِ فِي الَّتِي لَهُ وَزَكَّى الَّتِي بِيَدِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ حُسِبَتْ قِيمَتُهُ وَالدَّيْنَانِ إِمَّا حَالَّانِ أَوْ مُؤَجَّلَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا حَالٌّ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ فِي جَعْلِ عَدَدِ مَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الَّذِي لَهُ فَتَارَةً يُحْسَبُ عَدَدُهُ وَتَارَةً قِيمَتُهُ وَتَارَةً لَا يُحْسَبُ شَيْئًا أَمَّا الْحَالُّ عَلَى الْمُوسِرِ فَعَدَدُهُ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَأَمَّا الْمُؤَجَّلُ وَالَّذِي عَلَيْهِ حَال فَجعله فِي قِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَتَسَاوَى الْأَجَلَانِ أَو أَجَّلَ دَيْنَهُ أَوْ لَا جَعَلَهُ فِي قِيمَتِهِ وان كَانَ الَّذِي يحل عَلَيْهِ قَبْلُ جَعَلَ عَدَدَ مَا عَلَيْهِ فِي قِيمَةِ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ لَمْ يَجْعَلْ فِي عَدَدِهِ وَلَا قِيمَتِهِ الْمَانِعُ الثَّانِي فِي اتِّخَاذ النَّقْدَيْنِ حليا لاستعمال مُبَاح عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ (ح) مُحْتَجًّا بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ دَخَلَ النَّبِيُّ عليه السلام فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ فَقَالَ مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ قَالَت صنعتهن أتزين لَك قَالَ تؤدين زَكَاتَهُنَّ قَالَتْ لَا قَالَ هُوَ

ص: 48

{حَسْبُكِ مِنَ النَّارِ} وَالْفَتَخَاتُ خَوَاتِمُ كِبَارٌ وَلِأَنَّ الْحُلِيَّ وَغَيْرَهُ اسْتَوَيَا فِي الرِّبَا فَيَسْتَوِيَانِ فِي الزَّكَاةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ قَالَهُ التِّرْمِذِيّ ويؤكد هـ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَتْ تَلِي بَنَاتَ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حِجْرِهَا لَهُنَّ الْحُلِيُّ فَلَا تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الرِّبَا مُتَعَلِّقٌ بِذَاتِ النَّقْدَيْنِ وَالزَّكَاةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِوَصْفِهِمَا وَهُوَ كَوْنُهُمَا مُعَدَّيْنِ لِلنَّمَاءِ فَلَيْسَ الْمَدْرَكُ وَاحِدًا حَتَّى يَسْتَوِيَا فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا زَكَاةَ فِيمَا يَتَّخِذُهُ النِّسَاءُ مِنَ الْحُلِيِّ لِلْكِرَاءِ وَاللِّبَاسِ أَوِ الرَّجُلُ لِلِبَاسِ أَهْلِهِ وَخَدَمِهِ وَلَا فِيمَا كُسِرَ فَحُبِسَ لِإِصْلَاحِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ إِذَا كَانَ الْكسر قَابلا للإصلاح فان احْتَاجَ للبسط فَهُوَ كَالتِّبْرِ يُزَكَّى قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا نَوَى إِصْلَاحَهُ لِيَصْدُقَهُ امْرَأَةً زَكَّى وَمَنَعَ أَشْهَبُ وَمَا اتَّخَذَهُ الرَّجُلُ لِامْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا أَوْ أَمَةٍ سَيَبْتَاعُهَا فَحَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ ذَلِكَ زَكَّى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّ الْمَانِعَ لَمْ يَحْصُلْ وَإِنَّمَا حَصَلَ قَصْدُهُ وَلَوِ اتَّخَذَتْهُ امْرَأَةٌ لِابْنَةٍ حَدَثَتْ لَهَا فَلَا زَكَاةَ لِجَوَازِ اسْتِعْمَالِهَا لَهُ بِخِلَاف الرجل وان اتَّخَذَتْهُ عُدَّةً لِلدَّهْرِ دُونَ اللِّبَاسِ أَوِ الْكِرَاءِ والعاربة زكته لِأَن الْمسْقط التجمل وَلَو يُوجَدْ وَلَوِ اتَّخَذَتْهُ لِلِبَاسٍ وَنَوَتْهُ لِلدَّهْرِ فَقِيلَ لَا تُزَكِّيهِ نَظَرًا لِلِانْتِفَاعِ بِاللِّبَاسِ وَالْأَحْسَنُ الزَّكَاةُ قَالَ سَنَد رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الزَّكَاةَ فِي حُلِيِّ الْكِرَاءِ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ التَّنْمِيَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا اتَّخَذَهُ الرَّجُلُ مِنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ أَوْ مِنْ حلي الرِّجَال للكراء زكى وَكَذَلِكَ مَا اتَّخَذَهُ النِّسَاءُ مِنْ حُلِيِّ الرِّجَالِ لِلْكِرَاءِ لِامْتِنَاعِ التَّجَمُّلِ بِهِ عَلَى مَالِكِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ

ص: 49

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا وَرِثَهُ الرَّجُلُ فَحَبَسَهُ لِلْبَيْعِ أَوْ لِتَوَقُّعِ الْحَاجَةِ دُونَ اللِّبَاسِ زَكَّاهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُزَكَّى فَلَوْ وَرِثَهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ زَكَّى عِنْدَ مَالِكٍ لِوُجُودِ السَّبَبِ وَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْمَانِعُ وَأَسْقَطَ أَشْهَبُ مُرَاعَاةً لِصُورَةِ الْحُلِيِّ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ لَا زَكَاةَ فِي حِلْيَةِ السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ وَالْخَاتَمِ قَالَ سَنَدٌ يُرِيدُ إِذَا كَانَ لِلْقِنْيَةِ لَا لِلتِّجَارَةِ وَلَا خِلَافَ فِي خَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ بِالْفِضَّةِ وَالْمَشْهُورُ جَوَازُهُ بِالذَّهَبِ وَكَرَاهَةُ تَحْلِيَةِ غَيْرِهِ مِنَ السِّلَاحِ لِأَنَّ التَّجَمُّلَ عَلَى الْعَدُوِّ إِنَّمَا يَحْصُلُ غَالِبًا بِالسَّيْفِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ فِي الْأَسْلِحَةِ وَالْمِنْطَقَةِ قِيَاسًا عَلَى السَّيْفِ وَمَنَعَ فِي السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَالْمَهَامِيزِ لِأَنَّهَا لِبَاسُ الدَّوَابِّ وَجَوَّزَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَ (ح) مُطْلَقًا لِعُمُومِ الْإِرْهَابِ فِي قَلْبِ الْعَدُوِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُبَاحُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ لِلِبَاسِ النِّسَاءِ وَشُعُورِهِنَّ وأزرار جُيُوبهنَّ وأقفال ثياببهن وَيُبَاحُ لِلرِّجَالِ خَاتَمُ الْفِضَّةِ وَتَحْلِيَةُ السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ بِهَا وَرَبْطُ الْأَسْنَانِ وَالْأَنْفِ بِالذَّهَبِ وَأَمَّا الْأَوَانِي وَحِلْيَةُ الْمَرَايَا وَالْمَكَاحِلُ وَأَقْفَالُ الصَّنَادِيقِ وَالْأَسِرَّةِ وَالدُّوِيِّ وَالْمَقَالِمِ فَحَرَامٌ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَأَمَّا تَحْلِيَةُ الْكَعْبَةِ وَالْمَسَاجِدِ بِالْقَنَادِيلِ بَلْ وَالْعَلَائِقِ وَالصَّفَائِحِ عَلَى الْأَبْوَابِ وَالْجُدُرِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ قَالَ سَحْنُونٌ يُزَكِّيهِ الْإِمَامُ لِكُلِّ عَامٍ كَالْعَيْنِ الْمُحْبَسَةِ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَحِلْيَةُ الْحُلِيِّ الْمَحْظُورِ كَالْمَعْدُومَةِ وَالْمُبَاحَةِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تَسْقُطُ وَتُزَكَّى كَالْمَسْكُوكِ وَالثاني أنَّهَا كَالْعَرْضِ إِذَا بِيعَتْ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ حِينَئِذٍ وَلَا يُكْمِلُ بِهَا النِّصَابَ وَالثَّالِثُ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ حُلِيِّ الْجَوَاهِرِ يُجْعَلُ مَعَه كَالْعَيْنِ فيكمل بهَا النّصاب هَا هُنَا

ص: 50

الرَّابِع فِي الْجَوَاهِرِ لَا زَكَاةَ فِي حُلِيِّ الصِّبْيَانِ لِأَنَّ مَالِكًا جَوَّزَ لَهُمْ لُبْسَهُ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ فِيهِ الزَّكَاةُ الْمَانِعُ الثَّالِثُ الرِّقُّ لِأَنَّ الْعَبْدَ عِنْدَنَا يَمْلِكُ خِلَافًا لِ (ش) لَكِنَّ تَسَلُّطَ السَّيِّدِ عَلَى انْتِزَاعِ مَا فِي يَدِهِ مَانِعٌ مِنَ الزَّكَاةِ كَالدَّيْنِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ فِيهِ عَلَقَةُ رِقٍّ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى السَّيِّدِ عَنْهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ إِلَّا (ح) فِي عُشْرِ أَرْضِ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ لَهُ لَنَا مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما لَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا عَلَى الْمُكَاتَبِ زَكَاةٌ فِي مَالِهِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أنَّ الْقَرِيبَ أَوْلَى بِالْبِرِّ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ الثَّانِي أَنَّهَا تَجِبُ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ نِصَابًا وَلِأَنَّ صُورَةَ النِّزَاعِ قَاصِرَةٌ عَنْ مَحِلِّ الْإِجْمَاعِ فَلَا تلْحق بِهِ وَالْفرق بَينه وَبَين الْمِدْيَانَ مُتَصَرِّفٌ بِالْمُعَاوَضَةِ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَلِأَنَّهُ سَقَطَتْ عَنهُ لحق نَفسه لَيْلًا تَبْقَى ذِمَّتُهُ مَشْغُولَةً وَالْعَبْدُ لِحَقِّ غَيْرِهِ فَهُوَ أَشَدُّ قَالَ وَيَسْتَأْنِفُ السَّيِّدُ الْحَوْلَ إِذَا انْتَزَعَ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُتَجَدِّدٌ وَفِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ مَالك اذا أسلم الْكَافِر اَوْ اعْتِقْ العَبْد فَمَاله فَائِدَة كَانَ عينا أَوْ مَاشِيَةً أَوْ زَرْعًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ طِيبِ الزَّرْعِ وَانْتِهَاءِ الثَّمَرَةِ فَيُزَكِّيهِمَا الْمَانِعُ الرَّابِع توقع طريان الْمُسْتَحق فَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا نَوَى الْمُلْتَقِطُ التَّمَلُّكَ فِي السَّنَةِ الثانيةِ وَلَمْ يَتَصَرَّفْ اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ مِنْ يَوْمِ نَوَى وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يُحَرِّكْهَا تَوْفِيَةً لِلْمَلِكِ الْأَوَّلِ بِبَقَاءِ الْعَيْنِ

ص: 51

النَّظَرُ الرَّابِعُ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَفِيهِ بَحْثَانِ فِي الْأَمْوَالِ الْمُطْلَقَةِ وَالْأَمْوَالِ الْمَوْقُوفَةِ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْأَمْوَالِ الْمُطْلَقَةِ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْأَمْوَالِ الْمُطلقَة على المَال لِلنِّصَابِ عِنْدَ حُصُولِ الشُّرُوطِ وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيُخْتَلَفُ فِي اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْخِلَافِ فِي مُخَاطبَة الْكفَّار فِي فروع الشَّرِيعَةِ وَإِنْ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي كَوْنِهِ شَرْطًا فِي الْأَدَاءِ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي أَمْوَالِ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينَ وَإِنْ لَمْ يَتَوَجَّهِ الْوُجُوبُ عَلَيْهِمْ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ (ح) فِي الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ دُونَ الْحَرْثِ وَالْفِطْرِ قَاعِدَةٌ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى قِسْمَانِ خِطَابُ تَكْلِيفٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ تَبَعًا كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَخِطَابُ وَضْعٍ يَتَعَلَّقُ بِنَصْبِ الْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّكْلِيفِ فِي مَحَالِّهَا كَالْإِتْلَافِ سَبَبُ الضَّمَانِ وَدَوَرَانُ الْحَوْلِ مِنْهُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاة وَالْجُنُون مَانع من الْعِبَادَة بل مَعْنَاهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا وَقَعَ هَذَا فِي الْوُجُودِ فَرَتِّبُوا عَلَيْهِ هَذَا الْحَكَمَ وَقَدْ يَقَعُ مَعَهُ التَّكْلِيفُ كَالزِّنَى سَبَبُ الْحَدِّ وَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ وَالْإِحْرَامُ مَانِعٌ مِنَ الطِّيبِ وَالصَّيْدِ فَخِطَابُ الزَّكَاةِ عِنْدَ (ح) مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ لِيَسْقُطَ عَنِ الصِّبْيَانِ وَعِنْدَنَا خِطَابُ وَضْعٍ وَيَدُلُّ عيه مَا فِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عليه السلام

أَلَا مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ وَلَا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ وَفِي إِسْنَادِهِ

ص: 52

ضَعْفٌ وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه اتَّجِرُوا بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ وَالْقِيَاسُ عَلَى نَفَقَاتِ الْقُرَابَاتِ وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ سُؤَالٌ لَوْ كَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ لما اشْترطت فِيهِ النِّيَّة وَقد اشْترطت جَوَابه أَنَّ خِطَابَ الْوَضْعِ قَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ خِطَابِ التَّكْلِيف ويغلب التَّكْلِيف كالنذرور وَالْكَفَّارَاتِ وَقَدْ يَغْلِبُ خِطَابُ الْوَضْعِ وَيَكُونُ التَّكْلِيفُ تبعا وَهَا هُنَا كَذَلِك بديل أَخْذِهَا مِنَ الْمُمْتَنِعِ مِنْهَا مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَالنُّذُورُ لَا يُقْضَى بِهَا لِغَلَبَةِ الْعِبَادَةِ عَلَيْهَا فَرْعٌ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُزَكَّى مَاشِيَةُ الْأَسِيرِ وَالْمَفْقُودِ وَزَرْعُهُمَا دُونَ نَاضِّهِمَا لِاحْتِمَالِ الدَّيْنِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الْأَمْوَالِ الْمَوْقُوفَةِ وَالْكَلَام فِي هَذَا الْبَاب يَتَوَقَّفُ عَلَى بَيَانِ الْوَقْفِ هَلْ يَنْقُلُ الْأَمْلَاكَ وَالْمَنَافِعَ فَقَطْ وَتَبْقَى الْأَعْيَانُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِينَ وَلَو مَاتُوا فَكَمَا يكون لَهُم آخر الرِّيعِ بَعْدَ الْمَوْتِ يَكُونُ لَهُمْ مَلِكُ الرَّقَبَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَحَكَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الِاتِّفَاقَ عَلَى سُقُوطِ الْمِلْكِ مِنَ الرِّقَابِ فِي الْمَسَاجِدِ وَأنَّهُ مِنْ بَابِ إِسْقَاطِ الْمِلْكِ كَالْعِتْقِ لَنَا وَجْهَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ مَهْمَا أَمْكَنَ الْبَقَاءُ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأَصْلِ فَعَلْنَا وَالْقَوْلُ بِبَقَاءِ الْمِلْكِ أَقْرَبُ لِمُوَافَقَةِ الْأَصْلِ فَإِنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمِلْكِ عَلَى مِلْكِ أَرْبَابِهَا الثَّانِي قَوْلُهُ عليه السلام لِعُمْرَ رضي الله عنه

حَبِّسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْأَمْلَاكِ وَإِلَّا لَقَالَ لَهُ سَبِّلْهَا وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّفْصِيلِ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَتْ نَبَاتًا زَكَّيْتَ عَلَى مِلْكِ وَاقِفِهَا وَلَا يُرَاعى حِصَصَ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلرِّيعِ لِأَنَّ مِلْكَهُمْ عَلَيْهِ إِنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَالْمُسَاقَاةِ

ص: 53

لِلْعَامِلِ وَقِيلَ إِنْ تَوَلَّاهَا غَيْرُهُ فِي التَّفْرِيقِ وَكَانَ الْآخرُونَ يَسْتَحِقُّونَ الزَّكَاةَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا لِضَعْفِ الْمِلْكِ بِعَدَمِ التَّصَرُّفِ كَمَالِ الْعَبْدِ وَإِنْ قُلْنَا بِالزَّكَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ أَخْذَ الزَّكَاةِ لَا يُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي كُلِّ حِصَّةٍ إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ عِنْدَ سَحْنُونٍ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ملكهم بالظهور فَيشْتَرط أَو بِالْقِسْمَةِ فَلَا يشْتَرط قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ خِلَافُ ظَاهِرِ المدونه واما عين المعينين فَيشْتَرط لانهم لَا يملكُونَ الا بالوصول وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ اخْتُلِفَ إِذَا كَانَ الْحَبْسُ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ هَلْ يَلْحَقُونَ بِالْمُعَيَّنِينَ أَمْ لَا وَالْقَوْلَانِ قَائِمَانِ مِنَ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْوَصَايَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَ الْوَقْفُ مَوَاشِيَ وُقِفَتْ لِتُفَرَّقِ أَعْيَانُهَا فَمَرَّ الْحَوْلُ قَبْلَ التَّفْرِيقِ فَلَا زَكَاةَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُنَّ مِثْلُ الدَّنَانِيرِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَتْ تُفَرَّقُ عَلَى مَجْهُولِينَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَالزَّكَاةُ عَلَى مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا احب إِلَيْنَا والمدرك هَا هُنَا ان يفرق الاعيان اعواض عَنْ مِلْكِ الْمُعْطِي فَلَا يُزَكِّيهَا عَلَى مِلْكِهِ إِذْ لَا مَالِكَ وَغَيْرُهُ لَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَتُسْقِطُ لِلزَّكَاةِ مُطْلَقًا أَوْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ الْمُنْتَقَلُ إِلَيْهِ مُعَيَّنًا قَدَّرَ مِلْكَهُ ثَابتا من أول اغراض الْمِلْكِ وَقَدْ حَالَ الْحَوْلُ مِنْ حِينَئِذٍ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ وَإِنْ وَقَفْتَ لِتُفَرِّقَ أَوْلَادَهَا زَكَّيْتَ الْأُصُولَ وَيُزَكَّى نَسْلُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَتْ عَلَى مَجْهُولِينَ وَبَلَغَ نِصَابًا وَحَالَ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ الْوِلَادَةِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَلَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا وَأَوْجَبَهَا سَحْنُونٌ فِي الْمُعَيَّنِينَ وَالْمَجْهُولِينَ تَغْلِيبًا لِلْمِلْكِ الْأَوَّلِ وَإِنْ وَقَفْتَ لِتُفَرِّقَ غَلَّتَهَا مِنْ لَبَنٍ وَصُوفٍ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ زَكَّيْتَ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَوْلَاد على ملك الْوَاقِف لعد مُزَاحَمَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي الْمِلْكِيَّةِ وَحَوْلُهُمَا وَاحِدٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقْدِمَاتِ فِي الْعَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا تَجِبُ فِيهَا حَتَّى تُفَرَّقَ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لعدم تعين النَّقْدَيْنِ على الْمَذْهَب وَلَا يجب إِنْ كَانَتْ تُفَرَّقُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ

ص: 54

لعدم قبُول الْملك واعرض الْوَاقِف عَن ملكه وَإِنَّمَا يجب فِي حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُعَيَّنِينَ وَهُوَ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ فِي فَائِدَةِ الْعَيْنِ على الزَّكَاة بعد الْحول قبل الْقَضَاء وَيجب فِي جُمْلَتِهَا إِنْ كَانَتْ تُفَرَّقُ عَلَى مُعَيَّنِينَ تَقْوِيَةً لِلْمِلْكِ السَّابِقِ وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَفِي حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ يَقْبَلُ نَقْلَ الْمِلْكِ وَهُوَ مُخَرَّجٌ أَيْضًا عَلَى هَذَا مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَالِ وَإِنْ فَصَّلْنَا قُلْنَا إِنْ كَانَتْ تُقَسَّمُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَقِيلَ يُزَكِّي جُمْلَتَهَا عَلَى مِلْكِ الْمَحْبِسِ وَقِيلَ لَا يُزَكِّي لِإِعْرَاضِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَتْ تُفَرَّقُ على مُعينين فَقيل لَا زَكَاة وَقيل يُزكي عَلَى مِلْكِ الْمُقَسَّمِ عَلَيْهِمْ إِنْ بَلَغَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابًا وَأَمَّا الثَّمَرَةُ الْمُتَصَدَّقُ بِهَا أَوِ الْمَوْهُوبَةُ لِعَامٍ أَوْ أَعْوَامٍ مَحْصُورَةٍ إِنْ كَانَتْ عَلَى الْمَسَاكِينِ زَكَّيْتَ عَلَى مِلْكِ الْمُعْطِي إِنْ كَانَتْ جُمْلَتُهَا نِصَابًا أَوْ إِذَا أَضَافَهُ إِلَى مَا فِي مِلْكِهِ كَانَ نِصَابًا وَأَن كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُزَكِّي عَلَى مِلْكِ الْوَاهِبِ تَقْوِيَةً لِمِلْكِهِ فِي الرِّقَابِ كَالْمُسَاقِي لِسَحْنُونٍ وَلَا يخرج الزَّكَاة عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَحَمُّلَ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ وَيُزَكَّى عَلَى مِلْكِ الْمَوْهُوبِ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَالْمُعَرَّى إِنْ كَانَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا لِأَنَّ الرَّقَبَةَ مَعَهُمْ كَالْعَارِيَةِ فَنَشَأَتِ الثَّمَرَةُ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فيزكيان على ملك الآخذين وَبَين الْعَارِية فيزكي على مَالك الْمُعَرِّي قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَفِي الْمَوْقُوفِ عَلَى الْمَسَاجِد وَنَحْوهَا خلاف بَين الْمُتَأَخِّرين وَالصَّوَاب أَن لَا زَكَاةَ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْأَمْرِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِن كَانَ الْمَوْقُوف علينا لِيُفَرَّقَ فَلَا زَكَاةَ لِخُرُوجِهَا مِنْ يَدِ مَالِكِهَا وَبَطَلَتْ قِيمَتُهَا وَيَقْبِضُهَا مَنْ صَارَتْ إِلَيْهِ وَإِنْ وَقَفْتَ لِتُسَلِّفَ زَكَّيْتَ بَعْدَ الْحَوْلِ النَّظَرُ الْخَامِسُ فِي الْجُزْءِ الْوَاجِبِ وَهُوَ رُبُعُ الْعُشْرِ وَفِي الْكِتَابِ إنَّ جَمْعَ النِّصَابِ مِنَ النَّقْدَيْنِ أَخْرَجَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِحِسَابِهِ لِأَنَّهُ أَعْدَلَ لِلْفُقَرَاءِ والأغنياء مَعَ قلَّة الِاخْتِلَاف بِخِلَاف الْحُبُوب لما عَظُمَ الِاخْتِلَافُ فِيهَا اعْتُبِرَ الْوَسَطُ عَدْلًا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَهُ إِخْرَاجُ الذَّهَبِ على الْوَرق وَبِالْعَكْسِ بِالْقيمَةِ دون الْوَرق وَقَالَهُ ح خِلَافًا لِ ش لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا لَمْ تَنْقُصْ

ص: 55

قيمَة الدِّينَار من عشرَة دَرَاهِم لَيْلًا يبخس الْفُقَرَاء من الْقِيمَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِنْ زَادَتْ صَحَّ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّاب إِنَّمَا يخرج على كُلِّ دِينَارٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَعَنِ الْعَشَرَةِ دِينَارٌ نَظَرًا إِلَى الْأَصْلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِخْرَاجُ الْوَرِقِ عَنِ الذَّهَبِ أَصْوَبُ لِأَجْلِ التَّفْرِيقِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّاز لَا تخرج عَن الْفضة الردية قِيمَتُهَا دَرَاهِمَ أَقَلَّ مِنَ الْوَزْنِ بَلْ يُخْرِجُ مِنْ عَيْنِهَا أَوْ قِيمَتِهَا ذَهَبًا وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الذَّهَبِ الرَّدِيءِ قَالَ سَنَدٌ وَمَنَعَ مَالِكٌ مِنْ إِخْرَاجِ الْحَبِّ وَالْعَرْضِ فِي الْكِتَابِ وَأَجَازَهُ ابْن حبيب إِذْ رَآهُ أَحْسَنَ لِلْمَسَاكِينِ وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ مُعَاذٌ لِأَهْلِ الْيَمَنِ ائْتُونِي بِعَرْضِ ثِيَابٍ آخُذُهُ مِنْكُمْ فِي الصَّدَقَةِ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَوْجَبَ الزَّكَاةَ شُكْرًا لِلنِّعْمَةِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَسَدًّا لِخَلَّةِ الْفُقَرَاءِ أَوْجَبَ الْإِخْرَاجَ مِنْ أَعْيَانِ الْأَمْوَالِ لَيْلًا تَنْكَسِرَ قُلُوبُ الْفُقَرَاءِ بِاخْتِصَاصِ الْأَغْنِيَاءِ بِأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ وَهُوَ مدرك مَالك وش وَإِنَّمَا عَدَلَ مَالِكٌ عَنْ ذَلِكَ لِشِدَّةِ قُرْبِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مِنَ الْآخَرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا خرج أحد النَّقْدَيْنِ على الْآخَرِ فَعَلَى الصَّرْفِ الْأَوَّلِ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي بكر وعَلى الْحَاضِر عِنْد ابْن الْقَاسِم وَيُرِيد بِالْأولِ عشرَة دِينَار قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ لَا يُمْكِنُ مِنْ كَسْرِ الدِّينَارِ السَّكُوكِ لِلْفُقَرَاءِ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ بَعْضُهُ فَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ لَهُ سِكَّةٌ تَخُصُّهُ أَخْرَجَهُ إِنْ وَجَبَتْ جُمْلَتُهُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ فَفِي كَسره قَوْلَانِ مَعَ حُصُولِ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِ كَسْرِ الدِّينَارِ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْكُلِّ وَإِذا قُلْنَا يزكّى فِي قيمَة بَعْضِ الْكَامِلِ فَفِي إِخْرَاجِ قِيمَةِ السِّكَّةِ قَوْلَانِ عَدَمُ اللُّزُومِ لِابْنِ حَبِيبٍ لِأَنَّ السِّكَّةَ لَا يُكْمَلُ بِهَا النِّصَابُ وَاللُّزُومُ لِابْنِ

ص: 56

الْقَابِسِيِّ لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ كَالشُّرَكَاءِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا زكى الْآنِية فَلهُ كسر جرة مِنْهَا خلافًا ل ش وَله جُزْء دَفْعُ جُزْءٍ الْجَمِيعِ شَائِعًا وَلِلْإِمَامِ مَا يَرَاهُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فَلَمْ يُخْرِجْهَا وَاشْتَرَى بِهَا خَادِمًا فَمَاتَتْ أَوْ فَرَّطَ حَتَّى ضَاعَ ضَمِنَ الزَّكَاةَ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ حَتَّى ضَاعَ أَوْ بَقِيَ دُونَ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْن الْحَضْرَمِيّ وش يَخْرُجُ مِمَّا دُونَ النِّصَابِ رُبُعَ عُشْرِهِ لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ شُرَكَاءُ فِيمَا بَقِيَ وَقَالَ ح لَا يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ طَلَبَ مِنْهُ فَامْتَنَعَ وَلَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ وَلَوْ طَلَبَهُ الْمَسَاكِينُ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ لِغَيْرِهِمْ فَلَا يَأْثَمُ بِمَنْعِهِمْ خِلَافًا لَنَا وَالْفَرْقُ عِنْدَهُ أَنَّ الْإِمَامَ وَكِيلٌ لِجُمْلَةِ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فِي قبض الْجُزْء والمشترك فِيهَا آثِمٌ بِالتَّأْخِيرِ كَوَكِيلِ الْغَرِيمِ فِي الدَّيْنِ وَالْمِسْكِينُ لم يتَعَيَّن لَهُ الْحَقُّ وَلَيْسَ وَكِيلًا لِلْجُمْلَةِ تَمْهِيدٌ

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - فَفِيهَا رُبُعُ الْعُشْرِ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَفِيهَا شَاةٌ لَفْظَةُ فِي تَكُونُ لِلظَّرْفِيَّةِ نَحْوَ زِيدٌ فِي الدَّار وللسبب

كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم َ - فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ أَيْ بِسَبَبِ قَتْلِهَا تَجِبُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ لِاسْتِحَالَةِ حُلُول الْإِبِل فِي النَّفس المؤمنة فَإِن جعلناها فِي أَحَادِيثِ الزَّكَاةِ لِلظَّرْفِيَّةِ كَانَ نَصِيبُ الْفُقَرَاءِ أَجزَاء فِي النّصاب فيكونون شُرَكَاء وَمُقْتَضَاهُ أَن لَا يَتَمَكَّنَ الْغَنِيُّ مِنَ الدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ المزكاة وَأَن لَا يَضْمَنَ إِلَّا بِالتَّعَدِّي وَأَنْ يُخْرِجَ مِمَّا بَقِيَ رُبُعَ الْعُشْرِ وَإِنْ جَعَلْنَاهَا لِلسَّبَبِيَّةِ لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ بَلْ وَجَبَ لَهُمْ عَلَى الْغَنِيِّ بِسَبَبِ الْمِلْكِ مِثْلَ رُبُعِ عُشْرِهَا وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَتَمَكَّنَ الْغَنِيُّ مِنَ الدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ الْمُزَكَّاةِ وَلَا يخْرِجُ مِمَّا بَقِيَ دُونَ النِّصَابِ شَيْئًا لانْتِفَاء الْمُسَبّب قبل التَّمَكُّن

ص: 57

وَأَن يَأْثَم بِالتَّأْخِيرِ مُطْلَقًا قَبْلَ التَّمَكُّنِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ تَرْتِيبُ الْمُسَبِّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا فَيَأْثَمُ بِعَدَمِ التَّرْتِيبِ فَهَذَا مَثَارُ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ فَهَلَكَتْ ضَمِنَ إِلَّا أَن يكون الْإِخْرَاج فِي وَقت الاجزاء لِأَن قَبْلَهُ لَمْ يَخْرُجِ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فَهُوَ بَاقٍ وَلَو بعث بهَا حِين وَجَبت لتفريق فَسَقَطت أَجْزَأت لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَكَّلَ إِلَيْهِ قَسْمَ نَصِيبِ الْفُقَرَاءِ وَهَلَاكُ نَصِيبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ الْقَسْمِ مِنْهُ وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى السَّبَبِيَّةِ فَقَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْبَرَاءَةِ لَوْ هَلَكَ جُمْلَةُ الْمَالِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَهِيَ فِيهِ وَكَذَلِكَ إِذَا أُفْرِدَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ تَلَفِ مَالِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ صُرِفَتْ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ بَعَثَ بِصَدَقَةِ الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ مَعَ رَسُولِهِ ضَمِنَ لِأَنَّ شَأْنهَا مَجِيء السَّاعِي أَو الْمُتَصَدّق وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إِذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الْعَيْنِ مِنْ صُنْدُوقِهِ فِي نَاحِيَةِ بَيْتِهِ ضَمِنَهَا حَتَّى يُخْرِجَهَا مِنْ بَيْتِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ يَعْنِي إِذَا كَانَ شَأْنُهُ دَفْعُهَا إِلَى لِلْإِمَامِ وَلَوْ كَانَ هُوَ يَلِي تَفْرِيقَهَا لَمْ يَضْمَنْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 58

(الْبَابُ الثَّانِي فِي زَكَاةِ الْمَعَادِنِ)

وَالْمَعْدِنُ بِكَسْرِ الدَّالِ مِنْ عَدَنٍ بِفَتْحِ الدَّالِ يَعِدِنُ بِكَسْرِهَا عدونا إِذا أَقَامَ وَمِنْه جنَّة عَدْنٍ أَيْ جَنَّاتُ إِقَامَةٍ وَالْمَعْدِنُ يُقِيمُ النَّاسُ فِيهِ صَيْفًا وَشِتَاءً أَوْ لِطُولِ مَقَامِ النَّقْدَيْنِ فِيهِ وَلَا يُسَمَّى رِكَازًا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافًا لِ ح لَنَا مَا فِي الصِّحَاحِ

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - العجماء جَبَّار والبئر جَبَّار وَفِي رِوَايَة جرج العجما جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ وَلَمْ يقدر فِيهِ الْخُمْس وَلِأَنَّ الرِّكَازَ مِنَ الرِّكْزِ وَالْمَعْدِنُ ثَابِتٌ وَلَيْسَ بمركوز وَالنَّظَر فِي جنسه وقده وَمَوْضِعِهِ وَوَاجِدِهِ وَالْوَاجِبِ فِيهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسِهِ قَالَ سَنَدٌ وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةَ إِلَّا فِي مَعْدِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عِنْد مَالك وش وَلَمَّا أَوْجَبَ ح فِي الْمَعْدِنِ الْخُمْسَ أَوْجَبَهُ فِي كُلِّ مَا يَنْطَبِعُ كَالْحَدِيدِ بِخِلَافِ مَا لَا يَنْطَبِعُ كَالْعَقِيقِ وَالْكُحْلِ وَهِيَ نَقْضٌ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الزِّئْبَقِ وَاعْتَبَرَ ابْنُ حَنْبَلٍ كُلَّ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعْدِنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} الْبَقَرَة 167 وَنقص عَلَيْهِ بالطين الْأَحْمَر الْفَصْل الثَّانِي فِي قدره وَفِي الْكتاب لَا يُزَكَّى مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعْدِنِ حَتَّى يَكُونَ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ يُزَكَّى بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ مِنْ غير

ص: 59

حَوْلٍ إِلَّا أَنْ يَنْقَطِعَ ذَلِكَ النَّيْلُ وَيَأْتَنِفَ شَيْئًا آخَرَ فَيَبْدَأُ النِّصَابَ فَاشْتَرَطَ النِّصَابَ مَالِكٌ وش وَابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ح لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى النَّقْدَيْنِ فِي الزَّكَاةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَضُمُّ الذَّهَبَ إِلَى الْوَرِقِ بِالْإِجْزَاءِ فِي الْمَعَادِنِ كَالنَّقْدَيْنِ فِي الزَّكَاةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِضَمِّ الْمَعْدِنَيْنِ فَبَيِّنٌ وَأَمَّا عَلَى الْمَنْعِ فِي ذَلِكَ فَيَبْعُدُ لِاسْتِحَالَة اجتماعها فِي مَعْدن وَاحِد قَالَ سَنَد وَإِن كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ دُونَ النِّصَابِ كَمَّلَ بِهِ النِّصَابَ الْمَعْدِنِيَّ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِوُجُودِ السَّبَبِ مُسْتَجْمِعًا لِمَا يُوجِبُ الزَّكَاةَ وَعَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ لَا يَضُمُّ عَامِلُ الْقِرَاضِ مَا بِيَدِهِ إِذَا كَانَ دُونَ النِّصَابِ بَعْدَ الْحول إِلَى مَا يُزَكِّيه من الرِّبْح لَا يضم هَا هُنَا وَيَسْتَقْبِلُ بِالْجَمِيعِ حَوْلًا لِأَنَّ حُكْمَ الْحَوْلِ إِنَّمَا يعْتَبر فِي النّصاب لَا فِيمَا دونه لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ نِصَابٌ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ ثُمَّ اسْتَخْرَجَ مِنَ الْمَعْدِنِ دُونَ النِّصَابِ لَا يُزَكِّيهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ نَقْضٌ عَلَى عَبْدِ الْوَهَّابِ وَلَوِ اسْتَخْرَجَ دُونَ النِّصَابِ وَبَعْدَ مُدَّةٍ دُونَ النِّصَابِ لَا يَضُمُّ عِنْدَ الْجَمِيعِ ثُمَّ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَتَّصِلَ النَّيْلُ وَهُوَ الْعرق الَّذِي يتبع وَالْعَمَلُ وَهُوَ التَّصْفِيَةُ أَوْ يَنْقَطِعَا مَعًا أَوْ يَتَّصِلُ أَحَدُهُمَا فَإِنِ اتَّصَلَا ضُمَّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ وِفَاقًا وَإِنِ انْقَطَعَا لَا يُضَمُّ أَوْ تصل الْعَمَلَ وَحْدَهُ لَا يُضَمُّ أَوِ النَّيْلَ وَحْدَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالنَّيْلِ دُونَ الْعَمَلِ وَعِنْدَ ش لَوِ انْقَطَعَ الْعَمَلُ بِغَيْرِ عُذْرٍ اسْتَأْنَفَ إِذَا أَعَادَ الْعَمَلَ وَإِنِ اتَّصَلَ النَّيْلُ لَنَا أَنَّ النَّيْلَ هُوَ الْمَقْصُودُ دُونَ الْعَمَلِ فَإِذَا انْقَطَعَ فَلَا زَكَاةَ كَمَا لَوِ انْقَطَعَ سَنَةً وَإِذَا اتَّصَلَ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى قَطْعِ الْعَمَلِ كَمَا لَوْ أَخَّرَ التَّصْفِيَةَ سَنَةً وَقَدْ سَلَّمَهُ ش وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّرْعِ يُسْتَحْصَدُ بَعْضُهُ قَبْلَ بَعْضٍ أَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ فِي جَمِيعِهِ عِنْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَظُهُورِ الْفَرْقِ مِثْلَ نَبَاتِ الزَّرْعِ وَاسْتِخْرَاجِهِ مِثْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَالتَّصْفِيَةِ مِثْلَ الْحَصَادِ

ص: 60

فَمَا لَمْ يَظْهَرْ نَيْلٌ مِثْلَ مَا لَمْ يُحْصَدْ وَيُزْرَعْ فَإِذَا ظَهَرَ فَهُوَ كَزَرْعٍ بَعْدَ زَرْعٍ لَا يُضَمُّ فَائِدَةٌ يُقَالُ النَّيْلُ وَالنَّوْلُ وَالنَّوَالُ وَالنَّائِلُ وَهُوَ الْعَطَاءُ فَإِنِ اسْتَخْرَجَ مَعَادِنَ مَعًا فَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الضَّمِّ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ مُشَبِّهًا لَهَا بِالْفَدَادِينَ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُضَمُّ نَيْلٌ إِلَى نَيْلٍ فَأَوْلَى مَعْدِنٌ إِلَى مَعْدِنٍ وَالْفَرْقُ لِلْمَذْهَبِ أَنْ إِبَّانَ الزَّرْعِ وَاحِدٌ وَالْمِلْكُ شَامِلٌ لِجَمِيعِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَالْمِلْكُ إِنَّمَا يَثْبُتُ فِي الْمَعْدِنِ بِالْعَمَلِ وَنَظَائِرُهُ الْفَوَائِدُ لَا تُضَمُّ فِي الْحَالِ بَلْ فِي الِاسْتِقْبَالِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقْدِمَاتِ تُضَمُّ الْمَعَادِنُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَإِذَا عَمِلَ فِي أَحَدِهِمَا فَأَنَالَهُ ثُمَّ فِي الثَّانِي فَأَنَالَهُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ فِي الثَّالِثِ فَأَنَالَهُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْأَوَّلِ وَالثاني أَضَافَ الْجَمِيعَ إِنْ كَثُرَتْ كَالزَّرْعِ وَلَوْ أَنَالَهُ الثَّانِي قَبْلَ انْقِطَاعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ انْقَطَعَ الْأَوَّلُ وَبَقِيَ الثَّانِي فَأَنَالَهُ الثَّالِثَ قَبْلَ انْقِطَاعِ الثَّانِي أَضَافَ الثَّانِي إِلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَلَمْ يُضِفِ الْأَوَّلَ إِلَى الثَّالِثِ وَلَوْ أَنَالَهُ الْأَوَّلَ وَاتَّصَلَ ثُمَّ أَنَالَهُ الثَّانِي وَانْقَطَعَ ثُمَّ عَادَ وَلَمَّا انْقَطَعَ أَنَالَهُ الثَّالِثَ وَالْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ أَضَافَ الْأَوَّلَ إِلَى الْخَارِجِ مِنَ الثَّانِي قَبْلَ انْقِطَاعِهِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِ أَوْ إِلَى مَا خَرَجَ لَهُ مِنَ الثَّالِثِ وَلَا يُضِيفُ مَا خَرَجَ لَهُ مِنَ الثَّانِي قَبْلَ انْقِطَاعِهِ إِلَى مَا خَرَجَ لَهُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَلَا مَا خَرَجَ لَهُ مِنَ الثَّالِثِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الثَّانِي قَالَ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَهُوَ تَفْسِيرُ مَا فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ الْمَعَادِنَ كَالْأَرَضِينَ قَالَ سَنَدٌ فَإِنِ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي عَمَلِ الْمَعْدِنِ فَحَصَلَ لَهُم نِصَاب قَالَ ستحنون لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ قِيَاسًا عَلَى الزَّرْعِ وَقَالَ عبد الْملك تجب قِيَاسا على اشْتِرَاك الْعَمَل فِي الْقِرَاضِ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِمَنْ أُقْطِعَ الْمَعْدِنَ وَهُوَ وَاحِدٌ وَيَنْبَنِي الْخِلَافُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُمْ كَالشُّرَكَاءِ فَلَا تَجِبُ أَوْ كَالْأُجَرَاءِ فَلَا يَمْلِكُونَ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ وَقَدْ وَجَبَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَالْفَرْعُ مَبْنِيّ

ص: 61

عَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْمَعْدِنِ بِجُزْءٍ مِنْهُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَنْعِهِ وَجَوَّزَهُ أَصْبَغُ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ بِجَامِعِ الضَّرُورَةِ لتعذر بيع الْمَعَادِن الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي وَاجِدِهِ فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا حُرًّا وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ عبدا قَالَ سَحْنُون وش لَا زَكَاةَ قِيَاسًا عَلَى الْعَيْنِ وَقَالَ عَبْدُ الْملك وح تجب قَالَ الْبَاجِيّ لَا يُسْقِطُ الدَّيْنُ زَكَاةَ الْمَعْدِنِ كَالزَّرْعِ الْفَصْلُ الرَّابِع فِي مَوْضِعه قَالَ أَبُو الطااهر الْمَعْدِنُ ثَلَاثُ أَقْسَامٍ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ فَلِلْإِمَامِ وَمَمْلُوكُهُ لِمَالِكٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَقِيلَ كَالْأَوَّلِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَالِكِ وَقِيلَ لِمَنِ افْتَتَحَ تِلْكَ الْأَرْضَ أَوْ لِوَارِثِهِ وَمَمْلُوكَةٍ لِمَالِكٍ مُعَيَّنٍ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِمَالِكِهَا لِلْإِمَامِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ النَّقْدَيْنِ فَيَكُونُ لِلْإِمَامِ لِأَجْلِ الزَّكَاةِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا فَلِلْمَالِكِ وَفِي الْكِتَابِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا فِي أَرْضِ الْعَرَبِ أَو البربر أَو للعنوة فَلِلْإِمَامِ إِقْطَاعُهُ وَأَخْذُ زَكَاتِهِ ظَهَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي الْإِسْلَام وَمَا ظهر فِي أَرض الصُّلْح فللأهلة دُونَ الْإِمَامِ قَالَ سَنَدٌ اخْتِصَاصُ مَا فِي الْفَيَافِي بِالْإِمَامِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْإِقْطَاعُ هُوَ جَعْلُ الِانْتِفَاعِ لَهُ بِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ مُطْلَقَةً عَلَى غَيْرِ التَّمْلِيكِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أقطع صلى الله عليه وسلم َ - الْمِلْحَ الَّذِي بِمَأْرِبَ ثُمَّ نَزَعَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُبَاعُ لِلْغَرَرِ وَلَا يُورَثُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُبَاعُ وَيُورَثُ كَبِئْرِ

ص: 62

الْمَاشِيَةِ وَسَبَبُ تَعْيِينِ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ خَوْفًا مِنَ الْفِتْنَةِ عَلَيْهِ وَاجْتِمَاعِ السُّفَهَاءِ إِلَيْهِ وَمَا كَانَ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ فَلِلْإِمَامِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِجَمِيعِ الْأَصْحَابِ سَوَاءً كَانَتْ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا أَوْ لِلْعَرَبِ لِأَجْلِ مَا فِيهِ مِنَ الزَّكَاةِ وَدَرْءًا لِلْفِتْنَةِ وَعِنْدَ الْأَصْحَابِ لِرَبِّ الْمَكَانِ أَنْ يُعَامِلَ عَلَيْهِ وَفِيهِ الزَّكَاةُ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ ظَاهِرَ الْأَرْضِ مَلَكَ بَاطِنَهَا وَأَجْزَاءَهَا وَابْنُ الْقَاسِمِ يَمْنَعُ أَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ بَلْ من الْأَعْيَان الْمُبَاحَة كَمَا الْبُحَيْرَةِ وَمَا ظَهَرَ بِفَيَافِي الصُّلْحِ وَمَوَاتِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا يُضَايَقُونَ فِي أَرْضِهِمْ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ لِلْإِمَامِ لِأَنَّهُ لم يقْصد بِعقد الصُّلْحِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إِذَا أَسْلَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُمْ عَلَيْهِ وحكمهم حكم المساجين خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْوَاجِبِ وَفِيه رُبُعُ الْعُشْرِ عِنْدَنَا وَيُصْرَفُ فِي مَصَارِفِ الزَّكَاةِ لَا فِي مَصَارِفِ الْفَيْءِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَوَافَقَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح الْخُمْسُ محتجا

بقوله صلى الله عليه وسلم َ - وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ قِيلَ لَهُ وَمَا الرِّكَازُ قَالَ هُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ الْمَخْلُوقَانِ فِي الْأَرْضِ يَوْم خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْضَ وَلِأَنَّهُ كَانَ فِي أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ فَأَزَلْنَاهُمْ عَنْهُ فَيجِبُ فِيهِ الْخُمْسُ كَالْغَنَائِمِ وَإِعْرَاضُ الْغَانِمِينَ عَنْهُ لَا يُسْقِطُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْمُعَارَضَةُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَعَنِ الثَّانِي النَّقْضُ بِمَا إِذَا وَجَدَهُ فِي دَارِهِ فَقَدْ قَالَ فِيهِ رُبُعُ الْعُشْرِ وَفِي الْمُوَطَّأ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ

ص: 63

الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفَرْع فَتلك الْمَعَادِن لَا يوخذ مِنْهَا إِلَى الْيَوْمِ إِلَّا الزَّكَاةُ وَهَذَا إِجْمَاعٌ فَائِدَةٌ مِنَ التَّنْبِيهَاتِ الْقَبَلِيَّةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ بِوَاحِدَة وَكسر اللَّام وَالْفرع بِضَم الْفَاء وَحُكِيَ إِسْكَانُ الرَّاءِ قَالَ غَيْرُهُ الْقَبَلِيَّةُ نِسْبَةٌ إِلَى سَاحل الْبَحْر وَفِي الْكتاب النذرة والتابة يُوجَدُ بِغَيْرِ عَمَلٍ أَوْ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ فِيهَا الْخُمْسُ كَالرِّكَازِ قَالَ سَنَدٌ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ التَّصْفِيَةُ دُونَ الْحَفْرِ وَالطَّلَبِ مِمَّا لَا تَصْفِيَةَ فِيهِ فَهُوَ النَّدْرَةُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا الزَّكَاةُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَتَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ وَلِأَنَّ الْخُمْسَ إِنَّمَا وَجَبَ فِي الرِّكَازِ لِشَبَهِهِ بِالْغَنِيمَةِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ وَهَذَا نَبَاتُ الْأَرْضِ وَرَاعَى الْمَذْهَبُ خِفَّةَ الْعَمَلِ اعْتِبَارًا بِالسَّيْحِ وَالنَّضْحِ فِي الزَّرْعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْقَلِيلِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ وَبَيْنَ الْكَثِيرِ فَالْخُمْسُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إِنْ كَانَتْ مُمَازَجَةً لِلتُّرَابِ تَحْتَاجُ إِلَى تَخْلِيصٍ فَهِيَ كَالْمَعْدِنِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا قُلْنَا بِالزَّكَاةِ اعْتَبَرْنَا النِّصَابَ قَوْلًا وَاحِدًا وَضَمَمْنَاهَا إِلَى الْمَعْدِنِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْخُمْسِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي الرِّكَازِ فَائِدَةٌ النَّدْرَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُنْقَطِعُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَنْ هَيْئَتِهِ وَمِنْهُ نَدَرَ الْعَظْمَ أَيْ قَطَعَهُ وَنَادِرُ الْكَلَامِ مَا خَرَجَ عَنْ أُسْلُوبِهِ سُؤَالٌ الْمَعْدِنُ يُشْبِهُ النَّقْدَيْنِ فِي جَوْهَرِهِ وَالزَّرْعَ فِي هَيْئَتِهِ فَلِمَ رُتِّبَ عَلَى شِبْهِ النَّقْدِ النِّصَابُ وَالْجُزْءُ الْوَاجِبُ دُونَ الْحَوْلِ وَهُوَ مِنْ أَحْكَامِ النَّقْدِ وَرُتِّبَ إِسْقَاطُهُ لِشَرْعِ الزَّرْعِ فَمَا الْمُرَجَّحُ جَوَابُهُ أَنَّ الْجَوَاهِرَ أَصْلٌ وَالْهَيْئَةُ فَرْعٌ وَالنِّصَابُ سَبَبٌ وَهُوَ أَصْلُ الْحُكْمِ وَالْحَوْلُ شَرْطٌ تَابِعٌ فَجُعِلَ الْأَصْلُ للْأَصْل والتبع وَلَمَّا كَانَ السَّبَبُ مُسْتَلْزِمًا لِمُسَبِّبِهِ الَّذِي هُوَ الْجُزْءُ الْوَاجِبُ أُلْحِقَ بِهِ وَبِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْحَوَلِ قَالَ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ فِيهِ حَقٌّ فَلَوِ اشْتَرَطَ الْحَوْلَ لَكَانَ الْمَأْخُوذُ

ص: 64

حَقَّ الْعَيْنِ فَيَبْطُلُ حَقُّ الْمَعْدِنِ وَهُوَ خِلَافٌ الْإِجْمَاعِ قَالَ سَنَدٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ مَالِكٍ أَنَّ الزَّكَاة تجب بانفصاله عَن الْمَعْدن كَمَا تجب فِي الزَّرْع وَالثَّمَرَة وببدو الصَّلَاحِ وَيَقِفُ الْإِخْرَاجُ عَلَى التَّصْفِيَةِ وَالْكَيْلِ كَالزَّرْعِ وَلَا تَسْقُطُ مِنْهُ النَّفَقَةُ وَالْكَلَفُ كَالزَّرْعِ وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّة فِي الْمَوْضِعَيْنِ خلافًا ل ح

ص: 65

صفحة فارغة

ص: 66

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرِّكَازِ)

وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ رَكَزْتَ الْخَشَبَةَ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ أَمْوَالٌ جُعِلَتْ فِي الأَرْض وَهُوَ المطالب فِي الْمُعَرّف وَتَتَمَهَّدُ فُرُوعُهُ بِالنَّظَرِ فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ وَمَوْضِعِهِ وَوَاجِدِهِ وَالْوَاجِبِ فِيهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسِهِ وَفِي الْكِتَابِ كَانَ يُخَصِّصُهُ بالنقدين ثمَّ رَجَعَ إِلَى تعميمه فيهمَا أَو فِي غَيرهمَا وَبِه قَالَ ابْن حَنْبَل وح خلافًا ل ش لنا عُمُوم

قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ وَقِيَاسًا عَلَى الْغَنِيمَةِ وَوَجْهُ الأول أَنه مَال يُسْتَفَاد من الألاض فَيُخْتَصُّ حُكْمُهُ بِبَعْضِ أَنْوَاعِهِ كَالْمَعْدِنِ وَالْحُبُوبِ وَقَالَ إِنْ أُصِيبَ بِعَمَلٍ أَوْ بِغَيْرِ عَمَلٍ فَهُوَ رِكَازٌ وَقَالَ أَيْضًا مَا أُصِيبَ بِكُلْفَةٍ أَوْ بِمَالٍ فَلَيْسَ بِرِكَازٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ أَنَّهُ لَهُ حُكْمُ الْمَعْدِنِ لِأَجْلِ الْكُلْفَةِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي قدره وَفِي الْكِتَابِ لَا يُشْتَرَطُ النِّصَابُ وَفِي الْجُلَّابِ فِي الْقَلِيلِ رِوَايَتَانِ فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ مَا دُونَ النِّصَابِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَوْضِعِهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ الْعَنْوَةُ وَالصُّلْحُ وَدَارُ الْحَرْبِ وَالْفَيَافِي وَالْمَجْهُولُ الْحَالِ وَفِي الْكِتَابِ مَا وُجِدَ فِي الْفَيَافِي أَوْ أَرْضِ الْعَرَبِ فَهُوَ لواجده وَعَلِيهِ الْخمس

لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ

ص: 67

وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَمَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَهُوَ لِجَمِيعِ مَنِ افْتَتَحَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ الْخُمُسُ أَوْ بِأَرْضِ الصُّلْحِ فَهُوَ للَّذين صولحوا وَلَا يُخَمّس وَلَوْ وُجِدَ فِي دَارِ أَحَدِهِمْ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ رَبُّ الدَّارِ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَيْسَ مِنْهُمْ فَيَكُونُ لَهُمْ دُونَهُ أَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ لِجَمِيعِ الْجَيْشِ قَالَ سَنَدٌ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْإِمَامِ مُرَاعَاةً لِعَقْدِ الصُّلْحِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ هُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ لِأَنَّ عَقْدَ الصُّلْحِ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ كَانَ لُقَطَةً يُعَرَّفُ فَيَكُونُ لِمَنْ عَرَفَهُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ بِسَبَبِ أَنَّ لِكُلِّ مِلَّةٍ سِكَّةٍ وَعَلَامَاتٌ وَلَا لِمَنْ لَهُ ذِمَّةٌ وَلَا لِوَارِثِ ذِي ذِمَّةٍ فَهُوَ لِوَاجِدِهِ وَفِيهِ الْخُمُسُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِأَهْلِ الصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ وَاجِدُهُ مِنْهُمْ وَإِذَا قُلْنَا إِنَّهُ لُقَطَةٌ حَلَفَ مُدَّعِيهِ فِي الْكَنِيسَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ هُوَ لِوَاجِدِهِ كَانَ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ أَوِ الْعَنْوَةِ أَو للْعَرَب نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْمُوجِبَ لِاسْتِحْقَاقِ مَا فَوْقَ الْأَرْضِ مِنْ فَتْحٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ إِسْلَامٍ لَا يُوجب اسْتِحْقَاق مَا تحتهَا ويقويه مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ إِنَّ مَا فِي قُبُورِ الْجَاهِلِيَّةِ لِوَاجِدِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ مَنْ يَدْفِنُ الْمَالَ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ فِي فَارِسَ وَالرُّومِ وَالَّذِينَ بِلَادُهُمْ عَنْوَةٌ قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ لِأَهْلِ الْعَنْوَةِ أَوْ وَرَثَتِهِمْ فَهُوَ لِأَهْلِ الْفَتْحِ وَإِنْ كَانَ عَادِيًّا فَهُوَ لِوَاجِدِهِ لِأَنَّهُ كَالصَّيْدِ وَالْحَشِيشِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْجَيْشُ إِلَّا مَا كَانَ بِأَيْدِي مَنْ قَاتَلُوهُ وَإِذَا قُلْنَا لِلْجَيْشِ فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا خَمَّسَ وَدَفَعَ إِلَيْهِمْ بَاقِيهِ وَمَنْ غَابَ رُفِعَ لَهُ نُصِيبُهُ كَالْغَنِيمَةِ وَإِنِ انْقَرَضَ الْجَيْشُ وَلَمْ تَنْضَبِطْ ذُرِّيَّتُهُ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ كَاللَّقْطَةِ يُفَرَّقُ عَلَى مَسَاكِينِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ إِنْ كَانُوا مِنْ بَقَايَا أَهْلِ الْفَتْحِ وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ لِلْإِمَامِ وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ يُدْفَعُ لِلسُّلْطَانِ الْعَدْلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا أَخَذَ

ص: 68

وَاجِدُهُ خُمْسَهُ وَعَمِلَ فِي بَاقِيهِ مَا يَعْمَلُهُ فِي اللُّقَطَةِ وَلَوْ وُجِدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ الْفَتْحِ مِنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ فَفِي الْكِتَابِ هُوَ لِجَمَاعَةِ الْجَيْشِ الَّذِينَ مَعَ الْوَاجِدِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَهُ بِهِمْ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يَخْتَصُّ بِهِ وَاجِدُهُ إِذْ لَا مِلْكَ لِلْكُفَّارِ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ إِنَّ كَانَ عَادِيًّا فَلِوَاجِدِهِ وَفِيهِ الْخُمْسُ وَإِنْ كَانَ لِأَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ أَوْ لِمَنْ هُوَ مِنْ وَرَثَتِهُمْ فَهُوَ غَنِيمَةٌ لِلْجَيْشِ وَيَخْمُسُ جَمِيعَهُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا وَلَوْ وُجِدَ بَيْنَ أَرْضِ الصُّلْحِ وَالْعَنْوَةِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا جَهِلَ أَعَنْوَةٌ هُوَ أَمْ صُلْحٌ فَهُوَ لِوَاجِدِهِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ غَيْرِهِ قَالَ وَمَا تقدم إِنَّمَا هُوَ فِي موَات الأَرْض أَو مَا وُجِدَ فِي مِلْكِ أَحَدٍ مِنَ الْعَنْوَةِ أَوِ الصُّلْحِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ وَجَدَهُ صَاحِبُ الدَّارِ أَوِ الْأَرْضِ فَهُوَ لَهُ عِنْدَ عَبْدِ الْملك وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْعَنْوَةِ أَمَّا مَنْ وَجَدَهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَلِرَبِّ الدَّارِ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى ظَاهِرِهَا فَيَكُونُ عَلَى بَاطِنِهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رَبُّ الدَّارِ هُوَ الْوَاجِدُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ أَوْ وُجِدَ فِي دَارِهِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى دَارِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِفَتْوَاهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا هُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ إِنْ كَانَ جَاهِلِيًّا كَالصَّيْدِ يَخْتَصُّ بِهِ السَّابِقُ إِلَيْهِ وَعَلَى الأول لَو انْتَقَلت إِلَيْهِ بالتملك فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيَّةِ إِنِ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتِ الدَّارُ مَوْرُوثَةً وَقُسِّمَتْ كَانَتْ لِجُمْلَةِ الْوَرَثَةِ وَيُقْضَى مِنْهُ دَيْنَ الْمَيِّت إِلَّا أَن يكون الْمَيِّت اشترها كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْعُقُودَ إِنَّمَا تَنْقِلُ مَا حَصَلَ بِهِ الرِّضَا حَالَةَ الْمُعَارَضَةِ وَالْمَجْهُولُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الرِّضَا فَإِنِ ادَّعَاهُ الْمُبْتَاعُ دُونَ الْبَائِعِ وَأَنَّهُ الَّذِي حَفِظَهُ فِي مَوْضِعِهِ قُضِيَ لَهُ بِهِ لِلْيَدِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارَضَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَا يُوجَدُ فِي الدَّارِ لِرَبِّهَا يحلف أَنه مَا وجده فِيهِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ لَا يَحْلِفُ فَإِنِ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ دُونَ الْمُبْتَاعِ فَلَا يَدْفَعُ لَهُ على قَول ابْن نَافِع حَتَّى تثبت صِحَّةَ مَا ادَّعَاهُ فَإِنِ ادَّعَاهُ رَبُّ الدَّارِ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ وَقَوْلُ رَبِّ الدَّارِ عِنْدَ غَيْرِهِ نَظَرًا إِلَى اسْتِيلَاءِ الْيَدِ أَوِ اشْتِمَالِ الدَّارِ عَلَيْهِ كَالْيَدِ أَمَّا مَا وُجِدَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ كَالْقُرْآنِ وَأَسْمَاء الْخُلَفَاء

ص: 69

فَهُوَ لُقَطَةٌ لَيْسَ بِرِكَازٍ وَإِنَّمَا الرِّكَازُ فِي أَمْوَالِ الْكُفَّارِ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَوْ بَطْنِهَا فِي الْبَرِّ أَوِ الْبَحْرِ فَإِنْ أُشْكِلَ فَلِوَاجِدِهِ وَيَخْمُسُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُعَارِضِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ فَلِوَاجِدِهِ لَا يَخْمُسُ لِعَدَمِ شَبَهِهِ بِالْخُمْسِ وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِلْكٌ مَعْصُومٌ فَهَلْ هُوَ لِوَاجِدِهِ لِأَنَّ التَّرْكَ بِالْفِعْلِ كَالتَّرْكِ بِالْقَوْلِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ لِرَبِّهِ رِوَايَتَانِ أَمَّا لَوْ تَرَكَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لِعَطَبِ الْبَحْرِ فَلِصَاحِبِهِ وَعَلَيْهِ لِجَالِبَهِ كَرَاءُ مُؤْنَتِهِ وَكَذَلِكَ الْمَتْرُوك بمضيعة بِالْبرِّ أوالبحر أَوْ عَجَزَ عَنْهُ رَبُّهُ فِيهِ خِلَافٌ فَرْعٌ كُرِهَ فِي الْكِتَابِ حَفْرُ قُبُورِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالطَّلَبُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ قَالَ وَفِي رِكَازِهَا الْخُمْسُ أَمَّا الْكَرَاهَةُ فَحَذَرًا مِنْ مَوَاطِنِ الْعَذَابِ أَوْ مِنْ أَنْ يُصَادِفَ قَبْرَ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ

لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا وَأَنْتُمْ بَاكُونَ فَلَا يُدْخَلُ لِلدُّنْيَا وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - مَرَّ بِقَبْرٍ فَقَالَ هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ وَكَانَ بِهَذَا الْحَرَمِ يَدْفَعُ عَنْهُ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهُ أَصَابَتْهُ النِّقْمَةُ الَّتِي أَصَابَتْ قَوْمَهُ بِهَذَا الْمَكَانِ فَدُفِنَ فِيهِ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنُ ذَهَبٍ إِنْ أَنْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ أَصَبْتُمُوهُ مَعَهُ فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ وَأَخْرَجُوا الْغُصْنَ تَحْقِيقًا لصدقه صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ سَنَد لم يَكْرَهْهُ أَشْهَبُ قِيَاسًا لِمَمَاتِهِمْ عَلَى حَيَاتِهِمْ فَإِنْ كَانَ نَفْسُ الْقَبْرِ رَصَاصًا أَوْ رُخَامًا خَمَسَ على الْخلاف لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ بِخِلَافِ مَا يَكُونُ جِدَارًا فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهُ تَابع للْأَرْض لَا يُخَمّس كالأرض

ص: 70

الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي وَاجِدِهِ وَفِي الْكِتَابِ يجِبُ فِيهِ الْخُمْسُ وَإِنْ كَانَ وَاجِدُهُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرا أَو مديانا أَو ذِمِّيا الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْوَاجِبِ فِيهِ وَهُوَ الْخُمْسُ لِلْحَدِيثِ وَقِيَاسًا عَلَى الْغَنَائِمِ قَالَ سَنَدٌ وَمَصْرِفُهُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ح مَصْرِفُ الْفَيْءِ وَعِنْدَ ش مَصْرِفُ الزَّكَاةِ وَقَاسَهُ عَلَى الزَّرْعِ وَالْمَعْدِنِ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَالًا لِنَبِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ من الْأُمَم السالفة فَلَا يصرف مَاله الْفَيْءِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ إِلْحَاقَ الْخُمْسِ بِالْخُمْسِ أَوْلَى وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ

ص: 71

صفحة فارغة

ص: 72

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ)

وَالنَّظَرُ فِي الْمُوجِبِ وَالْوَاجِبِ وَوَقْتِ الْوُجُوبِ وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَصِفَةِ الْإِخْرَاجِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَنْظَارٍ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْمُوجِبِ وَفِيهِ بَحْثَانِ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الْأَنْعَام 6 قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا حُكْمٌ عَامٌّ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَالْحُكْمُ الْمُشْتَرَكُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّلًا بعلة مُشْتَركَة وَاخْتلفُوا فِيهَا فَقَالَ ملك هِيَ الْادِّخَارُ لِلْقُوتِ غَالِبًا لِأَنَّهُ وَصْفٌ مُنَاسِبٌ فِي الِاقْتِيَاتِ مِنْ حِفْظِ الْأَجْسَادِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ مَصَالِحِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَإِذَا عَظُمَتِ النِّعْمَةُ وَجَبَ الشُّكْرُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ فَلِذَلِكَ تَجِبُ فِي الزَّيْتُونِ وَالسِّمْسِمِ لِلِاقْتِيَاتِ مِنْ زَيْتِهِمَا وَفِي الْقَطَّانِيِّ لِلِاقْتِيَاتِ بِهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ الَّتِي يَكْثُرُ وُقُوعُهَا وَلَا تَجِبُ فِي الْفَوَاكِهِ وَالتَّوَابِلِ وَالْعُسُولِ لِأَنَّهَا لَا تدخل لِذَلِكَ وَوَافَقَهُ ش فِي الْمَنَاطِ وَخَالَفَهُ فِي تَحْقِيقِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَقَالَ ح الْمَنَاطُ تَنْمِيَةُ الْأَرْضِ وَإِصْلَاحُهَا فَإِنَّهَا سَبَبُ الْحَيَاةِ وَمُنْشَأُ الْأَقْوَاتِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ

قَوْلُهُ عليه السلام فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ أَيْ إِذَا سَقَتِ السَّمَاءُ نَمَتِ الْأَرْضُ وَلَمْ يُعْتَبَرِ الِاقْتِيَاتُ فَلِذَلِكَ

ص: 73

تَجِبُ عِنْدَهُ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ وَالتَّوَابِلِ وَالْعَسَلِ وَالْمُسْتَثْنَى الْقَصَبُ وَالْحَطَبُ وَالْحَشِيشُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْكَيْل والادخال فِي الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ فَأَوْجَبَهَا فِي اللَّوْزِ لِأَنَّهُ يُكَالُ دُونَ الْجَوْزِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ لَنَا عَلَى الْفرق

قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي مُسْلِمٍ لَا صَدَقَةَ فِي حَبٍّ وَلَا تمر حَتَّى يبلغ خَمْسَة أَو سُقْ وَهُوَ عَام من جملَة الْحُبُوب وَالثِّمَار فيتمسك بِهِ حَيْثُ نُوزِعْنَا فِي الثُّبُوتِ

وَقَوْلُهُ عليه السلام فِي التِّرْمِذِيِّ الْخُضْرَوَاتِ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ حَيْثُ نُوزِعْنَا فِي النَّفْيِ وَضَعَّفَ التِّرْمِذِيُّ إِسْنَادَهُ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَوْ كَانَتْ فِي الْخضر لعلم ذَلِك فِي زَمَانه صلى الله عليه وسلم َ - وَكَانَ مَعْلُومًا بِالْمَدِينَةِ وَبِهَذَا اسْتَدَلَّ مَالِكٌ عَلَى أَبِي يُوسُفَ بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ فَرَجَعَ أَبُو يُوسُفَ إِلَيْهِ وَلِأَنَّ الْكَيْلَ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ فَيُلْغَى وَتَنْمِيَةُ الْأَرْضِ وَسِيلَةٌ لِلْقُوتِ وَالْمَقْصِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَسِيلَةِ وَيبقى الإدخار وَهُوَ دَاخل فِيمَا ذَكرْنَاهُ وَسِيلَة للقوت والمقصد مقدم على الْوَسِيلَة فيرتجح مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ وَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُعْرَفُ بِتَخْرِيجِ المناط وظابطها أَن تَمَّرَ أَوْصَافَ مَحَلِّ الْحُكْمِ فَنَلْغِي الطَّرْدِيَّ وَنُضِيفُ الْحُكْمَ الْمُنَاسِبَ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنَ الزَّيْتُونِ وَلَا يخرص ويأمن أَهْلُهُ عَلَيْهِ كَالْحَبِّ خِلَافًا لِ ش مُلْحِقًا لَهُ بِسَائِرِ الْفَوَاكِهِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَالنَّخْلَ وَالزَّرْع مُخْتَلف أكله وَالزَّيْتُون وَالرُّمَّان} إِلَى قَوْلِهِ {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} الْأَنْعَام 141 وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِيمَا

ص: 74

سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَلِأَنَّهُ أَعَمُّ مَنْفَعَةً مِنَ الْقَطَّانِيِّ وَلِأَنَّ الشَّامَ لَمَّا فُتِحَ أَمَرَ عُمَرُ رضي الله عنه بِأَخْذِ الزَّكَاةِ مِنَ الزَّيْتُونِ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَعَلَى الْآيَةِ سؤلان الْأَوَّلُ أنَّ الزَّيْتُونَ لَا يُؤْكَلُ مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ فَلَا يَكُونُ مُرَادًا الثَّانِي أَنَّ لَفْظَ الْحَصَادِ ظَاهِرٌ فِي الزَّرْعِ فَيُخَصُّ الْحُكْمُ بِهِ قَالَ سَنَد قَالَ ملك لَا زَكَاةَ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ زَيْتُونِ الْجِبَالِ وَثِمَارِهَا الْمُبَاحَةِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ فِيهِ قَبْلَ الْحَوْزِ أَمَّا لَوْ حَازَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَسَقَاهُ وَتَعَاهَدَهُ عَلَى هَيْئَةِ عَادَةِ تَنْمِيَةِ الْأَمْلَاكِ زَكَّى وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ إِنْ جَعَلَهُ غَنِيمَةً فَفِيهِ الْخُمْسُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا بَلَغَ حب الفجل والجلجلان خَمْسَة أَو سُقْ أُخِذَتِ الزَّكَاةُ مِنْ زَيْتِهِ فَإِنْ بِيعَ حَبًّا أُخِذَ مِنْ حَبِّهِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى زَيْتِهِمَا فِي الْقُوتِ مِثْلَ الْقَطَانِيِّ وَأَكْثَرَ قَالَ سَنَد وَقَالَ أصبغ فِي بزر الْكَتَّانِ الزَّكَاةُ وَهُوَ أَعَمُّ نَفْعًا مِنْ حَبِّ الْقُرْطُمِ خِلَافًا لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ أَصْحَابُنَا وعَلى القَوْل يتزكية حب الفجل يزكّى بزر السَّلْجَمِ لِعُمُومِ نَفْعِهِ بِمِصْرَ وَالْعِرَاقِ وَمِثْلُهُ زَيْتُ الْجَوْز بخراسان قَالَ وَفِي السَّلْجَمِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ حَبُّهُ وَلَا دِهْنُهُ وَلَا بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِ الْأَكْلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي حَبِّ الْفُجْلِ وَزَرِيعَةِ الْكَتَّانِ وَالْقُرْطُمِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ كَثِيرِ الزَّيْتِ فَتجب وَبَين قلته فَلَا تَجِبُ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ وَالنَّفْيُ لِابْنِ الْقَاسِم من بزر الْكَتَّان قَالَ وَتجب الزَّكَاة فِي كل مَاله زَيْتٌ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ يجِبُ تَقْيِيدُهُ فَإِنَّ الْجَوْزَ وَغَيره فِيهِ الزَّيْت وَلَا زَكَاة فِيهِ الثَّالِث قَالَ سَنَدٌ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي عَدَمِ الزَّكَاةِ فِي الْعَسَلِ خِلَافًا لِ ح مُحْتَجًّا بِأَنَّ هِلَالًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - بِعُشُورِ نَحْلٍ لَهُ وَسَأَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ لَهُ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ سَلَبَةُ فَحَمَاهُ لَهُ فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَيْهِ عَامله

ص: 75

يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ يُؤَدِّي إِلَيْكَ مَا كَانَ يُؤَدِّيهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - فَبَقِّهِ وَلِأَنَّهُ مِمَّا تُنَمَّى لَهُ الْأَرْضُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَأْخُوذَ قُبَالَةُ حِمَايَةِ الْوَادِي وَعَن الثَّانِي أَنه ينتفض بِالسَّمْنِ فَإِنَّهُ يُطْلَبُ لَهُ الرَّبِيعُ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كتب إِلَى عَامله أَن لَا يُؤْخَذَ مِنَ الْعَسَلِ وَلَا مِنَ الْخَيْلِ صَدَقَةٌ الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا زَكَاةَ فِي الْفَوَاكِهِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَنَحْوِهِمَا وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِ ح وَعَبْدِ الْمَلِكِ مِنَّا وَابْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا يُكَالُ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَا تُدَّخَرُ لِلْقُوتِ غَالِبًا وَلِأَنَّهَا لَا تُؤَدَّى مِنْهَا مُوَاسَاةُ الْأَقَارِبِ فِي نَفَقَاتِهِمْ فَأَوْلَى الْمَسَاكِينُ لِتَأْكِيدِ حَقِّ الْغَرِيبِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِنَّمَا أَسْقَطَ مَالك زَكَاة التِّين لعدمه من الْمَدِينَة وتحتمل الزَّكَاةُ قِيَاسًا عَلَى الزَّبِيبِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الأندلس كَمَا أَن الْأرز بِالْعِرَاقِ أَكْثَرُ مِنَ الْبُرِّ وَالذُّرَةِ بِالْيَمَنِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِ الْيَمَنِ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لَا زَكَاة فِي القرطم وبزر الْكَتَّانِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ يُعْصَرُ مِنْهُ زَيْتٌ كثير قَالَ فَحِينَئِذٍ فيهمَا الزَّكَاة فَكَذَلِك هَا هُنَا وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ فِي الْبِلَادِ أَوْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مَوْضِعُ الْأَحْكَامِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي قَدْرِهِ وَالنِّصَابُ عِنْدَنَا مُعْتَبَرٌ وَعِنْدَ الْكَافَّةِ إِلَّا ح أَوْجَبَ فِي الْقَلِيل وَالْكثير لعُمُوم قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَلِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْحَوْلُ فِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ النِّصَابُ لَنَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْمُوَطَّأِ

لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ وَالْمُقَيَّدُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُطْلَقِ وَجَوَابُ مُسْتَنَدِهِ أَن

ص: 76

الْكَلَامَ إِذَا سِيقَ لِمَعْنًى لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ فَإِذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ لَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ لِأَنَّهُ لَمْ يرد إِلَّا لبَيَان خصر مُوجب الْغسْل فَكَذَلِك هَا هُنَا إِنَّمَا وَرَدَ لِبَيَانِ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ لَا لِبَيَانِ مَا يجب فِيهِ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْحَوْلُ فَلِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا اشْتَرَطَهُ لِتَحْصِيلِ النَّمَاءِ فِي إِنْبَاتِهِ وَالنَّمَاءُ قَدْ كَمُلَ هُنَا فَحَصَلَتْ مَصْلَحَةُ الْحَوْلِ بِخِلَافِ النِّصَابِ وَفِي الْجَوَاهِرِ النِّصَابُ خَمْسَةُ أوسق الوسق سِتُّونَ صَاعًا وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ هُوَ سِتَّةُ أَقْفِزَةٍ وَرُبُعُ قَفِيزٍ بِالْقَفِيزِ الْقَرَوِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ عَشَرَةُ أَرَادِبَ بِالْمِصْرِيِّ وَفِي الْجُلَّابِ هُوَ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةُ رِطْلٍ بِالْبَغْدَادِيِّ فَائِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَقَفْتُ مِنْ تَحْرِيرِ مَقَادِيرِ أَوْزَانِ الزَّكَاةِ وَمَكَايِيلِهَا عَلَى مَا رَأَيْتُ أَنْ أُثْبِتَهُ رَجَاءَ النَّفْعِ بِهِ وَهُوَ مَا خَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ -

الْمِكْيَالُ عَلَى مِكْيَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ عَلَى وَزْنِ أَهْلِ مَكَّةَ وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْن حَنْبَل قَالَ عبرت مده صلى الله عليه وسلم َ - رِطْلٌ وَثُلُثٌ وَلَا يَبْلُغُ فِي التَّمْرِ هَذَا قَالَ وَبَحَثْتُ غَايَةَ الْبَحْثِ فَأَخْبَرَنِي كُلُّ مَنْ وَثِقْتُ بِتَمْيِيزِهِ أَنَّ دِينَارَ الذَّهَبِ وَزْنُهُ بِمَكَّةَ اثْنَانِ وَثَمَانُونَ حَبَّةً وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ حَبَّةٍ بِالْحَبِّ مِنَ الشَّعِيرِ الْمُطْلَقِ وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةُ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ فالدرهم الْمَكِّيّ سَبْعَة وَخَمْسُونَ حَبَّةً وَسَبْعَةُ أَعْشَارِ حَبَّةٍ وَعُشْرُ عُشْرِ حَبَّة فالرطل مائَة وَثَمَانِية وَعِشْرُونَ درهما بِالدَّرَاهِمِ الْمَذْكُورِ قَالَ وَوَجَدْنَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا يَخْتَلِفُ مِنْهُم اثْنَان فِي أَن مده صلى الله عليه وسلم َ - الَّذِي تُؤَدَّى بِهِ الصَّدَقَةُ لَيْسَ أَكْثَرَ مِنْ رِطْلٍ وَنِصْفٍ وَلَا أَقَلَّ مِنْ رِطْلٍ وَرُبْعٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ رِطْلٌ وَثُلُثُ وَلَيْسَ بِاخْتِلَافِ وَلَكِنْ بِحَسْبِ الْمُكَيَّلِ مِنَ التَّمْرِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَمِنْ غَيْرِ الْجَوَاهِرِ الرِّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا بالدرهم الْمَذْكُور

ص: 77

تَنْبِيهٌ الدِّرْهَمُ الشَّرْعِيُّ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ حَبَّةً وَسِتَّةُ أَعْشَارِ حَبَّةٍ وَعُشْرُ عُشْرِ حَبَّةٍ بِحَبِّ الشَّعِيرِ الْوسط فَإِن كمل سَبْعَة مثاقل عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَإِذَا قَسَّمْتَهَا عَلَى السَّبْعَةِ خَرَجَ هَذَا الْقَدْرُ وَدِرْهَمُ مِصْرَ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ حَبَّةً قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَالرِّطْلُ الشَّرْعِيُّ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَيَكُونُ قَدْرُهُ بِدِرْهَمِ مِصْرَ مِائَةً وَخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ حَبَّةً وَخُمْسَ حَبَّةٍ وَالْمُدُّ الشَّرْعِيُّ مَا وَسِعَ رِطْلًا وَثُلُثًا بِالرِّطْلِ الشَّرْعِيِّ قَالَ سَنَدٌ مِنَ الزَّبِيبِ أَوِ الْمَاسِ أَوِ الْعَدَسِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قِيلَ مِنَ الْمَاءِ وَقِيلَ مِنَ الْوَسَطِ مِنَ الْقَمْحِ وَقيل رَطْل وَنصف وَقيل رطلان وتسع رَطْل مِصْرَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِرِطْلٍ وَثُلُثٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ رِطْلًا وَتِسْعَةَ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمِهَا وَثُلُثَ وَرُبُعَ دِرْهَمٍ وَثُلُثَيْ حَبَّةٍ وَعُشُرَ حَبَّةٍ وَثُلُثَيْ عُشُرِ حَبَّةٍ وَالصَّاعُ الشَّرْعِيُّ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالرِّطْلِ الشَّرْعِيِّ وَبِرِطْلِ مِصْرَ أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ وَرُبُعٌ وَدِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ بدرهمهإلا ثُلُثَيْ حَبَّةٍ وَالنِّصَابُ الشَّرْعِيُّ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةُ رِطْلٍ بِالْبَغْدَادِيِّ لِأَنَّ مَالِكًا لَمَّا نَاظَرَ أَبَا يُوسُفَ فِيهِ وَأَتَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَأَمْدَادِهِمُ الَّتِي كَانَ آبَاؤُهُمْ يُؤَدُّونَ بِهَا الزَّكَاةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - اعْتَبَرَهُ هَارُونُ الرَّشِيدُ بِرِطْلٍ بَغْدَادِيٍّ فَوَجَدَهُ هَذَا الْقَدْرَ وَلَعَلَّهُ الْيَوْمَ قَدْ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَإِنَّ هَذِهِ أُمُورٌ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ فِي الْبِلَادِ فَيَكُونُ بِرِطْلِ مِصْرَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ رِطْلًا وَسدس رَطْل ودرهمين وَنصف وربعا وَثمنا بدرهمهما فَيَكُونُ بِإرْدَبِّ مِصْرَ خَمْسَةَ أَرَادِبَ وَثُلُثَ وَسُدْسَ رِطْلٍ وَدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا وَرُبُعًا وَثُمُنًا بِدِرْهَمْهِمَا هَذَا عَلَى مَا فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّ الرِّطْلَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَقَالَ سَنَدٌ هُوَ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فَعَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ خَمْسَةَ أَرَادِبَ وَثُلُثًا وَنِصْفَ سُدُسِ إرْدَبٍّ وَرِطْلَيْنِ وَثُلُثَ رِطْلٍ بِرِطْلِ مِصْرَ وَعشرَة دَرَاهِم وَنصف وَربع وَثمن بِدِرْهَمْهِمَا وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ

ص: 78

الْقَاسِمِ هُوَ عَشَرَةُ أَرَادِبَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإرْدَبُّ حِينَئِذٍ صَغِيرًا وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ مَا فِي الْجَوَاهِرِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ ويبة مصر اثْنَانِ وَعِشْرُونَ مُدًّا بِمُدِّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَتَكُونُ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ رِطْلًا وَثُلُثَيْ رِطْلٍ بِالرِّطْلِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْيَوْمُ أَرْبَعُونَ رِطْلًا بِرِطْلِ مِصْرَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ فِي كِتَابِ السَّلَمِ الْوَيْبَةُ بِمِصْرَ عِشْرُونَ مُدًّا وَالْأَرْدَبُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَرْبَعُ وَيْبَاتٍ ذَكَرَهُ فِي السَّلَمِ وَالْإرْدَبُّ الْيَوْمَ سِتُّ وَيْبَاتٍ وَالْوَيْبَةُ أَرْبَعُونَ رِطْلًا بِرِطْلِ مِصْرَ وَهَذَا التَّقْدِيرُ الَّذِي يَجُوزُ فِي النِّصَابِ هُوَ عَلَى وَيْبَةِ مَدِينَةِ مِصْرَ وَإرْدَبِّهَا وَأَمَّا الضِّيَاعُ وَالْقُرَى فَإرَدَبَّهَا أَكْبَرُ بِكَثِيرٍ وَهِيَ مُتَفَاوِتَةُ الْكَثْرَةِ قَالَ سَنَدٌ وَتَحْدِيدُ النِّصَابِ عِنْدَنَا لِلتَّقْرِيبِ حَتَّى لَوْ نَقَصَ الْيَسِيرُ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ كَمَا فِي النَّقْدَيْنِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لِلتَّحْقِيقِ وَالنِّصَابُ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ حَبِّ الزَّيْتُونِ كَسَائِرِ الْمُعَشَّرَاتِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ احْتَاجَ أَهْلُهُ لِلِانْتِفَاعِ بِبَعْضِهِ أَخْضَرَ خُرِصَ وَأُخِذَتِ الزَّكَاةُ مِنْ زَيْتِهِ فُرُوعٌ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ فِي جُمْلَةِ أُمُورِ الزَّكَاةِ وَيُضَافُ إِلَى الْحِنْطَةِ الشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ وَقَالَ ش لَا يُضَمُّ مِنَ الثَّلَاثَةِ شَيْءٌ إِلَى الْآخَرِ لِاخْتِلَافِهَا فِي الِاسْمِ وَالْمَعْنَى كَالْحِنْطَةِ مَعَ الْأَرُزِّ لَنَا أَنَّهَا مُتَقَارِبَةٌ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْمَنْبَتِ بِخِلَافِ الْأَرُزِّ وَقَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ الْأَشْقَالِيَّةُ صِنْفٌ مِنَ الْحِنْطَة اسْمه العلس بِالْيمن بِجمع مَعَ الْحِنْطَة وَقَالَ اصبغ هم جنس مُفْرد حبته مستطيلة متصوفة قَالَ وَخِلَافُهُمْ يَرْجِعُ إِلَى الْخِلَافِ فِي تَحْقِيقِ الصِّفَةِ وَالْعَلَسُ يُخَزَّنُ فِي قِشْرِهِ كَالْأَرُزِّ فَلَا يُزَادُ فِي النِّصَابِ لِأَجْلِ

ص: 79

قِشْرِهِ وَكَذَلِكَ الْأَرُزُّ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يُكْمِلُ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ لَنَا عُمُومُ الْخَبَرِ وَالْقِيَاسُ عَلَى نَوَى التَّمْر وقشر الفول السّفل الثَّانِي فِي الْكِتَابِ الْأَرُزُّ وَالذُّرَةُ وَالدَّخَنُ لَا ضَمَّ فِيهَا لِتَفَاوُتِ الْمَنَافِعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ تُضَمُّ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ الْقَطَّانِيُّ وَهِيَ الْفُولُ وَالْحِمَّصُ وَالْعَدَسُ وَالْجُلْبَانُ وَاللُّوبِيَا وَكُلُّ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مِنْهَا يُضَمُّ وَلَا يُضَمُّ إِلَيْهَا غَيْرُهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا بِحِسَابِهِ زَادَ فِي الْجُلَّابِ الْبَسِيلَةُ وَالتُّرْمُسُ وَفِي الْجَوَاهِر اتِّحَادُ جِنْسِهَا فِي الرِّبَا رِوَايَتَانِ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي جَرَيَانِهَا فِي الزَّكَاةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّهَا أَجْنَاسٌ فِي الرِّبَا وَالزَّكَاةِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَنَا تَقَارُبُ مَنَافِعِهَا وَأَنَّ الْعَرَبَ خَصَّتْهَا بِاسْمٍ دُونَ سَائِرِ الْحُبُوبِ وَهِيَ الْقُطْنِيَّةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرِّبَا وَالزَّكَاةِ أَنَّ الرِّبَا ضَيِّقٌ بِدَلِيلِ ضَمِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الزَّكَاة ة وَهُمَا فِي الرِّبَا جِنْسَانِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ فَيُعَانُ الْفُقَرَاءُ بِضَمِّ الْحُبُوبِ لِيُكْمَلُ لَهُمُ النِّصَابُ وَيَكْثُرُ الْجُزْءُ الْوَاجِبُ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ رِبَوِيٌّ لَيْسَ بِزَكَوِيِّ وَكَذَلِكَ الْمَطْعُومَاتُ كُلُّهَا عِنْدَ ش وَالْمُكَيَّلَاتُ عِنْدَ ح مَعَ انْتِفَاءِ الزَّكَاةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْقِسْمَيْنِ إِجْمَاعًا قَالَ سَنَدٌ وَمَعْنَى قَوْلِ مَالك وَمَا يعلم أَنه مِنْهَا أَن اسْم الْقُطْنِيَّةَ عِنْدَ النَّاسِ لِمَا يُقْطَنُ لِمَنْفَعَتِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَيْ يُمْكَثُ وَمِنْهُ الْقَاطِنُ لِلْمُقِيمِ فَتُعْمَلُ إِذَا احْتِيجَ إِلَيْهَا دَقِيقًا وَخُبْزًا وَسَوِيقًا وَبِهَذَا تَخْرُجُ التَّوَابِلُ لِأَنَّهَا لَا تُتَّخَذُ لِهَذَا الْغَرَضِ وَقَالَ أَشهب الكرسنة والقطنية وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هِيَ جِنْسٌ عَلَى حِدَتِهِ وَذَكَرَ الْبَاجِيُّ أَنَّهَا الْبَسِيلَةُ وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ الْبَصْرِيُّ مِنَّا الْبَسِيلَةُ الْمَاشُّ وَهُوَ حَبٌّ بِالْعِرَاقِ يُشْبِهُ الْجُلْبَانَ وَالْوَاجِبُ أَنْ يُرْجَعَ فِي ذَلِكَ إِلَى الْعُرْفِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَفِي الْبَيَانِ رُوِيَ عَن ملك ضَمُّ الْأَرُزِّ وَالْجُلْجُلَانِ مَعَ الْقَطَّانِيِّ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُور

ص: 80

الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ الزَّبِيبُ وَالتِّينُ وَالزَّيْتُونُ وَالتَّمْرُ والجلجلان وبزر الْكَتَّانِ إِنْ قُلْنَا هِيَ زَكَوِيَّةُ فَأَجْنَاسٌ وَلِيَعْلَمِ الْفَقِيهُ أَنَّ التَّبَايُنَ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْقَطَّانِيِّ وَبَيْنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ لَا يَزِيدُ عَلَى التَّبَايُنِ بَين أعلا أَنْوَاعِ التَّمْرِ وَأَدْوَنِهِ عِنْدَ إِمْعَانِ النَّظَرِ فَلِذَلِكَ ضُمَّتْ فِي النِّصَابِ وَلَا يُضَمُّ عِنْدَ مَالِكٍ حِمْلُ نَخْلَةٍ إِلَى حَمْلِهَا فِي الْعَامِ الثَّانِي الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ مَا اتَّفَقَ مِنَ الزَّرْعِ فِي النَّبَاتِ وَالْحَصَادِ مِنَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ أُضِيفَ وَمَا كَانَ لَهُ بَطْنَانِ أَوْ بُطُونٌ فَقِيلَ يُعْتَبَرُ بِالْفُصُولِ فَمَا نَبَتَ فِي الرَّبِيعِ مَثَلًا ضُمَّ لِلِاتِّفَاقِ فِي السَّقْيِ وَقِيلَ مَا نَبَتَ قبل حصاد غَيره ضم إِلَيْهِ كاتفاق الْفَوَائِدِ فِي الْمِلْكِ وَالْحَوْلِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ فِي ثَلَاثَةِ أَزْمِنَةٍ وَزُرِعَ الثَّالِثُ قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ ضُمَّ الْجَمِيعُ أَوْ بَعْدَ حَصَادِهِ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي وَجَبَتِ الزَّكَاةُ إِنْ كَانَتْ إِضَافَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ مُفْرَدًا إِلَى الْوَسَطِ يُكْمِلُ النِّصَابَ وَلَا تَجِبُ إِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ مَجْمُوعِهَا مَعَهُ نِصَابٌ وَفِي الْوُجُوبِ إِذَا كُمِّلَ النِّصَابُ بِالْوَسَطِ مَعَ الطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا وَلَمْ يُكْمَلْ بِضَمِّ أَحَدِهِمَا إِلَى الْوَسَطِ خِلَافٌ وَأَجْرَاهُ أَبُو الطَّاهِرِ عَلَى خَلِيطَيْ شَخْصٍ وَاحِدٍ هَلْ يُعَدَّانِ خَلِيطَيْنِ أَمْ لَا قَالَ سَنَدٌ وَتُضَمُّ الْحُبُوبُ الَّتِي زُرِعَتْ فِي بِلَادٍ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْبِلَادُ فِي الْإِدْرَاكِ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ بِسَبَبِ الْبَرْدِ وَالْحَرِّ لِأَنَّ الْعَامَ وَاحِدٌ فَيُضَمُّ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَطْبًا وَالْآخَرُ طلعا لِأَن إِيجَاد زَمَانِ الْإِدْرَاكِ لَيْسَ شَرْطًا بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقْدِمَاتِ إِذَا زُرِعَتْ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَحُصِدَتْ فِي وَقت وَاحِد ضمنت وَلَوْ زُرِعَ الثَّانِي قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَزُرِعَ الثَّالِثُ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي يُجْمَعُ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بَاقِيًا عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يُزَكَّى الثَّانِي وَإِنْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ مَعَ فَوَاتِ الْأَوَّلِ وَلَا يُجْمَعُ الْأَوَّلُ مَعَ الثَّالِثِ فَلَوْ زُرِعَ الثَّانِي قَبْلَ

ص: 81

حصاد الأول ثمَّ رفع الثَّالِثُ بَعْدَ حَصَادِ الثَّانِي وَقَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مِنَ الْقَطَّانِيِّ مَا يُتَعَجَّلُ جُمِعَ الْأَوَّلُ مَعَهُمَا وَلَمْ يُجْمَعِ الثَّانِي مَعَ الثَّالِثِ فَإِنْ رُفِعَ مِنَ الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَوْسُقٍ انْتَظَرَ الْأَوَّلَ فَإِنْ كَمُلَ النِّصَابُ وَالْأَوَّلُ بَاقٍ زَكَّاهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ إِذَا حَصَدَ الثَّالِثَ فَبلغ مَعَ مَا بَقِي فِي يَده مِنَ الْأَوَّلِ نِصَابًا زَكَّاهُمَا وَلَا يُزَكِّي مَا زَكَّاهُ مِنَ الثَّانِي وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يُزَكَّى الثَّالِثُ وَإِنْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ بَعْدَ فُقْدَانِ مَا قَبْلُهُ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمَعَادِنِ السَّادِسُ فِي الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ يَحْسِبُ فِي الزَّرْعِ مَا أَكَلَ مِنْهُ وَمَا آجَرَ بِهِ الْجِمَالَ وَغَيْرَهَا بِخِلَاف مَا أكلت الدَّوَابّ فِي الدارس لِأَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَيَحْسِبُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ وَقَالَ اللَّيْثُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَقَبْلَ الْيُبْسِ وَأَمَّا مَا أُكِلَ بَعْدَ الْيُبْسِ فَيَحْسَبُ بِلَا خِلَافٍ وَاخْتُلِفَ فِي الصَّدَقَةِ بَعْدَ الْيُبْسِ وَعِنْدَ مَالِكٍ يَحْسَبُهَا وَأَمَّا مَا أَكَلَتِ الدَّوَابُّ فِي الدِّرَاسِ فَلَا يُحْسَبُ كَآفَاتِ السَّمَاءِ سُؤَالٌ يَنْبَغِي ضَمُّ الزَّبِيبِ مَعَ التَّمْرِ لِتَقَارُبِهِمَا كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَأَنْوَاعِ الْقَطَانِيِّ جَوَابُهُ أَنَّ مَا ضَمَمْنَاهُ تَقَارَبَ زَمَانُ حَصَادِهِ وَالْجَزَرُ وَالتَّمْر وَالزَّبِيب بَينهمَا خَمْسَة أشهر وَلذَلِك لم تضم الذُّرَةَ إِلَى الدَّخَنِ لِتَبَايُنِ أَزْمِنَتِهَا النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْجُزْءِ الْوَاجِبِ وَفِي الْكِتَابِ مَا يُشْرَبُ مِنَ السَّمَاءِ أَوْ سَحًّا أَوْ بَعْلًا فَفِيهِ الْعشْر وَمَا شرب بالسواني بِقرب أَوْ أَدْلِيَةٍ فَنِصْفُ الْعُشْرِ وَفِي الصِّحَاحِ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي وَالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مَتَى كَثُرَتِ الْمُؤْنَةُ خَفَّتِ الزَّكَاةُ رِفْقًا بِالْعِبَادِ وَمَتَى قَلَّتْ كَثُرَتِ الزَّكَاةُ لِيَزْدَادَ الشُّكْرُ لِزِيَادَةِ النِّعَمِ وَنَظِيرُهُ الزَّكَاةُ فِي الْمَعْدِنِ وَالْخُمْسُ فِي الرِّكَازِ

ص: 82

فَوَائِدُ سَقْيُ السَّمَاءِ الْمَطَرُ وَالسَّحُّ وَالسَّيْلُ وَالْعُيُونُ والأنهار قَالَ ابْن فَارس وَهُوَ العثري وَقِيلَ الْعَثْرِيُّ الْبَعْلِيُّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ الْبَعْلِيُّ مَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَقَالَ هَذَا لَمْ يُوجَدْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ النَّخْلَ كَذَلِكَ وَيُحْكَى أَنَّ فِي بِلَادِ السُّودَانِ أَوْدِيَةً يَزْرَعُونَ فِيهَا الذُّرَةَ السَّنَةَ كُلَّهَا مِنْ غَيْرِ سَقْيٍ بَلْ تُرَشِّحُ هِيَ الْمَاءَ مِنْ جَوَانِبِهَا والقرب الدَّلْوُ الْكَبِيرُ وَالدَّالِيَةُ أَنْ تَمْضِيَ الدَّابَّةُ فَيَرْتَفِعُ الدَّلْوُ فَيُفْرَغُ ثُمَّ تَرْجِعُ فَيَنْزِلُ وَالسَّانِيَةُ الْبَعِيرُ الَّذِي يُسْنَى عَلَيْهِ أَيْ يُسْتَقَى قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالنَّضْحُ السَّقْيُ بِالْجَمَلِ وَيُسَمَّى الْجَمَلُ الَّذِي يَجُرُّهُ نَاضِحًا وَمِثْلُهُ الدَّوَالِيبُ وَالنَّوَاعِيرُ قَالَ سَنَدٌ وَأَمَّا حَفْرُ الْأَنْهَارِ وَالسَّوَانِي وَإِقَامَةُ الْجُسُورِ لَا تَأْثِيرَ لِمُؤْنَةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِصْلَاحُ الْأَرْضِ كَالْحَرْثِ فَإِنِ اجْتمع السيح والنضج وَاسْتَوَيَا قَالَ مَالِكٌ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ عَدْلًا بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ قَالَ مَالِكٌ الْأَقَل تبع كالضأن مَعَ الْمعز وَقَالَ غبد الْوَهَّاب يتَخَرَّج على الرِّوَايَتَيْنِ فِي تَأْثِير بَعْضِ الثَّمَرَةِ هَلْ تَكُونُ لِلْمُبْتَاعِ وَإِنْ قَلَّ أَو يكون للْبَائِع تبعا للْأَكْثَر رِوَايَتَانِ وَكَذَلِكَ هَا هُنَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم الحكم للَّذي أحيي بِهِ الزَّرْعَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الزَّرْعِ نِهَايَتُهُ وَالْمُحَصِّلُ لِلْمَقْصُودِ هُوَ الْمَقْصُودُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَحَدُّهُ الثُلُثُ وَمَا قَارَبَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ جُهِلَتِ الْمُسَاوَاةُ وَالتَّفَاضُلُ جُعِلَا مُتَسَاوِيَيْنِ لِتَسَاوِي الِاحْتِمَالِ كَمُدَّعِي السِّلْعَةِ إِذَا تَعَدَّدَ وَلَا يَدَ وَلَا بَيِّنَة فَإِن كَانَ فِي أَرْضَيْنِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ فِي النِّصَابِ وَأُخِذَ مِنَ السَّيْحِ الْعُشْرُ وَالنَّضْحُ نِصْفُ الْعُشْرِ وَمَتَى ادَّعَى رَبُّ الزَّرْعِ النَّضْحَ صُدِّقَ إِنْ لَمْ يُعْلَمْ كَذِبُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ السَّيْحُ بِالْكِرَاءِ أَلْحَقَهُ اللَّخْمِيُّ بِالنَّضْحِ قَالَ صَاحب تَهْذِيب الطَّالِب إِذْ عجز عَنِ الْمَاءِ فَاشْتَرَاهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ الْعُشْرُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ نِصْفُ الْعُشْرِ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ مَشَقَّةَ الْمَالِ كمشقة الْبدن

ص: 83

نَظَائِر قَالَ الْعَبَّادِيّ إِلْحَاق الْأَقَل بِالْأَكْثَرِ اثْنَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي الْمَذْهَبِ السَّيْحُ وَالنَّضْحُ وَالْمَعَزُ وَالضَّأْنُ يُؤْخَذُ مِنْ أَكْثَرِهِمَا وَالْمَأْخُوذُ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ مِنْ غَالَبِ غَنَمِ الْبَلَدِ ضَأْنًا أَوْ مَاعِزًا وَإِذَا أَدَارَ بَعْضَ مَالِهِ دُونَ الْبَعْضِ زَكَّى بِحُكْمِ غَالِبِهِ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْ غَالَبِ عَيْشِ الْبَلَدِ وَبَيَاضُ الْمُسَاقَاةِ مَعَ السَّوَادِ يَتْبَعُهُ إِذَا كَانَ أَقَلَّ وَإِذَا نَبَتَ أَكْثَرُ الْغَرْسِ فَلِلْغَارِسِ الْجَمِيعُ وَإِنْ نَبَتَ الْأَقَلُّ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا وَقِيلَ لَهُ الْأَقَلُّ وَإِذَا أَطْعَمَ أَكثر الْغَرْس سقط عَنهُ الْعَمَل وَإِذا حد المساقي أَكثر الْحَائِط سقط عَنهُ السَّقْي وغذا أبر أَكثر الْحَائِط فجميعه للْبَائِع وغذا حَبَسَ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ أَوْ وَهَبَ وَحَازَ الْأَكْثَرَ صَحَّ الْحَوْزُ فِي الْجَمِيعِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ الْأَقَل من البيع أَو وجد عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ بِقَدْرِهِ فَرْعَانِ الأول فِي الْكتاب مَا لَا يُثمر وَلَا يتزبب يخرص أَن لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا فَإِذَا وَصَلَ نِصَابًا أَخذ ثمنه عشر وَإِنْ قَلَّ عَنْ نِصَابِ النَّقْدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ مُشَاركَة الْفُقَرَاء للأعباء فِيمَا يَمْلِكُونَهُ وَإِنْ نَقَصَ عَنِ النِّصَابِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ وَإِنْ زَادَ عَلَى النّصاب وَهُوَ فَائِدَةٌ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْهُ يُدْفَعُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا وَخَيَّرَهُ مَرَّةً أُخْرَى وَقَالَ عَبْدُ الْملك وش يُؤْخَذُ عُشْرُهُ رَطْبًا وَعِنَبًا وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إِذا أَرَادَ إِخْرَاج الزَّبِيب مَعَ ابْنِ الْمَوَّازِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَاجِبِ فَإِنْ أَكَلَهُ أَدَّى قِيمَتَهُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُهُ يَوْمَ الْإِزْهَاءِ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ إِذَا قُطِعَتِ الثَّمَرَةُ قَبْلَ الْإِزْهَاءِ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَالْمَأْكُولُ مِنْهَا لَا يُحْسَبُ فِي الْخَرْصِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا جُمِعَ النِّصَابُ مِنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّلْتِ أُخِذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِحِسَابِهِ وَفِي الْجُلَّابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ الأعلا عَنِ الْأَدْنَى بِقَدْرِ مُكَيَّلَتِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ أَنْ تَكُونَ أَجْنَاسًا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَمَّا جُعِلَتْ جِنْسًا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ رُوعِيَ حُقُوق الْفُقَرَاء فِي

ص: 84

خصوصاتها وَبِهَذَا تفارق أَنْوَاعَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ حَيْثُ قُلْنَا يخْرجُ مِنَ الْوَسَطِ فَإِنَّ الْجِنْسَيْنِ مِنَ التَّمْرِ لَا يَكَادَانِ يَسْتَوِيَانِ فَأَخْرَجَ مِنَ الْوَسَطِ وَالِاخْتِلَافُ فِي النَّوْعَيْنِ أَشَدُّ وَيُمْكِنُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُمَا بِخِلَافِ النَّوْعِ الْوَاحِدِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقْدِمَاتِ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْأَدْنَى عَن الأعلا بِقِيمَتِهِ امْتَنَعَ حَيْثُ يَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ وَجَازَ حَيْثُ جَازَ كالقطامي إِذا قُلْنَا لَا يُجزئ فِيهَا بالتفاضل وَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ دَفْعِ الْعُرُوضِ وَالنَّقْدِ النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقْتُ الْوُجُوبِ إِزْهَاءُ النَّخْلِ وَطِيبُ الْكَرَمِ وَإِفْرَاكُ الزَّرْعِ وَاسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ الْمَاءِ وَاسْوِدَادُ الزَّيْتُونِ أَوْ مُقَارَبَتُهُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَقْتَ الْخَرْصِ قِيَاسًا لِلْخَارِصِ عَلَى ساعي الْمَاشِيَة وَقَالَ ابْن سَلمَة الجداد لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الْأَنْعَام 6 قَالَ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ مَنْ مَاتَ بَيْنَ هَذِهِ الْحَالَاتِ فَمَنْ صَادَفَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَجَبَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ قَدَّمَ الزَّكَاةَ عَلَى الْخَرْصِ لَمْ يُجْزِهِ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ عِنْدَهُ حِينَئِذٍ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ بَعْدَ الْإِزْهَاءِ وَالْإِفْرَاكِ فالزكاة عَلَيْهِ وصّى أم لَا بلغت حِصَّةٍ نَصَابًا أَمْ لَا وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا لِأَنَّ الْإِزْهَاءَ هُوَ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ ذَلِكَ هُوَ عَلَفٌ لَا طَعَامٌ وَفِي الْكِتَابِ سَأَلْتُ بَعْضَ الشُّيُوخِ إِذَا مَاتَ قبل الأزهاء وَعَلِيهِ دين يغترفه فَلَمْ يَقُمْ رَبُّ الدَّيْنِ حَتَّى أَزْهَى هَلْ تزكي عَلَى مِلْكِهِ لِتَعَذُّرِ الْمِيرَاثِ بِالدَّيْنِ أَوْ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ لِاحْتِمَالِ دَفْعِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهِ بِمَالٍ يُوصِي لَهُ بِهِ فَقَالَ عَلَى مِلْكِهِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَنْ بَاعَ زَرْعَهُ بَعْدَ فَرْكِهِ أَخْرَجَ مِنْهُ الزَّكَاةَ وَبَيْعُهُ

ص: 85

نَافِذٌ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ قَالَ سَنَدٌ وَيخْرِجُ طَعَامًا مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِ مَالِكٍ إِذَا بَاعَ عِنَبًا أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ثَمَنِهِ وَبَيْنَ هَذَا أَنَّ إِخْرَاجَ الْعِنَبِ فِي الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ فَيَتَعَيَّنُ الْعُدُولُ إِلَى الثَّمَنِ لِأَنَّهُ يَأْتِي فِي الصُّورَتَيْنِ بِمَا بَاعَ أَوْ بَدَّلَهُ فَإِنْ بَاعَ الزَّرْعَ جُزَافًا أَوْ قَائِمًا مِنَ الْمُبْتَاعِ عَلَى قَدْرِهِ وَزَكَّى عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الطُّرُقِ إِلَى الْعِلْمِ فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ كَافِرًا حَزَرَ الزَّرْعَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ شَرَطَ الزَّكَاةَ عَلَى الْمُبْتَاعِ جَازَ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَإِذَا كَانَتِ الزَّكَاةُ على البَائِع فتعذرت عَلَيْهِ وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ وَالشَّافِعِيَّةُ يُؤْخَذُ مِنَ الْمَبِيعِ لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ فِيهِ عَلَى الْمُبْتَاعِ فَلَا يَسْقُطُ إِلَّا بِبَدَلٍ مِنَ الْبَائِعِ وَلَمْ يَأْتِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ الرُّجُوعَ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ كَالْعَبْدِ الْجَانِي إِذَا بَاعَهُ سَيِّدُهُ وَالْتَزَمَ الْجِنَايَةَ ثُمَّ أُعْسِرَ وَفِي الْجُلَّابِ إِنْ وُجِدَ الْبَائِعُ مُفْلِسًا وَوَجَدَ الثَّمَرَةَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أُخِذَ مِنْهَا وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَقَالَ أَشْهَبُ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنَ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا نَظَرًا لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ النّظر الرَّابِع فِي الْوَاجِب عَلَيْهِ ويتضح برسم فُرُوع سِتَّة الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ مَنِ اكْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ أَوْ غَيْرَهَا فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح الْخَرَاجُ يُسْقِطُ زَكَاةَ الزَّرْعِ ثُمَّ يَحْتَاجُ لِبَيَانِ الْخَرَاجِ وَهُوَ نَوْعَانِ الْأَوَّلُ وَضَعَهُ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى أَرْضِ الْعِرَاقِ لَمَّا فَتَحَهَا عَنْوَةً وَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ثمَّ رأى أَن ينزلُوا عَنْهَا لَيْلًا يَشْتَغِلُوا عَنْهَا بِالْجِهَادِ فَتُخُرِّبَ أَوْ بِهَا عَنِ الْجِهَادِ فَنَزَلَ عَنْهَا بَعْضُهُمْ بِعِوَضٍ وَبَعْضُهُمْ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَضُرِبَ الْخَرَاجُ عَلَيْهَا قَالَ سَنَدٌ هُوَ أُجْرَة عِنْد مَالك وش وأوقفها على الْمُسلمين وَكَذَلِكَ مَنَعَ مَالِكٌ الشُّفْعَةَ فِيهَا وَقِيلَ بَلْ بَاعهَا

ص: 86

مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِثَمَنٍ مُقَسَّطٍ يُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَهُوَ الْخَرَاجُ وَجَازَتِ الْجَهَالَةُ فِيهَا لِكَوْنِهَا مَعَ كَافِرٍ وَلِلضَّرُورَةِ وَالنَّوْعُ الثَّانِي أَنْ يُصَالِحَ بَعْضَ الْكُفَّارِ عَلَى أَرْضِهِمْ بِخَرَاجٍ فَيَكُونُ كَالْجِزْيَةِ فَإِذَا أَسْلَمُوا سَقَطَ خِلَافًا لِ ح بِخِلَاف الأول احْتج بقوله صلى الله عليه وسلم َ - لَا يُجْتَمَعُ الْعُشُرُ وَالْخَرَاجُ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ وَلِأَنَّ سَبَبَهَا وَاحِدٌ فَلَا يَجْتَمِعَانِ كَزَكَاةِ السَّوْمِ وَالتِّجَارَة وَالْجَوَاب عَن الأول منع الصِّحَّة سَلَّمْنَاهَا لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ فَإِنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ لِسُقُوطِ الْخَرَاجِ وَعَن الثَّانِي الْفرق بَين الْمُسْتَحِقّ لِزَكَاةِ السَّوْمِ وَالتِّجَارَةِ وَاحِدٌ وَهُوَ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ فَسَقَطَ الْأَدْنَى الَّذِي هُوَ زَكَاةُ التِّجَارَةِ لكَونهَا مُتَعَلقَة بالقيم فالأعلا الَّذِي هُوَ زَكَاةُ السَّوْمِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ كَاجْتِمَاعِ سببين للميراث يَرث بأقواهما وَهَاهُنَا حَقَّانِ لِمُسْتَحِقِّينَ فَلَا يَسْقُطُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ الثَّانِي قَالَ سَنَد وَلَو بَاعَ مُسلم أَرضًا لَا خراج عَلَيْهَا من ذمِّي فَلَا خَرَاجَ عَلَى الذِّمِّيِّ وَلَا عُشْرَ عِنْدَ مَالك وش وَقَالَ ح عَلَيْهِ الْخراج لَيْلًا تَخْلُوَ الْأَرْضُ عَنِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ عُشْرَانِ وَمَنَعَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ صِحَّةَ الْبَيْعِ لِإِفْضَائِهِ إِلَى الْخُلُوِّ لَنَا أَنَّ البيع سَبَب الْخراج فِي غير صُورَة النزاع فَلَا يكون سَببهَا فِيهَا بِالْقِيَاسِ وَيَبْطُلُ قَوْلُهُمْ بِبَيْعِ الْمَاشِيَةِ مِنَ الذِّمِّيِّ الثَّالِثُ مَنِ اكْتَرَى أَرْضًا غَيْرَ خَرَاجِيَّةٍ قَالَ ح الزَّكَاةُ عَلَى صَاحِبِ

ص: 87

الأَرْض دون الزراع لِأَنَّ الْأُجْرَةَ مَنْفَعَةٌ لِلْأَرْضِ قَائِمَةٌ مُقَامَ الزَّرْعِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الزَّكَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِ الزَّرْعِ لِاخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِهِ بِالْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ وَالْجِنْسِ لِأَنَّهُ قَدْ رَتَّبَ الشَّرْعُ فِي الْكِرَاءِ زَكَاةَ النَّقْدَيْنِ لِأَنَّهُ كِرَاؤُهَا غَالِبًا فَلَا تُزَكَّى مَرَّتَيْنِ وَقَدْ يَسْتَغْرِقُ الْعُشْرُ الْأُجْرَةَ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا وَهُوَ مُنْكَرٌ فِي الشَّرْعِ الرَّابِع فِي الْكتاب إِذْ بَاعَ الزَّرْعَ أَخْضَرَ وَاشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ زَكَاتَهُ عَلَى الْبَائِعِ فَهِيَ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِحُدُوثِ سَبَبِ الْوُجُوبِ عِنْدَهُ فَإِنْ وَجَبَتْ عَلَى الْبَائِعِ فَاشْتَرَطَهَا عَلَى الْمُبْتَاعِ جَازَ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ مَا سِوَاهُ وَاشْتِرَاطُ الْمُبْتَاعِ فِي الْأَخْضَرِ يَلْزَمُ مِنْهُ بَيْعُ زَرْعٍ بِطَعَامٍ مَجْهُولٍ لِأَنَّ الْعُشْرَ يَكْثُرُ وَيَقِلُّ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الثَّمَنِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ مَنْ مَنَحَ أرضه صَبيا أَو ذِمِّيا أَو عبدا أَو أكراها فَلَا زَكَاةَ إِلَّا عَلَى الصَّبِيِّ لِقِيَامِ الْمَانِعِ فِيمَا عَدَاهُ خِلَافًا لِ ح فِي الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِزَكَاةِ زَرْعِهِ الْأَخْضَرِ أَوْ تَمْرِهِ قَبْلَ إِزْهَائِهِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ مِنَ الثُلُثِ غَيْرُ مُبْدَأَةٍ لِأَنَّهَا لَمْ تَلْزَمْ وَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عَنِ الْوَرَثَةِ لِتَجَدُّدِ سَبَبِ الْوُجُوبِ فِي حَقِّهِمْ وَيُعَدُّ مُسْتَثْنًى لِعُشْرِ زَرْعِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ نِصَابًا زَكَّاهُ الْمُتَصَدّق وَإِن لم يكن مِسْكِينٍ إِلَّا مُدٌّ لِأَنَّهُمْ كَمَالِكٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ تَعْيِينِهِمْ وَلَا يَرْجِعُ الْمَسَاكِينُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا أُخِذَ مِنْهُمْ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَيسْتَحق بَعْضُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِجُمْلَةِ الزَّرْعِ فَإِنْ أَوْصَى بِهِ لِمُعَيَّنٍ كَانَ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ مَعَهُمْ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ بِالْوَفَاةِ وَالْمَسَاكِينُ لَا يملكُونَ إِلَّا بِالْقَبْضِ بِالنَّفَقَةِ فِي مَالِ الْوَصِيِّ قَالَ سَنَدٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَيُفَارِقُ الْوَصِيَّةَ بِالْعُشْرِ الْوَصِيَّةُ بِأَوْسُقٍ مُسْتَثْنَاةٍ لِلْمَسَاكِينِ أَو لمُعين إِن زَكَاتهَا من بَقِيَّة الثَّمر فَإِن الْوَصِيَّة حِينَئِذٍ لما بعد الِاسْتِحْقَاق وَقَالَ ملك فِي الْعرية نَحْو مشَاع أَو معِين زَكَاة عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَإِنْ

ص: 88

كَانَ لِمُعَيَّنٍ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ بِتَمْرِ حَائِطِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَالسَّقْيُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَالْمُؤْنَةُ عَلَى رب الْحَائِط بِخِلَاف الْهِبَة والعمرى قَالَ ابْن الْقَاسِم أَكَابِرُ أَصْحَابِنَا الْعَارِيَةُ مِثْلُ الْوَصِيَّةِ وَقَالَ أَشْهَبُ الزَّكَاةُ فِي الْعَرِيَّةِ وَالْهِبَةِ عَلَى الْمُعْطَى لَهُ إِلَّا أَنْ تُعَرَّى بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إِنْ كَانَتِ الْعَرِيَّةُ نَخْلًا مُعَيَّنًا مَقْبُوضًا فَزَكَاتُهَا عَلَى حَائِزِهَا إِنْ كَانَتْ نِصَابًا قَالَ سَنَدٌ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَرِيَّةَ إِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَزَكَاتُهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ لِأَنَّهَا عَلَى مِلْكِهِ كَمُلَتْ وَإِنْ كَانَتْ لِمُعَيِّنٍ وَهِيَ مَكِيلَةٌ مَعْلُومَةٌ فَعَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ لِأَنَّ الْمُعْطَى لَهُ إِنَّمَا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ وَإِنْ كَانَتِ الْعَرِيَّةُ مُعَيَّنٌ لِمُعَيَّنٍ فَعَلَى الْمُعَرِّي عِنْدَ مَالِكٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ لِأَنَّ الْعَرِيَّةَ عِنْدَهُ إِبَاحَةٌ كَطَعَامِ الضَّيْفِ لَا يُمْلَكُ إِنَّمَا بِالتَّنَاوُلِ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ إِلَّا مَا أَخَذَهُ مِنْهَا إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ التَّمْلِيكَ بِلَفْظِ الْعَرِيَّةِ فَيَكُونُ هِبَةً وَأَلْحَقَ أَشْهَبُ الْعَرِيَّةَ بِالْهِبَةِ بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ تَنْبِيهٌ تَقَدَّمَ فِي الْأَمْوَالِ الْمَوْقُوفَةِ أَنَّهُ إِذَا وَقَفَ الْمَاشِيَةَ لِتُفَرَّقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالدَّنَانِيرَ لَا زَكَاةَ فِيمَا أَتَى عَلَيْهِ الْحول من ذَلِك وَهَاهُنَا قَالَ إِذَا أَوْصَى بِتَمْرِ حَائِطِهِ أَوْ بِزَرْعِهِ زَكَّى مَعَ أَنَّ الْجَمِيعَ أَوْصَى بِهِ لِغَيْرٍ مُعَيَّنٍ وَالْكُلُّ زَكَوِيٌّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الثِّمَارَ وَالزَّرْعَ تنشأ على مِلْكِهِ لِأَنَّ رِقَابَ النَّخْلِ لَهُ وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ وَمَا نَشَأَ عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ مِلْكُهُ فَيُزَكِّيهِ عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ مِلْكُهُ فَيُزَكِّيهِ عَلَى مِلْكِهِ لِأَنَّ أَصْلَهُ عِنْدَهُ وَفِي مِلْكِهِ وَالْمَاشِيَةُ وَالدَّنَانِيرُ لم يبْق لَهَا اصل عِنْده فَهُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ حَتَّى يُقَالَ بَقِيَتْ عَلَى مِلْكِهِ بَلْ لَمَّا أَعْرَضَ عَنْ أَعْيَانِهَا لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ لَا يَمْلِكُ إِلَّا بِالْقَبْضِ فَلَمْ يَبْقَ مِلْكٌ يُزَكَّى عَلَيْهِ وَالسِّرُّ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ عِنْدَهُ بِخِلَافِ الزَّرْع وَالتَّمْر النَّظَرُ الْخَامِسُ فِي صِفَةِ الْإِخْرَاجِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى سَاقٍ كَالْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا يُؤْخَذُ مِنْ حَبِّهِ وَمَا كَانَ يُعْصَرُ كَالزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُؤْخَذُ مِنَ الزَّيْتِ إِذَا بَلَغَ الْحَبُّ نِصَابًا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَبِّ يُخَيّر

ص: 89

فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا يُخْرَصُ إِلَّا التَّمْر وَالْعِنَب للْحَاجة إِلَى أكلهَا رَطْبَيْنِ وَيُخْرَصَانِ إِذَا أُزْهِيَا لَا قَبْلَ ذَلِكَ فَيُخْرَصَانِ رَطْبَيْنِ وَيُسْقَطُ مَا يَنْقُصُ مِنْهَا وَقَالَ ح يمْنَع الْخرص لِأَنَّهُ ممار وَتَخْمِينٌ وَالْمَطْلُوبُ إِنَّمَا هُوَ الْعِلْمُ وَقِيَاسًا عَلَى الْحُبُوبِ لَنَا إِجْمَاعُ الْمَدِينَةِ وَمَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن عتاب ابْن أسيد انه صلى الله عليه وسلم َ - أَمَرَ أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ وَلِأَنَّهُ أَتَمُّ حَالَتِهِ فَأَشْبَهَ يُبْسَ الْحَبِّ وَلِأَنَّهُ لَو أهمل الْكل فَيمْنَع حق الْفُقَرَاء أَو يحْجر عَلَيْهِ فيضق الْحَالُ عَلَى أَرْبَابِهِ وَكِلَاهُمَا مَفْسَدَةٌ فَتُدْفَعُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ كَدَفْعِ الْخُصُومَاتِ بِتَقْوِيمِ الْمُتْلَفَاتِ وَتَقْدِيرِ أُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحُبُوبِ تَوَفُّرُ الدَّعَاوِي على أكملها رَطْبَيْنِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ لَا يَأْتِيهِ الخارص واحتيج إِلَى التَّصَرُّف دعى أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ وَعَمِلَ عَلَى قَوْلِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمْ وَكَانَ يَبِيعُ رَطْبًا أَوْ عِنَبًا فِي السُّوقِ وَلَا يَعْرِفُ الْخَرْصَ قَالَ مَالِكٌ يُؤَدِّي مِنْهُ يُرِيدُ أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ فِيهِ نِصَابًا وَجَهل مَا زَادَ فَإِنْ عَلِمَ جُمْلَةَ مَا بَاعَ ذكره لأهل الْمعرفَة فحزروه بهَا يكون بمثلة تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقِ النِّصَابُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ زيتونا لَهُ أَو رطبا لَهُ تمر أَوْ عِنَبًا لَهُ زَبِيبٌ لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِزَكَاتِهِ زيتا وَتَمْرًا وزبيبا بِخِلَاف إِذَا بَاعَ قَبْلَ تَنَاهِيهِ لِتَعَيُّنِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ بالطيب هَاهُنَا قَالَ سَنَدٌ وَصِفَةُ الْخَرْصِ قَالَ مَالِكٌ يَخْرُصُ نَخْلَة مَا فِيهَا رَطْبًا فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ جِنْسًا وَاحِدًا لَا يُخْتَلَفُ فِي الْجَفَافِ جَمَعَ جملَة النخلات وحزركم ينقص حِين تتمر وَإِن كَانَ يخْتَلف الْمَائِيَّةُ وَاللَّحْمُ حَزَرَ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ وَيَكُونُ الْخَارِصُ عَدْلًا عَارِفًا وَيَكْفِي الْوَاحِدُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ

ص: 90

السَّلَام بِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ خَارِصًا وَلِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فَيَكُونُ حَاكِمًا وَالْحُكْمُ يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَوِّمِينَ لِأَنَّهُمَا يَرْفَعَانِ إِلَى الْحَاكِمِ وَالْحَكَمَيْنِ فِي الصَّيْدِ لِتَبَعِهِمَا اخْتِيَارَ الْمُقَوِّمِ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اخْتَلَفَ الْخُرَّاصُ اتُّبِعَ أَعْلَمُهُمْ فَإِنِ اسْتَوَوْا أُخِذَ مِنْ قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مِنْ أَسْهُمِ عَدَدِهِمْ كثلاث مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَا يَتْرُكُ الْخَارِصُ شَيْئًا وَرَوَى يَتْرُكُ الْعَرَايَا وَالْغَلَّةَ وَنَحْوَهُمَا لِأَنَّهَا مَعْرُوفَةٌ وَمَهْمَا أَتْلَفَتِ الْجَائِحَةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَالِكِ لِفَوَاتِ الْإِمْكَان وَلَو أتلف الْملك ضمن فَلَو بَاعَ الْجَمِيع غرم الملكية لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ بِيَدِ الْغِنَى وَإِذَا تَبَيَّنَ خَطَأَ الْخَارِصِ رَجَعَ إِلَى مَا تَبَيَّنَ إِنْ كَانَ عَارِفًا وَإِلَّا بَنَى عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا حَصَلَ عِنْدَ الْجِذَاذِ لِاتِّصَالِ حُكْمِ الْحَاكِم بِهِ وَهُوَ ضَعِيف لِأَن الْحَاكِم إذى قطع بخطأه وَجَبَ نَقْضُ حُكْمِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَقِيلَ تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ لِكَوْنِ الْخَطَأِ فِيهَا قَطْعِيًّا بِخِلَافِ النَّقْصِ وَإِذَا خَرَصَ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهله إِن شاؤا تَصَرَّفُوا وَضَمِنُوا الزَّكَاةَ مِنْ حِينِ الْخَرْصِ أَوْ تَرَكُوا وَلَمْ يَضْمَنُوا وَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ كَمَا وَجَدُوا مِنَ الْخَرْصِ أَوْ خَالَفَهُ إِنْ نَقَصَ عَنِ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَلَا فَرْقَ فِي الْخَرْصِ بَيْنَ مَا يَتْمُرُ أَو يتزبب أَولا قَالَ عبد الْملك يخرص مَا لَا يُثمر وَلَا يَتَزَبَّبُ عَلَى حَالِهِ وَإِذَا احْتِيجَ إِلَى كُلِّ مَا قُلْنَا لَا يُخْرَصُ قَبْلَ كَمَالِهِ فَفِي خَرْصِهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى عِلَّةِ الْخَرْصِ هَلْ هِيَ حَاجَةُ الْأَكْلِ أَوْ أَوَانُ النَّخْلِ وَالْعِنَب يتمر للعصر بِخِلَاف غَيرهَا قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُوَسَّعُ عَلَيْهِمْ فِي الْخرص يتْرك لَهُم شَيْء من رُؤْس النّخل وََإِذَا قُلْنَا لَا تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ فَيُسْتَحَبُّ الْإِخْرَاجُ مِنْهَا وِفَاقًا فَإِنْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ مِنْ أَهْلِ الْجَوْرِ قَوْلُ أَشْهَبَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَعَلَى قَول اصبع إِن دفع الزَّكَاة لحَاكم الْجور يَجْزِي ويعتد بِهِ هَا هُنَا لِأَنَّهُ ينْفد من أَئِمَّة الْجور مَا ينْفد مِنْ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ وَالْجَائِحَةُ تُسْقِطُ الزَّكَاةَ إِذَا نَقَصَتْ عَنِ النِّصَابِ فَلَوْ بَاعَهَا وَهِيَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأُجِيحَتْ بِأَقَلِّ مِنَ الثُلُثِ فَالزَّكَاةُ بَاقِيَةٌ لِأَخْذِهِ الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَتِ الثُلُثَ فَأَكْثَرَ سَقَطَ عَنِ الْمُشْتَرِي وَسَقَطَتِ الزَّكَاةُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا ادَّعَى رَبُّ الْحَائِطِ حَيْفَ الْخَارِصِ وَأَتَى بِخَارِصٍ آخَرَ لَمْ يُوَافَقْ لِأَنَّ الْخَارِصَ حَاكِمٌ وَإِذَا ادَّعَى الْجَائِحَةَ فَعَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ الْخَرْصِ دُونَ الْكَيْلِ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لثُبُوت الزَّكَاة

ص: 91

بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ الْكَيْلِ إِنْ كَانَ ثَمَّ سَبَبٌ ظَاهِرٌ كَالْجِذَاذِ وَنَحْوِهِ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ لِإِمْكَانِهَا وَإِنْ كَانَ أَمْرًا خَفِيًّا صُدِّقَ بِغَيْر تَبْيِين إِن لم يهتم وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ وَإِذَا اتَّهَمَ الْإِمَامُ أَرْبَابَ الزَّيْتُونِ وَالْحَبِّ وَكَّلَ بِحِفْظِهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا خَرَصَ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ فَوُجِدَتْ خَمْسَةً أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُخْرِجَ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَرُوِيَ إِنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا زَكَّى وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُزَكِّي مُطْلَقًا وَهُوَ الْقِيَاسُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ الْحَائِطُ جِنْسًا أُخِذَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ دباء أَو أجناسا أَخذ من وَسطهَا لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَيُفَارِقُ الْمَاشِيَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا قَيْدٌ بِالسِّنِّ فيتقيد بالوسط وَهَاهُنَا أَطْلَقَ فَيُطْلَقُ الثَّانِي أنَّ الْمَاشِيَةَ تُسَاقُ لِلْفُقَرَاءِ فَلَو أَخذ الْأَدْنَى لتعذر سوقه وَهَاهُنَا لَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ لَا بُدَّ مِنَ الْوَسَطِ قِيَاسًا عَلَى الْمَاشِيَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} الْبَقَرَة 267 وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ جَيِّدًا كُلُّهُ قُبِلَ مِنْهُ الْوَسَطُ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ إِذَا اجْتَمَعَ صِنْفَانِ أَخَذَ مِنَ الْأَكْثَرِ وَرَوَى أَشْهَبُ إِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةً أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقِسْطِهِ الثَّالِثُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ الزَّيْتُونُ الَّذِي لَهُ زَيْتٌ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ زَيْتِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْصِرْهُ وَأَرَادَ بَيْعَهُ فَرِوَايَتَانِ فِي ثَمَنِهِ وَحَبِّهِ وَكَذَلِكَ مَا يُثمر أَوْ يَتَزَبَّبُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنَّمَا عَلَيْهِ عُشْرُ حَبِّ الزَّيْتُونِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْحُبُوبِ وَالْفَرْقُ لِلْمَذْهَبِ أَنَّ الْحُبُوبَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْهَا حَالَة يصلح للإدخار مِنْهَا وَمِثْلُهَا مِنَ الزَّيْتُونِ الزَّيْتُ وَمَا لَا زَيْتَ لَهُ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ اللَّذَيْنِ لَا زَبِيبَ وَلَا تَمْرَ لَهَا فِي إِخْرَاجِ الثَّمَنِ أَو الْحبّ والتخيير وَالله أعلم

ص: 92

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي زَكَاةِ النَّعَمِ)

وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} التَّوْبَة 103 وَفِي الْمُوَطَّأِ إِنَّ فِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِسم الله الرحمان الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابُ الصَّدَقَةِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَدُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابْنَةَ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى سِتِّينَ حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ جَذَعَةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِك إِلَى تسعين ابْنا لَبُونٍ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْإِبِلِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ وَلَا يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ وَلَا هَرِمَةَ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ إِلَّا مَا شَاءَ الْمُصَّدِّقُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَفِي الرِّقَّةِ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ

ص: 93

أَوَاقٍ رُبُعُ الْعُشْرِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ مَعْنَى مَا فِي كِتَابِ عُمَرَ فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ صلى الله عليه وسلم َ - لِعُمَّالِهِ فَلَمْ يُخْرِجْهُ حَتَّى قُبِضَ وَعَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه حَتَّى قُبِضَ ثُمَّ عُمَرُ حَتَّى قُبِضَ وَلَمْ يَزَلِ الْخُلَفَاءُ يَعْمَلُونَ بِهِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله عنه أَخَذَ مِنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً وَأُتِي بِأَدْوَنَ مِنْ ذَلِكَ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا وَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - ذَلِكَ فِيهِ شَيْئًا حَتَّى أَلْقَاهُ فَأَسْأَلَهُ فَتُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم َ - قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سمع مَا أَخذ فَائِدَة يشكل قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وَالِابْنُ لَا يَكُونُ إِلَّا ذَكَرًا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْمَوَارِيثِ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ وَالرَّجُلُ لَا يَكُونُ إِلَّا ذَكَرًا جَوَابُهُ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى السَّبَبِ الَّذِي زِيدَ لِأَجْلِهِ فِي السن فَعدل عَن بنت مَخَاض بنت سَنَةٍ إِلَى ابْنِ اللَّبُونِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ يَقُول إِنَّمَا زيدت فَضِيلَة السّنة لبعضه وَصْفَ الذُّكُورِيَّةِ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْعَصَبَةُ الْمِيرَاثَ لِوَصْفِ الرجولية الَّتِي تَقِيّ فَضِيلَة السّنة لنقيضة وَصْفَ الذُّكُورِيَّةِ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْعَصَبَةُ الْمِيرَاثَ لِوَصْفِ الرجولية وتختص الزَّكَاة عِنْد مَالك رحمه الله وش وح بِبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ الْإِنْسِيَّةِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ فِي بقر الْوَحْشِ لَنَا أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا فَلَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ قِيَاسًا عَلَى الظِّبَاءِ وَلَا تَجِبُ فِي غَيْرِ الْأَنْعَامِ خِلَافًا ل ح وَفِي الْخَيل إِذا كَانَت ذُكُورا وإناثا وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ إِذَا كَانَتْ ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا وَخُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ إِعْطَاءِ دِينَارٍ عَنْ كُلِّ وَجْهِ فَرَسٍ أَوْ رُبُعِ عُشْرِ قِيمَتِهَا مُحْتَجًّا بقوله صلى الله عليه وسلم َ - الْخَيْلُ السَّائِمَةُ فِي كُلِّ فَرَسٍ دِينَارٌ وَلِأَنَّهَا تُعَدُّ لِلنَّمَاءِ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ قِيَاسًا عَلَى الْغنم

ص: 94

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ وَعَنِ الثَّانِي النَّقْضُ بِالْحَمِيرِ وَلِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلضَّحَايَا وَالْهَدَايَا فَتَكُونُ النِّعْمَةُ فِي مَوَاطِنِ الْإِجْمَاعِ أَتَمَّ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ صُورَةُ النِّزَاعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يجب الزَّكَاة فِي الْمُتَوَلد بَين الظباء وَالنعَم وَقَالَهُ ش لِأَنَّهُ يَتَرَكَّبُ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يُوجب وَمَا يُوجب فَلَا تجب فِيهِ كَالنَّقْدِ الْمَغْشُوشِ وَيُقَالُ كُلُّ مُتَرَكِّبٍ مِنْ نَوْعَيْنِ مِنَ الْحَيَوَانِ لَا يُعْقِبُ فَيَكُونُ قَاصِرًا عَنْ مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ بَيْنَ أَن يكون الْإِنَاث من الْغنم فَتَجِبُ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَجِبُ لِتَبَعِيَّةِ الْأَوْلَاد للأمهات فِي الْملك فتتبعها فِي الزَّكَاةِ وَقِيلَ تَجِبُ مُطْلَقًا نَظَرًا لِحُصُولِ الْمَالِيَّةِ وَالْأَنْعَامُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ الْأَوَّلُ الْغَنَمُ وَيَتَمَهَّدُ فِقْهُهُ بِإِيضَاحِ مَا تُوجَبُ مِنْهُ الزَّكَاةُ وَشُرُوطُ الْوُجُوبِ وَالْوَاجِبُ فِيهِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ وَفِيهِ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا صَدَقَةً فِي الْغَنَمِ إِلَّا فِي أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْ شَاةٍ وَفِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثمِائَة فَمَا زَاد فَفِي مل مِائَةٍ شَاةٌ وَقَالَ النَّخَعِيُّ إِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثَمِائَةٍ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ إِلَى أَرْبَعِمِائَةٍ فَفِيهَا خَمْسُ شِيَاه لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - جَعَلَ الثَّلَاثَمِائَةَ حَدًّا لِلْوَقَصِ وَالْوَقَصُ يَتَعَقَّبُهُ النِّصَابُ وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ - فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ يُبْطِلُهُ وَيَنْتَقِضُ مَا ذَكَرَهُ بِالْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا كَمَّلَ النِّصَابَ بِالْوِلَادَةِ قبل مَجِيء السَّاعِي فَيوم زكا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ السِّخَالَ تُعَدُّ إِذَا كَانَتِ الْأُمَّهَاتُ نِصَابًا لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ الثَّقَفِيَّ مُصَدِّقًا فَكَانَ يَعُدُّ على النَّاس السخال فَقَالُوا لَهُ

ص: 95

أتعد علينا بالسخال وَلَا يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئًا فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ رضي الله عنه نَعَمْ تَعُدُّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي وَلَا تَأْخُذُهَا وَلَا تَأْخُذُ الْأَكُولَةَ وَلَا الرُّبَّى وَلَا الْمَاخِضَ وَلَا فَحْلَ الْغَنَمِ وَتَأْخُذُ الْجَذَعَةَ وَالثَّنِيَّةَ وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ الْمَالِ وَخِيَارِهِ فَوَائِدُ الرُّبَّى بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ مَقْصُورٌ الَّتِي تُرَبِّي وَلَدَهَا وَهِيَ مِنَ الْإِبِلِ عَائِدٌ وَجَمْعُهُ عُودٌ وَجَمْعُ الرُّبَّى رَبَّاتٌ وَمِنْ ذَوَاتِ الْحَوَافِرِ فَرِيشٌ وَجَمْعُهَا فُرْشٌ وَمِنَ الْآدَمِيَّاتِ نُفَسَاءُ وَجَمْعُهَا نِفَاسٌ وَنَفْسَاوَاتٌ وَالْمَاخِضُ الْحَامِلُ وَالْمَخَاضُ وَجَعُ الطَّلْقِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} مَرْيَم 23 وَالْأَكُولَةُ شَاةُ اللَّحْمِ الَّتِي تُسَمَّنُ لِتُؤْكَلَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الَّتِي يكثير أكلهَا والغذا بِالْغَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ صِغَارُ السِّخَالِ وَاحِدُهَا غَذِيٌّ وَكَأَنَّهُ مِنَ الْغِذَاءِ لِأَنَّهَا تَغْتَذِي بِلَبَنِ أُمِّهَا وَهِيَ شَدِيدَةُ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عبر بِهِ هَا هُنَا عَنْ ذَوِي الْمَالِ تَحَرُّزًا وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ مُقَابَلَتُهُ بِهَذِهِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنَ الْغَنَمِ الْمَعْلُوفَةِ وَالسَّائِمَةِ وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ خِلَافًا لِ ش وح فِي الْمَعْلُوفَةِ وَالْعَوَامِلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْلُوفَةً محتجين بِمَفْهُوم قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عشْرين وَمِائَة شَاة وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ -

فِي كُلِّ سَائِمَةِ إِبِلٍ فِي أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ فَخَصَّ ذَلِكَ بِالسَّائِمَةِ وَهِيَ الَّتِي لَا تُعْلَفُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَفْهُومَ إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ حُجَّةً فَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا يَكُونُ حُجَّةً وَغَالِبُ الْأَنْعَامِ الْيَوْمَ لَا سِيَّمَا فِي الْحِجَازِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً سَلَّمْنَا سَلَامَتَهُ عَنْ مَعَارِضِ الْغَلَبَةِ لَكِنَّ الْمَنْطُوقَ مقدم عَلَيْهِ إِجْمَاعًا وَهُوَ معنى قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

فِي كل أَرْبَعِينَ شَاة شَاة وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ -

فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ فَدُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خمس

ص: 96

شَاةٌ وَهُوَ عَامٌّ بِمَنْطُوقِهِ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا وَجَبت فِي الْأَمْوَال النامية شكرا النِّعْمَة النَّمَاءِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْعَلَفُ يُضَاعِفُ الْجَسَدَ وَالْعَمَلُ يُضَاعِفُ الْمَنَافِعَ فَيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ لَا مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فَثَبَتَ الْحُكْمُ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَن كَثْرَة الْمُؤْنَة لَا يُؤثر فِي اسقاط الزَّكَاة بل فِي تنقيصها كالشيح وَالنَّفْحِ وَالْمَعْدِنِ مَعَ الرِّكَازِ الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ تُضَمُّ أَصْنَافُ النَّوْعِ الْوَاحِدِ من الْمَاشِيَة فيضم الضَّأْن إِلَى الْمعز والجوامس إِلَى الْبَقَرِ وَالْبُخْتُ إِلَى الْعِرَابِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِصِدْقِ الِاسْمِ فِي الْجَمِيعِ وَتَقَارُبِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا جُمِعَتْ أَنْوَاعُ الثِّمَارِ وَالذَّهَبِ مَعَ الْفِضَّةِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النَّقْدَيْنِ شُرُوطُ الزَّكَاةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَكَذَلِكَ موانعها وَإِنَّمَا يَقع الْبَحْث هَاهُنَا عَنِ الشُّرُوطِ الْخَاصَّةِ بِهَذَا الْبَابِ أَوْ مَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَه وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ الْحَوْلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ اشتقاقه وَفِيه أَرْبَعَة فروع الأول الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَبْدَلَ مَاشِيَةً بِجِنْسِهَا بَنَى عَلَى حَوْلِهَا إِلَّا أَنْ تَنْقُصَ الثانيةُ عَنِ النِّصَابِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا لَمْ يَبْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَارًّا فليأخذ السَّاعِي مِنْهُ زَكَاةَ مَا أَعْطَى وَإِنْ كَانَتْ زَكَاةُ الَّذِي أَخَذَ أَفْضَلَ قَالَ سَنَدٌ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ يَبْنِي فِي غَيْرِ الْجِنْسِ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْفِرَارِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمنع ش وح الْبِنَاءَ فِي الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ فِي النَّقْدَيْنِ وَالْمَوَاشِي تمهيد لما قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ قَالَ ش الْمَالُ الْأَوَّلُ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَلَا زَكَاةَ وَلِأَنَّهُمَا لَا يُلَفِّقُهُ النّصاب مِنْهُمَا

ص: 97

فَلَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ قُلْنَا الْحَدِيثُ مَعْنَاهُ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - أَشَارَ إِلَى الْجَمِيعِ بِوَصْفِ الْمَالِيَّةِ فَقَالَ لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ وَلَمْ يَقُلْ فِي بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ فَاعْتَبَرَ مَا هُوَ مَالٌ الَّذِي هُوَ مَعْنًى مُشْتَرَكٌ وَأَعْرَضَ عَنِ الْخُصُوصِيَّاتِ وَلَقَدْ أَدْرَكَ ح هَذَا الْمَعْنَى وَبَالَغَ فِيهِ حَتَّى جَمَعَ النِّصَابَ مِنَ النَّقْدَيْنِ بِالْقَيِّمَةِ لَكِنَّهُ وَرَدَ عَلَيْهِ بَعْضَ النِّصَابِ الَّذِي قِيمَتُهُ نِصَابٌ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ إِجْمَاعًا فَلَا يَسْتَقِلُّ اعْتِبَارُ الْمَالِيَّةِ كَيْفَ كَانَتْ وَأَعْرَضَ ش عَنْ هَذَا الْمَعْنَى إِعْرَاضًا كُلِّيًّا اعْتِمَادًا عَلَى ظواهر الْأَلْفَاظِ إِنْ سُلِّمَتْ لَهُ وَتَوَسَّطَ مَالِكٌ رحمه الله بَيْنَ الْمَوْقِفَيْنِ طَرِيقَةً مُثْلَى فَأَنْزَلَ النَّقْدَيْنِ مَنْزِلَةَ الْمَوَاشِي لِأَنَّهَا أُصُولُ الْأَمْوَالِ وَالْجِنْسُ مَنْزِلَةُ جنسه لحُصُول التَّمَاثُل والتقارب بِخِلَافِ غَيْرِ الْجِنْسِ لِفَرْطِ التَّبَايُنِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذا فرعنا عِلّة الْبِنَاءِ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ فَزَكَّى زَرْعًا ثُمَّ ابْتَاعَ بِهِ غَنَمًا بَعْدَ شَهْرٍ فَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَبْنِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنَ الْأَمْوَالِ الْحَوْلِيَّةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَبْنِي كَغَيْرِ الْجِنْسِ مِنَ الْمَاشِيَةِ عَلَيْهَا فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَسَوَاءٌ بَاعَ مَاشِيَةً بِمَاشِيَةٍ أَوْ بِثَمَنٍ وَأَخَذَ فِيهِ خِلَافَهَا وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَإِنْ أَخَذَ بِالثَّمَنِ مِنْ جِنْسِ مَا بَاعَ اسْتقْبل حولا عِنْد مَالك بِبَقَاء التُّهْمَةِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَدَمُ الْبِنَاءِ فِي الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْبِنَاءِ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ فَيُخَيَّرُ السَّاعِي فِيهِمَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَبْدَلَ مَا دُونَ النِّصَابِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَلَيْسَتْ لِلتِّجَارَةِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ وَإِذَا أبدل الْمَاشِيَة بِغَيْر جِنْسهَا فعلى القَوْل الْبناء لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي نِصَابًا وَلَوْ كَانَتِ الْأُولَى دُونَ النِّصَابِ لَاخْتُلِفَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَلَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الْمَاشِيَتَيْنِ عين وَلم تكن الأولى للتِّجَارَة واستقبل بِالثانيةِ حَوْلًا فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى مُطَرِّفٌ الْبِنَاءَ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْفَارُّ فَيَبْنِي على كل حَال وَلَو استهلكت مَاشِيَة فَأَخَذَ بَدَلًا عَنِ الْقِيمَةِ مَاشِيَةً فَفِي جَعْلِهِ من

ص: 98

بَدَلِ الْمَاشِيَةِ بِالْمَاشِيَةِ أَوْ بَابِ تَخَلُّلِ الْعَيْنِ قَوْلَانِ سَبَبُهُمَا أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا هَلْ يُعَدُّ كَالْمُنْتَقِلِ أَمْ لَا وَفِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لِلْأَصْحَابِ قَوْلَانِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَفَادَ مَاشِيَةً ثُمَّ أَفَادَ مِنْ جِنْسِهَا ضَمَّهُ إِلَيْهَا خِلَافًا لِ ش قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ قُدُومِ السَّاعِي إِنْ كَانَتِ الْأَوْلَى نِصَابًا بِنَفْسِهَا وَإِلَّا اسْتَقْبَلَ بِالْجَمِيعِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ أَفَادَ الثانيةَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَكُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ إِجْمَاعًا لَنَا فِي الْجِنْسِ عَلَى ش أَنَّ الْجِنْسَ يُضَمُّ إِلَى جِنْسِهِ فِي النِّصَابِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ فَأَوْلَى أَنْ يُضَمَّ فِي الْحَوْلِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ وَوَافَقَنَا ح قَالَ سَنَدٌ وَلَا فَرْقَ فِي الضَّمِّ بَيْنَ مَوْضِعٍ فِيهِ سُعَاةٌ أَمْ لَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَاشِيَةِ فِي ضَمِّ الثانيةِ إِلَى الْأَوْلَى بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ النِّصَابَ يَتَغَيَّرُ بِضَمِّ الثانيةِ وَيَتَغَيَّرُ الصِّنْفُ الْمَأْخُوذُ فِي جِنْسِهِ كَالِانْتِقَالِ مِنَ الْغَنَمِ فِي الْإِبِلِ إِلَى بِنْتِ مَخَاضٍ فِي سَنَةٍ كَالِانْتِقَالِ إِلَى بِنْتِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ بِخِلَافِ الْعَيْنِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَثَانِيهَا أَنَّ الْمَاشِيَةَ لَهَا أَوَقَاصٌ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الضَّمُّ فِيهَا وَثَالِثُهَا تَكَلُّفُ السُّعَاةِ بِسَبَبِ تَعَدُّدِ الْأَحْوَال إِذا لم تضم الثَّانِيَة بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ وَلَوْ كَانَتِ الْمَاشِيَةُ الْأُولَى نِصَابًا فَنَقَصَتْ قَبْلَ حَوْلِهَا ضَمَّهَا إِلَى الثانيةِ وَلَوْ زَكَّاهَا غَيْرُهُ ثُمَّ بَاعَهَا لَهُ ضَمَّهَا وَزَكَّاهَا السَّاعِي وَكَذَلِكَ لَوْ وَرِثُوهَا بَعْدَ التَّزْكِيَةِ الثَّالِثُ إِذَا بَاعَ دُونَ النِّصَابِ مِنَ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ يَزِدِ الثَّمَنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التِّجَارَةِ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُزَكِّي ثَمَنَ دُونِ النِّصَابِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْدَلَهُ بِنِصَابٍ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَالذَّهَبِ مَعَ الْفِضَّةِ وَالرِّبْحِ مَعَ الْأَصْلِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا غُصِبَتِ الْمَاشِيَةُ فَرُدَّتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُزَكِّي لِعَامٍ وَاحِدٍ وَقَالَ أَيْضًا لِكُلِّ عَامٍ إِلَّا أَن تكون السعاة زكتها فتجزئه كَمَا لَوْ كَانَتْ نَخَلَاتٍ قَالَ سَنَدٌ قِيلَ اخْتِلَاف قَول ابْن الْقَاسِم على الْخِلَافِ فِي رَدِّ الْغَلَّاتِ فَإِذَا قُلْنَا لَا يردهَا

ص: 99

الغاضب لَا يُزَكِّيهَا لِعَدَمِ انْتِفَاعِ رَبِّهَا بِهَا وَيَجْرِي فيا الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ قَالَ سَنَدٌ فَهَذَا فِيهِ نظر لِأَن أَوْلَادهَا ترد مَعهَا وَهُوَ يَا ثل عدم تزكيتها تزكي لخروجها على يَده وتصرفه فتزكى على لِعَامٍ وَاحِدٍ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ وَوَجْهُ التَّزْكِيَةِ لِكُلِّ عَامٍ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ نَخْلَة وسرقت ثمارها وَالْفرق بَينهَا وَبَيْنَ الْمَاشِيَةِ يَأْخُذُهَا الْعَدُوُّ ثُمَّ تَقَعُ فِي الْمغنم تزكّى لعام وَاحِد حُصُول شبه المك لِلْعَدو وَلِأَنَّهُ لَو أسلم تثبتت لَهُ فَلَو ظلت لَهُ الْمَاشِيَةُ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ ثُمَّ وُجِدَتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ زَكَّاهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِمَاضِي السِّنِينَ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ فِي الْغَصْبِ وَالْمَنَافِعِ فِي للْغَاصِب وَذَلِكَ يشبه الْملك فَإِذا قُلْنَا تزكي لِكُلِّ عَامٍ فَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَا أَخَذَهُ السعاة وَإِن أَخَذُوا مِنْ عَيْنِهَا فَإِنْ أَعْطَى الْغَاصِبُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ كَانَتْ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ فَلَا يَضُرُّ عَدَمُ نِيَّتِهِ كَمَا لَوِ امْتَنَعَ فَإِذَا أَخْلَطَهَا الْغَاصِبُ بِغَيْرِهَا لَمْ يُزَكِّ زَكَاةَ الْخُلَطَاءِ لِعَدَمِ رِضَا رَبِّهَا بِذَلِكَ كَمَا لَو خلط الراعاء الْمَوَاشِي بِغَيْرِ رِضَا أَرْبَابِهَا وَإِذَا رَدَّهَا الْغَاصِبُ وَلَمْ يَكُنِ السَّاعِي يَمُرُّ بِهَا زَكَّاهَا لِمَا مَضَى عَلَى مَا يَجِدُهَا إِلَّا مَا نَقَصَتْهُ الزَّكَاةُ كَالَّذِي يَغِيبُ عَنْهُ السَّاعِي لَا كَالْفَارِّ وَلِأَن رَبهَا لم يكن معتديا فَإِنْ غَصَبَ بَعْضَ الْمَاشِيَةِ وَبَقِيَ فِي يَدِهِ دُونَ النِّصَابِ فَلَا يُزَكِّيهِ السَّاعِي فَإِذَا عَادَتْ زَكَّى الْجَمِيعَ لِمَاضِي السِّنِينَ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَزْكِيَةِ الْمَغْصُوبِ لِعَامٍ وَاحِدٍ يُزَكِّي الْجَمِيعَ لِعَامٍ وَاحِدٍ فَلَوْ غُصِبَ لَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ ثَمَانِينَ ضِمْنَ الْغَاصِبُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهَا لِأَنَّهَا وَقَصٌ دُونَ السَّاعِي لِأَنَّهُ حَاكِمٌ مَعْذُورٌ فَلَوْ رُدَّتِ الْمَاشِيَةُ بِالْعَيْبِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي اسْتَقْبَلَ الْبَائِعُ حَوْلًا لِانْقِطَاعِ مِلْكِهِ فَإِنْ زَكَّاهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ كَالْغَاصِبِ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ سَنَدٌ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ثَوَابَ الزَّكَاة لَهُ خلاف الْغَاصِب

ص: 100

الشَّرْطُ الثَّانِي مَجِيءُ السَّاعِي وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ لَا فِي الضَّمَانِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّتنَا وش هُوَ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَعِنْدَ ح هُوَ مِنْ شُرُوطِ الضَّمَانِ فَقَطْ وَهُوَ حَقِيقَةُ الْمَذْهَبِ نقُوله فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ مَاشِيَتَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي لَا أَرَى عَلَيْهِ الشَّاةَ الَّتِي كَانَتْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَارًّا فَعَلَيْهِ الشَّاةُ الَّتِي كَانَتْ وَجَبَتْ فَجَعَلَهَا وَاجِبَةً فِي الصُّورَتَيْنِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَلِهَذَا لَو غَابَ سنتَيْن ثُمَّ جَاءَ أَخَذَ لِمَاضِي السِّنِينَ فَحَقِيقَةُ الْوُجُوبِ تترتب على النّصاب والحول واستمراره وَيكون السَّاعِي كالخلطة يُخَفف تَارَة ويثقل أُخْرَى قَالَ صَاحب الْجَوَاهِر وَالْمَشْهُور لِمَجِيءِ السَّاعِي وَلَا يَمْنَعُ الْمَالِكَ مِنَ التَّصَرُّفِ الْمُبَاح أَنه شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ لَمَّا امْتَنَعُوا مِنْ بَعْثِ السُّعَاةِ سِتَّ سِنِينَ وَانْقَضَتْ بَعَثُوا السُّعَاةَ فَزَكَّوْا مَا وَجَدُوا عَلَى حَالِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فُرُوعٌ عَشَرَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةُ أَن بيعث السُّعَاةَ طُلُوعَ الثُّرَيَّا اسْتِقْبَالَ الصَّيْفِ وَقَالَ ش يَخْرُجُونَ قَبْلَ الْمُحَرَّمِ لِتَحْصِيلِ الصَّدَقَةِ فَيَأْخُذُ الْفُقَرَاءُ أَوَّلَ الْحَوْلِ مَا يَكْفِيهِمْ لِتَمَامِ الْحَوْلِ وَلِقَوْلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ وَلِأَنَّ رَبْطَهُ بِالثُّرَيَّا يُؤَدِّي إِلَى زِيَادَةٍ فِي الْحَوْلِ لِزِيَادَةِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ عَلَى الْقَمَرِيَّةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ وَهُوَ لَا يخْتَلف عَن الثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّقْدَيْنِ فَإِنَّ الدَّيْنَ مُخْتَصّ إِسْقَاطُهُ بِهِمَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ ذَلِكَ مُغْتَفَرٌ لِأَجْلِ أَنَّ الْمَاشِيَةَ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ تَكْتَفِي بِالْحَشِيشِ عَنِ الْمَاءِ فَإِذَا أَقْبَلَ الصَّيْفُ اجْتَمَعَتْ عِنْدَ الْمِيَاهِ فَلَا يَتَكَلَّفُ السُّعَاةُ كَثْرَةَ الْحَرَكَةِ وَلِأَنَّهُ عمل الْمَدِينَة قَالَ سَنَد يخرجُون لِلزَّرْعِ وَالثِّمَارِ عِنْدَ كَمَالِهَا قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى السعاة أَن يَأْتُوا أَرْبَاب الْمَاشِيَة وَلَا يبعثون إِلَيْهِمْ فَإِنْ كَانُوا بَعِيدِينَ عَنِ الْمِيَاهِ قَالَ مَالِكٌ يَحْمِلُونَ مَا عَلَيْهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ أَوْ يُنْفِقُونَ عَلَى الْقِيمَةِ لِلضَّرُورَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بموضعهم مُسْتَحقّ

ص: 101

وَلَا يجِبُ عَلَى السَّاعِي الدُّعَاءُ لِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ الصَّدَقَةَ خِلَافًا لِدَاوُدَ وَاسْتَحَبَّهُ ش لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بل وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} التَّوْبَة 103 أَيِ ادْعُ لَهُمْ لَنَا أَنه صلى الله عليه وسلم َ - وَالْخُلَفَاء لم يَكُونُوا يأمرون بل ذَلِك السعاة بل ذَلِك خَاص بِهِ صلى الله عليه وسلم َ - لقَوْله تَعَالَى {إِن صلواتك سَكَنٌ لَهُمْ} التَّوْبَة 104 فَهَذَا سَبَبُ الْأَمْرِ بِذَلِكَ الثَّانِي فِي الْكتاب إِذا استهلكت غنمه بعد الْحول قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَهِيَ أَرْبَعُونَ فَأَخَذَ قِيمَتَهَا دَرَاهِمَ زَكَّاهَا مَكَانَهَا لِأَنَّ حَوْلَهَا قَدْ تَقَدَّمَ وَإِنْ أَخَذَ بِالْقِيمَةِ إِبِلًا أَوْ بَقَرًا اسْتَقْبَلَ الْحَوْلَ وَإِنْ أَخَذَ غَنَمًا فِي مِثْلِهَا الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا أَنَّ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ كَالْمُبَادَلَةِ فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ مُدِيرًا ضَمَّ الثَّمَنَ إِلَى مَالِ الْإِدَارَةِ الَّذِي كَانَ ثمن الْغنم مِنْهُ ويزكي عَلَى حَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَكِرًا زَكَّى الْقِيمَةَ فَإِن كَانَ الْغَنَمُ لِلْإِدَارَةِ وَأَخَذَ بِالْقِيمَةِ عَرْضًا فَلَا زَكَاةَ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَإِنْ أَخَذَ فِي قِيمَتِهَا مَاشِيَةً مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا دُونَ النِّصَابِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ نِصَابًا فَيُخْتَلَفُ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ إِذَا كَانَتْ أَعْيَانُ الْغَنَمِ قَائِمَةً لَمْ تَفُتْ بِمَا أُخِذَتْ فِيهَا إِذْ لَهُ نرك الْقِيمَةِ أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ أَعْيَانُهَا لَمْ يَجُزْ خلاف لتعذر أَخذ الْغنم الْآن وَأخذ غَيْرُهَا مَالٌ حَادِثٌ يُسْتَقْبَلُ بِهِ حَوْلًا وَلَوْ لَمْ يَثْبُتِ الِاسْتِهْلَاكُ لَزَكَّاهَا وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَزَادَ لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِ الْغَاصِبِ لَمْ تَفُتْ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوْتِ لَزَكَّاهَا عَلَى حول الأولى لإتمامه بِبيع غنم بِغَنَمٍ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ مَنْ وَرِثَ غَنَمًا أَو اشْتَرَاهَا للْقنية ثمَّ بَاعهَا بعد الْحول قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي اسْتَقْبَلَ بِالثَّمَنِ حَوْلًا بَعْدَ الْقَبْض إِلَّا أَن يَبِيعهَا فِرَارًا فلتلزمه زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ يُزَكِّي الثَّمَنَ الْآنَ لِأَنَّ الْعَيْنَ أَصْلُ سَائِرِ الْمَمْلُوكَاتِ وَلَا يَكُونُ لَهَا مَالِيَّةٌ إِلَّا بِهَا فَإِذَا أَبْدَلَهَا بِأَصْلِهَا بَقِيَتْ عَلَى حُكْمِ الزَّكَاةِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقِنْيَةَ تُبْطِلُ حُكْمَ النَّقْدَيْنِ فَيُسْتَقْبَلُ الْحول قَالَ

ص: 102

سَنَد أما الفار بِالْبيعِ فآثم وَلَا تسْقط زَكَاته أَن ذَلِكَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُزَكِّي الثَّمَنَ وَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ مِنَ الْمَاشِيَةِ أَمَّا قَبْلَ الْحول فَمَا تقوى فِيهِ التُّهْمَة فَقَالَ مَالك وَابْن حَنْبَل يُؤْخَذ بِزَكَاة مَا بَاعَ مُعَاقَبَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَالْمِيرَاثِ وَقَالَ ش لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَوْلَ شَرْطٌ وَإِنْ بَاعَ غَيْرَ فَارٍّ صَحَّ الْبَيْعُ عِنْد مَالك وح وَابْنِ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ش مُحْتَجًّا بِأَنَّ الزَّكَاة أَن تعلّقت بالمعين بَطل البيع لتفريق الصَّدَقَة أَوْ بِالذِّمَّةِ فَمَا يُقَابِلُهَا مِنَ الْمَاشِيَةِ رَهْنٌ بِهَا وَبَيْعُ الرَّهْنِ لَا يَجُوزُ وَجَوَابُهُ أَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالْعَيْنِ تَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ بِالْعَبْدِ الْجَانِي وَهُوَ يَجُوزُ بَيْعُهُ أَوْ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالتَّزْكِيَةِ وَبَيْعُ الْوَارِثِ جَائِزٌ فَلَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ ثُمَّ اسْتَقَالَ اسْتَقْبَلَ بِالثَّمَنِ حَوْلًا عَلَى ظَاهِرِ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ انْقَطَعَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَوْ غَابَ السَّاعِي سِنِينَ فَبَاعَهَا قَبْلَ مَجِيئِهِ زَكَّى الثَّمَنَ مَكَانَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لعام وَاحِد نظرا لِأَن لَهُ أصل وَلَمْ يَقْبِضْهُ إِلَّا الْآنَ وَعِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ لجَمِيع السِّنِينَ لِأَنَّ السَّاعِيَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا لِأَنَّ الْبَيْعَ قَطَعَ حكمهَا فَإِن كَانَ لِلتِّجَارَةِ قَالَ أَشْهَبُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ مَجِيءِ السَّاعِي وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ إِذَا بِيعَتْ زُكِّيَتْ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِنْ كَانَتْ يَوْمَ الْبَيْعِ أَرْبَعًا وَأَرْبَعِينَ فَأَكْثَرَ وَالثَّمَنُ عِشْرُونَ دِينَارًا زَكَّى الثَّمَنَ لِكُلِّ سنة ربع عشر إِلَّا مَا نقصته الزَّكَاة نظرا لأصليته فِي الْأَمْوَالِ فَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثًا وَأَرْبَعِينَ زَكَّى لأَرْبَع سِنِين أَو لاثْنَيْنِ وَأَرْبَعين فلثلاث

ص: 103

سِنِينَ إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ الثَّمَنُ عَنْ عِشْرِينَ نظرا لعط اشْتِرَاطِ السَّاعِي وَالْوَاجِبُ شَاةٌ وَهُوَ رُبُعُ الْعُشُرِ فَإِنْ بَاعَ قَبْلَ الْحَوْلِ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ بِعشْرين دِينَارا أَو بقيت سِتَّة وَأَرْبَعين قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى الْعِشْرِينَ لِحَوْلِ مَا ابْتَاعَهَا بِهِ وَيُزَكِّي رِقَابَ الْمَاشِيَةِ لِحَوْلِ شِرَائِهَا الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ مَا نَقَصَ مِنَ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ نُزُولِ السَّاعِي وَقَبْلَ الْعُدَّةِ لَا يتَغَيَّر بِهِ وَيعْتَبر بِسَبَبِهِ الْوَاجِبُ لِأَنَّ التَّمَكُّنَ مِنَ الْأَدَاءِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْعَدَدِ وَمَا هَلَكَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ لَا يعْتد بِهِ وَقَالَ سَنَد وَكَذَلِكَ إِذا ولدت قبل عدنها وَهَلْ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بَعْدَهُ وَمُحَاسَبَتُهُ أَوْ حَتَّى يُعَيِّنَ الزَّكَاةَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ بِمِائَتَيْ شَاةٍ فَقَالَ غَدًا نَأْخُذُ مِنْهَا شَاتَيْنِ فَولدت وَاحِدَة أَو كَانَت مِائَتَيْنِ وَشَاةً فَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ تَغَيَّرَ الْوَاجِبُ وَزَكَّى عِدَّةَ مَا يَجِدُ غَدًا وَتَصْدِيقُهُ لَهُ وَعَدُّهُ سَوَاءٌ وَقِيلَ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بِالْعَدَدِ وَالْمُحَاسَبَةِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ السَّاعِيَ حَاكِمٌ وَحُكْمُهُ تَعْيِينُهُ لِلْوَاجِبِ أَوْ عَدُّهُ حُكْمٌ وَتَعْيِينُهُ تَنْفِيذٌ فَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَالْغَنَمِ فِي الْإِبِلِ تَعَيَّنَ الْوَاجِبُ وَإِنْ هَلَكَ بَعْضُ الْوَاجِبِ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ مِنَ الْغَدِ وَقَالَهُ ش لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ بِالذِّمَّةِ لَا بِالْعَيْنِ بِخِلَافِ الْجِنْسِ وَلَوْ مَرَّ بِهِ فَوَجَدَ غَنَمَهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ فَجَاوَزَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ وَقَدْ صَارَتْ أَرْبَعِينَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُزَكِّيهَا لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنَّ السَّاعِيَ لَا يَمُرُّ فِي الْعَامِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُزَكِّيهَا لِكَمَالِ السَّبَبِ الْخَامِسُ فِي الْكتاب إِذا قَالَ السَّاعِي أفدت غنمي فِي شهر صدقه إِلَّا أذا يظْهر كذبه وَأَن كَانَ الإِمَام عدلا فَلَا يخرج أحد زَكَاته مَاشِيَته قبل السَّاعِي فَأن أَتَى فَقَالَ لي أدّيت زَكَاة ماشيتي لم يقبل قَوْله وَأَن كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ فَلْيَضَعْهَا مَوَاضِعَهَا إِنْ قَدَرَ عَلَى إِخْفَاءِ مَاشِيَتِهِ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَجَزْأَهُ مَا أُخِذَ قَالَ سَنَدٌ أَمَّا تَصْدِيقُهُ لَهُ فَلِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالزَّكَاةُ مُوَاسَاةٌ قَالَ مَالك وَقد

ص: 104

أَخطَأ من يحلف بِالنَّاسِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ بِمَنْعِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيَّة تعرض الْيَمِينَ عَلَيْهِ اسْتِحْبَابًا فَإِنْ حَلَفَ وَإِلَّا لَمْ يلْزمه شَيْء وَقسم عبد الْوَهَّاب النَّاس ثَلَاثَة أَقسَام مَعْرُوف بالديانه فَلَا يُطَالب وَلَا يحلف ومعروف بِمَنْع الزَّكَاة يُطَالب وَلَا يحلف ومعروف بالفسوق مَجْهُولُ الْحَالِ فِي الزَّكَاةِ فَيَحْلِفُ وَفِيهِ خِلَافٌ وَأَمَّا عَدَمُ الْإِجْزَاءِ قَبْلَ السَّاعِي فَلِعَدَمِ الْوُجُوبِ قبله إِلَّا لِأَنَّهُ كَدَفْعِ مَالِ السَّفِيهِ لَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ وليه وَقَالَ ح خِلَافًا لِ ش فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ السَّاعِي قَالَ مَالِكٌ يَنْتَظِرُهُ فَإِنْ كَانَ لَا يَمُرُّ بِهِ السَّاعِي قَالَ سَحْنُونٌ يُزَكِّي بَعْدَ حول مِنْ مُرُورِ السَّاعِي عَلَى النَّاسِ وَيَتَحَرَّى أَقْرَبَ السُّعَاةِ إِلَيْهِ كَتَضْحِيَةِ مَنْ لَا إِمَامَ لَهُمْ فَلَوْ كَانَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَجِدْ فَقِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُؤَخِّرُ زَكَاةَ الْعَيْنِ حَتَّى يَجِدَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يُمْكِنَهُ بَعْثُهَا وَلَا يَضْمَنُ فِي الْمَاشِيَةِ كَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي فَإِنْ خَلُصَ بِهَا زَكَّى لِمَاضِي السِّنِينَ إِلَّا مَا نَقَصَتْهُ الزَّكَاة لِأَن السَّاعِي كالنائب فَأن تَعَذَّرَ تَعَيَّنَ اعْتِبَارُ الْأَصْلِ وَأَمَّا إِزْوَاءُ الزَّكَاةِ عَن الْأَئِمَّة الْجَوْرِ فَاسْتَحْسَنَهُ مَالِكٌ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} التَّوْبَة 60 الْآيَة فيفعل ذَلِك مَا أمكن حجتهم

قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - سَتَكُون بعدِي أُمُور تنكرونها فَقَالُوا مَا نصْنَع قَالَ أَدّوا حَقهم واسألوا الله حقكم وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا كَثِيرَة جوابها أَنَّهَا مَحْمُولَة على الْمُخَالفَة أما إِذا خَفِي ذَلِكَ فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَوْ أَمْكَنَهُ إِخْفَاؤُهَا فَدَفعهَا للساعي قَالَ ملك لَا يُجْزِئُهُ لِتَعَدِّيهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَقَالَ أَصْبَغُ تُجْزِئُهُ لِأَنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ الْإِكْرَاهِ فَلَوْلَا أَنَّ يَده يَد الْمَسَاكِين لما أَجْزَأَ كَالْإِكْرَاهِ لِلْمَدْيُونِ عَلَى دَفْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ رَبِّهِ وَأما إجزاؤه مَعَ

ص: 105

الْإِكْرَاه فَقَالَ مَالِكٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وَضَعُوهَا مَوْضِعَهَا أَجْزَأَتْهُ الصَّدَقَةُ وَعِوَضُهَا وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُهُ طَوْعًا وَلَا كَرْهًا الصَّدَقَةُ وَلَا عِوَضُهَا هُنَا لِأَن النِّيَابَة الشَّرِيعَة تَبْطُلُ بِعَدَمِ الْعَدَالَةِ وَالْأَصْلُ إِيصَالُ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ وَقَالَ أَصْبَغُ النَّاسُ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ الْفَاسِقَ يَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِلِ الْحَقَّ لِمُسْتَحِقِّهِ وَالْإِمَامُ وَكِيلٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ لِرَبِّ الْمَالِ فِي الْأَخْذِ لِلْفُقَرَاءِ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا هَرَبَ بِمَاشِيَتِهِ ثُمَّ زَادَت بعد سنتَيْن ثُمَّ أَتَى السَّاعِي زَكَّى عَنْ كُلِّ عَامٍ مَا فِيهِ وَغَيْرُ الْهَارِبِ إِذَا تَأَخَّرَ عَنْهُ السَّاعِي سِنِينَ ثُمَّ أَتَى زَكَّى مَا وَجَدَهُ لماضي السنين إِلَّا أَن ينقص عَنِ النِّصَابِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ضَامِنٌ لِلزَّكَاةِ لَوْ هَلَكَتْ بِخِلَافِ الثَّانِي وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا زَكَّى لماضي السنين بَدَأَ بِالسَّنَةِ الْأُولَى ثُمَّ مَا يَلِيهَا حَتَّى يَنْقُصَ الْوَاجِبُ أَوْ يَسْقُطَ وَقِيلَ قَوْلُ الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَدَّعِ أَنَّ مَاشِيَتَهُ كَانَتْ فِي بَعْضِ السِّنِينَ دُونَ ذَلِكَ قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ ذَلِكَ بَعِيدٌ وَوَافَقَ الْأَئِمَّةُ فِي الْهَارِبِ قَالَ سَنَدٌ قِيلَ يُزَكِّي الْهَارِبُ لِمَاضِي السِّنِينَ مَا وَجَدَ فِي يَدِهِ وَلَا يَكُونُ أَسْعَدَ حَالًا مِمَّنْ غَابَ عَنْهُ السَّاعِي وَجَوَابُهُ أَنَّهُ أَسْعَدُ بِسَبَبِ انْتِقَالِ الزَّكَاةِ بِالتَّعَدِّي إِلَى ذِمَّتِهِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَغَيَّرُ إِلَّا بِسَبَبٍ طَار فَلَوْ أَقَرَّ بِأَرْبَعِينَ ثَلَاثَ سِنِينَ فَصَارَتْ فِي الرَّابِعَة ألفا قَالَ ملك وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ شَاةٌ لِثَلَاثِ سِنِينَ لِنُقْصَانِهَا عَن النّصاب بعد شَاة وتسع سِنِين لِهَذِهِ السَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ لثلاث سِنِين وَعشر شِيَاه لهَذِهِ السّنة لِأَن ضَامِنٌ لِلزَّكَاةِ فِي ذِمَّتِهِ بِتَعَدِّيهِ فَانْتَقَلَتْ عَنِ الْمَاشِيَةِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يُزَكِّي الْأَلْفَ لِمَاضِي السنين وَأما الَّذِي تَأَخّر عَنهُ السَّعْي وَكَانَ مَاله أول السنين دون النّصاب كمل عِنْدَ مَجِيئِهِ فَلَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بِشَاةٍ وَلَوْ زَادَ عَنِ النِّصَابِ تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ وَقَالَ

ص: 106

أَشْهَبُ لِمَاضِي السِّنِينَ كَمَا يُزَكِّي النُّصُبَ الْمُتَكَرِّرَةَ عِنْدَ مَجِيئِهِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً قَبْلَ ذَلِكَ وَوَافَقَ أَشْهَبُ إِذَا كَمُلَتْ بِفَائِدَةٍ عَنِ الْوِلَادَةِ وَالْفَرْقُ لَهُ أَنَّهَا لَا تُضَمُّ إِلَّا إِلَى نِصَابٍ بِخِلَافِ الْوِلَادَةِ وَالْفَرْقُ لِمَالِكٍ أَنَّهُ إِذَا تَقَدَّمَ نِصَابٌ أَمْكَنَ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ أَمَّا إِذَا كَانَ أَصْلُ الْمَالِ نِصَابًا وَزَادَ آخِرَ السِّنِينَ فَقَالَ سَحْنُونٌ يُزَكِّي عَن كل سنة مَا فِيهَا خلافًا لما فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُلَّاكَ مَا استهلكوه فَأولى ان لَا يَلْزَمَهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَهُمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَلَوْ كَانَتْ نِصَابًا أَوَّلَ سَنَةٍ ثُمَّ نَقُصَ ثُمَّ رَجَعَ بِوِلَادَة أَو مُبَادلَة توجب الْبناء على الْحول الأول اتَّصَلَ الْحُكْمُ بِمَا مَضَى أَوْ بِفَائِدَةٍ بَطَلَ حُكْمُ مَا مَضَى مِنَ الْحَوْلِ فَلَوْ كَانَ النِّصَابُ لَا يَصْلُحُ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْهُ كَالتُّيُوسِ قَالَ ملك عَلَيْهِ شَاةٌ وَاحِدَةٌ لِجُمْلَةِ السِّنِينَ بِخِلَافِ الْخَمْسِ مِنَ الْإِبِلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ حَتَّى لَوِ اتَّفَقَ السَّاعِي مَعَهُ عَلَى تَيْسٍ جَازَ وَالْوَاجِبُ فِي الْإِبِلِ فِي الذِّمَّةِ فَيَتَكَرَّرُ لِكُلِّ عَامٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُزَكِّي لِكُلِّ عَامٍ كَالْإِبِلِ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا غَابَ عَنْ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ خَمْسَ سِنِينَ زَكَّى لِكُلِّ عَامٍ لِتُعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالذِّمَّةِ دُونَ الْعَيْنِ أَوْ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ لِلسَّنَةِ الأولى فينتقص عَنْ نِصَابِ الْأُولَى فَيَأْخُذُ الْغَنَمَ لِبَاقِي السِّنِينَ أَو عشْرين وَمِائَة بِعشر حقاق أَو أحد وَتسْعُونَ فحقتان وثمان بَنَاتِ لَبُونٍ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ تَلِفَ مِنَ الْخمس وَالْعِشْرين بِغَيْر قبل مَجِيء السَّاعِي لم يزل إِلَّا بِالْغَنَمِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ أَوِ الضَّمَانَ إِنَّمَا يَتَقَرَّرُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى بِمَجِيئِهِ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَا وَرَثَتُهُ شَيْءٌ إِلَّا بعد الْحول وَقَالَهُ ح وَالْوَرَثَةُ كَالْخُلَطَاءِ يُشْتَرَطُ فِي حِصَّةِ كل وَاحِد نِصَاب فَإِن اقتسموا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي شَرْطٌ فِي

ص: 107

الْوُجُوبِ قَالَ سَنَدٌ لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إِلَى الْمَسَاكِينِ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَوَجَبَ الدَّفْعُ لِلسَّاعِي وَلَوْ نَقَصَ النِّصَابُ أَوْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا زَكَاةَ بِخِلَافِ بَعْدَ مَجِيئِهِ فَصَارَ كالحول وَالْفرق بَين الْمَاشِيَة وَالثَّمَر وَالزَّرْعِ يَمُوتُ رَبُّهُمَا قَبْلَ طِيبِهِمَا أَنَّ شَرِكَةَ الْمَسَاكِين فِيهَا أظهر بِدَلِيل الْأَخْذ من الردئ وَمِنَ الْجَيِّدِ وَفِي الْمَاشِيَةِ الْوَسَطُ وَالْوَاجِبُ لَا يتَغَيَّر بِغَيْر الْمَالِ فَكَذَلِكَ إِذَا مَاتَ بَعْدَ طِيبِهَا زُكِّيَا وَلَو عزل زكاتهما أخرجهَا بعد تلفهَا بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ إِذَا قَدِمَ السَّاعِي بَعْدَ التَّلَفِ لَا يَأْخُذُهَا وَلَوْ تَلِفَتْ زَكَاتُهُمَا لَمْ يَعِدَّهَا بِخِلَاف الْمَاشِيَة إِذا تلفت قبل السَّاعِي وَقَالَ ش يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْمَيِّتِ لِحُصُولِ الْحَوْلِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَوْ مَرَّ السَّاعِي بالوارث بعد بعض حول تَركه للحول الثَّانِي قَالَ ملك فِي الْكتاب وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يُوصَى بِقَبْضِهَا عِنْدَ كَمَالِ حَوْلِهَا وَيَصْرِفُهَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْهُودِ مِنَ السَّلَفِ فَإِنَّ كُلَّ شهر تتجدد فِيهِ كمالات أَحْوَال وَلم تكن السعاة تَتَحَدَّث فِي ذَلِك بل كَانُوا يقتضون مرّة فِي كُلَّ عَامٍ التَّاسِعُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَرْبَحَ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ مَجِيء السَّاعِي وان نقص زَكَاتِهَا إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ فِرَارًا فَيَلْزَمُهُ مَا فَرَّ مِنْهُ وَإِنْ عَزَلَ ضَحَايَا فَإِنْ أُشْهِدَ عَلَيْهَا فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ وَجَدَهَا السَّاعِي حَيَّةً وَلم يَشْهَدْ زَكَّاهَا قَالَ مُحَمَّدٌ يُرِيدُ أَشْهَدُ لِفُلَانٍ كَذَا لِفُلَانٍ كَذَا الْعَاشِرُ فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يبْعَث السعاة فِي السّنة الشَّدِيدَة الجدب مرَّتَيْنِ لَيْلًا يَأْخُذُوا للْمَسَاكِين مَالا يَنْتَفِعُونَ بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُونَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ لعامين وَيُزَكُّونَ مَا يَجِدُونَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ رَوَى أَصْبَغُ يَخْرُجُونَ مُطْلَقًا لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا ضَرَرٌ بِالْمُلَّاكِ وَهُوَ أَظْهَرُ الشَّرْطُ الثَّالِثُ وَفِي الْجَوَاهِرِ التَّمَكُّنُ مُطَالَبَةِ السَّاعِي دُونَ قُدْرَةِ رَبِّ الْمَاشِيَةِ عَلَى إِيصَالِهَا إِلَيْهِ فَلَوْ أَخَّرَ الزَّكَاةَ مَعَ الْإِمْكَانِ أتم وَإِنْ تَلِفَ النِّصَابُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يُزَكِّي مَا بَقِيَ إِنْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ نَظَرًا

ص: 108

إِلَى أَنَّ الْفُقَرَاءَ كَالشُّرَكَاءِ فَيُزَكِّي إِذِ الزَّكَاةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّمَّةِ بِشَرْطِ التَّمَكُّنِ فَلَوِ اشْتَرَى مَاشِيَةً وَحَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ قَبْضِهَا زَكَّاهَا الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْوَاجِب فِي الْمَاشِيَة وَفِي الْجَوَاهِرِ اخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الْإِبِل وَالْغنم فَقَالَ ابْن الْقَاسِم يَأْخُذ الْجَذَعُ وَالْجَذَعَةُ وَالثَّنِيُّ وَالثَّنِيَّةُ وَالضَّأْنُ وَالْمَعَزُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَقَالَ ح الثَّنِيُّ وَالثَّنِيَّةُ سَوَاءٌ وَقَالَهُ ش إِنْ كَانَتِ الْغَنَمُ كُلُّهَا ذُكُورًا وَإِلَّا فَلَا يُؤْخَذ إِلَّا أُنْثَى قَالَ ابْن الْقصار الْوَاجِب عندنَا الْإِنَاث فِي جِهَة الْإِجْزَاء وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ - فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ وَلَمْ يُخَصِّصْ وَقِيَاسًا عَلَى الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا وَلِأَنَّ ذُكُورَ الضَّأْنِ أَطْيَبُ لَحْمًا وَأَكْثَرُ ثَمَنًا فَعَادَلَ بِذَلِكَ لَبَنَ الْأُنْثَى وَسلمهَا وَفِي الْكِتَابِ الْجِذْعُ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعَزِ فِي الزَّكَاة سَوَاء وَيُؤْخَذ التني مِنَ الضَّأْنِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَا يُؤْخَذُ الثَّنِيُّ مِنَ الْمَعَزِ الْأُنْثَى لِأَنَّ الذَّكَرَ ثلاثي ويحسب عَلَيْهِ رب المَال والتيس وَالْعَمْيَاءَ وَالْمَرِيضَةَ وَالْهَرِمَةَ وَالسَّخْلَةَ وَالْعَرْجَاءَ فَإِنْ كَانَتِ الْغنم كلهَا من ذَلِك لزم رَبهَا الْإِتْيَان بِمَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ عَجَاجِيلَ أَوْ فُصْلَانًا وَإِذَا رَأَى الْمُصَّدِّقُ أَنْ يَأْخُذ ذَات العورأ والتيس أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَخَذَهُ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ يجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا يَأْخُذُ مِنَ الصِّغَارِ شَيْئًا لِقَوْلِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ وَإِذَا كَانَتْ ربى كلهَا أَو مخاضا أَوْ أَكُولَةً أَوْ فُحُولًا لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَّدِّقِ الْأَخْذُ مِنْهَا وَيَأْتِي رَبُّهَا بِالْجَذَعِ وَالثَّنِيَّةِ وَلَا يَأْخُذُ مَا تَحْتَ الْجَذَعِ وَإِنْ رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ الْمَاشِيَةَ بِمَا فَوْقَ الثَّنِيِّ أَخَذَهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا لَمْ يَجِدْ جذعه وَلَا ثنية أَخذ الربي والمواخض زَادَت العورا فَيَأْخُذُ مِمَّا وَجَدَ قِيَاسًا عَلَى الثِّمَارِ وَقَوْلُ عُمَرَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ اتَّقِ كَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَين الله حَاجِب

ص: 109

وَفِي الْجَوَاهِرِ أَسْبَابُ النَّقْصِ أَرْبَعَةٌ الْمَرَضُ وَالصِّغَرُ وَالْعَيْبُ وَالذُّكُورَةُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لَا يَأْخُذُ الْمُصَّدِّقُ ذَاتَ الْعَيْبِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا خِلَافًا لِمَا فِي الْكِتَابِ فَوَائِدُ ذَاتُ الْعَوَرِ أَي ذَات الْعَيْب والتيس دُونَ الْفَحْلِ وَهُوَ عَيْبٌ بِخِلَافِ الْفَحْلِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَوَّلُ مَا يُولَدُ الْوَاحِدُ مِنَ الْغَنَمِ يُسمى سخلة ذكرا كَانَ أم أُنْثًى ضَأْنًا أَوْ مَعَزًّا ثُمَّ بَهْمَةً لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَجَمْعُهَا بَهْمٌ فَإِذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَفصل عَن أمه فأولاد الْمعز حقاق بِالْكَسْرِ الْوَاحِد جفر فَإِذَا رَعَى وَقَوِيَ فَهُوَ عَرِيضٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وعتود وجميعها عرضان وعتدان وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ جَدْيٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَالْأُنْثَى عَنَاقٌ وَجَمْعُهَا عُنُوقٌ جَاءَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ مَا لَمْ يَأْتِ الْحَوْلُ بِالذكر تَيْس وَالْأُنْثَى عنز ثمَّ يجذع فِي السَّنَةِ الثانيةِ فَالذَّكَرُ جَذَعٌ وَالْأُنْثَى جَذَعَةٌ ثمَّ يثني فِي السّنة الثَّانِيَة فالذكر ثني وَالْأُنْثَى ثنية ورباعي فِي الرَّابِعَة وَسدس فِي الْخَامِسَةِ وَضَالِعٌ فِي السَّادِسَةِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْمٌ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ الْجذع من الضَّأْن أذا كَانَ بَين الشاتين لسِتَّة أشهر وَبَين الهرمين يجدع لثمانية أشهر وَقَالَ يحي بْنُ آدَمَ إِنَّمَا يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ دون الْمعز لِأَنَّهُ ينزو فيلقح الْمعز لَا تُلَقَّحُ حَتَّى تُثَنَّى وَوَافَقَهُ أَبُو الطَّاهِرِ على ذَلِك وَقَالَ الْأَصْمَعِي يجذع الْمعز لسِتَّة والضأن لثمانية أشهر وَتِسْعَة قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الثَّنِيُّ هُوَ الَّذِي طَرَحَ ثَنِيَّتَهُ لَهُ سَنَتَانِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعَزِ وَرُوِيَ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ الْجَذَعُ ابْنُ سَنَةٍ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعَزِ وَقِيلَ مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَقِيلَ عَشَرَةٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ التَّحَاكُمُ فِي هَذَا إِلَى أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْأَشْهَرُ أَنَّ الْجَذَعَ ابْنُ سَنَةٍ وَقَالَ غَيْرُهُ سُمِّيَ جَذَعًا لِسُقُوطِ أَسْنَانِهِ وَيُرْوَى النَّهْيُ عَنْ أَخذ حرزات النَّاس وَهِي خِيَار أَمْوَالهم الَّتِي يحزونها فِي نُفُوسِهِمْ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ الْمَأْخُوذُ يَخْتَصُّ بِغَيْرِ الْأَوْقَاصِ وَالْوَقَصُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَهُوَ بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ فِي جَمِيعِ الْمَاشِيَةِ

ص: 110

فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْوَقَصُ بِفَتْحِ الْوَاوِ مَا لَا زَكَاة فِيهِ مِمَّا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ فِي الزَّكَاةِ وَجَمْعُهُ أَوَقَاصٌ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ هُوَ مَا وَجَبَتْ فِيهِ الْغَنَمُ كَالْخَمْسِ مِنَ الْإِبِلِ إِلَى الْعِشْرِينَ وَقِيلَ هُوَ فِي الْبَقَرِ خَاصَّةً قَالَ سَنَدٌ الْجُمْهُورُ عَلَى تَسْكِينِ الْقَافِ وَقِيلَ يُفْتَحُ لِأَنَّ جَمْعَهُ أَوَقَاصٌ كَجَمَلٍ وَأَجْمَالٍ وَجَبَلٍ وَأَجْبَالٍ وَلَوْ كَانَتْ سَاكِنَةً لَجُمِعَ عَلَى أَفْعُلٍ مِثْلَ فَلْسٍ وَأَفْلُسٍ وَأَكْلُبٍ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا حَوْلٌ وَأَحْوَالٌ وَقَوْلٌ وَأَقْوَالٌ وَكِبْرٌ وَأَكْبَارٌ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَقْصُ الْعُنُقِ كَسْرُهَا وَوَقَصَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَبِفَتْحِ الْقَافِ قصرا الْعُنُق وَوَاحِد الأوقاص فِي الصَّدَقَة بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ وَكَذَلِكَ الشَّنْقُ وَقِيلَ الْوَقَصُ فِي الْبَقَرِ وَالشَّنْقُ فِي الْإِبِلِ وَيُقَالُ تَوَقَّصَتْ بِهِ فرسه إِذا نزى نَزْوًا قَارب الخطا وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مَعْلُومَةٌ قَبْلَ الشَّرْعِ فَيجِبُ أَنْ تَكُونَ لِمَعْنًى لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالزَّكَاةِ الَّتِي لَمْ تُعْلَمْ إِلَّا مِنَ الشَّرْعِ وَاسْتُعِيرَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لِهَذَا الْمَعْنَى الشَّرْعِيّ وَذَلِكَ يحْتَمل أَن يكون وقص الْعُنُق الَّذِي هُوَ قصره لقصوره على النِّصَابِ أَوْ مِنْ وَقَصَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِذَا قَارَبَتِ الْخَطْوَ لِأَنَّهُ تَقَارُبَ النُّصُبِ وَقَالَ سَنَدٌ ولمالك وش فِي تعلق الزَّكَاة فِي بالوقص قَولَانِ وأسقطها ح وَجب عدم التَّعَلُّق وَمَا فِي كِتَابِ عُمَرَ رضي الله عنه وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ الْمِائَةَ وَلِأَنَّ مَا قَبْلَ الوقص وَاجِب الزَّكَاة وَمَا بَعْدَهُ طَرْدِيٌّ وَجْهُ الْجَوَابِ مَا فِي الْأَحَادِيثِ من

قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى تِسْعٍ فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَحَرْفُ إِلَى يُوجِبُ امْتِدَادَ مَا قَبْلَهَا مِنَ الْحُكْمِ إِلَى آخِرِ الْغَايَةِ كَقَوْلِهِ يعْتد من هَا هُنَا إِلَى هَا هُنَا وَقَوله تَعَالَى {إِلَى الْمرَافِق _ إِلَى _ الْكَعْبَيْنِ} الْمَائِدَة 6 وَإِلَّا سَقَطَ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِلَافِ إِذَا كَانَ مَعَهُ تِسْعٌ مِنَ الْإِبِلِ فَتلف مِنْهَا أَرْبَعَة بَعْدَ الْحَوْلِ إِنْ قُلْنَا الْوَقَصُ مُعْتَبَرٌ سَقَطَ من الشَّاة أَربع أَتْسَاعِهَا فَإِنْ تَلِفَ خُمْسٌ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقُلْنَا الْإِمْكَانُ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ سَقَطَ مِنَ الشَّاةِ خمسها وَأَن قُلْنَا الوقص لِمَعْنى

ص: 111

وَإِلَّا سَقَطَ خَمْسَةُ أَتْسَاعِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَهُ ثَمَانُونَ مِنَ الْغَنَمِ فَتَلِفَ مِنْهَا أَرْبَعُونَ بَعْدَ الْحَوْلِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَ لَهُ سِتُّونَ ضانية وَسَبْعُونَ أُخِذَتْ مِنْ كِلَيْهِمَا شَاتَانِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَعَزُ خمسين فضانية وَلَو كَانَ سِتِّينَ وَسِتِّينَ لَخُيِّرَ السَّاعِي وَلَوْ كَانَا مِائَةً وَعِشْرُونَ ضانية وَأَرْبَعِينَ مَعْزًى أَخَذَ شَاتَيْنِ مِنْهَا وَلَوْ كَانَتِ الْمَعَزُ ثَلَاثِينَ أَخَذَهُمَا مِنَ الضَّأْنِ وَلَوْ كَانَا ثَلَاثمِائَة ضانية وَتِسْعِينَ مَعْزًى فَثَلَاثُ ضَوَائِنَ وَالْمَعَزُ وَقْصٌ حَتَّى تبلغ مائَة فَفِيهَا شَاة وَلَو كَانَت ثَلَاثمِائَة وَخمسين وَخَمْسُونَ مَعْزًى فَثَلَاثُ ضَوَائِنَ وَيُخَيَّرُ فِي الرَّابِعَةِ إِمَّا مِنَ الضَّأْنِ وَإِمَّا مِنَ الْمَعَزِ وَلَوْ كَانَتِ الضَّأْنُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ وَالْمَعَزُ أَرْبَعِينَ أُخِذَ الْأَرْبَعَةُ مِنَ الضَّأْنِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ النِّصَابُ مِنْ صِنْفَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ يُخَيَّرُ فَإِنْ كَانَ أَحدهمَا أكبر من النّصاب مِنَ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مائَة وَعِشْرُونَ وهم مُتَسَاوِيَانِ يُخَيَّرُ أَوْ كَانَتِ الضَّأْنُ الْأَكْثَرَ أُخِذَ مِنْهَا والمعز الْأَكْثَرُ وَنَقَصَ نِصَابُهَا عَنِ الْأَرْبَعِينَ أُخِذَتْ مِنَ الْمَعَزِ لِأَنَّ الضَّأْنَ لَغْوٌ وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ عَن الْأَرْبَعين فَذَلِك عِنْد ابْن الْقَاسِم تَرْجِيحا لِلْأَكْثَرِ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ يَتَخَيَّرُ السَّاعِي لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَجِبُ فِيهِ شَاةٌ وَلَا حَيْفَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لَا سِيَّمَا إِذَا قُلْنَا الوقص يلغي فَإِن وَجب شَاتَانِ وَتَسَاوَى الصِّنْفَانِ أَخَذَهُمَا مِنْ كِلَيْهِمَا فَإِنْ تَفَاوَتَا لَمْ يَجِبْ فِي أَحَدِهِمَا لَوِ انْفَرَدَ الشتان أُخِذَتْ شَاةٌ مِنْ أَكْثَرِهِمَا وَاعْتُبِرَ مَا يَزِيدُ عَلَى النِّصَابِ مَعَ الْأَقَلِّ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ فَإِنْ كَانَ فَاضِلُ الْأَكْثَرِ أَكْثَرَ وَالْأَقَلُّ نِصَابٌ أُخِذَتِ الثَّانِيَةُ مِنْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِنَ الْأَكْثَرِ عِنْدِ سَحْنُونٍ تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَمَّا أَثَّرَ الْأَوَّلُ فِي الزَّكَاةِ وَهُوَ نِصَابٌ لَمْ يَحُلْ مِنَ الزَّكَاةِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ الْأَوَّلُ نِصَابًا فَلَا يُخْتَلَفُ فِي أَخْذِ الثانيةِ مِنَ الْأَكْثَرِ فَإِنْ كَانَ فَاضِلُ الْأَكْثَرِ أَقَلَّ أُخِذَتِ الثانيةُ مِنَ النِّصْفِ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا وَهَذَا إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي أَرْبَعِينَ بَقَرَةً وَعِشْرِينَ جَامُوسَةً وَكَذَلِكَ إِذَا بَلَغَ نِصَابًا لِأَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَ لَوَجَبَتِ الشَّاةُ فَإِنِ اسْتَوَى فَاضِلُ الْأَكْثَرِ مَعَ الصِّنْفِ الْآخَرِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الثَّانِي نِصَاب أخذت

ص: 112

الثانيةُ مِنْ غَيْرِ فَاضِلِ الْأَكْثَرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ نِصَابٌ أَثَّرَ فِي الزَّكَاةِ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ مِنْ فَاضِلِ الْأَكْثَرِ فَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَتسْعُونَ أُخِذَتْ ثَلَاثُ ضَوَائِنَ لِأَنَّ التِسْعِينَ وَقَصٌ لِأَنَّ النّصاب هَا هُنَا مائَة أخذت مِنْهَا معزى وَلَو كَانَت ثَلَاثمِائَة وَخمسين ثَانِيَة وَخمسين معزى فَثَلَاث ضوائن وَخير من الْأَرْبَعَة عِنْد ابْن الْقَاسِم كَمَا لَو كَانَ سِتِّينَ وَأَرْبَعِينَ مَعْزًى فَإِنَّ الْأَخْذَ مِنَ الْأَكْثَرِ وَالْأَرْبَعُونَ هَا هُنَا لَا تَكُونُ نِصَابًا فَلَوْ كَانَتِ الْمَعَزُ سِتِّينَ أخذت مِنْهَا لِأَنَّهَا اكثر النّصاب هَا هُنَا وَفِي مِائَتَيْنِ ضانية وَمِائَة معرى لِأَنَّهَا وَاجِبُهَا فِي مِائَتَيْنِ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ وَوَجَبَتِ الثَّالِثَةُ بِانْضِمَامِ الْمَعَزِ وَهِيَ نِصَابٌ وَأَكْثَرُ مِمَّا فَضَلَ مِنَ الْأَكْثَرِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ مَعْزًى وَالضَّأْنُ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ ضانيتان ومعزى وَعند ابْن مسلمة شَاتَان فِي أَيهمَا شَاءَ وَالثَّالِثَة فِي الصِّنْفِ الْآخَرِ لِأَنَّ فِي كُلِّ صِنْفٍ نِصَابًا للشاتين حَتَّى تزيد على الثلاثمائة يَنْقَلِب النّصاب إِلَى الْمُبين بِالسنةِ وَفِي ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ضَأْنًا وَمَعْزًى عَلَى السَّوَاءِ ضانية ومعزى وَيتَخَيَّر فِي الثَّالِثَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ مَسْلَمَةَ لِانْقِلَابِ النِّصَابِ إِلَى الْمُبَيَّنِ وَلَوْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْأَخْذُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكتاب وَكَذَلِكَ اجْتِمَاع الجوامس وَالْبَقر وَالْبخْت والعراب يُرِيد فِي خَمْسَة وَعِشْرِينَ بُخْتًا وَعِرَابًا عَلَى السَّوَاءِ بِنْتُ مَخَاضٍ فِي أحداهما فَإِن كَانَ أحداهما أَكْثَرَ فَمِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ سِتَّةً وَسَبْعِينَ فَهِيَ نِصَاب وَاحِد تُؤْخَذ بِنْتُ لَبُونٍ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ السَّاعِي إِنِ اسْتَوَيَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ فَمِنْهُ وَكَذَلِكَ الْحُقَّتَانِ فِي إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَهِيَ فِي حُكْمِ النِّصَابَيْنِ وَزَعَمَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ السِّتَّة وَالسبْعين فِي حكم النصابين إِن كَانَ الْعِرَابُ خَمْسِينَ أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِنْتَ لَبُونٍ أَوْ سِتِّينَ أُخِذَتَا مِنْهُمَا فَإِنَّهُ إِذَا أُخِذَتْ بِنْتُ لَبُونٍ عَنْ نِصْفِ الْجَمِيعِ وَهُوَ سَبْعَة وَثَلَاثُونَ كَانَ بَاقِي العراب أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ وَسِتَّة عشرَة عِرَابًا فَهِيَ أَكْثَرُ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَيَتَخَيَّرُ السَّاعِي عِنْدَ مَالِكٍ فِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعشْرين فِي حقتين أَو ثَلَاث بنت لَبُونٍ فَإِنْ كَانَتِ الْبُخْتُ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَكْثَرَ نِصَاب الْخمسين وَإِلَّا الْأَرْبَعِينَ فَإِنْ بَلَغَتْ عِشْرِينَ وَاخْتَارَ بَنَاتِ اللَّبُونِ فَلهُ أَخذ بَنَات اللَّبُون مِنْهَا لِأَنَّهَا نِصْفُ نِصَابِهَا وَإِنِ اخْتَارَ حِقَّتَيْنِ فَلَا وَإِنْ بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ وَاخْتَارَ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَخذ وَاحِدَة مِنْهَا

ص: 113

وَإِن اخْتَارَ الْحِقَّتَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَأْخُذُهُمَا من العراب لتَعلق الحقة لخمسين مِنَ الْعِرَابِ وَفَاضِلُهَا أَكْثَرُ مِنَ الْبُخْتِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْلَمَةَ يَأْخُذُ الثانيةَ مِنَ الْبُخْتِ لِأَنَّهَا يُضَافُ إِلَيْهَا عِشْرُونَ فَيَكُونُ أَكْثَرَ نِصَابِ الْخَمْسِينَ وَالزَّائِدُ وَقَصٌ وَلَوْ كَانَتْ أَرْبَعِينَ وَاخْتَارَ بَنَاتَ اللَّبُونِ وَالْحِقَّتَيْنِ أَخَذَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً لِأَنَّ الْعِرَابَ لَا تَبْلُغُ نِصَابَيْنِ فَلَوْ كَانَتْ سِتِّينَ وَاخْتَارَ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَاحِدَة وَخير فِي الثَّالِثَة لتساوي عددهما فِي نصابهما وَإِن أخْتَار حقتين أَخذ من كل صنف حقة وان كَانَت سبعين أَخذ مِنْهَا ابْنَتَيْن لبون وَإِن اخْتَار الحقتين لحقه لِأَنَّهَا نصابها وَإِن كَانَ نصابها ثَمَانِينَ فإننا لَبُونٍ وَمِنَ الْعِرَابِ بِنْتُ لَبُونٍ أَوْ حِقَّةٌ عَنْ خَمْسِينَ وَالثانيةُ مِنَ الْعِرَابِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا الْأَكْثَرُ مِمَّا بَقِيَ وَعِنْدَ ابْنِ مسلمة تَأْخُذ الثَّانِيَةُ مِنَ الْبُخْتِ لِأَنَّهُ يُضِيفُ إِلَيْهَا عِشْرِينَ فَيُكْمِلُ نِصَابَهَا وَأَكْثَرُ بُخْتٍٍ فَإِنْ كَانَتْ تِسْعِينَ فَأَكْثَرَ أَخَذَ الْحِقَّتَيْنِ مِنْهَا وِفَاقًا وَكَذَلِكَ ثَلَاثُونَ مِنَ الْبَقَرِ مِنْهَا عِشْرُونَ جَامُوسًا فَالتَّبِيعُ مِنَ الجوامس وَلَو كَانَت خَمْسَة عشرَة يُخَيَّرُ السَّاعِي وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَرْبَعِينَ أَوْ خمسين فَلَو كَانَت سِتِّينَ فهما نصابان فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ فَإِنِ اسْتَوَيَا أُخِذَ مَنْ كُلِّ صِنْفٍ تَبِيعٌ فَإِنْ كَانَ الْجَامُوسُ أَرْبَعِينَ أُخِذَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ تبيع لِأَن النّصاب الآخر أَكْثَره يقر بَعْدَ إِسْقَاطِ الْأَوَّلِ قَالَ سَحْنُونٌ يَأْخُذُهُمَا مِنَ الجوامس فَتكون عشرُون جَامُوسًا وَعَشْرَ بَقَرَاتٍ وَالصَّوَابُ عَدَمُ الْفَضِّ كَمَا فِي الْحُبُوب بَلْ يخْرِجُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مَا أَمْكَنَ وَلَوِ اجْتَمَعَ ثَلَاثُونَ جَامُوسًا وَثَلَاثُونَ بَقَرَةً فَإِنَّهُ يَأْخُذ من كل وَاحِدَة تبيعا وَلَو صَحَّ السقيط تَخَيَّرَ السَّاعِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ فِيهِ الْوَاجِبُ دُونَ الْآخَرِ أَخَذَ السَّاعِي مَا وَجَدَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا كُلِّفَ السَّاعِي أَيهمَا شَاءَ النَّوْع الثَّانِي زَكَاة الْبَقر قَالَ صَاحب الْكتاب الدينة فِي اللُّغَة لفظ الْغنم مَأْخُوذَة من الْغَنِيمَة وَالْبَقر الَّذِي هُوَ الشق لِأَنَّهَا تبقر الأَرْض بسنها وَالْجِمَالُ مِنَ الْجَمَالِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَتَجَمَّلُ بِهَا وَالنَّعَمُ وَالنَّعْمَةُ مِنَ النَّعِيمِ وَالنَّعْمَاءِ كُلُّهَا مِنْ لَفْظَة

ص: 114

نَعَمٍ لِأَنَّ الْجَوَابَ بِهَا يَسُرُّ بِهَا غَالِبًا فَاشْتُقَّ مِنْهَا أَلْفَاظُ هَذِهِ الْأُمُورِ لِكَوْنِهَا سَارَّةً وَقَالَ غَيْرُهُ النَّعَمُ مِنْ نَعَامَةِ الرَّجُلِ وَهِيَ صَدْرُهَا وَالنَّعَمُ يَمْشِي عَلَى نَعَامَةِ أَرْجُلِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْفُرُوع فِي النعم وَالْكَلَام هَا هُنَا يَخْتَصُّ بِنَفْسِ السَّبَبِ فَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ فِي الْبَقَرِ شَيْءٌ إِلَى ثَلَاثِينَ فَفِيهَا تَبِيعٌ ذَكَرٌ إِلَى أَرْبَعِينَ خَمْسَةٌ أُنْثَى إِلَى سِتِّينَ فَتَبِيعَانِ إِلَى سَبْعِينَ فَمُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ إِلَى ثَمَانِينَ فَمُسِنَّتَانِ وَكَذَلِكَ الجوامس لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لما وَجه معَاذ ابْن جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ أَمْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّة وَقَالَهُ الْأَئِمَّة قَالَ ابْن الْمسيب وَالزهْرِيّ فِي كل خمسين شَاة لتسويته صلى الله عليه وسلم َ - بَيْنَ الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ فِي الْهَدْيِ وَجَعَلَ كُلَّ بَدَنَةٍ صَدَقَةً أَوْ بَقَرَةً بِسَبْعِ شِيَاهٍ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَنَّ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ بِخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ من الْغنم وَلَا يجب فيهمَا مَا يجِبُ فِي الْخَمْسِ وَلِأَنَّهُ عَدَلَ أَوَّلَ الْأَمر إِلَى الذّكر مَعَ نَقصه فَدلَّ ذَلِك على أَنه ابتدا الْفَرْض كالغنم فِي الْإِبِل فَوَائِدُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ ابْنُ السَّنَةِ تَبِيعٌ وَفِي الثانيةِ جَذَعٌ وَجَذَعَةٌ وَفِي الثَّالِثَةِ ثَنِيٌّ وَثَنِيَّةٌ وَهِيَ الْمُسِنَّةُ لِأَنَّهَا أَلْقَتْ ثَنْيَتَهَا وَفِي الرَّابِعَةِ رُبَاعٌ لِأَنَّهَا أَلْقَتْ رُبَاعِيَّتَهَا وَفِي الْخَامِسَةِ سَدَسٌ وَسَدِيسٌ لِإِلْقَائِهَا السِّنَّ الْمُسَمَّى سَدِيسًا وَفِي السَّادِسَةِ ضالع ثمَّ يُقَال ضالع سنة وضالع سَنَتَيْنِ فَأَمَّا الْجَذَعُ فَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ سنّ تسْقط وَلَا تطلع وَلَكِن بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ التبيع لَهُ سنة قد خلت فِي الثَّانِيَة وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّة وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ عِجْلٌ مَا دَامَ يَتْبَعُ أُمَّهُ إِلَى سَنَةٍ فَهُوَ جَذَعٌ وَقِيلَ يُسَمَّى تَبِيعًا لِأَنَّهُ تَبِيعُ أُمِّهِ وَقِيلَ لِتَبَعِ قَرْنَيْهِ أُذُنَيْهِ لِتَسَاوِيهِمَا وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهِ جَذَعًا فَرَآهُ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ حَبِيبٍ ابْنَ سَنَتَيْنِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ أَيْضًا الْجَذَعُ مَا دَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ

ص: 115

وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ يُسَمَّى جَذَعًا إِذَا أَخْرَجَ قَرْنَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمُسِنَّةُ مَا دَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَا دجل فِي الرَّابِعَة وَيدل عَلَيْهِ أَنَّ بِنْتَ الْأَرْبَعَةِ مِنْ كَرَائِمِ الْأَمْوَالِ فَلَا يتَعَلَّق بهَا الْوُجُوب كَسَائِر الكرائم وَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ عَنِ التَّبِيعِ الْأُنْثَى وَالْمُسِنَّةَ لِفَضْلِهِمَا عَلَيْهِ وَلَا يَأْخُذُ السَّاعِي الْمُسِنَّةَ الْأُنْثَى وَإِنْ كَانَتْ ذُكُورًا وَقَالَ ح يَجُوزُ الذَّكَرُ وَإِنْ كَانَتْ إِنَاثًا وَوَافَقَنَا ش إِذَا لَمْ تَكُنْ ذُكُورًا فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ مُسِنَّةٌ خَيَّرَ السَّاعِي رَبَّ الْمَالِ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَطَّوَّعَ بِأَفْضَلَ وَقَالَ ح مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ بِحِسَابِهِ لِأَنَّ الْوَقَصَ يَتَوَقَّفُ عَلَى النَّصِّ فَفِي الْخَمْسِينَ مُسِنَّةٌ وَرُبْعٌ لِأَنَّ وَقَصَ الْبَقَرِ لَا يَزِيدُ عَلَى تِسْعٍ لَنَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْإِبِلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْفُرُوعِ فِي النَّقْدَيْنِ وَالْغنم وَالْكَلَام هَا هُنَا على السَّبَب وَفِي الْكتاب لَيْسَ فِيهَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ وَفِيهَا شَاةٌ إِلَى عَشْرٍ فَشَاتَانِ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى عِشْرِينَ فَأَرْبَعُ شِيَاهٍ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَبِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَابْن لبون ذكر فَإِن يُوجَدَا جَمِيعًا خُيِّرَ رَبُّهَا عَلَى بِنْتِ مَخَاضٍ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا خَيْرًا مِنْهَا فَلَيْسَ لِلسَّاعِي رَدُّهَا فَإِنْ أَبَى فَابْنُ لَبُونٍ لَمْ يَأْخُذْهُ إِلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فَبِنْتُ لَبُونٍ إِلَى سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ فَحِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ إِلَى إِحْدَى وَسِتِّينَ فَجَذَعَةٌ إِلَى سِتَّةٍ وَسَبْعِينَ فَابْنَتَا لَبُونٍ إِلَى إِحْدَى وَتِسْعِينَ فَحِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ خُيِّرَ السَّاعِي بَيْنَ حِقَّتَيْنِ وَثَلَاث بَنَات لبون قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بَنَاتِ لَبُونٍ كُنَّ فِي الْإِبِلِ أَمْ لَا وَاتَّفَقُوا إِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً أَنَّ فِيهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَيْ لَبُونٍ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي اخْتَارَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا غَيْرَ اخْتِيَارِ مَالِكٍ أَربع مَا تقدم فِي بَنَات اللَّبُون إِذا قَالَ أَنْت حر وَعَلَيْك مائَة قَالَ ملك هُوَ حُرٌّ وَعَلَيْهِ مِائَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حُرٌّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِذَا اخْتَلَطَ دِينَارٌ لِرَجُلٍ بِمِائَةٍ لِآخَرَ فَضَاعَ مِنْهَا دِينَارٌ قَالَ ملك هما

ص: 116

شَرِيكَانِ هَذَا بِمِائَةِ جُزْءٍ وَهَذَا بِجُزْءٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَيَقْتَسِمَانِ الدِّينَارَ نِصْفَيْنِ وَإِذَا ادَّعَى الْغُرَمَاءُ عَلَى الْوَصِيِّ التقاضي فَأنْكر فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الْقَلِيلَ وَتَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْكَثِيرِ وَضَمَّنَهُ إِيَّاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَمَا زَاد فَفِي كل خمسين حقة وَأَرْبَعين ابنت لَبُونٍ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ خُيِّرَ السَّاعِي بَيْنَ أَرْبَعِ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ كَانَتِ الاسنان فِي الْإِبِل أم لَا وَيُخَير رب المَال بِأَن يَأْتِيهِ بِمَا شَاءَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْإِبِلِ أَحَدُهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْغَنَمِ كِتَابُهُ صلى الله عليه وسلم َ - فِي جَمِيعِ الْأَنْعَامِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْوَاجِبُ فِي الْمِائَتَيْنِ أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ لِلسَّاعِي أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ وَالتَّفْرِقَةُ إِنْ وُجِدَا جَمِيعًا يُخَيَّرُ السَّاعِي وَإِنْ فُقِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا خُيِّرَ رَبُّ الْمَالِ فَالْأَوَّلُ لِوُجُودِ الْأَسْبَابِ لِلسِّنِينَ وَالثاني نَظَرًا لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ وَالثَّالِثُ جَمَعَ بَيْنَ الْمُدْرَكَيْنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ فِي الْمِائَتَيْنِ أَحَدُ السِّنِينَ أَخذه وَإِن وجدا أَو فقدا يُخَيّر السَّاعِي قَالَ مُحَمَّدٌ يُخَيَّرُ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ بِرَبّ المَال أَربع حقاق وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا فُقِدَا أَخَذَ السَّاعِي أَيَّ السِّنِينَ أَتَى بِهِ رَبَّ الْمَالِ قَالَ أَصْبَغُ وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا زَادَتِ الْمِائَةُ وَالْعِشْرُونَ وَاحِدَةً لَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْحِقَّتَيْنِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ إِلَّا إِذَا اجْتَمَعَا فِي الْمَالِ وَالْغَنَمِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الْإِبِلِ يَتَعَيَّنُ فِيهِمَا الضَّأْنُ وَالْمَعَزُ بِحَسَبِ حَالِ غَنَمِ الْبَلَدِ وَقَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يُعْتَبَرُ حَالُ الْمَالِكِ إِذَا كَانَ مُخَالِفًا للبلد فِي غَنَمِهِ فَائِدَةٌ قَالَ سَنَدٌ الذَّوْدُ لِمَا بَيْنِ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشْرَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَى تسع وَمَا فَوق التسع شقّ إِلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَلَا يَنْقُصُ الذَّوْدُ عَنْ ثَلَاثَة كالبقر

ص: 117

وَقَالَ غَيْرُهُ لَا وَاحِدَ لِلذَّوْدِ مِنْ لَفْظِهِ كَالنِّسَاءِ وَالْخَيْلِ وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يُقَالُ الْوَاحِدُ وَالْجَمَاعَةُ ذَوْدٌ قَالَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَة والْحَدِيث يؤكده فانك تَقول خمس رجال وَلَا تَقول خمس رجل قَالَ المطرزي وَغَيره من اللغويين هُوَ اسْم لِلْإِنَاثِ دُونَ الذُّكُورِ وَلِذَلِكَ حُذِفَتِ التَّاءُ مِنَ الْخَمْسِ فِي الْحَدِيثِ وَتَكُونُ الزَّكَاةُ فِي الذُّكُورِ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالْحَدِيثِ نَظِيرُهُ {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} النِّسَاء 25 وَأَلْحَقَ بِهِنَّ الْعَبِيدَ عَكْسُهُ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عبد تَفْرِيع قَالَ وَدفع بِغَيْر مَوضِع الشَّاة فِي الْخُمْسِ يَتَخَرَّجُ عِنْدَنَا عَلَى جَوَازِ إِخْرَاجِ الْقيم فِي الزَّكَاة وَجوز ح الْوَجْهَيْنِ وش الْبَعِير فِي الْخَمْسَة دُونَ الْقِيمَةِ وَالْبَعِيرُ عَنْ شَاةٍ فِي أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَصْلَ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنَ الْجِنْسِ وَلَا يَأْخُذُ ابْنَ اللَّبُونِ مَعَ وُجُودِ ابْنَةِ مَخَاضٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَهُ ش وَجوزهُ ح إِذا كَانَ بقسمها لَنَا مَا فِي النَّصِّ مِنِ اشْتِرَاطِ عَدَمِ وجدانها فِي أجذه وَالْفرق لنا بَين جَوَاز أَخذ الأعلا سنا وَبَين أَخذ الْأَدْنَى أَن الأعلا كالمتضمن للأدنى فِي ذَاتِهِ فَلَا قِيمَةَ وَالْأَدْنَى إِنَّمَا يُسَاوِي الأعلا بِقِيمَتِهِ لَا بِذَاتِهِ وَمَنَعَ قَوْمٌ مِنْ أَخْذِ ابْنِ اللَّبُونِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ثَمَنِهَا قِيَاسًا عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ فِي الطَّهَارَةِ وَالرَّقَبَةِ فِي الظِّهَارِ وَالْفَرْقُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اشْتَرَطَ فِيهَا عَدَمَ الْمَاءِ وَالرَّقَبَةِ مُطْلَقًا فَعَمَّ الْعَيْنَ وَثمنهَا وَاشْترط هُنَا عدمهَا خَالِصا بِالْمَالِ فَقَالَ إِن لَمْ تُوجَدْ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ فَتُحْبَسُ فِيهَا الرِّفْقُ بِخِلَافِهِمَا وَإِذَا كَانَ فِي الْمَالِ بِنْتُ مَخَاضٍ مَعِيبَةٌ جَازَ ابْنُ اللَّبُونِ فَإِنْ أَخْرَجَ ابْنَ اللَّبُونِ وَزَادَ ثَمَنًا وَعِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ أَوْ بِنْتُ مَخَاضٍ مَكَانَ بِنْتِ لَبُونٍ

ص: 118

وَزَادَ ثَمَنًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا خَيْرَ فِيهِ فَإِنْ وَقَعَ أَجْزَأَ وَقَالَ أَصْبَغُ عَلَيْهِ فِي الأول رد الثّمن لِأَخْذِهِ إِيَّاهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَعَلَى الْمَالِكِ فِي الثَّانِي إِعْطَاءُ الْأَصْلِ قَالَ وَالْأَحْسَنُ الْإِجْزَاءُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَن السَّاعِي حَاكم فَلَا ينقص حكمه وَإِذا لم يكن فِي المَال الشيئان وَخير على بنت مَخَاض وأتى بِابْنِ لَبُونٍ فَفِي الْكِتَابِ لِابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ إِلَى السَّاعِي وَقَالَ مَالك فِي الْمُوازِية لايأخذ إِلَّا ابْنَةَ مَخَاضٍ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ لِلْمَسَاكِينِ وَإِنَّمَا جوز الشَّرْع أَخذه وَحَالَة وجوده فِي المَال المتيسر وَهَاهُنَا هُمَا مَعْدُومَانِ فَيَرْجِعُ إِلَى الْأَصْلِ وَلَوْ وَجَبَتْ بنت لون فَلَمْ تُوجَدْ وَوَجَدَ حِقًّا لَمْ يُؤْخَذْ بِخِلَافِ ابْنِ اللَّبُونِ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْن اللَّبُون يمْتَنع عَن صغَار السبَاع وَيُرِيد الْمَاءَ وَيَرْعَى الشَّجَرَ فَعَادَلَتْ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ فَضِيلَةَ الْأُنُوثَةِ وَالْحَقُّ لَا يَخْتَصُّ بِمَنْفَعَةٍ فَلَوْ وَجَبَتْ حقة فَدفع ابْن لَبُونٍ لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِ ش مُحْتَجًّا بِأَنَّهُمَا يجزئان عَنِ السَبْعَيْنِ فَأَوْلَى عَنِ السِتِّينَ كَمَا كَانَ فِي بِنْتِ مَخَاضٍ مَعَ الشَّاةِ فِي الْخَمْسِ وَهَذَا عِنْدَنَا بِخِلَافِ إِخْرَاجِ الْجَذَعَةِ عَنِ الْحِقَّةِ أَو حقتين عَنْ بِنْتَيْ لَبُونٍ لِحُصُولِ الْوَاجِبِ عَدَدًا وَمَعْنًى مَعَ زِيَادَةِ الْفَضِيلَةِ أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمِائَتَيْنِ إِلَّا اخذ السِّنِينَ الْحِقَاقِ أَوْ بَنَاتِ اللَّبُونِ لَمْ يُجْبَرْ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الشِّرَاءِ وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَّا فَإِنْ فُقِدَا فَفِي الْكِتَابِ يَتَخَيَّرُ السَّاعِي وَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ قَالَ ح رَجَعَتِ الزَّكَاةُ إِلَى الْغَنَمِ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ فَمَا زَادَ يُضَافُ إِلَى الْإِبِلِ الْمَأْخُوذَةِ إِلَى مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ فَحِقَّتَانِ لِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَبِنْتُ مَخَاضٍ لِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ إِلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَثَلَاثُ حِقَاقٍ فَمَا زَادَ فَبِالْغَنَمِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَبِنْتُ مَخَاضٍ لِأَنَّهُ عليه السلام كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الصَّدَقَاتِ وَالدِّيَاتِ وَفِيهِ إِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعشْرين استؤنفت الْفَرِيضَة وَرُوِيَ تُعَاد الْفَرِيضَة عَلَى أَوَّلِهَا وَجَوَابُهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَلَى غَيْرِ هَذَا وَحَدِيثُ أَنَسٍ مَشْهُورٌ بَيْنَ

ص: 119

الْخُلَفَاءِ بِخِلَافِهِ وَالْإِبِلُ فِيهِ مُرَتَّبَةٌ إِلَى الْمِائَتَيْنِ وَفِيهِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَلِأَنَّ كُلَّ مَالٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ جِنْسِهِ لَا تَجِبُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَصْلُهُ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ ابْتِدَاءٌ لِضَعْفِ الْمَالِ عَنِ الْمُوَاسَاةِ بِعَيْنِ الْمَالِ فَإِنْ رَأَى السَّاعِي رَأْيَ ح أَجْزَأَ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ وَلَهُ عِنْدَنَا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الحقاق وَبَنَات اللَّبُون وَأَن يفردا إِذا يفردا إِذا بلغت أَربع مائَة خلافًا لبَعض الشَّافِعِيَّة الْجَمِيع لنا انه وجد الشَّأْن فَيتَخَيَّر أما زَادَتْ وَاحِدَةً فَيَتَخَيَّرُ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْنَ الْحِقَّتَيْنِ وَثَلَاث بَنَات لبون لظَاهِر قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

فَمَا زَاد فَفِي كل خمسين حقة وَأَرْبَعين بنت لبون فعلق الْحُكَّام بِمُطلق الزِّيَادَةِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا رُوِيَ عَن نُسْخَة كتاب عَمْرو رضي الله عنه فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تسعا وَعشْرين وَمِائَة وَلِأَن الزَّائِد على أحد وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَقَصٌ فَإِذَا لَمْ يتَعَيَّن بِالْوَاحِدَةِ اتَّصَلَ بِهِ وَقَصٌ آخَرُ وَلَا يُوجَدُ وقصان وَرُوِيَ عَن مَالك لَيْسَ لَهُ إِلَّا حقتان إِلَى ثَلَاثِينَ وَمِائَة لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَهُوَ يَقْتَضِي اجْتِمَاعَ الفرضين فَلَا بُد من عشرَة حَتَّى تحصل خَمْسُونَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ وَلَوْ أَرَادَ التَّخْيِيرَ لَقَالَ فِي كل خمسين حقة وَلِأَن الزِّيَادَة هِيَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَرْضِ كَالْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ وَالسَّادِسِ وَثَلَاثِينَ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الزَّوَائِدِ وَثَلَاثُ بَنَاتِ لبون مُتَعَلقَة بِمِائَة وَعشْرين فالزايدة لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا فَرْضٌ فَلَا تُغَيِّرُهُ كَسَائِرِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ فَرْضٌ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ سَوَاءٌ كَانَ السِّنَانُ فِي الْإِبِلِ أَمْ لَا وَخَرَجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إِذَا لَمْ يَجِدْ فِي الْمِائَتَيْنِ إِلَّا أَحَدَ السِّنِينَ لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِيَّاه فَكَذَلِك هَا هُنَا وَإِذَا قُلْنَا يَتَغَيَّرُ الْفَرْضُ بِوَاحِدَةٍ إِلَى ثَلَاثٍ بَنَاتِ لَبُونٍ فَزَادَتْ بَعْضُ وَاحِدَةٍ لَمْ يُؤَثِّرْ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ حَمْلًا لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْمُعْتَادِ

ص: 120

فُرُوعٌ فِي الْكِتَابِ لَا يَأْخُذُ السَّاعِي دُونَ الشَّيْء الْمَفْرُوضِ وَزِيَادَةُ ثَمَنٍ وَلَا فَوْقَهُ وَيُؤَدِّي ثَمَنًا وَلَا يَشْتَرِي مِنَ السَّاعِي شَيْئًا قَبْلَ خُرُوجِهِ إِذْ لَا يَدْرِي صِفَةَ مَا يَقْتَضِيهِ وَلَا يَشْتَرِي الْإِنْسَان مَا عَلَيْهِ بِدَيْنٍ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَلَا يَأْخُذُ السَّاعِي فِيهَا دَرَاهِمَ وَاسْتُحِبَّ عَدَمُ شِرَاءِ الصَّدَقَةِ وَإِنْ قُبِضَتْ قَالَ سَنَدٌ إِخْرَاجُ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَرَاهِيَتُهُ وَإِنْ وَقَعَ صَحَّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَمَنَعَ أَصْبَغُ الصِّحَّةَ هَذَا إِذَا لم يجد الْمَفْرُوض وَأما إِذَا وَجَدَهُ فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إِلَّا عِنْدَ ح وَجْهُ الْكَرَاهِيَةِ تَعْيِينُ النُّصُوصِ لِأَسْنَانِ الْمَاشِيَةِ وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه مَنْ لَيْسَتْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَّدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا بنت لبون قُبِلَتْ مِنْهُ وَيُعْطِي شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَإِذَا قُلْنَا بِالْجُبْرَانِ فَالْمَذْهَبُ عَدَمُ التَّحْدِيدِ بَلْ تطلب الْقِيمَةَ مَا بَلَغَتْ نَظَرًا لِحَقِّ الْمَسَاكِينِ وَحَدَّهُ ش بِمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ حَتَّى مَنَعَ أَخْذَ شَاةٍ وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَرَأَى التَّحْدِيدَ تَعَبُّدًا وَإِذَا فُقِدَتِ الْحِقَّةُ الْمَفْرُوضَةُ وَوُجِدَتِ الْجَذَعَةُ وَبِنْتُ اللَّبُونِ وَأَرَادَ السَّاعِي إِحْدَاهُمَا وَرَبُّ الْمَالِ الْأُخْرَى فَالْمَذْهَبُ لَا يُجْبِرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَلْ لَيْسَ لِلسَّاعِي إِلَّا الْمَفْرُوضُ وَخَيَّرَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَالْمِائَتَيْنِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْمَذْهَبُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنَ الْإِبِلِ لَا بِمَا يَكُونُ كَالْقِيمَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الشِّرَاءِ أَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ فَظَاهِرٌ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ

ص: 121

وَالْغَنَمُ الْمَأْخُوذَةُ فِي الْإِبِلِ لِتَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ فَيَكُونُ دَيْنًا وَاخْتُلِفَ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ الْحَرْثِ ولاثمار وَالْمَاشِيَةِ فَظَاهِرُ قَوْلِهِ التَّسْوِيَةُ وَأَنَّ الْجَمِيعَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمةِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ منا وح مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَيْنِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} المعارج 24 فَجَعَلَهُ فِي الْأَمْوَالِ لَا فِي الذِّمَمِ لَنَا أَنَّ لَهُ الْعُدُولَ عَنِ الْمَالِ وَالدَّفْعَ مِنْ غَيْرِهِ فَتَكُونُ مُتَعَلِّقَةً بِالذِّمَّةِ وَالْمَالُ سَبَبُ التَّعَلُّقِ وَلَفْظُة فِي السبيبة فِي الْآيَة كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم َ -

فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ أَيْ سَبَب قَتْلِهَا يُوجِبُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ لِتَعَذُّرِ حُصُولِ الْإِبِل فِي النَّفس وَأما سُقُوطُهُ بِالتَّلَفِ فَلِذَهَابِ شَرْطِ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ التَّمَكُّنُ وَإِذَا قُلْنَا يجِبُ فِي الْعَيْنِ فَيَمْتَنِعُ الْبَيْعُ لِلْجَهَالَةِ وَأَمَّا شِرَاؤُهَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلِمَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ عَتِيقٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَكَانَ الرَّجُلُ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ قَدْ أَضَاعَهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ مِنْهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ

لَا تَشْتَرِهِ وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قيئه فَإِذا صنع ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ فَأَوْلَى فِي الْوَاجِبِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ لِذَلِكَ حَاجَةٌ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَكْرَهُ شِرَاءَهَا مِنَ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِهِ وَخَصَّصَ أَشْهَبُ الْكَرَاهَةَ بِالْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ أَيْضًا وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَظَرًا إِلَى أَن مَا ترك الله لَا يَنْبَغِي لَهُ الْعَوْدُ فِيهِ وَهَذَا حُكْمٌ عَطِيَّةٍ لِلَّهِ وَإِنْ كَانَتِ الْقُرْبَةُ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِثَمَنِهَا كَامْرَأَةٍ جَعَلَتْ خُلْخَالَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَا تُخْرِجُ قِيمَتَهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَلَمْ يَخْتَلِفْ ملك وَأَصْحَابُهُ فِي الْمُتَصَدِّقِ بِغَلَّةٍ أَصْلَ سِنِينَ أَوْ حَيَاةَ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ شِرَاءَ ذَلِكَ لأجل ضَرُورَة الْمَالِك فِي الأَصْل ولترخيصه

ص: 122

- صلى الله عليه وسلم َ - فِي شِرَاء الْعرية وَمنع عبد المبلك لِمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَتِ الْعَطِيَّةُ سُكْنَى أَوْ إخدا مَا فَجَوَّزَهُ مَالِكٌ أَيْضًا لِدَرْءِ الضَّرَرِ وَمَنَعَ مِنْ رُكُوبِ الْفَرَسِ الْمَجْعُولِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بِجَوَازِ الْيَسِيرِ مِنْ ذَلِكَ وَشُرْبِ لبن الْغنم وَأما لَو تصدق على وَلَده فَيجوز شِرَاؤُهُ بِخِلَاف الْأَجْنَبِيّ قَالَه ملك فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ شُرْبُ اللَّبَنِ وَالْكُسْوَةُ مِنَ الصُّوفِ لِتَمَكُّنِ حَقُّ الْأَبِ مِنْ مَالِ الِابْنِ وَرَوَى أَشْهَبُ الْمَنْعَ طَرْدًا لِلْقَاعِدَةِ وَإِذَا جَوَّزْنَا فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ تَخْصِيصَهُ بِالصَّغِيرِ لِأَنَّ الْأَبَ يُنَمِّي لَهُ مَالَهُ وَرَوَى غَيْرُهُ تَخْصِيصَ ذَلِكَ بالكبير لاعْتِبَار إِذْنه بِخِلَافِ الصَّغِيرِ وَالْأُمُّ فِي ذَلِكَ كَالْأَبِ وَلَوْ رَجَعَتِ الصَّدَقَةُ بِمِيرَاثٍ فَلَا كَرَاهَةَ لِأَنَّهُ جَبْرِيٌّ وَلَوْ تَرَافَقَا فِي الطَّرِيقِ فَأَخْرَجَ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ مِنْ دَرَاهِمِ الصَّدَقَةِ وَأَخْرَجَ الْمُتَصَدِّقُ مِثْلَهَا أَجَازَهُ مَالِكٌ لِخِفَّتِهِ فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ الْمَكْرُوهُ فَالْجُمْهُورُ على عدم الفسح خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ وَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمُتَصَدِّقِ شراؤها فَوَائِد قَالَ سَنَد أَسْنَان الْإِبِل أحوار فَإِذَا فُصِلَ عَنْ أُمِّهِ فَهُوَ فَصِيلٌ وَبَعْدَ سَنَةٍ بِنْتُ مَخَاضٍ إِلَى سَنَتَيْنِ لِأَنَّ أُمَّهَا تَكُونُ حَامِلًا وَالْمَخَاضُ وَجَعُ الطَّلْقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فأجأها الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} مَرْيَم 23 فَإِذَا دَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ فَبِنْتُ لَبُونٍ لِأَنَّ أُمَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ فَإِذَا تَمَّتِ الثَّالِثَةَ فَهِيَ حِقَّةٌ وَحِقٌّ لِلذَّكْرِ إِلَى أَرْبَعٍ لِاسْتِحْقَاقِهَا الْحَمْلَ وَالْفَحْلَ وَبِدُخُولِهَا الْخَامِسَةَ جَذَعَةٌ وَالسَّادِسَةُ ثَنِيَّةٌ وَلِلذَّكَرِ ثَنِيٌّ لِإِلْقَائِهَا ثَنِيَّتَهَا وَالسَّابِعَةُ رُبَاعِيَّةٌ وَرُبَاعٌ لِلذَّكَرِ لِإِلْقَائِهَا رُبَاعِيَّتَهَا وَالثَّامِنَة تلقي سنّ السُّدس الَّذِي بعد الرّبَاعِيّة فَهِيَ سدس وسديس وَفِي

ص: 123

التَّاسِعَة يَبْزُلُ نَابُهَا أَيْ يَطْلَعُ فَهِيَ بَازِلٌ وَفِي الْعَاشِرَةِ مُخَلَّفٌ وَلَيْسَ لَهُ اسْمٌ بَلْ مُخَلَّفُ عَامَيْنِ وَمُخَلَّفُ ثَلَاثٍ إِلَى خَمْسِ سِنِينَ وَتُسَمَّى الْحَامِلُ خَلِفَةً قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ وَالْجَذَعَةُ وَقْتٌ لَيْسَ بِسِنٍّ وَفُصُولُ الْأَسْنَانِ عِنْدَ طُلُوعِ سُهَيْلٍ لِقَوْلِهِمْ

(إِذَا سُهَيْلٌ آخِرَ اللَّيْلِ طَلَعَ

فَابْنُ اللَّبُونِ الْحَقْ وَالْحَقِ الْجَذَعَ)

(لَمْ يَبْقَ مِنْ أَسْنَانِهَا غَيْرُ الْهُبَعِ

)

وَالْهُبَعُ هُوَ الَّذِي يُولَدُ لِغَيْرِ حِينِهِ وَرَوَى عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ مَغْرِبَ الشَّمْسِ بَدَلَ آخِرَ اللَّيْلِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ فَإِنَّ الْإِبِلَ تَنْزُو فُحُولُهَا عَلَى إِنَاثِهَا أَوَّلَ الصَّيْفِ وَهِيَ تَحْمِلُ سِنَّةً فَتَلِدُ حِينَئِذٍ فَتَنْتَقِلُ الْأَسْنَانُ حِينَئِذٍ وَسُهَيْلٌ يَطْلُعُ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَوَّلَ الشِّتَاءِ وَآخِرَ اللَّيْلِ أَوَّلَ الصَّيْفِ فَيَسْتَقِيمُ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ فَإِنَّ الْفجْر يكون بالجبهة وَقَدْ مَضَى مِنَ الصَّيْفِ النَّثْرَةُ وَالطَّرْفُ وَأَمَّا على رِوَايَة أول اللَّيْل فَيكون الْفجْر بِسَعْد الذَّابِحِ فَلَمْ تُكْمِلِ الْإِبِلُ سَنَةً حَتَّى تَنْتَقِلَ وَالَّذِي لَمْ يُولَدْ أَوَّلَ الصَّيْفِ لَا يَنْتَقِلُ مَعهَا لتقدمه أَو لتأخره فيسمى الْهُبَعُ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَوَّلُ نِتَاجِ النَّاقَةِ رَبْعٌ وَالْأُنْثَى ربعَة وَفِي آخِره هيج وَالْأُنْثَى هيجة وَالشَّارِفُ هِيَ الْمُسِنَّةُ الْهَرِمَةُ وَالْبِكْرُ الصَّغِيرُ مِنْ ذُكُورِ الْإِبِلِ وَالْمَهَارِيُّ الْإِبِلُ الْمَسْنُونَةُ إِلَى مَهْرَةَ بن حيدان قوم من أهل الْيمن والأرجية من إبل الْيمن وَكَذَلِكَ الحيدية والعقيلية نجدتة صِلَابٌ كِرَامٌ تَبْلُغُ

ص: 124

الْوَاحِدَة مائَة دِينَار والقرملية إبل التّرْك والقوالح فحول سندية ترسل فِي الْعِرَابِ فَتُنْتِجُ الْبُخْتَ الْوَاحِدُ بُخْتِيٌّ وَالْأُنْثَى بُخْتِيَّةٌ والناضح الَّذِي يسْقِي عَلَيْهِ المَاء

ص: 125

فارغة

ص: 126

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي زَكَاةِ الْخُلْطَةِ)

وَهِيَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ مُؤثرَةٌ مَشْرُوعَةٌ خِلَافًا ل ح لَنَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ -

لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَمَا كَانَ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ بِالسَّوِيَّةِ فَلَوْلَا تَأْثِيرُهَا لَمَا نُهِيَ عَنْهَا وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الشَّرِيكَيْنِ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ لَا فَرْقَ بَيْنَ اجْتِمَاعِهِمَا وَافْتِرَاقِهِمَا فَلَا مَعْنًى لِلنَّهْيِ حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ الْمَالِكُ الْوَاحِدُ لَهُ أَن يجمع وَيفرق إِجْمَاعًا وَلِأَن الِاخْتِلَاط فيؤثر فِي الْمُؤْنَة فِي الزَّكَاةِ كَالسَّقْيِ فِي الزَّرْعِ وَيَتَّجِهُ الْفِقْهُ فِي حَقِيقَتهَا وشروطها وتراجع أَهلهَا وتعددها واجتماع الِانْفِرَاد مَعَهَا فَهَذِهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهَا وَهِيَ ضَمُّ الْمَاشِيَتَيْنِ لِنَوْعٍ مِنَ الرِّفْقِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَمْوَالِ سِوَى الْمَاشِيَةِ فِي جُمْلَةِ أَنْوَاعِهَا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شُرُوطِهَا وَهِيَ سِتَّةٌ الشَّرْطُ الأول النّصاب وَفِي الْكتاب من نقضت حِصَّتُهُ عَنِ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ إِنْ كَانَ الْجَمِيعُ نِصَابًا لَنَا أَنَّ النِّصَابَ هُوَ السَّبَبُ وَلَا زَكَاةَ مَعَ عَدَمِ السَّبَبِ وَأَمَّا التَّرَاجُعُ فَلِأَن

ص: 127

السَّاعِي حَاكِمٌ أَخَذَهُ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ إِذَا اتَّصَلَ بِمَوَاقِعِ الْخِلَافِ وَتَعَيَّنَ مَا حَكَمَ بِهِ وَقَالَ ش إِذَا كَانَ لِأَرْبَعِينَ أَرْبَعُونَ شَاةً زُكُّوا زَكَاةَ الْخُلْطَةِ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ تُصَيِّرُ الْأَمْوَالَ كَمَالٍ وَأَخْذُهُ قِيَاسًا عَلَى الْحَوَائِطِ الْمُحَبَّسَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أنَّمَا نُسَلِّمُهُ بَعْدَ تَحَقُّقِ النِّصَابِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْجَمِيعَ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَهُوَ وَاحِدٌ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ أنَّ صَاحِبَ النِّصَابِ يُزَكِّي بِحِسَابِ الْخُلْطَةِ دُونَ نَاقِصِ الْمِلْكِ عَنِ النِّصَابِ كَمَا قَالَ فِي الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ وَلِلْآخَرِ دُونَهَا فَلَا يَرْجِعُ صَاحِبُ الْأَرْبَعِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ مَضَرَّةٌ قَالَ الْبَاجِيّ وَيحمل عِنْدِي إِذا قصد السَّاعِي أَحدهَا مِنْهُمَا أَن يرجع عَلَيْهِ فَلَو كَانَ الْجَمِيعُ دُونَ النِّصَابِ فَلَا يَرْجِعُ لِأَنَّهَا مَظْلَمَةٌ إِجْمَاعًا بَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى مَنْ أَخَذَهَا وَفِي الْكِتَابِ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ وَللْآخر خَمْسُونَ وللثالث شَاة فَأَخذهَا السَّاعِي يرجع عَلَيْهِمَا بِقِيمَتِهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ كَرَائِمِ الْأَمْوَال فليسقط مَا زَاد على قيمَة المجزي إِلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا بِرِضَاهُمَا وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا مائَة وَعشرَة وَللْآخر أحد عشر تَرَاجَعَا قِيمَةَ الشَّاتَيْنِ لِإِدْخَالِ صَاحِبِ الْقَلِيلِ الْمَضَرَّةَ عَلَى صَاحِبِ الْكَثِيرِ فَلَوْ كَانَ لَهُ أَلْفُ شَاةٍ أَوْ أَقَلُّ وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرَ تَرَاجَعَا قَالَ سَنَد شَأْن السَّاعِي أَن لَا يَأْخُذ إِلَّا شَاة من الْأَكْثَر دون الْأَحَد عَشْرَةَ فَإِنْ أَخَذَ شَاتَيْنِ فَهُوَ قَوْلُ قَائِلٍ فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بالثانيةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَصِفَةُ التَّرَاجُعِ أَنْ يَتَرَاجَعَا عَلَى عَدَدِ غَنَمِهِمَا أُخِذَتَا مِنْهُمَا وَمِنْ أَحَدِهِمَا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَخْتَصُّ التَّرَاجُعُ بِالشَّاةِ الثانيةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا تَرَاجَعَا بِالْقِيمَةِ فَيَوْمَ الْأَخْذِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَوْمَ الْوَفَاءِ عِنْدَ أَشْهَبَ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُ كَالْمُسْتَهْلِكِ وَالْمُسْتَسْلِفِ الشَّرْطُ الثَّانِي الْحَوْلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا حَالَ حَوْلُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ زَكَّى زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِ كَمَا لَوْ كَانَ خَلِيطَهُ

ص: 128

بِغَيْرِ الْجِنْسِ وَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ يُزَكِّي زَكَاةَ الخليط فِيمَا بيدَيْهِ وَيسْقط عَن خليطه مَا يتوبه لنا قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَلَا تُشْتَرَطُ الْخُلْطَةُ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ بَلْ آخِرِهِ كَشَهْرَيْنِ أَوْ أَقَلَّ بِيَسِيرٍ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الشَّهْرُ وَقَالَ ابْن الْمَوَّاز يجوز الِاجْتِمَاع والافتراق فِي مَا دُونَ الشَّهْرِ مَا لَمْ يَقْرُبْ جِدًّا وَقِيلَ ذَلِك غير مَحْدُود بل يتَجَنَّب مورد النَّهْي هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الِافْتِرَاقُ وَالِاجْتِمَاعُ مُنْقِصًا لِلزَّكَاةِ وَإِلَّا فَيُزَكَّيَانِ عَلَى مَا يُوجَدَانِ عَلَيْهِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يُشْتَرَطُ جَمِيعُ الْحَوْلِ لَنَا أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ وَلِأَنَّهُمَا لَوِ اجْتَمَعَا أَوَّلَهُ وَافْتَرَقَا آخِرَهُ فَلَهُمَا حُكْمُ الِافْتِرَاقِ فَكَذَلِكَ عَكْسُهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَوْ أَصْدَقَ مَاشِيَةً بِعَيْنِهَا فَلَمْ تَقْبِضْهَا الْمَرْأَةُ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا عِنْدَ الزَّوْجِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَجِيءِ السَّاعِي ثُمَّ أَتَى وَلَمْ يَقْتَسِمَاهَا أَوْ خَلَطَاهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ زَكَّى زَكَاةَ الْخَلِيطَيْنِ وَقَالَ ش إِنْ لَمْ يَقْتَسِمَا بَنَيَا عَلَى الْحَوْلِ وَإِنِ اقْتَسَمَا اسْتَأْنَفَا الْحَوْلَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ مِلْكُ الزَّوْجِ النِّصْفُ الرَّاجِعُ بِالطَّلَاقِ أَو هُوَ بَاقٍ عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ تُخَرَّجُ الْفَوَائِدُ فَالْمُخَالِفُ يَرَاهَا لِلزَّوْجَةِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْتَأْنِفُ الزَّوْجُ الْحَوْلَ فَإِنْ عَادَتْ عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ لما للْمَرْأَة من الْقلَّة فَإِن أَتَى قبل الْقِسْمَة وهما غير خليطين قَالَ سَنَدٌ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النِّيَّة إِنَّمَا

ص: 129

تُشْتَرَطُ فِي ابْتِدَاءِ الْخُلْطَةِ وَهُمَا بِالطَّلَاقِ شَرِيكَانِ كالورثة وهم خلطا وَإِن لم يقصدوا الْخلطَة الشَّرْط الثَّالِث قَالَ سَنَدٌ أَهْلِيَّةُ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا أَوْ رَقِيقًا فَلَا خُلْطَةَ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ الشَّرْطُ الرَّابِعُ النِّيَّةُ قَالَ سَنَدٌ اعْتَبَرَهَا مَالِكٌ لِأَنَّهُ مَعْنًى يُغَيِّرُ مُوجِبَ الْحُكْمِ فَيَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ كَالِاقْتِدَاءِ فِي الصَّلَاةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ مُحْتَجًّا بِحُصُولِ الرِّفْقِ الْمَقْصُودِ وَإِنْ عُدِمَتِ النِّيَّةُ الشَّرْطُ الْخَامِسُ اتِّحَادُ نَوْعِ الْمَاشِيَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا غَنَمًا أَوْ إِبِلًا أَوْ بَقَرًا أَمَّا إِذَا اجْتَمَعَ نَوْعَانِ زُكِّيَا زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِ الشَّرْطُ السَّادِسُ قَالَ سَنَدٌ لَا تُشْتَرَطُ الْخُلْطَةُ فِي جُمْلَةِ أَسْبَابِ الرِّفْقِ الَّتِي هِيَ الرَّاعِي وَالْمَسْرَحُ وَالْمُرَاحُ وَالْفَحْلُ وَالْمَبِيتُ وَالدَّلْوُ الَّذِي يُورَدُ بِهِ الْمَاءُ وَالْخِلَافُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافًا لَنَا فِيهِ وَالْمُرَاحُ الَّذِي تَرْجِعُ الْمَاشِيَةُ إِلَيْهِ وَتُجْمَعُ فِيهِ لِلِانْصِرَافِ وَقِيلَ مَوْضِعُ الْإِقَالَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُ الْجُمْلَةِ لِعَدَمِ دَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ وَلِحُصُولِ الرِّفْقِ فِي بَعْضِهَا وَقَالَ فِي الْكِتَابِ يَكْفِي بَعْضُهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَا بُدَّ مِنَ الِاجْتِمَاعِ عَلَى أَكْثَرِ الْأَوْصَافِ وَلِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ لَا سِيَّمَا فِي الزَّكَاةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الرَّاعِي وَحْدَهُ كَافٍ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ فِي تَغْيِيرِ حُكْمِ الْجَمِيعِ وَقَالَ أَيْضًا الرَّاعِي وَالْمَرْعَى لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا يُوجِبُ اجْتِمَاعَ الْفَحْلِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ يَكْفِي أَيُّ صفتين كَانَتَا يُرِيدُ مِنَ الدَّلْوِ وَالرَّاعِي وَالْفَحْلِ وَالْمُرَاحِ وَالْمَبِيت الْفَصْل الثَّالِث فِي تراجع الخلطاء وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَلِلْآخَرِ تِسْعٌ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى التَّرَاجُعِ بِالسَّوِيَّةِ وَالْفَرْقُ بَين الوقص هَا هُنَا وَبَيْنَ الِانْفِرَادِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الْخُلْطَةَ فِي حُكْمِ الشَّرِكَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا سَبْعٌ وَلِلْآخَرِ ثَمَانٍ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِي الزَّائِدِ قَالَ سَنَدٌ لَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ خَمْسَةِ بقر خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ رَجَعَ مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ بنت

ص: 130

الْمَخَاضِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِخُمْسِ قِيمَتِهَا وَكَذَلِكَ التَّرَاجُعُ فِي الْبَقْرِ فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ جَامُوسًا وَلِلْآخَرِ ثَلَاثُونَ بَقَرَةً فَأَخَذَ مُسِنَّةً مِنَ الْجَوَامِيسِ وَتَبِيعًا مِنَ الْبَقَرِ فَالْأَظْهَرُ عَدَمُ التَّرَاجُعِ وَيُحْتَمَلُ التَّرَاجُعُ بِالْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ فَأَخَذَ مِنْهُمَا حِقَّتَيْنِ وَإِذَا أَخَذَ السَّاعِي الْوَاجِبَ فَالْمَشْهُورُ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ سَوَاءٌ دفع رَأْسا أَو جزأ وَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ بِالرَّأْسِ وَخَيَّرَهُ فِي الْجُزْءِ بَيْنَ نِسْبَتِهِ وَبَيْنَ الْقِيمَةِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ وَالِاسْتِهْلَاكِ لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَجْهُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى السَّلَفِ وَإِذا قُلْنَا بِالْقيمَةِ فَيوم قبض الْمُتَصَدّق فَإِنِ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ أَرْبَعُونَ فَأَخَذَ السَّاعِي ثَلَاثَ شِيَاهٍ مِنْ مِلْكِ أَحَدِهِمْ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَيْهِ بِثُلُثَيْ شَاةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى مَذْهَبَ الْحَنَفِيَّةِ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الْخلطَة الْفَصْل الرَّابِع فِي تعدد الْخلطَة فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا خُلِطَ مَعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ عَمَّ الْحُكْمُ الْجَمِيعَ وَيَتَوَزَّعُ الْوَاجِبُ عَلَى نِسْبَةِ أَمْوَالِهِمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ ابْن الْمَوَّاز هُوَ خليط لكل وَاحِد لجَمِيع مَاله وَلَيْسوا خلطاء فيزكي كل وَاحِد مَا يَخُصُّهُ مَعَ جُمْلَةِ مَاشِيَةِ خَلِيطِهِ وَقِيلَ هُوَ خلطائه خَاصَّة وَاحِدٍ بِالَّذِي مَعَهُ دُونَ مَا خَرَجَ فَيُزَكِّي كُلَّ وَاحِدٍ بِمَا يَخُصُّهُ مَعَ خُلَطَائِهِ خَاصَّةً وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ فِي حُكْمِهِ هُوَ فَقِيلَ يُزَكِّي عَلَى ضَمِّ مَالِهِ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ وَقِيلَ يُفْرَدُ كُلُّ مَالٍ بِالزَّكَاةِ مَعَ خَلِيطِهِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ اجْتِمَاعُ أَمْرَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ أَحَدُهُمَا الْخَلِيطُ الْأَوْسَطُ يَجِبُ ضَمُّ مَالِهِ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ مَعَ عَدَمِ الْخُلْطَةِ وَالثَّانِي الطَّرَفَانِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا خُلْطَةٌ فَلَا يَجِبُ الضَّمُّ بَيْنَهُمَا فَمَنْ غَلَّبَ حكم

ص: 131

الْوَسَطِ وَرَأَى أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يجِبُ ضَمُّهُ إِلَيْهِ وَهُوَ يجِبُ ضَمُّ مِلْكِهِ عَمَّمَ الْحُكْمَ وَمَنْ غَلَّبَ حُكْمَ الطَّرَفَيْنِ أَفْرَدَ حُكْمَ الْوسط فَجعله كمالين لمالكين وَلَمْ يَضُمَّ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الرَّابِعُ وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْوَسَطَ جَعَلَ الطَّرَفَيْنِ خَلِيطَيْنِ وَالْخَلِيطُ يجِبُ ضَمُّ مَالِهِ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي وَبَيَانُ ذَلِكَ بِالْمِثَالِ مَنْ خَلَطَ عَشَرَةً مِنَ الْإِبِلِ بِعَشَرَةٍ وَعَشَرَةً أُخْرَى مَعَ آخَرَ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَجِبُ بِنْتُ مَخَاضٍ على الْوسط نصفهَا وعَلى كل وَاحِد من الطَّرَفَيْنِ رُبْعُهَا وَعَلَى الثَّانِي يجِبُ أَيْضًا عَلَى الْوسط نصفهَا وعَلى كل وَاحِد من الطَّرفَيْنِ ثُلُثُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَعَلَى الثَّالِثِ عَلَى الْوَسَطِ ثُلُثُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّرفَيْنِ شَاتَان وعَلى الرَّابِع يجب فِي الْجمع ثَمَان شِيَاهٍ عَلَى الْوَسَطِ أَرْبَعٌ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ شَاتَانِ فَرْعٌ إِذَا وَجَبَتْ حِصَّةٌ من شَاة أَو غَيرهَا أخذت الْقِيمَةُ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا وَقِيلَ يَأْتِي بِهَا فَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي اجْتِمَاعِ الْخُلْطَةِ وَالِانْفِرَادُ فِي الْكِتَابِ مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً وَلِخَلِيطِهِ أَرْبَعُونَ وَلَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ أَرْبَعُونَ مُنْفَرِدَةً ضَمَّهَا إِلَى الْخُلْطَةِ وَأَخَذَ السَّاعِي مِنَ الْجَمِيعِ شَاةً عَلَيْهِ ثُلُثَاهَا وَوَافَقَنَا ش وح ضَمِّ غَنَمِ الْبَلَدَيْنِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُعْتَبَرُ كُلُّ مَالٍ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ ببلدين فَلَا زَكَاة لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَحَمَلَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ

ص: 132

اللَّهُ عَلَى مَا يُنْقِصُ الزَّكَاةَ بِاعْتِبَارِ الْخُلْطَةِ فَقَط جمعا بَينه وَبَين قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ شَاةٌ وَلِأَنَّهُ غَنِي بالأموال فِي الْبلدَانِ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَقِيَاسًا عَلَى النَّقْدَيْنِ وَقَدْ سَلَّمَهُمَا قَالَ سَنَدٌ إِذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الْجَمِيعِ فِي أَحَدِ الْبَلَدَيْنِ يَخْرُجُ مِنَ الْخِلَافِ فِي نَقْلِ الزَّكَاةِ وَوَافَقَ ش مَالِكًا فِي ضَمِّ الْمُنْفَرِدِ إِلَى الْمُخْتَلِطِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُضَمُّ لِعَدَمِ الِارْتِفَاقِ فِي الْمُنْفَرِدِ وَالْمَذْهَبُ يَنْظُرُ إِلَى الإرنفاق فِي جِنْسِ ذَلِكَ الْمَالِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالضَّمِّ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَقَصَ لَا شَيْءَ فِيهِ تَكُونُ الشَّاةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي وَقَصِ الْخُلْطَةِ تَكُونُ أَثْلَاثًا وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الضَّمِّ فَإِنَّهُ يَضُمُّ الْمُنْفَرِدَ إِلَى مَا خَالَطَ بِهِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ ثُلُثَا شَاةٍ نَظَرًا لِلْخُلْطَةِ فِي حِصَّة الْملك وَعَلَى صَاحِبِهِ نِصْفُ شَاةٍ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَخْلِطْ إِلَّا أَرْبَعِينَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُون على الْأَرْبَعين نصف شَاة وعَلى الثَّمَانِينَ شَاة وَسبب الِاخْتِلَافِ النَّظَرُ إِلَى أَثَرِ الْخُلْطَةِ فَالْأَوَّلُ اعْتَبَرَهَا فِي جَمِيعِ الْمَالِ وَالثاني اعْتَبَرَهَا فِي حَقِّ الْأَرْبَعين فِيمَا خالط بِهِ خَاصَّةً وَفِي الثَّالِثِ اعْتَبَرَ الْقَدْرَ الَّذِي وَقَعَتْ بِهِ فِيهِ الْخُلْطَةُ فَقَطْ وَلَوْ خَلَطَ عَشْرَةً مِنَ الْإِبِلِ بِعِشْرَةٍ لِغَيْرِهِ وَبَقِيَتْ لَهُ عَشْرَةٌ أُخْرَى مُنْفَرِدَةٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ عَلَيْهِمَا بنت مَخَاض أَثلَاثًا وعَلى الثَّانِي يكون عَلَى صَاحِبِ الْعَشْرَةِ شَاتَانِ وَعَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ ثُلُثَا بِنْتِ مَخَاضٍ وَعَلَى الثَّالِثِ يُزَكِّي الْجَمِيعَ بِالْغَنَمِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ خَالَطَ بِدُونِ النِّصَابِ مَنْ لَهُ نِصَابٌ وَلَهُ مَالٌ مُنْفَرِدٌ يُكْمِلُ النِّصَابَ ضَمَّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لِأَحَدِهِمَا عِشْرُونَ خَالَطَ بِهَا عِشْرِينَ وَلَهُ عِشْرُونَ مُنْفَرِدَةً فَالْمَأْخُوذُ عَلَى صَاحِبِ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْآخَرَ لم يضرّهُ

ص: 133

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ)

وَلَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ أَدَاؤُهَا فِي وَقْتِهَا وَالتَّعْجِيلُ وَالتَّأْخِيرُ الْحَالَةُ الْأُولَى الْأَدَاءُ فِي الْوَقْتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يجِبُ أَدَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ الصَّارِفِ لَهَا فِي وُجُوهِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} التَّوْبَة 103 وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْنَا تَمْكِينُهُ مِنْهُ وَقِيلَ لِأَرْبَابِ النَّاضِّ تَفْرِيقُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَالْأَصْلُ مُبَاشَرَةُ الْقُرْبِ وَلَيْسَ فِي قَوْله تَعَالَى {خُذ من أَمْوَالهم} عُمُوم بل لفظ صَدَقَة مُطلق يَكْفِي فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكتاب يسْأَل الإِمَام النَّاس على الناض وَإِن لَمْ يَتَّجِرُوا وَلَا يَبْعَثُ فِي ذَلِكَ أَحَدًا بَلْ يَكْتَفِي بِأَمَانَةِ النَّاسِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْإِمَامُ الْعَدْلُ مَنْعَهَا فَيَأْخُذُهَا كُرْهًا وَمَنْ تَجِرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ فَزَكَاةٌ وَاحِدَة فِي الْعَام بِخِلَاف الذِّمَّة فِي الْعشْر وَلَا تقوم على تجار الْمُسلمين وَلَا الذِّمَّةُ أَمْتِعَتُهُمْ بَلْ إِذَا بَاعُوا أَدُّوا وَمَنِ ادَّعَى قِرَاضًا أَوْ دَيْنًا أَوْ عَدَمَ الْحَوْلِ صُدِّقَ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ فَرَّقَهَا رَبُّهَا وَالْإِمَامُ عَدْلٌ أَجْزَأَتْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَبَهُ فَأَقَامَ عَلَى إِيصَالِهَا إِلَى رَبِّهَا بَيِّنَةً وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِنْ طَلَبَهُ الْإِمَامُ الْعَدْلُ غَرَّمَهَا وَإِلَّا أَجْزَأَتْهُ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَة قَالَ ملك وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِنَّ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْبَلُ إِنْ كَانَ صَالِحًا فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا فَلَا تُدْفَعُ إِلَيْهِ لَيْلًا تَضِيعَ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا قَالَ أَشْهَبُ إِنْ دَفَعَهَا إِلَى غَيْرِ الْعَدْلِ مَعَ إِمْكَانِ

ص: 134

إخفائها لم تُجزئه إِلَّا أَن يكرههُ فلعلها تُجزئ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَخَذَهَا الْجَائِرُ أَوْ عِوَضًا مِنْهَا وَهُوَ يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا أَجْزَأَتْ وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُ طَوْعًا وَلَا كَرْهًا صَدَقَةً وَلَا عوضهَا قَالَ أصْبع وَالنَّاسُ عَلَى خِلَافِهِ وَإِنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ الْإِكْرَاهِ قَالَ أَصْبَغُ فَلَوْ دَفَعَهَا طَوْعًا إِلَيْهِ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ تَمْهِيدٌ اجْتَمَعَ فِي الزَّكَاةِ شِبْهُ الْوَدِيعَةِ وَدَفْعُ الْوَدِيعَةِ لِغَيْرِ رَبِّهَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إِلَّا مَعَ الْإِكْرَاهِ وَشِبْهُ الدَّيْنِ وَالنَّصِيبُ الْمُشْتَرَكُ وَإِذَا دَفَعَهَا لِوُكَلَاءِ مُسْتَحِقِّيهَا وَالْوَكِيلُ فَاسِقٌ أَبْرَأَ الدَّافِعَ وَالْإِمَامُ أَقَامَهُ الشَّرْعُ وَكِيلًا لِلْفُقَرَاءِ قَالَ فَلَو كتم مَاله فحلله الْجَائِرُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يَحْلِفُ وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ إِذَا قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ يَحْلِفُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ قَالَ مَالِكٌ يُجْزِئُ قَالَ أَشْهَبُ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْخَوَارِجِ نَافِذَةٌ وَإِلَّا فَسَدَتْ أَنْكِحَةُ النَّاسِ وَمُعَامَلَاتُهُمْ وَذَلِكَ فَسَادٌ عَظِيمٌ وَلَا يَنْقُضُ إِلَّا الْجَوْرُ قَالَ وَالنَّاسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مَعْرُوفٌ بِالْخَيْرِ يقبل قَوْلُهُ وَمَعْرُوفٌ بِمَنْعِ الزَّكَاةِ يَبْحَثُ الْإِمَامُ عَنْهُ وَقَالَ ح إِذَا مَنَعَهَا لَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ مَالِهِ لَكِنْ يَلْجَأُ إِلَى دَفْعِهَا بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ لِافْتِقَارِهَا إِلَى النِّيَّةِ لَنَا فِعْلُ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَالْقِيَاسُ عَلَى الزَّرْعِ وَأَمَّا النِّيَّةُ فَإِنَّهَا إِنَّمَا اشْتُرِطَتْ لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ تَبَعٌ لِسَدِّ الْخَلَّةِ فَإِذَا مَنَعَ الْمَتْبُوعَ لَا يَسْقُطُ لِتَعَذُّرِ التَّابِعِ أَوْ نَقُولُ نِيَّةُ الْإِمَامِ تَقُومُ مَقَامَ نِيَّتِهِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَكْثَرُ مِنَ الزَّكَاةِ وَقَالَ ش يُؤْخَذُ شَطْرُ مَالِهِمْ عُقُوبَةً لَهُم لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ فِيمَن منعهَا فَإنَّا آخِذُوهَا وَشطر مَاله جَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَتِ النُّفُوس تشح

ص: 135

بِالزَّكَاةِ وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ وَهُوَ مَعْرُوفُ الْمَالِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَهُ سَجْنُهُ كَدُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ الثَّالِثُ مَجْهُولُ الْحَالِ فَإِنِ ادَّعَى دَفْعَهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا وَإِنِ ادَّعَى عَدَمَ النِّصَابِ صُدِّقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ الثَّانِي قَالَ النِّيَّةُ وَاجِبَةٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّة لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُتَنَوِّعَةٌ إِلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَحِكْمَةُ إِيجَابِ النِّيَّةِ إِنَّمَا هُوَ تَمْيِيزُ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ وَتَمْيِيزُ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ فَتَفْتَقِرُ لِلنِّيَّةِ لِتَمْيِيزِهَا عَنِ الْهِبَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالتَّطَوُّعَاتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَنْوِي وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا تَفْتَقِرُ الزَّكَاةُ إِلَى النِّيَّةِ قِيَاسا على الدُّيُون ولإجزائها بِالْإِكْرَاهِ وَعَمَّنْ لَا تَتَأَتَّى مِنْهُ النِّيَّةُ كَالْمَجْنُونِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَلَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ إِلَى نِيَّةٍ لِأَنَّ فِعْلَهُ يَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ قَالَ سَنَدٌ وَيَنْوِي الْمُزَكِّي إِخْرَاجَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَلَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ أَجْزَأهُ وَتَجِبُ بِالتَّعْيِينِ فَلَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ عَزْلِهَا أَجْزَأَتْ إِذَا عَيَّنَهَا وَإِذَا عَيَّنَهَا لَمْ تَحْتَجْ إِلَى نِيَّةٍ عِنْدَ دَفْعِهَا لِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا وَعَزَلَهَا عَنْ مِلْكِهِ وَجَبَتِ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ صُورَةُ الدَّفْعِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ دَفْعِ الْوَدَائِعِ وَالدُّيُونِ وَغَيْرِهَا وَجَوَّزَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ تَقْدِيمَ نِيَّتهَا عَلَيْهَا من غير اسْتِصْحَاب قِيَاسًا عَلَى تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى أَصْلِهِمْ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَأْمُرُ وَكَيْلَهُ بِإِخْرَاجِهَا فَلَوْ لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا لَكَانَ تَغْرِيرًا بِالْمَالِ وَنَحْنُ نُضَمِّنُ

ص: 136

الْوَكِيلَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا أُمِرَ بِهِ فَلَا ضَرَرَ وَيَنْقُضُ عَلَيْهِمْ بِالنِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ مَعَ افْتِقَارِهِ إِلَى نِيَّةٍ تُقَارِنُهُ الثَّالِثُ قَالَ لَو تصدق بجملة مَاله وَنوى زَكَاته وَمَا زَادَ تَطَوُّعٌ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا خِلَافًا لِ ح مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لَمْ يَبْعِدْ عَنِ الْمَقْصُودِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ بِمَا لَوْ صَلَّى أَلْفَ رَكْعَة يَنْوِي بهَا اثْنَتَيْنِ لِلصُّبْحِ وَالْبَقِيَّةَ لِلنَّفْلِ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ الْحَالَةُ الثانيةُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَنْبَغِي إِخْرَاجُ زَكَاةِ عَيْنٍ وَلَا مَاشِيَةٍ قَبْلَ الْحَوْلِ إِلَّا بِيَسِيرٍ فَإِنْ عَجَّلَ زَكَاةَ مَاشِيَتِهِ لِعَامَيْنِ لَمْ يُجْزِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي الْيَسِيرِ خِلَافٌ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ إِذَا جَوَّزْنَاهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَحْوُ الشَّهْرِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الْيَوْمَانِ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَمَّنْ لَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْعَشْرَةُ وَقِيلَ نِصْفُ الشَّهْرِ وَهَذَا الْخلاف يخْتَص بِالْعينِ وَالْمَاشِيَةِ وَأَمَّا الْحَرْثُ فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ فِيهِ وَخَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ فِي التَّعْجِيلِ وَأَجَازَهُ ح عَنْ سِنِينَ وَفِي الْحَرْثِ وَالثِّمَارِ قَبْلَ ظُهُورِهِمَا وَفِي أبي دَاوُد أَن الْعَبَّاس سَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فِي تَعْجِيل صدقته قبل أَن يحل فَرَخَّصَ لَهُ فِيهَا وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ تَقْدِيمَ الْحُكْمِ عَلَى شَرْطِهِ إِذَا تَقَدَّمَ سَبَبُهُ جَائِزٌ كَالتَّكْفِيرِ قَبْلَ الْحِنْثِ لِتَقَدُّمِ الْحَلِفِ وَالْعَفْوِ عَنِ الْقصاص قبل الزهوق لتقديم الْجرْح فَكَذَلِك هَاهُنَا لِمَا تَقَدَّمَ السَّبَبَ الَّذِي هُوَ النِّصَابُ لَا يَضُرُّ فُقْدَانُ الْحَوْلِ وَلِذَلِكَ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى مَنْعِ التَّعْجِيلِ قَبْلَ كَمَالِ النِّصَابِ وَقِيَاسًا عَلَى الدُّيُونِ فَإِنَّ الْحَوْلَ حَقٌّ لِلْأَغْنِيَاءِ فَإِذَا أَسْقَطُوهُ سَقَطَ كَأَجَلِ الدَّيْنِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُحْتَمَلُ التَّعْجِيلِ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَسِيرٍ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّاعِي أَوْ يُعَجِّلُ لَهُ السَّاعِي أَوْ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ قَصْدَ

ص: 137

الْحِنْثِ عِنْدَنَا يَقُومُ مَقَامَ الْحِنْثِ إِذَا كَانَ عَلَى حِنْثٍ فَلَمْ يَفْقِدِ الشَّرْطَ وَبَدَّلَهُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ مَصْلَحَةَ الْعَفْوِ تَفُوتُ بِالْمَوْتِ فَجَعَلَ لَهُ استدراكها وَهَاهُنَا لَا تَفُوتُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الزَّكَاةَ فِيهَا شائية الْعِبَادَةِ وَلِذَلِكَ افْتَقَرَتْ إِلَى النِّيَّةِ بِخِلَافِ الدُّيُونِ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا الْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ وَلِأَنَّ النِّصَابَ إِذَا هَلَكَ قَبْلَ الْحَوْلِ إِنْ قُلْتُمْ إنَّ الْمُعْطَى وَاجِبٌ لَا يَكُونُ الْحَوْلُ شَرْطًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فَلَا يَحِلُّ لِلْفَقِيرِ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَهُوَ لَمْ يُعْطَ لَهُ فَتَبْطُلُ حِكْمَةُ التَّعْجِيلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ عَجَّلَ بِالْمُدَّةِ الْجَائِزَةِ وَهَلَكَ النِّصَابُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ أَخَذَهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً إِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ ذَبَحَ شَاةً مِنَ الْأَرْبَعِينَ بَعْدَ التَّعْجِيلِ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ لِاحْتِمَالِ نِيَّةِ النَّدَمِ فَيُتَّهَمُ فِي الرُّجُوعِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا دَفَعَ شَاةً مِنْ أَرْبَعِينَ أَوْ نِصْفَ دِينَارٍ مِنْ عِشْرِينَ وَبَقِيَ الْبَاقِي إِلَى تَمَامِ الْحَوْلِ فَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَدْفُوعَ زَكَاةٌ مَفْرُوضَةٌ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ يُقَدَّرُ بَقَاؤُهُ فِي يَدِ الْمَالِكِ حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَوْ كَانَتِ الْمَاشِيَةُ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَوَلَدَتْ شَاةُ الصَّدَقَةِ فِي يَدِ الْفَقِيرِ سَخْلَةً وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاج شاق أُخْرَى لِتَجَدُّدِ النِّصَابِ وَقَالَ ح فِي الْأَوَّلِ لَا تَكُونُ زَكَاةً وَيَسْتَرِدُّهَا مِنَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ عَلَى نِصَابٍ عِنْدَهُ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ السَّاعِي قَبْلَ إِيصَالِهِ إِلَى الْمَسَاكِينِ لَمْ يَضْمَنْهُ عَلَى مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ لِوُقُوعِهِ الْمَوْقِعَ فَلَوْ تَغَيَّرَتْ حَالُ رَبِّ الْمَالِ قَبْلَ الْحَوْلِ بِمَوْتٍ أَوْ رِدَّةٍ قَالَ ح إِنْ كَانَ بِيَدِ الْإِمَامِ اسْتَرْجَعَهُ وَإِنْ وَصَلَ إِلَى الْفُقَرَاءِ فَلَا وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ دَفَعَ كِرَاءِ مَسْكَنٍ فَانْهَدَمَ وَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُ الْفَقِيرِ بِمَوْتٍ أَوْ ردة فَقَالَ ابْن الْقَاسِم وح وَقَعَتِ الْمَوْقِعَ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْأَخْذِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ وَلَا يُجْزِئُ رَبُّهَا فَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ زَرْعِهِ قَبْلَ حَصَادِهِ وَهُوَ قَائِمٌ فِي سُنْبُلِهِ قَالَ مَالِكٌ يُجْزِئُهُ لِلْوُجُوبِ بالطيب فَلَو عجل زَكَاة مَاشِيَة ثمَّ جَاءَ السَّاعِي عِنْدَمَا وجده دون مَا دَفعه للْمَسَاكِين إِذا

ص: 138

عجلها بِمَا لَا يَجُوزُ لَهُ فَقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ السَّاعِيَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ أَمْ لَا الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ التَّأْخِيرُ مَعَ الْإِمْكَانِ فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ سَبَبُ الْإِثْمِ وَالضَّمَانِ فَلَوْ تَلِفَ النِّصَابُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا زَكَاةَ

ص: 139

(الْبَاب الثَّامِن فِي صرف الزَّكَاة وَالنَّظَر فِي الْمَصْرِفِ وَأَحْكَامِ الصَّرْفِ)

النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الصّرْف وَهُوَ الطَّوَائِفُ الثَّمَانِيَةُ الَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} التَّوْبَة 60 فَحَصَرَهَا بِصِيغَةِ إِنَّمَا فِيهِمْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا صِنْفٌ وَاحِدٌ أَجْزَأَ الْإِعْطَاءُ لَهُ إِجْمَاعًا كَاسْتِحْقَاقِ الْجَمَاعَةِ لِلشُّفْعَةِ إِذَا غَابُوا إِلَّا وَاحِدًا أَخَذَهَا وَإِنْ وَجَدَ الْأَصْنَافَ كلهَا أَجزَأَهُ صنف عِنْد مَالك وح وَقَالَ ش يجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ إِذَا وُجِدُوا وَاسْتَحَبَّهُ إِصْبَع لَيْلًا يَنْدَرِسَ الْعِلْمُ بِاسْتِحْقَاقِهِمْ وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ مَصَالِحِ سَدِّ الْخَلَّةِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْغَزْوِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلِمَا يُرْجَى مِنْ بَرَكَةِ دُعَاءِ الْجَمِيعِ بِالْكَثْرَةِ وَمُصَادَفَةِ وَلِيٍّ فِيهِمْ قَالَ سَنَدٌ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ اسْتِيعَابِ آحَادِهِمْ بل قَالَ ش يدْفع ثَلَاثَة مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَلِلْإِمَامِ إِذَا جَمَعَ الصَّدَقَاتِ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاةَ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ لِفَقِيرٍ وَاحِدٍ هَاتَانِ الصورتان تهدمان مَا يَقُوله الشَّافِعِي من التَّمَلُّك وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ اللَّامُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} هَلْ هِيَ لِلتَّمْلِيكِ كَقَوْلِنَا الْمَالُ لِزَيْدٍ أَوْ لِبَيَانِ اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِالثَّمَانِيَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} الطَّلَاق 1 أَيِ الطَّلَاقُ مُخْتَصٌّ بِهَذَا الزَّمَانِ وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ -

صُومُوا لِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ

ص: 140

أَيْ وُجُوبُ الصَّوْمِ مُخْتَصٌّ بِهَذَا السَّبَبِ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ عَلَى هَذَا تَعَرُّضٌ لِمِلْكٍ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ الْمُخَالَفَةِ لظَاهِر اللَّفْظ بذينك الصُّورَتَيْنِ وَمن قَالَ بِالتَّمْلِيكِ يَلْزَمُهُ مُخَالَفَةُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ بِهِمَا وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكَفَّارَاتِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَمَعَ ذَلِكَ يَجُوزُ الصَّرْفُ لِلْفُقَرَاءِ وَكَذَلِكَ هَاهُنَا وَلِهَذِهِ الْأَصْنَافِ شُرُوطٌ تَعُمُّهَا وَشُرُوطٌ تَخْتَصُّ بِبَعْضِهَا فَالْعَامَّةُ أَرْبَعَةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ الْإِسْلَامُ إِلَّا مَا يُذْكَرُ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ الشَّرْطُ الثَّانِي خُرُوجُهُمْ عَنِ الْقَرَابَةِ الْوَاجِبَةِ نَفَقَتُهُمْ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُعْطِيهَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فَلَا يَلِي هُوَ إِعْطَاءَهُمْ وَيُعْطِيهِمْ مَنْ يَلِي تَفْرِيقَهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَمَا يُعْطِي غَيْرَهُمْ قَالَ سَنَدٌ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِ الْمَنْعِ فَقَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ يُوَفِّرُ نَفَقَتَهُ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِأَنَّهُمْ أَغْنِيَاءُ بِنَفَقَتِهِ فَيُدْفَعُ لَهُمْ خمس ركازه على الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ الدَّفْعُ لَهُمْ مِنَ الزَّكَاةِ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَمَنْ لَا تَجِبْ نَفَقَتُهُمْ الْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ سَوَاءٌ وَقَالَ ابْن حبيب لَا يُجزئهُ إعطاؤها لمن تلْزم نَفَقَتُهُ وَلَا لِمَنْ يُشْبِهُهُمْ كَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَبَنِي الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ لَهُمُ النَّفَقَةُ وَيلْزمهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ فِي الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالِ وَالْخَالَةِ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ أَقَارِبِهِ إِنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ وَقَطَعَ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِمْ نَفَقَتَهُ لَمْ تُجْزِئْهُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ اسْتَعَانَ عَلَى مَا كَانَ الْتَزَمَهُ بِزَكَاتِهِ قَالَ وَفِيه نظر لِأَنَّهُ لَهُ قَطْعَ النَّفَقَةِ عَنْهُمْ فَيَكُونُ غَيْرُهُمْ أَوْلَى فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ نَفَقَتَهُ أَجْزَأَهُ مَعَ الْكَرَاهَة قَالَه ملك وَرُوِيَ عَنْهُ لَا بَأْسَ إِذَا وَلِيَ هُوَ تَفْرِيقَهَا أَنْ يُعْطِيَ أَقَارِبَهُ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ش لِلْجَمْعِ فِيهَا بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَيُلَاحَظُ عَدَمُ الْإِخْلَاصِ بِدَفْعِ الذَّمِّ عَنْ نَفْسِهِ وَخَشْيَةِ أَنْ يُعْطِيَ لَهُمْ وَلَيْسُوا أَهْلًا فَرْعٌ وَيَلْحَقُ بِالْقَرَابَةِ الزَّوْجُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَا تُعْطِي الْمَرْأَةُ زَكَاتَهَا لِزَوْجِهَا وَقَالَهُ ح لِأَنَّهُ يَتَّسِعُ بِهَا فَيَكُونُ وِقَايَةً عَن نَفَقَة الزَّوْجَة وَكَرِهَهُ

ص: 141

أَشهب وش وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهَا فِي نَفَقَتِهَا لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه سُئِلَ صلى الله عليه وسلم َ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ فِيهِ أَجْرَانِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ دَفَعَ الزَّوْجُ زَكَاتَهُ إِلَيْهَا لَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّهَا غَنِيَّةٌ بِنَفَقَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِذَا أَعْطَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ جَازَ لِعَدَمِ عَوْدِ الْمَنْفَعَةِ قَالَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الدَّفْعَ لِلْأَبِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ جَائِزٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَصَاحِبُ الدَّيْنِ فَقِيرٌ الشَّرْطُ الثَّالِثُ خُرُوجُهُمْ عَن آل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ سَنَد الزَّكَاة مُحرمَة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - إِجْمَاعًا وَمَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهَا عَلَى قَرَابَتِهِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَحِلُّ لَهُمْ فَرْضُهَا وَنَفْلُهَا وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاع وَلما فِي مُسْلِمٍ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

إِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِهِمْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ دُونَ مَوَالِيهِمْ وَقَالَهُ ح وَاسْتَثْنَى بَنِي أَبِي لَهَبٍ وَزَادَ ش وَأَشْهَبُ بَنِي عبد الْمطلب لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى دُونَ الْعَرَبِ لما حرمُوا مِنَ الزَّكَاةِ وَقَالَ أَصْبَغُ هُمْ عِتْرَتُهُ الْأَقْرَبُونَ آلُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهَاشِمٍ وَعَبْدِ مَنَافٍ وَقُصَيٍّ دون مواليهم وَالْأول اظهر فَإِن الأول إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْأَدْنَيْنِ وَقَالَ ابْنُ نَافِع مواليهم مِنْهُم لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ

ص: 142

مَعْنَاهُ فِي الْبر وَالْحُرْمَة كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - أَنْت وَمَالك لأَبِيك وَقَالَ ابْن نَافِع وش وح تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ وَالْوَاجِبَةُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَجوز ابْن الْقَاسِم التَّطَوُّع لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

إِنَّا معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَةٌ ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما يَدْفَعَانِ مِنْ ذَلِكَ لِعَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رضي الله عنهما وَفِي الْجَوَاهِرِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ جَوَّزَ لَهُمُ الْوَاجِبَةَ دُونَ التَّطَوُّعِ لِعَدَمِ الْمِنَّةِ فِيهَا فَتَكُونُ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ الشَّرْطُ الرَّابِعُ الْحُرِّيَّةُ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَكْفِيٌّ بِنَفَقَةِ سَيِّدِهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ الْبَاجِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى حِرَاسَتِهَا وَسَوْقِهَا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ عَامِلًا عَلَيْهَا لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ مَحْضَةٌ وَقُدِّمَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ لِعُمُومِهَا وَالْعَامُّ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْخَاصِّ وَلْنَتَكَلَّمِ الْآنَ عَلَى الْأَصْنَافِ وَشُرُوطِهَا الْخَاصَّةِ فَنَقُولُ الصِّنْفُ الْأَوَّلُ الْفَقِيرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ الْيَسِيرَ لَا يَكْفِيهِ لِعَيْشِهِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ لَهُ دَارٌ وَخَادِمٌ لَا فَضْلَ فِي ثمنهما عَن غَيْرِهِمَا فَيُعْطَى وَإِلَّا فَلَا قَالَ سَنَدٌ مَذْهَبُ الْكِتَابِ تُرَاعَى الْحَاجَةُ دُونَ قَدْرِ النِّصَابِ مِنْ غير الْعين فَإِن من ملك من نِصَابا نم الْعَيْنِ فَهُوَ غَنِيٌّ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فَلَا يَأْخُذُهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّرْعَ حَدَّدَ نِصَابَ الْعَيْنِ وَلم يحدده من غَيْرِهَا وَرُوِيَ عَنْهُ الْمَنْعُ مَعَ النِّصَابِ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ إِذَا فَضَلَ عَنْ قِيمَةِ الْمَسْكَنِ وَرُوِيَ جَوَازُ الْأَخْذِ مَعَ النِّصَابِ مِنَ الْعَيْنِ وَأَمَّا الْمُسْتَغْنِي بِقُوَّتِهِ وَصَنْعَتِهِ فَعَلَى مُرَاعَاةِ الْقُوَّةِ لَا يُعْطي شَيْئا وَقَالَهُ ش قَالَ

ص: 143

ملك وح يُعْطَى لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيٍّ وَإِنَّمَا هُوَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَصَلَ إِلَى الْآنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا يُجْزِئُ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي أَبِي دَاوُدَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٌّ وَالصَّحِيحُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ مَنْ لَهُ قُوَّةُ صِنَاعَةٍ تَكْفِيهِ لَا يُعْطَى لِقِيَامِ الصَّنْعَةِ مَقَامَ الْمَالِ وَمَنْ لَا تَكْفِيهِ يُعْطَى تَمَامَ الْكِفَايَةِ وَمَنْ كَسَدَتْ صَنْعَتُهُ يُعْطَى وَمَنْ لَيْسَ لَهُ صِنَاعَةٌ وَلَا يَجِدُ فِي الْمَوْضِعِ مَا يَتَحَرَّفُ بِهِ يُعْطَى وَمَنْ وَجَدَ مَا يَتَحَرَّفُ لَوْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ فَهُوَ مَوْضِعُ الْخلاف ويؤكد الْمَنْع إِنَّمَا هِيَ مُوَاسَاةٌ فَلَا تَحِلُّ لِلْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ كَمُوَاسَاةِ الْقَرَابَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِتَأْكِيدِ الْقَرِيبِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تُشْتَرَطُ الزَّمَانَةُ وَلَا التَّعَفُّفُ عَنِ السُّؤَالِ وَالْمَكْفِيُّ بِنَفَقَةِ ابْنِهِ وَالزَّوْجُ لَا يُعْطَى الصِّنْفُ الثَّانِي الْمِسْكِينُ قَالَ سَنَدٌ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمِسْكِينَ أَشَدُّ حَاجَةً مِنَ الْفَقِيرِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ الشَّافِعِي وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا الْفَقِيرُ أَشَدُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ} الْكَهْف 79 فَجَعَلَ لَهُمْ سَفِينَةً وَلِأَنَّ الْفَقِيرَ مَأْخُوذٌ مِنْ فِقَارِ الظَّهْرِ إِذَا انْكَسَرَتْ وَذَلِكَ شَأْنُ الْمَوْتِ وَقَالَ ابْنُ الْجُلَّابِ هُمَا سَوَاءٌ لِمَنْ لَهُ شَيْءٌ لَا يَكْفِيهِ فعلى هَذَا تكون الْأَصْنَاف سَبْعَة وَقَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ الْفَقِيرُ الْمُتَعَفِّفُ عَنِ السُّؤَالِ مَعَ الْحَاجَةِ وَالْمِسْكِينُ الَّذِي يَسْأَلُ فِي الْأَبْوَابِ وَالطُّرُقِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي مُسْلِمٍ

لَيْسَ الْمِسْكِينُ هُوَ الطَّوَّافُ الْحَدِيثَ لَنَا قَوْله تَعَالَى {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} الْبَلَد 16 وَهُوَ الَّذِي أَلْصَقَ جِلْدَهُ

ص: 144

بِالتُّرَابِ وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

لَيْسَ الْمِسْكِينُ هُوَ الطَّوَّافُ عَلَى النَّاسِ فَتَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ قَالُوا فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَسْأَلُ النَّاسُ شَيْئًا وَقَوْلُ الشَّاعِرِ

(أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ

وَفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يتْرك لَهُ سبد)

فَجعل لَهُ حلوبا قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْفَقِيرُ مِنْ قَوْلِهِمْ فَقَرْتُ لَهُ فِقْرَةً مِنْ مَالِي أَيْ أَعْطَيْتُهُ فَيَكُونُ الْفَقِيرُ مَنْ لَهُ قِطْعَةٌ مِنَ الْمَالِ وَالْمِسْكِينُ مِنَ السُّكُونِ وَلَوْ أَخَذَ الْفَقِيرُ مِنَ الَّذِي قَالُوهُ فَالَّذِي سَكَنَ عَنِ الْحَرَكَةِ أَقْرَبُ لِلْمَوْتِ مِنْهُ وَأما الْآيَة فَالْمُرَاد بالمساكين المقهورون كَقَوْلِه تَعَالَى {ضربت عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} الْبَقَرَة 61 وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْغِنَى وَمَعْنَى الْآيَةِ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِدَفْعِ الْملك عَن غصب سفينهم وَورد عل الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِسْكِينِ فِي قَوْلِهِ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ أَيِ الْمِسْكِينِ الْكَامِلِ الْمَسْكَنَةِ وَلَا يلْزم من نَعته بِصفة الْكَمَالِ نَفْيُهُ مُطْلَقًا وَاللَّامُ تَكُونُ لِلْكَمَالِ قَالَهُ سِيبَوَيْهِ وَجَعَلَهَا فِي اسْمِ اللَّهِ لَهُ وَعَنِ الْبَيْت إِن الحلوبة لم يُتمهَا لَهُ إِلَّا فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي لِقَوْلِهِ كَانَتْ فِي زَمَنِ مَنْ سَمَّاهُ فَقِيرًا فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي ذَلِك الزَّمَان غَنِيًّا الصِّنْفُ الثَّالِثُ هُوَ الْعَامِلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ نَحْوُ السَّاعِي وَالْكَاتِبِ وَالْقَاسِمِ وَغَيْرِهِمْ أَمَّا الْإِمَامُ وَالْقَاضِي وَالْفَقِيهُ وَالْقَارِئُ فَرِزْقُهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ وَالْخُمْسِ وَالْعُشْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مَنْ يَسُوقُهَا وَيَرْعَاهَا وَهُوَ شَاذٌّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ غَنِيًّا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي

ص: 145

الْمُوَطَّأِ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ الْعَامِلِ عَلَيْهَا أَوِ الْغَارِمِ أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ أَوْ لِرَجُلٍ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ فَتَصَدَّقَ عَلَى الْمِسْكِينِ فأهدى الْمِسْكِين للغني وَأَجَازَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ أَنْ يَكُونَ مِنْ آل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - أَوْ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا قِيَاسًا عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا أُجْرَةٌ لَهُ فَلَا تُنَافِي الْغِنَى وَكَوْنُهَا أَوْسَاخَ النَّاسِ يُنَافِي آلَ الْبَيْتِ لِنَفَاسَتِهِمْ وَلِكَوْنِهَا قُرْبَةً تُنَافِي الْكُفَّارَ وَالْعَبِيدَ لِخَسَاسَتِهِمْ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَشُرُوطُهُ أَرْبَعَةٌ الْعَدَالَةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعِلْمُ بِأَحْكَامِ الزَّكَاةِ الصِّنْفُ الرَّابِعُ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ كَانُوا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ فَيُؤَلَّفُونَ بِالْعَطَاءِ لِيَنْكَفَّ غَيْرُهُمْ بِانْكِفَافِهِمْ وَيُسْلِمَ بِإِسْلَامِهِمْ وَقَدِ اسْتُغْنِيَ الْآنَ عَنْهُمْ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّاب فَلَا سهم لَهُم إِلَّا أَن تدعوا حَاجَةٌ إِلَيْهِمْ وَقِيلَ هُمْ صِنْفٌ مِنَ الْكُفَّارِ يُتَأَلَّفُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا يُسْلِمُونَ بِالْقَهْرِ وَقِيلَ قَوْمٌ إِسْلَامُهُمْ ضَعِيفٌ فَيُقَوَّى بِالْعَطَاءِ وَقِيلَ عُظَمَاءُ مِنْ مُلُوكِ الْكُفَّارِ أَسْلَمُوا فَيُعْطَوْنَ لِيَتَأَلَّفُوا أَتْبَاعَهُمْ لِأَن الْجِهَاد يكون تَارَة بِالنِّسْيَانِ وَتَارَةً بِالْبَيَانِ وَتَارَةً بِالْإِحْسَانِ يُفْعَلُ مَعَ كُلِّ صِنْفٍ مَا يَلِيقُ بِهِ الصِّنْفُ الْخَامِسُ فَكُّ الرِّقَابِ فِي الْجَوَاهِرِ يَشْتَرِي الْإِمَامُ الرِّقَابَ مِنَ الزَّكَاةِ فَيُعْتِقُهَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَالْوَلَاءُ لِجَمِيعِهِمْ قَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَا يَجْزِي فِيهَا إِلَّا مَا يَجْزِي فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي الْأَعْمَى وَالْأَعْرَجِ وَالْمُقْعَدِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ هُوَ فِكَاكُ الْمُكَاتَبِينَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُعْطِي مُكَاتَبَهُ مِنْ زَكَاتِهِ مَا لَمْ يَتِمَّ بِهِ عِتْقُهُ وَفِي قَطَاعَةِ مُدَبَّرِهِ مَا يُعْتَقُ بِهِ وَهُمَا لَا يُجْزِئَانِ فِي الْوَاجِبِ

ص: 146

فَرْعٌ قَالَ لَوِ اشْتَرَى مِنْ زَكَاتِهِ رَقَبَةً فَأعْتقهَا ليَكُون الْوَلَاء لَهُ النِّيَّة لَا يُجْزِئُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاسْتِثْنَائِهِ الْوَلَاءَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ مُحْتَجًّا بِمَنْ أَمَرَ عَبْدَهُ بِذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ فَذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنِ الْآمِرِ أَوْ أَمْرِهِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَأَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ الْعِتْقَ عَنِ الْآمِرِ وَلَا يُجْزِئُ فَكُّ الْأَسِيرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ تَمْهِيدٌ قَوْله تَعَالَى {وَفِي الرّقاب} اجْتَمَعَ فِيهِ الْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ وَاللُّغَةُ أَمَّا الْعُرْفُ فَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَطْلَقَ الرَّقَبَةَ فِي الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَلَمْ يُرِدْ بِهَا إِلَّا الرَّقِيقَ الْكَامِلَ الرِّقِّ وَالذَّاتِ وَأَمَّا اللُّغَةُ فَإِنَّ الرَّقَبَةَ تَصْدُقُ لُغَةً على الْأَحْرَار وَالْعَبِيد وَمن كمل وَمن نقص فَالْمَشْهُور قدم الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ بِأَنَّهُ نَاسِخٌ لِلُّغَةِ وَمَنْ لَاحَظَ اللُّغَةَ لِكَوْنِهَا الْحَقِيقَةَ وَغَيْرُهَا مَجَازٌ أَجَازَ الْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ وَالْمَعِيبَ وَالْأَسِيرَ وَعِتْقَ الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ دُونَ الْمُسْلِمِينَ فَلِأَنَّ مَقْصُودَ الزَّكَاةِ إِنَّمَا هُوَ شُكْرُ النِّعْمَةِ وَسَدُّ الْخَلَّةِ وَهَذَا حَاصِلٌ وَالْوَلَاءِ لِلْمُعْتَقِ فَإِنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِينَ إِنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ لَا يَعُمُّ مِنْهَا شَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَقِيَاسًا عَلَى الرِّقَابِ فِي غَيْرِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ قَالَ سَنَدٌ وَجَوَّزَ ابْنُ حَبِيبٍ عِتْقَ مَنْ بَعْضِهِ حُرٌّ تَفْرِيعًا عَلَى الْمُكَاتَبِينَ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي خَمْسَةٍ الْمَعِيبِ وَإِعْطَاءِ الْمكَاتب وَإِعْطَاء الرجل مَالا لتعتق عَبده وَالْأَسِيرِ وَعِتْقِ بَعْضِ عَبْدٍ فَيَبْقَى الْبَاقِي رَقِيقًا أَو كَانَ بعضه حرا قَالَ وَقَول ملك وَأَصْحَابِهِ إِجْزَاءُ الْمَعِيبِ وَمَنِ اشْتَرَى رَقَبَةً مِنْ زَكَاتِهِ وَقَالَ هِيَ حُرَّةٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا وَلَاءَ لِي فَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَتُجْزِئُهُ وَإِنْ قَالَ حُرٌّ عَنِّي وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْزِئُهُ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْزِئُهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ الصِّنْفُ السَّادِسُ الْغَارِمُ وَهُوَ مَنِ ادَّانَ فِي غَيْرِ سَفَهٍ وَلَا فَسَادٍ وَلَا يَجِدُ وَفَاءً أَوْ مَعَهُمْ أَمْوَالٌ لَا تَفِي دُيُونَهُمْ فَيُعْطَوْنَ مِنَ الزَّكَاةِ قَضَاءَ دُيُونِهِمْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ أَمْوَالٌ فَهُمْ فُقَرَاءُ غَارِمُونَ يُعْطَوْنَ بِالْوَصْفَيْنِ وَفِي الدَّفْعِ لِمَنِ ادَّانَ فِي سفه ثمَّ

ص: 147

نُزِعَ عَنْهُ خِلَافٌ وَفِي دَيْنِهِ لِلَّهِ تَعَالَى كَالْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَوَاتِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا خِلَافٌ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَيجِبُ أَنْ يَكُونَ الْغَارِمُ بِحَيْثُ يَنْجَبِرُ حَالُهُ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ وَيَفْسُدُ بِتَرْكِهَا بِأَنْ تكون لَهُ أصُول يستغلها فليجئه الدَّيْنُ إِلَى بَيْعِهَا فَيَفْسَدُ حَالُهُ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ مِنَ الزَّكَاةِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ يَتَدَيَّنُ أَمْوَالَ النَّاسِ لِيَكُونَ غَارِمًا فَلَا لِأَنَّ الدَّفْعَ يُدِيمُهُ على عَادَته الردية وَالْمَنْعُ يَرْدَعُهُ قَالَ سَنَدٌ مَنْ تَدَايَنَ لِفَسَادٍ ثُمَّ حَسُنَتْ حَالُهُ دُفِعَتْ إِلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنُ الْمَيِّتِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي نَظَائِرِهِ وشروط الْغَارِم أَرْبَعَة أَن لَا يكون عِنْده مَا يقْضِي بهَا دَيْنَهُ وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِآدَمِيٍّ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يحسن فِيهِ وَأَن لَا يَكُونَ اسْتَدَانَهُ فِي فَسَادٍ الصِّنْفُ السَّابِعُ سَبِيلُ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْجِهَادُ دُونَ الْحَج خلافًا لِابْنِ حَنْبَل لنا قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَجَّ وَلِأَنَّ آخذ الزَّكَاةِ إِمَّا لِحَاجَتِهِ إِلَيْهَا كَالْفَقِيرِ أَوْ لِحَاجَتِنَا إِلَيْهِ كَالْعَامِلِ وَالْحَاجُّ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهَا لِعَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إِنْ كَانَ فَقِيرًا وَلِأَنَّ عِنْدَهُ كِفَايَتَهُ إِنْ كَانَ غَنِيًّا وَلَا نَحْتَاجُ نَحْنُ إِلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عِيسَى بن دِينَار وح إِن كَانَ غَنِيا بِبَلَدِهِ وَمَعَهُ مَا يُغْنِيه فِي غَزوه فَلَا يَأْخُذهَا ووافقنا الشَّافِعِي لَنَا أَنَّ الْآيَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَيَكُونُ سَبِيلُ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُهُمْ عَمَلًا بِالْعَطْفِ وَيُؤَكِّدُهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيَشْتَرِي الإِمَام مِنْهَا الْمساحِي والحبال وَالْمَرَاكِبَ وَكِرَاءَ النَّوَاتِيَّةِ لِلْغَزْوِ وَكَذَلِكَ الْجَوَاسِيسُ وَإِنْ كَانُوا نَصَارَى وَيُبْنَى مِنْهَا حِصْنٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُصَالِحُ مِنْهَا الْعَدُوَّ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنَ السَّبِيل الْجِهَاد نَفسه الصِّنْف الثّمن ابْنُ السَّبِيلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ الْمُنْقَطِعُ بِهِ بِغَيْر بَلَده

ص: 148

الْمُسْتَدِيمُ السَّفَرِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ التَّدَايُنُ لِاحْتِمَالِ عَجْزِهِ عَنِ الْأَدَاءِ وَقِيلَ إِنْ قَدَرَ عَلَى السَّلَفِ لَا يُعْطَى فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يُغْنِيهِ فَلَا يُعْطَى لِكَوْنِهِ ابْنَ السَّبِيلِ أَوْ يُعْطَى رِوَايَتَانِ وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ وَمَا أَخذ لَا يُلْزِمُهُ رَدُّهُ إِذَا صَارَ لِبَلَدِهِ لِأَخْذِهِ إِيَّاهُ بِاسْتِحْقَاقٍ وَلِصَرْفِهِ فِي وُجُوهِ الصَّدَقَةِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ مُسْتَمِرَّ السَّفَرِ فَلَا خِلَافَ وَإِنْ أَقَامَ مُدَّةً ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ أَجَازَ مَالك وش الدَّفْعَ لَهُ لِأَنَّهُ غَرِيبٌ يُرِيدُ السَّفَرَ قِيَاسًا عَلَى الْمُسْتَدِيمِ بِجَامِعِ الْحَاجَةِ وَمَنَعَ ح وَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَلَدِهِ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الدَّفْعَ لَهُ لِمَا يُسَافِرُ بِهِ وَإِنْ كَانَ ذَاهِبًا إِلَى غير مستعيب دَفَعَ لَهُ نَفَقَةَ الرُّجُوعِ شَبَّهَهُ بِابْنِ السَّبِيلِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ وَمَنَعَ عَبْدُ الْوَهَّابِ مُطْلَقًا وَلَوِ احْتَاجَتْ زَوْجَةُ ابْنِ السَّبِيلِ الَّتِي خَلَّفَهَا النَّفَقَةَ قَالَ مَالِكٌ يُعْطَى لَهَا وَفِي الْكتاب الْحَاج ابْن السَّبِيل قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي نَظَائِرِهِ شُرُوطُ ابْنِ السَّبِيلِ ثَلَاثَةٌ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ وَأَنْ يَكُونَ فَقِيرًا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَأَن لَا يَجِدَ مَنْ يُسْلِفُهُ النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الصّرْف وَهِيَ سَبْعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِنْ وَجَدَ الْأَصْنَافَ كُلَّهَا آثَرَ أَهْلَ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ قَالَ سَنَدٌ إِنِ اسْتَوَتِ الْحَاجَةُ قَالَ ملك يُؤْثِرُ الْأَدْيَنَ وَلَا يَحْرِمُ غَيْرَهُ وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يُؤْثِرُ أَهْلَ الْحَاجَةِ وَيَقُولُ الْفَضَائِلُ الدِّينِيَّةُ لَهَا أُجُورٌ فِي الْآخِرَةِ وَالصِّدِّيقُ رضي الله عنه يُؤْثِرُ بِسَابِقَةِ الْإِسْلَامِ وَالْفَضَائِلِ الدِّينِيَّةِ لِأَنَّ إِقَامَةً بِنِيَّةِ الْأَبْرَارِ أَفْضَلُ مِنْ إِقَامَةٍ بِنِيَّةِ غَيْرِهِمْ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى بَقَائِهَا من الْمصَالح وَإِذَا أُعْطِيَ الْمُحْتَاجُ فَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ ذَلِكَ غير مَحْدُود وَيُعْطِيه قوت بِقَدْرِ الْمَقْسُومِ وَقَدْ تَقِلُّ الْمَسَاكِينُ وَتَكْثُرُ وَرَوَى الْمُغيرَة لَا يعْطى نِصَابا وَقَوله ح لِأَن الدّفع لَو صف الْفُقَرَاءِ فَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُعْطِيهِ قُوتَ السَّنَةِ وَإِنِ اتَّسَعَ الْمَالُ زَادَهُ ثَمَنَ الْعَبْدِ وَمَهْرَ الزَّوْجَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُعْطَى الْغَارِمُ قَدْرَ دَيْنِهِ وَالْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ كِفَايَتَهُمَا وَكِفَايَةَ عِيَالِهِمَا وَالْمُسَافِرُ قَدْرَ مَا يُوصِلُهُ إِلَى مَقْصِدِهِ أَو مَوضِع مَاله والغازي مَا يَقُومُ بِهِ حَالَةَ الْغَزْوِ وَالْمُؤَلَّفَةُ بِالِاجْتِهَادِ وَالْعَامِلُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَمِنْ جَمَعَ وَصْفَيْنِ اسْتَحَقَّ سَهْمَيْنِ

ص: 149

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ بَلْ بِالِاجْتِهَادِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْطَى مِنْهَا الْعَامِلُ بِقدر كَثْرَة مَاله وَقِلَّتِهِ وَكَثْرَةِ الْمُتَحَصِّلِ وَقِلَّتِهِ وَعَمَلُهُ وَصْفٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ كَالْفَقْرِ لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا أعطي من غَيرهَا وَقَالَ ابْن لجلاب يُدْفَعُ إِلَيْهِمْ أُجْرَةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْهَا بِقَدْرِ عَمَلِهِمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَأْجَرُوا بِجُزْءٍ مِنْهَا لِلْجَهَالَةِ بِقَدرِهِ قَالَ فَنَحَا بِهَا مَنْحَى الْإِجَارَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ الْحُكْمُ الثَّانِي فِي التَّرْتِيبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَبْدَأُ بِالْعَامِلِينَ لِأَنَّهُمْ كَالْأُجَرَاءِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ عَلَى الْعِتْقِ لِأَنَّ سَدَّ الْخَلَّةِ أَفْضَلُ وَلِأَنَّهُ حق للأغنياء لَيْلًا تَجِبَ عَلَيْهِمُ الْمُوَاسَاةُ مَرَّةً أُخْرَى وَإِذَا وُجِدَتِ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ قُدِّمُوا لِأَنَّ الصَّوْنَ عَنِ النَّارِ مُقَدَّمٌ عَلَى الصَّوْنِ عَنِ الْجُوعِ كَمَا يُبْدَأُ الْغَزْو إِنْ خُشِيَ عَلَى النَّاسِ وَابْنُ السَّبِيلِ إِنْ كَانَ يلْحقهُ ضَرَرٌ قُدِّمَ عَلَى الْفَقِيرِ لِأَنَّهُ فِي وَطَنِهِ الْحُكْمُ الثَّالِثُ فِي الْإِثْبَاتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا خَفِيَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ كَالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ مَنِ ادَّعَاهُ صَدَقَ مَا لَمْ يَشْهَدْ ظَاهِرُهُ بِخِلَافِهِ أَوْ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْمَوْضِعِ وَيُمْكِنُ الْكَشْفُ عَنْهُ فَيُكْشَفُ وَالْغَازِي مَعْلُومٌ بِفِعْلِهِ فَإِنْ أُعْطِيَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُوفِ اسْتَرَدَّ وَيُطَالَبُ الْغَارِمُ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ وَالْعُسْرِ إِنْ كَانَ عَنْ مُبَايَعَةٍ إِلَّا إِذَا كَانَ عَنْ طَعَامٍ أَكْلَهُ وَابْنُ السَّبِيلِ يُكْتَفَى فِيهِ بِهَيْئَةِ الْفَقْرِ الْحُكْمُ الرَّابِعُ مُبَاشَرَتُهَا فِي الْكِتَابِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَلِيَ أَحَدٌ صَدَقَةَ نَفْسِهِ خَوْفَ الْمَحْمَدَةِ وَلْيَدْفَعَهَا لِمَنْ يَثِقُ بِهِ فَيُقَسِّمُهَا وَقَالَ ش أَحَبُّ إِلَيَّ أَن يتولاها قِيَاسا على الْأُضْحِية وليتقن أَدَاءَهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَعْدِلُ فِي الْأَخْذِ وَالصَّرْفِ لَمْ يَسَعِ الْمَالِكُ أَنْ يَتَوَلَّى الصَّرْفَ بِنَفْسِهِ فِي النَّاضِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ بَلِ الْإِمَامُ لِاحْتِيَاجِهَا إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي تَعْيِينِ الْأَصْنَافِ وَتَحْقِيقِ صِفَاتِهِمْ وَشُرُوطِهِمْ وَتَعْيِينِ الْبُلْدَانِ فِي الْحَاجَاتِ وَهِيَ أُمُورٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إِلَّا الْوُلَاة

ص: 150

غَالِبًا وَأَمَّا الْحَرْثُ وَالْمَاشِيَةُ فَيَبْعَثُ الْإِمَامُ فِيهَا وَقِيلَ زَكَاةُ النَّاضِّ إِلَى أَرْبَابِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَصْرِفُ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ خَاصَّةً لِاحْتِيَاجِ غَيْرِهِمَا إِلَى الِاجْتِهَادِ وَحَيْثُ قُلْنَا يَلِيهَا رَبُّهَا فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ إِلَّا أَنْ يَجْهَلَ أَحْكَامَهَا فَيجِبُ وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا لَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ مَشْغُولًا تَوَلَّى النَّاسُ الْحَرْثَ وَالْعَيْنَ وَانْتَظَرُوا بِالْمَاشِيَةِ الْإِمَامَ وَفِيهِ خلاف قَالَ سَنَد ولمفرقهما أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِنْ كَانَ أَهْلًا الْحُكْمُ الْخَامِسُ فِي الْخَطَأِ فِيهَا قَالَ سَنَدٌ إِنْ دَفَعَهَا لِكَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ غَنِيٍّ وَلَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ بالاحتهاد وَقَدْ فَعَلَهُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَفَرَّقَ بَعْضُ النَّاسِ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ فَلَا يُجْزِئُ لِاشْتِهَارِهِمَا غَالِبًا وَبَيْنَ الْغَنِيِّ فَيُجْزِئُ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكْتُمُ غِنَاهُ كَثِيرًا فِي النَّاسِ وَيَحْرُمُ الدَّفْعُ لِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَجَوَّزَ ح الدَّفْعَ للذِّمِّيّ لنا قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لِمُعَاذٍ

فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ فَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ الْفُقَرَاءِ بالمأخوذ مِنْهُم قَالَ اللَّخْمِيّ لإن كَانَ عَالِمًا بِالْغَنِيِّ أَوْ بِالذِّمِّيِّ أَوِ الْعَبْدِ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَهِيَ قَائِمَةٌ انْتُزِعَتْ وَإِنْ أَكَلُوهَا غَرَّمُوهَا عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ مِنَ الْقَوْلِ لِأَنَّهُمْ صَانُوا بِهَا أَمْوَالَهُمْ وَإِنْ هَلَكَتْ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَكَانُوا غُرُّوا مِنْ أنفسهم غرموا وَإِلَّا فَلَا ثمَّ يَخْتَلِفُوا فِي تَغْرِيمِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فَإِنْ دَفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا ثُمَّ زَالَ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ كَابْنِ السَّبِيلِ لَا يُنْفِقُهَا حَتَّى يصل إِلَى مَوْضِعه أَو يصله مَالُهُ وَالْغَازِي يَقْعُدُ عَنِ الْغَزْوِ انْتُزِعَتْ وَتَرَدَّدَ فِي الْغَارِم يسْقط دينه أَو نؤديه مِنْ غَيْرِهَا قَالَ

ص: 151

صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ إِنِ اسْتَهْلَكَهَا الْعَبْدُ هَلْ تَكُونُ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ فِيهِ خِلَافٌ فَإِنْ دَفَعَ لِمُسْلِمٍ مَا لَا يُجْزِئُ كَالْعِوَضِ رَجَعَ إِنْ كَانَ قَائِمًا وَلَا يَرْجِعُ إِنْ فَاتَ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ مُسَلِّطٌ لَهُ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا زَكَاةٌ حُمِلَتْ عَلَى التَّطَوُّعِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ الْحُكْمُ السَّادِسُ تَفْرِيقُهَا بِغَيْرِ بَلَدِهَا وَفِي الْكِتَابِ مَنْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ زَكَّى مَا مَعَهُ وَمَا خَلَّفَ بِبَلَدِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْجَمِيعُ بِبَلَدِهِ إِلَّا أَنْ يَخْشَى الْحَاجَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَجِدُ سَلَفًا وَقَدْ كَانَ يَقُولُ يُقْسِمُ بِبَلَدِهِ وَاسْتَحَبَّهُ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعِ حَاجَةٍ فَإِنْ خَشِيَ أَنَّهَا تُؤَدَّى عَنْهُ بِبَلَدِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا يَدْفَعُ الإِمَام مِنْهَا شَيْئا إِلَى بَيت المَال وتنفذ الزَّكَاة بِموضع وَجَبت إِنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا نَقَلَهَا لِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِمْ لِتَعَلُّقِ آمَالِ فَقُرَاءِ كُلِّ بَلَدٍ بِأَغْنِيَاءِ أَهْلِهَا فَإِن بلغه حَاجَة من غَيْرِ بَلَدِهِ أَعْطَى مِنْهُ أَهْلَ بَلَدِهِ ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى بَلَدِ الْحَاجَةِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ مَوْضِعُ الزَّكَاةِ لَيْسَ فِيهِ مُسْتَحِقٌّ نُقِلَتْ للأقرب إِلَيْهِ لخفية الْمُؤْنَة وَإِن كَانَ فِيهِ مُسْتَحقّ لَكَانَ حَاجَةَ غَيْرِهِ أَشَدُّ نَقَلَهَا كَمَا نَقَلَ عُمَرُ رضي الله عنه زَكَاةَ مِصْرَ إِلَى الْحِجَازِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةُ غَيْرِهِ أَشَدَّ فَقَوْلُ ح وش وَغير الْمَشْهُور عَن مَالك النَّقْل وَحَيْثُ قُلْنَا بعد النَّقْل قد اسْتَثْنَى ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَوْضِعَ الْقَرِيبَ وَإِذَا قُلْنَا لَا تُنْقَلُ فَنَقَلَ فَضَاعَتْ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ وَإِنْ كَانَ رب المَال ضمن وَحَيْثُ قُلْنَا جَوَاز النَّقْلِ فَالْأَظْهَرُ إِرْسَالُهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَا يَضْمَنُ إِنْ تَلِفَتْ وَفِي الْجَوَاهِرِ نَقْلُ الصَّدَقَةِ عَنْ مَوْضِعِ وُجُوبِهَا وَهُوَ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ وَالْمَالِكُ وَالْمُسْتَحِقُّونَ غَيْرُ جَائِزٍ فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ وَأَجْزَأَ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُجْزِئُ فَإِنِ افْتَرَقَ الْمَالُ وَالْمَالِكُ فَهَلْ يُعْتَبَرُ مَكَانُ الْمَالِ عِنْدَ تَمام بِهَا فَيخْرِجُهَا حَيْثُ هُوَ قَوْلَانِ وَأَمَّا صَدَقَةُ الْفطر فَإِنَّهَا يُنْظَرُ فِيهَا إِلَى مَوْضِعِ الْمَالِكِ فَقَطْ وَحَيْثُ قُلْنَا يَنْقِلُهَا فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْإِمَامَ يتكارى عَلَيْهَا

ص: 152

مِنَ الْفَيْءِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتَكَارَى وَلَكِنْ يَبِيعُهَا ثُمَّ يَشْتَرِي مِثْلَهَا بِالْمَوْضِعِ وَفِي العتبة مَنْ لَيْسَ بِمَوْضِعِهِ مَسَاكِينُ حَمَلَهَا مِنْ عِنْدِهِ ثمَّ تَصِلَ إِلَى الْمَسَاكِينِ الْحُكْمُ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ لَا يخْرِجُ فِي زَكَاتِهِ إِسْقَاطَ دَيْنِهِ عَنِ الْفَقِيرِ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلَكٌ عِنْدَ الْفَقِيرِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ فَعَلَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ أَشهب يُجزئهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّفْعِ لِلْغَارِمِ بِجَامِعِ السَّبَبِ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ

ص: 153

(الْبَاب التَّاسِع فِي زَكَاة الْفطر)

وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ وَاجِبَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَحَكَى أَبُو الطَّاهِرِ قَوْلًا بِأَنَّهَا سُنَّةٌ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى النَّاسِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ كَمَا تَقُولُ رَضِيَ اللَّهُ عَنِّي وَرَضِيَ عَلَيَّ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ عَلَى النَّاسِ فَائِدَةٌ حُجَّةُ السُّنَّةِ أَنَّ فَرَضَ مَعْنَاهُ قَدَّرَ وَالسُّنَّةُ مُقَدَّرَّةٌ وَيُرْوَى أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - بِزَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ نُزُولِ الزَّكَاةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ ظَاهِرَ الْفَرْضِ الْوُجُوبُ فَالْعُدُولُ عَنْهُ لِغَيْرِ دَلِيلٍ تَحَكُّمٌ وَعَنِ الثَّانِي نَقُولُ بِمُوجِبِهِ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْأَمْرِ السَّابِقِ الْوُجُوبُ وَالسُّكُوتُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ نَسْخًا بَلِ اكْتُفِيَ بِمَا تَقَدَّمَ وَيَتَمَهَّدُ الْفِقْهُ بِبَيَانِ سَبَبِ وُجُوبِهَا وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ عَنْهُ وَالْوَاجِبُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٌ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي سَبَبِ الْوُجُوبِ وَقَدِ اعْتبر الشَّرْع فِيهِ أمرا وَهُوَ الْوَقْت

ص: 154

وَفِيه تعينه أَقْوَال وأمورا خَاصَّة وَهِيَ الْقَرَابَةُ وَالْمِلْكُ وَالنِّكَاحُ وَلَمَّا كَانَتِ الثَّلَاثَة أسبابا للنفقات كَانَت أسبابا للزكوات عَنِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ بِجَامِعِ تَحَمُّلِ الْحَقِّ الْمَالِيِّ وَدلّ على ذَلِك قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - وأدوا الزَّكَاة عَمَّن تمونون وَاعْتبر أَيْضا غير هَذَا وَهُوَ تَطْهِير الصَّائِم مِنْ رَفَثِ صَوْمِهِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى وَجَبَتْ عَلَى الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ لِيُطَهِّرَهَا مِنْ رَفَثِهِ وَلَمْ تَجِبْ عَنْ عَبِيدِهِ الْكُفَّارِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلتَّطْهِيرِ تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ قَدْ تَجِبُ النَّفَقَةُ وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ كَالْمُسْتَأْجِرِ بِنَفَقَتِهِ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ دُونَ النَّفَقَةِ بَلْ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ كَالْعَبْدِ الْهَارِبِ وَالْمُكَاتَبِ الثَّانِي أَنَّ الْوَقْت هُنَا لَيْسَ كَمَا قُلْنَا فِي الْحَوْلِ مَعَ النِّصَابِ فَإِنَّ الشَّرْطَ مَا ظَهَرَتْ مُنَاسَبَتُهُ فِي غَيْرِهِ كَالْحَوْلِ مكمل لتنمية النّصاب وَالْوَقْت هَا هُنَا لَيْسَ مُكَمِّلًا لِحِكْمَةِ الْقَرَابَةِ أَوِ الْمِلْكِ أَوِ التَّطْهِيرِ فَلَيْسَ شَرْطًا وَقَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهِ فَتَعَيَّنَ ضَمُّهُ إِلَى أَحَدِ الْأَسْبَابِ الْأُخَرِ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ هُوَ السَّبَبَ التَّامَّ وَكُلُّ وَاحِدٍ جز سَبَب كَالْقَتْلِ الْعمد والعدوان وَفِي الْجَوَاهِر قَالَ مَالك وَابْن الْقَاسِم وح تحب بِطُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَقَالَهُ ش وَبِطُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ الْفِطْرِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَبِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إِلَى غرُوب الشَّمْس من يَوْم الْفطر قَالَ القَاضِي أَبُو بكر وَالْأول الصَّحِيح وَفِي الْجلاب من اشْترى عبدا لَيْلَة الْفِطْرِ فَهَلْ زَكَاتُهُ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ عَلَى الْمُبْتَاع رِوَايَتَانِ

ص: 155

تَنْبِيهٌ الْقَائِلُ تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ قَالَ تَجِبُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْعِيد فَيكون هُوَ هَذَا القَوْل وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ وَقْتُ أَدَاءٍ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَإِنَّمَا الْقَضَاءُ بَعْدَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الْقَائِلَ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ يَحْصُرُ السَّبَبَ فِي غرُوب الشَّمْس وَبَقِيَّة الْيَوْم عِنْده صرف لِلْإِيقَاعِ فَجُمْلَةُ الْيَوْمِ عِنْدَهُ وَاجِبٌ فِيهِ لَا بِسَبَبِهِ وَالْقَائِل الرَّابِع كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ زَمَنِهِ الْيَوْمَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ وَظَرْفٌ لِلْإِيقَاعِ فَكُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ زَمَنِهِ الْيَوْمَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إِلَى غرُوب الشَّمْس فَلَا جرم كل من يجد فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ الْيَوْمِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَجَدَّدُ بَعْدَهُ مِنَ الْأَزْمَانِ فَإِذَا أَسْلَمَ كَافِرٌ عِنْدَ الزَّوَالِ يجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ لِأَجْلِ مَا يُقَارِنُهُ مِنَ الْأَزْمِنَة الكائنة بعد الزَّمَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الْيَوْم يسبب الْوُجُوب لظَاهِر قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - أَغْنُوهُمْ عَنْ سُؤَالٍ هَذَا الْيَوْمَ فَالْخِلَافُ بَيْنَ الْقَائِلِينَ هَلْ جَمِيعُ أَجْزَاءِ الْيَوْمِ ظَرْفٌ لِلْإِيقَاعِ فَقَطْ وَالسَّبَبُ الْغُرُوبُ فَقَطْ أَوْ ظَرْفٌ وَأَسْبَابٌ وَيكون المعتبرفي السَّبَبِيَّةِ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا فَيَنْقَسِمُ عَلَى رَأْيِ هَذَا الْقَائِلِ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ إِلَى وَاجِبٍ فِيهِ كعام لِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَإِلَى وَاجِبٍ بِسَبَبِهِ كَأَجْزَاءِ الْيَوْمِ وَإِلَى وَاجِب عَلَيْهِ كالمشترك بَين الْفرق وَفِي فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَإِلَى الْوَاجِبِ نَفْسِهِ كَالْمُشْتَرَكِ بَيْنَ خِصَال الْكَفَّارَة أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَاقِعَةٌ فِي الشَّرْعِ إِجْمَاعًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ هَلْ هِيَ فِيهَا أَمْ لَا وَسَبَبُ الْخِلَافِ أَنَّ الْفِطْرَ الَّذِي أضيفت إِلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْفِطْرِ الشَّرْعِيّ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِي رَمَضَانَ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ عَلَى مُطلق الْفطر الشَّرْعِيّ الْكَائِن بَعْدَ رَمَضَانَ وَهُوَ غُرُوبُ الشَّمْسِ

ص: 156

لَيْلَة الْفطر أَو يُلَاحظ إيماؤه صلى الله عليه وسلم َ - فِي قَوْلِهِ أَغْنُوهُمْ عَنْ سُؤَالٍ هَذَا الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةُ مُنْدَرِجَةٌ فِي الْيَوْمِ فَتَجِبُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَصِّصْ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ يُلَاحِظُ قَاعِدَةً أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْحُكْمَ إِذَا عُلِّقَ عَلَى اسْمٍ هَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى أَوَّلِهِ أَوْ يُسْتَوْعَبُ فِيهِ خِلَافٌ فِي الْأُصُولِ فَإِذَا قُلْنَا بِالِاسْتِيعَابِ فَهُوَ الْمُوَسَّعُ أَوْ بِالِاقْتِصَارِ فَيُلَاحَظُ قَاعِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ اللَّيْلَةَ هَلْ هِيَ لِلْيَوْمِ الْآتِي أَوِ الْمَاضِي فِيهِ خِلَافٌ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْآخَرِ فَمَنِ الْفَجْرِ إِلَى الشَّمْسِ هَلْ هُوَ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ مِنَ النَّهَارِ أَوْ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ آخِرُ وَقْتِهَا زَوَالُ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ وُجُوبُهَا وَسُقُوطُهَا عَنِ الْمَوْلُودِ وَالْمُشْتَرَى وَالْمَيِّتِ وَالْمُعْتَقِ وَالْمُطَلَّقَةِ وَمَنْ أَسْلَمَ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفِطْرِ بَعْدَ الْفَجْرِ اسْتُحِبَّ لَهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةُ لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ وَلَا تُؤَدَّى عَنِ الْجَنِينِ إِلَّا أَنْ يُولَدَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَإِنْ كَانَتِ النَّفَقَةُ وَاجِبَةً لِلْحَامِلِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَجَبَتْ لِلْحَامِلِ بِسَبَب الْحمل لَا للْحَمْل فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تُؤَدَّى بَعْدَ الْفَجْرِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إِلَى الْمُصَلَّى وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لما ذكرهَا من أدها قبل الصَّلَاة فَهِيَ مَقْبُولَة وَمن أدها بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ الْأَكْلُ قَبْلَ الْغُدُوِّ فَتُقَدَّمُ لِلْفَقِيرِ لِيَأْكُلَ مِنْهَا وَيَسْتَغْنِيَ عَنِ السُّؤَالِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ وَلِأَنَّهُ مُبَادَرَةٌ إِلَى الْخَيْرَاتِ وَإِنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ جَازَ وَيُؤَدِّيهَا الْمُسَافِرُ حَيْثُ هُوَ وَإِنْ أَدَّاهَا أَهْلُهُ عَنْهُ أَجْزَأَهُ قَالَ سَنَدٌ مَنْ قَالَ إِنَّ وَقْتَهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ لَا يَسْتَحِبُّهَا قَبْلَ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ قَالَ ابْن

ص: 157

الْقَاسِمِ إِنْ عَزَلَهَا فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا وَإِنْ دَفَعَهَا قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ لِمَنْ يُفَرِّقُهَا جَازَ اتِّفَاقًا فَإِنْ دَفَعَهَا لِلْفَقِيرِ لَمْ تُجْزِهِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ وَزَعَمَ الْبَاجِيُّ أَنَّ هَذَا هُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْآخَرَ يَنْزِعُ إِلَى إِخْرَاج الزَّكَاة قبل وَقتهَا وَتَأَول عَبْدُ الْوَهَّابِ ظَاهَرَ الْكِتَابَ عَلَى الْإِخْرَاجِ لِمَنْ يُفَرِّقُهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ عَادَتَهُمْ بِالْمَدِينَةِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ ثُمَّ يَنْتَقِضُ قَوْلَهُ بِتَجْوِيزِهِ الدَّفْعَ إِلَى الْإِمَامِ بِالْيَوْمَيْنِ وَيَدُهُ يَدُ الْفُقَرَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ وَأَوَّلِ الشَّهْرِ أَنَّ الْعِبَادَ أَضْيَافُ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْفِطْرِ لِذَلِكَ حَرُمَ عَلَيْهِمْ صَوْمُهُ فَفِي الْيَوْمَيْنِ يَتَمَكَّنُ الْفَقِيرُ مِنْ تَهْيِئَتِهَا لِيَوْمِ الْعِيدِ وَيَتَّسِعُ فِيهِ وَقَبْلَ ذَلِكَ تَذْهَبُ مِنْهُ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيمُ أَفْضَلَ لَكِنْ رُوعِيَ سَبَبُ الْوُجُوبِ فَاقْتُصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ ح يجوز إِخْرَاجُهَا قَبْلَ رَمَضَانَ لِأَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ السَّنَةِ وَقَالَ ش تَجُوزُ فِي رَمَضَانَ لَا قَبْلَهُ فَجَعَلَ ح وُجُودَ الْمُزَكِّي كَوُجُودِ النِّصَابِ فِي الْأَمْوَال فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُخرجهُ عَنْ نَفْسِهِ وَرَأَى أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِسَبَبَيْنِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ مِنْهُ فَيَجُوزُ بَعْدَ أَحَدِهِمَا كَالْكَفَّارَةِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ وَتَعَلُّقُهَا عِنْدَنَا بِالْفَجْرِ فَلَا تُجزئ قبله إِلَّا بالسير لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ فِي الْوَقْتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ أخرجهَا بيومين فَهَلَكَتْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَمْ يَضْمَنْهَا لِتَعْيِينِهَا بِفِعْلِهِ كَزَكَاةِ الْمَالِ قَالَ سَنَدٌ لَا يُفِيدُ الضَّمَانُ كَالْإِخْرَاجِ قَبْلَ الْحَوْلِ فَتَضِيعُ قَبْلَهُ الثَّانِي قَالَ سَنَدٌ وَلَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ مَا دَامَ يَوْمُ الْفِطْرِ قَائِمًا فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْهُ أَثِمَ مَعَ الْقُدْرَة وَقَالَهُ ش وَابْن حَنْبَل واخرج الْمُسَافِرِ عَنْ عَبِيدِهِ وَأَهْلِهِ الْغَائِبِينَ عَنْهُ يَتَخَرَّجُ عَن تزكيته لمَال الْغَائِبِ مَعَ مَا فِي يَدِهِ فَإِذَا أَخْرَجَ أَهْلُهُ وَكَانَ ذَلِكَ عَادَتَهُمْ أَوْ أَمَرَهُمْ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا تَخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيره بِغَيْر بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَعِلْمِهِ وَالْإِجْزَاءُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ كَالدَّيْنِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْفِطَرِ أَوْ لَيْلَتَهُ مِمَّنْ تَلْزَمُكَ نَفَقَتُهُ لم

ص: 158

يُسْقِطْهَا مَوْتُهُ وَمَنْ مَاتَ حِينَئِذٍ فَأَوْصَى بِهَا كَانَتْ فِي رَأْسِ مَالِهِ وَلَوْ لَمْ يُوصَ بِهَا لَمْ يُجْبَرِ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا وَيُنْدَبُونَ كَزَكَاةِ الْعين تَحِلُّ فِي مَرَضِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الثُلُثِ مَا فرط فِيهِ صِحَّتِهِ إِذَا أَوْصَى بِهِ وَقَوْلُهُ لَمْ يُسْقِطْهَا مَوْتُهُ مَعَ مَوْتِهِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ غُرُوبُ الشَّمْسِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِأَنَّهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ الْفَصْل الثَّانِي فِي الْوُجُوب عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْمُوسِرُ وَلَا زَكَاة على مُعسر وَهُوَ الَّذِي لَا يفصل عَنْ قُوتِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ صَاعٌ وَلَا وَجَدَ مَنْ يُسْلِفُهُ إِيَّاهُ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُجْحَفُ بِهِ فِي مَعَاشِهِ إِخْرَاجُهَا وَقِيلَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ مِنْ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ وَقِيلَ الَّذِي لَا يَأْخُذُ مِنْهَا فِي يَوْمِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ مِسْكين وَاحِد أَكْثَرَ مِنْ صَدَقَةِ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَى الثَّانِي فَلَا وَرَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعْطِيَ الْمِسْكِينَ مَا يَخْرُجُ عَنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ أَعْطَى زَكَاةَ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ لمساكين عدَّة جَازَ فِي وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ لَهُ عَبْدٌ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ خِلَافٌ وَفِي الْكِتَابِ تَجِبُ عَلَى مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا وَعَلَى الْمُحْتَاجِ إِنْ وَجَدَ أَوْ وَجَدَ مَنْ يُسْلِفُهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَقْضِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي إِيجَابِهَا عَلَى الْفَقِيرِ وَخَصَّصَهَا ح بِمَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا أَوْ قِيمَتَهُ خَارِجًا عَنْ مَسْكَنِهِ وَأَثَاثِهِ لَنَا عُمُومُ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - ذَكَرَ زَكَاةَ الْفِطْرِ

وَقَالَ أَمَّا غَنِيُّكُمْ فَيُزَكِّيهِ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا فَقِيرُكُمْ فَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهُ وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فرض صلى الله عليه وسلم َ -

ص: 159

زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصِّيَامِ مِنَ اللَّغْوِ وَهُوَ عَام لِأَنَّهَا لَوْ تَعَلَّقَتْ بِالْغَنِيِّ لَكَثُرَتْ بِكَثْرَتِهِ كَسَائِرِ الزَّكَوَاتِ وَلما لم يكن كَذَلِك لكَانَتْ كَالْكَفَّارَةِ قَالَ سَنَدٌ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ لَا يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ عِنْدَهُ عَبْدٌ وَعَلَيْهِ عَبْدٌ مِنْ سِلْمٍ لَا تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ عَنْهُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَاشِيَةِ فِي عَدَمِ إِسْقَاطِ الدَّيْنِ إِيَّاهَا أَنَّهَا مَوْكُولَةٌ لِأَرْبَابِهَا فَأَشْبَهَتِ النَّقْدَيْنِ وَلِأَنَّهُ شَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ لَا مَالَ فَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أُمِرَ بِبَيْعِ الْعَبْدِ فَيَتَعَيَّنُ ثَمَنُهُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَالدَّيْنُ أَوْلَى بِهِ فَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِالدَّيْنِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْفِطْرِ فَيَبْطُلُ الْوَجْهُ الثَّانِي وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ مَنْ عِنْدَهُ صَاعٌ لَا يَضُرُّهُ إِخْرَاجُهُ فِي مَعِيشَتِهِ وَلَا يجوع عِيَاله أَو دين يضْربهُ فَعَلَيْهِ إِخْرَاجُهُ فَاعْتُبِرَ الدَّيْنُ كَزَكَاةِ النَّقْدَيْنِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهَا أَشْبَهَتِ الزَّرْعَ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ وَكَذَلِكَ أَيْضًا أَشْبَهَتِ الْمَعْدِنَ فَلَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الزَّكَاةِ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ

لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَقَاسَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ فِي عدم الْوُجُوب وَالْفرق أَنَّهَا يجب بَعْضُهَا عَلَى مَالِكِ بَعْضِ عَبْدٍ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إِلَّا مِمَّا أُخِذَ مِنَ الزَّكَاة يَوْم الْفطر قَالَ مَالك يُؤَدِّيهَا واستحبها ابْن الْجلاب لحدوث الْقدْوَة بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ قَوْلُ مَالِكٍ الْوُجُوبَ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ لِأَنَّ وَقْتَ أَدَائِهَا قَائِمٌ كَطَهُورِ الْحَائِضِ آخِرَ الْوَقْتِ وَالْمَشْهُورُ الِاسْتِحْبَابُ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ لَيْسَ بِمُوَسَّعٍ كَوَقْتِ طِيبِ الثِّمَارِ سُؤَالٌ مَنْ أَخَّرَ زَكَاةَ الْفِطْرِ قَضَاهَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ فَمَا الْفَرْقُ جَوَابُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَالْمَقْصُودُ فِي الْأُضْحِيَّةِ التَّضَافُرُ عَلَى إِظْهَارِ الشَّعَائِرِ وَقَدْ فَاتَ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ مِنْ خَوَاصِّ الْوَاجِب

ص: 160

الْفَصْل الثَّالِث فِي الْوَاجِب عَنهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ بِمِلْكٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ إِلَّا الْكَافِرَ والبائن الْحَامِل وَقَالَ ش وح لَا تَجِبُ عَنِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُعَامَلَةِ وَكَالْمُسْتَأْجَرِ بِنَفَقَتِهِ وَوَافَقَنَا ش فِي الزَّوْجَةِ خِلَافًا لِ ح فُرُوعٌ ثَمَانِيَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُؤَدِّيهَا عَنْ عَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ قِيمَتُهُمْ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ أَصِحَّاءَ أَو مرضى مجذمين أَوْ عُمْيَانًا وَوَافَقَ ش فِي عَبِيدِ التِّجَارَةِ خِلَافًا لِ ح وَمَنْ لَهُ بَعْضُ عَبْدٍ لَا يُؤَدِّيهَا إِلَّا عَنْ حِصَّتِهِ كَانَ بَاقِيهِ رَقِيقًا أَوْ حُرًّا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ فِيمَا كَانَ مِنْهُ مُعْتَقًا وَلَا عَلَى الْمُكَاتَبِ بَلْ عَلَى سَيِّدِهِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ وَلَا يُزَكِّي عَنِ الْآبِقِ إِلَّا أَنْ يُرْتَجَى لِقُرْبِهِ وَزَكَاةُ الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا بِيعُوا فَرَبِحَ فِيهِمْ مِثْلَ الثُلُثِ مِنَ الثَّمَنِ فَعَلَى الْعَامِلِ سُدُسُ تِلْكَ الزَّكَاةِ أَوِ الرُّبُعُ فَعَلَيْهِ الثُّمُنُ إِنْ قَارَضَهُ عَلَى النِّصْفِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَاب قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ وَلِقَوْلِهِ

أَدُّوا الزَّكَاةَ عَمَّنْ تَمُونُونَ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ ذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفَقَتِهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عِنْدَنَا عَلَى السَّيِّدِ بِالْأَصَالَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ عَلَى الْعَبْدِ وَالرِّقِّ وَالْمَالِكِيَّةُ سَبَبُ التَّحَمُّلِ قَالُوا لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ كَانَ كَافِرًا لَمْ يَجِبْ عَلَى السَّيِّدِ شَيْءٌ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّطْهِيرِ وَلَوْ كَانَ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ لَاخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِ فَقْرِ الْعَبْدِ وَغِنَاهُ قَالَ سَنَدٌ لَوْ أَعْتَقَهُمْ عِنْدَ زَمَانَتِهِمْ صَحَّ الْعِتْقُ إِجْمَاعًا وَفِي سُقُوطِ نَفَقَتِهِمْ خِلَافٌ وَأَمَّا الْمُشْتَرَكُ فَوَافَقَ الْمَشْهُورُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ

ص: 161

صَاعٌ كَامِلٌ وَقِيلَ يُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ صَاعٍ وَلَمْ يُعْتَبَرِ النِّصَابُ وَأَسْقَطَهَا ح مُطْلَقًا لعدم الْولَايَة وَلَو كَانَ حُرٍّ وَعَبْدٍ قِيلَ عَلَى الْحَرِّ حِصَّتُهُ فَقَطْ وَقَالَ مُطَرِّفٌ بَلْ جُمْلَتُهَا وَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تَابِعَة للنَّفَقَة فَهِيَ مُتَبَعِّضَةٌ فَتَتَبَعَّضُ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ فِي نَظَائِره ثَلَاثَة مَسَائِلَ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْأَنْصِبَاءُ الْفِطْرَةُ عَنِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَالشُّفْعَةُ وَالتَّقْوِيمُ فِي الْعِتْقِ وَسِتُّ مَسَائِلَ تخْتَص بالرؤس دُونَ الْأَنْصِبَاءِ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ وَكَانِسُ الْمَرَاحِيضِ وَحَارِسُ أَعْدَالِ الْمَتَاعِ وَبُيُوتُ الْغَلَّاتِ وَأُجْرَةُ السَّقْيِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحَارِسُ الدَّابَّةِ وَالصَّيْدُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ كَثْرَةُ الْكِلَابِ وَزَادَ الْعَبْدِيُّ كَنْسَ السَّوَاقِي قَالَ سَنَدٌ وَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ مَذْهَبُ الْكتاب الْمُتَقَدّم وروى عَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّ جَمِيعَهَا عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلزَّكَاةِ لرق بعضه فَتعين الْكُلُّ عَلَى السَّيِّدِ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَى السَّيِّدِ بِقدر ملكه وَالْمُعتق بِقَدْرِ مَا أُعْتِقَ مِنْهُ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْمُعْتَقَ كَالشَّرِيكِ لِقِسْمَتِهِ مَعَ الْمَنَافِعِ وَالنَّفَقَةِ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَعَلَى السَّيِّدِ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الزَّكَاة تبع للسيار وَأَسْقَطَهَا ح عَنْهُمَا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي اسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ لِتَكْمِلَةِ الْعِتْقِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَرُوِيَ عَن مَالك وش وح سُقُوطُهَا مُطْلَقًا لِنُقْصَانِ مِلْكِ السَّيِّدِ لِحِرْزِهِ مَالَهُ نَفسه وَخَصَّصَهَا ابْنُ حَنْبَلٍ بِهِ فِي كَسْبِهِ كَنَفَقَتِهِ قَالَ وَلَا يَبْعُدُ تَخْرِيجٌ مِثْلُهُ عَلَى قَوْلِ مَالك فِيمَن بَعْضُهُ حُرٌّ وَقَالَ ح يُزَكَّى عَنِ الْكَافِرِ لما يرْوى عَنهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّهُ قَالَ

أَدُّوا زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ يَهُودِيٍّ

ص: 162

أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَقِيَاسًا عَلَى رَقِيقِ التِّجَارَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَعَن الثَّانِي أَن الْمُزَكي ثمَّ الْقيم لَا الرَّقِيق ويؤكد قَوْلنَا قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْمُوَطَّأِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْأَبِ الْكَافِرِ فَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ كَافِرًا وَأَسْلَمَ عَبْدُهُ وَلم ينْزع من يَده قَالَ مَالك وح لَا يجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْكَافِرَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ فَيَخْرُجُ مِنَ الْعُمُومِ فَلَوِ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ وَقْتَ الْوُجُوبِ ثُمَّ تَابَ بَعْدَهُ سَقَطَتْ زَكَاةُ رَقِيقِهِ عَنْهُ عِنْد مَالك وح وَكَذَلِكَ لَوِ ارْتَدَّ بَعْدَ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْأَدَاءِ خِلَافًا لِ ش وَالْخِلَافُ يَتَخَرَّجُ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ إِسْقَاطِ الرِّدَّةِ لِلْعَمَلِ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ عَلَيْهَا وَزَوَالِ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ وَأَمَّا الْآبِقُ غَيْرُ الْمَرْجُوِّ لَا يزكّى عَنهُ عِنْد مَالك وح خِلَافًا لِ ش قِيَاسًا عَلَى الْأَسِيرِ فَلَوْ غَابَ غَيْرُ آبِقٍ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُزَكَّى عَنْهُ وَإِن طَالَتْ غيبته لاستصحاب الْملك والمغضوب فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَرْجُوِّ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا رَقِيقُ الْقِرَاضِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَالِكِ لَا بِمَالِ الْقِرَاضِ بِخِلَافِ زَكَاةِ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُخْرِجُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ سَبَبُ وُجُوبِهَا وَلَا يُلْغَى بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لمصْلحَة المَال وَقَالَ مَالك تلغى كَالنَّفَقَةِ وَرُوِيَ عَنْهُ تَسْقُطُ عَنِ النَّصِيبَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ يُمْلَكُ بِالظُّهُورِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ قَالَ ش يُزَكَّى عَنِ الْمَغْصُوبِ وَالْآبِقِ الْمَيْئُوسِ مِنْهُمَا إِنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُمَا وَأَسْقَطَهَا ح وَقَالَ مَالِكٌ يُزَكَّى عَنِ الْمَرْهُونِ وَقَالَ ش إِنْ كَانَ عِنْدَهُ وَفَاءٌ لِلدَّيْنِ وَفَاضِلُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا وَالْعَبْدُ يُبَاعُ بِالْخِيَارِ يُزَكِّي عَنْهُ الْبَائِعُ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَهُ ش إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَأُنْفِذَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ للْمُشْتَرِي أَولهمَا فَعَلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَ ح عَلَى مَنْ يَصِيرُ إِلَيْهِ العَبْد

ص: 163

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ فَزَكَاتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ إِن قبل الْوَصِيَّة وَقَالَهُ ش وح لِتُعَلِّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُخَدِّمِ لِأَنَّهَا قوام الْمَنْفَعَة وَلِهَذَا يجب على رفع الْأَمَةِ إِذَا بُوتَتْ مَعَهُ بَيْتًا وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الْفَرَسِ الْمُحْبَسِ لِلْجِهَادِ وَالْإِبِلِ لِلْحَمْلِ عَلَى مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَحَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ النَّفَقَةَ وَالزَّكَاةَ عَلَى الْمُخَدِّمِ طَالَتِ الْمُدَّةُ أَوْ قَصُرَتْ لِأَنَّ الْإِخْدَامَ يَعْتَمِدُ الْحَوْزَ فَيَضْعُفُ الْمِلْكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ كِلَاهُمَا عَلَى الْمَالِكِ كَالْعَبْدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَتَغْلِيبًا لِلَعَيْنِ وَالرَّابِعُ الْفَرْقُ بَيْنَ قِصَرِ الْمُدَّةِ فِي الْخِدْمَةِ فَعَلَى الْمَالِكِ وَبَيْنَ طُولِهَا فَعَلَى الْمُخَدِّمِ كَالْمُحْبَسِ فَلَوْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ ثُمَّ هُوَ حر فعلى قَوْلنَا الزَّكَاة تمت عَلَيْهِ لَا يجب على صَاحب الْمَنْفَعَة هَا هُنَا شَيْءٌ كَمَنْ أجَرَ عَبَدَهُ وَعَلَّقَ عِتْقَهُ بِفَرَاغِ الْإِجَارَةِ وَتَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ تَجِبُ عَلَى الْمُخَدِّمِ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لَهُ وَمَا لسَيِّد فِيهَا مَرْجِعٌ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ زَكَاةُ الْعَبْدِ زمن الْخِيَار وَالْأمة زمن الْمُوَاضَعَة ونفقتها عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ بيعا فَاسِدا وَهِي فِي زمن الْفطر عِنْدَ الْبَائِعِ وَالْمَوْرُوثُ إِذَا لَمْ يُقْبَضْ إِلَّا بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَعَلَى الْوَارِثِ قَالَ سَنَدٌ أما من يَقُول الْملك فِي زمن خِيَار للْمُشْتَرِي فالزكاة عَلَيْهِ وَمن قَالَ هُوَ موقف رَتَّبَ الزَّكَاةَ عَلَى الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي زَكَاتِهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ وَأَمَّا الْمُوَاضَعَةُ فَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ حَاضَتْ لَيْلَةَ الْفِطْرِ أَوْ يَوْمَهُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا زَكَاةٌ كَامِلَةٌ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ يُبَاعُ بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَتَنْقَضِي قَبْلَ

ص: 164

يَوْمِ الْفِطْرِ أَوْ لَيْلَتِهِ وَلَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ فَهِيَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَطْ لِأَنَّ الزَّكَاة عِنْده تبع للْملك بِمُجَرَّد وَكَذَلِكَ أوجب الزَّكَاة على المعمر الْمَالِكِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ وَالْمِلْكُ عِنْدَهُ فِي الْمُوَاضَعَةِ وَالْعُهْدَةُ لِلْمُبْتَاعِ وَوَافَقَ فِي أَنَّ الْمِلْكَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَلِذَلِكَ جَعَلَ الْوَلَدَ لَهُ وَأَمَّا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ فَإِنْ قَبَضَ الْمُبْتَاعُ الْعَبْدَ وَفَاتَ فَزَكَاتُهُ عَلَيْهِ لِاسْتِقْرَارِ مَلِكِهِ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ فَسَخَ بِحَدَثَانِ ذَلِكَ فَعَلَى الْبَائِعِ تَغْلِيبًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْمِلْكِ وَإِنْ فَاتَ السَّيِّدَ مِلْكُ الْمُبْتَاعِ إِلَى يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَوْمُ وُجُوبِ الْقِيمَةِ فَيُعْتَبَرُ زَمَنُ الْفِطْرَ حِينَئِذٍ هَلْ صَادَفَ أَمْ لَا وَابْنُ الْقَاسِمِ يُرَاعِي النَّفَقَةَ وَالضَّمَانَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَدْرَكَهُ يَوْمُ الْفِطْرِ غَيْرَ فَائِتٍ فَعَلَى الْبَائِعِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُبْتَاعِ فَرَاعَى الْفَوْتَ دُونَ الرَّدِّ وَقَالَ أَيْضًا عَلَى كل وَاحِد من البَائِع والمبتاع صلع كَامِلٌ كَمَا قَالَ فِي الْمُوَاضَعَةِ نَظَرًا لِمِلْكِ الْبَائِعِ وَأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَهُمَا سَبَبَانِ لِلزَّكَاةِ فِي الْعَبْدِ الْغَائِبِ وَالزَّوْجَةِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ لَا يُؤَدِّيهَا عَنْ عبد عَبْدِهِ خِلَافًا ل ش وح لِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ عِنْدَنَا يملك وَلَو أعتق سَيِّدُهُ لَا يُعْتِقُ عَبْدَ عَبْدِهِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ تَسْقُطُ زَكَاةُ الْوَلَدِ بِبُلُوغِ الْغُلَامِ وَدُخُولِ الْبِنْت على زَوجهَا ويدعى للدخول فتنقل إِلَيْهِ لِأَنَّهَا عِنْد مَالك وش وَابْنِ حَنْبَلٍ تَتْبَعُ النَّفَقَةَ وَعِنْدَ ح تَتْبَعُ الْوِلَايَةَ التَّامَّةَ فَلَا يُزَكَّى عِنْدَهُ عَنْ وَالِدِهِ الْفَقِيرِ وَلَا عَنْ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الزَّمِنِ وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهُمَا لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ الْكَامِلَةِ لَنَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - فِيمَا يُرْوَى فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ

عَمَّنْ تُمُونُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِالْقِيَاسِ عَلَى النَّفَقَةِ وَوَصْفُ الْوِلَايَةِ بَاطِل طردا وعكسيا وَعَكْسًا لِأَنَّ الْمَجْنُونَ وَالْفَاسِقَ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا مَعَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِمَا وَالْحَاكِمُ لَهُ الْوِلَايَةُ وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ قَالَ

ص: 165

وَالْولد الصَّغِير الْمُوسر لَا تجب عَلَى أَبِيهِ فِطْرَتُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَخَالَفَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ تَعَلُّقًا بِالْوِلَايَةِ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا دُعِيَ إِلَى الْبِنَاءِ فَلَمْ يَجِدْ مَا يُنْفِقُ بَقِيَتْ عَلَى الْأَبِ لِبَقَاءِ الْحَاجَةِ وَإِذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ سَقَطَتْ عَنْهُ النَّفَقَةُ وَالْفِطْرَةُ فَإِنْ أَيْسَرَ بِالنَّفَقَةِ فَقَطْ لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِطْرَةُ كَفِطْرَتِهِ وَلَا يَلْزَمُهَا لِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُهَا النَّفَقَة قَالَ أَبُو طَاهِر إِذا لم يدع الزَّوْج للدخول وَسُكِتَ عَنْهُ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَمْكِينٌ أَمْ لَا قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى العوائد السَّادِس فِي الْكتاب يُزكي عَن خَادِم وَاحِدَة مِنْ خَدَمِ زَوْجَتِهِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهَا للُزُوم نَفَقَتهَا وَإِن كَانَت الزَّوْجَة مَلِيَّةً قَالَ سَنَدٌ إِذَا كَانَتْ يَحْتَاجُ مِثْلُهَا إِلَى خَادِمٍ خُيِّرَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ شِرَاءِ خَادِم أَو اكرائها أَو ينْفق عَلَى خَادِمِهَا إِذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ أَوْ يَخْدِمُهَا بِنَفْسِهِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِعَدَمِ اسْتِيفَائِهَا الْمَنَافِعَ مِنْهُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَفِي الثَّالِثِ خِلَافًا لِ ح مُحْتَجًّا بِعَدَمِ الْوِلَايَةِ فَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ شَرَفٍ أَخْدَمَهَا أَكْثَرَ مِنْ خَادِمٍ قَالَهُ ابْن الْقَاسِم ويزكي عَن ذَلِك قَالَ أصْبع إِنْ كَانَتْ بِنْتَ مَلِكٍ أَخْدَمَهَا إِلَى الْخَمْسَةِ فَلَوْ كَانَ لَهَا خَادِمٌ وَاتَّفَقَا عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَدَعَا إِلَى الْبِنَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ فِطْرَتُهَا دُونَ الْخَادِمِ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا بِالتَّمْكِينِ وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ بِخِدْمَةِ الْبَيْتِ وَلِهَذَا لَوْ دَخَلَ وَحَاضَتِ الزَّوْجَةُ بَقِيَتْ نَفَقَتُهَا وَلَوْ مَرِضَتِ الْخَادِمُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ عَلَى خَادِمٍ بِعَيْنِهَا وَالزَّوْجَةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ خَادِمٍ فَمَضَى يَوْمُ الْفِطَرِ وَالْخَادِمُ عِنْدَهَا وَلَمْ يَحُولُوا بَيْنَ الزَّوْجِ وَبَيْنَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ فَزَكَاةُ الْخَادِمِ على الزَّوْج لِأَن الإخدام بعض النَّفَقَة فَيجب تبعا مَعَ أَن أَشهب قَالَ هَا هُنَا لَوْلَا الِاسْتِحْسَانُ لَكَانَ عَلَيْهِ زَكَاةُ بَعْضِهَا إِنْ طَلَّقَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَهُوَ الْقِيَاسُ

ص: 166

السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَمْسَكَ عَبِيدَ وَلَدِهِ الصِّغَارَ لِخِدْمَتِهِمْ وَلَا مَالَ لِلْوَلَدِ سِوَاهُمْ أَدَّى الْفِطْرَةَ عَنْهُمْ مَعَ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ وَهُوَ الْعَبِيدُ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِهِمْ وَإِذَا كَانَ لِلْعَبِيدِ خَرَاجٌ أَنْفَقَ مِنْهُ وَزَكَّى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ خَرَاجٌ وَامْتَنَعَ الْأَبُ مِنَ النَّفَقَةِ أَجْبَرَهُمُ السُّلْطَانَ عَلَى بَيْعِهِمْ لِلْإِنْفَاقِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ يَحْتَاجُ لِلْعَبْدِ لِصِغَرِهِ أَوْ زَمَانَتِهِ فَنَفَقَتُهُ وَفِطْرَتُهُ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ أَظْهَرُ فَإِنَّهُ لَا يجِبُ عَلَى الْأَب إخدام خَادِم معِين بل يَبِيع العَبْد وبخدمه مِنْهُ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ يُؤَدِّيهَا الْوَصِيُّ عَنِ الْيَتَامَى وَعَنْ عَبِيدِهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَإِنْ كَانَ ح خَالَفَ فِي عَبْدِ الصَّبِيِّ وَمَاشَيْتِهِ وَسَلَمِ الْفِطْرَةِ وَالزَّرْعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّ الْخِطَابَ بِهَا مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا مِنْ بَابِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ كَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ قَالَ وَمَنْ فِي حِجْرِهِ يَتِيمٌ بِغَيْرِ إِيصَاءٍ وَلَهُ عِنْدَهُ مَالٌ رَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ مُصَدَّقٌ إِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ وَفِطْرَتِهِ كَانُوا عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ أُمِّهِمْ فَيُنْفَذُ تصرفه كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى أَوْلَادِ الْغَائِبِ أَوْ أَدَّى مِنْ دَيْنِ إِنْسَانٍ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْوَاجِب وَالْبَحْثِ عَنْ جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ وَمَصْرِفِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسِهِ وَهُوَ المقتاة وَفِي الْكِتَابِ هُوَ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسَّلْتُ وَالذُّرَةُ وَالدَّخَنُ وَالْأُرْزُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ قَالَ سَنَدٌ فِي الْمُخْتَصَرِ يُؤَدِّيهَا مِنْ كُلِّ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِنْ كَانَ قُوتَهُ فَعَلَى هَذَا يُؤَدِّيهَا مِنَ الْقُطْنِيَّةِ وَزَادَ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ الْعَلْسَ فَجَعَلَهَا عَشْرَةً وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُجْزِئُ إِلَّا الْأَرْبَعَةُ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ

ص: 167

وَالْأَقِطُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ بِالْخَمْسَةِ الَّتِي فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنهُ كَمَا يخرج زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مَنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ لِأَنَّ الْقَمْحَ عِنْدَهُ مِنْ جِنْسِ الشَّعِيرِ لَنَا أَنَّ تَعْدِيدَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَاسِ غَيْرِهَا عَلَيْهَا إِمَّا لِأَن هَذَا من مَفْهُومِ اللَّقَبِ الَّذِي هُوَ أَضْعَفُ الْمَفْهُومَاتِ الْعَشْرَةِ فَيُقَدَّمُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ أَوِ الْقِيَاسُ عَلَى بَابِ الرِّبَا ويؤكد الْقيَاس قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّلَبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ إِنَّمَا هُوَ غِنَاهُمْ عَنِ الطَّلَبِ وَهُمْ إِنَّمَا يَطْلُبُونَ الْقُوتَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَمَنَعَ ح إِخْرَاجَ الْأَقِطِ إِلَّا بِالْقِيمَةِ وَأَنْ يَكُونَ أَصْلًا قِيَاسًا عَلَى الْقَثِّ الَّذِي هُوَ حَبُّ الْغَاسُولِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ وَارِد فِي النَّص فَيكون الْقيَاس قبالة فَاسِدا سلمنَا صِحَّته لَكِن الْفرق أَن الْأَقِطَ يُقْتَاتُ مَعَ الِادِّخَارِ كَالتَّمْرِ بِخِلَافِ الْقَثِّ فرع قَالَ فَإِنْ لَمْ يَعْمَلِ الْأَقِطَ وَكَانَ الْقُوتُ اللَّبَنُ فَظَاهَرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ مِنْ إِخْرَاجِ اللَّبَنِ وَيَنْظُرُ إِلَى قُوتِ أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إِلَيْهِمْ وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيَّةُ مَعَ وُجُودِ الْأَقِطِ وَالْفَرْقُ لَنَا الِادِّخَارُ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْأَقِطُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ جُبْنُ اللَّبَنِ الْمُخْرَجُ زُبْدُهُ وَيُقَالُ أَيْضًا بِكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْقَافِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقَطَّانِيِّ وَإِنْ أُخْرِجَتْ عَنْ غَيْرِهَا بِالْقِيمَةِ وَلَا يُجْزِئُ دَقِيقٌ وَلَا سَوِيقٌ وَكره التِّين وَمنعه الْحَنَفِيّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَرَى أَنْ يُجْزِئَهُ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا لَا

ص: 168

يجزيء كَالْقُطْنِيَّةِ وَنَحْوِهَا إِذَا كَانَ قُوتَ قَوْمٍ أَجْزَأَهُمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا أَخْرَجَ الدَّقِيقَ وَمَعَهُ رِيعُهُ أَجْزَأَهُ وَرَأَى الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ عَيْشِ كُلِّ أَمَةٍ لَبَنًا أَوْ لَحْمًا أَوْ غَيْرَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ تَسْوِيَةُ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ فِيمَا فِي أَيْدِي الْأَغْنِيَاءِ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ يُخْرِجُ الدَّقِيقَ وَالسَّوِيقَ وَهُمَا أَصْلَانِ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الطّرق الدَّقِيق وَقِيَاسًا عَن الْحَبِّ جَوَابُهُمَا أَنَّ الرِّوَايَةَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ وَأَنَّ مَنَافِعَ الْحَبِّ الصَّلْقُ وَالْبَذْرُ وَغَيْرُهَا بِخِلَافِ الدَّقِيقِ وَقَدْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْخَبَرَ لَا يُجْزِئُ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا أَجَزْنَا الدَّقِيقَ فَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ الْخُبْزَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدِّ الدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ جِنْسَيْنِ أَوْ جِنْسًا فِي الْبَيْعِ وَالْمُسْتَحَبُّ غَرْبَلَةُ الْحَبِّ وَلَا يجب إِلَّا أَن يكون غلَّة قَالَه مَالك وَلَا يَجْزِي الْمُسَوَّسُ الْفَارِغُ بِخِلَافِ الْقَدِيمِ الْمُتَغَيِّرِ الطَّعْمِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي صِفَتِهِ وَفِي الْكِتَابِ يخْرِجُ أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ مِنْ غَالِبِ عَيْشِهِمْ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ مِنْ عَيْشِهِ هُوَ وَعَيْشِ عِيَالِهِ إِذَا لَمْ يشح على نَفسه وَعَلَيْهِم لنا قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

أَغْنُوهُمْ عَنْ سُؤَالِ هَذَا الْيَوْمَ وَالْمَطْلُوبُ لَهُمْ غَالِبُ عَيْشِ الْبَلَدِ وَقِيَاسًا عَلَى الْغَنَمِ الْمَأْخُوذِ فِي الْإِبِلِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ عَدَلَ عَنْ غَالِبِ عَيْشِ الْبَلَدِ أَوْ عَيْشِهِ إِلَى مَا هُوَ أعلا أَجْزَأَ وَإِلَى الْأَدْنَى لَا يُجْزِئُ عِنْدَ مَالِكٍ خلافًا ل ش وح وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَفْضَلِ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّلْتِ فَأَخْرَجَ الْأَدْنَى أَجْزَأَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يُخْرِجُ التَّمْرَ وَالشَّعِيرَ وَيَأْكُلُ الْبُرَّ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ بِصِيغَةِ التَّخْيِيرِ فَيُخَيَّرُ جَوَابُهُمْ أَنَّ أَوْ فِيهِ لَيْسَتْ لِلتَّخْيِيرِ بَلْ لِلتَّنْوِيعِ وَمَعْنَاهُ إِنْ كَانَ غَالب الْعَيْش كَذَا فأخرجوه أَو كَذَا فَأَخْرَجُوهُ فَهُوَ تَنْوِيعٌ لِلْحَالِ كَمَا قَالَ فِيهِ حرا أَو عبدا ذكرا أَو أُنْثَى وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ -

أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّلَبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ

ص: 169

الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي قَدْرِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ صَاعٌ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقِيلَ يُجْزِئُهُ نِصْفُ صَاعٍ مِنَ الْبُرِّ خَاصَّةً وَقَالَهُ ح وَقِيلَ لِمَالِكٍ يُؤَدِّي بِالْمُدِّ الْأَكْبَرِ قَالَ لَا بَلْ بمده صلى الله عليه وسلم َ - فَإِنْ أَرَادَ خَيْرًا فَعَلَى حَدِّهِ سَدُّ الذَّرِيعَةِ تَغْيِيرُ الْمَقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ لَنَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَنِصْفُ الصَّاعِ مِنَ الْبُرِّ مَرْوِيٌّ وَلَمْ يَصِحَّ بَلْ قَالَ بِهِ مُعَاوِيَةُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَبِتَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَمَا ذَكَرْنَاهُ أَحْوَطُ وَأَمَّا قَدْرُ الصَّاعِ وَنِسْبَتُهُ إِلَى رِطْلِ مِصْرَ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْوَسَقِ الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي مَصْرِفِهِ وَفِي الْكِتَابِ يَصْرِفُهُ كُلُّ قَوْمٍ فِي أَمْكِنَتِهِمْ مِنْ حَضَرٍ أَوْ بَدْوٍ وَلَا يُدْفَعُ لِلْإِمَامِ إِلَّا أَنْ يَعْدِلَ فِيهَا فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ بِهَا عَنْهُ فَإِنْ كَانَ مَوْضِعُهُمْ أَغْنِيَاءَ نُقِلَتْ إِلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ وتعطى زكوات لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَلَا تُعْطَى لِذِمِّيٍّ وَلَا عَبْدٍ وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَى الَّذِي تَجَمَّعَ عِنْدَهُ بِيَوْمٍ أَو ثَلَاث لِأَنَّ الْإِمَامَ أَعْرَفُ بِأَهْلِ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُمْ يَقْصِدُونَهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَانَ عَدْلًا وَجَبَ دَفْعُهَا إِلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَطْلُبَهَا كَمَا يَطْلُبُ غَيْرَهَا وَقَالَ ش تَفْرِيقُ صَاحِبِهَا أَفْضَلُ وَيُقَسِّمُ كُلَّ صَاعٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ وَرَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ اسْتِحْبَابَ إِعْطَاءِ كُلِّ زَكَاةٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ تَشْبِيهًا بِالْكَفَّارَاتِ وَقَالَ ح تُعْطَى لِلذِّمِّيِّ بِخِلَافِ الزَّكَوَاتِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُعْطَى مِنْهَا مَنْ يَلِيهَا وَلَا مَنْ يَحْرُسُهَا قَالَ وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ خِلَافٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي زَكَاةِ الْمَالِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَخْرَجَهَا عِنْدَ مَحِلِّهَا فَضَاعَتْ أَوْ تَبَدَّلَتْ لَمْ يضمن وَلَو أخرجهَا لِعُذْرٍ مِنْ أَدَائِهَا وَكَانَ قَدْ فَرَّطَ فِيهَا فَضَاعَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ ضَمِنَهَا وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إِذَا فَرَّطَ انْتَقَلَتْ إِلَى الذِّمَّةِ وَكُلُّ مَا

ص: 170

فِي الذِّمَّةِ مِنَ الْحُقُوقِ لَا تَبْرَأُ مِنْهُ إِلَّا بِإِيصَالِهِ لِمُسْتَحَقِّهِ وَإِذَا لَمْ يُفَرِّطْ كَانَتْ فِي المَال وإفراده كَالْقِسْمَةِ مَعَ الشَّرِيكِ فَيَتَعَيَّنُ نَصِيبُ الْفُقَرَاءِ فَلَا يَضْمَنُ وَوَافَقَنَا ش وَلَمْ يَضْمَنْهُ ح مُطْلَقًا وَحَيْثُ تَعَيَّنَتْ ثُمَّ ذَهَبَتْ أَوْ ذَهَبَ مَالُهُ أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ وَجَدَهَا قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُنْفِذُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَهْلِ الدَّيْنِ كَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ لَحِقَهُ دين

ص: 171

صفحة فارغة

ص: 172

(كِتَابُ الْحَجِّ)

وَفِي الصِّحَاحِ هُوَ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ وَرَجُلٌ مَحْجُوجٌ مَقْصُودٌ وَحَجَّ فُلَانٌ فُلَانًا أَيْ أَطَالَ الِاخْتِلَافَ إِلَيْهِ وَالْحِجُّ بِالْكَسْرِ الِاسْمُ وَالْحِجَّةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَهُوَ شَاذٌّ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الْفَتْحُ وَهِيَ أَيْضًا شَحْمَةُ الْأُذُنِ قَالَ سَنَدٌ الْحَجُّ التَّرَدُّدُ لِلْقَصْدِ قَالَ الْخَلِيلُ هُوَ كَثْرَةُ الْقَصْد وَسميت الطَّرِيق محجة لِكَثْرَة التَّرَدُّد ووافغه صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَقِيلَ إِنَّمَا سُمِّيَ الْحَاجُّ حَاجًّا لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ لِلْبَيْتِ لِطَوَافِ الْقُدُومِ وَالْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ والمصدر حج بِفَتْح الْحَاء وَكسرهَا وقرىء بِهِمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} آل عمرَان 97 وَالْحَجِيجُ وَالْحُجَّاجُ جَمْعُ حَاجٍّ ثُمَّ نُقِلَ الْحَجُّ فِي الشَّرْعِ إِلَى قَصْدٍ مَخْصُوصٍ كَسَائِرِ الْأَسْمَاءِ الشَّرْعِيَّةِ تَنْبِيهٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الْبَقَرَة 196 وَلَمْ يَقُلْ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لِلَّهِ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَكْثُرُ الرِّيَاءُ فِيهِمَا جِدًّا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِقْرَاءُ حَتَّى إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْحُجَّاجِ لَا يَكَادُ يَسْمَعُ حَدِيثًا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا ذَكَرَ مَا اتَّفَقَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فِي حَجِّهِ فَلَمَّا كَانَا مَظِنَّةَ الرِّيَاءِ قيل فيهمَا لله اعتناء بالإخلاص فَائِدَة قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

مَنْ حَجَّ الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خرج

ص: 173

مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ تَشْبِيهُهُ يَوْمَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَطْنِ يَقْتَضِي أَنْ لَا تَبْقَى عَلَيْهِ تَبِعَاتُ الْعِبَادِ وَلَا قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ وَلَا الْكَفَّارَاتِ وَجَوَابُهُ أَنَّ لَفْظَ الذُّنُوبِ لَا يَتَنَاوَلُ هَذِهِ الْأُمُورَ لِأَنَّ ثُبُوتَ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ ذَنْبًا وَإِنَّمَا الذَّنْبُ الْمُطْلُ بِالْحُقُوقِ بَعْدَ تَعَيُّنِهَا وَلَا يَتَنَاوَلُ الْحُقُوقَ ألْبَتَّةَ نَعَمْ يَتَنَاوَلُ الْمُطْلَ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ لَكِنِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ حَقَّ الْعَبْدِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِسْقَاطِهِ فَيَكُونُ مَخْصُوصًا مِنَ الْحَدِيثِ فيتخلص أَنَّ الَّذِي يُسْقِطُ الْحَجَّ إِثْمُ مُخَالِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ سُؤَالٌ كَيْفَ يُسَوِّي اللَّهُ بَيْنَ الْفِعْلِ الْعَظِيمِ وَالْحَقِيرِ فِي الْجَزَاءِ مَعَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ -

أَجْرُكَ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكَ فَالْغُفْرَانُ قَدْ رَتَّبَهُ اللَّهُ عَلَى الْحَجِّ الْمَبْرُورِ وَرَتَّبَهُ عَلَى قِيَامِ رَمَضَانَ وَقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمُوَافَقَةِ التَّأْمِينِ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ وَعَلَى التَّوْبَةِ جَوَابُهُ اسْتَوَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ فِي التَّكْفِيرِ وَاخْتَلَفَتْ فِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ قَاعِدَةٌ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنَ الْغَزْو لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ فَذَكَرَ الْحَجَّ وَلَمْ يَذْكُرِ الْغَزْوَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يُكْثِرُ الْحَجَّ وَلَا يَحْضُرُ الْغَزْوَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ مَا جَمِيعُ أَعْمَالِ الْبِرِّ فِي الْجِهَادِ إِلَّا كَنُقْطَةٍ فِي بَحْرٍ فَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إِذَا تَعَيَّنَ وَيَكُونُ جَوَابا فِي حق سَائل لفرط شجاعته كَمَا سُئِلَ صلى الله عليه وسلم َ -

أَي

ص: 174

الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَسُئِلَ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ

الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَأَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ الطَّوَافُ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مُشَبَّهٌ بِالصَّلَاةِ وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الْحَجِّ فَيَكُونُ أَفْضَلَ الْأَرْكَانِ فَإِن قيل قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

الْحَجُّ عَرَفَةُ يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ الْوُقُوفِ عَلَى سَائِرِ الْأَرْكَانِ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ مُعْظَمُ الْحَجِّ وُقُوفُ عَرَفَةَ لِعَدَمِ انْحِصَارِ الْحَجِّ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ قِيلَ بَلْ يُقَدَّرُ غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ إِدْرَاكُ الْحَجِّ وُقُوفُ عَرَفَةَ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَيَكُونُ أَوْلَى مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَقَدْ صَرَّحَ مَالِكٌ بِأَنَّ الطَّوَافَ لِلْغُرَبَاءِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْمَكِّيِّينَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَضِّلَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَرْكَانِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ وَيَتَمَهَّدُ فِقْهُ هَذَا الْكِتَابِ فِي بَيَانِ سَبَبِ وُجُوبِ الْحَجِّ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ وَسَوَابِقِهِ وَمَقَاصِدِهِ وَلَوَاحِقِهِ وَمَحْظُورَاتِهِ وَأُوَضِّحُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي أَحَدَ عشر بَابا

ص: 175

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي سَبَبِ وُجُوبِهِ)

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} آل عمرَان 97 وَتَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ كَقَوْلِنَا زَنَا فَرُجِمَ وَسَهَا فَسَجَدَ وَسَرَقَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ وَقَدْ رَتَّبَ اللَّهُ تَعَالَى الْوُجُوبَ بِحَرْفِ عَلَى مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ فَتَكُونُ سَبَبًا لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِ الْمُكَلَّفِ فِي صِحَّتِهِ وَمَالِهِ وَعَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِبُعْدِ الْمَسَافَةِ وَقُرْبِهَا وَكَثْرَةِ الْجِلْدِ وَقِلَّتِهِ قَالَ فَعَلَى الْمَشْهُورِ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ وَجَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَدَمَ الْمَرْكُوبَ وَكَذَلِكَ الْأَعْمَى إِذَا وَجَدَ قَائِدًا وَكَذَلِكَ مَنْ لَا يَجِدُ إِلَّا الْبَحْرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَالِبُهُ الْعَطَبَ وَقَالَ ح أَوْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يُبْطِلُ الصَّلَوَاتِ بِالْمَيْدِ وَلَوْ كَانَ لَا يَجِدُ مَوْضِعًا لِسُجُودِهِ لِلضِّيقِ إِلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَرْكَبُ قَالَ سَنَدٌ وَلِمَالِكٍ لَا يَحُجُّ الرَّجُلُ فِي الْبَحْرِ إِلَّا مِثْلَ الْأَنْدَلُسِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ الْبَرَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} الْحَج 27 وَلَمْ يَذْكُرِ الْبَحْرَ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ ش وَفِي الْجَوَاهِرِ يُخْتَلَفُ فِي إِلْزَامِ الْمَرْأَةِ الْحَجَّ إِذَا عَدِمَتِ الْمَرْأَةُ الْوَلِيَّ وَوَجَدَتْ رُفْقَةً مَأْمُونِينَ وَمَعَ الْحَاجَةِ إِلَى الْبَحْرِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَإِذَا ذَكَرَ الْعَشَاءَ صَلَّاهَا وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَقَدَّمَ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ عَلَى الْحَجِّ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْجُمْعَةِ إِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ السُّجُودُ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ يُجْزِئُهُ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْعَجْزَ عَنِ الْقِيَامِ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ السُّجُودَ رُكْنٌ بِدَلِيلِ سُقُوطِ الْقِيَامِ فِي النَّوَافِل

ص: 176

وَالْمَسْبُوقِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَسْقُطُ إِذَا كَانَ فِي الطَّرِيقِ عَدُوٌّ يَطْلُبُ النَّفْسَ أَوْ مِنَ الْمَالِ مَا لَا يَتَجَدَّد أَو يَتَجَدَّدُ وَيُجْحَفُ وَفِي غَيْرِ الْمُجْحَفِ خِلَافٌ وَقَالَ أَصْحَاب ح وش وَإِذَا لَمْ يُمْكِنُهُ السَّفَرُ إِلَّا بِدَفْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَيَجِبُ عَلَى عَادَته السوال إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَجِدُ مَنْ يُعْطِيهِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا عُرُوضُ التِّجَارَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا مَا يُبَاعُ لِلدَّيْنِ وَأَلْزَمَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْعَ فَرَسِهِ وَتَرْكَ أَوْلَادِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ بَلْ لِلصَّدَقَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْأَئِمَّةُ الِاسْتِطَاعَةُ زَادٌ وَمَرْكَبٌ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُوجِبُ الْحَجَّ قَالَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ أَوْ لَعَلَّهُ حَالُ مَفْهُومِ السَّائِلِ وَظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} يَقْتَضِي أَن كل أحدا عَلَى حَسَبِ حَالِهِ فَإِنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الْقُدْرَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} النِّسَاء 129 وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ مَنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَا تُعْتَبَرُ الرَّاحِلَةُ فِي حَقِّهِ إِجْمَاعًا فَلَوْ كَانَتْ شَرْطًا فِي الْعِبَادَةِ لَعَمَّتْ وَكَذَلِكَ الزَّادُ قَدْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ مَنْ قَرُبَتْ دَارُهُ فَلَيْسَا مَقْصُودَيْنِ لِأَنْفُسِهِمَا بَلْ لِلْقُدْرَةِ على الْوُصُول وَإِذا تيَسّر الْمَقْصُودُ بِدُونِ وَسِيلَةٍ مُعَيَّنَةٍ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَيُقَدِّمُ الْحَجَّ عَلَى زَوَاجِهِ وَوَفَاءِ دَيْنِ أَبِيهِ وَلَوْ قُلْنَا إَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي خَشْيَةَ الْعَوَائِقِ وَالْحَجُّ قُرْبَةٌ وَالنِّكَاحُ شَهْوَةٌ وَإِنْ قُلْنَا عَلَى الْفَوْرِ وَجَبَ وَدَيْنُ الْأَبِ لَا يَجِبُ إِلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَنَتَ فَيَتَزَوَّجُ لِأَنَّ مَفَاسِدَ الزِّنَا أَعْظَمُ وَالْمَرْأَةُ إِذَا قُلْنَا لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا قَدَّمَتِ الْحَجَّ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَوْ تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ أَوِ الرَّجُلُ فَالنِّكَاح صَحِيح وَلَا يجوز زواج الْأمة لتوفير الْمَالَ لِلْحَجِّ لِوُجُودِ الطَّوْلِ وَلَوْ شَقَّ عَلَيْهِ رُكُوبُ الْقَتْبِ وَالْمَحْمَلُ مَشَقَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ

ص: 177

تَحَمُّلُهَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَقُلْنَا الْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي اعْتَبَرْنَا قُدْرَتَهُ عَلَى النَّفَقَةِ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَمَا يُنْفِقُهُ عَلَى مُخْلَفِيهِ فِي غَيْبَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حِرْفَةٌ يَعْمَلُهَا فِي سَفَرِهِ اعْتَبَرْنَا نَفَقَةَ أَهْلِهِ فَقَطْ وَإِنْ قُلْنَا هُوَ عَلَى الْفَوْرِ قُدِّمَ عَلَى نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ صَبْرَهَا بِيَدِهَا وَنَفَقَةُ بَعْضِ الْأَقَارِبِ الْمُتَأَخِّرِينَ مُوَاسَاةٌ تَجِبُ فِيمَا يَفْضُلُ عَنِ الضَّرُورَةِ فَإِنْ وَجَدَ النَّفَقَةَ لِذَهَابِهِ فَقَطْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يخْشَى الضّيَاع هُنَاكَ فتراعى نَفَقَته الْعود إِلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إِلَى مَوْضِعٍ يَعِيشُ فِيهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَبَذَلَ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِأَنَّ أَسْبَابَ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ تَحْصِيلُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ بَذَلَ لَهُ قَرْضًا لِأَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ الْحَجَّ وَإِنْ غَصَبَ مَالًا فَحَجَّ بِهِ أَجْزَأَهُ حَجُّهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَلَا يُجْزِئُ كَأَفْعَالِ الْحَجِّ وَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ النَّفَقَةَ أَجْنَبِيَّةٌ عَنِ الْحَجِّ بَلْ هُوَ كَمَنْ غَرَّرَ بِنَفْسِهِ وَحج فَإِنَّهُ يُجزئهُ

ص: 178

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الشُّرُوطِ)

وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ أَرْبَعَةٌ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْحُرِّيَّةُ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ فَمَاتَ أَجْزَأَ عَنْهُ فَإِنْ أَدْرَكَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ أَجْزَأَ عَنْهُ فَإِنْ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ وَالْإِسْلَامُ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ بِخِطَابِ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَلَا يَكُونُ شَرَطًا فِي الْوُجُوبِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي الْأَرْبَعَةِ وَزَادَ الشَّافِعِي شَرْطَيْنِ تَخْلِيَةُ الطَّرِيقِ وَإِمْكَانُ السَّيْرِ وَهُمَا عِنْدَنَا مِنْ فُرُوعِ الِاسْتِطَاعَةِ وَزَادَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ سَابِعًا وَهُوَ ذُو الْمَحْرَمِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

لَا تَحُجَّنَّ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَفِي مُسلم نهى صلى الله عليه وسلم َ - أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ وَجَوَابُهُ الْمُعَارَضَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} آل عمرَان 97 وَالْقِيَاسُ عَلَى الْهِجْرَةِ وَمَا ذَكَرُوهُ مَحْمُولٌ

ص: 179

عَلَى التَّطَوُّعِ أَوْ حَالَةِ الْخَوْفِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ تَحُجُّ بِلَا وَلِيٍّ مَعَ رِجَالٍ وَنسَاء مرضيين وَإِن امْتنع واليها وَقَالَ تَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ الْمَأْمُونَةِ إِذَا اثْبتْ أَن الْحرم لَيْسَ شَرْطًا فَهَلْ تَخْرُجُ مَعَ الرِّجَالِ الثِّقَاتِ قَالَ سَنَدٌ مَنَعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ قَالَ سَنَدٌ وَهَذَا فِي حُجَّةِ الْإِسْلَامِ أَمَّا فِي غَيْرِ الْفَرْضِ فَلَا تَخْرُجُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ قَالَه ابْنُ حَبِيبٍ لِعُمُومِ النَّهْيِ قَالَ سَنَدٌ فَعَدَمُ هَذِهِ الشُّرُوطِ قَدْ تَقْتَضِي عَدَمَ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ كَالْعَقْلِ وَالْإِسْلَامِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ أَوِ الْوُجُوبَ وَالْإِجْزَاءَ عَنِ الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ كَالْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ وَأَمَّا عَدَمُ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِطَاعَةُ فَيَمْنَعُ الْوُجُوبَ دُونَ الْإِجْزَاءِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ إِذَا اجْتَمَعَتِ الشُّرُوطُ مَعَ السَّبَبِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ وَاسِعًا كَانَ الْوُجُوبُ مُوَسَّعًا فَإِنْ مَاتَ سَقَطَ عَنْهُ فَإِنْ فَاتَ الْحَجُّ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ مَاتَ سَقَطَ عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةُ إِذَا لَمْ يُوصَ بِهِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي رَأْسِ مَالِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي تَأْخِيرِ الْحَجِّ بِمَنْعِ الْوَالِدَيْنِ وَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مَنْعِ الزَّوْجِ الزَّوْجَةَ مِنْهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَقَالَهُ ش وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ مُخَالَفَةُ أَبَوَيْهِ فِي الْفَرِيضَةِ وَقَوْلُ أَشْهَبَ لَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ يَقْتَضِي الْفَوْرَ وَقَالَهُ ح وَحَكَاهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مَسَائِلُ الْمَذْهَبِ تَدُلُّ عَلَى التَّرَاخِي قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَمْرُ الْآبَاءِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ بَابِ تَعَارُضِ الْوَاجِبَيْنِ لَا لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي حُجَّةُ ش أَنَّ فَرْضَ الْحَجِّ نَزَلَ سنة سِتّ وأخره صلى الله عليه وسلم َ - إِلَى سَنَةِ عَشْرٍ وَحَجَّ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه سنة تسع أمره النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَقَعَدَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ وَتَأَخَّرَ مَعَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ عَنْ أَعْذَارِهِمْ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الْفَوْرِ يُسَمَّى قَضَاءً بَعْدَ ذَلِك

ص: 180

كَمَا إِذَا أَحْرَمَ بِهِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمُهِمَّ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ ثَوَابُ الْآخِرَةِ وَهُوَ يَتَأَخَّرُ وَلَا يَفُوتُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا تَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا بِالتَّأْخِيرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الْبَقَرَة 196 هُوَ الَّذِي نَزَلَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْحَجِّ بَلْ إِتْمَامَهُ وقَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ} آل عمرَان 97 نزل سنة تسع وَلَعَلَّ الْوَقْتَ كَانَ لَا يَتَّسِعُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْقَضَاء لَا يكون إِلَّا فِيمَا يتَعَلَّق بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَالصَّلَوَاتِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَحْرَمَ تَعَيَّنَ الْوَقْت بِدَلِيل أَن رد الغصوب وَوَفَاءُ الدُّيُونِ إِذَا تَأَخَّرَتْ لَا تُسَمَّى قَضَاءً وَإِنْ كَانَتْ فَوْرِيَّةً وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الثَّوَابَ قَدْ يَفُوتُ بِالْمَوْتِ نَعَمْ هُوَ يُحْسِنُ فَارِقًا لَا مُسْتَندا متأصلا ويوضح مَذْهَبنَا أَن الْأَمر على الْفَوْر وَإِنَّهَا عبَادَة تجب بإفسادها الْكَفَّارَة فَتكون عَلَى الْفَوْرِ كَالصَّوْمِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا قُلْنَا بالتراخي فَمَا لم يخف الْعَجْزَ كَالْكَفَّارَاتِ فَعَلَى هَذَا إِذَا اخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ لَا يَأْثَمُ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَأْثَمُ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ جُوِّزَ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي زَمَنِ الْإِثْمِ فَقِيلَ أَوَّلُ سَنَةٍ وَقِيلَ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ آخِرِ سَنَةِ الْإِمْكَانِ الثَّانِي قَالَ سَنَدٌ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحَجُّ رَاكِبًا أَفْضَلُ اقْتِدَاءً بِهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَجَوَابُهُمْ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ الرُّكُوبَ أَجْزَأَهُ الْمَشْيُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسهُ النَّار وَلَو مَشى صلى الله عليه وسلم َ - مَا رَكِبَ أَحَدٌ وَذَلِكَ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ وَلِأَنَّهُ كَانَ يَرْكَبُ لِيَرَاهُ النَّاسُ لِلْمَسْأَلَةِ أَوْ لِفَرْطِ مَشَقَّةِ الْمَشْيِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم َ - لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - كَانَ يَتَنَفَّلُ جَالِسًا الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَدَاءِ فَرْضِهِ فَإِنْ فَعَلَ لَا يَنْقَلِب فرضا بل نفل

ص: 181

صفحة فارغة

ص: 182

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمَوَانِعِ)

وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ الْأَوَّلُ الْأُبُوَّةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْأَبَوَيْنِ مَنْعُ الْوَلَدِ مِنَ التَّطَوُّعِ بِالْحَجِّ وَمِنْ تَعْجِيلِ الْفَرْضِ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَاعِدَةٌ إِذَا تَزَاحَمَتِ الْوَاجِبَاتُ قَدَّمَ الْمُضَيَّقَ على الموسع والفوري عَلَى التَّرَاخِي وَالْأَعْيَانَ عَلَى الْكِفَايَةِ لِأَنَّ التَّضْيِيقَ فِي الْوَاجِبِ يَقْتَضِي اهْتِمَامَ الشَّرْعِ بِهِ وَكَذَلِكَ الْمَنْعُ مِنْ تَأْخِيرِهِ بِخِلَافِ مَا جُوِّزَ تَأْخِيرُهُ وَكَذَلِكَ مَا أَوْجَبَهُ عَلَى كُلِّ أَحَد أَهَمُّ عِنْدَهُ مِمَّا أَوْجَبَهُ عَلَى بَعْضِ الْأَفْرَادِ وَالْأَهَمُّ مُقَدَّمٌ عِنْدَ التَّعَارُضِ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَدَّمَ حَقَّ الْوَالِدَيْنِ لِكَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ وَكَذَلِكَ حَقُّ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ وَالدَّيْنُ الْحَالُّ الْمَانِعُ الثَّانِي الرِّقُّ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلسَّيِّدِ مَنْعُ عَبْدِهِ إِنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَيَتَحَلَّلُ إِذَا مَنَعَهُ كَالْمُحْصَرِ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَالَ سَنَدٌ ظَاهِرُ الْكِتَابِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ وَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا لَمْ يُحْرِمْ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْد مَالك وَهُوَ قَول ح وش بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّبَرُّعَ لَا يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَإِذا قُلْنَا بِمَنْعه فَرَجَعَ فِي إِذْنِهِ فَلَمْ يَعْلَمِ الْعَبْدُ فَأَحْرَمَ يَخْرُجُ عَلَى تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَزْلِ وَقَالَ ح لَهُ إِحْلَالُهُ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ فَإِنَّ إِذْنَهُ لَهُ إِعَارَةُ مَنَافِعَ وَلَهُ عِنْدَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَعَارَهُ لَهُ

ص: 183

وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَعَلُّقُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِحْرَامِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أُذِنَ لَهُ لِيُرْهِنَ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا لَزِمَهُ مِنْ جَزَاءِ صَيْدٍ خَطَأٍ أَوْ فِدْيَةٍ لِإِمَاطَةِ أَذًى مِنْ ضَرُورَةٍ أَوْ فَوَاتِ حَجٍّ بِغَيْرِ عَمْدٍ لَا يُخرجهُ من مَاله إِلَّا بِإِذن سيد فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا صَامَ وَلَا يَمْنَعُهُ الصِّيَامُ وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ إِلَّا أَنْ يَهْدِيَ عَنْهُ أَوْ يُطْعِمَ وَمَا أَصَابَهُ عَمْدًا فَلَهُ مَنعه من الصّيام الضاربة فِي عَمَلِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ مر إِذْنِ السَّيِّدِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ نَظَرًا لِأَصْلِ الْإِذْنِ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَجِّ الْفَائِتِ إِنْ أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ مَعَ الْهَدْيِ إِذَا أَعْتَقَ وَإِنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ قَالَ أَشْهَبُ لَا يلْزم سَنَده أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ ثَانِيَةٌ وَقَالَ أَصْبَغُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ إِذْنِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْأَوَّلُ الصَّوَابُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ رَقِيقَهُ مُحْرِمًا جَازَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ للْمُشْتَرِي إحلالا وَقَالَ ش وح قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ وَبَيْعِ الْمُعْتَقِ وَالْمَرِيضَةِ الْمَجْنُونَةِ وَبَيْعِ السُّفُنِ فِي الشِّتَاءِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي التَّبْصِرَةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِذَا صَحَّ الْبَيْعُ فَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَالَ ش إِنْ كَانَ إِحْرَامُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَلَهُ إِحْلَالُهُ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَيْهِ مَا كَانَ لِلْبَائِعِ وَالْبَائِعُ كَانَ لَهُ إِحْلَالُهُ وَقَالَ ح لَا يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ بِحَالٍ لِأَنَّ لَهُ إِحْلَالَهُ أَذِنَ الْبَائِعُ فِي الْإِحْرَامِ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إِذَنِ سَيِّدِهِ كَانَ لَهُ فَأَحَلَّهُ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ عَامًا آخَرَ فَحَجَّ قَضَاءً عَمَّا حَلَّلَهُ أَجْزَأَهُ وَإِنْ أَهْدَى عَنهُ أَو طعم لِمَا حَلَّلَهُ مِنْهُ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا صَامَ هُوَ وَيُجْزِئُهُ قَالَ سَنَدٌ يَنْعَقِدُ إِحْرَامُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ كَافَّةً خِلَافًا لِأَهْلِ الظَّاهِرِ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ ثُمَّ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الْمُوَافَقَةُ عَلَى التَّحْلِيلِ فَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ وَكَمَّلَ الْحَجَّ أَثِمَ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَتَحْلِيلُهُ يَكُونُ بِالنِّيَّةِ وَالْحِلَاقِ لِأَنَّ رَفْضَ النِّيَّةِ وَحْدَهُ لَا يُبْطِلُ الْإِحْرَامَ وَالْحَلْقُ شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ كَمَالِ النُّسُكِ فَأُبْطِلُ الْإِحْرَامُ كَالسَّلَامِ إِذَا وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ آخِرِهَا وَلُزُومُ الدَّمِ لَهُ فِي التَّحْلِيلِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنه من بَابا الْمُحْصَرِ أَوْ مِنْ بَابِ فَوَاتِ الْحَجِّ فَعِنْدَ أَشْهَبَ مِنْ بَابِ الْمُحْصَرِ فَلَا يَلْزَمُهُ

ص: 184

قَضَاء وَفِي هدي الْمحصر خلاف أسهب يُوجِبُهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُوجِبُهُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْفَوْتِ وَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ وَجَوَّزَ لَهُ فِي الْكِتَابِ الْإِطْعَامَ فِيهِ وَالْفَوَاتُ لَا إطْعَام فِيهِ كَأَنَّهُ رأى أَنه جُزْء فَعَلَيهِ فَأشبه الْفِدْيَة وَقد أنكر يحي الْإِطْعَام هَا هُنَا وَإِذا قُلْنَا الدَّم هَا هُنَا لِلْفَوْتِ لَمْ يَجُزْ فِيهِ طَعَامٌ وَكَانَ الصَّوْمُ فِيهِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ قُلْنَا لِلتَّحْلِيلِ فَهُوَ كَالْفِدْيَةِ وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَأَسْقَطَهُ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ قِيَاسًا على الْمحصر وَنظر فِي الأول لِأَنَّهُ هَا هُنَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَإِذَا قُلْنَا يَلْزَمُهُ فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنَ الْهَدْيِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ وَإِذَا أَذِنَ فَمَضَى وَأَفْسَدَهُ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْإِذْنَ الْأَوَّلَ مَا تَضَمَّنَهُ وَقَالَ أَصْبَغُ يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْأَوَّلِ وَإِذَا أُذِنَ لَهُ فَفَاتَهُ الْحَجُّ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ إِذَا أَعْتَقَ وَعَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ قَبْلَ الْعِتْقِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَمْنَعُهُ الِاعْتِمَارَ لِلْفَوَاتِ إِنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِلَّا مَنَعَهُ وَيَبْقَى عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى قَابِلٍ أَوْ يَأْذَنُ لَهُ فِي الْعُمْرَةِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَفَعَلَ مَا يُوجِبُ فِدْيَةً أَوْ هَدْيًا فَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ تَعَمُّدِهِ وَمَا يضر بسيده من خطأه وَقَالَهُ الشَّافِعِي وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَمْنَعُهُ مِنَ الصِّيَامِ وَإِنْ كَانَ تَعَمَّدَ وَأَضَرَّ بِهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ أَوِ الْقِرَانِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الصَّوْمِ إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْهَدْيِ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَتَقُ بَعْضُهُ كَالْقِنِّ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَهُ السَّفَرُ فِيمَا لَا يَضُرُّ بِسَيِّدِهِ فَيُخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى مَا لَا يَضُرُّ وَمَا لَا يَضُرُّ بِالسَّيِّدِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَانِعُ الثَّالِثُ الزَّوْجَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُسْتَطِيعَةُ لِفَرْضِ الْحَجِّ لَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي فَقَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ كَالْقَوْلَيْنِ فِي الْمُبَادَرَةِ لِقَضَاءِ رَمَضَانَ وَأَدَاءِ الصَّلَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْقُرُبَاتِ خَشْيَةَ الْآفَاتِ وَلَوْ أَحْرَمَتْ بِالْفَرْضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إِلَّا

ص: 185

أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهَا ضَارًّا بِالزَّوْجِ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَيْهَا كإحرامها من بَلَدهَا أَو قبل الْمِيقَات ويحللها مِنَ التَّطَوُّعِ كَالْمُحْصَرِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلِلزَّوْجِ مُبَاشَرَتُهَا وَعَلَيْهَا الْإِثْمُ دُونَهُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا حَلَّلَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ صَرُورَةٌ ثُمَّ أَذِنَ لَهَا مِنْ عَامِهِ فَحَجَّتْ أَجْزَأَهَا عَنْ فَرِيضَةِ الْإِسْلَامِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ أَمَةً لَا تَحُجُّ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا وَزَوْجِهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذْنُ السَّيِّدِ كَافٍ لِأَنَّ السَّفَرَ حَقٌّ لَهُ فَيُسَافِرُ بِهَا وَلَوْ كَرِهَ الزَّوْجُ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَت الْمَنْفَعَة عَائِدَة على السَّيِّد وَهَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ مَنَعَهَا مِنَ الزَّوْجِ وَإِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ حُرَّةً وَأَحْرَمَ زَوْجُهَا بِالْحَجِّ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَرُورَةً لِأَنَّهَا لَا تُعَطِّلُ عَلَيْهِ اسْتِمْتَاعًا وَإِنْ لم تحرم وَهِي ضَرُورَة فَقَالَ مَالك وح وَابْنُ حَنْبَلٍ لَهُ مَنْعُهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَالْخِلَافُ يَنْبَنِي عَلَى الْفَوْرِ وَالتَّرَاخِي وَإِذَا قُلْنَا لَهُ الْمَنْعُ فَلَهُ تَحْلِيلُهَا وَوُجُوبُ الدَّمِ يَخْرُجُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَبْدِ الْمَانِعُ الرَّابِعُ اسْتِحْقَاقُ الدَّيْنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِمُسْتَحِقِّهِ مَنْعُ الْمُحْرِمِ الْمُوسِرِ مِنَ الْخُرُوجِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بَلْ يُؤَدِّي فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوِ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الْخُرُوجِ الْمَانِعُ الْخَامِسُ الْإِحْصَارُ بِالْعَدُوِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} الْبَقَرَة 196 وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَن المُرَاد التَّحْلِيل وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي سَنَةِ سِتٍّ فَصَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ فَنَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا عُثْمَانُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي حَصَرَ وَأُحْصِرَ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ أُحْصِرَ بِالْأَلِفِ فِي الْمَرَضِ وَذَهَابِ النَّفَقَةِ وَحَصَرَ فِي الْحَبْسِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه لَا حَصْرَ إِلَّا فِي عَدُوٍّ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي مُجْمَلِ اللُّغَةِ نَاسٌ يَقُولُونَ حَصَرَهُ الْمَرَضُ وَأَحْصَرَهُ الْعَدُوُّ عَكْسُ نَقْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ الْإِحْصَارُ عَنِ الْبَيْتِ بِالْمَرَضِ وَغَيْرِهِ فَسَوَّى وَقَالَ أَبُو عمر وحصرني

ص: 186

وَأَحْصَرَنِي إِذَا حَبَسَنِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الْبَقَرَة 573 يُرِيدُ أَحْصَرَهُمُ الْفَقْرُ وَقِيلَ حَصَرَهُ إِذَا ضَيَّقَ عَلَيْهِ وَأَحْصَرَهُ إِذَا مَنَعَهُ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يُضَيِّقْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَمَنْ مُنِعَ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَلَدِ فَقَدْ حُصِرَ لِأَنَّهُ ضُيِّقَ عَلَيْهِ أَوْ مُنِعَ مِنْ دُخُولِهَا فَقَدْ أُحْصِرَ قَالَ وَلِلْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ خمس حالات يَصح الْإِحْلَال فِي ثَلَاث وَيمْنَع فِي وَجْهٍ وَيَصِحُّ فِي وَجْهٍ إِنْ شَرَطَ الْإِحْلَالَ فَالثَّلَاثَةُ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ طَارِئًا بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ مُتَقَدِّمًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ عَلِمَ وَكَانَ يَرَى أَنَّهُ لَا يَصُدُّهُ فَصَدَّهُ فَفِي هَذِه يجوز التَّحَلُّل لفعله صلى الله عليه وسلم َ - فَإِنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يَصُدُّونَهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَمْنَعُونَهُ أَوْ شَكَّ لَمْ يَحِلَّ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْإِحْلَالُ فِي صُورَةِ الشَّكِّ كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما وَإِن صد عَن طَرِيقٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْوُصُولِ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ بِهِ الطَّرِيقُ الْآخَرُ وَالْبُعْدُ لَيْسَ بِعُذْرٍ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ الْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ غَالِبٍ أَوْ فِتْنَةٍ فِي الْحَجِّ أَوْ عُمْرَةٍ يَتَرَبَّصُ مَا رجا كشف ذَلِك ويتحلل بموضعه إِذا أيسر حَيْثُ كَانَ مِنَ الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ نَحْرَهُ وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا عُمْرَةَ إِلَّا الصَرُورَةَ فَعَلَيْهِ حَجُّ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أَخَّرَ إِخْلَافَهُ إِلَى بَلَدِهِ حَلَقَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَكُونُ مُحْصَرًا حَتَّى يَفُوتَهُ الْحَجُّ إِلَّا أَن لَا يُدْرِكَهُ فِيمَا بَقِيَ فَيَتَحَلَّلُ مَكَانَهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أُحْصِرَ ثُمَّ أَحْرَمَ لَا يحله إِلَّا الْبَيْتُ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْمَنْعِ كَالْمُسَافِرِ يُصْبِحُ صَائِمًا فِي السَّفَرِ فَإِنْ تَقَدَّمَ الْإِحْرَامُ وَكَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْحَجُّ وَلَوْ لَمْ يُحْصِرْ لَمْ يَتَحَلَّلْ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لَا مِنَ الْعَدُوِّ وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ الْمَانِعُ وَهُوَ كَافِرٌ وَلَمْ يُبْدِ الْقِتَالَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَين التَّحَلُّل والقتال لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لم يُقَاتل من صده مَعَ علوه الصَّادِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُم وأيدكم عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ

ص: 187

أَظْفَرَكُم عَلَيْهِم} الْفَتْح 24 وَترك صلى الله عليه وسلم َ - الْقَتَّالَ لِحُرْمَةِ مَكَّةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ قِتَالُ الْحَاصِرِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا وَلَمْ يُحْكَ خِلَافًا قَالَ سَنَدٌ وَإِنْ طَلَبَ الْكَافِرُ مَالًا عَلَى الطَّرِيقِ كُرِهَ دَفْعُهُ نَفْيًا لِلذِّلَّةِ فَإِنْ كَانَ الصَّادُّ مُسْلِمًا فَهُوَ كَالْكَافِرِ فِي الْقِتَالِ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ قَالَ ش وَهُوَ أَوْلَى بِالتَّحَلُّلِ فَإِنْ طَلَبَ الْيَسِيرَ مِنَ الْمَالِ دَفَعَهُ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ كَالْحِرَابَةِ وَلَا ذِلَّةَ فِيهِ لِلْإِسْلَامِ وَإِنْ أَرَادُوا قِتَالَ الصَّادِّينَ جَازَ لَهُمْ لُبْسُ الدُّرُوعِ وَآلَاتِ الْقِتَالِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحِلُّ الْمُحْصَرُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ وَلَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَرُوحَ النَّاسُ إِلَى عَرَفَةَ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَظْهَرُ أَثَرُ الصَّدِّ فِيهِ وَلَاحَظَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالسَّعْيِ لِلْجُمْعَةِ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ بَعْدَ السَّعْيِ الطَّوِيلِ قُطِعَ مِنْ حِينِهِ وَوَافَقَهُ ش قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ لِلْعُمْرَةِ حَدٌّ بَلْ يَتَحَلَّلُ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ الْفَوْتَ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - صُدَّ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ وَقَالَ عبد الْملك يُقيم مارجا إِدْرَاكَهَا مَا لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ فَإِنْ قَدَرَ الْمحْضر عَلَى إِرْسَالِ الْهَدْيِ فَعَلَ وَإِنْ تَعَذَّرَ نَحَرَهُ فِي الْحِلِّ وَإِنْ كَانَ عَنْ وَاجِبٍ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح لَا يَنْحَرُ إِلَّا فِي الْحَرَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الْبَقَرَة 196 لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْإِحْرَامِ وَلَا قَضَاءَ على المتطوع عِنْد مَالك وش وَابْن حَنْبَل وَقَالَ ح يقْضِي لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - قَضَى لَمَّا صُدَّ وَسُمِّيَتْ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ وَجَوَابُهُ أَن المصدودين كَانُوا ألفا وَأَرْبع مائَة وَالْمُعْتَمِرُ مَعَهُ نَفَرٌ يَسِيرٌ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمر أحدا بِالْقضَاءِ وَإِنَّمَا فعله صلى الله عليه وسلم َ - اسْتِدْرَاكًا لِلْخَيْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَقْضِي الصَّرُورَةُ الْفَرْضَ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ وَقَدْ فَعَلَ جُهْدَهُ وَأَسْقَطَ عَنْهُ الْبَاقِي الْحَصْرُ فَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ وَالْقَضَاءُ إِنَّمَا يَجِبُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ شُغْلُ الذِّمَّةِ

ص: 188

بِالْوَاجِبِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ وَمَا لَمْ يَأْتِ بِهِ تَبْقَى مَشْغُولَةً فَيَجِبُ الْقَضَاءُ قَالَ سَنَدٌ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ كَالتَّطَوُّعِ وَالنَّذْرُ الْمَضْمُونُ كَفَرْضِ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا الْحِلَاقُ فَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَخَّرَهُ حَتَّى ذَهَبَتْ أَيَّامُ مِنًى فَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِأَنَّ الْحِلَاقَ مِنْ سَبَبِ التَّحَلُّلِ وَقَدْ وَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَكْفِي فِي التَّحَلُّلِ وَالْمَشْهُورُ كفايتها وَقَالَ شهب وَالْأَئِمَّةُ عَلَى الْمُحْصَرِ الْمُتَحَلِّلِ الْهَدْيُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِن أحصرتم فِيمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} الْبَقَرَة 196 وَجَوَابُهُمْ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي حَصْرِ الْمَرَضِ أَوِ الْمُرَادُ مَا تَيَسَّرَ مُقَلِّدًا وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ لَا أَنَّهُ يَجِبُ إِنْشَاءُ هَدْيٍ آخَرَ وَإِذَا قُلْنَا بِالْهَدْيِ فَلَيْسَ شَرْطًا فِي جَوَازِ التَّحَلُّلِ عِنْدَ أَشْهَبَ خِلَافًا ل ح وش لِأَنَّ الْهَدْيَ سَبَبُ التَّحَلُّلِ فَلَوْ كَانَ شَرْطًا لَزِمَ الدَّوْرُ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ عِنْدَ أَشْهَبَ وَابْنِ حَنْبَلٍ كَدَمِ الْمُتَمَتّع وَقَالَ ح وش يُقِيمُ حَتَّى يَجِدَ الْهَدْيَ وَيَنْحَرُ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَخَصَّصَهُ ح بِالْحَرَمِ وَإِذَا كَانَ مَعَ الْمُحْصَرِ هَدْيٌ فَنَحَرَهُ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَحُكْمُهُ فِي حِلِّ الْأَكْلِ حُكْمُ مَا إِذَا بَلَغَ حِلَّهُ بِخِلَافِ مَا عَطِبَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ مَحِلِّهِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَأَمَّا الْمَضْمُونُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِإِجْزَاءِ الْحَجِّ يُجْزِئُ الْهَدْيُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَنْ أُحْصِرَ بَعْدَ الْوُقُوفِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَلَا تُحِلُّهُ إِلَّا الْإِفَاضَةُ وَقَالَهُ ح وَعَلِيهِ لجَمِيع مَا يَفُوتُهُ دَمٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ نِيَّةِ التَّرْكِ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ فِي حُكْمِ الْفَسْخِ وَالْفَسْخُ بَعْدَ الْوُقُوفِ مُتَعَذِّرٌ فَكَذَلِكَ التَّحَلُّلُ قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ عبد الْملك وش إِنْ كَانَ الصَّادُّ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَدْخُلْهَا الْحَاجُّ وَوَقَفَ وَشَهِدَ الْمَنَاسِكَ فَلْيَحِلَّ قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَ الْوُقُوفِ بِجَامِعِ الضَّرُورَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ يَتَمَكَّنُ مِنْ إِزَالَةِ الشَّعَثِ وَالْحِلَاقِ وَاللِّبَاسِ وَالطّيب مجنة الضَّرُورَة

ص: 189

وَالْأَصْل الْوَفَاء بقوله تَعَالَى {أَتموا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الْبَقَرَة 195 فَلَوْ وَصَلَ إِلَى مَكَّةَ وَأُحْصِرَ عَنْ عَرَفَةَ طَافَ وَسَعَى وَلَا يَحْلِقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَتَّى يَيْأَسَ مِنْ عَرَفَةَ وَيُؤَخِّرُ الْحِلَاقَ إِلَى الْإِيَاسِ مِنَ الْعَدُوِّ وَيَنْحَرُ وَيَحْلِقُ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْلِقُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ إِذَا وَقَفَ وَصَدَّ عَنِ الْبَيْتِ يَأْتِي بِالْمَنَاسِكِ كُلِّهَا وَيَنْتَظِرُ أَيَّامًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْوُصُولُ إِلَى الْبَيْتِ طَافَ وَإِلَّا حَلَّ وَانْصَرَفَ وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ لِقَاءِ الْبَيْتِ وَصد عَن عَرَفَة قَالَ عبد الْملك أَنْ يَحِلَّ دُونَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَيُؤَخِّرَ الْحِلَاقَ فَإِنْ أَيِسَ وَتَضَرَّرَ بِالطُّولِ حَلَقَ الْمَانِعُ السَّادِسُ الْمَرَضُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْرَمَ مَكِّيٌّ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنَ الْحَرَمِ أَوْ أَحْرَمَ الْمُتَعَمد بِالْحَجِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عُمْرَتِهِ مِنْ مَكَّةَ فَأُحْصِرَ بِمَرَضٍ حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ مِنَ الْحَجِّ فَلَا بُدَّ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْحِلِّ فَيُلَبِّي مِنْهُ وَيَعْمَلُ عُمْرَةَ التَّحَلُّلِ وَيَحُجُّ قَابِلًا وَيَهْدِي وَالْمُحْصَرُ بِمَرَضٍ إِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ لَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَدْخُلَ أَوَائِلَ الْحَرَمِ وَلَا يُحِلُّهُ إِلَى الْبَيْتِ وَإِنْ تَطَاوَلَ سِنِينَ وَإِنْ تَمَادَى مَرَضُهُ إِلَى قَابِلٍ فَحَجَّ بِإِحْرَامِهِ أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ مَعَ الْمحصر بِمَرَض هَدْيٌ حَبَسَهُ حَتَّى يَصِحَّ فَيَنْطَلِقُ بِهِ مَعَهُ إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ لِطُولِ الْمَرَضِ فَيَبْعَثُ بِهِ يَنْحَرُ بِمَكَّةَ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ إِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ لِلْفَوَاتِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ تَعَيَّنَ قَبْلَ الْفَوْتِ وَلَوْ لَمْ يَبْعَثْ بِهِ مَا أَجْزَأَهُ عَنْ هَدْيِ الْفَوْتِ وَتَحْرِيرُ هَذِهِ الْفَتْوَى أَنَّ الْمَرَضَ لَيْسَ عُذْرًا لِلتَّحَلُّلِ إِذَا طَرَأَ على الْإِحْرَام بِخِلَاف الْعَدو عِنْد مَالك وش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَسِوَى ح مُحْتَجًّا بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابَلٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْعَدُوِّ بِجَامِعِ

ص: 190

الضَّرُورَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ رَاوِيَهُ ضَعِيفٌ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهُوَ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ بِنَفْسِ الْكَسْرِ وَالْعَرَجِ وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ إِجْمَاعًا فَإِنْ أَضْمَرُوا إِذَا أَهْدَى أَضْمَرْنَا إِذَا اعْتَمَرَ وَيُعَضِّدُهُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ انْكَسَرَتْ فَخْذُهُ فَبَعَثُوا إِلَى مَكَّةَ وَبِهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهم وَالنَّاسُ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ أَحَدٌ فِي التَّحَلُّلِ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَسْتَفِيدُ بِتَحَلُّلِهِ مُفَارَقَةَ مَا حَصَرَهُ فَهُوَ كَمَنْ أَخْطَأَ الطَّرِيقَ وَخَافَ الْفَوَاتَ بِخِلَافِ الْمَحْصُورِ بِالْعَدُوِّ فَإِنْ فُرِضَ الْعَدُوُّ قَدْ أَحَاطَ بِهِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ فَهَذِهِ الصُّورَةُ اخْتَلَفَ فِيهَا الشَّافِعِيَّةُ فَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ قَالَ سَنَدٌ وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا نَصٌّ فَيُحْتَمَلُ التَّحَلُّلُ لِيَتَفَرَّغَ لِلْقِتَالِ وَيُحْتَمَلُ التَّسْوِيَةُ بِالْمَرِيضِ فَلَوْ شَرَطَ فِي إِحْرَامِهِ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ مَتَى عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ خَطَأِ الطَّرِيقِ أَوْ خَطَأِ الْعَدَدِ أَو ذهَاب النَّفَقَة قَالَ مَالك وح شَرْطُهُ بَاطِلٌ وَأَثْبَتَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِمَا يروي أَنه صلى الله عليه وسلم َ - دَخَلَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ أُرِيد الْحَج وَأَنا شاكية فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنْ تُحِلِّي حَيْثُ حُبِسْتِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ وَإِذَا بَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى قَابِلٍ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ جَمِيعَ مَنَاسِكِهِ فِي إِحْرَامِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ يَهْدِي كَتَأْخِيرِ بَعْضِ أَفْعَالِ الْحَجِّ عَنْ وَقْتِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا طَافَ الْمُفْرِدُ وَسَعَى ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ فَأُحْصِرَ بِعَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ أَوْ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْخُرُوجِ لَمْ يُجْزِئْهُ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ الْأَوَّلَانِ بَلْ يَأْتَنِفُهُمَا الْمُحْصَرُ بِالْمَرَضِ وَإِذَا أَصَابَهُ أَذًى يَحْلِقُ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ أحب الْمَانِعُ السَّابِعُ حَبْسُ السُّلْطَانِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَهُ السُّلْطَانُ فِي دَمٍ

ص: 191

لَا يَحِلُّهُ إِلَّا الْبَيْتُ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ حُبِسَ فِي دَمٍ أَوْ دَيْنٍ فَهُوَ كَالْمَرَضِ لَا كَالْعَدُوِّ وَفِي إِلْحَاقِهِ بِالْعَدُوِّ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ سَنَدٌ مَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يَحِلُّهُ إِلَّا الْبَيْتُ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ حُبِسَ ظُلْمًا فَهُوَ كَمَنْ أَحَاطَ بِهِ الْعَدُوُّ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَّا مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ بِخَطَأِ الطَّرِيقِ أَوِ الْعَدُوِّ أَوْ خَفَاءِ الْهِلَالِ أَوْ شُغْلٍ أَوْ بِأَيِّ وَجْهٍ غَيْرِ الْعَدُوِّ فَلَا يُحِلُّهُ إِلَّا الْبَيْتُ فَيَتَحَلَّلُ بِالْعُمْرَةِ وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَدَمُ الْفَوَاتِ الْمَانِعُ الثَّامِنُ السَّفَهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ لَا يَحُجُّ السَّفِيهُ إِلَّا بِإِذْنِ وَلَيِّهِ إِنْ رَأَى وَلِيُّهُ ذَلِكَ نَظَرًا أَذِنَ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا حَلَّلَهُ وَلَيُّهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ

ص: 192

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي السَّوَابِقِ)

وَهِيَ ثَلَاثَةٌ السَّابِقَةُ الْأُولَى النِّيَابَةُ فِي الْحَجِّ قَالَ سَنَدٌ اتَّفَقَ أَرْبَابُ الْمَذَاهِبِ أَنَّ الصَّحِيحَ لَا تَجُوزُ اسْتِنَابَتُهُ فِي فَرْضِ الْحَجِّ وَالْمَذْهَبِ كَرَاهَتُهَا فِي التَّطَوُّعِ وَإِن وَقعت صحت الْإِجَازَة وَحَرَّمَهَا ش قِيَاسًا عَلَى الْفَرْضِ وَجَوَّزَهَا ح وَابْنُ حَنْبَلٍ مُطْلَقًا وَأَمَّا الشَّيْخُ الضَّعِيفُ فَقَالَ الْأَئِمَّةُ إِنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِئْجَارُ وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ حَجَّ النَّائِبِ لَا يُسْقِطُ فَرْضَ الْمُنِيبِ وَقَالَ ح يَقَعُ الْحَجُّ تَطَوُّعًا عَنِ النَّائِبِ وَلِلْمُسْتَنِيبِ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَتَسْهِيلُ الطَّرِيقِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُجْزِئُ عَنِ الْكَبِيرِ الْعَاجِزِ وَالْمُنِيبِ الْمُوصِي وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تَجُوزُ الِاسْتِنَابَة عَن الْعَجز وَرُوِيَ الْجَوَاز وخصصها ابْن وهيب بِالْوَلَدِ وَابْنُ حَبِيبٍ بِالْكَبِيرِ الْعَاجِزِ الَّذِي لَمْ يَحُجَّ وَحَجَّ الْوَلَدُ عَنْ أَبِيهِ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَنَفَّذَ أَشْهَبُ الْوَصِيَّةَ بِالْحَجِّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِنْ كَانَ صَرُورَةً وَقِيلَ لَا يُنَفَّذُ وَقِيلَ يَحُجُّ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُوصَ إِنْ كَانَ صَرُورَةً وَفِي الصِّحَاحِ أَنَّ امْرَأَةً أَن امْرَأَة خثعم أَنْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَتْ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَمْسِكَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِهِ نَفَعَهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَجُّ لِمَا ذَكَرَتْ مِنَ الْعَجْزِ فَنَقُولُ بِمُوجِبِهِ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِالدُّعَاءِ وَبِالنَّفَقَةِ وَتَشْبِيهُهُ بِالدَّيْنِ مِنْ جِهَةِ حُصُولِ الثَّوَابِ وَالْقِيَاسُ يُعَضِّدُنَا لِأَنَّهُ أَفْعَالٌ بَدَنِيَّةٌ كَالصَّلَاةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} آل عمرَان 97 وَلم يقل إحتجاج الْبَيْتِ وَإِذَا لَمْ يَجِبِ

ص: 193

الْإِحْجَاجُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ عَبَثًا فَيُكْرَهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} النَّجْم 39 وَالْمُعَارَضَةُ بِعَمَل الْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا صَحَّحْنَا الْإِجَارَةَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ فَلَا يُقْطَعُ بِالْبُطْلَانِ قَاعِدَةٌ الْأَفْعَالُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا يَشْتَمِلُ عَلَى مَصْلَحَةٍ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ فَاعِلِهِ كَرَدِّ الْوَدَائِعِ وَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَنَحْوَهَا فَتَصِحُّ فِيهَا النِّيَابَةُ إِجْمَاعًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ انْتِفَاعُ أَهْلِهَا بِهَا وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِنَفْسِ الدَّفْعِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا النِّيَّاتُ وَمِنْهَا مَا لَا يَتَضَمَّنُ مَصْلَحَةً فِي نَفْسِهِ بَلْ بِالنَّظَرِ إِلَى فَاعِلِهِ كَالصَّلَاةِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا الْخُشُوعُ وَالْخُضُوعُ وَإِجْلَالُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعْظِيمُهُ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ فِيهَا مِنْ جِهَةِ فَاعِلِيهَا فَإِذَا فَعَلَهَا غَيْرُ الْإِنْسَانِ فَاتَتِ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي طَلَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ فَلَا تُوصَفُ بِكَوْنِهَا حِينَئِذٍ مَشْرُوعَةً فِي حَقِّهِ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا النِّيَابَةُ إِجْمَاعًا وَمَصَالِحُ الْحَجِّ تَأْدِيبُ النَّفْسِ بِمُفَارَقَةِ الْأَوْطَانِ وَتَهْذِيبِهَا بِالْخُرُوجِ عَنِ الْمُعْتَادِ مِنَ الْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ لِيَذَّكَّرَ الْمَعَادَ وَالِانْدِرَاجَ فِي الْأَكْفَانِ وَتَعْظِيمَ شَعَائِرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْبِقَاعِ وَإِظْهَارَ الِانْقِيَادِ مِنَ الْعَبْدِ لِمَا لَمْ يَعْلَمْ حَقِيقَتَهُ كَرَمْيِ الْجِمَارِ وَهَذِهِ مَصَالِحٌ لَا تحصل إِلَّا للمباشر كَالصَّلَاةِ فَيَظْهَرُ رُجْحَانُ الْمَذْهَبِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَمَنْ حَاوَلَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ لَاحَظَ مَا فِيهِ مِنَ الْقُرْبَةِ الْمَالِيَّةِ غَالِبًا فِي الْإِنْفَاقِ فِي السَّفَرِ فَأَشْبَهَ الْعِتْقَ وَالصَّدَقَةَ عَنِ الْغَيْرِ فُرُوعٌ اثْنَا عَشَرَ الْأَوَّلُ قَالَ سَنَدٌ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّة على الإرزاق فِي الْحَج وَأما الْإِجَازَة بِأُجْرَة مَعْلُومَة فَقَالَ بهَا مَالك وش وَمَنَعَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَالْأَفْعَالُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا يجوز فِيهِ الإزراق وَالْإِجَازَة نَحْوَ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَتَفْرِيقِ الصَّدَقَاتِ وَمَا تُمْنَعُ فِيهِ الْإِجَازَة دون الإزراق نَحْو الْفتيا والقضاة وَمَا اخْتلف فِي جَوَاز الْإِجَازَة فِيهِ دُونَ الْإِرْزَاقِ نَحْوَ الْأَذَانُ وَالصَّلَاةُ وَالْحَجُّ فَإِنْ قَاسُوا عَلَى صُوَرِ الْمَنْعِ فَرَّقْنَا بِأَنَّ الْعَمَل ثمَّة غير منضبط بخلافة هَا هُنَا وقسنا على صُورَة الْجَوَاز وَمنع ش الِاسْتِئْجَار بِالنَّفَقَةِ للْجَهَالَة وقسناها على نَفَقَة النظير وأجبناه بِأَنَّهُ مُنْضَبِطٌ عَادَةً وَالْمُعَارَضَةُ تَقَعُ فِي الْحَجِّ ثَلَاثَة اقتسام

ص: 194

بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَبِالنَّفَقَةِ وَتُسَمَّى الْبَلَاغَ وَعَلَى وَجْهِ الْجَهَالَةِ وَهُوَ أَنْ لَا يُلْزِمَ نَفْسَهُ شَيْئًا وَلَكِنْ إِنْ حَجَّ كَانَ لَهُ كَذَا وَكَذَا وَإِلَّا فَلَا وَالثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَنْ أَخَذَ مَالًا يَحُجُّ بِهِ عَنْ مَيِّتٍ فَصَدَهُ عَدُوٌّ عَنِ الْبَيْتِ فَإِنْ أَخَذَهُ عَلَى الْبَلَاغِ رَدَّ مَا فَضَلَ عَنْ نَفَقَتِهِ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَإِنْ كَانَ أَجِيرًا كَانَ لَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ مَسِيرِهِ إِلَى مَوْضِعِ صَدِّهِ وَكَذَلِكَ مَنْ مَاتَ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ ش لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ أُحْصِرَ صَاحِبُ الْبَلَاغِ فَمَرِضَ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ مُدَّةَ مَرضه وَإِن أَقَامَ إِلَى قَابل أجرأ عَنِ الْمَيِّتِ حُجَّةُ ش بِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُقَابَلَةُ الْمَقْصُودِ لَا الْوَسِيلَةُ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِالْمَقْصُودِ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَمَنِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى الْبِنَاءِ أَوِ الْخِيَاطَةِ فَهَيَّأَ الْآلَاتِ وَلَمْ يَخِطْ وَجَوَابُهُ أَن أَكثر المبذول هَا هُنَا لِقِطَعِ الْمَسَافَةِ فَهِيَ أَعْظَمُ الْمَقْصُودِ فِي أَخْذِ الْعِوَضِ وَلِذَلِكَ يَكْثُرُ الْمَبْذُولُ وَيَقِلُّ بِكَثْرَةِ الْمَسَافَةِ وَقِلَّتِهَا بِخِلَافِ آلَاتِ الْخِيَاطَةِ وَأَمَّا الْخِيَاطَةُ وَالْبِنَاءُ إِنْ وَقَعَا عَلَى وَجْهِ الْجَعَالَةِ فَمُسَلَّمٌ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَكَذَلِكَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ وَإِلَّا فَنَحْنُ نُلْزِمُهُ بِالْعَمَلِ وَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ فَنَحْنُ نَمْنَعُ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا صُدَّ فِي الْجَعَالَةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَفِي الْبَلَاغِ لَهُ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْعَسَلِ وَالزَّيْتِ وَاللَّحْمِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَالْوِطَاءِ وَاللِّحَافِ وَالثِّيَابِ وَيَرُدُّ مَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يُنْفِقُ رَاجِعًا وَذِي الْبَلَاغِ أَنَّ رُجُوعَهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْعَقْدُ وَإِذَا أُحْصِرَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَتحل فَإِنْ أَوْجَبْنَا الْهَدْيَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَكُلُّ مَا فَعَلَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَاقع عَن الْمُسْتَأْجِرِ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَنِ الْمَحْصُورِ وَالدَّمُ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْبَلَاغِ إِذَا تَحَلَّلَ بَعْدَ الْحَصْرِ وَبَقِيَ بِمَكَّةَ حَتَّى حَجَّ مِنْ قَابِلٍ أَوْ بَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ الَّذِي دَخَلَ بِهِ إِلَى قَابِلٍ فَحَجَّ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَامِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ أَكْرَى دَارَهُ سَنَةً فَغُصِبَتْ ثُمَّ سَلَّمَهَا الْغَاصِبُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَإِنْ كَانَتْ على مطل الْحَجِّ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ سَقَطَ مِنْ نَفَقَتِهِ من يَوْم إِمْكَان التَّحَلُّل مُدَّة مَكَّة فَإِن سَار بعد ذَلِك ليحج فَلهُ نَفَقَته

ص: 195

مَسِيرِهِ وَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي مَقَامِهِ بِهَا حَتَّى يَأْتِيَ مِنْ قَابِلِ الْوَقْتِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ وَيَذْهَبُ مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ وَيَذْهَبُ مِنَ الْوَقْتِ قَدْرَ السِّيَرِ إِلَى مَكَّةَ فَتَكُونُ لَهُ النَّفَقَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا الْأَجِيرُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَهُ مِنْهَا مِنَ الْحَصْرِ إِلَى الْفَوْتِ أَحْرَمَ أَوْ لَمْ يُحْرِمْ وَأَمَّا الْمُجَاعِلُ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ الرُّجُوعُ لِلْعِبَادَةِ لَا لِلْعَقْدِ وَإِنْ شَرَطَ عَامًا مُعَيَّنًا فَفَاتَ سَقَطَ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى عَقْدِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْأَجِيرِ إِذَا مَاتَ بَعْدَ دُخُولِ مَكَّةَ لَهُ جُمْلَةُ الْأُجْرَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِبَقَاءِ بَعْضِ مَا اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ وَلَوْ كَانَ الْحَجُّ مَضْمُونًا لَا مُعَيَّنًا مِثْلَ قَوْلِهِ مَنْ يَأْخُذُ كَذَا فِي حَجِّهِ ثُمَّ مَاتَ الْآخِذُ وَلَمْ يُحْرِمْ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يُحْرِمَ إِنْ لم يفت السَّنَةُ فِي السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَإِنْ فَاتَتْ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ وَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِ شَرْطِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مِنْ مِيقَاتِهِ وَلَا يُحْتَسَبُ بِمَا فَعَلَ مُوَرِثه وَقَالَ ش فِي الْجَدِيدِ مِثْلَنَا وَفِي الْقَدِيمِ يَبْنِي كبناء الْوَلِيّ على أَفعَال الصَّبِي وَالْفرق أَن الْوَلِيّ لم يجد إِحْرَامًا وَإِنَّمَا نَابَ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ وَأَمَّا أجِير الْبَلَاغ يمرض فَلهُ مُدَّة مَرضه نَفَقَته الصَّحِيحِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ مَنْ ضَعُفَ مِنْ كِبَرٍ لَا يَحُجُّ أَحَدًا عَنْ نَفْسِهِ صَرُورَةً كَانَ أَوْ غَيْرَ صَرُورَةٍ وَمَنْ مَاتَ صَرُورَةً وَلَمْ يُوصِ بِالْحَجِّ وَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَتَطَوَّعَ عَنْهُ بِذَلِكَ فَلْيَتَطَوَّعْ بِغَيْرِ هَذَا مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ أَوْصَى بِعُمْرَةٍ نُفِّذَتْ قَالَ سَنَدٌ الْخِلَافُ هُنَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ فَكَمَا يُكْرَهُ عَنِ الْمَيِّتِ فَهُوَ عَنِ الْحَيِّ أَشَدُّ وَيَصِحُّ الْحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّة بإحجاج مُسلم حر بَالغ لتنزل حَجُّهُ مَنْزِلَةَ حَجِّ الْمُوصِي فَإِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ لِعَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ وَهُوَ صَرُورَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ دَفَعَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمَا وَقَالَ ابْن الْجلاب إِن أوصى وَهُوَ صرورة لَا يَحُجُّ عَنْهُ إِلَّا بَالِغٌ حُرٌّ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَرُورَةً جَازَ إِلَّا أَنْ يُمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ تُنَفَّذُ

ص: 196

وَصِيَّةُ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَرَادَ نَفْعَهُمَا وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْأَجِيرُ صَرُورَةً فَأجَاز إِجَارَته مَالك وح ومنعها ش وَابْن جنبل فَإِنْ وَقَعَ فَلَا يَقَعُ عَنِ النَّائِبِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ قَالَ مَنْ شُبْرُمَةُ قَالَ أَخٌ لِي أَوْ قَرِيبٌ لِي فَقَالَ حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ قَالَ لَا قَالَ حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ وَقَعَ عَامَ الْفَتْحِ حِينَ فسخ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَالنَّاسُ حَجَّهُمْ إِلَى عُمْرَةٍ فَلَمَّا جَازَ الْفَسْخُ مِنْ قُرْبَةٍ إِلَى قُرْبَةٍ جَازَ الْفَسْخُ مِنْ شخص إِلَى شخص وَيدل عَلَيْهِ قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - حج عَن نَفسك وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ قَالَ وَالْخِلَافُ فِي الْعُمْرَةِ كَالْخِلَافِ فِي الْحَجِّ فِيمَا يَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُمَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَائِدَةٌ الصَرُورَةُ لُغَةً مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَوْ لَمْ يَحُجَّ كَأَنَّهُ مِنَ الصَّرِّ وَمِنْهُ الصرة لَا نجماعه وَعَدَمِ اتِّصَالِهِ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُؤْجِرَ عَلَى الْحَجِّ فَاعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَحَجَّ عَنِ الْمَيِّتِ لَمْ يُجِزْهُ عَنِ الْمَيِّتِ وَعَلَيْهِ حُجَّةٌ أُخْرَى عَنْهُ كَمَا اسْتُؤْجِرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَرَنَ وَنَوَى الْعُمْرَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَوْضِعَ الْإِحْرَامِ صَحَّ وِفَاقًا وَإِلَّا فَالْمَذْهَب صِحَّته من مِيقَات الْمَيِّت أَنه إِذَا اعْتَمَرَ وَقُلْنَا تُجْزِئُهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأُجْرَةِ وَقَالَ ش يَرْجِعُ بِقَدْرِ مَا ترك من الميقاة إِلَى مَكَّةَ لَنَا أَنَّ عَمَلَهُ صَحِيحٌ وَإِنَّمَا وَقَعَ فِيهِ خَلَلٌ جَبَرَهُ بِالدَّمِ فَأَشْبَهَ مَا لَو رَجَعَ إِلَى الميقاة بعد الْعمرَة وَقد سلمه الشَّافِعِي وَقَالَهُ أَبُو حنيفَة لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِنَّمَا هُوَ الْحَجُّ وَإِنْ قُلْنَا لَا يُجزئهُ وَلَو رَجَعَ إِلَى الميقاة فَأَحْرَمَ عَنِ الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُجْزِئُهُ إِن كَانَ ميقاة الْمَيِّتِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ لَمَّا

ص: 197

اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ كَانَ سَفَرُهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُجْزِئُهُ إِلَّا الْعُودُ وَكَمَا أَنَّهُ إِذَا فَاتَ الْحَجُّ يَرُدُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ هَذَا إِذَا شَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يُقَدِّمَ عُمْرَةً فَقَدَّمَهَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَا قَبَضَ مِنْهُمْ وَلَمْ يَقُلْ يُسْقِطُ مَا بَعْدُ مِنَ الميقاة وَإِذَا كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى عَامٍ بِعَيْنِهِ وَقُلْنَا لَا يُجْزِئُهُ رَدُّ الْأُجْرَةِ مَعَ قَوْلِنَا إِنَّهُ لَو رَجَعَ إِلَى الميقاة أَجْزَأَهُ وَلَوْ مَاتَ عِنْدَهُ كَمَنِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى مَتَاعٍ فَغَصَبَهُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ وَلَا كِرَاءَ لَهُ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ إِنَّمَا حَمَلَهُ لِنَفْسِهِ وَلَوْ رَدَّ الْمَتَاعَ وَأَتَمَّ الْحُمُولَةَ كَانَتْ لَهُ جُمْلَةُ الْأُجْرَةِ وَلَوْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ مَضْمُونَةً كَانَ عَلَيْهِ الْوَفَاء بهَا فَلَو تمنع وَجَعَلَ جَمِيعَ ذَلِكَ عَنِ الْمَيِّتِ قَالَ مَالِكٌ يُجْزِئُهُ فَلَوْ شَرَطُوا عَلَيْهِ أَلَّا يُقَدِّمَ عُمْرَةً قَالَ ابْن الْقَاسِم وح عَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ رَآهُ خَيْرًا وَفِي الْجُلَّابِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ وُقُوعِ الْعُمْرَةِ عَنْهُ وَلَا عَنِ الْمَيِّتِ وَحُكِيَ الْإِجْزَاء عَن ابْن الْحَكَمِ وَلَمْ يَفْصِلْ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ كَدَمِ الصَّيْدِ وَالْفِدْيَةُ وَلَوْ شَرط عَلَيْهِ ميقاة فَأَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يُجْزِئُهُ وَيُرَدُّ الْمَالُ فِي الْحَجِّ الْمُعَيَّنِ إِنْ فَاتَ وَقَالَ ش لَا يُرَدُّ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْأَقْرَبِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْحَجُّ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى مَا إِذَا اسْتُؤْجِرَ لِسَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَحَجَّ فِي غَيْرِهَا وَلِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَوْ أطلق العقد فَفِي تعْيين ميقاة الْمَيِّتِ قَوْلَانِ وَأَمَّا إِذَا قَرَنَ فَلَا يُجْزِئُ عِنْد ابْن الْقَاسِم وش لِأَنَّهُ أحرم وَاحِدٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَنِ اثْنَيْنِ وَتَقَع عَن الْأَجِير وَيكون الْحَج هَا هُنَا تَبَعًا لِلْعُمْرَةِ لِتَعَذُّرِ وُقُوعِهِ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ كَانَتِ السَّنَةُ مُعَيَّنَةً لَا بُدَّ أَنْ يُنْفِقَ على سنة أُخْرَى لِأَنَّهُ دين فِي دَيْنٌ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّ عَلَيْهِ الْوَفَاءَ بِهَا وَقِيلَ إِنْ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَتَمَ ذَلِكَ ثُمَّ فَطِنَ لَهُ فُسِخَتِ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِهِ فِي السّنة الثَّانِيَة فَلَو أذنوا لَهُ فِي الْقِرَانِ بِعُمْرَةٍ لِنَفْسِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَمَلَ يَبْطُلُ لِوُقُوعِ التَّشْرِيكِ فِي الطَّوَافِ الْوَاحِدِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَجَّ عَنْ رَجُلٍ وَاعْتَمَرَ عَنْ آخِرٍ وَقَدْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ أَنَّ دَمَ الْقِرَانِ عَلَى الْمُعْتَمِرِ وَحَجَّ

ص: 198

حَجَّهُ وَإِذَا جَازَتِ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِمَا مُفْرَدَتَيْنِ جَازَتْ مُجْتَمِعَتَيْنِ فَلَوِ اشْتُرِطَ الْقِرَانُ فَأَفْرَدَ فَالْمَذْهَبُ لَا يُجْزِئُهُ لِإِتْيَانِهِ بِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَكَانَ سَفَرُهُ لَهُ وَقَالَ ش يُجْزِئُهُ وَيَرُدُّ مِنَ الْإِجَارَةِ بِقِسْطِ الْعُمْرَةِ فَلَوِ اسْتُؤْجِرَ لِيَقْرِنَ فَتَمَتَّعَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَا يَرُدُّ عِنْدَ ش هَاهُنَا شَيْئًا وَلَوِ اسْتُؤْجِرَ لِيَتَمَتَّعَ فَقَرَنَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَقَالَ ش يُجْزِئُهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْإِحْرَامَ مِنْ مَكَّةَ فَأحْرم من الميقاة فَلَوِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَتَمَتَّعَ فَأَفْرَدَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَعْتَمِرَ بَعْدَ الْحَجِّ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى فَضْلِ الْإِفْرَادِ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ لَوِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى الْعُمْرَةِ فَحَجَّ لَمْ يُجْزِئْهُ وَإِنَّمَا النَّظَرُ إِلَى مُخَالَفَةِ الْعَقْدِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ مَنْ حَجَّ عَنْ مَيِّتٍ أَجْزَأَتْهُ النِّيَّةُ دُونَ لَبَّيْكَ عَنْ فُلَانٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ تَرَكَ مَا يُوجِبُ الدَّمَ مَعَ بَقَاءِ الْإِجْزَاءِ أَنْ لَوْ كَانَتِ الْحُجَّةُ عَنْ نَفْسِهِ أَجْزَأَتْ عَنِ الْمَيِّتِ وَكُلُّ مَا لَمْ يُتَعَمَّدْ مِنْ ذَلِكَ أَوْ فُعِلَ لِضَرُورَةٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَيَّامَ مِنًى حَتَّى رَمَى عَنْهُ غَيْرُهُ أَوْ أَصَابَهُ أَذًى فَالْفِدْيَةُ وَالْهَدْيُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ إِنْ كَانَ عَلَى الْبَلَاغِ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ بِتَعَمُّدِهِ فَفِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ إِجَارَةً فَالْعَمْدُ وَغَيْرُهُ فِي مَالِهِ قَالَ سَنَدٌ الِاقْتِصَارُ عَلَى النِّيَّةِ يَدُلُّ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْأَصْحَاب فعلى القَوْل بِالْأَشْهرِ يعلن تليبته عَنْهُ وَمَقْصُودُ الْكِتَابِ إِنَّمَا هُوَ انْعِقَادُ الْحَجِّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ فَإِذَا قَبَضَ الْأُجْرَةَ فَهُوَ أَمِينٌ حَتَّى تثبت خِيَانَة وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى تَثْبُتُ التَّوْفِيَةُ وَلَا يُصَدَّقُ إِنِ اتُّهِمَ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ دَمَ التَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ لم يُجزئ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَجْهُولٌ ضُمَّ إِلَى الْإِجَارَةِ السَّادِسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ مَنْ أَخَذَ مَالًا عَلَى الْبَلَاغِ فَسَقَطَ مِنْهُ رَجَعَ مِنْ مَوْضِعِ السُّقُوطِ وَنَفَقَتُهُ فِي رُجُوعِهِ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ فَإِنْ تَمَادَى فَهُوَ مَقْطُوعٌ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي إِذْهَابِهِ إِلَّا أَنْ يَسْقُطَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ فَلْيَمْضِ لِضَرُورَةِ الْإِحْرَامِ وَنَفَقَتُهُ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا عَلَى الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ الْمَالَ وَلَوْ أَخَذَهُ عَلَى الْإِجَارَةِ فَسَقَطَ ضِمْنَ الْحَجِّ أَحْرَمَ أَوْ لَمْ يُحْرِمْ قَالَ سَنَدٌ الْقِيَاسُ فِي الْبَلَاغِ إِذَا لم يكن

ص: 199

شَرْطًا أَنْ يَتَمَادَى لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَمْ تَتَعَيَّنْ وَالْعَقْدُ لَازِمٌ وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَالَ لَمَّا تَعَيَّنَ صَارَ مَحِلَّ الْعَقْدِ كَمَا لَوِ اسْتَأْجر لِغَرَضٍ مُعَيَّنٍ فَتَلِفَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا نَفْقَةَ لَهُ فِي رُجُوعِهِ لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِالسُّقُوطِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الْمَقْطُوعَ مِنَ الْمَسَافَةِ اسْتَقر فِي الْعَقْدِ ذَهَابًا وَرُجُوعًا فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ لِذَلِكَ شَيْئًا كَانَ ذَلِكَ فِي تَمَامِ الثُلُثِ إِنْ رَضِيَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ بِهَذِهِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ فَرَضُوا ذَلِكَ لِأَحَدِهِمْ فَفَعَلَهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِمْ أَوْ فَعَلَهُ وَصِيٌّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ الْغَرَامَةُ عَلَى الْوَصِيِّ دُونَ مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ غَرَّرَ بِالْعُدُولِ عَنِ الْإِجَارَةِ الْمَعْلُومَةِ إِلَى الْبَلَاغِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ فَرَضَ إِلَيْهِ النَّظَرَ فِي الْمَصْلَحَةِ وَقَدْ رَآهَا كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِلْمَيِّتِ ثُلُثٌ فَذَلِكَ عَلَى الْعَاقِدِ مِنْ وُصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَإِذَا سَقَطَتِ النَّفَقَةُ وَرَجَعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَقَطَتِ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانَ فِي الثُلُثِ فَضْلٌ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَحُجُّوا عَنْهُ مِنْ بَقِيَّةِ الثُلُثِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ كَالْوَصِيَّةِ بِإِعْتَاقِ رَقَبَةٍ تُشْتَرَى فَتَهْلَكُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عِتْقُ الْعَبْدِ بِشِرَائِهِ كَمَا يَجِبُ حَجُّ الْأَجِيرِ بِالْعَقْدِ فَلَوْ لَمْ يَسْقُطْ لَكِنْ نَفِدَتْ فِي الْكَلَفِ لَا يَرْجِعُ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِمْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَالَ مَحِلُّ الْعَقْدِ فَإِذَا سَقَطَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمِ الْعُقُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَعَهُ أَمَانَةً وَهَذَا قَدْ سَلَّمَهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي السُّقُوطِ مَعَ يَمِينِهِ سَوَاءً ظَهَرَ ذَلِكَ عِنْدَ الضَّيَاعِ أَوْ بَعْدَ الرُّجُوعِ السَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِأَنْ يحجّ بِأَرْبَعِينَ فدفعوا لِرَجُلٍ عَلَى الْبَلَاغِ فَأَفْضَلَ مِنْهَا عِشْرِينَ رَدَّهَا عَلَيْهِمْ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرُوا عَبْدَ فُلَانٍ بِمِائَة وعتقوه فاشترو بِأَقَلَّ فَالْبَقِيَّةُ مِيرَاثٌ وَإِنْ قَالَ أَعْطُوا فَلَانًا أَرْبَعِينَ ليحج بهَا عني فاستأجروه بِثَلَاثِينَ فالعشر مِيرَاثٌ قَالَ سَنَدٌ وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ وَارِثا لَا يُزَاد على النَّفَقَة والكراء شَيْئا قَالَهُ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ فَعُلِمَ وَرَضِيَ بِدُونِهِ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَإِن لم

ص: 200

يَعْلَمْ فَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْحَجُّ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَدْفَعُ الْجَمِيعَ لَهُ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِلْغَيْرِ وَإِذَا قُلْنَا يُعْطَى الزَّائِدُ فَقَالَ أَحِجُّوا غَيْرِي وَقَالَ أَعْطُونِي الزَّائِدَ لَمْ يُوَافِقْ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِشَرْطِ الْحَجِّ فَإِن الْمَيِّتَ قَصَدَ التَّوْسِعَةَ فِي الْحَجِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَرُورَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَصَايَا يَرْجِعُ مِيرَاثًا إِنِ امْتَنَعَ الْمُوصَى لَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَرْجِعُ تَحْصِيلًا لِلْمَقْصُودِ مِنَ الْحَجِّ فَإِنْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي بِهَذَا الْمَالِ فُعِلَ فِيهِ مَا يُفْعَلُ فِي الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ فَإِنَّ الْإِطْلَاقَ تَارَةً يَكُونُ فِي الْأُجْرَةِ وَتَارَةً فِي الْأَجِيرِ وَتَارَةً فِيهِمَا وَتَارَةً يَكُونَانِ مُعَيَّنَيْنِ فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ فَإِذَا أُطْلِقَتِ الْأُجْرَةُ وَقَالَ أَحِجُّوا عني أخرجت من ثلثه أُجْرَة حجه مَوْضِعَهُ قَالَهُ أَشْهَبُ كَالْحَالِفِ يَحْنَثُ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَمْشِي مِنْ مَوْضِعِ الْحَلِفِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الثُلُثَ فَمِنْ مَوْضِعٍ يَحْمِلُهُ قَالَ مَالك إِن كَانَ يَسِيرا مثل الدَّنَانِير رُدَّ إِلَى الْوَرَثَةِ وَإِنْ سُمِّيَ مَوْضِعًا أَحَجُّوا مِنْهُ إِن حمل الثُّلُث وَإِلَّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا وَفَرَّقَ بَيْنَ تَعْيِينِ الْمَوْضِعِ وَإِطْلَاقِهِ لِارْتِبَاطِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْضِعِ كَمَا لَو اُسْتُؤْجِرَ ليحرم من مَوضِع يُعينهُ فَأَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ بِتَنْفِيذِهَا إِلَى ثُلُثِهِ إِنْ وَجَدَ مَنْ يَحُجُّ بِهَا عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِنْ كَانَ صَرُورَةً فَقَوْلُ أَشْهَبَ أَحْسَنُ وَإِلَّا فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي بِثُلُثِي حَجَّةً وَاحِدَةً فَأَحَجُّوا بِدُونِهِ فَالْبَاقِي لَهُمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يُخْرِجُونَهُ فِي حَجَّةٍ أُخْرَى وَفِعْلُهُمْ لِلْأَقَلِّ جَائِزٌ وَلَا يُجْزِئُهُمْ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَيَضْمَنُونَ الْمَالَ لِلْمُخَالَفَةِ الثَّامِنُ قَالَ سَنَدٌ يَجِبُ اتِّصَالُ الْعَمَلِ بِالْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُعَيَّنَةِ كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ وَإِنْ كَانَتْ بِالْحِجَازِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ تَكُونَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ لِيُشْرَعَ فِيهَا عَقِيبَ العقد وَيجوز التَّأْخِير فِي الْمَضْمُونَة والسنين التَّاسِعُ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ مَشْيٌ إِلَى مَكَّةَ فَأَوْصَى بِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَمْشِي

ص: 201

عَنْهُ وَيَهْدِي هَدْيَيْنِ لِلْحَجِّ وَصَفَتُهُ بِالْمَشْيِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَهَدْيٌ وَاحِدٌ وَلَا يَمْشِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ فَإِنْ وَعَدَهُ ابْنُهُ بِذَلِكَ بَطَلَ وَعْدُهُ فَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ حَمَلَ هَذَا مِنْ مَالِكٍ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْحَجِّ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَمْنُوعًا لَمَا خص الْوَلَد عَلَيْهِ على أحد قوليه وَفِي الأولى ألحقهُ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاة وَمَعَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ جَوَّزَهُ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاة لما فِي البُخَارِيّ عَن ابْن عُمَرَ

أَنَّ امْرَأَةً جَعَلَتْ أُمَّهَا عَلَى نَفْسِهَا صَلَاةً بِقُبَاءٍ قَالَ فَصَلِّي عَنْهَا وَفِي مُسْلِمٍ

أَن امْرَأَة سَأَلته صلى الله عليه وسلم َ - عَنْ أُمِّهَا أَنَّهَا مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا قَالَ صُومِي وَالْحَجُّ أَبْيَنُ وَإِنْ عَيَّنَ الْمَيِّتُ لِذَلِكَ مَالًا لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَنْفِيذِهِ فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِالْمَشْيِ وَقَالَ مَا لَزِمَنِي فَافْعَلُوهُ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَلْزَمُهُمُ الْهَدْيُ لِتَعَذُّرِ أَدَاءِ الْوَاجِبِ بِالْمَوْتِ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ لَا يَفْعَلُونَ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ مِنْ مَالِهِ وَلَا أَنْ يَهْدِيَ لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْبَدَنِ وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ حُجَّتَانِ فَرَضَ وَنَذَرَ فَاسْتَأْجَرُوا اثْنَيْنِ لِعَامٍ وَاحِدٍ صَحَّ بِخِلَافِ مَنْ حَجَّ لِفَرْضِهِ وَنَذْرِهِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ لِتَعَذُّرِ الْإِحْرَامِ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لَا يجوز لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي النّذر لَا بَعْدَ الْفَرْضِ الْعَاشِرُ قَالَ لَوْ أَحْرَمَ عَنْ أَبِيه وَأمه لم ينْعَقد وَقَالَ ش وَقَالَ ح يَنْعَقِدُ وَيَجْعَلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَسَلَّمَ عَدَمَ الِانْعِقَادِ فِي الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَيَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ إِنَّمَا هُوَ الْبِرُّ وَهُوَ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ الأجنبيين فَلَمَّا

ص: 202

أمكن أَن يَقُول أَن الْأَجْنَبِيَّيْنِ الْمَقْصُودُ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْخُرُوجُ عَنْ حَقِّهِمَا فَلَوْ أَحْرَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لَمْ تَقَعْ إِلَّا عَنْ نَفْسِهِ وَقَالَ ش وح يَصْرِفُهُ إِلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا لَنَا أَنَّهُ إِحْرَامٌ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَلَا يَصِحُّ تَعْيِينُهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ عَمَّنْ لَعَلَّهُ يُؤَاجِرُهُ وَيُخَالِفُ إِحْرَامَهُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يُعَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لِأَنَّهُ يُعَيِّنُ نَفسه وَأحد النُّسُكَيْنِ شَأْن أَنْ يَدْخُلَ فِي الْآخَرِ الْحَادِي عَشَرَ قَالَ إِذَا أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِمَالٍ فَتَبَرَّعَ عَنْهُ بِغَيْرِ مَالٍ فَعَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَعُودُ مِيرَاثًا وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَسْتَأْجِرُ بِهِ كَمَا لَو اسْتَأْجر عَنهُ بِدُونِ مَال الثَّانِي عَشَرَ إِذَا أَحْرَمَ الْأَجِيرُ عَنِ الْمَيِّتِ ثُمَّ صَرَفَهُ إِلَى نَفْسِهِ لَمْ يُجْزِئْ عَنْهُمَا وَلَا يسْتَحق الْأُجْرَة وَقَالَ الشَّافِعِي يَقَعُ عَنِ الْمَيِّتِ وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ وَفِي الْجَوَاهِر فِي افتقار العقد إِلَى تعين الزَّمَانِ الَّذِي يَحُجُّ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَاخْتَلَفُوا فِي تَعَلُّقِ الْفِعْلِ بِنَفْسِ الْأَجِيرِ أَوْ بِذِمَّتِهِ وَعَلِيهِ يخرج الْخلاف إِذا امْتنع الْعين وَإِذَا صُدَّ الْأَجِيرُ فَأَرَادَ الْإِقَامَةَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى عَامٍ ثَانٍ أَوْ تَحَلَّلَ وَأَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى إِجَارَتِهِ لِيَحُجَّ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَانِ وَفِي الْجُلَّابِ لَا يَجُوزُ لِلْأَجِيرِ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهِ إِلَّا بِإِذْنِ الْمُؤَجِّرِ السَّابِقَةُ الثَّانِيَةُ الْمِيقَاتُ الزَّمَانِيُّ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْعشْر الأول مِنْهُ لكَونه الناسك تَكْمُلُ فِيهِ أَوِ اعْتِبَارِ جَمِيعِهِ لِظَاهِرِ النَّصِّ أَوْ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَعَلُّقُ الدَّمِ بِتَأْخِيرِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَجَمِيعُ السَّنَةِ وَقْتٌ لَهَا لَكِنْ تكره فِي أَيَّام منى لمن يحجّ وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهَا فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا تكره ومراعاة هَذِه المقياة أَوْلَى وَقِيلَ وَاجِبَةٌ وَمَنْ أَحْرَمَ قَبْلَهُ انْعَقَدَ وَصَحَّ وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ وَقَالَهُ ش وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} الْبَقَرَة 196 وَأَقل

ص: 203

الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ وَفِي الْكِتَابِ يُسْتَحَبُّ إِهْلَالُ أَهْلِ مَكَّةَ إِذَا أَهَلَّ ذُو الْحِجَّةِ وَقَالَ ش يُسْتَحَبُّ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهم فَقَالَ يَا أَبَا عبد الرحمان رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَقَالَ وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لم أر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - يُهِلُّ حَتَّى يَبْعَثَ رَاحِلَتَهُ وَلِأَنَّهُ يَعْقُبُهُ السَّعْيُ فِي الْمَنَاسِكِ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ يَا أَهْلَ مَكَّةَ مَا شَأْنُ النَّاسِ يَأْتُونَ شُعْثًا وَأَنْتُمْ مُدْهِنُونَ أَهِلُّوا إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلِذَلِكَ قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَوَاعِدٌ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فَيَجِبُ أَنْ يَرْجِعَا لِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ وَالْأَشْهُرُ زَمَانٌ وَالْحَجُّ لَيْسَ بِزَمَانٍ فَيَتَعَيَّنُ حَذْفُ أَحَدِ مُضَافَيْنِ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ تَقْدِيرُهُ زَمَانُ الْحَجِّ أَشْهَرٌ مَعْلُومَاتٌ أَوِ الْحَجُّ ذُو أَشْهُرٍ مَعْلُومَاتٍ فَيَتَّحِدُ الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ فِي الزَّمَنِ أَوْ فِي الْأَفْعَالِ ثُمَّ الْمُبْتَدَأُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحْصُورًا فِي الْخَبَرِ فَيَجِبُ انْحِصَارُ الْحَجِّ فِي الْأَشْهُرِ فَيَكُونُ الْإِحْرَامُ قَبْلَهَا كَالْإِحْرَامِ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ غير مَشْرُوع وَهُوَ قَول الشَّافِعِي لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْحَجُّ بَلْ يَكُونُ مَعْصِيَةً جَوَابُهُ أَن الْإِحْرَام شَرط لِأَنَّهُ نِيَّة الْحَج الْمُمَيز لَهُ وَالْمُمَيِّزُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْ حَقِيقَةِ الْمُمَيَّزِ فَيَكُونُ شَرْطًا فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ لِأَنَّ الشُّرُوطَ يَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى أَوْقَاتِ الْمَشْرُوطَاتِ كَالطَّهَارَاتِ وَسَتْرِ الْعَوْرَاتِ مَعَ الصَّلَوَاتِ وَيَكُونُ الْمَحْصُورُ فِي الْأَشْهر إِنَّمَا هُوَ المشرط وَلَيْسَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ

ص: 204

الْأَصْحَابِ إِنَّهُ رُكْنٌ مُنَافَاةٌ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّهُ رُكْنٌ أَنَّهُ وَاجِبٌ لَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَهَذَا مَا يُنَافِي مَا ذَكَرْتُهُ وَلَيْسَ اصْطِلَاحُهُمْ فِي الرُّكْنِ أَنَّهُ جُزْءٌ حَتَّى يَلْزَمَ التَّنَافِي بل الرَّمْي عِنْدهم جُزْء عِنْدهم وَلَيْسَ بِرُكْنٍ أَوْ نَقُولُ هُوَ رُكْنٌ وَظَاهِرُ النَّصِّ يَقْتَضِي حَصْرَ ذَاتِ الْحَجِّ فِي الْأَشْهُرِ وَيَلْزَمُ مِنْ حَصْرِ كُلِّ ذَاتٍ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ حَصْرُ صِفَاتِهَا مَعَهَا لِاسْتِحَالَةِ اسْتِقْلَالِ الصِّفَةِ بِنَفْسِهَا وَصِفَاتُ الْحَجِّ الْإِجْزَاءُ وَالْكَمَالُ فَيَكُونُ الْمَحْصُورُ فِي الْأَشْهُرِ هُوَ الْحَجُّ الْكَامِلُ وَنَحْنُ نَقُولُ إِنَّ الْإِحْرَامَ فِيهَا أَفْضَلُ فَلَمْ نُخَالِفِ النَّصَّ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّ التَّحْدِيدَ وَقَعَ فِي المقياة الْمَكَانِيِّ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ التَّقْدِيمِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْكَرَاهَةِ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} الْبَقَرَة 189 وَهُوَ عَامٌّ مِنْ جُمْلَةِ الْأَهِلَّةِ فَتَكُونُ مِيقَاتًا لِلْحَجِّ وَهَذَا التَّعْلِيلُ الثَّانِي أَنْسَبُ لِلْمَذْهَبِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَالِكًا جَوَّزَ فِي الْكِتَابِ تَقْدِيمَ طَوَافِ الْحَجِّ وَسَعْيِهِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ الْقَارِنُ يَفْعَلُهُمَا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيُجْزِئَانِهِ لِحَجَّةِ قِرَانِهِ وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَبَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى قَابِلٍ يَفْعَلُهُمَا لِحَجٍّ قَابِلٍ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ سُؤَالٌ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمِيقَاتَيْنِ مَعَ أَنَّ مُرَاعَاةَ الْمَكَانِ أولى لشرفه بِقرب الْبَيْت جَوَابه أَنه صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ فِي المكاني

هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ يُرِيدُ الْحَجَّ أَو الْعمرَة فَبَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ مَحْصُورَةٌ فِي النَّاسِكِينَ وَلَمْ يَحْصُرِ النَّاسِكِينَ فِيهَا فَجَازِ التَّقْدِيمُ عَلَيْهَا والمقياة الزَّمَانِيُّ عَلَى الْعَكْسِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ السَّابِقَةُ الثَّالِثَةُ الميقاة المكاني وَفِي الْجَوَاهِر وَهُوَ ذُو الْحُلَيْفَةِ لِلْمَدِينَةِ وَالْجَحْفَةُ لِلشَّامِ وَمِصْرُ وَيَلَمْلَمُ لِلْيَمَنِ وَقَرْنٌ لِنَجْدٍ وَذَاتُ عَرَقٍ لِلْعِرَاقِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ فِي الْحَجِّ لَا فِي الْعُمْرَةِ وَلَا فِي الْقِرَانِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي الْقرَان وَيعْتَبر الآفاقي مُطلقًا فَأن جاوزه ضررة فَفِي إِيجَابِ الدَّمِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْفَوْرِ أَوِ التَّرَاخِي وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ

ص: 205

فِي المقياة فِي حَقِّ الْمُقِيمِ وَالْآفَاقِيُّ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ إِلَى طَرَفِ الْحِلِّ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى طَافَ وَسَعَى لَمْ يُعْتَدَّ بِعُمْرَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ بَين الْحل وَالْحرَام وَالْحَاجُّ جَامِعٌ بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْأَفْضَلُ للمعتمر الْإِحْرَام من الْجِعِرَّانَة أَو التنعم وَفِي الْجُلَّابِ لَا بَأْسَ بِإِحْرَامِ الْمَكِّيِّ بِالْقِرَانِ مِنْ مَكَّةَ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ اعْتِبَارًا بِالْعُمْرَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبَّاس

وَقت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ قَالَ هن لَهُنَّ وَلمن أتئعليهن من غير أهلهن مِمَّن أَرَادَ الْحَج وَالْعمْرَة فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا زَادَ مُسْلِمٌ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ فَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ لِاسْتِحَالَةِ الْخُلْفِ فِي خَبَرِ الْمَعْصُومِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ فَلَا تَجُوزُ مُجَاوَزَةُ المقياة لِغَيْرِ عُذْرٍ فَائِدَةٌ يُرْوَى أَنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ كَانَ لَهُ نُورٌ يَصِلُ آخِرُهُ إِلَى هَذِهِ الْحُدُودِ فَلِذَلِكَ مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْ مُجَاوَزَتِهَا لِمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ تَعْظِيمًا لِتِلْكَ الْآثَارِ قَالَ سَنَدٌ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ جَاوَزَ مِيقَاتَهُ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ ثُمَّ أَرَادَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ وَذُو الْحُلَيْفَةِ جَمِيعُ الْوَادِي وَالْمُسْتَحَبُّ الْمَسْجِدُ وَلِمَالِكٍ فِي مُجَاوَزَةِ الْمَرِيضِ ذَا الْحُلَيْفَةِ إِلَى الْجُحْفَةِ قَوْلَانِ وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ فسافر إِلَى وَرَائه ثمَّ رَجَعَ يُرِيد الدُّخُول مَكَّةَ فَلَهُ الْإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ وَمِنْ مَنْزِلِهِ كَمَا يُؤَخِّرُ الْمِصْرِيُّ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إِلَى الججفة وَلَا يُؤَخِّرُهُ إِلَى مَسْكَنِهِ إِنْ كَانَ بِمَكَّةَ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إِلَّا بِإِحْرَامٍ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْمِيقَاتُ وَقَالَ ش إِهْلَالُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنَ الْعَتِيق لقَوْل ابْن عَبَّاس وَقت

ص: 206

- صلى الله عليه وسلم َ - لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ وَجَوَابُهُ إِجْمَاعُ النَّاسِ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا جَاوَزُوهُ إِلَى ذَاتِ عِرْقٍ لَا دَمَ عَلَيْهِمْ فَلَوْ كَانَ مِيقَاتًا لَوَجَبَ الدَّمُ وَإِنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَيْنَ مِيقَاتَيْنِ فَمِيقَاتُهُ مَنْزِلُهُ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ الْمَوَاقِيتَ لِأَهْلِهَا وَلِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُمَا فَلَا يُؤْمَرُ لَكِنَّ مُنْزِلَهُ حَذْوَ مِيقَاتٍ وَمَنْ مَرَّ عَلَى غَيْرِ ميقاة اعْتبر محاذاته للميقاة كَمَا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَبْلُغْ عُمَرَ رضي الله عنه الْحَدِيثُ فِي ذَاتِ عِرْقٍ جَعَلَهَا مِيقَاتًا بِالِاجْتِهَادِ لِمُحَاذَاتِهَا قَرْنٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَمَنْ أَتَى فِي الْبَحْرِ إِلَى جَدَّةَ مِنْ مِصْرَ وَنَحْوِهَا قَالَ مَالِكٌ يُحْرِمُ إِذَا حَاذَى الْجُحْفَةَ قَالَ وَهَذَا إِذَا سَافَرَ فِي بَحْرِ الْقُلْزُومِ لِأَنَّهُ يَأْتِي سَاحِلَ الْجُحْفَةِ ثُمَّ يَخْلُفُهُ وَلَمْ يَكُنِ السَّفَرُ مِنْ عِيذَابٍ مَعْرُوفًا حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَرْضَ مَجُوسٍ فَمَنْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ مِنْهَا فَعَلَى حَسَبِ خُرُوجِهِ لِلْبَرِّ إِلَّا أَنْ يخرج أبعد من ميقاة أَهْلِ الشَّامِ أَوْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ فِي الْبَحْرِ مُتَحَرِّيًا الْجُحْفَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّغْرِيرِ بِرَدِّ الرِّيحِ فَيَبْقَى عُمْرُهُ مُحْرِمًا حَتَّى يَتَيَسَّرَ السَّفَرُ السَّالِمُ وَهَذَا حَرَجٌ عَظِيمٌ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي دَفْعِ الْحَرَجِ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ إِلَى الْبَرِّ وَإِذَا ثَبَتَ الْجَوَازُ فَلَا يَجِبْ دم لعدم الدَّلِيل عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أوجبتاه فِي بَحْرِ الْقُلْزُومِ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْبِرِّ وَالْإِحْرَامِ مِنَ الْجُحْفَةِ وَهَلْ يُحْرِمُ إِذَا وَصَلَ إِلَى جَدَّةَ لِانْتِقَاءِ الضَّرُورَةِ أَوْ إِذَا سَارَ مِنْهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ سُنَّةَ الْإِحْرَامِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السَّيْرِ فُرُوعٌ سَبْعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُسْتَحَبُّ لأهل مَكَّة وَمن دَخَلَهَا بِعُمْرَةٍ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنْ كَانَ مِنَ الْمُعْتَمِرِ الْآفَاقِيِّ سَعَةٌ فَالْمُسْتَحَبُّ خُرُوجُهُ لِمِيقَاتِهِ وَالْأَفْضَلُ لِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمغْرب التَّأْخِير لذِي الحليفة لِأَنَّهُ مِيقَاته صلى الله عليه وسلم َ - وَهُوَ طَرِيقُهُمْ فَإِنْ مَرُّوا مِنَ الْعِرَاقِ فَمِنْ ذَاتِ عِرْقٍ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْآفَاقِ إِذَا مَرُّوا بِغَيْر مواقيتهم أَحْرمُوا مِنْهُ إِلَّا إِذا الحليفة

ص: 207

كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ سَنَدٌ قَدْ أَحْرَمَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَرَوَى أَشْهَبُ يُحْرَمُ مِنْ جَوْفِ الْمَسْجِدِ لَا مِنْ بَابِهِ بِخِلَافِ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ يُحْرِمُ مِنْ بَابِهِ لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ لَا يُكْرَهُ إِظْهَارُهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ شِعَارِ الْحَجِّ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُوضَعْ إِلَّا لِلصَّلَاةِ وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَنْزِلِهِ فَالْإِبْعَادُ أَفْضَلُ لَهُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ جَاهِلًا رَجَعَ فَأَحْرَمَ مِنْهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فَإِنْ خَافَ فَوَات الْحَج أحرم من مَوْضِعه وَتَمَادَى وَعَلَيْهِ دَمٌ لِأَنَّ مَحْظُورَاتِ الْحَجِّ تُسْتَبَاحُ بِالضَّرُورَةِ وَيَلْزَمُ الدَّمُ كَاللِّبَاسِ وَالطِّيبِ وَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ وَلَيْسَ مُرَاهِقًا لَمْ يَرْجِعْ وَعَلَيْهِ دم وَقَالَ ش وح يَرْجِعُ كَالْمَكِّيِّ إِذَا أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْحِلِّ وَالْفَرْقُ أِنَّ الْحِلَّ شَرط فِي الْإِحْرَام بِخِلَاف الْمِيقَات وَلذَلِك فَأن طَافَ الْحَاجُّ لَا يَرْجِعُ وِفَاقًا قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ لَا يَسْقُطُ الدَّمُ عَنْهُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش وح يَسْقُطُ قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا أَحْرَمَ مِنَ الْمِيقَات ابْتِدَاء لنا أَنه صلى الله عليه وسلم َ - أَحْرَمَ مِنَ الْمِيقَاتِ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَقَالَ مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَقَدْ تَرَكَ نُسُكًا فَلَا يُبَرِّئُهُ مِنَ الدَّمِ إِلَّا إِرَاقَتُهُ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ فَلَوْ أَرَادَ رَفْضَ إِحْرَامِهِ وَابْتَدَأَهُ مِنَ الْمِيقَاتِ لَمْ يَرْتَفِضْ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّة

ص: 208

وَالْمَذْهَبُ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ تَحْدِيدٌ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَقْرِيبٌ فَإِذَا أَحْرَمَ قَرِيبًا مِنْهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ مَنْ أَهَلَّ مِنْ مِيقَاتِهِ بِعُمْرَةٍ وَأَرْدَفَ الْحَجَّ بِمَكَّةَ أَوْ قَبْلَهَا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ الْإِحْرَامَ مِنَ الْمِيقَاتِ وَمَنْ جَاوَزَ مِيقَاتَهُ لَا يُرِيدُ إِحْرَامًا ثُمَّ أَرَادَهُ أَحْرَمَ من مَوْضِعه وَلَا دم عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَئِمَّة لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - تَجَاوَزَ مِيقَاتَهُ وَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنْ الْجُعْرَانَةِ وَمَنْ تعدى الميقاة ضَرُورَة ثُمَّ أَحْرَمَ لَزِمَهُ الدَّمُ وَمَنْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ فَاتَهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ لِأَنَّهُ يَقْضِي الْحَجَّ وَإِنْ أَفْسَدَهُ بِجِمَاعٍ فَعَلَيْهِ دَمُ الْمِيقَاتِ لِوُجُوبِ التَّمَادِي قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَسْقُطُ الدَّمُ بِالْفَوَاتِ لِأَنَّ انْقِلَابَ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ كَانْقِلَابِ الْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ إِذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِهَا ثُمَّ أَرْدَفَ الْحَجَّ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَن الدَّم الْمُتَعَلّق بِبَعْض الْإِحْرَام فرغ إِتْمَامه لِأَنَّهُ لَو فعله قبل ذَلِك لم يُجِزْهُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ دَمُ تَعِدِي الْمِيقَاتِ يُجْزِئُ فِيهِ الصَّوْمُ إِنْ تَعَذَّرَ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ لِأَنَّهُ لِتَرْكِ نُسُكٍ كَتَرْكِ الْمَبِيتِ وَدَمُ الْقِرَانِ وَهُوَ مُرَتَّبٌ كَدَمِ التَّمَتُّعِ بِخِلَافِ دَمِ الْمَحْظُورَاتِ على التخير الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ مَكِّيٌّ أَوْ مُتَمَتِّعٌ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزِ الْمِيقَاتَ إِلَّا مُحْرِمًا فَإِنْ مَضَى إِلَى عَرَفَاتٍ وَلَمْ يَدْخُلِ الْحَرَمَ وَهُوَ مُرَاهِقٌ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ بِالْحَجِّ مِنَ الْحِلِّ أَوِ التَّنْعِيمِ أَوْ غَيْرُ الْمَكِّيِّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى قَبْلَ الْوُقُوفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَاهِقًا بِخِلَافِ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنَ الْحَرَمِ وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ مُتَعَمِّدًا أَوْ جَاهِلًا أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ يُرِيدُ النُّسُكَ وَجَبَ الْإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ

ص: 209

وَإِنْ لَمْ يُرِدْ وَخَافَ ضَرَرًا شَدِيدًا مِثْلَ دُخُولِهِ لِقِتَالِ الْبُغَاةِ أَوْ يَخَافُ مِنْ سُلْطَانِهَا فَلَا يُكْرَهُ لَهُ دُخُولُهَا حَلَالًا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِجَوَازِهِ مَعَ عُذْرِ التَّكْرَارِ فَأَوْلَى الْخَوْفُ وَقَالَهُ ش ولدخوله صلى الله عليه وسلم َ - عَامَ الْفَتْحِ حَلَالًا سُؤَالٌ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَكَّة حرَام وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِيَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ يَقْتَضِي بطلَان مَا ذكرتموه جَوَابه أَنه صلى الله عليه وسلم َ - إِنْ كَانَ آمِنًا فَذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ وَإِنْ كَانَ خَائِفًا فَالْإِشَارَةُ إِلَى صِفَتِهِ أَيْ أُحِلَّتْ لِمَنْ كَانَ بِصِفَتِي وَيَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ دُخُولُ الْحَطَّابِينَ وَنَحْوِهِمْ وُفِي الْجَوَاهِرِ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمُتَرَدِّدِينَ دُخُولُهَا حَلَالًا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ نُسُكًا وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يُبَاحُ وَجَوَّزَ ح لمن كَانَ دون الميقاة الدُّخُول بِغَيْر إِحْرَام وَمنع من قبل الميقاة وَجعل الْحُرْمَة للمقياة وَهُوَ بَاطِل لِأَن حُرْمَة المقياة لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامُ تَحِيَّةٌ مَشْرُوعَةٌ لِبُقْعَةٍ مُبَارَكَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْهَا قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا أَوْجَبْنَا الدَّم فَهُوَ لمجاوزة الميقاة عِنْدَ مَالِكٍ وَلِدُخُولِ مَكَّةَ حَلَالًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إِذَا تَجَاوَزَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ قبل مَكَّة وَأما الدُّخُول فِي الْحَطَّابِينَ وَالصَّيَّادِينَ وَالْفَكَّاهِينَ مِمَّنْ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَكْرَارُ الْإِحْرَامِ فَيَدْخُلُونَهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَأَلْحَقَ بِهِمْ سَحْنُونٌ مَنْ دَخَلَ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ مِنْهَا ثُمَّ خَرَجَ يَنْوِي الرُّجُوعَ لِلْحَجِّ بِجَامِعِ التَّكْرَارِ وَإِذَا قُلْنَا لَا دَمَ عَلَى دَاخِلِ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَأَرَادَ الْحَجَّ خَرَجَ لِمِيقَاتِهِ فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ أَهْلِ مَكَّةَ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ إِدْخَالُ رَقِيقِهِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي الْإِحْرَامِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا دَمَ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ فِي الْمِلْكِ أَسْقَطَ الْحَجَّ فَأَوْلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَلَوْ أسلم نَصْرَانِيّ أَو اعْتِقْ عبد أَو بلغ

ص: 210

صبي بعد خول مَكَّة فأحرموا حِينَئِذٍ فَلَا دم للميقات وَقَالَ ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَى الْكَافِرِ الَّذِي أَسْلَمَ الدَّمُ لَنَا أَنَّهُ قَامَ بِهِ مَانِعُ الْحَجِّ فَأَشْبَهَ الْمَجْنُونَ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ يكره الْإِحْرَام قبل الْمِيقَات وَقَالَ ش وح الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ بَلَدِهِ لِأَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا رضي الله عنهما قَالَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الْبَقَرَة 196 أَنَّ تَمَامَهَا أَنْ تُحْرِمَ بِهَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ أَحْرَمَ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ أَوْ وَجَبَتْ لَهُ الْجنَّة لنا أَنه صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يُحْرِمْ إِلَّا مِنَ الْمِيقَاتِ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَقِيَاسًا عَلَى مِيقَاتِ الزَّمَانِ أَوْ لِأَنَّهُ خِلَافُ النَّصِّ فِي تَحْدِيدِ الْمَوَاقِيتِ وَمَا رَوَوْهُ أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى النَّذْرِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّة

ص: 211

صفحة فارغة

ص: 212

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمَقَاصِدِ)

وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ ثَلَاثَة أَقسَام وَاجِبَات أَرْكَان يَأْتِي بِتَرْكِهَا وَلَا يُجْبِرُهَا الدَّمُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْإِحْرَامُ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيُ زَادَ عَبْدُ الْمَلِكِ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ وَوَاجِبَاتٌ لَيْسَتْ بِأَرْكَانٍ وَهِيَ مَا يُوجب تَركه الدَّم كالتلبية والميقاة وَطَوَافِ الْقُدُومِ لِغَيْرِ الْمُرَاهِقِ وَالْجِمَارِ أَوْ بَعْضِهَا ونزول بِمُزْدَلِفَةَ وَنَحْوِهَا وَمَسْنُونَاتٌ مُسْتَحَبَّةٌ لَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهَا وَلَا تُوجِبُ دَمًا كَالْغُسْلِ لِلْإِحْرَامِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَالرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ أَوْ بَطْنِ الْمَسِيلِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَاسْتِلَامِ الرُّكْنِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْحِلَاقِ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ وَالْمَبِيتِ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ ثُمَّ الدَّفْعِ مِنْهَا وَالْوُقُوفِ مَعَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ لِلدُّعَاءِ وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَقَاصِدِ مَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ مكث صلى الله عليه وسلم َ - تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاس فِي الْعَاشِرَة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - حَاجٌّ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ

ص: 213

مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - كَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْمَسْجِد ثمَّ ركب القصوي حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ نَظَرْتُ إِلَى مُدِّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَنْ يَسَارِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ وَمَا عَمِلَ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَاِ فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يهلون بِهِ فَلم يرد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - شَيْئًا مِنْهُ وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - تَلْبِيَتَهُ قَالَ جَابِرٌ لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ثُمَّ نَفَذَ إِلَى الْمَقَامِ فَقَرَأَ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} الْبَقَرَة 125 فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَكَانَ أَبِي يَقُولُ وَلَا أَعْرِفُ ذكره إِلَّا عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد} الْإِخْلَاص 1 {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} الْكَافِرُونَ 1 ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْن فاستمله ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الْبَقَرَة 158 أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ الله بِهِ فَبَدَأَ بالصفا فرقي عَلَيْهَا حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إِلَهَ إِلَّا الله أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ثمَّ دَعَا بَين ذَلِك قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَة حَتَّى انصبت قدماه فِي بَطْنِ الْوَادِي حَتَّى إِذَا صَعِدْنَا مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرَ طَوَافٍ عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ جَعْشَمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى وَقَالَ دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ

ص: 214

فِي الْحَج مرَّتَيْنِ لأبد أَبَد الْأَبَد وَقَدِمَ عَلِيٌّ رضي الله عنه مِنَ الْيَمَنِ بِبُدُنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رضي الله عنها مِمَّنْ حَلّ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا قَالَ فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ لِلَّذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم َ - فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّنِي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَ صَدَقَتْ صَدَقَتْ مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ قَالَ قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ فَإِن معي الْهَدْي قَالَ فَلَا تحل قَالَ فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - مِائَةً قَالَ فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ فَرَكِبَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فَصَلَّى بِهَا الظَّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ وَالْفَجْرَ ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شِعْرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةٍ فَسَارَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَلَا تَشْكُ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - حَتَّى أَتَى عَرَفَة فَوجدَ الْقبَّة ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةٍ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زاغت الشَّمْس أَمر بالقصوى فَرُحِّلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ وَقَالَ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلا كل شئ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دمائها ابْنِ رَبِيعَةِ بْنِ الْحَارِثِ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بني سعد فَقتله هُذَيْل وَربا الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوعَة وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَانَا رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوَطِّئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بِهِ إِن اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كتاب الله وَأَنْتُم تسْأَلُون عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ قَالُوا نَشْهَدُ

ص: 215

أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ فَقَالَ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيُنَكِّسُهَا إِلَى النَّاسِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ وَصلى الْعَصْرَ وَلَمْ يَصِلْ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم َ - حَتَّى أَتَى الْموقف فَجعل بطن فاقته القصوى إِلَى الصَّخْرَةِ وَجَعَلَ جَبَلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرُبَتِ الشَّمْس وَذَهَبت الصُّفْرَة قَلِيلا وأرت أُسَامَة خَلْفَهُ وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَقد شنق القصوى الزِّمَامُ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لِيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ وَيَقُول بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَيهَا النَّاس السَّكِينَةُ كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم َ - حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْح بِأَذَان وَإِقَامَة ثمَّ ركب القصوى حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم َ - مَرَّتْ ظُعْنٌ يَجْرِينَ وَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ فَصَرَفَ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ حَتَّى أَتَى بِطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلًا وَسَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تخرج على الْجَمْرَة الْكُبْرَى الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كل حَصَاة مِنْهَا من حَصَى الْخَذْفِ رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبِضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قَدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم َ - فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظَّهْرَ فَأَتَى بني عبد الْمطلب يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ فَقَالَ انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ

ص: 216

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ كَانَتْ حَجَّتُهُ هَذِهِ فِي عَامِ الْعَاشِرِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَهِيَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ لَمْ يَحُجَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - بَعْدَ فَرْضِ الْحَجِّ غَيْرَهَا وَحَجَّ بِمَكَّةَ قَبْلَ فَرْضِهِ حَجَّتَيْنِ فَوَائِدٌ مِنَ الْمُعَلِّمِ قَوْلُهُ كُلَّمَا أَتَى حبلا الحبال دون الْجبَال وَهِي مستطيلة الرمل وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ - وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى قِيلَ الْكَلِمَةُ قَوْله تَعَالَى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} الْبَقَرَة 229 قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إِبَاحَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَشَرِبَ مِنْ مَرَقِ الْجَمِيعِ لما فِي الْأكل من الْجَمِيعِ مِنَ الْكُلْفَةِ وَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ إِشَارَةٌ إِلَى عُمْرِهِ عَنْ كُلِّ سَنَةٍ بَدَنَةٌ وَالْخَذْفُ رَمْيُكَ حَصَاةً أَوْ نَوَاةً تَأْخُذُهَا بَيْنَ سَبَّابَتَيْكَ تَنْبِيهٌ اصْطِلَاحُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْفَرْضَ وَالْوَاجِبُ سَوَاءٌ إِلَّا فِي الْحَجِّ فَقَدْ خَصَّصَ ابْنُ الْجُلَّابِ وَغَيْرُهُ اسْمَ الْفَرْضِ بِمَا لَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ فَقَالَ فَرَوَّضُ الْحَجِّ أَرْبَعَةٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْوَاجِبَاتِ لِأَنَّ كُلَّ مَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَاجِبٌ كَمَا خَصَّصَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي السَّهْوِ السُّنَّةَ بِمَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ فَجَعَلَهَا خَمْسَةً مَعَ أَنَّ سُنَنَ الصَّلَاةِ عَدَّهَا صَاحِبُ الْمُقْدِمَاتِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَقَالَ يَسْجُدُ مِنْهَا لِثَمَانِيَةٍ فَلْيَعْلَمْ ذَلِكَ وَلْنَشْرَعِ الْآنَ فِي بَيَانِ الْمَقَاصِدِ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ الْمَقْصد الأول الْإِحْرَام وَيُقَالُ أَحْرَمَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ وَأَحْرَمَ إِذَا دَخَلَ فِي حُرُمَاتِ الْحَجِّ أَوِ الصَّلَاةِ كَمَا نَقُولُ أَنْجَدَ وَأَتْهَمَ وَأَصْبَحَ وَأَمْسَى إِذَا دَخَلَ نَجْدًا أَوْ تِهَامَةَ وَالصَّبَاحَ وَالْمَسَاءَ وَلِذَلِكَ يَتَنَاوَلُ قَوْله تَعَالَى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} الْمَائِدَة 95 الْفَرِيقَيْنِ ثُمَّ الْبَحْثَ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِحْرَامِ وَعَنْ سُنَّتِهِ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ

ص: 217

مُتَعَلِّقٍ بِالْحَجِّ كَالتَّلْبِيَةِ وَالتَّوَجُّهِ عَلَى الطَّرِيقِ وَاشْتَرَطَ ابْنُ حَبِيبٍ التَّلْبِيَةَ عَيْنًا لَا تَنْعَقِدُ بِدُونِهَا فَلَوْ تَجَرَّدَتِ النِّيَّةُ عَنْهُمَا فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ وَأَجْرَى اللَّخْمِيُّ هَذَا الْخِلَافَ عَلَى الْخِلَافِ فِي انْعِقَاد الْيمن بِمُجَرَّد النِّيَّةِ وَأَنْكَرَهُ أَبُو الطَّاهِرِ وَقَالَ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْعِبَادَاتِ لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا بالْقَوْل أَو النِّيَّة أَوْ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ تَوَجَّهَ نَاسِيًا لِلتَّلْبِيَةِ أَرَاهُ مُحْرِمًا بِنِيَّتِهِ قَالَ سَنَدٌ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَاشْترط مَعَ النِّيَّةِ التَّلْبِيَةَ وَيَقُومُ مَقَامَهَا سَوْقُ الْهَدْيِ كَمَا يَقُومُ غَيْرُ التَّكْبِيرِ عِنْدَهُ مَقَامَ التَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاة لما فِي الْمُوَطَّأ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَوْ مَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ بِالْإِهْلَالِ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَهَا تَحْرِيمٌ فَيَكُونُ لَهُ نُطْقٌ كَالصَّلَاةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ وَرَدَ بِرَفْع الصَّوْت وَهُوَ غير وَاجِب اتِّفَاقًا فَأن لَمْ يَجِبْ مَا تَنَاوَلَهُ النَّصُّ فَأَوْلَى مَا تَضَمَّنَهُ وَعَنِ الثَّانِي الْمُعَارِضَةُ بِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يَجِبُ فِي آخِرِهَا نُطْقٌ فَلَا يَجِبُ فِي أَوَّلِهَا كَالصَّوْمِ وَالطَّهَارَةِ عَكْسُهُ الصَّلَاةُ وَفِي الْكِتَابِ يَنْوِي بِتَلْبِيَتِهِ الْإِحْرَامَ إِمَّا حَجًّ أَوْ عُمْرَةً وَيبدأ الْقَارِن بِالْعُمْرَةِ قَالَ بن الْقَاسِمِ وَقَالَ لِي مَالِكٌ النِّيَّةُ تَكْفِي فِي الْإِحْرَامِ وَلَا يُسَمِّي قَالَ سَنَدٌ الْإِحْرَامُ يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّد النِّيَّة وَكره ملك وش التَّسْمِيَةَ وَاسْتَحَبَّهَا ابْنُ حَنْبَلٍ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي وَقَالَ قُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ

ص: 218

مَحْمُولٌ عَلَى الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ وَحَدِيثُ جَابِرٍ لَيْسَ فِيهِ تَسْمِيَةً وَسَمِعَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ فَضَرَبَ فِي صَدْرِهِ وَقَالَ {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} الْمَائِدَة 116 تَنْبِيهٌ فِي الْجَوَاهِر وَصرح أَبُو الطَّاهِرِ فِي كِتَابِهِ وَاللَّخْمِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ بِأَنَّ النِّيَّةَ إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنِ الْقَوْلِ أَوِ الْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْحَجِّ لَا يَنْعَقِدُ الْحَجُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَصْرِيحُ الْكِتَابِ وَسَنَدٍ أَنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي فِي التَّلْقِينِ فَقَالَ الْإِحْرَامُ هُوَ اعْتِقَادُ دُخُولٍ فِي الْحَجِّ وَبِذَلِكَ يَصِيرُ مُحَرَّمًا وَهَذَا فِي غَايَةِ التَّصْرِيحِ قَالَ صَاحِبُ الْمُعَلِّمِ يَنْعَقِدُ الْحَجُّ بِالنِّيَّةِ وَحْدِهَا كَمَا يَنْعَقِدُ الصَّوْم عِنْد مَالك وش فَهَذَا الصَّرِيحُ وَالتَّشْبِيهُ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الشُّيُوخِ وَقَالَ سَنَدٌ لَوْ نَوَى وَأَقَامَ كَانَ مُحْرِمًا وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْهُمَا فِي الْخِلَافِيَّاتِ فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ قَاعِدَةٌ النِّيَّةُ إِنَّمَا شَرَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ أَوْ لِتَمْيِيزِ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُ النِّيَّةِ مُسْتَوْعِبَةً فِي الطَّهَارَةِ فَلْتُرَاجَعْ مِنْ هُنَاكَ وَمِنْ شَرْطِ الْمُمَيَّزِ أَنْ يُفَارِقَ الَّذِي يُمَيِّزُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ أَوْلَى من غَيره خُولِفَ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الصَّوْمِ لِلضَّرُورَةِ وَفِي الطَّهَارَةِ مَعَ الْقُرْبِ الْيَسِيرِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْيَسَارَةِ فَإِذَا جَعَلْنَا الْإِحْرَامَ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَازرِيّ وَغَيره من الْمُحَقِّقين وكما قَالَه فِي الْكتاب فأفعال الْحَج تتأخر عَلَيْهِ بِالشُّهُورِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَلَابِسُ لِلِانْكِفَافِ عَنْ مُحَرَّمَاتِ الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَوْ لَابَسَهَا إِلَّا الْجِمَاعَ صَحَّ إِحْرَامُهُ وَلَا يُمْكِنُ الِاكْتِفَاءُ بِالِانْكِفَافِ عَنِ الْجِمَاعِ لِصِحَّةِ إِحْرَامِ الْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِهِ فَلَا يَكُونُ مَنْوِيًّا لَهُ بِجَهْلِهِ بِهِ وَمِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فِي

ص: 219

الْمَنْوِيِّ بَلْ قَدْ نَقَلَ سَنَدٌ أَنَّ الْإِحْرَامَ ينْعَقد مِنْهُ وَهُوَ يُجَامع وَيلْزمهُ التَّمَادِي وَالْقَضَاءُ وَلَمْ يُحْكَ خِلَافًا بَلْ ذُكِرَ مَا يدل على الِاتِّفَاق على ذَلِك من الْمَذَاهِبِ أَمَّا مَنِ اشْتَرَطَ التَّلَبُّسَ بِبَعْضِ أَفْعَالِ الْحَج أَو أقوله أَوِ التَّلْبِيَةِ عَيْنًا أَوِ التَّلْبِيَةِ وَسَوْقِ الْهَدْيِ فَهُوَ مُتَّجِهٌ لِدُخُولِهِ بِالنِّيَّةِ فِي الْمَنْوِيِّ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا لَا يَنْوِي حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ أَشْهَبُ وَالْأَئِمَّةُ مَنْ هُوَ بِالْخِيَارِ فِي صَرْفِهِ إِلَى أَحَدِهِمَا وَإِلَى الْحَجِّ أَفْضَلُ وَقَالَ أَيْضًا إِلَى الْقِرَانِ أَفْضَلُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ إِحْرَامِ عَلَيٍّ رضي الله عنه فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ الْتِزَامُهُ مُطْلَقًا فَيَنْعَقِدُ كَذَلِكَ وَرَأَى فِي الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَمَّا صَحَّ لَهُمَا صُرِفَ لَهُمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَوِ اخْتَلَفَ الْعَقْدُ وَالنِّيَّةُ فَالِاعْتِبَارُ بِالْعَقْدِ وَرُوِيَ مَا يُشِيرُ إِلَى النُّطْقِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ مُفْرِدًا فَأَخْطَأَ فَقَرَنَ أَوْ تَكَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ على حجه وَقَالَهُ ش وَقَالَ فِي العتيبة رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ عَلَيْهِ دَمٌ وَالْفَرْقُ عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ النُّطْقِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعِبَادَاتِ أَنَّ الْإِحْرَامَ لَهُ قُوَّةُ الِانْعِقَادِ مَعَ مُنَافِي الْعِبَادَةِ وَهُوَ الْجِمَاعُ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ فَلَمَّا قَوِيَ أَمْكَنَ أَنْ يُعْتَبَرَ نُطْقُهُ بِخِلَافِ الْعِبَادَاتِ لَا تَنْعَقِدُ مَعَ بُطْلَانِهَا وَإِنْ أَحْرَمَ مُفَصَّلًا فَنَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ فَهُوَ قَارِنٌ عِنْدَ أَشْهَبَ احْتِيَاطًا وَقَالَ غَيْرُهُ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ وَيَعْمَلُ حِينَئِذٍ عَلَى الْقِرَانِ وَلَوْ شَكَّ هَلْ قَرَنَ أَوْ أَفْرَدَ تَمَادَى عَلَى نِيَّةِ الْقِرَانِ احْتِيَاطًا وَإِنْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ أَوْ بِالْعُمْرَةِ طَافَ وَسَعَى لِجَوَازِ الْعُمْرَةِ وَلَا يُحَلِّقُ لِإِمْكَانِ الْحَجِّ وَيَتَمَادَى عَلَى الْحَجِّ وَيَهْدِي لِتَأْخِيرِ الْحِلَاقِ لَا لِلْقِرَانِ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ نِيَّةً وَإِنَّمَا أحرم بشي وَاحِدٍ إِمَّا حَجًّا وَيَكُونُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ لَهُ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّهُ تَمَادِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ سَنَدٌ وَلَوْ نَوَى الْحَجَّ وَلَمْ يَنْوِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ انْصَرَفَ

ص: 220

إِلَيْهَا إِنْ كَانَ صَرُورَةً لِقُوَّتِهَا فَإِنْ نَوَى النَّفْلَ فَقَالَ ش يَنْصَرِفُ إِلَى الْفَرْضِ وَكَذَلِكَ إِذَا نَوَى عَنْ غَيْرِهِ وَلَوْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ جَازَ عِنْد أَشهب الشَّافِعِيَّة لِقَضِيَّةِ عَلَيٍّ رضي الله عنه وَلَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا وَلَمْ يُعَيِّنْ حَتَّى طَافَ فَالصَّوَابُ أَنْ يَجْعَلَ حَجًّا وَيَكُونَ هَذَا طَوَافَ الْقُدُومِ لِأَنَّ طواف الْقدوم لَيْسَ ركن فِي الْحَج وَالطّواف ركنا فِي الْعُمْرَةِ وَقَدْ وَقَعَ قَبْلَ تَعَيُّنِهَا وَالْأَفْضَلُ فِي الْإِحْرَامِ تَعْيِينُ النُّسُكِ خِلَافًا لِ ش محتجا بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ لَا يَنْوِي حَجًّا وَلَا غَيْرَهُ يَنْتَظِرُ الْقَضَاءَ يَنْزِلُ فَنَزَلَ عَلَيْهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ مَنْ أَهَّلَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً وَلِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِاحْتِمَالِ طَرَيَانِ الْمَوَانِعِ لَنَا حَدِيثُ جَابر أَنه أهل الْحَج وَلِأَنَّ التَّعْيِينَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْعِبَادَاتِ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ كَذَلِكَ وَأحرم عِنْد الْمِيقَات وَكَذَلِكَ خرجه ابْن دَاوُد عَن أَبُو عُمَرَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ وَإِشْعَارِهِ وَلَوْ أَرَادَ الذَّهَابَ مَعَهُ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِالنِّيَّةِ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ هُوَ مُحْرِمٌ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ شِعَارِ الْإِحْرَامِ فَأَشْبَهَ النِّيَّةَ وَالتَّلْبِيَةَ وَيبْطل عَلَيْهَا بِمَا لَوْ أَرْسَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ وَلَوْ نَوَى وَأقَام كَانَ محرما وَلنَا الْقيَاس على التَّجْرِيد مِنَ الْمَخِيطِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِن أَتَى الميقاة مُغْمًى عَلَيْهِ فَأَحْرَمَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ لَا يُجْزِئُ خِلَافًا لِ ح مُحْتَجًّا بِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ من قَصده وتلحقه الْمَشَقَّة وَلَوْلَا ذَلِكَ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ مَعَ تَقَدُّمِ الْقَصْدِ مِنْهُ وَالْفَرْقُ عندنَا بَينه وَبَين الصَّبِي وَإِن

ص: 221

كَانَ حجا لَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ عَنِ الصَّبِيِّ أَنَّ الصَّبِيَّ تَبَعٌ لِغَيْرِهِ فِي أَصْلِ الدِّينِ وَالْحَجُّ رُكْنُ الدِّينِ بِخِلَافِ هَذَا وَلِأَنَّ الصَّبِيُّ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالصِّبَا يَطُولُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ سَلَّمَ ح الْمَجْنُونَ الْمُطْبِقَ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَالْأَحْسَنُ رُجُوعُهُ لِمِيقَاتِهِ فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَانِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا دَمَ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّ رَفْضَ إِحْرَامِهِ لَا يَضُرُّ قَالَ سَنَدٌ إِنَّ رَفْضَهُ للدخول فِي جنسه كفسخ فِي عمْرَة أَو حج فِي حج وَلَا ُيخْتَلَفُ فِي بَقَائِهِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ عُمْرَةً فَأَرَادَ بَقَاءَهَا مَعَ الْحَجِّ وَالْوَقْتُ قَابِلٌ لِلْإِرْدَافِ فَهُوَ قَارِنٌ وَإِنْ أَرَادَ قَلْبَ الْأَوَّلِ إِلَى الْحَجِّ فَهُوَ اعْتِقَاد فَاسد لَا يَنْقَلِبُ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَجًّا فَاعْتَقَدَ بُطْلَانَهُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْهِ وَلَا تَدْخُلُ الْعُمْرَةُ عَلَى الْحَجِّ وَإِنِ اعْتَقَدَ انْقِلَابَهُ عُمْرَةً لَمْ يَنْقَلِبْ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَنْقَلِبُ إِنْ لَمْ يَسُقْ هَديا لما فِي حَدِيث جَابر أَنه صلى الله عليه وسلم َ - أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُم هدي إِلَّا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَأَبُو طَلْحَةَ فَأَمَرَ عليه السلام أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً وَلِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ يَصِيرُ إِحْرَامُهُ عُمْرَةً فَكَذَلِكَ يَصِيرُ بِالْفَسْخِ لَنَا مَا رُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْفَسْخُ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِمَنْ بَعْدَنَا قَالَ بَلْ لَنَا خَاصَّةً وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يُخْرَجُ مِنْهَا بِالْفَوْتِ فَلَا يُخْرَجُ بِالنِّيَّةِ كَالْعُمْرَةِ وَإِنَّمَا أَمَرَ صلى الله عليه وسلم َ - بِالْفَسْخِ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانَتْ تُنْكِرُ الِاعْتِمَارَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَقُولُونَ إِذَا عَفَا الْوَبَرْ وَبَرِئَ الدَّبَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ فَقَدْ حَلَتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمر وَالْفرق بَين الْفَوْت الْفَسْخ أَنه لدفع صرورة الْبَقَاءِ سَنَةً بِخِلَافِ الْفَسْخِ أَمَّا لَوْ رَفَضَ إِحْرَامَهُ إِلَى غَيْرِ شَيْءٍ فَهُوَ بَاقٍ عِنْدِ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ خِلَافًا لِدَاوُدَ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يَبْطُلُ إِحْرَامُهَا بِالْمُنَافَيَاتِ وَأَعْظَمُ أَحْوَالِ الرَّفْضِ أَنْ يكون منافيا

ص: 222

فَائِدَةٌ الْمُرَادُ بِعَفَا الْوَبَرْ أَيْ كَبُرَ عَلَى ظُهُورِ الْإِبِلِ بِسَبَبِ إِرَاحَتِهَا مِنَ السَّفَرِ لِلْحَجِّ وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ عَفَا زَادَ وَعَفَا نَقَصَ وَزَالَ فَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى عفوا} الْأَعْرَاف 95 أَي كثيروا وَمن الثَّانِي عَفا الله عَنَّا ي مَحَا ذُنُوبَنَا وَأَزَالَ آثَارَهَا وَيُرْوَى عَفَا الدَّبَرْ وَهُوَ تَقَرُّحُ ظُهُورِ الْإِبِلِ مِنَ السَّفَرِ لِلْحَجِّ تَمْهِيدٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ رَفْضُ النِّيَّةِ فِي الْحَج وَالْوُضُوء لَا يضرّهُ بِخِلَاف الصَّوْم وَالصَّلَاة لِأَنَّ النِّيَّةَ مُرَادَةٌ لِلتَّمْيِيزِ فِي الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ أَوْ لِتَمْيِيزِ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ وَالْحَجُّ مُتَمَيِّزٌ بِمَوَاضِعِهِ الْمَخْصُوصَةِ وَالْوُضُوءُ بِأَعْضَائِهِ الْمُعَيَّنَةِ بِخِلَافِ الْآخَرِينَ فَكَانَ احْتِيَاجُهُمَا إِلَى النِّيَّةِ أَقَلَّ فَكَانَ تَأْثِيرُ الرَّفْضِ فِيهِمَا أَبْعَدَ قَالَ سَنَدٌ وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ يَصِيرُ مُحْرِمًا بِإِحْرَامِ وَلِيِّهِ عِنْدَ مَالك وش وَابْن حَنْبَل لما فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَقِيَ رَكْبًا بِعَسْفَانَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَرَفَعَتْ لَهُ امْرَأَةٌ صَبِيًّا مِنْ مِحَفَّتِهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ وَقَالَ ح لَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِإِحْرَامِ وَلِيِّهِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ نَذْرُ وَلِيِّهِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي سُنَنِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ أَرْبَعٌ الْغَسْلُ والتجرد من الْمخيط وَرَكْعَتَيْنِ قبله وتجديد التَّلْبِيَة السّنة الأولى الغسيل وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - تَجَرَّدَ لِإِحْرَامِهِ وَاغْتَسَلَ وَفِي الْكِتَابِ تَغْتَسِلُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ لِلْإِحْرَامِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - وَالنُّفَسَاء وَالْحَائِض إِذا أتتا الْموقف

ص: 223

تغتسلان وتحرمان وتقتضان الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ الطَّوَّافِ بِالْبَيْتِ قَالَ سَنَدٌ هَذَا الْغُسْلُ غَيْرُ وَاجِبٍ قِيَاسًا عَلَى غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَلَا يَتَيَمَّمُ لَهُ إِذَا عُدِمَ الْمَاءُ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فَإِنْ جَهِلَتِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ الْغَسْلَ حَتَّى أَحْرَمَتْ قَالَ مَالِكٌ تَغْتَسِلُ إِذَا عَلِمَتْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا نَسِيَ الْغُسْلَ وَذَكَرَ بَعْدَ الْإِهْلَالِ تَمَادَى وَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تبع للْإِحْرَام وَإِذا أَحْرَمَ سَقَطَ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَرَاعَى مَالِكٌ بَقَاءَ الْإِحْرَام وَإِذا رَجَتِ الْحَائِضُ الطُّهْرَ إِذَا وَصَلَتِ الْجُحْفَةَ قَالَ مَالِكٌ لَا تُؤَخِّرُ عَنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَفْضَلُ إِجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إِلَى الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تركع لِإِحْرَامِهَا إِذَا اغْتَسَلَتْ وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فِي الْغُسْلِ وَيَغْتَسِلُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْحَجِّ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ لِلْإِحْرَامِ وَلِدُخُولِ مَكَّةَ وَرَوَاحِهِ لِلصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ وَزَادَ ش لِلْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلِرَمْيِ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ وَلِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ وَلِلْحِلَاقِ وَفِي الْجُلَّابِ يَغْتَسِلُ لِأَرْكَانِ الْحَجِّ كُلِّهَا فَعَلَى قَوْلِهِ يَغْتَسِلُ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَغْتَسِلُ لِزِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم َ - ولرمي الْجمار لمَالِك مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَغْتَسِلُ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ ولدخوله مَكَّةَ وَلِوُقُوفِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَلَا تَغْتَسِلُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ لِدُخُولِ مَكَّةَ لِأَنَّهُ لِلطَّوَافِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَمْنُوعَانِ مِنْهُمَا وَقَالَ مَالِكٌ وَغُسْلُ الْإِحْرَامِ آكُدُهَا لِتَرْتِيبِ سَائِرِ الْمَنَاسِكِ عَلَيْهِ فَالْغُسْلُ لَهُ سنة وَلغيره فَضِيلَة قَالَ مَالك لَا يَتَدَلَّكُ فِي غُسْلِ مَكَّةَ وَعَرَفَةَ وَبِالْمَاءِ وَحْدَهُ وَيُسْتَحَبُّ غُسْلُ مَكَّةَ قَبْلَ دُخُولِهَا بِذِي طُوًى كَفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما وَلَيْسَ فِي تَرْكِ غُسْلِهِ دَمٌ وَلَا فِدْيَةٌ اتِّفَاقًا وَفِي الْكِتَابِ إِنِ اغْتَسَلَ بِالْمَدِينَةِ وَمَضَى لِذِي الْحُلَيْفَةِ مِنْ فَوْرِهِ أَجْزَأَهُ لِقُرْبِهَا مِنْهُ فَإِنْ تَأَخَّرَ بَيَاضُ نَهَارِهِ أَعَادَهُ قَالَ سَنَدٌ اسْتَحَبَّ عبد الْملك

ص: 224

تَقْدِيمه من الْمَدِينَة لفعله صلى الله عليه وسلم َ - ذَلِكَ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ وَعَلَى هَذَا يَتَجَرَّدُ مِنَ الْمَخِيطِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَيَلْبَسُ ثَوْبَيْ إِحْرَامِهِ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَسَحْنُونٌ وَكُلُّ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ عَن الميقاة بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ جَازَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنْهُ كَالْمَدِينَةِ مَعَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَاغْتِسَالُهُ لِجَنَابَتِهِ وَإِحْرَامِهِ غُسْلًا وأحدا يجرئ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُصَّ شَارِبَهُ وَأَظْفَارَهُ وَعَانَتَهُ ويكتحل ويلبد شعره بالغسول والصمغ ويظفر ليقل قملة كَمَا فعل صلى الله عليه وسلم َ - وتمتشط الْمَرْأَةُ قَبْلَ إِحْرَامِهَا بِالْحِنَّاءِ وَمَا لَا طِيبَ فِيهِ ويختضب واستحبه ش كَانَ لَهَا زوج أم لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما السُّنَّةُ أَنْ تُدَلِّكَ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا بِالْحِنَّاءِ قَالَ مَالك وَلَا يَجْعَل بِرَأْسِهِ زِئْبَقًا يَقْتُلُ الْقَمْلَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَإِنْ كَانَ يُنَظِّفُ الرَّأْسَ مِنْهُ فَلَا يُكْرَهُ وَمَنَعَ مَالِكٌ الطِّيبَ الْمُؤَنَّثَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَإِنْ فَعَلَ فَالْمَشْهُورُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ قَالُوا بِاسْتِحْبَابِهِ لِمَا فِي الصِّحَاحِ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها كنت أطيبه صلى الله عليه وسلم َ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يطوف بِالْبَيْتِ وَكَأَنِّي أنظر إِلَى وبيض الطّيب فِي مفرقه صلى الله عليه وسلم َ - وَهُوَ مُحْرِمٌ لِمَالِكٍ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ وَهُوَ بِالشَّجَرَةِ فَقَالَ مِمَّنْ رِيحُ هَذَا الطِّيبِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ مِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ مِنْكَ

ص: 225

لَعَمْرُ اللَّهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ طَيَّبَتْنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عُمَرُ عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتَرْجِعَنَّ فَلْتَغْسِلَنَّهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ الطِّيبَ لَمْ يَكُنْ مُؤَنَّثًا وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ طَيَّبْتُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لِإِحْلَالِهِ وَإِحْرَامِهِ طِيبًا لَا يُشْبِهُ طِيبَكُمْ هَذَا أَو لِأَنَّهُ كَانَ قبل غسله صلى الله عليه وسلم َ - ثُمَّ اغْتَسَلَ وَهُوَ خَاصٌّ بِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَعِنْدَ مَالِكٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَلَا فِدْيَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ طِيبًا بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَإِن وجد ريحًا أَشَارَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِلَى مَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ حَمْلًا لِلِاسْتِصْحَابِ كَالِابْتِدَاءِ كَالْمَخِيطِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ بِصَبِّ الْمَاءِ فَإِنْ لَمْ يَزَلْ إِلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ بَاشَرَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَأْمُورٌ بِهِ فَإِنْ كَانَ الطِّيبُ فِي ثَوْبِهِ نَزَعَهُ وَإِنْ عَاوَدَهُ وَقُلْنَا لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي الْعُودِ لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَكَذَلِكَ إِذَا نَقَلَ الطِّيبَ فِي الْموضع مِنَ الْبَدَنِ إِلَى غَيْرِهِ أَوِ الثَّوْبِ أَوْ نَحَّاهُ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى مَوْضِعِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ تَطَيُّبٍ السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ التَّجَرُّدُ مِنَ الْمَخِيطِ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ لما فِي الصِّحَاح أَن رجلا سَأَلَهُ صلى الله عليه وسلم َ - مَا يلبس الْمحرم من الثِّيَاب فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يلبس الْقَمِيص وَلَا الْعِمَامَة وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ قَالَ سَنَدٌ فَنَبَّهَ بِالْقَمِيصِ عَنِ الْجُبَّةِ وَنَحْوِهَا وَبِالسَّرَاوِيلَاتِ عَنِ التُّبَّانِ وَنَحْوِهِ وَبِالْبَرَانِسِ عَنِ الْقَلَنْسُوَةِ وَنَحْوِهَا وَبِالْخُفَّيْنِ على الْقُفَّازَيْنِ وَالسَّاعِدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَحْرُمُ الْمَخِيطُ أَوِ الْمُحِيطُ كَمَا لَوْ سَلَخَ عِجْلًا عَلَى هَيْئَتِهِ فَلَبِسَ رَقَبَتَهُ فِي رَقَبَتِهِ وَيَدَيْهِ فِي يَدَيْهِ وَجَسَدَهُ فِي جَسَدِهِ مِنْ غَيْرِ خِيَاطَةٍ وَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ فِي الثَّوْبِ الدَّنِسِ بَأْسٌ مِنْ غَيْرِ

ص: 226

غَسْلٍ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ نَجِسًا غَسَلَ وَقَالَ ش الْجَدِيدُ أَفْضَلُ لَنَا إِنْ كَانَ خَلِقًا قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ جَدِيدٍ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ طِيبٌ فَأَزَالَهُ بِبَوْلِهِ صَحَّ إِحْرَامُهُ وَالْبَيَاض افضل لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - خير ثيابكم الْبيَاض فَأَلْبِسُوهَا أَحْيَاءَكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ وَالْمَصْبُوغُ بِغَيْرِ طِيبٍ يُكْرَهُ لِمَنْ يَقْتَدِى بِهِ وَجَائِزٌ لِلْعَامَّةِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه رَأَى عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ثَوْبًا مَصْبُوغًا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ عُمَرُ مَا هَذَا الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ يَا طَلْحَةُ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ مَدَرٌ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يَقْتَدِي بِكُمُ النَّاسُ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاهِلًا رَأَى هَذَا الثَّوْبَ لَقَالَ إِنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَدْ كَانَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُصَبَّغَةَ فِي الْإِحْرَامِ فَلَا تَلْبَسُوا أَيُّهَا الرَّهْطُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَةِ وَالْمَمْنُوعُ اتِّفَاقًا مَا صُبِغَ بِطِيبٍ كَالزَّعْفَرَانِ وَوَرْسٍ وَمَنَعَ مَالِكٌ وح مَا يَنْفُضُ وَجَوَّزَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَلَمْ يَرَهُ مِنَ الطِّيبِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنها كَانَتْ تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَاتِ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمُقدم نَصَّ عَلَى الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ مَا عَدَاهُمَا وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي كَوْنِهِ مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا فَقَالَ أَشْهَبُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَقِيلَ فِيهِ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهُ كَالطِّيبِ أَمَّا مَا لَمْ يَنْفُضْ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ فَإِنْ كَانَ فِي ثَوْبِهِ لَمْعَةُ زَعْفَرَانٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَغْسِلُهُ إِذَا ذَكَرَ فَلَوْ لَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ رِيحُ الطِّيبِ دُونَ جِرْمِهِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ش لِحُصُولِ التَّطَيُّبِ وَقَالَ ح لَا فِدْيَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلِ الطِّيبُ كَمَا لَوْ جَلَسَ فِي الْعَطَّارِينَ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لِلطِّيبِ عُرْفًا بِخِلَافِ الْجَالِسِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَجَدَ ثَمَنَ النَّعْلَيْنِ فَلَا يَقْطَعُ الْخُفَّيْنِ

ص: 227

أَسْفَل من الْكَعْبَة كَوَاجِدِ ثَمَنِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ أَوْ ثَمَنَ الرَّقَبَةِ فِي الظِّهَارِ قَالَ سَنَدٌ وَقَدْ وَهِمَ البرادعي فِي هَذَا فِي هَذَا الْفَرْعِ فَقَالَ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُحْرِمُ نَعْلَيْنِ وَهُوَ مَلِيءٌ جَازَ لَهُ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ إِذَا قَطَعَهُمَا وَلَعَلَّ الْوَهْمَ مِنَ النُّسَّاخِ وَوَافَقَ مَالِكًا ش وح فِي مَنْعِ الْخُفَّيْنِ وَأَجَازَ ابْنُ حَنْبَلٍ لُبْسَهُمَا غير مقطوعين لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا وَالْخُفُّ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ أَوْ هَذَا مُطلق والمقيد مقدم مُطلق على الْمُطلق فَإِن وجد نَعْلَيْنِ لم يجد لبسهما مقطوعين والشمشكين وَعَلِيهِ الْفِدْيَة خلافًا لبَعض الشَّافِعِيَّة لاشتراطه صلى الله عليه وسلم َ - فُقْدَانَ النَّعْلَيْنِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنَّمَا رَخَّصَ فِي قَطْعِ الْخُفَّيْنِ قَدِيمًا لِقِلَّةِ النِّعَالِ أَمَّا الْيَوْمَ فَلَا وَمَنْ فَعَلَهُ افْتَدَى فَإِنْ وَجَدَ النَّعْلَيْنِ غَالِيَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ قَلِيلًا اغْتُفِرَ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْكِتَابِ إِحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ وَالْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا ويديها وَيكرهُ الْمحرم تَغْطِيَةُ مَا فَوْقَ ذَقْنِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ سَنَدٌ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ كشف رَأسه عِنْد مَالك وَالْأَئِمَّة لنَهْيه صلى الله عليه وسلم َ - عَنِ الْعَمَائِمِ وَالْبَرَانِسِ وَلَا تَكْشِفُهُ الْمَرْأَةُ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ مِنْهَا وَيَكْشِفُ الرَّجُلُ وَجْهَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ ش يُغَطِّيهِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَيْرٌ الْحَنَفِيُّ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه بِالْعَرَجِ يُغَطِّي وَجْهَهُ وَهُوَ محرم لنا قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْ بِهِ نَاقَتُهُ

لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَة ملبيا وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - الْمحرم

ص: 228

أَشْعَثُ أَغْبَرُ وَأَكْثَرُ ظُهُورِ الشَّعَثِ وَالْغَبَرَةِ فِي الْوَجْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَضَعَ يَدَهُ عَلَى حَاجِبِهِ مِنَ الشَّمْسِ إِذْ كَانَ نَائِمًا وَلَمْ يَشْعُرْ أَوْ وَارَى وَجْهَهُ بِثَوْبٍ وَلَمْ يُلْصِقْهُ أَوْ فَعَلَهُ لِضَرُورَةٍ وَمِنْ وجهة النّظر لَو جَازَ ذَلِك للرجل لَجَازَ لِلْمَرْأَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنْ سَتَرَ وَجْهَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ إِذَا قُلْنَا بِتَحْرِيمِ التَّغْطِيَةِ فَغَطَّاهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَلَا وَإِحْرَامُ الْمَرْأَة فِي وَجههَا اتِّفَاقًا لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ فَائِدَةٌ إِنَّمَا مُنِعُ النَّاسُ مِنَ الْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ فِي الْإِحْرَامِ لِيَخْرُجُوا عَنْ عَادَتِهِمْ وَإِلْفِهِمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُذَكِّرًا لَهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنْ طَاعَةِ رَبِّهِمْ فَيُقْبِلُونَ عَلَيْهَا وبالآخرة بمفارقة العوائد فِي لبس الْمخيط والإندارج فِي الأكفان وَانْقِطَاع المألوف عَن الْأَوْطَانِ وَاللَّذَّاتِ السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ فِي الْجَوَاهِرِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُلَبِّي نَاوِيًا فَالرَّاكِبُ يَبْتَدِئُ إِذَا رَكِبَ وَأَرَادَ الْأَخْذَ فِي السَّيْرِ وَالْمَاشِي إِذَا أَخَذَ فِي الْمَشْيِ وَالْأَفْضَلُ اخْتِصَاصُ الصَّلَاةِ بِالْإِحْرَامِ فَإِنْ أَحْرَمَ عَقِيبَ الْفَرْضِ جَازَ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - صَلَّى فِي مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا أستوت بِهِ رَاحِلَته أهل فَلَو أَتَى لميقاة فِي وَقت نهي انْتظر خُرُوجه إِلَى الْخَائِفُ الْمُرَاهِقُ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَتَى وَقت مكتوبه لَا يتَنَفَّل قبلهَا تنفل بعْدهَا فَإِنْ نَسِيَ حَتَّى أَحْرَمَ فَخَرَجَ عَلَى نِسْيَانِ الْغُسْلِ قَالَ مَالِكٌ يُحْرِمُ فِي فِنَاءِ الْمَسْجِدِ إِذَا رَكِبَ وَلَا يَنْتَظِرُ سَيْرَ دَابَّتِهِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ فِي الْمَسْجِدِ عَقِيبَ سَلَامِهِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَجِبْتُ مِنِ اخْتِلَافِ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فِي إِهْلَالِهِ حِينَ

ص: 229

أَوْجَبَ فَقَالَ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ إِنَّمَا كَانَت مِنْهُ صلى الله عليه وسلم َ - حجَّة وَاحِدَة فَمن هُنَاكَ اخْتلفُوا خرج صلى الله عليه وسلم َ - حَاجًّا فَلَمَّا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ أَوْجَبَهُ فِي مَجْلِسِهِ فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ وَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَحَفِظُوهُ عَنْهُ ثُمَّ رَكِبَ فَلَمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَهَلَّ وَرَأَى ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَقَالُوا إِنَّمَا أَهَلَّ حِينَئِذٍ فَلَمَّا عَلَا شَرَفَ الْبَيْدَاءِ إِلَخْ لَنَا الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَهُوَ مَقْصُودٌ بِالْعَمَلِ مِنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ تَجْدِيدُ التَّلْبِيَةِ عِنْدَ كُلِّ صُعُودٍ وَهُبُوطٍ وَحُدُوثِ حَادِثٍ وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَإِذَا سَمِعَ مَنْ يُلَبِّي وَصِفَةُ تَلْبِيَتِهِ صلى الله عليه وسلم َ - لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ قَالَ أَشْهَبُ إِنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فَحَسَنٌ وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ فَقَدْ زَادَ عُمَرُ لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ مَرْهُوبًا مِنْكَ وَمَرْغُوبًا إِلَيْكَ وَزَادَهُ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ فَوَائِدُ فِي الصِّحَاحِ أَلَّبَ بِالْمَكَانِ إِذَا قَامَ بِهِ وَفِي لُغَةٍ لَبَّ وَلَبَّيْكَ مَصْدَرٌ أَيْ إِقَامَةً عَلَى طَاعَتِكِ كَقَوْلِكَ حَمْدًا لِلَّهِ وَشُكْرًا لَهُ فَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ يُقَالَ لَبًّا لَكَ وَإِلْبَابًا لَكَ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ الدَّائِمِ أَيْ إِقَامَةً بَعْدَ إِقَامَةٍ عَلَى طَاعَتِكَ أَبَدًا كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَارْجِع الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} الْملك 4 أَيِ ارْجِعْهُ دَائِمًا فَلَا تَرَى فِي السَّمَاءِ شُقُوقًا وَ {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} ق 24 أَيْ إِلْقَاءً بَعْدَ إِلْقَاءٍ

ص: 230

لِأَنَّ التَّثْنِيَةَ أَوَّلُ مَرَاتِبِ التَّكْرَارِ فَدَلَّ بِهَا عَلَيْهِ وَنَظِيرُهُ حَنَانَيْكَ أَيْ هَبْ لَنَا رَحْمَةً بَعْدَ رَحْمَةٍ أَوْ مَعَ رَحْمَةٍ وَدَوَالَيْكَ أَيْ لَكَ دَوْلَةٌ بَعْدَ دَوْلَةٍ وَقَالَ الْخَلِيلُ بَلْ مَعْنَاهُ من قَوْلهم دَار فلَان تلت دَارِي أَيْ تُحَاذِيهَا أَيْ أَنَا مُوَاجِهٌ لِمَا تُحِبُّ إِجَابَةً لَكَ وَزَادَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ مَعْنَاهَا الْإِجَابَةُ أَيْ إِجَابَةً بَعْدَ إِجَابَةٍ وَقِيلَ مَعْنَاهَا الْمَحَبَّةُ مِنْ قَوْلِهِمْ امْرَأَةٌ لَبَّةٌ إِذَا كَانَتْ تُحِبُّ وَلَدَهَا زَادَ الْمَازِرِيُّ فِي الْمُعَلِّمِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ الْإِخْلَاصُ أَيْ إِخْلَاصًا لَكَ وَنَسَبٌ لُبَابٌ إِذا كَانَ خَالِصا ولب الطَّعَام ولبا بِهِ قَالَ وَمَذْهَبُ يُونُسَ أَنَّهُ اسْمٌ مُفْرَدٌ قُلِبَتْ أَلِفُهُ يَاءً نَحْوَ عَلَيْكَ وَلِدِيكَ وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّهُ تَثْنِيَةٌ قَالَ سَنَدٌ وَيُرْوَى أَنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى تَقْدِيرِ نَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَمْدَ لَكَ وَبِكَسْرِهَا عَلَى مَعْنَى الْإِخْبَارِ بِثُبُوتِ الْمَحَامِدِ لِلَّهِ وَاسْتَحَبَّهُ مُحَمَّدُ بن الْحسن لِأَنَّهُ ثَنَاء وَالْأول تَعْلِيل والرغب الْمَسْأَلَةُ يُقَالُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَمَعَ الْمَدِّ وَبِضَمِّهَا مَعَ الْقَصْرِ كَالْعَلْيَاءِ وَالْعُلْيَا وَالنَّعْمَاءِ وَالنُّعْمَا تَنْبِيهٌ التَّلْبِيَةُ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ الْوَعْدُ لِلَّهِ تَعَالَى بِالْإِقَامَةِ عَلَى طَاعَتِهِ أَوْ بِالْإِجَابَةِ لَهُ وَالْوَعْدُ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَسْتَمِرَّ إِلَى آخِرِ الْمَنَاسِكِ فِي كُلِّ حَالَةٍ تَبْقَى بَعْدَهَا قُرْبَةٌ مِنَ الْمَنَاسِكِ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِاسْتِصْحَابِهَا إِلَى آخِرِ الْمَنَاسِكِ كَانَ أَكْثَرَ إِعْمَالًا لِمَقْصُودِهَا وَإِذَا قُلْنَا مَعْنَاهَا الْإِجَابَةُ فَقِيلَ هِيَ إِجَابَةُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام حَيْثُ قِيلَ لَهُ {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا} الْحَج 27 وَقَالَ سَنَد ويلبي الأعجمي بلغته سُنَنِهَا الْمُوَالَاةُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا حَتَّى يَفْرُغَ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يَرُدُّ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ وَهِيَ سُنَّةٌ وَيَبْطُلُ عَلَيْهِمْ بِالْأَذَانِ ثُمَّ الْوَاجِبُ إِنَّمَا يقدم إِذا تعذر الْجمع وَهُوَ هَا هُنَا مُمْكِنٌ بِالرَّدِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَلَيْسَ فِيهَا دُعَاءٌ وَلَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ

ص: 231

- صلى الله عليه وسلم َ - لِأَنَّهُ لم ينْقل عَن تلبيه صلى الله عليه وسلم َ - وَالْمَنَاسِكِ اتْبَاعٌ وَقَالَ ش يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} الشَّرْح 4 أَيْ تذكر حِين أُذْكَرُ كَالْأَذَانِ وَيَدْعُو لِمَا رُوِيَ عَنْهُ

أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - كَانَ إِذا فرغ منن التَّلْبِيَة فِي حج أَو فِي عُمْرَةٍ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ وَاسْتَعَاذَ بِرَحْمَتِهِ مِنَ النَّارِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْد قطع التَّلْبِيَة فِي الْحَج وَدخُول الْمَسْجِدِ فِي الْعُمْرَةِ وَهِيَ حَالَةُ الدُّعَاءِ غَيْرُ مُرْتَبِط بِالتَّلْبِيَةِ وَيسْتَحب رفع الصَّوْت فِي التَّلْبِيَة للرِّجَال

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَوْ مَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ باهلال وَرُوِيَ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - سُئِلَ أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ قَالَ الثَّجُّ وَالْعَجُّ وَمعنى الثج إِرَاقَة الدِّمَاء وَالْحج رَفْعُ الصَّوْتِ قَالَ مَالِكٌ وَيُلَبِّي خَلْفَ النَّافِلَةِ وَفِي الْفَرِيضَةِ وَفِي الْمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ وَحِينَ يَلْقَى النَّاسَ وَبَطْنَ كُلِّ وَادٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَنَازِلًا عِنْد الْيَقَظَة وَعند النَّوْمِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَادَةُ السَّلَفِ وَهَذَا إِذَا كَانَ ذَاهِبًا فِي إِحْرَامِهِ أَمَّا لَوْ نَسِيَ حَاجَة وَرجع إِلَيْهَا قَالَ مَالك لَا يُلَبِّي أَن هَذَا السَّعْيَ لَيْسَ مِنْ سَعْيِ الْإِحْرَامِ وَلَا تكره التَّلْبِيَة للْجنب وَالْحَائِض لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لعَائِشَة رَضِي الله عهنا حِين حَاضَت افعلي منا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَقِيَاسًا عَلَى التَّسْبِيحِ وَفِي الْكِتَابِ يَرْفَعُ وَلَا يسرف وَلَا يرفع فِي الْمَسْجِد وَلَا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمَسْجِدَ مِنًى وَتَرْفَعُ الْمَرْأَةُ صَوْتَهَا قَدْرَ إِسْمَاعِ نَفْسِهَا قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْهُ يَرْفَعُ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَقَالَ

ص: 232

ش فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَمَسْجِدِ مِنًى وَمَسْجِدِ عَرَفَةَ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ فَقَالَ أَشْهَبُ لِأَنَّهَا تَكْثُرُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ مِنًى فَلَا يُشْتَهَرُ الْمُلَبِّي وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُوضَع لتلبية وَهَذَانِ الْمَسْجِدَانِ لَهُمَا تَعَلُّقٌ بِالْحَجِّ فَلَهُمَا تَعَلُّقٌ بِالتَّلْبِيَةِ وَإِذا قُلْنَا يرفع صَوته وَيسمع نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَلِمَالِكٍ فِي زَمَنِ قَطْعِ التَّلْبِيَةِ فِي الْحَجِّ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ ثَلَاثَةً إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَرَاحَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ بِعَرَفَةَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَبَعْدَ الزَّوَالِ وَالرَّوَاحِ إِلَى الصَّلَاةِ بِمَسْجِدِ عَرَفَةَ لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ إِجَابَةٌ وَقد أجَاب

لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - الْحَجُّ عَرَفَةُ فَقَدْ أَخَذَ فِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ وَتَكْمِلَةِ الْوُقُوفِ وَنَظِيرُهُ الْمُعْتَمِرُ يَدْخُلُ الْحَرَمَ وَيَأْخُذُ فِي أَسْبَابِ الطَّوَافِ فَإِنَّهُ يَتْرُكُ التَّلْبِيَةَ وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ عِنْدَ الرَّوَاحِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَتْ تَفْعَلُ ذَلِكَ وَبَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لِتُكْمِلَ الْإِجَابَةَ وَبعد جَمْرَة الْعقبَة وَقَالَ ش وح وَجُمْهُور الْعلمَاء لما فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّلْبِيَةَ وَعْدٌ وَأَنَّ الْأَفْضَلَ اسْتِمْرَارُهَا إِلَى آخِرِ الطَّاعَاتِ وَفَرَّقَ ابْنُ الْجُلَّابِ بَيْنَ مَنْ يَأْتِي عَرَفَةَ مُحْرِمًا فَيَقْطَعُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَبَيْنَ مَنْ يُحْرِمُ بِعَرَفَةَ فَيُلَبِّي حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَطَعَ التَّلْبِيَةَ فَلَا بَأْسَ بِالتَّكْبِيرِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكَبِّرَ وَلَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَمَنِ اعْتَمَرَ مِنْ مِيقَاتِهِ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ وَلَا يُعَاوِدُهَا وَكَذَلِكَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَقَالَ ش لَا يَقْطَعُ حَتَّى يَفْتَتِحَ الطَّوَافَ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - كَانَ لَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ فِي الْعُمْرَةِ

ص: 233

حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْجُعْرَانَةِ أَوِ التَّنْعِيمِ قَطَعَ إِذَا دَخَلَ بُيُوتَ مَكَّةَ أَوْ قُرْبَ الْمَسْجِدِ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ قَالَ سَنَدٌ وَفَرَّقَ فِي الْمُخْتَصَرِ بَيْنَ مَنْ أَحْرَمَ مِنَ التَّنْعِيمِ فَقَطَعَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ أَوْ مِنَ الْجُعْرَانَةِ إِذَا جَاءَ مَكَّةَ وَهَذَا كُلُّهُ اسْتِحْسَانٌ وَالْوَاجِبُ التَّلْبِيَةُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَفِي الْكِتَابِ وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ أَوْ قَارِنًا فَلَا يُلَبِّي حَتَّى يَبْتَدِئَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ إِلَى الْفَرَاغِ مِنَ السَّعْيِ فَإِنْ أَبَى فَوَاسِعٌ فَإِذَا فَرَغَ عَادَ إِلَيْهَا قَالَ سَنَدٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ لِجِمَاعٍ وَمَنْ لَمْ يُفْسِدْهُ وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ فِي قِطَعِ التَّلْبِيَةِ وَرُوِيَ عَنْهُ يَقْطَعُهَا إِذَا وَصَلَ أَوَائِلَ الْحَرَمِ وَيُعَاوِدُهَا بَعْدَ الطَّوَافِ لِأَنَّهُ وَصَلَ إِلَى مَقْصُودِهِ وَهُوَ فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ وَرُوِيَ عَنْهُ إِذَا دَخَلَ مَكَّة لِأَنَّهُ يَأْخُذُ فِي عَمَلِ الطَّوَافِ مِنَ الِاغْتِسَالِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ وَسِيلَةُ الْعُذْرِ الْمَانِعِ مِنْهَا وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يُلَبِّي وَهُوَ يَطُوفُ لَنَا عَمَلُ الْمَدِينَة أَكثر السَّلَفِ وَالْقِيَاسُ عَلَى طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَرَوَى أَشْهَبُ يُعَاوِدُهَا بَعْدَ الطَّوَافِ قَبْلَ السَّعْيِ لِأَنَّ السَّعْيَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْبَيْتِ وَقَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَوَجَّهَ نَاسِيًا لِلتَّلْبِيَةِ وَتَطَاوَلَ ذَلِكَ أَوْ نَسِيَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحَجِّ عَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ رَجَعَ مَعَ الطَّوْلِ وَلَا يُسْقِطُهُ الرُّجُوعُ بِخِلَافِ مَنْ لَبَّى أَوَّلَ إِحْرَامِهِ ثُمَّ يَتْرُكُ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا لَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَتَى بِالتَّلْبِيَةِ أَوَّلًا حِينَ خُوطِبَ بِهَا وَلَيْسَتْ مَحْصُورَةً بَعْدَ ذَلِكَ فَاسْتَحَقَّتْ الْمَقْصِدُ الثَّانِي دُخُولُ مَكَّةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَغْتَسِلُ بِذِي طوى ويدخلها من ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَهِيَ الصُّغْرَى الَّتِي بأعلا مَكَّة

ص: 234

وَيَهْبِطُ مِنْهَا عَلَى الْأَبْطَحِ وَالْمَقْبَرَةُ فِيهَا عَلَى يَسَارِكَ وَأَنْتَ نَازِلٌ مِنْهَا وَيَخْرُجُ مِنْ ثَنِيَّةِ كُدَيٍّ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى التَّصْغِيرِ وَهِيَ الْوُسْطَى الَّتِي بِأَسْفَلِ مَكَّةَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى وَرُوِيَ الْفَتْحُ فِي كَافِ الِاثْنَيْنِ والسر فِي هَذَا الدُّخُول أَن نِسْبَة بَاب الْبَيْت إِلَيْهِ كنبسة وَجْهِ الْإِنْسَانِ إِلَيْهِ وَأَمَاثِلُ النَّاسِ إِنَّمَا يُقْصَدُونَ من جِهَة وُجُوههم لَا من ظُهُورِهِمْ وَمَنْ أَتَى مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَأْتِ مِنْ قُبَالَةِ الْبَابِ ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ لِأَنَّهُ قُبَالَةُ الْبَيْتِ فَيَأْتِي الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ لِأَنَّ جَنْبَيِ الْبَابِ كَيَمِينِ الْإِنْسَانِ وَيَسَارِهِ فَالَّذِي يُقَابِلُ يَمِينَ الْمُسْتَقْبل للبيت يسَار الْبَيْت وَيَمِين الْبَيْت قبالة يسَار الْمُسْتَقْبل لَهُ وَفِي هَذَا الْموضع الْحجر فَجعل الْبِدَايَة باليَمِينُ لفضله أَوْ لِفَضِيلَةِ الْحَجَرِ فِي نَفْسِهِ فَيَبْتَدِئُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ لِأَنَّ الْقُدُومَ عَلَى الْأَمَاثِلِ يُوجِبُ التَّحِيَّةَ عَلَيْهِمْ وَبَيْتُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ كَبَيْتِ الْمَلِكِ فِي دَوْلَتِهِ فَشَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى طَوَافَ الْقُدُومِ إِظْهَارًا لِاحْتِرَامِ الْعَبْدِ لِبَيْتِ الرَّبِّ وتميزا لَهُ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا شَرَعَ الصَّلَاةَ فِي دُخُولِ الْمَسَاجِدِ لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ شَرَعَ طَوَافَ الْوَدَاعِ لِأَنَّ الْقَادِمَ يَنْبَغِي لَهُ السَّلَامُ إِذَا فَارَقَ وَلَمَّا كَانَ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُحَالًا لِكَوْنِهِ سَالِمًا لِذَاتِهِ فَلَا يُدْعَى لَهُ بِالسَّلَامَةِ جُعِلَتِ الصَّلَاةُ وَالطَّوَافُ بَدَلًا مِنْهُ لِتَمْيِيزِ جَنَابِ الرُّبُوبِيَّةِ عَنْ غَيْرِهَا وَفِي الْكِتَابِ يُسْتَحَبُّ دُخُولُهَا نَهَارًا لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ إِذَا دَنَا مِنْ مَكَّةَ بَاتَ بِذِي طُوًى بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ حَتَّى يُصْبِحَ ثُمَّ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلَ مِنَ التَّثْنِيَة الَّتِي بأعلا مَكَّةَ وَلَا يَدْخُلُ إِذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا حَتَّى يَغْتَسِلَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ إِذَا دنا مَكَّة بِذِي

ص: 235

طُوًى وَيَأْمُرُ مَنْ مَعَهُ فَيَغْتَسِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا وَلِمَا فِيهِ مِنَ التَّمَكُّنِ مِنْ آدَابِ الدُّخُولِ وَذُو طُوًى رَبَضٌ مِنْ أَرْبَاضِ مَكَّةَ فِي طَرَفِهَا فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ الْأسود بِفِيهِ إِن قدر وَإِلَّا فليمسه بِيَدِهِ ويضعها على فِيهِ من غير تَقْبِيل وَإِذَا لَمْ يُصَلِّ كَبَّرَ إِذَا حَاذَاهُ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَلَا يُقَبِّلُ بِفِيهِ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَلَكِنْ يَلْمِسُهُ بِيَدِهِ ويضعها على فِيهِ من غير تَقْبِيل وَإِن لم يَسْتَطِيع كَبَّرَ وَمَضَى وَكُلَّمَا مَرَّ بِهِ فِي طَوَافٍ وَاجِبٍ أَوْ تَطَوُّعٍ إِنْ شَاءَ اسْتَلَمَ أَوْ تَرَكَ وَلَا يَدَعُ التَّكْبِيرَ كُلَّمَا حَاذَاهُ فِي طَوَافٍ وَاجِبٍ أَوْ تَطَوُّعٍ وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ وَلَا يُقَبَّلَانِ وَلَا يُكَبِّرُ إِذَا حَاذَاهُمَا وَأَنْكَرَ مَالِكٌ قَوْلَ النَّاسِ إِذَا حَاذُوا الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ إِيمَانًا بِكَ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ وَوَضْعَ الْخَدَّيْنِ وَالْجَبْهَةِ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَيَسْتَلِمُهُ غَيْرُ الطَّائِفِ وَبَعْدَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِنْ شَاءَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ مِنَ السَّعْيِ لِيَسْتَلِمَهُ قَبْلَ الرَّوَاحِ لِمَنْزِلِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَيَغْتَسِلُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ لِدُخُولِ مَكَّةَ بِذِي طُوًى قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَغْسِلُ جَسَدَهُ دُونَ رَأْسِهِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما لَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ إِلَّا لِجَنَابَةٍ وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ غُسْلُ الْجَسَدِ وَالرَّأْسِ مَعَ الرِّفْقِ فِي صَبِّ الْمَاءِ قَالَ مَالك زلا تَغْتَسِلُ النُّفَسَاءُ وَلَا الْحَائِضُ وَقَالَ ش يَغْتَسِلَانِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لِعَائِشَةَ رضي الله عنها لَمَّا حَاضَتْ افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَلِأَنَّ مَقْصُودَهُ التَّطَيُّبُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَدِمَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَقَامَ بِذِي طُوًى حَتَّى يُمْسِيَ لِيَصِلَ بَيْنَ طَوَافِهِ وَرُكُوعِهِ وَسَعْيِهِ فَإِنْ دَخَلَ فَلَا بَأْسَ بِتَأْخِيرِ الطَّوَافِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَيَرْكَعُ وَيَسْعَى إِنْ كَانَ بِطُهْرٍ وَاحِدٍ فَإِن انْتقصَ وضؤه أَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَيُقَدِّمُ الْمَغْرِبَ عَلَى رَكْعَتَيِ الطّواف فَإِن دخل قبل طُلُوع الشَّمْس فالمذاهب أَنَّهُ لَا يَطُوفُ فَإِنْ طَافَ فَلَا يَرْكَعُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَجَوَّزَ مُطَرِّفٌ الرُّكُوعَ فَعَلَى قَوْلِهِ يَدْخُلُ فَيَطُوفُ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِلْمَرْأَةِ إِذَا قَدِمَتْ نَهَارًا أَنْ تُؤَخِّرَ الطَّوَافَ إِلَى اللَّيْلِ قَالَ مَالِكٌ وَمَا سَمِعْتُ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ أَوْ عِنْدَ الرُّكْنِ

ص: 236

واستحبه ابْن حبيب لِمَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَمَهَابَةً وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَقَالَهُ ش وَابْن حَنْبَل قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُبْدَأُ فِي الْمَسْجِدِ بِالرُّكُوعِ وَلَكِن باستلام الرُّكْن وَالطّواف لفعله صلى الله عليه وسلم َ - ذَلِكَ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ وَاجِبٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى الرُّكُوعِ إِلَّا أَنْ يَجِدَ الْإِمَامَ فِي فَرْضٍ فَيُصَلِّيَ مَعَهُ ثُمَّ يَطُوفَ أَوْ يَخَافَ فَوَاتَ الْمَكْتُوبَةِ وَرَوِيَ عَنْ مَالِكٍ وش تَقْبِيلُ يَدِهِ كَمَا يُقَبَّلُ الْحَجَرُ وَحُجَّةُ الْمَشْهُورِ أَنَّ التَّقْبِيلَ فِي الْحَجَرِ تَعَبُّدٌ وَلَيْسَتِ الْيَدُ بِالْحجرِ حجَّة ش أَنه صلى الله عليه وسلم َ - طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ جَوَابُهُ أَنَّهُ كَانَ يُرَى يُلْصِقُ الْمِحْجَنَ عَلَى فِيهِ فَاعْتُقِدَ تَقْبِيلُهُ والمحجن عود معقوف الرَّأْس ويروى عَنهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّهُ قَالَ الْحَجَرُ وَالْمَقَامُ يَاقُوتَتَانِ مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَمَسَ نُورَهُمَا لاضاآ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَأَنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ وَلِسَانٌ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ مِنَ الْجنَّة وَكَانَ أَشد بَيَاضًا ماللبن فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ وَرُوِيَ أَنَّهُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ عَهْدُ اللَّهِ الَّذِي مَنِ الْتَمَسَهُ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ وَلَمَّا كَانَتِ الْعُهُودُ عِنْدَ الْعَرَبِ بِوَضْعِ الْيَمِينِ فِي الْيَمِينِ مِنَ الْمُتَعَاهِدِينَ سُمِّيَ الْعَهْدُ يَمِينًا أَوْ ضُرِبَ مَثَلًا لِلْقُرْبِ مِنَ اللَّهِ

ص: 237

تَعَالَى كَمَا جَاءَ الْمُصَلِّي يَسْجُدُ عَلَى قَدَمِ الرحمان فَمَنْ وَصَلَ إِلَى قَدَمِ الْمَلِكِ فَقَدْ قَرُبَ مِنْهُ أَوْ لِأَنَّهُ يَمِينُ الْبَيْتِ وَهُوَ بَيْتُ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ أُقِيمَ الطَّوَافُ بِهِ مَقَامَ السَّلَامِ عَلَيْهِ فَلَمَّا أُقِيمَ الْبَيْتُ مَقَامَ رَبِّهِ أُقِيمَ نِسْبَةَ يَمِينِهِ إِلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي الِاسْتِلَامِ فَقِيلَ مِنَ السَّلَامِ بِكَسْرِ السِّينِ الَّتِي هِيَ الْحِجَارَةُ وَلَمَّا كَانَ لَمْسًا لِلْحَجَرِ قِيلَ لَهُ اسْتِلَامًا وَقِيلَ مِنَ السَّلَامِ بِفَتْحِ السِّينِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ سَلَامٌ عَلَى الْحَجَرِ وَقِيلَ أَصْلُهُ مَهْمُوز استلأم من الملائمة الَّتِي هِيَ الْمُوَافَقَةُ كَأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِتَعْظِيمِ الْحَجَرِ أَوِ الشَّرْعِ فِي تَعْظِيمِهِ الْمَقْصِدُ الثَّالِثُ الطَّوَافُ وَصِفَةُ الطَّوَافَاتِ كُلِّهَا وَاحِدَةٌ وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ شَرَائِطُهُ وَهِيَ تِسْعَةٌ فَالثَّلَاثَةُ الْأُولَى فِي الْجَوَاهِرِ طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَطَهَارَةُ الْخُبْثِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ وَلَمَّا حَاضَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها بَكت فَأمرهَا صلى الله عليه وسلم َ - أَنْ تُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَبَاحَ لَهَا الطَّوَافَ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح والمغيره لَا يشْتَرط الطَّهَارَةُ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ بَلْ هِيَ سُنَّةٌ إِنْ طَافَ مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ أَوْ جُنُبًا فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي مَعْرِضِ النَّصِّ فَاسِدٌ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَيْتِ فَأَشْبَهَتِ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ وَإِذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مَعَ الذِّكْرِ وَالنِّسْيَانِ فَكَذَلِك هَا هُنَا وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَتْ شَرْطًا مُطْلَقًا فَكَذَلِكَ فِي الطَّوَافِ وَإِنْ قُلْنَا مَعَ الذِّكْرِ فَكَذَلِكَ فِي الطَّوَافِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ طَافَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ وَفِي ثَوْبِهِ أَوْ جَسَدِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ يُعِدْ وَإِنْ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بِذَلِكَ أَعَادَهُمَا إِنْ كَانَ قَرِيبا وَلم ينْتَقض

ص: 238

وضؤه فَإِن انتفض وضؤه أَوْ طَالَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَقَالَ أَصْبَغُ سَلَامُهُ كَخُرُوجِ الْوَقْتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ طَافَ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ أَعَادَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ قَبْلَ الْإِعَادَةِ رَجَعَ مِنْ بَلَدِهِ عَلَى إِحْرَامِهِ فَطَافَ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُعِيدُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ فَإِنْ أَصَابَ النِّسَاءَ وَخَرَجَ إِلَى بَلَدِهِ أَجْزَأَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ بَعْدَ فَرَاغِهِ بِالنَّجَاسَةِ أَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ فِيمَا قَرُبَ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَإِنْ تَبَاعَدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَهْدِي وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ الشَّرْطُ الرَّابِعُ الْمُوَلَاةُ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - الطَّوَافَ كَذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا نَسِيَ الْمُعْتَمِرُ شَوْطًا ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَرَكَعَ وَسَعَى وَأَمَرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ وَقَضَى عُمْرَةً وَأَهْدَى وَلَوْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى عُمْرَتِهِ بَعْدَ إِكْمَالِ حَجِّهِ ثُمَّ ذَكَرَ بِعَرَفَةَ شَوْطًا مِنْ طَوَافِهِ مَضَى عَلَى قِرَانِهِ قَالَ سَنَدٌ هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ فِي وُجُوبِ السَّبْعَةِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَغْتَفِرُ الشَّوْطَيْنِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ ذَكَرَ شَوْطًا بِالْقُرْبِ وَلم ينْتَقض وضوؤه عَادَ إِلَيْهِ بِالْقُرْبِ اتِّفَاقًا كَمَا يَرْجِعُ إِلَى الصَّلَاةِ وَإِنْ طَالَ بَطَلَ الطَّوَافُ عِنْدَ مَالِكٍ وش وَابْنِ حَنْبَلٍ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَلَا يَبْطُلُ عِنْدَ ح قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ وَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ وَإِنْ قَرُبَ كَالصَّلَاةِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَبْطُلُ قَالَ مَالِكٌ الشَّكُّ فِي الْإِكْمَال كتيقن النَّقْض وَلَوْ أَخْبَرَهُ آخَرُ بِالْإِكْمَالِ أَجْزَأَ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ خَرَجَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ فَصَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ طَلَبَ نَفَقَةً نَسِيَهَا ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ طَوَافِهِ إِلَّا لِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يَبْطُلُ لَا سِيَّمَا لِضَرُورَةِ الصَّلَاةِ قَالَ سَنَدٌ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَبْنِي قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِلَ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى كَمَالِ شَوْطٍ عِنْدَ الْحَجَرِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَدْخُلُ مِنْ مَوْضِعِ خَرَجَ فَإِنْ بَقِيَ مِنَ الطَّوَافِ شَوْطَانِ أَتَمَّهُمَا إِلَى أَن تعتدل الصُّفُوفُ فَإِنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم يَبْتَدِئ

ص: 239

طَوَافَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ مَعَ الْأَكْثَرِينَ يَبْنِي وَلَا يَقْطَعُهُ لِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِلَّا فِي التَّطَوُّعِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَبْنِي إِذَا خَرَجَ لِلنَّفَقَةِ إِنْ لَمْ يُطِلْ وَهُوَ أَعْذَرُ مِنَ الْجِنَازَةِ الشَّرْطُ الْخَامِسُ التَّرْتِيبُ خِلَافًا لِ ح وَوَافَقَنَا ش وَفِي الْجَوَاهِر هُوَ أَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ وَيَبْتَدِئَ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَلَوْ جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ جَنْبَيْ بَابِ الْبَيْتِ نِسْبَتُهُمَا إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ يَمِينِ الْإِنْسَانِ وَيَسَارِهِ إِلَيْهِ فَالْحَجَرُ مَوْضِعُ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ يُقَابِلُ يَسَارَ الْإِنْسَانِ وَبَابُ الْبَيْتِ وَجْهُهُ فَلَوْ جَعَلَ الْحَجَرَ عَلَى يَمِينِهِ لِأَعْرَضَ عَنْ بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ وَجْهُهُ وَلَوْ جَعَلَهُ عَلَى يَسَارِهِ أَقْبَلَ عَلَى الْبَابِ وَلَا يَلِيق بالأدب الْإِعْرَاض عَن وُجُوه الأمائل وَتَعْظِيمُ بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى تَعْظِيمٌ لَهُ وَقِيلَ إِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ إِعَادَةٌ وَلَوْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ الشَّوْطِ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الْحَجَرِ فَمِنْهُ يَبْتَدِئُ الِاحْتِسَابُ قَالَ سَنَدٌ الْبِدَايَةُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالْحَجَرِ سُنَّةٌ فَإِذَا بَدَأَ بِالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ أَتَمَّ ذَلِكَ وَتَمَادَى مِنَ الْيَمَانِيِّ إِلَى الْأَسْوَدِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى طَال أَو انْتقض وضؤه أَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ أَجْزَأَهُ وَأَهْدَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الْحَج 29 وَهَذَا قَدْ طَافَ فَإِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا ابْتَدَأَ وَإِنِ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ مِنْ بَيْنِ الْحَجَرِ وَالْبَابِ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ بَدَأَ بِبَابِ الْبَيْتِ إِلَى الرُّكْنِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَالْبِدَايَةُ بِالْحَجَرِ شَرْطٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَسُنَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ فَلَو ابْتَدَأَ بالركن الْيَمَانِيّ فَإِذا فرغ سَعْيِهِ تَمَادَى مِنَ الْيَمَانِيِّ إِلَى الْأَسْوَدِ فَإِنْ لم يذكر حَتَّى طَال أَو انْتقض وضؤه أعَاد الطّواف وَالسَّعْي فَإِن خرج مَكَّةَ أَجْزَأَهُ الْهَدْيُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الْحَج 29 الشَّرْطُ السَّادِسُ أَنْ يَخْرُجَ بِجُمْلَةِ جَسَدِهِ عَنِ الْبَيْتِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُعْتَدُّ بِمَا طَافَ دَاخِلَ الْحِجْرِ وَيَبْنِي عَلَى مَا طَافَ خَارِجًا مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَلْيَرْجِعْ وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يطف لقَوْله تَعَالَى {وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق}

ص: 240

وَالْحِجْرُ بَقِيَّةُ الْبَيْتِ فَلَا يُجْزِئُ دَاخِلُهُ وَلَا شَاذْرُوَانُهُ خِلَافًا لِ ح الشَّرْطُ السَّابِعُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَفِي الْكِتَابِ مَنْ طَافَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ وَفِي سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ مِنْ زِحَامِ النَّاسِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ طَافَ فِي السَّقَائِفِ لِغَيْرِ زِحَامٍ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَعَادَ قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ الدُّنُوُّ مِنَ الْبَيْتِ كَالصَّفِّ الْأَوَّلِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُجْزِئُ مَنْ طَافَ خَارِجَ السَّقَائِفِ كَالطَّائِفِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ مِنْ وَرَاءِ الْحَرَمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ اتِّصَالَ الزِّحَامِ يَصِيرُ الْجَمِيعُ مُتَّصِلًا بِالْبَيْتِ كَاتِّصَالِ الزِّحَامِ بِالطُّرُقَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَعَ عَدَمِ الزِّحَامِ الطَّائِفُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يُعَدُّ طَائِفًا بِالْمَسْجِدِ لَا بِالْبَيْتِ وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَنْعَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ عَلَى مَنْعِ أَشْهَبَ فِي السَّقَائِفِ وَالْفَرْقُ أَنَّ زَمْزَمَ فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ عَارِضٌ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِينَ فَلَا يُؤَثِّرُ كَالْمَقَامِ لِوَجْهَيْنِ فِي الْمَطَافِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ مَنْ طَافَ فِي سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ لَا يَرْجِعُ لِذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونٍ يَرْجِعُ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ هَلْ يُجْزِئُهُ الْهَدْيُ أَوْ يَرْجِعُ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ الشَّرْطُ الثَّامِنُ إِكْمَالُ الْعَدَدِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ ضَرُورَةِ الدِّينِ وَفِي حَدِيثِ ابْن عمر أَنه صلى الله عليه وسلم َ - خب ثَلَاثَة أطواف وَمَشى أَرْبعا وَفِي الْكتاب من نسي الشوط السَّابِع رَكَعَ وَسَعَى فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا طَافَ شَوْطًا وَاحِدًا وَرَكَعَ وَسَعَى وَإِنْ طَالَ أَوِ انْتَقَضَ وضؤه ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَسَعَى فَلَوْ رَاحَ إِلَى بَلَدِهِ رَجَعَ وَإِنْ أَصَابَ النِّسَاءَ فَعَلَ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ طَافَ وَسَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ قَالَ سَنَدٌ إِطْلَاقُ الْأَطْوَافِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَجَوَّزَ مَالِكٌ الْأَشْوَاطَ وَكَرِهَ ش الْأَشْوَاطَ وَالْأَدْوَارَ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ الرَّمَلِ الْأَشْوَاطُ

ص: 241

والجميع وَاجِب عِنْد مَالك وش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَالصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لفعله صلى الله عليه وسلم َ - وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَفِّفُ فِي الشَّوْطَيْنِ وَيَجْعَلُ الْأَقَلَّ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ ح إِن طَاف أَرْبعا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ إِنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَإِلَّا جَبَرَهُ بِدَمٍ كَإِدْرَاكِ السُّجُودِ بِالرُّكُوعِ الشَّرْطُ التَّاسِعُ اتِّصَالُ رَكْعَتَيْنِ بِهِ فَإِنْ قُلْتَ الشَّرْطُ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَهَذَا مُتَأَخِّرٌ فَكَيْفَ يُجْعَلُ شَرْطًا قُلْتُ الْمَشْرُوطُ صِحَّةُ الطَّوَافِ وَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنِ الرُّكُوعِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَالرُّكُوعُ يَتَأَخَّرُ عَنِ الْفِعْلِ فَقَطْ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ هُمَا سُنَّةٌ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُمَا فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَيَجِبَانِ بِالدُّخُولِ فِي التَّطَوُّعِ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ هُمَا تَابِعَانِ لِلطَّوَافِ فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ قَالَ سَنَدٌ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا رُكْنًا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا وَاجَبَتَانِ يُجْبَرَانِ بِالدَّمِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا دم فيهمَا لنا قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلِأَنَّهُمَا عِبَادَةٌ بَعْدَ الطَّوَافِ فَيَجِبَانِ كَالسَّعْيِ فَإِذَا ذَكَرَهُمَا فِي سَعْيِهِ رَجَعَ فَرَكَعَ لِيَقَعَ السَّعْيُ بُعْدَهُمَا وَهُوَ سنة إِن كَانَ على وضوء وَإِلَّا تَوَضَّأَ وَأَعَادَ الطَّوَافَ وَإِنْ قَرُبَ قَالَهُ مَالك وَقَالَ ابْن حبيب إِن انْتقض وضؤه ابْتَدَأَ الطَّوَافَ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي التَّطَوُّعِ وَنَظِيرُهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ إِذَا أَخَّرَهُ بَعْدَ السَّلَامِ ثُمَّ أَحْدَثَ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى قَوْلٍ فَإِنْ ذَكَرَهُمَا بَعْدَ السَّعْيِ قَالَ مَالِكٌ يَرْكَعُهُمَا وَيُعِيدُ السَّعْيَ قِيَاسًا عَلَى الشَّوْطِ يَنْسَاهُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى طَالَ ذَلِكَ أَيَّامًا وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْكَعُهُمَا مَكَانَهُ فِي سَائِرِ الطَّوَافَاتِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيَهْدِي وَطِئَ النِّسَاءَ أَمْ لَمْ يَطَأْ فَإِنْ ذَكَرَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا وَلَمْ يَطَأْ فَإِنْ كَانَتَا مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ وَلَيْسَ بِمُرَاهِقٍ رَجَعَ فَطَافَ وَسَعَى وَأَهْدَى أَوْ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ طَافَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ مُتَعَيِّنُ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْإِفَاضَةِ فَإِنْ كَانَتَا مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ الَّذِي أَخَّرَهُ وَهُوَ مُرَاهِقٌ أَوْ أَحْرَمَ من

ص: 242

مَكَّة أَو كَانَتَا من عمْرَة وَسَعَى وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ وَطِئَ وَهُمَا مِنْ أَيِّ طَوَافٍ كَانَ فَتَذَكَّرَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا طَافَ وَسَعَى لِمَا فِيهِ سَعْيٌ وَأَهْدَى وَاعْتَمَرَ وَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ رَكَعَهُمَا مَكَانَهُ وَأَهْدَى وَيُخْتَلَفُ فِي جَعْلِ النِّسْيَانِ عُذْرًا كَالْمُرَاهَقَةِ فَيَسْقُطُ الدَّمُ وَإِذَا قُلْنَا تَخْتَصُّ الْإِفَاضَةُ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَجَبَ الدَّمُ وَعَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ يَجِبُ الدَّمُ فِي الْعُمْرَةِ لِلتَّفْرِيقِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَتَا مِنْ عُمْرَةٍ وَرَجَعَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَلْبَسَ الثِّيَابَ وَيَتَطَيَّبَ فَالدَّمُ يَنُوبُ عَنْهُمَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يَرْجِعُ لَهُمَا لِأَنَّ فِعْلَهُمَا لَا يَفُوتُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا بِرُكْنٍ وَلَا تَخْتَصَّانِ بِمَكَانٍ وَاجِب وَلِهَذَا لوصلاهما بِغَيْرِ الْمَقَامِ أَجْزَأَهُ فَلَا يَرْجِعُ لَهُمَا إِلَّا مَعَ الْقُرْبِ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ فَإِنْ جَمَعَ وَهُوَ بِمَكَّةَ اسْتُحِبَّ لَهُ الْعُمْرَةُ بَعْدَ الْإِصْلَاحِ لِأَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا بِإِعَادَةِ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ لِتَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ الْفِدْيَةَ إِنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ تشبها بالمحرمين وَفِي الْكِتَابِ لَا تُجْزِئُ الْمَكْتُوبَةُ عَنْهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ وَمَنْ لَمْ يَرْكَعْهُمَا حَتَّى دَخَلَ فِي أُسْبُوعٍ آخَرَ قَطَعَ وَرَكَعَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى أَتَمَّهُ رَكَعَ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ لِأَن السَّعْي تَفْرِيق يَسِيرٌ لَا يُخِلُّ بِهِمَا وَمَنْ جَاءَ فِي غَيْرِ إِبَّانِ الصَّلَاةِ أَخَّرَهُمَا إِلَى الْحِلِّ أَجْزَأَتَا إِلَّا أَن ينْتَقض وضؤه فَيَبْتَدِئُ الطَّوَافَ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَيَرْكَعُ إِلَّا أَنْ يَتَبَاعَدَ فَيَرْكَعُهُمَا وَيَهْدِي وَلَا يَرْجِعُ قَالَ سَنَدٌ وَلَوْ أَخَّرَهُمَا أَرْبَعَةَ أَسَابِيعٍ لَرَكَعَ وَصَحَّ وَلَو أخر ذَلِك عَامِدًا يخرج عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ وَالْجَوَازِ لِجَوَازِ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَتَأْخِيرِ الرُّكُوعِ إِلَى الْغُرُوبِ وَقَدْ قُلْنَا إِذَا نَسِيَ رَكَعَ فِي بَلَدِهِ وَلَوْ أَنَّ الطَّوَافَ صَحِيحٌ لَوَجَبَ الرُّجُوعُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا يَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ وَيُصَلِّي أَيَّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَخَصَّ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِرَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَبَعْضُهُمْ بِالدُّعَاءِ قَالَ سَنَدٌ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَقَدْ طَافَ عُمَرُ رضي الله عنه بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَمْ يَرْكَعْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا أَخَّرَهُمَا إِلَى الْغُرُوبِ

ص: 243

قَدِمَ الْمَغْرِبَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ رَكَعَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَعَادَهُمَا اسْتِحْبَابًا وَالْقِيَاسُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّ الْوَقْتَ يَقْبَلُ الصِّحَّةَ بِدَلِيلِ فِعْلِ الْمَفْرُوضَاتِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَرْكَعُ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَرْكَعُ إِنْ كَانَ بِغَلَسٍ وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِعْلُهُ وَالْمُسْتَحَبُّ فِعْلُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بِمَكَّةَ فَإِنْ فَعَلَهُمَا فِي طَرِيقه بوضؤ وَاحِد فَلَا رُجُوع عَلَيْهِ وَإِن انْتقض وضؤه أَعَادَ الطَّوَافَ وَالرُّكُوعَ وَفِي الْكِتَابِ وَمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَطَافَ وَسَعَى وَنَسِيَ الرُّكُوعَ حَتَّى قَضَى الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ إِنْ ذَكَرَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا رَجَعَ فَطَافَ وَرَكَعَ وَسَعَى فَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ لَبِسَ الثِّيَابَ وَتَطَيَّبَ وَإِنْ كَانَ حَاجًّا وَكَانَ الرُّكُوعُ مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ الَّذِي يَصِلُ بِهِ السَّعْيَ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ أَوْ مِنَ الْإِفَاضَةِ وَكَانَ قَرِيبًا رَجَعَ فَطَافَ وَركع وَإِن انْتقض وضؤه فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ طَوَافِ السَّعْيِ الَّذِي يُؤَخِّرُهُ الْمُرَاهِقُ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ عَرَفَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ بَعْدَ حَجِّهِ أَوْ قَرِيبا مِنْهَا أعَاد الطّواف إِن انْتقض وضؤه وَرَكَعَ وَسَعَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ طَوَافٍ هُوَ بَعْدَ وُقُوفِ عَرَفَةَ وَإِنْ تَبَاعَدَ رَكَعَهُمَا مَكَانَهُ وَأَهْدَى كَانَتَا مِنْ عُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا بَأْسَ بِالْحَدِيثِ الْيَسِير فِي الطّواف لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ فِيهَا الْكَلَامَ وَلَا يُنْشَدُ الشِّعْرُ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ وَلَا تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ وَاسْتَحَبَّهَا ش لِأَنَّ مُجَاهِدًا كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فِي الطَّوَافِ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِم وش مِنَ الْبَيْعِ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ وَلِأَنَّهُ دَاخِلُ الْمَسْجِدِ بَلْ يَنْبَغِي لِلطَّائِفِ الْوَقَارُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْأَدَبِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ فِي عِبَادَتِهِ وَعِنْدَ بَيْتِهِ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ أَلْصَقُوا الْمَقَامَ بِالْبَيْتِ خَشْيَةَ السَّيْلِ وَبَقِيَ ذَلِكَ إِلَى زَمَانِ عُمَرَ رضي الله عنه فَرَدَّهُ إِلَى مَكَانِهِ زَمَانَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام بِخُيُوطٍ قَاسَهَا بِهِ كَانَتْ فِي خَزَائِنِ الْكَعْبَةِ عَمِلَهَا الْجَاهِلِيَّةُ وَقْتَ تَقْدِيمِهِ وَهُوَ عَلَيْهِ الْآن

ص: 244

وَهُوَ الَّذِي نَصَبَ مَعَالِمَ الْحَرَمِ بَعْدَ تَغْيِيرِهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ بَكَّةُ مَوْضِعُ الْبَيْتِ وَمَكَّةُ اسْمٌ لِلْقَرْيَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ والوضؤ بِهِ مَا أَقَامَ بِهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلْيَقُلْ إِذَا شَرِبَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ قَالَ وَهُوَ لِمَا شُرِبَ لَهُ وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِإِسْمَاعِيلَ عليه السلام وَلِأُمِّهِ هَاجَرَ طَعَامًا وَشَرَابًا الْفَصْل الثَّانِي فِي سنته وَهِيَ أَرْبَعَةٌ السُّنَّةُ الْأُولَى الرَّمَلَانِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَّلِ وَالْمَعِيَّةُ فِي الْبَاقِي وَذَلِكَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَفِي مَشْرُوعِيَّتِهِ فِي الْإِفَاضَةِ لِلْمُرَاهِقِ وَفِي الْقُدُومِ فِي حَقِّ مَنْ أَحْرَمَ مِنَ التَّنْعِيمِ وَشِبْهِهِ خِلَافٌ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - مَكَّةَ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ وَلَقُوا مِنْهَا شَرًّا فَأَطْلَعَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمِلُوا الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ لَا كُلَّهَا إِبْقَاءً عَلَيْهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُمْ قَالُوا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْتُمْ أَن الْحمى نهكتهم هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنَّا فَكَانَ السَّبَبُ فِي الرَّمَلَانِ فِي حَقه صلى الله عليه وسلم َ - وَحقّ أَصْحَابه رضي الله عنهم إِظْهَارَ الْقُوَّةِ لِلْمُشْرِكِينَ فَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْجِهَادِ وَسَبَبُهُ فِي حَقِّنَا تَذَكُّرُ النِّعْمَةِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَيْنَا مِنَ الْعِزَّةِ بَعْدَ الذِّلَّةِ وَالْكَثْرَةِ بَعْدَ الْقِلَّةِ وَالْقُوَّةِ بَعْدَ الْمَسْكَنَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا زُوحِمَ فِي الرَّمَلِ وَلَمْ يَجِدْ مَسْلَكًا رَمَلَ طَاقَتَهُ وَمَنْ جَهِلَ أَوْ نَسِيَ فَتَرَكَ الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فَهُوَ خَفِيفٌ قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ الدُّنُوُّ مِنَ الْبَيْتِ لِأَنَّ الْبَيْتَ هُوَ الْمَقْصُودُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً يَرْمُلُ فِيهَا تَأَخَّرَ إِلَى حَاشِيَةِ النَّاسِ لِأَنَّ الرَّمَلَانَ أَفْضَلُ مِنَ الدُّنُوِّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ تَارِكَ الرَّمَلَانِ

ص: 245

عَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعِيدُ طَوَافَهُ مَا لَمْ يَفُتْ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ طَوَافَهُ مَا كَانَ بِمَكَّةَ فَإِنْ فَاتَ أَهْدَى وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُعِيدُ وَعَلَيْهِ دَمٌ لعُمُوم قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ هَيْئَة للطَّواف فَلَا يَجِبُ بِتَرْكِهِ شَيْءٌ كَالنَّاسِي فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِعَادَةِ فَفَعَلَهُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ لَمْ يُجْزِهِ كَالْقِرَاءَةِ فِي آخِرِ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ وَفِي الْكِتَابِ الرَّمَلَانُ فِي الْقَضَاءِ كَالْأَدَاءِ وَهُوَ آكَدُ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنَ الْمَوَاقِيتِ مِمَّنْ أَحْرَمَ مِنَ الْجُعْرَانَةِ أَوِ التَّنْعِيمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ رَمَلَانُ الطَّوَافِ الَّذِي يسْعَى عَقِيبه لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّمَا أَظْهَرَهُ فِيهِ وَلِأَنَّ هَاجَرَ لَمَّا تَرَكَهَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام هُنَاكَ مَعَ إِسْمَاعِيلَ عَطِشَ فَصَعِدَتِ الصَّفَا تَنْظُرُ هَلْ بِالْمَوْضِعِ مَاءٌ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا فَنَزَلَتْ وَسَعَتْ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ حَتَّى عَلَتِ الْمَرْوَةَ فَجُعِلَ ذَلِكَ نُسُكًا إِظْهَارًا لِشَرَفِهَا وَتَفْخِيمًا لِأَمْرِهَا قَالَ سَنَدٌ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنَّهُ لَا رَمَلَ فِيهِ وَلَا يُرْمَلُ فِي طَوَافِ التَّطَوُّعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا طِيفَ بِالْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الطَّوَافِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالصَّبِيِّ فَالْمَنْصُوصُ يُرْمَلُ بِالْمَرِيضِ وَفِي الصَّبِيِّ قَوْلَانِ أَجْرَاهُمَا اللَّخْمِيُّ فِي الْمَرِيضِ وَإِذا طَاف الْمحرم بِالصَّبِيِّ وَلَوْ كَانَ الطَّائِفُ لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يُنْتَقَلْ إِلَيْهِ وَلَا يَكْفِيهِمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ بِخِلَافِ مَا إِذَا حَمَلَ صَبِيَّيْنِ فَطَافَ بِهِمَا طَوافا وَاحِدًا كفاهما كَرَاكِبَيْنِ عَلَى دَابَّةٍ السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَطُوفَ مَاشِيًا لَا رَاكِبًا وَفِي الْكِتَابِ مَنْ طَافَ مَحْمُولا من عذر أَجزَأَهُ وَإِلَّا أعَاد أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بَلَدِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ طَافَ رَاكِبًا أَعَادَ إِنْ لَمْ يَفُتْ وَإِنْ تَطَاوُلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَشْيُ مِنْ سُنَنِهِ الْأَرْبَعِ قَالَ سَنَدٌ الطَّوَافُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ تَتَعَيَّنُ مُبَاشَرَتُهَا وَالرَّاكِبُ أَقْرَبُ مِنَ الْمَحْمُولِ لِأَنَّ حَرَكَةَ دَابَّتِهِ مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ فَإِنْ حَمَلَهُ مَنْ لَا يَطُوفُ لِنَفْسِهِ جَازَ لِلْعُذْرِ فَإِنْ كَانَ

ص: 246

يَطُوفُ لِنَفْسِهِ وَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا عَنْهُ وَعَنِ الْمَحْمُولِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُجْزِئُ عَنْهُمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا حَكَاهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَعَنِ الْحَامِلِ فَقَطْ وَعَنِ الْمَحْمُولِ فَقَطْ وَإِذَا قُلْنَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا فَكَذَلِكَ إِذَا ذَهَبَ الْعُذْرُ وَإِذَا قُلْنَا لَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا فَأَوْلَى إِذَا ذَهَبَ الْعُذْرُ وَإِذَا قُلْنَا عَنِ الْمَحْمُولِ وَحْدَهُ وَجَبَ عَلَى الْحَامِلِ الْإِعَادَةُ وَتُسْتَحَبُّ لِلْمَحْمُولِ وَإِذَا قُلْنَا يُجْزِئُ عَنِ الْحَامِلِ فَقَطْ أَعَادَ الْمَحْمُولُ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ الْحَامِلُ لَا يُرِيدُ الطَّوَافَ أُمِرَ الْمَحْمُولُ بِالْإِعَادَةِ لِيَأْتِيَ بِسُنَنِهِ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ صَحَّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَمَا صَحَّ مَعَ فَقْدِهِ كَالطَّهَارَةِ مَعَ الصَّلَاةِ بَلْ هُوَ كَسُجُودِ السَّهْوِ مَعَ الصَّلَاةِ قَالَتْ أم سَلمَة قلت لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - إِنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ

طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنت راكبة وَطَاف صلى الله عليه وسلم َ - رَاكِبًا لَكِنْ لِعُذْرِ رُؤْيَةِ النَّاسِ لَهُ لِيَسْتَفْتُوهُ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ جَبْرًا لِلتَّحَلُّلِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش لَا دَمَ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ الرُّكُوبُ لِمَنْ لَا يُطِيقُ الْمَشْيَ وَلِمَالِكٍ فِي الْكُلْفَةِ وَحْدَهَا قَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ طَافَ مَحْمُولًا أَوْ رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ الدُّعَاءُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَيْسَ بِمَحْدُودٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقُولُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ إِيمَانًا بِكَ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم َ - وَفِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ صلى الله عليه وسلم َ - يَقُولُ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَاسْتَحَبَّ ش اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا قَالَ سَنَدٌ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ وَدُعَائِهِ أَنْ يَقِفَ بِالْمُلْتَزَمِ لِلدُّعَاءِ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ وَاسِعٌ وَالْمُلْتَزَمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ

ص: 247

وَنَعْنِي بِالْمُلْتَزَمِ أَنَّهُ يَعْتَنِي وَيُلِحُّ بِالدُّعَاءِ عِنْدَهُ قَالَ مَالِكٌ وَيُقَالُ لَهُ الْمُتَعَوَّذُ أَيْضًا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَعْتَنِقَ وَيَتَعَوَّذَ بِهِ وَلَا يَتَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة وَلَا يحول ظَهْرَهُ لِلْبَيْتِ إِذَا دَعَا وَيَسْتَقْبِلُهُ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَدْنُو مِنْهُ وَلَا يلتصق وَفِي أبي دَاوُد لما خرج صلى الله عليه وسلم َ - مِنَ الْكَعْبَةِ اسْتَلَمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ الْبَيْتَ مِنَ الرب إِلَى الْحَطِيمِ وَوَضَعُوا خُدُودَهُمْ عَلَى الْبَيْتِ وَهُوَ صلى الله عليه وسلم َ - فِي وَسَطِهِمْ وَالْحَطِيمُ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَالرُّكْنِ كَانَ مَنْ ظُلِمَ دَعَا فِيهِ عَلَى الظَّالِمِ فيتحطم وَفِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَضَعُ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ ويبسطهما ثمَّ يَقُول هَكَذَا رَأَيْته صلى الله عليه وسلم َ - يَفْعَلُ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَيُخْرِجُ وَبَصَرَهُ يَتْبَعُ الْبَيْتَ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِهِ وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ دُخُولُ الْبَيْتِ بِالنَّعْلَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَرَى بِذَلِكَ فِي الْحِجْرِ بَأْسًا وَلَمْ يَكْرَهْ مَالِكٌ الطَّوَافَ بِالنَّعْلَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ قَالَ سَنَد يسْتَحبّ دُخُول الْبَيْت لفعله صلى الله عليه وسلم َ - ذَلِكَ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ إِذَا دَخَلَهُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ وَعَدْتَ الْأَمَانَ دَاخِلَ بَيْتِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ فِي بَيْتِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَمَانِي مَا تَأْمَنُنِي بِهِ أَنْ تَكْفِيَنِي مُؤْنَةَ الدُّنْيَا وَكُلَّ هَوْلٍ دُونَ الْجَنَّةِ حَتَّى تُبَلِّغَنِيهَا بِرَحْمَتِكَ وَأَمَّا الْحِجْرُ فَكَرِهَ أَشْهَبُ ذَلِكَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي بَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَكَانَ بَابُهُ بِالْأَرْضِ يَدْخُلُهُ السَّيْلُ فَهَدَمَتْهُ الْعَرَبُ وَرَفَعَتْ بَابَهُ وَضَمَّتْهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ قَالَ مَالِكٌ وَبِنَاءُ الْكَعْبَةِ هَذَا بِنَاءُ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلَّا الْحَائِطَ الَّذِي فِي الْحِجْرِ فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ أَخْرَجَهُ إِلَى الْحِجْرِ فَهَدَمَهُ الْحَجَّاجُ وَرَدَّهُ إِلَى بِنَاءِ الْعَرَبِ وَرَدَمَ الْبَيْتِ حَتَّى عَلَا السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ اسْتِلَامُ الْحَجَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فُرُوعُهَا فِي دُخُول مَكَّة

ص: 248

فَصْلٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ الطَّوَافُ لِلْغُرَبَاءِ أَوْلَى مِنَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُمْ يَجِدُونَ الصَّلَاةَ ببلدهم وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

يَنْزِلُ عَلَى الْبَيْتِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رَحْمَةً سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ وَجَوَابُ هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا قِيلَ إِنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ أِنَّ الطَّوَافَ يَشْتَمِلُ عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فَيَكُونُ الطَّوَافُ مَعَ الصَّلَاةِ أَفْضَلَ مِنَ الصَّلَاةِ وَحْدَهَا فَلَا مُنَافَاةَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ الطَّوَافُ لِلْغُرَبَاءِ أَفْضَلُ وَالصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَفْضَلُ وَالنَّفْلُ أَفْضَلُ مِنَ الْجِوَارِ وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْقُفُولِ بَعْدَ الْحَجِّ لِأَنَّهُ أَبْقَى لِهَيْبَةِ الْبَيْتِ فِي النُّفُوسِ وَفِي الْجُلَّابِ لَا بَأْسَ أَنْ يَطُوفَ الْمُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى مِنًى تَطَوُّعًا وَلَا بَأْسَ بِالطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوِ الصُّبْحِ وَيُؤَخِّرُ الرُّكُوعَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَعَ بَعْدَ الْغُرُوبِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ التَّنَفُّلِ وَتَقْدِيمُ الْمَغْرِبِ عَلَى رُكُوعِ الطَّوَافِ أَوْلَى وَلَا يَطُوفُ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوِ الصُّبْحِ إِلَّا أُسْبُوعًا وَاحِدًا وَيُكْرَهُ جَمْعُ أَسَابِيعَ وَتَأْخِيرُ رُكُوعِهَا حَتَّى تَرْكَعَ جُمْلَةً وَلْيَرْكَعْ عَقِبَ كل أُسْبُوع ركعتيه وَمَنْ أَحْدَثَ فِي طَوَافِهِ قَاصِدًا أَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ انْتَقَضَ طَوَافُهُ وَتَطَهَّرَ وَابْتَدَأَهُ فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ تَوَضَّأَ وَسَعَى وَإِنْ أَحْدَثَ فِي أثْنَاء سَعْيه توظأ وَبَنَى عَلَى سَعْيِهِ وَإِنْ مَضَى مُحْدِثًا أَجْزَأَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَرْكَعُ الطَّائِفُ لِطَوَافِ التَّطَوُّعِ كَالْفَرْضِ فَإِن لم يرْكَع حَتَّى طَال أَو انتفض وَضُوءُهُ اسْتَأْنَفَهُ فَإِنْ شَرَعَ فِي أُسْبُوعٍ آخَرَ قَطَعَهُ وَرَكَعَ فَإِنْ أَتَمَّهُ أَتَى لِكُلِّ أُسْبُوعٍ بركعتيه وأجزأه لِأَنَّهُ أَمْرٌ اخْتُلِفَ فِيهِ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّ أَرْبَعَةَ أَسَابِيعَ طُولٌ تَمْنَعُ الْإِصْلَاحَ وَتُوجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِئْنَافَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا الْكَلَامُ مِنَ اللَّخْمِيِّ وَإِطْلَاقُهُ الْإِجْزَاءَ وَوُجُوبَ الِاسْتِئْنَافِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الشُّرُوعَ فِي طَوَافِ التَّطَوُّعِ يُوجِبُ الْإِتْمَامَ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْمَذْهَبِ وَكَلَامِ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْمَسَائِلُ الَّتِي يَجِبُ التَّطَوُّعُ فِيهَا بِالشُّرُوعِ سَبْعَة الْحَج وَالْعمْرَة

ص: 249

وَالصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ وَالْإِتْمَامُ وَالطَّوَافُ وَلَا يُوجَدُ لهَذِهِ السَّبْعَة ثَمَان وَقَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ التَّطَوُّعُ يَجِبُ تَكْمِيلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذِهِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الشُّرُوعَ فِي تَجْدِيد الْوضُوء وَغَيره من قرأة الْقُرْآن وَبِنَاء الْمَسَاجِد والصدفات وَغَيْرِهَا مِنَ الْقُرُبَاتِ لَا يَجِبُ إِتْمَامُهَا بِالشُّرُوعِ فِيهَا فَليعلم ذَلِك الْمَقْصد الرَّابِع السَّعْي وَاصل وُجُوبه وركنيته حَدِيث جَابر الْمُتَقَدّم فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يطوف بهما} الْبَقَرَة 158 وَمَا عَلَى الرَّجُلِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها كَلَّا لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَتْ فَلَا جَنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ وَكَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطَّوَّفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَهَا اللَّهُ تُشِيرُ رضي الله عنها إِلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّ نَفْيَ الْحَرَجِ إِثْبَاتٌ لِلْجَوَازِ وَثُبُوتُ الْجَوَازِ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ بَلِ الْجَوَازُ مَعَ لَوَازِمِ الْوُجُوبِ فَلَوْ نُفِيَ الْحَرَجُ عَنِ التَّرْكِ أُبْطِلَ الْوُجُوبُ وَهِيَ جديرة بذلك رضي الله عنها لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

خُذُوا شَطْرَ دِينِكُمْ عَنْ هَذِهِ الْحُمَيْرَاءِ وَفِي السَّعْيِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الشُّرُوطِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ التَّرْتِيبُ وَفِي

ص: 250

الْكِتَابِ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا وَلم يحد مَالك فِي أَيِّ بَابٍ يَخْرُجُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصْعَدَ مِنْهُ وَمِنَ الْمَرْوَةِ أَعْلَاهُمَا حَيْثُ يَرَى الْكَعْبَةَ مِنْهُ وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَدْعُوَ قَاعِدًا عَلَيْهِمَا إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ وَيَقِفُ النِّسَاءُ أَسْفَلَهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ الصعُود إِلَّا أَن يخلوا فَيَصْعَدْنَ وَذَلِكَ أَفْضَلُ لَهُنَّ وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِي الدُّعَاء احدا وَلَا لِطُولِ الْقِيَامِ وَقْتًا وَيُسْتَحَبُّ الْمَكْثُ عَلَيْهِمَا فِي الدُّعَاءِ وَتَرْكُ رَفْعِ الْأَيْدِي أَحَبُّ إِلَى مَالِكٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاة فَإِن بَدَأَ بالمروة زَاد شرطا لِيَصِيرَ بَادِئًا بِالصَّفَا قَالَ سَنَدٌ النَّاسُ يَسْتَحِبُّونَ الْخُرُوجَ مِنْ بَابِ الصَّفَا لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ وَيُجْزِئُ السَّاعِي دُونَ الصُّعُودِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه كَانَ لَا يَصْعَدُ الصَّفَا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَلَا يَجِبُ إِلْصَاقُ الْكَعْبَيْنِ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ بَلْ يَبْلُغُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَقَالَ ش يَجِبُ وَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي الطَّوَافِ يَبْدَأُ بِالْحَجَرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقُولُ إِذَا صَعِدَ الصَّفَا وَرَأَى الْبَيْتَ رَافِعًا يَدَيْهِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شَيْء قَدِيرٌ ثُمَّ يَدْعُو بِمَا اسْتَطَاعَ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيُهَلِّلُ مَرَّةً ثُمَّ يَدْعُو ثُمَّ يُعِيدُ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ ثُمَّ يَدْعُو يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَالتَّرْتِيبُ شَرْطٌ عِنْد مَالك وش خِلَافًا لِ ح لَنَا حَدِيثُ جَابِرٍ فَإِنْ خَرَجَ إِلَى بَلَدِهِ يُخْتَلَفُ فِي رُجُوعِهِ كَمَنْ ترك شرطا من الطّواف الشَّرْط الثَّانِي الْمُوَالَاة فِي الْكِتَابِ إِذَا جَلَسَ فِي سَعْيِهِ شَيْئًا خَفِيفًا أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ كَالتَّارِكِ ابْتَدَأَهُ وَلَا يَبْنِي وَلَا يُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ وَلَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي وَلَا يَقِفُ مَعَ أَحَدٍ يُحَدِّثُهُ فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَ خَفِيفًا لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ أَصَابَهُ حقن تَوَضَّأ وَبنى الْكَلَام هُنَا وكالكلام فِي الطَّوَافِ وَهُوَ فِي السَّعْيِ أَخَفُّ وَلِذَلِكَ جُوِّزَ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ

ص: 251

الشَّرْطُ الثَّالِثُ إِكْمَالُ الْعَدَدِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ ترك شرطا مَنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ صَحِيحَةٍ أَوْ فَاسِدَةٍ فَلْيَرْجِعْ لِذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ سُؤَالٌ الصَّفَا أَفْضَلُ أَوِ الْمَرْوَةُ جَوَابُهُ الْمَرْوَةُ لِأَنَّ السَّاعِيَ يَزُورُهَا مِنَ الصَّفَا أَرْبَعًا وَيَزُورُ الصَّفَا مِنَ الْمَرْوَةَ ثَلَاثًا وَمَنْ كَانَتِ الْعِبَادَةُ فِيهِ أَكْثَرَ كَانَ أَفْضَلَ الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ صَحِيحٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ فِيهِ تَقَدُّمُ طَوَافٍ صَحِيحٍ وَلْيَسْعَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ فَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا فَعُقَيْبَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَوْ أَخَّرَهُ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ عُقَيْبَ الْإِفَاضَةِ لَزِمَهُ الدَّمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلَوْ أَخَّرَهُ عُقَيْبَ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ حَجًّا ثُمَّ سَعَى لَا أُحِبُّ لَهُ سَعْيَهُ إِلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي بِهِ الْفَرْضَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَده أَو جَامع رَأَيْته مجزيئا عَنْهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَأَمْرُ الدَّمِ خَفِيفٌ قَالَ سَنَدٌ وَقَدْ نَقَلَهُ الْبَرْذَاعِيُّ عَلَى خِلَافِ هَذَا فَقَالَ إِذَا طَافَ وَلَمْ يَنْوِ فَرْضًا وَلَا تَطَوُّعًا ثُمَّ سَعَى لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْزِئْهُ لَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ مِنْ بَلَدِهِ فَإِنْ كَانَ هَذَا غَافِلًا عَنِ الْوَاجِبِ أَجْزَأَهُ كَالْغَفْلَةِ عَنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلْوَاجِبِ وَقَصَدَ التَّطَوُّعَ فَيُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ اعْتِمَاد عَلَى نِيَّةِ الْإِحْرَامِ وَإِنَّ الرَّفْضَ يُؤَثِّرُ فِيهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي سُنَنِهِ وَهِيَ خَمْسٌ السُّنَّةُ الْأُولَى قَالَ سَنَدٌ اتِّصَالُهُ بِالطَّوَافِ إِلَّا الْيَسِيرَ وَلَهُ أَنْ يَطُوفَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَيَسْعَى بَعْدَ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ طَافَ لَيْلًا وَأَخَّرَهُ حَتَّى أَصْبَحَ أَجَزْأَهُ إِنْ كَانَ بِوُضُوءٍ وَإِلَّا أَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحِلَاقَ فَإِن خرج من مَكَّة أهْدى وأجزأه تَأْكِيدًا للتفريق بِالْحَدَثِ السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ الطَّهَارَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَعَى جُنُبًا أَجْزَأَهُ

ص: 252

قَالَ سَنَد يسْتَحبّ الوضؤ أَو الطَّهَارَة لاتصاله بِالطّوافِ كخطبة الْعِيد قَالَ مَالك فِي الْكتاب وَالْأَصْل قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الصَّحِيحَيْنِ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها لَمَّا حَاضَت

أقض مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ فَخَصَّ الطَّهَارَةَ بِالطَّوَافِ السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ الْمَشْيُ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّوَافِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَسْعَى رَاكِبًا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ وَقَدْ سعى صلى الله عليه وسلم َ - رَاكِبًا لِلْعُذْرِ بِالِاسْتِفْتَاءِ سُؤَالٌ كَيْفَ يَصِحُّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّهُ رَكِبَ فِي السَّعْيِ وَأَنَّهُ رَمَلَ جَوَابُهُ رَمَلَ بِزِيَادَةِ تَحْرِيكِ دَابَّتِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَاكب فِي حَجِّهِ وَمَشَى فِي عُمْرَتِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَالْكَلَام فِي الْمَشْي هَا هُنَا كَالْكَلَامِ فِي الْمَشْيِ فِي الطَّوَافِ السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ قَالَ سَنَدٌ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ وَاجِبٌ السُّنَّةُ الْخَامِسَةُ الرَّمَلَانُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ رَمَلَ فِي جَمِيعِ سَعْيِهِ أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَرْمُلْ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَد فِي نَسيَه من جَمِيع سَعْيه كمن نَسيَه فِي جمع طَوَافِهِ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا إِنْ أَهْدَى لِتَرْكِ الرَّمَلَانِ فَحَسَنٌ وَقَالَ أَيْضًا يُعِيدُ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ مَا كَانَ فِي مَكَّةَ فَإِنْ فَاتَ أَهْدَى وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُعِيدُ وَعَلَيْهِ دَمٌ الْمَقْصِدُ الْخَامِسُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ قَالَ سَنَدٌ خُطَبُ الْحَجِّ ثَلَاثَةٌ الْأُولَى إِذَا كَانَ سَابِعُ ذِي الْحِجَّةِ صَلَّى الْإِمَامُ الظُّهْرَ وَخَطَبَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْجُمْهُورُ لِأَنَّهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَيَأْمُرُهُمْ بِالْغُدُوِّ يَوْمَ الثَّامِنِ إِلَى مِنًى وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يُعِدُّونَ الْمَاءَ لَهُ وَأَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَحْمِلُ الْمَاءَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى مِنًى لِحَاجِّ الْعَرَبِ وَيُعَلِّمُهُمْ مَنَاسِكَهُمْ وَخُرُوجَهُمْ

ص: 253

إِلَى مِنًى لِيُصَلُّوا بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ وَالصُّبْحَ ثُمَّ يَغْدُونَ إِذَا بَزَغَتِ الشَّمْسُ إِلَى عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَا يَجْلِسُ فِي وسط هَذِه الْخطْبَة قَالَ مُطَرِّفٌ يَجْلِسُ وَيَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ كَخُطْبَةِ الْعِيدِ وَيُكَبِّرُ فِي خِلَالِهَا وَكَذَلِكَ خُطَبُ الْحَجِّ كُلُّهَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِيَةُ بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَيُعَلِّمُ النَّاسَ مَنَاسِكَهُمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ بِعَرَفَةَ وَوُقُوفَهُمْ بِهَا وَدَفْعَهُمْ وَنُزُولَهُمْ بِمُزْدَلِفَةَ وَصَلَاتَهُمْ بِهَا وَوُقُوفَهُمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَالدَّفْعَ مِنْهُ وَرَمْيَ الْجَمْرَةِ وَالْحِلَاقَ وَالنَّحْرَ وَالْإِفَاضَةَ وَالثَّالِثَةُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ بِيَوْمٍ فِي أول أَيَّام الرَّمْي يخْطب فِي جَمِيعِهَا قَائِمًا يُظْهِرُ لِلنَّاسِ نَفْسَهُ عَلَى مِنْبَر أَو غَيره وَاخْتلف فِي خطبَته صلى الله عليه وسلم َ - فَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ خَطَبَ عَلَى بَعِيرٍ أَحْمَرَ وَحَدِيثُ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمُ يُشْعِرُ أَنَّهُ خَطَبَ على القصوى وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ خَطَبَ عَلَى مِنْبَرٍ أَيْضًا فُرُوعٌ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَأَخَّرَ الْخُرُوجَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَاللَّيْلَةَ الْمُقْبِلَةَ وَلَمْ يَبِتْ بِمِنًى وَغَدَا مِنْ مَكَّةَ إِلَى عَرَفَاتٍ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُرِهَ تَرْكُ الْمَبِيتِ بِمِنًى كَمَا كُرِهَ تَرْكُهُ بِهَا بَعْدَ عَرَفَاتٍ وَقَالَ عَلَى مَنْ تَرَكَ لَيْلَةً كَامِلَةً أَوْ جُلَّهَا دَمٌ وَلَمْ يَرَ فِيهِ قَبْلَ عَرَفَة دَمًا وَيكرهُ التَّقَدُّم على مِنًى قَبْلَ التَّرْوِيَةِ أَوْ إِلَى عَرَفَةَ وَلَا يَتَقَدَّمُ النَّاسُ بِأَقْبِيَتِهِمْ إِلَيْهَا بَلْ يُقْتَدَى بِهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَكُرِهَ الْبُنْيَانُ الَّذِي اتَّخَذَهُ النَّاسُ بِمِنًى وَبُنْيَانُ مَسْجِدِ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ مُحْدَثٌ بَعْدَ بَنِي هَاشِمٍ بِعِشْرِينَ سَنَةً قَالَ سَنَدٌ الْمَبِيتُ قَبْلَ عَرَفَةَ بِمِنًى لِلِاسْتِرَاحَةِ لَا لِإِقَامَةِ نُسُكٍ بِهَا وَبَعْدَهَا لإِقَامَة النّسك فَيكون نسكا فَيتَعَلَّق بترك الدَّمِ وَإِذَا حَضَرْتِ الْجُمْعَةُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَجَبَتْ عَلَى الْمُقِيمِينَ وَالْأَفْضَلُ لِلْمُسَافِرِ

ص: 254

شُهُودُهَا عِنْدَ أَصْبَغَ وَتَرْكُهَا لِإِدْرَاكِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِمِنًى عِنْدَ مُحَمَّدٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يكره أَشهب تقدم الْأَثْقَالِ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ لِتَعَلُّقِ الْمَنَاسِكِ بِالْأَبْدَانِ دُونَ الْأَثْقَالِ وَكَرَاهَةُ الْبِنَاءِ بِمِنًى لِأَنَّهَا حَرَامٌ لَا مِلْكَ فِيهَا فَلَا تُحْجَرُ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَبْنِيَ لَكَ بَيْتا يظلك بمنى لَا مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ وَقَالَ مَالِكٌ يَقْدُمُ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ يَوْمَ عَرَفَةَ قَبْلَ الشَّمْسِ وَمَنْ دَابَّتُهُ ضَعِيفَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَيسْتَحب الذّهاب رَاكِبًا لفعله صلى الله عليه وسلم َ - الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَوْضِعُ الْخُطْبَةِ بِهِ الْيَوْمَ حَيْثُ كَانَ قَدِيمًا وَيَخْطُبُ مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ ثَمَّتْ وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ إِنْ شَاءَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ النُّزُولُ بِنَمِرَةَ وَهُوَ مَوْضِعٌ بِعَرَفَةَ فَيَضْرِبُ الْإِمَامُ خِبَاءً أَوْ قُبَّةً بِهَا كَفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ اغْتَسَلَ النَّاسُ لِلْوُقُوفِ وَذَهَبُوا لِلْمَسْجِدِ ذَاكِرِينَ اللَّهَ تَعَالَى وَهَذَا الْمَسْجِدُ الْيَوْمَ هُوَ مَوضِع خطابته صلى الله عليه وسلم َ - وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَخْطُبُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ إِلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلصَّلَاةِ حَتَّى يَقِفَ عَلَى وَقْتِهَا وَإِنَّمَا هِيَ للتعليم وَالْأول أظهر تأسيا بِهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَتَأْخِيرُ الْأَذَانِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ أَحْسَنُ لِحَدِيثِ جَابِرٍ وَالنَّفْي التَّخْلِيطِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا قَامَ الْإِمَامُ مِنَ الجلسة يسْتَحبّ تَطْوِيل الدُّعَاء

لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَفِي مُسْلِمٍ

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبِيدًا

ص: 255

من النَّار من يَوْم عَرَفَة وَإنَّهُ ليدنوا ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ وَفِي الْجُلَّابِ يُجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بأذانين وَإِقَامَتَيْنِ وَقيل بإقاتين بِلَا أَذَانٍ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ مَنْ فَاتَهُ الْإِمَامُ جَمَعَ فِي رَحْلِهِ وَقَالَ أَيْضًا لَهُ الْجَمْعُ فِي رَحْلِهِ وَرُبَّمَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ وَقَالَ ابْن حبيب وش وح لَا يُتْرَكُ الْجَمْعُ مَعَ الْإِمَامِ أَلْبَتَّةَ لِلسُّنَّةِ تَنْبِيهٌ جَمَعَ الرَّشِيدُ مَالِكًا وَأَبَا يُوسُفَ رضي الله عنهما فَسَأَلَ أَبُو يُوسُفَ مَالِكًا عَنْ إِقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِعَرَفَةَ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَافَقَ الْجُمُعَةَ بِعَرَفَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَمْ يُصَلِّهَا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ قَدْ صَلَّاهَا لِأَنَّهُ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ وَصَلَّى بَعْدَهُمَا رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْجُمُعَةُ فَقَالَ مَالِكٌ أَجَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ كَمَا يَجْهَرُ بِالْجُمُعَةِ فَسَكَتَ أَبُو يُوسُفَ وَسَلَّمَ لِمَالِكٍ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنَ الصَّلَاةِ دَفَعَ إِلَى عَرَفَاتٍ وَالنَّاسُ بَعْدَهُ وَالنُّزُولُ بِعَرَفَاتٍ وَمِنًى وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ حَيْثُ شِئْتَ لِمَا فِي حَدِيث جَابر

3 -

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

نحرت هَا هُنَا وَمنى كلهَا منحر ووقفت هَا هُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَقَالَهُ الْجَمِيعُ وَقَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا تَمَّتِ الصَّلَاةُ بِعَرَفَةَ فَخُذْ فِي التَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ ثُمَّ اسْتَنِدْ إِلَى الْقَصَبَاتِ بِسَفْحِ الْجَبَلِ وَحَيْثُ يَقِفُ الْإِمَامُ أَفْضَلُ لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ الْوُقُوفَ عَلَى جِبَالِ عَرَفَةَ وَلَكِنْ مَعَ النَّاسِ وَلَيْسَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ ذَلِكَ فَضْلٌ إِذَا وَقَفَ مَعَ النَّاسِ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ وَادي عَرَفَة لَيْسَ من غرفَة وَلَا يُجْزِئُ الْوُقُوفُ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَسْجِدِ عَرَفَةَ قَالَ مَالِكٌ لَمْ يُصِبْ مَنْ وَقَفَ بِهِ قِيلَ فَإِنْ فَعَلَ قَالَ لَا أَدْرِي وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُجْزِئُ وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ الْإِجْزَاءَ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ

ص: 256

صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ بِعَرَفَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَوْضِعَ الصَّلَاةِ مَوْضِعُ الْخُطْبَةِ وَهُوَ خَطَبَ مَكَانَ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ وَالرُّكُوبُ أَفْضَلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْن حَنْبَل خلافًا ل ش للسّنة لما فِيهِ مِنَ الِاسْتِعَانَةِ عَلَى الدُّعَاءِ وَلِذَلِكَ يُسْتَحَبُّ تَرْكُ الصَّوْمِ فَمَنْ وَقَفَ قَائِمًا فَلَا يَجْلِسُ إِلَّا إِذَا أَعْيي الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ مَنْ وَقَفَ بِهِ مُغْمًى عَلَيْهِ حَتَّى دَفَعَ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ إِذَا طَرَأَ عَلَى الْإِحْرَامِ لَا يُفْسِدُهُ إِجْمَاعًا وَقَدْ دَخَلَتْ نِيَّةُ الْوُقُوفِ فِي نِيَّةِ الْإِحْرَام وَلذَلِك يُجْزِئُ النَّائِمَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ الطَّائِيُّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - بِالْمَوْقِفِ يَعْنِي بِجَمْعٍ فَقَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْلَكْتُ مَطِيَّتِي وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ جَبَلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فَهَلْ لِي من حج فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - من أدْرك مَعنا هَذِه الصَّلَاة وأتى قَبْلَ ذَلِكَ عَرَفَاتٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يُجْزِئْهُ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ أَجَزْأَهُ وَإِنِ اتَّصَلَ بِهِ الْإِغْمَاءُ حَتَّى دَفَعَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقِفَ ثَانِيَةً إِنْ أَفَاقَ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ كَالَّذِي يُغْمَى عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَرُوِيَ عَنْهُ إِنْ وَقَفَ مُفِيقًا ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ فَإِن وقف مغمى عَلَيْهِ فَلم يقف حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ يُنَافِي التَّقَرُّبَ وَالنِّيَّةَ الْفِعْلِيَّةَ فَأَوْلَى الْحُكْمِيَّةَ الَّتِي هِيَ أَضْعَفُ مِنْهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالصَّوْمِ أَنَّ الصَّوْمَ تَرْكٌ وَالتَّرْكُ لَا يَتَوَقَّفُ الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَتِهَا عَلَى الشُّعُورِ بِهَا وَلَا الْقَصْدِ إِلَيْهَا بِدَلِيلِ الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ كُلِّ قَتْلٍ فِي الْعَالَمِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَإِنْ لَمْ تَشْعُرْ بذلك النُّفُوس وَلَا بذلك الْخُمُور إِنَّمَا يَكُونُ الصَّوْمُ فِعْلًا عِنْدَ ابْتِدَاءِ

ص: 257

الدُّخُول فِيهِ لَا جرام إِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بَطَلَ وَالْحَجُّ فِعْلٌ حقيق فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الشُّعُورُ وَالْقَصْدُ وَلَاحَظَ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ قُوَّةَ انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ مَعَ أَعْظَمِ مُفْسِدَاتِهِ كالجماع وَغَيره وَأَشَارَ إِلَى الزَّوَال لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ الدُّخُول فِي هَذَا الرُّكْن كَأَنَّهُ وَقَّتَ النِّيَّةَ الْفِعْلِيَّةَ وَهُوَ كَالْفَجْرِ مَعَ الصَّوْمِ الْخَامِسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الْوُقُوفِ حَتَّى دَفَعَ الْإِمَامُ أَجْزَأَهُ أَنْ يَقِفَ لَيْلًا وَأَسَاءَ وَيُهْدِي وَمَنْ مَرَّ بِعَرَفَةَ مَارًّا بَعْدَ دَفْعِ الْإِمَامِ أَجْزَأَهُ إِنْ كَانَ قبل الْفجْر وَالْأَفْضَل فِي الْوَقْف الطَّهَارَة وروى الْأَبْهَرِيّ بِإِسْنَادِهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَاتٍ بِلَيْلٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَمَنْ فَاتَهُ عَرَفَاتٌ بِلَيْلٍ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَلْيُحِلَّ بِعُمْرَةٍ وَهُوَ نَصٌّ فِي اشْتِرَاطِ اللَّيْلِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا غُمَّ عَلَى النَّاسِ لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ فَأَكْمَلُوا وَوَقَفُوا التَّاسِعَ فَثَبَتَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِم وش وح يجزئهم لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

حَجُّكُمْ يَوْمَ تَحُجُّونَ أَيْ يَوْمَ يَحُجُّونَ فِيهِ اجْتِهَادًا وَلِعِظَمِ مَشَقَّةِ الْحَجِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا يجزئهم كَمَا لَو أخطوا الْمَكَانَ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ قَبْلَ وُقُوفِهِمْ وَوَقَفُوا أَجْزَأَهُمْ وَهُوَ بَاطِلٌ لِتَيَقُّنِ الْخَطَأِ حَالَةَ الْمُبَاشَرَةِ وَإِنَّمَا الرُّخْصَةُ إِذَا وَقَفُوا معتقدين وَلذَلِك صِحَة الصَّلَاةُ مَعَ اعْتِقَادِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ وَبَطَلَتْ مَعَ اعْتِقَادِ خَطَئِهَا وَفِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ وُقُوفَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ مضواو عَلَى عَمَلِهِمْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي يَوْمِهِمْ أَوْ بعده ويتأخر النَّحْر وَعمل الْحَج كُله مَنْ لَمْ يَحُطَّ وَقَالَ ح إِنْ تَبَيَّنَ أَنه يَوْم التَّرويَة

ص: 258

أَجزَأَهُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ وَأَلْحَقَهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما بِسُورَةِ بَرَاءَةٌ يَقْرَؤُهَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِعَرَفَةَ مَوْضِعِ اجْتِمَاعهم وَيَأْمُرهُمْ أَن لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ وَكَانَ حَجُّ الْجَمِيعِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانَتْ تَحُجُّ فِي كُلِّ شَهْرٍ سَنَتَيْنِ فَصَادَفَ تِلْكَ السَّنَةَ ذَا الْقَعْدَةِ وَتَأَخَّرَ صلى الله عليه وسلم َ - حَتَّى أَتَى سَنَةَ تِسْعٍ فَحَجَّ فِي ذِي الْحِجَّةِ فَإِذَا صَحَّ الْحَجُّ قَبْلَ عَرَفَةَ بِشَهْرٍ فَأولى بِيَوْم وَفِي الْجَوَاهِر لوقفوا الثَّامِن لم يجزئهم وَوَجَب الْقَضَاء وَحكي الأجازاء عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ قَالَ سَنَدٌ مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فِي الْهِلَالِ يَلْزَمُهُ الْوُقُوفُ كَالصَّوْمِ وَقَالَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَقِفَ مَعَ النَّاسِ يَوْمَ الْعَاشِرِ وَقَدْ سَلِمَ الصَّوْمُ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ وَأَوَّلُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ زَوَالُ الشَّمْسِ وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِحَدِيثِ عُرْوَةَ السَّابِقِ وَقِيَاسًا لِجَمِيعِ النَّهَارِ عَلَى جَمِيع اللَّيْل وَجَوَابه أَنه فعله صلى الله عليه وسلم َ - وَاتِّفَاقُ أَهْلِ الْأَعْصَارِ عَلَى ذَلِكَ وَآخِرُ الْوَقْتِ طُلُوعُ الْفَجْرِ يَوْمَ الْعَاشِرِ وَلَا يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْوَقْت إِجْمَاعًا وَقد دفع صلى الله عليه وسلم َ - أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى إِجْزَاءِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ فَإِنْ وَقَفَ نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ يُجزئهُ عِنْد مَالك وَيجزئهُ عِنْد ح وش وَعَلَيْهِ دَمٌ لِحَدِيثِ عُرْوَةَ السَّابِقِ وَقِيَاسًا لِلنَّهَارِ عَلَى اللَّيْلِ بَلِ النَّهَارُ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ يُقَالُ يَوْم عَرَفَة وَلذَلِك قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ فَالْمَشْهُورُ الْيَوْمَ دون اللَّيْل وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - وقف

ص: 259

نَهَارًا وَانْصَرَفَ عِنْدَ إِقْبَالِ اللَّيْلِ لَنَا حَدِيثُ جَابر أَنه صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ وَحَدِيثُ الْأَبْهَرِيِّ الْمُتَقَدِّمُ وَنَقُولُ اللَّيْلُ أَوْلَى لكَونه مجمعا عَلَيْهِ وَإِن من فَاتَهُ اللَّيْل بَطل حجه وَعَلِيهِ دم وَعِنْدهم وَمَا رَوَوْهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ أَبَا دَاوُدَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي فَلَوْ دَفَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَرَجَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ يُجْزِئُهُ وَيُسْتَحَبُّ الْهَدْيُ وَأَوْجَبَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالدَّفْعِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْعَوْدِ كَمُجَاوَزَةِ المقياة وَجَوَابه أَنه كمن رَجَعَ للميقاة قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَلَوْ دَفَعَ حِينَ الْغُرُوبِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ دَفَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ مَالِكٌ أَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِعَزْمِهِ عَلَى تَرْكِ اللَّيْلِ وَمَنْ أَتَى قَبْلَ الْفَجْرِ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ إِنِ اشْتَغَلَ بِهَا طَلَعَ الْفَجْرُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ جِبَالِ عَرَفَةَ وَقَفَ وَصَلَّى وَإِلَّا ابْتَدَأَ بِالصَّلَاةِ وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ كَانَ مَكِّيًّا بَدَأَ بِالصَّلَاةِ أَوْ آفَاقِيًّا بَدَأَ بِالْحَجِّ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ تَقْدِيمَ الْحَجِّ مُطْلَقًا عِنْدَ خَوْفِ الْفَوَاتِ قَاعِدَةٌ الْمُضَيَّقُ فِي الشَّرْعِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا وُسِّعَ فِي تَأْخِيرِهِ وَمَا وُسِّعَ فِيهِ فِي زَمَانٍ مَحْصُورٍ كَالصَّلَاةِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا غَيَّاهُ بِالْعُمُرِ كَالْكَفَّارَاتِ وَمَا رُتِّبَ عَلَى تَارِكِيهِ الْقَتْلُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَتُقَدَّمُ الصَّلَاةُ عَلَى الْحَجِّ إِجْمَاعًا غَيْرَ أَنَّ فضل الصَّلَاة قد عورض هَا هُنَا بِالدُّخُولِ فِي الْحَجِّ وَمَا فِي فَوَاتِهِ مِنَ الْمَشَاقِّ فَأَمْكَنَ أَنْ يُلَاحِظَ ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ أَدْرَكَ الْإِحْرَامَ لَيْلَةَ الْعِيدِ صَحَّ لِبَقَاءِ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْحَجَّ عَرَفَةُ وَوَقْتُهُ بَاقٍ قَالَ سَنَدٌ إِنْ مَرَّ بِعَرَفَةَ وَعَرَفَهَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُجْزِئُهُ وَالْأَشْهَرُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّ تَخْصِيصَ أَرْكَانِ الْحَجِّ بِالنِّيَّةِ لَيْسَ شرطا

ص: 260

الْمَقْصِدُ السَّادِسُ الدَّفْعُ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ لِمَنِ انْصَرَفَ مِنْ عَرَفَةَ الْمُرُورَ فِي غَيْرِ طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ وَالسُّنَّةُ الدَّفْعُ مَعَ الْإِمَامِ وَقَبْلَهُ يُجْزِئُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَلَا بِدَابَّتِهِ عِلَّةٌ فَلَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ إِلَّا بِمُزْدَلِفَةَ فَإِنْ صَلَّى قَبْلَهَا أَعَادَ إِذَا أَتَاهَا لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - الصَّلَاةُ أَمَامَكَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْمُضِيَّ مَعَ النَّاسِ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ حَيْثُ كَانَ وَأَجْزَأَهُ قَالَ سَنَدٌ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ دَفَعَ الْإِمَامُ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فَإِذَا وَجَدَ فجوة أسْرع لما فِي الصِّحَاح كَانَ صلى الله عليه وسلم َ - حِينَ دَفَعَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فُرْجَةً نَصَّ وَالْعَنَقُ السَّيْرُ الرَّفِيقُ وَالنَّصُّ رَفْعُ السَّيْرِ مِنْ قَوْلِكَ نَصَصْتُ الْحَدِيثَ إِذَا رَفَعْتُهُ إِلَى قَائِله ونصصت الْعَرُوس إِذا رفعتها فَوْقَ الْمِنَصَّةِ وَالْفَجْوَةُ الْفُرْجَةُ بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ فَفَعَلَ ذَلِكَ الرَّاكِبُ وَالْمَاشِي وَيُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَحْمِيدِهِ وَتَمْجِيدِهِ وَتَهْلِيلِهِ فِي السَّيْرِ لِمُزْدَلِفَةَ ومقامة بمنى لقَوْله تَعَالَى {فماذكروا الله عِنْد الْمشعر الْحَرَام} الْبَقَرَة 198 وَقَوله {فَذكرُوا الله كذكركم أباءكم أَو أَشد ذكرا} الْبَقَرَة 200 {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الْبَقَرَة 203 وَهِيَ أَيَّامُ مِنًى وَالْمَأْزِمَانِ جَبَلَانِ يَمُرُّ النَّاسُ بَيْنَهُمَا ومنهما عبر صلى الله عليه وسلم َ - فَائِدَة من التَّنْبِيهَات المأزمان تَنْبِيه مَأْزِمٍ وَالْمَأْزِمُ وَالْمَأْزِنُ الْمَضِيقُ وَهُمَا مَضِيقُ جَبَلَيْنِ بِمِنًى وَهُوَ مَهْمُوزٌ مَكْسُورُ الزَّايِ مَفْتُوحُ الْمِيمِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ مَنْ دَفَعَ لَا يَنْزِلُ بِبَعْضِ تِلْكَ الْمِيَاهِ لِعَشَاءٍ أَوِ اسْتِرَاحَةٍ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْعِشَائَيْنِ

ص: 261

بِمُزْدَلِفَةَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ شَاءَ فِي رَحْلِهِ أَوْ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ أَفْضَلُ وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْجَمْعِ بِعَرَفَةَ وَكَذَلِكَ تَكَرُّرُ الْأَذَانِ قَالَ مَالِكٌ يَجْمَعُ إِذَا وَصَلَ قَبْلَ حَطِّ الرَّوَاحِلِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَحُطُّ رَحْلَهُ أَوَّلًا وَيُقَدِّمُ الْعِشَاءَ وَمَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَالْعِشَاءَ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَهُوَ يَسِيرُ مَعَ النَّاسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُ بِمُزْدَلِفَةَ اسْتِحْسَانًا وَقَالَ أَشْهَبُ وش وَابْنُ حَنْبَلٍ أَسَاءَ وَلَا يُعِيدُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ كَمَنْ صَلَّى قَبْلَ الْوُقُوفِ فَعَلَى هَذَا يُعِيدُ أَبَدًا وَهُوَ قَوْلُ ح نَظَرًا لاتباعه صلى الله عليه وسلم َ - فَلَوْ وَقَفَ بَعْدَ دَفْعِ النَّاسِ وَهُوَ يَطْمَعُ بِلُحُوقِ الْإِمَامِ إِذَا أَسْرَعَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ لِيُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَام وَإِلَّا لم يجمع قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ ابْن قَاسم إِنْ طَمِعَ فِي وُصُولِ مُزْدَلِفَةَ ثُلُثَ اللَّيْلِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ وَإِلَّا صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامُ الْمُزْدَلِفَةَ قَبْلَ الشَّفَقِ فَلَا يَجْمَعُ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ مَعَ أَنَّهُ يُعِيدُ أَمَّا التَّأْخِيرُ فَلِأَنَّ الْعِشَاءَ لَا تُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِهَا وَالسُّنَّةُ إِنَّمَا وَرَدَتْ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَقْتَ الْآخِرَةِ وَأَمَّا الِاسْتِيعَادُ فَلْيُعِدْ مَا بَيْنَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَلَا يكبر عقيب الْمغرب وَالْعشَاء وَالصُّبْحِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ لِأَنَّ افْتِتَاحَ التَّكْبِيرِ عِنْدَ مَالك من الظّهْر وَعند ح من صبح يَوْم عَرَفَة وش ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الظُّهْرُ يَوْمَ النَّحْرِ وَالصُّبْحُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ وَمَنْ بَاتَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَلَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْإِمَامَ يُقِيمُ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ فَإِنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ الصُّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَفَ مَعَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وح لَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْمَبِيتِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ دَفَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَتَرَكَ الْمَبِيتَ وَفِي الْكِتَابِ الْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَمَنْ وَقَفَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَقِفْ لِسُقُوطِ الْوُجُوبِ بِالْفَجْرِ كَفَوَاتِ الْوُقُوفِ مَعَ الْإِمَامِ بِعَرَفَةَ وَلِأَنَّهُ فِي

ص: 262

حَدِيثِ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمَشْعَرُ الْحَرَامُ جَبَلُ الْمُزْدَلِفَةِ يُقَالُ لَهُ قُزَحُ وَمَنْ أُتِيَ بِهِ الْمُزْدَلِفَةَ مُغْمًى عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ وَمَنْ مَرَّ بِهَا وَلَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ نَزَلَ وَدَفَعَ آخِرَ اللَّيْلِ أَوْ وَسَطَهُ أَوْ أَوَّلَهُ وَلَمْ يَدْفَعْ مَعَ الإِمَام وأجزأه وَيُسْتَحَبُّ الدَّفْعُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَتَعَجَّلُ قَبْلَهُ وَوَاسِعٌ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ وَلَا يَقِفُ أَحَدٌ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ إِلَى الْإِسْفَارِ بَلْ يَدْفَعُوا قَبْلَ ذَلِكَ وَإِذَا أَسْفَرَ وَلَمْ يَدْفَعِ الْإِمَامُ دَفَعَ النَّاسُ وَتَرَكُوهُ وَمَنْ لَمْ يَدْفَعْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ الْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} الْبَقَرَة 198 وَمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِهِ فَلَا دم عَلَيْهِ عِنْد مَالك وح وش لِأَنَّهُ إِنَّمَا أحل بِدُعَاء فِي تربص وَوَافَقَ أَشهب ابْن الْقَاسِم هَا هُنَا فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَمُرُّ بِهِ بِمُزْدَلِفَةَ وَخَالَفَهُ فِي عَرَفَةَ لِأَنَّهَا رُكْنٌ وَأَمَّا النُّزُولُ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَالْمَشْهُورُ وُجُوبُهُ وَمَنْ تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبِيتِ أَنَّ الْمَبِيتَ لِلِاسْتِرَاحَةِ غَيْرُ نُسُكٍ وَالنُّزُولُ الْوَاجِبُ يَحْصُلُ بِحَطِّ الرَّحْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الْمَبِيتِ وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِغْرَاقُ النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنَ اللَّيْلِ خِلَافًا لِ ش لِمَا فِي مُسلم أَن سَوْدَة استأذنته صلى الله عليه وسلم َ - لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطِّ النَّاسِ فَأَذِنَ لَهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهَا وَقْتًا مَخْصُوصًا وَقَالَ ح يَقِفُ بِالْمَشْعَرِ حَتَّى يُسْفِرَ لِأَنَّهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ لَنَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُفِيضُونَ حَتَّى يَرَوُا الشَّمْس على ثبير فخالفهم النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَدَفَعَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَكَانُوا يَقُولُونَ أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَفْعَلُ فِي الدّفع مَعَ الْمَشْعَرِ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ مِثْلَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ وَيُهَرْوِلُ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ قَدْرَ رَمْيَةِ الْحَجَرِ لِأَنَّهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَقْصِدُ السَّابِعُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ وَفِي الْكِتَابِ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْم النَّحْر

ص: 263

صُبْحًا سَبْعَ حَصَيَاتٍ رَاكِبًا وَفِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ مَاشِيًا وَإِنْ مَشَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ويجزيء قبل الشَّمْس ويعد الْفَجْرِ وَبِطُلُوعِ الْفَجْرِ يَحِلُّ الرَّمْيُ وَالنَّحْرُ بِمِنًى وَقَبله لَا يجزيء وَيُعِيدُ وَتَكُونُ الْجِمَارُ أَكْثَرَ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ قَلِيلا وبأخذها مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَلَا يَرْمِي بِحَصَى الْجِمَارِ لِأَنَّهَا قَدْ رُمِيَ بِهَا وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالَ سَنَدٌ كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَرْمِي بِأَكْبَرَ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ وَاخْتلف فِي حَصى الْخذف فَقيل مثل الْبَاقِي وَقِيلَ مِثْلُ النَّوَاةِ وَقِيلَ دُونَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وعرضا وَيكرهُ الْكَبِير لَيْلًا يُؤْذِيَ النَّاسَ وَالصَّغِيرُ مِثْلُ الْحِمَّصَةِ وَالْقَمْحَةِ لَا يُرْمَى بِهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ وَأَكْبَرُ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ أَبْرَأُ لِلذِّمَّةِ لِأَنَّ فِيهِ الْوَاجِبَ وَزِيَادَةً وَالْحَجَرُ الْكَبِيرُ يُجْزِئُ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَخْذُهَا مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ لِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عِنْدُ رَاحِلَتِهِ هَاتِ الْتَقِطْ لِي فَالْتَقَطَ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ لَقْطَهَا عَلَى كسرهَا للسّنة وَيسْتَحب تَقْدِيم الرَّمْي على غير إِذَا أَتَى مِنًى لِأَنَّهُ تَحِيَّةُ الْحَرَمِ وَلَا يخْتَص بِنَجس بَلْ مَا يُسَمَّى حَصًى حَجَرًا أَوْ رُخَامًا أَوْ تُرَابًا وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مَنْعُ الطِّينِ وَالْمَعَادِنِ المتطرقة كالحديد وَغير المتطرقة كالزرنيخ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يَجُوزُ بِكُلِّ مَا هُوَ مِنَ الْأَرْضِ قِيَاسًا عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَجَوَّزَهُ دَاوُدُ بِكُلِّ شَيْءٍ حَتَّى بِالْعُصْفُورِ الْمَيِّتِ وَسَلَّمَ ح مَنْعَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَنَقِيسُ عَلَيْهَا وَلَا يُرْمَى بِمَا رُمِيَ بِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَتَبَادَرَ النَّاسُ إِلَى جماره صلى الله عليه وسلم َ - فَإِنْ رَمَى بِمَا رَمَى بِهِ هُوَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَّا لَا يُجْزِئُهُ بِخِلَافِ مَا رَمَى بِهِ غَيْرُهُ وَلَمْ يَجِدْ هَذَا الْفَرْقَ إِلَّا للزموني مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَإِنْ رَمَى بِمَا رَمَى بِهِ غَيره أَجزَأَهُ عِنْد مَالك وش خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ حَنْبَلٍ مُحْتَجِّينَ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ

ص: 264

عَبَّاس أَن مَا يقبل يُقَابل مِنْ ذَلِكَ يَرْفَعُ فَلَا يَتَقَرَّبُ بِمَا لَمْ يُقْبَلْ وَقِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الطَّهَارَةِ لنا أَنه صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ شَرْطًا لَبَيَّنَهُ وَالْقِيَاس على شُرُوط الْحُدُود وَالثَّوْب فِي الصَّلَاةِ وَالطَّعَامِ فِي الْكَفَّارَاتِ وَيُمْنَعُ الْحُكْمُ فِي قِيَاسِهِمْ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَوْ رَمَى بِحَجَرٍ نَجِسٍ أَجْزَأَهُ قَالَ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ عَنِ الْمَذْهَبِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُهَا فَإِنْ قَدِمَ فِي غَيْرِ وَقْتِ رَمْيٍ أَخَّرَ الرَّمْيَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْكَبَ لِأَنَّ الرَّمْيَ رَاكِبًا إِنَّمَا يَكُونُ لِلْعَجَلَةِ وَالْمَشْيُ فِي الْقُرُبَاتِ أَفْضَلُ وَدُخُولُ الْوَقْتِ بالنحر عِنْد مَالك وح وَابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ السَّلَفِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ اللَّيْلَ زَمَانُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالرَّمْيَ يُحَلِّلُ وَغَيْرُ مُنَاسِبٍ وُقُوعُ التَّحَلُّلِ فِي زَمَنِ الْإِحْرَامِ وَلِأَنَّهَا لَيْلَةٌ لَا يَصْلُحُ الرَّمْيُ فِي أَوَّلِهَا فَلَا يَصْلُحُ فِي آخِرِهَا كَيَوْمِ عَرَفَةَ عَكْسُهُ يَوْمُ النَّحْرِ وَجَوَّزَهُ ش فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنَ اللَّيْلِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَرْسَلَ بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْفَجْرِ صَلَاةَ الْفَجْرِ أَوْ يكون خَاصّا بهَا جَمِيعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَفِي الْكِتَابِ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ لِحَدِيثِ جَابِرٍ وَيُسْتَحَبُّ رَمْيُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فَإِنْ رَمَاهَا مِنْ فَوْقِهَا أَجْزَأَهُ فَفِي حَدِيثِ جَابر رَمَاهَا صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ بَطْنِ الْوَادِي وَقَدْ رَمَاهَا عُمَرُ رضي الله عنه مِنْ أَعْلَاهَا لِزِحَامِ النَّاسِ فَإِنْ تَرَكَهَا أَوْ بَعْضَهَا إِلَى اللَّيْلِ رَمَاهَا لَيْلًا وَإِنْ نَسِيَ بَعْضَهَا رَمَى عَدَدَ مَا تَرَكَ وَلَا يَسْتَأْنِفُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُهْدِيَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي وُجُوبِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلرَّمْيِ وَقْتُ أَدَاءٍ وَوَقْتُ قَضَاءٍ فَالْأَدَاءُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ وَتَرَدَّدَ أَبُو الْوَلِيدِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي بَعْدَهُ هَلْ هِيَ أَدَاءٌ

ص: 265

أَوْ قَضَاءٌ وَالْقَضَاءُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ مَا بَعْدَهُ وَلَا قَضَاءَ لِلرَّابِعِ وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الدَّمِ مَعَ الْفَوَاتِ وَلَا فِي سُقُوطِهِ مَعَ الْأَدَاءِ وَيُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِهِ وسقوطه مَعَ الْقَضَاء فَفِي الْمُوَطَّأ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - رَخَّصَ لِرُعَاةِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عِنْدَ مِنًى يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَرْمُونَ مِنَ الْغَدِ أَو بَعْدَ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ وَلَوْلَا أَن الْوَقْت الرَّمْيِ لَمَا جَازَ تَأْخِيرُهُمْ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تُؤَخَّرُ لِلضَّرُورَةِ إِلَّا فِي وَقْتِ أَدَائِهَا كَالصَّلَوَاتِ وَلَا يَبْطَلُ الْحَجُّ بِفَوَاتِ شَيْءٍ مِنَ الْجِمَارِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَبْطُلُ بِفَوَاتِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - إِذَا رَمَى أَحَدُكُمْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ فَجَعَلَهَا شَرْطًا وَلِأَنَّهَا عِبَادَةُ سَبْعٍ فَتَكُونُ رُكْنًا كَالطَّوَافِ لَنَا

قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ بِلَيْلٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ رُكْنًا لَمَا فَاتَتْ بِخُرُوجِ زَمَانِهَا كَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَهِيَ تَفُوتُ بِخُرُوجِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلَا تَكُونُ رُكْنًا كَسَائِرِ الْجَمَرَاتِ وَقِيَاسُهَا عَلَى الْجَمَرَاتِ أَوْلَى مِنَ الطَّوَافِ الْمَقْصِدُ الثَّامِنُ فِي الحلاق والذبائح وَتَرْتِيبِهِمَا مَعَ الرَّمْيِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ حَلَقَ قَبْلَ الْجَمْرَةِ افْتَدَى وَيَذْبَحُ بَعْدَهَا فَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَهَا أَوْ حَلَقَ قَبْلَ الذَّبْحِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الَّذِي يُفْعَلُ يَوْمَ النَّحْرِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةٌ بِمِنًى الرَّمْيُ وَالْهَدْيُ وَالْحِلَاقُ وَالرَّابِعَةُ الْإِفَاضَة لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِمِنًى فَدَعَا بِذِبْحٍ فَذَبَحَ ثُمَّ دَعَا بِالْحَلَّاقِ وَوَافَقَنَا فِي الْفِدْيَةِ ح وَابْنُ حَنْبَل وَتردد قَول الشَّافِعِيَّة للِاخْتِلَاف عِنْدَهُمْ هَلْ هِيَ نُسُكٌ فَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ أَحَدُ مَا يُتَحَلَّلُ بِهِ أَوْ إِطْلَاقٌ مَحْصُورٌ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ وَقَوْلُنَا أَبْيَنُ لِأَنَّهُ

ص: 266

وَإِنْ كَانَ نُسُكًا فَهُوَ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ فِي الْإِحْرَامِ وَأَمَّا الذَّبْحُ قَبْلَ الرَّمْيِ فَلِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ وقف النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فِي حجَّة الْوَدَاع للنَّاس يسألونه فجَاء فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ فَقَالَ اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنِ ابْتَدَأَ بِالْحَلْقِ قَبْلَ الرَّمْيِ فَقَوْلَانِ فِي وُجُوبِ الدَّمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَسُقُوطِهِ وَإِنِ ابْتَدَأَ بِالْحَلْقِ قَبْلَ الذَّبْحِ فسقوط الْفِدْيَة لمَالِك وش وَوُجُوبُهَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ ح إِنْ كَانَ مُفْرِدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعا لزمَه لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الْبَقَرَة 196 فَشَرَطٌ فِي جَوَازِ الْحَلْقِ نَحْرُ الْهَدْيِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ قَدَّمَ الْحِلَاقَ عَلَى الذَّبْحِ أَوِ الرَّمْيِ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ عَامِدًا فَعَلَيْهِ الدَّمُ وَجَوَابُ ح أَنَّهُ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ وَإِنَّمَا بَقِيَ ذَبْحُهُ وَلَمْ يَقُلْ حَتَّى يُذْبَحَ وَفِي الْكِتَابِ الذَّبْحُ ضَحْوَةٌ فَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَعَادَ وَمَنْ جَامَعَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْحِلَاقِ فَحَجُّهُ تَامٌّ وَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ وَبَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ مُفَرَّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً وَإِنْ جَامَعَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةِ فَسَدَ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ فَإِنْ وَطِئَ بعد يَوْم النَّحْر قبل الْإِفَاضَة وَالرَّمْي أجرأه الْحَجُّ وَيَعْتَمِرُ وَيُهْدِي وَإِنْ وَطِئَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَبَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ ثُمَّ ذَكَرَ شَوْطًا مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ كَمَّلَ الْأَشْوَاطَ وَرَكَعَ ثُمَّ يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ الْهَدْيُ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالصَّلَاةِ وَلَا صَلَاةَ عِيدٍ عَلَى أَهْلِ مِنًى فَلِذَلِكَ جَازَ نَحْرُ الْهَدْيِ قَبْلَ الشَّمْسِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الوطئ قَبْلَ الْوُقُوفِ يُفْسِدُ الْحَجَّ وَبَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ وَالْحِلَاقِ قَالَ

ص: 267

مَالِكٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَفْسُدُ الْحَجُّ وَيَفْسَدُ الطَّوَافُ إِذَا وَطِئَ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ وَبَعْدَ الرَّمْيِ قَالَ عبد الْوَهَّاب وَهُوَ أَقيس ومروي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما وَقَالَ ح عَلَيْهِ الْهَدْيُ لِأَنَّهَا حَالَةٌ أَمِنَ فِيهَا الْفَوَاتَ فَيُؤْمَنُ فِيهَا الْفَسَادُ كَبَعْدِ الطَّوَافِ لَنَا أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنَ الْحَجِّ رُكْنَانِ فَحُكْمُ الْإِحْرَامِ بَاقٍ كَمَا قَبْلَ الْوُقُوفِ وَعِنْدَ ح فِي الْهَدْي الْبَدنَة وش الشَّاة لنا أَن الوطئ الْمُحَرَّمَ فِي الْإِحْرَامِ سَبَبُ الْهَدْيِ وَهُوَ يَصْدُقُ على الْجَمِيع فَيُؤْمَر بالأعلا لِعَظِيمِ جِنَايَتِهِ وَيُجْزِئُهُ أَقَلُّ مَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْهَدْيِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ انْتَقَلَ إِلَى الصَّوْمِ لِأَنَّهُ بَدَلُهُ فِي الْمُتْعَةِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا جَامَعَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةِ أَنَّ حَجَّهُ تَامٌّ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ} الْبَقَرَة 167 وَالنَّهْيُ يَدُلُّ على الْفساد وَبِالثَّانِي قَالَ ح

لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا وَطِئَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَبْلَ الرَّمْيِ فَسَدَ حَجُّهُ وَإِذَا قُلْنَا بِالْعُمْرَةِ فَلَيْسَتْ خَارِجَةً عَنْ إِحْرَامِهِ فَيُؤْمَرُ بِتَكْمِيلِ الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ لِيَصِحَّ الدُّخُولُ فِي إِحْرَامٍ آخَرَ كَمَنْ سَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ يُحْرِمُ لِيَرْجِعَ إِلَيْهَا فَإِحْرَامُهُ هَا هُنَا الْعُمْرَةُ وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ الطِّيبَ بَعْدَ الرَّمْيِ حَتَّى يُفِيضَ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِذَا رَمَى الْعَقَبَةَ أَخَذَ مِنْ أَظْفَارِهِ وَلِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ وَاسْتَحَدَّ وَلَوْ أَطَلَى بِالنَّوْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْلَالِ لِفِعْلِ عُمَرَ رضي الله عنه ذَلِكَ وَالْحِلَاقُ يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ مِنْهُ بِمَكَّةَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ لِبَلَدِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا حَلَقَ أَو قصر وَأهْدى وَمن ظفر أَوْ عَقَصَ أَوْ لَبَّدَ فَعَلَيْهِ الْحِلَاقُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ تَعْمِيمِ التَّقْصِيرِ لِجُمْلَةِ شَعْرِهِ وَمَنْ ضَلَّتْ بَدَنَتُهُ يَوْمَ النَّحْرِ أَخَّرَ الْحِلَاقِ وَطَلَبَهَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوَالِ فَإِنْ أَصَابَهَا وَإِلَّا حَلَقَ وَفَعَلَ فِعْلَ مَنْ لَمْ يُهْدِ مِنْ وطئ النِّسَاء وَغَيره كَانَ الْهَدْي مِمَّا عَلَيْهِ بدله أَو لَا قَالَ ابْن الْقَاسِم وَإِن قصرا أَو قصرت بَعْضًا وَأَبْقَيَا بَعْضًا ثُمَّ جَامَعَهَا عَلَيْهِمَا الْهَدْيُ وَفِي الْبُخَارِيِّ

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

ص: 268

اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمُقَصِّرِينَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْحِلَاقِ على التَّقْصِير وَفِي أَبِي دَاوُدَ

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَيْسَ على النِّسَاء الْحلق وَإِنَّمَا عَلَيْهِنَّ التَّقْصِير وَقَالَ تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رؤسكم وَمُقَصِّرِينَ} الْفَتْح 27 وَهُوَ يَقْتَضِي جُمْلَةَ الرَّأْسِ قَالَ سَنَدٌ الْخِلَافُ فِي اسْتِيعَابِ الرَّأْسِ حَلْقًا كَالْخِلَافِ فِي اسْتِيعَابِهِ مَسْحًا فِي الْوُضُوءِ وَالتَّحَلُّلُ يَقَعُ فِي الْحَجِّ فِي الْجَمْرَةِ لِتَقَدُّمِ الْأَرْكَانِ وَفِي الْعُمْرَةِ بِالْحِلَاقِ لِأَنَّ السَّعْيَ رُكْنٌ فِيهَا فَنَظِيرُهُ الْوُقُوفُ فَيَقَعُ التَّحَلُّلُ بِالْحَلْقِ وَفِي فَسَادِ الْعُمْرَةِ بالوطئ قَبْلِ الْحِلَاقِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْإِحْلَالِ أَمْ لَا وَالتَّحَلُّلُ تَحَلُّلَانِ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ خُرُوجُ وَقْتِهَا وَالثَّانِي الْفَرَاغُ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ فَيَحِلُّ بِالْأَوَّلِ كُلُّ مَا حُرِّمَ بِالْإِحْرَامِ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَالصَّيْدَ قَالَهُ عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه وَيَخْتَلِفُ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ فِي الثِّيَابِ وَالصَّيْدِ وَاللَّمْسِ وَعَقْدِ النِّكَاحِ وَالطِّيبِ وَالْمَذْهَبُ التَّحْرِيمُ لِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ وَفِي الْجُلَّابِ إِنْ تَطَيَّبَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنَّ صَادَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَإِنْ وَطِئَ فَحَجُّهُ تَامٌّ وَيُهْدِي وَيَعْتَمِرُ قَالَ سَنَدٌ وَالْحِلَاقُ يَتَعَلَّقُ بِزَمَانِ الْحَجِّ لَا بِمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِمَاطَةُ الشَّعْرِ إِلَّا أَنَّهُ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ فَلَا يُخْرَجُ بِهِ عَنْ أَشْهُرِهِ وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ بِمِنًى بَعْدَ النَّحْرِ اقْتِدَاء بِهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَمَا هُوَ زَمَانُ الْحِلَاقِ الَّذِي يَفُوتُ بِهِ فَرَأَى فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ زَمَانُ الرَّمْيِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَبَاعَدَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحِلَاقِ وَالتَّقْصِيرِ لِمَرَضٍ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ إِنْ وَجَدَ وَإِلَّا فَبَقَرَةٌ وَإِلَّا فشَاةٌ وَإِلَّا صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةً وَفِي الْكِتَابِ يُمِرُّ الْأَقْرَعُ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ وَيُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِهِ وَقَالَهُ ح وَعِنْدَ ش لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِجُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ فَيَسْقُطُ بِذَهَابِهِ كَالطَّهَارَةِ فِي الْيَدَيْنِ وَلِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ فِدْيَةً قَبْلَ

ص: 269

التَّحَلُّلُ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحَلُّلُ وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا أَنَّ الْوَسَائِلَ يَسْقُطُ اعْتِبَارُهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمَقَاصِدِ وَإِمْرَارُ الْمُوسَى وَسِيلَةٌ لِإِزَالَةِ الشَّعْرِ لَنَا فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما وَأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالشَّعْرِ فَتَنْتَقِلُ لِلْبَشَرَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ كَالْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَلَقَ بِالنَّوْرَةِ أَجْزَأَهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ كَمَا يَحْصُلُ التَّقْصِيرُ بِالْمِقْرَاضِ وَالْفَمِ وَقَالَ بِهِمَا الشَّافِعِيَّةُ وَمَنْ قَصَّرَ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَمَا أَخَذَ أَجْزَأَهُ وَكَذَلِكَ الصِّبْيَانُ وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ إِلَّا التَّقْصِيرُ فِي جُمْلَةِ شُعُورِهِنَّ قَالَ ابْنُ أبي زيد يجز المقصر شعره منَّة أُصُولِهِ وَقَالَ ش يُجْزِئُ النِّسَاءَ حَلْقُ ثُلُثِ شعورهن وَقَالَ ح الرّفْع بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَذَى الْمَرْأَةَ الْقمل أَو الشّعْر فلهَا الْحلق وتقصر الْمَرْأَةِ عِنْدَ مَالِكٍ قَدْرُ الْأُنْمُلَةِ وَقَالَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها وَالصَّغِيرَةُ تُفَارِقُ الْمَرْأَةَ فِي الْحِلَاقِ لِعَدَمِ الْمُثْلَةِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُعْتَمِرِ تَأْخِيرُ خلاقه بل يصله الْمَقْصد التَّاسِع طواف الْإِفَاضَة وَهُوَ الطَّوَافُ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ وَفِيهِ تَفْرِيعَاتٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ تَعْجِيلُ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ وَإِنْ أَخَّرَهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَذَهَبَ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ فَلَا بَأْسَ خِلَافًا لِ ش إِنْ أَخَّرَهُ مَعَ السَّعْيِ بَعْدَ مِنًى حَتَّى تَطَاوَلَ طَافَ وَسَعَى وَأَهْدَى وَلَهُ تَأْخِيرُ السَّعْيِ إِلَى وَقت تَأْخِير الْإِفَاضَة وَكره مَالك تَسْمِيَة طواف الزِّيَارَة وَقَوْلهمْ زرنا قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - تَعْظِيمًا لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الزَّائِرَ مُتَفَضِّلٌ عَلَى الْمَزُورِ وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ زُرْنَا السُّلْطَانَ لِمَا فِيهِ من إِبْهَام الْمُكَافَأَةِ وَالْمُمَاثَلَةِ وَأَصْلُ فَرِيضَتِهِ حَدِيثُ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمُ قَالَ سَنَدٌ أَمَّا أَوَّلُ وَقْتِهِ فَلَا يَجُوزُ

ص: 270

قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ إِجْمَاعًا وَتَحْدِيدُ أَوَّلِ الْوَقْتِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَحْدِيدِ أَوَّلِ وَقْتِ الرَّمْيِ هَلْ هُوَ طُلُوعُ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ طُلُوعُ الْفجْر أَو نصف اللَّيْل وَأما تَحْدِيدُ آخِرِ وَقْتِهِ فَالْمُخْتَارُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لِتَمَامِ الشَّهْرِ وَعَلَيْهِ الدَّمُ بِدُخُولِ الْمُحَرَّمِ وَقَالَ ح آخِرُهُ الْيَوْمُ الثَّانِي فَبِدُخُولِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَجِبُ الدَّمُ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَيْسَ لِآخِرِ وَقْتِهِ حَدٌّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ حَدٌّ لَمَا صَحَّ فِعْلُهُ بَعْدَهُ كَالرَّمْيِ وَالْوُقُوفِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} الْبَقَرَة 197 فَحَصَرَهُ فِي الْأَشْهُرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُقُوف أَنه إِنَّمَا يَأْتِي بعد التَّحْلِيل وَحُصُول مُعظم الْحَج بِالْوُقُوفِ بِالطَّوَافِ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ عَمَلِ النَّاسِ وَإِنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ فَلَهُ أَنْ يَقِفَ حَتَّى يُصَلِّيَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ أَفَاضَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ الرُّجُوعُ إِلَى مِنًى وَلَا يُقيم لصَلَاة الْجُمُعَة وَقَالَ ابْن حبيب لمن أَفَاضَ أَن ينْتَقل بِالطَّوَافِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَدَّمَ الْإِفَاضَةَ عَلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَجْزَأْتُهُ الْإِفَاضَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُجْزِئُهُ وَاسْتَحَبَّ أَصْبَغُ الْإِعَادَةَ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا حَاضَتْ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ أَوْ نَفِسَتْ لَا تَبْرَحُ حَتَّى تُفِيضَ وَيُحْبَسُ عَلَيْهَا كَرْيُهَا أَقْصَى جُلُوسِ النِّسَاءِ فِي الْحَيْضِ وَالِاسْتِطْهَارِ أَوِ النِّفَاسِ مِنْ غَيْرِ سَقَمٍ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عليه السلام

ذكر صَفِيَّة بنت حييّ فَقيل لَهُ إِنَّهَا حَاضَت فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - أَحَابِسَتُنَا هِيَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قد طافت فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - فَلَا إِذًا وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ يُحْبَسُ الْكَرْيُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا رَوَى غَيْرُهُ ذَلِكَ مَعَ الِاسْتِطْهَارِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ هَذَا فِي زَمَنِ الْأَمْنِ أَمَّا فِي هَذَا الْوَقْتِ فَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَة ابْن

ص: 271

الْقَاسِمِ فَيَتَجَاوَزُ الدَّمُ مُدَّةَ الْحَبْسِ فَهَلْ تَطُوفُ أَوْ يُفْسَخُ الْكِرَاءُ قَوْلَانِ قَالَ سَنَدٌ هَذَا إِنْ كَانَ الْكَرِي يُمْكِنُهُ الِانْفِرَادُ بِالسَّيْرِ أَمَّا أَهْلُ الْآفَاقِ الْبَعِيدَةِ الَّذِينَ لَا يَرُوحُونَ الأحِمْيَةً فَأَمْرُهُ مَحْمُولٌ عَلَى زَمَنِ الْحَجِّ عَادَةً وَلَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَوْ صَرَّحَتْ لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ لَأَبَاهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَهِيَ كَالْمَحْصُورَةِ بِالْعَدُوِّ وَلَا يَلْزَمُهَا جَمِيعُ الْأُجْرَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا وَرَوَى سَحْنُونٌ أَنَّهَا تَطُوفُ لِلْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِي الطَّوَافِ وَلِأَنَّهُ يُسْتَبَاحُ لِلضَّرُورَةِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآن للحائض لضَرُورَة النسْيَان وَهَا هُنَا أَعْظَمُ قَالَ مَالِكٌ وَتَحْبِسُ الْقَافِلَةَ إِنْ كَانَتْ إِقَامَتُهَا الْيَوْمَيْنِ قَالَ مَالِكٌ فَلَوْ شَرَطْنَا عَلَيْهِ عُمْرَةً فِي الْحَرَمِ فَحَاضَتْ قَبْلَهَا لَا يُحْبَسُ وَلَا يُوضَعُ مِنَ الْكِرَاءِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْحَجُّ وَفَرَّقَ مَالِكٌ مَرَّةً بَيْنَ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْكَرِيُّ فَقَالَ الْحَيْضُ شَأْنُ النِّسَاءِ فَهُوَ دَخَلٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ النِّفَاسِ وَحَيْثُ قُلْنَا تَحْبِسُهُ فَلَا يُزَادُ شَيْئًا الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْرَمَ مَكِّيٌّ مِنْ مَكَّةَ بِالْحَجِّ أَجْزَأَهُ الطَّوَافُ مَعَ السَّعْيِ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَلَوْ عَجَّلَهُمَا قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ وَأَعَادَهَا بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ أَجْزَأَهُ وَأَهْدَى وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا أَخَّرَ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيَ عَامِدًا حَتَّى خَرَجَ إِلَى مِنًى فَلْيَطُفْ وَلْيَسْعَ إِذَا رَجَعَ وَيُهْدِي فَإِنْ تَرْكَهَا نَاسِيًا فَلْيَسْعَ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي فِي الدَّمِ بِخِلَافِ الْمُرَاهِقِ وَقَالَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَلَا بَأْسَ بِتَأْخِيرِ الْإِفَاضَةِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ فَإِنْ أَخَّرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْمُحَرَّمِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَمَنْ نَسِيَ الْإِفَاضَةَ وَقَدْ طَافَ لِلْوَدَاعِ أَجْزَأَهُ إِذَا بَعُدَ إِمَّا لِلْمَشَقَّةِ وَإِمَّا لِأَن أَرْكَان الْحَج لَا نفتقر إِلَى النِّيَّةِ فِيمَا يُعِينُ الطَّوَافَ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُجْزِئُهُ قَالَ سَنَدٌ يَرْجِعُ لِلْإِفَاضَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَافَ تَطَوُّعًا وَلَمْ يُعَيَّنِ الْوَدَاعَ نَظَائِرُ يُجْزِئُ غَيْرُ الْوَاجِبِ عَنِ الْوَاجِبِ فِي الْمَذْهَبِ فِي سَبْعِ مَسَائِلَ عَلَى

ص: 272

الْخلاف فِيهَا من جدد وضوئِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ حَدَثَهُ أَوِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ نَاسِيًا لِلْجَنَابَةِ أَوْ نَسِيَ لُمْعَةً مِنَ الْغَسْلَةِ الْأَوْلَى فِي وُضُوئِهِ ثُمَّ غَسَلَ الثَّانِيَةَ بِنِيَّةِ السُّنَّةِ أَو من سلم من اثْنَتَيْنِ تمّ أَعْقَبَهُمَا بِرَكْعَتَيْنِ نَافِلَةٍ أَوِ اعْتَقَدَ السَّلَامَ وَلَمْ يَكُنْ سَلَّمَ ثُمَّ كَمَّلَ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ أَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنَ الرَّابِعَةِ وَقَامَ إِلَى خَامِسَةٍ أَوْ نَسِيَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَطَافَ لِلْوَدَاعِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ يُجْزِئُ الْقَارِنُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي التِّرْمِذِيِّ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَجْزَأَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَقَالَ ح عَلَيْهِ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ لِمَا يُرْوَى أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه حج قَارنا وَطَاف لَهما طوافين سعى لَهما سعييين ثمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْته صلى الله عليه وسلم َ - فعل وَجَوَابُهُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ لَكِنَّ الْقَوْلَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْفِعْلِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مُرَاهِقًا يَخْشَى فَوَاتَ الْحَجِّ وَهُوَ مُفْرِدٌ أَوْ قَارِنٌ فَلْيَدَعِ الطَّوَافَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخَّرَتْهُ لِلْحَيْضِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ دَخَلَ مَكَّةَ أَوِ الْحَرَمَ أَمْ لَا وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ حُكْمَهُ يَتَعَلَّقُ بِمَكَّةَ لَا بِالْحَجِّ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ وَالْمَذْهَبُ يَرَى أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِحْرَامِ وَالْمُفْرِدُ إِذَا طَافَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ وَسَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ثُمَّ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى وُضُوءٍ وَلَمْ يَسْعَ حَتَّى أَصَابَ النِّسَاءَ وَالصَّيْدَ وَالطِّيبَ وَالثِّيَابَ فَلْيَرْجِعْ لَابِسًا لِلثِّيَابِ حَلَالًا إِلَّا مِنَ النِّسَاءِ وَالصَّيْدَ وَالطِّيبِ فَيَعْتَمِرُ وَيَسْعَى ثُمَّ يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِقَ لِأَنَّهُ حَلَقَ بِمِنًى وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي الثِّيَابِ لِأَنَّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ أَحَلَّتْهَا لَهُ بِخِلَافِ الْمُعْتَمِرِ لَا تَحِلُّ لَهُ الثِّيَابُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ السَّعْيِ وَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ أَصَابَهُ الْجَزَاءُ وَلَا دَمَ لِتَأْخِيرِ الطَّوَافِ الَّذِي طافه على

ص: 273

غَيْرِ وُضُوءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ فَهُوَ مَعْذُورٌ كَالْمُرَاهِقِ وَالْعُمْرَةُ مَعَ الْهَدْيِ تُجْزِئُهُ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَقُولُونَ لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَصَابَ النِّسَاءَ عَلَيْهِ هَدْيَانِ لِلْفَسَادِ وَالتَّفْرِيقِ وَيُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ لِطَوَافِهِ الَّذِي طَافَهُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ كَمَا اخْتُلِفَ فِيمَنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا وَأَمَّا لَوْ طَافَ الْمُعْتَمِرُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَفِي الْكِتَابِ إِنْ ذَكَرَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ بِمَكَّةَ أَوْ بَلَدِهِ فَلْيَرْجِعْ حَرَامًا فَيَطُوفَ وَإِنْ حَلَقَ افْتَدَى وَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ جَزَاءٌ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى إِحْرَامِهِ الْمَقْصِدُ الْعَاشِرُ رَمْيُ مِنًى وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ يُرْوَى فِي رَمْيِ الْجِمَارِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا أُمِرَ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ سَارَتِ السَّكِينَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَأَنَّهَا قُبَّةٌ فَكَانَ إِذَا سَارَتْ سَارَ وَإِذَا نَزَلَتْ نَزَلَ فَلَمَّا انْتَهَتْ إِلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ وَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ مَعَ جِبْرِيلَ عليهما السلام حَتَّى أَتَيَا الْعَقَبَةَ فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَرَمَاهُ ثُمَّ مَرَّ بِالثَّانِيَةِ فَعَرَضَ لَهُ فَرَمَاهُ ثُمَّ مَرَّ بِالثَّالِثَةِ فَعَرَضَ لَهُ فَرَمَاهُ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ رَمْيِ الْجِمَارِ تَذْكِيرًا بِآثَارِ الْخَلِيلِ وَتَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ بِبَقَاءِ الذِّكْرِ الْجَمِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه ثُمَّ مَشَى مَعَهُ يُرِيهِ الْمَنَاسِكَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَرَفَةَ فَقَالَ لَهُ عَرَفْتَ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ فَسُمِّيَتْ عَرَفَةَ ثُمَّ رَجَعَ فَبَنَى الْبَيْتَ عَلَى مَوْضِعِ السَّكِينَةِ وَيُرْوَى أَنَّ الْكَبْشَ الَّذِي فُدِيَ بِهِ إِسْحَاقُ عليه السلام هَرَبَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَاتَّبَعَهُ فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْجَمْرَةِ الْأَوْلَى فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات فَأَفلَت عِنْدهَا فجَاء الْجَمْرَة الْوُسْطَى فَأخْرجهُ عَنْهَا فَرَمَاهُ بِأَرْبَع حَصَيَات فَأَفلَت عِنْدهَا فجَاء الْجَمْرَة الْكُبْرَى حمرَة الْعَقَبَةِ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَأَخَذَهُ عِنْدَهَا فَجَاءَ بِهِ الْمَنْحَرَ فَذَبَحَهُ

ص: 274

فَائِدَةٌ الْجَمْرَةُ اسْمٌ لِلْحَصَاةِ وَمِنْهُ الِاسْتِجْمَارُ أَيْ اسْتِعْمَال الْحِجَارَة فِي إِزَالَة الْأَذَى عَن الْمخْرج وَقَدْ تَقَدَّمَ صِفَةُ الْجِمَارِ وَقَدْرُهَا فِي الْعَقَبَةِ وَأُلَخِّصُ هَذِهِ الْجِمَارَ فِي تَفْرِيعَاتٍ سِتَّةٍ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يَرْمِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ سَبْعَ حَصَيَاتٍ مَاشِيًا بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِنْ قَدِمَ قَبْلَهُ أَعَادَ بَعْدَهُ وَجَوَّزَهُ ح فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ يُجَاوِرُهُ يَوْمٌ لَا رَمْيَ فِيهِ فَأَشْبَهَ يَوْمَ نَحْرٍ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلرَّمْيِ وَقْتُ أَدَاءٍ وَوَقْتُ قَضَاءٍ وَوَقْتُ فَوَاتٍ فَالْأَدَاءُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إِلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ وَتَرَدَّدَ أَبُو الْوَلِيدِ فِي اللَّيْلِ وَالْفَضِيلَةُ تَتَعَلَّقُ بِعُقَيْبِ الزَّوَالِ وَالْقَضَاءُ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا بَعْدَهُ وَلَا قَضَاءَ لِلرَّابِعِ فَإِنْ تَرَكَ جَمْرَةً أَتَى بِهَا فِي يَوْمِهَا إِنْ ذَكَرَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يكون الْأُولَى أَوِ الْوُسْطَى فَيُعِيدُ مَا بَعْدَهَا لِلتَّرْتِيبِ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ وَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ يَوْمِهَا أَعَادَ مَا كَانَ فِي وَقْتِهِ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ يَرْمِي الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ فَوْقِهِمَا وَالْعَقَبَةَ مِنْ أَسْفَلِهَا وَالْجَمْرَةَ الْأُولَى تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ ثُمَّ الْوُسْطَى تَلِيهَا إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَهِيَ الْبَعِيدَةُ إِلَى مِنًى وَأَقْرَبُهَا إِلَى مَكَّةَ وَتَرْتِيبُ الرَّمْيِ مَنْقُولٌ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ وَلَيْسَ فِي تَرْكِهِ دَمٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ هَيْئَةُ نُسُكٍ وَلَيْسَ نُسُكًا فَإِنْ رَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فِي مَرَّةٍ لَمْ يُجْزِئْهُ وَهِيَ كَوَاحِدَةٍ لِفِعْلِهِ عليه السلام ذَلِكَ مُفَرَّقًا وَيُوَالِي بَيْنَ الرَّمْيِ وَلَا يَنْتَظِرُ بَيْنَ الْحَصَاتَيْنِ شَيْئًا وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَإِنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ أَجْزَأَهُ وَلَا يُبَدِّلُ التَّكْبِيرَ

ص: 275

بِالتَّسْبِيحِ وَيَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ لِلدُّعَاءِ وَلَا يَقِفُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقِفْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ وَضَعَ الْحَصْبَاءَ أَوْ طَرَحَهَا لَمْ يُجْزِئْهُ فَإِنْ رَمَى بِحَصَاةٍ فَوَقَعَتْ قُرْبَ الْجَمْرَةِ فَإِنْ وَقَعَتْ مَوْضِعَ حَصَاةِ الْجَمْرَةِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغِ الرَّأْسَ وَإِنْ سَقَطَتْ فِي مَحْمَلِ رَجُلٍ فَنَفَضَهَا صَاحِبُ الْمَحْمَلِ فَسَقَطَتْ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ رَامِيًا بِهَا وَلَوْ أَصَابَتِ الْمَحْمَلَ ثُمَّ مَضَتْ بِقُوَّةِ الرَّمْيَةِ أَجْزَأَهُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا كَانَ ابْتِدَاءُ الرَّمْيِ مِنْ فِعْلِهِ صَحَّ كَمَا لَوْ صَادَفَتْ مَوْضِعًا صُلْبًا أَوْ عُنُقَ بَعِيرٍ أَوْ رَأْسَ إِنْسَانٍ ثُمَّ طَاحَتْ لِلرَّمْيِ وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذَا مَنْسُوبٌ إِلَى فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ قَالَ سَنَدٌ الْعَقَبَةُ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ وَالْجَمْرَةُ اسْمٌ لِلْكُلِّ فَلَوْ وَقَعَتْ دُونَ الْجَمْرَةِ وَتَدَحْرَجَتْ إِلَيْهَا أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ فَلَوْ شكّ فِي وصولها فَالظَّاهِر عدم الإجراء وَعِنْدَ ش قَوْلَانِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ وَالْغَالِبِ فَلَوْ وَقَعَتْ دُونَ الْمَرْمَى عَلَى حَصَاةٍ فَصَارَتِ الثَّانِيَةُ فِي الْمَرْمَى لَمْ يُجْزِئْهُ وَكَذَلِكَ إِذَا رَمَى لِغَيْرِ الْجَمْرَةِ قَصْدًا فَوَقَعَتْ فِيهَا لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَلَوْ قَصَدَ الْجَمْرَةَ فَتَعَدَّتْهَا لَمْ يُجْزِئْهُ لِعَدَمِ الِاتِّصَالِ وَلَوْ تَدَحْرَجَتْ مِنْ مَكَانٍ عَالٍ فَرَجَعَتْ إِلَيْهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِنْ فَقَدَ حَصَاةً فَأَخَذَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ حَصَى الْجَمْرَةِ فَرَمَى بِهِ أَجْزَأَهُ وَمَنْ تَرَكَ جَمْرَةً مِنْ هَذِهِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ رَمَاهَا لَيْلًا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي لُزُومِ الدَّمِ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَلَوْ تَرَكَ جَمْرَةً أَوِ الْجِمَارَ كُلَّهَا حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ مِنًى فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لم يجد فشاة فَإِن لم يجد صَامَ وَأَمَّا فِي الْحَصَاةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِذَا مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَلَا رَمْيَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الْبَقَرَة 203 وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالْقَضَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَإِذَا رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَةَ

ص: 276

بِخَمْسٍ يَوْمَ ثَانِي النَّحْرِ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ يَوْمِهِ رَمَى الْأَوْلَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى بِحَصَاتَيْنِ ثُمَّ الْوُسْطَى بِسَبْعٍ ثُمَّ الْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ وَلَا دم عَلَيْهِ وَاو ذَكَرَ مِنَ الْغَدِ رَمَاهَا كَذَلِكَ وَأَهْدَى عَلَى قَوْلَيْ مَالِكٍ وَلَوْ رَمَى مِنَ الْغَدِ ثُمَّ ذَكَرَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ أَنَّهُ نَسِيَ حَصَاةً مِنَ الْأُولَى بِالْأَمْسِ فَلْيَرْمِ الْأُولَى بِحَصَاةٍ وَالِاثْنَتَيْنِ بِسبع سبع ثمَّ يُعِيد رمي يَوْمه لتفا وَقْتِهِ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلْأَمْسِ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي رَمَى عَنْ أَمْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَمْ يُعِدْ رَمْيَ يَوْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ رَمْيِ يَوْمِهِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رَمَى الأولى بحصاة الاثنتين بِسَبْعٍ سَبْعٍ عَنْ أَوَّلِ يَوْمٍ وَأَعَادَ الرَّمْيَ لِيَوْمِهِ إِذْ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْهُ وَلَا يُعِيدُ رَمْيَ الْيَوْمِ الَّذِي بَيْنَهُمَا لِأَنَّ وَقْتَ رَمْيِهِ قَدْ مَضَى عَلَيْهِ دَمٌ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ نَسِيَ حَصَاةً مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ الْجِمَارِ هِيَ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً يَرْمِي الْأُولَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى وَالْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبِهِ أَقُولُ ثُمَّ قَالَ يَرْمِي كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعٍ قَالَ سَنَدٌ عَدَدُ الْجِمَارِ سَبْعُونَ حَصَاةً سَبْعٌ لِيَوْمِ النَّحْرِ فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَفِي الْأَيَّامِ بَعْدَهَا ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ كُلَّ يَوْمٍ إِحْدَى وَعِشْرُونَ لِكُلِّ جَمْرَةٍ سَبْعٌ فَتَارِكُ الْأُولَى كَتَارِكِ الثَّلَاث لوُجُوب التَّرْتِيب فَإِن ترك الآخر قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ بَقَرَةٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْجَمْرَةُ الْوَاحِدَةُ كَالْجَمِيعِ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ فَرَآهَا نُسُكًا تَامًّا وَعِنْدَ مَالِكٍ هِيَ بَعْضُ نُسُكٍ أَمَّا إِذَا تَرَكَ حَصَاةً مِنْ يَوْمِهِ الذَّاهِبِ فَإِنْ كَانَت من الأولى فقد ترك الأخرتين لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْأَخِيرَةِ قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ شَاةٌ وَبِذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى سِتِّ حَصَيَاتٍ وَقَالَ ش فِي الْحَصَاةِ يُطْعِمُ مِسْكِينًا مُدًّا وَفِي الْحَصَاتَيْنِ مُدَّيْنِ وَفِي الثَّلَاثِ شَاةٌ وَقَالَ مَرَّةً فِي حَصَاةِ دِرْهَمٌ وَقَالَ مَرَّةً ثُلْثُ شَاةٍ لَنَا أَنَّ عَدَدَهَا شبع فَمَا أوجبه كلهَا

ص: 277

أوجه بَعْضُهَا كَالطَّوَافِ وَكَوُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح مُسْتَحَبٌّ قِيَاسًا لِلْجِمَارِ عَلَى الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَالذَّبْحِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَلِذَلِكَ إِذَا رَمَى الْأُولَى بِخَمْسٍ بَطَلَ مَا بَعْدَهَا فَيُكَمِّلُهَا وَيُعِيدُ مَا بَعْدَهَا إِنْ كَانَ قَرِيبا وَأَن طَال وَقُلْنَا الْفَوْرُ شَرْطٌ اسْتَأْنَفَ وَإِنْ قُلْنَا الْفَوْرُ شَرْطٌ مَعَ ذكر بَنَى وَإِنْ طَالَ فِي يَوْمِهِ أَوْ غَدِهِ مَا دَامَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالتَّرْتِيبُ وَاجِبٌ فِي أَدَاءِ الرَّمْيِ كَالتَّرْتِيبِ بَيْنَ أَرْكَانِ الصَّلَوَاتِ فِي أَدَائِهَا وَبَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ كَالصَّلَاةِ الْمَنْسِيَّةِ مَعَ الْحَاضِرَة وَفِي الأولى يَجِبُ مَعَ الذِّكْرِ وَالسَّهْوِ كَالصَّلَاةِ وَفِي الثَّانِي يَجِبُ مَعَ الذِّكْرِ فَقَطْ كَتَرْتِيبِ الصَّلَوَاتِ وَإِذَا ذَكَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَنَّهُ تَرَكَ حَصَاةً مِنَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى مِنَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَعَلَى اعْتِبَارِ الْفَوْرِ يُعِيدُ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَرْمِي لِلْأُولَى حَصَاةً وَيُعِيدُ اللَّتَيْنِ بَعْدَهَا فَإِنْ أَخَذَ فِي ذَلِكَ فَسَهَا عَنْ حَصَاةٍ أَيْضًا اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ كَالِاخْتِلَافِ فِيمَنْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَقَطَعَ وَذَهَبَ لِيَغْسِلَهَا فَسَهَا وَصَلَّى هَلْ يُعِيدُ صَلَاتَهُ كَمَا لَو صلى بذلك ابْتِدَاء أَولا يُعِيد نظر لِلسَّهْوِ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ رَمْيٍ الثَّلَاثِ فِي إِكْمَالِ الْأُولَى يَخْتَلِفُ فِي ابْتِدَاءِ الْجَمِيعِ أَوِ الْبِنَاءِ عَلَى التَّيَقُّنِ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْبِنَاءِ فِي الشَّكِّ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي النَّاسِي فَرَوَى ابْنُ قَاسِمٍ الِابْتِدَاءَ وَقَدْ كَانَ يَقُول بيني وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّاسِيَ مُفَرِّطٌ بِخِلَافِ الشَّاكِّ وَيَخْرُجُ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ مِنْ سَهَا فَرَمَى الْجَمْرَةَ الْأَخِيرَةَ ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْأُولَى فَيُعِيدُ الْوُسْطَى ثُمَّ الْأَخِيرَةَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى تَبَاعَدَ أَعَادَ الرَّمْيَ وَلَوْ رَمَى الثَّلَاثَ بِحَصَاةٍ حَصَاةٍ لِكُلِّ جَمْرَةٍ وَكَرَّرَ ذَلِكَ حَتَّى كَمَّلَ كُلَّ وَاحِدٍ سَبْعًا قَالَ مُحَمَّدٌ يَرْمِي الثَّانِيَةَ سِتا وَالثَّالِثَة

ص: 278

سَبْعًا وَهُوَ مُؤْذِنٌ بِجَوَازِ التَّفْرِيقِ إِلَّا أَنَّهُ رَآهُ تَفْرِيقًا يَسِيرًا كَمَا قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ مَنْ فَرَّقَ رَمْيَهُ تَفْرِيقًا فَاحِشًا أَعَادَ رَمْيَهُ فَاشْتَرَطَ التَّفَاحُشَ وَفِي الْجُلَّابِ لَوْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ حَصَاةٌ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ الْجِمَارِ هِيَ رَمَى بِهَا الْأُولَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْأَخِيرَةَ وَقِيلَ يَسْتَأْنِفُ الْجِمَارَ كُلَّهَا الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذْ بَاتَ لَيْلَةً أَوْ جُلَّهَا مِنْ لَيَالِي مِنًى أَوْ جُمْلَتِهَا فِي غَيْرِ مِنًى فَعَلَيْهِ دَمٌ وَبَعْضَ لَيْلَةٍ لَا شَيْءَ فِيهِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَفَاضَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - مِنْ آخِرِ يَوْمٍ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيق وَفِي الْمُوَطَّأ أرخص صلى الله عليه وسلم َ - لِرُعَاةِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى وَالرُّخْصَةُ تَقْتَضِي انتقاء الْوُجُوبِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَثُبُوتَ الْوُجُوبِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَاتفقَ أَرْبَاب لمذاهب أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ جَمِيعَ أَيَّامِ مِنًى بِأَنْ يَرْمِيَ وَيَبِيتَ فِي غَيْرِ مِنًى أَنَّ الدَّم لَا يَتَعَدَّد وَقد قَالَ مَالك وش عَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ وَقَالَ ح لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُوجِبُ دَمًا لَمَا سَقَطَ بِالْعُذْرِ كَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَيَنْتَقِضُ عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْوَقْفِ مَعَ الْإِمَامِ نَهَارًا لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ عَلَيْهِ دَمٌ إِجْمَاعًا ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ الطِّيبَ مُحَرَّمٌ فَالدَّمُ كَفَّارَة وَالدَّم هَا هُنَا جَبْرٌ فَيَسْقُطُ بِالْعُذْرِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قُدِرَ عَلَى حَمْلِ الْمَرِيضِ الْقَادِرِ عَلَى الرَّمْيِ حُمِلَ وَرَمَى بِيَدِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَرْمِي الْحَصَاةَ فِي كَفِّ غَيْرِهِ لِيَرْمِيَهَا ذَلِكَ وَإِنْ عَجَزَ عَنِ الرَّمْيِ وَالْحَمْلِ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْمِلُهُ رَمَى عَنْهُ غَيْرُهُ ثُمَّ يَتَحَرَّى الْمَرِيضُ وَقْتَ الرَّمْيِ فَيُكَبِّرُ لِكُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً وَيَقِفُ الرَّامِي عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ لِلدُّعَاءِ وَيَتَحَرَّى الْمَرِيضُ ذَلِكَ الْوُقُوفَ فَيَدْعُو وَعَلَى الْمَرِيضِ الدَّمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْمِ فَإِنْ صَحَّ

ص: 279

مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ أَعَادَ مَا رَمَى غَيْرُهُ عَنْهُ كُله فِي الْأَيَّام الْمَاضِيَة وَعَلِيهِ الدَّم ولورمي عَنْهُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَصَحَّ آخِرُهُ أعَاد الرَّمْي وَلَا دم عَلَيْهِ صَحَّ لَيْلًا فَيَلْزَمُ مَا رُمِيَ عَنْهُ وَعَلَيْهِ الدَّمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالْمَرِيضِ وَيَرْمِي عَنِ الصَّبِيِّ مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ كَالطَّوَافِ وَالصَّبِيُّ الْعَارِفُ بِالرَّمْيِ يَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ تُرِكَ الرَّمْيُ أَوْ لَمْ يُرْمَ عَنِ الْعَاجِزِ فَالدَّمُ عَلَى دم أَحَجَّهُمَا لِأَنَّ النِّيَابَةَ عَنِ الصَّبِيِّ فِي الْإِحْرَامِ كالميت وَالدَّم تَابِعٌ لِلْإِحْرَامِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ جَابِرٌ كُنَّا إِذَا حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - نُلَبِّي عَنِ النِّسَاءِ وَنَرْمِي عَنِ الصِّبْيَانِ وَيُرِيدُ بِالنِّسَاءِ الْأُمَّهَاتِ الْمَوْتَى أَنْ نَحُجَّ عَنْهُنَّ قَالَ سَنَدٌ إِذَا طَمِعَ الْمَرِيضُ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الرَّمْيِ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَالَ مَالِكٌ يَنْتَظِرُ آخِرَ أَيَّامِ الرَّمْيِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ لَا يَفُوتُ بِفَوَاتِ يَوْمِهِ بَلْ يَكُونُ أَوَّلُهُ زَوَالَ الشَّمْسِ وَآخِرُهُ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ قَوْلُهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ إِذَا تَرَكَهُ حَتَّى خَرَجَ يَوْمُهُ وَيَشْهَدُ لَهُ جَوَاز التعجل لِلرُّعَاةِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِي التَّأْخِيرِ لَا تَخْرُجُ فِيهِ الْعِبَادَةُ عَنْ وَقْتِهَا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَعَلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الدَّمُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يُؤَخِّرُهُ بَعْدَ يَوْمٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا هَدْيَ إِذَا أَعَادَ مَا رُمِيَ عَنْهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِيمَنْ أَخَّرَ رَمْيَ يَوْمِهِ إِلَى غَدِهِ وَعِنْدَ ش لَا هَدْيَ وَلَا يَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ مَا رَمَاهُ عَنْهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْفِعْلَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ بِفِعْلِ الْمُنَاسِبِ لنا أَن الْقيَاس يَقْتَضِي أَن ذَلِك الرَّمْي لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ الْبَدَنِيَّةَ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ لَكِنْ لَمَّا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ يُرْمَى عَنْهُ فُعِلَ ذَلِكَ اسْتِحْبَابًا وَوَجَبَ الدَّمُ لِتَرْكِ النُّسُكِ وَيَرْمِي عَنْهُ مَنْ قَدْ رَمَى عَنْ نَفسه فَإِن رمى رميا وَاحِد عَنْهُمَا فَيُخْتَلَفُ هَلْ يُجْزِئُ عَنْ نَفْسِهِ أَوِ الْمَرْمِيِّ عَنْهُ أَوْ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَوْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ عَنْ نَفْسِهِ رَمَاهَا عَنِ الْمَرِيضِ ثُمَّ كَمَّلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَخْطَأَ وَأَجْزَأَ عَنْهُمَا

ص: 280

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يُسْتَحَبُّ لَهُ وَضْعُ الْحَصَاةِ فِي يَدِ النَّائِبِ عَنْهُ لِأَنَّهُ الْمَقْدُورُ لَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَإِنَّ الرَّمْيَ حِينَئِذٍ لِغَيْرِهِ لَا لَهُ فَلَمْ يَأْتِ بِالْوَاجِبِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِم فِي الْوَقْت لِلدُّعَاءِ فَرَأَى مَرَّةً أَنَّ الْوُقُوفَ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَوُقُوفِ عَرَفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَا يُرْمَى عَنِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ قَبْلَ الْإِغْمَاءِ وَلَمْ نُفَصِّلْ نَحْنُ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عِنْدَنَا بِحَالٍ فَإِنْ أَفَاقَ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ أعَاد أَو بعْدهَا أهْدى وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا أَفَاقَ فِيهَا هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ أَمْ لَا السَّادِسُ فِي الْجُلَّابِ لِأَهْلِ الْآفَاقِ أَنْ يَتَعَجَّلُوا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ يَوْمِ النَّحْر فيرمون بعد الزَّوَال وينفرون بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ وَإِذَا أَرَادَ أَهْلُ مَكَّةَ التَّعْجِيل فِي الْيَوْم الأول فَرِوَايَتَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالِاخْتِيَارُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ إِلَى النَّفْرِ الثَّانِي وَلَا يَتَعَجَّلُ فِي الْأَوَّلِ وَمن تعجل نَهَارا وَكَانَ عمره بمنى بَعْدَ تَعَجُّلِهِ فَغَرَبَتِ الشَّمْسُ عَلَيْهِ بِهَا فَلْيَنْفِرْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِقَوْلِهِ بِالتَّعْجِيلِ لِلْمَكَانَيْنِ وَمَنْ نَفَرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ سَقَطَ عَنْهُ رَمْيُ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَبِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُرْمَى عَنْهُ فِي الثَّالِثِ قِيَاسًا عَلَى رُعَاةِ الْإِبِلِ كَمَا كَانَ يَرْمِي إِذَا لَمْ يَتَعَجَّلْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَيْسَ هَذَا قَوْلَ مَالِكٍ وَلَا أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ رَمْيُ الْمُتَعَجِّلِ كُلُّهُ تِسْعًا وَأَرْبَعِينَ حَصَاةً سَبْعٌ يَوْمَ النَّحْرِ وَالْيَوْمَ الثَّانِي اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ وَأَصْلُ التَّعْجِيلِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} الْبَقَرَة 203 وَفِي الْجُلَّابِ وَيَجُوزُ لِرُعَاةِ الْإِبِلِ إِذَا رَمَوْا جَمْرَة الْعقبَة الْخُرُوج عَن مِنًى إِلَى رِعْيِهِمْ فَيُقِيمُونَ فِيهِ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ وَغَدَهُمْ ثُمَّ يَأْتُونَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَيَرْمُونَ لِيَوْمِهِمُ الَّذِي مَضَى وَلِيَوْمِهِمُ الَّذِي هم فِيهِ ثمَّ يتعجلون إِن شاؤا أَن يقيموا الْمَقْصِدُ الْحَادِيَ عَشَرَ الرُّجُوعُ مِنْ مِنًى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَا

ص: 281

بَأْسَ بِتَقْدِيمِ الْأَثْقَالِ إِلَى مَكَّةَ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ السَّفَرِ الْمُبَاحِ بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الْأَثْقَالِ إِلَى مِنًى قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ أَوْ إِلَى عَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِتَقَدُّمِ النَّاسِ فِي وَقْتٍ السُّنَّةُ فِيهِ عَدَمُ التَّقَدُّمِ وَهِيَ فِي أَثْنَاءِ النُّسُكِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا رَجَعَ النَّاسُ نَزَلُوا بِالْأَبْطَحِ فَصَلَّوْا بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ أَدْرَكَهُ وَقْتُ الصَّلَاة قبل إِتْيَانه والأبطح حَيْثُ الْمقْبرَة بأعلا مَكَّة تَحت عقبَة كدا وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِانْبِطَاحِهِ وَهُوَ مِنَ الْمُحَصَّبِ وَالْمُحَصَّبُ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ إِلَى الْمَقْبُرَةِ وَسُمِّيَ مُحَصَّبًا لِكَثْرَةِ الْحَصْبَاءِ فِيهِ مِنَ السَّيْلِ وَنُزُولُ الْأَبْطَحِ لَيْلَةَ الرَّابِعَ عَشَرَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَيْسَ بنسك وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما كَانُوا يَنْزِلُونَ بِالْأَبْطَحِ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ قَوْلُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي الصَّحِيحَيْنِ نُزُولُ الْأَبْطَحِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَأما الصَّلَوَات فَلَمَّا رَوَاهُ ابْن حَنْبَل مُسْندًا أَنه صلى الله عليه وسلم َ - صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْأَبْطَحِ ثُمَّ هَجَعَ بِهَا هَجْعَةً ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَفَلَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَنْ يُكَبِّرَ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ وَيَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شَيْء قدير آئبون تائبون عَابِدُونَ سائحون لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما وَفِي الْجُلَّابِ يُسْتَحَبُّ الْمقَام

ص: 282

بِالْمُعَرَّسِ لِمَنْ قَفَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ فَإِنْ أَتَاهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَلْيَقُمْ حَتَّى يُصَلِّي إِلَى أَنْ يَتَضَرَّرَ الْمَقْصِدُ الثَّانِيَ عَشَرَ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَفِي الْكِتَابِ طَوَافُ الْوَدَاعِ مُسْتَحَبٌّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ مَا دَامَ قَرِيبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ مَا لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْوَدَاعِ أَهْلُ مَكَّةَ وَلَا مَنْ أَقَامَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا لعد م الْمُفَارَقَةِ وَالْوَدَاعُ شَأْنُ الْمُفَارِقِ وَلَا عَلَى مَنْ فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ فَخَرَجَ لِيَعْتَمِرَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَوِ التَّنْعِيمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُفَارِقٍ وَمَنْ خَرَجَ لِيَعْتَمِرَ مِنْ مِيقَاتِهِ أَوْ حَجَّ مِنْ مَرِّ الظَّهْرَانِ أَوْ عَرَفَةَ وَنَحْوِهَا بِالتَّطَوُّعِ وَيُؤْمَرُ بِهِ مِنْ حَجَّ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ فَإِنْ أَرَادَ الْمَكِّيّ أَو غَيره السَّعْي ودع قَالَ الْفُقَهَاء كَافَّة لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

لَا ينفر أحد حَتَّى يكون آخر عهد بِالْبَيْتِ وَلَيْسَ رُكْنًا اتِّفَاقًا لِحُصُولِ التَّحْلِيلِ دُونَهُ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ بِوُجُوبِهِ وَوُجُوبِ الدَّمِ فِيهِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الدَّمَ لِمَا فِي الْإِحْرَامِ مِنْ خَلَلِ الْوَاجِبَاتِ وَهَذَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَإِذَا وَدَّعَ ثُمَّ بَاعَ أَوِ اشْتَرَى فَلَا يَرْجِعُ وَإِنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ بَعْضَ يَوْمٍ رَجَعَ وَطَافَ وَلَوْ وَدَّعَ وَبَرَزَ إِلَى ذِي طُوًى فَأَقَامَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَلَا يَرْجِعُ لِلْوَدَاعِ وَإِنْ كَانُوا يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ بِهَا لِأَنَّهَا مِنْ مَكَّةَ وَلِأَنَّهُ وَدَاعٌ فِي الْعَادَةِ قَالَ سَنَدٌ وَيُرْوَى عَنْ مَالِكٍ إِنْ وَدَّعَ وَأَقَامَ إِلَى الْغَدِ فَهُوَ فِي سَعَةٍ وَمَنْ خَرَجَ إِلَى الْمَنَازِلِ الْقَرِيبَةِ أَوِ الْمُتَرَدِّدِ مِنْهَا بِالْحَطَبِ وَنَحْوِهِ لَا يُوَدِّعُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا خَرَجَ الْمُعْتَمِرُ أَوْ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِفَسْخٍ فِي عُمْرَةٍ مِنْ فَوْرِهِ أَجْزَأَهُ طَوَافُ الْعُمْرَةِ عَنِ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَإِذَا حَاضَتِ امْرَأَةٌ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ خَرَجَتْ قَبْلَ الْوَدَاعِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَن أم سليم بنت ملْحَان استفتته صلى الله عليه وسلم َ - وَقَدْ حَاضَتْ أَوْ وَلَدَتْ بَعْدَمَا أَفَاضَتْ بَعْدَ النَّحْرِ فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ طهرت على الْقرب رجعت كناسي الطّواف

ص: 283

صفحة فارغة

ص: 284

(الْبَاب السَّادِس فِي اللواحق)

وَهِي أَرْبَعَة اللَّاحِقَةُ الْأُولَى الْقِرَانُ وَأَخَّرْتُ الْكَلَامَ عَلَى التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ لِأَنَّ الْمُرَكَّبَاتِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنِ الْمُفْرَدَاتِ وَالْقِرَانُ هُوَ اجْتِمَاعُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي إِحْرَامٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرِهَا وَفِي الْكِتَابِ الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ مِنَ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَالْبُخَارِيِّ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمنا من أهل بِحَجّ وَأهل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - بِالْحَجِّ زَادَ أَبُو دَاوُدَ لَمْ يُخَالِطْهُ شَيْءٌ وَهُوَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يَفْعَلُ إِلَّا الْأَفْضَلَ وَفِي الْمُوَطَّأِ كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَنْهَى عَنِ التَّمَتُّعِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه يَنْهَى عَنِ الْقِرَانِ وَاتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى عَدَمِ النَّهْيِ عَن الْإِفْرَاد فَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلِأَنَّ الدَّمَ فِي غَيْرِهِ جَابِرٌ الْخَلَلَ وَهُوَ لَا خَلَلَ فِيهِ فَيَكُونُ أَفْضَلَ وَأَوَّلُ حَجَّةٍ وَقَعَتْ فِي الْإِسْلَام لثمان من الْهِجْرَة بعث صلى الله عليه وسلم َ - عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى النَّاسِ فَأَفْرَدَ ثُمَّ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى النَّاسِ سَنَةَ تِسْعٍ فأفرد ثمَّ حج صلى الله عليه وسلم َ - سنة عشر فأفرد وأفرد عبد الرحمان عَامَ الرِّدَّةِ وَأَفْرَدَ الصِّدِّيقُ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ وَأَفْرَدَ

ص: 285

عُمَرُ عَشْرَ سِنِينَ وَأَفْرَدَ عُثْمَانُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَفَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَحْفُوظ عِنْدهم من فعله صلى الله عليه وسلم َ - وَأَنَّهُ الْأَفْضَلُ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ التَّمَتُّعُ أفضل لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لِعَائِشَةَ رضي الله عنها

لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً وَلِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى عِبَادَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ فِي وَقْتٍ شَرِيفٍ وَهُوَ شُهُورُ الْحَجِّ فَيَكُونُ أَفْضَلَ وَالْجَوَاب عَن الأول أَنه صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِتَطْيِيبِ قُلُوبِ أَصْحَابِهِ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِفَسْخِ الْحَجِّ مِنَ الْعُمْرَةِ لِيَظْهَرَ جَوَازُ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ خِلَافًا لِلْجَاهِلِيَّةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْضَلُ وَيُؤَيِّدُهُ وُجُوبُ الدَّمِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَقَالَ ح الْقِرَانُ أَفْضَلُ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَن أنس أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا وَلِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ نُسُكٍ وَهُوَ الدَّمُ فَيَكُونُ أَفْضَلَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ رِوَايَةَ أَنَسٍ اضْطَرَبَتْ فِي الْحَجِّ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَذْكُرُ لَهُ عَنْ أَنَسٍ فِي الْحَجِّ أَشْيَاءَ فَيَقُولُ كَانَ أَنَسٌ يَتَوَلَّجُ عَلَى النِّسَاءِ أَيْ صَغِيرٌ وَأَنا عِنْد شفة نَاقَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - يُصِيبُنِي لُعَابُهَا فَلَعَلَّ أَنَسًا رضي الله عنه سَمعه صلى الله عليه وسلم َ - يُعَلِّمُ أَحَدًا التَّلْبِيَةَ فِي الْقِرَانِ فَقَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الدَّمَ يَدُلُّ عَنِ الْمَفْضُولِيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ وَإِذَا قُلْنَا بِأَفْضَلِيَّةِ الْإِفْرَادِ عَلَيْهِمَا فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ الْقِرَانُ أَفْضَلُ لِشَبَهِهِ بِالْإِفْرَادِ وَقَالَ الْقَاضِي فِي المعونة والتلقين وش التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْعَمَلَيْنِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ مِنَ التَّمَتُّعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ مِنَ الْقِرَانِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا يجوز تَفْضِيل بَعْضهَا على بعض لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - شَرَعَهَا وَلَمْ يُفَضِّلْ بَيْنَهَا سُؤَالٌ قَالَتِ الْمُلْحِدَةُ حج صلى الله عليه وسلم َ - حَجَّةً وَاحِدَةً وَأَصْحَابُهُ مَعَهُ

ص: 286

مُتَوَافِرُونَ مُرَاقِبُونَ لِأَحْوَالِهِ غَايَةَ الْمُرَاقَبَةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ كَانَ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى الضَّبْطِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ الثِّقَةَ بِصِدْقِهِمْ فِي نَقْلِهِمْ جَوَابُهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْكَذِبَ إِنَّمَا يَدْخُلُ فِيمَا طَرِيقُهُ النَّقْل وَلم يَقُولُوا أَنه صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ ذَلِكَ بَلِ اسْتَدَلُّوا عَلَى مُعْتَقَدِهِ بِقَرَائِنِ أَحْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِذَلِكَ يَقَعُ فِيهِ الِاخْتِلَافُ الثَّانِي أَنه صلى الله عليه وسلم َ - أَمَرَ بَعْضَهُمْ بِالْإِفْرَادِ وَبَعْضَهُمْ بِالتَّمَتُّعِ وَبَعْضَهُمْ بِالْقِرَانِ فأضاف ذَلِك الروَاة إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم َ - لِأَنَّهُ أَمَرَ بِهِ كَمَا قَالُوا رَجَمَ مَاعِزًا وَقَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُبَاشِرْ ذَلِكَ وَنِسْبَةُ الْفِعْلِ إِلَى الْآمِرِ بِهِ مجَاز مَشْهُور الثَّالِث أَنه صلى الله عليه وسلم َ - أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ قَارِنًا وَفَرَّقَ بَيْنَ إِحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ وَإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ فَسَمِعَتْ طَائِفَةٌ إِحْرَامَهُ بِالْعُمْرَةِ فَقَالَتْ اعْتَمَرَ وَطَائِفَةٌ بِالْحَجِّ فَقَالُوا أَفْرَدَ وَطَائِفَةٌ الْإِحْرَام وَالتَّلْبِيَةَ بِهِمَا فَقَالُوا قَارَنَ وَهُوَ يُؤَكِّدُ مَذْهَبَ الْحَنَفِيَّةِ الرَّابِعُ أَنَّ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَيْهِمْ عَلَى الْأَعْيَانِ فَلَمْ تَتَوَفَّرْ دَوَاعِيهِمْ عَلَى ضَبْطِهِ بِخِلَافِ قَوَاعِدِ الشَّرَائِعِ وَفُرُوضِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَتَّحِدُ الْمِيقَاتُ وَالْفِعْلُ فِي الْقِرَانِ وَتَنْدَرِجُ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ تَمْهِيدٌ يَقَعُ التَّدَاخُلُ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ الْأَوَّلُ الطَّهَارَةُ كَالْوُضُوءِ إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ أَوْ تَكَرَّرَ السَّبَبُ الْوَاحِدُ وَالْغُسْلُ إِذَا اخْتَلَفَتْ أَسْبَابُهُ

ص: 287

أَو تكَرر السَّبَب الْوَاحِد وَالْوُضُوء مَعَ الْجِنَايَة وَفِي تَدَاخُلِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ خِلَافٌ الثَّانِي الْعِبَادَاتُ كَسُجُودِ السَّهْوِ إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ مَعَ الْفَرْضِ وَالْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ فِي الْقِرَانِ الثَّالِثُ الْكَفَّارَاتُ كَمَا لَوْ أَفْطَرَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ رَمَضَانَ مِرَارًا بِخِلَافِ الْيَوْمَيْنِ أَوْ أَكثر خلافًا ل ح فب إِيجَابِهِ كَفَارَّةً وَاحِدَةً فِي جُمْلَةِ رَمَضَانَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الرَّمَضَانَيْنِ الرَّابِعُ الْحُدُودُ إِذَا تَمَاثَلَتْ وَهِيَ أَوْلَى بِالتَّدَاخُلِ مِنْ غَيْرِهَا لِكَوْنِهَا أَسْبَابًا مُهْلِكَةً وَحُصُولُ الزَّجْرِ بِوَاحِدٍ مِنْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِيلَاجَ سَبَبُ الْحَدِّ وَالْغَالِبُ تَكْرَارُ الْإِيلَاجَاتِ فَلَوْلَا تَدَاخُلُهَا هَلَكَ الزَّانِي وَإِذَا وَجَبَ تَكْرَارُهَا إِذَا تَخَلَّلَتْ بَيْنَ أَسْبَابِهَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ اقْتَضَاهُ سَبَبُهُ السَّابِقُ فَلَوِ اكْتَفَيْنَا بِهِ لَأَهْمَلْنَا الْجُنَاةَ فَيَكْثُرُ الْفَسَادُ وَلِأَنَّا عَلِمْنَا أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَفِ بِزَجْرِهِ فَحَسُنَ الثَّانِي الْخَامِسُ الْعِدَدُ تَتَدَاخَلُ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى السَّادِسُ الْأَمْوَالُ كَدِيَةِ الْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ إِذَا سرت الْجِرَاحَات وَالصَّدقَات فِي وطئ الشُّبْهَاتِ وَيَدْخُلُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمُتَأَخِّرِ وَالْمُتَأَخِّرُ فِي الْمُتَقَدِّمِ وَالطَّرَفَانِ فِي الْوَسَطِ وَالْقَلِيلُ فِي الْكَثِيرِ وَالْكَثِيرُ فِي الْقَلِيلِ فَالْأَوَّلُ نَحْوَ الْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ وَالْجَنَابَةِ مَعَ الْحَيْضِ وَالْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ وَالصَّدَاقِ الْمُتَقَدِّمِ مَعَ الْمُتَأَخِّرِ إِذَا اتَّحَدَتِ الشُّبْهَةُ وَكَانَ الْأَخِيرُ الْأَكْثَرَ وَالثَّانِي لِلصَّدَاقِ الْآخِرِ مَعَ الْأَوَّلِ إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْحَالَةُ الْأُولَى كَيْفَ كَانَتْ لِحُصُولِ الْوُجُوبِ عِنْدَهَا فَلَا تَنْتَقِلُ لِغَيْرِهَا وَالِانْتِقَالُ هُوَ مَذْهَبُ ش وَالْحَيْضُ مَعَ الْجِنَايَة الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَيْهِ وَالْحُدُودُ الْمُتَأَخِّرَةُ مَعَ الْأَوَّلِ الْمُتَمَاثِلِ وَالْكَفَّارَات وَالثَّالِث نَحْو الموطؤة بِالشُّبْهَةِ وَحَالُهَا الْوُسْطَى أَعْظَمَ صَدَاقًا وَالرَّابِعُ كَالْأُصْبُعِ مَعَ النَّفْسِ إِذَا سَرَى الْجُرْحُ وَالصَّدَاقِ الْمُتَقَدِّمِ أَوِ الْمُتَأَخِّرِ إِذَا كَانَ أَقَلَّ وَالْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ وَالْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ الْخَامِسُ الْأَطْرَافُ إِذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ النَّفْسِ وَالْحُدُودِ مَعَ الْحَدِّ الْأَوَّلِ وَالْكَفَّارَات والاغتسال والوضوآت إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهَا أَوِ اخْتَلَفَتْ تَفْرِيعَاتٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ أَجَازَ الشَّاةَ فِي دَمِ الْقرَان على

ص: 288

تكره واستجب الْبَقَرَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} الْبَقَرَة 196 وَهُوَ يصدق على الشَّاة والبدنة أعلا الْهَدْيِ إِجْمَاعًا فَالْبَقَرَةُ وَسَطٌ فَيُنَاسِبُ التَّيْسِيرَ وَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يُضِفْ إِلَيْهِ حَجًّا آخَرَ وَلَا عُمْرَةً فَإِنْ أَرْدَفَ ذَلِكَ أَوَّلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ أَوْ بِعَرَفَةَ أَوْ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَيَتَمَادَى عَلَى حَجِّهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ انْتقل من الأعلا إِلَى الْأَدْنَى وَالتَّدَاخُلُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَلَوْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ كَانَ قَارِنًا لِأَنَّهُ انْتقل من الْأَدْنَى إِلَى الأعلا فَإِنْ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ قَالَ مَالِكٌ وش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَكُونُ قَارِنًا وَقَالَ ح يَكُونُ قَارِنًا وَأَشَارَ إِلَيْهِ اللَّخْمِيُّ قِيَاسًا عَلَى إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ وَجَوَابه مَا تقدم من الْفرق وانتفاضه بِإِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْحَجِّ بَلْ ضَمُّ الشَّيْءِ إِلَى جِنْسِهِ أَقْرَبُ قَالَ وَلِمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ أَنْ يُرْدِفَ عَلَيْهَا الْحَجَّ وَيَصِيرَ قَارِنًا مَا لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ فَإِذَا طَافَ وَلَمْ يَرْكَعْ كُرِهَ الْإِرْدَافُ وَيَلْزَمُ إِنْ فَعَلَ وَعَلَيْهِ الدَّمُ وَإِن أرْدف فِي بعض السَّعْي كره فَإِن فعل كمل عمرته واستأنف الْحَج فَإِن أَرْدَفَ بَعْد السَّعْيِ وَقَبْلَ الْحِلَاقِ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَلَمْ يَكُنْ قَارِنًا وَيُؤَخِّرُ الْحِلَاقَ وَلَا يَطُوفُ وَلَا يَسْعَى حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى إِلَّا طَوَافَ التَّطَوُّعِ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَأْخِيرِ حِلَاقِ عُمْرَتِهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِلْمُتْعَةِ إِلَّا أَنْ يُحِلَّ مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ إِنْ كَانَ غَيْرَ مَكِّيٍّ وَالْأَصْلُ فِي إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ فَلَمَّا بَلَغَتْ سَرِفًا حَاضَتْ وَهِيَ بِقُرْبِ مَكَّةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ لَهَا إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَاصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ فَجَوَّزَ لَهَا إِدْخَالَ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا طَافَ شَوْطًا وَاحِدًا ثُمَّ أَرْدَفَ صَارَ قَارِنًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ لِلْعُمْرَةِ رُكْنَيْنِ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ فَإِذَا لَمْ يَكْمُلِ الطَّوَافُ بِهَا لَمْ يَكْمُلْ رُكْنٌ يَمْنَعُ من عدم إتْمَام الْعمرَة وَقَالَ أَشهب ش

ص: 289

وح لَا يَصِيرُ قَارِنًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْعُمْرَةِ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَإِذَا طَافَ شَوْطًا اتَّصَلَ الْمَقْصُودُ بِالْإِحْرَامِ وَلِأَن ذَلِك الشوط وَقع لِلْعُمْرَةِ فَلَا يَنْتَقِلُ لِلْقِرَانِ لِأَنَّ الرَّفْضَ لَا يَدْخُلُ فِي النُّسُكِ وَزَعَمَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ قَوْلَ الْقَاسِمِ اخْتَلَفَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ وَفِي الْجُلَّابِ رِوَايَتَيْنِ إِذَا أَرْدَفَ قَبْلَ السَّعْيِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَإِنْ قُلْنَا يَصِيرُ قَارِنًا فِي بعض الطّواف سقط عَنهُ بَاقِي الْعمرَة وينم طَوَافَهُ نَافِلَةً وَلَا يَسْعَى لِأَنَّ سَعْيَ الْحَجِّ لَا بُدَّ مِنِ اتِّصَالِهِ بِطَوَافٍ وَاجِبٍ وَإِنْ قُلْنَا يَصِيرُ قَارِنًا فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ قَطَعَ سَعْيه لِأَن السَّعْي لَا يتَطَوَّع بِهِ مُنْفَردا وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَكُونُ قَارِنًا فَإِنْ كَانَ الْحَجُّ حَجَّ الْإِسْلَامِ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ تَطَوُّعًا سَقَطَ عَنْهُ عِنْدَ أَشْهَبَ كَمَا لَوْ أَرْدَفَ حَجًّا عَلَى حَجٍّ أَوْ عُمْرَةً عَلَى عمْرَة أَو عمْرَة على حج يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ شَيْئَيْنِ فِي إِحْرَامه الْحَج وتداخل الْعَمَل بَطل الثَّانِي فَيَبْقَى الْأَوَّلُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ سُؤَالٌ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ إِذَا أَرْدَفَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ جَوَابُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْعُمْرَةَ فِي وَقْتٍ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ فِعْلُهَا فَكَانَ كَنَاذِرِ صَوْمِ النَّحْرِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ قَالَ فَإِنْ أَرْدَفَ الْحَجَّ بَعْدَ السَّعْيِ قَبْلَ الْحِلَاقِ وَجَبَ تَأْخِيرُ الْحِلَاقِ وَيُهْدِي لِتَأْخِيرِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَسْقُطُ عَنْهُ الْهَدْيُ لِأَنَّ حَلْقَهُ حَرَامٌ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ حِلَاقَهُ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَاجِبَةٌ مِنْ وَجْهٍ حرَام مِنْ وَجْهٍ فَيَجِبُ الدَّمُ لِتَأْخِيرِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَاجِبٌ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَتْ عُمْرَتُهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِلْمُتْعَةِ وَيُؤَخِّرُهُمَا جَمِيعًا يَقِفُ بِهِمَا عَرَفَةَ وَيُنْحَرَانِ بِمِنًى وَجَازَ تَأْخِيرُ مَا وَجَبَ بِسَبَبِ الْعُمْرَةِ لِارْتِبَاطِهَا بِالْحَجِّ فَإِنْ أَخْرَجَ هَدْيَ تَأْخِيرِ الْحِلَاقِ إِلَى الْحِلِّ فَيَسُوقُهُ إِلَى مَكَّةَ وَيَنْحَرُهُ بِهَا وَلَيْسَ عَلَى مَنْ حَلَقَ مِنْ أَذَى وُقُوفِ هَدْيِهِ بِعَرَفَةَ لِأَنَّهُ نُسُكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُحْرِمُ أَحَدٌ بِالْقِرَانِ مِنْ دَاخِلِ الْحَرَمِ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا يُحْرَمُ

ص: 290

بِهَا إِلَّا مِنَ الْحِلِّ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا أحرم مكي بِالْعُمْرَةِ من مَكَّة تمّ أَرْدَفَ الْحَجَّ صَارَ قَارِنًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَمُ قِرَانٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَكْرَهُ الْقِرَانَ لِلْمَكِّيِّ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَبِالصِّحَّةِ قَالَ ش وَقَالَ ح لَا يَصِحُّ مِنْهُمْ تَمَتُّعٌ وَلَا قِرَانٌ فَإِنْ تَمَتَّعَ فَعَلَيْهِ دَمٌ خِلَافًا لَنَا وَإِنْ قَرَنَ ارْتُفِضَتْ عُمْرَتُهُ أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الخرام} الْبَقَرَة 196 وَالْإِشَارَة بذلك إِلَى التَّمَتُّعِ فَلِذَلِكَ أَضَافَهُ بِاللَّامِ وَلَوْ أَرَادَ الْهَدْيَ لَأَضَافَهُ بِعَلَى لِأَنَّ اللَّامَ لِمَا يُرْغَبُ وعَلى لما يرهب وَلذَلِك تَقول وَشهد لَهُ عَلَيْهِ وَالْقِرَانُ مِثْلُ التَّمَتُّعِ لِأَنَّهُ فِيهِ إِسْقَاطُ أحد العملين كَمَا أَنَّهُ فِي التَّمَتُّعِ إِسْقَاطُ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِذَلِكَ إِلَى الْهَدْيِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ كَالضَّمِيرِ يَجِبُ عَوْدُهَا إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ أَقْرَبُ وَلَمَّا كَانَ حُكْمًا شَرْعِيًّا حَسُنَ إِضَافَتُهُ بِاللَّامِ تَقْدِيرُهُ ذَلِكَ مَشْرُوعٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْآيَةَ فَيَسْقُطُ عَنِ الْمَكِّيِّ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى الْمَكِّيِّ دَمُ الْقِرَانِ بِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ لِأَنَّهُ أسقط أحدا الْعَمَلَيْنِ مَعَ قِيَامِ مُوجِبِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ مُوجِبَ الدَّم نُقْصَان النُّسُكَيْنِ لعدم الْإِحْرَام من الميقاة لَهُمَا مُنْفَرِدَيْنِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَكِّيِّ وَغَيْرِهِ لِإِيجَادِ الْإِحْرَامِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا دَخَلَ مكي الْعمرَة ثُمَّ أَضَافَ الْحَجَّ ثُمَّ مَرِضَ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ خَرَجَ إِلَى الْحَلِّ ثُمَّ رَجَعَ وَطَافَ وَحَلَّ وَقَضَى قَابِلًا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَارِنًا وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ قَارِنًا فَطَافَ وَسَعَى فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ وَبِهِ قَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش يعْقد إِحْرَامَهُ بِالْعُمْرَةِ لَا بِالْحَجِّ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي إشتراط الميقاة الزَّمَانِيِّ فِي الِانْعِقَادِ وَقَدْ سَبَقَ جَوَابُهُ فِي الْمَوَاقِيتِ قَالَ وَالَّذِي يَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ أَهْلُ مَكَّةَ وَطُوًى فَقَطْ بِخِلَافِ الْمَنَاهِلِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَوَاقِيتِ وَالْمَكِّيُّ إِذَا خَرَجَ إِلَى مِصْرَ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَنْوِي

ص: 291

الِاسْتِيطَانَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَرَنَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَا دم عَلَيْهِم وَاخْتلف فيهم فَقَالَ مَالِكٌ هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ وَطُوًى طَرَفٌ مِنْهَا وَقَالَ ش وَابْن حَنْبَل الْحرم وَمن كَانَ خَارِجَهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَالَ ح مَنْ دُونَ الْمِيقَاتِ إِلَى الْحَرَمِ وَاللَّفْظُ أَظْهَرُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُلْحَقُ بِمَكَّةَ الْمَنَاهِلُ الَّتِي لَا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهَا الصَّلَاةُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَلَيْسَ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَفِي الْجَوَاهِر وَقيل كل من مَسْكَنه دون المقات وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا قَتَلَ الْقَارِنُ صَيْدًا فَجَزَاءٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ هَدْيًا تَطَوُّعًا ثُمَّ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَهَلْ يُجْزِئُهُ هَدْيُ عُمْرَتِهِ عَنْ قِرَانِهِ رِوَايَتَانِ نَظَرًا لِتَعَلُّقِ الْهَدْيِ بِالْعُمْرَةِ فَتُجْزِئُ عَنْهُ أَوْ إِنَّ التَّطَوُّعَ السَّابِقَ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ اللَّاحِقِ اللَّاحِقَةُ الثَّانِيَةُ التَّمَتُّعُ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمَتَاعِ وَهُوَ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَيْفَ كَانَ لِقَوْلِ الشَّاعِرِ

(وَقَفْتُ عَلَى قَبْرٍ غَرِيبٍ بِقَفْرَةٍ

مَتَاعٌ قَلِيلٌ مِنْ حَبِيبٍ مُفَارِقٍ)

فَجَعَلَ وُقُوفَ الْإِنْسَانِ بِالْقَبْرِ مَتَاعًا وَالتَّمَتُّعُ فِيهِ إِسْقَاطُ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ فَإِنَّ شَأْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ النُّسُكَيْنِ أَنْ يُحْرِمَ بِهِ مِنَ الْمِيقَاتِ وَأَنْ يَرْحَلَ إِلَى قُطْرِهِ فَقَدْ سقط أَحدهمَا فَجعل الشَّرْع الدَّم جَابر لِمَا فَاتَهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجِبُ عَلَى الْمَكِّيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ الْمِيقَاتُ وَلَا السَّفَرُ وَقَالَ عَطَاءٌ فِي الْوَاضِحَةِ إِنَّمَا سُمِّيَتْ مُتْعَةً لِأَنَّهُمْ يَتَمَتَّعُونَ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ بِالنِّسَاءِ وَالطِّيبِ وَيَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ تَحَلَّلَ مِنْ عُمْرَتِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ مُسْقِطٌ لِأَحَدِ السَّفَرَيْنِ وَلَيْسَ بِتَمَتُّعٍ وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ الْمَكِّيَّ كَذَلِكَ وَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ قَالَ سَنَدٌ وَلِوُجُوبِ الدَّمِ فِيهِ شُرُوطٌ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَنْ تَكُونَ الْعُمْرَةُ وَالْحَجُّ فِي سَفَرٍ وَاحِد وعام

ص: 292

وَاحِدٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَتُقَدَّمُ الْعُمْرَةُ عَلَى الْحَجِّ وَالْفَرَاغُ مِنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَزَادَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ أَنْ يَقَعَ النُّسُكَانِ عَن شَخْصٍ وَاحِدٍ وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ النِّيَّةَ وَالْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ مِنَ الْحِلِّ وَيَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقِرَانِ وَعَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} الْبَقَرَة 196 وَحَرْفُ إِلَى لِلْغَايَةِ فَجَعَلَ آخِرَ الْعُمْرَةِ مُتَّصِلًا بِالْحَجِّ فَإِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ أَوْ مِثْلَهُ فِي الْبُعْدِ فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بَلْ إِلَى مَوْضِعٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَقَالَ ح بَلْ نَفْسَ بَلَدِهِ فَإِنَّهُ مَا لَمْ يُلِمَّ بِأَهْلِهِ فَإِنَّهُ مُتَرَفِّهٌ بِسَفَرِهِ الْأَوَّلِ عَنْ سَفَرَتَيْنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّرَفُّهَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِقِلَّةِ السَّيْرِ وَالتَّرْحَالِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَلَدِهِ وَمَا يُسَاوِيهِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ ش بَلِ الرُّجُوعُ إِلَى مِيقَاتِهِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ بِالْحَجِّ لِأَنَّ مَا بَعُدَ عَن الميقاة لَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ الْخُرُوج إِلَيْهِ أما الميقاة فَالْخُرُوجُ إِلَيْهِ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا وَالنَّصُّ دَلَّ عَلَى الدَّمِ فِي حَقِّ مَنْ وَصَلَ الْعُمْرَةَ بِالْحَجِّ فِي سَفَرٍ وَهَذَا لَمْ يَصِلْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ وَجَوَابُهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ الِاتِّصَالِ بل الِانْتِفَاع بِمَا سَقَطَ عَنْهُ مِنَ السَّفَرِ وَذَلِكَ مُقْتَضَى لَفْظِ التَّمَتُّعِ فَيَكُونُ السَّبَبُ هُوَ الِانْتِفَاعَ بِالسُّقُوطِ وَهَذَا قد انْتفع فَيجب الدَّم ويتأكذ مَا ذَكَرْتُهُ بِأَنَّهُ مَحْكِيٌّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِسْقَاطُ الدَّمِ عَنْهُ بِرُجُوعِهِ إِلَى غَيْرِ أُفُقِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْحِجَازِ لِوُجُوبِ السَّفَرِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إِنْ كَانَ أُفُقُهُ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ وَالْعَوْدُ مِنْهُ إِلَى الْحَجِّ يَكْفِي دُونَهُ مِمَّا يَخَافُ فِيهِ الْفَوَاتَ وَلَوْ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَحَلَّ مِنْهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ قَبْلَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْعُمْرَةِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ فِي التَّمَتُّعِ أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا أَنَّهُ مَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَأَنَّهُ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ الْقِرَانُ التَّمَتُّعُ فِيهِ بِسُقُوطِ

ص: 293

الْعَمَلِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ فَسْخُ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ لِتَمَتُّعِهِ بِإِسْقَاطِ بَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ الْإِحْصَارُ بِالْعَدُوِّ وَفَسَّرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْآيَةَ بِهِ وَلْنُمَهِّدِ الْفُرُوعَ عَلَى الشُّرُوطِ فَنَقُولُ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ لَهُ أَهْلٌ بِمَكَّةَ وَأَهْلٌ بِبَعْضِ الْآفَاقِ فَقَدِمَ مُعْتَمِرًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مِنْ مُشْكِلَاتِ الْأُمُورِ وَالْهَدْيُ أَحْوَطُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ أَكْثَرُ إِقَامَتِهِ بِمَكَّةَ وَيَأْتِي غَيْرَهَا مُنْتَابًا فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَأْتِي غَيْرَهَا لِلسُّكْنَى فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُخْتَلَفُ فِي ذَلِك وَإِنَّمَا تكلم مَالك على مُسَاوَاةِ إِقَامَتِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالْمُرَاعَى فِي حُضُورِ الْمَسْجِد وَقت فعل التسكين وَالْإِهْلَالِ بِهِمَا وَفِي الْكِتَابِ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ يُرِيدُ سُكْنَاهَا وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِفْ بِسُكْنَاهَا وَإِنَّمَا عَزَمَ وَقَدْ يَبْدُو لَهُ وَالْعَزْمُ عَلَى الشَّيْءِ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ دَخَلَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَإِلَّا فَلَا الشَّرْطُ الثَّانِي اجْتِمَاعُ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَحَلَّلَ مِنْ عُمْرَتِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ اعْتَمَرَ أُخْرَى فِيهَا وَتَحَلَّلَ مِنْهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ أَحَدَ السَّفَرَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْعُمْرَةِ الثَّانِيَةِ وَإِذَا فَعَلَ بَعْضَ الْعُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ وَبَعْضَهَا فِي شَوَّالٍ ثُمَّ حَجَّ فَعَلَيْهِ الدَّمُ وَلَوْ لَمْ يُبْقَ لِشَوَّالٍ إِلَّا الْحِلَاقُ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا وَقَالَ ح إِذَا أَتَى بِأَكْثَرِ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا لَمْ يَقَعْ إِحْرَامُ الْعُمْرَةِ فِي شَوَّالٍ فَلَيْسَ بِتَمَتُّعٍ لَنَا أَنَّ الْعُمْرَةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ بِكَمَالِهَا وَقَدْ وَقَعَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ لَا يَرْجِعَ إِلَى وَطَنِهِ وَلَا إِلَى مِثْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَحَلَّلَ مَنْ عُمْرَتِهِ وَهُوَ مَنْ أَهْلِ الشَّامِ فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَعَلَيْهِ دم

ص: 294

الْمُتْعَة إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مِثْلِ أُفُقِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ السِّتَّةِ وَأَمَّا السَّابِعُ الَّذِي نَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ خِلَافًا وَقَالَ سَنَدٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مُتَمَتِّعٌ وَإِنْ كَانَ التَّمَتُّعُ نُسُكًا عَنْ شَخْصَيْنِ وَلَمْ يَجِدْ هُوَ أَيْضًا خِلَافًا أَجْرَاهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى التَّكْفِيرِ قبل الْحِنْث اللاحقة الثَّالِثَة فَوَات الْحَج وَفِي الْكِتَابِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَنْ يُتِمَّ عَلَى عَمَلِ الْعُمْرَةِ بِالْإِهْلَالِ الْأَوَّلِ وَلَا يُسَمِّيَ لَهَا إِهْلَالًا وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ أَوَائِلَ الْحَرَمِ وَلَا يَنْتَظِرُ قَابِلًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ مَا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ فَلْيَطُفْ وَلْيَسْعَ وَلَا يَثْبُتُ عَلَى إِحْرَامِهِ وَيَقْضِي حَجَّهُ قَابِلًا وَيُهْدِي قَالَ سَنَدٌ يُرِيدُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْإِحْرَامِ خَشْيَةَ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ وَلِأَنَّهُ إِحْرَامٌ بِالْحَجِّ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الزَّمَانِيِّ بِسَنَةٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي الْيَسِيرِ وَإِذَا بَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَلَيْهِ اسْتِحْبَابًا لِمُخَالَفَتِهِ سُنَّةَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَإِذَا تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ عِنْدَ ح وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ قَابَلٍ بِحَجّ قَابل قَالَ أَخَاف أَن يُجْزِئَهُ قَبْلَ خَوْفِهِ قَالَ سَنَدٌ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي إِجْزَاءِ السَّعْيِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ عَلَى الْحَجِّ وَقِيلَ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَرَنَ وَسَعَى قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَج أَجزَأَهُ لحجه وَإِنَّمَا كرهه هَا هُنَا لِأَنَّ هَذَا السَّعْيَ شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ لِعُمْرَةِ التَّحَلُّل وَيكرهُ جعله ركنا لِأَنَّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ لَمْ يَتَعَيَّنْ بَعْدُ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ أَنْ يَتَحَلَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وَعِنْدَهُ لَهُ التَّحَلُّلُ مَا لَمْ تَدْخُلْ أَشْهُرُ الْحَجِّ فَكَانَ هَذَا السَّعْيُ مَوْقُوفًا لَيْسَ مَجْزُومًا بِأَنَّهُ لِلْحَجِّ وَإِذَا قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَيُعِيدُ السَّعْي بعد الْإِضَافَة وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ لِمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ

ص: 295

فَأَقَامَ إِلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ قَابَلٍ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ ثُمَّ إِنْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئِ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنَّمَا هَذِه رُخْصَةٌ لَهُ لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه لِهَبَّارِ بْنِ الْأَسْوَدِ لَمَّا فَاتَهُ الْحَجُّ أَحِلَّ وَاقْضِ الْحَجَّ مِنْ قَابَلٍ وَأَهْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ فَسَخَ حَجَّهُ فِي عُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ بَاطِلٌ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ جَهِلَ فَفَعَلَ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَلَوْ ثَبَتَ عَلَى إِحْرَامِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ مَكَّة حَتَّى حج بِهِ قَابلا أَجزَأَهُ عَن حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَوَطِئَ أَوْ تَطَيَّبَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُحْرِمِينَ وَعَلَيْهِ هَدْيُ الْفَوَاتِ وَهَدْيُ الْفَسَادِ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ وَيَفْعَلُ غَيْرَ ذَلِكَ مَتَى شَاءَ قَالَ سَنَدٌ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْقَارِنِ يُجَامِعُ ثُمَّ يَفُوتُهُ الْحَجُّ عَلَيْهِ أَرْبَعُ هَدَايَا لِفَوَاتِهِ وَلِأَنَّهُ صَارَ إِلَى عَمَلِ الْعُمْرَةِ فَكَأَنَّهُ وَطِئَ فِيهَا وَلِقِرَانِهِ وَلِقَضَائِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ هَدَايَا فَإِنْ نَحَرَ هَدْيَ الْفَوَاتِ وَالْفَسَادِ قَبْلَ الْقَضَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ أُهْدِيَ عَنْهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا التَّأْخِيرُ مُسْتَحَبٌّ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُجْزِئُهُ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ فَاتَهُ حَجٌّ مُفْرَدٌ أَوْ أَفْسَدَ حَجًّا مُفْرَدًا لَا يَقْضِي قَارِنًا لِتَعَيُّنِ الْإِفْرَادِ بِالْإِحْرَامِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَمَنْ فَاتَهُ قَارِنًا لَا يَقْضِي الْحَجَّ وَحْدَهُ وَالْعُمْرَةَ وَحْدَهَا بَلْ قَارِنًا خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ لِتَعَذُّرِ الْقِرَانِ بِالْإِحْرَامِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إِنْ أَفْسَدَ الْقَارِنُ حجه فَعَلَيهِ فِي الْحَج الْفَاسِد هدي وَاحِد وَفِي حجَّة الْقَضَاء هديان وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إِنْ أَفْسَدَ الْقَارِنُ فَقَضَاهُ مُفْرِدًا لَمْ يُجْزِئْهُ وَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ وَدَمُ التَّمَتُّعِ وَيَقْضِي قَارِنًا وَيُهْدِي فِي الْقَضَاءِ هَدْيَيْنِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَّا إِذَا أَفْسَدَ الْقِرَانَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ أَوْ فَاتَهُ فتحلل يَقْضِي مُفْرِدًا لِأَنَّهُ إِنَّمَا فَاتَهُ الْحَجُّ وَحْدَهُ وَقد فرغت

ص: 296

عُمْرَتُهُ بِفَرَاغِ سَعْيِهِ قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ لِعَدَمِ تَمَيُّزِ فِعْلِ الْعُمْرَةِ فِي الْقِرَانِ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَوَجَبَ الْهَدْيُ لِتَأْخِيرِ الْحِلَاقِ وَلَوْ تَمَتَّعَ فَفَسَدَ حَجُّهُ فَقَضَى قَابِلًا قَالَ فِي الْمُوازِية عَلَيْهِ هديان للمتعة وَالْفساد يَجْعَل هَدْيَ الْمُتْعَةِ وَيُؤَخِّرُ هَدْيَ الْفَسَادِ إِلَى الْقَضَاءِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَقْضِي الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَابِلًا قَالَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ نُسُكَانِ مُفْتَرِقَانِ فَلَوْ تَمَتَّعَ فَفَاتَهُ الْحَجُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ الْمُتْعَةِ وَفِي الْجُلَّابِ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَمَلُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمَنَاسِكِ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ وَسَعَى عِنْدَ قُدُومِهِ ثُمَّ مَرِضَ فَتَأَخَّرَ حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ لَمْ يُجْزِئْهُ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ أَوَّلًا عَنْ تحلله اللاحقة الرَّابِعَة حج الصَّبِي وَفِيهِ فَصْلَانِ الْأَوَّلُ فِي أَفْعَالِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنِ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَيُحْضِرُهُ الْمَوَاقِيتَ فَيَحْصُلُ الْحَجُّ لِلصَّبِيِّ نَفْلًا وَالْمُمَيِّزُ يُحْرِمُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَيُبَاشِرُ لِنَفْسِهِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ ح لَا يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ بِإِحْرَامِ وَلَيِّهِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ يَلْزَمُ الْحَجَّ فَلَا يَصِيرُ الصَّبِيُّ بِهِ مُحْرِمًا كَالنَّذْرِ وَجَوَابه أَنه ينْتَقض بالوضؤ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالنَّذْرِ وَيَصِحُّ مِنْهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس أَنه صلى الله عليه وسلم َ - لَقِيَ رَكْبًا بَعْسَفَانَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَرفعت إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا مِنْ مِحَفَّتِهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نعم وَلَك أجر وَقد حج مَعَه صلى الله عليه وسلم َ - صبيان ابْن عَبَّاس وَأنس وَغَيرهمَا وَقَدْ سَلَّمَ ح أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَتَجَنَّبُ مَا يَتَجَنَّبُهُ الْمُحْرِمُ فَيَكُونُ مُحْرِمًا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ لَا يَتَجَنَّبُ مَا يُنْهَى عَنْهُ كَابْنِ ثَمَانِ سِنِينَ فَلَا يُجَرَّدُ حَتَّى يَدْنُوَ من الْحرم وَغَيره يجرده من الميقاة خَشْيَةَ تَكْثِيرِ الْأَوَّلِ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْحَجِّ وَإِذَا كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ لَا يُلَبِّي عَنْهُ أَبُوهُ وَإِذَا نَوَى بِتَجْرِيدِهِ الْإِحْرَامَ فَهُوَ مُحْرِمٌ وَيَجْتَنِبُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْبَالِغُ كَالصَّلَاةِ وَإِذَا احْتَاجَ إِلَى دَوَاءِ طَبِيبٍ فَعَلَهُ بِهِ وَفَدَى عَنْهُ فَإِنَّ الْجَائِزَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّكْلِيفِ كَمَا يَسْجُدُ لسَهْوه فِي

ص: 297

صَلَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْوَ عَلَى الطَّوَافِ طَافَ بِهِ مَنْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ مَحْمُولًا عَلَى سُنَّةِ الطَّوَافِ وَلَا يَرْكَعُ عَنْهُ إِنْ لَمْ يَعْقِلِ الصَّلَاةَ لِتَعَذُّرِ النِّيَابَةِ فِيهَا شَرْعًا وَلَهُ أَنْ يَسْعَى عَنْهُ وَعَنِ الصَّبِيِّ سَعْيًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الطَّوَافِ لِخِفَّةِ السَّعْيِ لِجَوَازِهِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَقَدْ قَالَ ح إِنَّهُ يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَلَا يَرْمِي عَنْهُ إِلَّا مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَدَاخُلِ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ وَيَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالصِّغَارِ الذُّكُورِ فِي أَرْجُلِهِمُ الْخَلَاخِلُ وَفِي أَيْديهم الإسورة ذَلِكَ لَهُمْ مِنَ الذَّهَبِ قَالَ سَنَدٌ لَا يَحُجُّ بِالصَّبِيُّ إِلَّا أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ وَمَنْ لَهُ النَّظَرُ فِي مَالِهِ لِتَعَلُّقِ ذَلِكَ بِالْإِنْفَاقِ وَجَوَّزَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ لِأُمِّهِ وَخَالِهِ وَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَشِبْهِهِمْ نَظَرًا إِلَى شَفَقَتِهِمْ وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ الْمَرْأَةِ السَّابِقُ وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي غَيْرِ الْوَلِيِّ قَوْلَانِ فَإِنْ أَحْرَمَ الْمُمَيِّزُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلَيِّهِ فَظَاهَرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى لُزُومِ الْمَالِ فَلَا يَنْعَقِدُ وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَتَكَلَّمُ لُقِّنَ التَّلْبِيَةَ وَإِلَّا سَقَطَتْ كَمَا تَسْقُطُ عَنِ الْأَخْرَسِ وَإِذَا سَقَطَ وُجُوبُهَا سَقَطَ دَمُهَا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ إِنَّهَا كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ يُلَبِّي عَنْهُ وَلَيُّهُ كَمَا يَنْوِي عَنْهُ وَفِي الْجُلَّابِ لَا يُجَرَّدُ الْمُرْضَعُ وَيُجَرَّدُ الْمُتَحَرِّكُ وَكَرِهَ مَالِكٌ حَجَّ الرَّضِيعِ سُؤَالٌ الْأَجِيرُ يَرْكَعُ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ فَيَرْكَعُ الْوَلِيُّ عَن الصَّبِي فَإِنَّهُ كالأجير حوابه يَنْتَقِضُ بِالْوُقُوفِ فَإِنَّ الْأَجِيرَ يَقِفُ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْوَلِيُّ لَا يَقِفُ عَنِ الصَّبِيِّ بَلْ يَقِفُ بِهِ قَالَ وَيَخْرُجُ بِهِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَقِفُ بِهِ وَيَبِيتُ بِهِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ الرَّمْيُ رَمَى وَإِلَّا رَمَى عَنْهُ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا فَسَدَ حَجُّهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي حَجِّهِ لَمْ يَقَعْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ لِلْأَبِ أَوْ لِمَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يُحِجَّهُ وَيَزِيدَ فِي نَفَقَةِ الصَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يخَاف ضيعه فَيُخْرِجَهُ مَعَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ فَالزَّائِدُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} الْأَنْعَام 152 وَحَيْثُ كَانَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَكَذَلِكَ الْفِدْيَةُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ وَحَيْثُ قُلْنَا فِي

ص: 298

مَالِ الْوَلِيِّ فَكَذَلِكَ جَزَاءُ الصَّيْدِ وَقِيلَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ إِلْحَاقًا بِالْمَتْلَفَاتِ فِي الْإِقَامَةِ قَالَ سَنَد لَو كَانَ كِرَاء الصَّبِيِّ وَنَفَقَتُهُ فِي السَّفَرِ قَدْرَ نَفَقَتِهِ فِي الْإِقَامَةِ ضَمِنَ الْوَلِيُّ الْكِرَاءَ لَسَدِّ خَلَّتِهِ فِي السَّفَرِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْكِرَاءِ وَعَدَمِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ فِيمَا طَرَأَ مِنْ صَنِيعِ اللَّهِ تَعَالَى فِي سَفَرِ الصَّبِيِّ مَعَهُ نَحْوَ الْمَوْتِ وَالْغَرَقِ وَالْمَرَضِ وَفِي الْكِتَابِ مَا لَزِمَ الصَّبِيَّ مِنْ جَزَاءٍ أَوْ فِدْيَةٍ لَا يَصُومُ وَالِدُهُ عَنْهُ وَلَكِنْ يُطْعِمُ وَيُهْدِي لِأَنَّ ضَمَان الْأَمْوَال مُمكن بِخِلَاف الْأَفْعَال الْبَدَنِيَّة

ص: 299

الصفحة فارغة

ص: 300

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ)

وَفِي التَّلْقِينِ الْإِحْرَامُ يَمْنَعُ عَشَرَةَ أَنْوَاعٍ لُبْسَ الْمَخِيطِ وَتَغْطِيَةَ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَلُبْسَ الْخُفَّيْنِ وَالشُّمُشْكَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النَّعْلَيْنِ وَحَلْقَ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْبَدَنِ وَالطِّيبَ وَقَصَّ الْأَظْفَارِ وَقَتْلَ الْقُمَّلِ وَقَتْلَ الصَّيْدِ وَالْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ وَإِنْزَالَ الْمَاءِ الدَّافِقِ وَعَقْدَ النِّكَاحِ زَادَ غَيْرُهُ إِزَالَةَ الشَّعَثِ بِالزِّينَةِ وَالتَّنْظِيفِ وَكُلُّهَا تُجْبَرُ إِلَّا عَقْدَ النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ لِأَنَّهُمَا وَسِيلَتَانِ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا الِانْتِفَاعُ بِالْمَقْصِدِ الْمُحَرَّمِ وَغَيْرُهُمَا انْتَفَعَ فِيهِ فَتَعَيَّنَ الْجَابِرُ لتعين الْخلَل قَاعِدَة قَاعِدَةٌ يُحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَالْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَكَثِيرٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَهِيَ أَنَّ الْجَوَابِرَ مَشْرُوعَةٌ لِاسْتِدْرَاكِ الْمَصَالِحِ الْفَائِتَةِ وَالزَّوَاجِرَ مَشْرُوعَةٌ لِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ الْمُتَوَقَّعَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَنْ وَجَبَ فِي حَقِّهِ الْجَابِرُ أَنْ يَكُونَ آثِمًا وَلِذَلِكَ شُرِعَ الْجَبْرُ مَعَ الْعَمْدِ وَالْجَهْلِ وَالْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَالنِّسْيَانِ وَعَلَى الْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ بِخِلَافِ الزَّوَاجِرِ فَإِنَّ مُعْظَمَهَا عَلَى الْعُصَاةِ زَجْرًا عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَقَدْ تَكُونُ عَلَى غَيْرِ الْعُصَاةِ دَفْعًا لِلْمَفَاسِدِ مِنْ غَيْرِ إِثْمٍ كَتَأْدِيبِ الصِّبْيَانِ وَرِيَاضَةِ الْبَهَائِمِ اصلاحا لَهُم وَقِتَالِ الْبُغَاةِ دَرْءًا لِتَفْرِيقِ الْكَلِمَةِ مَعَ عَدَمِ الْمَأْثَمِ لِأَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ

ص: 301

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ هَلْ هِيَ زَوَاجِرُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَشَاقِّ تَحَمُّلِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا أَوْ وَهِيَ جَوَابِرُ لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ لَا تصلح إِلَّا بِالنِّيَّاتِ وَلَيْسَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى زَجْرًا بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ قُرُبَاتٍ إِذْ لَيْسَتْ فِعْلًا لِلْمَزْجُورِينَ بَلْ تَفْعَلُهَا الْأَئِمَّة فيهم ثمَّ الجوابر تقع مَعَ الْعِبَادَاتِ وَالنُّفُوسِ وَالْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ وَالْجِرَاحِ وَالْأَمْوَالِ وَالْمَنَافِعِ فَجَوَابِرُ الْعِبَادَاتِ كَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْوُضُوءِ وَسُجُودِ السَّهْو مَعَ السّنَن وجهة السّفر فِي الصَّلَاة والنافلة مَعَ الْكَعْبَةِ وَجْهَةِ الْعَدُوِّ فِي الْخَوْفِ مَعَ الْكَعْبَةِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَأَحَدِ النَّقْدَيْنِ مَعَ دُونِ السِّنِّ الْوَاجِبِ فِي الزَّكَاةِ أَوْ زِيَادَةِ السِّنِّ فِي ابْنِ اللَّبُونِ مَعَ وَصْفِ أُنُوثَةِ بِنْتِ مَخَاضٍ وَالْإِطْعَامِ لِمَنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ وَلَمْ يَصُمْ لِلْعَجْزِ وَالصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ وَالنُّسُكِ فِي حَقِّ مَنِ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْحَج أَو الدَّم كَتَرْكِ الميقاة أَوِ التَّلْبِيَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ مَا عَدَا الْأَرْكَانَ أَوْ جَبْرًا لِمَا فَاتَ من السّفر أَو الْعَمَل فِي التَّمَتُّع وَالْقرَان وَجَبَرِ الدَّمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ فِي غَيْرِهِ وَجَبَرِ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ بِالْمِثْلِ أَوِ الطَّعَامِ أَوِ الصِّيَامِ وَالصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ بِذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَبِقِيمَتِهِ لِحَقِّ الْمَالِكِ وَهُوَ مُتْلَفٌ وَاحِدٌ جُبِرَ بِبَدَلَيْنِ فَهُوَ نَادِرٌ وَلَمْ يُشْرَعْ كَشَجَرِ الْحَرَمِ الْجَائِزِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْبَرُ إِلَّا بِعَمَلٍ بَدَنِيٍّ وَلَا تُجْبَرُ الْأَمْوَالُ إِلَّا بِالْمَالِ وَتُجْبَرُ الْعُمْرَةُ وَالْحَجُّ وَالصَّيْدُ بِالْبَدَنِيِّ وَالْمَالِيِّ مَعًا وَمُفْتَرِقَيْنِ وَالصَّوْم يجْبر بالبدني بِالْقضَاءِ وبمال فِي الْإِطْعَامِ وَأَمَّا جَوَابِرُ الْمَالِ فَالْأَصْلُ أَنْ يُؤْتَى بِغَيْرِ الْمَالِ مَعَ الْإِمْكَانِ فَإِنْ أَتَى بِهِ كَامِلَ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ بَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهِ أَوْ نَاقِصَ الْأَوْصَافِ جَبَرَ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَيْسَتْ مِثْلِيَّةً أَوْ نَاقِصَ الْقِيمَةِ لَمْ يَضْمَنْ فِي بَعْضِ الْمَوَاطِنِ لِأَنَّ الْفَائِتَ رَغَبَاتُ النَّاسِ وَهِيَ غَيْرُ مُتَقَوَّمَةٌ فِي الشَّرْعِ وَلَا قَائِمَةٌ بِالْعينِ وتجبر

ص: 302

الْأَمْوَال الْمِثْلِيَّةُ بِأَمْثَالِهَا لِأَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ إِلَى رَدِّ الْعَيْنِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ مِنَ الْقِيمَةِ وَقَدْ خُولِفَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي صُورَتَيْنِ فِي لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ لِأَجْلِ اخْتِلَاطِ لَبَنِ الْبَائِعِ بِلَبَنِ الْمُشْتَرِي وَعَدَمِ تَمْيِيزِ الْمِقْدَارِ وَفِيمَنْ غَصَبَ مَاءً فِي الْمَعَاطِشِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ يَضْمَنُ بِقِيمَتِهِ فِي مَحل عزته وَأما الْمَنَافِعُ فَالْمُحَرَّمُ مِنْهَا لَا يُجْبَرُ احْتِقَارًا لَهَا كَالْمِزْمَارِ وَنَحْوِهِ كَمَا لَمْ تُجْبَرِ النَّجَاسَاتُ مِنَ الْأَعْيَانِ إِلَّا مَهْرَ الْمَزْنِيِّ بِهَا كَرْهًا وَلَمْ يُجْبَرْ ذَلِكَ فِي اللِّوَاطِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَوَّمْ قَطُّ فِي الشَّرْعِ فَأَشْبَهَ الْقِتَالَ وَالْعِتَاقَ وَغَيْرُ المحاوم مِنْهَا يُضْمَنُ بِالْعُقُودِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَالْفَوَاتُ تَحْتَ الْأَيْدِي الْمُبْطِلَةِ وَلَا تُضْمَنُ مَنَافِعُ الْحُرِّ بِجِنْسِهِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى مَنَافِعِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فَوَاتُهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَمَنَافِعُ الْأَبْضَاعِ تُجْبَرُ بِالْعَقْدِ الصَّحِيح وَالْفَاسِد والشبهة وَالْإِكْرَاه وَلَا يجْبر بِالْفَوَاتِ تَحْتَ الْأَيْدِي الْعَادِيَّةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ قَلِيلَ الْمَنَافِع يجْبر بِالْقَلِيلِ من الجابر وكثيرها بِكَثْرَة وَضَمَانُ الْبُضْعِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَهُوَ يُسْتَحَقُّ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ فَلَوْ جُبِرَ بِالْفَوَاتِ لَوَجَبَ مَا لَا يُمكن ضَبطه فضلا من الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ فِي كُلِّ سَاعَةٍ يَفُوتُ فِيهَا مِنَ الْإِيلَاجَاتِ شَيْءٌ كَثِيرٌ جِدًّا وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَأَمَّا النُّفُوسُ فَإِنَّهَا خَارِجَة من هَذِهِ الْقَوَانِينِ لِمَصَالِحَ تُذْكَرُ فِي الْجِنَايَاتِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى ثُمَّ نَشْرَعُ فِي تَمْهِيدِ فِقْهِ أَنْوَاعِ الْمَحْظُورَاتِ فَنَقُولُ النَّوْعُ الْأَوَّلُ لُبْسُ الْمَخِيطِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الْمَخِيطِ بَلْ مَا أَوْجَبَ رَفَاهِيَةً لِلْجَسَدِ كَانَ مخيطا أَو محيطا كَالطَّيْرِ أَوْ جِلْدِ حَيَوَانٍ يُسْلَخُ فَيُلْبَسُ وَقَدْ لَا يُمْنَعُ الْمَخِيطُ إِذَا اسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ غَيْرِ الْمَخِيطِ كَوَضْعِ الْقَمِيصِ عَلَى الظَّهْرِ أَوْ مَا يُؤْتَزَرُ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ سُؤَاله صلى الله عليه وسلم َ - عَمَّا يلبس الْمحرم وَمَا نبه صلى الله عليه وسلم َ - عَلَيْهِ بِذِكْرِ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى جِنْسِهِ وَفِقْهُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَنُبَيِّنُ هُنَا مَا يَحْرُمُ مِمَّا لَا يَحْرُمُ تَفْرِيعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ إِدْخَالُ الْمَنْكِبَيْنِ فِي الْقَبَاءِ وَالْيَدَيْنِ فِي كُمَّيْهِ

ص: 303

لِأَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الطَّرْحَ عَلَى الظَّهْرِ لَا شَيْءَ فِيهِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي ادخال الْمَنْكِبَيْنِ وسواهما ح بِالطَّرْحِ عَلَى الظَّهْرِ لَنَا أَنَّ لُبْسَهُ بِالْمَنْكِبَيْنِ فِي الْعَادَةِ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ قَالَ وَلَهُ طَرْحُ قَمِيصِهِ عَلَى ظَهْرِهِ وَارْتِدَاؤُهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لُبْسًا لَهُ عَادَةً وَلَا يُزَرِّرُ الطَّيْلَسَانَ عَلَيْهِ وَلَا يُجَلِّلُ كِسَاءَهُ فَإِنْ طَالَ ذَلِكَ حَتَّى انْتَفَعَ بِهِ افْتَدَى لِأَنَّ الْعُقَدَ كَالْخِيَاطَةِ كَمَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ فِي الْعِمَامَةِ قَالَ وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمَةِ وَغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ مِنَ النِّسَاءِ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالْحُلِيِّ وَالسَّرَاوِيلِ وَيُكْرَهُ لَهُنَّ الْقَبَاءُ لِأَنَّهُ يَصِفُ قَالَ سَنَدٌ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَحْرِيمِ الزِّينَةِ فِيهَا كالكحل والحلي النِّسَاء قِيَاسًا عَلَى الطِّيبِ وَكَرَاهَتِهَا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَهَا تَحْرِيم وَتَحْلِيل فَلَا تَحْرِيم الزِّينَةُ فِيهَا كَالصَّلَاةِ أَوْ يُفَرَّقُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ بَيْنَ مَا ظَهَرَ كَالْكُحْلِ وَمَا بَطَنَ كَالْحُلِيِّ قَالَ وَالْأَصْلُ حِلُّ الزِّينَةِ لِعَدَمِ مَنْعِ السُّنَّةِ إِيَّاهَا بَلْ هِيَ كَلُبْسِ الْمَرْقُومَاتِ وَأَجْنَاسِ الْمُلَوَّنَاتِ وَالْخَاتَمُ يَلْحَقُ بِالْقَلَنْسُوَةِ لِإِحَاطَتِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى الرُّخْصَةِ لِلْمَرْأَةِ فِي الْخُفَّيْنِ وَالسَّرَاوِيلِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي مَنْعِهَا مِنَ القفازين خلافًا ل ح لنا نَهْيه صلى الله عليه وسلم َ - إِيَّاهُنَّ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ الْقُفَّازَيْنِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَجْهِ وَخَالَفَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي افْتِدَائِهَا لَهُمَا وَالْأَصْلُ فِي أَنَّ اللُّبْسَ الْيَسِيرَ لَا يُوجِبُ فِدْيَةً مَا فِي الصِّحَاحِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ وَهُوَ مُصَفِّرٌّ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ وَعَلَيْهِ حَبَّة فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْرَمْتُ بِعُمْرَةٍ وَأَنَا كَمَا ترى فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - انْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ وَمَا كنت صانعا فِي حجرك فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ قَالَ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الطُّولِ دَفْعُ مَضَرَّةٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ طَالَ أَوْ قَصُرَ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ دَفْعَ ضَرَرٍ فَكَالْيَوْمِ لِحُصُولِ التَّرَفُّهِ قَالَ ش لَا فِدْيَةَ عَلَى النَّاسِي وَالْجَاهِلِ بِخِلَافِ الْعَامِدِ طَالَ الزَّمَنُ أَوْ قَصُرَ وَقَالَ ح الِاعْتِبَارُ بِيَوْمٍ كَامِلٍ أَو لَيْلَة لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَمَّا قِيلَ لَهُ مَاذَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ إِنَّمَا سُئِلَ عَن

ص: 304

اللُّبْسِ الْمُعْتَادِ وَقِلَّةُ ذَلِكَ عَادَةً يَوْمٌ أَوْ لَيْلَةٌ لَنَا عَلَى ش أَنَّ الْفِدْيَةَ جَابِرَةٌ لِمَا وَقَعَ مِنْ خَلَلِ الْإِحْرَامِ وَالْجَابِرُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَصْدِ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ الْعَمْدُ فِي الْإِثْمِ وَعَلَى ح أَنَّ اللُّبْسَ يَصْدُقُ لُغَةً عَلَى اللَّحْظَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْعَادَةِ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ لَا قَوْلِيٌّ فَلَا يَقْضِي عَلَى الْأَقْوَالِ بِالتَّخْصِيصِ أَوِ التَّقْيِيدِ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْمَالِكُ أَنْ لَا يَدْخُلَ بَيْتًا فَدَخَلَ بُيُوتَ الْعَامَّةِ حَنِثَ وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الْقُصُورَ وَالْقِلَاعَ نَعَمْ إِذَا غَلَبَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي شَيْءٍ قُضِيَ عَلَيْهِ بِهِ لِأَنَّهُ يَنْسَخُ وَضْعَهُ الْأَوَّلَ وَيَصِيرُ مَوْضُوعًا لِلثَّانِي فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَفَرْقٌ بَيْنَ غَلَبَةِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ وَبَيْنَ غَلَبَةِ مُبَاشَرَةِ بعض أَنْوَاع مُسَمَّاهُ وَلَا خلاف فِي دُخُول تَحْتَ السَّقْفِ وَالْخَيْمَةِ وَاخْتُلِفَ فِي تَظَلُّلِهِ بِالْجَمَلِ أَجَازَهُ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ وَاخْتُلِفَ فِي استظلاله إِذا نزل فِي بِثَوْبٍ عَلَى شَجَرَةٍ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّرَفُّهِ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ قِيَاسًا عَلَى الْخَيْمَةِ وَأَمَّا الرَّاكِبُ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ رَاكِبٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ لِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما رَأَى رجلا جعل على رجله عودا لَهُ شعبتان وَجَعَلَ عَلَيْهِ ثَوْبًا يَسْتَظِلُّ بِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ لَهُ اضْحَ لِلَّذِي أَحْرَمْتَ لَهُ أَيْ ابرز للشمس وَجوزهُ ش وح فِي الْمَحْمَلِ وَعَلَى الْأَرْضِ لِمَا رَوَتْ أُمُّ الْحصين فَقَالَت حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - فَرَأَيْت أُسَامَة وبلال أَحدهمَا آخذ بزمام نَاقَته صلى الله عليه وسلم َ - وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ مِنَ الْحَرِّ يَسْتُرُهُ حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا يَسِيرُ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْكَثِيرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الرِّيَاشِيُّ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْمُعَدَّلِ الْفَقِيهُ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ ضَاحِيًا لِلشَّمْسِ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا الْفَضْلِ هَذَا أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَوْ أَخَذْتَ بِالتَّوْسِعَةِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ

ص: 305

(ضَحَّيْتُ لَهُ كَيْ أَسْتَظِلَّ بِظِلِّهِ

إِذَا الظِّلُّ أَمْسَى فِي الْقِيَامَةِ قَالِصًا)

(فَيَا أَسَفَا إِنْ كَانَ سَعْيُكَ بَاطِلًا

وَيَا حَسْرَتَا إِنْ كَانَ حَجُّكَ نَاقِصًا)

وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُعَادِلُ الْمَرْأَةَ فِي الْمَحْمَلِ لَا يَجْعَلُ عَلَيْهَا ظِلًّا وَعَسَى أَنَّهُ يَكُونُ خَفِيفًا وَرَوَى أَشْهَبُ تَسْتَظِلُّ هِيَ دُونَهُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ لَمْ يَكْشِفِ الْمَحَارَةَ افْتَدَى وَلَا يَسْتَظِلُّ تحتهَا أَن كَانَ نازلا فَأن فعل اقْتدى وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ فِي ظِلِّهَا خَارِجًا عَنْهَا وَلَا يَمْشِي تَحْتَهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا فَعَلَ هَذَا وَفِي جَوَازِ الْخَاتَمِ قَوْلَانِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا شَدَّ مِنْطَقَتَهُ فَوْقَ إِزَارِهِ افْتَدَى وَأما من تَحْتِهِ فَلَا وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا كَانَتْ تَشُدُّ الْهِمْيَانَ عَلَى وَسَطِهَا لِضَرُورَةِ حِفْظِ النَّفَقَةِ وَلَا يَحْتَزِمُ بِحَبْلٍ إِذَا لَمْ يُرِدِ الْعَمَلَ فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى لِمَا فِيهِ مِنَ الرَّفَاهِيَةِ بِضَمِّ الْقُمَاشِ لِلْجَسَدِ وَيُكْرَهُ جَعْلُ النَّفَقَةِ فِي الْعَضُدِ أَوِ الْفَخْذِ أَوِ السَّاقِ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَادِ فَإِنْ جَعَلَ نَفَقَةَ غَيْرِهِ افْتَدَى فَإِنْ شَدَّ نَفَقَتَهُ ثُمَّ أَوْدَعَ نَفَقَتَهُ فَضَمَّهَا إِلَيْهَا أَوِ الْتَجَأَ لِتَقْلِيدِ السَّيْفِ فَلَا فِدْيَةَ وَإِنَّ شَدَّ جِرَاحَهُ بِخِرْقٍ أَوْ عَصَبَ رَأْسَهُ مِنْ صُدَاعٍ أَوْ وَضَعَ عَلَى صُدْغَيْهِ لِلصُّدَاعِ افْتَدَى فَإِنْ أَلْصَقَ عَلَى الْقُرُوحِ خِرْقًا صِغَارًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَصْبَغُ فِي شَدِّ النَّفَقَةِ عَلَى الْعَضُدِ الْفِدْيَةُ وَيُعْفَى عَنِ السَّيْفِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ صَالَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - أَهِلَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلُوا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ يَعْنِي الْقِرَابَ بِمَا فِيهِ فَإِنْ حَمَلَهُ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ قَالَ مَالِكٌ لَا فِدْيَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ كَالشَّدِّ وَقَالَ أَصْبَغُ فِيهِ الْفِدْيَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ لُبْسِ الْمَخِيطِ وَلَوْ شَدَّ فَوْقَ مِئْزَرِهِ مِئْزَرًا قَالَ مُحَمَّدٌ يَفْتَدِي إِلَّا أَنْ يَبْسُطَهُمَا وَيَتَّزِرَ بِهِمَا وَاخْتلف قَول مَالك فِي الاسْتِغْفَار عِنْدَ الرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ بِالْكَرَاهِيَةِ وَالْجَوَازِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَا فِدْيَةَ فِي عَصَائِبِ الْجِرَاحِ فِي غَيْرِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ

ص: 306

مِنْ تَغْطِيَةِ غَيْرِ الرَّأْسِ إِلَّا الْمَخِيطَ وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَّا ذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ فِي الْجُرْحِ الْيَسِيرِ وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْمِنْطَقَةِ وَالْحَمْلِ عَلَى الرَّأْسِ لِلضَّرُورَةِ وَبَيْنَ شَدِّ الْجِرَاحِ أَن الْأَوَّلين ببضرورة فِيهَا عَامَّةٌ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا كَالْقَصْرِ فِي السَّفَرِ وَالْمَشَقَّةِ فِي الْجِرَاحِ خَاصَّةً فَلَا تُبَاحُ مُطْلَقًا كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لَا تُبَاحُ إِلَّا لِلْمُضْطَرِّ وَقَدْ تقدم فِي الْإِحْرَام بعض هَذِه الْفُرُوع الْفَرْعُ الثَّانِي تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا غَطَّى الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَنَزَعَهُ مَكَانَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنِ انْتَفَعَ بِهِ افْتَدَى وَالْمُحْرِمَةُ فِي تَغْطِيَةِ وَجْهِهَا كَالرَّجُلِ وَلَهَا شَدُّ رِدَائِهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا لِلسَّتْرِ وَإِلَّا فَلَا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَ الراكبان يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا عَلِمْتُ مَالِكًا يَأْمُرُهَا بِتَجَافِيهِ عَنْ وَجْهِهَا وَإِنْ رَفَعَتْهُ مِنْ أَسْفَلِ وَجْهِهَا افْتَدَتْ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حَتَّى تَغْرِزَهُ بِخِلَافِ السَّدْلِ وَتَفْتَدِي فِي الرَّفْعِ وَالْقُفَّازَيْنِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا لَطَّخَ رَأْسَهُ بِالطِّينِ افْتَدَى كَالْعِمَامَةِ وَسَوَاءٌ غَطَّى جَمِيعَ رَأْسِهِ أَوْ بَعْضَهُ خِلَافًا لِ ح فِي قَوْلِهِ لَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ إِلَّا عُضْوٌ كَامِلٌ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ يَحْصُلُ فِي الْبَعْضِ فَتَجِبُ الْفِدْيَةُ وَلَوْ نَقَضَ رَأَسَهُ بِمِنْدِيلٍ أَوْ مَسَّهُ بِيَدِهِ مِنَ الْحَرِّ أَوْ وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ سَتَرَ وَجْهَهُ بِيَدِهِ مِنَ الشَّمْسِ أَوْ وَارَى بَعْضَ وَجْهِهِ بِثَوْبِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدُومُ وَكَرِهَ مَالِكٌ كَبَّ الْوَجْهِ عَلَى الْوِسَادَةِ بِخِلَافِ الْخَدِّ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا جَرَّ الْمُحْرِمُ لِحَافَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ نَائِمٌ فَانْتَبَهَ فَنَزَعَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَ بِخِلَافِ الْمُسْتَيْقِظِ لِأَنَّ الرَّفَاهِيَةَ مَشْرُوطَةٌ بِالْإِدْرَاكِ عَادَةً

ص: 307

وَهُوَ غير مدرك فَإِن غطى رَأْسَهُ أَوْ وَجْهَهُ أَوْ طَيَّبَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَانْتَبَهَ فَلْيَنْزِعْ ذَلِكَ وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ دون النَّائِم لجنايته على الْإِحْرَام فليزم مُوجِبُ الْجِنَايَةِ وَلَوْ قَتَلَ صَيْدًا فَكَالنُّقْصَانِ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ مِنْهُ بِخِلَافِ التَّرَفُّهِ قَالَ سَنَدٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْوَاطِئِ فِي رَمَضَانَ كَرْهًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا وَلَا عَلَيْهِ عَنْهَا لَا فديَة هَا هُنَا وَإِذا قُلْنَا بالفدية فيرعى بَقَاء ذَلِك مدى تَحْصِيلِ الِانْتِفَاعِ فِيهَا فَلَوْ طَيَّبَ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا فَفِدْيَةٌ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَفِدْيَتَانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِتَرَفُّهِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَلَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ طِيبٌ أَوْ تَدَحْرَجَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَنَزَعَهُ فَإِنِ اسْتَدَامَ افْتَدَى وَلَوْ تَقَلَّبَ فِي نَوْرَةٍ أَوْ وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِهِ فَحَلَقَتْهُ افْتَدَى لِبَقَاءِ ذَلِكَ بَعْدَ الْيَقَظَةِ وَفِي الْكِتَابِ لِلرَّجُلِ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى رَأْسِهِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ كالخرج والجراب فَإِنَّهُ حَمَلَهُ لِغَيْرِهِ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِدَفْعِ الْحَرِّ عَنْهُ وَالْبَرْدِ بِذَلِكَ وَخُرُوجِهِ عَن مَوضِع الرُّخْصَة وَقَالَهُ ح ش وَلَا يحمل على رَأسه تِجَارَة لَهُ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَإِذَا جَعَلَ فِي أُذُنَيْهِ قُطْنًا لِأَمْرٍ وَجَدَهُ فِيهِمَا افْتَدَى لِأَنَّهُمَا مِنَ الرَّأْسِ فَلَا يُغَطَّيَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا غَطَّى الْمُحْرِمُ وَجْهَهُ فَلَا فِدْيَةَ وَرُوِيَ عَنْهُ الْفِدْيَةُ بِنَاءً عَلَى كَرَاهَةِ التَّغْطِيَةِ وَتَحْرِيمِهَا النَّوْعُ الثَّالِثُ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ والشمشكين مَعَ الْقُدْرَة على النَّعْلَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَرُوعُهَا فِي الْإِحْرَامِ النَّوْعُ الرَّابِعُ حلق الشّعْر وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} الْبَقَرَة 196 تَقْدِيرُهُ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ وَالْمَرَضُ الْقُرُوحُ وَالْأَذَى الْقُمَّلُ وَأَلْحَقَ الْفُقَهَاءُ بِالرَّأْسِ الشَّارِبَ وَالْإِبِطَ وَالْعَانَةَ وَإِزَالَةَ سَائِرِ الشَّعَثِ وَخَصَّصَهُ أَهْلُ الظَّاهِرِ بِالرَّأْسِ لَنَا أَنَّ إِمَاطَةَ الْأَذَى فِي الْعَانَةِ وَالْإِبِطِ أَكْثَرُ فَيَكُونُ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} الْإِسْرَاء 23 مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الأعلا والفدية عندنَا

ص: 308

مُتَعَلقَة بِإِزَالَة الْأَذَى فِيهِ فَمَا لَا إِطْعَامَ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ تَجِبُ الْفِدْيَةُ كَامِلَةً بِثَلَاثِ شَعَرَاتٍ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْآيَةِ لَا تحلقوا شعر رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وَالشَّعْرُ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ وَقَالَ ح يَجِبُ فِي رُبْعِ الرَّأْسِ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْوُضُوءِ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ اسْمَ الْجِنْس إِذا أضيف عَم كَقَوْلِه مَا لي صَدَقَةٌ فَتَكُونُ الْفِدْيَةُ مُرَتَّبَةً عَلَى حَقِّ الْجَمِيعِ أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ فِي تَحْصِيلِ الرَّفَاهِيَةِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَ حَلَالٍ افْتَدَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ فَإِنْ حَلَقَ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ فَإِنْ تَيَقَّنَ عَدَمَ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنَعَ ح حَلْقَ الْحَرَامِ شَعَرَ الْحَلَالِ وَلَوْ أَمِنَ قَتْلَ الدَّوَابِّ بِأَنْ يَحْلِقَ سَاقَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رؤسكم} الْبَقَرَة 196 وَمَعْنَاهُ لَا يحلق بَعْضكُم رُؤُوس بَعْضٍ وَجَوَّزَهُ ش مُطْلَقًا قِيَاسًا عَلَى شَعْرِ الْبَهِيمَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْآيَةَ خِطَابٌ للمحرمين فَلَا تتَنَاوَل مَحل النزاع وَعَن الثَّانِيَة الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحَلْقَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ يُؤَدِّي إِلَى مَحْظُور وَهُوَ قتل الدَّوَابّ فَيكون وَهُوَ مَحْظُورًا قَالَ سَنَدٌ إِذَا حَلَقَ شَعْرَ حَلَالٍ أَوْ قَصَّهُ أَوْ نَتَفَ إِبِطَهُ وَلَمْ يَقْتُلْ دَوَابَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنَ الْمَذْهَبِ فَإِنْ قَتَلَ دَوَابَّ يَسِيرَةً أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ كُسْوَةٍ أَوْ شَكَّ افْتَدَى عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطْعِمُ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيل الْفِدْيَة فَقَالَ بعض البغدادين هِيَ عَلَى الْحِلَاقِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لِلدَّوَابِّ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهر لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لكعب بن عجْرَة أتوذيك هَوَامُّ رَأْسِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ احْلِقْ وَانُسُكْ بِشَاةٍ أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ

الْحَدِيثَ وَرَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَا يُقَابِلُ الْهَوَامَّ وَهُوَ غَيْرُ مُتَقَوَّمٍ فَيَجِبُ شَيْءٌ مِنْ طَعَامٍ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَحْلِقُ شَارِبَ حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ إِذَا أَمِنَ الْفَوَادَ لِمَا فِيهِ مِنَ الرَّفَاهِيَةِ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ لَهُ حلق مَوضِع

ص: 309

محاجم محرم أخر ويحجمه إِذا أَمن قَتْلِ الدَّوَابِّ وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ إِنْ دعت لذَلِك ضَرُورَة وَإِلَّا فَلَا وأصل أخر الْحجامَة مَا فِي الصِّحَاح أَنه صلى الله عليه وسلم َ - احْتجم بطرق مَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَسَطَ رَأْسِهِ وَأَجَازَهُ الْأَئِمَّةُ فِي غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَمَنَعَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَقُول لَا يحجم الْمُحْرِمُ إِلَّا أَنْ يُضْطَرَ إِلَيْهِ وَلِأَنَّ فِيهِ شدّ المحاجم وَهُوَ مَمْنُوع مِنْهُ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي الْحِجَامَةِ مَا لَمْ يُحْلَقْ لَهَا شَعْرٌ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما مَنِ احْتَجَمَ لِضَرُورَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتِ الْفِدْيَةُ مِنْ ضَرُورَةٍ لَوَجَبَتْ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ كَالْعَصَائِبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعَصَائِبِ وَالْجَبَائِرِ أَنَّهَا لَا تَدُومُ بِخِلَافِ الْجَبَائِرِ وَلَا تُكْرَهُ الْفِصَادَةُ بِشَدِّ الْعِصَابَةِ وَتَجِبُ بِهَا الْفِدْيَة قَالَ مَالك وَله أَن يبطء جرحه وَيحك رَأسه حك رَفِيقًا وَإِذَا دَعَاهُ مُحْرِمٌ لِحَلْقِ رَأْسِهِ أَوْ مَوضِع المحاجم من غير ضَرُورَة فَلَا يجِيبه لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى مُنْكَرٍ فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَ مُحْرِمًا وَأَمِنَ قَتْلَ الدَّوَابِّ فَفِي الْكِتَابِ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح عَلَى الْحَالِقِ صَدَقَةٌ كَشَعْرِ الصَّيْدِ وَالْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ مَمْنُوعٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إِذَا أَمَرَهُ بِقَتْلِ صَيْدٍ فَإِنَّ الْجَزَاءَ عَلَى الْقَاتِلِ دُونَ الْآمِرِ أَنَّ الشَّعْرَ تَحْتَ يَدِ صَاحِبِهِ فَهُوَ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُودَعِ إِذَا تَلِفَ فِي يَده بِأَمْر ضمنه وَفِي الصَّيْدِ لَيْسَ تَحْتَ يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَتَغْلِبُ الْمُبَاشَرَةُ عَلَى التَّسَبُّبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا خَلَّلَ لِحْيَتَهُ فِي وُضُوئِهِ أَوْ غُسْلِهِ فَسَقَطَ بَعْضُ شَعْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَتَكْمُلُ الْفِدْيَةُ بِحَلْقِ مَا يَتَرَفَّهُ بِهِ وَيَزُولُ مَعَهُ الْأَذَى وَإِلَّا أطْعم

ص: 310

شَيْء مِنْ طَعَامٍ وَإِنْ نَتَفَ مَا يُخَفِّفُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَذًى وَإِنْ قَلَّ افْتَدَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُحِدُّ مَالِكٌ فِيمَا دُونَ الإماطة أقل من حفْنَة بيدا وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ فِي قَمْلَةٍ أَوْ قَمَلَاتٍ وَالنِّسْيَانُ لَا يَكُونُ عُذْرًا فِي الْحَلْقِ وَإِنْ أَكْرَهَ حَلَالٌ حَرَامًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَلَالِ وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلَالٍ قَالَ مَالِكٌ يَفْتَدِي وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْزِئُهُ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ لِمَكَانِ الدَّوَابِّ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ نَتَفَ شَعْرَةً أَوْ شَعَرَاتٍ يَسِيرَةً أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَإِنْ نَتَفَ مَا أَمَاطَ بِهِ أَذًى افْتَدَى وَلَا شَيْءَ فِيمَا أَزَالَهُ الشَّرَجُ أَوِ الْإِكَافُ مِنْ سَاقِهِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى النَّوْعُ الْخَامِسُ الطِّيبُ وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ لَهُ شَمُّ الطِّيبِ وَالتِّجَارَةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهُ وَالْمُرُورُ فِي الْعَطَّارِينَ وَمَوَاضِعِ الرَّيَاحِينِ مِنْ غير فديَة وَقَالَهُ ش وح لِقُصُورِهِ عَلَى مَحَلِّ الْإِجْمَاعِ الَّذِي هُوَ مَسُّ الطِّيبِ وَمَنْ مَسَّ الطِّيبَ بِيَدِهِ افْتَدَى لَصِقَ بِهِ أَمْ لَا لِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا شَيْءَ فِيمَا لَصِقَ بِهِ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ لِعُمُومِ إِصَابَةِ النَّاسِ وَلَا تُخَلَّقُ الْكَعْبَةُ أَيَّامَ الْحَجِّ وَيُقَامُ الْعَطَّارُونَ مِنْ بَيْنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيَّامَ الْحَجِّ وَيُكْرَهُ الْغُسْلُ بِالْأُشْنَانِ الْمُطَيَّبِ بِالرَّيْحَانِ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُطَيَّبًا بِالطِّيبِ فَيَفْتَدِي قَالَ سَنَدٌ الطِّيبُ مُؤَنَّثٌ كَالْمِسْكِ وَالْوَرْسِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَمُذَكَّرٌ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا يُوضَعُ فِي الدُّهْنِ كَالْوَرْدِ وَإِلَى مَا لَا يوضع كالريحان والمردوش وَالْكل يخْتَلف فِيهِ فَعِنْدَ مَالك وح لَا فِدْيَةَ وَعِنْدَ ش الْفِدْيَةُ لِأَنَّ جَابِرًا سُئِلَ أَيَشُمُّ الْمُحْرِمُ الرَّيْحَانَ فَقَالَ لَا لَنَا أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه سُئِلَ عَنِ الْمُحْرِمِ أَيَدْخُلُ الْبُسْتَانَ قَالَ نَعَمْ وَيَشُمُّ الرَّيْحَانَ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْعُصْفُرِ وَالتُّفَّاحِ وَالْفَوَاكِهِ وَأَمَّا الْحَشَائِشُ كَالزَّنْجَبِيلِ وَالشِّيحِ وَالْإِذْخِرِ وَنَحْوِهِ فَلَا فِدْيَةَ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَهُوَ كَالتُّفَّاحِ وَالْأُتْرُجِّ وَلَا فَرْقَ فِي الْفِدْيَةِ بَيْنَ عُضْوٍ أَوْ دُونَهُ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا بُدَّ مِنْ عُضْوٍ كَامِلٍ كَالرَّأْسِ وَالْفَخِذِ وَالشَّارِبِ لِأَنَّهُ الْمَعْدُود تطبيا عَادَةً وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ

ص: 311

لِلْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ شُرْبُ مَا فِيهِ كَافُورٌ لِلتَّرَفِ فَإِنْ شَرِبَ الْمُحْرِمُ دَوَاءً فِيهِ طِيبٌ وَأَكَلَ طَعَامًا فِيهِ طِيبٌ افْتَدَى وَإِنْ كَانَ طَعَامًا مَسَّتْهُ النَّارُ قَالَ سَنَدٌ أَمَّا السَّرَفُ فِي الْكَافُورِ فِي الْمَاءِ فَمَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ عَلَى الثَّمَنِ وَإِلَّا فَتَطْيِيبُ الْمَاءِ مِنْ أَغْرَاضِ الْعُقَلَاءِ وَقد كَانَ المَاء يستعذب لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - مِنْ بُيُوتِ السُّقْيَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الطَّبْخَ يُبْطِلُ حُكْمَ الطِّيبِ وَإِن بقيت رائيحته وَقَالَهُ ح وَاشْترط ابْن حبيب وش ذَهَابَ الرِّيحِ وَعَدَمَ عُلُوقِهِ بِالْيَدِ وَالْفَمِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي التَّعْلِيلِ فَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ لِأَنَّ النَّارَ غَيَّرَتْ فِعْلَ الطِّيبِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بِالطَّبْخِ خرج من كَوْنِهِ طِيبًا وَلَحِقَ بِالطَّعَامِ فَعَلَى قَوْلِ الْأَبْهَرِيِّ يُؤَثِّرُ الطَّبْخُ بِانْفِرَادِهِ وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي لَا بُد من عَلَيْهِ الِامْتِزَاج وَأَمَّا إِذَا خُلِطَ بِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ فَإِنِ اسْتُهْلِكَ فَلَا أَثَرَ لَهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَهْلَكْ فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ ح وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا حَمَلَ قَرُورَةَ مِسْكٍ مَشْدُودَةَ الرَّأْسِ فَلَا فِدْيَةَ وَيُوجِبُ الطِّيبُ الْفِدْيَةَ عَمْدًا وَسَهْوًا وَجَهْلًا وَاضْطِرَارًا وَمَنْ طَيَّبَ نَائِمًا فليزله إِذا انتبه فَإِن خرج افْتَدَى وَعَلَى فَاعِلِهِ بِهِ الْفِدْيَةُ بِالنُّسُكِ أَوِ الطَّعَامِ دُونَ الصِّيَامِ لِتَعَذُّرِ النِّيَابَةِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا افْتَدَى الْمُحْرِمُ وَرَجَعَ عَلَى الْفَاعِلِ إِذا أيسر بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنِ النُّسُكِ وَإِنْ صَامَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ النَّوْعُ السَّادِسُ قَصُّ الْأَظْفَارِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَلَّمَ ظُفُرُهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ قَلَّمَ لَهُ بِأَمْرِهِ افْتَدَى فَإِنْ فُعِلَ بِهِ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ مِنْ حَلَالٍ أَوْ مِنْ حَرَامٍ وَإِنْ قَلَّمَ ظُفُرًا وَاحِدًا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى افْتَدَى وَإِنْ لَمْ يُمِطْ عَنْهُ بِهِ أَذًى أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ وَإِنِ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ فَقَلَّمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِغَلَبَةِ ذَلِكَ فِي الْأَسْفَارِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ مَرْيَمَ قَالَ انْكَسَرَ ظُفُرِي وَأَنَا

ص: 312

محرم فَتعلق آذَانِي فَذَهَبْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ اقْطَعْهُ {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} الْبَقَرَة 185 وَإِذَا تَوَقَّفَتْ مُدَوَاتُهُ عَلَى قصّ أَظْفَاره قصها وَافْتَدَى كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ لِلْأَذَى وَإِذَا قَلَّمَ أَظْفَارَ حَلَالٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ سَاكِتٌ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ وَلَا إِكْرَاهٍ أَوْ حَلَقَ شَعْرَهُ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَاضٍ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ حَجَرًا وَهُوَ سَاكِتٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ رَاضٍ بِشَهَادَةِ الْعُرْفِ بِخِلَافِ الثَّانِي وَالَّذِي انْكَسَرَ ظُفُرُهُ إِنْ قَصَّهُ جَمِيعَهُ ضَمِنَهُ كَمَنْ أَزَالَ بَعْضَ ظُفُرِهِ افْتَدَى وَأوجب ح فِي اظفر الْهَدْيَ وَمَنَعَ التَّخَيُّرَ وَلَا خِلَافَ فِي تَكْمِيلِ الْكَفَّارَةِ فِي جَمِيعِ الْأَظْفَارِ أَوْ فِي أَصَابِعِ عُضْوٍ وَقَالَ مَالِكٌ فِي ظُفُرَيْنِ الْفِدْيَةُ وَأَوْجَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الظُّفُرِ الْوَاحِدِ الْفِدْيَةَ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الظُّفُرِ الْوَاحِدِ إِلَّا أَنْ يُمِيطَ بِهِ أَذًى وَقَالَ أَشْهَبُ يُطْعِمُ شَيْئًا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُطْعِمُ مِسْكِينًا وَقَالَ ح لَا يَجِبُ كَمَالُ الْفِدْيَةِ إِلَّا فِي خَمْسَةِ أَظْفَارٍ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَأَوْجَبَهَا ش فِي ثَلَاثَةٍ فَمَا دُونَ ذَلِكَ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا لَنَا أَنَّهُ أَمَاطَ الْأَذَى فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِحَلْقِ بَعْضِ الرَّأْسِ قَالَ وَيَنْبَغِي إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْسِكَ أَنْ يُجْزِئَهُ لِأَنَّهُ كَمَالُ الْفِدْيَةِ أَوْ صَامَ يَوْمًا أَنْ يُجْزِئَهُ وَإِنْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُطْعِمَهُ مُدَّيْنِ لِأَنَّهُ الْإِطْعَامُ فِي بَابِ الْفِدْيَةِ وَإِذَا وَجَبَ الْإِطْعَامُ لِظُفُرٍ فَأَطْعَمَ ثُمَّ قَلَّمَ آخَرَ أَطْعَمَ أَيْضًا وَلَا يُكْمِلُ الْكَفَّارَةَ بِخِلَافِ قَصِّهَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى قَدِ اسْتَقَرَّتْ قَبْلَ الثَّانِيَةِ النَّوْعُ السَّابِعُ قَتْلُ الْقُمَّلِ وَفِي الْكِتَابِ فِي الْقَمْلَةِ وَالْقَمْلَتَيْنِ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَفِي الْكَثِيرِ الْفِدْيَةُ النَّوْعُ الثَّامِنُ قتل الصَّيْد ولتحريمه سببان وَالْإِحْرَام وَالْحَرَمُ السَّبَبُ الْأَوَّلُ الْإِحْرَامُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ

ص: 313

كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} الْمَائِدَة 95 وَالْحُرُمُ جَمْعُ مُحْرِمٍ وَالْمُحْرِمُ مَنْ دَخَلَ فِي الْحَرَمِ وَفِي الْحُرُمَاتِ كَقَوْلِنَا أَصْبَحَ وَأَمْسَى وَأَنْجَدَ وَأَتْهَمَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّبَاحِ أَوِ الْمسَاء أَو نجد أَو تهَامَة فتناولت الْآيَةُ السَّبَبَيْنِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ

(قَتَلُوا ابْنَ عَفَّانَ الْخَلِيفَةَ مُحْرِمًا

فَدَعَا فَلَمْ أَرَى مِثْلَهُ مَظْلُومًا)

أَيْ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَفِي الشَّهْرِ الْحَرَام وَهُوَ ذُو الْحجَّة وَيَتَرَتَّب الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى غَلَبَةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَيَكُونُ الْإِحْرَامُ وَالْحَرُمُ سَبَبَيْنِ ويتمهد ويتبين الْفِقْه بَيَان حَقِيقَةِ الصَّيْدِ الْمَعْصُومِ وَالْأَفْعَالِ الْمُوجِبَةِ لِلضَّمَانِ وَجَوَازِ الْأَكْلِ مَنْ لَحْمِهِ وَالْجَزَاءِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الضَّمَانِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَةِ الصَّيْد الْمَعْصُوم وَفِي الْجَوَاهِر الصَّيْد إِمَّا يحري فَيُبَاحُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} الْمَائِدَة 99 وَسَيَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلٌ وَإِمَّا بَرِّيٌّ فَيحرم إِتْلَافه جَمِيعه أما أكل لَحْمه وَمَا لم يُوكل كَانَ مُتَأَنِّسًا أَوْ مُتَوَحِّشًا مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِأَجْزَائِهِ وَبَيْضِهِ وَيَلْزَمُ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ وَبِتَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ سَلَامَتُهُ إِلَّا مَا فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الصِّحَاحِ خَمْسَةٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَوَاسِقُ يقتلن فِي الْحل وَالْحرَام الْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ

فَائِدَةٌ الْفِسْقُ فِي اللُّغَةِ الْخُرُوجُ وَمِنْهُ فَسَقَتِ النَّوَاةُ عَنِ الثَّمَرَةِ أَيْ خَرَجَتْ عَنْهَا وَسُمِّيَ الْعَاصِي فَاسِقًا لِخُرُوجِهِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَهَذِهِ الْخَمْسُ سُمِّينَ فَوَاسَقَ لِخُرُوجِهِنَّ عَنِ الْحَيَوَانَاتِ فِي الْأَذَى قَالَ وَالْمَشْهُورُ قَتْلُ الْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَإِنْ لَمْ يُبْدِيَا الْأَذَى وَرُوِيَ الْمَنْعُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ آذَتْ قُتِلَتْ وَإِلَّا فَلَا تُقْتَلُ وَإِنْ

ص: 314

قُتِلَتْ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَتلهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَدَاهَمَا وَالْمَشْهُورُ حَمْلُ الْكَلْبِ عَلَى الْمُتَوَحِّشِ فَيَنْدَرِجُ فِيهِ الْأَسَدُ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ الْإِنْسِيُّ الْمُتَّخَذُ وَفِي الطَّرَّازِ الْحَيَوَانُ الْمُتَوَحِّشُ فِي حق الْمحرم ثَلَاث أَقْسَامٍ مُبَاحُ الْقَتْلِ وَهُوَ مَا كَانَ ضَرَرًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَنَحْوهَا ومحرم الْقَتْل وَهُوَ مَا ْيَبْلُغْ الضَّرَرَ كَصِغَارِ أَوْلَادِ السَّبُعِ وَقَالَ ش كل مَا لَا يَأْكُل لَحْمه يجوز للْمحرمِ قَتله إِلَّا مَا لم يبلغ الضَّرَر كصغار أَوْلَاد السبَاع وَقَالَ ش كل مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ إِلَّا مَا تولد من نَوْعَيْنِ نَحْو السَّبع والبزاة الْمُتَوَلد بَيْنَ الْمَعْزِ الْوَحْشِيَّةِ وَالْأَهْلِيَّةِ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ وَقَالَ ح كُلُّ مَا عَدَا الْخَمْسِ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ فِيهِ الْجَزَاء إِلَّا الذِّئْب فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - سُئِلَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ خَمْسٌ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا لنا على الْفَرِيقَيْنِ تنبيهه صلى الله عليه وسلم َ - بقوله وَالْكَلب الْعَقُور نبه بالعقر عَلَى صِفَةِ الْأَذَى الْمَوْجُودِ فِي السِّبَاعِ بَلْ هُوَ فِيهَا أَشَدُّ وَفِي أَبِي دَاوُدَ الْكَلْبُ الْعَقُور والسبع العادي وَقد دَعَا إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم َ - على عتيبة ابْن أَبِي لَهَبٍ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ فَافْتَرَسَهُ الْأَسَدُ وَلِأَنَّ الْكَلْبَ الْمَعْرُوفَ لَا تعلق لَهُ بِالْإِحْرَامِ منعا موا إِبَاحَةً وَلَوْ قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ وَلَيْسَ بِعَقُورٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَتَلَ حِمَارَهُ فَدَلَّ ذَلِك على أَن المُرَاد التنبه عَلَى صِفَةِ الْعَقْرِ الْمَوْجُودَةِ فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّ ذكر هَذِه خَمْسَة كذكره صلى الله عليه وسلم َ - الْأَنْوَاعَ السِّتَّةَ فِي حَدِيثِ الرِّبَا وَالْعُيُوبَ الْأَرْبَعَةَ فِي الضَّحَايَا فَيَطَّرِدُ الْحُكْمُ فِي مَعَانِيهَا وَيَنْعَكِسُ بِدُونِهَا كَمَا فِي ذَيْنك المواطنين تَفْرِيعَاتٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ سِبَاعِ الْوَحْشِ

ص: 315

الَّتِي تَعْدُو وَتَفْتَرِسُ وَإِنْ لَمْ تَبْتَدِئْ شَيْءٌ وَلَا يَقْتُلُ صِغَارَ أَوْلَادِهَا الَّتِي لَا تَعْدُو قَالَه ح خِلَافًا لِ ش وَيُكْرَهُ لَهُ قَتْلُ الْهِرِّ الْوَحْشِيِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضُّبُعِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَهَا إِلَّا أَن يفتدياه وَيُكْرَهُ قَتْلُ سِبَاعِ الطَّيْرِ وَغَيْرِ سِبَاعِهَا وَعَلَيْهِ الْجَزَاء إِلَّا أَن تعدوا وَيَجُوزُ صَيْدُ الْبَحْرِ وَالْأَنْهَارِ وَالْبِرَكِ وَعَلَيْهِ فِي طَيْرِ الْمَاءِ الْجَزَاءُ وَفِي الطَّرَّازِ قَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِ فِي صِغَارِ الْأُسُودِ وَنَحْوِهَا الْجَزَاءُ وَلِمَالِكٍ فِي قَتْلِ الذِّئْبِ رِوَايَتَانِ لِأَنَّهُ أَضَرُّ مِنَ الثَّعْلَبِ وَقَتْلُهُ حَسَنٌ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ وَعَنْهُ فِي الْقِرْدِ وَالْخِنْزِيرِ رِوَايَتَانِ وَتَرَدَّدَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي خِنْزِيرِ الْمَاءِ قَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الدُّبِّ الْجَزَاء وَمنع مَالك قتل الْمحرم الوزغ من إِبَاحَةِ قَتْلِهَا فِي الْحَرَمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِحْرَامَ سَرِيعُ الزَّوَالِ وَلَوْ لَمْ تُقْتَلْ فِي الْحَرَمِ لَكَثُرَتْ فَإِنْ قَتَلَهَا تَصَدَّقَ بِمِثْلِ مَا تَصَدَّقَ فِي شَحْمَةِ الْأَرْضِ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالْأَصْحَابُ وَالْأَئِمَّةُ عَلَى قَتْلِ الْفَأْرِ وَيُلْحَقُ بِهِ ابْنُ عِرْسٍ وَمَا يَقْرِضُ الْأَثْوَابَ مِنَ الدَّوَابِّ وَيُلْحَقُ بِالْعَقْرَبِ الزُّنْبُورُ وَالرُّتَيْلَاءُ وَيُقْتُلُ صِغَارُ الْفَأْرَةِ وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَإِن لم يوذين بِخِلَاف الأشبال وَالْفرق من جهين أَنَّهُنَّ يُؤْذِينَ بِخِلَافِ الْأَشْبَالِ وَتَصْدُقُ اسْمُ كِبَارِهَا عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالسَّبُعِ الضَّارِي الْوَارِدِ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ صِغَارُ الْغِرْبَانِ لَا تُقْتَلُ فَإِنْ فَعَلَ وَدَاهَا عِنْدَ أَصْبَغَ وَأَوْجَبَ اصبغ الْجَزَاء فِي الضبع والثلعب وَالْهِرِّ وَإِنْ عَدَتْ وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي سِبَاعِ الطَّيْرِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الصِّيَالَ يُسْقِطُ حُرْمَةَ الْإِنْسَانِ فَأَوْلَى غَيْرَهُ مِنَ الْحَيَوَان وَأما الصَّيْد فَمَا اخْتُلِفَ فِي احْتِيَاجِهِ إِلَى الذَّكَاةِ يُخْتَلَفُ فِي دِيَته الرومية الثَّانِي فِي الْكِتَابِ كَرِهَ مَالِكٌ ذَبْحَ الْمُحْرِمِ الْحمام الوحشي وَغير الوحشي وَالْحمام الرَّمْي الَّتِي لَا تَطِيرُ لِأَنَّ أَصْلَهَا يَطِيرُ وَيُصَادُ وَأَجَازَ ذَبْحَ الْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ لِأَنَّهَا لَا تَطِيرُ حَتَّى تُصَادَ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ فِي الْحمام

ص: 316

الْمُتَّخَذِ فِي الْبُيُوتِ جَزَاءٌ كَالدَّجَاجِ وَقَالَ أَصْبَغُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ كَالصَّيْدِ إِذَا تَأَنَّسَ وَأَمَّا حَمَامُ الْأَبْرِجَةِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الصَّيْدِ قَالَ وَلَا يَذْبَحُ فِرَاخَهَا مُحْرِمٌ وَلَا يَأْكُلُ مَا ذُبِحَ لَهُ وكل مَا صيد واستأنس مِنَ الْإِوَزِّ وَالْحَجَلِ وَالْقِطِّ وَنَحْوِهِ فَلَا يَحِلُّ لِمُحْرِمٍ ذَبْحُهُ وَمَا يَتَنَاسَلُ فِي الْبُيُوتِ وَلَيْسَ لَهُ نَهْضَةُ الطَّيَرَانِ مِنَ الْبَطِّ وَالْإِوَزِّ وَنَحْوِهِ فَلهُ ذبحه كالدجاج وَمَا نَهَضَ للطيران لم يذبح كَالْحَمَامِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الذُّبَابِ يَكْثُرُ حَتَّى يَطَأَ عَلَيْهِ فَلْيُطْعِمْ مِسْكِينًا أَوْ مِسْكِينَيْنِ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُطْعِمُ لِأَنَّهُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِإِتْلَافِهِ وَيُمْنَعُ مِنْ لَبَنِ الصَّيْدِ كَمَا يمْنَع من بيضه فَإِن وجد مَحْلُوبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَلَحْمِ الصَّيْدِ وَقَالَ ح إِن حلبه فتقص ضَمِنَ مَا نَقَصَ وَقَالَ ش يَضْمَنُ اللَّبَنَ بِقِيمَتِهِ كَالْبَيْضِ وَلَا يَضْمَنُ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ من أَجزَاء الصَّيْد وَلَا يكون مِنْهُ صيد وَالْأَصْل براة الذِّمَّة وَفِي الْكتاب إِذا فسد وَكْرَ طَائِرٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَيْضٌ أَوْ فِرَاخٌ فَعَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ لِتَعْرِيضِهِمَا لِلْهَلَاكِ وَإِنْ طَرَحَ جَنِينَ صَيْدٍ مَيِّتٍ وَسَلِمَتْ أُمُّهُ فَعَلَيْهِ عُشْرُ قِيمَتِهَا فَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهَا أَيْضًا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مُوجِبِ الضَّمَانِ قَاعِدَةٌ أَسْبَابُ الضَّمَان فِي الشَّرِيعَة ثَلَاث الْإِتْلَافُ أَوِ التَّسَبُّبُ لِلْإِتْلَافِ أَوْ وَضْعُ الْيَدِ الَّتِي لَيست مُؤمنَة كيد الغاضب وَالْمُشْتَرِي فِي الْخِيَارِ وَإِذَا اجْتَمَعَ التَّسَبُّبُ وَالْمُبَاشَرَةُ غَلَبَتِ الْمُبَاشَرَةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْمُورَةً كَقَتْلِ الْمُكْرَهِ وَتَقْدِيمِ السُّمِّ لِإِنْسَانٍ فَأَكَلَهُ وَإِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى السَّبَبِ مُسَبَّبُهُ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَعَلَى هَذ الْقَاعِدَةِ تَخْرُجُ فَرُوعُ هَذَا الْفَصْلِ وَالْجِنَايَاتُ وَالضَّمَانَاتُ تَفْرِيعَاتٌ سَبْعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا شَيْءَ فِي الصَّيْد إِذا جرح وَسلم وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ زَمِنَ وَلَمْ يَلْحَقْ بِالصَّيْدِ فَفِي الْجلاب عَلَيْهِ

ص: 317

جَزَاؤُهُ وَقَالَهُ ح وش فَلَوْ رَمَى عَلَى شَيْئَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الضَّمَانَ رَتَّبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْقَتْلِ وَقَدْ سَمَّاهُ كَفَّارَةً وَالْكَفَّارَةُ لَا تَتَبَعَّضُ عَلَى أَجْزَاءِ الْمُكَفَّرِ عَنهُ قَالَ سَنَد وَقَالَ اشهب وش عَلَيْهِ مَا نَقَصَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجِرَاحَاتِ وَالْجَوَابِرَ تَتَبَعَّضُ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَفَّارَةٌ لِوُجُوبِ كَفَارَّاتٍ عِدَّةٍ عَلَى قَتَلَةِ صَيْدٍ وَاحِدٍ كَالشُّرَكَاءِ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ قَالَ وَعَلَى هَذَا يخرج إِذا من قطع عضوا من أَعْضَائِهِ وسلمت بَقِيَّته قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقِيلَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ النَّقْصِ وَإِذَا قُلْنَا يَضْمَنُ مَا نقص فَفِي غير الْهَدْي لتعذر تبغيض الْهَدْيِ بَلْ يَضْمَنُ طَعَامًا أَوْ صِيَامًا وَقَالَ ش إِن نقص قيمتهعشر قيمتة شَاةٍ وَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ فِي تَقْوِيمِ الْمِثْلِ مِنَ النَّعَمِ لِمَزِيدِ الْإِطْعَامِ وَعِنْدَنَا يَقُومُ الصَّيْدُ نَفْسُهُ وَإِنْ بَرِئَ مِنْ غَيْرِ شَيْنٍ فَعَلَى رَأْيِ ابْنِ حَبِيبٍ يُطْعِمُ لِأَنَّهُ قَالَ يُطْعِمُ إِذا نتف ريش طَائِر أَو مسكه حَتَّى تنسل وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الطَّائِرِ إِذَا نَتَفَ ريشه بحبسه حَتَّى ينسل يحبس الصَّيْد هَا هُنَا إِذَا كَانَ الْجُرْحُ مَخُوفًا وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ الصَّيْدِ الْمَمْنُوعِ لِأَنَّ هَذَا إِمْسَاكُ حِفْظٍ لَا إِمْسَاكُ تَمَلُّكٍ وَإِنْ أَرْسَلَهُ وَالْجُرْحُ عَظِيمٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَلَمْ يُحَدِّدِ الْجُرْحَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ يَتَيَقَّنُ مَوْتَهُ ضمن وَإِذا قُلْنَا بالجزاء فليؤخره لَيْلًا يُكَفِّرَ قَبْلَ فَوْتِ الصَّيْدِ فَإِنْ كَفَّرَ ثُمَّ عطب الصَّيْد فَعَلَيهِ جزآن قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّ عَطَبَهُ مِنْ غَيْرِ الْجِرَاحَةِ فَإِنْ شَكَّ أَضَافَهُ لِلْجِرَاحَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سَبَبٍ آخَرَ فَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ الْجِرَاحَةِ أَخَّرَ قَالَ أَشْهَبُ الْجَزَاءُ عَلَيْهِمَا قَالَ مُحَمَّد إِن كَانَ فَوْرٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْإِنْسَانِ يُجْهِزُ عَلَيْهِ غَيْرُ مَنْ جَرَحَهُ لِأَنَّ الصَّيْدَ لَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ الثَّانِي لَزِمَ الْأَوَّلَ الْجَزَاءُ فَلَوْ حَبَسَهُ لِيَبْرَأَ فَحَلَّ قَبْلَ بُرْئِهِ فَعَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ لَا يَضْمَنُهُ وَلَوْ ذَبَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْمَنُهُ إِنْ خَافَ هَلَاكَهُ وَلَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ مِنْ فَوْرِهِ أَوْ قَبْلَ الْأَمَانِ مِنَ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ فَجَزَاءٌ وَاحِدٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِن برِئ من الأول فجزآن الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا تَعَلَّقَ بِأَطْنَابِ فُسْطَاطِهِ صَيْدٌ فَعَطِبَ أَوْ حَفَرَ

ص: 318

بِئْرًا لِلْمَاءِ فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ فَعَطِبَ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الصَّيْدِ وَفِي الْجُلَّابِ عَنِ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِي الْفُسْطَاطِ كَمَا لَوْ جَازَ الطَّائِرُ عَلَى رُمْحِهِ الْمَرْكُوزِ فَعَطِبَ وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا لَا يَضْمَنُ دِيَةَ الْآدَمِيِّ فَلَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ وَإِذا أَخذ الْمحرم بيضًا فحصنه حَتَّى خَرَجَ فِرَاخًا وَطَارَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ جَعَلَهُ مَعَ بَيْضِ وَحْشٍ فَنَفَرَ الْوَحْشُ وَفَسَدَ الْجَمِيعُ ضَمِنَ الْجَمِيعَ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَأَى الصَّيْدُ مُحْرِمًا فَهَرَبَ مِنْهُ وَفَزِعَ وَمَاتَ فِي هَرَبِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِأَنَّ رُؤْيَتَهُ مُكْرِهَةٌ لَهُ عَلَى الْهَرَبِ بِخِلَافِ حَفْرِ الْبِئْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ نَصَبَ شَرَكًا لِيَصِيدَ بِهِ مَا يَفْتَرِسُ غَنَمُهُ فَعَطِبَ فِيهِ صَيْدٌ ضِمَنَهُ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا لِلسَّارِقِ فَعَطِبَ فِيهَا غَيْرُ السَّارِقِ وَدَاهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَطَبَ مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَمَرَ الْمُحْرِمُ عَبْدَهُ بِإِرْسَالِ صَيْدٍ كَانَ مَعَهُ فَظَنَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَبْحِهِ فَذَبَحَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى السَّيِّدِ جَزَاؤُهُ لِأَنَّهُ عَطِبَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ أَمَرَهُ فَأَطَاعَهُ فِي الذَّبْحِ فَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا الْجَزَاءُ وَإِنْ دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ فَلْيَسْتَغْفِرِ الدَّالُّ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَشَارَ إِلَيْهِ أَوْ أَمَرَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ عَبْدَهُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَعَلَى الْعَبْدِ جَزَاءٌ آخَرُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح عَلَى الدَّالِّ جَزَاءٌ وَعَلَى الْمَدْلُولِ آخَرُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِلَّا فَعَلَى الدَّالِّ فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ عَلَيْهِمَا جَزَاءٌ وَاحِدٌ إِنْ كَانَا محرمين أَو على الْمحرم مِنْهُمَا قَالَ ابْن يُونُس وَقَالَ أَشهب إِن كَانَا محرمين فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا جَزَاءٌ لِأَنَّهُ أَمَرَ أَمْرًا مُحَرَّمًا وَالْمَدْلُولُ حَلَالًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الدَّالِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرِ الْمُحْرِمَ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ الْفِدْيَةُ وَإِنْ كَانَ الْمَدْلُولُ حَلَالًا وَإِذَا قُلْنَا لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِمَا فِي

ص: 319

الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيث أبي قَتَادَة قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ وَأَشَارَ إِلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ دَلَّ عَلَى صَيْدٍ عَصَى وَلَا جَزَاء عَلَيْهِ وَقيل عَلَيْهِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِدَلَالَةِ الْمُحْرِمِ دُونَ الْحَلَالِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ وَإِذَا اجْتَمَعَ محرومون عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ أَوْ مَخْلُوقٌ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ أَوْ مُحِلٌّ وَحَرَامٌ فَقَتَلَا فِي الْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ كَامِلٌ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش عَلَى الْجَمِيعِ جَزَاءٌ وَاحِد وَالْخلاف بنبني عَلَى أَنَّهُ كَفَّارَةٌ أَوْ قِيمَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَإِذَا جَرَحَ مُحْرِمٌ صَيْدًا فَغَابَ عَنْهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا جَرَحَ مُحْرِمٌ صَيْدًا فَغَابَ عَنْهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ قَالَ سَنَدٌ يُرِيدُ أَنَّ مَالِكًا أَوْجَبَ الْجَزَاءَ بِمُجَرَّدِ الْجُرْحِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَارِحٌ قَالَ وَإِذَا أَمْسَكَ مُحْرِمٌ صَيْدَ الْبَرِّ لِمِثْلِهِ فَقَتَلَهُ حَرَامٌ فَعَلَى الْقَاتِلِ جَزَاؤُهُ أَوْ حَلَالٌ فَعَلَى الْمُمْسِكِ جَزَاؤُهُ وَإِنْ أَمْسَكَهُ لِمَنْ يَقْتُلُهُ فَقتله محرم فعلَيْهِمَا جزآن أَوْ حَلَالٌ فَعَلَى الْمُحْرِمِ جَزَاؤُهُ وَحْدَهُ قَالَ سَنَدٌ إِنْ أَرَادَ إِرْسَالَهُ فَقَتَلَهُ حَلَالٌ وَكَانَ مِلْكُ الْمُحْرِمِ عَلَى الصَّيْدِ مُتَقَدِّمًا فَيُخْتَلَفُ فِي ضَمَانِهِ لِرَبِّهِ بِقِيمَتِهِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ أَحْرَمَ وَبِيَدِهِ صَيْدٌ فَأَرْسَلَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ الْإِحْرَامَ هَلْ يُزِيلُ الْمِلْكَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ لَا يُزِيلُ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِرْسَالُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَبْهَرِيِّ وَيَتَخَرَّجُ الْقَتْلُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَلَوْ أَمْسَكُهُ وَلَمْ يُرِدْ إِرْسَالَهُ وَلَا قَتْلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ دُونَ الْمَاسِكِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ

ص: 320

إِتْلَافَهُ وَجَعَلَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْجَزَاءَ عَلَيْهِمَا وَهُوَ بَاطِلٌ كَمَنْ أَمْسَكَ إِنْسَانًا بِقَصْدِ الْقَتْلِ فَقَتَلَهُ آخَرُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُمْسِكِ إِجْمَاعًا وَأَمَّا لَوْ قَتَلَهُ حَلَالٌ فَالْجَزَاءُ عَلَى رَبِّهِ لِأَنَّهُ بِإِمْسَاكِهِ قُتِلَ وَالْآخِرُ مَأْذُونٌ لَهُ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ مَا صَادَهُ فِي إِحْرَامِهِ أَرْسَلَهُ فَإِنْ أَرْسَلَهُ آخَرُ مَنْ يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ نَازَعَهُ مُحْرِمٌ فَقَتَلَاهُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجَزَاءُ وَإِنْ نَازَعَهُ حَلَالٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ وَلَا يَضْمَنُ لَهُ هُوَ شَيْئًا قَالَ سَنَدٌ وَكَمَا يَحْرُمُ الِاصْطِيَادُ يَحْرُمُ ابْتِيَاعُهُ بِحَضْرَتِهِ وَقَبُولُ هِبَتِهِ فَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا أَهْدَى لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - حمَار وَحش وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ قَالَ الرَّجُلُ فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِي قَالَ إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ فَإِنِ ابْتَاعَهُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَيْضًا يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَلْزَمُهُ الْقَبُولُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يَفُتْ جَزَاءُ الْبَيْعِ قَبْلُ حَرَامٌ فَلَوِ ابْتَاعَهُ بِالْخِيَارِ وَهُمَا حَلَالَانِ ثُمَّ أَحْرَمَا فَإِنِ اخْتَارَ الْمُبْتَاعُ الْبَيْعَ غَرِمَ الثَّمَنَ وَأَطْلَقَ الصَّيْدَ وَإِنْ رَدَّهُ فَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَوْ تَأَخَّرَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ أَحْرَمَ الْبَائِعُ وَفَلِسَ الْمُبْتَاعُ فَلَهُ أَخْذُهُ وَإِرْسَالُهُ أَوْ يَتْبَعُ الْمُبْتَاعَ بِثَمَنِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَمَلُّكِ الصَّيْدِ وَهَذِهِ جِهَةٌ مِنْ جِهَاتِ التَّمَلُّكِ وَمَا قُلْنَاهُ أَبْيَنُ لِأَنَّهُ يَخْتَارُهُ مِنْ بَيْعِهِ الْمَاضِي وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَوِ ابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا بَعْدَهُ فَرَدَّهَا مَا لَمْ يَلْزَمِ الْبَائِعَ غَرِمَ الثَّمَنَ

ص: 321

مَعَ وُجُودِهِ وَلَهُ رَدُّهُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَيْب بِالصَّيْدِ بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ أَوْ تَحَصَّنَ بِهِ مَلَكَهُ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ قَالَ أَشْهَبُ وَإِذَا صَادَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَقَتَلَهُ فِي يَدِهِ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ وَيَغْرَمُ الْحَلَالُ قِيمَتَهُ لِلْمُحْرِمِ كَانَ الْقَاتِلُ حُرًّا أَوْ عبد اوصبيا أَوْ كَافِرًا غَيْرَ أَنَّ الْكَافِرَ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ قَالَ وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ أَثْبَتَ مِلْكَهُ عَلَيْهِ بِالِاصْطِيَادِ وَإِنَّمَا يَجِبُ إِرْسَالُهُ عَلَيْهِ لينجو الصَّيْد بِنَفسِهِ فَإِذا قَتله فَقَدْ أَبْطَلَ مِلْكَهُ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي وَجَبَ إِرْسَالُهُ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي تَضْمِينِ الْحَلَالِ الْقِيمَةَ وَلَوْ أَرْسَلَهُ الْمُحْرِمُ فَأَخَذَهُ حَلَالٌ فَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ أَخْذُهُ مِنْهُ بَعْدَ إِحْلَالِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ طَرَدَ صَيْدًا مِنَ الْحَرَمِ إِلَى الْحِلِّ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِتَعْرِيضِهِ لِلِاصْطِيَادِ وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فِي الْحَرَمِ مِنَ الْحِلِّ أَوْ مِنَ الْحِلِّ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ مِنَ الْحِلِّ وَأَدْرَكَتْهُ الرَّمْيَةُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَقَالَهُ ش وح نظرا لبداية الْفِعْل كالعقد فِي الْعدة والوطئ بعْدهَا ونهايته وَإِنْ أَرْسَلَ بَازَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ بِقُرْبِ الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ وَأَخْرَجَهُ مَعَهُ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِتَغْرِيرِهِ فَلَوْ كَانَ يَبْعُدُ مِنَ الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَا يُؤْكَلُ لِأَنَّ ذَكَاتَهُ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ لِعِصْمَةِ الصَّيْدِ بِالْحَرَمِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمَهُ بِقُرْبِ الْحَرَمِ فَأَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ فِي الْحِلِّ فَمَاتَ فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ يُؤْكَلُ لِنُفُوذِ الْمَقَاتِلِ فِي الْحِلِّ وَإِذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ فَأَنْشَلَا رجل آخر بانشلائه فعلَيْهِمَا جزاآن وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى ذِئْبٍ فِي الْحَرَمِ فَأَخَذَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِتَفْرِيطِهِ إِذْ ذَلِكَ مِنْ طَبْعِ الْجَارِحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا طَرَدَ الصَّيْدَ مِنَ الْحَرَمِ إِلَى الْحِلِّ إِنَّمَا يَضْمَنُهُ إِذَا كَانَ لَا يَنْجُو بِنَفْسِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا رَمَاهُ بِقُرْبِ الْحَرَمِ وَلَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ وَمَاتَ فِي الْحَرَمِ يُؤْكَلُ لِكَمَالِ الْفِعْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَالَ عَبْدُ

ص: 322

الْمَلِكِ لَهُ إِرْسَالُ كَلْبِهِ مِنَ الْحَرَمِ عَلَى مَا فِي الْحِلِّ وَيُؤْكَلُ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنَ الصَّيْدِ غَايَتُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ فِي الرَّجُلِ الْمُعِينِ بِأَشْلَائِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَصْلَ الِاصْطِيَادِ الْإِرْسَالُ وَالْحُكْمُ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بَعْدَهُ أَوْ سَمَّى لَمْ يُؤْكَلْ صَيْدُهُ قَالَ سَنَدٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا يَقْرُبُ مِنَ الْحَرَمِ هَلْ يُمْنَعُ الصَّيْدُ كَمَا يُمْنَعُ الْحُرُمُ احْتِيَاطًا لِأَنَّ تَحْدِيدَهُ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ رضي الله عنه فَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُمْنَعُ وَلَوْ قَتَلَ طَائِرًا فِي الْحَرَمِ وَلَهُ فِرَاخٌ فَمَاتُوا بِذَلِكَ ضَمِنَهَا فَإِنْ دَنَتْ إِلَى الْحِلِّ فَمَاتَتْ فِيهِ ضَمِنَهَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَبَسَ الطَّائِرَ فِي الْحَرَمِ وَلَهُ فِرَاخٌ فِي الْحِلِّ فَمَاتَتْ وَلَوْ نَقَلَ فِرَاخًا من الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ فَمَاتَتْ فِيهِ ضَمِنَهَا لِأَنَّهُ صَيْدٌ تَلِفَ فِي الْحَرَمِ بِسَبَبِهِ وَلَوْ كَانَ أَصْلُ شَجَرَةٍ فِي الْحَرَمِ وَلَهَا غُصْنٌ فِي الْحِلِّ جَازِ صَيْدُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّيْرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا فِي الْحِلِّ فَلَا يُصَادُ مَا عَلَيْهِ وَيَجُوزُ قَطْعُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُصَادُ مَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ وَبَعْضُهُ فِي الْحِلِّ فَفِيهِ الْجَزَاءُ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح إِنْ كَانَتْ قَوَائِمُهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ رَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ وَقَوَائِمُهُ فِي الْحِلِّ فَلَا وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي الْحِلِّ وَرَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَ لِأَنَّ النَّائِمَ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَى قَوَائِمِهِ بِخِلَافِ الْيَقْظَانِ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَادَ طَيْرًا فَنَتَفَهُ ثُمَّ حَبَسَهُ حَتَّى نَسَلَ فَطَارَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْجَزَاءُ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً قَوَاعِدُ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ سَوَاءٌ إِجْمَاعًا فِي الْمَفْهُومِ إِذَا خَرَجَ محرج الْغَالِبِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ إِجْمَاعًا الْأَصْلُ فِي الْكَفَّارَاتِ أَنْ لَا تَكُونَ إِلَّا مَعَ الْإِثْمِ كَمَا فِي الظِّهَارِ لِأَنَّ التَّكْفِيرَ فَرْعُ التَّأْثِيمِ وَقَدْ يُوجد بِدُونِهِ كَمَا فِي قَتْلِ الْخَطَأِ لِرَفْعِ التَّأْثِيمِ عَن الْمُخطئ للْحَدِيث الْمَشْهُور وَحنث الْيمن لأَمره

ص: 323

- صلى الله عليه وسلم َ - بِالْحِنْثِ إِذَا رَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا وَحَنِثَ مَعَه وَهُوَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يَفْعَلُ الْإِثْمَ وَلَا يَأْمُرُ بِهِ فَإِنْ جعلنَا الصَّيْدِ مِنْ بَابِ الْكَفَّارَاتِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} الْمَائِدَة 95 وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَنُجِيبُ عَنْ نَفْيِ الْإِثْمِ بِمَا تَقَدَّمَ وَعَنْ مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} الْمَائِدَة 95 فَإِنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ عَلَى الصَّيْدِ إِنَّمَا يُقْتَلُ مَعَ الْقَصْدِ وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِنْ بَابِ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ لَنَا وللعلماء سوينا بَين الْعمد وَالْخَطَأ بالقاعدة الإجمالية وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْجَزَاءُ فِي الْخَطَأِ دُونَ الْعَمْدِ لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ عِنْدَهُ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} الْمَائِدَة 95 فَلَوْ كَانَ ذَاكِرًا لِلْإِحْرَامِ لَوَجَبَتِ الْعُقُوبَةُ بِدُونِ الْعَوْدِ وَمَفْهُومُهُ إِذَا قُصِدَ مَعَ ذِكْرِهِ لِلْإِحْرَامِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَوْدِ أَيْ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكُفْرِ وَفِي الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا جَزَاءَ فِي الْخَطَأ لمَفْهُوم قَوْله تَعَالَى مُتَعَمدا التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ مَنْ قَتَلَ صُيُودًا فَعَلَيْهِ بعددها كَفَّارَات وَإِذا أصَاب الْمُعْتَمِر الصَّيْدِ قَبْلَ السَّعْيِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحِلَاقِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فَإِذَا قَتَلَ بَازًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ غَيْرَ مُعَلَّمٍ أَوْ قِيمَتُهُ لِصَاحِبِهِ مُعَلَّمًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكَرُّرِ الصَّيْد وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل إِن لم يُكَفِّرْ عَنِ الْأَوَّلِ لَنَا أَنَّ الْحُكْمَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ سَبَبِهِ الْعَاشِرُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَكُلُّ مَا لَزِمَهُ مِنْ جَزَاء صَيْده وَغَيْرِهِ فَعَلَى الْعَبْدِ وَلَيْسَ لَهُ إِخْرَاجُهُ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ بِإِذْنٍ حَتَّى يَكُونَ السَّيِّدُ أَذِنَ فِيهِ وَقَالَهُ ش فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ صَامَ وَلَا يمنعهُ الصَّوْم وَإِن أضربه إِلَّا أَن

ص: 324

يُهْدِيَ عَنْهُ أَوْ يُطْعِمَ أَوْ يَكُونَ تَسَبُّبُهُ فِي ذَلِكَ عَمْدًا فَلَهُ الْمَنْعُ إِنْ أَضَرَّ بِهِ وَإِنْ كَسَرَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ بَيْضَ طير وَحش فِي الْحرم وَلَيْسَ فِيهِ فرج أَوْ فِيهِ وَمَاتَ قَبْلَ الِاسْتِهْلَالِ فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَته الْأُمِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنِ اسْتَهَلَّ فَفِيهِ جَزَاء أمه كَامِلا كغرة الْآدَمِيَّة وَقَالَ ش إِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَةُ الْبَيْضَةِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - قَضَى فِي بَيْضِ النَّعَامِ بِقِيمَتِهِ وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْضِ الصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ وَخَالَفَ الْمُزَنِيُّ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ بِصَيْدٍ وَإِنْ أَصَابَ الْمُحْرِمُ بَيْضَةً مِنْ حَمَامٍ بِمَكَّةَ أَوْ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ عُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ وَفِي أُمِّهِ شَاةٌ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح إِنَّمَا فِيهِ قِيمَةُ أُمِّهِ لِأَنَّهُ مَذْهَبُهُ فِي جَمِيعِ الصَّيْدِ لَنَا أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ تَكْثُرُ مُلَابَسَةُ النَّاسِ لَهُ فيغلظ فِيهِ حفظا لَهُ وَهُوَ يشبه الشَّاةِ لِأَنَّهُ يَعِفُّ كَمَا تَعِفُّ الشَّاةُ وَإِذَا كَسَرَ الْمُحْرِمُ بَيْضَ النَّعَامِ أَوْ سَوَّاهُ لَمْ يَأْكُلْهُ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَمَارِيُّ مَكَّةَ وَيَمَامُهَا كَحَمَامِهَا وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْقَمَارِيِّ وَالْيَمَامِ حُكُومَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الشَّاةَ فِي حَمَامِ مَكَّةَ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَيْسَ فِيهِ صَدَقَةٌ وَلَا يُخَيَّرُ لِأَنَّ الشَّاةَ فِيهِ تَغْلِيظٌ وَفِي الْوَاضِحَةِ هَذِهِ الشَّاةُ لَا تُذْبَحُ إِلَّا بِمَكَّةَ كَهَدْيِ الْجَزَاءِ قَالَ وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ يَجُوزُ صَيْدُ حَمَامِ مَكَّةَ فِي الْحِلِّ لِلْحَلَالِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا أَصَابَهُ فِي الْحِلِّ إِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَته وَإِن الشَّاةَ خَاصَّةٌ بِمَكَّةَ أَوْ بِالْحَرَمِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِنْ كَانَ فِي الْبَيْضَةِ فَرْخٌ فَمَا قَالَ مَالِكٌ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ طَعَامُ مِسْكِينٍ أَوْ صِيَام يَوْم

لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي كُلِّ بَيْضَةٍ صِيَامُ يَوْمٍ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْبَيْضَةِ صِيَامُ يَوْمٍ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَمَالِكٌ يَرَى أَنَّ

ص: 325

نُطْفَةَ الطَّيْرِ قَدِ انْعَقَدَتْ بَيْضَةً كَمَا يَنْعَقِدُ الْمَنِيُّ عَلَقَةً فَإِنْ كَانَتِ الْبَيْضَةُ مَذِرَةً فَيَنْبَغِي نَفْيُ الضَّمَانِ لِأَنَّهَا مَيِّتَةٌ كَالصَّيْدِ الْمَيِّتِ وَلَا قِيمَةَ إِلَّا لِبَيْضِ النَّعَامَةِ لِقِشْرِهَا وَيُوجِبُ مَالِكٌ فِي الْفَرْخِ يَسْتَهِلُّ مَا فِي الْكَبِيرِ وَفِي كُلِّ صَغِيرٍ مَا فِي كَبِيرِهِ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي الْكِتَابِ مَنْ أَحْرَمَ وَفِي بَيْتِهِ صَيْدٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ يَقُودُهُ أَوْ فِي قَفَصٍ مَعَهُ فَلْيُرْسِلْهُ ثُمَّ لَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يُحِلَّ وَإِنْ أَرْسَلَهُ مِنْ يَدِهِ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ لَمْ يَضْمَنْ لِزَوَالِ مِلْكِ رَبِّهِ بِالْإِحْرَامِ وَلَوْ حَبَسَهُ مَعَهُ حَتَّى حَلَّ أَوْ بَعَثَ بِهِ إِلَى بَيْتِهِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَهُوَ بِيَدِهِ ثُمَّ حَلَّ وَجَبَ إِرْسَالُهُ وَرَأَى بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ لَهُ إِمْسَاكَهُ وَلَا أَخْذَ بِهِ قَاعِدَةٌ الْمَوَانِعُ الشَّرْعِيَّةُ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ وَاسْتِمْرَارَهُ كَالرَّضَاعِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَيَقْطَعُهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ وَمَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ فَقَطْ كَالِاسْتِبْرَاءِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَلَا يَقْطَعُهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ وَمَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ يُلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي كَالطَّوْلِ يمْنَع نِكَاح الْأمة ابْتِدَاء فَإِن طَرَأَ عَلَيْهِ هَلْ يَقْطَعُهُ خِلَافٌ وَوِجْدَانُ الْمَاءِ مَعَ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ فَإِنْ طَرَأَ بَعْدَهُ خِلَافٌ وَالْإِحْرَامُ يَمْنَعُ مِنْ إِنْشَاءِ الْمِلْكِ فِي الصَّيْدِ وَهَلْ يُبْطِلُهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ خِلَافٌ فَعِنْدَ مَالك وَابْنِ حَنْبَلٍ لَا يُبْطِلُهُ وَعِنْدَ ش يَزُولُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} الْمَائِدَة 96 وَالْحَرَامُ لَا يُمْلَكُ لِأَنَّ الْمِلْكَ إِذْنٌ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالتَّحْرِيمُ مَنْعٌ وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ فَيَمْنَعُ دَوَامَهُ كَاللِّبَاسِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الصَّيْدَ مَصْدَرُ اسْمِ الْفِعْلِ تَقُولُ صَادَ يَصِيدُ صَيْدًا وَاصْطَادَ يَصْطَادُ اصْطِيَادًا الْمَعْنَى وَاحِدٌ فَيَكُونُ الْحَرَامُ هُوَ فِعْلَ الِاصْطِيَادِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجِبِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لَا تَعَاطٍ

ص: 326

فِعْلِيٍّ وَعَنِ الثَّانِي الْمُعَارَضَةُ بِالْقِيَاسِ عَلَى بَقَاءِ الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ فِي مِلْكِهِ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ كَوْنِهِ فِي يَدِهِ أَو فِي قفص مَعَه لِأَن الْيَد الْحِسْبَة أَقْوَى مِنَ الْيَدِ الْحُكْمِيَّةِ فَبِقُوَّتِهَا أَشْبَهَتِ الِاصْطِيَادَ بِوُجُوب إِزَالَة الْيَد الحسية قَالَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ قَالَ سَنَدٌ لَمْ يُفَصِّلِ الْمَذْهَبُ إِذَا كَانَ صَيْدًا فِي بَيْتِهِ إِنْ كَانَ بَيْتُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ خَلْفَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إِنْ كَانَ بَيْتُهُ مِنْ وَرَاءِ مَوْضِعِ إِحْرَامِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ مَرَّ بِبَيْتِهِ فَنَزَلَ فَعَلَيْهِ إِرْسَالُهُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مَنْ أَحْرَمَ وَعِنْدَهُ صَيْدٌ لَا بَأْسَ بِجَعْلِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجْعَلُهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَإِنْ أَحْرَمَ وَعِنْدَهُ صَيْدٌ لِغَيْرِهِ رَدَّهُ إِلَى رَبِّهِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ كَانَ رَبُّهُ مُحْرِمًا قَالَ ابْن حبيب يُرْسِلهُ ربه فَإِن كَانَ ربه غَائِبًا قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَهُ بَلْ يُودِعُهُ حَلَالًا إِنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا بَقِيَ فِي صُحْبَتِهِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ مَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ يَضْمَنُ الصَّيْدَ بِالْيَدِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ صَيْدًا وَدِيعَةً فَإِنْ فَعَلَ رَدَّهُ فَإِنْ غَابَ رَبُّهُ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يودعه عمده أَطْلَقَهُ وَضَمِنَهُ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ بِسَبَبِ وَصْفِهِ هُوَ فَهُوَ كَالْمُعْتَدِي وَلَوْ وَجَدَ رَبُّهُ حَرَامًا فَامْتَنَعَ مِنْ أَخْذِهِ أَرْسَلَهُ بِحَضْرَتِهِ وَلَا ضَمَانَ لِامْتِنَاعِ رَبِّهِ مِنْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ إِذَا طَرَحَ الْمُحْرِمُ عَنْ نَفْسِهِ الْحَلَمَةَ وَالْقُرَادَ وَالْحَمْنَانَ والبرغوث أَو الْعلقَة عَنْ دَابَّتِهِ أَوْ دَابَّةِ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِن طرح المنان أَوِ الْحَلَمَ أَوِ الْقُرَادَ عَنْ بَعِيرِهِ فَلْيُطْعِمْ لِأَنَّهَا مِنَ الدَّوَابِّ الَّتِي لَا تَعِيشُ إِلَّا فِي الدَّوَابِّ وَالْهَوَامُّ ضَرْبَانِ مَا لَا يَخْتَصُّ بِالْأَجْسَامِ كَالدُّودِ وَالنَّمْلِ فَلَا شَيْءَ فِي طَرْحِهِ لِإِمْكَانِ حَيَاتِهِ بَعْدَ الطَّرْحِ وَإِنْ قَتَلَهُ افْتَدَى وَمَا يَخْتَصُّ لَا يَجُوزُ طَرْحُهُ عَنِ الْجِسْمِ

ص: 327

الَّذِي شَأْنه أَن يكون فِيهِ لتعرضه لِلْهَلَاكِ وَالْحَلَمُ وَالْقُرَادُ لَا يَخْتَصُّ بِالْآدَمِيِّ وَالْبُرْغُوثُ يَنْشَأُ مِنَ التُّرَابِ وَالْحَلَمُ يُسَمَّى صَغِيرًا قَمْقَامًا فَإِن زَاد فحمنان فَإِن ولد فقراد فَإِن تناهى فحلم وَجوز ش وح تَقْرِيدَ الدَّابَّةِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ يُقَرِّدُ بَعِيرَهُ لَنَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَعُمُومُ آيَةِ الصَّيْدِ وَيُحْمَلُ فِعْلُهُ عَلَى الضَّرُورَةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْقُمَّلِ قَالَ وَإِنْ غَسَلَ رَأْسَهُ بِالْخِطْمَيِّ افْتَدَى وَلَهُ فِعْلُ ذَلِكَ إِذَا حَلَّ لَهُ الْحِلَاقُ وَهُوَ الْأُشْنَانُ وَقَالَهُ ش وَجَوَّزَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْغَسْلِ بِالْمَاءِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُزِيلُ الشَّعَثَ وَيَقْتُلُ الْهَوَامَّ وَإِذَا أَجْنَبَ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَحَرَّكَهُ بِيَدِهِ وَيَجُوزُ صَبُّ الْمَاءِ عَلَى الرَّأْسِ لِلْحَرِّ وَزَوَالِ الْعَرَقِ وَيُكْرَهُ غَمْسُ الرَّأْسِ فِي الْمَاءِ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ الدَّوَابَّ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ شَيْئًا وَإِنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَتَدَلَّكَ افْتَدَى وَيُكْرَهُ لَهُ غَسْلُ ثَوْبِهِ وَثَوْبِ غَيْرِهِ خَشْيَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ إِلَّا أَنْ تُصِيبَهُ جَنَابَةٌ فَبِالْمَاءِ وَحْدَهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ لِلتَّدَفِّي وَلَا خِلَافَ فِي تَطْهِيرِ جَسَدِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَيَجُوزُ إِزَالَةُ الْعَرَقِ الْمُنْتِنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنِ اغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ فَقَتَلَ قَمْلًا فِي رَأْسِهِ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْفِدْيَة فِي التبريد وَلَهُ طَرْحُ ثَوْبِهِ عَنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ هَوَامُّ فَإِنْ كَانَ فِيهِ أَجَازَ مَالِكٌ طَرحه وَرَأى أتحنون الْإِطْعَامَ لِمَالِكٍ أَنَّ الْقُمَّلَ كَانَ فِي الثَّوْبِ وَبَقِيَ فِيهِ فَلَوْ كَانَ عَلَى جَسَدِهِ فَأَلْقَاهُ فِي الثَّوْب حِين نَزعه كَانَ هَلَاكًا لَهُ وَإِبْقَاؤُهُ فِي الثَّوْبِ كَرَحِيلِهِ مِنَ الْبَيْتِ فَيَمُوتُ بَقُّهُ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أَكْلِ الْمُحْرِمِ مِنَ الصَّيْدِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ صَادَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ جَزَاءٌ آخَرُ وَلَا قِيمَةُ مَا أَكَلَ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح عَلَيْهِ جَزَاءُ مَا أَكَلَ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ فِي الصَّيْدِ كَالْقَتْلِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى صَيْدِ الْحَلَالِ وَصَيْدِ الْحُرُمِ وَمَا ذُبِحَ مِنْ أَجْلِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا يَأْكُلُهُ مُحْرِمٌ وَلَا حَلَالٌ ذَبَحَهُ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ لِأَنَّ لِلْمُحْرِمِ مُشَارَكَةً فَأَشْبَهَ مُشَارَكَةَ الْبَازِيِّ الْمُعَلَّمِ لِغَيْرِ الْمُعَلَّمِ قَالَ سَنَدٌ وَذَكَاةُ الْمُحِلِّ مِنْ غَيْرِ إِعَانَةِ الْمُحْرِمِ وَأَمْرِهِ مُبِيحَةٌ لِلْمُحْرِمِ وَمَنَعَهُ قَوْمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} الْمَائِدَة 96 وَفِي أبي

ص: 328

دَاوُد أَنه صلى الله عليه وسلم َ - أُهْدِيَ إِلَيْهِ عَضُدُ صَيْدٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَقَالَ إِنَّا حُرُمٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الصَّيْدَ مَصْدَرٌ فَهُوَ فِعْلُ الصَّائِدِ لَا الْمَصِيدِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهَا وَاقعَة عين فَلَعَلَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - فَهِمَ أَنَّهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - فِي أَبِي دَاوُدَ صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ مَا لم تصيدوه أَو يصاد لَكُمْ زَادَ التِّرْمِذِيُّ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ قَالَ وَسَوَاءٌ فِي التَّحْرِيمِ ذَبْحُهُ لِيُهْدَى لَهُ أَوْ يُبَاعَ مِنْهُ لِوُجُودِ الْقَصْدِ فَإِنْ أَكَلَ وَعَلِمَ قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ جَزَاءُ الصَّيْدِ كُلِّهِ لِأَنَّ الصَّيْدَ إِنَّمَا حَرُمَ اصْطِيَادُهُ لِأَكْلِهِ فَهُوَ مَقْصُودُ الْجِنَايَةِ فَأولى بترتب الجابر وَقَالَ أصْبع وح لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَكَلَ مَيْتَةً وَالْمَيْتَةُ لَا جَزَاءَ لَهَا وَقَالَ ش عَلَيْهِ مِنَ الْجَزَاءِ بِقَدْرِ مَا أَكَلَ مِنْهُ لَنَا أَنَّهُ كَفَّارَةٌ وَالْكَفَّارَةُ لَا تَتَبَعَّضُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا أَكَلَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِقَوْلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه كُلُوا إِنَّمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِي وَإِذَا أَكَلَ مِنْهُ مُحْرِمٌ غَيْرُ الْمَقْصُودِ بِهِ عَالِمًا بِذَلِكَ فَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْمُخْتَلِفِ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرُوِيَ الْجَزَاءُ فَإِنْ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ كُرِهَ لَهُ أَكْلُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ مَرَّةً وَأَجَازَهُ أُخْرَى وَلَوْ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَلَمْ يَأْكُلْهُ حَتَّى حَلَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَكْلُهُ مَكْرُوهٌ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ إِنْ فَعَلَ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى حَلَّ قَالَ سَنَدٌ وَفِي تَحْرِيمِ الْبَيْضِ عَلَى الْحَلَالِ إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ نَظَرٌ لِأَنَّ الْبَيْضَ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى ذَكَاةٍ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَأْكُلُ الْمُحْرِمُ بَيْضًا شُوِيَ مِنْ أَجْلِهِ وَإِن يُكَفِّرَ إِذَا أَكَلَهُ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْجَزَاءِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} الْمَائِدَة 95 فَالْوَاجِبُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ش

ص: 329

الْمثل فِي النَّعَمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَقَالَ ح الْقِيمَةُ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا قَوْله تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قتل} وَلَمْ يَقُلْ جَزَاءٌ مَا قَتَلَ فَجَعَلَ الْهَدْيَ مِنَ النَّعَمِ لِمِثْلِ الْمَقْتُولِ وَهُوَ الْقِيمَةُ فَيُصْرَفُ فِي الْهَدْيِ وَثَانِيهَا اشْتِرَاطُ الْحَكَمَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْمِثْلَ مِنَ النَّعَمِ لَاكْتَفَى بِمَا حَكَمَ بِهِ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم بَلِ الْمُرَادُ الْقِيمَةُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّغَبَاتِ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَثَالِثُهَا أَنَّ الْآيَةَ تَسْلَمُ مِنَ التَّخْصِيصِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمِثْلِ مِنَ النَّعَمِ يَخْرُجُ مَا لَا مِثْلَ لَهُ كَالْعَصَافِيرِ وَالنَّمْلِ وَالْقُمَّلِ وقَوْله تَعَالَى {لَا تقتلُوا الصَّيْد} عَامٌّ فِيهِ وَرَابِعُهَا أَنَّهُ مُتْلَفٌ عُدْوَانًا فَيُسَوَّى كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْآيَةَ قُرِئت فجزاء مثل مَا قتل بتنوين الْجَزَاء وبإضافته والقراءتان منزلتان فيجيب الْعَمَلُ بِهِمَا وَالْجُمَعُ بَيْنَهُمَا مَا أَمْكَنَ فَعَلَى التَّنْوِينِ يَكُونُ الْمَعْنَى فَجَزَاءٌ مُمَاثِلٌ مِنَ النَّعَمِ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تَقَعُ بَيْنَ الْمَقْتُولِ وَالنَّعَمِ وَعَلَى الْإِضَافَةِ يُحْتَمَلُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ فَيُرَدُّ الْمُحْتَمَلُ إِلَى الصَّرِيحِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الصَّيْدَ فِيهِ مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَا لَمْ يَتَقَرَّرْ فِيهِ شَيْءٌ وَمَا هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَقَضَاءُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مُخْتَصٌّ بِتِلْكَ الْأَعْيَانِ وَالْوَقَائِعِ الَّتِي حَضَرَتْهُمْ وَلَمْ يُوجَدْ فِي النَّصِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ فِي أَصْنَافِ تِلْكَ الصُّيُودِ وَلَا أَنْ نُقَلِّدَهُمْ بَلِ الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ الَّذِي فِي الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ يَحْكُمُ بِهِ وَكَوْنُهُ جَزَاءَ الشَّرْطِ يَقْتَضِي وُقُوعَ ذَلِكَ فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ بَعْدَ قَتْلِ الصَّيْدِ الْمَحْكُومِ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم وَلِذَلِكَ لَمْ يَزَالُوا يَقْضُونَ فِي النَّعَامَةِ بِبَدَنَةٍ وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بِبَقَرَةٍ وَفِي الضَّبُعِ بِشَاةٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ مَعَ اخْتِلَافِ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَتَقْدِيمُ مِثْلِ ذَلِكَ الْحُكْمِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَجَرُّدُ الْحُكْمِ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ وَعَدَمُ التَّقْلِيدِ وَأَنَّ الْقِيمَةَ مُلْغَاةٌ فَنَحْنُ نَمْنَعُ التَّقْلِيد فَمَا حُكِمَ فِيهِ بَلْ إِجْمَاعُهُمْ مُسْتَنِدٌ لِلْحَكَمَيْنِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الِاجْتِهَادِيَّةِ وَمَوَاقِعُ اخْتِلَافِهِمْ يَجْتَهِدُ فِيهِ الْحَكَمَانِ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْأَقْوَالِ وَمَا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ يُنْظَرُ بِمَا وَقَعَ فِيهِ الْحُكْمُ أَو مَا تَقْتَضِيه الممائلة الْوَاقِعَةُ فِي الْآيَةِ

ص: 330

وَعَنِ الثَّالِثِ أَنِ الْقَاعِدَةَ الْأُصُولِيَّةَ أَنَّ الضَّمِيرَ الْخَاصَّ لَا يُوجِبُ تَخْصِيصَ عَامِّهِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمن قَتله مِنْكُم} خَاصٌّ بِمَا لَهُ مِثْلٌ وَلَا يَخْتَصُّ عُمُومَهُ سَلَّمْنَا التَّخْصِيصَ لَكِنَّ التَّخْصِيصَ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ قَوْله تَعَالَى {من النعم} {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} وَمِنْ لِبَيَانِ جِنْسِ الْجَزَاءِ وَالْهَدْيُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ النَّعَمِ أَيْضًا وَإِلْغَاءُ الظَّوَاهِرِ كُلِّهَا لِلتَّخْصِيصِ تَعَسُّفٌ وَعَنِ الرَّابِعِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَام مَسَاكِين} وَتَسْمِيَتُهُ بِالْكَفَّارَةِ يَمْنَعُ قِيَاسَهُ عَلَى الْمُتْلَفَاتِ وَإِنَّهُ مِنْ بَابِ الْكَفَّارَاتِ وَقَالَ ش كُلُّ مَا حَكَمَ فِيهِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِمِثْلٍ مِنَ النَّعَمِ لَا يُجْتَهَدُ فِيهِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تخطئتهم وَلَيْسَ مُخَالفا لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِهِ الصَّحَابَةُ وَجَوَابُهُ لَا يَلْزَمُ تَخْطِئَتُهُمْ لِأَنَّا لَا نُخَالِفُهُمْ بَلْ لَا نَحْكُمُ إِلَّا بِمَا حَكَمُوا بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُمْ رَدًّا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ فِي الضَّبُعِ كَبْشًا وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ ذَلِكَ مِنَ الِاجْتِهَادِ وَالْوَاجِبُ فِي الصَّيْدِ مِثْلُهُ فِي الصُّورَةِ أَوْ مَا يُقَارِبُهُ أَوْ طَعَامٌ بِمِثْلِ قِيمَةِ الصَّيْدِ أَوْ صِيَامٌ بِقِدْرِ الطَّعَامِ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمٌ وَكِسْرَةٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْجَزَاءَ كَفَّارَةً وَالْكَفَّارَاتُ الْإِطْعَامُ فِيهَا بِعَدَدِ أَيَّامِ الصِّيَامِ أَمْدَادًا أَوْ مَسَاكِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ كَالْعَصَافِيرِ خُيِّرَ بَيْنَ قِيمَتِهِ طَعَامًا أَوْ عَدْلِهِ صِيَامًا تَفْرِيعَاتٌ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يَحْكُمُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ حَكَمَانِ عَدْلَانِ فَقِيهَانِ خِلَافًا لِ ش فِي الْفِقْهِ لِيَعْلَمَا مَوَاضِعَ الْإِجْمَاعِ وَالْخِلَافِ وأقضية السّلف وَمَاله مِثْلٌ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا غير الإِمَام وَلَا يَكْتَفِي بالمروي وليبدآ بِالِاجْتِهَادِ وَلَا يَخْرُجَانِ عَنْ آثَارِ مَنْ مَضَى فَإِن اخْتلفَا ابتدآ الحكم حَتَّى يحصل فِيهِ اثْنَان وَإِن اخطأ خطأ بَينا كوضع الشَّاة مَوضِع الْبَدنَة نقص الْحُكْمُ وَالْخِيَرَةُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فِيمَا يَحْكُمَانِ بِهِ من النعم أَو الطَّعَام أَو الصّيام

ص: 331

يأمرهما بِأَيَّتهَا شَاءَ فَيَحْكُمَانِ بِهِ لِأَنَّ أَوْ فِي الْآيَةِ لِلتَّخْيِيرِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ بَعْدَ الْحُكْمِ غَيْرَ الْمَحْكُومِ بِهِ فَيَحْكُمَ بِهِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا بُدَّ مِنَ الْحُكْمِ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْجَرَادِ فَإِنْ كَفَّرَ بِغَيْرِ حُكْمٍ أَعَادَ إِلَّا حَمَامَ مَكَّةَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْحُكْمِ وَأَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَكُونَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَا مُتَعَاقِبَيْنِ وَتَوَقَّفَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي حَمَامِ الْحَرَمِ وَفِي الضَّبِّ اخْتِلَافٌ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِيهِ شَاةٌ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ قِيمَتَهُ طَعَامًا أَوْ عَدْلَ ذَلِكَ صِيَامًا وَكَذَلِكَ الثَّعْلَبٌ قَالَ سَنَدٌ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ وَلَا تَكْفِي الْفَتْوَى لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَحَدَهُمَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ غَيْرُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْحُكْمِ إِلَى اخْتِيَارِ غَيْرِ مَا حُكِمَ بِهِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِالْعَدْلِ فَلَا يَنْتَقِضُ كَسَائِرِ صُوَرِ الْحُكْمِ وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ التَّخْيِيرَ فِي هَذِهِ الْكَفَّارَةِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ إِبْطَالِهِ كَكَفَّارَةِ الْحِنْثِ وَإِفْسَادِ رَمَضَانَ وَالتَّخْيِيرُ فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَلِلْحَاكِمِ وَالْمُفْتِي رَفْعُهُ قَالَ وَالْحُكْمُ فِيمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِالدَّلِيلِ لَا بِالتَّقْلِيدِ فَيَكُونُ إِجْمَاعُهُمْ دَلِيلًا فَإِنِ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ وَاسْتَوَوْا عِنْدَ الْحَكَمَيْنِ لَا يُقَلِّدَانِ وَيَطْلُبَانِ التَّرْجِيحَ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ الْوَاجِبُ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ وَكَذَلِكَ الْفِيلُ لَكِنْ مِنَ الْهِجَانِ الْعِظَامِ الَّتِي لَهَا سَنَمَانِ خُرَاسَانِيَّةٌ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَقِيمَتُهُ طَعَامًا دُونَ مَا يُشْبِعُ لَحْمُهُ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَيْسَ فِيهِ رِوَايَةٌ وَلَا لَهُ نَظِيرٌ لَكِنْ يُجْعَلُ فِي مَرْكِبٍ فِي الْمَاءِ وَيُنْظَرُ مَا نَزَلَتْ بِهِ فِي الْمَاءِ يُنْزَلُ بِالطَّعَامِ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى قِيمَتِهِ فَإِنَّهَا ضَرَرٌ عَظِيمٌ لِعِظَمِهَا وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَالْإِبِلِ وَبَقْرِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ وَفِي الضَّبُعِ شَاةٌ وَفِي الْكِتَابِ فِي الْيَرْبُوعِ وَالضَّبُعِ وَالْأَرْنَبِ وَنَحْوِهِ قِيمَتُهُ طَعَامًا وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الطَّعَامِ وَالصِّيَامِ وَفِي حَمَامِ وَالْحرَام مَكَّة شَاةٌ وَكَذَلِكَ الدَّنَسِيُّ وَالْقُمْرِيُّ إِنْ كَانَ مِنَ

ص: 332

الْحَمَامِ عِنْدَ النَّاسِ وَالْيَمَامُ مِثْلُ الْحَمَامِ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْحَمَامِ فَحُكُومَةٌ وَفِي الذُّبَابِ وَالنَّمْلِ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ قَالَ سَنَدٌ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْيَرْبُوعِ وَالْأَرْنَبِ عَنْزٌ وَفِي الضَّبِّ شَاةٌ وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ فِي الشَّاةِ فِي حَمَامِ مَكَّةَ وَظَاهِرُ اللُّغَةِ أَنَّ كُلَّ مُطَوَّقٍ حَمَامٌ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْقُمْرِيِّ وَنَحْوِهِ حُكُومَةٌ لِاخْتِلَافِ هَدِيرِهِ مَعَ الْحَمَامِ وَإِذَا عَدِمَتِ الشَّاةُ فِي حَمَامِ مَكَّةَ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَيْسَ فِيهِ صَدَقَةٌ وَلَا تَخْيِيرٌ وَالدَّبَا صِغَارُ الْجَرَادِ وَيَجِبُ فِي صِغَارِ الصَّيْدِ مِنَ النَّعَمِ مِثْلُ كِبَارِهِ وَفِي مَعِيبِهِ مِثْلُ سَلِيمِهِ وَقَالَ ش يَجِبُ فِي الْمَعِيبِ مَعِيبٌ وَفِي الْأَعْوَرِ هَدْيٌ أَوْ عَوِرٌ وَالْمَكْسُورِ وَيُرَاعَى جِنْسُ الْعَيْبِ فَلَا يُخْرَجُ الْأَعْرَجُ عَنِ الْأَعْوَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} الْمَائِدَة 95 وأنفقوا على إِجْزَاء الصَّحِيح عَن المعييب وَاخْتَلَفُوا فِي إِجْزَاءِ الذَّكَرِ عَنِ الْأُنْثَى لَنَا قَوْله تَعَالَى {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} وَالْهَدْيُ لَا يُجْزِئُ فِيهِ الصَّغِيرُ وَلِأَنَّهُ كَفَّارَةٌ بِالنَّصِّ وَلِدُخُولِ الصِّيَامِ فِيهِ فَلَا يَخْتَلِفُ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ كَكَفَّارَةِ الْآدَمِيِّ إِذَا قُتِلَ وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ يَلْحَقُ صَغِيرُهُ بِكَبِيرِهِ اعْتِبَارًا بِمَا لَهُ مِثْلٌ وَإِذَا أَوْجَبْنَا عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ فَمِنْ وَسَطِ أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ وَفِي الْجَوَاهِر إِذا لم يستهل جَنِين الصَّيْد صراخا قَالَ أَشْهَبُ فِيهِ دِيَةٌ بِخِلَافِ الْآدَمِيَّاتِ وَفِي الْبَيْضَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ وَقِيلَ حُكُومَةٌ الثَّالِثُ فِي الْكتاب أدنى مَا يُجزئ فِي جَزَاء الصَّيْدِ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِمَّا سِوَاهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُ هَدْيًا فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْهَدْيِ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ذَلِك فطعام أَو صِيَام وَإِذا أَرَادَ الطَّعَام قوم للصَّيْد وَقْتَ تَلَفِهِ حَيًّا وَيُجْزِئُ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ إِنْ كَانَ طَعَامَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَيُجْزِئُ فِي الْإِطْعَامِ مَا يُجزئ فِي كَفَّارَات الْيمن وَيُقَوَّمُ الصَّيْدُ وَلَا يُقَوَّمُ جَزَاؤُهُ وَقَالَ ش يُقَوَّمُ الْجَزَاءُ لَا الصَّيْدُ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ تُقَوَّمُ الدَّرَاهِمُ بِطَعَامٍ لِأَنَّ كُلَّ مُتْلَفٌ وَجَبَ مِثْلُهُ فَإِنَّمَا يَجِبُ إِذَا سَاوَاهُ فِي الْقِيمَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ سَائِرَ الصُّوَرِ الْمِثْلُ فِيهَا مُسَاوٍ لِلْمُتْلَفِ فِي الرغبات وَالْقيمَة وَهَا هُنَا قِيمَةُ الْبَدَنَةِ مُخَالِفَةٌ لِقِيمَةِ النَّعَامَةِ وَالْأَصْلُ مُسَاوَاةُ الْعقُوبَة

ص: 333

لِلْجِنَايَةِ قَالَ وَلَوْ قَوَّمَ الصَّيْدَ بِدَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا أَجْزَأَهُ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ غَالِبًا وَالطَّعَامُ أَصْوَبُ فَإِنْ شَاءَ الصَّوْمَ صَامَ عَدَدَ أَمْدَادِ الطَّعَام أَيَّامًا بمده عليه السلام وَإِن جاور شُهُورًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ مَكَانَ كَسْرِ الْمُدِّ يَوْمًا وَإِذَا أَطْعَمَ فَلِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَلَوْ أَعْطَى الْمَسَاكِينَ ثَمَنًا أَوْ عَرَضًا لَمْ يُجْزِئْهُ وَالْفَرَاهَةُ وَالْجَمَالُ لَا تُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِ الصَّيْدِ بَلِ اللَّحْمُ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ كَانَ لِلْأَكْلِ وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ اللَّحْمُ بِخِلَافِ الْمَمْلُوكَاتِ التَّحْرِيمُ فِيهَا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَغْرَاضُ الْمَالِكِ فَيَنْدَرِجُ فِيهِ الْجَمَالُ وَغَيْرُهُ وَإِذَا حُكِمَ فِي الْجَزَاءِ بِثَلَاثِينَ مُدًّا فَأَطْعَمَ عِشْرِينَ وَعَدِمَ الْبَاقِيَ فَلَهُ ذَبْحُ النُّسُكِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَصُومَ مَكَانَ الْعَشَرَةِ وَلَا تُلَفَّقُ الْكَفَّارَةُ مِنْ نَوْعَيْنِ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ إِنَّمَا وَقَعَ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ لَا بَيْنَ أَجْزَائِهَا وَتَتَابَعُ الصِّيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِيقِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُقَوَّمُ بِغَالِبِ طَعَامِ الْمَوْضِعِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَأَقْرَبُ الْمَوَاضِعِ إِلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ يَحْيَى يَنْظُرُ كَمْ يُشْبِعُ الصَّيْدُ مِنْ نَفْسٍ فَيُخْرِجُ قَدْرَ شِبَعِهِمْ طَعَامًا لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْحَيَوَانِ لَا قِيمَةَ لَهُ كَالضَّبُعِ فَيَتَعَيَّنُ مُرَاعَاةُ الْمِقْدَارِ وَإِذَا كَانَ رَأْيُ الْحَكَمَيْنِ رَأْيَ الْحَنَفِيَّةِ فَحَكَمَا بِالْقِيمَةِ دَرَاهِمَ أَجْزَأَ إِذَا حَكَمَا بِهَا وَإِذَا أَرَادَ الِانْتِقَالَ إِلَى خَصْلَةٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ لِتَعَذُّرِ الَّذِي حُكِمَ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْحُكْمِ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْحُكْمُ وَيَصْبِرُ حَتَّى يَتَيَسَّرَ لَهُ أَوْ يَيْأَسَ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ جَزَاءُ الصَّيْدِ كَالْهَدَايَا لَا يُنْحَرُ إِلَّا بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى إِنْ وَقَفَهُ بِعَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ يُوقِفْهُ بِعَرَفَةَ سِيقَ إِلَى الْحِلِّ وَنُحِرَ بِمَكَّةَ وَإِنْ أَوْقَفَهُ بِعَرَفَةَ وَفَاتَهُ أَيَّامَ مِنًى نَحَرَهُ بِمَكَّةَ وَلَا يُخْرِجُهُ إِلَى الْحِلِّ ثَانِيَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} الْمَائِدَة 95 وَإِنَّمَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالطَّعَامِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَ الصَّيْدَ فِيهِ وَلَا يُطْعِمُ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَأَمَّا الصِّيَامُ فَحَيْثُ شَاءَ أَمَّا الطَّعَامُ فَلِأَنَّهُ قِيمَةُ مُتْلَفٍ فَيَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْإِتْلَافِ وَقَالَ ش يُقَوِّمُهُ بِمَكَّةَ قَالَ سَنَدٌ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مُرَاعَاةُ الزَّمَانِ أَيْضًا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ يَحْيَى فَيُرَاعَى الشِّبَعُ خَاصَّةً وَحَمَلَ مُحَمَّدٌ قَوْلَهُ يُطْعِمُ بِمَوْضِعِ الْإِتْلَافِ عَلَى اخْتِلَافِ السِّعْرِ فَإِنْ أَصَابَهُ بِالْمَدِينَةِ وَأَطْعَمَ

ص: 334

بِمصْر لم يُجزئهُ إِلَّا أَن يتَّفق سعراهما فَإِنْ أَصَابَ بِمِصْرَ وَأَطْعَمَ بِالْمَدِينَةِ أَجْزَأَهُ لِغَلَاءِ سِعْرِهَا وَهَذَا الْفَرْعُ يُلَاحَظُ فِيهِ مَعْنَى نَقْلِ الزَّكَاةِ مِنْ مَوْضِعِهَا وَإِذَا قُلْنَا يُطْعِمُ بِغَيْرِ مَوْضِعِ الْإِتْلَافِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُخْرِجُ بِقِيمَةِ الطَّعَام بِهِ حَيْثُ أتلف فَيَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا غَلَا أَوْ رَخُصَ وَرَاعَى ابْن حبيب الْأَكْثَر من ملكية مَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ مَبْلَغَ قِيمَتِهِ فَلَوْ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِمَوْضِعِ التَّلَفِ بِشَيْءٍ حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَأَرَادَ الْإِطْعَامَ فَلْيُحْكِمْ عَلَيْهِ اثْنَيْنِ وَيَصِفْ لَهُمَا الصَّيْدَ وَسِعْرَ الطَّعَامِ بِمَوْضِعِ الصَّيْدِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمَا تَقْوِيمُهُ بِالطَّعَامِ قَوَّمَاهُ بِالدَّرَاهِمِ وَيَبْعَثُ بِالطَّعَامِ إِلَى مَوْضِعِ الصَّيْدِ كَمَا يَبْعَثُ بِالْهَدَايَا إِلَى مَكَّةَ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ يَبْتَاعُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ طَعَامًا فِي بَلَدِهِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يُخْرِجُ الْأَكْثَرَ وَإِنْ أَرَادَ الصَّوْمَ صَامَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِعَدَدِ مَا يَحْفَظُ الْقِيمَةَ مِنْ أَمْدَادِ الطَّعَامِ بِمَوْضِعِهِ وَعَلَى أَصْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يَصُومُ بِعَدَدِ مَا يَحْفَظُ الْأَكْثَرَ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ شَيْءٍ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ بِغَيْرِ الْحَرَمِ إِلَّا الصّيام وَحكى الشَّيْخ أَبُو اسحق يُطْعِمُ حَيْثُ شَاءَ وَقِيلَ يُطْعِمُ فِي مَوْضِعِ قَتْلِ الصَّيْدِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِالْهَدْيِ فَلَهُ أَنْ يُهْدِيَ مَتَى شَاءَ وَلَكِنْ إِنْ قَلَّدَهُ وَهُوَ فِي الْحَجِّ لَمْ يَنْحَرْهُ إِلَّا بِمِنًى وَإِنْ قَلَّدَهُ مُعْتَمِرًا بَعَثَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ لِأَنَّهُ دَمٌ وَجَبَ لِارْتِكَابِ مَحْظُورٍ فَهُوَ كَالْكَفَّارَةِ فِي الذِّمَّةِ وَالْهَدْيُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْحَجِّ فَيَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ هُوَ هَدْيٌ لَا مِنْ حَيْثُ هُوَ كَفَّارَةٌ السَّبَبُ الثَّانِي لِتَحْرِيمِ الصَّيْدِ الْحَرَمُ وَهُوَ أَيْضًا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ النَّبَاتِ وَالشَّجَرِ وَهُمَا حَرَمَانِ حَرَمُ مَكَّةَ وَحَرَمُ الْمَدِينَةِ فَالْحَرَمُ الْأَوَّلُ حَرَمُ مَكَّةَ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ على رَسُوله مَكَّة قَامَ صلى الله عليه وسلم َ - فيهم فَحَمدَ لله وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ هِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا

ص: 335

يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - إِلَّا الْإِذْخِرَ فَائِدَةٌ الْقَيْنُ الْحَدَّادُ وَالْعَضْدُ الْكَسْرُ وَفِيه فصلان الْأَوَّلُ فِي الصَّيْدِ وَهُوَ كَالْإِحْرَامِ فِي جِنْسِ مَا يَحْرُمُ وَالتَّسَبُّبِ لِلْإِتْلَافِ وَالْجَزَاءِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ قَتْلَ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ لَيْسَ مِثْلَ قَتْلِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ فِي التَّحْرِيمِ قَالَ وَهَذَا خِلَافُ قَوْله تَعَالَى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} الْمَائِدَة 95 وَالْحُرُمُ مَا كَانَ فِي الْحَرَمِ مُحْرِمًا فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ ذَبْحُ الْحَلَالِ بِمَكَّةَ الْحَمَامَ الْإِنْسِيَّ وَالْوَحْشِيَّ وَالصَّيْدَ يَدْخُلُهُ مِنَ الْحِلِّ وَقَالَهُ ش وَمَنَعَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ بِسَبَبِ الْحَرَمِ قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا كَانَ عِنْدَهُ صَيْدٌ وَهُوَ حَلَالٌ فَأَحْرَمَ وَقِيَاسًا لِلْحَرَمِ عَنِ الْإِحْرَامِ وَالْجَوَابُ عَلَى الْأَوَّلِ الْمُعَارَضَةُ بِإِجْمَاعِ الْحَرَمَيْنِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الشَّجَرِ إِذَا عَبَرَ إِلَى الْحَرَمِ وَعَن الثَّانِي الْفرق فَإِن الْإِحْرَام غلظ فِي الشَّرْعُ لِسُرْعَةِ زَوَالِهِ وَلَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ مُبَاشَرَةِ الصَّيْد حِينَئِذٍ وساكنوا الْحرم يضطرون لذَلِك وَهُوَ يطول عَلَيْهِم أبدا الدَّهْرِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ قَالَ سَنَدٌ وَأَمَّا الْعَابِرُ بِالصَّيْدِ إِلَى الْحَرَمِ وَهُوَ عَابِرُ سَبِيلٍ لَا يَذْبَحُهُ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ فَإِنْ أَكَلَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْحَرَمِ وَدَاهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي الذَّبْحِ بِمَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا وَغَيْرِهِمْ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَا وَقَعَ مِنَ الْجَرَادِ فِي الْحَرَمِ لَا يَصِيدُهُ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ لِأَنَّهُ صَيْدُ الْبَرِّ قَالَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ لِأَنَّهُ نَثْرَةُ

ص: 336

حُوتٍ وَهُوَ فِي التِّرْمِذِيِّ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ أَصْلُهُ وَالْمَرْعِيُّ حَالُهُ الْحَاضِرَةُ فَإِنَّهُ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ وَقَدْ كَانَتِ الْخَيْلُ مُتَوَحِّشَةً فَأَنَّسَهَا إِسْمَاعِيلُ وَهِيَ إِلَى الْآنَ مُتَوَحِّشَةٌ بِالْهِنْدِ وَمَعَ هَذَا فَمَا تُرَاعَى حَالُهَا الْحَاضِرَةُ الثَّالِثُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْجَرَادِ قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَوْجَبَ ش تَمْرَةً وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَفِي الْجَلَّابِ فِي الْكَثِيرِ مِنَ الْجَرَادِ قِيمَتُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ فُرُوعِهِ فِي السَّبَبِ الْأَوَّلِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي النَّبَات وَفِي الْكِتَابِ لَا يَقْطَعُ أَحَدٌ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ شَيْئًا يَبِسَ أَمْ لَا فَإِنْ فَعَلَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ ش فِي الشَّجَرَةِ الْكَبِيرَةِ بَقَرَةٌ وَفِي الصَّغِيرَةِ شَاةٌ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقِيَاسًا عَلَى الصَّيْدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَالِكًا ضَعَّفَهُ وَهُوَ إِمَامُ الْحَدِيثِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الشَّجَرَةَ إِنَّمَا مُنِعَ لِيُرْتَفَقَ بِهِ الصَّيْدُ فِي الْحَرَمِ فِي الْحَرِّ وَالْمَطَرِ فَهُوَ كَالْكُهُوفِ وَالْمَغَايِرُ لَا شَيْءَ فِيهِ لَا كَالصَّيْدِ وَلِأَنَّ مَا لَا يَضْمَنُهُ فِي الْحِلِّ الْمُحْرِمُ لَا يَضْمَنُهُ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامُ كَالزَّرْعِ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِمَا أَنْبَتَهُ النَّاسُ فِي الْحَرَمِ مِنَ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَالْبُقُولِ وَقَالَهُ ح خِلَافًا لِ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الشَّجَرِ لَنَا أَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَالْعَضْدُ غَالِبًا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الشَّجَرِ الْمُبَاحِ وَقِيَاسًا عَلَى الزَّرْعِ قَالَ وَيَجُوزُ الرَّعْيُ فِي الْحَرَمِ فِي الْحَشِيش وَالشَّجر وإكراه الِاحْتِشَاشَ لِلْحَرَامِ وَالْحَلَالِ خَشْيَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ وَكَذَلِكَ الْحَرَامُ فِي الْحِلِّ فَإِنْ سَلِمُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِم وَلَا بَأْس بقلع الْإِذْخر والسنامن الْحَرَمِ أَمَّا الْإِذْخِرُ فَلِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَمَّا السَّنَا فَلِأَنَّهُ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْأَدْوِيَةِ وَيُحْمَلُ لِسَائِرِ الأقطار ووافقنا

ص: 337

ش فِي الرَّعْيِ وَمَنْعَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي إِتْلَافِ مَا لَا يَجُوزُ إِتْلَافُهُ فَيُمْنَعُ كَالسَّبَبِ لِقَتْلِ الصَّيْدِ لَنَا أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى ذَلِكَ فَوْقَ الْحَاجَةِ إِلَى الْإِذْخِرِ فَيَجُوزُ وَمَنَعَ ش الِاحْتِشَاشَ فَإِنِ احْتَشَّ ضَمِنَ مَا نَقَصَهُ الْقَلْعُ فَإِنِ اسْتَخْلَفَ وَنَبَتَ سَقَطَ الضَّمَانُ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الرَّعْيِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا قَطَعَ شَجَرَةً رَدَّهَا لِمَنْبَتِهَا فَإِنْ نَبَتَتْ ذَهَبَتِ الْجِنَايَةُ وَإِلَّا انْتَفَعَ بِهَا الصَّيْدُ فِي الْحَرَمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا نَبَتَ فِي الْحَرَمِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُسْتَنْبَتَ أَوِ اسْتَنْبَتَ مَا عَادَتُهُ أَنْ يَنْبُتَ بِنَفْسِهِ فَالِاعْتِبَارُ بِالْجِنْسِ لَا بِحَالِهِ الْحَاضِرَةِ الْحَرَمُ الثَّانِي حَرَمُ الْمَدِينَةِ قَالَ مَالك وش وَابْنُ حَنْبَلٍ يَحْرُمُ صَيْدُهُ وَقَطْعُ شَجَرِهِ وَخَالَفَ ح لِحَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - يدْخل علينا وَابْن أَخ صَغِير يكنى أَبَا عمر وَكَانَ لَهُ نُغَيْرٌ يَلْعَبُ بِهِ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - ذَاتَ يَوْمٍ فَرَآهُ حَزِينًا فَقَالَ مَا شَأْنُهُ قَالَ مَاتَ نغره فَقَالَ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ صَيْدِ الْمَدِينَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنَّهُ مَنْ نُغَرِ الْحَرَمِ وَقَدْ تَكُونُ مِنَ الْحِلِّ لَنَا مَا فِي مُسلم

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَأَنَا حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام مَكَّةَ وَإِنِّي دَعَوْتُ فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا مِثْلَ مَا دَعَا بِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ عليه السلام حَرَّمَ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تُقْطَعُ مِنْهَا شَجَرَةٌ إِلَّا أَنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ وَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ فِي صَيْدِهِ جَزَاءٌ وَالْكَلَامُ فِي شَجَرِهِ كَالْكَلَامِ فِي شَجَرِ حَرَمِ مَكَّةَ وَيُكْرَهُ لَهُ قَطْعُ شَجَرِ غَيْرِ الْحَرَمِ إِذَا دَخَلَ فِي الْحَرَمِ لِأَنَّهُ يُنَفِّرُ بِذَلِكَ الصَّيْدَ مِنْهُ وَرَخَّصَ مَالِكٌ فِي قَطْعِ الْعَصَا والعصاتين من غير

ص: 338

شجر الْحرم وَكره ضبط شَجَرِ الْحَرَمِ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِيهِ فَأَمَّا الْجَزَاءُ فنفاه مَالك وش وَأَثْبَتَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ نَافِعٍ قِيَاسًا عَلَى حَرَمِ مَكَّةَ لَنَا إِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَلَوْ كَانَ لَعُلِمَ بِالضَّرُورَةِ عِنْدَهُمْ لِتَكَرُّرِهِ وَلِأَنَّهُ مَوْضِعٌ يُدْخَلُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ فَلَا يُضْمَنُ صَيْدُهُ كَوَجٍّ وَهُوَ وَاد بِالطَّائِف وش يَمْنَعُ مِنْ صَيْدِهِ وَأَوْجَبَ ح فِي الْقَدِيمِ ضَمَانَهُ وَسَلْبَ الصَّائِدِ فِيهِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُد أَن سعد ابْن أَبِي وَقَّاصٍ أَخَذَ رَجُلًا يَصِيدُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَة فسلبه ثِيَابه وَقَالَ إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ وَقَالَ مَنْ وَجَدَ أَحَدًا يصيد فِيهِ فليسلبه وَجَوَابه أَن العقربه كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بِالْمَالِ وَلَوِ اسْتَمَرَّ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ لَتَوَاتَرَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَحْرِيمِ أَكْلِ هَذَا الصَّيْدِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَقَالَ مَرَّةً يُكْرَهُ النَّوْعُ التَّاسِعُ الْجِمَاعُ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ وَإِفْسَادِهِ الْحَجَّ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} الْبَقَرَة 197 وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} الْبَقَرَة 187 وَفِي الْمُوَطَّأ

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطِبُ وَإِن عمر رضي الله عنه وَأَبا هُرَيْرَة رضي الله عنهما كَانُوا يسْأَلُون عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ أَهْلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ فَيَقُولُونَ يَنْفِرَانِ إِلَى وَجْهِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا ثُمَّ عَلَيْهِمَا الْحَجُّ قَابِلًا وَالْهَدْيُ وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إِذَا أَهَلَّا بِالْحَجِّ مِنْ قَابَلٍ يفترقان إِلَى وَجْهِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا ثُمَّ عَلَيْهِمَا الْحَجُّ قَابِلًا وَالْهَدْيُ وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إِذَا أَهَلَّا بِالْحَجِّ مِنْ قَابَلٍ يَفْتَرِقَانِ حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا وَفِي هَذَا النَّوْعِ فَصْلَانِ الْأَوَّلُ فِي الْجِمَاعِ نَفْسِهِ وَالثَّانِي فِي مُقَدِّمَاتِهِ

ص: 339

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِمَاعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَسْتَوِي فِي الْإِفْسَادِ الْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ وَالْمَحَلِّ الْمَكْرُوهِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَانَ مَعَهُ إِنْزَالٌ أَمْ لَا وَهُوَ يُوجِبُ الْإِفْسَادَ وَالْقَضَاءَ وَالْهَدْيَ إِنْ وَقَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ النَّحْرِ قَبْلَ الرَّمْيِ فَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ وَالْهَدْيُ وَهَدْيٌ آخَرُ لِتَأْخِيرِ الرَّمْيِ وَقِيلَ يُفْسِدُهُ وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالتَّقْصِيرِ الْمَشْهُورُ الْفَسَادُ وَرُوِيَ عَدَمُهُ وَإِنْ أَفَاضَ وَلَمْ يَرْمِ ثُمَّ وَطِئَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْهَدْيُ وَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِنْ وَطِئَ يَوْمَ النَّحْرِ فَسَدَ حَجُّهُ إِذَا لَمْ يَرْمِ وَإِنْ أَفَاضَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَطِئَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ فَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ وَالْهَدْيُ حَلَقَ أَمْ لَا وَتَفْسُدُ الْعُمْرَةُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَ السَّعْيِ رِوَايَتَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قَوَاعِدُ هَذِهِ الْفُرُوعِ فِي الرَّمْي قَالَ وَيجب تتميم فَاسِدِهِ كَصَحِيحِهِ ثُمَّ يَقْضِي وَيُهْدِي بَدَنَةً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَلَوْ أَخْرَجَ الشَّاةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَدَنَةِ كُرِهَ وَيَتَأَدَّى بِالْقَضَاءِ مَا يَتَأَدَّى بِالْأَدَاءِ مِنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ وَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ وَفِي جَوَازِ تَقْدِيمِ الْهَدْيِ عَلَيْهِ خِلَافٌ وَلَوْ قَدَّمَ هَدْيَ قِرَانِ الْقَضَاءِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَفِي إِجْزَائِهِ إِذَا قَلَّدَهُ وَأَخَّرَ نَحْرَهُ إِلَى حَجِّهِ الْقَضَاءِ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْإِيلَاجَ بِغَيْرِ إِنْزَالٍ أَوِ الْإِنْزَالُ بِأَيِّ أَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ كَانَ يُفْسِدُ الْحَج وَالْعمْرَة خلافًا ل ح وش فِي الْإِنْزَال لِأَنَّهُ الْمَقْصُود من الوطئ تَفْرِيعَاتٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا جَامَعَ زَوْجَتَهُ فِي الْحَجِّ فَلْيَفْتَرِقَا إِذَا أَحْرَمَا بِحَجَّةِ الْقَضَاء وَلَا يَجْتَمِعَانِ حَتَّى يحلا سدا للذريعة وخصصه الشَّافِعِي وَابْنُ حَنْبَلٍ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَطِئَهَا فِيهِ لِأَنَّ مَالِكًا رَوَاهُ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم لِأَنَّهُمَا يَتَدَارَكَانِ مَا كَانَ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ وَقَالَ ح لَا يَجِبُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَجِبُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَلَا فِي بَقِيَّةِ الْإِحْرَامِ

ص: 340

قَالَ ابْن يُونُس الِافْتِرَاق مَرْوِيّ عَنهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَلَا خلاف فِيهِ فِي الْعمد وَكَذَلِكَ النَّاسِي خِلَافًا لِ ش قَالَ سَنَدٌ وَهَذَا الِافْتِرَاقُ مُسْتَحَبٌّ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ بِتَرْكِهِ الدَّمُ وَلَا دَمَ فَلَا يَجِبُ قَالَ وَلَا يُشْكِلُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ لِأَنَّ تَرْكَهُ يَجِبُ وَلَا يَجِبُ بِفِعْلِهِ دَمٌ وَكِلَاهُمَا ذَرِيعَةٌ لِأَنَّ أَثَرَ تَحْرِيمِ الْعَقْدِ فِي عدم الِانْعِقَاد وَهَا هُنَا لَا أَثَرَ إِلَّا وُجُوبُ الدَّمِ لَوْ كَانَ وَاجِبًا بَلِ اسْتِصْحَابُ الزَّوْجَةِ كَاسْتِصْحَابِ الطِّيبِ وَالْمَخِيطِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ يُحْرِمُ فِي قَضَاءِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا إِلَّا أَنْ يكون الأول ابعد من المقياة فَيحرم من الميقاة وَوَافَقَنَا ح فِي الْحَجِّ وَقَالَ فِي الْعُمْرَةِ يُحْرِمُ بِهَا مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ لِأَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَضَتْ عُمْرَتَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ وَجَوَابُهُ أَنَّهَا كَانَتْ قَارِنَةً فَأَرَادَتْ إِفْرَادَ الْعُمْرَةِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ أَحْرَمَ أَوَّلًا قبل الميقاة وَكَذَلِكَ ثَانِيًا أَو بعد الميقاة أَحْرَمَ ثَانِيًا مِنْهُ لِأَنَّ كُلَّ مَسَافَةٍ وَجَبَ قَطْعُهَا فِي الْأَدَاءِ وَجَبَ فِي الْقَضَاءِ أَوْ مَا أَوْجَبَهُ الْإِحْرَامُ لَنَا قِيَاسُ الْمَكَانِ عَلَى الزَّمَانِ وَقَدْ سَلَّمَهُ الْجَمِيعُ قَالَ فَإِنْ تَعَدَّى الميقاة فِي الْقَضَاءِ وَكَانَ أَحْرَمَ فِي الْقَضَاءِ قَبْلَ ذَلِك أجرأه وَعَلِيهِ دم لتجاوز الميقاة وَإِذَا طَافَ الْقَارِنُ أَوَّلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ وَسَعَى ثُمَّ جَامَعَ قَضَى قَارِنًا لِأَنَّ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ مُفْرِدًا لِأَنَّهُ أَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ وَجَوَابُهُمْ لَو كَانَ كَذَلِك لوَجَبَ الدَّم لتأخير خلافًا قَالَ وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْقَضَاءِ قَبْلَ تَتِمَّةِ الْأَدَاءِ فَالثَّانِي لَغْوٌ وَلَا يَقْضِي وَيُتِمُّ الْفَاسِدَ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَقْبَلُ الرَّفْضَ وَلَوْ جَامَعَ فِي عُمْرَتِهِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَكُنْ قَارِنًا لِأَنَّهُ إِنِ انْعَقَدَ صَحِيحًا لَا يُمْكِنُ امتزاجه مَعَ

ص: 341

الْعمرَة الْفَاسِدَة أَو فَاسِدا فحال لِأَنَّهُ لَمْ يُقَارِنْهُ مُفْسِدٌ فَلَا يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ بِالْحَجِّ مُطْلَقًا وَإِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ لَزِمَهُ وَقَضَاهَا بَعْدَ حَجِّهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ بَعْدَ فَسَاد الْعمرَة فَيصير قَارنا لِأَن أعلا مَرَاتِبِ الْفَاسِدِ أَنْ يَكُونَ كَالصَّحِيحِ وَالْعُمْرَةُ الصَّحِيحَةُ لَا لمنع الْحَجَّ فَالْفَاسِدَةُ أَوْلَى وَإِذَا قُلْنَا يَنْعَقِدُ فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوِ النَّذْرِ أَوِ التَّطَوُّعِ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ لِقِرَانِهِ وَيَقْضِي قَابِلًا قَارِنًا وَيُهْدِي هَدْيَيْنِ لِقِرَانِ الْقَضَاءِ وَالْفَسَادِ وَإِنْ أَتَمَّ عُمْرَتَهُ الْفَاسِدَةَ فَلَا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ حَتَّى يَقْضِيَهَا فَإِنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ صَحَّ إِحْرَامُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ كَانَتْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَحَلَّ مِنْهَا وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ عُمْرَتِهِ بَعْدَ حِلِّهِ مِنَ الْحَجِّ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَفْسَدَ الْمُتَمَتِّعُ حَجَّهُ فَعَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ وَهَدْيُ الْفَسَادِ عِنْدَ حَجَّةِ الْقَضَاءِ وَمَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ فَأَصَابَ صَيْدًا أَوْ حَلَقَ أَوْ تَطَيَّبَ أَوْ وَطِئَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ تَعَدَّدَتِ الْفِدْيَة وَالْجَزَاء واتحد هدي الوطئ لِأَنَّهُ لِلْفَسَادِ وَإِفْسَادُ الْفَاسِدِ مُحَالٌ فَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا سَقَطَ إِحْرَامُهُ أَوْ جَاهِلًا بِوُجُوبِ إِتْمَامِهِ اتَّحَدَتِ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ الْجُرْأَةُ عَلَى مُحَرَّمٍ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ لِمَا تَقَدَّمَ وَيَتَعَدَّدُ الْجَزَاء لِأَنَّهُ إِتْلَاف غير فتوقف عَلَى الْإِثْمِ وَيَتَّحِدُ الْجَزَاءُ عِنْدَ ح بِالتَّأْوِيلِ وَعَذَرَهُ ش فَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ شَيْئًا مُطْلَقًا كالوطئ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا وَأَلْحَقَ النَّاسِيَ بِالْجَاهِلِ قَاعِدَةٌ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ قِسْمَانِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفَرْضُ عَيْنٍ وَهُوَ عِلْمُ الْإِنْسَانِ بِحَالَتِهِ الَّتِي يلابسها وَقد تقدم تَقْرِير ذَلِكَ فِي مُقَدِّمَةِ أُصُولِ

ص: 342

الْفِقْهِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فَكُلُّ مَنْ قَدِمَ عَلَى فِعْلٍ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوَقُّفُ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عَصَى مَعْصِيَتَيْنِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ وَبِتَرْكِ الْعَمَلِ وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ وَلِذَلِكَ أَجْرَاهُ مَالِكٌ فِي الصَّلَاةِ مَجْرَى الْعَامِدِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعِصْيَانِ وَلَمْ يُلْحِقْهُ بالناسي وَهَا هُنَا عَذَرَهُ بِالْجَهْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْجَهْلَ قِسْمَانِ مَا لَا يَشُقُّ دَفْعُهُ عَادَةً فَلَا يُعْذَرُ بِهِ وَمَا يَشُقُّ فَيُعْذَرُ بِهِ كَمَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ شَرِبَ خَمْرًا يَظُنُّهُ خَلًّا فَيُعْذَرُ إِجْمَاعًا وَمَشَاقُّ الْحَجِّ كَثِيرَةٌ فَنَاسَبَ التَّخْفِيفَ وَالْعَجَبُ أَنَّ النِّسْيَانَ فِي الْحَجِّ لَا يَمْنَعُ الْفِدْيَةَ وَهُوَ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ إِجْمَاعًا وَأَسْقَطَهَا بِالْجَهْلِ وَالتَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ الَّذِي يَثْبُتُ الْإِثْمُ مَعَهُمَا الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَكْرَهَ نِسَاءَهُ مُحْرِمَاتٍ أَحَجَهُنَّ وَكَفَّرَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَارَّةً وَإِنْ بِنَّ مِنْهُ وَتَزَوَّجْنَ لِأَنَّ الْحَجَّ تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ وَالْإِكْرَاهُ يُوجِبُ الضَّمَانَ كَوَطْئِهَا صَائِمَةً مُكْرَهَةً فَإِنْ طَاوَعْنَهُ فَذَلِكَ عَلَيْهِنَّ دُونَهُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ جُبِرَ الثَّانِي عَلَى الْإِذْنِ لَهَا وَمَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ وَقَدْ أَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ بِهَا وَيُهْدِيَ عَنْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَطَوْعُهَا لَهُ كَالْإِكْرَاهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَوْ بَاعَهَا كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ قَالَ عبد الْملك وَيهْدِي عَنْهَا وَلَا يَصُومُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الزَّوْجِ مَا يُحِجُّ زَوْجَتَهُ الْمُكْرَهَةَ فَلْتَفْعَلْ هِيَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهَا وَتَرْجِعْ عَلَيْهِ وَإِذَا أَفْلَسَ الزَّوْجُ وَقَفَ لَهَا مَا يُحَجُّ بِهِ وَيُهْدَى فَإِذَا مَاتَتْ قَبْلَ ذَلِكَ رَجَعَ إِلَى الْغُرَمَاءِ إِلَّا الْهَدْيَ فَيَبْعَثُ بِهِ إِلَى مَكَّةَ وَقَالَ سَنَدٌ الْخِلَافُ الَّذِي فِي كَفَّارَةِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الوطئ فِي الصَّوْم لَا يَأْتِي هَا هُنَا لِأَن الوطئ فِي الْحَجِّ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ لَا يَصُومُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهَا إِذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ قَوْلَانِ

ص: 343

نظرا إِلَى أَن أصل الْوُجُوب مُتَعَلق بهَا وَإِنَّمَا هُوَ يَحْمِلُ عَنْهَا الْإِكْرَاهَ أَوْ يُقَالُ وُجُودُ مَالِهِ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مُقَدمَات الوطئ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا دَاوَمَ الْمُحْرِمُ التَّذَكُّرَ لِلَّذَّةٍ أَوْ عَبَثَ بِذَكَرِهِ أَوِ اسْتَدَامَ الْحَرَكَةَ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ أَدَامَ النَّظَرَ لِلَّذَّةِ أَوْ بَاشَرَ حَتَّى أَنْزَلَ فَسَدَ حَجُّهُ وَكَذَلِكَ الْمُحْرِمَةُ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ فَإِنْ لَمْ يُبَالِغِ النَّظَرَ وَلَا دَاوَمَهُ فَأَنْزَلَ أَوْ بَاشَرَ فَالْتَذَّ وَلَمْ تَغِبِ الْحَشَفَةُ فَحَجُّهُ تَامٌّ وَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَ سَنَدٌ وَرَوَى أَشْهَبُ إِنْ تَذَكَّرَ أَهْلَهُ حَتَّى أَنْزَلَ لَيْسَ عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلًا وَلَا عُمْرَةٌ وَعَلَيْهِ هَدْيُ بَدَنَةٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ فَلَا يُفْسِدُ الْحَجَّ وَقَالُوا ذَلِكَ إِذَا جَامَعَ دُونَ الْفَرْجِ وَإِلْحَاقُ الْحَجِّ بِالْعِبَادَاتِ مِنَ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ وَالطَّهَارَةِ أَوْلَى مِنَ الْحُدُودِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ بَاشَرَ وَلَمْ يُنْزِلْ فَرَوَى مُحَمَّدٌ إِنْ قَبَّلَ فَبَدَنَةٌ أَوْ غَمَزَ امْرَأَةً بِيَدِهِ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَذْبَحَ وَتُكْرَهُ الْمُبَاشَرَةُ وَمَسُّ الْكَفِّ وَرُؤْيَةُ الذِّرَاعِ وَحَمْلُهَا عَلَى الْمَحْمَلِ بَلْ يتَّخذ سُلَّمًا وَلَا بَأْسَ بِرُؤْيَةِ شَعْرِهَا وَإِفْتَاءِ الْمُفْتِي فِي أُمُورِ النِّسَاءِ النَّوْعُ الْعَاشِرُ عَقْدُ النِّكَاحِ والإنكاح من الْمحرم لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِمَاعِ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ دُونَ سَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَغَيْرُهُ مَقْصِدٌ وَالَّذِي يُجْبَرُ إِنَّمَا هُوَ الْمَقَاصِدُ وَلَهُ مُرَاجَعَةُ زَوْجَتِهِ وَهُمَا مُحْرِمَانِ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ لِأَنَّهُمَا يتوارثان إِنَّمَا الرّجْعَة إِزَالَة مَانع من الوطئ النَّوْعُ الْحَادِيَ عَشَرَ التَّزَيُّنُ بِإِمَاطَةِ الْأَذَى وَالتَّنْظِيفِ وَالْأَصْل فِي منع هَذَا النَّوْع قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - الْمُحْرِمُ أَشْعَثُ أَغْبَرُ وَفِيهِ تَفْرِيعَاتٌ ثَلَاثَةٌ

ص: 344

الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا خَضَّبَ رَأْسَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ بِحِنَّاءٍ أَوْ وَسْمَةٍ أَوِ الْمُحْرِمَةُ يَدَيْهَا أَوْ رِجْلَيْهَا أَوْ رَأْسَهَا أَوْ طَرَفَتْ أَصَابِعَهَا افْتَدَيَا وَإِنْ خَضَّبَ أُصْبُعَهُ لِجُرْحٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إِنْ كَانَ لِلتَّدَاوِي وَإِلَّا فَلَا وَيَفْتَدِي فِي مُدَاوَاتِهِ بِالطِّيبِ مُطْلَقًا لِكَثْرَةِ الرَّفَاهِيَةِ فِي الطِّيبِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِنَّمَا تُوجِبُ الْحِنَّاءُ الْفِدْيَةَ فِي الرَّأْسِ إِذَا سَتَرَهَا لِأَنَّ أَزْوَاجَهُ عليه السلام كُنَّ يَخْتَضِبْنَ بِالْحِنَّاءِ وَهُنَّ حُرُمٌ وَوَافَقَنَا ح إِنْ عَمَّ الْعُضْوَ وَإِلَّا فَلَا لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الدُّهْنِ بِجَامِعِ إِزَالَةِ الشَّعَثِ وَهَذِهِ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنَ الْعِطْرِيَّةِ وَيُمْنَعُ صِحَّةُ حَدِيثِهِمْ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِالْغَسْلِ بِالْأُشْنَانِ غَيْرِ الْمُطَيِّبِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَنْ دَهَنَ كَفَّيْهِ أَوْ قَدَمَيْهِ مِنَ الشِّقَاقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ دَهَنَهُمَا لِغَيْرِ عِلَّةٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ يَا أَهْلَ مَكَّةَ مَا شَأْنُ النَّاسِ يأْتونَ شعثا وَأَنْتُم مدهنون أهلوا إِذا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الدُّهْنَ يُمْنَعُ مِنْهُ الْمُحْرِمُ وَلَا خِلَافَ فِي الْفِدْيَةِ فِي دَهْنِ الرَّأْسِ كَانَ عَلَيْهِ شَعْرٌ أَوْ لَا وَقَالَ مَالك وح بِهَا فِي دَهْنِ الْجَسَدِ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ سَنَدٌ إِذَا اسْتَعْمَلَ الدُّهْنَ فِي جَسَدِهِ لِعُذْرٍ افْتَدَى لِإِزَالَتِهِ الشَّعَثَ وَأَثَرُ الضَّرُورَةِ نَفْيُ الْإِثْمِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْس بالائتدام بالسيرج وَالسَّمْنِ وَيُكْرَهُ الِائْتِدَامُ وَالِاسْتِعَاطُ بِدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ وَشِبْهِهِ وَلَهُ كُحْلُ عَيْنٍ بِالْإِثْمِدِ لِحَرٍّ يَجِدُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُطَيَّبًا وَإِنِ اكْتَحَلَ لِلزِّينَةِ افْتَدَى وَخَالَفْنَا الْأَئِمَّةُ لَنَا أَنَّهُ يُزِيلُ الشَّعَثَ مِنَ الْعَيْنِ كَمَا يُزِيلُ الدَّهْنُ شَعَثَ الرَّأْسِ وَفِي الْجُلَّابِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ

ص: 345

لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ فِي الْكُحْلِ فِدْيَةٌ لِأَنَّ جِنْسَهُ خَاصٌّ بِالنِّسَاءِ وَالْفَرْقُ عِنْدَنَا بَيْنَ الْكُحْلِ لِلضَّرُورَةِ لَا فِدْيَةَ فِيهِ وَدَهْنُ الْجَسَدِ لِلضَّرُورَةِ فِيهِ الْفِدْيَةُ أَنَّ الْعَيْنَ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ فَتُشْبِهُ الشُّقُوقَ فِي الْيَدِ أَوِ الرِّجْلِ قَالَ سَنَدٌ وَأَمَّا تَشْقِيقُ الْعَيْنِ بِمَا لَا يَتَحَجَّرُ عَلَى الْجَفْنِ فَخَفِيفٌ وَإِنْ كَانَ يَسْتُرُ الْبَشَرَةَ سَتْرًا كَثِيفًا كَالْقِرْطَاسِ عَلَى الدُّمَّلِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَفِي كُحْلِ النِّسَاءِ وَلُبْسِ الْحُلِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الزِّينَةِ خِلَافٌ بَيْنِ أَصْحَابِنَا بِالْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ وَالْمَعْرُوفُ الْفِدْيَةُ فِي الْكُحْلِ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ لِأَنَّ الْحُلِيَّ لَا يُزِيلُ شَعَثًا وَلَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ شُعُوثَةُ اللِّبَاسِ بَلْ لَهُ تَجْدِيدُ الْمَلْبُوسِ وَيُبَالِغُ فِي تَنْظِيفِهِ إِذَا أَمِنَ مِنْ قَتْلِ الْهَوَامِّ وَلَا يُزِيلُ شَعَثَ جَسَدِهِ وَكَرِهَ مَالِكٌ النَّظَرَ فِي الْمرْآة للْمحرمِ والمحرمة لَيْلًا تَبْعَثَهُ عَلَى إِزَالَةِ الشَّعَثِ فِي الْجَوَاهِرِ يُكْرَهُ لَهُ غَمْسُ رَأْسِهِ فِي الْمَاءِ خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ وَلَيْسَ لَهُ غَسْلُهُ بِالسِّدْرِ وَالْخِطْمِيِّ وَيَفْتَدِي إِنْ فعل

ص: 346

(الْبَاب الثَّامِن فِي الْفِدْيَة الْمُرَتَّبَةِ عَلَى التَّرْخِيصِ بِالْمَخِيطِ وَالطِّيبِ وَإِلْقَاءِ التَّفَثِ وَغَيرهَا)

وَالْأَصْل فِيهَا قَول تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} الْبَقَرَة 196 وَفِي الْكِتَابِ: هَلْ هِيَ عَلَى التَّخْيِيرِ لِوُرُودِ الْآيَةِ بِصِيغَةِ أَوْ وَهِيَ تَقْتَضِي التَّخْيِيرَ لُغَةً وَفِي الْمُوَطَّأِ كَانَ كَعْب بن عجْرَة مَعَه صلى الله عليه وسلم َ - محرما فأذاه الْقمل فِي رَأسه فَأمره صلى الله عليه وسلم َ - أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَقَالَ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجَزَأَ عَنْكَ وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْحُكْمَيْنِ وَإِنْ كَانَتِ الْقَاعِدَةُ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَقَدْ أُطْلِقَتِ الْكَفَّارَة هَا هُنَا وَقُيِّدَتْ فِي الصَّيْدِ بِالْحُكْمِ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ وَهُوَ قَتْلُ الصَّيْدِ وَالتَّرَفُّهِ وَالْحُكْمُ وَهُوَ لِوُجُودِ الشَّبَهِ ثمَّة وشَاة كَيفَ كَانَت هَا هُنَا وَالْحَمْلُ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا اتَّحَدَ السَّبَبُ كَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ فَإِنَّ السَّبَبَ الْحَدَثُ أَوِ اتَّحَدَ الْحُكْمُ كَالْعِتْقِ فِي الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ قَالَ وَيَسْتَوِي فِي التَّخْيِيرِ الْمُضْطَرُّ وَالْجَاهِلُ وَالنُّسُكُ شَاةٌ يَذْبَحُهَا حَيْثُ شَاءَ وَلَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُهَا إِلَى الْحِلِّ وَلَا دُخُولُهَا فِيهِ وَكَذَلِكَ الْإِطْعَامُ وَهُوَ سِتَّةُ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ بمده صلى الله عليه وسلم َ - مِنْ عَيْشِ ذَلِكَ الْبَلَدِ بُرًّا أَوْ شَعِيرًا وَلَا يُجزئ الْغذَاء وَالْعشَاء لتعيينه صلى الله عليه وسلم َ - مُدَّيْنِ وَأَجْزَأَ فِي كَفَّارَةِ الْحِنْثِ لِكَوْنِهَا مُدًّا مُدًّا وَالْغَذَاءُ وَالْعَشَاءُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَقَالَ ش وح دَمُ الْفِدْيَةِ كَالْهَدْيِ يُذْبَحُ بِالْحَرَمِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَة لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَمَرَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ لَمَّا حَلَقَ

ص: 347

رَأْسَهُ أَنْ يُهْدِيَ هَدْيًا بَقَرَةً وَالْجَوَابُ مَنْعُ الصِّحَّةِ أَوْ حَمْلُهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَقَالَ ش لَا يُطْعِمُ إِلَّا بِمَكَّةَ وَقَالَ ح يَجُوزُ دَفْعُهُ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْكَفَّارَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ شَاءَ نَحَرَ الْبَدَنَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَإِنْ شَاءَ بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً وَلَهُ جَعْلُهَا هَدْيًا وَتَقْلِيدُهَا وَلَا يَنْحَرُهَا إِذَا قَلَّدَهَا إِلَّا بِمِنًى أَوْ بِمَكَّةَ إِنْ أَدْخَلَهُ مِنَ الْحِلِّ فَإِنِ افْتَدَى قَبْلَ الْفِعْلِ الْمُوجِبِ لم يُجزئهُ وَأفضل الْفِدْيَةِ أَفْضَلُ الْهَدَايَا الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْغَنَمُ لِأَنَّهُ يُفَرَّقُ لَحْمًا فَيُسْتَحَبُّ فِيهِ الْكَثْرَةُ ومتابعة الصَّوْم أفضل وَلَو تبين اسْتِوَاء الْغذَاء وَالْعَشَاءِ لِلْمُدَّيْنِ أَجْزَأَهُ وَلَوْ أَطْعَمَ يَوْمَيْنِ أَجْزَأَهُ فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْفِدْيَةِ وَالْأَصْلُ فِي التَّدَاخُلِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية} الْآيَة فَجَعَلَ الْوَاجِبَ أَحَدَ الْخِصَالِ مُرَتَّبًا عَلَى الْمَرَضِ وَالْأَذَى وَلَمْ يَخُصَّ بَعْضَ الْمَرَضِ بِشَيْءٍ فَيَجِبُ فِي حَمْلِهِ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَرَضِ فِدْيَةً وَاحِدَة وَيلْحق بِهِ النِّيَّة المتحدة والمجلس المتحذ بِجَامِعِ الْعَزْمِ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْمَحْظُورِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْقِرَانِ أَنْوَاعُ التَّدَاخُلِ فِي مَوَارِدِ الشَّرْعِ وَعَدَدِهِ وَتَفَاصِيلِهِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ هُنَاكَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا لَبِسَ قَلَنْسُوَةً لِوَجَعٍ ثُمَّ نَزَعَهَا فَعَاد إِلَيْهِ الوجع فلبسها إِن نَزعهَا بَدَأَ مِنْهُ فِيهَا فَدِيَتَانِ وَإِنْ كَانَ نَاوِيًا مُرَاجَعَتَهَا عِنْدَ مُرَاجَعَةِ الْمَرَضِ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ نَظَرًا لِاتِّحَادِ النِّيَّةِ وَالسَّبَبِ كَالْحُدُودِ وَكَذَلِكَ إِذَا وَطِئَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَوَافَقَنَا ح إِذَا وَطِئَ وَهُوَ يَعْتَقِدُ الْخُرُوجَ مِنْ إِحْرَامِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ أَوِ اعْتَقَدَ رَفْضَهُ أَو اعْتقد بَقَاءَهُ أَو تكَرر الوطئ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ الْإِحْرَامَ وَوَطِئَ فِي مَجَالِسَ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ بَدَنَةٌ وَفِي الثَّانِي شَاةٌ سَوَاءٌ كَفَّرَ عَنِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا وَعِنْدَ ش إِذَا لَمْ يَكُنْ كَفَّرَ حَتَّى وَطِئَ قَوْلَانِ فِي التَّدَاخُلِ وَإِذَا لَمْ يَتَدَاخَلْ فَهَلْ يَجِبُ فِي الثَّانِي بَدَنَةٌ أَوْ شَاةٌ قَوْلَانِ لَنَا أَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يفْسد الْإِحْرَام

ص: 348

لِتَعَذُّرِ إِفْسَادِ الْفَاسِدِ فَلَا تَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةٌ كَمَا لَوِ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ وَلَوْ لَبِسَ الثِّيَابَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ نَاوِيًا لُبْسَهَا إِلَى بُرْئِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ وَهُوَ يَنْوِي لُبْسَهَا مُدَّةً جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا أَو جرءة فكفارة وَاحِدَة لِاتِّحَاد النِّيَّة وَكَذَلِكَ الطّيب يَنْبع اتِّحَادَ النِّيَّةَ وَتَعَدُّدَهَا فَإِنْ دَاوَى قُرْحَةً بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ ثُمَّ قُرْحَةً أُخْرَى بَعْدَهَا فَكَفَّارَتَانِ لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ وَالنِّيَّةِ وَإِنِ احْتَاجَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ لِأَصْنَافٍ فَلَبِسَ خُفَّيْنِ وَقَمِيصًا وَقَلَنْسُوَةً وَسَرَاوِيلَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى خُفَّيْنِ فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ إِلَى قَمِيصٍ فَلَبِسَهُ فَكَفَّارَتَانِ لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ وَإِنْ قَلَّمَ الْيَوْمَ أَظْفَارَ يَدِهِ وَفِي الْغَدِ أَظْفَارَ يَدِهِ الْأُخْرَى فَفِدْيَتَانِ لِتَعَدُّدِ الْمَجْلِسِ وَإِنْ لَبِسَ وَتَطَيَّبَ وَحَلَقَ وَقَلَّمَ فِي فَوْرٍ وَاحِدَةٍ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَعَدَّدَتِ الْمَجَالِسُ تَعَدَّدَتِ الْفِدْيَةُ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش هَذِهِ أَجْنَاسٌ لَا تَتَدَاخَلُ كَالْحُدُودِ الْمُخْتَلِفَةِ لَنَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ التَّرَفُّهُ وَهُوَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَاجِبٍ وَمُوجِبُ الْجَمِيعِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْفِدْيَةُ فَتَتَدَاخَلُ كَحُدُودِ الْمُسْكِرِ الْمُخْتَلِفِ الْأَنْوَاعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ احْتَاجَ إِلَى قَمِيصٍ ثُمَّ اسْتَحْدَثَ السَّرَاوِيلَ مَعَ الْقَمِيصِ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِسُتْرَةُ الْقَمِيصِ مَوْضِعَ السَّرَاوِيلِ فَلَوِ احْتَاجَ إِلَى السَّرَاوِيلِ أَوَّلًا فَفِدْيَتَانِ فَإِنِ احْتَاجَ إِلَى قَلَنْسُوَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَلبس عِمَامَة أَو عكس فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ لَوِ احْتَاجَ إِلَى قَمِيصٍ ثُمَّ جُبَّةٍ ثُمَّ فَرْوَةٍ أَوِ احْتَاجَ إِلَى قَلَنْسُوَةٍ ثُمَّ عِمَامَةٍ ثُمَّ إِلَى التَّظَلُّلِ قَالَ سَنَدٌ إِنِ اتَّصَلَ الْفِعْلُ لَا يَضُرُّ تَقَطُّعُ النِّيَّةِ مِثْلُ اسْتِعْمَالِ دَوَاءٍ فِيهِ الْعَنْبَرُ ثُمَّ يُوصَفُ لَهُ دَوَاءٌ فِيهِ الْمِسْكُ فَيَقْصِدُهُ بِفَوْرِ اسْتِعْمَالِ الْأَوَّلِ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنِ اتَّصَلَتِ النِّيَّةُ وَتَقَطَّعَ الْفِعْلُ كَالْعَزْمِ عَلَى التَّدَاوِي بِكُلِّ مَا فِيهِ طِيبٌ فَيَسْتَعْمِلُ الْمِسْكَ ثُمَّ الْعَنْبَرَ فَفِدْيَةٌ

ص: 349

وَاحِدَةٌ فَإِنْ تَقَطَّعَا مَعًا كَمَا إِذَا لَمْ يَنْجَعْ دَوَاءُ الْمِسْكِ فَيَعْزِمُ عَلَى دَوَاءِ الْعَنْبَرِ فَلَا يتداخلان لتباين مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ الْفَوْرُ والقرب وَإِذا احْتَاجَ إِلَى خُفَّيْنِ أَوْ ثِيَابٍ لَمْ تَتَعَيَّنْ وَلَهُ لُبْسُ خَفٍّ بَعْدَ خُفٍّ بِخِلَافِ الطِّيبِ إِذَا نَوَى طِيبًا مُمَسَّكًا فَاسْتَعْمَلَ بَعْدَهُ غَيْرَهُ فَكَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ الطِّيبَ يَتْلَفُ عَيْنُهُ فَيَتَعَيَّنُ وَاللِّبَاسُ إِنَّمَا تتْلف مَنَافِعه فَلَا يَتَعَيَّنْ وَفِي الْجَوَاهِرِ حَيْثُ قُلْنَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِاللُّبْسِ فَكَذَلِكَ إِذَا انْتَفَعَ بِهِ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ كَالنَّوْمِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ حَتَّى ذَكَرَ وَنَزَعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْخُفُّ إِذَا نَزَعَهُ عَلَى الْقُرْبِ

ص: 350

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي دِمَاءِ الْحَجِّ)

وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ يَجِبُ الدَّمُ فِي الْحَجِّ فِي أَرْبَعِينَ خَصْلَةً وَالنَّظَرُ فِي أَنْوَاعِهَا وَأَحْكَامِهَا وَبِقَاعِهَا وَأَزْمَانِهَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَنْوَاعِهَا النَّوْعُ الْأَوَّلُ مَا وَجَبَ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ وَفِي الْكِتَابِ كُلُّ هَدْيٍ وَجَبَ عَلَى مَنْ تَعَدَّى مِيقَاتَهُ أَوْ تَمَتَّعَ أَو أَوْ قَرَنَ أَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَوْ تَرَكَ الرَّمْيَ أَوِ النُّزُولَ بِمُزْدَلِفَةَ أَوْ نَذَرَ مَشْيًا فَعَجَزَ عَنْهُ أَوْ تَرَكَ مِنَ الْحَجِّ مَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَصُومَ الثَّلَاثَةَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنْ لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ صَامَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَيَصِلُ السَّبْعَةَ بِهَا إِنْ شَاءَ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} الْبَقَرَة 196 أَي من منى سَوَاء أَقَامَ بِمَكَّةَ أَمْ لَا وَإِنْ صَامَ بَعْضَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ كَمَّلَهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ صَامَ مَتَى شَاءَ وَصَلَهَا بِالسَّبْعَةِ أَمْ لَا وَإِنَّمَا يَصُومُ الثَّلَاثَةَ فِي الْحَجِّ الْمُتَمَتِّعُ وَالْقَارِنُ وَمُتَعَدِّي الْمِيقَاتِ وَمُفْسِدُ الْحَجِّ وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَأَمَّا مَنْ لَزِمَهُ ذَلِكَ لِتَرْكِ جَمْرَةٍ أَوِ النُّزُولِ بِمُزْدَلِفَةَ فيصوم مَتى شَاءَ وَكَذَلِكَ الوطئ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَصُومُ إِذَا اعْتَمَرَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى وَالْمَاشِي فِي نَذْرِهِ بِعَجْزٍ يَصُومُ مَتَى شَاءَ

ص: 351

لِأَنَّهُ يَقْضِي فِي غَيْرِ حَجٍّ فَيَصُومُ فِي غير حج وَقَالَ ش يَبْتَدِئ الْمُتَمَتّع الصَّوْم مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ كَمَا قُلْنَاهُ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ مِنْ حِينِ يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ قِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ هَدْيِ الْمُتْعَةِ عَلَى الْحَجِّ بَعْدَ الْعُمْرَةِ لِأَن التَّطَوُّع الْحَج يجزء عَنْ وَاجِبِهِ فَهَذَا أَوْلَى لَنَا أَنَّ حَقِيقَةَ التَّمَتُّعِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فَلَوْ تَقَدَّمَ الصَّوْمُ لَتَقَدَّمَ عَلَى سَبَبِهِ وَلِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يُجْزِئُ قَبْلَ الْحَجِّ فَكَذَلِكَ بَدَلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَين التَّكْفِير قبل الْحِنْث بعد بِالْيَمِينِ أَنَّ الْيَمِينَ هُوَ السَّبَبُ وَالْحِنْثُ شَرْطٌ وَالْحُكْمُ يَجُوزُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى سَبَبِهِ وَالْعُمْرَةُ لَيْسَتْ سَبَبًا بَلِ اجْتِمَاعُ الْإِحْرَامَيْنِ وَلَمْ يَحْصُلْ وَوَافَقَ ابْنُ حَنْبَلٍ فِي صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم خَالف ش وح لنَهْيه صلى الله عليه وسلم َ - عَنْ صَوْمِهَا وَجَوَابُهُ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ خَاصٌّ وَمَا ذَكَرُوهُ عَامٌّ فَيُقَدَّمُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ يَصُومُ بَعْدَ عَرَفَةَ وَقَالَ ح يَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} الْبَقَرَة 196 فشرطها فِي الْحَج وَجَوَابه أَن الْوَاجِب فِي الْحَج لَا يُنَافِي الْوَاجِب فِي غَيْرِهِ فَإِنِ اسْتَدَلَّ بِمَفْهُومِ الزَّمَانِ فَهُوَ لَا يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ ثُمَّ يَنْتَقِضُ بِصِيَامِ الظِّهَارِ فَإِنَّهُ مَشْرُوطٌ بِقَبْلِ الْمَسِيسِ وَيَجِبُ بَعْدَهُ وَلَنَا الْقِيَاسُ عَلَيْهِ وَعَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ أَخَّرَ الدَّمَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَيَصُومُ كَتَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ عَنْ وَقْتِهِ وَجَوَابه أَن الصَّوْم هَا هُنَا يدل عَلَى الْهَدْيِ فَلَوْ وَجَبَ الدَّمُ لَاجْتَمَعَ الْبَدَلُ والمبدل مَعَه وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ قَالَ مَنْ تَرَكَ الْمِيقَاتَ فِي عُمْرَتِهِ أَوْ وَطِئَ أَوْ فَعَلَ مَا يَلْزَمُهُ بِهِ هَدْيٌ فَلَمْ يَجِدْهُ فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةً بَعْدَ ذَلِكَ وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَصُمْ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ حَتَّى رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَلَهُ بِهَا مَالٌ بَعَثَ بِالْهَدْيِ وَلَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ وَكَذَلِكَ مَنْ أَيْسَرَ قَبْلَ صِيَامِهِ وَمَنْ وَجَدَ مَنْ يُسْلِفُهُ فَلَا يَصُمْ وَيَتَسَلَّفُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا بِبَلَدِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي

ص: 352

الْحَجِّ} الْبَقَرَة 196 وَاشْتَرَطَ عَدَمَ الْهَدْيِ كَمَا اشْتَرَطَ عَدَمَ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ فَكَمَا يَتَسَلَّفُ لِلْمَاءِ يَتَسَلَّفُ لِلْهَدْيِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا طَرَأَ مُوجِبُ الدَّمِ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَلِمَالِكٍ فِي تَرْخِيصِهِ بِصَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَوْلَانِ قِيَاسًا عَلَى التَّمَتُّعِ بِجَامِع وجوب الثَّلَاث وَالسَّبْعَةِ أَوْ نَظَرَ إِلَى تَقَدُّمِ الْوُجُوبِ فِي التَّمَتُّعِ وَمَنْ شَرَعَ فِي صِيَامِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ وجد الْهَدْي اسْتحبَّ لَهُ الْهَدْيِ وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَ بَعْدَهُ الثَّلَاثَةَ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ تَيَمُّمِهِ وَإِذَا وَجَدَهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ وَجَبَ الْمُبْدَلُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْبَدَلِ وَهُوَ التَّحَلُّلُ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى السَّبْعَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ أَنَّ الصَّوْمَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ وَظَاهِرُ الْمُصْلِحَةِ وَالتَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ مُنَافٍ لِمَقْصُودِ الطَّهَارَةِ وَإِنَّمَا شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى ضَبْطًا لِعَادَةِ التَّطْهِيرِ وَيَصُومُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مُتَّصِلَةٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهله وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ يَجِبُ التَّفْرِيقُ لِأَنَّهُ هَيْئَة لِلْعِبَادَةِ فَلم يسْقط بالفوات كهيآت الصَّلَاةِ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ وَاجِبَةٌ لِلْوَقْتِ فَتَفُوتُ بِفَوَاتِهِ كَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْأَدَاءِ وَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيُ وَأَخَّرَ الصَّوْمَ حَتَّى مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَارِثِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ عَنْهُ فَالْهَدْيُ لِأَنَّ الصِّيَامَ لَا تدخله النِّيَابَة وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ الْحَارِثِ لَا بُدَّ من اتِّصَال الثَّلَاثَة بَعْضهَا بِبَعْض وَكَذَا السَّبْعَةُ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ وَلَوْ مَاتَ الْمُتَمَتِّعُ قَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهَا أُخْرِجَ هَدْيُ التَّمَتُّعِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ الْهَدْيُ إِلَّا أَن يشاءوا وَلَا بِجمع بَيْنَ بَعْضِ الْبَدَلِ وَبَعْضِ الْمُبْدَلِ فِي سَائِرِ الْإِبْدَال بل وصنف وَاحِدٌ النَّوْعُ الثَّانِي مَا وَجَبَ مَعَ التَّخْيِيرِ وَهُوَ جَزَاءُ الصَّيْدِ وَفِدْيَةُ الْأَدَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُ فَرُوعِهَا فِي بَابِهَا

ص: 353

النَّوْعُ الثَّالِثُ التَّطَوُّعُ وَلَا أَعْلَمُ فِي التَّطَوُّعِ بِالْهَدْي خلافًا وَقد بعث صلى الله عليه وسلم َ - بِالْهَدَايَا تَطَوُّعًا مَعَ نَاجِيَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَمَعَ غَيْرِهِ وَمَا زَالَ السَّلَفُ عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ إِنِ اسْتَحَقَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ اسْتَحَقَّ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَيَجْعَلُ مَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ ثَمَنِهِ فِي هدي كَمَا يفعل بِمَا يرجع بِهِ من عيب وَإِن ظلّ هَدْيُ التَّطَوُّعِ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ نَحَرَهُ بِمَكَّةَ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ يَجِدُهَا بَعْدَ أَيَّامِ الذَّبْحِ وَالْفَرْقُ تَعَيُّنُ الْهَدْيِ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَالْأُضْحِيَّةُ لَا تَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالذَّبْحِ أَوِ النَّذْرِ أَوِ التعين الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا وَهِيَ عَشَرَةٌ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ الشَّرِكَةُ فِيهَا وَفِي الْكِتَابِ لَا يُشْتَرَكُ فِي هَدْيِ تَطَوُّعٍ وَلَا وَاجِبٍ وَلَا نَذْرٍ وَلَا جَزَاءِ صَيْدٍ وَلَا فِدْيَةٍ وَأَهْلُ الْبَيْتِ والأجانب سَوَاء وَقَالَ ح وَيجوز الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ لِمُرِيدِي التَّقَرُّبِ كَانَ أَحَدُهُمَا مُتَطَوِّعًا أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يُرِيدُ التَّقَرُّبَ لَمْ يَجُزْ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَل يجوز مُطلقًا يَقُول جَابر نحرنا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعٍ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ وَمُسْلِمٍ وَقِيَاسًا عَلَى اشْتِرَاكِ أَهْلِ الْبَيْتِ فِي الْأُضْحِيَّةِ لَنَا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه مَا كُنْتُ أَرَى دَمًا يَقْضِي عَنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَالْقِيَاسُ عَلَى الشَّاةِ وَهِيَ تُبْطِلُ قِيَاسَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَجُوزُ فِيهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ بِخِلَافِ الْهَدْيِ اتِّفَاقًا وَقِيَاسًا عَلَى الرَّقَبَةِ فِي الْعِتْقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ أَنَّ الْهَدْيَ شُرِعَ فِي الْإِحْرَامِ تَبَعٌ لَهُ وَالْإِحْرَامُ لَا شَرِكَةَ فِيهِ فَلَا شَرِكَةَ فِي الْهَدْيِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَالْأُضْحِيَّةُ لَمْ تَتْبَعْ غَيْرَهَا قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ

ص: 354

يَشْتَرِكُ فِي التَّطَوُّعِ لِأَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ كَانُوا فِي مُتَطَوِّعِينَ مُعْتَمِرِينَ وَإِذَا مَنَعْنَا الِاشْتِرَاكَ فِي التَّطَوُّعِ فَظَاهِرُ الْفِرَقِ بَيْنَ الْأَجَانِبِ وَالْأَقَارِبِ لِمَا فِي أبي دَاوُد أَنه نَحَرَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً وَاحِدَةً وَإِنْ أَجَزْنَا الِاشْتِرَاكَ فَلَا يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْبَيْتِ وَلَا بِسَبْعٍ قِيَاسًا عَلَى عِتْقِ التَّطَوُّعِ وَالْخَصْمُ يَمْنَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ اتِّبَاعًا لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا مَفْهُومُ لَقَبٍ أَوْ عَدَدٍ وَهُمَا ضَعِيفَانِ فِي بَابِ الْمَفْهُومِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ وَإِذَا اشْتَرَكَ الْأَجَانِبُ فَلَا فَرْقَ أَنْ يُوهَبَ لَهُمْ أَوْ يبتاعوه اتّفقت أجزاؤهم أم اخْتَلَفَتْ إِلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُمْ ذِمِّيٌّ وَلَا مَنْ لَا يُرِيدُ التَّقَرُّبَ كَمُرِيدِ بَيْعِ اللَّحْمِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ هِيَ النَّحْرُ وَالْعِبَادَةُ لَا يَكُونُ بَعْضُهَا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَإِذَا أَرَادُوا قِسْمَةَ اللَّحْمِ فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إِقْرَارُ حَقٍّ جَازَ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ فَلَا وَإِنْ تَصَدَّقُوا بِهِ جَازَ لِلْمَسَاكِينِ قِسْمَتُهُ كَمَا لَهُمْ بَيْعُهُ وَقِسْمَةُ ثَمَنِهِ الْحُكْمُ الثَّانِي التَّقْلِيدُ وَالْإِشْعَارُ وَهُمَا مِنْ سُنَّةِ الْهَدْيِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - أشعر بَدَنَة فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ سَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ إِذَا أَهْدَى هَدْيًا مِنَ الْمَدِينَة قَلّدهُ وَأَشْعرهُ بِذِي الحليفة ويقلده قَبْلَ أَنْ يُشْعِرَهُ وَذَلِكَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْقِبْلَةِ يُقَلِّدُهُ بِنَعْلَيْنِ وَيُشْعِرُهُ مِنَ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يُسَاقُ وَكَانَ إِذَا طَعَنَ فِي سَنَامِ هَدْيِهِ وَهُوَ يُشْعِرُهُ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَكَانَ يُجَلِّلُ بُدْنَهُ بِالْقَبَاطِيِّ وَالْأَنْمَاطِ وَالْحُلَلِ ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا إِلَى مَكَّةَ فَيَكْسُوهَا أَيَّامًا وَأَمَّا التَّقْلِيدُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى

ص: 355

{وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ} الْمَائِدَة 2 قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَقَلَّدَهَا هُوَ بِيَدِهِ وَقَالَ ح الْإِشْعَارُ بِدْعَةٌ لنَهْيه صلى الله عليه وسلم َ - عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ وَعَنِ الْمُثْلَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ مَا ذَكَرَهُ سَلَّمْنَا لَهُ التَّسَاوِيَ فِي الْعُمُومِ لَكِنَّ حَدِيثَ مُسْلِمٍ السَّابِقَ عَامَ الْوَدَاعِ وَحَدِيثَ الْمُثْلَةِ عَامَ أُحُدٍ فَيَكُونُ مَنْسُوخًا وَيُنْتَقَضُ عَلَيْهِ بِالْكَيِّ وَالْوَسْمِ فِي أَنْعَامِ الزَّكَاةِ وَالْجِزْيَةِ لِتَمَيُّزِهَا عَنْ غَيرهَا وَالْغَرَض هَا هُنَا أَيْضا أَن لَا تختلط بَعِيرهَا وَأَنْ يَتَوَقَّاهَا اللِّصُّ وَأَنْ يَنْحَرَهَا مَنْ وَجَدَهَا فِي محلهَا فَإِن التَّقْلِيد قد يَقع فَلَا يَكْفِي ثُمَّ هَذِهِ الشَّعِيرَةُ أَظْهَرُ فِي الْإِسْلَامِ من احْتِيَاجه لسند وَفِي الْكِتَابِ مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ وَمَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُقَلِّدْهُ ثُمَّ يُشْعِرْهُ ثُمَّ يُجَلِّلْهُ إِنْ شَاءَ وَذَلِكَ وَاسِعٌ ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَرْكَعُ وَيُحْرِمُ وَلَا يَنْبَغِي التَّقْلِيدُ وَلَا الْإِشْعَارُ إِلَّا عِنْدَ الْإِحْرَام إِلَّا أَن لَا يُرِيدَ الْحَجَّ فَيَفْعَلُ ذَلِكَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَأَرَادَ الْهَدْيَ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ وَيُؤَخِّرَ الْهَدْيَ وَيُقَلَّدُ الْهَدْي كُله ويشعر إِلَى الْغَنَمَ لَا تُقَلَّدُ وَلَا تُشْعَرُ وَتُقَلَّدُ الْبَقَرُ وَلَا تُشْعَرُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهَا أَسْنِمَةٌ فَتُشْعَرُ وَالْإِشْعَارُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ مِنْ سَنَامِهَا عَرْضًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا تُقَلَّدُ بِالْأَوْتَارِ وَلَا تُقَلَّدُ فِدْيَةُ الْأَذَى لِأَنَّهَا نُسُكٌ وَلَيْسَتْ هَدْيًا وَمَنْ شَاءَ جَعَلَهَا هَدَيًا وَيُجْزِئُ الْهَدْيُ كُلُّهُ بِدُونِ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالك يسْتَحبّ القليد بِمَا تنْبت الأَرْض وتجزي النَّعْل الْوَاحِدَة

ص: 356

لحُصُول التَّمْيِيز قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الْإِشْعَارُ فِي أَيِّ الشِّقَّيْنِ شَاءَ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْأَيْمَنِ وَاخْتَارَهُ عبد الْوَهَّاب فِي المعونة لحديثه ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتَارَ مَالِكٌ فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّهُ فِعْلُ الْحَرَمَيْنِ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَعِيرِ سَنَامٌ قَالَ مَالِكٌ لَا يُشْعَرُ كَالْبَقَرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وش يُشْعَرُ الْبَقَرُ لَنَا أَنَّهُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي السَّنَامِ فَلَا يُشْرَعُ فِي غَيْرَهِ كَالْعِتْقِ وَكَالْغَنَمِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْإِشْعَارُ طُولًا وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُخْتَلِفًا وَالْمَعْنَى مُتَّفِقًا هَذَا يُرِيدُ عَرْضَ السَّنَامِ وَهَذَا يُرِيدُ طُولَ الْبَعِيرِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا تُقَلِّدُ الْمَرْأَةُ وَلَا تُشْعِرُ إِلَّا أَنْ لَا تَجِدَ مَنْ يَلِي ذَلِكَ كَالذَّبْحِ قَالَ مَالِكٌ وَالْبَيَاضُ فِي الْجِلَالِ أَحَبُّ إِلَيْنَا وشق الْجلَال أحب إِلَيْنَا على الأسنمة لتثيت إِنْ كَانَتْ قَلِيلَةَ الثَّمَنِ كَالدِّرْهَمَيْنِ وَيُنْزَعُ الْعَالِي مِنْهَا لَيْلًا يخرقه الشوك وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما لَا يُجَلِّلُ حَتَّى يَغْدُوَ مِنْ مِنًى لِأَنَّ جِلَالَهُ كَانَت غَالِيَة قَالَ ابْن حبيب وش وَابْنُ حَنْبَلٍ تُقَلَّدُ الْغَنَمُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَهْدَى غَنَمًا مُقَلَّدَةً وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى قَلَائِدِ أَطْوَاقٍ كَانَتْ حَلْقِيَّةً فِي أَعْنَاقِهَا لَنَا لِأَنَّهَا لَا تُجْلَبُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ بِكَرَاهَةِ تَقْلِيدِ النِّعَال الْحُكْمُ الثَّالِثُ تَعْيِينُهُ بِالتَّقْلِيدِ وَعِنْدَنَا يَتَعَيَّنُ وَعِنْدَ ش وح لَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالذَّبْحِ كَالْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ لَمَا أَجْزَأَهُ وَنَحَرَهُ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا فَلَهُ إِبْدَالُهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْعَهْدِيَّ يَتَعَدَّى لِلْوَلَدِ حَتَّى

ص: 357

يَجِبُ نَحْرُهُ كَالِاسْتِيلَادِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَوَلَدُ الْأُضْحِيَّةِ لَا يُنْحَرُ مَعَهَا وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ فَإِنَّهُ إِذَا عَزَلَ شَاةَ الزَّكَاةِ فَوَلَدَتْ لَا يَلْزَمُ دَفْعُ وَلَدِهَا مَعَهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ النَّحْرَ تَسْلِيمٌ لِمَا عَيَّنَهُ وَلَزِمَهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ أَهْدَى نَجِيبًا فَأُعْطِيَ بِهَا ثَلَاثمِائَة دِينَار فَأتى النَّبِي فَأخْبرهُ بذلك ففال أَفَأَبِيعُهَا وَأَشْتَرِي بِهَا بُدْنًا قَالَ لَا انْحَرْهَا وَقِيَاسًا عَلَى تَسْلِيمِ الزَّكَاةِ إِلَى الْإِمَامِ قَبْلَ وُصُولِهَا لِلْمَسَاكِينِ وَفِي الْكِتَابِ كُلُّ هَدْيٍ وَاجِبٍ أَوْ تَطَوُّعٌ أَوْ نَذْرٌ أَوْ جَزَاءُ صَيْدٍ دَخَلَهُ عَيْبٌ بَعْدَ التَّقْلِيدِ أَجْزَأَ خِلَافًا لِ ش وح لنا أَنه غير مُتَمَكن من تغيره وَلَو ضل ثمَّ وجده بعد نَحره غَيره نَحره وَلَو مَاتَ لم يتَمَكَّن الْوَرَثَة من تَغْيِيره قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِتَفْرِيطٍ أَوْ تَعِدٍّ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَالتَّطَوُّعُ وَالْمَنْذُورُ لَا يُضْمَنُ وَلَوْ مَاتَ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ الْقِيَاسُ الْإِبْدَالُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا وَجَدَ الْهَدْيَ مَعِيبًا لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يَرُدُّهُ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّعْيِينِ بِالتَّقْلِيدِ فَعَطِبَ الْهَدْيُ قَبْلَ مَحِلِّهِ أُبْدِلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} الْمَائِدَة 95 وَهَذَا لَمْ يَبْلُغِ الْكَعْبَةَ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ وَالْمُتَطَوِّعِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ نَحْرَهُ مَعَ الْإِمْكَانِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَخْطَأَ الرُّفَقَاءُ فَنَحَرَ كُلُّ وَاحِدٍ هَدْيَ صَاحِبِهِ أَجْزَأَهُمْ بِخِلَافِ الضَّحَايَا لِتَعَيُّنِهَا بِالتَّقْلِيدِ قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ ضَلَّ هَدْيُهُ يَوْمَ النَّحْر تَأْخِير خِلَافه إِلَى زَوَالِ الشَّمْسِ لِبَقَاءِ وَقْتِ النَّحْرِ عَسَاهُ ينْحَر قبل الْخلاف فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ حَلَقَ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ اسْتحبَّ لَهُ تَأْخِيره إِلَى غَد وَتَقْدِيم الْخلاف أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِهِ وَلَوْ نَحَرَ الضَّالَّ وَاجِدُهُ عَن نَفسه قَالَ مُحَمَّد يجزىء عَنْ صَاحِبِهِ وَمَنْ نَحَرَ هَدْيَ غَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ هَدْيُ نَفْسِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم لَا يُجزئ فِي غير الْعمد لتعينه قَالَ وَهَذَا يَقْتَضِي إِجْزَاءَهُ مَعَ الْعَمْدِ وَرَوَى أَشْهَبُ فِي الرُّفَقَاءِ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ بِخِلَافِ الضَّحَايَا عَكْسُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِمَا وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا مَنْ

ص: 358

ذبح شَاة صَاحبه المقلدة وأجزأته وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَإِذَا قُلْنَا لَا تُجْزِئُ عَنِ الأولى فَلَهُ الْقِيمَةُ كَأُمِّ الْوَلَدِ إِذَا قُتِلَتْ وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْهُ صَاحِبُهُ وَأَخَذَ اللَّحْمَ لَمْ تُجْزِئِ الثَّانِيَ لِأَنَّ الْإِجْزَاءَ فَرْعُ الْمِلْكِ وَالْمِلْكُ فَرْعُ التحميلة وَهَلْ لِلْأَوَّلِ بَيْعُ اللَّحْمِ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فَمَنْ وَجَدَ بِهَدْيِهِ عَيْبًا وَإِذَا عَطِبَ الْمَنْذُورُ قَبْلَ مَحِلِّهِ لَمْ يُضْمَنْ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُمْكِنَهُ ذَبْحُهُ فَيَتْرُكُهُ حَتَّى يَمُوتَ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى الذَّبْحِ وَقَدْ فَرَّطَ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَنْذُورِ عِتْقُهُ حَتَّى يَمُوتَ مَعَ الْمُكْنَةِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلْعِتْقِ هُوَ الْعَبْدُ وَقَدْ هَلَكَ وَالْمُسْتَحِقُّ لِلْهَدْيِ الْمَسَاكِينُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِ بُدْنِهِ أَوْ هَدْيِ تَطَوُّعِهِ مَحِلَّهَا بَعْدَ تقليدها لَا يرجع مِيرَاثهَا الْحُكْمُ الرَّابِعُ فِي صِفَاتِهَا مِنَ الْجِنْسِ وَالسِّنِّ وَالسَّلَامَةِ مِنَ الْعُيُوبِ وَحُكْمُهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ حُكْمُ الضَّحَايَا عَلَى مَا سَيَأْتِي مُفَسَّرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْجَوَاهِرِ تُعْتَبَرُ السَّلَامَةُ وَقْتَ الْوُجُوبِ حِينَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ دُونَ وَقْتِ الذَّبْحِ وَقِيلَ يُرَاعَى وَقْتُ الذَّبْحِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ وَهُوَ لَا يُجْزِئُ لِعَيْبٍ بِهِ فَزَالَ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِمَحِلِّهِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَعَلَيْهِ بَدَلُهُ إِنْ كَانَ مَضْمُونًا وَلَوْ حَدَثَ بِهِ ذَلِكَ بَعْدَ التَّقْلِيدِ أَجْزَأَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ الْقِيَاسُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَوته قَالَ أَبُو طَاهِر يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَجِبُ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ أَوْ وَجَبَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ دَوَامُ كَمَالِهِ إِلَى النَّحْرِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَنْحَرُ الْمَعِيبَ وَيُبْدِلُهُ وَقَالَ ش لَا يُجْزِئُهُ كَالْأُضْحِيَّةِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الزَّكَاةِ إِذَا دَفَعَهَا إِلَى الْأَمَامِ وَفِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِالْهَدَايَا وَالضَّحَايَا مَعَ يَسِيرِ الْقَطْعِ أَوِ الشِّقِّ فِي الْأُذُنِ مِثْلُ السِّمَةِ وَنَحْوِهَا وَيَجُوزُ الْخَصِيُّ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا وَبِالْخِبْرَةِ لِسِمَنِهِ وَطِيبِ لَحْمِهِ وَيَجُوزُ الْكَوْكَبُ عَلَى الْعَيْنِ مَعَ الْإِبْصَارِ بِهَا وَلَا يَجُوزُ الْبَيِّنُ الْعَرَجِ وَلَا الْبَين الْمَرَض من الدبر وَلَا الْإِبِلِ وَلَا الْمَجْرُوحُ إِذَا كَانَ الْجُرْحُ أَوِ الدَّبَرُ كَثِيرًا وَالَّذِي يُجْزِئُ مِنَ الْأَسْنَانِ فِي الْهَدَايَا وَالْفِدْيَةِ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِنْ سَائِرِ الْأَنْعَامِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ لَا يُجْزِئُ

ص: 359

إِلَّا الثَّنِيُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - أَرْخَصَ فِي الْبُدْنِ مِنَ الضَّأْنِ وَالْبُدْنُ عِنْدَ مَالِكٍ مِنَ الْإِبِلِ وَحْدَهَا وَالذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ بُدْنٌ كُلُّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الْحَج 36 وَلَمْ يُفَصَّلْ وَيَجُوزُ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا وَمَنْ أَهْدَى ثَوْبًا فَلْيَبِعْهُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ مَا يَجُوزُ مِنَ الْهَدْيِ تَوْفِيَةً بِلَفْظِ الْهَدْيِ وَإِذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ التَّقْلِيدِ أَمْضَاهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِهِ وَيَجْعَلُهُ فِي هَدْيٍ آخَرَ إِنْ بَلَغَ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا أَبْدَلَهُ وَيَسْتَعِينُ بِأَرْشِهِ فِي الْبَدَلِ فَإِنْ جَنَى عَلَى الْهَدْيِ صَنَعَ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ مَا يَصْنَعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْحُكْمُ الْخَامِسُ فِي ضَلَالِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ أَوْ هَلَاكِهِ قَبْلَ نَحْرِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا ضَلَّ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ أَوْ جَزَاءُ الصَّيْدِ فَنَحَرَ غَيْرَهُ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ نَحَرَهُ أَيْضا لتعيينه أَوَّلًا وَمَنْ عَطِبَ هَدْيُهُ لِلتَّطَوُّعِ أَلْقَى قَلَائِدَهُ فِي دَمِهِ إِذَا نَحَرَهُ وَرَمَى عَنْهُ جُلَّهَ وَخِطَامَهُ وَخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ وَلَا يَأْمُرُ مَنْ يَأْكُلُ مِنْهُ فَقِيرًا وَلَا غَنِيًّا فَإِنْ أكل أَو أَمر فَعَلَيهِ الْبَدَل سَبِيل الجل والخطام وسبيل اللَّحْمِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه أَمرنِي صلى الله عليه وسلم َ - أَنْ أَقِفَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلُحُومِهَا وَأَجِلَّتِهَا قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ أَخَذَ الْجُلَّ اخْتَصَّ الضَّأْن بِهِ وَيَضْمَنُهُ بِالْقِيمَةِ وَإِنِ اسْتَعْمَلَهُ رَدَّ مَا نَقَصَهُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ بَعَثَ بِهِ مَعَ غَيْرِهِ عَمِلَ بِهِ مِثْلَ عَمَلِهِ وَإِنْ أَكَلَ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُلْتَزِمًا لِلتَّقَرُّبِ فَإِنْ أَمَرَهُ رَبُّهُ بِالْأَكْلِ فَفَعَلَ ضَمِنَ رَبُّهُ وَإِنْ أمره أَن يخلي بَين النَّاس وَبَينه فَيتَصَدَّق بِهِ لم يضمن وأجازأ صَاحِبَهُ كَمَا لَوْ عَطِبَ مَعَهُ فَأَتَى أَجْنَبِيٌّ فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَكُلُّ هَدْيٍ وَاجِبٍ ضَلَّ أَوْ مَاتَ قَبْلَ نَحْرِهِ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ لِأَنَّهُ فِي عُهْدَتِهِ حَتَّى يُنْحَرَ لِلْمَسَاكِينِ وَلَا يَضْمَنُ

ص: 360

التَّطَوُّعَ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْغَلْ ذِمَّتَهُ وَإِنَّمَا الْتَزَمَ التَّقَرُّبَ بِهَذَا الْهَدْيِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ سُرِقَ الْوَاجِبُ بَعْدَ ذَبْحِهِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَة وَقد فعله الْحُكْمُ السَّادِسُ فِي نِتَاجِهَا وَأَلْبَانِهَا وَرُكُوبِهَا وَفِي الْكِتَابِ يُحْمَلُ نِتَاجُ النَّاقَةِ أَوِ الْبَقَرَةِ أَوِ الشَّاةِ وَهُوَ هَدْيٌ مَعَهَا عَلَى غَيْرِهَا إِنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا فَإِنْ عَجَزَتْ كُلِّفَ حَمْلَهُ لِأَنَّ حَقَّ الْهَدْيِ يَسْرِي لِلْوَلَدِ كَالِاسْتِيلَادِ فِي الْعتْق وَالتَّدْبِير وَالْكِتَابَة قَالَه الْأَئِمَّة وَقَالَ سَنَدٌ قَالَ أَشْهَبُ وَعَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَجِدَ مَحِلًّا وَلَا يَحِلَّ لَهُ دُونَ الْبَيْتِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْهَدْيِ إِذَا وَقَفَ فَإِنْ وَجَدَ مُسْتَعْتَبًا أَبْقَاهُ لِيَكْثُرَ وَإِلَّا نَحَرَهُ مَوْضِعَهُ وَخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ فَإِنْ أَكَلَ مِنَ الْوَلَدِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ بَدَلُهُ وَهُوَ مِثْلُ التَّطَوُّعِ مِثْلُ أُمِّهِ يَأْكُل مِنْهُ أَن أَبَد لَهُ وَفِي الْوَاجِبِ لَيْسَ مِثْلَ أُمِّهِ لَا يَضْمَنُهُ إِذَا تَرَكَهُ وَيُخَلِّي بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ وَيَصِيرُ كَالتَّطَوُّعِ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ أَبْدَلَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِن بَاعه عَلَيْهِ هَدْيًا كَبِيرًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ نَحَرَهُ فِي الطَّرِيقِ أَبْدَلَهُ بِبَعِيرٍ لَا بِبَقَرَةٍ يُرِيدُ فِي نتاج الْبَدنَة هَذَا كُله من النِّتَاج بَعْدَ التَّقْلِيدِ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَجِبُ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ نَحْرَهُ إِذَا نَوَى بِأُمِّهِ الْهَدْيَ قَبْلَ الْإِشْعَارِ كَقَوْلِهِ فِي الضَّحَايَا وَلَوْ وَجَدَ الْأُمَّ مَعِيبَةً لَا تُجْزِئُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي وَلَدِهَا وَكَانَ تَبَعًا لَهَا فِي حُكْمِ الْهَدْيِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُشْرَبُ مِنْ لَبَنِ الْهَدْيِ وَلَوْ فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا لِأَنَّهُ مِنْ نِتَاجِهَا فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ بَعْضَ مَنْ مَضَى أَرْخَصَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ كَالرُّكُوبِ لِأَجْزَاءٍ كَالْوَلَدِ وَمَنِ احْتَاجَ إِلَى ظَهْرِ هَدْيِهِ فَلْيَرْكَبْهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِلَ بَعْدَ رَاحَتِهِ وَقَالَ ش لما فِي الصِّحَاح أَنه صلى الله عليه وسلم َ - رأى رجل يَسُوق بَدَنَة فَقَالَ

وركبها فَقَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ ارْكَبْهَا وَذَلِكَ فِي الثَّانِيَة أوالثالثة وَقَالَ ح إِنْ رَكِبَ ضَمِنَ مَا نَقَصَ وَتَصَدَّقَ بِهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ

ص: 361

اضربها تَرْكُ الْحِلَابِ حَلَبَهَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَرُوِيَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَلَوْ فَضَلَ عَنْ فَصِيلِهَا وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيَّةُ مُطْلَقًا بَعْدَ كِفَايَةِ فَصِيلِهَا لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهَا يَضُرُّ وَمَحْلُوبًا يَفْسُدُ الْحُكْمُ السَّابِعُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَهُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْهَدْيِ وَهُوَ مَا وَجَبَ لِتَرْكِ نُسُكٍ أَوْ فَسَادِ الْإِحْرَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى فِي الْحَرَمِ أَخْرَجَ إِلَى الْحِلِّ أَوِ اشْتَرَى مِنَ الْحِلِّ أَدْخَلَ الْحَرَمَ وَهُوَ الَّذِي يُوقَفُ بِعَرَفَةَ وَلَا يُجْزِئُ إِيقَافُ غَيْرِ رَبِّهِ وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَإِنْ بَاتَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ مَا وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ فَحَسَنٌ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ لَا يُفَارِقُ هَدْيَهُ فِي سَائِرِ الْمَوَاطِنِ وَقَالَ ح وش لَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُهُ إِلَى الْحِلِّ لِأَنَّ الْهَدْيَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْهَدِيَّةِ فَإِذَا نَحَرَهُ فَقَدْ أَهْدَاهُ مِنْ مِلْكِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَحَقَّقَ مَعْنَاهُ وَجَوَابه أَنَّهُ مَهْدِيٌّ إِلَى الْحَرَمِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُؤْتَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْهَدْيِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَحْكَامَهُ فَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - وَسَاقَهُ مِنَ الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ فَوَجَبَ ذَلِكَ كَمَا وَجَبَ السِّنُّ وَالْجِنْسُ وَالْمَنْحَرُ وَلِأَنَّهُ قُرْبَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْحَرَمِ فَأَشْبَهَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا اشْتَرَاهُ فِي الْحَرَمِ ذبحه سَفِيه وَأَجْزَأَهُ وَالَّذِي لَا يُجْزِئُ مِنْ إِيقَافِ الْغَيْرِ هُوَ الْبَائِعُ وَنَحْوُهُ وَأَمَّا عَبْدُكَ أَوِ ابْنُكَ فَيُجزئ لبعثه صلى الله عليه وسلم َ - هَدْيَهُ مَعَ غَيْرِهِ فَوَقَفَ بِهِ وَنَحَرَهُ وَيَجُوزُ أَن يُؤْتِي بِهِ من الميقاة مَعَ الْإِحْرَامِ مُقَلَّدًا مُشْعَرًا مُجَلَّلًا وَيَجُوزُ أَنْ يُؤْتَى بِهِ بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ يَوْمَ النَّحْرِ فَمَا أَتَى بِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَقَفَ بِهِ فَهُوَ الَّذِي يُحِلُّهُ مَوْضِعَ إِحْلَالِ الْمُحْرِمِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوقِفَهُ الْمَوَاقِفَ التَّابِعَةَ لِعَرَفَاتٍ فَإِنْ أَرْسَلَهُ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ لَمْ يَكُنْ مَحِلُّهُ مِنًى لِعَدَمِ الْوُقُوفِ بِاللَّيْلِ وَإِذَا فَاتَ ذَلِك فَحَمله

ص: 362

مَكَّةُ وَمَنِ اشْتَرَى يَوْمَ النَّحْرِ هَدْيًا وَلَمْ يُوقِفْهُ بِعَرَفَةَ وَلَمْ يُخْرِجْهُ إِلَى الْحِلِّ فَيُدْخِلُهُ الْحَرَمَ وَلَا نَوَى بِهِ الْهَدْيَ بَلْ نَوَى الْأُضْحِيَّةَ فَلْيَذْبَحْهُ وَلَيْسَ بِالْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ أَهْلَ مِنًى لَيْسَتْ عَلَيْهِمْ أَضَاحِيُّ وَكُلُّ شَيْءٍ فِي الْحَجِّ فَهُوَ هَدْيٌ قَالَ التُّونُسِيُّ شُبِّهَ فِعْلُهُ بِفِعْلِ الْأَضَاحِيِّ لَمَّا نَوَى التَّقَرُّبَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهَا شَاةُ لَحْمٍ الْحُكْمُ الثَّامِنُ نَحْرُهُ فِي الْحَجِّ إِذَا حَلَّ مِنْ حَجَّهِ بِمِنًى وَفِي عُمْرَتِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ السَّعْيِ عِنْدَ الْمَرْوَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا حَاضَتِ الْمُعْتَمِرَةُ بَعْدَ دُخُولِ مَكَّةَ قَبْلَ الطَّوَافِ وَمَعَهَا هَدْيٌ لَا تَنْحَرُهُ حَتَّى تَطُوفَ وَتَسْعَى وَإِنْ كَانَتْ تُرِيدُ الْحَجَّ وَخَافَتِ الْفَوَاتَ وَلَمْ تَسْتَطِعِ الطَّوَافَ للْحيض أهلت بِالْحَجِّ أوقفت الْهَدْيَ بِعَرَفَةَ وَنَحَرَتْهُ بِمِنًى وَأَجْزَأَهَا لِقِرَانِهَا وَمَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَسَاقَ مَعَهُ هَدْيًا فَطَافَ لِعُمْرَتِهِ وَسَعَى نَحَرَهُ إِذَا تَمَّ سَعْيُهُ ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنْ أَخَّرَهُ لَمْ يَبْقَ مُحْرِمًا وَأحرم يَوْم التورية وَأول الْعشْر أفضل وفإن أَخّرهُ فنحره عَن متعته إقتداء لَمْ يُجْزِئْهُ لِتَعَيُّنِهِ ثُمَّ قَالَ يُجْزِئُهُ وَقَدْ فَعَلَهُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَالَ سَنَدٌ الْهَدْيُ مَشْرُوعٌ فِي الْعُمْرَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ -

نَحَرَ عَمَّنِ اعْتَمَرَ مِنْ نِسَائِهِ بَقَرَةً فَالَّتِي تُرِيدُ الْقرَان يتقلب هَدْيُهَا لِقِرَانِهَا كَمَا يَنْقَلِبُ إِحْرَامُهَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها خَرَجْنَا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَأَنَّ هَدْيَهُمْ ذَلِكَ يُجْزِئُهُمْ عَنِ الْقِرَانِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُهْدِي غَيْرَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْقيَاس

ص: 363

لِتَعَيُّنِ الْهَدْيِ قَبْلَ نِيَّةِ الْقِرَانِ وَوَافَقَنَا ش فِي تَأْخِيرِ الْمُعْتَمِرِ هَدْيَهُ وَأَنَّهُ يُحِلُّ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُحِلُّ حَتَّى يَحُجَّ وينحر لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الْبَقَرَة 196 وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَتْ حَفْصَةُ رضي الله عنها قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تُحِلَّ أَنْتَ فَقَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هدبي فَلَا أُحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْهَدْيَ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ وَعَن الثَّانِي أَن عمرته صلى الله عليه وسلم َ - كَانَتْ مَعَ الْحَجِّ مَعًا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ تَمَتَّعَ صلى الله عليه وسلم َ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَسَاقَ الْهَدْيَ مَعَهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَّلَ بِالْحَجِّ وَإِذَا أَهْدَى لِعُمْرَتِهِ لَا يَقْصِدُ التَّمَتُّعَ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لَا يُجْزِئُهُ عَلَى تَمَتُّعِهِ عَنِ الْقَوْلَيْنِ قَالَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلِ الْخِلَافُ جَارٍ فِيهَا وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّمَتُّعَ فَقَدْ كَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الصُّورَتَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِتَعَيُّنِهِ نَافِلَةً وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِتَعَيُّنِهِ قَبْلَ سَبَبِ وُجُوبِهِ كَالصَّلَاةِ قبل الْوَقْت وَفِي الْكتاب أذا بعث يهدي تَطَوُّعٍ مَعَ رَجُلٍ حَرَامٍ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَهُ حَاجًّا فَإِنْ أَدْرَكَ هَدْيَهُ لَمْ يَنْحَرْهُ حَتَّى يُحِلَّ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْهَدْيُ قَدِ ارْتَبَطَ بِإِحْرَامِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ يَنْقَطِعُ كَمَا لَوْ أَحْضَرَ الرَّسُولُ وَأَمْكَنَ رَبَّهُ الْوُصُولُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَقْوَى مِنَ الْفَرْعِ وَالْمُوَكِّلُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ عَزْلِ الْوَكِيلِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ كَانَ الرَّسُولُ دَخَلَ بِحَجٍّ ثُمَّ دَخَلَ رَبُّهُ بِعُمْرَةٍ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَنْحَرَهُ فِي الْحَجِّ لِأَنَّ النَّحْرَ فِي الْحَجِّ أَفْضَلُ مِنَ الْعُمْرَةِ لِجَعْلِ الشَّرْعِ لَهُ زَمَانًا مُعَيَّنًا وَمَا اعْتَنَى الشَّرْعُ بِهِ يَكُونُ أَفْضَلَ فَإِنْ سَبَقَ الْهَدْيَ فِي عمرته وَدخل بِهِ بِعُمْرَة

ص: 364

فَأَرَادَ تَأْخِير حَتَّى يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُؤَخِّرهُ لقَوْله تَعَالَى {فَلَا تحلقوا رؤسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الْبَقَرَة 196 الْحُكْمُ التَّاسِعُ صفة ذَبحهَا فِي الْكِتَابِ تُنْحَرُ الْبُدْنُ قِيَامًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنِ امْتَنَعَتْ جَازَ أَنْ تُعْقَلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} الْحَج 36 أَيْ سَقَطت وَفِي البُخَارِيّ نحر صلى الله عليه وسلم َ - بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا وَتُنْحَرُ الْإِبِلُ وَلَا تُذْبَحُ بَعْدَ النَّحْرِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِزُهُوقِ رُوحِهَا وَاللَّهُ تَعَالَى كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَالْبَقْرُ تُذْبَحُ وَلَا تُنْحَرُ بَعْدَ الذَّبْحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الْبَقَرَة 67 قَالَ سَنَدٌ وَالْعَقْلُ رَبْطُ يَدَيْهَا مَثْنِيَّةً ذِرَاعُهَا إِلَى عَضُدِهَا لِأَنَّ فِي حَدِيث جَابر كَانَ صلى الله عليه وسلم َ - هُوَ أَصْحَابه يَنْحَرُونَ الْبُدْنَ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى قَائِمَةً قَالَ مَالِكٌ وَتُصَفُّ أَيْدِيهَا بِالْقُيُودِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} الْحَج 36 قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ بَعْدَ النَّحْرِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ انْقِلَابَهَا فَيَنْحَرَهَا بَارِكَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ تَفَرُّقِهَا وَيُمْسِكُهَا رَجُلَانِ رَجُلٌ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَهِيَ قَائِمَةٌ مَصْفُوفَةٌ أَحْسَنُ مِنْ نَحْرِهَا بَارِكَةً وَفِي الْكِتَابِ تكره النِّيَابَة فِي الزَّكَاة لِأَن مُبَاشرَة الْقرب أفضل وَكَذَلِكَ كَانَ صلى الله عليه وسلم َ - يَفْعَلُ فَإِنِ اسْتَنَابَ أَجَزْأَهُ إِلَّا فِي غَيْرِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَفِي

أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه نحر صلى الله عليه وسلم َ - بِيَدِهِ ثَلَاثِينَ بَدَنَةً وَأَمَرَنِي فَنَحَرْتُ سَائِرَهَا وَيَقُولُ مَنْ ذَبَحَ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَسَمَّى الله تَعَالَى أَجْزَأَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} الْحَج 34 قَالَ

ص: 365

سَنَدٌ رَوَى أَشْهَبُ إِنَّ ذَكَاةَ الذِّمِّيِّ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَيَغْسِلُ الذِّمِّيُّ الْجُنُبَ إِذَا قَصَدَ الْجُنُبُ رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَكَاسْتِنَابَتِهِ فِي الْعِتْقِ وَمَوْضِعُ الْمَنْعِ الذَّبْحُ بِخِلَافِ السَّلْخِ وَتَقْطِيعِ اللَّحْمِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ التَّسْمِيَةِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى مُخَالَفَةً الْجَاهِلِيَّةِ فِي تَسْمِيَةِ الْأَصْنَامِ حَتَّى لَوْ قَالَ اللَّهُ أَجْزَأَهُ أَمَّا ذِكْرُ الرَّحْمَنِ فَلَا يُنَاسِبُ حَالَ الْإِمَاتَةِ وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ قَوْلَهُ اللَّهُمَّ مِثْلَ الْأَوَّلِ مُسْتَحْسَنًا خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُعْطَى الْجَزَّارُ أُجْرَتَهُ مِنْ لَحْمِهَا وَلَا جُلُودِهَا وَلَا خِطَامِهَا وَلَا جُلِّهَا لِمَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَمرنِي صلى الله عليه وسلم َ - أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلُحُومِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا وَقَالَ نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ ذَبَحَهَا غَيْرُ صَاحِبِهَا قَاصِدًا صَاحِبَهَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَنْبِهْ لِوُجُوبِهَا بِالتَّقْلِيدِ وَإِنْ نحرها عَن نَفسه تَعَديا أَو غَلطا فَأَقُول ثَالِثهَا يُجزئ فِي الْغَلَط لوُجُود قصر الْقُرْبَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ التَّعَدِّي وَلَوْ دَفَعَهَا لِلْمَسَاكِينِ بَعْدَ بُلُوغِهَا مَحِلَّهَا وَأَمَرَهُمْ بِنَحْرِهَا وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَاسْتَحْيَوْهَا فَعَلَيْهِ بَدَلُهَا كَانَتْ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا لِأَنَّ تَفْرِيطَ الْوَكِيلِ كَتَفْرِيطِ الْمُوكل الْحُكْمُ الْعَاشِرُ الْأَكْلُ مِنْهَا وَفِي الْكِتَابِ يُؤْكَلُ مِنَ الْهَدْيِ كُلِّهِ وَاجِبِهِ وَتَطَوُّعِهِ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةً جَزَاءَ الصَّيْدِ وَفْدِيَةَ الْأَذَى وَنَذْرَ الْمَسَاكِينِ فَإِنْ أَكَلَ فَلَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَقَالَ ح يَأْكُلُ مِنَ التَّطَوُّعِ وَهَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجِبَا بِسَبَبِ مُحْرِمٍ فَلَمْ يَحْرُمَا عَلَيْهِ كَالتَّطَوُّعِ وَقَالَ ش يَأْكُلُ مِنَ التَّطَوُّعِ دُونَ مَا وَجَبَ فِي الْإِحْرَامِ وَاخْتلف أَصْحَابه فِي النّذر لِأَنَّهُ هَدْيٌ وَاجِبٌ كَفِدْيَةِ الْأَذَى وَجَزَاءِ الصَّيْدِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} الْحَج 36 وَهُوَ عَامٌّ خُصَّ مِنْهُ جَزَاءُ الصَّيْدِ لِأَنَّ بَدَلَهُ الَّذِي هُوَ الْإِطْعَامُ مُسْتَحَقٌّ

ص: 366

عَلَيْهِ لِلْغَيْرِ فَيَكُونُ هُوَ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ لِلْغَيْرِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ كَبَدَلِهِ وَكَذَا فِدْيَةُ الْأَذَى وَنَذْرُ الْمَسَاكِينِ فَإِنْ أَكَلَ مِنَ الثَّلَاثَةِ ضَمِنَ فِي جَزَاء الصَّيْد مَا قل أَو كَثُرَ وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَدْرِي قَوْلَ مَالِكٍ فِي نَذْرِ الْمَسَاكِينِ وَأَرَى أَنْ يُطْعِمَ الْمَسَاكِينَ قَدْرَ مَا أَكَلَ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ الْبَدَلُ لِأَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ لَيْسَ مِثْلَ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُ الْأَكْلِ مِنْهُ قَالَ وَإِذَا هَلَكَ هَدْيُ التَّطَوُّعِ قَبْلَ مَحِلِّهِ تَصَدَّقَ بِهِ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ فَإِنْ أَكَلَ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ لِاتِّهَامِهِ فِي ذَبْحِهِ وَكُلُّ هَدْيٍ مَضْمُونٍ هَلَكَ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَلَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ وَالْإِطْعَامُ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَلَا يَبِعْ مِنْهُ لَحْمًا وَلَا جُلًّا وَلَا جِلْدًا وَلَا خِطَامًا وَلَا قَلَائِدَ وَلَا يَسْتَعِينُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ وَالْمَبْعُوثُ مَعَهُ بِالْهَدْيِ يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ هَدْيٍ إِلَّا الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِسْكِينًا وَفِي مُسلم لما بعث صلى الله عليه وسلم َ - الْهَدْيَ مَعَ نَاجِيَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ لَهُ أَرَأَيْتَ إِن أزحف مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى مَعْنَى ضَعُفَ عَنِ الْمَشْيِ يُقَالُ رَجَفَ الْبَعِيرُ إِذَا خَرَّ مِنْ سَنَامِهِ على الارض من الأعياء وأوجفه الْيَسِير فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - انْحَرْهُ وَاخْضِبْ نَعْلَهَا بِدَمِهَا وَاضْرِبْ بِهَا صَفْحَتَهَا وَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِكَ قَالَ سَنَدٌ حَكَى مُحَمَّدٌ خِلَافًا فِي الْأَكْلِ مِنْ هَدْيِ الْفَسَادِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِنْ أَكَلَ مِنَ الْجَزَاءِ وَالْفِدْيَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وكل هدي جَازَ أكل بعضه وَجَاز أَكْلُ كُلِّهِ وَلَا حَدَّ فِيمَا يُسْتَحَبُّ إِطْعَامُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَحَدَّدَهُ ش بِالنِّصْفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} الْحَج 28 وَمَرَّةً بِالثُّلُثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} الْحَج 36 فَجَعَلَ لَهُ شَرِيكَيْنِ وَالنَّذْرُ قِسْمَانِ نَذْرٌ لِلْمَسَاكِينِ يَأْكُلُونَهُ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ على الْمَشْهُور وَفِيه خلاف منذور النَّحْر فَقَط قَالَ مَالك يَأْكُل مِنْهَا وَإِذَا عَيَّنَ أَفْضَلَ مِمَّا وَجَبَ

ص: 367

عَلَيْهِ وَقُلْنَا يُبْدِلُهُ فَهَلْ مِثْلُ مَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مِثْلُ مَا عَيَّنَ لِأَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فَمَشَى فِي حج فَركب وَأَرَادَ يَقْضِيَ سَنَةً أُخْرَى مَا رَكِبَ فَإِنَّهُ يَمْشِي إِنْ شَاءَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَمَا كَانَ أَوَّلًا وَلَوْ عَطِبَ بِتَفْرِيطِهِ لَزِمَهُ مِثْلُ مَا عَيَّنَ وَلَوْ كَانَ بَدَلًا عَنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ ضَلَّ فَعَطِبَ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَ الأول نَحره وَبدل الثَّانِي لِأَنَّهُ صَارَ تَطَوُّعًا أَكَلَ مِنْهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا أَكَلَ مِنْ هَدْيٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا يُبْدِلُ الْهَدْيَ كُلَّهُ وَالْأُخْرَى مَكَانَ مَا أَكَلَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عُيِّنَ لِلْمَسَاكِينِ فَأَكْلُهُ وَأَكْلُ غَيْرِهِ سَوَاءٌ وَالسُّنَّةُ تَضْمِينُ الْجَمِيعِ وَلِأَنَّهُ كَمَا ضَمِنَ إِرَاقَةَ دَمِهِ فَقَدْ ضَمِنَ أَبْعَاضَهُ فَإِذَا أَكَلَ بَعْضَهَا سَقَطَتِ الزَّكَاةُ فِيهِ وَالزَّكَاةُ لَا تَتَبَعَّضُ فَيَبْطُلُ الْجَمِيعُ وَالْهَدْيُ فِي الْأَكْلِ مِنْهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ مَا يُؤْكَلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ الْوَاجِبُ مَا عَدَا الْفِدْيَةَ وَالْجَزَاءَ وَالنُّذُورَ وَمَا لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ قبل وَلَا بَعْدُ وَهُوَ نَذْرُ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنُ وَمَا لَا يُؤْكَل مِنْهُ قبل بُلُوغه يُؤْكَل بعد وَهُوَ التَّطَوُّعُ وَالنَّذْرُ الْمُطْلَقُ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَضْمُونَيْنِ قَبْلَ مَحِلِّهِمَا إِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ فَإِنْ تَعَرَّضَ ضمن وَمَا يُؤْكَل قبل لَا بَعْدُ وَهُوَ الْجَزَاءُ وَالْفِدْيَةُ وَالنَّذْرُ الْمَضْمُونُ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ قَبْلُ وَبَعْدُ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْغَيْرِ وَإِنْ أَكَلَ السَّائِق للهدي وَإِذا وَقَفَ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يُجْزِئْ رَبَّهُ وَضَمِنَ السَّائِقُ لِلتُّهْمَةِ كَالرَّاعِي يَذْبَحُ الشَّاة يَقُول خِفْتُ عَلَيْهَا الْمَوْتَ فَإِنْ شَهِدَ لَهُ أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِهِ مِمَّنْ أَكَلَ مِنَ الْهَدْيِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ أكل مُبَاحا وَضمن السَّيِّد وَلَا يَرْجِعُ السَّائِقُ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ أَطْعَمَهُ لِأَن يَقُولُ إِنَّهُمْ أَكَلُوا مُبَاحًا وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَقْتَ النَّحْرِ لَا هَدْيًا مَكَانَهُ كَمَنْ تَعَدَّى عَلَى هَدْيٍ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْهَدْيَ بِالْهَدْيِ وَبِهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بُلُوغَ الْهَدْيِ إِلَى مَحِلِّهِ

ص: 368

مِنْ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ تَطَوُّعًا فَلَيْسَ على ربه إِلَى هَدْيٌ بِقِيمَةِ مَا يَرْجِعُ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَإِن طعم السَّائِق من الْوَاجِب فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَا عَلَى رَبِّهِ إِنْ أَمَرَهُ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى رَبِّهِ وَإِنْ أَطْعَمَ مِنَ التَّطَوُّعِ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ فَلَا شَيْء على ربه وَإِن لَمْ يَأْمُرْهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَإِنْ أَطْعَمَ مُسْتَحِقًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَضَمِنَ رَبُّهُ إِنْ أَمَرَهُ أَنْ يُطْعِمَ مُعَيَّنًا وَفِي الْكِتَابِ مَنْ أَطْعَمَ غَنِيًّا مِنْ جَزَاءِ الْفِدْيَةِ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ جَهِلَ أَوْ عَلِمَ كَالزَّكَاةِ وَلَا يَطْعَمُ مِنْهُ وَلَا مِنْ جَمِيعِ الْهَدْيِ غَيْرُ مُسْلِمٍ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ الْجَزَاءَ وَالْفِدْيَةَ دُونَ غَيْرِهِمَا وَهُوَ خَفِيفٌ وَقَدْ أَسَاءَ وَلَا يُطْعِمُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ أَبَوَيْهِ وَلَا زَوْجَتَهُ وَلَا وَلَدَهُ وَلَا مُدَبَّرَهُ وَلَا مُكَاتَبَهُ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلَا يصرفهَا لمن يتَعَلَّق بِهِ كَالزَّكَاةِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا أَطْعَمَ غَنِيًّا عَالِمًا فَيُخْتَلَفُ هَلْ يَغْرَمُ جَمِيعَ الْهَدْيِ أَوْ قَدْرَ مَا أَعْطَى لَحْمًا أَوْ طَعَامًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا اخْتَلَفَ فِي الزَّكَاةِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ فِي غَيْرِ الْمُسْلِمِ كَالزَّكَاةِ وَإِطْعَامُ الذِّمِّيِّ مَكْرُوهٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَخَفَّفَ ابْنُ وَهْبٍ فِي إِطْعَامِ الذِّمِّيِّ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ وَقَالَ إِنَّمَا النَّهْيُ فِي الْمَجُوسِ وَخَفَّفَ مَالِكٌ فِي إِطْعَامِ جِيرَانِهِ الْكِتَابِيِّينَ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ وَكَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا لِمَنْ فِي عِيَالِهِ مِنْهُمْ فَإِنْ أَطْعَمَ أَبَوَيْهِ أَوْ مَنْ ذَكَرَ مَعَهُمْ فَعَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ الْبَدَلُ وَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي قَدْرِ مَا أَطْعَمَ لَحْمًا أَوْ طَعَامًا فَإِنْ كَانَ الْأَكْلُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قَدْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ حَتَّى يُقَدِّرَ سُقُوطَ إِرَاقَةِ الدَّم فِي ذَلِك الْبَعْض إِنَّمَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ مَنْفَعَةُ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْأَكْلُ فِي عِيَالِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ لَا يُؤْكَلُ مِنْ هَدْيِ الْفَسَادِ وَمَنْ أَكَلَ مِنْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ فَفِي إِبْدَالِ بَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ مُعَيَّنًا أَطْعَمَ قَدْرَ مَا أَكَلَ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا وَجَبَ الْبَدَلُ عَنِ الْكُلِّ وَإِذَا أَوْجَبْنَا بَدَلَ الْمَأْكُولِ فَقِيلَ بَدَلُ اللَّحْمِ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ قِيمَتُهُ طَعَامًا لِأَنَّ مِثْلَ لَحْمِ الْهَدْيِ لَا يُوجَدُ وَقيل يغرم الْقيمَة ثمنا

ص: 369

وَيَخْتَصُّ بِأَكْلِ الْهَدْيِ مَنْ جَوَّزَ لَهُ أَخْذَ الزَّكَاةِ إِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَأْكُلُ صَاحِبُهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ بَلْ يَأْكُلُ الْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بِقَاعِهَا وَفِي الْكِتَابِ كُلُّ هَدْيٍ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَمَحِلُّهُ بِمَكَّةَ مَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَنَحَرَهُ بِمِنًى فَإِنْ نَحَرَ بِمَكَّةَ جَهْلًا أَوْ عَمْدًا أَجْزَأَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الْحَج 33 وَمَنْ ضَلَّ هَدْيُهُ الْوَاجِبُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَوَجَدَهُ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى فَلْيَنْحَرْهُ بِمَكَّةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ مَرَّةً يُجْزِئُهُ وَبِهِ أَقُولُ وَمَنْ ضَلَّ هَدْيُهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَوَجَدَهُ غَيْرُهُ فَنَحَرَهُ بِمِنًى لِأَنَّهُ رَآهُ هَدْيًا أَجْزَأَ رَبَّهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ كُلُّ مَا مَحِلُّهُ مَكَّةَ فَعَجَزَ عَنِ الدُّخُولِ بِهِ إِلَى بُيُوتِ مَكَّةَ وَنُحِرَ بِالْحَرَمِ لَمْ يُجْزِئْ وَإِنَّمَا مَحِلُّهُ مَكَّةُ أَوْ مَا يَلِي بُيُوتَهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ وَلَا يُجْزِئُ نَحْرُهُ عِنْدَ ثَنِيَّةِ الْمَدَنِيِّينَ لِأَنَّهُ عليه السلام نَحَرَ هَدْيَهُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بِالْحَرَمِ وَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَحِلَّهُ بِقَوْلِهِ {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} الْفَتْح 25 قَالَ مَالِكٌ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ إِلَّا مَا خَلْفَ الْعَقَبَةِ وَأَفْضَلُهَا عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَلَا ينْحَر هدي بِمَكَّة إِلَّا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى قَالَ سَنَدٌ يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ النَّحْرِ بِمَكَّةَ إِذَا فَاتَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَيُنْحَرُ بِمِنًى مَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَأَنْ يُنْحَرَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ عَلَى سُنَّةِ الضَّحَايَا وَأَنْ يَكُونَ نَحْرُهُ فِي حَجٍّ وَإِذَا ضَلَّ هَدْيُهُ فَنَحَرَ غَيْرَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ فِي أَيَّامِ مِنًى فَنَحَرَهُ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الضَّالُّ الْوَاجِبُ يَتَقَدَّمُ تَعَيُّنُهُ عَلَى الْوَاجِبِ وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الِاثْنَيْنِ الْأَوَّلُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ وَالثَّانِي لِتَعَيُّنِهُ هَدْيًا كَمَنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ حَجَّ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَتَعَيَّنُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا سَاقَ الْهَدْيَ الْوَاجِبَ فَضَلَّ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ ثُمَّ وَجَدَهُ يَوْمَ النَّحْرِ

ص: 370

بِمِنًى لَا يُجْزِئُهُ وَيَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ وَيُهْدِي غَيْرَهُ وَرَوَى أَشْهَبُ يُجْزِئُهُ فَنَزَّلَ مَرَّةً نِيَّةَ الْإِيقَافِ مَنْزِلَته وَمرَّة لم ينزلها وَفِي الْجلاب إِن أضلّ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ قَبْلَ الْوُقُوفِ ثُمَّ وُجِدَ بِمِنًى فَرِوَايَتَانِ يَنْحَرُهُ بِمِنًى ثُمَّ يُبْدِلُهُ بِهَدْيٍ آخَرَ بِمَكَّةَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى وَيُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ وَيُجْزِئُهُ فَصَارَ فِي الْفَرْعِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يَنْحَرُهُ بِمِنًى وَيُجْزِئُهُ يَنْحَرُهُ بِمِنًى وَيُبْدِلُهُ بِهَا يَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ وَيُبْدِلُهُ بِهَا يَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ وَيُجْزِئُهُ وَفِي الْكتاب لَا يُجزئ ذَبْحُ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَلَا هَدْيٌ إِلَّا بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى وَمَا كَانَ مِنْ هَدْيٍ فِي عُمْرَةٍ لِنَقْصٍ فِيهَا أَوْ نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ نَحَرَهُ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ يَنْحَرُهُ بِمِنًى كَمَا يَفْعَلُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ إِلَّا هدي الْجِمَاع فِي الْعمرَة ويؤخره إِلَى قَضَائِهَا أَوْ بَعْدَ قَضَائِهَا بِمَكَّةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي فَسَادِ الْإِحْرَامِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجُوزُ النَّحْرُ بِمِنًى وَإِنْ لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ وَإِذَا نَحَرَ بِمَكَّةَ مَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَفِي الْإِجْزَاءِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا يَخْتَصُّ الْإِجْزَاءُ بِمَا نَحَرَ بَعْدَ خُرُوجِ أَيَّامِ مِنًى الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أَزْمَانِهَا وَفِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُ ذَبْحُ الْهَدَايَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَكَذَلِكَ نُسُكُ الْأَذَى وَإِنْ قُلِّدَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} الْحَج 28 وَالْيَوْمُ النَّهَارُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {سَخَّرَهَا عَلَيْهِم سبع ليل وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} الحاقة 7 وَلِأَنَّهُ السُّنَّةُ وَفِي الْجَوَاهِر يراق دَمُ الْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ فِي الْحَجَّةِ الْمَقْضِيَّةِ وَقِيلَ فِي الْفَائِتَة والمفسدة لِأَنَّهُ جبران لَهَا

ص: 371

فارغة

ص: 372

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْعُمْرَةِ)

وَالْعُمْرَةُ فِي اللُّغَةِ الزِّيَارَة اعْتَمر فلَانا فَلَانًا إِذَا زَارَهُ وَفِي الشَّرْعِ زِيَارَةٌ مَخْصُوصَةٌ لِلْبَيْتِ وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ

عليه السلام الْعُمْرَةُ لِلْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ وَفِيهِ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَيْهِ عليه السلام فَقَالَتْ إِنِّي تَجَهَّزْتُ لِلْحَجِّ فَاعْترضَ لي فَقَالَ لَهَا صلى الله عليه وسلم َ - اعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ كَحَجَّةٍ قَالَ سَنَد وَالْعمْرَة عِنْد مَالك وح سُنَّةٌ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَاجِبَةٌ وَعِنْدَ ش قَولَانِ حُجَّةُ الْأَوَّلِ

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ فَذَكَرَ الْحَجَّ وَلَمْ يذكر الْعمرَة ويروى عَنهُ صلى الله عليه وسلم َ - الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ وَلِأَنَّهَا غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ فَلَا تَجِبُ كَطَوَافِ التَّطَوُّعِ وَحُجَّةِ الثَّانِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الْبَقَرَة 196 وَالْأَمْرُ للْوُجُوب وَرُوِيَ عَنهُ صلى الله عليه وسلم َ - الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ وَقِيَاسًا عَلَى

ص: 373

الْحَجِّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ إِتْمَامِهَا وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ إِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْإِنْشَاءِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوف وَعَن الثَّالِث الْفرق بالتوقيف وَهُوَ دَلِيلُ اعْتِنَاءِ الشَّرْعِ بِالْحَجِّ وَتَجُوزُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ إِذَا لَمْ يُصَادِفْ أَفْعَالَ الْحَجِّ عِنْد مَالك وش وَابْن حَنْبَل وَقَالَ ح تكره فِي خمس أَيَّامٍ عَرَفَةَ وَالنَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها السَّنَةُ كُلُّهَا وَقْتٌ لِلْعُمْرَةِ إِلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَذَكَرَتْهَا وَجَوَابُهُ مَنْعُ الصِّحَّةِ سَلَّمْنَاهَا لَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى الْمُتَلَبِّسِ بِالْحَجِّ وَلَا يُعْتَمَرُ عِنْدَ مَالِكٍ إِلَّا مَرَّةً وَاسْتَحَبَّ مُطَرِّفٌ وش تَكْرَارَهَا لِأَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ يَعْتَمِرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه يَعْتَمِرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - اعْتَمَرَ ثَلَاثًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَعَامَ الْقَضِيَّةِ وَعَامَ الْجِعِرَّانَة إِحْدَاهُنَّ فِي شَوَّال وتنتان فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَمَا رَوَوْهُ يَحْتَمِلُ الْقَضَاءَ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها فرطت فِي الْعمرَة سبع سِنِينَ فَقَضَتْهَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِك مُسْتَحبا لفعله صلى الله عليه وسلم َ - وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَعْتَمِرُ إِلَّا مَرَّةً فَهَلْ هِيَ مِنَ الْحَجِّ إِلَى الْحَجِّ أَوْ مِنَ الْمُحَرَّمِ إِلَى الْمُحَرَّمِ لِمَالِكٍ قَوْلَانِ يَنْبَنِي عَلَيْهِمَا الِاعْتِمَارُ بَعْدَ الْحَجَّةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ فِي الْمُحَرَّمِ وَفِي الْكِتَابِ تَجُوزُ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا لِلْحَاجِّ يُكْرَهُ لَهُ الِاعْتِمَارُ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ آخِرَ أَيَّامِ الرَّمْيِ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ لَمْ تَلْزَمْهُ وَالْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنِ اعْتَمَرَ بَعْدَهَا لَزِمَتْهُ كَانَتِ الْأُولَى فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَمْ لَا أَرَادَ الْحَجَّ مِنْ عَامِهِ أَمْ لَا قَالَ سَنَدٌ رَاعَى مَالك وزمان الرَّمْي فِي الاعتمار وش الرَّمْيَ نَفْسَهُ لِمَالِكٍ إِنَّ الِاعْتِمَارَ مَمْنُوعٌ فِي زَمَانِ الرَّمْيِ وَالزَّمَانُ وَقْتٌ لَا رَمْيَ فَيَكُونُ الزَّمَانُ مُعْتَبَرًا دُونَ الرَّمْيِ

ص: 374

‌(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْقُدُومِ عَلَى ضَرِيحِهِ عليه السلام

وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُقَالَ زُرْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - وَأَنْ يُسَمَّى زِيَارَةً قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ لِأَن شَأْن الزائر الْفضل والتفضيل على المزور وَهُوَ صلى الله عليه وسلم َ - صَاحِبُ الْفَضْلِ وَالْمِنَّةِ وَكَذَلِكَ أَنْ يُقَالَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ وَقِيلَ لِأَنَّ الزِّيَارَةَ تُشْعِرُ بِالْإِبَاحَةِ وَزِيَارَةُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - مِنَ السُّنَّةِ الْمُتَأَكِّدَةِ وَلَوِ اسْتُؤْجِرَ رَجُلٌ عَلَى الْحَجِّ وَالزِّيَارَةِ فَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الزِّيَارَةُ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَرُدُّ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَسَافَةِ الزِّيَارَةِ وَقِيلَ يَرْجِعُ ثَانِيَةً حَتَّى يَزُورَ وَقَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ فَرَغَ مَنْ حَجَّهُ إِتْيَانُ مَسْجده صلى الله عليه وسلم َ - فَيصَلي فِيهِ وَيسلم على النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ

صلى الله عليه وسلم َ - مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عز وجل عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عليه السلام ويروى عَنهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّهُ قَالَ مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي وَمَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَيُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَنْ زَارَنِي بَعْدَ وَفَاتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي وَحَكَى الْعُتْبِيُّ أَنه كَانَ

ص: 375

جَالِسًا عِنْدَ قَبْرِهِ عليه السلام فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤك فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} النِّسَاء 64 وَقَدْ جِئْتُكَ مُسْتَغْفِرًا مِنْ ذَنْبِي مُسْتَشْفِعًا بِكَ إِلَى رَبِّي ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ

(يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ بِالْقَاعِ أَعْظُمُهُ

فَطَابَ مِنْ طِيبِهِنَّ الْقَاعُ وَالْأَكَمُ)

(نَفْسِي الْفِدَاءُ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ

فِيهِ الْعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْكَرَمُ)

ثُمَّ انْصَرَفَ الْأَعْرَابِيُّ فَحَمَلْتِنِي عَيْنِي فَرَأَيْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فِي النَّوْمِ فَقَالَ لِي يَا عُتْبِيُّ الْحَقِ الْأَعْرَابِيَّ فَبَشِّرْهُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ

ص: 376

(الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَكَّةَ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى فَضْلِهِمَا عَلَى غَيْرِهِمَا وَعِنْدَ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ الْمَدِينَةُ أَفْضَلُ مِنْ مَكَّةَ وَعِنْدَ ش وح وَغَيْرِهِمَا مَكَّةُ أَفْضَلُ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَزْمَانَ وَالْبِقَاعَ مُسْتَوِيَةٌ مِنْ حَيْثُ هِيَ أما الْأَزْمَان فَلِأَنَّهَا عِنْد الْمُتَكَلِّمين اقترانات الحوادات بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَمَفْهُومُ الِاقْتِرَانِ لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَاتِهِ وَأَمَّا الْبِقَاعُ فَلِأَنَّ الْجَوَاهِرَ مُسْتَوِيَةٌ وَإِنَّمَا اللَّهُ تَعَالَى فَضَّلَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ بِأُمُورٍ خَارِجَةٍ عَنْهَا قَاعِدَةٌ لِلتَّفْضِيلِ بَيْنَ جُمْلَةِ الْمَعْلُومَاتِ عِشْرُونَ سَبَبًا أَحَدُهَا بِالذَّاتِ كَتَفْضِيلِ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُمْكِنِ وَالْعِلْمِ عَلَى الْجَهْلِ وَثَانِيهَا بِالصِّفَةِ الْحَقِيقِيَّةِ كَتَفْضِيلِ الْعَالِمِ عَلَى الْجَاهِلِ وَثَالِثُهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَتَفْضِيلِ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْكَافِرِ وَرَابِعُهَا بِكَثْرَةِ الثَّوَابِ الْوَاقِعِ فِي الْمُفَضَّلِ كَتَفْضِيلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَخَامِسُهَا لِشَرَفِ الْمَوْصُوفِ كَالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ الْقَدِيمِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُحْدَثِينَ وَسَادِسُهَا لِشَرَفِ الصُّدُورِ كَشَرَفِ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ لِكَوْنِ الرَّبِّ تَعَالَى هُوَ الْمُرَتِّبُ لِوَصْفِهِ وَنِظَامِهِ وَسَابِعُهَا لِشَرَفِ الْمَدْلُولِ كَتَفْضِيلِ الْأَذْكَارِ الدَّالَّةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَثَامِنُهَا لِشَرَفِ الدَّلَالَةِ كَشَرَفِ الْحُرُوفِ الدَّالَّةِ عَلَى الْأَصْوَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَاسِعُهَا بِالتَّعْلِيقِ كَتَفْضِيلِ الْعِلْمِ عَلَى

ص: 377

الْحَيَاةِ وَإِنْ كَانَتَا صِفَتَيْ كَمَالٍ وَعَاشِرُهَا شَرَفُ التَّعَلُّقِ كَتَفْضِيلِ الْعِلْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْعُلُومِ وَكَتَفْضِيلِ الْفِقْهِ على الطِّبّ لتَعَلُّقه بوسائله وَأَحْكَامه وحادي عشرهَا كَثْرَةُ التَّعَلُّقِ كَتَفْضِيلِ الْعِلْمِ عَلَى الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ لِتَعَلُّقِ الْعِلْمِ بِالْوَاجِبِ وَالْجَائِزِ وَالْمُسْتَحِيلِ وَاخْتِصَاصِهَا بِالْجَائِزَاتِ وَكَتَفْضِيلِ الْإِرَادَةِ عَلَى الْقُدْرَةِ لِتَنَاوُلِهَا الْإِعْدَامَ وَالْإِيجَادَ واختصاص الْقُدْرَة بالإيجاد وتفضيل الْبَصَر على السّمع لتَعَلُّقه بِسَائِر الموجودات واختصاص السّمع بالأصوات وَالْكَلَام النفساني وَثَانِي عشرهَا بِالْمُجَاوَرَةِ كَتَفْضِيلِ جِلْدِ الْمُصْحَفِ عَلَى سَائِرِ الْجُلُودِ فَلَا يمس إِلَّا بِوضُوء وثالث عشرهَا بالحلول كتفضيل قَبره صلى الله عليه وسلم َ - على سَائِر الْبِقَاع ورابع عشرهَا بِالْإِضَافَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ} المجادلة 22 وخامس عشرهَا بالإنتساب كتفضيل ذُريَّته صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى سَائِرِ الذَّرَارِيِّ وَنِسَائِهِ عَلَى سَائِرِ النِّسَاءِ وسادس عشرهَا بِالثَّمَرَةِ كَتَفْضِيلِ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ لِإِثْمَارِ الْعِلْمِ صَلَاحَ الْخَلْقِ بِالتَّعْلِيمِ وَالْإِرْشَادِ وَالْعِبَادَةُ قَاصِرَةٌ عَلَى محلهَا وسابع عشرهَا بِأَكْثَرِيَّةِ الثَّمَرَةِ كَتَفْضِيلِ الْفِقْهِ عَلَى الْهَنْدَسَةِ وَثَامِنُ عشرهَا بِالتَّأْثِيرِ كَتَفْضِيلِ الْحَيَاءِ عَلَى الْقُحَّةِ لِحَثِّهِ عَلَى ترك القبائح وكتفضيل الشجَاعَة على الْجُبْن لحثه عَلَى دَرْءِ الْعَارِ وَنُصْرَةِ الْجَارِ وَنُصْرَةِ الْحَقِّ وَتَحْصِيل الْمصَالح ودرء الْمَفَاسِد وتاسع عشرهَا بِجَوْدَةِ الْبِنْيَةِ وَالتَّرْكِيبِ كَتَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ عَلَى بَنِي آدَمَ فِي أَبْنِيَتِهِمْ وَالْعِشْرُونَ بِاخْتِيَارِ الرَّبِّ تَعَالَى كَتَفْضِيلِ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى الْآخَرِ كَتَفْضِيلِ شَاةِ الزَّكَاةِ عَلَى شَاةِ التَّطَوُّعِ وَحَجِّ الْفَرْضِ عَلَى تَطَوُّعِهِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مِثْلِهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ وَلْنَقْتَصِرْ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْأَسْبَابِ خَشْيَةَ الْإِكْثَارِ ثُمَّ هَذِهِ الْأَسْبَابُ قَدْ تَتَعَارَضُ فَيَكُونُ الْأَفْضَلُ مَنْ حَازَ أَكْثَرَهَا وَأَفْضَلَهَا وَالتَّفْضِيلُ إِنَّمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمَجْمُوعَاتِ وَقَدْ يَخْتَصُّ الْمَفْضُولُ بِبَعْضِ الصِّفَاتِ وَلَا يقْدَح ذَلِك فِي

ص: 378

التَّفْضِيل

كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم َ - أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ وَأَقْرَأُكُمْ أُبَيٌّ وَأَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ وَأَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ من جَبَلٍ مَعَ فَضْلِ الصِّدِّيقِ عَلَى الْجَمِيعِ وَكَاخْتِصَاصِ سُلَيْمَان عليه السلام بِِالْمُلْكِ الْعَظِيمِ وَنُوحٍ عليه السلام بِإِنْذَارٍ نَحْوَ أَلْفِ سَنَةٍ وَآدَمَ عليه السلام بِكَوْنِهِ أَبَا الْبَشَرِ مَعَ تَفْضِيلِهِ عليه السلام عَلَى الْجَمِيعِ فَلَوْلَا هَذِهِ الْقَاعِدَةُ لَزِمَ التَّنَاقُضُ وَاعْلَمْ أَنَّ تَفْضِيلَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام إِنَّمَا هُوَ بِالطَّاعَاتِ وَالْأَحْوَالِ السَّنِيَّاتِ وَشَرَفِ الرِّسَالَاتِ وَعَظِيمِ الْمُثُوبَاتِ والدرجات العليات فَمن كَانَ فِيهَا أَتَمَّ فَهُوَ فِيهَا أَفْضَلُ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فَضْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا

قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - الْمَدِينَةُ خَيْرٌ مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ نَصٌّ فِي الْبَابِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْمُتَعَلِّقِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا خَيْرٌ مِنْهَا فِي سَعَةِ الرِّزْقِ وَالْمَتَاجِرِ فَمَا تَعَيَّنَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَثَانِيهَا دُعَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَهَا بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام لِمَكَّةَ وَمِثْلِهِ مَعَهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْمَدْعُوِّ بِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَهُوَ الصَّاعُ وَالْمُدُّ وَثَالِثُهَا

قَوْلُهُ عليه السلام اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ أَخْرَجُونِي مِنْ أَحَبِّ الْبِقَاعِ إِلَيَّ فَأَسْكِنِّي أَحَبَّ الْبِقَاعِ إِلَيْكَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ السِّيَاقَ يَأْبَى دُخُول مَكَّة فِي الْمفضل عَلَيْهِ لإياسه صلى الله عليه وسلم َ - مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى فَأَسْكِنِّي أَحَبَّ الْبِقَاعِ إِلَيْكَ مَا عَدَاهَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ

ص: 379

صَحَّ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ وَصْفِ الْمَكَانِ بِصِفَةِ مَا يَقَعُ فِيهِ كَمَا يُقَالُ بَلَدٌ طَيِّبٌ أَيْ هَوَاؤُهَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَالْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ أَيْ قُدِّسَ مَنْ دَخَلَهَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ الْمُقَدَّسِينَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا وَكَذَلِكَ الْوَادِي الْمُقَدَّسُ أَيْ قُدِّسَ مُوسَى عليه السلام فِيهِ وَالْمَلَائِكَةُ الْحَالُّونَ فِيهِ وَكَذَلِكَ وَصْفُهُ عليه السلام التُّرْبَةَ بِالْمَحَبَّةِ هُوَ وَصْفٌ لَهَا بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَهُوَ إِقَامَته صلى الله عليه وسلم َ - بِهَا وَإِرْشَادُ الْخَلْقِ إِلَى الْحَقِّ وَقَدِ انْقَضَى ذَلِك التَّبْلِيغ وَتلك القربات وَرَابِعهَا

قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ سُؤَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْفَضْلِ لَا الْأَفْضَلِيَّةِ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الزَّمَانِ فَيُحْمَلُ عَلَى زَمَانِهِ عليه السلام وَالْكَوْنُ مَعَهُ لِنُصْرَةِ الدِّينِ وَيُعَضِّدُهُ خُرُوجُ الصَّحَابَةِ بَعْدَهُ إِلَى الشَّام وَالْعراق وخامسها

قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا أَيْ يَأْوِي وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنِ انْسِيَابِ الْمُؤْمِنِينَ لَهَا بِسَبَبِ وُجُودِهِ فِيهَا حَالَ حَيَاتِهِ فَلَا عُمُومَ لَهُ وَلَا بَقَاءَ لِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ لِخُرُوجِ الصَّحَابَةِ مِنْهَا بعده صلى الله عليه وسلم َ - وسادسها

قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّ الْمَدِينَةَ تَنْفِي خَبَثَهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى زَمَانه كَمَا تقدم وسابعها

قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجنَّة

ص: 380

وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا الْمَدِينَةِ وَثَامِنُهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْبُقْعَةَ الْحَاوِيَةَ لِأَعْضَائِهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَفْضَلُ الْبِقَاعِ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ لَمَّا اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِهَا أَفْضَلَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَيكون الِاسْتِثْنَاء فِي

قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِأَقَلَّ مِمَّا فَضَلَ غَيْرَهُ وَعَلَيْهِ سُؤَالَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ الْبَلَدِ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهَا أَفْضَلِيَّةُ الصَّلَاةِ وَثَانِيهَا أَنَّ فِي التَّمْهِيدِ

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفٍ وَمِائَةِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ وَاعْلَمْ أَنَّ تَفْضِيلَ الْأَزْمَان وَالْبِقَاعِ قِسْمَانِ دُنْيَوِيٌّ كَتَفْضِيلِ الرَّبِيعِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَزْمَانِ وَتَفْضِيلِ بَعْضِ الْبُلْدَانِ فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَارِ وَطِيبِ الْهَوَاءِ وَمُوَافَقَةِ الْأَهْوَاءِ وَدِينِيٌّ كَتَفْضِيلِ رَمَضَانَ عَلَى الشُّهُورِ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَنَحْوِهِمَا وَمَعْنَاهُ كَثْرَةُ جُودِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا عَلَى عِبَادَهِ وَكَذَلِكَ الثُّلْثُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ لِجُودِ اللَّهِ تَعَالَى بِإِجَابَةِ الدَّعَوَاتِ وَمَغْفِرَةِ الزَّلَّاتِ وَإِعْطَاءِ السُّؤَالِ ونيل الآمال وَمن هَذَا تَفْضِيل مَكَّة وَالْمَدينَة وَلِوُجُوهٍ أُخْرَى وَقَدِ اخْتَصَّتْ مَكَّةُ بِوُجُوهٍ مِنَ التَّفْضِيلِ أَحَدُهَا وُجُوبُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عَلَى الْخِلَافِ وَالْمَدِينَةُ يُنْدَبُ إِتْيَانُهَا وَلَا يَجِبُ وَثَانِيهَا فُضِّلَتِ الْمَدِينَة بإقامته صلى الله عليه وسلم َ - بِهَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ عَشْرَ سِنِينَ وَبِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَثَالِثُهَا فُضِّلَتِ الْمَدِينَةُ بِكَثْرَةِ الطَّارِئَيْنِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَفُضِّلَتْ مَكَّةُ بِالطَّائِفِينَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ فَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا حَجَّهَا آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ وَلَوْ كَانَ لِمَالِكٍ دَارَانِ فَأَوْجَبَ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَأْتُوا إِحْدَاهمَا وَوَعدهمْ على ذَلِك بغفر سيآتهم وَرَفْعِ دَرَجَاتِهِمْ دُونَ الْأُخْرَى لَعُلِمَ أَنَّهَا عِنْدَهُ أَفْضَلُ وَرَابِعُهَا أَنَّ التَّقْبِيلَ وَالِاسْتِلَامَ نَوْعٌ مِنْ

ص: 381

الِاحْتِرَامِ وَهُمَا خَاصَّانِ بِالْكَعْبَةِ وَخَامِسُهَا وُجُوبُ اسْتِقْبَالِهَا وَسَادِسُهَا تَحْرِيمُ اسْتِدْبَارِهَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَسَابِعُهَا تَحْرِيمُهَا يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ تُحَرَّمِ الْمَدِينَةُ إِلَّا فِي زَمَانِهِ عليه السلام وَثَامِنُهَا كَوْنُهَا مَثْوَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عليهما السلام وَتَاسِعُهَا كَوْنُهَا مَوْلِدُ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَعَاشَرُهَا لَا تُدْخَلُ إِلَّا بِإِحْرَام وحادي عشرهَا قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} التَّوْبَة 28 وَثَانِي عشرهَا الِاغْتِسَال لدخولها دون الْمَدِينَة وثالث عشرهَا ثَنَاءُ اللَّهِ تبارك وتعالى عَلَى الْبَيْتِ وَهُوَ قَوْلُهُ عز وجل {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنَّاس للَّذي ببكة مُبَارَكًا وَهدى للْعَالمين فِيهِ آيَات بَيِّنَات} الْآيَة آل عمرَان 96

ص: 382

(كتاب الْجِهَاد)

وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْجُهْدِ الَّذِي هُوَ التَّعَبُ ثُمَّ اشْتُهِرَ فِي الشَّرْعِ بِنَعْتٍ خَاصٍّ كَمَا اتَّفَقَ فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ مِنَ الْعِبَادَات الْعَظِيمَة فَفِي البُخَارِيّ

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلَّا الشَّهِيدَ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى وَلَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَقَاب قَوس أحدكُم أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ يَعْنِي سَوْطَهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ فَلِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ الْعَظِيمَةِ يَرْجِعُ اخْتِيَارُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي جَعْلِهِ فِي الْمُصَنَّفَاتِ مَعَ الْعِبَادَاتِ وَالشَّافِعِيَّةُ يَجْعَلُونَهُ مَعَ الْجِنَايَاتِ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ عَلَى الْكُفْرِ فَهُمْ يُلَاحِظُونَ الْمَفْعُولَ بِهِ وَنَحْنُ نُلَاحِظُ الْفَاعِلَ وَتَعَلُّقُ الْفِعْلِ بِفَاعِلِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِمَفْعُولِهِ وَفِي الْكِتَابِ اثْنَا عَشَرَ بَابا

ص: 383

فارغة

ص: 384

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِهِ)

وَفِي التَّلْقِينِ هُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ إِلَّا لِعُذْرٍ وَلَا يُكَفُّ عَنْهُمْ إِلَّا أَنْ يَدْخُلُوا فِي دِينِنَا أَوْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ فِي بَلَدِنَا قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرُهُ هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} التَّوْبَة 36 وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} التَّوْبَة 122 وَقَوْلِهِ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ} ثُمَّ قَالَ {وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} النِّسَاء 95 وَلَوْ أَنَّهُ عَلَى الْأَعْيَانِ لَمَا وَعَدَ الْقَاعِدَ الْحسنى وَلم تزل الْأمة بعده صلى الله عليه وسلم َ - يَنْفِرُ بَعْضٌ دُونِ بَعْضٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَعْدَ الْفَتْحِ أَلْبَتَّةَ إِلَّا أَنْ يَأْمُرَ الإِمَام فَيجب الِامْتِثَال لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا فَعَلَّقَ الْوُجُوبَ عَلَى الِاسْتِنْفَارِ وَجَوَابُهُ أَنَّ تَعْلِيقَهُ لَا يَتَأَتَّى وُجُوبُهُ بِدُونِهِ بِدَلِيل مُنْفَصِل وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {قَاتلُوا الْمُشْركين} وَغَيْرُهُ مِنَ النُّصُوصِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ هُوَ فَرْضٌ عَلَى مَنْ يَلِي الْكُفَّارَ بَعْدَ الْفَتْحِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ سَحْنُونٍ عَلَى مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ وَقَوْلِ الدَّاوُدِيِّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَلِيهِمْ يَقُومُ بِهِمْ وَلَا يُظُنُّ أَنَّ أَحَدًا يَقُولُ لَا يَجِبُ مَعَ إِفْضَاءِ تَرَكِهِ إِلَى اسْتِبَاحَةِ دَمِ الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنْ مَعَ الْأَمْنِ قد يظنّ الْخلاف

ص: 385

وَيُؤَيّد مَا قُلْنَا أَنَّ الْكُفْرَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ وَأَقَلُّ الْمُنْكِرَاتِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ فَالْكُفْرُ أَوْلَى بِذَلِكَ وَإِذَا قُلْنَا بِفَرْضِيَّتِهِ فَفِي سَائِرِ الْفِرَقِ وَاخْتُلِفَ فِي الْحَبَشَةِ وَالتُّرْكِ فَلِمَالِكٍ فِي الْحَبَشَةِ قَوْلَانِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِم يغزى التّرْك ويروى عَنهُ صلى الله عليه وسلم َ - اتْرُكُوا الْحَبَشَةَ مَا تَرَكُوكُمْ وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ فَكَانَ الرَّأْيُ أَنْ لَا يُهَاجِرُوا لِتَوَقُّعِ شَرِّهِمْ آخِرَ الزَّمَانِ مِنْ خُرُوجِ التُّرْكِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمِنْهُمُ التَّتَرُ وَذُو السَّوِيقَةِ مِنَ الْحَبَشَةِ هُوَ الَّذِي يَهْدِمُ الْكَعْبَةَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا حُمِيَتْ أَطْرَافُ الْبِلَادِ وَسُدَّتِ الثُّغُورُ سَقَطَ فَرْضُ الْجِهَادِ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَبَقِيَ نَافِلَةً إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ الْعَدُوُّ بِبَعْضِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَيَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ إِعَانَتُهُمْ بِطَاعَةِ الْإِمَامِ فِي النَّفِيرِ إِلَيْهِمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْقِيَامُ بِفَرْضِ الْجِهَادِ حِرَاسَةُ الثُّغُورِ وَعِمَارَتُهَا بِالْمَنَعَةِ وَلَا تَجُوزُ الْمُهَادَنَةُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ تَدْعُو إِلَيْهَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إِغْزَاءُ طَائِفَةٍ إِلَى الْعَدُوِّ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً تَخْرُجُ مَعَهُ أَوْ مَعَ نَائِبِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيَكُفُّ أَذَاهُمْ وَيُظْهِرُ دِينَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَيُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ وَيَعْدِلُ الْإِمَامُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْخُرُوجِ بالنوبة

ص: 386

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَسْبَابِهِ)

وَهِيَ أَرْبَعَةٌ السَّبَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي أَصْلِ وُجُوبِهِ وَيَتَّجِهُ أَنْ يَكُونَ إِزَالَةَ مُنْكَرِ الْكُفْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ الْمُنْكَرَات وَمن علم مُنْكرا وَقدر عَلَى إِزَالَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إِزَالَتُهُ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْله تَعَالَى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فتْنَة وَيكون الدّين لله} الْبَقَرَة 193 الْفِتْنَة هِيَ الْكُفْرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} الْبَقَرَة 121 وَيَرُدُّ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ سَبَبًا لَا تنقض بِالنِّسْوَانِ وَالرُّهْبَانِ وَالْفَلَّاحِينَ وَالزَّمْنَى وَنَحْوِهِمْ فَإِنَّا لَا نَقْتُلُهُمْ مَعَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ وَيَتَّجِهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ حِرَاسَةَ الْمُسْلِمِينَ وَصَوْنَ الدِّينِ عَنِ اسْتِيلَاءِ الْمُبْطِلِينَ وَيُعَضِّدُهُ أَنَّ مَنْ أُمِنَ شَرُّهُ مِنَ النسوان وَمن ذكر أَن لَا يُقْتَلَ وَكَذَلِكَ مَنْ أَذْعَنَ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَنِي عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَعبد الْوَهَّاب وَيرد عَلَيْهِ أَن ظَاهر النُّصُوصِ تَقْتَضِي تَرْتِيبَ الْقِتَالِ عَلَى الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} التَّوْبَة 73 و {قَاتلُوا الْمُشْركين كَافَّة} التَّوْبَة 36

وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ - قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَتَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْوَصْفُ لِذَلِكَ الْحُكْمِ وَعَدَمُ عِلِّيَّةِ غَيْرِهِ ثُمَّ الْقِتَالُ قَدْ يَجِبُ مَعَ تَأْثِيمِ الْمُقَاتِلِ كَقِتَالِ الْحَرْبِيِّ وَمَعَ عَدَمِ تَأْثِيمِهِ بَلْ لِدَفْعِ مَفْسَدَةِ افْتِرَاقِ الْكَلِمَةِ كَقِتَالِ عَلِيٍّ رضي الله عنه مَنْ خَالَفَهُ

ص: 387

مِنَ الصَّحَابَةِ أَوْ لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ يَعْتَقِدُهَا الْمُقَاتِلُ بِتَأْوِيلِهِ كَقِتَالِ الصَّحَابَةِ لَهُ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ فَهَذَا سَبَبُ فَرْضِهِ عَلَى الْكِفَايَةِ قَاعِدَةٌ حِكْمَةُ مَا وَجَبَ عَلَى الْأَعْيَانِ أَوْ عَلَى الْكِفَايَةِ أَنَّ الْأَفْعَالَ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ بِتَكَرُّرِهِ فَيَجِبُ عَلَى الْأَعْيَانِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا تَعْظِيمُ الرَّبِّ تَعَالَى وَإِجْلَالُهُ وَالْخُشُوعُ لَهُ وَالْخُضُوعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهَذَا يَتَكَرَّرُ تَكَرُّرَ الْفِعْلِ وَمِنْهَا مَا لَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ بِتَكَرُّرِهِ كَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ فَإِنَّهُ إِذَا سُئِلَ مِنَ الْبَحْرِ حَصَلَتِ الْمَصْلَحَةُ فَالنَّازِلُ بَعْدَهُ لَا يُحَصِّلُ مُصْلَحَةً لِتَعَذُّرِ الْمَصْلَحَةِ بَعْدَ ذَلِكَ سُؤَالٌ يُشْكِلُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا إِعْفَاءُ الْمَيِّتِ مِنَ الْعُقُوبَةِ بِقَبُولِ الشَّفَاعَةِ وَهَذَا غَيْرُ مَعْلُومٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَكَرَّرَ وَأَنْ يَجِبَ عَلَى الْأَعْيَانِ جَوَابُهُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنَ الْعِبَادِ إِنَّمَا هُوَ فِعْلُ صُورَةِ الشَّفَاعَةِ وَهَذَا عُلِمَ حُصُولُهُ وَأَمَّا الْمَغْفِرَةُ فَأَمْرٌ مُغَيَّبٌ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ فِي حَقِّنَا وَأُقِيمَتْ مَظِنَّتُهُ مَقَامَهُ كَالرِّضَا فِي الْبَيْعِ هُوَ الْأَصْلُ وَلَمَّا كَانَ خَفِيًّا أُقِيمَتِ الصِّيَغُ وَالْأَفْعَالُ مَقَامَهُ وَأُلْغِيَ اعْتِبَارُهُ حَتَّى لَوْ رَضِيَ بِانْتِقَالِ مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ لَمْ يَنْتَقِلِ الْمِلْكُ فَائِدَةٌ الْكِفَايَةُ وَالْأَعْيَانُ كَمَا يُتَصَوَّرَانِ فِي الْوَاجِبَاتِ يُتَصَوَّرَانِ فِي الْمَنْدُوبَاتِ كَالْوِتْرِ وَالْفَجْرِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ عَلَى الْأَعْيَانِ وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ عَلَى الْكِفَايَةِ السَّبَبُ الثَّانِي وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي تَعْيِينِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ فَمَنْ عَيَّنَهُ تَعَيَّنَ امْتِثَالًا لِلطَّاعَةِ السَّبَبُ الثَّالِثُ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي تَعْيِينِهِ مُفَاجَأَةَ الْعَدُوِّ وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ فَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ لَمْ يَسْتَقِلُّوا بِدَفْعِهِ وَجَبَ عَلَى مَنْ يَقْرُبُ مُسَاعَدَتُهُمْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ الْجَمِيعُ وَجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِضَعْفِهِمْ وَطَمِعَ فِي إِدْرَاكِهِمْ وَمُعَاوَنَتِهِمُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِمْ

ص: 388

السَّبَبُ الرَّابِعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اسْتِنْقَاذُ الْأَسْرَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا لكم لَا تقتلون فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} النِّسَاء 75 يُرِيدُ تَعَالَى مَنْ فِي مَكَّةَ مِنَ الْأَسْرَى وَالْعَجْزَى فَإِنْ عَجَزُوا عَنِ الْقِتَالِ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْفِدَاءُ بِأَمْوَالِهِمْ إِنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ فَإِنِ اجْتَمَعَ الْقُدْرَةُ وَالْمَالُ وَجَبَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ فَكُّ الْأَسْرَى مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَمَا نَقَصَ عَنْ بَيْتِ الْمَالِ تَعَيَّنَ فِي أَمْوَالِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَقَادِيرِهَا وَيَجِبُ عَلَى الْأَسِيرِ الْغَنِيِّ فِدَاءُ نَفْسِهِ بِمَالِهِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ فَدَى أَسِيرًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلَهُ مَالٌ يُرْجَعُ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ سِيرِين وَغَيره لَا يرجع لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فُكُّوا الْعَانِيَ وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ فَكَّهُ أَعَمُّ مَنْ كَوْنِهِ مَجَّانًا وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ وَمَنْ لَهُ مَالٌ لَا يُفَكُّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَالْجَائِزَةِ لَهُ وَمَنْ فَدَى فَقِيرًا فَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْإِتْبَاعِ لِتَعَيُّنِ ذَلِكَ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ خِلَافُهُ وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُفْدَى وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى دَيْنِ الْمُفْدَى كَالْقُوتِ وَفِدَاءِ مَالِهِ مِنَ اللُّصُوصِ وَدَابَّتِهِ مِنْ مُلْتَقِطِهَا وَالْكِرَاءِ عَلَى مَتَاعه فَذَلِك كُله يقدم عَلَى الْغُرَمَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا فِي مَالِهِ الَّذِي أَحْرَزَهُ الْعَدُوُّ مَعَهُ لِأَنَّهُ فَدَى ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّمَا قُدِّمَ عَلَى الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ يدْخل فِي ذمَّته كرها وَهُوَ أَقْوَى وَلَوِ اشْتَرَاهُ مِنَ الْمَغْنَمِ بِسَهْمِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُفْدَى مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ فَدَاهُ بِيَسِيرٍ أَوْ بِغَيْرِ شَيْءٍ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا نُودِيَ عَلَى الْحُرِّ فِي الْمَغْنَمِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ مُشْتَرِيهِ وَإِنْ كَانَ سَاكِتًا عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إِنْ تَفَرَّقَ الْجَيْشُ لِعَدَمِ مَنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْجَاهِلِ الظَّان أَن ذَلِك يرقه وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْحُرُّ يُمَكِّنُ نَفْسَهُ مِمَّنْ يَبِيعُهُ وَيتبع وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَتَّبِعُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا فَدَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحبه

ص: 389

فَلَا رُجُوعَ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ بِأَمْرِهِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إِنْ فَدَى قَرِيبَهُ عَارِفًا بِهِ لِأَنَّهَا قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى التَّبَرُّعِ كَانَ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِهِ كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَغَيْرُ عَالِمٍ بِهِ رَجَعَ إِنْ كَانَ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ سَحْنُونٌ مَنِ اشْتَرَى ذَوِي رَحِمِهِ أَوْ فَدَاهُ رَجَعَ عَلَى مَنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَوْب الْهِبَةِ إِنْ كَانَ عَالِمًا وَإِلَّا رَجَعَ مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ فِي الْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِالْفِدَاءِ وَلَا يُفْسَحُ نِكَاحُ الزَّوْجَةِ إِذَا فَدَاهَا زَوْجُهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا افدني وَلَك كَذَا أَو مهري فَلَيْسَ إِلَّا مَا ودي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وَفَتْ لَهُ الْفِدَاءَ سَقَطَ الْمَهْرُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ لَهُ مِنَ الْمَهْرِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ طَلَبَ الْعَدُوُّ الْفِدَاءَ بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ دَفَعَ بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَمَنْ فَدَى بِخَمْرٍ وَنَحْوِهِ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُفْدِي وَلَا بِقِيمَتِه وَمن فدى أُسَارَى بِأَلف رَجَعَ مَعَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ بِالسَّوِيَّةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ عَلِمَ الْمُوسِرَ وَتَشَاحَّ فِيهِ وَكَذَلِكَ يَسْتَوِي الْأَحْرَارُ وَالْعَبِيدُ وَيُخَيَّرُ السَّيِّدُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْفِدَاءِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْفَادِي وَالْمَفْدِيُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَفْدِيِّ فِي إِنْكَارِهِ أَصْلَ الْفِدَاءِ وَمِقْدَارَهُ وَلَوِ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إِنْكَارِ أَصْلِهِ وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْفَادِي إِنْ وَافَقَهُ الْمَفْدِيُّ عَلَى أَصْلِ الْفِدَاءِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِيمَا مَعَهُ بِبِلَادِ الْحَرْبِ وَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ فِيمَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَسَوَّى بَيْنِهِمَا مُحَمَّدٌ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ كُنْتُ قَادِرًا عَلَى التَّحَيُّلِ وَالْخُرُوجِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَظَهَرَ صِدْقُهُ لَمْ يُتْبَعْ إِنِ افْتَدَاهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَإِنْ قَالَ كُنْتُ أفدى بِدُونِ هَذَا وَتَبَيَّنَ صِدْقُهُ سَقَطَ الزَّائِدُ وَمَتَى كَانَ عَالما بإفدائه وَلَمْ يُنْكِرِ اتَّبَعَهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْخُرُوجِ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ بِدُونِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ فُرُوعٌ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إِذَا اؤْتُمِنَ الْأَسِيرُ عَلَى شَيْء فِي أَمَانَتَهُ وَلَهُ أَخْذُ مَا لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ

ص: 390

الْقَاسِمِ وَلَا يُخَمَّسُ مَا يَهْرُبُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ خَرَجَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ فَأُسِرَ خُمِّسَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ إِلَّا بِالْإِيجَافِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْءُ الْجَارِيَةِ حَتَّى يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ بِدُخُولِهِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِن كَانَت لَا تخمس وَلَا يعاملهم بالربا قَالَ الْأَشْهب إِذا دفعُوا إِلَيْهِ ثوبا ليخطه فَلَا يَخُونُ فِيهِ لِأَنَّهُ اؤْتُمِنَ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا خَانَ أَوْ رَابَى ثُمَّ تَخَلَّصَ تَصَدَّقَ بِقَدْرِ مَا رَابَى وَخَانَ لِتَعَذُّرِ وُصُولِهِ إِلَى رَبِّهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي السَّرِقَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الزِّنَا سَوَاءٌ زَنَى بِحُرَّةٍ أَوْ بِمَمْلُوكَةٍ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا فَدَى ذِمِّيَّةً لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَهُ عَلَيْهَا فَدَاؤُهَا وَترجع ذِمِّيَّة على حَالهَا الثَّالِث فِي الْجَوَاهِر إِذَا وُلِدَتِ الْأَسِيرَةُ الْمُسْلِمَةُ عِنْدَهُمْ ثُمَّ غَنِمْنَاهَا فالصغار بمنزلتها والكبار إِذا بلغُوا وقاتلوا فَيْء وَقَالَ فِي ثَمَانِيَة ابْنِ أَبِي زَيْدٍ الْوَلَدُ تَبَعٌ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَمَنِ امْتَنَعَ مِنْهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ وَقَالَ أَشْهَبُ حَمْلُهَا وَوَلَدُهَا الْكَبِيرُ فَيْءٌ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الدَّارِ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كَبِيرُ وَلَدِهَا وَصَغِيرُهُمْ لِسَيِّدِهَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ فَيْءٌ نَظَرًا لِلدَّارِ وشبهة ملك الْكفَّار بالجور وَقَالَ أَشْهَبُ هُمْ فَيْءٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تزوجت فلسيدها لوُجُود أبوة مُعْتَبرَة تستتبع أما الذِّمِّيَّةُ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ هِيَ مَرْدُودَةٌ إِلَى دِينِهَا وَصِغَارُ وَلَدِهَا الْمُطِيقُ لِلْقِتَالِ مِنْهُمْ فَيْءٌ الرَّابِعُ قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا اشْتَرَى مِنْ بِلَادِ الْحَرْبَ سِلَعًا تُتَمَلَّكُ

ص: 391

فَلِصَاحِبِهَا أَخْذُهَا بِالثَّمَنِ وَالْمَوْهُوبُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَإِنِ اشْتَرَى مِنَ الْحَرْبِيِّ بِبَلَدِنَا فَفِي الْكِتَابِ لَا يَأْخُذُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ الْخَامِسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ مَعَ الْأَسِيرِ امْرَأَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ جَازَ وَطْؤُهُمَا إِنْ تَيَقَّنَ سَلَامَتَهُمَا مِنْ وَطْءِ الْعَدُوِّ وَأَكْرَهُهُ لِبَقَاءِ ذُرِّيَّتِهِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ وَتَرْكُ الْأَمَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ أَن أَسْلَمَ عَلَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَمَّا الْحُرَّةُ فَكَمَا قَالَ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَهُ أَخْذُ مَالِهِ بَعْدَ الْقَسْمِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَإِنَّ الْكُفَّارَ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ يَجُوزُ وَطْؤُهَا وَيَحْرُمُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُم يملكُونَ وَأَنه لَا يَأْخُذ بَعْدَ الْقَسْمِ وَيُكْرَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ السَّادِسُ فِي الْجُلَّابِ إِذَا خَرَجَ الْأَسِيرُ إِلَيْنَا وَتَرَكَ مَالَهُ فِي أَيْدِيهِمْ ثُمَّ غَزَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَغَنِمُوا مَالَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَبَعْدَ الْقَسْمِ بِالثَّمَنِ

ص: 392

(الْبَاب الثَّالِث فِي شُرُوطه)

وَفِي الْمُقدمَات هَب سِتَّةٌ الْإِسْلَامُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْتِ بِخِطَابٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْمُسْلِمِينَ وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَين الْجِهَاد وَالصَّوْم وَالزَّكَاة وَغَيرهمَا وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْحُرِّيَّةُ لِأَنَّ حُقُوقَ السَّادَاتِ فَرْضُ عَيْنٍ فَيُقَدَّمُ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ وَالذُّكُورَةِ لِضَعْفِ أَبْنِيَةِ النِّسْوَانِ عَنْ مُكَافَحَةِ الْأَقْرَانِ وَلِاحْتِيَاجِهِنَّ إِلَى كَشْفِ الْعَوْرَاتِ وَالِاسْتِطَاعَةُ بِالْبَدَنِ وَالْمَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْقُدْرَةُ بِسَلَامَةِ الْأَعْضَاءِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى السِّلَاحِ وَوَقَعَ لِلشَّافِعِيَّةِ تَرَدُّدٌ فِي الْقِتَالِ بِالْحِجَارَةِ وَاخْتَارُوا عَدَمَ اعْتِبَارِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْجَوَاهِرِ وَالرُّكُوبُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَنَفَقَاتُ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ فَإِنْ صَدَمَ الْعَدُوُّ الْإِسْلَامَ وَجَبَ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ لِتَعَيُّنِ الْمُدَافَعَةِ عَنِ النَّفْسِ وَالْبُضْعِ

ص: 393

فارغة

ص: 394

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَوَانِعِهِ)

وَهِيَ اثْنَانِ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ الدَّيْنُ الْحَالُّ دُونَ الْمُؤَجَّلِ فَإِنْ كَانَ يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ وَكَّلَ مَنْ يَقْبِضُهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِالْحَالِّ فَلَهُ السَّفَرُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ الْمَانِعُ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ الْوِلَادَةُ فَلِلْوَالِدَيْنِ الْمَنْعُ دُونَ الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَسَوَّى بَيْنَهُمْ ح وَالْأَبُ الْكَافِرُ كَالْمُسْلِمِ فِي مَنْعِ الْأَسْفَارِ وَالْأَخْطَارِ إِلَّا فِي الْجِهَادِ لِأَنَّ مَنْعَهُ رُبَّمَا كَانَ لِشَرْعِهِ لَا لِطَبْعِهِ وَقِيلَ يَسْتَوِيَانِ وَقَالَهُ ح لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} لُقْمَان 15 وَمِنَ الْمُرَادِ الْمُشْرِكَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} لُقْمَان 15 إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ قَصْدَهُ وَهَنُ الدِّينِ وَلَيْسَ مِنَ الْمَوَانِعِ خَوْفُ اللُّصُوصِ فِي الطَّرِيقِ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ أهم من الْكفَّار

ص: 395

صفحة فارغة

ص: 396

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقِتَالِ)

وَالنَّظَرِ فِي الْمُقَاتِلِ وَكَيْفِيَّةِ الْقِتَالِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُقَاتِلِ وَهُوَ مَنِ اجْتَمَعَتْ لَهُ الشُّرُوطُ وَالْأَسْبَابُ وَانْتَفَتْ عَنْهُ الْمَوَانِعُ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِتَالُ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُقَاتَلِ وَهُمْ ثَلَاثُ فِرَقٍ الْحَرْبِيُّونَ وَالْخَوَارِجُ وَالْمُحَارِبُونَ وَتُؤَخَّرُ الثَّالِثَةُ إِلَى كتاب الْجِنَايَات الْفرْقَة الْأُولَى الْحَرْبِيُّونَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الْحَبَشَةِ وَالتّرْك وَهَا هُنَا تَفْرِيعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا يُقْتَلُ النِّسَاءُ وَلَا الصِّبْيَانُ وَلَا الْمَشَايِخُ الْكِبَارُ وَلَا الرُّهْبَانُ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ وَيُتْرَكُ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا يَعِيشُونَ بِهِ وَنَهَى عليه السلام عَنْ قَتْلِ الْعَسِيفِ وَهُوَ الْأَجِيرُ وَفِي مُسْلِمٍ نَهَى صلى الله عليه وسلم َ - عَن قتال النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَفِي النَّسَائِيِّ لَا تَقْتُلُوا ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ

ص: 397

الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لِيَزِيدَ بْنِ سُفْيَانَ إِنَّكَ سَتَجِدُ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّهِ فَذَرْهُمْ وَمَا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ وستجد قوما فحصوا عَن أوساط رُؤْسهمْ مِنَ الشَّعَرِ فَاضْرِبْ مَا فَحَصُوا عَنْهُ بِالسَّيْفِ وَإِن مُوصِيكَ بِعَشَرَةٍ لَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلَا صَبِيًّا وَلَا كَبِير هرما وَلَا تقطعن شَجرا مثمرا وَلَا تحرقن عَامِرًا وَلَا تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلَا بَعِيرًا إِلَّا لِمَأْكَلِهِ وَلَا تُحْرِقَنَّ نَخْلًا وَلَا تُغْرِقَنَّهُ وَلَا تغلل وَلَا تخن وَقَالَ ش يُقْتَلُ الشُّيُوخُ وَالرُّهْبَانُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

اققتلوا شُيُوخ الْمُشْركين واستحيوا شرخهم يَعْنِي شبابهم ولاندارجهم فِي عُمُومَاتِ النُّصُوصِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى ذِي الرَّأْيِ وَيُخَصَّصُ مِنْهُ مَنْ لَا رَأْي لَهُ بِالْقِيَاسِ عَن النِّسَاءِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي وَوَافَقَنَا ح وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شُكَّ فِي الْبُلُوغِ كُشِفَ عَن المؤتزر يعْتَبر نَبَات عانته وَقيل لَا يقبل حَتَّى يَحْتَلِمَ وَلَا يُقْتَلُ الشَّيْخُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا رَأْيٍ وَلَا الرَّاهِبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا رَأْيٍ وَقِيلَ يُقْتَلُ مُطْلَقًا وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَفِي الرَّاهِبَاتِ قَوْلَانِ تَرْكُهُنَّ قِيَاسًا عَلَى الرِّجَال ويوسرن لِاخْتِصَاصِ مَعْنَى التَّرَهُّبِ بِالرِّجَالِ وَحَكَاهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَلَا يُقْتَلُ الْمَعْتُوهُ وَلَا الْأَعْمَى وَلَا الزَّمِنُ إِلَّا أَنْ يُخْشَى رَأْيُهُمَا وَقِيلَ لَا يُقْتَلَانِ مُطْلَقًا وَلَا يَقْتُلُ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ الْمُشْرِكَ إِلَّا أَنْ يَضْطَرَّهُ إِلَى ذَلِكَ بِأَنْ يُعَاجِلَهُ على نَفسه وَقَالَهُ ش لنَهْيه صلى الله عليه وسلم َ - حُذَيْفَةَ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ عُقْبَةَ وَالصِّدِّيقَ رضي الله عنه عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ فَإِنْ قَتَلَ مَا مُنِعَ مِنْ قَتْلِهِ مِنِ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ شَيْخٍ بَعْدَمَا صَارَ مَغْنَمًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ تُجْعَلُ فِي الْمَغْنَمِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

ص: 398

قَالَ الْمَازرِيّ ظَاهر الْمَذْهَب أَن إغزاء الْمَرْأَةِ بِالصِّيَاحِ لَا يُبِيحُ قَتْلَهَا وَلَا حِرَاسَتَهَا الْعَدُوَّ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُقْتَلُ رُهْبَانُ الْكَنَائِسِ لِخُلْطَتِهِمْ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَعَدَمِ أَمَانِنَا مِنْ ضَرَرِهِمْ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه فِي المحلقين أوساط رُؤْسهمْ وَاسْمُهُمُ الشَّمَامِسَةُ وَإِذَا قَاتَلَنَا مَنْ مُنِعْنَا مِنْ قَتْلِهِ قَاتَلْنَاهُ وَقَتَلْنَاهُ فَإِنْ رَمَتِ الْمَرْأَةُ بِالْحِجَارَةِ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُبِيحُ ذَلِك قِتَالهمْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَتَلَتْ بِمَا رَمَتْ وَقَالَ سَحْنُونٌ تُقَاتَلُ بِمَا قَتَلَتْ بِهِ وَأَمَّا أَمْوَالُ الرُّهْبَانِ وَالْمَسَائِحُ فَمَا ظَهَرَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِمْ أُخِذَ وَمَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَهُمْ فَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ مَا يُشِيرُ إِلَى الْمَنْعِ مِنْ أَخْذِهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا قِيَاسًا عَلَى النَّفْسِ وَمَا يُشِيرُ إِلَى أَخْذِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَخْذُ الْمَالِ وَالنَّفْسِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذْ مَرَّ الْجَيْشُ بِعَبِيدِ الرُّهْبَانِ وَزَرْعِهِمْ لَا يَمَسُّهُمْ قَالَ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ لِلْقُوتِ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْعَبِيدُ فَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ يُقَاتِلُونَ أَوْ تَقَاتَلُوا جَازَ قِتَالُهُمْ وَقَتْلُهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ لَا يَتَشَاغَلُ الرُّهْبَانُ إِلَّا بِهِمْ وَاعْتَزَلُوا أَهْلَ مِلَّتِهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ أَمَّا إِذَا عُلِمَ أَنَّ الْأَمْوَالَ لَهُمْ فَلَا تُؤْخَذُ وَإِنْ كَثُرَتْ رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُتْرَكُ لَهُمْ إِلَّا مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَيَعِيشُ بِهِ الْأَيَّامَ وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ الْبَقَرَتَانِ تَكْفِيَانِ الرَّجُلَ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ وَالْمَجْنُونُ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا يُبَاحُ قَتْلُهُ وَلَا يُقْتَلُ الصُّنَّاعُ عِنْدَنَا لِأَنَّ اشْتِغَالَهُمْ بِصَنَائِعِهِمْ يَمْنَعُهُمْ عَنَّا كَاشْتِغَالِ الرُّهْبَانِ بِالتَّعَبُّدِ وَخَالَفَ سَحْنُونٌ فِي هَذَا الْأَصْلِ وأباح قتل الحراس وَقَالَ لَمْ يَثْبُتِ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْعَسِيفِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الصَّانِعَ مُعِينٌ لِأَهْلِ دِينِهِ بِصَنِيعَتِهِ بِخِلَافِ الرَّاهِبِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي قَتْلِ رُهْبَانِ الْكَنَائِسِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ لَا يُقْتَلُ الصُّنَّاعُ وَلَا الْفَلَّاحُونَ وَرُوِيَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْأَكَّارِينَ وَهُمُ الْفَلَّاحُونَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْتَلُ الْفَلَّاحُ الثَّانِي فِي

ص: 399

الْكِتَابِ مَنْ وُجِدَ بِسَاحِلِنَا مِنَ الْعَدُوِّ وَقَالُوا نَحْنُ تُجَّارٌ وَنَحْوُهُ فَلَا يُقْتَلُونَ وَلَيْسُوا لِمَنْ وَجَدَهُمْ وَيَرَى فِيهِمُ الْإِمَامُ رَأْيَهُ وَأَنَا أَرَاهُمْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ وَإِذَا قَالَ تَاجِرُهُمْ ظَنَنْتُ أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِلتُّجَّارِ أَوْ يُؤْخَذُ بِبِلَادِ الْعَدُوِّ مُقْبِلًا إِلَيْنَا فَيَقُولُ جِئْتُ أَطْلُبُ الْأَمَانَ فَهُوَ مُشْكِلٌ وَيُرَدُّ إِلَى مَأْمَنِهِ وَإِذَا لَفَظَهُمُ الْبَحْرُ فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ تُجَارٌ وَلَا يُعْلَمُ صِدْقُهُمْ وَمَعَهُمُ السِّلَاحُ رَأَى فِيهِمُ الْإِمَامُ رَأْيَهُ وَلَا يُخَمَّسُونَ إِنَّمَا الْخمس فِيهَا أُوجِفَ عَلَيْهِ قَالَ يَحْيَى وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ وَقَالَ رَبِيعَةُ إِنْ كَانَ شَأْنه التِّجَارَة عندنَا فَهُوَ كأمان وَإِلَّا فَلَا عَهْدَ وَلَا ذِمَّةَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْتَهَدُ فِي الْجَاسُوسِ وَرَأى أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُهُ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ تَوْبَةً قَالَ وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ وَيَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ قَتْلِهِ وَصَلْبِهِ لِسَعْيِهِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ دُونَ النَّفْيِ وَالْقَطْعِ لِبَقَاءِ الْفَسَادِ مَعَهُمَا وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ كَتَبَ إِلَى مَكَّة يُخْبِرهُمْ بمقدمه صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ يَا رَسُول الله فَلم يُنكر صلى الله عليه وسلم َ - عَلَيْهِ ذَلِكَ بَلْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا كَانَ الْجَاسُوسُ مُسْلِمًا فَقِيلَ يُقْتَلُ وَاخْتُلِفَ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَقِيلَ إِنَّ ظُنَّ بِهِ الْجَهْلُ وَكَانَ مِنْهُ الْمَرَّةَ نُكِّلَ وَإِن كَانَ مُعْتَادا قتل وَقيل يجلد جادا مُنَكِّلًا وَيُطَالُ سَجْنُهُ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَالَ مَالِكٌ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِيهِ كَالْمُحَارِبِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَإِذَا ادَّعَى الْحَرْبِيُّونَ أَنَّهُمْ أَتَوْا يُسَلِّمُونَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي السَّلَام وَلَا التِّجَارَةِ وَلَا الْفِدَاءِ وَيَرَى فِيهِمُ الْإِمَامُ رَأْيَهُ فِي الْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَادَتُهُمُ التَّكَرُّرَ لِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا أُخِذُوا فِي بِلَاد الْإِسْلَام أَو قبلهَا الْأَشْهب وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ وَيُرَدُّونَ إِلَى مَأْمَنِهِمْ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ إِنْ أُخِذُوا إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ

ص: 400

أما فِي بِلَاد الْإِسْلَام فهم فَيْء ليحي بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ وَإِنْ أُخِذُوا فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَالثَّالِثُ إِنْ كَانَ شَأْنُهُمُ التَّكَرُّرَ إِلَيْنَا قُبِلَ قَوْلُهُمْ أَو ردو إِلَى مَأْمَنِهِمْ وَإِلَّا فَهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَمَّا إِنْ أَظْهَرُوا ذَلِكَ قَبْلَ وُصُولِهِمْ إِلَيْنَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُمْ لَا يُسْتَرَقُّونَ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ الْخَوَارِجُ وَالْخَارِجُونَ عَلَيْنَا مِنْ مِلَّتِنَا قِسْمَانِ لِطَلَبِ الْمُلْكِ وَهُمْ عُصَاةُ الثَّوْرَةِ وَلِنُصْرَةِ مَذَاهِبِهِمْ بِالتَّأْوِيلِ وَفِي الْكِتَابِ يُسْتَتَابُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا إِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا وَإِذَا خَرَجُوا عَلَى إِمَامٍ عَدْلٍ وَدَعَوْا لِمَذْهَبِهِمْ دَعَاهُمْ لِلسُّنَّةِ فَأن أَبَوا قَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَمَا كَفَّرَهُمْ وَلَا سَبَاهُمْ وَلَا أَخَذَ أَمْوَالَهُمْ قَالَ التُّونُسِيُّ ويتوارثون عَن الْفُقَهَاء

لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الصَّحِيحِ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ ويقرأون الْقُرْآنَ وَلَا يَتَجَاوَزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُ أَحَدُهُمْ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ تَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلَا تَرَى شَيْئًا وَتَنْظُرُ فِي السهْم وَلَا تَرَى شَيْئًا وَتَنْظُرُ فِي الْقِدْحِ فَلَا تَرَى شَيْئًا وَيَتَمَارَى فِي الْفُوقِ وَقَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ فَقَوْلُهُ يَتَمَارَى فِي الْفُوقِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْخِلَافِ فِي كُفْرِهِمْ وَأَنَّ لَهُمْ نَصِيبًا مِنَ الدّين مشكوكا فِيهِ ويكوون قَتْلُهُمْ عَلَى هَذَا حَدًّا كَالرَّجْمِ فَوَائِدُ يُرْوَى ضئضئ وضيضي هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْمَعْدِنُ وَالَّذِي يُلَفُّ عَلَى طَرَفِ السَّهْمِ وَالنَّصْلِ وَالْفُوقُ طَرَفُ السَّهْمِ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الْوَتْرُ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَعَلَى الْقَوْلِ بالتكفير لَا يتوارثون وَعدم التفكير ظَاهر

ص: 401

مَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ وَقِيلَ يُضْرَبُونَ وَيُسْجَنُونَ وَلَا يُقْتَلُونَ إِلَّا أَنْ يَدْعُوا إِلَى بِدْعَتِهِمْ فَيُقَاتَلُونَ وَلَا تستباح نِسَائِهِم وَلَا أَمْوَالُهُمْ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَابَ الْخَوَارِجُ بعد إِصَابَة الدِّمَاء وَالْأَمْوَال سَقَطت ادماء وَمَا اسْتَهْلَكُوهُ مِنَ الْأَمْوَالِ لِأَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ بِخِلَافِ الْمُحَاربين وَيُؤْخَذ من وَجه بِعَيْنِه وَلَا حد على مرأة سبيت وَلَا يلاعنها زَوجهَا وَيحد قَذفهَا وَتُرَدُّ إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ بَعْدَ عِدَّةِ الْآخَرِ قَالَ ابْن يُونُس قَالَ سَحْنُون لَهُم حكم الْمُسلمين فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَعدد الْأَوْلَاد والمدبرين والوصاية وَلَا يُتْبَعُونَ بِمَا نَالُوا مِنَ الْفُرُوجِ وَمَا لَا يعرف بِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وُقِفَ فَإِنْ أُيِسَ مِنْهُ تُصُدِّقَ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا سَبَى الْخَارِجِيُّ امْرَأَة فأولدها ألحق بِهِ وَالِده كَمُسْتَحَقَّةٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَفِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي ثَمَّةَ وغذا كَانَ الْخَوَارِجُ يَطْلُبُونَ الْوَالِيَ الظَّالِمَ لَمْ يَجُزِ الدَّفْعُ عَنْهُ وَلَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ قَتْلُ الْقَدَرِيَّةِ وَالْبَاغِيَةِ إِلَّا مَعَ الْوُلَاةِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي صفة الْقِتَال وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ الدَّعْوَةُ قَبْلَ الْقِتَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} الْمَائِدَة 67 وَفِي الْكِتَابِ لَا نُقَاتِلُ وَلَا نَثْبُتْ قَبْلَ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَتَوْا إِلَى بِلَادِنَا قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ قَرُبَتْ دَارُهُ فَلَا يدع وتطلب غِرَّتُهُ وَمِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَالدَّعْوَةُ قَطْعٌ لِلشَّكِّ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَجُوزُ ابْتِغَاءُ غِرَّةِ الْعَدُوِّ لَيْلًا وَنَهَارًا لِبُلُوغِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ أَقْطَارَ الأَرْض إِلَّا من تراجى إِجَابَتُهُ مِنْ أَهْلِ الْحُصُونِ فَيُدْعَى قَالَ مَالِكٌ وَأَمَّا الْقِبْطُ فَلَا بُدَّ مِنْ دَعَوْتِهِمْ بِخِلَافِ الرُّومِ وَاخْتُلِفَ فِي الْعِلَّةِ فَقِيلَ لِبُعْدِ فَهْمِهِمْ وَقيل لشرفهم و \ بِسَبَب مَارِيَة وَهَاجَر

لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - اسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا فَإِنَّ لَهُمْ نَسَبًا وَصِهْرًا قَالَ المزاري ضَابِطُ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا يُقَاتل عَلَيْهِ وَمَا يَدعِي إِلَيْهِ وَمن علم فَقِيه أَقْوَالٌ الدَّعْوَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْهِ فِي الْكتاب

ص: 402

وَإِسْقَاطُهَا مُطْلَقًا رَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْهُ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ يَعْلَمُ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَعْلَمُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْهِ فِي الْكِتَابِ وَالرَّابِعُ يَدْعُو الْجَيْش الْكَثْرَة لأمنه العائلة دُونَ غَيْرِهِ وَهُوَ عِنْدِي ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَأَمَّا إِنْ عَاجَلَنَا الْعَدُوُّ فَلَا يُدْعَى وَلَوْ أَمْكَنَتِ الدَّعْوَةُ وَعَلِمْنَا أَنَّ الْعَدُوَّ لَا يَعْلَمُ أَيُقَاتَلُ عَن الْمُلْكِ أَوِ الدِّينِ دُعِيَ وَلَا يَحْسُنُ الْخِلَافُ فِي هَذَا الْقِسْمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الدَّعْوَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ أَمْرُ الْإِسْلَامِ وَمَنْ بَلَغَهُ فَأَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبَةٌ مِنَ الْجَيْشِ الْعَظِيمِ إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّن الْإِجَابَة على الْجِزْيَةِ لِأَنَّهُمْ قَدْ لَا يَعْلَمُونَ قَبُولَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَمُسْتَحَبٌّ إِذَا كَانُوا عَالِمِينَ وَلَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ إِجَابَتُهُمْ وَمُبَاحَةٌ إِذَا لَمْ يُرْجَ قَبُولُهُمْ وَمَمْنُوعَةٌ إِنْ خُشِيَ أَحَدُهُمْ لِحَذَرِهِمْ بِسَبَبِهَا وَاخْتُلِفَ فِي التَّبْيِيتِ فَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَهُ مُحَمَّدٌ لِقَضِيَّةِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَنْ وَجَبَتْ دَعْوَتُهُ لَا يَجُوزُ تَبْيِيتُهُ وَمَنْ تُسْتَحَبُّ دَعْوَتُهُ يُكْرَهُ تَبْيِيتُهُ وَمَنْ أُبِيحَتْ أُبِيحَ إِلَّا أَن يخْشَى اخْتِلَاط الْمُسلمين بِاللَّيْلِ وغذ تَوَجَّهَ الْقِتَالُ لَا يَعْمَلُونَ بِالْحَرْبِ بَلِ الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ وَمُعْتَمَدُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ اخْتِلَافُ الْآثَارِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ فَفِي مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى نَافِعٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْإِسْلَام قد أغار عليه السلام عَليّ بِنَبِي المصطلق وَهُوَ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تَسْعَى عَلَى الْمَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلِيهِمْ وسبى سَبْيهمْ وَفِيه كَانَ صلى الله عليه وسلم َ - يُغِيرُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَكَانَ إِذَا سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي وجوب الدعْوَة وَرِوَايَات ثَالِثُهَا وُجُوبُهَا لِمَنْ

ص: 403

بَعُدَتْ عَلَيْهِ دَارُهُ وَخِيفَ مِنْ عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْمَقْصُودِ وَرَابِعُهَا الْجُيُوشُ الْكِبَارُ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهَا عَلَى ثَلَاثِ طُرُقٍ أَحَدُهَا الْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَتَنْزِيلُهَا عَلَى الْأَحْوَالِ وَثَانِيهَا تَبْقِيَتُهَا عَلَى حَالِهَا وَثَالِثُهَا أَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ الْوُجُوبُ وَالسُّقُوطُ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ قَرِيبِ الدَّارِ وَغَيْرِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ صِفَةُ الدَّعْوَةِ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَجَابُوا كَفَّ عَنْهُمْ وَإِلَّا عُوِّضَتْ لَهُمُ الْجِزْيَةُ فَإِنْ أَبَوْا قُوتِلُوا وَإِنْ أَجَابُوا طُولِبُوا بِالِانْتِقَالِ إِلَى حَيْثُ يَنَالُهُمْ سُلْطَانُنَا فَإِنْ أَجَابُوا كُفَّ عَنْهُمْ وَإِنْ أَبَوْا قُوتِلُوا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالدَّعْوَةِ فَقُتِلُوا قَبْلَهَا وَاسْتُبِيحَ مَالُهُمْ فَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ وَقِتَالُهُمْ كَقَتْلِ الْمُرْتَدِّ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَقَالَ ش تَجِبُ الدِّيَةُ كَالذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ بالعهد الْمَانِع وَهَا هُنَا لَا عَهْدَ وَالدَّعْوَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَقَالَ بَعْضُ البغداديين لَو أَن الْمَقْتُول تمسك بكتابه وآمن بنبينا وَنبيه على جنب مَا اقْتَضَاهُ كِتَابُهُ فَفِيهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِالْجِهَادِ مَعَ وُلَاةِ الْجَوْرِ لِأَنَّهُ لَوْ تُرِكَ لَأَضَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ وَاسْتدلَّ البُخَارِيّ على ذَلِك

بقوله صلى الله عليه وسلم َ - الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ولأنا أإن اسْتَطَعْنَا إِزَالَةَ مُنْكَرِهِمْ أَطَعْنَا طَاعَتَيْنِ بِالْجِهَادِ وَإِزَالَةِ الْمُنْكَرَيْنِ وَإِلَّا سَقَطَ عَنَّا وُجُوبُ الْإِنْكَارِ فَنُطِيعُ بِالْجِهَادِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا يجب الْخُرُوج مَعَهم لَيْلًا يعينهم عَلَى مَا يَقْصِدُونَهُ مِنَ الدِّمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا أَرَى أَنْ يَغْزُوا مَعَهُمْ إِذَا لَمْ يُوَفُّوا بِالْعَهْدِ وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ تَعَدِّيهِمْ فِي الْخمس وبشرب الْخُمُور وأنواع الْفسق وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ مَالِكٌ فِي وَقْتٍ أَكْثَرُ مُجَاهِدِيهِ أَهْلُ الْخَيْرِ بِتَأَخُّرِهِمْ يَضْعُفُ النَّاسُ الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ الْأَهْلِ إِلَى السواحل وَلَا

ص: 404

يُدَرَّبُ بِهِنَّ إِلَى أَرْضِ الْحَرْبِ وَلَا الْعَسْكَرِ الْعَظِيمِ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ

كُنَّا نَخْرُجُ مَعَهُ صلى الله عليه وسلم َ - فَنَسْقِي الْقَوْمَ وَنَخْدِمُهُمْ وَنَسْقِي الْجَرْحَى وَنُدَاوِي الْكَلْمَى قَالَ اللَّخْمِيّ وَفِي مُسلم

نَهْيه صلى الله عليه وسلم َ - عَن السّفر بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ تَنَالَهُ يَدُ الْعَدُوِّ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْجَيْشُ عَظِيمًا خَوْفَ سُقُوطِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَظْهِرَ الْحَرَامِ وَقَالَ ح يَجُوزُ فِي الْجُيُوشِ الْعَظِيمَةِ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَلَمْ يُفَرِّقْ مَالِكٌ بَيْنَ الْحَالَيْنِ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ سَحْنُونٍ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ وَأَجَازَ الْفُقَهَاءُ الْكِتَابَةَ إِلَيْهِمْ بِالْآيَةِ وَنَحْوِهَا دَعْوَةً إِلَى الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - كَتَبَ إِلَيْهِمْ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} آل عمرَان 64 الْآيَةَ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيمِهِمْ شَيْئًا مِنْهُ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ صَوْنًا عَنِ الِاسْتِخْفَافِ وَأَجَازَهُ ح لِتَوَقُّعِ الْإِرْشَاد وَعند ش قَولَانِ إِن طَلَبُوا مُصْحَفًا لِيَنْظُرُوا فِيهِ لَمْ يُمَكَّنُوا فَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مُعَامَلَتَهُمْ بِالدَّنَانِيرِ عَلَيْهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ تَحْدُثْ سِكَّةُ الْإِسْلَامِ إِلَّا فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَيُرْوَى فِي زَمَنِ عُمَرَ رضي الله عنه الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِيمَنْ يُسْتَعَانُ بِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْأَحْرَارُ الْمُسْلِمُونَ الْبَالِغُونَ وَيَجُوزُ بِالْعَبِيدِ بِإِذْنِ السَّادَةِ وَبِالْمُرَاهِقِينَ الأقوياء وَلَا يجوز بالمشركين خلافًا ل ح لنا مَا فِي مُسلم

خرج صلى الله عليه وسلم َ - قَبْلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جَوْلَةٌ وَنَجْدَةٌ ففرح أَصْحَابه صلى الله عليه وسلم َ - حِينَ رَأَوْهُ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ الرَّجُلُ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - جِئْتُ لِأَتْبَعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ لَا قَالَ فَارْجِعْ فان أَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَدْرَكْنَا بِالشَّجَرَةِ أدْركهُ الرجل وَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ لَهُ

ص: 405

- صلى الله عليه وسلم َ - كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَالَ لَا فَقَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ ثُمَّ رَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - فَانْطَلِقْ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا فِي الصَّفِّ وازحف أَمَّا فِي الْهَدْمِ وَالْمَنْجَنِيقِ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ وَقَالَ أَيْضًا لَا بَأْسَ أَنْ يَقُومَ بِمَنْ سالمه على من حاربه لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - اسْتَعَانَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْجَوَابُ عَن الْحَدث السَّابِق أَنه صلى الله عليه وسلم َ - تَفَرَّسَ فِيهِ الْإِسْلَامَ إِذْ مَنَعَهُ الْبَحْثُ الْخَامِسُ فِي الدَّوَاوِينِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا يُرْوَى أَنَّ من أَوَّلَ مَنْ دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ فِي الْإِسْلَامِ عُمَرَ رضي الله عنه وَفِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ الرَّجُلِ اسْمَهُ فِي دِيوَانِ مِصْرَ أَوِ الشَّامِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي اسْمٍ مَكْتُوبٍ فِي الْعَطَاءِ فَأَعْطَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مَالًا لِيَتْرُكَ لَهُ ذَلِكَ الِاسْمَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزِّيَادَةِ فِي الْعَطَاءِ بِعَرَضٍ وَلِأَنَّ الْمُعْطَى إِنْ كَانَ صَاحِبَ الِاسْمِ فَقَدْ أَخَذَ الْآخَرُ حَرَامًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَقَدْ بَاعَ مَا لَمْ يَعْلَمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ تَحَالَفَا وَاقْتَسَمَاهُ إِنْ رَآهُ الْإِمَامُ وَلَوْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ الْخُرُوجَ وَلَيْسَ عَطَاءٌ ثَابِتًا أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَيَّهُمَا شَاءَ وَأَعْطَاهُ ذَلِكَ وَمُرَادُهُ فِي الْكِتَابِ الْأُعْطِيَّةُ الثَّانِيَةُ وَفِي الْكِتَابِ وَقَدْ وَقَفَ عُمَرُ رضي الله عنه وَالصَّحَابَةُ بَعْدَهُ الْفَيْءَ وَخَرَاجَ الْأَرَضِينَ لِلْمُجَاهِدِينَ وَفَرَضُوا مِنْهُ لِلْمُقَاتِلَةِ وَالْعِيَالِ وَالذَّرَارِيِّ فَهُوَ سُنَّةٌ لِمَنْ بَعْدَهُمْ فَمَنِ افْتَرَضَ فِيهِ وَنِيَّتُهُ الْجِهَادُ جَازَ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَصْحَابُ الْعَطَاءِ أَفْضَلُ مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ لما يرعون وَقَالَ مَكْحُول روعات الْبعُوث تَنْفِي رواعات يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَأْخُذَ أَجْرًا وَيَغْزُوَ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا فَإِنْ أَخَذَ مِنَ الدِّيوَانِ جَازَ إِذَا كَانَتْ جِهَةً تَجُوزُ وَإِذَا أَرَادَ رَجُلَانِ أَنْ يَتَطَاوَيَا وَهُمَا من مَا حوزين فَيرجع كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى مَا حوز صَاحِبِهِ جَازَ إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ عُرَفَاؤُهُمْ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الطَّوَا بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْوَاوِ مَقْصُورٌ وَالْمَاحُوزُ بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالرَّاء الْمُعْجَمَةِ وَفِي النُّكَتِ الْمَاحُوزُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُرَابَطُ فِيهِ نَحْوُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَالْمِنِسْتِيرِ وَالطَّوَا الْمُبَادَلَةُ فَإِذَا كَتَبَ الْإِمَامُ بَعْضَهُمْ لِلْخُرُوجِ إِلَى

ص: 406

جِهَة وَبَعْضهمْ إِلَى جِهَة اخبر فَيَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ هَذَا لِثَغْرِ هَذَا وَهَذَا لِثَغْرِ هَذَا وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ جَعْلُ الْقَاعِدِ لِلْخَارِجِ مِنْ أَهْلِ دِيوَانِهِ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ سَدَّ الثغور خلافًا ش وح لِأَنَّهُ قَدْ مَضَى النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ وَرُبَّمَا خَرَجَ لَهُمُ الْعَطَاءُ وَرُبَّمَا لَمْ يَخْرُجْ وَلَا يَجْعَل لغير من فِي ديوانه ليغرو عَنهُ وَقد كره إجَازَة فَرَسِهِ لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهِ فَإِجَارَةُ النَّفْسِ أَشَدُّ كَرَاهَة قَاعِدَة العوضان لَا يَجْتَمِعَانِ للشَّخْص وَاحِد وَلذَلِك منعنَا الْإِجَازَة عَلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لِحُصُولِهَا لِلْمُصَلِّي مَعَ عِوَضِهَا وَحِكْمَة الْمُعَارضَة انْتِفَاع كل وَاحِد من المتعارضين بِمَا يُبْذَلُ لَهُ وَالْجِهَادُ حَاصِلٌ لِلْمُجَاهِدِ وَمُقْتَضَى ذَلِك الْمَنْع مُطلقًا وَعَلِيهِ اعْتمد ش وح وَرَاعَى مَالِكٌ الْعَمَلَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لَا بَأْسَ فِي الطَّوَا أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ وآخذ بعثي وَخذ بَعثك وَأَزِيدك وَكَذَا وَكَذَا وَكَرَاهَة شُرَيْحٌ قَبْلَ الْكَتَبَةِ أَمَّا بَعْدَهَا فَهُوَ جَائِزٌ إِلَّا لِمَنِ انْتَصَبَ يَنْتَقِلُ مِنْ مَاحُوزٍ إِلَى مَاحُوزٍ يُرِيدُ الزِّيَادَةَ فِي الْجُعْلِ قَالَ ابْنُ يُونُس أما إِذا لم يتَقَدَّم كتبه قلم يجد عَلَيْهِمَا خُرُوج فَلَا فَائِدَة فِي الْإِعْطَاء قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا سَمَّى الْإِمَامُ رَجُلًا فَلَا يُجْعَلُ لِغَيْرِهِ الْخُرُوجُ عَنْهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَإِذَا قَالَ يَخْرُجُ مِنَ الْبَعْثِ الْفُلَانِيِّ مِائَةٌ وَأَعْطَى بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ جَازَ وَلَوْ قَالَ يَخْرُجُ جُمْلَةُ بَعْثِ الصَّيْفِ فَجَعَلَ بَعْضَهُمْ لِمَنْ بَعْثُهُ فِي الرّبيع لم يجز إِلَّا بأذى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَ وَهَذَا جَائِزٌ إِلَّا لِمَنْ أَوْقَفَ نَفْسَهُ يَلْتَمِسُ الرِّبْحَ مَتَى وَجَدَهُ خَرَجَ فَمَكْرُوهٌ وَأَمَّا إِذَا قَالَ خُذْ بَعْثِي وَآخُذُ بَعْثَكَ قَبْلَ وَقْتِ الْخُرُوجِ فَهُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما مَنْ أَجْمَعَ عَلَى الْغَزْوِ فَلَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ مَا يُعْطَى وَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالْكِرَاءِ فِي الْغَزْوِ إِلَى الْقُفُولِ مِنْ بَلَدِ الْعَدُوِّ وَتَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ لِأَنَّ غَزْوَهُمْ مَعْرُوفٌ الْبَحْثُ السَّادِسُ فِي وُجُوهِ الْقِتَالِ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِتَحْرِيقِ قُرَاهُمْ وَحُصُونِهِمْ وَتَغْرِيقِهَا بِالْمَاءِ وَإِخْرَابِهَا وَقَطْعِ شَجَرِهَا الْمُثْمِرِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ

ص: 407

الْأَئِمَّةُ يُجَازُ قَطْعُ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ لِمَا فِي مُسلم أَنه صلى الله عليه وسلم َ - حَرَقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَيُحْمَلُ قَوْلُ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه مَا يُرْجَى انْتِفَاعُ الْمُسْلِمِينَ بِهِ وَإِذَا كَانَ مُسْلِمٌ فِي حِصْنٍ أَوْ مَرْكَبٍ لَا يُحْرَقُ وَلَا يُغْرَقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} الْفَتْح 25 وَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ ذُرِّيَّةُ الْمُشْرِكِينَ وَنِسَاؤُهُمْ وَإِذ خَرَقَ الْعَدُوُّ سَفِينَةَ الْمُسْلِمِينَ جَازَ خُرُوجُهُمْ إِلَى الْبَحْرِ فِرَارًا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَرَهُ رَبِيعَةُ إِذَا طَمِعَ فِي النَّجَاةِ أَوِ الْأَسْرِ وَقَالَ رَبِيعَةُ أَيْضًا الصَّبْرُ أَفْضَلُ وَلَا يُلْقِي الرَّجُلُ نَفْسَهُ بِسِلَاحِهِ لِيَغْرَقَ بَلْ يَثْبُتُ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ إِرْسَالُ الْمَاءِ عَلَيْهِمْ وَقَطْعُهُ عَنْهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} الْأَنْفَال 60 وَفِي النَّارِ خِلَافُ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ تَتَرَّسُوا بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ تَرَكْنَاهُمْ إِلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ تُرِكُوا وَإِنْ خفنا على أَنْفُسنَا لِأَن دم الْمُسلم لَا يُبَاحُ بِالْخَوْفِ فَإِنْ تَتَرَّسُوا فِي الصَّفِّ وَلَوْ تُرِكُوا لَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَخِيفَ اسْتِئْصَالُ قَاعِدَةِ الْإِسْلَامِ أَوْ جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْقُوَّةِ مِنْهُمْ وَجَبَ الدَّفْعُ وَسَقَطَ مُرَاعَاةُ التُّرْسِ وَلَا يَجُوزُ حمل رُؤْس الْكُفَّارِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَلَا إِلَى الْوُلَاةِ وَقَدْ كَرِهَهُ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه وَقَالَ هَذَا فِعْلُ الْعَجَمِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ تُرْمَى الْحُصُونُ بِالْمَنْجَنِيقِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وصبيان فقد رمي صلى الله عليه وسلم َ - أَهْلَ الطَّائِفِ بِالْمَنْجَنِيقِ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ الله إِن فيهم النِّسَاء وَالصبيان قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْحِصْنِ إِلَّا الْمُقَاتِلَةُ أَجَازَ فِي الْكِتَابِ

ص: 408

رَمْيَهَا بِالنَّارِ وَرُوِيَ عَنْهُ الْمَنْعُ وَإِذَا كَانَ مَعَهُمُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَأَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ يَجُوزُ الْمَنْجَنِيقُ دُونَ التَّغْرِيقِ وَالتَّحْرِيقِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَيَجُوزُ جَمِيعُ ذَلِكَ عِنْدَ أَصْبَغَ وَمَنْعُ جَمِيعِ ذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ التَّغْرِيقُ وَالْمَنْجَنِيقُ دُونَ التَّحْرِيقِ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنْ كَانَ مَعَهم أُسَارَى للْمُسلمين امْتنع التحريق والتغريق قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ الْمَنْجَنِيقُ وَقَطْعُ الْمَاءِ عَنْهُمْ وَرُوِيَ مَنْعُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْمِصْرِيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَأَمَّا السُّفُنُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ جَازَ التَّحْرِيقُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحُصُون أَنهم إِذا لَمْ يَحْرِقُوهُمْ فَعَلُوا بِهِمْ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ عَلَيْهِمْ فِي الْحُصُونِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمُ الْأُسَارَى فَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ وَإِنْ كَانَ فيهم النسوان وَالصبيان جَازَ قولا وَاحِد وَالْمُدْرِكُ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ قَوْله تَعَالَى {يُخْرِبُونَ بُيُوتهم بأيدهم وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} الْحَشْر 2 وقَوْله تَعَالَى {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فبإذن الله وليخزي الْفَاسِقين} الْحَشْر 5

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ وَوَافَقَنَا ح فِي قَتْلِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُضْعِفُ قُوَاهُمْ كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وش لَا يَجُوزُ إِتْلَافُ الْخَيْلِ وَالْبَغْلِ لِعَدَمِ الْمَأْكَلَةِ وَيَجُوزُ إِتْلَافُ فَرَسِ الْفَارِسِ تَحْتَهُ بِلَا خِلَافٍ فَنَقِيسُ عَلَيْهِ وَعَلَى الشَّجَرِ وَيُفَرِّقُ الْخَصْمُ بِأَنَّ مَرْكُوبَهُ آلَةٌ لِلشَّرِّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَالنَّبَاتُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ فَنَقِيسُ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ اخْتَارَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ الذَّبْحَ لِبُعْدِهِ عَنِ التَّمْثِيلِ وَنَهَى بَعْضُ الْأَصْحَاب عَنهُ ليبعده عَن الْأكل وَيُمكن أَن تجوق لِبُعْدِ ذَلِكَ عَنِ الْأَمْتِعَةِ وَخُيِّرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بَيْنَ الذَّبْحِ وَالتَّعَرْقُبِ وَأَمَّا النَّحْلُ فَنُهِيَ عَن إِتْلَافه لَا مَكَان تَطَيُّرِهِ إِلَى بَلَدِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهَا كَحَمَامِ الْأَبْرِجَةِ بِخِلَافِ الْمَوَاشِي وَالدَّوَابِّ فَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً تُقَوِّيهِمْ فَرِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا الْمَنْعُ لِمَا رُوِيَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْجَوَازُ كَالدَّوَابِّ وَأَمَّا الْحَيَوَانُ النَّاطِقُ إِنْ عَجَزَ

ص: 409

عَنْ وُصُولِهِ لِبَلَدِنَا تُرِكَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَقُتِلَتِ الرِّجَالُ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا أَسْقَطْنَا حُكْمَ الْقَتْلِ عَنْهُم وَإِذا تركنَا الْوَالِدَان وَالنِّسْوَانَ وَالشُّيُوخَ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ فَهُمْ لِمَنْ أَخذهم أَو فِي حوزة الْإِسْلَام فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُمَلَّكُونَ وَذَلِكَ كَالْعِتْقِ لَهُمْ الْبَحْثُ السَّابِعُ فِي الْمُبَارَزَةِ فِيمَا تَجُوزُ الْهَزِيمَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ اخْتُلِفَ فِي قَوْله تَعَالَى {الْآن الْعدَد خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} الْأَنْفَال 66 قِيلَ التَّخْفِيفُ فِي الْعَدَدِ فَلَا يَفِرُّ الْعَدو مِنْ مَثِيلِهِ وَإِنْ كَانَ أَشَدَّ مِنْهُمْ سِلَاحًا وجلدا إِلَّا أَن يكون بِأَرْض الْحَرْب بموقع مَدَدِهِمْ فَلَهُ التَّوْلِيَةُ سَعَةً وَقِيلَ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْقُوَّةِ دُونَ الْعَدَدِ وَهِيَ رِوَايَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ وَهَذَا الْقَوْلُ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إِنَّ الِانْحِيَازَ إِلَى وَالِي جَيْشِهِ الْأَعْظَمِ وَتَنْحَازُ السَّرِيَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ إِلَى مَنْ خَلْفَهَا مِمَّا يَلِيهَا وَإِذَا نَشَأَ الْقِتَالُ وَكَانَ السُّلْطَانُ ضَعِيفًا فَلَهُ الِانْحِيَازُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ صُفُوفٍ وَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ فَالِانْصِرَافُ أَحَبُّ إِلَيَّ إِنْ قَدَرُوا وَإِلَّا تَلَازَمُوا حَتَّى يُقْتَلُوا وَإِذَا حُصِرَتِ الْمَدِينَة فضعفوا قَالَ ربيعَة يخرجُوا لِلْقِتَالِ أحب إِلَيّ من الْمَوْت جوعا وَإِن طَمِعُوا فِي النَّجَاةِ وَإِلَّا فَالصَّبْرُ أَحْسَنُ قَالَ التُّونُسِيُّ لَهُمُ الْخُرُوجُ إِلَى الْقِتَالِ لَعَلَّهُ أَرْوَحُ لَهُمْ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمَرْكِبِ تُلْقَى عَلَيْهَا النَّارُ هَلْ يُلْقِي الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ لِيَغْرَقَ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمُحَمَّدٌ لَا تَجُوزُ الْمُبَارَزَةُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ إِذَا صَحَّتِ النِّيَّةُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْضَدَ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا يُعْضَدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَفِ بِالشَّرْطِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّهُ إِذَا أُخِذَ وَجَبَ فَدَاؤُهُ بِالْقِتَالِ وَغَيْرِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا حَمَلَ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ عَلَى الْجَيْشِ الْعَظِيم أَرَادَ السُّمْعَةَ فَحَرَامٌ إِجْمَاعًا أَوْ خَوْفَ الْأَسْرِ لِإِحَاطَةِ الْعَدو بِهِ فَجَاز إِجْمَاعًا أَوْ لِيُلْقِيَ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ الْكُفَّارِ وَالْقُوَّةَ فِي قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ فَكَرِهَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضي الله عنه لِأَنَّهُ ألْقى نَفسه إِلَى التَّهْلُكَةِ وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَحْسَنَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَا زَالَ السَّلَفُ عَلَى

ص: 410

ذَلِكَ وَفِي كَلَامِ مَالِكٍ إِشَارَةٌ إِلَى الْقَوْلَيْنِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنْ فَرَّ إِمَامُهُ وَإِن بلغ عدد الْمُسلمين اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا لَا يَجُوزُ التَّوَلِّي وَإِنْ كَانَ الْعَدو زَائِدا على الضعْف

لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ فَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَصِّصٍ لِلْآيَةِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَقِيلَ إِنَّ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّم وَبئسَ الْمصير} آل عمرَان 111 خَاصٌّ بِبَدْرٍ وَالصَّحِيحُ تَعْمِيمُهُ إِلَى الْأَبَدِ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْجُلَّابِ تُقَامُ الْحُدُودُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح كُلُّ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ لَا يُوجِبُهُ إِلَّا مَعَ الْإِمَامِ نَفْسِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَفِّرُ الْقُلُوبَ وَيُفَرِّقُ الْكَلِمَةَ وَيُوجِبُ الدُّخُولَ لِدَارِ الْحَرْبِ وَالرِّدَّةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ أَدِلَّةَ الْوُجُوبِ قَائِمَةٌ فَتَجِبُ لِأَنَّهُ مَنْ أَعْظَمِ الطَّاعَاتِ فَيَكُونُ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ الْمُعَاوَنَاتِ وَفِي اللّبَاب إِن زنا الْأَسِيرُ بِحَرْبِيَّةٍ ثُمَّ خُلِّصَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ الْحَدُّ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ الثَّانِي قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا تَيَقَّنَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُمْ لَا يُؤَثِّرُونَ شَيْئًا أَلْبَتَّةَ وَأَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ مِنْ غَيْرِ نِكَايَةِ الْعَدُوِّ وَلَا أَثَرٍ أَصْلًا وَجَبَتِ الْهَزِيمَةُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ انْقِسَامُ الْفِرَارِ إِلَى الْوَاجِبِ وَالْمُحَرَّمِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ بِحَسَبِ الْأَمَارَاتِ الدَّالَّة على الْمصَالح وتعارضها ورجحانها

ص: 411

فارغة

ص: 412

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي أَمْوَالِ الْكُفَّارِ)

وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَمْيِيزِ مَا يُخَمَّسُ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَمْوَالُ الْكُفَّارِ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا لِلَّهِ خَالِصًا وَهُوَ الْجِزْيَةُ وَالْخَرَاجُ وَعُشْرُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَهْلِ الصُّلْحِ يَفْعَلُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَثَانِيهَا لِمَنْ أَخَذَهُ وَلَا خُمُسَ فِيهِ وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ بَلَدِ الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ إِيجَافٍ قَالَ مُحَمَّد إِن هرب بِتِجَارَتِهِ لَمْ تُخَمَّسْ إِنْ أُسِرَ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ خَرَجَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ فَأُسِرَ خُمِّسَتْ لِأَنَّهُ خَرَجَ لِذَلِكَ أَوِ الْجِهَادِ وَلَوْ خَرَجَ تَاجِرًا فَسَرَقَ جَارِيَةً أَوْ مَتَاعًا لِمَنْ يُخَمَّسُ قَالَ مَالِكٌ وَمَا طَرَحَهُ الْعَدُوُّ خَوْفَ الْغَرَقِ فَوُجِدَ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلَا بِقُرْبِ قُرَاهُمْ وَلَا يُخَمَّسُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَيُجْرَى عَلَى حُكْمِ الرِّكَازِ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ قُرَاهُمْ خُمِّسَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ الْحَرْبِيِّينَ فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّينَ أَمْرُهُ إِلَى الْإِمَامِ وَثَالِثُهَا خُمُسُهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَبَقِيَّتُهُ لِوَاجِدِهِ وَهِيَ الْغَنِيمَةُ وَالرِّكَازُ وَرَابِعُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ بِخمْس أَمْ لَا وَهُوَ مَا جَلَا عَنْهُ أَهْلُهُ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَنْ يَنْجَلُوا بَعْدَ نُزُولِ الْجَيْشِ قِيلَ فَيْءٌ لَا شَيْءَ فِيهِ لِلْجَيْشِ لِعَدَمِ الْقِتَالِ وَقِيلَ يُخَمَّسُ لِأَنَّ الْجَلَاءَ

ص: 413

بِالْخَوْفِ مِنَ الْجَيْشِ وَإِنِ انْجَلَوْا قَبْلَ خُرُوجِ الْجَيْش خوفًا مِنْهُ ففيء يخْتَلف فِي خَرَاجِ أَرْضِهِمْ وَمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْجَيْشِ لِمُكَاتَبَةٍ أَوْ رُسُلٍ فَهُوَ فَيْءٌ وَإِن كَانَ بعد نزُول الْجَيْش لَهُم كَانَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ بِإِيجَافِهِمْ وَالثَّالِثُ مَا يُؤَدُّونَهُ كُلَّ عَامٍ وَهُوَ كَالْخَرَاجِ وَخَامِسُهَا مَا غنمه العبيد بإيجفاف مِنْ أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَلَا حُرَّ مَعَهُمْ قِيلَ هُوَ لَهُمْ وَلَا يُخَمَّسُ وَقِيلَ يُخَمَّسُ كَالْأَحْرَارِ نَظَرًا إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الْأَنْفَال 41 هَلْ يَنْدَرِجُ الْعَبِيدُ فِي الْخِطَابِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانُوا مَعَ الْجَيْشِ وَبِهِمْ قُدْرَةٌ عَلَى الْغَنِيمَةِ يُخْتَلَفُ فِي أَنْصِبَائِهِمْ وَيُخْتَلَفُ فِيمَا غَنِمَهُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ دُونَ الرِّجَالِ هَلْ يُخَمَّسُ أَمْ لَا وَالْمَأْخُوذُ مِنَ الْغَنِيمَةِ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ الْأَمْوَالُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالْأَرَضُونَ وَالْأَطْعِمَةُ وَالْأَشْرِبَةُ فَالْأَمْوَالُ تُخَمَّسُ لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالرِّجَالُ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِمْ بَيْنَ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ الْقَتْلُ وَالْمَنُّ وَالْفِدَاءُ وَالْجِزْيَةُ وَالِاسْتِرْقَاقُ يَفْعَلُ الْأَصْلَحَ مِنْ ذَلِكَ بِالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَمَنْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ مِنَ الْخُمُسِ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِ الْغَنِيمَةِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ وَالْقَتْلُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالِاسْتِرْقَاقُ رَاجِعٌ إِلَى جُمْلَةِ الْغَانِمِينَ وَإِذَا أَسْقَطَ الْقَتْلَ امْتَنَعَ الْقِتَالُ وَيَتَخَيَّرُ فِي الْأَرْبَعَةِ وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ حَبْسُهُ عَنْ بَلَدِهِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الْبَقَاء لضرب الْجِزْيَة وَإِن أبقاه للجزية الِاسْتِرْقَاقُ دُونَ الْمُفَادَاةِ بِرِضَاهُ وَإِنِ اسْتَرَقَّهُمْ جَازَ أَنْ يَنْتَقِلَ مَعَهُ إِلَى الْجِزْيَةِ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَإِنْ أَبْقَاهُ لِلْفِدَاءِ امْتَنَعَتِ الْحُرِّيَّةُ وَالرِّقُّ إِلَّا بِرِضَاهُ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَهُ الْمُفَادَاةُ بِالْمَالِ وَالْأَسْرَى وَلَا فَرْقَ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ أَسْرَى الْعَجم وَالْعرب والأحرار والفلاحون يُخَيِّرُ فِيهِمْ فِيمَا عَدَا الْقَتْلَ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَتلهمْ وَفِي النِّسَاء وَالصبيان فِي ثَلَاثَة الْمَنُّ وَالْفِدَاءُ وَالِاسْتِرْقَاقُ وَوَافَقَنَا ش فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْخَمْسِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ فَفِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ

ص: 414

حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} التَّوْبَة 5 {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} التَّوْبَة 29 {فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء} مُحَمَّد 4 وَهُوَ خير من اعْتِقَاد النّسخ وَقَالَ ح لَا يجوز الْمَنّ وَالْفِدَاء وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يُقْتَلُونَ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فإمَّا من بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَحَكَى الدَّاوُدِيُّ أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِ مَالِكٍ يَكْرَهُونَ الْفِدَاءَ بِالْمَالِ وَيَقُولُونَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِك ببدر لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - عَلِمَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْهِمْ قَالَ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ فَإِنْ كَانَ الْأَسِيرُ عَظِيمَ النَّجْدَةِ قَتَلَهُ أَوْ عَظِيمَ الْقِيمَةِ اسْتَرَقَّهُ أَوْ فَدَاهُ إِنْ بَذَلَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ عَدِيمَ الْقِيمَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْجِزْيَةِ كَالزَّمِنِ أَعْتَقَهُ أَوْ عَدِيمَ الْقِيمَةِ دُونَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْجِزْيَةِ ضَرَبَهَا عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ إِنِ الْتَبَسَ أَمْرُهُ فَقَالَ مَرَّةً لَا يَقْتُلُهُ وَقَالَ مَرَّةً يُقْتَلُ لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه لَا تَحْمِلُوا إِلَيْنَا مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَعْلَاجِ أَحَدًا جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي فَائِدَةٌ الْعِلْجُ مِنَ الْأَعْلَاجِ وَالْمُعَالَجَةُ وَهِيَ الْمُحَاوَلَةُ لِلشَّيْءِ فَإِنَّ الْعِلْجَ هُوَ الْقَوِيُّ الْقَادِرُ عَلَى مُحَاوَلَةِ الْحَرْبِ وَفِي الْكِتَابِ يُسْتَرَقُّ الْعَرَبُ إِذَا سُبَوْا كَالْعَجَمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِرْقَاقَ كَوْنُ الْمَرْأَةِ حَامِلًا مِنْ مُسْلِمٍ لَكِنْ لَا يُرَقُّ الْوَلَدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَمَلَتْ بِهِ حَالَ كُفْرٍ ثُمَّ سُبِيَتْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَإِذَا سُبِيَ الزَّوْجَانِ مَعًا أَوِ الزَّوْجُ أَوَّلًا انْقَطَعَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَشْهَبَ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ وَإِذَا سُبِيَتْ هِيَ أَوَّلًا انْقَطَعَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَةٍ فَوَطْئِهَا السَّيِّدُ قَبْلَ الْإِسْلَام زَوْجِهَا انْقَطَعَ وَإِلَّا فَلَا

ص: 415

وَإِذَا سُبِيَتْ وَوَلَدُهَا الصَّغِيرُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا فِي البيع وَالْقِسْمَة وَالصَّغِير لَمْ يُثْغِرْ وَرُوِيَ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَلَوْ قطع عَن الْأُم بيع مَعَ الْجَدَّةِ لَمْ يَجُزْ وَيَجُوزُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ وَالْجَدَّةِ فَرْعٌ فِي الْبَيَانِ يَجُوزُ شِرَاءُ الْحَرْبِيِّينَ مِنْ آبَائِهِمْ إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ هُدْنَةٌ وَارْتِهَانُهُمْ وَبَيْعُهُمْ فِيمَا رَهَنُوا وَالْعَبْدُ الْأَسِيرُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ عَلَى وَلَدِهِ فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا مَنَّ عَلَى بَلَدٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأَقُرِّوا فِيهَا فَهُمْ أَحْرَارٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ أَرْضَهَا وَقْفٌ وَأَمَّا أَمْوَالُهُمْ فَيَنْتَفِعُونَ بِهَا حَيَاتَهُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا أَوْ مَاتُوا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تَكُونُ لَهُمْ وَتُورَثُ عَنْهُمُ التَّالِدُ وَالطَّارِفُ لِأَنَّهُمْ مُلِكُوا وَقِيلَ لَا يَكُونُ لَهُمُ التَّالِدُ وَلَا الطَّارِفُ نظرا إِلَى انهم تُرِكَ لَهُمْ مُدَّةَ الْحَيَاةِ أَوِ الْكُفْرِ وَالْأَصْلُ اسْتِحْقَاقُ الْمُسْلِمِينَ لَهُ وَقِيلَ التَّالِدُ لَيْسَ لَهُمْ لِأَنَّهُ مِنَ الْغَنَائِمِ وَلَهُمُ الطَّارِفُ لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبِهِمْ بَعْدَ الْمَنِّ ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى بَقِيَّةِ أَقْسَامِ اللَّخْمِيِّ قَالَ الْأَرَضُونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ بعيد عَن قهرنا فنخرب بِهَدْمٍ أَوْ بِحَرْقٍ وَتَحْتَ قَهْرِنَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا تُسْكَنُ فَيُقْطِعُهُ الْإِمَامُ لِمَنْ فِيهِ نَجْدَةٌ وَلَا حَقَّ لِلْجَيْشِ فِيهِ وَقَرِيبٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ فَهَلْ يُوقَفُ خَرَاجُهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ تَجُوزُ الْقِسْمَةُ وَالْوَقْف قَولَانِ لمَالِك وَقد قسم صلى الله عليه وسلم َ - قُرَيْظَةَ وَفَدَكَ وَخَيْبَرَ وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لَوْلَا مَنْ يَأْتِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ نَدَعْ قَرْيَةً فُتِحْتَ عَنْوَةً إِلَّا قَسَمْتُهَا وَفُتِحَتْ مَكَّةُ عَنْوَةً وَلَمْ تُقْسَمْ وَاخْتُلِفَ هَلْ تُرِكَتْ منى لأَهْلهَا

ص: 416

وفيجوز لَهُمْ بَيْعُهَا أَوْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ وَرُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم َ - مَكَّةُ حَرَامٌ لَا تَحِلُّ إِجَارَةُ بُيُوتِهَا وَلَا بيع رباعها وَكَانَ كَذَلِك على عَهده صلى الله عليه وسلم َ - وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ فُتِحَتْ فَدَكُ عَنْوَةً بِغَيْرِ قِتَالٍ عَلَى النِّصْفِ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَالنِّصْفِ لَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ شَيْءٌ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا تَخْمِيسٌ لِعَدَمِ الْقِتَالِ وَالْإِيجَافِ وَكَذَلِكَ خَيْبَر وَلذَلِك قطع صلى الله عليه وسلم َ - لأزواجة فهما وَكَانَ هَذَا عَنْوَةً لِمُجَرَّدِ الرُّعْبِ الَّذِي أُعْطِيَهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَمِنْه فتح بني النَّضِير وَبني قعيقعان وَفتحت مصر سنة عشرُون عَنْوَةً وَقَالَ الْلَّيْثُ صُلْحًا وَقِيلَ صُلْحًا ثُمَّ نَقَضُوا الْعَهْدَ فَفُتِحَتْ عَنْوَةً وَفِي الْكِتَابِ أَرْضُ الْعَنْوَةِ يُجْتَهَدُ فِيهَا وَأَرْضُ الصُّلْحِ لَا تُقْسَمُ وَأَهْلُهَا عَلَى مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَخَرَاجُ الْجَمَاجِمِ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا وَقَالَ أَيْضًا هِيَ فَيْءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقَرُّ أَهْلُ الْعَنْوَةِ أَحْرَارًا وَيَكْتَفِي مِنْهُمْ بِمَا يُوجَدُ مِنْ خَرَاجِ جَمَاجِمِهِمْ قَالَ عِيسَى تَرْكُ الْأَرْضِ بِأَيْدِيهِمْ عَوْنٌ لَهُمْ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ رضي الله عنه قَالَ مُحَمَّدٌ وَنِسَاؤُهُمْ كَالْحَرَائِرِ فِي النَّظَرِ إِلَيْهِنَّ وَالدِّيَةُ كَدِيَةِ الذِّمِّيَّةِ وَإِذَا لَمْ يُقْدَرُ عَلَى الْأَرْضِ لِبُعْدِهَا بِيعَ أَصْلُهَا فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أَتَتِ الْإِمَامَ هَدِيَّةٌ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ قَالَ مَالِكٌ هِيَ لِجُمْلَةِ الْجَيْشِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ مُكَافَأَةٍ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الطَّاغِيَةِ أَوْ مِنْ بَعْضِ الرُّومِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَمَّا مِنَ الطَّاغِيَةِ فَلَا تَكُونُ لَهُ قَالَ مَالِكٌ وَتَكُونُ غَنِيمَةً تُخَمَّسُ وَقِيلَ فَيْءُ الْمُسْلِمِينَ لَا خُمُسَ فِيهِ وَأَمَّا إِنْ كَانَتْ مِنْ بَعْضِ الرُّومِ فَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّهَا لَهُ إِذَا كَانَ الْحَرْبِيُّ لَا يُخَافُ مِنْهُ فَإِنْ

ص: 417

أُهْدِيَ الْأَمِيرُ مِنَ الطَّاغِيَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْعَدُوِّ وَقَبْلَ دُخُولِهِ بَلَدَ الْحَرْبِ فَحَكَى الدَّاوُدِيُّ أَنَّهَا لَهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَن الْأَمِير بِخِلَافِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِيمَا قَبِلَهُ مِنْ قَيْصَرَ وَالْمُقَوْقِسِ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّهُ بِمَا فَتَحَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِ الْحَرْبِ بِالرُّعْبِ بِآيَةِ سُورَةِ الْحَشْرِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْكَلْبُ الْمَأْذُونُ فِي اتِّخَاذِهِ يدْخل فِي المقاسم مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يُجِيزُ بَيْعَهُ وَلِانْدِرَاجِهِ فِي عُمُومِ آيَةِ الْغَنِيمَةِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَدْخُلُ وَهُوَ الْقيَاس لنَهْيه صلى الله عليه وسلم َ - عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ قَسْمٍ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ أَخْذُ الطَّعَامِ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالْعَلَفِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ لِلْأَكْلِ وَالْجُلُودِ لِلنِّعَالِ وَالْخِفَافِ وَالْحَوَائِجِ بِغَيْرِ إِذن الإِمَام وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْن جَعْفَرٍ قَالَ أَصَبْتُ جِرَابًا مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ فَالْتَزَمْتُهُ وَقُلْتُ لَا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا مِنْ هَذَا شَيْئًا فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - مُبْتَسِمًا وَوَصَّى الصِّدِّيقُ رضي الله عنه يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ لَا تَذْبَحَنَّ شَاةً إِلَّا لِمَأْكَلَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذا ضم الإِمَام مَا كثر فَضَلَ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ احْتَاجَ النَّاسُ إِلَيْهِ أكلُوا من بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَفِي الْكِتَابِ يُؤْخَذُ السِّلَاحُ يُقَاتِلُ بِهِ ثُمَّ يَرُدُّهُ وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ وَيَرْكَبُهَا إِلَى بَلَدِهِ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا إِلَى الْغَنِيمَةِ فَإِنْ قُسِمَتِ الْغَنِيمَةُ بَاعَهَا

ص: 418

وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُحْتَاجُ إِلَى لُبْسِهِ مِنَ الثِّيَابِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ لَا يَنْتَفِعُ بِسِلَاحٍ وَلَا دَابَّةٍ وَلَا ثَوْبٍ وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ أَخَذُ الْعَيْنِ يَشْتَرِي بِهِ وَمَا فَضَلَ مِنَ الطَّعَامِ بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَى بَلَدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَالِمٌ يَأْكُلُهُ وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ وَقَالَ مَالِكٌ يَأْكُلُ الْقَلِيلَ وَيَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ وَكُلُّ مَا أُذِنَ فِي النَّفْعِ بِهِ بِبَيْعٍ رَجَعَ ثَمَنُهُ مَغْنَمًا يُخَمَّسُ تَمْهِيدٌ الْأَصْلُ الْمَنْع من الِانْتِفَاع بِمَال الْغَنِيمَة لَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِحُصُولِ الِاشْتِرَاكِ فِي السَّبَبِ لَكِنَّ الْحَاجة تَدْعُو الْمُجَاهدين لتناول الْأَطْعِمَة لعدم الْأَسْوَاق بدار الْحَرْب وَهُوَ ضَرُورَة عَامَّة وضرورة إِلَى الدَّوَابِّ خَاصَّةٌ فَتَارَةً لَاحَظَ مُطْلَقَ الضَّرُورَةِ فَعَمَّمَ وَتَارَةً رَاعَى الْحَاجَةَ الْمَاسَّةَ فَخَصَّ وَأَمَّا النقدان فهما وسيلتان للمقاصد وَلَيْسَ مَقْصُودَيْنِ فَلَا جَرَمَ امْتَنَعَا مُطْلَقًا قَالَ وَإِذَا أَخَذَ هَذَا لَحْمًا وَهَذَا عَسَلًا فَلِأَحَدِهِمَا مَنْعُ صَاحِبِهِ حَتَّى يُقَايِضَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَرِهَ بَعْضُهُمُ التَّفَاضُلَ بَيْنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ فِي هَذَا وَخَفَّفَهُ آخَرُونَ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ نَحَتَ سَرْجًا أَوْ بَرَى سَهْمًا بِبَلَدِ الْعَدُوِّ فَهُوَ لَهُ وَلَا يُخَمَّسُ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَمَا كَسَبَ مِنْ صَيْدِ طَيْرٍ أَوْ حِيتَانٍ أَوْ صَنَعَةُ عَبْدُهُ مِنَ الْفَخَّارِ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ كَثُرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنْ كَانَ لِلسَّرْجِ قَدْرٌ أَخَذَهُ أُجْرَةَ مَا عَمِلَ وَالْبَاقِي فَيْءٌ وَإِذا بَاعَ صيدا صَارَ ثَمَنُهُ فَيْئًا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ كُلُّ مَا صَنَعَهُ بِيَدِهِ إِنَّمَا لَهُ الْأُجْرَةُ وَمَا صَادَهُ مِنَ الْبُزَاةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَعْظُمُ خَطَرُهُ فَمَغْنَمٌ بِخِلَافِ الْحِيتَانِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ إِنَّمَا وُصِلَ إِلَيْهَا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ بِالْجَيْشِ وَفِي الْجَوَاهِر يجوز ذبح الْأَنْعَام للْأَكْل وَيَقُول لَا يَجُوزُ إِذَا ذُبِحَتْ لِلِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهَا إِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ وَإِلَّا رَدَّهُ إِلَى الْمَغَانِمِ وَيُبَاحُ لِلْأَكْلِ لِمَنْ مَعَهُ طَعَامٌ وَلِمَنْ لَيْسَ مَعَهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ بَعْدَ تَفَرُّقِ الْجَيْشِ تَصَدَّقَ بِهِ إِنْ كَانَ كَثِيرًا وَإِلَّا انْتَفَعَ بِهِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْغُلُولِ قَالَ الْمَازِرِيُّ هُوَ مِنَ الْغَلَلِ وَهُوَ الْمَاءُ الْجَارِي بَيْنَ الشَّجَرِ وَالْغَالُّ يُدْخِلُ مَا يَأْخُذُهُ بَيْنَ مَتَاعِهِ فَقِيلَ لَهُ غَالٌّ وَيُقَالُ غَلَّ يَغُلُّ

ص: 419

ويغل فِي الْمُوَطَّأ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

أَدُّوا الْخَائِطَ وَالْمَخِيطَ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وشنار على أَهله يَوْم الْقِيَامَة والخائط والمخيط الْخَيط الإبرة والشنار الْعَيْب فعندنا وَعند ح وش يُؤَدَّبُ وَلَا يُحْرَقُ رَحْلُهُ خِلَافًا لِقَوْمٍ وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ حَرَقُوا مَتَاعَ الْغَالِّ وَضَرَبُوهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْإِبْرَةُ وَنَحْوُهَا عِنْد ملك لَيْسَتْ غُلُولًا إِذَا أَخَذَهَا لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ ردهَا فِي الْمَغَانِم وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ -

أَدُّوا الْخَائِطَ وَالْمَخِيطَ مُبَالَغَةٌ فِي التَّحْذِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا جَاءَ الْغَالُّ تَائِبًا لَمْ يُؤَدب ومنعناه إِذَا تَابَ قَبْلَ الْقَسْمِ وَرَدَّ مَا غَلَّهُ لِلْمَغَانِمِ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ أُدِّبَ كَانَ حَسَنًا وَلَوْ تَابَ بَعْدَ افْتِرَاقِ الْجَيْشِ أُدِّبَ عِنْدَ الْجَمِيعِ قَالَ مَالِكٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ إِنِ افْتَرَقَ الْجَيْشُ وَاخْتُلِفَ فِي مِثْلِ الدَّوَاءِ مِنَ الشَّجَرِ وَالْمِسَنِّ وَالرُّخَامِ فَقِيلَ يُمْنَعُ أَخْذُهُ إِذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ وَقِيلَ يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ الْعَدُوُّ وَفَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ فَيَجُوزُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوصَلْ لِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ إِلَّا بِالْجَيْشِ وَمَا لَا ثَمَنَ لَهُ يُؤْخَذُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِذَا اشْتَرَى الْجَارِيَةَ مِنَ الْغَانِمِ ثُمَّ وَجَدَ مَعَهَا حُلِيًّا إِنْ كَانَ نَحْوَ الْقُرْطَيْنِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مِمَّا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَيْئَتِهَا فَلَا أَرَاهُ لَهُ وَإِذَا اشْتَرَى الشَّيْءَ الْمَحْفُوظَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ بِالثَّمَنِ الْيَسِيرِ ثُمَّ وَجَدَ فِيهِ حُلِيًّا مِنَ الذَّهَبِ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ لِلْجَيْشِ وَقَدْ حَصَلَ لَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ لَيْسَ بِغُلُولٍ فَهُوَ كَاللُّقَطَةِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَالْيَأْسِ مِنْ صَاحِبِهَا فَرْعٌ قَالَ إِذَا عَلِمَ عَدَمَ أَدَاءِ الْخُمُسِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَشْتَرِي

ص: 420

وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يَشْتَرِي وَتُوطَأُ الْأَمَةُ وَالْخُمُسُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَكَّ فِيهِ فَالْوَرَعُ عَدَمُ الشِّرَاءِ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إِنَّمَا يَنْبَغِي إِذَا كَانَ الرَّقِيقُ لَا يَنْقَسِمُ أَجْنَاسًا لِأَنَّ الْوَاجِبَ إِنْ بَاعَ ليخمس ثمنه إِمَامًا يَنْقَسِمُ أَجْنَاسًا فَهُوَ كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ عَلِمَ ذَلِكَ شِرَاؤُهَا الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي النَّفَلِ وَالسَّلَبِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ وَالنَّفْل بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا هُوَ الزِّيَادَةُ عَنِ السَّهْمِ وَمِنْهُ نَوَافِلُ الصَّلَاةِ وَفِي الْكِتَابِ لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ كَانَ إِلَّا يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ لِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش وَابْن حَنْبَل السَّلب للْقَاتِل

لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي مُسْلِمٍ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَينه فَلهُ سلبه وَقضى صلى الله عليه وسلم َ - بِالسَّلَبِ فِي قَضِيَّةِ عَوْفٍ وَعُرْوَةَ وَغَيْرِهِمَا قَاعِدَةٌ تصرفه صلى الله عليه وسلم َ - يَقَعُ تَارَةً بِالْإِمَامَةِ لِأَنَّهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَبِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ الْقَاضِي الْأَحْكَمُ وَبِالْفُتْيَا لِأَنَّهُ الْمُفْتِي الْأَعْلَمُ فَمِنْ تَصَرُّفِهِ مَا يَتَعَيَّنُ لِأَحَدِهَا إِجْمَاعًا وَمِنْهُ مَا يتنازع النَّاس فِيهِ قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

من أحيى أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ فَقَالَ ح ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الْإِمَامَةِ فَيَتَوَقَّفُ الْإِحْيَاءُ عَلَى إِذْنِ الْإِمَامِ وَقُلْنَا نَحْنُ بِالْفُتْيَا فَإِنَّ غَالِبَ أَمَرِهِ تَبْلِيغ الرسَالَة فَكَذَلِك هَا هُنَا وَكَذَلِكَ قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لِهِنْدَ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ لَمَّا اشْتَكَتْ إِلَيْهِ تَعَذُّرَ وُصُولِهَا إِلَى

ص: 421

حَقِّهَا خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ إِذَا ظَفِرَ الْإِنْسَانُ بِجِنْسِ حَقِّهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ الْمُتَعَذَّرِ هَلْ يَأْخُذُهُ أَمْ لَا قَالَ ش هَذَا تَصَرُّفٌ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْفُتْيَا فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ الْإِمَامِ فَطَرَدَ أَصْلَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَخَالَفْنَا نَحْنُ أَصْلَنَا وَكَذَلِكَ ح لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الْأَنْفَال 41 وَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ مُتَوَاتِرٌ وَالْحَدِيثُ خَبَرُ وَاحِدٍ وَلَيْسَ أَخَصَّ مِنَ الْآيَةِ حَتَّى يُخَصِّصَهَا لِتَنَاوُلِهِ الْغَنِيمَةَ وَغَيرهَا وضعا فَكِلَاهُمَا أَعَمُّ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ تَرْكُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما ذَلِكَ فِي خِلَافَتِهِمَا وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ يَسْتَلْزِمُ فَسَادَ نِيَّاتِ الْمُجَاهِدِينَ وَهُمْ أَحْوَجُ إِلَى الْإِخْلَاصِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ قَوْلَ الْإِمَامِ قَاتِلُوا وَلَكُمْ كَذَا وَمَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا وَيُكْرَهُ لِلْأَسِيرِ أَنْ يُقَاتِلَ مَعَ الرُّومِ عَدُوَّهُمْ عَلَى أَنْ يُخْرِجُوهُ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْفِكَ دَمَهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ النَّفَلُ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ وَهُوَ مِنَ الْخُمُسِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا قَالَ ذَلِكَ الإِمَام قبل الْقِتَال مضى وَلَو قَالَ من قتل هَذَا مِنْكُم فَلهُ سلبه فَقتله الْأَمِير لم يكن لَهُ سلبه لِإِخْرَاجِهِ نَفْسَهُ بِقَوْلِهِ مِنْكُمْ وَلَوْ قَالَ إِنْ قَتَلْتُ قَتِيلًا فَلِي سَلَبُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَنْ قَتَلَ وَلَوْ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلهُ سلبه فَقتل قَتِيلين فعندنا يُخَيِّرُهُ أَوْ يُعْطِيهِ سَلَبَ الْأَوَّلِ خَاصَّةً وَعِنْدَنَا لَهُ الْأَوَّلُ خَاصَّةً فَإِنَّ الشَّرْطَ اقْتَضَى الْعُمُومَ فِي الْقَاتِلِينَ وَالْمَقْتُولِينَ دُونَ الْقَتْلَاتِ فَإِنْ جَهِلَ الْأَوَّلَ فَقِيلَ نَصِفُهُمَا وَقِيلَ أَقَلُّهُمَا قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ قَتَلَهُمَا مَعًا فَقِيلَ لَهُ سَلَبُهُمَا وَقِيلَ أَكْثَرُهُمَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّرْطَ إِنَّمَا تَحَقَّقَ بِهِمَا فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ سَلَبُ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ كَالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهَا إِلَّا أَنْ تُقَاتِلَ وَإِذَا قَالَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بَعْدَ الْقِتَالِ فَلَا شَيْءَ لِلذِّمِّيِّ وَلَا لِلْمَرْأَةِ إِلَّا أَنْ يُعْلِمَ بِهِ الْإِمَامُ خِلَافًا لِأَهْلِ الشَّامِ فِي الذِّمِّيِّ وَأَشْهَبُ يَرَى الْإِرْضَاخَ لِلذِّمِّيِّ وَقِيَاسُ قَوْلِهِ لَهُ السَّلَبُ وَسَوَّى بَيْنِ مَنْ سَمِعَ وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ فِي الشَّرْطِ

ص: 422

قَالَ سَحْنُونٌ حِلْيَةُ السَّيْفِ تَبَعٌ لِلسَّيْفِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي السُّوَارِ وَالطَّوْقِ وَالْعَيْنِ كُلُّهَا خِلَافًا لِأَهْلِ الْعِرَاقِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ سَلَبًا غَالِبًا وَلَفظه صلى الله عليه وسلم َ - مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْلُومِ غَالِبًا وَلَهُ التُّرْسُ وَالسَّرْجُ وَاللِّجَامُ وَالْخَاتَمُ وَالرُّمْحُ وَالسَّيْفُ وَالْبَيْضَةُ وَالْمِنْطَقَةُ بِحِلْيَتِهَا وَالسَّاعِدُ وَالسَّاقُ دُونَ الصَّلِيبِ فِي الْعُنُقِ وَإِذَا قَالَ الْإِمَامُ مَنْ أَصَابَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَلهُ الرّبع بعد الْخمس أمضيناه وَإِذَا قَالَ لِلسَّرِيَّةِ مَا غَنِمْتُمْ فَلَكُمْ لَمْ يُمْضَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ لِأَنَّهُ شَاذٌّ وَإِذَا جَعَلَ أَجْرًا لِبَعْضِ السَّرَايَا لِصُعُوبَةِ بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَلَا شَيْءَ لِمَنِ انْتَقَلَ إِلَى غَيْرِ سَرِيَّتِهِ إِلَّا إِنْ لَمْ يُعَيَّنِ الْإِمَامُ وَلَوْ ضَلَّ رَجُلٌ عَنْ سَرِيَّتِهِ حَتَّى رَجَعُوا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ الْغَنِيمَةِ وَلَوْ مَاتَ الْوَالِي أَوْ عُزِلَ قَبْلَ أَخْذِهِمُ النَّفَلَ وَوَلِيَ من يرى رَأينَا لم يكن لَهَا شَيْء لعدم الْقَبْض لم ينتقضوا أَمْضَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ مُطْلَقًا الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي قَسْمِ الْغَنِيمَة وَفِي الْحَدِيثِ

كَانَ مَنْ قَبْلَنَا يَضَعُ الْغَنَائِمَ فَتَأْتِي نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ تَأْكُلُهَا وَكَانَتْ حَرَامًا عَلَيْهِم لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اخْتَلَفَ أَصْحَابه صلى الله عليه وسلم َ - يَوْمَ بَدْرٍ قَبْلَ نُزُولِ الْمَنْعِ إِلَّا عُمَرَ رضي الله عنه فَعَاتَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ {لَوْلَا كتاب من الله سبق} يُرِيدُ فِي تَحْلِيلِهَا {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيم فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُم} الْأَنْفَال 68 الْآيَة ثُمَّ تَنَازَعَتْ طَائِفَةٌ غَنِمُوهَا وَطَائِفَةٌ اتَّبَعُوا الْعَدُوَّ وَطَائِفَة احدقوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - فَنَزَلَ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} الْأَنْفَال 1 فسلموها لَهُ صلى الله عليه وسلم َ -

ص: 423

بِبَدْرٍ ثُمَّ نُسِخَ بِبَدْرٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} الْأَنْفَال 41 فاختص صلى الله عليه وسلم َ - بالخمس

بقوله مَالِي إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ وَإِلَّا فَظَاهَرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ السُّدُسَ وَفِي الْكِتَابِ الشَّأْنُ قَسْمُ الْغَنَائِمِ وَبَيْعُهَا بِبَلَدِ الْحَرْبِ وَهُمْ أَوْلَى بِرُخْصِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مُحَمَّدٌ الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قِسْمَةِ أَعْيَانِ الْغَنَائِمِ وَأَثْمَانِهَا بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ تَعَذَّرَ الْبَيْعُ قَسَّمَ الْأَعْيَانَ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ قَسْمَ الْأَعْيَانِ دُونَ الْبَيْعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالك أَنه صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يَقْفُلْ مِنْ غَزْوَةٍ أَصَابَ فِيهَا مَغْنَمًا حَتَّى يُقَسِّمَهَا وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقَسِّمُ كُلَّ صِنْفٍ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ فَالْوُصَفَاءُ صِنْفٌ يُقَسَّمُ وَصِيفًا حَتَّى يَفْرُغُوا ثُمَّ النِّسَاءُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَجْتَهِدُ أَهْلُ النّظر فِي الْقِسْمَة ثمَّ يفرغ فَحَيْثُ وَقَعَ سَهْمُ الْإِمَامِ أَخَذَهُ ثُمَّ يَبِيعُ الْإِمَامُ الْأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ وَيُقَسِّمُهَا عَلَيْهِمْ وَإِنْ رَأَى بَيْعَ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ فَعَلَ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ افْتَتَحَ الْعِرَاقَ أَنِ اقْسِمْ مَا جَلَبَ النَّاسُ إِلَيْكَ مَنْ كُرَاعٍ وَسِلَاحٍ أَوْ مَالٍ بَيْنَ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَاتْرُكِ الْأَنْهَارَ وَالْأَرَضِينَ لِعُمَّالِهَا لِيَكُونَ ذَلِكَ فِي أُعْطِيَّاتِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّكَ لَوْ قَسَمْتَهَا بَيْنَ مَنْ حَضَرَ مَا بَقِيَ لِمَنْ يَأْتِي بِعْدَهُمْ شَيْءٌ وَتَأَوَّلَ عُمَرُ رضي الله عنه قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {وَالَّذين جاؤا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} الْحَشْر 10

(تَفَارِيعُ أَرْبَعَةٌ)

الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَسَهْمٌ لِلْفَارِسِ والراجل

ص: 424

سَهْمٌ وَقَالَهُ ش لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا وَقَالَ ح لَهُ سَهْمَانِ فَقَطْ سَهْمٌ لَهُ وَسَهْمٌ لِفَرَسِهِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - فَرَضَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا وَلِأَنَّ نَفْعَ الْفَرَسِ وَإِرْهَابَهُ لِلْعَدُوِّ أَكْثَرُ وَمُؤْنَتُهُ أَعْظَمُ لِاقْتِيَاتِ الْفَرَسِ بِالْحَشِيشِ وَمَا تَيَسَّرَ بِخِلَافِ الْإِنْسَانِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ سَلَّمْنَا لَكِنْ خَبَرُنَا مُثْبِتٌ بِلَفْظِهِ وَخَبَرُكُمْ نَافٍ بِمَفْهُومِهِ وَالْمُثْبِتِ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي وَالْمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ السَّهْمَيْنِ لَيْسَا لِلْفَرَسِ بَلْ لِكَوْنِ الْمُقَاتِلِ فَارِسًا وَالْفَارِسُ أَفْضَلُ مِنَ الرَّاجِلِ إِجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْفَارِسَ يَحْتَاجُ خَادِمًا لِفَرَسِهِ غَالِبًا فَهُوَ فِي ثَلَاثَةٍ فَلَمْ يَلْزَمْ تَفْضِيلُ الْفَرَسِ عَلَى الرَّاجِلِ وَمَنْ لَهُ أَفْرَاسٌ لَا يُسْهَمُ لِغَيْرِ فَرَسٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لِفَرَسَيْنِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَعْطَى الزُّبَيْرَ لِفَرَسَيْنِ وَجَوَابُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَفْلًا وَهُوَ جَائِزٌ وَلَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى مَا فَوْقَ الِاثْنَيْنِ وَعَلَى السُّيُوفِ وَالرِّمَاحِ بِجَامِعِ أَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلْقِتَالِ قَالَ ابْن يُونُس قَالَ ابْن سَحْنُون يُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ وَجَوَابُهُ يُحْتَمَلُ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُسْهَمُ لَهُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا ذَكَرًا مُطِيقًا لِلْقِتَالِ بِالْبُلُوغِ أَوِ الْمُرَاهَقَةِ فَإِنْ فَقَدَ الْعَقْلَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ دَارِ الْحَرْبِ فَقَوْلَانِ فَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانًا بِحَيْثُ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْقِتَالُ أُسْهِمَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا حَضَرَ الْكَافِرُ الْقِتَالَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَأَقْوَالٌ ثَالِثُهَا يُفَرَّقُ بَيْنَ اسْتِقْلَالِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ وَبَيْنَ احْتِيَاجِهِمْ لِلْمَعُونَةِ مِنْهُ فَيُسْهَمُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ لَمْ يَسْتَحِقَّ وَالْعَبْدُ كَالذِّمِّيِّ وَفِي الصَّبِيِّ الْمُطِيقِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يُقَاتِلَ أَمْ لَا وَإِنْ قَاتَلَتِ الْمَرْأَةُ فَقَوْلَانِ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ خَرَجَ لِشُهُودِ الْوَقْعَةِ فَمَنَعَهُ عُذْرٌ كَالضَّالِّ فَفِي الْإِسْهَامِ لَهُ

ص: 425

أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا وَهُوَ أَشْهَرُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ ضَلَالِهِ بَعْدَ الْإِدْرَابِ فَيُسْهَمُ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ بَعَثَهُ الْأَمِيرُ فِي مَصْلَحَةِ الْجَيْشِ فَشَغَلَهُ ذَلِكَ عَنِ الشُّهُودِ أُسْهِمَ لَهُ وَرُوِيَ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَالْأَصْل فِي شُرُوطهَا الِاسْتِحْقَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى شُرُوطِ الْوُجُوبِ فَإِنَّ الْغَنِيمَةَ تَبَعٌ لِلْقِتَالِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ وَالْبَرَاذِينُ إِذَا أجازها الْوَالِي كالخيل وَقَالَهُ ش وح زَاد فِي الْجُلَّابِ الْهُجْنُ لِقُرْبِ مَنْفَعَتِهَا مِنَ الْخَيْلِ وَاشْتِرَاطُ إِجَازَةِ الْوَالِي لِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ بِالسَّهْلِ وَالْعَتَاقُ خَيْلٌ لِلْعَرَبِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَلَمْ يَشْتَرِطِ ابْنُ حَبِيبٍ إِجَازَةَ الْوَالِي وَفَسَّرَ الْبَرَاذِينَ بِأَنَّهَا الْخَيْلُ الْعِظَامُ وَفَسَّرَهَا غَيْرُهُ بِمَا كَانَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ نبطيين فَإِن كَانَت الْأُم نبطية وَالْأَب عَرَبِيّ فهجين وَبِالْعَكْسِ مطرف وَمِنْهُم من عكس وَفِي الْكتاب قَالَ وَلَا يُسْهَمُ لِبَغْلٍ وَلَا حِمَارٍ وَلَا بَعِيرٍ لِبُعْدِ الْمَنْفَعَةِ بَلِ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِلْفِيلِ مَعَ أَنَّهُ أَرْهَبُ لِلْعَدُوِّ وَأَقْوَى جِسْمًا وَشَجَاعَةً لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ وَإِذَا كَانَ الْقِتَالُ فِي السُّفُنِ وَمَعَهُمُ الْخَيْلُ أَوْ فِي الْبَرِّ وَسَرَوْا رَجَّالَةً وَتَرَكُوا خَيْلَهُمْ فَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهَا كَمَا يُسْهَمُ لِلرَّاجِلِ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ وَإِذَا خرجت سَرِيَّة من المعسكر فَغنِمت أورد الرِّيحُ بَعْضَ السُّفُنِ أَوْ ضَلَّ رَجُلٌ عَنْ أَصْحَابِهِ بِبَلَدِ الْعَدُوِّ فَلَمْ يَحْضُرْ قِتَالًا شَارَكَ الْعَسْكَرُ فِي الْغَنِيمَةِ السَّرِيَّةَ وَالسُّفُنِ الرَّاجِعَةِ الذَّاهِبَةِ وَالضَّالُّ أَصْحَابَهُ لِطُمُوحِ نَفْسِ الْغَانِمِ لِإِعَانَةِ غَيْرِهِ بِتَوَقُّعِ الِاجْتِمَاعِ وَإِنْ مَاتَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَقَبْلَ اللِّقَاءِ وَالْمَغْنَمِ فَلَا سَهْمَ لَهُ لِعَدَمِ تَحْقِيق السَّبَبِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ فَرَسُهُ وَلَوْ شَهِدَ هُوَ وَفَرَسُهُ الْقِتَالَ مَرِيضًا أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقِتَالِ وَقَبْلَ الْغَنِيمَةِ أُسْهِمَ لَهُ قَالَ ابْن يُونُس روى أَشْهَبُ فِي الْفَرَسِ الْمَرِيضِ لَا يُسْهَمُ لَهُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْغَنِيمَةُ تَجِبُ بِإِيجَافٍ فَيُعْطَى الْفَارِسُ وَالْفَرَسُ مَا يُعْطَى بِالْمُشَاهَدَةِ قَالَ ابْنُ

ص: 426

حَبِيبٍ وَبِهِ أَقُولُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} الْحَشْر 5 فَنَفْيُهُ عَنْهُمْ لِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّتِهِ وَيَدُلُّ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْإِيجَافَ إِنَّمَا هُوَ مَقْصُودُ الْقِتَالِ فَالسَّبَبُ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هُوَ الْقِتَال قَالَ صَاحب الْبَيَان فِي اسْتِحْقَاقِ السَّهْمِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَسْتَحِقُّ مِنْ كُلِّ مَا غَنِمَ الْجَيْشُ إِلَى حِينِ قُفُولِهِ إِذَا مَاتَ بِالْإِدْرَابِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَيَاتِهِ لِقَاعِدٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْإِدْرَابِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَيَاتِهِ لِقَاعِدٍ وَشَاهَدَ الْقِتَالَ وَقَالَ أَيْضًا لَا يسْتَحق إِذا شَاهد اللقتال فَمَاتَ بَعْدَهُ إِلَّا مَا قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ وَالرَّابِعُ لَا يَسْتَحِقُّ بِمُشَاهَدَةِ الْقِتَالِ إِلَّا مَا غنم بذلك الْقِتَال خَاصَّةً قَالَ الْمَازِرِيُّ وَهَلْ يَمْلِكُ الْغَنِيمَةَ بِالْأَخْذِ وبالقسمة قَولَانِ فِي الْمَذْهَب وبالقسمة قَالَ مَالك وح لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - انْتظر هوزان أَنْ تُسْلِمَ فَيَرُدَّ عَلَيْهَا مَا أَخَذَهُ وَلَوْ مُلِّكَتْ لَامْتَنَعَ ذَلِكَ وَقَالَ ش بِالْأَخْذِ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْإِيجَافُ أَوِ الْقِتَالُ وَالْأَصْلُ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ وَإِنَّمَا لَمْ تُقْسَمْ غَنَائِمُ مَكَّةَ وَأَرْضُهَا إِمَّا لِأَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا عِنْدَ ش أَوْ عَنْوَةً عِنْدَ مَالِكٍ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ لَكِن لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - الْمَنُّ بِالْمَغَانِمِ لِكَوْنِهَا لَا تُمَلَّكُ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ أَوْ تُمَلَّكُ بِالْأَخْذِ لَكِنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهَا لِكَوْنِهَا إِنَّمَا أُحِلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ عَادَتْ إِلَى الْحُرْمَةِ فَلَمْ تُبَحِ الْغَنَائِمُ وَيَدُلُّ عَلَى الْعَنْوَةِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} الْفَتْح 1 وتأمينه صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَتَفَرَّعُ عَلَى مِلْكِ الْغَنِيمَةِ بِالْأَخْذِ وَالْقِسْمَةِ لَوْ وَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى بَعْضِ الْغَانِمِينَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَغَرِمَ نَصِيبَ أَصْحَابِهِ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا مِنَ الْمَغْنَمِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَلَوْ وَطِئَ أَمَةً حُدَّ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَإِنْ سَرَقَ قُطِعَ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ فِيهِمَا وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ سَرَقَ مَا يَزِيدُ عَلَى حِصَّتِهِ

ص: 427

بِثَلَاثَة دَرَاهِمَ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَا حَدَّ فِي الْوَطْءِ وَيَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ وَإِنْ كَانَ سَهْمُهُ يَسْتَغْرِقُ الْأمة أَخذ مِنْهُ قيمتهَا يَوْم الْحمل والأكمل مِنْ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا فَنُصِيبُهُ مِنْهَا بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ وَيُبَاعُ بَاقِيهَا فِيمَا لَزِمَهُ مِنَ الْقِيمَةِ وَيُتْبَعُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ بِقَدْرِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ يَسْتَوِي فِي أَسْهُمِ الْفَارِسِ الْمِلْكُ وَالْجِنْسُ وَالْكِرَاءُ وَالْعَارِيَةُ وَالْغَصْب وَعَلِيهِ أُجْرَة الْمثل للمغضوب مِنْهُ وَإِنْ رَمَى رَجُل مِنَ الْعَدُوِّ عَنْ فَرَسِهِ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ وَمَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ عَلَى فَرَسٍ فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُمْ فِي يَوْمِهِمْ فَبَاعَهُ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ الْيَوْمَ الثَّانِيَ فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُمْ فَبَاعَهُ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ الثَّالِثُ فَفُتِحَ لَهُمْ فَالسِّهَامُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قِتَالٌ وَاحِدٌ كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ أَوَّلِ يَوْمٍ وَقَاتَلَ عَلَيْهِ الْوَرَثَةُ وَمَنِ ابْتَاعَ فَرَسًا بَعْدَ الْمَغْنَمِ وَاشْتَرَطَ سَهْمَهُ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجُوزُ كَمَالِ الْعَبْدِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبًا لِأَنَّهُ ذَهَبٌ وَعَرَضٌ بِذَهَبٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ يُمْلَكُ فَمَالُهُ لَيْسَ مَبِيعًا وَإِنَّمَا اشْتُرِطَ عَلَى السَّيِّدِ رَفْعُ يَدِهِ وَسَهْمُ الْفَرَسِ مَمْلُوكٌ لِلْبَائِعِ وَفِي الْجُلَّابِ إِجَارَةُ الْفَرَسِ بِبَعْضِ سَهْمِهِ فَاسِدَة وَله أُجْرَة الْمثل والسهمان للمقاتل قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا وَجَدَ فَرَسًا عَائِدًا عِنْدَ الْقِتَالِ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ سُهْمَانُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ إِلَّا فَرَسٌ وَاحِدٌ فَتَعَدَّى عَلَيْهِ رَجُلٌ وَقَاتَلَ عَلَيْهِ وَصَاحِبُهُ حَاضِرٌ وَوَجَدَهُ عَائِدًا بِهِ لَكَانَتْ سُهْمَانُهُ لِصَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي إِذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ حَاضِرًا وَهَذَا على مَذْهَب ابْن الْقَاسِم وَرِوَايَته أَن السهمين إِنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالْقِتَالِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّهَا تُسْتَحَقُّ بِالْإِيجَافِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُقَاتِلِ شَيْءٌ فِي التَّعَدِّي وَلَا الْعَارِيَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي يوجف عَلَيْهَا أَو يصير بِيَدِهِ بِحَدّ ثَان الْإِيجَافِ وَهَذَا تَفْصِيلٌ فِيمَا أَجْمَلَهُ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْهَمُ لِلْإِمَامِ كَمَا يُسْهَمُ لِغَيْرِهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا حَقَّ لَهُ مِنْ

ص: 428

رَأس الْغَنِيمَة وَالَّذِي كَانَ صلى الله عليه وسلم َ - يَصْطَفِيهِ مِنْهَا فَرَسًا أَوْ بَعِيرًا أَوْ أَمَةً عَلَى حَسَبِ حَالِ الْغَنِيمَةِ مَخْصُوصٌ بِهِ إِجْمَاعًا قَالَ اللَّخْمِيّ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا ظُفِرَ بِالْعَدُوِّ وَفِيهِمْ أُسَارَى مُسْلِمُونَ أُسْهِمَ لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا فِي الْحَدِيدِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ وَإِذَا قَاتَلَ التَّاجِرُ وَالْأَجِيرُ أسْهم لَهُ وَقَالَهُ ح وش وَلَا يُسْهَمُ لِلنِّسَاءِ وَلَا لِلْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ وَإِنْ قَاتَلُوا وَلَا يُرْضَخُ لَهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَنْ قَاتَلَ مِنَ النِّسَاءِ قِتَالَ الرِّجَالِ أُسْهِمَ لَهَا وَلَا يُسْهَمُ لِلْعَبْدِ وَإِنْ قَاتَلَ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الْمَنَافِعِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْزِيَ الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ وَالصَّبِيَّ مِنَ الْخُمُسِ وَإِنْ كَانَ فِي المعسكر نَصَارَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَوْا مِنَ الْخُمُسِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - رَضَخَ لِيَهُودٍ وَنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ وَعَبِيدٍ فِي الْمُعَسْكَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُسْهَمُ لِغَيْرِ الْبَالِغِ الْمُطِيقِ لِلْقِتَالِ إِنْ قَاتَلَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْأَجِيرُ إِذَا خَرَجَ لِلْجِهَادِ وَلِلْإِجَارَةِ بِغَيْرِ خِدْمَةٍ كالخياطة أسْهم لَهُ قَاتل أم لَا قَالَ سَحْنُون يُسهم للأعمى والأقطع والأعرج والمخدوم فَارِسًا قَالَ وَالصَّوَابُ فِي الْأَعْمَى أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْأَقْطَعُ الْيَدَيْنِ بِخِلَافِ أَقْطَعِ الْيُسْرَى وَيُسْهَمُ لِلْأَعْرَجِ إِنْ حَضَرَ الْقِتَالَ وَلَا شَيْءَ لِلْمُقْعَدِ إِنْ كَانَ رَاجِلًا وَمَنْ كَانَ خُرُوجُهُ لِلْغَزْوِ غَيْرَ أَنَّ مَعَهُ تِجَارَةً أُسْهِمَ لَهُ قَاتَلَ أَمْ لَا وَفِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ يُسْهَمُ لِلْأَجِيرِ إِذَا قَاتَلَ كَانَتِ الْغَنِيمَةُ قَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ الْقِتَالُ مِرَارًا قُسِمَ لَهُ فِي جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا يُسْهَمُ إِلَّا أَنْ يَحْضُرَ أَكْثَرَ ذَلِكَ فَإِنْ حَضَرَ مَرَّةً قُسِمَ لَهُ فِيهَا فَقَطْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُسْهَمُ لِلْغُلَامِ ابْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَاتَلَ أَمْ لَا لِإِجَازَتِهِ صلى الله عليه وسلم َ - ابْنَ عُمَرَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ والبراء بن عَازِب رضي الله عنهم أَبْنَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ إِنْ قَاتَلَ أُسْهِمَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ش وح لَا يُسْهَمُ لِلْمُرَاهِقِ لِأَنَّ الْإِسْهَامَ تَبَعٌ لِوُجُوبِ الْقِتَال والمراهق لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء

ص: 429

فارغة

ص: 430

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي قِسْمَةِ الْخُمُسِ وَالْفَيْءِ)

قَالَ الْمَازِرِيُّ الْخُمُسُ عِنْدَنَا إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ يَأْخُذُ مِنْهُ كِفَايَتَهُ وَلَوْ كَانَتْ جَمِيعَهُ وَيَصْرِفُ الْبَاقِيَ فِي الْمصَالح

لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَيْسَ لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ فَلَمْ يُخَصِّصْ جِهَةً وَقَالَ ش يُقْسَمُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَيَصْرِفُهُ الْإِمَامُ فِي الْمَصَالِحِ وَسَهْمٌ لِذِي الْقُرْبَى غنيهم وفقرهم وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٌ لِابْنِ السَّبِيلِ وَجُعِلَ لِلْإِمَامِ التَّمْلِيكُ كَمَا قَالَ فِي آيَةِ الزَّكَاةِ وَجَوَابُهُ تَقَدَّمَ هُنَاكَ وَقَالَ ش لِثَلَاثَةٍ لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل وَسقط سَهْمه صلى الله عليه وسلم َ - لمَوْته وَقَالَ غَيْرُهُمَا سِتَّةٌ وَزَادَ عِمَارَةَ الْكَعْبَةِ لَمَّا اسْتَحَالَ الصَّرْفُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى صُرِفَ لِبَيْتِهِ وَعِنْدَنَا الْإِضَافَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى التَّقَرُّبِ فِي صرف الْخمس

لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَيْسَ لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَقُلِ السُّدُسُ وَفِي الْكِتَابِ الْخُمُسُ وَالْفَيْءُ سَوَاءٌ يُعْطَى مِنْ ذَلِكَ أَقْرِبَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم َ - بِالِاجْتِهَادِ وَلَا يُخْرَجُ الْفَيْءُ عَنِ الْبَلَدِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا أَشَدَّ حَاجَةً

ص: 431

فينقل إِلَيْهِم مَا يفضل عَن أَهله ويغطي الْمَنْفُوسُ وَيُقَدَّمُ مَنْ أَبُوهُ فَقِيرٌ وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يفْرض للمنفوس مائَة دِرْهَم قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه وَغَيْرُهُ ذَوُو الْقُرْبَى آلُهُ عليه السلام وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ قُرَيْشٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَحْدُودٍ وَقَدْ سَوَّى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بَيْنَ النَّاسِ وَفَضَّلَ عُمَرُ رضي الله عنه بِسَابِقَةِ الْهِجْرَةِ وَقَدْرِ الْحَاجَةِ وَقَالَ إِنْ عِشْتُ إِلَى قَابِلٍ لَأُلْحِقَنَّ أَسْفَلَ النَّاسِ بِأَعْلَاهُمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْفَيْءُ هُوَ الْخُمُسُ وَالْجِزْيَةُ وَالْخَرَاجُ وَمَا صُولِحَ عَلَيْهِ الْحَرْبِيُّونَ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تُجَّارِ الْحَرْبِ وَالذِّمَّةِ وَخُمُسُ الرِّكَازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْعَدْلِ الْبِدَايَةُ بِسَدِّ مَخَاوِفِ الْمُسْلِمِينَ بِإِصْلَاحِ الْحُصُونِ وَآلَةِ الْحَرْبِ فَإِنْ فَضَلَ فَلِقُضَاتِهِمْ وَعُمَّالِهِمْ وَمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسلمُونَ مِمَّنْ يَبْنِي الْمَسَاجِدَ وَالْقَنَاطِرَ وَمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَإِنْ فَضَلَ وَرَأَى الْإِمَامُ تَفْرِقَتَهُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فَعَلَ أَوْ يَحْبِسُهُ لِعَوَارِضِ الْأَيَّامِ وَفَكِّ الْأُسَارَى وَقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ مَعُونَةٍ فِي عَقْلِ جِرَاحٍ أَوْ تَزْوِيجِ عَازِبٍ أَوْ إِعَانَةِ حَاجٍّ وَأَرْزَاقُ مَنْ يَلِي مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّفْرِقَةُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَإِنَّ الْأَرْزَاقَ وُضِعَتْ فِي الْعَالَمِ لسد الخلات دون المنوبات بَلِ ادَّخَرَ اللَّهُ تَعَالَى لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ أَجْرَهُ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه وَلَاحَظَ عُمَرُ رضي الله عنه أَنَّ إكرام ذَوي الْفَضَائِل تبْعَث عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنْهَا وَمِنْهُمْ وَرُوِيَ اعْتِبَارُ التَّفْرِقَةِ بِالْفَضَائِلِ وَرُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ مُوكَلٌ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَيُوَفَّرُ سَهْمُ أَقْرِبَائِهِ عليه السلام لِامْتِنَاعِهِمْ من الزَّكَاة وَيُعْطى الْعِيَال والذرية دون الأرفاء وَيُعْطَى أَهْلُ الْبَوَادِي الْقَارِّينَ وَالْمُرْتَحِلِينَ وَفِي الْكِتَابِ يبْدَأ من الْفَيْء أهل كل بلد افتتحت عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا وَمَنْ أَوْصَى بِنَفَقَةٍ فِي السَّبِيلِ بَدَأَ بِأَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْهُمْ وَيَجُوزُ إِعْطَاءُ الجوائز

ص: 432

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِيمَا حَازَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَغَيرهَا)

وَفِي الاستذكار فِيمَا جَاره الْمُشْركُونَ خَمْسَة أَقْوَال لَا يملكُونَ مُطلقًا وَتُؤْخَذ من الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة وَبعدهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَيُوقَفُ لِرَبِّهِ إِنْ جَهِلَ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ فَأخذُوا مِنْهُ نَاقَته صلى الله عليه وسلم َ - فَنَجَتْ عَلَيْهَا امْرَأَةٌ فَنَذَرَتْ نَحْرَهَا إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ عُرِفَتِ النَّاقَةَ فَحملت لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - فَأَخْبَرته الْمَرْأَة بنذرها فَقَالَ لَهَا صلى الله عليه وسلم َ - بِئْسَ مَا جَزَيْتِهَا لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ وَقِيَاسًا لِأَمْوَالِنَا عَلَى رِقَابِنَا وَيُمَلَّكُونَ مُطْلَقًا فَإِذَا غَنِمَهُ الْجَيْشِ لَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ قَبْلَ الْقَسْمِ وَلَا بَعْدَهُ قَالَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَجَمَاعَة

لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - مَا ترك لنا عقيل منزلا وللفرق بَيْنَ مَا غَلَبُونَا عَلَيْهِ فَيُمَلَّكُونَ وَبَيْنَ مَا أبق إِلَيْهِم قَالَ الثَّوْرِيُّ وَقَالَ ح إِنْ غَلَبُونَا عَلَيْهِ فَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَبَعْدَهُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ أَخَذُوهُ بِغَيْرِ غَلَبَةٍ أَخَذَهُ صَاحِبُهُ مُطْلَقًا وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ هُوَ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ بِغَيْرِ

ص: 433

شَيْءٍ وَبَعْدَهُ بِالثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِمَا يُرْوَى أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ بَعِيرًا كَانَ الْمُشْرِكُونَ أَصَابُوهُ فَقَالَ عليه السلام إِنْ أَصَبْتَهُ قَبْلَ الْقَسْمِ فَهُوَ لَكَ وَإِنْ أَصَبْتَهُ بَعْدَ مَا قُسِمَ أَخَذْتَهُ بِالْقِيمَةِ قَالَ وَهُوَ ضَعِيفُ السَّنَدِ

(تفاريغ اثْنَا عَشَرَ)

الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ مَا حَازَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ مِنْ عَرَضٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أَبَقَ إِلَيْهِم ثمَّ غنمناه لَهُم فَإِن عرفه رَبُّهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفُ رَبُّهُ بِعَيْنِهِ وَعَرَفَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَو ذمِّي قسم فَإِن جَاءَ بِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا يُخَيّر عَلَى فِدَائِهِ وَمَنْ وَقَعَ لَهُ أَمَةٌ يَعْلَمُهَا لِمُسْلِمٍ فَلَا يَطَأَهَا حَتَّى يَعْرِضَهَا عَلَيْهِ فَيَأْخُذَهَا بِمَالِهِ أَوْ يَدَعَ وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوِ الْحَرْبِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَمَا وَجَدَهُ السَّيِّدُ قَدْ فَاتَ بِعِتْقٍ أَوِ اسْتِيلَادٍ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ مِنْ مَغْنَمٍ أَوِ ابْتِيَاعٍ مِنْ حَرْبِيٍّ وَوَافَقَنَا ح وَوَافَقَ ش فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَبْلِ الْقَسْمِ وَبَعْدِهِ ضَرَرُ نَقْضِ الْقِسْمَةِ أَوْ ذَهَابُ آخِذِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا كَانَ عُرِفَ رَبُّهُ وَكَانَ غَائِبًا وَكَانَ نَقْلُهُ لَهُ مَصْلَحَةً فَعَلَ ذَلِكَ وَإِلَّا بَاعَهُ الْإِمَامُ لَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ إِيصَالُهُ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ كَالْعَبْدِ وَالسَّيْفِ فَبَاعُوهُ بَعْدَ عِلْمِهِمْ أَخَذَهُ رَبُّهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا وَجَدَ الْفَرَسَ فِي الْمَغْنَمِ مَوْسُومًا بِالْحَبْسِ لَا يُقْسَمُ وَيُخَلَّى السَّبِيلَ وَقَالَ أَيْضًا لَا عِبْرَة بذلك لِأَنَّهُ قد يوسم لَيْلًا يُؤْخَذَ مِنْ رَبِّهِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَسَرَ أَهْلُ الْحَرْبِ ذِمِّيًّا ثُمَّ غَنِمْنَاهُ لَمْ يَكُنْ فَيْئًا وَرُدَّ

ص: 434

إِلَى ذِمَّتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ أَسْلَمَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى إِحْرَازِ ذِمَّتِنَا وَفِي أَيْدِيهِمْ رَفِيق لَهُمْ فَهُمْ أَحَقُّ بِجَمِيعِ الْأَمْتِعَةِ مِنْ أَرْبَابِهَا لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فِي يَدِهِ لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ لَهُ وَإِذَا قَدِمَ تَاجِرٌ بِأَمَانٍ بِعَبِيدِ الْمُسلمين فَلَا يؤخذوا مِنْهُ وَإِنْ أَسْلَمَ عِنْدِنَا كَانُوا لَهُ وَمَنِ اشْتَرَى أُمَّ وَلَدِ رَجُلٍ مِنْ حَرْبِيٍّ فَعَلَى سَيِّدِهَا جَمِيعُ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا وَلَا خِيَارَ لَهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالْفَرْقُ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا لغيره وَإِذَا قُسِمَتْ فِي الْمَغْنَمِ أَخَذَهَا بِالْقِيمَةِ وَلَوْ أُعْتِقَتْ لَمْ تُؤْخَذْ فِيهَا فِدْيَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ عَلَى سَيِّدِهَا الْأَقَلُّ مِنْ ثمنهَا أَو قمتها قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ صَارَتْ فِي سَهْمِ رَجُلٍ بِمِائَتَيْنِ ثُمَّ غُنِمَتْ فَصَارَتْ فِي سَهْمِ رَجُلٍ آخَرَ بِخَمْسِينَ فَلَهُ أَخْذُهَا بِمِائَتَيْنِ يَأْخُذُ مِنْهَا مَنْ هِيَ بِيَدِهِ خَمْسِينَ وَالْبَاقِي لِلْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ لَوْ تَوَالَتِ الْبِيَاعَاتُ أَوْ كَانَتْ أَمَةً وَإِلَيْهِ رَجَعَ سَحْنُونٌ وَقَالَ إِذَا أَعْتَقَ أُمَّ الْوَلَدِ مَنْ صَارَتْ فِي سَهْمِهِ عَالِمًا بِهَا فَكَأَنَّهُ وَضَعَ الْمَالَ عَنْ سَيِّدِهَا فَلَهُ أَخْذُهَا بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَيَبْطُلُ الْعِتْقُ وَلَوْ أَوْلَدَهَا الْمُبْتَاعُ أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ وَيُرْجَعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ وَلَدِهَا وَلَوْ مَاتَ سَيِّدهَا عتقت وَبَطل حق الميتاع وَلَوْ قَتَلَتْ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ فِدَائِهَا بِيعَتْ لِأَنَّ هَذَا فِعْلُهَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَلَوْ مَاتَتْ بِيَدِ مَنْ صَارَتْ بِيَدِهِ لَمْ يُتْبَعْ سَيِّدُهَا بِشَيْءٍ وَكَذَلِكَ إِذَا مَاتَتْ فِي الْجِنَايَةِ قَبْلَ الْفِدَاءِ وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْحَرْبِ أَخَذَهَا سَيِّدُهَا بِقِيمَتِهَا الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ مَا حازه الْمُشْركُونَ من أَمْوَال الْمُسلمين ثمَّ أتوابه إِلَيْنَا كره شراوه مِنْهُمْ وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ أَوْ وُهِبَ لَهُ فَكَافَأَ عَلَيْهِ فَلِسَيِّدِهِ أَخْذُهُ وَدفع مَا ودى من ثمن أَو عرض فإلم لم يكاف عَلَى الْهِبَةِ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِنْ بَاعَهُ بَطَلَ أَخْذُ رَبِّهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي وَضَعْفِ مِلْكِ رَبِّهِ بِشُبْهَةِ مِلْكِ الْحَرْبِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ يَأْخُذُهُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ إِلَى الْمُبْتَاعِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَوْهُوبِ قَالَ ابْنُ

ص: 435

يُونُس قَالَ أَشهب الْأمة كالأمة الْمُسْتَحقَّة يَأْخُذُهَا رَبُّهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ وَالْفَرْقُ عِنْدَهُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَأْخُذُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَهُوَ أَقْوَى قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا وَقَعَ الْآبِقُ فِي سَهْمِ رَجُلٍ فَبَاعَهُ وَتَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ بِأَيِّ ثَمَنٍ شَاءَ كَالشُّفْعَةِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ بَلْ بِمَا وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ سُبِيَ الْعَبْدُ ثَانِيَةً بَعْدَ تَدَاوُلِ الْأَمْلَاكِ فَلَا مَقَالَ لِلَّذِي سُبِيَ مِنْهُ أَوَّلًا وَالَّذِي سُبِيَ مِنْهُ آخِرًا أَوْلَى مِنْهُ بَعْدَ دَفْعِ مَا وَقَعَ بِهِ إِلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ فَإِنْ أَخَذَهُ فَلِرَبِّهِ الْأَوَّلِ أَخْذُهُ بِمَا وَقَعَ بِهِ فِي الْمَقَاسِمِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ ثَانٍ وَمِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا مِنَ الْمَغْنَمِ بِمِائَةٍ وَلَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ ثُمَّ سُبِيَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ بِخَمْسِينَ يُقَالُ لِرَبِّهِ ادْفَعْ مِائَةً لِلْأَوَّلِ وَخَمْسِينَ لِلثَّانِي إِنْ شَاءَ وَيَأْخُذُهُ وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ إِنْ شَاءَ الْأَوَّلُ فَدَاهُ مِنَ الثَّانِي بِخَمْسِينَ فَإِنْ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِ فَلِرَبِّهِ الْأَوَّلِ مِنَ الثَّانِي إِعْطَاءُ خَمْسِينَ وَأَخْذُهُ الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ الْعَبْدُ الْمَأْذُون يركيه الدَّيْنُ وَيَجْنِي ثُمَّ يَأْسِرُهُ الْعَدُوُّ فَيَقَعُ فِي سَهْمِ رَجُلٍ فَلِرَبِّهِ فِدَاؤُهُ بِالْأَكْثَرِ مِمَّا وَقَعَ بِهِ فِي الْمَقَاسِمِ أَوْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ عِشْرِينَ وَثَمَنُ الْمَغَانِمِ عَشَرَةً أَخَذَ مَنْ صَارَ لَهُ عَشَرَةً وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَشَرَةً فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ عَشَرَةً أَخَذَ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ الْعِشْرِينَ وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الْجِنَايَةِ كَمَا لَوْ سُبِيَ فَابْتَاعَهُ رَجُلٌ ثُمَّ سُبِيَ ثَانِيَةً وَغَنِمَهُ فَفَدَاهُ رَبُّهُ بِالْأَكْثَرِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَعْتَقِ الْمُشْتَرِي مِنَ الْمَغْنَمِ لِرَبِّهِ نُقِضَ عِتْقُهُ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي نَقْصِ الْبَيْعِ الْخَامِسُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُرَدُّ الْمُدَبَّرُ مِنَ الْمَغَانِمِ لِسَيِّدِهِ إِنْ عُرِفَتْ عَيْنُهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ دَخَلَتْ خِدْمَتُهُ فِي الْمَغَانِمِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّاب

ص: 436

يُرِيدُ يُؤَاجَرُ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ مِنَ الْمَغَانِمِ أَوْ يُتَصَدَّقُ بِهِ إِنْ تَفَرَّقَ الْجَيْشُ فَإِذَا اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ حَقَّهُ كَانَ بَاقِي خَرَاجِهِ مَوْقُوفًا كَاللُّقَطَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ جَهِلُوهُ اقْتَسَمُوهُ وَلِسَيِّدِهِ فِدَاؤُهُ بِالثَّمَنِ وَيَرْجِعُ مُدَبَّرًا وَلَا يُتْبَعُ الْمُدَبَّرُ بِشَيْءٍ فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ فِدَائِهِ أَخْدَمَهُ مَنْ صَارَ إِلَيْهِ فِي الثَّمَنِ فَإِذَا وَفَّى رَجَعَ لِسَيِّدِهِ مُدَبَّرًا فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ فِي أَثْنَاءِ الْخِدْمَةِ عَتَقَ وَاتُّبِعَ بِبَاقِي الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَسَعْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مَا وَسِعَهُ وَاتُّبِعَ مَا عَتَقَ مِنْهُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ كَالْجِنَايَةِ وَيُحْسَبُ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عَبْدًا حَتَّى يُعْلَمَ مَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ السَّيِّدُ شَيْئًا عَتَقَ ثُلُثُهُ وَرُقَّ ثُلْثَاهُ وَلَا قَوْلَ لِلْوَرَثَةِ وَفِي الْجِنَايَةِ يُخَيَّرُونَ فِيمَا رق فِي الْإِسْلَام أَوْ دَفْعُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنَ الْجِنَايَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنَ الْمَغَانِمِ إِنَّمَا اشْتَرَاهُ مِمَّا يُرَقُّ مِنْهُ وَفِي الْجِنَايَةِ أُسْلِمَتْ خِدْمَتُهُ فَإِذَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَهُوَ كَمُعْتَقٍ بَعْضُهُ فَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَلَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ وَإِنْ حَمَلَ الْبَعْضَ لَمْ يَتْبَعْ تِلْكَ الْحِصَّةَ الْمُعْتَقَةَ بِشَيْءٍ بِخِلَاف الْجِنَايَة الَّتِي هِيَ فعله وَفرق عبد الْملك بَين وُقُوعه فِي المقاسم وَبَين المُشْتَرِي فِي بلد الْحَرْب فَقَالَ فِي الثَّانِي يتبعهُ مُشْتَرِيه بِمَا بَقِي عَلَيْهِ ويحاسبه بِمَا يَخْدمه بِهِ وَإِن حمله الثُّلُث لَا يتبع بِشَيْء كالمشتري من الْمغنم وَالْمُشْتَرِي من بلد الْحَرْب لَا يُحَاسب بِشَيْء مَا أَخذ بِهِ وَيتبع بِالثّمن وَإِذَا أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ عَلَى مُدَبَّرٍ قَالَ سَحْنُونٌ لَهُ جَمِيعُ خِدْمَتِهِ وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ عَتَقَ فِي ثُلْثِهِ وَلَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ كَحُرٍّ أَسْلَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَهُ رُقَّ بَاقِيهِ وَلَمْ يُتْبَعْ مَا عَتَقَ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ على السَّيِّد دين مُحِيط بِجَمِيعِ مَاله وعَلى الْمُدبر الَّذِي أسلم عَلَيْهِ وَقَالَ إِذا اشتربت الْمُدَبَّرَةَ مِنَ الْعَدُوِّ أَوِ الْمَغَانِمِ أَوْ أَسْلَمَ عَلَيْهَا حَرْبِيٌّ فَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ كَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا تَرْجِعُ إِلَى سَيِّدِهَا وَإِنْ دَبَّرَهَا الثَّانِي وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهَا فَدَفَعَ سَيِّدُهَا إِلَيْهِ مَا فَدَاهَا بِهِ بَطَلَ تَدْبِيرُهُ وَعَادَتْ عَلَى حَالِهَا وَإِنْ أَسْلَمَهَا بَقِيَتْ بِيَدِ سَيِّدِهَا تَخْدِمُهُ وَلَا يَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ فَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ وَحَمَلَهَا الثَّالِث عتقت وَلَا يتبعهَا الثَّانِي بِجَمِيعِ الْفِدَاءِ فَإِنْ مَاتَ الثَّانِي وَحَمَلَهَا الثَّالِثُ يَسْقُطُ الْفِدَاءُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ أَعْتَقَ الْمُدَبِّرُ مُشْتَرِيهِ نَفَذَ الْعِتْقُ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ

ص: 437

لعدم قبُولهَا الْملك الثَّانِي وَخَالف أصْبع فِي الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ وَسَحْنُونٌ إِنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ السَّادِسُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُون وَالْمُعتق إِلَى أجل كالمدير إِنْ عُرِفَ رَبُّهُ وُقِفَ لَهُ وَإِلَّا وُقِفَتْ خدمته فِي المقاسم فَإِن جَاءَ سَيّده خر بَيْنَ فِدَاءِ خِدْمَتِهِ وَإِسْلَامِهَا لِمُشْتَرِيهَا وَلَوْ جُهِلَ بِيعَ فِي الْمَقَاسِمِ فَإِنْ فَدَاهُ سَيِّدُهُ عَادَ مُدبر وَإِن أسلمه أخدمه امشتري فِي الثَّمَنِ فَإِنِ اسْتَوْفَى قَبْلَ الْأَجَلِ عَادَ لسَيِّد والأعتق وَلَمْ يُتْبَعْ وَإِنْ فَدَاهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَدُوِّ فدَاه السَّيِّد بذلك إِن شَاءَ وَلَا يُحَاسب بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِلَّا صَارَتْ خِدْمَتُهُ لِلْفَادِي لِلْأَجْلِ فَإِذَا عَتَقَ اتَّبَعَهُ بِجَمِيعِ الْفِدَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ يُحَاسِبُهُ بِالْخِدْمَةِ وَيَتْبَعُهُ بِالْبَاقِي إِنِ اشْتَرَاهُ مِنَ الْعَدُوِّ فَإِنِ اشْتَرَاهُ مِنَ الْمَغْنَمِ لَمْ يَتْبَعْهُ وَإِذَا أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ عَلَى مُعْتَقَةٍ إِلَى أَجَلٍ وَأَوْلَدَهَا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ وَلَدِهَا عَلَى أَنَّهُمْ يُعْتَقُونَ عِنْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا مِلْكًا تَامًّا وَلَوْ قُتِلَتْ فَقِيمَتُهَا لِلَّذِي أَسَلَمَ عَلَيْهَا وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِهِ فَوَلَدُهَا مَعَهَا فِي الْخِدْمَةِ وَلَوْ فَدَاهَا رَجُلٌ مِنَ الْحَرْبِيِّينَ فَأَوْلَدَهَا فَدَفَعَ السَّيِّدُ الْفِدَاءَ خَاصَّةً بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى أَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ هَكَذَا فِي النَّوَادِرِ قَالَ وَالصَّوَاب ولد مُعتقة إِلَى أجل فَإِن أَسْلَمَهَا فَعَلَى الْوَاطِئِ قِيمَةُ وَلَدِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَهَا مِنَ الْمَغَانِمِ فَأَوْلَدَهَا السَّابِعُ قَالَ ابْنُ يُونُس وَيرد الْمكَاتب إِلَى ربه من الْمَغَانِم غَابَ أَو حضر فَإِن لم يعرف بِعَيْنِه بِيعَتْ كِتَابَته فِي الْمَغَانِم وَتُؤَدَّى إِلَى مَنْ صَارَ إِلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ رق وَإِلَّا عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ جَاءَ سَيِّدُهُ بَعْدَ بَيْعِ كِتَابَتِهِ فَفَدَاهُ كَانَ مُكَاتَبًا وَإِنْ أَسْلَمَهُ وَعَجَزَ رُقَّ لِمُبْتَاعِهِ وَقِيلَ إِنْ أَتَى سَيِّدُهُ وَقَدْ قَبَضَ الْمُبْتَاعُ بَعْضَ الْكِتَابَةِ وَأَرَادَ افْتِكَاكَهُ فَإِنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ نِصْفَ الْكِتَابَةِ بِالْقِيمَةِ حَسَبَهَا عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَجْزَاءِ وَعَابَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَقَالَ بَلْ يَدْفَعُ مَا ودى وَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَقْبُوضِ مِنَ الْكِتَابَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ بِيعَ الْمُكَاتَبُ فِي الْمَقَاسِمِ وَلَمْ يُعْلَمْ فَإِنْ رُدَّ الثَّمَنُ عَلَى مُشْتَرِيهِ عَادَ مُكَاتَبًا وَإِنْ عَجَزَ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إِسْلَامِهِ رَقِيقًا كَالْجِنَايَةِ وَإِلَى هَذَا رَجَعَ سَحْنُونٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنِ اشْتَرَاهُ مِنَ الْعَدُوِّ وَلَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ يُقَالُ لَهُ

ص: 438

وف لمشتريك الثّمن وأد كتابتك لسيدك وَيعتق وَإِنِ اشْتُرِيَ مِنَ الْغَنِيمَةِ فَأَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ فَلَا يلْزمه إِلَّا أَدَاء كِتَابه لِسَيِّدِهِ وَيُعْتَقُ وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لِمُشْتَرِيهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ عَلَى مُكَاتَبِ لِمُسْلِمٍ فَلَهُ كِتَابَتُهُ وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لَهُ وَإِنْ أَدَّى فَوَلَاؤُهُ لِلْعَاقِدِ لَهَا الثَّامِنُ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ سَحْنُون الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ ثُمَّ هُوَ لِفُلَانٍ فَأَخَذَهُ الْعَدُوُّ فِي الْخِدْمَةِ فَابْتَاعَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لِلْمُخْدَمِ افْدِهِ بِالثَّمَنِ فَإِذَا تَمَّتِ الْخِدْمَةُ يُقَالُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ ادْفَعْ إِلَيْهِ مَا فَدَاهُ بِهِ وَإِلَّا أَسْلِمْهُ إِلَيْهِ رَقِيقًا التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَسَرَ الْعَدُوُّ حُرَّةً مَسْلَمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً فَوَلِدَتْ عِنْدَهُمْ ثُمَّ غَنِمَهَا فَالصِّغَارُ بِمَنْزِلَتِهَا لَيْسَ فَيْئًا وَالْكِبَارُ إِذَا بَلَغُوا وَقَاتَلُوا فَيْءٌ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَكَبِيرُ وَلَدِهَا وَصَغِيرُهُمْ لِسَيِّدِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِذَا بَلَغَ وَلَدُ الْحُرَّةِ لَمْ يَكُنْ فَيْئًا وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونٍ هُمْ فَيْءٌ قَاتَلُوا أَمْ لَا تَغْلِيبًا لِلدَّارِ وَقَالَ سَحْنُونٌ جَمِيعُ وَلَدِ الْأَمَةِ فَيْءٌ إِلَّا أَنْ تَقُولَ تَزَوَّجْتُ فَوَلَدْتُ فَلِسَيِّدِهَا قَالَ مَالِكٌ وَلَدُ الْحُرَّةِ تَبَعٌ لَهَا فِي الْإِسْلَامِ كَالْمُسْلِمَةِ يَغْصِبُهَا النَّصْرَانِيُّ فِي بَلَدِنَا وَلَوِ اغْتَصَبَهَا عَبْدٌ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا وَقَالَ أَشْهَبُ وَلَدُ الذِّمِّيَّةِ صِغَارُهُمْ وَكِبَارُهُمْ فَيْءٌ وَفِي وَلَدِ الْحرَّة الْمسلمَة ثَلَاثَة أَقْوَال أَحْرَار فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَفِي وَلَدِ الْأَمَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ عَبِيدٌ لِسَيِّدِهَا فَيْءٌ إِنْ كَانُوا مِنْ زَوْجٍ فَلِسَيِّدِهَا أَوْ إِنْ مَلَكَهَا بِالسَّبْيِ أَوْ غَيْرِهِ فَفَيْءٌ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ النَّظَرُ إِلَى تَغْلِيبِ الدَّارِ أَوْ تَغْلِيبِ الْإِسْلَامِ أَوْ تَغْلِيبِ النَّسَبِ الْعَاشِرُ فِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ بِبَلَدِهِ وَقَدِمَ إِلَيْنَا وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ ثُمَّ غَنِمْنَا ذَلِكَ فَمَالُهُ وَامْرَأَتُهُ وَوَلَدُهُ فَيْءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ غَيْرُهُ وَلَدُهُ الصَّغِيرُ تَبَعٌ لَهُ وَمَالُهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يُقْسَمَ فَيَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ وَامْرَأَتُهُ فَيْءٌ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ أَسْلَمَ فَأَقَامَ بِبَلَدِهِ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَمَالُهُ وَوَلَدُهُ فَيْءٌ وَقَالَ أَشْهَبُ وَلَدُهُ أَحْرَارٌ تَبَعٌ لَهُ وَمَالُهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يُقْسَمَ وَامْرَأَتُهُ فَيْءٌ وَلَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ وَتَزَوَّجَ عِنْدَهُمْ وَكَسَبَ مَالًا وَوَلَدًا فَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِذَا قَدِمَ حَرْبِيٌّ

ص: 439

بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ وَغَنِمَ مَعَنَا فَمَالُهُ وَدَوَابُّهُ وَرَقِيقُهُ وَحَرِيمُهُ لَهُ وَامْرَأَتُهُ وَوَلَدُهُ الْكَبِيرُ فَيْءٌ لَهُ وَلِلْجَيْشِ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِلشَّرِكَةِ وَوَلَدُهُ الصَّغِيرُ تَبَعٌ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِر إِذا أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ وَغَزَا مَعَنَا فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ فَيْءٌ وَأَخْذَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَبَعْدِهَا بِالثَّمَنِ وَقَالَ ابْنُ الْحَارِثِ إِنْ ضَمُّوهُ إِلَى أَمْلَاكِهِمْ مِنْ حِينِ إِسْلَامِهِ وَخَرَجَ هُوَ مِنْ عِنْدِهِمْ فَفَيْءٌ وَإِلَّا فَلَا الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا مِنَ الْفَيْءِ فَدُلَّ سَيِّدُهُ عَلَى مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ وَالْعَبْدُ كَافِرٌ أَوْ أَسَلَمَ أَوْ عَتَقَ فَإِنْ دَلَّهُ فِي جَيْشٍ آخَرَ فَالْمَالُ لِلْجَيْشِ الْآخَرِ دُونَ السَّيِّدِ وَالْعَبْدِ لِأَنَّهُ باستيلائهم فَإِن دَلَّهُ قَبْلَ قُفُولِ الْجَيْش الْأَوَّلِ فَهُوَ لِلْجَيْشِ الأول وَإِن نزل بِأَمَان وَمَعَهُ عبيد الْمُسلمين فباعهم لم يكن لرَبهم أَخْذُهُمْ بِخِلَافِ بَيْعِهِ إِيَّاهُمْ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ وَهَبَهُمْ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ لمُسلم فوفر لَهُم أَخذهم بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَالْخَارِجُ إِلَيْنَا لَوْ وَهَبَهُمْ لَمْ يَأْخُذْهُمْ رَبُّهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا نَزَلَ الْحَرْبِيُّ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ عَبْدُهُ أَوْ قَدِمَ بِهِ مُسْلِمًا لَمْ يُمْنَعْ مِنَ الرُّجُوعِ إِذَا أَدَّى مَا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ أَمَةً لَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْئِهَا وَأَنْكَرَ هَذَا ابْنُ خَلَفٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ مَالك ألم تعلم أَنه صلى الله عليه وسلم َ - صَالَحَ أَهْلَ مَكَّةَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَهُ مِنْهُمْ فَهَرَبَ أَبُو جَنْدَلٍ مُسْلِمًا إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَطَلَبه أَبوهُ من مَكَّة فَرده صلى الله عليه وسلم َ -

وَقَالَ إِنَّا لَا نَخْفِرُ بِالْعَهْدِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُعْطَى فِي كُلِّ مُسْلِمٍ أَوْفَرَ قِيمَتَهُ وَينْزع مِنْهُ وَأَمَّا مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ سَبَايَا الْمُسْلِمِينَ فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ كَرِهُوا وَأَبُو جَنْدَلٍ إِنَّمَا أسلمه النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - لِأَبِيهِ وَشَفَقَةُ الْأُبُوَّةِ تَأْبَى الضَّرَرَ أَوْ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - اطَّلَعَ عَلَى عَاقِبَةِ أَمْرِهِ وَأَمَّا مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ رَقِيقٍ كَافِرٍ أَوْ أَحْرَارِ ذِمَّتِنَا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَانْفَرَدَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِضُ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَسْلَمَ مِنْ رَقِيقِهِمْ أَوْ مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ وَسَبْيِهِمْ وَوَافَقَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَسْلَمَ فَأَحْرَارُ الذِّمَّةِ رَقِيقٌ لَهُ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ إِذَا ارْتَدَّ لَا يَعْرِضُ

ص: 440

لَهُ فَإِنْ بَاعَهُ اسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَفِي شِرَائِهِ إِشْكَالٌ وَلَوِ اعْتَرَفَ الْمُسْتَأْمَنُ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَمْ مُرْتَدٌّ قَالَ مُحَمَّدٌ حُكِمَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْتَلُ وَرُوِيَ عَنْهُ فِي الرَّسُولِ يَرْتَدُّ يُقْتَلُ قَالَ أَصْبَغُ الرَّسُولُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ سَرَقَ الْمُعَاهَدُ عَبْدًا أَوْ حُرًّا ثُمَّ قَدِمَ ثَانِيَةً بِأَمَانٍ أُخِذَ مِنْهُ كَمَا لَوْ أَدَّى ثُمَّ هَرَبَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ أَخْذِهِمَا لِأَنَّهُمَا صَارَا بِيَدِ حَرْبِيٍّ بَعْدَ الرِّحْلَةِ عَنَّا الثَّانِيَ عَشَرَ لَوْ أَسْلَمَ عبد الْحَرْبِيّ بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ الْعَبْدُ إِلَيْنَا أَو يغنمه وَهُوَ مُسلم وسيده مُشْرك وَلَا يُرَدُّ إِلَى سَيِّدِهِ إِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ أَخْذِهِ وَقَدِ ابْتَاعَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه بِلَالًا فَلَمَّا أَسْلَمَ أَعْتَقَهُ وَالدَّارُ دَارُ شِرْكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ إِسْلَامُ الْعَبْدِ بِبِلَادِ الْحَرْبِ يُزِيلُ مِلْكَهُ عَنهُ خرج أم لَا وَإِن اشْترِي كَانَ فدا وَاتبع بِالثّمن قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَدِمَ إِلَيْنَا عَبْدٌ بِأَمَانٍ مَعَهُ مَالُ سَيِّدِهِ فَالْمَالُ لِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - تَرَكَ لِلْمُغِيرَةِ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ لِأَصْحَابِهِ تَمْهِيدٌ عِنْدَنَا مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ وَقَالَ ش لِرَبِّهِ أَخْذُهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ لَنَا مَا رَوَاهُ ابْن وهب

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فِي يَدَيْهِ لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ لَهُ

وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ - الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَلِأَنَّ لِلْكَافِرِ شُبْهَةَ ملك فِيمَا جازه لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} الْحَشْر 8 فَسَمَّاهُمْ فُقَرَاءَ بَعْدَ هِجْرَتِهِمْ وَلَهُمْ أَمْوَالٌ وَدِيَارٌ تَحْتَ أَيْدِي الْكُفَّارِ وَلِانْعِقَادِ الْإِجْمَاع على عدم الضَّمَان فِي الِاسْتِهْلَاك

ص: 441

فارغة

ص: 442

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي التَّأْمِينِ)

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وأوفوا بالعهد إِن الْعَهْد كَانَ مسؤلا} الْإِسْرَاء 24

وَقَوله عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم َ - الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ وَيُجِير عَلَيْهِم أَدْنَاهُم وَيرد عَلَيْهِم أَقْصَاهُم وهم يَد على من سواهُم وَفِي الْمُوَطَّأِ كَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى عَامِلِهِ أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَطْلُبُونَ الْعِلْجَ حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ فِي الْجَبَلِ وَامْتَنَعَ قَالَ رَجُلٌ مَطْرَسْ يَقُولُ لَهُ لَا تَخَفْ فَإِذَا أَدْرَكَهُ قَتَلَهُ وَإِنِّي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَعْلَمُ مَكَانَ أَحَدٍ فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ فَائِدَةٌ قَوْلُهُ مَطْرَسْ فَارِسِيَّةٌ وَفِيهِ لُغَتَانِ الطَّاءُ وَالتَّاءُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ الْعَاقِدُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَمَانُ فِي الْجَيْش للأمير خَاصَّة لَيْلًا يُفْتَرَى عَلَيْهِ وَأَجَازَهُ مُحَمَّدٌ مِنْ غَيْرِ الْأَمِيرِ الأعلا أَن لَا يَغْزُوَهُمْ أَحَدٌ فَإِنْ أَمَّنَ وَاحِدٌ مِنَ الْجَيْشِ وَاحِدًا مِنَ الْحِصْنِ مَضَى عَلَى رَأْيِ مُحَمَّدٍ وَمنعه ابْن حبيب وَتقدم الْإِمَامَ إِلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ إِنْ أَمَّنَ أَحَدٌ قَبْلَ النَّهْيِ أَوْ بَعْدَهُ يُخَيَّرُ الإِمَام فِي ذَلِك قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا أَمَّنَ الْمُسْلِمُ حَرْبِيِّينَ أُمِّنُوا وَيَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ وَاتَّفَقَ ابْنُ حَبِيبٍ وَسَحْنُونٌ أَنَّ عَقْدَهُ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى النَّاسِ أَنَّهُ لَا

ص: 443

يَلْزَمُ بَلْ يَنْظُرُ الْإِمَامُ وَفِي الْكِتَابِ أَمَانُ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ إِذَا عَقَلَ الْأَمَانَ جَائِزٌ وَقَالَهُ ش وَقَالَ غَيْرُهُ يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ إِلَى الْمَأْمَنِ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى سُفْيَانَ بْنِ عَامِرٍ وَهُوَ يُحَاصِرُ قَيْسَارِيَّةَ مَنْ أَمَّنَ مِنْكُمْ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ أَحَدًا مَنْ عَدُوِّكُمْ فَهُوَ آمِنٌ إِلَى أَنْ يُرَدَّ إِلَى مَأْمَنِهِ أَوْ يُقِيمَ فَيَكُونَ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَإِنْ وَجَدْتُمْ فِي عَسْكَرِكُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ لَمْ يُعْلِمْكُمْ بِنَفْسِهِ حَتَّى قَدِمْتُمْ عَلَيْهِ فَلَا أَمَانَ لَهُ وَلَا ذِمَّةَ وَاحْكُمُوا فِيهِ بِمَا هُوَ أَفْضَلُ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْن يُونُس قَالَ سَحْنُون لَا يجوز أَمَان الذِّمِّيّ بِحَال

لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ فَأَضَافَهُ إِلَيْهِمْ فَيَكُونُ مُسْلِمًا وَإِنْ أَجَازَ الْإِمَامُ الصَّبِيَّ لِلْقِتَالِ تَخَيَّرَ فِي إِمْضَاءِ أَمَانِهِ وَإِلَّا فَلَا أَمَانَ لَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ حَسِبْنَا الْمُجِيرَ مُسْلَمًا فَهَلْ يُرَدُّونَ إِلَى مَأْمَنِهِمْ أَوْ هُمْ فَيْءٌ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ قَالُوا عَلِمْنَا أَنَّهُ ذِمِّيٌّ وَظَنَنَّا جَوَازَ أَمَانِهِ فَهُمْ فَيْءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ التُّونُسِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَشْهَرُ رَدُّهُمْ إِلَى مَأْمَنِهِمْ فِي هَذَا كُلِّهِ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَإِنْ أَمَّنَ أَمِيرُ الْجَيْش ذِمِّيًّا بِالْأَمَانِ فَأَمِنَ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ أَمَّنَ الذِّمِّيُّ عَنْ مُسْلِمٍ مِنَ الْعَسْكَرِ فَقَالَ أَمَّنَكُمْ فُلَانٌ الْمُسْلِمُ أَوْ قَالَ فُلَانٌ فَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهُ ذِمِّيٌّ فَهُمْ فَيْءٌ وَإِلَّا فَهِيَ شُبْهَةٌ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ مَنْ دَخَلَ إِلَيْنَا بِأَمَانِ فُلَانٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِأَمَانِ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ ذِمِّيٌّ لَنَا أَوْ رَقِيقٌ فَكَمَا قَالَ وَقَوْلُ عُمَرَ مَذْهَبُنَا إِلَّا قَوْلَهُ فَإِنْ شَكَكْتُمْ فَإِنَّهُ فَيْءٌ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ خِلَافُ مَا فِي الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ إِذَا وَجَدْنَا الذِّمِّيَّ مُقْبِلًا إِلَيْنَا فَيَقُولُ جِئْتُ لِأَطْلُبَ الْأَمَانَ يُرَدُّ إِلَى مَأْمَنِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْإِشَارَةُ بِالْأَمَانِ كَالْكَلَامِ وَلْيَتَقَدَّمْ إِلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ وَأَمَانُ الْخَوَارِجِ لِأَهْلِ الْحَرْبِ جَائِزٌ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أُسِرَ رَجُلٌ مِنَ السَّرِيَّةِ فَلَمَّا أَحَسُّوا بِهَا طَلَبُوا الْأَمَانَ مِنَ الْأَسِيرِ فَأَمَّنَهُمْ إِنْ كَانَ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ مُصَدَّقٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنِ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ أُخِذَ بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ قَالَ سَحْنُون لَا

ص: 444

يكون أَمَانه أَمَانًا وَلَا أُصَدِّقُهُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَقْدِرُ الْأَسِيرُ عَلَى مُخَالَفَتِهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَمَّنَهُمْ بِالتَّهْدِيدِ فَلَا أَمَانَ لَهُمْ فَإِنْ قَالُوا تُؤَمِّنُنَا وَنُخَلِّيكَ فَهُوَ أَمَانٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ أَمَّنَ الْعَدُوُّ أَسِيرًا عَلَى أَن لَا يهرب فَلَا يهرب لِأَنَّهُ يُؤْذِي إِلَى التَّضْيِيقِ عَلَى الْأَسْرَى وَلَوْ خَلَّوْهُ عَلَى أَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ جَازَ الْهَرَبُ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ اِعْتَقْ أَوْ طَلِّقْ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ الْمَشْهُورُ جَوَاز أَمَان العَبْد كَالْحرِّ قَالَ سَحْنُون وح إِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْقِتَالِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا تَأْمِينَ لَهُ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الْمُرَاهِقِ وَمَنَعَهُ ش لِأَنَّ عَدَمَ التَّكْلِيفِ مُخِلٌّ بِالثِّقَةِ بِهِ فِي الْمَصْلَحَةِ وَقِيلَ إِنْ أَذِنَ لَهُ جَازَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْجَواهِرِ وَقِيلَ يَصح تَأْمِين الذِّمِّيّ لِأَنَّهُ تبع للْمُسلمين وكل من أجزتا تَأْمِينَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَنْفِيذِ الْإِمَامِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَلْزَمُ غَيْرُ تَأْمِينِ الْإِمَامِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُؤَمِّنِ التَّمْيِيزُ وَالْعَقْلُ وَعَدَمُ الْخَوْفِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْأَمَانِ بَعْدَ الْفَتْحِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أُمِّنَ الْأَسِيرُ سَقَطَ عَنْهُ الْقَتْلُ دُونَ الِاسْتِرْقَاقِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ لِمَنْ أَمَّنَهُ وَيَتَعَقَّبُهُ الْإِمَامُ وَهُوَ مَعْنَى

قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَإِذَا بَعَثَ الْأَمِيرُ سَرِيَّةً وَجَعَلَ مَا رَأَوْهُ صَوَابًا جَازَ وَإِنْ جَعَلَ لَهُمُ الْقَتْلَ وَالسَّبْيَ لَمْ يَتَعَدَّوْا ذَلِكَ فَإِنْ جَاءَتْ سَرِيَّةٌ أُخْرَى مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ أَوْ مِنْ بَلَدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَقْضُ ذَلِكَ وَإِنْ جَاءَتْ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ وَجَيْشٍ آخَرَ وَلَا يَرْجِعُ إِلَى أَمِيرِ الْأُولَى فَلَهُمْ ذَلِكَ عَلَى رَأْيِ سَحْنُونٍ وَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى رَأْيِ غَيْرِهِ وَإِذَا خَرَجَتْ سَرِيَّةٌ بِغَيْرِ إِذَنِ الْإِمَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا عَقَدَتْ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْمَعْقُودِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْوَاحِدُ وَالْعَدَدُ الْمَحْصُورُ وَغَيْرُ الْمَحْصُورِ يَخْتَصُّ بِالسُّلْطَانِ الطَّرَفُ الثَّالِثُ نَفْسُ العقد وَفِي الْجَوَاهِرِ يَنْعَقِدُ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ وَكِنَايَتِهِ

ص: 445

وَالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ وَإِنْ رَدَّهُ الْكَافِرُ ارْتَدَّ وَلَا بُدَّ مِنَ الْقَبُولِ وَلَوْ بِالْفِعْلِ وَلَوْ ظَنَّ الْمُسْلِمُ أَنَّ الْكَافِرَ أَرَادَ الْأَمَانَ وَلَمْ يَرُدَّهُ لم يقتل وَلَو دخل إِلَى سفارة لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى أَمَانٍ بَلِ الْقَصْدُ يُؤَمِّنُهُ وَلَو قَالَ الْأَمِير أمنت كُلَّ مَنْ قَصَدَ التِّجَارَةَ صَحَّ مِنْهُ دُونَ الْآحَاد وَإِن ظَنَّ الْكَافِرُ صِحَّتَهُ وُفِّيَ لَهُ بِهِ بَلْ لَوْ ظَنَّ مَا لَيْسَ بِتَأْمِينٍ تَأْمِينًا أُمِّنَ فَلَوْ أَمَّنَ جَاسُوسًا أَوْ طَلِيعَةً لَمْ يَنْعَقِدْ وَلَا يُشْتَرَطْ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ بَلْ يَكْفِي عَدَمُ الْمَضَرَّةِ وَإِذَا انْعَقَدَ كَفَفْنَا عَنِ النَّفْسِ وَالْأَهْلِ وَالْمَالِ وَإِذَا أُمِّنَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الِاسْتِرْقَاقِ صَحَّ وَيَجِبُ فِي الْمُبَارَزَةِ الْوَفَاءُ بِالشُّرُوطِ فَلَوْ أَثْخَنَ الْمُسْلِمَ وَقَصَدَ تَرْقِيقَهُ مَنَعْنَاهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ خَرَجَ جَمَاعَةٌ لِإِعَانَةِ الْكَافِرِ بِاسْتِنْجَادِهِ قَتَلْنَاهُ مَعَهُمْ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ وَلَو خرج جمَاعَة لجَماعَة فَفَزعَ بَعضهم من قربه جَازَ لَهُ إِعَانَةُ الْآخَرِ كَمَا فَعَلَهُ عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ رضي الله عنهما مَعَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْحِصْنِ أَفْتَحُ لَكُمْ عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ صَحَّ إِنْ كَانَ عَاقِلًا عَدْلًا بَصِيرًا بِمَصَالِحِ الْقِتَالِ كَمَا اتُّفِقَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه وَيَصِحُّ مِنَ الْفَاسِقِ وَيَتَعَقَّبُهُ الْإِمَامُ بِالْإِمْضَاءِ أَوِ الرَّدِّ إِلَى الْمَأْمَنِ وَلَوْ حَكَّمُوا ذِمِّيًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا وَهُمْ عَالِمُونَ بِهِ لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُمْ وَلْيَحْكُمِ الْإِمَامُ بِمَا يرَاهُ لأَنهم رَضوا بِأَقَلّ الْمُسلمين وَهَذَا أعلا فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ

(تَفْرِيعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ عِنْدَنَا حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ وَتَرَكَ مَالًا أَوْ قُتِلَ فَمَالُهُ وَدِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ بِبَلَدِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُدْفَعُ إِلَى حُكَّامِهِمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا ظَهَرْنَا عَلَى وَرَثَتِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِمْ فَهُوَ فَيْءٌ لِذَلِكَ الْجَيْش وَإِنَّمَا يدْفع مَاله لوَرثَته إِذا استؤمن على أَن يرجع أَو كَانَ شَأْنه الرُّجُوع أما لَو استؤمن عَلَى الْإِقَامَةِ فَمَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ فَلِلْمُسْلِمِينَ وَلَوْ أَوْدَعَ الْمُسْتَأْمِنُ عِنْدَنَا مَالًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَمَاتَ أَوْ قُتِلَ فِي مُحَارَبَتِنَا رُدَّ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ أُسِرَ ثُمَّ قتل

ص: 446

فَمَاله فَيْء لَا يُخَمَّسُ وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْمُسْتَأْمَنُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا عَمْدًا قُتِلَ بِهِ أَوْ خَطَأً فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ مَتَى قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ كَالذِّمِّيِّ فِي أَحْكَامِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا دَايَنَ ثُمَّ عَادَ لِبَلَدِهِ فَغَنِمْنَاهُ وَلَهُ عِنْدَنَا وَدَائِعُ وَدُيُونٌ فَالَّذِي بِبَلَدِ الْحَرْبِ لِمَنْ غَنِمَهُ وَالَّذِي بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ لِغُرَمَائِهِ وَلَوْلَا غُرَمَاؤُهُ لَكَانَ لِمَنْ غَنِمَهُ لِقُوَّةِ السَّبْيِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُرَدُّ مَا عِنْدَنَا لِأَهْلِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إِذَا سَرَقَ الْمُسْتَأْمَنُ قُطِعَ قِيَاسًا عَلَى الذِّمِّيِّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ وَلَا السَّارِقُ مِنْهُ لِضِعْفِ عَقْدِهِ بِالتَّحْدِيدِ عَنْ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَلَا يُحَدُّ فِي الْقَذْفِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ خَصَى عَبْدَهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَخْصَاهُ بِبَلَدِهِ قَالَ أَشْهَبُ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ عليه السلام أَعْتَقَ عَلَى سندر عَبده حِين أخصاه وَجَذَعَ أَنْفَهُ وَسَنْدَرٌ يَوْمَئِذٍ كَافِرٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أُمِّنَ الرَّجُلُ عَلَى أَنَّهُ حَرْبِيٌّ فَظَهَرَ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ أَوْ عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ وَلَا يُرَدُّ الْعَبْدُ إِلَى سَيِّدِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا أَمَانَ لَهُمَا وَقِيلَ لَا أَمَانَ لَهُمَا إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ قَالَ وَالثَّانِي أَظْهَرُ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُبْطِلٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الرِّدَّةِ وَحَقِّ السَّيِّدِ فِي الرِّقِّ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ وَلَدُ مُسْلِمٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَثَلَاثَة أَقْوَال الإستيتاب قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ وَقِيلَ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْأَبِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ مُقِيمًا مَعَهُ بِبَلَدِ الْحَرْبِ وَهُوَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ لَا عَلَى وَجْهِ الْجِزْيَةِ لَا تُرَاعَى يَدُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ وَلَدَهُ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ إِنْ أَبَى الْإِسْلَامَ لِأَنَّ وِلَادَتَهُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ شُبْهَةٌ تَمْنَعُ رِقَّهُ وَإِذَا أَسْلَمَ بَعْضُ الرُّسُلِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُرَدُّ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُرَدُّ وَإِنِ اشْتَرَطُوا الرَّدَّ وَقِيلَ لَا يُرَدُّ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا الرَّدَّ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَتِ الرَّهَائِنُ قَالَ مَالِكٌ يُرَدُّونَ قَالَ ابْن الْقَاسِم كَانُوا

ص: 447

أَحْرَار أَوْ عَبِيدًا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُرَدُّونَ وَإِنِ اشْتَرَطُوا لِأَنَّ رَدَّهُ عليه السلام أَبَا جَنْدَلٍ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} الْأَنْفَال 58 وَنَحْنُ نَخَافُ على المردودين

ص: 448

(الْبَاب الْعَاشِر فِي المهادنة وَالنَّظَرِ فِي شُرُوطِهَا وَأَحْكَامِهَا)

النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الشُّرُوطِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةِ مَصْلَحَتِهِ لَا يَجُوزُ لِوُجُوبِ الْقِتَالِ إِلَى غَايَةِ إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ وَإِنْ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ نَحْو الْعَجْزِ عَنِ الْقِتَالِ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فَيَجُوزُ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ عَلَى وَفْقِ الرَّأْيِ السَّدِيدِ لِلْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} الْأَنْفَال 61 وَصَالَحَ عليه السلام أَهْلَ مَكَّةَ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ لَا يَتَوَلَّاهُ إِلَّا الْإِمَامُ الشَّرْطُ الثَّالِثُ خُلُوُّهُ عَنْ شَرْطٍ فَاسِدٍ كَتَرْكِ مُسْلِمٍ فِي أَيْدِيهِمْ أَوْ بَذْلِ مَالٍ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الَّتِي تَدْعُو إِلَيْهَا الْحَاجَةُ فِي اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إِلَّا مَعَ الْعَجْزِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أشهر} التَّوْبَة 2 فَإِن استشعر جبانة فَلَهُ نَبْذُ الْعَهْدِ قَبْلَ الْمُدَّةِ النَّظَرُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ فِي الْجَوَاهِرِ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالشُّرُوطِ الصَّحِيحَة وَلَا يجوز أَن يشْتَرط مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ مُسْلِمًا أَوْ مُسْلِمَةً رَدَدْنَاهُ إِلَيْهِمْ قَالَ الْمَازِرِيُّ عِنْدَنَا يُرَدُّ مَنْ جَاءَ مُسْلِمًا وَفَاءً بِالْعَهْدِ مِنَ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ لقَوْله تَعَالَى {فَلَا ترجعون إِلَى الْكفَّار} وَلِأَنَّ رِدَّتَهُنَّ أَقْرَبُ وَقِيلَ يُمْنَعُ الْجَمِيعُ لِحُرْمَةِ الْإِسْلَام

ص: 449

فارغة

ص: 450

(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْجِزْيَةِ)

وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْعَقْدِ وَيَتَّجِهُ الْفِقْهُ فِيهِ فِي سَبْعَة مبَاحث الْبَحْثُ الْأَوَّلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْتِزَامُ تَقْرِيرِهِمْ فِي دِيَارِهِمْ وَحِمَايَتُهُمْ وَالدَّرْءُ عَنْهُمْ بِشَرْطِ بَذْلِ الْجِزْيَةِ وَالِاسْتِسْلَامِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه} إِلَى قَوْله تَعَالَى {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} التَّوْبَة 29 وَيَنْبَغِي تَعْيِينُ مِقْدَارِ الْجِزْيَةِ وَقَبُولِهِمْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُعَّيَنْ نَزَلُوا عَلَى مِقْدَارِ جِزْيَةِ أَهْلِ الْعَنْوَةِ وَهُوَ مَا قَدَّرَهُ عُمَرُ رضي الله عنه وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ فَاسِدًا فَلَا نَقْتُلُهُمْ وَنُلْحِقُهُمْ بِمَأْمَنِهِمْ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الْعَاقِدِ وَهُوَ الْإِمَامُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا بَذَلُوهُ وَرَآهَا مَصْلَحَةً إِلَّا أَنْ يَخَافَ غَائِلَتَهُمْ وَلَوْ عَقَدَهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَصِحَّ لَكِنْ يَمْنَعُ الِاغْتِيَالَ الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي الْمَعْقُودِ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ كُلُّ كَافِرٍ ذَكَرٍ بَالِغٍ حُرٍّ قَادِرٍ عَلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ يَجُوزُ إِقْرَارُهُ عَلَى دِينِهِ لَيْسَ مَجْنُونًا وَلَا مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ وَلَا مُتَرَهِّبًا مُنْقَطِعًا فِي دَيْرٍ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ اسْتِثْنَاءُ الْفَرَسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَة {من الَّذين أَتَوا الْكتاب} وَهُمْ لَا كِتَابَ لَهُمْ وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْجَهْمِ كُفَّارَ قُرَيْشٍ إِمَّا إِكْرَامًا لَهُمْ عَنْ صَغَارِ الْجِزْيَةِ أَوْ لِأَنَّهُمْ أَسْلَمُوا يَوْمَ الْفَتْحِ وَاسْتَثْنَى ابْن وهب مجوس الْعَرَب وَعبد الْملك وش من

ص: 451

لَيْسَ بكتابي وح مُشْرِكِي الْعَرَبِ لِتَوَهُّمِ إِسْلَامِهِمْ وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُتَرَهِّبُ فَتَبَعٌ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ وَالْفَقِيرُ يُقَرُّ مَجَّانًا وَقِيلَ تَجِبُ عَلَيْهِ لِصِيَانَةِ دَمِهِ وَتُؤْخَذُ مِنَ الصَّبِيِّ عِنْدَ بُلُوغِهِ وَلَا تُقْبَلُ مِنَ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّمَا تَسْقُطُ الْجِزْيَةُ عَنِ الرَّاهِبِ فِي مَبْدَأِ حَمْلِهَا أَمَّا مَنْ تَرَهَّبَ بَعْدَ ضَرْبِهَا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يُقْبَلُ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا الْإِسْلَامُ إِلَّا مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ فِي مَكَّةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مَالِكٌ مَنِ انْتَقَلَ مِنَ الْعَدُوِّ إِلَى بَلَدِ الْإِسْلَامِ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالرُّجُوعِ إِلَى بَلَدِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَسْقُطُ خِيَارَهُ بَعْدَ الْتِزَامِهَا وَإِذَا أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَلْزَمُهُ الْجِزْيَةُ وَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا قَالَ أَشْهَبُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَإِنْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ قَالَ مَالِكٌ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يضْربهُ الْعتْق قَالَ ابْن الحبيب الْأَحْسَنُ أَخْذُهَا مِنْهُ وَالذِّمِّيُّ أَنْ يَنْقُلَ جِزْيَتَهُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ الْبَحْثُ الرَّابِعُ الْبُقْعَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُقَرُّونَ فِي سَائِرِ الْبِقَاعِ إِلَّا فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَهِيَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَنُ فِي رِوَايَةِ عِيسَى وَمِنْ أَقْصَى عَدَنَ وَمَا وَالَاهَا إِلَى الْيَمَنِ كُلِّهَا إِلَى رِيفِ الْعِرَاقِ فِي الطُّولِ وَمِنْ جدَّةَ وَمَا وَالَاهَا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ إِلَى أَطْرَافِ الشَّام ومصر فِي الْمغرب والمشرق وَمَا بَين يثرب إِلَى مُنْقَطع السماوة فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَا يُمْنَعُونَ مِنَ الِاجْتِيَازِ بِهَا مُسَافِرِينَ فَائِدَةٌ الْجَزِيرَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْجَزْرِ الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ وَمِنْهُ الْجَزَّارُ لِقَطْعِهِ أَعْضَاءَ الْحَيَوَانِ وَالْجَزِيرَةُ لِانْقِطَاعِ الْمِيَاهِ عَنْ أَوْسَاطِهَا إِلَى أَجْنَابِهَا وَجَزِيرَةُ الْعَرَبِ قَدِ احْتَفَّ بِهَا بَحْرُ الْقُلْزُومِ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ وَبَحْرُ فَارِسَ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَبَحْرُ الْهِنْدِ مِنْ جِهَةِ الْجَنُوبِ فَسُمِّيَتْ جَزِيرَةً لِذَلِكَ

ص: 452

قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا لَمْ يَأْمَنُ الْإِمَامُ رُجُوعَهُمْ عَنِ الْعَقْدِ لِمُجَاوَرَتِهِمُ الْعَدُوَّ نَقَلَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ إِلَى حَيْثُ يَأْمَنُ وَإِلَّا فَلَا الْبَحْثُ الْخَامِسُ فِي تَفْصِيلِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْجِزْيَةُ فَلَوْ أَقَرَّهُمْ مِنْ غَيْرِ جِزْيَةٍ أَخْطَأَ وَيُخَيَّرُونَ بَيْنَ الْجِزْيَةِ وَالرَّدِّ إِلَى الْمَأْمَنِ وَأَكْثَرُ الْجِزْيَةِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ وَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ وَيُخَفَّفُ عَلَى الضَّعِيفِ بِالِاجْتِهَادِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُنْقَصُونَ مِنْ فَرْضِ عُمَرَ رضي الله عنه لِعُسْرٍ وَلَا يُزَادُ لِغَنِيٍّ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لَا حَدًّ لِأَقَلِّهَا لِأَنَّ فِعْلَ عُمَرَ رضي الله عنه إِنَّمَا كَانَ بِالِاجْتِهَادِ فَيَجْتَهِدُ غَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِحَسَبِ الْحَالِ وَقِيلَ أَقَلُّهَا دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ ش دِينَارٌ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ

لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا وَقَالَ ح عَلَى الْغَنِيِّ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَالْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْفَقِير اثْنَا عشر درهما وَيُزَاد ولينقص عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِمْ تَنْبِيهٌ الدَّنَانِيرُ عِنْدَنَا خَمْسَةٌ ثَلَاثَةٌ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَهِيَ دَنَانِيرُ الدِّمَاءِ فِي الدِّيَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالنِّكَاحِ وَاثْنَانِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ الزَّكَاةِ وَالْجِزْيَةِ تَمْهِيدٌ الْجِزْيَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْجَزَاءِ الَّذِي هُوَ الْمُقَابَلَةُ وَالْمَأْخُوذُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ مُقَابِلٌ لِلدَّمِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ اقْتَضَى عِصْمَةَ الْأَمْوَالِ وَالذَّرَارِيِّ وَهِيَ غَيْرُ مُسْتَحِقَّةُ الْقَتْلِ فَلَيْسَ حَقْنُ الدَّمِ هُوَ كُلَّ الْمَقْصُودِ وَيُعْزَى لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا أُجْرَةُ الدَّارِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَنْتَفِعُ بِالدَّارِ وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهَا وَالْمُتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ هِيَ قُبَالَةُ جَمِيعِ الْمَقَاصِدِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى الْعَقْدِ سُؤَالٌ عَادَةُ الشَّرْعِ دَفْعُ أَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِإِيقَاعِ أَدْنَاهُمَا وَتَفْوِيتُ الْمَصْلَحَةِ الدُّنْيَا لِتَوَقُّعِ الْمَصْلَحَةِ الْعُلْيَا ومفسدة الْكفْر توفّي عَلَى مَصْلَحَةِ الْمَأْخُوذِ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ جِزْيَةً بل على جملَة الدُّنْيَا فَلم أقرهم

ص: 453

الشَّرْع على الْكفْر بِهَذَا النزر الْيَسِير وَلم لاحتم الْقِتَالَ دَرْءًا لِمَفْسَدَتِهِ جَوَابُهُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْتِزَامِ الْمَفْسَدَةِ الدُّنْيَا لِتَوَقُّعِ الْمَصْلَحَةِ الْعُلْيَا وَذَلِكَ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا قُتِلَ انْسَدَّ عَنْهُ بَابُ الْإِيمَانِ وَمَقَامُ السَّعَادَةِ فَشَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْجِزْيَة رَجَاء أَن يسلم فِي مُسْتَقْبل الزَّمَان وَلَا سِيَّمَا مَعَ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ فَيُتَوَقَّعُ ذَلِكَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَذُرِّيَّةِ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَاعَةٌ مِنْ إِيمَانٍ تَعْدِلُ دَهْرًا مَنْ كُفْرٍ وَلِذَلِكَ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ وَأَكْثَرُ ذُرِّيَّتِهِ كُفَّارٌ فَعَقْدُ الْجِزْيَةِ مِنْ آثَارِ رَحْمَتِهِ تَعَالَى قَالَ فَلَوْ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ سَقَطَتْ عَنْهُ إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ سُنُونٌ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِنْ كَانَ أَقَرَّ أُخِذَتْ مِنْهُ أَوْ لِعُسْرٍ فَلَا تُؤْخَذُ وَلَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ بِالْعَجْزِ لِأَنَّ الْفَقِيرَ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ ش إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَ وُجُوبِهَا أُخِذَتْ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أُجْرَةٌ وَعِنْدَنَا بدل مِنْ سَفْكِ الدَّمِ وَحَضًّا عَلَى الْإِسْلَامِ بِالصَّغَارِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَد وهم صاغرون} التَّوْبَة 29 فَشرط فِي إِعْطَائِهَا الصَّغَارُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَى الْمُسْلِمِ وَوَافَقَنَا ش عَلَى إِذْلَالِ الذِّمِّيِّ حَالَةَ الْأَخْذِ مِنْهُ وَالْكِرَاءُ لَا يَقْتَضِي الْهَوَانَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ش وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْمَذْهَبِ وُجُوبُهَا بِآخِرِ الْحَوْلِ وَلَيْسَ عَنْ مَالِكٍ نَصًّا وَقَالَ ح بِأَوَّلِ الْحَوْلِ عِنْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ أَوَّلِ كُلِّ حَوْلٍ لِأَنَّهَا بَدَلُ الدَّمِ وَقَدْ سُلِّمَ لَهُمُ الْمُبْدَلُ فَيَجِبُ الْبَدَلُ وَجَوَابُهُ أَنَّهَا تُؤْخَذُ لِصِيَانَتِهِمْ سَنَةً وَلَمْ تُحَصَّلْ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ الضِّيَافَةُ وَأَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه فَرَضَ مَعَ الدَّنَانِيرِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ عَنْ كُلِّ نَفْسٍ فِي الشَّهْرِ وَثَلَاثَةَ أَقْسَاطٍ زَيْتًا عَلَى مَنْ كَانَ بِالشَّامِ وَالْجِزْيَةُ عَلَى مَنْ كَانَ بِمِصْرَ إِرْدَبُّ حِنْطَةٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَقَالَ وَلَا أَدْرِي كَمْ مِنَ الْوَدَكِ وَالْعَسَلِ وَعَلَيْهِمْ مِنَ الْكُسْوَةِ الَّتِي كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَكْسُوهَا النَّاسَ وعَلى أَن يضيفوا من مر بهم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَعَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا كُلَّ شَهْرٍ عَلَى

ص: 454

كُلِّ رَجُلٍ مَعَ كُسْوَةٍ مَعْرُوفَةٍ قَالَ وَلَا أَدْرِي كَمْ قَدْرُهَا قَالَ مَالِكٌ وَأَرَى أَنْ يُوضَعَ عَنْهُمُ الْيَوْمَ مِنَ الضِّيَافَةِ وَالْأَرْزَاقِ لِمَا حَدَثَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْجَوْرِ الثَّالِثُ الْإِهَانَةُ فِي الْجَوَاهِرِ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الْإِهَانَةِ وَالصَّغَارِ امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ تَعَالَى الرَّابِعُ الْعُشْرُ فِي التِّجَارَةِ وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله

صلى الله عليه وسلم َ - لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُشْرٌ إِنَّمَا الْعُشْرُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لِأَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا اتَّجَرْتُمْ فِي بِلَادِكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْجِزْيَةُ وَإِذَا اتَّجَرْتُمْ إِلَى غَيْرِهَا أَخذ مِنْكُم الْعشْر وَفِي الْجَوَاهِر بؤخذ الْعشْر من تجار الْحَرْبِيين وَلَا بؤخذ مِنَ الذِّمِّيِّ إِلَّا أَنْ يَتَّجِرَ فِي غَيْرِ أُفُقِ عَقْدِ جِزْيَتِهِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّمَا دَخَلَ وَلَوْ دَخَلَ مِرَارًا فِي السَّنَةِ وَقَالَ ح لَا تُؤْخَذُ مِنَ السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً كَالْجِزْيَةِ لَنَا فِعْلُ عُمَرَ رضي الله عنه وَلِتَكَرُّرِ الِانْتِفَاع وَالْحكم فيتكرر بِتَكَرُّرِ سَبَّبِهِ وَاخْتُلِفَ هَلِ الْمَأْخُوذُ عَمَّا يَعْتَاضُونَ وَهُوَ رَأْي ابْن الْقَاسِم أَو عَمَّا يدْخلُونَ بِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَسَبَبُ الْخِلَافِ أَنَّ الْمَأْخُوذَ لِحَقِّ الِانْتِفَاعِ فِي الْقُطْرِ أَوِ الْوُصُولِ إِلَيْهِ وَتَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ لَوْ دَخَلُوا بِبِضَاعَةٍ أَوْ عَيْنٍ فَأَرَادُوا الرُّجُوعَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْعُشْرُ كَالْحَرْبِيِّينَ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُوجِبُهُ الثَّانِي لَوْ دَخَلُوا بِإِمَاءٍ فَإِنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يَمْنَعُهُمُ الْوَطْءَ وَالِاسْتِخْدَامَ وَيَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُنَّ لِشَرِكَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُمْ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قُلْنَا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ إِلَّا بَعْدَ الشِّرَاءِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَدِمَ بِعَيْنٍ فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً أُخِذَ مِنْهُ عُشْرُ السِّلْعَةِ وَقِيلَ عُشْرُ ثَمَنِهَا وَقِيلَ إِنْ كَانَتْ تَنْقَسِمُ فَعُشْرُهَا وَإِلَّا فَعُشْرُ قِيمَتِهَا وَيَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ أَنْ لَوْ أَخَذْنَا عُشْرَ قِيمَتِهَا كَانَ مُشْتَرِيًا مِنَّا عُشْرَ السِّلْعَةِ فَهِيَ سِلْعَةٌ

ص: 455

ثَانِيَة فيتسلسل وَلَو قدم بِفِضَّة ليصرفها أَو بِثِيَاب لصبغها ترك عشرهَا بِغَيْر صبغ وَلَا صرف فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ فِي ذَلِكَ حَتَّى عَمِلَ الْجَمِيعَ أُخِذَ مِنْهُ قِيمَةُ الْعُشْرِ غَيْرَ مَعْمُولٍ فَإِنْ بَاعَ وَاشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْبَلَدِ أَوْ فِي بَلَدٍ آخَرَ مِنْ ذَلِكَ الْأُفُقِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الَّذِي صَبَغَهُ أَوْ ضَرَبَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤْخَذُ مِنَ الْحَرْبِيِّ عُشْرُ الْمَعْمُول وَإِذا أكرى الذِّمِّيّ ابله من بلد إِلَى غَيره أَخذ عشر كرائه فِي المكرى إِلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا مَنْ كِرَاءِ الرُّجُوعِ إِلَى بَلَدِهِ وَقَالَ أَشهب لَا شَيْء عَلَيْهِ لجلاب إِبِلِهِ وَأَوْلَادِهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ سَوَاءٌ أكرى من بَلَده أَو من غَيره وَقيل يسْقط الْكِرَاء على قدر مسيره فِيمَا سَارَ فِي بِلَادِهِ سَقَطَ وَيُخْتَلَفُ إِذَا أَسْلَمَ فِي سِلْعَةٍ لِيَقْبِضَهَا بِغَيْرِ بَلَدِهِ هَلْ يُرَاعَى مَوضِع العقد أَو مَوضِع الْقَبْض وَإِذا تجر عبيد أهل الذِّمَّة أَخذ مِنْهُم إِلَّا عشر وَاحِد كالأحرار لحُصُول الْمَنْفَعَة وَفِي الْجَوَاهِر لَوْ بَاعُوا فِي بَلَدٍ وَاشْتَرَوْا فِيهِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ إِلَّا عُشْرٌ وَاحِدٌ وَلَوْ بَاعُوا فِي أُفُقٍ ثُمَّ اشْتَرَوْا فِي آخَرَ بِالثَّمَنِ فعشران لتَعَدد النتفع فِيهِ وَهُوَ سَبَبُ الْعُشْرُ وَيُخَفَّفُ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِيمَا حَمَلُوهُ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنَ الزَّيْتِ وَالْحِنْطَةِ خَاصَّةً فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ نِصْفُ الْعُشْرِ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنَ الْقُطْنِيَّةِ وَنِصْفَ الْعُشْرِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ الْعُشْرَ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ لِتَكْثِيرِ الْحَمْلِ إِلَيْهِمَا وَقَدِ اتَّسَعَ الْإِسْلَامُ وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ بِأَمَانٍ مُطْلَقٍ أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَوْ نَزَلَ الذِّمِّيُّ بِالْخَمْرِ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا قَالَ مَالِكٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِنْ خِيفَ خِيَانَتُهُمْ جُعِلَ عَلَيْهِمْ أَمِينٌ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ ذَلِكَ إِذَا جَلَبُوهُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ لَا لِأَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي لَا ذِمَّةَ فِيهَا

ص: 456

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُرِيقُ الْوَالِي الْخَمْرَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَلَا يَجُوزُ إِنْزَالُهُمْ عَلَى بَقَاءِ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ فَتَكُونُ مباشرتهم لذَلِك مُنْكرا تحب إِزَالَتُهُ وَتَفْسُدُ الْمُعَاوَضَةُ فِيهِ وَلَا يُنْقَلُ الثَّمَنُ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيَتَّضِحُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَيشكل قَول مَالك وَقَالَ إِذا انْتَقَلَ الذِّمِّيُّ مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ كَمِصْرَ وَالشَّامِ فَأَوْطَنَ الثَّانِي ثُمَّ قَدِمَ بِتِجَارَةٍ لِلْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ بِبَلَدِ عَقْدِ ذِمَّتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إِذَا رَجَعَ إِلَى الثَّانِي قَالَ أصْبع ذَلِكَ إِذَا لَمْ تُحَوَّلْ جِزْيَتُهُ فَلَوِ اشْتَرَى الذِّمِّيُّ وَأُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ ثُمَّ اسْتُحِقَّ مَا بِيَدِهِ أورد بِالْعَيْبِ رَجَعَ بِالْعُشْرِ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَإِذَا غَلَبَ عَلَى الذِّمِّيِّ دَيْنُ الْمُسْلِمِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ وَلَا يُسْقِطُ الْعُشْرُ دَيْنَ الذِّمِّيِّ قَالَ صَاحب الْبَيَان إِذا نزل الرّوم برقيق فصلحناهم عَلَى عُشْرِ مَا مَعَهُمْ مِنْهُ فَأَسْلَمَ الرَّقِيقُ أُخِذَ مِنْهُمْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ وَلَهُمُ الرُّجُوعُ بِهِمْ وَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ بِمَعْلُومٍ إِنَّمَا هُوَ مَا يُصَالَحُ عَلَيْهِ وَقَالَ فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ كَانَتْ لَهُمْ عَادَةً حُمِلُوا عَلَيْهَا وَإِذَا نَزَلُوا وَلَمْ يَبِيعُوا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ بَاعُوا أَمْ لَا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ لِانْتِفَاعِهِمْ بِالنُّزُولِ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّونَهُ وَالذِّمِّيُّ يَسْتَحِقُّ الْمَسْعَى فِي آفَاقِ الْإِسْلَامِ إِنَّمَا الْعُشْرُ عَلَيْهِ لِلِانْتِفَاعِ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ وَسوى ابْنُ نَافِعٍ الْبَحْثُ السَّادِسُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْنَا بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ وُجُوبُ الذَّبِّ عَنْهُمْ وَصِيَانَةُ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَتَرْكُ كَنَائِسِهِمْ وَخُمُورِهِمْ وَخَنَازِيرِهِمْ فَإِنْ أَظْهَرُوا خمرًا أهرقناها وَإِلَّا فَيَضْمَنُهَا الْمُسْلِمُ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ غَصَبَهَا وَجَبَ رَدُّهَا وَيُؤَدَّبُ مَنْ أَظْهَرَ الْخِنْزِيرَ وَلَوْ بَاعَ الْأَسْقُفُ عَرْصَةً أَوْ حَانُوتًا مِنْ كَسبه جَازَ إِنْ كَانَ الْبَلَدُ صُلْحًا وَلَمْ يَجُزْ إِنْ كَانَ عَنْوَةً وَلَا يَجُوزُ فِي أَحْبَاسِهِمْ إِلَّا مَا يَجُوزُ فِي أَحْبَاسِنَا وَلَا يَحْكُمُ حَاكِمُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَنْعِ بَيْعِ الْكَنَائِسِ وَلَا برده وَلَا يُعَاد

ص: 457

جِنْسهَا لِأَنَّ التَّصْحِيحَ خِلَافُ الشَّرْعِ وَالْإِبْطَالَ خِلَافُ الْعَقْدِ وَإِنِ اتَّفَقُوا فِي التَّحَاكُمِ إِلَيْنَا فَالْحَاكِمُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالتَّرْكِ وَقِيلَ لَا يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ إِلَّا بِرِضَا أَسَاقِفَتِهِمْ لِأَنَّهُ فَسَادٌ عَلَيْهِمْ وَمُسْتَنَدُ الْمَذْهَب قَوْله تَعَالَى {فَإِن جاؤك فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} الْمَائِدَة 42 وَمَتَى تَعَلَّقَتِ الْحُكُومَةُ بِمُسْلِمٍ وَجَبَ الْحُكْمُ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَكَذَلِكَ مُخْتَلِفَا الْمِلَّةِ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْأَسَاقِفَةِ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الآخر فيسقطون فَإِن ترافعوا إِلَيْنَا فِي التظالم حَكَمْنَا بَيْنَهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِلُزُومٍ ذَلِكَ إِلَيْنَا بِالْإِسْلَامِ وَلَهُمْ بِالْعَقْدِ لِأَنَّهُ مِنَ الذَّبِّ عَنْهُمْ الْبَحْثُ السَّابِعُ فِيمَا يَلْزَمُهُمْ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ النَّوْعُ الْأَوَّلُ الْكَنَائِسُ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ بِنَائِهَا فِي بَلَدٍ بَنَاهَا الْمُسْلِمُونَ أَوْ مَلَكُوهَا عَنْوَةً وَيَجِبُ نَقْضُ كَنَائِسِهَا فَإِنْ فُتِحَتْ صُلْحًا عَلَى أَنْ يَسْكُنُوهَا بِالْخَرَاجِ وَرِقَابُ الْأَبْنِيَةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَشَرَطُوا إِبْقَاءَ كَنِيسَةٍ جَازَ وَإِنْ شَرَطُوا الدَّارَ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ خَرَاجٌ وَلَا تُنْقَضُ الْكَنَائِسُ فَذَلِكَ لَهُمْ ثُمَّ يُمْنَعُونَ مِنْ رَمِّهَا خِلَافًا لِ ش قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرْطًا وَالْمُدْرَكُ أَنَّهَا مِنَ الْمُنْكَرَاتِ وَالْعَيْنُ الَّتِي تَنَاوَلَهَا الْعَقْدُ قَدِ انْهَدَمَتْ وَالْعَوْدُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْعَقْدُ فَهُوَ مُنْكَرٌ تَجِبُ إِزَالَتُهُ وَيُمْنَعُونَ مِنَ الزِّيَادَةِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ وَقِيلَ لَهُمُ الترميم لِأَنَّهُ من جملَة أغراضهم الملزمة كعصير الْخَمْرِ وَإِنِ اشْتَرَطَ أَهْلُ الصُّلْحِ إِحْدَاثَ كَنِيسَةٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ هَذَا الشَّرْطُ بَاطِلٌ إِلَّا فِي بَلَدِهِمُ الَّذِي لَا يَسْكُنُهُ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُمْ فَهُوَ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوهُ وَأَمَّا أَهْلُ الْعَنْوَةِ فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا مُعْتَزِلِينَ عَنْ بِلَادِنَا لِأَنَّ قَهْرَنَا لَهُمْ أَزَالَ ذَلِكَ وَالتَّمَكُّنَ مِنْهُ فَلَا نُعِيدُهُ وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ الصُّلْحِ مِنْ إِظْهَارِ الْخَمْرِ وَالنَّاقُوسِ وَنَحْوِهِ دَاخِلَ كَنَائِسِهِمْ وَيُمْنَعُونَ خَارِجَهَا وَمَنْ حَمَلَ الْخَمْرَ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَتِهِمُ الَّتِي يَسْكُنُونَهَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ مُنِعَ وَتُكْسَرُ الْخَمْرُ إِنْ ظَهَرْنَا عَلَيْهَا

ص: 458

وَإِنْ قَالُوا لَا نَبِيعُهَا مِنْ مُسْلِمٍ وَإِنْ أَظْهَرُوا نَاقُوسًا كَسَرْنَاهُ وَإِنْ وَجَدْنَا سَكْرَانًا أَدَّبْنَاهُ وَإِنْ أَظْهَرُوا صُلُبَهُمْ فِي عِيدٍ أَوِ اسْتِسْقَاءٍ كَسَرْنَاهَا وَأَدَّبْنَاهُمْ وَيُخْفُونَ أَصْوَاتَ نَوَاقِيسِهِمْ وَقِرَاءَتَهُمْ فِي كنائسهم النَّوْع الثَّانِي يمْنَعُونَ من ركون الْبِغَالِ وَالْخَيْلِ النَّفِيسَةِ دُونَ الْحَمِيرِ بِالْأُكُفِ عَرْضًا دُونَ السُّرُوجِ إِمَّا لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْعَقْدِ أَوْ لِأَنَّ الصَّغَارَ يَأْبَى ذَلِكَ النَّوْعُ الثَّالِثُ يُمْنَعُونَ مِنْ جَادَّةِ الطَّرِيقِ وَيُضْطَرُّونَ إِلَى الْمَضِيقِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الطَّرِيقُ خَالِيًا لِمَا يُرْوَى عَنهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَا تبدؤهم بِالسَّلَامِ والجؤهم إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ وَلَا يَتَشَبَّهُونَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي الزِّيِّ وَيُؤَدَّبُونَ عَلَى تَرْكِ الزَّنَانِيرِ لِأَنَّ اللُّبْسَ يُؤَدِّي إِلَى تَعْظِيمِهِمْ دُونَ تَعْظِيمِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَدْخُلُونَ الْمَسَاجِدَ وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَن يخْتم فِي رِقَاب رجال أهل الذِّمَّة بالرصاص ويظهرون مَنَاطِقَهُمْ وَيَجُزُّوا نَوَاصِيَهُمْ وَيَرْكَبُوا عَلَى الْأُكُفِ عَرْضًا وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه سَمُّوهُمْ وَلَا تُكَنُّوهُمْ وَأَذِلُّوهُمْ وَلَا تَظْلِمُوهُمْ وَنَهَى أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهُم كَاتبا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} آل عمرَان 118 وَنَهَى عَنْهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَكَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه أَنْ يُقَامُوا مِنَ الْأَسْوَاقِ وَقَالَهُ مَالِكٌ الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُوجب نقض الْعَهْد وَمَا لَا يُوجب وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَظْهَرُوا مُعْتَقَدَهُمْ فِي الْمَسِيحِ أَو غَيره أدبناهم وَلَا ينْتَقض بِهِ الْعَهْد وَإِنَّمَا يَنْتَقِضُ بِالْقِتَالِ وَمَنْعِ الْجِزْيَةِ وَالتَّمَرُّدِ عَلَى الْأَحْكَامِ وإكراه الْمسلمَة على الزِّنَا فَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ لِأَنَّ قَتْلَهُ لِنَقْضِ الْعَهْدِ لَا لِلْحَدِّ وَكَذَلِكَ التَّطَلُّعُ إِلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا قَطْعُ الطَّرِيقِ وَالْقَتْلُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ فكحكم الْمُسلمين وتعرضهم لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَوْ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يُوجِبُ الْقَتْلَ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ وَرُوِيَ

ص: 459

يُوجَعُ أَدَبًا وَلَا يُتْرَكُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ قُبِلَ مِنْهُ وَأَمَّا الْمُسْلِمُ إِنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - عُزِّرَ أَوْ كَذَّبَهُ فَمُرْتَدٌّ وَإِنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى أَو رَسُوله صلى الله عليه وسلم َ - أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام قُتِلَ حَدًّا وَلَا تُسْقِطُهُ التَّوْبَةُ فَإِنَّ إِظْهَارَ ذَلِكَ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى سُوءِ بَاطِنِهِ فَيَكُونُ كَالزِّنْدِيقِ لَا تُعْلَمُ تَوْبَتُهُ وَقِيلَ هُوَ كَالْمُرْتَدِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ زَنَى بِالْمُسْلِمَةِ تَطَوُّعًا لَمْ يَنْتَقِضْ عَهْدُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَانْتَقَضَ عَهْدُهُ عِنْدَ رَبِيعَةَ وَابْنِ وَهْبٍ وَإِنْ غَرَّهَا بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ فَتَزَوَّجَهَا فَهُوَ نَقْضٌ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ وَإِنْ عَلِمَتْ بِهِ لَمْ يَكُنْ نَقْضًا وَإِنْ طَاوَعَتْهُ الْأَمَةُ لَمْ يَكُنْ نَقْضًا وَإِنِ اغْتَصَبَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ بِنَقْضٍ وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ فَإِنْ عُوهِدَ على انه مَتى بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ نَقْضٌ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِذَلِكَ وَإِنْ عُوهِدَ عَلَى أَنَّهُ يُضْرَبُ وَيُتْرَكُ فَهُوَ كَذَلِكَ وَفَاءً بِالْعَهْدِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي مَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَقْضِ عَهْدِ الذِّمِّيِّ وَقَتْلِهِ وَسَبْيِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ إِذَا أَخَلَّ بِوَاحِدٍ مِمَّا نَذْكُرُهُ وَهُوَ إِعْطَاءُ أَرْبَعَةِ مَثَاقِيلَ ذَهَبًا فِي انْقِضَاءِ كُلِّ عَامٍ قَمَرِيٍّ صرف كل دِينَار أثنا عشر درهما وَإِن لَا يُحْدِثُوا كَنِيسَةً وَلَا بِيعَةً وَلَا دَيْرًا وَلَا صَوْمَعَةً وَلَا يُجَدِّدُوا مَا خَرِبَ مِنْهَا وَلَا يَمْنَعُوا الْمُسْلِمِينَ مِنَ النُّزُولِ فِي كَنَائِسِهِمْ وَبِيَعِهِمْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَيُوَسِّعُوا أَبْوَابَهَا لِلنَّازِلِينَ وَيُضَيِّفُوا من مر بهم من الْمُسلمين ثَلَاثًا وَإِن لَا يأووا جَاسُوسًا وَلَا يَكْتُمُوا غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يُعَلِّمُوا أَوْلَادهم الْقُرْآن وَلَا يمْنَعُونَ الدُّخُول فِي الْإِسْلَام ويوتروا الْمُسلمين ويقوموا لَهُم من الْمَجَالِسِ وَلَا يَتَشَبَّهُوا بِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ لِبَاسِهِمْ وَلَا فَرْقِ شَعَرِهِمْ وَلَا يَتَكَلَّمُوا بِكَلَامِهِمْ وَلَا يَتَكَنَّوْا بِكُنَاهُمْ وَلَا يَرْكَبُوا السُّرُوجَ وَلَا يَتَقَلَّدُوا شَيْئًا مِنَ السِّلَاحِ وَلَا يَحْمِلُوهُ مَعَ أنفسهم وَلَا يتخذوه وَلَا ينقشوا فِي خواتمهم بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا يبيعون الْخمر ويجزون مقادم

ص: 460

رُؤْسهمْ ويشدون الزنانير وَلَا يظهرون الصَّلِيب وَلَا يجاورون الْمُسلمين بموتاهم وَلَا يظهرون فِي طَرِيق الْمُسلمين نَجَاسَة ويخفون النواقيس وأصواتهم وَلَا يظهرون شَيْئا من شعائرهم وَلَا يتخذون مِنَ الرَّقِيقِ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ سِهَامُ الْمُسْلِمِينَ ويرشدون الْمُسلمين وَلَا يطلعون عَلَيْهِم عدوا وَلَا يعْرفُونَ مُسلما شَيْئا من كفرهم وَلَا يَسُبُّوا أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَحْرَى الْأَنْبِيَاءُ عليهم السلام وَلَا يظهرون خَمْرًا وَلَا نِكَاحَ ذَاتِ مَحْرَمٍ وَأَنْ يُسَكِّنُوا الْمُسْلِمِينَ بَيْنَهُمْ فَمَتَى أَخَلُّوا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ اخْتُلِفَ فِي نَقْضِ عَهْدِهِمْ وَقَتْلِهِمْ وَسَبْيِهِمْ تَمْهِيدٌ هَذِهِ الْقُيُودُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ اشْتُرِطَتْ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوِ اسْتُفِيدَتْ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ صاغرون} وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَقَدْ يَسْبِقُ إِلَى خَاطِرِ الْفَقِيهِ أَنَّ نَقْضَ الْعَهْدِ بِوَاحِدٍ مِنْهَا مُتَّجِهٌ وَأَنَّ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَكَشْفُ الْحِجَابِ عَنِ الْحَقِّ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنْ نَقُولَ عَقْدُ الْجِزْيَةِ عَاصِمٌ لِلدِّمَاءِ كَالْإِسْلَامِ وَقَدْ أَلْزَمَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُسْلِمَ سَائِرَ التَّكَالِيفِ فِي عَقْدِ إِسْلَامِهِ كَمَا أَلْزَمْنَا الذِّمِّيَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي عَقْدِ أَمَانِهِ فَكَمَا انْقَسَمَ رَفْضُ التَّكْلِيفِ فِي الْإِسْلَامِ إِلَى مَا يُنَافِي الْإِسْلَامَ وَيُبِيحُ الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ كَرَمْيِ الْمُصْحَفِ فِي الْقَاذُورَاتِ وَانْتِهَاكِ حُرْمَةِ النُّبُوَّاتِ وَإِلَى مَا لَيْسَ بِمُنَافٍ لِلْإِسْلَامِ وَهُوَ ضَرْبَانِ كَبَائِرُ تُوجِبُ التَّغْلِيظَ بِالْعُقُوبَةِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَسَلْبِ أَهْلِيَّةِ الْوِلَايَةِ وَصَغَائِرُ تُوجِبُ التَّأْدِيبَ دُونَ التَّغْلِيظِ فَكَذَلِكَ عَقْدُ الْجِزْيَةِ تَنْقَسِمُ شُرُوطُهُ إِلَى مَا يُنَافِيهِ كَالْقِتَالِ وَالْخُرُوجِ عَنْ أَحْكَامِ السُّلْطَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُنَافٍ لِلْأَمَانِ وَالتَّأْمِينِ وَهُمَا مَقْصُودُ الْعَقْدِ وَإِلَى مَا لَيْسَ بِمُنَافٍ لِلْأَمَانِ وَالتَّأْمِينِ وَهُوَ عَظِيمُ الْمَفْسَدَةِ فَهُوَ كَالْكَبِيرَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ كَالْحِرَابَةِ وَالسَّرِقَةِ وَإِلَى مَا هُوَ كَالصَّغِيرَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ كَسَبِّ الْمُسْلِمِ وَإِظْهَارِ التَّرَفُّعِ عَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ لَا يَنْفِيَانِ الْإِسْلَامَ وَلَا يُبْطِلَانِ

ص: 461

عصمته للدماء وَالْأَمْوَال فَكَذَلِك لَا يبطلان عصمَة عقد الْجِزْيَة وَلَا يبطلانه لعدم منافاتها لَهُ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ عَقْدًا مِنَ الْعُقُود إِلَّا مَا يُنَافِي مَقْصُوده فَكَذَلِك هَا هُنَا فَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَظْهَرُ إِشْكَالٌ فِي إِكْرَاهِ الْمُسْلِمَةِ على الزِّنَا وَجعله نَاقِصا بَلْ إِلْحَاقُهُ بِالْحِرَابَةِ مُتَّجِهٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِعُمُومِ مَفْسَدَةِ الْحِرَابَةِ فِي النُّفُوسِ وَالْأَبْضَاعِ وَالْأَمْوَالِ وَعَدَمِ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِوَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَخْرُجُ مَسَائِلُ هَذَا الْبَابِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا تَلَصَّصَ الذِّمِّيُّ فَقَتَلَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ فَهُوَ كَالْمُحَارِبِ الْمُسْلِمِ فِي حُكْمِهِ فَإِنْ خَرَجُوا نَقْضًا لِلْعَهْدِ وَامْتَنَعُوا فِي غَيْرِ ظلم وَالْإِمَام عَادل فهم فَيْء كَمَا فعل عَمْرو بن الْعَاصِ بالإسكندرية لما عصب عَلَيْهِ بعد الْفَتْح قَالَ التّونسِيّ لم يَجْعَل الْقَتْلُ فِي الْحِرَابَةِ نَقْضًا وَهُوَ يَقُولُ غَصْبُ الْمسلمَة على الوطئ نَقْضٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَهْدُ اقْتَضَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ كَانَ لِظُلْمٍ رُدُّوا إِلَى ذِمَّتِهِمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ حِرَابَةُ الذِّمِّيِّ نَقْضٌ لِلْعَهْدِ وَلَا يُؤْخَذُ وَلَدُهُ لِبَقَاءِ الْعَهْدِ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ مَالِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْحِرَابَةِ لِأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ إِنْ كَانَ مَنْ ظلم فَهُوَ نقض لأَنهم لم يعاهدوا أَنْ يَظْلِمُوا مَنْ ظَلَمَهُمْ وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أُخْبِرَ أَنَّ ذِمِّيًّا نَخَسَ بَغْلًا عَلَيْهِ مُسْلِمَة فَوَقَعَتْ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهَا فَأَمَرَ بِصَلْبِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَقَالَ إِنَّمَا عَاهَدْنَاهُمْ عَلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَأَن يَهُودِيًّا دَهَنَ نَاقَتَهُ وَعَلَيْهَا امْرَأَةٌ فَوَقَعَتْ فَانْكَشَفَتْ فَقَتَلَهُ ابْنُهَا فَأَهْدَرَ دَمَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا غَصَبَ مُسْلَمَةً فَلَهَا الصَّدَاقُ مِنْ مَالِهِ وَالْوَلَدُ عَلَى دِينِ أُمِّهِ وَلَوْ أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه نَقْضُ عَهْدِهِ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَارَبت الذِّمَّةُ وَظُفِرَ بِهِمْ وَالْإِمَامُ عَدْلٌ قُتِلُوا وَسُبِيَ نِسَاؤُهُم وَلَا يعرض لِمَنْ يُظَنُّ أَنَّهُ مَغْلُوبٌ مَعَهُمْ كَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالضَّعِيفِ وَلَوْ ذَهَبُوا لِبَلَدِ الْحَرْبِ نَقْضًا لِلْعَهْدِ وَتركُوا أَوْلَادهم لم يسبوا بِخِلَاف إِذَا ذَهَبُوا بِهِمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِظُلْمٍ أَصَابَهُمْ إِلَّا أَنْ يُعِينُوا عَلَيْنَا الْمُشْرِكِينَ فَهُمْ كَالْمُحَارِبِينَ وَقَالَ أَيْضًا

ص: 462

إِذَا حَارَبُوا وَالْإِمَامُ عَدْلٌ اسْتَحَلَّ سَبْيَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ إِلَّا مَنْ يُظَنُّ أَنَّهُ مَغْلُوبٌ كَالضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ أَصْبَغُ وَأَلْحَقَ الضُّعَفَاءَ بِالْأَقْوِيَاءِ فِي النَّقْصِ كَمَا اندرجوا مَعَه فِي الْعَقْدِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - سَبَى ذَرَارِيَّ قُرَيْظَةَ وَنِسَاءَهُمْ بَعْدَ النَّقْصِ كَمَا انْدَرَجُوا بِالْعَهْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اسْتَوْلَى الْعَدو على مَدِينَة للْمُسلمين فِيهَا ذمَّة فغزونا مَعَهُمْ وَاعْتَذَرُوا بِالْقَهْرِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِقَوْلِهِمْ فَمَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا قُتِلَ وَإِلَّا أطيل سجنه وَإِذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ وَقَدْ سَرَقُوا أَمْوَالًا وَعَبِيدًا ثُمَّ صَالَحُونَا عَلَى الْعَوْدِ لِلذِّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يُطَّلَعْ عَلَى السَّرِقَةِ إِلَّا بَعْدَ الصُّلْحِ خَيَّرَهُمُ الإِمَام بَين ردهَا وَبَين عودهم إِلَى الْجِزْيَةِ وَإِنِ اشْتَرَطُوهَا فَلَا كَلَامَ لَهُ وَكَذَلِكَ مَا أَخَذُوهُ فِي الْحِرَابَةِ بَعْدَ النَّقْصِ قَالَ الْمَازرِيّ وينتقض الْعَهْد إِذا صَار علينا للحربيين

ص: 463

(الْبَاب الثَّانِي عشر فِي الْمُسَابقَة وَالرَّمْي)

وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُسَابَقَةِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَو حافر وَقَالَ الله تَعَالَى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} الْأَنْفَال 60 وَالسَّبْقُ بِسُكُونِ الْبَاءِ الْفِعْلُ وَبِفَتْحِهَا مَا يَجْعَل للسابق وَفِي مُسلم سَابق صلى الله عليه وسلم َ - بِالْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ وَكَانَ آخِرُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرُ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْق وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -

مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ مِنْ أَنْ يُسْبَقَ فَلَيْسَ قِمَارًا وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يُسْبَقَ فَهُوَ قِمَارٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ لَا بَأْسَ بِرِهَانِ الْخَيْلِ إِذَا كَانَ فِيهَا مُحَلِّلٌ يُخْرِجُ هَذَا سَبَقًا وَهَذَا سبقا

ص: 464

وَيَدْخُلُ بَيْنَهُمَا ثَالِثٌ لَا يُخْرِجُ شَيْئًا فَإِنْ سَبَقَ الْمُحَلِّلُ أَخَذَ وَإِنْ سُبِقَ لَمْ يَأْخُذْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا سَبَقَ أَخَذَ سبق الرجلَيْن وَإِن لَمْ يَسْبِقْ هُوَ وَسَبَقَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ سَبَقَ صَاحِبِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُحَلِّلِ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مَالك وَإِنَّمَا يجوز عِنْدَهُ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ سَبَقَهُ خَارِجًا بِكُلِّ حَالٍ فَإِنْ تَسَابَقَ رَجُلَانِ وَجَعَلَ ثَالِثٌ سَبَقًا لِلْخَارِجِ مِنْهُمَا فَإِنْ سَبَقَ هُوَ كَانَ السَّبَقُ لِلْمُصَلِّي وَإِنْ كَانَتْ خَيْلًا كَثِيرَةً وَكَذَلِكَ الرَّمْيُ وَيَجُوزُ عَمَلُ سُرَادِقَ مَنْ دَخَلَهُ أَوَّلًا سَبَقَ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُسَابَقَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ يُشْتَرَطُ فِي عِوَضِهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي عِوَضِهِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ اسْتِوَاؤُهُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَلَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ الْأُولَى أَنْ يَجْعَلَ الْوَالِي أَوْ غَيْرُهُ مُحَلِّلًا للسابق وَالثَّانيَِة أَن يُخرجهُ أحد المسابقين وَالثَّالِث أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْئًا مَنْ سَبَقَ أَخْذَهُمَا فَلَا يُخْتَلَفُ فِي إِبَاحَةِ الْأُولَى وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنْ كَانَ الْمُخْرِجُ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ الْمُخْرَجُ بَلْ إِنْ سَبَقَ أَخَذَهُ السَّابِقُ أَوْ سَبَقَ كَانَ لِمَنْ يَلِيهِ أَوْ لِمَنْ حَضَرَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا فَجَائِزٌ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ الْمَشْهُورِ إِنَّ السَّبَقَ لَا يَعُودُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ إِنَّ السَّبَقَ لِمَنْ سَبَقَ مِنْ مُخْرِجِهِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ لَا يَكُونُ طُعْمَةً لِمَنْ حَضَرَ بَلْ لِلسَّابِقِ وَلَوْ شَرَطَهُ طُعْمَةً لِمَنْ حَضَرَ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ مُعْظَمِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ شَرَطَ رُجُوعَهُ إِلَى مُخْرِجِهِ إِنْ سَبَقَ فَرُوِيَتِ الْكَرَاهَةُ وَأَخَذَ بِهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ الْجَوَازَ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا فَلَا يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا مَنْ لَا يأمنان أَن يسبقهما يغرم إِن سبق وَلَا يغرم إِن سبق وَالْمَشْهُور عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ وَرُوِيَ الْجَوَازُ وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْغَايَةِ وَالْمَوْقِفُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَادَةً فتتعين وَيتَعَيَّن الْخَيْلُ دُونَ مَعْرِفَةِ جَرْيِهَا وَرَاكِبِهَا وَكَرِهَ مَالِكٌ حَمْلَ الصِّبْيَانِ عَلَيْهَا خَشْيَةَ الْعَطَبِ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَال يشْتَرط أَنْ تَكُونَ الْخَيْلُ مُتَقَارِبَةَ الْحَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَلَا تجوز السَّابِقَة بِالْعِوَضِ إِلَّا فِي الْخَيل أَو الركاب أَو فِي الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ وَتَجُوزُ بِالْعَرَضِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فِي غير

ص: 465

ذَلِكَ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي نِكَايَةِ الْعَدُوِّ وَنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ كَالسُّفُنِ وَالطَّيْرِ لِتَوْصِيلِ الْأَخْبَارِ وَأَمَّا طَلَبُ الْمُغَالَبَةِ فَلَا يَجُوزُ وَتَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ عَلَى الْأَقْدَامِ وَفِي رَمْيِ الْحِجَارَةِ وَيَجُوزُ الصِّرَاعُ لِقَصْدِ الرِّيَاضَةِ لِلْحَرْبِ بِغَيْرِ عِوَضٍ قَاعِدَةٌ لَا يَجْتَمِعُ فِي الشَّرْع العوضا فِي بَابِ الْمُعَاوَضَةِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَلِذَلِكَ مَنَعْنَا الْإِجَارَةَ عَلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لِحُصُولِهَا مَعَ عِوَضِهَا لِفَاعِلِهَا وَحِكْمَةُ الْمُعَاوَضَةِ انْتِفَاعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ المتعارضين بِمَا بُذِلَ لَهُ وَالسَّابِقُ لَهُ أَجْرُ التَّسَبُّبِ إِلَى الْجِهَادِ فَلَا يَأْخُذُ السَّبَقَ تَنْبِيهٌ الْمُسَابَقَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ثَلَاثِ قَوَاعِدَ الْقِمَارُ وَتَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ وَحُصُولُ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضُ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَاسْتُثْنِيَت مِنْ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ لِمَصْلَحَةِ الْجِهَادِ فَائِدَةٌ أَسْمَاءُ الْخَيْلِ فِي حَلَبَةِ السِّبَاقِ عَشَرَةٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُ الشَّاعِرِ

(أَتَانِي الْمُجَلِّي وَالْمُصَلِّي وَبَعْدَهُ

الْمُسَلِّي وَقَالَ بَعْدَهُ عَاطِفٌ يَسْرِي)

(ومرتاحها ثمَّ الحضي ومتوسل

وَجَاء اللطيم والسكيت لَهُ يبري)

فالمجلي أَولهَا وَالْمُصَلي الثَّانِي لكَونه عِنْد صلى فرس الأول ثمَّ هِيَ مرتبَة كَذَلِك إِلَى آخرهَا الْفَصْل الثَّانِي فِي الرَّمْي وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كَالسَّبَقِ فِيمَا يَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ رَشْقٌ مَعْلُومٌ وَإِصَابَةٌ مُعَيَّنَةٌ وَسَبَقٌ إِلَى عَدَدٍ مَخْصُوصٍ أَوْ لَا يُحْسَبُ لِأَحَدِهِمَا إِلَّا مَا أَصَابَ فِي الدَّائِرَةِ وَيُحْسَبُ لِلْآخَرِ مَا أَصَابَ فِي الْجِلْدِ كُلِّهِ فَجَمِيعُ ذَلِكَ صَحِيحٌ لَازِمٌ وَيَخْتَصُّ بِالرَّمْيِ عَنِ الْقَوْسِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَوْ عَرَضَ لِلسَّهْمِ نَكْبَةٌ مِنْ بَهِيمَةٍ عَرَضَتْ أَوِ انْكَسَرَ السَّهْمُ أَوِ الْقَوْسُ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مَسْبُوقًا بِخِلَافِ الْفَارِسِ يَسْقُطُ عَنْ فَرَسِهِ أَوْ يَسْقُطُ الْفَرَسُ فَيَنْكَسِرُ فَإِنْ كَانَ السَّبَقُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ خَرَجَ هَذَا وَخَرَجَ هَذَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ الَّذِي رَأَى أَهْلُ الْخَيْلِ أَنَّ الْوَاصِلَ إِلَى الْغَايَةِ سَابِقٌ وَأَنْكَرَهُ وَاخْتَارُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ قبل الْفَارِس من تَضْييع

ص: 466

الشوط وَانْقِطَاع اللجام وخرق الْفَرَسِ فَلَا يُعْذَرُ بِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَفَرَ مِنَ السُّرَادِقِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ وَدَخَلَ الْآخَرُ سَبَقَ الْمُمْتَنِعُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا لَو نزع شوطه أَوْ ضَرَبَ وَجْهَ فَرَسِهِ لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا وَعُذِرَ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا بَأْسَ بِالرَّمْيِ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ عَبْدًا أَوْ يُعْتِقَ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ عملا مَعْرُوفا وَالله أعلم تمّ كتاب الْجِهَاد وَبِه تمّ الْجُزْء الثَّالِث من الذَّخِيرَة يَلِيهِ الْجُزْء الرَّابِع أَوله كتاب الْإِيمَان

ص: 467